الممتد ولا شك أنه يمتد زمانا طويلا لكن لا بحيث يستوعب النهار اه
وجزم في الهداية بأن التكلم غير ممتد
وقال في البحر إنه الحق وجزم الهندي في شرح المغني بأنه ممتد وجعل ما في الهداية ظنا لبعض المشايخ ورجحه أيضا فيل الفتح
وعليه فلا حاجة إلى تقييد الامتداد بنهار بل هو مبني على القول الأول كما حققه قول صاحب النهر والمقدسي ويشير إليه قول التلويح ما يصح ضرب المدة له
تأمل وأشار بقوله كالأمر باليد إلى أن المراد بالفعل الممتد المظروف أي العامل في اليوم لا الذي أضيف إليه اليوم فإنه لا عبرة بامتداده وعدمه عند المحققين لأنه وإن كان مظروفا أيضا يمكنه ذكر لتعيين الظرف والمقصود بذكر الظرف إنما هو إفادة وقوع العامل فيه
وحاصله أن الصور أربع لأنه قد يكون المضاف إليه ومظروف اليوم مما يمتد كأمرك بيدك يوم يركب زيد وقد يكونان من غير الممتد كأنت طالق يوم يقدم زيد وفي هذين لا فرق بين اعتبار المضاف إليه أو المظروف وقد يكون المظروف ممتدا والمضاف إليه غير ممتد كأمرك بيدك يوم يقدم زيد أو بالعكس كأنت حر يوم يركب زيد وفي هذين يظهر الفرق واتفقوا فيهما على اعتبار المظروف فإذا قدم زيد أو ركب ليلا لا يكون الأمر بيدها ولا يعتق العبد اتفاقا
ووقع في كلام بعضهم أن المعتبر المضاف إليه لكنه لم يعتبر في هذين بل اعتبره في الأولين وقد علمت أنه لا فرق فيهما بين اعتبار المضاف إليه أو المظروف فعلى هذا لا خلاف في الحقيقة كما في الكشف والتلويح وغيرهما وبه يرد على من حكى الخلاف وعلى ما في الزيلعي وشرح الوقاية من ترجيح اعتبار الممتد منهما كما في البحر
ثم اعلم أن ما ذكر من الأصل إنما هو عند الإطلاق والخلو عن الموانع فلا تمتنع مخالفته للقرينة فكثيرا ما يمتد الفعل مع كون اليوم لمطلق الوقت مثل اركبوا يوم يأتيكم العدو وأحسنوا الظن بالله يوم يأتيكم الموت وبالعكس مثل أنت طالق يوم يصوم زيد وأنت حر يوم تكسف الشمس
أفاده في التلويح قوله ( كإيقاع الطلاق ) أشار به إلى أن قولهم الطلاق مما لا يمتد المراد به إيقاعه لا كون المرأة طالقا لأنه يمتد بل هو أمر مستمر لا فائدة في تعليق الظرف به كما أفاده صدر الشريعة
والحاصل أن المراد إنشاء الطلاق وهو لا يمتد بل ينقضي بمجرد صدوره لا أثره وهو كونها طالقا
قوله ( أو بريء ) بخلاف أنت بريئة فإنه يقع به البائن كما يأتي في الكنايات أفاده ح
قوله ( ليس بشيء ) لأن محلية الطلاق قائمة بها لا به فالإضافة إليه إضافة إلى غير محله فليغو
نهر ولهذا لو ملكها الطلاق فطلقته لا يقع
بحر
قوله ( أو أنا عليك حرام ) الأولى وأنا بالواو كما في بعض النسخ
قوله ( لأن الإبانة ) أي لفظها موضوع لإزالة وصلة النكاح من البون وهو الفصل وكذا يقال في التحريم
قوله ( وهما مشتركان ) بفتح الراء مبنيا للمجهول أي الوصلة والتحريم مشتركان بين الزوجين أو بكسرها مبنيا للمعلوم أي الزوجان مشتركان في الوصلة والتحريم
قوله ( حتى لو لم يقل الخ ) أي بأن قال أنا بائن أو أنا حرام ثم الأولى أن يقول ولو لم يقل لأنه محترز التقييد بمنك وعليك مما في البحر ط
ويوجد في بعض النسخ ولو لم بدون حتى
قوله ( لم يقع بخلاف الخ ) قال في التبيين والفرق أن البينونة أو الحرام إذا كان مضافا إليها تعين لإزالة ما بينهما من والصلة والحل وإذا أضيف إليه لا يتعين لجواز أن تكون له امرأة أخرى فيريد بقوله أنا بائن منها أو حرام
____________________
(3/272)
عليها اه
ح
قوله ( إذا نوى ) هذا القيد جار في أنت حرام على أصل المذهب أما في الفتوى فيقع بلا نية كما يأتي في الإيلاء اه ح
قوله ( وإن لم يقل مني ) رد على ما في خزانة الأكمل لأبي عبد الله الجرجاني حيث ذكر أنه لم يقل مني يكون باطلا وهو سهو ومحله في الصورة المذكورة بعد كما أوضحه في البحر عن القنية
قوله ( نعم الخ ) قال في البحر والحاصل أنه إذا أضاف الحرمة أو البينونة إليها كأنت بائن أو حرام وقع من غير إضافة إليها وإن أضاف إلى نفسه كأنا حرام أو بائن لا يقع من غير إضافة إليها وإن خيرها فأجابت بالحرمة أو البينونة فلا بد من الجمع بين الإضافتين أنت حرام علي أنا حرام عليك أنت بائن مني أنا بائن منك
قوله ( بلا نية ) في حال الغضب وغيره
تاترخانية
ومقتضاه أنه طلاق صريح وفيه نظر
وفي ( كنايات الجوهرة ) أنا بريء من نكاحك يقع إن نوى وفي أنا بريء من طلاقك لا يقع لأن البراءة من الشيء ترك له اه
قوله ( لأنه شرط ) لأنه علق التطليق بالإعتاق غير أنه عبر عنه بالعتق مجازا من استعارة الحكم للعلة والمعلق يوجد بعد الشرط فتطلق وهي حرة وهذا لأن الشرط ما يكون معدوما على خطر الوجود وللحكم تعلق به والمذكور بهذه الصفة
وأورد أن كلمة مع للقران فيكون منافيا لمعنى الشرط
وأجيب بأنها قد تذكر للمتأخر تنزيلا له منزلة المقارن لتحقق وقوعه ومنه { إن مع العسر يسرا } سورة الشرح الآية 6 وصير إليه هنا لموجب هو وجود معنى الشرط لها وتمامه في النهر
قوله ( بين جنسين ) كالطلاق والعتاق والعسر واليسر ط
قوله ( يحل محل الشرط ) فكأنه قال إن أعتقتك فتكون مع بمعنى بعد ح
قوله ( ولو علق الخ ) أي علق الزوج والسيد بأن قال السيد إذا جاء الغد فأنت حرة وقال الزوج إذا جاء الغد فأنت طالق ثنتين ط
قوله ( بمجيء الغد ) أي مثلا إذ المدار اتحاد المعلق عليه
أفاده ط
قوله ( لا رجعة له ) أي اتفاقا في رواية وفي رواية أن عند محمد له الرجعة لأن الطلاق والعتق لما تعلقا بشرط واحد وجب أن تطلق زمان الحرية فيصادفها وهي حرة لاقترانهما وجودا فلا تحرم بهما حرمة غليظة
ولهما أن زمكان ثبوت العتق هو زمان ثبوت الطلاق ضرورة تعلقهما بشرط واحد ولا خفاء أن العتق في زمان ثبوته ليس بثابت لإطباق العقلاء على أن الشيء في زمان ثبوته ليس بثابت فلا تصادفها التطليقتان وهي حرة بخلاف المسألة الأولى لأن العتق ثمة شرط فيقع الطلاق بعده وتمامه في النهر
قوله ( في المسألتين ) أي اتفاقا
بحر عن المحيط
قوله ( ثلاث حيض ) أي إن كانت من ذوات الحيض وإلا فثلاثة أشهر أو وضع الحمل ط
قوله ( احتياطا ) متعلق بالمسألة الثانية فقط ح
يعني أن التعليل بالاحتياط لوجوب الاعتداد بثلاث حيض خاص بالثانية لأن مقتضى وقوع الطلاق عليها وهي أمة تكون عدتها حيضتين ولذا بانت بالطلقتين لكن وجبت العدة بثلاث حيض للاحتياط ولعل وجهه أنها وإن طلقت في حال الرقية لكن لما أعقبه الحرية بلا مهلة وجبت العدة عليها وهي حرة لأن الطلاق وإن كان علة
____________________
(3/273)
لوجوب العدة والعلة مقارنة للمعلول في الزمان لكنه متأخر عنها في الرتبة
تأمل
أما في المسألة الأولى فوجوب الاعتداد بثلاث حيض ظاهر لأن وقوع الطلاق عليها بعد الإعتاق من كل وجه ولذا لم تبن بالطلقتين كما مر
قوله ( ولو كان الزوج مريضا ) أي وقت التعليل
قوله ( لا ترث منه ) إنما يظهر في الصورة الثانية ط
ويدل عليه التعليل
أما في الصورة الأولى فالظاهر أنها ترث لأن التطليق فيها بعد الإعتاق كما مر والطلاق رجعي فيكون قد مات عنها وهي حرة في عدة طلاق رجعي فترث منه
قوله ( لوقوعه ) أي الطلاق وهي أمة أي والأمة لا ترث فلا يتحقق الفرار
قال في النهر ومقتضى ما مر عن محمد أن ترث اه أي لأن عنده يقع الطلاق عليها وهي حرة ويملك الرجعة فترث وهذا مؤيد لما قلنا في الصورة الأولى
قوله ( المنشورة ) يغني عنه قول المصنف وتعتبر المنشورة
قوله ( وقع بعدده ) أي بعدد ما أشار إليه من الأصابع الإشارة اللغوية أو بعدد ما أشار به منها الإشارة الحسية
تأمل
فإن أشار بثلاث فهي ثلاث أو بثنتين فثنتان أو بواحدة فواحدة كما في الهداية
قال في البحر لأن هذا تشبيه بعدد المشار إليه وهو العدد المفاد كميته بالأصابع المشار إليه بذا لأن الهاء للتنبيه والكاف للتشبيه وذا للإشارة اه
وانظر هل الإشارة إلى غير الأصابع من المعدودات كذلك أم لا لاختصاص إرادة العدد في العادة بالأصابع
تأمل
قوله ( بخلاف مثل هذا ) أي بخلاف قوله أنت طالق مثل هذا وأشار بأصابعه الثلاث
بحر
قوله ( وإلا فواحدة ) أي بائنة كقوله أنت طالق كألف
بحر عن المحيط
وبيانه ما نقله أيضا عن البدائع من أنه أي هذا اللفظ يحتمل التشبيه في العدد أو الصفة وهي الشدة فأيهما نوى صح وإن لم تكن له نية يحمل على التشبيه في الصفة لأنه أدنى اه أي إن لم ينو يحمل على أن الواقع طلقة واحدة شبيهة بالثلاث في الشدة وهي البينونة
قوله ( لأن الكاف ) أي في هذا ط
قوله ( ولذا ) أي للفرق المذكور بين الكاف ومثل ط
مطلب في قول الإمام إيماني كإيمان جبريل قوله ( كإيمان جبريل ) فإن الحقيقة في الفردين واحدة وهي التصديق الجازم
قوله ( لا مثل إيمان جبريل ) لزيادته في الصفة من كونه عن مشاهدة فيحصل به زيادة الاطمئنان كما أشير إليه في قوله تعالى { رب أرني كيف تحيي الموتى } سورة البقرة الآية 260 الآية وبه يحصل زيادة القرب ورقع المنزلة لكن ما نقل عن الإمام هنا يخالفه ما في الخلاصة من قوله قال أبو حنيفة أكره أن يقول الرجل إيماني كإيمان جبريل ولكن يقول آمنت بما آمن به جبريل اه
وكذا ما قاله أبو حنيفة في كتاب العالم والمتعلم إن إيماننا مثل إيمان الملائكة لأنا آمنا بوحدانية الله تعالى وربوبيته وقدرته وما جاء من عند الله عز وجل بمثل ما أقرت به الملائكة وصدقت به الأنبياء والرسل فمن ها هنا إيماننا مثل إيمانهم لأنا آمنا بكل شيء آمنت به الملائكة مما عاينته من عجائب الله تعالى ولم نعاينه نحن ولهم بعد ذلك علينا فضائل في الثواب على الإيمان وجميع العبادات الخ
ولا يخفى أن بين هذه العبارات الثلاث تحالفا بسبب الظاهر
ويمكن التوفيق بحمل الأولى على العالم لأنه قال أقول إيماني كإيمان جبريل ولا أقول مثل إيمان جبريل
والثانية على غيره لقوله أكره أن يقول الرجل
والثالثة على ما إذا فصل وصرح بالمؤمن به وإن كان بلفظ المثلية لعدم الإيهام بعد التصريح فيجوز للعالم والجاهل
____________________
(3/274)
وللعلامة ابن كمال باشا رسالة في هذه المسألة هذا خلاصة ما فيها
قوله ( ككف ) يعني إذا نوى الكف صدق ديانة ووقفت عليه واحدة لأن الكف واحدة ح
قوله ( والمعتمد الخ ) لم أر من صرح بها الاعتماد وكأنه فهمه من عبارة البحر وهو فهم في غير محله كما تعرفه
وفي الهداية والإشارة تقع بالمنشورة منها فلو نرى الإشارة بالمضمومتين يصدق ديانة لا قضاء وكذا إذا نوى الإشارة بالكف حتى تقع في الأولى ثنتان وفي الثانية واحدة لأنه يحتمله لكنه خلاف الظاهر يحتمله لكنه خلاف الظاهر اه
قال في غاية البيان وأراد بالأولى نية الإشارة بالمضمومتين وبالثانية نيتها بالكف فلا يصدد قضاء في الصورتين وتطلق ثلاثا لأنه أشار إليها بأصابعه الثلاث المنشورة اه
وفي كافي الحاكم وإن كان يعني بثلاث أصابع أنها واحدة ويقول إنما أشرت بالكاف دين ولا يصدق قضاء فهذا صريح في أن إرادة الكف تصح ديانة مع الإشارة بثلاث أصابع فقط
وعبارة البحر والإشارة تقع بالمنشورة منها دون المضمومة للعرف والسنة ولو نوى الإشارة بالمضمومتين صدق ديانة لا قضاء وكذا لو نوى الإشارة بالكف والإشارة بالكف أن تقع الأصابع كلها منشورة وهذا هو المعتمد
وهناك أقوال ذكرها في المعراج الأول لو جعل ظهر الكف إلى المرأة وبطون الأصابع المنشورة إليه صدق قضاء وبالعكس لا
الثاني لو باطن كفه إلى السماء فالعبرة للنشر وإن للأرض فللضم
الثالث إن نشرا عن ضم فالعبرة للنشر وإن ضما عن نشر فللضم اه ملخصا
فقوله وهذا هو المعتمد راجع لقوله والإشارة تقع بالمنشورة أي بدون تفصيل بقرينة حكايته الأقوال الثلاثة بعده ويدل عليه أيضا قوله في الفتح بعد حكايته الأقوال المذكورة والمعول عليه إطلاق المصنف أي أن العبرة للمنشورة مطلقا وليس راجعا لقوله والإشارة بالكف أن تقع الأصابع كلها منشورة كما فهمه الشارح لما علمت ولما ذكرناه من أن صريح الهداية وغاية البيان وكافي الحاكم صحة إرادة الكف ديانة مع نشر الثلاث فقط وما ذكره من اشتراط نشر الأصابع كلها عزاه في الفتح إلى معراج الدراية ولعله قول آخر أو هو محمول على أنه حينئذ يصدق قضاء كما يشعر به كلام الفتح كما أوضحته فيما علقته على البحر فيوافق ما يأتي عن القهستاني ووجهه ظاهر فإن نشر الكل قرينة على أنه لم يرد الثلاث بل الكف
والظاهر أنه احتراز عن نشر البعض إذ لو ضم الكل فهو أظهر في إرادة الكف دون الثلاث هذا ما ظهر لي في هذا المحل والله أعلم
قوله ( ونقل القهستاني الخ ) قد علمت ظهور وجهه فافهم
قوله ( ولو لم يقل هكذا ) أي بأن قال أنت طالق وأشار بثلاث أصابع ونوى الثلاث ولم يذكر بلسانه فإنها تطلق واحدة
خانية
قوله ( لفقد التشبيه أي بالعدد )
قال القهستاني لأنه كما لا يتحقق الطلاق بدون اللفظ لا يتحقق عدده بدونه قوله ( لم أره ) كذا قال في الأشباه من أحكام الإشارة وجزم الخير الرملي بأنه لغو وإن نوى به الطلاق وقال لأن اللفظ لا يشعر به والنية لا تؤثر بغير اللفظ
قال الزيلعي في تعليل أصل المسألة لأن الإشارة بالأصابع تفيد العلم بالعدد عرفا وشرعا إذا اقترنت بالاسم المبهم اه
ولا طلاق هنا يشار إليه به فتأمل
وقد رأيت كما ذكرته بالعلة المذكورة في كتب الشافعية اه كلام الرملي ملخصا
ورأيت بخط السائحاني مقتضى ما في الخانية من قوله ولو قال لامرأته أنت بثلاث قال ابن الفضل إذا نوى يقع أنه هنا إذا نوى
وفيها أيضا إذا قال طالق فقيل من عنيت لفقال امرأتي طلقت ولو قال أنت مني ثلاثا طلقت إن نوى أو كان في مذاكرة الطلاق وإلا قالوا يخشى أن لا يصدق قضاء اه
وكذا نقل الرحمتي عبارة الخانية الأولى ثم قال والظاهر أن قوله هكذا مثل قوله بثلاث اه
____________________
(3/275)
أقول أي لأن كلا منهما مرتبط بلفظ طالق مقدرا وقول الرملي إن اللفظ لا يشعر به غير مسلم
وما نقله عن الزيلعي لا ينافيه لأن المراد بالاسم المبهم لفظ هكذا المراد به العدد الذي أشير به إليه وسماه مبهما لكونه لم يصرح بكميته كما حققه في النهر
والاسم المبهم مذكور في مسألتنا فيفيد العلم بعدد الطلاق المقدر الذي نواه المتكلم كما أن قوله بثلاث دل على عدد طلاق مقدر نواه المتكلم ولا فرق بينهما إلا من جهة أن العدد في أحدهما صريح وفي الآخر غير صريح وهذا الفرق غير مؤثر بدليل أنه لا فرق بين قوله أنت طالق هكذا مشيرا إلى الأصابع الثلاث وبين قوله أنت طالق بثلاث هذا ما ظهر لي فافهم
قوله ( ولو أشار بظهورها فالمضمومة ) أراد به تقييد قوله قبله وتعتبر المنشورة لا المضمومة أي تعتبر إذا أشار ببطونها بأن جعل باطن المنشورة إلى المرأة وظهرها إلى نفسه أما لو أشار بظهورها بأن جعل ظهرها إلى المرأة وباطنها إليه فالمعتبر المضمومة وهذا التفصيل عبر عنه في الهداية بقيل وصرح في الشرنبلالية بأنه ضعيف وقال إن المعتبر المنشورة مطلقا وعليه المعول فلا تعتبر المضمومة مطلقا قضاء للعرف والسنة وتعتبر ديانة كما في التبيين والمواهب والخانية والبحر والفتح وقيل النشر لو عن طي والطي لو عن نشر
وقيل إن بطن كفه إلى السماء فالمنشور وإن للأرض فالمضموم اه
وكذا قدمنا عن البحر أن المعتمد الإطلاق وعن الفتح أنه المعول عليه فالأقوال الثلاثة المفصلة ضعيفة وإن مشى على الأول منها في الوقاية والدرر فافهم
قوله ( ويقع الخ ) شروع في بيان وقوع البائن بوصف الطلاق بما ينبىء عن الشدة والزيادة
نهر
وفاعل يقع قوله الآتي واحدة بائنة
قوله ( البتة ) مصدر بت أمره إذا قطع به وجزم
نهر
قوله ( وقال الشافعي الخ ) كان المناسب ذكره بعد قوله واحدة بائنة وذكره هنا لأنه محل الخلاف دون الألفاظ التي بعده كما يفيده كلام الهداية لكن كلام درر البحار وشرحه يفيد أن الخلاف في الكل
قوله ( أو أفحش الطلاق ) أشار به إلى كل وصف على أفعل مما يأتي لأنه للتفاوت وهو يحصل بالبينونة وهو أفحش من الطلاق الرجعي بحر
قوله ( أو طلاق الشيطان أو البدعة ) إنما وقع بائنا لأن الرجعي سني غالبا
فإن قلت قد تقدم في الطلاق البدعي أنه لو قال أنت طالق للبدعة أو طلاق البدعة ولا نية فإن كان في طهر فيه جماع أو في حالة الحيض أو النفاس وقعت واحدة من ساعته وإن كان في طهر لا جماع فيه لا يقع في الحال حتى تحيض أو يجامعها في ذلك الطهر
قلت لا منافاة بينهما لأن ما ذكروه هنا هو وقوع الواحدة البائنة بلا نية أعم من كونه تقع الساعة أو بعد وجود شيء
بحر
لكن قال في النهر مقتضى كلام المصنف وقوع بائنة للحال وإن لم تتصف بهذا الوصف لأن البدعي لم ينحصر فيما ذكره إذ البائن بدعي كما مر اه
قلت وبوقوع البائنة للحال صرح في شرح درر البحار
ويرد عليه أيضا ما في البدائع من هذا الباب ولو قال أنت طالق للبدعة فهي واحدة رجعية لأن البدعة قد تكون في البائن وقد تكون في الطلاق حالة الحيض فيقع الشك في البينونة فلا تثبت بالشك وكذا إذا قال طلاق الشيطان
وروي عن أبي يوسف في أنت طالق
____________________
(3/276)
للبدعة إذا نوى واحدة بائنة صح لأن لفظه يحتمل ذلك اه
لكن في الهداية ذكر أولا وقوع البائن
ثم ذكر ما عن أبي يوسف ثم قال وعن محمد يكون رجعيا فعلم أن ما ذكره أولا قول الإمام وعليه المتون وما في البدائع أولا قول محمد وما نقله في البحر فالظاهر أنه مبني عى قول أبي يوسف لأنه لم يوقع البائن إلا بنيته فإذا لم ينوه فهو على التفصيل الذي ذكره في البحر
تأمل
قوله ( أو كالجبل ) قال في البحر الحاصل أن الوصل بما ينبىء عن الزيادة يوجب البينونة والتشبيه كذلك أي شيء كان المشبه به كرأس إبرة وكحبة خردل وكسمسمة لاقتضاء التشبيه بالزيادة واشترط أبو يوسف ذكر العظم مطلقا
وزفر أن يكون عظيما عند الناس
فرأس إبرة بائن عند الأول فقط وكالجبل عند الأول والثالث فقط وكعظم الجبل عند الكل وكعظم إبرة عند الأولين
ومحمد قيل مع الأول وقيل مع الثاني
قوله ( أو كألف ) لاحتمال كون التشبيه في القوة أو في العدد فإن نوى الثاني وقع الثلاث
وإلا يثبت الأقل وهو البينونة وكذا في مثل ألف ومثل ثلاث بخلاف كعدد الألف أو كعدد الثلاث فثلاث بلا نية وفي واحدة كألف واحدة اتفاقا وإن نوى الثلاث لأن الواحدة لا تحتمل الثلاث وتمامه في البحر
قوله ( أو ملء البيت ) وجه البينونة به أن الشيء قد يملأ البيت لعظمه في نفسه وقد يملؤه لكثرته فأيهما نوى صحت نيته وعند عدمها يثبت الأقل
بحر
قوله ( أو تطليقة شديدة الخ ) لأن ما يصعب تداركه يشتد عليه ويقال فيه لهذا الأمر طول وعرض وهو البائن
بحر
قيد بذكر التطليقة لأنه لو قال أنت طالق قوية أو شديدة أو طويلة أو عريضة كان رجعيا لأنه لا يصلح صفة للطلاق بل للمرأة
قاله الإسبيجابي
وبطويلة لأنه لو قال طول كذا أو عرض كذا لم تصح نية الثلاث وإن كانت بائنة أيضا
نهر
قوله ( أو خشنة ) بالشين المعجمة قبل النون ويرجع إلى معنى الأشدية ط
قوله ( أو أكبره ) بالباء الموحدة أما أكثره بالمثناة أو المثلثة فيأتي قريبا
قوله ( لأنه وصف الطلاق بما يحتمله ) وهو البينونة فإنه يثبت به البينونة قبل الدخول للحال وكذا عند ذكر المال وبعده إذا انقضت العدة بحر
قوله ( فيصح لما مر ) أي في أول هذا الباب من أنه مصدر يحتمل الفرد الاعتباري وهو الثلاثة في الحرة والثنتان في الأمة فتصح نيته والفاء في جواب شرط محذوف أي فإن نوى ما ذكر صح
أفاده ح
فإن قالت لم يذكر المصدر في نحو طالق أشد الطلاق
قلت قال في الفتح وأن المعنى طالق طلاقا هو أشد الطلاق لأن أفعل التفضيل بعض ما أضيف إليه فكان أشد معبرا به عن المصدر الذي هو الطلاق
تنبيه ظاهر كلامه صحة نية الثلاث في جميع ما مر
وقال في النهر لكن قال العتابي الصحيح أنها لا تصح في تطليقة شديدة أو طويلة أو عريضة لأن النية إنما تعمل في المحتمل وتطليقة بتاء الوحدة لا تحتمل الثلاث ونسبه إلى السرخسي اه
ومثله في الفتح والبحر
قلت لكن المتون على خلافه
وقد يجاب بأن التاء لا يلزم أن تكون هنا للوحدة بل لتأنيث اللفظ أو زائدة كقولهم في الذنب ذنبة
وفي أمثال العرب إذا أخذت بذنبة الضب أغضبته
ذكره الزمخشري
ولو سلم أن التاء هنا للوحدة فيجاب بأنهم قد عللوا صحة نية الثلاث في جميع ما مر بأنه وصف الطلاق بالبينونة وهي نوعان خفيفة وغليظة فإذا نوى الثانية صح فيقال حينئذ إن تاء الوحدة لا تنافي إرادة البينونة الغليظة وهي ما لا تحل له المرأة معها إلا بزوج آخر فليس المراد أنه نوى بها أنت طالق ثلاث طلقات بل نوى حكم الثلاث وهو البينونة الغليظة ونظيره
____________________
(3/277)
قولهم لو نوى الثلاث بأنت بائن أو حرام فهي ثلاث فإن معناه لو نوى حكم الثلاث لا لفظها لأن اللفظ بائن وحرام لا يفيد ذلك فكذلك هنا على أن الثلاث فرد اعتباري ولهذا صح إرادته بالمصدر ولم تصح إرادة الثنتين به لأنما عدد محض وفرديته باعتبار ما قلنا فلا ينافي تاء الوحدة هذا ما ظهر لي
قوله ( كما لو نوى ) تشبيه في الصحة ط
قوله ( وبنحو بائن ) أي من كل كناية قرنت بطالق كما في الفتح والبحر
قوله ( فيقع ثنتان بائنتان ) أي على أن التركيب خبر بعد خبر ثم بينونة الأولى ضرورة بينونة الثانية إذ معنى الرجعي كونه بحيث يملك رجعتها وذلك منتف باتصال البائنة الثانية فلا فائدة في وصفها بالرجعية
فتح
قوله ( ولو عطف الخ ) محترز تقييد المصنف المسألة بدون عطف
قوله ( فرجعية ) أي فهي طالق طلقة رجعية
ذخيرة
قوله ( ولو بالفاء فبائنة ) أي إذا لم ينو شيئا كما أفاده في الذخيرة بقوله ولو عطف بالفاء وباقي المسألة بحالها فهي طالق طلقة بائنة اه
ولعل وجه الفرق أن الفاء للتعقيب بلا مهلة والطلاق الذي يعقبه البينونة لا يكون إلا بائنا أما الواو فلا تقتضي التعقيب بل تصلح له وللتراخي الذي هو معنى ثم والطلاق الذي تتراخى عنه البينونة لا يلزم كونه بائنا أما الواو فلا تقتضي التعقب بل تصلح له وللتراخي الذي هو معنى ثم والطلاق الذي تتراخى عنه البينونة لا يلزم كونه بائنا فيكون قوله وبائن لغوا ولا تحمل الواو على التعقيب لأنه عند الاحتمال يراد الأدنى وهو الرجعي هنا كما لا يراد تكرير الإيقاع لعدم النية ونظر لم لم يتعين تكرير الإيقاع مع وجود مذاكرة الطلاق فإن الأصل في العطف المغايرة فكان ينبغي وقوع بائنتين مع الواو وثم ومفهوم التقييد بعدم النية أنه لو نوى تكرير الإيقاع مع الحروف الثلاثة أو نوى بالبائن الثلاث أنه يقع ما نوى
قوله ( كما لو قال الخ ) يشعر كلام المصنف في المنح أن هذا الفرع غير منقول حيث قال فإنه يقع به الطلاق البائن كما أفتى به مولانا صاحب البحر واستظهر له بما في البدائع من قوله إذا وصف الطلاق بصفة تدل على البينونة كان بائنا الخ
قوله ( تملكي بها نفسك ) حقه أن يقال تملكين لأنه مضارع مرفوع بالنون نعم سمع حذفها في قول الشاعر أبيت أسري وتبيتي تدلكي وجهك بالعنبر والمسك الذكي وهو لغة خرج عليها بعض المحققين حديث كما تكونوا يولى عليكم وحديث لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا
قوله ( لأنها لا تملكم نفسها إلا بالبائن ) صرح به في البدائع وقال أيضا إذا وصف الطلاق بصفة تدل على البينونة كان بائنا اه وهذه الصفة بمعنى قوله أنت طالق طلقة بائنة لأن ملكها نفسها ينافي الرجعي الذي يملك هو رجعتها فيه بدون رضاها
قوله ( ورجح في البحر الثاني ) وذلك أنه تقدم أنه إذا وصف الطلاق بضرب من الشدة والزيادة يقع به البائن عندنا
وقال الشافعي يقع به الرجعي لأنه خلاف المشروع فيلغو كما إذا قال أنت طالق على أن لا رجعة لي عليك
ورده في الهداية بأنه وصفه بما يحتمله وبأن مسألة الرجعة ممنوعة أي لا نسلم أنه يقع فيها الرجعي بل تقع واحدة بائنة كما في العناية والفتح ووغاية البيان والتبيين قال في البحر فقد علمت أن المذهب في مسألة الرجعة وقول البائن
قوله ( وخطأ ) أي نسبه إلى الخطإ مثل فسقته نسبته إلى الفسق وقوله قول الموثقين بالجر قال ح عطف تفسير على التعاليق وهو بكسر الثاء المثلثة وهم عدول دار القاضي
____________________
(3/278)
ويسمون بالشهود وسموا موثقين لأنهم يوثقون من يشهد ببيان أنه ثقة اه
أو لأنهم يكتبون صكوك الوثائق
أفاده ط
قلت وأصل المسألة التي ذكرها صاحب البحر
وقد ألف فيها رسالة أيضا هي أن رجلا قال لزوجته متى ظهر لي امرأة غيرك أو أبرأتني من مهرك فأنت طالق واحدة تملكين بها نفسك ثم ظهر له امرأة غيرها وأبرأته من مهرها فأجاب فيها بأنه بائن ورد على من أفتى بأنه رجعي
قوله ( لكن في البزازية الخ ) انتصار لذلك المفتي
ورده الخير الرملي في حواشي المنح بأن المعلق في حادثة التعاليق هو الطلاق الموصوف بالبينونة
في مسألة البزازية المعلق وصف البينونة فقط والموصوف لم يوجد بعد فهو في مسألة التعاليق كأنه قال إن تزوجت عليك فأنت طالق بائنا ولا قائل بمنعه
تأمل اه
والحاصل أنه في مسألة البزازية الأولى قد علقت الصفة وحدها على وجود الموصوف والحكم في المعلق أنه لولا التعليق لوجد في الحال ولا يمكن أن يوجد في الحال بينونة طلقة غير موجودة ولا كونها ثلاثا لأن الوصف لا يسبق موصوفه وكذا في المسألة الثانية جعل الطلقة المعلقة بائنة أو ثلاثا قبل وجودها فيلزم أيضا سبق الصفة موصوفها فافهم
قوله ( ومفاده الخ ) هذه عبارة المصنف في الكنايات مع بعض تغيير وقد علمت الفرق بين المقيسة والمقيس عليها
قوله ( مساواته لأنت بائن ) كان حق التعبير أن يقال مساواته لهو بائن بناء على ما فهمه من أنه تعليق لوصف الطلاق فقط وقد علمت عدم المساواة نعم هو مساو لأنت بائن على ما قاله صاحب البحر من أنه تعليق للموصوف وصفته معا فصار في معنى متى تزوجت عليك فأنت بائن فهذا نطق بالحق بلا قصد
تتمة يقع كثيرا في كلام العوام أنت طالق تحلي للخنازير وتحرمي علي وأفتى في الخيرية بأن رجعي لأن قوله وتحرمي علي أن كان للحال فخلاف المشروع لأنها لا تحرم إلا بعد انقضاء العدة وإن كان للاستقبال فصحيح ولا ينافي الرجعة وكذلك أفتى بالرجعي في قولهم أنت طالق لا يردك قاض ولا عالم لأنه لا يملك إخراجه عن موضوعه الشرعي
وأيده في حواشيه على المنح بما في الصيرفية لو قال أنت طالق ولا رجعة لي عليك فرجعية ولو قال على أن لا رجعية لي عليك فبائن اه
وقال إن قولهم لا يردك قاض الخ مثل قوله ولا رجعة لي عليك لأنه حذف الواو كإثباتها كما هو ظاهر لا مثل على أن لا رجعة اه
قلت والفرق أن على أن لا رجعة قيد للطلاق لأنه شرط فيه فهو في معنى أنت طالق طلاقا مشروطا فيه عدم الرجعة أي طلاقا بائنا فهو داخل تحت القاعدة من أنه إذا وصف الطلاق بضرب من الشدة والزيادة يقع به البائن كما مر عن الهداية
أما ولا رجعة لي عليك فليس صفة للطلاق بل هو كلام مستأنف أخبر به عما هو خلاف الشرع فإن الشرع هو وقوع الرجعي بأنت طالق فقوله ولا رجعة لغو مثل قوله أنت طالق وبائن أو ثم بائن بلا نية كما مر وكذا قولهم لا يردك قاض الخ ليس صفة للطلاق بل هو صفة للمرأة فلم يدخل تحت القاعدة
____________________
(3/279)
المذكورة ومثله تحلي للخنازير وتحرمي علي وقد خفي ذلك على الرحمتي فجزم بأن هذا وما في الصيرفية من الفرق بين المسألتين مخالف للقاعدة المذكورة نعم لو قصد بقوله وتحرمي علي إيقاع الطلاق وقع به أخرى بائنة ما لم ينو به الثلاث فثلاث كما في أنت طالق وبائن كما قدمناه ومثله قول العوام في زماننا أيضا أنت طالق كلما أحلك شيخ حرمك شيخ فإن مرادهم بالثاني تأبيد الحرمة فهو بمنزلة قوله كلما حللت لي حرمت علي فكلما عقد عليها بانت منه إلا أن يريد بذلك الكلام الإخبار عن الطلاق المذكور دون إنشاء التحريم ودون جعل هذه الجملة صفة للطلاق المذكور فلا تحرم أبدا لأنه إخبار بخلاف المشروع لكن العامي لا يفهم ذلك بل الظاهر أنه يريد إنشاء تأبيد الحرمة فيما وقع في فتاوى الشيخ إسماعيل الحائك من وقوع الرجعي به فقط مرة واحدة غير ظاهر فاغتنم تحرير هذا المحل فإنه مما يخفى
قوله ( بالتاء المثناة من فوق ) الظاهر أنه قيد بذلك ليعلم بالأولى ما إذا قاله بالثاء المثلثة وليفيد أن هذا التحريف هنا لا يضر لأن ذلك صار لغة عامية وقد مر أن الطلاق يقع بالألفاظ المصحفة فلا يرد ما اعترض به في الخيرية على المصنف من أن هذا ذهول منه وأن المذكور في كلامهم ضبطه بالمثلثة ولم نر أحدا ضبطه بالمثناة
وعبارة البحر إلا أكثره بالثاء المثلثة فإنه يقع به الثلاث ولا يدين إذا قال نويت واحدة
قوله ( ولا يدين في إرادة الواحدة ) مفهومه أنه يدين في إرادة الثنتين
ووجهه أن أفعل التفضيل قد يراد به أصل الفعل أي كثير الطلاق فكان محتمل كلامه فيصدق ديانة اه ح
قلت لكن يأتي ترجيح أن الكثير ثلاث لا اثنتان وحينئذ فلا فرق بين أكثر وكثير فافهم
قوله ( كما لو قال أكثر الطلاق ) أي بالثاء المثلثة وأشار به إلى ما قلنا من أن ضبطه بالمثناة ليس للاحتراز عن المثلثة
قوله ( أو أنت طالق مرارا ) في البحر عن الجوهرة لو قال أنت طالق مرارا تطلق ثلاثا إن كان مدخولا بلها كذا في النهاية اه
وذكر في البحر قبله بأكثر من ورقة عن البزازية أنت علي حرام ألف مرة تقع واحدة اه
وما في البزازية ذكره في الذخيرة أيضا وذكره الشارح آخر باب الإيلاء
أقول ولا يخالف ما في الجوهرة لأن قوله ألف مرة بمنزلة تكريره مرارا متعددة والواقع به في أول مرة طلاق بائن ففي المرة الثانية لا يقع شيء لأن الباين لا يلحق البائن إذا أمكن جعل الثاني خبرا عن الأول كما في أنت بائن أنت بائن كما يأتي بيانه في الكنايات بخلاف ما إذا نوى الثلاث بأنت حرام أو بأنت بائن فإنه يصح لأن لفظ واحد صالح للبينونة الصغرى والكبرى وقوله أنت طالق مرارا بمنزلة تكرار هذا اللفظ ثلاث مرات فأكثر والواقع بالأولى رجعي وكذا بما بعدها إلى الثالثة لأنه صريح والصريح يلحق الصريح ما دامت في العدة ولذا قيد بالمدخول بها لأن غيرها تبين بالمرة الأولى لا إلى عدة فلا يلحقها ما بعدها فاغتنم تحرير هذا المقام فقد خفي على كثير من الأفهام
قوله ( أو ألوفا ) جمع ألف ح أي فيقع به الثلاث ويلغو الزائد
قوله ( أو لا قليل الخ ) عبارة الجوهرة وإن قال أنت طالق لا قليل ولا كثير تقع ثلاثا هو المختار لأن القليل واحدة والكثير ثلاث فإذا قال أولا لا قليل فقد قصد الثلاث ثم لا يعمل قوله ولا كثير بعد ذلك اه
قلت لكن في الخلاصة والبزازية يقع الثلاث في المختار
وقال الفقيه أبو جعفر ثنتان في الأشبه اه
وذكر في الذخيرة أن الأول اختيار الصدر الشهيد وعلله بما مر
____________________
(3/280)
ثم قال وحكي عن أبي جعفر الهنداوني أنه يقع ثنتان لأنه لما قال لا قليل فقد قصد إيقاع الثنتين لأن الاثنتين كثير فلا يعمل قوله ولا كثير بعد ذلك وهذا القول أقرب إلى الصواب اه
وفي الخانية أنه الأظهر اه
وبه علم أنهما قولان مرجحان ومبناهما على الاختلاف في الكثير
ففي البحر عن المحيط ولو قال أنت طالق كثيرا ذكر في الأصل أنه يقع الثلاث لأن الكثير هو الثلاث
وذكر أبو الليث في الفتاوى يقع ثنتان اه
قلت وينبغي أرجحية القول الأول لأن الأصل من كتب ظاهر الرواية وهو مقدم على ما في الفتاوى
قوله ( فواحدة ) أي رجعية لعدم ما يفيد البائن ولأن الرجعي أقل الطلاق
قوله ( ولو قال عامة الطلاق ) إنما وقع به ثنتان لكثرة استعماله في الغالب وغالب الطلاق ثنتان ط
قوله ( أو أجله ) كأنه تحريف من الكاتب
والذي في البحر جعله بضم الجيم وتشديد اللام وكذا في الذخيرة
وجل الشيء
معظمه أما الأجل فينبغي أن يكون ثلاثا
رحمتي
والأحسن ما قاله ط من أنه إن نوى بالأجل الأعظم من جهة الكم فثلاث أو من جهة موافقته للسنة فواحدة رجعية في طهر ولا وطء فيه ولا في حيض قبله
قوله ( أو لونين منه ) وهما طلقتان رجعيتان ولو قال ثلاثة ألوان فثلاثة وكذلك لو قال ألونا من الطلاق فثلاثة وإن نوى ألوان الحمرة والصفرة صح ديانة وكذا ضروبا أو أنواعا أو وجوها من الطلاق
ذخيرة
قلت ويبنغي فيما لو نوى ألوان الحمرة والصفرة أن يكون الواقع واحدة بائنة لما مر من أصل الإمام فيما إذا وصف الطلاق
قوله ( وكذا لا كثير ولا قليل ) الذي في قوله ( البحر ) عن المحيط أنه يقع به واحدة وكذا في الذخيرة والبزازية والخلاصة والجوهرة وغيرها فليراجع كتاب المضمرات نعم لكل وجه فوجه الواحدة أنه لما نفى الكثير أثبت القليل فلا يفيد نفيه بعد
ووجه الثنتين أن الكثير ثلاث والقليل واحدة فإذا نفاهما ثبت ما بينهما
قوله ( والفرق دقيق حسن ) وجه الفرق أنه أضاف إلى ثلاث معهودة ومعهوديتها بوقوعهما بخلاف المنكر اه ح
أقول هذا بعد تسليمه إنما يتم بناء على ما ذكره الشارح تبعا للبحر في أول باب الطلاق الصريح من تعريف لفظ ثلاث في الأولى وتنكيره في الثانية مع أنه منكر في الصورتين كما رأيته في عدة كتب ك التاترخانية والهندية والبزازية وقد ذكر الفرق في البزازية بأن الآخر هو الثالث ولا يتحقق إلا بتقدم مثليه عليه لكنه في الأولى أخبر عن إيقاع الثلاث وفي الثانية وصف المرأة بكونها آخر الثلاث بعد الإيقاع وهي لا توصف بذلك فبقي أنت طالق وبه تقع الواحدة اه
فمناط الفرق من التعبير بالفعل الماضي في الأول واسم الفاعل في الثاني لا من التعريف والتنكير فافهم ممكن ومقتضاه أن لفظ آخر في الثانية مرفوع خبرا ثانيا عن أنت ليصير وصفا للمرأة أما لو كان منصوبا يكون وصفا للطلاق فيساوي الصورة الأولى واحتمال كونه منصوبا على الظرفية خبرا ثانيا بعيد
قوله ( يقع بأنت طالق الخ ) لأن كلا إذا أضيفت إلى معرف أفادت عموم الأجزاء وأجزاء الطلقة لا تزيد على طلقة وإذا أضيفت
____________________
(3/281)
إلى منكر أفادت عموم الأفراد اه ح
ولذا كان قولك كل الرمان مأكول كاذبا لأن قشره لا يؤكل بخلاف كل رمان بالتنكير وهذا عند الخلو عن القرائن كما حررناه في باب المسح على الخفين
تنبيه ذكر في الذخيرة لو قال كل الطلاق فواحدة وهكذا نقل عنها في البحر لكن في مختارات النوازل أنه يقع ثلاث
قلت وهو الذي يظهر لأن الطلاق مصدر يحتمل الثلاث بخلاف الطلقة على أنه ذكر في الذخيرة أيضا أنت طالق الطلاق كله فهو ثلاث ولا فرق يظهر بين كل الطلاق والطلاق كله
تأمل
قوله ( وعدة التراب واحدة ) قال في الفتح ولو شبه بالعدد فيما لا عدد له فقال طالق كعدد الشمس أو التراب أو مثله فعند أبي يوسف رجعية واختاره إمام الحرمين من الشافعية لأن التشبيه بالعدد فيما لو عدد لغو ولا عدد للتراب
وعند محمد يقع ثلاث وهو قول الشافعي وأحمد لأنه يراد بالعدد إذا ذكر الكثرة وفي قياس قول أبي حنيفة واحدة بائنة لأن التشبيه يقتضي ضربا من الزيادة كما مر
أما لو قال مثل التراب يقع واحدة رجعية عند محمد اه
قوله ( وعدد الرمل ثلاث ) أي إجماعا كما في البحر عن الجوهرة وإنما كان التراب غير معدود لأنه اسم جنس إفرادي بخلاف رمل لأنه اسم جنس جمعي لا يصدق على أقل من ثلاثة
نهر
وحاصله أن ما دل على الماهية صادقا على القليل والكثير كالتراب والماء والعسل فهو اسم جنس إفرادي بخلاف ما لا يدل على أقل من ثلاث وميز بين قليله وكثيره بالتاء كالرمل والتمر فهو اسم جنس جمعي والجمع ذو أفراد أقلها ثلاث فيقع بإضافة العدد إليه ثلاث
قوله ( وعدد شعر إبليس الخ ) أي تقع واحدة لو أضافه إلى عدد مجهول النفي والإثبات أو إلى عدد معلوم النفي كالمثالين كما في الفتح ولم يذكر أنها بائنا أو لا
ومقتضى ما ذكره في عدد التراب أنها بائنة في قياس قول أبي حنيفة ورجعية عند أبي يوسف ويدل عليه ما نذكره قريبا عن المحيط من أنه يلغو ذكر العدد ويصير كأنه قال أنت طالق قوله ( وقع بعدده ) أي مما يقبله المحل والزائد لغو ط
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يوجد شيء من الشعر بأن أطلي بالنورة مثلا ولا وجد شيء من السمك لم يقع شيء وهذا صحيح في غير مسألة السمك أما فيهما فقد ذكر في الجوهرة وكذا في البحر عن الظهيرية أنه إذا لم يكن في الحوض سمك تقع واحدة فكان الصواب ذكرها مع مسألة شعر إبليس وشعر بطن كفي
وقد ذكر في النهر أنه علل في المحيط مسألة السمك وشعر إبليس وبطن كفي بأنه إذا لم يكن شعر ولا سمك لم يعتبر ذكر العدد بل يصير لغوا وصار كأنه قال أنت طالق اه
وفي البحر عن محمد في الفرق بين مسألة ظهر كفي وقد أطلي ومسألة بطن كفي أنه في الأولى لا يقع شيء لأنه يقع على عدد الشعور النابتة فإذا لم يكن عليه شعر لم يوجد الشرط وفي الثانية تقع واحدة لأنه لا يقع على عدد الشعر اه
قلت وحاصله أن ظهر الكف ومثله الساق والفرج لما كان محل الشعر غالبا وزواله لا يكون إلا بعارض صار العدد بمنزلة الشرط فلا يقع شيء عند عدمه بخلاف ما إذا كان معلوم الانتفاء كشعر بطن كفي أو مجهوله ولا يمكن علمه كشعر إبليس أو يمكن لكن انتفاؤه لا يتوقف على عارض كسمك الحوض فلا يتوقف على وجود عدد
____________________
(3/282)
بل يقع الطلاق مطلقا لكن في مسألة السمك لما أمكن وجود العدد فإذا وجد وقع بقدره
قوله ( طلاق إن نواه ) لأن الجملة تصلح لإنشاء الطلاق كما تصلح لإنكاره فيتعين الأول بالنية وقيد بالنية لأنه لا يقع بدونها اتفاقا لكونه من الكنايات وأشار إلى أنه لا يقوم مقامها دلالة الحال لأن ذلك فيما يصلح جوابا فقط وهو ألفاظ ليس هذا منها وأشار بقوله طلاق إلى أن الواقع بهذه الكناية رجعي كذا في البحر من باب الكنايات
قوله ( لا تطلق اتفاقا وإن نوى ) ومثله قوله لم أتزوجك أو لم يكن بيننا نكاح أو لا حاجة لي فيك
بدائع
لكن في المحيط ذكر الوقوع في قول لا عند سؤاله
قال ولو قال لا نكاح بيننا يقع الطلاق والأصل إن نفي النكاح أصلا لا يكون طلاقا بل يكون جحودا ونفي النكاح في الحال يكون طلاقا إذا نوى وما عداه فالصحيح أنه على هذا الخلاف اه
بحر
قوله ( قريتنا إرادة النفي فيهما ) وذلك لأن اليمين لتأكيد مضمون الجملة الخبرية فلا يكون جوابه الأخير وكذا جواب السؤال والطلاق لا يكون إلا إنشاء فوجب صرفه إلى الإخبار عن نفي النكاح كاذبا
قوله ( وفي الخلاصة الخ ) عبارة الخلاصة ألست طلقتها ووجد كذلك في بعض النسخ كما يفيده ما في ح
قال صاحب البحر في شرحه على المنار وذكر في التحقيق أن موجب نعم تصديق ما قبلها من كلام منفي أو مثبت استفهاما كان أو خبرا كما إذا قيل لك قام زيد أو أقام زيد أو لم يقم زيد فقلت نعم كان تصديقا لما قبله وتحقيقا لما بعد الهمزة وموجب بلى إيجاب ما بعد النفي استفهاما كان أو خبرا فإذا قيل لم يقم زيد فقلت بلى كان معناه قد قام إلا أن المعتبر في أحكام الشرع العرف حتى يقام كل واحد منهما مقام الآخر اه
قوله ( وفي الفتح الخ ) عبارته والذي ينبغي عدم الفرق فإن أهل العرف لا يفرقون بل يفهمون منهما إيجاب المنفي
قوله ( وفي البزازية ) أي في أوائل كتاب النكاح
قوله ( كان إقراره بالنكاح وتطلق ) أي فإذا كان أنكره يلزمه مهرها ونفقة عدتها وترثه لو مات في عدتها
قوله ( لاقتضاء الطلاق النكاح وضعا ) لأن الطلاق لغة وشرعا رفع القيد الثابت بالنكاح فلا بد لصحته من سبق النكاح لأن المقتضي ما يقدر لصحة الكلام فكأنه قال نعم أنت امرأتي وأنت طالق كما قالوا في أعتق عبدك عني بألف
قلت وهذا حيث لا مانع
ففي الخلاصة من النكاح عن المنتقى قال لها ما أنت لي بزوجة وأنت طالق فليس بإقرار بالنكاح
قال في البزازية لقيام القرينة المتقدمة على أنه ما أراد الطلاق حقيقة اه أي لأن تصريحه بنفي الزوجية ينافي اقتضاءها فلا يكون مرادا به حقيقة
قوله ( بنى على الأقل ) أي كما ذكر الإسبيجابي إلا أن يستيقن بالأكثر أو يكون أكبر ظنه
وعن الإمام الثاني إذا كان لا يدري أثلاث أم أقل يتحرى وإن استويا عمل بأشد ذلك عليه
أشباه عن البزازية
قال ط وعلى قول الثاني اقتصر قاضيخان ولعله لأنه يعمل بالاحتياط خصوصا في باب الفروج اه
قلت ويمكن حمل الأول على القضاء والثاني على الديانة ويؤيده مسألة المتون في باب التعليق لو قال
____________________
(3/283)
إن ولدت ذكرا فأنت طالق واحدة وإن ولدت أنثى فأنت طالق ثنتين فولدتهما ولم يدر الأول تطلق واحدة قضاء وثنتين تنزها أي ديانة
هذا وفي الأشباه أيضا وإن قال عزمت على أنه ثلاث يتركها وإن أخبره عدول حضروا ذلك المجلس بأنها واحدة وصدقهم أخذ بقولهم
قوله ( له تزوجها بلا محلل ) لأن الطلاق إنما يلحق المنكوحة نكاحا صحيحا أو المعتدة بعدة الطلاق أو الفسخ بالردة أو الإباء عن الإسلام كما قدمناه عن البحر ح أي والمنكوحة فاسدا ليست واحدة ممن ذكر ط أي فلا يتحقق الطلاق في النكاح الفاسد ولا ينقص عددا لأنه متاركة كما قدمناه عن البحر والبزازية في باب المهر عند الكلام على النكاح الفاسد فحيث كان متاركة لا طلاقا حقيقة كان له تزوجها بعقد صحي بلا محلل ويملك عليها ثلاث طلقات والله تعالى أعلم
باب طلاق غير المدخول بها قوله ( فلا حد ولا لعان الخ ) أي عند الإمام بناء على أنه كلام واحد وأن قوله يا زانية ليس بفاصل بين الطلاق والعدد ولا بين الجزاء والشرط في مثل أنت طالق يا زانية إن دخلت الدار فيتعلق الطلاق بالدخول ويقع الثلاث في أنت طالق يا زانية ثلاثا ولا حد عليه لوقوع القذف وهي زوجته لما يأتي من أنه متى ذكر العدد كان الوقوع به ولا لعان أيضا لأن أثره التفريق بينهما وهو لا يتأتى بعد البينونة وهو لا يصح بدون أثره ومثله يا زانية أنت طالق ثلاثا بخلاف أنت طالق ثلاثا يا زانية حيث يحد كما في لعان البحر لوقوع القذف بعد الإبانة
وعند أبي يوسف يقع في مسألتنا وعليه الحد لأنه جعل القذف فاصلا فيلغو قوله ثلاثا وكان الوقوع بقوله أنت طالق فكان بعد الطلاق البائن لأنها غير مدخول بها فوجب الحد اه ح ملخصا مع زيادة
قوله ( لوقوع الثلاث الخ ) كذا في البزازية وصوابه لوقوع القذف ويكون الضمير في بعده للقذف كما ظهر لك مما قررناه
قوله ( وكذا الخ ) أي يقع الثلاث ولا حد ولا لعان كما هو مقتضى التشبيه بناء على أن المراد بالوصف ما وصفها به في قوله يا زانية وهو القذف فإذا انصرف الاستثناء إليه ينتفي الحد واللعان لأنه لم يبق قذفا منجزا وتقع الثلاث لعدم تعلقها بالاستثناء وهذا التقرير هو الموافق لما في شرحه على الملتقى ولعبارة البزازية ونصها أنت طالق ثلاثا يا زانية إن شاء الله يقع وصرف الاستثناء
____________________
(3/284)
إلى الوصف وكذا أنت طالق يا طالق إن شاء الله وكذا أنت طالق يا خبيثة إن شاء الله يصرف الاستثناء إلى الكل ولا يقع الطلاق كأنه قال يا فلانة والأصل عنده أن المذكور في آخر الكلام إذا كان يقع به طلاق أو يلزم به حد كقوله يا طالق يا زانية فلاستثناء على الوصف وإن كان لا يجب به حد ولا يقع به طلاق كقوله يا خبيثة فالاستثناء على الكل اه
لكن قوله وكذا أنت طالق يا خبيثة صوابه ولو قال أنت طالق يا خبيثة كما عير في الذخيرة وغيرها لكنه تساهل لظهور المراد بذكر الأصل المذكور وقوله يقع أي الطلاق دليل على أن المراد بالوصف القذف لا الطلاق وإلا لم يصح قوله وصرف الاستثناء إلى الوصف وكذا ما قرره من الأصل
وأصرح منه قوله في الذخيرة وغيرها فالاستثناء على الآخر وهو القذف ويقع الطلاق فافهم
ثم اعلم أن هذا الذي ذكره الشارح عن البزازية عزاه في الذخيرة إلى النوادر وهو ضعيف فقد ذكر الفارسي في شرح تلخيص الجامع أن قوله يا زانية إن تخلل بين الشرط والجزاء كأنت طالق يا زانية إن دخلت الدار أو بين الإيجاب والاستثناء كأنت طالق يا زانية إن شاء الله لم يكن قذفا في الأصح وإن تقدم عليهما أو تأخر عنهما كان قذفا في الحال
وعن أبي يوسف أن المتخلل لا يفصل فلا يتعلق الطلاق بل يقع للحال ويجب اللعان
وعن محمد يتعلق الطلاق ويجب اللعان
وجه ظاهر الرواية أن يا زانية نداء للإعلام بما يراد به فلا يفصل ويتعلق الطلاق بالشرط فيتعلق القذف أيضا لأنه أقرب إلى الشرط اه ملخصا فهذا تصريح بأن انصراف الاستثناء إلى الكل هو الأصح وظاهر الرواية وصرح بذلك في الذخيرة أيضا ومشى عليه الشارح في باب التعليق
قوله ( وقعن ) جواب الشرط المقدر في قول المتن قال لزوجته وكان الأولى للشارح ذكره عقب قوله ثلاثا
قوله ( لما تقرر الخ ) لأن الواقع عند ذكر العدد مصدر موصوف بالعدد أي تطليقا ثلاثا فتصير الصيغة الموضوعة لإنشاء الطلاق متوقفا حكمها عند ذكر العدد عليه
بحر
قال في الفتح وبه اندفع قول الحسن البصري وعطاء وجابر بن زيد إنه يقع عليها واحدة لبينونتها ولا يؤثر العدد شيئا
ونص محمد رحمه الله تعالى قال وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا جميعا فقد خالف السنة وأثم وإن دخل بها أو لم يدخل سواء بلغنا ذلك عن رسول الله وعن عليابن مسعود وابن عباس وغيرهم رضوان الله عليهم
قوله ( وما قيل الخ ) رد على ما نقله في شرح المجمع عن كتاب المشكلات وأقره عليه حيث قال وفي المشكلات من طلق امرأته الغير مدخول بها ثلاثا فله أن يتزوجها بلا تحليل وأما قوله تعالى { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } سورة البقرة الآية 230 ففي حق المدخول بها اه
ووجه الرد مخالف للمذهب لأنه إما أن يريد عدم وقوع الثلاث عليها بل تقع واحدة كما هو قول الحسن وغيره وقد علمت رده أو يريد أنه لا يقع شيء أصلا
وعبارة الشارح تحتمل الوجهين لكن كلام الدرر يعين الأول
أو يريد وقوع الثلاث مع عدا اشتراط المحلل
وقد بالغ المحقق ابن الهمام في رده حيث قال في آخر باب الرجعة لا فرق في ذلك أي اشتراط المحلل بين كون المطلقة مدخولا بها أو لا لصريح إطلاق النص وقد وقع في بعض الكتب أن غير المدخول بها تحل بلا زوج وهو زلة عظيمة مصادمة للنص والإجماع لا يحل لمسلم رآه أن ينقله فضلا عن أن يعتبره لأن في نقله إشاعته وعند ذلك ينفتح باب الشيطان في تخفيف الأمر فيه
ولا يخفى أن مثله مما لا يسوغ الاجتهاد فيه لفوات شرطه من عدم مخالفة الكتاب والإجماع نعود بالله من الزيغ والضلال والأمر فيه من ضروريات الدين لا يبعد إكفار مخالفه اه
قوله ( لعموم اللفظ ) أي لفظ النص فإنه يعم غير المدخول بها
وفيه أن الآية صريحة في المدخول بها لأن الطلاق ذكر فيها مفرقا وتفريقه يخصها ولا يكون في غير المدخول بها إلا بتجديد النكاح فالأولى الاستناد إلى السنة وهو ما ذكر عن الإمام محمد ط
قوله ( وحمله في غرر الأذكار ) حيث قال
____________________
(3/285)
ولا يشكل ما في المشكلات لأن المراد من قوله ثلاثا ثلاث طلقات متفرقات ليوافق ما في عامة كتب الحنفية اه فافهم
قلت يؤيد هذا الحل قوله في المشكلات وأما قوله تعالى { فإن طلقها } سورة البقرة الآية 230 الخ فإنه ذكر في الآية مفرقا فلذا أجاب عنه صاحب المشكلات بأن ما في الآية وارد في المدخول بها فتأمل
قوله ( وإن فرق بوصف ) نحو أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة أو خبر نحو أنت طالق طالق طالق أو أجمل نحو أنت طالق أنت طالق أنت طالق ح ومثله في شرح الملتقى
قوله ( بعطف ) أي في الثلاثة سواء كان بالواو أو الفاء أو ثم أو بل ح
وسيذكر المصنف مسألة العطف منجزه ومعلقة مع تفصيل في المعلقة
قوله ( أو غيره ) الأولى أو دونه ط
قوله ( بانت بالأولى ) أي قبل الفراغ من الكلام الثاني عند أبي يوسف
وعند محمد بعده لجواز أن يلحق بكلامه شرطا أو استثناء ورجح السرخسي الأول والخلاف عند العطف بالواو
وثمرته فيمن ماتت قبل فراغه من الثاني وقع عند أبي يوسف لا عند محمد وتمامه في البحر والنهر
قوله ( ولذا ) أي لكونها بانت لا إلى عدة ح
قوله ( لم تقع الثانية ) المراد بها ما بعد الأولى فيشمل الثالثة
قوله ( بخلاف الموطوءة ) أي ولو حكما كالمختلى بها فإنها كالموطوءة في لزوم العدة وكذا في وقوع طلاق بائن آخر في عدتها وقيل لا يقع والصواب الأول كما مر في باب المهر نظما وأوضحناه هناك
قوله ( حيث يقع الكل ) أي في جميع الصور المتقدمة لبقاء العدة ولا يصدق قضاء أنه عنى الأولى كما سيأتي في الفروع إلا إذا قيل له ماذا فعلت فقال طلقتها أو قد قلت هي طالق لأن السؤال وقع عن الأول فانصرف الجواب إليه
بحر
قوله ( أو ثنتين مع طلاقي إياك الخ ) أي لأن مع هنا بمعنى بعد كما تقدم في قوله مع عتق مولاك إياك اه ح أي فيكون الطلاق شرطا فإذا طلقها واحدة لا تقع الثنتان لأن الشرط قبل المشروط
قوله ( كما لو قال نصفا وواحدة ) أي تقع واحدة لأنه غير مستعمل على هذا الوجه فلم يجعل كله كلاما واحدا وعزاه في المحيط إلى محمد
بحر
أي لأن المستعمل عطف الكسر على الصحيح
قوله ( لأنه جملة واحدة لأنه إذا أراد الإيقاع بهما ليس لهما عبارة يمكن النطق بها أخصر منهما ) وكذا لو قال واحدة وأخرى وقع ثنتان لعدم استعمال أخرى ابتداء
نهر
لا يقال أنت طالق ثنتين أحضر منهما لأن الكلام عند إرادة الإيقاع بالصحيح والكسر وبلفظ أخرى فقد يكون فيه غرض
على أنه إن لم يكن غرض صحيح فالعبرة للفظ ولفظ ثنتين لا يؤدي معنى النصف ومعنى أخرى لغة وإن كان المراد بهما طلقة بخلاف أنت طالق واحدة وواحدة فإنه يغني عنه طالق ثنتين فعدوله عن ثنتين إليه قرينة على إرادة التفريق وكذا نصفا وواحدة لأن نصف الطلقة في حكم الطلقة كما مر في محله فصار بمنزلة واحدة وواحدة وهو من المتفرق بقرينة العدول عن الأصل من تقديم الصحيح على الكسر فافهم
قوله ( لما مر ) أي من قوله لأنه جملة واحدة اه ح
أي أنه أخصر ما يتلفظ به إذا أراد الإيقاع بهذه الطريقة وهو مختار في التعبير لغة اه
بحر
لكنه ذكر ذلك في إحدى وعشرين لا في واحدة وعشرين ثم نقل عن المحيط لو قال واحدة وعشرا وقعت واحدة بخلاف أحد عشر فثلاث لعدم العطف وكذا لو قال واحدة ومائة أو احدة وألفا
____________________
(3/286)
أو واحدة وعشرين تقع واحدة لأن هذا غير مستعمل في المعتاد فإنه يقال في العادة مائة واحدة وألف وواحدة تجعل هذه الجملة كلاما واحدا بل اعتبر عطفا
قال أبو يوسف يقع الثلاث لأن قوله واحدة ومائة ومائة وواحدة سواء اه
وظاهره أن قول أبي يوسف في هذه المسائل غير المعتمد لكن قال في النهر وجزم الزيلعي به في واحدة وعشرين يومىء إلى ترجيحه
مطلب الطلاق يقع بعدد قرن به لا به قوله ( والطلاق يقع والطلاق يقع بعدد قرن به لا به ) أي متى قرن الطلاق بالعدد كان الوقوع بالعدد بدليل ما أجمعوا عليه من أنه لو قال لغير المدخول بها أنت طالق ثلاثا طلقت ثلاثا ولو كان الوقوع بطالق لبانت لا إلى عدة فلغا العدد ومن أنه لو قال أنت طالق واحدة إن شاء الله لم يقع شيء ولو كان الوقوع بطالق لكان العدد فاصلا فوقع
ثم اعلم أن الوقوع أيضا بالمصدر عند ذكره وكذا بالصفة عند ذكرها كما إذا قال أنت طالق البتة حتى لو قال بعدها إن شاء الله متصلا لا يقع ولو كان الوقوع باسم الفاعل لوقع ويدل عليه ما في المحيط لو قال أنت طالق للسنة أو أنت طالق بائن فماتت قبل قوله للسنة أو بائن لا يقع شيء لأنه صفة للإيقاع لا للتطليقة فيتوقف الإيقاع على ذكر الصفة وأنه لا يتصور بعد الموت اه
وكذا ما في عتق الخانية قال لعبده أنت حر البتة فمات العبد قبل البتة بموت عبدا
بحر من الباب المار عند قوله أنت طالق واحدة أولا وقال هنا ويدخل في العدد أصله وهو الواحد ولا بد من اتصاله بالإيقاع ولا يضر انقطاع النفس فلو قال أنت طالق وسكت ثم قال ثلاثا فواحدة ولو انقطع النفس أو أخذ إنسان فمه ثم قال ثلاثا على الفور فثلاث ولو قال لغير المدخولة أنت طالق يا فاطمة أو يا زينب ثلاثا وقعن ولو قال أنت طالق اشهدوا ثلاثة فواحدة ولو قال فاشهدوا فثلاث كذا في الظهيرية اه
قلت وحاصله أن انقطاع النفس وإمساك الفم لا يقطع الاتصال بين الطلاق وعدده وكذا النداء لأنه لتعيين المخاطبة وكذا عطف فاشهدوا بالفاء لأنها تعلق ما بعدها بما قبلها فصار الكل كلاما واحدا
قوله ( عند ذكر العدد ) أي عند التصريح به فلا يكفي قصده كما يأتي فيما لو مات أو أخذ أحد فمه فافهم
قوله ( بعد الإيقاع ) المراد به ذكر الصيغة الموضوعة للإيقاع لولا العدد
قوله ( قبل تمام العدد ) قدر لفظ تمام تبعا للبحر احترازا عما لو قال أنت طالق أحد عشر فماتت قبل تمام العدد
قوله ( لغا ) أي فلا يقع شيء
نهر
فيثبت المهر بتمامه ويرث الزوج منها ط
قوله ( لما تقرر ) أي من أن الوقوع بالعدد وهي لم تكن محلا عند وقوع العدد ح
أو لما تقرر من أن صدر الكلام يتوقف على آخره لوجود ما يغيره كالشرط والاستثناء حتى لو قال أنت طالق إن دخلت الدار أو إن شاء الله فماتت قبل الشرط أو الاستثناء لم تطلق لأن وجودهما يخرج الكلام عن أن يكون إيقاعا بخلاف أنت طالق ثلاثا يا عمرة فماتت قبل قوله يا عمرة طلقت لأنه غير مغير وكذا أنت طالق وأنت طالق فماتت قبل الثاني لأن كل كلام عامل في الوقوع إنما يعمل إذا صادفها وهي حية ولو قال أنت طالق وأنت طالق إن دخلت الدار فماتت عند الأول أو الثاني لا يقع لما مر كما في البحر عن الذخيرة
قوله ( أو أخذ أحد فمه ) أي ولم يذكر العدد على الفور
____________________
(3/287)
عند رفع اليد عن فمه أما لو قال ثلاثا مثلا على الفور وقعن كمامر
قوله ( عملا بالصيغة ) أشار إلي وجه الفرق بين موتها وموته وهو أن الزوج وصل لفظ الطلاق بذكر العدد في موتها ولم يتصل في موته ذكر العدد يلفظ الطلاق فبقي قوله أنت طالق وهو عامل بنفسه في وقوع الطلاق كما في أخذ الفم إذا لم يقل بعده شيئا حيث تقع واحدة
أفاده في البحر عن المعراج
قوله ( لأن الوقوع بلفظه لا بقصده ) الضميران للزوج أو للعدد وعلى الأول يكون التعليل لمنطوق العلة التي قبله وعلى الثاني لمفهومها وهو عدم العمل بالعدد الذي قصد فافهم
قوله ( بالعطف ) أي بالواو فتقع واحدة لأن الواو لمطلق الجمع أعم من كونه للمعية أو للتقدم أو التأخر فلا يتوقف الأول على الآخر إلا لو كانت للمعية وهو منتف فيعمل كل لفظ عمله فتبين بالأولى فلا يقع ما بعدها ومثل الواو العطف بالفاء وثم بالأولى لاقتضاء الفاء التعقيب وثم للتراخي مع الرتتيب فيهما وأما بل في أنت طالق واحدة لا بل ثنتين فكذلك لأنها باق بالأولى ولو كانت مدخولا بها تقع ثلاث لأنه أخبر أنه غلط في إيقاع الواحدة ورجع عنها إلى إيقاع الثنتين بدلها فصح إيقاعهما دون رجوعه نعم لو قال لها طلقتك أمس واحدة لا بل ثنتين تقع ثنتان لأنه خبر يقبل التدارك في الغلط بخلاف الإنشاء
بحر ملخصا
قوله ( أو قبل واحدة الخ ) الضابط أن الظرف حيث ذكر بين شيئين إن أضيف إلى ظاهر كان صفة للأول كجاءني زيد قبل عمرو وإن أضيف إلى ضمير الأول كان صفة للثاني كجاءني زيد قبله أو بعده عمرو لأنه حينئذ خبر عن الثاني والخبر وصف للمبتدأ والمراد بالصفة المعنوية والمحكوم عليه بالوصفية هو الظرف فقط وإلا فالجملة في قبله عمرو حال من زيد لوقوعها بعد معرفة والحال وصف لصاحبها ففي واحدة قبل واحدة أوقع الأولى قبل الثانية فبانت بها فلا تقع الثانية وفي بعدها ثانية كذلك لأنه وصف الثانية بالبعدية ولو لم يصفها بها لم تقع فهذا أولى وهذا في غير المدخول بها وفي المدخول بها تقع ثنتان لوجود العدة كما يأتي
قوله ( ثنتان ) لأنه في واحدة بعد واحدة جعل البعدية صفة للأولى فاقتضى إيقاع الثانية قبلها لأن الإيقاع في الماضي إيقاع في الحال لامتناع الاستناد إلى الماضي فيقترنان فتقع ثنتان وكذا في واحدة قبلها واحدة لأنه جعل القبلية صفة للثانية فاقتضى إيقاعها قبل الأولى فيقترنان وأما مع فللقران
فلا فرق فيها بين الإتيان بالضمير وإلا فاقتضى وقوعهما معا تحقيقا لمعناها
قوله ( متى أوقع بالأول ) كما في قبل واحدة وبعدها واحدة فإن الأولى فيهما هي الواقعة لوصفها بأنها قبل الثانية أو بأن الثانية بعدها وهو معنى كونها قبل الثانية فتكون الثانية متأخرة في الصورتين فلغت
قوله ( أو بالثاني اقترنا ) المراد بالثاني المتأخر في إنشاء الإيقاع لا في اللفظ وذلك كما في بعد واحدة أو قبلها واحدة فإنه أوقع فيهما واحدة وهي الأولى الموصوفة بأنها بعد الثانية أو بأن الثانية قبلها وهو معنى كونها بعد الثانية فيقترنان
ويحتمل أن يراد بالثاني اللفظ المتأخر فإنه سابق في الإيقاع من حيث الإخبار لتضمن الكلام الإخبار عن إيقاع الثانية قبل الأولى
قوله ( ويقع الخ ) من عطف الخاص على العام لدخوله تحت قوله وإن فرق فكان الأولى ذكره عقبه
قوله ( ثنتان ) أي إن اقتصر عليهما وإن زادت فثلاث
قوله ( لتعلقهما بالشرط دفعة ) لأن الشرط مغير للإيقاع فإذا اتصل المغير توقف صدر الكلام عليه فيتعلق به كل من الطلقتين
____________________
(3/288)
معا فيقعان عند وجود الشرط كذلك بخلاف ما لو قدم الشرط فلا يتوقف لعدم المغير
قوله ( وتقع واحدة إن قدم الشرط ) هذا عنده وعندهما ثنتان أيضا ورجحه الكمال وأقره في البحر قوله لأن المعلق كالمنجز أي يصير عند وجود شرطه كالمنجز ولو نجزه حقيقة لم تقع الثانية بخلاف ما إذاأخر الشرط لوجود المغير
زيلعي
تنبيه العطف بالفاء كالواو فتقع واحدة إن قدم الشرط اتفاقا على الأصح وتلغو الثانية وثنتان إن أخره وفي العطف بثم إن أخره تنجزت واحدة ولغا بعدها ولو موطوءة تعلق الأخير وتنجز ما قبله وإن قدم الشرط لغا الثالث وتنجز الثاني وتعلق الأول فيقع عند الشرط بعد التزوج الثاني ولو موطوءة تعلق الأول وتنجز ما بعده
وعندهما تعلق الكل بالشرط قدمه أو أخره إلا أن عند وجود الشرط تطلق الموطوءة ثلاثا وغيرها واحدة وتمامه في البحر
قوله ( كلها ) أي كل الصور التي ذكرها في العطف بلا تعليق بشرط وفي قبل وبعد وفي الشرط المتقدم أو المتأخر
مطلب في قبل ما بعده قبله رمضان قوله ( ومن مسائل قبل وبعد ما قيل ) أي ما قاله بعضهم نظما من بحر الخفيف
ورأيت في شرح المجموع للأشموني شارح الألفية أن هذا البيت رفع للعلامة أبي عمرو بن الحاجب بأرض الشام وأفتى فيه وأبدع وقال إنه من المعاني الدقيقة التي لا يعرفها أحد في مثل هذا الزمان وإنه ينشد على ثمانية أوجه لأن ما بعد ما قد يكون قبلين أو بعدين أو مختلفين فهذه أربعة أوجه كل منها قد يكون قبله قبل أو بعد صارت ثمانية والقاعدة في الجميع أنه كلما اجتمع فيه منها قبل وبعد فالغهما لأن كل شهر حاصل بعد ما هو قبله وحاصل قبل ما هو بعده ولا يبقى حينئذ إلا بعده رمضان فيكون شعبان أو قبله رمضان فيكون شوالا الخ
قوله ( في ذي الحجة ) لأن قبله ذا القعدة وقيل هذا القبل شوال وقبل قبل القبل رمضان ط
قوله ( في جمادى الآخرة ) لأن بعده رجبا وبعد ذلك البعد شعبان وبعد بعد البعد رمضان ط
قوله ( في شوال ) صوابه في شعبان ح أي لأن فرض المسألة أن قبلا ذكر مرة واحدة وتكرر بعد فيلغى لفظ قبل ولفظ بعد مرة ويبقى لفظ بعد الثاني هو المعتبر فيصير كأنه قال بعده رمضان وهو شعبان كما مر
قوله ( ويبعد كذلك ) أي أو لا وسطا أو واسطا أو آخرا ح
قوله ( في شعبان ) صوابه في شوال ح أي لنظير ما قلنا
قوله ( لإلغاء الطرفين ) المراد بالطرفين قبل وبعد وكأنه إنما أطلق عليهما طرفين لما بينهما من التقابل
وعبارة الفتح يلغى قبل ببعد
وعبارة النهر يلغى قبل وبعد لأن كل شهر بعد قبله وقبل بعده فيبقى قبله رمضان وهو شوال أو بعده رمضان وهو شعبان ح
قلت وأما ما في البحر من أن الملغى الطرفان الأولان يعني الحاليين عن الضمير سواء اختلفا أو اتفقا وفرع عليه معتبرا للأخير المضاف للضمير فقط فهو خطأ مخالف لما قرره نفسه أولا ولما قرره غيره
____________________
(3/289)
تنبيه هذا كله مبني على أن ما ملغاة لا محل لها من الإعراب ويحتمل أن تكون موصولة أو نكرة موصوفة فتكون في محل جر بإضافة الظرف الذي قبله إليها وفيه الأوجه الثمانية لكن أحكامها تختلف
ففي محض قبل يقع في شوال وفي محض بعد في شعبان وفي قبل ثم بعدين في جمادى الآخرة وفي بعد ثم قبلين في ذي الحجة وفي الصور الأربع الباقية على عكس ما مر في إلغاء ما أي فما وقع منها في شوال أو في شعبان على تقدير الإلغاء يقع بعكسه على تقدير الموصولية أو الموصوفية كما ذكره العلامة بدر الدين الغزي الشافعي
ورأيته بخطه معزيا إلى العلامة ابن الحاجب وقال إن للسبكي في ذلك مؤلفا
قلت وقد أوضحت هذه المسألة في رسالة كنت سميتها إتحاف الذكي النبيه بجواب ما يقول الفقيه وبينت فيها المقام بما لا مزيد عليه وخلاصة ذلك أن قوله بشهر قبل ما قبل قبله رمضان على كون ما زائدة يكون رمضان مبتدأ والظرف الأول خبر عنه وهو مضاف إلى الثاني لأن ما الزائدة لا تكف عن العمل نحو
فيما رحمة
ويغر ما رجل والثاني مضاف إلى الثالث والجملة من المبتدإ والخبر صفة شهر والرابط الضمير المضاف إليه الظرف الأخير والمعنى بشهر رمضان كائن قبل قبل قبله وهو ذو الحجة وعلى كون ما موصولة يكون الظرف الأول صفة لشهر وهو مضاف إلى الموصول والظرف الثاني المضاف إلى الثالث خبر مقدم عن رمضان والجملة صلة ما والعائد الضمير الأخير والمعنى بشهر كائن قبل الشهر الذي رمضان كائن قبل قبله فالشهر الذي قبل هو ذو الحجة فالذي قبله هو شوال وكذا يقال على تقدير ما نكرة موصوفة وعلى هذا القياس في باقي الصور وقد نظمت جميع ما مر من الصور فقلت خذ جوابا عقوده لمرجان فيه عما طلبته تبيان فجمادى الأخير في محض بعد ولعكس ذو حجة إبان ثم شوال لو تكرر قبل مع بعد وعكسه شعبان ألغ ضدا بضده وهو بعد مع قبل وما بقي الميزان ذاك إن تلغ ما وأما إذا ما وصلت أو صفتها فالبيان جاء شوال في تمحض قبل ولعكس شعبان جاء لزمان وجمادى لقبل ما بعد بعد فهو ثم ذو حجة لعكس أوان وسوى ذا بعكس إلغائها فهم فهو تحقيق من هم لفرسان وتوضيح ذلك في رسالتنا المذكورة والحمد لله رب العالمين
قوله ( وأما تصحيح الزيلعي الخ ) رد على صاحب الدرر حيث ذكر ما ذكره المصنف وقال هو الصحيح احترازا عما قبل يقع على كل واحدة طلاق وعزاه إلى إيلاء الزيلعي
واعترضه في المنح بأن عبارة الزيلعي هكذا وذكر في الفتاوى إذا قال لامرأته أنت علي حرام والحرام عنده طلاق ولكن لم ينو الطلاق وقع الطلاق ولو كان أربع نسوة والمسألة بحالها تقع على كل واحدة منهن طلقة بائنة وقيل تطلق واحدة منهن وإليه البيان وهو الأظهر والأشبه
وفي إيلاء الفتح والبحر أن في المواضع التي يقع الطلاق بلفظ الحرام إن كان له أكثر من زوجة واحدة تقع على كل تطليقة واحدة بخلاف الصريح نحو امرأته طالق وله أكثر من واحدة فلا تقع إلا واحدة
وأجاب الأوزجندي أنه لا يقع على واحدة وهو الأشبه وعزاه في البحر إلى البزازية والخلاصة والذخيرة
____________________
(3/290)
وفي الفتح الأشبه عندي ما في الفتاوى لأن قوله حلال الله أو حلال المسلمين يعم كل زوجة على سبيل الاستغراق كقوله هن طوالق لا البدل كإحداكن طالق وحيث وقع بهذا اللفظ وقع بائنا
مطلب فيما قال امرأته طالق وله امرأتان أو أكثر تطلق واحدة وفي الخانية امرأته طالق وله امرأتان معروفتان له أن يصرف الطلاق إلى أيتهما شاء ولم يحك خلافا فظهر أن التصحيح في غير الصريح كحلال المسلمين ونحوه لكونه يعم كل زوجة لا كما زعم في الدرر اه كلام المنح ملخصا
وسيأتي في الإيلاء عن النهر أن قول الزيلعي هنا والمسألة بحالها يعني التحريم لا بقيد أنت علي حرام مخاطبا لواحدة بل يجب فيه أن لا يقع إلا على المخاطبة اه
أقول والحاصل أنه لا خلاف في امرأته طالق أن له أن يصرفه إلى أيتهما شاء خلافا لما في الدرر ولا في أنت علي حرام أنه لا يقع إلا على المخاطبة فقط خلافا لما يوهمه كلام الزيلعي وإنما الخلاف فيما يعم كل زوجة على سبيل الاستغراق فاختار الأوزجندي أنه لا يقع إلا على واحدة فله صرفه إلى أيتهما شاء نظرا إلى أنه لفظ مفرد واختار المحقق ابن الهمام أنه يقع على الكل لاستغراقه وهذا هو الظاهر ويدل على أن محل الخلاف ما قلنا إنه في الذخيرة حكاه في حلال المسلمين علي حرام وهو صريح تعليل الفتح
والظاهر أنه لا خلاف في كل حل علي حرام لأنه بعد التصريح بأداة العموم لا يمكن حمله على فرد خاص بخلاف العموم المستفاد من الإضافة ويظهر لي أن عدم الخلاف في الصريح لا لخصوص صراحته بل لكونه بلفظ امرأتي الذي عمومه بدلي أي صادق على واحدة لا بعينها أي واحدة كانت مثل قوله إحداهن طالق حتى لو كان الصريح بلفظ عمومه استغراقي مثل حلال الله طالق أو من يحل لي طالق أو من في عقد نكاحي طالق جرى فيه الخلاف المذكور وكان فيه ترجيح ابن الهمام أظهر ويظهر من هذا أن قوله امرأتي حرام لا يتأتى فيه خلاف المذكور لما علمت من أن عمومه بدلي لا استغراقي فهو مثل امرأتي طالق وبه ظهر أن حمل الشارح تصحيح الزيلعي على امرأتي حرام غير مناسب للمقام وقوله كما حرره المصنف الخ فيه أنه مخالف لما قدمناه عن المصنف من قوله فظهر أن الصحيح في غير الصريح كحلال المسلمين ونحوه لكونه يعم كل زوجة فالذي حرره المصنف هو الحمل على العام الاستغراقي كما اختاره ابن الهمام فافهم
ويظهر مما قررناه أيضا أن قوله علي الطلاق كما هو الشائع في زماننا مثل قوله امرأتي طالق لأن معناه كما مر إن فعلت كذا لزم الطلاق ووقع
ولا يخفى أن هذا محتمل لأن يكون المراد لزم الطلاق من امرأة أو من أكثر ولا ترجيح لأحدهما على الآخر فينبغي أن يثبت له صرفه إلى من شاء وينبغي أن يكون قوله علي الحرام كذلك لأن معناه إن فعل كذا فامرأته حرام عليه
تنبيه لا فرق في ذلك بين المعلق والمنجز وكذا لا فرق بين حلفه مرة أو أكثر فله صرف الأكثر إلى واحدة
ففي البزازية عن فوائد شيخ الإسلام قال حلال الله عليه حرام إن فعل كذا وفعله وحلف بطلاق امرأته إن فعل كذا وفعله وله امرأتان فأراد أن يصرف هذين الطلاقين في واحدة منهما أشار في الزيادات إلى أنه يملك ذلك اه
لكن إذا بانت إحداهما قبل وقوع الثاني ليس له صرفه إليها
ففي البزازية أيضا من كتاب الأيمان إن فعلت كذا فامرأته طالق وله امرأتان أو أكثر طلقت واحدة وإليه البيان وإن طلق إحداهما بائنا أو رجعيا ومضت عدتها ثم وجد الشرط تعينت الأخرى للطلاق وإن كان لم تنقض العدة فالبيان إليه اه
____________________
(3/291)
بقي شيء وهو ما لو كان الطلاق ثلاثا فهل له أو يوقع على كل واحدة طلقة أم لا بد أن يجمع الثلاث على واحدة وعلى الأول فهل تكون كل واحدة من الثلاث بائنة لئلا يلغو وصف البينونة وهي صفة الأصل أو تكون رجعية نظرا للواقع ورأيت بخط شيخ مشايخنا السائحاني عن المنية لو كان لرجل ثلاث نساء فقال امرأتي ثلاث تطليقات يقع ثلاث لكل واحدة وعند أبي حنيفة لكل واحدة منهن طلاقا بائن وهو الأصح اه
وفيه مخالفة لما قدمناه من أنه لا خلاف في أن له صرفه إلى من شاء
فليتأمل
قوله ( قال لنسائه الخ ) وجه وقوع الواحدة في هذه الصور أن بعض الطلقة طلقة كما مر فيصيب كل واحدة في إيقاع طلقة بينهن ربعها وفي طلقتين نصف طلقة وفي ثلاث ثلاثة أرباع طلقة وفي أربع طلقة كاملة
قوله ( فتطلق كل واحدة ثلاثا ) أي إلا في التطليقتين فيقع على كل واحدة منهن طلقتان كذا في كافي الحاكم الشهيد ومثله في الفتح والبحر
قوله ( يقع على كل واحدة طلاقان الخ ) لأنه يصيب كل واحدة منهن في الخمس طلقة وربع طلقة وفي الست طلقة ونصف وفي السبع طلقة وثلاثة أرباع وفي الثمان طلقتان وهذا حيث لا نية له كما في الكافي والفتح احترازا عما إذا نوى قسمة كل واحدة بينهن فإنه يقع على كل واحدة ثلاث
قوله ( ثلاثا ) لأنه يصيب كل واحدة من الثمانية طلقتان وتقسم التاسعة منهن فيقع على كل طلقة ثالثة
قوله ( ومثله ) أي مثل بين
قال في الفتح فلفظ بين ولفظ الإشراك سواء بخلاف ما لو طلق امرأتين كل واحدة واحدة ثم قال لثالثة أشركتك فيما أوقعت عليهما يقع عليها تطليقتان اه
وتمامه عند قوله في الباب السابق ولو قال أنت طالق ثلاثة أنصاف تطليقة
قوله ( امرأتي طالق امرأتي طالق ) مثل ما لو قال وامرأتي بالعطف كما في الذخيرة قوله ( لصحة تفريق الطلاق الخ ) كذا علل في البحر بعد نقله المسألة عن الذخيرة أي لأن المدخولة محل لإيقاع الثانية بسبب العدة فله إيقاع الطلاقين عليها بخلاف غير المدخولة لأنها بانت بالأول فلا يصدق في إرادته لها بالثاني كما لو كان طلق المدخولة بائنا أو رجعيا وانقضت عدتها فلا تصح إرادتها بالأول ولا بالثاني كما يعلم مما نقلناه قريبا عن البزازية
بقي ما إذا كانت إحداهما مدخولا بها فقط وهي في نكاحه فإن أرادها بالطلاقين صح وإن أراد غير المدخول بها لا يصدق في الثاني لأنها لم تبق امرأته بل الثانية امرأته فيقع عليها الثاني كما هو ظاهر
قوله ( ولم يسم ) أما لو سماها باسمها فكذلك بالأولى ويقع على التي عناها أيضا لو كانت زوجته
قال في البزازية ولو قال فلانة بنت فلان طالق ثم قالت أردت امرأة أخرى أجنبية بذلك الاسم والنسب لا يصدق ويقع على امرأته بخلاف ما إذا أقر بمال لمسمى فادعى رجل أنه هو وأنكر يصدق بالحلف ما له على هذا المال لا ما هو فلان وكذا لو قال زينب طالق وهو اسم امرأته ثم قال أردت به غير امرأتي لا يصدق ويقع عليهما إن كانتا زوجة له وكذا لو نسبها إلى أمها أو أختها أو ولدها وهي كذلك ولو حلف إن خرج من المصر فامرأته عائشة كذا واسمها فاطمة لا تطلق
____________________
(3/292)
إذا خرج اه
قوله ( استحسانا ) كذا في البحر عن الظهيرية ومثله في الخانية ومقتضاه أن القياس خلافه تأمل قوله ( كلتاهما معروفة ) احتراز عما لو كانت إحداهما معروفة فقط وهو المسألة التي قبلها وأما المجهولتان فكالمعروفتين ثم هذه المسألة كما قال ح مكررة مع قوله ولو قال امرأتي طالق وله امرأتان أو ثلاث
قوله ( ولم يحك خلافا ) رد على صاحب الدرر كما مر تقريره
قوله ( كرر لفظ الطلاق ) بأن قال للمدخولة أنت طالق أنت طالق أو قد طلقتك قد طلقتك أو أنت طالق قد طلقتك أو أنت طالق وأنت طالق وإذا قال أنت طالق ثم قيل له ما قلت فقال قد طلقتها أو قلت هي طالق فهي طالق واحدة لأنه جواب كذا في كافي الحاكم
قوله ( وإن نوى التأكيد دين ) أي ووقع الكل قضاء وكذا إذا طلق أشباه أي بأن لم ينو استئنافا ولا تأكيدا لأن الأصل عدم التأكيد
قوله ( وإلا لا ) أي بأن قصد النداء أو أطلق فلا يقع على المعتمد أشباه في العاشر من مباحث النية وذكر قبله في التاسع أنه فرق المحبوبي في التلقيح بين الطلاق فلا يقع بين العتق فيقع وهو خلاف المشهور اه
قلت وفي عبارة الأشباه قلت لأن المحبوبي فرق بأن الحر اسم صالح للتسمية وهو اسم لبعض الناس بخلاف طالق أو مطلقة فالنداء به يقع على إثبات المعنى فتطلق بخلاف الحر ويوافقه ما في الخلاصة أشهد أن اسم عبده حر ثم دعاه يا حر لا يعتق ولو سمى امرأته طالقا ثم دعاها يا طالق تطلق
قوله ( قال لامرأته هذه الكلبة طالق طلقت الخ ) لما قالوا من أنه لا تعتبر الصفة والتسمية مع الإشارة كما لو كان له امرأة بصيرة فقال امرأته هذه العمياء طالق وأشار إلى البصيرة تطلق ولو رأى شخصا ظن أنه امرأته عمرة فقال يا عمرة أنت طالق ولم يشر إلى شخصها فإذا الشخص غير امرأته تطلق لأن المعتبر عند عدم الإشارة الاسم وقد وجد كما في الخانية وقدمنا بسط الكلام على مسألة الإشارة والتسمية في باب الإمامة
قوله ( وعنى الإخبار كذبا الخ ) قدمنا الكلام عليه في أول الاطلاق
قوله ( على ذلك ) أي على أنه يخبر كذبا
قوله ( وكذا المظلوم إذا أشهد الخ ) أقول التقييد بالإشهاد إذا كان مظلوما غير لازم ففي الأشباه وأما نية تخصيص العام في اليمين فمقبولة ديانة اتفاقا وقضاء عند الخصاف والفتوى على قوله إن كان الحالف مظلوما كذلك اختلفوا هل الاعتبار لنية الحالف أو المستحلف والفتوى على نية الحالف إن كان مظلوما لا إن كان ظالما كما في الولوالجية والخلاصة قلت
وفي حواشيه عن مآل الفتاوى التحليف بغير الله تعالى ظلم والنية نية الحالف وإن كان المستحلف محقا
قوله ( أنه يحلف ) متعلق بأشهد ح
قوله ( قال فلانة ) أي زينب مثلا وقوله واسمها كذلك أي زينب وضمير غيره عائد إليه
أفاده ح قوله ( وعلى هذا الخ ) أي لأن المعتبر الاسم عند عدم الإشارة كما ذكرناه آنفا وهذا الفرع
____________________
(3/293)
منقول ذكرناه قريبا عن البزازية فافهم
قوله ( وينبغي الجزم بوقوعه قضاء وديانة ) ولا شبهة في كونه رجعيا لا بائنا لاتفاق المذاهب كلها على وقوع الرجعي بأنت طالق وتمامه في الخيرية وكذا أنت طالق على مذهب اليهود والنصارى كما أفتى به الخير الرملي أيضا وكذا أنت طالق لا يردك قاض ولا عالم أو أنت تحلي للخنازير وتحرمي علي فيقع بالكل طلقة رجعية كما قدمناه قبل هذا الباب
قوله ( في قول الفقهاء الخ ) وكذا في قول القضاة أو المسلمين أو القرآن فتطلق قضاء ولا تطلق ديانة إلا بالنية
خانية
لكن في الفتح أول الطلاق ولو قال طالق في كتاب الله أو بكتاب الله أو معه فإن نوى طلاق السنة وقع في أوقاتها وإلا وقع في الحال لأن الكتاب يدل على الوقوع للسنة والبدعة فيحتاج إلى النية ولو قال علي الكتاب أو به أو على قول القضاة أو الفقهاء أو طلاق القضاة أو الفقهاء فإن نوى السنة دين وفي القضاء يقع في الحال لأن قول القضاة والفقهاء يقتضي الأمرين فإذا خصص دين ولا يسمع في القضاة لأنه غير ظاهر اه
فتأمل
قوله ( قال نساء الدنيا الخ ) في الأشباه علل عتق الخانية رجل قال عبيد أهل بغداد أحرار ولم ينو عبده وهو من أهلها أو قال كل عبيد أهل بغداد أو كل عبد في الأرض أو في الدنيا قال أبو يوسف لا يعتق عبده وقال محمد يعتق وعلى هذا الخلاف الطلاق والفتوى على قول أبي يوسف
ولو قال كل عبد في هذه السكة أو في المسجد الجامع حر فهو على هذا الخلاف ولو قال كل عبد في هذه الدار وعبيده فيها عتقوا في قولهم لا لو قال ولد آدم كلهم أحرار في قولهم اه
وهو صريح في جريان الخلاف في المحلة كالبلدة لأنها بمعنى السكة لكن ذكر في الذخيرة أولا الخلاف في نساء أهل بغداد طالق فعند أبي يوسف ورواية عن محمد لا تطلق إلا أن ينويها لأن هذا أمر عام
وعن محمد أيضا تطلق بلا نية
ثم نقل عن فتاوى سمرقند أن في القرية اختلاف المشايخ منهم من ألحقها بالبيت والسكة ومنهم من ألحقها بالمصر اه
ومقتضاه عدم الخلاف في السكة ثم علل عدم الوقوع في المصر وأهل الدنيا بأنه لو وقع به لكان إنشاء في حقه فيكون إنشاء أيضا في حقهم وهو متوقف على إجازتهم وهي متعذرة
قوله ( فقال فعلت ) أي طلقت بقرينة الطلب
قوله ( فواحدة إن لمك ينو الثلاث ) أي بأن نوى الواحدة أو لم ينو شيئا لأنه بدون العطف يحتمل تكرير الأول ويحتمل الابتداء فأي ذلك نوى الزوج صحت نيته كذا في عيون المسائل
وفي المنتقى أنه تقع الثلاث ولم يشترط نية الزوج
ذخيرة
قوله ( ولو عطفت بالواو فثلاث ) لأنه قرينة التكرار فيطابقه الجواب
وفي الخانية قالت له طلقني ثلاثا فقال فعلت أو قال طلقت وقعن ولو قال مجيبا لها أنت طالق أو فأنت طالق تقع واحدة اه
أي وإن نوى الثلاث
والفرق أن طلقني أمر بالتطليق وقوله طلقت تطليق فصح جوابا والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال بخلاف أنت طالق فإنه إخبار عن صفة قائمة بالمحل وإنما يثبت التطليق اقتضاء تصحيحا للوصف والثابت اقتضاء ضروري فيثبت التطليق في حق صحة هذا الوصف لا في حق كونه جوابا فبقي أنت طالق كلاما مبتدأ وأنه لا يحتمل
____________________
(3/294)
الثلاث
أفاده في الذخيرة
قوله ( اعتبارا بالإنشاء ) لأنه يملك إنشاء الطلاق عليها فيملك الإجازة التي هي أضعف بالأولى
( شرح تلخيص الجامع ) للفارسي
قوله ( إذا نوى ) صوابه إذا نويا بضمير المثنى كما هو في تلخيص الجامع
قال الفارسي في شرحه وكذا لو قالت المرأة أبنت نفسي فقال الزوج أجزت لما قلنا لكن بشرط نية الزوج والمرأة الطلاق وتصح هنا نية الثلاث
أما اشتراط نية الزوج فلأن لفظ البينونة من كنايات الطلاق وأما نية المرأة فلم يذكر محمد في الكتاب وقالوا يجب أن يشترط حتى يقع التصرف تطليقا فيتوقف على الإجازة وأما بدون نيتها يقع إخبارا عن بينونة الشخص أو بينونة شيء آخر كما لو كان من جانب الزوج فلا يحتمل الإجازة فلا يتوقف وأما صحة نية الثلاث فلما عرف من احتمال لفظ هذه الكناية الثلاث اه
قوله ( بخلاف الأول ) لأن قوله أجزت بمنزلة قوله طلقت فلا يحتاج إلى نية ولا تصح في نية الثلاث ح
قوله ( وفي اخترت لا يقع الخ ) أي لو قالت المرأة اخترت نفسي منك فقال الزوج أجزت ونوى الطلاق لا يقع شيء لأن قولها اخترت لم يوضع للطلاق لا صريحا ولا كناية ولهذا لو أنشأ بنفسه فقال لها اخترتك أو اخترت نفسك ونوى الطلاق لم يقع شيء لأنه نوى ما لا يحتمله لفظه ولا عرف في إيقاع الطلاق به إلا إذا وقع جوابا لتخيير الزوج إياها في الطلاق
شرح التلخيص
قوله ( من كانت امرأته عليه حرام ) كذا في بعض النسخ برفع حرام والصواب ما في أكثر النسخ من النصب لأنه خبر كان
قوله ( فهو إقرار منه بحرمتها ) عبارة البزازية قال في المحيط فهذا إقرار منه بحرمتها عليه في الحكم اه
وأفاد قوله في الحكم أي في القضاء أنها لا تحرم ديانة إذا لم يكن حرمها من قبل كما لو أخبر بطلاقها كاذبا
لا يقال إن هذه تصلح لغزا لأنه وقع الطلاق بلا لفظ أصلا لا صريح ولا كناية وبلا ردة وإباء لأنا نقول هذا إقرار عن تحريم منه سابق لا إنشاء طلاق في الحال بغير لفظ نعم يقال هذا إقرار بغير لفظ بل بالفعل وقد صرحوا بأن الإقرار قد يكون بالإشارة وقد يكون بلا لفظ ولا فعل كالسكوت في بعض المواضع فافهم
قوله ( وقيل لا ) بناء على أن هذا الفعل لا يكون إقرارا فافهم
قوله ( وسئل الخ ) تأييد لما قبله وبيان لعدم الفرق بين الفعل من واحد أو أكثر وبين التحريم المفيد البائن والتطليق المفيد الرجعي
قوله ( طلقن ) أي طلق نساء كل من المصفقين بناء على أن هذا التصفيق إقرار
قوله ( ثم تكلم الحالف ) سكت عما إذا تكلم غيره والظاهر أنه لا يقع لأن تعليق المتكلم لا يسري حكمه إلى غيره إلا إذا قال الغير وأنا كذلك مثلا وأما الفرعان السابقان فجعلا من الإقرار لا الإنشاء والتعليق إنشاء ط
قلت يؤيده ما في أيمان البزازية جماعة كان يصفع بعضهم بعضا فقال واحد منهم من صفع صاحبه بعده فامرأته
____________________
(3/295)
طالق فقال واحد هلا ثم صفع القائل صاحبه لا يقع لأن هلا ليس بيمين اه
وهلا كلمة فارسية
قوله ( والحالف لا يخرج نفسه عن اليمين ) أشار بهذا إلى أن دخول الحالف هنا في عموم كلامه لقرينة إن قلنا إن المتكلم لا يدخل في عموم كلامه
وفي التحرير أن دخوله قول الجمهور والله تعالى أعلم
باب الكنايات فرغ من أحكام الصريح الذي هو الأصل في الكلام لما أنه موضوع للإفهام والصريح أدخل فيه شرع في الكنايات وهو مصدر كنا يكنو إذا ستر
نهر
قوله ( كنايته عند الفقهاء ) أي كناية الطلاق المرادة في هذا المحل وإلا فمعناها عندهم مطلقا كالأصوليين ما استتر المراد منه في نفسه
قال في النهر وخرج بالأخير ما استتر المراد في الصريح بواسطة نحو غرابة اللفظ أو انكشف المراد في الكناية بواسطة التفسير والصريح والكناية من أقسام الحقيقة والمجاز فالحقيقة التي لم تهجر صريح والمهجورة التي غلب معناها المجاز كناية والمجاز الغالب الاستعمال صريح وغير الغالب كناية اه ح
قوله ( ما لم يوضع له الخ ) أي بل وضع لما هو أعم منه ومن حكمه لأن ما سوى الثلاث الرجعية الآتية لم يرد به الطلاق أصلا بل هو حكمه من البينونة من النكاح وعليه ففي قوله واحتمله تساهل والمراد احتمله متعلقا لمعناه أفاده في الفتح وأشار به إلى عدم حصرها ولذلك قال في شرح الملتقى ثم ألفاظ الكناية كثيرة ترتقي إلى أكثر من خمسة وخمسين لفظا على ما في النظم والنتف وزيد وغيرها فتنبه اه
ومنها عديت عنها فيقع به البائن بالنية كما أفتى به الشيخ إسماعيل الحائك
قلت ومنها أنت خالصة المستعمل في زماننا فإنه في معنى خلية وبرية
تأمل
وفي البزازية قال لآخر إن كنت تضربني لأجل فلانة التي تزوجتها فإني تركتها فخذها ونوى الطلاق تقع واحدة بائنة
تنبيه أفتى بعض المتأخرين بأن منها علي يمين لا أفعل كذا ناويا الطلاق فتقع به واحدة بائنة لقولهم الكناية ما احتمل الطلاق وغيره ورده عصريه السيد محمد أبو السعود في حاشية مسكين بأنه لا يلزمه إلا كفارة يمين لأن ما ذكروه في تعريف الكناية ليس على إطلاقه بل هو مقيد بلفظ يصح خطابها به ويصلح لإنشاء الطلاق الذي أضمره أو للإخبار بأنه أوقعه كأنت حرام إذ يحتمل لأني طلقتك أو حرام الصحبة وكذا بقية الألفاظ وليس لفظ اليمين كذلك إذ لا يصح بأن يخاطبها بأنت يمين فضلا عن إرادة إنشاء الطلاق به أو الإخبار بأنه أوقعه حتى لو قال أنت يمين لأني طلقتك لا يصح فليس كل ما احتمل الطلاق من كنايته بل بهذين القيدين ولا بد من ثالث هو كون اللفظ مسببا عن الطلاق وناشئا عنه كالحرمة في أنت حرام ونقل في البحر عدم الوقوع بلا أحبك لا أشتهيك لا رغبة لي فيك وإن نوى
ووجهه أن معاني هذه الألفاظ ليست ناشئة عن الطلاق لأن الغالب الندم بعده فتنشأ المحبة والاشتهاد والرغبة بخلاف الحرمة فإذا لم يقع بهذه الألفاظ مع احتمال أن يكون المراد لأني طلقتك ففي لفظ اليمين بالأولى ولأنهم قسموا الكناية ثلاثة أقسام كما يأتي ما يصلح جوابا لسؤال الطلاق لا غير كاعتدي وما يصلح جوابا وردا لسؤالها كاخرجي وما يصلح جوابا وسبا كخلية
ولا شك أن هذا اللفظ غير
____________________
(3/296)
صالح لشيء من الثلاثة لأنها إذا سألته الطلاق لا يصلح جوابها بقوله علي يمين لأفعلن كذا لأن الجواب يكون بما يدل على إنشاء الطلاق إجابة لسؤالها كاعتدي أو على عدمه ردا لطلبها كاخرجي أو سبا لها كخلية وعلي يمين لا يدل على إنشاء الطلاق اه ملخصا مع زيادة ثم قال وبه ظهر أن ما نقل عن فتاوى الطوري إذا قال أيمان المسلمين تلزمني تطلق امرأته خطأ فاحش وسمعت كثيرا من شيخنا أن فتاوى الطوري كفتاوى ابن نجيم لا يوثق بها إلا إذا تأيدت بنقل آخر اه
واعترضه ط بأن علي يمين يحتمل الطلاق وغيره لأنه يكون به وبالله تعالى فحيث نوى الطلاق عملت نيته وكأنه قال علي الطلاق لا أفعل كذا وتقدم أن علي الطلاق من التعليق المعنوي
وما في فتاوى الطوري من تخصيصه بالطلاق للعرف كحلال المسلمين علي حرام اه
أقول والحاصل أن علي يمين ليس كناية لما مر وليس صريحا أيضا لأنه ما لا يستعمل إلا في الطلاق وهذا ليس كذلك وهو ظاهر لكن لفظ اليمين جنس من إفراده الحلف بالطلاق فإذا عينه صار كأنه قال علي حلف بالطلاق لا أفعل كذا وهو لو صرح بهذا المنوي صار حالفا به والأعم إذا أريد به الأخص ثبت به حكم ذلك الأخص والأخص هنا طلاق صريح فتقع به واحدة رجعية لا بائنة
وفي أيمان البزازية من الفصل الثاني قال لي حلف أو قال لي حلف بالطلاق أن لا أفعل كذا ثم فعل طلقت وحنث وإن كان كاذبا وقدمنا في أول فصل الصريح عن جامع الفصولين إن فعلت كذا تجري كلمة الشرع بيني وبينك ينبغي أن يصح اليمين علي الطلاق لأنه متعارف بينهم فيه وقدمنا هناك أيضا عن الذخيرة لو قال لها ألف نون تاء طاء ألف لام قاف إن نوى الطلاق تطلق لأن هذه الحروف يفهم منها ما هو المفهوم من الصريح إلا أنها لا تستعمل كذلك فصارت كالكناية في الافتقار إلى النية فهذا يدل على أنه لو أراد باليمين الطلاق يصح ويقع به رجعية إذا حنث
وأما أيمان المسلمين فإنه جمع يمين والإضافة إلى المسلمين قرينة على أنه أراد جميع أنواع الأيمان التي يحلف بها المسلمون كاليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق المعلقين وسيأتي لهذا زيادة بيان في كتاب الأيمان إن شاء الله تعالى
قوله ( قضاء ) قيد به لأنه يقع ديانة بدون النية ولو وجدت دلالة الحال فوقوعه بواحد من النية أو دلالة الحال إنما هو في القضاء فقط كما هو صريح البحر وغيره
قوله ( أو دلالة الحال ) المراد بها الحالة الظاهرة المفيدة لمقصوده ومنها تقدم ذكر الطلاق
بحر عن المحيط ومقتضى إطلاقه هنا كالكنز أن الكنايات كلها يقع بها الطلاق بدلالة الحال
قال في البحر وقد تبع في ذلك القدوري والسرخسي في المبسوط وخالفهما فخر الإسلام وغيره من المشايخ فقالوا بعضها لا يقع بها إلا بالنية اه
وأراد بهذا البعض ما يحتمل الرد كاخرجي واذهبي وقومي لكن المصنف وافق المشايخ في التفصيل الآتي فبقي الاعتراض على عبارة الكنز
وأجاب عنه في النهر بما ذكره ابن كمال باشا في إيضاح الإصلاح بأن صلاحية هذه الصور للرد كانت معارضة لحال مذاكرة الطلاق فلم يبق الرد دليلا فكانت الصورة المذكورة خالية عن دلالة الحال ولذلك توقف فيها على النية اه
قوله ( وهي حالة مذاكرة الطلاق ) أشار به إلى ما في النهر من أن دلالة الحال تعم دلالة المقال
قال وعلى هذا فتفسر المذاكرة بسؤال الطلاق أو تقديم الإيقاع كما في اعتدي ثلاثا
وقال قبله المذاكرة أن تسأله هي أو أجنبي الطلاق
قوله ( أو الغضب ) ظاهره أنه
____________________
(3/297)
معطوف على مذاكرة فيكون من دلالة الحال
قوله ( فالحالات ثلاث ) لما كان الغضب يقابله الرضا فهو مفهوم منه صح التفريع
وفي الفتح واعلم أن حقيقة التقسيم في الأحوال قسمان حالة الرضا وحالة الغضب
وأما حالة المذاكرة فتصدق مع كل منهما بل لا يتصور سؤالها الطلاق إلا في إحدى الحالتين لأنهما ضدان لا واسطة بينهما
قال في البحر بعد نقله وبه علم أن الأحوال ثلاثة حالة مطلقة عن قيدي الغضب والمذاكرة وحالة المذاكرة وحالة الغضب اه
وفي النهر وعندي أن الأولى هو الاقتصار على حالة الغضب والمذاكرة إذ الكلام في الأحوال التي تؤثر فيها الدلالة مطلقا
ثم رأيته في البدائع بعد أن قسم الأحوال ثلاثة قال ففي حالة الرضا يدين في القضاء وإن كان في حالة مذاكرة الطلاق أو الغضب فقد قالوا إن الكنايات أقسام ثلاثة الخ
وهذا هو التحقيق اه
قوله ( والكنايات ثلاث الخ ) حاصله أنها كلها تصلح للجواب أي إجابته لها في سؤالها الطلاق منه لكن منها قسم يحتمل الرد أيضا أي عدم إجابة سؤالها كأنه قال لها لا تطلبي الطلاق فإني لا أفعله وقسم يحتمل السب والشتم لها دون الرد وقسم لا يحتمل الرد ولا السب بل يتمحض للجواب كما يعلم من القهستاني وابن الكمال ولذا عبر بلفظ يحتمل
وفي أبي السعود عن الحموي أن الاحتمال إنما يكون بين شيئين يصدق بهما اللفظ الواحد معا ومن ثم لا يقال يحتمل كذا أو كذا كما نبه عليه العصام في شرح التلخيص من بحث المسند إليه
قوله ( فنحو اخرجي واذهبي وقومي ) أي من هذا المكان لينقطع الشر فيكون ردا أو لأنه طلقها فيكون جوابا
رحمتي
ولو قال فبيعي الثوب لا يقع وإن نوى عند أبي يوسف لأن معناه عرفا لأجل البيع فكان صريحه خلاف المنوي ووافقه زفر
نهر
ولو قال اذهبي فتزوجي بالفاء أو الواو فسيأتي الكلام عليه في الفروع
قوله ( تقنعي تخمري استتري ) أمر بأخذ القناع أي الخمار على الوجه ومثله تخمري وأمر بالاستتار
قال في البحر أي لأنك بنت وحرمت علي بالطلاق أو لئلا ينظر إليك أجنبي اه
فهو على الأول جواب وعلى الثاني رد
وفي البحر عن شرح قاضيخان لو قال استتري مني خرج عن كونه كناية اه
وهل المراد عدم الوقوع به أصلا أو أنه يقع بلا نية والظاهر الثاني وعليه فهل الواقع بائن أو رجعي
والظاهر البائن لكون قوله مني قرينة لفظية على إرادة الطلاق بمنزلة المذاكرة
تأمل
قوله ( انتقلي انطلقي ) مثل اخرجي وقد تقدم ح
قوله ( من الغربة ) بالغين المعجمة والراء راجع للأول وقوله أو من العزوبة بالمهملة والزاي راجع للثاني من عزب عني فلان يعزب أي فمعناه أيضا تباعدي ح بزيادة ففيه ما في اخرجي أيضا من الاحتمالين
قوله ( يحتمل ردا ) أي ويصلح جوابا أيضا ولا يصلح سبا ولا شتما ح
قوله ( خلية ) بفتح الخاء المعجمة فعيلة بمعنى فاعلة أي خالية إما عن النكاح أو عن الخير ح أي فهو على الأول جواب وعلى الثاني سب وشتم ومثله ما يأتي
قوله ( برية ) بالهمزة وتركه أي منفصلة إما عن قيد النكاح أو حسن الخلق ح
قوله ( حرام ) من حرم الشيء بالضم حراما امتنع أريد بها هنا الوصف معناه الممنوع فيحمل على ما سبق وسيأتي وقوع البائن به بلا نية في زماننا للتعارف لا فرق في ذلك بين
____________________
(3/298)
محرمة وحرمتك سواء قال علي أو لا أو حلال المسلمين علي حرام وكل حل علي حرام وأنت معي في الحرام وفي قوله حرمت نفسي لا بد أن يقول عليك وأورد أنه إذا وقع الطلاق بهذه الألفاظ بلا نية ينبغي أن يكون كالصريح في أعقابه الرجعية
وأجيب بأن المتعارف إنما هو إيقاع البائن لا الرجعي حتى لو قال لم أنو لم يصدق ولو قال مرتين ونوى بالأولى واحدة وبالثانية ثلاثا صحت نيته عند الإمام وعليه الفتوى كما في البزازية
ح عن النهر
قلت لكن عبارة البزازية قال لامرأتيه أنتما علي حرام ونوى الثلاث في إحداهما والواحدة في الأخرى صحت نيته عند الإمام وعليه الفتوى
ثم اعلم أن ما ذكره من الإيراد والجواب مذكور في البزازية أيضا ومقتضى الجواب وقوع الرجعي به في زماننا لأنه لم يتعارف إيقاع البائن به فإن العامي الجاهل الذي يحلف بقوله علي الحرام لا أفعل كذا لا يميز بين البائن والرجعي فضلا عن أن يكون عرفه إيقاع البائن به وإنما المعروف عنده أن من حنث بهذا اليمين يقع عليه الطلاق مثل قوله علي الطلاق لا أفعل كذا وقد مر أن الوقوع بقوله علي الطلاق إنما هو للعرف لأنه في حكم التعليق وكذا علي الحرام وإلا فالأصل عدم الوقوع أصلا كما في طلاقك علي كما تقدم تقريره فحيث كان الوقوع بهذين اللفظين للعرف ينبغي أن يقع بهما المتعارف بلا فرق بينهما وإن الحرام في الأصل كناية يقع بها البائن لأنه لما غلب استعماله في الطلاق لم يبق كناية ولذا لم يتوقف على النية أو دلالة الحال ولا شيء من الكناية يقع به الطلاق بلا نية أو دلالة الحال كما صرح به في البدائع
ويدل على ذلك ما ذكره الرازي عقب قوله في الجواب المار إن المتعارف به إيقاع البائن لا الرجعي حيث قال ما نصه بخلاف فارسية قوله سرحتك وهو رهاء كردم لأنه صار صريحا في العرف على ما صرح به نجم الزاهدي الخوارزمي في شرح القدوري اه
وقد صرح البزازي أولا بأن حلال الله علي حلاام بالعربية أو الفارسية لا يحتاج إلى نية حيث قال ولو قال حلال أيزدبروي أو حلال الله عليه حرام لا حاجة إلى النية وهو الصحيح المفتى به للعرف وأنه يقع به البائن لأنه المتعارف ثم فرق بينه وبين سرحتك فإن سرحتك كناية لكنه في عرف الفرس غلب استعماله في الصريح فإذا قال رها كردم أي سرحتك يقع به الرجعي مع أن أصله كناية أيضا وما ذاك إلا لأنه غلب في عرف الناس استعماله في الطلاق وقد مر أن الصريح ما لم يستعمل إلا في الطلاق من أي لغة كانت لكن لما غلب استعمال حلال الله في البائن عند العرب والفرس وقع به البائن لولا ذلك لوقع به الرجعي
والحاصل أن المتأخرين خالفوا المتقدمين في وقوع البائن بالحرام بلا نية حتى لا يصدق إذا قال لم أنو لأجل العرف الحادث في زمان المتأخرين فيتوقف الآن وقوع البائن به على وجود العرف كما في زمانهم
وأما إذا تعورف استعماله في مجرد الطلاق لا بقيد كونه بائنا يتعين وقوع الرجعي به كما في فارسية سرحتك ومثله ما قدمناه في أول باب الصريح من وقوع الرجعي بقوله سن بوش أو بوش أو في لغة الترك مع أن معناه العربي أنت خلية وهو كناية لكنه غلب في لغة الترك استعماله في الطلاق هذا ما ظهر لفهمي القاصر ولم أر أحدا ذكره وهي مسألة مهمة كثيرة الوقوع فتأمل
ثم ظهر لي بعد مدة ما عسى يصلح جوابا وهو أن لفظ حرام معناه عدم حل لوطء ودواعيه وذلك يكون بالإيلاء مع بقاء العقد وهو غير متعارف ويكون بالطلاق الرافع للعقد وهو قسمان بائن ورجعي لكن الرجعي لا يحرم الوطء فتعين البائن وكونه التحق بالصريح للعرف
____________________
(3/299)
لا ينافي وقوع البائن به فإن الصريح قد يقع به البائن كتطليقة شديدة ونحوه كما أن بعض الكنايات قد يقع به الرجعي مثل اعتدي واستبرئي رحمك وأنت واحدة
والحاصل أنه لما تعورف به الطلاق صار منعها تحريم الزوجة وتحريمها لا يكون إلا بالبائن هذا غاية ما ظهر لي في هذا المقام وعليه فلا حاجة إلى ما أجاب به في البزازية من أن المتعارف به إيقاع البائن لما علمت مما يرد عليه والله سبحانه أعلم
قوله ( بائن ) من بان الشيء انفصل أي منفصلة من وصلة النكاح أو عن الخير ح
قوله ( كبتة ) من البت بمعنى القطع فيحتمل ما احتمله البائن وأوجب سيبويه فيه الألف واللام وأجاز الفراء إسقاطهما أو بتلة من البتل وهو الانقطاع وبه سميت مريم لانقطاعها عن الرجال وفاطمة الزهراء لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا ودينا وحسبا وقيل عن الدنيا إلى ربها وفيه من الاحتمال ما مر
ح من النهر
قوله ( يصلح سبا ) أي ويصلح جوابا أيضا ولا يصلح ردا ح
ومثله في النهر وابن الكمال والبدائع خلافا لما يظهر من البحر من أنه يصلح للرد أيضا
قوله ( اعتدي ) أمر بالاعتداد الذي هو من العدة أو من العد أي اعتدي نعمي عليك
بدائع
قوله ( واستبرئي ) أمر بتعرف براءة الرحم وهي طهارتها من الماء وأنه كناية عن الاعتداد الذي هو من العدة
ويحتمل استبرئي لأطلقك
بدائع
قوله ( أنت واحدة أي طالق تطليقة واحدة
ويحتمل أنت واحدة عندي أو في قومك مدحا أو ذما فإذا نوى الأول فكأنه قاله
مطلب لا عتبار بالإعراب هنا ولا اعتبار بإعراب الواحدة عند عامة المشايخ وهو الأصح لأن العوام لا يميزون بين وجوهه والخواص لا يلتزمونه في مخاطبتهم بل تلك صناعتهم والعرف لغتهم ولذا ترى أهل العلم في مجاري كلامهم لا يلتزمونه على أن الرفع لا ينافي الوقوع لاحتمال أن يريد أنت طلقة واحدة فجعلها نفس الطلقة مبالغة كرجل عدل لكن قد اعتبروا الإعراب في الإقرار فيما لو قال له علي درهم غير دانق رفعا ونصبا فيطلب الفرق وكأنه عملا بالاحتياط في البابين فتدبره
وتمامه في قوله ( النهر )
قوله ( أنت حرة ) أي لبراءتك من الرق أو من رق النكاح وأعتقتك مثل أنت حرة كما في الفتح وكذا كوني حرة أو اعتقي كما في البدائع
نهر
قوله ( اختاري أمرك بيدك ) كنايتان عن تفويض الطلاق أي اختاري نفسك بالفراق أو في عمل أو أمرك بيدك في الطلاق أو في تصرف آخر
وفي النهر عن الحواشي السعدية وهذا لا يناسب ذكره في هذا المقام ولقد وقع بسبب ذلك خطأ عظيم من بعض المفتين فزعم أنه يقع به الطلاق وأفتى به وحرم حلالا ونعوذ بالله من ذلك اه
وقد نبه عليه الشارح عنه قوله خلا اختاري ح
أي حيث ذكر أنه لا يقع بهما الطلاق ما لم تطلق المرأة نفسها أي مع نية الزوج تفويض الطلاق لها أو دلالة الحال من غضب أو مذاكرة كما يأتي في الباب الآتي ويعلم مما هنا
قوله ( سرحتك ) من السراح بفتح السين وهو الإرسال أي أرسلتك لأني طلقتك أو لحاجة لي وكذا فارقتك لأني طلقتك أو في هذا المنزل
نهر قوله ( لا يحتمل السب والرد ) أي بل معناه الجواب فقط ح أي جواب طلب الطلاق أي التطليق
فتح
قوله ( تأثيرا ) تمييز محول عن الفاعل أي يتوقف تأثير الأقسام الثلاثة على نية ط
قوله ( للاحتمال ) لما ذكرنا من أن كل واحد
____________________
(3/300)
من الألفاظ يحتمل الطلاق وغيره والحال لا تدل على أحدهما فيسأل عن نيته ويصدق في ذلك قضاء
بدائع
قال ط
فإن قلت إن ما يصلح جوابا ينبغي الوقوع به وإن لم تكن نية
قلت ليس المراد بكونه جوابا أنه جواب لتحصيل الطلاق بل هو جواب لكلامها بغير السئؤال أما إذا تكلمت بسؤال الطلاق فقد حصلت المذاكرة وفيها لا يتوقف على النية إلا الأول كما يأتي اه
قلت لكنه مخالف لما ذكرناه آنفا عن الفتح من تفسيره المحتمل للجواب بأنه جواب طلب الطلاق أي التطليق فالأولى الجواب عن الإيراد بأن يقال إن نحو اعتدى يتمحض للتطليق إجابة لسؤالها أنه إن كانت هناك سؤال الطلاق تمحض للتطليق ولا يلزم وجود سؤال الطلاق في جميع الحالات لأنه قد تكون الحالة حالة رضا فقط أو حالة غضب فقط بدون سؤال الطلاق ومع ذلك لا يخرج نحو اعتدي عن كونه متمحضا للجواب بمعنى أنه لو كان سؤال لتمحض جوابا له ولذا يقع بلا توقف على نية في حالة الغضب المجردة عن السؤال
تأمل
قوله ( بيمينه ) فاليمين لازمة له سواء ادعت الطلاق أم لا حقا لله تعالى
ط عن البحر
قوله ( فإن نكل ) أي عند القاضي لأن النكول عند غيره لا يعتبر ط
قوله ( توقف الأولان ) أي ما يصلح ردا وجوابا وما يصلح سبا وجوابا ولا يتوقف ما يتعين للجواب
بيان ذلك أن حالة الغضب تصلح للرد والتبعيد وللسب والشتم كما تصلح للطلاق وألفاظ الأولين يحتملان ذلك أيضا فصار الحال في نفسه محتملا للطلاق وغيره فإذا عنى به غيره فقد نوى ما يحتمله كلامه ولا يكذبه الظاهر فيصدق في القضاء بخلاف ألفاظ الأخير أي ما يتعين للجواب لأنها وإن احتملت الطلاق وغيره أيضا لكنها لما زال عنها احتمال الرد والتبعيد والسب والشتم اللذين احتملتهما حال الغضب تعينت الحال دالة على إرادة الطلاق فترجح جانب الطلاق في كلامه ظاهرا فلا يصدق في الصرف عن الظاهر فلذا وقع بها قضاء بلا توقف على النية كما في صريح الطلاق إذا نوى به الطلاق عن وثاق
قوله ( يتوقف الأول فقط ) أي ما يصلح للرد والجواب لأن حالة المذاكرة تصلح للرد والتبعيد كما تصلح للطلاق دون الشتم وألفاظ الأول كذلك فإذا نوى بها الرد لا الطلاق فقد نوى محتمل كلامه بلا مخالفة للظاهر فتوقف الوقوع على النية بخلاف ألفاظ الأخيرين فإنها وإن احتملت الطلاق لكنها لا تحتمل ما تحتمله المذاكرة من الرد والتبعيد فترجح جانب الطلاق فلا يصدق في الصرف عنه فلذا وقع بها قضاء بلا نية
والحاصل أن الأول يتوقف على النية في حالة الرضا والغضب والمذاكرة
والثاني في حالة الرضا والغضب فقط ويقع في حالة المذاكرة بلا نية والثالث يتوقف عليها في حالة الرضا فقط ويقع في حالة الغضب والمذاكرة بلا نية وقد نظمت ذلك بقولي نحو خرجي قومي ذهبي ردا يصح خلية برية سبا صلح وستبرئي عتدي جوابا قد حتم فالأول القصد له دوما لزم والثاني في الغضب والرضا نضبط لا الذكر والثالث في الرضا فقط ورسمتها في شباك لزيادة الإيضاح بهذه الصورة
____________________
(3/301)
رد وجواب سب وجواب جواب فقط اخرجي اذهبيخلية برية اعتدي استبرئي رضاتلزم النية تلزم النية تلزم النية غضبتلزم النية تلزم النية يقع بلا نية مذاكرة تلزم النية يقع بلا نية يقع بلا نية قوله ( لأن مع الدلالة ) اسم إن ضمير الشان محذوف
قوله ( لأنها ) أي الدلالة
قوله ( بينتها ) أي المرأة
قوله ( على الدلالة ) أي الغضب أو المذاكرة
قوله ( لا على النية ) أي لو برهنت فيما يتوقف على نية الطلاق على أنه نوى لا تقبل
قوله ( فلو السؤال بها يقع ) يعني إذا قال السائل قلت كذا هل يقع على الطلاق يقول المفتي نعم إن نويت ح
قوله ( ولو بكم يقع ) يعني لو قال السائل قلت كذا كم يقع على يقول له المفتي يقع واحدة ولا يتعرض لاشتراط النية يعني لا يقول له المفتي تقع واحدة إن نويت ح
قوله ( وتقع رجعية ) أي وإن نوى البائن ح
قوله ( بقوله اعتدي ) لأنه من باب الإضمار أي طلقتك فاعتدي أو اعتدي لأني طلقتك ففي المدخول بها يثبت الطلاق وتجب العدة وفي غيرها يثبت الطلاق عملا بنيته ولا تجب العدة كذا في التلويح وتمامه في النهر
قوله ( واستبرئي رحمك ) قدمنا عن البدائع أنه كناية عن الاعتداد من العدة فيقال فيه ما قلناه آنفا في اعتدي
قوله ( وأنت واحدة ) لأنه إذا نوى الطلاق صار لفظ والمصدر وإن احتمل نية الثلاث لكن التنصيص على الواحدة يمنع إرادة الثلاث
قوله ( في الأصح ) كذا صححه في الهداية وغيرها وقدمنا الكلام عليه
قوله ( فلا يرد الخ ) أي إذا علمت أن الضمير في باقيها عائد إلى الألفاظ المذكورة في المتن فلا يرد أن غيرها من ألفاظ الكنايات قد يقع به الرجعي من كل كناية كان فيها ذكر الطلاق لكن جعلها في البحر داخلة بالأولى تحت الألفاظ الثلاثة الواقع بها الرجعي لأن علة وقوع الرجعي بها وجود الطلاق مقتضى أو مضمرا فما ذكر فيها الطلاق يقع بها الرجعي بالأولى
قوله ( نحو أنا بريء من طلاقك ) أي يقع به الرجي إذا نوى
فتح
لكن في الجوهرة ولو قال أنا بريء من نكاحك وقع الطلاق إذا نواه وإن قال أنا بريء من طلاقك لا يقع شيء لأن البراءة من الشيء ترك له اه
وذكر في البزازية اختلاف التصحيح في برئت من طلاقك وجزم في الخانية بتصحيح عدم الوقوع به لكن قال في الفتح وفي الخلاصة اختلف في برئت من طلاقك والأوجه عندي أن يقع بائنا لأن حقيقة تبرئته منه تستلزم عجزه عن الإيقاع وهو بالبينونة بانقضاء العدة أو الثلاث أو عدم الإيقاع أصلا وبذلك صار كناية فإذا
____________________
(3/302)
أراد الأول وقع وصرف إلى إحدى البينونتين وهي التي دون الثلاث اه
قلت مقتضى هذا وقوع واحدة بائنة لأن الوقوع ليس بلفظ الصريح بل بلفظ برئت
تأمل
قوله ( وخليت سبيل طلاقك ) وكذا خليت طلاقك أو تركت طلاقك إن نوى وقع وإلا فلا
خانية
قوله ( بالتخفيف ) أي تخفيف اللام أما بالتشديد فهو صريح يقع به بلا نية كما مر في بابه
قوله ( وأنت أطلق من امرأة فلان ) فإن كان جوابا لقولها إن فلانا طلق امرأته وقع ولا يدين لأن دلالة الحال قائمة مقام النية حتى لو لم تكن قائمة لم يقع إلا بالنية
نهر في باب الصريح عن الخلاصة فليس من الصريح وإلا لم يتوقف على النية وعلله في الفتح بأن أفعل التفضيل ليس صريحا فافهم
قوله ( وهي مطلقة ) أي والحال أن امرأة فلان مطلقة وإلا فلا يقع وهذا القيد ذكره في البحر لكن في الفتح في أول باب الصريح أنه لا فرق بين كونها مطلقة أو لا
قال والمعنى عند عدم كونها مطلقة لأجل فلانة يعني أن من في قوله من امرأة فلان للتعليل
قوله ( وأنت ط ل ق ) قدمنا في باب الصريح عن الذخيرة بأن هذه الحروف يفهم منها ما هو المفهوم من صريح الكلام إلا أنها لا تستعمل كذلك فصارت كالكناية في الافتقار إلى النية
قوله ( وغير ذلك الخ ) مثل الطلاق عليك وهبتك طلاقك بعتك طلاقك إذا قالت اشتريت من غير بدل خذي طلاقك أقرضتك طلاقك قد شاء الله طلاقك أو قضاه أو شئت ففي الكل يقع بالنية رجعي كما في الفتح
زاد في البحر الطلاق لك أو عليك أنت طال بحذف الآخر لست لي بامرأة وما أنا لك بزوج أعرتك طلاقك ويصير الأمر بيدها على ما في المحيط اه
ومثله طلقك الله وهو الحق خلافا لمن قال لا تشترط له النية كما قدمه الشارح في باب الصريح لكن قدمنا هناك تصحيح عدم اشتراط النية في خذي طلاقك فهو من الصريح
وأما ما قيل من أن الصريح أيضا في الأصح أعرتك طلاقك ووهبته لك وشئت طلاقك فقدمنا تصحيح خلافه هناك فافهم وقدم الشارح هناك أن أنت طال إن بالكسر لا يتوقف على النية وإلا توقف وقدمنا الكلام عليه ثمة
وذكر في الفتح هناك لو قال أنت بثلاث وقعت ثلاث إن نوى لأنه محتمل لفظه ولو قال لم أنو لا يصدق إذا كان في حال مذاكرة الطلاق لأنه لا يحتمل الرد وإلا صدق
قوله ( خلا اختاري ) استثناء من قوله وبباقيها بالنظر إلى قوله الآتي وثلاث إن نواه ولو أخره بعده بأن يقول وثلاث إن نواه إلا في اختاري لكان أولى ط
قوله ( لا تصح فيه أيضا ) أي كما لا تصح نية الثلاث في الألفاظ الثلاثة السابقة
قوله ( ما لم تطلق المرأة نفسها ) أي مع نية الزوج الطلاق أو دلالة الحال لأن ذلك كناية إيقاع كما يأتي في الباب الآتي
قوله ( البائن ) بالرفع فاعل يقع في قوله ويقع بباقيها
قوله ( إن نواها ) أي نوى الواحدة وليس الضمير للبائن وأنثه لكونه بمعنى الطلقة لأن وقوع البائن لا يتوقف على نيته وقوله أو الثنتين عطف على الهاء
وحاصله أنه إذا نوى الواحدة أو الثنتين لا تقع إلا واحدة حتى لو طلق الحرة واحدة ثم أبانها ونوى ثنتين كانت واحدة ولو نوى الثلاث ووقعت لحصول البينونة في حقها بالثنتين وبالواحدة السابقة
بحر عن المحيط
وتقدم في باب الصريح أن ما في الجوهرة سهو وقدمنا الكلام عليه
قوله ( لما تقرر أن الطلاق مصدر ) فيه أن ألفاظ الكنايات سوى الثلاثة السابقة غير متضمنة للفظ الطلاق لأنها كناية عما هو أعم منه ومن حكمه لأنها لم يرد بها الطلاق أصلا
____________________
(3/303)
بل البينونة كما قدمناه أول الباب وإلا لكان الواقع بها رجعيا كالألفاظ الثلاثة والألفاظ المصرح فيها بذكره فالمناسب التعبير بالبينونة فإنها مصدر والمصدر من ألفاظ الوحدان لا يراعى فيها العدد المحض بل التوحيد وهو بالفردية الحقيقية أو الجنسية والمثنى بمعزل عنهما لأنه عدد محض
ثم رأيت صاحب الجوهرة عبر بالبينونة كما قلنا بدل الطلاق
وبما قررناه علم أنه ليس المراد بالمصدر نفس ألفاظ الكناية حتى يعترض عليه بأن نحو سرحتك فارقتك خلية برية لا مصدر فيها فافهم
قوله ( ولدا صح في الأمة الخ ) لأن الثنتين في حقها كل الجنس كالثلاث للحرة
قوله ( قال اعتدي ثلاثا ) أي قاله ثلاث مرات
قوله ( وبالباقي حيضا ) هذا إذا كان الخطاب مع من هي من ذوات الحيض فلو كانت آيسة أو صغيرة فقال أردت بالأول طلاقا وبالباقي تربصا بالأشهر كان حكمه كذلك
فتح قوله ( لنيته حقيقة كلامه ) وهو إرادته أمرها بالاعتداد بالحيض بعد الطلاق
قوله ( بنية الأول ) أي دلالة الحال بسبب نيته الإيقاع بالأول
قال في فتح القدير فقد ظهر مما ذكر أن حالة مذاكرة الطلاق لا تقتصر على السؤال وهو خلاف ما قدموه من أنها حال سؤالها أو سؤال أجنبي طلاقها بل هي أعم منه ومن مجرد ابتداء الإيقاع
قوله ( حتى ) تفريع على ما فهم من اعتبار دلالة الحال ط
قوله ( لو نوى بالثاني فقط ) أي نوى به الطلاق ولم ينو بغيره شيئا فثنتان أي يقع به واحدة وكذا بالثالث أخرى وإن لم ينو به لدلالة الحال بإيقاع الثاني ولا يقع بالأول شيء لأنه لم ينو به ودلالة الحال وجدت بعده
قوله ( أربعة وعشرون ) حاصلها أنه إما أن ينوي لكل طلاقا أو بالأولى طلاقا أو حيضا لا غير أو بالأوليين طلاقا لا غير أو بالأولى والثالثة كذلك أو بالثانية والثالثة طلاقا وبالأولى حيضا ففي هذه الستة تقع الثلاث أو بالثانية طلاقا لا غير أو بالأولى طلاقا وبالثانية حيضا لا غير أو بالأولى طلاقا وبالثالثة حيضا لا غير أو بالأخريين طلاقا لا غير أو بالأوليين حيضا لا غير أو بالأولى والثالثة حيضا لا غير أو بالأولى والثانية طلاقا وبالثانية حيضا أو بالأولى والثالثة طلاقا وبالثانية حيضا أو بالأولى والثانية حيضا وبالثالثة طلاقا أو بالأولى والثالثة حيضا وبالثانية طلاقا أو بالثانية حيضا لا غير
فهذه إحدى عشرة تقع فيها ثنتان أو بكل منها حيضا أو بالثالثة طلاقا أو حيضا لا غير أو بالثانية طلاقا وبالثالثة حيضا لا غير أو بالأخريين حيضا لا غير أو بالأولى طلاقا وبالثانية والثالثة حيضا وفي هذه الستة تقع واحدة والرابعة والعشرون أن لا ينوي بكل منها شيئا فلا يقع شيء والأصل أنه إذا نوى الطلاق بواحدة ثبتت مذاكرة الطلاق فإذا نوى بما بعدها الحيض صدق لظهور الأمر بالاعتداد بالحيض عقب الطلاق ولا يصدق في عدم نية شيء بما بعدها
وإذا لم ينو الطلاق بشيء صح وكذا كل ما قبل المنوي بها ونية الحيض بواحدة غير مسبوقة بواحدة ينوي بها الطلاق يقع بها الطلاق وتثبت حالة المذاكرة فيجري فيها الحكم المذكور بخلاف ما إذا كانت مسبوقة بواحدة أريد بها الطلاق حيث لا تقع بها الثانية كذا في النهر عن الفتح ح
قلت ولنبين هذا الفصل في بعض الصور المارة لزيادة التوضيح فإذا نوى بالأولى حيضا لا غير وقع الثلاث لأنه لما نوى بالأولى الحيض وقعت طلقة لأنها غير مسبوقة بإيقاع ولما نوى بالثانية والثالثة الحيض أيضا صحت
____________________
(3/304)
نيته لوقوع الأولى قبلهما وإذا نوى بالأولى طلاقا وبالثانية حيضا لا غير يقع ثنتان لأن نيته الحيض بالثانية صحيحة لسبقها بإيقاع الأولى ولما لم ينو بالثالثة شيئا وقع بها أخرى لثبوت المذاكرة بوقوع الأولى وإذا نوى بالكل حيضا تقع واحدة وهي الأولى لعدم سبقها بإيقاع وصحت نيته بالثانية والثالثة الحيض لسبق الإيقاع بواحدة قبلهما وعلى هذا القياس
قوله ( فواحدة ديانة ) لاحتمال قصده التأكيد كأنت طالق طالق
فتح
قوله ( وثلاث قضاء ) لأنه يكون ناويا بكل لفظ ثلث تطليقة وهو مما لا يتجزىء فيتكامل فيقع الثلاث
بحر عن المحيط
قال في الفتح والتأكيد خلاف الظاهر وعلمت أن المرأة كالقاضي لا يحل لها أن تمكنه إذا علمت منه ما ظاهر خلاف مدعاه اه
وفي البحر عن المحيط لو قال عنيت تطليقة تعتد بها ثلاث حيض يصدق لأنه محتمل والظاهر لا يكذبه اه
قلت ومثله في كافي الحاكم الشهيد
قوله ( فإن نوى واحدة ) أي بأن نوى باعتدي في الصور الثلاث الأمر بالعدة بالحيض دون الطلاق فيصدق لظهور الأمر فيه عقب الطلاق كما مر
قوله ( وقعتا ) وتكونان رجعيتين لأن اعتدي لا يقع به البائن كما علمت
قوله ( ففي الواو ثنتان ) وكذا في صورة عدم العطف أصلا لأنه في الصورتين يكون أمرا مستأنفا وكلاما مبتدأ وهو في حال مذاكرة الطلاق فيحمل على الطلاق
بحر عن المحيط
قوله ( قيل واحدة ) جزم به في المحيط على أنه المذهب معللا بأن الفاء للوصل أي فتفيد حمل الأمر على الاعتداد بالحيض
قوله ( وقيل ثنتان ) مشى عليه في الخانية ووجهه حمل الأمر على الطلاق للمذاكرة
قلت والأول أوجه
تأمل
قوله ( طلقها واحدة الخ ) عبارة الذخيرة وغيرها طلقها رجعية ثم قال في العدة جعلت هذه التطليقة بائنة أو ثلاثا صح عند أبي حنيفة وهي أحضر من عبارة المصنف وأظهر وقيد بقوله في العدة لأنه بعدها تصير المرأة أجنبية فلا يمكنه جعل طلاقها ثلاثا أو بائنا ولذا قيد الشارح بقوله بعد الدخول لأنه لو قبله لا يمكن جعلها ثلاثا لكونها بانت قبل الجعل لا إلى عدة وبقوله قبل الرجعة لأنه بعدها يبطل عمل الطلاق فيتعذر جعلها بائنة أو ثلاثا أيضا وإذا جعلها بائنة في العدة فالعدة من يوم إيقاع الرجعي كما ذكره في البزازية أي لا من يوم الجعل وقدمنا في أول باب الصريح من البدائع أن معنى جعل الواحدة ثلاثا أنه ألحق بها اثنتين لا أنه جعل الواحدة ثلاثا
تنبيه ذكر الطلاق بلا عدد فقيل له بعد ما سكت كم فقال ثلاثا وقع ثلاث عندهما خلافا لمحمد ولو لم يسأل وقال بعد ما سكت ثلاثا إن كان سكوته لانقطاع النفس تطلق ثلاثا لأنه مضطر له فلا يعد فاصلا وإلا فواحدة كما في البزازية
وفي الجوهرة قال أنت طالق فقيل له بعد ما سكت كم فقال ثلاث فعنده ثلاث
وفي الخانية ويحتمل أن هذا قول أبي حنيفة فإن عنده إذا طلق واحدة ثم قاله جعلتها ثلاثا تصير ثلاثا اه
ومن هنا يعلم حكم ما لو قيل للمطلق قل بالثلاث فقال بالثلاث أنه يقع بالأولى لأن الجعل فيه أظهر وفي البزازية قال لها أنت طالق واحدة فقالت هزار فقال هزار فعلى ما نوى وإلا فلا شيء اه
وهزار بالفارسية ألف ولا يخالف هذا ما فهمناه لأنها لم
____________________
(3/305)
تأمره أن يجعله ألفا وإنما تعرضت تعريضا محتملا وفيما نحن فيه أمر بأن يصيره ثلاثا فأجاب والجواب يتضمن ما في السؤال كذا بخط شيخ مشايخنا السائحاني
قلت والذي يظهر أن قولها له قل بالثلاث أمر بإلحاق العدد بأول كلامه فلا يحلق كما لو تكلم به بعد سكوته بلا طلب نعم لو قال لها أنت طالق فقالت طلقني بالثلاث فقال بالثلاث فإنه لا شبهة في كونه جعلا وإنشاء لأنه جواب للطلب والله أعلم
قوله ( فهو كما قال ) أي فهي ثلاث في الأول وثنتان في الثاني كما في الخانية والبزازية وعليه فيكون قد ألحق بالطلقة الأولى طلقتين في الأولى وطلقة في الثاني
قوله ( كما مر ) أي قبيل طلاق غير المدخول بها ح وقوله فتذكر أشار به إلى البحث السابق هناك مع صاحب البحر في مسألة التعاليق وقد علمت ما فيه
مطلب الصريح يلحق الصريح والبائن قوله ( الصريح يلحق الصريح ) كما لو قال لها أنا طالق ثم قال أنت طالق أو طلقها على مال وقع الثاني
بحر
فلا فرق في الصريح الثاني بين كون الواقع به رجعيا أو بائنا
قوله ( ويلحق البائن ) كما لو قال لها أنت بائن أو خالعها على مال ثم قال أنت طالق أو هذه طالق
بحر عن البزازية
ثم قال وإذا لحق الصريح البائن كان بائنا لأن البينونة السابقة عليه تمنع الرجعة كما في الخلاصة
وقال أيضا قيدنا الصريح اللاحق للبائن بكونه خاطبها به وأشار إليها للاحتراز عما إذا قال كل امرأة طالق فإنه لا يقع على المختلعة الخ وسيذكره الشارح في قوله ويستثنى ما في البزازية الخ
ويأتي الكلام فيه
قوله ( بشرط العدة ) هذا الشرط لا بد منه في جميع صور اللحاق فالأولى تأخيره عنها اه ح
قوله ( الصريح ما لا يحتاج إلى نية ) من هنا إلى قوله على المشهور كان الواجب ذكره قبل قوله والبائن يلحق الصريح لأن هذا كله من متعلقات الجملة الأولى أعني قوله الصريح يلحق الصريح والبائن ولأن المراد بالصريح في الجملة الثانية خصوص الرجعي كما تعرفه قريبا يعني أن المراد بالصريح هنا حقيقته لا نوع خاص منه وهو ما وقع به الرجعي فقط بل الأعم
وأما الكنايات الرواجع كاعتدي واستبرئي رحمك وأنت واحدة وما ألحق بها فإنها وإن كانت تلحق البائن في ظاهر الرواية بشرط النية لكنها لم وقع بها الرجعي كانت في معنى الصريح كما في البدائع أي فهي ملحقة بالصريح في حكم اللحاق للبائن
أفاده في البحر
وقال في المنح إن صحة هذه الألفاظ بالإضمار فإن معنى قوله أنت واحدة أنت طالق طلقة واحدة فيصير الحكم للصريح لكن لا بد من النية ليثبت هذا المضمر اه
فأفاد وجه كونها في حكم الصريح وهو كونه مضمرا فيها وأن الإيقاع إنما هو به لا بها نفسها لكن ثبوته مضمرا توقف على النية وبعد ثبوته بالنية لا يحتاج إلى نية
قال ح ولا يرد أنت علي حرام على المفتى به من عدم توقفه على النية مع أنه لا يلحق البائن ولا يلحقه البائن لكونه بائنا لما أن عدم توقفه على النية أمر عرض له لا بحسب أصل وضعه اه
قوله ( بائنا كان الواقع به أو رجعيا ) يؤيده ما قدمناه في أول فصل الصريح عن البدائع من أن الصريح نوعان صريح رجعي وصريح بائن وحينئذ
____________________
(3/306)
فيدخل فيه الطلاق الرجعي والطلاق على مال وكذا ما مر قبل فصل طلاق غير المدخول بها من ألفاظ الصريح الواقع بها البائن مثل أنت طالق بائن أو البتة أو أفحش الطلاق أو طلاق الشيطان أو طلقة طويلة أو عريضة الخ فهذا كله صريح لا يتوقف على النية ويقع به البائن ويلحق الصريح والبائن
قال في الخلاصة والصريح يلحق البائن وإن لم يكن رجعيا
هذا وفي المنصوري شرح المسعودي للراسخ المحقق أبي منصور السجستاني المختلعة يلحقها صريح الطلاق إذا كانت في العدة والكناية أيضا تلحقها إذا كانت في حكم الصريح كاعتدي الخ
ثم قال والكنايات والبوائن لا تلحقها أي المختلعة وإن كان الطلاق رجعيا يلحقها الكنايات لأن ملك النكاح باق
قال في عقد الفرائد هذا مؤيد لما في الفتح ومعنى العطف في قوله المنصوري والبوائن ما أوقع من البوائن لا بلفظ الكنايات فإنه يلغو ذكر البائن كما أطبقوا عليه اه
ونقله في النهر وأقره
أقول والصواب أن الواو في والبوائن زائدة من الناسخ وأن مراد المنصوري الكنايات البوائن المقابلة للكنايات الرجعية التي ذكرها قبله لما علمته من أن البوائن بغير لفظ الكناية من الصريح الذي يلحق البائن وإلا صار منافيا لكلام الفتح لا مؤيدا له فتدبر
قوله ( فمنه الخ ) أي إذا عرفت أن قوله الصريح يلحق والبائن المراد بالصريح فيه ما ذكر ظهر أن منه الطلاق الثلاث فيلحقهما أي يلحق الصريح والبائن فإذا أبان امرأته ثم طلقها ثلاثا في العدة وقع وهي واقعة حلب
قال في فتح القدير الحق أنه يلحقها لما سمعت من أن الصريح وإن كان بائنا يلحق البائن ومن أن المراد بالبائن الذي لا يلحق هو ما كان كناية اه
وتبعه تلميذه ابن الشحنة في عقد الفرائد وكذا صاحب البحر والنهر والمنح والمقدسي والشرنبلالي وغيرهم وهو صريح ما نقلناه آنفا عن الخلاصة وأيده صاحب الدرر والغرر كما نذكره قريبا خلافا لمن رجح عدم وقوع الثلاث فإنه خلاف المشهور كما يأتي
قوله ( وكذا الطلاق على مال ) أي أنه أيضا من الصريح وإن كان الواقع به بائنا
قوله ( والبائن ) بالنصب معطوف على قوله الرجعي
قوله ( ولايلزم المال ) أي إذا أبانها ثم طلقها في العدة على مال وقع الثاني أيضا ولا يلزمها المال لأن إعطاءه لتحصيل الخلاص المنجز وأنه حاصل كما في البحر عن البزازية أي بخلاف ما قبله فإنه إذا طلقها رجعيا توقف الخلاص على انقضاء العدة فإذا طلقها بعده بمال في العدة لزم المال لأنها بانت منه في الحال
قال في البحر ثم اعلم أن المال وإن لم يلزم أي في مسألتنا فلا بد في الوقوع من قبلوها لأن قوله أنت طالق على ألف تعليق طلاقها بالقبول فلا يقع بلا وجود الشرط كما في البزازية فالمعتبر فيه أي في الصريح هنا اللفظ أي كونه من ألفاظ الصريح وإن كان معناه أي الواقع به البائن والمراد باللفظ ما يشمل المضمر كما في الكنايات الرجعية كما مر
قوله ( على المشهور ) رد على ما ذكره بعضهم في واقعة حلب المذكورة آنفا من أنه لا يقع الثلاث لأنه بائن في المعنى والبائن لا يلحق البائن واعتبار المعنى أولى من اعتبار اللفظ وجعله الأصح المفتى به
أفاده المصنف
قلت وفي الحاوي الزاهدي عازيا إلى الأسرار لنجم الدين قال لها أنت بائن ثم قال في العدة أنت طالق ثلاثا لا يقع الثلاث عند أبي حنيفة لكون الثلاث بينونة غليظة في المعنى
وعندهما يقع لكونها في اللفظ صريحا
والأصح قوله لأن الاعتبار للمعنى دون اللفظ ثم عزا إلى شرح العيون مثله ثم عزا إلى كتاب آخر
قال محمد
____________________
(3/307)
لا يقع الثلاث والفتوى على قوله
ثم قال وفي فصول الأسروشني مثله اه
وقد تكفل برده المصنف في المنح ونقله عنه في الشرنبلالية وأقره
وقد تكرر أن الزاهدي ينقل الروايات الضعيفة فلا يتابع فيما ينفرد به وقد وجد النقل عن الخلاصة والبزازية وغيرهما بما يخالفه كما قدمناه
وقد استدل في الدرر واليعقوبية على خلافه أيضا كما نذكره قريبا ويكفينا قدوة ما ذكره في فتح القدير وتابعه عليه من بعده كما قدمناه فلذا اعتمده الشارح وجعله المشهور ومما يدل عليه قطعا أنه لو طلقها ثم خلعها ثم قال في عدة الخلع أنت طالق فهذا صريح لفظا بائن معنى وهو واقع قطعا فقد استدلوا على لحوق الصريح البائن لقوله تعالى { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } سورة البقرة الآية 229 يعني الخلع ثم قال تعالى { فإن طلقها فلا تحل له من بعد } سورة البقرة الآية 230 الخ والفاء للتعقيب
قال في الفتح فهو نص على وقوع الثالثة بعد الخلع اه
ومثله في الدرر عن التلويح
وفي حواشي الخير الرملي قال في مشتمل الأحكام والبائن لا يلحق البائن يعني البائن اللفظي أما البائن المعنوي يلحق اللفظي مثل الثلاث من المبسوط اه
قوله ( لا يلحق البائن البائن ) المراد بالبائن الذي لا يلحق هو ما كان بلفظ الكناية لأنه هو الذي ليس ظاهرا في إنشاء الطلاق كذا في الفتح
وقيد بقوله الذي لا يلحق إشارة إلى أن البائن الموقع أولا أعم من كونه بلفظ الكناية أو بلفظ الصريح المفيد للبينونة كالطلاق على مال وحينئذ فيكون المراد بالصريح في الجملة الثانية أعني قولهم والبائن يلحق الصريح لا البائن هو الصريح الرجعي فقط دون الصريح البائن وبه ظهر أن ما نقله الشارح أولا عن الفتح من أن الصريح ما لا يحتاج إلى نية بائنا كان الواقع به أو رجعيا خاص بالصريح في الجملة الأولى أعني قولهم الصريح يلحق الصريح والبائن كما دل عليه كلام الفتح الذي ذكرناه هنا ويدل عليه أيضا أمور منها ما أطبقوا عليه من تعليلهم عدم لحوق البائن البائن بإمكان جعل الثاني خبرا عن الأول ولا يخفى أن ذلك شامل لما إذا كان البائن الأول بلفظ الكناية أو بلفظ الصريح
ومنها ما في الكافي للحاكم الشهيد الذي هو جمع كلام محمد في كتبه ظاهر الرواية حيث قال وإذا طلقها تطليقة بائنة ثم قال لها في عدتها أنت علي حرام أو خلية أو برية أو بائن أو بتة أو شبه ذلك وهو يريد به الطلاق لم يقع عليها شيء لأنه صادق في قوله هي علي حرام وهي مني بائن اه أي لأنه يمكن جعل الثاني خبرا عن الأول وظاهر قوله طلقها تطليقة بائنة أن المراد به الصريح البائن بقرينة مقابلته له بألفاظ الكناية
تأمل
ومنها قول الزيلعي أما كون البائن يلحق الصريح فظاهر لأن القيد الحكمي باق من كل وجه لبقاء الاستمتاع اه
فهذا صريح في أن المراد بالصريح في الجملة الثانية هو الصريح الرجعي إذ لا يخفى أن بقاء النكاح من كل وجه وبقاء الاستمتاع لا يكون بعد الصريح البائن
ومنها ما قدمناه من قول المنصوري وإن كان الطلاق رجعيا يلحقها الكنايات لأن ملك النكاح باق فتقييده بالرجعي دليل على أن الصريح البائن لا يلحقه الكنايات وكذا تعليله دليل على ذلك
ومنها ما في التاترخانية قبيل الفصل السادس ولو طلقها على مال أو خلعها بعد الطلاق الرجعي يصح ولو طلقها بمال ثم خلعها في العدة لا يصح اه
فانظر كيف فرق بين الرجعي والصريح البائن وهو الطلاق على مال حيث جعل الخلع واقعا بعد الأول لا بعد
____________________
(3/308)
الثاني فهذا صريح فيما قلناه من أن المراد بالصريح هنا الرجعي فقط وبالبائن الأول ما يشمل البائن الصريح
ومنها فرعان ذكرهما في البحر الأول ما في القنية عن الأوزجندي طلقها على ألف فقبلت ثم قال في عدتها أنت بائن لا يقع اه
والثاني ما في الخلاصة من الجنس السادس من الخلع لو طلقها بمال ثم خلعها في العدة لم يصح اه
فهذا أيضا صريح فيما قلناه وبه سقط مال في البحر وتبعه في النهر من استشكاله الفرعين بناء على فهمه أن المراد بالصريح ما يشمل الصريح البائن
قال وقد جعلوا الطلاق على مال من قبيل الصريح وقالوا إن البائن يلحق الصريح فينبغي الوقوع في الفرع الأول وصحة الخلع في الفرع الثاني
ثم قال في البحر ولا مخلص إلا بكون المراد بعدم صحة الخلع عدم لزوم المال والدليل عليه أن صاحب الخلاصة صرح في عكسه وهو ما إذا طلقها بمال بعد الخلع أنه يقع ولا يجب المال ولا فرق بينهما كما لا يخفى اه
أقول وهذا عجيب من مثله أما أولا فلأن المراد بالصريح في الجملة الثانية هو الرجعي فقط بخلاف الصريح في الجملة الأولى كما دل عليه ما ذكرناه من تعليلاتهم وفروعهم وعليه فلا إشكال في الفرعين أصلا بل هما دليلان على ما قلناه وأما الثانية فلأن ما ذكره من المخلص بعيد جدا بل المخلص ما قلناه وأما ثالثا فلأن دعواه عدم الفرق بين هذا الفرع وعكسه كما لا يخفى في غاية الخفاء للفرق الواضح بينهما لأنه إذا طلقها بمال بعد الخلع إنما لا يجب المال لأن إعطاء المال لتحصيل الخلاص المنجز وأنه حاصل كما قدمنا بيانه
أما إذا طلقها على مال قبل الخلع فلا وجه لسقوط المال لأن الطلاق بدونه لا يحصل به الخلاص المنجز بل يتوقف إلى انقضاء العدة فقد حصل بالمال ما هو المطلوب به ولا يبطل بالخلع العارض بعده بعد تحقق المطلوب به بل يبطل الخلع نفسه لأن الخلاص المنجز حاصل قبله فلا يفيد
هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المقام الذي زلت فيه أقدام الأفهام فاغتنمه فإنه من جملة ما اختص به هذا الكتاب بعون الملك الوهاب
ثم رأيت في الحواشي اليعقوبية على صدر الشريعة ما نصه وأيضا قولهم والبائن الغير الصريح يلحق الصريح ينبغي أن لا يكون على إطلاقه لأنه لا يلحق الصريح البائن لاحتمال الخبرية عن الأول كما لا يخفى إلا أن يدعي الفرق بين البائنين فلا يصح الخبر بأحدهما عن الآخر اه
وهذا عين ما فهمته بحد الله تعالى من أن المراد بالصريح في الجملة الثانية الصريح الرجعي فقط وقوله إلا أن يدعي الفرق الخ قد علمت مما قررناه أولا عدم الفرق فإنه لا شبهة فيه لذي فهم والله سبحانه أعلم
قوله ( إذا أمكن الخ ) قيد في عدم لحاق البائن البائن ومحترزه ما أفاده بقوله بخلاف أبنتك بأخرى الخ ط
قال في البحر وينبغي أنه إذا أبانها ثم قال لها أنت بائن ناويا طلقة ثانية أو تقع للثانية بنيته لأنه ينبته لا يصلح خبرا فهو كما لو قال أبنتك بأخرى إلا أن يقال إن الوقوع إنما هو بلفظ صالح له وهو أخرى بخلاف مجرد النية اه
وفيه أن اللفظ الثاني صالح ولو أبدل صالح بمعين له لكن أظهر ط
أقول ويدفع البحث من أصله تعبيرهم بالإمكان وبأنه لا حاجة إلى جعله إنشاء متى أمكن جعله خبرا عن الأول لأنه صادق بقوله أنت بائن على أن البائن لا يقع إلا بالنية فقولهم البائن لا يلحق البائن لا شك أن المراد به البائن المنوي إذ غير المنوي لا يقع به شيء أصلا ولم يشترطوا أن ينوي به الطلاق الأول
فعلم أن قولهم إذا أمكن الخ احتراز عما إذا لم يمكن جعله خبرا كما في أبنتك بأخرى لا عما إذا نوى به طلاقا
____________________
(3/309)
آخر فتدبر
وأما اعتدي اعتدي فإنه ملحق بالصريح كما تقدم فلا ينافي ما هنا حيث أوقعوا به مكررا
تأمل
قوله ( كأنت بائن بائن ) كذا في بعض النسخ مكررا وفي بعضها كأنت بائن بدون تكرار وهو الأصوب لأن المقصو التمثيل لإيقاع البائن على المبانة ولأنه كما قال ط ليس المراد الإخبار النحوي بل الإخبار عما صدر أولا ولأنه يوهم أن يلزم كونه في مجلس واحد وهو غير لازم اه
قوله ( أو أبنتك بتطليقة ) عطف على بائن الثانية أي أنت بائن أبنتك بتطليقة اه ح
وأشار به إلى أنه لا يشترط اتحاد اللفظين فشمل ما إذا كان الأول بلفظ الكناية البائنة أو الخلع أو الطلاق الصريح إذا كان على مال أو موصوفا بمعنى ينبىء عن البينونة كما علم مما قدمناه بعد كون الثاني بلفظ الكناية البائنة كالخلع ونحوه مما يتوقف على النية ولو باعتبار الأصل كأنت حرام بخلاف الكناية الرجعية فإنها في حكم الصريح فتلحق البائن كما مر
قوله ( فلا يقع ) أي وإن نوى لما في البحر عن الحاوي ولا يقع بكنايات الطلاق شيء وإن نوى اه
قوله ( لأنه إخبار ) أي يجعل إخبارا لأنه أمكن ذلك
قوله ( بخلاف أبنتك بأخرى ) أي لو أبانها أولا ثم قال في العدة أبنتك بأخرى وقع لأن لفظ أخرى مناف لإمكان الإخبار بالثاني عن الأول
قوله ( أو أنت طالق بائن ) لأن وقوعه بأنت طالق وهو صريح ويلغو قوله بائن لعدم الحاجة إليه لأن الصريح بعد البائن بائن كذا في شرح المنار لصاحب البحر وهو إشارة إلى ما ذكره البحر عن الذخيرة من الفرق بين هذا وبين قوله للمبانة أبنتك بتطليقة وهو أنه إذا ألغينا بائنا يبقى قوله طالق وبه يقع ولو ألغينا أبنتك يبقى قوله بتطليقة وهو غير مفيد اه
قلت لكن يشكل عليه ما قطعناه في باب طلاق غير المدخول بها أن الطلاق متى قيد بعدد أو وصف أو مصدر فالوقوع بالقيد حتى لو قال أنت طالق وماتت قبل قوله ثلاثا أو بائن لم يقع فهذا ينافي ما أطبقوا عليه من إلغاء الوصف هنا إلا أن يجاب بأن اعتبار الوقوع به هنا لا يصح لسبق البينونة قبله لوقوع البائن بالصريح هنا وإن لم يوصف فتعين إلغاء الوصف كما علمت آنفا
وبقي إشكال آخر مذكور مع جوابه في البحر
قوله ( أو قال نويت ) أي بالبائن الثاني البينونة الكبرى أي الحرمة الغليظة وهي التي لا حل بعدها إلا بنكاح زوج آخر وهذا هو المعتمد كما في البحر وقيل لا يقع لأن التغليظ صفة البينونة فإذا ألغت النية في أصل البينونة لكونها حاصلة لغت في إثبات وصف التغليظ
محيط
وهذا صريح في إلغاء نية البينونة ومثله ما قدمناه آنفا عن الحاوي فلا تصح نية بينونة أخرى خلافا لما بحثه في البحر كما مر
قال في الدرر أقول وهذا يدل قطعا على أنه إذا أبانها ثم قال في العدة أنت طالق ثلاثا يقع الثلاث لأن الحرمة الغليظة إذا ثبتت بمجرد النية بلا ذكر الثلاث لعدم ثبوتها في المحل فلأن تثبت إذا صرح بالثلاث أولى وتمامه فيه ونحوه في اليعقوبية
قوله ( لتعذر الخ ) علة لقوله بخلاف الخ
قوله ( ولذا ) أي لتعذر حمله على الإخبار
قوله ( إلا إذا كان البائن معلقا الخ )
يشمل ما إذا آلى من زوجته ثم أبانها قبل مضي أربعة أشهر ثم مضت قبل أن يقربها وهي في العدة فإنه يقع خلافا لزفر بحر
قوله ( قبل إيجاد المنجز ) سيذكر الشارح محترز القبلية وتنجيز الثاني غير قيد بل لو علقه جعل وقوع المعلق الأول فكذلك كما يذكره أيضا
قوله ( ناويا ) لأنه كناية فلا بد له من نية
قوله ( لأنه لا يصلح إخبارا ) أي لأن التعليق قبل فلا يصح إخبارا عنه وكذا الإضافة ح
وأعاد التعليل وإن علم من قوله
____________________
(3/310)
سابقا ولذا وقع المعلق لطول الفصل فافهم
قوله ( ومثله المضاف ) الأولى ومثال المضاف لأن المماثلة في الحكم فهمت من قوله سابقا أو مضافا ط
قوله ( وفي البحر الخ ) مراده بهذا النقل الاستدلال على قوله ناويا ح
قوله ( فيفتقر للنية ) أي أو المذاكرة
قوله ( ولو قال إن دخلت ) بيان لما إذا كانا معلقين كما في البحر قوله ( ثم دخلت وبانت ) أشار بالعطف بثم إلى أنه لا بد من كون التعليق الثاني قبل وجود شرط الأول
لأنها لو دخلت وبانت ثم قال إن كلمت زيدا فكلمته لا يقع لأن الأول لما وجد شرطه قبل تعليق الثاني صار منجزا والمعلق لا يلحق إلا إذا كان التعليق قبل إيجاد المنجز كما علمته من كلام المتن لأن قوله ثانيا فأنت بائن صادق بثبوت البينونة أولا فيصلح كون الثاني خبرا عن الأول وبه سقط ما قيل إن كلامه شامل لكون التعليق الثاني بعد وجود الشرط الأول أو قبله وكذا سقط قول هذا القائل إن تعذر جعله إخبارا عن الأول موجود في المعلق والمضاف سواء كان التعليق أو الإضافة قبل التنجيز أو بعده فينبغي عدم الفرق وإن اتفقت كلمتهم على اشتراط كونه قبل إيجاد المنجز اه
إذ لا يخفى أن التعليق بعد إيجاد المنجز يصلح كون المعلق فيه وهو البينونة الثانية خبرا عن المنجز الثابت أولا بخلاف ما قبله فالوجه ما قالوه دون ما قبله فتدبر
قوله ( ثم كلمت ) فلو عكست أي بأن كلمته أولا ثم دخلت فالظاهر أن الحكم كذلك لوجود العلة لأن كلا من تعليقه لا يصلح إخبارا عن الآخر لعدم كونها طالقا عند كل من التعليقين اه ح
قوله ( وفي البزازية الخ ) لا فرق بينه وبين ما في الذخيرة إلا في لفظ البائن والحرام
وفي إفادة أنه يقع بأيهما سبق من قوله ففعل أحدهما وهذا مؤيد لما بحثه المحشي
أفاده ط
قوله ( وكذا لو فعل الثاني ) أراد بالثاني الآخر لا الترتيب بدليل قوله أحدهما ح
قوله ( قيد بالقبلية ) أي بقوله في المتن قبل المنجز البائن
قوله ( لم يصح ) لأنه يمكن جعله خبرا عن الأول المنجز كما قلنا
قوله ( ويستثنى الخ ) أي من قولهم الصريح يلحق البائن وأنت خبير بأنه لم يقع الطلاق في هاتين الصورتين لعدم تناول لفظ المرأة معتدة البائن حتى لو لم يذكر لفظ المرأة وقع
قال في النهر وفي المنصوري شرح المسعودي المختلعة يلحقها صريح الطلاق إذا كانت في العدة اه ح
مطلب المختلعة والمبانة ليست امرأة من كل وجه وحاصله أن عدم الوقوع لكونها ليست امرأة له من كل وجه بل تسمى مختلعة ومبانته وإن كان أثر النكاح وهو العدة باقيا حتى لحقها الصريح إذا أضافه إليها بخطاب أو إشارة وكذا لو نواها بالطلاق كما صرح به في كافي الحاكم ومثله في الذخيرة حيث قال كل امرأة لي لا تدخل المبانة بالخلع والإيلاء إلا أن يعينها أي فعند عدم النية صارت في حكم الأجنبية فلا تسمى امرأته ولذا قال في حاوي الزاهدي قال لامرأته أنت طالق واحدة ثم قال إن كنت امرأة لي فأنت طالق ثلاثا إن كان الطلاق الأول بائنا لا يقع الثاني وإن كان رجعيا يقع الثاني اه
لكن يشكل على هذا ما في تعليق البحر عن المحيط لو حلف لا تخرج امرأته من هذه الدار فطلقها وانقضت عدتها وخرجت
____________________
(3/311)
يحنث وكذا لو قال إن قبلت امرأتي فعبدي حر فقبلها بعد البينونة لأن الإضافة للتعريف لا للتقييد اه أي لتعيين ذات المحلوف عليها لا بقيد كونها امرأة له فإذا كان لفظ المرأة شاملا لها بعد البينونة وانقضاء العدة ففي حال بقاء العدة كما في مسألتنا بالأولى
وقد يجاب بأن المعتبر في المعلق حالة التعليق لا حالة وجود الشرط وهي في حالة التعليق كانت امرأة له من كل وجه ولذا وقع البائن المعلق قبل وجود البائن المنجز كما مر وسنذكر تحقيق المسألة إن شاء الله تعالى في التعليق عند قوله وزوال الملك لا يبطل اليمين
قوله ( ويضبط الكل ) بضم الباء وكسرها والمراد بالكل صور اللحاق والمستثنى منها ط
قوله ( ما قيل ) البيت الأول لوالد شيخ الإسلام عبد البر شارح النظم الوهباني كما في المنح والبيت الثاني لصاحب النهر ح
قوله ( كلا أجز ) أي أجز كلا من وقوع الصريح والبائن بعد الصريح والبائن ح
ولا يخفى ما في قوله كلا من الإبهام
نهر
وفي كثير من نسخ الشرح لحوقا بدل كلا ولا يستقيم معه الوزن
قوله ( لا بائنا ) عطف على كلا ومع بسكون العين للوزن بمعنى بعد كما في قوله تعالى { إن مع العسر يسرا } سورة الشرح الآية 6 نعت لقوله بائنا أي لا تجز بائنا كائنا بعد مثله وهذا العطف كالاستثناء في المعنى كأنه قال كلا أجز إلا بائنا بعد مثله وقوله إلا إذا علقته من قبله استثناء من العطف الذي هو بمنزلة الاستثناء أي لا تجز بائنا إلا إذا علقت البائن الواقع بعد المثل قبل المثل فضمير علقته للبائن الأول وضمير قبله للمثل الذي هو البائن الثاني اه ح
والتعبير بالمثل مشعر بإخراج البينونة الكبرى ولا يخفى ما في البيت من التعقيد والأوضح ما قيل صريح طلاق لمرء يلحق مثله ويلحق أيضا بائنا كان قبله كذا عكسه لا بائن بعد بائن سوى بائن قد كان علق قبله قوله ( إلا بكل امرأة ) استثناء ثان من قوله كلا أجز فإنه بعد إخراج البائن بعد البائن منه بقي البائن بعد الصريح والصريح بعد الصريح والصريح بعد البائن فاستثنى منه باعتبار هذا الأخير ما في البزازية من قوله كل امرأة لي طالق وكان له مختلعة فإنه صريح لحق بائنا ولم يقع لما قدمنا
وباء بكل بمعنى في وكل بالضم على الحكاية والواو في قوله وقد خلع للحال والحق مبني للفاعل معطوف على خلع وبعد مبني على الضم لقطعه عن الإضافة ونية معناها وهو ظرف لا لحق أي والحق الصريح بعد الخلع ح
قوله ( كل فرقة الخ ) أفاد به أن قوله والصريح يلحق الصريح الخ إنما هو في الطلاق لا الفسخ
هذا ويرد على الكلية الأولى إباء أحدهما عن الإسلام وارتداد أحدهما وعلى الثانية الفرقة كاللعان كما يأتي بيانه
قوله ( كإسلام ) أي إسلام الزوج لو امرأته مجوسية أبت الإسلام أو إسلام زوجة حربي هاجرت إلينا دونه كذا بخط السائحاني
وذكر في الفتح أول كتاب الطلاق إذا سبي أحد الزوجين لا يقع طلاقه عليها وكذا لو هاجر أحدهما مسلما أو ذميا أو خرجا مستأمنين فأسلم أحدهما أو صار ذميا فهي امرأته حتى تحيض ثلاث حيض فتقع الفرقة بلا طلاق فلا يقع عليها طلاقه ثم قال إذا أسلم أحد الزوجين الذميين وفرق بينهما بإباء الآخر فإنه يقع عليها طلاقه وإن
____________________
(3/312)
كانت هي الآبية أي وإن كانت مجوسية
قال وبه ينتقض ما قيل إذا أسلم أحد الزوجين لم يقع عليه طلاقه اه
قلت وهو رد على ما في البزازية إذا أسلم أحد الزوجين لا يقع على الآخر وتبعه الشارح لكن ذكر الخير الرملي أن موضوع ما في البزازية في طلاق أهل الحرب
قلت وعليه فكان لفظ أسلم محرف عن سبي
تأمل
ومسألة الإباء واردة على المصنف لأنها فسخ ولحق فيها الطلاق
قوله ( وردة مع لحاق ) أي إذا ارتد ولحق بدار الحرب فطلق امرأته لا يقع وإن عاد مسلما فطلقها في العدة يقع والمرتدة إذا لحقت فطلقها زوجها ثم عادت مسلمة قبل الحيض فعنده لا يقع وعندهما يقع
خانية وقيد باللحاق إذ بدونه يقع لأن الحرمة غير متأبدة فإنها ترتفع بالإسلام
فتح ومر تمامه في باب نكاح الكافر
وفي الذخيرة ولو ارتدت المرأة ولم تلحق وطلقها في العدة وقع لا لو خالعها لأنها بالارتداد بانت والمبانة يلحقها صريح الطلاق لا الخلع اه
ولا يخفى أن الفرقة بالردة فسخ ولو بدون لحاق فهي واردة على المصنف
قوله ( وخيار بلوغ وعتق ) وكذا الفرقة بحرمة المصاهرة كتقبيل ابن الزوج لأنها حرمة مؤبدة فلا يفيد الطلاق فائدته كما في الفتح أول الطلاق وصرح في موضع آخر بأنه لا يقع في الفرقة باللعان لأنه حرمة مؤبدة أيضا
قلت ومثله الفرقة بالرضاع وصرح أيضا بعدم اللحاق في الفسخ بعدم الكفاءة ونقصان المهر
وذكر في الذخيرة أيضا عدم اللحاق في ملكها زوجها وقد طلقها قبل أن تبيعه أو تعتقه لا لو أخرجته عن ملكها وهي في العدة فإنه يقع لأنه ما دام عبدا لها لا نفقة عليه لها ولا سكنى فلا يقع طلاقه عليها بخلاف ما إذا باعته أو أعتقته فيقع
قوله ( مطلقا ) أي صريحا أو كناية ح
ويفيده ما بعده
قوله ( وكل فرقة هي طلاق ) كالفرقة في الإيلاء واللعان والجب والعنة وتقدم في باب المهر نظما بيان الفرق وبيان ما يكون منها فسخا وما يكون طلاقا
وما يتوقف منها على قضاء القاضي وما لا يتوقف وصرح في الذخيرة بأن معتدة اللعان يلحقها الطلاق وهو خلاف ما قدمناه آنفا عن الفتح مع أن الفرقة باللعان طلاق لا فسخ لكن تعليله بأنها حرمة مؤبدة يرجح ما قاله لكن سيأتي في بابه أنها حرمة مؤبدة ما داما أهلا للعان فإذا خرجا عن أهلية اللعان أو أحدهما له أن ينكحها وكذا لو أكذب نفسه حد وله أن ينكحها
تأمل
قوله ( على نحو ما بينا ) أي من قوله الصريح يلحق الصريح الخ ح
قوله ( إنما يلحق الطلاق لمعتدة الطلاق الخ ) اعترضه في أول طلاق الفتح بأنه غير حاصر لأن العدة قد تتحقق بدون الطلاق والوطء كما لو عرض الفسخ بخيار بعد مجرد الخلوة إلا أن يجاب بأن الخلوة ملحقة بالوطء ثم يقتضي أن عدة الفسخ لا يقع فيها طلاق مع أنه منقوض بما إذا أسلم أحدهما وأبت عن الإسلام فإنه يقع طلاقه عليها مع أن الفرقة فيها فسخ وبما إذا ارتد أحدهما فإنه يقع طلاقه مع أن الفرقة بردته فسخ خلافا لأبي يوسف وكذا بردتها إجماعا اه
وهذا النقض وارد أيضا على عبارة المتن كما قدمناه
فصار الحاصل أن الطلاق يلحق في عدة فرقة عن طلاق أو إباء أو ردة بدون لحاق بدار الحرب ونظمت ذلك بقولي ويلحق الطلاق فرقة الطلاق أو الإبا أو ردة بلا لحاق
____________________
(3/313)
وهو أحسن من قول المقدسي في عدة عن الطلاق يلحق أو ردة أو بلإباء يفرق قوله ( أما المعتدة للوطء فلا يلحقها ) مثاله لو طلقها بائنا أو خالعها ثم بعد مضي حيضتين من عدتها مثلا وطئها عالما بالحرمة فلزمها عدة ثانية وتداخلتا فإذا حاضت الثالثة فهي منهما ولزمها حيضتان أيضا لاكمال الثانية فلو طلقها في الحيضتين الأخيرتين لا يقع لأنها عدة وطء لا طلاق
أفاده في الذخيرة
قوله ( ثم رقم ) أي رمز عازيا إلى كتاب آخر لأن عادته ذكر حروف اصطلح عليها يرمز بها إلى أسماء الكتب
قوله ( إن نوى طلقت ) لعل وجهه أن قوله زوجتك امرأتي فلانة يحتمل أن يكون على تقدير إن صح تزويجها منك أو تقدير لأنها طالق مني فإذا نوى الطلاق تعين الثاني فتطلق
قوله ( تقع واحدة بلا نية ) لأن تزوجي قرينة فإن نوى الثلاث فثلاث
بزازية
ويخالفه ما في شرح الجامع الصغير لقاضيخان ولو قال اذهبي فتزوجي وقال لم أنو الطلاق لا يقع شيء لأن معناه أن أمكنك اه
إلا أن يفرق بين الواو والفاء وهو بعيد هنا
بحر
على أن تزوجي كناية مثل اذهبي فيحتاج إلى النية فمن أين صار قرينة على إرادة الطلاق باذهبي مع أنه مذكور بعده والقرينة لا بد أن تتقدم كما يعلم مما مر في اعتدى ثلاثا فالأوجه ما في شرح الجامع ولا فرق بين الواو والفاء ويؤيده ما في الذخيرة اذهبي وتزوجي لا يقع إلا بالنية وإن نوى فهي واحدة بائنة وإن نوى الثلاث فثلاث
قوله ( وافلحي ) في البدائع قال محمد قال لها افلحي يريد الطلاق يقع لأنه بمعنى اذهبي تقول العرب أفلح بخير أي ذهب بخير ويحتمل اظفري بمرادك يقال أفلح الرجل إذا ظفر بمراده
بحر
قوله ( وأنت علي كالميتة ) أي يقع إن نوى والمراد التشبيه بما هو محرم العين كالخمر والخنزير والميتة فالحكم فيه كالحكم في أنت علي حرام بخلاف ما لو قال أنت علي كمتاع فلان فلا يقع وإن نوى
أفاده في الذخيرة أي لأن متاع فلان ليس محرم العين وجعله كأنت علي حرام مبني على مذهب المتقدمين من توقع الوقوع به على النية
قوله ( لأنه تشبيه بالسرعة ) الأولى في السرعة كأنه قال أنت حرام سريعا كسرعة الماء في جريه وقد مر أن أنت حرام ملحق بالصريح فلا يحتاج إلى نية فلعل هذا مبني على غير المفتى به ط
قلت وهو المتعين قوله ( ما لم يقل خذي أي طريق شئت ) أي فإن نوى ثلاث في رواية أسد عن محمد
وقال ابن سلام أخاف أن يقع ثلاث لمعاني كلام الناس كأنه يريد أن مراد الناس بمثله اسلكي الطريق الأربع وإلا فاللفظ إنما يعطي الأمر بسلوك أحدها والأوجه أن تقع واحدة بائنة
فتح
والله سبحانه أعلم
باب تفويض الطلاق أي تفويضه للزوجة أو غيرها صريحا كان التفويض أو كناية يقال فوض له الأمر أي رد إليه
حموي
فالكناية قوله اختاري أو أمرك بيدك والصريح قوله طلقي نفسك
أبو السعود
قوله ( بنوعيه ) أي الصريح والكناية ح
قوله ( وأنواعه ) الضمير عائد إلى ما يوقعه الغير لا للتفويض وإلا يلزم تقسيم الشيء إلى نفسه وإلى
____________________
(3/314)
غيره
أبو السعود
قوله ( تفويض وتوكيل ) المراد بالتفويض تمليك الطلاق كما يأتي
وذكر في الفتح في فصل المشيئة أن صاحب الهداية جعل مناط الفرق بين التمليك والتوكيل مرة بأن المالك يعمل برأي نفسه بخلاف الوكيل ومرة بأنه عامل لنفسه بخلافه ومرة بأنه يعمل بمشيئة نفسه بخلافه
قال والفرق بين الرأي والمشيئة أن العمل بالرأي عمل بما يراه أصوب بلا اعتبار كونه لنفسه أو غيره والعمل بمشيئته أي باختياره ابتداء بلا اعتبار مطابقة أمر الآمر ولا اعتبار معنى الأصوبية ثم قال بعد ما بحث في الأولين أن الفرق الثالث أصوب
قوله ( ورسالة ) كأن يقول لرجل اذهب إلى فلانة وقل لها إن زوجك يقول لك اختاري فهو ناقل لكلام المرسل لا منشىء لكلامه بخلاف المالك والوكيل لأنهم قالوا إن الرسول معبر وسفير هذا ما ظهر لي
قوله ( ثلاثة ) أي بالاستقراء بدأ المصنف منها بالاختيار لثبوته بصريح الإخبار ولم يجعل له فصلا على حدة كصاحب الهداية لأنه لم يسبقه شيء يفصل به عما قبله بخلاف الأخيرين فاكتفى فيه بالباب
نهر
وحاصله أن التفويض أعم فناسب أن يترجم له بالباب والثلاثة أنواعه فناسب أن يترجم لكل منها بفصل لكن لم يترجم به للتخيير لأنه لم يسبقه كلام وبه ظهر أن ترجمة المصنف للثاني بالباب غير مناسبة
قوله ( قال لها اختاري ) أشار بعدم ذكر قبولها إلى أنه تمليك يتم بالمملك وحده فلو رجع قبل انقضاء المجلس لم يصح وقيد باقتصاره على التخيير المطلق لأنه لو قال اختاري الطلاق فقالت اخترت الطلاق فهي واحدة رجعية لأنه لما صرح بالطلاق كان التخيير بين الإتيان بالرجعي وتركه ط عن البحر
قوله ( أو أمرك بيدك ) لا حاجة إليه لذكر أحكام الأمر باليد في فصل مستقل يأتي ط
قوله ( تفويض الطلاق ) دل على هذا المضاف عقد الباب له كما في النهر ح
قوله ( لأنهما كناية ) أي من كنايات التفويض
شرنبلالية
قوله ( فلا يعملان بلا نية ) أي قضاء وديانة في حالة الرضا أما في حالة الغضب أو المذاكرة فلا يصدق قضاء في أنه لم ينو الطلاق لأنهما مما تمحض للجواب كما مر ولا يسعها المقام معه إلا بنكاح مستقبلي لأنها كالقاضي
أفاده في الفتح والبحر
ثم اعلم أن اشتراط النية إنما هو فيما إذا لم يذكر النفس أو ما يقوم مقامها في كلامه وإنما ذكرت في كلامها فقط كما يأتي تحريره فتنبه لذلك فإني لم أر من نبه عليه
قوله ( أو طلقي نفسك ) هذا تفويض بالصريح ولا يحتاج إلى نية والواقع به رجعي وتصح فيه نية الثلاث كما سيذكره المصنف أول فصل المشيئة
قوله ( في مجلس علمها ) أفاد أنه لا اعتبار بمجلسه فلو خيرها ثم قام هو لم يبطل بخلاف قيامها
بحر عن البدائع ط
قوله ( مشافهة ) أي في الحاضرة أو إخبارا في الغائبة منصوبان على الحالية من علمها
قوله ( ما لم يوقته الخ ) فلو قال جعلت لها أن تطلق نفسها اليوم اعتبر مجلس علمها في هذا اليوم فلو مضى اليوم ثم علمت خرج الأمر عن يدها وكذا كل وقت قيد التفويض به وهي غائبة ولم تعلم حتى انقضى بطل خيارها
فتح وبحر
وسيأتي فروع في التوقيت آخر الباب وأنه لا يبطل الموقت بالإعراض
قوله ( ويمضي الوقت ) معطوف على يؤقته المجزوم وإثبات الياء فيه من تحريف النساخ أو على لغة كما هو أحد الأوجه التي يجاب بها عن قوله تعالى { إنه من يتق ويصبر } سورة يوسف الآية 90 في قراءة رفع يصبر فالمعنى لها أن تطلق في المجلس وإن طال مدة عدم توقيته ومضي الوقت بأن لم يوقته أو وقته ولم يمض فإن وقته ومضي سقط الخيار وأما جعله مرفوعا والواو فيه للحال فهو فاسد صناعة ومعنى أما الأول فلأن
____________________
(3/315)
جملة الحال التي فعلها مضارع مثبت لا تقترن بالواو وأما الثاني فلصيرورة المعنى مدة لم يؤقت في حال مضي الوقت وإذا لم يوقت كيف يمضي الوقت فافهم نعم في بعض النسخ فمبضي الوقت بالفاء والباء الجارة للمصدر والمعنى فإن وقت فينتهي المجلس بمضي الوقت
قوله ( قبل علمها ) ليس قيدا احترازيا بل هو تنبيه على الأخفى ليعلم مقابله بالأولى كما هو عادة الشارح في مواضع لا تحصى فافهم
قوله ( ما لم تقم الخ ) الأولى أن يذكر له عاطفا يعطفه على قوله ما لم يوقته ولو قال ما لم تفعل ما يدل على الإعراض مكان أحضر وأفود ليصح عطف قوله أو حكما على حقيقة لأنه يغنيه عن قوله أو تعمل ما يقطعه ولأن بطلانه بكل قيام مطلقا قول البعض
والأصح كما في البحر والنهر أنه لا بد أن يدل على الإعراض وأثر الخلاف يظهر فيما لو قامت لتدعو الشهود كما يأتي ولو أقامها أو جامعها بطل كما يأتي لتمكنها من المبادرة إلى اختيارها نفسها فعدم ذلك دليل الإعراض
قوله ( لتبدل مجلسها حقيقة ) أفاد أن القيام يختلف به المجلس حقيقة وهو خلاف ما في إيضاح الإصلاح فإنه قال إن المجلس وإن لم يتبدل بمجرد القيام إلا أن الخيار يبطل به لأنه يدل على الإعراض وهذا ظاهر من كلام صاحب الهداية
وفي التبيين المجلس يتبدل تارة حقيقة بالتحول إلى مكان آخر وتارة حكما بالأخذ في عمل آخر اه ط
قلت وكأن الشارح حمل القيام على التحول فإنه يقال قام عن مجلسه إذا تحول عنه لا مجرد القيام عن قعود لما علمت من أن بطلانه بكل قيام مطلقا خلاف الأصح
قوله ( مما يدل على الأعراض ) قيد به لأنه لو خيرها فلبست ثوبا أو شربت لا يبطل خيارها لأن اللبس قد يكون لتدعو شهودا والعطش قد يكون شديدا يمنع من التأمل ودخل في العمل الكلام الأجنبي وهذا في التخيير المطلق أما المؤقت بشهر مثلا فلا يبطل بذلك ما دام الوقت باقيا كما مر
أفاده في البحر ويأتي تمام الكلام فيما يكون إعراضا وما لا يكون
قوله ( فيتوقف على قبولها في المجلس ) أراد بالقبول الجواب والضمير في يتوقف عائد على التطليق المفهوم من قوله فلها أن تطلق لا على التمليك لما صرحوا به من أن هذا التمليك يتم بالمملك وحده ولا يتوقف على القبول لكونها تطلق بعد التفويض وهو بعد تمام التمليك كما أوضحه في الفتح النهر وبه علم أن هذا التمليك لا يتوقف تمامه في القبول ولا على الجواب في المجلس لأن الجواب أي التطليق بعد تمامه وإنما المتوقف على الجواب هو صحة التطليق فافهم
قوله ( فلم يصح رجوعه ) تفريع على كونه ليس توكيلا فإن الوكالة غير لازمة فلو كان توكيلا لصح عزلها
قال في البحر عن جامع الفصولين تفويض الطلاق إليها قيل هو وكالة يملك عزلها والأصح أنه لا يملكه اه
لكن إذا كان تمليكا لا يلزم منه عدم صحة الرجوع كما في المعراج قال لانتفاضه بالهبة فإنها تمليك ويصح الرجوع اه
وعلل له في الذخيرة بأنه بمعنى اليمين إذ هو تعليق الطلاق بتطليقها نفسها واعترضه في الفتح بأن هذا يجري في سائر الوكالات لتضمنه معنى إذا بعته فقد أجزته مع أن الرجوع عنها صحيح وإنما العلة هي كونه تمليكا يتم بالمملك وحده بلا قبول وتمامه في النهر فافهم
قوله ( حتى لو خيرها الخ ) تفريع ثان على عدم كونه توكيلا بل هو تمليك فأن علة الحنث وهو قول محمد كونها نائبة عنه وهو ممنوع كما في الفتح عن الزيادات لصاحب المحيط أي لكونها صارت مالكة وعليه فلو وكل رجلا بطلاقها يحنث كما سيأتي في الأيمان إن شاء الله تعالى عند ذكر ما يحنث فيه بفعل
____________________
(3/316)
مأموره
قوله ( وأخواته ) الأولى وأختيه وهما اختاري وأمرك بيدك واعلم أن ما ذكره المصنف هنا إلى قوله وجلوس القائمة سيذكره أيضا في فصل المشيئة
قوله ( فلا يتقيد بالمجلس ) أما في متى ومتى ما فلأنهما لعموم الأوقات فكأنه قال في أي وقت شئت فلا يقتصر على المجلس وأما في إذا وإذا ما فإنهما ومتى سواء عندهما وأما عنده فيستعملان الشرط كما يستعملان للظرف لكن الأمر صار بيدها فلا يخرج بالشك
ح عن المنح
قوله ( لما مر ) أي من أنه ليس توكيلا بل لو صرح بتوكيلها لطلاقها يكون تمليكا كما في البحر عن الفصولين
قوله ( أو قوله لأجنبي طلق امرأتي ) قيد بالطلاق لأنه لو قال أمر امرأتي بيدك يقتصر على المجلس ولا يملك الرجوع على الأصح
بحر
عن الخلاصة في فصل المشيئة
ولو جمع له بين الأمر باليد والأمر بالتطليق ففيه تفصيل مذكور هناك
قوله ( فيصح رجوعه ) زاد الشارح الفاء لتكون في جواب أما التي زادها قبل
قوله ( لأنه توكيل محض ) أي بخلاف طلقي نفسك لأنها عاملة لنفسها فكان تمليكا لا توكيلا
بحر
قوله ( كان تمليكا في حقها ) لأنها عاملة فيه لنفسها وقوله توكيلا في حق ضرتها لأنها عاملة فيه لغيرها والظاهر أيضا أنه ليس من عموم المجاز ولا من استعمال المشترك في معنييه لأن حقيقة قوله طلقي واحدة وهي الأمر بالتطليق وإن اختلف الحكم المترتب عليه باختلاف متعلقه كما قال الآخر طلق امرأتي وامرأتك فإنه وكيل وأصيل فافهم
قوله ( فيصير تمليكا ) فلا يملك الرجوع لأنه فوض الأمر إلى رأيه والمالك هو الذي يتصرف عن مشيئته والوكيل مطلوب منه الفعل شاء أو لم يشأ
ط عن المنح
قوله ( لا توكيلا ) أي وإن صرح بالوكالة
بحر عن الخانية
قوله ( لا يرجع ولا يعزل ) لا يلزم من عدم ملك الرجوع عدم ملك العزل لأنه لو قال لأجنبي أمر امرأتي بيدك ثم قال عزلتك وجعلته بيدها لا يصح عزله مع أنه لم يرجع عن التفويض بالكلية فافهم
قوله ( ولا يبطل بجنون الزوج ) نظرا إلى أنه تعليق ط
قوله ( لا بعقل ) هو الخامس ط قوله ( فيصح ) تفريع على الخامس
وبيانه ما في البحر عن المحيط لو جعل أمرها بيد صبي لا يعقل أو مجنون فذلك إليه ما دام في المجلس لأن هذا تمليك في ضمنه تعليق فإن لم يصح باعتبار التمليك يصح باعتبار معنى التعليق فصححناه باعتبار التعليق فكأنه قال إن قال لك المجنون أنت طالق فأنت طالق وباعتبار معنى التمليك يقتصر على المجلس عملا بالشبهين اه ط
قال في الذخيرة ومن هذا استخرجنا جواب مسألة صارت واقعة الفتوى
صورتها إذا قال لامرأته الصغيرة أمرك بيدك ينوي الطلاق فطلقت نفسها صح لأن تقدير كلامه إن طلقت نفسك فأنت طالق
قوله ( وصبي لا يعقل ) بشرط أن يتكلم فيصح أن يوقع عليها الطلاق ولا يلزم من التعبير العقل
ط عن البحر قوله ( بخلاف التوكيل ) أي في المسائل الخمس لكن في الأخيرة بحث سأذكره في فصل المشيئة
قوله ( نعم لو جن ) أي المفوض إليه ط
قوله ( فهنا تسومح الخ ) نظيره كما في البحر من فصل المشيئة لو جن الوكيل بالبيع جنونا
____________________
(3/317)
يعقل فيه البيع والشراء ثم باع لا ينعقد بيعه بخلاف ما لو وكل مجنونا بهذه الصفة لأنه في الأول كان التوكيل ببيع تكون العهدة فيه على الوكيل وبعد ما جن تكون العهدة على الموكل فلا ينفذ وفي الثاني إنما وكل ببيع عهدته على الموكل فينفذ عليه كما في الخانية وفي تفويض الطلاق وإن كان لا عهدة أصلا لكن الزوج حني التفويض لم يعلق إلا على كلام عاقل فإذا طلق وهو مجنون لم يوجد الشرط بخلاف ما إذا فوض إلى مجنون ابتداء وإن لم يعقل أصلا فإنه يصح باعتبار معنى التعليق وفي التوكيل بالبيع لا يصح إلا إذا كان يعقل البيع والشراء كما مر وكأنه بمعنى المعتوه ومن فرعي التفويض والتوكيل بالبيع ظهر أنه تسومح في الابتداء ما لم يتسامح في البقاء وهو خلاف القاعدة الفقهية من يتسامح في البقاء ما لم يتسامح في الابتداء اه ما في البحر ملخصا
قلت وهذه القاعدة عبر عنها في الأشباه بقوله الرابعة يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها ثم فرع عليها فروعا ثم فرع على عكسها فرعين غير هذين الفرعين فتصير فروع العكس أربعة بزيادة هذين الفرعين
قوله ( وجلوس القائمة ) في جامع الفصولين ولو مشت في البيت من جانب إلى جانب لم يبطل اه
قال في البحر ومعناه أن يخيرها وهي قائمة فمشت من جانب إلى آخر أما لو خيرها وهي قاعدة في البيت فقامت بطل خيارها بمجرد قيامها لأنه دليل الإعراض اه
قلت وفيه أن هذا قول البعض وأن الأصح أنه لا بد أن يكون مع القيام دليل الإعراض كما مر
قوله ( واتكاء القاعدة ) أما لو اضطجعت فقيل لا يبطل وقيل إن هيأت الوسادة كما يفعل للنوم بطل
بحر عن الخلاصة
قوله ( للمشورة ) فلو دعته لغيرها بطل لما مر من أن الكلام الأجنبي دليل الإعراض
قوله ( بفتح وضم ) أي فتح الميم وضم الشين وكذا بسكون الشين مع فتح الميم والواو كما في المصباح قوله ( إذا لم يكن عندها من يدعوهم ) صادق بما إذا لم يكن عندها أحد أصلا أو عندها ولا يدعوهم فلو عندها من يدعوهم فدعت بنفسها بطل والظاهر أن هذا الحكم يجري في دعاء الأب للمشورة ط
قوله ( في الأصح ) وقيل إن تحولت بطل بناء على أن المعتبر إما تبدل المجلس أو الإعراض والأصح اعتبار الإعراض
أفاده في البحر
قوله ( لتمكنها من الاختيار ) أي اختيارها نفسها فعدم ذلك دليل الإعراض
بحر
قوله ( والفلك ) أي السفينة
قوله ( حتى لا يتبدل الخ ) لأن سيرها غير مضاف إلى راكبها بل إلى غيره من الريح ودفع الماء فلا يبطل الخيار بسيرها بل بتبدل المجلس
فتح
قوله ( إلا أن تجيب مع سكوته ) لأنها لا يمكنها الجواب بأسرع من ذلك فلا يتبدل حكما لأن اتحاد المجلس إنما يعتبر ليصير الجواب متصلا بالخطاب وقد وجد إذا كان بلا فصل كذا في الفتح
وفسر الإسراع في الخلاصة بأن يسبق جوابها خطوتها
نهر وظاهر قول الفتح فلا يتبدل حكما أنه لا يشترط هذا السبق لأنه لا يحصل به التبدل لا حقيقة ولا حكما
قوله ( فإنه كالسفينة ) يعني بجامع أن السير في كل منهما غير مضاف إلى راكب وقياس هذا أنها لو كانت على دابة وثمة من يقودها أن لا يبطل بسيرها
نهر
وأقره الرملي
قلت قد يقال إنه قياس مع الفارق فإنهما لو كانا في محمل يقودهما آخر ينسب السير إلى القائد لعدم تمكن
____________________
(3/318)
راكب المحمل من تسيير الدابة بخلاف راكب الدابة فإنه يمكنه التسيير فينسب إليه وإن قاده غيره
تأمل
قال الرحمتي وينبغي أن الدابة لو جمحت وعجزت عن ردها أن تكون كالسفينة لأن فعلها حينئذ لا ينسب إلى الراكب كما يأتي في الجنايات
تتمة لا يبطل خيارها فيما لو نامت قاعدة أو كانت تصلي المكتوبة أو الوتر فأتمتها أو السنة المؤكدة في الأصح أو ضمت إلى النافلة ركعة أخرى أو لبست من غير قيام أو أكلت قليلا أو شربت أو قرأت قليلا أو سبحت أو قالت لم لا تطلقني بلسانك
قال في الفتح لأن المبدل للمجلس ما يكون قطعا للكلام الأول وإفاضة في غيره وليس هذا كذلك
بل الكل يتعلق بمعنى واحد وهو الطلاق وتمامه في النهر
قوله ( لعدم تنوع الاختيار ) لأن اختيارها إنما يفيد الخلوص والصفاء والبينونة تثبت به مقتضى ولا عموم له
نهر
أي معنى اخترت نفسي اصطفيتها من ملك أحد لها وذلك بالبينوية فصارت البينونة مقتضى وهو ما يقدر ضرورة تصحيح الكلام فإن اصطفاءها نفسها مع ملك الزوج لا يمكن فيقدر لأني أبنت نفسي والمقتضى لا عموم له لأنه ضروري فيقدر بقدر الضرورة وهو البينونة الصغرى إذ بها تستخلص نفسها وتصطفيها من ملك الزوج فلا تصح نية الكبرى لعدم احتمال اللفظ لها
رحمتي
قوله ( بخلاف أنت بائن ) لأنه ملفوظ به لا مانع من عمومه فإذا أطلق انصرف إلى الأدنى وهو البينونة الصغرى ولو نوى الكبرى صح لأنه نوى محتمل لفظه وكذا قوله أمرك بيدك ولا يصح إيقاع الرجعي لأنه تفويض بلفظ الكناية والواقع بها البائن وهو يحتمل البينونتين فينصرف إلى الصغرى وإن نوى الكبرى فأوقعتها بلفظها أو بنيتها صح لما قلنا
أفاده الرحمتي
قوله ( استحسانا ) راجع إلى قوله أو أنا أختار نفسي أي لو ذكرت بلفظ المضارع سواء ذكرت أنا أو لا ففي القياس لا يقع لأنه وعد
ووجه الاستحسان قول عائشة رضي الله عنها لما خيرها النبي بل أختار الله ورسوله واعتبره جوابا لأن المضارع حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال كما هو أحد المذاهب وقيل بالقلب وقيل مشترك بينهما وعلى الاشتراك يرجع هنا إرادة الحال بقرينة كونه إخبارا عن أمر قائم في الحال وذلك ممكن في الاختيار لأن محله القلب فيصح الإخبار باللسان عما هو قائم بمحل آخر حال الإخبار كما في الشهادة بخلاف قولها أطلق نفسي لا يمكن جعله إخبارا عن طلاق قائم لأنه إنما يقوم باللسان فلو جاز لقام به الأمران في زمن واحد وهو محال وهذا بناء على أن الايقاع لا يكون بنفس أطلق لعدم التعارف وقدمنا أنه لو تعورف جاز ومقتضاه أن يقع به هنا لأنه إنشاء لا إخبار كذا في الفتح ملخصا
قال في النهر وقيد المسألة في المعراج بما إذا لم ينو إنشاء الطلاق فإن نواه وقع اه
والمناسب التعبير بضمير المؤنث لأن المسألة هي قول المرأة أطلق نفسي
تأمل
قوله ( أنا طالق ) ليس هذا في الجوهرة ولا في البحر والنهر والمنح والفتح بل صرح في البحر في الفصل الآتي نقلا عن الاختيار وغيره وسيذكره الشارح أيضا هناك أنه يقع بقولها أنا طالق لأن المرأة توصف بالطلاق دون الرجل اه
وعبارة الجوهرة وإن قال طلقي نفسك فقالت أنا أطلق لم يقع قياسا واستحسانا اه نعم ذكر في البحر في فصل المشيئة عن الخانية قال لامرأته أنت طالق ثلاثا إن شئت فقالت أنا طالق لا يقع شيء اه
لكن عدم الوقوع لأنه علق الثلاث على مشيئتها الثلاث ولا يمكن إيقاع الثلاث بلفظ طالق فلا يقع شيء لأنه لم يوجد المعلق عليه والذي
____________________
(3/319)
قال في الذخيرة لا يقع إلا أن تقول أنا طالق ثلاثا وبه علم أن لفظ أنا طالق يصلح جوابا وإنما لم يقع هنا لما قلنا فتدبر
قوله ( أو تنو ) مضارع مبني للمعلوم فاعله ضمير المرأة مجزوم بحذف الياء عطفا على يتعارف المبني للمجهول ح
ثم هذا ليس من عبارة الفتح بل من زيادة الشارح أخذا مما نقلناه آنفا عن النهر عن المعراج
قوله ( أو الاختيارة ) مصدر اختاري وأفاد أن ذكر النفس ليس شرطا بخصوصه بل هي أو ما يقوم مقامها مما يأتي
قوله ( في أحد كلاميهما ) وإذا كانت النفس في كلاميهما فبالأولى وإذا خلت عن كلاميهما لم يقع
بحر
قوله ( بالإجماع ) لأن وقوع الطلاق بلفظ الاختيار عرف بإجماع الصحابة وإجماعهم في اللفظة المفسرة من أحد الجانبين
ط عن إيضاح الإصلاح
قوله ( لأنها تملك فيه الأنشاء ) أي فتملك تفسيره أيضا ط
قال في البحر عن المحيط والخانية لو قالت في المجلس عنيت نفسي يقع لأنها ما دامت فيه تملك الأنشاء
قوله ( إلا أن يتصادقا ) ظاهره ولو بعد المجلس
بحر
قوله ( والتاجية ) نسبة إلى تاج الشريعة
قوله ( لكن رده الكمال ) حيث قال الإيقاع بالاختيار على خلاف القياس فيقتصر على مورد النص فيه ولولا هذا لأمكن الاكتفاء بتفسير القرينة الحالية دون المقالية بعد أن نوى الزوج وقوع الطلاق به وتصادقا عليه لكنه باطل وإلا لوقع بمجرد النية مع لفظ لا يصلح له أصلا كاسقني اه
قوله ( ونقله الأكمل ) أي في العناية ط
قوله ( فلو قال الخ ) تفريع على ما علم من أن الشرط ذكر النفس أو ما يقوم مقامها في تفسير الاختيار
قوله ( إذ التاء فيه للوحدة ) أي واختيارها نفسها هو الذي يتحد مأة بأن قال لها اختاري فقالت اخترت نفسي تقع واحدة ويتعدد أخرى كاختاري نفسك بثلاث تطليقات فقالت اخترت وقعن فلما قيده بالوحدة ظهر أنه أراد تخييرها في الطلاق فكان مفسرا ولا يرد أن هذا مناقض لما مر من أن الاختيار لا يتنوع لأنه لا يلزم مما ذكرنا كون الاختيار نفسه يتنوع كالبينونة إلى غليظة وخفيفة حتى يصاب كل نوع منه بالنية من غير زيادة لفظ آخر
أفاده في الفتح
قوله ( وكذا ذكر التطليقة ) وتقع بائنة إن في كلامها بأن قالت اخترت نفسي بتطليقة بخلافها في كلامه فإنه يقع بها طلقة رجعية لأنه تفويض بالصريح وتصح فيه نية الثلاث كما مر
قوله ( وتكرار لفظ اختياري ) لأن الاختيار في حج الطلاق هو الذي يتكرر فكان متعينا
ط عن الإيضاح
لكن في كون التكرار مفسرا كالنفس كلام يأتي قريبا
قوله ( وقولها اخترت أبي الخ ) لأن الكون عندهم إنما يكون للبينونة وعدم الوصلة مع الزوج بخلاف اخترت قومي أو ذا رحم محرم لا يقع وينبغي أن يحمل على ما إذا كان لها أب أو أم أما إذا لم يكن وكان لها أخ ينبغي أن يقع لأنها حينئذ تكون عنده عادة كذا في الفتح
قال في النهر ولم أر ما لو قالت اخترت أبي أو أمي وقد ماتا ولا أخ لها وينبغي أن يقع لقيام ذلك مقام اخترت نفسي اه
والحاصل أن المفسر ثمانية ألفاظ النفس والاختيارة والتطليقة والتكرار وأبي وأمي وأهلي والأزواج ويزاد تاسع وهو العدد في كلامه فلو قال اختاري ثلاثا فقالت اخترت يقع ثلاث لأنه دليل إرادة اختيار
____________________
(3/320)
الطلاق لأنه هو الذي يتعدد وقولها اخترت ينصرف إليه فيقع الثلاث أفاده في البحر
قوله ( والشرط الخ ) إنما اكتفى بذكر هذه الأشياء في أحد الكلامين لأنها إن كانت في كلامه تضمن جوابها إعادتها كأنها قالت فعلت ذلك وإن كانت في كلامها فقد وجد ما يختص بالبينونة في اللفظ العامل في الإيقاع فإذا وجدت نية الزوج تمت علة البينونة فتثبت بخلاف ما إذا لم يذكر النفس ونحوها في شيء من الطرفين لأن المبهم لا يفسر المبهم وللإجماع المار وتمامه في الفتح
قوله ( فلم يختص الخ ) أخذه من القهستاني ح
وكيف يختص مع مخالفته لقول المتون وذكر النفس أو الاختيارة في أحد كلاميهما شرط
قوله ( وما في الاختيار ) هو شرح المختار لمؤلفه
قوله ( من عدم الوقوع ) أي في مسألة الإضراب
قوله ( سهو ) لمخالفته لما هو المنقول في الكتب المعتمدة
بحر
قوله ( لو عكست ) بأن قالت اخترت زوجي لا بل نفسي أو قالت زوجي ونفسي
بحر
قوله ( اعتبارا للمقدم ) لعدم صحة الرجوع عنه
قوله ( وبطل أمرها ) عطف على لم يقع ح أي خرج الأمر من يدها في مسألتي العكس
قوله ( كما لو عطفت بأو ) أي فإنه لا يقع ويخرج الأمر من يدها لأن أو لأحد الشيئين فلم يعلم اختيارها نفسها ولا زوجها على التعيين فكان اشتغالا بما لا يعنيها فكان إعراضا اه ح
قوله ( أو أرشاها الخ ) أي جعل لها مالا لتختاره فاختارته لا يقع ولا يجب المال لأنه رشوة إذا هو اعتياض عن ترك حق تملك نفسها فهو كالاعتياض عن ترك حق الشفعة
فتح
قوله ( أو قالت الخ ) قال في البحر ولو قال لها اختاري فقالت ألحقت نفسي بأهلي لم يقع كما في جامع الفصولين وهو مشكل لأنه من الكنايات فهو كقولها أنا بائن اه ح
وهذا ذكره في البحر في الفصل الآتي وسنذكر جوابه ثمة عند قوله وكل لفظ يصلح للإيقاع الخ
قوله ( بعطف ) أي بواو أو فاء أو ثم وفي شرح التلخيص للفارسي أنه في العطف بثم لو اختارت نفسها قبل تكلم الزوج بالثانية وهي غير مدخول بها بانت بالأولى ولم يقع بغيرها شيء
بحر
قوله ( بلا نية ) كذا في الكنز والهداية والصدر الشهيد والعتابي ووجهه ما قاله الشارح من دلالة التكرار على إرادة الطلاق وكذا قال في تلخيص الجامع الكبير والتعدد أي التكرار خاص بالطلاق فأغنى عن ذكر النفس والنية لكن قال في غاية البيان إن المصرح به في الجامع الكبير اشتراط النية وهو الظاهر اه
وذهب إليه قاضيخان وأبو المعين النسفي ورجحه في الفتح بأن تكرار الأمر باختيار لا يصيره ظاهرا في الطلاق لجواز أن يريد اختاري في المال أو اختاري في المسكن
قال في البحر والاختلاف في الوقوع قضاء بلا نية مع الاتفاق على أنه لا يقع في نفس الأمر إلا بها
والحاصل أن المعتمد رواية ودراية اشتراط النية دون النفس اه
أقول والذي مال إليه العلامة قاسم والمقدسي هو الأول وقول البحر باشتراط النية دون النفس فيه نظر
____________________
(3/321)
لأن من قال بعدم اشتراط النية بناء على التكرار دليل إرادة الطلاق يقول لا يشترط ذكر النفس أيضا بدلالة التكرار كما هو صريح عبارة التلخيص المارة وصريح ما مر أيضا من عد التكرار من المفسرات التسعة ومن قال باشتراط النية لم يجعل التكرار دليلا على إرادة الطلاق كما هو صريح كلام الفتح المار ومثله في شرح الزيادات لقاضيخان فحيث لم يكن التكرار دليلا على إرادة الطلاق بقي لفظ الاختيار بلا مفسرا وتقدم الإجماع على اشتراطه فلزم من القول باشتراط النية اشتراط ذكر النفس ولا يحصل التفسير بالنية لما في الفتح حيث قال والإيقاع بالاختيار على خلاف القياس فيتقصر على مورد النص ولولا هذا لأمكن الاكتفاء بتفسير القرينة الحالية دون المقالية إن نوى الزوج وقوع الطلاق به وتصادقا عليه لكنه باطل اه
نعم حيث كان الاختلاف المار إنما هو الوقوع قضاء ينبغي أن يقال إن ذكر الزوج النفس مع التكرار لا يشترط معه النية اتفاقا لما علمته من أن مناط الاختلاف هو أن التكرار هل يقوم مقام ذكر النفس في الدلالة على إرادة الطلاق أو لا فإذا وجد التصريح بذكر النفس تعينت الدلالة على إرادة الطلاق فلا يبقى محل للخلاف في اشتراط النية قضاء لأن ذكر النفس يكذبه في دعواه أنه لم ينو كما مر في كنايات الطلاق من أن الدلالة أقوى من النية لكونها ظاهرة والنية باطنة فتعين كون الخلاف المار في أنه هل تشترط النية في صورة التكرار أو لا تشترط محله ما إذا لم يذكر النفس أو ما يقوم مقامها هذا ما ظهر لي في هذا المقام فتدبره فإنه مفرد ومن هنا ظهر لك أنه لا تنافي بين قوله هنا بلا نية وقوله في أول الباب ينوي الطلاق لأن ما ذكره أولا من اشتراط النية إنما هو فيما إذا لم تذكر النفس ونحوها من المفسرات في كلام الزوج وإنما ذكرت في كلام المرأة فتشترط النية لتتم علة البينونة كما قدمناه سابقا عن الفتح وقدمنا أن الغضب أو المذاكرة يقوم مقام النية في القضاء
أما إذا ذكرت النفس ونحوها في كلامه فلا حاجة إلى النية في القضاء لوجود ما يختص بالبينونة وهل التكرار في كلامه مفسر كالنفس فيغني عن النية أو لا فيه الخلاف الذي سمعته وأما إذا لم تذكر النفس أو نحوها لا في كلامه ولا في كلامها لا يقع أصلا وإن نوى كما مر
قوله ( ثلاثا ) يوجد في بعض النسخ ذكرها قبل قوله بلا نية وهو الذي في المنح وهو الأنسب لإفادته أن الثلاثة لا تشترط لها النية أيضا ط
قوله ( في اخترت الأولى ) قيد به لأن في قولها اخترت أو اخترت اختيارة يقع ثلاث اتفاقا وكذا اخترت مرة أو بمرة أو دفعة أو بدفعة أو بواحدة أو اختيارة واحدة تقع الثلاث في قولهم
بحر
قوله ( إلى آخره ) أي أو الوسطى أو الأخيرة والمراد أنها قالت اخترت الأولى أو قالت اخترت الوسطى أو قالت الأخيرة ويحتمل كون المراد أنها ذكرت الثلاثة من العطف بأو
قوله ( وأقره الشيخ علي المقدسي ) فيه أن المقدسي في شرحه على نظم الكنز إنما حكى القولين ثم ذكر توجيه قولهما وأعقبه بتوجيه قول الإمام
قوله ( فقد أفاد الخ ) فيه أن قول الإمام مشى عليه أصحاب المتون وأخر دليله في الهداية فكان هو المرجح عنده على عادته وأطال في الفتح وغيره في توجيهه ودفع ما يرد عليه وتبعه في البحر والنهر فكان هو المعتمد لأصحاب المتون والشروح فلا يعارضه اعتماد الحاوي القدسي
قوله ( في جواب التخيير المذكور ) أي المرر ثلاثا كما في النهر
وعبارة البحر في جواب قوله اختاري قوله ( في الأصح ) الأنسب إبداله بقوله
____________________
(3/322)
هو الصواب لأن ما في الهداية وبعض نسخ الجامع الصغير من أنه يملك الرجعة جزم الشارحون بأنه غلط وما في البحر من أنه رواية رده في النهر
قوله ( لتفويضه بالبائن ) لأن لفظ التخيير كناية فيقع به البائن
قوله ( فلا تملك غيره ) لأنه لا عبرة لإيقاعها بل لتفويض الزوج ألا ترى أنه لو أمرها بالبائن أو الرجعي فعكست وقع ما أمر به الزوج
بحر
قوله ( فاختارت نفسها ) أشار إلى أن اخترت كما يصلح جوابا للاختيار يصلح جوابا للأمر باليد كما يأتي
أفاده ط
قوله ( والمفيد للبينونة الخ ) جواب عن سؤال هو أن كلا من أمرك بيدك واختاري يفيد البينونة فلا يجوز صرفه عنها إلى غيرها
قال السائحاني ومن هنا يعلم أن قوله لزوجته روحي طالقة رجعي
قوله ( كعكسه ) يعني أن الصريح إذا قرن بالكناية كان بائنا نحو أنت طالق بائن ح
قوله ( بخلاف ) الباء للسببية متعلق بقيد أي إنما قيد بفي بسبب مخالفة الخ وقوله ومثلها الباء اعتراض ح
قوله ( فهي بائنة ) لأنه فوض إليها بلفظ البائن وذكر الصريح علة أو غاية لا على أنه هو المفوض بخلاف في لأنه جعل الأمر مظروفا في التطليقة والباء هنا
بمعنى في رحمتي
قوله ( كما لو جعل أمرها بيدها ) أي بأن قال أمرك بيدك لو لم الخ فقوله له لم تصل شرط وقوله أمرك بيدك دليل جوابه وقوله فطلقي تفسير لكون أمرها بيدها ح
قوله لأن لفظة الطلاق علة للمسائل الثلاث ط
قوله ( لم تكن في نفس الأمر ) أي في نفس الأمر باليد أي لم تكن معمولا له وليس المراد بنفس الأمر الواقع ح
قوله ( فلم تختر ) يعني لم يكن لها الخيار كما عبر به في البحر وحيث ارتكب الشارح هذا التركيب كان عليه أن يحذف الفاء كما لا يخفى ح
وفي بعض النسخ فلا خيار لها ما لم يخيرها
قوله ( بخلاف أخبرها بالخيار ) أي فقبل أن يخبرها سمعت الخبر فاختارت نفسها وقع لأن الأمرلا بالإخبار يقتضي تقدم المخبر عنه فكان هذا إقرارا من الزوج بثبوت الخيار لها
بحر
قوله ( وقع ثنتان ) إحداهما بالمشيئة وأخرى بالخيار لأنه فوض إليها طلاقين أحدهما صريح والآخر كناية والكناية حال ذكر الصريح لا تفتقر إلى نية
بحر
قوله ( اتحد ) حتى إذا ردت في اليوم بطل أصلا
هندية
ومثله إذا قال اختاري في اليوم وغد كما في البحر ط
قوله ( ولو واختاري غدا ) بأن قال اختاري اليوم واختاري غدا فهما خياران بقرينة إعادة ذكر الاختيار ط وسيأتي ما يتحد وما يتعدد في الباب الآتي
قوله ( قال اختاري اليوم الخ ) لما ذكره معرفا انصرف إلى المعهود وهو الحاضر ولم يمكن تخييرها في الماضي منه فكانت مخيرة إلى انقضائه وذلك بغروب الشمس في اليوم وبرؤية الهلال في الشهر وبتمام ذي الحجة في السنة كما لو حلف لا يكلمه اليوم أو الشهر أو السنة وأما لو نكره انصرف إلى كامله وكان ابتداؤه من حين التخيير فينتهي بمثله من الغد فيدخل ما بينهما من الليل ضرورة مع أن الليل لا يتبع اليوم المفرد وكأن هذه المسألة مستثناة من ذلك
رحمتي
وما ذكره الشارح مأخوذ من الجوهرة
وعبارة البحر في الفصل الآتي عن الذخيرة لو قال أمرك بيدك يوما أو شهرا أو سنة فلها الأمر من تلك الساعة
____________________
(3/323)
إلى استكمال المدة المذكورة اه
وهذه العبارة تحتمل أن يكون المراد أنه يكمل من الليل أو يكمل من اليوم الثاني مع دخول الليل وعدمه لكن صرحوا في الأيمان في لا أكلمه يوما بتكميله من اليوم الثاني مع دخول الليل كما مر عن الرحمتي
قوله ( وإلى تمام ثلاثين يوما ) لأن التفويض حصل في بعض الشهر فلا يمكن اعتبار الأهلة فيه فيعتبر بالأيام بالإجماع
ذخيرة ومفهومه أنه لو كان حين أهل الهلال كما في مسألة الإجارة
قوله ( في الليلة الأولى ويومها ) لأن الرأس الأول وتحت الشهر نوعان الليل والنهار فأول الليالي الليلة الأولى وأول الأشهر اليوم الأول ط
قوله ( ولا يبطل المؤقت ) أي الخيار المؤقت بيوم أو شهر أو سنة بالإعراض في مجلس العلم بل بمضي الوقت المعين علمت بالتخيير أو لا أما الخيار المطلق فيبطل الإعراض ط
والله أعلم
باب الأمر باليد الأمر هنا بمعنى الحال واليد بمعنى التصرف
بحر عن المصباح
والمعنى باب بيان حال طلاق المرأة الذي جعله زوجها في تصرفها ط
وقدمنا أن المناسب الترجمة هنا بالفصل بدل الباب
قوله ( هو كالاختيار ) أي في اشتراط النية وذكر النفس أولى ما يقوم مقامها وعدم ملك الزوج الرجوع وتقيده بمجلس التفويض أو مجلس علمها إذا كانت غائبة أو بالمدة إذا كان مؤقتا
قوله ( إلا في نية الثلاث ) فإنها تصح هنا لا في التخيير لأن الأمر جنس يحتمل الخصوص والعموم فأيهما نوى صحت نيته
وما في البدائع من عدم اشتراط ذكر النفس هنا مخالف لعامة الكتب كما في البحر والنهر
قوله ( ولو صغيرة ) هذه واقعة الفتوى التي قدمناها في الباب المار عن الذخيرة
قوله ( لأنه كالتعليق ) أي لأنه وإن كان تمليكا لكن فيه معنى التعليق كما مر بيانه في التخيير
قوله ( أمرك بيدك ) مثله المعلق كإن دخلت الدار فأمرك بيدك فإن طلقت نفسها كما وضعت القدم فيها طلقت وإن بعدما مشت خطوتين لم تطلق لأنها طلقت بعدما خرج الأمر من يدها
بحر عن المحيط
وفي العتابية وإن مشت خطوة بطل فيحمل على ما إذا كانت رجلها فوق العتبة والأخرى دخلت بها وما سبق على ما إذا كانت خارج العتبة فبأول خطوة لم تتعد أول الدخول وبالثانية تتعدى ويخرج الأمر من يدها
مقدسي
قوله ( أو بشمالك الخ ) وفي البزازية أمرك في عينيك وأمثاله يسأل عن النية
بحر
قوله ( ينوي ثلاثا ) أشار إلى أنه لا بد من نية التفويض ديانة أو دلالة الحال قضاء كما في البحر وسيأتي محترز قوله ثلاثا
قوله ( أي تفويضها ) أي تفويض الثلاث وأشار إلى أن هذا كناية عن التفويض لا عن الإيقاع حتى لو نوى بها الإيقاع لم يقع لأن لفظها لا يحتمل ذلك وهو ظاهر في غير الأمر باليد أما هو فيحتمل الإيقاع لأنه إذا أبانها كان أمرها بيدها وكأنه لم يجعل كناية عنه لعدم التعارف
رحمتي
قوله ( في مجلسها ) استفيد هذا القيد من الفاء التعقيبية
نهر
____________________
(3/324)
وهذا قيد في التفويض المطلق عن الوقت كما مر
قوله ( وقعن ) أي الثلاث لأن الاختيار يصلح جوابا للأمر باليد لكونه تمليكا كالتخيير والواحدة صفة للاختيارة فصار كأنها قالت اخترت نفسي بمرة واحدة وبذلك تقع الثلاث
نهر
أما طلقي نفسك فإن الاختيار لا يصلح جوابا له كما يأتي في الفصل الآتي
قوله ( وينبغي الخ ) فيه نظر
وعبارة الخلاصة عن المنتقى لو جعل أمرها بيد أبيها فقال أبوها قبلتها طلقت وكذا لو جعل أمرها بيدها فقالت قبلت نفسي طلقت اه
وفي مثل هذا لا يتوقف على صغرها لأنه يصح أن يجعل الأمر بيد أجنبي وإن كانت بالغة وليس في عبارة الخلاصة أنه جعل أمرها بيدها فقبل أبوها حتى يتأتى ما بحثه الشارح تبعا لصاحب النهر
رحمتي
قلت على أنه إذا جعل أمرها بيدها يكون في معنى التعليق على اختيارها نفسها فلا يصح من أبيها ولو كانت صغيرة وكذا لو جعله بيد أبيها لا يصح منها ولو كبيرة لعدم وجود المعلق عليه
قوله ( وذكر اسمه تعالى للتبرك ) أي فتنفرد المخاطبة بالأمر
قوله ( وإن لم ينو ثلاثا ) محترز قوله ينوي ثلاثا وهو صادق بأن لم ينو عددا أو نوى واحدة أو ثنتين في الحرة فإنها تقع واحدة بائنة وقدمنا أنه لا بد من نية التفويض إليها ديانة أو يدل الحال عليه قضاء
بحر
قوله ( ولا دلالة ) أما إذا وجدت الدلالة على الثلاث كمذاكرتها أو الإشارة بثلاث أصابع فيعمل بها وهذا أولى من قول النهر كما إذا كان في حال الغضب أو مذاكرة الطلاق فإنه لا يدل على نية الثلاث ط
قوله ( وتقبل بينتها على الدلالة ) أي على الغضب أو المذاكرة مثلا ولا تقبل على النية إلا أن تقام على إقراره بها كما في النهر عن العمادية
قوله ( كما مر ) أي في أول الكنايات ح
قوله ( أو ما يقوم مقامها ) كالاختيارة واخترت أمري ط
وكاخترت أبي أو أمي أو أهلي أو الأزواج كما يعلم مما مر في التخيير والظاهر أن التكرار هنا مثله هناك
قوله ( فلو جعل أمرها بيدها الخ ) محترز قوله وعلمها وترك الآخرين لظهورهما فلو اختارت نفسها بعد انقضاء المجلس لا يقع وهذا إذا أطلق إما إذا وقته كأمرك بيدك يوما لها الخيار ما دام الوقت ولو قال لها أمرك بيدك فقالت اخترت ولم تقل نفسي ولا ما يقوم مقامها لم يقع
رحمتي
قوله ( لم تطلق ) كالوكيل لا يصير وكيلا قبل العلم بالوكالة حتى لو تصرف لا يصح تصرفه بخلاف الوصي لأنه خلافة كالوراثة
بزازية
قوله ( وكل لفظ الخ ) نقل هذا الأصل في البحر عن البدائع ولم أر من أوضحه
والذي ظهر لي في بيانه أنه ليس المراد تشخيص اللفظ بمادته وهيئته ولا بتغيير الضمائر والهيئات كما قيل بل المراد أن تسند اللفظ إلى ما لو أسنده إليه الزوج يقع به الطلاق فبهذا يكون ما يصلح للإيقاع منه يصلح للجواب منها فقولها أنت علي حرام أو أنت مني بائن أو أنا منك بائن يصلح للجواب كما مر لأنها أسندت الحرمة البينونة في الأوليين إلى الزوج وهو لو أسندهما إليه يقع بأن قال أنا عليك حرام أو أنا منك بائن وفي الثالث أسندت البينونة إلى
____________________
(3/325)
نفسها وهو لو أسندها إلى نفسها يقع بأن قال أنت مني بائن وكذا قولها أنا طالق أو طلقت نفسي أسندت الطلاق إلى نفسها فيصح جوابا لأنه لو أسند الطلاق إليها يقع بخلاف قولها طلقتك ومثله قولها أنت مني طالق لأنها أسندت الطلاق إليه ولو أسنده إلى نفسه لم يقع فحيث لم يكن صالحا للإيقاع منه لم يصلح للجواب منها فهذا هو الصواب في تقرير هذا الضابط وبه سقط ما قيل إنه منقوض بهذا الأخير لأنه لو قال لها طلقتك يقع وهو مبني على أن المراد تغيير الضمائر والهيئات وليس كذلك بل المراد ما ذكرنا
ثم اعلم أن المراد من قولهم كل ما صلح للإيقاع من الزوج ما يصلح له بلا توقف على نية بعد طلبها منه الطلاق لما في جامع الفصولين الأصل أن كل شيء من الزوج طلاق إذا سألته فأجابها به فإذا أوقعت مثله على نفسها بعد ما صار الطلاق بيدها تطلق فلو قالت طلقني فقال أنت حرام أو بائن أو خلية أو برية تطلق فلو قالته بعد ما صار الطلاق بيدها تطلق أيضا
ولو قالت له طلقني فقال الحقي بأهلك وقال لم أنو طلاقا صدق فلو قالته بعدما صار الأمر بيدها بأن قالت ألحقت نفسي بأهلي لا تطلق أيضا اه أي لأنه من الكنايات التي تحتمل الرد فتتوقف على النية في حالة الغضب والمذاكرة فلا تتعين للإيقاع بعد سؤالها الطلاق إلا بالنية بخلاف حرام وبائن فإنه يقع بلا نية في حال المذاكرة وبه اندفع ما في البحر من استشكاله الفرق بين ألحقت نفسي وأنا بائن فافهم
قوله ( فإنه ليس من ألفاظ الطلاق ) لأنه لو نوى به الإيقاع لم يقع لأنه كناية تفويض لا إيقاع لكنه ثبت بالإجماع على خلاف القياس كما مر ومثله أمرك بيدك وإنما لم يستثنه لأنه لا يصلح جوابا منها بأن تقول أمري بيدي كما صرح به في البحر
قوله ( لكن يرد عليه ) أي على هذا الضابط صحته
أي صحة الجواب منها بقولها قبلت أو قول أبيها ذلك إذا كان التفويض إليه مع أن القبول لا يصلح للإيقاع منه وهذا الإيراد لصاحب البحر
وقد يجاب عنه بأن قولها قبلت عبارة عن اخترت نفسي فهو داخل تحت المستثني
قوله ( لما تقرر الخ ) علة لقوله بانت يعني وأن أجابت بالصريح الواقع به الرجعي لكن يقع بائنا لأن المعتبر تفويض الزوج وتفويضه إنما يكون بالبائن لأنها به تملك أمرها لا بالرجعي
وأما علة وقوع الواحدة دون الثلاث فهي أن الواحدة في كلامها صفة لمصدر هو طلقة إذ خصوص العامل اللفظي قرينة خصوص المقدر وبهذا وقع الفرق بين طلقت نفسي بواحدة واخترت نفسي بواحدة واندفع ما قبل إنه ينبغي وقوع الواحدة في الثاني أيضا وتمامه في الفتح
قوله ( ولا يدخل الليل ) أراد بالليل الجنس فيشمل الليلتين وكذا لا يدخل اليوم الفاصل وسكت عنه لظهوره ح
وفي الحاوي القدسي ولا يدخل الليلان وغد فيه
قوله ( لأنها تمليكان ) قال في البحر لأن عطف زمن على مماثل مفصول بينهما بزمن مماثل لهما ظاهر في قصد تقييد الأمر المذكور بالأول وتقييد أمر آخر بالثاني فيصير لفظ اليوم مفردا غير مجموع إلى ما بعده في الحكم المذكور لأنه صار عطف جملة على جملة أي أمرك بيدك اليوم وأمرك بيدك بعد غد ولو أفرد اليوم لا يدخل الليل فكذا إذا عطف جملة أخرى اه ح
قوله ( فكان أمرها بيدها بعد غد ) الذي شرح عليه المصنف وكان بالواو وهي
____________________
(3/326)
الأولى ط
قلت وهي كذلك في بعض النسخ
قوله ( ولو طلقت ) مضعف مبني للمعلوم حذف مفعوله يعني ولو طلقت نفسها ليلا أي في إحدى الليلتين لا يصح وهذا تصريح بما فهم من قوله ولا يدخل الليل ح
قوله ( ولا تطلق إلا مرة ) أراد بهذا دفع ما يتوهم من اقتضاء كونهما تمليكين جواز أن تطلق نفسها مرتين في كل يوم مرة اه ح
أقول هذا يحتاج إلى نقل صريح بهذا المعنى لأن كونهما تمليكين يدل على أن لها أن تطلق نفسها اليوم وبعد غد
وفي المنح لما ثبت أنهما أمران لانفصال وقتهما ثبت لها الخيار في كل واحد من الوقتين على حدة فبرد أحدهما لا يرتد الآخر وفيه خلاف زفر اه
فالظاهر أن مراد الشارح أنها لا تطلب في كل يوم إلا مرة
قال في البدائع ولو اختارت نفسها في الوقت مرة ليس لها أن تختار مرة أخرى لأن اللفظ يقتضي الوقت لا التكرار ذكر ذلك في بحث المؤقت كاليوم والشهر فإذا كان تمليكين في وقتين فلها أن تختار في كل واحد منهما مرة فقط ويدل عليه ما نذكره قريبا عن البدائع أيضا فافهم
قوله ( وإن ردته الخ ) عطف على قوله ويدخل الليل لبيان الفرق بين هذه المسألة والتي قبلها من وجهين أحدهما أن لها أن تطلق نفسها ليلا
والثاني لو ردت الأمر اليوم لم تملكه في الغد وبه علم أن العطف بالواو أحسن منه بالفاء فافهم
قوله ( لم يبق في الغد ) قال في الهداية هو ظاهر الرواية
وعن أبي حنيفة لها أن تختار نفسها غدا لأنها لا تملك رد الأمر كما لا تملك رد الإيقاع اه
قوله ( لأنه تفويض واحد ) لأنه لم يفصل بينهما بيوم آخر وكان جمعا بحرف الجمع في التمليك الواحد فهو كقوله أمرك بيدك يومين وفيه تدخل الليلة المتوسطة استعمالا لغويا وعرفيا
بحر
قوله ( فهما أمران ) قال في البدائع حتى لو اختارت زوجها اليوم أو ردت الأمر فهي على خيارها غدا لأنه لما كرر اللفظ فقد تعدد التفويض فرد أحدهما لا يكون ردا للآخر ولو اختارت نفسها في اليوم الأول فطلقت ثم تزوجها قبل الغد فأرادت أن تختار نفسها فلها ذلك وتطلق أخرى لأنه ملكها بكل واحد من التفويضين طلاقا فالإيقاع بأحدهما لا يمنع الإيقاع بالآخر اه
فهذا دليل على ما ذكرناه في المسألة الأولى من أن لها تطلق في كل يوم مرة واحدة
قوله ( ولم يذكر خلافا ) أي لم يذكر في الخانية خلافا في كونهما أمرين فما في الهداية من تخصيص أبي يوسف برواية ذلك عنه ليس لإثبات الخلاف وإنما هو لأنه مخرج الفرع المذكور كما في الفتح
قوله ( ولا يدخل الليل ) لأنه أثبت لها الأمر في يوم مفرد والثابت في اليوم الذي يليه أمر آخر
فتح
قوله ( ظاهر ما مر ) أي من قوله فإن ردت الأمر في يومها بطل الأمر في ذلك اليوم وإنما قال ظاهر لاحتمال أن يراد برد الأمر اختيارها زوجها لا قولها رددته وستسمع التفصيل فيه ح
قوله ( لكن في العمادية الخ ) فيه اختصار فكان عليه أن يقول وفي الذخيرة أنه لا يرتد ووفق في العمادية الخ
وبيان ذلك أن الحكم بصحة ردها مناقض لما في الذخيرة من أنه لو جعل أمرها بيدها أو يد أجنبي ثم ردت
____________________
(3/327)
الأمر أو رده الأجنبي لا يصح لأن هذا تمليك شيء لازم فيقع لازما والمسألة مروية عن أصحابنا رحمهم الله تعالى اه
قال العمادي في فصوله والتوفيق أنه يرتد بالرد عند التفويض لا بعد قبوله نظيره الإقرار فإن من أقر لإنسان بشيء فصدقه المقر له ثم رد إقراره لا يصح الرد اه
ومشى على هذا التوفيق شراح الهداية واختار المحقق ابن الهمام في الفتح توفيقا آخر وهو أن المراد بقولهم فإن ردت الأمر في يومها بطل هو اختيارها زوجها اليوم وحقيقته انتهاء ملكها والمراد بما في الذخيرة أن تقول رددت اه
وإليه يرشد قول الهداية لأنها إذا اختارت نفسها اليوم لا يبقى لها الخيار في غد فكذا إذا اختارت زوجها برد الأمر
ووفق في جامع الفصولين بأنه يحتمل أن يكون في المسألة روايتان لأنه تمليك من وجه فيصح رده قبل قبوله نظرا إلى التمليك ولا يصح نظرا إلى التعليق لا قبله ولا بعده فرواية صحة الرد نظرا للتمليك وفساده نظرا للتعليق اه
واستظهره في البحر وأيده بأنه في الهداية نقل رواية عن أبي حنيفة بأنها لا تملك رد الأمر كما لا تملك رد الإيقاع وقال فلا حاجة إلى ما تكلفه ابن الهمام والشارحون
وأورد قبل ذلك على ما قاله العمادي والشارحون أن قولها بعد القبول رددت إعراض مبطل لخيارها وتابعه على هذا الإيراد المقدسي فقال وهذا عجيب حيث أبطلوه بما يدل على الإعراض والرد كالأكل والشرب ولم يبطلوه بصريح الرد اه
أقول هذا مدفوع بأن الكلام في المؤقت وقد صرحوا بأنه لا يبطل بالقيام عن المجلس والأكل والشرب ما لم يمض الوقت بخلاف المطلق عن الوقت كما مر
قوله ( قبل قبوله ) مصدر مضاف لمفعوله أي قبول المرأة التفويض
قوله ( كالإبراء ) أي عن الدين فإنه بعد ثبوته لا يتوقف على القبول ويرتد بالرد لما فيه من معنى الإسقاط والتمليك
فتح
قوله ( وأنه في المتحد ) عطف على قوله إنه يرتد بردها أي وظاهر ما مر أيضا أنه في المتحد مثل أمرك بيدك اليوم وغدا لا يبقى في الغد وفيه أن هذا منصوص في كلام المصنف صريحا وقوله لكن الخ استدراك على قوله لا يبقى في الغد
قوله ( إلى رأس الشهر ) أي الشهر الآتي
قوله ( بطل خيارها في اليوم الخ ) المراد باليوم والغد المجلس كما عبر به في التاترخانية لا خصوص اليوم الأول والثاني
قوله ( ولها أن تختار نفسها في الغد ) أي فقد بقي مع أنه من المتحد ح
قوله ( عند الإمام ) وكذا عند محمد
وقال أبو يوسف خرج الأمر من يدها في الشهر كله
وذكر في البدائع أن بعضهم ذكر الخلاف على العكس أي أنه يخرج الأمر في الشهر كله عندهما لا عند أبي يوسف وكذا في التاترخانية وقال إنه الصحيح
قوله ( بأنه متى ذكر الوقت ) أي كأمرك بيدك اليوم وغدا أو إلى رأس الشهر اعتبر تعليقا أي والتعليق لا يرتد بالرد وإلا أي وإن لم يذكر الوقت كأمرك بيدك يعتبر تمليكا أي والتمليك يرتد قبل قبوله كما مر وفيه نظر من وجهين الأول أن القبول هنا بمعنى اختيارها أحد الأمرين نفسها أو زوجها فإذا قالت اخترت زوجي وجد القبول فلا تملك الرد بعده باختيارها نفسها فلا فرق حينئذ بين اعتبار التعليق والتمليك فليتأمل
الثاني ما أورده ح من أن هذا التوجيه لا يدفع التناقض بين ما في المتن وما في الولوالجية لأنه يقتضي أن يبقي الأمر بيدها في الغد إذا اختارت زوجها اليوم في أمرك بيدك اليوم وغدا مع أنه خلاف ما نص عليه المصنف
وأجاب ط بأن مقصود الشارح ثبوت التناقض لا دفعه
____________________
(3/328)
أقول والجواب عن التناقض أن الخلاف جار في مسألة المتن أيضا كما قدمناه عن الهداية
وفي البدائع ولو قال أمرك بيدك اليوم وغدا فهو على ما مر من الاختلاف وصرح به الولوالجي أيضا فقال في مسألة اليوم وغدا لو ردت الأمر في اليوم يبقى في الغد
وفي الجامع الصغير لا يبقى وعليه الفتوى اه
وقد علمت مما مر من حكاية الخلاف في مسألة الشهر أن الأمر لا يبقى في الغد عندهما خلافا لأبي يوسف فافهم
قوله ( بقي لو طلقها بائنا الخ ) قيد بالبائن لأنه لو طلقها رجعيا بقي أمرها قولا واحدا ح
وأراد الشارح الجواب عن مناقضة أخرى بين كلامهم فإن العمادي ذكر في فصوله أنه لو قال أمرك بيدك ثم طلقها بائنا خرج من يدها في ظاهر الرواية قال في موضع آخر لا يخرج ثم وفق بحمل الأول على التفويض المنجز والثاني على المعلق
قال في النهر وأصله ما مر من أن البائن لا يلحق البائن إلا إذا كان معلقا
قوله ( لكن في البحر الخ ) استدراك على توفيق العمادي فإنه صرح في القنية بأنه إذا قال إن فعلت كذا فأمرك بيدك ثم طلقها قبل وجود الشرط طلاقا بائنا ثم تزوجها يبقى الأمر في يدها ثم رقم لا يبقى في ظاهر الرواية فهذا صريح في أن المعلق يخرج كالمنجز في ظاهر الرواية
قال في البحر فالحق أن المسألة اختلاف الرواية وأن ظاهر الرواية بطلانه بالإبانة لو طلقت نفسها في العدة لا بعد زوج آخر لقولهم إن زوال الملك بعد اليمين لا يبطلها والتخيير بمنزلة التعليق
وأجاب في النهر بأن ما في القنية مبني على الطلاق وظاهر الرواية وهو مقيد بما مر من التوفيق
قلت ويؤيده ما في شرح المقدسي على الخلاصة
قال السرخسي قال لامرأته اختاري ثم طلقها بائنا بطل الخيار وكذا الأمر باليد ولو رجعيا لا يبطل أصله أن البائن لا يلحق البائن فلو تزوجها في العدة أو بعدها لا يعود الأمر بخلاف ما إذا كان الأمر معلقا بشرط ثم أبانها ثم وجد الشرط
وفي الإملاء لو قال اختاري إذا شئت أو أمرك بيدك إذا شئت ثم طلقها واحدة بائنة ثم تزوجها واختارت نفسها عند أبي حنيفة تطلق بائنا
وعند أبي يوسف لا
قال الإمام السرخسي قوله ضعيف اه
فظهر بهذا قوة ما وفق به في الفصول
فإن قلت نفس الاختيار فيه معنى التعليق فينبغي أن لا يكون فرق
قلنا الفرق بين التعليق الصريح وما فهي معنى التعليق ظاهر لا يخفى على من عنده نوع تحقيق
ولبعضهم هنا كلام يغني النظر إليه عن التكلم عليه اه
والظاهر أنه أراد بالبعض صاحب البحر فإن ما ذكره من عدم الفرق بين المنجز والمعلق وتقييده البطلان بما إذا طلقت نفسها في العدة لا بعدها بناء على أن التخيير بمنزلة التعليق يرده صريح كلام السرخسي فافهم
قوله ( صح ) مقيد بما إذ ابتدأت المرأة فقالت زوجت نفسي منك على أن أمري بيدي أطلق نفسي كلما أريد أو على أني طالق فقال الزوج قبلت أما لو بدأ الزوج لا تطلق ولا يصير الأمر بيدها كما في البحر عن الخلاصة والبزازية
قوله ( لم تسمع ) أي لعدم حصول ثمرته ط
قوله ( بحكم الأمر ) الباء للسببية لأن حكم الشيء ثمرته وأثره المترتب عليه وحكم الأمر ملكها طلاق نفسها
قوله ( ثم ادعته ) أي ادعت الجعل المذكور أو الطلاق
قوله ( فالقول لها ) لأنه وجد
____________________
(3/329)
سببه بإقراره وهو التخيير فالظاهر عدم الاشتغال بشيء آخر
بحر
ولأنه لما أقر بالتخيير والطلاق صار بإنكاره مدعيا بطلان السبب والأصل عدمه وهذا بخلاف ما لو قال لقنه جعلت أمرك بيدك في العتق أمس فلم تعتق نفسك وقال القن فعلت لا يصدق إذ المولى لم يقر بعتقه لأن جعل الأمر بيده لا يوجب العتق ما لم يعتق الق نفسه والمولى ينكره بخلاف الطلاق فإنه أقربه وادعى إبطاله فلم يقبل منه كما أوضحه في البحر جوابا عما في جامع الفصولين من أنه ينبغي عدم الفرق
قوله ( ثم اختلفا ) أي قال ضربتها بجناية وقالت بدونها وينبغي أن يكون ذلك بعد اختيارها نفسها كما علم مما قبله
قوله ( فالقول له ) لأنه ينكر صيرورة الأمر بيدها وإن لم يبين الجناية ولو أقامت بينة على أنه بغير جناية ينبغي أن تقبل وإن قامت على النفي لكونها على الشرط والشرط يجوز إثباته بالبينة وإن كان نفيا
نهر
عن العمادية
قوله ( كما سيجيء ) أي في باب التعليق عند قوله إلا إذا برهنت ح
قوله ( ما تريد مني ) استفهام وقوله افعل ما تريد أمر
قوله ( لم تطلق الخ ) أي لأنه وإن كان في مذاكرة الطلاق لكنه لا يتعين تفويضا لاحتمال التهكم أي افعل إن قدرت
تأمل
قوله ( لا يدخل نكاح الفضولي الخ ) في البحر عن القنية إن تزوجت عليك امرأة فأمرها بيدك فدخلت امرأة في نكاحه بنكاح الفضولي وأجاز بالفعل ليس لها أن تطلقها ولو قال إن دخلت امرأة في نكاحي فلها ذلك وكذا في التوكيل بذلك اه أي لأنه بعقد الفضولي مع عدم الإجازة بالقول لم يصدق أنه تزوجها بل صدق أنها دخلت في نكاحه ومثل دخلت قوله تحل لي لكن سيذكر في آخر كتاب الأيمان عدم الحنث مطلقا حيث قال كل امرأة تدخل في نكاحي أو تصير حلالا لي فكذا فأجاز نكاح فضولي بالفعل لا يحنث ومثله إن تزوجت امرأة بنفسي أو بوكيلي أو بفضولي أو دخلت في نكاحي بوجه ما تكن زوجته طالقا لأن قوله أو بفضولي عطف على قوله بنفسي وعامله تزوجت وهو خاص بالقول وإنما ينسد باب الفضولي لو زاد أو أجزت نكاح فضولي ولو بالفعل ولا مخلص له إلا كان المعلق طلاق المتزوجة فيرفع الأمر إلى شافعي ليفسخ اليمين المضافة اه
وحاصلة أنه إما أن يعلق طلاق زوجته أو طلاق التي يتزوجها ففي الثاني يرفع الأمر إلى شافعي وعلم أن في المسألة قولين
ووجه عدم الحنث في أو دخلت امرأة في نكاحي أن دخولها لا يكون إلا بالتزويج فكأنه قال إن تزوجتها وبتزويج الفضولي لا يصير متزوجا بخلاف كل عبد دخل في ملكي فإنه يحنث بعقد الفضولي فإن ملك اليمين لا يختص بالشراء بل له أسباب سواه وقد ذكر المصنف القولين في فتاواه ورجح القول بعدم الحنث وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام على ذلك في الأيمان
قوله ( لم يقع ) لأنه تمليك منهما وهو في معنى التعليق على فعلهما فلم يوجد المعلق عليه بفعل أحدهما والله تعالى أعلم
____________________
(3/330)
فصل في المشيئة هذا هو النوع الثالث من أنواع التفويض وليس تعليق الطلاق على المشيئة صريحا بل ما يشمله ويشمل الضمني فقد قال في كافي الحاكم وإذا قال لها طلقي نفسك ولم يذكر فيه مشيئة فذلك بمنزلة المشيئة ولها ذلك في المجلس اه أي لأنه موقوف على مشيئتها وتطليقها مشيئة ولذا قال في الكافي لو قال لها طلقي نفسك واحدة إن شئت فقالت قد طلقت نفسي واحدة فهي طالق وقد شاءت حيث طلقت نفسها اه
وبما قررناه اندفع ما أورده في النهر عن العناية من أن المناسب للترجمة الابتداء بمسألة فيها ذكر المشيئة ولا حاجة إلى ما أجاب عنه في الحواشي السعدية
من أن ذكر ما فيه المشيئة منزل مما لم تذكر فيه منزلة المركب من المفرد يعني والمفرد يسبق المركب فكذا ما نزل منزلته اه وإن أقره في النهر نعم يصلح هذا للجواب عما قد يقال لم ذكر مسائل المشيئة ضمنا قبل مسائل المشيئة صريحا وإن كان كل منهما مقصودا من هذا الباب فافهم
قوله ( أو نوى واحدة ) لو حذف هذا العلم بالأولى
نهر
قوله ( أو اثنتين في الحرة ) لأنهما في حقها عدد محض بخلاف الأمة تفتضح نية الثنتين في حقها لأنهما فرد اعتباري كالثلاث في حق الحرة
قوله ( فطلقت ) أي واحدة أو ثنتين أو ثلاثا وكل مع عدم النية أصلا أو من نية الواحدة أو الثنتين في الحرة فهي تسعة والواقع فيها طلقة رجعية
أما في الأمة فالصور أربع
أفاده ح
لأنها إما أن تطلق واحدة أو ثنتين وكل مع عدم النية أو مع نية الواحدة لكن قوله أو ثلاثا جار على قولهما بوقوع واحدة رجعية أما عند الإمام فإنها إذا طلقت ثلاثا ونوى واحدة أو لم ينو أصلا لا يقع شيء لأن موجب طلقي هو الفرد الحقيقي فيثبت وإن لم ينوه والفرد الاعتباري أعني الثلاث محتملة لا يثبت إلا بنيته فإتيانها بالثلاث حينئذ اشتغال بغير ما فوض إليها فلا يقع شيء كما أفاده في الشرنبلالية ومقتضاه أنه إذا نوى اثنتين فطلقت ثلاثا لا يقع عنده شيء أيضا فافهم
قوله ( ونواه ) أي الثلاث وأفرد الضمير باعتبار المذكور أو لأنها فرد اعتباري وقيد به احترازا عما إذا لم ينو أصلا أو نوى واحدة أو اثنتين فإنه لا يقع شيء عنده كما علمت
قوله ( وقعن ) أي الثلاث سواء أوقعتها بلفظ واحد أو متفرقا وإنما صح إرادة الثلاث لأن قوله طلقي نفسك معناه افعلي التطليق فهو مذكور لغة لأنه جزء معنى اللفظ فصح نية العموم في حق الأمة ثنتان وفي حق الحرة ثلاث
فتح
وقوله أو متفرقا يدل على أنه لو نوى الثلاث فطلقت واحدة أو ثنتين وقع ويأتي التصريح بوقوع الواحدة في طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة ويأتي تمامه
قوله ( قيد بخطابها ) أي بقوله نفسك فافهم
قوله ( وبقولها في جوابه الخ ) اعلم أنه لو قال لها طلقي نفسك فقالت في جوابه أبنت نفسي طلقت رجعية ولو قالت اخترت نفسي لم تطلق
قال في الفتح وحاصل الفرق أن المفوض الطلاق والإبانة من ألفاظه التي تستعمل في إيقاعه كناية فقد أجاب بما فوض إليها بخلاف الاختيار ليس من ألفاظ الطلاق لا صريحا ولا كناية ولهذا لو قالت أبنت نفسي توقف على إجازته ولو قالت اخترت نفسي فهو باطل ولا يلحقه إجازة وإنما صار كناية بإجماع الصحابة فيما إذا جعل جوابا للتخيير غير أنها زادت وصف تعجيل البينونة فيه فيلغو الوصف ويثبت الأصل اه
وقوله
____________________
(3/331)
ولهذا الخ استدلال على إثبات الفرق في مسألتنا بإثباته في مسألة أخرى وهي ما لو ابتدأت وقالت أبنت نفسي بدون قوله لها طلقي نفسك وقع إن أجازه أي مع النية منه وكذا منها كما قدمناه قبيل الكنايات عن تلخيص الجامع وشرحه ولو ابتدأت وقالت اخترت نفسي لا يقع وإن أجازه مع النية لأن اخترت لم يوضع كناية إلا في جواب التخيير ولهذا لو قال لها اخترتك ناويا الطلاق لم يقع بخلاف لفظ الإبانة وقوله غير أنها الخ بيان لوقوع الرجعي في مسألتنا وبما قررناه ظهر لك أنه اشتبه على الشارح مسألة الابتداء بمسألة الجواب فالصواب إسقاط قوله إن أجاز وقوله بعده وإن أجازه لأن ذلك فيما إذا ابتدأت بقولها أبنت نفسي أو فاخترت وقد ذكر المسألة قبيل الكنايات وكلامنا الآن فيما إذا قالت ذلك في جواب قوله لها طلقي نفسك ذلك لايتوقف على الإجازة أصلا ولا على نيتها الطلاق خلافا لما في النهر عن التلخيص لأن ما في التلخيص من اشتراط نيتها إنما ذكره في مسألة الابتداء لا في مسألة الجواب لأن قولها أبنت نفسي في جواب قوله طلقي نفسك غير محتاج إلى النية
وأيضا فإن الواقع هنا رجعي وفي مسألة الابتداء بائن ورأيت ط نبه على بعض ما قلنا وكذا الرحمتي فافهم
قوله ( لأنه كناية ) علة لقوله طلقت وأما علة كونها رجعية فتقدمت
قوله ( ولا كناية ) أي ليس من كنايات الطلاق بل هو كناية تفويض وإنما عرف جوابا للتخيير بلفظ اختاري بالإجماع وألحق به الأمر باليد بخلاف طلقي فإنه لا يقع الاختيار جوابا
قال في البحر وأفاد بعدم صلاحيته للجواب أن الأمر يخرج من يدها لاشتغالها بما لا يعنيها كما في الفتح ودل اقتصاره على نفي الاختيار أن كل لفظ يصلح للإيقاع من الزوج يصلح جوابا لطلقي نفسك كجواب الأمر باليد كما صرح به في الخلاصة اه
قوله ( بأنواعه الثلاث ) أي التخيير والأمر باليد والمشيئة
قوله ( لما فيه من معنى التعليق ) أو لكونه تمليكا يتم بالملك وحده بلا توقف على القبول كما علل به في الفتح وقدمناه في التفويض
قوله ( لأنه تمليك ) أي وإن صرح بلفظ الوكالة كما إذا قال وكلتك في طلاقك كما في الخانية أي لأنها عاملة لنفسها والوكيل عامل لغيره
أفاده في البحر
ثم قال والظاهر أنه لا فرق بين تعليق التطليق أو الطلاق في حق هذا الحكم أي تقييده بالمجلس لما في المحيط إذ قال لها طلقي نفسك ولم يذكر مشيئة فهو بمنزلة المشيئة إلا في خصلة وهي أن نية الثلاث صحيحة في طلقي دون أنت طالق إن شئت اه
وظاهره أنها إذا لم تشأ في المجلس خرج الأمر من يدها اه
قوله ( ونحوه الخ ) كإذا شئت أو إذا ما شئت أو حين شئت فإن لها أن تطلق في المجلس وبعده لأن هذه الألفاظ لعموم الأوقات فصار كما إذا قال في أي وقت شئت وكلما كمتى مع إفادة التكرار إلى الثلاث بخلاف إن وكيف وحيث وكم وأين وأينما فإنه في هذه يتقيد بالمجلس والإرادة والرضا والمحبة كالمشيئة بخلاف ما إذا علقه بشيء آخر من أفعالها كالأكل فإنه لا يقتصر على المجلس
نهر في الجميع بحر
فتأمله
واعلم أنه متى ذكر المشيئة سواء أتى بلفظ يوجب العموم أو لا إذا طلقت نفسها بلا قصد غلطا لا يقع بخلاف ما إذا لم يذكرها حيث يقع
قال في الفتح وقدمنا ما يوجب حمل ما أطلق من كلامهم من الوقوع بلفظ الطلاق غلطا على الوقوع قضاء لا ديانة
نهر
قوله ( مطلقا ) أي في المجلس وبعده
قوله ( وإذا قال لرجل ذلك ) اسم الإشارة راجع
____________________
(3/332)
إلى الأمر بالتطليق أي قال له طلق امرأتي قيد به احترازا عما لو قال له أمر امرأتي بيدك فإنه يقتصر على المجلس ولا يملك الرجوع على الأصح وكذا جعلت إليك طلاقها فطلقها يقتصر على المجلس ويكون رجعيا
بحر
أراد بالرجل العاقل احترازا عن الصبي والمجنون لأنه لا بد في صحة التوكيل من عقل الوكيل كما صرح به كتاب الوكالة بخلاف ما إذا جعل أمرها بيد صبي أو مجنون فإنه يصح لأنه تمليك في ضمنه تعليق فكأنه قال إن قال لك المجنون أنت طالق فأنت طالق فهذا مما خالف فيه التمليك التوكيل
أفاده في البحر وتقدم ذلك في باب التفويض لكن نقل في البحر بعد ذلك عن البزازية التوكيل بالطلاق تعليق الطلاق بلفظ الوكيل ولذا يقع منه حال سكره اه
إلا أن يقال إن هذا لا ينافي اشتراط العقل لصحة التوكيل ابتداء لكن مقتضى التعليق بلفظ الوكيل عدم اشتراط عقله لوجود المعلق عليه بالتطليق وعليه فلا فرق بين التمليك والتوكيل في ذلك فليتأمل
قوله ( إلا إذا زاد وكلما عزلتك الخ ) أي فإنه لا يقبل الرجوع ويصير لازما كما في الخلاصة وغيرها
نهر
ومقتضاه أنه لا يمكنه عزله لأنه من أنواع الرجوع ويخالفه ما في البحر عن الخانية الصحيح أنصه يملك عزله وفي طريقه أقوال
قال السرخسي يقول عزلتك عن جميع الوكالات فينصرف إلى المعلق والمنجز وقيل يقول عزلتك كما وكلتك وقيل يقول رجعت عن الوكالات المعلقة وعزلتك عن الوكالة المطلقة
قوله ( فيتقيد به الخ ) لأنه علقه بالمشيئة والمالك هو الذي يتصرف عن مشيئته
هداية
ثم اعلم أنه قال شئت لا يقع لأن الزوج أمره يتطليقها إن شاء ويوجد التطليق بقوله شئت ولو قال هي طالق إن شئت فقال شئت وقع لوجود الشرط وهو مشيئته ولو قال طلقها فقال فعلت وقع لأنه كناية عن قوله طلقت
بحر عن المحيط
وفيه عن كافي الحاكم لو وكله أن يطلق امرأته فطلقها الوكيل ثلاثا إن نوى الزوج الثلاث وقعن وإلا لم يقع شيء عنده وقالا تقع واحدة
قوله ( طلقها في مجلسه لا غير ) فلو قام من مجلسه بطل التوكيل هو الصحيح لأن ثبوت الوكالة بالطلاق بناء على ما فوض إليها من المشيئة ومشيئتها تقتصر على المجلس فكذا الوكالة كذا في الخانية
قال الحلواني ينبغي أن يحفظ هذا فإنه مما عمت به البلوى فإن الوكلاء يؤخرون الإيقاع عن مشيئتها ولا يدرون أن الطلاق لا يقع وهذا مما يستثنى من قوله لم يتقيد بالمجلس نهر وهذا مما يلغز به فيقال وكالة تقيدت بمجلس الوكيل
بحر
قوله ( وطلقت واحدة ) قال في البحر لا فرق بين الواحدة والثنتين ولو قال وطلقت أقل وقع ما أوقعته لكان أولى وأشار إلى أنها لو طلقت ثلاثا فلأنه يقع بالأولى وسواء كانت متفرقة أو بلفظ واحد اه
قوله ( وقعت ) أي رجعية لأن اللفظ صريح كذا في بعض النسخ
قوله ( لأنها ) أي الواحدة
وقال في الفتح لأنها لما ملكت إيقاع الثلاث كان لها أن توقع منها ما شاءت كالزوج نفسه اه
قال الرملي مقتضاه أن في مسألة ما إذا قالها طلقي نفسك ونوى ثلاثا فطلقت ثنتين تقع ثنتان لأنها ملكت أيضا إيقاع الثلاث فكان لها أن توقع منها ما شاءت ولم أر من نبه عليه ويدل عليه قولهم فيها إنه لا فرق بين إيقاعها
____________________
(3/333)
الثلاث بلفظ واحد أو متفرقة فإنا عند التفريق قد حكمنا بوقوع الثانية قبل الثالثة فلو اقتصرنا على الثانية تقع الثنتان فقط فلو لم تملك الثنتين لما جاز التفويض تأمل اه
قوله ( وكذا الوكيل الخ ) قال في البحر وفرق في هذا الحكم بين التمليك والتوكيل فلو وكله أن يطلقها ثلاثا فطلقها واحدة وقعت واحدة فلو وكله أن يطلقها ثلاثا بألف درهم فطلقها واحدة لم يقع شيء إلا أن يطلقها واحدة بكل الألف كذا في كافي الحاكم اه أي لأن الواحدة وإن كانت بعض ما فوض إليه لكن الزوج لم يرض بالطلاق إلا بعوض مخصوص فلا يصح بدونه
قوله ( لا يقع شيء في عكسه ) أي فيما إذا أمرها بالواحدة فطلقت ثلاثا بكلمة واحدة عند الإمام أما لو قالت واحدة وواحدة وواحدة وقعت واحدة اتفاقا لامتثالها بالأولى ويلغو ما بعده
وكذا لو قال أمرك بيدك ينوي واحدة فطلقها نفسها ثلاثا قال في المبسوط تقع واحدة اتفاقا لأنه لم يتعرض للعدد لفظا واللفظ صالح للعموم والخصوص وتمامه في البحر
قوله ( وقالا واحدة ) أي تقع واحدة
قوله ( طلقي نفسك الخ ) لا فرق في المعلق بالمشيئة بين كونه أمرا بالتطليق أو نفس الطلاق حتى لو قال لها أنت طالق ثلاثا إن شئت أو واحدة إن شئت فخالفت لم يقع شيء بحر
قوله ( وكذا عكسه ) بأن يقول طلقي نفسك واحدة إن شئت فطلقت ثلاثا
بحر
قوله ( لا يقع فيهما ) بلا خلاف في الأولى لأن تفويض الثلاث معلق بشرط هو مشيئتها إياها لأن معناه إن شئت الثلاث فلم يوجد الشرط لأنها لم تشأ إلا واحدة بخلاف ما إذا لم يقيد بالمشيئة ودخل في كلامه ما لو قالت شئت واحدة وواحدة وواحدة منفصلا بعضها عن بعض بالسكوت لأنه فاصل فلم توجد مشيئة الثلاث بخلاف المتصلة بلا سكوت لأن مشيئة الثلاث قد وجدت بعد الفراغ من الكل وهي في نكاحه ولا فرق بين المدخولة وغيرها
وأما الثانية فعدم الوقوع فيها قول الإمام وعندهما تقع واحدة
بحر
قوله ( الاشتراط الموافقة لفظا ) إنما تشترط الموافقة لفظا فيما هو أصل لا فيما هو تبع وهنا كذلك لأن الإيقاع بالعدد عند ذكره لا بالوصف فإذا أمرها بثلاث أو بالواحدة فعكست تكون قد خالفت في الأصل الذي به الإيقاع بخلاف ما مر من أنه لو قال لها طلقي نفسك فقالت أبنت نفسي فإنها تطلق لأنها خالفت في الوصف فقط فيلغو ويقع الرجعي كما مر لكن هذا يقتضي عدم الفرق بين المعلق بالمشيئة وغيره مع أنه تقدم في غير المعلق بها كطلقي نفسك ثلاثا وطلقت واحدة أنه يقع واحدة إلا أن يقال إن اشتراط الموافقة لفظا خاص بالمعلق بالمشيئة فيكون تعليقا للإتيان بصورة اللفظ كما يفيده ما يذكره الشارح قريبا عن الخانية فليتأمل
قوله ( لما في تعليق الخانية ) عبارته على ما في البحر طلقي نفسك عشرا إن شئت فقالت طلقت نفسي ثلاثا لا يقع ثم قال لو قال لها أنت طالق واحدة إن شئت فقالت شئت نصف واحدة لا تطلق اه
وبه علم أن الشارح أسقط قيد المشيئة ووجه عدم الوقوع المخالفة في اللفظ وإن وافق في المعنى لأن العشرة لا يقع منها إلا ثلاثة والنصف يقع واحدة
قوله ( أمرها ببائن أو رجعي الخ ) بأن قال لها طلقي نفسك بائنة فقالت طلقت نفسي رجعية أو قال لها رجعية فقالت طلقت نفسي بائنة وشمل ما إذا قلت أبنت نفسي لأنه راجع لما قبله وقد فرق بينهما قاضيخان في حق الوكيل فقال رجل قال لغيره طلق امرأتي رجعية فقال لها الوكيل طلقتك بائنة تقع واحدة رجعية ولو قال الوكيل أبنتها لا يقع شيء اه
ولعل الفرق بين الوكيل والمأمورة أن الوكيل بالطلاق لا يملك الإيقاع بلفظ الكناية
____________________
(3/334)
لأنها متوقفة على نيته وقد أمره بطلاق لا يتوقف على النية فكان مخالفا في الأصل بخلاف المرأة فإنه ملكها الطلاق بكل لفظ يملك الإيقاع به صريحا كان أو كناية لكنه يتوقف على وجود النقل بأن الوكيل لا يملك الإيقاع بالكناية
بحر
واعترضت في النهر بأن ما في الخانية صريح في أن الوكيل يكون مخالفا بإيقاعه بالكناية
هذا وقيد الشهاب الشلبي كلام المتن بما إذا قالت طلقت نفسي بائنة بخلاف أبنت نفسي فإنه لا يقع شيء وقال فاغتنم هذا التحرير فإنك لا تجده في شرح من الشروح ونقله الشرنبلالي وأقره
قلت لكن الشلبي قيد بذلك أخذا من كلام قاضيخان في الوكيل وهو يتوقف على ثبوت عدم الفرق بينهما وفيه ما علمت مع أنه تقدم أول الفصل أنها تطلق بقولها أبنت نفسي فليتأمل
قوله ( والأصل الخ ) قال في الفتح والحاصل أن المخالفة إن كانت في الوصف لا تبطل الجواب بل يبطل الوصف الذي به المخالفة ويقع على الأوجه الذي فوض به بخلاف ما إذا كانت في الأصل حيث يبطل كما إذا فوض واحدة فطلقت ثلاثا على قول أبي حنيفة أو فوض ثلاثا فطلقت ألفا
قوله ( خانية بحر ) أي نقله في البحر عن الخانية
وفي بعض النسخ وبحر بالواو وهي صحيحة أيضا بل أولى لأن ذلك مستفاد من مجموع الكتابين فإنه في الخانية ذكر في باب التعليق قال لها طلقي نفسك واحدة بائنة إن شئت فطلقت نفسها رجعية أو قال واحدة أملك الرجعة إن شئت فطلقت بائنة لا يقع شيء في قياس قول أبي حنيفة لأنها ما أتت بمشيئة ما فوض إليها فاستنبط منه في البحر أن ما ذكره المصنف مفروض في غير المعلق بالمشيئة فافهم
قوله ( أي لم يوجد بعد ) لما كان قوله لمعدوم صادقا على ما مضى وانقطع مع أن التعليق به تنجيز خصصه بقوله أي لم يوجد بعد ح وإنما أطلقه المصنف اعتمادا على ما ذكره في مقابله
قوله ( كإن شاء الخ ) مثل بمثالين إشارة إلى أنه لا فرق بين أن يكون المعلوم محقق المجيء أو محتملة ح
قوله ( بطل الأمر الخ ) أي حال الطلاق
قال في البحر لأنه علق الطلاق بمشيئتها المنجزة وهي أتت بالمعلقة فلم يوجد الشرط قيد بقوله شئت مقتصرة عليه لأنها لو قالت شئت طلاقي الخ وقع لأنها إذا لم تذكر الطلاق لا تعتبر النية بلا لفظ صالح للإيقاع
ويستفاد منه أنه لو قال شئت طلاقك وقع بالنية لأن المشيئة تنبىء عن الوجود لأنها من الشيء وهو الموجود بخلاف أردت طلاقك لأنه لا ينبىء عن الوجود فقد فرق الفقهاء بين المشيئة والإرادة في صفات العبد وإن كانا مترادفين في صفاته تعالى كما هو اللغة فيهما وأحببت ورضيت مثل أردت اه
قوله ( وإن قالت ) أي في المجلس بحر
قوله ( أراد بالماضي المحقق وجوده ) أي سواء وجد وانقضى مثل إن كان فلان قد جاء وقد جاء أو كان حاضرا كما مثل الشارح قوله ( مثلا ) راجع على قوله ليلا
قوله ( لأنه تنجيز ) أي لأن التعليق بكائن تنجيز ولذا صح تعليق الإبراء بكائن
ولا يرد أنه لو قال هو كافر إن كنت كذا وهو يعلم أنه قد فعله مع أن المختار أنه لا يكفر
____________________
(3/335)
لأن الكفر يبتنى على تبدل الاعتقاد وتبدله غير واقع مع ذلك الفعل وتمامه في البحر
قوله ( فردت الأمر ) بأن قالت لا أشاء
نهر
قوله ( لا يرتد ) فلها بعد ذلك أن تشاء لأنه لم يملكها في الحال شيئا بل أضافه إلى وقت مشيئتها فلا يكون تمليكا قبله فلا يرتد بالرد كاذ في الهداية
وقد يقال إنه ليس تمليكا في حال أصلا بل هو تعليق للطلاق على مشيئتها وقولها طلقت إيجاد للشرط الذي هو مشيئتها وليس الواقع إلا طلاقه المعلق نعم هذا صحيح في قوله طلقي نفسك إن شئت
فتح
وأجاب في البحر بما في المحيط من أنه يتضمن معنى التعليق وهو لازم لا يقبل الإبطال
ومعنى التمليك لأن المالك هو الذي يتصرف عن مشيئته وإرادته وهي عاملة في التطليق لنفسها والمالك هو الذي يعمل لنفسه وجواب التمليك يقتصر على المجلس
وفي الجامع أنت طالق إن شئت أو أحببت أو هويت ليس بيمين لأنه تمليك معنى تعليق صورة ولهذا يقتصر على المجلس والعبرة للمعنى دون الصورة اه
وفائدته أنه لا يحنث في يمينه لا يحلف (
) اه
أقول وقوله وجواب التمليك يقتصر على المجلس خاص بما إذا علق بأداة لا تفيد عموم الوقت كان وكيف وحيث وكم وأين بخلاف ما يدل على العموم وهو المذكور هنا وتقدم أيضا أول الفصل
قوله ( ولا يتقيد بالمجلس ) أما في كلمة متى ومتى ما فلأنها للتوقيت وهي عامة في الأوقات كلها كأنه قال في أي وقت شئت
وأما إذا وإذا ما فكمتى عندهما وعند الإمام وإن كانت تستعمل للشرط فكما تستعمل له تستعمل للوقت لكن الأمر صار بيدها فلا يخرج بالقيام عن المجلس بالشك نعم لو قال أردت مجرد الشرط لنا أن تقول يتقيد بالمجلس ويحلف لنفي التهمة
نهر
وتمامه في الفتح
قوله ( لأنها تعم الأزمان ) تعليل لعدم التقييد بالمجلس كما أن قوله لا الأفعال علة لقوله ولا تطلق إلا واحدة ط
قوله ( لا تطليقا ) كذا في بعض النسخ بالنصب عطفا على التطليق وفي أكثر النسخ لا تطليق ويمكن تأويله بجعل لا نافية للجنس والخبر محذوف دل عليه ما قبله والتقدير لا تطليق بعد تطليق مملوك لها فافهم
قوله ( ولا تجمع ولا تثني ) عبارة الهداية فلا تملك الإيقاع جملة وجمعا
قال في العناية قيل معناهما واحد وقيل الجملة أن تقول طلقت نفسي ثلاثا والجمع أن تقول طلقت نفسي واحدة وواحدة وواحدة هذا هو الظاهر اه يعني في تفسير الجمع فكأنه يشير إلى ما في الدراية حيث فسر الجمع بأن تقول طلقت وطلقت وطلقت
قال والأول أصح يعني كونهما بمعنى واحد كذا في النهر
ويمكن أن يراد بالجملة الثنتان وبالجمع الثلاث ويكون قوله ولا تجمع ولا تثني إشارة إلى ذلك
ثم اعلم أن ما في الدراية من تفسير الجمع بأن تقول طلقت وطلقت وطلقت وأن الأصح خلافه يفيد أن لها أن تطلق ثلاثا متفرقة في مجلس واحد على الأصح وإليه يشير ما في العناية أيضا حيث فسره بطلقة واحدة وواحدة وواحدة فإنه جمع لاتحاد العامل بخلاف ما في الدراية فإنه تفريق لا جمع لتكرر الفعل وعلى هذا فما في القهستاني من قوله تطلق ثلاثا متفرقة أي في ثلاثة مجالس فلا تطلق نفسها في كل مجلس أكثر من واحدة لأن كلما لعموم الإفراد فلا تطلق ثلاثا مجتمعة اه
مبني على خلاف الأصح إلا أن يحمل قوله أكثر من واحدة على المجتمعة بقرينة قوله فلا تطلق ثلاثا مجتمعة
تأمل
ويدل على ما قلنا ما في جامع الفصولين أمرك بيدك كلما شئت فلها أن تختار نفسها كلما شاءت في المجلس أو بعده حتى تبين بثلاث إلا أنها لا تطلق نفسها في دفعة واحدة أكثر من واحدة اه
____________________
(3/336)
فإن مقتضاه أن لها أن تطلق في مجلس واحد ثلاثا متفرقة إلا أن يفرق بين أنت طالق وأمرك بيدك لكن في غاية البيان قال وهذه من مسائل الجامع الصغير وصورتها محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في رجل قال لامرأته أنت طالق كما شئت قال لها أن تطلق نفسها وإن قامت من مجلسها وأخذت في عمل آخر واحدة بعد واحدة حتى تطلق نفسها ثلاثا الخ
قال في غاية البيان لأن كلمة كلما لتعميم الفعل فلها مشيئة بعد مشيئة إلى أن تستوفي الثلاث فإذا قامت من المجلس أو أخذت في عمل آخر بطلت مشيئتها المملوكة لها في ذلك المجلس بوجود دليل الإعراض ولكن لها مشيئة أخرى بحكم كلما اه
فهذا صريح في أن لها تفريق الثلاث في مجلس واحد اه
وأصرح منه ما في التاترخانية عن المحيط ولو قال لها أنت طالق كلما شئت فلها ذلك أبدا كلما شاءت في المجلس وغيره واحدة بعد واحدة حتى تطلق ثلاثا اه فافهم
تنبيه قال في الفتح فلو طلقت ثلاثا أو ثنتين وقع عندهما واحدة وعنده لا يقع شيء اه
وفي البحر عن المبسوط كلما شئت فأنت طالق ثلاثا فقالت شئت واحدة فهذا باطل لأن معنى كلامه كلما شئت الثلاث اه
قلت فأفاد أن تفريق الثلاث إنما هو فيما إذا لم يصرح بالعدد
وفي كافي الأحكام كلما شئت فأنت طالق ثلاثا فشاءت واحدة فذلك باطل وكذا فأنت طالق واحدة فشاءت ثلاثا وكذا لو قال فأنت طالق ولم يقل ثلاثا فشاءت ثلاثا اه أي جملة فلو متفرقة ولو في مجلس جاز كما علمت
قوله ( لأنها لعموم الإفراد ) بكسر الهمزة أي الانفراد كذا ضبطه الشارح في شرحه على المنار وكذا ضبطه ح وقال هو مصدر فيوافق تعبيرهم بالانفراد ويجوز فتحها اه
وفي شرح العيني لأن كلما تعم الأوقات والأفعال عموم الانفراد لا عموم الاجتماع فيقتضي إيقاع الواحدة في كل مرة إلى ما لا يتناهى إلا أن اليمين تصرف إلى الملك القائم اه
قوله ( لا يقع ) لأن التعليق إنما ينصرف إلى الملك القائم وهو الثلاث فباستغراقه ينتهي التفويض
بحر
قوله ( وإلا ) أي وإن لم تطلق نفسها أصلا أو طلقت نفسها ثلاثا في مجلس أو طلقت نفسها واحدة فقط أو ثنتين في مجلس ح
مطلب في مسألة الهدم قوله ( وهي مسألة الهدم الآتية ) أي في آخر باب الرجعة وهي أن الزوج الثاني يهدم ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث فمن طلق امرأته واحدة أو أكثر ثم عادت إليه بعد زوج آخر عادت إليه بملك جديد فيملك عليها ثلاث طلقات وهذا عندهما
وعند محمد إنما يهدم الثاني الثلاث فقط لا ما دونها فمن طلق امرأته ثنتين ثم عادت إليه بعد زوج آخر عادت إليه بما بقي وهو طلقة واحدة فإذا طلقها بعد العود طلقة واحدة لا تحرم عليه حرمة غليظة عندهما وعنده تحرم
وكذا إذا قال كلما دخلت الدار فأنت طالق فدخلتها مرتين ووقع عليها الطلاق وانقضت عدتها ثم عادت إليه بعد زوج آخر فعندهما تطلق كما دخلت الدار إلى أن تبين بثلاث طلقات خلافا لمحمد كما ذكره الزيلعي في باب التعليق عند قوله وتعليق الثلاث يبطل تنجيزه وعبارة البحر هنا قيدنا بكونه بعد الطلاق الثلاث
____________________
(3/337)
لأنها لو طلقت نفسها واحدة أو ثنتين ثم عادت إليه بعد زوج آخر فلها أن تفرق الثلاث خلافا لمحمد وهي مسألة الهدم الآتية اه
وهو موافق لما نقلناه عن الزيلعي ومثله في الفتح وغاية البيان وهذا صريح في أنها بعد العود لها أن تطلق نفسها ثلاثا متفرقة عندهما
وعند محمد تطلق ما بقي فقط
فتفريق الثلاث مبني على قولهما لا على قول محمد فافهم
ونعم يشكل على هذا التعليل المار بأن التعليق إنما ينصرف إلى الملك القائم وهو الثلاث فإنه يقتضي أنها لو طلقت نفسها ثنتين ثم عادت إليه بعد زوج آخر ليس لها أن تطلق نفسها أصلا عندهما لأنها عادت إليه بملك حادث وطلقات الملك الأول هدمها الزوج الثاني
ولا إشكال على قول محمد من أنها تطلق واحدة فقط لأنها الباقية لكون الزوج الثاني لم يهدم ما دون الثلاث عنده
ثم رأيت المحقق في الفتح أفاد الجواب عن ذلك في باب التعليق بما حاصله أن قولهم إن المعلق طلقات هذا الملك الثلاث مقيد بما دام ملكا لها فإذا زال ملكه لبعضها صار المعلق ثلاث مطلقة
قوله ( لأنهما للمكان ) فيحث ظرف مكان مبني على الضم وأين ظرف مكان يكون استفهاما فإذا قيل أين زيد لزم الجواب بتعيين مكانه ويكون شرطا وتزاد فيه ما فيقال أينما تقم أقم
بحر عنالمصباح
قوله ( ولا تعلق للطلاق به ) ولذا لو قال أنت طالق بمكة أو في مكة كان تنجيزا للطلاق كما مر فتكون طالقا في كل مكان في الحال بخلاف الزمان فإن الطلاق يتعلق به
قوله ( فجعلا مجازا عن إن الخ ) جواب عن إيرادين
أحدهما أنه إذا ألغى ذكر المكان صار أنت طالق شئت وبه يقع الحال كأنت طالق دخلت الدار
ثانيهما أنه إذا كان مجازا عن الشرط فلم حمل على إن دون متى مما لا يبطل بالقيام عن المجلس والجواب عن الأول أنه جعل الظرف مجازا عن الشرط لأن كلا منهما يفيد ضربا من التأخير وهو أولى من إلغائه بالكلية
وعن الثاني بأن حمله على إن أولى لأنها أم الباب ولأنها حرف الشرط وفيه يبطل بالقيام
أفاده في الفتح
قوله ( ويقع في الحال رجعية الخ ) أي تطلق طلقة رجعية بمجرد قوله ذلك شاءت أو لا ثم إن قالت شئت بائنة أو ثلاثا وقد نوى الزوج ذلك تصير كذلك للموافقة وهذا عنده
أما عندهما فما لم تشأ لم يقع شيء فعنده أصلا الطلاق لا يتعلق بمشيئتها بل صفته وعندهما يتعلقان معا وتمامه في الفتح وكتبت في حاشيتي على شرح المنار الفرق بين هذا التفويض وعامة التفويضات حيث لم تحتج إلى نية الزوج أن المفوض ها هنا حال الطلاق وهو متنوع بين البينونة والعدد فيحتاج إلى النية لتعيين أحدهما بخلاف عامة التفويضات
قوله ( وإلا فرجعية ) صادق بما إذا شاءت خلاف ما نوى وربما إذا لم ينو شيئا والمراد الأول لما في الفتح وإن اختلفا بأن شاءت بائنة والزوج ثلاثا أو على القلب فهي رجعية لأنه لغت مشيئتها لعدم الموافقة فبقي إيقاع الزوج بالصريح ونيته لا تعمل في جعله بائنا أو ثلاثا ولو لم تحضر الزوج نية لم يذكره في الأصل ويجب أن تعتبر مشيئتها حتى لو شاءت بائنة أو ثلاثا ولم ينو الزوج يقع ما أوقعت بالاتفاق الخ اه
قوله ( لو موطوءة ) قيد لقوله رجعية في الموضعين وتقدم في باب المهر نظما أن المختلى بها كالموطوءة في لزوم العدة وكذا في وقوع طلاق آخر في عدتها فافهم قوله ( وإلا ) أي بأن كانت غير مدخول بها طلقت طلقة بائنة وخرج الأمر من يدها لفوات محليتها بعدم العدة كذا في الفتح
أما المختلى بها فتلزمها العدة كما علمت فتطلق رجعية ولا يخرج الأمر من يدها فافهم
قوله ( وقول الزيلعي ) عبارته وثمرة الخلاف تظهر في موضعين
____________________
(3/338)
فيما إذا قامت عن المجلس قبل المشيئة وفيما إذا كان ذلك قبل الدخول فإنه يقع عنده طلقة رجعية وعندهما لا يقع شيء والرد كالقيام اه ح
قوله ( لها أن تطلق ما شاءت ) أي واحدة أو ثنتين أو ثلاثا ويتعلق أصل الطلاق بمشيئتها بالاتفاق بخلاف مسألة كيف شئت على قوله لأن كم اسم للعدد وما شئت تعميم للعدد والواحد عدد على اصطلاح الفقهاء فكان التفويض في نفس العدد والواقع ليس إلا العدد إذا ذكر فصار التفويض في نفس الواقع فلا يقع شيء ما لم تشأ
فتح
تنبيه لم يذكر اشتراط النية من الزوج وشرطه الشارح في شرحه على المنار وكذا في شرح المرقاة
وذكر في الكشف أنه رأى بخط شيخه معلما بعلامة البزدوي أن مطابقة إرادة الزوج شرط لأنه لما كان للعدد المبهم احتيج إلى النية وأقره في التقرير لكن ظاهر الهداية والفتح وغيره أنه لا يشترط واستظهره صاحب البحر في شرحه على المنار لأنه لا اشتراك لأن المفوض إليها القدر فقط وله أفراد فلا إبهام بخلافه في كيف لأن المفوض إليها الحال وهو مشترك كما قدمناه
قلت وهو ظاهر المتون أيضا
قوله ( في مجلسها ) لأنه تمليك فيقتصر عليه كما مر
قوله ( ولم يكن بدعيا ) قال في البحر وأفاد بقوله ما شاءت أن لها أن تطلق أكثر من واحدة من غير كراهة ولا يكون بدعيا إلا ما أوقعه الزوج لأنها مضطرة إلى ذلك لأنها لو فرقت خرج الأمر من يدها اه
قلت كذا لو كانت حائضا وقد مر التصريح به في أول الطلاق قال ط ويقال نظير ذلك في كيف شئت السابق إذا وقعت ثلاثا مع النية
قوله ( وإن ردت ) بأن قالت لا أطلق
فتح
قوله ( بما يفيد الإعراض ) كالنوم والقيام عن المجلس
قوله ( لأنه تمليك في الحال ) احتراز عن إذا ومتى يعني هذا تمليك منجز غير مضاف إلى وقت في المستقبل فاقتضى جوابا في الحال
فتح
قوله ( والأول أظهر ) لأنه لو كان المراد البيان لكفى قوله طلقي ما شئت كما في النهر عن التحرير ح
مطلب أنت طالق إن شئت وإن لم تشائي قوله ( إن شئت وإن لم تشائي ) اعلم أنه إذا جعل المشيئة وعدمها شرطا واحدا أو المشيئة والإباء فإنها لا تطلق أبدا للتعذر كأنت طالق إن شئت ولم تشائي أو إن شئت أو أبيت وإن كرر إن وقدم الجزاء كأنت طالق إن شئت وإن لم تشائي فشاءت في مجلسها أو لم تشأ تطلق لأنه جعل كلا منهما شرطا على حدة كقوله أنت طالق إن دخلت الدار أو لم تدخلي وإن آخر الجزاء كإن شئت وإن لم تشائي فأنت طالق لا تطلق أبدا لأنه مع التأخير صارا كشرط واحد وتعذر اجتماعهما بخلاف ما إذا أمكن فلا تطلق حتى يوجدا كإن أكلت وإن شربت فأنت طالق وإن كرر إن وأحدهما المشيئة والآخر الإباء كأنت طالق إن شئت وإن أبيت وقع شاءت أو أبت وإن سكتت حتى قامت من المجلس لا يقع لأن كلا منهما شرط على حدة والإباء فعل كالمشيئة فأيهما وجد لا يقع وإذا انعدما لا يقع وكذا لو لم يكرر إن وعطف بأو كأنت طالق إن شئت أو أبيت لأنه علقه بأحدهما ولو قال إن شئت
____________________
(3/339)
فأنت طالق وإن لم تشائي فأنت طالق طلقت للحال بخلاف إن كنت تحبين الطلاق فإنت طالق وإن كنت تبغضين فأنت طالق لأنه يجوز أن لا تحب ولا تبغض فلم يتيقن شرط الوقوع ولايجوز أن تشاء ولا تشاء فيكون أحد الشرطين ثابتا لا محالة فوقع ولو قال أنت طالق إن أبيت أو كرهت فقالت أبيت تطلق ولو قال إن لم تشائي فأنت طالق فقالت لا أشاء لا تطلق لأن أبيت صيغة لإيجاد الإباء فقد علق بالإباء منها وقد وجد فوقع وقوله وإن لم تشائي صيغة للعدم لا للإيجاد فصار بمنزلة إن لم تدخلي الدار وعدم المشيئة لا يتحقق بقولها لا أشاء لأن لها أن تشاء من بعد وإنما يتحقق بالموت
بحر عن المحيط
وذكر بعده أنه لو علقه بعدم مشيئة نفسه فهو كذلك بخلاف إن لم يشأ فلان فقال لا أشاء
والفرق أن شرط البر في الأجنبي مشيئة طلاقها في المجلس وبقوله لا أشاء تبدل المجلس لأنه اشتغال بما لا يحتاج إليه إذ يكفيه في الإيقاع السكوت حتى يقوم
قوله ( لم تطلق ) محله ما إذا قالت لا أحب ولا أبغض أو سكتت أما لو قالت أحب أو أبغض طلقت لأن التعليق بالمحبة ونحوها تعليق على الإخبار بذلك ولو كان مخالفا لما في الواقع كما سيأتي
قوله ( ولا يجوز أن تشاء ولا تشاء ) لأن المشيئة تنبىء عن الوجود ولا واسطة بين الوجود وعدمه
قوله ( أو أشدكما بغضا له ) هذه مسألة ثانية وقوله فقالت كل أنا أشد حبا له الخ جواب المسألة الأولى وترك جواب المسألة الثانية لكونه معلوما بالمقايسة تقديره فقالت كل أنا أشد بغضا له لم يقع لدعوى كل أن صاحبتها أقل بغضا منها فلم يتم الشرط ح
قوله ( فقالت كل الخ ) أي وكذبهما الزوج كما قيده في حاكم الحاكم ومقتضاه لو صدقتهما وقع عليهما لأن أفعل التفضيل ينتظم الواحد ولأكثر كما سيأتي في الوقف فيما لو شرط النظر للأرشد
تأمل
قوله ( فلم يتم الشرط ) لأنها غير مصدقة في الشهادة على صاحبتها
بحر أي لأنها لا تكون أشد حبا أو بغضا إلا إذا كانت الأخرى أقل وهي لا تصدق على ما في قلب الأخرى فلم يثبت كونها أشد من الأخرى ويقال في الأخرى كذلك فلم يثبت أشدية واحدة منهما فلم يتم شرط الوقوع على واحدة منهما ومقتضى التعليل أنه لو قالت واحدة منهما فقط أنا أشد لم يقع عليها إلا أن يقال في أن دعوى كل منهما تكذيب كل للأخرى بخلاف دعوى إحداهما وسيأتي في التعليق أنه لو قال إن كنت تحبين كذا فأنت كذا وفلانة فقالت أحب تصدق في حق نفسها
تأمل ( ثم التعليق بالمشيئة الخ ) وكذا التعليق بكل ما هو من المعاني التي لا يطلع عليها غيرها
بحر ط
قوله ( فيتقيد بالمجلس ) وكذا إذا كانت كاذبة في الإخبار بالمحبة والبغض يقع بخلاف التعليق بالحيض ونحوه ثم إن هذا تفريع على التمليك قيل والأولى زيادة ولا يملك الرجوع عنه ليتفرغ على كونه تعليقا فإنه ظهر من تفريعه على التمليك
قلت وفيه أن المراد بيان ما خالف التعليق بهذه المذكورات التعليق بغيرها وعدم الرجوع عنه مما توافق فيه الجميع فافهم
قوله ( بخلاف التعليق بغيرها ) كالتعليق على الحيض أو على دخول الدار فإنه تعليق محض لا يتقيد بالمجلس وكذا لا يقع في نفس الأمر بالإخبار كذبا كما سيأتي والله سبحانه وتعالى أعلم
____________________
(3/340)
باب التعليق ذكره بعد بيان تنجيز الطلاق صريحا وكناية نه مركب ذكر الطلاق والشرط فأخره عن المفرد
نهر
مطلب فيما لو حلف لا يحلف فعلق قوله ( من علقه تعليقا ) كذا في البحر والأولى أن يقول وهو مصدر علقه جعله معلقا ط أي لأن كلامه يوهم اشتقاق المصدر من الفعل وهو خلاف المختار لكن المراد بيان المادة لإفادة أن المراد به لغة مطلق التعليق الشامل للحسي والمعنوي
قوله ( واصطلاحا ربط الخ ) فهو خاص بالمعنوي والمراد بالجملة الأولى في كلامه جملة الجزاء وبالثانية جملة الشرط وبالمضمون ما تضمنته الجملة من المعنى فهو في مثل إن دخلت الدار فأنت طالق ربط حصول طلاقها بحصول دخولها الدار
قوله ( ويسمى يمينا مجازا ) لما في النهر من أن التعليق في الحقيقة إنما هو شرط جزافا فإطلاق اليمين عليه مجاز لما فيه من معنى السببية اه
وفيه أن هذا بيان للجملة الشرطية المتضمنة للتعليق المعرف بالربط الخاص كما علمت وهذا الربط يسمى يمينا
قال في الفتح إن اليمين في الأصل القوة وسميت إحدى اليدين باليمين لزيادة قوتها على الأخرى وسمي الحلف بالله تعالى يمينا لإفادته القوة على المحلوف عليه من الفعل أو الترك بعد تردد النفس فيه ولا شك في أن تعليق المكروه للنفس على أمر بحيث ينزل شرعا عند نزوله يفيد قوة الامتناع عن ذلك الأمر وتعليق المحبوب لها أي للنفس على ذلك يفيد الحمل عليه فكان يمينا اه لكن هذا يحتمل أنه حقيقة أو مجازا في اللغة
وفي أيمان البحر ظاهر ما في البدائع أن التعليق يمين في اللغة أيضا قال لأن محمدا أطلق عليه يمينا وقوله حجة في اللغة اه
فأفاد أنه يمين لغة واصطلاحا ولذا قال في معراج الدراية اليمين يقع على الحلف بالله تعالى وعلى التعليق
قلت لكن مقتضى كلام الفتح المر أن المراد به التعليق على أمر اختياري للمعلق ليفيد قوة الامتناع عن الأمر المحلوف عليه أو قوة الحمل عليه نحو إن بشرتني بكذا فأنت حر فغيره من التعليق لا يسمى يمينا مثل إن طلعت الشمس أو إن حضت فأنت كذا لكن في تلخيص الجامع وشرحه للفارسي لو حلف لا يحلف بيمين حنث بتعليق الجزاء بما يصلح شرطا سواء كان الشرط فعل نفسه أم فعل غيره أم مجيء الوقت كأنت طالق إن دخلت أو إن قدم زيد أو إذا جاء غد وكذا إذا جاء رأس الشهر أو إذا أهل الهلال والمرأة عن ذوات الحيض دون الأشهر لوجود ركن اليمين وهو تعليق الجزاء ووجود اليمين شرط الحنث فيحنث إلا أن يعلق بعمل من أعمال القلب كإن شئت أو أردت أو أحببت أو هويت أو رضيت أو بمجيء الشهر كإذا جاء رأس الشهر والمرأة من ذوات الأشهر فلا يحنث أما الأول فلأنه مستعمل في التمليك ولذا يقتصر على المجلس فلم يتمحض للتعليق وأما الثاني فلأنه مستعمل في بيان وقت السنة لأن رأس الشهر في حقها وقت وقوع الطلاق السني فلم يتمحض للتعليق وبهذا لم يحنث بتعليق الطلاق بالتطليق كأنت طالق إن طلقتك لاحتمال إرادة الحكاية عن الواقع من كونه مالكا لتطليقها فلم يتمحض للتعليق ولا بقوله لعبده إن أديت إلي ألفا فأنت حر وإن عجزت فأنت رقيق وإن وجد
____________________
(3/341)
الشرط والجزاء لأنه تفسير الكتابة فلم يتمحض للتعليق ولا لقوله أنت طالق إن حضت حيضة لأن الحيضة الكاملة لا وجود لها إلا بوجود جزء من الطهر فيقع في الطهر فأمكن جعله تفسيرا لطلاق السنة فلم يتمحض للتعليق وإنما لم نحنثه بما لم يتمحض للتعليق في هذه الصور لأن الحلف بالطلاق محظور وحمل كلام العاقل على وجه فيه إعدام المحظور أولى وقد أمكن حمله هنا على ما يحتمله من التمليك أو التفسير فلا يحمل على الحلف بالطلاق وإنما حنث في قوله إن حضت فأنت طالق لوجود شرط الحنث وهو اليمين بذكر ركنه وهو الجزاء والشرط وقوله إن حضت لا يصلح تفسيرا للطلاق البدعي لتنوع البدعي إلى أنواع فلم يمكن جعله تفسيرا بخلاف السني فإنه نوع واحد وإنما حنث فيما لو قال لها أنت طالق إن طلعت الشمس مع أن معنى اليمين وهو الحمل أو المنع مفقود ومع أن طلوع الشمس متحقق الوجود لا يصلح شرطا لأنه لا حظر في وجوده
لأنا نقول الحمل والمنع ثمرة اليمين وحكمته فقد قتم الركن في اليمين دون الثمرة والحكمة إذا الحكم الشرعي في العقود الشرعية يتعلق بالصورة لا بالثمرة والحكمة ولذا لو حلف لا يبيع فباع فاسدا حنث لوجود ركن البيع وإن كان المطلوب منه وهو انتقال الملك غير ثابت ولا تسلم عدم الخطر لاحتمال قيام الساعة في كل زمان اه
ملخصا
مطلب لا يحنث بتعليق الطلاق بالتطليق وحاصله أن كل تعليق يمين سواء كان تعليقا على فعله أو فعل غيره أو على مجيء الوقت وإن لم توجد فيه ثمرة اليمين وهي الحمل أو المنع فيحنث به في حلفه لا يحلف إلا إذا أمكن صرفه عن صورة التعليق إلى جعله تمليكا أو تفسيرا لطلاق السنة أو لبيان الواقع أو للكتابة كما في هذه المسائل الخمس المستثناة كما سيأتي في كتاب الأيمان إن شاء الله تعالى وبهذا يتضح ما قاله في البحر من أن تعبير المصنف بالتعليق أولى من قول الهداية باب اليمين بالطلاق لأن التعليق يشمل الصوري كهذه الخمس وبعضها قد ذكر في هذا الباب مع أنها ليست يمينا كما علمت وقوله في النهر إنه لا يحنث فيها لأنها ليست يمينا عرفا فلا ينافي كونها يمينا في اصطلاح الفقهاء ساقط لما علمت من أن عدم الحنث فيها لعدم تمحضها تعليقا وأنها ليست يمينا عندهم
وأيضا لو كان ذلك مبنيا على العرف فما الفرق في العرف بين إن حضت وإن حضت حيضة حتى كان الأول يمينا دون الثاني
قوله ( كون الشرط ) أي مدلول فعل الشرط
قوله ( على خطر الوجود ) أي مترددا بين أن يكون وأن لا يكون لا مستحيلا ولا متحققا لا محالة لأن الشرط للحمل والمنع وكل منهما لا يتصور فيهما
شرح التحرير
قوله ( فالمحقق ) محترز قوله معدوما ح
قوله ( تنجيز ) ليس على إطلاقه بل فيما لبقائه حكم ابتدائه كقوله لعبده إن ملكتك فأنت حر عتق حين سكت وقوله لها إن أبصرت أو سمعت أو صححت وهي بصيرة أو سمعية أو صحيحة طلقت الساعة لأن ذلك أمر يمتد فكان لبقائه حكم الابتداء بخلاف إن حضت أو مرضت وهي حائض أو مريضة فعلى حيضة مستقبلة لأن الحيض والمرض مما لا يمتد
أفاده في البحر
ووجهه كما في الخانية أن الحيض والمرض وإن كان يمتد إلا أن الشرط لما علق بالجملة أحكاما لا تتعلق بكل جزء منه فقد جعل الكل شيئا واحدا فافهم
قوله ( والمستحيل ) محترز قوله ( على خطر الوجود ) ح
قوله ( لغو ) فلا يقع أصلا لأن غرضه منه تحقيق النفي حيث علقه بأمر محال وهذا يرجع إلى قولهما إمكان البر شرط انعقاد اليمين خلافا لأبي يوسف
وعلى هذا ظهر ما في الخانية لو قال لها إن لم تردي علي الدينار الذي أخذتيه من كيسي فأنت
____________________
(3/342)
طالق فإذا الدينار في كيسه لا تطلق
بحر
ومنه ما في القنية سكران طرق الباب فلم يفتح له فقال إن لم تفتحي الباب الليلة فأنت طالق ولم يكن في الدار أحد لا تطلق نهر ومنه مسائل ستأتي في الفروع آخر الباب
مطلب إن لم تتزوجي بفلان فأنت طالق تنبيه في فتاوى الكازروني عن فتاوى المحقق عبد الرحمن المرشدي أنه سئل عمن قال لزوجته أنت طالق إن لم تتزوجي بفلان
فأجاب لا خفاء في أن مراد الزوج بهذا التعليق إنما هو عدم تزوجها بفلان بعد زوال سلطانه عنها بانفصال العصمة وانقضاء العدة وهي حينئذ في غير ملكه فيكون لغوا فيلغو الشرط ويبقى قوله أنت طالق فتطلق منجزا كما اختاره بعض المتأخرين من علماء اليمن بناء استحالة وجود الشرط المعلق عليه الطلاق حالة بقائها في عصمة الزوج واختار بعض منهم صحة التعليق وجعله ممكنا وأوقع الطلاق في آخر جزء من حياته أو حياتها لأنه في معنى العدم والعدم متحقق مستمر لكنه لما علقه بالمستقبل صلح جميع زمان لاستقبال لوجوده فلا يتعين له وقت آخر إلى أن ينتهي إلى آخر جزء من الحياة فيتضيق فيقع
ولحظ بعضهم أنه شرط إلزامي فكأنه يريد إلزامها بعدم تزوجها بفلان وهو إلزام ما لا يلزم فيلغو ويقع الطلاق منجزا
أقول ولو قيل بأن مراد الزوج التعليق بعدم إرادتها التزوج بفلان بعد الطلاق صونا لكلام العاقل عن الإلغاء لم يبعد ويكون في ذلك القول قولها مع يمينها كما في نظائره من الأمور القلبية نحو إن كنت تحبيني فإن قالت له لم أرد التزوج به بعدك وقع الطلاق وإلا فلا اه
ملخصا
ثم نقل الكازروني هذه المسألة ثانيا عن الحدادي صاحب الجوهرة أجاب عنها سراج الدين الهاملي رواية عن شيخه علي بن نوح بأنها تطلق وتتزوج من أرادت
قال الكازروني وهو الذي ينبغي أن يعول عليه أي بناء على أنه تعليق بمستحيل أو شرط إلزامي
قوله ( وكونه متصلا الخ ) أي بلا فاصل أجنبي وسيأتي الكلام عليه عند قوله قال لها أنت طالق إن شاء الله متصلا
مطلب التعليق المراد به المجازاة دون الشرط قوله ( وأن لا يقصد به المجازاة الخ ) قال في البحر فلو سبته بنحو قرطبان وسفلة فقال إن كنت كما قلت فأنت طالق تنجز سواء كان الزوج كما قالت أو لم يكن لأن الزوج في الغالب لا يريد إلا إيذاءها بالطلاق فإن أراد التعليق يدين وفتوى أهل بخارى عليه كما في الفتح اه يعني على أنه للمجازاة دون الشرط كما رأيته في الفتح وكذا في الذخيرة
وفيها والمختار والفتوى أنه إن كان في حالة الغضب فهو على المجازاة وإلا فعلى الشرط اه
ومثله في التاترخانية عن المحيط
وفي الولوالجية إن أراد التعليق لا يقع ما لم يكن سفلة وتكلموا في معنى السفلة
عن أبي حنيفة أن المسلم لا يكون سفلة إنما السفلة الكافر وعن أبي يوسف أنه الذي لا يبالي ما قال وما قيل له
وعن
____________________
(3/343)
محمد أنه الذي يلعب بالحمام ويقامر
وقال خلف إنه من إذا دعي لطعام يحمل من هناك شيئا
والفتوى على ما روي عن أبي حنيفة لأنه هو السفلة مطلقا اه
والقرطبان الذي لا غيرة له
قوله ( تنجيز ) الأولى تنجز بصيغة الماضي لأنه جواب قوله فلو قال
قوله ( وذكر المشروط ) أي فعل الشرط لأنه مشروط لوجود الجزاء
قوله ( لغو ) أي فلا تطلق لأنه ما أرسل الكلام إرسالا وكذا لو قال أنت طالق ثلاثا لو لا أو وإلا أو إن كان أو إن لم يكن
بحر
قوله ( به يفتى ) هو قول أبي يوسف
وقال محمد تطلق للحال
( بحر )
قوله ( ووجود رابط ) أي كالفاء وإذا الفجائية ح
قوله ( كما يأتي ) أي عند قوله وألفاظ الشرط ح
قوله ( شرطه الملك ) أي شرط لزومه فإن التعليق في غير الملك والمضاف إليه صحيح موقوف على إجازة الزوج حتى لو قال أجنبي لزوجة إنسان إن دخلت الدار فأنت طالق توقف على الإجازة فإن أجازه لزم التعليق فتطلق بالدخول بعد الإجازة لا قبلها وكذا الطلاق المنجز من الأجنبي موقوف على إجازة الزوج فإذا أجازه وقع مقتصرا على وقت الإجازة بخلاف البيع فإنه بالإجازة يستند إلى وقت البيع
والضابط فيه أن ما صح تعليقه بالشرط يقتصر وما لا يصح يستند
بحر
قوله ( حقيقة ) أشار إلى أن المراد ما يشمل تعليق الطلاق والعتق وكذا النذر كإن شفي الله مريضي فلله علي أن أتصدق بهذا الثوب اشترط ملكه له حالة التعليق
أفاده الرحمتي
قوله ( أو حكما ) أي أو كان الملك حكما كملك النكاح فإنه ملك انتفاع بالبضع لا ملك رقبة
ثم إن هذا الحكمي إن كان النكاح قائما فهو حكمي حقيقة وإن كان بعد الطلاق وهي في العدة فهو حكمي حكما وإلى هذا أشار بقوله لو حكما ط
قوله ( لمنكوحته أو معتدته ) فيه نشر مرتب
قال في البحر وقدمنا آخر الكنايات عند قوله والصريح يلحق الصريح أن تعليق طلاق المعتدة فيها صحيح في جميع الصور إلا إذا كانت معتدة عن بائن وعلق بائنا كما في البدائع اعتبارا للتعليق بالتنجيز
قوله ( أو الإضافة إليه ) بأن يكون معلقا بالملك كما مثل وكقوله إن صرت زوجة لي أو سبب الملك كالنكاح أي التزوج وكالشراء في إن اشتريت عبدا بخلاف قوله لعبد مورثه إن مات سيدك فأنت حر فإنه لا يصح التعليق لأن الموت ليس بموضوع للملك بل لإبطاله
ثم اعلم أن المراد هنا بالإضافة معناها اللغوي الشاملة للتعليق المحض وللإضافة الاصطلاحية كأنت طالق يوم أتزوجك كما أشار إليه في الفتح وقد أطال في البحر في بيان الفرق بينهما فراجعه
قوله ( كذلك ) أي عاما أو خاصا وأشار بذلك إلى خلاف مالك رحمه الله حيث خصه بالخاص بامرأة أو بمصر أو قبيلة أو بكارة أو ثيوبة ككل بكر أو ثيب قوله ( كإن نكحت امرأة ) أي فهي طالق وحذفه لدلالة ما بعده عليه
قوله ( أو إن نكحتك ) لا فرق بين كونها
____________________
(3/344)
أجنبية أو معتدة كما في البحر
قوله ( وكذا كل امرأة ) أي إذا قال كل امرأة أتزوجها طالق والحيلة فيه ما في البحر من أنه يزوجه فضولي ويجيز بالفعل كسوق الواجب إليها أو يتزوجها بعدما وقع الطلاق عليها لأن كلمة كل لا تقتضي التكرار اه
وقدمنا قبل فصل المشيئة ما يتعلق بهذا البحث
فرع قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق إن كلمت فلانا فكلم ثم تزوج لا يقع الطلاق عليها وإن كلم ثم تزوج ثم كلم طلقت المتزوجة بعد الكلام الأول
خانية
وانظر ما في الفصل العاشر من الذخيرة
قوله ( باسم أو نسب ) الذي في البحر وغيره ونسب بالواو
قال فلو قال فلانة بنت فلان التي أتزوجها طالق فتزوجها لم تطلق اه
أي لأنه لغا الوصف بالتزوج بقي قوله فلانة بنت فلان طالق وهي أجنبية ولم توجد الإضافة إلى الملك فلا يقع إذا تزوجها
قوله ( أو إشارة ) التعريف بالإشارة في الحاضرة وبالاسم والنسب في الغائبة حتى لو كانت المرأة حاضرة عند الحلف لا يحصل التعريف بذكر اسمها ونسبها ولا تلغو الصفة ويتعلق الطلاق بالتزوج
وعليه ما في الجامع رجل اسمه محمد بن عبد الله وله غلام فقال إن كلم غلام محمد بن عبد الله هذا أحد فامرأته طالق وأشار الحالف إلى الغلام لا إلى نفسه ثم كلم الغلام بنفسه تطلق لأن الحالف حاضر فتعريفه بالإشارة أو الإضافة ولم يوجد فبقي منكرا فدخل تحت اسم النكرة
أفاده في البحر عن جامع شيخ الإسلام
قوله ( فلغا الوصف ) أي قوله أتزوجها فصار كأنه قال هذه طالق كقوله لامرأته هذه المرأة التي تدخل الدار طالق فإنها تطلق للحال دخلت أو لا
بحر
وإنما لم تطلق الأجنبية لعدم الملك وعدم الإضافة إليه لإلغاء الوصف بخلاف امرأته
قوله ( لعدم الملك والإضافة إليه ) أما في مسألة المتن فظاهر وكذا فيما بعدها لأن الاجتماع في فراش لا يلزم كونه عن نكاح كما أن وطء الجارية لا يلزم كونه عن ملك ومثل ذلك ما لو قال لوالديه إن زوجتماني امرأة فهي طالق ثلاثا فزوجاه بلا أمره لا تطلق لأنه غير مضاف إلى ملك النكاح لأن تزويجهما له بلا أمره لا يصح
بحر عن المحيط
ثم قال لا فرق بين كونه بأمره أو بلا أمره كما في المعراج اه
قلت لكن في الخانية في صورة الأمر أن الصحيح أنه يصح اليمين وتطلق اه
وهو مشكل لأن الكلام في وجود شرط التعليق وهو الملك أو الإضافة إليه وتزويج الأبوين غير سبب للملك من كل وجه لأنه قد يكون بأمره وبدونه اللهم إلا أن يكون مراد الخانية ما إذا قال إن زوجتماني بأمري فحينئذ يصح اليمين وتطلق وإلا فلا وجه للتفصيل المذكور قبل صحة التعليق فالأوجه ما في المعراج
قوله ( وأفاد في البحر الخ ) قلت هذا العرف في دمشق الآن غير مطرد بل كان وبان نعم بقي بين أطراف الناس
وقال ط قلت العرف الجاري في مصر الآن
____________________
(3/345)
أنها تعد زائرة ولو معها شيء غير ما يطبخ
قوله ( كما لغا الخ ) أصل ذلك ما في البحر عن المعراج ولوأضافه إلى النكا لا يقع كما لو قال أنت طالق مع نكاحك أو في نكاحك ذكره في الجامع بخلاف أنت طالق مع تزوجي إياك فإنه يقع وهو مشكل
وقيل الفرق أنه لما أضاف التزوج إلى فاعله واستوفى مفعوله جعل التزويج مجازا عن الملك لأنه سببه وحمل مع على بعد تصحيحا له وفي نكاحك لم يذكر الفاعل فالكلام ناقص فلا يقدر بعد النكاح فلا يقع ويصح النكاح اه
وأشار الشارح إلى هذا الفرق بقوله لتمام الكلام الخ
ومقتضاه أنه لو قال مع نكاحي إياك أو قال مع تزوجك انعكس الحكم لكن قال ح وفي النفس من هذا التعليل شيء فإن قوله مع نكاحك على تقدير مع نكاحي إياك والمقدر كالملفوظ وإلى هذا الضعف أشار بصيغة التمريض اه
قلت الأظهر الفرق بأنه عند عدم التصريح بالفاعل يحتمل تزوجه لها أو تزوج غيره لها لكن مقتضى هذا عدم الفرق بين النكاح والتزوج في أنه إن صرح بذكر الفاعل يقع فيهما وإلا فلا فيهما فتأمل
وأقرب من هذا كله ما استنبطه بعض فضلاء الدرس أن التزوج يعقب التزويج فإذا قارن الطلاق الزوج وجد الملك قبله بالتزويج فيصح وتطلق بخلاف مع نكاحك لأنه مقارن للملك
قوله ( كمع موتي أو موتك ) لإضافته لحالة منافية للإيقاع في الأول والوقوع في الثاني كما تقدم في باب الصريح
قوله ( في المجتهى عن محمد في المضافة ) أي في اليمين المضافة إلى الملك
وعبارة المجتبى على ما في البحر وقد ظفرت برواية عن محمد أنه لا يقع وبه كان يفتي كثير من أئمة خوارزم اه
وأما ما في الظهيرية من أنه قول محمد وبه يفتى فذاك غير ما نحن فيه كما يأتي بيانه قريبا فافهم
قوله ( وللحنفي تقليده الخ ) أي تقليد الشافعي
مطلب في فسخ المضافة إلى الملك قال في البحر وللحنفي أن يرفع الأمر إلى شافعي يفسخ اليمين المضافة فلو قال إن تزوجت فلانة فهي طالق ثلاثا فتزوجها فخاصمته إلى قاض شافعي وادعت الطلاق فحكم بأنها امرأته وأن الطلاق ليس بشيء حل له ذلك ولو وطئها الزوج بعد النكاح قبل الفسخ ثم فسخ يكون الوطء حلالا إذا فسخ وإذا فسخ لا يحتاج إلى تجديد العقد ولو قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق فتزوج امرأة وفسخ اليمين ثم تزوج امرأة أخرى لا يحتاج إلى الفسخ في كل امرأة وكذا في الخلاصة
وفي الظهيرية أنه قول محمد وبقوله يفتى اه
قلت ومفهومه أن عندهما يحتاج إلى الفسخ في كل امرأة وبه صرح في الظهيرية أيضا فالخلاف هنا فيما إذا فسخ القاضي الشافعي اليمين في امرأة ثم تزوج الحالف امرأة أخرى فعندهما لا يكفي الفسخ الأول بل يقع الطلاق على الثانية ما لم يفسخ ثانيا
وعند محمد يكفي لأنها يمين واحدة فلا يحتاج إلى فسخها ثانيا وبقول محمد يفتى
ولا يخفى أن هذا مبني على صحة اليمين عنده وأنه يقع بها الطلاق فلا ينافي ما مر عن المجتبى من أن عدم الوقوع رواية عنه فمن زعم أنه في الظهيرية جعل عدم الوقوع قول محمد لا رواية عنه وأنه المفتى به فقد وهم فافهم
____________________
(3/346)
ثم قال في البحر وإذا عقد أيمانا على امرأة واحدة فإذا قضى بصحة النكاح بعده ارتفعت الأيمان كلها وإذا عقد على امرأة يمينا على حدة لا شك أنه إذا فسخ على امرأة لا ينفسخ على الأخرى وإذا يمينه بكلمة كلما فإنه يحتاج إلى تكرار الفسخ في كل يمين اه
فهي أربع مسائل في شرح المجمع للمصنف فإن أمضاه قاض حنفي بعد ذلك كان أحوط اه
ومحل الفسخ من الشافعي إذا كان قبل أن يطلقها ثلاثا لأنه لو فسخ تطلق ثلاثا بالتنجيز بعد النكاح فلا يفيد كما في الخانية
وفيها أيضا شرطه أن لا يأخذ القاضي عليه ما لا فلو أخذ لا ينفذ عند الكل إلا إن أخذ على الكتابة قدر أجرة المثل فلو أزيد لا ينفذ والأولى أن لا يأخذ مطلقا اه
تنبيه ذكر في البحر في كتاب القاضيإلى القاضي عن الولوالجية لو قال لها أنت طالق البتة فترافعا إلى قاض يراها رجعية وهو يراها بائنة فإنه يتبع رأي القاضي عند محمد فيحل له المقام معها
وقيل إنه قول أبي حنيفة
وعند أبي يوسف لا يحل هذا إن قضى له فإن قضى عليه بالبينونة والزوج لا يراها يتبع القاضي إجماعا هذا كمله إذا كان الزوج عالما له رأى واجتهاد فلو عاميا اتبع رأي القاضي سواء قضى له أو عليه وهذا إذا قضى له أما إذا أفتى له فهو على الاختلاف السابق لأن قول المفتي في حق الجاهل بمنزلة رأيه واجتهاده اه أي فيلزم الجاهل اتباع قول المفتي كما يلزم العالم اتباع رأيه واجتهاده وبهذا علم أنه لا حاجة إلى التقليد مع القضاء لأن القضاء ملزم سواء وافق رأي الزوج أو خالفه وكذا مع الإفتاء لو الزوج جاهلا
قوله ( بل محكم ) في الخانية حكم المحكم كالقضاء على الصحيح
وفي البزازية وعن الصدر أقول لا يحل لأحد أن يفعل ذلك
وقال الحلواني يعلم ولا يفتى به لئلا يتطرق الجهال إلى هدم المذهب اه
بحر
قوله ( بل إفتاء عدل الخ ) عطف على مجرور الباء وهو فسخ
وفي البحر عن البزازية وعن أصحابنا ما هو أوسع من ذلك وهو أنه لو استفتى ففيها عدلا فأفتاه ببطلان اليمين حل له العمل بفتواه وإمساكها
وروى أوسع من هذا وهو أنه لو أفتاه مفت بالحل ثم أفتاه آخر بالحرمة بعدما عمل بالفتوى الأولى فإنه يعمل بفتوى الثاني في حق امرأة أخرى لا في حق الأولى ويعمل بكلا الفتوتين في حادثتين لكن لا يفتى به اه
قلت يعني أن المفتي لا يفتي صاحب الحادثة بما يتوصل به إلى فسخ اليمين فلا يقول له ارفع الأمر إلى شافعي أحكمه في ذلك أو استفته بل يقول يقع عليك الطلاق لأن عليه أن يجيب بما يعتقده وليس له أن يدله على ما يهدم مذهبه وليس المراد أن لا يفتيه بفسخ اليمين إذا فعل صاحب الحادثة شيئا من ذلك لما علمت من أن الجاهل يلزمه اتباع رأي القاضي والمفتي
وأن قضاء القاضي في محل الاجتهاد يرفع الخلاف فإذا فعل شيئا عن ذلك فعلى الحنفي أن يفتيه بصحة الفسخ
لا يقال إذا كان ذلك قول محمد فكيف لا يفتيه به لما علمت من أن ذلك رواية عن محمد وأن قوله كقول الشيخين بالوقوع وأن ما في الظهيرية لا ينافي ذلك كما قررناه آنفا وليس للمفتي الإفتاء بالرواية الضعيفة وكونها أفتى بها كثر من أئمة خوارزم لا ينافي ضعفها ولذا تقدم عن الصدر أنه لا يحل لأحد أن يفعل ذلك وكذا ما يقدم عن الحلواني من أنه يعلم ولا يفتى به فلو ثبتت هذه الرواية عن محمد أو كانت صحيحة لبنوا الحكم عليها لوم يحتاجوا إلى بنائه على مذهب الشافعي فهذا يدل على أنها رواية شاذة كما يشير إليه كلام المجتبى المار فافهم
____________________
(3/347)
هذا وفي البحر عن البزازية والتزوج فعلا أو من فسخ اليمين من زماننا وينبغي أن يجيء إلى عالم ويقوله له ما حلف واحتياجه إلى نكاح الفضولي فيزوجه العالم امرأة ويجيز بالفعل فلا يحنث وكذا إذا قال لجماعة لي حاجة إلى نكاح الفضولي فزوجه واحد منهم أما إذا قال لرجل اعقد لي فضولي يكون تويكلا اه
قوله ( وبفتوتين ) صوابه وبفتوتين بياءين إحداهما منقلبة عن الألف المقصورة والثانية ياء التثنية كما في تثنية حبلى وقصوى قال في الألفة آخر مقصور تثنى اجعله يا إن كان عن ثلاثة مرتقيا مطلب في معنى قولهم ليس للمقلد لرجوع عن مذهبه قوله ( في حادثتين ) قيد به لأن المستفتي إذا عمل بقول المفتي في حادثة فأفتاه آخر بخلاف قول الأول ليس له نقض عمله السابق في تلك الحادثة نعم له به في حادثة أخرى كمن صلى الظهر مثلا مع مس امرأة أجنبية مقلدا لأبي حنيفة فقلد الشافعي ليس له إبطال تلك الظهر نعم يعمل بقول الشافعي في ظهر آخر وهذا هو المراد من قول من قال ليس للمقلد الرجوع عن مذهبه وتقدم تمام الكلام على ذلك أول الكتاب في رسم المفتي
قوله ( ولا يفتى به ) علمت وجهه آنفا
قوله ( تعليقه للثلاث ) هذا خاص بالحرة وقولهم وما دونها يعم الحرة والأمة وتقديره في الأمة ويبطل تنجيز الثنتين في الأمة تعليق ما دون الثلاث وهو صادق بالثنتين وبالواحدة
وظاهر عبارة الشارح أن ضمير تعليقه للزوج المعلق وهو أولى من عوده على الطلاق لأن الأصل إضافة المصدر إلى فاعله كما ذكره في النهر ط
قوله ( إلا المضافة إلى الملك ) أي في نحو كلما تزوجت امرأة فهي طالق ثلاثا فطلق امرأته ثلاثا ثم تزوجها فإنها تطلق لأنها ما نجزه غير ما علقه فإن المعلق طلاق ملك حادث فلا يبطله تنجيز طلاق ملك قبله
قوله ( كما مر ) لم يتقدم ذلك في كلامه صريحا
ويمكن أن يكون مراده ما قدمه في فصل المشيئة فيما لو قال لها أنت طالق كلما شئت فطلقت بعد زوج آخر لا يقع إن كانت طلقت نفسها ثلاثا متفرقة
قوله ( يبطل بزوال الحل ) وذلك بوقوع الثلاث وقوله لا بزال الملك أي بوقوع ما دونها فإن الملك وإن زال به عند انقضاء العدة لكن الحل ثابت فإن له أن يعود إليها بلا زوج آخر محلل بخلاف الثلاث فإن وقوعها يزيل الحل بالكلية بحيث لا يعود إلا بمحلل ولما كان المعلق هو طلقات هذا للملك بطل التعليق بزوالها لا بزوالها ما دونها
قوله ( بطل التعليق ) أي لزوال الحل بتنجيز الثلاث
قوله ( لم يبطل ) لأنه لم يزل الحل بتنجيز ما دون الثلاث وإن زال الملك
قوله ( فيقع المعلق كله ) لأن بطلان التعليق بزوال الحل ولم يزل فيبقى التعليق فإذا وجد المعلق عليه وهو دخول الدار يقع المعلق وهو الثلاث ولا ينافيه قولهم إن المعلق طلقات هذا الملك وقد زال بعضها لأنه مقيد بما إذا كانت الثلاث باقية فإذا زال بعضها صار المعلق ثلاثا مطلقة كما أفاده في الفتح وقدمناه قبل هذا الباب
قوله ( بقية الأول ) أي ما بقي من طلقات النكاح الأول
قوله ( وهي مسألة الهدم الآتية ) قدمنا قبل هذا
____________________
(3/348)
الباب الكلام عليها
وحاصلها أن الزوج الثاني يهدم الثلاث وما دونها عندهما وعند محمد يهدم الثلاث فقط قوله ( وثمرته ) أي ثمرة الخلاف في مسألة الهدم
قوله ( له رجعيتها ) أي عندهما لأن الزوج الثاني عدم الواحدة الباقية وعادت المرأة إلى الأول بملك جديد فيملك عليها ثلاث طلقات فإذا دخلت الدار تقع واحدة من الثلاث ويبقى منها ثنتان فيملك الرجعة
قوله ( خلافا لمحمد ) فعنده لا يملك الرجعة لعودها بما بقي من الملك الأول وهي واحدة وقد وقعت بالدخول ط
قوله ( وكذا يبطل ) أي التعليق وهذا عطف على المتن ح
قوله ( بلحاقه ) بفتح اللام
ط عن القاموس
قوله ( خلافا لهما ) أي للصاحبين فعندهما لا يبطل التعليق لأن زوال الملك لا يبطله وله أن بقاء تعليقه باعتبار قيام أهليته وبالارتداد ارتفعت العصمة فلم يبق تعليقه لفوات الأهلية فإذا عاد إلى الإسلام لم يعد ذلك التعليق الذي حكم بسقوطه
بحر عن شر المجمع للمصنف
قوله ( وبفوت محل البر الخ ) نقله في البحر عن الثاني لكن بلفظ ومما يبطله فوت محل الشرط كفوت محل الجزاء كما إذا قال إن كلمت فلانا الخ والتمثيل المذكور لفوات محل الشرط فإن الشرط هو كلمت ودخلت أي مضمونهما وهو الكلام والدخول ومحلهما هو فلان والدار المشار إليها وفوت محل الجزاء كموت المرأة التي هل محل الطلاق فإن يفوت هذين المحلين يبطل التعليق لأن التعليق لا بد أن يكون على خطر الوجود وقد تحقق عدمه
ولا يقال يمكن حياة زيد بعد موته وإعادة البستان دارا لأن يمينه انعقدت على حياة كانت فيه
كما قالوا في ليقتلن فلانا وما أعيد بعد البناء دار أخرى غير المشار إليها كما صرحوا به في أيضا في لا يدخل هذه الدار
تأمل
مطلب في مسألة الكوز قوله ( وستجيء مسألة الكوز بفروعها ) أي في باب اليمين في الأكل والشرب من كتاب الأيمان
وحاصلها أن إمكان تصور البر في المستقبل شرط انعقاد اليمين وشرط بقائها خلافا لأبي يوسف فلو حلف ليشربن ماء هذا الكوز اليوم ولا ماء فيه أو كان فيه فصب قبل مضي اليوم لا يحنث عندهما لعدم انعقادها في الأول ولبطلانها في الثاني وإن لم يقل اليوم ولا ماء فيه فكذلك لعدم انعقادها
أما إن كان فيه ماء فصب فإنه يحنث اتفاقا لا انعقادهما بإمكان البر ثم يحنث بالصب لأن البر يجب عليه كما فرغ فإذا صب فات البر فيحنث كما لو مات الحالف والماء باق بخلاف المؤقتة فإنه لا يجب عليه البر إلا في آخر أجزاء الوقت المعين
ومن فروعها ليقتلن زيدا اليوم أو ليأكلن هذا الرغيف اليوم أو ليقضين دينه غدا فمات زيد أو أكل الرغيف غيره قبل مضي اليوم أو قضى الدين أو أبرأه فلان قبل الغد لم يحنث وتمامه في البحر من الأيمان
أقول وإنما لم يذكر هذا التفصيل في المسألة السابقة لأن شرط الحنث فيها أمر وجودي وهو الكلام أو الدخول فإذا مات أو جعلت بستانا فقد مات المحل ووقع اليأس من الحنث فلا فائدة في بقاء اليمين سواء كانت مؤقتة أو مطلقة بخلاف ما إذا كان شرط الحنث أمرا عدميا مثل إن لم أكلم زيدا أو إن لم أدخل فإنها لا تبطل بفوت المحل بل يتحقق به الحنث لليأس من شرط البر وهذا إذا لم يكن شرط البر مستحيلا وإلا فهو مسألة الكوز وقد علمت ما فيها من التفصيل وليس منها قوله لأصعدن السماء فإن اليمين فيها منعقدة ويحنث عقبها لأن صعود السماء أمر ممكن
____________________
(3/349)
في نفسه وقد وقع لبعض الأنبياء وللملائكة وغيرهم ولكنه يحنث عقب اليمين أو في آخر الوقت في المؤقتة لتحقق اليأس عادة وهذا بخلاف مسألة الكوز فإن شرب ما ليس موجودا في الكوز أو ما أريق منه غير ممكن في نفسه ولا في العادة فلذا تبطل اليمين ولا يحنث إلا إذا صب منه وكانت اليمين مطلقة كما سيأتي تحقيقه في الأيمان إن شاء الله تعالى وانظر ما سنذكره آخر الباب
قوله ( له رجعتها ) لأنه لما علق الثلاثة كانت أمة وهو لا يملك عليها إلا ثنتين فكان معلقا ثنتين ح
مطلب في ألفاظ الشرط قوله ( وألفاظ الشرط ) عدل عن الأسماء والحروف لاشتمالها عليهما وهو بسكون الراء مشتق اشتقاقا كبيرا من الشرط محركة بمعنى العلامة سمي بذلك لأنه علامة على ترتيب الثانية على الأولى وسمي الثاني جوابا لأنه لما لزم على القول الأول وصار كالكلام الآتي بعد كلام السائل وجزاء تجوزا لأنه لما ترتب على فعل آخر أشبه الجزاء كما في النهر فإضافة الألفاظ إلى الشرط إضافة المسمى إلى الاسم ح
وقدمنا في صدر الكتاب الكلام على الاشتقاق والظاهر أنه لا اشتقاق هنا إذ لا بد من المغايرة لفظا بل الشرط هنا بمعنى العلامة على شيء خاص
تأمل
قوله ( أي علامات وجود الجزاء ) أي أن هذه الأدوات تدل بالذات على وجود الجزاء كما في النهر أي عند وجود الشرط ح
قوله ( فلو فتحها وقع للحال ) هو قول الجمهور لأنها للتعليل ولا يشترط وجود العلة وقت الوقوع بل يقع الطلاق نظرا لظاهر اللفظ
وزعم الكسائي مناظرا للشيباني في مجلس الرشيد أنها شرطية بمعنى إذا وهو مذهب الكوفيين ورجحه في المغني
وعلى كل حال إذانوى التعليق ينبغي أن تصح نيته
نهر مختصرا
وإلى ذلك أشار الشارح بقوله فيدين ط
مطلب فيما لو حذف الفاء من الجواب قوله ( وكذا لو حذف الفاء من الجواب ) يعني يقع للحال ما لم ينو التعليق فيدين
وعن أبي يوسف أنه يتعلق حملا لكلامه على الفائدة فتضمر الفاء والخلاف مبني على جواز حذفها اختيارا فأجازه أهل الكوفة وعليه فرع أبو يوسف ومنعه أهل البصرة وعليه تفرع المذهب
بحر وذكر قبله عن المفني أن الأخفش قال إن ذلك واقع في النشر الفصيح
وأنه منه { إن ترك خيرا الوصية للوالدين } سورة البقرة الآية 180 وقال ابن مالك يجوز في النثر نادرا ومنه حديث اللقطة فإن جاء صاحبها وإلا ستمتع بها اه
قلت ينبغي في زماننا إذا قال إن دخلت أنت طالق أن يتعلق قضاء لأن العامة لا يفرقون بين دخول الفاء وعدمه عند قصد التعليق وقد صار ذلك لغتهم ولا سيما مع وقوعه في الكلام الفصيح كما مر وكما في قوله تعالى { وإن أطعتموهم إنكم لمشركون } سورة الإنعام الآية 121 { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم } سورة الجاثية الآية 25 { والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون } سورة الشورى الآية 39 وغير ذلك وإن ادعى تأويل الأول بأنه على تقدير القسم والثاني والثالث على جعل إذا لمجرد الوقت بلا ملاحظة الشرط فإنه مؤيد لقول الكوفيين والتأويل خلاف الظاهر وإذا صار ذلك لغة للعامة ينبغي حمل كلامهم عليه كما لو تكلم به
____________________
(3/350)
من كان من أهل تلك اللغة من العرب وكذا لو كان التعليق بلفظ أعجمي وقد قال العلامة قاسم إنه يحمل كلام كل عاقد وناذر وحالف على لغته هذا ما ظهر لي والله سبحانه وتعالى أعلم
ثم رأيت بعد كتابتي لهذا في شرح نظم الكنز للعلامة المقدسي أقول ينبغي ترجيح قول أبي يوسف لكثرة حذف الفاء كما سمعت وقالوا العوام لا يعتبر منهم اللحن في قولهم أنت واحدة بالنصب الذي لم يقل به أحد اه
مطلب المواضع التي يجب اقترانها بالفاء تنبيه وجوب اقتران الجواب بالفاء حيث تأخر الجواب كما قدمه الشارح أول الباب وإذا كانت الأداة أن تقوم إذا الفجائية مقام الفاء في ربط الجواب كما تقرر في محله
قوله ( في نحو طلبية الخ ) أي في نحو المواضع السبعة المذكورة في قول الشاعر طلبية الخ فإنها إذا وقعت جوابا فعلى اقترانها بالفاء
قال في النهر أي جملة طلبية كالأمر والنهي والاستفهام والتمني والعرض والتحضيض والدعاء وأراد بالجامد نعم وبئس وعسى وفعل التعجب وقوله وبما أي وبالجملة الفعلية المقرونة بما النافية وبقد ظاهرة أو مقدرة كما في التسهيل
وعارة الرضى كل جملة فعلية مصدرة بحرف سوى لا ولم في المضارع سواء كان الفعل المصدر ماضيا أو مضارعا فدخل النفي بأن كما زاده المرادي وزاد المقرونة بالقسم أو رب لكن جعل ابن هشام القسيمة من الطلبية اه
وتمام ذلك في البحر
والحاصل أن المزيد أربعة المقرونة بسوف أو إن أو رب أو القسم فالجملة أحد عشر موضعا أشار إليها الشارح بقوله في نحو طلبية الخ ونظمها المحقق ابن الهمام في الفتح بقوله تعلم جواب الشرط حتم قرانه بفاء إذا ما فعله طلبا أتى كذا جامدا أو مقتسما كإن أو بقد ورب وسين أو بسوف ادر يا فتى أو اسمية أو كان منفي ما وإن ولن من يحد عما حددناه قد عتا مطلب ما يكون في حكم الشرط قوله ( وكل ) لم يذكر النحاة كلا وكلما في أدوات الشرط لأنهما ليسا منها وإنما ذكرهما الفقهاء لثبوت معنى الشرط معهما وهو التعليق بأمر على خطر الوجود وهو الفعل الواقع صفة الاسم الذي أضيفا إليه
بحر
قوله ( ولم تسمع كلما إلا منصوبة الخ ) قال في النهر نقل النحاة أن كلما المقتضية للتكرار منصوبة على الظرفية والعامل فيها محذوف دل عليه جواب الشرط والتقدير أنت طالق كلما كان كذا وكذا وما التي معها هي المصدرية التوقيتية
وزعم ابن عصفور أنها مبتدأ
وما نكرة موصوفة والعائد محذوف وجملة الشرط والجزاء في موضع الخبر
ورده أبو حيان بأن كلما لم تسمع إلا منصوبة وأنت خبير بأن هذا بعد تسليمه لا ينافي كونها مبتدأ إذ الفتحة فيها فتحة بناء وبنيت لإضافتها إلى مبني اه
فمراد الشارح بالنصب ما يشمل فتحة الإعراب وفتحة البناء كما هو عرف المتقدمين وقوله ولو مبتدأ أي كما هو قول ابن عصفور أشار به إلى الرد على أبي حيان فإنم المسموع فيها فتح لامها ولا ينافي ذلك كونها مبتدأ بجعل الفتحة فتحة بناء لإضافتها إلى مبني فقد أفاد ما في النهر بأوجز عبارة فافهم
قوله ( ونحو ذلك ) أشار به إلى أنه ليس المراد حصر ألفاظ الشرط بالستة المذكورة فإن منها لو ومن وأين وأيان وأنى وأي وما وفي الفتح
____________________
(3/351)
فرع قال أنت طالق لولا دخولك أو لولا أبوك أو صهرك لا يقع وكذا في الإخبار بأن قال طلقتك بالأمس لولا كذا اه
قلت ومنها ما أفاد معناها
ففي البحر أنت طالق بدخول الدار أو بحيضك لم تطلق حتى تدخل أو تحيض لأن الباء للوصل والإلصاق وإنما يتصل الطلاق ويلصق بالدخول إذا تعلق به ولو قال أنت طالق على دخولك الدار إن قبلت يقع وإلا فلا لأنه استعمل الدخول استعمال الأعواض فكان الشرط قبل العوض لا وجوده كما لو قال على أن تعطيني ألف درهم اه
قلت وقد يكون الكلام متضمنا للتعلق بدون تصريح بأداة كما مر في قوله ويكفي معنى الشرط الخ ومنه ما في البحر حيث قال وفي المحيط وعن أبي يوسف لو قال أنت طالق لدخلت فهذا يخبر أنه دخل الدار وأكده باليمين فيصير كأنه قال إن لم أكن دخلت الدار فإن لم يكن دخل طلقت ولو قال أنت طالق لا دخلت الدار يتعلق بالدخول اه
ثم قال ولو قال أنت طالق ووالله لا أفعل كذا فهو تعليق ويمين ولو قال أنت طالق والله لا أفعل كذا طلقت للحال
ذكرهما في جوامع الفقه اه
قلت والفرق أنه إذا لم يعطف القسم تعين ما بعده جوابا له وصار فاصلا فلم يصلح أنت طالق للتعليق فتنجز ومنه أيضا علي الطلاق لا أفعل كذا
قوله ( كلوا ) هذا ما جزم به في البحر من أن المذهب أنها بمعنى الشرط خلافا لما في الفتح من أنها لتحقيق عدم الشرط فلا تأتي للتعليق على ما فيه خطر الوجود
قوله ( تعلق بدخولها ) كذا في المحيط
وفيه وعن أبي يوسف أنت طالق لو دخلت الدار لطلقتك فهذا رجل حلف بطلاق امرأته ليطلقنها إن دخلت الدار فإذا دخلت لزمه أن يطلقها ولا يقع إلا بموت أحدهما كقوله إن لم آت البصرة اه
بحر
وقدمنا الكلام في ذلك أوائل باب الصريح
قوله ( فازداد عموما ) فيه أن الفعل لا عموم له
وعبارة الغاية كما في الفتح والبحر لأن الفعل وهو الدخول أضيف إلى جماعة فيراد به عمومه عرفا مرة بعد أخرى اه
فمراده بالعموم التكرار
قوله ( وهي غريبة ) أي لمخالفتها لقول المتون وفيها تنحل اليمين إذا وجد الشرط مرة إلا في كلما وجزم بغرابتها في الفتح والبحر واستشكلها الزيلعي
قوله ( وجعله في البحر أحد القولين ) ذكر ذلك عند قول الكنز ففيها إن وجد الشرط حيث قال والحق أن ما في الغاية أحد القولين نقل القولين في القنية في مسألة صعود السطح اه
ونقل هنا عن المعراج
وعن بعض الحنابلة أن متى تقتضي التكرار والصحيح أن غير كلما لا يوجب التكرار اه
فأفاد ضعف هذا القول وضعف ما عن بعض الحنابلة فافهم
قوله ( أي تبطل اليمين ) أي تنتهي وتتم وإذا تمت حنث فلا يتصور الحنث ثانيا إلا بيمين أخرى لأنها غير مقتضية للعموم والتكرار لغة
نهر
قوله ( ببطلان التعليق ) فيه أن اليمين
هنا هي التعليق
قوله ( إلا في كلما ) فإن اليمين لا تنتهي بوجود الشرط مرة وأفاد حصره أن متى لا تفيد التكرار وقيل تفيده
____________________
(3/352)
والحق أنها إنما تفيد عموم الأقات ففي متى خرجت فأنت طالق المفاد أن أي وقت تحقق فيه الخروج يقع الطلاق ثم لا يقع بخروج آخر وإن المقرونة بلفظ أبدا كمتى فإذا قال إن تزوجت فلانة أبدا فهي كذا فتزوجها فطلقت ثم تزوجها ثانيا لا تطلق لأن التأبيد إنما ينفي التوقيت فيتأبد عدم التزوج ولا يتكرر وأي كذلك حتى لو قال أي امرأة أتزوجها فهي طالق لا يقع إلا على امرأة واحدة كما في المحيط وغيره بخلاف كل امرأة أتزوجها
نهر
والفرق أن لفظ كل للعموم ولفظ أي إنما يعم بعموم الصفة لقولهم في أي عبيدي ضربته فهو حر لا يتناول إلا واحدا لأنه أسند إلى خاص وفي أي عبيدي ضربك يعتق الكل إذا ضربوا لإسناده إلى عام وفي أي امرأة زوجت نفسها مني فهي طالق يتناول الجميع وتمام تحقيقه في البحر
قوله ( كاقتضاء كل عموم الأسماء ) لأن كلما تدخل على الأفعال وكل تدخل على الأسماء فيفيد كل منهما عموم ما دخلت عليه فإذا وجد فعل واحد أو اسم واحد فقد وجد المحلوف عليه فانحلت اليمين في حقه وفي حق غيره من الأفعال والأسماء باقية على حالها فيحنث كلما وجد المحلوف عليه غير أن المحلوف عليه طلقات هذا الملك وهي متناهية
فالحاصل أن كلما لعموم الأفعال وعموم الأسماء ضروري فيحنث بكل فعل حتى تنتهي طلقات هذا الملك وكل لعموم الأسماء وعموم الأفعال ضروري ولو قال المصنف إلا في كل وكلما لكان أولى لأن اليمين في كل وإن انتهت في حق اسم بقيت في حق غيره من الأسماء
ومن فروعها لو كان له أربع نسوة فقال كل امرأة تدخل الدار فهي طالق فدخلت واحدة طلقت ولو دخلن طلقن فإن دخلت تلك المرأة مرة أمخرى لا تطلق ولو قال كلما دخلت فدخلت امرأة طلقت ولو دخلت ثانيا تطلق وكذا ثالثا فإن تزوجت بعد الثلاث وعادت إلى الأول ثم دخلت لم تطلق خلافا لزفر
ومنها لو قال كلما دخلت فامرأتي طالق وله أربع نسوة فدخل أربع مرات ولم يعن واحدة بعينها يقع بكل دخلة واحدة إن شاء فرقها عليهن وإن شاء جمعها على واحدة
بحر
وفي الشرنبلالية فرع يكثر وقوعه
قال في السراج نقلا عن المنتقى قال إن تزوجت امرأة فهي طالق ثلاثا وكلما حلت حرمت فتزوجها فبانت بثلاث ثم تزوجها بعد زوج يجوز وإن عنى بقوله كلما حلت حرمت الطلاق فليس بشيء وإن لم يكن أراد به طلاقا فهو يمين اه
قلت ولعل وجهه أن قوله وكلما حلت حرمت ليس تعليقا بالملك الخاص لأنه لا يلزم أن يكون حلها بالعقد لجواز أن ترتد ثم تسترق فليتأمل قوله ( فلا يقع ) تفريع على قوله فإنه ينحل بعد الثلاث وإنما لم يقع لأن المحلوف عليه طلقات هذا الملك وهي متناهية كما مر
أما لو كان الزوج الآخر قبل الثلاث فإنه يقع ما بقي
قوله ( لدخولها على سبب الملك ) أي التزوج فكلما وجد هذا الشرط وجد ملك الثلاث فيتبعه جزاؤه
بحر
وفيه عن الكافي وغيره لو قال كلما نكحتك فأنت طالق فنكحها في يوم ثلاث مرات ووطئها في كل مرة طلقت طلقتين وعليه مهران ونصف
وقال محمد بانت بثلاث وعليه أربعة مهور ونصف اه
قلت ووجهه ما في الولوالجية أنه لما تزوجها أولا وقعت واحدة ووجب نصف مهر فإذا دخل بها وجب مهر كامل لأنه وطء بشبهة في المحل ووجبت العدة فإذا تزوجها ثانيا وقعت أخرى وهذا طلاق بعد الدخول معنى فإن من تزوج المعتدة وطلقها قبل الدخول بها يكون عند أبي حنيفة وأبي يوسف طلاقا بعد الدخول
____________________
(3/353)
معنى فيجب مهر كامل فصار مهران ونصف فإذا دخل بها وهي معتدة عن رجعي صار مراجعا ولا يجب بالوطء شيء فإذا تزوجها ثالثا لم يصح النكاح لأنه تزوجها وهي منكوحته اه
لتكرار الوقوع إشارة إلى الفرق
وحاصله أنه في الأول علق وقوع الطلاق على إيقاعه طلاق فإذا طلق مرة يقع الطلاق عليها مرة أخرى ولا تقع الثالثة لأن الثانية واقعة وليست بموقعة بخلاف الثاني فإن المعلق عليه فيه وقوع الطلاق الصادق بالإيقاع فإن الإيقاع يستلزم الوقوع فإذا طلقها مرة وجد الشرط فتقع أخرى وبوقوع أخرى وجد شرط آخر فتقع أخرى اه
ح
مطلب المنعقد بكلمة كلما أيمان منعقدة للحال لا يمين واحدة تنبيه المنعقد بكلمة كلما إيمان منعقدة للحال لأن كلما بمنزلة تكرار الشرط والجزاء وهذه رواية الجامع وعليها الفتوى لأنها أحوط
وفي رواية المبسوط المنعقد للحال يمين واحدة ويتجدد انعقادها مرة بعد أخرى كلما حنث اه
محيط
وينبغي أن تظهر الثمرة فيما إذا قال كلما حلفت فأنت طالق ثم علق بكلمة كلما فيقع الآن ثلاث على الأول وواحدة على الثاني
وفي قضاء البزازية قال كلما تزوجتك فأنت كذا ثلاثا فتزوجها وفسخ اليمين شافعي ثم طلقها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج آخر فعلى رواية الجامع وهي الأصح يحتاج إلى الحكم بالفسخ ثانيا
بحر ملخصا
مطلب زوال الملك لا يبطل اليمين قوله ( وزوال الملك لا يبطل اليمين ) أي زواله بما دون الثلاث كما في الفتح وأطلقه اكتفاء بما مر من أن التعليق يبطل بزوال الحل أي بتنجيز الثلاث نعم يرد عليه أنه يبطل بالردة مع اللحاق خلافا لهما
وأجاب في البحر بأن البطلان فيه لخروج المعلق عن الأهلية لا لزوال الملك
واعترضه في النهر بأن عتق مدبره وأمهات أولاده دليل زوال ملكه وقيد بزوال الملك لأن زوال محل البر مبطل لليمين كما مر
فإن قلت قد جعلوا زوال الملك مبطلا لليمين فيما لو حلف لا تخرج امرأته إلا بإذنه فخرجت بعد الطلاق وانقضاء العدة لم يحنث وبطلت اليمين بالبينونة حتى لو تزوجها ثانيا لم خرجت بلا إذن لم يحنث
قلت اليمين مقيدة بحال ولاية الإذن والمنع بدلالة الحال وذلك حال قيام الزوجية فسقط اليمين بزوال الزوجية كما لو حلف لا يخرج إلا بإذن غريمه فقضى دينه ثم خرج لم يحنث بخلاف إلا بإذن فلان معاملة بينهما لأنها مطلقة كما في المحيط
بحر
وحاصله أنها لم تبطل لزوال الملك بل لفقد شرط قيدت به اليمين
ونظيره لو حلفه الوالي ليعلمنه بكل مفسد تقيد بحال قيام ولايته كما سيأتي في الأيمان
تنبيه استثنى في البحر من عدم بطلانها بزوال الملك فرعا
في القنية إن سكنت في هذه البلدة فامرأته طالق وخرج على الفور وخلع امرأته ثم سكنها قبل انقضاء العدة لا تطلق لأنها ليست امرأته وقت وجود الشرط اه
قال في البحر فقد بطلت اليمين بزوال الملك هنا فعلى هذا يفرق بين كون الجزاء فأنت طالق
____________________
(3/354)
وبين كونه فامرأته طالق لأنها بعد البينونة لم تبق امرأته فليحفظ هذا فإنه حسن جدا اه
وسيذكر الشارح في الفروع
وحاصله تقييد قولهم زوال الملك لا يبطل اليمين بما إذا لم يكن الجزاء فامرأته طالق أما لو كان كذلك فإنها تبطل
أقول ما في القنية ضعيف لأنه مبني على اعتبار حالة الشرط بدليل التعليل بقوله لأنها وقت وجود الشرط ليست امرأته وهو خلاف الأظهر
ففي القنية أيضا إن فعلت كذا فحلال الله علي حرام ثم قال إن فعلت كذا فحلال الله علي حرام ففعل أحد الفعلين حتى بانت امرأته ثم فعل فعل الآخر فقيل لا يقع الثاني لأنها ليست امرأته عند وجود الشرط وقيل يقع وهو الأظهر اه
فأفاد أن الأظهر اعتبار حالة التعليق لا حالة وجود الشرط وهي في حالة التعليق كانت امرأته فلا يضر بينونتها بعده وهذا هو الموافق لما أطلقه أصحاب المتون هنا ولما صرحوا به أيضا في الكنايات من أن البائن لا يلحق البائن إلا إذا كان البائن معلقا قبل إيجاد المنجز البائن كقوله إن دخلت الدار فأنت بائن ثم أباها ثم دخلت بانت بأخرى وذلك باعتبار حالة التعليق فإنها كانت امرأة له من كل وجه ولو اعتبر حالة وجود الشرط لزم أن لا يقع المعلق فقد ظهر أن المرجع اعتبار حالة التعليق
مطلب مهم الإضافة للتعريف لا للتقييد فيما لو قال لا تخرج امرأتي من الدار وعليه ما في البحر عن المحيط لو حلف لا تخرج امرأته من هذه الدار فطلقها وانقضت عدتها وخرجت أو قال إن قبلت امرأتي فلانة فعبدي حر فقبلها بعد البينونة يحنث فيهما لأن الإضافة للتعريف لا للتقييد اه
وكذا ما قدمناه عن البحر لو قال كلما دخلت فامرأتي طالق وله أربع نسوة فدخل أربع مرات الخ فإن تصريحه بأن له أن يجمعها على واحدة يشمل ما إذا كانت غير موطوءة وذلك بناء على اعتبار حالة التعليق لأنها وقته كانت امرأته فدخلت في الأيمان الثلاث لما علمت من ترجيح أن المنعقد بكلمة كلما أيمان منعقدة للحال وينبغي على القول بأنه كلما حنث ينعقد يمين آخر لأنه لا يملك جمعها على واحدة لأنها بعد الحنث لم تبق امرأته فلا تدخل في اليمين المنعقدة بعده لما قدمناه في آخر الكنايات من أنه إذا قال كل امرأة لي لا تدخل المبانة بالخلع والإيلاء إلا أن يعينها فاغتنم تحقيق هذا المقام وعليك السلام
قوله ( من نكاح أو يمين ) بيان للملك وقوله فلو أبانها أو باعه الخ تفريع عليهما بطريق النشر المرتب
قوله ( فلو أبانها ) أي بما دون الثلاث
قوله ( وتنحل اليمين الخ ) لا تكرار بين هذه وبين قوله فيما سبق وفيها تنحل اليمين إذا وجد الشرط مرة لأن المقصود هناك الانحلال بمرة في غير كلما وهنا مجرد الانحلال اه ح
ولأنه هنا بين انحلالها بوجودها في غير الملك بخلاف ما سبق ط
قوله ( مطلقا ) أي سواء وجد الشرط في اللمك أو لا كما يدل عليه اللاحق ح
قوله ( لكن إن وجد في اللمك طلقت ) أطلق الملك فشمل ما إذا وجد في العدة والمراد وجود تمامه في الملك لا جميعه حتى لو قال إن حضت حيضتين فأنت طالق فحاضت الأولى في غير ملكه والثانية في ملكه طلقت وتمامه في البحر وسيأتي عند قول المصنف علق الثلاث بشيئين يقع المعلق إن وجد الثاني في الملك وإلا لا
قوله ( فحيلة الخ ) تفريع علئى قوله وإلا لا
____________________
(3/355)
مطلب اختلاف الزوجين في وجود الشرط قوله ( في وجود الشرط أو تحققا كما في شرح المجمع أي اختلفا في وجود أصل التعليق بالشرط أو في تحقق الشرط بعد التعليق
وفي البزازية ادعى الاستثناء أو الشرط فالقول له ثم قال وذكر النسفي ادعى الزوج الاستثناء وأنكرت فالقول لها ولا يصدق بلا بينة وإن ادعى تعليق الطلاق بالشرط وادعت الإرسال فالقول له اه
وسيذكر المصنف الاختلاف في دعوى الاستثناء
وظاهر ما ذكر عن النسفي أن الاختلاف غير جار في دعوى الشرط
تأمل
وفي البحر عن القنية ادعت أنه طلقها من غير شرط والزوج طلقتها بالشرط ولم يوجد فالبينة فيه للمرأة ولو ادعت عليه أنه حلف لا يضربها وادعى هو أنه لا يضربها من غير ذنب أقاما البينة فيثبت كلا الأمرين وتطلق بأيهما كان اه
قوله ( ليعم العدمي ) نحو إن لم تدخلي الدار اليوم
قوله ( قالقول له ) أي إذا لم يعلم وجوده إلا منها ففيه القول لها في حق نفسها كما يأتي
قوله ( لإنكاره الطلاق ) أي إنكراه وقوعه وهذا أولى من التعليل بأنه متمسك بالأصل وهو عدم الشرط لأنه لا يشمل مثل إن لم أجامعك في حيضتك فالقول له أنه جامعها مع أن الظاهر شاهد لها من وجهين كون الأصل عدم العارض وكون الحرمة مانعة له من الجماع
ومفاده أي مفاد إطلاق قوله فالقول له
قوله وجوابها خبر أن الأولى المفتوحة الهمزة والمصدر المنسبك من المفنوحة وجملتها خبر المبتدأ وهو مفاد
قال في البحر ثم اعلم أن ظاهر المتون يقتضي أنه لو علق طلاقها بعدم وصول نفقتها شهرا ثم ادعى الوصول وأنكرت فالقول قوله في عدم وقوع الطلاق وقولها في عدم وصول المال الخ
قوله ( فادعى الوصول ) أي بعد مضي الأيام المعينة كما في القنية والذخيرة ( وبه جزم في القنية ) كذا قال في البحر والنهر لكن الذي رأيته في القنية رامزا للعيون وللأصل القول للمرأة ثم رمز للمنتقى على العكس أي القول للرجل
قوله ( وأقره في البحر ) حيث قال في فصل الأمر باليد قيل القول له لأنه ينكر الوقوع لكن لا يثبت وصول النفقة إليها
والأصح أن القول قولها في هذا وفي كل موضع يدعي إيفاء حق وهي تنكر اه وقال هنا وكأنه ثبت في ضمن قبول قولها في عدم وصول المال اه
ونقل الخير الرملي أيضا تصحيحه عن الفيض والفصول
ثم اعلم أنه ذكر في جامع الفصولين برمز فوائد صدر الإسلام أنه قال في مسألة النفقة لو نشزت حتى مضت المدة ينبغي أن لا تطلق لأنها لما نشرت لم يبق لها نفقة
قوله ( وهو يقتضي تخصيص المتون ) أي تخصيصها بكون القول له إذا لم يتضمن دعوى إيصال مال حملا للمطلق على المقيد
قوله ( وجزم شيخنا ) يعني الشيخ زين بن نجيم صاحب البحر حيث سأل عمن حلف بالطلاق لدائنه أنه يدفع به الدين في وقت معين
فأجاب بأنه يصدق في الدفع بيمينه بالنسبة إلى عدم وقعو الطلاق ولا يبرأ من الدين ويحلف بالدائن على عدم القبض ويستحقه اه
قلت وهذا نظير المأمور بدفع الدين إذا ادعى الدفع من مال الآمر فإنه يصدق في حق براءة نفسه لا في حق براءة الآمر
____________________
(3/356)
هذا وقد علم مما قدمناه عن القنية وعن صاحب البحر أن في المسألة قولين فقط أحدهما القول بالتفصيل
والآخر كون القول للمرأة في حق الطلاق وفي حق عدم وصول المال وأما كون القول للرجل في الأمرين فلا قائل به خلافا لما توهمه الخير الرملي وكذا صاحب نور العين من كلام جامع الفصولين حيث ذكر أن القول للرجل لأهه منكر للحكم ثم ذكر أن القول لها وأنه الأصح ثم رمز للذخيرة التفصيل فتوهم منه أن الأقوال ثلاثة مع أنه لا يمكن أن يقال إن القول له في إيفاء المال إليها أو إلى الدائن أصلا إذ لا وجه له مع ما يلزم عليه من اتخاذ ذلك حيلة لكل مديون أراد منع الحق عن مستحقه حيث يمكنه أن يعلق الطلاق على عدم الأداء في وقت معين ثم يدعي الأداء وهذا مما لا يقول به أحد فضلا عن أن يكون هو المفاد من المتون والشروح فعلم أن ما حكاه في جامع الفصولين آخرا هو المراد بالقول الذي ذكره أولا ويدل عليه التعليل بأنه منكر للحكم أي حكم التعليق وهو الحنث عند وجود الشرط فتدبر
قوله ( إلا إذا برهنت ) وكذا لو برهن غيرها لأنه لا يشترط دعوى المرأة للطلاق ولا أن تبرهن لأن الشهادة على عتق الأمة وطلاق المرأة تقبل حسبة بلا دعوى
أفاده في البحر
ولو برهنا فالظاهر ترجيح برهانها لأنه إذا كان القول له كان برهانه لغوا ويدل عليه أيضا ما قدمناه عن البحر عن القنية فيما لو ادعت أنه طلقها بلا شرط الخ
قوله ( وإن كان نفيا ) لأنها على النفي صورة وعلى إثبات الطلاق حقيقة والعبرة للمقاصدة لا للصورة كما لو شهدا أنه أسلم واستثنى وشهد آخران أنه أسلم ولم يستثن تقبل الثانية ولو كان فيها نفي إذ غرضهما إثبات إسلامه
ويشكل عليه ما سيأتي في الأيمان لو قال عبده حر إن لم يحج العام فشهدا بنحره بالكوفة لم يعتق خلافا لمحمد لأنها شهادة نفي معنى لأنها بمعنى لم يحج العام فهذا يدل على أن شهادة النفي لا تقبل على الشرط ولذا قال في الفتح إن قول محمد أوجه لكن قيل إن علة عدم العتق اشتراط الدعوى في شهادة عتق العبد وعليه فلو كانت أمة تعتق اتفاقا إذ لا تشترط دعواها فحينئذ لا إشكال
أفاده في البحر
قوله ( لأنه يملك الإنشاء ) أي فلا يهتم أما إن كانت طاهرة فلا يصدق لأنه يريد إبطال حكم واقع في الظاهر لوجود وقت السنة وقد اعترف بالسبب لأن المضاف سبب للحال
زيلعي
قلت وهذا مشكل لأن الاعتراف بالسبب إنما يثبت عند ثبوت الشرط وقد أنمكر الشرط نعم هذا يظهر لو قال أنت طالق للسنة بدون تعليق
ففي البحر عن الكافي لو قال لامرأته الموطوءة أنت طالق للسنة لا يقع إلا في طهر خال عن الطلاق والوطء عقيب حيض خال عن الطلاق والوطء فإذا حاضت وطهرت وادعى الزوج جماعها أو طلاقها في الحيض لا يقبل قوله في منع الطلاق السني لانعقاد المضاف سببا للحال وإنما يتراخى حكمه فقط فدعوى الطلاق أو الجماع بعده دعوى المانع فلا يقبل قوله في منع وقوع الطلاق في الطهر لكن يقع طلاق آخر بإقراره بالطلاق في الحيض وإن ادعى الطلاق أو الجماع وهي حائض صدق ولو قال إن لم أجامعك في حيضتك فأنت طالق ادعى الجماع في الحيض لا تطلق لأنه علق الطلاق بصريح الشرط والمعلق بالشرط إنما ينعقد سببا عند الشرط لما عرف فإذا أنكر الشرط فقد أنكر السبب فيقبل قوله وكذا لو قال والله
____________________
(3/357)
لا أقربك أربعة أشهر فمضت المدة ثم ادعى قربانها في المدة لا يقبل لأن الإيلاء سبب في الحال لكن تراخي وقوع الطلاق إلى مضي المدة وقد مضت المدة ووقع ظاهرا فدعوى القربان دعوى المانع فلا يقبل ولو ادعى القربان قبل مضي المدة يقبل قوله لأنه لم يقع الطلاق بعد وقد أخبر عما يملك إنشاءه فيقبل قوله ولو قال إن لم أقربك في أربعة أشهر فأنت طالق فمضت المدة ثم ادعى القربان في المدة لا يقع لأنه علق الطلاق بصريح الشرط فمتى أنكر الشرط فقد أنكر السبب فيقبل قوله اه
فهذا كما ترى مخالف لما مر عن الزيلعي فليتأمل
قوله ( فالمسألة السابقة ) هي قوله إن اختلفا في وجود الشرط الخ والآتية هي قوله إن حضت كما بينه الشارح فيها ح
والأحسن تفسير الآية بقوله وما لا يعلم إلا منها الخ
قوله ( ليستا على إطلاقهما ) فتقيد الأولى بما إذا كان يملك الإنشاء وتقيد الآتية بما إذا كان لا يملكه أخذا من هذا التفصيل المذكور هنا وما قاله الشارح تبع فيه ابن كمال في شرح الإصلاح وفيه بحث
أما أولا فلما علمت من مخالفة هذا التفصيل لما ذكرناه عن الكافي
وأما ثانيا فلأن الاختلاف هنا في الجماع لا في الحيض والجماع ليس مما لا يعلم وجوده إلا منها لأن الرجل يعلمه لكونه فعله
وأما ثالثا فلأنه لو سلمك هذا التفصيل في هذه المسألة لا يلزم منه تقييد هاتين المسألتين اللتين هما قاعدتان تحتهما مسائل جزئية لهما قد أطلق بعضها وصرح في بعضها بما يخالف هذا التفصيل كما قدمناه في مسألة النفقة عن الذخيرة والقنية من دعوى الوصول بعد مضي الأيام المعينة وكما قدمناه عن الكافي قريبا من قوله إن لم أقربك في أربعة أشهر من أن الدعوى بعد مضي المدة فقد قبل قوله مع أنه لا يملك الإنشاء فتدبر
قوله ( وما لا يعلم إلا منها ) قيد به لأنه لو كان يعلم من غيرها توقف الوقوع على تصديقه أو البينة كالدخول والكلام اتفاقا
واختلفوا فيما لو علق بولادتها فقالا يقع بشهادة القابلة وعنده لا بد من شهادة رجلين أو رجل وامرأتين
جوهرة
ولا يشمل ما لو قال إن شربت مسكرا بغير إذنك فأمرك بيدك وشرب ثم اختلفا فالقول له نه ينكر وقوع الطلاق مع أن الإذن لا يستفاد إلا منها لكن يطلع عليه بالقول بخلاف الحيض والمحبة
قوله ( استحسانا ) والقياس أن يكون القول قوله لأنها تدعي شرط الحنث على الزوج ووقوع الطلاق وهو منكر فيكون القول قوله ولا تصدق إلا بحجة كغيره من الشروط
وجه الاستحسان أن هذا الأمر لا يعرف إلا من قبلها وقد ترتب عليه حكم شرعي فيجب عليها أن تخبر كي لا تقع في الحرام إذ الاجتناب عنه واجب عليهما شرعا فيجب طريقه وهو الإخبار فتعينت له فيجب قبول قولها لتخرج عن عهدة الواجب
زيلعي
قوله ( نهر بحثا ) أصل البحث لأخيه صاحب البحر حيث قال وظاهره أنه لا يمين عليها ويدل عليه قولهم إن الطلاق المعلق بإخبارها وقد وجد ولا فائدة في التحليف لأنه وقع بقولها والتحليف لرجاء النكول وهي لو أخبرت ثم قالت كنت كاذبة لا يرتفع الطلاق لتناقصها اه
لكن في حواشي مسكين نقل الحموي عن رمز المقدسي أن عليها اليمين بالإجماع إذ ليس هذا من المواضع المستثناة من قولهم كل من قبل قوله فعليه اليمين اه
قلت ولا يخفى ما فيه لما علمت من عدم الفائدة في التحليف ومن وجه الاستحسان وعدم ذكرها في المستثنيات لا يدل على عدم كونها منها فكم من أصل استثنى منه أشياء مع بقاء غيرها لكون ذلك بحسب ما خظر في ذهن المستثنى ولا سيما مع ظهور الوجه نعم هذا في الفضاء ظاهر وأما في الديانة فينبغي التفرقة بين الحيض
____________________
(3/358)
والمحبة لأن تعلق الطلاق بإخبارها قضاء وديانة إنما هو في المحبة أما في الحيض فلا تطلق ديانة إلا إذا كانت صادقة كما تعرفه قريبا فافهم
قوله ( ومراهقة كبالغة ) وأما حكم الصغيرة التي لا تحيض مثلها والآيسة فقال في النهر لم أره وينبغي أن يقبل من الآيسة لا الصغيرة قوله ( واحتلام كحيض في الأصح ) قال في قوله ( النهر ) واختلف فيما لو قال لعبده إن احتملت فأنت حر فقال احتملت فروى هشام أنه لا يصدق والأصح أنه يصدق لأن الاحتلام لا يعرفه غيره كالحيض كذا في المحيط قوله ( كقوله إن حضت الخ ) اعلم أن التعليق بالمحبة كالتعليق بالحيض إلا في شيئين أحدهما أن التعليق بالمحبة يقتصر على المجلس لكونه تخييرا حتى لو قامت وقالت أحبك لا تطلق والتعليق بالحيض لا يبطل بالقيام كسائر التعليقات
الثاني أإنها إن كانت كاذبة في الإخبار تطلق في التعليق بالمحبة لما قلنا
وفي التعليق بالحيض لا تطلق فيما بينه وبين الله تعالى
زيلعي
ومثله في الفتح وغيره
وفي كافي الحاكم الشهيد ولو قال أنت طالق إن كنت تحبين كذا وكذا لشيء يعرف أنها تحبه أو لا تحبه كالموت والعذاب فقالت أنا أحبه فالقول قولها ما دامت في مجلسها وكذا إن كنت تبغضين كذا لشيء يعلم أنها تحبه كالحياة والغنى فقالت أنت أبغضه فهي طالق وإن قال أنت طالق ثلاثا إن كنت تحبين كذا فقالت لست أحبه وهي كاذبة لم يقع وكذا لو قال أنت طالق ثلاثا إن كنت أنا أحب ذلك ثم قال لست أحبه وهو كاذب فهي امرأته ويسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن يطأها وكذا اليمين على البعض وكذلك لو قال إن كنت تحبين الطلاق بقلبك أو تريدينه أو تشتهينه بقلبك دون لسانك فأنت طالق ثلاثا فقالت لا أشاء ولا أحب ولا أهوى ولا أريد ولا أشتهي فهي امرأته ولا تصدق بعد ذلك على قولها خلافه وإن كانت في مجلسها ذلك أو سكتت فلم تقل شيئا حتى يقوم فهي امرأته وإن كان في قلبها خلاف ما أظهرت فإنه يسعها أن تقيم معه فيما بينها وبين الله تعالى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يسعها المقام معه إن كان ما في قلبها خلاف ما أظهرت على لسانه اه
وذكر في البحر في مسألة إن كنت أنا أحب كذا الخ
قال شمس الأئمة هذا مشكل لأنه يعرف ما في قلبه حقيقة وإن كان لا يعرف ما في قلبها لكن الطريق ما قلنا إن الحكم يدار على الظاهر وهو الإخبار وجودا وعدما
وذكر قاضيخان قال لامرأته إن سررتك فأنت طالق فضربها فقالت سرني قالوا لا تطلق لأنا نتيقن بكذبها
قال قاضيخان وفيه إشكال وهو أن السرور مما لا يوقف عليه فينبغي أن يتعلق الطلاق بخبرها ويقبل قولها في ذلك وإن كنا نتيقن بكذبها كما لو قال إن كنت تحبين أ يعذبك الله بنار جهنم فأنت طالق فقالت أحب يقع اه
قال في البحر وهو ممنوع لقول الهداية إنه لا يتيقن بكذبها لأنها لشدة بغضها إياه قد تحب التخلص منه بالعذاب اه
وبهذا ظهر أنه لو علق بفعل قلبي وأخبرت به فإن تيقنا بكذبها لم يقع وإلا وقع
وفي البدائع إن كنت تكرهين الجنة تعلق بإخبارها بالكراهة مع أنها لا تصل إلى حالة تكره الجنة فقد تيقنا بكذبها
____________________
(3/359)
وقد يقال إنها لشدة محبتها للحياة الدنيا تكره الجنة لأنها لا تتوصل إليها إلا بالموت وهي تكرهه فلم نتيقن بكذبها
وظاهر كلامهم هنا أنها لا تكفر بقولها أنا أحب عذاب جهنم وأكره الجنة اه
وفرق في النهر بينه وبين مسألة السرور بأن إيلام الضرب القائم بها دليل ظاهر على كذبها بخلاف مجرد محبة العذاب فإنه لا دليل فيه على التيقن بكذبها لما مر اه
قلت لكن يبقى الإشكال في مسألة إن كنت أنا أحب كذا إذا أخبر بخلاف ما في قلبه فإنه يتيقن بكذبه
وإذا أدير الحكم على الإخبار كما مر عن شمس الأئمة لم يرد هذا لكن يتوجه إشكال قاضيخان في مسألة السرور إلا أن يجاب بأنه يتعلق الحكم بالإخبار ما لم يتيقن غير المخبر بكذبه
وبه يندفع إشكال شمس الأئمة وإشكال قاضيخان فتأمل
تنبيه قال في البحر قيد بمحبتها لأنه لو علقه بمحبة غيرها فظاهر ما في المحيط أنه لا بد من تصديق الزوج فإنه قال لو قال أنت طالق إن لم تكن أمك تهوى ذلك فقالت الأم أنا أهوى وكذبها الزوج لا تطلق فإن صدقها طلقت لما عرف
وروى ابن رستم عن محمد أنه لو قال إن كان فلانا مؤمنا فأنت طالق لا تطلق لأن هذا لا يعلمه إلا هو ولا يصدق هو على غيره وإن كان هو من المسلمين يصلي ويحج ولو قال لآخر لي إليك حاجة فاقضها لي فقال امرأته طالق إن لم أقض حاجتك فقال حاجتي أن تطلق زوجتك فله أن لا يصدقه فيه ولا تطلق زوجته لأنه محتمل للصدق والكذب فلا يصدق على غيره اه
قال الخير الرملي فقد علم من هذه الفروع أنه إن علق بفعل الغير لا يصدق ذلك الغير عليه سواء كان مما لا يعلم إلا منه أم لا ولا بد من تصديق الزوج فيهما أو البينة فيما يثبت بها من الأمر الذي يعلم
قوله ( لم يقبل قولها ) لأنه ضروري فيشترط فيه قيام الشرط زيلعي أي لأن قبول قولها ضرورة ترتب حكم شرعي عليه ويأتي تمامه
قوله ( طلقت هي فقط ) أي دون فلانة لأن المنظور إليه في حقها شرعا الإخبار به لأنها أمينة وفي حق ضرتها متهمة وشهادتها على ذلك شهادة فرد ولا بعد في أن يقبل قول الإنسان في حق نفسه لا في حق غيره كأحد الورثة إذا أقر بدين على الميت اقتصر على نصيبه إذا لم يصدقه الباقون وتمامه في البحر
قوله ( أو علم وجود الحيض منها ) لا ينافيه ما تقدم من قوله وما لا يعلم إلا منها الخ لأن ذاك فيما إذا أشكل أمرها وذا فيما لم يشكل بأن أخبرت في وقت عدتها المعروفة لزوجها وضرتها وشوهد الدم منها بحيث لم يبق شك
تأمل رملي
قوله ( وفي إن حضت الخ ) تفصيل وبيان لما أجمله أولا ومثله التعليق بقي أو مع كأنت طالق في حيضك أو مع حيضك كما في البحر
قوله ( وقع من حين رأت ) لأنه بالاستمرار تبين أنه حيض من الابتداء فيجب على المفتي أن يعينه فيقول طلقت من حين رأيت الدم وليس هذا من باب الاستناد وإنما هو من باب التبيين ولذا قال من حين رأت وتمام بيانه في البحر
وفيه عن الكافي في مسألة إن حضت فعبدي حر وضرتك طالق إذا رأت الدم فقالت حضت وصدقها أنه
____________________
(3/360)
قبل الاستمرار بمنع الزوج عن وطء المرأة واستخدام العبد في الثلاثة لاحتمال الاستمرار
قوله ( وكان بدعيا ) لوقوعه في الحيض بخلاف أن حضت حيضة كما يأتي وهذا بيان لثمرة التبين
وتظهر أيضا فيما لو كان المعلق بالحيض عتقا فجنى العبد أو جني عليه بعد رؤية الدم فبالاستمرار تكون الجناية جناية الأحرار وفي أنها لا تحتسب هذه الحيضة من العدة لأن الشرط حيث كان هو رؤية الدم لزم أن يكون الوقوع بعد بعضها ولذا قلنا إنه بدعي وفيما إذا خالعها في الثلاث حيث يبطل الخلع لأنها مطلقة
قاله الحدادي ونظر فيه في البحر بأن الخلع يلحق الصريح
وأجاب في النهر بأن الظاهر أنه محمول على ما إذا لم تكن مدخولا بها
قوله ( فإن غير مدخولة ) تفريع على قوله وقع من حين رأت واحترز عن المدخول بها ولو حكما كالمختلى بها لأنها لا يمكنها التزوج بآخر في الأيام الثلاثة لوجوب العدة عليها من الأول
قوله ( في ثلاثة أيام ) الأولى في الثلاثة الأيام
وعبارة النهر فتزوجت حين رأت الدم ح
قوله ( فإرثها للزوج الأول ) لأنه لا يدري أكان ذلك حيضا أو لا
بحر أي فلم يتحقق شرط وقوع الطلاق فهي باقية على عصمته ومقتضاه أن عقد الثاني عليها باطل فلا يلزمه المهر
قوله ( وتصدق في حقها الخ ) أي فيما إذا علق طلاقها وطلاق ضرتها على حيضها وهذا يعني عن قول المصنف المار طلقت هي فقط
وفي البحر عن شرح المجمع فإن قال الزوج انقطع الدم في الثلاثة وأنكرت المرأة والعبد فالقول لهما لأن الزوج أقر بوجود شرط العتق ظاهرا لأن رؤية الدم في وقته تكون حيضا ولهذا تؤمر بترك الصلاة والصوم ثم ادعى عارضا يخرج المرئي من أن يكون حيضا فلا يصدق فإن صدقته المرأة وكذبه العبد في الأيام الثلاث فالقول لهما وإن كان بعدها فالقول للعبد
قوله ( وفي إن حضت حيضة الخ ) مثله أنت طالق مع حيضتك أو في حيضتك بالتاء
بحر
قوله ( لعدم تجزيها ) علة لمساواة التعبير بنصفها ونحوه للتعبير بحيضة فإن ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله
وفي النهر عن الجوهرة ولو قال إذا حضت نصفها فأنت كذا وإذا حضت نصفها الآخر فأنت كذا لا يقع شيء ما لم تحض وتطهر فإذا طهرت وقع طلقتان
قوله ( لا يقع حتى تطهر منها ) إما بانقطاعه لعشرة أو بالاغتسال أو بما يقوم مقامه من صيرورة الصلاة دينا في ذمتها فيما إذا انقطع لما دونها
نهر
قوله ( لأن الحيضة ) بفتح الحاء المرة الواحدة والحيضة بالكسر الاسم والجمع الحيض
بحر عن الصحاح
قوله ( اسم للكامل ) أي ولا تكمل الحيضة إلا بالطهر منها فلو كانت حائضا لا تطلق حتى تطهر ثم تحيض فإن نوى ما يحدث من هذه الحيضة فهو على ما نوى وكذا إذا قال إن حبلت إلا أن هنا إذ نوى الحبل الذي فيه لا يحنث لأنه ليس له أجزاء متعددة بخلاف الحيض
قاله الحدادي نهر
قوله ( ما لم تر حيضة أخرى ) وذلك بأن تخبر وهي متلبسة بالحيض أو بعد الطهر منه أما إذا أخبرت بعد تلبسها بحيضة أخرى لا يقبل قولها إلا إذا طهرت من الحيضة الأخرى وهذا بخلاف قوله إذا حضت ولم يقل حيضة فإن الشرط إخبارها حال قيام الحيض فلا يقبل بعده كمامر
قال في الفتح لأنه ضروري فيشترط قيام الشرط بخلاف قوله إن حضت حيضة حيث يقبل قولها في الطهر الذي يلي الحيضة لا قبله ولا بعده حتى
____________________
(3/361)
ولو قالت بعد مدة حضت وطهرت وأنا الآن حائض بحيضة أخرى لا يقبل قولها ولا يقع لأنها أخبرت عن الشرط حال عدمه ولا يقع إلا إذا أخبرت عن الطهر بعد انقضاء هذه الحيضة فحينئذ يقع لأنها جعلت أمينة شرعا فيما تخبر من الحيض والطهر ضرورة إقامة الأحكام المتعلقة بها فلا تكون مؤتمنة حال عدم تلك الأحكام لعدم الحاجة إذا كذبها الزواج اه
ومفهومه أنها لا تطلق بمجرد طهرها من الحيضة الأخرى بل لا بد من الأخبار لما مر من أن ما لا يعلم إلا منها يتعلق باإخبارها
ويفهم منم قوله إذا كذبها الزوج أنه إذا صدقها يقع وإن لم تطهر من الثانية
قوله ( وفي إن صمت يوما ) نظيره إن صمت صوما لا يقع إلا بتمام يوم لأنه مقدر بمعبار اه فتح
قوله ( بخلاف إن صمت الخ ) أي أنه يتعلق بما يسمى صوما في الشرع وقد وجد بركنه وشرطه بإمساك ساعة فيقع به وإن قطعته بعده وكذا إذا صمت في يوم أو في شهر لأنه لم يشترط إكماله وإذا صليت صلاة يقع بركعتين وفي إذا صليت يقع بركعة
قوله ( فولدتهما ) أي واحدا بعد واحد
نهر
ويأتي محترزة ومحترز قوله ولم يدر الأول
وقوله ( وثنتان تنزها ) أي تباعدا عن الحرمة
نهر
في القهستاني أي ديانة يعني فيما بينه وبين الله تعالى كما ذكره المصنف وغيره اه
قلت ومقتضاه أنه إذا وقعت عليه طلقة أخرى يجب عليه ديانة أن يفارقها للاحتياط والتباعد عن الحرمة وإن كان القاضي لا يحكم عليه بذلك بل يفتيه المفتي بذلك ويدل على الوجوب تعبير المصنف وغيره باللزوم ولكن في الهداية والأولى أن يأخذ بالثنتين تنزها واحتياطا فتأمل
وإنما تلزمه الثنتان في القضاء لأن وقوعهما غير محقق
والحل كان ثابتا بيقين فلا يزول بالاحتمال
قيل ولو قال وأخرى تنزها لكان أولى لإيهام العبارة أو الثنتين غير الواحدة وإن سلم فالتنزه إنما هو بواحدة والأخرى قضاء
قوله ( أو مضت العدة بالثاني ) أشار إلى أنه لا رجعة ولا إرث
بحر
قوله ( فلا كلام ) أي فإنه يقع المعلق بالسابق ولا يقع بالأخرى شيء لما ذكره من أن الطلاق والمقارن الخ
قوله ( لأنه منكر ) أي للطلقة الزائدة وهذا من فروع قوله وإن اختلفا في وجود الشرط الخ
قوله ( وإن تحقق ولادتهما معا الخ ) لم يذكره المصنف لاستحالته عادة
نهر
وإن ولدت خنثى وقعت وادحة وتوقفت الأخرى حتى يتبين حاله
هندية عن البحر الزاخر ط
قوله ( يقع ثنتان قضاء الخ ) لأن الغلام إن كان أولا أو ثانيا تطلق ثلاثا واحدة به وثنتين بالجارية الأولى لأن العدة لا تنقضي ما بقي في البطن ولد وإن كان آخرا يقع ثنتان بالجارية الأولى ولا يقع بالثانية شيء لأن اليمين بالجراية انحلت بالأولى ولا يقع بالغلام شيء لأنه حال انقضاء العدة وتردد بين ثلاث وثنتين فيحكم بالأقل قضاءوبالأكثر تنزها
فتح قوله ( فواحدة قضاء ) لأنه إن كان الغلامان أولا وقعت واحدة بأولهما ولا يقع بالثاني شيء ولا بالجارية
____________________
(3/362)
الأخيرة لانقضاء العدة وإن كانت الجارية أولا أو وسطا وقع ثنتان بها وواحدة بالغلام بعدها أو قبلها فتردد بين ثلاث وواحدة
قوله ( لأن الحمل اسم للكل ) لأنه اسم جنس مضاف فيهم كله
فتح
قوله ( والمسألة بحالها ) أي وولدت غلاما وجارية
قوله ( لعموم ما ) أي فيقتضي أن شرط وقوع الواحدة أو الثنتين كون جميع ما في بطنها غلاما أو جارية ومثله ما في الفتح إن كان ما في هذا العدل حنطة فهي طالق أو دقيقا فطالق فإذا فيه حنطة ودقيق لا تطلق
قوله ( لعدم اللفظ العام ) أي ولصدق اللفظ فإنه يصدق على الجارية والغلام أنهما كانا في البطن ط
وفي الجامع لو قال إن ولدت ولدا فأنت طالق فإن كان الذي تلدينه غلاما فأنت طالق ثنتين فولدت غلاما يقع الثلاث لوجود الشرطين لأن المطلق موجود في المقيد وهو قول مالك والشافعي
فتح
قوله ( لم تطلق حتى تلد الخ ) لأنه علقه بحدوث الحبل بعد اليمين ويتوهم حدوث الحبل قبل اليمين إلى سنتين وفوقع الشك في الموقع فلا يقع بالشك كذا في المحيط
بحر
ويقتضي العدة بالولد كما في كافي الحاكم وهو صريح في أن الطلاق لم يقع بعد الولادة وإلا لم تنقض العدة بها بل يقع قبلها بالحبل الحادث بعد اليمين لأنه المعلق عليه فقوله حتى تلد معناه طهر بالولادة لأكثر من سنتين من وقت اليمين أن الطلاق قد وقع من أول الحبل وإنما اشترط كون الولادة لأكثر من سنتين من وقت اليمين ليتحقق حدوث الحبل بعد اليمين إذ لو كان لأقل من ذلك احتمل حدوثه قبل اليمين فلا يقع بالشك ثم إذ ظهر بالولادة وقوع الطلاق من وقت الحبل فوقت الحبل مجهول فلم يعلم وقت الوقوع إلا أن يقال بوقوعه قبل الولادة بستة أشهر لتيقن الحبل فيه وما قبله مشكوك فيه فلا يقع بالشك كذا بحثه ح
تنبيه هذه اليمين لا تحرم الوطء لكن يستحب أن لا يطأها إلا بالاستبراء لتصور حدوث الحبل كما في البحر عن المحيط وإنما لم يجب بالاستبراء لأن حل الوطء أصل وحدوث الحبل موهوم كما أفاده ح
قوله ( تنقضي به العدة ) في العبارة سقط والأصل عتقت لأنه ولد تنقضي به العدة وعبارة الجوهرة هكذا وإذا قال إن ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدا ميتا طلقت وكذا إذا قال لأمته إذا ولدت ولدا فأنت حرة فهو كذلك لأن الموجود مولود فيكون ولدا حقيقة ويعتب رولدا في الشرع حتى تنقضي به العدة والدم بعده نفاس وأمه أم ولد فتحقق الشرط وهو ولادة الولد اه
فقوله حتى تنقضي به العدة غاية لقوله ويعتبر ولدا في الشرع وليس معناه ما يفهم من الشرح من أن أم الولد تخرج به من العدة لأن العدة تجب عقب الحرية والحرية معلقة بالولادة فهي واقعة عقبها فالولادة متقدمة على وجوب العدة بمرتبتين فكيف تنضي العدة بالولادة كما أفاده ح
____________________
(3/363)
مطلب فيما لو تكرر الشرط بعطف أو بدونه قوله ( بتكرر بأن عطف شرطا على آخر وأخر الجزاء نحو إذا قدم فلان وإذا قدم فلان فأنت طالق فإنه لا يقع حتى يقدما لأنه عطف شرطا محضا على شرط لا حكم له ثم ذكر الجزاء فيتعلق بهما فصارا شرطا واحدا فلا يقع إلا بوجودهما فإن نوى الوقوع بأحدهما صحت نيته بتقديم الجزاء على أحدهما وفيه تغليظ
أو بأن كرر أداة الشرط بغير عطف كإن أكلت إن لبست فأنت طالق لا تطلق ما لم تلبس ثم تأكل وتقدم المؤخر والتقدير إن لبست فإن أكلت فأنت طالق وكذا كل امرأة أتزوجها إن كلمت فلانا فهي طالق يقدم المؤخر فيصير التقدير إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها طالق
وعلى هذا إذا قال إن أعطيتك إن وعدتك إن سألتني فأنت طالق لا تطلق حتى تسأله أو لا ثم يعدها ثم يعطيها لأنه شرط في العطية لوعد وفي الوعد السؤال فكأنه قال إن سألتني إن وعدتك إن أعطيتك كذا في الفتح
وهذا إذا لم يكن الشرط الثاني مترتبا على الأول عادة وكان الجزاء متأخرا عن الشرطين أو متقدما عليهما وإلا كان كل شرط في موضعه كإن أكلت إن شربت فأنت حر حتى إذا شرب ثم أكل لم يعتق وكذا إن دعوتني إن أجبتك أو إن ركبت الدابة إن أتيتني يقر كل شرط في موضعه لأنهما إذا كانا مرتبين عرفا أضمرت كلمة ثم وكذا إن توسط الجزاء بين الشرطين يقر كل شرط في موضعه لأنه تخلل الجزاء بين الشرطين بحرف الوصل وهو الفاء فيكون الأول شرطا لانعقاد اليمين والثاني شرط الحنث كإن دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت فلانا ويشترط قيام الملك عند الشرط الأول لأنه جعل شرط انعقاد اليمين كأنه قال عند الدخول إن كلمت فلانا فأنت طالق واليمين لا تنعقد إلا في الملك أو مضافة إليه فإن كانت في ملكه عند دخول الدار صحت اليمين المتعلقة بالكلام فإذا كلمت يقع وإلا بإن دخلت بعد الطلاق والعدة لم يصح وإن كلمت وإذا دخلت الدار في العدة وكلمت فيها طلقت
مطلب لو تكررت أداة الشرط بلا عطف فهو على التقديم والتأخير والحاصل أنه إذا كرر أداء الشرط بلا عطف توقف الوقوع على وجودهما لكن إن قدم الجزاء عليهما أو أخره فالملك يشترط عند آخرهما وهو الملفوظ به أولا على التقديم والتأخير وإن وسطه فلا بد من الملك عندهما وإن كان بالعطف توقف على أحدهما قدم الجزاء أو وسطه فإن أخره توقف عليهما وإن لم يكرر أداة الشرط فلا بد من وجود الشيئين قدم الجزاء عليهما أو أخره
بحر ملخصا
وتمامه فيه
قوله ( أولا ) عطف على حقيقة
قال في البحر وأما الثاني أعني ما ليسا شرطين حقيقة وهو أن يكون فعلا متعلقا بشيئين من حيث هو متعلق بهما نحو إن دخلت هذه الدار وهذه أو إن كلمت أبا عمرو وأبا يوسف فكذا فإنهما شرط واحد إلا أن ينوي الوقوع بأحدهما فاشتمال ط للوقوع قيام الملك عند آخرها وكذا إذا كان فعلا قائما باثنين من حيث هو قائم بهما نحو إن جاء زيد وعمرو فكذا فإن الشرط مجيئهما اه
قوله ( إن وجد الشرط الثاني في الملك ) احتراز عن الشرط الأول فإنه على التفصيل كما علمت
وأما أصل التعليق فشرط صحته الملك أو الإضافة إليه كما مر أول الباب فالكلام فيما بعد صحة التعليق
قوله ( والمسألة رباعية ) لأنهما إما أن يوجدا في الملك أو خارجه أو الأول فقط في الملك أو العكس
____________________
(3/364)
فإن كان الثاني في الملك وقع الطلاق سواء كان في الملك أو لا وإن كان الثاني خارج الملك لا يقع سواء كان الأول في الملك أو لا اه ح
ففي قوله إذا جاء زيد وبكر فأنت طالق إذا جاءا معا وهي في ملكه أو طلقها وانقضت عدتها فجاء زيد ثم تزوجها فجاء عمر وطلقت وإن جاء بعد العدة قبل التزوج أو جاء في العدة وعمرو بعدها قبل التزوج لا تطلق
قوله ( ولم يجب عليه العقر ) أشار بنفي العقر فقط إلى ثبوت الحرمة باللبث فإن الواجب عليه النزع للحال
والعقر بالضم مهر المرأة إذا وطئت بشبهة وبالفتح الجرح كما في الصحاح
بحر
وقد مر الكلام عليه في باب المهر
قوله ( باللبث ) بفتح اللام وسكون الباء المكث من لبث كسمع هو نادر لأن المصدر من فعل بالكسر قياسه التحريك إذا لم يتعد
بحر عن القاموس
قوله ( لأن اللبث ليس بوطء ) أي الجماع إدخال الفرج في الفرج وليس له دوام حتى يكون لدوامه حكم ابتدائه كمن حلف لا يدخل هذا الدار وهو فيها لا يحنث باللبث بحر
قوله ( لم يصر به مراجعا ) أي عند محمد لأنه فعل واحد فليس لآخره حكم فعل على حدة
وقال أبويوسف يصير مراجعا لوجود المس بشهوة وهو القياس
نهر
قال في البحر وجزم المصنف بقول محمد دليل على أنه المختار وقيل ينبغي أن يصير مراجعا عند الكل لوجود المساس بشهوة كذا في المعراج
وينبغي تصحيح قول أبي يوسف لظهور ذليله اه
قوله ( في الطلاق الرجعي ) أي فيما إذا كان المعلق على الوطء طلاقا رجعيا
قوله ( حقيقة أو حكما الخ ) لا يصح جعله تعميما لقوله ثم أولج ثانيا بعد قوله إذا أخرج لأنه بعد الإخراج لا يمكنه تحريك نفسه إلا بعد إيلاج ثان حقيقة فيصير مراجعا بالإيلاج الثاني لا بالتحريك فيتعين جعله تعميما لمجموع قوله أخرج ثم أولج وعلى كل فقوله فيصير مراجعا بالحركة الثانية لا وجه لتقييدها بالثانية إلاص أن أتصور المسألة بما إذا أولج فقال إن جامعتك فأنت طالق فإنه كما في البحر إذا لم ينزع ولم يتحرك حتى أنزل لا تطلق فإن حرك نفسه طلقت ويصير مراجعا بالحركة الثانية
قوله ( ويجب العقر ) أي فيما إذا علق الثلاث أو عتق الأمة ط
ن البضع المحترم لا يخلو عن عقر أو عقر
بحر
قوله ( لاتحاد المجلس ) أي لا يجب الحد بالإيلاج ثانيا وإن كان جماعا لما فيه من شبهة أنه جماع واحد بالنظر إلى اتحاد المعقصود وهو قضاء الشهوة في المجلس الواحد وقد كان أوله غير موجب للحد فلا يكون آخره موجبا له وإن قال ظننت أنها علي حرام
وبهذا اندفع ما يقال إنه ينبغي أن يجب الحد في العتق لأنه وطء لا في ملك ولا في شبهته وهي العدة بخلاف الطلاق لوجود العدة
أفاده في المعراج
لكن روي عن محمد لو زنى بامرأة ثم تزوجها في تلك الحالة فإن لبث على ذلك ولم ينزع وجب مهران مهر بالوطء أي لسقوط الحد بالعقد ومهر بالعقد وإن لم يستأنف الإدخال لأن دوامه على ذلك فوق الخلوة بعد العقد
قال في النهر وهذا يشكل على ما مر إذ قد جعل لآخر هذا الفعل الواحد حكم على حدة اه
وأجاب ح تبعا للحموي بأن هذا مروي عن محمد وذاك قوله فلا تنافي
واعترضت ط بما في البحر عقب هذه المسألة من أن تخصيص الرواية بمحمد لا يدل على خلاف بل لأنها رويت عنه دون غيره اه فتأمل
قلت والجواب الحاسم للإشكال من أصله أن اعتبار آخر الفعل هنا من جهة كونه لخلوة مقررة للمهر بل فوقها
____________________
(3/365)
لا من جهة كونه وطأ ولا يمكن اعتبار ذلك في إيجاب الحد وثبوت الرجعة لأن الخلوة لا توجب ذلك فافهم
قوله ( لأن الشرط الخ ) عبارة البحر لأن الشرط لم يوجد لأن التزوج عليها أن يدخل عليها من ينازعها في الفراش ومن يزاحمها في القسم ولم يوجد
قوله ( وقيده ) أي قيد الطلاق إذا نكحها في عدة الرجعي بما ذكر أخذا من مفهوم التعليل وقال إن هذه واردة على المصنف يعني صاحب الكنز
قلت وقد يقال إن المزاحمة في القسم موجودة حكما وإن لم يرد مراجعتها وقت الطلاق لاحتمال تغير الإرادة بعده بإرادة المراجعة كما لو تزوجها في حال سفره أو حال نشوز الأولى فإن الذي يظهر الوقوع وإن لم توجد المزاحمة حقيقة وقت التزوج فتأمل
قوله ( كما مر ) أي في باب القسم ح
مطلب الاستثناء والمشيئة قوله ( قال لها الخ ) شروع في مسائل الاستثناء وعقد لها في الهداية فصلا على حدة
قال في الفتح وألحق الاستثناء بالتعليق لاشتراكهما في منع الكلام من إثبات موجبه إلا أن الشرط يمنع الكل والاستثناء البعض
وقد مسألة إن شاء الله لمشابتهتها الشرط في منع الكل وذكر أداة التعليق ولكنه ليس على طريقة لأنه منع لا إلى غاية والشرط منه إلى غاية تحققه كما يفيده أكرم بني تميم إن دخلوا ولذا لم يورده في بحث التعليقات ولفظ استثناء اسم توقيفي قال تعالى { ولا يستثنون } سورة القلم الآية 18 أي لا يقولون إن شاء الله
مطلب الاستثناء يثبت حكمه في صيغ الإخبار لا في الأمر والنهي وللمشاركة في الاسم أيضا اتجه ذكره في فصل الاستثناء وإنما يثبت حكمه في صيغ الإخبار وإن كان إنشاء إيجاب لا في الأمر والنهي فلو قال أعتقوا عبدي من بعد موتي إن شاء الله لا يعمل الاستثناء فلهم عتقه ولو قال بع عبدي هذا إن شاء الله كان للمأمور بيعه
وعن الحلواني كل ما يختص باللسان يبطله الاستثناء كالطلاق والبيع بخلاف ما يختص به كالصوم لا يرفعه لو قال نويت صوم غد إن شاء الله تعالى له أداؤه بتلك النية كذا في الفتح ومعنى قوله توقيفي أنه وارد في اللغة لا الاصطلاحي فقط
مطلب الاستثناء يطلق على الشرط لغة واستعمالا وفي حاشية البيضاوي للخفاجي من سورة الكهف الاستثناء يطلق على التقييد بالشرط في اللغة والاستعمال كما نص عليه السيرافي في شرح الكتاب
قال الراغب الاستثناء رفع ما يوجبه عموم سابق كما في قوله تعالى { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة } سورة الأنعام الآية 145 أو رفع ما يوجبه اللفظ كقوله امرأتي طالق إن شاء الله اه
وفي الحديث من حلف على شيء فقال إن شاء الله فقد ستثنى اه
ويأتي الخلاف في أنه إبطال أو تعليق
قوله ( متصلا ) احتراز عن المنفصل بأن وجد بين اللفظين فاصل من سكون بلا ضرورة تنفس ونحوه أو من كلام كما يأتي وقيد في الفتح السكوت بالكثير
____________________
(3/366)
مطلب قال أنت طالق وسكت ثم قال ثلاثا تقع واحدة وفي لزوجته أنت طالق وسكت ثم قال ثلاثا وإن كان سكوته لانقطاع النفس تطلق ثلاثا وإلا تقع واحدة
وفي أيمان البزازية أخذه الوالي وقال بالله فقال مثله ثم قال لتأتين يوم الجمعة فقال الرجل مثله فلم يأت لم يحنث لأنه بالحكاية والسكوت صار فاصلا بين اسم الله تعالى وحلفه وكذا فيما لو كان الحلف بالطلاق اه
قوله ( إلا التنفس ) أي وإن كان له منه بد بخلاف ما لو سكت قدر النفس ثم استثنى لا يصح الاستثناء للفصل كذا في الفتح
فعلم أن السكوت قدر النفس بلا تنفس كثير وأن السكوت للتنفس ولو بلا ضرورة
قوله عند عقب قوله ( أو إمساك ) أي إذا أتى بالاستثناء عقل رفع اليد عن فمه
قوله ( لتأكيد ) نحو أنت طالق طالق إن شاء الله إذا قصد التأكيد فإنه تقدم في الفروع قبيل الكنايات أنه لو كرر لفظ الطلاق وقع الكل فإن نوى التأكيد دين اه
وكذا أنت حر حر إن شاء الله كما في البحر ح
ويأتي تمام الكلام على ذلك
قوله ( أو تكميل ) نحو أنت طالق واحدة وثلاثا إن شاء الله بخلاف ثلاثا وواحدة أن شاء الله فيقع الثلاث كما في البحر لأن ذكر الواحدة بعد الثلاث لغو بخلاف العكس
قوله ( كأنت طالق يا زانية أو يا طلق ) إن شاء الله مثالان المفيد الحد والطلاق على سبيل النشر المرتب
قال في البحر وفي البزازية أنت طالق ثلاثا يا زانية إأن شاء الله يقع وصرف الاستثناء إلى الوصف وكذا أنت طالق يا طالق إن شاء الله وكذا أنت طالق يا صبية إن شاء الله يصرف الاستثناء إلى الكل ولا يقع الطلاق كأنه قال يا فلانة والأصل عنده أن المذكور في آخر الكلام إذا كان يقع به طلاق أو يلزمه حد كقوله يا طالق يا زانية فالاستثناء على الكل اه ح
أقول في هذه العبارة تحريف وسقط فالأول في قوله وكذا أنت طالق يا صبية فإن صوابه ولو قال أنتن طالق يا صبية الخ كما عبر في الذخيرة لمخالفته حكم ما قبله والثاني في قوله والأصل الخ فإن قوله فالاستثناء على الكل مخالف لقوله قبله يقع وصرف الاستثناء إلى الوصف أي يقع الطلاق بقوله أنت طالق ويصرف الاستثناء إلى الوصف أي ما وصفها به من قوله يا طالق يا زانية فلا يقع به طلاق ولا يلزمه حد فالصواب قوله في الذخيرة والأصل أن المذكور في آخر الكلام إذا كان يقع به طلاق أو يجب به حد فالاستثناء عليه نحو قوله يا زانية أو يا طالق وإن كان لا يجب به حد ولا يقع به طلاق فالاستثناء على الكل نحو قوله يا خبيثة اه
ثم اعلم أن هذا التفصيل نقله في الذخيرة بلفظ وفي نوادر أبي الوليد عن أبي يوسف الخ
ونقل قبله عن ظاهر الرواية انصراف الاستثناء إلى الكل بدون تفصيل وقال إنه الصحيح ومثله في شرح تلخيص الجامع
فما مشى عليه في البزازية خلاف الصحيح كما أوضحناه أول باب طلاق غير المدخول بها ويوافقه قول الشارح هنا صح الاستثناء فإن المتبادر منه انصراف الاستثناء إلى ذلك أي الطلاق والوصف لا إلى الوصف فقط وحينئذ فلا يقع الطلاق ولا يلزمه حد ولا لعان لكن هذا مخالف لما مشى عليه في البزازية كما علمت فلا يناسب عزو الشارح المسألة إلى البزازية فافهم
قوله ( وقع ) الأولى فإنه يقع وإنما كان الفاصل هنا لغوا لأنه لا فائدة في ذكر الرجعي
____________________
(3/367)
لكونه مدلول الصيغة شرعا ط وانظر لم لم يجعل تأكيدا أو تفسيرا كما قالوا في حر حر أو حر وعتيق
قوله ( وقواه في النهر ) اعلم أنه قال في القنية لو قال أنت طالق رجعيا أو بائنا إن شاء الله عن نيته فإن عنى الرجعي لا يقع وإن عنى البائن يقع ولا يعمل الاستثناء اه
قال في البحر وصوابه أن عنى الرجعي يقع لعدم صحة الاستثناء للفاصل وإن عنى البائن لم يقع لصحة الاستثناء اه
قال في النهر أقول بل الصواب ما في القنية وذلك أن معنى كلامه أنت طالق أحد هذين وبهذا لا يكون الرجعي لغوا وإن نواه بخلاف ما إذا نوى البائن وأما البائن فليس لغوا على كل حال اه
أقول لا يخفى ما في هذا الكلام من عدم الالتئام والتناقض التام
بيانه أن قوله وأما البائن فليس لغوا على كل حال يقتضي عدم الوقوع لصحة الاستثناء ومساواته للرجعي الذي قال فيه إنه لا يكون لغوا وإن نواه وحينئذ فلا يقع فيهما وهو خلاف ما في القنية ومناقض لقوله بخلاف ما إذا نوى البائن فافهم ولذا قال ح إن الحق ما في البحر لأنه إذا نوى الرجعي فجملة أنت طالق تفيده فكان قوله رجعيا أو بائنا الذي هو بمعنى أحد هذين لغوا بخلاف ما إذا نوى البائن فإن تلك الجملة لا تفيده فلم يكن قوله رجعيا أو بائنا لغوا
فإن قلت لما نوى البائن كان قوله رجعيا لغوا إذا كان يكفيه أن يقول أنت طالق بائنا
قلت هو تركيب صحيح لغة وشرعا كما في إحدى امرأتي طالق وحيث كان مقصوده البائن وكان قوله أنت طالق غير مفيد للبائن فهو مخير بين أن يقول أنت طالق رجعيا أو بائنا وينوي البائن وبين أن يقول أنت طالق بائنا اه
قوله ( مسموعا ) هذا عند الهندواني وهو الصحيح كما في البدائع
وعند الكرخي ليس بشرط
قوله ( بحيث الخ ) أشار به إلى أن المراد بالمسموع ما شأنه أن يسمع وإن لم يسمعه المنشىء لكثرة أصوات مثلا ط
قوله ( للشك ) أي للشك في مشيئة الله تعالى الطلاق لعدم الاطلاع عليها ح
قوله ( وإن ماتت قبل قوله إن شاء الله ) لأن ما جرى تعليق لا تطليق وموتها لا ينافي التعليق لأنه مبطل والموت أيضا مبطل فلا يتنافيان فيكون الاستثناء صحيحا فلا يقع عليها الطلاق كذا في التبيين ح
قوله ( وإن مات يقع ) أي إذا مات الزوج وهو يريده يقع لأنه لم يتصل به الاستثناء وتعلم إرادته بأن يذكر لآخر ذلك قبل الطلاق وكذا في النهر ح
قوله ( ولا يشترط فيه القصد ) هو الظاهر من المذهب لأن الطلاق مع الاستثناء ليس طلاقا
قال شداد بن حكيم رحمه الله وهو الذي صلى بوضوء الظهر ظهر اليوم الثاني ستين سنة خالفني في هذه المسألة خلف بن أيوب الزاهد فرأيت أبا يوسف في المنام فسألته فأجاب بمثل قولي وطالبته بالدليل فقال أرأيت لو قال أنت طالق فجرى على لسانه أو غير طالق أيقع قلت لا قال هذا كذلك
بزازية وفتح
قوله ( ولا التلفظ بهما ) أي بالطلاق والاستثناء
قوله ( أو عكس ) أي كتب الطلاق وتلفظ بالاستثناء
قوله ( أو أزال الاستثناء الخ ) أشار به إلى قسم أربع وهو ما إذا كتبهما معا فإنه يصح أيضا وإن أزال الاستثناء بعد الكتابة فافهم
قوله ( ولا العلم بمعناه ) فصار كسكوت البكر إذا زوجها أبوها ولا تدري أن السكوت رضا يمضي به العقد عليها
فتح
قوله ( من غير قصد ) راجع لقوله ولا يشترط القصد وقوله جاهلا راجع لقوله ولا العلم بمعناه ح
____________________
(3/368)
مطلب فيما لو حلف وأنشأ له آخر قوله ( وأفتى الشيخ الخ ) اعلم أن هذه المسألة مبنية عند الشافعية على أن من أخذ بقول غيره معتمدا عليه لا يحنث وفرعوا عليه ما لو فعل المحلوف عليه معتمدا على إفتاء مفت بعدم حنثه به وغلب على ظنه صدقه لم يحنث وإن لم يكن أهلا للإفتاء إذ المدار على غلبة الظن وعدمها لا على الأهلية
قالوا ومنه قول غير الحالف له بعد حلفه إلا أن يشاء الله ثم يخبره بأن مشية غيره تنفعه فيفعل المحلوف عليه اعتمادا على خبر المخبر اه
وبهذا تعلم ما في عبارة الشارح من الخفاء لأن قوله ظانا صحته حال من الضمير في له وهو مشروط بالإخبار كما علمته وقوله بعدم الوقوع متعلق بقوله وأفتى
قوله ( قلت الخ ) اعلم أن المقرر عندنا أنه يحنث بفعل المحلوف عليه ولو مكرها أو مخطئا أو ذاهلا أو ناسيا أو ساهيا أو مغمى عليه أو مجنونا فإذا كان يحنث بفعله مكرها ونحوه فكيف لا يحنث بفعله قصدا مع ظن عدم الحنث نعم صرحوا في الأيمان بأنه لن أحلف على ماض أو حال يظن نفسه صادقا لا يؤاخذ فيها إلا في ثلاث طلاق وعتاق ونذر وقد قال الشارح هناك فيقع الطلاق على غالب الظن إذا تبين خلافه وقد اشتهر عن الشافعية خلافه اه
قوله ( إن كان بحال الخ ) أما لو لم يكن بتلك الحال لا يجوز له الاعتماد عليهما كما في الفتح وغيره
قلت ومقتضى هذا الفرع أن من وصل في الغضب إلى حال لا يدري فيها ما يقول يقع طلاقه وإلا لم يحتج إلى اعتماد قول الشاهدين إنه استثنى مع أنه مر أول الطلاق أنه لا يقع طلاق المدهوش
وأفتى به الخير الرملي فيمن طلق وهو مغتاظ مدهوش لأن الدهش من أقسام الجنون
ولا يخفى أن من وصل إلى حالة لا يدري فيها ما يقول كان في حكم المجنون وقدمنا الجواب هناك بأنه ليس المراد بما هنا أنه وصل إلى حالة لا يدري ما يقول بأن لا يقصده ولا يفهم معناه بحيث يكون كالنائم والسكران بل المراد قد ينسى ما يقول لاشتغال فكره باستيلاء الغضب والله تعالى أعلم
مطلب فيما لو دعى استثناء وأنكرته الزوجة قوله ( ويقبل قوله الخ ) قال الخير الرملي في حواشي المنح لم يذكر أهو بيمينه وكذلك صاحب البحر والنهر والكمال ولم أره لأحد وينبغي على ما هو المعتمد أإن يكون بيمينه إذا أنكرته الزوجة وأما إذا لم تنكره فلا يمين عليه اللهم إلا إذا اتهمه القاضي اه
قوله ( إن ادعاه وأنكرته ) أي ادعى الاستثناء ومثله الشرط كما في الفتح وغيره
وقيد بإنكارها لأنه محل الخلاف إذ لو لم يكن له منازع فلا إشكال في أن القول قوله كما صرح به في الفتح
قلت لكن في التاترخانية عن الملتقط إذا سمعت المرأة الطلاق ولم تسمع الاستثناء لا يسعها أن تمكنه من الوطء اه أي فيلزمها منازعته إذا لم تسمع
قال في البحر ولو شهدوا بأنه طلق أو خالع بلا استثناء أو شهدوا بأنه لم يستثن تقبل وهذا مما تقبل فيه البينة على النفي لأنه في المعنى أمر وجودي لأنه عبارة عن ضم الشفتين عقيب التكلم بالموجب وإن قالوا طلق
____________________
(3/369)
ولم نسمع غير كلمة الخلع والزوج يدعي الاستثناء فالقول له لجواز أنه قاله ولم يسمعوه والشرط سماعه لا سماعهم على ما عرف في الجامع الصغير اه
قال في النهر عقبه وفي فوائد شمس الإسلام لا يقبل قوله وفي الفصول وهو الصحيح اه
قلت وكذا لا يقبل قوله إذا ظهر منه دليل صحة الخلع كقبض البدل أو نحوه كما في جامع الفصولين
قال في التاترخانية والمراد ذكر البدل لا حقيقة الأخذ فعلى هذا إذا ذكر البدل وقت الطلاق والخلع لا يصدق قضاء في دعوى الاستثناء اه
قوله ( وقيل لا يقبل الخ ) قال الخير الرملي أقول حيثما وقع خلاف وترجيح لكل من القولين فالواجب الرجوع إلى ظاهر الرواية لأن ما عداها ليس مذهبا لأصحابنا
وأيضا كما غلب الفساد في الرجال غلب في النساء فقد تكون كارهة له فتطلب الخلاص منه فتفترى عليه فيفتي المفتي بظاهر الرواية الذي هو المذهب ويفوض باطن الأمر إلى الله تعالى فتأمل وأنصف من نفسك
قلت الفساد وإن كان في الفريقين لكن أكثر العوام لا يعرفون أن الاستثناء مبطل لليمين وإنما يعلمه ذلك حيلة بعض من لا يخاف الله تعالى
وأيضا فإن دعوى الزوج خلاف الظاهر فإنه بدعوى الاستثناء يدعي إبطال الموجب بعد الاعتراف به بخلاف ما مر من أن القول قوله في وجود الشرط كدخولها الدار مثلا فإنه بعد قوله إن دخلت الدار فأنت طالق لم ينعقد الموجب للطلاق إلا بعد وجود الدخول وهو ينكره والظاهر يشهد له أما هنا فالاهر خلاف قوله وإذا عم الفساد ينبغي الرجوع إلى الظاهر
قال في الفتنة نقل نجم الدين النسفي عن شيخ الإسلام أبي الحسن أن مشايخنا أجابوا في دعوى الاستثناء في الطلاق أن لا يصدق الزوج إلا ببينة لأنه خلاف الظاهر وقد فسد حال الناس اه
قوله ( وقيل إن عرف بالصلاح الخ ) قائله صاحب الفتح حيث قال عقب ما نقلناه عنه آنفا والذي عندي أن ينظر فإن كان الرجل معروفا بالصلاح والشهود لا يشهدون على النفي ينبغي أن يؤخذ بما في المحيط من عدم الوقوع تصديقا له وإن عرف بالفسق أو جهل حاله فلا لغلبة الفساد في هذا الزمان اه
قلت ولا يخفى أن هذا تحقيق للقول الثاني المفتى به لأن المشايخ عللوه بفساد الزمان أي فيكون الزوج متهما وإذا كان صالحا تنتفي التهمة فيقبل قوله فلا يكون هذا قولا ثالثا فتدبر
قوله ( وحكم من لم يوقف على مشيئته الخ ) تعميم بعد تخصيص فإن الباري عز وجل ممن لا يوقف على مشيئته
وأفاد التمثيل أن المراد ما يعم من له مشيئة لا يوقف عليها كإن شاء الإنس ومن لا مشيئة له أصلا كإن شاء الجدار أفاده ط
قوله ( فيما ذكر ) متعلق بحكم والمراد بما ذكر التعليق بالمشيئة ح
قوله ( كذلك ) أي كالمعلق بمشيئة الله تعالى في عدم الوقوع ح
قوله ( وكذا إن شرك ) بأن علق بمشيئة الله تعالى مثلا ومشيئة من يوفق على مشيئته
قوله ( لم يقع أصلا ) أي وإن شاء زيد
بحر
قوله ( ومثل إن لا ) أي إذا قال إلا أن يشاء الله تعالى فهو مثل إن شاء الله تعالى ويحتمل أن يراد إلا المركبة من إن الشرطية ولا النافية كما في قوله تعالى { إلا تفعلوه تكن فتنة } سورة الأنفال الآية 73
* تنبيه ذكر في الولوالجية رجل قال لا أكلمه إلا ناسيا فكلمه ناسيا ثم كلمه ذكرا حنث بخلاف إلا إن أنسى فلا يحنث والفرق أنه في الأول أطلق واستثنى الكلام ناسيا فقط وفي الثاني وقت اليمين بالنسيان لأن قوله إلاص أن بمعنى حتى فينتهي اليمين بالنسيان
قوله ( وإن لم ) أي إن لم يشأ الله تعالى فلو قال أنت طالق واحدة إن شاء الله تعالى وأنت طالق ثنتين إن لم يشأ الله تعالى ( لا يقع ) شيء أما في الأولى فللاستثناء وأما في الثانية فلأنا
____________________
(3/370)
لو أوقعناه علمنا أن الله تعالى شاءه لأن الوقوع دليل المشيئة لأن كل واقع بمشيئة الله تعالى هو علق بعدم مشيئة الله تعالى الطلاق لا بمشيئته جل وعلا فيبطل الإيقاع ضرورة
بحر وتمام الكلام على هذه المسألة في التلويح عند الكلام على في الظرفية
قوله ( وما ) أي ما شاء الله تعالى فلا يقع أما على كونها مصدرية ظرفية فظاهر للشك وأما على كونها موصولا اسميا فكذلك لأن المراد أنت طالق الطلاق الذي شاء الله تعالى ومشيئته لا تعلم فلا يقع إذ العصمة ثابتة بيقين فلا تزول بالشك
أفاده في النهر
قوله ( وما لم يشأ ) ومعناه أنت طالق مدة عدم مشيئة الله طلاقك والوجه في عدم الوقوع ما ذكر في أن لم ط
قوله ( لولا أبوك الخ ) إنما كان هذا استثناء لأن لولا تدل على امتناع الجزاء الذي هو الطلاق لوجود الشرط الذي هو وجود الأب أو حسنها ط
قوله ( ذكره ابن الهمام في فتواه ) كأن الشارح رأى ذلك في فتوى معزوة إلى ابن الهمام لأنا لم نسمع أن له كتاب فتاوى
والظاهر أن ذلك غير ثابت عنه لمخالفته لما ذكره في فتح القدير حيث قال ويتراءى خلاف في الفصل بالذكر القليل فإنه ذكر في النوازل لو قال والله لا أكلم فلانا أستغفر الله إن شاء الله تعالى هو مستثن ديانة لا قضاء وفي الفتاوى لو أراد أن يحلف رجلا ويخاف أن يستثني في السر يحلفه ويأمره أن يذكر عقب الحلف موصولا سبحان الله أو غيره من الكلام والأوجه أن لا يصح الاستثناء بالفصل بالذكر اه
فهذا كما ترى صريح في أن نحو سبحان الله عقب اليمين فاصل مبطل للاستثناء أما أنه استثناء فلم يقل به أحد فافهم
قوله ( لأنه توكيد ) راجع لقوله حر حر
قال في الفتح وقياسه إذا كرر ثلاثا بلا واو أن يكون مثله اه
وقوله ( وعطف تفسير ) راجع لقوله ( حر وعتيق ) ففيه لف ونشر مرتب وإنما لم يجعل حر من عطف التفسير لأنه إنما يكون بغير لفظ الأول كما في الفتح
مطلب مهم لفظ إن شاء الله هل هو إبطال أو تعليق قوله ( فإنه تطليق الخ ) اعلم أن التعليق بمشيئة الله تعالى إبطال عندهما أي رفع لحكم الإيجاب السابق
وعند أبي يوسف تعليق ولهذا شرط كونه متصلا كسائر الشروط
ولهما أنه لا طريق للوصول إلى معرفة مشيئته تعالى كان إبطالا بخلاف بقية الشروط وعلى كل لا يقع الطلاق في مثل أنت طالق إن شاء الله تعالى نعم تظهر ثمرة الخلاف في مواضع
منها ما إذا قدم الشرط ولم يأت بالفاء في الجواب كإن شاء الله أنت طالق
فعندهما لا يقع لأنه إبطال فلا يختلف
وعنده يقع لأن التعليق لا يصح بدون الفاء في موضع وجوبها
ومنها ما إذا حلف لا يحلف بالطلاق وقاله حنث على بالتعليق لا الإبطال كما يأتي هذا ما قررره الزيلعي وابن الهمام وغيرهما ومثله في متن مواهب الرحمن حيث قال ويجعل أي أبو يوسف إن شاء الله للتعليق وهما للإبطال وبه يفتى
فلو قال إن شاء الله أنت كذا فاء يقع على الأول ويلغو على الهاني اه
لكن ذكر في متن المجمع عكس ذلك حيث قال وإن شاء الله أنت طالق يجعله تعليقا وهما تطليقا وحمله في البحر على ما تقدم وفيه نظر فإن مقابلة التعليق بالتطليق تقتضي عدم الوقوع على قول أبي يوسف القائل بالتعليق والوقوع على قولهما
____________________
(3/371)
على أنه صرح بذلك صاحب المجمع في شرحه
ولا يخفى أن صاحب الدار أدرى وصرح بذلك أيضا في شرح درر البحار حيث ذكر أولا أن أبا يوسف يجعله تعليقا لأن المبطل لما اتصل بالإيجاب أبطل حكمه ثم قال وجعلاه تنجيزا لأنه لما انتفى رابط الجملتين وهو الفاء بقي قوله ( أنت طالق ) منجزا اه
وقال في التاترخانية وإن قال إن شاء الله أن طالق بدون حرف الفاء فهذا استثناء صحيح في قول أبي حنيفة وأبي يوسف
وفي الولوالجية وبد نأخذ
وفي المحيط وقال محمد هذا استثناء منقطع والطلاق واقع في القضاء ويدين إن أراد به الاستثناء وذكر الحلاف على هذا الوجه في القدوري
وفي الخانية لا تطلق في قول أبي يوسف وتطلق في قول محمد والفتوى على قول أبي يوسف اه
ومثله في الذخيرة
وذكر في الخانية قبل هذا أول باب التعليق مثل ما مر عن الزيلعي وغيره
والحاصل أن أبا يوسف قائل بأن المشيئة تعليق ولكن اختلف في التخريج على قوله فقيل تلزم الفاء في الجواب كما في بقية الشروط بدونها وقيل لا فلا يقع وإن محمدا قائل بأنها إبطال
واختلف في التخريج على قوله فقيل إنما تكون إبطالا إن صح الربط بوجود الفاء في الجواب فلو حذفت في موضع وجوبها وقع منجزا وهو معنى كونها حينئذ للتطليق وقيل إنها عنده للإبطال مطلقا فلا يقع وإن سقطت الفاء
وأما أبو حنيفة فقيل مع أبي يوسف وقيل مع محمد وبهذا ظهر أن ما في البحر من أنه على القول بالتعليق لا يقع الطلاق إذا لم يأت بالفاء خلافا لما توهمه في الفتح من أنه يقع فيه نظر لما علمت من اختلاف التخريج وظهر أيضا أن ما في الفتح من أن أبا يوسف قائل بأنها للإبطال وأنه صرح في الخانية بذلك فهو مخالف لما سمعته على أن الذي رأيته في الخانية التصريح بأنها عنده للتعليق وكذا ما فيه من أن ما في شرح المجمع غلط وتبعه في النهر فهو بعيد لما علمت من موافقته لعدة كتب معتبرة ولتصريح القدوري به بل هو أحد قولين وقد خفي هذا على صاحب الفتح والبحر والنهر وغيرهم فاغتنم تحرير هذا المقام الذي زلت فيه أقدام الأفهام
قوله ( لاتصال المبطل بالإيجاب ) علة لقوله ( تعليق ) كما مر عن شرح درر البحار والمراد بالمبطل لفظ إن شاء الله فإنه استثناء صحيح وإن سقطت الفاء من جوابه كما مر عن التاترخانية فليغو الإيجاب وهو قوله أنت طالق فلا يقع
واستشكله في البحر بأن مقتضى التعليق الوقوع عند عدم الفاء لعدم الرابط
وأجاب الرملي بما في الولوالجية من أن المقصود منه إعدام الحكم لا التعليق وفي الإعدام لا يحتاج إلى حرف بالجزاء بخلاف قوله إن دخلت الدار فأنت طالق لأن المقصود منه التعليق فافترقا اه
قلت وهذا على أحد التخريجين وهو ما مشى عليه في المجمع وغيره
أما على التخريج الآخر من عدم صحة التعليق بدون الفاء وهو ما في الزيلعي وغيره وغيره فيقع كما مر فافهم
قوله ( وقيل الخلاف بالعكس ) يعني الخلاف في أن التعليق بالمشيئة هل هو إبطال أو تعليق لا مسألة المتن أي فقيل إنه إبطال عند أبي يوسف تعليق عند محمد ولم يذكر هذا القائل أبا حنيفة ويحتمل إرادة الخلاف في مسألة المتن أي قيل إنه يقع عند أبي يوسف لا عندهما كما مر عن الزيلعي وغيره فافهم
قوله ( وعلى كل الخ ) أي سواء قيل إن التعليق أو الإبطال قول أبي يوسف أو قول غيره فالمفتى به عدم الوقوع فما مشى عليه المصنف خلاف المفتى به
قوله ( لم يقع اتفاقا ) إذ لا شك حينئذ في صحة التعليق
قوله ( وثمرته الخ ) هذا الضمير لا مرجع له في كلامه لأنه راجح إلى أنه لو أخر الشرط وقال
____________________
(3/372)
أنت طالق إن شاء الله أو قدمه وأتى بالفاء في الجواب فهو إبطال عندهما تعليق عند أبي يوسف وقدمنا أن ثمرة الخلاف تظهر في مواضع منها مسألة المتن وهي ما إذا قدم الشرط ولم يأت بالفاء في الجواب كما قررناه سابقا ومنها هذه وبيانها ما في الخانية حيث قال ولو قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال لها طالق إن شاء الله طلقت امرأته في قول أبي يوسف ولا تطلق في قول محمد لأن على قول أبي يوسف أنت طالق إن شاء الله يمين لوجود الشرط والجزاء وعلى قول محمد ليس بيمين اه أي لأنه عنده الإبطال وقدمنا أن الفتوى عليه وبما ذكرناه علم أن الضمير في قوله ( وقاله ) راجع إلى ما لو أخر الشرط كأنت طالق إن شاء الله أو قدمه وأتى بالفاء الرابطة كإن شاء الله فإنت طالق
قوله ( أو برضاه ) الرضا ترك الاعتراض على الفاعل وأن لم يكن معه محبة ط
قوله ( لأن الباء للإلصاق ) أي هو المعنى لها فيلتصق وقوع الطلاق بأحذ هذه الأربعة وهي حيث لا يطلع عليها فلا تطلق بالشك ط
قوله ( وإن أضافه ) أي بالباء
قوله ( أي المذكور ) جواب عن المصنف حيث أفراد الضمير ومرجعه متعدد ط قوله ( فيقتصر على المجلس ) أي مجلس علمه فإن شاء فيه طلقت وإلاص خرج الأمر من يده
قوله ( كما مر ) أي في فضل المشيئة ح
قوله ( إذ يراد بمثله التنجيز عرفا ) أي فلا يصدق في إرادة التعليق والظاهر أنه يصدق ديانة
تأمل
قوله ( وإن قال ذلك ) أي المذكور من الألفاظ العشرة
قوله ( في الوجوه كلها ) أي سواء أضيفت إلى الله أو إلى العبد
قوله ( لأنه تعليل ) أي تعليل الإيقاع كقوله طالق لدخولك الدار
فتح أي والإيقاع لا يتوقف على وجود علته كما مر فلا يرد أن المشيئة ونحوها غير معلومة ولا كون محبة الله تعالى للطلاق معدومة لكونه أبغض الحلال إليه تعالى
قوله ( لأن في بمعنى الشرط ) فيكون تعليقا بما لا يوفق عليه
فتح
قيل وفي قوله ( بمعنى الشرط ) إشارة إلى أنه لا يصير شرطا محضا حتى يقع الطلاق بعده بل يقع معه
وتظهر الثمرة فيما لو قال للأجنبية أنت طالق في نكاحك فتزوجها لا تطلق كما لو قال مع نكاحك بخلاف إن تزوجتك تلويح أي لأن الطلاق لا يكون إلا متأخرا عن النكاح
قوله ( فإنه يقع في الحال ) لأنه لا يصح نفيه عن الله تعالى بحال لأنه يعلم ما كان وما لم يكن فكان تعليقا بأمر موجود فيكون إيقاعا
زيلعي
قوله ( إن نوى ضد العجز ) أي نوى حقيقتها لأنها صفة منافية للعجز فيكونه تعليقا بأمر موجود أما لو نوى بها التقدير فلا يقع لأنه تعالى قد يقدر شيئا وقد لا يقدره
قوله ( والرؤية ) الكثير فيها أن تكون مصدر رأي البصرية ومصدر القلبية الرأي ومصدر الحلمية الرؤيا وقد يستعمل كل في الآخر وهذا منه لأن رؤية طلاقها بالقلب لا بالبصر
رحمتي
قوله ( ثم العشرة ) الأظهر في التركيب أن يقول فالحاصل أن العشرة الخ كما لا يخفى ح
قوله ( إما أن تكون بباء ) ترك إن من التقسيم كما ترك المصنف بقية الكلام عليها
____________________
(3/373)
وحاصل حكمها أنها إبطال أو تعليق في العشرة إن أضيفت إلى الله تعالى وتمليك فيها إن أضيفت إلى العبد
قال في البحر والحاصل أنه إن أبى بأن لم يقع في الكل اه إذا أضيفت إلى الله تعالى فلأقسام حينئذ ثمانون اه ح
قلت الذي ذكره المصنف كغيره أن الأربعة الأول للتمليك وهذا وإن ذكره مع الباء وفي لكنهما بمعنى الشرط وأصل أدوات الشرط هو إن فلا بكون الستة الباقية للتمليك أصلا
ثم رأيت الزيلعي صرح بذلك حيث قال فالحاصل أن هذه الألفاظ عشرة أربعة منها للتمليك وهي المشيئة وأخواتها
وستة ليست للتمليك وهي الأمر وأخواته الخ
وعلى هذا فإذا أضيفت إلى العبد بإن الشرطية كانت الأربعة الأول للتمليك فتتوقف على المجلس والستة الباقية للتعليق لا تتوقف عليه فقوله في البحر لم يقع في الكل أي لم يقع أصلا إن أضيفت إلى الله تعالى ولم يقع في الحال إن أضيفت إلى العبد فافهم لكن يرد على البحر كما قال ط إن هذا ينافي ما ذكره المصنف في صورة العلم إذا أضيفت إليه تعالى فإنه يقع وعلله بأنه تعليق بأمر موجود فيكون تنجيزا
قوله ( وعلى ما مر عن العمادية ) أي من قوله فلو تلفظ الطلاق وكتب الاستثناء موصولا أو عكس أو أزال الاستثناء بعد الكتابة لم يقع
قوله ( فهي مائة وثمانون ) صوابه مائتان وأربعون لأن ما في البزازية تصوره هي كتابة الطلاق والاستثناء معا وما في العمادية ثلاث صور ويضرب أربعة في ستين تبلغ مائتين وأربعين وقد تزيد وذلك إن العشرة إما أن تضاف إلى الله تعالى أو إلى من يوقف على مشيئته من العباد أو من لا يوقف أو إلى الثلاثة أو إلى اثنين منها فهي سبعة تضرب في العشرة تبلغ سبعين وعلى كل إما بإن أو الباء أو اللام أو في تبلغ مائتين وثمانين
وعلى كل إما أن يتلفظ بالطلاق والاستثناء وما بمعناه أو بكتبهما أو يمحوهما بعد الكتابة أو يمحو الطلاق أو الإنشاء أو يتلفظ بالطلاق ويكتب الآخر أو بالعكس أو يمحو ما كتب فهي ثمانية في مائتين وثمانين وتبلغ ألفين ومئتين وأربعين
قوله ( تطلق رجعية ) لأن المضاف إلى مشيئة الله تعالى حال الطلاق وكيفيته من المفرد والمتعدد والرجعي والبائن لا أصله فيقع أقله لأنه المتيقن وهو الواحدة الرجعية
قوله ( أنت طالق ثلاثا إلا واحدة ) شروع في استثناء التحصيل بعد الفراغ من استثناء التعطيل كما ذكره القهستاني
مطلب أحكام استثناء الوضعي وفي البحر الاستثناء نوعان عرفي وهو ما مر من التعليق بالمشيئة ووضعي وهو المراد هنا وهو بيان بإلا أو إحدى أخواتها أن ما تدعها لم يرد بحكم الصدر
ويبطل بخمسة بالسكتة اختيارا بالزيادة على المستثنى منه وبالمساواة وباستثناء بعض الطلقة وبإبطال البعض كأنت طالق ثنتين وثنتين إلا ثلاثا كما في الخانية اه ملخصا أي لأن إخراج الثلاث من إحدى الثنتين لغو
وفي الفتح عن المنتقى أنت طالق ثلاثا وثلاثا إلا أربعا فهي ثلاث عنده لأنه يصير قوله وثلاثا فاصلا لغوا
وعندهما يقع ثنتان كأنه قال ستا إلا أربعا ولو قال ثلاثا إلا واحدة أو ثنتين طولب بالبيان فإن مات قبله طلقت واحدة هو الصحيح وفي رواية ثنتين
قوله ( وفي الاثنتين واحدة ) عن أبي يوسف لا يصح وهو قول طائفة من أهل العربية وبه قال أحمد وتحقيق ذلك في الفتح
قوله ( لأن استثناء الكل باطل ) هذا مقيد بما إذا لم يكن
____________________
(3/374)
بعده استثناء بكون جبرا للصدر فإن كان صح وعلى هذا تفرع ما لو قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا إلا واحدة حيث يقع واحدة ولو قال الاثنتين إلا واحدة وقع ثنتان
نهر وهذا من تعدد الاستثناء ويأتي بيانه وإنما بطل استثناء الكل لأنه لا يبقي بعده شيء يصير متكلما به والاستثناء لم يوضع إلا للتكلم بالباقي بعد الثنيا لا لأنه رجوع بعد التقرر كما قيل وإلا لصح فيما يقبل الرجوع كما لو قال أوصيت لفلان بثلث مالي إلا ثلاث مالي
أفاده في الفتح
قوله ( إن كان بلفظ الصدر ) أي كما مثل به في المتن وكقوله نسائي طوالق إلا نسائي وعبيدي أحرار إلا عبيدي كما في البحر ح
وفي الفتح ولو قال واحدة وثنتين إلا ثنتين أم قال ثنتين وواحدة إلا ثنتين يقع الثلاث وكذا ثنتين وواحدة إلا واحدة لأنه في الأوليين إخراج الثنتين من الثنتين أو من الواحدة وفي الثالثة واحدة من واحدة فلا يصح بخلاف ما لو قال واحدة وثنتين إلا واحدة حيث تطلق ثنتين لصحة إخراج الواحدة من الثنتين والأصل أن الاستثناء إنما ينصرف إلى ما يليه وإذا تعقب حملا فهو قيد الأخيرة منها اه
قوله ( أو مساوية ) نحو أنت طالق ثلاثا إلا واحدة وواحدة وواحدة وأنت طالق ثلاثا إلا ثنتين وواحدة ونحو أنتن طوالق إلا زينت وعمرة وهندا ليس له رابعة وأنتم أحرر إلا سالما وغانما وراشدا وليس له رابع اه
قوله ( صح ) أي صح الاستثناء في هذه الأمثلة وكذا قوله كل امرأة لي طالق إلا هذه وليس له سواها لا تطلق لأن المساواة في الوجود لا تمنع صحته إن عم وضعا لأنه تصرف صيغي
بحر يعني أنه ينظر فيه إلى صيغة المستثنى منه فإن عمت المستثنى وغير وضعا صح الاسثناء فأن كل امرأة يعم في الوضع هذه وغيرها وكذا لفظ نسائي يعم المسميات وغيرهن بخلاف أنتن فإنه لا يعم غير المسميات المخاطبات وبخلاف ما إذا لم يكن فيه عموم أصلا ومنه ما في الفتح حيث قال ولو قال طالق واحدة وواحدة وواحدة إلا ثلاثا بطل الاستثناء اتفاقا لعدم تعدد يصح معه إخراج شيء اه
وكذا ما في البحر لو قال للمدخولة أنت طالق أنت طالق أنت طالق إلا واحدة تقع الثلاث وكذا لو قال أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة إلا واحدة لأنه ذكر كلمات متفرقة فيعتبر كل كلام في حق صحة الاستثناء كأنه ليس معه غيره وكذا هذه طالق وهذه وهذه إلا هذه ولو قال أنتن طوالق إلا هذه صح الاستثناء اه
قوله ( تقع واحدة ) ولو كان المعتبر ما يحكم بصحته من العشرة وهو الثلاث لزم استثناء التسعة من الثلاث فيلغو ويقع الثلاث
مطلب فيما لو تعدد الاستثناء قوله ( ومتى تعدد الاستثناء ) أي وأمكن استثناء بعضه من بعض بخلاف ما لا يمكن كقاموا إلا زيدا إلا بكرا إلا عمرا فإن حكم ما بعد الأول كحكمه
قال في الفتح وأصل صحة الاستثناء من الاستثناء قوله تعالى { إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته } سورة الحجر الآية 59 60 قوله ( بلا واو ) فإن كان بالواو كان الكل إسقاطا من الصدر نحو أنت طالق عشرا إلا خمسا وإلا ثلاثا وإلا واحدة تقع واحدة ح
قوله ( كان كل ) أي كل واحد من المستثنيات إسقاطا مما يليه أي مما قبله فالضمير المستتر في يليه عائد على كل والبارز على ما فهو صلة جرت على غير من هي له لكن اللبس مأمون لعدم صحة
____________________
(3/375)
إسقاط الأكثر من الأقل فلا يجب إبراز الضمير اه ح
وبيان ذلك في مسألة الطلاق أن تسقط السبعة من الثمانية يبقى واحد تسقطه من التسعة يبقى ثمانية تقسطها من العشرة يبقى ثنتان
قوله ( إن تأخذ العدد الأول الخ ) بيانه أن تعد الأوتار بيمينك أي الأول والثالث والخامس والسابع والتاسع وهي تسعة وسبعة وخمسة وثلاثة وواحدة وجملتها خمسة وعشرون وتعد الأشفاع بيسارك أي الثاني والرابع والسادس والثامن وهي ثمانية وستة وأربعة واثنان وجملتها عشرون تسقطها مما باليمين يبقى خمسة
قلت وله طريقة ثانية وهي إخراج الأوتار وإدخال الأشفاع بأن تخرج كل وتر من شفع قلبه بيانه أن تخرج التسعة من العشرة يبقى واحد تضمه إلى الثمانية تصير تسعة أخرج منها سبعة يبقى اثنان تضمها إلى الستة تصير ثمانية أخرج منها خمسة يبقى ثلاثة تضمها إلى الأربعة تصير سبعة أخرج منها ثلاثة يبقى أربعة تضمها إلى الاثنين تصير ستة أخرج منها الواحد يبقى خمسة
والطريقة الثالثة إسقاط كل مما يليه كما مر بأن تسقط الواحد من الاثنين يبقى واحد أسقطه من الثلاثة يبقى اثنان أسقطهما من الأربعة يبقى اثنان أيضا أسقطهما من الخمسة يبقى ثلاثة أسقطها من الستة يبقى ثلاثة أيضا أسقطها من السبعة يبقى أربعة أسقطها من الثمانية يبقى أربعة أيضا أسقطها من التسعة يبقى خمسة أسقطها من العشرة يبقى خمسة
قوله ( فهو الواقع ) أي المقر به ط
قوله ( وعن الثاني ثنتنا ) لأن التطليقة لا تنجزأ في الإيقاع فكذا في الاستثناء فكأنه قال إلا واحدة
والجواب أن الإيقاع إنما لا يتجزأ المعنى في الموقع وهو لم يوجد في الاستثناء فيتجزأ فيه فصار كلامه عبارة عن تطليقتين ونصف فتطلق ثلاثا كذا في الفتح
وحاصله أن إيقاع نصف الطلقة مثلا غير متصور شرعا فكان إيقاع للكل بخلاف استثناء النصف فإنه ممكن لكنه يلغو لأن النصف الباقي تقع به طلقة
قلت والأقرب في الجواب أنه لما أخرج نصفا له حكم الكل وأبقى نصفا كذلك أوقعنا عليه طلقة بما أبقى ولم يصح إخراجه لأنه لو صح لزم إخراج طلقة حكمية من طلقة حكمية فيلغو
قوله ( فكأنه استثنى من ثلاث مقدر ) قلت وجهه أن لفظ طالق لا يحتمل الثنتين لأنهما عدد محض بل يحتمل الفرد الحقيقي أو الجنس أعني الثلاث والأول لا يصح هنا لأنه يلزم منه إلغاء الاستثناء فتعين الثاني فافهم
قوله ( في أيمان الفتح ) خبر عن ما وليس نعتا لفروع لأن الفرع الأول فقط في أيمان الفتح ح
قوله ( وقع الثلاث ) يعني بدخول واحد كما تدل عليه عبارة
____________________
(3/376)
أيمان الفتح حيث قال ولو قال لامرأته والله لا أقربك ثم قال والله لا أقربك فقربها مرة لزمه كفارتان اه
والظاهر أنه إن نوى التأكيد بدين ح
قلت وتصوير المسألة بما إذا ذكر لكل شرط جزاء
فلو اقتصر على جزاء
فلو اقتصر على جزاء واحد ففي البزازية إن دخلت هذه الدار فعبدي حر وهما واحد فالقياس عدم الحنث حتى تدخل دخلتين فيها والاستحسان يحنث بدخول واحد ويجعل الباقي تكرارا وإعادة اه
ثم ذكر إشكالا وجوابه وذكر عبارته بتمامها في البحر عند قوله والملك يشترط لآخر الشرطين وقوله وهما واحد أي الداران في الموضعين واحد بخلاف ما لو أشار إلى دارين فلا بد من دخولين كما هو ظاهر
قوله ( لم تطلق ) هذا مبني على قول ضعيف كما حققناه عند قوله وزوال الملك لا يبطل اليمين فافهم
قوله ( بخلاف ما لو قدم الجزاء ) هكذا في بعض النسخ وفي بعضها بخلاف ما لو لم يؤخذ الجزاء وكلاهما صحيح وأما ما في بعض النسخ بخلاف ما لو أخر الجزاء فقال ح صوابه قدم الجزاء ومع ذلك فقد ترك ما إذا وسطه
قال في النهر وفي المحيط لو قال إن تزوجتك وإن تزوجتك فأنت طالق لم يق حتى يتزوجها مرتين بخلاف ما إذا قدم الجزاء أو وسطه اه كلام النهر
وفضله في الفتاوى الهندية فقال وإن كرر بحرف العطف فقال إن تزوجتك وإن تزوجتك أو قال إن تزوجتك فإن تزوجتك أو إذا تزوجتك أو متى تزوجتك لا يقع الطلاق حتى يتزوجها مرتين ولو قدم الطلاق فقال أنت طالق إن تزوجتك وإن تزوجتك فهذا على تزوج واحد ولو قال إن تزوجتك فأنت طالق وإن تزوجتك طلقت بكل واحد من التزويجين
قوله ( إن غبت عنك الخ ) أقول المسألة ذكرها في البحر عند قول الكنز وزوال الملك بعد اليمين لا يبطلها
ونصه في القنية لو قال لها أمرك بيدك ثم اختلعت منه وتفرقا ثم تزوجها ففي بقاء الأمر بيدها روايتان والصحيح أنه لا يبقى
قال إن غبت عنك أربعة أشهر فأمرك بيدك ثم طلقها وانقضت عدتها وتزوجت ثم عادت إلى الأول وغاب عنها أربعة أشهر فلها أن تطلق نفسها اه
والفرق بينهما أن الأول تنجيز للتخيير فيبطل بزوال الملك والثاني تعليق التخيير فكان يمينا فلا يبطل
اه كلام البحر
وبه تعلم ما في كلام الشارح من الإيجاز المخل
والحاصل أن التخيير يبطل بالطلاق البائن إذا كان التخيير منجزا بخلاف المعلق وهذا ما وفق به في الفصول العمادية بين كلامهم كما حررناه قبيل فصل المشيئة
قوله ( لا يقع ) لأن الحنث شرطه أن يطلب منها غدا وتمتنع ولم يطلب
بحر
ونحوه في التاترخانية عن المنتقى
قلت ومقتضاه أن النسيان لا تأثير له هنا لكن سيأتي في الأيمان بأن تعليله إمكان البر شرط لبقاء اليمين بعد انعقادها كما هو شرط لانعقادها خلافا لأبي يوسف
ولا يخفى ما فيه فإن إمكان البر محقق بالتذكر
____________________
(3/377)
على أنه يلزم أن يكون النسيان عذرا في عدم الحنث في غير هذه الصورة أيضا وهو خلاف المنصوص فافهم
قوله ( إن مستيقظا حنث ) لأنه يسمى إتيانا منه
قال تعالى { فأتوا حرثكم أنى شئتم } سورة البقرة الآية 223
فعلى إنزالها أي تنعقد اليمين على أن يجامعها حتى تنزل لأن شعبها يراد به كسر شهوتها به
قوله ( فعلى المبالغة لا العدد ) فلا تقدير لذلك والسبعون كثير
خانية
والظاهر أن محله ما لو ينو العدد فإن نواه عملت نيته لأنه شدد على نفسه ط
قوله ( حنث به أيضا ) أي كما يحنث بالجماع فلا يصح نفيه المعنى المتبادر ويؤاخذ بما نواه لأنه شدد على نفسه فأيهما فعل حنث به
بقي لو فعل كلا منهما هل يحنث مرتين الظاهر نعم وينبغي أن لا يحنث في الديانة إلا بما نوى
قال ط ولو قال إن وطئت من غير ذكر امرأة ولا ضميرها فهو على الدوس بالقدم هو اللغة والعرف وذلك باتفاق أصحابنا ومحله ما لم ينو الجماع وإلا عملت نيته فيما يظهر
قوله ( له امرأة الخ ) لا مناسبة لها في هذا الباب إذ ليس فيها تعليق وقوله طلقت النفساء لعل وجهه أن الخبيث قد يطلق على المستكره ريحه كالثوم والبصل ودم النفساء منتن لطول مكثه
قوله ( فعلى الحائض ) لعل وجهه النهي عنه في القرآن نصا أو كثرته وزيادة أوقاته ومنه غبن فاحش
ثم رأيت في البحر عن القنية علل له بقوله لأنه نص
قوله ( فله أن لا يصدقه ) ولا تطلق زوجته لأنه محتمل للصدق والكذب فلا يصدق على غيره
بحر عن المحيط
ولا يقال إن هذا مما لا يوقف عليه إلا منه فالقول له كقوله لها إن كنت تحبين فقالت أحب لأن ذاك فيما إذا كان المعلق عليه من جهة الزوجة لا من جهة أجنبي كما قدمناه
وأفاد أنه لو صدقه حنث
قوله ( لا يحنث ) ينافي ما يأتي قريبا من أن شرط الحنث إن كان عدميا وعجز حنث اه ح
وأصله لصاحب البحر
أقول لا إشكال لأنه صدق عليه أنه ذهب فعدم الحنث لوجود البر ويشهد له ما يأتي متنا في الأيمان لا يخرج أو لا يذهب إلى مكة فخرج يريدها ثم رجع حنث إذا جاوز عمران مصره على قصدها اه
فإن عدم الحنث فيها لوجود المحلوف عليه ط قلت وذكر في الخانية تخريج عدم الحنث في مسألة العسس على قول أبي حنيفة ومحمد فيما إذا حلف ليشربن الماء الذي في هذا الكوز اليوم فأهرقه قبل مضي اليوم لا يحنث عندهما اه
وفي الذخيرة ما يدل على أن في المسألة خلافا
قوله ( فخرجت لحريقها لا يحنث ) وكذا لو خرجت للغرق لأن الشرط الخروج بغير إذنه لغير الغرق والحرق
بحر أي لأن ذلك غير مراد عرفا فلا يدخل في اليمين وكذا يتقيد ببقاء النكاح كما سيأتي في الأيمان
____________________
(3/378)
وعلله في الفتح هناك بأن الإذن إنما يصح لمن له المنع وهو مثل السلطان إذا حلف إنسانا ليرفعن إليه خير كل داعر في المدينة كان على مدة ولايته فلو أبانها ثم تزوجاه فخرجت بلا إذن لا تطلق وإن كان زوال الملك لا يبطل اليمين عندنا لأنها لم تنعقد إلا على بقاء النكاح اه
ومثله تحليف رب الدين الغريم أن لا يخرج من البلد إلا بإذنه تقيد بقيام الدي كما سيأتي هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( حلف لا يرجع الخ ) في الخانية رجل خرج مع الوالي فحلف أن لا يرجع إلا بإذن الوالي فسقط من الحالف شيء فرجع لأجله لا يحنث لأن هذا الرجوع مستثنى من اليمين عادة اه أي لأن المحلوف عليه هو الرجوع بمعنى ترك الذهاب معه فإذا رجع لحاجة على نية العود لم يتحقق المحلوف عليه
مطلب اليمين تتخصص بدلالة العادة والعرف والحاصل أن هذه المسألة والتي قبلها تخصصت اليمين فيهما بدلالة العادة والعادة مخصصة كما تقرر في كتاب الأصول
ونظير ذلك ما في الخانية أيضا رجل حلف رجلا أن يطيعه في كل ما يأمره وينهاه عنه ثم نهاه عن جماع امرأته لا يحنث إن لم يكن هناك سبب يدل عليه لأن الناس لا يريدون بهذا النهي عن جماع امرأته عادة كما لا يراد به النهي عن الأكل والشرب
وفيها أيضا اتهمته امرأته بجارية فحلف لا يمسها انصرف إلى المس الذي تكره المرأة وكذا لو قال إن وضعت يدي على جاريتي فهي حرة فضربها ووضع يده عليها لا يحنث إن كانت يمينه لأجل المرأة ولأمر يدل على أنه يريد الوضع لغير الضرب اه
قلت ومثله فيما يظهر ما ذكره بعض محققي الحنابلة فيمن قال لزوجته إن قلت لي كلاما ولم أقل لك مثله فأنت طالق فقالت له أنت طالق ولم يقل لها مثله من أنها لا تطلق لأن كلام الزوج مخصص بما كان سبا أو دعاء أو نحوه إذ ليس مراده أنها لو قالت اشتر لي ثوبا أن يقول لها مثله بل أراد الكلام الذي كان سبب حلفه اه قوله ( فاليمين على التلفظ باللسان ) كذا في القنية والحاوي للزاهدي معزيا للوبري ولعله محمول على ما إذا كان الحالف عالما وقت الحلف بأنه لا يمكنه إخراجه بالفعل فينصرف إلى التلفظ بقوله أخرج من داري ولو حمل على اليمين المؤقتة كما في لأشربن ماء هذا الكوز اليوم ولا ماء فيه لكان ينبغي عدم الحنث بمضي اليوم وإن لم يقل له أخرج ولعله لم يحمل عليها لإمكان صرف اليمين إلى التلفظ المذكور بقرينة العجز عن الحقيقة
مطلب لا يدع فلان في هذه الدار كما لو حلف لا يدع فلانا يسكن في هذا الدار فقد قالوا إن كانت الدار ملكا للحالف فالمنع بالقول والفعل وإلا فبالقول فقط أي لأنه لا يملك منعه بالفعل ومثله ما لو كان آجره الدار فقد صرحوا بأنه يبر بقوله أخرج من داري
ووجهه أن المستأجر ملك المنافع فصار الحالف كالأجنبي الذي لا ملك له في الدار
وأما ما سيذكره الشارح آخر كتاب الأيمان حيث قال لا يدخل فلان داره فيمينه على النهي إن لم يملك منعه وإلا فعلى النهي والمنع جميعا فهو مخالف لما رأيته في كثير من الكتب من ذكر هذا التفصيل في حلفه لا يدعه أو لا يتركه
ففي الولوالجية قال إن دخلت فلانا بيتي أو قال إن دخل فلان بيتي أو قال إن تركت فلانا يدخل بيتي فامرأته طالق فاليمين في الأول على أن يدخل بأمره لأنه متى دخل بأمره فقد أدخله وفي الثاني على الدخول
____________________
(3/379)
أمر الحالف أو لم يأمر علم أو لم يعلم لأنه وجد الدخول وفي الثالث على الدخول بعلم الحالف لأن شرط الحنث الترك للدخول فمتى علم ولم يمنع فقد ترك اه
ومثل في أيمان البحر عن المحيط وغيره فتعليله للثاني بأنه وجد الدخول صريح في انعقاد اليمين على نفس فعل الغير ولذا قال الشارح هناك قال لغيره والله لتفعلن كذا فهو حالف فإذا لم يفعله المخاطب حنث الخ فعلم أنه في حلفه لا يدخل فلان داره يحنث بدخوله وإن نهاه الحالف لأنه وجد شرط الحنث بخلاف لا يتركه يدخل فإنه فيه التفصيل المار ولو جرى هذا التفصيل في الحلف على فعل الغير لزم أنه لو قال إن دخل فلان داري فأنت طالق أنه لو نهاه عن الدخول ثم دخل لا يقع الطلاق وأنه لو قال والله لتفعلن كذا وأمره بالفعل فلم يفعل لا يحنث
وقد يجاب بحمل قول الشاعر في الأيمان فيمينه على النهي إن لم يملك منعه على ما ذكره هنا من كون المحلوف عليه ظالما بقرينة أن فرض المسألة في الحلف على دار الحالف فلا يمن حمله على التفصيل المذكور فيها إذا كانت الدار ملك الحالف أو ملك غير وسيأتي إن شاء الله تعالى زيادة تحرير هذا المحل في الأيمان
وإنما تعرضنا لذكر ذلك هنا لأن بعض محشي الأشباه اغتر بعبارة الشارح المذكورة في الأيمان فأفتى بعدم الحنث بعدم الدخول في قوله لا يدخل فلان داري وهو ما اشتهر على ألسنة العوام من أنه لا يحنث في الحلف على ما لا يملكه وليس على إطلاقه فتنبه لذلك
قوله ( إن لم تجيئي ) بفعل الؤنثة المخاطبة ليناسب قوله فأنت طالق ح
قوله ( الساعة ) راجع إليهما وقيد بها لأن المطلقة لا يحنث فيها إلا باليأس بنحو موت الحالف أو ضياع الثوب ط
قوله ( لا يحنث ) لعدم إمكان البر وقيل يحنث فيهما ط عن البحر
قلت وفي الخانية قال لامرأته إن لم تجيئي بمتاع كذا غدا فأنت طالق فبعثت المرأة به على يد إنسان فإن كان نوى وصول المتاع إليه غدا لا يحنث لأنه نوى محتمل لفظه وإن لم ينو شيئا أو نوى حملها بنفسها حنث ولا يكون اليمين على الوصول إلا بالنية اه
قوله ( بطل اليمين ) لأنه بعد إبرائها منه لم يبق لها عليه فلا يمكن دفعه
قوله ( ما يكتب في التعاليق ) أي ما يكتبه الزوج على نفسه عند خوف المرأة من نلقها أو تزوجه عليها
قوله ( متى نقلها الخ ) جواب متى محذوف أي فهي طالق وقوله وأبرأته بالواو العاطفة على قوله نقلها أو تزوج عليها
قوله ( فلو دفع لها الكل ) أي كل الدين المعبر عنه بقوله من كذا أو كل باقي الصداقق
قوله ( هل تبطل ) أي اليمين المذكور ووجه التوقف أن الطلاق معلق على الشرطين وهما النقل والإبراء أو التزوج والإبراء فإذا وجد أحدهما فلا بد من وجود الآخر وهو الإبراء مع أن المبرأ عنه قد دفعه لها
قوله ( لتصريحهم الخ ) قال في الأشباه الإبراء بعد قضاء الدين صحيح لأن الساقط بالقضاء المطالبة لا أصل الدين فيرجع المديون بما أداه إذا أبرأه براءة إسقاط وإذا أبرأه استيفاء فلا رجوع
واختلفوا فيما إذا طلقها وعلى هذا لو علق طلاقها بإبرائها عن المهر ثم دفعه لها لا يبطل التعليق فإذا أبرأته براءة إسقاط وقع ورجع عليها اه
والحاصل أن الدين وصف في ذمة المديون والدين يقضي بمثله أي إذا أوفى ما عليه لغريمه ثبت له على غريمة مثل ما لغريمه عليه فتسقط المطالبة فإذا أبرأه غريمه براءة إسقاط سقط ما بذمته لغريمه فتثبت له مطالبة غريمه
____________________
(3/380)
بما أوفاه فقد صحت البراءة بعد الدفع فلا تبطل اليمين بل يتوقف الوقوع على البراءة بخلاف ما إذا أبرأه براءة استيفاء لأنها بمعنى إقراره باستيفاء دينه وبأنه لا مطالبة له عليه فلا يرجع عليه المديون لعدم سقوط ما بذمته بذلك
وأما لو أطلق فينبغي في زماننا حملها على الاستيفاء لعدم فهمهم غيرها
قوله ( حلف بالله أنه لم يدخل ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها لا يدخل والصواب الأول لأنه على الثاني تكون اليمين منعقدة لكونها على المستقبل
وفرض المسألة فيما إذا كانت على الماضي لتناقض اليمين الثانية
ففي البحر عن المحيط من باب الأيمان التي يكذب بعضها بعضا حلف بالله تعالى أنه لم يدخل هذه الدار اليوم ثم قال عبده حر إن لم يكن دخلها اليوم لا كفارة ولا يعتق عبده لأنه إن كان صادقا في اليمين بالله تعالى لم يحنث ولا كفارة وإن كان كاذبا فهي يمين الغموس فلا توجب الكفارة واليمين بالله تعالى لا مدخل لها في القضاء فلم يصر فيها مكذبا شرعا فلم يتحقق شرط الحنث في اليمين بالعتق وهو عدم الدخول حتى لو كانت اليمين الأولى بعتق أو طلاق حنث في اليمينين لأن لها مدخلا في القضاء اه
قوله ( حنث في اليمينين ) لأن بكل زعم الحنث في الأخرى كما يأتي في باب عتق البعض اه ح
قوله ( ولو ضاع من اللحام الخ ) هذا نقله في البحر عن الخانية في اليمين المطلقة عن ذكر اليوم ثم قال ومفهومه أنه إذا لم يكن رده فإنه يحنث فعلم به أن قولهم يشترط لبقاء اليمين إمكان البر إنما هو في المقيدة بالوقت فعدمه مبطل لها أما المطلقة لها فعدمه موجب للحنث اه
وحاصله أنه إذا كانت اليمين مقيدة بالوقت يحنث بمضيه إلا إذا عجزت عن رده بأن ضاع أو أذيب أما لو كانت مطلقة فلا يحنث وإن ضاع ما داما حيين لإمكان وجدانه أما لو مات أحدهما أو علم أنه أذيب أو سقط في البحر فإنه يحنث لتعذر الرد وبه تعلم ما في كلام الشارح
قوله ( إن لم أكن الخ ) كذا في البحر عن الصيرفية
وقد راجعت عبارة الصيرفية فرأيت فيها إن أكن بدون لم وهو الصواب
قوله ( يحبس الخ ) سواء حبسه القاضي أو الوالي لأن الحبس يسمى نفيا قال تعالى { أو ينفوا من الأرض } سورة المائدة الآية 23 بحر عن الصيرفية أي فإن الآية محمولة عندنا على الحبس
مطلب المحبوس ليس في الدنيا ورأيت في بضع الكتب أن الوزير ابن مقلة لما حبسه الراضي بالله سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة أنشد قوله خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها فلسنا من الموتى نعد ولا الأحيا إذا جاءنا السجان يوما لحاجة فرحنا وقلنا جاء هذا من الدنيا
____________________
(3/381)
قوله ( لا يحنث في المختار ) لأنه مسكن لا ساكن وشرط الحنث هو السكنى وإنما تكون السكنى بفعله إذا كان باختياره بخلاف إن لم أخرج ونحوه لأن شرط الحنث عدم الفعل والعدم يتحقق بدون الاختيار
أفاده في الذخيرة
وأفاد أيضا أن الخلاف فيما إذا أغلق الباب لا فيما إذا منع بقيد ومثله في البحر وصر به في البزازية
وحاصله أنه لو كان المنع حسيا لا يحنث بلا خلاف ولو كان بغيره لا يحنث أيضا في المختار وقيل لا يحنث
مطلب الأصل أن شرط الحنث إن كان عدميا وعجز يحنث قوله ( والأصل الخ ) عبارة ابن الشحنة والأصل أن شرط الحنث إن كان عدميا وعجز عن مباشرته فالمختار الحنث وإن كان وجوديا وعجز فالمختار عدم الحنث اه
قلت والظاهر أن الضمير في قوله مباشرته يعدو إلى شرط البر لا شرط الحنث لأن العجز عن الشيء فرع من تطلبه والحالف إنما يطلب شرط البر فيحصله أو يعجز عنه فكان على الشارح أن يقول متى عجز عن شرط البر فافهم
هذا وقد استشكل في البحر فرعين أحدهما مسألة العسس المارة والثاني ما في القنية إن لم أعمل هذه السنة في المزارعة بتمامها فمرض ولم يتم حنث ولو حبسه السلطان لا يحنث اه
قال فإن الشرط فيهما العدم وقد أثر فيه الحبس اه
قلت أما مسألة العسس فقد مر الجواب عنها وأما مسألة القنية فالظاهر أنها مبنية على خلاف المختار وهو عدم الحنث فيما إذا كان المنع غير حسي فلذا فرق بين المنع بالمرض والمنع بحبس السلطان لأن الحبس إغلاق لباب الحبس فهو منع غير حسي بخلاف المرض فإنه كالقيد فهو منع حسي لكن في أيمان البزازية من الخامس عشر أن لم تحضريني الليلة فكذا فقيدت ومنعت حسيا ذكر الفضلي أنه يحنث
والأصح أنه لا يحنث فقد صحح عدم الحنث في المنع الحسي لكن ذكر في الذخيرة أن المختار الحنث ولم يقيد بكونها منعت منعا حسيا فالظاهر أنه ترجيح لقول الفضلى وهو الموافق للأصل المار لأن الشرط هنا عدمي ويكون التفصيل بين المنع الحسي وغيره خاصا فيما إذا كان الشرط وجوديا ويكون ما في القنية والبزازية مبنيا على إجرائه في العدمي أيضا والله أعلم
تنبيه اعلم أنهم صرحوا بأن فوات المحل يبطل اليمين وبأن العجز عن فعل المحلوف عليه يبطلها أيضا لو موقتة لا لو مطلقة وبأن إمكان تصور البر شرط لانعقادها في الابتداء مطلقا وشرط لبقائها لو موقتة وعلى هذا فقولهم في ليشربن ماء هذا الكوز اليوم ولا ماء فيه لا يحنث
وجهه أنها لم تنعقد لعدم إمكان البر ابتداء وفيما لو كان فيها ماء فصب تبطل لعدم إمكان البر بعد انعقادها والعجز فيه ناشىء عن فوات المحل وفي إن لم أخرج ونحوه فقيد ومنع يحنث لأن العجز لم ينشأ عن فوات المحل لأن المحل فيه هو الحالف أو المرأة ونحو ذلك وهو موجود بخلاف الماء الذي صب فإذا لم يخرج تحقق شرط الحنث لبقاء المحل وإن عجز حقيقة لإمكان البر عقلا بأن يطلقه الحابس له كما في قوله إن لم أمس السماء اليوم فإنه يحنث بمضيه لأنه وإن استحال عادة لكنه في نفسه ممكن لأنه وجد من بعض الأنبياء بخلاف ما لو صب الماء لأن عود الماء المحلوف عليه غير ممكن
____________________
(3/382)
أصلا وفي لا أسكن فقيد ومنع لا يحنث لأن شرط الحنث وجودي وهو سكناه بنفسه والوجودي يمكن إعدامه بالإكراه والمنع بأن ينسب لغيره وهو المكره بالكسر بخلاف لا يخرج لأن شرط الحنث عدمي وهو لا يمكن إعدامه بالإكراه لتحققه من المكره بالفتح وهذا معنى قولهم الإكراه يؤثر في الوجودي لا في العدمي فصار الحاصل أنه إذا كان شرط الحنث عدميا فإن عجز عن شرط البر بفوات محله لا يحنث وإن مع بقاء المحل حنث سواء كان المانع حسيا أو لا وكذا لو كان المانع كونه مستحيلا عادة كمس السماء وإن كان الشرط وجوديا لا يحنث مطلقا ولو كان المانع غير حسي في المختار هذا ما تحرر لي من كلامهم والله تعالى أعلم فافهم
قوله ( ومفاده الخ ) أي لأن شرط الحنث فيه عدمي وهو عدم الأداء والمحل وهو الحالف باق وإذا كان يحنث في حلفه ليمس السماء اليوم مع كون شرط البر مستحيلا عادة فحنثه هنا بالأولى لأن شرط البر ممكن بأن يغصب مالا أو يجد من يقرضه أو يرث قريبا له ونحو ذلك فإن ذلك ليس بأبعد من مس السماء
ولا يرد ما قيل إنه يستفاد عدم الحنث من قوله في المنح حلف ليقضين فلانا دينه غدا ومات أحدهماقبل مضي الغد أو قضاه قبله أو أبرأه لم تنعقد اه
لأن عدم الحنث فيه لبطلان اليمين بفوات المحل كما لو صب ما في الكوز فإن شرط البر صار مستحيلا عقلا وعادة بخلاف مس السماء فإنه ممكن عقلا وإن استحال عادة وكذا لا يرد ما في الخانية إن لم آكل هذا الرغيف اليوم فأكله غيره قبل الغروب لا يحنث لأنه من فروع مسألة الكوز كما صرحوا به لفوات المحل وهو الرغيف وما استشهد به صاحب البحر حيث قال إن قوله في القنية متى عجز عن المحلوف عليه واليمين مؤقتة فإنها تبطل يقتضي بطلانها في الحادثة المذكورة فيه نظراه
لأن مراد القنية العجز الحقيقي كما في مسألة الكوز وإلا ناقضه ما أطبق عليه أصحاب المتون من عدم البطلان في لأصعدن السماء
ثم رأيت الرملي نقل عن فتاوى صاحب البحر أنه أفتى بالحنث في مسألتنا مستندا إلى إمكان البر حقيقة وعادة مع الإعسار بهبة أو تصدق أو إثر اه
وهو عين ما قلناه أولا ولله الحمد
باب طلاق المريض لما كان المرض من العوارض أخره
قوله ( عنون به لأصالته ) أي اقتصر على ذكر المريض في الترجمة مع أن قوله من غالب حاله الهلاك بمرض أو غيره صريح في أن الحكم في غير المريض كذلك ولكن الأصل في هذا الباب المريض وغيره ممن كان في حكمه ملحق به
وقيل المراد بالمريض من غالب حاله الهلاك مجازا فيشتمل غيره
قوله ( لفراره من إرثها ) أي ظاهرا وإن اتفق أنه لم يقصد الفرار
قوله ( فيرد عليه قصده ) بيان لوجه توريثها منه اعتبارا بقاتل مورثه بجامع كونه فعلا محرما لغرض فاسد وتمام تقريره في الفتح
وعن هذا قال في البحر وقد علم من كلامهم أنه لا يجوز للزوج المريض التطليق لتعلق حقها بماله إلا إذا رضيت به ا هـ
قال في النهر وفيه نظر لأن الشارع حيث رد عليه قصده لم يكن آتيا إلا بصورة الإبطال لا بحقيقته فتدبر ا هـ
وقد يقال لو لم يكن ذلك القصد محظورا لم يرده عليه الشارح كقتل المورث استعجالا لإرثه
ثم رأيت في التاترخانية عن الملتقط قال محمد إذا مرض الرجل وقد دخل بامرأته أكره له أن يطلقها ولو كان قبل الدخول
____________________
(3/383)
لا يكره ا هـ
قوله ( إلى تمام عدتها ) لأن الميراث لا بد أن يكون لنسب أو سبب وهو الزوجية والعتق والزوجية تنقطع بالبينونة وهذه إشارة إلى خلاف مالك في قوله بإرثها وإن مات بعد تزوجها كما يأتي
قوله ( كما سيجيء ) أي في قول المصنف ولو باشرت سبب الفرقة وهي مريضة الخ ط
قوله ( بأن أضناه مرض ) أي لازمه حتى أشرف على الموت
مصباح
قوله ( عجز به الخ ) فلو قدر على إقامة مصالحة في البيت كالوضوء والقيام إلى الخلاء لا يكون فارا وفسره في الهداية بأن يكون صاحب فراش وهو أن لا يقوم بحوائجه كما يعتاد الأصحاء وهذا أضيق من الأول لأن كونه ذا فراش يقتضي اعتبار العجز عن مصالحة في البيت فلو قدر عليها فيه لا يكون فارا
وصححه في الفتح حيث قال فأما إذا أمكنه القيام
بها في البيت لا في خارجه فالصحيح أنه صحيح ا هـ
أقول ومقتضى هذا كله أنه لو كان مريضا مرضا يغلب منه الهلاك لكنه لم يعجزه من مصالحة كما يكون في ابتداء المرض لا يكون فارا
وفي نور العين قال أبو الليث كونه صاحب فراش ليس بشرط لكونه مريضا مرض الموت بل العبرة للغلبة لو الغالب من هذا المرض الموت فهو مرض الموت وإن كان يخرج من البيت وبه كان يفتي الصدر الشهيد
ثم نقل عن صاحب المحيط أنه ذكر محمد في الاصل مسائل تدل عن أن الشرط خوف الهلاك غالبا لا كونه صاحب فراش ا هـ
ويأتي تمامه
قوله ( هو الأصح ) صححه الزيلعي وقيل من لا يصلي قائما وقيل من لا يمشي وقيل من يزداد مرضه
ط عن القهستاني
قوله ( كعجز الفقيه الخ ) ينبغي أن يكون المراد العجز عن نحو ذلك من الإتيان إلى المسجد أو الدكان لإقامة المصالح القريبة في حق الكل إذ لو كان محترفا بحرفة شاقة كما لو كان مكاريا أو حمالا على ظهره أو دقاقا أو نجارا أو نحو ذلك مما لا يمكن إقامته مع أدنى مرض وعجز عنه مع قدرته على الخروج إلى المسجد أوالسوق لا يكون مريضا وإن كانت هذه مصالحه وإلا لزم أن يكون عدم القدرة على الخروج إلى الدكان للبيع والشراء مثلا مرضا وغير مرض بحسب اختلاف المصالح
تأمل
ثم هذا إنما أيضا يظهر في حق من كان له قدرة على الخروج قبل المرض أما لو كان غير قادر عليه قبل المرض لكبر أو لعلة في رجليه فلا يظهر فينبغي اعتبار غلبة الهلاك في حقه وهو ما مر عن أبي الليث وينبغي اعتماده لما علمت من أنه كان يفتي به الصدر الشهيد وأن كلام محمد يدل عليه ولا طراده فيمن كان عاجزا قبل المرض ويؤيده أن من ألحق بالمريض كمن بارز رجلا ونحوه إنما اعتبر فيه غلبة الهلاك دون العجز عن الخروج ولأن بعض من يكون مطعونا أو به استسقاء قبل غلبة المرض عليه قد يخرج لقضاء مصالحه مع كونه أقرب إلى الهلاك من مريض ضعف عن الخروج لصداع أو هزال مثلا
وقد يوفق بين القولين بأنه إن علم أن به مرضا مهلكا غالبا وهو يزداد إلى الموت فهو المعتبر وإن لم يعلم أنه ملك يعتبر العجز عن الخروج للمصالح
هذا ما ظهر لي
فإن قلت إن مرض الموت هوالذي يتصل به الموت فما فائدة تعريفه بما ذكر
____________________
(3/384)
قلت فائدته أنه قد يطول سنة فأكثر كما يأتي فلا يسمى مرض الموت وإن اتصل به الموت
وأيضا فقد يموت المريض بسبب آخر كالقتل فلا بد من حد فاصل تبتنى عليه الأحكام
قوله ( قال في النهر وهو الظاهر ) رد على قوله في الفتح أما المرأة فإن لم يمكنها الصعود إلى السطح فهي مريضة فإنه يقتضي أنها لو عجزت عنه لا عما دونه كالطبخ تكون مريضة مع أنه خلاف ما في الملتقى وغيره من اعتبار عدم قدرتها على القيام بمصالح بيتها
تأمل
قوله ( المرض ) مبتدأ والمعتبر صفته والمضني خبره وقد علمت أن هذا القول مقابل الأصح
قوله ( والمقعد ) هو الذي لا حراك به من داء في جسده كأن الداء أقعده
وعند الأطباء هو الزمن
وبعضهم فرق وقال المقعد المتشنج الأعضاء والزمن الذي طال مرضه
مغرب
قوله ( ولم يقعده في الفراش ) احترازا عما إذا تطاول ثم تغير حاله فإنه إذا مات من ذلك التغير يعتبر تصرفه من الثلث كما في الخلاصة
قوله ( ثم رمز شح ) أي شين وحاء وهو رمز لشمس الأئمة الحلواني
وفي الهندية عن التمرتاشي وفسر أصحابنا التطاول بالسنة فإذا بقي على هذه العلة سنة فتصرفه بعدها كتصرفه حال صحته ا هـ أي مالم يتغير حاله كما علمت
قوله ( وفي القنية الخ ) قال ح أخذا مما تقدم عن الهندية أن هذا لا ينافي ما قبله لأن ازدياده إلى السنة فقط ا هـ
ولا يخفى ما فيه
وفي الهندية أيضا المقعد والمفلوج ما دام يزداد ما به كالمريض فإن صار قديما ولم يزد فهو كالصحيح في الطلاق وغيره كذا في الكافي وبه أخذ بعض المشايخ وبه يفتى الصدر الشهيد حسام الأئمة والصدر الكبير برهان الأئمة وفسر أصحابنا إلى آخر ما مر
قلت وحاصله أنه إن صار قديما تطاول سنة ولم يحصل فيه ازدياد فهو صحيح
أما لو مات حالة الازدياد الواقع قبل التطاول أو بعده فهو مريض
قوله ( أو بارز رجلا أقوى منه ) بيان الحكم الصحيح الملحق بالمريض هنا وهو من كان غالب حاله الهلاك كما في النهاية وغيرها
والأولى أن يقال من يخاف عليه الهلاك غالبا على أن غالبا متعلق بالخوف وإن لم يكن مواقع غلبة الهلاك فإن في المبارزة لا يكون الهلاك غالبا إلا أن يبرز لمن علم أنه ليس من أقرانه بخلاف غلبة خوف الهلاك كذا في البحر ومثله في الفتح
ومقتضاه أن الأولى ترك التقييد بكونه أقوى منه ولذا لم يقيد به في الكنز وغيره بناء على أن المعتبر غلبة خوف الهلاك لا غلبة الهلاك فإن من خرج عن صف القتال وبارز رجلا يغلب عليه خوف الهلاك وإن لم يكن الرجل أقوى منه ولا يغلب عليه الهلاك إلا إذا علم أنه أقوى منه فما جرى عليه المصنف مبني على ما في النهاية من أن المعتبر غلبة الهلاك وعليه جرى في النهر وقال ولذا قيد بعضهم المسألة بما إذا علم أن المبارز ليس من أقرانه بل أقوى منه ا هـ
وبما قررناه علم أن ما في المتن مخالف لما اختاره في البحر تبعا للفتح فافهم
ويؤيد ما في الفتح ما ذكره في معراج الدراية من كتاب الوصايا لو اختلطت الطائفتان للقتال وكل منهما مكافئة للأخرى أو مقهورة فهو في حكم مرض الموت وإن لم يختلطوا فلا ا هـ
فإنه يدل على أن المكافئة تكفي
قوله ( من قصاص أو رجم ) وكذا لو قدمه ظالم
____________________
(3/385)
ليقتله
قهستاني
قوله ( أو بقي على لوح من السفينة ) يوهم أن انكسار السفينة شرط لكونه فارا وليس كذلك فقد قال في المبسوط فإن تلاطمت الأمواج وخيف الغرق فهو كالمريض وكذا في البدائع وقيده الإسبيجابي بأن يموت من ذلك الموج أما لو سكن ثم مات لا ترث ا هـ
بحر
قلت وهذا شرط في المبارزة وغيرها أيضا كما يأتي قوله ( وبقي في فيه ) أما لو تركه فهو كالصحيح ما لم يجرحه جرحا يخاف منه الهلاك غالبا كما يفهم مما مر
قوله ( فار بالطلاق ) أي هارب من توريثها من ماله بسبب الطلاق في هذه الحالة
قوله ( خبر من ) أي خبر من الموصولة في قوله من غالب حالة الهلاك الخ
قوله ( ولا يصح تبرعه إلا من الثلث ) أي كوقفة ومحاباته وتزوجه بأكثر من مهر المثل
واستفيد من هذا المرض في حق الوصية والفرار لا يختلف ط والمراد بقوله تبرعه أي الأجنبي فلو لوارث لم يصح أصلا
قوله ( فلو أبانها ) أي بواحدة أو أكثر ولم يقل أو طلقها رجعيا كما قال في الكنز لما قال في النهر وعندي أنه كان ينبغي حذف الرجعي من هذا الباب لأنها فيه ترث ولو طلقها في الصحة ما بقيت العدة بخلاف البائن فإنها لا ترثه إلا إذا كان في المرض
وقد أحسن القدوري في اقتصاره على البائن ولم أر من نبه على هذا ا هـ
قال ط والطلاق ليس بقيد بل كذلك لو أبانها بخيار بلوغه أو تقبيله أمها أو بنتها أو ردته كما في البدائع وكأنه كنى به عن كل فرقة جاءت من قبله
حموي ا هـ
لكن هذا في قول الكنز طلقها
أما قول المصنف أبانها لا يحتاج إلى دعوة الكناية
قوله ( وهي من أهل الميراث ) أي من وقت الطلاق إلى وقت الموت كا سيوضحه الشارح
قوله ( علم بأهليتها أم لا الخ ) هذا كله سيأتي متنا وشرحا وأشار إلى أن الأولى ذكره هنا
قوله ( فلو أكره ) محترز قوله طائعا أي لو كره على طلاقها البائن لا ترث وهذا لو كان الإكراه بوعيد تلف فلو كان بحبس أو قيد يصير فارا كما في الهندية عن العتابية
ثم إنه ذكر في جامع الفصولين أنه لا رواية لهذه المسألة في الكتب
وذكر فيها عن المشايخ قولين الأول أنها ترث لأن الإكراه لا يؤثر في الطلاق بدليل وقوع طلاق المكره
والثاني أنه ينبغي أن لا ترث للجبر إذا لو أكره على قتل مورثه يرثه ولا يرثه المكره أي بالكسر لو وارثا ولو لم يوجد منه القتل ا هـ
واستظهر الرحمتي الأول لتعلق حقها في إرثه بمرضه ولم يوجد منها ما يبطله إلا إذا كانت هي التي أكرهته على الطلاق ويؤيده لو جامعها ابنه مكرهة ورثت مع أن الفرقة ليست باختيارهما ا هـ
قلت الظاهر ترجيح الثاني ولذا جزم به الشارح تبعا ل البحر لأن إرث من أبانها في مرضه لرد قصده عليه وهو فراره من إرثها ومع الإكراه لم يظهر منه فرار فيعمل الطلاق عمله فلا ترثه كما أن علة عدم إرث القاتل لمورثه قصده تعجيل الميراث فيرد قصده عليه وإذا كان مكرها لم يظهر هذا القصد فيرثه مع أن القتل محظور عليه بخلاف الألاق فإنه مع الإكراه غير محظور وقوله أو جامعها ابنه مكرهة ورثت صوابه لم ترث كما يأتي التنبيه عليه فهو مؤيد لما قلنا
قوله ( أو رضيت ) محترز قوله بلا رضاها أي كأن خالعت وفي حكمه كل فرقة وقعت من قبلها كاختيار امرأة العنين نفسها
قهستاني ط
قوله ( ولو أكرهت على رضاها ) أي على مفيد رضاها
____________________
(3/386)
كسؤالها الطلاق ولو قال على سؤالها الطلاق كما قال غيره لكان أولى ط
قوله ( أو جامعها ابنه مكرهة ) بحث لصاحب النهر وأقره الحموي عليه
ويخالفه ما في البحر عن البدائع الفرقة لو وقعت بتقبيل ابن الزوج لا ترث مطاوعة كانت أو مكرهة أما الأول فلرضاها بإبطال حقها وأما الثاني فلم يوجد من الزوج إبطال حقها المتعلق بالإرث لوقوع الفرقة بفعل غيره ا هـ
والجماع كالتقبيل في حرمة المصاهرة وليس لنا إلا اتباع النص ط
قلت وفي جامع الفصولين أيضا جامعها ابن مريض مكرهة لم ترثه إلا أن أمره الأب بذلك فينتقل فعل الابن إلى الأب في حق الفرقة فيصير فارا ا هـ
ومثله في الذخيرة معزيا للأصل وكذا في الولوالجية و الهندية
وللرحمتي هنا كلام مصادم للمنقول فهو غير مقبول
قوله ( بذلك الحال ) بدل من قوله كذلك والمراد به حال غلبة الهلاك من مرض ونحوه
واحترز به عما إذا طلق في الصحة ثم مرض ومات وهي في العدة لا ترث منه
بحر أي إذا كان الطلاق رجعيا فإنها ترثه وكذا يرثها لو ماتت في العدة
جامع الفصولين
وفيه قال في مرضه قد كنت أبنتك في صحتي أو تزوجتك بلا شهود أو بيننا رضاع قبل النكاح أو تزوجتك في العدة وأنكرت المرأة ذلك بانت منه وترثه لا لو صدقته
قوله ( فلو صح ) الأولى فلو زال ذلك الحال ا هـ ح أي ليعم ما لو عاد المبارز إلى الصف أو أعيد المخرج للقتل إلى الحبس أو سكن الموج ثم مات فهو كالمريض إذا برىء من مرضه كما في البدائع وعزاه إليها في الفتاوي الهندية ويؤيد ما قدمناه عن الإسبيحابي من التصريح بأنه سكن الموج ثم مات لا ترث لكن في الفتح ولو قرب للقتل فطلق ثم خلي سبيله أو حبس ثم قتل أو مات فهو كالمريض ترثه لأنه ظهر فراره بذلك الطلاق ثم ترتب موته فلا يبالي بكونه بغيره ا هـ
ومثله في معراج الدراية بدون تعليل وتبعه في البحر و النهر وهو مشكل لأنه يلزم عليه أن المريض لو صح ثم مات أن ترثه لصدق التعليل المذكور عليه مع أنه خلاف ما أطبقوا عليه من اشتراطهم موته في ذلك الوجه أي الوجه الذي هو حالة غلبة الهلاك ولا شك أنه بعد ما خلى سبيله أو أعيد للحبس ثم مات لم يمت في ذلك الوجه بل مات في غيره في حالة لا يغلب فيها الهلاك ولذا لو طلق وهو في الحبس قبل إخراجه للقتل لم يكن فارا فكذا بعد إعادته إليه نعم ما ذكر من التعليل إنما يصح لموته في ذلك الوجه بسبب آخر كموت المريض بقتل وموت من أخرج للقتل بافتراس سبع ونحوه
والظاهر إن في عبارة الفتح سقطا من قلم الناسخ والأصل في العبارة فهو كالمريض إذا برىء بخلاف موته بسبب غيره فإنها ترثه لأنه ظهر فراره الخ فليتأمل
قوله ( بذلك السبب ) متعلق بقوله ومات لكن زيادة الشارح قوله موته اقتضت إعرابه خبرا مقدما و موته مبتدأ مؤخر ولا حاجة إلى هذه الزيادة وقد سقطت من بعض النسخ
قوله ( في العدة ) والقول لها في أنه مات قبل انقضاء العدة مع اليمين فإن نكلت فلا إرث لها ولو تزوجت قبل موته ثم قالت لم تنقض عدتي لا يقبل قولها ولو كانت أمة قد عتقت ومات الزوج فادعت العتق في حياته وادعت الورثة أنه بعد موته فالقول لهم ولا يعتبر قول المولى كما إذا ادعت أنها أسلمت في حياته وقالت الورثة بعد موته فالقول لهم وتمامه في البحر عن الخانية
قوله ( للمدخولة ) أي المدخول بها حقيقة أعني الموطوءة ليخرج المختلي بها فإنها وإن وجبت عليها العدة لكنها لا ترث كما مر في باب المهر في الفرق بين الخلوة والدخول
أفاده ط فافهم
قوله ( لا هو منها ) أي لو أبانها في مرضه فماتت هي قبل انقضاء عدتها لا يرث منها بخلاف ما لو طلقها رجعيا كما يأتي
____________________
(3/387)
قوله ( وعند أحمدإلخ ) وعن مالك وإن تزوجت بأزواج
وعند الشافعي لا ترث المختلعة والمطلقة ثلاثا وغيرهما يرث لأن الكنايات عنده رواجع
در منتقى
قوله ( وكذا ترث طالبة رجعية ) أي في مرضه كما هو الموضوع واحترز بالرجعية عما لو أبانها بأمرها كما يذكر
قوله ( أو طلاق فقط ) أي بأن قالت له في مرضه طلقني فطلقها ثلاثا فمات في العدة ترثه إذا صار مبتدئا فلا يبطل حقها في الإرث كقولها طلقني رجعية فأبانها
جامع الفصولين
قوله ( لأن الرجعي لا يزيل النكاح ) أي قبل انقضاء العدة أي فلم تكن راضية بإسقاط حقها بخلاف ما لو طلبت البائن
قوله ( حتى حل وطؤها ) أي بدون تجديد عقد لكن إذا الوطء قبل المراجعة بالقول كان هو مراجعة مكروهة
قوله ( ويتوارثان في العدة مطلقا ) أي سواء كان طلاقه لها في صحته أو مرضه برضاها أو بدونه كما في البدائع فأيهما مات وهي في العدة يرثه الآخر بخلاف ما بعد العدة لأنه زال النكاح وقدمنا قريبا أن القول لها في أنه مات قبل انقضاء العدة
بقي هنا مسألة هي واقعة الفتوى سألت عنها ولم أرها صريحة في رجل طلق زوجته المريضة طلاقا رجعيا ثم ماتت بعد شهرين فادعى عدم انقضاء العدة ليرث منها وادعى ورثتها انقضاءها وهي لم تقر قبل موتها بانقضائها ولم تبلغ سن اليأس فهل القول له أو لهم والذي يظهر لي أن القول للزوج لأن سبب الإرث وهو الزوجية كان متحققا لأن الرجعي لا يزيله فلا يزول بالاحتمال وهي لو ادعت قبل موتها انقضاءها في مدة تحتمله يكون القول لها لأنه لا يعلم إلا من جهتها بخلاف ورثتها فتأمل
قوله ( بخلاف البائن ) فإن فيه لا بد من استمرار الأهلية من وقت الطلاق إلى وقت الموت كما يذكره قريبا
قوله ( وكذا ترث مبانة الخ ) أي من طلقها بائنا قيد بها لأنه لو كانت مطلقة رجعية لا ترث كما يذكره المصنف وكذا لو بانت بتقبيل ابن الزوج ولو مكرهة كما مر قوله ( لمجيء الحرمة ببينونته ) أي فكان الفرار منه
قوله ( ومن لاعنها في مرضه ) أطلقه فشمل ما إذا كان القذف في الصحة أو في المرض
وقال محمد إن كان القذف في الصحة واللعان في المرض لم ترث
نهر
قوله ( أو آلى منها مريضا ) أراد به أن يكون مضى المدة في المرض أيضا
بحر
قوله ( لما مر ) أي من أن الفرقة جاءت بسبب منه
قال في الهداية وهذا ملحق بالتعليق بفعل لا بد منه إذ هي ملجأة إلى الخصومة لدفع العار عنها
قوله ( وإن آلى في صحته الخ ) وجه عدم الإرث فيها أن الإيلاء في معنى تعليق الطلاق بمضي أربعة أشهر خالية عن الوقاع ولا بد أن يكون التعليق والشرط في مرضه وهنا وإن تمكن من إبطاله بالفىء لكن بضرر يلزمه وهو وجوب الكفارة عليه فلم يكن متمكنا
بحر
قوله ( فمات ) أي في عدتها كما مر
قوله ( ( لأنه لا بد الخ ) تعليل للمسألة الثانية ط
قوله ( ولا بد في البائن الخ ) تعليل للمسألة الثالثة أي والردة
____________________
(3/388)
تقطع أهلية الإرث ط
قوله ( أو لم يطلقها ) أي لا فرق بين الطلاق الرجعي وعدم الطلاق أصلا
قوله ( فطاوعت ) المطاوعة ليست بقيد إذ لو كانت مكرهة لا ترث أيضا لأنه لم يوجد من الزوج إبطال حقها كما في البحر عن البدائع لكن لو أمره أبوه بذلك ورثت كما قدمناه
قوله ( لمجيء الفرقة منها ) أي فكانت راضية بإسقاط حقها
قوله ( أو أبانها بأمرها ) يصدق بما إذا سألته واحدة بائنة فطلقها ثلاثا فقوله في البحر لم أر حكمه أي صريحا ثم قال كما يوجد في بعض نسخ البحر وينبغي أن لا ميراث لها لرضاها البائن ا هـ
قوله ( عملا بإجازته ) لأنها هي المبطلة للإرث
واعترضه في النهر بأن هذا لا يجدي نفعا فيما إذا كان الطلاق في مرضه إذ دليل الرضا فيه قائما ا هـ
قلت فيه نظر لأنها رضيت بطلاق موقوف غير مبطل لحقها ولا يلزم منه رضاها بما يبطله
وعبارة جامع الفصولين وليس هذا كطلاق بسؤالها إذا لم ترض بعمل المبطل إذا قولها طلقت نفسي لم يكن مبطلا بل يتوقف على إجازته فإذا أجاز في مرضه فكأنه أنشأ الطلاق فكان فارا ا هـ
فافهم
قوله ( أو اختلعت منه ) قيد به لأنه لو خلعها أجنبي من زوجها المريض فلها الإرث لو مات في العدة لأنها لم ترض بهذا الطلاق فيصير الزوج فارا
بحر عن جامع الفصولين
قلت ومفاد التعليل أن الأجنبي لو خلعها من زوجها على مهرها وأجازت فعله ترث أيضا لأن إجازتها حصلت بعد البينونة فلم تأثر فيها بل أثرت في سقوط مهرها فقد ثبت الفرار قبل الإجازة فلا يرتفع بها فلا يصح أن يقال أنها لا ترث لأن دليل الرضا قائم لأن المعتبر قيامه قبل البينونة لا بعدها فافهم
قوله ( ولو ببلوغ الخ ) أفاد أنه غير مقصور على اختيار بتفويض الطلاق
لا يقال إن الفرقة في خيار البلوغ تتوقف على فسخ القاضي فلم تكن بفعلها فصار كما لو أبانت نفسها فأجازه الزوج لأن فسخ القاضي موقوف على طلبها ذلك منه فصار كطلبها البائن من زوجها وذلك رضا هذا ما ظهر لي
قوله ( لرضاها ) أي لأن الفرقة وقعت باختيارها لأنها تقدر على الصبر عليه
بدائع
قوله ( محصورا بحبس ) عبارته في الدر المنتقى في حصن وكذا عبارة غيره والحصر وإن كان بمعنى المنع ويشمل الحبس والحصن لكن مسألة الحبس ذكرها بعد وقوله أو في صف القتال احترز عما إذا خرج عن الصف للمبارزة فإنه يكون فارا كما مر وكذا لو التحم القتال واختلط الصفان كما قدمناه عن المعراج وإنما لم يكن فارا هنا لما قالوا من أن الحصن لدفع بأس العدو وكذا المنعة إي بمن معه من المقاتلين
قال في النهر وإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين أن تكون فئة قليلة بالنسبة إلى الأخرى أو لا ولم أره لهم ا هـ
قلت الظاهر أنه ما دام في الصف لا فرق أما لو اختلطوا فقد علمت مما قدمناه عن المعراج أنه في حكم المرض ألا إذا كانت إحداهما غالبة
تنبيه مثل من في الصف من كان راكب سفينة قبل خوف الغرق أو نزل بمسبعة أو مخيف من عدو
بحر
____________________
(3/389)
مطلب حال فشو الطاعون هل للصحيح حكم المريض قوله ( ومثله الطاعون ) نقل في الفتح عن الشافعية أنه في حكم المرض وقال ولم أره لمشايخنا ا هـ وقواعد الحنفية تقتضي أنه كالصحيح
قال الحافظ العسقلاني في كتابه بذل الماعون وهو الذي ذكره لي جماعة من علمائهم
وفي الأشباه غايته أن يكون كمن في صف القتال فلا يكون فارا ا هـ
وهو الصحيح عند مالك كما في الدر المنتقى
قال في الشرنبلالية وليس مسلما إذا لا مماثلة بين من هو مع قوم يدفعون عنه في الصف وبين من هو مع قوم هم مثله ليس لهم قوة الدفع عن أحد حال فشو الطاعون ا هـ
قلت إذا دخل الطاعون محلة أو دارا يغلب على أهلها خوف الهلاك كما في حال التحام القتال بخلاف المحلة أو الدار التي لم يدخلها فينبغي الجري على هذا التفصيل لما علمت من أن العبرة لغلبة خوف الهلاك ثم لا يخفى أن هذا كله فيمن لم يطعن
قوله ( أو محموما ) عطف على مشتكيا وقوله أو محبوسا عطف على قائما ولا يصح عطف محموما على قائما لأنه يلزم عليه أن لا ترث منه وإن لم يقم بمصالحه خارج البيت لأن العطف يقتضي المغايرة
والحاصل أن المحموم إذا كان يقدر على القيام بمصالحه لا يكون مريضا وإلا فهو مريض كما يعلم من عبارة الملتقى
وأما ما في الدراية من التصريح بأن المحموم مريض فهو محمول على ما إذا عجز عن القيام بمصالحه فلا يخالف ما في الملتقى
وأما ما في النهر من دعوى المخالفة والتوفيق بحمل ما في الدراية على ما إذا جاءت نوبة الحمى ففيه نظر لأنها إذا جاءت نوبتها ولم يعجز عن القيام بمصالحه لم يكن مريضا بمنزلة الحامل التي يأخذها الطلق ثم يسكن كما يأتي قريبا
قوله ( لغلبة السلامة ) لأن الحصن لدفع العدو وقد يتخلص من المسبعة والحبس بنوع من الحيل
ط عن الهندية
قوله ( وهو الطلق ) اختلف في تفسيرالطلق فقيل الوجع الذي لا يسكن حتى تموت أو تلد وقيل وإن سكن لأن الوجع يسكن تارة ويهيج أخرى والأول أوجه
البحر عن المجتبى
قوله ( إذا علق المريض ) أي من كان مريضا عند التعليق والشرط عند احدهما احترازا عما إذا كان صحيحا عند كل من التعليق والشرط فليس من صور المسألة
فافهم
قوله ( البائن ) قيد به
لأن حكم الفرار لا يثبت إلا به
بحر
لأن الرجعي لا فرار فيه ولو نجزه في المرض بدون رضاها كما مر
قوله ( بفعل أجنبي ) سواء كان له منه بد أم لا
بحر
والمراد بالفعل ما يعم الترك كما في إيضاح الإصلاح ط
قوله ( أي غير الزوجين ) دفع به ما يتوهم من إرادة حقيقة الأجنبي وهو من لا قرابة له ط
قوله ( أو بمجيء الوقت ) المراد به التعليق بأمر سماوي أي مالا صنع فيه للعبد وجعله من التعليق لأن المضاف في معنى الشرط من حيث إن الحكم يتوقف عليه كما حققه في البحر من باب التعليق
فافهم
قوله ( بفعل نفسه ) أي سواء كان له منه بد أو لا
قوله ( أو الشرط فقط ) أي المعلق عليه كدخول الدار مثلا في إن دخلت الدار
____________________
(3/390)
قوله ( كأكل وكلام أبوين ) لف ونشر مرتب وكالأبوين كل ذي رحم محرم كما في الحموي عن البرجندي ط
ومثله الصوم والصلاة وقضاء الدين واستيفاؤه
نهر
وفي التاترخانية لو علقه على الخروج إلى منزل والديها فخرجت ترث لأنه مما لا بد لها منه ا هـ
وينبغي تقييده بما إذا خرجت على وجه ليس له منعها منه
قوله ( أو الشرط فيه فقط ) فيه خلاف محمد فعنده إذا كان التعليق في الصحة فلا ميراث لها مطلقا
قال في البحر وصححوا قول محمد ونقل في النهر تصحيحيه عن فخر الإسلام
قوله ( ورثت لفراره ) أما إذا كان التعليق بفعل أجنبي أو بمجيء الوقت ووجدوا في المرض فلأن القصد إلى الفرار قد تحقق بمباشرة التعليق في حال تعلق حقها بماله ولذا لو كان الموجود في المرض الشرط فقط لم ترث عندنا خلافا لزفر وإما إذا كان بفعل نفسه وكانا في المرض أو الشرط فيه فقط فلأنه قصد إبطال حقها بالتعليق والشرط أو بالشرط وحده واضطراره لا يبطل حق غيره كإتلاف مال الغير حالة الاضطرار وأما إذا كان بفعلها الذي لا بد لها منه وكان الشرط في المرض فلأنها مضطرة في المباشرة لخوف الهلاك في الدنيا أو في العقبى
نهر ملخصا
قوله ( ومنه ) أي من الفرار وهو من قسم التعليق بفعل نفسه وإنما ورثته لأنه وجد الشرط وهو عدم التطليق أو عدم التزوج قبيل موته وهو وقت مرض فكان فارا وإن كان التعليق في الصحة إنما لم يرثها لرضاه بإسقاط حقه حيث أخر الشرط إلى موتها
وذكر في البدائع أيضا أنه لو قال إن لم آت البصرة فأنت طالق ثلاثا فلم يأتها حتى مات ورثته لما قلنا أما إذا ماتت هي يرثها لأنها ماتت وهي زوجته لعدم شرط الوقوع لجواز أن يأتي البصرة بعد موتها ا هـ أي بخلاف تطليقها وتزوجه عليها فإنه لا يمكن بعد موتها
تنبيه تقييد الشارح الطلاق بكونه ثلاثا غير لازم في مسألة موتها لأنه لو كان رجعيا حكمنا بالوقوع في آخر جزء من أجزاء حياتها وهو الجزء الذي يعقبه الموت يكون الواقع به بائنا لعدم إمكان العدة كمن لم يدخل بها كما قدمناه عن الفتح في باب الصريح عند قوله إن لم أطلقك فأنت طالق
قوله ( أو التعليق فقط ) أي التعليق بفعل أجنبي أو بمجيء الوقت كما في البحر وهو المفهوم من المتن فيما مر فالتعليق هنا لا يحمل على عمومه حتى يشمل فعل نفسه لأن التعليق به إذا وجد في الصحة فقط أي ووجد الشرط في المرض ورثت منه وقد صرح به المتن فلا يصح دخوله في العموم كذا بخط السائحاني فافهم
قوله ( أو بفعلها ولها منه بد ) أي مطلقا سواء كان التعليق والشرط في المرض أو أحدهما
أولا ولا
قال في التبيين ) وفي غيرهما أي في هذه الصور التي ذكرناها لا ترث وهو ما إذا كان التعليق والشرط في الصحة في الوجوه كلها أو كان التعليق في الصحة فيما إذا علقه بفعل الأجنبي أو بمجيء الوقت أو كيفما كان إذا علقه بفعلها الذي لها منه بد فإنها لا ترث في هذه الصورة كلها ا هـ ح
قوله ( وحاصلها ستة عشر ) يمكن بسطها إلى ثمانية وعشرين لأنه إذا علقه على فعله أو فعلها أو فعل أجنبي فالفعل إما منه بد أو لا فهذه ستة تضرب في أوجه الشرط والتعليق الأربعة فتبلغ أربعة وعشرين
وفي تعليقه على الوقت أربع صور فتبلغ ثمانية وعشرين
لكن في فعله الأجنبي لا فرق بين ما منه بد أو لا بخلاف فعلها كما علمت
ثم لا يخفي أن كون كل من التعليق والشرط في الصحة لا دخل له في طلاق المريض ولذا لم يذكر في البحر فالمناسب إسقاطه
____________________
(3/391)
وتكون الصور إحدى وعشرين
قوله ( أو أحدهما ) بالنصب أو الرفع عطفا على اسم إن أي أو أحدهما في أحد المذكورين بأن يكون التعليق في الصحة والشرط في المرض أو بالعكس
قوله ( قال لها في صحته ) أما إذا كان هذا التعليق في المرض ورثت في جميع الصور لأنه من التعليق بفعل الأجنبي وفعله وقد تقدم ما يدل عليه من الصور السابقة ط
قوله ( والفرق لا يخفى ) قال في البحر وحاصله أن الطلاق تعلق على مشيئتهما فإذا شاءا معا لم يكن الزوج تمام العلة فلا يكون فارا بخلاف ما إذا تأخرت مشيئة الزوج لأنه حينئد تمت العلة به ا هـ أي فيكون من التعليق بفعله فيكفي فيه كون الشرط فقط في المرض بخلاف الوجهين الأولين فإنهما من قبيل التعليق بفعل الأجنبي
فلا بد فيه من كون التعليق والشرط في المرض والفرض أن التعليق في الصحة
قوله ( وعلى مضي العدة ) قيد به ليظهر خلاف الصاحبين حيث قالا بجواز إقراره ووصيته لانتفاء التهمة بانتفاء العدة كما في التبيين فيفهم منه أنه لو تصادقا على الثلاث في الصحة ولم يتصادقا على انقضاء العدة يكون لها الأقل اتفاقا ا هـ ح
قوله ( فلها الأقل منه ومن الميراث ) من في الموضعين بيان للأقل والواو بمعنى أو وصلة الأقل محذوفة تقديرها من الآخر والمعنى فلها الموصى به الذي هو أقل من الميراث أو الميراث الذي هو أقل من الموصى به ولا يجوز أن تكون الواو للجمع إذ يصير المعنى حينئذ فلها الميراث والموصى به اللذان هما الأقل وهو فاسد كما لا يجوز أن تكون في الموضعين صلة الأقل سواء كانت الواو للجمع أو بمعنى أو إذ يصير المعنى على الأول فلها الأقل من ( كل واحد منهما وعلى الثاني فلها الأقل من ) أحدهما وكلاهما فاسد ا هـ ح أي لأنه يصير الأقل شيئا خارجا عن الميراث والموصى به مع أن المراد بالأقل واحد منهما هو الأقل من الآخر
قوله ( للتهمة ) أي التهمة مواضعة الزوجين على الإقرار بالفرقة وانقضاء العدة ليعطيها الزوج زيادة على ميراثها
وهذه التهمة في الزيادة فقط فرددناها وقالا بجواز الإقرار والوصية لأنها صارت أجنبية عنه لعدم العدة بدليل قبول شهادته لها ودفع زكاته لها وتزوجها بآخر
والجواب أنه لامواضعه عادة في حق الزكاة والشهادة والتزوج فلا تهمة
بحر ملخصا عن الهداية وشروحها
قوله ( وتعتد من وقت إقراره الخ ) كذا ذكر في الهداية و الخانية في باب العدة أن الفتوى عليه وحينئذ فلا يثبت شيء من هذه الأحكام المذكورة آنفا ولاتزوجه بأختها وأربع سواها وهو خلاف ما صرحوا به هنا وبه اندفع ما في غاية السروجي من أنه ينبغي تحكيم الحال فإن كان جرى بينهما خصومة وتركت خدمته في مرضه فهو دليل عدم المواضعة فلا تهمة وإلا فلا تصح للتهمة
بحر ملخصا
وأقره في النهر
وحاصله أن ما قرره هنا من قبول شهادته لها ونحوه من الأحكام يقتضي أن ابتداء العدة يستند إلى وقت الطلاق وما صححوه في باب العدة وقت الإقرار يقتضي انتفاء هذه الأحكام
أقول لا يخفى أن العدة إنما تجب من وقت الطلاق وإذا أقر الزوجان بمضيها صدقا فيما لا تهمة فيه ولذا صرحوا
____________________
(3/392)
بأنه لا تجب لها نفقة ولا سكنى عملا بتصديقها له والشهادة ونحوها مما مر لا تهمة فيها إذ لا مواضعة عادة فيها كما تقدم بخلاف الوصية بما زاد على قدر الميراث فلم يصدقا في حقها عند أبي حنيفة وقدر أن العدة لم تنقض لإبطال الزيادة لأنها موضع تهمة فليس المراد عدم انقضاء العدة في سائر الأحكام بل في موضع التهمة فقط وبه علم أن كلا من القول باعتبارها من وقت الطلاق والقول باعتبارها من وقت الإقرار ليس على عمومه ولذا قال في فتح القدير في باب العدة إن فتوى المتأخرين أي بوجوبها من وقت الإقرار مخالفة للأئمة الأربعة وجمهور الصحابة والتابعين وحيث كانت مخالفتهم للتهمة فينبغي أن يتحرى به محالها والناس الذين هم مظانها ولهذا فصل الإمام السعدي بحمل كلام محمد في المبسوط من أن بتداء العدة من وقت الطلاق على ما إذا كانا متفرقين من الوقت الذي أسند الطلاق إليه أما إذا كانا مجتمعين فالكذب في كلامهما ظاهر فلا يصدقان في الإسناد
قال في البحر هناك وهذا هو التوفيق ا هـ أي بين كلام المتقدمين والمتأخرين وبه ظهر صحة ما قاله السروجي من أنه ينبغي تحكيم الحال لكن ما قاله من أن الخصومة وترك الخدمة دليل على عدم المواضعة رده في الفتح بأنه غير ظاهر لأن وصيته لها بأكثر من الميراث ظاهرة في أن تلك الخصومة حيلة ليست على حقيقتها ا هـ
نعم ما ذكره الإمام السعدي من التفرق ظاهر في عدم المواضعة لتصح وصيته لها وتزوجه أختها وأربعا سواها والله سبحانه أعلم
تنبيه اعلم أن ماتأخذه له شبه بالميراث فلو ترى شيء من التركة قبل القسمة كان على الكل ولو طلبت أخذ الدراهم والتركة عروض لم يكن لها ذلك وشبه بالدين حتى كان للورثة أن يعطوها من غير التركة مؤاخذة لها بزعمها أن ما تأخذه دين
كذا أفاده في فتح القدير و البحر وغيرهما
قوله ( بعد مضيها ) أي مضي العدة من وقت الإقرار
قوله ( فلها جميع ما أقر أو أوصى ) لأنها صارت أجنبية فانتفت التهمة ومقتضاه أن ما تأخذه لم يبق له شبه بالميراث أصلا فلا يأتي فيه ما مر آنفا لأنه قبل مضي العدة لم تعط الزائدة على الميراث التهمة فكان ما تأخذه إرثا نظرا للورثة ووصية نظرا لزعمها فاعتبر فيه الشبهان وبعد مضي العدة لم تبق التهمة فلذا استحقت جميع ما أقر أو أوصى به وتمخض كونه دينا أو وصية وبه علم أن ن ذكر الشبهين هنا تبعا لظاهر عبارة النهر لم يصب فافهم
قوله ( ولو لم يكن بمرض موته ) الباء بمعنى في أي ولو لم يكن هذا التصادق في مرض موته تعلق بأن صح منه أو كان غير مريض أصلا ثم مات في عدتها صح إقراره ووصيته لعدم التهمة
قوله ( ولو كذبته ) محترز قوله تصادقا ط
قوله ( لم يصح إقراره ) أي ولا وصيته معاملة لها بزعمها أنها زوجة وهي وارثة ولا وصية للوارث ولا إقرار له ط
وينبغي تقييده بما إذا مات في مرضه قبل مضي عدتها من وقت الإقرار لأنه لما أقر بطلاقها ثلاثا بانت منه عملا بإقراره وإن كذبته وصار فارا فإذا صح من مرضه ثم مات في العدة أو لم يصح ومات بعد العدة لم ترث منه فتصح وصيته وإقراره لها بالمال وليس تكذيبها له في الطلاق السابق رضا بالطلاق الواقع الآن كما لا يخفى هذا ما ظهر لي
قوله ( لا لو بعده ) أقول هذا إنما يظهر لو ادعت أن الإبانة كانت في الصحة لأن دعواها تتضمن اعترافها بأنها لا ترث معه لكونه غير فار أما لو ادعت أن الإبانة كانت في ذلك المرض الذي مات فيه فلا لأنها ادعت
____________________
(3/393)
عليه طلاقا ترث منه غير أنها لما زعمت أنها بانت منه وجب عليها مفارقته فإذا ادعت عليه ذلك الواجب لا يلزم منه أن تكون راضية بطلاقها كما لا يخفى فيجب أن ترث سواء أصرت على دعواها أو صدقته قبل موته أو بعده كما لو أقر لها بما ادعت عليه ولم أر من تعرض لذلك وكأنهم سكتوا عنه لظهوره فافهم
قوله ( كمن طلقت الخ ) جهل حكم المسألة الأولى مشبها بهذه لأنه لا خلاف فيها بخلاف الأولى كما علمت
قوله ( بأمرها ) الأولى تشبها بهعه لأنه لا خلاف فيها كخلاف الأولى برضاها ليشمل اختيارها نفسها في التفويض
أفاده الحموي عن البرجندي ط
قوله ( فإن لها الأقل ) أي مما أقر أو أوصى به ومن الإرث وهذا تصريح بوجه الشبه المفاد بالكاف
قوله ( قال صحيح ) قيد به ليكون فراره بالبيان أما لو كان مريضا يكون فارا بذلك القول لا بنفس البيان فافهم
قوله ( إحداكما طالق ) أي ثلاثا كما في عبارة الفتح عن الكافي وهو المراد لأن الكلام فيما يكون به فارا ولا فرار في الرجعي
قوله ( فترث منه ) لأنه بين الطلاق بعد تعلق حقها بماله فيرد عليه قصده كما لو أنشأ فجعل إنشاء في حق الإرث للتهمة ولو ماتت إحداهما قبله ثم مات تعينت الأخرى ولم ترث لأنه بيان حكمي فانتفت التهمة عنه وتمامه في الفتح
قلت وما ذكر من أنه يصير فارا بهذا البيان مؤيد للقول بأن البيان في الطلاق المبهم إيقاع الطلاق معلقا بشرط البيان معنى أي ينعقد سببا للحال لوقوع الطلاق عند البيان فيقع عند البيان بالكلام السابق أما على القول بأنه إيقاع للحال في واحدة غير عين والبيان تعيين لمن وقع عليها الطلاق فينبغي أن لا يصير فارا لأن الوقوع يكون في حال صحته
كذا في البدائع وتمام الكلام على ذلك مبسوط فيه
قوله ( لو حلف صحيحا ) أي بأن علق على فعل غيه كأن قال إن دخل زيد قاصدا داره فاحداكما طالق ثلاثا أما لو علق فعله أي بأن فعله صار فارا بالفعل في مرضه لا بنفس البيان فافهم
قوله ( صار فارا ) يظهر لك وجهه بما ذكرناه آنفا عن البدائع
قوله ( ولا يشترط علمه الخ ) حاصله أن أهلية الزوجة للميراث شرط في كونه فارا فإذا كانت أمة أو كتابية فأبانها في مرضه لم ترث لعدم أهليتها لذلك لكن لو كانت أعتقت أو أسلمت وهو غير عالم فأبانها في مرضه صار فارا وترثه لتحقق الشرط وقت الإبانة
قوله ( بعد غد ) أما لو قال لها أيضا أنت طالق ثلاثا غدا يقع الطلاق والعتاق معا ولا ميراث لها ولو قال إذا أعتقت فأنت طالق ثلاثا كان فارا كذا في الظهيرية أي لأن المعلق يعقب المعلق عليه فيتحقق شرط الفرار قبل وقوع الطلاق بخلاف ما قبله فإن المضافين إلى الغد وقعا معا
قوله ( وإلا يعلم لا ترث ) لأنه وقت التعليق لم يقصد إبطال حقها حيث لم يعلم وإن صارت أهلا قبل نزول الطلاق ولم تكن حرة وقت التعليق لأن عتقها مضاف بخلاف ما إذا كانت حرة وقته ولم يعلم به لأنه أمر حكمي فلا يشترط العلم به كذا في البحر
والأظهر أن يقال لأنه أمر ثابت
تأمل
تنبيه مقتضى قول المصنف كان فارا أنه يقع عليها ثلاث طلقات وإلا كان رجعيا لأنها صارت حرة ولا فرار في الرجعي فافهم
____________________
(3/394)
ويشكل عليه ما مر قبيل ألفاظ الشرط من باب التعليق أنه لو قال لزوجته الأمة إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا فعتقت فدخلت له رجعتها ا هـ
ومقتضاه أن يقع هنا طلقتان ولا يكون فارا وقد يجاب أخذا مما قالوا في الفرق بين الإضافة والتعليق إن المضاف ينعقد سببا للحال بخلاف المعلق حتى لو قال أنت حر غدا لم يملك بيعه اليوم ويملكه إذا قال إذا جاء غدا كما في طلاق الأشباه والنظائر
ففي مسألتنا لما قال لأمته أنت حرة غدا انعقد سببا للحال فإذا قال الزوج أنت طالق ثلاثا بعد غد انعقد سببا للطلاق بعد تحقق سبب الحرية فتطلق ثلاثا بخلاف مسألة التعليق فإنه وقت التعليق لا يملك أكثر من طلقتين ولم يتحقق سبب الحرية وقته فلا يقع أكثر مما يملك هذا غاية ما ظهر لي فتأمله
قوله ( ولو علقه ) أي الطلاق البائن بعتقها وكان التعليق والشرط في المرض لأنه تعليق بفعل أجنبي ط
قوله ( أو بمرضه ) كقوله إن مرضت فأنت طالق ثلاثا يكون فارا لأنه جعل شرط الحنث المرض مطلقا والمرض المطلق هو صاحب الفراش الذي كان الموت غالبا فيه وذا مرض الموت
كذا في الولوالجية
ونقل في البحر تصحيحه عن الخانية
قلت ومقتضاه أنه لو مرض قبله ثم صح منه لم تطلق لحمله المرض على المطلق أي الكامل منه وهو الذي يتصل به الموت فليس المراد مطلق مرض بل المراد مرض مطلق وبينهما فرق واضح مثل ماء مطلق ومطلق ماء فافهم
قوله ( أو وكل به الخ ) قال في البدائع وقالوا فيمن فوض طلاق امرأته إلى أجنبي في الصحة وطلقها في المرض إن التفويض إن كان على وجه لا يملك عزله عنه بأن ملكه الطلاق لا ترث لأنه لما لم يقدر على فسخه بعد مره صار الإيقاع في المرض كالإيقاع في الصحة وإن كان يمكنه عزله فلم يفعل صار كإنشاء التوكيل في المرض فترثه
قوله ( ولو باشرت الخ ) شروع في كون المرأة فارة بعد بيان كون الرجل فارا وهذا ماأشار إليه في أول الباب بقوله وقد يكون الفرار منها
قوله ( ورثها الزوج ) لأنه كما تعلق حقها بماله في مرض موته حقه بما لها في مرض موتها
بحر
قوله ( أو مطاوعتها ابن زوجها ) احتراز عما لو أكرهها فإنه لا يرثها لعدم مباشرتها سبب الفرقة ومثله بالأولى ما لو أمر ابنه بإكراهها بخلاف ما إذا كان هو المريض وأمر ابنه بإكراهها فإنه يكون فارا وترثه وإن لم يأمره فلا كما مر
قوله ( وهي مريضة ) قيد للفروع المذكورة صرح به ليصح اندراجها تحت الأصل المذكور وهو قوله ولو باشرت المرأة الخ فلا تكرار فافهم
قوله ( لأنها ) أي الفرقة بالأسباب المذكورة ومثلها ردة المرأة كما يأتي
قوله ( ولذا ) أي لكونها جاءت من قبلها لم تكن طلاقا بل هي فسخ
لأن المرأة ليست أهلا للطلاق
قوله ( فإنه لا يرثها ) أي ولا ترثه كما مر عند قول المصنف واختلعت منه أو اختارت نفسها أي إذا
____________________
(3/395)
كان ذلك في مرضه ط
لكن في اللعان ترثه كما مر لأن ابتداءه من جهته
قوله ( لأنها طلاق ) فيعتبر إيقاعا من جهته فلا تكون فارة لاضطرارها إلى ذلك
أما في اللعان فلدفع العار عنها وأما في الجب والعنة فلعدم حصول الإعفاف المطلوب من النكاح فصار مثل التعليق بفعلها الذي لا بد لها منه بخلاف ما إذا سألته الطلاق في مرضه فطلقها لرضاها بأسقاط حقها بلا ضرورة فلا ترثه وإن كان إيقاعا من جهته فافهم نعم يشكل عدم إرثها منه باختيار نفسها في مرضه للجب والعنة فإن علة عدم إرثها كونها راضية كما مر فينافي دعوى اضطرارها
والجواب أنه ليس اضطرارا حقيقيا فلا منافاة ولو سلم اضطرارها حقيقة لا يلزم منه إرثها منه لأن إرثها منه لا يكون ألا إذا ثبت فراره ولم يثبت لأنه لم يضطرها إلى ذلك فهي كمن وطئها ابنه مكرهة لا ترث منه إلا إذا أمر ابنه بذلك كما مر فلم يلزم من اضطرارها فراره لعدم جنايته عليها بخلاف ما هنا فإن اضطرارها عذر في نفي فرارها لأنه من جهتها فيؤثر فيه بخلاف فراره فإنه من جهته فلا يؤثر اضطرارها فيه كالمكره فإن اضطراره إلى قتل غيره أنما يؤثر في فعله من حيث نفي القود عنه لا في فعل غيره وهو من أكرهه ويؤيد ما قلنا قوله في الفتح لو حصلت الفرقة في مرضه بالجب والعنة وخيار البلوغ والعتق لا ترثه لرضاها بالمبطل وأن كانت مضطرة لأن سبب الاضطرار ليس من جهته فلم يكن جانبا في الفرقة ا هـ
هذا ما ظهر لي في هذا المحل فتأمله ( ثم ماتت أو الحقت ) أي قبل انقضاء العدة ط
قوله ( ورثها ) لأنه تبين أن قصدها الفرار ط
قوله ( استحسانا ) والقياس أن لا يرثها لعدم جريانه بين المسلم والكافر ط
قوله ( لا يرثها ) لأنها بانت بنفس الردة قبل أ تصيد شرفة على الهلاك وليست بالردة مشرفة عليه لأنها لا تقتل وكذا في الفتح
قوله ( بخلاف ردته الخ ) لأنه يقتل إن استدامها ط
قوله ( مطلقا ) أي سواء كانت في الصحة أوالمرض ط
قوله ( ولو ارتدا معا الخ ) قال في البحر وإن ارتدا معا ثم أسلم أحدهما ثم مات أحدهما إن مات المسلم لا يرث المرتد وإن كان الذي مات مرتدا هو الزوج ورثته المسلمة وإن كانت المرتدة قد ماتت فإن كانت ردتها في المرض ورثها الزوج المسلم وإن كانت في الصحة لم ترث كذا في الخانية ا هـ
قوله ( طلقت الأخرى ) زاد الشارح ذلك تبعا ل ( للدرر ) لإصلاح عبارة المتن لأنه قوله عند التزوج متعلق بقوله طلقت وعلى ما في المتن متعلق بقوله مات وليس المعنى عليه وقوله ولا يصير فارا الواو فيه من الشرح للعطف على طلقت وإذا لم يصر فارا لا ترث منه فإن كان دخل بها فلها مهر ونصف فالمهر بالدخول بشبهة والنصف بالطلاق قبل الدخول وعدتها بالحيض بلا إحداد
زيلعي من باب اليمين بالطلاق والعتاق
قوله ( خلافا لهما ) وعندهما يقع عند الموت لأنه الوقت الذي تحققت فيه الآخرية ويصير فارا فترثه ولها مهر واحد وتعتد بأبعد الأجلين من عدة الطلاق والوفاة وإن كان الطلاق رجعيا فعليهما عدة الوفاة والإحداد
أفاده الزيلعي
قوله ( لأن الموت معرف الخ ) علة لقول الإمام أي يعرف أن هذه المرأة آخر امرأة
قوله ( واتصافه ) أي التزوج من وقت الشرط وهوالتزوج ط
قوله ( فيثبت مستندا ) أي
____________________
(3/396)
إلى وقت التزوج كما لو علق الطلاق بحيضها لم يحنث برؤية الدم لاحتمال الانقطاع فإذا استمر ثلاثا ظهر أنه وقع من أولها
زيلعي ومقتضى هذا أنه لو كان وقت التزوج مريضا أن يصير فارا فترثه
قوله ( لم ترث الخ ) بيانه أن عدتها الأولى قد بطلت بالتزوج فبطل إرثها الثابت لها بسبب الإبانة في مرضه لأنها أنما ترث ما دامت في العدة وقد زالت ووجب عليها عدة مستقبلة بالطلاق الثاني كما يأتي في العدة أن من طلق معدته قبل الوطء يجب عليها عدة مستقبلة ولا يمكن أن ترث بعد الطلاق الثاني لأن شرط وقوعه التزوج وقد حصل بفعلهما فكانت راضية بوقوع الثلاث وهذا عندهما
ومحمد يقول ترثه لأن عليها تمام العدة الأولى فقط حكم الفرار بالطلاق الأول لبقاء عدته
رحمتي
قوله ( كذبها الورثة الخ ) أي لو ادعت أنه أبانها في مرض موته وأنه مات وهي في العدة وقالت الورثة بل في الصحة فالقول لها بيمينها لإنكارها سقوط الإرث لأنها تقر بطلاق لا يسقط الميراث
قوله ( فالمشكل من متاع البيت ) هو ما يصلح للرجل والمرأة أما ما يصلح لأحدهما فالقول لكل فيما يصلح له
وفي المسألة تفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى في باب التحالف من كتاب الدعوى
قوله ( لصيرورتها أجنبية ) أي فلم تبق ذات يد بل اليد للورثة والقول لذي اليد
قوله ( بخلافه في العدة ) أي بخلاف موته في عدتها فإن المشكل حينئذ للمرأة عند أبي حنيفة لأنها ترث فلم تكن أجنبية فكأنه مات قبل الطلاق
جامع الفصولين
والله سبحانه أعلم
باب الرجعة ذكرها بعد الطلاق لأنها متأخرة عنه طبعا فكذا وضعا
نهر
قوله ( بالفتح وتكسر ) قال في النهر و الجمهور على أن الفتح فيها أفصح من الكسر خلافا للأزهري في دعوى أكثرية الكسر ولمكي تبعا لابن دريد في إنكار الكسر على الفقهاء
قوله ( يتعدى ولا يتعدى ) أي يستعمل فعله متعديا بنفسه ولازما فيتعدى بإلى
قال في الفتح يقال رجع إلى أهله ورجعته إليهم أي رددته وقال تعالى { فإن رجعك الله إلى طائفة منهم } ويقال في مصدره أيضا رجعا ورجوعا ومرجعا والرجعة والرجعي بكسر الراء وربما قالوا إلى الله رجعاتك
قوله ( هي استدامة الملك ) عبر بالاستدامة بدل الرد الذي هو معنى الرجعة لأن المتبادر منه ما يكون بعد الزوال فينافي قوله القائم ولأن المراد به هنا الإبقاء قال تعالى { وبعولتهن أحق بردهن } البقرة 228 قال في الفتح والرد يصدق حقيقة بعد انعقاد سبب زوال الملك وإن لم يكن زال بعد
يقال رد البائع المبيع في بيع الخيار للبائع ا هـ
فهذا الرد إبقاء للملك القائم أي إدامة له وإمساك
قال تعالى { فإذا بلغن أجلهن } الطلاق 2 أي قارب البلوغ { فأمسكوهن بمعروف } الطلاق 2 قال في النهر والإمساك استدامة القائم لا إعادة الزائل ولذا صح الإيلاء منها والظهار واللعان
____________________
(3/397)
وتناولها قوله زوجاتي طوالق ولم يشترط فيها شهود ولم يجب عوض مالي حتى لو راجعتها فلا يجب توقف لزومه على قبولها وتعجل زيادة في مهرها
وقال أبو بكر لا يصير زيادة فلا تجب ولو راجع الأمة على الحرة التي تزوجها بعد طلاقها صح ا هـ
قوله ( بلا عوض ) أي بلا اشتراط عوض فالمراد نفي اشتراطه لا نفي وجوده لما علمت وإنما ذكره تأكيدا لدعوى قيام الملك إذ لو زال اشترط في ردها إليه العوض
قوله ( أي عدة الدخول حقيقة ) أي الوطء ح
قوله ( إذ لا رجعة في عدة الخلوة ) أي ولو كان معها لمس أو نظر بشهوة ولو إلى الفرج الداخل ح
ووجهه أن الأصل في مشروعية العدة بعد الوطء تعرف براءة الرحم تحفظا عن اختلاط الأنساب ووجبت بعد الخلوة بلا وطء احتياطا وليس من الاحتياط تصحيح الرجعة فيها
رحمتي
قوله ابن كمال حيث قال في العدة بعد الدخول لا بد من هذا القيد لأن العدة قد تجب بالخلوة الصحيحة بلا دخول ولا تصح فيها الرجعة ا هـ
قلت وتقدم أيضا في باب في المهر أن الخلوة الصحيحة لا تكون كالوطء في الرجعة ا هـ
وإذا كان ذلك في الخلوة الصحيحة فالفاسدة بالأولى
قوله ( وفي البزازية الخ ) الأولى إسقاطه لأنه سيأتي متنا وشرحا وقوله بعد الدخول المراد به بعد الخلوة والأولى التعبير به كما عبر به فيما سيأتي
قوله ( وتصح مع إكراه الخ ) قال في البحر ومن أحكامها أنها لاتصح إضافتها إلى وقت في المستقبل ولا تعليقها بالشرط كما إذا قال إذا جاء غد فقد راجعتك أو إن دخلت الدار فقد راجعتك وتصح مع الإكراه والهزل واللعب والخطأ كالنكاح كذا في البدائع ط
وفي القنية لو أجاز مراجعة الفضولي صح ذلك
بحر
قوله ( وهزل ولعب ) فسرهما في القاموس بضد الجد
أفاده ط
قوله ( وخطأ ) كأن أراد أن يقول اسقني الماء فقال رجعت زوجتي
قوله ( بنحو راجعتك ) الأولى أن يقول بالقول نحو راجعتك ليعطف عليه قوله الآتي وبالفعل ط
وهذا بيان لركنها وهو قول أو فعل
والأول قسمان صريح كما مثل ومنه النكاح والتزويج كما يأتي وبدأ به لأنه لا خلاف فيه
وكناية مثل أنت عندي كما كنت وأنت امرأتي فلا يصير مراجعا إلا بالنية
أفاده في البحر و النهر
قوله ( راجعتك ) أي في حال خطابها ومثله راجعت امرأتي في حال غيبتها وحضورها أيضا ومنه ارتجعتك ورجعتك
فتح
قوله ( ورددتك ومسكتك ) قال في الفتح وفي المحيط مسكتك بمنزلة أمسكتك وهما لغتان وفي بعض المواضع يشترط في رددتك ذكر الصلة فيقول إلى أو إلى نكاحي أو إلى عصمتي وهو حسن إذ مطلقة يستعمل لضد القبول ا هـ
قوله ( وبالفعل ) هذا ليس من الصريح ولا الكناية لأنهما من عوارض اللفظ فافهم
نعم ظاهر كلامهم أن الفعل في حكم الصريح لثبوت الرجعة به من المجنون كما يأتي
قوله ( مع الكراهة ) الظاهر أنها تنزيهية كما يشير إليه كلام البحر في شرح قوله والطلاق الرجعي لا يحرم الوطء
رملي
ويؤيده قوله في الفتح عند الكلام على قول الشافعي بحرمة الوطء إنه عندنا يحل لقيام ملك النكاح من كل وجه إنما يزول عند انقضاء العدة فيكون الحل قائما قبل انقضائها ا هـ
ولا يرد حرمة السفر بها لأن ذلك ثابت بالنص على خلاف القياس كما يأتي ويؤيده قوله في الفتح
____________________
(3/398)
والمستحب أن يراجعها بالقول فافهم
قوله ( بكل ما يوجب حرمة المصاهرة ) بدل من الفعل
بدل بعض من كل ح أي لأن من الفعل ما لا يوجب حرمة المصاهرة كالتزوج والوطء في الدبر ولذا عطفهما المصنف على قوله بكل فليس مراده الحصر بما يوجب حرمة المصاهرة فافهم
وباعتبار هذا العطف يصح كونه بدل مفصل من مجمل
قوله ( كمس ) أي بشهوة كما في المنح ويفيده قوله بما يوجب حرمة المصاهرة ح قال في البحر ودخل الوطء والتقبيل بشهوة على أي موضع كان فما أو خدا أو ذقنا أو جبهة أو رأسا والمس بلا حائل أو بحائل يجد الحرارة معه بشهوة والنظر إلى داخل الفرج بشهوة بأن كانت متكئة وخرج ما إذا كانت هذه الأفعال غير شهوة أو نظر إلى داخل الفرج بشهوة ولو إلى حلقة الدبر فإنه لا يكون مراجعا لكنه مكروه كما في الولوالجية
وفي القنية ويصير مراجعا بوقوع بصره على فرجها بشهوة من غير قصد المراجعة ا هـ
وفي المحيط ويكره التقبيل واللمس بغير شهوة إذا لم يرد الرجعة
اه قوله ( ولو منها اختلاسا ) خلست الشيء خلسا من باب ضرب اختطفته بسرعة على غفلة واختلسته كذلك
مصباح
قال في البحر ولا فرق بين كون التقبيل والمس والنظر بشهوة منه أو بشرط أن يصدقها سواء كان بتمكينه أو فعلته اختلاسا أو كان نائما أو مكرها أو معتوها أما إذا ادعته وأنكره لا تثبت الرجعة الا
قوله ( إن صدقها الخ ) قال في الفتح هذا إذا صدقها الزوج في الشهوة فإن أنكر لا تثبت الرجعة وكذا إن مات فصدقها الورثة ولا يتقبل البينة على الشهوة لأنها غيب كذا في الخلاصة ا هـ
قلت لكن مر في محرمات النكاح متنا وشرحا وإن ادعت الشهوة في تقبيله أو تقبيلها ابنه وأنكرها الرجل فهو مصدق لا هي إلا أن يقوم إليها منتشرة آلته فيعانقها لقرينة كذبه أو يأخذ ثديها أو يركب معها أو يمسها على الفرج أو يقبلها على الفم ا هـ
ومقتضاه أنها لو مست فرجه أو قبلته على الفم أن تصدق وإن كذبها وأنه تقبل البينة على الشهوة لأنها مما تعرف بالآثار كما صرح به هناك
ويأتي تمامه فتأمل
قوله ( ورجعة المجنون بالفعل ) أي إذا طلق رجعيا ثم جن
قال في الفتح ورجعة المجنون بالفعل ولا تصح بالقول وقيل بالعكس وقيل بهما ا هـ
وظاهره ترجيح الأول واقتصر عليه البزازي
قال في البحر ولعله الراجح لما عرف أنه مؤاخذ بأفعاله دون أقواله
وعلله في الصيرفية بأن الرضا ليس بشرط ولهذا لو أكره على الرجعة بالفعل يصح ا هـ
قوله ( وتصح بتزوجها ) الأولى حذف تصح لأن قول المصنف ويتزوجها معطوف على قوله بكل المتعلق بقوله استدامة
قوله ( به يفتى ) قال في البحر وهو ظاهر الرواية كذا في البدائع وهو المختار كذا في الولوالجية وعليه الفتوى كذا في الينابيع فقول الشارحين إنه ليس برجعة عنده خلافا لمحمد على غير ظاهر الرواية كما لا يخفى فعلم أن لفظ النكاح يستعار للرجعة ولا تستعار هي له ا هـ ملخصا
قلت وفيه أنه صرح نفسه في النكاح بأنه ينعقد بقوله لمبانته راجعتك بكذا فافهم إلا أن يجاب بأن مراده في نكاح الأجنبية
قوله ( على المعتمد ) لأن عليه الفتوى كما في الفتح و البحر
قوله ( لأنه لا خلو عن مس بشهوة )
____________________
(3/399)
المعتبر هنا المس بالشهوة بخلاف المصاهرة لأنه يعتبر فيها زيادة على ذلك شهوة تكون سببا للولد ولذا لم يوجبها ذلك الوطء كما لو أنزل بعد المس ولذا لم يشرط أحد هنا عدم الإنزال بالمس ونحوه
قوله ( إن لم يطلق بائنا ) هذا بيان لشرط الرجعة ولها شروط خمس تعلم بالتأمل
شرنبلالية
قلت هي أن لا يكون الطلاق ثلاثا في الحرة أو اثنتين في الأمة ولا واحدة مقترنة بعوض مالي ولا بصفة تنبىء عن البينونة كطويلة أو شديدة ولا مشبهة كطلقة مثل الجبل ولا كناية يقع بها بائن
ولا يخفى أن الشرط واحد هو كون الطلاق رجعيا وهذه شروط كونه رجعيا متى فقد منها شرط كان بائنا كما أوضحناه أول كتاب الطلاق وقد استغنى عنها المصنف بقوله إن لم يطلق بائنا وهو أولى من قول الكنز إن لم يطلق ثلاثا لكن قال الخير الرملي لا حاجة إلى هذا مع قوله استدامة الملك القائم في العدة لأن البائن ليس فيه ملك من كل وجه والكلام في الرجعي لا في البائن فقد غفل أكثرهم في هذا المحل ا هـ
لكن لا يخفي أن المساهلة في العبارة لزيادة الإيضاح لا بأس بها في مقام الأفادة
تنبيه شرط كون الثنتين في الأمة كالثلاث في الحرة أن لا يكون رقها ثابتا بإقرارها بعدهما
ففي النهر عن الخانية لو كان اللقيط امرأة أقرت بالرق لآخر بعد ما طلقها ثنتين كان له الرجعة ولو بعد ما طلقها واحدت لا يملكها
والفرق أنها بإقرارها في الأول تبطل حقا ثابتا له وهو الرجعة بخلافه في الثاني إذ لم يثبت له حق البتة ا هـ
قوله ( فلا ) أي فلا رجعة
قوله ( وإن أبت ) أي سواء رضيت بعد علمها أو أبت وكذا لو تعلم بها أصلا
وما في العناية من إنه يشترط إعلام الغائبة بها فسهو لما استقر من أن إعلامها إنما هو مندوب فقط
نهر
قوله ( وإن قال ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها قالت بتاء المؤنثة والظاهر أنها تحريف
قوله ( فله الرجعة ) لأنه حكم أثبته الشارع غير مقيد برضاها ولا يسقط بالإسقاط كالميراث وقد جعل الشارح إن الوصلية من كلام المصنف شرطية وجعل قوله فله الرجعة جوابها ط
ويجوز إبقاؤها وصلية ويكون قوله فله الرجعة تفريعا على ما فهم مما قبله وتصريحا به ليرتب عليه ما بعده
قوله ( بلا عوض ) قد تقدم وكأنه أعاده تمهيدا لما بعده رحمتي
قوله ( قولان ) أي قيل نعم إن قبلت وقيل لا كما قدمناه
ووجه الثاني ما في الجوهرة من أن الطلاق الرجعي لا يزيل الملك والعوض لا يجب على الإنسان في مقابلة ملكه ا هـ
قوله ( ويتعجل المؤجل بالرجعي ) أي لو طلقها رجعيا صار ما كان مؤجلا بذمته من المهر حالا فتطالبه به في الحال ولو قبل انقضاء العدة ولا يعود مؤجلا إذا راجعها في العدة
قال في البحر من باب المهر يعني إذا كان التأجيل إلى الطلاق أما إذا كان إلى مدة معينة فلا يتعجل بالطلاق ا هـ
قوله ( وفي الصيرفية الخ ) قال في البحر من باب المهر وذكر قولين في الفتاوي الصيرفية في كونه يتعجل المؤجل بالطلاق الرجعي مطلقا أو إلى انفضاء العدة وجزم في القنية بأنه لا يحل إلى انقضاء العدة قال وهو قول عامة مشايخنا ا هـ
أي لأن العادة تأجيله إلى طلاق يزيل الملك أو إلى الموت والرجعي لا يزيل إلا بعد مضي العدة فلا يصير حالا قبلها وقد ظهر لك بما نقلناه أن ما في الخلاصه أحد القولين وأنه ليس في كلام الصيرفية الذي اقتصر عليه الشارح ما يفيد حلوله بالمراجعة وإن بطلت العدة بها لأن القول بحلوله بانقضاء العدة بسبب حصوله الفرقة
____________________
(3/400)
وزوال الملك كما قلنا لا بسبب زوال العدة ومع المراجعة لا يوجد انقضاء العدة المشروط لحلوله لأن فائدة هذا الشرط عدم حلوله بالمراجعة لا حلوله بها فافهم
قوله ( لئلا تنكح غيره ) أولى من قوله الهداية لئلا تقع في المعصية إذا لا معصية فيه مع عدم علمها بالرجعة وإن أجيب بأن المعصية لتقصيرها بترك السؤال لما فيه من إيجاب السؤال عليها وإثبات المعصية بالعمل بما ظهر عندها وتمامه في الفتح
قوله ( فرق بينهما ) أي إذا ثبتت المراجعة بالبينة قوله وإن دخل أي الزوج الثاني وقوله في الفتح دخل بها الأول أو لا لعله من تحريف النساخ أو سبق قلم إذ لا رجعة مع عدم دخول الأول كما لا يخفى
قوله ( وندب الإشهاد ) احترازا عن التجاحد وعن الوقوع في مواقع التهم لأن الناس عرفوه مطلقا فيتهم بالقعود معها وإن لم يشهد صح والأمر في قوله تعالى { وأشهدوا ذوي عدل } الطلاق 2 للندب
زيلعي
قوله ( ولو بعد الرجعة بالفعل ) لما في البحر عن الحاوي القدسي وإذا راجعها بقبلة أو لمس فالأفضل أن يراجعها بالاشهاد ثانيا ا هـ أي الإشهاد على القول فلا يشهد على الوطء والمس والنظر بشهوة لأنه لا علم للشاهد بها كما أشير إليه في الظهيرية
در منتقى
قال في البحر وأشار المصنف إلى أن الرجعة على ضربين سني وبدعي
فالسني أن يراجعها بالقول ويشهد على رجعتها ويعلمها ولو راجعها بالقول ولم يشهد أو أشهد ولم يعلمها كان مخالفا للسنة كما في شرح الطحاوي ا هـ
قلت وكذا لو راجعها بالفعل ولم يشهد ثانيا
قال الرحمتي والبدعي هنا خلاف المندوب وفي الطلاق مكروه تحريما
قوله ( بلا إذنها ) حقه أن يقول بلا إيذانها أي إعلامها إذ لا يكره دخوله إذا لم تأذن له
وعبارة الكنز حتى يؤذنها
قال في البحر أي يعلمها بدخوله إما بخفق النعل أو بالتنحنح أو بالنداء ونحو ذلك
قوله ( وإن قصد رجعتها ) خلافا لما في الهداية وغيرا من التقييد بعدم قصدها ولذا قال في البحر أطلقه فشمل ما إذا قصد رجعتها أو لا فإن كان الأول فإنه لا يأمن أن يرى الفرج بشهوة فتكون رجعة بالفعل من غير إشهاد وهو مكروه من جهتين كما قدمناه وإن كان الثاني فإنه ربما يؤدي إلى تطويل العدة عليها بأن يصير مراجعا بالنظر من غير قصد ثم يطلقها وذلك إضرار بها ا هـ
وقوله وهو مكروه من جهتين أي لكونها رجعة بالفعل بدون إشهاد والكراهة تنزيهية فيهما كما علمت وبه اندفع ما في الشرنبلالية
قوله ( ادعاها ) أي الرجعة بعد العدة فيها أي في العدة والظرف متعلق بادعى والجار والمجرور متعلق بالضمير العائد على الرجعة أي ادعى بعد العده الرجعة في العدة فهو على حد قول الشاعر وما هو عنها بالحديث لمرجم أي وما الحديث عنها قوله ( صح بالمصادقة ) لأن النكاح يثبت بتصادقهما فالرجعة أولى
بحر
وظاهره ولو كانا كاذبين ولا يخفى أن هذا حكم القضاء أما الديانة فعلى ما في نفس الأمر
قوله ( وإلا لا يصح ) أي ما ادعاه من الرجعة لأنه أخبر عن شيء لا يملك إنشاءه في الحال وهي تنكره فكان القول بلا يمين لما عرف في الاشياء الستة
بحر أي الأتية في كتاب الدعوى حيث قال المصنف هناك ولا تحليف في نكاح ورجعة وفي الإيلاء واستيلاد ورق ونسب وولاء وحد ولعان والفتوى على أنه يحلف في الأشياء السبعة اه اي السبعة الأولى وهذا قولهما أما الأخيران فلا تحليف اتفاقا
قوله ( ولذا ) أي لكونه لايقبل
____________________
(3/401)
قوله إذا لم تصدقه لو أقام ببينة تقبل لأنه إذا كان القول لها تكون البينة عليه لأن البينة لإثبات خلاف الظاهر
وفي نسخة وكذا بالكاف وكلاهما صحيحيتان فافهم قوله ( وتقدم الخ ) أي في فصل المحرمات ح
حيث قال وتقبل الشهادة على الاقرار باللمس والتقبيل عن شهوة وكذا تقبل على نفس اللمس والتقبيل والنظر إلى ذكره أو فرجها عن شهوة في المختار
تجنيس
لأن الشهوة ربما يوقف عليها في الجملة بانتشار أو آثار ا هـ
وقدمنا قريبا أن القول لمدعى الشهوة في المعانقة مع الانتشار والمس للفرج والتقبيل على الفم وهو مؤيد لقبول الشهادة بالشهوة
قوله ( وهذا من أعجب المسائل الخ ) نقلوا ذلك عن مبسوط الإمام السرخسي أي لأنه إذا قيل لك رجل أقر بشيء في الحال فلم يثبت إقراره ولو برهن على أنه أقر به في الماضي يثبت فإنك تتعجب من ذلك لأن إقراره في الحال ثابت بالمعاينة وهو أقوى من الثابت بالبينة لاحتمال أن البينة كاذبة ولذلك لو ادعى على آخر بمال وبرهن عليه ثم أقر المدعى عليه بطلت البينة لأن الإقرار أقوى وهنا عكسوا ذلك ووجهه أن إقراره في الحال بأنه أقر في العدة مجرد دعوى فلا تثبت بلا بينة وإذا ظهر السبب بطل العجب فإطلاق الاعتراض عليهم بأنه لا عجب ناشىء عن سوء الأدب فافهم
قوله ( لملكه الإنشاء في الحال الخ ) أي ومن ملك الإنشاء ملك الإخبار كالوصي والمولى والوكيل بالبيع ومن له خيار
بحر عن تلخيص الجامع
قوله ( يريد الإنشاء ) أما إذا أراد الإخبار فيرجع إلى تصديقها ط
قوله ( فقالت مجيبة له ) أشار إلى أنها قالته موصولا كما يأتي محترزة وإلى أن الزوج بدأ
فلو بدأت فقالت انقضت عدتي فقال الزوج راجعتك فالقول لها اتفاقا
وفي الفتح لو وقع الكلامان معا ينبغي أن لا تثبت الرجعة
نهر
قوله ( فإنها لا تصح الخ ) لا يخفى أن هذا مقيد بما إذا كانت المدة تحتمل الانقضاء وإلا تثبت الرجعة إلا أن ادعت أنها ولدت وثبت ذلك
وعندهما تصح لأنه إنشاء حال قيام العدة ظاهرا وأبو حنيفة يمنع قيامها حال كلامه لأنه أمينة في الإخبار وأقرب زمان يحال عليه خبرها زمان تكلمه فتكون الرجعة مقارنة لانقضاء العدة قلا تصح وتمامه في الفتح قوله ( صحت اتفاقا ) لأنها متهمة بسبب سكوتها وعدم جوابها على الفور
فتح
قوله ( كما لو نكات الخ ) قال في الفتح وتستحلف المرأة هنا بالإجماع على أن عدتها كانت منقضية حال إخبارها
والفرق لأبي حنيفة بين هذه وبين الرجعة حيث لا تستحلف عنده أنه لم يراجعها في العدة أن إلزام اليمين لفائدة النكول وهو بذل عنده وبذل الرجعة وغيرها من الاشياء الستة لا يجوز والعدة هي الامتناع عن التزوج والاحتباس في منزل الزوج وبذله جائز ثم إذا نكلت هنا تثبت الرجعة بناء على ثبوت العدة لنكولها ضرورة كثبوت النسب بشهادة القابلة بناء على شهادتها بالولادة ا هـ
لكن ما ذكره من الإجماع تبعا ل الزيلعي و شرح المجمع اعترضه في البحر بأن مذهبهما صحة الرجعة هنا فلا يتصور الاستحلاف عندهما ولذا اقتصر على الاستحلاف عنده في البدائع وغيرها
قوله ( عن مضي العدة ) الأولى على مضي العدة لأنه متعلق باليمين ط
قوله ( فصدقه السيد وكذبته ) قيد به لأنهما لو صدقاه تثبت الرجعة اتفاقا ولو كذباه لا تثبت اتفاقا
ط عن النهر
قوله ( ولا بينة ) فلو أقامها تثبت الرجعة
____________________
(3/402)
نهر قوله ( فالقول لها عند الإمام ) وقالا القول للمولى لأنه أقر بما هو خالص حقه فيقبل كما لو أقر عليها بالنكاح
وله أن حكم الرجعة من الصحة عدمها مبني على العدة من قيامها وانقضائها وهي أمينة فيها مصدقة بالإخبار بالانقضاء والبقاء لا قول للمولى فيها أصلا وإنما قيل قوله في النكاح لانفراده به بخلاف الرجعة
نهر
قوله ( على الصحيح ) أي عند الكل
قال في الفتح إن القول للمولى بالاتفاق وقوله على الصحيح احتراز عما في الينابيع أنه على الخلاف أيضا ا هـ
قوله ( بظهور الخ ) قال في النهر والفرق للإمام بين هذا وما مر أنها منقضية العدة في الحال ويستلزم ظهور ملك المولى المتعة فلا يقبل قولها في إبطاله
بخلاف ما مر لأن المولى بالتصديق في الرجعة مقر بقيام العدة فلم يظهر ملكه مع العدة ليقبل قوله ا هـ
قال في البحر فالحاصل أنه لا فرق في الحكم بين المسألتين وهو عدم صحة الرجعة وإن اختلف التصوير
قوله ( ثم إنما تعتبر المدة ) يعني أن في المسائل التي يقبل فيها قوله انقضت عدتي لا بد من كون المدة تحتمل ذلك ثم إنما يشترط احتمال المدة ذلك إذا كانت العدة بالحيض فلو كانت العدة بوضع الحمل ولو سقطا مستبين الخلق فلا تشترط مدة ا هـ ح
وسيأتي آخر الباب بيان المدة
قوله ( يعم الأمة ) لأن عدتها حيضتان والأخير يشتمل الثانية فهو أولى من قول الهداية من الحيضة الثالثة
قوله ( لعشرة ) علة لطهرت أي لأجل تمامه سواء انقطع الدم أو لا
نهر
لكن إذا لم ينقطع على العشر ولها عادة انقطعت الرجعة من حين انتهاء عادتها كما في الدر المنتقى عن الزيلعي وغيره
قوله ( مطلقا ) يفسر ما بعده ويحتمل أن يكون المراد به انقطع الدم أو لا فهو إشارة ما ذكرناه آنفا عن النهر
قوله ( احتياطا ) راجع للكل لأن سؤر الحمار مشكوك في طهوريته فإذا اغتسلت به مع وجود الماء المطلق فالاحتياط انقطاع الرجعة لاحتمال تطهيره وعدم الصلاة والتزوج لاحتمال عدمه
قوله ( أو بمضي جميع وقت صلاة ) المراد خروج الوقت بتمامه سواء كان الانقطاع قبله في وقت مهمل كوقت الشروق أو في أوله أو في أثنائه احتراز عن مضي زمن منه يسع الصلاة فإنه لا يعتبر ما لم يخرج الوقت بتمامه
لأن المراد أن تصير الصلاة دينا في ذمتها ولهذا لو طهرت في آخر الوقت بحيث لم يبق منه ما يسع الغسل والتحريمة لا تنقطع الرجعة ما لم يخرج الوقت الذي بعده لأنها بخروج الوقت الأول لم تصر الصلاة دينا بذمتها لعدم قدرتها فيه على الأداء فافهم
قوله ( ولو عاودها الخ ) قال في البحر وإنما شرط في الأقل أحد الشيئين لأنه لما احتمل عود الدم لبقاء المدة فلا بد من أن يتقوى الانقطاع بحقيقة الاغتسال أو بلزوم شيء من أحكام الطاهرات فخرجت الكتابية لأنه لا يتوقع في حقها إمارة زائدة فاكتفي بالانقطاع كذا ذكره الشارحون وظاهره أن القاطع للرجعة لانقطاع لكن لما كان غير محقق اشترط معه ما يحققه فأفاد أنها لو اغتسلت ثم عاد الدم ولم يجاوز العشرة كان له الرجعة وتبين أن الرجعة لم تنقطع بالغسل ولو تزوجت بعد الانقطاع للأقل قبل الغسل
____________________
(3/403)
ومضي الوقت تبين صحة النكاح
هكذا أفاده في فتح القدير بحثا
وهو وإن خالف ظاهر المتون لكن المعنى يساعده والقواعد لا تأباه ا هـ أي لأن عبارة المتون تفيد أن القاطع للرجعة هو الاغتسال أو مضي الوقت لا نفس الانقطاع أي انقطاع الدم فلو انقطع ثم اغتسلت أو مضى الوقت ثم راجعها أو تزوجت ثم عاد الدم ولم يجاوز العشرة فظاهر المتون صحة التزوج دون المراجعة ولو انقطع ولم يعاودها فتزوجت بآخر قبل الاغتسال ومضى الوقت لم يصح التزوج وبقيت الرجعة ولا شك أن هذا خلاف ما بحثه في الفتح خلافا لما فهمه في النهر
وقد يقال إن مرادهم بالانقطاع لما دون العشرة الانقطاع حقيقة بأن لا يكون معه معاودة لأنه إذا عاودها ولم يجاوز العشرة تبين أن غسلها لم يصح وإن الصلاة لم تصر دينا بذمتها فبقيت الرجعة ولم تصح تزوجها لكن تبقى المخالفة فيما لو راجعها أو تزوجت قبل الغسل ومضي وقت الصلاة ولم يعاودها الدم أصلا فإن مقتضى المتون صحة الرجعة دون التزوج
وهذا لا يحتمل التأويل فمخالفته بمجرد البحث غير مقبوله وإذا كان الانقطاع هو نفسه للرجعة فلا بعد في أن يكون مشروطا بشرط يقويه وهو حكم الشرع عليها بأخذ أحكام الطاهرات
لأنها إذا اغتسلت يجوز لها الشرع القراءة والطواف ونحوهما وكذا إذا حكم عليها بصيرورة الصلاة دينا بذمتها فإن القياس بقاء حيضها ما دامت مدة يعود فيها الدم فإذا حكم الشرع عليها بشيء من أحكام الطاهرات يكون حكما منه بارتفاع الحيض ما لم يتيقن عدمه بالعود في المدة فإذا عاد زال الحكم المذكور وإلا بقي وحينئذ فلا يعمل الانقطاع عمله من انقطاع الرجعة وصحة التزوج إلا بهذا الشرط وهو الحكم المذكور المستمر فإذا زال بعود الدم بطل عمله وإن بقي الحكم بقي العمل وعن هذا والله تعالى أعلم اقتصر الشارح على بعض البحث المذكور الذي يمكن حمل كلامهم عليه وترك منه ما لا يمكن
قوله ( في الأصح ) نقل تصحيحه في الفتح عن المبسوط وكذا في التبيين و شرح المجمع لكن نقل في الجوهرة عن الفتاوي تصحيح انقطاعها بمجرد الشروع
ولو مست المصحف أو قرأت القرآن أو دخلت المسجد قال الكرخي تنقطع وقال الرازي لا كذا في الفتح
شرنبلالية
قال في النهر وتقييد المصنف بالصلاة يومىء إلى اختيار قول الرازي وهذا عندهما
وقال محمد تنقطع بمجرد التيمم
وهو القياس لأنه طهارة مطلقة ورجحه في الفتح وأقره في البحر و النهر
قوله ( بمجرد الانقطاع ) أي بلا توقف على غسل أو مضي وقت أو تيمم كما قدمناه عن البحر لعدم خطابها بالأداء حالة الكفر
قوله ( قلت ومفاده ) البحث لصاحب النهر
قوله ( ونسيت أقل من عضو ) كالأصبع والأصبعين وبعض العضد والساعد
بحر
والمراد بالنسيان الشك لأن المراد أنها وجدت بعض العضو جافا ولم تدر هل أصابه ماء أو لا بقرينة ما بعده
أفاده الرحمتي و ط
قوله ( تنقطع ) أي الرجعة وقيد به لأنه لا يحل لزوجها قربانها ولا يحل تزوجها بآخر ما لم تغسل تلك اللمعة أو يمضي عليها أدنى وقت صلاة مع القدرة على الاغتسال
بحر عن الإسبيجابي أي احتياطا في أمر الفروج
نهر
فلذا لم يعتبروا هنا ما اعتبروه في الطهارة من أنه إذا شك قبل الفراغ غسل ما شك فيه ولو بعده لا يعتبر فافهم
قوله ( لتسارع الجفاف ) ظاهره أن الحكم المذكور فيما إذا حصل الشك قبل ذهاب البلة فلو شكت بعد مدة طويلة ذهبت فيها البلة فالظاهر عدم اعتباره سواء حصل الشك في عضو تام أو أقل لعدم ظهور العلة هنا
تأمل قوله ( ولو نسيت عضوا )
____________________
(3/404)
كاليد والرجل
بحر
قوله ( لأنهما عضو واحد ) أي بمنزلته وكل واحد بانفراده بمنزلة ما دون العضو وهذا قول محمد ورواية عن أبي يوسف
وفي رواية عنه أن ترك كل بانفراده كترك عضو وأشار إلى تصحيح الأول في الملتقى حيث قدمه وفي الهداية حيث أخره مع تعليله بأن في فرضيته اختلافا بخلاف غيره من الاعضاء
قوله ( طلق حاملا ) أي من ظهر كونها حاملا وقت الطلاق بولادتها لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق
قوله ( فراجعها قبل الوضع ) هذا زاده المصنف تبعا لصدر الشريعة كما يأتي لأنه بعد الوضع لا مراجعة
قوله ( فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر فصاعدا من وقت النكاح ) كذا في أكثر النسخ وفي بعضها فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق ولستة أشهر فصاعدا من وقت النكاح وهذه هي الصواب لأنه بذلك يعلم أن الولد علق بعد النكاح قبل الطلاق
قوله ( صحت رجعته السابقة ) أي المذكورة في قوله فراجعها قبل الوضع أي ظهر بهذه الولادة أن تلك الرجعة كانت صحيحة وإن كان مقتضى إنكاره الوطء أنها لا تصح لأنها على زعمه قبل الدخول والمطلقة لا رجعة لها لكن لما ثبت نسبه منه صار مكذبا شرعا فصحت رجعته
مطلب فيما قيل إن الحبل لا يثبت إلا بالولادة قوله ( وتوقف ظهور صحتها الخ ) اعلم أنه قال في الوقاية طلق ذات حمل أو ولد وقال لم أطأ راجع ا هـ
ومثله في الكنز و الهداية وغيرهما
واعترضهم المحقق صدر الشريعة بأن ذات الحمل فيها إشكال وذلك أن وجود الحمل وقت الطلاق أنما يعرف إذا ولدته لأقل من ستة أشهر من وقته وإذا ولدت انقضت العدة فكيف يملك الرجعة
ولا يرد أنه يملك الرجعة قبل وضع الحمل أي بأن يحكم بصحتها قبله لأنه لما أنكر الوطء لم يكن مكذبا شرعا إلا بعد الولادة لأقل من ستة أشهر لا قبلها فالصواب أن يقال ومن طلق حاملا منكرا وطأها فراجعها فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر صحت الرجعة ا هـ ملخصا وقد تبعه المصنف في متنه كما رأيت وقد أشار الشارح إلى الجواب عن الوقاية بأن قوله راجع معناه أنه لو راجع قبل الولادة وصحت رجعته متوقفة على الولادة لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق وتوقف ظهور صحتها على الولادة لا ينافي صحتها لكن لا يخفى ما في ذلك من البعد
لكن انتصر في البحر للمشايخ ورد قول صدر الشريعة أن وجود الحمل الخ بأن الحمل يثبت قبل الوضع ويثبت به النسب لما صرحوا به باب خيار العيب أن حمل الجارية المبيعة يثبت بظهوره قبل الوضع وفي باب ثبوت النسب أنه يثبت بالحبل الظاهر ا هـ أي وإذا كان الحمل يثبت قبل الولادة يمكن الحكم بصحة الرجعة قبلها
ورده أيضا يعقوب باشا في حواشيه عليه من وجهين أحدهما ما مر عن البحر
والثاني أنه سيجيء في المسألة الآتية أنه لو راجعها ثم ولدته لأقل من عامين ثبت نسبه
قال فعلم أن الحمل يعرف بالولادة لأكثر من ستة أشهر ا هـ
وأقره في النهر
أقول قد أجاب عن الوجه الأول العلامة المقدسي حيث قال إن كلام صدر الشريعة تحقيق بالقبول حقيق
____________________
(3/405)
وقول من رده بأن الحمل يثبت قبل الوضع ويثبت النسب به قبله مردود
أما ما استدل به في باب خيار العيب فرواية ضعيفة عن محمد أنه يرد بشهادة المرأة بالعيب
وعن أبي يوسف روايتان أظهرهما أنه إنما يقبل قولها للخصومة لا للرد
وأما ما في باب ثبوت النسب من قولهم الحبل الظاهر فإنما يثبت النسب بالفراش والولادة بقول المرأة والخلاف هناك معروف أن أبا حنيفة يقول إذا جحد الزوج ولادة المعتدة لا تثبت إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين إلا أن يكون الحبل ظاهرا فيثبت معه بشهادة المرأة وهي القابلة
فليس في هذا أن الحبل يثبت وإنما ظهوره يؤيد شهادة المرأة وأما ثبوته فمتوقف على الولادة كما نص عليه في المبسوط فيما لو قال إن حبلت فطالق فقال لو وطئها مرة فالأفضل أن لا يقر بها ثم قال إن أتت بولد بعد قوله المذكور لأكثر من سنتين يقع الطلاق وتنقضي العدة بالولد فلم يثبته إلا بالولادة على الوجه المخصوص وظهوره لا يسمى ثبوتا ولا يترتب عليه ما يتوقف على الثبوت ا هـ
قلت وفيه نظر فإن الذي حرره الزيلعي هناك أن الولادة تثبت بقول المرأة ولدت إذا كان هناك حبل ظاهر أو فراش قائم أو اعتراف من الزوج بظهور الحبل حتى لو علق طلاقها بولادتها يقع بقولها ولدت عند أبي حنيفة وشهادة القابلة شرط عنده لتعيين الولد وعندهما لا تثبت الولادة إلا بشهادة القابلة فقد ظهر أن الولادة تثبت بظهور الحبل عنده وقد قال العلامة قاسم هناك إن المراد بظهوره أن تظهر أماراته بحيث يغلب ظن كل من شاهدها بكونها حاملا نعم يعتبر ظهوره حيث لم يعارضه غيره كما في مسألتنا فإن إقراره بأنه لم يطأ ينافي صحة رجعته ما لم يظهر كذبه بأن تلد لدون ستة أشهر
ونظيره ما لو أخبرت المعتدة بانقضاء عدتها ثم ادعت الحبل فإنهم لم ينظروا إلى ظهور الحبل وإنما نظروا إلى ولادتها فإذا ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الإخبار ثبت النسب للتيقن بكذبها ولو لأكثر فلا للتناقض فلم ينظروا إلى ظهور الحبل عند التناقض وإنما تظروا إلى ما يظهر به كذب الإخبار الأول يقينا فهذا مؤيد لما قاله صدر الشريعة
وأما الجواب عن الوجه الثاني فهو أن الطلاق في المسألة الآتية مفروض بعد إقراره بالخلوة بها والطلاق بعد الخلوة موجب العدة ومعتدة الرجعي إذا لم تقر بانقضاء عدتها وجاءت بولد ثبت نسبه لكن أن ولدته لأكثر من سنتين كانت الولادة رجعة وإلا لا لجواز علوقه قبل الطلاق كما سيأتي في العدة فإذا ثبت نسبه وكان قد راجعها بالقول مثلا تبين صحة تلك الرجعة بالولادة لأقل من عامين
أما في مسألتنا فأنه لم يقر بالخلوة لتلزمها العدة فإذا طلقها يكون طلاقا قبل الدخول ظاهرا فلا عدة عليها فإذا ولدت لأقل من ستة أشهر عن وقت الطلاق تبين أن الطلاق كان بعد الدخول وأنها معتدة فإذا كان قد راجعها قبل الولادة تبين صحة الرجعة لأنها في العدة بخلاف ما إذا ولدت بعد ستة أشهر من وقت الطلاق فأنه لا يعلم أن الرجعة كانت في العدة ولا يثبت نسب الولد لما صرحوا به من أن الاصل أن كل امرأة لم تجب عليها العدة فإن نسب ولدها لا يثبت من الزوج
إلا إذا علم يقينا أنه منه بأن تجيء به لأقل من ستة أشهر
وبه ظهر أنه لا فرق بين المسألتين في توقف صحة الرجعة على الولادة وثبوت النسب وأن النسب لا يثبت في مسألتنا إلا بالولادة لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق للعلم بأنها علقت به قبل الطلاق وأنها معتدة بخلاف المسألة الآتية لأنها
____________________
(3/406)
مفروضة في المختلي بها الواجب عليها العدة فنصح رجعتها وإن ولدت لأكثر من ستة أشهر فاغتنم تحرير هذا المقام الذي زلت فيه أقدام الأفهام والسلام فافهم
قوله ( من ولدت قبل الطلاق ) أي إذ جاءت به لستة أشهر فأكثر من وقت النكاح
قوله ( حيث لم يتعلق بإقراره حق الغير ) قال في البحر ولا يرد ما أورده في الكافي بأن من أقر بعبد لآخر ثم اشتراه ثم استحق منه ثم وصل إليه فإنه يؤمر بالتسليم إلى المقر له وإن صار مكذبا شرعا لكونه تعلق بإقراره حق الغير بخلاف مسألة الرجعة ا هـ ح
قوله ( لأن الشرع لم يكذبه ) لأنه لا يملك الرجعة إلا في عدة الدخول أي الوطء لا في عدة الخلوة وهو قد أنكر الوطء فيصدق في حق نفسه والرجعة حقه ولم يكذبه الشرع فيه بخلاف ما مر وما يأتي فإنه بثبوت النسب صار مكذبا شرعا
ولا يرد أنه بالخلوة يتأكد المهر وتجب العدة لأن تأكد المهر يبتنى على تسليم المبدل والعدة تجب احتياطا لاحتمال الوطء ولا يلزم من ذلك إثبات الوطء فلم يكن مكذبا شرعا بإنكاره
كذا يفاد من البحر
قوله ( فله الرجعة ) لأن الظاهر شاهد له فإن الخلوة دلالة الدخول
بحر
قوله ( والمسألة بحالها ) يعني اختلى بها وأنكر وطأها
قوله ( صحت رجعته ) أي ظهر صحتها
قوله ( لصيرورته مكذبا ) أي في قوله لم أجامعها لأنه بثبوت النسب نزل واطئا قبل الطلاق لا بعده وإن أنكر لأن تكذيبه أولى من حمله على الزنا
نهر
وقدمنا تحقيق المسألة
قوله ( فاعتدت ) أي دخلت في العدة وهو معنى قول البحر ووجبت العدة وليس معناه مضت عدتها حتى يقال إن الصواب حذفه فافهم
قوله ( ببطنين ) حال من مفعول ولدت الأول وولدت الثاني لا متعلق بولدت
قوله ( يعني بعد ستة أشهر ) تفسير لقوله ببطنين لأنه لو كان بين الولادتين أقل من ذلك تعين كون الثاني موجودا قبل ولادة الأول فيكون قد اجتمعا في بطن فلا تكون ولادة الثاني رجعة لأنه علق قبل الطلاق يقينا
قوله ( فهو رجعة ) أي الوطء الذي كان الولد منه رجعة وأسندها إليه لأن الوطء لم يعلم إلا به
قوله ( بوطء حادث ) أي بعد الطلاق في العدة فيصير به مراجعا حملا لحالهما على الصلاح حيث لم تقر بانقضاء العدة كما إذا طلقها رجعيا فولدت لأكثر من سنتين فإنه يكون بوطء حادث البتة بخلاف ما إذا ولدته لأقل من سنتين فإنه لا يكون رجعة لاحتمال علوقه قبل الطلاق كما قدمناه وهذا الاحتمال ساقط هنا لأنهما متى كانا من بطنين كان الثاني من وطء حادث بعد الطلاق البتة كما ذكره في الفتح وبه اندفع ما في شرح مسكين من دعوى المخالفة
قوله ( بخلاف الخ ) قد علمت وجهه
____________________
(3/407)
آنفا
قوله ( ثلاث بطون ) بأن كان بين كل ولادتين ستة أشهر فأكثر
قوله ( كما مر ) أي من جعل العلوق بوطء حادث في العدة
لا يقال فيه الحكم عليه بالوطء في النفاس وهو حرام لأن النفاس ليس لأقله عدد ويجوز أن لا ترى دما أصلا
نهر
قوله ( ثلاثا ) الأولى أن يقول ثالثا ليوافق قوله ثانيا
قوله ( عملا بكلما ) علة لقوله وتطلق في الموضعين أي فإن كلما تقتضي التكرار لأنها لعموم الأفعال
قوله ( فبالأشهر ) أي فتعتد بالأشهر ويبطل ما مضى من الحيض إن وجد منه شيء ط
قوله ( ولو كانوا ببطن ) بأن يكون بين كل اثنين أقل من ستة أشهر
قوله ( لانقضاء العدة به ) فيكون قت الشرط وهو الولادة قارن وقت انقضاء العدة فلا يقع به شيء
قال في الدر المنتقى إلا أن تجيء برابع أي فتطلق بالثالث ولو لم تلد الثالث لا تطلق بالثاني ولو كان الأولان في بطن والثالث في بطن تقع واحد بالأول وتنقضي العدة بالثاني ولا يقع شيء بالثالث ولو كان الأول في بطن والثاني والثالث في بطن تقع ثنتان بالأول والثاني وتنقضي العدة بالثالث فلا يقع شيء
بحر عن الفتح ا هـ
قوله ( والمطلقة الرجعية تتزين ) لأنها حلال للزوج لقيام نكاحها والرجعة مستحبة والتزين حامل عليها فيكون مشروعا
بحر
قوله ( ويحرم ذلك في البائن والوفاة ) أما في البائن فلحرمة النظر إليها وعدم مشروعية الرجعة وأما في الوفاة فلوجوب الإحداد
أفاده في البحر قوله ( لفقد العلة ) وهي الحلم على المراجعة ط
قوله ( وإلا ) بأن كانت تعلم أنه لا يراجعها لشدة بغضها
بحر
قوله ( ذكره مسكين ) أي ذكر قوله إذا كانت الرجعة مرجوة الخ أقره في البحر وغيره
قوله ( للنهي المطلق ) أي في قوله تعالى { لا تخرجوهن من بيوتهن } الطلاق 1 نزل في المطلقة رجعية والنهي عن الإخراج مطلق شامل لما دون سفر
قوله ( ما لم يشهد على رجعتها ) لعل الأولى ما لم يراجعها لأن الإشهاد مندوب فقط ط أي فلا يحسن جعل الإشهاد غاية لحرمة الإخراج لأنها تنتهي بالرجعة مطلقا
وذكر في الفتح أن مقتضى ما في الهداية قصر كراهة المسافر والخلوة أيضا عند عدم قصد المراجعة على تقدير ما إذا لم يراجعها بعد ذلك في العدة لأنه تبين أنها لم تكن أجنبية لأن الطلاق لم يعمل عمله
والأجه تحريم السفر مطلقا لإطلاق النص في منعه دون الخلوة لعدم النص فيها ا هـ ملخصا فافهم
قوله ( فتبطل العدة ) أي فإن أشهد فتبطل
قوله ( وهذا الخ ) الإشارة إلى ما فهم من قوله ما لم يشهد من أن الإخراج ليس رجعة
ففي البحر أن المراد إن كان يصرح بعدم رجعتها أما إذا سكت كانت المسافرة رجعة دلالة كما أشار إليه في الفتح و شرح الجامع الصغير للقاضي وفتاويه و البدائع و غاية البيان معللين بأن السفر دلالة الرجعة فانتفى به ما ذكره الزيلعي من أن السفر ليس دلالة الرجعة ا هـ
قوله ( فتح بحثا ) فيه أنه ليس في كلام الفتح ما يفيد أنه بحث منه كيف وهو مشار إليه في الكتب السابقة
وعبارة الفتح ولحرمتها أي المسافرة بهذا النص لم تكن رجعة قيل ولا دلالتها أي ولا تكون دلالة الرجعة لأن الكلام فيمن يصرح بعدم رجعتها
____________________
(3/408)
وأورد عليه أن التقبيل بشهوة ونحوه يكون نفسه رجعة وإن نادى على نفسه بعدم الرجعة
وجوابه الفرق بالحل والحرمة ا هـ أي فإن التقبيل حلال فيكون رجعة والمسافرة حرام فلا تكون رجعة ولا دلالة عليها مع التصريح بعدمها فقوله لأن الكلام الخ يفيد أن ذلك منقول لا بحث فافهم
قوله ( خلافا للشافعي ) مبنى الخلاف هو أن الرجعة عندنا استدامة الملك القائم
وعنده استحداث الحل الزائل فيحل عندنا لقيام ملك النكاح من كل وجه وإنما يزول عند انقضاء العدة
قوله ( لأنه مباح ) فيه مسامحة لأن الوطء مكروه عندنا لمخالفته للسنة كما مر تحريره والمباح ما تعلق به خطاب الشارع تخييرا بين الفعل والترك على السواء والمكروه ولو تنزيها راجح الترك فلا يكون مباحا فالأولى أن يقول لأنه جائز فإن الجائز يطلق على ما لا يحرم شرعا ولو واجبا أو مكروها كما ذكره في التحرير
قوله ( لكن تكره الخلوة بها ) الاستدراك مستدرك فإن الوطء مثلها كما علمت
قوله ( إن لم يكن من قصده الرجعة ) لأن الخلوة ربما أدت إلى المس بشهوة فيصير مراجعا وهو لا يريدها فيطلقها فتطول العدة عليها
ط عن البحر
قوله ( ويثبت القسم لها الخ ) سيأتي في الباب الآتي أن المطلقة الرجعية لا حق لها في الجماع لا قضاء ولا ديانة ولذ استحب مراجعتها بغيره وحينئذ فالقسم لأجل الاستئناس
تأمل
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يكن من قصده المراجعة لا يثبت القسم لأنه لو ثبت مع عدم قصدها ربما أدى إلى الخلوة فيلزم ما مر ط
مطلب في العقد على المبانة قوله ( وينكح مبانته بما دون الثلاث ) لما ذكره ما يتدارك به الطلاق الرجعي ذكر ما يتدارك به غيره
فتح
ولذا عقد له في الهداية هنا فصلا
قوله ( بالإجماع ) راجع إلى قوله في العدة وهو جواب عن سؤال هو أن قوله { ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله } البقرة 235 يعني انقضار العدة عام فكيف جاز للزوج تزوجها في العدة والنص يعمومه يمنعه والجواب أنه خص منه العدة من الزوج نفسه بالإجماع قوله ( ومنع غيره ) أي غير الزوج في العدة لاشتباه النسب بالعلوق فإنه لا يوقف على حقيقته أنه من الأول أو الثاني وهذا حكمة شرعية العدة في الأصل والمراد بذكرها هنا بيان عدم المانع من تخصيص الزوج بالإجماع لا بيان علته لأنه يرد عليه عليه الصغيرة والآيسة وعدة الوفاة قبل الدخول ومعتدة الصبي والحيضة الثانية والثالثة فأنه لا اشتباه في ذلك ولا يجوز التزوج في المدة لعلة أخرى هي إظهار خطر المحل أو هو حكم تعبدي وتمام بيانه في الفتح قوله ( لا ينكح مطلقة ) تقديره لفظ ينكح هو مقتضى العطف على ما قبله لكن الأولى أن يزيد ولا يطأ بملك يمين لأنه كما لا يحل له نكاحها بالعقد لا يحل له وطؤها بالملك كما يأتي ولو قال لا تحل كما في الآية الكريمة لشمل كلا منهما
قوله ( من نكاح صحيح نافذ ) احترز بالصحيح عن الفاسد وهو ما عدم بعض شروط الصحة ككونه يغير شهود فإنه لا حكم قبل الوطء وبعده يجب مهر المثل والطلاق فيه لا ينقص عددا لأنه متاركة فلو طلقها ثلاثا لا يقع شيء وله تزوجها بلا محلل كما تقدم آخر باب الصريح واحترز بالنافذ عن الموقوف
____________________
(3/409)
ففي نكاح الرقيق من الفتاوي الهندية عن المحيط إذا تزوج العبد أو المكاتب أو المدبر أو ابن أم الولد بلا إذن المولى ثم طلقها ثلاثا قبل إجازة المولى فهذا الطلاق متاركة النكاح لا طلاق على الحقيقة حتى لا ينقص من عدد الطلاق فإن أجاز المولى النكاح بعد لا تعمل إجازته وإن أذن له بتزوجها بعده كرهت له تزوجها ولم أفرق بينهما ا هـ
قوله ( كما سنحققه ) أي في باب العدة حيث قال هناك والخلوة في النكاح الفاسد لا توجب العدة والطلاق فيه لا ينقص عدد الطلاق لأنه فسخ جوهرة ا هـ
ولم يذكر الموقوف هناك لأنه من أقسام الفاسد
ويحتمل أن مراده ما يأتي قريبا من قوله خرج الفاسد والموقوف الخ فإنه وإن كان في المحلل لكنه يفهم أنه في الذي طلق غير معتبر أيضا وليس مراده الإشارة إلى تحقيق ما يأتي بعده من قوله ثم هذا كله فرع صحته النكاح الأول الخ لأن مراده به صحته في المذاهب كلها كما ستعرفه وليس مما نحن فيه فافهم
قوله ( وما في المشكلات ) حيث قال من طلق امرأته قبل الدخول بها ثلاثا فله أن يتزوجها بلا تحليل وأما قوله تعالى { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } البقرة 230 ففي المدخول بها
قوله ( باطل ) أي إن حمل على ظاهره ولذا قال في الفتح إنه زلة عظيمة مصادمة للنص والإجماع لا يحل لمسلم رآه أن ينقله فضلا عن أن يعتبره لأن في نقله إشاعته وعند ذلك ينفتح باب الشيطان في تخفيف الأمر فيه
ولا يخفى أن مثله مما لا يسوغ الاجتهاد فيه لفوت شرطه من عدم مخالفة الكتاب والإجماع نعوذ بالله من الزيغ والضلال والأمر فيه من ضروريات الدين لا يبعد إكفار مخالفة ا هـ
أقول وإياك أن تغتر بما ذكره الزاهدي في آخر الحاوي في أو كتاب الحيل فإنه عقد فيه فصلا في حيلة تحليل المطلقة ثلاثا وذكر فيه هذه المسألة غير قابلة للتأويل الآتي وذكر حيلا كثيرة كلها باطلة مبنية على ما يأتي رده من الاكتفاء بالعقد بدون وطء
قوله ( أو مؤول ) أي بما قاله العلامة البخاري في شرحه غرر الأذكار على درر البحار ولا يشكل ما في المشكلات لأن المراد من قوله ثلاثا ثلاث طلقات متفرقات ليوافق ما في عامة الكتب الحنفية ا هـ
وقدمنا تأييد هذا التأويل بجواب صاحب المشكلات عن الآية فإن الطلاق ذكر فيها مفرقا مع التصريح فيها بعدم الحل فأجاب بأنها في المدخول بها فافهم
قوله ( كما مر ) أي في أول باب طلاق غير المدخول بها
قوله ( حتى يطأها غيره ) أي حقيقة أو حكما كما لو تزوجت بمجبوب فحبلت منه كما يأتي وشمل ما لو وطئها حائضا أو محرمة وشمل ما لو طلقها أزواج كل زوج ثلاثا قبل الدخول قتزوجت بآخر ودخل بها تحل للكل
بحر
ولا بد من كون الوطء بالنكاح بعد مضي عدة الأول لو مدخولا بها وسكت عنه لظهوره
ثم اعلم أن اشتراط الدخول ثابت بالإجماع فلا يكفي مجرد العقد
قال القهستاني وفي الكشف وغيره من كتب الأصول أن العلماء غير سعيد بن المسيب اتفقوا على اشتراط الدخول
وفي الزاهدي أنه ثابت بإجماع الأمة
وفي المنية أن سعيدا رجع عنه إلى قول الجمهور فمن علم به يسود وجهه ويبعد ومن أفتى به يعزر وما نسب إلى الصدر الشهيد فليس له أثر في مصنفاته بل فيها نقيضه وذكر في الخلاصة عنه أن من أفتى به فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فإنه مخالف الإجماع ولا ينفذ قضاء القاضي به وتمامه فيه
قوله ( ولو مراهقا ) هو الداني من البلوغ
نهر
ولا بد أن يطلقها بعد البلوغ لأن طلاقه غير واقع
در منتقى عن التاترخانية
قوله ( يجامع مثله ) تفسير للمراهق ذكره في الجامع وقيل هو الذي تتحرك آلته ويشتهي النساء كذا في الفتح ولا يخفى أنه لا تنافي بين القولين
نهر
والأولى أن يكون حرا بالغا فإن الإنزال شرط عن مالك كما في الخلاصة
____________________
(3/410)
مطلب مال أصحابنا إلى بعض أقوال مالك رحمه الله ضرورة فالأولى بين المذهبين لأنه كالتلميذ لأبي حنيفة ولذا مال أصحابنا إلى بعض أقواله ضرورة كما في ديباجة المصفى
قهستاني
وفي حاشية الفتال وذكر الفقيه أبو الليث في تأسيس النظائر أنه إذا لم يوجد في مذهب الإمام قول في مسألة يرجع إلى مذهب مالك لأنه أقرب المذاهب إليه ا هـ
قوله ( أو خصيا ) بفتح الخاء وهو من قطعت خصيتاه وأنما جاز تحليله لوجود الآلة ط
قوله ( أو مجنونا ) بنونين ح وفي نسخة أو مجبوبا ببائين وهو الذي لم يبق له شيء يولجه في محل الختان لكن شرط تحليله أن تحبل منه كما يأتي
قوله ( أو ذميا لذمية أي ولو كان التحليل لأجل زوجها المسلم كما في البحر
قوله ( خرج الفاسد والموقوف ) أي خرجا بقيد النافذة
وفيه أن الفاسد يقابل الصحيح لا النافذ لأن النافذ من العقود ما لا يتوقف على إجازة غير العاقد فالبيع بشرط فاسد نافذ بالمعنى المذكور نعم الموقوف فيه طريقان للمشايخ قيل هو قسم من الصحيح وقيل من الفاسد كما سيأتي تحقيقه في البيوع إن شاء الله تعالى فعلى الطريق الثاني كل موقوف فاسد ولا عكس لغويا
ويقال أيضا كل صحيح نافذ ولا يصح العكس على الطريقين فافهم
وبه علم أنه كان ينبغي للمصنف متابعة الكنز وغيره في التعبير بنكاح صحيح فيخرج الفاسد وكذا الموقوف على أحد الطريقين
وقد يجاب بأن النكاح المطلق هو الصحيح فيخرج به الفاسد
قوله ( ووطئها قبل الإجازة لا يحلها ) أي وإن أجاز بعد ولعل وجهه أن النكاح المشروط بالنص ينصرف إلى الكامل لأنه المعهود شرعا بخلاف الفاسد والموقوف
وإلا فقد صرحوا بأن الموقوف ينعقد سببا في الحال ويتأخر حكمه إلى وقت الإجازة فيظهر بها الحل من وقت العقد
مطلب حيلة إسقاط عدة المحلل قوله ( ومن لطيف الحيل الخ ) أي حيل التحليل على وجه يؤمن فيه من علوقها منه ومن امتناعها من طلاقها ومن ظهور أمر التحليل بين الناس بخلاف ما إذا كان حرا بالغا
قوله ( لكن الخ ) استدراك على هذه الحيلة
وحاصله أنها إنما تتم على ظاهر المذهب من أن الكفاءة في النكاح ليست بشرط للانعقاد أما على رواية الحسن المفتى بها من أنها شرط فلا يحلها الرقيق لعدم الكفاءة إن كان لها ولي لم يرض بذلك وإلا بأن لم يكن لها ولى أصلا أو كان ورضي فيحلها اتفاقا كما مر في باب الكفاءة وهذا أحد وجهين أو ردهما الإمام الحلواني
ثانيهما كما في البزازية أن المراهق فيه خلاف فلعله يرفع إلى حاكم يرى مذهب من لا يقول بالصحة فيفسخه فلا يحصل المرام ا هـ
____________________
(3/411)
قوله ( إنه لا يحلها ) الأولى حذف أنه
قوله ( وتمضي عدته ) ذكر بعض الشافعية حيلة لإسقاط العدة بأن تزوج لصغير لم يبلغ عشر سنين ويدخل بها مع انتشار آلته ويحكم بصحة النكاح شافعي ثم يطلقها الصبي ويحكم حنبلي بصحة طلاقه وأنه لا عدة عليها أما لو بلغ عشرا لزمت العدة عند الحنبلي أو يطلقها وليه أذا رأى في ذلك المصلحة ويحكم به مالكي وبعدم وجوب العدة بوطئه ثم يتزوجها الأول ويحكم شافعي بصحته لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف بعد تقدم الدعوى مستوفيا شرائطه فتحل للأول ا هـ
قلت ومن شروطه أن لا يأخذ على الحكم مالا وفي قوله ويحكم به مالكي مخالفة لما قدمناه من اشتراط الإنزال عند مالك وكأنه قول آخر
قوله ( أي الثاني ) أي النكاح الثاني ويجوز أن يراد بالزوج الثاني وعليه جرى الزيلعي لكنه مجاز قال العيني والأول أقرب والثاني أظهر
نهر
قوله ( لا بملك يمين ) عطف على قوله بنكاح نافذ
قوله ( لاشتراط الزوج بالنص ) أي في قوله تعالى { حتى تنكح زوجا غيره } البقرة 230 فأنه جعل غاية لعدم الحل الثابت بقوله تعالى { فلا تحل له } فإذا طلق زوجته الأمة ثنتين ثم بعد العدة وطئها مولاها لا يحلها للأول لأن المولى ليس بزوج
قوله ( ولا ملك أمة الخ ) عطف على قوله وطء المولى أي لو طلقها ثنتين وهي أمة ثم ملكها أو ثلاثا وهي حرة فارتدت ولحقت بدار الحرب ثم سبيت وملكها لا يحل له وطؤها بملك اليمين حتى يزوجها فيدخل بها الزوج ثم يطلقها كما في الفتح
ثم لا يخفى أن هذه المسألة لم يشملها كلام المصنف لا منطوقا ولا مفهوما فلا يصح تفريعها على قوله بملك يمين لأن معناه لا ينكحها المطلق حتى يطأها غيره بالنكاح لا بملك اليمين فالمشروط وطؤه بالنكاح لا بالملك هو الغير لا نفس المطلق بل يصح نفريغ الأولى وهي عدم حلها للمطلق بوطء المولى نعم لو قال المصنف فيما مر لا ينكح ولا يطأ بملك يمين الخ لصح تفريغ هذه أيضا كما أفاده ح فيتعين جعله تفريعا على قوله لاشتراط الزوج بالنص فإن الزوج المشروط بالنص جعل غاية لعدم الحل كما علمت وهو شامل لعدم الحل بنكاح أو ملك يمين فيصح تفريع المسألتين عليه فافهم
قوله ( من فرق بينهما ) أراد بالتفريق المنع عن الوطء من عموم المجاز فيشمل القاطع للنكاح وغيره فلا يرد أنه لا تفريق في الظهار فافهم
قوله ( لم تحل له أبدا ) أي ما لم يكفر في الظهار ويكذب نفسه أو تصدقه في اللعان ح
فوجه الشبه بين المسألتين أن الردة واللحاق والسبي لم تبطل حكم الظهار واللعان كما لم تبطل حكم الطلاق
قوله ( في المحل المتيقن ) هو محل غيبوبة الحشفة من القبل
قوله فلو كانت صغيرة محترز قوله والشرط التيقن بوقوع الوطء وقوله فلو وطىء مفضاة تفريغ على قوله في المحل المتيقن وكان عليه عطفه بالواو
قوله ( لم تحل للأول ) لأن قبلها لا تغيب فيه الحشفة ولذا لم يجب الغسل بمجرد وطئها ولم تثبت به حرمة المصاهرة حتى حل لو وطئها تزوج بنتها
قوله ( وإلا ) أي بأن كانت صغيرة يوطأ مثلها حلت للأول لوجود الشرط وهو الوطء في محله المتيقن الموجب للغسل كما يأتي وإن أفضاها بهذا الوطء لأن الإفضاء حصل بعد الوطء المعتبر شرعا بخلاف المفضاة قبله لحصول الشك في كون الوطء في القبل أو في الدبر وهذا الشك حاصل قبل الوطء لا بعده
فأفهم قوله ( بزازية ) لم أر فيها قوله وإن أفضاها نعم رأيته في الفتح و النهر
____________________
(3/412)
قوله ( إلا إذا حبلت الخ ) قال في الدر المنتقى وقد نظم الفقيه الأجل سراج الدين أبو بكر علي بن موسى الهاملي رحمه الله تعالى ذلك نظما جيدا فقال وفي المفضاة مسألة عجيبه لدى من ليس يعرفها غآيبه إذا حرمت على زوج وحلت لثان نال من وطء نصيبه فطلقها فلم تحبل فليست حلالا للقديم ولا خطيبه لشك أن ذاك الوطء منها بفرج أو شكيلته القريبه فإن حبلت فقد وطئت بفرج ولم تبق الشكوك لنا مريبه قوله ( فإنها لا تحل حتى تحبل الخ ) هذه العبارة عزاها المصنف في المنح للبزازية
والذي في الفتح هكذا فلا تحل بسحقه حتى تحبل ثم قال وفي التجريد لو كان مجبوبا لم تحل فإن حبلت وولدت حلت للأول عند أبي يوسف خلافا لمحمد اه قوله ( حتى يثبت ) برفع يثبت على أن حتى ابتدائية
قوله ( فالاقتصار على الوطء قصور الخ ) أي اقتصار المتون على قولهم حتى يطأها غيره وهذا مأخوذ من المصنف في المنح
وقال الرحمتي جعله قصورا مع أنه هو الذي عليه المتون والشروح ويشهد له حديث العسيلة الذي ثبت به الحكم وما تمسك به رواية عنأبي يوسف لم تعتمد فترجيحها على ما هو المذهب هو القصور اه
لكن جزم به في الخانية وغيرها وكذا في الفتح كما علمت ونقله الزيلعي عن الغاية وقال خلافا لزفر ومثله في البدائع وهذا يفيد اعتماد قول أبي يوسف نعم الأجه قول محمد وزفر ولا ينافيه ثبوت النسب فإنه يعتمد قيام الفراش وإن لم يوجد وطء حقيقة والتحليل يعتمد الوطء لا مجرد العقد المثبت للنسب فإنه خلاف الإجماع كما تقدم ويلزم على هذا ثبوت التحليل بتزوج مشرقي بمغربية جاءت بولد لستة أشهر لثبوت نسبه مع العلم بعدم الوطء وما ذاك إلا لكون النسب مما يحتال لإثباته بماأمكن ولو توهما عملا بنص الولد للفراش وإقامة للعقد مقام الوطء كالخلوة الموجبة للعدة
وأما التحليل فقد شدد الشرع في ثبوته ولذا قالوا إن شرعيته لإغاظة الزوج عومل بما يبغض حين عمل أبغض مايباح فلذا اشترطوا فيه الوطء الموجب للغسل بإيلاج الحشفة بلا حائل في المحل المتيقن احترازا عن المفضاة والصغيرة من بالغ أو مراهق قادر عليه بعقد صحيح لا فاسد ولا موقوف ولا بملك يمين
قوله ( والموت عنها لا ) أو لو مات عنها قبل الوطء لا يحلها للأول وإن كان الموت كالدخول في إيجاب العدة وتقرير المهر المسمى لأن الشرط هنا الوطء
قوله ( واستشكله المصنف ) الضمير يرجع إلى الإحلال المفهوم من قول المصنف يحلها وأصل الإشكال لصاحب البحر فإنه قال بعد ذكر هذا في الفرع مع أنه نقل في المحيط من كتاب الطهارة أنه لو أتى امرأة وهي عذراء لا غسل عليه ما لم ينزل لأن العذرة مانعة من مواراة
____________________
(3/413)
الحشفة ا هـ أي ولا يحلها الوطء الموجب للغسل ط
وأجاب الرحمتي والسائحاني بحمل ما في القنية على ما إذا أزال البكارة بقرينة الإيلاج فإنه لا يكون بدونه
وفيه أن عبارة القنية هكذا أذا أولج إلى مكان البكارة وحمل إلى على معنى في بعيد
ثم لا يخفى أن ما ينفرد به صاحب القنية لا يعتمد عليه كيف وهو مخالف لما في المشاهير كقول الهداية والشرط الإيلاج وقول الفتح بقيد كونه عن قوة نفسه وإن كان ملفوفا بخرقة إذا كان يجد حرارة المحل الخ ما يأتي عن التبيين وكذا ما مر عن البزازية ومسألة المفضاة وبعد اعتراف المصنف بإشكاله ما كان ينبغي له جعله متنا
قوله ) ( إلا إذا انتعش وعمل ) هذا لم يذكره في التبيين نعم ذكره في الفتح و النهر
والظاهر أن الاستثناء منقطع لأن الانتعاش الانتهاض والمراد به وبالعمل أن يكون له نوع انتشار يحصل به إيلاج كي لا يكون بمنزلة إدخال خرقة في المحل فإنه ربما لا يحصل به التقاء الختانين ولذا قال بعد ذلك في الفتح بخلاف من في آلته فتور وأولجها فيها حتى التقى الختانان فإنها تحل به
قوله ( ولو في حيض الخ ) الأولى حذف هذه الجملة من هنا وذكرها عند قول المصنف حتى يطأها غيره
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان الإيلاج بمساعدة اليد أو لا
وعبارة المجتبى وقيل إيلاج الشيخ الفاني بيده يحلها وقيل إذا لم تنتشر آلته فأدخلها بيده أو بيدها أو كان الذكر أشل لا يحلها بالإيلاج والصواب حلها لأنه متعلق بدخول الحشفة ا هـ
وأقره في الشرنبلالية وهو خلاف ما مشى عليه الزيلعي وابن الهمام وصاحب النهر كما مر
وفيه أن الحل معلق بذوق العسيلة كما علمت فتأمل
قوله ( لكن في شرح المشارق الخ ) فيه أن هذا الكتاب ليس موضوعا لنقل المذهب وإطلاق المتون والشروح يرده وذوق العسيلة للنائمة موجود حكما ألا ترى أن النائم إذا وجد البلل يجب عليه الغسل وكذا المغمى عليه مع أن خروج المني لا يوجبه إلا مع وجود اللذة وما ذاك إلا لوجودهما حكما لأنه ربما حصلت وذهل عنها بثقل النوم الإغماء وقد تقدم أن المجنون يحلها والجنون فوق الإغماء والنوم
رحمتي
قلت ورأيت في معراح الدراية ووطء النائمة والمغمى عليه يحل عندنا وفي أحد قولي الشافعي ا هـ
هكذا رأيته في نسخة سقيمة فلتراجع نسخة أخرى
ثم لا يخفى أن نومه وإغماءه كنومها وإغمائها لكن إذا قلنا إن إيلاج الشيخ الفاني لا يحلها ما لم ينتعش ويعمل يلزم أن يكون مثله النائم والمغمى عليه وكذا في جانبها نعم على تصويب المجتبى من الاكتفاء بدخول الحشفة يظهر الإحلال في الكل فتأمل
قوله ( وكره التزوج للثاني ) كذا في البحر لكن في القهستاني وكره للأول والثاني وعزاه محشي مسكين إلى الحموي عن الظهيرية وينبغي أن يزاد المرأة بل هي أولى من الأول في الكراهة لأن العقد بشرط التحليل إنما جرى بينها وبين الثاني والأول ساع في ذلك ومتسبب والمباشر أولى من المتسبب ولفظ الحديث يشمل الكل فإن المحلل له يصدق على المرأة أيضا
قوله ( لحديث لعن المحلل والمحلل له ) بإضافة حديث إلى لعن فهو حكاية للمعنى
وإلا فلفظ الحديث كما في الفتح لعن الله المحلل والمحلل له بإضافة حديث إلى لعن فهو حكاية للمعنى
وإلا فلفظ الحديث كما في الفتح لعن الله المحلل والمحلل له وهو كذلك في بعض النسخ
قوله ( بشرط التحليل ) تأويل للحديث بحمل
____________________
(3/414)
اللعن على ذلك ويأتي تمام الكلام عليه
قوله ( وإن حلت للأول الخ ) هذا قول الإمام
وعن أبي يوسف أنه يفسد النكاح لأنه في معنى المؤقت لا يحلها
وعن محمد يصح ولا يحلها لأنه استعجل ما أخره الشرع كما في قتل المورث
هداية
قوله ( خلافا لما زعمه البزازي ) حيث قال زوجت المطلقة نفسها من الثاني بشرط أن يجامعها ويطلقها لتحل للأول
قال الإمام النكاح والشرط جائزان حتى إذا أبى الثاني طلاقها أجبره القاضي على ذلك وحلت للأول ا هـ
وهو مأخوذ من روضة الزندوستي
قال في النهر قال الإمام ظهير الدين هذا البيان لم يوجد في غيره من الكتب كذا في العناية وفي فتح القدير هذا مما لم يعرف في ظاهر الرواية ولا ينبغي أن يعول عليه ولا يحكم به لأنه مع كونه ضعيف الثبوت تنبو عنه قواعد المذهب لأنه لا شك أنه شرط في النكاح لا يقتضيه العقد وهو مما لا يبطل بالشروط الفاسدة بل يبطل الشرط ويصح فيجب بطلان هذا وأن لا يجبر على الطلاق ا هـ
قوله ( أو وأمسكتك ) أي أو يقول إن تزوجتك وأمسكتك وهذا إذا خافت إمساكها مطلقا والأول خافت إمساكها بعد الجماع
قوله ( ولو خافت الخ ) الأولى أو تقول زوجتك الخ لأن الحيلتين السبابقتين سببهما الخوف المذكور ط
قوله ( وتمامه في العمادية ) حيث قال ولو قال لها تزوجتك على أن أمرك بيدك فقبلت جاز النكاح ولغا الشرط لأن الأمر إنما يصح في الملك أو مضافا إليه ولم يوجد واحد منهما بخلاف ما مر فإن الأمر صار بيدها مقارنا لصيرورتها منكوحة ا هـ نهر
وقدمناه قبل فصل المشيئة
والحاصل أن الشرط صحيح إذا ما ابتدأت المرأة لا أذا ابتدأ الرجل ولكن الفرق خفى نعم يظهر القول بأن الزوج هو الموجب تقدم أو تأخر والمرأة هي القابلة كذلك
تأمل
قوله ( أما إذا أضمرا ذلك ) محترز قوله بشرط التحليل ( لا يكره ) بل يحل له في قولهم جميعا
قهستاني عن المضمرات
قوله ( لقصد الإصلاح ) أي إذا كان قصده ذلك لا مجرد قضار الشهوة ونحوها
وأورد السروجي أن الثابت عادة كالثابت نصا أي فيصير شرط التحليل كأنه منصوص عليه في العقد فيكره
وأجاب في الفتح بأنه لا يلزم من قصد الزوج ذلك أن يكون معروفا بين الناس إنما ذلك فيمن نصب نفسه لذلك وصار مشتهرا به ا هـ
تأمل
قوله ( وتأويل اللعن الخ ) الأولى أن يقول وقيل تأويل اللعن الخ كما هو عبارة البزازية ولا سيما وقد ذكره بعد ما مشى عليه المصنف من التأويل المشهور عند علمائنا ليفيد أنه تأويل آخر وأنه ضعيف
قال في الفتح وهنا قول آخر وهو أنه مأجور وإن شرط لقصد الإصلاح وتأويل اللعن عند هؤلاء إذا شرط الأجر على ذلك ا هـ
قلت واللعن على هذا الحمل أظهر لأنه كأخذ الأجرة على عسب التيس وهو حرام
ويقربه أنه عليه الصلاة والسلام سماه التيس المستعار
____________________
(3/415)
وأورد على التأويل الأول أنه مع اشتراط التحليل مكروه تحريما وفاعل الحرام لا يستوجب اللعن ففاعل المكروه أولى
مطلب في حكم لعن العصاة أقول حقيقة اللعن المشهور هي الطرد عن الرحمة وهي لا تكون إلا لكافر ولذا لم تجز على معين لم يعلم موته على الكفر بدليل وإن كان فاسقا متهورا كيزيد على المعتمد بخلاف نحو إبليس وأبي لهب وأبي جهل فيجوز وبخلاف غير المعين كالظالمين والكاذبين فيجوز أيضا لأن المراد جنس الظالمين وفيهم من يموت كافرا فيكون اللعن لبيان أن هذا الوصف وصف الكافرين للتنفير عنه والنحذير منه لا لقصد اللعن على كل فرد من هذا الجنس لأن لعن الواحد المعين كهذا الظالم لا يجوز فكيف كل فرد من أفراد الظالمين وإذا كان المراد الجنس لما قلنا من التنفير والتحذير لا يلزم أن تكون تلك المعصية حراما من الكبائر خلافا لمن أناط اللعن بالكبائر فإنه ورد اللعن في غيرها كلعن المصورين ومن أم قوما وهم له كارهون ومن سل سخيمته أي تغوط على الطريق والمرأة السلتاء أي التي لا تخضب يديها والمرهاء أي التي لا تكتحل والمرأة إذا خرجت من دارها بغير إذن زوجها وناكح اليد وزائرات القبور ومن جلس وسط الحلقة وغير ذلك ومنه ما هنا هذا ما ظهر لي لكن يشكل على منع لعن المعين مشروعية اللعان وفيه لعن معين نعم يجاب بأنه معلق على تقدير كونه كاذبا لكنه لا يخرج عن لعن معين
تأمل
ثم رأيت في لعان القهستاني قال اللعن في الأصل الطرد
وشرعا في حق الكفار الإبعاد من رحمة الله تعالى وفي حق المؤمنين الإسقاط عن درحة الأبرار ا هـ
وفي لعان البحر فإن قلت هل يشرع لعن الكاذب المعين قلت قال في غاية البيان من باب العدة عن ابن مسعود أنه قال من شاء باهلته والمباهلة الملاعنة وكانوا يقولون إذا اختلفوا في شيء بهلة الله على الكاذب منا قالوا هي مشروعة في زماننا أيضا ا هـ
وعن هذا قيل إن المراد باللعن في مثل ذلك الطرد عن منازل الأبرار لا عن رحمة العزيز الغفار
وقيل إن الأشبه أن حقيقة اللعن هنا ليست بمقصودة بل المقصود إظهار خساسة المحلل بالمباشرة والمحلل له بالعود إليها بعد مضاجعة غيره
وعزاه القهستاني في الكشف ثم قال وفيه كلام فتأمل ا هـ
لعل وجهه أنه لو كان كذلك لا يلزم كونه مكروها تحريما
قوله ( ثم هذا كله ) أي كل ما مر من لزوم التحليل بالشروط المارة وكراهة التصريح بالشرط
قوله ( فرع صحة النكاح ) كذا عبر في النهر والمراد صحته باتفاق الأئمة لا صحته عندنا بقرينة ما بعده فافهم
وقد مر أنه لو كان فاسدا أو موقوفا لا يلزم التحليل بل تحل بدونه وإن كره
وهل تقبل دعواه الفساد عندنا لإسفاط التحليل لم أره الآن نعم يأتي آخر الباب أنه لو ادعى بعد الثلاث أنه طلقها واحدة قبل وانقضت عدتها لا يصدقان وستأتي هذه المسألة في العدة وتأتي هنال حادثة الفتوى في ذلك فراجعها
قوله ( أو بحضرة فاسقين ) أي تحقيق فسقهما وإلا فظاهر العدالة يكفي عند الشافعي فافهم
____________________
(3/416)
مطلب حيلة إسقاط التحليل بحكم شافعي بفساد النكاح الأول قوله ( الأمر لشافعي الخ ) أقول الذي عليه العمل عند الشافعية هو ما حرره ابن حجر في التحفة من أن الحاكم لا يحكم بفسخ النكاح بالنسبة لسقوط التحليل وذلك أنه ذكر أن الزوجين لو توافقا أو أقاما بينة بفساد النكاح لم يلتفت لذلك بالنسبة لسقوط التحليل لأنه حق الله تعالى نعم يجوز لهما العمل به باطنا لكن إذا علم بهما الحاكم فرق بينهما
ثم قال في موضع آخر وحينئذ فمن نكح مختلفا فيه فإن قلد القائل بصحته أو حكم بها من يراها ثم طلق ثلاثا تعين التحليل وليس له تقليد من يرى بطلانه لأنه تلفيق للتقليد في مسألة واحدة وهو ممتنع قطعا وإن انتفى التقليد والحكم لم يحتج لمحلل نعم يتعين أنه لو ادعى بعد الثلاث عدم التقليد لم يقبل منه لأنه يريد بذلك رفع التحليل الذي لزمه باعتبار ظاهر فعله وأيضا ففعل المكلف يصان عن الإلغاء لا سيما إن وقع منه ما يصرح بالاعتداد به كالتطليق ثلاثا هنا ا هـ
والذي تحرر من كلاميه أن الزوج إن علم بفساد النكاح فإن قلد القائل بصحته أو حكم بها حاكم يراها لا يسقط التحليل وإلا سقط وله تجديد العقد بعد الثلاث ديانة وإذا علم به الحاكم فرق بينهما ولو ادعى عدم التقليد لم يصدقه الحاكم وإذا علمت ذلك علمت أنه لا فائدة في قول الشارح تبعا لغيره يرفع الأمر لشافعي إذ لا يحكم الشافعي بسقوط التحليل ولا يقبل ما يسقطه لكن قال ابن قاسم في حاشية التحفة أن له تقليد الشافعي والعقد بلا محلل لأن هذه قضية أخرى فلا يليق ما لم يحكم بصحة التقليد الأول حاكم ا هـ
قلت لكن هذا في الديانة لما علمت من أن الحاكم يفرق بينهما إذا علم به لأن التحليل حق الله تعالى نعم صرح شيخ الإسلام زكريا في شرح منهجه بأن الزوجين لو اختلفا في المسمى ومهر المثل وأقيمت بينة على فساده يثبت مهر المثل ويسقط التحليل تبعا ا هـ
لكن استظهر ابن حجر عدم سقوطه والله أعلم
فإن قلت يمكن الحكم به عندنا على قول محمد باشتراط الولي
قلت لا يمكن في زماننا لأنه خلاف المعتمد في المذهب والقضاة مأمورون بالحكم بأصح الأقوال
على أنه نقل في التاترخانية أن شيخ الإسلام سئل هل يصح القضاء به فقال لا أدري فإن محمدا وإن شرط الولي لكنه قال لو طلقها ثم أراد أن يتزوجها فإني أكره له ذلك ا هـ أي فإن لفظ أكره قد يستعمل من المجتهد في الحرام
قوله ( فيقضي به ) أي بحلها للأول وقوله وببطلان النكاح عطف سبب على مسبب فإن قضاءه ببطلان النكاح الأول سبب لحلها بلا زوج آخر ا هـ ح
وإنما ذكر القضاء لتقصير الحادثة الخلافية كالمجمع عليها ط
وقدمنا في باب التعليق ما ينبغي استذكاره هنا ولا نعيده لقرب العهد به
قوله ( أي في القائم والآتي لا في المنقضي ) عبارة البزازية على ما في النهر وبه لا يظهر أن الوطء في النكاح الأول كان حراما وأن في الأولاد خبثا لأن القضاء اللاحق كدليل النسخ يعمل في القائم والآتي لا في المنقضي ا هـ أي لأن ما مضى كان مبينا على اعتقاد الحل تقليدا لمذهب صحيح وأنما لزمه العمل بخلافه بعد الحكم الملزوم كما لو نسخ حكم إلى آخر لا يلزم منه بطلان ما مضى ومثله ما لو تغير رأي المجتهد وكذا لو توضأ حنفي ولم ينو وصلى به الظهر ثم صار شافعيا بعد دخول وقت العصر يلزمه إعادة الوضور بالنية دون ما صلاه به
قوله ( فالقول لها ) كذا في البحر
وعبارة البزازية ادعت أن الثاني جامعها وأنكر الجماع حلت للأول وعلى القلب لا ا هـ
ومثله في الفتاوي
____________________
(3/417)
الهندية عن الخلاصة ويخالف قوله وعلى القلب لا ما في الفتح و البحر ولو قالت دخل بي الثاني والثاني منكر فالمعتبر قولها وكذا في العكس ا هـ فتأمل
قوله ( فالقول له ) أي في حق الفرقة كأنه طلقها لا في حقها حتى يجب لها نصف المسمى أو كماله إن دخل بها
بحر
مطلب مسألة الهدم قوله ( والزوج الثاني ) أي نكاحه
نهر
قوله ( ما دون الثلاث ) أي يهدم ما وقع من الطلقة أو الطلقتين فيجعلهما كأن لم يكونا وما قيل إن المراد أنه يهدم ما بقي من الملك الأول فهو من سوء التصور كما نبه عليه الهندي
أفاده في النهر
قوله ( أي كما يهدم الثلاث ) تفسيره لقوله أيضا
قوله ( لأنه الخ ) جواب عما قال محمد من أن قوله تعالى { حتى تنكح زوجا غيره } البقرة 230 جعل غاية لانتهاء الحرمة الغليظة فيهدمها
والجواب أنه إذا هدمها يهدم ما دونها بالأولى فهو مما ثبت بدلالة النص وتمام مباحث ذلك في كتب الأصول وقولهما مروي عن ابن عمر وابن عباس وقول محمد مروي عن عمر وعلي وأبي بن كعب وعمران بن الحصين كما في الفتح قوله ( وهو الحق ) ليس هذا في عبارة الفتح بل ذكره في التحرير وتبعه في النهر
عبارة الفتح بعد ما أطال في الكلام من الجانبين فظهر أن القول ما قاله محمد وباقي الأئمة الثلاثة ولقد صدق قول صاحب الأسرار ومسألة يخالف فيها كبار الصحابة يعوز فقهها
ويصعب الخروج منها
قوله ( وأقره المصنف كغيره ) أي كاحب البحر و النهر و المقدسي و الشرنبلالي و الرملي و الحموي وكذا شارح التحرير المحقق ابن أمير حاج لكن المتون على قول الإمام وأشار في متن الملتقى إلى ترجيحه ونقل ترجيحه العلامة قاسم عن جماعة من أصحاب الترجيح ولم يعرج على ما قاله شيخه في الفتح وكذا لم يعرج عليه في مواهب الرحمن مع أنه كثيرا ما يتبع صاحب الفتح في ترجيحه
قوله ( بمضي عدته ) أي الزوج الأول أسند العدة إليه لأنه سببها
نهر
وألا فالعدة للطلاق
قوله ( وعدة الزوج الثاني ) ليس المراد أنها قالت مضت عدتي من الثاني فقط بل قالت تزوجت ودخل بي الزوج وطلقني وانقضت عدتي كما ذكره في الهداية لأن قولها مضت عدتي لا يفيد ما ذكر لوجوبها بالخلوة وبمجردها لا تحل ومن ثم قال في النهاية إنما ذكر في الهداية إخبارها مبسوطا لأنها لو قالت حللت لك فتزوجها ثم قالت لم يكن الثاني دخل بي إن كانت عالمة بشرائط الحل لم تصدق وإلا تصدق وفيما ذكرته مبسوطا لا تصدق في كل حال
____________________
(3/418)
وعن السرخسي لا يحل له أن يتزوجها حتى يستفسرها لاختلاف الناس في حلها بمجرد العقد
وعن الإمام الفضلي لو قالت تزوجني فإني تزوجت غيرك وانقضت عدتي ثم قالت ما تزوجت صدقت إلا أن تكون أقرت بدخول الثاني ا هـ لأنها غير متناقضة بحمل قولها تزوجت على العقد وقولها ما تزوجت معناه ما دخل بي فإذا أقرت بالدخول ثبت تناقضها كما أفاده في الفتح ويأتي تمامه
قوله ( له أن يصدقها ) لأنه إما من المعاملات لكون البضع متقوما عند الدخول أو الديانات لتعلق الحل به وقول الواحد مقبول فيهما
درر
قوله ( إن غلب على ما ظنه صدقها ) أشار به إلى أن عدالتها ليست شرطا ولهذا قال في البدائع و كافي الحاكم وغيرهما لا بأس أن يصدقها أن كانت ثقة عنده أو وقع في قلبه صدقها ا هـ
وكذا لو قالت منكوحة رجل لآخر طلقني زوجي وانقضت عدتي جاز تصديقها إذا وقع في ظنه عدلة كانت أم لا ولو قالت نكاحي الأول فاسد لا ولو عدلة كذا في البزازية
بحر
قوله ( وأقل مدة عدة عنده ) أي عند الإمام وهذا بيان لقوله والمدة تحتمله فلا احتمال فيما دون ذلك
قوله ( بحيض ) متعلق بقوله عدة وهذا أولى مما قيل أي بسبب كون المرأة حائضا فافهم
واحترز به عن العدة بالأشهر في حق ذوات الأشهر فإن عدتها ليس لها أقل وأكثر بل هي ثلاثة أشهر لو حرة ونصفها لو أمة قوله ( شهران ) أي ستون يوما عنده لأنه يجعله مطلقا في أول الطهر حذرا من وقوع الطلاق في طهر وطىء فيه فيحتاج إلى ثلاثة أطهار فخمسة واربعين وثلاث حيض بخمسة عشر حملا للطهر على أقله والحيض على وسطه لأن اجتماع أقلهما في مدة واحدة نادر وهذا على تخريج محمد لقول الإمام أما على تخريج الحسن فيجعله مطلقا في آخر الطهر حذرا من تطويل العدة عليها فيحتاج إلى طهرين بثلاثين وثلاث حيض بثلاثين حملا للطهر على أقله والحيض على أكثره ليعتد لا (
) وتحتاج إلى مثلها في عدة الزوج الثاني وزيادة طهر على تخريج الحسن فتصدق في مائة وخمسة وثلاثين يوما وعلى تخريج محمد في مائة وعشرين يوما ا هـ
أفاده ح
قلت والمراد بزيادة الطهر هو الطهر الذي تزوجها فيه الثاني وطلقها في آخره لكن يلزم على هذا التخريج وقوع الطلاق في طهر وطئها فيه إذ لا بد من دخوله بها تأمل
وهذا يؤيد تخريح محمد
قوله ( ولأمة أربعون ) عطف على محذوف كأنه قال لحرة شهران ولأمة أربعون يوما أي على تخريج محمد طهران بثلاثين وحيضتان بعشرة وعلى تخريج الحسن خمسة وثلاثون يوما طهر بخمسة عشر وحيضتان بعشرين فتصدق بثمانين يوما على تخريج محمد خمسة وثمانين يوما على تخريج الحسن وتمام التفصيل وحكاية الخلاف في التبيين ح
قوله ( ما لم تدع السقط ) أي من الزوج الأول لأنه يمكن إسقاطها في يوم الطلاق فتنقضي عدتها به أما ادعاؤه عن الثاني فلا بد من أنه يمضي عليه زمن يمكن أن يستبين فيه بعض خلقه
رحمتي
قلت وكذا لو ادعته من الأولى لا بد من أن يكون بينه وبين عقد الأول مدة أربعة أشهر
قوله ( كما مر ) أي وأول الباب
حلبي
مطلب الإقدام على النكاح إقرار بمضي العدة قوله ( ولو تزوجت الخ ) قال في الفتح وفي التفاريق لو تزوجها ولم يسألها ثم قالت ما تزوجت أو ما دخل بي صدقت إذ لا يعلم ذلك إلا من جهتها
____________________
(3/419)
واستشكل بأن إقدامها على النكاح اعتراف منها بصحته فكانت مناقضة فينبغي أن لا يقبل منها كما لو قالت بعد التزوج بها كنت مجوسية أو مرتدة أو معتدة أو منكوحة الغير أو كان العقد بغير شهود
ذكره في الجامع الكبير وغيره بخلاف قولها لم تنقض عدتي ثم رأيت في الخلاصة ما يوافق الإشكال المذكور قال في الفتاوي في باب الباء لو قالت بعد ما تزوجها الأول ما تزوجت بآخر فقال الزوج الأول تزوجت بآخر ودخل بك لا تصدق المرأة ا هـ ما في الفتح
أقول قد يدفع الإشكال بأن المطلقة ثلاثا قام فيها المانع من إيراد العقد عليها ولا يزول إلا بعد وجود شرط الحل وذلك بأن تخبر بأنها تزوجت بعده آخر ودخل بها وانقضت عدتها والمدة تحتمله أو تخبر بأنه حلت له وهي عالمة بشرائط الحل على ما مر عن النهاية فحينئذ لا يقبل قولها للتناقض أما بدون ذلك فيقبل ولا تناقض لاحتمال ظنها الحل بمجرد العقد ولأن إقدامها على العقد بدون تفسير لا يزول به المانع فلم يكن اعترافا ولذا قال السرخسي لا بد من استفسارها ويؤيده ما مر عن الفضلي أيضا
وهذه بخلاف قولها كنت مجوسية الخ فإنها حين العقد لم يقم مانع من إيراد العقد عليها فصح العقد فلا يقبل إخبارها بما ينافيه لتناقضها فإن مجرد إقدامها على العقد اعتراف بعدم مانع منه فإذا ادعت ما ينافيه لم يقبل وما مر عن الفتاوي محمول على ما إذا تزوجها بعد ما فسرت توفيقا بين كلامهم
وفي البزازية تزوجت المطلقة ثم قالت للثاني تزوجتني في العدة إن كان بين النكاح والطلاق أقل من شهرين صدقت في قول الإمام وكان النكاح الثاني فاسدا وإن أكثر لا وصح الثاني والإقدام على النكاح إقرار بمضي العدة لأن العدة حق الأول والنكاح حق الثاني ولا يجتمعان فدل الإقدام على المضي بخلاف المطلقة ثلاثا إذا تزوجت بالأول بعد مدة ثم قالت بك تزوجت قبل نكاح الثاني حيث لا يكون أقدامها دليل على إصابة الثاني ونكاحه
قالت المطلقة ثلاثا تزوجت غيرك وتزوجها الأول ثم قالت كنت كاذبة فيما قلت لم أكن تزوجت فإن لم تكن أقرت بدخول الثاني كان النكاح باطلا وإن كانت أقرت به لم تصدق ا هـ
وهذا مؤيد لما قلنا من الفرق والتوفيق وبالله التوفيق وبما قررناه ظهر لك ما في كلام الشارح والظاهر أنه تابع ما بحثه في الفتح
قوله ( وفي البزازية الخ ) اقتصر على بعض عبارة البزازية تبعا ل البحر وهو غير مرضي وتمام عبارتها هكذا ونص في الرضاع على أنها إذا قالت هذا ابني رضاعاف وأصرت عليه له أن يتزوجها لأن الحرمة ليست إليها
قالوا وبه يفتى في جميع الوجوه ا هـ
ومقتضاه أن المفتى به أن لها أن تزوج نفسها منه هنا وهذا ما قدمه الشارح في آخر الرضاع بقوله ومفاده الخ وقدمنا أن ما ذكره الشارح هناك نقله في الخلاصة عن الصدر الشهيد بلفظ وفيه دليل على أنه لو ادعت الطلقات الثلاث وأنكر الزوج حل لها أن تزوج نفسها منه ا هـ
وعلله في النهر بأن الطلاق في حقها مما يخفى لاستقلال الرجل به فصح رجوعها ا هـ أي صح في الحكم أما في لديانة لو كانت عالمة بالطلاق فلا يحل ربما قررناه علمت أن ما قدمه الشارح منقول لا بحث منه فأفهم قوله ( أنه طلقها ) أي ثلاثا لأن ما دونها يمكن فيه تجديد العقد إلا إذا كان ينكر
____________________
(3/420)
قوله لها قتله بدواء قال في المحيط وينبغي لها أن تفتدي بمالها أو تهرب منه وإن لم تقدر قتلته متى علمت أنه يقربها ولكن ينبغي أن تقتله بالدواء وليس لها أن تقتل نفسها
وأن قتلته بالآلة يجب القصاص ا هـ بحر
قوله ( فالإثم عليه ) أي وحده وينبغي تقييده بما إذا لم تقدر على الافتداء أو الهرب
قوله ( وإن قتلته الخ ) أفاده أباحة الأمرين ط
قوله ( لو غائبا ) تمام عبارة البزازية وإن كان حاضرا لا لأن الزوج إن أنكر احتيج بالفرقة ولا يجوز القضاء بها إلا بحضرة الزوج ا هـ
قوله ( والصحيح عدم الجواز ) قال في القنية قال يعني البديع
والحاصل أنه على جواب شمس الأئمة الأوزجندي ونجم الدين النسفي والسيد أبي شجاع وأبي حامد والسرخسي يحل لها أن تتزوج بزوج آخر فيما بينها وبين الله تعالى وعلى جواب الباقين لا يحل
وفي الفتاوى السراجية إذا أخبرها ثقة أن الزوج طلقها وهو غائب وسعها أن تعتد وتتزوج ولم يقيده بالديانة ا هـ
كذا في شرح الوهبانية
قلت هذا تأييد لقول الأئمة المذكورين فإنه إذا حل لهاالتزوج بإخبار ثقة فيحل لها التحليل هنا بالأولى أذا سمعت الطلاق أو شهد به عدلان عندها بل صرحوا بأن لها التزوج إذا أتاها كتاب منه بطلاقها ولو على يد غير ثقة إن غلب على ظنها أنه حق
وظاهر الإطلاق جوازه في القضاء حتى لو علم بها القاضي يتركها فتصحيح عدم الجواز هنا مشكل إلا أن يحمل على القضاء وإن كان خلاف الظاهر فتأمل نعم لو طلقها وهو مقيم معها يعاشرها الأزواج ليس لها التزوج لعدم انقضاء عدتها منه كما سيأتي بيانه في العدة
قوله ( لايحل له قتلها ) ينبغي جريان الخلاف فيه بل القول بقتلها هنا أقرب من القول بقتلها له فيما مر لأنها ساحرة والساحر يقتل وإن تاب
تأمل
قوله ( وقيل لا تقتله الخ ) نقل في التاترخانية أيضا القول الأول بقتله عن الشيخ الإمام أبي القاسم وشيخ الإسلام أبي الحسن عطاء بن حمزة والإمام أبي شجاع ونقله عن فتاوي الإمام محمد بن الوليد السمرقندي عن عبد الله بن المبارك عن أبي حنيفة
ونقل أيضا أن الشيخ الإمام نجم الدين كان يحكي قول الإمام أبي شجاع ويقول إنه رجل كبير وله مشايخ أكابر لا يقول ما يقول إلا عن صحة فالاعتماد على قوله ا هـ
وبه علم أنه قول معتمد أيضا
قوله ( وانقضت عدتها ) إنما قال ذلك لتصير أجنبية لا يلحقها الطلاق الثلاث
أقول وهذا إذا لم يكن انقضاء العدة معروفا لما سيذكره الشارح في آخر العدة عن القنية أيضا طلقها ثلاثا ويقول كنت طلقتها واحدة ومضت عدتها فلو مضيها معلوما عند الناس لم تقع الثلاث وإلا تقع ولو حكم عليه بوقوع الثلاث بالبينة بعد إنكاره فلو برهن أنه طلقها قبل ذلك بمدة طلقة لم يقبل ا هـ
قوله ( أخذ بالثلاث ) لأن إقدامه على الطلاق يدل على بقاء العصمة وتطلق ثلاثا بإقراره واحتياطا ط
والله سبحانه وتعالى أعلم
____________________
(3/421)
باب الإيلاء قوله ( مناسبة البينونة مآلا ) أي مناسبة ذكر عقب باب الرجعة ما ذكره في البحر من أن الإيلاء يوجب البينونة في ثاني الحال كالطلاق الرجعي ا هـ
ويحتمل أن المناسب للبائن المذكور آخر باب الرجعة في قوله وينكح مبانته الخ لكن فيه أن المطلوب إبداء المناسبة بين كل باب وما قبله والبائن ذكر في باب الرجعة استطرادا فافهم
قوله ( هو لغة اليمين ) وجمعه ألايا وفعله آلي يولي إيلاء كتصريف أعطى
فتح
قوله ( وشرعا الحلف الخ ) يشمل التعليق بما يشق فإنه يسمى يمينا كما قدمناه في باب التعليق ولهذا قال في الفتح وفي الشرع هو اليمين على ترك قربان الزوجة أربعة أشهر فصاعدا بالله تعالى أو بتعليق ما يستشقه على القربان
قال وهو أولى من قول الكنز الحلف على ترك قربانها أربعة أشهر لأن مجرد الحلف يتحقق في نحو إن وطئتك فلله علي أن أصلي ركعتين أو أغزو فإنه لا يكون بذلك موليا لأنه ليس مما يشق في نفسه وإن تعلق إشقاقه بعارض ذميم من النفس من الجبن والكسل ا هـ
وهذا ورد على المصنف وما أجاب به في البحر رده في النهر و شرح المقدسي
قوله ( على ترك قربانها ) أي الزوجة حالا أو مالا كقوله لأجنبية إن تزوجتك فوالله لا أقربك لأن المعتبر وقت تنجيز الإيلاء كما يأتي فلا حاجة إلى قول ابن كمال إنه لا بد من أن يقال في التعريف حاصلا في النكاح أو مضافا إليه على أن ذلك كما قال في النهر شرط وشأن الشروط خروجها من التعريف ا هـ
ودخل في الزوجة حالا معتدة الرجعي وما لو آلى من زوجته الحرة ثم أبانها بطلقة ثم مضت مدة الإيلاء وهي معتدة فأنه يقع عليها أخرى كما سيأتي
وأورد عليه القهستاني ما في الخانية لو آلى من زوجته الأمة ثم اشتراها فانقضت مدته لم يقع ا هـ
قلت يجاب بأن شراءها فسخ للعقد فكأنها لم تكن زوجة وقته أو بأن الشرط بقاء الزوجية أو أثرها كالعدة ولا عدة هنا كما لو مضت عدة الحرة قبل المدة ودخل أيضا الصغيرة ولو لا توطأ وقيد بالقربان أي الوطء لأنه لو حلف على غيره كوالله لا يمس جلدي جلدك أو لا أقرب فراشك ونحو ذلك ولم ينو الوطء لم يكن موليا كما يأتي
قوله ( مدته ) أي الآتي بيانها
قوله ( ولو ذميا ) تعميم لفاعل المصدر وهو قربانها ذكره هنا وإن صرح به المصنف بعد إشارة إلى دخوله في التعريف على قول الإمام لصحة حلفه وإن لم تلزمه الكفارة كما يأتي فافهم
قوله ( والمولى ) بضم الميم وكسر اللام اسم فاعل من آلى
قوله ( إلا بشيء مشى يلزمه ) الشرط كونه مشقا في نفسه كالحج ونحوه كما يأتي فخرج غيره كالغزو وصلاة ركعتين وإن عرض إشقاقه لجبن أوكسل كما مر عن الفتح ومن المشق الكفارة
وأورد في البحر إيلاء الذمي بما في كفارة كوالله لا أقربك فإنه يصح عند الإمام بلا لزوم كفارة وما إذا قال لنسائه الأربع والله لا أقربكن فإنه يمكنه قربان ثلاث منهن بلا شيء يلزمه
وأجاب عن الأول بما في الكافي من أنه ما خلا عن حنث لزمه بدليل أنه يحلف في الدعاوى بالله العظيم ولكن منع من وجوب الكفارة عليه مانع وهو كونها عبادة وهو ليس من أهلها
____________________
(3/422)
قلت والجواب عن الثاني أن الإيلاء وقع على جملة الأربع لا على بعضهن ولذا لم يحنث بقربان البعض لأنه غير المحلوف عليه بل بعضه كما أفاده شراح الهداية فهو كقوله لا أكلم زيدا وعمرا لا يحنث بأحدهما ما لم يكلم الآخر
وفي البدائع لو قال لامرأته وأمته والله لأقربكما لا يكون موليا من امرأته حتى يقرب الأمة ا هـ أي لأن شرط الحنث قربانهما فلا يحنث بقربان إحداهما لكن إذا قربها تعين شرط البر بالمنع عن قربان الثانية فإن كانت الثانية هي الزوجة صار موليا منها ومقتضاه أنه لو قرب الثلاثة في المسألة المارة صار موليا من الرابعة
تنبيه لو حلف على ترك قربانها بعتق عبده ثم باعه أو مات العبد سقط الإيلاء لأنه صار بحال لا يلزمه بقربانها فلو عاد إلى ملكه بعده البيع قبل القربان عاد حكم الإيلاء
بدائع
قوله ( إلا لمانع كفر ) إشارة إلى ما مر عن الكافي
قوله ( وركنه الحلف ) أي الحلف المذكور
قوله ( بكونها منكوحة ) أي ولو حكما كمعتدة الرجعي كما قدمناه وشمل ما لو أبانها بعده ثم مضت مدته في العدة كما مر وبه علم أنه لا يبطل بالإبانة بما دون الثلاث
قال في البدائع والإيلاء لا ينعقد في غير الملك ابتداء وإن كان يبقى بدون الملك ا هـ
فخرجت الأجنبية والمبانة كما سيأتي وكذا الأمة والمدبرة وأم الولد لقوله تعالى { للذين يؤلون من نسائهم } البقرة 226 والزوجة هي المملوكة ملك النكاح كما في البدائع
قوله ( ومنه ) أي من كونها منكوحة وقت تنجيز الإيلاء إن تزوجتك فوالله لا أقربك لأن المعلق بالشرط كالمنجز عند وجود الشرط فهي منكوحة وقت التنجيز ح
قوله ( ثم تزوجها ) أي بعد ما وقع عليه الطلاق المعلق وقوله لزمه كفارة الخ معناه ثبت حكم الإيلاء وعمل عمله من لزوم الكفارة بالقربان في المدة ووقوع البائن يترك القربان وهذا لأنه لما علق الإيلاء والطلاق على التزويج نزلا مرتبين فنزل الإيلاء قبل البينونة ونزل الطلاق عقبة وبانت به لأنه قبل الدخول وزوال الملك لا يبطل حكم الإيلاء فإذا تزوجها في مدته عمل عمله أما لو قدم الطلاق على الإيلاء بطل حكمه عند الإمام لأنه ينزل عقب البينونة والإيلاء لا ينعقد في غير الملك كما أفاد في البحر في باب التعليق بقوله لو قال إن تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي ووالله لا أقربك ثم تزوجها وقع الطلاق ويلغو الظهار والإيلاء عنده لأنه ينزل الطلاق أولا فتصير مبانة وعندهما ينزلن جميعا ولو آخر الطلاق فتزوجها وقع وصح الظهار والإيلاء ا هـ
فافهم
قوله ( وأهلية الزوج للطلاق ) أفاد اشتراط العقل والبلوغ فلا يصح إيلاء الصبي والمجنون لأنهما ليسا من أهل الطلاق ويصح إيلاء العبد مما لا يتعلق بالمال كإن قربتك فعلي صوم أو حج أو عمرة أو امرأتي طالق فإن حنث لزمه الجزاء أو والله لا أقربك فإن حنث لزمه الكفارة بالصوم بخلاف ما يتعلق بالمال مثل فعلي عتق رقبة أو أن أتصدق بكذا لأنه ليس من أهل مالك المال بدائع قوله ( فصح إيلاء الذمي ) أي عنده لا عندهما لكن كل من القولين ليس على أطلاقه لأن إيلاءه بما هو قربة محضة كالحج لا يصح اتفاقا وبما لا يلزم كونه قربة كالعتق يصح اتفاقا وبما فيه كفارة كوالله لا أقربك يصح عنده لا عندهما كما في البحر وغيره
قوله ( بغير ما هو قربة ) أي محضة احترز به عن نحو الحج والصوم كما علمت
قوله ( وفائدته الخ ) أي أن تصحيح إيلاء الذمي وإن لم تلزمه الكفارة بالحنث له فائدة وهي وقوع الطلاق بترك قربانها في المدة
قوله ( ومن شرائطه الخ ) ومنها أن لا يقيد بمكان لأنه يمكن قربانها في غيره وأن لا يجمع بين الزوجة وغيرها كأمته أو أجنبية لأنه يمكنه قربان أمرأته وحدها بلا لزوم شيء كما مر
____________________
(3/423)
وأما اشتراط أن لا يقيد بزمان فغير صحيح لأنه إن أريد بالزمان مدة الإيلاء فلا يصح نفيه وإن أريد نفي ما دونها فهو ما زاده الشارح فافهم نعم يشترط أن لا يستثنى بعض المدة مثل لا أقربك سنة إلا يوما على تفصيل فيه سيأتي وأن لا يكون المنع عن القربان فقط لما في الولوالجية لو قال إن قربتك أو دعوتك إلى الفراش فأنت طالق لا يصير موليا لأنه يمكنه القربان بلا شيء يلزمه بأن يدعوها إلى الفراش فيحنث ثم يقربها في المدة ا هـ
قوله ( وحكمه ) أي الدنيوي
أما الأخروي فالإثم إن لم يفىء إليها كما يفيده قوله تعالى { فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم } البقرة 226 وصرح القهستاني عن النتف بأن الإيلاء مكروه وصرحوا أيضا بأن وقوع الطلاق بمضي المدة جزاء لظلمه لكن ذكر في الفتح أول الباب أن الإيلاء لا يلزمه المعصية إذ قد يكون برضاها لخوف غيل على الولد وعدم موافقة مزاجها ونحوه فيتفقان عليه لقطع لجاج النفس
قوله ( ولم يطأ ) عطف تفسير والمراد بالوطء حقيقته عند القدرة أو ما يقوم مقامه كالقول عند العجز فالمراد ولم يفىء أي لم يرجع إلى ما حلف عليه
قوله ( والكفارة أو الجزاء ) بالعطف بأو وفي بعض النسخ بالواو موافقا لما في الدرر وشرح المصنف وهي بمعنى أو لأن المراد بيان نوعية بقرينة قوله الآتي ففي الحلف بالله تعالى وجبت الكفارة وفي غيره وجب الجزاء أي المعلق عليه كالحج والعتق والطلاق ونحو ذلك
ويمكن حمل الواو على معناها إذ يمكن اجتماع الكفارة والجزاء في نحو والله لا أقربك وإن قربتك فعلي حج كذا قيل
وفيه أنهما إيلاء أن يجب بالحنث في أحدهما الكفارة وفي الآخر الجزاء وإن وقع عند البر طلاق واحد بدليل ما قالوا في والله لا أقربك إذا كرره ثلاثا ولم ينو التأكيد أنه أيمان ثلاثة يجب لكل كفارة ويقع بها طلقة واحدة كما سيأتي آخر الباب فافهم
قوله ( أن حنث بالقربان ) أي الوطء حقيقة فلا يحنث بالفيء باللسان عند العجز عن الوطء لأنه غير المحلوف عليه ولو وطىء بعده في المدة حنث كما سيأتي
قوله ( أربعة أشهر ) لا خلاف أنه إن وقع في غرة الشهر اعتبرت مدته بالأهلة ولو وقع وفي بعضه فلا رواية عن الإمام
وقال الثاني تعتبر بالأيام
وعن زفر اعتبار بقية الشهر بالأيام والشهر الثاني والثالث بالأهلة ويكمل أيام الشهر الأول بالأيام من أول الشهر الرابع
نهر عن البدائع
قوله ( وللأمة شهران ) يعم ما لو كان زوجها حرا ولو أعتقت في أثناء المدة بعد ما طلقت انتقلت إلى مدة الحرائر
نهر
ومثله في البدائع
قوله ( فلا إيلاء ) أي في حق الطلاق
بدائع أي لا في حق الحنث فلو قال لحرة والله لا أقربك شهرين ولم يقربها فيهما لم تطلق ولو قربها فيهما حنث
قوله ( وسببه كالسبب في الرجعي ) هو الداعي من قيام المشاجرة وعدم الموافقة
نهر
ومثله في شرح درر البحار وكأنه خص الرجعي لكونه أشبهه في البينونة مآلا على ما مر
فتأمل
قوله ( صريح وكناية ) وقيل ثلاثة صريح وما يجري مجراه وكناية فالصريح لفظان الجماع والنيك أما القربان والمباضعة والوطء فهي كنايات تجري مجرى الصريح
قال في الفتح والأولى جعل الكل من الصريح لأن الصراحة منوطة بتبادر المعنى لغلبة الاستعمال فيه سواء كان حقيقة أو مجازا لا بالحقيقة وإلا لوجب كون الصريح لفظ النيك فقط
وفي البدائع الافتضاض في البكر يجري مجرى الصريح ا هـ
وستأتي ألفاظ الكناية
____________________
(3/424)
وفي البحر لو ادعى في الصريح أنه لم يعن الجماع لا يصدق قضاء ويصدق ديانة
والكناية كل لفظ لا يسبق ألى الفهم بمعنى الوقاع منه ويحتمل غيره ولا يكون إيلاء بلا نية ويدين في القضاء
قوله ( فمن الصريح الخ ) ذكر منه أربعة ألفاظ وأشار إلى أنه بقي غيرها فإن منه قوله للبكر لا أفتضك كما مر
وفي المنتقى لا أنام معك إيلاء بلا نية وكذا لا يمس فرجي فرجك وهذا يخالف ما في البدائع من أن لا أبيت معك في فراش كناية وما في جوامع الفقيه من أنه لو قال لا يمس جلدي جلدك لا يصير موليا لأنه يمكن أن يلف ذكره بشيء
أفاده في الفتح
وظاهر ما في الجوامع أنه ليس صريحا ولا كناية
قلت والذي يظهر ما في المنتقى من أن اللفظين من الصريح لما علمت من أن الصراحة منوطة بتبادر المعنى والمتبادر من قولك فلان نام مع زوجته هو الوطء نعم لا يتبادر ذلك من قولك بات معها في فراش وتبقى المخالفة في مسألة المس وما ذكر من الإمكان لا ينافي التبادر وإلا لزم أن تكون المباضعة كذلك لأنها بمعنى وضع البضع على البضع أي الفرج فيمكن أن يقال لا يلزم منه الجماع وكذا الافتضاض أي إزالة البكارة يمكن بأصبع ونحوها
تأمل
قوله ( لو قال والله الخ ) قيد بالقسم لأنه لو قال لا أقربك ولم يقل والله لا يكون موليا
ذكره الإسبيحابي
بحر أي لأنه لا بد من لزوم ما يشق
قوله ( وكل ما ينعقد به اليمين ) كل مبتدأ حذف خبره تقديره كذلك
قال في البحر وأراد بقوله والله ما ينعقد به اليمين كقوله تالله وعظمة الله وجلاله وكبريائه فخرج ما لا ينعقد به كقوله وعلم الله لا أقربك وعليه غضب الله تعالى وسخطه إن قربتك ا هـ ط
قوله ( لا أقربك ) أي بلا بيان مدة أشار إلى أنه كالمؤقت بمدة الإيلاء لأن الإطلاق كالتأبيد ومثله لو جعل له غاية لا يرجى وجودها في مدة الإيلاء كقوله في رجب لا أقربك حتى أصوم المحرم وكقوله إلا في مكان كذا أو حتى تفطمي ولدك وبينهما أربعة أشعر فأكثر ولو أقل لم يكن موليا وكذا حتى تطلع الشمس من مغربها أو حتى تخرج الدابة أو الدجال استحسانا لأنه في العرف للتأبيد وكذا إن كان يرجى وجودها في مدته لكن لا يتصور بقاء النكاح معه كحتى تموتي أو أموت أو أطلقك ثلاثا أو حتى أملكك أو أملك شقصا منك وهي أمة وإن تصور بقاؤه كحتى أشتريك لا يكون موليا لأن مطلق الشراء لا يزيل النكاح لأنه قد يشتريها لغيره ولو زاد لنفسي فكذلك لأنه قد يكون الشراء فاسدا لا يملك إلا بالقبض حتى لو قال لنفسي وأقبضك كان موليا فيصير تقديره لا أقربك ما دمت في نكاحي ولو قال حتى أعتق عبدي أو أطلق زوجتي فهو إيلاء عندهما خلافا لأبي يوسف
ولا خلاف في عدمه في حتى أدخل الدار أو أكلم زيدا كما في النهر وغيره
قوله ( لغير حائض الخ ) في غاية البيان معزيا للشامل حلف لا يقربها وهي حائض لم يكن موليا لأن الزوج ممنوع عن الوطء بالحيض فلا يصير المنع مضافا لليمين ا هـ
وبهذا علم أن الصريح وإن كان لا يحتاج إلى النية لا يقع به لوجود صارف كذا في البحر
وقيده الشرنبلالي بحثا بما إذا كان عالما بحيضها
وفصل سعدي في حواشي العناية بحمل ما في الشامل على ما إذا قال لا أقربك ولم يقيد بمدة أما لو قال أربعة أشهر فإنه يكون موليا ولو كانت حائضا وهذا معنى قول الشارح هنا لغير حائض وقوله بعده في المقيد ولو لحائض وأوضحه في النهر بأنه إذا قيده بأربعة أشهر يكون قرينة على إضافة المنع إلى اليمين ا هـ
أقول هذا كله مبنى على أن قول الشامل وهي حائض ليس من كلام الزوج لكن ذكر المقدسي أنه حال من مفعول يقربها لا من فاعل حلف أي فهو من كلام الزوج
____________________
(3/425)
قلت وربما أفاده ما في كافي الحاكم حيث قال وإن حلف لا يقربها وهي حائض لم يكن موليا وإن حلف لا يقربها حتى تفعل شيئا تقدر على فعله قبل مضي أربعة أشهر لم يكن موليا وإن تأخر ذلك أربعة أشهر لم يضره ا هـ
فقوله حى تفعل من كلام الزوج قطعا فكذا قوله وهي حائض وقد أفاد علته بما ذكره بعده وهي أن مدة الحيض يمكن مضيها قبل أربعة أشهر فلا يصير موليا وإن زادت عليها ويؤيده تعليل الولوالجية بقوله لأنه منع نفسه عن قربانها في مدة الحيض وأنه أقل من أربعة أشهر ا هـ
ولو كانت العلة ما مر من كون الزوج ممنوعا عن الوطء بالحيض الخ لكان الواجب ذكر ذلك في شروط صحة الإيلاء بأن يقال يشترط في صحته أن لا يكون الزوج ممنوعا عن وطئها وقت الإيلاء
ويرد عليه أنه يشمل ما إذا كانت محرمة أو معتكفة أو صائمة أو مصلية مع أنه سيأتي أنه يصح الإيلاء
وهي محرمة وإن كان بينها وبين الحرم أكثر من أربعة أشهر ولا يكون فيؤه باللسان بل بالجماع لأن الإحرام مانع شرعي وهو لا يسقط حقها في الجماع فقد صح الإيلاء مع علمه بأنه ممنوع عن قربانها شرعا في مدة أربعة أشهر ففي حالة الحيض يصح بالأولى فما كان الجواب عن حالة الإحرام فهو الجواب عن حالة الحيض فاغتنم تحرير هذا المقام والسلام
قوله ( لتعيين المدة ) أي لأن ذكر المدة قرينة على أن المنع لليمين لا للحيض بخلاف ما إذا لم يذكرها كما مر
قوله ( أو نحوه مما يشق ) فعلي عمرة أو صدقة أو صيام أو هدى أو اعتكاف أو يمين أو كفارة يمين أو فأنت طالق أو هذه الزوجة أخرى أو فعبدي حر أو فعلي عتق لعبد مبهم أو فعلي صوم يوم بخلاف صوم هذا الشهر لأنه يمكنه قربانها بعد مضيه بلا شيء يلزمه ولو قال فعلي اتباع جنازة أو سجدة تلاوة أو قراءة القرآن أو تسبيحة أو الصلاة في بيت المقدس لم يكن موليا
وفي الذخيرة خلاف محمد لأنها تلزم بالنذر كذا في الفتح
وأشار في الفتح إلى الجواب عن قول محمد بأن المدار على لزوم ما يشق لا على صحة النذر وإلا لزم أن يكون موليا بالتعليق على صلاة ركعتين
والمذهب أنه يسقط النذر بصلاتها في غير بيت المقدس
قوله ( لعدم مشقتهما ) أي وإن لزماه بالحنث لصحة النذر بهما وأشار إلى أنه لا تعتبر المشقة العارضة بنحو كسل كما لا تعتبر العارضة بالجبن في نحو فعلي غزو كما مر
قوله ( وقياسه الخ ) هذا البحث لصاحب النهر وهو في غير محله لما تقدم من أن المولى هو الذي لا يمكنه قربان زوجته إلا بشيء مشق يلزمه فلا بد من كونه لازما وكونه مشقا ولا يصح النذر بقراءة القرآن وصلاة الجنازة وتكفين الموتى كما في أيمان القهستاني فإذا لم يصح نذره أمكنه قربانها بلا شيء يلزمه أصلا كما لو قال إن قربتك فعلي ألف وضوء فلا يكون موليا فافهم
قوله ( فأنت طالق أو عبده حر ) كان ينبغي ذكره قبل قوله أو نحوه فإن قربها تطلق رجعية ويعتق العبد
وظاهره وإن لم يكن ممن يشق عليه لأنه في الأصل مشق كما أفاده ط
وقدمنا أنه لو باع العبد سقط الإيلاء ولو عاد إلى ملكه عاد ولو قال فعلي ذبح ولدي يصح ويلزمه بالحنث ذبح شاه كما في البدائع
قوله ( ومن الكناية الخ ) ومنها لا أجمع رأسي ورأسك لا ألمسك لا أضاجعك لأغيظنك لأسوأنك
فتح
والأخيران باللام الجوابية
وذكر أيضا أنه عد منها في البدائع الدنو وكذا
____________________
(3/426)
لا أبيت معك وتقدم الكلام على الأخير
قوله ( ومن المؤبد الخ ) لأنه يذكر في العرف للتأبيد ولأن له إمارات سابقة تدل على أنه لا يقع في مدة أربعة أشهر وكان المناسب ذكر هذه الجملة عند قول المصنف الآتي لا لو كان مؤبدا كما فعل في الفتح
قوله ( فإن قربها في المدة الخ ) إنما ذكره وإن أغنى عنه قوله سابقا وحكمه الخ ليرتب عليه ما بعده ا هـ
قوله ( ولو مجنونا ) لأن الأهلية تعتبر وقت الحلف لا وقت الحنث
قوله ( وجبت الكفارة ) ولو كفر قبل الحنث لا تعتبر
بحر
قوله ( وجب الجزاء ) سيأتي في الأيمان أن في مثله يخير بين الوفاء بما التزمه من النذر أو كفارة اليمين
رحمتي أي على الصحيح الذي رجع إليه الإمام شرنبلالية وهذا إن بقي الإيلاء فلو سقط بموت العبد المحلوف بعتقه فلا يجب شيء كما علمت
قوله ( وسقطت الإيلاء ) عطف على حنث فلو مضت أربعة أشهر لا يقع طلاق لانحلال اليمين بالحنث وسواء حلف على أربعة أشهر أو أطلق أو على الأبد
بحر
قوله ( بانت بواحدة ) أي بطلقة واحدة وقوله بمضيها أي بسبب مضي المدة وأشار إلى أنه لا حاجة إلى إنشاء تطليق أو الحكم بالتفريق خلافا للشافعي كما أفاده في الهداية
قوله ( ولو ادعاه ) أي القربان في المدة
قوله ( لم يقبل قوله إلا ببينة ) أي على إقراره في المدة أنه جامعها
بحر
لأنه في المدة يملك الإنشاء فيملك الإخبار فصح إشهامه عليه وتقدم في الرجعة نظيره وأنه من أعجب المسائل
قوله ( ولو بمدتين الخ ) بأن حلف على ثمانية أشهر كما في الدر المنتقى تبعا ل القهستاني وهو مخالف لما في الكنز وغيره من قوله وسقط الإيلاء لو حلف على أربعة أشهر فإنه يقتضي أنه لو حلف على مدتين أو أكثر لا يسقط وهو معنى قوله إذ بمضي الثانية تبين بثانية لكن الشارح أنه يسقط بعد مضي المدتين
قوله ( تبين بثانية ) يعني إذا تزوجها ثانيا وإلا فهو على غير الأصح الآتي في المؤبد إذ لا فرق يظهر بينهما
ثم رأيت القهستاني قال وفي الثانية أي في مسألة المدتين إذا بانت ثم تزوجها ثانيا ثم مضت أربعة أشهر أخرى بانت بواحدة أخرى وسقط الإيلاء ا هـ
وفي الولوالجية والله لا أقربك سنة فمضى أربعة أشهر فبانت ثم تزوجها ومضى أربعة أشهر أخرى بانت أيضا فإن تزوجها ثالثا لا يقع لأنه بقي من السنة بعد التزوج أقل من أربعة أشهر
قوله ( لا لو كان مؤبدا ) أي لا يسقط الحلف أي الإيلاء لو كان مؤبدا قال في الفتح هو أن يصرح بلفظ الأبد أو يطلق فيقول لا أقربك إلا أن تكون حائضا فليس بمول أصلا ا هـ
قوله ( وكانت طاهرة ) هو معنى قول الفتح إلا أن تكون حائضا وقد علمت فيه مما مر
قوله ( وفرع عليه فلو نكحها ) أي فرع هذا الكلام وضمير عليه لقوله لا لو كان مؤبدا وأفاد أنه لا يتكرر الطلاق بدون تزوج لعدم منع حقها وقيل لو بانت بمضي أربعة أشهر بالإيلاء ثم مضت أربعة أخرى وهي في العدة وقعت أخرى فإن مضت أربعة أخرى وهي في العدة وقعت أخرى والأول أصح لأن وقوع الطلاق جزاء الظلم وليس للمبانة حق فلا يكون ظالما كما في الزيلعي ووافقه في الفتح و النهر وعليه المتون
قوله ( والمدة من وقت التزوج ) سواء كان التزوج في العدة أو بعد انقضائها
قال في النهر واختلف في اعتبار ابتداء مدته
ففي الهداية وعليه جرى في الكافي أنها من وقت التزوج
____________________
(3/427)
وقيد في النهاية والعناية تبعا ل التمرتاشي و المرغيناني بما إذا كان التزوج بعد انقضاء العدة فإن كان فيها اعتبر ابتداؤه من وقت الطلاق
قال الزيلعي وهذا لا يستقيم إلا على قول من قال بتكرر الطلاق قبل التزوج وقد مر ضعفه
قال في الفتح فالأولى الإطلاق كما في الهداية ح
قوله ( فإن نكحها ) أي المولى الذي انتهى ملكه بالثلاث ح أي نكحها قبل أن تتزوج بغيره وكذا بعده ولكنها مسألة الهدم الآتية قوله ( لانتهاء هذا الملك ) فهذه المسألة فرع ما إذا علق طلاقها بالدخول مثلا ثم نجز الثلاث فتزوجت بغيره ثم أعادها فدخلت لا تطلق خلافا لزفر وكذا لو آلى منها ثم طلقها ثلاثا بطل الإيلاء حتى لو مضت أربعة أشهر وهي في العدة لم يقع الطلاق خلافا لزفر ولو تزوجها بعد زوج آخر في الإيلاء المؤبد لا يعود الإيلاء خلافا له
فتح
قوله ( بتنجيز الطلاق ) أي بتنجيز طلقة أو طلقتين ح
قوله ( ثم عادت بثلاث ) بأن تزويجها بعد زوج آخر بناء على قولهما إن الزوج الثاني يهدم ما دون الثلاث ويثبت حلا جديدا فتعود للأول بثلاث لا بما بقي
قوله ( يقع بالأيلاء ) الضمير عائد إلى الثلاث باعتبار معنى الطلاق الثلاث
والأولى أن يقول تقع بالتاء الفوقية يعني تطلق كلما مضى عليها أربعة أشهر لم يجامعها فيها حتى تبين بثلاث كذا قال في الفتح و النهر والتبيين
قلت ولا بد من تقييده بأن يتزوجها بعد كل مدة على ما هو الأصح ليكون الطلاق جزاء الظلم كما مر وكأنهم أطلقوه هنا لقرب العهد فتأمل
قوله ( خلافا لمحمد ) فعنده لا تقع الثلاث بل ما بقي من واحدة أو ثنتين بناء على قوله إن الثاني لا يهدم ما دون الثلاث كما مر قبيل هذا الباب ومر اعتماد قوله قوله ( بعد زوج آخر ) مكرر بما ذكره المصنف قبل وكان الأولى للمصنف في التعبير أن يقول وكفر إن وطىء ليكون عطفا على جواب الشرط وهو قوله لم تطلق
قوله ( لبقاء اليمين للحنث ) أي لحق الحنث وإن لم تبق في حق الطلاق فصار كما لو قال لأجنبية لا أقربك لا يكون بذلك موليا وتجب الكفارة إذا قربها
زيلعي
قوله ( بعد هذين الشهرين ) قيد اتفاقي لأنه لو قال شهرين كان الحكم كذلك كما صرح به في التبيين ح
ومثله في الفتح و البحر
قوله ( لتحقق المدة ) أي أربعة أشهر ولهذا لو قال لا أكلم فلانا يومين ويومين كان كقوله لا أكلمه أربعة أيام والأصل في جنس هذه المسائل أنه متى عطف من غير إعادة حرف النفي ولا تكرار اسم الله تعالى يكون يمينا واحدا ولو أعاد حرف النفي أو كرر اسم الله تعالى يكون يمينين وتتداخل مدتهما
بيانه لو قال والله لا أكلم زيدا يومين ولا يومين يكون يمينين ومدتهما واحدة حتى لو كلمه في اليوم الأول أو الثاني يحنث فيهما ويجب عليه كفارتان وإن كلمه في اليوم الثالث لا يحنث لانقضاء مدتهما وكذا لو قال والله لا أكلم زيدا يومين والله لا أكلم زيدا يومين لما ذكرنا ولو قال والله لا أكلمه
____________________
(3/428)
يومين ويومين كان يمينا واحدا ومدته أربعة أيام حتى لو كلمه فيهما تجب عليه كفارة واحدة وعلى هذا لو قال والله لا أكلمه يوما ويومين كانت يمينا واحدة إلى ثلاثة أيام حتى لو كلمه فيها تجب كفارة واحدة ولو قال والله لا أكلمه يوما ولا يومين أو قال والله لا أكلمه يوما والله لا أكلمه يومين يكون يمينين فمدة الأولى يوم ومدة الثانية يومان حتى لو كلمه في اليوم الأول يجب عليه كفارتان وفي اليوم الثاني كفارة واحدة ولو كلمة في اليوم الثالث لا يحنث لانقضاء مدتهما وعلى هذا لو قال والله لا أقربك شهرين ولا شهرين أو قال والله لا أقربك شهرين والله لا أقربك شهرين لا يكون موليا لأنهما يمينان فتتداخل مدتهما حتى لو قربها قبل مضي شهرين تجب عليه كفارتان ولو قربها بعض مضيهما لا يجب عليه شيء لانقضاء مدتهما
زيلعي
قلت وحاصله أنه يحكم بتعدد اليمين بإعادة حرف النفي أو بتكرار اسم الله تعالى ومتى كانت اليمين متعددة كانت المدة متحدة أي تكون المدة في اليمين الأولى داخلة في مدة اليمين الثانية ومتى كانت اليمين متحدة كانت المدة متعددة أي تكون المدة الثانية غير الأولى وقد تتعدد المدة مع تعدد اليمين بأن نص على مغايرة المدة فيجب في كل مدة كفارة واحدة كما يأتي في المسألة الثانية
قوله ( ولو مكث يوما ) يعني بعد قوله والله لا أقربك شهرين
قوله ( إذ الساعة كذلك ) أي الزمانية فالمراد أن يفصل بين الحلفين بفاصل
قوله ( قال بعد الشهرين الأولين أولا ) أي أن التقييد بالظرف هنا اتفاقي كما في المسألة الأولى
قوله ( لنقص المدة ) أي بقدر الفاصل بين الحلفين وهو اليوم مثلا لأن مدة الامتناع عن قربانها في الحلف الأول شهران وفي الثاني شهران بعدهما وبين الحلفين مدة لم يلزمه شيء بقربانها فيها فلم توجد مدة الإيلاء بخلاف المسألة الأولى فإن الأربعة أشهر فيها لا فاصل بينها كما مر وهذا إن قال هنا بعد الشهرين الأولين فإنه نص على تغاير المدة وإن تعدد القسم أما إذا لم يقله تتحد المدة لتعدد القسم بتكرار اسمه تعالى بلا موجب لتعدد المدة فلم توجد مدة الإيلاء أيضا
قوله ( لكن إن قاله الخ ) استدراك على ما ذكره من عدم الفرق بين ذكر الظرف وعدمه أي أنه لا فرق بينهما من حيث إنه لا يكون موليا ولكن بينهما فرق من جهة أخرى أفادها في الفتح وغيره وهي أنه إن قاله تتعين مدة اليمين الثانية كذا في البحر و النهر أي تصير مرادة بعينها غير داخلة فيما قبلها وعبر الشارح عن هذا بقوله اتحدت الكفارة أخذا من قوله في الفتح في هذه الصورة فلو قربها في الشهرين الأولين لزمته كفارة واحدة وكذا في الشهرين الآخرين لأنه لم يجتمع على الشهرين يمينان بل على كل شهرين يمين واحدة ا هـ
وما توارد عليه شراح الهداية من أنه يلزمه بالقربان كفارتان قال في الفتح إنه خطأ لما علمت
قال في النهر لأنه إذا كان لكل يمين مدة على حدة فلا تداخل بين المدتين حتى تلزمه الكفارتان إلا أن يراد القربان في مدتيهما كذا في الحواشي السعدية
وعندي أن هذا الحل مما يجب المصير إليه ا هـ
قلت وما وقع في الفتح وتبعه عليه في البحر من قوله ولكن تتداخل المدتان فلو قربها في الشهرين الأولين لزمته كفارة واحدة الخ سبق قلم وصوابه لا تتداخل ولم أر من نبه عليه ولكن المعنى وسوابق الكلام ولواحقه
____________________
(3/429)
تدل عليه وكذا صريح ما نقلناه عن النهر
وأما إذا لم يقل بعد الشهرين الأولين تصير مدتهما واحدة وتتأخر الثانية عن الأولى بيوم كذا في البحر و النهر وعبر الشارح عن هذا بقوله وإلا تعددت أي وإن لم يقله تعددت الكفارة أخذا من قوله في الفتح لم يكن موليا لتداخل المدتين فتتأخر المدة الثانية عن الأولى بيوم واحد أو ساعة بحسب ما فصل بين اليمينين
فالحاصل من اليمينين الحلف على شهرين ويوم أو ساعة على حسب الفاصل ا هـ
قلت وحاصله أنه لما قال لا أقربك شهرين ثم بعد يوم مثلا قال كذلك اتحدت المدتان لتعدد القسم كما مر لكن اليوم الفاصل بين اليمينين دخل في اليمين الأولى دون الثانية فلزم تكميل الشهرين في اليمين الثانية بزيادة يوم على الشهرين وهذا اليوم الزائد دخل في اليمين الثانية دون الأولى عكس اليوم الفاصل ولزم من هذا تداخل الحدتين ما عدا اليومين المذكورين لأنه لم يجتمع عليهما يمينان فلو قربها في أحدهما تلزمه كفارة واحدة بخلاف بقية المدة لدخولها تحت اليمينين فتتعدد فيها الكفارة هذا ما ظهر لي في هذا المقام
قوله ( إلا يوما ) مثله الساعة
ط عن الحموي
قوله ( لم يكن موليا للحال ) لأنه استثنى يوما منكرا فيصدق على كل يوم من أيام السنة حقيقة فيمكنه قربانها قبل مضي أربعة أشهر من غير شيء يلزمه وصرفه إلى الأخير كما يقوله زفر إخراج له عن حقيقته وهي التنكير إلى التمكين بلا حاجة بخلاف قوله إلا نقصان يوم لأن النقصان لا يكون عرفا إلا من آخرها وبخلاف قوله أجرتك داري أو أجلت ديني سنة إلا يوما فإنه يراد به الأخير لحاجة تصحيح العقد وتأخير المطالبة وبخلاف قوله والله لا أكلم زيدا سنة إلا يوما لأن الحامل وهو المغايضة اقتضى عدم كلامه في الحال فتأخر والإيلاء قد يكون عن تراض كما مر وإن كان عن مغايظة لكن لزوم أحد المكروهين فيه لو تأخر عارض جهة المغايظة فتساقطا وعمل بمقتضى اللفظ وهو التنكير هذا حاصل ما في البحر و النهر
قوله ( بل إن قربها ) أي في يوم ولم يقربها بعده قوله ( وصار موليا ) أي إذا غربت الشمس من ذلك اليوم لا بمجرد القربان بخلاف قوله سنة إلا مرة فإنه إذا قربها صار موليا من ساعته
بحر
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يبق أربعة أشهر لا يصير موليا
قوله ( فيصير موليا ) أي مؤبدا لأن ما بعد اليوم المستثنى لا غاية له فيجري عليه ما مر به حكم الإيلاء المؤبد ولو حذف قوله إلا يوما وتركها سنة صار موليا ووقع عليه طلقتان فقط كما في البحر عن الولوالجية وقدمنا عبارتها
قوله ( لم يكن موليا أبدا ) سواء قربها أو لا
بحر
قوله ( وهي بها ) أي قال ذلك والحال أن زوجته بمكة قوله ( فيطأها ) أي في المدة من غير شيء يلزمه فإن كان لا يمكنه بأن كان بين الموضعين ثمانية أشهر صار موليا على ما في جوامع الفقه وأما على ما ذكره قاضيخان فالعبرة لأربعة أشهر والذي يظهر ضعفه لإمكان خروج كل منهما إلى الآخر فيلتقيان في أقل من ذلك
بحر وفيه أنه لم يتحقق الإيلاء على كل من القولين لأنه الحلف على ترك قربانها والحلف هنا على عدم الدخول
وقد يجاب بأنه من كناية فلا يكون موليا به إلا بالنية ط
قوله ( لبقاء الزوجية ) فيتناولها قوله تعالى { للذين يؤلون من نسائهم } البقرة 226
واعترض بأن الإيلاء جزاء الظلم بمنع حقها والرجعية لا حق لها فيه لا قضاء ولا ديانة حتى استحب له مراجعتها بدون الجماع فلا يكون ظالما
وأجاب شمس الأئمة الكردي بأن الحكم في المنصوص مضاف إلى النص لا إلى المعنى وتمامه في العناية قال في الفتح ألا ترى لا يثب الإيلاء وأثرا سقطت حقها في الجماع لخوف الغيل
____________________
(3/430)
على ولد أو غيره فعلم أن التعليل بالظلم باعتبار بناء الأحكام على الغالب
قوله ( ويبطل بمضي العدة ) أي بمضيها قبل تمام مدته أما لو كانت من ذوات الإقراء وامتد طهرها بانت بمضي مدته
نهر
قوله ( من مبانته ) أي بثلاث أو ببائن
نهر
قوله ( نكحها ) أي الأجنبية بعده فلو مضي أربعة أشهر وهي في نكاحه ولم يقربها لم تبن وأما لو نكح المبانة فنذكره قريبا عن الخانية
قوله ( ولم يضفه للملك ) أما إذا أضافه بأن قال إن تزوجتك فوالله لا أقربك كان مواليا ط
قوله ( كما مر ) في شرح قول المصنف وشرطه محلية المرأة ط
قوله ( لفوات محله ) لأن شرط محلية المرأة بكونها منكوحة وقت تنجيز الإيلاء كما قدمه المصنف
قوله ( لبقاء اليمين ) أي في حق وجوب الكفارة عند الحنث لأن انعقاد اليمين يعتمد التصور حسا لا شرعا ألا ترى أنها تنعقد على ما هو معصية
فتح قوله ( ولو آلى ) أي من زوجته فأبانها بعده صح أشار به إلى بقاء النكاح بعده غير شرطه
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم تمض المدة في العدة بل بعدها لا تبين
وفي الخانية أيضا إن تزوجها قبل انقضاء العدة كان الإيلاء على حاله حتى لو تمت أربعة أشهر من وقت الإيلاء بانت بأخرى وإن تزوجها بعد انقضاء العدة كان موليا وتعتبر مدته من وقت التزوج
قوله ( عجز عن وطئها ) ظاهر صنيعه أن العجز حدث بعد الإيلاء مع أنه يشترط في العجز دوامه من وقت الإيلاء إلى مضي مدته كما يأتي التصريح به فالمراد به العجز القائم لا العارض ثم رأيت في الهندية عن الفتح هذا إذا كان عاجزا من وقت الإيلاء إلى مضي أربعة أشهر الخ
ثم قال وإن كان الإيلاء معلقا بالشرط فإنه تعتبر الصحة والمرض في حق جواز الفيء باللسان حال وجود الشرط لا حالة التعليق ا هـ
قوله ( عجزا حقيقيا ) بأن لا يكون المانع عن الوطء شرعيا فإنه لو كان شرعيا يكون قادرا عليه حقيقة عاجزا عنه حكما كما في البدائع قوله ( لا حكميا كإحرام ) أي كما إذا آلى من إمرأته وهي محرمة أو هو محرم وبينهما وبين الحج أربعة أشهر فإن فيأه لا يصح إلا بالفعل وإن كان عاصيا في فعله كذا في التاترخانية عن شرح الطحاوي وعلله في الفتح والبحر بأنه المتسبب باختياره بطريق محظور فيما لزمه فلا يستحق تخفيفا ا هـ
وقوله فيما لزمه أي من وقوع الطلاق وهو متعلق بالمتسبب والطريق المحظور هو الإيلاء فإنه فعله باختياره فكان متسببا فيما لزمه مع قدرته على الجماع حقيقة ظالما بمنع حقها وهو حق عبده فلا يسقط وإن عجز عنه حكما بسبب الإحرام ولا يكون عجزه الحكمي سببا للتخفيف بالفيء باللسان لأنه بمباشرته المحظور لم يستحق التخفيف وإنما استحقه في العجز الحقيقي لأنه لا تكليف بما لا يطاق فصار كالعاصي بسفره إذا عجز عن الماء يباح له التيمم هذا ما ظهر لي
قوله ( لكونه باختياره ) أي لكون الإيلاء لا الإحرام كما ظهر لك مما قررناه ولا سيما في صور إحرام المرأة وهذا يؤيد ما قلنا من أن حيضها غير مانع من صحة الأيلاء لأن غايته أنه مانع شرعي وإلا لزم أن لا يصح في مسألة
____________________
(3/431)
الإحرام كما قدمناه
قوله ( أو صغرها ) أما صغره فهو مانع من صحة الأيلاء كما قدمناه
قوله ( أو رتقها ) رتقت المرأة من باب تعب فهي رتقاء إذا انسد مدخل الذكر من فرجها ولا يستطاع جماعها
مصباح
قوله ( أو جبة أو عنته ) أي كونه مجبوبا أو عنينا
قوله ( أو بمسافة الخ ) عطف على قوله لمرض
قوله ( في مدة الإيلاء ) أي أربعة أشهر أو أكثر كما صرح به في الفتح و كافي الحاكم الشهيد وقال وإن كان أقل من أربعة أشهر لم يجز الفيء إلا بالجماع أي وإن منعه سلطان أو عدو ولأنه نادر على شرف الزوال كما في الفتح
قوله ( أو لحبسه الخ ) قال في الفتح واختلف في الحبس فصحح الفيء باللسان بسببه في البدائع وفي شرح الطحاوي خلافه وهو جواب الرواية نص عليه الحاكم في الكافي ووفق في البدائع بحمل ما في الكافي و شرح الطحاوي على إمكان الوصول إلى السجن بأن تدخل عليه فيجامعها والحبس بحق لا يعتبر في الفيء باللسان وبظلم يعتبر ا هـ
فما ذكره الشارح هو التوفيق المذكور
وأفاد في الفتح بقوله والحبس بحق الخ أن هذا الخلاف والتوفيق إنما هو فيما إذا كان الحبس بظلم فلو بحق لا يعتبر أصلا لأنه قادر على الخروج منه بإيفاء الحق ويحتمل أن يكون إشارة إلى توفيق آخر وعليه مشى المقدسي
قوله ( فليراجع ) قال ح راجعناه فرأينا منقولا في الفتاوي الهندية عن غاية السروجي
قلت ولقد أبعد في النجعة فإنه مذكور في الفتح كما سمعته
قوله ( وكذا حبسها ) أي سواء كان بحق أو بظلم لأن العذر إذا لم يكن منه لم يقدر على رفعه
رحمتي
قوله ( ونشوزها ) قال في البحر ودخل تحت العجز أن تكون ممتنعة منه أو كانت في مكان لا يعرفه وهي ناشزة أو حال القاضي بينهما لشهادة الطلاق الثلاث للتزكية
قوله ( ففيؤه الخ ) أي المبطل للإيلاء في حق الطلاق أما في حق بقاء اليمين باعتبار الحنث فلا حتى لو وطئها بعد الفيء باللسان في مدة الإيلاء لزمه كفارة لتحقق الحنث
بحر لأن اليمين لا تنحل إلا بالحنث والحنث إنما يحصل بفعل المحلوف عليه والقول ليس محلوفا عليه فلا تنحل اليمين
بدائع
قوله ( بلسانه ) قيد به لأن المريض لوفاء بقلبه لا بلسانه لا يعتبر
بحر عن الخانية وقيل يعتبر إن صدقته والأول أوجه
فتح
قوله ( ونحوه ) كرجعتك وارتجعتك فقول المصنف نحو قوله الخ لبيان أن لفظ فئت غير قيد وقول الشارح هنا ونحوه لبيان أنه لم يستوف ألفاظه لأن المراد يدل على الفيء فافهم
قوله ( فإن قدر على الجماع الخ ) شمل ما إذا كان قادرا وقت الإيلاء ثم عجز بشرط أن يمضي زمن يقدر على وطئها بعد الإيلاء وما إذا كان عاجزا وقته ثم قدر في المدة وقيد بكونه في المدة لأنه لو قدر عليه بعدها لا يبطل
بحر
قوله ( لأنه الأصل ) أي واللسان خلفه وإذا قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل بطل كالمتيمم إذا رأى الماء في صلاته بحر
قوله ( فإن وطىء في غيره ) كذا إذا وطئها حال الحيض أو قبلها بشهوة أو لمسها أو نظر إلى فرجها بشهوة كما في الهندية ط
قلت لكن الذي في الهندية خلاف ما نقله عنها في مسألة الحيض ونصها المريض المولى إذا جامع فيما دون الفرج لا يكون ذلك فيئا منه وإن قربها في حالة الحيض يكون فيئا كذا في الظهيرية ا هـ
ويؤيده ما قدمناه عن التاترخانية من صحة الفيء بالوطء حال الإحرام فإن المانع الشرعي موجود في كل منهما فافهم
قوله ( ومفاده الخ )
____________________
(3/432)
أي مفاد قوله قدر على الجماع الخ أنه يشترط لصحة الفيء باللسان دوام العجز
قلت ومفاد هذا الشرط أنه لو زال العجز بطل الفيء باللسان وأن وجد في المدة عجز غيره لما في جامع الفصولين في الطلاق المريض إذا آلى مريض ثم مرضت امرأته قبل برئه ثم برىء وبقيت مريضة إلى مضي المدة فإن فيئه بجماع عندنا وعند زفر بلسانه
لنا أنه اختلف سبب الرخصة إذا كلا المريضين يوجب جواز الفيء بلسانه واختلاف أسباب الرخصة يمنع الاحتساب بالرخصة الأولى على الثانية وتصير الأولى كأن لم تكن
كمسافر تيمم لعدم الماء ثم مرض مرضا يبيح له التيمم بانفراده كذا هنا مرض المرأة يبيح الفيء بلسانه فلا يبني حكمه على مرض الزوج ا هـ ح
وقد لخص الشارح هذه العبارة في باب التيمم لكن في الفتح و البدائع ولو آلى إيلاء مؤبدا وهو مريض وبانت بمضي المدة ثم صح وتزوجها هو مريض ففاء بلسانه لم يصح عندهما وصح عند أبي يوسف وهو الأصح على ما قالوا لأن الإيلاء وجد منه وهو مريض وعاد حكمه وهو مريض وفي زمان الصحة هي مبانة لا حق لها في الوطء فلا يعود حكم الإيلاء فيه
ولهما أنه إذا صح في المدة الثانية فقد قدر على الجماع حقيقة فسقط اعتبار الفيء باللسان في تلك المدة وإن كان لا يقدر على جماعها إلا بمعصية كما مر فيما إذا كان محرما ا هـ
فهنا اختلف سبب الرخصة ولم يعتبر على قول أبي يوسف فتأمل ولعل الجواب أن احتلاف أسباب الرخصة إنما يمنع الاحتساب بالرخصة الأولى إذا اجتمع السببان في وقت واحد فإنه حينئذ يعتبر الأول ويلغو الثاني فإذا زال الأول لم يعتبر الثاني بعد الحكم بإلغائه بخلاف ما إذا وجد الثاني بعد زوال الأول فإن الثاني يعمل عمله لعدم ما يلغيه كما في المسألة الثانية ويدل على ذلك أنهم لم يعللوا قول الإمامين باختلاف أسباب الرخصة كما سمعت فاغتنم هذا التحرير فإنه مفرد
قوله ( وبه صرح في الملتقى ) قلت وكذا في البدائع
قوله ( وفي الحاوي الخ ) من فروع الشرط المذكور كما في البدائع
قوله ( ثم مرض ) أي بعد مضي مدة من صحته يقدر فيها على الجماع فإن كان لا يقدر لقصرها ففيؤه بالقول لأنه ليس بمفرط في ترك الجماع فكان معذورا
بدائع
قوله ( وبقي شرط ثالث ) أي زائد على ما مر من اشتراط العجز واشتراط دوامه
قوله ( وهو قيام النكاح ) بأن تكون زوجته غير بائنة منه
قوله ( بقي الإيلاء ) فإن تزوجها ومضت المدة تبين منه لأن الفيء بالقول حال قيام النكاح إنما يرفع الإيلاء في حق الطلاق لحصول إيفاء حقها به ولا حق لها حال البينونة
بخلاف الفيء بالجماع فإنه يصح بعد ثبوت البينونة حتى لا يبقى الإيلاء بل يبطل لأنه حنث بالوطء فانحلت اليمين وبطلت ولم يوجد الحنث وها هنا لا تنحل اليمين ولا يرتفع الإيلاء
بدائع
مطلب في قوله أنت علي حرام قوله ( قال لامرأته أنت علي حرام إيلاء إن نوى التحريم الخ ) أقول هكذا عبارة المتون هنا وعبارتها في كتاب الأيمان كل حل علي حرام فهو على الطعام والشراب والفتوى على أنه تبين امرأته من غير نية
وذكر في الهداية هناك أنه ينصرف إلى الطعام والشراب للعرف فإنه يستعمل فيما يتناول عادة فيحنث إذا أكل وشرب ولا يتناول المرأة إلا بالنية وإذا نواها كان الإيلاء ولا تصرف اليمين عن المأكول والمشروب وهذا كله جواب
____________________
(3/433)
ظاهر الرواية
ثم ذكر المشايخ المتأخرين أنه تبين امرأته بلا نية
وحاصله أن ظاهر الرواية انصرافه للطعام والشراب عرفا وإذا نوى تحريم المرأة لا يختص بها بل يصير شاملا لها وللطعام والشراب وبه ظهر أن ما هنا من التفصيل بين نية تحريم المرأة أو الظهار أو الكذب أو الطلاق خاص بما إذا لم يكن اللفظ عاما بخلاف ما إذا كان عاما مثل كل حل أو حلال الله أو حلال المسلمين فإنه ينصرف للطعام والشراب بلا نية للعرف وللمرأة أيضا إن نواها والفتوى على قول المتأخرين بانصرافه إلى الطلاق البائن عاما كان أو خاصا فاغتنم هذا التحرير قوله ( ونحو ذلك ) أي من الألفاظ الخاصة كما علمت
قوله ( إيلاء الخ ) أي مطلق في معنى المؤبد وقد مر حكمه
قال في الدر فإن هذا اللفظ مجمل فكان بيانه إلى المجمل فإن قال أردت به التحريم أو لم أرد به شيئا كان يمينا ويصير به موليا لأن تحريم الحلال يمين
قوله ( وظهار إن نواه ) لأن في الظهار حرمة فإذا نواه صح لأنه محتملة
درر
قوله ( وهدر ) بالتحريك أي باطل
قوله ( إن نوى الكذب ) لأنه نوى حقيقة كلامه إذ حقيقته وصفها بالحرمة وهي موصوفة بالحل فكان كذبا
وأورد لو كان حقيقة كلامه لانصراف إليه بلا نية مع أنه بلا نية ينصرف إلى اليمين
والجواب أن هذه حقيقة أولى فلا تنال إلا بالنية واليمين الحقيقة الثانية بواسطة الاشتهار
بحر عن الفتح
وحاصله أن الأولى حقيقة لغوية والثانية عرفية
قوله ( وأما قضاء فإيلاء ) أي لا يصدق في القضاء أنه أراد الكذب لأن تحريم الحلال يمين بالنص هذا قول شمس الأئمة السرخسي قال في الفتح وهذا هو الصواب على ما عليه العمل والفتوى كما سنذكر والأول قول الحلواني وهو ظاهر الرواية لكن الفتوى على العرف الحادث ا هـ
وحاصله أن فيه عرفين عرف أصلي وهو كونه بمعنى الإيلاء
وعرف حادث وهو إرادة الطلاق
وما قاله شمس الأئمة من أنه لا يصدق في القضاء بل يكون إيلاء مبني على العرف الأصلي والفتوى على العرف الحادث لأن كلام كل عاقد وحالف ونحوه يحمل على عرفه وإن خالف ظاهر الرواية كما قالوا من أن الحاكم أو المفتي ليس له أن يحكم أو يفتي بظاهر الرواية ويترك العرف فكذا الصواب ما قاله شمس الأئمة من أنه لا يصدق قضاء ولكن حمله على الإيلاء ليس هو الصواب في زماننا بل الصواب في حمله على الطلاق لأنه العرف الحادث المفتى به فقوله في الفتح وهذا هو الصواب على ما عليه العمل والفتوى احتراز عن إرادة اليمين أي الإيلاء الذي هو العرف الأصلي وبهذا التقرير سقط ما في البحر و النهر من أن فيه نظرا لأن العمل والفتوى إنما هو في انصرافه إلى الطلاق من غير نية لا في كونه يمينا ا هـ
قوله ( إن نوى الطلاق ) أي أو دلت عليه الحال
نهر أي بأن كان في حال مذاكرة الطلاق أما في حالة الرضا أوالغضب فلا بد من النية لأنه مما يصلح سبا كما مر في الكنايات فافهم
وشمل نية الطلاق ما إذا نوى واحدة أو ثنتين في الحرة وما إذا طلقها واحدة ثم قال أنت علي حرام ناويا ثنتين فإنه وإن تم به الثلاث لم يقع بالحرام إلا واحدة كما في البحر وسيأتي في الفروع آخر الباب خلافا لما يوهمه كلام الفتح من أنه لا يقع به شيء كما سنذكره
قوله ( وثلاث إن نواها ) لأن هذا اللفظ من الكنايات على ما مر وفيها تصح نية الثلاث
نهر
____________________
(3/434)
ولا تصح نية الثنتين لأنهما عدد محض كما مر إلا إذا كانت أمة
قوله ( وإن لم ينوه ) هذا في القضاء وأما في الديانة فلا يقع ما لو ينو وعدم نية الطلاق صادق بعدم نية شيء أصلا وبنية الظهار أو الإيلاء فإنه لا يصدق قضاء كما صرح به الزيلعي حيث قال وعن هذا لو نوى غيره لا يصدق قضاء ح
قلت الظاهر أنه إذا لم ينو شيئا أصلا يقع ديانة أيضا
قال في البحر وذكر الإمام ظهير الدين لا نقول لا تشترط النية لكن يجعل عرفا ا هـ
وفي الفتح فصار كما إذا تلفظ بطلاقها لا يصدق في القضاء بل فيما بينه وبين الله تعالى ا هـ
فهذا ظاهر فيما قلنا فافهم
قوله ( لغلبة العرف ) إشارة إلى ما في البحر حيث قال فإن قلت إذا وقع الطلاق بلا نية ينبغي أن يكون كالصريح فيكون الواقع به رجعيا
قلت المتعارف به إيقاع البائن كذا في البزازية ا هـ
أقول وفي هذا الجواب نظر فإنه يقتضي أنه لو لم يتعارف به إيقاع البائن يقع به الرجعي كما في زماننا فإنه المتعارف الآن استعمال الحرام في الطلاق ولا يميزون بين الرجعي والبائن فضلا عن أن يكون عرفهم فيه البائن وعلى هذا فالتعليل بغلبة العرف لوقوع الطلاق به بلا نية وأما كونه بائنا فلأنه مقتضى لفظ الحرام لأن الرجعي لا يحرم الزوجة ما دامت في العدة وإنما يصح وصفها بالحرام بالبائن وهذا حاصل ما بسطناه في الكنايات فافهم
تنبيه قال الخير الرملي في حاشية المنح في كتاب الأيمان أقول أكثر عوام بلادنا لا يقصدون بقولهم أنت محرمة علي أو حرام علي أو حرمتك علي إلا حرمة الوطء المقابل لحمله ولذلك أكثرهم يضرب مدة لتحريمها ولا يريد قطعا إلا تحريم الجماع إلى هذه المدة ولا شك أنه يمين موجب للإيلاء تأمل
فقل من حقق هذه المسألة على وجهها وانظر إلى قولهم لا نقول لا تشترط النية لكن يجعل ناويا عرفا فهو صريح في اعتبار العرف فإن لم يكن العرف كذلك بل كان مشتركا تعين اعتبار النية وتصديق الحالف كما هو مذهب المتقدمين ا هـ
وفي أيمان الفتح وقال البزدوي في مبسوطه لم يتضح لي عرف الناس في هذا أي في كل حل علي حرام لأن من لا امرأة به يحلف به كما يحلف ذو الحليلة ولو كان العرف مستفيضا في ذلك لما استعمله إلا ذو الحليلة فالصحيح أن نقول إن نوى الطلاق يكون طلاقا فأما من غير دلالة فالاحتياط أن يقف الإنسان فيه ولا يخالف المتقدمين
واعلم أن مثل هذا اللفظ لم يتعارف في ديارنا بل المتعارف فيه حرام علي كلامك ونحوه كأكل كذا ولبسه دون الصيغة العامة وتعارفوا أيضا الحرام يلزمني ولا شك في أنهم يريدون الطلاق معلقا فأنهم يزيدون بعده لا أفعل كذا فهي طلاق ويجب إمضاؤه عليهم
والحاصل أن المعتبر في انصراف هذه الألفاظ عربية أو فارسية إلى معنى بلا نية التعارف فيه فإن لم يتعارف سئل عن نيته وفيما ينصرف بلا نية لو قال أردت غيره يصدق ديانة لا قضاء ا هـ ما في الفتح وتبعه في البحر
قلت والمتعارف في ديارنا إرادة الطلاق بقولهم علي الحرام لا أفعل كذا دون غيره من الألفاظ المذكورة
قوله ( ولذا لا يحلف به إلا الرجال ) أي حيث يقال إن فعلت كذا فكل حلال عليه حرام
قوله ( ولو لم تكن له امرأة ) قال في البزازية وفي المواضع التي يقع الطلاق بلفظ الحرام إن لم تكن له امرأة إن حنث لزمته الكفارة والنسفي على أنه لا تلزمه ا هـ
ومثله في البحر
____________________
(3/435)
بقلت وفي الظهيرية ما يفيد التوفيق فإنه قال وإن حلف بهذا اللفظ أنه ما كان فعل كذا وقد كان فعل ولم تكن له امرأة لا يلزمه شيء لأنه جعل يمينا بالطلاق ولو جعلناه يمينا بالله تعالى فهو غموس وإن حلف على أمر في المستقبل ففعل وليس له امرأة كان عليه الكفارة لأن تحريم الحلال يمين ا هـ
فيحمل كلام النسفي على الحلف على غير المستقبل
وبما قررناه ظهر لك أن ما في أيمان النهاية عن النوازل إن لم تكن له امرأة تلزمه الكفارة معناه إذا حلف على أنه لا يفعل كذا في المستقبل وحنث بفعله لا كما حمله عليه في البحر هناك من أن معناه إذا أكل أو شرب وقال لانصرافه عند عدم الزوجة إلى الطعام والشراب ا هـ
لأن انصرافه إلى ذلك قبل تغير العرف بإرادة الطلاق من لفظ الحرام أما بعده فيصير يمينا عند عدم الزوجة كما سمعت من كلامهم ويأتي قريبا مثله
قوله ( أو حلفت به المرأة ) قال في البحر قيد بالزوج لأن الزوجة لو قالت لزوجها أنا عليك حرام أو حرمتك صار يمينا حتى لو جامعها طائعة أو مكرهة تحنث ا هـ
وقوله طائعة أو مكرهة أولى من قول الفتح فلو مكنته حنثت وكفرت
قوله ( كما لو ماتت الخ ) نص عبارة البزازية وإذا كان له امرأة وقت الحلف وماتت قبل الشرط أو بانت لا إلى عدة ثم باشر الشرط الصحيح أنه لا تطلق امرأته المتزوجة وعليه الفتوى لأن حلفه صار حلفا بالله تعالى وقت الوجود فلا ينقلب طلاقا ا هـ
وهكذ نقل العبارة في البحر عن البزازية
ولا يخفى أن التعليل لا يناسب ما قبله وفي العبارة سقط يدل عليه ما نقله عن الخانية ونصه وإن كان له امرأة وقت اليمين فماتت قبل الشرط أو بانت لا إلى عدة ثم باشر الشرط لا تلزمه كفارة اليمين لأن يمينه انصرفت إلى الطلاق وقت وجودها وإن لم تكن له امرأة وقت اليمين فتزوج امرأة ثم باشر الشرط اختلفوا فيه
قال الفقيه أبو جعفر تبين المتزوجة
وقال غيره لا تطلق وعليه الفتوى لأن يمينه جعلت يمينا بالله تعالى وقت وجودها فلا تصير طلاقا بعد ذلك ا هـ
قلت ومثله في أيمان البحر عن الظهيرية فقد سقط من عبارة البزازية قوله ثم باشر الشرط إلى قوله ثانيا ثم باشر الشرط
قوله ( ومثله ) أي مثل أنت علي حرام والأولى ذكر هذه الجملة عند أول المسألة كما فعل في النهر
قوله ( والحرام يلزمني ) هذا ذكره في الفتح كما قدمناه ومثله علي الحرام كما مر
قوله ( أو لم يقل علي ) رد على صاحب خزانة الأكمل حيث اشترط كما أوضحه في البحر عن القنية وقدمناه في الكنايات عن البحر أنه إذا أضاف الحرمة أوالبينونة إليها كأنت بائن أو حرام وقع من غير إضافة إليه وإن أضاف إلى نفسه كأنا حرام أو بائن لا يقع من غير إضافة إليها وإن خيرها فأجابت بالحرمة أو البينونة فلا بد من الجمع بين الأضافتين أنت حرام علي أو أنا حرام عليك أنت بائن مني أو أنا بائن منك ا هـ
قوله ( أو حرمت نفسي عليك ) في هذا يشترط أن يقول عليك
نهر
لأنه أضاف الحرمة إلى نفسه
قال في البزازية حتى لو قال حرمت نفسي ولم يقل عليك ونوى الطلاق لا يقع
قوله ( أو أنت علي كالحمار الخ ) قال في البزازية وإن قال أنت علي كالحمار والخنزير أو ما كان محرم العين فهو كقوله أنت علي حرام
وإن لم ينو هل يكون يمينا فقد اختلفوا فيه ا هـ
ومقتضاه أنه لو لم ينو الطلاق لا يكون طلاقا لعدم العرف بخلاف أنت علي حرام فإن العرف فيه قام مقام النية كما مر فافهم
قوله ( والمسألة بحالها )
____________________
(3/436)
بسيأتي عن النهر بيانه
قوله ( كما مر في الصريح ) أي في باب طلاق غير المدخول بها أنه لو طلق بالصريح كقوله امرأتي طالق وله أربع مثلا يقع على واحدة منهن بلا حكاية خلاف وقدمنا بسطه هناك
قوله ( ذكره الزيلعي ) الضمير عائد إلى المذكور متنا وشرحا من قوله ولو كان له الخ
قوله ( وقال الكمال ) عبارته وفي الفتاوي لو قال لامرأته أنت علي حرام أو حلال الله علي حرام فهذا على ثلاثة أوجه إلى أن قال وإن كان له أربع طلقات كل واحدة طلقة وعلى فتوى الاوزجندي والإمام مسعود الكشاني تقع واحدة وإليه البيان
قال في الذخيرة والخلاصة هو الأشبه
وعندي أن الأشبة ما في الفتاوي لأن قوله حلال الله أو حلال المسلمين يعم كل زوجة فإذا كان فيه عرف في الطلاق يكون بمنزلة قوله هن طوالق لأن حلال الله يشملهن على سبيل الاستغراق لا على سبيل البدل كما في قوله إحداكن طالق ا هـ
وأنت خبير بأن تعليله صريح في أن محل الخلاف والترجيح هو اللفظ العام لا الخاص كأنت علي حرام وإن كان مذكورا في عبارة الفتاوي إذ لا يخفى على أحد أنه لا يدخل فيه سوى المخاطبة فليس النزاع فيه كما يأتي عن النهر ويدل على ذلك أيضا أنه في الذخيرة قد حكى الخلاف المذكور في حلال المسلمين علي حرام كذا في البزازية
وقوله ( لكن في النهر الخ ) استدراك على ما مر من قول الزيلعي والمسألة بحالها فإنه يوهم أن المراد المسألة المذكورة قبله في الكنز وهي أنت علي حرام مع أن هذا لا يمكن جريان الخلاف فيه فيجب كون المراد الإتيان بلفظ حرام لكن لا بالخطاب مع واحدة كما وقع في المتن بل على وجه عام كحلال الله أو حلال المسلمين علي حرام فإن هذا هو محل النزاع كما علمته من عبارة الكمال
قوله ( قلت الخ ) بيان لقول النهر لا بقيد أنت علي حرام الخ
وحاصله أنه ليس مراد الزيلعي اللفط الخاص بل العام كما قلنا
قوله ( وبه يحصل التوفيق ) أي بما ذكره في النهر وذلك بحمل القول بأنه يقع على كل واحدة منهم طلقة على ما إذا كان اللفظ عاما والقول بأنه تطلق واحدة منهن فقط على ما إذا كان اللفظ خاصا هذا هو المتبادر من كلام الشارح ولا يخفى ما فيه فإن الزيلعي قد ذكر الخلاف وقد حملنا كلامه على أن مراده ما إذا كان اللفظ عاما فيكون الخلاف فيه وهو صريح كلام الفتح و الذخيرة و البزازية كما علمت وأيضا كيف يصح في أنت علي حرام أن يقال يقع على واحدة من الأربع وإليه البيان بل لا يقع إلا على المخاطبة فقط
وأما ما ذكره الشارح في باب طلاق غير المدخول بها من حمله كلام الزيلعي على نحو امرأتي علي حرام وتفرقته بينه وبين امرأتي طالق حيث جعل الخلاف المذكور جاريا في الأول دون الثاني وعزاه هناك إلى المصنف فقد ذكرنا هناك أنه مخالف لكلام المصنف فإن المصنف حمل كلام الزيلعي على حلال المسلمين وحققنا هناك عدم الفرق بين قوله امرأتي حرام وامرأتي طالق وأنه في كل منهما يقع على واحدة وإليه البيان
لأن لفظ امرأتي عمومه بدلي يصدق على واحدة منهن لا بعينها بخلاف حلال المسلمين فإن عمومه استغراقي يعم
____________________
(3/437)
الكل دفعة واحدة وإذا كان لا خلاف في قوله امرأتي طالق في أنه لا يقع إلا على واحدة يقال مثله في امرأتي حرام وكون أحدهما صريحا والآخر كناية لا يوجب الفرق ومن ادعاه فعليه البيان
والحاصل أنه لا خلاف في إن أنت عليه حرام يخص المخاطبة وفي أن كل حل عليه حرام يعم الأربع لصريح أداة العموم الاستغراقي وفي امرأته حرام أو طالق يقع على واحدة غير معينة وأنما الخلاف في نحو حلال الله أو حلال المسلمين فقيل يقع على واحدة غير معينة نظرا إلى صورة أفراده والأشبه أنه يعم الكل وقدمنا هناك تمام الكلام على ذلك فافهم واغنم هذا التقرير الفريد وانزع عنك قلادة التقليد قوله ( تقع واحدة ) كذا في الذخيرة و البزازية
ووجهه أنه عبارة عن تكرير هذا اللفظ ألف مرة وهو لو كرره لا يقع إلا الأول لأن البائن لا يلحق البائن بخلاف ما مر قبيل طلاق غير المدخول بها من أنه يقع الثلاث فيما لو قال للمدخول بها أنت طالق مرارا أو ألوفا لأنه صريح والصريح إذا تكرر الصريح يلحق الصريح ولذا قيد بالمدخول بها لبقاء العدة كما أوضحناه هناك
فافهم
قوله ( ناويا ثنتين ) أو بقوله أنت علي حرام وقوله تقع واحدة الثنتين عدد محض ولفظ حرام لا يحتمله إلا أن تكون أمة لأنه في حقها الفرد الاعتباري
وفي قوله تقع واحدة رد على ما في الفتح من قوله لم يقع شيء فإنه سبق قلم والواقع في عباراتهم لم تصح نيته
بخلاف ما إذا نوى الثلاث فإنه يصح وتقع ثنتان تكملة للثلاث كما في الخانية وغيرها أفاده في البحر
وأجاب في النهر بأن قوله لم يقع شيء أي بنيته وإن وقع بلفظه
تأمل
وفيه رد أيضا على ما في الجوهرة من أنه يقع ثنتان إذا نواهما مع الأولى كما قدمه الشارح في أول باب الصريح وقدمنا الكلام عليه هناك
قوله ( وبالثاني يمينا ) أي إيلاء وقوله ( صح ) أي ما نوى لأن فيه تشديدا على نفسه لأنه لو نوى به طلاقا أو أطلق وانصرف إلى الطلاق كما هو المفتى به ولم يقع به شيء لأنه بائن والبائن لا يلحق مثله كما مر فافهم
قوله ( وقع الثلاث ) لأن البائن يلحق البائن إذا كان معلقا لأنه حينئذ لا يصلح جعله خبرا عن الأول كما مر في بابه
قوله ( وتمامه في البزازية ) وعبارته قال لامرأتيه أنتما علي حرام ونوى الثلاث في إحداهما والواحدة في الأخرى صحت نيته عند الإمام وعليه الفتوى
ولو قال نويت الطلاق في إحداهما واليمين في الأخرى عند الثاني يقع الطلاق عليهما وعندهما كما نوى
قال لثلاث أنتن علي حرام ونوى الثلاث في الواحدة واليمين في الثانية والكذب في الثالثة طلقن ثلاثا وقيل هذا على قول الثاني وعلى قولهما ينبغي أن يكون على ما نوى ا هـ
قوله ( حنث بوطء كل ) يعني يكون إيلاء من كل واحدة منهما وهذا على غير المفتى به وعلى المفتى به يقع على كل واحدة منهما طلقة بائنة ا هـ ح أي لأنه في العرف طلاق قوله ( والفرق لا يخفى ) الفرق هو أن هتك حرمة اسم الله تعالى لا تتحقق إلا بوطئها وفي قوله أنتما علي حرام صار إيلاء باعتبار معنى التحريم وهو موجود في كل منهما كذا في الفتح عن المحيط ومثله في البحر وغيره
____________________
(3/438)
وقال ح الفرق هو أن في قوله أنتما علي حرام حرمهما على نفسه وتحريمهما تحريم لكل منهما وفي قوله لا أقربكما منع نفسه من قربانها جميعا فلا يحنث إلا بوطئهما وقد صرح بهذا الفرق صاحب النهر في كتاب الأيمان عند قوله من حرم ملكه لم يحرم حيث فرق بين أكل هذا الرغيف علي حرام وبين لا آكل هذا الرغيف بأن بتحريمه الرغيف على نفسه حرم أجزاءه أيضا وفي الثاني إنما منع نفسه من أكل الرغيف كله فلا يحنث بالبعض ا هـ
قلت لكن ذكر في البحر هناك عن الخانية
قال مشايخنا الصحيح أنه لا يحنث بأكل لقمة لأن قوله هذا الرغيف علي حرام بمنزلة قوله والله لآكل هذا الرغيف ا هـ أي لأن تحريم الحلال يمين لكن مقتضى ما مر عن الفتح أنه يفرق بين الحلف باسمه تعالى وبين غيره مما ألحق به
تأمل
قوله ( إن نوى التكرار ) أي التأكيد اتحدا أي يكون إيلاء واحدا ويمينا واحدة حتى لو لم يقربها في المدة طلقت طلقة واحدة وإن قربها فيها لزمه كفارة واحدة
قوله ( وإلا ) أي وإن لم ينو شيئا أو أراد التشديد والتغليظ وهو الابتداء دون التكرار كذا في الفتح
قوله ( فالإيلاء واحد الخ ) والقياس أن يكون الإيلاء ثلاثا أيضا وهو قول محمد حتى إذا مضت أربعة أشهر ولم يقربها تبين بطلقة ثم عقبيها تبين بأخرى ثم بأخرى إلا أن تكون غير مدخول بها فلا يقع واحدة
وفي الاستحسان وهو قولهما الإيلاء واحد فلا يقع إلا واحد لأن المدة لما كانت متحدة كان المنع متحدا فلا يتكرر الإيلاء ويجب بالقربان ثلاث كفارات إجماعا لأن الشرط الواحد يكفي لأيمان كثيرة كما في الفتح والله سبحانه أعلم
باب الخلع أخره عن الإيلاء
لأن الإيلاء لتجرده عن المال كان أقرب إلى الطلاق بخلاف الخلع فإن معنى المعاوضة من جانب المرأة ولأن مبنى الإيلاء نشوز من قبله والخلع نشوز من قبلها غالبا فقدم ما بالرجل على ما بالمرأة
عناية
قوله ( هو لغة الإزالة الخ ) يقال خلعت النعل وغيره خلعا نزعته وخالعت المرأة زوجها مخالعة إذا افتدت منه فخلعها هو خلعا والاسم الخلع بالضم هو استعارة من خلع اللباس لأن كل واحد منهما لباس للآخر فإذا فعلا ذلك فكأن كل واحد نزع لباسه عنه
بحر عن المصباح
قوله ( واستعمل الخ ) ظاهره أنه خاص بالضم في ذلك وهو اسم المصدر وهو خلاف ما مر عن المصباح وأنه تصرف لغوي ونظيره ما مر في الطلاق أن الطلاق والإطلاق رفع القيد مطلقا لكنه خص الطلاق لغة برفع قيد النكاح واستعمل في غيره الإطلاق
قوله ( وفي غيره ) الأنسب وفي غيرها ط
قوله ( إزالة ملك النكاح ) شمل ما لو خالع المطلقة رجعيا بمال فإنه يصح ويجب المال
بحر وسيأتي
قوله ) ( فإنه لغو ) لأن النكاح الفاسد لا يفيد ملك المتعة وبالبينونة والردة حصلت الإزالة قبله فلم يكن في الخلع إزالة
قال في البحر فلا يسقط المهر ويبقى له بعد الخلع ولاية الجبر على النكاح في الردة كما في البزازية ا هـ
قلت وظاهر إطلاقه أنه لا يسقط المهر في النكاح الفاسد ولو بعد الوطء لكن في جامع الفصولين نكحها
____________________
(3/439)
فاسدا فوطئها فاختلعت بالمهر قيل يسقط إذ الخلع يجعل كناية عن الإبراء لأن الخلع وضع لهذا وقيل لا يسقط لأن الخلع لغا لأنه إنما يصح في النكاح القائم ا هـ
وفي البحر أيضا ولو خالعها بمال ثم خالعها في العدة لم يصح كما في القنية لكن يحتاج إلى الفرق ما إذا خالعها بعد الخلع حيث لم يصح وبين ما إذا طلقها بمال بعد الخلع حيث يقع ولا يجب المال قد ذكرناه آخر الكنايات ا هـ
قلت قدمنا الفرق هناك وهو أن الخلع بائن وهو لا يلحق مثله والطلاق بمال صريح فيلحق الخلع وأنما لم يجب المال هنا لأن المال إنما يلزمه إذا كانت تملك به نفسها ولذا يقع به البائن
وإذا طلقها بمال بعد الخلع لم يفد الطلاق ملكها نفسها لحصوله بالخلع قبله ولذا لزم المال فيما لو طلقها بمال ثم خلعها وقدمنا تمام الكلام على ذلك هناك
قوله ( المتوقفة ) بالرفع صفة لإزالة وقوله على قبولها أي المرأة قال في البحر ولا بد من القبول منها حيث كان على مال أو كان بلفظ خالعتك أو اختلعي ا هـ
وفي التاترخانية قال لامرأته إذا دخلت الدار فقد خالعتك على ألف فدخلت الدار يقع الطلاق بألف يريد به إذا قبلت عند الدخول ا هـ
ومفاده عدم صحة القبول قبل الشرط كما نذكره
قوله ( خرج ما لو قال خلعتك الخ ) أي ولم يذكر المال لأنه متى كان على مال لزم قبولها كما ذكرناه آنفا وقيد بقوله ناويا بناء على ظاهر الرواية لأنه كناية فلا بد له من النية أو دلالة الحال لكن سيأتي أنه لغلبة الاستعمال صار كالصريح
قوله ( غير مسقط للحقوق ) أي المتعلقة بالزوجية وسيأتي بيانها
قوله ( بخلاف خالعتك الخ ) كان الأولى أن يقول بخلاف ما إذا ذكر المال أو قال خلعتك الخ أفاد أن التعريف خاص بالخلع المسقط للحقوق فقوله لها خالعتك بلا ذكر مال لا يسمى خلعا شرعا بل هو طلاق بائن غير متوقف على قبولها بخلاف ما إذا ذكر معه المال أو كان بلفظ المفاعلة أو الأمر فإنه لا بد من قبولها كما مر معاوضة من جانبها كما يأتي
والظاهر أن خالعتك بلفظ المفاعلة إنما يتوقف على القبول شرط لسقوط المهر لا لوقوع الطلاق به إذ لا يظهر فرق في الوقوع بين خالعتك وخلعتك وسيأتي ما يؤيده
تأمل
وفي حكمه الطلاق على مال فلا بد من القبول وإن لم يسم خلعا
وبه ظهر أنه لا فرق عند ذكر المال بين خلعتك خالعتك وأنه ليس كل ما توقف على قبولها يسمى خلعا ولا كل ما كان بلفظ الخلع يتوقف على القبول ويسقط الحقوق
تنبيه في التاترخانية وغيرها مطلق لفظ الخلع محمول على الطلاق بعوض حتى لو قال لغيره اخلع امرأتي فخلعها بلا عوض لا يصح
قوله ( أو اختلعي الخ ) إذا قال لها اخلعي نفسك فهو على أربعة أوجه إما أن يقول بكذا فخلعت يصح وإن لم يقل الزوج بعده أجزت أو قبلت على المختار وإما أن يقول بمال لم يقدره أو بما شئت فقالت خلعت نفسي بكذا ففي ظاهر الرواية لا يتم الخلع ما لم يقبل بعده وإما أن يقول اخلعي ولم يزد عليه فخلعت فعند أبي يوسف لم يكن خلعا وعن محمد تطلق بلا بدل وبه أخذ كثير من المشايخ والرابع أن يقول بلا مال فخلعت يتم بقولها
وتمامه في جامع الفصولين ومثله في الخانية ولا يخفى أن ما ذكره الشارح هو الوجه الثالث
وقد ذكر في الخانية الخلاف المار وذكر أن قول محمد أخذ به أكثر المشايخ فما فيها خلاف ما عزاه إليها نعم ذكر في الخانية قال خالعتك فقبلت برىء عما عليه من المهر فإن لم يكن عليه مهر ردت ما ساق
____________________
(3/440)
إليها كذا ذكر الحاكم الشهيد وبه أخذ ابن الفضل وهذا يؤيد ما ذكرنا عن أبي يوسف أن الخلع لا يكون إلا بعوض ا هـ
لكن فيه كلام سنذكره
قوله ( بلفظ الخلع ) متعلق بإزالة
قوله ( فإنه غير مسقط ) أي للمهر على المعتمد كما سيذكره المصنف نعم يسقط النفقة ولو مفروضة كما سيأتي
قوله ( كما سيجيء ) في قول المصنف ويسقط الخلع والمبارأة الخ
قوله ( فإنه كذلك ) أي خلع مسقط للحقوق
بحر
قال في العمادية وذكر في الملتقط لو قال بعت منك نفسك ولم يذكر مالا فقالت اشتريت يقع الطلاق على ما قبضت من المهر وترده إليه وإن لم تقبض سقط ما في ذمة الزوج ا هـ
قوله ( خلافا ل للخانية ) حيث قال إن الصحيح أن الخلع بلفظ البيع والشراء لا يوجب البراءة عن المهر ألا بذكره وفيه كلام سنذكره
قوله ( وأفاد التعريف الخ ) لأن الرجعي لا يزيل الملك
قوله ( ولا بأس به ) أي ولو في حالة الحيض فلا يكره بالإجماع لأنه لا يمكن تحصيل العوض إلا به
بحر أول كتاب الطلاق وقدمه الشارح هناك
قوله ( للشقاق ) أي لوجود الشقاق وهو الاختلاف والتخاصم
وفي القهستاني عن شرح الطحاوي السنة إذا وقع بين الزوجين اختلاف أن يجتمع أهلهما ليصلحوا بينهما فإن لم يصطلحا جاز الطلاق والخلع ا هـ ط
وهذا هو الحكم المذكور في الآية وقد أوضح الكلام عليه في الفتح آخر الباب
قوله ( بما يصلح للمهر ) هذا التركيب يوهم اشتراط البدل في الخلع لأن الظاهر تعلقه بإزالة مع أنك علمت أنه لو قال خالعتك أنه لو قال خالعتك فقبلت تم الخلع بلا ذكر بدل وبهذا اعترض في البحر على الفتح حيث ذكر في التعريف قوله ببدل ثم قال إلا أن يقال مهرها الذي سقط به بدل فلم يعر عن البدل ا هـ
والأولى تعتبر الكنز وغيره بقوله وما صلح مهرا صلح بحل الخلع فإن معناه أنه إذا ذكر في الخلع بحل يصلح جعله مهرا فإنه يصح وسيأتي أنه إذا بطل العوض فيه تطلق بائنا مجانا قوله ( بغير عكس كلي ) فلا يصح أن يقال ما لا يصلح مهرا لا يصلح بدل الخلع لأن بعض ما لا يصلح بدل خلع كما مثل فالكلية كاذبة نعم يصدق عكسها موجبة جزئية كبعض ما يصلح بدل خلع يصلح مهرا
قوله ( وجوز العيني انعكاسها ) أي كلية تبعا لقوله في غاية البيان إنه مطرود منعكس كليا لأن الغرض من طرد الكلي أن يكون مالا متقوما ليس فيه جهالة مستتمة وما دون العشرة بهذه المثابة
ومن عكس الكلي أن لا يكون مالا متقوما أو أم يكون فيه جهالة مستتمة وما دون العشرة مال متقوم ليس فيه جهالة فلا يرد السؤال لا على الطرد الكلي ولا على عكسه ا هـ
قال في النهر لا يخفى أن الصلاحية لمطلقة هي الكاملة وكون مطلق المال المتقوم خاليا عن الكمية يصلح مهرا ممنوع فلذا منع المحققون انعكاسها كلية
قوله ( وشرطه كالطلاق ) وهو أهلية الزوج وكون المرأة محلا للطلاق منجزا أو معلقا على الملك
وأما ركنه فهو كما في البدائع إذا كان بعوض الإيجاب والقبول لأنه عقد على الطلاق بعوض فلا تقع الفرقة ولا يستحق العوض بدون القبول بخلاف ما إذا قال خالعتك ولم يذكر العوض ونوى الطلاق فإنه يقع
____________________
(3/441)
وإن لم تقبل لأنه طلاق بلا عوض فلا يفتقر إلى القبول ا هـ
ونحوه في الشرنبلالية آخر الباب عن الخانية وظاهره أن خالعتك مثل خلعتك في أنه بلا ذكر مال لا يتوقف على القبول وهو خلاف ظاهر ما مر إلا أن يقال لفظ المفاعلة على القبول شرطا لكونه مسقطا للحقوق بخلاف خلعتك فإنه لا يسقط ولو مع القبول
تأمل
وفي الخانية قال خالعتك فقبلت يقع البائن وكذا إن لم تقبل لأن الطلاق يقع بقوله خالعتك
وفيها أيضا قال خالعتك على كذا وسمي مالا معلوما لا يقع الطلاق ما لم تقبل كما لو قال طلقتك على ألف ا هـ أي لأنه معلق على القبول
وأما إذا لم يذكر المال فلا يكون معلقا على القبول معنى فيقع الطلاق وإن لم تقبل تأمل قوله ( لأنه تعليق الطلاق بقبول المال ) كذا صرح به في البدائع ولذا قال في الخانية ولو قال خالعتك على كذا وسمى مالا معلوما لا يقع الطلاق ما لم تقبل كما لو قال طلقتك على ألف درهم لا يقع ما لم تقبل ا هـ
ويتفرع على هذا ما سيأتي آخر الباب في أول الفروع كما سنوضحه فافهم
قوله ( فلا يصح رجوعه الخ ) أي لو ابتدأ الزوج الخلع فقال خالعتك على ألف درهم لا يملك الرجوع عنه وكذا لا يملك فسخه ولا نهى المرأة عن القبول وله أن يعلقه بشرط ويضيفه إلى وقت مثل أذ قدم زيد فقد خالعتك على كذا أو خالعتك على كذا غدا أو رأس الشهر والقبول إليها بعد قدوم زيد ومجيء الوقت لأنه تطليق عند وجود الشرط والوقت فكان قبولها قبل ذلك لغوا
بدائع
قوله ( ولا يقتصر على المجلس ) فلا يبطل بقيامه عنه قبل قبولها
بدائع
قوله ( ويقتصر قبولها الخ ) فيه أن هذا من فروع كونه معاوضة من جانبها فكان الأولى تأخيره
وعبارة البدائع ولا يشترط حضور المرأة بل يتوقف على ما وراء المجلس حتى لو كانت غائبة فبلغها فلها القبول لكن في مجلسها لأنه في جانبها معاوضة
قوله ( وفي جانبها معاوضة عطف ) على قوله يمين في جانبه أي لأن المرأة لا تملك الطلاق بل هو ملكه وقد علقه بالشرط والطلاق يحتمله ولا يحتمل الرجوع ولا شرط الخيار بل يبطل الشرط دونه ولا يتقيد بالمجلس
وأما في جانبها فإنه معاوضة المال لأنه تمليك المال بعوض فيراعى فيه أحكام معاوضة المال كالبيع ونحوه كما في البدائع
قوله ( فصح رجوعها ) أي إذا كان الابتداء منها بأن قالت اختلعت نفسي منك بكذا فلها أن ترجع عنه قبل قبول الزوج ويبطل بقيامها عن المجلس وبقيامه أيضا ولا يتوقف على ما وراء المجلس بأن كان الزوج غائبا حتى لو بلغه وقبل لم يصح ولا يصح تعليقه ولا إضافته
بدائع
قوله ( وصح شرط الخيار لها ) بأن قال خالعتك على كذا على أنك بالخيار ثلاثة أيام فقبلت جاز الشرط عنده حتى ولو اختارت في المدة وقع الطلاق ووجب المال وإن ردت لا يقع ولا يجب
وعندهما شرط بالخيار باطل والطلاق واقع والمال لازم بدائع
قال في البحر قيد بخيار الشرط لأن خيار الرؤية لا يثبت في الخلع ولا في كل عقد لا يحتمل الفسخ كما في الفصول
وأما خيار العيب في بدل الخلع فثابت في العيب الفاحش وهو ما يخرجه من الجودة إلى الوساطة ومنها إلى الرداءة دون اليسير
قوله ( ولو أكثر من ثلاثة أيام ) أي بخلاف البيع لأن اشتراطه في البيع على خلاف القياس لأنه من التمليكات وتمامه في البحر عن الكشف
وإذا أطلقا أي عن ذكر المدة ينبغي أن يكون لها الخيار في مجلسها فقط استنباطا مما إذا أطلقا في البيع
بحر
وفيه نظر لأنه إن أراد ذكر الخيار المطلق ففيه أن ثبوته في البيع مقيد بما بعد العقد أما عند العقد فيفسد البيع كما في النهر وحينئذ فإن ذكره بعد قوله الخلع لا يفيد لأنه لا يحتمل الفسخ بعد تمامه خلاف البيع وإن ذكره قبل القبول لم يصح قياسه على البيع لأنه لا يثبت فيه اللهم إلا أن يقال لا يثبت فيه لأنه يفسد بالشروط الفاسدة بخلاف الخلع لكن
____________________
(3/442)
لو ثبت في البيع لثبت مقتصرا على المجلس كما لو ثبت فيه بعد العقد فكذلك في الخلع لا يتجاوز المجلس
تأمل
قوله ( ويقتصر على المجلس ) الضمير راجع للخلع فيبطل بقيامها عن المجلس وبقيامها أيضا كما مر
قوله ( يشترط الخ ) فلو لقنها اختلعت منك بالمهر ونفقة العدة بالعربية وهي لا تعلم معناه أو لقنها أبرأتك من نفقة العدة الأصح أنه لا يصح لأن التفويض كالتوكيل لا يتم إلا بعلم الوكيل والإبراء عن نفقة العدة والمهر وإن كان إسقاطا لكنه إسقاط يحتمل الفسخ فصار فيه شبهة البيع والبيع وكل المعاوضات لا بد فيها من العلم وهذه الصورة كثيرا ما تقع
فتح
قلت والظاهر أن المراد يصح الخلع ولا يلزم البدل لأن جهلها بمعناه عذر في عدم سقوط حقها ولا يلزم منه عدم طلاقها إذا قبل فتأمل هذا وعامة نساء زماننا لا يعرفون موجب الخلع أنه مسقط للحقوق فإذا طلبت منه أن يخلعها فقال خالعتك ورضيت فهل يسقط مهرها بمجرد ذلك أم لا لم أر من صرح به ومقتضى ما ذكروه في سقوط خيار البلوغ أنها لا تعذر بالجهل وسيأتي في الشركة أن المفاوضة لا تصح إلا بلفظ المفاوضة وإن لم يعرفا معناها فتأمل
قوله ( يصح مع الجهل ) أي قضاء فقط كما قدمه في باب الطلاق
رحمتي
قوله ( وطرف العبد الخ ) أي جانبه
قال في النقاية وشرحها للقهستاني والعبد والأمة في العتق بمنزلتها أي المرأة في الخلع فالمولى بمنزلته حتى إذا قال العبد للمولى اشتريت نفسي منك بكذا كان له الرجوع قبل دخول المولى له
إذا قال المولى بعت نفسك منك بكذا ليس له الرجوع وقس عليه شرط الخيار والاقتصار على المجلس ا هـ ط
وحاصله أن العتق بمال معاوضة من جانب العبد كالخلع في جانب المرأة فيعتبر من جانبه احكام المعاوضات بخلاف جانب المولى فإنه بمنزلة الزوج فتنعكس فيه تلك الأحكام
قوله ( كطرفها في الطلاق ) أي في الخلع لأن الكلام فيه وأطلقه عليه لأنه طلاق بالكناية
تأمل
مطلب ألفاظ الخلع خمسة قوله ( والخلع يكون الخ ) في الجوهرة ألفاظ الخلع خمسة خالعتك باينتك بارأتك فارقتك طلقي نفسك على ألف ا هـ
ويزاد عليه ما ذكره المصنف من لفظ البيع والشراء
قوله ( كبعت نفسك ) تقدم عن الصغرى تصحيح أنه مسقط للحقوق
قوله ( أو طلاقك ) في البحر ولو قال بعت منك طلاقك بمهرك فقالت طلقت نفسي بانت منه بمهرها بمنزلة قولها اشتريت وقيل يقع رجعيا والأول أصح
ولو قال بعت منك تطليقك فقال اشتريت يقع رجعيا مجانا لأنه صريح ا هـ
وقيد الثانية في الخانية بما إذا لم يذكر البدل ثم قال ولو قال بعت نفسك منك فقالت اشتريت يقع طلاق بائن لأن بيع الطلاق تمليك الطلاق فإذ لم يذكر البدل يصير كأنه قال طلقتك فيكون رجعيا
أما بيع نفسها تمليك النفس من المرأة وملك النفس لا يحصل إلا بالبائن فيكون بائنا ا هـ
فأفاد أن بعت منك تطليقة بكذا يقع به البائن أيضا
قوله ( أو طلقتك على كذا ) هذا مبني على أن الطلاق على مال مسقط للمهر وهو خلاف المعتمد كما سيأتي ح أي لما مر أن المراد الخلع المسقط للحقوق والطلاق على مال ليس منه
____________________
(3/443)
قوله ( إن الواقع به ) أي بالخلع ولو بلفظ البيع والمبارأة
بحر
قوله ( ولو بلا مال ) هذا إذا كان بلفظ الخلع أو بلفظ بيع النفس بخلاف بيع الطلاق أو الطلقة بلا ذكر بدل فإنه يقع به الرجعي كما علمته آنفا
قوله ( ولو بالطلاق الخ ) في بعض النسخ وبالطلاق بإسقاط لو وهو الأولى لما علمت من أن الطلاق على مال خارج عن الخلع المسقط للحقوق لكن لما كان المراد بيان وقوع البائن به صح إطلاق الخلع عليه وإنما ذكر الصريح نصا على المتوهم إذ الكناية كذلك كما أفاده ط
وأراد بالمال ما يشمل الإبراء منه حتى لو قالت أبرأتك عما لي عليك على طلاقي ففعل برىء وبانت بخلاف طلقني على أن أؤخر مالي عليك فإن التأخير ليس بمال وصح التأخير لو له غاية معلومة وإلا فلا والطلاق رجعي مطلقا
بحر عن البزازية
مطلب أبرأته من حق يكون للنساء على الرجال وفي الفتح آخر الباب قال أبرئيني من كل حق يكون للنساء على الرجال ففعلت فقال في فوره طلقتك وهي مدخول بها يقع بائنا لأنه بعوض وإذا اختلعت بكل حق لها عليه فلها النفقة ما دامت في العدة لأنها لم يكن لها حق حال الخلع فقد ظهر أن تسمية كل حقه لها عليه وكل حق يكون للنساء صحيحة وينصرف إلى القائم لها إذ ذاك ا هـ
قلت نعم لو قالت من كل حق للنساء على الرجال قبل الخلع وبعده فإن النفقة تسقط كما في البزازية وسيأتي تمامه وسيأتي أيضا ما لو خالعها على البراءة من نفقة الولد
قوله ( وثمرته ) أي ثمرة تقييد الطلاق على مال دون الخلع تظهر فيما لو بطل البدل كما سيجيء أنه لو طلقها بخمر أو خنزير أو ميتة وقع بائن في الخلع رجعي في الطلاق مجانا فيهما لبطلان البدل وإذا بطل بقي الخلع والواقع به بائن ولفظ الطلاق والواقع به رجعي لأنه صريح فلو لم يكن ذكر المال شرطا في وقوع البائن بالطلاق دون الخلع لم تظهر ثمرة للتقييد به لكن الاقتصار في بيان الثمرة على بطلان البدل محل نظر فإن مثله ما لو لم يذكر البدل أصلا
تأمل
وأما كون الخلع يسقط الحقوق والطلاق على مال لا يسقطها فليس ثمرة التقييد بالمال كما لا يخفى فافهم
قوله ( والخلع من الكنايات ) لأنه يحتمل الانخلاع عن اللباس أو الخيرات أو عن النكاح عناية ومثله المبارأة
قوله ( فيعتبر فيه ما يعتبر فيها ) ويقع به تطليقة بائنة إلا إن نوى ثلاثا فتكون ثلاثا وإن نوى ثنتين كانت واحد بائنة كما في الحاكم
قوله ( من قرائن الطلاق ) كمذاكرة الطلاق وسؤالها له
وفي الدر المنتقى وتسمية المال وإن لم يكن متقوما من القرائن ا هـ ط
قوله ( لو قضى بكونه فسخا ) أي كما هو قول الحنابلة إنه لا يقع به طلاق بل هو فسخ لا ينقص العدد بشرط عدم نية الطلاق
بحر
مطلب معنى المجتهد فيه قوله ( نفذ لأنه مجتهد فيه ) أي موضع اجتهاد صحيح بمعنى أنه يسوغ فيه الاجتهاد لأنه لم يخالف كتابا ولا سنة مشهورة ولا إجماعا إذ لو خالف شيئا من ذلك في رأي المجتهد لم يكن مجتهدا فيه حتى لو حكم به حاكم يراه لا ينفذ كما قرر في محله ويأتي في أول الباب الآتي عن الفتح ما يوضحه
ولا يخفى أن المراد بقوله نفذ هو ما لو حكم به حنبلي في مسألتنا بخلاف الحنفي فإنه وإن صح حكمه بغير مذهبه على أحد القولين لكنه في زماننا لا يصح اتفاقا
____________________
(3/444)
لتقييد السلطان قضاءه بالحكم بالصحيح من مذهبنا فلا ينفذ حكمه بالضعيف فضلا عن مذهب الغير فافهم
قوله ( لم يصدق قضاء ) أي بل ديانة لأن الله تعالى عالم بسره لكن لا يسع المرأة أن تقيم معه لأنها كالقاضي لا تعرف منه إلا الظاهر
بحر عن المبسوط
قوله ( في الصور الأربع ) أي فيما لو كان بلفظ الخلع أو البيع والشراء أو الطلاق المبارأة قوله ( بخلاف لفظ بيع وطلاق ) لأنهما صريحان
تارترخانية
لكن صراحة البيع مثل بعت نفسك أو طلاقك بمعنى أن دلالته عليه قطعية لا تتخلف عنه لأن البيع فيه زوال ملك اليمين فيلزم منه قطعا زوال ملك المتعة كما أفاده المصنف في المنح
تأمل
وأما صراحة الطلاق فظاهرة وإن كان لا يكون حكمه حكم الخلع إلا عند ذكر المال لأن الكلام في أنه يقع به الطلاق أي الرجعي إذا لم يكن بمال ولا يصدق في أنه لم يرد به الطلاق لكونه صريحا فافهم
قوله ( وفيه إشارة إلى اشتراط النية ) أي اشتراطها للوقوع بها ديانة وكذا قضاء إذا لم تكن قرينة من ذكر مال ونحوه كما هو الحكم في سائر الكنايات
قوله ( هاهنا ) أي في لفظ الخلع
وفي البحر عن البزازية فلو كانت المبارأة أيضا كذلك أي غلب استعمالها في الطلاق لم تحتج إلى النية وإن كانت من الكنايات وإلا تبقى النية مشروطة فيها وفي سائر الكنايات على الأصل ا هـ
وفيه إشارة إلى أن المبارأة لم يغلب استعمالها في الطلاق عرفا بخلاف الخلع فإنه مشتهر بين الخاص والعام فافهم
قوله ( وكره تحريما أخذ شيء ) أي قليلا أو كثيرا
والحق أن الأخذ إذا كان النشوز منه حرام قطعا لقوله تعالى { فلا تأخذوا منه شيئا } النساء 20 إلا أنه إن أخذ ملكه بسبب خبيث وتمامه في الفتح لكن نقل في البحر عن الدر المنثور للسيوطي أخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال ثم رخص بعده فقال { فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } البقرة 229 قال فنسخت هذه تلك ا هـ
وهو يقتضي حل الأخذ مطلقا إذا رضيت ا هـ أي سواء كان النشوز منه أو منها أو منهما لكن فيه أنه ذكر في البحر أولا عن الفتح أن الآية الأولى فيما إذا كان النشوز منه فقط والثانية فيما إذا لم يكن منه فلا تعارض بينهما وأنهما لو تعارضتا فحرمة الأخذ بلا حق ثابت بالإجماع وبقوله تعالى { ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا } البقرة 231 وإمساكها لا لرغبة بل إضرارا لأخذ ما لها في مقابلة خلاصها منه مخالف للدليل القطعي فافهم
قوله ( ويلحق به ) أي بالأخذ
قوله ( إن نشز ) في المصباح نشزت المرأة من زوجها نشوزا من باب قعد وضرب عصته
ونشز الرجل من امرأته نشوزا بالوجهين تركها وجفاها
وأصله الارتفاع ا هـ ملخصا
قوله ( ولو منه نشوز أيضا ) لأن قوله تعالى { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } يدل على الإباحة إذا كان النشوز من الجانبين بعبارة النص وإذا كان من جانبها فقط بدلالته بالأولى
قوله ( وبه يحصل التوفيق ) أي بين ما رجحه في الفتح من نفي كراهة أخذ الأكثر
____________________
(3/445)
وهو رواية الجامع الصغير وبين ما رجحه الشمني من إثباتها وهو رواية الأصل فيحمل الأول على نفي التحريمية والثاني على إثبات التنزيهية وهذا التوفيق مصرح به في الفتح فإنه ذكر أن المسألة مختلفة بين الصحابة ذكر النصوص من الجانبين ثم حقق ثم قال وعلى هذا يظهر كون رواية الجامع أوجه نعم يكون أخذ الزيادة خلاف الأولى والمنع محمول على الأولى ا هـ
ومشى عليه في البحر أيضا
قوله ( عليه ) أي على الخلع
منح أي على أن تقول له خالعني
وفي البحر على القبول أي إذا كان هو المبتدىء بقوله خالعتك فافهم
قوله ( تطلق ) أي بائنا إن كان بلفظ الخلع ورجعيا إن كان بلفظ الطلاق على مال كما مر ويأتي
قوله ( شرط للزوم المال ) أي عليها وهو البدل المذكور في الخلع وقوله وسقوطه أي عن الزوج وهو المهر الذي عليه
قوله ( أو استحق ) أي ادعاه آخر وأثبت أنه له ومثله ما في الفتح عن كافي الحاكم لو كان عبدا حلال الدم فقتل عنده رجع عليها بقيمته وكذا لو وجب قطع يده فقطع عنده رده وأخذ قيمته ا هـ
قوله ( مما ليس بمال ) كالدم والحر
قوله ( وقع ) أي إن قبلت
بحر
قوله ( بائن في الخلع ) لأنه من الكنايات الدالة على قطع الوصلة فكان الواقع بائنا بخلاف لفظ اعتدى وأخويه كما مر في بابه بخلاف الطلاق فإنه صريح لا يقتضي البينونة أيضا
قوله ( مجانا فيهما ) أي في الصورتين والمجان كشداد عطية الشيء بلا بدل
قال في الفتح أي بلا شيء يجب للزوج لأن ملك النكاح في الخروج غير متقوم ولذا لا يلزم شيء في الطلاق ا هـ
وأوجب زفر عليها رد المهر كما في المحيط
بحر
وأما لو كان المهر في ذمته فإنه يسقط لما مر من أن خالعتك مسقط للحقوق وإن لم يكن بعوض
تأمل
قوله ( كما مر ) أي في قوله وثمرته فيما لو بطل البدل وقدمنا بيانه
قوله ( ولو سمت حلالا الخ ) قال في الفتح وفي كتب المالكية لو خلعها على حلال وحرام كخمر ومال صح ولا يجب له إلا المال قيل وهو قياس قول أصحابنا وهو صحيح ا هـ
قوله ( رجع بالمهر ) أي إن أخذته وإلا سقط عنه وهذا عند الإمام
وعندهما يجب مثله من خل وسط لأنه صار مغرورا من جهتها بتسمية المال ا هـ ح
قوله ( أي الحسية ) قيد به لئلا يتكرر مع قوله الآتي والبيت والصندوق الخ مما هو في يدها الحكمية
فافهم
قوله ( ولا شيء في يدها ) ما لو كان فيها شيء ولو قليلا فهو له
بحر
قوله ( لعدم التسمية ) علة لما فهم من التشبيه وهو وقوع البائن مجانا أي لعدم تسمية شيء تصير به غارة له
بحر
لأن ما في يدها قد يكون متقوما وقد يكون غيره فكان راضيا بذلك
فتح
قوله ( وكذا عكسه ) بأن قال لها خالعتك على ما في يدي ولا شيء فيها
بحر
وهذا مفهوم بالأولى
قوله ( لكن الخ ) لما كان عدم لزوم شيء في المسألة الأولى لعدم التغرير منها صار مظنة أن يتوهم هنا أنه لا يستحق الجوهرة لتغريره لها فاستدرك على ذلك بأنها له لأن المرأة أضرت بنفسها حيث قبلت الخلع قبل أن تعلم ما في يده فهذا الاستدراك في محله فافهم
قوله ( وإن زادت ) أي على قولها خالعني على ما في يدي
____________________
(3/446)
أي ولا شيء في يدها
قوله ( ردت عليه في الأولى مهرها ) أي في قولها من مال ومثله من متاع أو من مال المهر وقد أوفاه لها أو على ما في بطن جاريتي أو غنمي من حمل لأنها لما سمت مالا لم يكن الزوج راضيا بالزوال إلا بالعوض ولا وجه إلى إيجاب المسمى أو قيمته للجهالة ولا إلى قيمة البضع أعني مهر المثل
لأنه غير متقوم حالة الخروج فتعين إيجاب ما قام عن الزوج من المسمى أو مهر المثلنهر
قوله ( وإلا ) أي وإن لم تكن قبضته برىء منه ولا شيء عليها وكذا لا شيء عليها لو كان قد أبرأته منه
بحر
قوله ( أو ثلاثة دراهم في الثانية ) أي في قولهم من دراهم معرفا أو منكرا لأنها ذكرت الجمع وأقصاه لا غاية له وأدناه ثلاثة فوجبت
ولو قالت على ما في هذا المكان من الشياه والخيل والبغال والحمير أو الثياب لزمها ثلاثة أيضا كذا في الدراية قاله في البحر وفي الثياب نظر للجهالة وأقول ينبغي إيجاب الوسط في الكل وبه يندفع ما قال
نهر
قلت وفيه نظر لأن الثياب مجهول الجنس مثل الدابة والعبد بخلاف البغل والحمار ولذا لو تزوجها على ثوب أو عبد وجب مهر المثل ولو على فرس أو ثوب هروي وجب الوسط وعليه فينبغي في الثياب المطلقة رد المهر كما في الأولى
ثم رأيت في كافي الحاكم الشهيد ما نصه وإن اختلعت منه على موصوف من المكيل والموزون والثياب فهو جائز وإن اختلعت منه بثوب غير منسوب إلى نوع أو على دار كذلك فله المهر الذي أعطاها وكذلك الدابة ا هـ
قوله ( ولو في يدها أقل الخ ) ولو كان أكثر من ثلاثة فله ذلك
درر عن النهاية
قوله ( لم أره ) قال في النهر ولو سمت دراهم فإذا في يدها دنانير لا يجب له غير الدراهم ولم أره ا هـ ح
قلت وينبغي في عرفنا لزوم الدنانير لأن الدراهم تطلق عرفا على ما يشملهما
والحاصل أنها إذا اختلعت على شيء غير المهر فهو على أوجه الأول أن يكون ذلك المسمى غير متقوم كالخمر والميتة فيقع مجانا
الثاني أن يحتمل كونه مالا أو غيره ما في بيتها أو يدها في شيء فإن الشيء يشمل المال وغيره وكذا ما في بطن شاتها أو جاريتها فإن ما في البطن قد يكون ريحا فإن وجد المسمى فهو له وإلا وقع مجانا
الثالث أن يكون مالا سيوجد ما تثمر نخيلها أو تلد غنمها العام أو ما تكتسب العام فعليها رد ما قبضت من المهر سواء وجد ذلك أو لا
الرابع أن يكون مالا لكنه لا يوقف على قدر مثل ما في بيتها أو يدها من المتاع أو ما في نخيلها من الثمار أو ما في بطون غنمها من الولد فإن وجد منه شيء فهو له وإلا ردت ما قبضت من المهر
الخامس أن يكون مالا له مقدار معلوم مثل ما في يدها من دراهم فإن أقله ثلاث فكان مقداره ومعلوما له الثلاثة أو الأكثر
السادس إذا سمت مالا وأشارت إلى غير مال كهذا الخل فإذا هو خمر فإن علم بأنه خمر فلا شيء له وإلا رجع بالمهر هذا حاصل ما في الذخيرة قوله ( إذا لم تلد لأقل المدة ) أي مدة الحمل وهذا قيد لعدم وجوب شيء أما لو ولدت لأقلها فهو له لتحقق وجوده والأولى ذكر هذا بعد قوله وبطن الغنم لأن الظاهر اعتبار أقل مدته أيضا
____________________
(3/447)
فائدة في إقرار الجوهرة أقل مدة حمل الدواب سوى الشاة ستة أشهر وأقل مدة حمل الشاة أربعة أشهر
قوله ( وقيده في الخلاصة وغيرها ) كان المناسب ذكر هذا عقب قوله ردت مهرها أو ثلاثة دراهم كما فعل في البحر ليعلم أن مرجح الضمير هو الرد المذكور
وعبارة الخلاصة هكذا وفي الفتاوي رجل خلع امرأته بمالها عليه من المهر ظنا منه أن لها عليه بقية المهر ثم تذكر أنه لم يبق لها عليه شيء من المهر وقع الطلاق عليها بمهرها فيجب عليها أن ترد المهر إن قبضته أما إذا علم أن لا مهر لها عليه بأن وهبت صح الخلع ولا ترد على الزوج شيئا كما إذا خالعها على ما في هذا البيت من المتاع وعلم أنه لا متاع في هذا البيت ا هـ
وكذا على ما في يدها من المال وعلم أنه ليس في يدها شيء كما في المجتبى
قوله ( على براءتها من ضمانه ) معناه أنها إن وجدته سلمته وإلا فلا شيء عليها وأما لو شرطت البراءة من عيب في البدل صح الشرط
بحر
قوله ( لم تبرأ ) لأنه عقد معاوضة فيقتضي سلامة العوض
بحر
قوله ( لأنه ) تعليل لما استفيد من المقام أن الخلع صحيح فيصح الخلع ويبطل الشرط الفاسد ومنه لو خالعها على أن يمسك الولد عنده أو على أن يكون صداقها لولدها أو لأجنبي بخلاف الشرط الملائم كما لو اختلعت بشرط الصك أو بشرط أن يرد إليها أقمشتها فقبل لا تحرم ويشترط كتب الصك ورد الأقمشة في المجلس كما سيأتي في الفروع وتمامه في البحر
قوله ( طلقني ثلاثا بألف ) أما لو قالت واحدة بألف فطلقها ثلاثا فإن قال بألف وقبلت وقعن وأن لم تقبل لا يقع شيء وإن لم يذكر المال طلقت عنده ثلاثا بلا شيء
وعندهما واحدة بألف وثنتان بلا شيء كما لو فرقها وقال أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة عند الكل كما في البحر عن الخانية
قوله ( فطلقها واحدة ) مثلها ثنتان
شلبي
ولو طلقها ثلاثا كان له جميع الألف سواء كانت بلفظ واحد أو متفرقة في مجلس واحد
بحر ط
قوله ( بثلثه ) لأن الباء تصحب الأعواض وهو ينقسم على المعوض
بحر
قوله ( إن طلقها في مجلسه ) فلو قام فطلقها لم يجب شيء
نهر
ووجهه أنه معاوضة من جانبها فيشترط في قبوله المجلس كما في قبول البيع
رحمتي
ولو بدأ هو فقال خالعتك على ألف اعتبر مجلسها دونه فلو ذهب ثم قبلت في مجلسها ذلك صح
بحر عن الجوهرة
قوله ( لو كان طلقها ثنتين ) أي قبل قولها له طلقني الخ ثم طلقها واحدة بعد قولها ذلك فله كل الألف لحصول المقصود ولذا قال في الخلاصة قالت طلقني أربعا بألف فطلقها فهي بالألف ولو طلقها واحدة فبثلث الألف وتمامه في البحر
قوله ( لأن على للشرط ) والمشروط لا يتوزع على أجزاء الشرط ولو طلقها ثلاثا متفرقة في مجلس واحد لزمها الألف لأن الأولى والثانية تقع عنده رجعية فأيقاع الثالثة وهي منكوحة فله الألف وإن في ثلاثة مجالس فعندهما له ثلث الألف وعنده لا شيء له
بحر عن المحيط
____________________
(3/448)
مطلب تستعمل على في الاستعلاء واللزوم حقيقة تنبيه قيل إن على للاستعلاء مجاز للشرط
والحق أنها حقيقة الاستعلاء إن اتصلت بالأجسام المحسوسة كقمت على السطح وفي غيرها حقيقة في معنى اللزوم الصادق على شرط المحض نحو { يبايعنك على أن لا يشركن } الممتحنة 12 وأنت طالق على أن تدخلي الدار وعلى المعاوضة الشرعية المحضة كبعني هذا على ألف والعرفية كافعل هذا على أن أشفع لك عند زيد وما نحن فيه مما يصح فيه كل من معني اللزوم لأن الطلاق مما يتعلق على الشرط المحض والاعتياض وذكر المال لا يرجح الثاني فإن المال يصح جعله شرطا محضا حتى لا تنقسم أجزاؤه على أجزاء مقابله كما يصح جعله عوضا منقسما فلا يجب المال بالشك وعلى هذا يكون لفظ على مشتركا بين الاستعلاء واللزوم لقيام دليل الحقيقة فيهما وهو التبادر بمجرد الإطلاق وكون المجاز خيرا من الاشتراك هو عند التردد وقول أهل العربية إنها للاستعلاء محمول على هذا فإن أهل الاجتهاد هم أهل العربية وتمام تحقيقه في الفتح
وذكر في البحر إنه ذكر في التحرير ترجيح العوضية بذكر المال لأنها الأصل
قوله ( فببعضها أولى ) فيه بحث لأنها قد يكون لها غرض في الثلاث حسما لمادة الرجوع إليه لشدة بغضه فتخاف من أن يحملها على المعاودة إليه فلا يتم إلا بالثلاث مقدسي
وقد يقال إن هذا لا ينظر إليه بعض حصول المقصود بملكها نفسها على أن إمكان المعاودة حاصل بالحل على التحليل فافهم
قوله ( وقبلت في مجلسها ) فلو بعده لم يلزمها المال لأنه مبادلة من جانبها كما مر وهذا إذا لم يكن معلقا ولا مضافا وإلا اعتبر القبول بعد وجود الشرط والوقت كما قدمناه عن البدائع ومثله في البحر
قوله ( كما مر ) أي في قول المصنف أكرهها عليه تطلق بلا مال
قوله ( ولا سفيهة ولا مريضة ) فلو سفيهة لم يلزم المال ولو مريضة اعتبره من الثلث كما يأتي بيانه
قوله ( لأنه تعويض ) بالعين المهملة لا بالفاء كما يوجد في بعض النسخ وهذا راجع لقوله بألف وقوله أو تعليق راجع لقوله على ألف قال الزيلعي ولا بد من قبولها لأنه عقد معاوضة أو تعليق بشرط فلا تنعقد المعاوضة بدون القبول ولا ينزل المعلق بدون الشرط إذ لا ولاية لأحدهما في إلزام صاحبه بدون رضاه والطلاق بائن لأنها ما التزمت المال إلا لتسلم لها نفسها وذلك بالبينونة ا هـ
قوله ( طلقتا بغير شيء ) لأنه علق طلاقها على قبولهما وقد وجد ولم يعلم ما يلزم كل واحدة منهما فإن لكل أن تقول لا يلزمنى إلا الدراهم وينبغي أن يلزم لو رضي منهما بالدراهم وإذا طلقتا بلا شيء كان رجعيا لأنه بلفظ الصريح
رحمتي
وما قيل من أنه ينبغي أن يلزمهما رد مهرهما فهو مما لا ينبغي فإن الطلاق الصريح ولو على مال غير مسقط للمهر على المعتمد كما يأتي متنا فافهم
قوله ( وإن لم يقبلا ) مبالغة على قوله طلقت وعتق لأنه عند القبول تطلق ويعتق بالأولى لأنه متفق عليه فالمبالغة إشارة إلى رد قولهما ولا يصح جعل المبالغة لقوله مجانا لأن المناسب له أن يقول وإن
____________________
(3/449)
قبلا كما لا يخفى
قوله ( جملة تامة ) أي فلا ترتبط بما قبلها لا بدلالة الحال إذ الأصل في الجملة الاستقلال ولا دلالة هنا لأن الطلاق والعتاق ينفكان عن المال بخلاف البيع والإجارة فإنهما لا يوجدان بدونه
درر
تنبيه اتفقوا على أنها للحال في أد إلي ألفا وأن حر لتعذر عطف الخبر على الإنشاء وعلى أنها بمعنى باء المعاوضة في احمل هذا ولك درهم لأن المعاوضة في الإجارة أصلية وعلى تعين العطف في قول المضارب خذ هذا المال واعمل به في البز للإنشائية فلا تتقيد المضاربة به وعلى احتمال الأمرين في أنت طالق وأنت مريضة أو مصلية إذ لا مانع ولا معين فيتنجز الطلاق قضاء ويتعلق ديانة إن نواه وتمامه في البحر
قوله ( عملا بأن الواو للحال ) فكأنه قال أنت طالق في حال وجوب الألف لي عليك ولا يتحقق ذلك إلا بالقبول وبه يلزم المال
نهر
قوله ( وكذا لو قال لعبده كذلك ) أي كذا الحكم لو قال لعبده أعتقتك أمس على ألف فلم تقبل أو بعتك أمس نفسك منك بألف فلم تقبل
بحر
قوله ( يمين من جانبه ) فهو عقد تام فلا يكون الإقرار به إقرار بقبول المرأة بخلاف البيع فإنه بلا قبول ليس ببيع
بحر
قوله ( أخذ بينتها ) على أنها قبلت لأن الأصل أن من كان القول له لا يحتاج إلى بينة لأنها لإثبات خلاف الظاهر والظاهر لمن كان القول له وهو هنا الزوج المنكر وجود شرط الحنث وهو القبول وخلاف الظاهر قول المرأة فتقدم بينتها عند التعارض لأنها أكثر إثباتا لأنها تثبت الطلاق وأما ما قيل من أن بينتها قامت على الإثبات وبينته على النفي فلم تقبل ففيه أن البينة على النفي في شرط الحنث مقبولة كما مر في التعليق فافهم
قوله ( يقع الطلاق بأقراره ) أي الطلاق البائن وإن لم يثبت المال لأنه يبقى لفظ الخلع المقر به وهو كناية فيقع به البائن كما مر
قوله ( بحالها ) أي على حالها المعروف في الدعاوى من أن القول للمنكر والبينة للمدعي
قوله ( وعكسه ) أي لو ادعت الخلع لا يقع بدعواها شيء لأنها لا تملك الإيقاع
رحمتي
قوله ( كيفما كان ) أي سواء ادعته بمال أو بدونه ولا يلزمها المال لأنها إنما أقرت به في مقابلة الخلع فحيث لم يثبت الخلع لم يثبت المال ولأن الزوج بإنكاره قد رد إقرارها به
رحمتي
فرع اختلفا في كمية الخلع فقال مرتان وقالت ثلاث قيل القول له وقيل لو اختلفا بعد التزوج فقالت لم يجز التزوج لأنه وقع بعد الخلع الثالث وأنكره فالقول له ولو اختلفا في العدة أو بعد مضيها فقال هي عدة الخلع الثاني وقالت عدة الخلع الثالث فالقول لها فلا يحل النكاح
جامع الفصولين
قوله ( أنكر الخلع ) مكرر مع قول المصنف وعكسه لا ا هـ ط
قوله ( أو ادعى شرطا أو استثناء ) بأن قال أنت طالق بألف فقبلت ثم ادعى أنه قال إن دخلت الدار أو إن شاء الله
قال في جامع الفصولين طلق أو خلع ثم ادعى الاستثناء صدق لو لم يذكر البدل في الخلع لا لو ذكره بأن قال خلعتك بكذا
ولو ادعى الاستثناء وقال ما قبضته منك فهو حق كان عليك وقالت إني دفعته لبدل الخلع فالقول
____________________
(3/450)
له لأنه لما أنكر صحة الخلع فقد أنكر وجوب البدل عليها وأقر أن له عليها مالا واحدا لا مالين والمرأة مقرة أن له عليها مالا آخر فصدق الزوج بخلاف ما لو لم يدع الاستثناء لأنه أقر أن عليها بدل الخلع والمملك هو المرأة فقبل قولها وفيه نظر ا هـ
وحاصله أن دعواه الاستثناء مقبولة إلا إذا كان لي الخلع ببدل فإن البدل قرينة على قصد الخلع فلا تقبل دعوى إبطاله بالاستثناء إلا إذا ادعى أن ما قبضه ليس بدل الخلع بل عن حق آخر فإن القول له لإنكاره صحة الخلع ووجوب البدل بدعوى الاستثناء
قلت لكن فيه أن المانع من صحة دعوى الاستثناء ذكر البدل في عقد الخلع لا قبضه بعده فحيث ذكر البدل لم تقبل دعواه الاستثناء فلم يقبل إنكاره صحة الخلع ووجوب البدل بل بقي الخلع ببدل وادعى بعد ذلك أن ما قبضه هو حق آخر وهي تقول بل بدل الخلع فيكون القول قولها لأنها المملكة بالدفع والقول قول المملك فلم يبق فرق بين ما إذا ادعى الاستثناء أو لم يدعه ولعل هذا وجه النظر والله تعالى أعلم
هذا وقد مر في باب التعليق أن الفتوى على عدم قبول قوله في دعوى الاستثناء والشرط لفساد الزمان وتقدم الكلام فيه هناك
قوله ( أو أن ما قبضه من دينه ) في البزازية دفعت بدل الخلع وزعم الزوج أن قبضه بجهة أخرى أفتى الإمام ظهير الدين أن القول له وقيل لها لأنها المملكة ا هـ
قلت الظاهر الثاني ولذا جزم به في جامع الفصولين كما علمت وهذه مسألة مستقلة مبناها على ما إذا اتفقا على الخلع ببدل واختلفا في جهة القبض ولذا عطفها بأو ويصح عطفها بالواو فتكون من تتمة ما قبلها لكن يرد ما علمته من النظر فافهم قوله ( واختلفا في الطوع والكره ) أي في القبول وأما إيقاع الخلع بإكراه فصحيح كما يأتي ط
قوله ( فالقول لها ) لأن صحة الخلع لا تستدعي البدل فتكون منكرة ويكون القول قولها
بحر
قوله ( وادعى الخلع ) ينبغي حمله على ما إذا كان مدعيا أن نفقة العدة من جملة بدل الخلع
بحر
قوله ( فالقول لها في المهر وله في النفقة ) لأن المهر كان ثابتا عليه قبله فدعوى سقوطه غير مقبولة وأما نفقة العدة فليست واجبة قبله وهي تدعى استحقاقها بالطلاق وهو ينكر فكان القول له وهو مشكل فإنهما اتفقا على سبب استحقاقها لأن الخلع والطلاق يوجبان نفقة العدة فكيف تسقط
بحر
قلت وأصل الاستشكال لصاحب جامع الفصولين واعترضه في نور العين على أنه ساقط بلامين
قوله ( قسمت قيمته على مسميهما ) فإذا كانت قيمته ثلاثين ومهر إحداهما مائتان ومهر الأخرى مائة لزم الأولى عشرون والأخرى عشرة ولا يقسم بينهما مناصفة ومحله إذا كان العبد لأجنبي أو لهما والمهران متفاوتان أما لو كان بينهما مناصفة والمهران متساويان يكون العبد بدل الخلع ط
وفرض المسألة في كافي الحاكم بما إذا خلع امرأتيه على ألف
قوله ( وقف على قبولها ) قال في المجتبى والظاهر أنه عني به وقوع الطلاق ومعرفة هذه المسألة من أهم المهمات في هذا الزمان لأن الناس يعتادون إضافة الخلع إلى مال الزوج
____________________
(3/451)
بعد إبرائها إياه من المهر فبهذا علم أنه إذا قبلت وقع الطلاق ولم يجب على الزوج شيء
وفي منية الفقهاء خلعتك بمالي عليه من الدين وقبلت ينبغي أن يقع الطلاق ولا يجب شيء ويبطل الدين ا هـ ما في المجتبى
وسيذكر الشارح آخر الباب صحة إيجاب بدل الخلع عليه وسيأتي تمامه
قوله ( في نكاح صحيح ) ذكره لبيان الواقع وإلا فقد أخرج الفاسد أول الباب بقوله إزالة ملك النكاح أفاده ط
وقدمناه قولين في سقوط المهر بعد الدخول في الفاسد وتقدم أيضا أنه لو أبانها ثم خالعها على مهرها لم يسقط المهر
قال في الفصولين لأنه لم يسلم لها بعد الخلع شيء وكذا لو ارتدت فخالعها
قوله ( كما اعتمده العمادي وغيره ) أي كصاحب الفتاوي الصغرى فإنه صحح أنه يسقط المهر كالخلع والمبارأة وصحح في الخانية أنه لا يسقط المهر إلا بذكره وصححه في جامع الفصولين أيضا فقد اختلف التصحيح وقول الشارح أول الباب خلافا ل للخانية تبع فيه قول البحر وإن صرح قاضيخان بخلافه ولم يظهر لي وجه ترجيح التصحيح الأول على الثاني مع أنهم قالوا أن قاضيخان من أجل من يعتمد على تصحيحه
قوله ( والمبارأة ) بفتح الهمزة مفاعلة من البراءة وترك الهمزة خطأ وهي أن يقول الزوج برئت من نكاحك بكذا قاله صدر الشريعة
وفي الفتح هو أن يقول بارأتك على ألف فتقبل نهر
قلت وما في الفتح موافق لما في كافي الحاكم
قال في النهر قيد المصنف بقوله بارأها لأنه لو قال لها برئت من نكاحك وقع الطلاق وينبغي أن لايسقط به شيء ا هـ أي لأنه لم يكن بلفظ المفاعلة ولم يذكر له بذلا لم يتوقف على قبولها فيقع به البائن ولا يكون مسقطا بمنزلة قوله خلعتك بخلاف ما إذا
كان بلفظ المفاعلة أو ذكر له بدلا فإنه يتوقف على القبول حتى يكون مسقطا
وبهذا ظهر أنه لا منافاة بين ما نقله أولا عن صدر الشريعة المصرح فيه بذكر البدل وبين ما ذكره آخرا فافهم
تنبيه ذكر في النهر أول الباب أخذا من عبارة الفتح أن المبارأة من ألفاظ الخلع
قلت وقدمنا عن الجوهرة التصريح به لكن تقدم عن البزازية أن لفظ الخلع من ألفاظ الكناية إلا أن المشايخ قالوا إنه لغلبة استعماله صار كالصريح فلا يفتقر إلى النية وأن المبارأة إذا غالب فيها الاستعمال فهي كذلك وتقدم أيضا أن الواقع والخلع تطليقه بائنة سواء نوى الواحدة أو التنيتين وإن نوى الثلاث فثلاث وإن أخذ عليه جعلا لم يصدق أنه لم يرد به الطلاق
قال في الكافي للحاكم والمبارأة بمنزلة الخلع في جميع ذلك
قوله ( أي الإبراء من الجانبين ) أي بأن تقول به بارئني فيقول لها بارأتك أو يقول لها ذلك وتقول هي قبلت كما في شرح المنظومة فالمراد ما يعم الإبراء من أحدهما والقبول من الآخر ط
قوله ( كل حق ) شمل المهر والنفقة المفروضة والماضية والكسوة كذلك وكذا المتعة تسقط بلا ذكر ويستثنى ما إذا خالعها على مهرها أو بعضه وكان مقبوضا فإنها ترده ولا تبرأ ومقتضى إطلاقهم البراءة إلا أن يقال مرادهم ما عدا بدل الخلع والمهر بدله فلا تبرأ عنه كما لو كان مالا لآخر
بحر
وهذا قول الإمام
وعند محمد لا يسقط إلا ما سمياه فيهما أي في الخلع والمبارأة وأبو يوسف مع الإمام في المبارأة ومع محمد في الخلع
ملتقى
مطلب حاصل مسائل الخلع والمباراة على أربعة وعشرين وجها ثم اعلم أن حاصل وجوه المسألة أن البدل إما أن يكون مسكوتا عنه أو منفيا أو مثبتا على الزوج أو عليها بمهرها كله أو بعضه أو مال آخر وكل من الستة على وجهين إما أن يكون المهر مقبوضا أو لا وكل من الاثني عشر
____________________
(3/452)
إما أن يكون قبل الدخول بها أو بعده فإن كان البدل مسكوتا عنه ففيه روايتان أصحهما براءة كل منهما عن المهر لا غير فلا ترد ما قبضت ولا يطالب هو بما بقي وسيأتي تمام الكلام عليه عند قول المصنف وبرىء عن المؤجل لو عليه الخ وإن كان منفيا كقوله اخلعي نفسك مني بغير شيء ففعلت وقبل الزوج صح بغير شيء لأنه صريح في عدم المال ووقوع البائن فلا يبرأ كل منهما عن حق صاحبه وإن كان معينا على الزوج فسيأتي آخر الباب
وإن كان بكل المهر فإن كان مقبوضا رجع بجميعه وإلا سقط عنه كله مطلقا أي قبل الدخول أو بعده وإن خالعها على أن يجعله لولدها أو لأجنبي جاز الخلع والمهر للزوج
وإن ببعضه كالعشر مثلا والمهر عشرون فإن قبضته رجع بدرهمين لو بعد الدخول وسلم لها الباقي وبدرهم فقط إن كان قبله لأنه عشر النصف وإن لم يكن مقبوضا سقط الكل مطلقا المسمى بحكم الشرط والباقي بحكم لفظ الخلع وإن بمال آخر غير المهر فله المسمى وبرىء كل منهما مطلقا في الأحوال كلها ا هـ ملخصا من البحر و النهر وغرر الأذكار
لكن المراد بالأخير ما إذا كان منه معلوما موجودا في الحال وإلا فهو على ستة أوجه قدمناها عن الذخيرة
قوله ( ثابت وقتهما ) أي وقت الخلع والمبارأة احترز به عن حق يثبت بعدهما كنفقة العدة والسكنى كما يشير إليه الشارح
قوله ( مما يتعلق ) أي من الحق الذي يتعلق بذلك النكاح الذي وقع الخلع منه
قوله ( لا الأول ) لأنه ليس من حق ذلك النكاح بل هو حق النكاح الأول
قوله ( ومثله المتعة ) الأولى ومنه أي من الحق الذي يسقط
قال في البحر وأما المتعة فقال في البزازية خالعها قبل الدخول وكان لم يسم مهرا تسقط المتعة بلا ذكر ا هـ
ويحتمل أن مراده أن المتعة مثل المهر فتسقط إذا كانت متعة ذلك النكاح لا متعة نكاح قبله كما حمله ح
قوله ( صح الخ ) قال في البحر ومقتضى الإبراء العام عدم الصحة وكأنه لما وقع في ضمن الخلع تخصص بما هو من حقوق النكاح
قوله ( إلا إذا نص عليها ) أي على النفقة في الخلع أما لو لم تسقطها حتى انخلعت ثم أسقطتها لا تسقط لإسقاطها حينئذ قصدا لما لم يجب فإنها إنما تجب شيئا فشيئا بخلاف ذلك الإسقاط الضمني فإنه يسقط باعتبار ما تستحقه وقت الخلع والباقي سقط تبعا في ضمن الخلع
فتح
وفي الذخيرة من النفقة قالت لزوجها أنت بريء من نفقتي أبدا ما دمت امرأتك لا يصح لأن صحة الإبراء تعتمد الوجوب أو قيام سبب الوجوب ولم يوجدا هنا لأن سبب وجوبها في المستقبل هو الاحتباس في المستقبل وهو غير موجود في الحال ثم قال وإذا أبرأته عن النفقة قبل أن تصير دينا في ذمته لا يصح بالاتفاق وإذا شرطت في الخلع يصح لأنه إبراء بعوض فيكون استيفاء لما وقعت البراءة عنه لأن العوض قائم مقامه والاستيفاء قبل الوجوب يصح بالاتفاق ا هـ
وفي القنية وإن لم تكن النفقة واجبة لكن سببها قائم فصح الإبراء منها ا هـ أي فإن الخلع سبب لوجوب نفقة العدة وهذا معنى قوله في البدائع فأما نفقة العدة فإنها تجب عند العدة فكان الخلع على النفقة مانعا من وجوبها أي بخلاف إبرائها عن النفقة قبل الخلع أو بعده فإنه لا يصح
وفي البزازية وقيل يصح وهو الأشبه
قلت لكن المذكور في عامة الكتب أنه لا يصح ولذا جزم به في الفتح و شرح الطحاوي و البدائع وكذا في الخانية وغيرها بل علمت أنه بالاتفاق
____________________
(3/453)
وفي الولوالجية اختلعت منه بكل حق هو لها عليه فلها النفقة ما دامت في العدة لأنها لم تكن حقا لها وقت الخلع
وفي البحر عن البزازية اختلعت بتطليقة بائنة على كل حق يجب للنساء على الرجال قبل الخلع وبعده ولم تذكر الصداق ونفقة العدة تثبت البراءة عنهما لأن المهر ثابت قبل الخلع والنفقة بعده ا هـ
مطلب حادثة الفتوى أبرأته عن مهرها وعن أعيان معلومة فقال إن كانت براءتك صادقة فأنت طالقة تنبيه وقعت حادثة سألت عنها في امرأة طلبت من زوجها الطلاق على أن تبرئه من مهرها ومن أعيان معلومة فرضي وأبرأته من ذلك فقالت إن كانت براءتك صادقة فأنت طالقة
فأجبت بأنها لا تطلق لقولهم إن البراءة عن الأعيان لا تصح ومراده الزوج التعليق على صحة البراءة عن الكل ليسلم له جميع العوض هكذا ظهر لي
ثم رأيت بعد جوابي هذا في فتاوي الكازروني نقلا عن فتاوي العلامة عبد الرحمن المرشدي أنه سأل عما يقع كثيرا من قول المرأة أبرأتك من المهر ونفقة العدة وقول الزوج طلاقك بصحة براءتك
فأجاب بعدم الوقوع
قال ووافقني بعض حنفية العصر وتوقف بعضهم محتجا بأن شيخنا جار الله بن ظهيرة كان يفتي بالوقوع لقولهم أن نفقة العدة تسقط بالتسمية فقلت هذا بمعزل عما نحن فيه لأن النفقة بالطلاق يوما فيوما والإبراء عن المعدوم باطل والمعلق به كذلك لانتفاء المعلق عليه بانتفاء جزئه
وأما المذكور في باب الخلع فالمراد به المبارأة التي هي نوع من الخلع الموقوف على قبولها في المجلس فإذا كان على المهر ونفقة العدة سقطت النفقة تبعا له أما هنا فهو تعليق محض فلا يقع ببطلان بعض المعلق عليه ا هـ ملخصا
ثم رأيت البيري في شرح الأشباه صوب ما أفتى به ابن ظهيرة ورد على المرشدي مستندا لما مر من التصريح بسقوط النفقة بالشرط
أقول والصواب أنه إذا لم يكن الإبراء مبنيا على طلب الطلاق لم تسقط النفقة وإن طلقها عقبة لأنه في حال قيام النكاح وإن كان مبنيا عليه سقطت وإن كان حال قيام النكاح لأنه حينئذ يصير مقابلا بعوض
ففي الذخيرة و الخانية وغيرهما طلبت طلاقها فقال أبرئيني عن كل حق لك حتى أطلقك فقالت أبرأتك عن كل حق للنساء على الأزواج فقال الزوج في وفوره طلقتك واحدة وهي مدخول بها تقع بائنة لأنه طلاق بعوض وهو الإبراء دلالة ا هـ
وأفاد في الفتح أن النفقة لا تسقط بذلك لانصراف الحق إلى القائم لها إذا ذاك ا هـ
نعم قدمنا آنفا أنها لو أبرأته عن كل حق قبل الخلع وبعده تسقط فكذا إذا طلب إبراءها له عن المهر والنفقة صريحا ليطلقها فأبرأته وطلقها فورا يصح الإبراء لأنه إبراء بعوض وهو ملكها نفسها فكأنها استوفت النفقة باستيفاء بدلها والاستيفاء قبل الوجوب يصح كما لو دفع له نفقة شهر يصح وعلى هذا يكون إبراء بشرط فإذا لم يطلقها لم يبرأ فقد صرح في الخانية بأنها لو أبرأته عما لها عليه على أن يطلقها فإن طلقها جازت البراءة وإلا فلا بخلاف ما لو أبرأته على أن لا يتزوج عليها فتصح البراءة دون الشرط لأن الأول يصح فيه الجعل دون الثاني فيكون الشرط فيه باطلا
وفي الحاوي الزاهدي ولو أبرأته ليطلقها فقام ثم طلقها يبرأ إن لم ينقطع حكم المجلس والا فلا ا هـ
إذا علمت ذلك فقد ظهر لك أن صحة هذه البراءة موقوفة على الطلاق فورا أي في المجلس فإذا قال لها طلاقك بصحة براءتك يكون قد علق الطلاق على صحة البراءة فيقتضي تحقق صحتها قبله كما هو مقتضى الشرط ولا صحة لها إلا به فلم يوجد المعلق عليه فلا يقع الطلاق البحر بخلاف ما لو نجز الطلاق فإنه يقع وتصح به البراءة فقد ظهر أن الحق
____________________
(3/454)
ما قاله المرشدي ولا ينافيه تصريحهم بسقوط النفقة بالشرط لما علمت من أن سقوطها موقوف على الطلاق أو الخلع فلا توجد البراءة قبله وإنما توجد بطلاق أو خلع منجز لا معلق على صحتها هذا ما ظهر لي في هذا المحل وهذه المسألة كثيرة الوقوع فاغتنم تحريرها والله سبحانه أعلم
قوله ( لأنها حق الشرع ) لأن سكناها في غير بيت الطلاق معصية
بحر عن الفتح
قوله ( إلا إذا أبرأته عن مؤنة السكنى ) بأن كانت ساكنة في بيت نفسها أو تعطي الأجرة من مالها فيصح التزامها ذلك
فتح
لكن مقتضى هذا أنه لا بد من التصريح بمؤنة السكنى مع أنه ذكر في الفتح وغيره في فصل الإحداد لو اختلعت على أن لا سكنى لها فإن مؤنة السكنى تسقط عن الزوج ويلزمها أن تكتري بيت الزوج ولا يحل لها أن تخرج منه ا هـ
تأمل
قوله ( وهو ) أي قول المصنف إلا نفقة العدة الخ مستغنى عنه بما قدره الشارح من قوله ثابت وقتهما لأن قوله لكل منهما متعلق بذلك المحذوف على أنه صفة لحق فإذا كان تقدير كلامه ذلك استغنى به عن الاشتثناء المذكور فكان الأولى تركه فافهم
قوله ( مسقط للمهر ) قيد به لما في البحر أنه صرح في شرح الوقاية و الخلاصة و البزازية و الجوهرة بأن النفقة المقضي بها تسقط بطلاق وأطلقوه فشمل الطلاق بمال وغيره ا هـ
وفيه كلام سيأتي في النفقة
قوله ( ذكره البزازي ) بلفظ وعليه الفتوى ومثله في الفصول وغيرها
وفي البحر أنه ظاهر الرواية وصححه الشارحون وقاضيخان
ا هـ
قلت وحاصل عبارة قاضيخان أن الطلاق بمال حكمه حكم الخلع عندهما أي أنه غير مسقط للمهر وعنده في رواية كقولهما وهو الصحيح وفي رواية كالخلع عنده أي في أنه مسقط ا هـ
وقدمنا ذكر الخلاف في الخلع عن الملتقى وبهذا تعلم ما في عبارة النهر الذي وقع غيره في الغلط فافهم
مطلب في البراءة بقولها أبرأك الله قوله ( ذكره البهنسي ) وتبعه تلميذه الباقاني في شرحه على الملتقى وأفتى به الخير الرملي لكن نقل ط عن العلامة المقدسي أنه أفتى بصحة البراءة به للتعارف
قلت وبه أفتى قارىء الهداية وابن الشلبي معللا بأن العرف على كونه إبراء قال وكتب مثله الناصر اللقاني وشيخ الإسلام الحنبلي ا هـ
وكذا ذكره في المنظومة المحبية وأفتى به في الحامدية وأيده السائحاني بما في البزازية
قال طلقك الله أو لأمته أعتقك الله يقع الطلاق والعتاق
زاد في الجوهرة نوى أو لم ينو
مطلب في الخلع على نفقة الولد قوله ( من نفقة الولد ) شمل الحمل بأن شرط براءته من نفقته إذا ولدته
قوله ( من نفقة الولد ) وهي مؤنة الرضاع كذا في البحر عن الفتح ومثله في الكفاية والاختيار
قوله ( وفيه عن المنتقى الخ ) ظاهره أن هذه رواية أخرى يؤيده ما في الخلاصة وإنما يصح على إمساك الولد إذا بين المدة وإن لم يبين لا يصح سواء كان الولد رضيعا و فطيما
وفي المنتقى الخ قلت ولعل وجه الرواية الأولى أن الخلع إذا قع على نفقته أو أمساكه وهو رضيع يفضي إلى المنازعة لأن المرأة تقول أردت نفقته شهرا مثلا والزوج يقول أكثر ووجه الرواية الثانية أن كونه رضيعا قرينة على إرادة مدة الرضاع وقد جزم بهذه الرواية في الخانية و البزازية
قوله ( بخلاف الفطيم ) لأن مدة بقائه عندها استغناء الغلام وحيض الجارية وهي مجهولة ا هـ ح
____________________
(3/455)
قلت لم أر هذا التعليل لغيره وهو ظاهر إذا كان الخلع على إمساكه عندها مدة الحضانة على أنه لا يظهر على القول المعتمد من تقدير مدة الحضانة بسبع للغلام وعشر للجارية بل الظاهر أن مراده أن الخلع إذا كان على نفقة الولد وهو رضيع يراد بها مؤنة الرضاع لأن نفقته هي إرضاعه وهو مؤقت شرعا فتنصرف إليه بخلاف ما إذا كان فطيما فلا بد من التوقيت لأن نفقته طعامه وشرابه وذلك ليس له وقت مخصوص لأنه يأكل مدة عمره فلا تصح التسمية بدون توقيت للجهالة
وفي الذخيرة روى أبو سليمان عن محمد عن أبي حنيفة في المرأة تختلع من زوجها بنفقة ولد له منها ما عاشوا فإن عليها أن ترد المهر الذي أخذت منه ا هـ أي فهو نظير ما إذا خالعها على ما في بيتها من المتاع ولم يوجد فيه شيء
فافهم
قوله ( ولو تزوجها ) أي وقد خالعها على نفقة العدة أو الولد نهر ط أي وكان التزوج قبل تمام المدة
قوله ( أو هربت ) أي وتركت الولد على الزوج
بحر
وكذا لو خالعته على نفقة العدة ولم تكن في منزل الطلاق حتى سقطت نفقتها يرجع عليها بالنفقة كما بحثه في البحر
قوله ( أو مات الولد ) وكذا لو لم يكن في بطنها ولد فيما إذا خالعها على إرضاع حملها إذا ولدته إلى سنتين فترد قيمة الرضاع ولو قالت عشر سنين رجع عليها بأجرة رضاع سنتين ونفقته باقي السنين
فتح
قوله ( رجع ببقية نفقة الولد ) بأن مضت سنة من السنتين مثلا ترد قيمة رضاع سنة كما في الفتح
قوله ( والعدة ) أي وبقية نفقة العدة فيما لو خالعها عليها أيضا
قوله ( إلا إذا شرطت براءتها ) أي وقت الخلع بموت الولد أو موتها كما في الفتح
قال في البحر والحيلة في براءتها أن يقول الزوج خالعتك على أني برىء من نفقة الولد إلى سنتين فإن مات الولد قبلها فلا رجوع لي عليك كذا في الخانية بخلاف ما لو استأجر الظئر للإرضاع سنة بكذا على أنه مات قبلها فالأجر لها فالأجارة فاسدة كذا في إجارات الخلاصة ا هـ
قال في البزازية إذ يجوز في الخلع ما لا يجوز في غيره
قوله ( ولها مطالبته الخ ) أي أن الكسوة لا تدخل إلا بالتنصيص عليها
قال في الفتح ولها أن تطالبه بكسوة الصبي إلا أن اختلعت على نفقته وكسوته فليس لها وإن كانت مجهولة وسواء كان الولد رضيعا أو فطيما ا هـ
ومثله في الخلاصة وانظر ما فائدة التعميم في الولد
هذا وقد تعورف الآن خلع المرأة على كفالتها للولد بمعنى قيامها بمصالحة كلها وعدم مطالبة أبيه بشيء منها إلى تمام المدة
والظاهر أنه يكفي عن التنصيص على الكسوة لأن المعروف كالمشروط
تأمل
قوله ( فيصح كالظئر ) أي كما يصح في استئجار الظئر وهي المرضعة
قال في البزازية وإن خالعها على إرضاع ولده سنة وعلى نفقة ولده بعد الفطام عشر سنين يصح والجهالة لا تمنع هنا كما لو استأجر ظئرا بطعامها وكسوتها يصح عند الإمام لأن العادة جرت بالتوسعة على الأظآر وهنا يصح عند الكل لأنه لا تجرى المناقشة ولو من لئيم في نفقة ولده ا هـ
قوله ( يجبر عليها ) لأن بدل الخلع دين عليها فلا تسقط نفقة الولد بدين له عليها كما إذا كان له عليها دين آخر وهي لا تقدر على قضائه لا تسقط الولد عنه
قال وعليه الاعتماد لا على ما أجال به سائر المفتين أنه تسقط كذا في القنية و الحاوي ونحوه في الفتح وغيره
وأفاد هذا أن الأب يرجع عليها بعد يسارها
قوله ( صح في الأنثى لا الغلام )
____________________
(3/456)
لأنه لا يحتاج إلى معرفة آداب الرجال والتخلق بأخلاقهم فإذا طال مكثه مع الأم يتخلق بأخلاق النساء وفي ذلك من الفساد ما لا يخفى كذا في الفتاوي الهندية
قال المقدسي وفي قوله صح في الأنثى بحث لأن المفتى به الآن أن الأنثى لا تبقى عند الأم إلى البلوغ فتأمل ا هـ
قلت العلة تضييع حق الولد ولا تضييع في أبقاء الأنثى إلى البلوغ عند أمها نعم يرد أن يقال إن مدة البلوغ مجهولة ولعل الجهالة تغتفر لأن الغالب البلوغ في خمسة عشر
قوله ( لأنه حق الولد ) لأن إبقاءه عند زوجها الأجنبي مضر بالولد ولذا سقط حقها في الحضانة
ومثله ما في الخانية لو خالعها على أن يكون الولد عنده سنين معلومة صح وبطل الشرط لأن كون الولد الصغير عند الأم حق الولد فلا يبطل بإبطالهما
قوله ( وينظر إلى إمساكه ) أي أجر مثل إمساكه كما عبر في الخلاصة
مطلب في خلع الصغيرة قوله ( طلقت ) أي بائنا لو بلفظ الخلع كما يأتي ومر أيضا
قوله ( في الأصح ) وقيل لا تطلق لأنه معلق بلزوم المال وقد عدم ووجه الأصح أنه معلق بقبول الأب وقد وجد
بزازية قوله ( كما لو قبلت هي ) أشار بالكاف إلى أنها مسألة اتفاقية فافهم
قال في الفتح هذا أي ما ذكر من الخلاف إذا قبل الأب فإت قبلت وهي عاقلة تعقل أن النكاح جالب والخلع سالب وقع الطلاق بالاتفاق ولا يلزمها المال ا هـ
قلت ويقع كثيرا إنه يطلقها بمقابلة إبرائها إياه من مهرها
والظاهر أنه يقع الرجعي لعدم سقوط المهر
ثم رأيت في جامع الفصولين ما نصه واقعة
قال لامرأته الصبية أنت طالق بمهرك فقبلت فينبغي أن تطلق رجعيا ولا يسقط المهر ا هـ
ويأتي ما يؤيده عن شرح الوهبانية
قوله ( ولم يلزم المال ) أي لا عليها ولا على الأب على قول ابن سلمة وعنه يلزمه وإن لم يضمن
جامع الفصولين
أما إذا ضمنه فلا كلام في لزومه عليه وهي مسألة المتن الآتي
قال في البحر ومذهب مالك أن الأب إذا علم أن الخلع خير لها بأن كان الزوج لا يحسن عشرتها فالخلع على صداقها صحيح فإن قضى به قاض نفذ قضاؤه كذا في البزازية والمراد بالقاضي المالكي قوله ( وكذا الكبيرة الخ ) أي إذا خالعها أبوها بلا إذنها فإنه لا يلزمها المال بالأولى لأنه كالأجنبي في حقها
وفي الفصولين إذا ضمنه الأب أو الأجنبي وقع الخلع
ثم إن أجازت نفذ عليها وبرىء الزوج من المهر وإلا ترجع به على الزوج والزوج على المخالع وإن لم يضمن توقف الخلع على إجازتها فإن جاز وبرىء الزوج عن المهر وإلا لم يجز
قال في الذخيرة ولا تطلق
قال غيره ينبغي أن تطلق لأنه معلق بالقبول وقد وجد ا هـ
أي بقبول المخالع
وفي البزازية وإن لم يضمن توقف على قبولها في حق المال
قال وهذا دليل على أن الطلاق واقع وقيل لا يقع إلا بإجازتها ا هـ
قوله ( ولا يصح من الأم الخ ) قال في البحر قيد بالأب لأنه لو جرى الخلع بين زوج الصغيرة وأمها فإن أضافت الأم البدل إلى مال نفسها أو ضمنت تم الخلع كالأجنبي وإلا فلا رواية فيه
والصحيح أنه لا يقع الطلاق بخلاف الأب
قوله ( ولا على صغير أصلا ) قال في البحر وقيد بالأنثى لأنه لو خلع ابنه الصغير لا يصح ولا يتوقف خلع الصغير على إجازة الولي
وحاصله أنه في الصغيرة لا يلزم المال مع وقوع الطلاق وفي الصغير لا وقوع أصلا
____________________
(3/457)
مطلب في خلع غير الرشيدة قوله ( وهي غير رشيدة ) في ماله ولو فاسقا كما سيأتي في الحجر
وذكروا هناك أن الحجر بالسفه يفتقر عند أبي يوسف إلى القضاء كالحجر بالدين
وقال محمد يثبت بمجرد السفه وهو تبذير للمال وتضييعه على خلاف الشرع
وظاهر ما في شرح الوهبانية اعتماد الثاني فإنه قال عن المبسوط وإذا بلغت المرأة مفسدة فاختلعت من زوجها بمال جاز الخلع لأن وقوع الطلاق في الخلع يعتمد القبول وقد تحقق منها ولم يلزمها المال لأنها التزمته لا لعوض هو مال ولا بمنفعة ظاهرة فتجعل كالصغيرة فإن كان طلقها تطليقة على ذلك المال يملك رجعتها لأن وقوعه بالصريح لا يوجب البينونة إلا بوجوب البدل بخلاف ما إذا كان بلفظ الخلع ا هـ ملخصا
قوله ( فإنها تطلق الخ ) تصريح بوجه المشابهة بين مسألتي الصغيرة وغير الرشيدة وقوله فيهما أي في المسألتين
قوله ( فإن خالعها ) أي الصغيرة
قوله ( على مال ) شمل المهر
قوله ( لعدم وجوب المال عليها ) فلم تتحقق الكفالة لأنها ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة ولا مطالبة على الأصيل ط
قوله ( كالخلع من الأجنبي ) أي الفضولي
وحاصل الأمر فيه أنه إذا خاطب الزوج فإن أضاف البدل إلى نفسه على وجه يفيد ضمانه له أو ملكه إياه كاخلعها بألف علي أو على أني ضامن أو على ألفي هذه أو عبدي هذا ففعل صح والبدل عليه فإن استحق لزمه قيمته ولا يتوقف على قبول المرأة وإن أرسله بأن قال على ألف أو على هذا العبد فإن قبلت لزمها تسليمه أو قيمته إن عجزت وإن أضافه إلى غيره كعبد فلان اعتبر قبول فلان ولو خاطبها الزوج أو خاطبته بذلك اعتبر قبولها سواء كان البدل مرسلا أو مضافا إليها أو إلى الأجنبي ولا يطالب الوكيل بالخلع بالبدل إلا إذا ضمنه ويرجع به عليها وتمامه في البحر
قوله ( فالأب أولى ) لأنه يملك التصرف في نفسها ومالها فتح
قوله ( بلا سقوط مهر ) أي سواء كان الخلع على المهر أو على ألف مثلا لكن إذا كان على المهر فلها أن ترجع به على الزوج والزوج يرجع به على الأب لضمانه أما لو كان على ألف فإنها إذا رجعت بالمهر على الزوج لا يرجع به على الأب لأنه لم يضمن له المهر بل ضمن له الألف وكلام الفتح محمول على هذا التفصيل كما في النهر وشرح المقدسي خلافا لما فهمه في البحر فحكم عليه بالخطأ وما ذكره الشارح في شرح الملتقى في حل هذا المحل فيه إيجاز مخل
قوله ( ومن حيل سقوطه ) أي سقوط المهر عن الزوج وأشار إلى أن له حيلا أخر منها ما قدمناه من حكم مالكي بصحته
ومنها أن يقر الأب بقبض صداقها ونفقة عدتها لصحة إقرار الأب بقبضه بخلاف سائر الأولياء ثم طلقها الزوج بائنا لكنه يبرأ في الظاهر أما عند الله تعالى فلا كما في البحر
واعترضهم في جامع الفصولين بأن فيه تعليم الكذب وشغل ذمة الزوج
وأجاب المقدسي بأنه عند إضرار الزوج بها وعدم إمكان الخلاص إلا بذلك لا يضر
مطلب في خلع الفضولي قوله ( أن يجعل ) أي الزوج
وفي نسخة أن يجعلا أي هو والأب وقوله ثم يحيل به أي بالمهر والزوج فاعل يحيل وقوله عليه أي على الأجنبي وهي موجود في بعض النسخ وقوله من له ولاية مفعول يحيل وقوله قبض ذلك منه أي قبض المهر من الزوج والمراد بمن له ولاية قبض المهر منه هو الأب إن كان وإلا نصب
____________________
(3/458)
القاضي وصيا
وصورتها أنه إذا كان المهر ألفا مثلا يخالع الزوج مع أجنبي على ألف من ماله ثم يحيل الزوج أو الأب أو الوصي بالمهر على الأجنبي بشرط القبول وأن يكون الأجنبي أملأ من الزوج فحينئذ يبرأ الزوج من المهر ويصير في ذمة ذلك الأجنبي لكن في ذلك ضرر للأجنبي فلذا قيل ثم يبرئه الأب أو يقر بقبضه منه لكن يكفي في الظاهر إقرار الأب ابتداء بدون هذا التكليف كما قدمناه آنفا
وفي بعض النسخ ثم يحيل به الزوج على من له ولاية
قبض ذلك منه وهده حيلة أخرى ذكرها في البحر عن البزازية وعليه ففاعل يحيل ضمير يعود على الأجنبي والزوج مفعوله والضمير في به يعود على بدل الخلع أي يحيل الأجنبي الزوج بالألف بدل الخلع على من له ولاية القبض أي على الأب أو الوصي فيبرأ الأجنبي من البدل ويصير في ذمة الأب وقوله في البزازية فيبرأ الزوج منه غير ظاهر
تأمل
لكن يغني عن هذه الحيلة الثانية التزام الأب البدل ابتداء بدون هذا التكلف
تأمل
قوله ( أي الزوج الضمان ) تفسير للضمير المستتر والبارز والمراد بالضمان المضمون ليوافق قول الفتح أي لو شرط الزوج الألف عليها توقف على قبولها الخ
وفي البزازية الخلع إذا جرى بين الزوج والمرأة فإليها القبول كان البدل مرسلا أو مطلقا أو مضافا إلى المرأة أو الأجنبي إضافة ملك أو ضمان ا هـ
أمثلة ذلك اخلعني على هذا العبد أو على عبد أو على عبدي هذا أو على عبد فلان
قوله ( طلقت ) لوجود الشرط هو قبولها والبينونة تعتمد القبول دون لزوم المال كما إذا سمت خمرا ونحوه
فتح
قوله ( وإن قبل الأب ) لأن قبولها شرط وهو لا يحتمل النيابة
فتح
قوله ( في الأصح ) وفي رواية يصح لأنه نفع محض إذا تتخلص من عهدته بلا مال
فتح
قوله ( وأجازت ) أي أجازت قبول الأب ح
ومثله في الدر المنتقى وهو المفهوم من الفتح فافهم
قوله ( قال الزوج خالعتك ) قيد بصيغة المفاعلة لأنه لو قال خلعتك لا يتوقف على القبول ولا يبرأ كما في البحر وتقدم أول الباب وهذه المسألة في الزوجة البالغة
قوله ( وبرىء عن المهر المؤجل الخ ) ذكر في الخلاصة و البزازية أنه في هذه الصورة يبرأ كل واحدة منهما عن صاحبه في إحدى الروايتين عن أبي حنيفة وهو الصحيح وإن لم يكن على الزوج مهر فعليها رد ما ساق إليها من المهر لأن المال مذكور عرفا بذكر الخلع ا هـ
وهكذا في الفتح وظاهر أول العبارة أن المهر إذا كان مقبوضا فلا رجوع له وصريح أخرها الرجوع وبه صرح في الخانية فحينئذ لم يبرأ كل منهما عن صاحبه
قال وقد ظهر لي أن محل البراءة ما إذا خالعها بعد دفع المعجل فإنها تبرأ عن المعجل ويبرأ هو عن المؤجل ولذا قال في المحيط الصحيح أنه يسقط المهر ما قبضت المرأة فهو لها وما بقي في ذمته يسقط ا هـ
قلت ويؤيده أنه في الخانية لم يقل يبرأ كل واحد منهما بل قال ويبرأ الزوج عن المهر الذي لها عليه فإن لم يكن لها عليه مهر لزمها رد ما ساق إليها كذا ذكره الحاكم الشهيد وابن الفضل ا هـ
وحاصله أن الزوج يبرأ مما لها في ذمته من المهر كلا أو بعضا وأما هي فلا تبرأ إلا من البعض ولو قبضت
____________________
(3/459)
الكل لزمها رده وبهذا ظهر ما في قول المصنف وإلا ردت ما ساق إليها من المعجل فإنه يوهم أنه لا يلزمها رد المؤجل إذا قبضت كل المهر فكان حقه أن يقول وإلا ردت المهر إلا أن يجاب بأنها أذا قبضت الكل صار كله معجلا فتأمل
ثم اعلم أن هذا كله مخالف لما في الفتح عند قوله ويسقط الخلع والمبارأة كل حق الخ من أن البدل إن كان مسكوتا عنه ففيه ثلاث روايات أصحها براءة كل منهما عن المهر لا غير فلا يطالب به أحدهما الآخر قبل الدخول أو بعده مقبوضا أو لا حتى لا ترجع عليه بشيء إن لم يكن مقبوضا ولا يرجع الزوج عليها إن كان مقبوضا كله والخلع قبل الدخول لأنه المال مذكور عرفا بالخلع الخ ومثله في الزيلعي و شرح الوهبانية و المقدسي و الشرنبلالية
وقوله والخلع قبل الدخول أي ومثله لو بعده بالأولى لأنها إذا طلقت قبل الدخول لزمها رد نصف المهر فإذا لم يلزمها رد شيء منه هنا لم يلزمها بعد الدخول بالأولى
وفي شرح الجامع الصغير لقاضيخان خلعها ولم يذكر العوض عندهما لم يبرأ أحدهما عن صاحبه عن المال الواجب بالنكاح
وعن أبي حنيفة روايتان والصحيح براءة كل منهما عن صاحبه ا هـ وفي متن المختار والمبارأة كالخلع يسقطان كل حق لكل منهما على الآخر مما يتعلق بالنكاح حتى لو كان قبل الدخول وقد قبضت المهر لا يرجع عليها بشيء ولو لم تقبض شيئا لا ترجع عليه بشيء ا هـ
مثله في متن الملتقى
وفي شرح درر البحار و شرح المجمع إن لم يسميا شيئا برىء كل منهما من الآخر قبضت المهر أم لا دخل بها أم لا
ا هـ
قلت وبه علم أن ما مر عن الفتاوى قول آخر غير المصحح في الشروح والمتون وظهر بهذا خلل كلام المصنف من وجهين أحدهما أنه مشى على خلاف الصحيح
والثاني أنه يوهم أنها ترد المعجل فقط مع أنه لم يقل به أحد وإنما الخلاف في رد جميع المهر إذا كانت قبضته
مطلب في خلع المريضة قوله ( خلع المريضه ) أي مرض الموت إذ لو برئت منه كان للزوج كل البدل لتراضيهما كما لو وهبته شيئا برئت من مرضها وإن ماتت في العدة
قوله ( لأنه تبرع ) لما تقرر أن البضع غير متقوم عند الخروج فما بذلته من بدل الخلع تبرع لا يصح لوارث وينفذ للأجنبي من الثلث لكنه يعطي الأقل دفعا لتهمة المواضعة كما مر في طلاقه لها في مرضه
قوله ( فله الأقل الخ ) بيانه لو كان إرثه منها خمسين وبدل الخلع ستين والثلث مائة فقد خرج الإرث والبدل من الثلث فلها الأقل وهو خمسون وإن كان الثلث أربعين فلها الأقل منه ومن الإرث وهو أربعون
والحاصل أن له الأقل من ميراثه ومن بدل الخلع ومن الثلث ولو عبر بذلك تبعا ل جامع الفصولين لكان أخصر وأظهر
قوله ( فله البدل إن خرح من الثلث ) أفاد أنه لا ينظر إلى الإرث هنا لعدمه بموتها بعد العدة أو قبل الدخول لحصول البينونة فينظر إلى البدل والثلث فيعطي الأقل لكن أفاد في التاترخانية أنه لو قبل الدخول والخلع على المهر يسقط نصفه بطلاقها والنصف الآخر وصية لغير الوارث فلو لم يكن لها مال غيره يسلم له ثلث ذلك النصف
قوله ( وتمامه في الفصولين ) أي في أحكام المرضي أواخر الكتاب وذكر عبارته بتمامها في البحر عند قول الكنز ولزمها المال
قوله ( لحجرها عن التبرع ) أي ولو بالإذن كهبتها
بحر
وهذا علة لتأخره إلى ما بعد العتق
____________________
(3/460)
قوله ( لزمها المال للحال ) لانفكاك الحجر بإذن المولى فظهر في حقه كسائر الديون
بحر
قوله ( فتباع الأمة ) أي إلا أن يفيدها المولى كسائر الديون
جامع الفصولين
فرع الأمة تفارق الحرة الصغيرة العاقلة إذا اختلعت من زوجها بأنها لا تؤاخذ ببدل الخلع بعد البلوغ كما لا تؤاخذ به في الحال كما في الذخيرة
وفي جامع الفصولين ولو طلق الصبية بمال يصير رجعيا وفي الأمة يصير بائنا إذ الطلاق بمال يصح في الأمة لكنه مؤجل وفي الصبية يقع بلا مال ولو عاقلة
قوله ( على رقبتها ) أي جعل السيد للزوج رقبتها بدل الخلع ط
قوله ( صح الخلع مجانا ) ظاهره أنه لا يسقط المهر والظاهر سقوطه لبطلان التسمية فهو كتسمية الخمر والخنزير ط
قوله ( للسيد ) أي سيد الزوج غير المكاتب
قوله ( فلا يبطل النكاح ) لأنها لا تصير مملوكة للزوج بل لسيده وأما المكاتب فإنه يثبت له فيها وحق الملك لا يمنع بقاء النكاح فلا يفسد
بحر عن الجامع
وما في المنح من أن الملك يقع لسيد المكاتب وهو مقتضى إطلاق متنه يمكن تأويله بأن للسيد فيها حقا وبحيث لو عجز المكاتب صارت لسيده
أفاده الرحمتي
قوله ( فكان في تصحيح إبطاله ) أي وما كان كذلك فهو باطل والمراد بطلان كونه معاوضة لا مطلقا لما مر أول الباب أنه يمين في جانب الزوج ومعاوضة في جانبها فإذا بطلت جهة المعاوضة بقيت الجهة الأخرى وإلى هذا أشار في الفتح بقوله لكنه يقع طلاق بائن لأنه بطل البدل وبقي لفظ الخلع وهو طلاق بائن ا هـ
قوله ( طلقت بثلاثة آلاف ) أي طلقت ثلاثا بثلاثة آلاف كما صرح به في البحر عن المحيط عند قول الكنز ولزمها المال وقال لأنه لم يقع شيء إلا بقبولها لأن الطلاق يتعلق بقبولها في الخلع فوقع الثلاث عند قبولها جملة بثلاثة آلاف ا هـ
قلت وهذا إذا كان بمال وإلا لم يكن معاوضة فلا يتوقف على القبول فتقع الأولى ويلغو ما بعدها لأن البائن لا يلحق البائن ولذا قال في جامع الفصولين قال لها قد خلعتك وكرره ثلاثا وأراد به الطلاق فهي واحدة بائنة ولو قال قد خلعتك على مالك علي من المهر قاله ثلاثا فقبلت فطلقت ثلاثا لأنه لم يقع إلا بقبولها وكذا لو قالت خلعت نفسي منك بألف قالته فقال رضيت أو أجزت ثلاثا بثلاثة آلاف وهذا خلاف ما في فتاوى العدة هو الصحيح ا هـ
قلت وما في العدة هو أنه يقع واحدة بالمسمى ويبطل الأول بالثاني والثاني بالثالث كما في المعاوضات ا هـ
ولعل وجهه أنه لما كان يمينا من جانبه صار معلقا على قبولها إذا بتدأ بخلاف ما إذا ابتدأت هي فإنه من جانبها معاوضة فلا يصير تعليقا على قبوله فإذا قبل يكون قبولا للعقد الثالث ويلغو الثاني به والأول بالثاني هذا ما ظهر لي
وفي جامع الفصولين أيضا قال طلقتك على ألف طلقتك على ثلاثة آلاف قبلت فهو على المالين جميعا ومثله العتق على مال بخلاف البيع فإنه ليقع على آخر الأثمان إذ الرجوع في البيع قبل قبوله يصح بخلاف عتق
____________________
(3/461)
وطلاق ا هـ
والظاهر أنها لو ابتدأت هي بذلك فقبل تقع طلقة واحدة بالمال الأخير فقط لأنه يصح رجوعها لا رجوعه كما مر أول الباب بناء على ما قلنا من أنه يمين من جانبه معاوضة من جانبها
قوله ( طلقت ثلاثا الخ ) أي بألف
فتح
وفيه عن الخلاصة عن أبي يوسف لو قالت طلقني أربعا بألف فطلقها ثلاثا فهي بألف ولو طلقها واحدة فبثلث الألف ا هـ أي لأنها إذا ابتدأت ان معاوضة لا تعليقا بخلاف ما إذا ابتدأ من كما قلنا
مطلب في الفرق بين على أن تدخلي وعلى دخولك وعلى أن تعطيني قوله ( قلت فيطلب الفرق الخ ) وكذا يطلب الفرق بين أن على تدخلي الدار حيث توقف على الدخول وبين على أن تعطيني كذا حيث توقف على القبول مثل على دخولك الدار
وقد سئل عن هذه الفروع الثلاثة في البحر فلم يبد فرقا ونقل كلامه في النهر وسكت عليه
مطلب في الفرق بين المصدر الصريح والمؤول ونقل في الدر المنتقى عن شرح اللباب الفرق بين المصدر الصريح والمؤول صحة حمل الثاني على الجثة لدون الأول أي فيصح زيد إما أن يقوم وأما أن يقعد بخلاف زيد إما قيام وإما قعود ولكن لم يظهر الفرق فيما نحن فيه كما قاله ح
أقول قد يظهر الفرق ولا بد له من مقدمات إحداها ما قاله السبكي في التعليقات الفرق بين المصدر الصريح والمؤول مع اشتراكهما في الدلالة على الحدث أن موضوع الصريح الحدث فقط وهو أمر تصوري والمؤول يزيد عليه بالحصول إما ماضيا وإما حالا وإما مستقبلا إن كان إثباتا وبعدم الحصول في ذلك إن كان منفيا وهو أمر تصديقي ولهذا يسد أن والفعل مسد المفعولين لما بينهما من النسبة ا هـ
ونقله السيوطي في الأشباه النحوية
ونقل أيضا أن المصدر الصريح غير مؤقت بخلاف المؤول فالصريح دال على الأزمنة الثلاثة دلالة مبهمة فهو عام بخلاف المؤول
وأيضا المؤول اسم تقديري غير ملفوظ به وإنما الملفوظ به حرف وفعل وله شبه بالمضمر ولذا لم يصح وصفه بخلاف الصريح فإنه يقال يعجبني ضربك الشديد بخلاف أن تضرب الشديد
ثانيها ما قدمناه عن المحقق ابن الهمام أن على تستعمل حقيقة للاستعلاء إن اتصلت بالأجسام وفي غيرها لمعنى اللزوم الصادق على الشرط المحض وعلى المعاوضة الشرعية أوالعرفية وتترجح المعاوضة عند ذكر العوض لأنها الأصل كما في التحرير
ثالثها أن الطلاق يتعلق بالزمان دون المكان ونحوه
إذا علمت ذلك فنقول إذا قال لها على أن تعطيني كذل فهو تعليق على فعل مستقبل صالح للمعاوضة فيشترط قبولها ليلزمها المال فصار كأنه علقه على القبول إذ به يحصل غرضه من الطلاق بعوض فتطلق بالقبول وإن لم تعطه في الحال بخلاف على أن تدخلي فإنه صالح للشرط المحض لعدم ما يفيد المعاوضة فتعين تعلقه بالدخول بلا توقف
____________________
(3/462)
على قبول إذ لا غرامة تلحقها وأما على دخولك الدار فليس فيه فعل يصلح جعله شرطا بل هو أمر تصوري لا يصلح جعله شرطا إلا بذكر فعل معه يدل على الحصول في أحد الأزمنة الثلاثة ليصير بمنزلة إن دخلت أو بتقدير الوقت كما أنت طالق في دخولك الدار بقرينة في الظرفية إذ الطلاق لا يكون مظروفا في الدخول بل في زمانه ولا يحسن هنا تقدير الوقت لعدم ما يقتضيه لأن جعل على للمعاوضة يغنى عنه بدون تكلف فإن العاقل قد يكون له غرض في جعل الدخول مثلا عوضا عن طلاق هذا غاية ما ظهر من الفرق والله تعالى أعلم
قوله ( فالقول لها ) لأنها تنكر الزيادة على ثلث الألف فتصدق
قال في البحر مع يمينها فإن أقاما البينة فالبينة بينة الزوج ا هـ
قوله ( صح الخلع ) لأنه لا يفسد بالشرط الفاسد كما مر
قوله ( وبطل الشرط ) أي فلا يكون المهر للولد ولا للأجنبي بل يكون للزوج كما في البزازية وغيرها وليس له إمساك الولد عنده لأن إمساكه عند أمه حقه فلا يبطل بإبطالهما كما قدمناه عن الخانية
قوله ( بانت الخ ) قال في الخانية قالت له اخلعني على ألف فقال أنت طالق قيل هو جواب ويتم الخلع وقيل لا بل طلاق
والمختار الأول لأنه جواب ظاهرا فإن قال لم أعن به الجواب صدق ووقع الطلاق بلا شيء وكذا لو قالت المرأة اختلعت منك فقال طلقتك قيل هو جواب ويتم الخلع وقيل لا بل رجعي وقيل يسأل الزوج عن النية
وفي المسألة الأولى ينبغي أن يسأل أيضا ا هـ
وفي البزازية والمختار أنه إذا أراد الجواب يكون جوابا ويجعل كأنه قال أنت طالق بالخلع لأنه خرج جوابا فيكون خلعا ويبرأ عن المهر
قوله ( ولا رواية الخ ) ذكر ذلك في آخر القنية في باب المسائل التي لم يوجد فيها رواية ولا جواب شاف للمتأخرين وقال فهل يقع بائنا للمقابلة بالمال كمسألة الزيادات أم رجعيا وهل يبرأ الزوج لوجود الشرط صورة أو لا يبرأ ا هـ ونقل عبارته في البحر قبيل قوله ولزمها المال وكتبت فيما علقته عليه أن صاحب القنية ذكر في الحاوي عن الأسرار الجواب بين الواقع رجعي ويبرأ الزوج لتراضيهما على وقوع الرجعي ومقابلته بالمال لا تغيره عن وصفه بالرجعي
وأما مسألة الزيادات فهي فيما إذا طلبت منه المرأة طلقتين بائنتين بألف فمقابلة المال تغير وصفه بالرجعي فيلغو لأنها لم ترض بلزوم الألف مع بقاء النكاح ولأنه الباء تصحب الأعواض والعوض يستلزم المعوض وهو انصرام النكاح بينهما ا هـ ملخصا
قلت هذا الجواب إنما يظهر إذا كان الواقع أنه قال ذلك بعد طلبها منه البائنتين أما لو ابتدأ الزوج بذلك وقالت قبلت يلزم أن يقع به الرجعي لوجود تراضيهما على ذلك مع أن المنقول يخالفه
ففي الذخيرة من الباب السادس في الطلاق أنت طالق الساعة واحدة وغدا أخرى بألف فقبلت وقع في الحال واحدة بنصف الألف وغدا أخرى بلا شيء لأن شرط وجوب البدل بالطلاق زوال الملك به وقد زال الملك بالأولى لكن إن تزوجها قبل مجيء الغد تطلق أخرى غدا بنصف الألف لزوال الملك بها ولو قال للمدخولة أنت طالق الساعة واحدة رجعية وغدا أخرى بألف فقبلت وقعت في الحال واحدة بلا شيء لوصفها بما ينافي البدل فإن الطلاق ببدل لا يكون رجعيا وفي الغد تطلق أخرى بألف لزوال الملك بها لأن الأولى رجعية لا تزيله
ولو قال أنت طالق اليوم بائنة وغدا أخرى بألف تقع في الحال بائنة بلا شيء لأن البائن بصريح الإبانة لا يقابله
____________________
(3/463)
شيء وغدا أي أخرى بلا شيء لأن الملك زال بالأولى لا بها إلا إذا تزوجها قبل مجيء الغد فتقع أخرى بألف لزوال الملك بها ولو قالت أنت طالق الساعة واحدة رجعية وغدا أخرى رجعية بألف ينصرف البدل إليهما وكذا أنت طالق الساعة ثلاثا وغدا أخرى بائنة بألف أو الساعة واحدة بغير شيء وغدا أخرى بغير شيء بألف درهم ينصرف إليهما فتكونان بائنتين لأنه لا بد من إلغاء الوصف المنافي أو البدل وإلغاء الأول أولى لأن الآخر ناسخ له فتقع واحدة في الحال بنصف الالف وغدا أخرى مجانا إلا إذا تزوجها قبل الغد فتقع الثانية بنصفه
ولو قال أنت طالق اليوم واحدة وغدا أخرى رجعية بألف ينصرف البدل إليهما أيضا لأنه وصف الثانية بالمنافي فينصرف البدل إلى الطلقتين ا هـ ملخصا
وقد ذكر في الفتح لذلك أصلا وهو أنه متى ذكر طلاقين وذكر عقبيهما مالا يكون مقابلا بهما إلا إذا وصف الأول بما ينافي وجوب المال فيكون المال حينئذ مقابلا بالثاني وأنه يشترط للزوم حصول المال حصول البينونة به ا هـ
وقوله إلا إذا وصف الأول أي فقط فلو وصف بالمنافي كلا منهما أو الثاني فقط أو لم يصف شيئا منهما بما ينافي يكون المال مقابلا بهما ولا يضر عدم وجوب شيء بالثاني لعارض بينونة سابقة عليه لأن ذلك العارض إذا قال كما إذا تزوجها قبل وقت الثاني يجب المال به أيضا وبهذا يسهل فهم هذه المسائل
قوله ( لكن في الزيادات الخ ) ليس في عبارة القنية و الحاوي المنقولة عن الزيادات لفظ رجعيا في الموضعين بل في الأول فقط والمناسب ما فعله الشارح من ذكره في الموضعين ليوافق ما ذكرناه آنفا إذ على ما في القنية لا يكون البدل لهما بل للثاني فقط لزوال الملك به كما مر التصريح به في عبارة الذخيرة وعبارة الفتح
قوله ( لكن يقع الخ ) هذا غير مذكور في عبارة الزيادات المنقولة في القنية ولا يناسبها أيضا لما علمت نعم هو الصحيح على ما ذكره الشارح ومر التصريح به في عبارة الذخيرة في هذه المسألة فافهم
قال ح يعني أن في اليوم الأول يقع طلقة بائنة بخمسمائة وفي غد تقع أخرى بخمسمائة إن عقد عليها قبل مجيء الغد وإلا وقعت أخرى بغير شيء ا هـ
قوله ( وفي الظهيرية الخ ) لم أجده فيها ونقله في البحر عن الولوالجية بلفظ فأمرك بيدك فطلقي نفسك متى شئت ومثله في جامع الفصولين بلفظ لتطلقي وقد أسقطه الشارح ولا بد منه لقوله بعده ويقع الرجعي إذ لو لم يذكر الصريح تفسيرا لما قبله لكان الواقع البائن لأن التفويض بالأمر باليد من الكنايات ويقع به البائن وإن قالت طلقت نفسي لأن العبرة بتفويض الزوج لا لإيقاع المرأة كما مر في محله فإذا أتى بعده بالصريح اعتبر كما هنا
ففي الذخيرة أمرك بيدك في تطليقة فهي رجعية ا هـ
ولذا قال في البحر لا يسقط المهر لعدم صحة إبراء الصغيرة ويقع الرجعي لأنه كالقائل لها عند وجود الشرط أنت طالق على كذا وحكمه ما ذكرنا ا هـ
ومثله في جامع الفصولين
مطلب في إيجاب بدل لخلع على الزوج قوله ( أو كذا منا ) المن رطلان
والأرز بفتح الهمزة وتشديد الزاي معروف ط
قوله ( أوسع من البيع ) أي من السلم لأنه هو الذي يشترط فيه ذلك ط
قوله ( قلت ومفاده الخ ) مخالف لما قدمه قبيل قوله ويسقط الخلع
____________________
(3/464)
والمبارأة الخ من قوله خلعتك على عبدي وقف على قبولها ولم يجب شيء وقدمنا هناك عن المجتبى ما يؤيده لكن ذكر في البحر هناك عن البزازية اختلعت مع زوجها على مهرها ونفقة عدتها على أن الزوج يرد عليها عشرين درهما صح ولزم الزوج عشرون دليله ما ذكر في الأصل خالعت على دار على أن الزوج يرد عليها ألفا لا شفعة فيه
وفيه دليل على أن إيجاب بدل الخلع عليه يصح
وفي صلح القدوري ادعت عليه نكاحا وصالحها على مال بدله لها لم يجز
وفي بعض النسخ جاز والرواية الأولى تخالف المتقدم والتوفيق أنها إذا خالعت على بدل يجوز إيجاب البدل على الزوج أيضا ويكون مقابلا ببدل الخلع وكذا إذا لم يذكر نفقة العدة في الخلع يكون تقديرا لنفقة العدة أما إذا خالعت على نفقة العدة ولم تذكر عوضا آخر ينبغي أن لا يجب بدل الخلع على الزوج ا هـ ما في البحر عن البزازية
وهذا من الحسن بمكان
نهر
والحاصل أنه لا وجه لإيجاب البدل على الزوج لأن الخلع عقد معاوضة من جهتها فإنها تملك نفسها بما تدفعه له ولذا كان الطلاق على مال بائنا حتى لو أبانها قبله لم يجب المال لعدم ما يقابله وحينئذ فإن خالعها على مال أو على ما في ذمته من المهر وشرط على نفسه لها ما لا يجعل ذلك استثناء من بدل الخلع فإن زاد عليه أو لم يكن بدل أصلا يجعل تقديرا لنفقة العدة إلا إذا كانت النفقة مخالعا عليها أيضا فلا يجب الزائد والله سبحانه أعلم
لكن ذكر في البزازية في موضع آخر وأقره عليه في البحر أن المختار جواز البدل عليه وطريقه بالحمل على الاستثناء من المهر إن كان عليه مهر وإلا فهو استثناء من النفقة فإن زاد عليها يجعل كأنه زاد على مهرها ذلك القدر قبل الخلع ثم خالعها تصحيحا للخلع بقدر الإمكان ا هـ
وقوله استثناء من النفقة أي إذا خالعها عليها وإلا فهو تقدير لها كما مر
وفي جامع الفصولين لا حاجة إلى هذا التطويل وتلحق الزيادة بأصل العقد كما في البيع
قوله ( اختلعت بشرط الصك ) أي بشرط أن يكتب لها صكا فيه ذلك
والصك الكتاب الذي يكتب في المعاملات والأقارير جمعه صكوك كفلس وفلوس وصكاك كسهم وسهام
مصباح
قوله ( لم تحرم ) أي بمجرد قبوله بل لا بد من كتابة الصك ورد الأقمشة ولا بد أن يكون ذلك في المجلس ح
والله تعالى أعلم
باب الظهار مناسبته للخلع أن كلا منهما يكون عن النشوز ظاهرا أو قدم الخلع لأنه أكمل في باب التحريم أذ هو تحريم يقطع النكاح وهذا مع بقائه
فتح
قوله ( هو لغة الخ ) هذا أحد معانيه في اللغة لأن ظاهر مفاعلة من الظهر فيقال ظاهرته إذا قابلت ظهرك لظهره حقيقة وإذا غايظته لأن المغايظة تقتضي هذه المقابلة وإذا نصرته لأنه يقال قوي ظهره إذا نصره وتمامه في الفتح
وفيه وإنما عدي بمن مع أنه متعد بنفسه لتضمنه معنى التعبد لأنه كان طلاقا وهو مبعد ا هـ
وفي البحر عن المصباح وإنما خص بذكر الظهر لأنه من الدابة موضع الركوب والمرأة مركوبة وقت الغشيانر
____________________
(3/465)
فركوب الأم مستعار من ركوب الدابة ثم شبه ركوب الزوجة بركوب الأم الممتنع وهو استعارة لطيفة فكأنه قال ركوبك للنكاح حرام علي
قوله ( وشرعا تشبيه المسلم الخ ) شمل التشبيه الصريح والضمني كما لو كانت امرأة رجل ظاهر منها زوجها فقال أنت علي مثل فلانة ينوي ذلك وكذا لو ظاهر من امرأته فقال للأخرى أشركتك في ظهارها أو أنت علي مثل هذه ناويا فإنه يكون مظاهرا ولو بعد موتها وبعد التكفير لتضمنه أنت علي كظهر أمي وشمل المعلق ولو بمشيئتها والمؤقت بيوم أو شهر كما سيأتي
بحر
واحترز به عن نحو أنت أمي بلا تشبيه فإنه باطل وإن نوى كما سيأتي والمراد بالمسلم العاقل ولو حكما البالغ فلا يصح ظهار المجنون والصبي والمعتوه والمدهوش والمبرسم والمغمى عليه والنائم ويصح من السكران والمكره والمخطىء والأخرس بإشارته المفهمة ولو بكتابة الناطق المستبينة أو بشرط الخيار كما في البدائع
نهر
ولو ظاهر ثم ارتد بقي ظهاره عنده لا عندهما
بحر
قوله ( فلا ظهار لذمي ) لأنه ليس من أهل الكفارة ويصح عند الشافعي ط
قوله ( زوجته ) شمل الأمة وخرجت مملوكته والأجنبية إلا إذا أضافه إلى سبب الملك كما سيأتي والمبانة بواحدة أو ثلاث
قال في البحر حتى لو علق الظهار بشرط ثم أبانها ثم وجد الشرط في العدة لا يصير مظاهرا لأنه وقت وجود الشرط صادق في التشبيه بخلاف الإبانة المعلقة لأن فائدتها تنقيص العدد
قوله ( ولو كتابية ) الأولى ولو كافرة ليشمل المجوسية
ففي البحر عن المحيط أسلم زوج المجوسية فظاهر منها قبل عرض الإسلام عليها صح لكونه من أهل الكفارة ودخل فيه الرتقاء والمدخولة وغيرها كما في النهر
قوله ( من أعضائها ) كالرأس والرقبة
قوله ( أو تشبيه جزء شائع ) كنصفك ونحوه
والأصوب أن يقول أو تشبيه جزءا شائعا بالإضافة إلى ضمير الفاعل ونصب جزءا شائعا لأنه في كلام المصنف معطوف على زوجته المنصوب على المفعولية
قوله ( بمحرم عليه ) أي بعضو يحرم النظر إليه من أعضاء محرمة عليه نسبا أو صهرية أو رضاعا كما في البحر أو بجملتها كأنت علي كأمي فإنه تشبيه بالظهر وزيادة كما يأتي لكن هذا كناية لا بد له من النية كما سيأتي وعلم أنه لا بد في المشبه به من كون الجزء يحرم النظر إليه وإلا فلا يصح وإن كان يعبر به عن الكل كرأسك أمي أو وجهها بخلاف الزوجة المشبهة فإنه يكفي ذكر الجزء الذي يعبر به عن الكل منها وإن لم يحرم النظر إليه كرأس فتنبه وخرج بالمحرمة عليه زوجته الأخرى وأمته
قال في الفتح ولا فرق بين كون ذلك العضو الظهر أو غيره مما لا يحل النظر إليه وإنما خص باسم الظهار تغليبا للظهر لأنه كان الأصل في استعمالهم وقيد في النهاية التحريم بكونه متفقا عليه احترازا عن أن المزني بها وبنتها فلو شبهها بهما لم يكن مظاهرا وعزاه إلى شرح الطحاوي لكن هذا قول محمد
وقال أبو يوسف يكون مظاهرا قيل وهو قول الإمام
قال القاضي ظهير الدين وهو الصحيح لكن رجح العمادي قول محمد
نهر
مطلب ما يسوغ فيه الاجتهاد قال في الفتح والخلاف مبني على نفاذ حكم الحاكم بحل نكاحها وعدمه لا عن كون الحرمة مجمعا عليها أو لا بل على كونها يسوغ فيه الاجتهاد أو لا وعدم تسويغ الاجتهاد لوجود الإجماع أو النص الغير المحتمل للتأويل بلا معارضة نص آخر في نظر المجتهد وإن كانت المعارضة ثابتة في الواقع ولهذا يختلف في كون المحل يسوغ فيه الاجتهاد وفي نفاذ حكم الحاكم بخلافه ا هـ
قوله ( بوصف ) الباء لسببية التحريم أو التأبيد
قوله ( لا يمكن زواله ) كالأمية
____________________
(3/466)
والأختية ولو رضاعا والمصاهرة
قوله ( لجواز إسلامها ) أي وصيرورتها كتابية كما في البحر فحرمتها مؤبدة بالنظر إلى بقاء وصف المجوسية غير مؤبدة إذا انقطع ط
قوله ( ورده في النهر بما في البدائع الخ ) أقول ومثله ما في الخانية التشبيه بالرجل أي رجل كان لا يكون ظهارا ونحوه في التاترخانية عن التهذيب وكذا في الظهيرية ثم رأيته أيضا صريحا في كافي الحاكم وهذا يعارض ما بحثه في المحيط بلفظ وينبغي أن يكون مظاهرا
قال في النهر وبه اندفع ما في البحر حيث جزم بما في المحيط ولم ينقله بحثا
قوله ( نعم يرد ما في الخانية الخ ) كذا في النهر وهو مردود فإن الذي في الخانية خلاف هذا
ونصه ولو قال لامرأته أنت علي كالميتة والدم ولحم الخنزير اختلفت الروايات فيه والصحيح أنه إن لم ينو شيئا لا يكون إيلاء وإن نوى الطلاق يكون طلاقا وأن نوى الظهار لا يكون ظهارا ا هـ
وكذا في التاترخانية و الشرنبلالية معزيا ل للخانية فعلم أن لفظة لا ساقطة من نسخة صاحب النهر وبه تأيد ما في البدائع وغيرها فافهم
قوله ( فإن التشبيه بالأم الخ ) جواب عما قيل إنه ليس فيه تشبيه بعضو يحرم النظر إليه من محرمه
قوله ( معزيا ل للمحيط ) الذي رأيته في القهستاني عزوه للنظم بدون ذكر التصحيح وإنما هو مذكور في الخانية ولكن لعكس ما قال كما علمت
قوله ( كإن نكحتك ) أي تزوجتك وهذا مثال لسبب الملك ومثال الملك كإن صرت زوجة لي
قوله ( فكذا ) أي فأنت علي كظهر أمي ولو زاد وأنت طالق ثم تزوجها بعد ما وقع الطلاق المعلق بقي حكم الظهار إلا إذا قدم فقال أنت طالق وأنت علي كظهر أمي لأنها بانت بنزول الطلاق أو لا لكونه قبل الدخول بناء على الترتيب في النزول عنده خلافا لهما كما في الدر المنتقى آخر الباب وقدمناه في التعليق وفي أول باب الإيلاء
قوله ( مائة مرة ) يحتمل أن يكون حالا من مقول القول أي قال ذلك الكلام مكررا له مائة مرة والأقرب المتبادر أنه حال من جملة جواب الشرط فهو من تتمة القول وتكرر الظهار والكفارة على الأولى ظاهر وكذا على الثاني بمنزلة ما لو قال أنت مرارا أو ألوفا حيث تطلق ثلاثا كمامر قبيل باب طلاق غير المدخول بها بخلاف ما لو قال أنت علي حرام ألف مرة وهي مدخول بها حيث تقع واحدة فقط وقدمنا هناك وكذا في آخر الإيلاء الفرق بينهما بأن هذا بمنزلة تكرار هذا الكلام بقدر العدد المذكور والحرام إذا كرر مرارا لا يقع به إلا واحدة لأنه بائن بخلاف الطلاق لأنه صريح يلحق مثله والظهار يلحق الظهار أيضا كما سيأتي متنا فافهم
قوله ( وظهارها منه لغو ) أي إذا قالت أنت علي كظهر أمي أو أنا عليك كظهر أمك فهو لغو لأن التحريم ليس إليها ط
قوله ( فلا حرمة الخ ) بيان لكونه لغوا أي فلا حرمة عليها إذا مكنته من نفسها ولا كفارة ظهار ولا يمين ط
قوله ( به يفتى ) مقابلة ما في شرح الوهبانية للشرنبلالي عن الحسن بن زياد من صحة ظهارها وعليها كفارة الظهار
وروى عن أبي يوسف ا هـ ط
قوله ( إيجاب كفارة يمين ) فتجب بالحنث وقيل كفارة ظهار فإن كان
____________________
(3/467)
تعليقا تجب متى تزوجت به وإن كانت في نكاحه تجب للحال ما لم يطلقها لأنه لا يحل لها العزم على منعه من الجماع
بحر عن ابن وهبان
قوله ( كأنت علي ) قال في البحر ومني وعندي ومعي كعلي
قوله ( على كما في النهر ) أي بحثا مخالفا لما بحثه في البحر من أنه ينبغي أن لا يكون مظاهرا
وقال الخير الرملي لا يكون ظهارا ما لم ينو به الظهار لأن حذف الظرف عند العلم به جائز وإذا نواه صح
تأمل ا هـ
وعليه فهو كناية ظهار تتوقف على النية لاحتمال كظهر أمي على غيري
قوله ( ونحوه الخ ) قال في البحر كل ما صح إضافة الطلاق إليه كان مظاهرا به فخرج اليد والرجل أي ونحوهما
قوله ( كظهر أمي الخ ) أي من كل عضو لا يحل النظر إليه من محرمة تأبيدا كما مر فخرج ما يحل النظر إليه كاليد والرجل والجنب فلا يكون ظهارا
وفي الخانية أنت علي كركبة أمي في القياس يكون مظاهرا ولو قال فخذك كفخذ أمي لا يكون مظاهرا وكذا رأسك كرأس أمي ا هـ أي لفقد الشرط في الثانية من جهة المشبه وفي الثالثة من جهة المشبه به
قوله ( ولا يخفى ما فيه من التكرار ) وذلك في فرج الأم فإنه ذكر مرتين
وأجاب ط بأن المراد بقوله أو فرج أمي أو فرج بنتي أنه ذكره مرددا بينهما
قوله ( والذي في نسخ المتن ) أي المجرد عن الشرح
قوله ( يصير به مظاهرا بلا نية ) أي لا يكون ظهارا ولو نوى به الطلاق لا يصح لأنه منسوخ فلا يتمكن من الإتيان به كذا في الهداية وهو يقتضي أن الظهار كان طلاقا في الإسلام حتى يوصف بالنسخ مع أنه قال أولا إنه كان طلاقا في الجاهلية وهو يقتضي أن جعله ظهارا ليس ناسخا
بحر
والجواب أنه كان طلاقا فيهما بدليل قوله عليه الصلاة والسلام ما أراك إلا قد حرمت عليه فنزلت الآية { قد سمع } المجادلة 1
قوله ( لأنه صريح ) ظاهر كلامهم أن الصريح ما كان فيه ذكر العضو
در منتقى وسيذكر المصنف ألفاظ الكناية
قال ط فيصح ظهار الهازل ولا يوجب الظهار نقصان عدد الطلاق ولا بينونة وإن طالت المدة
هندية
قوله ( ودواعيه ) من القبلة والمس والنظر إلى فرجها بشهوة أما المس بغير شهوة فخارج بالإجماع
نهر
قوله ( للمنع عن التماس الخ ) أي في قوله تعالى { من قبل أن يتماسا } فإنه شامل للوطء ودواعيه ولا موجب فيه للحمل على المجاز وهو الوطء لإمكان الحقيقة فيحرم الكل بالنص كما في الفتح
قلت وخروج المس بغير شهوة بالإجماع غير موجب للحمل على المجاز خلافا لما في البحر
قوله ( ولا يحرم النظر ) أي إلى ظهرها وبطنها ولا إلى الشعر والصدر
بحر أي ولو بشهوة بخلاف النظر إلى الفرج بشهوة كما مر
قوله ( للشفقة ) أفاد أن التقبيل لا يحرم إلا إذا كان عن شهوة وينبغي تقييده بأن لا يكون على الفم لأنه على الفم يوجب حرمة المصاهرة مطلقا
تأمل
قوله ( حتى يكفر ) غاية لقوله فيحرم وهذا إذا لم يكن مؤقتا فلو مؤقتا سقط بمضي
____________________
(3/468)
الوقت كما يأتي
قوله ( وإن عادت إليه الخ ) قال في النهر أفاد ب الغاية أي بقوله حتى يكفر أنه لو طلقها ثلاثا ثم عادت إليه تعود بالظهار وكذا لو كانت أمة فاشتراها وانفسخ العقد أو كانت حرة فلحقت مرتدة بدار الحرب وسبيت ثم اشتراها لا تحل له ما لم يكفر
قوله ( وكذا اللعان ) أي تبقى حرمته مؤبدة ولو عادت إليه بعد زوج آخر حتى تصدقه أو يكذب نفسه أو يخرجا أو أحدهما عن أهلية اللعان كما سيأتي تقريره ولا يخفى أن كونها أمة أو مرتد مخرج لها عن أهلية اللعان فلا يصح تصوير المسألة بهما أيضا فافهم
قوله ( تاب واستغفر ) قال في البحر الاستغفار منقول في الموطأ من قول مالك والمراد منه التوبة من هذه المعصية وهي حرمة الوطء قبل الكفارة ا هـ
وأفاد أنه لم يثبت به حديث كما في الفتح لكن نقل نوح أفندي عن العلامة قاسم أنه ذكره محمد في الأصل فقال باب الظهار بلغنا عن رسول الله أن رجلا ظاهر من امرأته فوقع عليها قبل أن يكفر فبلغ ذلك النبي فأمره أن يستغفر الله تعالى ولا يعود حتى يكفر
مطلب بلاغات محمد رحمه الله مسندة وبلاغات محمد مسندة وقد أسند كتاب الصوم
قوله ( وقيل عليه أخرى للوطء ) ظاهره أن القائل به من أهل المذهب وليس كذلك لما في الفتح فلا تجب كفارتان كما نقل عن عمرو بن العاص وقبيصة وسعيد بن حبير والزهوي وقتادة ولا ثلاث كفارات كما هو عن الحسن البصري والنخعي
قوله ( ولا يعود الخ ) فإن عاد تاب واستغفر أيضا لقيام الحرمة قبل التكفير
قوله ( عزما مؤكدا ) أي مستمرا بدليل ما بعده ط
قوله ( ولا كفارة عليه ) لعدم العزم المؤكد لا لأنها وجبت عليه بنفس العزم ثم سقطت كما قال بعضهم لأنها بعد سقوطها لا تعود إلا بسبب جديد
بحر عن البدائع
لكن فيه في الباب الآتي ولو عزم ثم أبانها سقطت ا هـ
ويمكن الجواب بأنه عبر به عن عدم الوجوب مسامحة
قوله ( على استباحة وطئها ) قدر استباحة لقوله في البحر ومراد المشايخ من قولهم العزم على وطئها العزم على استباحة وطئها لا العزم على نفس الوطء لأنهم قالوا المراد في الآية { ثم يعودون } المجادلة 3 لنقض ما قالوا ورفعه وهو إنما يكون باستباحتها بعد تحريمها لكونه ضدا للحرمة لا نفس وطئها
قوله ( أي يرجعون الخ ) تفسير لقوله يعودون والمناسب التعبير بأو العاطفة بدل أي التفسيرية لأن تفسير العود بالعزم على استباحة الوطء مبني على أن الآية على تقدير مضاف أي يعودون لضد أو لنقض ما قالوا كما مر وهذا تفسير آخر مبني على ما نقله عن الفراء
تأمل
قوله ( وعلى القاضي إلزامه به ) اعترض بأنه لا فائدة للإجبار على التكفير إلا الوطء والوطء لا يقضي به عليه إلا مرة واحدة في العمر كما في القسم ولهذا لو صار عنينا بعد ما وطئها مرة لا يؤجل
قال الحموي وفرض المسألة فيما إذا لم يطأها قبل الظهار أبدا بعيد
وقد يقال فائدة الإجبار على التكفير رفع المعصية ا هـ أي أن الظهار معصية حاملة له على الامتناع من حقها الواجب عليه ديانة فيأمره برفعها لتحل له كما يأمر المولى من امرأته بقربانها في المدة أو يفرق بينهما فإن لم يقر بها بانت منه لدفع الضرر عنها
قوله ( بحبس أو ضرب ) أي بحبسه أو لا فإن
____________________
(3/469)
أبى ضربه كما في البحر
قوله ( ولو قيده بوقت الخ ) فلو أراد قربانها داخل الوقت لا يجوز بلا كفارة
بحر
والظاهر أن الوقت إذا كان أربعة أشهر فأكثر أنه لا يكون إيلاء لعدم ركنه وهو الحلف أو التعليق بمشق ط
وهو ظاهر
وفي الزيلعي في غير هذا المحل وقول من قال إن الظهار يمين فاسد
لأن الظهار منكر من القول وزور محض واليمين تصرف مشروع مباح ا هـ
ثم رأيت في كافي الحاكم ولا يدخل على المظاهر إيلاء وإن لم يجامعها أربعة أشهر ا هـ
قوله ( بخلاف مشيئة فلان ) فإنها لا تبطله بل إن شاء فلان في المجلس كان ظهارا كما في النهر ح
قوله ( وإن نوى الخ ) بيان لكنايات الظهار وأشار إلى أن صريحه لا بد فيه من ذكر العضو
بحر
قوله ( لأنه كناية ) أي من كنايات الظهار والطلاق قال في البحر وإذا نوى به الطلاق كان بائنا كلفظ الحرام وإن نوى فهو إيلاء عند أبي يوسف وظهار عند محمد
والصحيح أنه ظهار عند الكل لأنه تحريم مؤكد بالتشبيه ا هـ
ونظر فيه في الفتح بأنه إنما يتجه في أنت علي حرام كأمي والكلام في مجرد أنت كأمي ا هـ أي بدون لفظ حرام
قلت وقد يجاب بأن الحرمة مرادة وإن لم تذكر صريحا
هذا وقال الخير الرملي وكذا لو نوى الحرمة المجردة ينبغي أن يكون ظهارا وينبغي أن لا يصدق قضاء في إرادة البر إذا كان في حال المشاجرة وذكر الطلاق ا هـ
قوله ( حذف الكاف ) بأن قال أنت أمي ومن بعض الظن جعله من باب زيد أسد
در منتقى عن القهستاني
قلت ويدل عليه ما نذكره عن الفتح من أنه لا بد من التصريح بالأداة
قوله ( لغا ) لأنه مجمل في حق التشبيه فما لم يتبين مراد مخصوص لا يحكم بشيء
فتح
قوله ( ويكره الخ ) جزم بالكراهة تبعا ل البحر و النهر
والذي في الفتح وفي أنت أمي لا يكون مظاهرا وينبغي أن يكون مكروها فقد صرحوا بأن قوله لزوجته يا أخية مكروه
وفيه حديث رواه أبو داود أن رسول الله سمع رجلا يقول لامرأته يا أخية فكره ذلك ونهى عنه ومعنى النهي قربه من لفظ التشبيه ولو لا هذا الحديث لأمكن أن يقول هو ظهار لأن التشبيه في أنت أمي أقوى منه مع ذكر الأداة ولفظ يا أخية استعارة بلا شك وهي مبنية على التشبيه لكن الحديث أفاد كونه ليعين ظهارا حيث لم يبين فيه حكما سوى الكراهة والنهي فعلم أنه لا بد في كونه ظهارا من التصريح بأداة التشبيه شرعا ومثله أن يقول لها يا بنتي أو يا أختي ونحوه
قوله ( من ظهار ) لأنه شبهها في الحرمة بأمه وهو إذا شبهها بظهرها يكون مظاهرا فبكلها أولى
نهر
قوله ( أو طلاق ) لأن هذا اللفظ من الكنايات وبها يقع الطلاق بالنية أو دلالة الحال على ما مر وقوله كأمي تأكيد للحرمة ولم أر ما لو قامت دلالة على إرادة الطلاق بأن سألته إياه وقال نويت الظهار
نهر
قلت ينبغي أن لا يصدق لأن دلالة الحال قرينة ظاهرة تقدم على النية في باب الكنايات فلا يصدق قي نية الأدنى لأن فيه تخفيفا عليه
تأمل
هذا ولم يبين في هذه المسألة ما إذا نوى الإيلاء أو مجرد التحريم
وفي التاترخانية عن المحيط وإن نوى التحريم لا غير صحت نيته
وفيها عن الخانية إن نوى الطلاق أو الظهار أو الإيلاء فهو على ما نوى
قال الخير الرملي وإذا قلنا بصحة نية التحريم يكون إيلاء عند أبي يوسف وظهارا عند محمد
وعلى ما صحح فيما تقدم
____________________
(3/470)
يكون ظهارا على قول الكل لأنه تحريم مؤكد بالتشبيه وإنما ذكرنا ذلك لكثرة وقوعه في ديارنا ا هـ
قلت وفي كافي الحاكم وإن أراد التحريم ولم ينو الطلاق فهو ظهار ا هـ
قوله ( ثبت الأدنى ) لعدم إزالته ملك النكاح وإن طال ط
قوله ( في الأصح ) لأنه تحريم مؤكد بالتشبيه كما مر
قال في الخانية وفي رواية عن أبي حنيفة يكون إيلاء والصحيح الأول
قوله ( لأنه صريح ) لأن فيه التصريح بالظهر فكان مظاهرا سواء نوى الطلاق أو الإيلاء أو لم تكن له نية
بحر
وعندهما إذا نوى الطلاق أو الإيلاء فعلى ما نوى
وعن أبي يوسف إذا أراد به الطلاق لزمه ولا يصدق في ابطال الظهار وكذا إذا أراد به اليمين فيكون موليا مظاهرا
تاترخانية
قوله ( من أمته ) أي رلا يصح ظهاره منها ابتداء أما بقاء فيصح لما مر أنه لو ظاهر من زوجته الأمة ثم اشتراها بقي الظهار لأن حرمة الظهار إذا صادفت المحل لا تزول إلا بكفارة كما في النهر
قوله ( ثم أجازت ) أي أجازت النكاح وإنما بطل الظهار لأنه صادق في التشبيه قبل الإجازة ولا يتوقف بالإرادة ظهاره على الإجازة وتمامه في البحر
قوله ( كالإيلاء ) فإنه لو آلى منهن كان موليا منم ولزمه كفارة واحدة
والفرق عندنا أن الكفارة في الظهار لرفع الحرمة وهي متعددة بتعددهن وفي الإيلاء لهتك حرمة الاسم الكريم وهو ليس بمتعدد أفاده في البحر وغيره
قوله ( فإن بمجلس صدق قضاء الخ ) أقول الذي في فتح القدير لو كرر الظهار من امرأة واحدة مرتين أو أكثر في مجلس أو مجالس تتكرر الكفارة بتعدده إلا إن نوى بما بعد الأول تأكيدا فيصدق قضاء فيهما لا كما قيل في المجلس لا المجالس ا هـ
ومثله في الشرنبلالية عن السراج
وقال في البحر وفي بعض الكتب فرق بين المجلس والمجالس والمعتمد الأول ا هـ
وبه تعلم أنه اشتبه الأمر على المصنف والشارح ثم رأيت ط نبه على ذلك
قوله ( وكذا ) أي يتكرر الظهار والكفارة لو علقه بنكاحها بما يفيد التكرار كما مر أي في قوله لو قال إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي مائة مرة وكذا لو علقه بشرط متكرر كما يأتي قريبا
قوله ( اتحد ) أي كان ظهارا واحدا
بحر
فيبطل بكفارة واحدة
هندية
وليس له أن يقربها ليلا ا هـ ط أي قبل الكفارة لأنه ظهار مؤبد
قوله ( تجدد ) أي الظهار كل يوم فإذا مضى يوم بطل ظهار ذلك اليوم وكان مظاهرا في ذلك اليوم الآخر وله أن يقربها ليلا
بحر
لأن الظرف فيه معنى الشرط ا هـ ط
وإذا عزم على وطئها نهارا لزمه كفارة ذلك اليوم دون ما مضى لبطلانه كما هو ظاهر
قوله ( فكلما جاء يوم صار الخ ) في العبارة سقط يوضحه ما في البحر أنت علي كظهر أمي اليوم وكلما جاء يوم كان مظاهرا منها اليوم وإذا مضى بطل هذا الظهار وله أن يقربها في الليل فإذا جاء غد كان مظاهرا ظهارا آخر دائما غير مؤقت وكذلك كلما جاء يوم صار مظاهرا ظهارا آخر مع بقاء الأول ا هـ
ومقتضاه أي يكفر لليوم الأول إذا عزم فيه ثم بعده إذا عزم يكفر عن كل واحد من الأيام السابقة على يوم عزمه لبقاء ظهار كل يوم مع تجدد ما يأتي بعده لأن كلما لتكرار الأفعال بخلاف كل لأنها لعموم الأفراد أي الأيام في مثل قوله كل يوم في المسألة السابقة
قوله ( بشرط متكرر )
____________________
(3/471)
كقوله كلما دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي فيتكرر بتكرر الدخول كما في البحر
قوله ( ويصح تكفيره في رجب ) وكذا في رمضان فيما يظهر بل أولى
قوله ( لا في شعبان ) لأن له وطأها فيه بلا كفارة لعدم دخوله في مدة الظهار والكفارة لاستباحة الوطء الممنوع شرعا عند العزم عليه فلا تجب قبله
والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين كونه وطئها في رجب أو لا لأنه بالوطء قبل التكفير لا يلزمه إلا التوبة والاستغفار ويلزمه التكفير عند العزم على الوطء ولزوم التكفير بالظهار السابق لا بالوطء فلا يصح التكفير في غير مدته سواء وطئها قبله أو لا فافهم والله سبحانه أعلم
باب الكفارة قوله ( اختلف في سببها ) أي سبب وجوبها أما سبب مشروعيتها فما هو سبب لوجوب التوبة وهو إسلامه وعهده مع الله تعالى أن لا يعصيه وإذا عصاه تاب لأنها من تمام التوبة لأنها شرعت للتكفير
بحر
قوله ( والجمهور أنه الظهار والعود ) أي هو مركب منهما وقيل الظهار فقط والعود شرط لأن سببها ما تضاف إليه وقيل عكسه وقيل العزم على إباحة الوطء وهو قول كثير من مشايخنا وتمام الكلام عليه في الفتح أول الباب السابق
مطلب لا ستحالة في جعل المعصية سببا للعبادة وفي البحر ما يؤيد أنه الظهار حيث قال وفي الطريقة المعينية لا استحالة في جعل المعصية سببا للعبادة التي حكمها أن تكفر المعصية وتذهب السيئة خصوصا إذا صار معنى الزجر فيها مقصودا وإنما المحال أن تجعل سببا للعبادة الموصلة إلى الجنة ا هـ
وفيه أيضا أنه لا ثمرة لهذا الاختلاف
قوله ( من كفر ) بيان لمادة الاشتقاق لا للمشتق منه لأنه المصدر لا الفعل
قوله ( محاه ) كذا في المصباح والأنسب ستره
ففي البحر عن المحيط أنها منبئة عن الستر لغة لأنها مأخوذة من الكفر وهو التغطية والستر ا هـ
ومنه سمي الزارع كافرا
وظاهر هذا أن المعصية لا تمحى من الصحيفة بل تستر ولا يؤاخذ بها مع بقائها فيها وهو أحد قولين وأن الذنب يسقط بها بدون توبة وإليه يشير ما مر عن الطريقة المعينية لكن يخالفه ما مر عن البحر من أنها من تمام التوبة وهو الظاهر
تنبيه ركن الكفارة الفعل المخصوص من إعتاق وصيام وإطعام
ويشترط لوجوبها القدرة عليها ولصحتها النية المقارنة لفعلها لا المتأخرة ومصرفها مصرف الزكاة لكن الذمي مصرف لها أيضا دون الحربي وفيه كلام سيأتي
وصفتها أنها عقوبة وجوبا عبادة أداء
وحكمها سقوط الواجب عن الذمة وحصول الثواب المقتضي لتكفير الخطايا وهي واجبة على التراخي على الصحيح فلا يأثم بالتأخير عن أول أوقات الإمكان ويكون مؤديا لا قاضيا ويتضيق من آخر عمره فيأثم بموته قبل أدائها ولا تؤخذ من تركته بلا وصية من الثالث ولو تبرع الوارث بها جاز إلا في الإعتاق والصوم وتمامه في البحر
____________________
(3/472)
قلت لكن مر أنه يجبر على التكفير للظهار ومقتضاه الإثم بالتأخير
وأيضا فحيث كانت من تمام التوبة يجب تعجيلها فتأمل
قوله ( تحرير رقبة ) لا بد أم تكون الرقبة غير المظاهر منها لما في الظهيرية و التاترخانية أمة تحت رجل ظاهر منها ثم اشتراها وأعتقها عن ظهاره قبل لم يجز عندهما خلافا لأبي يوسف
بحر
وفيه عن التاترخانية ولا بد أن يكون المعتق صحيحا وإلا فإن مات من مرضه وهو لا يخرج من الثلث لا يجوز وإن أجاز الورثة ولو برىء جاز
قوله ( قبل الوطء ) ليس قيدا للصحة بل للوجوب ونفي الحرمة وفي معنى الوطء دواعيه
قوله ( بنية الكفارة ) أي نية مقارنة لإعتاقه أو لشراء القريب كما يأتي
قوله ( فلو ورث أباه ) تفريع على قوله أي إعتاقها فإنه يفيد أنه لا بد من صنعه والإرث جبري
وصورة إرث الأب أن يملكه ذو رحم من الابن كخالته ثم تموت عنه فلو نوى الكفارة حين موتها لم يجزه بخلاف ما لو نواها عند شرائه أباه كما يأتي
قوله ( ولو صغيرا الخ ) تعميم للرقبة لأن الرقبة كما في الهداية عبارة عن الذات أي الشيء المرقوق المملوك من كل وجه فشمل جميع ما ذكر
وقوله من كل وجه متعلق بالمرقوق لأن الكمال في الرق شرط دون الملك ولذا جاز المكاتب الذي لم يؤد شيئا لا المدبر عناية وخرج الجنين وإن ولدته لأقل من ستة أشهر لأنه رقبة من وجه جزء من الأم من وجه جزء من الأم من وجه حتى يعتق بإعتاقها كما في البحر عن المحيط ودخل الكبير ولو شيخا فانيا والمريض الذي يرجى برؤه والمغصوب إذا وصل إليه
بحر
لكن في الهندية عن غاية السروجي ولا يجزىء الهرم العاجز
قوله ( أو مباح الدم ) عزاه في البحر إلى جامع الجوامع
وذكر قبله عن محمد أنه إذا قضى بدمه ثم أعتقه عن ظهاره ثم عفى عنه لم يجز ومثله في الفتح وظاهر الأول الجواز وإن لم يعف عنه وليراجع فافهم
قوله ( أو مرهونا ) في البحر عن البدائع وكذا لو أعتق عبدا مرهونا فسعى العبد في الدين فإنه يجوز عن الكفارة ويرجع على المولى لأن السعاية ليست ببدل عن الرق
قوله ( أو مديونا ) أي وإن اختار الغرماء استسعاءه لأن استغراق الدين برقبته واستسعاءه لا يخل بالرق والملك فإن السعاية لم توجب الإخراج عن الحرية فوقع تحريرا من كل وجه بغير بدل عليه
بحر عن المحيط
قوله ( أو مرتدة ) أي بلا خلاف لأنها لا تقتل كذا في المقنع قوله ( وفي المرتد الخ ) خبر مقدم وقوله خلاف مبتدأ مؤخر وقد علمت أن مباح الدم فيه خلاف أيضا فكان المناسب ذكره هنا
وظاهر الفتح اختيار الجواز في المرتد فإنه قال ويدخل في الكافرة المرتدة والمرتدة ولا خلاف في المرتدة لأنها لا تقتل
وظاهره أن العلة في المرتد أنه يقتل
وفي النهر وفي المرتد خلاف وبالجواز قال الكرخي كما لو أعتق حلال الدم
ومن منع قال إنه بالردة صار حربيا وصرف الكفارة إليه لا يجوز ا هـ أي لأن إعتاقه في حكم صرف الكفارة إليه ومقتضى هذا التعليل أن إعتاق الحربي لا يجزىء اتفاقا ولذا أطلق في الفتح عدم الإجزاء لكن في البحر عن التاترخانية لو أعتق عبدا حربيا في دار الحرب إن لم يخل سبيله لا يجوز وإن خلى سبيله ففيه اختلاف المشايخ بعضهم قالوا لا يجوز
قوله ( إن صيح به يسمع وإلا لا ) كذا في الهداية وبه حصل التوفيق بين ظاهر الرواية أنه يجوز ورواية النوادر أنه لا يجوز بحمل الثانية على الذي ولد أصم وهو الأخرس
فتح
قوله ( أو خصيا إلى قوله أو قرناء ) لأنهم وإن فات فيهم جنس المنفعة لكنها غير مقصودة في الرقيق إذ المقصود فيه الاستخدام ذكرا أو انثى حتى قالوا إن وطء الأمة من باب الاستخدام فإذا لم يكن وطؤها كان استخدامها قاصرا لا منعدما
رحمتي
قوله ( أو مقطوع الأذنين ) أي إذا كان السمع باقيا
بحر
____________________
(3/473)
لأن الفائت في هذه المسائل الزينة وهي غير مقصودة في الرقيق أما إذا عجز عن الأكل فإنه يؤدي إلى هلاكه ومنفعة الأكل فيه مقصودة فكان هالكا حكما كالمريض الذي لا يرجى برؤه
رحمتي
قوله ( أو مكاتبا ) لأن الرق فيه كامل وإن كان الملك ناقصا فيه وجواز الإعتاق عنها يعتمد كمال الرق لا كمال الملك
أما لو أدى شيئا فلا يجوز عنها كما يأتي
بحر
قوله ( لا الوارث ) أي لو أعتقه الوارث عن كفارته لا يجوز عنها لأن المكاتب لا ينتقل إلى ملك الوارث بعد موت سيده لبقاء الكتابة بعد موته فلا ملك للوارث فيه بخلاف سيده وإنما جاز اعتاق الوارث له لتضمنه الإبراء عن بدل الكتابة المقتضي للإعتاق
بحر
قوله ( شراء قريبة ) أي قريب العبد وهو كل ذي رحم محرم منه والمراد بالشراء تملكه بصنعه فيدخل فيه قبول الهبة والصدقة والوصية
قوله ( بنية الكفارة ) الباء بمعنى مع فلو تأخرت النية عن الشراء ونحوه لم يجزه كما مر
قال في البحر وما في الخانية من باب عتق القريب لو وكل رجلا بأن يشتري أباه فيعتقه بعد شهر عن ظهاره فاشتراه الوكيل يعتق كما اشتراه ويجزي عن ظهار الآمر ا هـ
فمبني على إلغاء قوله بعد شهر لمخالفته المشروع وهو عتق المحرم عند الشراء ا هـ
قوله ( بخلاف الإرث ) أي لو نوى إعتاقه عند موت مورثه لم يجزه لأن الإرث جبري كما مر
قوله ( ثم باقيه ) أي قبل المسيس بحر
قوله ( استحسانا ) وفي القياس لا يصح لأنه بعتق النصف تمكن النقصان في الباقي فصار كما لو أعتق نصيبه من العبد المشترك فضمن نصيب شريكه
وجه الاستحسان أن هذا النقصان من آثار العتق
الأول بسبب الكفارة في ملكه ومثله غير مانع كمن أضجع شاة للتضحية وأصاب السكين عينها فذهبت بخلاف العبد المشترك كما يأتي بيانه وهذا عنده أما عندهما فالعتق لا يتجزأ فلو أعتق نصف عبده ولم يعتق الباقي جاز عندهما لأنه يعتق كله
منح
قوله ( لا يجزىء فائت جنس المنفعة ) أي منفعة البصر والسمع والنطق والبطش والسعى والعقل
قهستاني والمراد فوت منفعة بتمامها ط أي منفعة ومقصودة من العبد فلا يرد فوات منفعة النسل في الخصي ونحوه كما مر
قوله ( ومريض لا يرجى برؤه ) لأنه ميت حكما
بحر
وينبغي تقييده بما إذا مات من مرضه ذلك
تأمل
قوله ( وساقط الأسنان ) لأنه لا يقدر على المضغ
بحر عن الولوالجية
لكن فيه أن ذلك لا يفوت جنس المنفعة بالكلية وإنما ينقصها وقد مر أنه يجوز عتق الشيخ الفاني والطفل
تأمل وعبارة الفتح لا ساقط الأسنان العاجز عن الأكل وظاهره أنه عجز عنه بالكلية وعليه فلا إشكال
قوله ( والمقطوع يداه ) مثل أشل اليدين أو الرجلين والمفلوج اليابس الشق والمقعد والأصم الذي لا يسمع شيئا على المختار كما في الولوالجية
بحر
قوله ( أو إبهامها ) يعني أبهامي اليدين فلو قال أو إبهامهما لكان أولى ليخرج إبهامي الرجلين إذ لا يمنع قطعهما كما في السراج
شرنبلالية
قوله ( أو ثلاث أصابع ) لأن للأكثر حكم للكل
فتح
قوله ( من جانب ) بخلاف ما إذا كان من خلاف فإنه يجوز كما مر لأنه يمكنه المشي بإمساك العصا باليد السالمة والمشي على الرجل الأخرى
قوله ( ومعتوه ومغلوب ) عبارة البحر عن الكافي وكذا المعتوه المغلوب صبدون واو وهي كذا في بعض النسخ وفي بعضها
____________________
(3/474)
ومفلوج
قوله ( ولا يجزىء مدبر وأم ولد ) لاستحقاقهما الحرية بجهة فكان الرق فيهما ناقصا والإعتاق عن الكفارة يعتمد كمال الرق كالبيع فلذا لا يجوز بيعهما
بحر
قوله ( ومكاتب أدى بعض بدله ) لأنه تحرير بعوض
قوله ( جاز ) لأنه بالتعجيز بطل عقد للكتابة
قوله ( وهي ) أي مسألة تعجيز نفسه
قوله ( لتمكن النقصان ) لأن نصيب صاحبه قد انتقض على ملكه لتعذر استدامة الرق فيه ثم يتحول إليه بالضمان لو موسرا عند الإمام
أما لو معسرا وسعى العبد في بقية قيمته حتى عتق فلا يجزئه اتفاقا لأنه عتق بعوض وعندهما يجزئه لو موسرا لأنه عتق كله بإعتاق البعض بناء على تجزىء الإعتاق عنده لا عندهما
قوله ( للأمر به قبل التماس ) فالشرط للحل مطلقا إعتاق الرقبة قبل التماس ولم يوجد فتقرر الإثم بذلك الوطء ثم لم يمكن اعتبار ذلك النصف من الشرط حتى يكفي معه عتق النصف الباقي لأن المجموع حينئذ ليس قبل التماس بل بعضه قبله وبعضه بعده فليس هو الشرط فتبقى الحرمة بعد المجموع كما كانت إلى أن يوجد الشرط وهو عتق كل الرقبة أي قبل التماس الثاني ليحل هو وما بعده وتمامه في الفتح
ثم هذا عنده أما عندهما فإعتقا النصف قبل الوطء للكل كما مر
قوله ( فإن لم يجد ) أي وقت الأداء لا وقت الوجوب
بحر
وسيأتي في الفروع
قوله ( وإن احتاجه لخدمته ) مبالغة على المفهوم فكأنه قال أما إن وجد تعين عنقه وإن احتاجه لخدمته
قوله ( أو لقضاء دينه الخ ) قال في البحر وفي البدائع لو كان في ملكه رقبة صالحة للتكفير يجب عليه تحريرها سواء كان عليه دين أو لم يكن لأنه واجد حقيقة ا هـ
وحاصله أن الدين لا يمنع تحرير الرقبة الموجودة ويمنع وجوب شراها بمال على أحد القولين ا هـ
قوله ( يعني العبد ) أي أن الضمير في قوله يكون زمنا راجع للعبد وهذا التأويل لصاحب البحر
وتبعه في النهر و المنح و الشرنبلالية
قوله ( ويحتمل الخ ) هذا هو المتبادر فإن كونه للخدمة يوفي كونه زمنا
قوله ( لكنه يحتاج إلى نقل ) أي لأن ما في الجوهرة محتمل وعارضه ما في التاترخانية من قوله ومن ملك رقبة لزمه العتق وإن كان يحتاج إليها ا هـ
وكذا قول البدائع المتقدم لأنه واجد حقيقة أي فإن النصف دل على إجزاء الصوم عند عدم الوجدان وهذا واجد
فإن قلت المحتاج إليه كالعدم ولذا جاز التيمم مع وجود الماء المحتاج إليه للعطش مع أن إجزاء التيمم مرتب في النص على عدم وجدان الماء
لت ذكر في الفتح أن الفرق عندنا أن الماء مأمور بإمساكه لعطشه واستعماله محظور عليه بخلاف الخادم
ونقل ط عن السيد الحموي لو قيل بجواز الصوم إذا كان المولى زمنا لا يجد من يخدمه إذا أعتقه كان له وجه وجيه
قلت هو ظاهر إذا لزم من الإعتاق تحميل ما لا يطلق كما إذا كان يكتسب له وينفق عليه ونحو ذلك فإيجاب إعتاقه مع ذلك مما يخالف قواعد الشريعة فلا يحتاج إلى نقل بخصوصه كما لا يخفى
قوله ( ولا يعتبر مسكنه ) أي لا يكون به قادرا على العتق فلا يتعين عليه بيعه وشراء رقبة بل يجزئه الصوم لأنه كلباسه ولباس أهله
خزانة
وتقييدهم بالمسكن يفيد أنه لو كان له بيت غير مسكنه لزمه بيعه
وفي الدر المنتقى ولا تعتبر ثيابه التى لا بد له منها ا هـ
ومفاده لزوم بيع ما لا يحتاجه منها ط
قوله ( ولو له مال الخ ) أي ثمن غبد فاضلا عن قدر كفايته
____________________
(3/475)
لأن قدره مستحق الصرف فصار كالعدم ومنها قدر كفايته لقوت يومه لو محترفا وإلا فقوت شهر
بحر
والحاصل أن المسألة على ثلاثة أوجه إن ملك القبة لا يجزئه الصوم ولو محتاجا إليها على ما مر تفصيله وإن وجد غيرها مما هو مشغول بحاجته الأصلية كالمسكن فهو بمنزلة العدم لأنه ليس عين الواجب ولا معد لتحصيله وإن وجد ما أعد لتحصيله كالدراهم والدنانير وهو مشغول بحوائجه الأصلية فإن صرفها إليه يجزئه الصوم لتحقق عجزه وإلا فقولان أحدهما أنه يصير بمنزلة المعدوم لحاجته إليه والآخر أنه مالك لما أعد لتحصليه فهو واجد للرقبة حكما
أفاد الرحمتي
والقولان المذكوان يشير إليهما كلام محمد كما أوضحه في البحر
قوله ( ولو له مال غائب انتظره ) أي ليعتق به ولا يجزئه الصوم وكذا لو كان مريضا مرضا يرجى برؤه فإنه ينتظر الصحة ليصوم
بحر
بخلاف ما إذا كان لا يرجى برؤه فإنه يطعم كما سيأتي وفي البحر عن المحيط لو له دين لا يقدر على أخذه من مديونه يجزئه الصوم وإن قدر فلا وكذا لو وجبت عليها كفارة وقد تزوجها زوجها على عبد وهو قادر على أدائه إذا طالبته ا هـ
قوله ( لم يجز ) أي الصوم عن الأولى أما الإعتاق فجائز مطلقا ثم هذا ذكره في البحر بحثا وأقره عليه في النهر و المقدسي أخذا مما في المحيط عليه كفارتا يمين وعنده طعام يكفي إحداهما ثم أطعم عن الأخرى لا يجوز صومه لأنه أطعم وهو قادر على التكفير بالمال
قوله ( بالهلال ) حال من لفظ الشهرين المقدر بعد لو وفي بعض النسخ لو بالهلال
وحاصله أنه إذا ابتدأ الصوم في أول الشهر كفاه صوم شهرين تامين أو ناقصين وكذا لو كان أحدهما تاما والأخر ناقصا
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يكن صومه في أول الشهر برؤية الهلال بأن غم أو صام في أثناء شهر فإنه يصوم ستين يوما وفي كافي الحاكم وإن صام شهرا بالهلال تسعة وعشرين وقد صام قبله خمسة عشر وبعده خمسة عشر يوما أجزأه
قوله ( ولو قدر الخ ) أفاد بأن المراد بعدم الوجود في قوله { فمن لم يجد } المجادلة 4 الخ عدما مستمرا إلى فراغ الشهرين
بحر
قوله ( لزمه العتق ) وكذا لو قدر على الصوم في آخر الأطعام لزمه الصوم وانقلب الإطعام نفلا
شرنبلالية
قوله ( وإن صار نفلا ) لأنه شرع مسقطا لا ملتزما
منح أي وقد علم أن الظان لا يلزمه الإتمام إن قطع على الفور أما لو مضى عليه ولو قليلا صار بمنزلة الشروع في النقل فيلزمه إتمامه
رحمتي
لكن يشترط كون المضي عليه في وقت النية إذ لو كان بعد الزوال لا يمكنه الشروع ولا يكون العزم على المضي بمنزلة الشروع كما قررناه في الصوم
قوله ( ليس فيهما رمضان الخ ) لأنه في حق الصحيح المقيم لا يسع غير فرض الوقت أما المسافر فله أن يصوم عن واجب آخر
وفي المريض روايتان كما علم في الأصول في بحث الأمر والمراد بالأيام المنهية يوما العيد وأيام التشريق لأن الصوم بسبب النهي فيها ناقص فلا يتأدى به الكامل
وأفاد أنه لا يشترط أن لا يكون فيها وقت نذر صومه لأن المنذور المعين إذا نوى فيه واجبا آخر وقع عما نوى بخلاف رمضان
بحر
وصورة عروض يوم الفطر عليه فيما لو كان مسافرا وصام رمضان عن كفارته
قوله ( وكذا كل صوم الخ ) ككفارة قتل وإفطار ويمين
____________________
(3/476)
وفي البحر عن أيمان الفتح وكالمنذور المشروط فيه التتابع معينا أو مطلقا بخلاف المعين الخالي عن اشتراطه فإن التتابع فيه وإن لزم لكن لا يستقبل إذا أفطر فيه يوما كرجب مثلا فإنه لا يزيد على رمضان وحكمه ما ذكرناه
قوله ( فإن أفطر ) أفاد أنه لو أكل ناسيا لم يضر كما في الكافي
قوله ( بخلاف الحيض ) فإنه لا يقطع كفارة قتلها وإفطارها لأنها لا تجد شهرين خاليين عنه بخلاف كفارة اليمين وعليها أن تصل ما بعد الحيض بما قبله فلو أفطرت بعده يوما استقبلت لتركها التتابع بلا ضرورة أما النفاس فيقطع التتابع في صوم كل كفارة وتمامه في البحر
قوله ( إلا إذا أيست ) بأن صامت شهرا مثلا فحاضت ثم أيست استقبلت لأنها قدرت على مراعاة التتابع فلزمها
بحر عن المنتقى أي قدرت عليه قبل إكمال الصوم بخلاف ما بعده ثم نقل عن المحيط وعن أبي يوسف إذا حبلت في الشهر الثاني بنت
قوله ( أو بغيره ) أي بغير عذر وهذا تصريح بما هو مفهوم بالأولى
قوله ( وطأ غير مفطر ) كأن وطئها ليلا مطلقا أو نهارا ناسيا كذا في الهندية
أما إن وطئها نهارا عامدا بطل صومه ط
وهذا داخل في قوله فإن أفطر
قوله ( كالوطء في كفارة القتل ) فإنه لو وطىء فيه ناسيا لا يسأنف لأن المنع من الوطء في كفارة الظهار لمعنى يختص بالصوم
نهر عن الجوهرة والأولى التعليل بأن النص اشترط الصوم قبل تمامهما
قوله ( وغيره ) ك البدائع و التحفة و غاية البنيان و العناية و الفتح
قوله ( وتقييد ابن ملك الخ ) فيه أن التقييد بالعمد وقع في أكثر الكتب والغلط من ابن ملك هو جعله الاحتراز عن النسيان بل هو قيد اتفاقي كما في البحر
قوله ( لكن في القهستاني ما يخالفه ) حيث قال وكذا استأنف الصوم إن وطئها أي المظاهر منها عمدا كما في المبسوط و النظم و الهداية و الكافي و القدوري و المضمرات و الزاهدي و النتف وغيرها وبمجرد قول الإسبيجابي في شرح الطحاوي بالليل عمدا أو نسيانا لا يليق أن يحمل العمد على أنه قيد اتفاقي كما فعله صاحب الكفاية ومن تابعه ومن تأييده عدم التفات صاحب النهاية إليه ا هـ
قلت وقد يقال إن ما في الإسبيجابي صريح فيقدم على المفهوم كما تقرر في محله ولذا مشى عليه في المختار وغيره كما علمت ومشى عليه أيضا العلامة ابن كمال باشا في متنه
وقال في هامش الشرح منه هنا تبين أن من قال ليلا عمدا لم يحسن لأن العمد والسهو في الوطء بالليل سواء ا هـ
وقال في الفتح و العناية إن جماعها ليلا عامدا أو ناسيا سواء لأن الخلاف في وطء لا يفسد الصوم ا هـ أي الخلاف بين أبي يوسف والطرفين فعند جماع المظاهر منها إنما يقطع التتابع إن أفسد الصوم وعندهما طلقا لأن تقدم الكفارة على التماس شرط بالنص وتمام تقريره في الفتح ولذا قال في الحواشي اليعقوبية إن عدم الفرق بين السهو والعمد هو الظاهر لأنه مقتضى دليل أبي حنيفة ومحمد
قوله ( لإطلاق النص الخ ) ومن قواعدنا أن لا نحمل المطلق على المقيد وإن كانا في حادثة واحدة بعد أن يكونا في حكمين وإنما منع عن الوطء قبل الإطعام منع تحريم الجواز قدرته على العتق والصيام فيقعان بعده كذا قالوا وفيه نظر فإن القدرة حال قيام العجز والكبر والمرض الذي لا يرجى زواله أمر موهوم وباعتبار الأمور الموهومة لا تثبت الأحكام ابتداء بل يثبت الاستحباب
لنهر وهو مأخوذ من الفتح
قوله ( والعبد ) مبتدأ خبره قوله لا يجزئه إلا الصوم لأن العبد لا يملك وإن ملك والعتق الإطعام لا يصح إلا ممن يملك
قوله ( ولو مكاتبا )
____________________
(3/477)
لأن ملكه غير تام بل على شرف الزوال
قوله ( أو مستسعي ) هو الذي عتق بعضه وسعى في باقيه وهذا عنده
وأما عندهما فيعتق كله ويكون حرا مديونا فيصح تكفيره بالإعتاق والإطعام
رحمتي
قوله ( على المعتمد ) أي من جريان الحجر على الحر السفيه وهو قولهما فلو أعتق عبده عنها يسعى في قيمته ولم يجز عن تكفيره كذا في خزانة الأكمل وغيرها
نهر
لغز أي حر ليس له كفارة إلا بالصوم وأفاد في البحر أنه يلغز فيه فيقال لنا حر ليس له كفارة إلا بالصوم
قوله ( ولم يتنصف ) جواب عن سؤال كيف لزمه الصوم المذكور وهو صوم شهرين لانصافهما مع أن العبد على النصف من الحر في كثير من الأحكام والجواب أنه لم يتنصف لما في الكفارة من معنى العبادة والعبادة لا تتنصف في حقه وإنما تتنصف العقوبة كالحد والنعمة كالنكاح
قوله ( وليس للسيد منعه منه ) أي من صوم هذه الكفارة لأنه تعلق بها حق المرأة بخلاف بقية الكفارات له أن يمنعه عن صومها لعدم تعلق حق عبد بها بحر
قوله ( ولو بأمره ) أي أمر السيد له بأن ملكه ذلك وأمره أن يكفر به إذ لا بد من الاختيار في أداء ما كلف به أو بأمر العبد للسيد لأنه يتضمن تمليكه ثم التكفير به عنه كما لو أمر الحر غير بذلك
قوله ( فيطعم عنه المولى ) فيه مسامحة
وعبارة الفتح إلا في الإحصار فإن المولى يبعث عنه ليحل هو فإذا عتق فعليه حجة وعمرة
قوله ( قيل ندبا وقيل وجوبا ) الخلاف في الوجوب وعدمه
ففي البحر عن البدائع لو أحصر بعد ما أحرم بإذن المولى قيل لا يلزم المولى إنفاذ هدي لأنه لا يجب للعبد على مولاه حق فإذا عتق وجب عليه وقيل يلزمه لأن هذا دم وجب لبلية ابتلى بها العبد بإذن المولى فصار كالنفقة ملخصا
قال ط وقد يقال من نفى الوجوب لا ينفي الندب بل يقول به مراعاة للقول الآخر
قوله ( لا يرجى برؤه ) فلو برىء وجب الصوم
رحمتي
قوله ( أي ملك ) الإطعام لا يختص بالتمليك كما سيأتي لكن المراد به هنا التمليك وبما بعده الإباحة ولذا قال في البدائع إذا أراد التمليك أطعم كالفطرة وإذا أراد الإباحة أطعمهم غداء وعشاء
قوله ( ولو حكما ) أي فإن الفقير مثله
وفي القهستاني وقيد المسكين اتفاقي لجواز الصرف إلى غيره من مصارف الزكاة ا هـ
ويحتمل أن يكون مبالغة في قوله ستين ليشمل ما لو أطعم واحدا ستين يوما لكن يغني عنه ما يأتي من تصريح المصنف به
قوله ( ولا يجزىء غير المراهق ) أي لو كان فيهم صبي لم يراهق لا يجزىء
واختلف المشايخ فيه ومال الحلواني إلى عدم الجواز
بحر عند قول الكنز والشرط غداءان أو عشاءان مشبعان وذكر عند قول الكنز وهو تحرير رقبة عن البدائع
وأما إطعام الصغير عن الكفارة فجائز بطريق التمليك لا الإباحة ا هـ
وبه علم أن ذكر ذلك هنا غير صحيح وإن وقع في النهر لأن الكلام هنا في التمليك وهو صحيح للصغير فالصواب ذكره عند قوله وإن غداهم وعشاهم الخ كما فعل في البحر وكذا في المنح حيث قال هناك ولو كان فيمن أطعمهم صبي فطيم لم يجزه لأنه لا يستوفي كاملا ا هـ
وفي التاترخانية وإذا دعا مساكين وأحدهم صبي فطيم أو فوق ذك لا يجزيه كذا ذكر في الأصل
وفي المجرد إذا كانوا غلمانا يعتمد مثلهم يجوز ا هـ
وبه ظهر أيضا أن المراد بالفطيم وبغير المراهق من لا يستوفي الطعام المعتاد
قوله ( كالفطرة قدرا ) أي نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعبر ودقيق كل كأصله وكذا السويق
____________________
(3/478)
واختلفوا هل يعتبر الكيل أو القيمة فيهما كما في صدقة الفطر
بحر
وفي التاترخانية ولو أدى الدقيق أو السويق أجزأه لكن قيل يعتبر فيه تمام الكيل وذلك نصف صاع في دقيق الحنطة وصاع في دقيق الشعير وإليه مال الكرخي والقدوري
وقيل بالقيمة فلا يعتبر فيه تمام الكيل ا هـ
فقول البحر ودقيق كل كأصله مبني على الأول
تأمل
قال في البحر ولو دفع البعض من الحنطة والبعض من الشعير جاز إذا كان قدر الواجب كربع صاع من بر ونصف من شعير لاتحاد المقصود وهوالإطعام ولا يجوز التكميل بالقيمة كنصف صاع من تمر جيد يساوي صاعا من الوسط
قوله ( ومصرفا ) فلا يجوز إطعام أصله وفرعه وأحد الزوجين ومملوكه والهاشمي ويجوز إطعام الذمي لا الحربي ولو مستأمنا
بحر
قال الرملي وفي الحاوي وإن أطعم فقراء أهل الذمة جاز
وقال أبو يوسف لا يجوز وبه نأخذ ا هـ
قلت بل صرح في كافي الحاكم بأنه لا يجوز
ولم يذكر فيه خلافا وبه علم أنه ظاهر الرواية عن الكل
قوله ( إذ العطف للمغايرة ) فإن عطف القيمة على المنصوص المفهوم من قوله كالفطرة يقتضي أن القيمة من غير المنصوص ا هـ ح
وما في النهر من قوله وفيه نظر إذ القيمة أعم من قيمة المنصوص عليه وغيره ا هـ
فيه كلام ذكرناه فيما علقناه على البحر فافهم
والحاصل أن دفع القيمة إنما يجوز لو دفع من غير المنصوص أما لو دفع منصوصا
بطريق القيمة عن منصوص آخر لا يجوز إلا أن يبلغ المدفوع الكمية المقدرة شرعا فلو دفع نصف صاع تمر تبلغ قيمته نصف صاع بر لا يجوز عليه أن يتم لمن أعطاهم القدر المقدر من ذلك الجنس الذي دفعه لهم فإن لم يجدهم بأعيانهم استأنف في غيرهم وتمامه في البحر
قوله ( فغداهم ) في بعض النسخ غداهم بدون فاء كما هو أصل المتن والأول أولى فزاد الشارح الفاء لأنه قدر فعلا للشرط وجواب الشرط هو قوله جاز
قوله ( أو غداهم وأعطاهم قيمة العشاء ) أي يجوز الجمع بين الإباحة والتمليك لأنه جمع بين شيئين جائزين على الانفراد وكذا يجوز إذا ملك ثلاثين وأطعم ثلاثين وكذا يجوز تكميل أحدهما بالآخر
بحر
ففي كافي الحاكم وإن أعطى كل مسكين نصف صاع من تمر ومدا من حنطة أجزأه ذلك
قوله ( أو أطعمهم غداءين ) أي أشبعهم بطعام قبل نصف النهار مرتين وقوله أو عشاءين أي أشبعهم بطعام بعد نصف النهار مرتين كذا في الدرر
وهذا ظاهر في أن ذلك في يوم واحد فلا تكفي في يوم أكلة وفي آخر أخرى لكن صريح ما يأتي في الفروع آخر الباب يخالفهم
قوله ( وأشبعهم ) أي وإن قل ما أكلوا كما في الوقاية فالشرط في طعام الإباحة أكلتان مشبعتان لكل مسكين ولو كان فيهم شبعان قبل الأكل أو صبي غير مراهق لم يجز
بحر
وسيأتي أيضا وقدمنا أن الصواب ذكر الصبي هنا لا في التمليك
قوله ( بشرط إدام الخ ) أي ليمكنهم الاستيفاء إلى الشبع وهذا أحد قولين وإليه مال الكرخي والآخر لا يجوز إلا بخبز البر لأن محمدا نص على البر في الزيادات كما في البحر
وفي التاترخانية والمستحب أن يغديهم ويعشيهم بخبز معه إدام
قوله ( كما جاز لو أطعم ) يشمل التمليك والإباحة وعبر في الكنز بأعطى المختص بالتمليك
والحق أنه لا فرق على المذهب وتمامه في البحر
وفيه والكسوة في كفارة اليمين كالإطعام حتى لو أعطى واحدا عشرة أثواب
____________________
(3/479)
في عشرة أيام يجوز ولو غدى واحدا عشرين يوما في كفارة اليمين أجزأه ا هـ
قلت ومقتضاه أنه لو غداه مائة وعشرين يوما أجزأه عن كفارة الظهار
ثم رأيته صريحا قال في التاترخانية وعن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة إذا غدى واحدا مائة وعشرين يوما أجزأه
قوله ( لتجدد الحاجة ) لأن المقصود سد خلة المحتاج والحاجة تتجدد بتجدد الأيام فتكرر المسكين بتكرر الحاجة حكما فكان تعدادا حكما
وفي المصباح الخلة بالفتح الفقر والحاجة
بحر
قوله ( دفعة ) أي أو بدفعات وقوله بدفعات أي أو بدفعة كما أفاده في البحر فهو من قبيل الاحتباك حيث صرح في كل من الموضعين بما سكت عنه في الموضع الآخر
قوله ( وكذا إذا ملكه ) أي لا يجزىء إلا عن يوم واحد وفصله عما قبله لأن في التمليك خلافا وبخلاف الإباحة فافهم
قوله ( لفقد التعدد الخ ) علة للمسألتين قال في المنح لأنه لما اندفعت حاجته في ذلك اليوم فانصرف إليه بعد ذلك يكون إطعام الطاعم فلا يجوز ط
قوله ( أمر غيره الخ ) قيد بالأمر لأنه لو أطعم عنه بلا أمر لم يجز بالإطعام لأنه لو أمره بالعتق عن كفارته لم يجز عندهما خلافا لأبي يوسف ولو بجعل سماه جاز اتفاقا وتكفير الوارث بالإطعام جائز
وفي كفارة اليمين بالكسوة أيضا بخلاف الإعتاق ولذا امتنع تبرعه في كفارة القتل كما في المحيط
نهر
قوله ( صح ) لأنه طلب منه التمليك معنى ويكون الفقير قابضا له أولا ثم لنفسه
نهر
قوله ( ففي الدين يرجع ) أي لو أمره بأن يقضي دينه وكذا لو أمره بأن ينفق عليه
بزازية من كتاب الوكالة
قوله ( وفي الكفارة والزكاة ) أي لو قال أعطه عن كفارتي أو أد زكاة مالي وكذا (
) عوض عن هبتي أو هب لفلان عني ألفا لا يرجع بلا شرط الرجوع ففي كل موضع ملك المدفوع إليه المال المدفوع مقابلا بملك المال فالمأمور يرجع بلا شرط ولو بلا مقابلة مال لا يرجع بلا شرط
بزازية
وتمام الكلام على هذه المسائل ذكرناه في تنقيح الحامدية
قوله ( في طعام الكفارات ) قيد به لأن الإباحة في الكسوة في كفارة اليمين لا تجوز كما لو أعار عشرة مساكين كل مسكين ثوبا
بحر
قوله ( سوى القتل ) فإنه لا إطعام فيه فلا إباحة وإنما ذكره للرد على العيني حيث قال أعني كفارات الظهار واليمين والصوم والقتل
قوله ( وفي الفدية ) هذا ظاهر الرواية
وروى الحسن أنه لا بد فيها من التمليك
بحر
قوله ( لصوم ) أي في الشيخ الفاني أو من أخرج عنه بعد موته
قوله ( وجناية حج ) كحلق أو لبس بعذر فإنه يذبح أو يطعم أو يصوم
قوله ( وجاز الجمع بين إباحة وتمليك ) مكرر مع قوله المار أو غداهم وأعطاهم قيمة العشاء
قوله ( دون الصدقات ) أي الزكاة وصدقة الفطر
قوله ( والضابط الخ ) بيانه أن الوارد في الكفارات والفدية الإطعام وهو حقيقة في التمكين من الطعم وإنما جاز التمليك باعتبار أنه تمكين وفي الزكاة الإيتاء وفي صدقة الفطر الأداء وهما للتمليك حقيقة
أفاده في البحر
قوله ( ومثله في الصحة الخ ) قلت وكذا لو جمع بين التحرير والصيام والإطعام
____________________
(3/480)
ففي كافي الحاكم وإن ظاهر من أربع نسوة فأعتق رقبة ليس له غيرها ثم صام أربعة أشهر متتابعة ثم مرض وأطعم ستين مسكينا ولم ينو بشيء من ذلك واحدة بعينها أجزأه عنهن كلهن استحسانا ا هـ
قوله ( لاتحاد الجنس ) أي فلا حاجة إلى نية معينة
هداية
وسيأتي بيانه في الأصل الآتي
قوله ( بخلاف اختلافه ) أي الجنس كما لو كان عليه كفارة يمين وكفارة ظهار وكفارة قتل فأعتق عبيدا عن الكفارات لا يجزئه عن الكفارة ولو أعتق كل رقبة ناويا عن واحدة منها لا بعينها جاز بالإجماع ولا يضر جهالة المكفر عنه كذا في المحيط
بحر
وقوله ولو أعتق الخ هو المراد بقول الشارح إلا أن ينوي الخ وإن كان موهما خلاف المراد
قوله ( بتعيينه ) هو معنى قول الزيلعي وكان له أن يجعل ذلك عن أيهما شاء وهذا الجعل هو تعيينه
وفي بعض النسخ بعينه وهو تحريف
رحمتي
وفي نسخة يعينه بصيغة الفعل المضارع وهو في معنى الأولى
قوله ( لما مر ) من قوله بخلاف اختلافه
قوله ( لعدم صلاحيتها ) للقتل فإنه لا بد في كفارة القتل من كونها مؤمنة للآية
ونظيره ما إذا جمع بين المرأة وبنتها أو أختها ونكحهما معا فإن كانتا فارغتين لم يصح العقد على كل منهما وإن كانت إحداهما متزوجة صح في الفارغة
بحر عن البدائع
قوله ( كلا صاعا ) أي من البر إذ لو كان من تمر أو شعير يكون موضوع المسألة كلا صاعين
بحر
قوله ( بدفعة واحدة ) أما لو كانت بدفعات جاز اتفاقا كما في الكافي معللا بأنه في المرة الثانية كمسكين آخر
بحر
قوله ( كما مر ) نعت لظهارين أي عن ظهارين من امرأة أو امرأتين ح
قوله ( صح عن واحد ) لأن النقصان عن العدد لا يجوز فالواجب في الظهارين إطعام مائة وعشرين لا يجوز صرف الواجب إلى الأقل كما لو أطعم ثلاثين مسكينا لكل واحد صاعا فإنه لا يكفي عن ظهار واحد
وفي البدائع وكذا لو أطعم عشرة مساكين عن يمينه لكل مسكين صاعا فهو على هذا الخلاف
بحر
قوله ( أي عنهما ) فلا ينافي صحته عن أحدهما لكن لما كان فيه إيهام أنه لا يصح أصلا أصلحها المصنف حال شرحه ط
قوله ( خلافا لمحمد ) حيث قال يصح عنهما
قوله ( ورجحه الكمال ) وكذا الإتقاني في غاية البيان
قوله ( والأصل الخ ) لأن النية إنما اعتبرت لتمييز بعض الأجناس عن بعض لاختلاف الأغراض باختلاف الأجناس فلا يحتاج إليها في الجنس الواحد لأن الأغراض لا تخلف باعتباره فلا تعتبر فبقي فيه مطلق نية الظهار وبمجردها لا يلزم أكثر من واحد وكون المدفوع لكل مسكين أكثر من نصف صاع لا يستلزم ذلك لأن نصف الصاع أدنى المقادير لا لمنع الزيادة عليه بل النقصان بخلاف ما إذا فرق الدفع أو كانا جنسين
وقد يقال اعتبارها للحاجة إلى التمييز وهو محتاج إليه في أشخاص الجنس الواحد كما الأجناس وقد ظهر أثر هذا الاعتبار فيما صرحوا به من أنه لو أعتق عبدا عن أحد الظهارين بعينه صح نية التعيين ولم تلغ حتى وطء التي عينها ا هـ فتح
وقوله وقد يقال الخ بيان لترجيح قول محمد وأقره في البحر أولا ثم قال بعده وقد قرر المراد في النهاية بما يدفع الإيراد فقال أراد به تعميم الجنس بالنية إلا ترى أنه إذا عين ظهار أحدهما صح وحل له قربانها وكذا في الفوائد الظهيرية ا هـ
____________________
(3/481)
قلت وحاصله أن المراد بالتعيين اللغو تعيين جميع أفراد الجنس لا فرد خاص فتأمل
ثم اعلم أن متحد الجنس يعرف باتحاد السبب ومختلفه باختلافه ولذا كان صوم رمضان من قبيل الأول والصلاة من الثاني وكذا صوم يومين من رمضانين وتمامه في البحر و النهر
قوله ( وقت التكفير ) برفع وقت على أنه خبر المعتبر حتى لو كان وقت الظهار غنيا ووقت التكفير فقيرا أجزأه الصوم وعلى العكس لم يجزه
تاترخانية
قوله ( أطعم مائة وعشرين ) أي كل واحد أكلة واحدة
قوله ( فيعيد على ستين منهم ) أي من المائة والعشرين وينبغي أنه إذا غدى العدد ثم غابوا أن ينتظر حضورهم أو يعيد الغداء مع العشاء على غيرهم
بحر
فلو كان المطعم وصيا ينبغي أن يجب عليه الانتظار إلا أن يغلب على ظنه عدم وجودهم فيستأنف
نهر
قوله ( للزوم العدد ) وهو الستون مع المقدار وهو الأكلتان المشبعتان في الإباحة والصاع أو نصفه في التمليك
قوله ( ولم يجز إطعام فطيم ولا شبعان ) تقدم الكلام عليه والله سبحانه أعلم
باب اللعان قوله ( مصدر لاعن ) أي سماعا والقياس الملاعنة لكن ذكر غير واحد من النحاة أنه قياسي أيضا
نهر
قوله ( سمي به لا بالغضب ) أي مع أنه مشتمل على ذكر الغضب في جانبها كما اشتمل على ذكر اللعن في جانبه
قوله ( شهادات أربعة ) هذا بيان لركنه ودل على اشتراط أهليتهما للشهادة في حق كل منهما كما سيصرح به لا أهلية اليمين كما ذهب إليه الشافعي وسيأتي
قوله ( كشهود الزنا ) أي اعتبرناه بهم فالملاعن لما كان شاهدا لنفسه كرر عليه أربعا
أفاده في شرح الملتقى ط
قوله ( مؤكدات بالأيمان ) أي مقويات بها لأن لفظه أشهد بالله كما سيأتي
قوله ( باللعن ) أي بعد الرابعة ومثله الغضب
قوله ( لأنهن يكثرن اللعن ) كما ورد في الحديث إنهن يكثرن اللعن ويكفرن العشير أي الزوج
قال في العناية فعساهن يجتزئن على الإقدام عليه لكثرة جريه على ألسنتهن وسقوط وقعه على قلوبهن فقرن الركن في جانبهن بالغضب ردعا لهن عن الإقدام
قوله ( في حقه ) أي على تقدير كذبه
وظاهر إطلاقه يقتضي عدم قبول شهادته أبدا وبه جزم العيني هنا تبعا لما في الاختيار
وذكر الزيلعي في القذف أنها تقبل
نهر
قوله ( ومقام حد الزنا في حقها ) أي على تقدير صدقه كما في النهر ح
قوله ( أي إذا تلاعنا الخ )
____________________
(3/482)
بيان لوجه قيام الشهادات من الجانبين مقام الحدين
قوله ( مهلك ) أي إذا كان كاذبا كما في التبيين ح
قوله ( بل أشد ) لأن إهلاك الحد دنيوي وإهلاك التجري على اسم الله تعالى أخروي { ولعذاب الآخرة أشد } طه 127
قوله ( وشرطه قيام الزوجية ) فلا لعان بقذف المنكوحة فاسدا أو المبانة ولو بواحدة بخلاف المطلقة رجعية ولا بقذف زوجته الميتة
ويشترط أيضا الحرية والعقل والبلوغ والإسلام والنطق وعدم الحد في قذف وهذه شروط راجعة إليهما
ويشترط في القاذف خاصة عدم إقامة البينة على صدقه وفي المقذوف خاصة إنكارها وجود الزنا منها وعفتها عنه
ويشترط أيضا كون القذف بصريح الزنا وكونه في دار الإسلام هذا حاصل ما في البحر عن البدائع ونفي الولد بمنزلة صريح الزنا ويأتي أكثر هذه الشروط في غضون كلامه
قوله ( يوجب الحد في الأجنبية ) أي بأن تكون محصنة
قوله ( خصت بذلك ) أي باشتراط كونها محصنة
وحاصله كما في الفتح أن المرأة هي المقذوفة دونه فاختصت باشتراط كونها ممن يحد قاذفها بعد اشتراط أهلية الشهادة بخلافه فإنه ليس مقذوفا وهو شاهد فاشترطت أهليته للشهادة دون كونه ممن يحد قاذفه ا هـ
وفيه رد لما في النهاية من أن كونه محصنا شرط أيضا في اللعان وقد خطأه الزيلعي وغيره قوله ( فتتم لها شروط الإحصان ) الفاء فصيحة إي إذا كانت هي المقذوفة دونه فيشترط أن يتم لها شروط الإحصان الخمسة وهي أن تكون عفيفة عن الزنا عاقلة بالغة حرة مسلمة
قوله ( وركنه ) يغني عنه ما ذكره في تعريفه ط
قوله ( والاستمتاع ) أي بالدواعي ومن حكمه وجوب التفريق بينهما ووقوع البائن بهذا التفريق
بحر ط
قوله ( بعد التلاعن ) أي ما دام حكمه باقيا فلو خرجا أو أحدهما عن أهلية اللعان له أن ينكحها كما يأتي وعليه حمل الحديث المذكور
ولا ينافيه قوله أبدا في قوله تعالى { إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا } الكهف 120 أي ما دمتم في ملتهم كما في البدائع وتمام الكلام على الحديث مبسوط في الفتح فلا لعان بين كافرين وإن قبلت شهادة بعضهم على بعض عندنا ولا بين مملوكين ولا من أحدهما مملوك أو صبي أو مجنون أو محدود في قذف أو كافر وصح بين الأعميين والفاسقين لأنهما أهل للأداء إلا أنها لا تقبل للفسق ولعدم قدرة الأعمى على التمييز وقد قبلت شهادته فيما يثبت بالتسامع كالموت والنكاح والنسب وتمامه في البحر و النهر
لكن قال في الدر المنتقى قلت الأصح عدم القبول كما سيجيء نعم عم القهستاني الأهلية ولو بحكم القاضي لنفوذ القضاء بشهادتهما ا هـ أي المراد النفوذ وإن لم يجر للقاضي فعله لكن يرد عليه المحدود في القذف
قال ابن كمال باشا وأما المحدود في القذف فلا يجوز القضاء بشهادته أصلا نعم لو قضى بها ينفذ لكن الكلام في الجواز فإنه أمر وراء النفاذ ا هـ
قلت ويرد عليه الفاسق فإنه ينفذ القضاء بشهادته مع أنه لا يجوز ولعل مراده بنفي الجواز نفي الصحة والنفاذ نفاذ الحكم بصحتها ممن يراها كشافعي
والفاسق يصح القضاء بشهادته وكذا الأعمى على القول بصحتها فيما يثبت
____________________
(3/483)
بالتسامع بخلاف المحدود في القذف
قوله ( بصريح الزنا ) كيازانية أو يا زاني لأنه ترخيم قد زنيت قبل أن أتزوجك جسدك أو نفسك زان وخرج الكناية والتعريض نحو لست أنا بزان
أفاده القهستاني
وخرج بذكر الزنا اللواط فلا لعان فيه عنده وعندهما يثبت فيه كذا في البحر ط
وخرج أيضا وجدت معها رجلا يجامعها لأن الجماع لا يستلزم الزنا
بحر
لا ( في دار الإسلام ) أخرج دار الحرب لانقطاع الولاية
قوله ( زوجته ) شمل غير المدخول بها كما في الدر المنتقى وغيره
قوله ( الحية ) لأن الميتة لم تبق زوجة ولأنه لا يتأتى منها اللعان فلو قذف زوجته الميتة فطلب من وقع القدح في نسبه من غير أولاد القاذف يحد للقذف إن لم يبرهن أما لو طالبه من القاذف عليه ولادة يسقط عنه لأنه لا يحد لوالده
رحمتي
صقوله ( بنكاح صحيح ) هو إيضاح للتقليد بالزوجية لأن المنكوحة فاسدا غير زوجة ولو دخل بها فيه لم تبق عفيفة أيضا فلا يحد قاذفها
أفاده الرحمتي
قوله ( ولو في عدة الرجعي ) خرجت المبانة فلا لعان فيها لكنه يحد كالأجنبي
قهستاني عن شرح الطحاوي ط
قوله ( العفيفة ) ذات لها صفة تغلب على الشهوة
وفي الشريعة امرأة بريئة من الوطء الحرام والتهمة
قهستاني
قوله ( بأن لم توطأ الخ ) بيان للعفة الشرعية وقوله حراما أي وطأ حراما أي محرما لعينه لا لعارض وذلك بأن يكون في غير ملك صحيح بخلاف ما لو كان في ملكه وحرم لعارض حيض ونحوه فليس المراد بالزنا هنا ما أوجب الحد ولذا قال ولو مرة بشبهة أي ولو كان بشبهة كوطء معتدته من بائن وإن ظن حله وقوله ولا بنكاح فاسد الأولى أو بنكاح فاسد عطفا على قوله بشبهة لأنه من الوطء الحرام وقوله ولا لها ولد الخ الأولى ولم يكن لها ولد عطفا على قوله لم توطأ لأنه بيان لقوله وتهمته فإنها تتهم بالزنا بوجود ولد لها بلا أب أي بلا أب معروف وسيأتي في باب القذف إن شاء الله تعالى أن المراد بعدم معرفته عدمها في بلد القدف لا في كل البلاد
قوله ( وصلحا ) أي كل من الزوجين
قوله ( لأداء الشهادة ) لا لنحملها كما مر فإن الصبي أهل للتحمل لا للأداء
قوله ( فخرج نحو قن الخ ) أي من كل من لا تصح شهادته ومنه ما إذا كان أحدهما محدودا في قدف أو كافرا كما مر
وصورة ما إذا كان الزوج كافرا فقط ما في البدائع أسلمت امرأته ثم قبل عرض الإسلام عليه قذفها بالزنا ا هـ أي لأنه يشهد عليها بالزنا ولا شهادة لكافر على مسلم وهذا يرد ما في القهستاني من أنه يشترط صلاحية الشهادة حالة اللعان لا حالة القذف فإنه يلزم عليه جريانه بين كافرين ورقيقين بعد الإسلام والعتق
والظاهر أنه شرط في الحالتين وسيذكر المصنف أيضا أن العبرة للإحصان حالة القذف
قوله ( ودخل الأعمى الخ ) تقدم بيانه
قوله ( أو من نفى نسب الولد ) أطلقه فشمل ما إذا صرح معه بالزنا أو لا على مختار صاحبالهداية و الزيلعي وهو الحق خلافا لما في المحيط و المبتغى لأن قطع النسب من كل وجه يستلزم الزنا واحتمال كون الولد بوطء شبهة ساقط بالأجماع على أن من قال لست لأبيك يكون قاذفا لأمة حتى يلزمه حد القذف مع وجود هذا الاحتمال
وتمامه في البحر
تنبيه في الذخيرة لا يشرع اللعان بنفي الولد في المجبوب والخصي ومن لا يولد له ولد لأنه لا يلحق به الولد ا هـ
وفيه نظر لأن المجبوب ينزل بالسحق ويثبت نسب ولده على ما هو المختار كذا في الفتح ويأتي في أول اللعان ما يؤيده
قوله ( منه ) متعلق بنسب أو بنفي وقوله أو من غيره بأن نفى نسب ولد زوجته من أبيه
قوله ( وطالبته )
____________________
(3/484)
قيد به لأنها لو لم تطالبه فلا لعان لأنه حقها لدفع العار عنها ومراده طلبها إذا كان القذف بصريح الزنا أما بنفي الولد فالطلب حقه أيضا لاحتياجه إلى نفي من ليس ولده عنه
بحر
قوله ( أو طالبه الولد المنفي ) هذا سبق قلم ولم أره لغيره والصواب أن يقال أو طالب النافي للولد
وعبارة الفتح ويشترط طلبها بخلاف ما إذا كان القذف بنفي الولد فإن الشرط طلبه لاحتياجه إلى نفي من ليس ولده عنه
وعبارة الزيلعي لا بد من طلبها إلا أن يكون القذف بنفي الولد فإن له أن يطالب لاحتياجه الخ ومثله ما ذكرناه آنفا عن البحر
ولا يخفى أن الضمير في طلبه راجع للقاذف لا للولد نعم طلب الولد شرط لوجوب حد القذف إن كان ولد غير القاذف وكانت الأم ميتة وإلا فشرط طلبها كما سيأتي في بابه والكلام في الطلب الذي هو شرط وجوب اللعان ولا يكون بعد موتها وهذا ظاهر جلي ثم رأيت الرحمتي أشار إلى بعض ما قلنا
قوله ( أي بموجب القذف ) أشار إلى أن الضمير راجع إلى القذف المفهوم من قوله قذف لكن على تقدير مضاف وهو موجب أو أعاد الضمير عليه بمعنى موجبه على طريق الاستخدام وعليه اقتصر القهستاني
قوله ( وهو الحد ) أي حد القذف إن أكذب نفسه أو اللعان إن أصر كما يأتي
قوله ( عند القاضي ) متعلق بطالبته
قال في البحر ولا بد من كونه أي الطلب في مجلس القاضي كذا في البدائع
قوله ( ولو بعد العفو ) أي لا يسقط بالعفو لكن مع العفو لا حد لا لصحة العفو بل لترك الطلب حتى لو عاد المقذوف وطلب يحد القاذف خلافا لمن فهم من عدم سقوطه بالعفو أن القاضي يقيم الحد عليه مع العفو كما نبه عليه في البحر في باب حد القذف
قوله ( لا يبطل الحق في قذف الخ ) بخلاف بقية الحدود وسيأتي في القضاء إن شاء الله تعالى أن السلطان إذا نهى القاضي عن سماع الدعوى بعد مضي خمس عشرة سنة صح ولا يصح سماعها منه وهذا إذا كان الخصم منكرا ولم يكن الترك بعذر وإلا فإنه يصح
ولا يخفى أن النهي عن سماعها لا يسقط الحق بل هو باق في الدنيا والآخرة ولذا لو أذن السلطان بسماعها بعد ذلك يثبت الحق فافهم
قوله ( إن أقر بقذفه الخ ) قيد لقوله لاعن وهو مقيد أيضا بإصراره وبعجزه عن البينة على زناها أو على إقرارها به أو على تصديقها له وتمامه في البحر
قوله ( أو ثبت قذفه بالبينة ) هي رجلان لا رجل وامرأتان
بحر
وعلله في كافي الحاكم بأنه شهادة للنساء في الحدود وهذا منها ا هـ
فما في النهر وتبعه في الدر المنتقى من قوله أو رجل وامرأتان سبق قلم
قوله ( لم يستحلف ) أي لأنه حد كافي أي والاستحلاف فائدته النكول وهو إقرار معنى لا صريح ففيه شبهة يندرىء الحد بها
قوله ( حبس حتى يلاعن الخ ) قال ابن كمال هنا غاية أخرى ينتهي الحبس بها وهي أن تبين منه بطلاق أو غيره
ذكره السرخسي في المبسوط ا هـ
وهو مفهوم من قول المصنف سابقا وشرطه قيام الزوجية شرنبلالية
قوله ( فيحد ) فيه دلالة على أنه لا يحد امتناعه خلافا لمن شذ من المشايخ
نهر
قوله ( لأنه المدعي ) علة للبعدية
قوله ( فلو بدأ ) ضميره يعود للقاضي وكذا ضمير فرق
قوله ( أعادت ) ليكون على الترتيب المشروع
بحر عن الاختيار وظاهره الوجوب
لكن قال في محل آخر وفي الغاية لا تجب الإعادة وقد أخطأ السنة ورجحه في الفتح بأنه الوجه وهو قول مالك ا هـ
ومثلها في الشرنبلالية
قوله ( ولا تحد ) وما في بعض نسخ القدوري
____________________
(3/485)
فتحد غلط لأن الحد لا يجب بالإقرار مرة فكيف يجب بالتصديق مرة
بحر و زيليعي
قلت وقد يجاب بأن مراد القدوري بالتصدق الإقرار بالزنا لا مجرد قولها صدقت واكتفى عن ذكر التكرار اعتمادا على ما ذكره في بابه ويشير إلى هذا قول الحاكم في الكافي وإذا صدقت المرأة زوجها عند الإمام فقالت صدق ولم تقل زنيت وأعادت ذلك أربع مرات في مجالس متفرقة لم يلزمها حد الزنا ويبطل اللعان ولا يحد من قذفها بعد هذا ا هـ
قوله ( ولا ينتفي النسب ) لأنه إنما ينتفي باللعان ولو يوجد وبه ظهر أن ما في شرحي الوقاية و النقاية من أنها إذا صدقته ينتفي غير صحيح كما نبه عليه في شرح الدرر و الغرر
بحر
وسيأتي أن شروط النفي ستة منها تفريق القاضي بينهما بعد اللعان
قوله ( لعدم وجوبه عليها حينئذ ) أي حين امتنع لأنه لا يجب عليها إلا بعد لعانه فقبله ليس امتناعا لحق وجب
نهر وأجاب ط بعد الترافع منهما صار إمضاء اللعان حق الشرع فإذا لم تعف وظهرت الامتناع تحبس بخلاف ما إذا أبى هو فقط فلا تحبس ا هـ فتأمل
وأجاب الرحمتي بأنه ليس المراد أنهما امتنعا في آن واحد بل المراد امتناعه بعد المطالبة به وامتناعها بعد لعانه فارجع المسألة إلى ما في المتن والله تعالى أعلم بالصواب
قوله ( لرقه ) أو لكونه محدودا في قذف
بحر
قوله ( أو كفره ) بأن أسلمت ثم قذفها قبل عرض الإسلام عليه
بحر
قوله ( أي بالغا عاقلا ناطقا ) أما لو كان صبيا أو مجنونا أو أخرس فلا حد ولا لعان
منح
لأن قذفه غير صحيح
قوله ( إذا سقط لمعنى من جهته ) بأن لم يصلح شاهدا لرقه ونحوه أما لو سقط لمعنى من جهتها وهو المسألة الآتية في كلام المصنف فلا حد ولا لعان
وبقي ما لو سقط من جهتهما كما لو كانا محدودين في قذف فهو كالأول لأنه سقط لمعنى من جهته لأن البداءة به فلا تعتبر جهتها معه كما أفاده في الجوهرة ويأتي تمامه قريبا
قوله ( فلو القذف صحيحا ) بأن كان بالغا عاقلا ناطقا
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يكن القذف صحيحا بأن لم يكن كذلك
قوله ( فلا حد ولا لعان ) نفي اللعان تأكيد لأن الكلام فيما إذا سقط
قوله ( لم تصلح ) أي الشهادة وإنما زاده ليشمل المحدودة في قذف فإنها لم تدخل في كلام المصنف لأنها مما يحد قاذفها كذا أفاده في البحر ولولا هذه الزيادة لكان المفهوم من كلام المصنف أنه يحد لها مع أنه لا يحد كما يأتي بيانه
قوله ( فلا حد عليه ) لأن شرط الحد الإحصان وهو كونها مسلمة حرة بالغة عاقلة عفيفة كما مر
وشرط اللعان الإحصان وأهلية الشهادة فإذا كانت غير محصنة فلا حد ولا لعان لفقد الإحصان وإذا كانت محصنة لكنها محدودة في قذف فلا لعان لعدم أهلية الشهادة ولا حد أيضا لأنه سقط اللعان لمعنى من جهتها لا من جهته
والحاصل أنها إذا كانت كافرة أو رقيقة أو صغيرة أو مجنونة فلا حد لعدم الإحصان ولا لعان لذلك ولعدم أهليتها للشهادة وإذا كانت غير عفيفة سقطا أيضا لعدم الإحصان ولأنه صادق في قوله وإذا كانت عفيفة محدودة فلما علمت هكذا ينبغي تحرير هذا المقام فافهم
قوله ( كما لو قذفها أجنبي ) هذا في غير العفيفة المحدودة أما فيها
____________________
(3/486)
فيحد الأجنبي بقذفها كما في الشرنبلالية لأن سقوط الحد عن الزوج لعلة غير موجودة في الأجنبي
قوله ( لأنه خلفه ) كذا في الدرر
والصحيح في التعليل ما قدمناه لأن هذا لا يظهر في العفيفة المحدودة لأن اللعان فيها لم يسقط تبعا للحد بل بالعكس إلا أن يقال الضمير في لأنه للحد وفي خلفه للعان بناء على أن الواجب الأصلي في قذف الزوج هو اللعان والحد خلف عنه بمعنى أنه إذا سقط اللعان وجب الحد حيث لا مانع منه
وفي كلام ابن الكمال ما يدل على هذا التأويل فتدبر
قوله ( لكنه يعزز أي وجوبا لأنه أذاها وألحق الشين بها كذا في البحر
وظاهره وجوب التعزير في غير العفيفة قاله أبو السعود وقد يقال إنها هي التي ألحقت الشين بنفسها ط
قلت هذا ظاهر إن كانت مجاهرة وإلا فيعزر بطلبها لإظهاره الفاحشة
قوله ( وهذا ) أي قوله وإذا لم يصلح شاهدا الخ
قوله ( تصريح بما فهم ) أي من قوله قذفا يوجب الحد في الأجنبية وقوله وصلحا لأداء الشهادة فإنه احتراز عن غير العفيفة وعما إذا لم يصلح وصلحت أو عكسه فافهم
تتمة قال في البحر ولم يتعرض صريحا لما إذا لم يصلحا لأداء الشهادة وقد يفهم من اشتراطه أولا أنه لا لعان وأما الحد فلا يجب لو صغيرين أو مجنونين أو كافرين ومملوكين ويجب لو محدودين في قذف لامتناع اللعام لمعنى من جهته وكذا يجب لو كان هو عبدا وهي محدودة لأن قذف العفيفة موجب للحد ولو كانت محدودة
قوله ( ويعتبر الإحصان ) يعلم منه ومن قوله وكذا يسقط بزناها اشتراط دوامه من حين القذف إلى حين التلاعن ط
قوله ( بالطلاق البائن ) لو قال بالبينونة لشمل البينونة بالطلاق أو الفسح أو الموت
وفي كافي الحاكم وإذا قذف الرجل امرأته ثم بانت منه بطلاق أو غيره فلا حد عليه ولا لعان لأن حده كان اللعان فلما لم يستقر اللعان بعد البينونة لم يحول إلى الحد ولو أكذب نفسه لم يحد ولو قال أنت طالق ثلاثا يا زانية كان عليه الحد ولو قال يا زانية أنت طالق ثلاثا لم يلزمه الحد ولا اللعان ا هـ أي لحصول البينونة بعد وجوب اللعان
قوله ( ويسقط بموت الخ ) أي إذا شهد وعدله القاضي ثم مات أو غاب لا يقضي به
قال في الفتح وفي الجامع لو مات الشاهدان أو غابا بعد ما عدلا لا يقضي باللعان وفي المال يقضي بخلاف ما لو عميا أو فسقا أو ارتدا حيث يلاعن بينهما ا هـ
قلت ولعل وجه الفرق أن الحد يدرأ بالشبهات واحتمال رجوع الشاهد عن شهادته قبل القضاء شبهة فما دام حيا حاضرا فالاحتمال قائم فإذا قضى القاضي بشهادته ولم يرجع زال الاحتمال وبعد القضاء يلغو ذلك الاحتمال التأكد الحق بالقضاء أما إذا مات أو غاب فلا يقضي بشهادته لأنه لو كان موجودا احتمل رجوعه قبل القضاء فتأمل هذا
وفي اشتراط حضور الشاهدين لإقامة الحد كلام مذكور في الشرنبلالية في باب حد السرقة فراجعه
____________________
(3/487)
وسيأتي بيانه هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( معهود ) أي عهد وقوعه منها
قوله ( فلا لعان ) أي ولا حد لعدم الأحصان
قوله ( لإسناده لغير محله ) أي لإسناده الزنا فإن محله البالغة العاقلة
وعبارة الفتح لم يكن قذفا في الحال لأن فعلها لا يوصف بالزنا
قوله ( حيث يتلاعنا ) صوابه يتلاعنان بالنون في آخره كما يوجد في بعض النسخ
قوله ( لاقتصاره ) أي لأنه يقع مقتصرا على زمن التكلم ولا يستند لأنها توصف بالزنا وهي ذمية أو أمة فقد ألحق بها الشين فافهم وكذا في منذ أربعين سنة ولو عمرها أقل لأنه مبالغة في القدم
تأمل
قوله ( من كتاب وسنة ) بيان للنص الشرعي وبه استغنى عما في البحر الظاهر أنه أراد بالصفة الركن يعني الماهية إذ صفته على وجه السنة لم ينطق بها النص وهو أن القاضي يقيمهما متقابلين ويقول له التعن فيقول الزوج أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا وفي الخامسة لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا يشير إليها في كل مرة ثم تقول المرأة أربع مرات أشهد بالله إنه من الكاذبين فيما رماني به من الزنا وفي الخامسة غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به من الزنا
كذا في النهر ح
مطلب في الدعاء باللعن على معين تنبيه مقتضى مشروعية اللعان جواز الدعاء باللعن على كاذب معين فإن قوله لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين دعاء على نفسه باللعن على تقدير كذبه فتعليقه على ذلك لا يخرجه عن التعيين نعم يقال إن مشروعيته إن كان صادقا فلو كان كاذبا لا يحل له
وذكر في البحر ما يدل على الجواز بما في عدة غاية البيان من أن المباهلة مشروعة في زماننا وهي الملاعنة كانوا يقولون إذا اختلفوا في شيء بهلة الله على الكاذب منا وقدمنا الكلام على ذلك في باب الرجعة
قوله ( بانت بتفريق الحاكم ) أي تكون الفرقة تطليقه بائنة عندهما
وقال أبو يوسف هو تحريم مؤبد
هداية
قوله ( فيتوارثان قبل تفريقه ) لأنها امرأته ما لم يفرق القاضي بينهما
كافي
نعم يحرم الوطء ودواعيه قبل التفريق كما مر ويأتي ثم هذا تفريغ على المفهوم وهو أنه لا تقع الفرقة بنفس اللعان قبل تفريق الحاكم ويتفرع عليه أيضا في السعدية عن الكفاية أنه لو طلقها في هذه الحالة طلاقا بائنا يقع وكذا لو أكذب نفسه حل له الوطء من غير تجديد النكاح ا هـ
وعند الشافعي تقع الفرقة بنفس اللعان والكلام معه مبسوط في الفتح وهذا أحد المواضع التي شرط فيها القضاء وقد ذكرها في المنح منظومة وتقدمت في الطلاق
قوله ( الذي وقع اللعان عنده ) محترزه قوله الآتي فلو لم يفرق الخ
قوله ( ولو زالت الخ ) هذا أيضا من فروع عدم وقوع الفرقة قبل التفريق
قوله ( فرق ) لأنه يرجى عود الإحصان
فتح
قوله ( وإلا لا ) أي وإن زالت أهلية اللعان بما لا يرجى زواله بأن أكذب نفسه أو قذف أحدهما إنسانا فحد للقذف أو وطئت هي وطأ حراما أو خرس أحدهما لا يفرق بينهما
فتح قوله ( ينتظر ) لأن التفريق حكم فلا يصح على الغائب
رحمتي
قوله ( استقبله الحاكم الثاني ) أي استأنف اللعان
قوله ( خلافا لمحمد ) فعنده لا يستقبل لأن اللعان قائم مقام الحد فصار كإقامة الحد حقيقة وذلك لا يؤثر فيه
____________________
(3/488)
عزل الحاكم وموته
ولهما أن تمام الإمضاء في التفريق والإنهاء فلا يتناهى قبله فيجب الاستقبال كذا في الاختيار ومفاده أنه لا تحصل حرمة الوطء قبل التفريق وسيأتي خلافه ومفاده أيضا أنه لا بد من طلبها التلاعن عند الحاكم الثاني فليراجع
قوله ( بعد وجود الأكثر ) بأن التعن كل منهما ثلاث مرات
قوله ( صح ) أي التفريق وقد أخطأ السنة
كافي
قوله ( لأنه مجتهد فيه ) فإن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قائل بوقوع الفرقة بلعان الزوج فقط كذا في النهرح
قلت وقدمنا في الخلع وفي أول الظهار معنى المجتهد فيه وإذا فهمته تعلم أنه لا يثبت كونه مجتهدا فيه بمجرد وقوع الخلاف فيه بين المجتهدين
قوله ( بغير القاضي الحنفي ) المراد بغيره من يرى جوازه باجتهاد منه أو بتقليد للمجتهد كشافعي
قوله ( أما هو فلا ينفذ ) أي بناء على المعتمد من أن القاضي ليس له الحكم بخلاف مذهبه ولا سيما قضاة زماننا المأمورين بالحكم بأصح أقوال أبي حنيفة
قوله ( وحرم وطؤها ) أي ودواعيه كما مر ط
قوله ( لما مر ) أي من حديث المتلاعنان لا يجتمعان أبدا ح
قوله ( ولها ) أي للملاعنة بعد التفريق ط
قوله ( نفقة العدة ) أي والسكنى وإذا جاءت بولد إلى سنتين لزمه وإن لم تكن عليها عدة لزمه إلى ستة أشهر كما في الكافي
قوله ( حي ) فلو نفاه بعد موته لاعن ولم يقطع نسبه وكذا لو جاءت بولدين أحدهما ميت فنفاهما أو مات أحدهما قبل اللعان كما سيأتي
قوله ( نفي نسبه ) أي لا بد أن يقول قطعت نسب هذا الولد عنه بعد ما قال فرقت بينكما كما روى عن أبي يوسف
وفي المبسوط هذا هو الصحيح لأنه ليس من ضرورة التفريق نفي النسب كما بعد الموت يفرق بينهما ولا ينتفي النسب
بحر عن النهاية
قوله ( وألحقه بأمه ) هذا غير لازم في النفي وإنما خرج مخرح التأكيد
نهر عن النهاية
قوله ( بشرط صحة النكاح ) هذا الشرط والذي بعده زادهما في البحر على شروط النفي الستة المذكورة في البدائع وإنما لم يعدهما الشارح من الستة إشارة إلى أنهما ليسا شرطين للنفي أصالة وإنما هما شرطان للعان كما أفاده في النهر فهما من شروط النفي بواسطة لكن الثاني يغني عن الأول
تأمل
قوله ( لعدم التلاعن ) لأنه نفي نسبه مستندا إلى وقت العلوق وليست وقته من أهل اللعان ولا ينتفي النسب بدون لعان
قوله ( فستة ) الأول التفريق
الثاني أي يكون عند الولادة أو بعدها بيوم أو يومين
الثالث أن لا يتقدم منه إقرار به ولو دلالة كسكوته عند التهنئة مع عدم رده
الرابع حياة الولد وقت التفريق
الخامس أن لا تلد بعد التفريق ولدا آخر من بطن واحد
السادس أي لا يكون محكوما بثبوته شرعا كأن ولدت ولدا فانقلب على رضيع فمات الرضيع وقضى بديته على عاقلة الأب ثم نفى الأب نسبه يلاعن القاضي بينهما ولا يقطع نسب الولد لأن القضاء بالدية على عاقلة الأب قضاء بكون الولد منه ولا ينقطع النسب بعده وتمامه في البحر
قوله ( سيجيء ) أي عند قوله نفي الولد الحي الخ لكن المذكور هناك أكثر الشروط لا كلها
قوله ( وإن أكذب نفسه حد ) أي إذا أكذبها بعد اللعان فلو قبله ينظر فإن لم يطلقها قبل الإكذاب وإن أبانها ثم أكذب فلا حد ولالعان
زيلعي أي لأن اللعان لم يستقر بعد البينونة
____________________
(3/489)
فلم يحول إلى الحد كما قدمناه عن الكافي
قال في الشرنبلالية
وقوله وإن أكذب نفسه ليس تكرار مع قوله حبس حتى يلاعن أو يكذب نفسه فيحد لأن ذلك فيما قبل اللعان وهذا فيما بعده
قوله ( ولو دلالة ) أي سواء كان الإكذاب باعترافه أو بينة أو دلالة
نهر
قوله ( فادعى نسبه ) أي فإنه لا يصدق على النسب ولا الميراث ويضرب الحد فإن كان الولد ترك ولدا ذكرا أو أنثى يثبت نسبه من المدعي وورث الأب منه
كافي الحاكم
قوله ( للقذف ) أي لقذف الثاني الذي تضمنته كلمات اللعان كشهود الزنا إذا رجعوا فإنهم يحدون لا للقذف الأول لأنه أخذ بموجبه وهو اللعان كما أفاده في البحر
وأفاد الرحمتي أنه لما أكذب نفسه تبين أن اللعان لم يقع موقعه من قيامه مقام حد القذف فرجعنا إلى الأصل من لزوم الحد بالقذف الأول فافهم
قوله ( حد أو لا ) أشار إلى ما في البحر من أن تقييد الزيلعي بالحد اتفاقي
قوله ( أو زنت وإن لم تحد ) أراد بالزنا الوطء الحرام وإن لم يكن زنا شرعا كما ذكره الإسبيجابي
بحر
ثم إن عبارة الهداية و الكنز أو زنت فحدت
قال في الفتح قيل لا يستقيم لأنها إذا حدت كان حدها الرجم فلا يتصور حلها للزوج بل بمجرد أن تزني تخرج عن الأهلية ومنهم من ضبطه بتشديد النون بمعنى نسبت غيرها للزنا وهو معنى القذف فيستقيم حينئذ توقف حلها للأول على حدها لأنه حد القذف
وتوجيه تخفيفها أن يكون القذف واللعان قبل الدخول بها ثم زنت فحدت فإن حدها حينئذ الجلد لا الرجم لأنها ليست بمحصنة ا هـ
وذكر القهستاني أنه يتصور الزنا في المدخولة كما أشار إليه في المضمرات بأن ترتد وتلحق بدار الحرب ثم تسبى وتقع في ملك رجل فيزني رجل بها ا هـ
وفيه أن الأهلية زادت بالردة لا بالزنا
وذكر في البحر أن الرواية بالتخفيف فلذا لم يذكر المصنف الحد وأشار الشارح بقوله وإن لم تحد إلى أن التقييد بالحد غير معتبر المفهوم على رواية التخفيف وبخلافه على التشديد كما صرح به في النهر
قوله ( لزوال العفة ) علة لحل النكاح فيما إذا صدقته أو زنت أما إذا أكذب نفسه ولم يحد أو حد بعد القذف فلظهور أن اللعان لم يقع موقعه كما قدمناه
تأمل
قوله ( عن أهلية اللعان ) لأنهما لم يبقيا متلاعنين لا حقيقة لأن حقيقة التلاعن حين وقوعه ولا حكما لزوال الأهلية التى كان التلاعن باقيا بها حكما بعد وقوعه فلا ينافي الحديث كما تقدم
قوله ( لدرئه بالشبهة ) وهي احتمال تصديق أحدهما للآخر لو كان ناطقا
قوله ( مع فقد الركن ) أي فيما إذا كان الخرس قبل اللعان
قوله ( ولذا ) أي لفقد الركن أو للشبهة وهو أظهر لأن الكتابة قائمة مقام النطق في الطلاق ونحوه لكن فيها شبهة كإشارة الأخرس فيندرىء الحد بها
مطلب الحمل يحتمل كونه نفخا وفيه حكاية قوله ( لعدم تيقنه ) قال في الفتح إذ يحتمل كونه نفحا أو ماء
وقد أخبرني بعض أهلي عن بعض خواصها أنه ظهر بها حمل واستمر إلى تسعة أشهر ولم يشككن فيه حتى تهيأت له بتهيئة ثياب المولود ثم أصابها طلق وجلست الداية تحتها فلم تزل تعصر العصرة بعد العصرة وفي كل عصرة تصب الماء حتى قامت فارغة من غير ولد
وأما توريثه
____________________
(3/490)
والوصية به وله فلا يثبت له إلا بعد الانفصال فيثبتان للولد لا للحمل
وأما العتق فإنه يقبل التعليق بالشرط فعتقه معلق معنى وأما رد الجارية المبيعة بالحمل فلأن الحمل ظاهر واحتمال الريح شبهة والرد بالعيب لا يمتنع بالشبهة ويمتنع باللعان بها لأنه من قبيل الحدود والنسب يثبت بالشبهة فلا يقاس على العيب ا هـ
قوله ( ولو تيقناه الخ ) جواب عن قول الصاحبين يجريان اللعان إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر للتيقن بقيامه
قوله ( لعلمه بالوحي ) أي لعلمه بالحمل وحيا من الله تعالى والمراد الجواب عما استدلا به لقولهما إنه يلاعن إذا ولدته لأقل المدة
وعن قول الشافعي إنه يلاعن قبل الولادة وهذا بعد تسليم كون هلال قذفها بنفي الحمل فقد أنكره ابن حنبل بل قذفها بالزنا وقال وجدت شريك بن سحماء على بطنها يزني بها على أن يكون لعانهما قبل الوضع معارض بما في الصحيحين من أنه بعده فلا يستدل بأحدهما بعينه للتعارض وتمامه في الفتح ولكن لم يذكر فيه أنه نفاه الوضع كما اقتضاه كلام الشارح تبعا ل النهر وإنما فيه قوله نظروها فإن جاءت به كذا فهو لهلال أو جاءت به فهو لشريك وأنها ولدت فألحق الولد بلمرأة وجاءت به أشبه الناس بشريك
قوله ( عند التهنئة ) بالهمز من هنأته بالولد بالتثقيل والهمز
مصباح
قوله ( ومدتها سبعة أيام عادة ) أشار به إلى أنه لم يقدر زمنها بشيء كما هو ظاهر الرواية
وعن الإمام تقديره بثلاثة أيام وفي رواية الحسن سبعة وضعفه السرخسي بأن نصب المقادير بالرأي لا يجوز
شرنبلالية
وعندهما تقديره بمدة النفاس
فتح
قوله ( وعند ابتياع آلة الولادة ) أي عند شرائها كالمهد ونحوه والواو بمعنى أو كما يفيده كلام المصنف في المنح وكلام الفتح وغيره
قوله ( وبعده لا ) أي بعد قبوله التهنئة أو سكوته عندها أو شراء آلة الولادة وسكوته عن النفي ومضي ذلك الوقت إقرار منه
منح
قال في الفتح وهذا من المواضع التي اعتبر فيه السكوت رضا إلا في رواية عن محمد في ولد الأمة إذا هنىء به فسكت لا يكون قبولا لأنه ير ثابت إلا بالدعوة والسكوت ليس دعوة ونسب ولد المنكوحة ثابت منه فسكوته يسقط حقه في النفي ا هـ
وولد أم الولد كولد المنكوحة لأن لها فراشا بخلاف الأمة لأنها لا فراش لها
جوهرة
قوله ( فحالة علمه كحالة ولادتها ) فتعجل كأنها ولدته الآن فله النفي عند أبي حنيفة في مقدار ما يقبل فيه التهنئة
وعندهما في مقدار مدة النفاس بعدم القدوم كما في الفتح
شرنبلالية
قوله ( ليس على إطلاقه ) بل هو مشروط بالشروط الستة المارة
قوله ( نفي أول التوأمين ) تثنية توأم فوعل والأنثى توأمة
والجمع توائم وتوأم كدخان
مصباح
وهما ولدان بين ولادتهما أقل من ستة أشهر
بحر
قوله ( إن لم يرجع ) قيد به لأنه لو رجع عن الإقرار بالثاني يلاعن ا هـ ح
وذكر الرحمتي أن هذا القيد لم يذكره في البحر و النهر و الدرر و المنح وغيرها ولا هو في شرح الملتقى وكأنه غلط من الكتاب لأنه بإقراره بالثاني كذب نفسه بنفي الولد لأنهما من ماء واحد فصار قاذفا ورجوعه لا يسقط الحد عنه ا هـ
قوله ( لتكذيبه نفسه ) أي بإقراره بالثاني وهذا علة لقوله
____________________
(3/491)
حد
قوله ( وإن عكس ) بأن أقرر بالأول ونفى الثاني
قوله ( إن لم يرجع ) لأنه لو رجع لا يلاعن بل يحد ا هـ ح
لأنه أكذب نفسه وهذا صحيح موافق لما مر ولما يأتي قريبا فافهم
قوله ( لقذفها بنفيه ) علة لقوله لاعن ا هـ ح
قال في الفتح لا يقال ثبوت نسب الأول معتبر باق بعد نفي الثاني فباعتبار بقائه شرعا يكون مكذبا نفسه بعد نفي الثاني وذلك يوجب الحد
لأنا نقول الحقيقة انقطاعه وثبوته أمر حكمي والحد لا يحتاط في إثباته فكان اعتبار الحقيقة هنا متعينا لا الحكمي ا هـ
وقوله وذلك يوجب الحد يؤيد ما قاله ح من أنه لو رجع يحد
ولا ينافيه ما في البحر عن الفتح من أنه لو قال بعد نفي الثاني هما ابناي أو ليسا بابني فلا حد فيهما ا هـ
لعدم القذف في الثاني
ففي الفتح ولو قال بعد ذلك هما ولداي لا حد عليه لأنه صادق لثبوت نسبهما ولا يكون رجوعا لعدم إكذاب نفسه بخلاف ما إذا قال كذبت عليها للتصريح بالرجوع
ولو قال ليسا ابني كانا ابنيه ولا يحد لأن القاضي نفى أحدهما وذلك نفى للتوأمين فليسا ولديه من وجه ولم يكن قاذفا لها مطلقا بل من وجه ا هـ فافهم
قوله ( لاعن ) كذا في الفتح و البحر ومثله في الجوهرة عن الوجيز ومقتضى ما في النهر أنه يحد وعزاه إلى الفتح وهو خلاف الواقع
فافهم نعم قال الرحمتي إن ما هنا مشكل لأن بإقراره بالثالث صار مكذبا نفسه في نفي الثاني فينبغي أن يحد لأنه بعد الإكذاب لم يبق محلا للتلاعن ا هـ
قلت والجواب أنه لما أقر بالأول كان إقرارا بالكل فيكون إقرار بالثالث تأكيدا لإقراره أو لا فلم يكن رجوعا لأنه صادق فيه كما مر آنفا ولذا علل في الفتح المسألة بقوله لأن الإقرار بثبوت نسب بعض الحمل إقرار بالكل كمن قال يده أو رجله مني
وقال وكذا في ولد واحد إذا أقر به ونفاه ثم أقربه يلاعن ويلزمه ا هـ
قوله ( يحد ) لأنه لما نفى الأول لزمه اللعان فلما أقر بالثاني صار مكذبا نفسه فلزمه الحد ولا يقبل رجوعه بعد
قوله ( كموت أحدهم ) قال في الفتح لو نفاهما فمات أحدهما أو قتل قبل اللعان لزماه لأنه لا يمكن نفي الميت لانتهائه بالموت واستغنائه عنه فلا ينتفي الحي لأنه لا يفارقه ويلاعن بينهما عند محمد لوجود القذف واللعان ينفك عن نفي الولد ولا يلاعن عند أبي يوسف لأن القذف أوجب لعانا يقطع النسب ا هـ ملخصا
قلت واقتصر الحاكم في الكافي على ذكر الأول بلا حكاية خلاف فعلم أنه ظاهر الرواية عن الكل فكان ينبغي للشارح ذكر قوله كموت أحدهم عقب قوله في المسألة الأولى لاعن وهم بنوه ليكون التشبيه بثبوت النسب واللعان أما على ما ذكره فإنه يقتضي عدم اللعان وهو خلاف ظاهر الرواية ويقضي وجوب الحد
وفيه نظر لأنه على القول بعدم اللعان فالظاهر عدم الحد أيضا لأن اللعان سقط لمعنى ليس من جهته
قوله ( يثبت نسبه ) أي نسب ولد ولد اللعان
قال في البحر وورث الأب منه اتفاقا لحاجة الولد الثاني إلى ثبوت النسب فبقاؤه كبقاء الأول
قوله ( لاستغنائه ) أي استغناء ولد الأنثى بنسب أبيه فإن ولد البنت ينسب إلى أبيه
قال في البحر قيد بموتها أي موت الأنثى المنفية لأنها لو كانت حية ثبت نسبها بدعوة ولدها اتفاقا
قوله ( خلافا لهما ) فعندهما يثبت
____________________
(3/492)
نسبه منه
بحر
قوله ( الإقرار بالولد الخ ) قال عليه الصلاة والسلام حين نزلت آية الملاعنة أيما مرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيىء ولن يدخلها الله جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه حتجب الله عنه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين رواه أبو داود والنسائي وفي الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام من دعى أبا في الإسلام غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام كذا في الفتح
قوله ( بوجه ما ) كعدم صلوح أحدهما للشهادة أو عدم الإحصان
قوله ( فقد ثبت نسب الولد ) أي ضمنا لأن حد قاذفها يتضمن ثبوت نسب الولد من أبيه
قوله ( فالإرث أثلاثا الخ ) الإرث مبتدأ خبره محذوف تقديره يكون أو يثبت
وفي كلام العرب حكمك مسمطا وما ذكره هنا هو ما جزم به في البحر و النهر نقلا عن شرح التلخيص وعزاه في البحر قبل هذا إلى شهادات الجامع وهو مخالف لما ذكره الشارح في الفرائض من أنه يرث من توأمه ميراث أخ لأبوين ومثله في سكب الأنهر معزيا إلى الاختيار لكن نسب السرخسي في المبسوط الأول إلى علمائنا ونسب الثاني إلى الإمام مالك وسيأتي تمام الكلام عليه في الفرائض إن شاء الله تعالى
قوله ( يرد عليهم ) أي بقدر حصصهم فيخص كلا ثلث فالمسألة الفرضية من ستة والردية من ثلاثة ط
قوله ( وبه علم الخ ) قال في البحر وهذا يبين أن قطع النسب جرى في التوأم لأنه لو لم يقطع نسبه عن أخيه التوأم لكان عصبة يأخذ الثلثين وقطع النسب عن أخيه التوأم بالتبعية لأبيهما وتمامه في شرح التلخيص ا هـ
قوله ( في كل الأحكام ) فيبقى النسب بين الولد والملاعن في حق الشهادة والزكاة والقصاص والنكاح وعدم واللحوق بالغير حتى لا يجوز شهادة أحدهما للآخر ولا صرف زكاة ماله إليه ولا يجب القصاص على الأب بقتله ولو كان لابن الملاعنة ابن وللزوج بنت من امرأة أخرى لا يجوز للابن أن يتزوج بتلك البنت ولو ادعى إنسان هذا الولد لا يصح وإن صدقه الولد في ذلك
فتح عن الذخيرة
قوله ( لقيام فراشها ) أي لثبوت كونها فراشا أي زوجة وقت الولادة
قال في المصباح وكل واحد من الزوجين يسمى فراشا للآخر كما يسمى لباسا
قال في البحر لأن النفي باللعان ثبت شرعا بخلاف الأصل بناء على زعمه وظنه مع كونه مولودا على فراشه وقد قال النبي الولد للفراش فلا يظهر في حق سائر الأحكام
قوله ( حتى لا تصح دعوة غير النافي ) أما دعوة النافي فتصح مطلقا ولو كان المنفي كبيرا جاحدا للنسب من النافي
بحر
قوله ( قال البهنسي الخ ) كذا رأيته في شرح البهنسي على الملتقى غير معزي لأحد مع أن ذلك ذكره في الفتح بحثا فإنه قال بعد نقله ما مر عن الذخيرة وهو مشكل في ثبوت النسب إذا كان المدعي ممن يولد مثله لمثله وادعاه بعد موت الملاعن لأنه مما يحتاط في إثباته وهو مقطوع النسب من غيره ووقع الإياس من ثبوته من الملاعن وثبوته من أمه لا ينافيه ا هـ أي لإمكان كونه وطئها بشبهة والله سبحانه وتعالى أعلم
____________________
(3/493)
باب العنين وغيره شروع في بيان من به مرض له تعلق
قوله ( وغيره ) الأولى ونحوه من كل من لا يقدر على جماع زوجته كالمجبوب والخصي والمسحور والشيخ الكبير والشكاز كشداد بشين معجمة وزاي من إذا حدث المرأة أنزل قبل أن يخالطها
قاموس
قوله ( على الجماع ) أي جماع زوجته أو غيرها فهو أعم من المعنى الشرعي الآتي
قوله ( فعيل بمعنى مفعول ) هذا مبني على أنه من عن بمعنى حبس لا من عن بمعنى أعرض
قال في المصباح قال الأزهري وسمي عنينا لأن ذكره يعن بقبل المرأة عن يمين وشمال أي يعترض إذا أراد إيلاجه
والعنة بالضم حظيرة للإبل والخيل
فقول الفقهاء لو عن عن امرأة يخرج على المعنى الثاني دون الأول لأنه يقال عن عن الشيء يعن من باب الضرب بالبناء للفاعل إذا أعرض عنه وانصرف ويجوز أن يقرأ بالبناء للمفعول ا هـ
وذكر أيضا أن قول الفقهاء به عنة
وفي كلام الجوهري ما يشبه كلام ساقط
والمشهور رجل عنين بين التعنين والعنية
قوله ( جمعه عنن ) بضم أوله وثانيه
أفاده ط
قوله ( على جماع فرج زوجته ) أي مع وجود الآلة سواء كانت تقوم أو لا أخرج الدبر فلا يخرج عن العنة بالإدخال فيه خلافا لابن عقيل من الحنابلة
معراج
لأن الإدخال فيه وإن كان أشد لكنه قد يكون ممنوعا عن الإدخال في الفرج لسحر
وأخرج أيضا ما لو قدر على جماع غيرها دونها أو على الثيب دون البكر
وفي المعراج إذا أولج الحشفة فقط فليس بعنين وإن كان مقطوعها فلا بد من إيلاج بقية الذكر
قال في البحر وينبغي الاكتفاء بقدرها من مقطوعها ولم أر حكم ما إذا قطعت ذكره وإطلاق المجبوب يشمله لكن قولهم لو رضيت به فلا خيار لها ينافيه وله نظيران أحدهما لو خرب المستأجر الدار
الثاني لو أتلف البائع المبيع قبل القبض ا هـ أي فإنه ليس له فسخ الإجارة ولا الرجوع بالثمن
قوله ( لمانع منه ) أي فقط فخرج ما إذا كان المانع منها فقط أو منهما جميعا كما يأتي ط
قوله ( أو سحر ) قال في البحر فهو عنين في حق من لايصل إليها لفوات المقصود في حقها فإن السحر عندنا حق وجوده وتصوره وتكون أثره كما في المحيط ا هـ
قوله ( إذ الرتقاء ) أي التي وجدت زوجها مجبوبا والقرناء مثلها كما يأتي
قوله ( مجبوبا ) في المصباح جبيته جبا من باب قتل قطعته وهو مجبوب بين الجباب بالكسر إذا استؤصلت مذاكيره ا هـ
فالمصدر هو الجب والاسم هو الجباب
فافهم
والمذاكير جمع ذكر والمراد بها الذكر والخصيتان تغليبا
قوله ( أو مقطوع الذكر فقط ) قال في النهر ولم يذكروه والظاهر أنه يعطي هذا الحكم ا هـ
وهذا لا شبهة فيه
قوله ( أو صغيرة ) بهاء الضمير أي صغير الذكر وقوله جدا أي نهاية ومبالغة
مصباح
قوله ( كالزر ) بالزاي المكسورة واحد الأزرار
قوله ( وفيه نظر ) أشار إلى ما قاله الشرنبلالي في شرحه على الوهبانية
أقول إن هذا حاله دون حال العنين لإمكان زوال عنته فيصل إليها وهو مستحيل هنا فحكمه حكم المجبوب
____________________
(3/494)
بجامع أنه لا يمكنه إدخال آلته القصيرة داخل الفرج فالضرر الحاصل للمرأة به مساو لضرر المجبوب فلها طلب التفريق وبهذا ظهر أن انتقاء التفريق لا وجه له وهو من القنية فلا يسلم ا هـ
قلت لكن لم ينفرد به صاحب القنية بل نقله في الفتح و البحر عن المحيط
والأحسن الجواب بأن المراد بداخل الفرج نهايته المعتاد الوصول إليها ولذا قال في البحر وظاهره أنه إذا كان لا يمكنه إدخاله أصلا فإنه كالمجبوب لتقييده بالداخل ا هـ
وقدمنا ما هو صريح في اشتراط إدخال الحشفة
قوله ( إلا في مسألتين التأجيل ومجيء الولد ) أي أن المجبوب لا يؤجل بل يفرق في الحال ولو ولدت امرأته بعد التفريق لا يبطل التفريق كما يأتي
وزاد في البحر مسألتين أيضا أنه يفرق بلا انتظار بلوغه ولا انتظار صحته لو مريضا
قوله ( فرق الحاكم ) وهو طلاق بائن كفرقة العنين
بحر عن الخانية ولها كل المهر وعليها العدة إن خلا بها
وعندهما لها نصفه كما لو لم يخل بها
بدائع
قوله ( بطلبها ) هو على التراخي كما يأتي بيانه
قوله ( لو حرة ) أما الأمة فالخيار لمولاها كما يأتي متنا
قوله ( بالغة ) فلو صغيرة انتظر بلوغها في المجبوب والعنين لاحتمال أن ترضى بهما
بحر وغيره
وأما العقل فغير شرط فيفرق بطلب ولي المجنونة أو من ينصبه القاضي كما في الفتح ويأتي
قوله ( غير رتقاء وقرناء ) أما هما فلا خيار لهما لتحقق المانع منهما كما مر ولأنه لا حق لهما في الجماع
وفي البحر عن التاترخانية لو اختلفا في كونها رتقاء يريها النساء
قوله ( وغيره عالمة بحاله الخ ) أما لو كانت عالمة فلا خيار لها على المذهب كما يأتي وكذا لو رضيت به بعد النكاح
قوله ( ولو المجبوب صغيرا ) قيد بالمجبوب لأن العنين لو كان صغيرا ينتظر بلوغه كما مر وشمل إطلاقه المجنون بالنون
ففي البحر عن الفتح لو كان أحدهما مجنونا فإنه لا يؤخر إلى عقله في الجب والعنة لعدم الفائدة ويفرق بينهما في الحال في الجب وبعد التأجيل في العنين لأن الجنون لا يعدم الشهوة ا هـ
قال في النهر ولو كان يجن ويفيق هل ينتظر إفاقته لم أر المسألة
والذي ينبغي أن يقال إن كان هو الزوج لا ينتظر وفي الزوجة تنتظر لجواز رضاها به إذا هي أفاقت كما لو كانت غير بالغة ا هـ
وصحح في البدائع أن المجنون لا يؤجل لأنه لا يملك الطلاق لكن في البحر عن المعراج ويؤهل الصبي هنا للطلاق في مسألة الجب لأنه مستحق عليه كما يؤهل ليعتق القريب ومنهم من جعله فرقة بغير طلاق والأول أصح ا هـ
تتمة لو اختلفا في كونه مجبوبا فإن كان لا يعرف بالمس من وراء الثياب أمر القاضي أمينا أن ينظر إلى عورته فيخبر بحاله لأنه يباح عند الضرورة
خانية
قوله ( لحصول حقها بالوطء مرة ) وما زاد عليها فهو مستحق ديانة لا قضاء
بحر عن جامع قاضيخان
ويأثم إذا ترك الديانة متعنتا مع القدرة على الوطء ط
قوله ( ولم تعلم ) أي وقت العقد وقيد به ليثبت الخيار لها
قوله ( فادعاه ثبت نسبه ) الذي في التاترخانية وأثبت القاضي نسبه فلو أتى بالعطف لزالت الركاكة
قال ط وإنما قيد بالدعوى لدفع ما يتوهم أنه لما ادعاه وسلمت دعواه صريحا يسقط حقها وإلا فثبوت النسب منه لا يتوقف على الدعوى كما تفيده عبارة الهندية ا هـ
قلت وهو مفاده ما نذكره قريبا عن التاترخانية
وفي عدة البحر عن كافي الحاكم والخصي كالصحيح
____________________
(3/495)
في الولد والعدة وكذا المجبوب إذا كان ينزل وإلا لم يلزمه الولد فكان بمنزلة الصبي في الولد والعدة
قوله ( ثبت نسبه ) أي إذا خلا بها قال في التاترخانية ولو كان الزوج مجبوبا ففرق القاضي بينهما فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت الفرقة لزمه الولد خلا بها أو لم يخل وهذا عند أبي يوسف
وقال أبو حنيفة يلزمه إلى سنتين إذا خلا بها والفرقة ماضية بلا خلاف
قوله ( قبل التفريق ) متعلق بإقرارها
قوله ( لا بعده ) أي لا يبطل التفريق لو أقرت بعده إن كان وصل إليها
بحر
فلا حاجة إلى إقامة الزوج البينة هنا فافهم
قوله ( للتهمة ) أي باحتمال كذبها بل هي به متناقضة
فتح
قوله ( فسقط نظر الزيلعي ) هو أن الطلاق وقع بتفريقه وهو بائن فكيف يبطل بثبوت النسب ألا ترى أنها لو أقرت بعد التفريق أنه كان قد وصل إليها لا يبطل التفريق ا هـ
وجوابه أن ثبوت النسب من المجبوب باعتبار الإنزال بالسحق والتفريق بينهما باعتبار الجب وهو موجود
بخلاف ثبوته من العنين فإنه يظهر به أنه ليس بعنين والتفريق بإعتباره بخلاف ما استشهد به من إقرارها فإنها متهمة في إبطال القضاء لاحتمال كذبها فظهر أن البحث بعيد كما في فتح القدير
بحر
قلت لكن قد يقر به أن النسب يثبت من العنين مع بقاء عنته بالسحق أيضا أو بالاستدخال فلا يلزم زوال عنته به اللهم إلا أن يقال وجود الآلة دليل على أن الولد حصل بالوطء لأنه الأصل الغالب فلا ينظر إلى النادر بلا ضرورة
قوله ( ولو وجدته ) أي لو وجدت المرأة الحرة غير الرتقاء كما مر في زوجة المجبوب زوجها ولو معتوها فيؤجل بحضرة خصم عنه كما في البحر ويشترط لتأجيله في الحال كونه بالغا أو مراهقا وكونه متلبس صحيحا وغير ملتبس بإحرام كما سيأتي وشمل ما لو وصل إليها ثم أبانها ثم تزوجها ولم يصل إليها في النكاح الثاني لتجدد حق المطالبة بكل عقد كما في البحر
قوله ( عنينا ) ومثله الشكاز كما مر
قوله ( هو من لا يصل إلى النساء الخ ) هذا معناه لغة وأما معناه الشرعي المراد هنا فهو من لا يقدر على جماع فرج زوجته مع قيام الآلة لمرض به كما مر فالأولى حذف هذه الجملة كما أفاده ط
قوله ( لمرض ) أي مرض العنة وهو ما يحدث في خصوص الآلة مع صحة الجسد فلا ينافي ما يأتي من أن المريض لا يؤجل حتى يصح لأن المراد به المرض المضعف للأعضاء حتى حصل به فتور في الآلة
تأمل
قوله ( أو سحر ) زاد في العناية أو ضعف في أصل خلقته أو غير ذلك
مطلب لفك المسحور والمربوط فائدة نقل ط عن تبيين المحارم عن كتاب وهب بن منبه أنه مما ينفع للمسحور والمربوط أن يؤتي بسبع ورقات سدر خضر وتدق بين حجرين ثم تمزج بماء ويحسو منه ويغتسل بالباقي فإنه يزول بإذن الله تعالى
قوله ( أو خصيا ) يفتح الخاء من نزع خصيتاه وبقى ذكره فعيل بمعنى مفعول والجمع خصيات
مصباح
قوله ( وعليه الخ ) أي على التقييد بقوله لا ينتشر والمراد الجواب عن اعتراض البحر بأنه لا حاجة إلى عطفه على العنين لدخوله فيه
____________________
(3/496)
مطلب في عطف الخاص على العام فأجاب بأنه من عطف الخاص لا بد له من نكتة كما في عطف جبريل على الملائكة لزيادة شرفه وبينها بقوله لخفائه أي خفاء دخوله فيه بسبب تسميته باسم خاص
ولما كان المشهور في عطف الخاص على العام اختصاصه بالواو وبحتي كما في مات الناس حتى الأنبياء دون أو أجاب بأنه تسامح للفقهاء والتسامح استعماله كلمة مكان أخرى لا لعلاقة وقرينة لكن فيه أنه وقع بأو في الحديث الصحيح ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو مرأة ينكحها وجوزه بعض المحققين بثم أيضا كما في حديث وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ثم ليرح ذبيحته وليحد شفرته
قوله ( لاشتمالها على الفصول الأربعة ) لأن الامتناع لعلة معترضة أو آفة أصلية فإن كان من علة معترضة فإما عن غلبة حرارة أو برودة أو رطوبة أو يبوسة والسنة تشتمل على الفصول الأربعة
مطلب في طبائع فصول السنة الأربعة فالصيف حار يابس
والخريف بارد يابس وهو أردأ الفصول
والشتاء بارد رطب
والربيع حار رظب
فإن كان مرضه عن أحد هذه تم علاجه في الفصل المضاد فيه أو من كيفيتين فيتم في مجموع فصلين مضادين فكان السنة تمام ما يتعرف به الحال فإذا مضت ولم يصل عرف أنه بآفة أصلية وفيه نظر إذ قد يمتد سنين بآفة معترضة كالمسحور
فالحق أن التفريق إما بغلبة ظن عدم زواله لزمانته أو للآفة الأصلية ومضي السنة السنة موجب ذلك أو هو عدم إيفاء حقها والسنة جعلت غاية في الصبر وإبلاء العذر شرعا وتمامه في الفتح
قوله ( ولا عبرة بتأجيله غير قاضي البلدة ) لأن هذا مقدمة أمر لا يكون إلا عند القاضي وهو الفرقة فكذا مقدمته
ولوالجية
فلا يعتبر تأجيل المرأة ولا تأجيل غيرها
بحر عن الخانية
ولا يعتبر تأجيل غير الحاكم كائنا من كان
فتح
وظاهره ولو محكما
تأمل
وفي البحر ولو عزل القاضي بعد ما أجله بني المولى على التأجيل الأول
قوله ( بالأهلية على المذهب ) وجهه أن الثابت عن الصحابة كعمر وغيره اسم السنة
وأهل الشرع إنما يتعارفون الأشهر والسنين بالأهلة فإذا أطلقوا السنة انصرفوا إلى ذلك ما لم يصروحوا بخلافه
فتح
قوله ( وبعض يوم ) هو ثمان ساعات وثمان وأربعون دقيقة
قهستاني
وذلك ثلث يوم وثلث عشر يوم
قوله ( وقيل شمسية ) اختاره شمس الأئمة السرخسي وقاضيخان وظهير الدين وهي رواية الحسن عن أبي حنيفة
فتح
وعن محمد أن الاعتباء للعددية وهي ثلثمائة وستون يوما
قهستاني
قوله ( وهي أزيد بأحد عشر يوما ) أي وخمس ساعات وخمس وخمسين دقيقة أو تسع وأربعين دقيقة وتمامه في القهستاني
قوله ( فبالأيام إجماعا ) ظاهر إطلاقه اعتبار السنة العددية كل شهر ثلاثون يوما وأنه لا يكمل الأول ثلاثين من الشهر الأخير وباقي الأشهر بالأهلة كما هو قول الصاحبين في الإجازة وقد أجروا هذا الخلاف بين الإمام وصاحبيه في العدة وبعضهم ذكر أن المعتبر فيها الأيام إجماعا وأن الخلاف إنما هو في الإجازة وهو مقتضى إطلاق المصنف هناك
قوله ( وأيام حيضها ) وكذا نفاسها ط عن البحر لكني لم أره في البحر فلتراجع نسخة أخرى
قوله ( منها )
____________________
(3/497)
أي يحتسب عليه من السنة ولا يعوض عليه بدله
قوله ( وكذا حجه وغيبته ) لأن العجز جاء بفعله ويمكنه أن يخرجها معه أو يؤخر الحج والغيبة
فتح
ولا يقال بعذر على القول بوجوب الحج فورا وعدم إمكان إخراجها معه لأن الحج حق الله تعالى فلا يسقط بع حق العبد
تأمل
قوله ( لا مدة حجها وغيبتها ) أي لا تحسب عليه لأن العجز من قبلها فكان عذرا فيعوض وكذا لو حبس الزوج ولو بمهرها وامتنعت من المجيء إلى السجن فإن لم تمتنع وكان له موضع خلوة فيه احتسب عليه
فتح
قوله ( ومرضه ومرضها ) أي مرضا لا يستطيع معه الوطء وعليه الفتوى
قهستاني عن الخزانة
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان شهرا أو دونه أو أكثر كما يعلم بمراجعة كلام الولوالجية
قال في البحر وصحح في الخانية أن الشهر لا يحتسب بما دونه
وفي المحيط أصح الروايات عن أبي يوسف أن ما زاد على نصف الشهر لا يحتسب ا هـ فافهم
ولا يصح أن يدخل تحت الإطلاق أن يستطيع معه الوطء أو لا فإنه لا وجه لعدم احتساب أيام المرض التي يمكنه فيها الوطء لأن ذلك تقصير منه فكيف يعوض عليه بدلها فافهم
والظاهر أن قول القهستاني المار وعليه الفتوى مقابل للتفصيل المذكور عن الخانية و المحيط فلم يكن في المسألة اختلاف الفتوى بل اختلاف تصحيح فقط فافهم
والظاهر ترجيح ما ذكره الشارح لأن لفظ الفتوى آكد ألفاظ الترجيح فيقدم على ما في الخانية و المحيط وهو أيضا مقتضى إطلاق المتون ك الهداية و الملتقى وغيرها
قوله ( ما لم يكن صبيا ) أي غير قادر على الوطء لما في الفتح عن قاضيخان الغلام الذي بلغ أربع عشرة سنة إذا لم يصل إلى امرأته ويصل إلى غيرها يؤجل ا هـ تأمل
قوله ( وإحرامه ) كذا عبر في الخلاصة و الفتح والأولى إبدال الإحرام بالإحلال كما وقع في البدائع
قوله ( أجل سنة وشهرين ) الأولى أجل سنة بعد شهرين أي لأجل الصوم
وفي الفتح ولو رافعته وهو مظاهر منها تعتبر المدة من حين المرافعة إن كان قادرا على الإعتاق وإن كان عاجزا أمهله شهري الكفارة ثم أجله فيتم تأجيل سنة وشهرين ولو ظاهر بعد التأجيل لم يلتفت إلى ذلك ولم يزد على المدة ا هـ
وينبغي أنه لو رافعته في رمضان أن يمهله رمضان وشهرين بعده لأنه لا يمكنه صوم الكفارة فيه
قوله ( فبها ) أي فالبقضية المطلوبة أتى
قوله ( وإلا بانت بالتفريق ) لأنها فرقة قبل الدخول حقيقة فكانت بائنة ولها كمال المهر وعليها العدة لوجود الخلوة الصحيحة
بحر
قوله ( من القاضي إن أبى طلاقها ) أي إن أبى الزوج لأنه وجب عليه التسريح بالإحسان حين عجز عن الإمساك بالمعروف فإذا امتنع كان ظالما فناب عنه وأضيف فعله إليه وقيل ينفي اختيارها نفسها ولا يحتاج إلى القضاء كخيار العتق
قيل وهو الأصح كذا في غاية البيان وجعل في المجمع الأول قول الإمام والثاني قولهما
نهر
وفي البدائع عن شرح مختصر الطحاوي أن الثاني ظاهر الرواية ثم قال وذكر في بعض المواضع أن ما ذكر في ظاهر الرواية قولهما
قوله ( بطلبها ) أي طلبا ثانيا فالأول للتأجيل والثاني للتفريق وطلب وكيلها عند غيبتها كطلبها على خلاف فيه ولم يذكره محمد
بحر
قوله ( يتعلق بالجميع ) أي جميع الأفعال وهي فرق وأجل وبانت ح عن النهر
قوله ( كما مر ) المراد به قوله بطلبها المذكور بعد قوله فرق ح
قوله ( بطلب وليها ) أفاد أنه لا يؤخر إلى عقلها لأنه ليس له غاية معروفة بخلاف الصغيرة فإنه
____________________
(3/498)
يؤخر إلى بلوغها لاحتمال رضاها به كما مر نعم يتجه ما بحثه في النهر من أنها لو كانت تفيق تؤخر كما قدمناه فافهم
قوله ( أو من نصبه القاضي ) أي إن لم يكن لها ولي ينصب لها القاضي خصما عنها كما أفاده في الفتح
قوله ( فالخيار لمولاها ) أي كما في العزل
وعند أبي يوسف لها كقوله فيالعزل
بحر
والفتوى على الأول
الولوالجية
قوله ( لأن الولد له ) مقتضى هذا التعليل أنه لو شرط حرية الولد لم يكن الخيار للمولى لكن علل في البدائع بعده بقوله ولأن اختيار الفرقة والمقام مع الزوج تصرف منها على نفسها ونفسها وجميع أجزائها ملك المولى فكان ولاية التصرف له قوله ( أي هذا الخيار ) الإشارة إلى الخيار في هذا الباب أي خيار زوجة العنين ونحوه احترز به عن خيار البلوغ فإنه على الفور وحينئذ فيشمل خيار الطلب قبل الأجل وبعده كما هو صريح ما في المتن فافهم
وفي الفتح ولا يسقط حقها في طلب الفرقة بتأخير المرافعة قبل الأجل ولا بعد انقضاء السنة بعد التأجيل مهما أخرت لأن ذلك قد يكون للتجربة وترجي الوصول لا للرضا به فلا يبطل حقها بالشك ا هـ
وهذا قبل تخيير القاضي لها فلو بعده كان على الفور كما يأتي بيانه فافهم
قوله ( لم يبطل حقها ) أي ما لم تقل رضيت بالمقام معه كذا قيده في التاترخانية عن المحيط هنا وفي قوله الآتي كما لو رفعته الخ
قوله ( ثم تركت مدة ) أي قبل المرافعة والتأجيل لئلا يتكرر بما بعده
قوله ( ولو ادعى الوطء الخ ) هذا شامل لما قبل التأجيل وبعده لكن قول الشارح الآتي في مجلسها يعين الثاني كما تعرفه
والحاصل كما في الملتقى وغيره أنهما إذا اختلفا في الوطء قبل التأجيل فإن كانت حين تزوجها ثيبا أو بكرا وقال النساء هى الآن ثيب فالقول له مع يمينه وإن قلن بكر أجل وكذا إن نكل وإن اختلفا بعد التأجيل وهي ثيب أو بكر وقلن ثيب فالقول له وإن قلن بكر أو نكل خيرت ا هـ
وحاصله كما في البحر أنها لو ثيبا فالقول له بيمينه ابتداء وانتهاء فإن نكل في الابتداء أجل وفي الانتهاء تخير للفرقة ولو بكرا أجل في الابتداء ويفرق في الانتهاء
قوله ( ثقة ) يشير إلى ما في كافي الحاكم من اشتراط عدالته
تأمل
قوله ( والثنتان أحوط ) وفي البدائع أوثق وفي الإسبيجابي أفضل
بحر
قوله ( أن تبول الخ ) قال في الفتح وطريق معرفة أنها بكر أن تدفع يعني المرأة في فرجها أضغر بيضة للدجاج فإن دخلت من غير عنف فهي ثيب وإلا فبكر أو تكسر وتسكب في فرجها فإن دخلت فثيب وإلا فبكر وقيل إن أمكنها أن تبول على الجدار فبكر وإلا فثيب ا هـ
وتعبيره في الثالث بقيل مشير إلى ضعفه ولذا قال القهستاني وفيه تردد فإن موضع البكارة غير المبال ا هـ
قوله ( أو يدخل الخ ) بالبناء للمجهول أي يمتحن بإدخال ذلك فإن لم يدخل فهي بكر والأظهر ما في بعض النسخ أو لا يدخل بلا النافية
قوله ( مح بيضة ) المح بالضم وبالحاء المهملة خالص كل شيء وصفرة البيضة كالمحة أو ما في البيض كله
قاموس
قوله ( خيرت ) أي يكون القول قولها ويخيرها القاضي
قال في النهر وظاهره كلامه أنها لا تستحلف ا هـ
قلت صرح به في البدائع عن شرح الطحاوي معللا بأن البكارة فيها أصل وقد تفوت بشهادتهن
قال في الفتح
____________________
(3/499)
وإذا اختارت نفسها أمره القاضي أن يطلقها فإن أبى فرق بينهما
قوله ( في مجلسها ) قال في البحر وعليه الفتوى كما في المحيط و الواقعات
وفي البدائع ظاهر الرواية أنه لا يتوقف على المجلس ا هـ
ومشى على الأول في الفتح هذا ثم اعلم أن ما مر من أن خيارها على التراخي لا على الفور لا ينافي ما هنا لأن ما مر إنما هو في الخيار قبل التأجيل أو بعده قبل المرافعة وتخيير القاضي لها وما هنا فيما بعد التأجيل والمرافعة ثانيا يعني أنها إذا وجدته عنينا فلها أن ترفعه إلى القاضي ليؤجله سنة وإن سكت مدة طويلة فإذا أجله ومضت السنة فلها أن ترفعه ثانيا إلى القاضي ليفرق بينهما وإن سكتت بعد مضي السنة مدة طويلة قبل المرافعة ثانيا فإذا رفعته إليه وثبت عدم وصوله إليها خيرها القاضي فإن اختارت نفسها في المجلس أمره القاضي أن يطلقها
قال في البدائع فإن خيرها القاضي فأقامت معه مطاوعة في المضاجعة وغير ذلك كان دليل الرضا به ولو فعلت ذلك بعد مضي الأجل قبل تخيير القاضي لم يكن ذلك رضا
وذكر الكرخي عن أبي يوسف أنه إذا خيرها الحاكم فقامت عن مجلسها قبل أن تختار أو قام الحاكم أو أقامها عن مجلسها أعوانه ولم تقل شيئا فلا خيار لها
وذكر القاضي أنه لا يقتصر على المجلس في ظاهر الرواية ا هـ ملخصا
فهذا صريح فيما قلنا من أن الخيار الثابت لها قبل تخيير القاضي على التراخي ولا يبطل بمضاجعتها له وأما بعد تخيير القاضي فيبطل بالمضاجعة ونحوها وكذا بقيامها عن المجلس قبل اختيار التفريق على ما عليه الفتوى هكذا فهمته قبل أن أرى النقل ولله تعالى الحمد فافهم
قوله ( أو كانت ثيبا ) أي حين تزوجها وهو عطف على قالت
قوله ( صدق لحلفه ) أي على أنه وطئها لأنه منكر استحقاق الفرقة والأصل والسلامة
قوله ( في الابتداء ) أي قبل التأجيل
قوله ( لأنه ظاهر ) أي أن الظاهر زوال عذرتها بالوطء وزوالها بسبب آخر خلاف الأصل
بقي لو أقر بأنه أزالها بأصبعه وادعى صار قادرا على وطئها ووطئها فهل يبقى خيارها أم لا والظاهر الثاني لحصول المقصود وإن كان يمنع عن ذلك لما في أحكام الصفار من الجنايات أن الزوج لو أزال عذرة الزوجة بالأصبع لا يضمن ويعزز ا هـ
قوله ( وإن اختارته ) أي بعد تمام وتخيير القاضي لها بقرينة ما بعده أما قبل تخيير القاضي فإنه لا يبطل حقها قبل التأجيل أو بعده ما لم ترض صريحا ولا يتقيد بالمجلس كما مر تحريره
قوله ( ولو دلالة ) أي بتأخير الاختيار إلى أن قامت أو أقيمت
عناية
ومثله في البحر و النهر
قوله ( كما لو وجد منها دليل إعراض الخ ) بيان للاختيار دلالة كما علمت فإن دليل الإعراض عن التفريق دليل اختيارها الزوج
قوله ( لأمكانه ) أي الاختيار
قوله ( أو فرق القاضي ) أي إذا لم يطلق الزوج
قوله ( عالمة بحاله ) قيد في قوله أو امرأة أخرى وأما الأولى فمعلوم أنها عالمة بحاله ا هـ ح
وكأنه حمل الأولى على التي اختارت فرقته وهو غير لازم لصدقها على من طلقها قبل علمها بحاله كما أفاده ط
قوله ( خلافا لتصحيح الخانية ) حيث قال فرق بين العنين وامرأته ثم تزوج بأخرى تعلم بحاله اختلفت الروايات والصحيح أن للثانية حق الخصومة لأن الإنسان قد يعجز عن امرأة
____________________
(3/500)
ولا يعجز عن غيرها ا هـ ح
واستظهر الرحمتي ما في الخانية بأن عجزه عن الوصول إلى الأولى قد يكون لسحره عنها فقط
قلت ووجه المفتى به أنه بعد علمها بتحقق عجزه وعدم علمها بأن عجزه مختص بالأولى تكون راضية به وطعمها في وصوله إليها يؤكد رضاها به
قوله ( ولا يتخير الخ ) أي ليس لواحد من الزوجين خيار فسخ النكاح بعيب في الآخر عند أبي حنيفة وأبي يوسف وهو قول عطاء والنخعي وعمر بن عبد العزيز وأبي زياد وأبي قلابة وابن أبي ليلى والأوزاعي والثوري والخطابي وداود الظاهري وأتباعه
وفي المبسوط أنه مذهب علي وابن مسعود رضي الله عنهم
فتح
قوله ( وجذام ) هو داء يتشقق به الجلد وينتن ويقطع اللحم
قهستاني عن الطلبة
قوله ( وبرص ) هو بياض في ظاهر الجلد يتشاءم به
قهستاني
قوله ( ورتق ) بالتحريك انسداد مدخل الذكر كما أفاده في المصباح
قوله ( وقرن كفلس ) لحم ينبت في مدخل الذكر كالغدة وقد يكون عظما
مصباح
ونقل الخير الرملي عن شرح الروض للقاضي زكريا أن الفتح على إرادة المصدر والأسكان على إرادة الاسم إلا أن الفتح أرجح لكونه موافقا لباب العيوب فإنها كلها مصادر هذا هو الصواب
وأما إنكار بعضهم على الفقهاء فتحه وتلحينه إياهم فليس كما ذكر ا هـ
قوله ( ولو بالزوج ) في العبارة خلل فإنها تقتضي عدم خيار الزوج عندهم إذا كانت هذه الخمسة في الزوجة والواقع خلافه
والظاهر أن أصلها
وخالف الأئمة الثلاثة في الخمسة مطلقا ومحمد في الثلاثة الأول لو بالزوج كما يفهم من البحر وغيره ا هـ ح
قلت وفي نسخة وعند محمد لو بالزوج لكن يرد عليها أن الرتق والقرن لا يوجدان بالزوج
هذا وقد تكفل في الفتح برد ما استدل به الأئمة الثلاثة ومحمد بما لا مزيد عليه
قوله ( ولو قضى بالرد صح ) أي لو قضى به حاكم يراه فأفاد أنه مما يسوغ فيه الاجتهاد وهذه المسألة ذكرها في البحر ولم أرها في الفتح
قوله صح إلا رواية عن أحمد أنهما لا يجتمعان كتفرقة اللعان وهذا باطل لا أصل له
بحر عن المعراج
قوله ( وكذا زوجته ) أي له شق رتقها لكن هذه العبارة غير منقولة وإنما المنقول قولهم في تعليل عدم الخيار بعيب الرتق لإمكان شقه وهذا يدل على أن له ذلك ولذا قال في البحر بعد نقل التعليل المذكور ولكن ما رأيت هل يشق جبرا أم لا
قوله ( لأن التسليم الواجب الخ ) فيه أنه لا يلزم من وجوبه ارتكاب هذه المشقة فقد سقط القيام في الصلاة للمشقة وسقط الصوم عن المرضع إذا خافت على نفسها أو ولدها ونظائره كثيرة
وقد يفرق بأن هذا واجب له مطالب من العباد ط
قوله ( لها الخيار ) أي عدم الكفاءة
واعترضه بعض مشايخ مشايخنا بأن الخيار للعصبة
قلت وهو موافق لما ذكره الشارح أول باب الكفاءة من أنها حق الولي لا حق المرأة لكن حققنا هناك أن الكفاءة حقهما ونقلنا عن الظهيرية لو انتسب الزوج لها نسبا غير نسبه فإن ظهر دونه وهو ليس بكفء الفسخ
____________________
(3/501)
ثابت للكل وإن كان كفؤا فحق الفسخ لها دون الأولياء وإن كان ما ظهر فوق ما أخبره فلا فسخ لأحد
وعن الثاني أن لها الفسخ لأنها عسى تعجز عن المقام معه وتمامه هناك لكن ظهر لي الآن أن ثبوت حق الفسخ لها للتغرير لا لعدم الكفاءة بدليل أنه لو ظهر كفؤا يثبت له حق الفسخ لأنه غرها ولا يثبت للأولياء لأن التغرير لم يحصل لهم حقهم في الكفاءة وهي موجودة وعليه فلا يلزم من ثبوت الخيار لها في هذه المسائل ظهور غير كفء والله سبحانه أعلم
باب العدة لما ترتبت في الوجود على الفرقة بجميع أنواعها أوردها الكل
بحر
قوله ( الإحصاء ) يقال عددت الشيء عدة أحصيته إحصاء وتقال أيضا على المعدود
فتح
قلت وفي الصحاح والقاموس وغيرهما عدة المرأة أيام أقرائها فهو معنى لغوي أيضا
قوله ( الاستعداد ) أي التهيؤ للأمر ويقال لما أعددته لحوادث الدهر من مال وسلاح
نهر ومصباح
قوله ( وشرعا تربص الخ ) أي انتظار انقضاء المدة بالتزوج فحقيقته الترك للتزوج والزينة اللازم شرعا في مدة معينة شرعا
قالوا وركنها حرمات تثبت عند الفرقة وعليه فينبغي أن يقال في التعريف هي لزوم التربص ليصح كون ركنها حرمات لأنها لزومات وإلا فالتربص فعلها والحرمات أحكام الله تعالى فلا تكون نفسه وتمامه في الفتح
قلت لكن تقدير اللزوم مع قول الشارح كالكنز يلزم المرأة ركيك وأي مانع من أن يراد بالتربص الامتناع من التزوج والخروج ونحوهما ويكون المراد من الحرمات هذه الامتناعات بدليل أن العدة صفة شرعية قائمة بالمرأة فلا بد أن يكون ركنها قائما بالمرأة وعليه فلا حاجة إلى ما في الحواشي السعدية من أنه إذا كان ركنها الحرمات يكون التعريف بالتربص تعريفا باللازم اه
وعرفها في البدائع بأنها أجل تضرب لانقضاء ما بقي من آثار النكاح
قال وعند الشافعي هي اسم لفعل التربص الذي هو الكف
قلت وهذا الموافق لما مر عن الصحاح وغيره وهو الذي حققه في الفتح عند قوله وإذا وطئت المعتدة بشبهة وقال إن الذي يفيده حقيقة كتاب الله تعالى وهو قوله سبحانه { فعدتهن ثلاثة أشهر } الطلاق 4 أنه نفس المدة الخاصة التي تعلقت الحرمات فيها وتقيدت بها لا الحرمات الثابتة فيها ولا وجود الكفء ولا التربص اه
ولا يشكل عليه كون الحرمات ركنا لأن له منعه ولذا جعلها بعضهم حكم العدة هو الأظهر على التعريفين
قال في النهر وتعريف البدائع شامل لعدة الصغيرة بخلاف تعريف المصنف وأكثر المشايخ لا يطلقون لفظ الوجوب عليها بل يقولون تعتد والوجوب إنما هو على الولي بأن لا يزوجها حتى تنقضي العدة
قال شمس الأئمة إنها مجرد مضي المدة فثبوتها في حقها لا يؤدي إلى توجيه خطاب الشرع عليها
فإن قلت كون مسماها المدة لا يستلزم انتفاء خطاب الولي أن لا يزوجها
قلت إذا كان كذلك فالثابت فيه عدم صحة التزوج لا خطاب أحد بل وضع الشارع عدم صحة التزوج لو فعل اه
وهو ملخص من الفتح
والحاصل أن الصغير أهل الخطاب الوضع وهذا منه كما خوطب بضمان المتلفات كما في البحر
قوله ( أو الرجل الخ ) قال في الفتح حرمة
____________________
(3/502)
تزوجه بأختها لا يكون من العدة بل هو حكم عدتها ولا شك أنه معنى كونه هو أيضا في العدة لأن معنى العدة وجوب الانتظار بالتزوج وهو مضي المدة وهو كذلك في العدة غير أن اسم العدة اصطلاحا خص بتربصها لا بتربصه اه
مطلب عشرون موضعا يعتد فيها الرجل قوله ( عشرون ) وهي نكاح أخت امرأته وعمتها وخالتها وبنت أخيها وبنت أختها والخامسة وإدخال الأمة على الحرة ونكاح أخت الموطوءة في نكاح فاسد أو في شبهة عقد ونكاح الرابعة كذلك أي إذا كان له ثلاث زوجات ووطئ أخرى بنكاح فاسد أو شبهة عقد ليس له تزوج الرابعة حتى تمضي عدة الموطوءة ونكاح المعتدة للأجنبي أي بخلاف معتدته ونكاح المطلقة ثلاثا أي قبل التحليل ووطء الأمة المشتراة أي قبل الاستبراء والحامل من الزنا إذا تزوجها أي قبل الوضع والحربية إذا أسلمت في دار الحرب وهاجرت إلينا وكانت حاملا فتزوجها رجل أي قبل الوضع والمسبية لا توطأ حتى تحيض أو يمضي شهر لو لا تحيض لصغر أو كبر ونكاح المكاتبة ووطؤها لمولاها حتى تعتق أو تعجز نفسها ونكاح الوثنية والمرتدة والمجوسية لا يجوز حتى تسلم اه
بحر موضحا
وقوله والخامسة يحتمل أن يراد به أن من له أربع يمنع عن النكاح الخامسة حتى يطلق إحدى الأربع ويحتمل أن يراد أنه لو طلق إحدى الأربع يمنع عن تزوج خامسة مكانها حتى تمضي عدة المطلقة وهكذا يقال في المسائل الخمس التي قبلها وكذا في قوله وإدخال الأمة على الحرة فافهم
قوله ( لمانع ) كحق الغير عقدا أو عدة وإدخال الأمة على الحرة والزيادة على أربع والجمع بين المحارم أو لوجوب تحليل أو استبرء
قوله ( وأربع سواها ) أي تزوج أربع سوى امرأته بعقد واحد
قوله ( واصطلاحا ) أي في اصطلاح الفقهاء وهو أخص من المعنى الشرعي المار لما علمت من أن اسم العدة خص بتربصها لا بتربصه
قوله ( أو ولي الصغيرة ) بمعنى أنه يجب عليه أن يربصها أي يجعلها متصفة بصفة المعتدات لأن العدة صفتها لا صفة وليها إذ لا يصح أن يقال إذا طلقت أو مات زوجها وجب على وليها أن يعتد وقد مر أنهم يقولون تعتد هي والوجوب إنما هو على الولي بأن لا يزوجها حتى تنقضي العدة أي مدة العدة
تأمل والمجنونة كالصغيرة
قوله ( عند زوال النكاح ) أو رد عليه أن الرجعي لا يزول في النكاح إلا بانقضاء العدة فالأولى تعريف البدائع المار ويندفع عند إيراد الصغيرة إذ ليس فيه ذكر اللزوم وأولى منه قول ابن كمال هي اسم لأجل ضرب لإنتفاء ما بقي ن آثار النكاح أو الفراش لشموله عدة أم الولد ط
قوله ( فلا عدة لزنا ) بل يجوز تزوج المزني بها وإن كانت حاملا لكن يمنع عن الوطء حتى تضع وإلا فيندب الاستبراء ط وسيأتي آخر الباب لو تزوجت امرأة الغير ودخل بها عالما بذلك لا يحرم على الزوج وطؤها لأنه زنا
قوله ( أو شبهته ) عطف على زوال لا على النكاح لأنه لو عطف عليه لاقتضى أنها لا تجب إلا عند زوال الشبهة وليس كذلك كذا في البحر ومراده الرد على الفتح حيث صرح بعطفه على النكاح
قلت أي لأن الشبهة التي هي صفة الوطء السابق لا تزول عنه إذ لو زالت لوجب به الحد نعم إذا أريد زوال منشئها صح عطف أو شبهته على النكاح لما سيأتي من أن مبدأ العدة في النكاح الفاسد بعد التفريق من القاضي
____________________
(3/503)
بينهما أو المتاركة وبذلك يزول منشؤها الذي هو النكاح الفاسد وفي الوطء بشبهة عند انتهاء الوطء واتضاح الحال فافهم
قوله ( زيادة أو شبهة ) أي بكسر الشين وسكون الباء أو بفتحها وكسر الهاءين ثانيتهما ضمير النكاح والشبه المثل
قوله ( ليشمل عدة أم الولد ) لأن لها فراشا كالحرة وإن كان أضعف من فراشها وقد زال بالعتق
بحر
قوله ( عقد النكاح ) أي ولو فاسدا
بحر
قوله ( بالتسليم ) أي الوطء
قوله ( وما جرى مجراه ) عطف على التسليم والضمير يعود إليه والأولى العطف بأو لأن التأكد يكون بأحدهما وهذا خاص بالنكاح الصحيح أما الفاسد فلا تجب فيه العدة إلا بالوطء كما مر في باب المهر ويأتي
قلت ومما جرى مجراه ما لو استدخلت منيه في فرجها كما بحثه في البحر وسيأتي في الفروع آخر الباب
قوله ( أي صحيحة ) فيه نظر فإن الذي تقدم في باب المهر أن المذهب وجوب العدة للخلوة صحيحة أو فاسدة
وقال القدوري إن كان الفساد لمانع شرعي كالصوم وجبت وإن كان لمانع حسي كالرتق لا تجب فكلام الشارح لم يوافق واحدا من القولين اه ح
قلت يمكن حمله على الثاني بجعل المانع الشرعي كالعدم غير مفسد لها فهي صحيحة معه وإنما المفسد المانع الحسي ويدل عليه قوله فلا عدة بخلوة الرتقاء
قوله ( وشرطها الفرقة ) أي زوال النكاح أو شبهته كما في الفتح
قال فالإضافة في قولنا عدة الطلاق إلى الشرط
قوله ( وركنها حرمات ) أي لزومات كما مر عن الفتح لا نفس التحريم أي أشياء لازمة للمرأة يحرم عليها تعديها وقوله ثابتة بها على تقدير مضاف أي بسببها عند وجود شرطها وإلا لزم ثبوت الشيء بنفسه لأن ركن الشيء ماهيته
تأمل
قوله ( كحرمة تزوج ) أي تزوجها غيره فإنها حرمة عليها بخلاف تزوجه أختها أو أربع سواها فإنه حرمة عليه فلا يكون من العدة بل هو حكمها كما أفاده في الفتح
قوله ( وخروج ) أي حرمة خروجها من منزل طلقت فيه وسيأتي باقي الحرمات في فصل الحداد
قوله ( وصحة الطلاق فيها ) لا وجه لجعله ركنا من العدة بل هو من أحكامها كما مشى عليه في الدرر على أنه لا يتحقق في عدة البائن بعد البائن ولا في عدة الثلاث فذكره هنا سبق قلم والظاهر أنه أراد أن يقول وحكمها حرمات الخ فسبق قلمه إلى قوله وركنها ويدل عليه تعبيره بقوله ثابتة بها فإنه يناسب الحكم لا الركن وجعل هذه الحرمات أحكاما تبعا لصاحب الدرر وغيره أظهر من جعلها أركانا كمامر فتدبر
قوله ( وحكمها حرمة نكاح أختها ) أي من حكمها والمراد بالأخت ما يشمل كل ذات رحم محرم منها وكثير من المسائل التي يتربص فيها الرجل من حكم العدة ومنه صحة الطلاق فيها كما علمت
قوله ( ولو كتابية تحت مسلم ) لأنها كالمسلمة حرتها كحرتها وأمتها كأمتها
بحر
واحترز عما لو كانت تحت ذمي وكانوا لا يدينون عدة كما سيأتي متنا آخر الباب
قوله ( لطلاق أو فسخ ) تقدم في باب الولي نظما فرق النكاح التي تكون فسخا والتي تكون طلاقا
قوله ( بجميع أسبابه ) مثل الانفساخ بخير
____________________
(3/504)
البلوغ والعتق وعدم الكفاءة وملك أحد الزوجين الآخر والردة في بعض الصور والافتراق عن النكاح الفاسد والوطء بشبهة فتح لكن الأخير ليس فسخا
ويرد على الإطلاق فسخ نكاح المسبية بتباين الدارين والمهاجرة إلينا مسلمة أو ذمية فإنه لا عدة على واحدة منهما ما لم تكن حاملا كما سيذكره المصنف آخر الباب
تأمل
وقيد في الشرنبلالية قوله وملك أحد الزوجين الآخر بما إذا ملكته لإخراج ما إذا ملكها لكن ذكر الزيلعي ما يخالفه في فصل الحداد وفي النسب ووفق بينهما السيد محمد أبو السعود بأنه إذا ملكها لا عدة عليها له بل لغيره
وأيضا لا عدة عليها له فيما لو ملكته فأعتقته فتزوجته على ما يفهم من كلامهم اه
قلت وفي البحر لو اشترى زوجته بعد الدخول لا عدة عليها له وتعتد لغيره فلا يزوجها لغيره ما لم تحض حيضتين ولهذا لو طلقها السيد في هذه العدة لم يقع لأنها معتدة لغيره ولذا تحل له بملك اليمين وتمامه فيه
قوله ( ومنه الفرقة الخ ) رد على ابن كمال حيث قال للطلاق أو الفسخ أو الرفع فزاد الرفع وقال اعلم أن النكاح بعد تمامه لا يحتمل الفسخ عندنا فكل فرقة بغير طلاق قبل تمام النكاح كالفرقة بخيار بلوغ أو عتق أو بعدم كفاءة فسخ وبعد تمامه كالفرقة بملك أحد الزوجين للآخر أو بتقبيل ابن الزوج ونحوه رفع وهذا واضح عند من له خبرة في هذا الفن اه
قال في النهر وهذا التفسيم لم نر من عرج عليه
والذي ذكره أهل الدار أن القسمة ثنائية وأن الفرقة بالتقبيل من الفسخ كما قدمناه
قوله ( أو حكما ) المراد به الخلوة ولو فاسدة كما مر وسيأتي
قوله ( أسقطه ) أي أسقط المصنف قوله بعد الدخول حقيقة أو حكما من متنه الذي شرح عليه ط
قوله ( راجع للجميع ) أي لأنواع المعتدة بالحيض والمعتدة بالأشهر ولا بد أيضا من ادعاء شموله للوطء الحكمي ليغني عن قوله أو حكما
قوله ( ثلاث حيض ) بالنصب على الظرفية أي في مدة ثلاث حيض ليلائم كون مسمي العدة تربصا يلزم المرأة والرفع إنما يناسب كون مسماها نفس الأجل إلا أن يكون أطلقها على المدة مجازا كما في فتح القدير
نهر
تنبيه لو انقطع دمها فعالجتها بدواء حتى رأت صفرة في أيام الحيض أجاب بعض المشايخ بأنه تنقضي به العدة كما قدمناه في باب الحيض عن السراج
قوله ( لعدم تجزي الحيضة ) علة لكون الثلاث كوامل حتى لو طلقت في الحيض وجب تكميل هذه الحيضة ببعض الرابعة لكنها لما لم تتجز اعتبرنا تمامها كما تقرر في كتب الأصول
درر
لكن سيأتي في المتن أنه لا اعتبار لحيض طلقت فيه ومقتضاه أن ابتداء العدة من الحيضة التالية له وهو الأنسب لعدم التجزي لتكون الثلاث كوامل
قوله ( فالأولى الخ ) بيان لحكمة كونها ثلاثا مع أن مشروعية العدة لتعرف براءة الرحم أي خلوه عن الحمل وذلك يحصل بمرة فبين أن حكمة الثانية لحرمة النكاح أي لإظهار حرمته واعتباره حيث لم ينقطع أثره بحيضة واحدة في الحرة والأمة وزيد من الحرة ثالثة لفضيلتها
قوله ( كذا ) أي كالحرة في كون عدتها ثلاث حيض كوامل إذا كانت ممن تحيض
درر وغيرها
قوله ( لأن لها فراشا ) أي وقد وجبت العدة بزواله فأشبه عدة النكاح ثم أمامنا فيه عمر رضي الله عنه فإن قال عدة أم الولد ثلاث حيض كذا في الهداية ولأن لها فراشا يثبت نسب ولدها منه بالسكوت لكنه أضعف من فراش الحرة ولذا ينتفي بمجرد النفي بلا لعان
____________________
(3/505)
مطلب حكاية شمس الأئمة السرخسي حكي أن شمس الأئمة لما أخرج من السجن زوج السلطان أمهات أولاده من خدامه الأحرار فاستحسنه العلماء وخطأه شمس الأئمة بأن تحت كل خادم حرة وهذا تزوج الأمة على الحرة فقال السلطان أعتقهن وأجدد العقد فاستحسنه العلماء وخطأه شمس الأئمة بأن عليهم العدة بعد الإعتاق
وقيل إن هذا كان سبب حبسه وأن القاضي أغراه عليه وأن الطلبة لما لم تمتنع عنه منعوا عنه كتبه فأملى المبسوط من حفظه
قوله ( ما لم تكن حاملا ) فإن كانت فعدتها الوضع
بحر
قوله ( أو آيسة ) فإن كانت فعدتها ثلاثة أشهر
بحر
قوله ( أو محرمة عليه ) فلا عدة لزوال فراشه
قهستاني
وأسباب الحرمة عليه ثلاث نكاح الغير وعدته وتقبيل ابن المولى فلا عدة عليها بموت المولى أو إعتاقه بعد تقبيل ابنه كما في الخانية
بحر
قوله ( ولو مات مولاها وزوجها الخ ) أي بعد ما أعتقها مولاها
واعلم هذه المسألة على ثلاثة أوجه الأول أن يعلم أن بين موتيهما أقل من شهرين وخمسة أيام فعليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر لأن المولى لإن كان قد مات أولا ثم مات الزوج وهي حرة فلا يجب بموت المولى شيء وتعتد للوفاة عدة الحرة وإن كان الزوج مات أولا وهي أمة لزمها شهران وخمسة أيام ولا يلزمها بموت المولى شيء لأنها معتدة الزوج ففي حال يلزمها أربعة أشهر وعشر وفي حال نصفها فلزمها الأكثر احتياطا ولا تنتقل عدتها على احتمال الثاني لما قدمنا أنها لا تنتقل في الموت
الثاني أن يعلم أن بين موتيهما شهرين وخمسة أيام أو أكثر فعليها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا فيها ثلاث حيض احتياطا لأن المولى إن كان مات أولا لم تلزمها عدته لأنها منكوحة وبعد موت الزوج يلزمها أربعة أشهر وعشر لأنها حرة وإن مات الزوج أولا لزمها شهران وخمسة أيام وقد انقضت عدتها منها لأنها مصورة أن بينهما هذه المدة أو أكثر فموت المولى بعده يوجب عليها ثلاث حيض فيجمع بينهما إحتياطا
الثالث أن لا يعلم كم بين موتيهما ولا الأول منهما فالأول عنده وكالثاني عندهما كذا في المعراج وغيره
بحر
وتوجيه الثالث مذكور في ح عن البحر فراجعه
وفي كلام الشارح إشارة إلى هذه الأوجه الثلاثة فأشار إلى الأولى والثالث بقوله تعتد بأربعة أشهر وعشر وإلى الثالث عندهما بقوله وأو بأبعد الأجلين
قوله ( ولا عدة على أمة ) وأم ولد أي إذا مات مولاهما أو أعتقهما إجماعا
بحر
وهذا محترز قول المصنف كذا أم ولد
قوله ( وكذا موطوءة بشبهة أو نكاح فاسد ) أي عدة كل منهما ثلاث حيض وسيذكر المصنف هذه المسألة مرة ثانية ويأتي الكلام عليها
____________________
(3/506)
مطلب حكاية أبي حنيفة في الموطوءة بشبهة لطيفة حكي في المبسوط رجلا زوج ابنيه بنتين فأدخل النساء زوجة كل أخ على أخيه فأجاب العلماء بأن كل واحد يجتنب التي أصابها وتعتد لتعود إلى زوجها
وأجاب أبو حنيفة رحمه الله تعالى بأنه إذا رضي كل واحد بموطوءته يطلق كل واحد زوجته ويعقد على موطوءته ويدخل عليها للحال لأنه صاحب العدة ففعلا كذلك ورجع العلماء إلى جوابه
قوله ( في الموت ) إنما تجب عدة الوفاة لأنها إنما تجب لإظهار الحزن على زوج عاشرها إلى الموت ولا زوجية هنا
بحر
قوله ( يتعلق بالصورتين معا ) أي إن قوله في الموت والفرقة مرتبط بصورتي الموطوءة بشبهة أو بنكاح فاسد
قوله ( والعدة في حق من لم تحض ) شروع في النوع الثاني من أنواع العدة وهو العدة بالأشهر وهو معطوف على قوله وهي في حق حرة تحيض
قوله ( حرة أم أم ولد ) أي لا فرق بينهما فيما سيأتي من أن عدة كل منهما ثلاثة أشهر وهذا في أم الولد إذا مات مولاها أو أعتقها أما إذا كانت منكوحة فعدتها نصف ما للحرة في الموت أو الطلاق سواء كانت ممن تحيض أو لا كما يعلم مما سيأتي
ثم إن أم الولد لا تكون إلا كبيرة فقوله أصغر خاص بالحرة وقوله أو كبر شامل لهما كما لا يخفي فافهم
قوله ( بأن لم تبلغ تسعا ) وقيل سبعا بتقديم السين على الباء الموحدة
مطلب في عدة الصغيرة المراهقة وفي الفتح والأول أصح وهذا بين أقل سن يمكن فيه بلوغ الأنثى وتقييده بذلك تبعا للفتح والبحر والنهر لا يعلم منه حكم من زاد سنها على ذلك ولم تبلغ بالسن وتسمى المراهقة وقد ذكر في الفتح أن عدتها أيضا ثلاثة أشهر فلو أطلق الصغيرة وفسرها بمن لم تبلغ بالسن لشمل المراهقة ومن دونها وهي من لم تبلغ تسعا
وقد يقال مراده إخراج المراهقة اختيارا لما ذكره في البحر بقوله وعن الإمام الفضلي أنها إذا كانت مراهقة لا تنقضي عدتها بالأشهر بل يوقف حالها حتى يظهر هل حبلت في ذلك الوطء أم لا فإن ظهر حبلها اعتدت بالوضع وإلا فبالأشهر
قال في الفتح ويعتد بزمن التوقف من عدتها لأنه كان ليظهر حبلها فإذا لم يظهر كان من عدتها اه
قلت يعني إذا ظهر عدم حبلها يحكم بمضي العدة بثلاثة أشهر مضت ويكون زمن التوقف بعدها لغوا حتى لو تزوجت فيه صح عقدها
وفي نفقات الفتح فرع في الخلاصة عدة الصغيرة ثلاثة أشهر إلا إذا كانت مراهقة فينفق عليها ما لم يظهر فراغ رحمها كذا في المحيط اه
من غير ذكر خلاف وهو حسن اه كلام الفتح لكن ينبغي الإفتاء به احتياطا قبل العقد بأن لا يعقد عليها إلا بعد التوقف لكن لم يذكروا مدة التوقف التي يظهر به الحمل وذكر في الحامدية عن بيوع البزازية أنه يصدق في دعوى الحبل في رواية إذا كان من حين شرائها أربعة أشهر وعشر لا أقل وفي رواية بعد شهرين وخمسة أيام وعليه عمل الناس اه
ومشى في الحامدية على الأخيرة ونظر لأن المراد في مسألتنا التوقف بعد مضي ثلاثة أشهر فالأولى الأخذ بالرواية الأولى
فإذا مضت أربعة أشهر وعشر ولم يظهر الحبل
____________________
(3/507)
علم أن العدة انقضت من حين مضي ثلاثة أشهر
قوله ( بأن بلغت سن الإياس ) سيأتي تقديره في المتن ويأتي تمام الكلام عليها
قوله ( أو بلغت بالسن ) أي خمس عشرة سنة عن العناية ومثلها لو بلغت بالإنزال قبل هذه المدة وقوله ولم تحض شامل لما إذا لم ترد دما أصلا أو رأت وانقطع قبل التمام قال في البحر عن التاترخانية بلغت فرأت يوما دما ثم انقطع حتى مضت سنة ثم طلقها فعدتها بالأشهر اه
وسيذكر الشارح عن البحر أنها إذا بلغت ثلاثين سنة ولم تحض حكم بإياسها وبيانه
قوله بأن حاضت أي ثلاثة أيام مثلا
قوله ( ثم امتد طهرها ) أي سنة أو أكثر
بحر
قوله من انقضائها بتسعة أشهر ستة منها مدة الإياس وثلاثة منها للعدة
ورأيت بخط شيخ مشايخنا السائحاني أن المعتمد عند المالكية أنه لا بد لوفاء العدة من سنة كاملة تسعة أشهر لمدة الإياس وثلاثة أشهر لانقضاء العدة
قلت ولذا عبر في المجمع بالحول
مطلب في الإفتاء بالضعيف قوله ( فلا يفتى به ) اعترض بأنه قول مالك والتقليد جائز بشرط عدم التلفيق كما ذكره الشيخ حسن الشرنبلالي في رسالة بل ومع التلفيق كما ذكره المنلا بن فروخ في رسالة
قلت ما ذكره ابن فروخ رده سيدي عبد الغني في رسالة خاصة والتقليد وإن جاز بشرطه فهو للعامل لنفسه لا للمفتي لغيره فلا يفتي بغير الراجح في مذهبه لما قدمه الشارح في رسم المفتي بقوله وحاصل ما ذكره الشيخ قاسم في تصحيحه أنه لا فرق بين المفتي والقاضي إلا أن المفتي مخبر عن الحكم والقاضي ملزم به وأن الحكم والفتيا بالقول المرجوح جهل وخرق للإجماع وأن الحكم الملفق باطل بالإجماع وأن الرجوع عن التقليد بعد العمل باطل اتفاقا الخ وقدمنا الكلام عليه هناك فافهم
قوله ( وجب أن يقول الخ ) هذا مبني على قول بعض الأصوليين لا يجوز تقليد المفضول مع وجود الفاضل وبني على ذلك وجوب اعتقاد أن مذهبه صواب يحتمل الخطأ وأن مذهب غيره خطأ يحتمل الصواب فإذا سئل عن الحكم لا يجيب إلا بم هو صواب عنهد فلا يجوز أن يجيب بمذهب الغير وقدمنا في ديباجة الكتاب تمام الكلام على ذلك
قوله ( نعم لو قضى مالكي بذلك نفذ ) لأنه مجتهد فيه وهذا كله رد على ما في البزازية
قال العلامة والفتوى في زماننا على قول مالك وعلى ما في جامع الفصولين لو قضى قاض بانقضاء عدتها بعد مضي تسعة أشهر نفذ اه
لأن المعتمد أن القاضي لا يصح قضاؤه بغير مذهبه خصوصا قضاة زماننا
قوله ( لممتدة ) بالتنوين ونصف طهرا على التمييز ط
قوله ( وفا عدة ) بقصر وفا للضرورة وهو مبتدى خبره قوله بتسعة أشهر والجملة دليل جواب الشرط الذي هو أن مالكي يقدر يعني أن حكم القاضي المالكي بتقدير التسعة أشهر لممتدة الطهر كان هذا المقدار عدتها ومن بعده أي من بعد قضاء القاضي المالكي بهذا المقدار لا وجه لنقض القاضي الحنفي لأنه فصل مجتهد فيه فقضاؤه رفع الخلاف اه ح وفي بعض النسخ أن مالكي
____________________
(3/508)
يقرر بالراء لكن قد علمت أن المعتمد عند المالكية تقدير المدة بحول ونقله أيضا في البحر عن المجمع معزيا لمالك
قوله ( هكذا يقال ) يعني ينبغي أن يقال مثل هذا القول الخالي من نقد
واعتراض ينظر به عليه لا كما قال بعضهم من أنه يفتى به للضرورة اه ح
قلت لكن هذا ظاهر إذا أمكن قضاء مالكي به أو تحكيمه أما في بلاد لا يوجد فيها مالكي يحكم به فالضروة متحققة وكأن هذا وجه ما مر عن البزازية والفصولين فلا يرد قوله في النهر إنه لا داعي إلى الإفتاء بقول نعتقد أنه خطأ يحتمل الصواب مع إمكان الترافع إلى مالكي يحكم به اه تأمل
ولهذا قال الزاهدي وقد كان بعض أصحابنا يفتون بقول مالك في هذه المسألة للضرورة اه
ثم رأيت ما بحثته بعينه ذكره محشي مسكين عن السيد الحموي وسيأتي نظير هذه المسألة في زوجة المفقود حيث قيل إنه يفتي بقول مالك إنها تعتد عدة الوفاة بعد مضي أربع سنين قوله ( وأما ممتدة الحيض ) الأولى أن يقول ممتدة الدم أو المستحاضة والمراد بها المتحيرة التي نسيت عادتها وأما إذا استمر بها الدم وكانت تعلم عادتها فإنها ترد إلى عادتها كما في البحر
قوله ( فالمفتى به الخ ) حاصله أنها تنقضي عدتها بسبعة أشهر وقيل بثلاثة
قوله ( وإلا فبالأيام ) في المحيط إذا اتفق عدة الطلاق والموت في غرة الشهر اعتبرت الشهور بالأهلة وإن نقصت عن العدد وإن اتفق في وسط الشهر
فعندالإمام يعتبر بالأيام فتعتد في الطلاق بتسعين يوما وفي الوفاة بمائة وثلاثين
وعندهما يكمل الأول من الأخير وما بينهما بالأهلة ومدة الإيلاء الوفاة بمائة وثلاثين
وعندهما يكمل الأو من الأخير وما بينهما بالأهلة ومدة الإيلاء واليمين أن لا يكلم فلانا أربعة أشهر والإجارة سنة وفي وسط الشهر وسن الرجل إذا ولد في أثنائه وصوم الكفارة إذا شرع فيه وسط على هذا الخلاف اه
وقدمنا عن المجتبى تأجيل العنين إذا كان في أثناء الشهر فإنه يعتبر بالأيام إجماعا
بحر
ثم قال وفي الصغرى أن اعتبار العدة بالأيام إجماعا إنما الخلاف في الإجازة
استشكله القهستاني بأن الأول هو المذكور في المحيط والخانية والمبسوط وغيرها
قوله ( في الكل ) يعني أن التقييد بالوطء شرط في جميع ما مر من مسائل العدة بالحيض والعدة بالأشهر كما أفاده سابقا بقوله راجع للجميع
قوله ( ولو فاسدة ) أطلقها فشمل ما إذا كان فسادها لمانع حسي أو شرعي وهذا هو الحق كما بيناه عند قوله صححة اه ح
قوله ( كما مر ) أي في باب المهر لا في هذا الباب فإن الذي قدمه فيه التقييد بالصحة ط
مطلب في عدة زوجة الصغير قوله ( ولو رضيعا الخ ) فهي مسامحة لأن الكلام فمين وطئت والرضيع لا يتأتى منه وطء زوجته فكأن الأولى أن يقول ولو غير مراهق
وعبارة القنية تجب العدة بدخول زوجها الصبي المراهق
وفي آحاد الجرجاني في قول أبي حنيفة وأبي يوسف أن المهر والعدة واجبان بوطء الصبي
وفي قول محمد تجب العدة دون المهر ثم قال ولا خلاف بينهم لأنهما في مراهق يتصور منه الإعلاق أي أن تعلق منه أي تحبل ومحمد أجاب فيمن لا يتصور منه لأن ذكره في حكم أصبعه اه
وذكر في البحر قبل ذلك أنهم صرحوا بفساد خلوته وبوجوب
____________________
(3/509)
العدة بالخلوة الفاسدة الشاملة لخلوة الصبي وبوجوب العدة إذا وطئها بنكاح فاسد فكذا الصحيح بالأولى ثم قال فحاصله أنه كالبالغ في الصحيح والفاسد وفي الوطء بشبهة في الوفاة والطلاق والتفريق ووضع الحمل كما لا يخفي فليحفظ اه
ومسألة عدة زوجته بوضع الحمل تأتي قريبا
وصورة الطلاق الموجب لعدتها بعض الدخول أن يكون ذميا فتسلم زوجته ويأبى وليه عن الإسلام أو أن يختلي في صغره ويطلقها في كبره وصورة التفريق أن يدخل بها بعقد فاسد
مطلب في عدة الموت قوله ( والعدة للموت ) أي موت زوج الحرة أما الأمة فيأتي حكمها بعيده
قوله ( كما مر ) أي قريبا
قوله ( من الأيام ) أي والليالي أيضا كما في المجتبى
وفي غرر الأذكار أي عشر ليال مع عشرة أيام من شهر خامس
وعن الأوزاعي أن المقدر فيه عشر ليال لدلالة حذف التاء في الآية عليه فلها التزوج في اليوم العاشر
قلنا إن ذكر كل من الأيام والليالي بصيغة الجمع لفظا أو تقديرا يقتضي دخول ما يوازيه استقراء اه
ومثله في الفتح
وما مر عن الأوزاعي عزاه في الخانية لابن الفضل وقال إنه أحوط لأنه يزيد بليلة أي لو مات قبل طلوع الفجر فلا بد من مضي الليلة بعد العاشر
وعلى قول العامة تنقضي بغروب الشمس كما في البحر وفيه نظر بل هو مساو لقول العامة لما علمت من التقدير بعشرة أيام وعشر ليال وقد ينقص عن قولهم لو فرض الموت بعدالغروب فكان الأحوط قولهم لا
قوله ( بشرط بقاء النكاح صحيحا إلى الموت ) لأن العدة في النكاح الفاسد ثلاث حيض للموت وغيره كما مر قال في البحر ولهذا قدمنا أن المكاتب لو اشترى زوجته ثم مات عن وفاء لم تجب عدة الوفاة فإن لم يدخل بها فلا عدة أصلا وإن دخل فولدت منه تعتد بحيضتين لفساد النكاح قبل الموت وإن لم يترك وفاء تعتد بشهرين وخمسة أيام عدة الوفاة لأنهما مملوكان للمولى كما في الخانية
قوله ( ولو صغيرة ) الأولى ولو كبيرة لأن المراد أن عدة الموت أربعة أشهر وعشرا وإن كانت من ذوات الحيض فمن كانت من ذوات الأشهر بالأولى
تأمل
قوله ( تحت مسلم ) أما لو كانت تحت كافر لم تعتد إذا اعتقدوا ذلك كما سيذكره المصنف
قوله ( ولو عبدا ) أي ولو كان زوج الحرة عبدا
قوله ( فلم يخرج عنها إلا الحامل ) فإن عدتها للموت وضع الحمل كما في البحر وهذا إذا مات عنها وهي حامل أما لو حبلت في العدة بعد موته فلا تتغير في الصحيح كما يأتي قريبا
قوله ( وعم كلامه ممتدة الطهر الخ ) الظاهر أن محل ذكر هذه المسألة عند ذمه مسألة الشابة الممتدة الطهر يعني أنها مثلها في أنها تعتد للطلاق بالحيض لا بالأشهر
وأما ذكرها هنا فلا محل له لأن التي ترى الدم تعتد للموت بأربعة أشهر وعشر فغيرها تعتد بالأشهر لا بالحيض بالأولى إذ لا دخل للحيض في عدة الوفاة
وأيضا قوله فلم يخرج عنها إلا الحامل صريح في ذلك
ثم رأيت الرحمتي أفاد بعض ذلك وقدمنا عن السراج ما يفيد بحث الشارح وهو أن المرضع إذا عالجت الحيض حتى رأت صفرة في أيامه تنقضي به العدة فأفاد أنه لا بد من حيض المرضع ولو بحيلة الدواء وأصرح منه ما في المجتبى
قال أصحابنا إذا تأخر حيض المطلقة لعارض أو غيره بقيت في العدة حتى تحيض أو تبلغ حد
____________________
(3/510)
الإياس اه
صذقوله ( وفي حق أمة ) أطلقها فشمل الزوجة القنة وأم الولد والمدبرة والمكاتبة والمستسعاة عند الإمام ولا بد من قيد الدخول في الأمة إلا في المتوفي عنها زوجها
بحر
وقيد بالزوجة لأنها لو كانت موطوءة بملك اليمين لا عدة عليها إلا إذا كانت أم ولد مات عنها سيدها أو أعتقها فعدتها ثلاث حيض كما مر
قوله ( لعدم التجزي ) يعني أن الرق منصف ومقتضاه لزوم حيضة ونصف لكن الحيض لا يتجزأ فوجبت حيضتان
قوله ( لطلاق أو فسخ ) أو نكاح فاسد أو وطء بشبهة
قهستاني
قوله ( نصف الحرة ) أي شهر ونصف في طلاق ونحوه وشهران وخمسة أيام في الموت
قوله ( وفي حق الحامل ) أي من نكاح ولو فاسدا فلا عدة على الحامل من زنا أصلا
بحر
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان عن طلاق أو وفاة أو متاركة أو وطء بشبهة
نهر
قوله ( ولو أمة ) أي منكوحة سواء كانت قنة أو مدبرة أو مكاتبة أو أم ولد أو مستسعاة
ط عن الهندية
ومثل المنكوحة أم الولد إذا مات عنها سيدها أو أعتقها كما في كافي الحاكم
قوله ( أو كتابية ) لم يقل تحت مسلم كما قال في سابقه إذ لا فرق هنا بين كونها تحت مسلم أو ذمي على ما سيأتي في المتن
قوله ( أو من زنا الخ ) ومثله ما لو كان الحمل في العدة كما في القهستاني والدر المنتقى
وفي الحاوي الزاهدي إذا حبلت المعتدة وولدت تنقضي به العدة سواء كان من المطلق أو من زنا وعنه لا تنقضي به من زنا ولو كان الحبل بنكاح فاسد وولدت تنقضي به العدة إن ولدت بعد المتاركة لا قبلها اه
لكن يأتي قريبا فيمن حبلت بعد موت زوجها الصبي أن لها عدة الموت فالمراد بقوله إذا حبلت المعتدة معتدة الطلاق بقرينة ما بعده
تأمل ثم رأيت في النهر عند مسألة الفار الآتية قال واعلم أن المعتدة لو حملت في عدتها ذكر الكرخي أن عدتها وضع الحمل ولم يفصل والذي ذكره محمد أن هذا في عدة الطلاق أما في عدة الوفاة فلا تتغير بالحمل وهو الصحيح كذا في البدائع اه
وفي البحر عن التاترخانية المعتة عن وطء بشبهة إذا حبلت في العدة ثم وضعت انقضت عدتها
وفيه عن الخانية المتوفي عنها زوجها إذا ولدت لأكثر من سنتين من الموت حكم بانقضاء عدتها قبل الولادة بستة أشهر وزيادة فتجعل كأنها تزوجت بآخر بعد انقضاء العدة وحبلت منه
قوله ( بأن تزوج حبلى من زنا الخ ) أفاد أن العدة ليست من أجل الزنا لما تقدم أنه لا عدة على الحامل من الزنا أصلا وإنما العدة لموت الزوج أو طلاقه
قال الرحمتي ويعلم كون الحمل من زنا بولادتها قبل ستة أشهر من حين العقد
قوله ( ودخل بها ) هو قيد لغير المتوفي عنها لما مر أن عد الوفاة لا يشترط لها الدخول ودخوله بها الخلوة أو بوطئها مع حرمته لأنه وإن جاز نكاح الحبلى من زنا لا يحل وطؤها
رحمتي
ونقل المسألة في البحر عن البدائع بدون قيد الدخول
قوله ( وضع حملها ) أي بلا تقدير بمدة سواء ولدت بعد الطلاق أو الموت بيوم أو أقل جوهرة
والمراد به الحمل الذي استبان بعض خلقه أو كله فإن لم يستبن بعضه لم تنقض العدة لأن الحمل اسم لنطفة متغيرة فإذا كان مضغة أو علقة لم تتغير فلا يعرف كونها متغيرة بيقين إلا باستبانة بعض الخلق
بحر عن المحيط
وفيه عنه أيضا أنه لا يستبين إلا في مائة وعشرين يوما
وفيه عن المجتبى أن المستبين بعض خلقه يعتبر فيه أربعة أشهر وتام الخلق ستة أشهر وقدمنا في الحيض استشكال صاحب البحر لهذا بأن المشاهد ظهور الخلق قبل أربعة أشهر فالظاهر أن المراد نفخ الروح
____________________
(3/511)
لأنه لا يكون قبلها وقدمناه تمامه هناك
قوله ( لأن الحمل الخ ) علة لتقدير لفظ الجميع فلو ولدت وفي بطنها آخر تنقضي العدة بالآخر وإذا أسقطت سقطا إن استبان بعض خلقه انقضت به العدة لأنه ولد وإلا فلا
قوله ( خروج أكثر الولد كالكل الخ ) هذا ينافي تقدير جميع في قوله وضع جميع حملها إلا أن يراد جميع الأفراد لا جميع الأجزاء
وقد يقال إن قوله إلا في حلها للأزواج يقتضي عدم انقضاء عدتها بخروج الأكثر وفيه أنها لو لم تنقض لصحت مراجعتها خروج باقيه فالمراد أنها تنقضي من وجه دون وجه ولذا قال في البحر وقال في الهارونيات لو خرج أكثر الولد لم تصح الرجعة وحلت للأزواج
وقال مشايخنا لا تحل للأزواج أيضا لأنه قام مقام الكل في حق انقطاع الرجعة احتياطا ولا يقوم مقامه في حق حلها للأزواج احتياطا اه
قوله ( في جميع الأحكام ) أي في وقوع الطلاق أو العتق المعلق بولادتها وصيرورتها نفساء فلا تصلي ولا تصوم هذا ما يقتضيه الإطلاق
قوله ( ولو مع الأقل ) في بعض النسخ ولا مع الأقل بلا النافية وهي الصواب
وعبارة البحر وخروج الرأس فقط أو مع الأقل لا اعتبار به وذكر قبله عن النوادر تفسير البدن بأنه من الأليتين إلى المنكبين ولا يعتد بالرأس ولا بالرجلين أي فقط
قوله ( فلا قصاص بقطعه ) بل فيه الدية
بحر
قوله ( ولا يثبت نسبه الخ ) أي لو جاءت المبانة المدخولة بولد فخرج رأسه لأقل من سنتين وخرج الباقي لأكثر لم يلزمه حتى يخرج الرأس ونصف البدن لأقل من سنتين
بحر
قوله ( ولو كان زوجها ) لو وصلية وهو مبالغة على قوله وضع حملها
قوله ( غير مراهق ) أي لم يبلغ ثنتي عشرة سنة
قهستاني
قوله ( وولدت لأقل الخ ) أي ليتحقق وجود الحمل وقت الموت
قوله ( في الأصح ) مقابله ما روي شاذا عن الثاني ى ن لها عدة الموت
نهر
قوله ( بأن ولدت لنصف حول فأكثر ) وقيل لأكثر من سنتين وليس بشيء
فتح
قوله ( لعدم الحمل عند الموت ) أي لعدم تحقق وجوده عنده فلم تكن من أولات الأحمال
قوله ( في حاليه ) أي حالي موت الصبي أو حالي وجود الحمل عند موته وحدوثه بعده
قوله ( إذ لا ماء للصبي ) أي فلا يتصور منه العلوق وإما ثبت نسب ولد المشرقي من مغربية إقامة للعقد مقام العلوق لتصوره حقيقة بخلاف الصبي كما في البحر
قوله ( نعم ينبغي الخ ) عبارة الفتح ثم يجب كون ذلك الصبي غير مراهق أما المراهق فيجب أن يثبت النسب منه إلا إذا لم يمكن بأن جاءت به لأقل من ستة أشهر من العقد اه
وأيده في البحر بقوله ولهذا صور المسألة الحاكم الشهيد في الكافي بما إذا كان رضيعا اه
ولا يخفي أن مفهوم الرواية معتبر فافهم
قوله ( أو تبلغ حد الإياس ) يعني فتعتد بالأشهر بعده وفيه أنه مناف لقوله تعالى { وأولات الأحمال } الطلاق 4 الآية فتأمل ح
قلت وفي حاشية البحر للشيخ خير الدين لا معنى للقول بالانقضاء مع وجوده لاشتغال الرحم به كذا
____________________
(3/512)
في كتب الشافعية
قال الرملي في شرح المنهاج ولو مات واستمر أكثر من أربع سنين لم تنقض إلا بوضعه لعموم الآية كما أفتى به الوالد ولا مبالاة بتضررها بذلك
وقال ابن قاسم في حاشية شرح المنهج قال شيخنا الطبلاوي أفتى جماعة عصرنا بالتوقف على خروجه
والذي أقوله عدم التوقف إذا أيس من خروجه لتضررها بمنعها من التزوج اه
ولا شيء من قواعدنا يدفع ما قالوه فاعلم ذلك اه
ملخصا
وبه ظهر أن المراد من قوله أو تبلغ حد الإياس هو الإياس من خروجه وهل المراد منه نهاية حد الحمل وهو أربع سنين عند الشافعية وسنتان عندنا أو أعم من ذلك محتمل
والذي ينبغي العمل بما قاله الجماعة لموافقته صريح الآية
قوله ( وفي حق امرأة الفار الخ ) معطوف على قوله سابقا في حق حرة تحيض ومتعلق بما تعلق به وهو الضمير العائد على العدة وقوله من الطلاق متعلق به
ولو قال للطلاق باللام لكان أظهر والمراد بامرأة الفار من أبانها في مرضه بغير رضاها بحيث صار فارا ومات في عدتها فعدتها أبعد الأجلين عندهما خلافا لأبي يوسف لأنه وإن انقطع النكاح بالطلاق حقيقة لكنه باق حكما في حق الإرث فيجمع بين عدة الطلاق والوفاة احتياطا وتمامه في الفتح
قلت وهو صريح في أنه لو أبانها في مرضه برضاها بحيث لم يصر فارا تعتد عدة الطلاق فقط وهي واقعة الفتوى فلتحفظ
وخرج أيضا ما لو طلقها بائنا في صحته ثم مات لا تنتقل عدتها ولا ترث اتفاقا صرح به في الفتح لأنه ليس فارا
قوله ( إن مات وهي في العدة ) بأن لم تحض ثلاثا قبل موته فإن حاضت ثلاثا قبله انقضت عدتها ولم تدخل تحت المسألة لأنه لا ميراث لها إلا إذا مات قبل انقضاء العدة
وقد أشكل ذلك على بعض حنفية العصر لعدم التأمل
بحر قوله ( من عدة الوفاة الخ ) بيان لأبعد الأجلين فمن بيانية لا متعلقة بأبعد ط
قوله ( احتياطا ) علمت وجهه
قوله ( وفيه قصور ) لأن قوله فيها ثلاث حيض يقتضي أنه لا بد أن تكون الحيض الثلاث أو بعضها في مدة الأربع الأشهر وعشر
قوله ( حتى تبلغ الإياس ) فإذا بلغت سن الإياس تعتد بالأشهر كما صرح به في الفتح أيضا فافهم
قوله ( وقيد بالبائن الخ ) حاصل المسألة أن الزوج إذا طلق زوجته طلاقا رجعيا في صحته أو مرضه ودخلت في عدة الطلاق ثم مات والعدة باقية تنتقل عدتها إلى عدة الموت إجماعا لأنها حينئذ زوجته وترث منه
أما إذا كانت منقضية لم تكن زوجته فلا يجب عليها بموته شيء ولا ترثه وكذا لو طلقها بائنا في صحته ثم مات في عدتها كما مر
ثم لا يخفى أن امرأة الفار هي التي طلقها بائنا في مرضه ومات في عدتها فلو كان رجعيا لم تكن كذلك فقول المصنف تبعا للكنز وغيره ولمطلقه الرجعي عطفا على قوله من البائن يقتضي أن امرأة الفار تارة يكون طلاقها بائنا وتارة رجعيا وأن حكم طلاقها البائن ما مر وهذا حكم طلاقها الرجعي
ولا يخفى أن مطلقة الرجعي لو سميت امرأة الفار لزم منه لوازم باطلة ذكرها في الشرنبلالية وألف لها رسالة خاصة وذكر أن هذا الإيهام وقع في كثير من الكتب وحكم عليها بالخطإ
ولا يخفى أنه ليس فيها سوى المسامحة في العطف على امرأة الفار اعتمادا على ظهور المراد لأجل الاختصار ليستغني
____________________
(3/513)
عن التقييد بموته في العدة
قوله ( والعدة ) مبتدأ خبره قوله أن تتم وأشار به إلى أنها لا يجب عليها أن تستأنف عدة حرة بل انتقلت عدتها إلى عدة الحرائر فتبني على ما مضى وتكمل ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر إن كانت ممن لا تحيض فافهم
وأفاد قوله أعتقت في عدة رجعي أن العتق بعد طلاق الزوج إذ لو كان قبله لزمها عدة الحرة ابتداء وأن هذه عدة طلاق لا عتق لأنها لو كانت أم ولده وأعتقها وهي منكوحة الغير لا عدة عليها لكونها محرمة عليه كما مر
وأفاد أن العدة باقية إذ لو أعتقها بعد انقضاء عدتها أو مات لزمها ثلاث حيض كما مر لأنها عادت فراشا له كما يعلم من الجوهرة
قوله ( فكعدة أمة ) أي حيضتين أو شهر ونصف أو شهرين وخمسة أيام بلا انقلاب إلى عدة الحرة
قهستاني
قوله ( لبقاء النكاح في الرجعي ) بيان للفرق وهو أن النكاح قائم من كل وجه بعد الطلاق الرجعي وبالعتق كمل ملك الزوج عليها والعدة في الملك الكامل مقدرة شرعا بثلاث حيض بخلافه بعد البائن أو الموت
قوله ( وقد تنتقل العدة ستا ) جعلها ستا باعتبار المنتقل عنه وإلا فالانتقالات خمس
أفاده ط
قوله ( طلقت رجعيا ) قيد بالرجعي ليمكن انتقالها بالعتق وبالموت وقد خفي ذلك على محشي مسكين
أفاده ط
قوله ( فحاضت ) أي قبل تمام العدة كذا يقال فيما بعده ط
قوله ( تصير ثلاثا ) أي تنتقل إلى عدة الحرائر لأن طلاقها رجعي كما علمت
قوله ( للإياس ) أي إلى أن وصلت إلى سن الإياس
قوله ( تصير بالأشهر ) ولا يعتبر الأيام التي وجدت حال الصغر قبل حدوث الحيض ط
قوله ( فعاد دمها ) ومثله ما لو حبلت ولو ذكره لاستوفى المثال أنواع العدة الثلاثة وهي العدة بالحيض وبالأشهر وبوضع الحمل لكن لو مات زوجها تبقى عدتها بوضع الحمل ولا تنتقل إلى الأشهر
قوله ( تصير بالحيض ) مبني على أحد الأقوال الآتية
قوله ( تصير أربعة أشهر وعشرا ) لأنها معتدة الرجعي فلها عدة الموت كما مر
قلت وقد اشتمل هذا المثال على عدة الصغيرة والكبيرة والأمة والحرة والحائض والآيسة والمطلقة والمتوفي عنها زوجها والمعتقة ويزاد عاشرة وهي الحبلى على ما ذكرنا
قوله ( ثم عاد دمها ) أي في أثناء الأشهر أو بعدها يدل عليه قوله أو حبلت من زوج آخر فإن حبلها منه لا يكون إلا بعد الأشهر ويدل عليه أيضا مقابله وهو قوله لكن اختار البهنسي الخ اه ح
قوله ( على جاري عادتها ) مقتضاه اعتبار عادة نفسها وهذا أحد أقوال وهو غير المعتمد فالأولى التعبير بقوله على العادة كما في الهداية
قال في البحر واختلفوا في معنى قوله إذا رأت الدم على العادة فقيل معناه إذا كان سائلا كثيرا احترازا عما إذا رأت بلة يسيرة وقيل معناه ما ذكر وأن يكون أحمر أو أسود لا أصفر وأخضر أو تربية وقيل معناه أن يكون على العادة الجارية حتى لو كان عادتها قبل الإياس أصفر فرأته كذلك انتقض كذا في الفتح
وصرح في المعراج بأن الفتوى على الأول اه
والأخير هو ما ذكره الشارح فافهم
قوله ( لأن شرط الخلفية ) أي خلفية الأشهر
____________________
(3/514)
عن الحيض والخلف هو الذي لا يصار إليه إلا عند تعذر الأصل كالفدية للشيخ الفاني وأما البدل كالمسح على الخفين فلا يشترط فيه ذلك
أفاده ط
قوله ( ستة أقوال مصححة ) أحدها ينتقض مطلقا واختاره في الهداية
الثاني لا ينتقض مطلقا واختاره الإسبيجابي
الثالث ينتقض إن رأته قبل تمام الأشهر لا بعدها وأفتى به الصدر الشهيد
وفي المجتبى وهو الصحيح المختار للفتوى
الرابع ينتقض على رواية عدم التقدير للإياس التي هي ظاهر الرواية فإنما ثبت الأمر على ظنها فلما حاضت تعين خطؤها ولا ينتقض على رواية التقدير له واختاره في الإيضاح واقتصر عليه في الخانية وجزم به القدوري والجصاص ونصره في البدائع
الخامس ينتقض إن لم يكن حكم بإياسها وإن حكم به فلا كأن يدعي أحدهما فساد النكاح فيقضي بصحته وهو قول محمد بن مقاتل وصححه في الاختيار
السادس ينتقض في المستقبل فلا تعتد إلا بالحيض للطلاق بعده لا الماضي فلا تفسد الأنكحة المباشرة بعد الاعتداد بالأشهر
وصححه في النوازل اه
قوله ( وعليه ) أي على هذا القول فالنكاح جائز لأنه إنما يقع بعد تمام الأشهر فوقع معتبر الوجود شرطه وهو الإياس بوجود سببه وهو الانقطاع في مدته التي يغلب فيها ارتفاع الحيض وهو الخمس والخمسون ولا تعتد في المستقبل إلا بالحيض لتحقق الدم المعتاد خارجا من الفرج على غير وجه الفساد بل على الوجه المعتاد فإذا تحقق اليأس تحقق حكمه وإذا تحقق الحيض تحقق حكمه
وأما اشتراط دوام الانقطاع إلى الموت في اليأس فلا دليل له فقد يتحقق اليأس من الشيء ثم يوجد وتمامه في الفتح
وهذا كما ترى ترجيح أيضا لهذا القول
قوله ( لا تستأنف ) لأنه لم يتبين بالحيض أنها كانت قبل من ذوات الأقراء بخلاف الآيسة ط
قوله ( إلا إذا حاضت ) استثناء منقطع ط
قوله ( في أثنائها ) أي قبل تمامها ولو بساعة ط
قوله ( ثم أيست ) أي بلغت سن الإياس عند الحيضتين وانقطع دمها
فتح
قوله ( للرومية وغيرها ) وقيل للرومية خمس وخمسون ولغيرها ستون وقيل ستون مطلقا وقيل سبعون
وفي ظاهر الرواية لا تقدير فيه بل أن تبلغ من السن ما لا يحيض مثلها فيه وذلك يعرف بالاجتهاد والمماثلة في تركيب البدن والسمن والهزال اه ح عن البحر
وفي القهستاني وقيل ثلاثون
قوله ( وقيل الفتوى على خمسين ) قال القهستاني وبه يفتي اليوم كما في المفاتيح
قوله ( وفي البحر عن الجامع الخ ) يحتمل أن يكون مبنيا على القول بتقديره بثلاثين لكن ظاهر قوله ولم تحض أنها لم يسبق لها حيض أصلا وهي الشابة التي بلغت بالسن ومر حكمها ويؤيده ما في التاترخانية عن الينابيع امرأة ما رأت الدم وهي بنت ثلاثين سنة مثلا رأت يوما دما لا غير ثم طلقها زوجها قال ليست هي بآيسة
وقال أبو جعفر تعتد بالشهور لأنها من اللاتي لم يحضن وبه نأخذ اه
____________________
(3/515)
تنبيه هل يؤخذ بقولها إنها بلغت سن اليأس كما يقبل قولها بالبلوغ بعد الصغر أم لا بد من بينة لم أر من صرح به من علمائنا وينبغي الأول على رواية التقدير بمدة أما على رواية عدمه فالمعتبر اجتهاد الرأي كما مر
تأمل
تتمة ذكر في الحقائق شرح المنظومة النسفية في باب (
) الإمام مالك ما نصه وعندنا ما لم تبلغ حد الإياس لا تعتد بالأشهر وحده خمس وخمسون سنة هو المختار لكنه يشترط للحكم بالإياس في هذه المدة أن ينقطع الدم عنهامدة طويلة وهي ستة أشهر في الأصح ثم هل يشترط أن يكون انقطاع ستة أشهر بعد مدة الإياس الأصح أنه ليس بشرط حتى لو كان منقطعا قبل مدة الإياس ثم تمت مدة الإياس وطلقها زوجها يحكم بإياسها وتعتد بثلاثة أشهر هذا هو المنصوص في الشفاء في الحيض وهذه دقيقة تحفظ اه
ونقل هذه العبارة وأقرها الشهاب أحمد بن يونس الشلبي في شرحه على الكنز عن خط العلامة باكير شارح الكنز غير معزية لأحد ونقلها ط عن السيد الحموي
مطلب عدة المنكوحة فاسدا والموطوءة بشبهة قوله ( وعدة المنكوحة الخ ) مبتدأ خبره قوله الآتي الحيض وهذه الجملة بتمامهامستغني عنها بقوله سابقا كذا أم ولد مات عنها مولاها أو أعتقها وموطوءة بشبهة أو نكاح فاسد في الموت والفرقة ط
على أن كلامه هنا يوهم وجوب العدة في النكاح الفاسدة ولو قبل الوطء وليس كذلك فإنها لا تجب فيه بالخلوة بل بالوطء في القبل كما مر في باب المهر
قوله ( نكاحا فاسدا ) هي المنكوحة بغير شهود ونكاح امرأة الغير بلا علم بأنها متزوجة ونكاح المحارم مع العلم بعدم الحل فاسد عنده خلافا لهما
فتح
مطلب في النكاح الفاسد والباطل قوله ( فلا عدة في باطل ) فيه أن لا فرق بين الفاسد والباطل في النكاح بخلاف البيع كما في نكاح الفتح والمنظومة المحبية لكن في البحر عن المجتبى كل نكاح اختلف العلماء في جوازه كالنكاح بلا شهود فالدخول فيه موجب للعدة أما نكاح منكوحة الغير ومعتدته فالدخول فيه لا يوجب العدة إن علم أنها للغير لأنه لم يقل أحد بجوازه فلم ينعقد أصلا فعلى هذا يفرق بين فاسده وباطله في العدة ولهذا يجب الحد مع العلم بالحرمة لكونها زنا كما في القنية وغيرها اه
قلت ويشكل عليه أن نكاح المحارم مع العلم بعدم الحل فاسد كما علمت مع أنه لم يقل أحد من المسلمين بجوازه وتقدم في باب المهر أن الدخول في النكاح الفاسد موجب للعدة وثبوت النسب ومثل له في البحر هناك بالتزوج بلا شهود وتزوج الأختين معا أو الأخت في عدة الأخت ونكاح المعتدة والخامسة في عدة الرابعة والأمة عى الحرة اه
قوله ( اختيار ) ومثله في المحيط معللا بأن النسب لا ثبت فيه لأنه موقوف فلم ينعقد في حق حكمه فلا يؤثر شبهة الملك اه
قوله ( لكن الصواب الخ ) فقد نقل الزيلعي في النكاح الفاسد ما نصه وذكر في كتاب الدعوى من الأصل إذا تزوجت المرأة بغير إذن مولاها ودخل بها الزوج وولدت لستة أشهر مذ تزوجها فادعاه المولى والزوج فهو ابن الزوج فقد اعتبره من وقت النكاح لا من وقت الدخول ولم يحك
____________________
(3/516)
خلافا
قال الحلواني هذه المسألة دليل على أن الفراش ينعقد بنفس العقد في النكاح الفاسد خلافا لما يقوله البعض إنه لا ينعقد إلا بالدخول اه
فهذا صريح في ثبوت النسب فيه ويتبعه وجوب العدة فكان ما في المحيط والاختيار سهوا
بحر
قلت لكن يشكل على هذا تصريحهم بأن النكاح الفاسد إنما يجب فيه مهر المثل والعدة بالوطء لا بمجرد العقد ولا بالخلوة لفسادها لعدم التمكن فيها من الوطء كالخلوة بالحائض فلا تقام مقام الوطء كما صرح بذلك في الفتح والبحر وغيرهما في باب المهر إلا أن يقال إن انعقاد الفراش بنفس العقد إنما هو بالنسبة إلى النسب لأنه يحتاط في إثباته إحيا للولد
ثم اعلم أنه ذكر في البحر هناك أنه تعتبر مدة النسب وهي ستة أشهر من وقت الدخول عند محمد وعليه الفتوى لأن النكاح الفاسد ليس بداع إليه والإقامة باعتباره كذا في الهداية أي إقامة العقد مقام الوطء باعتبار كون العقد داعيا إلى الوطء
وعندهما ابتداء المدة من وقت العقد قياسا على الصحيح والمشايخ أفتوا بقول محمد لعدم صحة القياس المذكور
وفائدة الخلاف فيما إذا أتت بولد لستة أشهر من وقت العقد ولأقل منها من وقت الدخول فإنه لا يثبت نسبه على المفتي به اه
إذا علمت ذلك فيمكن أن يحمل ما في الاختيار والمحيط على قول محمد وأن المراد من عدم ثبوت النسب إذا أتت به لأقل من ستة أشهر من وقت الدخول وإن كان لأكثر منها من وقت العقد ويحمل ما تقدم عن الزيلعي على قولهما بدليل أنه فرض المسألة فيما إذا ولدت لستة أشهر مذ تزوجها ولم يعتبر وقت الدخول بقرينة تمام الكلام ولا يخفى أن التوفيق أولى من الخطأ وشق العصا
قوله ( والموطوءة بشبهة ) كالتي زفت إلى غير زوجها والموجودة ليلا على فراشه إذا ادعى الاشتباه كذا في الفتح
وأفاد في النهر بحثا أن من ذلك ما وقع الاستفتاء عنه فيمن اشترى أمة فوطئها ثم أثبتت أنها حرة الأصل اه
وهو ظاهر
ومن ذلك ما لو وطئ معتدته بشبهة وستأتي ومنه ما في كتب الشافعية إذا أدخلت منيا فرجها طنته مني زوج أو سيد عليها العدة كالموطوءة بشبهة
قال في البحر ولم أره لأصحابنا والقواعد لا تأباه لأن وجوبها لتعرف براءة الرحم
قوله ( ومنه ) أي من قسم الوطء بشبهة
قال في النهر وأدخل في شرح السمرقندي منكوحة الغير تحت الموطوءة بشبهة
حيث قال أي بشبهة الملك أو العقد بأن زفت إليه غير امرأته فوطئها أو تزوج منكوحة الغير ولم يعلم بحالها
وأنت خبير بأن هذا يقتضي الاستغناء عن المنكوحة فاسدا إذ لا شك أنها موطوءة بشبهة العقد أيضا بل هي أولى بذلك من منكوحة الغير إذ اشتراط الشهادة في النكاح مختلف فيه بين العلماء بخلاف الفراغ عن نكاح الغير اه
إذا علمت ذلك ظهر لك أن الشارح متابع لما في شرح السمرقندي لا مخالف له إذ لو قصد مخالفته كان عليه أن يذكر قوله ومنه الخ عقب قوله المنكوحة نكاحا فاسدا لا بعد قوله والموطوءة بشبهة فافهم
ويمكن الجواب عن السمرقندي بأنه حمل المنكوحة نكاحا فاسدا على ما سقط منه شرط الصحة بعد وجود المحلية كالنكاح المؤقت أو بغير شهود أما منكوحة الغير فهي غير محل إذا لا يمكن اجتماع ملكين في آن واحد على شيء واحد فالعقد لم يؤثر ملكا فاسدا وإنما أثر في وجود الشبهة والشارح كثير المتابعة للنهر فلعله خالفه هنا إشارة إلى ما قلنا
قوله ( كما سيجيء ) أي في المتن آخر الباب
قوله ( يعني إذا لم تكن عالمة راضية ) هذا مذكور أيضا في البحر واستشهد صله
____________________
(3/517)
بما في الخانية من أن المنكوحة إذا تزوجت رجلا ودخل بها ثم فرق بينهما لا يجب على الزوج الأول نفقتها ما دامت في العدة لأنهما لما وجبت عليها العدة صارت ناشزة اه
قوله ( كما سيجيء ) أي قبيل الفروع
قوله ( وأم الولد ) أي التي مات مولاها أو أعتقها ولا نفقة لها في هذه العدة كما في البحر عن كافي الحاكم أي لأنها عدة وطء لا عقد
قوله ( فلا عدة على مدبرة ومعتقة ) المناسب وأمة بدل قوله ومعتقة
قال في البحر وقيد بأم الولد لأن المدبرة والأمة إذا أعتقت أو مات سيدها لا عدة عليها بالإجماع كما ذكره الإسبيجابي اه أي لأنه لا فراش لهما كما قدمه الشارح
قوله ( غير الآيسة والحامل ) منصوب على الحالية من ضمير المنكوحة والموطوءة وأم الولد أو مجرور نعت لهن وكان الأولى أن يزيد قوله وغير المحرمة عليه وهذا في أم الولد وكأنه لم يذكره لكونه صرح به فيما مر
قوله ( بالأشهر والوضع ) فيه لف ونشر مرتب
قوله ( الحيض ) جمع حيضة أي عدة المذكورات ثلاث حيض إن كن من ذوات الحيض وإلا فالأشهر أو وضع الحمل وهذا إن كانت المنكوحة نكاحا فاسدا أو الموطوءة بشبهة حرة إذ للأمة حيضتان كما في البحر
قوله ( أي موت الواطىء ) أي في المسائل الثلاث وأفاد أنه لا عدة في النكاح الفاسد بدون وطء كما قدمناه والواطىء في الأخيرة هو المولى الذي مات عنها أو أعتقها أما لو كان زوجا تكون عدتها عدة الأمة المنكوحة
قوله ( وغيره ) أي غير الموت وهذا خاص فيما عدا الأخيرة
قوله ( كفرقة ) الأولى كتفريق أي تفريق القاضي وسيأتي أن ابتداء العدة في الموت من وقت الموت وفي غيره من وقت التفريق أو المتاركة ويأتي بيان المتاركة
قوله ( لأن عدة هؤلاء الخ ) جواب سؤال حاصله لم كانت عدة هؤلاء بالحيض ولم يعتبروا فيهن عدة وفاة ط
قوله ( لتعرف براءة الرحم ) أي لأجل أن يعرف أن الرحم غير مشغول لا لقضاء حق النكاح إذ لا نكاح صحيح والحيض هو المعرف
قوله ( ولم يكتف بحيضة ) كالاستبراء لأن الفاسد ملحق بالصحيح احتياطا
منح
قوله ( ولا اعتداد بحيض طلقت فيه ) أي إذا طلقها في الحيض لا يحسب من العدة لأن ما وجد قبل الطلاق لا يحتسب به منها لعدم التجزي فلو احتسب كمل من الرابعة فوجبت كلها لعدم التجزي أيضا
نهر
قال في الدر المنتقى لو قال بحيض وقعت الفرقة فيه لكان أشمل
مطلب في وطء المعتدة بشبهة قوله ( وإذا وطئت المعتدة ) أي من طلاق أو غيره
در منتقى
وكذا المنكوحة إذا وطئت بشبهة ثم طلقها زوجها كان عليها عدة أخرى وتداخلتا كما في الفتح وغيره
قوله ( بشبهة ) متعلق بقوله وطئت وذلك كالموطوءة للزوج في العدة بعد الثلاث بنكاح وكذا بدونه إذا قال ظننت أنها تحل لي أو بعد ما أبانها بألفاظ الكناية وتمامه في الفتح ومفاده أنه لو وطئها بعد الثلاث في العدة بلا نكاح عالما بحرمتها لا تجب عدة أخرى لأنه زنا
وفي البزازية طلقها ثلاثا ووطئها في العدة مع العلم بالحرمة لا تستأنف العدة بثلاث حيض ويرجمان إذا علما بالحرمة ووجد شرائط الإحصان ولو كان منكرا طلاقها لا تنقضي العدة ولو ادعى الشبهة تستقبل
وجعل في النوازل البائن كالثلاث والصدر لم يجعل الطلاق على مال والخلع كالثلاث وذكر أنه لو خالعها ولو بمال ثم وطئها في العدة عالما بالحرمة تستأنف العدة لكل وطأة وتتداخل العدد إلى أن تنقضي الأولى وبعده تكون الثانية والثالثة عدة الوطء لا الطلاق حتى لا يقع فيها طلاق آخر ولا تجب فيها نفقة اه
وما قاله الصدر هو ظاهر
____________________
(3/518)
ما قدمناه آنفا عن الفتح حيث جعل الوطء بعد الإمانة ألفاظ الكناية من الوطء بشبهة أي لقول بعض الأئمة بأنه لا يقع بها البائن فأورث الخلاف فيها شبهة
قوله ( ولو من المطلق ) أي كما مثلنا آنفا
ثم الأولى أن يقول ولو من غير المطلق لما في الفتح من أن الشافعي وافقنا في أحد قوليه فيما كان الواطىء المطلق اه
فعلم أن غير المطلق هو محل الخلاف فكان المناسب التنصيص عليه ليدخل المطلق بالأولى
وفي الدرر اعلم أن المرأة إذا وجب عليها عدتان فإما أن يكونا من رجلين أو من واحد ففي الثاني لا شك أن العدتين تداخلتا وفي الأول إن كانتا من جنسين كالمتوفي عنها زوجها إذا وطئت بشبهة أو من جنس واحد كالمطلقة إذا تزوجت في عدتها فوطئها الثاني وفرق بينهما تداخلتا عندنا ويكون ما تراه من الحيض محتسبا منهما جميعا وإذا انقضت العدة الأولى ولم تكمل الثانية فعليها إتمام الثانية اه
قوله ( والمرئي منهما الخ ) بيان للتداخل فلو كانت وطئت بعد حيضة من الأولى فعليها حيضتان تكملة الأولى وتحتسب بهما من عدة الثاني فإذا حاضت واحدة بعد ذلك تمت الثانية أيضا
نهر وهذا إذا كان بعد التفريق بينهما وبني الواطىء الثاني أما إذا حاضت حيضة قبله فهي من عدة الأول خاصة
وتمامه في البحر عن الجوهرة
وقال وإذا كان الواطىء هو المطلق فهل يشترط أن يكون بعد التفريق أيضا لم أره صريحا اه
ح
قلت الظاهر أن التفريق حكم العقد الفاسد لرفع شبهته أما الوطء بشبهة بدون عقد فإن الشبهة ترتفع بمجرد العلم بحقيقة الحال والله أعلم
وفي البحر عن الخانية وإذا تمت عدة الأول حل للثاني أن يتزوجها لا لغيره ما لم تتم عدة الثاني بثلاث حيض من حين التفريق وإذا كان طلاق الأول رجعيا كان له أن يراجعها في عدته ولا يطؤها حتى تنقضي عدة الثاني اه ملخصا
وفيه عن الجوهرة ثم إذا تداخلتا والعدة من رجعي فلا نفقة لها على واحد منهما ولو من بائن فنفقتها على الأول والزوجة إذا تزوجت بآخر وفرق بينهما بعد الدخول فلا نفقة لها على زوجها لأنها منعت نفسها في العدة اه
قلت ولعل الفرق في البائن أن المنع بالبينونة لا بالعدة من الثاني بخلاف الرجعي وإنما لم تجب على الواطئ لأن عدتها منه عدة وطء ولا نفقة فيها
تأمل
تنبيه يمكن انقضاء العدتين معا كمعتدة بالأشهر لوفاة وطئت فيها بشبهة وحاضت فيها ثلاثا وانقضاء الثانية قبل الأولى كما لو تمت الحيض قبل تمام أربعة أشهر وعشر ويمكن تأخر الثانية بجملتها عن الأولى كما لو حاضت بعد تمام الأشهر
قوله ( وكذا لو بالأشهر ) كآيسة وطئت بشبهة في خلال عدتها فإنها تتم الثانية بالأشهر أيضا
نهر
قوله ( أو بهما لو معتدة وفاة ) مثاله ما ذكرناه في التنبيه آنفا وكان الأولى أن يزيد أو بوضع الحمل وهو مسألة الحائل الآتية
قوله ( فلو حذف قوله والمرئي منهما ) أي الذي هو قاصر على الحيض
وقد يجاب بأن المراد بالمرئي الحاصل بالعلم لا برؤية البصر ط
قوله ( لعمهما ) أي لعم من تعتد العدتين بالأشهر ومن تعتد بالأشهر للوفاة وبالحيض لوطء الشبهة
قوله ( وعم الحائل لو حبلت ) عطف على لعمهما أي ولعم من تعتد العدتين بوضع الحمل كالحائل بالهمز وهي من لم تكن حبلى فإذا حبلت في العدة تنقضي بوضعه سواء كان من المطلق أو من زنا ومن نكاح فاسد إذا ولدته بعد المتاركة لا قبلها كما قدمناه عن الحاوي الزاهدي
قوله ( إلا معتدة الوفاة الخ ) أفاد أن المراد بالحائل إذا كانت معتدة من طلاق وفسخ بخلاف المعتدة من وفاة فافهم
قال في النهر وفي الخلاصة وكل
____________________
(3/519)
من حملت في عدتها فعدتها أن تضع حملها وفي المتوفي عنها زوجها إذا حملت بعد موت الزوج فعدتها بالشهور اه
وقد مر عن البدائع اه
والذي مر عن البدائع ذكره في النهر عند مسألة عدة الفار وهو الذي كتبناه في عدة الحامل عند قوله أو من زنا حيث قال أما في عدة الوفاة فلا تتغير بالحمل وهو الصحيح أي بل تبقى عدتها أربعة أشهر وعشرا
قوله ( كما مر ) أي عند قول المصنف وللموت أربعة أشهر وعشرا مطلقا حيث قال الشارح هناك فلم يخرج عنها إلا الحامل يعني من مات عنها وهي حامل كما قدمناه
فعلم أن من لم تكن حاملا عند الموت وحبلت بعده فهي داخلة تحت الإطلاق فلا تتغير عدتها بل تبقى بالأشهر ويعلم أيضا من قوله بعده وفيمن حبلت بعد موت الصبي عدة الموت إجماعا لعدم الحمل عند الموت اه
فافهم
لكن الظاهر أن هذا بالنظر إلى الوفاة أما عدة الوطء الذي حصل منه الحمل فلا تنقضي إلا بوضعه إن كان بشبهة لأنه ثابت النسب بخلاف ما لو كان من زنا لأن الزنا لا عدة له أصلا فافهم
قوله ( لأنها أجل ) أي لأن العدة أجل فلا يشترط العلم بمضيه أي بمضي الأجل اه ح
وفي عامة النسخ لأنهما بضمير التثنية أي عدة الطلاق وعدة الموت
قلت وهذا مبني على تعريف البدائع من أن العدة أجل ضرب لانقضاء ما بقي من آثار النكاح وقدمنا ترجيحه
قوله ( فلو طلق ) تفريع على المتن ط
قوله ( من وقت البيان ) لأنه إنشاء من وجه
وبحر
هذه الجملة بمنزلة الاستثاء من قوله ومبدأ العدة بعد الطلاق والموت اه ح
قال في الشرنبلالية قوله وابتداؤها عقيبهما أي عقيب الطلاق والموت يستثنى منه من بين طلاقها فإن عدتها من وقت البيان لا من وقت قوله إحداكما طالق وإن مات قبل البيان لزم كلا منهما عدة الوفاة تستكمل فيها ثلاث حيض كما في البزاز اه
وسيأتي استثناء مسائل أخر في كلامه
قوله ( عدلا ) أي الشاهدان أي زكاهما غيرهما ليصح القضاء بشهادتهما على ما عرف في موضعه
قوله ( من وقت الشهادة ) على حذف مضاف أي من وقت تحمل الشهادة لأن من وقت أدائها فإنهما لو شهدا في المحرم أنه طلقها في شوال كان ابتداء العدة من شوال كما تقدم ح
قلت والظاهر أن يراد وقت الشهادة على ظاهره بناء على أن أداءها حصل وقت التحمل لأنها شهادة حسبة يفسق الشاهد بتأخيرها بلا عذر فلا تقبل كما أشار إليه في البحر
قوله ( بخلاف الخ ) مرتبط بقوله فالعدة من وقت الطلاق
قوله ( فإن الفتوى أنها من وقت الإقرار مطلقا ) أي سواء صدقته أم كذبته أم قالت لا أدري كما يدل عليه السياق
قال في البحر وظاهر كلام محمد في المبسوط وعبارة الكنز اعتبارها من وقت الطلاق إلا أن المتأخرين اختاروا وجوبها من وقت الإقرار حتى لا يحل له التزوج بأختها وأربع سواها زجرا له حيث كتم طلاقها وهو المختار كما في الصغرى اه
ووفق السعدي بحمل كلام محمد على ما إذا كانا متفرقين من الوقت الذي أسند الطلاق إليه أما إذا كانا مجتمعين فالكذب في كلامهما ظاهر فلا يصدقان في الإسناد
قال في البحر وهذا هو التوفيق
____________________
(3/520)
إن شاء الله تعالى
وفي الفتح أن فتوى المتأخرين مخالفة للأئمة الأربعة وجمهور الصحابة والتابعين وحيث كانت مخالفتهم للتهمة فينبغي أن يتحرى به محالها والنالس الذين هم مظانها ولهذا فصل السعدي بما مر اه ملخصا
وأقره في البحر والنهر
قوله ( نفيا لتهمة المواضعة ) أي الموافقة على الطلاق وانقضاء العدة ليصح إقرار المريض لها بالدين أو ليتزوج أختها أو أربعا سواها
فتح
قوله ( لكن الخ ) استدراك على ما قبله حيث سكت فيه عن بيان النفقة والسكنى فإن فيها فرقا بين التصديق والتكذيب وكان الأخصر أن يقول فإنه الفتوى أنها إن كذبته الخ
قوله ( إن وطئها لزمه مهر ثان ) ينبغي تقييده بما إذا كان في عدة ما دون الثلاث أو في عدة الثلاث لكن مع ظنه الحل لما قدمناه عن البزازية أنه لو وطئها في عدة الثلاث مع العلم بالحرمة كان زنا
بقي هل يتكرر المهر بتكرر الوطآت ذكر في البحر في باب المهر عن الخلاصة لو وطىء المعتدة من ثلاث وادعى الشبهة يلزمه مهر واحد أم بكل وطء مهر قيل إن كانت الطلقات الثلاث جملة فظن أنها لم تقع فهو ظن في موضعه فيلزمه مهر واحد وإن ظن أنها تقع لكن ظن أن وطأها حلال فهو ظن في غير موضعه فيلزمه بكل وطء مهر اه تأمل
قوله ( ولا نفقة الخ ) أي إذا كان الزمن الماضي استغرق العدة أما إذا بقي منها شيء تجب النفقة والسكنى فيه ط
قوله ( لقبول قولها على نفسها ) أي في حق نفسها فيسقط ما وجب لها
قال في البحر والحاصل أنها إن كذبته في الإسناد أو قالت لا أدري فمن وقت الإقرار وإن صدقته ففي حقها من وقت الطلاق وفي حق الله تعالى من وقت الإقرار اه
وفيه أن السكنى من حق الله تعالى ومقتضاه لزومها وإن صدقته ط
قلت وليس في عبارة البحر لفظ السكنى بل عبارته ولكن لا نفقة لها ولا كسوة إن صدقته وهكذا في النهر
وأصل المسألة في الخانية كما عزاه الشارح إليها
وعبارتها وفي الفتوى عليها العدة من وقت الإقرار ولا يظهر أثر تطليقها إلا في إبطال النفقة فقد ظهر أن ذكر السكنى في كلام المصنف مستدرك فافهم
قوله ثم أقام معها ) أطلقه فشمل ما إذا وطئها أولا اه
ط قوله ( إن مقرا بطلاقها تنقضي عدتها ) أي يكون ابتداؤها من وقت الطلاق والظاهر أن المراد إقراره به بين الناس لا مجرد إقراره به عندها مع تصديقها له وأن المراد إقراره به من حين التطليق وبه ظهر الفرق بين هذه المسألة ومسألة المتن فإنها مفروضة فيما لو كتم طلاقها ثم أقر به بعد زمان وظهر أيضا عدم مخالفته للتصحيح الآتي عن جواهر الفتاوي من الاعتبار الاشتهار ولا لما سيأتي في الفروع من اعتباره أيضا فافهم
قوله ( فإن اشتهر الخ ) فلو طلقها ثلاثا بعد هذه الطلقة المشتهرة لا تقع الثلاث كما سيأتي في الفروع
قوله ( وكذا لو خالعها ) هو داخل تحت قوله أبانها لكن الإبانة قد تكون بدون علمها بخلاف المخالعة لأنها مفاعلة فأشار إلى أن لا فرق في اشتراط الاشتهار بين كونها عالمة أو لا فافهم
قوله ( وأشهد ) أشار إلى أن الاشتهار لا بد أن يكون بإقراره بين الناس لا بمجرد سماعهم من غيره وإلى أن إقراره عند رجلين يكفي فلا يلزمه الإقرار عند أكثر فإن الشهادة إشهار كما قالوه في النكاح من أن الإعلان الذي قال باشتراطه الإمام مالك يحصل بالشاهدين فافهم
قوله ( وكذا لو كتم طلاقها لم تنقض زجرا ) أي زجرا له عن الكتمان وهذا
____________________
(3/521)
التعليل ذكره في الخانية وتقدم تعليل آخر وهو قوله نفيا لتهمة المواضعة وهو مذكور في الهداية
وذكر هذه المسألة مكرر بما مر في المتن لأنه مفروض فيما لو كتم طلاقها ثم أخبر به بعد زمان كما مر
وفي بعض النسخ ولذا باللام وهي أولى
والحاصل أنه إن كتمه ثم أخبر به بعد مدة فالفتوى على أنه لا يصدق في الإسناد بل تجب العدة من وقت الإقرار سواء صدقته أو كذبته وإن لم يكتمه بل أقر به من وقت وقوعه فإن لم يشتهر بين الناس فكذلك وإن اشتهر بينهم تجب العدة من حين وقوعه وتنقضي إن كان زمانها مضى وهذا إذا لم يكن وطئها بشبهة ظن الحل وإن وجبت بالوطء عدة أخرى وتداخلتا كما مر وكذا كلما وطئها تجب عدة أخرى فلا يحل لها التزوج آخر ما لم تمض عدة الوطء الأخير بخلاف ما إذا كان الوطء بلا شبهة فإنه لا يوجب عدة لتمحضه زنا والزنا لا يوجب عدة كما مر فلها التزوج بآخر كما صرح به في التاترخانية في الفصل الثاني والعشرين من الطلاق أي إذا كان الطلاق مشتهرا ومضت عدته كما علمته وإلا فلا ولحوق الثلاث بعد هذه الطلقة على هذا التفصيل كما سيأتي في الفروع
قوله ( وحينئذ فمبدؤها من وقت الثبوت والظهور ) أي وحين إذ علمت هذا التفصيل الذي ذكرنا حاصله ظهر أن هذه المسائل إذا لم يكن الطلاق فيها مشتهرا يكون مبدأ العدة من وقع الثبوت أي ثبوت الطلاق وظهورة بينهم فقوله والظهور عطف تفسير أي يكون مبدؤها من وقت إقراره به بين الناس فتكون هذه المسائل مستثناة أيضا من قوله ومبدأ العدة بعد الطلاق بخلاف ما إذا كان مشتهرا من الأصل فإنها تكون من وقت الطلاق وقد علمت أن الإقرار في عبارة الخانية بمعنى الإشهار بين الناس من حين التطليق هكذا ينبغي حل هذا المقام فافهم
قوله ( ومبدؤها في النكاح الفاسد بعد التفريق الخ ) وقال زفر من آخر الوطآت لأن الوطء هو السبب الموجب
ولنا أن السبب الموجب للعدة شبهة النكاح ورفع هذه الشبهة بالتفريق ألا ترى أنه لو وطئها قبل التفريق لا يجب الحد وبعده يجب فلا تصير شارعة في العدة ما لم ترتفع الشبهة بالتفريق كما في الكافي وغيره اه
سائحاني
قلت ولم أر من صرح بمبدأ العدة في الوطء بشبهة بلا عقد
وينبغي أن يكون من آخر الوطآت عند زوال الشبهة بأن علم أنها غير زوجته وأنها لا تحل له إذ لا عقد هنا فلم يبق سبب للعدة سوى الوطء المذكور كما يعلم مما ذكرنا والله أعلم
قوله ( بعد التفريق من القاضي ) أي عقبه وهذا إذا كان في زمان يصلح لابتدائها فلا يشكل بما إذا فرق في الحيض فإنه يعتبر ابتداؤها بعده إذ لا بد من ثلاث حيض
أفاده القهستاني
والمراد بالتفريق أن يحكم القاضي به بينهما كما في البحر عن العناية
تأمل
قوله ( وقيده في البحر بحثا الخ ) أقول لو كان مرادهم وجوب الحد إذا كان الوطء بعد العدة لم يبق لذكره فائدة إذ هذا حكم النكاح الصحيح فيعلم منه الفاسد بالأولى وقد نازعه العلامة المقدسي بقوله وقد يقال هذه العدة تخالف غيرها في هذا الحكم لأنها أثر نكاح فاسد كما خالفته في أنها لا تعتد في بيت الزوج اه
وأيضا فقد رده السائحاني بأن هذا البحث وإن تابعه عليه غير واحد فيه غفلة عن فهم تعليل المسألة وهو ما مر في الرد على زفر من ارتفاع الشبهة بالتفريق الخ أي فلم يبق بعد التفريق ما يندرئ به الحد
ورده الرحمتي أيضا بما حاصله أن درء الحد قبل التفريق بشبهة العقد والعدة بعده تكون شبهة الشبهة وهي غير معتبرة بخلاف عدة الثلاث في النكاح الصحيح إذا ظن الحل فإنها شبهة الفعل لأنها محبوسة في بيته ونفقته دارة عليها
وهنا لا نفقة ولا احتباس اه
____________________
(3/522)
قلت لكن يشكل عليه ما صرح به في البحر وغيره من أنه لو تزوج فاسدا أخت امرأته تحرم عليه امرأته إلى انقضاء عدة وهذا يدل على بقاء أثر هذا النكاح بالنسبة إليه
وقد يجاب بأن بقاء أثره بالعدة لا يمنع كون وطئه فيها زنا به كما لو وطئ معتدته من الثلاث عالما بحرمتها فإنه زنا يحد به مع بقاء أثر النكاح قطعا
قوله ( من الزوج ) قيد به لأن ظاهر كلامهم أنها لا تكون من المرأة
قال في البحر ورجحنا في باب المهر أنها تكون من المرأة أيضا ولذا ذكر مسكين من صورها أن تقول فارقتك اه
ورجحه باتفاقهم على أن لكل منهما فسخ هذا النكاح والفسخ متاركة اه
قال في النهر وقدمنا ما يدفعه اه أي ذكر هناك أن المتاركة في معنى الطلاق فيختص بها الزوج اه
ورده الخير الرملي بأنه لا طلاق في النكاح الفاسد وتقدم تمامه هناك وأن المقدسي تابع البحر
قوله ( ونحوه ) بالنصب عطف على قوله تركتك أي كخليت سبيلك أو فارقتك
قوله ( ومنه ) أي من النحو أو من الإظهار
قوله ( لا مجرد العزم ) بالرفع عطفا على الطلاق أو بالجر عطفا على إظهار العزم قصد به التنبيه على ما في الكنز وغيره من قوله أو العزم على ترك وطئها وأنه على تقدير مضاف أي إظهار العزم كماعبر المصنف تبعا لابن كمال لما في العناية أن العزم أمر باطن لا يطلع عليه وله دليل ظاهر وهو الإخبار به
قوله ( وإلا فيكفي تفرق الأبدان ) أي مع العزم على تركها
قال في البحر من المهر وأما غير المدخول بها فتتحقق المتاركة بالقول وبالترك على بعضهم وهو تركها على قصد أن لا يعود إليها وعند البعض لا تكون المتاركة إلا بالقول فيهما
قوله ( والخلوة في النكاح الفاسد ) أي سواء كانت صحيحة أو فاسدة ح
وفيه أنها لا تكون إلا فاسدة لأنه ممنوع شرعا عن وطئها كالخلوة بالحائض لكن المراد فسادها بغير فساد النكاح بأن كان ثم مانع آخر
قوله ( لا توجب العدة ) أي ولا المهر وإنما يجبان بحقيقة الوطء
قوله ( ولا تعتد في بيت الزوج ) لأنها في حال قيام العقد لا حق له عليها في احتباسها في بيته فبعده أولى لكن سيأتي في الفصل الآتي خلافه فما هنا أحد قولين ويأتي تمامه
تتمة ذكر في البحر أنه قدم في النكاح الفاسد من باب المهر أن المراد بهذه العدة عدة المتاركة فلا عدة عليها بموته إلا الحيض بعد الدخول وأنه لا حداد ولا نفقة فيها وأنه تحرم عليه امرأته لو تزوج أختها فاسدا إلى انقضاء العدة وأن وجوبها في القضاء
أما في الديانة لو علمت أنها حاضت بعد آخر وطء ثلاثا حل لها التزوج بلا تفريق ونحوه وأن الأرجح عدم اشتراط علمها بالمتاركة
قوله ( قالت مضت عدتي الخ ) اعلم أن انقضاء العدة لا ينحصر في إخبارها بل يكون به وبالفعل بأن تزوجت بآخر بعد مدة تنقضي في مثلها العدة فلو قالت بعده لم تنقض لم تصدق لأن الإقدام عليه دليل الإقرار
بحر عن البدائع
قوله ( وكذبها الزوج ) وأما إذا ادعى هو مضي عدتها وكذبته فسيأتي آخر الفروع
قوله ( قبل قولها مع حلفها ) أي لو كانت مرضعا لأنه يتصور من بعضهن كما في الأنقروي سائحاني
قوله ( ثم لو بالشهور الخ ) شروع في بيان أدنى ما تحتمله المدة
قوله ( فالمقدر المذكور ) أي إذا كانت ممن تعتد بالشهور فلا بد من مضي المقدر شرعا المذكور فيما مر وهو ثلاثة أشهر للحرة ونصفها للأمة
قوله ( ستون يوما )
____________________
(3/523)
فيجعل كأنه طلقها في الطهر بعد الوطء ويؤخذ لها أقل الطهر خمسة عشر لأنه لا غاية الأكثره وأوسط الحيض خمسة لأن اجتماع أقلهما نادر فثلاثة أطهار بخمسة وأربعين وثلاث حيض بخمسة عشر فصارت ستين وهذا على تخريج محمد لقول الإمام وعلى تخريج الحسن له يجعل كأنه طلقها في آخر الطهر احترازا عن تطويل العدة عليها ويؤخذ لها أقل الطهر وأكثر الحيض ليعتدلا فطهران بثلاثين يوما وثلاث حيض بثلاثين أيضا
وعندهما أقل مدة تصدق فيها الحرة تسعة وثلاثون يوما ثلاث حيض بتسعة أيام وطهران بثلاين
أفاده ط
قوله ( ولأمة أربعون ) هذا على تخريج محمد طهران بثلاثين وحيضتان بعشرة وعلى تخريج الحسن خمسة وثلاثون يوما طهر بخمسة عشر وحيضتان بعشرين ط
وفي بعض نسخ البحر أنه على رواية الحسن ثلاثون وصوابه خمسة وثلاثون كما في البدائع وغيرها
قوله ( ما لم تدع السقط ) غاية لاشتراط المدة المذكورة في الحرة والأمة
قال ط والمراد السقط الذي ظهر بعض خلقه ولا بد من مدة يحتمل فيها ظهور ذلك اه أي فلو نكحها ثم طلقها بعد شهر مثلا لا يقبل قولها لأنه لا يستبين بعض خلقه قبل أربعة أشهر كما تقدم وأشار إلى أنها لو ادعت انقضاء العدة ولم تقر بسقط لا تصدق وقيل تصدق لاحتماله
قال في النهر والظاهر الأول
وقال الرملي والثاني ضعيف كما تقدم في باب الرجعة فراجعه اه
قوله ( كما مر في الرجعة ) حيث قال هناك ثم إنما تعتبر المدة لو بالحيض لا بالسقط وله تحليفها أنه مستبين الخلق ولو بالولادة لم تقبل إلا ببينة ولو حرة
فتح اه
فال في البحر وفيه نظر فقد صرحوا في باب ثبوت النسب أن عدتها تنقضي بإقرارها بوضع الحمل وأن توقف الولادة على البينة إنما هو لأجل ثبوت النسب
قوله ( وما لم يكن ) عطف على ما لم تدع
قوله ( معلقا بولادتها ) مثله ما لو أوقعه عقب الولادة بلا فاصل ط
قوله ( فيضم ) بالبناء للفاعل وضميره عائد إلى الأمام وقوله خمسة وعشرين مفعوله وفي نسخة وعشرون بالرفع على أن يضم مبني للمفعول
قوله ( كما مر في الحيض ) حيث قال ولا حد لأقله أي النفاس إلا إذا احتيج إليه لعدة كقوله إذا ولدت فأنت طالق فقالت مضت عدتي فقدره الإمام بخمسة وعشرين يوما مع ثلاث حيض والثاني بأحد عشر والثالث بساعة اه
قلت وعليه فإذا طلقت عقب الولادة فلا بد من مضي خمسة وعشرين للنفاس ثم تعتد بستين يوما كما مر فأقل مدة تصدق فيها عنده خمسة وثمانون وهذا على تخريج محمد لقول الإمام
وعلى تخريج الحسن أقل المدة مائة يوم بتقدير النفاس وطهره أربعين
وعلى قول الثاني أقلها خمسة وستون إذ لا بد من مضي أحد عشر يوما للنفاس ثم تطهر خمسة عشر يوما ثم تعتد بتسعة وثلاثين
وعلى قول محمد أقلها أربعة وخمسون يوما وساعة فلا بد من مضي ساعة للنفاس وخمسة عشر للطهر ثم تسعة وثلاثين وتقدم تمامه في الحيض
قوله ( معتدته ) أي من طلاق بائن غير ثلاث
در منتقى لأنها لو كانت معتدته من رجع فالعقد الثاني رجعة ولو من ثلاث لم تحل له قبل زوج آخر
قوله ( ولو من فاسد ) بأن تزوجها فاسد ودخل بها ففرق بينهما ثم تزوجها صحيحا في العدة أما عكسها بأن تزوجها أو صحيحا ثم طلقها بعد الدخول فتزوجها في العدة فاسدا فلا مهر ولا استئناف عدة بل عليها إتمام العدة الأولى بالاتفاق لأنه لا يتمكن من الوطء في النكاح الفاسد فلا يجعل واطئا حكما لعدم إمكان الحقيقة ولذا لا تجب عدة ولا مهر بالخلوة في الفاسد
أفاده في البحر
قوله ( ولو حكما ) أي ولو كان الوطء حكما وهو الخلوة والمعنى
____________________
(3/524)
قبل الوطء والخلوة ح
قوله ( لأنها مقبوضة في يده الخ ) أي فينوب عن القبض المستحق بالعقد الثاني كالغاصب إذا اشترى المغصوب الذي في يده يصير قابضا بمجرد العقد فكان طلاقا بعد الدخول
لا يقال الطلاق بعد الدخول يملك به الرجعة ولا رجعة له هنا لأنه لا يلزم من إقامته مقام الوطء في العقد الثاني في حق المهر والعدة أن يقوم مقامه في حق الرجعة كالخلوة أقيمت مقام الوطء في حقهما ولم تقم ملك الرجعة وتمامه في المنح
قلت وأيضا فإن الطلاق الأول بائن كما صرحوا به فكيف يملك الرجعة في عدته وإن كان الثاني رجعيا
قوله ( وهذه إحدى المسائل العشر ) وهي لو تزوج معتدته من نكاح صحيح أو معتدته من فاسد فهذه ثنتان مر بيانهما
ثالثها تزوج معتدته وهو مريض وطلقها قبل الدخول فيكون فارا
رابعها فرق بينهما بعدم الكفاءة بعد الدخول فنكحها في العدة وفرق بينهما أيضا قبل الدخول
خامسها تزوج صغيرة أو أمة ودخل بها ثم أبانها ثم تزوجها في العدة فبلغت أو عتقت فاختارت نفسها قبل الدخول
سادسها تزوج الصغيرة أو الأمة فاختارت نفسها بالبلوغ أو العتق بعد الدخول ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول
سابعها تزوج معتدته فارتدت قبل الدخول
وباقي الصور وقع في البحر مكررا بل الصورتان الأوليتان واحدة فهي في الحقيقة ستة فافهم
مطلب الدخول في النكاح الأول دخول في الثاني في مسائل قوله ( على أن الدخول في النكاح الأول دخول في الثاني ) هذا عندهما
وعند محمد وزفر لا يكون دخولا في الثاني فلا عدة مبتدأة ويجب نصف المهر لكن عند محمد يجب تكميل العدة الأولى
وعند زفر لا يجب اه ح أي فتحل للزواج فيصلح حيلة لإسقاط عدة المحلل بأن يطلقها بعد الدخول ثم يعقد عليها يطلقها قبل الدخول فتحل للأول بلا عدة
قوله ( أبطله المصنف بما يطول ) نقل ح عبارة المصنف بطولها
وحاصلها أنه قال وقد يقع كثيرا في ديارنا العمل بقول زفر عن بعض القضاة الذين لا خوف لهم طمعا في تحصيل الحطام الفاني
قال الكمال في فتحه وما قاله زفر فاسد لاستلزامه إبطال المقصود من شرعيتها وهو عدم اشتباه الأنساب ومع ذلك هو مجتهد فيه بل صرح في جامع الفصولين بأنه لو قضى به قاض نفذ قضاؤه لأن للاجتهاد فيه مساغا وهو موافق لصريح قوله تعالى { ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } الأحزاب 49 اه
والوجه عندي في هذا الزمان عدم نفاذه لأنه إنما يقع لأخذ المال بمقابلته كما هو المعهود من قضاة زماننا
وقد سئل شيخنا شيخ الإسلام الكرخي عما يفعله بعض القضاة من الأخذ بقول زفر بعدم العدة فقال قال بعض المحققين إن ما قاله زفر فاسد
وذكر بعض العلماء عن زفر أنه يوافق المشايخ الثلاثة في عدم حل الوطء للأول قبل العدة وإن صح نكاحه إذ لا يلزم من صحته حل الوطء لكن المشهور عن زفر الأول وهو الذي يفعله
____________________
(3/525)
قضاة زماننا لأكثر الله تعالى منهم فيزوجون في حالة الطلاق قبل الاستئجال ولا ينظرون إلى ما نص عليه علماؤنا من أن القاضي إذا ارتشى في حادثة لا ينفذ حكمه فيها والمقلد إذا خالف إمامه في مسألة لا ينفذ حكمه فيها على الأصح ومراد من قال بنفاذ حكم القاضي في هذه المسألة القاضي المجتهد كما نص عليه المحققون
قال الشيخ حافظ الدين لإخفاء إن علم قضاتنا ليس بشبهة فضلا عن الحجة
قاله عن قضاة زمانه وبلاده فكيف اليوم وأكثرهم جاهلون نعوذ بالله تعالى من الجراءة على أحكام الله تعالى بلا علم
وليس للقاضي المقلد إلا اتباع مشهور المذهب ولا سيما الذي يقول له السلطان وليتك القضاء على مذهب فلان وقد عمل المتأخرون بقول زفر في مسائل معروفة لموافقتها الدليل والعرف وأعرضوا عن هذه لما فيها من خطر الشبهة لاختلاف الأنساب ولقد صحبت العلماء العاملين الأكابر قريبا من سبعين سنة فلم أر أحدا منهم أفتى بها ولا حكم بها ولا سمعته عنهم فجزاهم الله تعالى خيرا وقدس أرواحهم حيث اجتنبوا ما يريب واستمسكوا بما لا يريب اه
قوله ( إلا إن نص السلطان الخ ) فيه نظر لاقتضائه أن مخالفة القاضي مشهور المذهب تصح إذا نص له السلطان مع أن قدمنا في هذا الباب ما مر أول الكتاب من أن الحكم والفتيا بالقول المرجوح جهل وخرق للإجماع
تأمل
قوله ( طلقها ذمي ) احترز به عن المسلم كما يأتي
قوله ( لم تعتد عند أبي حنيفة ) فلو تزوجها مسلم أو ذمي في فور طلاقها جاز كما في فتح القدير
بحر
قلت والفرق بين هذه وبين ما إذا كان زوجها مسلما حيث تعتد ما أفاده بقوله لأنها حقه ومعتقده أي أن العدة إنما تجب حقا للزوج فإذا كان كافرا لا يعتقدها لا تجب له وإن تزوجها مسلم بخلاف ما إذا كان الزوج مسلما فتجب لأجل حقه واعتقاده وإن تزوجها ذمي مثلها وكان لا يعتقدها وبه سقط ما بحثه في النهر من باب نكاح الكافر من أنه ينبغي أن لا يختلف في وجوبها لنفسه لتحصين مائة ولا يعتقد وجوبها لكافر لأنه إنما يعتقد ما ثبت عند مجتهده نعم ذكر في الخانية هناك الذمي إذا أبان امرأته الذمية فتزوجها مسلم أو ذمي من ساعته ذكر بعض المشايخ أنه يجوز نكاحها ولا يباح له وطؤها حتى يستبرئها بحيضة في قول أبي حنيفة وفي قول صاحبية نكاحها باطل حتى تعتد بثلاث حيض
قوله ( لأنا أمرنا بتركهم وما يعتقدون ) فحيث لم يعتقدوها حقا لأنفسهم لا نلزمهم بها أي أمرنا بتركهم ومعتقدهم فما مصدرية والمصدر المنسبك في محل نصب على أنه مفعول
قوله ( وقيد الولوالجي
الخ ) قال في البحر بعد نقله وأطلقه في الهداية معللا بأن في بطنها ولدا ثابت النسب
وعن الإمام يصح العقد عليها ولا يطؤها كالحامل من الزنا والأول أصح اه
ما في الهداية
قوله ( اتفاقا ) أي بين الإمام وصاحبيه وقوله مطلقا أي سواء كانت حائلا أو حاملا
منح
وسواء اعتقدتها هي أو لا
قوله ( لأن المسلم يعتقده ) أي يعتقد لزوم الاعتداد من نكاحه فكانت حق آدمي فتخاطب به الذمية وإن كان فيها حق الله تعالى
قوله ( والحربي ملحق بالجماد ) حتى كان محلا للتملك
هداية أي والجماد لا يراعي حقه وإن اعتقدها
قوله ( لا لأنها معتدة الخ ) المذكور في حاشية العلامة نوح على الدرر
____________________
(3/526)
أنها معتدة بلا خلاف فلا يجوز نكاحها ما لم تضع لأن في بطنها ولدا ثابت النسب فيمنع التزوج كحمل أم الولد تمنع المولى من تزويجها لأن الولد إذا كان ثابت النسب كان الفراش قائما فنكاحها يستلزم الجمع بين الفراشين اه مخلصا فافهم
وروى عنه أنها في حكم الحبلى أي من الزنا وهو اختيار الكرخي قهستاني
قوله ( كحربية الخ ) بخلاف ما إذا هاجر الزوج مسلما أو ذميا أو مستأمنا ثم صار مسلما أو ذميا وتركها فإنه لا عدة عليها هناك إجماعا حتى جاز له تزوج أختها أو أربع سواها كما دخل دارنا لعدم تبليغ الأحكام لها ثمة لا لأنها غير مخاطبة بالعدة لأنها حق الآدمي فتخاطب بها
فتح قوله ( خرجت إلينا ) في نكاح الهداية والمضمرات وغيرهما أن الخروج ليس بشرط لأنهم قالوا لو أسلمت في دار الحرب ومضى ثلاث حيض بانت منه ولا عدة عليها عنده خلافا لهما
قهستاني
قوله ( إلا الحامل لما مر ) أي من أن في بطنها ولدا ثابت النسب
قوله ( ووطئها ) أي المتزوج وهو معنى قوله ودخل بها لكنه لماكان موجودا في نسخ المتن المجردة وقد أسقطه المصنف من النسخة التي شرح عليها علم أن المصنف عول على عدم ذكره فذكر الشارح قوله ووطئها لأنه لا بد من هذا القيد
تأمل
قوله ( ولهذا ) أي لكونه لا عدة عليها وقوله لأنه زنا علة للعلة فتكون علة للمعلول أيضا بواسطة ولو قدم العلة الثانية على الأولى لكان أولى
قوله ( والمزني بها لا تحرم على زوجها ) فله وطئها بلا استبراء عندهما
وقال محمد لا أحب له أن يطأها ما لم يستبرئها كما في فصل المحرمات
قوله ( لا يقربها زوجها ) أي يحرم عليه وطئها حتى تحيض وتطهر كما صرح به شارح الوهبانية وهذا يمنع من حمله على قول محمد لأنه يقول بالاستحباب كذا قاله المصنف في المنح في فصل المحرمات وقدمنا عنه أن ما في شرح الوهبانية ذكره في النتف وهو ضعيف إلا أن يحمل على ما إذا وطئها بشبهة اه فافهم
قوله ( فليحفظ لغرابته ) أمر بحفظه لا ليعتمد بل ليجتنب بقرينة قوله لغرابته فإن المشهور في المذهب أن ماء الزنا لا حرمة له لقوله للذي شكا إليه امرأته إنها لا تدفع يد لامس طلقها فقال إني أحبها وهي جميلة فقال له استمتع بها
وأما قوله فلا يسقي ماءه زرع غيره فهو وإن كان واردا عنه لكن المراد وطء الحبلى لأنه قبل الحبل لا يكون زرعا بل ماء مسفوحا ولهذا قالوا لو تزوج حبلى من زنا لا يقربها حتى تضع لئلا يسقي زرع غيره لأن به يزداد سمع الولد وبصره حدة
فقد ظهر بما قررناه الفرق بين جواز وطء الزوجة إذا رآها تزني وبين عدم جواز وطء التي تزوجها وهي حبلى من زنا فاغتنمه
قوله ( لو عالمة راضية ) فإن لم تكن عالمة بأن راجعها وهي لا تشعر أو أكرهها على النكاح لم تكن ناشزة لأنها لم تقصد منع نفسها عن الأول
أفاده ط
قوله ( كما مر ) أي في شرح قول المصنف الموطوء بشبهة
____________________
(3/527)
وقد أطال هناك على ما هنا ط
قوله ( أدخلت منيه ) أي مني زوجها من غير خلوة ولا دخول أما لو أدخلت مني غيره فقد قدمناه في الموطوءة بشبهة
قوله ( في البحر بحثا نعم ) حيث قال ولم أر حكم ما إذا وطئها في دبرها أو أدخلت منيه في فرجها ثم طلقها من غير إيلاج في قبلها
وفي تحرير الشافعية وجوبها فيهما ولا بد أن يحكم على أهل المذهب به في الثاني لأن إدخال المني يحتاج إلى تعرف براءة الرحم أكثر من مجرد الإيلاج اه يعني وأما في الأول فلا لأن الوطء في الدبر إن كان في الخلوة فالعدة تجب بالخلوة وإن كان بغير خلوة فلا حاجة إلى تعرف البراءة لأنه سفح الماء في غير محل الحرث فلا يكون مظنة العلوق
قوله ( وفي النهر الخ ) حيث قال أقول ينبغي أن يقال إن ظهر حملها كان عدتها وضع الحمل وإلا فلا عدة عليها اه
واعترضه بعض الأفاضل بأنا الانتظار إلى ظهور الحمل وعدمه هو العدة التي فررت منها وإن جوزت تزوجها بعد إدخال المني احتجت إلى نقل اه
أقول سنذكر في الاستيلاد عن البحر عن المحيط ما نصه إذا عالج الرجل جاريته فيما دون الفرج فأنزل فأخذت الجارية ماءه في شيء فاستدخلته فرجها في حدثان ذلك فعلقت الجارية وولدت فالولد ولده والجارية أو ولد له اه
فهذا الفرع يؤيد بحث صاحب البحر اه ح
قلت ويؤيده أيضا إثباتهم العدة بخلوة المجبوب وما ذاك إلا لتوهم العلوق منه بسحقه
قوله ( ومضى سبعة أشهر ) لعل الأولى تسعة بتقديم التاء على السين ليكون إشارة إلى ما مر نظما عن الإمام مالك من أن ممتدة الطهر تنقضي عدتها بتسعة أشهر فالمعنى أنه لم يصح ما لم تحض وإن مضى تسعة أشهر
تأمل
قوله ( لم يصح الخ ) هذا ظاهر إذا صدقها الزوج في أنها لم تحض وإلا فالقول له لما قدمناه عن البدائع عند قوله قالت مضت عدتي ومثله ما قدمناه في الرجعة عن البزازية من أن المطلقة لو قالت للثاني تزوجتني في العدة إن كان بين الطلاق والنكاح أقل من شهرين صدقت عنده وفسد النكاح وإن أكثر لا وصح النكاح لأن الإقدام على النكاح إقرار بمضي العدة
قوله ( لأن من لا تحيض لا تحبل ) أي فلما حبلت تبين أنها من أهل الحيض فلا تنقضي عدتها إلا بثلاث حيض
قوله ( فلو مضيها معلوما عند الناس ) أي بأن كان أقر وقت الطلاق به وأشهره بينهم ومضت مدة يمكن فيها انقضاء العدة تنقضي وإن كان مقيما معها لأن إقامته معها بعد اشتهار الطلاق لا تمنع مضيها في الصحيح كما قدمه عن جواهر الفتاوى لكن إذا وطئها عالما بالحرمة بلا شبهة كان زنا فلا تجب عدة أخرى ولو كان الوطء يشبهة وجب لكل وطء عدة أخرى وتداخلت مع التي قبلها فلا يحل تزوجها بغيره قبل انقضاء العدة من الوطء الأخير ولو طلقها ثلاثا بعد انقضاء عدة الطلاق الأول لم تقع وإن كانت في عدة الوطء كما قدمناه عن البزازية وبه ظهر جواب حادثة الفتوى في رجل أبان زوجته بلفظ الحرام فاستفتى شافعيا فأفتاه بأنه رجعي وأقام معها مدة ثم أبانها كذلك فراجعها له شافعي أيضا ومضت مدة طويلة أيضا ثم أبانها أيضا كذلك فأفتاه شافعي بكفارة يمين ثم طلقها الآن ثلاثا وكان مقرا بالثلاث الأول واشتهرت بين الناس وكان كل واحد بعد انقضاء عدة الذي قبله ومقتضى ما مر أنه لا يقع عليه سوى طلقة واحدة وهي الأولى حيث كانت
____________________
(3/528)
مشهورة وهو مقر بها ومضت عدتها فلا تقع الثانية ولا ما بعدها وإن وطئها في تلك العدة لأنه وطء شبهة كما علمته والله سبحانه وتعالى أعلم
قوله ( لم يقبل ) أي لأن العدة من هذه الطلقة لا تنقضي ما لم يكن الطلاق مشتهرا كما علمته ولو كان مشتهرا لتمسك به قبل الحكم عليه بالثلاث لأنه مانع من صحة الحكم بها فعدوله عن ذلك إلى إنكار الثلاث دليل على كذبه فلا يقبل منه فلا ينافي قولهم إن الدفع بعد الحكم صحيح هذا ما ظهر لي
قوله ( على يد ثقة ) هذا غير قيد كما في الولوالجية
مطلب في المنعي إليها زوجها وفي جامع الفصولين أخبرها واحد بموت زوجها أو بردته أو بتطليقها حل لها التزوج ولو سمع من هذا الرجل آخر له أن يشهد لأنه من باب الدين فيثبت بخبر الواحد بخلاف النكاح والنسب
أخبرها عدل أو غير عدل فأتاها بكتاب من زوجها بطلاق ولا تدري أنه كتابه أو لا إلا أن أكبر رأيها أنه حق فلا بأس بالتزوج اه
وتقدم قبيل الإيلاء ما يفيد أن هذا في الديانة
ثم رأيت بخط السائحاني عن جامع الفتاوى شهد اثنان أن الغائب طلق زوجته لا تقبل في حق الحكم بطلاق الغائب وتقبل في حق سكوت الحاكم في أنها تعتد وتتزوج بآخر اه
وحاصله أنه يسوغ للحاكم السكوت لأنه أمر ديني لا إثبات الطلاق لأنه حكم على غائب فلا يصح
ويظهر أن ابتداء العدة من وقت وقوع الطلاق لا من وقت الإخبار لأنه غير مقيم معها فلا تهمة وقوله فلا بأس يفيد أن الأولى عدمه
وفي البحر أخبرها رجل وآخر بحياته فإن شهد أنه عاين موته أو جنازته وهو عدل وسعها أن تعتد وتتزوج ما لم يؤرخا وتاريخ الحياة متأخر
ولو تزوجت وأخبرها جماعة بأنه حي إن صدقت الأول صح النكاح
قوله ( لا بأس أن ينكحها ) في الخانية قالت ارتد زوجي بعد النكاح وسعه أن يعتمد على خبرها ويتزوجها وإن أخبرت بالحرمة بأمر عارض بعد النكاح من رضاع طارئ أو نحو ذلك فإن كانت ثقة أو لم تكن ووقع في قلبه صدقها فلا بأس بأن يتزوجها إلا لو قالت كان نكاحي فاسدا أو كان زوجي على غير الإسلام لأنها أخبرت بأمر مستنكر اه أي لأن الأصل صحة النكاح
سائحاني قوله ( لو شكت ) أي التي أتاها خبر موت زوجها
قوله ( وفيه عن المحيط ) صوابه عن الفتح وعبارته هكذا وفي فتح القدير إذا قال الزوج أخبرتني بأن عدتها انقضت فإن كانت في مدة لا تنقضي في مثلها لا يقبل قوله ولا قولها إلا أن تبين ما هو محتمل من إسقاط سقط مستبين الخلق فحينئذ يقبل قولها ولو كان في مدة تحتمله فكذبته لم تسقط نفقتها وله أن يتزوج بأختها لأنه أمر ديني يقبل قوله فيه اه
____________________
(3/529)
فالحاصل أنه يعمل بخبريهما بقدر الإمكان بخبره فيما هو حقه وحق الشرع وبخبرها في حقها من وجوب النقة والسكنى اه
والمسألة مفروضة في الاختلاف مع زوجها الذي طلقها
قوله ( ثبت نسبه ) أي لأن حقها في النسب أصلي كحق الولد لأنها تعير بولد لا أب له فلم يقبل قوله ولا ينفذ نكاح أختها لأنه صار مكذبا في خبره شرعا بخلاف القضاء بالنفقة لأنه بتصور استحقاق النفقة لغير العدة فكأنه وجبت في حقها بسبب العدة وفي حقه بسبب آخر فإن تزوج أختها ومات فالميراث للأخت وقيل إن قال هذا في الصحة فالميراث للأخت وإلا فللمعتدة فإذا قضي به للمعتدة قيل يفسد نكاح الأخت والأصح لا يتصور استحقاق الميراث بغير الزوجية فنزل منزلة استحقاق النفقة
بحر عن المحيط ملخصا
وحاصله مسألتان إحداهما لو ولدت التي أقر بانقضاء عدتها وثبت نسب الولد يفسد نكاح أختها لأنه صار مكذبا شرعا
ثانيتهما لو أقر بذلك ثم تزوج أختها فمات ترثه الأخت دون المعتدة وقيل هذا لو أقر في صحته
فلو في مرضه صار فارا فترثه المعتدة وإذا ورثته فالأصح أنه لا يفسد نكاح أختها إذ لا يلزم من إرثها كونه بطريق الزوجية حتى يفسد نكاح الأخت لتصوره بطريق آخر وبه علم أن في كلام الشارح اختصارا مخلا
وصواب التعبير أن يقول ولو مات ترثه الأخت وقيل المعتدة إن قال ذلك في مرضه ولم يفسد نكاح أختها في الأصح ولو ولدت لأكثر من نصف حول ثبت نسبه وفسد نكاح أختها والله سبحانه وتعالى أعلم
فصل في الحداد لما ذكر نفس وجوب العدة وكيفية وجوبها أخذ يذكر ما وجب فيها على المعتدات فإنه في المرتبة الثانية من أصل وجوبها
فتح قوله ( جاء من باب أعد ومد وفر ) أي أنه جاء من المزيدومن المجرد الذي كنصر أو كضرب
قال في المصباح أحدت المرأة إحدادا فهي محد ومحدة إذا تركت الزينة لموته وحدت تحد وتحد حدادا بالكسر فهي حاد بغيرها وأنكر الأصمعي الثلاثي فاقتصر على الرباعي اه
ولذا قدمه الشارح
قوله ( وروى بالجيم ) أي من جددت الشيء قطعته فكأنها انقطعت عن الزينة وما كانت عليه
نهر
قوله ( ترك الزينة للعدة ) أي مطلقا ولو من رجعي أو كانت كافرة أو صغيرة فيكون أعم من الشرعي ط
قوله ( ونحوها ) كالطبيب والدهي والكحل ط
( تحد ) أو وجوبا كما في البحر
قوله ( بضم الحاء ) يعني وفتح التاء عن باب مد اه ح
قوله ( وكسرها ) يعني وفتح التاء فيكون من باب فر أو ضمها فيكون من باب أعد اه ح
قوله ( مكلفة ) أي بالغة عاقلة ويأتي محترزه ومحترز باقي القيود
قوله ( مسلمة ) شمل من أسلمت في العدة فتحد فيما بقي منها
جوهرة
قوله ( ولو أمة ) لأنها مكلفة بحقوق الشرع ما لم يفت به حق العبد
بحر
والحاصل أن الحداد لا يفوت حق المولى لأنها محرمة عليه في العدة بخلاف اعتدادها في بيت الزوج كما يأتي
قوله ( منكوحة ) بالرفع نعت لمكلفة ح
قوله ( ودخل بها ) هذا القيد صحيح بالنسبة لمعتدة البت أما
____________________
(3/530)
معتدة الموت فيجب عليها العدة ولو كانت غير مدخولة فيجب فيها الحداد فكان الصواب إسقاط هذا القيد فإن لفظ معتدة يغني عنه اه ح
قوله ( إذا كانت معتدة بت ) من البت وهو القطع أي المبتوت طلاقها وهي المطلقة ثلاثا أو واحدة بائنة والفرقة بخيار الجب والعنة ونحوهما
نهر
قوله ( لأنه حق الشرع ) أي فلا يملك العبد إسقاطه ولأن هذه الأشياء دواعي الرغبة وهي ممنوعة عن النكاح فتجتنبها لئلا تصير ذريعة إلى الوقوع في المحرم
هداية ط
قوله ( بترك الزينة ) متعلق بتحد والباء للآلة المعنوية لأن الترك عدمي أو للتصوير أو للسببية أو للملابسة لأن في تحد معنى تتأسف أو لأن الحد في الأصل المنع فلا يرد أن فيه ملابسة الشيء لنفسه
قوله ( بحلي ) أي بجمع أنواعه من فضة وذهب وجواهر
بحر
قال القهستاني والزينة ما تتزين به المرأة من حلي أو كحل كما في الكشاف فقد استدرك ما بعده ويؤيده ما في قاضيخان المعتدة تجتنب عن كل زينة نحو الخضاب ولبس المطيب اه
وأجاب في النهر بأن ما بعده تفصيل لذلك الإجمال
قلت فيه أن هذا التفصيل غير موف بالمقصود فالأظهر أنه أراد بالزينة نوعا منها وهو ما ذكره الشارح من الحلي والحرير لأنه قوامها وغيره خفي بالنسبة إليه فعطفه عليها
قوله ( أو حرير ) أي بجمع أنواعه وألوانه ولو أسود
بحر قوله ولو أسود أشار به إلى خلاف مالك حيث قال يباح لها الحرير الأسود كما في الفتح وبه علم أنه لا يصح استثناء الأسود كما وقع في الدر المنتقى عن البهنسي فإنه ليس مذهبنا فافهم
قوله ( بضيق الأسنان ) فلها الامتشاط بأسنان المشط الواسعة ذكره في المبسوط وبحث فيه في الفتح لكن يأتي عن الجوهرة تقييده بالعذر
قوله ( والطيب ) أي استعماله في البدن أو الثوب
قهستاني وأعم منه قوله في البحر والفتح فلا تحضر عمله ولا تتجر فيه
قوله ( والدهن ) بالفتح والضم والأول مصدر والثاني اسم وقوله ولو بلا طيب يؤيد إرادة اسم العين لكن يحتمل أن يكون المعنى ولو بلا استعمال طيب فافهم
قوله ( كزيت خالص ) أي من الطيب وكالشيرج والسمن وغير ذلك لأنه يلين الشعر فيكون زينة
زيلعي
وبه ظهر أن الممنوع استعماله على وجه يكون فيه زينة فلا تمنع من مسه بيد لعصر أو بيع أو أكل كما أفاده الرحمتي
قوله ( والكحل ) بالفتح والضم كما مر في الدهن
والظاهر أن المراد به ما تحصل به الزينة كالأسود ونحوه بخلاف الأبيض ما لم يكن مطيبا
قوله ( ولبس المعصفر والمزعفر الخ ) أي لبس الثوب المصبوغ بالعصفر والزعفران والمراد بالثوب ما كان جديدا تقع به الزينة وإلا فلا بأس به لأنه لا يقصد به إلا ستر العورة والأحكام تبتني على المقاصد كما في المحيط
قهستاني
قوله ( ومصبوغ بمغرة أو ورس ) المغرة الطين الأحمر بفتحتين والتسكين لغة تخفيف
والورس نبت أصفر يزرع باليمن ويصبغ به قيل هو صنف من الكركم وقيل يشبهه
مصباح
قال الزيلعي ولا يحل لبس الممشق وهو المصبوغ بالمشق وهو المغرة
وذكر في الغاية أن لبس العصب مكروه وهو ثوب موشى يعمل في اليمن وقيل ضرب من برود اليمن ينسج أبيض ثم يصبغ اه
وفي المغرب لأنه يعصب غزله ثم يصبغ ثم يحاك
وفي المصباح المشق وزان حمل المغرة وقالوا ثوب ممشق بالتثقيل والفتح والعصب بالعين والصاد المهملتين مثل فلس
قلت ووقع في كافي الحاكم ولا ثوب قصب بالقاف
وفي المصباح القصب ثياب من كتان ناعمة واحدها
____________________
(3/531)
قصب على النسبة
قوله ( راجع للجميع ) فإن كان وجع بالعين فتكتحل أو حكة فتلبس الحرير أو تشتكي رأسها فتدهن وتمشط بالأسنان الغليظة المتباعدة من غير إرادة الزينة لأن هذا تداو لا زينة
جوهرة
قال في الفتح وفي الكافي إلا إذا لم يكن لها ثوب إلا المصبوغ فإنه لا بأس به لضرورة ستر العورة لكن لا تقصد الزينة وينبغي بتقييده بقدر ما تستحدث ثوبا غيره إما ببيعه والاستخلاف بثمنه أو من مالها إن كان لها اه
قلت وقيد بعض الشافعية الاكتحال للعذر بكونه ليلا ثم تنزعه نهارا كما ورد في الحديث وأخرج الحديث في الفتح أيضا ولم أر من قيد بذلك من علمائنا وكأنه معلوم من قاعدة إن الضرورة تتقدر بقدرها لكن إن كفاها الليل أو النهار اقتصرت على الليل ولا تعكس لأن الليل أخفى لزينة الكحل وهو محمل الحديث والله سبحانه أعلم
قوله ( ولا بأس بأسود ) في الفتح ويباح لها لبس الأسود عند الأئمة الأربعة وجعله الظاهرية كالأحمر والأخضر اه
وعلل الزيلعي جوازه بأنه لا يقصد به الزينة
قلت والمراد الأسود من غير الحرير خلافا لمالك كما مر
قوله ( وأزرق ) ذكره في النهر بحثا وهو ظاهر إلا إذا كان براقا صافي اللون كما نص عليه الشافعي لأن الغالب فيه حينئذ قصد الزينة
قوله ( ومعصفر خلق الخ ) في البحر ويستثنى من المعصفر والمزعفر الخلق الذي لا رائحة له فإنه جائز كما في الهداية اه
فافهم
قال الرحمتي والمراد بما لا رائحة له ما لم تحصل به الزينة لأنها المانع لا الرائحة بخلاف المحرم ألا يرى منع المغرة ولا رائحة لها اه
قلت وأعم منه قول الزيلعي وذكر الحلواني أن المراد بالثياب المذكورة الجديد منها أما لو كان خلقا لا تقع فيه الزينة فلا بأس به اه
ومثله ما مر عن القهستاني
وفي القاموس خلق الثوب كنصر وكرم وسمع خلوقة وخلقا محركة بلي
تنبيه مقتضى اقتصارهم على منعها مما مر أن الإحداد خاص بالبدل فلا تمنع من تجميل فراش وأثاث بيت وجلوس على حرير كما نص عليه الشافعية
ونقل في المعراج أن عند الأئمة الثلاثة لها أن تدخل الحمام وتغسل رأسها بالخطمي والسدر اه
ولم يذكر حكمه عندنا
قال في البحر واقتصار المصنف على ترك ما ذكر يفيد جواز دخول الحمام لها
قوله ( لا حداد ) أي واجب كما في الزيلعي
قوله ( على سبعة الخ ) شروع في محترزات القيود المارة ويزاد ثامنة وهي المطلقة قبل الدخول محترز قوله إذا كانت معتدة
قوله ( كافرة وصغيرة ومجنونة ) لكن لو أسلمت الكافرة في العدة لزمها الإحداد فيا بقي منها كما مر عن الجوهرة وكذا ينبغي أن يقال في الصغيرة والمجنونة إذا بلغت وأفاقت كما في البحر وإنما لزمت العدة عليهن دون الإحداد لأنه حق الله تعالى كما مر ولا بد فيه من خطاب التكليف لأن اللبس والتطيب فعل حسي محكوم بحرمته بخلاف العدة فإنها من ربط المسببات بالأسباب على معنى أنه عند البينونة يثبت شرعا عدم صحة نكاحهن في مدة معينة فهو حكم للعدم فلا يتوقف على خطاب التكليف كما أوضحه في الفتح فافهم
قوله ( ومعتدة عتق ) هي أم الولد التي أعتقها مولاها ومثلها التي مات عنها مولاها فإنها عتقت بموته
ولما كان في دخولها خفاء صرح بها الشارح وسكت عن الأولى لظهورها فافهم
قوله ( أو وطء بشبهة ) محترز قوله منكوحة فكان المناسب ذكره مع معتدة العتق ح
قوله ( أو طلاق رجعي )
____________________
(3/532)
كان المناسب أن يزيد معه المطلقة قبل الدخول فإنهما خرجتا بقوله معتدة بت
أفاده ح
قوله ( ويباح الحداد الخ ) أي للحديث الصحيح لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث إلا على زوجها فإنها تحد أربعة أشهر وعشرا فدل على حله في الثلاث دون ما فوقها وعليه حمل إطلاق محمد في النوادر عدم الحل كما أفاده في الفتح
وفي البحر عن التاترخانية أنه يستحب لها تركه أي تركه أصلا
قوله ( وللزوج منعها الخ ) عبارة الفتح وينبغي أنها لو أرادت أن تحد على قرابة ثلاثة أيام ولها زوج له أن يمنعها لأن الزينة حقه حتى كان له أن يضربها على تركها إذا امتنعت وهو يريدها وهذا الإحداد مباح لها لا واجب وبه يفوت حقه اه
وأقره في البحر
قال في النهر ومقتضى الحديث أنه ليس له ذلك والمذكور في كتب الشافعية أن له ذلك وقواعدنا لا تأباه وحينئذ فيحمل الحل في الحديث على عدم منعه اه
أي بأن يقال إن الحل المفهوم من الحديث محمول على ما إذا لم يمنعها زوجها لأن كل حل ثبت لشيء يقيد بعدم المانع منه وإلا فلا يحل كما هنا
ولما كان بحث الفتح داخلا تحت قولهم له ضربها على ترك الزينة كان بحثا موافقا للمنقول وأقره عليه بعده فلذا جزم به الشارح وليس البحث لصاحب النهر فقط فافهم
قوله ( وينبغي حل الزيادة الخ ) فيه نظر فإن صريح الحديث المدكور نفي الحل فوق ثلاث وإذا قيد الحل في الثلاث الثابت في الحديث بما إذا رضي لا يلزم منه أن يكون رضاه مبيحا ما ثبت عدم حله وهو الإحداد فوق الثلاث كما لا يخفى
وقال الرحمتي الحديث مطلق وقد حمله أمهات المؤمنين على إطلاقه فدعت أم حبيبة بالطيب بعد موت أبيها بثلاث وكذلك زينب بعد موت أخيها وقالت كل منهما مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله يقول لا يحل لامرأة الخ كيف وقد أطلق محمد عدم حل الإحداد لمن مات أبوها أو بابنها وقال إنما هو في الزوج خاصة اه
قوله ( وفي التاترخانية الخ ) عبارتها سأل أبو الفضل عن المرأة يموت زوجها أو أبوها أو غيرهما من الأقارب فتصبغ ثوبها أسود فتلبسه شهرين أو ثلاثة أو أربعة تأسفا على الميت أتعذر في ذلك فقال لا
وسأل عنها علي بن أحمد فقال لا تعذر وهي آثمة إلا الزوجة في حق زوجها فإنها تعذر إلى ثلاثة أيام اه
قوله ( وظاهره منعها من السواد الخ ) أي فيقيد به إطلاق ما مر من أنه لا بأس بأسود
وأجاب ط
بحمل ما هنا على صبغه لأجل التأسف ولبسه وما مر على ما كان مصبوغا أسود قبل موت الزوج لتتوافق عباراتهم لكن ينافيه إباحته في الثلاث
تأمل
قوله ( وفي النهر ) هو بحث سبقه إليه في البحر أخذا من عبارة الجوهرة كما قدمناه في الكافرة
قوله ( ونكاح فاسد ) فتحرم خطبتها لأن الظاهر أنها حيث رضيت به بالنكاح الفاسد ترضى به بالنكاح الصحيح
قوله ( وأما الخالية ) أي من نكاح وعدة
قوله ( إذا لم يخطبها غيره وترضى به الخ ) نقله في البحر عن الشافعية وقال ولم أره لأصحابنا وأصله الحديث الصحيح لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه وقيدوه بأن لا يأذن له اه أي بأن لا يأذن الخاطب الأول وهو منقول عندنا فقد قال الرملي وفي الذخيرة كما نهى عن الاستيام
____________________
(3/533)
على سوم الغير نهى عن الخطبة على خطبة الغيرة والمراد من ذلك أن يركن قلب المرأة إلى خاطبها الأول كذا في التاترخانية في باب الكراهية فافهم اه
قوله ( فلو سكتت فقولان ) أي للشافعية
قال الخير الرملي وقولهم لا ينسب إلى ساكت قول يقتضي ترجيح الجواز اه
قلت هذا ظاهر إذا لم يعلم ركون قلبها إلى الأول بقرائن الأحوال وإلا فيكون بمنزلة التصريح بالرضا
قوله ( بالكسر وتضم ) لكن الضم مختص بالموعظة والكسر بطلب المرأة
قهستاني
نعم الضم في المعنى الثاني غريب كما في النهر
قوله ( وصح التعريض ) خلاف التصريح
قال القهستاني والتحقيق أن التعريض هو أن يقصد من اللفظ معناه حقيقة أو مجازا أو كناية ومن السياق معناه معرضا به فالموضوع له والمعرض به كلاهما مقصودان لكن لم يستعمل اللفظ في المعرض به كقول السائل جئتك لأسلم عليك فيقصد من اللفظ السلام ومن السياق طلب شيء
قوله ( كأريد التزوج ) وأخرج البيهقي عن سعيد بن جبير إلا أن تقولوا قولا معروفا قال يقول إني فيك لراغب وإني لأرجو أن نجتمع وليس في هذا تصريح بالتزويج والنكاح ونحوه إنك لجميلة أو صالحة
فتح
وفيه رد على ما في البدائع من أنه لا يقول أرجو أن نجتمع وإنك لجميلة إذ لا يحل لأحد أن يشافه أجنبية به اه
ووجه الرد أن هذا تفسير مأثور وأقره مشايخ المذهب كصاحب الهداية وغيره
ووجهه أنه من التعريض المأذون فيه لإرادة التزوج ومنعه هو الممنوع فإنه لو خاطب أجنبية بصريح التزوج والنكاح على وجه الخطبة يجوز حيث لا مانع منه فالتعريض أولى نعم يمنع خطابها بما ذكر إذا لم يكن في معرض الخطبة وليس الكلام فيه فافهم
قوله ( لا المطلقة إجماعا الخ ) نقله في البحر والنهر عن المعراج وشمل المطلقة البائن وبه صرح الزيلعي
وفي الفتح أن التعريض لا يجوز في المطلقة بالإجماع فإنه لا يجوز لها الخروج من منزلها أصلا فلا يتمكن من التعريض على وجه لا يخفي على الناس ولإفضائه إلى عداوة المطلق اه
وينافي نقل الإجماع ما في الاختيار حيث قال ما نصه وهذا كله في المبتوتة والمتوفي عنها زوجها أما المطلقة الرجعية فلا يجوز التصريح ولا التلويح لأن نكاح الأول قائم اه
قوله ( ومفاده ) أي مفاد التعليل حيث قيد بعداوة المطلق والضمير في جوازه للتعريض وبه يفرق بين الخطبة والتعريض ط أي لما قدمه الشارح أنه لا يجوز خطبة معتدة عتق ونكاح فاسد
قوله ( لكن في القهستاني الخ ) عبارته هكذا ولم يوجد نص في معتدة عتق ومعتدة وطء بالشبهة وفرقة ونكاح فاسد وينبغي أن يعرض للأوليين بخلاف الأخريين
ففي الظهيرية لا يجوز خروجهما من البيت بخلاف الأوليين
وفي المضمرات أن بناء التعريض على الخروج اه
وحاصله أن الأوليين أي معتدة العتق ومعتدة وطء الشبهة يجوز أن يعرض لهما لجواز خروجهما من بيت العدة بخلاف معتدة الفرقة أي الفسخ ومعتدة النكاح الفاسد فلا يجوز التعريض لهما لعدم جواز خروجهما فإن جواز التعريض مبني على جواز الخروج إذا لا يتمكن من التعريض لمن لا تخرج لكن نص في كافي الحاكم على جواز خروج معتدة العتق والنكاح الفاسد نعم يشكل ذلك في معتدة العتق فإنك علمت مما مر تعليل حرمة التعريض بإفضائه إلى عداوة المطلق ومعتدة العتق فيها ذلك فإن سيدها الذي أعتقها وهي أم ولده إذا كان مراده
____________________
(3/534)
تزوجها من نفسه يعادي من نازعه في ذلك أكثر إلا أن يريد بمعتدة العتق التي مات عنها سيدها فلا يشكل لكونها معتدة وفاة
هذا وقد سقطت معتدة العتق من نسخة القهستاني التي وقعت للمحشي فحمل كلامه على غير المراد فافهم
قوله ( بأي فرقة كانت الخ ) أي ولو بمعصية كتقبيلها ابن زوجها
بحر عن البدائع قال في النهر قيد بمعتدة الطلاق لأن معتدة الوطء لا تمنع من الخروج كالمعتدة عن عتق ونكاح فاسد ووطء بشبهة إلا إذا منعها لتحصين مائه كذا في البدائع
وفي الظهيرية خلافه حيث قال سائر وجوه الفرق التي توجب العدة من النكاح الصحيح والفاسد سواء يعني في حق حرمة الخروج من بيتها وحكى فتوى الأزوجندي أنها لا تعتد في بيت الزوج اه
والضمير في أنها للمنكوحة فاسدا لأنه لا ملك له عليها
بحر أي لأن النكاح الفاسد لا يفيد المنع من الخروج قبل التفريق فكذا بعده وسيذكر الشارح آخر الفصل حكاية الخلاف مع إفادة التوفيق المستفاد من كلام البدائع ويأتي تمامه
قوله ( في الأصح ) لأنها هي التي اختارت إبطال حقها فلا يبطل به حق عليها كما في الزيلعي ومقابله ما قيل إنها تخرج نهارا لأنها قد تحتاج كالمتوفي عنها
مطلب الحق أن على المفتي أن ينظر في خصوص الوقائع قال في الفتح والحق أن على المفتي أن ينظر في خصوص الوقائع فإن علم في واقعة عجز هذه المختلعة عن المعيشة إن لم تخرج أفتاها بالحل وإن علم قدرتها أفتاها بالحرمة اه
وأقره في النهر والشرنبلالية
قوله ( أو على السكنى ) قال الزيلعي فكان كما اختلعت على أن لا سكنى لها فإن مؤنة السكنى تسقط عن الزوج يلزمها أن تكتري بيت الزوج ولا يحل لها أن تخرج منه اه
ومثله في الفتح أي لأن سكناها في بيته واجبة عليها شرعا فلا تملك إسقاطها بل تسقط مؤنتها
وظاهره أنه لا يلزم التصريح بمؤنة السكنى بل مجرد الخلع على السكنى مسقط لمؤنتها كما نبهنا عليه في باب الخلع
تأمل
قوله ( لو حرة ) أما غيرها فلها الخروج في عدة الطلاق والوفاة إذ لا يلزمها المقام في منزل زوجها في حال النكاح فكذا بعده لأن الخدمة حق المولى فلا يجوز إبطالها إلا إذا بوأها منزلا فحينئذ لا تخرج وله الرجوع ولو بوأها في النكاح ثم طلقت فللزوج منعها من الخروج حتى يطلبها المولى كما في البحر
قوله ( أو أمة مبوأة ) أي أسكنها المولى في بيت زوجها ولم يطلبها كما علمت
قوله ( ولو من فاسد ) أي ولو كانت العدة من نكاح فاسد وهذا مستفاد من قوله بأي فرقة كانت كما بيناه ح
قوله ( مكلفة ) أخرج الصغيرة والمجنونة والكافرة
ففي البحر عن البدائع أما الأوليان فلا يتعلق بهما شيء من أحكام التكاليف وأما الكتابية فلأنها غير مخاطبة بحق الشرع ولكن للزوج منع المجنونة والكتابية صيانة مائة كذا إذا أسلم زوج المجوسية وأبت الإسلام اه
وفيه عن المعراج وشرح النقاية المراهقة كالبالغة في المنع من الخروج وكالكتابية في عدم وجوب الإحداد اه أي لاحتمال علوقها منه قبل الطلاق فله منعها تحصينا لمائه
قوله ( من بيتها ) متعلق بقوله ولا تخرج والمراد به ما يضاف إليها بالسكنى حال وقوع الفرقة والموت
هداية
سواء كان مملوكا للزوج أو غيره حتى لو كان غائبا وهي في دار بأجرة قادرة على دفعها فليس لها أن تخرج بل تدفع وترجع إن كان بإذن الحاكم
بحر وزيلعي
قوله ( أصلاا ) تعميم لقوله لا تخرج وبينه بقوله لا ليلا ولا نهارا
قوله ( فيها منازل لغيره ) أي غير الزوج بخلاف ما إذا كانت له فإن لها أن تخرج إليها وتبيت في أي منزل شاءت لأنها تضاف إليها بالسكنى
زيلعي
قوله ( ولو بإذنه ) تعميم أيضا لقوله ولا تخرج حتى أن المطلقة رجعيا وإن كانت منكوحة حكما لا تخرج من بيت العدة
____________________
(3/535)
ولو بإذنه لأن الحرمة بعد العدة حق الله تعالى فلا يملكان إبطاله بخلاف ما قبلها لأنها حق الزوج فيملك إبطاله
بحر
قوله ( بخلاف نحو أمة ) أراد بالأمة القنة وبنحوها المدبرة وأم الولد والمكاتبة والمراد إذا لم تكن مبوأة لأن الخدمة حق المولى كما مر وعدم الخروج حق الله تعالى فيقدم حق العبد لاحتياجه
قوله ( في الجديدين ) أي الليل والنهار فإنهما يتجددان دائما ط
قوله ( لأن نفقتها عليها ) أي لم تسقط باختيارها بخلاف المختلعة كما مر وهذا بيان للفرق بين معتدة الموت ومعتدة والطلاق
قال في الهداية وأما المتوفي عنها زوجها فلأنه لا نفقة لها فتحتاج إلى الخروج نهارا لطلب المعاش وقد يمتد إلى أن يهجم الليل ولا كذلك المطلقة لأن النفقة دارة عليها من مال زوجها اه
قال في الفتح والحاصل أن مدار حل خروجها بسبب قيام شغل المعيشة فيتقدر بقدره فمتى انقضت حاجتها لا يحل لها بعد ذلك صرف الزمان خارج بيتها اه
وبهذا اندفع قول البحر إن الظاهر من كلامهم جواز خروج المعتدة عن وفاة نهارا ولو كان عندها نفقة وإلا لقالوا لا تخرج المعتدة عن طلاق أو موت إلا لضرورة فإن المطلقة تخرج للضرورة ليلا أو نهارا اه
ووجه الدفع أن معتدة الموت لما كانت في العادة محتاجة إلى الخروج لأجل أن تكتسب للنفقة قالوا إنها تخرج في النهار وبعض الليل بخلاف المطلقة
وأما الخروج للضرورة فلا فرق فيه بينهما كما نصوا عليه فيما يأتي فالمراد به هنا غير الضرورة ولهذا بعد ما أطلق في كافي الحاكم منع خروج المطلقة قال والمتوفي عنها زوجها تخرج بالنهار لحاجتها ولا تبيت في غير منزلها فهذا صريح في الفرق بينهما نعم عبارة المتون يوهم ظاهرها ما قاله في البحر فلو قيدوا خروجها بالحاجة كما فعل في الكافي لكان أظهر
قوله ( وجوز في القنية الخ ) قال في النهر ولا بد أن يقيد ذلك بأن تبيت في بيت زوجها
قوله ( أي معتدة طلاق موت ) قال في الجوهرة هذا إذا كان الطلاق رجعيا فلو بائنا فلا بد من سترة إلا أن يكون فاسقا فإنها تخرج اه
فأفاد أن مطلقة الرجعي لا تخرج ولا تجب سترة ولو فاسقا لقيام الزوجية بينهما ولأن غايته أنه إذا وطئها صار مراجعا
قوله ( في بيت وجبت فيه ) هو ما يضاف إليهما بالسكنى قبل الفرقة ولو غير بيت الزوج كما مر آنفا وشمل بيوت الأخبية كما في الشرنبلالية
قوله ( ولا يخرجان ) بالبناء للفاعل والمناسب تخرجان بالتاء الفوقية لأنه مثنى المؤنث الغائب
أفاده ط
قوله ( إلا أن تخرج ) الأولى الإتيان بضمير التثنية فيه وفيما بعده ط وشمل إخراج الزوج ظلما أو صاحب المنزل لعدم قدرتها على الكراء أو الوارث إذا كان نصيبها من البيت لا يكفيها
بحر أي لا يكفيها إذا قسمته لأنه لا يجبر على سكناها معه إذا طلب القسمة أو المهايأة ولو كان نصيبها يزيد على كفايتها
قوله ( أو لا تجد كراء البيت ) أفاد أنها لو قدرت عليه لزمها من مالها وترجع به المطلقة على الزوج إن كان بإذن الحاكم كما مر
قوله ( ونحو ذلك ) منه ما في الظهيرية لو خافت بالليل من أمر الميت والموت ولا أحد معها لها التحول والخوف شديدا وإلا فلا
قوله ( فتخرج ) أي معتدة الوفاة
____________________
(3/536)
كما دل عليه ما بعده ط
قوله ( وفي الطلاق الخ ) عطف على محذوف تقديره هذا في الوفاة ط وتعيين المنزل الثاني للزوج في الطلاق ولها في الوفاة
فتح
وكذا إذا طلقها وهو غائب فالتعيين لها
معراج
وفيه أيضا عين انتقالها إلى أقرب مفوض إليها فافهم وحكم ما انتقلت إليه حكم المسكن الأصلي فلا تخرج منه
بحر
قوله ( فليحرر ) أقول الذي رأيته في نسختي المجتبى اشترت من الشراء ويؤيده أنه في المجتبى قال اشترت من الأجانب وأولاده الكبار اه
إذ لا يجب عليها الاستتار من أولاد زوجها لكن رأيت في كافي الحاكم ما نصه وإذا طلقها زوجها وليس لها إلا بيت واحد فينبغي أن يجعل بينه وبينها حجابا وكذلك في الوفاة إذا كان له أولاد رجال من غيرها فجعلوا بينهم وبينها سترا أقامت وإلا انتقلت اه
وأنت خبير بأن هذا نص ظاهر الرواية فوجب المصير إليه ولعل وجهه خشية الفتنة حيث كانوا رجالا معها في بيت واحد وإن كانوا محارم لها بكونهم أولاد زوجها كما قالوا بكراهة الخلوة بالصهرة الشابة
وفي البحر عن المعراج وذلك حكم السترة إذا مات زوجها وله أولاد كبار أجانب اه
فسماهم أجانب لما قلنا وهذا مؤيد لنسخة الشارح
ولا ينافيه أن فرض المسألة في المجتبى أن نصيبها لا يكفيها فإذا كان لا يكفيها فكيف تؤمر بالمكث فيه مع الاستتار لأن المراد أنه لا يكفيها بأن تختلي فيها وحدها ولذا فرض المسألة في الكافي كما مر في البيت الواحد ثم إن قول الكافي وإلا انتقلت يدل على أنه لا يلزمها الشراء ومثله ما في النهر عن الخانية وغيرها لو كان في الورثة من ليس محرما لها وحصتها لا تكفيها فلها أن تخرج وإن لم يخرجوها اه
فهذا أيضا مؤيد لنسخة الشارح وبهذا التقرير سقط تحامل المحشين كلهم على الشارح فافهم
قوله ( ولا بد من سترة بينهما في البائن ) وفي الموت تستتر عن سائر الورثة ممن ليس بمحرم لها
هندية
وظاهره أن لا سترة في الرجعي وقول المصنف الآتي ومطلقة الرجعي كالبائن يفيد طلب السترة فيه أيضا ويؤيده ما تقدم في باب الرجعة أنه لا يدخل على مطلقة إلا أن يؤذنها ثم الظاهر ندب السترة فيه لكونها ليست أجنبية ويحرر ط
قلت وقدمنا عن الجوهرة ما يفيد عدم لزوم السترة في الرجعي ولو الزوج فاسقا لقيام الزوجية وإعلامها بالدخول لئلا يصير مراجعا وهو لا يريدها فلا يستلزم وجوب السترة بعد الدخول نعم لا مانع من ندبها
قوله ( ومفاده أن الحائل الثالث ) أي مفاد التعليل أن الحائل يمنع الخلوة المحرمة
ويمكن أن يقال في الأجنبية كذلك وإن لم تكن معتدته إلا أن يوجد نقل بخلافه
بحر قوله ( أو كان الزوج فاسقا ) لأنه إنما اكتفى بالحائل لأن الزوج يعتقد الحرمة فلا يقدم على المحرم إلا أن يكون فاسقا
فتح
قوله ( ومفاده ) أي مفاد التعليل بوجوب مكثها وجوب الحكم به أي بخروجه عنها وقولهم وخروجه أولى لعل المراد أنه أرجح كما يقال إذا تعارض محرم ومبيح فالمحرم أولى أو أرجح فإنه يراد الوجوب
فتح
قوله ( وحسن ) أي إذا كان فاسقا ولم يخرج يحسن أن يجعل الخ
قوله ( امرأة ثقة ) لا يقال إن المرأة على أصلكم لا تصلح للحيلولة حتى لم تجيزوا للمرأة السفر مع نساء ثقات وقلتم بانضمام غيرها تزداد الفتنة
لأنا نقول تصلح للحيلولة في البلد لبقاء الاستحياء من العشيرة وإمكان الاستغاثة
____________________
(3/537)
بخلاف المفاوز
زيلعي
وأفاد أن معنى قدرتها على الحيلولة إمكان الاستغاثة
قوله ( ترزق من بيت المال ) لأنها مشغولة تمنع الزوج حقا لله تعالى احتياطا لأمر الفروج فكانت نفقتها في ما له تعالى ذحيرة من النفقات
قوله ( وفي المجتبى الخ ) حيث قال والأفضل أن يحال بينهما في البيتوتة بستر إلا أن يكون فاسقا فيحال بامرأة ثقة وإن تعذر فلتخرج هي وخروجه أولى اه
ملخصا
وفيه مخالفة لما مر فإن السترة لا بد منها كما عبر المصنف تبعا للهداية وهو الظاهر لحرمة الخلوة بالأجنبية
قوله ( وسئل شيخ الإسلام ) حيث أطلقوه ينصرف إلى بكر المشهور بخواهر زاده وكأنه أراد بنقل هذا تخصيص ما نقله عن المجتبى بما إذا كانت السكنى معها لحاجة كوجود أولاد يخشى ضياعهم لو سكنوا معه أو معها أو كونهما كبيرين لا يجدهو من يعوله ولا هي من يشتري لها أو نحو ذلك والظاهر أن التقييد بكون سنهما ستين سنة وبوجود الأولاد مبني على كونه كان كذلك في حادثة السؤال كما أفاده ط
قوله ( رجعت ) سواء كانت في مصر أو غيره وهذا إذا كان المقصد مدة سفر
بحر أي فيجب الرجوع لئلا تصير مسافرة في العدة بلا محرم بخلاف ما إذا لم يكن بينهما وبين المقصد مدة سفر فإنها تخير على إحدى الروايتين لعدم السفر فافهم
قوله ( ولو بين مصرها الخ ) هذه عكس المسألة الأولى
قوله ( مضت ) أي إلى المقصد لأن في رجوعها إنشاء سفر
قوله ( وإن كانت تلك الخ ) هذه مسألة ثالثة وفي حكمها عكسها وهو ما إذا لم يكن مدة سفر من الجانبين فتخير والرجوع أحمد وهذا على ما في الكافي أما على ما في النهاية وغيرها فيتعين الرجوع كما في البحر ولم يرجح أحدهما على الآخر ويظهر لي أرجحية الثاني لأن فيه قطع السفر وهو أولى من إتمامه إلا إذا لزم من قطعه إنشاء سفر آخر كما في المسألة الثانية
ثم رأيت صاحب الفتح قال إنه الأوجه وإنه مقتضى إطلاق صاحب الهداية الرجوع في المسألة الأولى أي حيث لم يقيدها بما قيده في البحر
قوله ( ولا يعتبر ما في ميمنة وميسرة ) أو من الأمصار أو القرى لأنه ليس وطنا ولا مقصدا ففي اعتباره إضرار بها
قوله ( في الصورتين ) أي صورة تعيين الرجوع وصورة التخيير
قوله ( لتعتد الخ ) لأنهما حيث تساويا في مدة السفر كان في العود مرجح وهو حصول الواجب الأصلي فكان أولى وإنما لم يجب لعدم التوصل إليه إلا بمسيرة سفر
قوله ( ولكن إن مرت ) أي في المضي أو العود
بحر
والأنسب في التعبير أن يقول وإن كانت في مصر تعتد ثمة ليكون مقابلا لقوله وإن كانت في مفازة ثم يقول وكذا إن مرت بما يصلح الإقامة فتأمل ط
قوله ( وبينه ) أي بين ما مرت به مما يصلح للإقامة وبين مقصدها الذي كانت ذاهبة إليه وانظر ما فائدة هذه الزيادة لأن فرض المسألة المرور على ذلك في رجوعها إلى مصرها أو مضيها وبين الجانبين مدة سفر ثم راجعت
____________________
(3/538)
النهر فلم أرها فيه
قوله ( أو كانت ) أي حين الطلاق أو الموت
قوله ( تصلح للإقامة ) بأن تأمن فيها على نفسها ومالها وتجد ما تحتاجه
قوله ( وليس للزوج الخ ) أي ليس له إذا طلقها في منزلها أن يسافر بها
قوله ( في محفة ) بكسر الميم مركب النساء كالهودج
قاموس
قوله ( مع زوجها ) أي حالة كونها معه في المحفة أو الخيمة فلو قدم الظرف على المجرور لكان أولى وعبارة البحر عن الظهيرية طلقها بالبادية وهي معه في محفة أو خيمة والزوج ينتقل من موضع الخ
قلت والظاهر أن هذا إذا لم يمكن انفرادها في المحفة أو الخيمة عنه ولا عمل ساتر بينهما
قال الرحمتي فإن كان فاسقا يجب أن يحال بينهما بامرأة ثقة قادرة على الحيلولة والله أعلم
قوله ( ولا عن رجعي )
تقدم للكمال في الرجعة عد السفر رجعة ط
قوله ( فيما مر ) أي من أحكام الطلاق في السفر هكذا يفهم من كلامهم
قوله ( بخلاف المبانة ) فإنها ترجع أو تمضي مع من شاءت لارتفاع النكاح بينهما فصار أجنبيا
زيلعي
قوله ( طلب من القاضي الخ ) علم هذا مما مر متنا
قوله ( فلها السكنى ) لأنها حق الشرع لا النفقة لأن الفرقة جاءت بمعصيتها ط
قوله ( مر عن البزازية خلافه ) أي مر في باب العدة قبيل قول المصنف قالت مضت عدتي الخ حيث قال هناك ولا تعتد في بيت الزوج بزازية اه
فافهم
لكن هذا موافق لما في المجتبى لا مخالف فكان المناسب أن يقوم مر عن الظهيرية خلافه أي مر في هذا الفصل عند قول المصنف ولا تخرج معتدة رجعي وبائن حيث قال الشارح بأي فرقة كانت على ما في الظهيرية وقدمنا عبارتها هناك ومنها حكاية ما في البزازية عن الأوزجندي
قوله ( لكن في البدائع الخ ) كأنه أراد بهذا الاستدراك رفع التنافي بين النصين بحمل جواز الخروج على عدم منع الزوج وعدم الخروج على المنع فتأمل اه ح
قلت لكن ينبغي تقييده بما إذا لم يكن لها زوج لأن حق زوجها مقدم ويؤيده ما في كافي الحاكم وليس على أم الولد في عدتها من سيدها ولا عن المعتدة من نكاح فاسد اتقاء شيء من ذلك
ولهما أن تخرجا وتبيتا في غير منازلهما ألا ترى أن امرأة رجل لو تزوجت ودخل بها الزوج ثم فرق بينهما وردت إلى زوجها الأول كان لها أن تتشوق إلى زوجها الأول وتتزين له وعليها عدة الآخر ثلاث حيض اه
والله سبحانه أعلم
____________________
(3/539)
فصل في ثبوت النسب أي في بيان ما يثبت النسب فيه
قال في النهر لما فرغ من ذكر أنواع المعتدات ذكر ما يلزم من اعتداد ذوات الحمل وهو ثبوت النسب وهو مصدر نسبه إلى أبيه
قوله ( لخبر عائشة ) هو ما أخرجه الدارقطني والبيهقي في سننهما أنها قالت ما تزيد المرأة في الحمل على سنتين قدر ما يتحول ظل عمود المغزل وفي لفظ لا يكون الحمل أكثر من سنتين الخ وتمامه في الفتح
قال في البحر وظل المغزل مثل للقلة لأنه حال الدوران أسرع زوالا من سائر الظلال
قوله ( أربع سنين ) لما روى الدارقطني عن مالك بن أنس قال هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة كل بطن في أربع سنين
ولا يخفي أن قول عائشة رضي الله تعالى عنها مما لا يعرف إلا سماعا فهو مقدم على هذا لأنه بعد صحة نسبته إلى الشارع لا يتطرق إليه الخطأ بخلاف الحكاية فإنها بعد صحة نسبتها إلى مالك يحتمل خطؤها وكون دمها انقطع أربع سنين ثم جاءت بولد فيجوز أنها امتد طهرها سنتين أو أكثر ثم حبلت ولو وجدت حركة في البطن مثلا فليس قطعا في الحمل وتمامه في الفتح
قوله ( ولو بالأشهر لإياسها ) أي لظن إياسها لأنه تبين بولادتها أنها لم تكن آيسة
ط
عن أبي السعود
قلت وهذا تعميم للمعتدة أي لا فرق بين المعتدة بالحيض أو بالأشهر في البائن والرجعي إذا لم تقر بانقضاء العدة وإن أقرت بانقضائها مفسرا بثلاثة أشهر فكذلك لأنه تبين أن عدتها لم تكن بالأشهر فلم يصح إقرارها وإن أقرت به مطلقا في مدة تصلح لثلاثة أقراء فإن ولدت لأقل من ستة أشهر مذ أقرت ثبت النسب وإلا فلا لأنه لما بطل اليأس حمل إقرارها على الانقضاء بالأقراء حملا لكلامها على الصحة عند الإمكان اه
من البدائع ملخصا
واختصره في البحر اختصارا مخلا
قوله ( وفاسد النكاح في ذلك كصحيحه ) فيه نظر فإنه لا يلائم قولهم إذا أتت به لتمام السنتين أ ولأكثر منهما كان رجعة لأن الوطء في عدة النكاح الفاسد لا يوجب الرجعة فتأمل ح
وأجاب ط بأن الإشارة في قوله ذلك لثبوت النسب لا للرجعة
قال ثم إن محل ثبوت النسب فيه إذا أتت به لاقل من سنتين من وقت المفارقة لا لأكثر منهما ويحرر الحكم فيما إذا أتت به لتمامها اه
وقدمنا في باب المهر تمام الكلام عليه
قوله ( والمدة تحتمله ) أي تحتمل المضي وهذا القيد لمفهوم المتن لا لمنطوقه لأن عدم إقرارها بمضي العدة فيما إذا ولدته لأكثر من سنتين لا يصح تقييده باحتمال المضي
وعبارة الفتح وغيره ما لم تقر بانقضاء العدة فإن أقرت بانقضائها والمدة تحتمله بأن تكون ستين يوما على قول الإمام وتسعة وثلاثين على قولهما ثم جاءت بولد لا يثبت نسبه إلا إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار فإنه يثبت نسبه للتيقن بقيام الحمل وقت الإقرار فيظهر كذبها وكذا هذا في المطلقة البائنة والمتوفي عنها إذا ادعت انقضاءها ثم جاءت بولد لتمام ستة أشهر لا يثبت نسبه ولأقل يثبت اه
قوله ( في الأكثر منهما ) أي من
____________________
(3/540)
السنتين
قوله ( أو لتمامهما ) تصريح بما فهم من قوله لا في الأقل لأن التقييد به مع فهمه من التقييد بالأكثر لبيان أن حكم السنتين حكم الأكثر كما نبه عليه في البحر
قوله ( لعلوقها في العدة ) فيصير بالوطء مراجعا
نهر فقوله وكانت الولادة رجعة معناه أنها دليل الرجعة لأن الرجعة حقيقة بالوطء السابق لا بها
قوله ( للشك ) لأنه يحتمل العلوق قبل الطلاق ويحتمل بعده فلا يصير مراجعا بالشك
قوله ( وإن ثبت نسبه ) لوجود العلوق في النكاح أو في العدة جوهرة
قوله ( كما في مبتوتة ) يشمل البت بالواحدة والثلاث والحرة والأمة بشرط أن لا يملكها كما يأتي ويشمل ما إذا تزوجها في العدة أو لا
بحر
وسيأتي بيانه في الفروع
ونقل ط عن الحموي عن البرجندي اشتراط كون المبتوتة مدخولا بها فلو غير مدخول بها فولدت لستة أشهر أو أكثر من وقت الفرقة لا يثبت وإن لأقل منها ثبت أي إذا كان من وقت العقد ستة أشهر فأكثر اه
مطلب في ثبوت النسب من المطلقة وفي البحر واعلم أن شرط النسب فيما ذكر من ولد المطلقة الرجعية والبائنة مقيد بما سيأتي من الشهادة بالولادة أو اعتراف من الزوج بالحبل أو حبل ظاهر
بحر
قوله ( لجواز وجوده ) أي الحمل وقته أي وقت الطلاق
قوله ( ولم تقر بمضيها ) فلو أقرت به فكالرجعي كما قدمناه عن الفتح
قوله ( كما مر ) أي اشتراط عدم الإقرار المذكور مماثل لما مر في الرجعي
قوله ( ولو لتمامهما لا ) خصه بالذكر لأن في الولادة للأكثر لا يثبت بالأولى اه ح
قوله ( لا يثبت النسب ) لأنه لو ثبت لزم سبق العلوق على الطلاق إذ لا يحل الوطء بعده بخلاف المطلقة الرجعية فحينئذ يلزم كون الولد في بطن أمه أكثر من سنتين
بحر
قوله ( لتصور العلوق في حال الطلاق ) أي فيكون قبل زوال الفراش كما قرره قاضيخان وهو حسن وحينئذ فلا يلزم كون الولد في البطن أكثر من سنتين
أفاده في النهر وهو مأخوذ من الفتح
قوله ( وزعم في الجوهرة أنه الصواب ) حيث جزم بأن قول القدوري لا يثبت سهو لأنه المذكور في غيره من الكتب أنه بثبت
قال في النهر والحق حمله على اختلاف الروايتين لتوارد المتون على عدم ثبوته كما قال القدوري إذ قد جرى الكنز والوافي وهكذا صدر الشريعة وصاحب المجمع وهم بالرواية أدرى
قوله ( لأنه التزمه ) أي وله وجه بأن وطئها بشبهة في العدة
هداية وغيرها
قوله ( وهي شبهة عقد أيضا ) أي كما أنها شبهة فعل وأشار به إلى الجواب عن اعتراض الزيلعي بأن المبتوتة بالثلاث إذا وطئها الزوج بشبهة كانت شبهة في الفعل وقد نصوا على أن شبهة الفعل لا يثبت فيها النسب ولن ادعاه
وأجاب في البحر بأن وطء المطلقة بالثلاث أو على مال لم تتمحض للفعل بل هي شبهة عقد أيضا فلا تناقض
أي لأن ثبوت النسب لوجود شبهة العقد على أنه صرح ابن مالك في شرح المجمع بأن من وطىء امرأة زفت إليه وقيل له إنها امرأتك فهي شبهة في الفعل وأن النسب يثبت إذا ادعاه فعلم أنه ليس كل شبهة في الفعل تمنع دعوى النسب اه
وسيأتي في الحدود إن شاء الله تعالى تحقيق الفرق بين شبهة الفعل وشبهة العقد وشبهة المحل اه ح ملخصا
قوله ( وإلا إذا ولدت توأمين الخ ) أي فيثبت نسبهما كمن باع جارية فجاءت بتوأمين كذلك فادعاهما
____________________
(3/541)
البائع يثبت نسبهما وينقض البيع وهذا عندهما
وقال محمد لا يثبت لأن الثاني من علوق حادث بعد الإبانة فيتبعه الأول لأنهما توأمان قيل هو الصواب لأن ولد الجارية الثاني يجوز كونه حدث على ملك البائع قبل بيعه بخلاف الولد الثاني في المبتوتة
فتح
قوله ( وإلا إذا ملكها ) أقول هذه المسألة ستأتي في أول الفروع
وحاصلها أنه إذا طلق أمته فاشتراها فإما أن يطلقها قبل الدخول أو بعده والثاني إما رجعي أو بائن بواحدة أو اثنتين فإن كل قبل الدخول اشترط لثبوت نسبه ولادته لأقل من نصف حول مذ طلقها وإن كان بعده بطلقتين اشترط سنتان فأقل مذ طلقها ولا اعتبار لوقت الشراء فيهما وإن بطلقة بائنة فكذلك ولو رجعيا يثبت ولو لعشر سنين بعد الطلاق بشرط كونه لأقل من ستة أشهر مذ شراها في المسألتين وبه علم أن قوله ولو أكثر من سنتين خاص بالرجعي وكلامنا في البائن فالصواب حذف لفظ أكثر فافهم
قوله ( بدائع ) حيث قال وكل جواب عرفته في المعتدة عن طلاق فهو الجواب في المعتدة من غير طلاق من أسباب الفرقة اه
بحر أي كالفرقة بردة أو بخيار بلوغ أو عتق أو عدم كفاءة أو عدم مهر مثل قوله ( لكن في القهستاني الخ ) استدراك على قول المصنف وإن لتمامهما لا إلا بدعوته وعبارة القهستاني لكن في شرح الطحاوي أن الدعوة مشروطة في الولادة لأكثر منهما اه
فإنه يقتضي مفهومه أنه لا يحتاج إلى دعوة في الولادة لتمامهما
ويمكن جريانه على الرواية التي جرى عليها في الجوهرة وكلام المصنف على رواية القدوري ط فافهم
قوله ( وإن لم تصدقه ) أي في أن الولد منه
قوله ( وهي الأوجه ) لأنه يمكن منه وقد ادعاه ولا معارض ولذا لم يذكر اشتراط تصديقها في رواية إلا السرخسي في المبسوط والبيهقي في الشامل وذلك ظاهر في ضعفها وغرابتها
فتح
مطلب في ثبوت النسب من الصغيرة قوله ( ويثبت الخ ) قال في الفتح حاصل المسألة أن الصغيرة إذا طلقت فإما قبل الدخول أو بعده فإن كان قبله فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه للتيقن بقيامه قبل الطلاق به وإن جاءت به لأكثر منها لا يثبت لأن الفرض أن لا عدة عليها ولا يستلزم كونه قبل الطلاق لتلزم العدة وإن طلقها بعد الدخول فإن أقرت بانقضاء العدة بعد ثلاثة أشهر ثم ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار ثبت وإن لستة أشهر أو أكثر لا يثبت لانقضاء العدة بإقرارها ولا يستلزم كونه قبلها حتى يتيقن بكذبها وإن لم تقر بانقضائها ولم تدع حبلا فعندهما إن جاءت به لأقل من تسعة أشهر من وقت الطلاق ثبت وإلا فلا
وعند أبي يوسف يثبت إلى سنتين في البائن وإلى سبعة وعشرين شهرا في الرجعي لاحتمال وطئها في آخر عدتها الثلاثة الأشهر وإن ادعت حبلا فكالكبيرة في أنه لا يقتصر انقضاء عدتها على أقل من تسعة أشهر لا مطلقا اه
وتمامه فيه
قوله ( ولد المطلقة ) أما الصغيرة المتوفي عنها فيأتي بيانها
قوله ( ولو رجعيا ) إنما بالغ به لأنه يخالف حكم البائن بالسهولة كما تقدم فأفاد بها اتحاده مع البائن هنا ط
قوله ( المراهقة ) المقاربة للبلوغ وهي من بلغت سنا يمكن أن تبلغ فيه وهو تسع سنين ولم توجد منها علامة البلوغ أما من دونها فلا يمكن فيها الحبل
قوله ( إن ولدت لأقل من الأقل ) أي من أقل مدة الحمل
____________________
(3/542)
فالمعنى لأقل من ستة أشهر أي من وقت الطلاق
قوله ( وكذا المقرة ) أي من أقرت بانقضائها بعد ثلاثة أشهر
قوله ( إن ولدت لذلك ) أي لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار أي ولأقل من تسعة أشهر من وقت الطلاق لظهور كذبها بيقين كما في الزيلعي وحينئذ فلا فرق بين الإقرار وعدمه في أنه لا يثبت النسب إلا إذا ولدته لأقل من تسعة أشهر وإنما قيد بعدم الإقرار لأن فيه خلاف أبي يوسف كما مر بخلاف ما إذا أقرت فإنه بالاتفاق كما علمت
أفاده ح
قوله ( فلو ادعته فكبالغة ) تكرار مع ما يأتي في المتن مع ما فيه من الإطلاق في محل التقييد ح
قوله ( لأقل من تسعة أشهر ) قيد لقوله ويثبت ولد المطلقة المراهقة أي ولدها المولود لأقل الخ
وإنما ثبت في ذلك لأن عدتها ثلاثة أشهر وأدنى مدة الحمل ستة أشهر فإذا ولدته لأقل من تسعة أشهر مذ طلقها تبين أن الحمل كان قبل انقضاء العدة وهذا معنى قول الشارح لكون العلوق في العدة
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يكن لأقل بل ولدته لتسعة أشهر فأكثر فإنه لا يثبت نسبه لأنه حمل حادث بعد العدة أما إن أقرت بانقضائها فظاهر وأما إن لم تقر فكان القياس على الكبيرة يقتضي أن يثبت إذا ولدته لأقل من سنتين كما قال أبو يوسف
والفرق لهما أن لانقضاء عدة الصغيرة جهة واحدة في الشرع فيمضيها بحكم الشرع بالانقضاء وهي في الدلالة فوق إقرارها وتمامه في الفتح
قوله ( لكونه بعدها ) لعلة لعدم الثبوت وقوله لأنها الخ علة للبعدية وقوله لصغرها علة للجعل مقدمة على معلولها
قوله ( في بعض الأحكام ) أي في حق ثبوت نسبه من حيث إنه لا يقتصر على أقل من تسعة أشهر بل يثبت إذا ولدته لأقل من سنتين لو الطلاق بائنا ولأقل من سبعة وعشرين شهرا لو رجعيا لا مطلقا فإن الكبيرة يثبت نسب ولدها في الطلاق الرجعي لأكثر من سنتين وإن طال إلى سن الإياس لجواز امتداد طهرها ووطئه إياها في آخر الطهر
بحر
أما الصغيرة فإن عدتها ثلاثة أشهر فيحتمل وطئها في آخر عدتها ثم تحبل سنتين فلا بد من أن يكون أقل من سبعة وعشرين شهرا من حين الإقرار
قوله ( لاعترافها بالبلوغ ) لأن غير البالغة لا تحبل
قوله ( لأقل منهما ) أي من سنتين
قوله ( وإن كانت كبيرة ) أي ولم تقر بانقضاء عدتها وأما إذا أقرت فهي داخلة في عموم قوله الآتي وكذا المقرة بمضيها الخ
بحر
قوله ( أما الصغيرة ) أي التي لم تقر بالحبل ولا بانقضاء العدة وهذا عندهما
وعند أبي يوسف يثبت إلى سنتين
والوجه ما بينا في المعتدة الصغيرة من الطلاق
زيلعي
قوله ( ثبت ) لأنه تبين أنه كان موجودا قبل مضي عدة الوفاة
بحر
قوله ( وإلا لا ) لأنه حادث بعد مضيها
بحر
قوله ( ولو أقرت بمضيها الخ ) يغني عنه ما يذكره المصنف في بيان المقرة لكنه لما رأى المصنف قيد أول المسألة بالكبيرة دفع توهم عدم دخول الصغيرة في كلامه الآتي فخصها بالذكر هنا
وبقي ما لو ادعت الصغيرة الحبل وهي كالكبيرة يثبت نسبه إلى سنتين لأن القول قولها في ذلك
زيلعي
قوله ( لستة أشهر ) أي فصاعدا
زيلعي
قوله ( لم يثبت ) لاحتمال حدوثه بعد الإقرار قال أما إذا كانت من ذوات الأشهر أو صغيرة فحكمها في الوفاة ما كما يأتي
قوله ( وأما الآيسة فكحائض الخ ) اعلم أن ما ذكره الشارح هنا من حكم الصغيرة والآيسة تبع فيه الزيلعي ومشى عليه في النهر وكذا في البحر
____________________
(3/543)
في مسألة المراهقة السابقة لكنه خالف هنا فقال وشمل ما إذا كانت من ذوات الأقراء أو الأشهر لكن قيده في البدائع بأن تكون من ذوات الأقراء
قال وأما إذا كانت من ذوات الأشهر فإن كانت آيسة أو صغيرة فحكمها في الوفاة ما هو حكمها في الطلاق وقد ذكرناه اه
وذكر في النهر أنه لم ير ذلك في البدائع
قلت فلعله ساقط من نسخته فقد رأيته فيها
قوله ( إلا الحامل ) فعدتها بوضع الحمل للموت وغيره
قوله ( من وقته ) أي الموت
قوله ( ولو لهما ) أي ولو ولدته لسنتين
قوله ( فكالأكثر ) قياسا على ما مر في معتدة الطلاق البت لكن تقدم أن فيه اختلاف الروايتين
قوله ( وكذا المقرة بمضيها ) أي يثبت نسب ولدها أي مطلقا سواء كانت معتدة بائن أو رجعي أو وفاة كما في الهداية
لكن في الخانية أنه يثبت في المطلقة الآيسة إلى سنتين وإن أقرت بانقضائها وقدمناه عن البدائع فارجع إليه
بحر
وشمل الإطلاق المراهقة أيضا كما في شرح مسكين ولذا قال ابن الشلبي في شرحه على الكنز ما ذكر من أول الفصل إلى هنا قبل الاعتراف بمضيها
قوله ( لو لأقل من أقل مدته ) أي مدة الحمل أي لأقل من ستة أشهر
قوله ( ولأقل من أكثرها ) أي أكثر مدة الحمل أي ولأقل من سنتين من وقت الفراق فإن الأكثر لا يثبت ولو لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار
بحر
قوله ( للتيقن بكذبها ) استشكله الزيلعي بما إذا أقرت بانقضائها بعد مضي سنة مثلا ثم ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار ولأقل من سنتين من وقت الفراق فإنه يحتمل أن عدتها انقضت في شهرين أو ثلاثة ثم أقرت بعد ذلك بزمان طويل ولا يلزم من إقرارها بانقضائها أن تنقضي في ذلك الوقت فلم يظهر كذبها بيقين إلا إذا قالت انقضت عدتي الساعة ثم ولدت لأقل المدة من ذلك الوقت اه
واستظهره في البحر وقال يجب حمل كلامهم عليه كما يفهم من غاية البيان وتبعه في النهر والشرنبلالية لا يقال إن النسب يثبت عند الإطلاق لأنه حق الولد فيحتاط في إثباته نظرا للولد
لأنا نقول إن ذلك عند قيام العقد أما بعد زواله أصلا فلا وهنا لما أقرت بانقضاء العدة والقول قولها في ذلك زال العقد أصلا وحكم الشرع يحلها للأزواج ما لم يوجد ما يبطل إقرارها ويتيقن بكذبها
وعند الإطلاق لم يوجد ذلك وإلا لزم أن يثبت وإن ولدته لأكثر من ستة أشهر من وقت الإقرار مع أنهم أطبقوا على خلافه لاحتمال حدوثه فافهم
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم تلد لأقل من ستة أشهر بأن ولدته لتمامها أو لأكثر من وقت الإقرار أو ولدته لأقل منها ولأكثر من سنتين من وقت البت وقوله لاحتمال حدوثه بعد الإقرار قاصر على الأول أما العلة في الثاني فهي أن الولد لا يمكث في البطن أكثر من سنتين
أفاده ط
قوله ( بموت أو طلاق ) أي بائن أو رجعي وبه صرح فخر الإسلام وعليه جرى قاضيخان وقيده السرخسي بالبائن
قال في البحر والحق أنها في الرجعي إن جاءت به لأكثر من سنتين احتيج إلى الشهادة كالبائن
وإن لأقل يثبت نسبه بشهادة القابلة اتفاقا لقيام الفراش
نهر وعليه جرى الشارح كما يأتي في قوله كما تكفي في معتدة رجعي الخ فيحمل الطلاق هنا على البائن ليوافق كلامه الآتي فافهم
قوله ( إن جحدت ) بالبناء للمجهول والفاعل
____________________
(3/544)
الورثة في الموت والزوج في الطلاق ح
قوله ( بحجة تامة ) متعلق بيثبت أي بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين
ويصور فيما إذا دخلت المرأة بحضرتهم بيتا يعلمون أنه ليس فيه غيرها ثم خرجت مع الولد فيعلمون أنها ولدته وفيما إذا لم يتعمدوا النظر بل وقع اتفاقا وبه يندفع ما أورد من أن شهادة الرجال تستلزم فسقهم فلا تقبل
فتح ونهر
قوله ( واكتفيا بالقابلة ) أي إذا كانت حرة مسلمة عدلة كما في النسفي
قوله ( قيل وبرجل ) أي على قولهما وعبر عنه بقيل تبعا للفتح وغيره إشارة إلى ضعفه لكن قال في الجوهرة وفي الخلاصة يقبل على أصح الأقاويل كذا في المستصفى اه
ولعل وجه أن شهادة الرجل أقوى من شهادة المرأتين
قوله ( أو حبل ظاهر ) ظهوره بأن تأتي به لأقل من ستة أشهر كما في السراج
وقال الشيخ قاسم المراد بظهوره أن تكون أمارات حملها بالغة مبلغا يوجب غلبة الظن بكونها حاملا لكل من شاهدها اه
شرنبلالية
ومشى في النهر على الثاني حيث قال أو حبل ظاهر يعرفه كل أحد اه
وهذا يفيد أن الحبل قد يثبت بدون ولادة وهذا مؤيد لما قدمناه في باب الرجعة
قوله ( وهل تكفي الشهادة ) أي إذا ولدت وجحد الزوج الولادة ظهور الحبل لأن الحبل وقت المنازعة لم يكن موجودا حتى يكفي ظهوره
بحر
وحاصله أنه قبل الولادة إذا كان ظاهرا يعرفه كل أحد فلا حاجة إلى إثباته وأما بعد الولادة فبحث في البحر أنه تكفي الشهادة على أنه كان ظاهرا وهو ظاهر فافهم
قوله ( ولو أنكر تعيينه الخ ) ببناء أنكر للمجهول فيشمل إنكار الزوج وإنكار الورثة اه ح يعني لو اعترف بولادتها وأنكر تعيين الولد يثبت تعيينه بشهادة القابلة إجماعا ولا يثبت بدونها إجماعا لاحتمال أن يكون غير هذا المعين
بحر
تنبيه لم يذكر ما إذا اعترف بالحبل أو كان ظاهرا أو كان الفراش قائما هل يحتاج في ثبوت النسب إلى شهادة القابلة لتعيين الولد أم لا ظاهر كلام المصنف كالكنز والهداية لا وبه صرح في البدائع وكذا في غاية السروجي وأنكر على صاحب ملتقى البحار اشتراطه ذلك عند أبي حنيفة لكن رده الزيلعي بأنه سهو وأنه لا بد منها لتعيين الولد إجماعا في جميع هذه الصور وأطال فيه وجزم به ابن كمال ومثله ما في الجوهرة من أنه لا بد من شهادة القابلة لجواز أن تكون ولدت ولدا ميتا وأرادت إلزامه ولد غيره اه
وهو صريح كلام الهداية آخرا وكذا كلام الكافي النسفي والاختيار والفتح وغيرهم وذكر في البحر توفيقا بين القولين
قال في النهر إنه بعيد عن التحقيق
ورده أيضا المقدسي في شرحه
والحاصل كما في الزيلعي أن شهادة النساء لا تكون حجة في تعيين الولد إلا إذا تأيدت بمؤيد من ظهور حبل أو اعتراف منه أو فراش قائم نص عليه في ملتقى البحار وغيره وإنما الخلاف في ثبوت نفس الولادة بقولها فعنده يثبت في الصور الثلاث
وعندهما لا يثبت إلا بشهادة القابلة فلو علق الطلاق بولادتها يقع عنده بقولها ولدت لاعترافه بالحبل أو لظهوره
وعندهما لا يقبل حتى تشهد القابلة ونص عليه في الإيضاح والنهاية وغيرها اه
ملخصا
قوله ( كما تكفي الخ ) تقييد لإطلاق قوله أو طلاق الشامل للرجعي والبائن لأن معتدة الرجعي إذا ولدت لأكثر من سنتين ولم تكن أقرت بانقضاء عدتها يكون ذلك رجعة
أفاده ح أي رجعة الوطء السابق فتكون قد ولدت والنكاح قائم فلا يتوقف ثبوت الولادة على الشهادة إذا أنكرها بل يكفي شهادة القابلة لقيام الفراش
____________________
(3/545)
فيثبت النسب بالفراش وتعيين الولادة بشهادة القابلة كما ذكره الزيلعي في ولادة المنكوحة
قوله ( لا لأقل ) أي لا تكفي شهادة القابلة على الولادة لأقل من سنتين لانقضاء عدتها فلم تبق زوجة والولادة لتمام السنتين كذلك كما لا يخفي ح
قوله ( أو تصديق بعض الورثة ) المراد بالبعض من لا يتمم به نصاب الشهادة وهو الواحد العدة أو الأكثر مع عدم العدالة كما يظهر من مقابله ح
وصورة المسألة لو ادعت معتدة الوفاة الولادة فصدقها الورثة ولم يشهد بها أحد فهو ابن الميت في قولهم جميعا لأن الإرث خالص حقهم فيقبل تصديقهم فيه
فتح
قوله ( فيثبت في حق المقرين ) الأولى في حق من أقر ليشمل الواحد ولأنهم لو كانوا جماعة ثبت في حق غيرهم أيضا إلا أن يحمل على ما إذا كانوا غير عدول أفاده ط
قوله ( في حق غيرهم ) أي في حق من لم يصدق
قوله ( حتى الناس كافة ) فإذا ادعى هذا الولد دينا للميت على رجل تسمع دعواه عليه بلا توقف على إثبات نسبه ثانيا
قوله ( إن تم نصاب الشهادة بهم ) أي بالمقرين
قوله ( بأن شهد مع المقر رجل آخر ) أفاد أنه لا يشترط في تمام نصاب الشهادة أن يكون كلهم ورثة لكن إذا كان أحد الشاهدين أجنبيا لا بد من شروط الشهادة من مجلس الحكم والخصومة ولفظ الشهادة إذ هم شهود محض ليسوا بمقرين بوجه
رحمتي
قوله ( وكذا لو صدق المقر عليه الورثة الخ ) كذا في أغلب النسخ فالمقر اسم فاعل منصوب على أنه مفعول صدق وعليه متعلق بصدق أي على الإقرار والورثة بالرفع فاعل صدق
وفي بعض النسخ لو صدقه عليه الورثة
وفي بعضها لو صدق المقر بقية الورثة الخ وهما أحسن من النسخة الأولى
قوله ( وهم من أهل التصديق ) المناسب وهم من أهل الشهادة
قال في الفتح أما في حق ثبوت النسب من الميت ليظهر في حق الناس كافة قالوا إذا كان الورثة من أهل الشهادة بأن يكونوا ذكورا مع إناث وهم عدول ثبت لقيام الحجة فيشارك المقرين منهم والمنكرين ويطالب غريم الميت بدينه اه
قوله ( وإلا يتم نصابها ) بأن كان المصدق رجلا وامرأة مثلا وكذا لو كانا رجلين غير عدلين كما يظهر من عبارة الفتح المذكورة ومما يأتي
قوله ( لا يشارك المكذبين ) المناسب لعبارة المصنف أن يقول لا يثبت النسب فلا يشارك المكذبين
قوله ( الأصح لا ) هذا إذا كان الشهود ورثة فلو فيهم غير وارث لا بد من لفظ الشهادة ومجلس الحكم والخصومة لعدم شبهة لإقرار في حقه كما تقدم
رحمتي
والمراد ما إذا لم يتم النصاب من الورثة إذ لو تم بهم لم ينظر إلى شهادة غيرهم
قوله ( نظرا لشبه الإقرار ) علله في الفتح بعلة أخرى وهي أن الثبوت في حق غيرهم تبع للثبوت في حقهم ولا يراعي للتبع شرائطه إلا إذا ثبت أصالة
وعلى هذا فلو لم يكونوا من أهل الشهادة لا يثبت النسب إلا في حق المقرين منهم اه
قوله ( عن الزيلعي ) حيث قال ويثبت في حق غيرهم أيضا إذا كانوا من أهل الشهادة بأن كان فيهم رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول فيشارك المصدقين والمكذبين اه
ومثله قول الفتح المار وهم عدول وتعبيره بأهلية الشهادة
قوله ( فقول شيخنا ) الشيخ زين الدين بن نجيم صاحب البحر
قوله ( إلا أن يقال لأجل السراية ) أي لأجل سراية ثبوت النسب
____________________
(3/546)
إلى غير المقر وهذا الجواب ظاهر لا يحتاج إلى التأمل والمراجعة ح
قوله ( كما سيجيء في الدعوى ) أي من أن الفتوى على قولهما بالتحليف في المسائل الستة
قوله ( بشهادة الظاهر لها الخ ) وهو له ظاهر يشهد له أيضا وهو إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته لكن ترجح ظاهرها بأن النسب يحتاط في إثباته
نهر
ولا تحرم عليه بهذا النفي
فتح
تنبيه لا تسمع ببنته ولا بينة ورثته على تاريخ نكاحها بما يطابق قوله لأنها شهادة على النفي معنى فلا تقبل والنسب يحتال لإثباته مهما أمكن والإمكان هنا بسبق التزوج بها سرا بمهر يسير وجهرا بأكثر سمعة ويقع ذلك كثيرا وهذا جوابي لحادثة فليتنبه له
شرنبلالية
قوله ( فولدت لنصف حول ) أي من غير زيادة ولا نقصان
زيلعي
قوله ( لزمه نسبه ) لأنها فراشه لأنه لما ولدت لستة أشهر من وقت النكاح فقد ولدت لأقل منها من وقت الطلاق فكان العلوق قبله في حالة النكاح والتصور ثابت الخ
هداية
قوله ( لتصور الوطء حالة العقد ) بأن عقدا بأنفسهما وسمع الشهود كلامهما وهو مخالط لها فوافق النكاح الإنزال أو وكلا في العقد في ليلة معينة فوطئها فيها فيحمل على المقارنة إذا لم يعلم تقدم العقد كما في شرح الشلبي أو يتزوجها عند الشهود والعاقد من طرفها فضولي ويكون تمام العقد برضاها حال المواقعة كما في منهوات ابن كمال
قال في الفتح وحاصله أن الثبوت يتوقف على الفراش وهو يثبت مقارنا للنكاح المقارن للعلوق فتعلق وهي فراش فيثبت نسبه
قوله ( لم يثبت ) لأنه تبين أن العلوق كان سابقا على النكاح
زيلعي
قوله ( وكذا لأكثر ) لأنه تبين أنها علقت بعده لأنا حكمنا حين وقع الطلاق بعدم وجوب العدة لكونه قبل الدخول والخلوة ولم يتبين بطلان هذا الحكم
زيلعي
أما إذا ولدته لستة أشهر لا غير فعليها العدة لحملها بثابت النسب
شرنبلالية أي لأنه حكم بعلوقها وقت النكاح قبل الطلاق كما علمت من عبارة الهداية فقد وقع الطلاق عليها وهي حامل وعليه فهو طلاق بعد الدخول فتعتد بوضع الحمل وقد صرح في النهر بأن هذا الطلاق رجعي وبانقضاء العدة بالوضع
قوله ( ولو بيوم ) أي لحظة ح
قوله ( وأقره في البحر ) حيث قال وتعقبه في فتح القدير بأن منعهم النسب هنا في مدة يتصور أن يكون منه وهي سنتان ينافي الاحتياط في إثباته والاحتمال المذكور في غاية البعد فإن العادة المستمرة كون الحمل أكثر من ستة أشهر وربما تمضي دهور ولم يسمع فيها بولادة ستة أشهر فكان الظاهر عدم حدوثه وحدوثه احتمال فأي احتياط في إثبات النسب إذا نفيناه لاحتمال ضعيف يقتضي نفيه وتركنا ظاهرا يقتضي ثبوته وليت شعري أي الاحتمالين أبعد الاحتمال الذي فرضوه لتصور العلوق منه لثبوت النسب وهو كونه تزوجها وهو يطؤها ووافق الإنزال العقد أو احتمال كون الحمل إذا زاد على ستة أشهر بيوم يكون من غيره اه ح
أقول وحاصله إلحاق الولادة لأكثر من نصف حول بالولادة لنصفه في ثبوت النسب
ويمكن الجواب بالفرق وهو أنه في صور النصف كان الولد موجودا وقت العقد يقينا فإذا أمكن حدوثه من العاقد ولو بوجه بعيد تعين ارتكابه بخلاف ما إذا أمكن حدوثه بعد العقد بأن ولدته لأكثر من نصف حول ولو بيوم فإنه لم يتيقن بوجوده وقته حتى يرتكب له الوجه البعيد مع حكم الشرع عليها بما ينافي وجوده وهو عدم العدة
____________________
(3/547)
والحاصل أن في كل من الصورتين الاحتمال البعيد المخالف للعادة المستمرة وهو الولادة لستة أشهر لكن إذا زاد عليها بيوم مثلا احتمل وجوده وعدمه وقد عارض احتمال وجود الحكم عليها بعدم العدة بخلاف ما إذا لم يزد للتيقن بوجوده وقت العقد مع فقد المعارض هذا ما ظهر لي فتدبره
قوله ( بجعله واطئا ) لأنه بثبوت النسب جعل واطئا حكما
قال الزيلعي وكان ينبغي وجوب مهرين مهر بالوطء ومهر بالنكاح كما لو تزوج امرأة حال وطئها
وأجاب في الفتح بمنع الفرع المشبه به وأنه مشكل لمخالفته صريح المذهب لأن الأصح في ثبوت النسب إمكان الدخول ولا يتصور إلا بتزوجها حال وطئها المبتدأ به قبل التزوج وقد حكم فيه بمهر واحد في صريح الرواية فالحكم بمهرين في الفرع المشبه به مخالف لذلك
قلت الفرع منقول فالاحسن الجواب بأن الوطء في مسألتنا يمكن تصور حالة التزوج كما مر تصويره عن ابن الشلبي وابن كمال فلا يلزم إلا مهر واحد بالدخول المقارن للعقد بخلاف الفرع المذكور فإن العقد فيه عارض على الوطء فلذا وجب فيه مهران
ونقل ح عن شيخه في تصوير المقارنة أن يقال إنه قال أولا تزوجتك ثم أولج وأمنى وقالت قبلت في وقت واحد فكان الوطء حاصلا في صلب العقد غير متقدم عليه ولا متأخر عن وقوع الطلاق اه
وما ذكرناه أقرب
وقد يجاب بأحسن من هذا كله وهو أنه جعل واطئا حكما ضرورة ثبوت النسب لا حقيقة فلم يتحقق موجب المهرين فوجب أحدهما بخلاف الفرع المذكور
قوله ( ولا يكون به محصنا ) لأنه وطء حكمي كما علمت فإذا زنى يجلد ولا يرجم
قوله ( لم تطلق بشهادة امرأة ) أي على الولادة إذا أنكرها لأن شهادتهن ضرورية في حق الولادة فلا تظهر في حق الطلاق لأنه ينفك عنها
بحر
قوله ( كما مر ) حيث قال في شرح قول المصنف إن جحدت ولادتها الخ واكتفيا بالقابلة ط
وقدمنا تقييدها بكونها حرة مسلمة عدلة
قوله ( مع ذلك ) أي التعليق ط
قوله ( بلا شهادة ) أي أصلا وعندهما تشترط شهادة القابلة
بحر قوله ( لإقراره بذلك ) أي حكما لأن إقراره بالحبل إقرار بما يفضي إليه وهو الولادة وأما إذا كان الحبل ظاهرا فلأن الطلاق تعلق بأمر كائن لا محالة فيقبل قولها
فيه بحر
قوله ( وأما النسب الخ ) محترز قوله لم تطلق يعني أن النسب يثبت بشهادة امرأة وكذا ما هو من لوازمه كأمومية الولد لو كانت المعلق طلاقها أمة حتى لو ملكها صارت أم ولد له وكثبوت اللعان فيما إذا نفاه ووجوب الحد بنفيه إن لم يكن أهلا للعان
أفاده في البحر
قوله ( أو إن كان بها حبل ) أي أو قال إن كان بها حبل فهو مني فلا فرق بينهما
بحر
وفي بعض النسخ إن كان بدون عطف وفي بعضها وكان بدون إن
والظاهر أنهما تحريف
قوله ( ظاهره الخ ) البحث لصاحب البحر وتبعه أخوه في النهر وهو ظاهر ومن عبر بالقابلة بناه على الأغلب
____________________
(3/548)
قوله ( فهي أم ولده ) لأن سبب ثبوت النسب وهو الدعوة قد وجد من المولى بقوله فهو مني وإنما الحاجة إلى تعيين الولد وهو يثبت بشهادة القابلة اتفاقا
درر
قوله ( وإن لأكثر منه لا ) كذا قال الزيلعي
وزاد في الفتح والبحر والنهر وغاية البيان والدرر أو لتمامها وهو مشكل لأنه لا يمكن حينئذ علوقه بعد مقالته لأن ما بعدها دون نصف الحول فليتأمل وليراجع
رحمتي
قوله ( حتى ينفيه ) هو كذلك في غاية البيان
وقد يقال كيف يصح أن ينفيه بعد إقراره به فليتأمل
رحمتي قلت بل لي وقفة في ثبوت نسبه لو جاءت به لأكثر من ستة أشهر
ورأيت في النهر من باب الاستيلاد أنه ينبغي أن يقيد بما إذا وضعته لأقل من نصف حول من وقت الاعتراف فلو لأكثر لا تصير أم ولد ثم نقله عن المحيط قوله ( قال لغلام ) أي يولد مثله لمثله ولم يكن معروف النسب ولم يكذبه ط
قوله ( المعروفة بحرية الأصل ) كذا عبر بعض الشراح
وذكر ابن الشلبي أن التقييد بالأصل غير ظاهر بل يكفي كونها حرة اه أي لأنه إذا أريد بحرية الأصل كون أوصالها أحرارا فهو غير شرط وكذا لو أريد به كونها حرة من حين أصل خلقتها لأن الحرية العارضة تكفي لكن قد يقال إن الحرية العارضة لا تكفي إلا إذا كانت قبل ولادة ذلك الغلام بسنتين وإلا فلا لاحتمال كونها أمة له واستولدها أو لغيره وتزوجها منه ثم ولدت هذا الغلام وأقر به فإنه حينئذ ليست من أهل الإرث بخلاف ما إذا علمت حريتها قبل الولادة بسنتين فأكثر فإنها يعلم كونها حرة وقت العلوق وأنها ولدت بالزوجية كما يأتي هذا ما ظهر لي
قوله ( وهو ابنه ) لم يظهر لي وجه التقييد به فإن البنوة ثابتة بإقرار الميت
تأمل اه ح
قلت لعل وجهه أنها لو قالت أنا امرأته وهذا ابني من رجل غيره تكون مكذبة له فيما توصلت به إلى إثبات كونها امرأته وهو قوله هو ابني
قوله ( يرثانه ) أي هي والغلام
قوله ( استحسانا ) والقياس أن لا ميراث لها لأن النسب كما يثبت بالنكاح الصحيح يثبت بالنكاح الفاسد وبالوطء عن شبهة وبملك اليمين فلم يكن قوله إقرارا بالنكاح
وجه الاستحسان أن المسألة فيما إذا كانت معروفة بالحرية وبكونها أم الغلام والنكاح الصحيح هو المتعين لذلك وضعا وعادة لأنه الموضوع لحصول الأولاد دون غيره فهما احتمالان لا يعتبران في مقابلة الظاهر القوي وكذا احتمال كونه طلقها في صحته وانقضت عدتها لأنه لما ثبت النكاح وجب الحكم بقيامه ما لم يتحقق زواله كذا في البحر ح
قوله ( فإن جهلت حريتها ) أي بأن لم تعلم أصلا أو علم عروضها ولم تتحقق وقت العلوق على ما قررناه آنفا
قوله ( أو أمومتها ) في بعض النسخ بياء وتاء ولا حاجة إلى الياء التحتية لأن المصدر الأمومة
قال ط والمناسب زيادة أو إسلامها ليكون محترز الثالث
قوله ( قيد اتفاقي ) فائدة ذكره أن للوارث أن يقول ذلك كما في البحر عن غاية البيان ح
وكان ينبغي تأخير ذلك إلى آخر كلام المصنف
قوله ( أو كان صغيرا ) أي الوارث
____________________
(3/549)
قوله ( لا ترث ) لأن ظهور الحرية باعتبار الدار حجة في دفع الرق لا في استحقاق الإرث
هداية
فهي كالمفقود يجعل حيا في ماله حتى لا يرث غيره منه لا بالنسبة إلى غيره حتى لا يرث من أحد
فتح
وكذا إسلامها الآن لا يثبت إسلامها وقت موته ليثبت لها حق الإرث
قوله ( قيل نعم ) قائله التمرتاشي قال لأنهم أقروا بالدخول ولم يثبت كونها أم ولد بقولهم اه
وارتضاه في النهاية والزيلعي والفتح
قال في البحر ورده في غاية البيان بأن الدخول إنما يوجب مهر المثل في غير صورة النكاح إذا كان الوطء عن شبهة ولم يثبت النكاح هنا والأصل عدم الشبهة فبأي دليل يحمل على ذلك فلا يجب مهر المثل اه
وأقره في النهر وأنت خبير بأن هذا خاص بما إذا قال أنت أم ولد أبي ما لو قال كنت نصرانية فقد أقر بالنكاح وكذا في قوله كانت زوجة وهي أمة لكن في هذه مطالبة المهر لمولاها لا لها
قوله ( فجاءت بولد ) أي لستة أشهر فأكثر من وقت التزوج وإلا فالظاهر ثبوت نسبه منه لما صرحوا به من أن المنكوحة لو ولدت لدون ستة أشهر لم يثبت نسبه من الزوج ويفسد النكاح لأنه لا يلزم كونها حاملا من زنا حتى يصح بل يحتمل كونه من زوج أو وطء شبهة فإذا فسد النكاح هنا صحت دعواه لعدم المانع
ثم رأيت في حاشية العلامة نوح نقل ذلك عن حاشية الدرر للواني وعن غيرها
قوله ( وهو لا يقبل الفسخ ) يعني بعد تمامه احترازا عن فسخه بعدم الكفاءة وبالبلوغ والعتق
وأما بالردة وبتقبيل ابن الزوج فهو وإن كان بعد التمام لكنه انفساخ لا فسخ
أفاده ح
قوله ( لإقراره ببنوته وأمومتها ) لف ونشر مرتب فالأول علة لعتقه والثاني لصيرورتها أم ولده فتعلق بموته
قوله ( عبارة الدرر استولدها ) أي بضمير التثنية ونبه به على أن ما هنا سبق قلم لأنه إذا استولدها الشريكان بأن جاءت بولد فادعياه وصارت أم ولد لهما تبقى مشتركة فإذا جاءت بولد بعد ذلك لا يثبت نسبه بلا دعوة لأنه لا يحل وطئها لواحد منهما بخلاف ما إذا استولدها أحدهما ولزمه لشريكه نصف قيمتها ونصف عقرها وصارت مختصة به فإنه يحل له وطؤها فلا يحتاج الولد الثاني إلى دعوة
أفاده الرحمتي فافهم
قوله ( كأم ولد كاتبها مولاها ) فإنها إذا أتت بولد لا يثبت من المولى إلا إذا دعاه لحرمة وطئها عليه اه ح
والتشبيه في عدم ثبوت نسب الولد الثاني إلا بدعوته فحال الولد بعد الكتابة يخالف حاله قبلها فإنه قبلها يثبت بلا دعوة ط
مطلب الفراش على أربع مراتب قوله ( على أربع مراتب ) ضعيف وهو فراش الأمة لا يثبت النسب فيه إلا بالدعوة
ومتوسط وهو فراش أم الولد فإنه يثبت فيه بلا دعوة لكنه ينتفي بالنفي
وقوي وهو فراش المنكوحة ومعتدة الرجعي فإنه فيه لا ينتفي إلا باللعان
وأقوى كفراش معتدة البائن فإن الولد لا ينتفي فيه أصلا لأن نفيه متوقف على اللعان وشرط اللعان الزوجية ح
قوله ( بلا دخول ) المراد نفيه ظاهرا وإلا فلا بد من تصوره وإمكانه ولذا لم يثبتوا النسب من زوجة الطفل ولا ممن ولدت لأقل من ستة أشهر على ما مر تفصيله
____________________
(3/550)
مطلب في ثبوت كرامات الأولياء والاستخدامات وعبارة الفتح والحق أن التصور ثابت في المغربية لثبوته كرامات الأولياء والاستخدامات فيكون صاحب خطوة أو جني اه
قوله ( ليس من الكرامة عندنا ) لما في العمادية أنه سئل أبو عبد الله الزعفراني عما روى عن إبراهيم بن أدهم أنهم رأوه بالبصرة يوم التروية ورؤي ذلك اليوم بمكة قال كان ابن مقاتل يذهب إلى اعتقاد ذلك كفر لأن ذلك ليس من الكرامات بل هو من المعجزات وأما أنا فأستجهله ولا أطلق عليه الكفر اه
قوله ( لكن في عقائد التفتازاني ) أي في شرحه على العقائد النسفية وهو متعلق بقوله جزم وكذا قوله بالأول والمراد به ما في الفتح من إثبات طي المسافة كرامة وذلك أن التتفتازاني قال إنما العجب من بعض فقهاء أهل السنة حيث حكم بالكفر على معتقد ما روي عن إبراهيم بن أدهم الخ ثم قال والإنصاف ما ذكره الإمام النسفي حين سئل عن ما يحكى أن الكعبة كانت تزور واحدا من الأولياء هل يجوز القول به فقال نقض العادة على سبيل الكرامة لأهل الولاية جائز عند أهل السنة اه
قال العلامة ابن الشحنة قلت النسفي هذا هو الإمام نجم الدين عمر مفتي الإنس والجن رأس الأولياء في عصره اه
وعبارة النسفي في عقائده وكرامات الأولياء حق فتظهر الكرامة على طريق نقض العادة للولي من قطع المسافة البعيدة في المدة القليلة وظهور الطعام والشراب واللباس عند الحاجة والمشي على الماء والهواء وكلام الجماد والعجماء واندفاع المتوجة من البلاء وكفاية المهم من لأعداء وغير ذلك من الأشياء اه
قوله ( بل سئل ) أي النسفي وقوله فقال الخ جواب بالجواز على وجه العموم وقدمنا في بحث استقبال القبلة عن عدة الفتاوى وغيرها لو ذهبت الكعبة لزيارة بعض الأولياء فالصلاة إلى هوائها اه
ومثله في الولوالجية
قوله ( ولا لبس بالمعجزة الخ ) جواب عن قول المعتزلة المنكرين الكرامات للأولياء لأنها لو ظهرت لاشتبهت بالمعجزة فلم يتميز النبي من غيره
والجواب أن المعجزة لا بد أن تكون ممن يدعي الرسالة تصديقا لدعواه والولي لا بد من أن يكون تابعا لنبي وتكون كرامته معجزة لنبيه لأنه لا يكون وليا ما لم يكن محقا في ديانته واتباعه لنبيه حتى لو ادعى الاستقلال بنفسه وعدم المتابعة لم يكن وليا بل يكون كافرا ولا تظهر له كرامة
فالحاصل أن الأمر الخارق للعادة بالنسبة إلى النبي معجزة سواء ظهر من قبله أو من قبل آحاد أمته وبالنسبة إلى الولي كرامة لخلوه عن دعوى النبوة
وتمامه في العقائد وشرحها
قوله ( ومن لولي الخ ) من موصول مبتدأ وقال صلته ولولي متعلق بيجوز وطي مبتدأ وجملة يجوز خبره والجملة الخبرية مقول القول وجهول خبر من والقول
____________________
(3/551)
بالتجهيل أو التكفير هو ما قدمناه عن العمادية
قوله ( أي ينصر هذا القول الخ ) والحاصل أنه وقع الخلاف عندنا في مسألة طي المسافة البعيدة فمشايخ العراق قالوا لا يكون ذلك إلا معجزة فاعتقاده كرامة جهل أو كفر
ومشايخ خراسان وما وراء النهر أثبتوه كرامة ولم يرد نص صريح في المسألة عن أئمتنا الثلاثة سوى قول محمد هذا ولم يفسر ذلك اه ملخصا من شرح الوهبانية عن جواهر الفتاوى
وفي التاترخانية أن مسأة تزوج المغربي بمشرقية تؤيد الجواز أي فإنها نص المذهب
والحاصل أنه لا خلاف عندنا في ثبوت الكرامة وإنما الخلاف فيما كان من جنس المعجزات الكبار والمعتمد الجواز مطلقا إلا فيا ثبت بالدليل عدم إمكانه كالإتيان بسورة وتمام الكلام على ذلك في حاشية ح
قوله ( غاب عن امرأته الخ ) شامل لما إذا بلغها موته أو طلاقه فاعتدت وتزوجت ثم بان خلافه ولما إذا ادعت ذلك ثم بان خلافه اه ح
قوله ( وفي حاشية شرح المنار الخ ) قال الشارح في شرحه على المنار لكن الصحيح ما أورده الجرجاني أن الأولاد من الثاني إن احتمله الحال وأن الإمام رجع إلى هذا القول وعليه الفتوى كما في حاشية ابن الحنبلي عن الواقعات والأسرار ونقله ابن نجيم عن الظهيرية اه
واحتمال الحال بأن تلده لستة أشهر فأكثر من وقت النكاح
قوله ( حكى أربعة أقوال ) حاصل عبارته مع شرحه لابن ملك أن الأولاد للأول عند أبي حنيفة مطلقا أي سواء أتت به لأقل من ستة أشهر أو لا لأن نكاح الأولى صحيح فاعتباره أولى
وفي رواية للثاني وعليه الفتوى لأن الولد للفراش الحقيقي وإن كان فاسدا وعند أبي يوسف للأول إن أتت به لأقل من ستة أشهر من عقد الثاني لتيقن العلوق من الأول وإن لأكثر فللثاني
وعند محمد للأول إن كان بين وطء الثاني والولادة أقل من سنتين فلو أكثر منهما فللثاني لتيقن أنه ليس من الأول والنكاح الصحيح مع احتمال العلوق منه أولى بالاعتبار وإنما وضع المسألة في الولد إذ المرأة ترد إلى الأول إجماعا اه
قلت وظاهره أنه على المفتى به يكون الولد للثاني مطلقا وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت العقد كما يدل عليه ذكر الإطلاق قبله والاقتصار على التفصيل بعده وهذا خلاف ما قاله ابن الحنبلي وهذا وجه الاستدراك لكن لا يخفى ما فيه فقد ذكرنا قريبا أن المنكوحة لو ولدت لدون ستة أشهر لم يثبت نسبه من زوج ويفسد النكاح أي لأنه لا بد من تصور العلوق منه وفيما دون ستة أشهر لا يتصور ذلك وهذا إذا لم يعلم بأن لها زوجا غيره فكيف إذا ظهر زوج غيره فلا شك في عدم ثبوته من الثاني ولهذا قال في شرح درر البحار إن هذا مشكل فيما إذا أتت به لأقل من ستة أشهر مذ تزوجها اه
والحق أن الإطلاق غير مراد وأن الصواب ما نقله ابن الحنبلي وبه يظهر أن هذه الرواية عن الإمام المفتي بها هي أخذ بها أبو يوسف وأنه لا بد من تقييد كلام المصنف والمجمع بما نقله ابن الحنبلي وأنه لا وجه للاستدراك
____________________
(3/552)
عليه بما في المجمع والله أعلم
قوله ( نكح أمة الخ ) قال في الفتح قوله ومن تزوج أمة فطلقها أي بعد الدخول واحدة بائنة أو رجعية ثم اشتراها قبل أن تقر بانقضاء عدتها فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر مذ اشتراها لزمه وقيد ببعد الدخول وبواحدة لأنه لو كان قبله لا يلزمه إلا أن تجيء به لأقل من ستة أشهر مذ فارقها لأنه لا عدة لها أو بعده والطلاق ثنتان ثبت النسب إلى سنتين من وقت الطلاق ثم إذا كانت الواحدة رجعية فهو ولد المعتدة فيلزمه وإن جاءت لعشر سنين بعد الطلاق فأكثر بعد كونه لأقل من ستة أشهر من الشراء وإن كانت بائنا ثبت إلى أقل من سنتين أو تمام السنتين بعد كونه لأقل من ستة أشهر من الشراء اه
قال في البحر فالحاصل أن المطلقة قبل الدخول والمبانة بالثنتين لا اعتبار فيهما لوقت الشراء بل لوقت الطلاق ففي الأولى يشترط لثبوت نسبه ولادته لأقل من ستة أشهر وفي الثانية لسنتين فأقل وأنه لو كان رجعيا يثبت ولو لعشر سنين بعد الطلاق أو أكثر ولو واحدة بائنة فلا بد أن تأتي به لتمام سنتين أو أقل بعد أن يكون لأقل من ستة أشهر من وقت الشراء في المسألتين
قوله ( فطلقها ) أي بعد الدخول طلقة واحدة بائنة أو رجعية بدليل الاستثناء الآتي والطلاق غير قيد حتى لو اشتراها ولم يطلقها فالحكم كذلك
نهر
قوله ( فشراها ) أي ملكها بأي سبب كان أي قبل أن تقر بانقضاء عدتها كما مر لأنه مع الإقرار يشترط أن تأتي به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار كما مر لأنه مع الإقرار يشترط أن تأتي به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار كما مر لا من وقت الشراء كما هنا
نهر
قوله ( لزمه ) لأنه ولد المعتدة لتحقق كون العلوق سابقا على الشراء وولدها يثبت نسبه بلا دعوة
نهر
وإن ولدته لسنتين من وقت الطلاق
بحر
لكن في الرجعية ولو لأكثر من سنتين كما يأتي
قوله ( وإلا ) أي بأن ولدته لتمام ستة أشهر أو لأكثر منها لا أي لا يلزمه لأنه ولد المملوكة لأنه شراها وهي معتدة منه ووطئها حلال له أما في الرجعي فظاهر وأما في البائن فلأن عدتها منه لا نحرمها عليه فإذا أمكن علوقه في الملك أسند إليه لأن الحادث يضاف إلى أقرب أوقاته وولد المملوكة لا يثبت بدون دعوة وهذا بخلاف البائن بينونة غليظة فإن شراءها لا يحلها فتعين العلوق قبله كما يأتي
قوله ( إلا المطلقة الخ ) لما كان قوله فطلقها شاملا لما إذا طلقها واحدة رجعية وبائنة وثنتين قبل الدخول وبعده وكان الحكم المتقدم مختصا بالمطلقة واحدة بعد الدخول رجعية أو بائنة استثنى هذه الصور الثلاث فقوله قبل الدخول شامل للطلقة والطلقتين
والصورة الثالثة قوله والمبانة لثنتين يعني بعد الدخول اه ح
فافهم
وقيد بقوله بثنتين لأنها أمة وبينونتها الغليظة ثنتان فقط
والحاصل أن الصور خمس لأن الرجعي لا يكون قبل الدخول فلذا كان المستثنى ثلاث صور فقط
قوله ( فمذ طلقها ) أي فالمعتبر في هذه الثلاث المستثناة وقت الطلاق ولا اعتبار فيها لوقت الشراء كما مر عن البحر
قوله ( لكن في الثانية ) لما كان قضية الاستثناء أن المعتبر أن تلد لأقل من نصف حول مذ طلقها بين أن هذا خاص بالمطلقة قبل الدخول واحدة أو ثنتين فلو ولدت لنصف حول أو لأكثر لا يلزمه لعدم العدة كما قدمناه أول الباب
أما المطلقة ثنتين بعد الدخول فإنه يلزمه ولدها لسنتين فأقل من وقت الطلاق وإن كان لأقل من نصف حول من وقت الشراء لحرمتها عليه حرمة غليظة حتى تنكح غيره فلا يحلها الشراء فتعذر العلوق فيه وتعين كونه قبله فيلزمه مذ طلقها لجواز أنه كان موجودا وقت الطلاق لا لأكثر لتيقن عدمه لكن ثبوته لتمام السنتين مبني
____________________
(3/553)
على ما زعم في الجوهرة أنه الصواب وهو أحد الروايتين كما قدمناه أول الباب فافهم
قوله ( وفي الرجعي لأكثر مطلقا ) أي تثبت فيه وإن ولدته لأكثر من سنتين بلا تقييد لذلك الأكثر بمدة
قوله ( في المسألتين ) يعني في مسألة الرجعي ومسألة الطلقة البائنة بعد الدخول كمايعلم من عبارة البحر المتقدمة وكلام الشارح يوهم أن إحدى المسألتين البائنة بثنتين لأن البائنة الواحدة لا ذكر لها هنا فلذا أورد عليه أن المبانة بثنتين لا يعتبر فيها وقت الشراء أصلا كما مر لكن لما ذكر الشارح في أول المسألة اختصاص وقت الشراء بالمطلقة بعد الدخول واحدة رجعية أو بائنة بدليل الاستثناء بعده كما بيناه وذكر هنا الرجعي بين أن قرينته الثانية مثله لكن لا يخفى ما فيه من الخفاء مع أن هذا الحكم في المسألتين صرح به أولا فلا حاجة إلى إعادته ولكن مع هذا لا يحكم عليه بالخطأ فافهم
قوله ( وكذا لو أعتقها بعد الشراء ) لأن العتق ما زادها إلا بعدا منه
وعند محمد يلزمه إلى سنتين بلا دعواه مذ شراها لأنه بطل النكاح بالشراء ووجبت العدة لكنها لا تظهر في حقه للملك وبالعتق ظهرت وحكم معتدة بائن لم تقر بانقضائها ذلك
فتح
قوله ( قولان ) فعند أبي يوسف يفتقر لبطلان النكاح
وعند محمد لا إلا أنه لا بد من الدعوة هنا لأن العدة لم تظهر في حقه بخلاف العتق
أفاده في الفتح
قوله ( لزمه ) لأن ولد أم الولد لا يحتاج إلى الدعوة لكنه ينتفي بالنفي فهل يصح نفيه هنا يراجع
رحمتي
قوله ( ولأكثر لا ) لم يذكر حكم تمام السنتين وتقدم حكاية الروايتين في معتدة البت وبحث البحر في معتدة الموت فينبغي أن يكون هنا كذلك ويأتي قريبا على أن التمام كالأقل
قوله ( إلا أن يدعيه ) أي في صورة العتق
قوله ( ولو تزوجت ) أي أم الولد
قوله ( وادعياه معا ) هذا ظاهر في صورة العتق والظاهر أن المراد في صورة الموت ادعاه ورثته لقيامهم مقامه
تأمل
قوله ( كان للمولى اتفاقا ) كذا في عدة البحر عن الخانية فقد ثبت النسب هنا بالولادة لتمام السنتين فكان التمام في حكم الأقل
قوله ( لكونها معتد ) أي من المولى ونكاح الزوج باطل فيكون الولد لصاحب العدة إذا ادعاه
قوله ( بخلاف ما لو تزوجت ) أي فولدت لستة أشهر فأكثر مذ تزوجت فادعياه
بحر عن الخانية
قوله ( فإنه للزوج اتفاقا ) لعل وجهه أنها لما لزمها العدة منه للوطء بشبهة العقد وحرم على المولى وطؤها لذلك كان إثباته لصاحب العدة أولى لأنه المستفرش حقيقة وإن كان فاسدا
تأمل ثم لا يخفى أن الكلام الآن في أم ولد لم يعتقها مولاها فافهم
قوله ( لفساد نكاح الآخر ) ينافي ما تقدم من أن العبرة للفراش الحقيقي ولو فاسدا فالأولى التعليل بعدم إمكان جعله من الثاني لعدم أقل مدة الحمل
رحمتي
وتعليل الشارح لم أره في البحر
قوله ( فالولد للثاني ) لإمكانه مع تعذر كونه من الأول
قوله ( ولو لأقل من نصفه ) أي مع كونه لأكثر من سنتين مذ بانت
قوله ( لم يلزم الأول ولا الثاني ) لأن النساء لا يلدن لأكثر من سنتين ولا لأقل من ستة أشهر
كافي الحاكم
قوله ( والنكاح صحيح ) أي عندهما
____________________
(3/554)
وعند أبي يوسف فاسد لأنه إذا لم يثبت من الثاني كان من الزنا ونكاح الحامل من الزنا صحيح عندهما لا عنده كذا في البدائع وتبعه في البحر ولم يظهر لي وجهه لأنه إذا لم يثبت من واحد منهما علم أنه من غيرهما ولا يلزم أن يكون من الزنا لاحتمال كونه بشبهة ولا يصح النكاح إلا إذا علم أنه من زنا
ففي الزيلعي وغيره لو ولدت المنكوحة لأقل من ستة أشهر مذ تزوجها لم يثبت النسب لأن العلوق سابق على النكاح ويفسد النكاح لاحتمال أنه من زوج آخر بنكاح صحيح أو بشبهة اه
فليتأمل
قوله ( ولو لأقل منهما ) أي لأقل من سنتين من وقت الطلاق ولنصفه أي لنصف حول من وقت تزوج الثاني فقد أمكن هنا جعله من الأول أو من الثاني
قوله ( لكنه نقل هنا ) أي في هذا الباب قبيل قوله إلا أن يدعيه أي والنص هو المتبع فلا يعول على البحث معه ط
قوله ( دليل انقضاء عدتها ) فكان بمنزلة ما إذا أقرت بانقضائها
قوله ( إن أمكن إثباته منه ) أما إذا لم يمكن بأن جاءت به لأكثر من سنتين مذ كانت ولستة أشهر مذ تزوجت فهو للثاني كما في البحر عن البدائع
قوله ( ولو نكح امرأة ) الأولى نكحها ليعود الضمير على معتدة البائن وإن كان الحكم أعم لكن ليوافق آخر الكلام
قوله ( فنسبه للثني ) أي وجاز النكاح
بحر
قوله ( فنسبه للأول ) لأن الخلق لا يستبين إلا في مائة وعشرين يوما فيكون أربعين يوما نطفة وأربعين علقة وأربعين مضغة
بحر عن الولوالجية
وقدمنا في العدة كلاما فيه
قوله ( لأنه نكاح باطل ) أي فالوطء فيه زنا لا يثبت به النسب بخلاف الفاسد فإنه وطء بشبهة فيثبت به النسب ولذا تكون بالفاسد فراشا لا بالباطل
رحمتي
والله سبحانه أعلم
باب الحضانة لما ذكر ثبوت نسب الولد عقيب أحوال المعتدة ذكر من يكون عنده الولد
فتح
قوله ( بفتح الحاء وكسرها ) كذا في المصباح والبحر عن المغرب لكن في القاموس حضن الصبي حضنا وحضانة بالكسر جعله في حضنه أو رباه كاحتضنه ثم قال وحضن فلانا حضنا وحضانة بفتحهما نحاه عنه
قوله ( تربية الولد ) هذا على إطلاقه معناه اللغوي أما الشرعي فهو تربية الولد لمن له حق الحضانة كما أفاده القهستاني
قوله ( تثبت للأم ) ظاهره أن الحق لها وقيل للولد وسيأتي الكلام عليه
مطلب شروط الحاضنة قال الرملي ويشترط في الحاضنة أن تكون حرة بالغة عاقلة أمينة قادرة
وأن تخلو من زوج أجنبي وكذا في الحاضن الذي سوى الشرط الأخير هذا ما يؤخذ من كلامهم اه
____________________
(3/555)
قلت وينبغي أن يزيد بعد قوله حرة أو مكاتبة ولدت في الكتابة وأن يزيد أن تكون رحما محرما ولم تكن مرتدة ولم تمسكه في بيت المبغض للولد ولم تمتنع عن تربيته مجانا عند إعسار الأب وسيأتي بيان ذلك كله والمراد بكونها أمينة أن لا يضيع الولد عندها باشتغالها عنه بالخروج من منزلها كل وقت
وأفتى بعض المتأخرين بأن المراهقة لها حق الحضانة لقول العيني أحكام المراهقين أحكام البالغين في سائر التصرفات
قلت لا يخفى أن هذا عند ادعاء البلوغ وإلا فهو في حكم القاصر كما حققناه في تنقيح الحامدية وأفتى به الخير الرملي
وهل يشترط كونها بصيرة ففي الأشباه في أحكام الأعمى ولم أر حكم ذبحه وصيده وحضانته ورؤيته لما اشتراه بالوصف وينبغي أن يكره ذبحه
وأما حضانته فإن أمكنه حفظ المحضون كان أهلا وإلا فلا اه
وهو بحث وجيه وهو معلوم من قول الرملي قادرة كما يعلم منه حكم ما إذا كانت مريضة أو كبيرة عاجزة
قوله ( النسبية ) احترز به عن الأم الرضاعية فلا تثبت لها اه ح
وكذا الأخ رضاعا ونحوها
قوله ( ولو كتابية أو مجوسية ) لأن الشفقة لا تختلف باختلاف الدين
وصورة الثانية أن يكونا مجوسيين ترافعا إلينا أو أسلم الزوج وحده وسيأتي تقييده بما إذا لم يعقل الولد دينا
قوله ( أو بعد الفرقة ) عطف على مدخول لو إشارة إلى عدم اختصاص الحضانة بما بعدها فتربية الولد في حال قيام النكاح تسمى حضانة
قوله ( لأنها تحبس ) أي وتضرب فلا تتفرغ للحضانة
بحر
قوله ( كما في البحر والنهر بحثا ) قال في البحر وينبغي أن يكون المراد بالفسق في كلامهم هنا الزنا المقتضي لاشتغال الأم عن الولد بالخروج من المنزل ونحوه لا مطلقة الصادق بترك الصلاة لما سيأتي أن الذمية أحق بولدها المسلم ما لم يعقل الأديان فالفاسقة المسلمة أولى
قال في النهر وأقول في قصره على الزنا قصور إذ لو كانت سارقة أو مغنية أو نائحة فالحكم كذلك وعلى هذا فالمراد فسق يضيع الولد به اه
ويمكن حمل ما في البحر عليه بأن يكون قوله ونحوه مرفوعا عطفا على الزنا
ثم رأيت الخير الرملي أجاب كذلك
قال ح وعلى هذا لو كانت صالحة كثيرة الصلاة قد استولى عليها محبة الله تعالى وخوفه حتى شغلاها عن الولد ولزم ضياعه انتزع منها ولم أره اه
قوله ( قال المصنف الخ ) عبارته بعد أن نقل عبارة البحر لكن عندي في الاستدلال عليه بما ذكر نظر لأن الذمية إنما تفعل ما تفعل مما يوجب الفسق على جهة اعتقاده دينا لها فكيف يلحق بها الفاسقة المسلمة فالذي يظهر إجراء كلام الكمال وغيره على أطلاقه كما هو مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه من أن الفاسقة بترك الصلاة لا حضانة لها اه
وبعد ما علمت أن المناط هو الضياع حققت أن بحث المصنف لا حاصل له اه ح
قوله ( وفي القنية اخ ) فيه رد على ما قاله المصنف والعجب أن المصنف نقله عقب عبارته السابقة
قوله ( ما لم يعقل ذلك ) أي ما لم يعقل الولد حالها وحينئذ يجب تقييد الفجور بأن لا يلزم منه ضياع الولد كما لا يخفى
وفي النهر ما لم تفعل ذلك وفسره بقوله أي ما لم يثبت فعله عنها وهو صحيح أيضا اه ح
وفيه أن قول القنية معروفة بالفجور يقتضي فعلها له ط
فالمناسب الأول وتكون الفاجرة بمنزلة الكتابية فإن الولد يبقى عندها إلى أن يعقل الأديان كما سيأتي خوفا عليه من تعلمه منها ما تفعله فكذا الفاجرة
وقد جزم الرملي بأن ما في النهر تصحيف
____________________
(3/556)
والحاصل أن الحاضنة إن كانت فاسقة فسقا يلزم منه ضياع الولد عندها سقط حقها وإلا فهي أحق به إلى أن يعقل فينزع منها كالكتابية
قوله ( بأن تخرج كل وقت الخ ) المراد كثرة الخروج لأن المدار على ترك الولد ضائعا والولد في حكم الأمانة عندها ومضيع الأمانة لا يستأمن ولا يلزم أن يكون خروجها لمعصية ختى يستغني عنه بما قبله فإنه قد يكون لغيرها كما لو كانت قابلة أو غاسلة أو بلانة أو نحو ذلك ولذا قال في الفتح إن كانت فاسقة أو تخرج كل وقت الخ فعطفه على الفاسقة يفيد ما قلنا فافهم
قوله ( أو أم ولد ) أي طلقها زوجها أما إذا أعتقها مولاها فهي بمنزلة المطلقة الحرة كما في كافي الحاكم
قوله ( ولدت ذلك الولد قبل الكتابة ) أما لو بعدها فهي أحق به لدخوله تحت الكتابة
فتح عن التحفة
ومثله في البحر
ومقتضى هذا أنها بعد الكتابة لا يثبت لها حق في المولود قبلها وإن 2 لللم تبق مشغولة بخدمة المولى لأنه لم يدخل في كتابتها فبقي قنا مملوكا للمولى من كل وجه فصار كولد القنة لو أعتقت ويدل عليه أيضا قول الكنز ولا حق للأمة وأم الولد ما لم يعتقا
قال في الدرر فإذا عتقا كان لهما حق الحضانة في أولادهما الأحرار لأنهما وأولادهما أحرار حال ثبوت الحق اه
فافهم
قوله ( لكن إن كان الولد الخ ) قال في البحر ولم يذكر المصنف أن الحق في حضانة ولد الأمة للمولى أو لغيره
والحق التفصيل فإن كان الصغير رقيقا فمولاه أحق به حرا كان أبوه أو عبدا وكذا لو عتقت أمه بعد وضعه فلا حق لها في حضانته إنما الحق للمولى سواء كانت منكوحة أبيه أو فارقها لأنه مملوكة
وأما إذا كان أي الصغير حرا فالحضانة لأقربائه الأحرار إن كانت أمه أمة لا لمولاها ولا لمولاة الذي أعتقه وإن أعتقت كانت الحضانة لها اه
قوله ( كن أحق به ) قال في الدرر ولا يفرق بينه وبين أمه إن كان في ملكه اه
ونحوه في البحر فالمراد بالأحقية عدم التفريق بينهما فلا ينافي ما تقدم من كون الحق للمولى
تأمل
قوله ( بغير محرم ) أي من جهة الرحم فلو كان محرما غير رحم كالعم رضاعا أو رحما من النسب محرما من الرضاع كابن عمه نسبا هو عمه رضاعا فهو كالأجنبي ط
قوله ( والحال أن الأب معسر ) كذا قيده في الخانية والبزازية الخلاصة والظهيرية وكثر من الكتب
وظاهره تخلف الحكم المذكور مع يساره لأن المفهوم في التصانيف حجة يعمل به
رملي
وفي الشرنبلالية تقييد الدفع للعمة بيسارها وإعسار الأب يفيد أن الأب الموسر يجبر على دفع الأجرة للأم نظرا للصغير اه
قلت والمراد من هذه الأجرة أجرة الحضانة كماهو مفهوم من سياق كلام المصنف تبعا للفتح والدرر والبحر خلافا لما في العزمية على الدرر من أنها أجرة الرضاع والمراد بيسار العمة قدرتها على الإنفاق على الولد كما هو ظاهر إذ لا وجه لتقديره بنصاب
قوله ( والعمة تقبل ذلك ) أي ولم يوجد أحد ممن هو مقدم على العمة متبرعا بمثل العمة ومع ذلك يشترط أن تكون متزوجة بغير محرم للصغير
شرنبلالية
قوله ( ولا تمنعه عن الأم ) أي عن رؤيتها له وتعهدها إياه
قوله ( أو تدفعيه للعمة ) صريح في أنه ينزع من الأم مع أن الأم لو طلبت أجرا على الإرضاع ووجدت متبرعة به قدمت وترضعه عند الأم كما صرح به في البدائع ولكن هذا إذا بقيت مستحقة للحضانة
وفي مسألتنا سقط حقها منها فلذا ينزع منها
ومثله ما لو تزوجت بأجنبي وصارت الحضانة لغيرها كالأخت
____________________
(3/557)
فإنها لا يلزمها أن تربيه أو ترضعه عند الأم
قوله ( على المذهب ) لم أر هذه العبارة لغيره وإنما قالوا على الصحيح وهذا لا يلزم أن يكون من نص المذهب بل يحتمل التخريج
تأمل ومقابله ما قيل إن الأم أولى
قوله ( مجتبى ) هو شرح الزاهدي على مختصر القدوري وذلك حيث قال في النفقات وهل يرجع العم أو العمة على الأب إذا أيسر بما أنفق على الصغير ثم رمز لبعض الكتب لا يرجع من يؤدي النفقة على الأب ولا على الابن بخلاف الأم إذا أيسر زوجها ثم رمز يرجع ثم رمز فيه اختلاف المشايخ اه
وهذا مفروض فيما إذا كان الأب معسرا ووجبت نفقة الولد على عمه أو عمته أو أمه فالأم ترجع على الأب إذا أيسر وفي العم والعمة الخلاف المذكور فلا محل لذكر هذا هنا ولا لذكر العم لأن الكلام في العمة إذا أخذته لتحضنه مجانا وإذا كان لها الرجوع فلا فائدة في أخذه من الأم إلا أن يقال مراده أن لا ترجع بأجرة الحضانة وأما النفقة على الولد إذا لم تتبرع بها فهل لها الرجوع بها على الأب قيل نعم
تأمل
قوله ( والعمة ليست بقيد الخ ) هو بحث لصاحب البحر ذكر في الباب الآتي
قال بل كل حاضنة كذلك بالأولى لأنها من قرابة الأم
وقال ولم أر من صرح بأن الأجنبية كالعمة إذا كانت متبرعة
ولا تقاس على العمة لأنها حاضنة في الجملة وقد كثر السؤال عنها في زماننا
وظاهر المتون أن الأم تأخذ بأجر المثل ولا تكون الأجنبية أولى بخلاف العمة إلا أن يوجد نقل اه
قلت وفي القهستاني بعد كلام ما نصه وفيه إشارة إلى أنها أي الأم أولى من المحرم وإن طلبت أجرا والمحرم لم يطلبه
والأصح أن يقال لها أمسكيه أو ادفعيه إلى المحرم كما في النظم اه
فهذا ظاهر في أن العمة غير قيد بل مثلها بقية المحارم وفي أن غير المحرم ليس كذلك
وفي حاشية الخير الرملي على البحر أن هذا تفقه حسن صحيح
قال وقد سئلت عن صغيرة لها أم تطلب زيادة على أجر المثل وبنت ابن عم تريد حضانتها مجانا فأجبت بأنها تدفع للأم لكن بأجر المثل فقط لأن تلك كالأجنبية لا حق لها في الحضانة أصلا فلا يعتبر تبرعها لأن في دفع الصغير إليها ضررا به فلا يعتبر معه الضرر في المال لأن حرمته دون حرمته ولذا يختلف الحكم في نحو العمة والحالة عند اليسار فلا يدفع إليهما إذ لا ضرر على الموسر في دفع الأجرة وبه تتحرر هذه المسألة فاغتنمه فقد قل من تفطن له اه
قلت ويؤيده أنه لو كان الأب حيا وطلبت الأم النفقة من مال الولد وأراد الأب تربيته عنده بمال نفسه لا يسقط حق الأم مع أن الأب أشفق من الأجنبية نعم لو كان للأب أم أو أخت عنده تحضن الولد مجانا ولا يرضى من هو أحق منها إلا بأجرة فلها أن تربيه عند الأب وهذه تقع كثيرا لكن هذا إذا طلبت الأم أجرة على الحضانة فلو تبرعت بالحضانة وطلبت الأجرة على الإرضاع وقال الأب إن أمي أو أختي ترضعه مجانا تكون أولى ولكن يقال لها أرضعيه في بيت الأم لأن ذلك لا يسقط حضانتها كما علم مما مر فتنبه لذلك
قوله ( بلا نفقة ) أي من مال الصغير الموروث له من أبيه
فتح
وظاهره أن المراد نفقة الصبي
والظاهر أن أجرة الحضانة كذلك
تأمل
قوله ( إيقاء لماله ) هذا تعليل من المنصف فإنه بعد أن نقل في المنح كلام المنية قال وله وجه وجيه لأن رعاية المصلحة في إبقاء ماله أولى من مراعاة عدم لحوق الضرر الذي يحصل له لكونه عند الأجنبي اه
والمراد بالأجنبي زوج الأم وفيه نظر فإن الوصي أجنبي كزوج الأم إذا لم يذكر أنه رحم محرم منه فالأولى الاقتصار على أن
____________________
(3/558)
في دفعه للأم مصلحة زائدة وهي إبقاء ماله فكانت أولى بل فيه مصلحة أخرى وهي كون الأم أشفق عليه من الوصي وهي أهل للحضانة في الجملة بخلاف الوصي
ولا يخالف هذا ما قدمناه آنفا عن الرملي حيث لم يعتبر الضرر في المال لأن ذاك عند لزوم دفعه للأجنبية التي لا حق لها في الحضانة أصلا بخلاف ما هنا حتى لو طلبت الأم المتزوجة بالأجنبي تربيته بنفقة مقدرة وتبرع الوصي ينبغي أن يدفع إليها أيضا على قياس ما ذكره الرملي ولا يعتبر تبرع الوصي تأمل
ثم لا يخفى أن هذا كله عند عدم وجود متبرع من أهل الحضانة كالعمة أو الخالة وإلا فهي أحق من الأم والأجنبي
تنبيه وقعت حادثة الفتوى سئلت عنها قديما وهي صغير ماتت أمه وتركت له مالا وله أب معسر وجدة أم أم وجدة أم أب متزوجة بجده أرادت أم أمه تربيته بأجر وأم أبيه ترضى بذلك مجانا
فأجبت بأنه يدفع للمتبرعة أخذا مما هنا فإنه إذا دفع للأم الساقطة الحضانة إبقاء لماله مع كونها تربيه في حجر زوجها الأجنبي فبالأولى دفعه لأم أبيه المتبرعة إبقاء لماله مع كونه في حجر أبيه وجده الشفوقين عليه وكنت جمعت فيها رسالة سميتها ( الإبانة عن أخذ الأجر على الحضانة ) والله أعلم
قوله ( والتزمه ابن عمه مجانا ) في بعض النسخ والتزم ابن العم أن يربيه مجانا وهي أظهر
قوله ( ولا حاضنة له ) أما لو كان له حاضنة كالعمة أو الخالة فهي أولى من أمه لسقوط حقها بالتزوج بأجنبي ومن ابن العم لتقدمها عليه والظاهر أنها أولى وإن طلبت النفقة لأنها الحاضنة حقيقة
قوله ( فله ذلك ) أي الالتزام المفهوم من التزمه
ووجهه أن ابن العم له حق حضانة الغلام حيث لا حاضنة غيره والأم ساقطة الحضانة هنا
والظاهر أن له ذلك وإن طلب النفقة أيضا لأنه هو الحاضن حقيقة ثم رأيت السائحاني كتب كذلك
قوله ( ولا تجبر عليها ) أي على الحاضنة
والصواب أن يقول ولا تجبر على الإرضاع كما سيذكره المصنف في باب النفقة حيث قال وليس على أمه إرضاعه إلا إذا تعينت وبهذا تندفع المنافاة بينه وبين قوله ولا تقدر الحاضنة الخفإنه بمعنى أنها تجبر على الحضانة وهو أحد قولين في المسألة كما يأتي وإلا فكيف يصح أن يمشي على قولين متقابلين
قوله ( بأن لم يأخذ الخ ) هذا ذكره في الخانية في مقام تعينها للإرضاع فهو مؤيد لما صوبناه وقوله وسيجيء في النفقة مؤيد لما قلنا أيضا فإنه هو الذي سيجيء هناك
قوله ( فتنتقل للجدة ) أي تنتقل الحضانة لمن يلي الأم في الاستحقاق كالجدة إن كانت وإلا فلمن يليها فيما يظهر واستظهر الرحمتي أن هذا الإسقاط لا يدوم فلها الرجوع لأن حقها يثبت شيئا فشيئا فيسقط الكائن لا المستقبل اه أي فهو كإسقاطها القسم لضرتها فلا يرد أن الساقط لا يعود لأن العائد غير الساقط بخلاف إسقاط حق الشفعة
ثم رأيت بخط بعض العلماء وعن المفتي أبي السعود مسألة في رجل طلق زوجته ولها ولد صغير منه وأسقطت حقها من الحضانة وحكم بذلك حاكم فهل لها الرجوع بأخذ الولد الجواب نعم لها ذلك فإن أقوى الحقين في الحضانة للصغيرة ولئن أسقطت الزوجة حقها فلا تقدر على إسقاط حقه أبدا اه
قوله ( ولا تقدر الحاضنة الخ ) اختلف في الحضانة هل هي حق الحاضنة أو حق الولد فقيل بالأول فلا تجبر إذا امتنعت ورجحه غير واحد
____________________
(3/559)
وعليه الفتوى
وقيل بالثاني فتجبر واختاره الفقهاء الثلاثة أبو الليث والهندواني وخواهر زاده وأيده في الفتح بما في كافي الحاكم الشهيد الذي هو جمع كلام محمد من مسألة الخلع المذكورة قال فأفاد أي كلام الحاكم أن قول الفقهاء جواب ظاهر الرواية
قال في البحر فالترجيح قد اختلف والأولى الإفتاء بقول الفقهاء الثلاثة لكن قيده في الظهيرية بأن لا يكون للصغير ذو رحم محرم فحينئذ تجبر الأم كي لا يضيع الولد أما لو امتنعت الأم وكان له جدة رضيت بإمساكه دفع إليها لأن الحضانة كانت حقا للأم فصح إسقاطها حقها وعزى هذا التفصيل للفقهاء الثلاثة
وعلله في المحيط بأنها لما أسقطت حقها بقي حق الولد فصارت بمنزلة الميتة أو المتزوجة فتكون الجدة أولى اه ما في البحر ملخصا
قلت ويؤخذ من هذا التوفيق بين القولين وذلك أن ما في المحيط يدل على أن لكل من الحاضنة والمحضون حقا في الحضانة ومثله ما قدمناه عن المفتي أبي السعود فقول من قال إنها حق الحاضنة فلا تجبر محمول على ما إذا لم تتعين لها واقتصر على أنها حقها لأن المحضون حينئذ لا يضيع حقه لوجود من يحضنه غيرها ومن قال إنها حق المحضون فتجبر محمول على ما إذا تعينت واقتصر على أنها حقه لعدم من يحضنه غيرها
والدليل على ذلك أيضا ما مر عن الظهيرية حيث عزى إلى الفقهاء الثلاثة القائلين بالجبر إنها تجبر عندهم إذا لم يوجد غيرها لا إذا وجد
وأما قوله في النهر إن ما في الظهيرية ليس بظاهر لما في الفتح من أنه لم يوجد غيرها أجبرت بلا خلاف ففيه نظر لأنه على ما علمت من التوفيق يرتفع الخلاف أصلا وإن كان حكاية القولين تفيد الخلاف فيماإذا وجد غيرها ولكن حيث أمكن التوفيق كان أولى ويكون الخلاف لفظيا وكم له من نظير فاغتنم هذا التحرير
قوله ( لأنه ) أي الحضانة وذكر الضمير نظرا للخبر ط
قوله ( أجبرت بلا خلاف ) ولو وجد غيرها لم تجبر بلا خلاف أيضا على ما ذكرناه من التوفيق
قوله ( وهذا يعم الخ ) أي قوله ولو لم يوجد غيرها يشمل عدم الوجود حقيقة وعدمه حكما بأن وجد غيرها وامتنع
وعبارة البحر هكذا وظاهر كلامهم أن الأم إذا امتنعت وعرض على من دونها من الحاضنات فامتنعت أجبرت الأم لا من دونها
قوله ( وحينئذ ) أي حين لم يوجد غيرها فلا أجرة لها لأنها قامت بأمر واجب عليها شرعا ط
وعبارة الجوهرة إذا كان لا يوجد سواها تجبر على إرضاعه صيانة له عن الهلاك وعليه لا أجرة لها اه
فكلام الجوهرة في الرضاع وكأن الشارح قاس الحضانة عليه لكن الظاهر أن ما في الجوهرة بحث منه كما يشعر به قوله وعليه لا أجرة لها
ويخالفه ما في الهندية وغيرها لو استؤجر له من ترضعه شهرا ثم مضى ولم يأخذ ثدي غيرها تجبر على إبقاء الإجارة فإن مقتضاه أنها تستحق الأجرة وإلا لقيل تجبر على الإرضاع مجانا
ورأيت بخط شيخ مشايخنا السائحاني قال البرجندي تجبر الأم على الحضانة إذا لم يكن لها زوج والنفقة على الأب
وفي المنصورية أن أم الصغيرة إذا امتنعت عن إمساكها ولا زوج للأم تجبر عليه وعليه الفتوى
وقال الفقيه أبو جعفر تجبر وينفق عليها من مال الصغيرة وبه أخذ الفقيه أبو الليث فهذا نص في أن الأجرة تؤخذ مع
____________________
(3/560)
الجبر اه
ويأتي بيان وجهه قريبا
قوله ( إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لأبيه ) هذا قيد فيما إذا كانت الحاضنة أما فلو كانت غيرها فالظاهر استحقاقها أجرة الحضانة بالأولى وقوله لأبيه احتراز عما لو كانت في نكاح أو عدة رجل غير الأب فإنها تستحق الأجرة عليها لكن إذا كان الناكح محرما للصغير وإلا فلا حضانة لها كما مر هذا
وقال المصنف في المنح وعندي أنه لا حاجة إلى قوله إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لأن الظاهر وجوب أجرة الحضانة لها إذا كانت أهلا وما ذكر إنما هو شرط لوجوب أجر الرضاع لها لأنها إنما تستأجر له إذا لم تكن منكوحة أو معتدة اه
ونازعه الخير الرملي في حاشيته على المنح بأن امتناع وجوب أجر الرضاع للمنكوحة ومعتدة الرجعي لوجوبه عليها ديانة وذلك موجود في الحضانة بل دعوى الأولوية فيها غير بعيد إلى آخر ما قاله
قلت على أنك قد علمت مما قدمناه آنفا أن الأجرة تستحق مع وجود الجبر فلا تنافي الوجوب ولعل وجهه أن نفقة الصغير لما وجبت على أبيه لو غنيا وإلا فمن مال الصغير كان من جملتها الإنفاق على حاضنته التي حبست نفسها لأجله عن التزوج ومثلها أجرة إرضاعه فلم تكن أجرة خالصة من كل وجه حتى ينافيها الوجوب بل لها شبه الأجرة وشبه النفقة فإذا كانت منكوحة أو معتدة لأبيه لم تستحق أجرة لا على الحضانة ولا على الإرضاع لوجوبهما عليها ديانة النفقة ثابتة لها بدونهما بخلاف ما بعد انقضاء العدة فإنها تستحقها عملا بشبه الأجرة وعن هذا كان الأوجه عدم الفرق بين معتدة الرجعي والبائن كما هو مقتضى إطلاق الكنز
وظاهر الهداية ترجيحه فإنه ذكر في الرضاع أن في معتدة البائن روايتين وآخر دليل عدم الجواز لكن ذكر في الجوهرة وغيرها تصحيح الجواز ويأتي تمامه في الباب الآتي
قوله ( وهي غير أجرة إرضاعه ونفقته ) قال في البحر فعلى هذا يجب على الأب ثلاثة أجرة الرضاع وأجرة الحضانة ونفقة الولد اه
ومثله في الشرنبلالية
قوله ( عن السراجية ) المراد بها هنا فتاوى سراج الدين قارئ الهداية فإنه في الباب الآتي عزي ذلك إليها صريحا فلا محل لترديد المصنف لأنه يحتمل أنه أراد بها الفتاوى السراجية المشهورة مع قوله لكني لم أقف على ذلك فيها فافهم لكن قوله إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لأبيه نقله في البحر عن السراجية ولم أره فيها فإن عبارة فتاوى قارئ الهداية سأل هل تستحق المطلقة أجرة بسبب حضانة ولدها خاصة من غير إرضاع له فأجاب نعم تسحتق أجرة على الحضانة وكذا إذا احتاج إلى خادم يلزم به اه
وأفتى بذلك أيضا صاحب البحر في فتاواه وكذا في الخيرية ومشى عليه في النهر
وقدمناه أنه مفهوم من قولهم في مسألة العمة والخال أن الأب معسر
قوله ( خلافا لما نقله المصنف ) حيث قال بعد نقل كلام قارئ الهداية لكن يشكل على هذا الإطلاق ما في جواهر الفتاوى قال سئل قاضي القضاة فخر الدين قاضيخان عن المبتوتة هل لها أجرة الحضانة بعد فطام الولد فقال لا والله تعالى أعلم اه
قلت يمكن حمل المبتوتة على المعتدة من طلاق بات فهو مبني على إحدى الروايتين في البائن كما قدمناه آنفا لكن التقييد بما بعد فطام الولد لم يظهر لي وجهه ولعله لكونه الواقع في حادثة الفتوى
صص
____________________
(3/561)
مطلب في لزوم أجرة مسكن الحضانة قوله ( وقال نجم عليه السكنى ) في نفقات البحر عن التفاريق لا تجب في الحضانة أجرة المسكن
وقال آخرون تجب إن كان للصبي مال وإلا فعلى من تجب عليه نفقته اه
وفي النهر وينبغي ترجيح عدم الوجوب لأن وجوب الأجر لا يستلزم وجوب المسكن بخلاف النفقة اه
قلت صاحب النهر ليس من أهل الترجيح فلا يعارض ترجيحه ترجيح نجم الأئمة ولا سيما مع ضعف تعليله فإن القول بوجوب أجرة المسكن ليس مبنيا على وجوب الأجر على الحضانة بل على وجوب نفقة الولد فقد تكون الحاضنة لا مسكن لها أصلا بل تسكن عند غيرها فكيف يلزمها أجرة مسكن لتحضن فيه الولد بل الوجه لزومه على من تلزمه نفقته فإن المسكن من النفقة
ونقل الخير الرملي عن المصنف أنه اختلف في لزومه والأظهر اللزوم كما في بعض المعتبرات قال الرملي وهذا يعلم من قولهم إذا احتاج الصغير لخادم يلزم الأب فإن احتياجه إلى المسكن مقرر اه
قلت واعتمده ابن الشحنة مخالفا لما اختاره ابن وهبان وشيخه الطرطوسي
والحاصل أن الأوجه لزومه لما قلنا لكن هذا إنما يظهر لو لم يكن لها مسكن أما لو كان لها مسكن يمكنها أن تحضن فيه الولد ويسكن تبعا لها فلا لعدم احتياجه إليه فينبغي أن يكون ذلك توفيقا بين القولين ويشير إليه قول أبي حفص وليس لها مسكن
ولا يخفى أن هذا هو الأرفق للمجانبين فليكن عليه العمل والله الموفق فافهم
قوله ( وكذا الخ ) قدمناه عن فتاوى قارئ الهداية
وله ( قال شيخنا ) يعني الخير الرملي في حواشيه على البحر فافهم
قوله ( وقواعدنا تقتضيه )
قلت ما قدمناه قريبا عن خط شيخ مشايخنا السائحاني صريح في ذلك فقد وافق بحثه المنقول
قوله ( ثم حرر ) أي الخير الرملي أن الحضانة كالرضاع أي في أنها لا أجر للأم فيها ولو منكوحة أو معتدة وإلا فلها الأجرة من مال الصغير إن كان له مال وإلا فمن مال أبيه أو من تلزمه نفقته هذا خلاصة ما حط عليه رأيه بعد كلام طويل وقد علمت تأييده بما نقلناه عن خط السائحاني
قلت وهذا كله حيث لم يوجد متبرع بالحضانة فإن وجد فإما أن يكون أجنبيا عن الصغير أو لا
وعلى كل فإما أن يكون الأب معسرا أو لا وعلى كل فإما أن يكون للصغير مال أو لا فإن كان أجنبيا يدفع للأهل للحضانة بأجر المثل ولو من مال الصغير وإن كان المتبرع غير أجنبي فإن كان الأب معسرا والصغير له مال أو لا يقال للأم إما أن تمسكيه مجانا أو تدفعيه للعمة مثلا المتبرعة صونا لماله لو له مال وإن كان الأب موسرا والصغير له مال فكذلك لأن الأجرة حينئذ على الصغير وإن كان الأب موسرا ولا مال للصغير فالأم مقدمة وإن طلبت الأجرة نظرا للصغير بلا ضرر له في ماله هذا حاصل ما تحرر للعبد الضعيف بناء على أن الحضانة كالرضاع وتمام ذلك في رسالتنا الإبانة عن أخذ الأجر على الحضانة
قوله ( أو لم تقبل أو أسقطت حقها ) مبني على عدم الجبر
____________________
(3/562)
كما لا يخفى ح
ومر الكلام فيه
قوله ( أو تزوجت بأجنبي ) أشمل من ذلك قول البحر أو لم تكن أهلا للحضانة فإنه يدخل ما لو كانت فاجرة أو غير مأمونة
قوله ( عند عدم أهلية القربى ) قيد لقوله وإن علت لأن البعيدة لا حق لها عند أهلية القربى
قوله ( بالشرط المذكور ) هو عدم أهلية القربى
قوله ( بحر ) أي أخذا من قول الخصاف إن أم أبي الأم لا تكون بمنزلة قرابة الأم من قبل أمها وكذا كل من كان من قبل أبي الأم اه
زاد في الولوالجية لأن هذا الحق لقرابة الأم
قال في البحر وظاهره تأخير أم أبي الأم عن أم الأب بل عن الخالة أيضا وقد صارت حادثة الفتوى اه
قال ط ووجه ذلك أن الأخت لأم والخالات متأخرات عن أم الأب فإذا كن أولى من أم أبي الأم لكونهن من قرابة الأم فمن كانت مقدمة عليهن وهي أم الأب أولى بالتقدم اه
تأمل
قوله ( ثم الأخت لأب وأم ) أي أخت الصغير لأن قرابة الأب وإن كانت لا مدخل لها فيما يعتبر وهو الإدلاء بالأم لكنها تصلح للترجيح خلافا لقول زفر باشتراكها مع الأخت لأم
أفاده الزيلعي
قوله ( لأن هذا الحق ) أي الحضانة وهذا علة لكون الأخت لأم تلي الأخت الشقيقة
قوله ( ثم الأخت لأب ) تقديمها على الخالة هو ما مشى عليه أصحاب المتون اعتبارا لقرب القرابة وتقديم المدلي بالأم على المدلي بالأب عند اتحاد رتبتهما قربا
قال في البحر وهذه رواية كتاب النكاح
وفي رواية كتاب الطلاق الخالة أولى لأنها تدلي بالأم وتلك بالأب
قوله ( ثم بنت الأخت لأبوين ثم لأم ) كونهما أحق من الخالة باتفاق الروايات وأما بنت الأخت لأب ففي رواية أحق
والصحيح أن الخالة أحق منها كما في البحر والزيلعي
قوله ( ثم لأب ) هذا ساقط من بعض النسخ وهو المناسب لما علمت من أن الصحيح خلافه مع مخالفته لما بعده
قوله ( ثم الخالات ) أي خالات الصغير
قوله ( ثم بنت الأخ لأب ) هذا هو الصحيح كما علمت وبه صرح في الخانية أيضا
قوله ( ثم بنات الأخت ) أي لأب وأم أو لأم أو لأب فيما يظهر ح أي على الترتيب
قال الزيلعي وبنات الأخت أولى من بنات الأخ لأن الأخت لها حق في الحضانة دون الأخ فكان المدلى بها أولى
قوله ( ثم العمات كذلك ) أي تقدم العمة لأب وأم ثم لأم ثم لأب ولم يذكر بنات الخالة والعمة لأنه لا حق لهن لأنهن غير محرم
بحر
ويأتي الكلام فيه
قوله ( ثم عمات الأمهات والآباء ) قياس ما ذكره في الخالات تقديم عمات الأم على عمات الأب ويفيده ما مر من أن هذا الحق لقرابة الأم وكذا ما في كافي الحاكم من قوله وكل من كان من قبل الأم فهو أولى ممن هو من قبل الأب
قوله ( بهذا الترتيب ) أي العمة لأبوين ثم لأم ثم لأب
وله ( ثم العصبات ) أي إن لم يكن للصغير أحد من محارمه النساء
بحر أو كان إلا أنه ساقط الحضانة لأنه كالمعدوم
رملي
قوله ( ثم الجد ) أي أبو الأب وإن علا
بحر
قوله ( ثم بنوه كذلك ) أي بنو الأخ الشقيق ثم بنو الأخ لأب وكذا كل من سفل من أولادهم
بحر قوله ( ثم العم ثم بنوه ) ينبغي أن يقول كذلك لما في البحر والفتح ثم العم شقيق الأب ثم لأب وأما أولاده فيدفع إليهم الغلام لا الصغيرة لأنهم غير محارم
قوله ( وإذا اجتمعوا الخ ) أي كعمين ط
وينبغي أسقاطه والاستغناء عنه بما سيأتي فإن راجع للكل ح
____________________
(3/563)
قوله ( سوى فاسق ) استثناء من قوله ثم العصبات
قال في البحر ولا للعصبة الفاسق ولا إلى مولى العتاقة تحرزا عن الفتنة اه
مطلب لو كانت لإخوة أو لأعمام غير مأمونين لا تسلم المحضونة إليهم
وفي البدائع حتى لو كانت الإخوة والأعمام غير مأمونين على نفسها أو مالها لا تسلم إليها وينظر القاضي امرأة ثقة عدلة أمينة فيسلمها إليها إلى أن تبلغ
قوله ( ومعتوه ) في نسخة ومعتق أي بكسر التاء لقول البحر المار ولا إلى مولى العتاقة
وفي الفتح ويدفع الذكر إلى مولى العتقاة لأنه آخر العصبات ولا تدفع الأنثى إليه اه
قلت ينبغي أنه لو كان مولى العتاقة امرأة أن تدفع الأنثى إليها دون الذكر
تنبيه اشترط في البدائع في العصبة اتحاد الدين حتى لو كان للصبي اليهودي أخوان أحدهما مسلم يدفع لليهودي لأنه عصبته لا للمسلم اه
قوله ( وابن عم لمشتهاة الخ ) أما إذا كانت لا تشتهي كبت سنة مثلا فلا منع لأنه لا فتنة وكذا إذا كانت تشتهي وكان مأمونا
بحر بحثا
وأيده بما في التحفة وإن لم يكن للجارية غير ابن العم فالاختيار للقاضي إن رآه أصلح ضمها إليه وإلا توضع عل يد أمينة اه
قلت ما في التحفة علله في شرحها البدائع بقوله لأن الولاية في هذه الحالة إليه فيراعي الأصح اه
وهو ظاهر في أنه لا حق لابن العم في الجارية مطلقا وأن للقاضي دفعها لأجنبية ولو مأمونا حيث رأى المصلحة في ذلك ولو كان الحق له لم يكن للقاضي الاختيار
وقد رد الرملي ما بحثه في البحر بنحو ما قلنا وبتعليلهم بأن ابن العم غير محرم وأنه لا حق لغير المحرم
قال ولعل وجهه أنه لو ثبت له حضانتها كانت عنده إلى أن تشتهي فتقع الفتنة فحسم من أصله
قوله ( ثم إذا لم يكن عصبة الخ ) أفاد أن العصبات مقدمون على ذوي الأرحام الذكور والمراد العصبة المستحق إذ لو لم يستحق كابن عم لجارية يقدم عليه مثل الأخ لأم والحال كما صرح به في البدائع والمراد بذوي الأرحام من كان منهم محرما احترازا عن ابن العمة والخالة كما يأتي
قوله ( فتدفع لأخ لأم ) كان ينبغي أن يذكر أولا الجد لأم
ففي الهندية إنه أولى من الأخ لأم والخال اه
قوله ( ثم لأم ) الذي في الشرنبلالية عن البرهان وكذا في الفتح ثم لأب ثم لأم
قوله ( برهان وعيني بحر ) كذا في بعض النسخ وسقط من بعضها لفظ بحر
وهو الأولى لأنه في البحر لم يعزه إلى البرهان والعيني
قوله ( فإن تساووا ) كإخوة أشقاء مثلا
قوله ( ولا حق لولد عم الأخ ) كان المناسب التعبير بالبنات بدل الولد لأن الولد يشمل الذكر والأنثى وقد مر أن ابن العم له حق في الغلام دون الجارية
وأما الفرق بين الجارية المشتهاة وغيرها فقد علمت ما فيه فافهم
وفي البحر لا حق لبنات العمة والخالة لأنهن غير محرم وكذلك بنات الأعمام والأخوال بالأولى كذا في كثير من الكتب اه
ووجه الأولوية أن العمة والخالة مقدمتان على العم والخال مع أنه لا حق لبناتهما ومقتضاه أنه لا حق لبنت العمة ونحوها في حضانة الجارية ولا لابن العمة في حضانة الغلام وينبغي إجراء التفصيل المذكور في ابن عم هنا ولم أر من ذكره
تأمل
وسئلت عن صغير له جد أبو أم وبنت عمة ولا شبهة أن الحضانة للجد كما علمته مما ذكرناه عن الهندية أما لو كان الصغير أنثى فإن قلنا إن لبنت العمة حقا في الأنثى ينبغي تقديمها على الجد لأم لأن النساء أقدر لكنه خلاف ما مر عن الهندية فليتأمل
قوله ( والحاضنة الذمية ) أشار إلى أن ما في الكنز من التقييد بالأم اتفاقي
____________________
(3/564)
بل كل حاضنة ذمية كذلك كما صرح به في خزانة الأكمل
بحر
قوله ( ولو مجوسية ) بأن أسلم زوجها وأبت
قوله ( بسبع سنين ) فائدة هذا تظهر في الأنثى لأن الذكر تنتهي حضانته بالسبع
حموي
قوله ( أو إلى أن يخاف ) أشار إلى أن قول المصنف أو يخاف منصوب بأن مضمرة بعد أو التي بمعنى إلى كما في الفتح وهذا زاده في الهداية فظاهره أنه إذا خيف أن يألف الكفر نزع منها وإن لم يعقل دينا
بحر
قال ط ولم يمثلوا لآلف الكفر
والظاهر أن يفسر سببه بنحو أخذه لمعابدهم
وفي الفتح وتمنع أن تغذيه الخمر ولحم الخنزير وإن خيف ضم إلى ناس من المسلمين
وقول البحر لم ينزع منها بل يضم إلى أناس من المسلمين فيه تحريف
والظاهر أن لم زائدة وإلا تناقض
تأمل
قوله ( بنكاح غير محرمة ) أي سواء دخل بها أو لا وكان ينبغي أن يقول غير محرمة النسبي لأن الرضاعي كالأجنبي في سقوط حضانتها به
رملي
قلت ينبغي أنه لو لم يكن للغلام سوى ابني عم تزوجت أمه أحدهما أن لا يسقط حقها لأن الآخر أجنبي مثله فلا فائدة في دفعه إليه بل إبقاؤه عندها أولى
واحترز عما كان زوج الجدة الجد أو زوج الأم أو الخالة العم ونحوه
قوله ( في بيت الراب ) بتشديد الباء اسم فاعل من التربية وهو زوج الأم والولد ربيب له
قوله ( فللأب أخذه ) أي إلا إذا لم يكن لها مسكن وطلبت من الأب أن يسكنها في مسكن فإن السكنى في الحضانة عليه كما مر
قوله ( للفرق البين الخ ) استظهر هذا الخير الرملي أيضا بقولهم إن زوج الأم الأجنبي يطعمه نزرا أي قليلا وينظر إليه شزرا أي نظر البغض وهذا مفقود في الأجنبي عن الحاضنة
قال ح وفي النفس من هذا الفرق شيء فإن الراب إذا كان كذلك فالأجنبي أولى كما هو المشاهد اه
قلت الأصوب التفصيل وهو أن الحاضنة إذا كانت تأكل وحدها وابنها معها فلها حق لأن الأجنبي لا سبيل له عليها ولا على ولدها بخلاف ما إذا كانت في عيال ذلك الأجنبي أو كانت زوجة له وأنت علمت أن سقوط الحضانة بذلك لدفع الضرر عن الصغير فينبغي للمفتي أن يكون ذا بصيرة ليراعي الأصلح للولد فإنه قد يكون له قريب مبغض له يتمنى موته ويكون زوج أمه مشفقا عليه يعز عليه فراقه فيريد قريبه أخذه منها ليؤذيه ويؤذيها أو ليأكل من نفقته أو نحو ذلك وقد يكون له زوجة تؤذيه أضعاف ما يؤذيه زوج أمه الأجنبي وقد يكون له أولاد يخشى على البنت منهم الفتنة لسكناها معهم فإذا علم المفتي أو القاضي شيئا من ذلك لا يحل له نزعه من أمه لأن مدار أمر الحضانة على نفع الولد وقد مر عن البدائع لو كانت الإخوة والأعمام غير مأمونين على نفسها أو مالها لا تسلم إليهم وقدمنا في العدة عن الفتح عند قوله إن المختلعة لا تخرج من بيتها في الأصح أن الحق أن على المفتي أن ينظر في خصوص الوقائع فإن علم عجزها عن المعيشة إن لم تخرج أفتاها بالحل لا إن علم قدرتها
قوله ( قال ) أي في النهر وأصله للبحر حيث قال ودخل تحت غير المحرم الرحم الذي ليس بمحرم كابن العم فهو كالأجنبي هنا اه أي فإذا تزوجته سقط حقها وأنت خبير بأن هذا مفروض فيما إذا كان مستحق للحضانة أقرب صصمنه
____________________
(3/565)
فلو لم يكن غيره وكان الولد ذكرا يبقى عند أمه وكذا لو كان أنثى لا تشتهى أو كان مأمونا على ما بحثه في البحر فافهم
قوله ( البائنة ) أما الرجعية فلا بد من انقضاء العدة فيها
نهر
ومقتضاه العود في البائنة قبل انقضاء العدة مع أنها تعتد في بيت الزوج ولعل وجهه ارتفاع ولا يته عليها فلا ضرر للولد عنده وفي ذلك تأييد لما قدمناه من التفصيل
تأمل
قال في الدر المنتقى وكذا أي تعود الحضانة لو زالت بجنون وردة ثم زال المانع
ذكره العيني وغيره فالأحسن ويعود الحق بزوال مانعه اه
قوله ( لزوال المانع ) أي ليس من قبيل عود الساقط حتى يقال إن الساقط لا يعود فقولهم يسقط حقها معناه منع منه مانع كقولهم تسقط النفقة بالنشوز والولاية بالجنون ثم تعود بزوال ذلك
أفاده في النهر
وقد يقال إن الساقط لم يعد بل عاد حق جديد لقيام سببه بخلاف سقوط الشفعة لأنه حق واحد كما مر فتدبر
قوله ( والقول لها الخ ) أي لو ادعى تزوجها وأنكرت فالقول لها ولو أقرت به لكنها ادعت الطلاق فإن لم تعين الزوج فالقول لها لا إن عينته وينبغي أن يكون مع اليمين في الفصلين
نهر
ووجه الفرق أن دعواها طلاق المعين لما أبطلها الشرع بدون تصديقه لم يقبل قولها أصلا
قوله ( حتى يستغني عن النساء ) بأن يأكل ويشرب ويستنجي وحده والمراد بالاستنجاء تمام الطهارة بأن يتطهر بالماء بلا معين وقيل مجرد الاستنجاء وهو التطهير من النجاسة وإن لم يقدر على تمام الطهارة
زيلعي أي الطهارة الشاملة للوضوء
قوله ( وقدر بسبع ) هو قريب من الأول بل عينه لأنه حينئذ يستنجي وحده ألا ترى إلى ما يروي عنه أنه قال مروا صبيانكم إذا بلغوا سبعا والأمر بما لا يكون إلا بعد القدرة على الطهارة
زيلعي
قوله ( وبه يفتى ) وقيل بتسع سنين
قوله ( لأنه الغالب ) أي الاستغناء هو الغالب في هذا السن
قوله ( فإن أكل الخ ) أفاد أن القاضي لا يحلف أحدهما بل ينظر فيما ذكر كما في البحر عن الظهيرية
ووجهه أن اليمين للنكول ولا يملك أحدهما إبطال حق الولد من كونه عند أمه قبل السبع وعند أبيه بعدها
قوله ( ولو جبرا ) أي إن لم يأخذه بعد الاستغناء أجبر عليه كما في الملتقى
وفي الفتح ويجبر الأب على أخذ الولد بعد استغنائه عن الأم لأن نفقته وصيانته عليه بالإجماع اه
وفي شرح المجمع وإذا استغنى الغلام عن الخدمة أجبر الأب أو الوصي أو الولي على أخذه لأنه أقدر على تأديبه وتعليمه اه
وفي الخلاصة وغيرها وإذا استغنى الغلام وبلغت الجارية فالعصبة أولى يقدم الأقرب فالأقرب ولا حق لابن العم في حضانة الجارية اه
قلت بقي ما إذا انتهت الحضانة ولم يوجد له عصبة ولا وصي فالظاهر أنه يترك عند الحاضنة إلا أن يرى القاضي غيرها أولى له والله أعلم
قوله ( وإلا ) بأن فقدت الأربعة أو بعضها لا يدفع إليه ط
قوله ( والجدة ) أي وإن علت ط
قوله ( أي تبلغ ) وبلوغها إما بالحيض أو الإنزال أو السن ط
قال في البحر لأنها بعد الاستغناء تحتاج إلى معرفة آداب النساء والمرأة على ذلك أقدر وبعد البلوغ تحتاج إلى التحصين والحفظ والأب فيه أقوى وأهدى
قوله ( في ظاهر الرواية ) مقابله رواية محمد الآتية
قوله ( فالقول للأم ) لأنه يدعي سقوط حقها
بحر
قوله ( وأقول الخ ) هو لصاحب النهر حيث قال وأقول ينبغي أن ينظر إلى سنها فإن بلغت سنا تحيض فيه الأنثى غالبا فالقول له وإلا لها اه
____________________
(3/566)
والذي ينبغي الرجوع إلى الصغيرة فإن إدعت البلوغ في سن يحتمله صدقت كما هو المصرح به في باقي الأحكام
أفاده الرحمتي
قوله ( مشتهاة اتفاقا ) بل في محرمات المنح بنت تسع فصاعدا مشتهاة اتفاقا
سائحاني
قوله ( كذلك ) أي في كونها أحق بها حتى تشتهي
قوله ( وبه يفتى ) قال في البحر بعد نقل تصحيحه ولحاصل أن الفتوى على خلاف ظاهر الرواية
قوله ( وأفاد أي المصنف بقوله حتى تشتهي من غير تقييد بما قبل التزوج
قوله ( بتزوجها ) أي الصغيرة
قوله ( ما دامت لا تصلح للرجال ) فإن صلحت تسقط وسيأتي في أول النفقات أن التي تشتهي للوطء فيما دون الفرج يلزمه نفقتها وكذا التي تصلح للخدمة أو للاستئناس إن أمسكها في بيته عند الثاني واختاره في التحفة اه
ومقتضاه أن صلوحها للرجال يكفي بالوطء فيما دون الفرج ولذا لزمه نفقتها بخلاف من تصلح للخدمة والاستئناس فقط حيث لا تلزمه نفقتها إلا إن رضي بها وأمسكها في بيته
قوله ( في رواية الخ ) فيه إشارة إلى ضعفها وظاهره أنها إذا صلحت للرجال قبل البلوغ وقد زوجها أبوها لا حضانة لأمها اتفاقا وهذا ظاهر على القول المفتى به لا على ظاهر الرواية من قوله حتى تحيض فيحتاج إطلاقه إلى تقييد
أفاده في البحر أي تقييد قوله حتى تحيض بما إذا لم تتزوج
قوله ( وفي الظهيرية الخ ) دخول على المتن ط
قوله ( لكن أمه ) أي التي هي ابنتك
قوله ( لأن الفراش لهما ) لكون النكاح يثبت بالتصادق
قوله ( لما قلنا ) من أن الفراش لهما
قوله ( وكذا لو قالت الجدة ) سماها جدة نظرا لزعمها
قوله ( فقال بل من غيرها ) أي من امرأة أجنبية عنك وهذا هو الفرق بين هذه وبين المسألة الأولى فإنه في الأولى اعترف بأنه من ابنتها وأنها جدته
قوله ( وكذبته الجدة ) بأن قالت ما هذه أمه بل أمه ابنتي
ظهيرية
قوله ( وصدقتها المرأة ) بأن قالت صدقت ما أنا بأمه وقد كذب هذا الرجل ولكني امرأته
ظهيرية
قوله ( لأنه لما قال هذا ابني من هذه المرأة ) وكذا قوله بل من غيرها
قوله ( انتهى ملخصا ) أي انتهى كلام الظهيرية حال كونها ملخصا أفاد به أنه لم يأت بعين عبارتها بل حذف بعضها اختصارا وهو كذلك وإن استوفى في صور المسألة فافهم
قوله ( ولا خيار للولد عندنا ) أي إذا بلغ السن الذي ينزع من الأم صيأخذه الأب ولا خيار للصغير
____________________
(3/567)
لأنه لقصور عقله يختار من عنده اللعب وقد صح أن الصحابة لم يخيروا
وأما حديث أنه خير فلكونه قال اللهم اهده فوفق لا اختيارا لا نظر (
) بدعائه عليه الصلاة والسلام وتمامه في الفتح
قوله ( وأفاده ) أي أفاد ما ذكر من ثبوت التخيير والانفراد للبالغ مع زيادة تفصيل وتقييد لذلك فافهم
قوله ( مبلغ النساء ) أي بما تبلغ به النساء من الحيض ونحوه ولو حذفه لكان أصح
قوله ( ضمها الأب إلى نفسه ) أي وإن لم يخف عليها الفساد لو حديثة السن
بحر
والأب غير قيد فإن الأخ والعم كذلك عند فقد الأب ما لم يخف عليها منهما فينظر القاضي امرأة مسلمة ثقة فتسلم إليها كما نص عليه في كافي الحاكم وذكره المصنف بعد
قوله ( إلا إذا دخلت في السن ) عبارة الوجيز مختصر المحيط إلا إذا كانت مسنة ولها رأي
وفي كفاية المتحفظ وفقه اللغة من رأى البياض فهو أشيب وأشمط ثم شيخ فإذا ارتفع عن ذلك فهو مسن
رحمتي
قوله ( لا لغيرهما الخ ) الفرق أن الأب والجد كان لهما ولاية الضم في الابتداء فجاز أن يعيداها إلى حجرهما إذا لم تكن مأمونة أما غيرهما فلم تكن له ولاية الضم في الابتداء فلا تكون له ولاية الإعادة أيضا
بحر عن الظهيرية
قلت وفيه نظر فإن المتون مصرحة بأنه إذا لم تكن امرأة فالحضانة للعصبات على ترتيبهم ففي ذلك إثبات ولاية الضم ابتداء لغير الأب والجد إلا أن يريد بقوله أما غيرهما العصبة غير المحرم كابن العم ومولى العتاقة فإن الأنثى لا تضم إليه كما مر
وعبارة الفتح إلا أن تكون غير مأمونة على نفسها لا يوثق بها فللأب أن يضمها إليه وكذا للأخ والعم الضم إذا لم يكن مفسدا فإن كان فحينئذ يضعها القاضي عند امرأة ثقة اه
وزاد الزيلعي وكذا الحكم في كل عصبة ذي رحم محرم منها اه
وهذا الذي مشى عليه المصنف بعد
قوله ( والغلام إذا عقل الخ ) كان ينبغي الابتداء بمسألة الغلام أو ذكرها آخرا لأن ما قبلها وما بعدها في الجارية ثم المراد الغلام البالغ لأن الكلام فيما بعد البلوغ
وعبارة الزيلعي ثم الغلام إذا بلغ رشيدا فله أن ينفرد إلا أن يكون مفسدا مخوفا عليه الخ
واحترز عما إذا بلغ معتوها
ففي الجوهرة ومن بلغ معتوها كان عند الأم سواء كان إبنا أو بنتا اه
وفي الفتح والمعتوه لا يخير ويكون عند الأم اه
قال في البحر بعد نقله ما في الفتح وينبغي أن يكون عند من يقول بتخيير الولد وأما عندنا فالمعتوه إذا بلغ السن المذكور أي الذي ينزع فيه من الأم يكون عند الأب اه
وتبعه في النهر وهو الموافق للقواعد
تأمل
قوله ( فله ضمه ) أي للأب ولاية ضمه إليه
والظاهر أن الجد كذلك بل غيره من العصبات كالأخ والعم ولم أر من صرح بذلك ولعلهم اعتمدوا على أن الحاكم لا يمكنه من المعاصي وهذا في زماننا غير واقع فيتعين الإفتاء بولاية ضمه لكل من يؤتمن عليه من أقاربه ويقدر على حفظه فإن دفع المنكر واجب على كل من قدر عليه لا سيما من يلحقه عاره وذلك أيضا من أعظم صلة الرحم والشرع أمر بصلتها وبدفع المنكر ما أمكن
قال تعالى { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون } النحل 90 ثم رأيت في حاشية البحر للرملي ذكر ذلك بحثا أيضا وقال ولم أره ثم قال ثم رأيت
____________________
(3/568)
النقل فيه وهو ما في المنهاج والخلاصة والتاترخانية وإن لم يكن للصبي أب وانقضت الحضانة فمن سواه من العصبة أولى الأقرب فالأقرب غير أن الأنثى لا تدفع إلا إلى محرم اه
قلت كلامنا فيما إذا بلغ الغلام وما نقله فيما قبل البلوغ ولذا لم يذكر فيه التفصيل بين كونه مأمونا أو غيره
قوله ( فيما ذكر ) أي من أحكام البكر والثيب والغلام والتأذيب ط
قوله ( وإن لم يكن لها ) أي للبكر كما قدمناه عن الكافي وكذا الثيب كما علمته خلافا لما مر عن الظهيرية وقد صرح المصنف به بعد في قوله بلا فرق في ذلك بين بكر وثيب
تنبيه حاصل ما ذكره في الولد إذا بلغ أنه إما أن يكون بكرا مسنة أو ثيبا مأمونة أو غلاما كذلك فله الخيار وإما أن يكون بكرا شابة أو يكون ثيبا أو غلاما غير مأمونين فلا خيار لهم بل يضمهم الأب إليه
قوله ( وإذا بلغ الذكور حد الكسب ) أي قبل بلوغهم مبلغ الرجال إذ ليس له إجبارهم عليه بعده
قوله ( بخلاف الإناث ) فليس له أن يؤجرهن في عمل أو خدمة
تاترخانية
لأن المستأجر يخلو بها وذلك سيء في الشرع
ذخيرة ومفاده أنه يدفعها إلى امرأة تعلمها حرفة كتطريز وخياطة إذ لا محذور فيه وسيأتي تمامه في النفقات
قوله ( ولو الأب مبذرا ) أي يخشى منه إتلاف كسب الابن
قوله ( كما في سائر الأملاك ) أي أملاك الصبيان
تاترخانية أي فإن القاضي ينصب لهم وصيا يحفظ لهم مالهم إذا كان الأب مبذرا
قوله ( للمطلقة بائنا الخ ) أما المطلقة رجعية فحكمها حكم المنكوحة ليس لها الخروج لأن حق السكنى للزوج وأما المعتدة فليس لها الخروج قبل انقضاء العدة مطلقا
بحر
والظاهر أن المتوفي عنها زوجها كالمطلقة في ذلك فلا تملك ذلك بلا إذن الأولياء لقيامهم مقام الأب وما فيه إضرار بالولد ظاهر المنع اه
رملي
لا يقال إن معتدة الموت تخرج يوما وبعض الليل لأن المراد هنا الانتقال إلى بلدة أخرى وليس لها ذلك في العدة
وأما بعد انقضائها فلم أره وقول الرملي لقيام الأولياء مقام الأب يفيد منعها من ذلك بعد العدة أيضا لكن سئل شيخ مشايخنا العلامة الفقيه منلا علي التركماني عن يتيم في حضانة أمه له جد لأب تريد أمه السفر به من بلدها التي تزوجت فيها إلى بلدة أخرى فهل لجده منعها فأجاب بأن الواقع في كتب المذهب متونا وشروحا تقييد المسألة بالمطلقة والأب ولم نر من أجراها في غيرهما ومفاده أن الجد ليس له منعها وما قاله الخير الرملي لم يستند فيه إلى نقل فينبغي التوقف حتى نرى النقل الصريح فإن العلم أمانة هذا حاصل ما رأيته بخطه رحمه الله تعالى
ووجه توقفه التقييد بالأب والمطلقة فيحتمل كونه للاحتراز بقرينة تخصيصهم هذا الحكم بالأم المطلقة فقط ويحتمل عدمه لما قاله الرملي والله سبحانه أعلم
قوله ( لم تمنع ) إلا إذا انتقلت من مصر إلى قرية كما يأتي
____________________
(3/569)
قوله ( مطلقا ) سواء كان وطنا لها أو لا وقع العقد فيه أو لا
بحر
قوله ( من محلة إلى محلة ) أي في بلد واحدة الظاهر أنه لو كان بين المحلتين تفاوت تمنع
قوله ( إلا إذا انتقلت الخ ) قال الرملي في حواشي المنح هذا خطأ تبع فيه صاحب البحر إذ ليس لها نقله من قرية إلى مصر بينهما تفاوت
والعجب في حكم لم يقل به أحد جعله متنا بمجرد تقليده للبحر اه
وفي ط عن الهندية عن المحيط وإن أرادت نقله من قرية إلى مصر جامع وليس ذلك مصرها ولا وقع النكاح فيها فليس لها ذلك وإلا أن يكون المصر قريبا من القرية على التفسير الذي قلنا اه
قوله ( وفي عكسه لا الخ ) أي وفي انتقالها من المصر إلى القرية لا تمكن من ذلك ولو كانت القرية قريبة لتضرر الولد بتخلفه بأخلاق أهل السواد أي أهل القرى المجبولة على الجفاء
قوله ( إلا إذا كان الخ ) استثناء من قوله وفي عكسه لا ومثله ما إذا انتقلت من قرية إلى مصر أو إلى قرية أو من مصر إلى مصر ولذا عمم الشارح بقوله ما انتقلت إليه ويمكن جعله مستثنى من قوله ليس للمطلقة الخروج ولكن كان حقه العطف بالواو وأفاده ط
قوله ( أي عقد عليها في وطنها ) أفاد أن المراد بالنكاح مجرد العقد وأن الإشارة بثمة للوطن فلا بد من جواز الانتقال إلى البلدة البعيدة من شرطين كونها وطنها وكون العقد فيها
وفي رواية الجامع الصغير اشتراط العقد دون الوطن
قال الزيلعي والأول أصح لأن التزوج في دار ليس التزاما للمقام فيها عرفا فلا يكون لها النقلة إليها
قوله ( ولو قرية في الأصح ) أي ولو كان الوطن الواقع فيه العقد قرية خلافا لما في شرح البقالي فإنه ضعيف كما في البحر
قوله ( إلا دار الحرب ) استثناء من فيه العقد قرية خلافا لما في شرح البقالي فإنه ضعيف كما في البحر
قوله ( إلا دار الحرب ) استثناء من الاستثناء في المتن وقوله إلا أن يكونا مستأمنين استثناء من قوله إلا دار الحرب أي لها الانتقال إلى وطنها الذي نكحها فيه إن لم يكن دار الحرب والزوج مسلم أو ذمي فلو كانا حربيين مستأمنين فلها ذلك كما في البدائع
والحاصل أن عبارة المتن والشرح في غاية الخفاء مع التطويل فالأظهر والأخصر أن يقال وللمطلقة الخروج بالولد من قرية إلى مصر قريبة لا عسكه ومن بلدة إلى أخرى هي وطنها وقد نكحها فيها ولو دار حرب لو زوجها حربيا مثلها فهذه عبارة مؤجزة نافعة جامعة مانعة
قوله ( وهذا الحكم ) أي الذي ذكر من الخروج والتفصيل فيه ط
قوله ( كجدة ) وغير الجدة من الحاضنات مثلها بالأولى كما في البحر
قوله ( لعدم العقد بينهما ) لأن العقد على الزوجة في وطنها دليل الرضا بإقامتها بالولد فيه ولا عقد بينه وبين الجدة
قوله ( إلا بإذنه ) أي إذن الأب وكذا من له حق الحضانة من الرجال ط
تأمل
قوله ( من إخراجه ) أي إلى مكان بعيد أو قريب يمكنها أن تبصره فيه ثم ترجع لأنها إذا كانت لها الحضانة يمنع من أخذه منها فضلا عن إخراجه فما في النهر من تقييده بالعبد أخذا مما يأتي عن الحاوي غير صحيح فافهم قوله ( من بلد أمه ) الظاهر أن غيرها من الحاضنات كذلك ط
قوله ( ما بقيت حضانتها ) كذا في النهر وفيه كلام
قوله ( فلو أخذ الخ ) تفريع على مفهوم ما قبله
وفي المجمع ولا يخرج الأب بولده قبل الاستغناء وعلله في شرحه بما فيه من الإضرار بالأم بإبطال حقها في الحضانة
قال في البحر وهو يدل على أن حضانتها إذا سقطت جاز له السفر به ثم نقل كلام السراجية المذكور وقال وهو صريح فيما قلنا اه
____________________
(3/570)
لكن في الشر نبلالية عن البرهان وكذا لا يخرج الأب به من محل إقامته قبل استغنائه وإن لم يكن لها حق في الحضانة لاحتمال عوده بزوال المانع اه
وهو المفهوم مما يأتي عن فتاوى الرملي ويدل له ما في الحاوي كما تعرف ولا ينافيه ما مر عن شرح المجمع لاحتمال أن يريد بالحق الحال أو المستقبل
تأمل
قوله ( كما في السراجية ) المراد بها فتاوى سراج الدين قارئ الهداية
قوله ( وقيده المصنف الخ ) وكذا قيده في النهر ولا حاجة إليه لأنها إذا تزوجت وكان لها أم أهل للحضانة أو غيرها فليس لأبيه أخذه منها فضلا عن السفر به
قوله ( وفي الحاوي ) يعني القدسي
قوله ( إخراجه الخ ) أنت خبير بأن هذا محمول على ما إذا لم يكن لها حق الحضانة
لا تمكنه من أخذه منها فضلا عن إخراجه عنها إلى قرية أو بلدة قريبة أو بعيدة خلافا لما في النهر كما مر فافهم ثم لا يخفى أنه مخالف لما مر عن السراجية ولما يأتي عن شيخه الرملي بل ولما مر عن المجمع والبرهان لأن ما في الحاوي يشمل ما بعد الاستغناء وهذا هو الأرفق بالأم ويؤيده ما في التاترخانية الولد متى كان عند أحد الأبوين لا يمنع الآخر عن النظر إليه ولا يخفى أن السفر أعظم مانع
قوله ( كما في جانبها ) أي كما أنها إذا كان الولد عندها لها إخراجه إلى مكان يمكنه أن يبصر ولده كل يوم
قوله ( لا يجبر على أن يرسله ) وكذا يقال في جانبها وقت حضانتها ط
ويفيده ما قدمناه آنفا عن التاترخانية
قوله ( بأنه يسافر به بعد تمام حضانتها ) لم أره في الخيرية في هذا المحل
قوله ( وبأن غير الأب الخ ) يوهم أن غير الأب له السفر به أيضا إذا كان عنده ولم أر من ذكره بل قال القهستاني فلا يخرجه الأب إلا أن يستغني ولا غيره ممن يستحق الحضانة نظرا للصغير اه
والذي أفتى به الرملي في الخيرية هو أنه إذا تزوجت الأم بأجنبي وللصغير ابن عم له طلبه
قال في المنهاج للعقيلي وإن لم يكن للصبي أو انقضت الحضانة فيمن سواه من العصبة أولى الأقرب فالأقرب غير أن الأنثى لا تدفع إلى غير المحرم ومثله في الخلاصة والتاترخانية وغيرهما اه
قوله ( لا يلزمه رده ) بل يقال اذهبي وخذيه
نهر
قوله ( فعليه رده ) لأنه وإن أخرجه بإذنها لكنها لماخرجت معه لم تكن راضية بفراقه فإذا ردها وحدها ثم طلقها لزمه رده إليها بخلاف ما إذا أذنت بإخراجه وحده والله سبحانه أعلم
باب النفقة قوله ( هي لغة الخ ) النفقة مشتقة من النفوق وهو الهلاك نفقت الدابة نفوقا هلكت أو من النفاق وهو الرواج نفقت السلعة نفاقا راجت ذكر الزمخشري أن كل ما فاؤه نون وعينه فاء يدل على معنى الخروج
____________________
(3/571)
والذهاب مثل نفق ونفر ونفس ونفي ونفد
وفي الشرع الإدرار على شيء بما فيه بقاؤه كذا في الفتح
قلت ولا يخفي أن ما ذكره بيان لأصل مادتها ومأخذ اشتقاقها ووجه تسميتها فإن بها هلاك المال ورواج الحال فلا ينافي قولهم أيضا إنها في اللغة ما ينفقه الإنسان على عياله ونحوهم فإنه بيان لحقيقة مدلولها وأنها اسم عين لا حدث
مطلب اللفظ جامد ومشتق وعن هذا قالوا إن اللفظ قسم جامد وهو ما لم يوافق مصدرا بحروفه الأصول ومعناه كرجل وأسد ومشتق وهو خلافه
وهو قسمان مطرد وغيره
فالأول كاسم الفاعل والمفعول وبقية المشتقات فضارب مثلا يطرد إطلاقه على كل من اتصف بمعنى المشتق هو منه
والثاني ما كان معنى المشتق منه مرجحا للتسمية غير داخل فيها كقارورة حتى لا يطرد في كل ما وجد فيه ذلك المعنى فلا يصح إطلاق قارورة على نحو البئر وإن وجد فيه قرار الماء فالنفقة من هذا القبيل لا من المطرد ولا من الجامد غير المشتق وبهذا التقرير اندفع ما أورده في البحر فافهم
قوله ( وشرعا هي الطعام الخ ) كذا فسرها محمد بالثلاثة لما سأله هشام عنها كما في البحر عن الخلاصة
قوله ( وعرفا ) أي في العرف الطارئ في لسان أهل الشرع هي الطعام فقط ولذا يعطفون عليه الكسوة والسكنى والعطف يقتضي المغايرة
رحمتي
وعبارة المتون كالكنز والملتقى وغيرهما على هذا
قوله ( وملك ) شامل لنفقة المملوك من بني آدم والحيوانات والعقار كما في الدر المنتقى لكن في الأخير لا يجبر قضاء وفي الثاني خلاف كما سيأتي آخر الباب
قوله ( لمناسبة ما مر ) أي من النكاح والطلاق والعدة
بحر
قوله ( أو لأنها أصل الولد ) أي لأن القرابة لا تكون إلا بالتوالد والولد الذي تكون ابنا وأبا أو أخا أو عما لا يحصل إلا بالزوجية فقدم الكلام عليها لتقدمها فافهم
قوله ( بنكاح صحيح ) فلا نفقة على مسلم في نكاح فاسد لانعدام سبب الوجوب وهو حق الحبس الثابت للزوج عليها بالنكاح وكذا في عدته لأن حق الحبس وإن ثبت لكنه لم يثبت بالنكاح بل لتحصين الماء ولأن حال العدة لا يكون أقوى من حال النكاح
بدائع
قوله ( فلو بان فساده أو بطلانه الخ ) لم يذكر في البحر البطلان وقدمناه في العدة عن الفتح وغيره عدم الفرق بين الفاسد والباطل في النكاح بخلاف البيع
وفي الهندية عن الذخيرة ولو كان النكاح صحيحا من حيث الظاهر ففرض لها القاضي النفقة وأخذتها شهرا ثم ظهر فساد النكاح بأن شهدوا أنها أخته رضاعا وفرق بينهما رجع عليها بما أخذت ولو أنفق بلا فرض القاضي لم يرجع بشيء اه
ونحوه في الفتح
وفي الهندية أيضا عن الخلاصة وأجمعوا أن في النكاح بلا شهود تستحق النفقة اه
قال ط ونظر فيه الحموي بأنه من أفراد الفاسد اه
قلت ومثله في النهر والظاهر أن الصواب لا تسحتق بلا النافية إذ لا احتباس فيه
قوله ( على زوجها ) أي ولو عبدا حتى يباع في نفقتها
قوله ( وكل محبوس الخ ) هذه كبرى قياس من االشكل الأول طويت صغراه للعلم بها من التعليل السابق والتقدير الزوجة محبوسة لمنفعة الزوج الخ وينتج
____________________
(3/572)
لزوم نفقتها عليه فافهم
قوله ( كمفت وقاض ) أي ووال فلهم قدر ما يكفيهم ويكفي من تلزمهم نفقتهم من بت المال لاحتباسهم في مصلحة المسلمين
رحمتي
قوله ( ووصي ) فله الأقل من نفقته وأجر عمله في مال الميت
رحمتي
وظاهره ولو غنيا أو وصي الميت وفيه كلام سيأتي إن شاء الله تعالى في باب آخر الكتاب
قوله ( زيلعي ) يوهم أن الزيلعي ذكر هذه الثلاثة فقط مع أنه ذكر الستة وزاد عليهم الوالي ح
قوله ( وعامل ) أي في الصدقات
زيلعي
قوله ( قاموا بدفع العدو ) أي نصبوا أنفسهم لذلك وترقبوا غرته فتجب النفقة لهم ولذريتهم
قوله ( ومضارب ) فنفقته في مال المضاربة ما دام مسافرا لاحتباسه لها فلو كان مضاربا بالرجلين أو أكثر فنفقته على حسب المال
رحمتي
قوله ( ولا يرد الرهن ) قال في البحر واعترض بأن الرهن محبوس لحق المرتهن وهو الاستيفاء ولذا كان أحق به من سائر الغرماء مع أن نفقته على الراهن
وأجيب بأنه محبوس بحق الراهن أيضا وهو وفاء دينه عنه عند الهلاك مع كونه ملكا اه
فقوله مع كونه ملكا له ترجيح لجانب الراهن في وجوب النفقة عليه وحده مع كونه محبوسا لحقهما والشارح أخل به ح
قلت لا إخلال بتركه فإن المحقق ابن الهمام لم يذكره لأن منفعة الحبس إذا كانت غير مختصة بالغير لا تجب النفقة على الغير فهو كالأجير إذا علم في المشترك لا يستحق أجرا لأنه عامل لنفسه من وجه فافهم
مطلب لا تجب على الأب نفقة زوجة ابنه الصغير قوله ( في ماله لا على أبيه الخ ) كذا في كافي الحاكم الشهيد حيث قال فإن كان صغيرا لا مال له لم يؤخذ أبوه بنفقة زوجته إلا أن يكون ضمنها اه
وفي الخانية وإن كانت كبيرة وليس للصغير مال لا تجب على الأب نفقتها ويستدين الأب عليه ثم يرجع على الابن إذا أيسر اه
وعزاه في البحر والنهر إلى الخلاصة أيضا
قال الرملي ومثله في الزيلعي وكثير من الكتب اه
قلت وبه جزم المصنف والشارح في باب المهر
وأنت خبير أن الكافي هو نص المذهب ولا سيما وأكثر الكتب عليه فيقدم على ما سيذكره الشارح في الفروع عن المحتار والملتقى من وجوبها على أبيه إلا أن يحمل على وجوب الاستدانة ليرجع
تأمل
تنبيه قال في الشرنبلالية بعد نقله ما في الخانية أقول هذا إذا كان في تزويج الصغير مصلحة ولا مصلحة في تزويج قاصر مرضع بالغة حد الشهوة وطاقة الوطء بمهر كثير ولزوم نفقة يقررها القاضي فتستغرق ماله إن كان أو يصير ذا دين كثير
ونص المذهب أنه إذا عرف الأب بسوء الاختيار مجانة أو فسقا فالعقد باطل اتفاقا صرح به في البحر وغيره وقدمه المصنف في باب الولي اه
قلت المصرح به في المتون والشروح أن للأب تزويج الصغير والصغيرة غير كفء وبدون مهر المثل بغبن فاحش لأن كمال شفقة الأب دليل على وجود المصلحة ما لم يكن سكران أو معروفا بسوء الاختيار لأن ذلك على عدم تأمله في المصلحة وأنت خبير بأن الشرط أن لا يكون معروفا بسوء الاختيار قبل العقد فلا يثبت سوء اختياره بمجرد العقد المذكور وإلا لزم أن لا يتصور صحة عقده بالغبن الفاحش ولغير الكفء كما مر تقريره في باب
____________________
(3/573)
الولي
فظهر أنه إذا لم يكن معروفا بذلك وزوج طفله امرأة صح ذلك مطلقا كما هو المنصوص في عامة كتب المذهب إقامة لشفقته مقام المصلحة فافهم
قوله ( لأن المانع من قبله ) دخل في هذا المجبوب والعنين والمريض الذي لا يقدر على الجماع كما صرح به في الهندية
قوله ( أو فقيرا ) ليس عنده قدر النفقة لزوجته
منح
فتستدين عليه بأمر القاضي ط
وسيأتي
قوله ( ولو مسلمة أو كافرة ) الأولى إسقاط مسلمة
قوله ( تطيق الوطء ) أي منه أو من غيره كما يفيد كلام الفتح وأشار إلى ما في الزيلعي من تصحيح عدم تقديره بالسن فإن السمينة الضخمة تحتمل الجماع ولو صغيرة السن
قوله ( أو تشتهي للوطء فيما دون الفرج ) لأن الظاهر أن من كانت كذلك فهي مطيقة للجماع في الجملة وإن لم تطقه من خصوص زوج مثلا
فتح
قوله ( فلا نفقة ) أي ما لم يمسكها في بيته للخدمة أو الاستئناس كما يأتي قريبا
قوله ( كما لو كانا صغيرين ) لأن المانع من الوطء وجد منها ووجوده منه أيضا لا يضر بعد عدم وجود التسليم الموجب للنفقة منها
قوله ( موطوءة أو لا ) أي سواء دخل بها أم لا
قوله ( كأن كان الزوج الخ ) تمثيل لقوله أو لا أفاد به أن عدم وطئها لا فرق فيه بين أن يكون لا مانع منه أصلا أو له مانع من جهته أو من جهتها وهي مشتهاة كالقرناء ونحوها لأن المعتبر في إيجاب النفقة الاحتباس لانتفاع مقصود من وطء أو من دواعيه ولذا وجبت لصغيرة تشتهي للجماع فيما دون الفرج كما مر فافهم
قوله ( أو معتوهة ) في التاترخانية المجنونة لها النفقة إذا لم تمنع نفسها بغير حق
قوله ( وكذا صغيرة ) أي لا تشتهي أصلا ولو للجماع فيما دون الفرج وإلا لزمه نفقتها أمسكها أو لا كما مر آنفا
قوله ( إن أمسكها في بيته ) وإن ردها فلا نفقة لها
بدائع
وحاصله أنه مخير
أما في مسألة المشتهاة فلا تخيير بل يلزمه نفقتها مطلقا كما علمته فافهم
قوله ( ولو متعت نفسها للمهر ) أي الذي تعورف تقديمه لأنه منع يحق لتقصير من جهته فلا تسقط النفقة به
زيلعي
قوله ( دخل بها أو لا ) تعميم للمنع أي لها النفقة بالمنع المذكور سواء كان قبل الدخول أو بعده لكن عند أبي يوسف يسقط حقها في المنع إذا دخل بها برضاها
قوله ( وعليه الفتوى ) أي استحسانا لأنه لما طلب تأجيله كله فقد رضي بإسقاط حقه في الاستمتاع
وفي الخلاصة أن الأستاذ ظهير الدين كان يفتي بأنه ليس لها الامتناع والصدر الشهيد كان يفتي بأن لها ذلك اه
فقد اختلف الإفتاء
بحر من باب المهر
وقدمنا هناك أن الاستحسان مقدم فلذا جزم به الشارح
وفي البحر عن الفتح وهذا كله إذا لم يشترط بالدخول قبل حلول الأجل فلو شرطه ورضيت به ليس لها الامتناع على قول الثاني اه
وتمام الكلام قدمناه هناك
قوله ( فتستحق النفقة ) أي وإن لم يكن لها المطالبة بالمهر
قوله ( به يفتى ) كذا في الهداية وهو قول الخصاف
وفي الولوالجية وهو الصحيح وعليه الفتوى
وظاهر الرواية اعتبار حله فقط وبه قال جمع كثير من المشايخ ونص عليه محمد
وفي التحفة والبدائع أنه الصحيح
بحر
لكن المتون والشروح على الأول
وفي الخانية وقال بعض الناس يعتبر حال المرأة
قال في البحر واتفقوا على وجوب نفقة الموسرين إذا كانا موسرين وعلى نفقة المعسرين إذا كانا معسرين
____________________
(3/574)
وإنما الاختلاف فيما إذا كان أحدهما موسرا والآخر معسرا فعلى ظاهر الرواية الاعتبار لحال الرجل فإن كان موسرا وهي معسرة فعليه نفقة الموسرين وفي عكسه نفقة المعسرين
وأما على المفتى به فتجب نفقة الوسط في المسألتين وهو فوق نفقة المعسرة ودون نفقة الموسرة اه
تنبيه صرحوا ببيان اليسار والإعسار في نفقة الأقارب ولم أر من عرفهما في نفقة الزوجة ولعلهم وكلوا ذلك إلى العرف والنظر إلى الحال من التوسع في الإنفاق وعدمه ويؤيده قول البدائع حتى لو كان الرجل مفرطا في اليسار يأكل خبز الحواري ولحم الدجاج والمرأة مفرطة في الفقر تأكل في بيت أهلها خبز الشعير يطعمها خبز الحنطة ولحم الشاة
قوله ( ويخاطب الخ ) صرح به في الهداية وقد غفل عنه في غاية البيان فقال إذا كان معسرا وهي موسرة وأوجبنا الوسط فقط كلفناه بما ليس في وسعه
قوله ( والباقي ) أي ما يكمل نفقة الوسط
قوله ( ولو هي في بيت أبيها ) تعميم لقوله فتجب للزوجة وهذا ظاهر الرواية فتجب النفقة من حين العقد الصحيح وإن لم تنتقل إلى منزل الزوج إذا لم يطلبها
وقال بعض المتأخرين لا تجب ما لم تزف إلى منزله وهو رواية عن أبي يوسف واختاره القدوري وليس الفتوى عليه وتمامه في الفتح
قوله ( إذا لم يطالبها الخ ) الأخصر والأظهر أن يقول به يفتى إذا لم تمتنع من النقلة بغير حق في الفتح
قوله ( لقيام الاحتباس ) فإنه يستأنس بها ويمسها وتحفظ البيت والمانع لعارض فأشبه الحيض
هداية
قوله ( وكذا لو مرضت الخ ) هذا خلاف المفهوم من قول المصنف أو مرضت في بيت الزوج أي بعد ما سلمت نفسها صحيحة فإن مفهومه أنها لو سلمت نفسها مريضة لا نفقة لها لأن التسليم لم يصح كما في الهداية لكن حقق في الفتح أن هذا مبني على قول البعض من اشتراط التسليم لوجوب النفقة وقد علمت أنه خلاف المفتى به من تعلقها بالعقد الصحيح لا بالتسليم فالمختار وجوب النفقة لقيام الاحتباس
قوله ( وإلا لا ) أي وإن أمكن نقلها إلى بيت الزوج بمحفة ونحوها فلم تنتقل لا نفقة لها كما في البحر لمنعها نفسها عن النقلة مع القدرة بخلاف ما إذا لم تقدر أصلا لكن سيأتي أنها لا تجب لمريضة لم تزف إذا لم يمكنها الانتقال معه أصلا فقد جعل عدم إمكان الانتقال مانعا من وجوب النفقة وهنا جعل موجبا لها
وقد يجاب بالفرق وهو أنها هنا لما انتقلت إلى بيته فقد تحقق التسليم ولا تصير بعده ناشزة إلا إذا أمكنها الانتقال إليه وامتنعت بخلاف ما إذا لم يوجب تسليم أصلا ومرضت بحث لا يمكنها الانتقال فلا نفقة لها لعدم التسليم أصلا لا حقيقة ولا حكما وسيأتي ما يؤيده
قوله ( كما لا يلزمه مداواتها ) أي إتيانه لها بدواء المرض ولا أجرة الطبيب ولا الفصد ولا الحجامة
هندية عن السراج
والظاهر أن منها ما تستعمله النفساء مما يزيل الكلف ونحوه وأما أجرة القابلة فسيأتي الكلام عليها
قوله ( لا نفقة لأحد عشر ) أي بعد المنكوحة فاسدا وعدتها أمرا واحدا وذكر العدد لعدم التمييز اه ح
وقد ذكر المصنف منها هنا خمسة وذكر الشارح ستة لكن ما زاده الشارح سيذكره المصنف مفرقا سوى منكوحة فاسد وعدته لأنها غير زوجة وسنتكلم عليها في محالها
____________________
(3/575)
وينبغي أن يذكر الموطوءة بشبهة لما في الخلاصة كل من وطئت بشبهة فلا نفقة لها اه
لأن زوجها ممنوع عنها بمعنى من جهتها ويمكن إدخالها في الناشزة
تأمل
قوله ( ومنكوحة فاسدا وعدته ) الأولى ومعتدته وتقدم الكلام على المنكوحة فاسدا
وفي الخانية غاب عنها فتزوجت بآخر ودخل بها وفرق بينهما بعد عود الأول فلا نفقة لها في عدتها لا على الأول ولا على الثاني بخلاف المدخولة إذا طلقت ثلاثا فتزوجت في العدة ودخل بها الثاني فلها النفقة والسكنى على الأول اه أي لأنها معتدة من طلاق بائن من الأول أما في الأولى فإنها معتدة من وطء الثاني بعقد فاسد فلا نفقة لها عليه ولا على زوجها لأنها منعت نفسها من جهتها
وفي الهندية اتهم بامرأة فتزوجها وأنكر أن حبلها منه لا نفقة عليه لأنه ممنوع من استمتاعها بمعنى من قبلها وإن أقر به لزمته
تنبيه تزوج معتدة البائن إنما لا يسقط نفقتها ما دامت في بيت العدة وإلا صارت ناشزة كما في الذخيرة
قوله ( صغيرة لا توطأ ) وكذا إن صلحت للخدمة أو الاستئناس ولم يمسكها في بيته كما مر
فافهم
قوله ( بغير حق ) ذكر محترزه بقوله بخلاف ما لو خرجت الخ وكذا هو احتراز عما لو خرجت حتى يدفع لها المهر ولها الخروج في مواضع مرت في المهر وسيأتي بعضها عند قوله ولا يمنعها من الخروج إلى الوالدين
قوله ( وهي الناشزة ) أي بالمعنى الشرعي أما في اللغة فهي العاصية على الزوج المبغضة له
قوله ( ولو بعد سفره ) أي لو عادت إلى بيت الزوج بعد ما سافر خرجت عن كونها ناشزة
بحر عن الخلاصة أي فتستحق النفقة فتكتب إليه لينفق عليها أو ترفع أمرها للقاضي ليفرض لها عليه نفقة أما لو أنفقت على نفسها بدون ذلك فلا رجوع لها لما سيأتي أنها تسقط بالمضي بدون قضاء ولا تراض
قوله ( والقول لها الخ ) أي حيث لا بينة له وهذا أخذه في البحر مما في الخلاصة لو قال هي ناشزة فلا نفقة لها فإن شهدوا أنه أوفاها المعجل وهي لم تكن في بيته سقطت النفقة وإن شهدوا أنها ليست في طاعته للجماع لم تقبل لاحتمال كونها في بيته ولا تسقط لأن الزوج يغلب عليها اه
قلت ويؤخذ منه أيضا تقييد كون القول لها بما إذا كانت في بيته وهذا ظاهر لو كان الاختلاف في نشوز في الحال
أما لو ادعى عليها سقوط النفقة المفروضة في شهر ماض مثلا لنشوزها فيه فالظاهر أن القول لها أيضا لإنكارها موجب الرجوع عليها
تأمل
ولو ادعت أن خروجها إلى بيت أهلها كان بإذنه وأنكر أو ثبت نشوزها ثم ادعت أنه بعده بشهر مثلا أذن لها بالمكث هناك هل يكون القول لها أم لا لم أره والظاهر الثاني لتحقق المسقط
تأمل
قوله ( وتسقط به ) أي بالنشوز النفقة المفروضة يعني إذا كان لها عليه نفقة أشهر مفروضة ثم نشزت سقطت تلك الأشهر الماضية بخلاف ما إذا أمرها بالاستدانة فاستدانت عليه فإنها لا تسقط كما سيأتي في مسألة الموت اه ح
قلت وسقوط المفروضة منصوص عليه في الجامع أما المستدانة فذكر في الذخيرة أنه يجب أن يكون على الروايتين في سقوطها بالموت والأصح منهما عدم السقوط اه
ومقتضى هذا أنها لو عادت إلى بيته لا يعود ما سقط وهل يبطل الفرض فيحتاج إلى تجديده بعد العود إلى بيته أم لا لم أره ويظهر عدم بطلانه لأن كلامهم في سقوط المفروض لا الفرض فتأمل
قوله ( لو مانعته من الوطء الخ ) قيده في السراج بمنزل الزوج وبقدرته على
____________________
(3/576)
وطئها كرها
وقال بعضهم لا نفقة لها لأنها ناشزة اه
والثاني وجبه في حق من يستحي وهذا يشير إلى أن هذا المنع في منزلها نشوز بالاتفاق
سائحاني
قوله ( لها ) أي ملكا أو إجازة
قوله ( ما لم تكن سألته النقلة ) بأن قالت له حولني إلى منزلك أو اكتر لي منزلا فإني محتاجة إلى منزلي هذا آخذ كراءه فلها النفقة
بحر
قوله ( لعدم اعتبار الشبهة في زماننا ) نقله صاحب الهداية في التجنيس وصاحب المحيط في الذخيرة
قوله ( بخلاف الخ ) لأن السكنى في المغصوب حرام والامتناع عن الحرم واجب بخلاف الامتناع عن الشبهة فإنه مندوب فيقدم عليه حق الزوج الواجب
وسألت عن امرأة أسكنها زوجها في بلاد الدروز الملحدين ثم امتنعت وطلبت منه السكنى في بلاد الإسلام خوفا على دينها ويظهر لي أن لها ذلك لأن بلاد الدروز في زماننا شبيهة بدار الحرب
قوله ( أو السفر معه ) أي بناء على المفتى به من أنه ليس لها السفر بها لفساد الزمان فامتناعها بحق
قوله ( أو مع أجنبي الخ ) هذا مفهوم بالأولى لأنها إذا استحقت النفقة عند امتناعها عن السفر معه فمع الأجنبي بالأولى أو هو مبني على أصل المذهب من أن للزوج السفر بها لكنه لما بعث إليها أجنبيا ليأتيه بها كان امتناعها من السفر معه بحق ولذا قيد بالأجنبي إذ لو كان محرما لها لم يكن لها نفقة لأنه ليس لها الامتناع
ومسألة السفر فيها كلام بسطناه في باب المهر
قوله ( وقيل تكون ناشزة ) أشار إلى ضعفه وبه صرح في البحر لكن قواه الرحمتي وغيره بأنه قائم بمصالحها وله منعها من الغزل ونحوه وعن كل ما يتأذى برائحته كالحناء والنقش والإرضاع أولى لأن يهز لها ويلحقه عار به إذا كان من الأشراف
أقول وأنت خبير بأن هذا كله لا يدل للقول بأنها تصير بذلك ناشزة لأنها الخارجة بغير حق كما مر وإلا لزم أنها تصير ناشزة إذا خالفته في الغزل والنقش والحناء ونحو ذلك مما تخالف به أمره وهي في بيته وفساده لا يخفى نعم يفيد أن له منعها من هذا الإيجاز بل ذكر الخير الرملي أن له أن يمنعها من إرضاع ولدها من غيره وتربيته أخذا مما في التاترخانية عن الكافي في إجارة الظئر وللزوج أن يمنع امرأته عما يوجب خللا في حقه وما فيها أيضا عن السغناقي ولأنها في الإرضاع والسهر تتعب وذلك ينقص جمالها وجمالها حق الزوج فكان له أن يمنعها اه
فافهم
قوله ( قال في النهر وفيه نظر ) وجهه أنها معذورة لاشتغالها بمصالحها بخلاف المسألة المقيس عليها فإنها لا عذر لها فنقص التسليم منسوب إليها
أفاده ح
وفيه أن المحبوسة ظلما والمغصوبة وحاجة الفرض مع غيره معذورة وقد سقطت نفقتها
وفي الهندية في الأمة إذا سلمها السيد لزوجها ليلا فقط فعليه نفقة النهار وعلى الزوج نفقة الليل وقياسه هنا كذلك ط
____________________
(3/577)
قلت وسيذكر الشارح قبيل قوله وتفرض لزوجة الغائب عن البحر أن له منعها من الغزل وكل عمل ولو قابلة ومغسلة اه
وأنت خبير بأنه إذا كان له منعها من ذلك فإن عصته وخرجت بلا إذنه كانت ناشزة ما دامت خارجة وإن لم يمنعها لم تكن ناشزة والله تعالى أعلم
قوله ( ومحبوسة ولو ظلما ) شمل حبسها بدين تقدر على إيفائه أولا قبل النقلة إليه أو بعدها وعليه الاعتماد
زيلعي
وعليه الفتوى
فتح
لأن المعتبر في سقوط نفقتها فوات الاحتباس لا من جهة الزوج
بحر قوله ( صيرفية ) كذا نقله عنها في المنح وأقره ونقله في الشرنبلالية عن الخانية
قوله ( كحبسه ) مصدر مضاف لمفعوله أي ككونه محبوسا فافهم
قوله ( مطلقا ) أي ولو ظلما أو حبسته هي لدين عليه أو أجنبي
قوله ( لكن الخ ) قال في النهر قيد بحبسها لأن حبسه مطلقا غير مسقط لنفقتها كذا في غير كتاب إلا أنه في تصحيح القدوري نقل عن قاضيخان أنه لو حبس في سجن السلطان ظلما اختلفوا فيه والصحيح أنها لا تستحق النفقة اه
قلت ونقل المقدسي عبارة الخانية كذلك وقال كذا في نسخة المؤيدية ونسخ جديدة لعلها كتبت منها
وفي نسختي العتيقة التي عليها خط بعض المشايخ حذف لا فليحرر اه
قلت وهكذا رأيته بدون لا في نسخة عتيقة عندي في الخانية وكذا نقله في الهندية عن الخانية فلعل صاحب تصحيح القدوري نقل ذلك من نسخة المدرسة المؤيدية أيضا أو مما نقل عنها فتكون لا زائدة ليوافق ما في بقية النسخ القديمة وما في غير كتاب والمعنى يساعده أيضا لأن الاحتباس جاء لمعنى من جهته لا من جهتها كما لو كان مريضا أو صغيرا أو مجبوبا أو عنينا
قوله ( وفي البحر الخ ) عبارته وفي الخلاصة أنها إذا حبسته وطلب أن تحبس معه فإنها لا تحبس
وذكر في مآل الفتاوى الخ
قلت وهذا إذا كان في الحبس موضع خال كما في التاترخانية ثم لا يخفى أن تقييده بما لو خيف عليها الفساد ظاهر في أن فرض المسألة فيما إذا ظهر للقاضي أن قصدها بحبسه أن تفعل ما تريد حيث كانت من أهل التهمة والفساد لا بمجرد دعوى الزوج ذلك فينبغي للقاضي أن يتحرى في ذلك فقد وقع في زماننا أن امرأة حبست زوجها بدين لها عليه فطلب حبسها معه لأجل أن تخرجه من الحبس ويأكل مالها ولا يخفى وإن حبسها له غير قيد بل لو حبسه غيرها وخاف عليها الفساد فالحكم كذلك لأن العلة خوف الفساد
قوله ( لم تزف ) أي لم تنتقل إلى بيت زوجها
قوله ( أي لا يمكنها الخ ) اعلم أن المذهب المصحح الذي عليه الفتوى وجوب النفقة للمريضة قبل النقلة أو بعدها أمكنه جماعها أو لا معها زوجها أو لا حيث لم تمنع نفسها إذا طلب نقلتها فلا فرق حينئذ بينها وبين الصحيحة لوجود التمكين من الاستمتاع كما في الحائض والنفساء وحينئذ فلا ينبغي إدخالها فيمن لا نفقة لهن لكن ظاهر التجنيس أنه إذا كان مرضا مانعا من النقلة فلا نفقة لها وإن لم تمنع نفسها لعدم التسليم بالكلية فهذا مراد من فرق بين المريضة والصحيحة وعليه يحمل كلام المصنف
هذا حاصل ما حرره في البحر ومشى عليه الشارح حيث ذكر فيما مر أن لها النفقة إذا مرضت بعد النقلة في بيت الزوج أو قبل النقلة ثم انتقلت إلى بيته أو لم تنتقل ولم تمنع نفسها ثم ذكر هنا أن التي لا نفقة لها هي التي مرضت قبل النقلة مرضا لا يمكنها
____________________
(3/578)
الانتقال معه وقدمنا الفرق بين هذه وبين التي مرضت عند الزوج ثم عادت إلى دار أبيها ولا يمكنها الانتقال
قوله ( ومغصوبة ) أي من أخذها رجل وذهب بها وهذا ظاهر الرواية
وعن أبي يوسف لها النفقة والفتوى على الأول لأن فوات الاحتباس ليس منه ليجعل باقيا تقديرا
هداية
وقيد بقوله كرها لأنه لو ذهب بها على صورة الغصب لكن برضاها فلا خلاف فيها إذ لا شك في أنها ناشزة فافهم
قوله ( ولو نفلا ) المناسب ولو فرضا فيفهم عدم الوجوب في النفل بالأولى لأنه متفق عليه
أما الفرض ففي البحر عن الذخيرة عن أبي يوسف أنه عذر فلها نفقة الحضر
وفي رواية عنه يؤمر بالخروج معها والإنفاق عليها
قوله ( لا معه ) عطف على مقدر أي حاجة وحدها أو مع غير الزوج لا معه
قوله ( لفوات الاحتباس ) علة لقوله لا لنفقة لأحد عشر الخ
قوله ( ولو معه ) أي ولو حجت مع الزوج ولو كان الحج نفلا كما في الهندية ط
قلت وكذا لو خرجت معه لعمرة أو تجارة لقيام الاحتباس لكونها معه
قوله ( لا نفقة السفر والكراء ) فينظر إلى قيمة الطعام في الحضر لا في السفر
بحر
قلت لا يخفى أن هذا إذا خرج معها لأجلها أما لو أخرجها هو يلزمه جميع ذلك
قوله ( من الطحن والخبز ) عبارة الهندية من الطبخ والخبز
قوله ( فعليه أن يأتيها بطعام مهيأ ) أو يأتيها بمن يكفيها عمل الطبخ والخبز
هندية
قوله ( لا يجب عليه ) وفي بعض المواضع تجبر على ذلك
قال السرخسي لا تجبر ولكن إذا لم تطبخ لا يعطيها الإدام وهو الصحيح كذا في الفتح
وما نقله عن بعض المواضع عزاه في البدائع إلى أبي الليث ومقتضى ما صححه السرخسي أنه لا يلزمه سوى الخبز
تأمل لكن رأيت صاحب النهر قال بعد قوله لا يعطيها الإدام أي إدام هو طعام لا مطلقا كما لا يخفى
قوله ( على ذلك ) أي على الطحن
والخبز
قوله ( لوجوبه عليها ديانة ) فتفتى به لكنها لا تجبر عليه إن أبت
بدائع
قوله ( ولو شريفة ) كذا قاله في البحر أخذا من التعليل وهو مخالف لما قبله من أنها إذا كانت ممن لا تخدم فعليه أن يأتيها بطعام وإلا لا فلو وجب عليها ديانة لم يبق فرق بين الصورتين اللهم إلا أن يقال إن الشريفة قد تكون ممن تخدم نفسها وقد لا تكون
والذي يظهر اعتبار حالها في الغنى والفقر لا في الشرف وعدمه فإن الشريفة الفقيرة تخدم نفسها وحاله عليه الصلاة والسلام وحال أهل بيته في غاية من التقلل من الدنيا فلا يقاس عليه حال أهل التوسع
تأمل
وعبارة صاحب الهداية في مختارات النوازل تؤيده حيث قال وإن كانت ممن تخدم نفسها فعليها الطبخ والخبز لأنه عليه الصلاة والسلام الخ
قوله ( ولبد ) كجلد واحد اللبود والطنفسة مثلثا البساط
قوله ( وتمامه في الجوهرة ) حيث قال ويجب عليه ما تنطف به وتزيل الوسخ كالمشط والدهن والسدر والخطمي والأشنان والصابون على عادة أهل البلد أما الخضاب والكحل فلا يلزمه بل هو
____________________
(3/579)
على اختياره وأما الطيب فيجيب عليه ما يقطع به السهوكة لا غير وعليه ما تقطع به الصنان لا الدواء للمرض ولا أجرة الطبيب ولا الفصاد ولا الحجام وعليه من الماء ما تغسل به ثيابها وبدنها لا شراء ماء الغسل من الجنابة بل ينقله إليها أو يأذن لها بنقله وإن كانت موسرة استأجرت من ينقله إليها وعليه ماء الوضوء اه
لكن في الهندية أن ثمن ماء الاغتسال على الزوج وكذا ماء الوضوء وعليه فتوى مشايخ بلخ والصدر الشهيد وهو اختيار قاضيخان اه
وفي البزازية ولا تفرض لها الفاكهة والسهك بالتحريك ريح العرق
والصنان دفر الإبط بالدال المهملة أي نتنه كما في المصباح
تنبيه قد علم مما ذكر أنه لا يلزمه لها القهوة والدخان وإن تضررت بتركهما لأن ذلك إن كان من قبيل الدواء أو من قبيل التفكه فكل من الدواء والتفكه لا يلزمه كماعلمت
قوله ( قيل عليه الخ ) عبارة البحر عن الخلاصة فلقائل أن يقول عليه لأنه مؤنة الجماع ولقائل أن يقول عليها كأجرة الطبيب اه
وكذا ذكر غيره ومقتضاه أنه قياس ذو وجهين لم يجزم أحد من المشايخ بأحدهما خلاف ما يفهمه كلام الشارح ويظهر لي ترجيح الأول لأن نفع القابلة معظمه يعود إلى الولد فيكون على أبيه
تأمل
قوله ( وتفرض لها الكسوة ) كان على المصنف أن يصل الكلام على الكسوة بعضه ببعض بأن يقدم قوله وتزاد في الشتاء الخ هنا أو يؤخر هذه الجملة هناك ط
واعلم أن تقدير الكسوة مما يختلف باختلاف الأماكن والعادات فيجب على القاضي اعتبار الكفاية بالمعروف في كل وقت ومكان فإن شاء فرضها أصنافا وإن شاء قومها وقضى بالقيمة كذا في المجتبى وفي البدائع الكسوة على الاختلاف كالنفقة من اعتبار حاله فقط أو حالهما
بحر
قوله ( في كل نصف حول مرة ) إلا إذا تزوج وبنى بها ولم يبعث لها كسوة فتطالبه بها قبل نصف الحول والكسوة كالنفقة في أنه لا يشترط مضي المدة
بحر عن الخلاصة
وحاصله أنها تجب لها معجلة لا بعد تمام المدة
واعلم أنه لا يجدد لها الكسوة ما لم يتخرق ما عندها أو يبلغ الوقت الذي يكسوها
كافي الحاكم
وفيه تفصيل سيأتي قبيل قوله ولخادمها
قوله ( وللزوج الإنفاق عليها بنفسه ) لكونه قواما عليها لا ليأخذ ما فضل فإن المفروضة أو المدفوعة لها ملك لها فلها الإطعام منها والتصدق ومقتضاه أنها لو أمرته بإنفاق بعض المقرر لها فالباقي لها أو بشراء طعام ليس له أكل ما فضل عنها
وفي الخانية لو أكلت من مالها أو من المسألة لها الرجوع عليه بالمفروض
بحر ملخصا
قوله ( ولو بعد فرض القاضي ) لا محل له هنا لأن من شروط فرض القاضي أن يظهر له مطله وعدم إنفاقه كما تعرفه
قوله ( فيفرض الخ ) تفريع على الاستثناء وبيان نتيجته لكنه غير مفيد فكان عليه أن يبدله بقوله فيأمره ليعطيها أي ليس له أن ينفق عليها بل يدفع لها ما تنفقه على نفسها وقد أصلح الشارح عبارة المصنف حيث عطف قوله ويأمره الخ على قوله فيفرض لكن كان عليه حذف قوله إن شكت مطله لأنه يغني عنه قول المصنف أن يظهر للقاضي عدم إنفاقه مع إيهامه الاكتفاء بمجرد الشكاية
ويوضح ما قلناه ما في البحر عن الخلاصة والذخيرة الزوج هو الذي يلي الإنفاق إلا إذا ظهر عند القاضي مطله فحينئذ يفرض النفقة ويأمره ليعطيها لتنفق على نفسها نظرا لها فإن لم يعط حبسه ولا تسقط عنه النفقة اه
وقوله بطلبها مع حضرته بيان لشرطين لجواز فرض القاضي النفقة
ذكرهما في البدائع
لكن سيأتي في المتن فرضها على الغائب لو له مال عند من يقربه وبالزوجية ومطلقا على قول زفر المفتي به
ويؤخذ من كلام الذخيرة والخلاصة شرط ثالث وهو ظهور مطله
____________________
(3/580)
وقوله ولم يكن صاحب مائدة بيان لشرط رابع ذكره في غاية البيان حيث قال إذا كان له طعام كثير وهو صاحب مائدة يمكن المرأة من تناول مقدار كفايتها فليس لها أن تطالبه بفرض النفقة وإن لم يكن بهذه الصفة فإن رضيت أن تأكل معه فبها ونعمت وإن خاصمته يفرض لها بالمعروف اه
وهو كالصريح في أن المراد بصاحب المائدة من يمكنها تناول كفايتها من طعامه سواء كان ينفق على من لا تجب عليه نفقته أو لا فافهم
قوله ( لأن لها الخ ) تعليل لما فهم من الشرط الرابع أي لكونها يحل لها تناول كفايتها ولو بدون إذنه لا يفرض لها إذا أمكنها ذلك فافهم
قوله ( فإن لم يعط الخ ) تفريع على قوله ليعطيها وفي الفتح امتنع عن الإنفاق عليها مع اليسر لم يفرق بينهما ويبيع الحاكم ماله عليه ويصرفه في نفقتها فإن لم يجد ماله يحبسه حتى ينفق عليها ولا يفسخ ولا يباع مسكنه وخادمه لأنه من أصول حوائجه وهي مقدمة على ديونه وقيل يبيع ما سوى الإزار إلا في البرد وقيل ما سوى دست من الثياب وإليه مال الحلواني وقيل دستين وإليه مال السرخسي ولا تباع عمامته
قهستاني عن المحيط در منتقى
والدست من الثياب ما يلبسه الإنسان ويكفيه لتردده في حوائجه جمعه دسوت
مصباح
قوله ( أي كل مدة تناسبه الخ ) قالوا يعتبر في الفرض الأصلح والأيسر ففي المحترف يوما بيوم لأنه قد لا يقدر على تحصيل نفقة شهر دفعة وهذا بناء على أنه يعطيها معجلا ويعطيها كل يوم عند المساء عن اليوم الذي يلي ذلك المساء لتتمكن من الصرف في حاجتها في ذلك اليوم وإن كانا تاجرا فنفقته شهر بشهر أو من الدهاقين فنفقة سنة بسنة أو من الصناع الذين لا ينقضي عملهم إلا بانقضاء الأسبوع كذلك
فتح وغيره
قلت ومشى في الاختبار وغيره على ما ذكره المصنف من التقدير بشهر لأنه وسط وهو الذي ذكره محمد نعم في الذخيرة عن السرخسي أنه ليس بتقدير لازم وأن بعض المتأخرين اعتبر ما مر من التفصيل في حال الزوج
قوله ( وله الدفع كل يوم ) ذكر في البحر بحثا حيث ذكر التفصيل المذكور ثم قال وينبغي أن يكون محله ما إذا رضي الزوج وإلا فلو قال أنا أدفع نفقة كل يوم معجلا لا يجبر على غيره لأنه إنما اعتبر ما ذكر تخفيفا عليه فإذا كان يضره لا يفعل وظاهر كلامهم أن كل مدة ناسبت حال الزوج أنه يعجل نفقتها كما صرحوا به في اليوم اه
فتأمل
قوله ( كما لها الطلب الخ ) ذكر في الذخيرة ما مر عن محمد من التقدير بشهر لأنه أقل الآجال المعتادة ثم قال وفرع على هذا أنه لو لم يدفع لها فأرادت أن تطلب كل يوم فإنما تطلب عند المساء لأن حصة كل يوم معلومة فيمكن طلبها بخلاف ما دون اليوم لأنه مقدر بالساعات فلا يمكن اعتباره اه
فأفاد أن الخيار لها في طلب كل يوم إذا لم يدفع لها نفقة الشهر فلا ينافي ما بحثه في البحر من جعل الخيار له في الدفع كل يوم فافهم نعم جعل الخيار له قد يكون فيه إضرار بها كما هو مشاهد حيث يحوجها إلى الخروج من بيتها في كل يوم وإلى المخاصمة والمنازعة وربما لا تجده وإن وجدته لا يعطيها فالأولى في زماننا ما نقلناه عن الذخيرة من التقدير بالشهر وجعل الخيار لها في الأخذ كل يوم لكن إذا ماطلها كما ذكرناه لا مطلقا لأنه إذا دفع لها نفقة كل شهر فامتنعت وطلبت الأخذ كل يوم تكون متعنتة قاصدة لإضراره ومخاصمته في كل يوم فينبغي التعويل على هذا التفصيل الموافق لقواعد الشرع المعلومة من قطع المنازعة والخصومة
____________________
(3/581)
مطلب في أخذ المرأة كفيلا بالنفقة قوله ( أخذ كفيل الخ امرأة قالت إن زوجي يطيل الغيبة عني فطلبت كفيلا بالنفقة
قال أبو حنيفة ليس لها ذلك
وقال أبو يوسف تأخذ كفيلا بنفقة شهر واحد استحسانا وعليه الفتوى فلو علم أنه يمكث في السفر أكثر من شهر أخذ عند أبي يوسف الكفيل بأكثر من شهر اه
فظهر أن محل أخذ الكفيل بنفقة شهر هو عدم العلم بقد غيبته فيخاف أن يمكث أقل أو أكثر فيقتصر على الشهر لأنه أقل الآجال المعتادة كما مر ومحل الأكثر لو علم أن يغيب أكثر كما لو خرج للحج مثلا فيؤخذ بقدرها فافهم نعم في عبارة الشارح اختصار يوهم خلاف المراد وما أفاده كلامه من أن خلاف أبي يوسف في المحلين لا في الأول فقط هو صريح عبارة الفتح المذكورة فافهم
قوله ( وقس سائر الديون عليه ) أي على دين النفقة
قال في نور العين وفي آخر كفالة المحيط والفتوى في مسألة النفقة على قول أبي يوسف وفي سائر الديون لو أفتى مفت بذلك كان حسنا رفقا بالناس وفي الأقضية أجمعوا أن في الدين المؤجل إذا قرب حلول الأجل وأراد المديون السفر لا يجب عليه إعطاء الكفيل وفي الصغرى المديون إذا أراد أن يغيب ليس لرب الدين أن يطالبه بإعطاء الكفيل
وقال أبو يوسف لو قال قائل بأن له أن يطالبه قياسا على نفقة شهر لا يبعد
وفي المنتقى رب الدين لو قال للقاضي إن مديوني فلانا يريد أن يغيب عني فإنه يطالبه بإعطاء الكفيل وإن كان الدين مؤجلا اه
ثم لا يخفى أنه لا يتأتى هنا التقييد الشهر بل المراد الكفالة بكل الدين لأنه شيء مقدر ثابت في ذمة المديون بخلاف النفقة فإنها تزداد بزيادة المدة فتقييد الكفالة بقدر مدة الغيبة نعم لو كان الدين مقسطا يظهر التقييد بأخذ الكفيل بأقساط مدة الغيبة فافهم
قوله ( ولو كفل لها كل شهر كذا الخ ) اعلم أن ما مر إنما هو في الخلاف في جواز أخذها الكفيل منه جبرا عند خوف الغيبة والكلام الآن في قدر المدة التي تصح بها الكفالة فإن كفل لها كل شهر عشرة دراهم فإن قال أبدا أو ما دمتما زوجين وقع على الأبد اتفاقا وإلا وقع على شهر واحد عند أبي حنيفة وعلى الأبد عند أبي يوسف وهو أرفق وعليه الفتوى كما في البحر
ومفاده أنها لا تصح قبل الفرض أو التراضي على شيء معين وصرح به في البحر عن الذخيرة في شرح
قوله ( ولا تجب نفقة مضت إلا بالقضاء أو الرضا ) لكن نقل بعده عن الواقعات لو قالت إنه يريد الغيبة وطلبت منه كفيلا ليس لها ذلك لأن النفقة لم تجب
وقال أبو يوسف أستحسن أخذ كفيل بنفقة شهر وعليه الفتوى لأنها إن لم تجب للحال تجب بعده فيصير كأنه كفل بما ذاب لها على الزوج فيجبر استحسانا رفقا بالناس
قال وزاد في الذخيرة إنه لا فرق بين كونها مفروضة أو لا اه
قلت وهذا مخالف لما قبله من أنها لا تصح قبل الفرض أو التراضي ووفق الرملي بحمل ما قبله على حال الحضور وحمل هذا على حال إرادة الغيبة فيصح في الغيبة مطلقا استحسانا وعليه فما مر من أن الأب لا يطالب بنفقة زوجة ابنه إلا إذا ضمنها مقيد بالمفروضة أو المقضية توفيقا بين كلامهم
قلت وفي الذخيرة عن كتاب الأقضية إذا ضمن النفقة والمهر عن زوجها فضمان النفقة باطل إلا أن يسمي شيئا بأن يصطلحا على شيء مقدر لنفقة كل شهر ثم يضمنه رجل فيجوز لوجوب النفقة بهذا الاصطلاح فيصح الضمان ولكن لا يلزمه أكثر من نفقة شهر اه
والظاهر أن هذا هو القياس إذ لا يصح الضمان بما لم يجب لأن النفقة لا تجب قبل الاصطلاح على قدر معين بالقضاء وأو الرضا ولذا تسقط بالمضي عند عدم ذلك لكن علمت مما مر أن الاستحسان
____________________
(3/582)
الجواز وإن لم تجب للحال وأنه يصير كأنه كفل لها بما ذاب لها على الزوج أي بما ثبت لها عليه بعد والكفالة بذلك جائزة في غير النفقة فكذا في النفقة
ولا يخفى أن علة الاستحسان جارية في مسألتي الحضرة والغيبة ويدل عليه إطلاقهم مسألة ضمان الأب نفقة زوجة الابن وكذا قوله في فتح القدير ولو ضمن لها نفقة سنة جاز وإن لم تكن واجبة هذا ما ظهر لي من التوفيق وهو بالقبول حقيق فاغتنمه
تنبيه هذه الكفالة تتضمن زمان العدة أيضا لأنه كفيل ما دام النكاح وهو في العدة باق من وجه كما في الذخيرة ونحوه في الفتح
ولو كفل لها بنفقة ولدها أبدا أو بنفقة خادمها ما عاش لم يصح لسقوط النفقة عنه إذا أيسر الولد أو بلغ أو استغنت المرأة عن الخادم فكان الوقت مجهولا بخلاف نفقة المرأة لوجوبها ما بقي النكاح كما في الذخيرة
ثم اعلم أن الكفالة بالمال يشترط لصحتها أن يكون المال دينا صحيحا وهو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء ودين النفقة يسقط بالموت والطلاق فالقياس أو لاتصح فيه الكفالة وكأنهم أخذوا بالاستحسان كما ذكره الشارح في كتاب الكفالة فافهم
قوله ( لسقوطه ) أي لسقوط دين النفقة بموت أحدهما وكذا بالطلاق على ما فيه من الخلاف على ما سيأتي فكان أضعف من دين الزوج فلا بد من رضاه اه
ح
قوله ( بخلاف سائر الديون ) أي فإنه يقع التقاص فيها تقاصا أو لا بشرط التساوي فلو اختلفا كما إذا كان أحدهما جيدا والآخر رديئا فلا بد من رضا صاحب الجيد كما في البحر ح
قوله ( وفيه ) أي في البحر عند قول الكنز والسكنى في بيت خال الخ لكن هذا يوجد في بعض نسخ البحر
قوله ( لا أجر عليه ) لأن منفعة سكنى الدار تعود إليها لكن سيأتي في الإجارات أن الفتوى على الصحة لتبعيتها له في السكنى
أفاده ح
قوله ( ومفهومه الخ ) من كلام البحر
قوله ( فالأجرة عليه ) لأن هذه الثلاثة تضمن بالغصب وهي تابعة للزوج في السكنى ولم يوجد العقد منها
واعترضه ط بأن سكناه عارضة بعد تحقق الغصب منها ولا اعتبار لنسبة السكنى العارضة إليه بعد تحقق الفعل منها اه
وقد يجاب بأنها لما كانت تابعة له في السكنى صارت اليد له فصار كغاصب الغاصب لكن مقتضى هذا جواز تضمينها وتضمنيه الأجرة كما هو الحكم في الغاصب وغاصب الغاصب
قوله ( بقدر الغلاء والرخص ) أي يراعي كل وقت أو مكان بما يناسبه
وفي البزازية إذا فرض القاضي النفقة ثم رخص تسقط الزيادة ولا يبطل القضاء وبالعكس لها طلب الزيادة اه
وكذا لو صالحته على شيء معلوم ثم غلا السعر أو رخص كما سيذكره المصنف والشارح
قوله ( ولا تقدر بدراهم ودنانير ) أي لا تقدر بشيء معين بحيث لا تزيد ولا تنقص في كل مكان وزمان وما ذكره محمد من تقديرها على المعسر بأربعة دراهم في كل شهر فليس بلازم وإنما هو على ما شاهد في زمانه وإنما على القاضي في زماننا اعتبار الكفاية بالمعروف كما في الذخيرة
قوله ( لكن في البحر الخ ) حيث قال فالحاصل أنه ينبغي للقاضي
____________________
(3/583)
إذا أراد فرض النفقة أن ينظر في سعر البلد وينظر ما يكفيها بحسب عرف تلك البلدة ويقوم الأصناف بالدراهم ثم يقدر بالدراهم كما في المحيط إما باعتبار حاله أو باعتبار حالهما كما مر
ثم قال وفي المجتبى إن شاء فرض لها أصنافا وإن شاء قومها وفرض لها بالقيمة اه
ثم اعلم أن هذا لا ينافي ما عزاه إلى الاختيار والمجمع من عدم تقديرها بدراهم أي بشيء معين لا يزيد ولا ينقص بل هو مؤكد له ومفسر فلا وجه للاستدراك عليه فالأولى جعل قوله لكن الخ استدراكا على قوله ويقدرها بقدر الغلاء والرخص فإن ما ذكره في البحر يفيد أن القاضي مخير بين ذلك وبين فرضها أصنافا أي من خبز وإدام ودهن وصابون ونحو ذلك فإذا ظهر للقاضي عدم إنفاقه بنفسه يأمره بدفع ذلك أو بقيمته بقدر كفايتها وحينئذ فالاستدراك صحيح فافهم
قوله ( وفيه ) أي في البحر بحثا
قوله ( كما له أن يرفعها ) الأولى أن يقول بدليل أن له أن يرفعها الخ ليفيد أنه بحث فإن صاحب البحر ذكر هذه المسألة عن الخلاصة ثم قال وهو يدل على أن له الخ
قوله ( وتزاد في الشتاء الخ ) أي تزاد على ما قدره محمد في الكسوة بدرعين وخمارين وملحفة في كل سنة
قال في الظهيرية إن هذا في عرفهم أما في عرفنا فيجب السراويل والجبة والفراش واللحاف وما تدفع به أذى الحر والبرد وفي الشتاء درع خزرجية قز وخمار آبريسم اه
وفي الذخيرة ما ذكره محمد على عادتهم وذلك يختلف باختلاف الأماكن حرا وبردا والعادات فعلى القاضي اعتبار الكفاية بالمعروف في كل وقت ومكان وكل جواب عرفته في النفقة من اعتبار حاله أو حالهما فهو الجواب في الكسوة
قوله ( وما يدفع الخ ) مفعول لفعل مقدر دل عليه المذكور إذ عطفه على جبة لا يناسبه تقييد الفعل بالشتاء وما يدفع أذى الحر يناسب الصيف
قوله ( إن طلبته ) راجع لقوله ويقدرها وقوله وتزاد
قوله ( ويختلف ذلك الخ ) هو معنى ما ذكرنا آنفا عن الظهيرية وعن الذخيرة وقوله وحالا أي حال الزوجين في اليسار والإعسار فهو عطف مرادف
تأمل
ولو قال بدله ووقتا لكان أولى
قوله ( وليس عليه خفها الخ ) قال في البزازية ولم يذكر الخف والإزار في كسوة المرأة وذكرهما في كسوة الخادم وذلك في ديارهم بحكم العرف وفي ديارنا يفرض الإزار والمكعب وما تنام عليه اه
وقال السرخسي ولم يوجب محمد الإزار لأنه إنما يحتاج للخروج والمرأة منهية عنه
قال في الذخيرة هذا التعليل إشارة إلى أنه لا يفرض للمرأة الإزار في ديارنا أيضا اه
والحاصل أنه اختلف التعليل لعدم ذكر الإزار فقيل للعرف ولذا أوجبه الخصاف لاختلاف العرف في زمانه وقيل لحرمة الخرج ولعل الأول أوجه لأنها يحل لها الخروج في مواضع فلا بد لها من ساتر وتقدم أنه يجب لها مداس رجلها
والظاهر أنه لا خلاف فيه إذا كان المراد به ما تلبسه في البيت وكذا الخف أو الجوارب في الشتاء لدفع البرد الشديد
قوله ( وفي البحر الخ ) وعبارته والحاصل أن المرأة ليس عليها إلا تسليم نفسها في بيته وعليه لها جميع ما يكفيها بحسب حالها من أكل وشرب ولبس وفرش ولا يلزمها أن تتمتع بما هو ملكها ولا تفرش له شيئا من فراشها الخ
____________________
(3/584)
قلت ومفاده أنه يلزمه كسوتها من حين عقدة عليها أو دخوله بها ومر التصريح به عن الخلاصة فتجب حالة لا مؤجلة إلى مضي نصف الحول وإن زفت إليه بثياب فلا يلزمها استعمالها كما لو مضت المدة ولم تلبس ما دفعه لها فلها غيره كما مر ويأتي وكما لو كانت تملك طعاما يكفيها أو قترت على نفسها وبقي معها دراهم مما فاض لها عليه فيجب لها غيره عليه
مطلب فيما لو زفت إليه بلا جهاز قوله ( بلا جهاز يليق به ) الضمير في عبارة البحر عن المبتغى عائد إلى ما بعثه الزوج إلى الأب من الدراهم والدنانير ثم قال والمعتبر ما يتخذ للزوج لا ما يتخذ لها اه
وقدمنا في باب المهر أن هذا المبعوث إلى الأب يسمى في عرف الأعاجم بالدستيمان وأنه في الكافي وغيره فسره بالمهر المعجل وأن غيره فصل وقال إن أدرج في العقد فهو المهر المعجل حتى ملكت المرأة منع نفسها لاستيفائه فلا يملك الزوج طلب الجهاز لأن الشيء لا يقابله عوضان وإن لم يدرج فيه ولم يعقد عليه فهو كالهبة بشرط العوض فله طلب الجهاز على قدر العرف والعادة أو طلب الدستيمان وبذلك يحصل التوفيق بين القولين
قوله ( فله مطالبة الأب بالنقد ) أي المنقود وهو ما بعثه إلى الأب لا على كونه من المهر بل على كونه بمقابلة ما يتخذ للزوج في الجهاز لما علمت من أنه هبة بشرط العوض فله الرجوع بها عند عدم المعوض فافهم
قوله ( إلا إذا سكت ) أي زمانا يعرف به رضاه
قوله ( وعليه ) أي يتبني على ما ذكر من أن له المطالبة به لأنه يصير ملكه حين تسلمه بعد الزفاف
قوله ( فينبغي العمل بما مر ) أي من أنه لا يحرم الانتفاع به بلا إذنها
وأما ما ذكره صاحب النهر هناك عن البزازية من أن الصحيح أنه لا يرجع على الأب بشيء لأن المال في النكاح غير مقصود اه فهو مبني على أن ذلك المعجل أدرك في العقد بدليل التعليل بأن المال وهو الجهاز غير مقصود في النكاح لأن المهر يجعل بدلا عن البضع وحده
لا يقال إنه وإن أدرج في العقد يعتبر بدلا عن الجهاز أيضا بحكم العرف فصار المعقود عليه كلا منهما
لأنا نقول يلزم منه فساد التسمية لعدم العلم بما يخص كل واحد منهما
وأيضا صرح بجعله مهرا وهو بدل البضع لا يعتبر المعنى على أن هذا العرف غير معروف في زماننا فإن كل أحد يعلم أن الجهاز ملك المرأة وأنه إذ طلقها تأخذه كله وإذا ماتت يورث عنها ولا يختص بشيء منه وإنما المعروف أنه يزيد في المهر لتأتي بجهاز كثير ليزين به بيته وينتفع به بإذنها ويرثه هو وأولاده إذا ماتت كما يزيد في مهر الغنية لأجل ذلك لا ليكون الجهاز كله أو بعضه ملكا لها ولا ليملك الانتفاع به وإن لم تأذن فافهم
قوله ( هل تقدير القاضي ) أي من غير قوله حكمت بذلك ط
والظاهر أنه بالدال هنا وفيما بعده من المواضع ويصح بالراء وكان ينبغي ذكر هذه المسائل عند قول المصنف الآتي والنفقة لا تصير دينا إلا بالقضاء أو الرضا
قوله ( بشرطه ) هو شكوى المطل وحضور الزوج وكونه غير صاحب مائدة ط
قوله ( فلا تسقط ) أي النفقة وهذا تفريع على كونه حكما ح
قوله ( هل يكون قضاء الخ ) قال
____________________
(3/585)
في البحر ومسألة الإبراء أي الآتية قريبا تدل على أن الفرض في الشهر الأول منجز وفيما بعده مضاف فينجز بدخوله وهكذا اه
قوله ( إلا لمانع ) كنشوزها فتسقط في مدته كما مر وكتغير السعر غلاء أو رخصا فتنقص أو تزاد
قوله ( ولذا ) أي لما علم مما سبق أن النفقة تصير دينا بالقضاء ولا تسقط بمضي المدة ط
قوله ( قبل الفرض ) يشمل الفرض بالقضاء أو بالرضا وقوله باطل لأنها لا تصير دينا بدون الفرض المذكور فليس في كلامه قصور فافهم
مطلب في الإبراء عن النفقة تنبيه يستثنى من ذلك ما لو خالعها على أن تبرئه من نفقة العدة كماقدمناه في بابه لأنه إبراء بعوض وهو استفياء قبل الوجوب فيجوز أما الأول فهو إسقاط للشيء قبل وجوبه فلا يجوز كما في الفتح
قوله ( ومن شهر مستقبل ) أي إذا كانت مفروضة بالأشهر فلو بالأيام يبرأ من نفقة يوم مستقبل وكذا لو بالسنين يبرأ عن نفقة سنة مستقبلة كما هو ظاهر
والظاهر أن المراد بالمستقبل ما دخل أوله لأنه إنما وكذا يتنجز بدخوله كما علمته آنفا وقبل دخوله حكمه حكم ما بعده من الأشهر المستقبلة ويؤيده ما في البحر وكذا لو كانت أبرأتك عن نفقة سنة لم يبرأ إلا من نفقة شهر واحد لأن القاضي لما فرض نفقة كل شهر فإنما فرض لمعنى يتجدد بتجدد الشهر فما لم يتجدد الشهر لا يتجدد الفرض وما لم يتجدد الفرض لا تصير نفقة الشهر الثاني واجبة الخ
وحاصله أن النفقة تفرض لمعنى الحاجة المتجددة فإذا فرضت كل شهر كذا صارت الحاجة متجددة يتجدد كل شهر فقبل تجدده لا يتجدد الفرض ف ( لم تجب النفقة قبله ولا يصح الإبراء عما لم يجب ومقتضاه أنه لو فرضها كل سنة كذا صح الإبراء عن سنة دخلت لا عن أكثر ولا عن سنة لم تدخل هذا ما ظهر لي فتدبره
قوله ( حتى لو شرط ) تفريع على مفهوم كون تقدير القاضي النفقة حكما منه اه ح
والمفهوم هو كونها بدون تقدير القاضي لا تكون لازمة وفيه أنها تلزم بالتراضي على قدر معلوم وتصير به دينا في ذمة الزوج فيتعين كونه تفريعا على مفهوم قوله
الأبارء قبل الفرض باطل وقد علمت أن الفرض شامل للقضاء والرضا لأن الفرض معناه التقدير وهو حاصل بكل منهما ومفهوم أنها قبل الفرض المذكور لا تكون لازمة لأن الشرط المذكور ليس في تقدير كما يظهر قريبا فافهم
قوله ( تكون من غير تقدير ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها تموين بدل تكون فقوله من غير تقدير تفسير للتموين قوله ( والكسوة كسوة الشتاء والصيف ) أي يأتيها بالكسوة الواجبة في كل نصف حول بأن يأتيها بها ثيابا بلا تقويم وتقدير بدراهم بدل الثياب فافهم
قوله ( لم يلزم الخ ) كذا ذكره في البحر بحثا
ووجهه أن ذلك الشرط وعدمه سواء لأن ذلك هو الواجب عليه بنفس العقد سواء شرطه أو لا وإنما يعدل إلى التقدير بشيء معين بالصلح والتراضي أو بقضاء القاضي إذا ظهر له مطله فتصير النفقة بذلك لازمة عليه ودينا بذمته حتى لا تسقط بمضي المدة ويصح الإبراء عنها وقبل ذلك لا تصير كذلك كما علمت
قوله ( فلها بعد ذلك الخ ) أي بعد ما ذكر من الشرط طلب التقدير في النفقة والكسوة من الزوج أو القاضي بشرطه المار
قوله ( ولو حكم بموجب العقد مالكي الخ ) أي لو ترافعا إلى مالكي بعد المنازعة في صحة العقد فقال حكمت بصحته وصحة شروطه
____________________
(3/586)
وبموجبه أي بما يستوجبه العقد ويقتضيه من لزوم المهر ولزوم تسليمها نفسها ونحوه صح الحكم لكن للحنفي تقدير النفقة دراهم وإن كان مذهب المالكي لزوم الشرط بالتموين لأن ذلك لم يصح حكم المالكي فيه إذ لا بد في صحة الحكم من الدعوى والحادثة أي ترافعهما لديه في الحادثة التي يحكم بها ولم يقع بينهما تنازع في صحة اشتراط التموين حتى يصح حكمه به وإن قال حكمت بشروطه وموجبه إذ ليس لزوم اشتراط التموين من موجبات العقد اللازمة له فللحنفي الحكم بخلافه
قوله ( بقي لو حكم الحنفي ) أي حكما مستوفيا شرائطه كما مر
قوله ( لا ) أي ليس للشافعي الحكم بالتموين لأن فيه إبطال قضاء الحنفي ط
قوله ( وعليه إلخ ) هذا بحث لصاحب النهر ط
قوله ( فلو حكم الشافعي بالتموين ) لبأن ترافعا إليه وطلبت منه التقدير وأبى ولم يظهر للقاضي مطله فحكم لها بالتموين لم يكن للحنفي نقضه
قلت إلا أن يظهر بعد ذلك مطله فيفرضها دراهم لكون ذلك حادثة أخرى غير التي حكم بها الشافعي
قوله ( بطل الفرض السابق ) أي الفرض الحاصل بالقضاء أو بالرضا
قوله ( لرضاها بذلك ) لأن الفرض كان حقها لكونه أنفع لها فإن النفقة تصير به دينا في ذمته فلا تسقط بالمضي فإذا اتفقا على التموين في المستقبل يكون إعراضا عن الفرض السابق وهذه المسألة ذكرها في البحر بحثا وقال إنها كثيرة الوقوع وقد أخذها مما في الذخيرة لو صالحته على ثلاثة دراهم كل شهر قبل التقدير بالقضاء أو الرضا أو بعده كان تقديرا للنفقة فتجوز الزيادة عليه لو قالت لا يكفيني والنقصان منه لو قال لا أطيقه وعلم القاضي صدقه بالسؤال عنه وإلا لا لأن إلتزامه ذلك باختياره دليل قدرته عليه ولو صالحته على نحو ثوب أو عبد مما لا يصح للقاضي أن يفرضه في النفقة فإن كان قبل التقدير بانقضاء أو الرضا كان تقديرا أيضا وإن كان بعده كان معاوضة فلا تجوز الزيادة عليه ولا النقصان اه ملخصا
قال في البحر وعلم منه أن تراضيهما على ما يصلح للنفقة مبطل لفرض القاضي فيستفاد منه أنهما لو اتفقا إلخ
قوله ( وفي السراجية إلخ ) أي فتاوي سراج الدين قارىء الهداية وهذا مخالف لما قاله الشيخ قاسم وكون ذاك مفروضا في النفقة وهذا في الكسوة لا يجدي نفعا في الفرق
تأمل
وقد يجاب بأن ذاك في فرض القاضي وهذا في التراضي بدليل قوله ورضيت وقوله وقضى به لم يرد به القضاء الحقيقي بل الصوري لأن التقدير صح بتراضيهما قبل القضاء وأيضا فإن شرط القضاء ظهور المطل وبمجرد التراضي لم يظهر مطل وحينئذ فرجوعها وطلب الكسوة قماشا ليس فيه إبطال قضاء سابق بل فيه إعراض عن حقها لكون التقدير برضاهما أنفع لها كما مر في فرض القاضي ويظهر من هذا أن قوله السابق لو اتفقا إلخ غير قيد بل يكفي طلبها
ويظهر منه أيضا أنه لا فرق بين كون طلبها بعد الفرض والتقدير بالقضاء أو الرضا ولذا ذكر ما في السراجية عقب قوله لو اتفقا إلخ لكن يشكل على هذا ما مر عن الشيخ قاسم فإنه إذا لم يصح حكم الشافعي بالتموين بعد حكم الحنفي بالتقدير بالدراهم فعدم صحة طلبها بدون حكم يكون بالأولى فليتأمل
قوله ( وقالوا الخ ) الأصل أن القاضي إذا ظهر له الخطأ في التقدير يرده وإلا فلا فلو قدر لها عشرة دراهم نفقة شهر فمضى
____________________
(3/587)
الشهر وبقي منها شيء يفرض لها عشر أخرى إذا لم يظهر خطؤه في التقدير بيقين لجواز أنها قترت على نفسها فيبقى التقدير معتبرا فيقضي لها بأخرى بخلاف ما إذا أسرفت فيها أو سرقت أو هلكت قبل مضي الوقت لا يقضي بأخرى ما لم يمض الوقت لعدم ظهور الخطأ
بخلاف نفقة المحرم وكذا كسوته فإنه إذا مضى الوقت وبقي شيء لا يقضي بأخرى لأنها في حقه باعتبار الحاجة ولذا لو ضاعت منه يفرض له أخرى وفي حق المرأة معاوضة عن الاحتباس
وبخلاف كسوة المرأة فإنها لا يقضي لها بأخرى إلا إذا تخرقت قبل مضي المدة بالاستعمال المعتاد فيقضي لها بأخرى قبل تمام المدة لظهور خطئه في التقدير حيث وقت وقتا لا تبقى معه الكسوة وإلا إذا مضت المدة وهي باقية لكونه استعملت أخرى معها فيقضي لها بأخرى أيضا لعدم ظهور الخطأ ومثله ما إذا لم تستعملها أصلا وسكت عنه الشارح لعلمه بالأولى وفهم من كلامه أنها إذا تخرقت قبل مضي المدة باستعمال غير معتاد لا يقضي بأخرى ما لم تمض المدة لعدم ظهور الخطأ في التقدير وأنها إذا بقيت في المدة مع استعمالها وحدها فكذلك لا يقضي لها بأخرى ما لم تتخرق لظهور خطئه حيث وقت وقتا تبقى الكسوة بعده وتمام الكلام في البحر عن الذخيرة
مطلب في نفقة خادم المرأة قوله ( وتجب لخادمها المملوك لها ) لأن كفايتها واجبة عليه وهذا من تمامها إذ لا بد لها منه
هداية ويعلم منه أنها إذا مرضت وجب عليه إخدامها ولو كانت أمة وبه صرح الشافعية وهو مقتضى قواعد مذهبنا ولم أره صريحا وإن علم من كلامهم
رملي
قلت هذا ظاهر على خلاف الظاهر
ففي البحر قيل هو أي الخادم كل من يخدمها حرا كان أو عبدا ملكا لها أو له أو لهما أو لغيرهما وظاهر الرواية عن أصحابنا الثلاثة كما في الذخيرة أنه مملوكها فلو لم يكن لها خادم لا يفرض عليه نفقة خادم لأنها بسبب الملك فإذا لم يكن في ملكها لا تلزمه نفقته اه
ثم قال وبهذا علم أنه إذا لم يكن لها خادم مملوك لا يلزمه كراء غلام يخدمها لكن يلزمه أن يشتري لها ما تحتاجه من السوق كما صرح به في السراجية اه
إلا أن يقال هذا في غير المريضة لأنه إذا اشترى لها ما تحتاجه تستغني عنه بخلاف المريضة إذا لم تجد من يمرضها فيكون من تمام الكفاية الواجبة على الزوج
نعم إذا طلبته ليقوم عنها في الطبخ ونحوه فقد مر أنها إذا لم تفعل يأتيها بمن يكفيها ذلك إذا كانت ممن لا يخدم أو لا تقدر وكذا إذا كان لخدمة أولاده كما يأتي
قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر الرواية كما علمت
قوله ( ملكا تاما ) احترز به عن الزوجة المكاتبة إذا كان لها مملوك فإن نفقته لا تجب على زوجها كما في المنح أخذا من تقييد الزيلعي وغيره بالحرة
بقي لو كانت الزوجة حرة وكاتبت أمتها فالظاهر أن نفقتها على الزوج إن لم تشتغل عن خدمتها لأن التقييد بالحرة لا يلزم منه إخراج أمتها المكاتبة فافهم
قوله ( بالفعل ) ليس المراد أنه إنما يستحق النفقة في حال تلبسه بالخدمة دون ما قبل الشروع فيها أو بعد الفراغ منها إذ لا يتوهمه أحد وإنما المراد الاحتراز عما إذا لم يخدمها وإن كان لا شغل له غير خدمتها ولذا قال في الدر المنتقى فلو لم يكن في ملكها أو كان له شغل غير خدمتها أو لم يكن له شغل لكن لم يخدمها فلا نفقة له اه
فقد فرع على القيود الثلاثة
____________________
(3/588)
وفي البحر عن الذخيرة نفقة الخادم إنما تجب عليه بإزاء الخدمة فإذا امتنعت عن الطبخ والخبز وأعمال البيت لم تجب بخلاف نفقة المرأة فإنها بمقابلة الاحتباس اه
فافهم
قوله ( ولو جاءها بخادم الخ ) أي قاصدا إخراج خادمها من بيته فلا يملك ذلك في الصحيح
خانية
لأنه قد لا تتهيأ لها الخدمة بخادم الزوج
ولولوالجية
قال في النهر وينبغي أن يقيد بما إذا لم يتضرر من خادمها أما إذا تضرر منه بأن كان يختلس من ثمن ما يشتريه كما هو دأب صغار العبيد في ديارنا ولم تستبدل به غيره وجاءها بخادم أمين فإنه لا يتوقف على رضاها اه
وفيه أنه يمكن الزوج تعاطي الشراء بخادمة لأنه من الواجب عليه وليس ذلك من خدمتها الخاصة بها والكلام فيما يتعلق بها ط
نعم لو كان خادمها يختلس أمتعة بيته يمكن أن يكون عذرا للزوج في إخراجه
قوله ( بحر بحثا ) راجع لقوله بل ما زاد وعبارته وظاهره
أي ظاهر قولهم لا يملك إخراج خادمها أنه يملك إخراج ما عدا خادم واحد من بيته لأنه زائد على قولهما اه
أما على قول أبي يوسف الآتي فلا
قوله ( لو حرة ) لا حاجة إليه بعد قول المتن المملوك كما صرح به المصنف في المنح
أفاده ح
وأشار إليه الشارح بقوله لعدم ملكها
قوله ( موسرا ) منصوب على أنه خبر كان المقدره بعد لو وعلى حل الشارح صار منصوبا على الحالية من الزوج في قول المصنف أول الباب فتجب للزوجة على زوجها فإن قوله هنا ولخادمها معطوف على قوله للزوجة فافهم
قال في البحر وفي غاية البيان واليسار مقدر بنصاب حرمان الصدقة لا بنصاب وجوب الزكاة اه
وفي الذخيرة ولا تقدر نفقة الخادم بالدراهم على ما ذكرنا في نفقة المرأة بل يفرض له ما يكفيه بالمعروف ولكن لا تبلغ نفقته نفقتها لأنه تبع لها فتنقص نفقته عنها في الإدام
وما ذكره محمد في الكتاب من ثياب الخادم فهو بناء على عاداتهم وذلك يختلف في كل وقت فعل القاضي اعتبار الكفاية فيما يفرض له في كل وقت ومكان اه
ملخصا
قوله ( في الأصح ) خلافا لما يقوله محمد من أنه يفرض لخادمها ولو كان الزوج معسرا وتمامه في الفتح والبحر قوله ( والقول له في العسار ) لأنه متمسك بالأصل
منح
ولأنه منكر لسبب الوجوب
قال في البحر إلا أن تقيم المرأة البينة ويشترط في هذا الخبر العدد والعدالة لا لفظ الشهادة
وفي القهستاني العسار اسم من الإعسار أي الافتقار يستعمله بعض أهل العلم إلا أنه غير مسموع كما في الطلبة وقال المطرزي إنه خطأ محض وكأنهم ارتكبوها لمزاوجة اليسار
قوله ( لا يكفيه ) عبارة الفتح لا يكفيهم
قوله ( فرض عليه لخادمين أو أكثر ) ظاهره أن الخدم لها أي لا يلزمه نفقة أكثر من خادم لها إلا إذا احتاجهم لأولاده لأنها لو لم يكن لها خدم واحتاج أولاده إلى أكثر من خادم يلزمه لأن ذلك من جملة نفقتهم كما لا يخفي
قوله ( وعن الثاني ) أي أبي يوسف أشار إلى أن هذا رواية عن أبي يوسف لأن المنقول عنه في الهداية وغيرها أنه يفرض لخادمين لاحتياج أحدهما لمصالح الداخل والآخر لمصالح الخروج
قوله ( زفت إليه ) أشار إلى أن المعتبر حالها في بيت أبيها لا حالها الطارئ عليها في بيت الزوج
تأمل
رملي
قوله ( ثم قال وفي البحر الخ ) عبارة البحر هكذا قال الطحاوي
____________________
(3/589)
وروى صاحب الإملاء عن أبي يوسف أن المرأة إذا كانت ممن يجل مقدارها عن خدمة خادم واحد أنفق على من لا بد لها منه من الخدم ممن هو أكثر من الخادم الواحد أو الاثنين أو أكثر من ذلك قال وبه نأخذ كذا في غاية البيان
وفي الظهيرية والولوالجية المرأة إذا كانت من بنات الأشراف ولها خدم يجبر الزوج على نفقة خادمين اه
فالحاصل أن المذهب الاقتصار على واحد مطلقا والمأخوذ به عند المشايخ قول أبي يوسف اه
مطلب في فسخ النكاح بالعجز عن النفقة وبالغيبة قوله ( ولا يفرق بينهما بعجزه عنها ) أي غائبا كان أو حاضرا
قوله ( بأنواعها ) وهي مأكول وملبوس ومسكن ح
قوله ( حقها ) أي من النفقة وهو منصوب مفعول المصدر وهو إيفاء
قوله ( ولو موسرا ) المناسب ولو معسرا لأنه إشارة إلى خلاف الشافعي رحمه الله والأصح عنده عدم الفسخ بمنع الموسر حقها كمذهبنا
قوله ( بإعسار الزوج ) مقابل قوله ولا يفرق بينهما بعجزه ط
قوله ( وبتضررها بغيبته ) أي تضرر المرأة بعدم وصول النفقة بسبب غيبته
وفي بعض النسخ وبتعذرها بغيبته أي تعذر النفقة وهي أظهر وهذا مقابل قوله ولا بعدم إيفائه حقها
والحاصل أن عند الشافعي إذا أعسر الزوج بالنفقة فلها الفسخ وكذا إذا غاب وتعذر تحصيلها منه على ما اختاره كثيرون منهم لكن الأصح المعتمد عندهم أن لا فسخ ما دام موسرا وإن انقطع خبره وتعذر استيفاء النفقة من ماله كما صرح به في الأم
قال في التحفة بعد نقله ذلك فجزم شيخنا في شرح منهجه بالفسخ في منقطع خبر لا مال له حاضر مخالف للمنقول كما علمت ولا فسخ بغيبة من جهل حاله يسارا وإعسارا بل وشهدت بينة أنه غاب معسرا فلا فسخ ما لم تشهد بإعساره الآن وإن علم استنادها للاستصحاب أو ذكرته تقوية لا شكا كما يأتي اه
قوله ( نعم لو أمر شافعيا ) أي بشرط أن يكون مأذونا له بالاستنابة
خانية
قال في غرر الأذكار ثم اعلم أن مشايخنا استحسنوا أن ينصب القاضي الحنفي نائبا ممن مذهبه التفريق بينهما إذا كان الزوج حاضرا وأبى عن الطلاق لأن دفع الحاجة الدائمة لا يتيسر بالاستدانة إذ الظاهر أنها لا تجد من يقرضها وغنى الزوج مآلا أمر متوهم فالتفريق ضروري إذا طلبته وإن كان غائبا لا يفرق لأن عجزه غير معلوم حال غيبته وإن قضى بالتفريق لا ينفذ قضاؤه لأنه ليس في مجتهد فيه لأن العجز لم يثبت اه
ونقل في البحر اختلاف المشايخ وأن الصحيح كما في الذخيرة عدم النفاذ لظهور مجازفة الشهود كما في العمادية و الفتح
وذكر في قضاء الأشباه في المسائل التي لا ينفذ فيها قضاء القاضي أن منها التفريق للعجز عن الإنفاق غائبا على الصحيح لا حاضرا اه
والحاصل أن التفريق بالعجز عن النفقة جائز عند الشافعي حال حضرة الزوج وكذا حال غيبته مطلقا أو ما لم تشهد بينة بإعساره الآن كما علمت مما نقلناه عن التحفة والحالة الأولى جعلها مشايخنا حكما مجتهدا فيه فينفذ فيه القضاء دون الثانية وبه تعلم ما في كلام الشارح حيث جزم بالنفاذ فيهما فإنه مبني على خلاف الصحيح المار عن الذخيرة
____________________
(3/590)
وذكر في الفتح أنه يمكن الفسخ بغير طريق إثبات عجزه بل بمعنى فقده وهو أن تتعذر النفقة عليها
ورده في البحر بأنه ليس مذهب الشافعي
قلت ويؤيده ما قدمناه عن التحفة حيث رد على شرح المنهج بأنه خلاف المنقول فعلى هذا ما يقع في زماننا من فسخ القاضي الشافعي بالغيبة لا يصح وليس للحنفي تنفيذه سواء بني على إثبات الفقر أو على عجز المرأة عن تحصيل النفقة منه بسبب غيبته فليتنبه لذلك نعم يصح الثاني عند أحمد كما ذكر في كتب مذهبه وعليه يحمل ما في فتاوى قارئ الهداية حيث سأل عمن غاب زوجها ولم يترك لها نفقة
فأجاب إذا أقامت بينة على ذلك وطلبت فسخ النكاح من قاض يراه ففسخ نفذ وهو قضاء على الغائب
وفي نفاذ القضاء على الغائب روايتان عندنا فعلى القول بنفاذه يسوغ للحنفي أن يزوجها من الغير بعد العدة وإذا حضر الزوج الأول وبرهن على خلاف ما ادعت من تركها بلا نفقة لا تقبل بينته لأن البينة الأولى ترجحت بالقضاء فلا تبطل بالثانية اه
وأجاب عن نظيره في موضع آخر بأنه إذا فسخ النكاح حاكم يرى ذلك ونفذ فسخه قاض آخر وتزوجت غيره صح الفسخ والتنفيذ والتزوج بالغير ولا يرتفع بحضور الزوج وادعائه أنه ترك عندها نفقة في مدة غيبته الخ فقوله من قاض يراه لا يصح أن يراد به الشافعي فضلا عن الحنفي بل يراد به الحنبلي فافهم
قوله ( إذا لم يرتش الآمر والمأمور ) أما الأول فلأن نصب القاضي بالرشوة لا يصح وأما الثاني فلأن حكمه بها لا يصح ولو صح نصبه وعليه فالمناسب العطف بأو
مطلب في الأمر بالاستدانة على الزوج قوله ( وبعد الفرض ) أشار إلى أن في عبارة المصنف كلاما مطويا بعد قوله ولا يفرق بينهما بعجزه عنها الخ تقديره بل يفرض لها النفقة عليه ويأمرها بالاستدانة لكن الفرض يظهر فميا لو كان المعسر عن النفقة حاضرا لأن الغائب إذا لم يكن له مال حاضر لا يفرض لها نفقة عليه كما في الحاكم وسيذكره المصنف بعد نعم سيذكر أن المفتى به قول زفر فافهم
قوله ( بالاستدانة ) ذكر الخصاف وتبعه الشارحون أنها الشراء بالنسيئة لتقضي الثمن من مال الزوج
وفي المجتبى أنها الاستقراض
بحر
ونقل القستاني عن صدر الشريعة
قال وإليه يشير كلام المغرب اه
وفي اليعقوبية أنه الأولى كما لا يخفى
قال في الدر المنتقى لكن التوكيل بالاستقراض لا يصح فالأصح الأول اه
ومثله في الحموي عن البرجندي
قلت الثاني أيسر على المرأة لأنها قد لا تجد من يبيعها بالنسيئة ما تحتاجه في كل يوم بخلاف الاستقراض لنفقة شهر مثلا ويأتي قريبا الجواب عن الإيراد
تنبيه في قضاء الحاوي الزاهدي فإن لم تجد من تستدين منه عليه اكتسبت وأنفقت وجلعته دينا عليه بأمر القاضي وإن لم تقدر على الاكتساب لها السؤال ليومها وتجعل مسؤولها دينا عليه أيضا بأمره به
قوله ( لتحيل عليه الخ ) اعلم أنهم قالوا إن للمرأة حق الرجوع على الزوج بالنفقة بعد فرض القاضي سواء أكلت من ماله أو استدانتها بأمر القاضي أو بدونه ولكن فائدة الأمر بالاستدانة عدم سقوطها بموت أحدهما كما سيذكره المصنف بقوله بموت أحدهما وطلاقها يسقط المفروض إلا إذا استدانت بأمر قاض وأشار الشارح إلى فائدة أخرى وهي ما في تجريد القدوري والهداية من أن فائدة الأمر بها أن تحيل الغريم على الزوج وإن لم يرض الزوج
____________________
(3/591)
وبدون الأمر ليس لها ذلك
وذكر في الفتح عن التحفة أن فائدته رجوع الغريم على الزوج أو على المرأة
قال في البحر وظاهره أن للغريم الرجوع عليه بلا حوالة منها وعلى ما في التجريد لا رجوع له بلا حوالة اه
قلت الظاهر عدم المخالفة وأن المراد بالإحالة دلالتها الغريم على زوجها ليطالبه بأن تقول له إن زوجي فلان فطالبه بالدين إذ لا يمكن إرادة حقيقة الحوالة هنا بدليل تصريحهم بأن للغريم مطالبة المرأة بها أيضا وأنه لا يشترط رضا الزوج بالحوالة
هذا وقد صرحوا بأن الاستدانة بأمر القاضي إيجاب الدين على الزوج لأن للقاضي ولاية كاملة عليه فلذا كان للغريم أن يرجع عليه وبدون الأمر بها لا يرجع عليه بل عليها وهي ترجع على الزوج فقد ظهر من هذا أن الاستدانة بالأمر تقع لها ويجب بها الدين على الزوج بسبب ولاية القاضي عليه لا بطريق الوكالة عن الزوج وبه اندفع ما مر من أن التوكل بالاستقراض لا يصح فافهم
قوله ( إن صرحت الخ ) لا يصح جعله قيدا لقوله وهي عليه لأن رجوع المرأة على الزوج ثابت لها قبل الأمر بالاستدانة كما علمته بل هو قيد لقوله لنحيل عليه
وعبار المجتبى فإذا استدانت هل تصرح بأني أستدين على زوجي أو تنوي أما إذا صرحت فظاهر وكذا إذا نوت وإذا لم تصرح ولم تنو لا يكون عليه ولو ادعت أنها نوت الاستدانة عليه وأنكر الزوج فالقول له اه
قلت وفائدة إنكاره عدم رجوع الغريم عليه بل يرجع عليها وهي ترجع عليه وأنها تسقط بموت أحدهما أو طلاقهما كما علم مما مر
والظاهر أنه لا يمين على الزوج إذ كيف يحلف على عدم نيتها ولذا لم يقيد اليمين خلافا لما نقله الرحمتي من التقييد به فإني لم أره في المجتبى ولا في البحر
قوله ( وتجب الإدانة الخ ) قال في الاختيار المعسرة إذا كان زوجها معسرا ولها ابن من غيره موسر أو أخ موسر فنفقتها على زوجها ويؤمر الابن أو الأخ بالإنفاق عليها ويرجع به على الزوج إذا أيسر ويحبس الابن أو الأخ إذا امتنع لأن هذا من المعروف
قال الزيلعي فتبين بهذا أن الإدانة لنفقتها إذا كان الزوج معسرا وهي معسرة تجب على من كانت تجب عليه نفقتها لولا الزوج وعلى هذا لو كان للمعسر أولاد صغار ولم يقدر على إنفاقهم تجب نفقتهم على من تجب عليه لولا الأب كالأم والأخ والعم ثم يرجع به على الأب إذا أيسر بخلاف نفقة أولاده الكبار حيث لا يرجع عليه بعد اليسار لأنه لا تجب مع الإعسار فكان كالميت اه
وأقره في فتح القدير
بحر
قلت ومقتضاه أنه لا فرق بين الأم وغيرها في ثبوت الرجوع على الأب مع أنه سيذكر قبيل الفروع أنه لا رجوع في الصحيح إلا للأم وفيه كلام سنذكره هناك
قوله ( كأخ وعم ) يصح رجوعه لكل من الزوجة والصغار اه ح أي كأن يكون لها أخ أو عم ولأولادها أخ من غيرها أو عم فتستدين لنفسها من أخيها أو عمها ولأولادها من أخيهم أو عمهم وظاهره أنه لا يقدم الأخ على العم هنا
تأمل
قوله ( وسيتضح ) أي في الفروع
قوله ( ثم أيسر ) أي الزوج كما فسره في المنح
والأولى أن يقول ثم أيسر أحدهما ح
قلت ومثله ما لو أيسرا
قوله ( فخاصمته ) إذ لا تقدير بدون طلبها
قوله ( تمم ) أي القاضي نفقة يساره أي يسار الزوج الذي امرأته فقيرة وهي الوسط
ولو قال وجب الوسط كما قال فيما بعده لكان أوضح ح
قوله ( في المستقبل ) أما الماضي قبل المخاصمة فقد رضيت به ولو بعد عروض
____________________
(3/592)
اليسار
قوله ( وبالعكس ) بأن قضى بنفقة اليسار لكونهما موسرين ثم أعسر الزوج على ما قال أو ثم أعسر أحدهما على ما هو الأولى ولو قال قضى بنفقة الإعسار ثم أيسر أحدهما أو بالعكس وجب الوسط لكان أوضح وأخصر اه ح
قوله ( كما مر ) في قوله بقدر حالهما ح
مطلب في الصلح عن النفقة قوله ( صالحت زوجا الخ ) قدمنا عند قوله لرضاها بذلك عن الذخيرة أن الصلح على النفقة تارة يكون تقديرا للنفقة كالصلح على نحو الدراهم قبل تقدير النفقة بالقضاء أو الرضا أو بعده فتجوز الزيادة عليه والنقصان عنه أي بالغلاء أو الرخص وتارة يكون معاوضة كالصلح على نحو عبد إن كان بعد تقديرها بما ذكر فلا تجوز الزيادة ولا النقصان ولو قبل التقدير فهو تقدير فكلامه هنا محمول على ما إذا لم يكن معاوضة ولذا قيد بقوله على دراهم
قوله ( زيدت ) أي يسمع القاضي دعواها ويزيد لها إذا كانت لا تكفيها لما في كافي الحاكم صالحت المرأة زوجها على نفقة لا تكفيها فلها أن ترجع عنه وتطالب بالكفاية اه
قوله ( فلا التفات لمقالته ) فإن التزامه باختياره وذلك دليل على كونه قادرا على أداء ما التزم فيلزمه جميع ذلك إلا أن يتعرف القاضي عن حاله بالسؤال من الناس فإذا أخبروه أنه لا يطيق ذلك نقص عنه وأوجب على قدر طاقته
ذخيرة
وحاصله أنه لا يقبل قوله لتناقضه ما لم يظهر للقاضي حاله بخلاف المرأة فإنه لا تناقض منها فإنها غير ملتزمة لأن لها الرجوع عن الصلح كما مر الكلام فيه فحيث لم تكن متناقضة تسمع دعواها على ازوج بعدم الكفاية فإن أقر بذلك ألزمه بالزيادة وإن أنكر حلفه أو طلب منها بينة ولا يفعل كذلك في دعوى الزوج لعدم سماعها هذا ما ظهر لي في بيانه
فافهم
هذا وأما ما في الذخيرة من أن القاضي لو فرض لها مالا يكفيها فلها أن ترجع لأنه ظهر خطؤه فعليه التدارك بالقضاء بما يكفيها وكذلك لو فرض على الزوج زيادة على الكفاية فله الامتناع عنها اه
فلا يرد على ما مر لأن هذا في القضاء بطريق الإلزام على الزوج فلم يظهر فيه التناقص منه بخلاف الصلح برضاه وقد خفى هذا على غير واحد فافهم
قوله ( لكل حال ) تابع فيه المصنف في شرحه ولم أره لغيره مع عدم ظهور وجهه فالمناسب إسقاطه
تأمل
قوله ( إلا إذا تغير سعر الطعام الخ ) لأن ذلك عارض فلا يكون به متناقضا لأنه لم يدع أن ذلك كان وقت الصلح بل عرض بعده وكذلك الحكم في دعوى المرأة بالأولى وكالصلح القضاء
ففي البحر عن الظهيرية إذا فرض القاضي للمرأة النفقة فغلا الطعام أو رخص فإن القاضي يغير ذلك الحكم اه
قوله ( إلا أن يتعرف الخ ) أي يطلب المعرفة وهذا استثناء من قوله فلا التفات لمقالته كما علمته فكان المناسب ذكره عقبه
قوله ( لم يلزمه إلا نفقة مثلها ) لظهور أن المائة لكل شهر على الفقير المحتاج شيء كثير في زمانهم لا يتغابن فيه
قال في الخلاصة لو صالحته على أكثر من حقوقها في النفقة والكسوة وإن كان قدر ما يتغابن الناس في مثله
____________________
(3/593)
جاز وإلا فالزيادة مردودة ولا يبطل القضاء اه
وعليه فلو مضت مدة لا تسقط النفقة إذ لو بطل أصل القضاء لسقطت بالمضي وتمامه في البحر
وكأنه أراد بالقضاء التقدير
تأمل
مطلب لا تصير النفقة دينا إلا بالقضاء أو الرضا قوله ( والنفقة لا تصير دينا الخ ) أي إذا لم ينفق عليها بأن غاب عنها أو كان حاضرا فامتنع فلا يطالب بها بل تسقط بمضي المدة
قال في الفتح وذكر في الغاية معزوا إلى الذخيرة أن نفقة ما دون الشهر لا تسقط فكأنه جعل القليل مما لا يمكن الاحتراز عنه إذ لو سقطت بمضي يسير من الزمان لما تمكنت من الأخذ أصلا اه
ومثله في البحر وكذا في الشرنبلالية عن البرهان ووجهه في غاية الظهور لمن تدبر فافهم
ثم اعلم أن المراد بالنفقة نفقة الزوجة بخلاف نفقة القريب فإنها لا تصير دينا ولو بعد القضاء والرضا حتى لو مضت مدة بعدهما تسقط كما يأتي وسيأتي أن الزيلعي استثنى نفقة الصغير ويأتي تمام الكلام عليه عند قول المصنف قضى بنفقة غير الزوجة الخ
قوله ( إلا بالقضاء ) بأن يفرضها القاضي عليه أصنافا أو دراهم أو دنانير
نهر
قوله ( فقبل ذلك لا يلزمه شيء ) أي لا يلزمه عما مضى قبل الفرض بالقضاء أو الرضا
ولا عما يستقبل لأنه لم يجب بعد ولذا لا يصح الإبراء عنها قبل الفرض وبعده يصح مما مضى ومن شهر مستقبل كما تقدم قبل قوله ولخادمها
وأما الكفالة بها شهرا أو أكثر فصرح في البحر هنا عن الذخيرة أنها لا تصح قبل الفرض والتراضي ونقل بعده عن الذخيرة أيضا ما يخالفه وقدمنا الكلام عليه والتوفيق بين كلاميه
قوله ( وبعد ) أي وبعد القضاء أو الرضا ترجع لأنها بعده صارت ملكا لها كما قدمناه ولذا قال في الخانية لو أكلت من مالها أو من المسألة لها الرجوع بالمفروض اه وكذا لو تراضيا على شيء ثم مضت مدة ترجع بها ولا تسقط
قال في البحر فهذا هو المراد بقولهم أو الرضا فأما ما توهمه بعض حنيفة العصر من أن المراد به إذا مضت مدة بغير فرض ولا رضا ثم رضي الزوج بشيء فإنه يلزمه فخطأ ظاهر لا يفهمه من له أدنى تأمل اه
ومقتضاه أنه لا يلزمه شيء بهذا الرضا لكون ما مضى قبله لم يجب عليه فهو التزام ما يلزم وإنما يلزمه ما يمضي بعد الرضا لأنه صار واجبا به كالقضاء وأطلق في الرجوع فشمل ما إذا شرط الرجوع لها أو لاكما هو ظاهر المتون والشروح
وأما ما في الخانية والظهيرية من أن القاضي إذا فرض لها النفقة فقال الزوج استقرضي كل شهر كذا وأنفقي لا ترجع ما لم يقل وترجعي بذلك علي فلعل المراد لا ترجع بما استقرضت بل المفروض فقط وإلا فهو غلط محض
أفاده في البحر
وأجاب المقدسي بأن التوكيل في القرض لا يصح وإذا شرط الرجوع يكون كالاصطلاح على هذا المقدار فترجع به وكذا أجاب الخير الرملي بأنه لما لم يصح الأمر بالاستقراض عليه صارت مستقرضة على نفسها متبرعة إن لم يشترط الرجوع عليه
تنبيه أطلق النفقة فشمل نفقة العدة إذا لم تقبضها حتى انقضت العدة ففي الفتح أن المختار عند الحلواني أنها لا تسقط وسنذكر عن البحر أن الصحيح السقوط وأنه لا بد من إصلاح المتون هنا لإطلاقها عدم السقوط وأن هذا كله في غير المستدانة وسيأتي تمام الكلام فيه
قوله ( ولو اختلفا في المدة ) أي في قدر ما مضى منها
____________________
(3/594)
من وقت القضاء أو الرضا وكذا لو اختلفا في قدر النفقة أو جنسها كما في البزازية
قوله ( فالقول له ) لأنها تدعي زيادة دين وهو ينكر فالقول له مع يمينه
ذخيرة
قوله ( وبموت أحدهما وطلاقها ) وكذا بنشوزها كما قدمه الشارح بقوله وتسقط به أي بالنشوز المفروضة لا المستدانة في الأصح كالموت اه
وموت أحدهما غير قيد فكذا موتهما بالأولى كما لا يخفى
قال الخير الرملي وقيد السقوط بالطلاق شيخنا الشيخ محمد بن سراج الدين الحانوتي بما إذا مضى شهر يعين فأزيد وهو قيد لا بد منه
تأمل اه
قوله ( واعتمد في البحر بحثا الخ ) فإنه أولا نقل السقوط بالطلاق عن النقاية والجوهرة والخانية والظهيرية والمجتبى والذخيرة وأن القاضي أبا علي النسفي نص على أن ذلك مروي وأنه أفتى به الصدر الشهيد والإمام ظهير الدين المرغيناني وشبهه بالذمي إذا اجتمع عليه خراج رأسه وأسلم يسقط عنه ما اجتمع عليه
ثم قال فقد ظهر من هذا أن الراجح عندهم سقوطها بالطلاق كالموت
ثم قال بعده قال العبد الضعيف ينبغي ضعف القول بسقوطها بالطلاق ولو بائنا لأمور وذكر ثلاثة اثنان منها ضعيفان وقال الثالث وهو أقواها ما في البدائع من الخلع لو قال خالعتك ونوى الطلاق يقع الطلاق ولا يسقط شيء من المهر والنفقة
قال فهذا صريح في المسألة
وفي البدائع أيضا ولا خلاف بينهم في الطلاق على مال أنه لا يبرأ به عن سائر الحقوق التي وجبت لها بسبب النكاح اه
فالذي يتعين المصير إليه على كل مفت وقاض اعتماد عدم السقوط خصوصا ما تضمنه القول بالسقوط من الإضرار بالنساء اه
ملخصا
ورد عليه العلامة المقدسي والخير الرملي بإمكان حمل ما في البدائع من الحقوق التي لا تسقط على المهر ونفقة ما دون الشهر والنفقة المستدانة بأمر وبأن هذه الرواية قد أفتى بها من تقدم وذكرت في المتون كالوقاية والنقاية والإصلاح والغرر وغيرها
قال المقدسي ولهذا توقفت كثيرا في الفتوى بالسقوط وظفرت بنقل صريح في تصحيح عدم السقوط في خزانة المفتين
وفي الجواهر أنه لا ينبغي أن يفتي بسقوطها بالطلاق الرجعي لئلا يتخذها الناس وسيلة لقطع حق النساء اه
والذي يتعين المصير إليه أن يقال يتأمل عند الفتوى كما جرت به عادة المشايخ في هذا المقام اه ملخصا
قوله ( لكن الخ ) استدراك على إطلاق الطلاق الشامل للبائن والرجعي بتخصيص السقوط بالبائن وعدمه بالرجعي
قوله ( والفتوى الخ ) هذه عبارة جواهر الفتاوى كما في المنح
فيكون بدلا من ما اه ح
وفي هذه العبارة مخالفة لما نقله المقدسي عنها
قوله ( وبالأول ) أي بالسقوط الطلاق مطلقا ح
قوله ( أفتى شيخنا ) يعني الخير الرملي
قال في الخيرية بعد عزوه إلى الخلاصة والبزازية وكثير من الكتب وأفتى به الشيخ زين الدين بن نجيم ووالد شيخنا الشيخ أمين الدين وهي في فتاويهما
قوله ( لكن صحح الشرنبلالي الخ ) وعبارته المرأة إذا طلقت وقد تجمد لها نفقة مفروضة قيل تسقط وهو غير المختار وأشار إليه المصنف أي ابن وهبان بصيغة قيل
والأصح عدم السقوط ولو كان الطلاق بائنا لئلا يتخذ حيلة لسقوط حقوق النساء وما ذكره الشارح أي ابن الشحنة غير التحقيق في المسألة اه
ويوافقه ما في القهستاني عن خزانة المفتين أن المفروضة لا تسقط بالطلاق على الأصح اه ط
قوله ( فيتأمل عند الفتوى ) بأن ينظر في حال الرجل هل فعل ذلك تخلصا
____________________
(3/595)
من النفقة أو لسوء أخلاقها مثلا فإن كان الأول يلزم بها وإن كان الثاني لا يلزم وهذا ما قاله المقدسي وينبغي التعويل عليه ط
قوله ( لأنها صلة ) أي والصلات تبطل بالموت قبل القبض
هداية
وهذا التعليل لا يظهر في الطلاق وتعليله ما قدمناه من أنها كخراج رأس الذمي
قوله ( في الصحيح ) كذا في الزيلعي عن النهاية والبحر والنهر وغيرها ومقابله قول الخصاف بسقوطها ولو مع الأمر بالاستدانة وهو ظاهر الهداية
قال في الفتح والصحيح ما ذكره الحاكم الشهيد مع الأمر بالاستدانة لا تسقط بالموت لأن الاستدانة بأمر من له ولاية تامة عليه كالاستدانة بنفسه فلا تسقط بالموت وعلى هذا الخلاف سقوطها بعد الأمر بالاستدانة بالطلاق والصحيح لا تسقط اه
قوله ( لما مر الخ ) لم يمر هذا في كلامه ط
قوله ( فليحرر ) أنت خبير بأنه مخالف للمتون والشروح فلا يعول عليه اه ح
وقد علمت قول الخصاف بسقوط المفروضة مع الأمر بالاستدانة فكيف بدون والظاهر أن ما ذكره ابن كمال سبق قلم
قوله ( بموت أو طلاق ) هذا عندهما
وقال محمد يرفع عنها حصة ما مضى ويجب رد الباقي إن كان قائما وقيمته إن كان مستهلكا
ذخيرة
قال في الفتح والموت والطلاق قبل الدخول سواء
وفي نفقة المطلقة إذا مات الزوج اختلفوا فيه قيل ترد وقيل لا تسترد بالاتفاق لأن العدة قائمة في موته كذا في الأقضية اه
قال الخير الرملي واستفيد منه ومما في الذخيرة جواب حادثة الفتوى طلقها بائنا وعجل لها نفقة تسعة أشهر فأسقطت سقطا بعد عشرة أيام فانقضت بذلك عدتها هل يرجع عليها بما زاد على حصة العشرة أم لا الجواب لا يرجع عندهما لا عند محمد وهو القياس
قوله ( عجلها الزوج أو أبوه ) لما في الولوالجية وغيرها أبو الزوج إذا دفع نفقة امرأة ابنه مائة ثم طلقها الزوج ليس للأب أن يسترد ما دفع لأنه لو أعطاها الزوج والمسألة بحالها لم يكن له ذلك عند أبي يوسف وعليه الفتوى فكذا إذا أعطاها أبوه اه
ووجهه أنها صلة لزوجته ولا رجوع فيما يهبه لزوجته والعبرة لوقت الهبة لا لوقت الرجوع فالزوجية من الموانع من الرجوع كالموت ودفع الأب كدفع الابن فلا إشكال
بحر
قلت وظاهره أن دفع الأجنبي ليس كذلك ولعل وجهه أن الأب يدفع بطريق النيابة عن ابنه عادة فكان هبة من الابن فلا رجوع بخلاف دفع الأجنبي فتأمل
مطلب في بيع العبد لنفقة زوجته قوله ( يباع القن ) أي يبيعه سيده لأنه دين تعلق رقبته بإذن المولى فيؤمر ببيعه فإن امتنع باعه القاضي بحضرته كما قدمناه في النهر في نكاح الرقيق
والقن عند الفقهاء من لا حرية فيه بوجه
وفي اللغة من ملك هو وأبوه بحر
قوله ( ويسعى مدبر ومكاتب ) لعدم صحة بيعهما ومثلهما ولد أم الولد وقوله في البحر والنهر وأم الولد فيه سقط ومعتق البعض عند الإمام بمنزلة المكاتب
هندية عن المحيط
ولو اختارت استسعاء القن دون بيعه ينبغي أن لها ذلك كما قالوا في المأذون المديون إذا اختار الغرماء استسعاءه
بحر
وأقره أخوه والمقدسي
قوله ( لم يعجز ) أما لو عجز نفسه عاد إلى الرق فيجري عليه حكم القن
قوله ( وبدونه الخ ) يعين إذا تزوج القن أو المدبر ونحوه
____________________
(3/596)
بلا إذن السيد يطالب بالنفقة بعد العتق أي بالنفقة المستقبلة لا التي في حال رقه لعدم كونها زوجة وقته
قال في الفتاوى الهندية فإن تزوج هؤلاء بغير إذن المولى فلا نفقة عليهم ولا مهر كذا في الكافي وإن أعتق واحد منهم جاز نكاحه حين عتق وعليه المهر والنفقة في المستقبل اه ح
قوله ( المفروضة ) كذا قيد به في النهر وعزاه إلى الفتح وغيره أي لأنها بدون الفرض تسقط بالمضي كنفقة زوجة الحر
والذي في الفتح فرضها بقضاء القاضي وهل بالتراضي كذلك لم أره وذكرت في باب نكاح الرقيق بحثا أنه ينبغي أن لا يصح فرضها بتراضيهما لحجر العبد عن التصرف ولاتهامه بقصد الزيادة لإضرار المولى
تأمل
قوله ( إذا اجتمع عليه الخ ) أفاد أنه لا يباع بالقدر اليسير كنفقة كل يوم وأنه لا يلزمها أن تصبر إلى أن يجتمع لها من النفقة قدر قيمته لما في الأول من الإضرار بالمولى وما في الثاني من الإضرار بها
أفاده في البحر
قلت والظاهر أن الخيار للمولى إن شاء باعه جميعه أو باع منه بقدر ما لها عليه ثم إذا تجمد لها عليه نفقة أخرى يباع من حصة كل من السيد والمشتري بقدر ما يخصه لأنه عبد مشترك لزمه دين فيغرم كل منهما بقدر ما يملكه وهكذا لو بيع منه لثالث ورابع
تأمل
قوله ( ولم يفده ) فلو اختار المولى فداءه لا يباع لأن حقها في النفقة لا في رقبة العبد
قوله ( ولو بنت المولى ) تعميم للزوجة فإن لها النفقة على عبد أبيها لأن البنت تستحق الدين على الأب فكذا على عبده
بحر عن الذخيرة
قوله ( لا أمته ) أي أمة مولاه أي لا يجب على العبد نفقة زوجته التي هي أمة مولاه سواء بوأها أو لا لأنهما جميعا ملك المولى ونفقة المملوك على المالك
بحر
وينظر ما لو كان مكاتبا للمولى ولعلها عليه
شرنبلالية
قوله ( ولا نفقة ولده الخ ) لأنه إذا كانت زوجته حرة فأولادها أحرار تبعا لها ونفقتهم عليها لو قادرة وإلا فعلى الأقرب فالأقرب ممن يرثهم وإذا كانت مكاتبة فأولادها تبع لها في الكتابة فنفقتهم عليها
وإذا كانت الزوجة قنة أو مدبرة أو أم ولد فأولادها تبع لها في الرق والتدبير والاستيلاد ونفقتهم على مولاهم لأنهم ملكه وهذا معنى قوله لتبعية الأم أي لا تلزم العبد نفقة ولده سواء كانت زوجته حرة أو غيره لتبعية الولد لأمه في الحرية لو حرة والكاتبة لو مكاتبة والرق لو قنة والتدبير أو الاستيلاد لو مدبرة أو أم ولد فافهم
قوله ( ولو ما تبين الخ ) في البحر عن كافي الحاكم وشرحه للنسفي وشرح الطحاوي والشامل وكذا في الفتح المكاتب لا تجب عليه نفقة ولده سواء كانت امرأته حرة أو أمة لهذا المعنى
وإذا كانت امرأة المكاتب مكاتبة وهما لمولى واحد فنفقة الولد على الأم لأن الولد تابع للأم في كتابتها ولهذا كان كسب الولد لها وأرش الجناية عليه لها وميراثه لها فكذلك النفقة تكون عليها اه
وبه ظهر أن الضمير في قوله سعى وكذا ما بعده عائد على الولد لأنه معنى كون كسبه لأمه ولا ضرورة لإرجاعه للزوج لأن الكلام في نفقة ولد المكاتب أما نفقة زوجته فعلم حكمها من قوله ومكاتب لم يعجز فافهم
نعم قوله ونفقته على أبيه الظاهر أنه سبق قلم من صاحب الجوهرة لما علمت من صريح هذه الكتب المعتمدة من أن نفقته على أمه ونحوه في ح عن الذخيرة
قوله ( ثم علم فرضي ) أما إذا لم يعلم المشتري بحاله أو علم بعد الشراء ولم يرض فله رده لأنه عيب اطلع عليه
فتح
قوله ( لأنه دين حادث ) أي عند المشتري لأن النفقة تتجدد شيئا فشيئا على حسب تجدد الزمان على وجه يظهر في حق السيد فهو في الحقيقة دين حادث عند المشتري
فتح
قوله ( فما في الدرر الخ ) تفريع على قوله
____________________
(3/597)
بعد ما اشتراه وقوله لأنه دين حادث فإن معناه أنه إنما يباع ثانيا بما يجتمع عليه من النفقة عند المشتري لا بما بقي عليه من عند الأول كما إذا بيع فلم يف ثمنه بما عليه لا يباع ثانيا بما بقي بل بما يحدث عند الثاني ولهذا رد تبعا لغيره على ما في الدرر تبعا لصدر الشريعة حيث قالا صورته عبد تزوج امرأة بإذن المولى ففرض القاضي النفقة عليه فاجتمع عليه ألف درهم فبيع بخمسمائة وهي قيمته والمشتري عالم أن عليه دين النفقة يباع مرة أخرى بخلاف ما إذا كان عليه ألف بسبب آخر فبيع بخمسمائة لا يباع مرة أخرى اه
وأجاب ح بأن قوله يباع مرة أخرى يحتمل أن يكون المراد به يباع فيما تجدد لا في الخمسمائة الباقية فالأحسن قول الشرنبلالية فيه تساهل لأنه وهم أن يباع فيما بقي عليه من الألف وليس كذلك بل فيما يتجدد عليه من النفقة عند المشتري كما هو منقول في المذهب اه
لكن قوله بخلاف الخ يمنع من هذا التأويل كما لا يخفى
قوله ( في الأصح ) وقيل لا تسقط بالقتل لأنه أخلف القيمة فتنتقل إليه كسائر الديون وليس بشيء لأن الدين إنما ينتقل إلى القيمة إذا كان دينا لا يسقط بالموت وهذا يسقط بالموت
زيلعي
قوله ( ويباع في دين غيرها ) بتنوين دين وجر غيرها على أنه صفة له أي غير النفقة كالمهر وما لزمه بتجارة بإذن أو بضمان متلف
قال ح وفيه أنه لا يظهر فرق بين النفقة وغيرها فإن الدين الحادث في ملك مولى إذا بيع فيه لا يباع في بقيته عند مولى آخر نفقة كان أو غيرها
إلا أن يقال إن سبب النفقة لما كان أمرا واحدا مستمرا يقال إنه بيع فيه مرارا عند موال متعددة بخلاف غيره
قوله ( ومفاده أن لها استسعاءه ) لكونها من جملة الغرماء ولذ تخاصصهم ط
قوله ( قال ) أي صاحب البحر وأقره أخوه والمقدسي
وذكر الرملي أنه سئل عن ذلك فأجاب كذلك قبل وقوفه على ما في البحر اه
قلت ورأيته مصرحا في الذخيرة عن أبي يوسف
قوله ( على قول الثاني ) أي من أن مؤنة تجهيزها على الزوج وإن تركت مالا لأن الكفن كالكسوة حال الحياة
قوله ( المنكوحة ) أي التي زوجها سيدها لرجل أما غير المنكوحة فنفقتها على سيدها مطلقا
قوله ( أما المكاتبة فاكالحرة ) لملكها منافعها فلم يبق للمولى عليها ولاية الاستخدام فلها النفقة بمجرد التمكين من نفسها وإن لم تنتقل وتسقط بالنشوز كالحرة ط
قوله ( ولو عبدا ) أي لغير سيد الأمة إذا لو كان عبده فنفقتها على السيد بوأها أولا
ط
عن الزيلعي
قوله ( بأن يدفعها إليه الخ ) أي بأن يخلي المولى بين الأمة وزوجها في منزل الزوج ولا يستخدمها كذا في كافي الحاكم الشهيد بحر
لأن الاحتباس لا يتحقق إلا بالتبوئة لأن المعتبر في استحقاق النفقة تفريغها لمصالح الزوج وذلك يحصل بالتبوئة وإن استخدمها بعد التبوئة سقطت نفقتها لزوال الموجب
زيلعي أي لزوال الاحتباس الموجب للنفقة ومقتضاه أنه استخدمها في غير بيت الزوج ويدل عليه قوله في الهداية إذا بوأها معه أي مع الزوج منزلا فعليه النفقة لأنه تحقق الاحتباس ولو استخدمها بعد التبوئة سقطت النفقة لأنه فات الاحتباس وفسر التبوئة بما مر فعلم أن النفقة لا تجب إلا بالتبوئة لأن بها يحصل الاحتباس الموجب فلو استخدمها وهي في بيت الزوج بخياطة أو غزل مثلا لم تسقط النفقة لبقاء الاحتباس في بيت الزوج
ولا ينافيه قولهم لو استخدمها سقطت النفقة فإن المراد استخدامها في غير بيت الزوج كما دل عليه كلام
____________________
(3/598)
الزيلعي والهداية خلافا لما فهمه في البحر بناء على ما فهمه من أن قولهم ولا يستتخدمها في تعريف التبوئة شرط آخر لها وليس كذلك بل هو عطف تفسير فمعناه التخلية بينها وبين الزوج ويدل عليه قوله في الذخيرة ثم إذا استخدمها المولى بعد ذلك ولم يخل بينها وبين الزوج فلا نفقة لها لفوات موجب النفقة وهو التبوئة من جهة من له الحق فشابهت الحرة الناشزة فهذا كالصريح في أن الاستخدام بدون فوات التخلية لا يضر إذا لا تشبه الناشزة إلا بالخروج من بيت الزوج فافهم
قوله ( فلو استخدمها المولى ) أي في غير بيت الزوج كما علمت فافهم وقيد بالاستخدام لأنها لو كانت تأتي إلى المولى في بعض الأوقات وتخدمه من غير أن يستخدمها لم تسقط نفقتها لأن النفقة حق المولى فلا تسقط بصنع غيره
ذخيرة
فرع لو سلمها للزوج ليلا واستخدمها نهارا فعلى الزوج نفقة الليل كما أفتى به والد صاحب التتمة كما في التاترخانية
قوله ( أو أهله ) أي لو جاءت إلى بيته وليس هو فيه فاستخدمها أهل البيت ومنعوها من الرجوع إلى بيت الزوج فلا نفقة لها لأن استخدام أهل المولى إياها بمنزلة استخدامها
ذخيرة
قوله ( بعدها ) أي بعد التبوئة
قوله ( لأجل انقضاء العدة ) الأولى لأجل الاعتداد لأن انقضاءها لا يتوقف على التبوئة وقد مر في فصل الحداد أنه يجوز للأمة المطلقة الخروج إلا إذا كانت مبوأة
قوله ( أي ولم يكن بوأها قبل الطلاق ) كذا في البحر عن الولوالجية والمراد نفي التبوئة المستمرة إلى وقت الطلاق لا مطلقا لأنه لو بوأها ثم أخرجها قبل الطلاق لم يكن له إعادتها لتطالب بالنفقة كما نص عليه في كافي الحاكم
قوله ( سقطت ) هذا ظاهر في مسألة الاستخدام بعد التبوئة أما لو لم يبوئها إلا بعد الطلاق لم تجب أصلا لأنها لم تستحق النفقة بهذا الطلاق فلا تستحق بعده
ثم اعلم أن للمولى أن يرجع ويبوئها ثانيا وثالثا وهكذا فتجب النفقة وكلما استردها سقطت كما في الفتح
قوله ( بخلاف حرة نشزت الخ ) أي أن الحرة إذا نشزت فطلقها زوجها فلها النفقة والسكنى إذا عادت إلى بيت الزوج والفرق كما في الولوالجية أن نكاح الأمة لم يكن سببا لوجوب النفقة لأنها تجب بالاحتباس وهو التبوئة
والتبوئة لا تجب فيه ونكاح الحرة حال الطلاق سبب لوجوب النفقة إلا أنها فوتت بالنشوز فإذا عادت وجبت ا هـ
قوله ( وفي البحر الخ ) حيث قال عقب الفرق المذكور وظاهره أن تقدير النفقة من القاضي قبل التبوئة لا يصح لأنه قبل السبب ولم أره صريحا ا هـ
قوله ( ونفقات الزوجات الخ ) في الذخيرة و الولوالجية وإذا كان للرجل نسوة بعضهن أحرار مسلمات وبعضهن إماء ذميات فهن في النفقة سواء لأنها مشروعة للكفاية وذلك لا يختلف باختلاف الدين والرق والحرية إلا أن الأمة لا تستحق نفقة الخادم ا هـ
قال في البحر وينبغي أن يكون هذا مفرعا على ظاهر الرواية من اعتبار حاله وأما على المفتى به فلسن في النفقة سواء لاختلاف حالهن يسارا وعسرا فليست نفقة الموسرة كنفقة المعسرة وأن نفقة الحرة كالأمة كما لا يخفى ولم أر من نبه عليه ا هـ
قال المقدسي ولا معنى لهذا بعده قولهم لأن النفقة مشروعة للكفاية الخ ا هـ
أي لأنه صريح في ذلك
مطلب في مسكن الزوجة قوله ( وكذا تجب لها ) أي للزوجة السكنى أي الإسكان وتقدم أن اسم النفقة يعمها لكنه أفردها لأن لها حكما يخصها نهر
قوله ( خال عن أهله الخ ) لأنها تتضرر بمشاركة غيرها فيه لأنها لا تأمن على متاعها ويمنعها
____________________
(3/599)
ذلك من المعاشرة مع زوجها ومن الاستمتاع إلا أن تختار ذلك لأنها رضيت بانتقاص حقها
هداية قوله ( وأمته وأم ولده ) قال في الفتح وأما أمته فقيل أيضا لا يسكنها معها إلا برضاها والمختار أن له ذلك لأنه يحتاج إلى استخدامها في كل وقت غير أنه لا يطؤها بحضرتها كما أنه لا يحل له وطء زوجته بحضرتها ولا بحضرة الضرة ا هـ
وذكر أم الولد في البحر معزيا إلى آخر الكنز
قلت وذكر في الذخيرة أن هذا مشكل أما على المعنى الأول فظاهر وأما على الثاني فلأنه تكره المجامعة بين يدي أمته ا هـ
قلت وقد يكون إضرار أم ولده لها أكثر من إضرار ضرتها
وفي الدر المنتقى عن المحيط أن أم الولد كأهله
قوله ( وأهلها ) أي له منعهم من السكنى معها في بيته سواء كان ملكا له أو إجارة أو عارية
قوله ( من غيره ) حال من ولدها لا صفة له وإلا لزم حذف الموصول مع بعض الصلة
قهستاني
إذ التقدير الكائن من غير ا هـ ح
وأطلق ولدها فشمل الذي لا يفهم الجماع لأنه لا يلزمه إسكان ولدها في بيته
وفي حاشية الخير الرملي على البحر له منعها من إرضاعه وتربيته لما في التاترخانية أن للزوج منها عما يوجب خللا في حقه
وما فيها عن السغناقي ولأنها في الإرضاع والسهر ينقص جمالها وجمالها حقه فله منعها
تأمل ا هـ
قلت وعليه فله منعها من إرضاعه ولو كان البيت لها
قوله ( بقدر حالهما ) أي في اليسار والإعسار فليس مسكن الأغنياء كمسكين الفقراء كما في البحر لكن إذا كان إحدهما غنيا والآخر فقيرا فقد مر أنه يجب لها في الطعام والكسوة والوسط ويخاطب بقدر وسعه والباقي دين عليه إلى الميسرة فانظر هل يتأتى ذلك هنا قوله ( وبيت منفرد ) أي ما يبات فيه وهو محل منفرد معين
قهستاني
والظاهر أن المراد بالمنفرد ما كان مختصا بها ليس فيه ما يشاركها به أحد من أهل الدار
قوله ( له غلق ) بالتحريك ما يغلق ويفتح بالمفتاح
قهستاني
قوله ( زاد في الاختيار والعيني ) ومثله في الزيلعي
وأقره في الفتح بعد ما نقل عن القاضي الإمام أنه إذا كان له غلق يخصه وكان الخلاء مشتركا ليس لها أن تطالبه بمسكن آخر
قوله ( ومفاده لزوم كنيف ومطبخ ) أي بيت الخلاء وموضع الطبخ بأن يكونا داخل البيت أو في الدار لا يشاركها فيهما أحد من أهل الدار
قلت وينبغي أن يكون هذا في غير الفقراء الذين يسكنون في الربوع والأحواش بحيث يكون لكل واحد بيت يخصه وبعض المرافق مشتركة كالخلاء والتنور وبئر الماء ويأتي تمامه قريبا
قوله ( لحصول المقصود ) هو أنها على متاعها وعدم ما يمنعها من المعاشرة مع زوجها والاستمتاع
قوله ( وفي البحر عن الخانية ) عبارة الخانية فإن كانت دار فيها بيوت وأعطى لها بيتا يغلق ويفتح لم يكن لهاأن تطلب بيتا آخر إذا لم يكن ثمة أحد من أحماء الزوج يؤذيها ا هـ
قال المصنف في شرحه فهم شيخنا أن قوله ثمة إشارة للدار لا البيت لكن في البزازية أبت أن تسكن مع أحماء الزوج وفي الدار بيوت إن فرغ لها بيتا له غلق على حدة وليس فيه أحد منهم لا تمكن من مطالبته ببيت آخر ا هـ
فضمير فيه راجع للبيت لا الدار وهو الظاهر لكن ينبغي أن يكون الحكم كذلك فيما إذا كان في الدار من الأحماء من يؤذيها وإن لم يدل عليه كلام البزازي ا هـ
____________________
(3/600)
قلت وفي البدائع ولو أراد أن يسكنها مع ضرتها أو مع أحمائها كأمه وأخته وبنته فأبت فعليه أن يسكنها في منزل منفرد لأن إباءها دليل الأذى والضرر ولأنه محتاج إلى جماعها ومعاشرتها في أي وقت يتفق لا يمكن ذلك مع ثالث حتى لو كان في الدار بيوت وجعل لبيتها غلقا على حدة قالوا ليس لها أن تطالبه بآخر ا هـ
فهذا صريح في أن المعتبر عدم وجدان أحد في البيت لا في الدار
قوله ( من أحماء الزوج ) صوابه في أحماء المرأة كما عبر به في الفتاوى الهندية عن الظهيرية لأن أقارب الزوج أحماء المرأة وأقاربها أحماؤه ا هـ ح
وأجيب بأن الزوج يطلق على المرأة أيضا وهذا التأويل بعيد وهو في عبارة البزازية المارة أبعد
قوله ( ونقل المصنف عن الملتقط الخ ) وعبارته وفرق في الملتقط لصدر الإسلام بين ما إذا جمع بين امرأتين في دار وأسكن كلا في بيت له غلق على حدة لكل منهما أن تطالب ببيت في دار على حدة لأنه لا يتوفر على كل منهما حقها إلا إذا كان لها دار على حدة بخلاف المرأة مع الأحماء فإن المنافرة في الضرائر أوفر ا هـ
قلت وهكذا نقله في البزازية عن الملتقط المذكور والذي رأيته في الملتقط لأبي القاسم الحسيني وكذا في تجنيس الملتقط المذكور للإمام الأستروشني هكذا أبت أن تسكن مع ضرتها وأو صهرتها إن أمكنه أن يجعل لها بيتا على حدة في داره ليس لها غير ذلك وليس للزوج أن يسكن امرأته وأمه في بيت واحد لأنه يكره أن يجامعها وفي البيت غيرهما وإن أسكن الأم في بيت داره والمرأة في بيت آخر فليس لها غير ذلك
وذكر الخصاف أن لها أن تقول لا أسكن مع والديك وأقربائك في الدار فأفرد لي دارا
قال صاحب الملتقط هذه الرواية محمولة على الموسرة الشريفة وما ذكرنا قبله أن إفراد بيت في الدار كاف إنما هو في المرأة الوسط اعتبارا في السكنى بالمعروف ا هـ
قلت والحاصل أن المشهور وهو المتبادر من إطلاق المتون أنه يكفيها بيت له غلق من دار سواء كان في الدار ضرتها أو أحماؤها
وعلى ما فهمه في البحر من عبارة الخانية وارتضاه المصنف في شرحه لا يكفي ذلك إذا كان في الدار أحد من أحمائها يؤذيها وكذا الضرة بالأولى
وعلى ما نقله المصنف عن ملتقط صدر الإسلام يكفي مع الأحماء لا مع الضرة وعلى ما نقلنا عن ملتقط أبي القاسم وتجنيسه للأستروشني أن ذلك يختلف باختلاف الناس ففي الشريفة ذات اليسار لا بد من إفرادها في دار ومتوسط الحال يكفيها بيت واحد من دار
ومفهومه أن من كانت من ذوات الإعسار يكفيها بيت ولو مع أحمائها وضرتها كأكثر الأعراب وأهل القرى وفقراء المدن الذين يسكنون في الأحواش والربوع وهذا التفصيل هو الموافق لما مر من أن المسكن يعتبر بقدر حالهما ولقوله تعالى { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } الطلاق 6 وينبغي اعتماده في زماننا هذا فقد مر أن الطعام والكسوة يختلفان باختلاف الزمان والمكان وأهل بلادنا الشامية لا يسكنون في بيت من دار مشتملة على أجانب وهذا في أوساطهم فضلا عن أشرافهم إلا أن تكون دارا مورثة بين إخوة مثلا فيسكن كل منهم من جهة منها مع الاشتراك في مرافقها فإذا تضررت زوجة أحدهم من أحمائها أو ضرتها وأراد زوجها إسكانها في بيت منفرد من دار لجماعة أجانب وفي البيت مطبخ وخلاء يعدون ذلك من أعظم العار عليهم فينبغي الإفتاء بلزوم دار من بابها نعم ينبغي أن لا يلزمه إسكانها في دار واسعة كدار أبيها أو كداره التي هو ساكن فيها لأن كثيرا من الأوساط والأشراف يسكنون الدار الصغيرة وهذا موافق لما قدمناه عن الملتقط من قوله اعتبارا في السكنى بالمعروف
____________________
(3/601)
إذ لا شك أن المعروف يختلف باختلاف الزمان والمكان فعلى المفتي أن ينظر إلى حال أهل زمانه وبلده إذ بدون ذلك لا تحصل المعاشرة بالمعروف وقد قال تعالى { ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن } الطلاق 6
مطلب في الكلام على المؤنسة قوله ( ولا يلزمه إتيانها بمؤنسة الخ ) قال في النهر ولم نجد في كلامهم ذكر المؤنسة إلا في فتاوى قارىء الهداية قال إنها لا تجب الخ
قوله ( ومفاده الخ ) عبارة البحر هكذا قال للزوج أن يسكنها حيث أحب ولكن بين جيران صالحين ولو قالت إنه يضربني ويؤذيني فمره أن يسكنني بين قوم صالحين فإن علم القاضي ذلك زجره ومنعه عن التعدي في حقها وإلا يسأل الجيران عن صينعه فإن صدقوها منعه عن التعدي في حقها ولا يتركها ثمة وإن لم يكن في جوارها من يوثق به أو كانوا يميلون إلى الزوج أمره بإسكانها بين قوم صالحين ا هـ
ولم يصرحوا بأنه يضرب وإنما قالوا زجره ولعله لأنها لم تطلب تعزيره وإنصما طلبت الإسكان بين قوم صالحين وقد علم من كلامهم أن البيت الذي ليس له جيران ليس بمسكن شرعي ا هـ
قوله ( لكن نظر في الشرنبلالي الخ ) أي نظر في كلام النهر وأجيب عنه بحمله على ما إذا رضيت بذلك ولم تطالبه بمسكن له جيران
فالحاصل أن الإفتاء بلزوم المؤنسة وعدمه يختلف باختلاف المساكن ولو مع وجدو الجيران فإن كان صغيرا كمساكن الربوع والحيشان فلا يلزم لعدم الاستيحاش بقرب الجيران وإن كان كبيرا كالدار الخالية من السكان المرتفعة الجدارن يلزم لا سيما إن خشيت على عقلها كما أفاده السيد محمد أبو السعود في حواشي مسكين وهو كلام وجيه لأن ما في السراجية من عدم اللزوم مشروط بشرطين إسكانها بين جيران صالحين وعدم الاستيحاش فإذا أسكنها في دار وكان يخرج ليلا ليبيت عند ضرتها ونحوه وليس لها ولد أو خادم تستأنس به أو لم يكن عندها من يدفع عنها إذا خشيت من اللصوص أو ذوي الفساد كان من المضارة المنهي عنها ولا سيما إذا كانت صغيرة السن فليزمه إتيانها بمؤنسة وإسكانها في بيت من دار عند من لا يؤذيها إن كان مسكنا يليق بحالهما والله سبحانه أعلم
قوله ( على ما اختاره في الاختيار ) الذي رأيته في الاختيار شرح المختار هكذا قيل لا يمنعها من الخروج إلى الوالدين وقيل يمنع ولا يمنعهما من الدخول إليها في كل جمعة وغيرهم من الأقارب في كل سنة هو المختار ا هـ
فقوله هو المختار مقابله بالشهر في دخول المحارم كما أفاده في الدرر و الفتح نعم ما ذكره الشارح اختاره في فتح القدير حيث قال وعن أبي يوسف في النوادر تقييد خروجها بأن لا يقدرا على إتيانها فإن قدرا لا تذهب وهو حسن وقد اختار بعض المشايخ منعها من الخروج إليهما وأشار إلى نقله في شرح المختار
والحق الأخذ بقول أبي يوسف إذا كان الأبوان بالصفة التي ذكرت وإلا ينبغي أن يأذن لها في زيارتهما في الحين بعد الحين على قدر متعارف أما في كل جمعة فهو بعيد فإن في كثرة الخروج فتح باب الفتنة خصوصا إذا كانت شابة والزوج من ذوي الهيئات بخلاف خروج الأبوين فإنه أيسر ا هـ
وهذا ترجيح منه لخلاف ما ذكر في البحر أنه الصحيح المفتى به من أنها تخرج للوالدين في كل جمعة بإذنه وبدونه وللمحارم في كل سنة مرة بإذنه
____________________
(3/602)
وبدونه
قوله ( زمنا ) أي مريضا مرضا طويلا
قوله ( فعليها تعاهده ) أي بقدر احتياجه إليها وهذا إذا لم يكن له من يقوم عليه كما قيده في الخانية
قوله ( ولو كافرا ) لأن ذلك من المصاحبة بالمعروف المأمور بها
قوله ( وإن أبى الزوج ) لرجحان حق الوالد وهل لها النفقة الظاهر لا وإن كانت خارجة من بيته بحق كما لو خرجت لفرض الحج
قوله ( في كل جمعة ) هذا هو الصحيح خلافا لمن قال له المنع من الدخول معللا بأن المنزل ملكه وله حق المنع من دخول ملكه دون القيام على باب الدار ولمن قال لا منع من الدخول بل من القرار لأن الفتنة في المكث وطول الكلام
أفاده في البحر
وظاهر الكنز وغيره اختيار القول بالمنع من الدخول مطلقا واختاره القدوري وجزم به في الذخيرة وقال ولا يمنعهم من النظر إليها والكلام معها خارج المنزل إلا أن يخاف عليها الفساد فله منعهم من ذلك أيضا
قوله ( في كل سنة ) وقيل في كل شهر كما مر
قوله ( لها الخروج ولهم الدخول زيلعي ) المناسب إسقاط هذه الجملة كما في بعض النسخ
و عبارة الزيلعي وقيل لا يمنعها من الخروج إلى الوالدين ولا يمنعهم من الدخول عليها في كل جمعة الخ
قوله ويمنعهم من الكينونة الظاهر أن الضمير عائد إلى الأبوين والمحارم
قوله ( وفي نسخة من البيتوتة الخ ) وبه عبر في النهر وتعبير منلا مسكين يؤيد النسخة الأولى ومثله في الزيلعي و البحر ويؤيده ما مر من التعليل بأن الفتنة في المكث وطول الكلام
قوله ( ويمنعها الخ ) ولا تتطوع للصلاة والصوم بغير إذن الزوج بحر عن الظهيرية
قلت ينبغي تقييد الصلاة بصلاة التهجد في الليل لأن في ذلك منعا لحقه وتنقيصا لجمالها بالسهر والتعب وجمالها حقه أيضا كما مر أما غيره ولا سيما السنن الرواتب فلا وجه لمنعها كما لا يخفى
قوله ( والوليمة ) ظاهره ولو كانت عند المحارم لأنها تشتمل على جمع فلا تخلو من الفساد عادة
رحمتي
قوله ( وكل عمل ولو تبرعا لأجنبي ) كذا ذكره في البحر بحثا حيث قال وينبغي عدم تخصيص الغزل بل له أن يمنعها من الأعمال كلها المقتضية للكسب لأنها مستغنية عنه لوجوب كفايتها عليه وكذا من العمل تبرعا لأجنبي بالأولى ا هـ
وقوله بالأولى ينافي قول الشارح ولو تبرعا لاقتضاء لو الوصيلة كون غير التبرع أولى وهو غير صحيح كذا قيل
وقد يجاب بأن ما كان غير تبرع بل بالأجرة قد يستدعي خروجها لمطالبة الأجنبي بالأجرة تأمل
قلت ثم إن قولهم له منعها من الغزل يشمل غزلها لنفسها فإن كانت العلة فيه السهر والتعب المنقص لجمالها فله منعها عما يؤدي إلى ذلك لا ما دونه وإن كانت العلة استغناءها عن الكسب كما مر ففيه أنها قد تحتاج إلى ما لا يلزم الزوج شراؤه لها
والذي ينبغي تحويره أن يكون له منعها عن كل عمل يؤدي إلى تنقيص حقه أو ضرره أو إلى خروجها من بيته أما العمل الذي لا ضرر له فيه فلا وجه لمنعها عنه خصوصا في حال غيبته من بيته فإن ترك المرأة بلا عمل في بيتها يؤدي إلى وساوس النفس والشيطان أو الاشتغال بما لا يعني مع الأجانب والجيران
قوله ( ولو قابلة ومغسلة ) أي التي تغسل الموتى كما في الخانية ونقل في البحر عنها تقييد خروجها بإذن الزوج بعدما نقل عن النوازل أن لها
____________________
(3/603)
الخروج بلا إذنه واقتصر عليه في الفتح وقوي في البحر الأول بما علل به الشارح
قوله ( على فرض الكفاية ) بخلاف فرض العين كالحج فلها الخروج إليه مع محرم
قوله ( ومن مجلس العلم ) معطوف على قوله من الغزل فإن لم تقع لها نازلة وأرادت الخروج لتعلم مسائل الوضوء والصلاة إن كان الزوج يحفظ ذلك ويعلمها له منعها وإلا فالأولى أن يأذن لها أحيانا بحر
مطلب في منع النساء من الحمام قوله ( ومن الحمام الخ ) المنع منه قول الفقيه وخالفه قاضيخان فقال دخوله مشروع للنساء والرجال خلافا لما قاله بعض الناس لكن إنما يباح إذا لم يكن فيه إنسان مكشوف العورة ا هـ
وعلى ذلك فلا خلاف في منعهم للعلم بأن كثيرا منهن مكشوف العورة وقد وردت أحاديث تؤيد قول الفقيه وورد استثناء النفساء والمريضة وتمامه في الفتح وقال قبله وحيث أبحنا لها الخروج فإنما يباح بشرط عدم الزينة وتغير الهيئة إلى ما يكون داعية لنظر الرجال والاستمالة
قال الله تعالى { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } الأحزاب 33 ا هـ
وأشار الشارح بقوله وإن جاز إلى قول قاضيخان وإلى أنه لا ينافي منع الزوج لها من دخوله مع مشروعيته لها كما لا ينافي منعها من صوم النفل وإن كان مشروعا نعم ينافي منعها من دخوله ولو بإذن الزوج والظاهر أنه مراد الفقيه خلافا لما فهمه الشرنبلالي
مطلب في فرض النفقة لزوجة الغائب قوله ( وتفرض النفقة ) وكذا لو كانت مفروضة ومضت مدة ثم غاب لها أخذ الماضي من ماله المذكور كما أفاده في البدائع
قوله ( مدة سفر ) متعلق بالغائب
قوله ( واستحسنه في البحر ) قال وهو قيد حسن يجب حفظه فإنه فيما دونها يسهل إحضاره ومراجعته ا هـ
لكن في القهستاني ويفرض القاضي نفقة عرس الغائب عن البلد سواء كان بينهما مدة سفر أو لا كما في المنية
وينبغي أن تفرض نفقة عرس المتوارى في البلد ويدخل فيه المفقود ا هـ ح
وفي الحموي عن البرجندي عن القنية عن المحيط سواء كانت الغيبة مدة سفر أو لا حتى لو ذهب إلى القرية وتركها في البلد فللقاضي أن يفرض لها النفقة ا هـ
قوله ( وطفله ) أي الفقير الحر ط
قوله ( ومثله كبير زمن ) المراد به الابن العاجز عن الكسب لمرض أو غيره كما سيأتي بيانه
قوله ( وأنثى مطلقا ) أي ولو غير مريضة لأن مجرد الأنوثة عجز ط
والمراد بها البنت الفقيرة
قوله ( وأبويه ) أي الفقيرين ولو قادرين على الكسب على أحد القولين كما سيأتي
قوله ( فلا تفرض لمملوكه وأخيه ) المراد به كل ذي رحم محرم مما سوى قرابة الولاد لأن نفقتهم لا تجب قبل القضاء وهذا ليس لهم أن يأخذوا من ماله شيئا قبل القضاء إذا ظفروا به فكان القضاء في حقهم ابتداء إيجاب ولا يجوز ذلك على الغائب بخلاف الزوجة وقرابة الولاد لأن لهم الأخذ قبل القضاء بلا رضاه
____________________
(3/604)
فيكون القضاء في حقهم إعانة وفتوى من القاضي كما في الدرر
ويرد المملوك فإنه إذا كان عاجزا عن الكسب وامتنع مولاه من الإنفاق عليه فإن له الأخذ من مال مولاه ومقتضاه أن يفرض للعاجز في مال مولاه إلا أن يجاب بأن العبد لا يجب له دين على مولاه فليتأمل
وإذا لم يجد ما يأكله في بيت مولاه ولم يفرض له القاضي كيف يفعل وينبغي أن يؤجره بقدر نفقته لو قادرا على الكسب ويبيعه لو عاجزا كما يأتي في العبد الوديعة ولم أره فليراجع
قوله ( ولا يقضى عنه دينه ) فلو أحضر صاحب الدين غريما أو مودعا للغائب لم يأمره القاضي بقضاء الدين وإن كان مقر بمال وبدينه لأن القاضي إنما يأمر في حق الغائب بما يكون نظرا له وحفظا لملكه
وفي الإنفاق على زوجته من ماله حفظ ملكه وفي وفاء دينه قضاء عليه بقول الغير
بحر عن الذخيرة
ولا يرد المملوك لأن القاضي لا يقضي على مولاه بنفقته بخلاف الزوجة
تأمل قوله ( لأنه قضاء على الغائب ) علة لقوله ولا تفرض ولقوله ولا يقضى
قوله ( في مال له ) فلو لا مال له فيذكره المصنف ط
قوله ( كتبر ) هو غير المضروب من الذهب أو منه ومن الفضة
وفي بعض النسخ كبر ويغني عنه قوله أو طعام فكان الأول أولى ودخل فيه الدارهم والدنانير بالأولى
قال الزيلعي والتبر بمنزلة الدراهم في هذا الحكم لأنه يصلح قيمة للمضروب ا هـ
وينبغي تقييده بما إذا وقع به التعامل كما قال الرحمتي
قوله ( أو طعام ) زاد في البحر وغيره أو كسوة
قوله ( أما خلافه ) أي خلاف جنس الحق كعروض وعقار
قوله ( عند أو على الخ ) يشمل ما كان مال وديعة أو مضاربة بحر ومثله الاستحقاق في غلة الوقف إذا أقر به الناظر كما أفتى في الحامدية لأن الناظر كوكيل عن أهل الوقف وكذا غلة العبد والدار كما في النهر وقيد بكون المال عند شخص إذا لو كان في بيته وعلم القاضي بالنكاح فرض لها فيه لأنه إيفاء لحقها لا قضاء على الزوج بالنفقة كما لو أقر بدين ثم غاب وله من جنسه مال في بيته يقضى لصاحب الدين فيه بحر
وقيد بإقراره بما ذكر لما يأتي قريبا
قوله ( ويبدأ بالأول ) أي بمال الوديعة لأن القاضي نصب ناظرا فيبدأ به لأنه أنظر للغائب لأن الدين محفوظ لا يحتمل الهلاك بخلاف الوديعة
فتح و ذخيرة
وفي البحر عن الخانية الوديعة أولى من الدين في البداءة بالإنفاق منها
وذكر الرحمتي أن القاضي والسلطان وولي اليتيم والمتولي يجب عليهم العمل بما هو الأولى وإلا نظر كما لا يخفى ا هـ تأمل
قلت وإذا خاف إفلاس المديون أو هربه أو إنكاره فالبداءة به أولى قوله ( لا المديون ) والفرق أن القاضي له ولاية الإلزام فإذا فرض النفقة في ذلك المال صار المودع مأمورا بالدفع منه إلى المفروض له فإذا ادعى دفع الأمانة صدق بخلاف المديون فإنه لا يصدق لأنه يدعي ثبوت دين له بذمة الغائب لما تقرر أن الديون تقضى بأمثالها
قوله ( أو إقرارها ) ذكره في البحر بحثا وعلله بأنها مقرة على نفسها ا هـ أي لأن النفقة تصير بالقضاء دينا لها على الزوج
قلت لكن ينبغي صحة إقرارها في حق نفسها فلا ترجع على الزوج لا في حق الزوج
تأمل
قوله ( ولو أنفقا الخ ) هذه الجملة في بعض النسخ مذكورة قبل قوله ويقبل والمراد بضمان المديون عدم براءته وقوله ولا رجوع أي لهما على من أنفقا عليه
قوله ( وبالزوجية ) عطف على الضمير المجرور في قوله من يقر به ولذا أعاد الجار
قوله ( إذا علم قاض بذلك ) أي ولم يقر به المديون والمودع ولا ينافي هذا قولهم إن القاضي لا يقضي بعلمه لما مر من أن هذا ليس قضاء بل إعانة وفتوى
أفاده الرحمتي
قوله ( ولو علم )
____________________
(3/605)
أي القاضي بأحدهما أي أحد الأمرين بأن علم بالمال مثلا احتيج إلى إقرار المديون أو المودع بالآخر أي بالزوجية أو النسب
قوله ( ولا يمين ولا بينة هنا الخ ) محترز قوله من يقر به الخ أي إنه لو جحد المال أو النكاح أو جحدهما لا تقبل بينتها على المال لأنها ليست بخصم في إثبات الملك للغائب ولا على الزوجية لأن المودع والمديون ليسا بخصم في إثبات النكاح على الغائب ولا يمين عليهما لأنه لا يستحلف إلا من كان خصما كذا في الخانية وهذا يستثنى من قولهم كل من أقر بشيء لزمه فإذا أنكره يحلف بحر
ولو قال أوفيته فالظاهر أنه لا يمين لها عليه لأنه ليست خصما في ذلك
رملي ولو برهن على أن زوجها دفع لها قبل غيبته نفقة تكفيها أو أنه طلقها ومضت عدتها ينبغي قبوله في حق منع ما تحت يده
مقدسي
قلت إلا أن تدعي ضياع ما دفعه لها أو أنه لم يكفها تأمل
قوله ( وكفلها ) لجواز أنه عجل لها النفقة أو كانت ناشزة أو مطلقة انقضت عدتها بحر
قوله ( في الأصح ) راجع لكل من قوله بما أخذته وقوله وجوبا لأن القاضي نصب ناظرا للعاجز فيجب عليه النظر إليه ومقابل الأول القول بأخذ كفيل بنفسها ومقابل الثاني قوله الخصاف إنه حسن أفاده ح
قوله ( ويحلفها ) كان الأولى تقديمه على الكفيل لأن القاضي يحلف أولا ثم يعطي النفقة ويأخذ الكفيل كما في إيضاح الإصطلاح ا هـ ح
قوله ( أي مع الكفيل ) على حذف مضاف أي مع أخذ الكفيل
و عبارة الزيلعي مع التكفيل
قوله ( وكذا كل آخذ نفقته ) بتنوين آخذ ونصب نفقته على أنه مفعول
قوله ( كابن الكمال ) حيث قال ويحلفه أي يحلف من يطلب النفقة ويكفله
ونقل مثله في البحر عن المستصفى
قال في الشنبلالية ولكنه لو كان صغيرا كيف يحلف فلينظر ا هـ
قلت الظاهر أنه يحلف أمه أن أباه ما دفع لها نفقته فافهم وفي البحر وهذا يدل على أنه يؤخذ الكفيل من الوالدين أيضا وهو الظاهر لأنه أنظر للغائب
وقد يقال إنما يؤخذ من الوالدين لاحتمال التعجيل وقدمنا أن النفقة المعجلة للقريب إذا هلكت أو سرقت يقضى له بأخرى بخلاف الزوجة فليس في تكفيله احتياط للغائب لأنه لو ادعى هلاكها قبل منه ا هـ
وفيه أنه قد يدعي عدم الأخذ دون الهلاك فكان الاحتياط في تكفيله فافهم
قوله ( ولا كانت ناشزة ) كذا في البحر والأولى ولا هي ناشزة الآن لأنها لو كانت ناشزة ثم عادت لبيته ولو بعد غيبته عادت نفقتها كما مر
قوله ( طولبت هي أو كفيلها ) أي يخير الزوج بين مطالبتها ومطالبة كفيلها
قوله ( وكذا ) أي يخير الزوج أيضا إذا استحلفها ونكلت ولو أقرت يأخذ منها دون الكفيل لأن الإقرار حجة قاصرة فيظهر في حقها فقط بدائع
ومثله في القهستاني حيط قال وإن حلفها فنكلت رجع على الكفيل أو الزوجة فإذا أقرت بأخذها يرجع عليها فقط كما في شرح الطحاوي ا هـ
قلت وهو مشكل فإن النكول إقرار أيضا فما وجه الفرق هنا وذكر في الذخيرة لو نكلت خير الزوج وإن لم ينكل الكفيل لأن النكول إقرار والأصيل إذا أقر بالمال لزم الكفيل وإن جحد الكفيل ا هـ وهذا يقتضي ثبوت التخيير فيهما
ولا إشكال فيه لكن اعترض في البحر على قوله والأصيل إذا أقر الخ بأن هذا فيما لو أقر بدين
____________________
(3/606)
يجب كقوله ما ثبت لك عليه أو ذاب أما لو أقر بدين قائم في الحال كقوله كفلت بمالك عليه فلا يلزم الكفيل وهنا ضمن ما أخذته ثانيا فكان الدين قائما وقت الضمان في ذمتها للحال فلا يلزم الكفيل
قال فالحق ما في المبسوط و شرح الصحاوي من أنها إذا أقرت بالأخذ يرجع عليها فقط ا هـ
قلت لكن يعود الإشكال المار فقد علمت مما في القهستاني أنه في شرح الصحاوي فرق بين النكول والإقرار ولعل له وجها لم يظهر لنا فافهم قوله ( ولو أقرت طولبت فقط ) كذا في بعض النسخ وهو موافق لما ذكرناه
وفي بعضها ولو حلفت وكأنه فهمه مما في البحر عن الذخيرة فإن لم يكن للزوج بينة وحلفت المرأة على ذلك فلا شيء على الكفيل فإنه يوهم أن عليها شيئا وليس بمراد بل المراد أنه لا يحلف الكفيل أيضا بل حلفها يكفي عنها وعنه في دفع المطالبة كما أفاده بعض المحشين وهو كلام جيد إذ لو كان عليها شيء فما فائدة التحليف ويلزم أن يقول القول للزوج بل ببينة ولا يخفى فساده
قوله ( بإقامة الزوجة بينة على النكاح أو النسب ) هذا محترز ما تقدم من اشتراط إقرار المودع أو المديون بالزوجية أو النسب أو علم القاضي بذلك كما أشار إليه بقوله فيما مر ولا يمين ولا بينة هنا
قال ح وكان المناسب لقوله أو النسب أن يقول قبله لا تفرض على غائب بإقامة الزوجة أو القريب ولادا كما لا يخفى
قوله ( إن لم يخلف مالا ) أي إن لم يترك مالا في بيته ولا عند مودع ولا على مديون وهذا محترز قوله في مال له قال في الذخيرة إنه إذا لم يكن للزوج مال حاضر وأرادت إقامة بينة على النكاح أو كان القاضي يعلم به وطلبت أن يفرض لها النفقة ويأمرها بالاستدانة لا يجيبها إلى ذلك خلافا لزفر
قوله ( ويأمرها ) بالنصب عطفا على يفرض وقوله ولا يقضى به أي بالنكاح عطفا على قوله لا تفرض
قوله ( يقضى بها ) وتعطاها من ماله إن كان له مال وإلا تؤمر بالاستدانة ولا تحتاج إلى بينة على أنه لم يخلف نفقة بحر
قوله ( للحاجة ) لأن الزوج كثيرا ما يغيب ويتركها بلا نفقة خصوصا في زماننا هذا
قال الزيلعي لأن في قبول البينة بهذه الصفة نظرا لها وليس فيه ضرر على الغائب لأنه لو حضر وصدقها أو أثبتت ذلك بطريقة كانت آخذة لحقها وإلا فيرجع عليها أو على الكفيل
قوله ( فيفتى به ) وهو الأصح كما في البرهان
وقال الخصاف وهذا أرفق بالناس كما في النهر وهو المختار كما في ملتقى الأبحر وفي غيره وبه يفتى شرنبلالية
واستحسنه أكثر المشايخ فيفتى به
شرح مجمع
قوله ( وهذا من الست التي يفتى بها بقول زفر ) أوصلها الحموي إلى خمس عشرة مسألة ونظمها في قصيدة إحداها هذه قعود المريض في الصلاة كهيئة المتشهد
قعود المتنفل كذلك
تغريم من سعى إلى ظالم يبرىء فغرمه
لا بد في دعوى العقار من بيان حدوده الأربع
قبول شهادة الأعمى فيما فيه تسامع
الوكيل بالخصومة لا يملك قبض المال
لا يسقط خيار المشتري برؤية الدار من صحتها
لا يسقط خياره برؤية الثوب مطويا
يشترط تسليم الكفيل المكفول عنه في مجلس الحكم
إذا تعيب المبيع يجب على المرابح بيان أنه اشتراه سليما بكذا
تأخير الشفيع الشفعة شهرا بعد الإشهاد يبطلها
إذا أوصى بثلث نقده وغنمه فضاع الثلثان فله ثلث الباقي مهما
إذا قضى الغريم جيادا بدل زيوفه لا يجبر على القبول
إذا أنفق الملتقط على اللقطة وحبسها للاستيفاء فهلكت سقط ما أنفقه ا هـ
____________________
(3/607)
قلت ويجب إسقاط ثلاثة وهي دعوى العقار وشهادة الأعمى والوصية بثلث النقد فإن المفتى به خلاف قول زفر فيها وهو قول أئمتنا الثلاثة وعليه المتون وغيرها كما نبه عليه سيدي عبد الغني النابلسي في شرحه على النظم المذكور
هذا وقد زدت على ذلك ثماني مسائل إذا قال أنت طالق واحدة في ثنتين وأراد الضرب تقع ثنتان عنده ورجحه المحقق الكمال بن الهمام والإتقاني في غاية البيان
تعليق عتق العبد بقوله إن مت أو قتلت فأنت حر تدبير عنده ورجحه ابن الهمام ومن بعده
النكاح المؤقت يصح عنده رجحه ابن الهمام بإهمام التوقيت
وقف الدارهم والدنانير يصح عند زفر وهي رواية الأنصاري عنه وعليها العمل اليوم في بلاد الروم لتعارفه عندهم فهو في الحقيقة وقف منقول فيه تعامل وسيأتي في الوقف تحقيقه
لو وجد في بيته امرأة في ليلة مظلمة ظنها امرأته فوطئها لا يحد ولو نهارا يحد وهو قول زفر
وعن أبي يوسف يحد مطلقا
قال أبو الليث الكبير وبرواية زفر يؤخذ كذا في التاترخانية
لو حلف لا يعير زيدا كذا فدفع لمأمور زيد لا يحنث عند زفر وعليه الفتوى خلافا لأبي يوسف وهذا إذا أخرج الكلام مخرج الرسالة بأن قال إن زيدا يستعير منك كذا وإلا حنث كما في النهر وغيره
جواز التيمم لمن خاف فوت الوقت إذا توضأ وهو قول زفر وقدمنا في التيمم ترجيحه لكن مع الأمر بالإعادة احتياطا
طهارة زبل الدواب على قول زفر يفتى بها في محل الضرورة كمجرى مياه دمشق الشام كما حرره العمادي في هديته وشرحها لسيدي عبد الغني وتقدم بيانه في الطهارة فصارت جملة المسائل عشرين مسألة بعد إسقاط الثلاثة المارة وقد نظمتها كذلك بقولي بحمد إله العالمين مبسملا أتوج نظمي والصلاة على العلا وبعد فلا يفتى بما قاله زفر سوى صور عشرين تقسيمها انجلى جلوس مريض مثل حال تشهد كذا من يصلي قاعدا متنفلا وتقدير إنفاق لمن غاب زوجها بلا ترك مال منه ترجو تخولا يرابح شاري ما تعيب عنده إذا قال إني ابتعته سالم الحلى وليس يلي قبضا وكيل خصومة ويضمن ساع بالبريء تقولا وتسليم مكفول بمجلس حاكم تحتم أن يشرط على من تكفلا ويبقى خيار عند رؤية مشير لثوب بلا نشر لمطويه خلا كذا رؤية للبيت من صحن داره إذا لم يكن من داخل قد تأملا قضاه جيادا عن زيوف أدانها فلا جبر إن لم يرض أن يتقبلا مبادر إشهاد على أخذ شفعة بتأخيره شهرا لذلك أبطلا نوى لقطة في حال حبس لأخذ ما صرفت عليها مسقط ذا مكملا وزد ضرب حساب أراد مطلق يصح بترجيح الكمال تعدلا ورجح أيضا عقد تدبير عبده بترديده بالقتل والموت فانقلا وأيضا نكاحا فيه توقيت مدة يصح وذا التوقيت يجعل مرسلا ووقف دنانير أجز ذودراهم كما قاله الأنصاري دام مبجلال
____________________
(3/608)
وواطىء من قد ظنها زوجة إذا أتته بليل حده صار مهملا ويحنث في والله لست معير ذا لزيد إذا أعطى لمن جاء مرسلا لمن خاف فوت الوقت ساغ تيمم ولكن ليحتط بالإعادة غاسلا طهارة زبل في محل ضرورة كمجرى مياه الشام صينت من البلا فهاك عروسا بالجمال تسربلت وجاءت عقود الدر في جيدها حلى وصلى على ختم النبيين ربنا وآل وأصحاب ومن بالتقى علا قوله ( وعليه الخ ) أي على قول زفر وهذا تفريع من صاحب البحر
قوله تقبل بينتها على النكاح أي لا ليقضى به بل ليفرض لها النفقة ولم يذكر البينة على النسب إما اختصارا أو لأنها حيث قامت على النكاح تكون قائمة على النسب ضمنا لقيام الفراش
تأمل
قوله ( إن لم يكن عالما به ) إذ لو كان عالما لم يحتج إلى بينة وتكون المسألة على قول أئمتنا الثلاثة كما مر
قوله ( ثم يفرض لهم ) أي للزوجة والصغار
بحر
قوله ( ثم يأمرها بالإنفاق أو بالاستدانة ) عبارة البحر ثم يأمرها بالاستدانة وبه علم أن المناسب عطف الاستدانة بالواو كما يوجد في بعض النسخ لأنها لو لم يستدن ومضت مدة تسقط نفقة غير الزوجة ولو بعد القضاء كما مر لكن سيأتي أن الزيلعي جعل الصغير كالزوجة في عدم السقوط بالمضي بخلاف بقية الأقارب ويأتي تمام الكلام عليه
مطلب في نفقة المطلقة قوله ( وتجب لمطلقة الرجعي والبائن ) كان عليه إبدال المطلقة بالمعتدة لأن النفقة تابعة للعدة وقيد بالرجعي والبائن احترازا عما لو أعتق أم ولده فلا نفقة لها في العدة كما في كافي الحاكم وعما لو كان النكاح فاسدا ففي البحر لو تزوجت معتدة البائن
وفرق بعد الدخول فلا نفقة على الثاني لفساد نكاحه ولا على الأول إن خرجت من بيته لنشوزها
وفي المجتبى نفقة العدة كنفقة النكاح
وفي الذخيرة وتسقط بالنشوز وتعود بالعود وأطلق فشمل الحامل وغيرها والبائن بثلاث أو أقل كما في الخانية ويستثنى ما لو خالعها على أن لا نفقة لها ولا سكنى فلها السكنى ومن النفقة كما مر في بابه ويأتي قريبا
قوله ( والفرقة بلا معصية ) أي من قبلها فلو كانت بمعصيتهما فليس لها سوى السكنى كما يأتي
قال في البحر فالحاصل أن الفرقة إما من قبله أو من قبلها فلو من قبله فلها النفقة مطلقا سواء كانت بمعصية أو لا طلاقا أو فسخا وإن كانت من قبلها فإن كانت بمعصية فلا نفقة لها ولها السكنى في جميع الصور ا هـ ملخصا
قوله ( وتفريق بعدم كفاءة ) ومثله عدم مهر المثل
ولا يخفى أن هذا في البالغة التي زوجت نفسها بلا ولي فإن العقد يصح في ظاهر الرواية وللولي حق الفسخ لكن المفتى به الآن بطلانه كالصغيرة التي زوجها غير الأب والجد غير كفء أو بدون مهر المثل وهذا كله فيما بعد الدخول أما قبله فلا نفقة لعدم العدة
قوله ( النفقة الخ ) بالرفع فاعل تجب قوله ( والسكنى ) يلزم أن تلزم المنزل الذي يسكنان فيه قبل الطلاق
فهستاني
وتقدم الكلام عليه في باب العدة
قوله ( إن طالت المدة ) أشار إلى الاعتذار عن محمد حيث لم يذكر الكسوة وذلك لأن العدة
____________________
(3/609)
لا تطول غالبا فيستغنى عنها حتى لو احتاجت إليها لطول المدة كممتدة الطهر يجب
قوله ( ولا تسقط النفقة الخ ) أي إذا مضت مدة العدة ولم تقبضها فلها أخذها لو مفروضة أي أو مصطلحا عليها لكن لو مستدانة بأمر القاضي فلا كلام وإلا ففيه خلاف اختار الحلواني أنها لا تسقط أيضا وأشار السرخسي إلى أنها تسقط وفي الذخيرة وغيرها أنه الصحيح
قال في البحر وعليه فلا بد من إصلاح المتون فإنهم صرحوا بأن النفقة تجب بالقضاء أو الرضا وتصير دينا وهنا لا تصير دينا إذا لم تنقض العدة لكن في النهر أن إطلاق المتون يشهد لما اختاره الحلواني
قلت وظاهر الفتح اختياره حيث اقتصر عليه
قوله ( فلها النفقة ) أي يكون القول قولها في عدم انقضائها مع يمينها ولها النفقة كما في البحر
قوله ( ما لم يحكم بانقضائها ) فإن حكم به بأن أقام الزوج بينة على إقرارها به برىء منها كما في البحر ح
قوله ( ما لم تدع الحبل ) في بعض النسخ وما لم تدع بالعطف على ما لم يكن وهي الصواب لأنها إذا أقرت بانقضاء عدتها في مدة تحتمله ثم ولدت لا يثبت النسب فكيف تجب النفقة نعم يثبت لو ولدت لأقل من أقله من حين الإقرار ولأقل من أكثره من حين الطلاق لظهور كذبها في الإقرار كما مر في بابه ولا يمكن حمله على هذا لأنه ينافيه قوله فلها النفقة إلى سنتين
وعبارة البحر وإن ادعت حبلا الخ ولا غبار عليه
قوله ( فلا رجوع عليها ) أي إذا قالت ظننت الحبل ولم أحض وأنا ممتدة الظهر وقال الزوج قد ادعيت الحبل وأكثره سنتان فلا يلتفت إلى قوله وتلزمه النفقة حتى تحيض ثلاثا أو تبلغ سن اليأس وتمضي بعده ثلاثة أشهر وتمامه في البحر فلو أقرت أن عدتها انقضت منذ كذا وأنها لم تكن حاملا رجع عليها بما أخذت بعد انقضائها كما لا يخفى
فرع في الخلاصة عدة الصغيرة ثلاثة أشهر إلا إذا كانت مراهقة فينفق عليها ما لم يظهر فراغ رحمها كذا في المحيط ا هـ من غير ذكر خلاف وهو حسن كذا في الفتح وقدمناه في العدة بأبسط مما هنا
قوله ( وإن شرط الخ ) ذكر في البحر جوابا عن حادثة في زمانه
قوله ( وإن الحيض لا للجهالة ) أي لاحتمال أن يمتد الطهر بها كذا في الفتح ومقتضاه أن الحامل كذلك
هذا ويرد على التعليل المذكور أن جهالة المصالح عنه لا تضر ثم رأيت المقدسي في باب الخلع اعترض كذلك وقد يجاب بأن المراد جهالة ما يثبت في الذمة بخلاف الدين الثابت في الذمة إذا صولح عنه فإن جهالته لا تضر تأمل
قوله ( ولو حاملا ) قال القهستاني وقيل للحامل النفقة في جميع المال كما في المضمرات قوله ( من مولاها ) ليس هذا من كلام الجوهرة بل ذكره في النهر حيث قال وينبغي أن يكون معناه إذا حبلت أمة من سيدها واعترف بأن الحمل منه لكنها لم تلد إلا بعد الموت ا هـ
قم اعلم أن استثناء هذه المسألة تبع فيه المصنف صاحب الجوهرة وقال إنها واردة على كثير من المتون واعترضه الرحمتي بأنه لم يذكرها إلا صاحب الجوهرة أو من تابعه وهذه العبارة الشاذة لا تعارض المتون الموضوعة لنقل المذهب مع أنه لا وجه لها لأن أم الولد تعتق بموته وتصير أجنبية عنه فلا وجه لإيجاب نفقتها في تركته
قلت ويؤيده ما في البدائع إذا أعتقت أم الولد أو مات عنها مولاها فلا نفقة ولا سكنى لأن عدتها عدة
____________________
(3/610)
الوطء كعدة المنكوحة فاسدا
وقال في موضع آخر لا نفقة لها إذا أعتقها وإن كانت ممنوعة من الخروج لأن هذا الحبس لم يثبت بسبب النكاح بل لتحصين الماء فأشبهت معتدة الفاسد
وفي الذخيرة وكذا لو مات عنها لا نفقة في تركته ولكن إن كان لها ولد فنقتها عليه ولو صغيرا فهذه العبارات تشمل الحامل وغيرها وإذا كانت معتدة الموت من نكاح صحيح لا نفقة لها ولو حاملا فكيف الأمة التي عدتها عدة الوطء لا عدة عقد فعلم أنه لا وجه لاستثنائها
قوله ( بمعصيتها ) احتراز عن معصيته كتقبيل بنتها أو إيلائه أو ردته أو إبائه عن الإسلام وعما إذا لم يكن بمعصية منه ولا منها كخيار بلوغ ونحوه ووطء ابن الزوج لها مكرهة فإن النفقة واجبة لها بأنواعها كما مر
قوله ( قهستاني وكفاية الأولى ) قهستاني عن الكفاية
وعبارته وهذا إذا خرجت من بيته وإلا فواجب كما أشير إليه في الكفاية ا هـ ح
قوله ( كردة وتقبيل ابنه ) أي كردتها وتقبيلها ابنه
قوله ( لا غيرها ) بالرفع عطفا على السكنى
قوله ( والفرق ) أي بين السكنى وغيرها
وعن هذا قال في الذخيرة وغيرها لو شرط في الخلع أن لا نفقة لها ولا سكنى فلها السكنى لا النفقة لأن النفقة حقها والسكنى في بيت العدة حقها وحق الشرع وإسقاطها لا يعمل في حق الشرع حتى لو شرط الزوج عدم مؤنة السكنى ورضيت الكسنى في بيتها أو في بيت كانا يسكنان فيه بالكراء صح ولزمها الأجر لأن ذلك محض حقها
قوله ( حق الله ) أي من وجه حيث أوجب عليها القرار في منزل الزوج وفيه حقها من وجه لوجوبه لها على الزوج
قوله ( بعد البت ) أي الطلاق البائن بواحدة أو أكثر وتقييد الهداية بالثلاث اتفاقي واحترز به عن معتدة الرجعي إذا طاوعت ابن زوجها أو قبلها بشهوة فلا نفقة لها لأن الفرقة لم تقع بالطلاق بل بمعصيتها بحر قوله ( حتى لو لم تحبس فلها النفقة ) يعني إن بقيت في بيته كما هو صريح عبارة القهستاني المارة وحينئذ يستغنى عن هذه الجملة بعبارة القهستاني ويقال بدلها فإن عادت إلى بيته عادت النفقة إلا إذا لحقت بدار الحرب وحكم بلحاقها ثم عادت ا هـ ح
والحاصل كما في البحر أنه لا فرق بين الردة والتمكين لأن المرتدة بعد البينونة لو لم تحبس لها النفقة كالممكنة والممكنة إذا لم تلزم بيت العدة لا نفقة لها فليس للردة أو التمكين دخل في الإسقاط وعدمه بل إن وجد الاحتباس في بيت العدة وجبت وإلا فلا ا هـ
ومثله في الفتح
قوله ( وهو مشير الخ ) أي التعليل بأنه كالموت
قال في الشرنبلالية وهو يشير إلى أنه قد حكم بلحاقها وهو محمل ما في الجامع من عدم عود النفقة بعدما لحقت وعادت ومحمل ما في الذخيرة من أنها تعود نفقتها بعودها على ما إذا لم يحكم بلحاقها توفيقا بينهما كما في الفتح ا هـ
قوله ( وإلا فتعود نفقتها بعودها ) كالناشزة إذا عادت لزوال المانع بخلاف المبانة بالردة إذا أسلمت لا تعود نفقتها لسقوط نفقتها بمعصيتها والساقط لا يعود بحر
____________________
(3/611)
مطلب الصغير والمكتسب نفقة في كسبه لا على أبيه قوله ( من الطعام والكسوة والسكنى ولم أر من ذكر هنا أجرة الطبيب وثمن الأدوية وإنما ذكروا عدم الوجوب للزوجة نعم صرحوا بأن الأب إذا كان مريضا أو به زمانة يحتاج إلى الخدمة فعلى ابنه خادمه وكذلك الابن
قوله ( لطفله ) هو الولد حين يسقط من بطن أمه إلى أن يحتلم ويقال جارية طفل وطفلة كذا في المغرب
وقيل أول ما يولد صبي ثم طفل
ح عن النهر
قوله ( يعم الأنثى والجمع ) أي يطلق على الأنثى كما علمته وعلى الجمع كما في قوله تعالى { أو الطفل الذين لم يظهروا } النور 31 فهو مما يستوى فيه المفرد والجمع كالجنب والفلك والإمام { واجعلنا للمتقين إماما } الفرقان 74 ولا ينافيه جمعه على أطفال أيضا كما جمع إمام على أئمة أيضا فافهم قوله ( الفقير ) أي إن لم يبلغ حد الكسب فإن بلغه كان للأب أو يؤجره أو بدفعه في حرفة ليكتسب وينفق عليه من كسبه لو كان ذكرا بخلاف الأنثى كما قدمه في الحضانة عن المؤيدية قال الخير الرملي لو استغنت الأنثى بنحو خياطة وغزل يجب أن تكون نفقتها في كسبها كما هو ظاهر ولا نقول تجب على الأب مع ذلك إلا إذا كان لا يكفيها فتجب على الأب كفايتها بدفع القدر المعجوز عنه ولم أره لأصحابنا
ولا ينافيه قولهم بخلاف الأنثى لأن الممنوع إيجارها ولا يلزم منه عدم إلزامها بحرفة تعلمها ا هـ أي الممنوع إيجارها للخدمة ونحوها مما فيه تسليمها للمستأجر بدليل قولهم لأن المستأجر يخلو بها وذا لا يجوز في الشرع وعليه فله دفعها لامرأة تعلمها حرفة كتطريز وخياطة مثلا
قوله ( على مالكه ) أي لا على أبيه الحر أو العبد
بحر
قوله ( والغنى في ماله الحاضر ) يشمل العقار والأردية والثياب فإذا احتيج إلى النفقة كان للأب بيع ذلك كله وينفق عليه لأنه غني بهذه الأشياء
بحر و فتح
لكن سيذكر الشارح عنه قوله ولكل ذي رحم محرم أن الفقير من تحل له الصدقة ولو له منزل وخادم على الصواب ويأتي تمام الكلام عليه
قوله ( فلو غائبا ) أي فلو كان للولد مال لكنه غائب فنفقته على الأب أن يحضر ماله
وسئل الرملي عما إذا كان له غلة في وقف فأجاب بأنه لم ير من صرح بالمسألة والظاهر أنه بمنزلة المال الغائب
قوله ( إن أشهد ) أي على أنه ينفق عليه ليرجع وكالإشهاد الإنفاق بإذن القاضي كما في البحر
قوله ( لا إن نوى ) أي لا يرجع إن نوى الرجوع بلا إشهاد ولا إذن قاض أي لا يصدق في القضاء أنه نوى ذلك وإنما يثبت له الرجوع فيما بينه وبين ربه تعالى
قوله ( يكتسب أو يتكفف ) قدم الكسب لأنه الواجب أولا إذ لا يجوز التكفف أي طلب الكفاف بمسألة الناس إلا عند العجز عن الاكتساب
قال في الذخيرة فإن قدر على الكسب تفرض النفقة عليه فيكتسب وينفق عليهم وإن عجز لكونه زمنا أو مقعدا يتكفف الناس وينفق عليهم كذا في نفقات الخصاف
وذكر الخصاف في أدب القضاء أنه في هذه الصورة يفرضها القاضي على الأب ويأمر المرأة بالاستدانة على الزوج فإذا قدر طالبته بما استدانت عليه وكذا لو فرضها القاضي عليه ثم امتنع مع قدرته ا هـ
وقال أيضا وإن امتنع عن الكسب حبس بخلاف سائر الديون
ولا يحبس والد وإن علا في دين ولده وإن سفل إلا في النفقة لأن فيه إتلاف الصغير
قوله ( وينفق عليهم ) أي على أولاده الصغار وقيل نفقتهم في بيت المال
بحر
وفي القهستاني عن المحيط وتفرض على المعسر بقدر الكفاية
وعلى الموسر بقدر ما يراه الحاكم
قوله ( ولو لم يتيسر ) أي الإنفاق عليهم أو الاكتساب
قال في الفتح وإن لم يف كسبه بحاجتهم أو لم
____________________
(3/612)
يكتسب لعدم تيسر المكسب أنفق عليهم القريب الخ ومثله في البحر
وظاهره أن إنفاق القريب يثبت بمجرد عجز الأب عن الكسب وينافيه ما مر من أنه إذا عجز عنه يتكفف ولعل المراد أنه يتكفف إن لم يوجد قريب ينفق عليهم وبه يجمع بين الروايتين المنقولتين آنفا عن الخصاف لكن في الثانية أمر الزوجة بالاستدانة والظاهر أنه محمول على ما إذا كانت معسرة فلو موسرة تنفق من مالها لترجع ويأتي قريبا أنها أولى بالتحمل من سائر الأقارب
مطلب الكلام على نفقة الأقارب قوله ( ورجع على الأب إذا أيسر ) في جوامع الفقه إذا لم يكن للأب مال والجد أو الأم أو الخال أو العم موسر يجبر على نفقة الصغير ويرجع بها على الأب إذا أيسر وكذا يجبر الأبعد إذا غاب الأقرب فإن كان له أم موسرة فنفقته عليها وكذا إن لم يكن له أب إلا أنها ترجع في الأول ا هـ فتح
قلت وهذا هو الموافق لما يأتي من أنه لا يشارك الأب في نفقة أولاده أحد فلا يجعل كالميت بمجرد إعساره لتجب النفقة على من بعده بل تجعل دينا عليه وسيذكر الشارح تصحيح خلافه وأنه لا بد من إصلاح المتون ويأتي الكلام فيه وهذا إذا لم يكن الأب زمنا عاجزا عن الكسب وإلا قضى بالنفقة على الجد اتفاقا لأن نفقة الأب حينئذ واجبة على الجد فكذا نفقة الصغار
ولا يخفى أن كلامنا الآن في الأب العاجز عن الكسب تأمل
قوله ( ولو خاصمته الأم ) أي بأن شكت منه أن لا ينفق أو أنه يقتر عليهم
قوله ( ما لم تثبت خيانتها ) أي إنه لا يقبل قوله إنها لا تنفق أو تضيق عليهم لأنها أمينة ودعوى الخيانة على الأمين لا تسمع بلا حجة فيسأل القاضي جيرانها ممن يداخلها فإن أخبروه بما قال الأب زجرها ومنعها عن ذلك نظرا لهم
ذخيرة
قوله ( فيدفع لها الخ ) هذا نقله في الذخيرة عن بعض المشايخ عقب ما مر فقال إن شاء القاضي دفعها إلى ثقة يدفع لها صباحا ومساء ولا يدفع إليها جملة وإن شاء أمر غيرها لينفق عليهم
قوله ( وصح صلحها ) قيل في وجهه إن الأب هو العاقد من الجانبين وقيل من جانب نفسه والأم من جانب الصغار لأن نفقتهم من أسباب الحضانة وهي للأم
ذخيرة
قوله ( تدخل تحت التقدير ) تفسير لليسيرة وذلك كما لو وقع الصلح على عشرة وإذا نظر الناس فبعضهم يقدر الكفاية بعشرة وبعضهم بتسعة بخلاف ما لو وقع الصلح على خمسة عشر أو على عشرين فإن الزيادة حينئذ تطرح عن الأب
قلت وتقدم متنا أنه لو صالح على نفقة الزوجة ثم قال لا أطيق ذلك فهو لازم إلا إذا تغير سعر الطعام الخ
والفرق ما قدمناه من أن النفقة في حق القريب باعتبار الحاجة والكفاية وفي حق الزوجة معارضته عن الاحتباس ولذا لو مضى الوقت وبقي منها شيء يقضي بأخرى لها لا له وكذا لو ضاعت
قوله ( زيدت ) أي على قدر الكفاية
قوله ( ولو ضاعت الخ ) الفرق ما ذكرناه آنفا
قوله ( وهي أولى من الجد الموسر ) أي لو كان مع الأم الموسرة جد موسر أيضا تؤمر الأم بالإنفاق من مالها لترجع على الأب ولا يؤمر الجد بذلك لأنها أقرب إلى الصغير فالأم أولى بالتحمل من سائر الأقارب وتمامه في البحر عن الذخيرة
____________________
(3/613)
قلت اعلم أنه إذا مات الأب فالنفقة على الأم والجد على قدر ميراثهما أثلاثا في ظاهر الرواية وفي رواية على الجد وحده كما سيأتي
وأما إذا كان الأب معسرا فهي على الأب وتستدينها الأم عليه لأنها أقرب من الجد هذا على ظاهر المتون كما قدمناه وأما على ما يأتي تصحيحه من أن المعسر يجعل كالميت فمقتضاه أنها تجعل عليهما أثلاثا
تأمل
قوله ( لأولاده من الأمة ) بل نفقتهم على سيد الأمة إلا أن يشترط الزوج حريتهم فنفقتهم عليه والمراد بالأمة غير المكاتبة أما هي فنفقتهم عليها لتعينهم لها في الكتابة ط
وتقدمت المسألة
قوله ( ولو من حرة ) بل النفقة عليها وإن كانت أمة لمولاه فنفقة الجميع عليه أو لغيره فنفقتهم على مولى الأم كما علمت
ونفقة العقد على مولاه
قوله ( وعلى الكافر الخ ) في الجوهرة ذمي تزوج ذمية ثم أسلمت ولها منه ولد يحكم بإسلام الولد تبعا لها ونفقته على الأب الكافر وكذا الصبي إذا ارتد فارتداده صحيح عند أبي حنيفة ومحمد ونفقته على الأب ا هـ
قوله ( وسيجيء ) يأتي ذلك في عموم قول المصنف ولا نفقة مع الاختلاف دينا إلا للزوجة والأصول والفروع الذميين قوله ( لولده الكبير الخ ) فإذا طلب من القاضي أن يفرض له النفقة على أبيه أجابه ويدفعها إليه لأن ذلك حقه وله ولاية الاستيفاء
ذخيرة وعليه فلو قال له الأب أنا أطعمك ولا أدفع إليك لا يجاب وكذا الحكم في نفقة كل محرم
بحر
قوله ( كأنثى مطلقا ) أي ولو لم يكن بها زمانة تمنعها عن الكسب فمجرد الأنوثة عجز إلا إذا كان لها زوج فنفقتها عليه ما دامت زوجة وهل إن نشزت عن طاعته تجب لها النفقة على أبيها محل تردد فتأمل
وتقدم أنه ليس للأب أن يؤجرها في عمل أو خدمة وأنه لو كان لها كسب لا تجب عليه
قوله ( وزمن ) أي من به مرض مزمن والمراد هنا من به ما يمنعه عن الكسب كعمى وشلل ولو قدر على اكتساب ما لا يكفيه فعلى أبيه تكميل الكفاية
قوله ( ومن يلحقه العار بالتكسب ) كذا في البحر و الزيلعي
واعترضه الرحمتي بأن الكسب لمؤنته ومؤنة عياله فرض فكيف يكون عارا الأولى ما في المنح عن الخلاصة إذا كان من أبناء الكرام ولا يستأجره الناس فهو عاجز ا هـ
ومثله في الفتح وسيأتي تمامه قوله ( كما بسطه في القنية ) حاصله أن السلف قالوا بوجوب نفقته على الأب لكن أفتى أبو حامد بعدمه لفساد أحوال أكثرهم ومن كان بخلافهم نادر في هذا الزمان فلا يفرد بالحكم دفعا لحرج التمييز بين المصلح والمفسد
قال صاحب القنية لكن بعد الفتنة العامة يعني فتنة التاتار التي ذهب بها أكثر العلماء والمتعلمين نرى المشتغلين بالفقه والأدب اللذين هما قواعد الدين وأصول كلام العرب يمنعهم الاشتغال بالكسب عن التحصيل ويؤدي إلى ضياع العلم والتعطيل فكان المختار الآن قول السلف وهفوات البعض لا تمنع الوجوب كالأولاد والأقارب ا هـ ملخصا وأقره في البحر
وقال ح وأقول الحق الذي تقبله الطباع المستقيمة ولا تنفر منه الأذواق السليمة القول بوجوبها لذي الرشد لا غيره ولا حرج في التمييز بين المصلح والمفسد لظهور مسالك الاستقامة وتمييزه عن غيره وبالله التوفيق
قوله ( ولذا الخ ) أي لكونها لا تجب لطلبة زماننا الغالب عليهم الفساد
قوله ( لا يشاركه ) جملة استئنافية أو حالية
____________________
(3/614)
من الضمير المضاف إليه في تجب لطفله الفقير الخ
تأمل
قوله ( ولو فقيرا ) هذا مجاراة لظاهر إطلاق المصنف الأب تبعا لإطلاق المتون فلا ينافيه قوله ما لم يكن معسرا تأمل
قوله ( في ذلك ) أي في نفقة طفله وولده الكبير العاجز عن الكسب
قوله ( كنفقة أبويه وعرسه ) أي كما لا يشاركه أحد في نفقة أبويه ولا في نفقة زوجته
قوله ( به يفتى ) راجع إلى مسألة الفروع ومقابله ما روي عن الإمام أن نفقة الولد على الأب والأم أثلاثا يعني الكبير أما الصغير فعلى أبيه خاصة بلا خلاف
قال الشرنبلالي ووجه الفرق أنه اجتمع للأب في الصغير ولاية ومؤنة حتى وجب عليه صدقة فطره فاختص بلزوم نفقته عليه ولا كذلك الكبير لانعدام الولاية فتشاركه الأم ا هـ ط
وصرح العلامة قاسم بأن عدم الفرق بينهما هو ظاهر الرواية وبأن عليه الفتوى فلذا تبعه الشارح
قوله ( ما لم يكن معسر الخ ) الضمير راجع للأب
قال في الذخيرة ولو كان للفقير أولاد صغار وجد موسر يؤمر الجد بالإنفاق صيانة لولد الولد ويكون دينا على والدهم هكذا ذكر القدوري فلم يجعل النفقة على الجد حال عسرة الأب وهذا قول الحسن بن صالح
والصحيح في المذهب أن الأب الفقير يلحق بالميت في استحقاق النفقة على الجد وإن كان الأب زمنا يقضي بها على الجد بلا رجوع اتفاقا لأن نفقة الأب حينئذ على الجد فكذا نفقة الصغار ا هـ
وقال في الذخيرة أيضا قبل هذا ولو لهم أم موسرة أمرت أن تنفق عليهم فيكون دينا ترجع به على الأب إذ أيسر وهي أولى بالتحمل من سائر الأقارب الخ
قال في البحر وحاصله أن الوجوب على الأب المعسر إنما هو إذا أنفقت الأم الموسرة وإلا فالأب كالميت والوجوب على غيره لو كان ميتا ولا رجوع عليه في الصحيح
وعلى هذا فلا بد من إصلاح المتون والشروح كما لا يخفي اه أي لأن قول المتون والشروح إن الأب لا يشاركه في نفقة ولده أحد قتضي أنه لو كان معسرا وأمر القاضي غيره بالإنفاق يرجع سواء كان أما أو جدا أو غيرهما إذا لم يرجع عليه لحصلت المشاركة (
) وأجاب المقدسي بحمل ما في المتون على حالة اليسار لكن قال الرملي لا حاجة إلى ذلك لأن ما في المتون مبني على الرواية الثانية وقد اختارها أهل المتون والشروح مقتصرين عليها اه
قلت وعلى هذا فلا فرق بن كون المنفق أما أو جدا أو غيرهما في ثبوت الرجوع على الأب ما لم يكن الأب زمنا فإنه حينئذ يكون في حكم الميت اتفاقا وقدمنا على جوامع الفقه ما يؤيد ما في المتون ومثله ما في الخانية من أن نفقة الصغار والإناث المعسرات على الأب لا يشاركه في ذلك أحد ولا تسقط بفقره اه
وكذا ما في البدائع من قوله وأن كان لهم جد موسر لم تفرض عليه بل يؤمر بها ليرجع على الأب لأنها لا تجب على الجد عند وجود الأب القادر على الكسب ألا ترى أنه لا يجب على الجد نفقة ابنه المذكور فنفقة أولاده أولى نعم لو كان الأب زمنا قضي بنفقتهم ونفقة الأب على الجد اه على أن ما صححه في الذخيرة يرد عليه تسليمه رجوع الأم مع أنها أقرب إلى أولادها من الجد والعم والخال فكيف يرجع الأقرب دون الأبعد
ومسألة رجوع الأم منصوص عليها في كافي الحاكم وغيره وهي تثبت رجوع غيرها بالأولى وهذا مؤيد لما في المتون والشروح كما لا يخفي فأفهم
تنبيه في البحر الفقير لا يجب عليه نفقة غير الأصول والفروح والزوجة اه وشمل الفروع الولد الكبير العاجزم والأنثى وتقدم آنفا في عبارة الخانية
قوله ( جوهرة ) كذا في عامة النسخ ولا وجه له فإن هذا الكلام
____________________
(3/615)
لم ينقله في البحر عن الجوهرة ولا هو موجود فيها وفي نسخة الرحمتي وفي الجوهرة فروع إلى آخره وهي الصواب الفروع فإن هذه إلى قوله وفي المختار ذكرها في الجوهرة فيكون الجار والمجرو خبرا مقدما وفروع مبتدأ مؤخرا قوله ( فالأم أحق ) لأنها لا تقدر على الكسب
وقال بعضهم الأب أحق لأنه هو الذي يجب عليه نفقة الابن في صغره دون الأم وقيل يقسمها بينهما
جوهرة
قلت ويؤيد الأول ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه عن معاوية القشيري قلت يا رسول الله من أبر قال أمك قلت ثم من قال أمك قلت ثم من قال أباك ثم الأقرب فالأقرب أورد الحديث في الفتح
قوله ( وقيل يقسمها فيهما ) أي في المسألتين
مطلب في نفقة زوجة الأب قوله ( وعليه نفقة زوجة أبيه ) أي في رواية
وفي أخرى إن كان الأب مريضا أو به زمانه يحتاج للخدمة
قال في المحيط فعلى هذا لا فرق يبن الأب والابن فإن الابن إذا كان بهذه المثابة يجبر الأب على نقفة خادمه قال في البحر وظاهر الذخيرة أن المذهب عدم وجوب نفقة امرأة الأب أو جاريته أو أم ولده حيث لم يكن بالأب علة وأن الوجوب مطلقا عن رواية أبي يوسف
وفي حاشية الرملي والذي تحرر من المذهب أنه لا فرق بين الأب والابن في نفقة الخادم وأنه إذا احتاج أحدهما لخادم وجبت نفقته كما وجبت نفقة المخدوم فكان من جملة نفقته وإذا لم يحتج إليه فلا تجب فأعلم ذلك واغتنمه فإنه كثير الوقوع والله سبحانه وتعالى أعلم اه
قلت بقي ما إذا كانت الزوجة أم الابن فهل تجب نفقتها في هذه الحالة على الابن أم لا فإن كانت معسرة فالظاهر وجوبها عليه ولو لم يكن الأب محتاجا إليها لقولهم لا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد وأما لو كانت موسرة والأب محتاج إليها فكذلك وإلا فالظاهر أنه يؤمر بها ليرجع على أبيه أو تنفق هي لترجع على الأب وهذا أقرب
تأمل
قوله ( بل وتزوويجه أو تسريه ) ذكره في الشرنبلانية أيضا عن الجوهرة وهو مخالف لما مر في باب نكاح الرقيق وعزوناه إلى الزيلعي والدرر وشروح الهداية فيقدم على ما هنا
قوله ( فعليه نفقة واحدة ) بالإضافة فلو موسرات فالوسط أو معسرات فالدون ولو مختلفات فالظاهر أنه يدفع نصف نفقة الوسط ونصف الدون أفاده ط
قوله ( ليوزعها عليهن ) ولهن رفع أمرهن للقاضي ليأمرهن باستدانة الباقي كفايتهن لتكون دينا على الزوج
وتجب الإدانة على من تجب عليه نفقتهن كما تقدم فأفهم
قوله ( وفي المختار والملتقى إلخ ) هذا خلاف نص المذهب كما قدمناه أول الباب فافهم
قوله ( أو زمنا ) أي أو كبيرا زمنا
قوله ( لقدري أفندي ) هو من متأخري علماء الروم اسمه عبد القادر
قوله ( ويجبر الأب إلخ ) هذه العبارة في القنية والمجتبى وقد علمت أن المذهب عدم
____________________
(3/616)
وجوب النفقة لزوجة الابن ولو صغيرا فقيرا فلو كان كبيرا غائبا بالأولى إلا أن يحمل على أن الوجوب هنا بمعنى أن الأب يؤمر بالإنفاق عليها ليرجع بها على الابن إذا حضر لكن تقدم أن زوجة الغائب يفرض القاضي لها النفقة على زوجها ويأمرها بالاستدانة وأنه تجب الإدانة على من تجب عليه نفقتها قوله ( وكذا الأم إلخ ) أي إذا غاب الأب ولم يترك نفقة تجبر الأم على الإنفاق على الولد من مالها إن كان لها مال كما في الخانية وقدم الشارح عن البحر تفريعا على قول زفر المفتى به أنها تقبل بينتها على النكاح إن لم يكن القاضي عالما به ثم يفرض لهم ويأمرها بالإنفاق والاستدانة ليرجع اه
ولا يخفي أن هذا كله فيما إذا لم يترك مالا عنده أو على من يقر به وبالزوجية والولاد وإلا فقد مر أنه يفرض لها في ذلك المال وكذا لو ترك مالا في بيته كما مر بيانه
قوله ( وكذا الابن ) أي الموسر إذا غاب زوج أمه الفقيرة وهذا ظاهر السياق لأن كلامه في الغيبة ويحتمل أن يكون المراد ما إذا كان الزوج حاضرا وهو معسر لكن هذه تقدمت قبل قوله ( قضي بنفقة الإعسار ) وهذا إذا كان زوجها غير أبيه فلو كان أباه هو معسر فهل يرجع عليه إذا أيسر قدمنا الكلام عليه قريبا
قوله ( كذا الأخ إلخ ) الظاهر أنه مقيد بما إذا لم يكن للأولاد أم موسرة لما مر من أن الأم أولى بالتحمل من سائر الأقارب لأنها أقرب إلى أولادها
قوله ( وكذا الأبعد إذا غاب الأقرب ) عطف عام على خاص فيشمل ما إذا كان الغائب أبنا أو أبا أو أما أو أخا والحاضر الموسر خال أو عم أو جد وقد استفيد مما هنا وكذا ما قدمناه عن جوامع الفقه أن الغيبة كالإعسار في وجوب النفقة على الأبعد ورجوعه على الأقرب بعد حضوره أو يساره وليس الرجوع على الأب خاصا بالأم خلافا لقوله المار إلا الأم موسرة
قوله ( أجنبي أنفق الخ ) ظاهره أنه أنفق من مال نفسه مع أنه ذكر في جامع الفصولين قبيل هذه المسألة عن أدب القاضي ادعى وصي أو قيم أنه أنفق من مال نفسه وأراد الرجوع في مال اليتيم والوقف ليس له ذلك إذ يدعي دينا لنفسه على اليتيم والوقف فلا يصح بمجرد الدعوى فلو ادعى الإنفاق من مال الوقف واليتيم نفقة المثل في تلك المدة صدق اه
إلا أن يحمل على أن الأجنبي أنفق من مال اليتيم أو يفرق بين مال الأجنبي ومال الوصي لكن فيه إثبات دين للأجنبي على اليتيم بمجرد إقرار الوصي ولم أر صريحا صحته نعم في القنية وغيرها أو أنفق ماله على الصغير ولم يشهد فلو كان المنفق أبا لم يرجع وفي الوصي اختلاف اه
وقدمنا في باب المهر عند الكلاع على ضمان الولي المهر أن اشتراط الإشهاد استحسان وعليه فلا فرق بين الوصي والأدب إن كانت العادة أن الأب ينفق تبرعا ومر تمام الكلام هناك فراجعه وسيأتي أيضا آخر الكتاب إن شاء الله تعالى
مطلب أمر غيره بالإنفاق ونحوه هل يرجع قوله ( وفيه إلخ ) أقول في الخانية ذكر في الأصل إذا أمر صيرفيا في المصارفة أن يعطي رجلا ألف درهم قضاء عنه أو لم يقل قضاء عنه ففعل يرجع على الآمر في قول أبي حنيفة فإن لم يكن صيرفيا لا يرجع إلا أن يقول عني ولو أمره بشرائه أو بدفع الفداء يرجع عليه استحسانا وإن لم يقل على أن ترجع علي بذلك وكذا لو قال أنفق
____________________
(3/617)
من مالك على عيالي أو في بناء داري يرجع بما أنفق وكذا لو قال اقض ديني يرجع على كل حال ولو قضى نائبه غيره بأمره رجع عليه وإن لم يشترط الرجوع هو الصحيح اه
قلت والمراد بالصيرفي من يستدين منه التجار ويقبض لهم فيرجع بمجرد الأمر للعرف بأن ما يؤمر بإعطائه هو دين على الآمر بخلاف غير الصيرفي فلا يرجع بقوله أعط فلانا كذا إلا بشرط الرجوع
قوله ( كجناية ) الذي في جامع الفصولين جباية بالباء بعد الجيم لا بالنون المراد بها لا يجيبه السلطان بحق أو بغيره وسيأتي في كتاب الكفالة قبيل كفالة الرجلين أنه تجوز الكفالة بالنوائب ولو بغير حق كجبايات زماننا فإنها في المطالبة كالديون بل فوقها قوله ( ومؤن مالية ) الظاهر أنه من عطف العام على الخاص لشموله مثل العشر والخراج لك في جامع الفصولين أيضا الأمر بإنفاق وأداء خراج وصدقات واجبة لا يوجب الرجوع بلا شرط إلا رواية عن أبي يوسف اه
وعليه فيكون عطف مرادف لئلا يشمل العشر والخراج
قوله ( ليصادره ) أي ليأخذ منه ماله
قوله ( وقيل لا في الصحيح ) سيذكر الشارح في كتاب الكفالة تصحيح الأول ومثله في البزازية
ويؤيده ما قدمناه عن الخانية من تصحيح الرجوع بلا شرط في النائبة فإن الظاهر أن النائبة تشمل مسألة الأسير والمصادرة وقاضيخان من أجل من يعتمد على تصحيحه كما نص عليه العلامة قاسم وسيأتي تمام الكلام على ذلك في متفرقات البيوع
مطلب في إرضاع الصغير قوله ( وليس على أمه ) أي التي في نكاح الأب أو المطلقة ط
قوله ( إلا إذا تعينت ) بأن لم يجد الأب من ترضعه أو كان الولد لا لأخذ ثدي غيرها وهذا هو الأصح وعليه الفتوى خانية ومجتبى
وهو الاصوب
فتح
وظاهر الكنز أنها لا تجبر وإن تعينت لتغذية بالدهن وغيره
وفي الزيلعي وغيره إنه ظاهر الرواية وبالأول جزم في الهداية وتمامه في البحر
وفيه عن الخانية وإن لم يكن للأب ولا للولد مال تجبر الأم إلى إرضاعه عند الكل اه
قال فمحل الخلاف عند قدرة الأب بالمال
قال الرملي وما في الخانية نقله الزيلعي عن الخصاف وزاد عليه قوله وتجعل الأجرة دينا على الأب اه
قلت ومثله في المجمع وبه علم أنه لا منافاة بين إجبارها ولزوم الأجرة لها خلافا لما قدمه في الحضانة عن الجوهرة ومر تمامه هناك
قوله ( وكذا الظئر إلخ ) في البحر عن غاية البيان عن العيون عن محمد فيمن استأجر ظئر الصبي شهرا فلما اقضى الشهر أبت أن ترضعه والصبي لا يقبل ثدي غيرها قال أجبرها أن ترضع اه
فالمراد بإبقاء الإجارة استدامة حكمها بعد مضي مدتها كما لو مضت إجارة السفينة في وسط البحر وهي في الحقيقة إجارة مبتدأة
والظاهر أن مثلها ما إذا تعينت لإرضاعه قبل استئجارها فتجبر عليها وإن أمكن تغذيه بالدهن مثلا فإن فيه تعريضا لضعفه وموته وبهذا رجحوا إجبار الأم على ظاهر الرواية
تأمل
قوله ( عندها ) أي عند الأم وظاهر التعليل أن كل من ثبتت لها الحضانة في حكم الأم ط
قوله ( ولا يلزم الظئر المكث إلخ ) أي بل لها أن ترضعه
____________________
(3/618)
ثم ترجع إلى منزلها فيما يستغنى عنها من الزمان أو تقول أخرجوه فترضعه عند فناء الدار ثم تدخل الصبي إلى أمه أو تحمل الصبي معها إلى البيت
نهر عن الزيلعي
وحاصله أن الظئر مخيرة بين هذه الأمور إذا لم يشترط عليها المكث عند الأم ومقتضاه أن الأم لو طلبت المكث عندها لا يلزم الظئر وإن كان ذلك حق الأم فعلى الأب إحضار مرضعة ترضعه وهو عند أمه لأن الظئر قد تغيب عند حاجة الولد إلى الرضاع ولا يمكن الأم إحضارها وقد لا ترضى بإخراج ولدها إلى فناء الدار
قوله ( لا يستأجر الأب أمه إلخ ) علله في الهداية بإن الإرضاع مستحق عليها ديانة بقوله تعالى { والوالدات يرضعن } البقرة 233 فلا يجوز أخذ الأجر عليه
واعترضه في الفتح بجواز أخذ الأجرة بعد انقضاء العدة مع أن الوجوب في الآية يشمل ما قبل العدة وما بعدها ثم قال والحق أنه تعالى أوجبه عليها مقيدا بإيجاب رزقها على الأب بقوله تعالى { وعلى المولود له رزقهن } البقرة 233 ففي حال الزوجية والعدة هو قائم برزقها بخلاف ما بعدهما فيقوم الأجر مقامه اه
قلت وتحقيقه أن فعل الإرضاع واجب عليها ومؤنته على الأب لأنها من جملة نفقة الولد ففي حال الزوجية والعدة هو قائم بتلك المؤنة بعد البيونة فتجب عليه بعدها وإن وجب على الأم إرضاعه لقوله تعالى { لا تضار والدة بولدها } البقرة 233 فإن ألزامها بإرضاعه مجانا مع عجزها وانقطاع نفقتها عن الأب مضارة لها فساغ لها أخذ الأجرة بع البينونة لأنه لا تجبر على إرضاعه قضاء وامتناعها عن إرضاعه مع وفور شفقتها عليه دليل حاجتها ولا يستغنى الأب عن أرضاعه عند غيرها فكونه عند أمه بالأجرة أنفع له ولها إلا أن توجد متبرعة فتكون أولى دفعا للمضارة عن الأب أيضا
قوله ( خلافا للذخيرة والمجتبى ) أي لصاحبيهما حيث قالا يجوز استئجارها من مال الصغير لعدم اجتماع الواجبين على الزوج وهما نفقة النكاح والإرضاع قال في النهر والأوجه عندي عدم الجواز ويدل على ذلك ما قالوه من أنه لو استأجر منكوحته لإرضاع ولده من غيرها جاز من غير ذكر خلاف لأنه غير واجب عليها مع أنه فيه احتماع أجرة الرضاع والنفقة في مال واحد ولو صح مانعا لما جاز هنا فتدبره اه ح
قلت غاية ما استند إليه يفيد عدم تسليم التعليل المار وأن اجتماع الواجبين على الزوج لا ينفي جواز الاستئجار ولا يخفى أن هذا يثبت عدم الجواز في المسألة الأولى لظهور الفرق بيت المسألتين فإنك قد علمت أن إرضاع الولد واجب على أمه ما دالم الأب ينفق عليها فلا يحل لها أخذ الأجرة مع وجوب نفقتها عليه وفي أخذها الأجرة من مال الصغير أخذ للأجرة على الواجب عليها مع استغنائها بخلاف أخذها على ولده من غيرها فإن إرضاعه غير واجب عليها فهو كأخذها على إرضاع ولد لغير زوجها فإنه جائز وإن كان زوجها ينفق عليها
والحاصل أن الفرق ظاهر بين أخذ الأجرة على إرضاع ولدها الواجب عليها وعلى إرضاع غيره ولذا علل الثانية بأنه غير واجب عليها وأيضا فقد نقل الحموي عن البرجندي معزيا للمنصورية أن الفتوى علي الجواز أي الذي مشى عليه في الذخيرة و المجتبى
قوله ( في الأصح ) وذكر في الفتح عن بعضهم أنه ظاهر الرواية ولكن ذكر أيضا أن الأوجه عدم الفارق بين عدة الرجعي والبائن وأن في كلام الهداية إيماء على أنه المختار عنده إذ من عادته تأخير وجه القول المختار وكذا هو ظاهر إطلاق القدوري المعتدة وفي النهر أنه رواية الحسن عن الأمام وهي الأولى اه
وفي حاشية الرملي على المنح عن التاترخانية عليه الفتوى
قوله ( كاستئجار منكوحته إلخ ) أي فيجوز لأن أرضاعه غير واجب عليها كما مر
قوله ( وهي أحق ) أي إذا طلبت الأجرة ولذا قيده بقوله بعد العدة
____________________
(3/619)
وإلا فهي أحق قبل العدة أيضا قوله ( ولو دون أجر المثل ) أي ولو كان الذي تأخذه الأجنبية دون أجر المثل وطلبت الأم أجر المثل فالأجنبية أولى ط
قوله ( أحق منها ) أي من الأم حيث طلبت شيئا ولم يقيدوا هنا يكون الأب معسرا كما في الحضانة ط
قوله ( أما أجرة الحضانة إلخ ) أفاد أن الحضانة تبقى للأم فترضعه الأجنبية المتبرعة بالإرضاع عند الأم كما صرح به في البدائع ونحوه ما مر في المتن وإن للأم أخذ أجرة المثل على الحضانة ولا تكون الأجنبية المتبرعة بها أولى نعم لو تبرعت العمة بحضانته من غير أن نمنع الأم عنه والأب معسر فالصحيح أنه يقال للأم إما أن تمسكي الولد بلا أجر وإما أن تدفعيه إليها كما مر في الحضانة وبه ظهر الفرق بين الحضانة والإرضاع هنا وهو أن انتقال الإرضاع إلى غير الأم لا يتقيد بطلب الأم أكثر من أجد المثل ولا بإعسار الأب ولا بكون المتبرعة عمة أو نحوها من الأقارب فأفهم قوله ( كما مر ) أي في الحضانة
قوله ( وللرضيع النفقة والكسوة ) فبذلك صار على الأب ثلاث نفقات أجرة الرضاع وأجرة الحضانة ونفقة الولد من صابون ودهن وفرض وغطاء
وفي المجتبى وإذا كان للصبي مال فمؤنة الرضاع ونفقته بعد الفطام في مال الصغير
بحر
وسكت عن المسكن الذي تحضنه فيه
والذي في معين المفتي المختار أنه على الأب وهو الأظهر
حموي عن شرح الوهبانية ط وفيه كلام قدمناه في الحضانة
قوله ( وللأم أجرة الإرضاع بلا عقد إجارة ) بل تستحقه بالإرضاع في المدة مطلقا كذا في البحر أخذا من ظاهر كلامهم
ورده المقدسي في الرمز شرح نظم الكنز بأن الظاهر اشتراط العقد ومن قال بخلافه فعليه إثباته اه فأفهم
ويؤيده ما في شرح حسام الدين على أدب القاضي للخصاف فإن انقضت عدتها وطلبت أجر الرضاع فهي أحق به وينظر القاضي بكم يجد امرأة غيرها فيأمر بدفع ذلك إليها لقوله تعالى { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } الطلاف 6 إلخ
قال في البحر وأكثر المشايخ على أن مدة الرضاع في حق الأجرة حولان عند الكل حتى لا تستحق بعد الخولين إجماعا وتستحق فهما إجماعا
وفيه لو لم يستغن بالحولين لها أن ترضعه بعدهما عند عامة المشايخ إلا عند خلف بن أيوب
قوله ( وحكم الصلح كالاستئجار ) يعني لو صالحت زوجها على أجرة الرضاع على شيء إن كان الصلح حال قيام النكاح أو في عدة الرجعي لا يجوز وإن كان في عدة البائن بواحدة أو ثلاث جاز على إحدى الروايتين
ح عن البحر
قوله ( وفي كل موضع جاز الاستئجار ) أي كما إذا كان بعد انقضاء العدة أو في عدة البائن على إحدى الروايتين وهي المعتمدة كما مر وقوله ووجبت النفقة الظاهر أنه عطف مرادف والمراد به نفقة المرضعة بالأجرة التي تأخذها من الزوج بقرينة التعليل يعني أن ما تأخذه الأم من الأب لتنفقه على نفسها بمقابلة إرضاع الولد هو أجرة لا نفقة فإذا مات الأب لا تسقط هذه الأجرة بموته بل تجب لها في تركته وتشارك غرماءه فهي كغيرها من أصحاب ديونه ولو كان نفقة لسقطت كما تسقط بالموت نفقة الزوجة والقريب ولو بعد القضاء ما لم تكن مستادنة بأمر القاضي هذا ما ظهر لي في حل هذه العبارة وأصلها لصاحب الذخيرة ونقلها عنه في البحر بلفظها
____________________
(3/620)
مطلب في نفقة الأصول قوله ( وتجب إلخ ) شروع في من نفقة الفروع
قوله ( ولو صغيرا ) لأنه كالكبير فيما يجب في ماله من حق عبد فيطالب به وليه كما يطالب بنفقة زوجته
قوله ( يسار الفطرة على الأرجح ) أي بأن يملك ما يرحم به أخذ الزكاة وهو نصاب ولو غير تام فاضل عن حوائجه الأصلية وهذا قول أبي يوسف
وفي الهداية وعليه الفتوى وصححه في الذخيرة ومشى عليه في متن الملتقى وفي البحر أنه الأرجح وفي الخلاصة أنه نصاب الزكاة وبه يفتي واخاره الولوجي
قوله ورجح الزيلعي عبارته وعن محمد أنه قدره بما يفضل عن نفقة نفسه وعياله شهرا إن كان من أهل الغلة وإن كان من أهل الحرف فهو مقدر بما يفضل عن نفقته ونفقة عياله كل يوم لأن المعتبر في حقوق العباد القدرة دون النصاب وهو مستغن عما زاد على ذلك فيصرفها إلى أقاربه وهذا أوجه وقالوا الفتوى على الأول اه
والذي في الفتح أن هذا توفيق بين روايتين عن محمد الأولى اعتبار فاضل نفقة شهر
والثانية فاضل كسبه كل يوم حتى لو كان كسبه درهما ويكفيه أربعة دوانق وجب عليه دانقان للقريب
قال ومال السرخسي إلى قول محمد في الكسب وقال صاحب التحفة قول محمد أرفق ثم قال في الفتح بعد كلام وإن كان كسوبا يعتبر قول محمد وهذا يجب أن يعول عليه في الفتوى اه
وبه علم أن الزيلعي وصاحب التحفة رجحا قول محمد مطلقا السرخي والكمال رجحا قوله لو كسوبا وهي الرواية الثانية عنه
وفي البدائع أيضا أنه الأرفق
قلت والحاصل أن في حد اليسار أربعة أقوال مروية كما قال في البحر وأن الثالث تحته قولان وعلى توفيق الفتح هي ثلاثة فقط
وبه علم أن الثالث ليس تقييدا لما ذكره المصنف بل هو قول آخر فافهم
وقال في البحر ولم أر من أفتى به أي بالثالث المذكور فالاعتماد على الأولين والأرجح الثاني اه
قلت مر في رسم المفتي أن الأصح الترجيح بقوة الدليل فحيث كان الثالث هو الأوجه أي الأظهر من حيث التوجيه والاستدلال كان هو الأرجح وإن صرح بالفتوى على غيره ولذا قال الزيلعي قالوا الفتوى على الأول بصيغة قالوا للتبري وكذا قال في الفتح وهذا يجب أن يعول عليه في الفتوى أي على الثالث
مطلب صاحب الفتح بن الهمام من أهل الاجتهاد والكمال صاحب الفتح من أهل الترجيح بل من أهل الاجتهاد كما قدمناه في نكاح الرقيق وقد نقل كلامه تلميذه العلامة قاسم وكذا صاحب النهر والمقدسي والشرنبلالي وأقروه عليه
ويكفي أيضا ميل الإمام السرخسي إليه وقول التحفة والبدائع إنه الأرفق فحيث كان هو الأوجه والأرفق واعتمده المتأخرون وجب التعويل عليه فكان هو المعتمد
ثم أعلم أن ما ذكره المصنف من اشتراط اليسار في نفقة الأصول صرح به في كافي الحاكم والدرر النقاية والفتح والملتقى و الموهب والبحر والنهر
وفي كافي الحاكم أيضا ولا يجبر المعسر على نفقة أحد إلا على نفقة الزوجة والولد اه
ومثله في الاختيار ونحو في الهداية وفي الخانية لا يجب على الابن الفقير نفقة والده الفقير حكما إلا إن كان والده زمنا لا يقدر على العمل وللابن عيال فعليه أن يضمه إلى عياله وينفق على الكل
وفي الذخيرة أنه
____________________
(3/621)
ظاهر الرواية عن أصحابنا لأن طعام الأربعة إذا فرق على الخمسة لا يضرهم ضررا فاحشا بخلاف إدخال الواحد في طعام الواحد لتفاحش الضرر
وفي البزازية إن رأى القاضي أنه يفضل من قوته شيء أجبره على النفقة من الفاضل على الفاضل على المختار وإن لم يفضل فلا شيء في الحكم لكن في ظاهر الرواية يؤمر ديانة بالإنفاق إن كان الابن وحده ولو له عيال أجبر على ضم أبيه معهم كيلا يضيع ولا يجبر على أن يعطيه شيئا على حدة اه
والحاصل أنه يشترط في نفقة الأصول اليسار على الحلاف المار في تفسيره إلا إذا كان الأصل زمنا لا كسب له فلا يشترط سوى قدرة الولد على الكسب فإن كان لكسبه فضل أجبر على إنفاق الفاضل وإلا فلو كان الولد وحده أمر ديانة بضم الأصل إليه ولو له عيال يجبر في الحكم على ضمه إليهم
ولا يخفي أن الأم بمنزلة الأب الزمن لأن الأنوثة بمجردها عجز وبه صرح في البدائع لكن صرح أيضا بأنه لا يشترط في نفقة الأصول يسار الولد بل قدرته على الكسب وعزاه في المجتبى إلى الخصاف وقد أكثرنا لك من النقل بخلافه لتعلم أنه غير المعتمد في المذهب
قوله ( وفي الخلاصة إلخ ) هذا محمول على ما إذا كان الأب زمنا لا قدرة له على الكسب وإلا اشترط يسار الولد على الخلاف المار في تفسيره وعلى ما إذا كان للولد عيال فلو كان وحده فلا يدخل أباه في نفقته بل يؤمر به ديانة والأم كالأب الزمن وذلك كله معلوم مما قررناه آنفا فافهم
وعبارة الخلاصة هكذا وفي الأقضية الفقر أنواع ثلاثة فقير لا مال له وهو قادر على الكسب والمختار أنه يدخل الأبوين في نفقته
الثاني فقير لا مال له وهو عاجز عن الكسب فلا تجب عليه نفقة غيره
الثالث أن يفضل كسبه عن قوته فإنه يجبر على نفقة البنت الكبيرة والأبوين والأجداد وفي المحرم كالعم يشترط النصاب إلخ
قلت وهذا مبني على رواية الخصاف من عدم اشتراط اليسار في نفقة الأصول بل قدرة الكسب كافية والمعتمد خلافه كما علمت
قوله ( وفي المبتغى إلخ ) سيأتي قريبا لو أنفق الأبوان ما عندهما للغائب من ماله على أنفسهما وهو من جنس النفقة لا يضمنان لوجوب نفقة الأبوين والزوجة قبل القضاء حتى لو ظفر بجنس حقه فله أخذه ولذا فرضت في مال الغائب بخلاف بقية الأقارب ونحوه في المنح والزيلعي
وفي زكاة الجوهرة الدائن إذا ظفر بجنس حقه له أخذه بلا قضاء ولا رضا
وفي الفتح عند قوله ويحلفها بالله ما أعطاها النفقة وفي كل موضع جاز القضاء بالدفع كان لها أن تأخذ بغير قضاء من ماله شرعا اه
فقول المبتغي ولا قاضي ثمة محمول على ما إذا كان يأخذه من خلاف جنس النفقة كالعروض أما الدراهم والدنانير فهي من جنس النفقة فلا حاجة فيها إلى القاضي وتمامه في حاشية الرحمتى وقد أطال وأطاب
قوله ( النفقة ) أشار إلى أن جميع ما وجب للمرأة وجب للأب والأم على الولد من طعام وشراب وكسوة وسكنى حتى الخادم
بحر
وقدمنا في الفروع الكلام على خادم الأب وزوجته
قوله ( الأصوله ) إلا الأم المتزوجة فإن نفقتها على الزوج كالبنت المراهقة إذا زوجها أبوها وقدمنا أن الزوج لو كان معسرا فإن الابن يؤمر بأن يقرضها ثم يرجع عليه إذا أيسر لأن الزوج المعسر كالميت كما
____________________
(3/622)
صرح به في الذخيرة
بحر
والحاصل أن الأم إذا كان لها زوج تجب نفقتها على زوجها لا على ابنها وهذا لو كان الزوج غير أبيه كما صرح به في الذخيرة ومفهومه أنه لو كان أباه تجب نفقته ونفقتها على الابن لكن هذا ظاهر لو كانت الأم معسرة أيضا أما لو كانت موسرة لا تجب نفقتها على ابنها بل على زوجها وهل يؤمر الابن بالإنفاق عليها ليرحع على أبيه لم أره نعم لو كان الأب محتاجا إليها فقد مر أن نفقته زوجته حينئذ على ابنه وهذا يشمل ما لو كانت موسرة فتأمل قوله ( ولو أب أمه ) شمل التعميم الجدة من قبل الأب أو الأم وكذا الجد من قبل الأم كما في البحر وعبارة الكنز ولأبويه وأجداده وجداته
قوله ( الفقراء ) قيد به لأنه لا تجب نفقة الموسر إلا الزوجة
قوله ( ولو قادرين على الكسب ) جزم به في الهداية فالمعتبر في إيجاب نفقة الوالدين مجرد الفقر قيل وهو ظاهر الرواية فتح ثم أيده بكلام الحاكم الشهيد وقال وهذا جواب الرواية اه
والجد كالأب بدائع فلو كان كل من الابن والأب كسوبا يجب أن يكتسب الابن وينفق على الأب بحر عن الفتح أي ينفق عليه من فاضل كسبه على قول محمد كما مر
قوله ( والقول إلخ ) أي لو ادعى الولد غنى الأب وأنكره الأب فالقول له والبينة وللابن بحر
قوله ( بالسوية بين الابن والبنت ) هو ظاهر الرواية وهو الصحيح
هداية
وبه يفتى خلاصة وهو الحق فتح وكذا لو كان الفقير ابنان أحدهما فائق في الغنى والآخر يملك مصابا فهي عليهما سوية خانية وعزاه في الذخيرة إلى مبسوط محمد ثم نقل عن الحلواني قال مشايخنا هذا لو تفاوتا في اليسار تفاوتا يسيرا فلو فاحشا يجب التفاوت فيها بحر
قلت بقي لو كان أحدهما كسوبا فقط وقلنا بما رجحه الزيلعي والكمال من إعطاء فاضل كسبه فهل يلزمه هنا أيضا أم تلزم الابن الغني فقط تأمل
وفي الذخيرة قضي بها عليهما فأبى أحدهما أن لا يعطي للأب ما عليه يؤمر الآخر بالكل ثم يرجع على أخيه بحصته اه
ولا يخفي أن هذا حيث لم يمكن الأخذ منه لغيبته أو عتوه وإلا فكيف يؤمر الآخر بمجرد الإباء كما أفاده المقدسي
قوله ( والمعتبر فيه القرب والجزئية لا الإرث ) أي الأصل في نفقة الوالدين والمولودين القرب بعد الجزئية دون الميراث كذا في الفتح أي تعتبر إلا الجزئية أي جهة الولاد أصولا أو فروعا وتقدم على غيرها من الرحم ثم يقدم فيها الأقرب فالأقرب ولا ينظر إلى الإرث فلو له أخ شقيق وبنت بنت فالنفقة عليها فقط للجزئية وإن كان الوارث هو الأخ ولو له بنت وابن ابن فعلى البنت لقربها في الجزئية وإن اشتركا في الإرث كما في الفتح وغيره
قلت ويرد عليه قولهم لو له أم وجد لأب فعليهما أثلاثا اعتبارا للإرث مع أن الأم أقرب في الجزئية وكذا قولهم لو له أم وجد لأب وأخ شقيق فعلى الجد عند الإمام مع أن الأم أقرب أيضا وغير ذلك من المسائل
مطلب ضابط في حصر أحكام نفقة الأصول والفروع واعلم أن مسائل هذا الباب مما تحير فيها أولوا الألباب لما يتوهم فيها من الاضطراب وكثيرا ما رأيت من ضل فيها عن الصواب حيث لم يذكروا لها ضابطا نافعا ولا أصلا جامعا حتى وفقني الله تعالى إلى جمع رسالة فيها سميتها تحرير النقول في نفقات الفروع والأصول أعانني فيها المولى سبحانه على شيء لم أسبق إليه
____________________
(3/623)
ولم يحم أحد قبلي عليه باختراع ضابط كلي مبني على تقسيم عقلي مأخوذ من كلامهم تصريحا أو تلويحا جامع لفروعهم جمعا صحيحا بحيث لا تخرج عنه شاذة ولا يغادر منها فاذة
وبيان ذلك أن نقول لا يخلوا إما أن يكون الموجود من قرابة الولاد شخصا واحدا أو أكثر
والأول ظاهر وهو أن تجب النفقة عيله استيفاء شروط الوجوب والثاني لا يخلو
إما أن يكونوا فروعا فقط أو فروعا وحواشي أو فروعا وأصولا أو فروعا وأصولا وحواشي أو أصولا فقط أو أصولا وحواشي فهذه ستة أقسام وبقي قسم سابع تتمة الأقسام العقلية وهو الحواشي فقط نذكره تتميما للأقسام وإن لم يكن من قرابة الولادة
القسم الأول الفروج فقط والمعتبر فيهم القرب والجزئية أي القرب بعد الجزئية دون الميراث كما علمت ففي ولدين لمسلم فقير ولو أحدهما نصرانيا أو أنثى تجب نفقته عليهما سوية
ذخيرة
للتساوي في القرب والجزئية وإن اختلفا في الإرث وفي ابن على ابن فقط لقربه
بدائع
وكذا تجب في بنت وابن ابن علي البنت فقط لقربها
ذخيرة
ويؤخذ من هذا أنه لا ترجيح لابن ابن علي بنت بنت وإن كان هو الوارث لاستوائهما في القرب والجزئية ولتصريحهم بأنه لا اعتبار للإرث في الفروع وإلا لوجبت أثلاثا في ابن بنت ولما لزم الابن النصراني مع الابن المسلم شيء
وبه ظهر أن قول الرملي في حاشية البحر إنها على ابن الابن لرجحانه مخالف لكلامهم
القسم الثاني الفروع مع الحواشي والمعتبر فيه أيضا القرب والجزئية دون الإرث ففي بنت وأخت شقيقة البنت فقط وإن ورثتا
بدائع وذخيرة
وتسقط الأخت لتقديم الجزئية وفي ابن نصراني وأخ مسلم على الابن فقط وإن كان الوارث هو الأخ
ذخيرة أي لاختصاص بالجزئية وإن استويا في القرب لإدلاء كل منهما بواسطة والمراد بالحواشي هنا من ليس من عمود النسب أي ليس أصلا ولا فرعا فيدخل فيه ما في الذخيرة لو له بنت ومولى عتاقه فعلى البنت فقط وإن ورثا أي لاختصاصها بالجزئية
القسم الثالث الفروع مع الأصول والمعتبر فيه الأقرب
جزئية فإن لم يوجد اعتبر الترجيح إن لم يوجد اعتبر الإرث ففي أب وابن تجب على ابن لترجحه بأنت ومالك لأبيك ذخيرة وبدائع أي وإن استويا في قرب الجزئية مثله أم وابن لقول المتون ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد
قال في البحر لأن لهما تأويلا في مال الولد بالنص ولأنه أقرب الناس إليهما اه
فليس ذلك خاصا بالأب كما قد يتوهم بل الأم كذلك
وفي جد وابن ابن علي قدر الميراث أسداسا للتساوي في القرب وكذا في الإرث وعدم المرجح من وجه آخر
بدائع
وظاهره أنه لو له أب وابن ابن أو بنت بنت فعلى الأب لأنه أقرب في الجزئية فانتفى التساوي ووجد القرب المرجح وهو داخل تحت الأصل المار عن الذخيرة والبدائع وكذا تحت قول المتون لا يشارك الأب في نفقة ولده أحد
القسم الرابع الفروع مع الأصول والحواشي وحكمه كالثالث لما علمت من سقوط الحواشي بالفروع لترجحهم بالقرب والجزئية فكأنه لم يوجد سوى الفروع والأصول وهو القسم الثالث بعينه
القسم الخامس الأصول فقط فإن كان معهم أب فالنفقة عليه فقط لقول المتون لا يشارك الأب في نفقة لا
____________________
(3/624)
ولده أحد وإلا فإما أن يكون بعضهم وارثا وبعضهم غير وارث أو كلهم وارثين ففي الأول يعتبر الأقرب جزئية لما في القنية له أم وجد لأم فعلى الأم أي لقربها ويظهر منه أن أم الأب كأبي الأم
وفي حاشية الرملي إذا اجتمع أجداد وجدات فعلى الأقرب ولو لم يدل به الآخر اه
فإن تساووا في القرب فالمفهوم من كلامهم ترجح الوارث بل هو صريح قول البدائع في قرابة الولادة إذا لم يوجد الترجيح اعتبر الإرث اه
وعليه ففي جد لأم وجد لأب تجب على الجد لأب فقط اعتبارا للإرث وفي الثاني أعني لو كان كل الأصول وارثين فكالإرث
ففي أم وجد لأب تجب عليهما أثلاثا في ظاهر الرواية خانية وغيرها
القسم السادس الأصلو مع الحواشي فإن كان أحد الصنفين غير وارث اعتبر الأصول وحدهم ترجيحا للجزئية ولا مشاركة في الإرث حتى يعتبر فيقدم الأصل سواء كان هو الوارث أو كان الوارث الصنف الآخر
مثال الأول ما في الخانية لو له جد لأب وأخ شقيق فعلى الجد اه
ومثال الثاني ما في القنية لو له جد لأم وعم فعلى الجد اه أي لترجحه في المثالين بالجزئية مع عدم الاشتراك في الإرث لأنه هو الوارث في الأول والوارث هم العم في الثاني وإن كان كل في الصنفين أعني الأصول والحواشي وارثا اعتبر الإرث
ففي أم وأخ عصبي أو ابن أخ كذلك أو عم كذلك على الأم الثلث وعلى العصبة الثلثان
بدائع
ثم إذا تعدد الأصول في هذا القسم بنوعيه ننظر إليهم ونعتبر فيهم ما اعتبر في القسم الخامس
مثلا لو وجد في المثال الأول المار عن الخانية جد لأم مع الجد لأب تقدم عليه الجد لأب لترجحه بالإرث مع تساويهما في الجزئية
ولو وجد في المثال الثاني المار عن القنية أم مع الجد لأم نقدمها عليه لترجحها بالإرث وبالقرب وبهذا يسقط الإشكال الذي سنذكره عن القنية كما ستعرفه وكذلك لو وجد في الأمثلة الأخيرة مع الأم جد لأم نقدمها عليه لما قلنا ولو وجد معها جد لأب بأن كان للفقير أم وجد لأب وأخ عصبي أو ابن أخ أو عم كانت النفقة على الجد وحده كما صرح به في الخانية
ووجه ذلك أن الجد يحجب الأخ وابنه والعم لتنزيله حينئذ منزلة الأب وحيث تحقق تنزيله منزلة الأب صار كما لو كان الأب موجودا حقيقة وإذا كان الأب موجودا حقيقة لا تشاركه الأم في وجوب النفقة فكذا إذا كان موجودا حكما فتجب على الجد فقط بخلاف ما لو كان للفقير أم وجد لأب فقط فإن الجد لم ينزل منزلة الأب فلذا وجبت النفقة عليهما أثلاثا في ظاهر الرواية كما مر
القسم السابع الحواشي فقط والمعتبر فيه الإرث بعد كونه إذا رحم محرم وتقديره واضح في كلامهم كما سيأتي ثم هذا كله إذا كان جميع الموجودين موسرين فلو كان فيهم معسر فاترة ينزل المعسر منزلة الميت وتجب النفقة على غيره وتارة ينزل منزلة الحي وتجب على من بعده بقدر حصصهم من الإرث وسيأتي بيانه أيضا فهذا خلاصة ما اشتملت عليه تلك الرسالة النافية للجهالة فعض عليه بالنواجذ وكن له أرغب آخذ وإن أردت الزيادة على ذلك فارجع إليها وعول عليها فإنها فريدة في بابها نافعة لطلابها وهي من محض فضل الله تعالى فله في كل وقت ألف حمد يتوال
قوله ( النفقة على البنت أو بنتها ) لف ونشر مرتب ففي الأول النفقة على البنت وحدها للقرب وفي الثاني على بنتها للجزئية ومثله ابن نصراني وأخ مسلم وأن كان الوارث هو الأخ كما قدمناه
قوله ( لأنه لا يعتبر الإرث ) علة لقوله النفقة على البنت أو بنتها
قوله ( إلا إذا استويا ) أي في القرب والجزئي ففي هذا المثال يجب للفقير على جده سدس النفقة وعلى ابن ابنه باقيها فإن هذا الفقير لو مات يرثان منه كذلك وقوله إلا لمرجح استثناء من هذا الاستثناء أي عند التساوي يعتبر الإرث إلا إذا ترجح أحد المتساويين
فعلى من معه رجحان فتجب على ابنه دون أبيه مع استوائهما في القرب
____________________
(3/625)
ويرد على هذا ما لو كان له ابن وبنت فإنهما استويا في القرب الجزئية مع عدم المرجح والنفقة عليهما بالسوية وكذا لو له ابن نصراني وابن مسلم مع أن المسلم ترجح بكونه هو الوارث فيتعين حمل قولهم والمعتبر فيه القرب والجزئية لا الإرث على ما إذا مان الواجب عليه النفقة فروعا فقط أو فروعا وحواشي وهو القسم الأول والثاني من الأقسام السبعة المارة
أما بقية الأقسام فيعتبر فيه الإرث على التفصيل المار فيها
ثم أعلم أن قوله والمعتبر فيه إلخ الضمير فيه راجع إلى ما قبله من نفقة الفروع والأصول على ما قدمناه عن الفتح ومثله في الذخيرة والبحر وإن كان الأصوب إرجاعه إلى نفقة الأصول فقط أي نفقة الأصول الواجبة على الفروع لما علمت من أن عدم اعتبار الإرث على إطلاقه خاص بهم لكن الشارح تابع صاحب الفتح في إرجاعه الضمير إلى نوعين فلذا أورد مسائل من كل منهما بعضها من نفقة الأصول الواجبة على الفروع وبعضها من عكسه فافهم
قوله ( لترجحه بأنت ومالك لأبيك ) أي بهذا الحديث الذي رواه عن النبي جماعة من الصحابة كما في الفتح وهو مؤول للقطع بأن الأب يرث السدس من ولده مع وجود ولد الولد فلو كان ملكه لم يكن لغيره شيء معه
قال الرحمتي وينبغي في جد وابن ابن وجوب النفقة على ابن الابن لهذا المرجح فإنهم جعلوه مطردا في جميع الأصول مع الفروع وبنوا عليه مسائل منها أن الجد إذا ادعى ولد أمة ابن ابنه عند فقد الابن صحت دعواه ويتملكها بالقيمة كما هو الحكم في الأب لهذا الحديث فتأمل اه
قوله ( فكإرثهما ) أي ثلاثا لأن كلا منهما وإرث فلا يرجح أحدهما على الآخر كما مر في القسم الخامس
قوله ( فعلى الأم ) أي لكونها أقرب من أبيها حيث كان أحدهما وارثا والآخر غير وارث كما مر
قوله ( فعلى أبي الأم ) لأن الجزئية تقدم على غيرها عند عدم المشاركة في الإرث
قوله ( واستشكله في البحر إلخ ) أصل الإشكال لصاحب القنية
وجهه أن وجوبها في أم وعم كإرثها نص عليها محمد في الكتاب فيقتضي جعل العلم بمنزلة الأم وفي المسألة التي قبلها جعل أبو الأم متقدما على العم فيلزم أن يتقدم أيضا على الأم لمساواتها للعم فيشكل جعل النفقة على الأم في مسألة أم وأبي أم بل الظاهر جعلها على أبي الأم لتقدمه عليها وجعلها على الأم يقتضي على أبيها ويلزم منه تقدمها على العم لأن أباها متقدم عليه فكيف تكون عليهما كإرثهما
أفاده ط
وحاصله أن هذه المسائل الثلاثة متناقضة
وأقول لا تناقض فيها أصلا
لما علمت من أن الإرث إنما لا يعتبر في نفقة الأصول الواجبة على الفروع أما في غيرها من نفقة الفروع وذوي الرحم فله اعتبار فيها على التفصيل الذي قررناه في الضابط وحينئذ فما ذكر في المسألة الأولى من تقديم الأم على أبيها لكونها أقرب في الجزئية مع عدم المشاركة في الإرث وبذلك أجاب الخير الرملي في دفع الإشكال
وما في المسألة الثانية من تقديم أبي الأم على العم لاختصاصه بالجزئية مع عدم المشاركة في الإرث أيضا
وما ذكر في المسألة الثالثة من كونها عل قدر الإرث لوجود المشاركة في الإرث لما قلنا من اعتبار الميراث في غير نفقة الأصول فحيث وجدت المشاركة في الإرث اعتبر قدر الميراث فقد ظهر أن جهة التقديم في إيجاب النفقة أو المشاركة فيها مختلفة في المسائل الثلاث فلا تناقض فيها أصلا فافهم والله أعلم
قوله ( قال إلخ ) أي صاحب البحر وقد نقله أيضا عن القنية حيث قال فيها ويتفرع
____________________
(3/626)
من هذه الجملة فرع أشكل الجواب فيه
وهو ما إذا كان له أم وعم وأبو أم موسورون فيحتمل أن تجب على الأم لا غير لأن أبا الأم لما كان أولى من العم والأم أولى من أبيها كانت الأم أولى من العم لكن يترك جواب الكتاب
ويحتمل أن تكون على الأم والعم أثلاثا اه
قلت ووجهة الاحتمال الثاني أنه لما نص في مسألة الكتاب على وجوبها على الأم والعم كإرثهما أي أثلاثا علم أن المعتبر الإرث هنا فيحنئذ يسقط أبو الأم في هذه المسألة المشكلة وهو الصواب
وبه أجاب الخير الرملي أيضا فقال إن الظاهر من فروعهم أن الأقربية إنما تقدم إذا لم يكونوا وارثين كلهم فأما إذا كانوا كذلك فلا كالأم والعم والجد لقولهم بقدر الإرث اه
وبذلك أجاب أيضا شيخ مشايخنا السائحاني وفقيه عصره شيخ مشايخنا من علي التركماني وهو الموافق لما قدمناه في الضابط في قسم اجتماع الأصول مع الحواشي وقد نبهنا على سقوط الإشكال هناك فافهم
قوله ( وتجب أيضا إلخ ) شروع في نفقة قرابة غير الولاد وجوبها لا يثبت إلا بالقضاء أو الرضا حتى لو ظفر أحدهم بجنس حقه قبل القضاء أو الرضا ليس له الأخذ بخلاف الزوجة والولد والأبوين فإن لهم الأخذ قبل ذلك كما مر كذا في الذخيرة وغيها
واعترض بأن القاضي غير مشروع بل الوجوب ثابت بقوله تعالى { وعلى الوارث مثل ذلك } البقرة 233 وأجيب بأن نفقة القريب المحرم فيها اختلاف المجتهدين بخلاف الزوجية والولاد
واعترض بأن الخلافيات يعمل فيها بدون القضاء وأجيب بأنه إذا قوي قول المخالف روعي خلافه واستعين بالحكم كالرجوع في الهبة وخيار البلوغ وأجيب أيضا بأن الوجوب ثابت قبل الحكم وإنما يتوقف عليه وجوب الأداء فقد يجب الشيء ولا يجب أداؤه كدين على معسر
واعترض بأنه لو ثبت الوجوب لجاز أخذ القريب بما ظفر من جنس حقه وأجيب بمنع اللزوم لوقوع الشبهة بالاختلاف في باب الحرمة فنزلت منزلة اليقين خصوصا في الأموال وبالقضاء ترتفع الشبهة وله نظائر كثيرة وبسط ذلك في البحر وفيما علقناه عليه
مطلب في نفقة قرابة غير الولاد من الرحم المحرم قوله ( لكل ذي رحم محرم ) خرج بالأول الأخ رضاعا وبالثاني ابن العم ولا بد من كون المحرمية بجهة القرابة
فخرج ابن العم إذا كان أخا من الرضاع فلا نفقة له كذا في شرح الطحاوي وأطلق فيمن تجب عليه النفقة فشمل الصغير الغني والصغيرة الغنية فيؤمر الوصي بدفع نفقة قريبهما المحرم بشرطه كذا في أنفع الوسائل
بحر
ثم إن قول المصنف ولكل معطوف على قوله لأصوله أي أصول الموسر فأفاد اشتراط اليسار فيمن تجب عليه النفقة هنا أيضا إذ لا تجب على فقير إلا للزوجة والولد الصغير كما في كافي الحاكم
وفي تفسير الخلاف المار
قوله ( مطلقا ) قيد للأنثى أي سواء كانت بالغة أو صغيرة صحيحة أو زمنة كما أفاده بقوله ولو كانت إلخ والمراد بالصحيحة القادرة على الكسب لكن لو كانت مكتسبة بالفعل كالقابلة والمغسلة لا نفقة لها كما مر
قوله ( أو كان الذكر بالغا ) لا يصح دخوله تحت المبالغة بعد تقييده بقوله صغير فما على المصنف أن يقول أو بالغ عاجز بالجر عطفا على صغير
قوله ( لكن عاجزا ) الأولى إسقاط لكن لأن العطف بها يشترط له تقدم نفي أو نهي ط
____________________
(3/627)
قوله ( كعمى إلخ ) أفاد أن المرغد بالزمانة العاهة كما في القاموس
وفي الدر المنتقى أن الزمانة تكون في ستة العمى وفقد اليدين أو الرجلين أو اليد والرجل من جانب والخرس والفلج اه
فإن قلت أن من ذكر قد يكتسب فالأعمى يقدر على العمل بالدولاب ومقطوع اليدين على دوس العنب برجليه أو الحراسة وكذا الأخرس
قلنا إن اكتسب بذلك واستغنى عن الإنفاق فلا وجوب وإلا فلا يكلف لأن هذه الأعذار تمنع عن الكسب عادة فلا يكلف به
قوله ( وعته ) بالتحريك نقصان العقل
قوله ( لحرفة ) كذا في بعض النسخ بالحاء والفاء وفي المغرب الحرفة بالكسر الاسم من الاحتراف الاكتساب ولا يخفي أنه لا يناسب هنا فالصواب ما في بعض النسخ لخرقه بالخاء المعجمة والقاف وآخره ضمير الغيبة وهو عدم معرفة عمل اليد خرق خرقا من باب قرب (
) فهو أخرق
مصباح وفي الاختيار لأن شرط وجوب نفقة الكبيرة العجز عن الكسب حقيقة كالزمن والأعمى ونحوهما أو معنى كمن به خرق ونحوه اه
قوله ( أو لكونه من ذوي البيوتات ) أي من أهل الشرف
قال في المغرب البيوتات جمع بيت ويختص بالأشراف
وعبارة الفتح وكذا إذا كان من أبناء الكرام لا يجد من يستأجره
وعبارة الزيلعي أو يكون من أعيان الناس يلحقه العار بالتكسب
واعترضه الرحمتي بأن كسب الحلال فريضة وبأن عليا سيد العرب كان يؤجر نفسه لليهود كل دلو ينزعه من البئر بتمرة والصديق بعد أن بويع بالخلافة حمل أثوابا وقصد السوق فردوه وفرض له من بيت المال ما يكفيه وأهله وقال سأتجر للمسلمين في ما لهم حتى أعوضهم عما أنفقت على نفسي وعيالي اه
وأي فضل لبيوت تحمل أهلها أن تكون كلا على الناس اه ملخصا
قلت لا يخرج أن ذلك لم يكن عارا في زمن الصحابة بل يعدونه فخرا بخلاف من بعدهم ألا ترى أن الخليفة بل من دونه في زماننا لو فعل كذلك لسقط من أعين رعيته فضلا عن أعدائه
وقد أثبت الشارع لولي المرأة فسخ النكاح لدفع العار عنه فحيث كان الكسب عارا له كما لو كان إبنا أو أخا للأمير أو قاضي القضاة مثلا تجب له النفقة عليه بشروطها
قوله ( أو طالب علم ) أي إذا كان به رشد ومر الكلام عليه قوله ( حال من المجموع ) أي من صغير وأنثى وبالغ
قال ط والأولى جعله حالا من ذي رحم محرم لعمومه الكل وفي نسخة فقراء
قوله ( بحيث تحل له الصدقة ) كذا فسره في البدائع وذلك بأن لا يملك نصابا ناميا أو غير نام زائدا عن حوائجه الأصلية
والظاهر أن المراد به كما كان من غير جنس النفقة إذ لو كان يملك دون نصاب من طعام أو نقود تحل له الصدقة ولا تجب له النفقة فيما يظهر لأنها معللة بالكفاية وما دام عنده ما يكفيه من ذلك لا يلزم كفايته
تأمل
قوله ( ولو له منزل وخادم ) أي وهو محتاج إليهما وهذا عام في الوالدين والمولودين وذوي الأرحام كما صرح به في الذخيرة
وفيها لو كان يكفيه بعض المنزل أمر ببيع بعضه وإنفاقه على نفسه وكذا لو كانت له دابة نفيسة يؤمر بشراء الأدنى وإنفاق الفضل اه
ومثله في شرح أدب القضاء ومتاع البيت المحتاج إليه مثل المنزل والدابة كما في شرح أدب القضاء وهل مثله جهاز المرأة قدمنا في الزكاة خلافا في أنها هل تحرم عليها الصدقة بسببه فراجعه
وهل تجب نفقة الخادم هنا مقتضي ما في البدائع نعم فإنه قال وكل من وجبت عليه نفقة غيره يجب عليه المأكل والملبس والمسكن والرضاع إن كان رضيعا لأن وجوبها للكفاية الكفاية تتعلق بهذه الأشياء وإن كان له خادم يحتاج إلى خدمته يفرض له أيضا لأن ذلك من جملة الكفاية اه
واحتياجه إلى خدمته بأن يكون به
____________________
(3/628)
علة كما قدمناه في خادم الأب وكذا لو كان من أهل البيوتات لا يتعاطى خدمة نفسه بيده تأمل
قوله ( بقدر الإرث ) أي تجب نفقة المحرم الفقير على من يرثونه إذا مات بقدر إرثهم منه قوله ( وعلى الوارث مثل ذلك ) أي مثل الرزق والكسوة التي وجبت على المولود له فأناط الله تعالى النفقة باسم الوارث فوجب التقدير بالإرث ط
قوله ( ولذا ) أي للآية الشريفة حيث عبر فيها بعلى المفيدة للإلزام ط
ويوجد في بعض النسخ بين قوله ولذا وقوله يجبر عليه ما نصه ينظر ما المراد بالجبر هنا هل هو الحبس أو غيره وقد ذكروا في القضاء حبسه لنفقة الولادة ومفاده عدم الحبس لغيرهم
قلت وكان المناسب ذكر هذا بعد قوله يجبر عليه
ثم لا يخفى أنه إذا حبس الأب فغيره بالأولى لأن الأب لا يحبس في دين ولده سوى النفقة على أن المذكور في القضاء أنه يحبس لنفقة القريب والزوجة وأما ما سيذكره عن البدائع من أن الممتنع من نفقة القريب يضرب ولا يحبس فهو خطأ في النقل كما ستعرفه قبيل قوله ولمملوكه
قوله ( يجبر عليه ) أي على الإنفاق وقدمنا عن البحر أنه لو قال أنا أطعمك ولا أدفع شيئا لا يجاب بل يدفعها إليه
قوله ( أي فقير ) مقيد أيضا بالعاجز عن الكسب إن كان ذكرا بالغا ولو صغيرا أو أنثى فمجرد الفقر كاف كمال مر
قوله ( له أخوات متفرقات ) أي أخت شقيقة وأخت لأب وأخت لأم
قوله ( أخماسا ) ثلاثة أخماس على الشقيقة وخمس على الأخت لأب وخمس على الأخت لأم لأنهن لو ورثنه كانت المسألة من ستة ثلاثة للأولى وسهم للثانية وسهم للثالثة وسهم يرد عليهن فتصير المسألة ردية من خمسة اه ح
وكذلك تبقى النفقة أخماسا عند عدم الرد بأن كان معهن ابن عم إذ لا نفقة عليه لانه غير محرم فلو كان بدله عم عصبي تصير أسداسا قوله ( ولو إخوة متفرقين ) أي ولو كان الورثة إخوة متفرقين
قوله ( فسدسها ) أي النفقة على الأخ لأم والباقي على الشقيق لسقوط الأخ لأب بالشقيق في الإرث ح
قوله ( كإرثه ) مصدر مضاف لمفعوله أي كإرثهم إياه
قوله ( وكذا ) أي الحكم كذلك لو كان معهن أي مع الأخوات أو معهم أي مع الإخوة
قوله ( ابن معسر ) أي صغير أو كبير عاجز كما في الذخيرة إذ لو كان صحيحا أمر بالكسب لينفق على نفسه وعلى أبيه على رواية محمد التي رجحها الزيلعي والكمال
وفي الذخيرة أن نفقة ذلك الابن على عمته الشقيقة في الأولى وعمه الشقيق في الثانية لأن الأب المعسر كالميت فيكون إرث الابن لعمه أو عمته المذكورين فقط فكذا نفقته
قوله ( ليصيروا ورثة ) أي ويقضي عليهم بالنفقة وما لم يجعل الابن كالمعدوم لا تصير الإخوة والأخوات ورثة فيتعذر إيجاب النفقة عليهم ط
قوله ( فنفقة الأب على الأشقاء ) أي على الأخت الشقيقة في المسألة الأولى وعلى الأخ الشقيق في الثانية فأطلق الجمع على ما فوق الواحد وقوله لإرثهم أي الأشقاء معها أي مع البنت فلا تجعل البنت كالميت لأنها لا تحرز كل الميراث وإنما يجعل كالميت من يحرز كل الميراث لينظر إلى من يرث بعده فتجب الفقة عليه
ففي مسألة الابن تجب على كل الإخوة أو الأخوات وهنا على الأشقاء فقط لسقوط الأخوة أو الأخوات لأب أو لأم
قوله ( عند التعدد ) أي تعدد المعسرين والأولى وعند الاجتماع
وفي الخانية وغيرها الأصل أنه إذا اجتمع في قرابة من تجب له النفقة موسر ومعسر ينظر إلى المعسر فإن
____________________
(3/629)
كان يحرز كل الميراث يجعل كالمعدوم ثم ينظر إلى ورثة من تجب له النفقة فتجعل النفقة عليهم على قدر مواريثهم وإن كان المعسر لا يحرز كل الميراث تقسم النفقة عليه وعلى من يرث معه فيعتبر المعسر لإظهار قدر ما يجب على الموسرين ثم يجعل من النفقة على الموسرين على اعتبار ذلك اه
قوله ( كذي أم ) أي كصغير فقير أو كبير زمن فقير له أم إلخ
قوله ( فالنفقة عليهما أرباعا ) لأن النصف في الإرث الشقيقة والسدس للأم والسدس للأخت لأب والسدس للأخت لأم فكان نصيب الشقيقة والأم أربعة فربع النفقة على الأم وثلاثة أرباعها على الشقيقة اه ح
ولو جعل المعسر كالمعدوم أصلا كانت النفقة على الأم والشقيقة أخماسا ثلاثة أخماس على الشقيقة والخمسان على الأم اعتبارا بالميراث
خانية وفيها ولو كان للصغير أم معسرة ولأمه أخوات متفرقات موسرات فالنفقة على الخالة لأب وأم لأن الأم تحرز كل الميراث فتجعل كالمعدومة
وأما نفقة الأم فعلى أخواتها أخماسا على الشقيقة ثلاثة أخماس وعلى الأخت لأب خمس وعلى الأخت لأم خمس اه
وتمام ذلك في رسالتنا ( تحرير النقول )
قوله ( إذ لا يتحقق إلخ ) حاصله أن حقيقة الوارث في الآية غير مرادة فإنه قام به الإرث بالفعل وهذا لا يتحقق إلا بعد موت من تجب له النفقة ولا نفقة بعد الموت فكان المراد من يثبت له ميراث فتح
قوله ( ولو استويا في المحرمية إلخ ) أي وفي أهلية الإرث
ذخيرة
قال في الفتح والحاصل أن قوله أهلية الميراث لا إحرازه فيما إذا كان المحرز للميراث غير محرم ومعه محرم أما إذا ثبت محرمية كلهم وبعضهم لا يحرز الميراث في الحال كالخال والعم إذا اجتمعا فإنه يعتبر إحراز الميراث في الحال وتجب على العم
وإذا اتفقوا في المحرمية والإرث في الحال وكان بعضهم فقيرا جعل كالمعدوم ووجبت على الباقين على قدر إرثهم كأن ليس معهم غيرهم اه
وفي الذخيرة لو له عم وعمة وخالة موسرون فالنفقة على العم فلو العم معسرا فعلى العمة والخالة أثلاثا كإرثهما
قوله ( وفي القنية إلخ ) مكرر مع ما قدمه في الفروع عن الواقعات
قوله ( وفي السراج إلخ ) مكرر أيضا مع ما قدمه قبيل قوله قضي بنفقة الإعسار وأما ما قدمه قبيل الفروع من أن الرجوع يثبت للأم فقط على االأب دون غيرها فلا يرد وأما أولا فلأنه خلاف المعتمد كما حررناه هناك وأما ثانيا فلأن الرجوع هنا على الزوج لا على الأب فافهم
قوله ( على من رحمه كامل ) أي بأن يكون محرما أيضا
قوله ( ولذا ) أي لاشتراط كونه رحما محرما وهو الرحم الكامل
قوله ( قولهم ) أي في مسألة خال وابن عم
قوله ( فيه نظر إلخ ) عبارة القهستاني فيه نوع مخالفة لكلام القوم اه
فبين الشارح المخالفة بقوله لأنه ليس بمحرم إلخ وأنت خبير بأنه غير مخالف لكلامهم أصلا بل هو مقرر له ومؤكد فإن مسألة خال وابن عم مذكورة في متون المذهب وشروحه فصرحوا بوجوب النفقة فيها على الخال لكون رحمه كاملا كما اشترطوا وإن كان الميراث كل
____________________
(3/630)
لابن العم لكون رحمه ناقصا ونبهوا بهذا المثال على شيء آخر أيضا وهو أن المعتبر أهلية الإرث لا الإرث حقيقة كما مر فمن أين جاءت المخالفة لكلامهم وأوهى من هذا ما نقله القهستاني عن بعضهم من أن الأولى التمثيل بخال وعم لأب فإنه خطأ محض كما لا يخفي إن أراد أن النفقة على الخال وإن أراد أنها على العم فلا فائدة في ذكر الخال ولم يبق لأهلية الإرث مثال فأفهم
قوله ( مع الاختلاف دينا ) أي كالكفر والإسلام فلا يجب على أحدهما الإنفاق على الآخر
وفي إشعار بأن نفقة السني على الموسر الشيعي كما أشار إليه في التكميل
قهستاني
والمراد الشيعي المفضل
بخلاف الساب القاذف فإنه مرتد يقتل إن ثبت عليه ذلك فإن لم يقتل تساهلا في إقامة الحدود فالظاهر فالظاهر عدم الوجوب لأن مدار نفقة الرحم المحرم على أهلية الإرث ولا توارث بين مسلم ومرتد نعم لو كان يجحد ذلك ولا بينة يعامل بالظاهر وإن اشتهر حاله بخلافه والله سبحانه أعلم
قوله ( إلا للزوجة إلخ ) لأن نفقة الزوجة جزاء الاحتباس وهو لا يتعلق باتخاذ الملة ونفقة الأصول والفروع للجزئية وجزء المرء في معنى نفسه فكما لا تمتنع نفقة نفسه بكفره لا تمتنع نفقة جزئه إلا أنهم إذا كانوا حربيين لا تجب نفقتهم على المسلم وإن كانوا مستأمنين لأننا نهينا عن البر في حق من يقاتلنا في الدين كما في الهداية
قوله ( الانقطاع الإرث ) تعليل لقوله ولا نفقة مع الاختلاف دينا ولقوله لا الحربيين فإن العلة فيهم عدم التوارث كما نص عليه في كافي الحاكم فقد أخر التعليل ليكون للمسألتين فأفهم
قوله ( لأن له ولاية التصرف ) فيه نظر
وعبارة الهداية وغيرها لأن للأب ولاية الحفظ في مال الغائب ألا ترى أن للوصي ذلك فالأب أولى لوفور شفقته اه
قال في الفتح وإذا جاز بيعه صار الحاصل عنده الثمن وهو جنس حقه قيأخذه بخلاف العقار لأنه محصن بنفسه فلا يحتاج إلى الحفظ بالبيع اه
وحاصله أن المنقول مما يخشى هلاكه فللأب بيعه حفظا له وبيع بيعه يصير الثمن من جنس حقه فله الإنفاق منه فلا يقال إنه إنما يكون حفظا إذا لم ينفق ثمنه لأن نفس البيع حفظا فلا ينافي تعلق حقه في الثمن بعد البيع فأفهم نعم استشكل الزيلعي أنه إذا كان البيع من باب الحفظ وله ذلك فما المانع منه لأجل دين آخر قال في البحر وأجاب عنه في غاية البيان بأن النفقة واجبة قبل القضاء والقضاء فيها إعانة لا قضاء على الغائب بخلاف سائر الديون اه تأمل
ثم إن ما ذكر هنا قول الإمام وهو الاستحسان
وعندهما وهو القياس أن المنقول كالعقار لانقطاع ولاية الأب بالبلوغ وهل الجد كالأب أم أره
قوله ( لا الأم ) ذكر في الأقضية جواز بيع الأبوين فيحتمل أن هذا رواية في أن الأم كالأب
ويحتمل أن المراد أن الأب هو الذي يتولى البيع وينفق عليه وعليها وأما بيعها بنفسها فبعيد لعدم ولاية الحفظ كما في الفتح وغيره فأفاد ترجيح الثاني وفي الذخيرة أنه الظاهر ومثله في النهر عن الدراية وفي القهستاني عن الخلاصة أن ظاهر الرواية أن الأم لا تبيع
قوله ( ولا بقية أقاربه ) وكذا ابنه في القهستاني عن شرح الطحاوي قوله ( فيبيع عقار صغير ومجنون ) تفريع على قوله لا عقارة الراجع إلى الابن الكبير وزاد المجنون لأنه في حكم الصغير
قوله ( ولزوجته وأطفاله ) المتبادر من كلامه أن الضمير راجع
____________________
(3/631)
للأب في حكم كضمير له
وعبارة النهر ولم يقل لنفقته لما مر من أنه ينفق على الأم أيضا من الثمن وينبغي أن تكون الزوجة وأولاده الصغار كذلك اه
والمتبادر منها أن المراد زوجة الغائب وأولاده لأن المراد من الأم أمه أيضا قوله ( بقدر حاجته ) قال في النهر وفي قوله للنفقة إيماء إلى أنه لا يجوز له بيع زيادة على قدر حاجته فيها كذا في شرح الطحاوي اه
وعزاه في البحر إلى غاية البيان
قلت وهذا مخالف لبحث النهر إلا أن يحمل على ما إذا لم يكن غيره ويؤيده أنه ينفق على أم الغائب أيضا كما علمته قوله ( ولا في دين له ) أي للأب على الابن الغائب
قوله ( لمخالفة إلخ ) أشار إلى ما مر من إشكال الزيلعي وجوابه
قوله ( لا ديانة ) فلو مات الغائب حل له أن يحلف لورثته أنهم ليس لهم عليه حق لأنه لم يرد بذلك غير الإصلاح
بحر عن الفتح
قوله ( كمديونة ) أي فإنه إذا أنفق على من ذكر مما عليه يضمن بمعنى أنه لا يبرأ قضاء ويبرأ ديانة
رحمتي
قوله ( وزوجته وأطفاله ) أشار إلى أن ذكر الأبوين غير قيد كما نبه عليه في البحر وفي النهر إنما خص الأبوين ليعم الزوجة والأولاد بالأولى
قوله ( إن كان ) أي إن وجد ثم قاض شرعي وهو من لم يأخذ القضاء بالرشوة ولم يطلب رشوة على الأذن وإلا فهو كالعدم
رحمتي
قوله ( استحسانا ) لأنه لم يرد به إلا الإصلاح
ذخيرة
وفيها وكذا قالوا في مسافرين أغمي على أحدهما أو مات فأنفق الآخر عليه من ماله وفي عبد مأذون مات مولاه فأنفق في الطريق وفي مسجد بلا متول له أوقاف أنفق عليه منها بعض أهل المحلة لا يضمن استحسانا فيما بينه وبين الله تعالى
وحكي عن محمد أنه مات تلميذ له فباع كتبه وأنفق في تجهيزه فقيل له إنه لم يوص بذلك فتلا محمد قوله تعالى { والله يعلم المفسد من المصلح } البقرة 220 فما كان على قياس هذا لا يضمن ديانة استحسانا أما في الحكم قيضمن وكذا لو عرف الوصي دينا على الميت فقضاه لا يأثم وكذا لو مات رب الوديعة وعليه مثلها دين آخر لم يقضه فقضاه المودع ومثله المديون لو مات دائنه وعليه دين لآخر مثله لم يقضه فقضاه المديون وكذا الوارث الكبير لو أنفق على الصغير ولا وصي له فهو محسن ديانة متطوع حكما اه ملخصا من البحر لكن ذكر في التاترخانية في المسألة الأخيرة أنه كان طعاما لا ينفق سواء كان الصغير في حجره أو لا وإن كان دراهم يملك شراء الطعام لو في حجره وإن كان شيئا يحتاج إلى بيعه لا يملك إلا إن كان وصيا
قوله ( كما لا رجوع ) أي للمودع على الأب بما أنفقه عليه إذا ضمنه الغائب لأن المودع ملك المدفوع بالضمان فكان مترعا بملك نفسه
قال في البحر وظاهره أنه لا فرق بين أن ينفق عليهم أو يدفع إليهم في وجوب الضمان وعدم الرجوع عليهم لوجود العلة فيهما
ويظهر أنه لا ضمان لو أجاز المالك لأن الإجازة إبراء منه ولأنها كالوكالة السابقة قوله ( وكما لو انحصر إرثه إلخ ) فإذا أنفق على أبي الغائب مثلا بلا أمر ثم مات الغائب ولا وارث له غير الأب فلا رجوع للأب على المودع لأنه وصل إليه عين حقه وهذا ذكره في النهر بحثا وشبهه بما لو أطعم المغصوب للمالك بغير علمه
قوله ( لغائب ) أي هو ولدهما
قوله ( أي جنس النفقة ) الأنسب لتذكير الضمير قول المنح من جنس حقهما أي النفقة
قوله ( لوجوب نفقة الولاد والزوجية ) أشار بهذا إلى أن الأبوين في لمتن ليس بقيد بل الزوجة
____________________
(3/632)
وبقية الأولاد كذلك كما في البحر ح
قوله ( حتى لو ظفر ) أي أحد هؤلاء
قوله ( فله أخذه ) أي بلا قضاء ولا رضاء بحر وهذا مقيد بإباء الابن وأن لا يكون ثمة قاض كما سلف ط
قوله ( حكم الحاكم ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها حكم الحال أي حال لأب يوم الخصومة فإن كان معسرا فالقول له استحسانا في نفقة مثله وإلا فالقول للابن
بحر
قوله ( ولو برهنا فبينه الابن ) أي لأنه يثبت أمرا عارضا
خانية أي لأن الأصل الإعسار واليسار عارض ومقتضى هذا الإطلاق أنه مع البينة لا ينظر إلى تحكيم الحال وإلا فهذا ظاهر فيما إذا كان معسرا يوم الخصومة لأن الظاهر للأب ولذا كان القول له فتكون البينة المعتبرة بينة الابن لإثباتها خلاف الظاهر أما لو كان موسرا يومها فينبغي أن تقدم بينة الأب على أنه كان معسرا يوم الإنفاق كما لو برهن وحده تأمل
( قلت ) وما مر أن القول المنكر اليسار والبينة لمدعيه فلعله عند عدم العلم بالحال
تأمل
قوله ( غير الزوجة ) يشمل الأصول والفروع والمحارم والمماليك
قوله ( زاد الزيلعي والصغير ) يعني استثناه أيضا فلا تسقط نفقته المتقضي بها بمضي المدة كالزوجة بخلاف سائر الأقارب
ثم اعلم أن ما ذكره الزيلعي نقله عن الذخيرة عن الحاوي في الفتاوي وأقره عليه في البحر والنهروتبعهم الشارح مع أنه مخالف لإطلاق المتون والشروح وكافي الحاكم
مطلب في مواضع لا يضمن فيها المنفق إذا قصد الإصلاح وفي الهداية ولو قضي القاضي للولد والوالدين وذوي الأرحام بالنفقة فمضت مدة سقطت لأن نفقة هؤلاء تجب كفاية للحاجة حتى لا تجب مع اليسار وقد حصلت بمضي المدة بخلاف نفقة الزوجة إذا قضي بها القاضي لأنها تجب مع يسارها فلا تسقط بحصول الاستغناء فيما مضى اه
وقرر كلامه في فتح القدير ولم يعرج على ما مر عن الذخيرة على أنه في الذخيرة صرح بخلافه وعزاه إلى الكتاب فإن قال فيها قال أي في الكتاب وكذلك إن فرض القاضي على الأب فغاب الأب وتركهم بلا نفقة فاستدانت بأمر القاضي وأنفقت عليهم ترجع عليه بذلك فإن لم تستدن بعد الفرض وكانوا يأكلون من مسألة الناس لم ترجع على الأب بشيء لأنهم إذا سألوا وأعطوا صار ملكا لهم فوقع الاستغناء عن نفقة الأب واستحقاق هذه النفقة باعتبار الحاجة
فإن كانوا أعطوا مقدار نصف الكفاية سقط نصف الكفاية عن الأب وتصح الاستدانة في النصف بعد ذلك وعلى هذا القياس وليس هذا في حق الأولاد خاصة بل في نفقة جميع المحارم إذا أكلوا من مسألة الناس لا رحوع لهم لأن نفقة الأقارب لا تصير دينا بالقضاء بل تسقط بمضي المدة بخلاف نفقة الزوجة اه
ومثله في شرح أدب القضاء للخصاف وذكر مثله قاضيخان جازما به وقد قال في أول كتابه إن ما فيه أقوال اقتصرت فيه على قول أو قولين قدمت ما هو الأظهر وافتتحت بما هو الأشهر
وقد راجع الرحمتي نسخة من الذخيرة محرفة حتى اشتبه عليه ما مر بمسألة الموت الآتية وحكم على الزيلعي ومن تبعه بالوهم وقال لأن مراد الحاوي أن نفقة الصغير لا تسقط بعد الاستدانة وأطال بما لا يجدي نفعا والصواب في الرد على الزيلعي ما قدمناه
قوله ( وأما ما دون شهر ) محترز قوله أي شهر فأكثر
____________________
(3/633)
ووجهه أن المدة القصيرة وأن القاضي مأمور بالقضاء فلو سقطت المدة القصيرة لم يكن للأمر بالقضاء فائدة لأنه إذا كان كل ما مضى سقط لم يمكن استيفاء شيء كما في الفتح
قوله ( ونفقة الزوجة والصغير ) محترز قوله غير الزوجة والصغير أما الصغير ففيه ما علمت وأما الزوجة فإنما تصير دينا بالقضاء ولا تسقط
بمضي المدة لأن نفقتها لم تشرع لحاجتها كالأقارب بل لاحتباسها وقد علم من هذا أنها بعد القضاء لا تسقط بمضي المدة سواء كانت شهرا أو أكثر أو أقل نعم تسقط نفقتها بمضي المدة قبل القضاء إن كانت شهرا فأكثر كما قدمناه عند قول المصنف والنفقة لا تصير دينا إلا بالقضاء
والحاصل أن نفقة الزوحة قبل القضاء كنفقة الأقارب بعد القضاء فى أنها تسقط بمضي المدة الطويلة
قوله ( غير الزوجة ) أما هي فترجع بما فرض لها ولو أكلت من مال نفسها أو من مسألة كما في الخانية وغيرها فاستدانتها بعد الفرض غير شرط نعم استدانتها للصغير شرط كما علمته مما مر ويأتي
قوله ( فلو لم يستدن ) أفاد أن مجرد الأمر بالاستدانة لا يكفي وما فهمه بعضهم من عبارة الهداية فهو غلط كما نبه عليه في ( أنفع الوسائل )
قوله ( بل في الذخيرة ) هذا محل التفريع فكان المناسب أن يقول ففي الذخيرة إلخ وهذا أيضا فيما إذا فرض القاضي لهم النفقة وأمر الأم بالاستدانة كما علمته من كلام الذخيرة وأنت خبير بأن هذا مخالف لما قدمه عن الزيلعي من قوله والصغير كما نبهنا عليه آنفا فافهم
قوله ( أو أنفقت من مالها ) هذا من كلام الخانية كما تعرفه وما قبله مذكور في الخانية أيضا وقوله رجعت بما زادت أي بما استدانته أو أنفقته من مالها لتكميل نفقتها
وأفاد أن الإنفاق من مالها على الأولاد قائم مقام الاستدانة فهو تقييد لقوله فلو لم تستدن بالفعل فلا رجوع لكن هذا فهم لصاحب البحر وهو غير صحيح فإنه قال وفي الخانية رجل غاب ولم يترك لأولاده الصغار نفقة ولأمهم مال تجبر الأم على الإنفاق ثم ترجع بذلك على الزوج اه
قال في البحر ولم يشترط الاستدانة ولا الإذن بها فيفرق بين ما إذا أنفقت عليهم من مالها وبين ما إذا أكلوا من المسألة اه
قلت لا يخفي عليك أن ما في الخانية من مسائل أمر الأبعد بالإنفاق عند غيبة الأقرب وهي كثيرة تقدمت في الفروع عن واقعات المفتين لقدري أفندي ففيها يأمر القاضي الأبعد ليرجع على الأقرب كالأم ليرجع على الأب فهو أمر بالإدانة
ويحبس الممتنع عنها لأن هذا من المعروف كما قدمه عن الزيلعي والاختيار قبيل قول المصنف قضي بنفقة الإعسار فإذا كانت الأم موسرة تؤمر بالإدانة من مالها وإن كانت معسرة تؤمر بالاستدانة ففي كل منهما إذا أكل الأولاد من مسألة الناس سقطت نفقتهم عن أبيهم لحصول الاستغناء فلا ترجع الأم بشيء في الصورتين
وأما إذا أمرت بالاستدانة ولم تستدن بل أنفقت من مالها فلا رجوع لها أيضا بمنزلة ما إذا أكلوا من المسألة لأنها لم تفعل ما أمرها به القاضي القائم مقام الغائب ولذا صرحوا باشتراط الاستدانة بالفعل ولم يكف مجرد الأمر بها خلافا لمن غلط فيه كما قدمناه عن أنفع الوسائل ويدل على أن إنفاقها لا يقوم مقام الاستدانة ما صرح به في البزازية بقوله وإن أنفقت عليه من مالها أو من مسألة الناس لا ترجع على الأب وكذا في نفقة المحارم اه
فهذا صريح فيما قلناه وأشار إلى بعضه المقدسي والخير الرملي فافهم نعم لو أمرت بالإنفاق وهي موسرة فاستدانت وأنفقت منه ترجع لأن ما استدانته دين عليها لا على الأب لأنه لا يصير دينا على
____________________
(3/634)
الأب إلا بالأمر بالاستدانة عليه لعموم لاية القاضي فإذا كان دينا عليها صار من مالها فلا فرق بين الإنفاق منه أو من مال آخر بخلاف ما إذا أمرت بالاستدانة وأنفقت من مالها فإنها تكون متبرعة فاغتنم تحرير هذا المقام
قوله ( وينفق منها ) الأولى منه أي مما استدانه
قوله ( لكن نظر فيه في النهر إلخ ) قد يجاب عن البحر بأن المراد من قوله وينفق مما استدانه تحقيق الاستدانة فهو للاحتراز عما إذا لم يستدن وأنفق من ماله أو من صدقة ولذا قال في البحر بعد ذكر هذا الشرط قال في المبسوط فلو أنفق بعد الإذن بالاستدانة من ماله أو من صدقة لا رجوع له لعدم الحاجة وحينئذ فلا خلاف وسقط التنظير
أفاده ط
وحاصله أن الإنفاق مما استدانه غير شرط لكن قال الرحمتي لو أنفق من غيره فإما أن يكون من ماله فلا يستحق نفقة لغناه به أو من مال غيره فهو استدانة ويصدق أنه أنفق مما استدانه لكن صاحب النهر مولع بالاعتراض على أخيه في غير محله اه
قلت لكن هذا ظاهر إذا كان قبل الاستدانة أما بعد أن استدان وصار ما استدانه دينا على المقضي عليه ثم تصدق عليه بشيء فهل تسقط نفقته عن قريبه لأنها تجب كفاية للحاجة وقد حصلت بما صار معه من الصدقة فليس له أن ينفق مما استدانه حتى ينفق ما معه ولذا لو دفع له القريب نفقة شهر قضى الشهر وبقي معه شيء لم يقض له بأخرى ما لم ينفق ما بقي أم لا تسقط لكون ما اساتدانه صار ملكه ولذا لو عجل له نفقة مدة فمات أحدهما قبل تمام المدة لا يسترد شيء منها اتفاقا كما في البدائع ونظيره ما مر في موت الزوجة أو طلاقها فما استدانه في حكم المعجل فيما يظهر فحيث ملكه فله أن ينفق منه أو من الصدقة لكن ليس له الاستدانة ثانيا ما لم يفرغ جميع ما معه لتتحقق الحاجة
فالحاصل أنه إذا استدان بأمر قاض صار ملكه ولذا لو مات القريب بعدها يؤخذ من تركته ولا يسقط بالموت فلا فرق حينئذ بين أن ينفق منه أو مما ملكه بعد الاستدانة بصدقة أو غيرها هذا ما ظهر لفهمي القاصر فتأمله
قوله ( أو من عليه النفقة ) أي من بقية الأقارب فالأب غير قيد
قوله ( دين ثابت في تركته ) فللأم أن تأخذها من تركته ذخيرة
قوله ( فتأمل ) أي عند الفتوى ما هو الأولى من هذين القولين المصححين
قلت لكن نقل الثاني في الذخيرة عن الخصاف الأول عن الأصل
قال الخير الرملي وأنت على علم بأن تصحيح الخصاف لا يصادم تصحيح الأصل مع ما فيه من الإضرار بالنساء فينبغي أن يعول عليه اه أي على ما في الأصل للإمام محمد
وفي شرح المقدسي ولو مات من عليه النفقة المستدانة بإذن لم تسقط في الصحيح فتؤخذ من تركته وإن صحح في الخلاصة خلافه اه
ووفق ط بين القولين بما لا يظهر وعزا ما في المتن إلى الكنز والوقاية والإيضاح مع أنه غير واقع فإن مسألة الموت مما زادها المصنف على المتون تبعا لشيخه صاحب البحر فافهم
قوله ( وفي البدائع إلخ ) تبع في النقل عنها صاحب البحر والنهر
والذي رأيته في البدائع عكس ذلك فإنه قال ويحبس في نفقة الأقارب كالزوجات أما غير الأب فلا شك فيه وأما الأب فلأن في النفقة ضرورة
____________________
(3/635)
دفع الهلاك عن الولد ولأنها تسقط بمضي الزمان فلو لم يحبس سقط حق الولد رأسا فكان في حبسه دفع الهلاك واستدراك الحق عن الفوات لأن حبسه يحمله على الأداء وهذا لم يوجد في سائر ديون الولد لأنها لا تفوت ولهذا قال أصحابنا إن الممتنع من القسم يضرب ولا يحبس بخلاف سائر الحقوق لأنه لا يمكن استدراك هذا الحق بالحبس لأنه يفوت بمضي الزمان فيستدرك بالضرب بخلاف سائر الحقوق اه ملخصا وبه علم أن ما ذكره هو حكم الممتنع عن القسم بين الزوجات وقدمنا عن الذخيرة لا يحبس والد وإن علا في دين ولده وإن سفل إلا في النفقة لأن فيه إتلاف الصغير وسيأتي في فصل الحبس التصريح بذلك
وفي الكنز لا يحبس في دين ولده إلا إذا أبى عن الإنفاق عليه وذكر المصنف هنا مثله وعلى هذا فلا يصح أن يقال إنه يمكن أن يستدين بأمر القاضي فلا يلزم المحذور لأن الكلام في الممتنع من الإنفاق وهو شامل للإنفاق بالاستدانة فحبس لينفق من ماله أو ليستدين فافهم
وقول البدائع فلو لم يحبس سقط حق الولد رأسا أي كله بخلاف ما إذا حبس فإنه إنما يسقط حقه في مدة الحبس فقط
وفي هذا دليل على أن الصغير ليس في حكم الزوجة خلافا لما مر عن الزيلعي لو كان في حكمها لكان يمكن للقاضي أن يقضي عليه بالنفقة فلا يسقط منها شيء كسائر ديون الصغير
قوله ( وقيده ) أي قيد عدم الحبس في نفقة القريب وهذا مبني على النقل الخطأ أما على الصواب الذي نقلناه فلا تقييد ثم قوله بما فوق الشهر حقه كما في ط أن يقال بالشهر فما فوقه لأن الذي لا يسقط هو القليل وهو ما دون شهر كما مر
قوله ( ولا يصح الأمر إلخ ) في التاترخانية امرأة لها ابن صغير لا مال له ولا للمرأة فاستدانت وأنفقت على الصغير بأمر القاضي فبلغ لا ترجع عليه بذلك اه أي أمرها القاضي بأن تستدين وترجع عليه بعد بلوغه ما في البزازية
قال في المنح فقد أفاد أنه يملك الأمر بالاستدانة إلا إذا كان للصغير مال أو كان هناك من تجب نفقته عليه
قوله ( النفقة ) أي على المولى ولو فقيرا
قهستاني
مطلب في نفقة المملوك قوله ( لمملوكه ) أي بقدر كفايته من غالب قوت البلد وإدامه وكذا الكسوة ولا يجوز الاقتصار فيها على ستر العورة ولا يلزم السيد إن تنعم على أن يدفع له مثله بل يستحب ولو قتر علي نفسه شحا أو رياضة لزمه الغالب في الأصح ويستحب التسوية بين عبيده وجواريه في الأصح ويزيد جارية الاستمتاع في الكسوة للعرف وعليه شراء ماء الطارة لهم وينبغي أن يجلسه ليأكل معه ط ملخصا عن الهندية
قوله ( منفعة ) تمييز محول عن نائب الفاعل وخرج به مالك لمنافعة دخل فيه المدبر وأم الولد فإنهما كالقن لو له كبيرا ذكرا صحيحا ولو له أب حاضر ولو أمة متزوجة ما لم يبوئها منزل الزوج كما في البحر
قوله ( كموصي بخدمته ) إلا إذا مرض مرضا يمنعه من الخدمة أو كان صغيرا لا يقدر على الخدمة فنفقته على الموصي له بالرقبة حتى يصح ويبلغ الخدمة نهر قوله ( هو الصحيح ) وقيل يرفع البائع الأمر إلى الحاكم فيأذن له في بيعه أو إجارته
قنية
وفيها أن نفقة المبيع بشرط الخيار على من له الملك في العبد وقت الوجوب وقيل على البائع وقيل يستدين فيرجع على من يصير له الملك كصدقة الفطر اه
قوله ( فينبغي أن تلزم المشتري ) تتمة عبارة البحر هكذا وتكون تابعة للملك كالمرهون كما بحثه
____________________
(3/636)
بعضهم كما في القنية أيضا اه
ومثله في النهر
والجواب أن المبيع باق في ضمان البائع واجب تسليمه كالمغصوب نفقته على الغاصب ولا ملك له فيه رقبة ولا منفعة ولأنه قبل القبض بفرض العود إلى ملكه إذا هلك ولذا يسقط ثمنه
رحمتي
قوله ( كمعين البناء ) هو من يعجن له الطين ويناوله ما يبني به وهو تمثيل للصحيح غير العارف بصناعة
قوله ( وإلا ) أي إن لم يكن له كسب
قوله ( أو جارية لا يؤجر مثلها ) بأن كانت حسناء يخشى عليها الفتنة والحال أنها عاجزة عن الكسب حتى لو كانت الأمة قادرة عليه ومعروفة بذلك بأن كانت خبازة أو غسالة تؤمر به أيضا هكذا قال الإمام أبو بكر البلخي وأبو إسحاق الفقيه الحافظ هندية قال في الشرنبلالية فعلم أن الأنوثة هنا ليست إمارة العجز بخلافها في ذوي الأرحام اه
وتمامه في ط
وقدمنا هناك عن الرملي أن البنت لو كان لها كسب لا تلزم نفقتها الأب
قوله ( أمره القاضي ) وإن امتنع حبسه كما في الدر المنتقى
قلت فلو كان السيد غائبا هلى يبيعه القاضي الظاهر نعم كما يأتي في العبد الوديعة وتقدم أنه لا يفرض له القاضي في مال سيده الغائب بخلاف الزوجة وقرابة الولاد
قوله ( وقالا يبيعه القاضي ) لأنهما يريان جواز البيع على الحر لأجل حق الغير وسيأتي في الحجر أن الفتوى عليه فأما الإمام فإنه لا يرى ذلك ولكن يحبسه
نهر
قوله ( ألزم بالإنفاق ) فإن غاب ولا مال له حاضر فالظاهر أن القاضي بأمره بالاستدانة على سيده إحياء لمهجته ويحتمل أن تلزم نفقته على بيت المال كالمعتق
تأمل
قوله ( أو أخذ ) أي ثوبا يكتسي به أم دراهم يشتري بها
قوله ( وإلا ) أي إن لم يكن عاجزا عن الكسب وأذن له فيه
قوله ( كما لو قتر ) أي ضيق
قوله ( لا يأكل منه ) أي من مال مولاه
قوله ( يجبران على نفقته ) وكذا ولد أمة مشتركة ادعاه الشريكان وعليه إذا كبر نفقة كل واحد منهما
ط عن الهندية ولو أثبت أحدهما الحق له لم يرجع عليه الآخر لتبرعه حيث تعرض لمال غيره أو لوجوبه عليه
رحمتي
قوله ( لأنه مضمون عليه ) فإنه لو تعيب عنده أو هلك يضمن للمالك إلى أن يرده عليه والرد واجب وإن كان المالك غائبا فما بقي عند الغاصب فهو متبرع بما ينفقه ( ولكن إن خاف إلخ ) بأن خاف هربه بالعبد أو نحوه
قوله ( أو آخذ الآبق ) ما كان ينبغي ذكره على هذا الوجه لأن ذلك بحث لصاحب النهر حيث قال ونقلوا في آخذ الآبق إذا طلب من القاضي ذلك فإن رأى الإنفاق أصلح أمره وإن خاف أن تأكله النفقة أمره بالبيع فيقال إن أمره بالإجارة أصلح فلم لم يذكروه اه
فالمنقول في حكمه مخالف للمودع والمشترك على أن الرملي وغيره أجاب بأن الآبق يخشى عليه الإباق ثانيا فالغالب انتفاء أصلحية إجارته للغير فلذا سكتوا عنه
ثم بحث الرملي أن الحكم دائر مع الإصلحية حتى في المودع لو كان الأصلع الإنفاق عليه أمره به فلا فرق بينهما
تأمل اه
قال في البحر وكذلك أي كالبعد الآبق إذا وجد دابة ضالة في المصر أو في غير المصر قوله ( أو أحد شريكي عبد إلخ ) أي فيرفع الشريك الأمر إلى القاضي
____________________
(3/637)
ويقيم البينة على ذلك والقاضي بالخيار في قبول هذه البينة وعدمه فإن قبلها فالحكم ما ذكر كما في البحر عن الخانية ويأتي ما إذا امتنع أحدهما عن الإنفاق
قوله ( ونحوها ) وهو الآبق والمشترك
قوله ( لا يجيبه إلخ ) ذكر في الذخيرة أن القاضي إن رأى الإنفاق أصلح أمره بذلك وكذلك في اللقيظ واللقطة
وبه علم أن المدار على الأصلحية
قوله ( والنفقة على الآجر والراهن ) أي نفقة العبد المأجور والمرهون على مالكه والمستعار على المستعير لأنه يستوفي منفعته بلا عوض فهو محبوس في منفعته وقد مر أول الباب أن كل محبوس لمنفعه غيره تلزمه نفقته وما في البحر من قوله وكذا النفقة على الراهن والمودع فالظاهر أن المودع بكسر الدال اسم فاعل وإلا خالف ما تقدم من القاضي يؤجره لينفق عليه أو يبيعه
قوله ( وأما كسوته فعلى المعير ) لعل وجه الفرق بين نفقته وكسوته أن الطعام يستهلكه العبد في حال احتباسه في منفعة المستعير فلا يملكه المولى أما الكسوة فتبقى فلو لزمته كسوته صارت ملكا لمولى العبد والعارية تمليك المنفعة بلا عوض ففي إيجاب الكسوة عليه إيجاب العوض
تأمل
قوله ( وتسقط بعتقه ) أي إذا أعتق السيد عبده سقطت عنه نقفته
قوله ( وتلزم بيت المال ) أي إذا كان عاجزا وليس له قريب ممن تلزمه نفقته
قوله ( أجبره القاضي ) أي على الإنفاق عليها وهذا ذكره في المحيط وذكر الخصاف أن القاضي يقول للآبي إما أم تبيع نصيبك من الدابة أو تنفق عليها رعاية لجانب الشريك كذا في الفتح والبحر قوله ( جوهرة ) لم يذكر في الجوهرة مسألة الدابة المشتركة وإنما ذكر ما بعدها فالمناسب عزو ذلك للفتح أو البحر كما ذكرنا
قوله ( ويؤمر إلخ ) المالك الذي لا شريك معه فهنا لا يجبر قضاء ما لو كان معه شريك فإنه يجبر رعاية لحق الشريك كما علمت قوله ( لا قضاء ) لأنها ليست من أهل الاستحقاق بخلاف العبد كما في الهداية
قوله ( والكمال ) قال والحق ما عليه الجماعة لأن غاية ما فيه أن يتصور فيه دعوى حسبة فيجبر القاضي على ترك الواجب ولا بدع فيه وأقره في البحر والنهر والمنح
قوله ( ولا يجبر في غير الحيوان ) أي كالدور والعقار والزرع
قوله ( ما لم يكن له شريك ) أي فإن كان له شريك فإنه يجبر حيث لم تمكن القسمة ككرى نهر ومرمة قناة وبئر ودولاب وسفينة معيبة وحائط إلا إن كان يمكن قسمه من أساسه ويبني كل واحد في نصيبه السترة وسيأتي تمام الكلام عليه في آخر الشركة إن شاء الله تعالى
قوله ( كما مر ) أي نظير ما مر آنفا في الدابة المشتركة من أنه يجبر الممتنع لئلا يتضرر شريكه
قوله ( أنفق الثاني ورجع عليه ) هذا خلاف ما قدمه من أن حكمه حكم عبد الوديعة
وأجاب ح بأن هذا متعنت في الامتناع بخلاف ما تقدم فإنه معذور بغيبته اه
قلت لكن لا بد من إذن القاضي أو الشريك كما أفاده الشارح بعده وفي البزازية قال أحدهما ليس لي شيء أنفقه وأنفق الآخر على حصته يبيع الحاكم حصة الآبي ممن ينفق عليه فإن لم يجد استدان عليه فإن لم يجد أنفق
____________________
(3/638)
من بيت المال فإن قال الشريك أنفق على حصته أيضا ويكون ذا دينا على المولى فعل لكن لا يجبر عليه فإن فضل عن قيمة العبد لا يكون على العبد بل على المولى اه
قوله ( والوديعة واللقطة ) أي إذا أقام بينة على ذلك فإن شاء القاضي قبلها وأمره بالإنفاق إن كان أصلح وإلا أمره ببيعها كما في الذخيرة والأمر بالإنفاق يحتمل كونه من أجرتها أو من مال المأمور أيهما كان أصلح يأمره القاضي به كما علم مما مر
قوله ( إذا استرمت ) أي احتاجت للإصلاح كأنها تطلبه وفي المصباح رممت الحائط وغيره رما من باب قتل أصلحته والله سبحانه وتعالى أعلم
كتاب العتق قوله ( ميزت الإسقاطات إلخ ) جمع إسقاط والمراد به ما وضعه الشارع لإسقاط حق للعبد على آخر وأشار إلى وجه مناسبة ذكر العتق عقب الطلاق وهو اشتراكهما في أن كلا منهما إسقاط الحق وقدم الطلاق لمناسبة النكاح
قوله ( اختصارا ) لأن أعتق أخصر من أسقط حقه عن مملوكه وكذا الباقي
قوله ( وعن الرق عتق ) المناسب إعتاق لأن العتق قائم بالعبد والإعتاق وهو الإسقاط فعل المولى أفاده الرحمتي قال في المصباح ويتعدى بالهمزة فيقال أعتقته فهو معتق لا بنفسه فلا يقال عتقه ولا أعتق هو بالألف مبنيا للفاعل بل الثلاثي لازم والرباعي متعد ولا يجوز عبد معتوق لأن مجيء مفعول من أفعلت شاذ مسموع لا يقاس عليه وهو عتيق فعيل بمعنى مفعول وجمعه عتقاء وأمة عتيق أيضا وربما قيل عتيقة وحمعه عتائق اه
لكن قال في الفتح وقد يقال العتق بمعنى الإعتاق في الاستعمال الفقهي تجوزا باسم المسبب كقول محمد أنت طالق مع عتق مولاك إياك اه
قوله ( وعنون به إلخ ) أي جعله عنوانا بضم العين وقد تكسر ما يستدل به على الشيء
مصباح
ومراده أن العتق صفة قائمة بمن كان رقيقا والإعتاق إيقاع العتق من المولى وليس في الاستيلاء وملك القريب إعتاق بل عتق فلذا عنون به لا بالإعتاق
وقد يقال إن الاستيلاء والشراء فعلى المولى
والجواب أن العتق حصل بموت سيد المستولدة وفي الشراء هو أثر الملك لا فعل منه قوله ( لغة الخروج عن المملوكية ) عزاه في البحر إلى ضياء الحلوم
ورد به قولهم إنه في اللغة القوة
وفي الشرع القوة الشرعية لأن أهل اللغة لم يقولوا ذلك
واعترضه في النهر بأن ما رده نقله في المبسوط عليه جري كثير فبعد كون الناقل ثقة لا يلتفت إلى رد
قلت وحقق في الفتح هذا المقام بما يشفي المرام
قوله ( ومصدره عتق وعتاق ) وكذا عتاقة بفتح الأول فيهن والعتق بالكسر اسم منه مصباح
ومثله في القهساني وما نقل عن ( البحر ) من أن الأول بالكسر والثاني بالفتح
لم أجده فيه فافهم
قوله ( وشرعا عبارة عن إسقاط إلخ ) المناسب عن سقوط لأن المحدث عنه العتق والإسقاط معنى الإعتاق كما علمت إلا أن يكون أطلق العتق على الإعتاق تجوزا كما مر والمراد بالوجه المخصوص ما استوفى ركنه وشروطه من قول أو فعل كملك القريب بشراء ونحوه فإن فيه إسقاطا معنى وإلا كان التعريف قاصرا فافهم وعرفه في الكنز وغيره بأنه إثبات القوة الشرعية للمملوك وهي قدرته على التصرفات الشرعية وأهليته للولايات والشهادات ورفع تصرف الغير عليه
____________________
(3/639)
ثم أعلم أنه سيأتي في عتق البعض أن الإعتاق يتجزأ عنده لا عندهما ومبنى الخلاف على ما يوجبه الإعتاق أولا وبالذات
فعنده زوال الملك ويتبعه زوال الرق لكن بعد زوال الملك عن الكل
وعندهما زوال الرق ولا يخفي أن كلا من التعريفين يأتي على كل من القولين بأن يراد بالأول إسقاط الملك أو إسقاط الرق وبالثاني إثبات القوة المستتبعة لزوال الملك أو زوال الرق فافهم
قوله ( يصير به المملوك من الأحرار ) خرج به التدبير والكتابة قبل موت السيد وأداء النجوم فإن فيهما إسقاط البيع والهبة والوصية لكن لم يصر العبد بهما من الأحرار ط
قوله ( وركنه اللفظ الدال عليه ) سواء كان إقرارا بالحرية أو ادعاء النسب أو لفظا إنشائيا والضمير يرجع إلى العتق سواء نشأ عن إعتاق أو لا ليصح قوله وملك قريب
قوله ( ودخول حربي إلخ ) صورته اشترى حربي مستأمن عبدا مسلما فأدخله دار الحرب عتق عند مولانا الإمام رضي الله عنه وقال صاحباه لا يعتق ط وإنما عتق إقامة لتباين الدارين مقام الإعتاق وهذه إحدى مسائل تسع يعتق العبد فيها بلا إعتاق لأنه عتق حكمي كما سيأتي في الجهاد قبيل باب المستأمن إن شاء الله تعالى
قوله ( واجب لكفارة ) أي كفارة قتل وظهار وإفطار ويمين وهل المراد بالواجب المصطلح عليه أو الافتراض ط
قوله ( بلا نية ) أي نية قربة أو معصية ط
قوله ( لأنه ليس بعبادة ) أي وضعا ويصير عبادة أو معصية بالنية كغيره من العبادات
رحمتي
قوله ( لحديث عتق الأعضاء ) هو ما رواه الستة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله أيما مرىء مسلم أعتق مرأ مسلما ستنقذ الله بكل عضو منه عضوا من النار
وفي لفظ من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أغصانه من النار حتى الفرج بالفرج
وأخرج أبو داود وابن ماجه عنه أيما رجل مسلم أعتق رجلا مسلما كان فكاكه من النار وأيما آمرأة مسلمة أعتقت مرأة مسلمة كانت فكاكها من النار
وروي أبو داود وأيما رجل أعتق مرأتين مسلمتين إلا كانتا فكاكه من النار يجزي مكان عظمين منهما عظما من عظامه وهذا دليل ما في الهداية من استحباب عتق الرجل الرجل والمرأة المرأة لأنه ظهر أن عتقه بعتق المرأتين بخلاف عتقه رجلا كذا في الفتح قوله ( وهل يحصل ذلك ) أي المندوب المترتب عليه الثواب المذكور مع النية من غير توقف على مادة العتق والبحث لصاحب النهر ط
قوله ( الظاهر نعم ) لأن بالتدبير إعتاقا مالا وبشراء القريب إعتاقا وصلة وفي الحديث لن يجزي ولد والده إلا أن يجده رقيقا فيشتريه فيعتقه أي فيتسبب عن شرائه عتقه إذ هو لا يتأخر عنه
رحمتي
قوله ( ومكروه لفلان ) صرح في الفتح بأنه من المباح وكذا في البحر عن المحيط
ثم قال في البحر ففرق بين الإعتاق لآدمي وبين الإعتاق للشيطان وعلل حرمة الإعتاق للشيطان بأنه قصد تعظيمه اه أي بخلاف قصد تعظيم فلان لأنه غير منهي تأمل
قوله ( وحرام بل كفر للشيطان ) وكذا للصنم كما سيأتي ولعل وجه القول بأنه كفر هو ما سيذكره عن الجوهرة أن تعظيمهما دليل الكفر الباطل كالسجود للصنم ولو هزلا فيحكم بكفره وهذا كله إذا لم يقصد التقرب والعبادة وإلا فهو كفر بلا شبهة سواء كان لفلان أو للشيطان
وذكر في فتح القدير أن من الإعتاق المحرم إذا غلب على ظنه أنه لو أعتقه يذهب إلى دار الحرب أو يرتد
____________________
(3/640)
أو يخاف منه السرقة وقطع الطريق وينفذ عتقه مع تحريمه خرفا للظاهرية
قال وفي عتق العبد الذمي ما لم يخف منه ما ذكرنا أجر لتحصيل الجزية منه للمسلمين
فرع في البحر عن المحيط ويستحب أن يكتب للعتق كتابا ويشهد عليه شهودا توثيقا وصيانة عن التجاحد والتنازع فيه كما في المداينة بخلاف سائر التجارات لأنه مما يكثر وقوعها فالكتابة فيها تؤدي إلى الحرج ولا كذلك العتق قوله ( ويصح من حر ) فلا يصح من عبد ومكاتبا لمنعه عن التبرعات أو مأذونا لذلك ولعدم الملك ولذا قال في البحر لا حاجة إليه ذكر الملك قوله ( مكلف ) أي عاقل بالغ ومحترزه قوله لا من صبي إلخ ولم يشترط الإسلام لأنه يصح من الكافر ولو مرتدا
أما إعتاق المرتد فموقوف عنده نافذ عندهما ولا قبول العبد لأنه غير شرط إلا في الإعتاق على مال كما سيذكره في بابه بحر ولا النطق باللسان لأنه يصح بالكتابة المستبينة والإشارة المفهمة بدائع أي من الأخرس
قوله ( ولو سكران أو مكرها إلخ ) سيأتي في المتن التصريح بهذين لكن ذكرهما تتميما للتعميم فإنه أشار إلى أنه لا يشترط كونه صاحيا أو طائعا أو عامدا أو مريضا أو عالما بأنه مملوك لأن السكران بمحظور غير معذور فهو في حكم الصاحي في الأحكام والمكره اختار أيسر الأمرين فكان قاصدا له وإن عدم الرضا وما صح مع الهزل لا يؤثر فيه الإكراه لعدم توقفه على الرضا ولذا صح من المخطىء أيضا
قوله ( وأشار إلى المبيع ) فيه اكتفاء والأصل أو إلى المغصوب
قوله ( عتق ) أي إذا قال المشتري أم المالك أعتقته ويكون هذا بمنزلة القبض من المشتري فليزمه الثمن وبمنزلة القبض من المغصوب منه فلا يلزم الغاصب شيء
سائحاني
قوله ( ومعتوه إلخ ) تقديم في أول الطلاق بيان معانيها فراجعه
قوله ( ومجنون ) أي في حال جنونه حتى لو كان يجن ويفيق فأعتق في حال إفاقته يصح
قوله ( أو قال وأنا حربي إلخ ) كونه حربيا غير قيد بل يشترط كون العبد حربيا فإنه لا يعتق إلا بالتخلية يخلاف المسلم أو الذمي كما يذكره قوله ( وقد علم ذلك ) أي علم منه وقوع العته ونحوه وكونه في دار الحرب وأما الصبا والنوم فمعلومان قطعا لكن ينبغي تقييد تصديقه فيهما بما إذا لم يعلم ملكه له بعد صباه وبعد إفاقته من آخر نومة
تأمل
قوله ( فالقول له ) هل يحلف إذا طلب العبد تحليفه يحرر ط
قلت كل من إذا أقر بشيء لزمه فإنه يحلف رجاء نكوله إلا في اثنين وخمسين تأتي قبيل البيوع ليست هذه منها
قوله ( في ملكه ) خرج إعتاق غير المملوك ولا يرد عتق الفضولي المجاز كما توهمه في البحر لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة
نهر
قوله ( إذا ولدته لستة أشهر ) أي من وقت العتق لعدم التيقن بوجوده بحر
قوله ( ولو بإضافة إليه ) أي بإضافة العتق إلى الملك وأشار إلى أن الشرط وجود الملك وقت وقع العتق فإن كان منجزا اشترط وجود الملك وقت التنجيز لأنه وقت الوقوع وإن كان معلقا بالملك أو سببه اشترط تحقق ذلك فينزل الجزاء وقت الملك
____________________
(3/641)
والحاصل كما في البحر أنه إذا علق بالملك أو بسببه كالشراء لا يشترط تحقق الملك وقت التعليق وإن علق بغيرهما كدخول الدار اشترط وجود الملك وقت التعليق ووقت نزول الجزاء ولا يشترط وجود الملك فيما بينهما
قوله ( بخلاف إلخ ) محترز الإضافة إلى سبب الملك لأن موت المورث ليس سببا للملك لأنه قد يخرج من ملك المورث قبل موته وإن بقي فقد يوجد مانع من الإرث كقتل وردة نعم إذا قال إن ورثتك فهو مثل إن اشتريتك وهذا إذا كان الخطاب لعبد المورث أما إذا قال لعبده إن مات ليس سببا مساويا بل قد يكون وقد لا يكون كما قلنا فهو نظير ما قدمه الشارح في أول باب التعليق لو قال كل امرأة أجحتمع معها في فراش فهي طالق فتزوج لم تطلق وكذا كل جارية أطؤها فهي حرة فاشترى جارية فوطئها لم تعتق أي لأن الاجتماع في فراش لا يلزم كونه عن نكاح كما أن وطء الجارية لا يلزم كونه ملك فلم توجد الإضافة إلى سبب الملك
قوله ( فمات الأب ) أي ولم يترك وارثا غيره أو ترك بالأولى ط
قوله ( وكأنه إلخ ) التوجيه لصاحب النهر
وتوضيحه أن العتق معلق بالموت وحين الموت لم تكن في ملكه فلا تعتق لأن لملك ينتقل إليه عقبه والمعلق بشيء وهو العتق هنا يقع بعد وجود ذلك الشيء وهو الموت فصار كل من المهلك والعتق حاصلا عقب الموت في آن واحد شرط العتق وقوعه على مملوك وهي لم تصر مملوكة إلا مع وجود العتق فلم يوجد شرطه قبله فلم يقع وكذا الطلاق معلق على الموت فحقه أن يوجد عقبه لكن وجد الملك عقب الموت أيضا وانفسخ به النكاح فلا يقع الطلاق لأنه وجد في وقت النفساخ النكاح كما في أنت طالق مع موتي أو موتك فالعتق والطلاق ثبت الملك مقارنا لهما ولا بد من سبقه عليهما حتى يقعا ولم يوجد فلذا لم تطلق ولم تعتق فله وطؤها بملك اليمين ولو أتقها ثم تزوجها ملك عليها ثلاثا لعدم وقوع الطلقتين المعلقتين
أفاده الرحمتي
قوله ( بالموت ) متعلق بثبت والباء للسببية ح
قوله ( فتأمل ) أشار به إلى دقة تعليل المسألة ح
قوله ( بصريحه ) متعلق بيصح وصريحه كما في الإيضاح وغيره ما وضع له وقد استعمل الشرع والعرف واللغة هذه الألفاظ في ذلك فكانت حقائق شرعية على وفق اللغة فيها وتمامه في الفتح
قوله ( بلا نية ) أي بلا توقف على نيته فيقع به نواه أو لم ينو شيئا وكذا لو نوى غيره في القضاء أما فيما بينه وبين الله تعالى فلا يقع كما لو قال نويت بالمولى الناصر وإن نوى الهزل وقع قضاء وديانة كما يقتضيه كلام محمد وتمامه في الفتح
وفي البحر عن الخانية لو قال أردت به اللعب يعتق قضاء وديانة قوله ( كأنت حر ) أي بفتح التاء وكسرها لكل من اللعب والأمة كما يذكره عن الخانية
مطلب الفقهاء لا يعتبرون الإعراب قال القهستاني وفي حروف المعاني من الكشف أن الفقهاء لا يعتبرون الإعراب ألا ترى أنه لو قال لرجل زنيت بكسر التاء أو لامرأة بفتحها وجب عليه حد القذف
قوله ( أو عتق ) يحتمل قراءته بكسر التاء صيغة مبالغة فيناسب وما قبله وما بعده ويحتمل السكون مصدرا فإنه من الصريح كما سيصرح به وجزم به في الفتح خلافا لما في جوامع
____________________
(3/642)
الفقه من أنه لا يعتق إلا بالنية في أنت عتق أو إعتاق ففي البحر والنهر أنه ضعيف
قوله ( كان كناية ) فيتوقف على النية ولذا قال في الخانية لو قال حر فقيل له لمن عنيت فقال عبدي عتق عبده
بحر
قلت لكن هذه النية ليست نية معنى العتق بل نية العبد لأن المبتدأ المحذوف لما احتمل أن يكون تقديره عبدي وأن يكون عبد فلان مثلا توقف إعتاق عبده على قصده إياه لا على قصده معنى التحرير الشرعي وفي كون ذلك كناية نظر
تأمل
قوله ( أو أخبر ) عطف على قوله وصفه به أي أتى بصيغة الخبر الموضوعة للإنشاء لأن الكلام في الصريح وهو ما وضع له ما مر
قوله ( في الأصح ) لأن المعنى أعتقك الله لأني أعتقتك وعن هذا أفتى قارىء الهداية وغيره في أبرأك الله أنه يبرأ ولا سيما والعرف يساعده كما قدمناه في الخلع ومقابل الأصح ما قيل إنه إنما يعتق بالنية كما حكاه في الفتح قوله ( أو هو مولاي ) فإنه ملحق بالصريح لأنه وإن كان يأتي لمعان أوصلها ابن الأثير إلى نيف وعشرين كالناصر وابن العم والمعتق بالكسر والمعتق بالفتح إلا أن إضافته للعبد تعين الأخير وهو الأصح وقيل لا يعتق إلا النية وأيده الإتقاني في غاية البيان ورده المحقق ابن الهمام كما بسطه في البحر وفيه عن الظهيرية وغيرها لو قال أت مولى فلان عتق قضاء كانت عتيق فلان بخلاف أعتقك فلان
قوله ( أو نادى ) عطف على قوله وصفه ط لأن النداء لإحضار المنادي فإذا ناداه بوصف يملك إنشاءه كان تحقيقا لذلك الوصف
درر
قوله ( نحو يا مولاي ) قيد به لأنه لا يعتق بيا سيدي أو يا سيد أو يا مالكي إلا بالنية لأنه قد يذكر على وجه التعظيم والإكرام بحر أي وحقيقته كذب بخلاف يا مولاي وفي النهر وقيل يعتق والأصح لا ما لم ينو
قوله ( في الأصح ) أي أنه لا يعتق
حكي عن أبي القاسم الصفار أنه سئل عن رجل جاءت جاريته بسراج فوقفت بين يديه فقال لها ما أصنع بالسراج فوجهك أضوأ من السراج يا من أنا عبدك قال هذه كلمة لطف لا تعتق بها هذا إذا لم ينو العتق فإن نوى عن محمد فيه روايتان
خانية
قوله ( دين ) أي فيما بينه وبين ربه تعالى أما القاضي فلا يصدقه وكذا لو صرح بقوله من هذا العمل كما يذكره قريبا وهذا بخلاف ما لو أراد الهزل أو اللعب فإنه لا يدين أيضا كما قدمناه
ووجهه أنه قصد التلفظ بما هو موضوع للعتق ولم يرد به معنى آخر فتعين المعنى الموضوع وإن لم يقصده أما هنا فقد أراد به معنى آخر يصلح له اللفظ فصح قصده ديانة لكنه خلاف الظاهر فلذا لم يصدق قضاء
وفي التاترخانية عن المنتقى له عند حل دمه بالقصاص فقال له أعتقتك ثم قال نويت به العتق عن الدم عتق قضاء ولزمه العف بإقراره وإن لم ينو لم يلزمه العفو ولو أعتقه لوجه الله تعالى عن القصاص كان كما قال ولو كان له على رجل قصاص فقال أعتقتك فهو عفو قياسا واستحسانا
قوله ( إلا إذا سماه ) لأن مراده الإعلان باسم علمه
هداية
قوله ( وأشهد ) أي على أنه سماه بذلك وهذا إذا لم يكن معروفا به عند الناس فلو معروفا به لا يعتق كما في البحر عن المبسوطة
قوله ( وكذا في الطلاق ) رد على ما في التنقيح فرق حيث بين هذا وبين ما لو سمى المرة بطالق حيث يقع إذا ناداها لأنه عهد التسمية
بحر
كالحر بن قيس بخلاف طالق فإنه لم تعهد التسمية به
قال في البحر وفي أكثر الكتب لم يفرق بينهما لأن العلم لم يشترط فيه أن يكون معهودا والكلام فيما إذا أشهد وقت
____________________
(3/643)
التسمية فيهما فالظاهر عدم الفرق اه
والظاهر أن ما في التنقيح مبنى على عدم اشتراط الإشهاد أو الشهرة فيهما
قوله ( بمرادفه بالعجمية ) أي بلفظه الأعجمي وليس احترازا عن مرادفه العربي كيا عتيق كما يدل عليه التعليل
قوله ( كيا أزاد ) بفتح الهمزة وبالزاي المعجمة بعدها ألف ثم دال مهملة ساكنة ح
قوله ( لعدم العلمية ) لأن العلمية بصيغة حر أو أزاد لا بالمعنى فيعتبر إخبارا عن الوصف لا طلبا لإقبال الذات
قوله ( ونحوهما ) مما يعبر به عن البدن كالفرج للعبد والأمة بخلاف الذكر في ظاهر الرواية
خانية وكذا رقبتك أو بدنك أو بدنك كبدن حر
قوله ( كثلثه ) ولو قال سهم منك حر عتق سدس ولو قال جزء أو شيء يعتق منه ما شاء المولى في قوله بحر عن الخانية
قوله ( لتجزيه عند الإمام ) أشار إلى الفرق بينه وبين الطلاق فإنه لا يتجزأ اتفاقا فذكر بعضه كذكر كله فما في غاية البيان من التسوية بينهما سهو
بحر
ولعله بنى التسوية على قولهما
قوله ( ومن الصريح إلخ ) لأن الفقهاء لا يعتبرون الإعراب كما مر آنفا
قوله ( ومنه وهبتك أو بعتك نفسك ) زاد في الخانية تصدقت بنفسك عليك فقيل إن هذه الثلاثة ملحقة بالصريح
وقيل إنها كناية وهما مبنيان على أن الصريح يخص الوضعي
والحق أنها صرائح حقيقة كما قال به جماعة لأنه لا يخص الوضعي واختاره المحقق ابن الهمام
بحر
قوله ( فيعتق مطلقا ) أي سواء قبل أو لا نوى أو لا لأن الإيجاب من الواهب والبائع إزالة الملك وإنما الحاجة إلى القبول من الموهوب له والمشتري لثبوت الملك لهما وهنا لا يثبت الملك للعبد في نفسه لأنه لا يصح مملوكا لنفسه فبقي البيع والهبة إزالة الملك عن الرقيق لا إلى أحد وهذا معنى الإعتاق بحر عن البدائع
قوله ( توقف على القبول ) أي في المجلس لأنه مبادلة كما سيأتي في بابه
قوله ( لجواز وجوبه لكفارة ظهيرية ) تمام عبارة الظهيرية هكذا بخلاف طلاقك علي واجب لأن نفس الطلاق غير واجب وإنما يجب حكمه وحكمه وقوعه أما العتق فجاز أن يكون واجبا اه أي فإذا صرح بالوجوب في العتق لم ينو العتق صدق لأنه محتل كلامه
واعترض الرحمتي بأن على تفيد اللزوم فينبغي اشتراط النية وإن لم يصرح بالوجوب اه
قلت لا يخفي أن الوجوب أو اللزوم عامل خاص فلا يتعلق به لفظ على بدون قرينة بل يتعلق بالاستقرار العام والحصول فيدل على ثبوته في الحال
تأمل
واعترض الرملي قوله لأن نفس الطلاق غير واجب بأنه ممنوع لأنه قد يجب عند عدم الإمساك بالمعروف ولو سلم فلا يلزم وجوبه وجوده في الخارج قوله ( لم يعتق ) في النهر عن المحيط يعتق وكأنه تحريف فقد رأيت في الذخيرة البرهانية لصاحب المحيط مثل ما هنا وفرق يبن العتق والنسب حيث يثبت أن العتق يفتقر إلى العبارة ولا تقوم الإشارة مقام العبارة حالة القدرة والنسب لا يفتقر إلى العبارة وسيأتي في أوائل كتاب الإقرار متنا ما نصه والإيماء بالرأس من الناطق ليس بإقرار بمال وعتق وطلاق وبيع ونكاح وإجارة وهبة بخلاف إفتاء ونسب وإسلام وكفر إلخ
وفي الجوهرة ولو قال العبد لمولاه وهو مريض أنا حر فحرك رأسه أي نعم لا يعتق اه وأما ما قدمناه عن
____________________
(3/644)
البدائع من أنه يصح بالإشارة المفهمة فهو محمول على الأخرس وتقدم الكلام على ذلك في أوائل كتاب الطلاق قوله ( ولو زاد من هذا العمل إلخ ) كان الأولى ذكره عقب قوله لو قال أردت الكذب أو حريته من العمل دين
قال في البدائع ولو قال أنت حر من عمل كذا أو أنت حر اليوم من هذا العمل عتق في القضاء لأن العتق بالنسبة إلى الأعمال لا يتجزأ فكان إعتاقا عن الأعمال وفي الأزمان جميعا ونية البعض خلاف الظاهر فلا يصدقه القاضي
قوله ( عتق المجيب ) لأنه المخاطب بالإعتاق
قوله ( عتقا قضاء ) أما ديانة فالذي ناداه فقط ولو قال يا سالم أنت حر فإذا عبد آخر له أو لغيره عتق سالم لأنه لا مخاطبة هنا إلا له فينصرف إليه
بحر عن البدائع
قوله ( عتق قضاء ) أي لا ديانة لعدم القصد ط
قوله ( لا يعتق ) لأنه على معنى التشبيه كما لو قال مثل رأس حر فإنه لا يعتق كما في الهندية عن السراج
قوله ( لأنه وصف ) أي للرأس بالحرية والرأس مما يعبر به عن الكل فكأنه قال أنت حر ط
مطلب في كنايات الإعتاق قوله ( وبكنايته إن نوى ) قال الحموي ثبت في الأصول أن الشرط في الكناية النية أو ما يقوم مقامها من دلالة الحال ليزول ما فيها من الاشتباه اه
ط
قوله ( للاحتمال ) لأن نفي الملك وما بعده جاز أن يكون بالبيع والكتابة كما جاز أن يكون بالعتق ونفي السبيل يحتمل أن يكون عن العقوبة واللوم لكمال الرضا وأن يكون للعتق فيؤول إلى معنى لا ملك لي عليك إذ هو الطريق إلى نفاذ التصرف نهر قوله ( قد أطلقتك ) بهمز في أوله من الإطلاق وهو رفع القيد بخلافه بدون همز فإنه ليس بصريح ولا كناية فلا يقع به أصلا كما يأتي
قوله ( وأنت أعتق ) فيه حذف دل عليه ما بعده والتقدير وأنت أعتق من فلانة وهي معتقة ح
فإن قيل إنما كان أعتق وأطلق كناية لاحتماله أقدم في ملكي وأطلق يدا فيقال إن مثله عتيق
فالجواب أن المتبادر في عتيق إرادة التحرير بخلاف أعتق وأطلق لعدم احتمال العتق والطلاق للتفاضل الذي هو أصل أفعل التفضيل رحمتي
قوله ( كتهجيمها ) أي تهجي ألفاظ الطلاق والعتق
قال في الذخيرة وعن أبي يوسف فيمن قال لأمته ألف نون تاء حاء راء هاء أو قال لامرأته ألف نون تاء طاء ألف لام قاف إنه إن نوي الطلاق والعتاق تطلق المرأة وتعتق الأمة وهذا بمنزلة الكتابة لأن هذه الحروف فهم منها ما هو المفهوم من صريح الكلام إلا أنها لا تستعمل كذلك فصار كالكناية في الافتقار إلى نية اه
قوله ( وفي الخلاصة ) عبارتها لو قال لعبده أنت غير مملوك لا يعتق لكن ليس له أن يدعيه بعد ذلك ولا أن يستخدمه فإن مات لا يرثه بالولاء فإن قال المملوك بعد ذلك أنا مملوك له فصدقه كان مملوكا ظاهرا وكذا لو قال ليس هذا بعبدي لا يعتق اه
قلت وذكر في الذخيرة المسألة الأولى ثم ذكر الثانية بعبارة فارسية ثم قال في جوابها يعتق في القضاء لأنه
____________________
(3/645)
أقر بالعتق والصحيح أنه لا يعتق بدون النية عند أبي حنيفة كما في قوله ليست بامرأتي لأنه ليس من ضرورة أن لا يكون عبدا له أن يكون حرا ويؤيد هذا القول المسألة الأولى اه
وحاصله أن اللفظ في المسألتين كناية فإن نوى عتق فيهما وإلا فلا لكن ليس له أن يدعيه لنفاذ إقراره على نفسه ولهذا قال في البحر وظاهره أنه لا يكون حرا ظاهرا معتقا فتكون أحكامه أحكام الأحرار حتى يأتي من يدعيه ويثبت فيكون ملكا له اه
قوله ( وقاس عليه إلخ ) أي جعله في حكم مسألة الخلاصة وهو أنه إذا لم ينو العتق ليس له أن يدعيه لإقراره بعدم الملك
قوله ( نازعه في النهر ) حيث قال وعندي أن هذه المسألة أي مسألة الخلاصة مغايرة لمسألة الكتاب أي قوله لا ملك لي عليك وذلك أنه في مسألة الكتاب إنما أقر بأنه لا ملك له فيه وهذا لا ينافي ملكا لغيره
ومسألة الخلاصة موضوعها أقداره بأنه غير مملوك أصلا إما لعتقه له أو لحريته الأصلية فتنبه لهذا فإنه مهم اه
قال ح قلت والذي يظهر بأدنى تأمل أن الحل مع صاحب البحر فإن الفرق الذي أبداه في النهر غير مؤثر فإنه إذا نفي ملكه عنه وليس هناك من يدعيه ساوى من قيل له أنت غير مملوك ويدل لما قلنا تسوية صاحب الخلاصة بين قوله أنت غير مملوك وبين قوله ليس هذا بعبدي
تأمل اه
قلت والحاصل أن كلا من مسألة الكتاب ومسألتي الخلاصة كناية في العتق فلا بد له من النية وقد نص في مسألتي الخلاصة على أنه إذا لم يعتق أي عدم النية ليس له أن يدعيه أي لإقراره على نفسه بأنه غير مملوك وأنه ليس عبده وهذا موجود في مسألة الكتاب أيضا فينبغي منع دعواه فيها أيضا ولا فرق في صحة إقراره على نفسه بين نفيه عن نفسه فقط أو عنه وعن غيره بل نفيه عن غيره لا فائدة فيه لأنه لا ولاية له على غيره في ذلك فافهم قوله ( أو بنتي ) أي أو هذه بنتي ولا يصح أن يكون التقدير أو هذا بنتي لما سيأتي أنه كناية وكلامه الآن في الصريح ولو قال أو هذه بنتي لكان أولى ح
وقوله إنه كناية فهو كلام يأتي
قوله ( وإن لم يصلحوا لذلك ) أي للأبوة والجدودة والأمومة قوله ( لذا جاء بالباء إلخ ) أي إن قول المصنف وبهذا ابني بإعادة الباء الجارة ليفيد أنه عطف على قوله وبكنايته مقابل له لو حذف الباء لأوهم أنه عطف على أمثلة الكناية مع أنه من أمثلة الصريح وإنما أخره وذكره بعد ألفاظ الكناية لما فيه من التفصيل المفاد بقوله فإن صلحوا إلخ
قوله ( فإن صلحوا ) حاصله أن هذا ابني على وجهين إما أن يصلح ابنا له بأن كان مثله يولد له أو لا وكل منهما إما أن يكون العبد مجهول النسب أو لا فإن صلح وهو مجهول عتق وثبت نسبه منه إجماعا وإن كان معروف النسب لا يثبت منه بلا شك لن يعتق عندنا وإن لم يصلح ولدا لله فكذلك عند الإمام وعندهما لا يعتق وكذلك الكلام في هذا أبي أو أمي فإن صلح أبا له أو أما وليس للقائل أب أو أم معروف ثبت النسب العتق بلا خلاف وإن صلح وله أب معروف لا يثبت النسب ويعتق عندنا وإن لم يصلح لا يثبت النسب ولكن يعتق عنده لا عندهما ولو قال لصغير هذا جدي فقيل هو على الخلاف وهو الأصح لأنه وصفه بصفة من يعتق عليه بملكه كما في البحر
قوله ( في مولدهم ) قال في القنية مجهول النسب الذي يذكر في الكتاب هو الذي لا يعرف نسبه في البلدة التي هو فيها اه
ومختار المحققين من شراح
____________________
(3/646)
الهداية وغيرهم أنه الذي يعرف نسبه في مولده ومسقط رأسه وتمامه في الدرر
قوله ( وليس للقائل أب معروف ) أراد بالأب الأصل فيشمل الجد والأم
قال ط وهذا يغني عن قوله وجهل نسبهم قوله ( فيعتق فقط ) أي بلا ثبوت نسب لأن العتق باعتبار الجزئية والزنا ينفي النسبة الشرعية لا الجزئية
قوله ( وهل يشترط ) أي في ثبوت النسب تصديق العبد للسيد فقيل لا لأن إقرار السيد على مملوكه يصح بلا تصديق وقيل يشترط فيما سوى دعوى النبوة لأن فيه حمل النسب على الغير
زيلعي
قلت ومشى في كافي الحاكم على الثاني حيث قال في مسألة الأب والأم وصدقا في ذلك ولم يذكر ذلك في مسألة الابن
قوله ( ولا تصير أمه أم ولد ) قال في الفتح القدير ثم إذا قال هذا ابني هل تصير أمه أم ولد له إذا كانت في ملكه فقيل لا سواء كان الولد مجهول النسب أو معروفه وقيل تصير في الوجهين وقيل إن كان معروف النسب حتى لم يثبت نسبه منه لا تصير أم ولد له وإن كان مجهوله حتى يثبت نسبه منه صارت أم ولد له وهذا أعدل اه
وبه علم ما في كلام الشارح من الإطلاق في محل التفصيل فافهم
قوله ( افتقر للنية ) فيه نظر
ففي المجتبى قال لغلامه هذه بنتي أو لجاريته هذا ابني يعتق عندهما خلافا لأبي حنيفة وقيل لا يعتق عند الكل وهو الأظهر اه
ومثله في الذخيرة والقهستاني
وقال في النهر قال في المجتبى والأظهر أنه لا يعتق يعني إلا بالنية ويدل عليه ما مر من أنه لو قال لعبده أنت حرة أو لأمته أنت حر في بعض المواضع أنه صريح وفي بعضها كناية اه
فقوله يعني إلا بالنية إلخ ليس من كلام امجتبي كماا علمت وفيه نظر
وما استدل به يدل له لجواز كون التأنيث في قوله للعبد أنت حرة باعتبار كونه ذاتا أو جثة أو نسمة والتذكير في قوله للأمة أنت حر باعتبار كونها شخصا أو خلقا بخلاف إطلاق البنت على الابن وعكسه لما في الفتح القدير حيث قال في تعليل المسألة لأن الأول مجاز عن عتق الذكر والثاني عنه في الأنثى فانتفى حقيقته لانتفاء محل ينزل فيه ولا يتجوز في لفظ الابن في البنت وعكسه اتفاقا
ثم قال وما ذكره المصنف يعني صاحب الهداية بيان لتعذر عتقه بطريق آخر وهو أنه إذا اجتمعت الإشارة والتسمية والمسمى من جنس المشار تعلق بالمشار وإن كان من خلاف جنسه يتعلق بالمسمى والمشار إليه هنا مع المسمى جنسان لأن الذكر والأنثى في الإنسان جنسان لاختلاف المقاصد فيلزم أن يتعلق الحكم بالمسمى أعني مسمى بنت وهو معدوم لأن الثابت ذكر اه
فأنت ترى أن مقتضى التعليل بهذين الوجهين كون الكلام لغوا لا يتعلق به حكم سواء نوى أو لا
ويظهر من هذا أنه لا فرق بين قوله للعبد هذا بنتي أو هذه بنتي بتذكير اسم الإشارة أو تأنيثه لأن اللغو جاء من إطلاق البنت على الابن حيث لا يستعمل أحدهما في الآخر حقيقة ولا مجازا ومن كونه خلاف جنس المشار إليه كما لو باع فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج فالبيع باطل ويدل لما قلنا أنه في متن المنتقى عبر يقوله هذا ابنتي
قوله ( عتق ) أي بلا خلاف
فتح وينبغي توقفه على النية
تأمل
قوله ( وأخي لا ) أي وفي قوله هذا أخي لا يعتق بذون نية
قال في النهر وفرق في البدائع بأن الأخوة تحتمل الإكرام والنسب بخلاف العم لأنه لا يستعمل للإكرام عادة وهذا كله إذا اقتصر فلو قال أخي من أبي أو من أمي أو من النسب فإنه يعتق كما في الفتح وغيره ولا يخفي أنه إذا اقتصر يكون من الكنايات فيعتق بالنية اه
قوله ( لا يعتق بيا ابني ويا أخي ) أي بدون نية كما يأتي
قال في الدر المنتقى
____________________
(3/647)
وعنه أنه يعتق
والظاهر الأول لأن المقصود بالنداء استحضار المنادي فإن كان بوصف يمكن إثباته من جهته نحو يا حر كان لإثياب ذلك الوصف وإن لم يكن كالنبوة كان لمجرد الإعلام
قال في الفتح وينبغي أن يكون محل المسألة ما إذا كان العبد معروف النسب وإلا فهو مشكل إذ يجب أن يثبت النسب تصديقا له فيعتق اه
ولو قال يا أخي من أمي أو من أبي أو من النسب عتق كما مر اه
قوله ( ولا سلطان لي عليك ) لأن السلطان عبارة عن الحجة واليد ونفي كل منهما لا يستدعي نفي الملك كالمكاتب يثبت للمولى فيه الملك دون اليد
قوله ( بخلاف عكسه ) وهو وقوع الطلاق بألفاظ العتق لأن إزالة ملك الرقبة تستلزم إزالة ملك المتعة بلا عكس
درر
قوله ( كما مر ) أي في أوائل الطلاق
قوله ( قيد للأخيرة ) يعني أن قوله وإن نوى راجع إلى المسألة الأخيرة وهي ألفاظ الطلاق أما الأولى وهي مسألة النداء والثانية وهي مسألة نفي السلطان فيتوقف وقوع العتق فيهما على النية فهما من كناياته
قوله ( كما نقله ابن الكمال ) أي عن غاية البيان وكذا نقله في البحر عنها عن التحفة وقال فحينئذ لا ينبغي الجمع بين هذه المسائل في حكم واحد وأقره في النهر أيضا
قلت بل على ما مر من بحث الفتح ينبغي أن يثبت العتق بلا نية إذا كان مجهول النسب
قوله ( كما رجحه الكمال ) ونقله أيضا عن بعض المشايخ وبه قال الأئمة الثلاثة إذ لا يظهر فرق بينه وبين لا سبيل وعن الإمام الكرخي فني عمري ولم يتضح لي الفرق بينهما ثم قال الكمال بعد تقرير عدم الفرق والذي يقتضيه النظر كونه من الكنايات
قوله ( وأقره في البحر ) وكذا في النهر والشرنبلالية والمقدسي
قوله ( يعتق بالنية ) الأولى لا يعتق إلا بالنية
قوله ( ذكره ابن الكمال وغيره ) أي ذكر اشتراط النية للعتق ومثله في البحر عن الزيلعي وغاية البيان وعزاه في النهر إلى العناية عن المبسوط
قوله ( إلا في قوله إلخ ) استثناء من قوله بألفاظ الطلاق وزاد قوله أطلقتك مع أنه قدمه المصنف لتكميل ما استثنى ولكن استثناء الأمر باليد والاختيار منقطع لأنهما من كنايات التفويض لا كنايات الطلاق
قوله ( أو اختاري ) عزاه في البحر والنهر إلى البدائع
قلت وهو خلاف المذهب ففي الذخيرة قال محمد في الأصل إذا قال الرجل لأمته أمرك بيدك ينوي به العتق يصير العتق بيدها حتى لو أعتقت نفسها في المجلس جاز ولو قال لها اختاري ينوي العتق لا يصير العتق في يدها فقد فرق بين الأمر باليد وبين قوله اختاري في العتق وسوى بينهما في الطلاق اه كلام الذخيرة
وكذا صرح في الفتح بأنه لو قال لها اختاري اختارت نفسها لا ثبت العتق وإن نواه اه
وصرح بذلك أيضا في كافي الحاكم بلا حكاية خلاف وأنت خبير بأن ما في الأصل والكافي هو نص المذهب فلا يعدل عنه ولم أر من نبه على ذلك فاغتنمه
قوله ( ولا بدع ) أي ليس ذلك أمرا منفردا خرجا عن نظائره وهو جواب عن قوله فهو من كنايات العتق أيضا أي كما أنه من كنايات الطلاق لأنه لما احتمل العتق وغيره كان من كناياته أيضا قوله ( ويتوقف ) أي العتق في أمرك بيدك واختاري بخلاف أطلقتك فإنه لا تمليك فيه حتى يتوقف
قوله ( وإن لم يحتج للنية ) لأنه صريح حيث ذكر لفظ العتق ح
قوله ( لأنه تمليك ) تعليل للتشبيه أي وكذا اختر العتق يتوقف على المجلس لأنه تمليك
____________________
(3/648)
ح
أو هو علة لقوله يتوقف
قوله ( وإن نوى ) لأنه من كنايات الطلاق المختصة به ح
قوله ( لكن يكفر بوطئها ) لأن تحريم الخلال يمين فكأنه قال الله لا أطؤك ح
قوله ( بقوله عبدي أو حماري ) يعي جمع بين هذين اللفظين وقوله أو جداري أي بدل حماري وهذا عنده وقال لا يصح وبيانه في الزيلعي ط
قوله ( الحية ) نعت لامرته وأمته وأفرده لكون العطف بأو وقوله والميتة بمعنى وامرأته أو أمته الميتة فهو مقابل مدخول بين
قوله ( جوهرة ) ونصها ولو جمع بين عبد وبين ما لا يقع عليه العتق كالبهيمة والحائط والسارية فقال عبدي حر أو هذا أو قال أحدكما عتق العبد عند أبي حنيفة وعندهما لا يعتق وإن قال لعبده أنت حر أولا لا يعتق إجماعا وإن قال لعبده وعبد غيره أحدكما لم يعتق عبده إجماعا إلا بالنية لأن عبد الغير لا يوصف بالحرية إلا من جهة مولاه وقد يجوز أن يكون أوقع حرية موقوفة على إجازة المولى كذا إذا جمع بين أمة حية وأمة ميتة فقال أنت حرة أو هذه أو إحداكما حرة لم تعتق أمته لأن الميتة توصف بالحرية فيقال ماتت حرة وماتت أمة فلا تختص الحرية بأمته اه ح
مطلب في ملك الرحم المحرم قوله ( بملك ذي رحم محرم ) شمل الملك بشراء أو هبة أو وصية أو غيره
قهستاني
وشمل ما لو باشره بنفسه أو نائبه فدخل ما إذا اشترى العبد المأذون ذا رحم محرم من مولاه ولا دين عليه أما المديون فلا يعتق ما اشتراه عنده خلافا لهما وخرج المكاتب إذا اشترى ابن مولاه فإنه لا يعتق اتفاقا
بحر عن الظهيرية
( تنبيه ) القنية وطىء جارية أبيه فولدت منه لا يجوز بيع الولد ادعى الواطىء الشبهة أو لا لأنه ولد ولده فيعتق عليه حين دخل في ملكه وإن لم يثبت النسب كمن زنى بجارية غيره فولدت منه ثم ملك الولد يعتق عليه وإن لم يثبت نسبه منه اه
وفي حاشية الحموي عن غاية البيان لو اشترى أخاه من الزنا لا يعتق عليه لأنه ينسب إليه بواسطة الأب ونسبة الأب منقطعة فلا تثبت الأخوة
قالوا إلا إذا كان من أمه فيعتق عليه إذا ملكه لأن نسبة الولد إليها لا تنقطع فتكون الأخوة ثابتة اه
قوله ( أي قريب ) تفسير لذي الرحم وقوله حرم نكاحه أبدا تفسير للمحرم
قال في الدر المنتقى ثم المحرمان شخصان لا يجوز النكاح بينهما لو كان أحدهما ذكر والآخر أنثى فالمحرم بلا رحم كابنه رضاعا وزوجة أصله وفرعه فلا يعتق عليه اتفاقا وكذا الرحم بلا محرم كبني الأعمام والأخوال لا يعتق عليه اتفاقا كافي وغيره اه
قوله ( عنده ) أي عند الإمام لتجزىء العتق عنده خلافا لهما ط
قوله ( أو حملا إلخ ) فيعتق دون أمه وليس له بيعها قبل أن تضع حملها لأنه ملك أخاه فيعتق عليه
بدائع
وهذا مناف لقولهم إن حمل لا يدخل تحت المملوك حتى لا يعتق بكل مملوك لي حر فيحتاج إلى الجواب
بحر
وأقول لا يلزم من كون الشيء ملكا كونه مملوكا مطلقا
نهر
وتوضيحه أن المملوك في كل مملوك حر حيث أطلق ينصرف إلى ذات مملوكة له مستقلة بنفسها والحمل جزء من أمه فلا يلزم من كونه ملكا أن يصدق عليه اسم مملوك حيث أطلق وهنا علق العتق على دخول
____________________
(3/649)