ذكره له في واجبات الصلاة
قوله ( وبسطناه في الخزائن ) حيث قال بعد قوله وهو المختار قلت لكنه غريب لم أر من عرج عليه والذي رجحه الجم الوجوب وحمل في الفتح وتبعه في البحر قول الثاني على الفرض العملي فيرتفع الخلاف
قلت أنى يرتفع وقد صرح في السهو بفساد الصلاة بتركه عنده خلافا لهما فتنبه ا هـ
وهو مأخوذ من النهر
أقول والذي دعا صاحب البحر إلى هذا الحمل هو التقصي عن إشكال قوي هو أن أبا يوسف أثبت القرضية بحديث المسيء صلاته وهو خبر آحاد والدليل القطعي أمر بمطلق الركوع والسجود فيلزم الزيادة على النص الخاص بخبر الواحد وأبو يوسف لا يقول به وإذا حمل قوله بفرضية تعديل الأركان على الفرض العملي الذي هو أعلى قسمي الواجب اندفع الإشكال وارتفع الخلاف
ويرد عليه ما علمته
وبيانه أن الفرض العملي هو الذي يفوت الجواز بفوته كتقدير مسح الرأس بالربع فيلزم فساد الصلاة بترك التعديل المذكور عند أبي يوسف وهما لا يقولان به فالخلاف باق ويلزم الزيادة على النص أيضا لأن مقتضى النص الاكتفاء بمسمى ركوع وسجود فالإشكال باق أيضا لكن أجاب بعض المحققين عن الإشكال بجواب حسن ذكرته فيما علقته على البحر وهو أن المراد بالركوع والسجود في الآية عندهما معناهما اللغوي وهو معلوم لا يحتاج إلى البيان
فلو قلنا بافتراض التعديل لزم الزيادة على النص بخبر الواحد
وعند أبي يوسف معناهما الشرعي وهو غير معلوم فيحتاج إلى البيان
مطلب مجمل الكتاب إذا بين بالظني فالحكم بعده مضاف إلى الكتاب وقد صرح في العناية بأن المجمل من الكتاب إذا لحقه البيان بالظني كان الحكم بعده مضافا إلى الكتاب لا إلى البيان في الصحيح ولذا قلنا بفرضية القعدة الأخيرة المبينة بخبر الواحد ولم نقل بفرضية الفاتحة بخبر الواحد أيضا لأن قوله تعالى { فاقرؤوا ما تيسر } المزمل 20 خاص لا مجمل ا هـ ملخصا
والحاصل أن الركوع والسجود خاصان عندهما مجملان عنده وبهذا يندفع الإشكال من أصله لكن يبقى الخلاف على حاله والله أعلم
قوله ( أي هذه الفرائض ) أي المذكور في المتن لأن الضمير في كلام المصنف راجع إليها ويشمل القعدة الأخيرة على القول بركنيتها كما قدمناه من ثمرة الخلاف
قوله ( قلت وبه ) أي وبذكر هذا الفرض وهو الاختيار الآتي في المتن وكان عليه أن يذكر هذا قبيل قوله ولها واجبات فيسلم من عود الضمير على المتأخر الموجب لركاكة التركيب ح
قوله ( نيفا وعشرين ) النيف بالتشديد كهين ويخفف ما زاد على العقد إلى أن يبلغ العقد الثاني وأراد هنا أحدا وعشرين ثمانية تقدمت في المتن وهذا تاسعها واثني عشر في الشرح بجعل ترتيب القعود فرضا مستقلا كما قدمناه فافهم
قوله ( في شرحه للوهبانية ) وكذا في رسالته المسماة ( در الكنوز ) فإنه ذكر فيها النظم وزاد عليه نظم الواجبات والسنن والمندوبات ومسائل أخر وشرح الجميع
بحث شروط التحريمة قوله ( للتحريمة عشرين شرطا ) بعضها فيما يتعلق بلفظها وباقيها شروط للصلاة اشترطت لها على ما اختاره الشارح لاتصالها بالأركان وقدمنا الكلام عليه
قوله ( ولغيرها ) أي غير التحريمة وهو الصلاة والكل في الحقيقة
____________________
(1/451)
شروط لصحة الصلاة إلا أن هذه الثلاثة عشر لا مدخل فيها للتحريمة فلذا فصلها عما قبلها
قوله ( شروط ) مبتدأ سوغ الابتداء به وصفه بقوله لتحريم وبقوله حظيت بالبناء للمجهول وتاء الخطاب أو التكلم أي أعطيت حظوة الضم أو الكسر أي مكانة أو حظا بجمعها مهذبة منقاة مصلحة منصوب على الحال من الهاء حسنا بفتح أو ممدود أوله للضرورة حال أيضا أو مرفوع على الوصفية أيضا أو بالضم والقصر منصوب على التمييز مدى الدهر ظرف لقوله تزهر من باب منع أي تتلألأ وتضيء دخول خبر المبتدأ لوقت أي وقت المكتوبة إن كانت التحريمة لها واعتقاد دخوله أو ما يقوم مقام الاعتقاد من غلبة الظن فلو شرع شاكا فيه لا تجزيه وإن تبين دخوله وستر العورة وطهر من حدث ونجاسة مانعة في بدن وثوب ومكان وكذا يشتراط اعتقاد ذلك فلو صلى على أنه محدث أو أن ثوبه مثلا نجس فبان خلافه لم يجز كما مر عند قوله وإن شرع بلا تحر الخ قال ح وينبغي أن يكون الستر كذلك والقيام لقادر في غير نفل وفي سنة فجر المحرر بأن لا تنال يداه ركبتيه كما مر فلو أدرك الإمام راكعا فكبر منحنيا لم تصح تحريمته ونية اتباع الإمام أنت خبير بأن هذا شرط لصحة الاقتداء لا لصحة التحريمة لأنه إذا لم ينو المتابعة صح شرعه منفردا لكنه إذا ترك القراءة أصلا تبطل صلاته نعم يشترط لصحة التحريمة نية مطلق الصلاة ولم يذكره فكان ينبغي أن يقول ونيته أصل الصلاة إلا أن يقال اتباع بالرفع بإسقاط العاطف فيكون بيانا لأنه يشترط أن يكون بتحريمته تابعا لإمامه لا سابقا عليه ونطقه اعترض بأن النطق ركن التحريمة فكيف يكون شرطا وأجيب بأن المراد نطقه على وجه خاص وهو أن يسمع بها نفسه فمن همس بها أو أجراها على قلبه لا تجزيه وكذا جميع أقوال الصلاة من ثناء وتعوذ وبسملة وقراءة وتسبيح وصلاة على النبي وكعتاق وطلاق ويمين كما أفاده الناظم ط وتعيين فرض أي أنه ظهر أو عصر مثلا أو وجوب كركعتي الطواف والعيدين والوتر والمنذور وقضاء نفل أفسده واحترز به عن النفل فإنه يصح بمطلق النية حتى التراويح على المعتمد كما مر في بحث النية فيذكر أي ينطلق وأعاده ليعلق به قوله بجملة ذكر كالله أكبر فلا يصير شارعا بأحدهما في ظاهر الرواية على ما سيأتي في أول الفصل الآتي خالص عن مراده أي غير مشوب بحاجته فلا يصح باستغفار نحو اللهم اغفر لي بخلاف اللهم فقط فإنه يصح في الأصح كيا ألله كما سيأتي وبسملة بالجر عطفا على مراده أي وخالص عن بسملة فلا يصح الافتتاح بها في الصحيح كما نقله الناظم عن العناية وكذا بتعوذ وحوقلة ما سيأتي عرباء نعت لجملة أي بجملة عربية إن هو يقدر على الجملة العربية فلا يصح شروعه بغيرها إلا إذا عجز فيصح بالفارسية كالقراءة لكن سيأتي أنه يصح الشروع بغير العربية وإن قدر عليها
____________________
(1/452)
اتفاقا بخلاف القراءة وأن هذا مما اشتبه على كثيرين حتى الشرنبلالي في كل كتبه وعن ترك هاو عطف على قوله عن مراده وكذا المجرورات بعن الآتية أو لهاء جلالة قال الناظم المراد بالهاوي الألف الناشىء بالمد الذي في اللام الثانية من الجلالة فإذا حذفه الحالف أو الذابح أو المكبر للصلاة أو حذف الهاء من الجلالة اختلف في انعقاد يمينه وحل ذبيحته وصحة تحريمته فلا يترك احتياطا وعن مد همزات أي همزة الله وهمزة أكبر إطلاقا للجمع على ما فوق الواحد لأنه يصير استفهاما وتعمده كفر فلا يكون ذكرا فلا يصح الشروع به وتبطل الصلاة به لو حصل في أثنائها في تكبيرات الانتقالات وباء بأكبر أي وخالص عن مد باء أكبر لأنه يكون جمع كبر وهو الطبل فيخرج عن معنى التكبير أو هو اسم للحيض أو للشيطان فتثبت الشركة فتعدم التحريمة قاله الناظم وعن فاصل بين النية والتحريمة فعل كلام بدلان من فاصل على حذف العاطف من الثاني مباين نعت لفاصل فإذا نوى ثم عبث بثيابه أو بدنه كثيرا أو أكل ما بين أسنانه وهو قدر الحمصة أو تناول من خارج ولو قليلا أو شرب أو تكلم وإن لم يفهم أو تنحنح بلا عذر ثم كبر وقد غابت النية عن قلبه لم يصح شروعه
واحترز عن غير المباين كما لو توضأ ومشى إلى المسجد بعد النية كما مر في محله وعن سبق تكبير على النية خلافا للكرخي كما مر أو سبق المقتدي الإمام به فلو فرغ منه قبل فراغ إمامه لم يصح شروعه والأول أولى لما مر في توجيه قوله اتباع الإمام ومثلك يعذر بفتح أوله وضم ثالثه مبنيا للفاعل يعني أنت تعذر إذا رأيت معنى بعيد المأخذ من اللفظ فإنك من خيار الناس وخير الناس من يعذر فالمراد التماس العذر من المطلع على نظمه ط أي لأن ضيق النظم يلجىء إلى التعبير ببعيد المعنى ( فدونك ) أي خذ هذي المذكورات مستقيما لقبلة إلا لعذر أو لتنفل راكب خارج مصر لعلك تحظى بالقبول وتشكر بالبناء للفاعل أو المفعول فجملتها العشرون بل زيد غيرها كنية مطلق الصلاة وتمييز المفروض كما مر واعتقاد طهارته من حدث أو خبث وناظمها يرجو الجواد كجراد كثير الجود فيغفر أي فهو يغفر لراجيه وألحقتها من بعد ذاك المذكور من البيان لغيرها أي غير التحريمة وهو الصلاة ثلاثة عشر بإسكان الشين لغة في فتحها وبالتنوين للضرورة ط للمصلين متعلق بقوله تظهر وهي قيامك عند عدم عذر في المفروض أي في الصلاة المفروضة وكذا ما ألحق بها من الواجب وسنة الفجر وذكر الضمير باعتبار كون الصلاة فعلا مقدار آية على قول الإمام المعتمد ط ( وتقرأ في ثنتين منه ) أي من المفروض أي ركعاته تخير أي متخيرا في إيقاع القراءة في أي ركعتين منه والمقام لبيان الفرائض
فلا يرد أن تعيين القراءة في الأوليين واجب
____________________
(1/453)
وفي ركعات النفل والوتر فرضها أي فرض القراءة كائن في جميع ركعات النفل لأن كل ركعتين منه صلاة على حدة والوتر لأنه شابه السنن من حيث إنه لا يؤذن له ولا يقام
واعلم أن حكم المنذور حكم النفل حتى لو نذر أربع ركعات بتسليمة واحدة لزمه القراءة في أربعها لأنه نفل في نفسه ووجوبه عارض ح ومن كان مؤتما فعن تلك القراءة التي قلنا إنها فرض يحظر أي يمنع فتكره له تحريما لأن قراءة الإمام له قراءة فالقراءة فرض على غير المؤتم فهذا في موقع الاستثناء مما قبله وشرط سجود مبتدأ ومضاف إليه فالقرار خبر بزيادة الفاء لجبهة أي يفترض أن يسجد على ما يجد حجمه بحيث إن الساجد لو بالغ لا يتسفل رأسه أبلغ مما كان عليه حال الوضع فلا يصح على نحو الأرز والذرة إلا أن يكون في نحو جوالق ولا على نحو القطن والثلج والفرش إلا إن وجد حجم الأرض بكبسه وقرب قعود حد فصل محرر يعني الحد الفاصل بين السجدتين أن يكون إلى القعود أقرب وهو الرابع من الثلاثة عشر هذا البيت ساقط من بعض النسخ وذكره الناظم في در الكنوز مؤخرا عن الذي بعده وهو الأنسب وبعد قيام فالركوع فسجدة أي يفترض بعد القيام الركوع وكذا السجود وكذا الترتيب المفاد بالبعدية وبالفاء أي يفترض ترتيب القيام على الركوع والركوع على السجود كما مر وثانية مبتدأ قد صح جملة معترضة عنها متعلق بقوله تؤخر والجملة خبر المبتدأ يعني والسجدة الثانية يصح أن تؤخر عن السجدة الأولى إلى آخر الصلاة لأن مراعاة الترتيب بينهما واجبة كما سيأتي والأوضح في إفادة هذا المعنى أن يقال وثانية قد صح فيها التأخر
وحاصل كلامه أن مراعاة الترتيب بين المتكرر في كل الصلاة فرض كالقيام والركوع والسجود بخلاف المتكرر في كل ركعة كالسجدتين على ظهر متعلق بقوله فسجدة كذا قاله الناظم والأولى تعلقه بقوله الآتي الجواز كف أي كف نفسه أو على فضل ثوبه أو على كور عمامته إذا تطهر الأرض التي تحت الكف أو فاضل الثوب الجواز مقرر لكن يكره إن كان بلا عذر كما سيأتي
وحاصل البيت أن الفرض الثامن طهارة موضع السجود ولو كان على شيء متصل بالمصلي ككفه وثوبه لأنه باتصاله لا يعد حائلا بينه وبين النجاسة سجودك مبتدأ في أي على مكان عال أي مرتفع عن حد الجواز المقدر بنصف ذراع الذي لا يغتفر بلا ضرورة السجود على أرفع منه فظهر الأولى الإتيان بالواو وتكون بمعنى أو أي وسجودك على ظهر مصلى صلاتك مشارك لك لسجدتها اللام بمعنى في أي بشرط أن يكون ساجدا مثلك لكن سجوده على الأرض عند ازدحامك متعلق بقوله سجودك أو بقوله يغفر والجملة خبر المبتدأ
وحاصل البيت بيان الفرض التاسع وهو أن لا يكون سجوده على مرتفع عن نصف ذراع إلا لضرورة زحمة أداؤك مبتدأ وخبره محذوف دل عليه خبر المبتدأ الآتي أفعال الصلاة أي أركانها بيقظة وسيأتي
____________________
(1/454)
الكلام عليه قريبا وتمييز مفروض مبتدأ أي تمييز الخمس المفروضة عن غيرها وتقدم بيانه وكان ينبغي ذكره في شروط التحريمة عليك متلعق بمحذوف خبر المبتدأ أو بقوله مقرر وهو الخبر ويختم أفعال الصلاة قعوده فاعل يختم وفي صنعه وفي بمعنى الباء وهو متعلق بالخروج وكذا قوله عنها أي عن الصلاة الخروج مبتدأ خبره قوله محرر قال الناظم والخروج بصنع المصلي فرض عند الإمام الأعظم وهو المحرر عند المحققين من أئمتنا وقد بسطنا الكلام عليه في رسالة سميتها ( المسائل البهية الزكية على الاثني عشرية ) ا هـ وتقدم بعض الكلام على ذلك والله الموفق
قوله ( الاختيار ) بالرفع على أنه نائب فاعل شرط السابق في كلام المصنف
قوله ( أي الاستيقاظ ) تفسير باللازم لأنه يلزم من الاستيقاظ الاختيار ح
وإنما فسر به ليشير إلى أن ما يحصل مع الغفلة والسهو لا ينافي الاختيار فلذا قال أما لو ركع الخ رحمتي
قوله ( ذاهلا كل الذهول ) بأن كان قلبه مشغولا بشيء فإنه لا شك أنه أتى بالركوع والسجود باختياره ولكنه غافل عنهما ونظيره الماشي فإن رجليه وكثيرا من أعضائه يتحرك بمشيه المختار له ولا شعور له بذلك
قال ح
والظاهر أن الناعس كالذاهل فليراجع
قوله ( أو قعد الأخير ) صفة لمفعول مطلق محذوف أي أو قعد القعود الأخير ح
قوله ( بل يعيده ) وهل يسجد للسهو لتأخير الركن الظاهر نعم فراجعه
رحمتي
قوله ( على الأصح ) أما في القراءة فهو ما اختاره فخر الإسلام وصاحب الهداية وغيرهما ونصب في المحيط والمبتغى على أنه الأصح لأن الاختيار شرط أداء العبادة ولم يوجد حالة النوم
وقال الفقيه أبو الليث يعتد بها لأن الشرع جعل النائم كالمستيقظ في حق الصلاة والقراءة ركن زائد يسقط في بعض الأحوال فجاز أن يعتد بها في حالة النوم
واستوجهه في الفتح
وأجاب عن تعليل القول الأول بقوله والاختيار المشروط قد وجد في ابتداء الصلاة وهو كاف ألا ترى أنه لو ركع وسجد ذاهلا عن فعله كل الذهول أنه تجزيه ا هـ
قال في شرح المنية والجواب أنا نمنع كون الاختيار في الابتداء كافيا ولا نسلم أن الذاهل غير مختار ا هـ
على أنه يلزم من الاكتفاء بالاختيار في الابتداء أنه لو ركع وسجد حالة النوم يجزيه وقد قال في المبتغى ركع وهو نائم لا يجوز إجماعا وصريح كلام ابن أمير حاج في الحلية ترجيح كلام الفقيه للجواب الذي ذكره شيخه في الفتح حتى رد به ما في المبتغى ثم قال وقد عرف من هذا أيضا جواز القيام في حالة النوم أيضا وإن نص بعضهم على عدم جوازه ا هـ
وتبعه في البحر لكن قد علمت ما في كلام الفتح بما نقلناه عن شرح المنية فالأولى اتباع المنقول والله أعلم
وأما في القعدة فقد ذكر في الحلية عن التحقيق للشيخ عبد العزيز البخاري أنه لا نص فيها عن محمد وأنه قيل إنها يعتد بها وقيل لا
ورجح في الحلية الأول بناء على ما قدمه من جواب شيخه وقال إنه اقتصر عليه في جامع الفتاوى ا هـ
واقتصر على الثاني في المنية
وقال شارحها الشيخ إبراهيم إنه الأصح
وفي المنح إنه المشهور وبه جزم الشرنبلالي في نظمه المار وفي نور الإيضاح
قوله ( تفسد ) أي الصلاة
قوله ( لصدوره ) أي ما أتى به
____________________
(1/455)
قوله ( فلو أتى ) أي في حالة النوم
وقوله ( ولو ركع الخ ) تفريع على مفهوم قوله فإن أتى بها نائما لا يعتد به فإنه يفيد أنه لو نام بعد ما ركع أو سجد اعتد به
قوله ( لحصول الرفع والوضع ) كذا في الحلية والبحر عن المحيط والأظهر ذكر الانحناء بدل الرفع
وقال ط هذا بناء على اشتراط الرفع في الركوع أما على القول بأنه سنة أو واجب فلا يظهر
مطلب واجبات الصلاة قوله ( ولها واجبات ) قدمنا في أوائل كتاب الطهارة الفرق بين الفرض والواجب وتقسيم الواجب إلى قسمين أحدهما وهو أعلاهما يسمى فرضا عمليا وهو ما يفوت الجواز بفوته كالوتر
والآخر ما لا يفوت بفوته وهو المراد هنا
وحكمه استحقاق العقاب بتركه وعدم إكفار جاحده والثواب بفعله وحكمه في الصلاة ما ذكره الشارح
والواجب قد يطلق على الفرض القطعي كصوم رمضان واجب
قوله ( لا تفسد بتركها ) أشار به إلى الرد على القهستاني حيث قال لا تفسد ولا تبطل ا هـ
قال الحموي في شرح الكنز والفرق بينهما أن الفاسد ما فات عنه وصف مرغوب والباطل ما فات عنه شرط أو ركن وقد يطلق الفاسد بمعنى الباطل مجازا ا هـ
ووجه الرد أن أئمتنا لم يفرقوا في العبادات بينهما وإنما فرقوا في المعاملات ح
قوله ( وتعاد وجوبا ) أي بترك هذه الواجبات أو واحد منها
وما في الزيلعي والدرر والمجتبى من أنه لو ترك الفاتحة يؤمر بالإعادة لا لو ترك السورة رده في البحر بأن الفاتحة وإن كانت آكد في الوجوب للاختلاف في ركنيتها دون السورة لكن وجوب الإعادة حكم ترك الواجب مطلقا لا الواجب المؤكد وإنما تظهر الآكدية في الإثم لأنه مقول بالتشكيك ا هـ
قلت وينبغي تقييد وجوب الإعادة بما إذا لم يكن الترك لعذر كالأمي أو من أسلم في آخر الوقت فصلى قبل أن يتعلم الفاتحة فلا تلزمه الإعادة
تأمل
قوله ( إن لم يسجد له ) أي للسهو وهذا قيد لقوله والسهو إذ لا سجود في العمد قيل إلا في أربعة لو ترك القعدة الأولى عمدا أو شك في بعض الأفعال فتفكر عمدا حتى شغله ذلك عن ركن أو أخر إحدى سجدتي الركعة الأولى إلى آخر الصلاة عمدا أو صلى على النبي في القعدة الأولى عمدا
وزاد بعضهم خامسا وهو لو ترك الفاتحة عمدا فيسجد في ذلك كله ويسمى سجود عذر ولم يستثن الشارح ذلك لما سيأتي تضعيفه في باب سجدو السهو
ورده العلامة قاسم أيضا بأنا لا نعلم له أصلا في الرواية ولا وجها في الدراية وهل تجب الإعادة بترك سجود السهو لعذر كما لو نسيه أو طلعت الشمس في الفجر لم أره فليراجع
والذي يظهر الوجوب كما هو مقتضى إطلاق الشارح لأن النقصان لم ينجبر بجابر وإن لم يأثم بتركه فليتأمل
مطلب المكروه تحريما من الصغائر ولا تسقط به العدالة إلا بالإدمان قوله ( يكون فاسقا ) أقول صرح العلامة ابن نجيم في رسالته المؤلفة في بيان المعاصي بأن كل مكروه تحريما من الصغائر وصرح أيضا بأنهم شرطوا لإسقاط العدالة بالصغيرة الإدمان عليها ولم يشرطوه في فعل ما يخل بالمروءة وإن كان مباحا
وقال أيضا إنهم أسقطوها بالأكل فوق الشبع مع أنه صغيرة فينبغي اشتراط الإصرار
____________________
(1/456)
عليه
قال وجوابه أن المسقط لها به بناه على أن كل ذنب يسقطها ولو صغيرة بلا إدمان كما أفاده في المحيط البرهاني وليس بمعتمد ا هـ
وبه ظهر أن كلام الشارح هنا مبني على خلاف المعتمد
مطلب صلاة أديت مع كراهة التحريم تجب إعادتها قوله ( وكذا كل صلاة الخ ) الظاهر أنه يشمل نحو مدافعة الأخبثين مما لم يوجب سجودا أصلا وأن النقص إذا دخل في صلاة الإمام ولم يجبر وجبت الإعادة على المقتدي أيضا وأنه يستثنى منه الجمعة والعيد إذا أديت مع كراهة التحريم إلا إذا أعادها الإمام والقوم جميعا فليراجع ح
أقول وقد ذكر في الإمداد بحثا أن كون الإعادة بترك الواجب واجبة لا يمنع أن تكون الإعادة مندوبة بترك سنة ا هـ
ونحوه في القهستاني بل قال في فتح القدير والحق التفصيل بين كون تلك الكراهة كراهة تحريم فتجب الإعادة أو تنزيه فتستحب ا هـ
بقي هنا شيء وهو أن صلاة الجماعة واجبة على الراجح في المذهب أو سنة مؤكدة في حكم الواجب كما في البحر وصرحوا بفسق تاركها وتعزيره وأنه يأثم ومقتضى هذا أنه لو صلى مفردا يؤمر بإعادتها بالجماعة وهو مخالف لما صرحوا به في باب إدراك الفريضة من أنه لو صلى ثلاث ركعات من الظهر ثم أقيمت الجماعة يتم ويقتدي متطوعا فإنه كالصريح في أنه ليس له إعادة الظهر بالجماعة مع أن صلاته منفردا مكروهة تحريما أو قريبة من التحريم فيخالف تلك القاعدة إلا أن يدعي تخصيصها بأن مرادهم بالواجب والسنة التي تعاد بتركه ما كان من ماهية الصلاة وأجزائها فلا يشمل الجماعة لأنها وصف لها خارج عن ماهيتها أو يدعي تقييد قولهم يتم ويقتدي متطوعا بما إذا كانت صلاته منفردا لعذر كعدم وجود الجماعة عند شروعه فلا تكون صلاته منفردا مكروهة والأقرب الأول ولذا لم يذكروا الجماعة من جملة واجبات الصلاة لأنها واجب مستقل بنفسه خارج عن ماهية الصلاة ويؤيده أيضا أنهم قالوا يجب الترتيب في سور القرآن فلو قرأ منكوسا أثم لكن لا يلزمه سجود السهو لأن ذلك من واجبات القراءة لا من واجبات الصلاة كما ذكره في البحر في باب السهو لكن قولهم كل صلاة أديت مع كراهة التحريم يشمل ترك الواجب وغيره ويؤيده ما صرحوا به من وجوب الإعادة بالصلاة في ثوب فيه صورة بمنزلة من يصلي وهو حامل الصنم
تنبيه قيد في البحر في باب قضاء الفوائت وجوب الإعادة في أداء الصلاة مع كراهة التحريم بما قبل خروج الوقت أما بعده فتستحب وسيأتي الكلام فيه هناك إن شاء الله تعالى مع بيان الاختلاف في وجوب الإعادة وعدمه وترجيح القول بالوجوب في الوقت وبعده
قوله ( والمختار أنه ) أي الفعل الثاني جابر للأول بمنزلة الجبر بسجود السهو وبالأول يخرج عن العهدة وإن كان على وجه الكراهة على الأصح كذا في شرح الأكمل على أصول البزدوي ومقابله ما نقلوه عن أبي اليسر من أن الفرض هو الثاني واختار ابن الهمام الأول قال لأن الفرض لا يتكرر وجعله الثاني يقتضي عدم سقوطه بالأول إذ هو لازم ترك الركن لا الواجب إلا أن يقال المراد أن ذلك امتنان من الله تعالى إذ يحتسب الكامل وإن تأخر عن الفرض لما علم سبحانه أنه سيوقعه ا هـ يعني أن القول بكون الفرض هو الثاني يلزم عليه تكرار الفرض لأن كون الفرض هو الثاني دون الأول يلزم منه عدم سقوطه بالأول وليس كذلك لأن عدم سقوطه بالأول إنما يكون بترك فرض لا بترك واجب وحيث استكمل الأول
____________________
(1/457)
فرائضه لا شك في كونه مجزئا في الحكم وسقوط الفرض به وإن كان ناقصا بترك الواجب فإذا كان الثاني فرضا يلزم منه تكرار الفرض إلا أن يقال الخ فافهم
قوله ( على ما ذكره ) وإلا فهي أكثر من ذلك بكثير كما سيأتي بيانه
قوله ( قراءة فاتحة الكتاب ) هذا إذا لم يخف فوت الوقت وإلا اكتفى بآية واحدة في جميع الصلوات وخص البزدوي الفجر به كما في القنية
إسماعيل
قوله ( بترك أكثرها ) يفيد أن الواجب الأكثر ولا يعرى عن تأمل
بحر وفي القهستاني أنها بتمامها واجبة عنده وأما عندهما فأكثرها ولذا لا يجب السهو بنسيان الباقي كما في الزاهدي فكلام الشارح جار على قولهما ط
قوله ( وهو أولى ) لعله للمواظبة المفيدة للوجوب ط
قوله ( وعليه ) أي وبناء على ما في المجتبى فكل آية واجبة وفيه نظر لأن الظاهر أن ما في المجتبى مبني على قول الإمام بأنها بتمامها واجبة وذكر الآية تمثيل لا تقييد إذ بترك شيء منها آية أو أقل ولو حرفا لا يكون آتيا بكلها الذي هو الواجب كما أن الواجب ضم ثلاث آيات فلو قرأ دونها كان تاركا للواجب أفاده الرحمتي
قوله ( ككل تكبيرة عيد ) وهي ست تكبيرات كما سيأتي في محله ح
قوله ( وتعديل ركن ) عطف على تكبيرة أي وككل تعديل ركن ومثله تعديل القومة وتعديل الجلسة على ما يأتي قريبا ح
قوله ( وإتيان كل الخ ) بالرفع عطفا على كل الأول أو بالجر عطفا على كل الثاني والمراد أن من الواجبات إتيان كل فرض أو واجب في محله وترك تكرير كل منهما وأفاد هذا المراد بقوله كما يأتي أي في آخر الواجبات
قوله ( وترك تكرير كل ) هكذا في بعض النسخ وعلمت المراد منه
والذي في عامة النسخ وترك كل بإسقاط تكرير وتوجيهه بأن يجعل قوله ككل تكبيرة تنظير الآية في قوله يسجد بترك آية والمعنى كما يسجد بترك كل تكبيرة عيد بمفردها ترك كل تعديل ركن بمفرده وترك إتيان كل من التكبيرات أو التعديلات جملة وكذا بترك كل هذه المذكورة جملة ولا يخفى ما فيه
قوله ( تعدل ثلاثا قصارا ) أي مثل { ثم نظر } الخ وهي ثلاثون حرفا فلو قرأ آية طويلة قدر ثلاثين حرفا يكون قد أتى بقدر ثلاثة آيات لكن سيأتي في فصل يجهر الإمام أن فرض القراءة آية وأن الآية عرفا طائفة من القرآن مترجمة أقلها ستة أحرف ولو تقديرا { لم يلد } إلا إذا كانت كلمة فالأصح عدم الصحة ا هـ
ومقتضاه أنه لو قرأ آية طويلة قدر ثمانية عشر حرفا يكون قد أتى بقدر ثلاث آيات
وقد يقال إن المشروع ثلاث آيات متوالية على النظم القرآني مثل { ثم نظر } الخ ولا يوجد ثلاث متوالية أقصر منها فالواجب إما هي أو ما يعدلها من غيرها لا ما يعدل ثلاثة أمثال أقصر آية وجدت في القرآن ولذا قال تعدل ثلاثا قصارا ولم يقل تعدل ثلاثة أمثال أقصر آية
على أن في بعض العبارات تعدل أقصر سورة فليتأمل وسنذكر في فصل الجهر زيادة في هذا البحث
قوله ( ذكره الحلبي ) أي في شرحه الكبير على المنية
وعبارته وإن قرأ ثلاث آيات قصارا أو كانت الآية أو الآيتان تعدل ثلاث آيات قصار خرج عن حد الكراهة المذكورة يعني كراهة التحريم
قال الشارح في شرحه على الملتقى ولم أره لغيره وهو مهم فيه يسر عظيم لدفع كرراهة التحريم ا هـ
____________________
(1/458)
قلت قد صرح به في الدرر أيضا حيث قال وثلاث آيات قصار تقوم مقام السورة وكذا الآية الطويلة ا هـ
ومثله في الفيض وغيره
وفي التاترخانية لو قرأ آية طويلة كآية الكرسي أو المداينة البعض في ركعة والبعض في ركعة اختلفوا فيه على قول أبي حنيفة قيل لا يجوز لأنه ما قرأ آية تامة في كل ركعة وعامتهم على أنه يجوز لأن بعض هذه الآيات يزيد على ثلاث قصار أو يعدلها فلا تكون قراءته أقل من ثلاث آيات ا هـ
وهذا يفيد أن بعض الآية كالآية في أنه إذا بلغ قدر ثلاث آيات قصار يكفي
قوله ( في الأوليين ) تنازع فيه قراءة وضم في قول المصنف قراءة فاتحة الكتاب وضم سورة لأن الواجب في الأوليين كل منهما
فافهم
قوله ( وهل يكره ) أي ضم السورة
قوله ( المختار لا ) أي لا يكره تحريما بل تنزيها لأنه خلاف السنة
قال في المنية وشرحها فإن ضم السورة إلى الفاتحة ساهيا يجب عليه سجدتا السهو في قول أبي يوسف لتأخير الركوع عن محله وفي أظهر الروايات لا يجب لأن القراءة فيهما مشروعة من غير تقدير والاقتصار على الفاتحة مسنون لا واجب ا هـ
وفي البحر عن فخر الإسلام أن السورة مشروعة في الأخريين نقلا
وفي الذخيرة أنه المختار
وفي المحيط وهو الأصح ا هـ
والظاهر أن المراد بقوله نفلا الجواز والمشروعية بمعنى عدم الحرمة فلا ينافي كونه خلاف الأولى كما أفاده في الحلية
مطلب كل شفع من النفل صلاة قوله ( لأن كل شفع منه صلاة ) كأنه والله أعلم لتمكنه من الخروج على رأس الركعتين فإذا قام إلى شفع آخر كان بانيا صلاة على تحريمة صلاة ومن ثم صرحوا بأنه نوى أربعا لا يجب عليه تحريمتها سوى الركعتين في المشهور عن أصحابنا وأن القيام إلى الثالثة بمنزلة تحريمة مبتدأة حتى أن فساد الشفع الثاني لا يوجب فساد الشفع الأول وقالوا يستحب الاستفتاح في الثالثة والتعوذ وتمامه في الحلية وسيأتي أيضا في باب الوتر والنوافل
قال ح ولا ينافيه عدم افتراض القعدة الأولى فيه الذي هو الصحيح لأن الكل صلاة واحدة بالنسبة إلى القعدة كما في البحر عند قول الكنز فرضها التحريمة
قوله ( احتياطا ) أي لما ظهرت آثار السنية فيه من أنه لا يؤذن له ولا يقام أعطيناه حكم السنة في حق القراءة احتياطا ح
قوله ( وتعيين القراءة في الأوليين ) لا يتكرر هذا مع قوله قبله في الأوليين لأن المراد هنا القراءة ولو آية فتعيين القراءة مطلقا فيهما واجب وضم السورة مع الفاتحة واجب آخر ط
قوله ( من الفرض ) أي الرباعي أو الثلاثي وكذا في جميع الفرض الثنائي كالفجر والجمعة ومقصورة السفر
قوله ( على المذهب ) اعلم أن في محل القراءة المفروضة في الفرض ثلاث أقوال الأول أن محلها الركعتان الأوليان عينا وصححه في البدائع
الثاني أن محلها ركعتان منها غير عين أي فيكون تعيينها في الأوليين واجبا وهو المشهور في المذهب
الثالث أن تعيينها فيهما أفضل وعليه مشى في غاية البيان وهو ضعيف والقولان الأولان اتفقا على أنه لو قرأ في الأخريين فقط يصح ويلزمه سجود السهو لو ساهيا لكن سببه على الأول تعيير الفرض عن محله وتكون قراءته قضاء عن قراءته في الأوليين وسببه على الثاني ترك الواجب وتكون قراءته في الأخريين أداء كذا في نوافل البحر وفيه من سجود السهو
واختلفوا في قراءته في الأخريين هل هي قضاء أو داء فذكر القدوري أنها أداء لأن الفرض القراءة في ركعتين غير عين
وقال غيره إنها قضاء في الأخريين استدلالا بعدم صحة اقتداء المسافر بالمقيم بعد خروج الوقت وإن لم يكن قرأ الإمام في الشفع الأول ولو سجودكانت في الأخريين أداء لجاز لأنه يكون اقتداء المفترض
____________________
(1/459)
بالمفترض في حق القراءة فلما لم يجز علم أنها قضاء وأن الأخريين خلتا عن القراءة وبوجوب القراءة على مسبوق أدرك إمامه في الأخريين ولم يكن قرأ في الأوليين كذا في البدائع ا هـ
أقول لي ها هنا إشكال وهو أنه لا خلاف عندنا في فرضية القراءة في الصلاة وإنما الكلام في تعيين محلها
وحاصل الأقوال الثلاثة أن تعيينها في الأوليين فرض أو واجب أو سنة وقد علمت تصحيح القول الأول وحينئذ فلا يخلو إما أن يراد أنه فرض قطعي أو فرض عملي وهو ما يفوت الجواز بفوته
وعلى كل يلزم من عدم القراءة في الأليين فساد الصلاة كما لو أخر الركوع عن السجود ولا قائل بذلك عندنا فيتعين المصير إلى القول بالوجوب الذي عليه المتون
والذي يظهر لي أن في المسألة قولين فقط وأن القول الأول والثاني واحد فقولهم محلها الركعتان الأوليان عينا معناه أن التعيين فيهما واجب وهو المراد بالقول الثاني فيكون تأخير القراءة إلى الأخريين قضاء مثل تأخير السجدة من الركعة الأولى إلى آخر الصلاة ويقابل ذلك القول بأن تعيين الأوليين أفضل وعليه فالقراءة في الأخريين أداء لا قضاء وهما القولان اللذان ذكرهما صاحب البحر في سجود عن البدائع ويدل لذلك أن صاحب المنية ذكر من واجبات الصلاة تعيين القراءة في الأوليين فقال في الحلية وهذا عند القائلين بأن محلها الركعتان الأوليان عينا وقد عرفت أنه الصحيح وعليه مشى في الخلاصة والكافي
وأما عند القائلين بأن محلها ركعتان منها بغير أعيانهما فظاهر قولهم إن القراءة في الأوليين أفضل أنه ليس بواجب بل الظاهر أنه سنة وغير خاف أن ثمرة الخلاف تظهر في وجوب سجود السهو إذا تركها في الأوليين أو في إحداهما سهوا لتأخير الواجب سهوا عن محله وعلى السنة لا يجب ا هـ ملخصا
وهو صريح في أن الأقوال اثنان لا ثلاثة وفي أن المراد بالقول بأن محل القراءة الأوليان عينا هو الوجوب لا الافتراض وظهر بهذا أن صاحب البحر لم يصب في بيان الأقوال ولا في التفريع عليها كما لم يصب من نقل عبارته على غير وجهها وبما قررناه ارتفع الإشكال واتضح الحال
والحاصل أنه قيل إن محل القراءة ركعتان من الفرض غير عين وكونها في الأوليين أفضل
وقيل إن محلها الأوليان منه عينا فيجب كونها فيهما وهو المشهور في المذهب الذي عليه المتون وهو المصحح
وعلمت تأييده بما مر في عبارة البحر عن البدائع من مسألة المسافر والمسبوق
وقال القهستاني إنه الصحيح من مذهب أصحابنا فلا جرم قال الشارح على المذهب فافهم
الحمد لله على التوفيق والهداية إلى أقوم طريق
قوله ( على كل السورة ) حتى قالوا لو قرأ حرفا من السورة ساهيا ثم تذكر يقرأ الفاتحة ثم السورة ويلزمه سجود السهو
بحر
وهل المراد بالحرف حقيقته أو الكلمة يراجع
ثم رأيت في سهو البحر قال بعد ما مر وقيده في فتح القدير بأن يكون مقدار ما يتأدى به ركن ا هـ أي لأن الظاهر أن العلة هي تأخير الابتداء بالفاتحة والتأخير اليسير وهو ما دون ركن معفو عنه
تأمل
ثم رأيت صاحب الحلية أيد ما بحثه شيخه في الفتح من القيد المذكور بما ذكروه من الزيادة على التشهد في القعدة الأولى الموجبة للسهو بسبب تأخير القيام عن محله وأن غير واحد من المشايخ قدرها بمقدار أداء ركن
قوله ( وكذا ترك تكريرها الخ ) فلو قرأها في ركعة من الأوليين مرتين وجب سجود السهو لتأخير الواجب وهو السهو كما في الذخيرة وغيرها وكذا لو قرأ أكثرها ثم أعادها كما في الظهيرية أما لو قرأها قبل السورة مرة وبعدها مرة فلا يجب كما في الخانية واختاره في المحيط والظهيرية والخلاصة وصححه الزاهدي لعدم لزوم التأخير لأن الركوع ليس واجبا بإثر السورة فإنه لو جمع بين سور بعد الفاتحة لا يجب عليه شيء كذا في البحر
____________________
(1/460)
هنا وفي سجود السهو
قال في شرح المنية وقيد بالأوليين لأن الاقتصار على مرة في الأخريين ليس بواجب حتى لا يلزمه سجود السهو بتكرار الفاتحة فيهما سهوا ولو تعمده لا يكره ما لم يؤد إلى التطويل على الجماعة أو إطالة الركعة على ما قبلها ا هـ
قوله ( بين القراءة والركوع ) يعني في الفرض الغير الثنائي ومعنى كونه واجبا أنه لو ركع قبل القراءة صح ركوع هذه الركعة لأنه لا يشترط في الركوع أن يكون مترتبا على قراءة في كل ركعة بخلاف الترتيب بين الركوع والسجود مثلا فإنه فرض حتى لو سجد قبل الركوع لم يصح سجود هذه الركعة لأن أصل السجود يشترط ترتبه على الركوع في كل ركعة كترتب الركوع على القيام كذلك لأن القراءة لم تفرض في جميع ركعات الفرض بل في ركعتين منه بلا تعيين أما القيام والركوع والسجود فإنها معينة في كل ركعة نعم القراءة فرض ومحلها القيام من حيث هو فإذا ضاق وقتها بأن لم يقرأ في الأوليين صار الترتيب بينها وبين الركوع فرضا لعدم إمكان تداركه ولكن فرضية هذا الترتيب عارضة بسبب التأخير فلذا لم ينظروا إليه واقتصروا على أن الترتيب بينهما واجب لأن إيقاع القراءة في الأوليين واجب هذا توضيح ما حققه في الدرر
والحاصل أن الترتيب المذكور واجب في الركعتين الأوليين وثمرته فيما لو أخر القراءة إلى الأخريين وركع في كل من الأوليين بلا قراءة أصلا أما لو قرأ في الأوليين صار الترتيب فرضا حتى لو تذكر السورة راكعا فعاد وقرأها لزم إعادة الركوع لأن السورة التحقت بما قبلها وصارت القراءة كلها فرضا فيلزم تأخير الركوع عنها ويظهر من هذا أن هذا الترتيب واجب قبل وجود القراءة فرض بعدها نظيره قراءة السورة فإنها قبل قراءتها تسمى واجبا وبعدها تسمى فرضا وحينئذ فيكون الأصل في هذا الترتيب الوجوب وفرضيته عارضة كعروضها فيما لو أخر القراءة إلى الأخريين لكن قد يقال إن هذا الترتيب يغني عنه وجوب تعيين القراءة في الأوليين إلا أن يقال لما كان هذا التعيين لا يحصل إلا بهذا الترتيب جعلوه واجبا آخر فتدبر
قوله ( أما فيما لا يتكرر ) أي في كل الصلاة أو في كل ركعة ففرض وذلك كترتيب القيام والركوع والسجود والقعود الأخير كما علمته آنفا ومر أيضا عند قوله وبقي من الفروض وبيناه هناك
ولا يرد على إطلاقه أن القراءة مما لا يتكرر في كل ركعة مع أن ترتيبها على الركوع غير فرض لأن مراده بما لا يتكرر ما عداها بقرينة تصريحه قبيله بوجوب ترتيبها فلا مناقضة في كلامه فافهم
فإن قلت ذكر في الكافي النسفي من باب سجود السهو أنه يجب بأشياء منها تقديم ركن بأن ركع قبل أن يقرأ أو سجد قبل أن يركع لأن مراعاة الترتيب واجبة عندنا خلافا لزفر فإذا ترك الترتيب فقد ترك الواجب ا هـ
ووقع نظيره في الذخيرة مع أنه في الكافي ذكر هنا أن الترتيب القيام على الركوع والركوع على السجود فرض لأن الصلاة لا توجد إلا بذلك ا هـ
قلت أجاب في البحر بأن قولهم هنا إن الترتيب شرط معناه أن الركن الذي قدمه يلغو ويلزمه إعادته مرتبا حتى إذا سجد قبل الركوع لا يعتد بهذا السجود بإجماع كما صرح به في النهاية فيشترط إعادته وقولهم في سجود السهو إن الترتيب واجب معناه أن الصلاة بعد إعادة ما قدمه لا تفسد بترك الترتيب صورة الحاصل بزيادة ما قدمه
والحاصل أن افتراض الترتيب بمعنى افتراض إعادة ما قدمه ووجوبه بمعنى إيجاب عدم الزيادة لأن زيادة ما دون ركعة لا تفسد الصلاة فكان واجبا لا فرضا بخلاف الأول وقد خفي هذا على صدر الشريعة حتى ظن أن
____________________
(1/461)
الترتيب واجب مطلقا إلا في تكبيرة الافتتاح والقعدة الأخيرة وهو عجيب لما علمت من كلام النهاية
قوله ( كالسجدة ) الكاف استقصائية إذ لم يتكرر في الركعة سواها ومثله الكاف في قوله كعدد ح والمراد بها السجدة الثانية من كل ركعة فالترتيب بينها وبين ما بعدها واجب
قال في شرح المنية حتى لو ترك سجدة من ركعة ثم تذكرها فيا بعدها من قيام أو ركوع أو سجود فإنه يقضيها ولا يقضي ما فعله قبل قضائها مما هو بعد ركعتها من قيام أو ركوع أو سجود بل يلزمه سجود السهو فقط لكن اختلف في لزوم قضاء ما تذكرها فقضاها فيه كما لو تذكر وهو راكع أو ساجد أنه لم يسجد في الركعة التي قبلها فإنه يسجدها وهل يعيد الركوع أو السجود المتذكر فيه ففي الهداية أنه لا تجب إعادته بل تستحب معللا بأن الترتيب ليس بفرض بين ما يتكرر من الأفعال
وفي الخانية أنه يعيده وإلا فسدت صلاته معللا بأنه ارتفض بالعود إلى ما قبله من الأركان لأنه قبل الرفع منه يقبل الرفض بخلاف ما لو تذكر السجدة بعد ما رفع من الركوع لأنه بعد ما تم بالرفع لا يقبل الرفض ا هـ ومثله في الفتح
قال في البحر فعلم أن الاختلاف في الإعادة ليس بناء على اشتراط الترتيب وعدمه بل على أن الركن المتذكر فيه هل يرتفض بالعود إلى ما قبله من الأركان أو لا ا هـ تأمل
والمعتمد ما في الهداية فقد جزم به في الكنز وغيره في آخر باب الاستخلاف وصرح في البحر يضعف ما في الخانية
هذا والتقييد بالترتيب بينها وبين ما بعدها للاحتراز عما قبلها من ركعتها فإن الترتيب بين الركوع والسجود من ركعة واحدة شرط كما مر ونبه عليه في الفتح
قوله ( أو في كل الصلاة كعدد ركعاتها ) أي أن الترتيب بين الركعات واجب
قال الزيلعي فإن ما يقضيه بعد فراغ الإمام أول صلاته عندنا ولو كان الترتيب فرضا لكان آخرا ا هـ
ورده في البحر بأنه لا يصح أن يدخل تحت الترتيب الواجب إذ لا شيء على المسبوق ولا نقص في صلاته أصلا فلذا اقتصر في الكافي على المتكرر في كل ركعة ا هـ وكأنه فهم أن مراد الزيلعي أن الترتيب المذكور واجب على المسبوق وليس كذلك بل مراده أنه واجب على غيره بدليل مسألة المسبوق
وبيان ذلك أنه لو اقتدى في ثالثة الرباعية مثلا لا يجوز له أن يصلي أول صلاة إمامه الذي فاته ولو فعل فسدت صلاته لانفراده في موضع الاقتداء بل يجب عليه متابعته فيما أدركه ثم إذا سلم يقضي ما فاته وهو أول صلاته إلا من حيث القعدات فقد وجب على المسبوق عكس الترتيب ولو كان الترتيب فرضا لكان ما يقضيه آخر صلاته حقيقة من كل وجه فلا يقرأ السورة ولا يجهر والدليل على ما قلنا من أن مراد الزيلعي وجوب الترتيب على غير المسبوق ما في الفتح حيث قال أو في كل الصلاة كالركعات إلا لضرورة الاقتداء حيث يسقط به الترتيب فإن المسبوق يصلي آخر الركعات قبل أولها ا هـ
فمن ظن أن كلام الفتح مخالف لكلام الزيلعي فقد وهم نعم كلام الفتح أظهر في المراد فافهم
فإن قلت وجوب الشيء إنما يصح إذا أمكن ضده وعدم الترتيب بين الركعات غير ممكن فإن المصلي كل ركعة أتى بها أولا فهي الأولى وثانيا فهي الثانية وهكذا
____________________
(1/462)
قلت يمكن ذلك لأنه من الأمور الاعتبارية التي تبتنى عليها أحكام شرعية إذا وجد معها ما يقتضيها فإذا صلى من الفرض الرباعي ركعتين وقصد أن يجعلهما الأخيرتين فهو لغو إلا إذا حقق قصده بأن ترك فيهما القراءة وقرأ فيما بعدهما فحينئذ يبتنى عليه أحكام شرعية وهي وجوب الإعادة والإثم لوجود ما يقتضي تلك الأحكام ولهذا اعتبر الشارع صلاة المسبوق غير مرتبة من حيث الأقوال فأوجب عليه عكس الترتيب مع أن كل ركعة أتى بها أولا فهي الأولى صورة لكنها في الحكم ليست كذلك فكما أوجب الشارع عليه عكس الترتيب بأن أمره بأن يفعل ما يبتني على ذلك من قراءة وجهر كذلك أمر غيره بالترتيب بأن يفعل ما يقتضيه بأن يقرأ أولا ويجهر ويسر وإذا خالف يكون قد عكس الترتيب حكما ولهذا عبر المصنف كالكنز وغيره بقوله ورعاية الترتيب أي ملاحظته باعتبار الإتيان بما يجب أولا في الأول أو آخرا في الآخر
والحاصل أن المصلي إما منفرد أو إمام أو مأموم فالأولان يظهر فيهما ثمرة الترتيب بما ذكرنا ولو سلمنا عدم ظهور الثمرة فيهما تظهر في المأموم فإنه إما مدرك أو مسبوق فقط أو لاحق فقط أو مركب على ما سيأتي بيانه في محله
أما المدرك فهو تابع لإمامه فحكمه حكمه
وأما المسبوق فقد علمت أن اللازم عليه عكس الترتيب
وأما اللاحق فالواجب عليه الترتيب بعكس المسبوق
وعند زفر الترتيب فرض عليه فإذا أدرك بعض صلاة الإمام فنام فعليه أن يصلي أولا ما نام فيه بلا قراءة ثم يتابع الإمام فلو تابعه أولا ثم صلى ما نام فيه بعد سلام الإمام جاز عندنا وأثم لتركه الواجب
وعند زفر لا تصح صلاته
قال في السراج عن الفتاوى المسبوق إذا بدأ بقضاء ما فاته فإنه تفسد صلاته وهو الأصح واللاحق إذا تابع الإمام قبل قضاء ما فاته لا تفسد خلافا لزفر ا هـ
وأما المركب كما لو اقتدى في ثانية الفجر فنام إلى أن سلم الإمام فهذا لاحق ومسبوق ولم يصل شيئا فيصلي أولا الركعة التي نام فيها بلا قراءة ثم التي سبق بها بقراءة وإن عكس صح وأثم لتركه الترتيب الواجب فيجب عليه إعادة الصلاة سواء كان عامدا لأدائها مع كراهة التحريم أو ساهيا لعدم إمكان الجبر بسجود السهو لأن ختام صلاته وقع بما لحق فيه واللاحق ممنوع عن سجود السهو لأن خلف الإمام حكما فثبت بهذا أن اللاحق بنوعيه قد أوجبوا عليه الترتيب كما ألزموا المسبوق بعكسه
وليس ذلك إلا من حيث الاعتبار والحكم لا من حيث الصورة فافهم
قوله ( حتى لو نسي ) تفريع على قوله كالسجدة
قوله ( من الأولى ) ليس بقيد وخصها لبعدها من الآخر ط
قوله ( قبل الكلام ) المراد قبل إتيانه بمفسد ط
قوله ( لكنه يتشهد ) أي يقرأ التشهد إلى عبده ورسوله فقط ويتمه بالصلوات والدعوات في تشهد السهو على الأصح ط
قوله ( ثم يتشهد ) أي وجوبا سكت عن القعدة لأن التشهد يستلزمها لأنه لا يوجد إلا فيها تأمل
قوله ( لأنه يبطل الخ ) أي لأن التشهد يعني مع القعدة بقرينة قوله أما السهوية فترفع التشهد لا القعدة ح
أما بطلان القعدة بالعود إلى الصلبية أي السجدة التي هي من صلب الصلاة أي جزء منها فلاشتراط الترتيب بين القعدة وما قبلها لأنها لا تكون أخيرة إلا بإتمام سائر الأركان وأما بطلانها بالعود إلى التلاوية فقال ط لأن التلاوية لما وقعت في الصلاة أعطيت حكم الصلبية بخلاف ما إذا تركها
____________________
(1/463)
أصلا
وقال الرحمتي لأنها تابعة للقراءة التي هي ركن فأخذت حكم القراءة فلزم تأخير القعدة عنها
قوله ( أما السهوية ) أي السجدة السهوية والمراد الجنس لأنها سجدتان ط
قوله ( فترفع التشهد ) أي تبطله لأنه واجب مثلها فتجب إعادته وإنما لا ترفع القعدة لأنها ركن فهي أقوى منها
قوله ( بمجرد رفعه منها ) أي من السهوية بلا قعود ولا تشهد لم تفسد صلاته لأن القعدة الركن لم ترتفع فلا تفسد صلاته بترك التشهد الواجب
قوله ( بخلاف تلك السجدتين ) أي الصلبية والتلاوية فإنه لو سلم بمجرد رفعه منهما تفسد صلاته لرفعهما القعدة
مطلب قد يشار إلى المثنى بسم الإشارة الموضوع للمفرد تنبيه قد يشار إلى المثنى باسم الإشارة الموضوع للمفرد كما هنا ومثله قوله تعالى { عوان بين ذلك } أي بين الفارض والبكر وقول الشاعر إن للخير وللشر مدى وكلا ذلك وجه وقبل فافهم قوله ( وتعديل الأركان ) هو سنة عندهما في تخريج الجرجاني وفي تخريج الكرخي واجب حتى تجب سجدتا السهو بتركه كذا في الهداية وجزم بالثاني في الكنز والوقاية والملتقى وهو مقتضى الأدلة كما يأتي قال في البحر وبهذا يضعف قول الجرجاني
قوله ( وكذا في الرفع منهما ) أي يجب التعديل أيضا في القومة من الركوع والجلسة بين السجدتين وتضمن كلامه وجوب نفس القومة والجلسة أيضا لأنه يلزم من وجوب التعديل فيهما وجوبهما
قوله ( على ما اختاره الكمال ) قال في البحر ومقتضى الدليل وجوب الطمأنينة في الأربعة أي في الركوع والسجود وفي القومة والجلسة ووجوب نفس الرفع من الركوع والجلوس بين السجدتين للمواظبة على ذلك كله وللأمر في حيث المسيء صلاته ولما ذكره قاضيخان من لزوم سجود السهو بترك الرفع من الركوع ساهيا وكذا في المحيط فيكون حكم الجلسة بين السجدتين كذلك لأن الكلام فيهما واحد والقول بوجوب الكل هو مختار المحقق ابن الهمام وتلميذه ابن أمير حاج حتى قال إنه الصواب والله الموفق للصواب ا هـ
مطلب لا ينبغي أن يعدل عن الدراية إذا وافقتها رواية وقال في شرح المنية ولا ينبغي أن يعدل عن الدراية أي الدليل إذا وافقتها رواية على ما تقدم عن فتاوى قاضيخان ومثله ما ذكر في القنية من قوله وقد شدد القاضي الصدر في شرحه في تعديل الأركان جميعها تشديدا بليغا فقال وإكمال كل ركن واجب عند أبي حنيفة ومحمد
وعند أبي يوسف والشافعي فريضة فيمكث في الركوع والسجود وفي القومة بينهما حتى يطمئن كل عضو منه هذا هو الواجب عند أبي حنيفة ومحمد حتى لو تركها أو شيئا منها ساهيا يلزمه السهو ولو عمدا يكره أشد الكراهة ويلزمه أن يعيد الصلاة وتكون معتبرة في حق سقوط الترتيب ونحوه كمن طاف جنبا تلزمه الإعادة والمعتبر هو الأول كذا هذا ا هـ
والحاصل أن الأصح رواية ودراية وجوب تعديل الأركان وأما القومة والجلسة وتعديلهما فالمشهور في المذهب السنية وروي وجوبها وهو الموافق للأدلة وعليه الكمال من بعده من المتأخرين وقد علمت قول تلميذه إنه الصواب
وقال أبو يوسف بفرضية الكل واختاره في المجمع والعيني ورواها الطحاوي
____________________
(1/464)
عن أئمتنا الثلاثة
وقال في الفيض إنه الأحوط ا هـ
وهو مذهب مالك الشافعي وأحمد وللعلامة البركلي رسالة سماها ( معدل الصلاة ) أوضح المسألة فيها غاية الإيضاح وبسط فيها أدلة الوجوب وذكر ما يترتب على ترك ذلك من الآفات وأوصلها إلى ثلاثين آفة ومن المكروهات الحاصلة في صلاة يوم وليلة وأوصلها إلى أكثر من ثلاثمائة وخمسين مكروها فينبغي مراجعتها ومطالعتها
قوله ( لكن المشهور الخ ) استدراك على قوله وكذا في الرفع منهما
وحاصله أن وجوب تعديل الركوع والسجود ظاهر موافق للقاعدة المشهورة لأن التعديل مكمل لهما أما وجوب تعديل القومة والجلسة فغير ظاهر لأن القومة والجلسة إذا كانتا واجبتين على ما اختاره الكمال يلزم أن يكون التعديل فيهما سنة لأن مكمل الواجب يكون سنة فهذه القاعدة لا توافق مختار الكمال لأنه الوجوب في الكل ولا ما رواه الطحاوي عنهم لأنه الفرض في الكل ولا ما هو المشهور عن أبي حنيفة ومحمد لأنه إما السنية في الكل على تخريج الجرجاني أو الوجوب في تعديل الأركان والسنية في الباقي على تخريج الكرخي لأنه فصل كما في شرح المنية وغيره بين الطمأنينة في الركوع والسجود وبين القومة والجلسة بأن الأولى مكملة للركن المقصود لذاته وهو الركوع والسجود والأخيرتين مكملتان للركن المقصود لغيره وهو الانتقال فكانا سنتين إظهارا للتفاوت بين المكملين ا هـ
فافهم
وأجاب ح بأنه لا يضر مخالفة القاعدة حيث اقتضاها الدليل
أقول على أن ما ذكره الشارح من القاعدة مأخوذ من الدرر
واعترضه في العزمية بأنه ليس له وجه صحة قال ولعل منشأه ما في الخلاصة من أن الواجب إكمال للفرائض والسنن إكمال للواجبات والآداب إكمال للسنن ولا يذهب عليك أنه ليس معناه ذلك فليتدبر ا هـ
أي لأن معناه أن الواجب شرع لإكمال الفرائض الخ لا أن كل ما يكمل الفرض يكون واجبا وهكذا
قوله ( وعند الثاني الأربعة فرض ) أي عملي يفوت الجواز بفوته كما قدمنا بيانه في آخر بحث الفرائض
قوله ( ولو في نفل ) لأنه وإن كان كل شفع منه صلاة على حدة حتى افترضت القراءة في جميعه لكن القعدة إنما فرضت للخروج من الصلاة فإذا قام إلى الثالثة تبين أن ما قبلها لم يكن أوان الخروج من الصلاة فلم تبق القعدة فريضة وتمامه في ح عن وتر البحر
قوله ( في الأصح ) خلافا لمحمد في افتراضه قعدة كل شفع نفل وللطحاوي والكرخي في قولهما إنها في غير النفل سنة لكن في النهر قال في البدائع وأكثر مشايخنا يطلقون عليه اسم السنة إما لأن وجوبه عرف بها أو لأن المؤكدة في معنى الواجب وهذا يقتضي رفع الخلاف
قوله ( وكذا ترك الزيادة فيه على التشهد ) ضمير فيه لا يصح إرجاعه للتشهد خلافا لمن وهم وإن كان ترك الزيادة فيه أ أي في أثناء كلماته واجبا أيضا كترك الزيادة عليه أي بعد تمامه كما سيأتي فيتعين ما قاله ح من إرجاعه للقعود الأول أي في الفرض والسنة المؤكدة لأنها في النفل مطلوبة وأقل الزيادة المفوتة للواجب مقدار اللهم صل على محمد فقط على المذهب كما سيأتي في الفصل الآتي
قوله ( وأراد بالأول غير الأخير ) ليشمل ما إذا صلى ألف ركعة من النفل بتسليمة واحدة فإن ما عدا القعود الأخير واجب ومفهومه فرضية كل قعود أخير في أي صلاة كانت ويستثنى منه القعود الذي بعد سجود السهو فإنه واجب لا فرض لما سيأتي
____________________
(1/465)
من أنه يرفع التشهد لا القعدة ومعلوم أن التشهد يستلزم القعدة فهي واجبة ح
قوله ( وقد يجاب بأنه عارض ) أي بسبب الاستخلاف فإن المسافر يفترض قعوده على رأس الركعتين لأنه آخر صلاته والمقيم بالاستخلاف قام مقامه فتفرض عليه هذه القعدة كالقعدة الثانية قيل ويجاب بهذا أيضا عن المسبوق كما لو اقتدى بالإمام في ثانية المغرب فإن القعود الثاني مما عدا الأخير فرض عليه بمتابعة الإمام
وحاصله أن قعود الإمام الأخير يفترض على المسبوق بمتابعته لإمامه فهو عارض بالاقتداء
وأقول هذا مخالف لما في البحر والنهر من قولهما أراد بالأول ما ليس بآخر إذ المسبوق بثلاث في الرباعية يقعد ثلاث قعدات والواجب منها ما عدا الأخيرة ا هـ
ويدل عليه ما سيأتي في الإمامة من أن المسبوق لو قام قبل السلام قبل قعود إمامه قدر التشهد فإن قرأ في قيامه قدر ما تجوز به الصلاة بعد فراغ الإمام من التشهد جازت صلاته وإلا فلا وسيأتي تمام بيانه فلو كان القعود فرضا عليه لما صح هذا التفصيل ولبطلت صلاته وإلا فلا وسيأتي تمام بيانه فلو كان القعود فرضا عليه لما صح هذا التفصيل ولبطلت صلاته مطلقا فافهم
قوله ( والتشهدان ) أي تشهد القعدة الأولى وتشهد الأخيرة والتشهد المروي عن ابن مسعود لا يجب بل هو أفضل من المروي عن ابن عباس وغيره خلافا لما بحثه في البحر كما سيأتي في الفصل الآتي
قوله ( بترك بعضه ككله ) قال في البحر من باب سجود السهو فإنه يجب سجود السهو بتركه ولو قليلا في ظاهر الرواية لأنه ذكر واحد منظوم فترك بعضه كترك كله ا هـ
قوله ( وكذا في كل قعدة ) أشار به إلى التورك على المتن في تعبيره بالتثنية إذ لو أفرد لكان اسم جنس شاملا لكل تشهد كما أشار إليه في البحر ح
قوله ( في الأصح ) مقابله ما قيل إنه فيما عدا الأخيرة سنة
قوله ( في تشهدي المغرب ) أي اقتدى به في التشهد الأول من تشهدي المغرب فيكون قد أدركه في التشهدين وقوله وعليه أي على الإمام سهو فسجد أي المأموم معه أي مع الإمام لوجوب المتابعة عليه وتشهد أي المأموم مع الإمام لأن سجود السهو يرفع التشهد ثم تذكر أي الإمام سجود تلاوة فسجد أي المأموم مع الإمام لأن سجود التلاوة يرفع القعدة ثم سجد أي المأموم مع الإمام للسهو لأن سجود السهو لا يعتد به إلا إذا وقع خاتما لأفعال الصلاة وتشهد أي المأموم مع الإمام لأن سجود السهو يرفع التشهد ثم قضى أي لمأموم الركعتين بتشهدين لما قدمنا من أن المسبوق يقضى آخر صلاته من حيث الأفعال فمن هذه الحيثية ما صلاه مع الإمام آخر صلاته فإذا أتى بركعة مما عليه كانت ثانية صلاته فيقعد ثم يأتي بركعة ويقعد ا هـ ح
قوله ( ووقع له ) أي للمأموم كذلك أي مثل ما وقع للإمام بأن سها فيما يقضيه فسجد له وتشهد ثم تذكر سجود تلاوة فسجده وتشهد ثم سجد للسهو وتشهد لما ذكرنا ح
قوله ( ومثل التلاوية تذكر الصلبية ) أي في إبطال القعدة قبلها وإعادة سجود السهو ط
قوله ( لهما ) أي للإمام والمأموم
قوله ( زيد أربع ) وذلك بأن تذكر الإمام الصلبية بعد القعدة الخامسة فسجدها المأموم معه وتشهد لارتفاع القعدة ثم سجد معه للسهو تشهد لما قدمنا ووقع مثل ذلك للمأموم فتصير أربع عشرة قعدة لكن هذا إنما يكون إذا تراخى تذكر الصلبية عن التلاوية كما هو المفروض أو بالعكس بأن تراخى تذكر التلاوية عن الصلبية وأما إذا تذكرهما معا فإما أن يتذكر قبل القعدة الأخيرة أو بعدها قبل تشهد
____________________
(1/466)
سجود السهو أو بعده فإن تذكرهما قبل القعدة الأخيرة فليس هناك إلا ثلاث قعدات وإن تذكرهما بعدها قبل تشهد سجود السهو فأربع وإن بعده فخمس ومثله في المأموم فتكون عشرة
ثم اعلم أنه إذا تذكرهما معا يجب الترتيب بينهما فإن كانت التلاوية من ركعة والصلبية من تلك الركعة أو مما بعدها وجب تقديم التلاوية وإن كانت من ركعة قبلها قدم الصلبية كما في البحر من باب سجود السهو ح
قوله ( لما مر ) أي من أنه يسجد بعد التلاوية ح
قوله ( تعدد التلاوية والصلبية ) يعني مرتين فقط المرة المتقدمة وهذه ح
قوله ( زيد ست أيضا )
صورته تذكر بعد القعدة السابعة صلبية أخرى فسجدها وتشهد ثم قبل أن يسجد للسهو تذكر تلاوية أخرى أيضا فسجدها وتشهد ثم سجد للسهو وتشهد فهذه ثلاث ومثله المأموم فهذه ست وأما إذا لم يتذكر التلاوية إلا بعد تشهد سجود السهو فإنها تصير ثماني صور ا هـ ح
أقول والذي في غالب النسخ زيد ستون
وصورته أن يتذكر بعد القعدة السابعة صلبيتين أخريين على التعاقب ويسجد بعد كل منهما فهذه أربع ثم يتذكر بقية آيات السجدة واحدة بعد واحدة وهي ثلاث عشرة آية ويسجد بعد كل منهما فهذه ست وعشرون فالمجموع ثلاثون وإذا وقع مثله للمأموم تصير ستين ثم إذا ضم إليها الأربع عشرة التي قدمها الشارح والأربع الآتية في قوله عقيبه ولو فرضنا تبلغ ثمانية وسبعين وهي المشار إليها في قوله الآتي في ثمانية وسبعين كما مر فالصواب ما في غالب النسخ قوله ( ولو فرضنا إدراكه الخ ) صورته أدرك الإمام وهو في السجدة الأولى من الركعة الثانية وقعد من غير سجود معه ح
قوله ( فمقتضى القواعد أنه يقضيهما ) مراده بالقواعد الواحدة بناء على أن أل الجنسية تبطل الجمعية وتلك القاعدة هي أن من فاته شيء من الصلاة بعد اقتدائه أعاده كاللاحق وهذا في حكمه ح
أقول عموم هذه القاعدة على هذا الوجه لم أر من ذكره نعم وجوب فعل هاتين السجدتين مع الإمام مسلم لوجوب المتابعة وإن لم تحسبا له من الركعة التي يقضيها
وأما لزوم قضائهما فإن أراد به أنه يأتي بهما في الركعة التي يقضيها فمسلم أيضا وأما إن أراد أنه يأتي بهما زيادة على الركعة المذكورة كما هو المبادر من كلامه فيحتاج إلى نقل والمنقول وجوب المتابع وأنه يقضي ركعة تامة فقط قال في البحر قبيل باب قضاء الفوائت وصرح في الذخيرة بأن المتابعة فيهما واجبة ومقتضاه أنه لو تركهما لا تفسد صلاته وقد توقفنا في ذلك مدة حتى رأيته في التجنيس
وعبارته رجل انتهى إلى الإمام وقد سجد سجدة فكبر ونوى الاقتداء به ومكث قائما حتى قام الإمام ولم يتابعه في السجدة ثم تابعه في بقية الصلاة فلما فرغ الإمام قام وقضى ما سبق به تجوز الصلاة إلا أنه يصلي تلك الركعة الفائتة بسجدتيها بعد فراغ الإمام وإن كانت المتابعة حين يشرع واجبة في تلك السجدة ا هـ كلام البحر
فقد صرحوا بوجوب المتابعة ولم يذكروا أنه يصلي ركعة تامة ويسجد فيها ثلاث سجدات أو أربع قضاء عما لم يتابع فيه على أنه الواجب هو المتابعة وهي لا يمكن قضاؤها بعد فواتها لأن السجود لم يجب عليه لذاته لأنه غير محسوب من صلاته وإنما وجب عليه لئلا يخالف إمامه نعم صرحوا بوجوب سجدتي السهو فيما لو اقتدى بإمام عليه سهو قبل أن يسجد ولم يتابع إمامه فيه فإنه يأتي بالسجدتين بعد فراغه استحسانا لأن
____________________
(1/467)
في تحريمته نقصانا لا ينجبر إلا بسجدتين وبقي النقصان لانعدام الجابر كذا قالوا وهذه العلة لا توجد هنا إذ لا نقصان في تحريمته هنا لأن النقصان جاءه هناك من قبل إمامه هذا ما ظهر لي فافهم
قوله ( فيزاد أربع أخر ) وهذا أيضا مفروض فيما إذا تذكر إحداهما بعد تشهد السهو فسجدها وتشهد ثم سجد للسهو وتشهد ثم تذكر الأخرى فسجدها وتشهد ثم سجد للسهو وتشهد وأما إذا تذكرهما معا فعلى التفصيل المتقدم في التلاوية والصلبية فصار مجموع القعدات على ما ذكره أربعا وعشرين وعلى ما ذكرنا من الثمان في تعدد التلاوية والصلبية ستا وعشرين ح
أقول هذا على نسخة زيد ست أما على نسخة زيد ستون فهي ثمانية وسبعون كما قررناه على وفق كلامه الآتي لكن قد علمت أن زيادة الأربع الأخيرة غير مسلمة لعدم وجوب قضاء السجدتين ما لم يوجد نقل صريح فالباقي أربع وسبعون نعم على ما قرره من الثمان في تعدد التلاوية والصلبية يزاد سجدتان على ما ذكر الشارح فيكون الحاصل ستا وسبعين
قوله ( ولفظ السلام ) فيه إشارة إلى أن لفظا آخر لا يقوم مقامه ولو كان بمعناه حيث كان قادرا عليه بخلاف التشهد في الصلاة حيث لا يختص بلفظ العربي بل يجوز بأي لسان كان مع قدرته على العربي ولذا لم يقل ولفظ التشهد وقال ولفظ السلام لكن هذه الإشارة يخالفها صريح المنقول فإنه سيأتي أن الزيلعي نقل الإجماع أن السلام لا يختص بلفظ العربي كذا في بعض نسخ البحر
قوله ( على الأصح ) وقيل سنة
فتح
قوله ( دون عليكم ) فليس بواجب عندنا
قوله ( فلو ائتم به إلى قوله ذكره الرملي الشافعي ) وجد في بعض النسخ وليس في نسخة الشارح التي رجع إليها
فتال
قوله ( وتنقضي قدوة بالأول ) أي بالسلام الأول
قال في التجنيس الإمام إذا فرغ من صلاته فلما قال السلام جاء رجل واقتدى به قبل أن يقول عليكم لا يصير داخلا في صلاته لأن هذا سلام ألا ترى أنه لو أراد أن يسلم على أحد في صلاته ساهيا فقال السلام ثم علم فسكت تفسد صلاته ا هـ رحمتي
قوله ( خلافا للتكملة ) أي لشارح التكملة حيث صحح أن التحريمة إنما تنقطع بالسلام الثاني كما وجد قبله في بعض النسخ
قوله ( وقراءة قنوت الوتر ) أقحم لفظ قراءة إشارة إلى أن المراد بالقنوت الدعاء لا طول القيام كما قيل وحكاهما في المجتبى وسيجيء في محله
ابن عبد الرزاق ثم وجوب القنوت مبني على قول الإمام وأما عندهما فسنة فالخلاف فيه كالخلاف في الوتر كما سيأتي في بابه
قوله ( وهو مطلق الدعاء ) أي القنوت الواجب يحصل بأي دعاء كان في النهر
وأما خصوص اللهم إنا نستعينك فسنة فقط حتى لو أتى بغيره جاز إجماعا
قوله ( وكذا تكبير قنوته ) أي الوتر
قال في البحر في باب سجود السهو ومما ألحق به
أي بالقنوت تكبير وجزم الزيلعي بوجوب السجود بتركه
وذكر في الظهيرية أنه لو تركه لا رواية فيه وقيل يجب السجود اعتبارا بتكبيرات العيد وقيل لا ا هـ
وينبغي ترجيح عدم الوجوب لأنه الأصل ولا دليل عليه بخلاف تكبيرات العيد ا هـ
قوله ( وتكبيرة ركوع الثالثة ) زيلعي كذا عزاه إلى الزيلعي في النهر وتبعه الشارح
قال السيد أبو السعود في حواشي مسكين في باب سجود السهو قال شيخنا هذا سهو لعدم وجوده في الزيلعي لا في الصلاة ولا في السهو ولعله سبق نظره إلى ما ذكره الزيلعي بقوله ولو ترك التكبيرة التي بعد القراءة قبل القنوت سجد للسهو فتوهم أن هذه
____________________
(1/468)
تكبيرة الثالثة من الوتر وليس كذلك وإنما هي تكبيرة القنوت ا هـ
وكذا نبه الرحمتي على أنه لم يجده فيه
قوله ( وتكبيرات العيدين ) هي ست تكبيرات في كل ركعة ثلاثة
قوله ( وكذا أحدها ) أفاد أن كل تكبيرة واجب مستقل ط
قوله ( كلفظ التكبير في افتتاحه ) أي افتتاح العيد دون بقية الصلوات كما في المستصفى ونور الإيضاح
قوله ( لكن الأشبه وجوبه ) أي وجوب لفظ التكبير في كل صلاة حتى يكره تحريما الشروع بغير الله أكبر كذا في شرحه على الملتقى
قوله ( والجهر للإمام ) اللام بمعنى على مثل { وإن أسأتم فلها } واحترز به عن المنفرد فإنه يخير بين الجهر والإسرار وقوله والإسرار للكل أي الإمام والمنفرد وقوله فيما يجهر ويسر لف ونشر يعني أن الجهر يجب على الإمام فيما يجهر فيه وهو صلاة الصبح والأوليان من المغرب والعشاء وصلاة العيدين والجمعة والتراويح والوتر في رمضان والإسرار يجب على الإمام والمنفرد فيما يسر فيه وهو صلاة الظهر والعصر والثالثة من المغرب والأخريان من العشاء وصلاة الكسوف والاستسقاء كما في البحر لكن وجوب الإسرار على الإمام بالاتفاق وأما على المنفرد فقال في البحر إنه الأصح وذكر في الفصل الآتي أنه الظاهر من المذهب وفيه كلام ستعرفه هناك قوله ( فلو أتم القراءة ) في بعض النسخ فلو أتم الفاتحة وهذا مثال لتأخير الفرض وهو الركوع هنا عن محله
قوله ( أو تذكر السورة الخ ) مثال لتأخير الواجب وهو السورة عن محله لفصله بين الفاتحة والسورة بأجنبي وهو الركوع المرفوض لوقوعه في أثناء القراءة لأنه لما قرأ السورة التحقت بالفرض وبعد وجود القراءة يصير الترتيب بينها وبين الركوع فرضا بخلافه قبل وجودها فإنه يكون واجبا كما قدمنا تحقيقه في بحث القيام وسيأتي له زيادة تحقيق آخر في فصل القراءة والفرق بين القراءة وبين القنوت حيث لا يعدو له وقيد بتذكر السورة لأنه لو قرأها ثم عاد فقرأ سورة أخرى لا ينتقض ركوعه كما في سهو الحلية عن الزاهدي وغيره
قوله ( أعاد الركوع ) مختص بالمسألة الثانية وقوله وسجد للسهو راجع للمسألتين وفي التركيب حزازة ولو قال فضمها قائما وأعاد الركوع سجد للسهو لسلم من هذا ح
قوله ( وترك تكرير ركوع الخ ) بالرفع عطفا على إتيان لأن في زيادة ركوع أو سجود تغيير المشروع لأن الواجب في كل ركعة ركوع واحد وسجدتان فقط فإذا زاد على ذلك فقد ترك الواجب ويلزم منه ترك واجب آخر وهو ما مر أعني إتيان الفرض في محله لأن تكرير الركوع فيه تأخير السجود عن محله وتثليث السجود فيه تأخير القيام أو القعدة وكذا القعدة في آخر الركعة الأولى أو الثالثة فيجب تركها ويلزم من فعلها أيضا تأخير القيام إلى الثانية أو الرابعة عن محله وهذا إذا كانت القعدة طويلة أما الجلسة الخفيفة التي استحبها الشافعي فتركها غير واجب عندنا بل هو الأفضل كما سيأتي وهكذا كل زيادة بين فرضين يكون فيها ترك واجب بسبب تلك الزيادة ويلزم منها ترك واجب آخر وهو تأخير الفرض الثاني عن محله
والحاصل أن ترك هذه المذكورات في كلام الشارح واجب لغيره وهو إتيان كل واجب أو فرض في محله الذي ذكره أولا فإن ذلك الواجب لا يتحقق إلا بترك هذه المذكورات فكان تركها واجبا لغيره لأنه يلزم من الإخلال بهذا الواجب الإخلال بذاك الواجب فهو نظير عدهم من الفرائض الانتقال من ركن إلى ركن فإنه
____________________
(1/469)
فرض لغيره كما قدمنا بيانه فلا تكرار في كلامه فافهم
قوله ( وكل زيادة الخ ) بحر كل عطفا على تكرير من عطف العام على الخاص ويدخل في الزيادة السكوت حتى لو شك فتفكر سجد للسهو كما مر وقوله بين الفرضين غير قيد فتدخل الزيادة بين فرض وواجب كالزيادة بين التشهد الأول والقيام إلى الركعة الثالثة كما مر والظاهر أنه منه قراءة التشهد بعد السجدة الثانية بلا تأخير حتى لو رفع من السجدة وقعد ساكتا يلزمه السهو ومنه يعلم ما يفعله كثير من الناس حين يمد المبلغ تكبير القعدة فلا يشرعون بقراءة التشهد إلا بعد سكوته فليتنبه
قال ط استفيد منه أنه لو أطال قيام الركوع أو الرفع بين السجدتين أكثر من تسبيحة بقدر تسبيحة ساهيا يلزمه سجود السهو فليتنبه له ا هـ
ولم يعزه إلى أحد نعم ذكر نحو ابن عبد الرزاق في شرحه على هذا الشرح فقال كإطالة وقوفه بعد الرفع من الركوع ا هـ
ولم يعزه أيضا ولم أر ذلك لغيرهما ويحتاج إلى نقل صريح نعم رأيت في سجود السهو من الحلية عن الذخيرة والتتمة نقلا عن غريب الرواية أنه ذكر البلخي في نوادره عن أبي حنيفة من شك في صلاته فأطال تفكره في قيامه أو ركوعه أو قومته أو سجوده أو قعدته لا سهو عليه وإن في جلوسه بين السجدتين فعليه السهو لأن له أن يطيل اللبث في جميع ما وصفنا إلا فيما بين السجدتين وفي القعود في وسط الصلاة ا هـ
وقوله لا سهو عليه مخالف للمشهور في كتب المذهب ولكن هذه رواية غريبة نادرة فليتأمل
ورأيت في البحر في باب الوتر عند قول الكنز ويتبع المؤتم قانت الوتر لا الفجر أن طول القيام في الرفع من الركوع ليس بمشروع
قوله ( وإنصات المقتدي ) فلو قرأ خلف إمامه كره تحريما ولا تفسد في الأصح كما سيأتي قبيل باب الإمامة ولا يلزمه سجود سهو لو قرأ سهوا لأنه لا سهو على المقتدي وهل يلزم المتعمد الإعادة جزم ح وتبعه ط بوجوبها وانظر ما قدمناه أول الواجبات
مطلب مهم تحقيق متابعة الإمام قوله ( ومتابعة الإمام ) قال في شرح المنية لا خلاف في لزوم المتابعة في الأركان الفعلية إذ هي موضوع الاقتداء
واختلف في المتابعة في الركن القولي وهو القراءة فعندنا لا يتابع فيها بل يستمع وينصت وفيما عدا القراءة من الأذكار يتابعه
والحاصل أن متابعة الإمام في الفرائض والواجبات من غير تأخير واجبة فإن عارضها واجب لا ينبغي أن يفوته بل يأتي به ثم يتابع كما لو قام الإمام قبل أن يتم المقتدي التشهد فإنه يتمه ثم يقوم لأن الإتيان به لا يفوت المتابعة بالكلية وإنما يؤخرها والمتابعة مع قطعه تفوته بالكلية فكان تأخير أحد الواجبين مع الإتيان بهما أولى من ترك أحدهما بالكلية وإنما يؤخرها والمتابعة مع قطعه تفوته بالكلية فكان تأخير أحد الواجبين مع الإتيان بهما أولى من ترك أحدهما بالكلية بخلاف ما إذا عارضها سنة كما لو رفع الإمام قبل تسبيح المقتدي ثلاثا فالأصح أنه يتابعه لأن ترك السنة أولى من تأخير الواجب ا هـ ملخصا
ثم ذكر ما حاصله أنه تحت متابعته للإمام في الواجبات فعلا وكذا تركا إن لزم من فعله مخالفته الإمام في الفعل كتركه القنوت أو تكبيرات العيد أو القعدة الأولى أو سجود السهو أو التلاوة فيتركه المؤتم أيضا وأنه ليس له أن يتابعه في البدعة والمنسوخ وما لا تعلق له بالصلاة فلا يتابعه لو زاد سجدة أو زاد على أقوال الصحابة في تكبيرات العيدين أو على أربع في تكبير الجنازة أو قام إلى الخامسة ساهيا وأنه لا تجب المتابعة في السنن فعلا وكذا تركا فلا يتابعه في ترك رفع اليدين في التحريمة والثناء وتكبير الركوع والسجود والتسبيح فيهما والتسميع وكذا لا يتابعه في ترك الواجب القولي الذي لا يلزم من فعله المخالفة
____________________
(1/470)
في واجب فعلي كالتشهد والسلام وتكبير التشريق بخلاف القنوت وتكبيرات العيدين إذ يلزم من فعلهما المخالفة في الفعل وهو القيام مع ركوع الإمام ا هـ
فعلم من هذا أن المتابعة ليست فرضا بل تكون واجبة في الفرائض والواجبات الفعلية وتكون سنة في السنن وكذا في غيرها عند معارضة سنة وتكون خلاف الأولى إذا عارضها واجب آخر أو كانت في ترك لا يلزم من فعله مخالفة الإمام في واجب فعلي كرفع اليدين للتحريمة ونظائره وتكون غير جائزة إذا كانت في فعل بدعة أو منسوخ أو ما لا تعلق له بالصلاة أو في ترك ما يلزم من فعله مخالفة الإمام في واجب فعلي
ويشكل على هذا ما في شرح القهستاني على المقدمة الكيدانية من قوله إن المتابعة فرض كما في الكافي وغيره وإنها شرط في الأفعال دون الأذكار كما في المنية ا هـ
وكذا ما في الفتح والبحر وغيرهما من باب سجود السهو من أن المؤتم لو قام ساهيا في القعدة الأولى يعود ويقعد لأن القعود فرض عليه بحكم المتابعة حتى قال في البحر ظاهره أنه لو لم يعد تبطل صلاته لترك الفرض وقال في النهر والذي ينبغي أن يقال إنها واجبة في الواجب فرض في الفرض ا هـ
أقول الذي يظهر أنهم أرادوا بالفرض الواجب وكون المتابعة فرضا في الفرض لا يصح على إطلاقه لما صرحوا به من أن المسبوق لو قام قبل قعود إمامه قدر التشهد في آخر الصلاة تصح صلاته إن قرأ ما تجوز به الصلاة بعد قعود الإمام قدر التشهد وإلا لا مع أنه لم يتابع في القعدة الأخيرة فلو كانت المتابعة فرضا في الفرض مطلقا لبطلت صلاته مطلقا نعم تكون المتابعة فرضا بمعنى أن يأتي بالفرض مع إمامه أو بعده كما لو ركع إمامه فركع معه مقارنا أو معاقبا وشاركه فيه أو بعد ما رفع منه فلو لم يركع أصلا أو ركع ورفع قبل أن يركع إمامه ولم يعده معه أو بعده بطلت صلاته
والحاصل أن المتابعة في ذاتها ثلاثة أنواع مقارنة لفعل الإمام مثل أن يقارن إحرامه لإحرام إمامه وركوعه لركوعه وسلامه لسلامه ويدخل فيها ما لو ركع قبل إمامه ودام حتى أدركه إمامه فيه
ومعاقبة لابتداء فعل إمامه مع المشاركة في باقيه
ومتراخية عنه فمطلق المتابعة الشامل لهذه الأنواع الثلاثة يكون فرضا في الفرض وواجبا في الواجب وسنة في السنة عند عدم المعارض أو عدم لزوم المخالفة كما قدمناه
ولا يشكل مسألة المسبوق المذكورة لأن القعدة وإن كانت فرضا لكنه يأتي بها في آخر صلاته التي يقضيها بعد سلام إمامه فقد وجدت المتابعة المتراخية فلذا صحت صلاته والمتابعة المقيدة بعدم التأخير والتراخي الشاملة للمقارنة والمعاقبة لا تكون فرضا بل تكون واجبة في الواجب وسنة في السنة عند عدم المعارضة وعدم لزوم المخالفة أيضا والمتابعة المقارنة بلا تعقيب ولا تراخ سنة عنده لا عندهما وهذا معنى ما في المقدمة الكيدانية حيث ذكر المتابعة من واجبات الصلاة ثم ذكرها في السنن ومراده بالثانية المقارنة كما ذكره القهستاني في شرحها
إذا علمت ذلك ظهر لك أن من قال إن المتابعة فرض أو شرط كما في الكافي وغيره أراد به مطلقها بالمعنى الذي ذكرناه ومن قال إنها واجبة كما في شرح المنية وغيره أراد به المقيدة بعدم التأخير ومن قال إنها سنة أراد به المقارنة الحمد لله على توفيقه وأسأله هداية طريقه
____________________
(1/471)
مطلب المراد بالمجتهد فيه قوله ( يعني في المجتهد ) المراد فيه ما كان مبنيا على دليل معتبر شرعا بحيث يسوغ للمجتهد بسببه مخالفة غيره حتى لو كان مما يدخل تحت الحكم وحكم به حاكم يراه نفذ حكمه وإذا رفع حكمه إلى حاكم آخر يراه وجب عليه إمضاؤه بخلاف ما إذا كان قولا مخالفا للكتاب كحل متروك التسمية عمدا أو السنة المشهورة كالاكتفاء بشاهد ويمين ونحو ذلك مما سيجيء في كتاب القضاء إن شاء الله تعالى فإنه لا يسمى مجتهدا فيه حتى إذا رفع حكمه إلى من يراه لا ينقضه ولا يمضيه وأفاد وجوب المتابعة في المتفق عليه بالأولى وعدم جوازها فيما كان بدعة أو لا تعلق له بالصلاة كما لو زاد سجدة أو قام إلى الخامسة ساهيا كما مر عن شرح المنية
ومثال ما تجب فيه المتابعة مما يسوغ فيه الاجتهاد ما ذكره القهستاني في شرح الكيدانية عن الجلابي بقوله كتكبيرات العيد وسجدتي السهو قبل السلام والقنوت بعد الركوع في الوتر ا هـ
والمراد بتكبيرات العيد ما زاد على الثلاث في كل ركعة مما لم يخرج عن أقوال الصحابة كما لو اقتدى بمن يراها خمسا مثلا كشافعي ومثل لما لا يسوغ الاجتهاد فيه في شرح الكيدانية عن الجلابي أيضا بقوله كالقنوت في الفجر والتكبير الخامس في الجنازة ورفع اليدين في تكبير الركوع وتكبيرات الجنازة قال فالمتابعة فيها غير جائزة ا هـ
لكن رفع اليدين في تكبيرات الجنازة قال به كثير من علمائنا كأئمة بلخ فكونه مما لا يسوغ الاجتهاد فيه محل نظر ولهذا قال الخير الرملي في حاشية البحر في باب الجنازة إنه يستفاد من هذا أي مما قاله أئمة بلخ أن الأولى متابعة الحنفي للشافعي بالرفع إذا اقتدى به ولم أره ا هـ أي فإن اختلاف أئمتنا فيه دليل على أنه مجتهد فيه فتأمل وقال الأولى ولم يقل يجب لأن المتابعة إنما تجب في الواجب أو الفرض وهذا الرفع غير واجب عند الشافعي
قوله ( لا في المقطوع بنسخه ) كما لو كبر في الجنازة خمسا فإن الآثار اختلفت في فعله فروى الخمس والسبع والتسع وأكثر من ذلك إلا أن آخر فعله كان أربعا فكان ناسخا لما قبله كما في الإمداد
قوله ( كقنوت فجر ) فإنه إما مقطوع بنسخه على تقدير أنه كان سنة أو بعدم سنيته على تقدير أنه كان دعاء على قوم شهرا كما في الفتح من النوافل فهو مثال للمقطوع بنسخه أو بعدم سنيته على سبيل البدل ح
قوله ( وإنما تفسد ) أي الصلاة بمخالفته في الفروض المراد بالمخالفة هنا عدم المتابعة أصلا بأنواعها الثلاثة المارة والفساد في الحقيقة إنما هو بترك الفرض لا بترك المتابعة لكن أسند إليها لأنه يلزم منها تركه وخص الفرض لأنه لا فساد بترك الواجب أو السنة
قوله ( في الخزائن ) ونصه وجوب المتابعة ليس على إطلاقه بل هي تارة تفرض وتارة تجب وتارة لا تجب ففي وتر الفتح إنما تجب المتابعة في الفعل المجتهد فيه لا في المقطوع بنسخه أو بعدم كونه سنة من الأصل كقنوت الفجر وفي العناية إنما يتبعه في المشروع دون غيره
وفي البحر المخالفة فيما هو من الأركان أو الشرائط مفسدة لا في غيرها ا هـ
مطلب سنن الصلاة قوله ( قلت فبلغت أصولها الخ ) تفريع على ما زاد من الواجبات على ما في المتن وذلك أن في الفاتحة ست آيات وقد عدها في المتن واجبا واحدا وكذا تكبيرات العيد ست وعدها واحدا فيزاد عليه عشرة وتعديل الأركان عده واحدا وهو واجب في الركوع والسجود والرفع من كل منهما فيزاد ثلاثة فهي ثلاثة عشر والرابع عشر
____________________
(1/472)
ترك تكرير الفاتحة قبل سورة الأوليين والخامس عشر والسادس عشر رعاية الترتيب بين القراءة والركوع وفيما تكرر في كل الصلاة والسابع عشر ترك الزيادة على التشهد والثامن عشر والتاسع عشر تكبيرة القنوت وتكبيرة ركوعه والعشرون والحادي والعشرون تكبيرة ركوع ثانية العيد ولفظا التكبير في الافتتاح ثم ذكر سبعة تحت قوله وبقي من الواجبات الخ فهذه ثمانية وعشرون كلها صريحة في كلامه زيادة على ما في المتن من الأربعة عشر فتبلغ اثنين وأربعين واجبا بدون ضرب وبسط فلذا سماها أصولا
قوله ( وبالبسط أثر من مائة ألف ) أقول أكثرها صور عقلية لا خارجية كما ستعرفه قوله ( إذ أحدها ) المراد به التشهد وهو واحد من جهة النوع أي إنه واحد من نوع الواجبات النيف وأربعين وإلا فهو في الحقيقة متعدد لأن هذا الواحد هو المضروب فيه وهو ثمانية وسبعون تشهدا
قوله ( من ضرب خمسة ) أي خمس واجبات هي قعدة المغرب الأولى مع تشهدها وترك نقص من كلماته وترك زيادة فيه أي في أثناء كلماته لأنه ذكر منظوم لا يجوز أن يزاد فيه أجنبي عنه وترك زيادة عليه أي بعد تمامه وهذا لا يكون واجبا إلا في القعدة الأولى من غير النوافل
قوله ( في ثمانية وسبعين ) متعلق بضرب وقوله كما مر أي في كلامه حيث ذكر أن التشهد قد يتكرر عشرا ثم زاد أربعا ثم ستين ثم أربعا فبلغت ثمانية وسبعين تشهدا كما أوضحناه فيما مر وإذا ضربتها في الخمسة الواجبات التي ذكرها هنا بلغت ثلاثمائة وتسعين
وبيان ذلك أن التشهد في نفسه واجب ويجب له القعدة وأن يترك نقصا منه وزيادة فيه أو عليه فهذه خمس واجبات تجب في كل صورة من الصور الثمانية والسبعين المارة فتبلغ ما ذكر وأراد بالواجب ما يشمل الفرض لأن هذه الصور ليست كل قعداتها واجبة بل الواجب منها ما كان قعدة أولى أو بعد سجود سهو أما ما كان قعدة أخيرة أو بعد سجدة صلبية أو تلاوية فإنها فرض والفرض قد يطلق عليه لفظ الواجب فهذا الواجب واحد من نوع الواجبات النيف وأربعين المارة وهو التشهد استلزم ثلاثمائة وتسعين واجبا فيصلح لغزا
ثم هذه الواجبات تشتمل على أكثر من مائة سجدة ما بين سهوية وصلبية وتلاوية كل سجدة منها يجب فيها ثلاث واجبات الطمأنينة ووضع اليدين ووضع الركبتين على ما اختاره الكمال ورجحه في البحر وغيره وإذا ضربت ثلاثة في مائة تبلغ ثلاثمائة وكذا يجب بين كل سجدتي سهو الرفع والطمأنينة فيه فتبلغ أكثر من ثلاثمائة وإذا ضم ذلك إلى ما مر تبلغ أكثر من سبعمائة وإذا ضربتها في بقية النيف وأربعين المارة تبلغ أكثر من ثمانمائة وعشرين ألفا وسبعمائة وكل واحد منها يستلزم تركه سجدتي سهو وتشهدا وقعدة وكل سجدة يجب فيها الطمأنينة والرفع بينهمها والطمأنينة فيه والتشهد للسهو يجب فيه ترك نقص منه وزيادة فيه أما الزيادة عليه فتجوز
فهذه عشر واجبات فإذا ضربتها في ثمانية وعشرين ألفا وسبعمائة بلغت مائتي ألف وسبعة وثمانين ألفا وإذا نظرت إلى أن متابعة المقتدي لإمامه واجبة في الفرائض النيف وعشرين وفي الواجبات النيف وأربعين وجملة ذلك نيف وستون فإذا ضربتها فيما مر بلغت أكثر من سبعة عشر ألف ألف ومائتي ألف ألف وعشرين ألفا وبقي واجبات أخر لم يذكرها كالسجود على الأنف وعدم القراءة في الركوع وعدم القيام قبل التشهد أو قبل السلام وغير ذلك مما تبلغ جملته بالضرب عددا كثيرا أكثرها صور عقلية كما يظهر ذلك لمن أراد ضياع وقته ولولا ضرورة بيان كلام الشارح لكان الإعراض عن ذلك أولى
قوله ( وسننها ) تقدم الكلام في الوضوء على السنة وتعريفها وتقسيمها إلى سنة هدى وسنة زوائد والفرق بين الثانية وبين المستحب والمندوب وما في ذلك من الأسئلة وغير ذلك فراجعه
____________________
(1/473)
قوله ( لا يوجب فسادا ولا سهوا ) أي بخلاف ترك الفرض فإنه يوجب الفساد وترك الواجب فإنه يوجب سجود السهو قوله ( لو عامدا غير مستخف ) فلو غير عامد فلا إساءة أيضا بل تندب إعادة الصلاة كما قدمناه في أول بحث الواجبات ولو مستخفا كفر لما في النهر عن البزازية لو لم ير السنة حقا كفر لأنه استخفاف ا هـ
ووجهه أن السنة أحد الأحكام الشرعية المتفق على مشروعيتها عند علماء الدين فإذا أنكر ذلك ولم يرها شيئا ثابتا ومعتبرا في الدين يكون قد استخف بها واستهانها وذلك كفر
تأمل
مطلب في قولهم الإساءة دون الكراهة قوله ( وقالوا الخ ) نص على ذلك في التحقيق وفي التقرير الأكملي من كتب الأصول
لكن صرح ابن نجيم في شرح المنار بأن الإساءة أفحش من الكراهة وهو المناسب هنا لقول التحرير وتاركها يستوجب إساءة أي التضليل واللوم
وفي التلويح ترك السنة المؤكدة قريب من الحرام وقد يوفق بأن مرادهم بالكراهة التحريمية والمراد بها في شرح المنار التنزيهية فهي دون المكروه تحريما وفوق المكروه تنزيها ويدل على ذلك ما في النهر عن الكشف الكبير معزيا إلى أصول أبي اليسر حكم السنة أن يندب إلى تحصيلها ويلام على تركها مع لحوق إثم يسير ا هـ وعن هذا في البحر إن الظاهر من كلامهم أن الإثم منوط بترك الواجب أو السنة المؤكدة لتصريحهم بإثم من ترك سنن الصلوات الخمس على الصحيح وتصريحهم بإثم من ترك الجماعة مع أنها سنة على الصحيح
ولا شك أن الإثم بعضه أشد من بعض فالإثم لتارك السنة المؤكدة أخف منه لتارك الواجب ا هـ ملخصا
وظاهره حصول الإثم بالترك مرة ويخالفه ما في شرح التحرير أن المراد الترك بلا عذر على سبيل الإصرار وكذا ما يأتي قريبا عن الخلاصة وكذا ما مر في سنن الوضوء من أنه لو اكتفى بالغسل مرة إن اعتاده أثم وإلا لا وكذا ما في شرح الكيدانية عن الكشف وقال محمد في المصرين على ترك السنة بالقتال وأبو يوسف بالتأديب ا هـ
فيتعين حمل الترك فيما مر عن البحر على الترك على سبيل الإصرار توفيقا بين كلامهم
قوله ( على ما ذكره ) وإلا فهي أكثر كما سيأتي وقد عد منها الشرنبلالي في مقدمته نور الإيضاح إحدى وخمسين
قوله ( ثلاثة وعشرون ) أنث لفظ العدد لحذف المعدود ح
قوله ( للتحريمة ) أي قبلها وقيل معها كما سيذكره الشارح في الفصل الآتي
قوله ( في الخلاصة الخ ) حكي في الخلاصة أولا خلافا وقيل يأثم وقيل لا ثم قال والمختار إن اعتاده أثم لا إن كان أحيانا ا هـ
وجزم به في الفيض وكذا في المنية
قال شارحها يأثم لا لنفس الترك بل لأنه استخفاف وعدم مبالاة بسنة واظب عليها النبي مدة عمره وهذا مطرد في جميع السنن المؤكدة ا هـ
والتعليل المذكور مأخوذ من الفتح ورده في البحر بقوله بعد ما قدمناه عنه
فالحاصل أن القائل بالإثم في ترك الرفع بناء على أنه من سنن الهدى فهو سنة مؤكدة والقائل بعدمه بناه على أنه من سنن الزوائد بمنزلة المستحب الخ
قلت لكن كونه سنة مؤكدة لا يستلزم الإثم بتركه مرة واحدة بلا عذر فيتعين تقييد الترك بالاعتياد والإصرار توفيقا بين كلامهم كما قدمناه فإن الظاهر أن الحامل على الإصرار على الترك هو الاستخفاف بمعنى التهاون وعدم المبالاة لا بمعنى الاستهانة والاحتقار وإلا كان كفرا كما مر خلافا لما فهمه في النهر فتدبر
قوله ( أي تركها بحالها ) قال في الحلية ظن بعضهم أنه أراد بالنشر تفريج الأصابع هو غلط بل أراد به النشر
____________________
(1/474)
عن الطي يعني برفعهما منصوبتين لا مضمومتين حتى تكون الأصابع مع الكف مستقبلة للقبلة
ثم لا يخفى أنه لا تتوقف السنة على ضم الأصابع أو لا بل لو كانت منشورة غير متفرجة كل التفريج ولا مضمومة كل الضم ثم رفعها كذلك مستقبلا بهما القبلة فقد أتى بالسنة ا هـ
قوله ( وأن لا يطأطىء رأسه ) أي لا يخفضه والمسألة في البحر عن المبسوط قوله ( بقدر حاجته للإعلام الخ ) وإن زاد ذكره ط
قلت هذا إذا لم يفحش كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في آخر باب الإمامة عند قوله وقائم بقاعد وأشار بقوله والانتقال إلى أن المراد بالتكبير هنا ما يشمل تكبير الإحرام وغيره وبه صرح في الضياء
مطلب في التبليغ خلف الإمام ثم اعلم أن الإمام إذا كبر للافتتاح فلا بد لصحة صلاته من قصده بالتكبير الإحرام وإلا فلا صلاة له إذا قصد الإعلام فقط فإن جمع بين الأمرين بأن قصد الإحرام والإعلان للإعلام فذلك هو المطلوب منه شرعا وكذلك المبلغ إذا قصد التبليغ فقط خاليا عن قصد الإحرام فلا صلاة له ولا لمن يصلي بتبليغه في هذه الحالة لأنه اقتدى بمن لم يدخل في الصلاة فإن قصد بتكبيره الإحرام مع التبليغ للمصلين فذلك هو المقصود منه شرعا كذا في فتاوى الشيخ محمد بن محمد الغزي الملقب بشيخ الشيوخ ووجهه أن تكبيرة الافتتاح شرط أو ركن فلا بد في تحقيقها من قصد الإحرام أي الدخول في الصلاة
وأما التسميع من الإمام والتحميد من المبلغ وتكبيرات الانتقالات منهما إذا قصد بما ذكر الإعلام فقط فلا فساد للصلاة كذا في ( القول البليغ في حكم التبليغ ) للسيد أحمد الحموي وأقره السيد محمد أبو السعود في حواشي مسكين
والفرق أن قصد الإعلام غير مفسد كما لو سبح ليعلم غيره أنه في الصلاة ولما كان المطلوب هو التكبير على قصد الذكر والإعلام فإذا محض قصد الإعلام فكأنه لم يذكر وعدم الذكر في غير التحريمة غير مفسد
وقد أشبعنا الكلام على هذه المسألة في رسالتنا المسماة ( تنبيه ذوي الأفهام على حكم التبليغ خلف الإمام ) هذا وسيأتي في أول الفصل أنه لو نوى بتكبيرة الإحرام تكبيرة الركوع لغت نيته وصح شروعه لأن المحل له ومقتضاه أنه لو نوى بها الإعلام صح أيضا على أن الصحيح أنها شرط لا ركن والشرط يلزم حصوله لا تحصيله لكن سيأتي جوابه ثم هذا كله إذا قصد الإعلام بنفس التكبيرة أما إذا قصد بها التحريمة وقصد بالجهر بها الإعلام بأن كان لولا الإعلام لم يجهر وأنه يأتي بها ولو لم يجهر فهو المطلوب كما مر والزائد على قدر الحاجة كما هو مكروه للإمام يكره للمبلغ
وفي حاشية أبي السعود واعلم أن التبليغ عند عدم الحاجة إليه بأن بلغهم صوت الإمام مكروه
وفي السيرة الحلبية اتفق الأئمة الأربعة على أن التبليغ حينئذ بدعة منكرة أي مكروهة وأما عند الاحتياج إليه فمستحب وما نقل عن الطحاوي إذا بلغ القوم صوت الإمام فبلغ المؤذن فسدت صلاته لعدم الاحتياج إليه فلا وجه له إذ غايته أنه رفع صوته بما هو ذكر بصيغته
وقال الحموي وأظن أن هذا النقل مكذوب على الطحاوي فإنه مخالف للقواعد أه
قوله ( والتسمية ) وقيل إنها واجبة وسيأتي تمام الكلام عليه وعلى بقية السنن المذكورة في الفصل الآتي قوله ( والتأمين ) أي عقب قراءة الفاتحة قال في المنية وإذا قال الإمام ولا الضالين قال آمين ا هـ
ولا يخفى أن هذا هو المفهوم
____________________
(1/475)
لكل أحد فما قيل لو ترك الفاتحة وقرأ نحو { ربنا لا تؤاخذنا } البقرة 286 الآية هل يسن التعوذ والتسمية والتأمين ا هـ ففيه نظر بالنسب إلى توقفه في التأمين فإن الوارد في التأمين عقب القراءة خاص بقراءة الفاتحة وأما التعوذ والتسمية فغير خاصين بها والظاهر أنه يأتي بهما تأمل
قوله ( وكونهن سرا ) جعل سرا خبر لكون المحذوف ليفيد أن الإسرار بها سنة أخرى فعلى هذا سنية الإتيان بها تحصل ولو مع الجهر بها ط عن أبي السعود
قوله ( وكونه الخ ) قدر الكون لما ذكرنا قبله
قوله ( للرجال ) سيأتي في الفصل بيان محترزه وكيفيته
قوله ( ولخوف الخ ) بيان لحكمة عدم الإرسال
قوله ( وكذا الرفع منه ) أشار إلى أن الرفع مرفوع بالعطف على تكبير قال في البحر ولا يجوز جره لأنه لا يكبر فيه وإنما يأتي بالتسميع ا هـ
لكن سنذكر في الفصل الآتي القول بأنه سنة أيضا لحديث أنه عليه الصلاة والسلام كان يكبر عند كل رفع وخفض وعلى تأويل الحديث بأن المراد بالتكبير ذكر فيه تعظيم يقال مثله هنا فيجوز الجر لئلا يفوت المصنف ذكر التسميع في السنن لكن يفوته ذكر نفس الرفع فالتأويل في عبارة الكنز أظهر كما أوضحناه في حواشينا على البحر
هذا وتقدم أن مختار الكمال وغيره رواية وجوب الرفع من الركوع والسجود والطمأنينة فيهما وأنه الموافق للأدلة وإن كان المشهور في المذهب رواية السنية
قوله ( والتسبيح فيه ) الأولى ذكره بعد قوله وتكبير الركوع كما لا يخفى ونظيره ما يأتي في السجود ح
قوله ( ثلاثا ) فلو تركه أو نقصه كره تنزيها كما سيأتي قوله ( وإلصاق كعبيه ) أي حيث لا عذر
أي سنة للرجل فقط وهذا قيد للأخذ والتفريج لأن المرأة تضع يديها على ركبتيها وضعا ولا تفرج أصابعها كما في المعراج فافهم وسيأتي في الفصل أنها تخالف الرجل في خمسة وعشرين
قوله ( وكذا نفس الرفع منه ) زاد لفظة نفس لئلا يتوهم أنه على تقدير مضاف أي تكبير الرفع فيتكرر مع قوله وكذا تكبيره أو للإشارة إلى أن إصل الرفع سنة كما في الزيلعي حتى أنه لو سجد على شيء ثم نزع من تحت جبهته وسجد ثانيا على الأرض جاز وإن لم يرفع لكنه خلاف ما صححه في الهداية بقوله والأصح أنه إذا كان إلى السجود أقرب لا يجوز لأنه يعد ساجدا
وإذا كان إلى الجلوس أقرب جاز لأنه يعد جالسا ا هـ
وإذا كان الرفع المذكور فرضا فالمسنون منه أن يكون بحيث يستوي جالسا فلذا قيده الشارح بذلك لكنه لكنه يتكرر مع قوله الآتي والجلسة فالأصوب إسقاط قوله بحيث يستوي جالسا ويكون مراد المصنف بالرفع أصله بدون استواء جريا على القول بسنيته وبالجلسة الآتية الاستواء فلا تكرار وقد مر تصحيح وجوبها وسيأتي تمام الكلام عليه في الفصل الآتي
قوله ( ووضع يديه وركبتيه ) هو ما صرح به كثير من المشايخ واختار الفقيه أبو الليث الافتراض ومشى عليه الشرنبلالي والفتوى على عدمه كما في التجنيس والخلاصة واختار في الفتح الوجوب لأنه مقتضى الحديث مع المواظبة
قال في البحر وهو إن شاء الله تعالى أعدل الأقوال لموافقته الأصول ا هـ
وقال في الحلية وهو حسن ماش على القواعد المذهبية ثم ذكر ما يؤيده
قوله ( فلا تلزم ) لأن وضعهما ليس بفرض فإذا وضعهما على نجس كان كعدم الوضع أصلا
____________________
(1/476)
فلا يضر وهذا هو المشهور لكن قدمنا في شروط الصلاة عن المنية أن عدم اشتراط طهارة مكانهما رواية شاذة وأن الصحيح أنه يفسد الصلاة كما في متن المواهب ونور الإيضاح والمنية وفي النهر وهو المناسب لإطلاق عامة المتون وأيده بكلام الخانية
وفي شرح المنية وهو الصحيح لأن اتصال العضو بالنجاسة بمنزلة حملها وإن كان وضع ذلك العضو ليس بفرض ا هـ
قوله ( إلا إذا سجد على كفه ) أي على ما هو متصل به ككفه وفاضل ثوبه لا لاشتراط طهارة ما تحت الكف أو الثوب بل لاشتراط طهارة محل السجود وما اتصل به لا يصلح فاصلا فكأنه سجد على النجاسة
قوله ( وافترش رجله اليسرى ) أي مع نصب اليمنى سواء كان في القعدة الأولى أو الأخرى لأنه عليه الصلاة والبسلام فعله كذلك وما ورد من توركه عليه الصلاة والسلام محمول على حال كبره وضعفه وكذا يفترش بين السجدتين كما في فتاوى الشيخ قاسم عن أبي السعود ومثله في شرح الشيخ إسماعيل البرجندي
قوله ( في تشهد الرجل ) أي هو سنة فيه بخلاف المرأة فإنها تتورك كما سيأتي
قوله ( ووضع يديه فيها ) أي في الجلسة
قوله ( فافهم ) لعله يشير به إلى أنه يؤخذ من كلامهم أيضا لأن هذه الجلسة مثل جلسة التشهد ولو كان فيها مخالفة لها لبينوا ذلك كما بينوا أن الجلسة الأخيرة تخالف الأولى في التورك فلما أطلقوها علم أنها مثلها ولهذا قال القهستاني هنا ويجلس أي الجلوس المعهود
قوله ( ونسبوه ) أي نسبه قوم من الأعيان منهم الطحاوي وأبو بكر الرازي وابن المنذر والخطابي والبغوي وابن جرير الطبري لكن نقل عن بعض الصحابة والتابعين ما يوافق الشافعي
بحر
قوله ( والدعاء الخ ) أي قبل السلام وسيأتي في آخر الفصل الآتي الكلام عليه وعلى ما يفعله بعد السلام من قراءة وتسبيح وغيرهما
قوله ( لغيره ) أي لمؤتم ومنفرد لكن سيأتي أن المعتمد أن المنفرد يجمع بين التسميع والتحميد وكذا الإمام عندهما وهو رواية عن الإمام جزم بها الشرنبلالي في مقدمته
قوله ( وتحويل الوجه يمنة ويسرة للسلام ) ويسن البداءة باليمين ونية الإمام الرجال والحفظة وصالحي الجن إلى آخر ما سيأتي في الفصل وخفض الثانية عن الأولى ومقارنته لسلام الإمام وانتظار المسبوق سلام الإمام كذا في نور الإيضاح وقدمنا أنه أوصل السنن إلى إحدى وخمسين لكن عد بعضها في الضياء من المستحبات
آداب الصلاة قوله ( ولها آداب ) جمع أدب وهو في الصلاة ما فعله رسول الله مرة أو مرتين ولم يواظب عليه كالزيادة على الثلاث في تسبيحات الركوع والسجود كذا في غاية البيان والعناية وغيرهما
وعرفه في أول الحلية بتعاريف متعددة وقال والظاهر مساواته للمندوب
قوله ( تركه ) أي ترك الأدب الذي تضمنه لفظ جمعه
قوله ( كترك سنة الزوائد ) وهي السنن الغير المؤكدة كسيره عليه الصلاة والسلام في لباسه وقيامه وقعوده
____________________
(1/477)
وتنعله ويقابلها سنن الهدى التي هي من أعلام الدين كالأذان والجماعة ويقابل النوعين النفل ومنه المندوب والمستحب والأدب وقدمنا تحقيق ذلك في سنن الوضوء
قوله ( وإلى أرنبة أنفه ) أي طرفه
قاموس
قوله ( وإلى حجره ) بكسر الحاء والجيم والراء المهملة ما بين يديك من ثوبك
قاموس
وقال أيضا الحجر مثلثة المنع وحضن الإنسان والمناسب هنا الأول لأنه فسر الحضن بما دون الإبط إلى الكشح أو الصدر والعضدان وفسر الكشح بما بين الخاصرة إلى الضلع الجنب واستظهر في العزمية ضبطه بضم ففتح فزاي معجمة جمع حجزة وهي معقد الإزار ولا يخفى بعده ققوله ( لتحصيل الخضوع ) علة الجميع لأن المقصود الخشوع وترك التكلف فإذا تركه صار ناظرا إلى هذه المواضع قصد أو لا وفي ذلك حفظ له عن النظر إلى ما يشغله وفي إطلاقه شمول المشاهد للكعبة لأنه لا يأمن ما يلهيه وإذا كان في الظلام أو كان بصيرا يحافظ على عظمة الله تعالى لأن المدار عليها وتمامه في الإمداد وإذا كان المقصود الخشوع فإذا كان في هذه المواضع ما ينافيه يعدل إلى ما يحصله فيها
تنبيه المنقول في ظاهر الرواية أن يكون منتهى بصره في صلاته إلى سجوده كما في المضمرات وعليه اقتصر في الكنز وغيره وهذا التفصيل من تصرفات المشايخ كالطحاوي والكرخي وغيرهما كما يعلم من المطولات
قوله ( وإمساك فمه عند التثاؤب ) بالهمز وأما الواو فغلط كما في المغرب وغيره وسيأتي في باب ما يفسد الصلاة أو يكره أنه يكره ولو خارجها لأنه من الشيطان والأنبياء محفوظون منه قوله ( ولو بأخذ شفتيه بسنه ) في بعض النسخ شفته بصيغة المفرد وهي أحس لأن المتيسر لدفع التثاؤب هو أخذ الشفة السفلى وحدها ثم رأيت التقييد بها في الضياء
قوله ( بظهر يده اليسرى ) كذا في الضياء المعنوي ومثله في الحلية في باب السنن والشارح عزا المسألة إلى المجتبى مع أن المنقول في البحر والنهر والمنح عن المجتبى أنه يغطي فاه بيمينه وقيل بيمينه في القيام وفي غيره بيساره ا هـ وهكذا في شرح الشيخ إسماعيل وعبارة الشارح في الخزائن أي بظهر يده اليمنى الخ فالمناسب إبدال اليسرى باليمنى
قوله ( وقيل الخ ) كأنه لأن التغطية ينبغي أن تكون باليسرى كالامتخاط فإذا كان قاعدا يسهل ذلك عليه ولم يلزم منه حركة اليدين بخلاف ما إذا كان قائما فإنه يلزم من التغطية باليسرى حركة اليمين أيضا لأنها تحتها ا هـ ح
قوله ( لأن التغطية الخ ) علة لكونه لا يغطي بيده أو كمه إلا عند عدم إمكان كظم فيه ولذا قال في الخلاصة أما إذا أمكنه يأخذ شفتيه بسنه فلم يفعل وغطى بيده أو ثوبه يكره هكذا روي عن أبي حنيفة ا هـ
فائدة رأيت في شرح تحفة الملوك المسمى بهدية الصعلوك ما نصه قال الزاهدي الطريق في دفع التثاؤب أن يخطر بباله أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ما تثاءبوا قط
قال القدوري جربناه مرارا فوجدناه كذلك ا هـ
قلت وقد جربته أيضا فوجدته كذلك
قوله ( عند التكبير ) أي تكبير الإحرام
قوله ( ودفع السعال ما استطاع ) فيه أنه لا يخلو إما أن يكون المراد بالسعال المضطر إليه فلا يمكن دفعه أو غيره فدفعه واجب لأنه مفسد
____________________
(1/478)
وقد يقال المراد به ما تدعو إليه الطبيعة مما يظن إمكان دفعه فهذا يستحب أن يدفعه ما أمكن إلى أن يخرج منه بلا صنعه أو يندفع عنه فليتأمل ثم رأيته في الحلية أجاب بحمله على غير المضطر إليه إذا كان عذر يدعو إليه في الجملة ولا سيما إذا كان ذا حروف لما فيه من الخروج عن الخلاف ا هـ والمراد بالعذر تحسين الصوت أو إعلام أنه في الصلاة فسيأتي في مفسدات الصلاة أن التنحنح لأجل ذلك لا يفسد في الصحيح وعلى هذا فالمراد بالسعال التنحنح
تأمل
قوله ( حين قيل حي على الفلاح ) كذا في الكنز ونور الإيضاح والإصلاح والظهيرية والبدائع وغيرها
والذي في الدرر متنا وشرحا عند الحيعلة الأولى يعني حيث يقال حي على الصلاة ا هـ
وعزاه الشيخ إسماعيل في شرحه إلى عيون المذاهب والفيض والوقاية والنقاية والحاوي والمختار ا هـ
قلت واعتمده في متن الملتقى وحكى الأول بقيل
لكن نقل ابن الكمال تصحيح الأول
ونص عبارته قال في الذخيرة يقوم الإمام والقوم إذا قال المؤذن حي على الفلاح عند علمائنا الثلاثة
وقال الحسن بن زياد وزفر إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة قاموا إلى الصف وإذا قال مرة ثانية كبروا والصحيح قول علمائنا الثلاثة ا هـ
قوله ( خلافا لزفر الخ ) هذا النقل غير صحيح وغير موافق لعبارة ابن كمال التي ذكرناها وقد راجعت الذخيرة فرأيته حكى الخلاف كما نقله ابن كمال عنها ومثله في البدائع وغيره
قوله ( وإلا الخ ) أي وإن لم يكن الإمام بقرب المحراب بأن كان في موضع آخر من المسجد أو خارجه ودخل من خلف ح
قوله ( في مسجد ) الأولى تعريفه باللام قوله ( فلا يقفوا ) الأنسب فلا يقفون بإثبات النون على أن لا نافية لا ناهية قوله ( وإن خارجه ) محترز قوله في مسجد
قوله ( بحر ) لم أره فيه بل في النهر قوله ( وشروع الإمام ) وكذا القوم لأن الأفضل عند أبي حنيفة مقارنتهم له كما سيأتي
قوله ( لا بأس به إجماعا ) أي لأن الخلاف في الأفضلية فنفي البأس أي الشدة ثابت في كلا القولين وإن كان الفعل أولى في أحدهما
قوله ( وهو ) أي التأخير المفهوم من قوله أخر
قوله ( أنه الأصح ) لأن فيه محافظة على فضيلة المؤذن وإعانة له على الشروع مع الإمام
قوله ( فرع الخ ) تقدم بيانه في بحث النية وكذا في هذا الباب عند قوله وبقي من الفروض الخ
قوله ( قنية ) يعني ذكره الإمام الزاهدي في قنية الفتاوى ونقل ط عبارته فافهم والله تعالى أعلم
فصل أي في بيان تأليف الصلاة إلى انتهائها على الوجه المتوارث من غير تعرض غالبا لوصف أفعالها بفريضة أو غيرها للعلم به مما مر
قوله ( لو قادرا ) سيأتي محترزه في قوله ويلزم العاجز الخ
قوله ( للافتتاح ) فلو قصد الإعلام فقط لم يصر شارعا كما قدمناه ويأتي تمامه
قوله ( أي قال وجوبا الله أكبر ) قال في الحلية عند قول المنية ولا دخول
____________________
(1/479)
في الصلاة إلا بتكبيرة الافتتاح وهي قوله الله أكبر أو الله الأكبر أو الله الكبير أو الله كبير الخ
وعين مالك الأول لأنه المتوارث وأجيب بأنه يفيد السنية أو الوجوب ونحن نقول به فإن الأصح أنه يكره الافتتاح بغير الله أكبر عند أبي حنيفة كما في التحفة والذخيرة والنهاية وغيرها وتمامه في الحلية وعليه فلو افتتح بأحد الألفاظ الأخيرة لا يحصل الواجب فافهم
قوله ( ولا يصير شارعا بالمبتدأ ) لأن الشرط الإتيان بجملة تامة كما مر في النظم
ولا يخفى أن الإتيان بالواو أحسن من الفاء التفريعية لأن ما قبله بيان للواجب وهذا بيان للشرط فلا يصح التفريع فافهم
قوله ( هو المختار ) وهو قول محمد وظاهر الرواية عن أبي حنيفة وكذا قول أبي يوسف لما سيأتي من اختصاص الصحة عنده بالألفاظ الخمسة ح
قوله ( فلو قال الخ ) بيان لثمرة الخلاف وتفريع على المختار
قوله ( قبله ) أي قبل فراغه ح
قوله ( قائما ) أي حقيقة وهو الانتصاب أو حكما وهو الانحناء القليل بأن لا تنال يداه ركبتيه ح
قوله ( في الأصح ) أي بناء على ظاهر الرواية
وأفاد أنه كما لا يصح اقتداؤه لا يصير شارعا في صلاة نفسه أيضا وهو الأصح كما في النهر عن السراج
قوله ( قبل الإمام ) أي قبل شروعه قوله ( ولو ذكر الاسم ) مكرر بما قبله فإن المراد بالصفة ( الخبر ) ومع ذلك هو ضعيف مبني على غير ظاهر الرواية أفاده ح
قوله ( إذ مد أحد الهمزتين مفسد الخ ) اعلم أن المد إن كان في الله فإما في أوله أو وسطه أو آخره فإن كان في أوله لم يصر به شارعا وأفسد الصلاة لو في أثنائها ولا يكفر إن كان جاهلا لأنه جازم والإكفار للشك في مضمون الجملة وإن كان في وسطه فإن بالغ حتى حدث ألف ثانية بين اللام والهاء كره قيل والمختار أنها لا تفسد وليس ببعيد وإن كان في آخره فهو خطأ ولا يفسد أيضا وقياس عدم الفساد فيهما صحة الشروع بهما وإن كان المد في أكبر فإن في أوله فهو خطأ مفسد وإن تعمده قيل يكفر للشك وقيل لا
ولا ينبغي أن يختلف في أنه لا يصح الشروع به وإن في وسطه أفسد ولا يصح الشروع به
وقال الصدر الشهيد يصح وينبغي تقييده بما إذا لم يقصد به المخالفة كما نبه عليه محمد بن مقاتل
وفي المبتغى لا يفسد لأنه إشباع وهو لغة قوم وقيل يفسد لأن أكبار اسم ولد إبليس ا هـ فإن ثبت أنه لغة فالوجه الصحة وإن في آخره فقد قيل يفسد الصلاة وقياسه أن لا يصح الشروع به أيضا كذا في الحلية ملخصا
وتمام أبحاث هذه المسألة في البحر والنهر عند قوله وكبر بلا مد وركع
أقول وينبغي الفساد بمد الهاء لأنه يصير جمع لاه كما صرح به بعض الشافعية
تأمل
قوله ( وتعمده ) أي تعمد مد الهمزة من لفظ الجلال أو أكبر كفر لكونه استفهاما يقتضي أن لا يثبت عنده كبرياء الله تعالى وعظمته كذا في الكفاية
والأحسن قول المبسوط خيف عليه الكفر إن كان قاصدا على أنه الأكمل اعترضهم في العناية بأنه يجوز أن تكون للتقدير فلا كفر ولا فساد لكن يجاب بأن قصد التقرير لا يدفع الفساد لما في شرح المنية من أن الإنسان لا يصلح أن يقرر نفسه وإن قرر غيره لزم الفساد لأنه خطاب ا هـ وعلى هذا فينبغي أن يقال إن تعمد المد لا يكفر إلا إذا قصد به الشك لانتفاء احتمال التقرير وأما الفساد وعدم صحة الشروع فثابتان وإن لم يتعمد المد أو الشك لأنه تلفظ بمحتمل للكفر فصار خطأ شرعا ولهذا قال في الحلية إن مناط الفساد ذكر الصورة الاستفهامية فلا يفترق الحال بين كونه عالما بمعناها أو لا بدليل الفساد بكلام النائم
قوله ( وكذا الباء في الأصح ) صححه في شرح المنية
قوله ( قائما ) أي في الفرض مع القدرة على القيام ح
قوله ( إن إلى القيام أقرب ) بأن لا تنال يداه ركبتيه كما مر
____________________
(1/480)
وفي شرح الشيخ إسماعيل عن الحجة إذا كبر في التطوع حالة الركوع للافتتاح لا يجوز وإن كان التطوع يجوز قاعدا ا هـ
قلت والفرق بينه وبين ما لو كبر للتطوع قاعدا أن القعود الجائز خلف عن القيام من كل وجه أما الركوع فله حكم القيام من وجه دون وجه ولذا لو قرأ فيه لم يجز تأمل قوله ( ولغت نية تكبيرة الركوع ) أي لو نوى بهذه التكبيرة الركوع ولم ينو تكبيرة الافتتاح لغت نيته وانصرفت إلى تكبيرة الافتتاح لأنه لما قصد بها الذكر الخالص دون شيء خارج عن الصلاة وكانت التحريمة هي المفروضة عليه لكونها شرطا انصرفت إلى الفرض لأن المحل له وهو أقوى من النفل كما لو نوى بقراءة الفاتحة الذكر والثناء كما لو طاف للركن جنبا وللصدر طاهرا انظرف الثاني إلى الركن بخلاف ما إذا قصد بالتكبيرة الإعلام فقط فإنه لا يكون قاصدا للذكر فصار كلاما أجنبيا عن الصلاة فلا يصح شروعه كما مر
قوله ( وإلا جاز ) أي بأن كان أكبر رأيه أنه مع الإمام أو بعده أو لم يكن له رأي أصلا والجواز في الثالثة لحمل أمره على الصواب ولكن الأحوط كما في شرح المنية أن يكبر ثانيا ليقطع الشك باليقين
ووقع في الفتح هنا سهو نبه عليه في النهر
قوله ( ولو أراد الخ ) ذكر المسألة الأولى في ألغاز الأشباه والثانية ذكرها المصنف متنا في الذبائح
قوله ( لم يصر شارعا ) لأن التعجب والإجابة أجنبيان عن الصلاة مفسدان لها ففي شرح الشيخ إسماعيل في مفسدات الصلاة لو قال اللهم صل على محمد أو الله أكبر وأراد به الجواب تفسد صلاته بالإجماع ولو أجاب المؤذن تفسد أيضا وإن أذن في صلاته تفسد إن أراد الأذان ا هـ
قوله ( ويجزم الراء الخ ) أي يسكنها
مطلب في حديث الأذان جزم قال في الحلية ثم اعلم أن المسنون جزم التكبير سواء كان للافتتاح أو في أثناء الصلاة قالوا الحديث إبراهيم النخعي موقوفا عليه ومرفوعا الأذان جزم والإقامة جزم والتكبير جزم قال في الكافي والمراد الإمساك عن إشباع الحركة والتعمق فيها والإضراب عن الهمز المفرط والمد والفاحش ثم الهاء ترفع بلا خلاف وأما الراء ففي المضمرات عن المحيط إن شاء بالرفع أو بالجزم وفي المبتغى الأصل فيه الجزم لقول التكبير جزم والتسميع جزم ا هـ
قوله ( ومر في الأذان ) وقدمنا بقية الكلام عليه هناك فراجعه
قوله ( وإنما يصير شارعا بالنية عند التكبير ) كذا في البحر عن حج الزيلعي والمراد بالتكبير مطلق الذكر
والمعنى أن النية لما كانت شرطا لصحة الصلاة وكانت التحريمة شرطا أيضا على الصحيح وكانت النية سابقة على التحريمة مدامة إلى وجودها حقيقة أو حكما بأن عزبت عن قلبه ولم يوجد بعدها فاصل أجنبي ربما توهم أن الشروع يكون بها وحدها فبين أن الشروع إنما يكون بها عند وجود التحريمة
قوله ( بل بهما ) أي إنه لما لم تستقل النية يكون الشروع بها وحدها بل توقف على التحريمة صار الشروع بهما لا بأحدهما كما أن المحرم بالحج
____________________
(1/481)
إذا نوى الحج لا يصير شارعا به ما لم يلب فلو نوى ولم يلب أو لبى ولم ينو لم يصر محرما فافهم
قوله ( لتعذر الواجب ) وهو التحريك بلفظ التكبير والقراءة
قوله ( لكن ينبغي الخ ) بيانه أن النية إذا كانت تكفي عن التحريمة اقتضى ذلك قيام النية مقام التحريمة وإذا قامت مقامها لزم مراعاة شروط التحريمة في النية فيشترط في النية حينيئذ القيام وعدم تقديمها لقيامها مقام التحريمة لا لذاتها لأن غير العاجز عن النطق لو نوى الصلاة قاعدا ثم قام وأحرم صح وكذا لو قدم النية كما قالوا لو توضأ في بيته قاصدا الصلاة مع الجماعة ثم خرج ولم تحضره النية وقت الدخول مع الإمام صحت ما لم يوجد فاصل أجنبي من كلام ونحوه ويغتفر ذلك المشي هذا تقرير كلامه وهو متابع في هذا البحث لصاحب النهر وقد أقره المحشون ولا يخفى ما فيه فإن النية شرط مستقل والتحريمة شرط آخر كبقية الشروط وإذا سقط شرط لعذر واكتفي بما سواه من الشروط لا يلزم أن يكون قد أقيم شرط آخر مقامه لأن الشروط لا تنصب بالرأي ولذا قال تبعا لغيره فلا يلزم إلا بدليل وذلك كما إذا عجز عن القيام أو عن استعمال الماء أقيم القعود والتراب مقامهما للدليل بخلاف العجز عن ستر العورة فإنه لا دليل على إقامة شيء مقامه فسقط بالكلية واكتفي بما سواه وإذا كان تحريك اللسان غير قائم مقام النطق لعدم الدليل فكيف تقام النية مقامه بلا دليل مع أن التحريك أقرب إلى النطق من النية قوله ( ثم في الأشباه ) أقول عبارة الأشباه على ما رأيته في عدة نسخ ومما خرج أي من القاعدة الأخرس يلزمه تحريك اللسان في تكبيرة الافتتاح والتلبية على القول به وأما بالقراءة فلا على المختار ا هـ
وفي بعض النسخ على المفتى به بدل قوله على القول به والأولى أحسن لموافقتها لما ذكره صاحب الأشباه في بحره عند قوله فرضها التحريمة حيث نقل تصحيح عدم الوجوب في التحريمة وجزم به في المحيط ولكن يحتاج إلى الفرض بين التحريمة والتلبية فإنه نص محمد على أنه شرط في التلبية
وقال في المحيط يستحب كما في الصلاة كذا في شرح لباب المناسك ثم قال قلت فينبغي أن لا يلزمه في الحج الأولى لأن القراءة فرض قطعي والتلبية أمر ظني قوله ( قبل التكبير وقيل معه ) الأول نسبه في المجتمع إلى أبي حنيفة ومحمد
وفي غاية البيانإلى عامة علمائنا
وفي المبسوطإلى أكثر مشايخنا وصححه في الهداية والثاني اختاره في الخانية والخلاصة والتحفة والبدائع والمحيط بأن يبدأ بالرفع عند بداءته التكبير ويختم به عند ختمه وعزاه البقالي إلى أصحابنا جميعا ورجحه في الحلية وثمة قول ثالث وهو أنه بعد التكبير والكل مروي عنه عليه الصلاة والسلام وما في الهداية أولى كما في البحر والنهر ولذا اعتمده الشارع فافهم
قوله ( هو المراد بالمحاذاة ) أي الواقعة في كتب ظاهر الرواية وبعض روايات الأحاديث كما بسطه في الحلية ووفق بينها وبين روايات الرفع إلى المنكبين بأن الثاني إذا كانت اليدان في الثياب للبرد كما قاله الطحاوي أخذا من بعض الروايات وتبعه صاحب الهداية وغيره وهو صريح رواية أبي داود
قال في الحلية وهو قول الشافعي ومشى عليه النووي
وقال في شرح مسلم إنه المشهور من مذهب الجماهير
قوله ( ويستقبل الخ ) ذكره في المنية وشرحها
قوله ( أنها ) أي الأمة هنا أي في الرفع وهذا حكاه في القنية بقيل فالمعتمد ما في البحر تبعا
____________________
(1/482)
للحلية
قوله ( وفي غيره ) كالركوع والسجود والقعود
قوله ( وقيل كالرجل ) روى الحسن عن أبي حنيفة أنها أي المرأة ترفع يديها حذو أذنيها كالرجل لأن كفيها ليستا بعورة حلية وما في المتن صححه في الهداية وقال وعلى هذا تكبير القنوت والعيدين والجنازة قوله ( أيضا الخ ) أي كما صح شروعه بالتكبير السابق صح أيضا بالتسبيح ونحوه لكن مع كراهة التحريم لأن الشروع بالتكبير واجب وقدمنا أن الواجب لفظ الله أكبر من بين ألفاظ التكبير الآتية
وقال في الخزائن هنا وهل يكره الشروع بغير الله أكبر تصحيحان
والراجح أنه مكروه تحريما وأن وجوبه عام لا خاص بالعبد كما حرره في البحر للمواظبة التي لم تقترن بترك ا هـ
قوله ( وسائر كلم التعظيم ) كالله أجل أو أعظم أو الرحمن أكبر أو لا إله إلا الله أو تبارك لله لأن التكبير الوارد في الأدلة مثل { وربك فكبر } معناه التعظيم والإجلال فيه وتمامه في شرح المنية
قوله ( الخالصة ) أي عن شائبة الدعاء وحاجة نفسه كما سيأتي
قوله ( له تعالى ) متعلق بالتعظيم لا بالخالصة وإلا ناقض قوله ولو مشتركة والأولى حذفه بالكلية تأمل
قوله ( في الأصح ) خلافا لما في الذخيرة والخانية من تخصيصه بالخاص والخلاف مقيد بما إذا لم يقرنه بما يزيل الاشتراك أما إذا قرنه به كالرحيم بعباده صح اتفاقا كما إذا قرنه بما يفسد الصلاة لا يصح اتفاقا كالعالم بالموجود والمعدوم أو بأحوال الخلق كما في الحلية وأشار إليه في البزازية أفاد في البحر والنهر
قوله ( وخصه الثاني ) فلا يصح الشروع عنده إلا بهذه الألفاظ المشتقة من التكبير والصحيح قولهما كما في النهر والحلية عن التحفة والزاد
قوله ( والكبار ) أي بضم الكاف بمعنى الكبير كما في القاموس والظاهر أنه يجوز تنكيره عند أبي يوسف كما جاز في الأكبر والكبير فليراجع ح
قوله ( وخصه البردعي الخ ) ضعيف
والبردعي بالدال المهملة على الأكثر أحمد بن الحسين وفارس اسم قلعة نسب إليها قوم والمراد بها لغتهم وهي أشرف اللغات وأشهرها بعد العربية وأقربها إليها أبو السعود ط
قوله ( بحديث ) متعلق بمزيتها
قوله ( والفارسية الدرية ) قال في المغرب الفارسية الدرية الفصيحة نسبت إلى در وهو الباب بالفارسية ا هـ
وهو بفتح الدال المهملة والراء الساكنة وإذا نسبت إلى ثنائي وضعا إن كان ثانية حرفا صحيحا جاز فيه التضعيف وعدمه فتقول في كم كمي وكمي بالتخفيف أو التشديد وإن كان حرف لين لزم تضعيفه كما أوضحه الأشموني في شرح الألفية فافهم فالظاهر أن ضبط القهستاني الدرية بالتشديد غير لازم
مطلب الفارسية وأفاد ح عن ابن كمال أن الفارسية خمس لغات فهلوية كان يتكلم بها الملوك في مجالسهم ودرية يتكلم بها من بباب الملك
وفارسية يتكلم بها الموابذة
ومن كان مناسبا لهم
وخورسية وهي لغة خورستان يتكلم بها الملوك والأشراف في الخلاء وموضع الاستفراغ وعند التعري للحمام وسريانية منسوبة إلى سوريان وهو
____________________
(1/483)
العراق ا هـ
قوله ( وشرطا عجزه ) أي التكبير بالعربية والمعتمد قوله ط
بل سيأتي ما يفيد الاتفاق على أن العجز غير شرط على ما فيه
قوله ( وجميع أذكار الصلاة ) في التاترخانية عن المحيط وعلى هذا الخلاف لو سبح بالفارسية في الصلاة أو دعا أو أثنى على الله تعالى أو تعوذ أو هلل أو تشهد أو صلى على النبي بالفارسية في الصلاة أي يصح عنده لكن سيأتي كراهة الدعاء بالأعجمية
قوله ( وأما ما ذكره الخ ) أي مما هو خارج عن أذكار الصلاة وجواب أما قوله الآتي فجائز إجماعا
قوله ( أو آمن ) بمد الهمزة من الإيمان كما في البحر ح وقوله أو سلم على غيره
وفي بعض النسخ أسلم من الإسلام وعليه يكون أمن بالتشديد من التأمين والنسخة الأولى أولى لأنها الموافقة لما رأيته بخط الشارح في الخزائن ولأن التأمين من أذكار الصلاة إلا أن يكون من أمان الكفار فإنه سيأتي في كتاب الجهاد متنا أنه يصح بأي لغة كان
قوله ( ولم أر الخ ) لا يظهر فرق بينه وبين رد السلام ح
قوله ( قيد القراءة بالعجز ) أشار إلى أن قوله عاجزا حال من فاعل قرأ فقط دون ما قبله
قوله ( وعليه الفتوى ) وفي الهداية وشرح المجمع لمصنفه وعليه الاعتماد
قوله ( وجعل ) بالرفع مبتدأ خبره قوله لا سلف له فيه الخ
قوله ( كالقراءة ) أي في اشتراط العجز فيه أيضا وفي أن الإمام رجع بذلك إلى قولهما لأن العجز عندها شرط في جميع أذكار الصلاة كما مر
قوله ( لا سلف له فيه ) أي لم يقل به أحد قبله وإنما المنقول أنه رجع إلى قولهما في اشتراط القراءة بالعربية إلا عند العجز
وأما مسألة الشروع فالمذكور في عامة الكتب حكاية الخلاف فيها بلا ذكر رجوع أصلا
وعبارة المتن كالكنز وغيره كالصريحة في ذلك حيث اعتبر العجز قيدا في القراءة فقط
قوله ( ولا مسند له يقويه ) أي ليس له دليل يقوي مدعاه لأن الإمام رجع إلى قولهما في اشتراط القراءة بالعربية لأن المأمور به قراءة القرآن وهو اسم للمنزل باللفظ العربي المنظوم الخاص المكتوب في المصاحف المنقول إلينا نقلا متواترا والأعجمي إنما يسمى قرآنا مجازا ولذا يصح نفي اسم القرآن عنه فلقوة دليل قولهما رجع إليه
أما الشروع بالفارسية فالدليل فيه للإمام أقوى وهو كون المطلوب في الشروع الذكر والتعظيم وذلك حاصل بأي لفظ كان وأي لسان كان نعم لفظ الله أكبر واجب للمواظبه عليه ولا فرض
قوله ( بل جعله في التاترخانية كالتلبية ) نص عبارتها وفي شرح الطحاوي ولو كبر بالفارسية أو سمى بالفارسية عند الذبح أو لبى عند الإحرام بالفارسية أو بأي لسان سواء كان يحسن العربية أو لا جاز بالاتفاق ا هـ
قوله ( كالمتن ) حيث لم يقيد الشروع بالعجز كما قيد به القراءة
قوله ( رجوعهما إليه الخ ) أي إنهما رجعا إلى قوله بصحة الشروع بالفارسية بلا عجز كما رجع هو إلى قولهما بعدم الصحة في القراءة فقط لا في الشروع أيضا كما توهمه العيني لكن كونهما رجعا إلى قوله في الشروع لم ينقله أحد وإنما المنقول حكاية الخلاف
____________________
(1/484)
كما قدمناه وأما ما في التاترخانية فغير صريح في تكبير الشروع بل هو محتمل لتكبير التشريق أو الذبح بل هذا أولى لأنه قرنه مع الأذكار الخارجة عن الصلاة وأما عبارة المتن فهي مبنية على قول الإمام فالحاصل أن ما أورده على العيني في دعوى رجوعه إلى قولهما يرد عليه في دعواه رجوعهما إلى قوله
قوله ( حتى الشرنبلالي ) أي اشتبه عليه ذلك أيضا فحتى ابتدائية والخبر محذوف لا عاطفة لأنا لم نعهد من هذا الشارح الفاضل قلة الأدب مع العلماء حتى يجعل الشرنبلالي من القاصرين
مطلب في حكم القراءة بالفارسية أو التوراة والإنجيل واعلم أن الشارح نفسه خفي عليه ذلك فتبع العيني في شره على الملتقى
وفي الخزائن بل خفي أيضا على البرهان الطرابلسي في متنه مواهب الرحمن حيث قال والأصح رجوعه إليهما في عدم جواز الشروع والقراءة بالفارسية لغير العاجز عن العربية
قوله ( واعتبر الزيلعي التعارف ) وبه جزم في الهداية وأقره الشراح وفي الكفاية عن المبسوط روى الحسن عن أبي حنيفة أنه أذن بالفارسية والناس يعلمون أنه أذان جاز وإلا لم يجز لأن المقصود وهو الإعلام لم يحصل
قوله ( قرأ بالفارسية ) أي مع القدرة على العربية
قوله ( أو التوراة ) بالنصب عطفا على مفعول قرأ المحذوف وهو القرآن ح
قوله ( إن قصة الخ ) اختار هذا التفضيل في الفتح توفيقا بين القولين وهما ما قاله في الهداية من أنه لا خلاف في عدم الفساد إذا قرأ معه بالعربية ما تجوز به الصلاة وما قاله النجم النسفي وقاضيخان من أنها تفسد عندهما فقال في الفتح والوجه إذا كان المقروء من مكان القصص والأمر والنهي أن تفسد بمجرد قراءته لأنه حينئذ متكلم بكلام غير قرآن بخلاف ما إذا كان ذكرا أو تزيها فإنها تفسد إذا اقتصر على ذلك بسبب إخلاء الصلاة عن القراءة ا هـ
وتبعه في البحر وقواه في النهر فلذا جزم به الشارح
مطلب في حكم القراءة بالشاذ قوله ( وألحق به في البحر الشاذ ) أي فجعله على هذا التفصيل توفيقا بين القول بالفساد به والقول بعدمه
قوله ( لكن في النهر إلخ ) حيث قال عندي بينهما فرق وذلك أن الفارسي ليس قرآنا أصلا لانصرافه في عرف الشرع إلى العربي فإذا قرأ قصة صار متكلما بكلام الناس بخلاف الشاذ فإنه قرآن
إلا أن قرآنيته شكا فلا تفسد به ولو قصة وحكوا الاتفاق فيه على عدمه فالأوجه ما في المحيط من تأويله قول شمس الأئمة بالفساد بما إذا اقتصر عليه ا هـ أي فيكون الفساد لتركه القراءة بالمتواتر لا للقراءة بالشاذ لكن يرد عليه أن القرآن هو ما لا شك فيه وأن الصلاة يمنع فيها من غير القراءة والذكر قطعا وما كان قصة ولم تثبت قرآنيته لم يكن قراءة ولا ذكرا فيفسد بخلاف ما إذا كان ذكرا فإنه وإن ثبت لم تثبت قرآنيته لم يكن كلاما لكونه ذكرا لكن إن اقتصر عليه تفسد وإن قرأ معه من المتواتر ما تجوز به الصلاة فلا فهذا ما وفق به في البحر ويتعين حمل كلام المحيط عليه فتأمل وفي منظومة ابن وهبان
____________________
(1/485)
وإن قرأ المكتوب في الصحف الألى إذا كان كالتسبيح ليس يغير والصحف الأولى جمع صحيفة المراد بها التوراة والإنجيل والزبور وتمام الكلام في شروح الوهبانية
مطلب بيان المتواتر والشاذ تتمة القرآن الذي تجوز به الصلاة بالاتفاق هو المضبوط في مصاحف الأئمة التي بعث بها عثمان رضي الله عنه إلى الأمصار وهو الذي أجمع عليه الأئمة العشرة وهذا هو المتواتر جملة وتفصيلا فما فوق السبعة إلى العشرة غير شاذ وإنما الشاذ ما وراء العشرة وهو الصحيح وتمام تحقيق ذلك في فتاوى العلامة قاسم
قوله ( كالتهجي ) قال في الوهبانية وليس التهجي في الصلاة بمفسد ولا مجزىء عن واجب الذكر فذكروا والمسألة في القنية
قال الشرنبلالي في شرحها صورتها شخص قال في صلاته س ب ح ا ن ا ل ل هـ بالتهجي أو قال أ ع و ذ ب ا ل ل هـ م ن ا ل ش ي ط ا ن لا تفسد لكن في البزازية خلافه حيث قال تفسد بتهجية قدر القراءة لأنه من كلام الناس ا هـ
وهذا ذكره البزازي في كتاب الطلاق قال ابن الشحنة ووجهه ظاهر لكنه ذكر في كتاب الصلاة نحو ما في القنية ا هـ
ونص في الإمداد في باب سجود التلاوة التجنيس والخانية أنه لا يجب به السجود ولا يجزىء عن القراءة في الصلاة لأنه لم يقرأ القرآن ولا يفسد لأنه الحروف التي في القرآن ا هـ
وظاهر الرسم المذكور أن المراد قراءة مسميات الحروف لا أسماؤها مثل سين باء حاء ألف نون وهل حكمها كذلك لم أره
قوله ( وتجوز إلخ ) في الفتح عن الكافي إن اعتاد القراءة بالفراسية أو أراد أن يكتب مصحفا بها يمنع وإن فعل في آية أو آيتين لا فإن كتب القرآن وتفسير كل حرف وترجمته جاز ا هـ
قوله ( ويكره إلخ ) مخالف لما نقلناه عن الفتح آنفا لكن رأيت بخط الشارح في هامش الخزائن عن حظر المجتبى ويكره كتب التفسير بالفارسية في المصحف لما يعتاده البعض ورخص فيه الهندواني والظاهر أن الفارسية غير قيد
قوله ( بمشوب ) أي مخلوط
قوله ( وبسملة ) علله في الذخيرة بأن البسملة للتبرك فكأنه قال بارك لي في هذا الأمر وظاهر كلام الزيلعي ترجيحه
وفي الحلية أنه الأشبه ونقل في النهر تصحيحه عن السراج وفتاوى المرغيناني
ونقل في البحر عن المجتبى والمبتغى الجواز ورجحه بأنها ذكر خالص بدليل جوازها على الذبيحة المشروط فيها الذكر الخالص ا هـ
وجزم به في المنظومة الوهبانية وعزاه إلى الإمام ونقله في شرحها عن الإمام الحلواني وظهير الدين المرغيناني والقاضي عبد الجبار وشهاب الإمامي وجعل الأول قول الصاحبين توفيقا بين الروايات فافهم
قوله ( وحوقلة ) أي لأنها دعاء في المعنى فكأنه قال اللهم حولني عن معصيتك وقوني على طاعتك لأنه لا حول ولا قوة إلا بك يا الله
قوله ( أو ذكرها ) أي ذكر اللهم اغفر لي
قوله ( في الأصح ) كذا في الحلية عن المحيط والذخيرة وغيرهما
خلافا لما صححه في الجوهرة وهذا بناء على مذهب سيبويه من أن أصله يا ألله فحذفت يا وعوض عنها الميم وعند الكوفيين أصله يا الله أمنا بخير فحذفت الجملة إلا الميم فيكون دعاء لا ثناء ورد بقوله تعالى { اللهم إن كان هذا هو الحق } الأنفال 32 الآية وتمامه في ح
قوله ( كيا ألله ) فإن به يصح
____________________
(1/486)
الشروع اتفاقا
خزائن
قوله ( آخذا رسغها ) أي مفصلها وهو بضم فسكون أو بضمتين كما في القاموس قوله ( بخنصره وإبهامه ) أي يحلق الخنصر والإبهام على الرسغ ويبسط الأصابع الثلاث كما في شرح المنية ونحوه في البحر والنهر والمعراج والكفاية والفتح والسراج وغيرها وقال في البدائع ويحلق إبهامه وخنصره وبنصره ويضع الوسطى والمسبحة على معصمه وتبعه في الحلية ومثله في شرح الشيخ إسماعيل عن المجتبى
قوله ( هو المختار ) كذا في الفتح والتبيين وهذا ما استحسنه كثير من المشايخ ليكون جامعا بين الأخذ والوضع المرويين في الأحاديث وعملا بالمذهب احتياطا كما في المجتبى وغيره
قال سيدي عبد الغني في شرح هدية ابن العماد وفي هذا نظر لأن القائل بالوضع يريد وضع الجميع والقائل بالأخذ يريد أخذ الجميع فأخذ البعض ووضع البعض ليس أخذا ولا وضعا بل المختار عندي واحد منهما موافقة للسنة ا هـ
قلت وهذا البحث منقول ففي المعارج بعد نقله ما مر عن المجتبى والمبسوط والظهيرية وقيل هذا خارج عن المذاهب والأحاديث فلا يكون العمل به احتياطا ا هـ
ثم رأيت الشرنبلالي ذكر في الإمداد هذا الاعتراض ثم قال قلت فعلى هذا ينبغي أن يفعل بصفة أحد الحديثين في وقت وبصفة الآخر في غيره ليكون جامعا بين المرويين حقيقة ا هـ
أقول يرد عليه أنه في كل وقت عمل بأحدهما يكون تاركا فيه العمل بالآخر والوارد في الأحاديث ذكر في بعضها الوضع وفي بعضها الأخذ بلا بيان الكيفية
والذي استحسنه المشايخ فيه العمل بهما جميعا إذ لا شك أن في الأخذ وضعا وزيادة
والقاعدة الأصولية أنه متى أمكن الجمع بين المتعارضين ظاهرا لا يعدل عن أحدهما فتأمل
قوله ( الكف على الكف ) عزاه في هامش الخزائن إلى الغزنوية
قوله ( تحت ثديها ) كذا في بعض نسخ المنية وفي بعضها على ثديها
قال في الحلية وكان الأولى أن يقول على صدرها كما قاله الجم الغفير لا على ثديها وإن كان الوضع على الصدر قد يستلزم ذلك بأن يقع بعض ساعد كل يد على الثدي لكن هذا ليس هو المقصود بالإفادة
قوله ( كما فرغ ) هذه كاف المبادرة تتصل بما نحو سلم كما تدخل نقلها في مغني اللبيب
قوله ( بلا إرسال ) هو ظاهر الرواية وروي عن محمد في النوادر أنه يرسلهما حالة الثناء فإذا فرغ منه يضع بناء على أن الوضع سنة القيام الذي له قرار في ظاهر المذهب وسنة القراءة عند محمد
حلية
قوله ( في مجمع الأنهر ) ومثله في شرح النقاية لمنلا علي القاري كما نقله في حاشية المدني في باب الوتر والنوافل
قوله ( ما هو الأعم ) أي من القيام الحقيقي والحكمي فإن القعود في النافلة وفي الفريضة وما ألحق بها لعذر كالقيام ط
والظاهر أن الاضطجاع كذلك لأنه خلف عن القيام
رحمتي
قوله ( قرار إلخ ) اعلم أنه جعل في البدائع الأصل على قولهما إنه سنة قيام فيه ذكر مسنون وإليه ذهب الحلواني والسرخسي وغيرهما
وفي الهداية أنه الصحيح ومشى عليه في المجمع وغيره وقد جمع في البحر بين الأصلين فجعلهما أصلا واحدا وتبعه تلميذه المصنف مع أن صاحب الحلية نقل عن شيخ الإسلام أنه ذكر في موضع أنه على قولهما يرسل في قومة الركوع وفي موضع آخر أنه يضع ثم وفق أن منشأ ذلك اختلاف الأصلين لأن في هذه القومة ذكرا مسنونا وهو التسميع ليس لما قال في الهداية ويرسل في القومة اعترضه في الفتح بأنه إنما يتم إذا قيل بأن التحميد والتسميع ليس سنة فيها بل في الانتقال إليها لكنه خلاف ظاهر
____________________
(1/487)
النصوص إلخ نعم قيد منلا مسكين الذكر بالطويل وبه يندفع الاعتراض عن الهداية لكن إذا كان الذكر طويلا يلزم منه كون القيام له قرار فيرجع إلى ما قاله في البحر فليتأمل
قوله ( فيه ذكر مسنون ) أي مشروع فرضا كان أو واجبا أو سنة إسماعيل عن البرجندي
قوله ( لعدم القرار ) ليس على إطلاقه لقولهم إن مصلي النافلة ولو سنة يسن له أن يأتي بعد التحميد بالأدعية الواردة نحو ملء السموات والأرض إلخ واللهم اغفر لي وارحمني بين السجدتين نهر
ومقتضاه أنه يعتمد بيديه في النافلة ولم أر من صرح به
تأمل لكنه مقتضى إطلاق الأصلين المارين ومقتضاه أنه يعتمد أيضا في صلاة التسابيح ثم رأيته ذكره ط والرحمتي والسائحاني بحثا
قوله ( ما لم يطل القيام فيضع ) أي فإن أطاله لكثرة القوم فإنه يضع وهذا مبني على أن الأصل أنه سنة قيام له قرار لا على أنه سنة قيام فيه ذكر مسنون وهذا أيضا يدل على أنهما أصلان لا أصل واحد كما ذكرنا
قوله ( سبحانك اللهم ) شرح ألفاظه في البحر والإمداد وغيرهما
قوله ( تاركا إلخ ) هو ظاهر الرواية
بدائع
لأنه لم ينقل في المشاهير
كافي
فالأولى تركه في كل صلاة محافظة على المروي بلا زيادة وإن كان ثناء على الله تعالى
بحر وحلية
وفيه إشارة إلى أن قوله في الهداية لا يأتي به في الفرائض لا مفهوم له لكن قال صاحب الهداية في كتابه مختارات النوازل وقوله وجل ثناؤك لم ينقل في الفرائض في المشاهير وما روي فيه فهو في صلاة التهجد ا هـ
قوله ( إلا في الجنازة ) ذكره في شرح المنية الصغير ولم يعزه إلى أحد ولم أره لغيره سوى ما قدمناه عن الهداية ومختارات النوازل
قوله ( مقتصرا ) اسم فاعل حال من فاعل قرأ أو اسم مفعول حال من مفعوله وهو سبحان إلخ ح
قوله ( إلا في النافلة ) لحمل ما ورد في الأخبار عليها فيقرؤه فيها إجماعا واختيار المتأخرين أنه يقول قبل الافتتاح
معراج
وفي المنية وعندهما يقوله قبل الافتتاج يعني قبل النية ولا يقوله بعد النية بالإجماع ا هـ
لكن في الحلية الحق أن قراءته قبل النية أو بعدها قبل التكبير لم تثبت عن النبي ولا عن أصحابه ا هـ
وفي الخزائن وما ورد محمول على النافلة بعد الثناء في الأصح ا هـ
وقال في هامشه صححه في الزاهدي وغيره
قوله ( في الأصح ) وقيل تفسد لأنه كذب ورده في البحر تبعا للحلية بما ثبت في صحيح مسلم من الروايتين بكل منهما وبأنه إنما يكون كذبا إذا كان مخبرا عن نفسه لا تاليا فلو مخبرا فالفساد عند الكل ا هـ
قوله ( لما في النهر إلخ ) تعليل لتحويل الشارح عبارة المصنف لأن قضية المتن الإتيان بالثناء في المخافتة وإن بدأ الإمام بالقراءة وهو ضعيف لتعبير الصغرى عنه بقيل
ووجهه أنه إذا امتنع عن القراءة فبالأولى أن يمتنع عن الثناء وأقول ما ذكره المصنف جزم به في الدرر
وقال في المنح وصححه في الذخيرة وفي المضمرات وعليه الفتوى ا هـ
ومشى عليه في منية المصلي والشارح في الخزائن وشرح الملتقى
واختاره قاضيخان حيث قال ولو أدرك الإمام بعدما اشتغل بالقراءة قال ابن الفضل لا يثني وقال غيره يثني
وينبغي التفصيل إن كان الإمام يجهر لا يثني وإن كان يسر يثني ا هـ
وهو مختار شيخ الإسلام خواهر زاده
وعلله في الذخيرة بما حاصله أن الاستماع في غير حالة الجهر ليس بفرض بل يسن تعظيما
____________________
(1/488)
للقراءة فكان سنة غير مقصودة لذاتها وعدم قراءة المؤتم في غير حالة الجهر لا لوجوب الإنصات بل لأن قراءة الإمام له قراءة
وأما الثناء فهو سنة مقصودة لذاتها وليس ثناء الإمام ثناء للمؤتم فإذا تركه يلزم ترك سنة مقصودة لذاتها للإنصات الذي هو سنة تبعا بخلاف تركه حالة الجهر ا هـ
فكان المعتمد ما مشى عليه المصنف فافهم
قوله ( أو ساجدا ) أي السجدة الأولى كما في المنية وأشار بالتقييد براكعا أو ساجدا إلى أنه لو أدركه في إحدى القعدتين فالأولى أن لا يثني لتحصيل فضيلة زيادة المشاركة في القعود وكذا لو أدركه في السجدة الثانية وتمامه في شرح المنية
قوله ( بلفظ أعوذ ) أي لا بلفظ أستعيذ وإن مشى عليه في الهداية وتمامه في البحر والزيلعي
قوله ( فهو كالتنازع ) لأن سرا حال من الثناء والتعوذ فكانا متعلقين به فأشبه التنازع الذي هو تعلق عاملين فأكثر باسم وعدل عن قول النهر فهو من التنازع لما في همع الهوامع من أنه يقع في كل معمول إلا المفعول له والتمييز وكذا الحال خلافا لابن معطي أفاده ح قوله ( الحلبي ) أي في شرح المنية بقوله والتعوذ إنما هو عند افتتاح الصلاة فلو نسيه حتى قرأ الفاتحة لا يتعوذ بعد ذلك كذا في الخلاصة
ويفهم منه أنه لو تذكر قبل إكمالها يتعوذ وحينئذ ينبغي أن يستأنفها ا هـ
وهذا الفهم في غير محله لأن قول الخلاصة حتى قرأ الفاتحة معناه شرع في قراءتها إذ بالشروع فات محل التعوذ وإلا لزم رفض الفرض للسنة ولزم أيضا ترك الواجب فإن قراءة الفاتحة أو أكثرها مرة ثانية موجبة للسهو
على أنه في شرح المنية أيضا بعد ما مر بنحو ورقة ونصف قال وذكر الفقيه أبو جعفر في النوادر إن كبر وتعوذ ونسي الثناء لا يعد وكذا إن كبر وبدأ بالقراءة ونسي الثناء والتعوذ والتسمية لفوات محلها ولا سهو عليه
ذكره الزاهدي ا هـ
وبدأ بالقراءة إلخ مؤيدا لما قلنا فافهم
قوله ( ولا يتعوذ إلخ ) محترز قوله لقراءة قال في البحر وقيد بقراءة القرآن للإشارة إلى أن التلميذ إذا قرأ على أستاذه كما نقله في الذخيرة
وظاهره أن الاستعاذة لم تشرع إلا عند قراءة القرآن أو في الصلاة وفيه نظر ظاهر ا هـ
قال في النهر وأقول ليس ما في الذخيرة في المشروعية وعدمها بل في الاستنان وعدمه ا هـ أي فتسن لقراءة القرآن فقط وإن كانت تشرع في غيرها في جميع ما يخشى فيه الوسوسة وإلى هذا أشار الشارح بقوله أي لا يسن لكن في هذا الجواب نظر فإنها تسن قبل دخول الخلاء لكن بلفظ أعوذ بالله من الخبث والخبائث
تأمل
ثم إن عبارة الذخيرة هكذا إذا قال الرجل { بسم الله الرحمن الرحيم } فإن أراد به قراءة القرآن يتعوذ قبله للآية وإن أراد افتتاح الكلام كما يقرأ التلميذ لا يتعوذ قبله لأنه لا يريد به قرءاة القرآن ألا يرى لو أن رجلا أراد أن يشكر فيقول { الحمد لله رب العالمين } لا يحتاج إلى التعوذ قبله وعلى هذا الجانب إذا أراد بذلك القراءة لم يجز أو افتتاح الكلام جاز ا هـ
ملخصا
وحاصله إذا أراد أن يأتي بشيء من القرآن كالبسملة والحمدلة فإن قصد به القراءة تعوذ قبله وإلا فلا كما لو أتى بالبسملة في افتتاح الكلام كالتلميذ حين يبسمل في أول درسه للعمل فلا يتعوذ وكما لو قصد بالحمدلة الشكر وكذا إذا تكلم بغير ما هو من القرآن فلا يسن التعوذ بالأولى فكلام الذخيرة في التعوذ قبل الكلام لا في غيره من الأفعال فلا ينافي استنانه قبل الخلاء فافهم
قوله ( فيأتي به المسبوق إلخ ) فذكر المصنف ثلاث مسائل
____________________
(1/489)
تفريعا على قوله لقراءة بناء على قول أبي حنيفة ومحمد إن التعوذ تبع للقراءة
أما عند أبي يوسف فهو تبع للثناء فعنده يأتي به المسبوق بعد الثناء مرتين حال اقتدائه وعند قيامه للقضاء ويأتي به المقتدي المدرك لأنه يثني كما يأتي به الإمام والمنفرد ويأتي به الإمام والمقتدي في العيد بعد الثناء قبل التكبيرات ومشى عليه في المنية وفي الخلاصة أنه الأصح لكن مختار قاضيخان والهداية وشروحها والكافي والاختيار وأكثر الكتب هو قولهما إنه تبع للقراءة وبه نأخذ
شرح المنية
قوله ( وكما تعوذ سمى ) فلو سمى قبل التعوذ أعاده بعده لعدم وقوعها في محلها ولو نسيها حتى فرغ من الفاتحة لا يسمي لأجلها لفوات محلها
حلية وبحر
ولا مفهوم لقوله حتى فرغ كما تقدم فافهم
قوله ( غير المؤتم ) هو الإمام والمنفرد إذ لا دخل للمقتدي لأنه لا يقرأ بدليل أنه قدم أنه لا يتعوذ
بحر
قوله ( كما في ذبيحة ووضوء ) فإن المراد بالتسمية فيها مطلق الذكر فهو تمثيل للمنفي
قوله ( سرا في أول كل ركعة ) كذا في بعض النسخ وسقط سرا من بعضها ولا بد منه
قال في الكفاية عن المجتبى والثالث أنه لا يجهر بها في الصلاة عندنا خلافا للشافعي وفي خارج الصلاة اختلاف الروايات والمشايخ في التعوذ والتسمية قيل يخفى التعوذ دون التسمية والصحيح أنه يتخير فيهما ولكن يتبع إمامه من القراء وهم يجهرون بهما إلا حمزة فإنه يخفيهما ا هـ
قوله ( ولو جهرية ) رد على ما في المنية من أن الإمام لا يأتي بها إذا جهر بل إذا خافت فإنه غلط فاحش
بحر
وأوله في شرحها بأنه لا يأتي بها جهرا
قوله ( لا تسن ) مقتضى كلام المتن أن يقال لا يسمى لكنه عدل عنه لإبهامه الكراهة بخلاف نفي السنية
ثم إن هذا قولهما وصححه في البدائع
وقال محمد تسن إن خافت لا إن جهر
بحر
ونسب ابن الضياء في شرح الغزنوية الأول إلى أبي يوسف فقط فقال وهذا قول أبي يوسف
وذكر في المصفى أن الفتوى على قول أبي يوسف أنه يسمي في أول كل ركعة ويخفيها
وذكر في المحيط المختار قول محمد وهو أن يسمي قبل الفاتحة وقبل كل سورة في كل ركعة
مطلب لفظة الفتوى آكد وأبلغ من لفظة المختار وفي رواية الحسن بن زياد أنه يسمي في الركعة الأولى لا غير وإنما اختير قول أبي يوسف لأن لفظة الفتوى آكد وأبلغ من لفظة المختار ولأن قول أبي يوسف وسط وخير الأمور أوسطها كذا في شرح عمدة المصلي ا هـ ما في شرح الغزنوية
ووقع في النهر هنا خطأ وخلل في النقل أيضا في شرح الغزنوية فاجتنبه فافهم
مطلب قراءة البسملة بين الفاتحة والسورة حسن قوله ( ولا تكره اتفاقا ) ولهذا صرح في الذخيرة والمجتبى بأنه إن سمى بين الفاتحة والسورة المقروءة سرا أو جهرا كان حسنا عند أبي حنيفة ورجحه المحقق ابن الهمام وتلميذه الحلبي لشبهة الاختلاف في كونها آية من كل سورة
بحر
قوله ( وما صححه الزاهدي من وجوبها ) يعني في أول الفاتحة وقد صححه الزيلعي أيضا في سجود السهو ونقل في الكفاية عبارة الزاهدي وأقرها
وقال في شرح المنية إنه الأحوط لأن الأحاديث الصحيحة تدل على مواظبته عليه الصلاة والسلام عليها جعله في الوهبانية قول الأكثرين أي بناء على قول الحلواني إن
____________________
(1/490)
أكثر المشايخ على أنها من الفاتحة فإذا كانت منها تجب مثلها لكن لم يسلم كونه قول الأكثر
قوله ( ضعفه في البحر ) حيث قال في سجود السهو إن هذا كله مخالف لظاهر المذهب المذكور في المتون والشروح والفتاوى من أنها سنة لا واجب فلا يجب بتركها شيء
قال في النهر والحق أنهما قولان مرجحان إلا أن المتون على الأول ا هـ
أقول أي إن الأول مرجح من حيث الرواية والثاني من حيث الدراية والله أعلم
قوله ( وهي آية ) أي خلافا لقول مالك وبعض أصحابنا إنها ليست من القرآن أصلا
قال القهستاني ولم يوجد في حواشي الكشاف والتلويح أنها ليست من القرآن في المشهور من مذهب أبي حنيفة ا هـ أي بل هو قول ضعيف عندنا
قوله ( أنزلت للفصل ) وذكرت في أول الفاتحة للتبرك
قوله ( فما في النمل بعض آية ) وأولها { إنه من سليمان } وآخرها { وأتوني مسلمين } وهو تفريع على قوله أنزلت للفصل ط
قوله ( قوله وليست من الفاتحة ) قال في النهر فيه رد لقول الحلواني أكثر المشايخ على أنها من الفاتحة ومن ثم قيل بوجوبها وجعله في الذخيرة رواية الثاني عن الإمام وبه أخذ وهو أحوط ا هـ
وما نقله عن الحلواني ذكره القهستاني عن المحيط والذخيرة والخلاصة وغيرها
قوله ( ولا من كل سورة ) أي خلافا لقول الشافعي إنها آية من كل سورة ما عدا براءة
قوله ( في الأصح ) قيد لقوله وليست من الفاتحة وكان ينبغي ذكره عقبه ليكون إشارة إلى قول الحلواني المتقدم لا إلى قول الشافعي إذ لم تجر عادتهم بذكر التصحيح للإشارة إلى مذهب الغير بل إلى المرجوح في المذهب ولم أر لأحد من مشايخنا القول بأنها آية من كل سورة وإنما عزاه في البحر وغيره إلى الشافعي فقط فافهم
قوله ( فتحرم على الجنب ) أي وما في معناه كالحائض والنفساء وهذا لو على قصد التلاوة
قوله ( احتياطا ) علة للمسألتين وذلك أن مذهب الجمهور أنها من القرآن لتواترها في محلها وخالف في ذلك مالك فكان الاحتياط حرمتها على الجنب نظرا إلى مذهب الجمهور وعدم جواز الاقتصار عليها في الصلاة نظرا إلى شبهة الخلاف لأن فرض القراءة ثابت بيقين فلا يسقط بما فيه شبهة
قوله ( ولم يكفر جاحدها إلخ ) جواب عما قيل من الإشكال في التسمية إنها إن كانت متواترة لزم تكفير منكرها وإلا فليست قرآنا والجواب كما في التحرير أن القطعي إنما يكفر منكره إذا لم تثبت فيه شبهة قوية كإنكار ركن وهنا وقد وجدت وذلك لأن من أنكرها كمالك ادعى عدم تواتر كونها قرآنا في الأوائل وأن كتابتها فيها لشهرة استنان الافتتاح بها في الشرع
والمثبت يقول إجماعهم على كتابتها مع أمرهم بتجريد المصاحف يوجب كونها قرآنا والاستنان لا يسوغ الإجماع لتحققه في الاستعاذة والحق أنها من القرآن لتواترها في المصحف وهو دليل كونها قرآنا ولا نسلم توقف ثبوت القرآنية على تواتر الأخبار بكونها قرآنا بل الشرط فيما هو قرآن تواتره في محله فقط وإن لم يتواتر كونه في محله من القرآن ا هـ
وقوله ولا نسلم إلخ رد لما تضمنه كلام المنكر من أن تواترها في محلها لا يستلزم كونها قرآنا بل لا بد من تواتر الأخبار بقرآنيتها
والحاصل أن تواترها في محلها أثبت أصل قرآنيتها وأما كونها قرآنا متواترا فهو متوقف على تواتر الأخبار به ولذلك لم يكفر منكرها بخلاف غيرها لتواتر الأخبار بقرآنيته
ووقع في البحر هنا اضطراب وخلل بينته فيما علقته عليه وبما قررناه يعلم أنه كان على الشارح أن يبقى المتن على حاله ويسقط قوله اختلاف مالك ليكون جوابا
____________________
(1/491)
عن إنكار مالك أيضا قرآنيتها لأن الشبهة لم تثبت بإنكاره بل هي ثابتة قبله من جهة أخرى فتدبر
قوله ( وقرأ بعدها وجوبا ) الوجوب يرجع إلى القراءة والبعدية وأشار إلى أنه يلزم بتركها الإعادة لو عامدا كالفتحة لما في التبيين والدرر لأن الفاتحة وإن كانت آكد للاختلاف في ركنيتها إلا أنه يظهر في الإثم لا في وجوب الإعادة كما قدمناه في أول بحث الواجبات
قوله ( سورة ) أشار إلى أن الأفضل قراءة سورة واحدة ففي جامع الفتاوى روى الحسن عن أبي حنيفة أنه قال لا أحب أن يقرأ سورتين بعد الفاتحة في المكتوبات ولو فعل لا يكره وفي النوافل لا بأس به
قوله ( إلا بالمسنون ) وهو القراءة من طوال المفصل في الفجر والظهر وأوساطه في العصر والعشاء وقصاره في المغرب ط
قوله ( وأمن ) هو سنة للحديث الآتي المتفق عليه كما في شرح المنية وغيره
واتفقوا على أنه ليس من القرآن كما في البحر قوله ( بمد ) هي أشهرها وأفصحها وقصر وهي مشهورة ومعناه استجب ط
قوله ( وإمالة ) أي في المد لعدم تأتيها في القصر ح وحقيقة الإمالة أن ينحى بالفتحة نحو الكسرة فتميل الألف إن كان بعدها ألف نحو الياء
أشموني
قوله ( ولا تفسد إلخ ) أشار به إلى أن الكلام في نفي الفساد لا في تحصيل السنة فإن السنة لا تحصل إلا بالثلاثة الأول كما أفاده ط
قوله ( بمد مع تشديد أو حذف ياء ) أي حالة كون المد مصاحبا لأحدهما لا لكل منهما ففيه صورتان الأولى المد مع التشديد بلا حذف فلا يفسد على المفتى به عندنا لأنه لغة فيها حكاها الواحدي ولأنه موجود في القرآن لأن له وجها كما قال الحلواني إن معناه ندعوك قاصدين إجابتك لأن معنى آمين قاصدين وأنكر جماعة من مشايخنا كونها لغة وحكم بفساد الصلاة
بحر
والصورة الثانية المد مع حذف الياء بلا تشديد لوجوده في قوله تعالى { ويلك آمن } الأحقاف 17 كما في الإمداد فأو في كلامه لمنع الجمع فقط لأنه لو أتى بالمد جامعا بين التشديد والحذف تفسد كما نبه عليه بعد ولو كانت لمنع الخلو أيضا بأن أتى بالمد خاليا عن التشديد والحذف لزم التكرار لأنه اللغة الفصحى المتقدمة فافهم
قوله ( بل بقصر مع أحدهما ) أي مع التشديد بلا حذف الياء وهو آمين لعدم وجوده في القرآن أو مع حذف الياء بلا تشديد وهو أمن وفيه نظر لوجوده في قوله تعالى { فإن أمن } البقرة 283 ح أي ولذلك لم يذكره في البحر والنهر
هذا وذكر في الحلية الأول لغة ضعيفة فقال وقصرها وتشديد الميم حكاها بعضهم عن ابن الأنباري واستضعفت ويظهر أن الأشبه فساد الصلاة بها ا هـ
قوله ( أو بمد معها ) أي مع التشديد وحذف الباء وهو آمن فإنه مفسد لعدم وجوده في القرآن
وحاصل ما ذكره ثمانية أوجه خمسة صحيحة وثلاثة مفسدة وبقي تاسع وهو أمن بالقصر مع التشديد والحذف وهو مفسد لعدم وجوده في القرآن ولو قال الشارح وبمد أو قصر معهما لاستوفى ح
قلت وقد ذكر هذا التاسع مع الثامن في البحر وقال ولا يبعد فساد الصلاة فيهما
قوله ( الإمام سرا ) أشار بالأول إلى خلاف مالك في تخصيص المؤتم بالتأمين دون الإمام وهو رواية الحسن عن الإمام وبالثاني إلى خلاف الشافعي أنه يأتي بها كل منهما جهرا وقوله كأموم ومنفرد محل اتفاق لذا أتى بالكاف
قوله ( ولو في السرية )
____________________
(1/492)
أي لإطلاق الأمر في الحديث الآتي وهذا راجع إلى المأموم وكان ينبغي ذكره عقبه وقيل لا يؤمن المأموم في السرية ولو سمع الإمام لأن ذلك الجهر لا عبرة به
قوله ( ولو من مثله ) أي من مقتد مثله بأن كان مثله قريبا من الإمام يسمع قراءته فأمن ذلك المقتدي تأمين مثله القريب من الإمام فيؤمن لأن المناط العلم بتأمين الإمام
قوله ( في نحو جمعة وعيد ) أشار بنحو إلى أن التقييد بالجمعة والعيد كما وقع في الجوهرة غير قيد كما بحثه في الشرنبلانية بقوله ينبغي أن لا يختص بهما بل الحكم في الجماعة الكثيرة كذلك
قوله ( وأما حديث إلخ ) هو ما رواه الشيخان إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وهو مفيد تأمينهما لكن في حق الإمام بالإرادة لأن النص لم يسق له وفي حق المأموم بالعبارة لأنه سيق لأجله
بحر
ثم مراد الشارح الجواب عن قول الشافعي أن الحديث دليل على جهر الإمام بالتأمين لأنه علق تأمينهم بتأمينه
والجواب أن موضع التأمين معلوم فإذا سمع لفظة { ولا الضالين } كفى لأن الشارع طلب من الإمام التأمين بعده فصار من التعليق بمعلوم الوجود وتمام الأدلة في المطولات ويظهر من هذا أن من كان بعيدا عن الإمام لا يسمع قراءته أصلا لا يؤمن كما في البحر أي لعدم سماعه موضع التأمين اللهم إلا أن يسمع من مثله كما مر في السرية
قوله ( فقولوا آمين ) تمام الحديث فإن لملائكة تقول آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر ما تقدم من ذنبه رواه عبد الرزاق والنسائي وابن حبان
حلية
وفي شرح مسلم للنووي الصحيح الصواب أن المراد الموافقة للملائكة في وقت التأمين وقيل في الصفة والخشوع والإخلاص ثم قيل هم الحفظة وقيل غيرهم لقوله في الحديث الآخر فوافق قوله قول أهل السماء قوله ( مع الانحطاط ) أفاد أن السنة كون ابتداء التكبير عن الخرور وانتهائه عند استواء الظهر وقيل إنه يكبر قائما والأول هو الصحيح كما في المضمرات وتمامه في القهستاني
قوله ( ولا يكره إلخ ) مثاله أن يقول وأما بنعمة ربك فحدث الله أكبر بكسر الثاء المثلثة لالتقاء الساكنين ح
وفي القهستاني وفي قوله ثم يكبر دلالة على أنه لا يصل التكبير بالقراءة وهذا رخصة والأفضل الوصل
وفي شرح المنية وعن أبي يوسف أنه قال ربما وصلت وربما تركت ا هـ
وذكر في التاترخانية تفصيلا حسنا وهو أنه إذا كان السورة ثناء مثل وكبره تكبيرا فالوصل أولى وإلا فالفصل أولى مثل إن شانئك هو لأبتر فيقف ويفصل ثم يكبر للركوع
قوله ( لا بأس به عند البعض ) أشار بهذا إلى أن هذا القول خلاف المعتمد المشار إليه بقوله أولا ثم كما فرغ يكبر مع الانحطاط فإنه ظاهر في أنه يتم القراءة جميعها وبعد الفراغ منها ينحط للركوع مكبرا والأول أصح كما في المنية فيكون الشارح قد نبه على القولين وأن الأول هو المعتمد والثاني ضعيف بأوجز عبارة وألطف إشارة فليس في كلامه إهمال كما لا يخفى على ذوي الكمال فافهم
قوله ( ويسن أن يلصق كعبيه ) قال السيد أبو السعود وكذا في السجود أيضا وسبق في السنن أيضا ا هـ
والذي سبق هو قوله وإلصاق كعبيه في السجود سنة در ا هـ
ولا يخفى أن هذا سبق نظر فإن شارحنا لم يذكر ذلك لا في الدر المختار ولا في الدر المنتقى ولم أره لغيره أيضا فافهم نعم ربما يفهم ذلك من أنه إذا كان السنة في الركوع إلصاق الكعبين ولم يذكروا تفريهما بعده فالأصل بقاؤهما ملصقين في حالة السجود أيضا
تأمل
____________________
(1/493)
هذا وكان ينبغي أن يذكر لفظ يسن عند قوله ويضع يديه ليعلم أن الوضع والاعتماد والتفريج والإلصاق والنصب والبسط والتسوية كلها سنن كما في القهستاني قال وينبغي أن يزاد مجافيا عضديه مستقبلا أصابعه فإنهما سنة كما في الزاهدي ا هـ
قال في المعراج وفي المجتبى هذا كله في حق الرجل أما المرأة فتنحني في الركوع يسيرا ولا تفرج ولكن تضم وتضع يديها على ركبتيها وضعا وتحني ركبتيها ولا تجافي عضديها لأن ذلك أستر لها
وفي شرح الوجيز الخنثى كالمرأة ا هـ
قوله ( وينصب ساقيه ) فجعلهما شبه القوس كما يفعله كثير من العوام مكروه بحر
قوله ( وأقله ثلاثا ) أي أقله يكون ثلاثا أو أقله تسبيحه ثلاثا وهذا أولى من جعل ثلاثا خبرا عن أقله بنزع الخافض أي في ثلاث لأن نزع الخافض سماعي ومع هذا فهو بعيد جدا فافهم ويحتمل أن يكون أقله خبر لمبتدأ محذوف والواو للحال والتقدير ويسبح فيه ثلاثا وهو أقله أي والحال أن الثلاث أقله وسوغ مجيء الحال من النكرة تقديمها على صاحبها وهذا الوجه أفاده شيخنا حفظه الله تعالى
قوله ( كره تنزيها ) أي بناء على أن الأمر بالتسبيح للاستحباب
بحر
وفي المعراج وقال أبو مطيع البلخي تلميذ أبي حنيفة إن الثلاث فرض
وعند أحمد يجب مرة كتسبيح السجود والتكبيرات والتسميع والدعاء بين السجدتين فلو تركه عمدا بطلت ولو سهوا لا
وفي القهستاني وقيل يجب ا هـ
وهذا قول ثالث عندنا
وذكر في الحلية أن الأمر به والمواظبة عليه متظافران على الوجوب فينبغي لزوم سجود السهو أوالإعادة لو تركه ساهيا أو عامدا ووافقه على هذا البحث العلامة إبراهيم الحلبي في شرح المنية أيضا
وأجاب في البحر بأنه عليه الصلاة والسلام لم يذكره للأعرابي حين علمه فهذا صارف للأمر عن الوجوب لكن استشعر في شرح المنية ورود هذا فأجاب عنه بقوله ولقائل أن يقول إنما يلزم ذلك أن لو لم يكن في الصلاة واجب خارج عما علمه الأعرابي وليس كذلك بل تعيين الفاتحة وضم السورة أو ثلاث آيات ليس مما علمه للأعرابي بل ثبت بدليل آخر فلم لا يكون هذا كذلك ا هـ
والحاصل أن في تثليث التسبيح في الركوع والسجود ثلاثة أقوال عندنا أرجحها من حيث الدليل الوجوب تخريجا على القواعد المذهبية فينبغي اعتماده كما اعتمد ابن الهمام ومن تبعه رواية وجوب القومة والجلسة والطمأنينة فيهما كما مر
وأما من حيث الرواية فالأرجح السنية لأنها المصرح بها في مشاهير الكتب وصرحوا بأنه يكره أن ينقص عن الثلاث وأن الزيادة مستحبة بعد أن يختم على وتر خمس أو سبع ما لم يكن إماما فلا يطول وقدمنا في سنن الصلاة عن أصول أبي اليسر أن حكم السنة أن يندب إلى تحصيلها ويلام على تركها مع حصول إثم يسير وهذا يفيد أن كراهة تركها فوق التنزيه وتحته المكروه تحريما وبهذا يضعف قول البحر إن الكراهة هنا للتنزيه لأنه مستحب وإن تبعه الشارح وغيره فتدبر
تنبيه السنة في تسبيح الركوع سبحان ربي العظيم إلا إن كان لا يحسن الظاء فيبدل به الكريم لئلا يجري على لسانه العزيم فتفسد به الصلاة كذا في شرح درر البحار فليحفظ فإن العامة عنه غافلون حيث يأتون بدل الظاء بزاي مفخمة
مطلب في إطالة الركوع للجائي قوله ( وكره تحريما ) لما في البدائع والذخيرة عن أبي يوسف قال سألت أبا حنيفة وابن أبي ليلى عن ذلك فكرها
وقال أبو حنيفة أخشى عليه أمرا عظيما يعني الشرك وروى هشام عن محمد أنه كره ذلك أيضا
____________________
(1/494)
وكذا روي عن مالك والشافعي في الجديد وتوهم بعضهم من كلام الإمام أنه يصير مشركا فأفتى بإباحة دمه وليس كذلك وإنما أراد الشرك في العمل لأن أول الركوع كان لله تعالى وآخره للجائي ولا يكفر لأنه ما أراد التذلل والعبادة له وتمامه في الحلية والبحر
قوله ( إطالة ركوع أو قراءة ) وكذا القعود الأخير قبل السلام
وذكر في السراج أن فيه خلافا وأشار إلى أن الكلام في المصلي فلو انتظر قبل الصلاة ففي أذان البزازية لو انتظر الإقامة ليدرك الناس الجماعة يجوز لواحد بعد الاجتماع لا إلا إذا كان داعرا شريرا ا هـ
قوله ( أي إن عرفه ) عزاه في شرح المنية إلى أكثر العلماء أي لأن انتظاره حينئذ يكون للتودد إليه لا للتقرب والإعانة على الخير
قوله ( وإلا فلا بأس ) أي وإن لم يعرفه فلا بأس به لأنه إعانة على الطاعة لكن يطول مقدار ما لا يثقل على القوم بأن يزيد تسبيحة أو تسبيحتين على المعتاد ولفظة لا بأس تفيد في الغالب أن تركه أفضل
وينبغي أن يكون هنا كذلك فإن فعل العبادة لأمر فيه شبهة عدم إخلاصها لله تعالى لا شك أن تركه أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ولأنه وإن كان إعانة على إدراك الركعة ففيه إعانة على التكاسب وترك المبادرة والتهيؤ للصلاة قبل حضور وقتها فالأولى تركه
شرح المنية
قوله ( ولو أراد التقرب إلى الله تعالى ) أي خاصة من غير أن يتخالج قلبه سوى التقرب حتى ولا الإعانة على إدراك الركعة فيكون حينئذ هو الأفضل لكنه في غاية الندرة
ويمكن أن يراد بالتقرب الإعانة على إدراك الركعة لما فيه من إعانة عباد الله على طاعته فيكون الأفضل تركه لما فيه من الشبهة التي ذكرناها
شرح المنية ملخصا
أقول قصد الإعانة على إدراك الركعة مطلوب فقد شرعت إطالة الركعة الأولى في الفجر اتفاقا وكذا في غيره على الخلاف إعانة للناس على إدراكها لأنه وقت نوم وغفلة كما فهم الصحابة ذلك من فعله عليه الصلاة والسلام
وفي المنية ويكره للإمام أن يعجلهم عن إكمال السنة
ونقل في الحلية عن عبد الله بن المبارك وإسحاق وإبراهيم والثوري أنه يستحب للإمام أن يسبح خمس تسبيحات ليدرك من خلفه الثلاث ا هـ
فعلى هذا إذا قصد إعانة الجائي فهو أفضل بعد أن لا يخطر بباله التودد إليه ولا الحياء منه ونحوه ولهذا نقل في المعراج عن الجامع الأصغر أنه مأجور لقوله { وتعاونوا على البر والتقوى } المائدة 2 وفي أذان التاترخانية قال وفي المنتقى أن تأخير المؤذن وتطويل القراءة لإدراك بعض الناس حرام هذا إذا مال لأهل الدنيا تطويلا وتأخيرا يشق على الناس
فالحاصل أن التأخير القليل لإعانة أهل الخير غير مكروه ا هـ
قال ط ويظهر أن التقرب إطالة الإمام الركوع لإدراك مكبر لو رفع الإمام رأسه قبل إدراكه يظن أنه أدرك الركعة كما يقع لكثير من العوام فيسلم مع الإمام بناء على ظنه ولا يتمكن الإمام من أمره بالإعادة أو الإتمام
قوله ( واعلم إلخ ) قدمنا في بحث الواجبات الكلام على المتابعة بما لا يزيد عليه وحققنا هناك أن المتابعة بمعنى عدم التأخير واجبة في الفرائض والواجبات وسنة في السنن فالتقييد بالأركان هنا فيه نظر على أن الرفع من الركوع أو السجود واجب أو سنة
وأيضا فإن المتابعة لم يتعرض لها المصنف هنا حتى يكون كلامه مبنيا عليها بل كان ينبغي بناء قوله وجب متابعته على قوله
____________________
(1/495)
ويسبح فيه ثلاثا فإن سنة على المعتمد المشهور في المذهب لا فرض ولا واجب كما مر فلا يترك المتابعة الواجبة لأجلها
تأمل
قوله ( وجب متابعته ) أي في الأصح من الروايتين كما في البحر
قوله ( وكذا عكسه ) وهو أن يرفع المأموم رأسه من الركوع أو السجود قبل أن يتم الإمام التسبيحات ح
قوله ( فيعود ) أي المقتدي لوجوب متابعته لإمامه في إكمال الركوع وكراهة مسابقته له فلو لم يعد ارتكب كراهة التحريم
قوله ( ولا يصير ذلك ركوعين ) لأن عوده تتميم للركوع الأول لا ركوع مستقل ح
قوله ( فإنه لا يتابعه إلخ ) أي ولو خاف أن تفوته الركعة الثالثة مع الإمام كما صرح به في الظهيرية وشمل بإطلاقه ما لو اقتدى به في أثناء التشهد الأول أو الأخير فحين قعد قام إمامه أو سلم ومقتضاه أنه يتم التشهد ثم يقوم ولم أره صريحا ثم رأيته في الذخيرة ناقلا عن أبي الليث المختار عندي أن يتم التشهد وإن لم يفعل أجزأه ا هـ ولله الحمد
قوله ( لوجوبه ) أي لوجوب التشهد كما في الخانية وغيرها ومقتضاه سقوط وجبو المتابعة كما سنذكره وإلا لم ينتج المطلوب فافهم
قوله ( ولو لم يتم جاز ) أي صح مع كراهة التحريم كما أفاده ح ونازعه ط والرحمتي وهو مفاد ما في شرح المنية حيث قال والحاصل أن متابعة الإمام في الفرائض والواجبات من غير تأخير واجبة فإن عارضها واجب لا ينبغي أن يفوته بل يأتي به ثم يتابعه لأن الإتيان به لا يفوت المتابعة بالكلية وإنما يؤخرها والمتابعة مع قطعة تفوته بالكلية فكان تأخير أحد الواجبين مع الإتيان بهما أولى من ترك أحدهما بالكلية بخلاف ما إذا عرضتها سنة لأن ترك السنة أولى من تأخير الواجب ا هـ
أقول ظاهره أن إتمام التشهد أولى لا واجب لكن لقائل أن يقول إن المتابعة الواجبة هنا معناها عدم التأخير فيلزم من إتمام التشهد تركها بالكلية فينبغي التعليل بأن المتابعة المذكورة إنما تجب إذا لم يعارضها واجب كما أن رد السلام واجب ويسقط إذا عارضه وجوب استماع الخطبة ومقتضى هذا أنه يجب إتمام التشهد لكن قد يدعى عكس التعليل فيقال إتمام التشهد واجب إذا لم يعارضه وجوب المتابعة نعم قولهم لا يتابعه يدل على بقاء وجوب الإتمام وسقوط المتابعة لتأكد ما شرع فيه على ما يعرض بعده وكذا ما قدمناه عن الظهيرية وحينئذ فقولهم ولو لم يتم جاز معناه صح مع الكراهة التحريمية ويدل عليه أيضا تعليلهم بوجوب التشهد إذ لو كانت المتابعة واجبة أيضا لم يصح التعليل كما قدمناه فتدبر ويدل عليه أيضا تعليلهم بوجوب التشهد إذ لو كانت المتابعة واجبة وبه صرح في شرح المنية
قوله ( سمعا ) أي قائلا سمع الله لمن حمده وأفاد أنه لا يكبر حالة الرفع خلافا لما في المحيط من أنه سنة وإن ادعى الطحاوي تواتر العمل به لما روي أن لنبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعليا وأبا هريرة رضي الله تعالى عنهم كانوا يكبرون عند كل خفض ورفع فقد أجاب في المعراج بأن المراد بالتكبير الذكر الذي فيه تعظيم لله تعالى جمعا بين الروايات والآثار والأخبار ا هـ
قوله ( لو أبدل النون لاما ) بأن قال لمل حمده تفسد لكن في منية المصلي في بحث زلة القارىء يرجى أن لا تفسد
قال الحلبي في شرحها لقرب المخرج والظاهر أن حكمه حكم الألثغ ا هـ
واستحسنه صاحب القنية بل قال في الحلية وقد ذكر الحلواني أن من الصحابة من رواه عن النبي وهي لغة بعض العرب ثم نقل عن الحدادي اختلاف المشايخ
____________________
(1/496)
في الفساد بإبدال النون لاما في أنعمت وفي دينكم وفي المنفوش
قوله ( قولان ) فمن قال إن الهاء في حمده للسكت يقف بالجزم
أو أنها كناية أي ضمير يقولها بالتحريك والإشباع
وفي فتاوى الصوفية المستحب الثاني ا هـ
خزائن
وذكر الشارح في مختصر الفتاوى الصوفية أن ظاهر المحيط التخيير
ثم قال أو هي اسم لا ضمير فلا تسكن بحال وهذا الوجه أبلغ لأن الإظهار في أسماء الله تعالى أفخم من الإضمار كذا في تفسير البستي
زاد في المخيط ولأن تحريك الهاء أثقل وأشق وأفضل العبادة أشقها ا هـ ملخصا
والحاصل أن القواعد تقتضي إسكانها إذا كانت للسكت وإن كانت ضميرا فلا تحرك إلا في الدرج فيحتمل أن يكون مراد القائل بتحريكها في الوقف الروم المشهور عند القراء
وإذا ثبت أن هو من أسمائه تعالى كما ذكره بعض الصوفية لا يصح إسكان الهاء بحال بل لا بد من ضمها وإشباعها لتظهر الواو الساكنة
ولسيدي عبد الغني رسالة حقق فيها مذهب السادة الصوفية في أن هو علم بالغلبة في اصطلاحهم عليه تعالى وأنه اسم ظاهر لا ضمير ونقله عن جماعة منهم العصام في حاشية البيضاوي والفاسي في شرح الدلائل والإمام الغزالي والعارف الجيلي وغيرهم لكن كونه المراد هنا خلاف الظاهر ولهذا قال في المعراج عن الفوائد الحميدية الهاء في حمده للسكت والاستراحة لا للكناية كذا نقل عن الثقات
وفي المستصفى أنها للكناية وقال في التاترخانية وفي الأنفع الهاء للسكت والاستراحة
وفي الحجة أنه يقولها بالجزم ولا يبين الحركة ولا يقول هو ا هـ
قوله ( وقالا يضم التحميد ) هو رواية عن الإمام أيضا وإليه مال الفضلي والطحاوي وجماعة من المتأخرين
معراج عن الظهيرية
واختاره في الحاوي القدسي ومشى عليه في نور الإيضاح لكن المتون على قول الإمام
قوله ( ثم حذف اللهم ) أي مع إثبات الواو وبقي رابعة وهي حذفهما والأربعة في الأفضلية على هذا الترتيب كما أفاده بالعطف بثم
قوله ( على المعتمد ) أي من أقوال ثلاث مصححة
قال في الخزائن وهو الأصح كما في الهداية والمجمع والملتقى وصحح في المبسوط أنه كالمؤتم وصحح في السراج معزيا لشيخ الإسلام أنه كالإمام
قال الباقاني والمعتمد الأول ا هـ
قوله ( يسمع ) بتشديد الميم كما في يحمد ح أي لكونهما من التسميع والتحميد
قال ط ولا يتعين التشديد في الثاني بخلاف الأول إذ لو خفف لأفاد خلاف المراد
قوله ( مستويا ) هو للتأكيد فإن مطلق القيام إنما يكون باستواء الشقين وإنما أكد لغفلة الأكثرين عنه فليس بمستدرك
كما ظن
قهستاني أو للتأسيس والمراد منه التعليل كما أفاده في العناية
قوله ( لما مر من أنه سنة ) أي على قولهما أو واجب أي على ما اختاره الكمال وتلميذه أو فرض أي على ما قاله أبو يوسف ونقله الطحاوي عن الثلاثة ط
قوله ( ثم يكبر ) أتى بثم للإشعار بالاطمئنان فإنه سنة أو واجب على ما اختاره الكمال
قوله ( مع الخرور ) بأن يكون ابتداء التكبير عند ابتداء الخرور وانتهاؤه عند انتهائه شرح المنية ويخر للسجود قائما مستويا لا منحنيا لئلا يزيد ركوعا آخر يدل عليه ما في التاترخانية لو صلى فلما تكلم تذكر أنه ترك ركوعا فإن كان صلى صلاة العلماء الأتقياء أعاد وإن صلى صلاة العوام فلا لأن العالم التقي ينحط للسجود قائما مستويا والعامي ينحط منحنيا وذلك ركوع لأن قليل الانحناء محسوب من الركوع ا هـ تأمل
قوله ( واضعا ركبتيه ثم يديه ) قدمنا الخلاف في أنه سنة أو فرض أو واجب وأن الأخير أعدل
____________________
(1/497)
الأقوال وهو اختيار الكمال ويضع اليمنى منهما أولا ثم اليسرى كما في القهستاني لكن الذي في الخزائن واضعا ركبتيه ثم يديه إلا أن يعسر عليه لأجل خف أو غيره فيبدأ باليدين ويقدم اليمنى ا هـ
ومثله في البدائع والتاترخانية والمعراج والبحر وغيرها ومقتضاه أن تقديم اليمنى إنما هو عند العذر الداعي إلى وضع اليدين أو لا وأنه لا تيامن في وضع الركبتين وهو الذي يظهر لعسر ذلك
قوله ( مقدما أنفه ) أي على جبهته وقوله لما مر أي لقربه من الأرض وما ذكره مأخوذ من البحر لكن في البدائع ومنها أي من السنن أن يضع جبهته ثم أنفه
وقال بعضهم أنفه ثم جبهته ا هـ
ومثله في التاترخانية والمعراج عن شرح الطحاوي ومقتضاه اعتماد تقديم الجبهة وأن العكس قول البعض
تأمل
قوله ( بين كفيه ) أي بحيث يكون إبهاماه حذاء أذنيه كما في القهستاني
وعند الشافعي يضع يديه حذو منكبيه
والأول في صحيح مسلم
والثاني في صحيح البخاري
واختار المحقق ابن الهمام سنية كل منهما بناء على أنه عليه الصلاة والسلام فعل كلا أحيانا
قال إلا أن الأول أفضل لأن فيه زيادة المجافاة المسنونة ا هـ
وأقره شراح المنية والشرنبلالي
قوله ( اعتبارا الآخر الركعة بأولها ) فكما يجعل رأسه بين يديه عند التحريمة فكذا عند السجود
سراج عن المبسوط وباقي الركعات ملحقة بأولاها التي فيها التحريمة
قوله ( ضاما أصابع يديه ) أي ملصقا جنبات بعضها ببعض
قهستاني وغيره
ولا يندب الضم إلا هنا ولا التفريج إلا في الركوع كما في الزيلعي وغيره
قوله ( لتتوجه للقبلة ) فإنه لو فرجها يبقى الإبهام والخنصر غير متوجهين وهذا التعليل عزاه في هامش الخزائن إلى الشمني وغيره
قال وعلله في البحر بأن في السجود تنزل الرحمة وبالضم ينال أكثر
قوله ( ويعكس نهوضه ) أي يرفع في النهوض من السجدة وجهه أولا ثم يديه ثم ركبتيه
وهل يرفع الأنف قبل الجبهة أي على القول بأنه يضعه قبلها قال في الحلية لم أقف على صريح فيه
قوله ( أي على ما صلب منه ) وأما ما لان منه فلا يجوز الاقتصار عليه بإجماعهم
بحر
قوله ( حدها طولا إلخ ) الصدغ بضم الصاد ما بين العين والأذن
والقحف بالكسر العظم فوق الدماغ
قاموس
وهذا الحد عزاه في هامش الخزائن إلى شرح المنية عن التجنيس ثم قال وقيل هي ما اكتنفه الجبينان وقيل هي ما فوق الحاجبين إلى قصاص الشعر وهذا أوضح والمعنى واحد ا هـ
قوله ( ووضع أكثرها واجب إلخ ) اختلف هل الفرض وضع أكثر الجبهة أم بعضها وإن قل قولان أرجحهما الثاني نعم وضع أكثر الجبهة واجب للمواظبة كما حرره في البحر
وفي المعراج وضع جميع أطراف الجبهة ليس بشرط إجماعا فإذا اقتصر على بعض الجبهة جاز وإن قل كذا ذكره أبو جعفر
خزائن
قوله ( كبعضها وإن قل ) لما كان وضع ما دون الأكثر متفقا على فرضيته جعله مشبها به وحاصله أن صاحب هذا القيل ألحق الأكثر بما دونه في الفرضية
قوله ( كما حررناه في شرح الملتقى ) حيث قال وإليه صح رجوع الإمام كما في الشرنبلانية عن البرهان وعليه الفتوى كما في المجمع وشروحه والوقاية وشروحها والجوهرة وصدر الشريعة والعيني والبحر والنهر وغيرها ا هـ
وذكر العلامة قاسم في تصحيحه أن قولهما رواية عنه وأن عليها الفتوى
هذا وقد استشكله المحقق في الفتح بأن القول بعدم جواز الاقتصار على الأنف يلزم منه الزيادة على الكتاب
____________________
(1/498)
بخبر الواحد يعني حديث أمرت أن أسجد على سبعة أعظم وقال الحق أن مقتضاه ومقتضى المواظبة الوجوب فلو حمل قوله على كراهة التحريم وقولهما على وجوب الجمع لارتفع الخلاف وأقره في شرح المنية وكذا في البحر وزاد أن الدليل يقتضي وجوب السجود على الأنف أيضا كما هو ظاهر الكنز والمصنف فإن الكراهة عند الإطلاق للتحريم وبه صرح في المفيد والمزيد فما في البدائع والتحفة والاختيار من عدم كراهة ترك السجود على الأنف ضعيف ا هـ وهذا الذي حط عليه كلام صاحب الحلية فقال بعدما أطال في الاستدلال فالأشبه وجوب وضعهما معا وكراهة ترك وضع كل تحريما وإذا كان الدليل ناهضا به فلا بأس بالقول به ا هـ
والله سبحانه أعلم
قوله ( وفيه إلخ ) أي في شرح الملتقى وكذا قال في الهداية
وأما وضع القدمين فقد ذكر القدوري أنه فرض في السجود ا هـ
فإذا سجد ورفع أصابع رجليه لا يجوز كذا ذكره الكرخي والجصاص ولو وضع إحداهما جاز
قال قاضيخان ويكره
وذكر الإمام التمرتاشي أن اليدين والقدمين سواء في عدم الفرضية وهو الذي يدل عليه كلام شيخ الإسلام في مبسوطه وكذا في النهاية والعناية
قال في المجتبى قلت ظاهر ما في مختصر الكرخي والمحيط والقدوري أنه إذا رفع إحداهما دون الأخرى لا يجوز
وقد رأيت في بعض النسخ فيه روايتان ا هـ
ومشى على رواية الجواز رفع إحداهما في الفيض والخلاصة وغيرهما فصار في المسألة ثلاث روايات الأولى فرضية وضعهما
الثانية فرضية إحداهما
الثالثة عدم الفرضية وظاهره أنه سنة
قال في البحر وذهب شيخ الإسلام إلى أن وضعهما سنة فتكون الكراهة تنزيهية ا هـ
وقد اختار في العناية هذه الرواية الثالثة وقال إنها الحق وأقره في الدرر
ووجهه أن السجود لا يتوقف تحققه على وضع القدمين فيكون افتراض وضعهما زيادة على الكتاب بخبر الواحد لكن رده في شرح المنية وقال إن قوله هو الحق بعيد عن الحق وبضده أحق إذ لا رواية تساعده والدراية تنفيه لأن ما لا يتوصل إلى الفرض إلا به فهو فرض وحيث تظافرت الروايات عن أئمتنا بأن وضع اليدين والركبتين سنة ولم ترد رواية بأنه فرض تعين وضع القدمين أو إحداهما للفرضية ضرورة التوصل إلى وضع الجبهة وهذا لو لم ترد به عنهم رواية كيف والروايات فيه متوافرة ا هـ
ويؤيده ما في شرح المجمع لمصنفه حيث استدل على أن وضع اليدين والركبتين سنة بأن ماهية السجدة حاصلة بوضع الوجه والقدمين على الأرض إلخ وكذا ما في الكفاية عن الزاهدي من أن ظاهر الرواية ما ذكر في مختصر الكرخي وبه جزم في السراج فقال لو رفعهما في حال سجوده لا يجزيه ولو رفع إحداهما جاز
وقال في الفيض وبه يفتى
هذا وقال في الحلية والأوجه على منوال ما سبق هو الوجوب لما سبق عن الحديث ا هـ أي على منوال من حققه شيخه من الاستدلال على وجوب وضع اليدين والركبتين وتقدم أنه أعدل الأقوال فكذا هنا فيكون وضع القدمين كذلك واختاره أيضا في البحر والشرنبلالية
قلت ويمكن حمل كل من الروايتين السابقتين عليه بحمل ما ذكره الكرخي وغيره من عدم الجواز برفعهما على عدم الحل لا عدم الصحة وكذا نفى التمرتاشي وشيخ الإسلام فرضية وضعهما لا ينافي الوجوب وتصريح القدوري بالفرضية يمكن تأويله فإن الفرض قد يطلق على الواجب
تأمل
وما مر عن شرح المنية للبحث فيه مجال لأن وضع الجبهة لا يتوقف تحققه على وضع القدمين بل توقفه على الركبتين واليدين أبلغ فدعوى فرضية وضع القدمين دون غيرهما ترجيح بلا مرجح والروايات المتظافرة إنما هي في عدم الجواز كما يظهر من كلامهم في الفرضية وعدم الجواز صادق بالوجوب كما ذكرنا ولم ينقل التعبير بالفرضية إلا عن القدوري ولهذا والله أعلم
____________________
(1/499)
قال في البحر وذكر القدوري أن وضعهما فرض وهو ضعيف ا هـ
والحاصل أن المشهور في كتب المذهب اعتماد الفرضية والأرجح من حيث الدليل والقواعد عدم الفرضية ولذا قال في العناية والدرر إنه الحق
ثم الأوجه حمل عدم الفرضية على الوجوب والله أعلم
قوله ( ولو واحدة ) صرح به في الفيض
قوله ( نحو القبلة ) قال في البزازية والمراد بوضع القدم هنا وضع الأصابع أو جزء من القدم وإن وضع أصبعا واحدة أو ظهر القدم بلا أصابع إن وضع مع ذلك إحدى قدميه صح إلا لا ا هـ
قال في شرح المنية بعد نقله ذلك وفهم منه أن المراد بوضع الأصابع توجيهها نحو القبلة ليكون الاعتماد عليها وإلا فهو وضع ظهر القدم وقد جعلوه غير معتبر وهذا مما يجب التنبه له فإن أكثر الناس عنه غافلون ا هـ
أقول وفيه نظر فقد قال في الفيض ولو وضع ظهر القدم دون الأصابع بإن كان المكان ضيقا أو وضع إحداهما دون الأخرى لضيقه جاز كما لو قام على قدم واحد وإن لم يكن المكان ضيقا يكره ا هـ
فهذا صريح في اعتبار وضع ظاهر القدم وإنما الكلام في الكراهة بلا عذر لكن رأيت في الخلاصة أن وضع إحداهما ب إن الشرطية بدل أو العاطفة ا هـ
لكن هذا ليس صريحا في اشتراط توجيه الأصابع بل المصرح به أن توجيهها نحو القبلة سنة يكره تركها كما في البرجندي والقهستاني وسيأتي تمامه عند تعرض المصنف له قريبا
قوله ( تنزيها ) لما كان في المتن اشتباه فإنه جعل الكراهة في الاقتصار على أحدهما وفي السجود على الكور واحدة وهي في الأولى تحريمية وفي الثانية تنزيهية وأشار إلى توضيحه وقد أفاده في البحر ط
قوله ( بكور ) الباء بمعنى كما في أبي السعود وهو بفتح الكاف كما في القاموس والذي في الشبراملسي على المواهب عن عصام أنه بالضم وبالفتح شاذ وهو دور العمامة ط
قوله ( بشرط كونه ) أي كون الكور الذي سجد عليه على الجبهة لا فوقها
ولما كان الكور مفردا مضافا يعم ربما يتوهم أنه إذا كانت العمامة ذات أكوار كور منها على الجبهة وكور منها أرفع منه على الرأس وهكذا إنه يصح السجود على أي كور منها نبه على دفعه بقوله بشرط إلخ وهذا معنى قوله في الشرنبلالية أي دور من أدوارها نزل على جبهته لا جملتها كما يفعله بعض من لا علم عنده ا هـ
فقوله لا جملتها معناه ما قلناه وليس معناه أنه إذا كان على الجبهة أكثر من كور واحد لا يصح السجود عليه حتى يعترض عليه بأن العلة وجدان الحجم فلا يتقيد بكور واحد فإن هذا المعنى لا يتوهمه أحد ويدل على أن مراد الشرنبلالي ما قلناه آخر عبارته حيث قال وقد نبهنا بما ذكرنا تنبيها حسنا وهو أن صحة السجود على الكور إذا كان على الجبهة أو بعضها أما إذا كان على الرأس فقط وسجد عليه ولم تصب جبهته الأرض على القول بتعيينها ولا أنفه على مقابله لا تصح ا هـ فافهم
قوله ( كما مر ) أي في قوله وقيل فرض كبعضها إن قل ح قوله ( أي ولم تصب ) الأولى حذف الواو لأنه بيان لقوله مقتصرا ط قوله ( على القول به ) أي بجواز الاقتصار على الأنف
قوله ( على محله ) أي محل السجود الذي هو الجبهة والأنف
قوله ( وبشرط ) معطوف على قول المصنف بشرط
قوله ( وأن يجد حجم الأرض ) تفسيره أن الساجد لو بالغ لا يتسفل رأسه أبلغ من ذلك فصح على طنفسة وحصير وحنطة وشعير وسرير وعجلة إن كانت على الأرض لا على ظهر حيوان كبساط مشدود بين أشجار ولا على أرز أو ذرة
____________________
(1/500)
إلا في جوالق أو ثلج إن لم يلبده وكان يغيب فيه وجهه ولا يجد حجمه أو حشيش إلا إن وجد حجمه ومن هنا يعلم الجواز على الطراحة القطن فإن وجد الحجم جاز وإلا فلا
بحر
قوله ( والناس عنه غافلون ) أي عن اشتراط وجود الحجم في السجود على نحو الكور والطراحة كما يغفلون عن اشتراط السجود على الجبهة في كور العمامة
قوله ( صح ) أي لأن اعتبار الكم تبعا للمصلي يقتضي عدم اعتباره حائلا فيصير كأنه سجد بلا حائل
ولا يجوز مس المصحف بكمه كما لا يجوز بكفه
قوله ( المبسوط عليه ذلك ) الإشارة إلى الكم أو فاضل الثوب
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يكن طاهرا فلا يصح في الأصح وإن كان في المرغيناني صحح الجواز فإنه ليس بشيء
فتح
قوله ( فيصح اتفاقا ) أي إن أعاد سجوده على طاهر صح اتفاقا ولم أر نقل هذه المسألة بخصوصها وإنما رأيت في السراج ما يدل عليها حيث قال إن كانت النجاسة في موضع سجوده فعن أبي حنيفة روايتان إحداهما أن صلاته لا تجوز لأن السجود ركن كالقيام وبه قال أبو يوسف ومحمد وزفر لأن وضع الجبهة عندهم فرض والجبهة أكثر من قدر الدرهم فإذا استعمله في الصلاة لم تجز وإن أعاد تلك السجدة على موضع طاهر جاز عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر لا يجوز إلا باستئناف الصلاة
والرواية الثانية عن أبي حنيفة أن صلاته جائزة لأن الواجب عنده في السجود أن يسجد على طرف أنفه وذلك أقل من قدر الدرهم ا هـ
فقوله وإن أعاد الخ يدل على ما ذكره الشارح بالأولى لأن هذا في السجود على النجس بلا حائل لكن في المنية وشرحها ما يخالفه فإنه قال ولو سجد على شيء نجس تفسد صلاته سواء أعاد سجوده على طاهر أو لا عندهما
وقال أبو يوسف إن أعاده على طاهر لا تفسد وهذا بناء على أنه بالسجود على النجس تفسد السجدة لا الصلاة عنده
وعندهما تفسد الصلاة لفساد جزئها وكونه لا تتجزى ا هـ ملخصا
وفي إمداد الفتاح لا يصح لو أعاده على طاهر في ظاهر الرواية وروي عن أبي يوسف الجواز ا هـ
والخلاف في هذا الوجه هو المذكور في المجمع والمنظومة والكافي والدرر والمواهب وغيرها وكذا في بحث النهي من كتب الأصول كالمنار والتحرير وأصول فخر الإسلام
وأما على الوجه الذي ذكره في السراج فقد عزاه في شرح التحرير إلى شرح الدوري على مختصر الكرخي وعزاه في الحلية إلى الزاهدي والمحيط عن النوادر معللا بأن الوضع ليس باستعمال للنجاسة حقيقة فانحطت درجته عن الحلم فلم يفسد لكنه لم يقع معتدا به ا هـ
لكن يكفينا كون ما في السراج رواية النوادر وما في عامة الكتب هو ظاهر الرواية كما مر عن الإمداد وبه صرح في الحلية والبدائع ويؤيده ما صرحوا به بلا نقل خلاف من اشتراط طهارة الثوب والبدن والمكان فلو وقف ابتداء على مكان نجس لا تنعقد صلاته
وفي الخانية إذا وقف المصلي على مكان طاهر ثم تحول إلى مكان نجس ثم عاد إلى الأولى إن لم يمكث على النجاسة مقدار ما يمكنه فيه أداء أدنى ركن جازت صلاته وإلا فلا ا هـ
وهذا كله إذا كان السجود أو القيام على النجاسة بلا حائل متفصل وقد علمت مما قدمناه عن الفتح عدم اعتبارهم الحائل المتصل حائلا لتبعيته للمصلي ولذا لو قام على النجاسة وهو لابس خفا لم تصح صلاته وكذلك السجود ولو اعتبر حائلا لصحت سجدته بدون إعادتها على طاهر فعلم أن ما ذكره الشاحر مبني على ما في السراج وقد علمت أنه خلاف ما في عامة كتب المذهب وخلاف ظاهر الرواية والله أعلم
قوله ( وكذا حكم كل متصل ) أي يصح السجود عليه بشرط طهارة ما تحته
قوله ( ولو بعضه إلخ ) كذا أطلقت
____________________
(1/501)
الصحة في كثير من الكتب
وزاد في القنية أنه يكره أي لما فيه من مخالفة المأثور
وقال في الفتح ينبغي ترجيح الفساد على الكف والفخذ
قال في شرح المنية وما في القنية هو الوسط أي وخير الأمور أوساطها
قوله ( وفخذه لو بعذر ) أي بزحمة كما في المنية لكن قال في الحلية والذي ينبغي أنه إنما يجوز بالعذر الشرعي المجوز للإيماء به باعتبار ما في ضمنه من الإيماء به كما قلنا فيما لو رفع إلى وجهه شيئا يسجد عليه وخفص رأسه ومن المعلوم أن الزحام ليس بعذر مجوز للإيماء بالسجود ا هـ
قلت الظاهر أنه مجوز له فإن ما يأتي من تجويزه على ظهر مصل صلاته يفيده
تأمل
والظاهر أن هذه المسألة مفروضة على تقدير الإمكان وإلا فالسجود على الفخذ غير ممكن عادة
قوله ( لا ركبته ) أي بعذر أو بدونه لكن يكفيه الإيماء لو بعذر
زيلعي وغيره
قوله ( إنها كفخذه ) أي فيصح بعذر والخلاف مبني على أن الشرط في السجود وضع أكثر الجبهة أو بعضها وإن قل ومعلوم أن الركبة لا تستوعب أكثر الجبهة وقد علمت أن الأصح هو الثاني فلذا صحح الحلبي الجواز ح
قوله ( وكره بسط ذلك ) أي ما ذكر من الحائل المتصل به أما المنفصل فلا يكره كما يأتي
قوله ( لأنه ترفع ) أي تكبر فيكره تحريما إن قصد ذلك
قوله ( وإلا يكن ترفعا ) أي وإن لم يكن قصد بذلك ترفعا وكان ينبغي التصريح فيما قبله بقصد الترفع حتى تظهر المقابلة ثم مراد الشارح بهذا وما بعده التوفيق بين عباراتهم ففي بعضها يكره وفي بعضها لا بأس به وفي بعضها لا بأس به وفي بعضها لا يكره فأشار إلى حمل كل منها على حاله كما وفق به في البحر تبعا للحلية
قوله ( كره ) أي لأنه دليل قصد الترفع بخلافه عن العمامة فإنه لصيانة المال
ققوله ( وصحح الحلبي إلخ ) حيث قال وأما على الخرقة ونحوها فالصحيح عدم الكراهة ففي الحديث الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام كان تحمل له الخمرة فيسجد عليها وهي حصيرة صغيرة من الخوص ويحكى عن الإمام أنه سجد في المسجد الحرام على الخرقة فنهاه رجل فقال له الإمام من أين أنت فقال من خوارزم فقال الإمام
جاء التكبير من ورائي أي تتعلمون منا ثم تعلمونا هل تصلون على البواري في بلادكم قال نعم فقال تجوز الصلاة على الحشيش ولا تجوزها على الخرقة
والحاصل أنه لا كراهة في السجود على شيء مما فرش على الأرض مما لا يتحرك بحركة المصلي بالإجماع إلخ ا هـ
ولكن الأفضل عند السجود على الأرض أو على ما تنبته كما في نور الإيضاح ومنية المصلي
قوله ( لأنه أقرب للتواضع ) أي لقربه من الأرض
وعلل في البزازية أيضا بأن الذيل في مساقط الزبل وطهارة موضع القدمين في القيام شرط وفاقا وموضع السجدة مختلف لأنها تتأتى بالأنف وهو أقل من الدرهم ا هـ
قوله ( لم أره ) أصل التوقف للشرنبلالي وهذا بناء على القول الشارط أن يكون السجود على ظهر مصل صلاته وهو الذي مشى عليه
____________________
(1/502)
في المتن كالوقاية والملتقى والكمال وابن الكمال والخلاصة والواقعات وغيرها ولا يخفى أن مفاهيم الكتب معتبرة
وأما ما سيأتي عن القهستاني من عدم اشتراط الظهر وعدم اشتراط المشاركة في الصلاة فهو قول آخر مخالف لما في عامة الكتب على أنه ليس في القهستاني عدم اشتراط الظهر فافهم
قوله ( وشرط في المجتبى إلخ ) عبر عنه في المعراج بقيل
قوله ( لكن إلخ ) استدراك على المجتبى
وعبارة القهستاني هذا إذا كان ركبتاه على الأرض وإلا فلا يجزئه وقيل لا يجزيه وإن كان سجود الثاني على ظهر الثالث كما في جمعة الكفاية
وفي الكلام إشارة إلى أن المستحب التأخير إلى أن يزول الزحام كما في الجلابي وإلى أنه لا يجوز غير الظهر لكن في الزاهدي يجوز على الفخذين والركبتين بعذر على المختار وعلى اليدين والكمين مطلقا وإلى أنه لا يجوز على ظهر غير المصلي كما قال الحسن لكن في الأصل أنه يجوز كما في المحيط
وفي تيمم الزاهدي يجوز على ظهر كل مأكول ا هـ
قوله ( وعلى ظهر غير المصلي ) أي بأن سجد على أليتيه أو على عقب رجله لكن ليس هذا موجودا في عبارة القهستاني كما علمته
قوله ( بل على غير الظهر كالفخذين ) أي فخذي نفسه كما مر
قوله ( ولو كان إلخ ) المسألة مذكورة في عامة المتداولات كما في القهستاني والحلية وعزاها في المعراج إلى مبسوط شيخ الإسلام وكان ينبغي للمصنف تقديمها على المسألة التي قبلها لأن تلك مستثناة من هذه كما أشار إليه الشارح
قوله ( منصوبتين ) أي موضوعة إحداهما فوق الأخرى
قوله ( جاز سجوده ) الظاهر أنه مع الكراهة لمخالفته للمأثور من فعله
قوله ( كما مر ) أي في السجود على الظهر فإنه أرفع من نصف ذراع ح
قوله ( عرض ستة أصابع ) أي مقدر بعرض ستة أصابع مضموم بعضها إلى بعض لا بطولها
قوله ( ثنتا عشرة أصبعا ) بدل من نصف ذراع ح فالمراد بالذراع ذراع الكرباس وهو ذراع اليد شبران تقريبا كما قررنا في بحث المياه
قوله ( ذكره الحلبي ) أي ذكر تحديد نصف الذراع بذلك
وقد توقف في الحلية في مقداره وفي وجه التحديد به فقال الله أعلم بذلك
قوله ( في غير زحمة ) جعله قيد لإظهار العضدين فقط تبعا للمجتبى
قال في البحر أخذا من الحلية وهذا أولى مما في الهداية والكافي والزيلعي من أنه إذا كان في الصف لا يجافي بطنه عن فخذيه لأن الإيذاء لا يحصل من مجرد المحاذاة وإنما يحصل من إظهار العضدين ا هـ
قوله ( ويكره إن لم يفعل ذلك ) كذا في التجنيس لصاحب الهداية
وقال الرملي في حاشية البحر ظاهره أنه سنة وبه صرح في زاد الفقير ا هـ
____________________
(1/503)
قلت ونقل الشيخ إسماعيل التصريح بأنه سنة عن البرجندي والحاوي مثله في الضياء المعنوي والقهستاني عن الجلابي
وقال في الحلية ومن سنن السجود أن يوجه أصابعه نحو القبلة لما في صحيح البخاري وسنن أبي داود عن أبي حميد رضي الله عنه في صفة صلاة رسول الله فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما وستقبل بأطراف أصابع رجليه إلى لقبلة ا هـ
وقدمنا أن في وضع القدم ثلاث روايات الفرضية والوجوب والسنة وأن المراد بوضع القدم وضع أصابعهما ولو واحدة وأن المشهور في كتب المذهب الرواية الأولى وأن ابن أمير حاج رجح في الحلية الثانية وصرح هنا بأن توجيه الأصابع نحو القبلة سنة فثبت ما قدمناه من أن الخلاف السابق في أصل الوضع لا في التوجيه وأن التوجيه سنة عندنا قولا واحدا خلافا لما مشى عليه الشارح تبعا لشرح المنية ويؤيده ما قلناه إن المحقق ابن الهمام قال في زاد الفقير ومنها أي من سنن الصلاة توجيه أصابع رجليه إلى القبلة ووضع الركبتين واختلف في القدمين ا هـ
فهذا صريح فيما قلناه حيث جزم بأن توجيه الأصابع سنة وذكر الخلاف في أصل وضع القدمين أي هل هو سنة أو فرض أو واجب فاغتنم هذا التحرير فإني لم أر من نبه عليه والحمد لله رب العالمين
تنبيه تقدم في الركوع أنه يسن إلصاق الكعبين ولم يذكروا ذلك في السجود وقدمنا أنه ربما يفهم منه أن السجود كذلك إذا لم يذكروا تفريجهما بعد الركوع فالأصل بقاؤهما هنا كذلك
تأمل
قوله ( كما مر ) أي نظير ما مر في تسبيح الركوع من أن أقله ثلاث وأنه لو تركه أو نقصه كره تنزيها وقدمنا الخلاف في ذلك
قوله ( فلا تبدي عضديها ) كتب في هامش الخزائن أن هذا رد على الحلبي حيث جعل الثاني تفسيرا للانخفاض مع أن الأصل في العطف المغايرة تنبه ا هـ
قوله ( وحررنا في الخزائن إلخ ) وذلك حيث قال تنبيه ذكر الزيلعي أنها تخلف الرجل في عشر وقد زدت أكثر من ضعفها ترفع يديها حذاء منكبيها ولا تخرج يديها من كميها وتضع الكف على الكف تحت ثديها وتنحني في الركوع قليلا ولا تعقد ولا تفرج فيه أصابعها بل تضمها وتضع يديها على ركبتيها ولا تحني ركبتيها وتنضم في ركوعها وسجودها وتفترش ذراعيها وتتورك في التشهد وتضع فيه يديها تبلغ رؤوس أصابعها ركبتيها وتضم فيه أصابعها وإذا أنابها شيء في صلاتها تصفق ولا تسبح ولا تؤم الرجل وتكره جماعتهن ويقف الإمام وسطهن ويكره حضورها الجماعة وتؤخر مع الرجال ولا جمعة عليها
لكن تنعقد بها ولا عيد ولا تكبير تشريق ولا يستحب أن تسقر بالفجر ولا تجهر في الجهرية بل لو قيل بالفساد بجهرها لأمكن بناء على أن صوتها عورة
وأفاد الحدادي أن الأمة كالحرة إلا في الرافع عند الإحرام فإنها كالرجل ا هـ
أقول وقوله ولا تحني ركبتيها صوابه وتحني بدون لا كما قدمناه عن المعراج عند قول الشارح في الركوع ويسن أن يلصق كعبيه وقوله تبلغ رؤوس أصابعها ركبتيها مبني على القول بأن الرجل يضع يديه في التشهد على ركبتيه
والصحيح أنهما سواء كما سنذكره وقوله لكن تنعقد بها صوابه لكن تصح منها إذ لا عبرة بالنساء والصبيان في جماعة الجمعة والشرط فيهم ثلاثة رجال وقدمنا أيضا عن المعراج عن شرح الوجيز أن الخنثى كالمرأة
وحاصل ما ذكره أن المخالفة في ست وعشرين
وذكر في البحر أنها لا تنصب أصابع القدمين كما ذكره
____________________
(1/504)
في المجتبى ثم هذا كله فيما يرجع إلى الصلاة وإلا فالمرأة تخالف الرجل في مسائل كثيرة مذكورة في أحكامات الأشباه فراجعها
قوله ( مع الكراهة ) أي أشد الكراهة كما في شرح المنية
قوله ( بل لو سجد إلخ ) المناسب هنا التفريع لأن هذا مفرع على القول بأن الرفع سنة وإن كانت السجدة الثانية فرضا لتحققها بدونه في هذه الصورة وكذا يتفرع على القول بالوجوب الذي رجحه في الفتح والحلية بخلاف القول بالفرضية الذي صححه في الهداية فافهم
قوله ( صح وإلا لا ) علله في الهداية بأن ما قرب من الشيء يعطى حكمه
قوله ( ورجحه في النهر إلخ ) قال في الخزائن وفي الشرنبلالية عن البرهان أنه الأصح عن الإمام
وفي النهر أنه الذي ينبغي التعويل عليه وعليه اقتصر الباقاني ا هـ
قوله ( تتم بالرفع عند محمد ) وعند أبي يوسف بالوضع وثمرة الخلاف فيما لو أحدث وهو ساجد فذهب وتوضأ يعيد السجدة عند محمد لا عند أبي يوسف وفيما إذا لم يقعد على الرابعة وأحدث في السجدة الأولى من الخامسة توضأ وقعد عند محمد وبطلت عند أبي يوسف ح
أقول وانظر قول أبي يوسف المذكور مع قوله بفرضية القعدة بين السجدتين والطمأنينة فيها فإنه يستلزم فرضية الرفع فتأمل
ثم ظهر أن الرفع المذكور فرض مستقل عنده لا متمم للسجدة كذا أفاده شيخنا حفظه الله تعالى
قوله ( كالتلاوية ) حتى لو تكلم فيها أو أحدث فعليه إعادتها
ابن ملك عن الخانية
قوله ( مطمئنا ) أي بقدر تسبيحة كما في متن الدر والسراج وهل هذا بيان لأكثره أو لأقله الظاهر الأول بدليل قول المصنف وليس بينهما ذكر مسنون وقدمنا في الواجبات عن ط أنه لو أطال هذه الجلسة أو قومة الركوع أكثر من تسبيحة بقدر تسبيحة ساهيا يلزمه سجود السهود
ا هـ
وقدمنا ما فيه
تأمل
قوله ( لما مر ) أي من أنه سنة أو واجب أو فرض ح
قوله ( وليس بينهما ذكر مسنون ) قال أبي يوسف سألت الإمام أيقول الرجل إذا رفع رأسه من الركوع والسجود اللهم اغفر لي قال يقول ربنا لك الحمد وسكت ولقد أحسن في الجواب إذ لم ينه عن الاستغفار
نهر وغيره
أقول بل فيه إشارة إلى أنه غير مكروه إذ لو كان مكروها لنهى عنه كما ينهى عن القراءة في الركوع والسجود وعدم كونه مسنونا لا ينافي الجواز كالتسمية بين الفاتحة والسورة بل ينبغي أن يندب الدعاء بالمغفرة بين السجدتين خروجا من خلاف الإمام أحمد لإبطاله الصلاة بتركه عامدا ولم أر من صرح بذلك عندنا لكن صرحوا باستحباب مراعاة الخلاف والله أعلم
قوله ( وما ورد إلخ ) فمن الوارد في الركوع والسجود ما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع قال اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وإذا سجد قال اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي
____________________
(1/505)
خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن لخالقين والوارد في الرفع من الركوع أنه كان يزيد ملء السموات والإرض وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد رواه مسلم وأبو داود وغيرهما وبين السجدتين اللهم غفر لي ورحمني وعافني وهدني ورزقني رواه أبو داود وحسنه النووي وصححه الحاكم وكذا في الحلية
قوله ( محمول على النفل ) أي تهجدا أو غيره
خزائن
وكتب في هامشه فيه رد على الزيلعي حيث خصه بالتهجد ا هـ
ثم الحمل المذكور صرح به المشايخ في الوارد في الركوع والسجود وصرح به في الحلية في الوارد في القومة والجلسة وقال على أنه إن ثبت في المكتوبة فليكن حالة الانفراد أو الجماعة والمأمومون محصورون لا يتثقلون بذلك كما نص عليه الشافعية ولا ضرر في التزامه وإن لم يصرح به مشايخنا فإن القواعد الشرعية لا تنبو عنه كيف والصلاة والتسبيح والتكبير والقراءة كما ثبت في السنة ا هـ
قوله ( بلا اعتماد إلخ ) أي على الأرض
قال في الكفاية أشار به إلى خلاف الشافعي في موضعين أحدهما يعتمد بيديه على ركبتيه عندنا وعنده على الأرض
والثاني الجلسة الخفيفة
قال شمس الأئمة الحلواني الخلاف في الأفضل حتى لو فعل كما هو مذهبنا لا بأس به عند الشافعي ولو فعل كما هو مذهبه لا بأس به عندنا كذا في المحيط ا هـ
قال في الحلية والأشبه أنه سنة أو مستحب عند عدم العذر فيكره فعله تنزيها لمن ليس به عذر ا هـ
وتبعه في البحر وإليه يشير قولهم لا بأس فإنه يغلب فيما تركه أولى
أقول ولا ينافي هذا ما قدمه الشارح في الواجبات حيث ذكر منها ترك قعود ثانية ورابعة لأن ذاك محمول على القعود الطويل ولذا قيدت الجلسة هنا بالخفيفة
تأمل
قوله ( فيما مر ) أي من الأركان أنه مستحب
قوله ( إلا في سبعة ) أشار إلى أنه لا يرفع عند تكبيرات الانتقالات خلافا للشافعي وأحمد فيكره عندنا ولا يفسد الصلاة إلا في رواية مكحول عن الإمام وقد أوضح هذه المسألة في الفتح وشروح المنية
قوله ( بناء على أن الصفا والمروة واحد إلخ ) ذكر ذلك توفيقا بين كلام المصنف والنظم الآتي حيث عدها ثمانية وبين ما ورد في الحديث من عدها سبعة بأن الوارد نظر فيه إلى السعي المتضمن للصفا والمروة فعدا فيه واحدا والمصنف والنظام نظرا إلى أنهما اثنان فصارت ثمانية والوارد هو قوله لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن تكبيرة الافتتاح وتكبيرة لقنوت وتكبيرات لعيدين وذكر الأربع في الحج كذا في الهداية والأربع عند استلام الحجر وعند الصفا والمروة وعند الموقفين وعند الجمرتين الأولى والوسطى كذا في الكفاية
قال في فتح القدير والحديث غريب بهذا اللفظ
وقد روى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما عنه لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن حين يفتتح الصلاة وحين يدخل المسجد الحرام فينطر إلى البيت وحين يقوم
____________________
(1/506)
على الصفا وحين يقوم على المروة وحين يقف مع الناس عشية عرفة وبجمع والمقامين حين يرمي الجمرة ا هـ
ولا يخفى عليك أن تفسير ما ورد بما في الهداية هو الموافق لكلام الشارح بخلاف ما في الفتح إذ ليس فيه عد الصفا والمروة واحدا بل ليس فيه ذكر القنوت والعيد فافهم
قوله ( وخمسة الحج ) أي بناء على عد المصنف والناظم أما بناء على ما في الحديث المذكور في الهداية فهي أربع فافهم
قوله ( وبالنظم ) أي من بحر الكامل وذكرت فيه على ترتيب حروف فقعس صمعج
ولبعضهم رفع يديك لدى التكبير مفتتحا وقانتا وبه العيدان قد وصفا وفي الوقوفين ثم الجمرتين معا وفي ستلام كذا في مروة وصفا قوله ( كالتحريمة ) الأولى إسقاطه لأنها من جملة الثلاثة ففيه تشبيه إلى الشيء ببعضه
تأمل
قوله ( الأولى والوسطى ) أما الأخيرة فلا يدعو بعدها لأن الدعاء بعد كل رمي بعده رمي ولذا لا يدعو في رمي يوم النحر
قوله ( نحو الحجر ) راجع للاستلام وقوله والكعبة راجع للرمي وفي رواية برفع يديه في الرمي نحو السماء
قوله ( كالدعاء ) أي ما يرفعهما لمطلق الدعاء في سائر الأمكنة والأزمنة على طبق ما وردت به السنة ومنه الرفع في الاستسقاء فإنه مستحب كما جزم به في القنية
خزائن
قوله ( فيبسط يديه حذاء صدره ) كذا روي عن ابن عباس من فعل النبي قنية عن تفسير السمان
ولا ينافيه ما في المستخلص للإمام أبي القاسم السمرقندي أن من آداب الدعاء أن يدعو مستقبلا ويرفع يديه بحيث يرى بياض إبطيه لإمكان حمله على حالة المبالغة والجهد وزيادة الاهتمام كما في الاستسقاء لعود النفع إلى العامة وهذا على ما عداها ولذا قال في حديث الصحيحين وكان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الإستسقاء فإنه يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه أي لا يرفع كل الرفع كذا في شرح المنية ومثله في شرح الشرعة
قوله ( لأنها قبلة الدعاء ) أي كالقبلة للصلاة فلا يتوهم أن المدعو جل وعلا في جهة العلو ط
قوله ( ويكون بينهما فرجة ) أي وإن قلت قنية
قوله ( الدعاء أربعة إلخ ) هذا مروي عن محمد بن الحنفية كما عزاه إليه في البحر عن النهاية وكذا في شرح المنية عن المبسوط
قوله ( دعاء رغبة ) نحو طلب الجنة فيفعل كما مر أي يبسط يديه نحو السماء ح
قوله ( ودعاء رهبة ) نحو طلب النجاة من النار ح
قوله ( يجعل كفيه لوجهه ) الذي في البحر يجعل ظهر كفيه لوجهه ومثله في شرح المنية فكلمة ظهر سقطت من قلم الشارح وهذا معنى ما ذكره الشافعية من أنه يسن لكل داع رفع بطن يديه للسماء إن دعا بتحصيل شيء وظهرهما إن دعا برفعه
____________________
(1/507)
قوله ( ودعاء تضرع ) أي إظهار الخضوع والذلة لله تعالى من غير طلب جنة ولا خوف من نار نحو إلهي أنا عبدك البائس الفقير المسكين الحقير ح
قوله ( ويحلق ) أي يحلق الإبهام والوسطى
قوله ( ما يفعله في نفسه ) قال في شرح المنية يعني ليس فيه رفع لأن في الرفع إعلانا
قوله ( بين أليتيه ) الأظهر تحت أليتية
قوله ( في المنصوبة ) أي الأصابع الكائنة في الرجل المنصوبة
قال في السراج يعني رجله اليمنى لأن ما أمكنه أن يوجهه إل القبلة فهو أولى ا هـ
وصرح بأن المراد اليمنى في المفتاح والخلاصة والخزانة فقوله في الدرر رجليه بالتثنية فيه إشكال لأن توجه أصابع اليسرى المفترشة نحو القبلة تكلف زائد كما في شرح الشيخ إسماعيل لكن نقل القهستاني مثل ما في الدرر عن الكافي والتحفة ثم قال فيوجه رجله اليسرى إلى اليمنى وأصابعها نحو القبلة بقدر الاستطاعة ا هـ
تأمل
قوله ( هو السنة ) فلو تربع أو تورك خالف السنة ط
قوله ( في الفرض والنفل ) هو المعتمد وقيل في النفل يقعد كيف شاء كالمريض
قوله ( ولا يأخذ الركبة ) أي كما يأخذها في الركوع لأن الأصابع تصير موجهة إلى الأرض خلافا للطحاوي والنفي للأفضلية لا لعدم الجواز كما أفاده في البحر
قوله ( متوركة ) بأن تخرج رجلها اليسرى من الجانب الأيمن ولا تجلس عليها بل على الأرض
قوله ( ونسبوه لمحمد والإمام ) وكذا نقلوه عن أبي يوسف في الأمالي كما يأتي فهو منقول عن أئمتنا الثلاثة
قوله ( بل في متن درر البحار وشرحه إلخ ) إضراب انتقالي لأن في هذا النقل التصريح بإن ما صححه الشراح هو المفتى به لكن الصواب إسقاط قوله باسطا أصابعه كلها فإنه مخالف لما رأيته في درر البحار وشرحه
ونص عبارة درر البحار ولا تعقد ثلاث وخمسين ولا تشير والفتوى خلافه
وعبارة شرحه غرر الأفكار ولا تعقد يا فقيه ثلاث وخمسين كما عقدها أحمد موافقا للشافعي في أحد أقواله ونحن لا نشير عند التهليل بالسبابة من اليمنى بل نبسط الأصابع والفتوى أي المفتى به عندنا خلافه أي خلاف عدم الإشارة وهو الإشارة على كيفية عقد ثلاثة وخمسين كما قال به الشافعي وأحمد وفي المحيط أنها سنة يرفعها عند النفي ويضعها عند الإثبات وهو قول أبي حنيفة ومحمد وكثرت به الآثار والأخبار فالعمل به أولى ا هـ فهو صريح في أن المفتى به هو الإشارة بالمسبحة مع عقد الأصابع على الكيفية المذكورة لا مع بسطها فإنه لا إشارة مع البسط عندنا ولذا قال في منية المصلي فإن أشار يعقد الخنصر والبنصر ويحلق الوسطى بالإبهام ويقيم السبابة
وقال في شرحها الصغير وهل يشير عند الشهادة عندنا فيه اختلاف صحح في الخلاصة والبزازية أنه لا يشير وصحح في شرح الهداية أنه يشير وكذا في الملتقط وغيره
وصفتها أن
____________________
(1/508)
يحلق من يده اليمنى عند الشهادة الإبهام والوسطى ويقبض البنصر والخنصر ويشير بالمسبحة أو يعقد ثلاثة وخمسين بأن يقبض الوسطى والبنصر والخنصر
ويضع رأس إبهامه على حرف مفصل الوسطى الأوسط ويرفع الأصبع عند النفي ويضعها عند الإثبات ا هـ
وقال في الشرح الكبير وهذا فرع تصحيح الإشارة
وعن كثير من المشايخ لا يشير أصلا وهو خلاف الدراية والرواية فعن محمد أن ما ذكره في كيفية الإشارة قول أبي حنيفة ا هـ
ومثله في فتح القدير
وفي القهستاني وعن أصحابنا جميعا أنه سنة فيحلق إبهام اليمنى ووسطاها ملصقا رأسها برأسها ويشير بالسبابة ا هـ
فهذه النقول كلها صريحة بأن الإشارة المسنونة إنما هي على كيفية خاصة وهي العقد أو التحليق وأما رواية بسط الأصابع فليس فيها إشارة أصلا ولهذا قال في الفتح وشرح المنية وهذا أي ما ذكر من الكيفية فرع تصحيح الإشارة أي مفرع على تصحيح رواية الإشارة فليس لنا قول بالإشارة بدون تحليق ولهذا فسرت الإشارة بهذه الكيفية في عامة الكتب كالبدائع والنهاية ومعراج الدراية والذخيرة والظهيرية وفتح القدير وشرحي المنية والقهستاني والحلية والنهر وشرح الملتقى للبهنسي معزيا إلى شرح النقاية وشرحي درر البحار وغيرها كما ذكرت عباراتهم في رسالة سميتها ( رفع التردد في عقد الأصابع عند التشهد ) وحررت فيها أنه ليس لنا سوى قولين الأول وهو المشهور في المذهب بسط الأصابع بدون إشارة
الثاني بسط الأصابع إلى حين الشهادة فيعقد عندها ويرفع السبابة عند النفي ويضعها عند الإثبات وهذا ما اعتمده المتأخرون لثبوته عن النبي بالأحاديث الصحيحة ولصحة نقله عن أئمتنا الثلاث فلذا قال في الفتح إن الأول خلاف الدراية والرواية
وأما ما عليه عامة الناس في زماننا من الإشارة مع البسط بدون عقد فلم أر أحدا قال به سوى الشارح تبعا للشرنبلالي عن البرهان للعلامة إبراهيم الطرابلسي صاحب الإسعاف من أهل القرن العاشر
وإذا عارض كلامه كلام جمهور الشارحين من المتقدمين والمتأخرين من ذكر القولين فقد فالعمل على ما عليه جمهور العلماء لا جمهور العوام فأخرج نفسك من ظلمة التقليد وحيرة الأوهام واستضىء بمصباح التحقيق في هذا المقام فإنه من منح الملك العلام
قوله ( بمسبحته وحدها ) فيكره أن يشير بالمسبحتين كما في الفتح وغيره
مطلب مهم في عقد الأصابع عند التشهد قوله ( وبقولنا إلخ ) هذا الاحتراز إنما يصح لو كان القائل بالعقد قائلا بأنه لا يشير بمسبحته وهو خلاف الواقع كما هو صريح قوله يعقد عند الإشارة
والذي تحصل من كلام البرهان قول ملفق من القولين وهو الإشارة مع بسط الأصابع بدون عقد وقد علمت أنه خلاف المنقول في كتب المذهب وأن ما نقله الشارح عن درر البحار وشرحه خلاف الواقع ولعله قول غريب لم نر من قاله فتبعه في البرهان ومشى عليه الناس في عامة البلدان وأما المشهور المنقول في كتب المذهب
____________________
(1/509)
فهو ما سمعته والله تعالى أعلم
قوله ( وفي المحيط سنة ) يمكن التوفيق بأنها غير مؤكدة ط
قوله ( كما بحثه في البحر ) حيث قال ثم وقع لبعض الشارحين أنه قال والأخذ بتشهد ابن مسعود أولى فيفيد أن الخلاف في الأولوية والظاهر خلافه لأنهم جعلوا التشهد واجبا وعينوه في تشهد ابن مسعود فكان واجبا ولهذا قال في السراج ويكره أن يزيد في التشهد حرفا أو يبتدىء بحرف قبل حرف قال أبو حنيفة ولو نقص من تشهده أوزاد فيه كان مكروها لأن أذكار الصلاة محصورة فلا يزاد عليها انتهى
والكراهة عند الإطلاق للتحريم
قوله ( وجزم إلخ ) وكذا جزم به في النهر والخير الرملي في حواشي البحر حيث قال أقول الظاهر أن الخلاف في الأولوية ومعنى قولهم التشهد واجب أي التشهد المروي على الاختلاف لا واحد بعينه وقواعدنا تقتضيه ثم رأيت في النهر قريبا مما قلته وعليه فالكراهة السابقة تنزيهة ا هـ
أقول ويؤيده ما في الحلية حيث ذكر ألفاظ التشهد المروية عن ابن مسعود ثم قال واعلم أن التشهد اسم لمجموع هذه الكلمات المذكورة وكذا لما ورد من نظائرها سمي به لاشتماله على الشهادتين إلخ
قوله ( لا الإخبار عن ذلك ) أي لا يقصد الإخبار والحكاية عما وقع في المعراج منه ومن ربه سبحانه ومن الملائكة عليهم السلام وتمام بيان القصة مع شرح ألفاظ التشهد في الإمداد فراجعه
قوله ( للحاضرين ) أي من الإمام والمأموم والملائكة قاله النووي واستحسنه السروجي
نهر
قوله ( لا حكاية سلام الله تعالى ) الصواب لا حكاية سلام رسول الله ط
قوله ( يقول فيه إني رسول الله ) نقل ذلك الرافعي من الشافعية
ورده الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديثه بأنه لا أصل لذلك بل ألفاظ التشهد متواترة عنه أنه كان يقول أشهد أن محمدا رسول الله وعبده ورسوله ا هـ ط عن الزرقاني
قال في التحفة نعم إن أراد تشهد الأذان صح لأنه صلى الله عليه وسلم أذن مرة في سفر فقال ذلك ا هـ
قلت وكذلك في البخاري من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال خفت أزواد لقوم الحديث وفيه فقال صلى الله عليه وسلم أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني رسول الله وهذا كان خارج الصلاة قاله لما ظهرت المعجزة على يديه من البركة في الزاد
قوله ( ولا يزيد في الفرض ) أي وما ألحق به كالوتر والسنن الرواتب وإن نظر صاحب البحر فيها ولينظر حكم المنذور وقضاء النفل الذي أفسده
والظاهر أنهما في حكم النفل لأن الوجوب فيها عارض ط
قوله ( إجماعا ) وهو قول أصحابنا ومالك وأحمد
وعند الشافعي على الصحيح أنها مستحبة فيها للجمهور ما رواه أحمد وابن خزيمة من حديث ابن مسعود ثم إن كان النبي صلى الله عليه وسلم في وسط الصلاة نهض حين فرغ من تشهده قال الطحاوي من زاد على هذا فقد خالف الإجماع
بحر
وعليه فمراد الشارح أن ما ذهب إليه الشافعي مخالف للإجماع فافهم
قوله ( فقط ) وقيل لا يجب ما لم يقل وعلى آل محمد ذكره القاضي الإمام وقيل ما لم يؤخر مقدار أداء ركن وقيل يجب ولو زاد حرفا واحدا
ورد الكل في البحر
____________________
(1/510)
وذكر أن ما ذكره المصنف هنا هو المختار كما في الخلاصة واختاره في الخانية ا هـ
وصرح الزيلعي في السهو بأنه الأصح وكلام الحلبي في شرح المنية الكبير يقتضي ترجيحه أيضا لكن ذكر في شرحه الصغير أن ما ذكره القاضي الإمام هو الذي عليه الأكثر وهو الأصح
قال الخير الرملي فقد اختلف التصحيح كما ترى وينبغي ترجيح ما ذكره القاضي الإمام ا هـ تأمل
ثم هذا كله على قول أبي حنيفة وإلا ففي التاترخانية عن الحاوي أنه على قولهما لا يجب السهو ما لم يبلغ إلى قوله حميد مجيد
قوله ( على المذهب المفتى به ) لم أر من صرح بهذا اللفظ سوى المصنف والشارح وإنما الذي رأيته ما علمته آنفا
قوله ( بل لتأخير القيام ) فيجب عليه السهو ولو سكت كما في شرح المنية
قوله ( سكت اتفاقا ) لأن الزيادة على التشهد في القعود الأول غير مشروعة كما مر فلا يأتي بشيء من الصلوات والدعاء وإن لم يلزم تأخير القيام عن محله إذ القعود واجب عليه متابعة الإمامه
قوله ( فيترسل ) أي يتمهل وهذا ما صححه في الخانية وشرح المنية في بحث المسبوق من باب السهو وباقي الأقوال مصحح أيضا
قال في البحر وينبغي الإفتاء بما في الخانية كما لا يخفى ولعل وجهه كما في النهر أنه يقضي آخر صلاته في حق التشهد ويأتي فيه بالصلاة والدعاء وهذا ليس آخرا
قال ح وهذا في قعدة الإمام الأخيرة كما هو صريح قوله ليفرغ عند سلام إمامه وأما فيما قبلها من القعدات فحكمه السكوت كما لا يخفى ا هـ
ومثله في الحلية
قوله ( وقيل يكرر كلمة الشهادة ) كذا في شرح المنية
والذي في البحر والحلية والذخيرة يكرر التشهد
تأمل
قوله ( واكتفى المفترض ) قيد به لأنه يأتي قريبا
قوله ( ولو زاد لا بأس ) أي لو ضم إليها سورة لا بأس به لأن القراءة في الأخريين مشروعة من غير تقدير والاقتصار على الفاتحة مسنون لا واجب فكان الضم خلاف الأولى وذلك لا ينافي المشروعية والإباحة بمعنى عدم الإثم في الفعل والترك كما قدمناه في أوائل بحث الواجبات وبه اندفع ما أورده في النهرهنا على البحر من دعوى المنافاة
قوله ( وصحح العيني وجوبها ) هذا مقابل ظاهر الرواية وهو رواية الحسن عن الإمام وصححهما ابن الهمام أيضا من حيث الدليل ومشى عليها في المنية فأوجب سجود السهو بترك قراءتها والإساءة بتركها عمدا لكن الأصح عمده لتعارض الأخبار كما في المجتبى واعتمده في الحلية
قوله ( وسكوت قدرها ) أي قدر ثلاث تسبيحات
قوله ( وفي النهاية قدر تسبيحة ) قال شيخنا وهو أليق بالأصول
حلية أي لأن ركن القيام يحصل بها لما مر أن الركنية تتعلق بالأدنى
قوله ( فلا يكون مسيئا بالسكوت على المذهب إلخ ) اعلم أنهم اتفقوا في ظاهر الرواية على أن قراءة الفاتحة أفضل وعلى أنه لو اقتصر على التسبيح لا يكون مسيئا وأما لو سكت فصرح في المحيط بالإساءة وقال لأن القراءة فيهما شرعت على سبيل الذكر والثناء ولهذا تعينت الفاتحة للقراءة لأن كلها ذكر وثناء وإن سكت عمدا أساء لترك السنة ولو وساهيا لا سهو عليه وصرح غيره بالتخيير بين الثلاثة في ظاهر الرواية وعدم الإساءة بالسكوت
قال في البدائع والصحيح جواب ظاهر الرواية لما روينا عن علي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما أنهما كانا يقولان المصلي بالخيار في الأخريين إن شاء قرأ وإن شاء سكت وإن شاء سبح وهذا باب لا يدرك بالقياس فالمروي عنهما كالمروي عن النبي ا هـ
وفي الخانية وعليه الاعتماد
وفي الذخيرة هو الصحيح من الرواية
ورجح ذلك في الحلية بما لا مزيد عليه فارجع إليه
____________________
(1/511)
والحاصل أن عند صاحب المحيط يكره السكوت لترك سنة القراءة فالقراءة عنده سنة لكن لما شرعت على وجه الذكر حصلت السنة بالتسبيح فيخير بينهما وهو ما مشى عليه المصنف فالقراءة أفضل بالنظر إلى التسبيح وسنة بالنظر إلى السكوت حتى لو سبح ترك الأفضل ولو سكت أساء لترك السنة وما يقوم مقامها
وأما عند غير صاحب المحيط فلا يكره السكوت لثبوت التخيير بين الثلاثة فصارت القراءة أفضل بالنظر إلى التسبيح
وإلى السكوت فقد اتفق الكل على أفضلية القراءة وإنما اختلفوا في سنيتها بناء على كراهة السكوت وعدمها وقد علمت أن الصحيح المعتمد التخيير بين الثلاثة وبه تعلم ما في عبارة الشارح حيث قال أولا إن الفاتحة سنة على الظاهر فإنه مبني على ما في المحيط ثم مشى على خلافه حيث اعتمد التخيير بين الثلاثة فزاد على المصنف السكوت وقال إنه لا يكون مسيئا به فاغتنم هذا التحرير الفريد وما نقلته عن البدائع والذخيرة والخانية رأيته فيها وفي غيره وذكرت نصوصها فيما علقته على البحر فلا تعتمد على ما نقل عنها مخالفا لذلك فافهم
ثم اعلم أن اتفاقهم على أفضلية الفاتحة لا ينافي التخيير إذ لا مانع من التخيير بين الفاضل والأفضل كالحلق مع التقصير
تنبيه ظاهر كلام المتون وغيرها أن الفاتحة مقروءة على وجه القرآن
وفي القهستاني قال علماؤنا إنها تقرأ بنية الثناء لا القراءة ا هـ
ونقل في المجتبى عن شمس الأئمة أنه الصحيح لكن في النهاية قال وعن أبي يوسف يسبح ولا يسكت وإذا قرأ الفاتحة فعلى وجه الثناء لا القراءة وبه أخذ بعض المتأخرين ا هـ
وفي الحلية لكن قدمنا أن الصواب أن الفاتحة لا تخرج عن القرآنية بالنية
قوله ( وهو الصارف إلخ ) حاصله أن حديث الصحيحين عن أبي قتادة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة لكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب يفيد المواظبة على ذلك وهي بلا ترك دليل الوجوب والجواب أن التخيير المروي صارف لها عن الوجوب لأن له حكم المرفوع كما قدمناه وبهذا يرد على العيني وابن الهمام
قوله ( الافتراش ) إنما خصه بالذكر للإشارة إلى نفي القول بالتورك كما هو مذهب الشافعي وإلا فأحكام القعود لا تختص بذلك كما مر فافهم
قوله ( وصلى على النبي ) قال في شرح المنية والمختار في صفتها ما في الكفاية والقنية والمجتبى قال سئل محمد عن الصلاة على النبي فقال يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وهي الموافقة لما في الصحيحين وغيرهما
قوله ( وصح زيادة في العالمين ) أي مرة واحدة بعد قوله كما باركت إلخ
وأما بعد قوله كما صليت فلم تثبت
قال في الحلية وفي إفصاح ابن هبيرة حكاية الصلاة المذكورة عن محمد بزيادة في العالمين بعد قوله كما باركت وهو في رواية مالك ومسلم وأبي داود وغيرهم
وفي نسخة من الإفصاح زيادة في العالمين بعد كما صليت أيضا وهي مذكورة في بعض أحاديث هذا الباب لكن لا يحضرني الآن من رواها من الصحابة ولا من خرجها من الحفاظ ولا ثبوتها في نفس الأمر ا هـ
____________________
(1/512)
وأشار الشارح إلى هذا حيث عبر بالزيادة لا بالتكرار فافهم
قوله ( وتكرار إنك حميد مجيد ) استدراك على ما نقله الزيلعي وغيره عن محمد في كيفية الصلاة المذكورة من الاقتصار على إنك حميد مجيد مرة في آخرها فقط مع أنه في الذخيرة نقلها عن محمد مكررة وتقدم أنها في الصحيح كذلك
مطلب في جواز الترحم على النبي ابتداء قوله ( وعدم كراهة الترحم ) عطف على فاعل صح ومفاده أنه لم يصح ندبه لعدم ثبوته في صلاة التشهد ولذا قال في شرح المنية والإتيان بما في الأحاديث الصحيحة أولى
وقال في الفيض فالأولى تركه احتياطا
وفي شرح المناج الرملي قال النووي في الأذكار وزيادة وارحم محمد وآل محمدا كما رحمت على إبراهيم بدعة
واعترض بورودها في عدة أحاديث صحح الحاكم بعضها وترحم على محمد ورده بعض محققي أهل الحديث بأن ما وقع للحاكم وهم وبأنها وإن كانت ضعيفة لكنها شديدة الضعف فلا يعمل بها ويؤيده قول أبي زرعة وهو من أئمة الفن بعد أن ساق تلك الأحاديث وبين ضعفها ولعل المنع أرجح لضعف الأحاديث في ذلك أي لشدة ضعفها
وبما تقرر علم أن سبب الإنكار كون الدعاء بالرحمة لم يثبت هنا من طريق يعتد به والباب باب اتباع لا ما قاله ابن عبد البر وغيره من أنه لا يدعى له بلفظ الرحمة فإن أراد النافي امتناع ذلك مطلقا فالأحاديث الصحيحة صريحة في رده فقد صح في سائر روايات التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وصح أنه أقر من قال ارحمني وارحم محمدا ولم ينكر عليه سوى قوله ولا ترحم معنا أحدا وحصولها لا يمنع طلبها له كالصلاة والوسيلة والمقام المحمود لما فيه من عود الفائدة له بزيادة ترقيه التي لا نهاية لها والداعي بزيادة ثوابه على ذلك ا هـ
والحاصل أن الترحم بعد التشهد لم يثبت وإن كان قد ثبت في غيره فكان جائزا في نفسه
قوله ( ولو ابتداء ) أي من غير تبعيته لصلاة أو سلام
وذكر في البحر والحلية أن الكراهة في الابتداء متفق عليها وتعقبه في النهر بأن عبارة الزيلعي في آخر الكتاب تقتضي أن الخلاف في الكل فإنه قال اختلفوا في الترحم على النبي بأن يقول اللهم ارحم محمدا
قال بعضهم لا يجوز لأنه ليس فيه ما يدل على التعظيم كالصلاة
وقال بعضهم يجوز لأنه عليه الصلاة والسلام كان من أشوق العباد إلى مزيد رحمة الله تعالى واختاره السرخسي لوروده في الأثر ولا عتب على من اتبع
وقال أبو جعفر وأنا أقول وارحم محمدا للتوارث في بلاد المسلمين
واستدل بعضهم على ذلك بتفسيرهم الصلاة بالرحمة واللفظان إذا استويا في الدلالة صح قيام أحدهما مقام الآخر ولذا أقر عليه الصلاة والسلام الأعرابي على قوله اللهم ارحمني ومحمدا ا هـ فافهم
قوله ( ذكره الرملي الشافعي ) أي في شرحه على منهاج النووي
ونصه والأفضل الإتيان بلفظ السيادة كما قاله ابن ظهيرية وصرح به جمع وبه أفتى الشارح لأن فيه الإتيان بما أمرنا به وزيادة الإخبار بالواقع الذي هو أدب فهو أفضل من تركه وإن تردد في أفضليته الإسنوي
وأما حديث لا تسيدوني في الصلاة فباطل لا أصل له كما قاله بعض متأخري الحفاظ وقول الطوسي إنها مبطلة غلط ا هـ
____________________
(1/513)
واعترض بأن هذا مخالف لمذهبنا لم مر من قول الإمام من أنه لو زاد في تشهده أو نقص فيه كان مكروها
قلت فيه نظر فإن الصلاة زائدة على التشهد ليست منه نعم ينبغي على هذا عدم ذكرها في وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأنه يأتي بها مع إبراهيم عليه السلام
قوله ( لحن أيضا ) أي مع كونه كذبا
قوله ( والصواب بالواو ) لأنه واوي العين من ساد يسود قال الشاعر وما سودتني عامر عن وراثة أبى الله أن أسمو بأم ولا أب مطلب في الكلام على لتشبيه في كما صليت على إبراهيم قوله ( وخص إبراهيم إلخ ) جواب عن سؤال تقدير لم خص التشبيه بإبراهيم دون غيره من الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام فأجاب بثلاثة أجوبة الأول أنه سلم علينا ليلة المعراج حيث قال أبلغ أمتك مني السلام
والثاني أنه سمانا المسلمين كما أخبرنا عنه تعالى بقوله { هو سماكم المسلمين من قبل } الحج 78 أي بقوله { ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك } البقرة 128 والعرب من ذريته وذرية إسماعيل عليهما السلام فقصدنا إظهار فضله مجازاة على هذين الفعلين منه
والثالث أن المطلوب صلاة يتخذ الله تعالى بها نبينا خليلا كما اتخذ إبراهيم عليه السلام خليلا وقد استجاب الله تعالى دعاء عباده فاتخذه الله تعالى خليلا أيضا ففي حديث الصحيحين
ولكن صاحبكم خليل الرحمن
وأجيب بأجوبة أخر منها أن ذلك لأبوته والتشبيه في الفضائل بالآباء مرغوب فيه ولرفعة شأنه في الرسل وكونه أفضل بقية الأنبياء على الراجح ولموافقتنا إياه في معالم الملة المشار إليه بقوله تعالى { ملة أبيكم إبراهيم } ولدوام ذكره الجميل المشار إليه بقوله تعالى { واجعل لي لسان صدق في الآخرين } الشعراء 84 وللأمر بالاقتداء به في قوله تعالى { أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا } النحل 123
قوله ( وعلى الأخير إلخ ) أي الوجه الثالث وهذا أيضا جواب عن السؤال المشهور الذي يورده العلماء قديما وحديثا
وهو أن القاعدة أن المشبه به في الغالب يكون أعلى من المشبه في وجه الشبه مع أن القدر الحاصل من الصلاة والبركة لنبينا ولآله أعلى من الحاصل لإبراهيم عليه السلام وآله بدلالة رواية النسائي من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر سيئات ورفعت له عشر درجات ولم يرد في حق إبراهيم أو غيره مثل ذلك
والجواب أن المراد صلاة خاصة يكون بها نبينا خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا أو التشبيه راجع لقولنا وعلى آل محمد أو أن هذا من غير الغالب فإن المشبه به قد يكون مساويا للمشبه أو أدنى منه لكنه يكون أوضح لكونه حسيا مشاهدا أو لكونه مشهورا في وجه الشبه فالأول نحو { مثل نوره كمشكاة } النور 35 وأين يقع نور المشكاة من نوره تعالى والثاني كما هنا فإن تعظيم إبراهيم وآله بالصلاة عليهم واضح بين أهل الملل فحسن التشبيه لذلك ويؤيده ختم هذا الطلب بقوله في العالمين وتمامه في الحلية
وأجيب بأجوبة أخر من أحسنها أن التشبيه في أصل الصلاة لا في القدر كما في قوله تعالى
____________________
(1/514)
{ إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح } و { كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم } البقرة 183 { وأحسن كما أحسن الله إليك } القصص 77 وفائدة التشبيه تأكيد الطلب أي كما صليت على إبراهيم فصل على محمد الذي هو أفضل منه وقيل الكاف للتعليل
قوله ( عملا ) مفعول لأجله لا تمييز أي قلنا بفرضيتها لأجل العمل بالأمر القطعي الثبوت والدلالة فهي فرض علما وعملا لا عملا فقط كالوتر
وأما ما قاله ابن جرير الطبري من أن الأمر للاستحباب وادعى القاضي عياض الإجماع عليه فهو خلاف الإجماع كما ذكره الفاسي في شرح دلائل الخيرات
قوله ( ثاني الهجرة ) وقيل ليلة الإسراء ط
قوله ( مرة واحدة اتفاقا ) والخلاف فيما زاد إنما هو في الوجوب كما يأتي أفاده ح
قوله ( فلو بلغ في صلاته إلخ ) أي بلغ بالسن وإلا بطلت على أن عبارة النهر هكذا لو صلى فيب أول بلوغه صلاة أجزأته الصلاة في تشهده عن الفرض ووقعت فرضا ولم أر من نبه على هذا وقد مر نظيره في الابتداء بغسل اليدين ا هـ أي حيث ينوب الغسل المسنون عن غسل الجنابة أو الوضوء
أقول ورأيت التصريح بذلك في المنبع شرح المجمع حيث قال وقال أصحابنا هي فرض العمر إما في الصلاة أو في خارجها ا هـ
ومثله في شرح درر البحار والذخيرة
قال ح بقي ما إذا صلى في القعدة الأولى أو في أثناء أفعال الصلاة ولم يصل في القعدة فالذي يظهر أنه يكون مؤديا للفرض وإن أثم كالصلاة في الأرض المغصوبة ا هـ
لكن ذكر الرحمتي عن العلامة النحريري أن المكلف لا يخرج عن الفرض إلا بنيته فلا بد أن يصلي بنية أدائه عنه لأنها فريضة كما قالوا من شروط النية في الفرض تعين النية له حتى لو صلى ركعتين بعد الفجر لا يسقط بها الفرض ما لم ينوه ا هـ
أقول وفيه نظر لما علمت أنها فرض العمر أي يفترض فعلها في العمر مرة كحجة الإسلام وما كان كذلك فالشرط القصد إلى فعله فيصح وإن لم ينو الفرضية لتعينه بنفسه كالحج الفرض يصح وإن لم يعين الفرضية وقد صرحوا أيضا بأن الإسلام يصح بلا نية أي لأنه فريضة العمر فالقياس على صلاة الفجر قياس مع الفارق فتدبر
مطلب لا يجب عليه أن يصلي على نفسه صلى الله عليه وسلم قوله ( لا يجب على النبي أن يصلي على نفسه ) لأنه غير مراد بخطاب صلوا ولا داخل تحت ضميره كما هو المتبادر من تركيب صلوا عليه وقال في النهر لا يجب عليه بناء على أن يا أيها الذين آمنوا لا يتناول الرسول بخلاف يا أيها الناس يا عبادي كما عرف في الأصول ا هـ
والحكمة فيه والله تعالى أعلم أنها دعاء وكل شخص مجبول على الدعاء لنفسه وطلب الخير لها فلم يكن فيه كلفة والإيجاب من خطاب التكليف لا يكون إلا فيما فيه كلفة ومشقة على النفس ومنافرة لطبعها ليتحقق الابتلاء كما قرر في الأصول
أما قوله تعالى { ادعوني أستجب لكم } غافر 60 ونحوه فليس المراد به الإيجاب ولذلك ورد في الحديث القدسي من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته فوق ما أعطي السائلين ح ملخصا
____________________
(1/515)
مطلب في وجوب الصلاة عليه كلما ذكر عليه الصلاة والسلام قوله أي وجوب الصلاة عليه ولم يذكر السلام لأن المراد بقوله تعالى { وسلموا } أي لقضائه كما في النهاية عن مبسوط شيخ الإسلام أي فالمراد بالسلام الانقياد وعزاه القهستاني إلى الأكثرين
قوله ( والذاكر ) أي ذاكر اسمه الشريف ابتداء لا في ضمن الصلاة عليه كما صرح به في شرح المجمع وفيه كلام سيأتي
قوله ( عند الطحاوي ) قيد به لأن المختار في المذهب الاستحباب وتبع الطحاوي وجماعة من الحنفية والحليمي وجماعة من الشافعية وحكي عن اللخمي من المالكية وابن بطة من الحنابلة
وقال ابن العربي من المالكية إنه الأحوط كذا في شرح الفاسي على الدلائل ويأتي أنه المعتمد
قوله ( تكراره أي الوجوب ) قيد الكرماني في شرح مقدمة أبي الليث وجوب التكرار عند الطحاوي بكونه على سبيل الكفاية لا العين وقال فإذا صلى عليه بعضهم يسقط عن الباقين لحصول المقصود وهو تعظيمه وإظهار شرفه عند ذكر اسمه ا هـ
وتمامه في ح
قوله ( في الأصح ) صححه الزاهدي في المجتبى لكن صحح في الكافي وجوب الصلاة في كل مجلس كسجود التلاوة حيث قال في باب التلاوة وهو كمن سمع اسمه عليه الصلاة والسلام مرارا لم تلزمه الصلاة إلا مرة في الصحيح لأن تكرار اسمه لحفظ سنته التي بها قوام الشريعة فلو وجبت الصلاة بكل مرة لأفضى إلى الحرج غير أنه يندب تكرار الصلاة بخلاف السجود والتشميت كالصلاة وقيل يجب التشميت في كل مرة إلى الثلاث ا هـ
وحاصله أن الوجوب يتداخل في المجلس فيكتفي بمرة للحرج كما في السجود
إلا أنه يندب تكرار الصلاة في المجلس الواحد بخلاف السجود
وما ذكره في الكافي نقله صاحب المجمع في شرحه عن شرح فخر الإسلام على الجامع الكبير جازما به لكن بدون لفظ التصحيح وأنت خبير بأن تصحيح الزاهدي لا يعارض تصحيح النسفي صاحب الكافي على أن الزاهدي خالف نفسه حيث قال في كراهية القنية وقيل يكفي في المجلس مرة كسجدة التلاوة وبه يفتى ا هـ
وأورد الشارح في الخزائن أن الذي يظهر أن ما في الكافي مبني على قول الكرخي ا هـ
وهذا غير ظاهر لأنه يلزم منه أن يكون الكرخي قائلا بوجوب التكرار كلما ذكر إلا في المجلس المتحد فيجب مرة واحدة وأنه لا يبقى الخلاف بينه وبين الطحاوي إلا فيما إذا اتحد المجلس والمنقول خلافه
وأورد ابن ملك في شرح لمجمع أن التداخل يوجد في حق الله تعالى والصلاة على النبي حقه ا هـ
وقد يمنع بأن الوجوب حق الله تعالى لأن المصلي ينوي امتثال الأمر
مطلب هل نفع الصلاة عائد للمصلي أم له وللمصلى عليه على أن المختار عند جماعة منهم أبو العباس المبرد وأبو بكر بن العربي أن نفع الصلاة غير عائد له بل للمصلي فقط وكذا قال السنوسي في شرح وسطاه إن المقصود بها التقرب إلى الله تعالى لا كسائر الأدعية التي يقصد بها نفع المدعو له ا هـ
وذهب القشيري والقرطبي إلى أن النفع لهما وعلى كل من القولين فهي عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى والعبادة لا تكون حق عبد ولو سلم أنها حق عبد فيسقط الوجوب للحرج كما مر لأن الحرج ساقط بالنص ولا حرج في إبقاء الندب
وقد جزم بهذا القول أيضا المحقق ابن الهمام في زاد
____________________
(1/516)
الفقير فقال مقتضى الدليل افتراضها في العمر مرة وإيجابها كلما ذكر إلا أن يتحد المجلس فيستحب التكرار بالتكرار فعليك به اتفقت الأقوال أو اختلفت ا هـ
فقد اتضح لك أن المعتمد ما في الكافي
وسمعت قول القنية إنه به يفتى وأنت خبير بأن الفتوى آكد ألفاظ التصحيح
فرع السلام يجزي عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هندية عن الغرئب قوله ( لا لأن الأمر إلخ ) مرتبط بقوله والمختار تكراره إلخ وهو جواب عن سؤال تقريره أن قوله تعالى { صلوا عليه } الأحزاب 56 أمر
والأصل أن الأمر عندنا لا يقتضي التكرار ولا يحتمله
والجواب أن التكرار لم يجب بالآية وإلا كان فرضا وخالف الأصل المذكور وإنما وجب بأحاديث الوعيد الآتية الدالة على سببية الذكر للوجوب والوجوب يتكرر بتكرار سببه
قوله ( لأنها حق عبد ) علمت آنفا ما فيه
قوله ( كالتشميت ) ظاهره أنه يقضي كالصلاة وحرره نقلا وقدمنا عن الكافي أنه الصلاة يجب في المجلس مرة وقيل إلى ثلاث ومثله في الفتح والبحر
وفي شرح تلخيص الجامع الأصح أنه إن زاد على الثلاث لا يشمته وإنما يجب التشميت إذا حمد العاطس وسيأتي تمام الكلام عليه في باب الحظر والإباحة إن شاء الله تعالى
قوله ( بخلاف ذكره تعالى ) أي فإنه لا يقضى إذا فات لأنه حق الرب تعالى كما يفهم من تعليل الشارح في مقابله
وفيه أنه لا يلزم من كونه حقه تعالى أنه لا يقضى بدليل الصوم ونحوه ح
قال الزاهدي وفي النظم إذا تكرر اسم الله تعالى في مجلس واحد أو في مجالس يجب لكل مجلس ثناء على حدة ولو تركه لا يبقى دينا عليه وكذا في الصلاة على النبي لكن لو تركها تبقى دينا عليه لأنه لا يخلو من تجدد نعم الله تعالى الموجبة للثناء فلا يكون وقت للقضاء كقضاء الفاتحة في الأخريين بخلاف الصلاة على النبي ا هـ شرح المنية
وحاصله أنه لما كان ثناء الله تعالى واجبا كل وقت لا يمكن أن يقع ما يفعله ثانيا قضاء عما تركه أو لا لأن الشيء في محله لا يمكن أن يضايقه غيره عليه
واعترضه في البحر بأن جميع الأوقات وإن كان وقتا للأداء لكن ليس مطالبا بالأداء لأنه رخص له في الترك ا هـ أي وإذا لم يكن مطالبا بالأداء يجعل ما يأتي به قضاء لأجل تفريغ ذمته لكن قد يقال إذا كان الترك رخصة يكون عدمه عزيمة وإذا أتى بالعزيمة يكون آتيا بالواجب عليه ويكون أداء لأنه الواجب عليه كالمسافر يرخص به الإفطار فإذا صام يكون آتيا بالعزيمة وإن لم ينو الفرض
ومثله قراءة الفاتحة في الأخريين من الفرض الرباعي يرخص له في تركها وإذا قرأها لا تقع قضاء عما فاته في الأوليين
قوله ( وعليه الفتوى ) عزاه في الشرنبلالية إلى شرح المجمع
وفي الخزائن ورجحه السرخسي بأنه المختار للفتوى وجعله ابن الساعاتي قول عامة العلماء ا هـ
قوله ( والمعتمد من المذهب قول الطحاوي ) قال في الخزائن وصححه في التحفة وغيرها وجعله في الحاوي قول الأكثر
وفي شرح المنية أنه الأصح المختار
وقال العيني في شرح المجمع وهو مذهبي
وقال الباقاني وهو المعتمد من المذهب ورجحه في البحر قوله ( ورجحه في البحر ) أي تبعا لابن أمير حاج عن التحفة والمحيط الرضوي ح
قوله ( كرغم وإبعاد وشقاء ) أخرج كثيرون بسند رجاله ثقات ومن ثم قال الحاكم في المستدرك صحيح
____________________
(1/517)
الإسناد عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال قال رسول الله حضروا المنبر فحضرنا فلما رتقى درجة قال آمين ثم رتقى الثانية وقال آمين ثم رتقى الثالثة وقال آمين فلما نزل قلنا يا رسول الله قد سمعنا منك شيئا ماكنا نسمعه فقال إن جبريل عرض علي فقال بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له فقلت آمين فلما رقيت أي بكسر القاف الثانية قال بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت آمين فلما رقيت الثالثة قال بعد من أدرك أبويه الكبر عنده فلم يدخلاه الجنة قلت آمين وفي رواية فلم يصل عليك فأبعده لله وفي أخرى صححها الحاكم رغم أنف رجل وفي أخرى سندها حسن شقي عبد ذكرت عنده فلم يصل عليك من الدر المنضود لابن حجر
قوله ( وبخل وجفاء ) أي في قوله عليه الصلاة والسلام البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي رواه الترمذي وقال حسن صحيح
شرح المنية
وقوله عليه الصلاة والسلام من الجفاء أن أذكر عند الرجل فلا يصلي علي رواه السيوطي في الجامع الصغير
قوله ( وحراما إلخ ) الظاهر أن المراد به كراهة التحريم لما في كراهية الفتاوى الهندية إذا فتح التاجر الثوب فسبح الله تعالى أو صلى على النبي يريد به إعلام المشتري جودة ثوبه فذلك مكروه وكذا الحارس لأنه يأخذ لذلك ثمنا وكذا الفقاعي إذا قال ذلك عند فتح فقاعه على قصد ترويجه وتحسينه يأثم وعن هذا يمنع إذا قدم واحد من العظماء إلى مجلس فسبح أو صلى على النبي إعلاما بقدومه حتى يفرج له الناس أو يقوموا له يأثم ا هـ
قوله ( وسنة في الصلاة ) أي في قعود أخير مطلقا وكذا في قعود أول في النوافل غير الرواتب
تأمل
وفي صلاة الجنازة
مطلب نص العلماء على استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع قوله ( ومستحبة في كل أوقات الإمكان ) أي حيث لا مانع
ونص العلماء على استحبابها في مواضع يوم الجمعة وليلتها وزيد يوم السبت والأحد والخميس ولما ورد في كل من الثلاثة وعند الصباح والمساء وعند دخول المسجد والخروج منه وعند زيارة قبره الشريف وعند الصفا والمروة وفي خطبة الجمعة وغيرها وعقب إجابة المؤذن وعند الإقامة وأول الدعاء وأوسطه وآخره وعقب دعاء القنوت وعند الفراغ من التلبية وعند الاجتماع والافتراق وعند الوضوء وعند طنين الأذن وعند نسيان الشيء وعند الوعظ ونشر العلوم وعند قراءة الحديث ابتداء وانتهاء وعند كتابة السؤال والفتيا ولكل مصنف ودارس ومدرس وخطيب وخاطب ومتزوج ومزوج
وفي الرسائل وبين يدي سائر الأمور المهمة وعند ذكر أو سماع اسمه أو كتابته عند من لا يقول بوجوبها كذا في شرح الفاسي على دلائل الخيرات ملخصا وغالبها منصوص عليه في كتبنا
قوله ( ومكروهة في صلاة غير تشهد أخير ) أي وغير قنوت وتر فإنها مشروعة في آخره كما في البحر فالأولى استثناؤه أيضا ح وكذا في غير صلاة الجنازة فتسن فيها
مطلب في المواضع التي تكره فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تنبيه تكره الصلاة عليه في سبعة مواضع الجماع وحاجة الإنسان وشهرة المبيع والعثرة والتعجب والذبح والعطاس على خلاف في الثلاثة الأخيرة شرح الدلائل
ونص على الثلاثة عندنا
____________________
(1/518)
في الشرعة فقال ولا يذكره عند العطاس ولا عند ذبح الذبيحة ولا عند التعجب
قوله ( فلذا استثنى في النهر إلخ ) أقول يستثنى أيضا ما لو ذكره أو سمعه في القراءة أو وقت الخطبة لوجوب الإنصات والاستماع فيهما وفي كراهية الفتاوى الهندية ولو سمع اسم النبي وهو يقرأ لا يجب أن يصلي وإن فعل ذلك بعد فراغه من القرآن فهو حسن كذا في الينابيع ولو قرأ القرآن فمر على اسم نبي فقراءة القرآن على تأليفه ونظمه أفضل من الصلاة على النبي في ذلك الوقت فإن فرغ ففعل فهو أفضل وإلا فلا شيء عليه كذافي الملتقط ا هـ
قوله ( ما في تشهد أول ) أي في غير النوافل فإنه وإن ذكر فيه اسمه فالصلاة فيه تكره تحريما فضلا عن الوجوب
قوله ( لئلا يتسلسل ) علة للثاني أي لأن الصلاة عليه لا تخلو من ذكره فلو قلنا بوجوبها استدعت صلاة أخرى وهلم جرا وفيه حرج
وأما علة الأول فهي ما ذكره في قوله ولهذا استثنى أي ولكراهتها في تشهد غير أخير استثنى الخ وبه علم أن قوله وضمن بالجر عطفا على تشهد مع قطع النظر عن علته بدليل العلة الثانية فإنها للثاني فقط وإلا لقال ولئلا يتسلسل بالعطف على العلة الأولى وبدليل أن العلة الأولى لا تصلح للحكم الثاني
قوله ( بل خصه في درر البحار إلخ ) أي خص قول الطحاوي بالوجوب بما عدا الذاكر دفعا لما أورده بعضهم على الطحاوي من استلزام التسلسل لأن الصلاة عليه لا تخلو عن ذكره
وحاصل الجواب تخصيص الوجوب على السامع فقط لأن أحاديث الوعيد المارة تفيد ذلك فإن لفظ البخيل من ذكرت عنده لا يشمل الذاكر لأن من الموصولة بمعنى الشخص الذي وقع الذكر في حضرته فيستدعي أن يكون الذاكر غيره وإلا لقيل من ذكرني وأجاب ح بأن الذاكر داخل بدلالة المساواة وقد يدفع بأن المقصود من الصلاة عليه تعظيمه والذاكر له لا يذكره إلا في مقام التعظيم فلا تلزمه الصلاة بل تلزم السامع لئلا يخل بالتعظيم من كل وجه
تأمل
لكن هذا يشمل الذاكر ابتداء أو في ضمن الصلاة عليه وبه صرح في غرر الأفكار شرح درر البحار فهو قول آخر مخالف لما مشى عليه الشارح أولا من الوجوب على الذاكر والسامع وبه صرح ابن الساعاتي في شرحه على مجمعه ولما مشى عليه ابن ملك في شرح المجمع وتبعه المصنف في شرحه على زاد الفقير من تخصيصه الوجوب على الذاكر بالذاكر ابتداء لا في ضمن الصلاة عليه
ويظهر لي أن هذا أقرب ولا حاجة في دفع التسلسل إلى تعميم الذاكر ثم هذا كله مبني على تكرار الوجوب في المجلس الواحد وقدمنا ترجيح التداخل والاكتفاء بمرة
وعليه فإيراد التسلسل من أصله مدفوع
قوله ( وإزعاج الأعضاء ) قال في الهندية رفع الصوت عند سماع القرآن والوعظ مكروه وما يفعله الذين يدعون الوجد والمحبة لا أصل له ويمنع الصوفية من رفع الصوت وتخريق الثياب كذا في السراجية ا هـ
قوله ( وحرر أنها قد ترد ) أي لا تقبل
والقبول ترتب الغرض المطلوب من الشيء على الشيء كترتيب الثواب على الطاعة ولا يلزم من استيفاء الطاعة شروطها وأركانها القبول كما صرح به في الولوالجية قال لأن القبول له شرط صعب قال الله تعالى { إنما يتقبل الله من المتقين } المائدة 27 أي فيتوقف على صدق العزيمة وبعد ذلك يتفضل المولى تعالى بالثواب على من يشاء بمحض فضله لا بإيجاب عليه تعالى لأن العبد إنما يعمل لنفسه والله غني عن العالمين نعم حيث وعد سبحانه وتعالى بالثواب على الطاعة ونحو الألم حتى الشوكة يشاكها بمحض فضله تعالى لا بد من
____________________
(1/519)
وجوده لوعده الصادق
قال تعالى { أني لا أضيع عمل عامل منكم } آل عمران 195 وعلى هذا فعدم القبول لبعض الأعمال إنما هو لعدم استيفاء شروط القبول كعدم الخشوع في نحو الصلاة أو عدم حفظ الجوارح في الصوم أو عدم طيب المال في الزكاة والحج أو عدم الإسخلاص مطلقا ونحو ذلك من العوارض
وعلى هذا فمعنى أن الصلاة على النبي قد ترد عدم إثابة العبد عليها لعارض كاستعمالها على محرم كما مر أو لإتيانه بها من قلب غافل أو لرياء وسمعة كما أن كلمة التوحيد التي هي أفضل منها لو أتى بها نفاقا أو رياء لا تقبل
وأما إذا خلت من هذه العوارض ونحوها فالظاهر القبول حتما إنجازا للوعد الصادق كغيرها من الطاعات وكل ذلك بفضل الله تعالى لكن وقع في كلام كثيرين ما يقتضي القبول مطلقا ففي شرح المجمع لمصنفه أن تقديم الصلاة عليه على الدعاء أقرب إلى الإجابة لما بعدها من الدعاء فإن الكريم لا يستجيب بعض الدعاء ويرد بعضه ا هـ
ومثله في شرحه لابن ملك وغيره
وقال الفاسي في شرح الدلائل قال الشيخ أبو إسحاق الشاطبي في شرح الألفية الصلاة على رسول الله مجابة على القطع فإذا اقترن بها السؤال شفعت بفضل الله تعالى فيه فقبل وهذا المعنى مذكور عن بعض السلف الصالح
واستشكل كلامه هذا الشيخ السنوسي وغيره ولم يجدوا له مستندا وقالوا وإن لم يكن له قطع فلا مرية في غلبة الظن وقوة الرجاء ا هـ
وذكر في الفصل الأول من دلائل الخيرات قال أبو سليمان الداراني من أراد أن يسأل الله حاجته فليكثر بالصلاة على النبي ثم يسأل الله حاجته وليختم بالصلاة على النبي فإن الله يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما ا هـ
مطلب في أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هل ترد أم لا قال الفاسي في شرحه ومن تمام كلام أبي سليمان عند بعضهم وكل الأعمال فيها المقبول والمردود إلا الصلاة على النبي فإنها مقبولة غير مردودة
وروى الباجي عن ابن عباس إذا دعوت الله عز وجل فاجعل في دعائك الصلاة على النبي فإن الصلاة عليه مقبولة والله سبحانه أكرم من أن يقبل بعضا ويرد بعضا ثم ذكر نحوه عن الشيخ أبي طالب المكي وحجة الإسلام الغزالي
وقال العراقي لم أجده مرفوعا وإنما هو موقوف على أبي الدرداء
ومن أراد الزيادة على ذلك فليرجع إلى شرح الدلائل
والذي يظهر من ذلك أن المراد بقبولها قطعا أنها لا ترد أصلا مع أن كلمة الشهادة قد ترد فلذا استشلكه السنوسي وغيره
والذي ينبغي حمل كلام السلف عليه أنه لما كانت الصلاة دعاء والدعاء منه المقبول ومنه المردود وأن الله تعالى قد يجيب السائل بعين ما دعاه وقد يجيبه بغيره لمقتضى حكمته خرجت الصلاة من عموم الدعاء لأن الله تعالى قال { إن الله وملائكته يصلون على النبي } الأحزاب 56 بلفظ المضارع المفيد للاستمرار التجددي مع الافتتاح بالجملة الإسمية المفيدة للتوكيد وابتدائها بإن لزيادة التوكيد وهذا دليل على أنه سبحانه لا يزال مصليا على رسوله ثم امتن سبحانه على عباده المؤمنين حيث أمرهم بالصلاة أيضا ليحصل لهم بذلك زيادة فضل وشرف وإلا فالنبي مستغن بصلاة ربه سبحانه وتعالى عليه فيكون دعاء المؤمن بطلب الصلاة من ربه
____________________
(1/520)
تعالى مقبولا قطعا أي مجابا لإخباره سبحانه وتعالى بأنه يصلي عليه
بخلاف سائر أنواع الدعاء وغيره من العبادات وليس في هذا ما يقتضي أن المؤمن من يثاب عليها أو لا يثاب بل معناه أن هذا الطلب والدعاء مقبول غير مردود
وأما الثواب فهو مشروط بعدم العوارض كما قدمناه فعلم أنه لا إشكال في كلام السلف وأن له سندا قويا وهو إخباره تعالى الذي لا ريب فيه فاغتنم هذا التحرير العظيم الذي هو من فيض الفتاح العليم ثم رأيت الرحمتي ذكر نحوه
قوله ( فقيد المأمول ) أي قيد الثواب الذي يؤمله العبد ويرجوه وهو هنا محو الذنوب بالقبول أي المتوقف على صدق العزيمة وعدم الموانع وقد علمت أن هذا لا ينافي كون هذا الدعاء مجابا قطعا
مطلب في الدعاء بغير العربية قوله ( وحرم بغيرها ) أقول نقله في النهر عن الإمام القرافي المالكي معللا باحتماله على ما نافي التعظيم
ثم رأيت العلامة اللقاني المالكي نقل في شرحه الكبير على منظومته المسماة جوهرة التوحيد كلام القرافي وقيد الأعجمية بالمجهولة المدلول أخذا من تعليله بجواز اشتمالها على ما ينافي جلال الربوبية ثم قال واحترزنا بذلك عما إذا علم مدلولها فيجوز استعماله مطلقا في الصلاة وغيرها لأن الله تعالى قال { وعلم آدم الأسماء كلها } البقرة 31 { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه } إبراهيم 4 ا هـ
لكن المنقول عندنا الكراهة فقد قال في غرر الأفكار شرح درر البحار في هذا المحل وكره الدعاء بالعجمية لأن عمر نهى عن رطانة الأعاجم ا هـ
والرطانة كما في القاموس الكلام بالأعجمية ورأيت في الولوالجية في بحث التكبير بالفارسية أن التكبير عبادة لله تعالى والله تعالى لا يحب غير العربية ولهذا كان الدعاء بالعربية أقرب إلى الإجابة فلا يقع غيرها من الألسن في الرضا والمحبة لها موقع كلام العرب ا هـ
وظاهر التعليل أن الدعاء بغير العربية خلاف الأولى وأن الكراهة فيه تنزيهية
هذا وقد تقدم أول الفصل أن الإمام رجع إلى قولهما بعدم جواز الصلاة بالقراءة بالفارسية إلا عند العجز عن العربية
وأما صحة الشروع بالفارسية وكذا جميع أذكار الصلاة فهي على الخلاف فعنده تصح الصلاة بها مطلقا خلافا لهما كما حققه الشارح هناك
والظاهر أن الصحة عنده لا تنفي الكراهة وقد صرحوا بها في الشروع
وأما صحة الشروع بالفارسية وكذا جميع أذكار الصلاة فهي على الخلاف فعنده تصح الصلاة بها مطلقا خلافا لهما كما حققه الشارح هناك
والظاهر أن الصحة عنده لا تنفي الكراهة وقد صرحوا بها في الشروع
وأما بقية أذكار الصلاة فلم أر من صرح فيها بالكراهة سوى ما تقدم ولا يبعد أن يكون الدعاء بالفارسية مكروها تحريما في الصلاة وتنزيها خارجها فليتأمل وليراجع
قوله ( لنفسه وأبويه وأستاذه والمؤمنين ) احترز به عما إذا كانوا كفارا فإنه لا يجوز الدعاء لهم بالمغفرة كما يأتي بخلاف ما لو دعا لهم بالهداية والتوفيق لو كانوا أحياء وكان ينبغي أن يزيد ولجميع المؤمنين والمؤمنات كما فعل في المنية لأن السنة التعميم لقوله تعالى { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } محمد 19 وللحديث من صلى صلاة لم يدع فيها للمؤمنين والمؤمنات فهي خداج كما في البحر ولخبر المستغفري ما من دعاء أحب إلى الله من قول العبد اللهم اغفر لأمة محمد مغفرة عامة وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول اللهم غفر لي فقال ويحك لو عممت لاستجيب لك وفي أخرى أنه ضرب منكب من قال آغفر لي ورحمني ثم قال له عمم في دعائك فإن بين الدعاء الخاص والعام كما بين السماء والأرض وفي البحر عن الحاوي القدسي من سنن القعدة الأخيرة الدعاء بما شاء من صلاح الدين والدنيا لنفسه ولوالديه
____________________
(1/521)
وأستاذه وجميع المؤمنين ا هـ
قال وهو يفيد أنه لو قال اللهم اغفر لي ولوالدي وأستاذي لا تفسد مع أن الأستاذ ليس في القرآن فيقتضي عدم الفساد في اللهم اغفر لزيد
قوله ( ويحرم سؤال العافية مدى الدهر إلى قوله والحق ) هو أيضا من كلام القرافي المالكي نقله عنه في النهر ونقله أيضا العلامة اللقاني في شرح جوهرة التوحيد فقال الثاني من المحرم أن يسأل المستحيلات العادية وليس نبيا ولا وليا في الحال كسؤال الاستغناء عن التنفس في الهواء ليأمن الاختناق أو العافية من المرض أبد الدهر لينتفع بقواه وحواسه أبدا إذ دلت العادة على استحالة ذلك أو ولدا من غير جماع أو ثمار من غير أشجار وكذا قوله اللهم أعطني خير الدنيا والآخرة لأنه محال فلا بد من أن يراد الخصوص بغير منازل الأنبياء ومراتب الملائكة ولا بد أن يدركه بعض الشرور ولو سكرات الموت ووحشة القبر فكله حرام
الثالث أن يطلب نفي أمر دل السمع على نفيه كقوله { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } البقرة 286 الخ
مع أنه عليه الصلاة والسلام قال رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما ستكرهوا عليه فهي مرفوعة فيكون تحصيل الحاصل وهو سوء أدب مثل أوجب علينا الصلاة والزكاة إلا أن يريد بالخطإ العمد وبما لا يطاق الرزايا والمحن فيجوز ا هـ ملخصا
قال اللقاني ورد هذا بعضهم بما قدمناه عن العز بن عبد السلام من أنه يجوز الدعاء بما علمت السلامة منه ا هـ ولذا قال الشارح قيل والشرعية أي لأن أحسن الدعاء ما ورد في القرآن والسنة ومنه { ربنا لا تؤاخذنا } الآية فكيف ينهى عنه ولو كان الدعاء بتحصيل الحاصل منهيا لما ساغ الدعاء الصلاة على النبي ولا الدعاء له بالوسيلة ولا بقول المؤمن { اهدنا الصراط المستقيم } الفاتحة 6 ولا بلعن الشياطين والكافرين ونحو ذلك مما فيه إظهار العجز والعبودية أو الرغبة بحب النبي أو حب الدين أو النفرة عن فعل الكافرين ونحوهم بخلاف قول الرجل اللهم اجعلني رجلا ونحوه مما لا فائدة فيه أو ما فيه تحكم على الله تعالى كطلب ما ليس أهلا لنيله أو ما كان مستحيلا فإنه من الاعتداء في الدعاء وقد قال الله تعالى { ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين } الأعراف 55 وروي عن عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنه أنه سمع ابنه يقول اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال يا بني سل الله الجنة وتعوذ به من النار فإني سمعت رسول الله يقول سيكون في هذه لأمة قوم يعتدون في لطهور ولدعاء
مطلب في لدعاء المحرم قوله ( والحق الخ ) رد على الإمام القرافي ومن تبعه حيث قال إن الدعاء بالمغفرة للكافر كفر لطلبه تكذيب الله تعالى فيما أخبر به وإن الدعاء لجميع المؤمنين بمغفرة جميع ذنوبهم حرام لأن فيه تكذيبا للأحاديث الصحيحة المصرحة بأنه لا بد من تعذيب طائفة من المؤمنين بالنار بذنوبهم وخروجهم منها بشفاعة أو بغيرها وليس بكفر للفرق بين تكذيب خبر الآحاد القطعي ووافقه على الأول صاحب الحلية المحقق ابن أمير حاج وخالفه في الثاني وحقق ذلك بأنه مبني على مسألة شهيرة وهي أنه هل يجوز الخلف في الوعيد فظاهر ما في المواقف والمقاصد أن الأشاعرة قائلون بجوازه لأنه لا يعد نقصا بل جودا وكرما
وصرح التفتازاتي وغيره بأن المحققين على عدم جوازه وصرح النسفي بأنه الصحيح لاستحالته عليه تعالى لقوله { وقد قدمت إليكم بالوعيد ما يبدل القول لدي }
____________________
(1/522)
ق 28 29 وقوله تعالى { ولن يخلف الله وعده } أي وعيده وإنما يمدح به العباد خاصة فهذا الدعاء يجوز على الأول لا الثاني
مطلب في خلف الوعيد وحكم الدعاء بالمغفرة للكافر ولجميع المؤمنين والأشبه ترجح جواز الخلف في الوعيد في حق المسلمين خاصة دون الكفار توفيقا بين أدلة المانعين المتقدمة وأدلة المثبتين التي من نصها قوله تعالى { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك } النساء 116 وقوله عن إبراهيم { ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب } إبراهيم 41 وأمر به نبينا بقوله تعالى { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } فعله عليه الصلاة والسلام كما في صحيح ابن حبان أنه صلى الله عليه وسلم قال للهم غفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر ما أسرت وما أعلنت ثم قال إنها لدعائي لأمتي في كل صلاة وحاصل ذا القول جواز التخصيص لما دل عليه اللفظ بوضعه اللغوي من العموم في نصوص الوعيد ولا ينافي النصوص الصحيحة المصرحة بأن من المؤمنين من يدخل النار ويعاقب فيها على ذنوبه لأن الغرض جواز مغفرة جميع الذنوب لجميع المؤمنين لا الجزم بوقوعها للجميع وجواز الدعاء بها مبني على جواز وقوعها لا على الجزم بوقوعها هذا خلاصة ما أطال به في الحلية
وحاصله أن ما دل من النصوص على عدم جواز خلف الوعيد مخصوص بغير المؤمنين أما في حق المؤمنين فهو جائز عقلا فيجوز لدعاء بشمول المغفرة لهم وإن كان غير واقع للنصوص الصحيحة المصرحة بأنه لا بد من تعذيب طائفة منهم وجواز الدعاء يبتني على الجواز عقلا لكن يرد عليه أن ما ثبت بالنصوص الصريحة لا يجوز عدمه شرعا
وقد نقل اللقاني عن الأبي والنووي انعقاد الإجماع على أنه لا بد من نفوذ الوعيد في طائفة من العصاة وإذا كان كذلك يكون الدعاء به مثل قولنا اللهم لا توجب علينا الصوم والصلاة وأيضا يلزم منه جواز الدعاء بالمغفرة لمن مات كافرا أيضا إلا أن يقال إنما جاز الدعاء للمؤمنين بذلك إظهارا لفرط الشفقة على إخوانه بخلاف الكافرين وبخلاف لا توجب علينا الصوم لقبح الدعاء لأعداء الله تعالى ورسوله وإظهار التضجر من الطاعة فيكون عاصيا بذلك لا كافرا على ما اختاره في البحر وقال إنه الحق وتبعه الشارح لكنه مبني على جواز العفو عن الشرك عقلا وعليه يبتني القول بجواز الخلف في الوعيد وقد علمت أن الصحيح خلافه فالدعاء به كفر لعدم جوازه عقلا ولا شرعا ولتكذيبه النصوص القطعية بخلاف الدعاء للمؤمنين كما علمت فالحق ما في الحلية على الوجه الذي نقلناه عنها لا على ما نقله ح فافهم
قوله ( ودعا بالأدعية المذكورة في القرآن والسنة ) عدل عن قول الكنز بما يشبه القرآن لأن القرآن معجز لا يشبهه شيء
وأجاب في البحر بأنه أطلق المشابهة لإرادته نفس الدعاء لا قراءة القرآن ا هـ
ومفاده أنه لا ينوي القراءة
وفي المعراج أول الباب وتكره قراءة القرآن في الركوع والسجود والتشهد بإجماع الأئمة الأربعة لقوله عليه الصلاة والسلام نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا رواه مسلم ا هـ
تأمل
هذا وقد ذكر في الإمداد في بحث السنن جملة من الأدعية المأثورة فيكفي سهولة مراجعتها عن ذكرها هنا
تتمة ينبغي أن يدعو في صلاته بدعاء محفوظ وأما في غيرها فينبغي أن يدعو بما يحضره ولا يستظهر الدعاء لأن حفظه يذهب برقة القلب
هندية عن المحيط
واستظهاره حفظه عن ظهر قلبه
قوله ( لا يفسد ) أي مطلقا
____________________
(1/523)
سواء استحال طلبه من العباد كاغفر لي أو لا كارزقني من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها
وفيه رد على الفضلي في اختياره الفساد بما ليس في القرآن مطلقا وعلى ما في الخلاصة من تقييده عدم الفساد بالمستحيل من العباد بما إذا كان مأثورا وهو مبني على قول الفضلي
قال في النهر والمذهب الإطلاق
قوله ( إن استحال طلبه من الخلق ) كاغفر لعمي أو لعمرو فلا يفسد وإن لم يكن في القرآن خلافا للفضلي
قوله ( وإلا يفسد ) مثل اللهم ارزقني بقلا وقثاء وعدسا وبصلا فتفسد الصلاة لوجود القاطع المانع من إعادتها وهو الدعاء المذكور بخلاف التلاوية والسهوية لأنه لا تتوقف صحة الصلاة على سجودهما فتتم الصلاة به وإن لم يسجدهما لأنهما واجبتان والصلبية ركن بل لو سجدهما فهو لغو لأنه بعد قطع الصلاة كما لو سلم وهو ذاكر لسجدة تلاوية أو سهوية تمت صلاته لخروجه منها بعد تمام الأركان
وأما قولهم إن التلاوية كالصلبية في أنها ترفع القعدة والتشهد فذاك فيما ءذا فعلهما قبل خروجه من الصلاة بسلام أو كلام بخلاف ما نحن فيه فذكر التلاوية هنا خطى صريح كما نبه عليه الرحمتي فافهم
قوله ( فلا تفسد الخ ) تفريع على المختار السابق
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان في القرآن كاغفر لي أو لا كاغفر لعمي أو لعمرو لأن المغفرة يستحيل طلبها من العباد { ومن يغفر الذنوب إلا الله } وما في الظهيرية من الفساد به اتفاقا مؤول باتفاق من اختار قول الفضلي أو ممنوع بدليل ما في المجتبى وفي أقربائي وأعمامي اختلاف المشايخ وتمامه في البحر والنهر
قوله ( وكذا الرزق ) أي لا يفسد إذا قيده بما يستحيل من العباد كارزقني الحج أو رؤيتك بخلاف فلانة وجعل هذا التفصيل في الخلاصة هو الأصح
وفي النهر وهذا التخريج ينبغي اعتماده ا هـ
قلت وكذا لو أطلقه لأنه في القرآن { وارزقنا وأنت خير الرازقين } المائدة 114 وجعل في الهداية ارزقني مفسدا لقولهم رزق الأمير الجند
قال في الفتح ورجح عدم الفساد لأن الرازق في الحقيقة هو الله تعالى ونسبته إلى الأمير مجاز
قال في شرح المنية لأن الرزق عند أهل السنة ما يكون غذاء للحيوان وليس في وسع المخلوق إلا إيصال سببه كالمال ولذا لو قيده به فقال ارزقني مالا تفسد بلا خلاف وعليه فأكرمني أو أنعم علي ينبغي أن يفسد إذ يقال أكرم فلان فلانا وأنعم عليه إلا أنه في المحيط ذكر عن الأصل أنه لا يفسد لأن معناه في القرآن { إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه } الفجر 15 وكذا لو قال فامددني بمال لا يفسد وأما قوله أصلح أمري فبالنظر إلى إطلاق الأمر يستحيل طلبه من العباد ا هـ ملخصا
تنبيه في البحر عن فتاوى الحجة لو قال اللهم العن الظالمين لا يقطع صلاته ولو قال اللهم العن فلانا يعني ظالمه يقطع الصلاة ا هـ أي لأنه دعاء بمحرم وإن استحال من العباد فصار كلاما أو لأنه غير مستحيل بدليل { عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين } البقرة 161 وأما اللعنة على الظالمين فهي في القرآن فافهم
قوله ( حتى يرى بياض خده ) أي حتى يراه من يصلي خلفه أفاده ح
وفي البدائع يسن أن يبالغ في تحويل الوجه في التسليمتين ويسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر
قوله ( ولو عكس ) بأن سلم عن يساره أولا عامدا أو ناسيا
بحر
قوله ( فقط ) أي فلا يعيد التسليم عن يساره
قوله ( ما لم يستدبر القبلة )
____________________
(1/524)
أي أو يتكلم
بحر
قوله ( في الأصح ) مقابله ما في البحرمن أنه يأتي به ما لم يخرج من المسجد أي وإن استدبر القبلة
وعدل عنه الشارح لما في القنية من أن الصحيح الأل وعبر الشارح بالأصح بدل الصحيح والخطب فيه سهل
قوله ( وقد مر ) أي في الواجبات حيث قال وتنقضي قدوة بالأول قبل عليكم على المشهور عندنا خلافا للتكملة ا هـ أي فلا يصح الاقتداء به بعدها لانقضاء حكم الصلاة وهذا في غير الساهي أما هو إذا سجد له بعد السلام يعود إلى حرمتها ط
قوله ( مثنى ) أي اثنين وإن لم يتكرر فإنه يطلق على هذا كثيرا ومنه قوله تعالى { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى } النساء 3 أو يراد التكرار باعتبار تعدد الصلوات ثم الذي شرع فيها مثنى مع الموالاة السلام والسجود ط
وأما القيام والركوع فإنه وإن تكرر في الصلاة إلا أنه مع الفاصل وليس بمراد هنا
قوله ( وتتقيد الركعة بسجدة ) حتى لو سها في الفرض فقام قبل القعود الأخير يبطل فرضه إذا قيد الركعة بسجدة
قوله ( إن أتم ) أي المؤتم لأن متابعة الإمام في السلام وإن كانت واجبة فليست بأولى من تمام الواجب الذي هو فيه ح
وهل إتمام التشهد واجب أو أولى قدمنا الكلام فيه فيما مر عند قول المصنف ولو رفع الإمام رأسه قبل أن يتم المأموم التسبيحات
قوله ( ولا يخرج المؤتم ) أي عن حرمة الصلاة فعليه أن يسلم حتى لو قهقه قبله انتقض وضوءه وهذا عندهما خلافا لمحمد
قوله ( بنحو سلام الإمام الخ ) أي مما هو متمم لها لا مفسد فإنه لو سلم بعد القعدة أو تكلم انتهت صلاته ولم تفسد بخلاف القهقهة أو الحدث العمد لانتفاء حرمة الصلاة به لأنه مفسد للجزء الملاقي له من صلاة الإمام فيفسد مقابله من صلاة المؤتم لكنه إن كان مدركا فقد حصل المفسد بعد تمام الأركان فلا يضره كالإمام بخلاف اللاحق أو المسبوق
قوله ( عمدا ) أما لو كان بلا صنعة فله أن يبني فيتوضأ ثم يسلم ويتبعه المؤتم
قوله ( فلا يسلم ) أي الإمام أو المؤتم به لخروجه منها اتفاقا حتى لو قهقه المؤتم لا تنتقض طهارته
قوله ( ولو أتمه الخ ) أي لو أتم المؤتم التشهد بأن أسرع فيه وفرغ منه قبل إتمام إمامه فأتى بما يخرجه من الصلاة كسلام أوكلام أو قيام جاز أي صحت صلاته لحصوله بعد تمام الأركان لأن الإمام وإن لم يكن أتم التشهد لكنه قعد قدره لأن المفروض من القعدة قدر أسرع ما يكون من قراءة التشهد وقد حصل وإنما كره للمؤتم ذلك لتركه متابعة الإمام بلا عذر فلو به كخوف حدث أو خروج وقت جمعة أو مرور مار بين يديه فلا كراهة كما سيأتي قبيل باب الاستخلاف قوله ( فلو عرض مناف ) أي بغير صنعه كالمسائل الاثني عشرية وإلا بأن قهقه أو أحدث عمدا فلا تفسد صلاة الإمام أيضا كما مر
قوله ( تفسد صلاة الإمام فقط ) أي لا صلاة المأموم لأنه لما تكلم خرج عن صلاة الإمام قبل عروض المنافي لها
قوله ( مع الإمام ) متعلق بالتحريمة فإن المراد بها هنا المصدر أي كما يحرم مع الإمام وإنما جعل التحريمة مشبها بها لأن المعية فيها رواية واحدة عن الإمام بخلاف السلام فإن فيه روايتين عنه أصحهما المعية ح
قوله ( وقالا الأفضل فيهما بعده ) أفاده أن خلاف الصاحبين في الأفضلية وهو الصحيح
نهر
وقيل في الجواز حتى لا يصح الشروع بالمقارنة في إحدى الروايتين عن أبي يوسف ويكون مسيئا عند محمد كما في البدائع
وفي القهستاني وقال السرخسي إن قوله أدق وأجود
____________________
(1/525)
وقولهما أرفق وأحوط
وفي عون المرزوي المختار للفتوى في صحة الشروع قوله وفي الأفضلية قولهما ا هـ
وفي التاترخانية عن المنتقى المقارنة على قوله كمقارنة حلقة الخاتم والأصبع
والبعدية على قولهما أن يوصل المقتدي همزة الله براء أكبر
مطلب في وقت إدراك فضيلة الافتتاح وتظهر فائدة الخلاف في وقت إدراك فضيلة تكبيرة الافتتاح فعنده بالمقارنة وعندهما إذا كبر في وقت الثناء وقيل بالشروع قبل قراءة ثلاث آيات لو كان المقتدي حاضرا وقيل سبع لو غائبا وقيل بإدراك الركعة الأولى وهذا أوسع وهو الصحيح ا هـ
وقيل بإدراك الفاتحة وهو المختار
خلاصة واقتصر على ذكر التحريمة والسلام فأفاد أن المقارنة في الأفعال أفضل بالإجماع وقيل على الخلاف كما في الحلية وغيرها عن الحقائق
قوله ( هو السنة ) قال في البحر وهو على وجه الأكمل أن يقول السلام عليكم ورحمة الله مرتين فإن قال السلام عليكم أو السلام أو سلام عليكم أو عليكم السلام أجزأه وكان تاركا للسنة وصرح في السراج بكراهة الأخير ا هـ
قلت تصريحه بذلك لا ينافي كراهة غيره أيضا مما خالف السنة
قوله ( وأنه ) معطوف على قوله بكراهة لأنه صرح به الحدادي أيضا
قوله ( هنا ) أي في سلام التحلل بخلاف الذي في التشهد كما يأتي
قوله ( ورده الحلبي ) يعني المحقق ابن أمير حاج حيث قال في الحلية شرح المنية بعد نقله قول النووي إنها بدعة ولم يصح فيها حديث بل صح في تركها غير ما حديث ما نصه لكنه متعقب في هذا فإنها جاءت في سنن أبي داود من حديث وائل بن حجر بإسناد صحيح
وفي صحيح ابن حبان من حديث عبد الله بن مسعود ثم قال اللهم إلا أن يجاب بشذوذها وإن صح مخرجها كما مشى عليه النووي في الأذكار وفيه تأمل ا هـ
قوله ( وفي الحاوي أنه حسن ) أي الحاوي القدسي وعبارته وزاد بعضهم وبركاته وهو حسن ا هـ
وقال أيضا في محل آخر وروي وبركاته
قوله ( أخفض من الأول ) أفاد أنه يخفض صوته بالأول أيضا أي عن الزائد على قدر الحاجة في الإعلام فهو خفض نسبي وإلا فهو في الحقيقة جهر فالمراد أنه يجهر بهما إلا أنه يجهر بالثاني دون الأول وقيل إنه يخفض الثاني أي لا يجهر به أصلا
والأصح الأول لحاجة المقتدي إلى سماع الثاني أيضا لأنه لا يعلم أنه بعد الأول يأتي به أو يسجد قبله لسهو حصل له أفاده في شرح المنية
وفي البدائع ومنها أي السنن أن يجهر بالتسليم لو إماما لأنه للخروج عن الصلاة فلا بد من الإعلام ا هـ
فافهم
قوله ( وينوي الخ ) أي ليكون مقيما للسنة فينوي ذلك كسائر السنن ولذا ذكر شيخ الإسلام أنه إذا سلم على أحد خارج الصلاة ينوي السنة وبه اندفع ما أورده صدر الإسلام من أنه لا حاجة للإمام إلى النية لأنه يجهر ويشير إليهم فهو فوق النية ا هـ
بحر ملخصا
وجه الدفع أنه لا يلزم من الإشارة إليهم بالخطاب حصول النية بإقامة القربة فلا بد منها
أقول أيضا فإن التحلل من الصلاة لما وجب بالسلام كان المقصود الأصلي منه التحلل لا خطاب المصلين فلما لم يكن الخطاب مقصودا أصالة لزمت النية لإقامة السنة الزائدة على التحلل الواجب إذ لولاها لبقي السلام لمجرد التحلل دون التحية فتدبر
قوله ( السلام ) مفعول ينوي وهو اسم مصدر بمعنى التسليم
قوله ( ممن معه في صلاته )
____________________
(1/526)
هذا قول الجمهور وقيل من معه في المسجد وقيل إنه يعم كسلام التشهد حلية
قوله ( أو نساء ) صرح به محمد في الأصل وما في كثير من الكتب من أنه لا ينويهن في زماننا مبني على عدم حضورهن الجماعة فلا مخالفة بينهما لأن المدار على الحضور وعدمه حتى لو حضر خناثى أو صبيان نواهم أيضا حلية وبحر
لكن في النهر أنه لا ينوي النساء وإن حضرن لكراهة حضورهن
قوله ( فيعم الخ ) ولذا ورد إذا قال العبد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض
قوله ( والحفظة ) بالجر عطفا على من ولم يقل الكتبة ليشمل من يحفظ أعمال المكلف وهم الكرام الكاتبون ومن يحفظه من الجن وهم المعقبات ويشمل كل مصل فإن المميز لا كتبة له أفاده في الحلية والبحر وفيه كلام يأتي على أن الكلام هنا في الإمام ولا يكون صبيا
قوله ( فيهما ) أي في اليمين واليسار
قوله ( بلا نية عدد ) أي للاختلاف فيه فقيل مع كل مؤمن اثنان وقيل أربعة وقيل خمسة وقيل عشرة وقيل مائة وستون وقيل غير ذلك وتمامه في شروح المنية
مطلب في عدد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام قوله ( كالإيمان بالأنبياء ) لأن عددهم ليس بمعلوم قطعا فينبغي أن يقال آمنت بجميع الأنبياء أولهم آدم وآخرهم محمد عليه وعليهم الصلاة والسلام
معراج
فلا يجب اعتقاد أنهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا وأن الرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة وعشرون لأنه خبر آحاد
قوله ( وقدم القوم ) أي المعبر عنهم بمن بدليل عطف الحفظة عليهم والعطف للمغايرة وعبر بالقوم ليخرج الجن فإنهم ليسوا أفضل من الملك وأشار بذلك إلى ما قاله فخر الإسلام من أن للبداءة أثرا في الاهتمام ولذا قال أصحابنا في الوصايا بالنوافل إنه يبدأ بما بدأ به الميت
قوله ( من اتقى الشرك فقط ) الأولى أن يسقط لفظ فقط فيصير المعنى من اتقى الشرك سواء اتقى المعاصي أيضا أولا ح
قوله ( كما في البحر عن الروضة ) أي روضة العلماء للزندوستي حيث قال أجمعت الأمة على أن الأنبياء أفضل الخليقة وأن نبينا عليه الصلاة والسلام أفضلهم وأن أفضل الخلائق بعد الأنبياء الملائكة الأربعة وحملة العرش والروحانيون ورضوان ومالك وأن الصحابة والتابعين والشهداء والصالحين أفضل من سائر الملائكة
واختلفوا بعد ذلك فقال الإمام سائر الناس من المسلمين أفضل من سائر الملائكة وقالا سائر الملائكة أفضل ا هـ
ملخصا
مطلب في تفضيل البشر على الملائكة وحاصله أنه قسم البشر إلى ثلاثة أقسام خواص كالأنبياء وأوساط كالصالحين من الصحابة وغيرهم وعوام كباقي الناس
وقسم الملائكة إلى قسمين خواص كالملائكة المذكورين وغيرهم كباقي الملائكة
وجعل خواص البشر أفضل من الملائكة خاصهم وعامهم وبعدهم في الفضل خواص الملائكة فهم أفضل من باقي البشر أوساطهم وعوامهم وبعدهم أوساط البشر فهم أفضل ممن عدا خواص الملائكة وكذلك عوام البشر عند الإمام كأوساطهم فالأفضل عنده خواص البشر ثم خواص الملك ثم باقي البشر وعندهما خواص البشر ثم خواص الملك ثم أوساط البشر ثم باقي الملك
قوله ( قلت الخ ) حاصله أن القهستاني جعل كلا من البشر والملك قسمين خواص وأوساط وجعل خواص
____________________
(1/527)
البشر أفضل من خواص الملك وأوساط البشر أفضل من أوساط الملك ففي كلامه لف ونشر مرتب وسكت عن عوام البشر للخلاف السابق وبه ظهر أن هذا غير مخالف لما مر عن الروضة نعم قوله عند أكثر المشايخ مخالف لما في الروضة من دعوى الاتفاق وما هنا أولى إذ المسألة خلافية وهي ظنية أيضا كما نص عليه في شرح النسفية بل قال في شرح المنية وقد روي التوقف في هذه المسألة أي مسألة تفضيل البشر على الملك عن جماعة منهم أبو حنيفة لعدم القاطع وتفويض علم ما لم يحصل لنا الجزم بعلمه إلى عالمه أسلم والله أعلم ا هـ
مطلب هل تتغير الحفظة قوله ( وهل تتغير الحفظة قولان ) فقيل نعم لحديث الصحيحن يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر فيصعد الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصولون فنقل عياض وغيره عن الجمهور أنهم الحفظة أي الكرام الكاتبون
واستظهر القرطبي أنهم غيرهم وقيل لا يتغيران ما دام حيا لحديث أنس أن رسول الله قال إن الله تبارك وتعالى وكل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله
فإذا مات قالا ربنا قد مات فلان فتأذن لنا فنصعد إلى السماء فيقول الله عز وجل ( سمائي مملوءة من ملائكتي يسبحوني ) فيقولان فنقيم في الأرض فيقول الله تعالى ( أرضي مملوءة من خلقي يسبحوني ) فيقولان فأين نكون فيقول الله تعالى ( قوما على قبر عبدي فكبراني وهللاني واذكراني واكتبا ذلك لعبدي إلى يوم القيامة ) وتمامه في الحلية
قوله ( ويفارقه كاتب السيئات عند جماع وخلاء ) تبع في ذلك صاحب البحر
والمصر به في شرح الجوهرة الكبير للقاني أن المفارق له في هذه الحالة الملكان وزاد أنهما يكتبان ما حصل منه بعد فراغه بعلامة يجعلها الله تعالى لهما ولكنه لم يستند في ذلك إلى دليل
وذكر في الحلية أن الجزم به يحتاج إلى ثبوت سمعي يفيده
وأما ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه كان إذا أراد الدخول في الخلاء يبسط رداءه ويقول أيها الملكان الحافظان علي اجلسا ها هنا فإني عاهدت الله تعالى أن لا أتكلم في الخلاء فذكر شيخنا الحافظ أنه ضعيف ا هـ ح ملخصا
قوله ( وصلاة ) يعني أن كاتب السيئات يفارق الإنسان في صلاته لأنه ليس له ما يكتبه ذكره القرطبي
ورده في الحلية كما نقله ح
قوله ( والمختار الخ ) مقابله ما يأتي عن حاشية الأشباه وكذا ما في النهر من أن القلم اللسان
والمداد الريف
قوله ( استأثر ) أي اختص
قوله ( نعم الخ ) لا يحسن الاستدراك به بعد تصريحه باختيار الأول
تأمل
قوله ( تكتب في رق ) قال في الحلية ثم قيل إن الذي يكتب فيه الحفظة دواوين من رق كما هو المراد من قوله تعالى { وكتاب مسطور في رق منشور } الطور 32 في أحد الأقوال لكن المأثور عن علي رضي الله عنه إن لله ملائكة ينزلون بشيء يكتبون فيه أعمال بني آدم فلم يعين ذلك والله سبحانه أعلم ا هـ
قوله ( بلا حرف كثبوتها في العقل ) يؤيده ما قاله الغزالي في المكتوب في اللوح المحفوظ أيضا إنه ليس حروفا وإنما هو ثبوت المعلومات فيه كثبوتها في العقل
قال في الحلية لكن صرف اللفظ عن ظاهره يحتاج إلى وجود صارف مع كثرة ما في الكتاب والسنة مما يؤيد الظاهر كقوله تعالى { إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون } { ورسلنا لديهم يكتبون } الزخرف 80 وكذا ما ثبت في الإسراء من سماعه عليه الصلاة والسلام صريف الأقلام أي تصويتها فيحمل على ظاهره لكن كيفية ذلك وصورته وجنسه
____________________
(1/528)
مما لا يعلمه إلا الله تعالى أو من أطلعه على شيء من ذلك ا هـ
ملخصا
وتمامه في ح قوله ( وهو أحد ما قيل الخ ) راجع إلى قوله تكتب في رق فقط كما أفاده ح فراجعه وتأمل
قوله ( وصحح النيسابوري ) نقله في الحلية ) عن الحسن ومجاهد والضحاك وغيرهم
وذكر قبله عن الاختيار أن محمدا روى عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال الملائكة لا تكتب إلا ما فيه أجر أو وزر
قوله ( حتى أنينه ) هو الصوت الصادر عن طبيعة الشخص في مرضه لعسره أو لضجره أو لتأسفه على ما فرط في جانب الله تعالى وأشار بهذه الغاية إلى أنهما يكتبان جميع الضروريات أيضا كالتنفس وحركة النبض وسائر العروق والأعضاء أفاده ح عن اللقاني
قوله ( يكتب المباح كاتب السيئات ) تفسير لما أجمل في العبارة السابقة حيث نسب فيها كتابة كل شيء إليهما فأشار هنا إلى تفصيله وبيانه لأن المكتوب ثلاثة أقسام ما فيه أجر وما فيه وزر وما لا ولا فما فيه أجر لكاتب الحسنات والباقي لكاتب السيئات
قوله ( ويمحى يوم القيامة ) وقيل في آخر النهار وقيل يوم الخميس وهو مأثور عن ابن عباس والكلبي
وذكر في الحلية عن الاختيار أن الأكثرين على الأول
وعن بعض المفسرين أنه الصحيح عند المحققين فلذا مشى عليه الشارح
قوله ( الأصح أن الكافر أيضا تكتب أعماله الخ ) أي السيئة إذ لا حسنة له وهو مكلف بحقوق العباد والعقوبات اتفاقا وبالعبادات أداء واعتقادا وهو المعتمد عندنا فيعاقب على تروك الأمرين تمامه في ح
ونقل عن اللقاني أن أعمال الكافر التي يظن هو أنها حسنة لا تكتب له إلا إذا أسلم فيكتب له ثواب ما عمله في الكفر من الحسنات انتهى
وفي حفظي أن مذهبنا خلافه فليراجع
مطلب هل يفارقه الملكان قوله ( وفي البرهان الخ ) لحديث يتعاقبون المتقدم والمراد بهم الحفظة الذين هم المعقبات لا الحفظة الذين هم الكتبة لما قدمناه ح
قوله ( وأن إبليس مع ابن آدم بالنهار ) أي مع جميعهم إلا من حفظه الله تعالى منه وأقدره على ذلك كما أقدر ملك الموت على نظير ذلك والظاهر أن هذا غير القرين الآتي لأنه لا يفارق الآدمي فافهم
قوله ( روي بفتح الميم ) بمعنى آمن القرين فصار لا يأمر إلا بخير كالقرين الملك وهذا ظاهر الحديث
قوله ( وضمها ) فيكون فعلا مضارعا مفيدا للسلامة من القرين الكافر على طريق الاستمرار التجددي ح
وصحح بعضهم هذه الرواية ورجحها
وفي رواية فاستسلم كما في الشفاء
قوله ( ويزيد المؤتم الخ ) أي يزيد على ما تقدم من نية القوم والحفظة نية إمامه
قوله ( إن كان الإمام فيها ) أي في التسليمة الأولى أي في جهتها
قوله ( وإلا ) صادق بالمحاذاة وليست مرادة لذكرها بعد ح
قوله ( إذ لا كتبة معه ) أفاد أن المراد بالحفظة حفظة ذاته من الأسواء لا حفظة الأعمال وهما قولان كما مر لكن الصحيح أن حسنات الصبي له ولوالديه ثواب التعليم ولذا ذكر
____________________
(1/529)
اللقاني أنه تكتب حسناته فمقتضاه أن له كاتب حسنات
قوله ( ولعمري ) قسم وتقدم الكلام عليه في خطبة الكتاب
قوله ( هذا ) أي ما ذكره من النية
وفي الحلية عن صدر الإسلام هذا شيء تركه جميع الناس لأنه قلما ينوي أحد شيئا
قال في غاية البيان وهذا حق لأن النية في الإسلام صارت كالشريعة المنسوخة ولهذا لو سألت ألوف ألوف من الناس أي شيء نويت بسلامك لا يكاد يجيب أحد منهم بما فيه طائل إلى الفقهاء وفيهم نظر ا هـ
قوله ( إلا بقدر اللهم الخ ) لما رواه مسلم والترمذي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقعد إلا بمقدار ما يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا لجلال ولإكرام وأما ما ورد من الأحاديث في الأذكار عقيب الصلاة فلا دلالة فيه على الإتيان بها قبل السنة بل يحمل على الإتيان بها بعدها لأن السنة من لواحق الفريضة وتوابعها ومكملاتها فلم تكن أجنبية عنها فما يفعل بعدها يطلق عليه أنه عقيب الفريضة وقول عائشة بمقدار لا يفيد أنه كان يقول ذلك بعينه بل كان يقعد بقدر ما يسعه ونحوه من القول تقريبا فلا ينافي ما في الصحيحين من أنه كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد وتمامه في شرح المنية وكذا في الفتح من باب الوتر والنوافل
قوله ( واختاره الكمال ) فيه أن الذي اختاره الكمال هو الأول وهو قول البقالي
ورد ما في شرح الشهيد من أن القيام إلى السنة متصلا بالفرض مسنون
ثم قال وعندي أن قول الحلواني لا بأس لا يعارض القولين لأن المشهور في هذه العبارة كون خلافه أولى فكان معناها أن الأولى أن لا يقرأ قبل السنة ولعل فعل لا بأس فأفاد عدم سقوط السنة بذلك حتى إذا صلى بعد الأوراد تقع سنة لا على وجه السنة ولذا قالوا لو تكلم بعض الفرض لا تسقط لكن ثوابها أقل فلا أقل من كون قراءة الأوراد لا تسقطها ا هـ
وتبعه على ذلك تلميذه في الحلية وقال فتحمل الكراهة في قول البقالي على التنزيهية لعدم دليل التحريمية حتى لو صلاها بعد الأوراد تقع سنة مؤداة لكن لا في وقتها المسنون ثم قال وأفاد شيخنا أن الكلام فيما إذا صلى السنة في محل الفرض لاتفاق كلمة المشايخ على أن الأفضل في السنن حتى سنة المغرب المنزل أي فلا يكره الفصل بمسافة الطريق
قوله ( قال الحلبي الخ ) هو عين ما قاله الكمال في كلام الحلواني من عدم المعارضة ط
قوله ( ارتفع الخلاف ) لأنه إذا كانت الزيادة مكروهة تنزيها كانت خلاف الأولى الذي هو معنى لا بأس
قوله ( وفي حفظي الخ ) توفيق آخر بين القولين المذكورين وذلك بأن المراد في قول الحلواني لا بأس بالفصل بالأوراد أي القليلة التي بمقدار اللهم أنت السلام الخ لما علمت من أنه ليس المراد خصوص ذلك بل هو أو ما قاربه في المقدار بلا زيادة كثيرة فتأمل
وعليه فالكراهة على الزيادة تنزيهية لما علمت من عدم دليل التحريمية فافهم وسيأتي في باب الوتر والنوافل ما لو تكلم بين السنة والفرض أو أكل أو شرب وأنه لا يسن عندنا الفصل بين سنة الفجر وفرضه بالضجعة التي يفعلها الشافعية
قوله ( والمعوذات ) فيه تغليب فإن المراد الإخلاص والمعوذتان ط
قوله ( ثلاثا وثلاثين ) تنازع فيه كل من الأفعال الثلاثة قبل
____________________
(1/530)
مطلب فيما العدد في التسبيح عقب الصلاة تنبيه العدد قيل يكره لأنه سوء أدب وأيد بأنه كدواء زيد على قانونه أو مفتاح زيد على أسنانه وقيل لا بل يحصل له الثواب المخصوص مع الزيادة بل قيل لا يحل اعتقاد الكراهة لقوله تعالى { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } الأنعام 160 الأوجه إن زاد لنحو شك عذر أو لتعبد فلا لاستدراكه على الشارع وهو ممنوع ا هـ ملخصا من تحفة ابن حجر
قوله ( يكره للإمام التنفل في مكانه ) بل يتحول مخيرا كما يأتي عن المنية وكذا يكره مكثه قاعدا في مكانه مستقبل القبلة في صلاة لا تطوع بعدها كما في شرح المنية عن الخلاصة والكراهة تنزيهية كما دلت عليه عبارة الخانية
قوله ( لا للمؤتم ) ومثله المنفرد لما في النية وشرحها أما المقتدي والمنفرد فإنهما إن لبثا أو قاما إلى التطوع في مكانهما الذي صليا فيه المكتوبة جاز والأحسن أن يتطوعا في مكان آخر ا هـ
قوله ( وقيل يستحب كسر الصفوف ) ليزول الاشتباه عن الداخل المعاين للكل في الصلاة البعيد عن الإمام وذكره في البدائع والذخيرة عن محمد ونص في المحيط على أنه السنة كما في الحلية وهذا معنى قوله في المنية والأحسن أن يتطوعا في مكان آخر
قال في الحلية وأحسن من ذلك كله أن يتطوع في منزله إن لم يخف مانعا
قوله ( لتنفل أو ورد ) أقول عبارته في الخزائن قلت يحتمل أنه لأجل التنفل أو الورد ا هـ
فدل على أن ذلك ليس من كلام الخانية
والذي رأيته في الخانية صريح في أنه للتنفل
قوله ( وخيره الخ ) الضمير المنصوب للإمام لكن التخيير الذي في المنية هو أنه إن كان في صلاة لا تطوع بعدها فإن شاء انحرف عن يمينه أو يساره أو ذهب إلى حوائجه أو استقبل الناس بوجهه وإن كان بعدها تطوع وقام يصليه يتقدم أو يتأخر أو ينحرف يمينا أو شمالا أو يذهب إلى بيته فيتطوع ثمة ا هـ
وهذا التخيير لا يخالف ما مر عن الخانية لأنه لبيان الجواز وذاك لبيان الأفضل ولذا علله في الخانية وغيرها بأن لليمين فضلا عن اليسار لكن هذا لا يخص يمين القبلة بل يقال مثله في يمين المصلي بل في شرح المنية أن انحرافه عن يمينه أولى وأيده بحديث في صحيح مسلم وصحح في البدائع التسوية بينهما وقال لأن المقصود من الانحراف وهو زوال الاشتباه أي اشتباه أنه في الصلاة يحصل بكل منهما وقدمنا عن الحلية أن الأحسن من ذلك كله تطوعه في منزله لما في سنن أبي داود بإسناد صحيح صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة قلت وإلا التراويح كما سيأتي في باب الوتر والنوافل مع زيادات أخر
ثم إذا شاء الذهاب انصرف من جهة يمينه أو يساره فقد صح الأمران عنه وعليه العمل عند أهل العلم كما قاله الترمذي
وذكر النووي أنه عند استواء الجهتين في الحاجة وعدمها فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل اليمين في باب المكارم ونحوها كما في الحلية
قوله ( ولو دون عشرة ) أي أن الاستقبال مطلق لا تفصيل فيه بين عدد وعدد على ما ذكره في الخلاصة وغيرها
ولا يلتفت إلى ما ذكره بعض شراح المقدمة من أن الجماعة إن كانوا عشرة يلتفت إليهم لترجح حرمتهم على حرمة القبلة وإلا فلا ترجح حرمة القبلة على الجماعة فإن هذا الذي ذكره لا أصل له في الفقه وهو رجل مجهول لا تشبه ألفاظه ألفاظ أهل الفقه فضلا عن أن يقلد فيما ليس له أصل
والذي رواه موضوع كذب على النبي بل حرمة المسلم الواحد أرجح من حرمة القبلة غير أن الواحد لا يكون خلف الإمام حتى يلتفت إليه بل هو عن يمينه
____________________
(1/531)
فلو كانا اثنين كانا خلفه فليلتفت إليهما للإطلاق المذكور ا هـ ونازعه في الإمداد بأنه ذكر ذلك في مجمع الروايات شرح القدوري عن حاشية البدرية عن أبي حنيفة فليتأمل
قوله ( ولو بعيدا على المذهب ) صرح به في الذخيرة أخذا من إطلاق محمد في الأصل قوله إذا لم يكن بحذائه رجل يصلي ثم قال في الذخيرة هذا هو ظاهر المذهب لأنه إذا كان وجهه مقابل وجه الإمام في حالة قيامه يكره وإن كان بينهما صفوف واستظهر ابن أمير حاج في الحلية خلاف هذا فقال الذي يظهر أنه إذا كان بين الإمام والمصلي بحذائه رجل جالس ظهره إلى المصلي لا يكره للإمام استقبال القوم لأنه إذا كان سترة للمصلي لا يكره المرور وراءه فكذا هنا وقد صرحوا بأنه لو صلى إلى إنسان وبينهما ثالث ظهره إلى وجه المصلي لم يكره ولعل محمدا لم يقيد بذلك للعلم به ا هـ ملخصا فافهم
والله تعالى أعلم
فصل في القراءة لما فرغ من بيان صفة الصلاة وكيفيتها وفرائضها وواجباتها وسننها ذكر أحكام القراءة في فصل على حدة لزيادة أحكام تعلقت بها دون سائر الأركان
قوله ( ويجهر الإمام وجوبا ) أي جهرا واجبا على أنه مصدر بمعنى اسم الفاعل وقوله بحسب الجماعة صفة ثانية للجهر
ولا يخفى أنه لا يلزم من اتصاف الجهر بهذين الوصفين أن يتصف كونه بحسب الجماعة بالوجوب أيضا نعم لو جعل حالا من ضمير وجوبا المؤول باسم الفاعل يلزم ذلك ولا داعي إلى حمل الكلام على ما يفسد المعنى مع تبادر غيره فافهم
قوله ( فإن زاد عليه أساء ) وفي الزاهدي عن أبي جعفر لو زاد على الحاجة فهو أفضل إلا إذا أجهد نفسه أو آذى غيره
قهستاني
قوله ( أعادها جهرا ) لأن الجهر فيما بقي صار واجبا بالاقتداء والجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة واحدة شنيع
بحر
ومفاده أنه لو ائتم بعد قراءة بعض السورة أنه يعيد الفاتحة والسورة فليراجع ح
قوله ( لكن الخ ) استدراك على قوله ولو ائتم به وهذا قول آخر
وقد حكى القولين القهستاني حيث قال إن الإمام لو خافت ببعض الفاتحة أو كلها أو المنفرد ثم اقتدى به رجل أعادها جهرا كما في الخلاصة وقيل لم يعد وجهر فيما بقي من بعض الفاتحة أو السورة كلها أو بعضها كما في المنية ا هـ وعزا في القنية القول الثاني إلى القاضي عبد الجبار وفتاوى السعدي ولعل وجهه أن فيه التحرز عن تكرار الفاتحة في ركعة وتأخير الواجب عن محله وهو موجب لسجود السهو فكان مكروها وهو أسهل من لزوم الجمع بين الجهر والإسرار في ركعة
على أن كون ذلك الجمع شنيعا غير مطرد لما ذكره في آخر شرح المنية أن الإمام لو سها فخافت بالفاتحة في الجهرية ثم تذكر يجهر بالسورة ولا يعيد ولو خافت بآية أو أكثر يتمها جهرا ولا يعيد
وفي القهستاني ولا خلاف أنه إذا جهر بأكثر الفاتحة يتمها مخافتة كما في الزاهدي ا هـ أي في الصلاة السرية وكون القول الأول نقله في الخلاصة عن الأصل كما في البحر والأصل من كتب ظاهر الرواية لا يلزم منه كون الثاني لم يذكر في كتاب آخر من كتب ظاهر الرواية فدعوى أنه ضعيف رواية ودراية غير مسلمة فافهم
قوله ( إن قصد الإمامة الخ ) عزاه في القنية إلى فتاوى الكرماني
ووجه أن الإمام منفرد
____________________
(1/532)
في حق نفسه ولذا لا يحنث في لا يؤم أحدا ما لم ينو الإمامة ولا يحصل ثواب الجماعة إلا بالنية ولا تفسد الصلاة بمحاذاة المرأة إلا بالنية كما مر في بحث النية وسيذكر في باب الوتر عند ذكر كراهة الجماعة في التطوع على سبيل التداعي أنه لا كراهة على الإمام لو لم ينو الإمامة فإذا كان كذلك فكيف تلزم أحكام الإمامة بدون التزام فافهم
قوله ( وأوليي العشاءين ) بفتح الياء الأولى وكسر الثانية قهستاني
والعشاءان المغرب والعتمة
قوله ( أي في رمضان فقط ) مأخوذ من المصنف في المنح حيث قال وقيدنا الوتر بكونه بعد التراويح لأنه إنما يجهر في الوتر إذا كان في رمضان لا في غيره كما أفاده ابن نجيم في بحره وهو وارد على إطلاق الزيلعي الجهر في الوتر إذا كان إماما ا هـ
فدل كلامه على أن مراده في متنه بقوله بعدها كونه في رمضان هو المسنون أعم من أن يكون بعد التراويح أو لا وبه سقط ما يأتي عن مجمع الأنهر لكن يرد عليه أنه يقتضي أنه لو صلى الوتر جماعة في غير رمضان لا يجهر به وإن لم يكن على سبيل التداعي ويحتاج إلى نقل صريح وإطلاق الزيلعي يخالفه وكذا ما يأتي من أن المتنفل بالليل لو أم جهر فتأمل
قوله ( قلت الخ ) علمت أنه غير وارد
قوله ( نعم في القهستاني ) فيه أن القهستاني صرح بعده بتصحيح خلافه قوله ( ويسر في غيرها ) وهو الثالثة من المغرب والأخريان من العشاء وكذا جميع ركعات الظهر والعصر وإن كان بعرفة خلافا لمالك كما في الهداية
قوله ( وهو أفضل ) ليكون الأداء على هيئة الجماعة ولهذا كان أداؤه بأذان وإقامة أفضل
وروي في الخبر أن من صلى على هيئة الجماعة صلت بصلاته صفوف من الملائكة منح
قوله ( على المذهب ) كذا في البحر رادا على ما في العناية من أن ظاهر الرواية أنه مخير
أقول ما في العناية صريح به أيضا في النهاية والكفاية والمعراج
ونقل في التاترخانية عنالمحيط أنه لا سهو عليه إذا جهر فيما يخافت لأنه لم يترك واجبا وعلله في الهداية في باب سجود السهو بأن الجهر والمخافتة من خصائص الجماعة وقال الشراح إنه جواب ظاهر الرواية
وأما جواب رواية النوادر فإنه يلزمه السهو
وفي الذخيرة إذا جهر فيما يخافت عليه السهو
وفي ظاهر الرواية لا سهو عليه نعم صحح في الدرر تبعا للفتح والتبيين وجوب المخافتة ومشى عليه في شرح المنية والبحر والنهر والمنح
وقال في الفتح فحيث كانت المخافتة واجبة على المنفرد ينبغي أن يجب بتركها السجود ا هـ فتأمل
قوله ( فلو أم ) أي فلو صلى المتنفل بالليل إماما جهر ومقتضاه أن الوتر في غير رمضان كذلك لأن كلا منهما تكره فيه الجماعة على سبيل التداعي وبدونه لا وإذا وجب الجهر في النفل يجب بتركها في الوتر كما أفهمته عبارة الزيلعي أفاده الرحمتي
مطلب في الكلام على الجهر والمخافتة قوله ( ويخافت المنفرد الخ ) أما الإمام فقد مر أنه يجهر أداء وقضاء
قوله ( في وقت المخافتة ) قيد به لأنه إن قضى في وقت الجهر خير كما لا يخفى ح
قوله ( بعد طلوع الشمس ) لأن ما قبلها وقت جهر فيخير فيه لكن
____________________
(1/533)
في بعض نسخ الهداية بعد طلوع الفجر
قوله ( كما في الهداية ) قال فيها لأن الجهر مختص إما بالجماعة حتما أو بالوقت في حق المنفرد على وجه التخيير ولم يوجد أحدهما
قوله ( لكن تعقبه غير واحد ) قال في الخزائن هذا ما صححه في الهداية ولم يوافق عليه بل تعقبه في الغاية ونظر فيه في الفتح وبحث فيه في النهاية وحرر خسرو أنه ليس بصحيح رواية ولا دراية
وقد اختار شمس الأئمة وفخر الإسلام والإمام التمرتاشي وجماعة من المتأخرين أن القضاء كالأداء
قال قاضيخان هو الصحيح
وفي الذخيرة والكافي والنهر هو الأصح وفي الشرنبلالية إنه الذي ينبغي أن يعول عليه وذكر وجهه ا هـ
وأجيب عن استدلال الهداية بمنع الحصر لجواز أن يكون للجهر المخير سبب آخر وهو موافقة الأداء ا هـ
قوله ( كمن سبق بركعة من الجمعة الخ ) أي أنه إذا قام ليقضيها لا يلزمه المخافتة
بل له أن يجهر فيها ليوافق القضاء الأداء مع أنه قضاها في وقت المخافتة فعلم أن الجهر لم يختص سببه بالجماعة أو بالوقت بل له سبب آخر خلافا لما قاله في الهداية فهذه المسألة دليل لما رجحه الجماعة وبهذا التقرير ظهر وجه اقتصاره على الجمعة وإن كان الحكم كذلك لو سبق بركعة من العشاء ونحوه لأن المقصود إثبات الجهر في القضاء في وقت المخافتة لا مطلقا فافهم
قوله ( وأدنى الجهر إسماع غيره إلخ ) اعلم أنهم اختلفوا في حد وجود القراءة على ثلاثة أقوال فشرط الهندواني والفضلي لوجودها خروج صوت يصل إلى أذنه وبه قال الشافعي
وشرط بشر المريسي وأحمد خروج الصوت من الفم وإن لم يصل إلى أذنه لكن بشرط كونه مسموعا في الجملة حتى لو أدنى أحد صماخه إلى فيه يسمع
ولم يشترط الكرخي وأبو بكر البلخي السماع واكتفيا بتصحيح الحروف
واختار شيخ الإسلام وقاضيخان وصاحب المحيط والحلواني قول الهندواني كذا في معراج الدراية ونقل في المجتبى عن الهندواني أنه لا يجزيه ما لم تسمع أذناه ومن بقربه وهذا لا يخالف ما مر عن الهندواني لأن ما كان مسموعا له يكون مسموعا لمن في قربه كما في الحلية والبحر
ثم إنه اختار في الفتح أن قول الهندواني وبشر متحدان بناء على أن الظاهر سماعه بعد وجود الصوت إذا لم يكن مانع
وذكر في البحر تبعا للحلية أنه خلاف الظاهر بل الأقوال ثلاثة
وأيد العلامة خير الدين الرملي في فتاواه كلام الفتح بما لا مزيد عليه فارجع إليه
وذكر أن كلا من قولي الهندواني والكرخي مصححان وأن ما قاله الهندواني أصح وأرجح لاعتماد أكثر علمائنا عليه
وبما قررناه ظهر لك أن ما ذكر هنا في تعريف الجهر والمخافتة ومثله في سهو المنية وغيره مبني على قول الهندواني لأن أدنى الحد الذي توجد فيه القراءة عند خروج الصوت يصل إلى أذنه أي ولو حكما كما لو كان هناك مانع من صمم أو جلبة أصوات أو نحو ذلك وهذا معنى قوله أدنى المخافتة إسماع نفسه وقوله ومن بقربه تصريح باللازم عادة كما مر
وفي القهستاني وغيره أو من بقربه بأو وهو أوضح ويبتني على ذلك أن أدنى الجهر إسماع غيره أي ممن لم يكن بقربه بقرينة المقابلة ولذا قال في الخاصة والخانية عن الجامع الصغير إن الإمام إذا قرأ في صلاة المخافتة بحيث سمع رجل أو رجلان لا يكون جهرا والجهر أن يسمع الكل ا هـ أي كل الصف الأول لا كل المصلين بدليل ما في القهستاني عن المسعودية أن جهر الإمام إسماع الصف الأول ا هـ
وبه علم أنه لا إشكال في كلام الخلاصة وأنه لا ينافي كلام الهندواني بل هو مفرع عليه بدليل أنه في المعراج
____________________
(1/534)
نقله عن الفضلي وقد علمت أن الفضلي قائل بقول الهندواني
فقد ظهر بهذا أن أدنى المخافتة إسماع نفسه أو من بقربه من رجل أو رجلين مثلا وأعلاها تصحيح الحروف كما هو مذهب الكرخي ولا تعتبر هنا في الأصح
وأدنى الجهر إسماع غيره ممن ليس بقربه كأهل الصف الأول وأعلاه لا حد له فافهم واغنم تحرير هذا المقام فقد اضطرب فيه كثير من الأفهام
قوله ( ويجري ذلك المذكور ) يعني كون أدنى ما يتحقق به الكلام إسماع نفسه أو من بقربه
قوله ( لم يصح في الأصح ) أي الذي هو قول الهندواني
وأما على قول الكرخي فيصح وإن لم يسمع نفسه لاكتفائه بتصحيح الحروف كما مر
قوله ( وقيل الخ ) قال في الذخيرة معزيا إلى القاضي علاء الدين في شرح مختلفاته الأصح عندي أن بعض التصرفات يكتفي بسماعه وفي بعضها يشترط سماع غيره مثلا في البيع لو أدنى المشتري صماخه إلى البائع وسمع يكفي ولو سمع البائع نفسه ولم يسمعه المشتري لا يكفي وفيما إذا حلف لا يكلم فلانا فناداه من بعيد بحيث لا يسمع لا يحنث في يمينه نص عليه في كتاب الأيمان لأن شرط الحنث وجود الكلام معه ولم يوجد ا هـ
قال في النهر أقول ينبغي أن يكون الحكم كذلك في كل ما يتوقف تمامه على القبول ولو غير مبادلة كالنكاح ا هـ
ولم يعول الشارح على هذا القول فعبر عنه بقيل تبعا للفتح حيث قال قيل الصحيح في البيع الخ وكذا عبر عنه في الكافي إشارة إلى ضعفه كما في الشرنبلالية لكن الأول ارتضاه في الحلية والبحر وهو أوجه بدليل المسألة المنصوصة في كتاب الأيمان لأن الكلام من الكلم وهو الجرح وسمي به لأنه يؤثر في نفس السامع فتكليمه فلانا لا يحصل إلا بسماعه وكذا اشتراط سماع الشهود كلام العاقدين في النكاح وسماع التلاوة في وجوب السجدة على السامع ونحو ذلك مما اشترط فيه سماع الغير
تأمل
قوله ( مثلا ) زاده ليعم ما لو تركها في ركعة واحدة وهل يأتي بها في الثالثة أو الرابعة يحرر وليعم غير العشاء كالمغرب فإنه لو تركها في إحدى أولييها يأتي بها في الثالثة ولو فيهما معا أتى في الثالثة بفاتحة وسورة وفاتت الأخرى ويسجد للسهو لو ساهيا وليعم الرباعية السرية فإنه يأتي بها في الأخريين أيضا أفاده ط وإنما خص المصنف العشاء بالذكر لمكان قوله جهرا في الأخريين لا للاحتراز عن غيره فلذا أشار الشارح إلى التعميم فافهم
قوله ( ولو عمدا ) هذا ظاهر إطلاق المتون وبه صرح في النهر ولم يعزه إلى أحد كأنه أخذه من الإطلاق وإلا فصنيع الفتاوى والشروح يقتضي أن وضع المسألة في النسيان
تأمل
أفاده الخير الرملي
قوله ( وجوبا وقيل ندبا ) أشار إلى أن الأصح الوجوب وذلك لأن محمدا أشار إليه في الجامع الصغير حيث عبر قوله قرأها بلفظ الخبر وهو آكد من الأمر في الوجوب وصرح في الأصل بالاستحباب
قال في غاية البيان والأصح ما في الجامع الصغير لأنه آخر التصنيفين
ورده في الفتح بأن ما في الأصل أصرح فيجب التعويل عليه في الرواية وكون الإخبار آكد رده في البحر بأنه في إخبار الشارع لا في غيره فكان المذهب الاستحباب
قال في النهر ولا يخفى أن أمر المجتهد ناشىء عن أمر الشارع فكذا إخباره نعم قال في الحواشي السعدية إنما يكون دليلا إذا كان مستعملا في الأمر الإيجابي وهو ممنوع
وأقول لم
____________________
(1/535)
لا يجوز أن يكون المراد الاستحباب وتكون القرينة عليه ما في الأصل كما أريد بما مر من قوله افترش رجله اليسرى ووضع يديه على فخذيه وأمثال ذلك ا هـ
والحاصل أن اختيار صاحب الفتح والبحر والنهر الندب لأنه صريح كلام محمد
قوله ( مع الفاتحة ) أشار به إلى شيئين الأول أنه يقدم الفاتحة لأن مع تدخل على المتبوع وهو أحد قولين وينبغي ترجيحه
والثاني أن الفاتحة واجبة أيضا وفيه قولان أيضا وينبغي ترجيح عدم الوجوب كما هو الأصل فيها أفاده في البحر والنهر
قوله ( لأن الجمع الخ ) أشار به إلى أن قول المصنف جهرا راجع إلى الفاتحة والسورة معا وجعله الزيلعي ظاهر الرواية وصححه في الهداية لما ذكره الشار وصحح التمرتاشي أنه يجهر بالسورة فقط وجعله شيخ الإسلام الظاهر من الجواب وفخر الإسلام الصواب ولا يلزم الجمع الشنيع لأن السورة تلتحق بموضعها تقديرا بحر ومفاده أن الجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة مكروه اتفاقا إذا كانت القراءة في محلها غير ملتحقة بما قبلها
ويرد عليه ما قدمناه من الفروع أول الفصل فتأمل
مطلب تحقيق مهم فيما لو تذكر في ركوعه أنه لم يقرأ فعاد تقع القراءة فرضا وفي معنى كون لقراءة فرضا وواجبا وسنة قوله ( ولو تذكرها ) أي السورة
قوله ( قرأها ) أي بعد عوده إلى القيام
قوله ( وأعاد الركوع ) لأن ما يقع من القراءة في الصلاة يكون فرضا فيرتفض الركوع ويلزمه إعادته لأن الترتيب بين القراءة والركوع فرض كما مر بيانه في الواجبات حتى لو لم يعده تفسد صلاته بل لو قام لأجل القراءة ثم بدا له فسجد ولم يقرأ ولم يعد الركوع قيل تفسد وقيل لا
والفرق بين القراءة وبين القنوت حيث لا يعود لأجله لو تذكره في ركوعه ولو عاد لا يرتفض هو ما ذكرنا من أن القراءة تقع فرضا أما القنوت إذا أعيد يقع واجبا
وبيان ذلك أن القراءة وإن انقسمت إلى فرض وواجب وسنة إلا أنه مهما أطال يقع فرضا وكذا إذا أطال الركوع والسجود على ما هو قول الأكثر والأصح لأن قوله تعالى { فاقرؤوا ما تيسر } المزمل 20 لوجوب أحد الأمرين الآية فما فوقها مطلقا لصدق ما تيسر على كل فرض فمهما قرأ يكون الفرض ومعنى الأقسام المذكورة أن جعل الفرض مقدار كذا واجب وجعله دون ذلك مكروه وجعله فوق ذلك إلى حد كذا سنة لا أنه يقع أول آية يقرؤها فرضا وما بعدها إلى حد كذا واجبا وما بعد ذلك إلى حد كذا سنة لا أنه يقع أول آية يقرؤها فرضا وما بعدها إلى حد كذا واجبا وما بعد ذلك إلى حد كذا سنة لأنا إن اعتبرنا الواجب ما بعد الآية الأولى منضما إليها انقلب الفرض واجبا
وإن اعتبرناه منفردا كان الواجب بعض الفاتحة
وقالوا الفاتحة واجب وكذا الكلام فيما بعد الواجب إلى حد السنة فليتأمل كذ في شرح المنية من باب سجود السهو ونحوه في الفتح وهو تحقيق دقيق فاغتنمه
قوله ( للزوم تكرارها ) أي وهو غير مشورع وهذا لو قرأها مرتين فلو مرة لا تكون قضاء كما في النهاية لأنها في محلها لكن كتب على ما في النهاية شيخ الإسلام المفتي أبو السعود
قلت لا يخفى أن قراءة الفاتحة في الشفع الثاني ليست بواجبة بل ذلك على وجه الدعاء في ظاهر الرواية وإن كانت واجبة على رواية الحسن بن زياد فعلى هذا إذا قرأ الفاتحة مرة لم يتعين انصرافها إلى تلك الركعة
____________________
(1/536)
وأنت خبير بأن بناء ظاهر الرواية أي الذي هو عدم إعادة الفاتحة في مسألتنا على رواية الحسن غير حسن ا هـ أي بخلاف السورة فإن الشفع ليس بمحل لأداء السورة فجاز أن يكون محلا للقضاء وتمامه في شرح الشيخ إسماعيل
قوله ( ولو تذكرها ) أي الفاتحة
قوله ( قبل الركوع ) الظاهر أنه ليس بقيد حتى لو تذكرها في الركوع فكذلك لأنه قدم أنه لو تذكر السورة في الركوع أعادها وأعاد الركوع فالفاتحة أولى لأنها آكد
رحمتي
قوله ( وأعاد السورة ) لأنها شرعت تابعة للفاتحة
رحمتي
قوله ( على المذهب ) أي الذي هو ظاهر الرواية عن الإمام وفي رواية عنه ما يطلق عليه اسم القرآن ولم يشبه قصد خطاب أحد
وجزم القدوري بأنه الصحيح من مذهب الإمام ورجحه الزيلعي بأنه أقرب إلى القواعد الشرعية لأن المطلق ينصرف إلى الأدنى
وفي البحر فيه نظر بل ينصرف إلى الكامل
قلت وهو مدفوع بأن براءة الذمة لا تتوقف على الكامل وإلا لزم فرضية الطمأنينة في الركوع والسجود
قال في شرح المنية وعلى هذه الرواية لا يجزىء عنده نحو { ثم نظر } أي لأنه يشبه قصد الخطاب والإخبار
تأمل
وفي رواية ثالثة عنه وهي قولهما ثلاث آيات قصار أو آية طويلة
قوله ( وعرفا طائفة من القرآن مترجمة إلخ ) أي اعتبر لها مبدأ ومقطع وهذا التعريف نقله في الحلية عن حاشية الكشاف لعلاء الدين البهلواني
ونقل في النهرعن شرح الشاطبية للجعبري ما يرجع إليه وهو أنها قرآن مركب من جمل ولو تقديرا ذو مبدأ ومقطع مندرج في سورة
قوله ( ولو تقديرا إلخ ) أشار إلى الرد على البحر حيث اعترض التعريف المذكور بأن { لم يلد } الإخلاص 3 آية ولذا جوز الإمام بها الصلاة وهي خمسة أحرف
ووجه الرد أن { لم يلد } أصله لم يولد فهو ستة تقديرا لكن الذي رأيته في الحلية والبحر عن الحواشي المذكروة أقلها ستة أحرف صورة فالرد في غير محله نعم في النهر قيل إن الآية هي وما بعدها ومن ثم قيل الإخلاص أربع وقيل خمس فيجوز أن يكون ما في الحواشي بناء على الأول
قوله ( إلا إذا كانت كلمة ) استثناء من المتن لأنه في معنى تصح الصلاة بآية
قوله ( فالأصح عدم الصحة ) كذا في المنية وهو شامل لمثل مدهامتان ومثل ص و ق ن لكن ذكر في الحلية والبحرأن الذي مشى عليه الاسبيجابي في الجامع الصغير وشرح الطحاوي وصاحب البدائع الجواز في مدهامتان عنده من غير حكاية خلاف
قوله ( إلا إذا حكم حاكم ) صورته علق عتق عبده بصلاته صلاة صحيحة فصلى ب مدهامتان غير مكررة أو مكررة فترافعا إلى حاكم يرى صحة الصلاة بذلك فقضى بعتقه فيكون قضاء بصحة الصلاة ضمنا فتصح اتفاقا لأن حكم الحاكم في المجتهد فيه يرفع الخلاف أفاده ح
قوله ( لأنه يزيد على ثلاث آيات ) تعليل للمذهبين لأن نصف الآية الطويلة إذا كان يزيد على ثلاث آيات قصار يصح على قولهما فعلى قول أبي حنيفة المكتفي بالآية أولى ح
قال في البحر وعلم من تعليلهم أن كون المقروء في كل ركعة للنصف ليس بشرط بل أن يكون البعض يبلغ ما يعد بقراءته قارئا عرفا ا هـ
أقول وينبغي أن يكون الاكتفاء بما دون الآية مفرعا على الرواية الثانية عن الإمام لأن الرواية الأولى التي تقدم أنها ظاهر الرواية لا بد من آية تامة
تأمل
تنبيه لم أر من قدر أدنى ما يكفي بحد مقدر من الآية الطويلة وظاهر كلام البحر أنه كغيره أنه موكول إلى
____________________
(1/537)
العرف لا إلى عدد حروف أقصر آية وعلى هذا لو أراد قراءة قدر ثلاث آيات التي هي واجبة عند الإمام لا بد أن يقرأ من الآية الطويلة مقدار ثلاثة أمثال مما يسمى بقراءته قارئا عرفا ولذا فرضوا المسألة بآية الكرسي وآية المداينة
وفي التاترخانية والمعراج وغيرهما لو قرأ آية طويلة كآية الكرسي أو المداينة البعض في ركعة والبعض في ركعة اختلفوا فيه على قول أبي حنيفة قيل لا يجوز لأنه ما قرأ آية تامة في كل ركعة وعامتهم على أنه يجوز لأن بعض هذه الآيات يزيد على ثلاث قصار أو يعدلها فلا تكون قراءته أقل من ثلاث آيات ا هـ
لكن التعليل الأخير ربما يفيد اعتبار العدد في الكلمات أو الحروف ويفيد قولهم لو قرأ آية تعدل أقصر سورة جاز وفي بعض العبارات تعدل ثلاثا قصارا أي كقوله تعالى { ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر } المدثر 21 22 23 وقدرها من حيث الكلمات عشر ومن حيث الحروف ثلاثون فلو
قرأ { الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم } البقرة 255 يبلغ مقدار هذه الآيات الثلاث فعلى ما قلناه لو اقتصر على هذا القدر في كل ركعة كفى عن الواجب ولم أر من تعرض لشيء من ذلك فليتأمل
مطلب في الفرق بين فرض العين وفرض الكفاية قوله ( وحفظها ) أي الآية فرض عين أي فرض ثابت على كل واحد من المكلفين بعينه كما أشار إليه في شرح التحرير حيث فرق بينه وبين فرض الكفاية بأن الثاني متحتم مقصود حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله بخلاف الأول فإنه منظور بالذات إلى فاعله حيث قصد حصوله من عين مخصوصة كالمفروض على النبي دون أمته أو من كل عين عين أي واحد واحد من المكلفين ا هـ
والظاهر أن الإضافة فيهما من إضافة الاسم إلى صفته كمسجد الجامع وحبة الحمقاء أي فرض متعين أي ثابت على كل مكلف بعينه وفرض الكفاية معناه فرض ذو كفاية أي يكتفى بحصوله من أي فاعل كان تأمل
قوله ( وحفظ جميع القرآن إلخ ) أقول لا مانع من أن يقال جميع القرآن من حيث هو يسمى فرضا كافيا وإن كان بعضه فرض عين وبعضه واجبا كما أن حفظ الفاتحة يسمى واجبا وإن كانت الآية منها فرضا أي يسقط بها الفرض فافهم
مطلب السنة تكون سنة عين وسنة كفاية قوله ( وسنة عين ) أي يسن لكل واحد من المكلفين بعينه وفيه إشارة إلى أن السنة قد تكون سنة عين وسنة كفاية ومثاله ما قالوا في صلاة التراويح إنها سنة عين وصلاتها بجماعة في كل محلة سنة كفاية
قوله ( وتعلم الفقه أفضل منهما ) أي من حفظ باقي القرآن بعد قيام البعض به ومن التنفل ومراده بالفقه ما زاد على ما يحتاج إليه في دينه وإلا فهو فرض عين ح
قوله ( وسورة ) أي أقصر سورة أو ما يقوم مقامها من ثلاث آيات قصار
قوله ( ويكره إلخ ) أي تحريما كما أنه يكره نقص شيء من السنة تنزيها كما في شرح الملتقى ط
قوله ( أي حالة قرار أو فرار ) أي حالة أمنة أو عجلة وعبر عن العجلة بالفرار بالفاء لأنها في السفر تكون غالبا من الخوف كما في شرح الشيخ إسماعيل
قوله ( كذا أطلق إلخ ) فيه أن عبارة الجامع لم يصرح فيها بقوله مطلقا وإنما ذكر فيها السفر غير مقيد فيفهم منها الإطلاق كسائر عبارات المتون وإلا لم يتأت ادعاء تقييدها بما سيأتي من التفصيل وإنما صرح المصنف بالإطلاق اختيارا لما رجحه شيخه صاحب البحر
قوله ( ورجحه في البحر إلخ ) اعلم أنه ذكر
____________________
(1/538)
في الهداية أن المسافر يقرأ بفاتحة الكتاب وأي سورة شاء ثم قال وهذا إذا كان على عجلة من السير فإن كان في أمنة وقرار يقرأ في الفجر نحو سورة البروج وانشقت لأنه لا يمكنه مراعاة السنة مع التخفيف
ورده في البحر بأنه لا أصل له يعتمد عليه في الرواية والدراية أما الأول فلأن إطلاق المتون تبعا للجامع الصغير يعم حالة الأمن أيضا وأما الثاني فلأنه إذا كان على أمن صار كالمقيم فينبغي أن يراعي السنة والسفر وإن كان مؤثرا في التخفيف لكن التحديد بقدر سورة البروج لا بد له من دليل ولم ينقل ا هـ
وهو ملخص من الحلية
وأجاب في النهر بما حاصله أن السنة للمقيم في قراءة الفجر أن تكون من طوال المفصل وأن لا ينقص مقدار الآية المقروءة من حيث العدد عن أربعين آية في الركعتين بل تكون من أربعين إلى مائة كما سيأتي مع ما لنا فيه من البحث والمسافر إذا كان في أمنة وقرار وإن كان مثل المقيم لكن للسفر تأثير في التخفيف عنه مطلقا ولذا يجوز له الفطر وإن كان في أمنة فناسب أن يقرأ نحو سورة البروج والانشقاق مما هو من طوال المفصل وإن لم يبلغ المقدار الخاص وهذا معنى قول الهداية لإمكان مراعاة السنة مع التخفيف أي التخفيف بعدم اعتبار العدد الخاص بعد حصول سنة القراءة من طوال المفصل فليس مراده التحديد بعدد آيات السورتين بل كونهما من طوال المفصل أي وسنية القراءة في الفجر من طوال المفصل مسلمة لا تحتاج إلى دليل ثم إن ما في الهداية قد أقره عليه شراحها والزيلعي وغيره وذلك دليل على تقييد إطلاق ما في المتون والجامع ا هـ
أقول هذا إنما يتم إذا كان قول الهداية يقرأ في الفجر نحو سورة البروج وانشقت معناه أنه يقرأ في الركعتين واحدة منهما لا كلا منهما وإلا لم يحصل تخفيف من حيث العدد لأن الانشقاق خمس وعشرون آية والبروج اثنان وعشرون ويؤيد ذلك قول المنية يقرأ سورة البروج أو مثلها فإنه ظاهر في أن المراد قراءة سورة البروج في الركعتين لكن في كون سورة البروج من طوال المفصل كلام ستعرفه فلذا حمل التخفيف في شرح المنية على جعل الأوسط في الحضر طويلا في السفر ومثله قول صاحب المجمع في شرحه فيقرأ بأوساط المفصل رعاية للسنة مع التخفيف وعليه مشى في الشرنبلانية لكن هذا الحمل لا يناسب ما في الهداية لأن الانشقاق من طوال المفصل
وقد يقال إن التخفيف من جهة الاكتفاء بسورة واحدة من المفصل في الركعتين كما اقتضاه ظاهر كلام المنية المذكور لأن السنة في الحضر في كل ركعة سورة تامة كما يأتي
تأمل
قوله ( وجوبا ) أشار به إلى دفع ما أورده في النهر بأنه لو قال بعد الفاتحة أي سورة شاء لكان أولى يوهم أن قراءة الفاتحة سنة فصرح بقوله وجوبا لدفع التوهم المذكور لأن المعنى أن سنة القراءة في السفر أي سورة شاء مضمومة إلى الفاتحة الواجبة فالمقصود بيان التخيير في السور بعد الفاتحة وإلا ورد أن السورة واجبة أيضا
قوله ( وفي الضرورة بقدر الحال ) أي سواء كان في الحضر أو السفر وإطلاقه يشمل الفاتحة وغيرها لكن في الكافي فإن كان في السفر في حالة الضرورة بأن كان على عجلة من السير أو خائفا من عدو أو لص يقرأ الفاتحة وأي سورة شاء وفي الحضر في حالة الضرورة بأن خاف فوت الوقت يقرأ ما لا يفوته الوقت ا هـ
ولقائل أن يقول لا يختص التخفيف للضرورة بالسورة فقط بل كذلك الفاتحة كما إذا اشتد خوفه من عدو فقرأ آية مثلا ولا يكون مسيئا كذا في الشرنبلانية
____________________
(1/539)
أقول وقول الكافي بقدر ما لا يفوته الوقت يشمل الفاتحة فله أن يقرأ في كل ركعة بآية إن خاف فوت الوقت بالزيادة
وهل هو في كل صلاة أو خاص بالفجر فيه خلاف حكاه في القنية
وقال في آخر شرح المنية وقيل يراعى سنة القراءة في غير الفجر وإن خرج الوقت
والأظهر أن يراعى قدر الواجب في غيرها لأن الإخلال به مفسد عند بعض الأئمة بخلاف خروج الوقت ا هـ أي فإنه في غير الفجر غير مفسد اتفاقا ثم ذكر أن له الاقتصار على الفاتحة وتسبيحة واحدة وترك الثناء والتعوذ في سنة الفجر أو الظهر لو خاف فوت الجماعة لأنه إذا جاز ترك السنة لإدراك الجماعة فترك سنة السنة أولى ا هـ
قوله ( ذكره الحلبي ) ونقله الزاهدي في القنية عن المجرد بقوله قال أبو حنيفة والذي يصلي وحده بمنزلة الإمام في جميع ما وصفنا من القراءة سوى الجهر
قال الزاهدي وهذا نص على أن القراءة المسنونة يستوي فيها الإمام المنفرد والناس عنه غافلون
قله ( طوال المفصل ) بكسر الطاء جمع طويل ككريم وكرام واقتصر عليه في الصحاح
وأما بالضم فالرجل الطويل كما صرح به ابن مالك في مثلثه والمفصل بفتح الصاد المهملة هو السبع السابع من القرآن يسمي به لكثرة فصله بالبسملة أو لقلة المنسوخ منه ولهذا يسمى بالمحكم أيضا
واختلف في قوله قال في البحر والذي عليه أصحابنا أنه من الحجرات ا هـ
قال الرملي ونظم ابن أبي شريف الأقوال فيه بقوله مفصل قرآن بأوله أتى خلاف فصافات وقاف وسبح وجاثية ملك وصف قتالها وفتح ضحى حجراتها ذا المصحح وزاد السيوطي في الاتقان قولين فأوصلهما إلى اثني عشر قولا الرحمن والإنسان
قوله ( إلى آخر البروج ) عزاه في الخزائن إلى شرح الكنز للشيخ باكير وقال بعده وفي النهر لا يخفى دخول الغاية في المغيا هنا ا هـ
فالبروج من الطوال وهو مفاد عبارة الهدية المذكورة آنفا لكن مفاد ما نقلناه بعدها عن شرح المنية وشرح المجمع أنها من الأوساط ونقله في الشرنبلالية عن الكافي بل نقل القهستاني عن الكافي خروج الغاية الأولى والثانية وعليه فسورة لم يكن من القصار وتوقف في ذلك كله صاحب الحلية وقال العبارة لا تفيد ذلك بل يحتاج إلى ثبت في ذلك من خارج والله أعلم أي لأن الغاية تحتمل الدخول والخروج فافهم
قوله ( في الفجر والظهر ) قال في النهر هذا مخالف لما في منية المصلي من أن الظهر كالعصر لكن الأكثر على ما عليه المصنف ا هـ
قوله ( وباقيه ) أي باقي المفصل
قوله ( أي في كل ركعة سورة مما ذكر ) أي من الطوال والأوساط والقصار ومقتضاه أنه لا نظر إلى مقدار معين من حيث عدد الآيات مع أنه ذكر في النهر أن القراءة من المفصل سنة والمقدار المعين سنة أخرى
ثم قال وفي الجامع الصغير يقرأ في الفجر في الركعتين سورة الفاتحة وقدر أربعين أو خمسين واقتصر في الأصل على الأربعين
وفي المجرد ما بين الستين إلى المائة والكل ثابت من فعله عليه الصلاة والسلام ويقرأ في العصر والعشاء خمسة عشر في الركعتين في ظاهر الرواية كذا في شرح الجامع لقاضيخان وجزم به في الخلاصة
وفي المحيط وغيره يقرأ عشرين وفي المغرب خمس آيات في كل ركعة ا هـ
أقول كون المقروء من سور المفصل على الوجه الذي ذكره المصنف هو المذكور في المتون كالقدوري
____________________
(1/540)
والكنز والمجمع والوقاية والنقاية وغيرها وحصر المقروء بعدد على ما ذكره في النهر والبحر مما علمته مخالف لما في المتون من بعض الوجوه
كما نبه عليه في الحلية فإنه لو قرأ في الفجر أو الظهر سورتين من طوال المفصل تزيدان على مائة آية كالرحمن والواقعة أو قرأ في العصر أو العشاء سورتين من أوساط المفصل تزيدان على عشرين أو ثلاثين آية كالغاشية والفجر يكون ذلك موافقا للسنة على ما في المتون لا على الرواية الثانية ولا تحصل الموافقة بين الروايتين إلا إذا كانت السورتان موافقة للعدد المذكور ويلزم على ما مر عن النهر من أن المقدار المعين سنة أخرى أن تكون قراءة السورتين الزائدتين على ذلك المقدار خارجة عن السنة إلا أن يقتصر من كل سورة منهما على ذلك المقدار مع أنهم صرحوا بأن الأفضل في كل ركعة الفاتحة وسورة تامة
فالذي ينبغي المصير إليه أنهما روايتان متخالفتان اختار أصحاب المتون إحداهما ويؤيده أنه في متن الملتقى ذكر أولا أن السنة في الفجر حضرا أربعون آية أو ستون ثم قال واستحسنوا طوال المفصل فيها وفي الظهر إلخ
فذكر أن الثاني استحسان فيترجح على الرواية الأولى لتأيده بالأثر الوارد عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري أن اقرأ في الفجر والظهر بطوال المفصل وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل وفي المغرب بقصار المفصل
قال في الكافي وهو كالمروي عن النبي لأن المقادير لا تعرف إلا سماعا ا هـ
قوله ( واختار في البدائع عدم التقدير إلخ ) وعمل الناس اليوم على ما اختاره في البدائع
رملي
والظاهر أن المراد عدم التقدير بمقدار معين لكل أحد وفي كل وقت كما يفيده تمام العبارة بل تارة يقتصر على أدنى ما ورد كأقصر سورة من طوال المفصل في الفجر أو أقصر سورة من قصاره عند ضيق وقت أو نحوه من الأعذار لأنه عليه الصلاة والسلام قرأ في الفجر بالمعوذتين لما سمع بكاء صبي خشية أن يشق على أمه
وتارة يقرأ أكثر ما ورد إذا لم يمل القوم فليس المراد إلغاء الوارد ولو بلا عذر ولذا قال في البحر عن البدائع والجملة فيه أنه ينبغي للإمام أن يقرأ مقدار ما يخف على القوم ولا يثقل عليهم بعد أن يكون على التمام وهكذا في الخلاصة ا هـ
قوله ( والإمام ) أي من حيث حسن صوته وقبحه
قوله ( وفي الحجة ) اسم كتاب من كتب الفتاوى
قوله ( بين بين ) أي بأن تكون بين الترسل والإسراع
قوله ( ليلا ) لعل وجه التقيد به أن عادة المتهجدين كثرة القراءة في تهجدهم فلهم الإسراع ليحصلوا وردهم من القراءة
تأمل
قوله ( كما يفهم ) أي بعد أن يمد أقل مد قال به القراء وإلا حرم لترك الترتيل المأمور به شرعا ط
قوله ( ويجوز بالروايات السبع ) بل يجوز بالعشر أيضا كما نص عليه أهل الأصول ط
قوله ( بالغريبة ) أي بالروايات الغريبة والإمالات لأن بعض السفهاء يقولون ما لا يعلمون فيقعون في الإثم والشقاء ولا ينبغي للأئمة أن يحملوا العوام على ما فيه نقصان دينهم ولا يقرأ عندهم مثل قراءة أبي جعفر وابن عامر وعلي بن حمزة الكسائي صيانة لدينهم فلعلهم يستخفون أو يضحكون وإن كان كل القراءات والروايات صحيحة فصيحة ومشايخنا اختاروا قراءة أبي عمرو وحفص عن عاصم ا هـ من التاترخانية عنفتاوى الحجة
قوله ( وتطال إلخ ) أي يطيلها الإمام وهي مسنونة
____________________
(1/541)
إجماعا إعانة على إدراك الركعة الأولى لأن قوت الفجر وقت نوم وغفلة وقد علم من التقييد بالإمام ومن التعليل أن المنفرد يسوي بين الركعتين في الجميع اتفاقا
شرح المنية
أقول وبما مر من أن الإطالة المذكورة مسنونة إجماعا
ومثله في التاترخانية علم أن ما في شرح الملتقى للبهنسي من أنها واجبة إجماعا غريب أو سبق قلم
وقال تلميذه البقاني في شرح الملتقى لم أجده في الكتب المشهورة في المذهب
قوله ( بقدر الثلث ) بأن تكون زيادة ما في الأولى على ما في الثانية بقدر ثلث مجموع ما في الركعتين كما في الكافي حيث قال الثلثان في الأولى والثلث في الثانية ومثله في الحلية والبحر والدرر
قوله ( وقيل النصف ) كذا في الحلية معزيا إلى المحبوبي وحكاه في البحر عن الخلاصة لكن عبارة الخلاصة لا تفيده لأن عبارتها هكذا وحد الإطالة في الفجر أن يقرأ في الركعة الثانية من عشرين إلى ثلاثين وفي الأولى من ثلاثين إلى ستين ا هـ
وأرجع المحشي القول بالنصف إلى القول الأول لأن المراد نصف المقروء في الأولى وهو ثلث المجموع فلا وجه لعده مقابلا له وأطال في ذلك فراجعه لكن قد يقال إن مراد الخلاصة التخيير بين جعل الزيادة بقدر نصف ما في الأولى أو نصف ما في الثانية فإنه إذا قرأ في الأولى ثلاثين وفي الثانية عشرين فالزيادة بقدر نصف ما في الثانية
ولو قرأ في الأولى ستين وفي الثانية ثلاثين فالزيادة بقدر نصف ما في الأولى وبهذا يغاير القول الأول فتأمل
قوله ( ندبا ) راجع للقولين يعني أن هذا التقدير في كل بيان للأولى فإن لم يراعه فهو خلاف الأولى وهو معنى قوله لا بأس به ح قوله ( فلو فحش ) بأن قرأ في الأولى بأربعين وفي الثانية بثلاث آيات لا بأس به وبه ورد الأثر كذا في الذخيرة وغيرها
قوله ( فقط ) لما احتمل أن يكون الفجر مجرد مثال لا للتقييد أردفه بقوله كذا في النهر
قوله ( حتى التراويح ) عزاه في الخزائن إلى الخانية
وظاهر هذا أن الجمعة والعيدين على الخلاف كما في جامع المحبوبي لكن في نظم الزندويستي الاتفاق على تسوية القراءة فيهما وأيده في الحلية بالأحاديث الواردة المقتضية لعدم إطالة الأولى على الثانية فيهما
قوله ( قيل وعليه الفتوى ) قائله في معراج الدراية ومثله في المجتبى
وفي التتارخانية عن الحجة وهو المأخوذ للفتوى وفي الخلاصة إنه أحب وجنح إليه في فتح القدير لما رواه البخاري من أنه عليه الصلاة والسلام كان يطول في الركعة الأولى أي من الظهر ما لا يطول في الثانية وهكذا في العصر وهكذا في لصبح ونازعه في شرح المنية بأنه محمول على الإطالة من حيث الثناء والتعوذ وبما دون ثلاث آيات ضرورة التوفيق بينه وبين ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري حيث قال فحزرنا قيامه في الظهر في كل ركعة قدر ثلاثين آية فإنه أفاد التسوية بين الركعتين ا هـ
وقال في الحلية بعد أن حقق دليلهما فيظهر على هذا أن قولهما أحب لا قوله وأن الأولى كون الفتوى على قولهما لا قوله وأقره في البحر والشرنبلالية واعتمد قولهما في الكنز والملتقى والمختار والهداية فلذا اعتمده المصنف أيضا
قوله ( إن تقاربت إلخ ) ذكر هذا في الكافي في المسألة التي قبل هذه واعتبره في شرح المنية في هذه المسألة أيضا كما يأتي في عبارته
____________________
(1/542)
والحاصل أن سنية إطالة الأولى على الثانية وكراهية العكس إنما تعتبر من حيث عدد الآيات إن تقاربت الآيات طولا وقصرا فإن تفاوتت تعتبر من حيث الكلمات فإذا قرأ في الأولى من الفجر عشرين آية طويل وفي الثانية منها عشرين آية قصيرة تبلغ كلماتها قدر نصف كلمات الأولى فقد حصل السنة ولو عكس يكره
وإنما ذكر الحروف للإشارة إلى أن المعتبر مقابلة كل كلمة بمثلها في عدة الحروف فالمعتبر عدد الحروف لا الكلمات فلو اقتصر الشارح على الحروف أو عطفها على الكلمات كما فعل في الكافي لكان أولى
قوله ( واعتبر الحلبي فحش لطول إلخ ) كما لو قرأ في الأولى والعصر وفي الثانية الهمزة فرمز في القنية أولا أنه لا يكره ثم رمز ثانيا أنه يكره وقال لأن الأولى ثلاث آيات والثانية تسع وتكره الزيادة الكثير
وأما ما روي أنه عليه الصلاة والسلام قرأ في الأولى من الجمعة بسبح ربك لأعلى وفي الثانية هل أتاك حديث لغاشية فزاد على الأولى بسبع لكن السبع في السور الطوال يسير دون القصار لأن الست هنا ضعف الأصل والسبع ثمة أقل من نصفه ا هـ أي أن الست الزائدة في الهمزة ضعف سورة العصر بخلاف السبع الزائدة في الغاشية فإنها أقل من نصف سورة الأعلى فكانت يسيرة
قال الحلبي في شرح المنية وعلم من كلام القنية أن ثلاث آيات إنما تكره في السورة القصار لظهور الطول فيها بذلك ظهورا بينا وهو حسن إلا أنه ربما يتوهم منه أنه متى كانت الزيادة بما دون النصف لا تكره وليس كذلك بل الذي ينبغي أن الزيادة إذا كانت ظاهرة ظهورا تاما تكره وإلا فلا لزوم للحرج في التحرز عن الخفية ولورود مثل هذا في الحديث ولا تغفل عما تقدم من أن التقدير بالآيات إنما يعتبر عند تقاربها وأما عند تفاوتها فالمعتبر التقدير بالكلمات أو الحروف وإلا فألم نشرح ثمان آيات و لم يكن ثمان آيات ولا شك أنه لو قرأ الأولى في الأولى والثانية في الثانية يكره لما قلنا من ظهور الزيادة والطول وإن لم يكن من حيث الآي لكنه من حيث الكلم والحروف وقس على هذا ا هـ كلام شرح المنية للحلبي
والذي تحصل من مجموع كلامه وكلام القنية أن إطلاق كراهة إطالة الثانية بثلاث آيات مقيد بالسور القصيرة المتقاربة الآيات لظهور الإطالة حينئذ فيها أما السور الطويلة أو القصيرة المتفاوتة فلا يعتبر العدد فيهما بل يعتبر ظهور الإطالة من حيث الكلمات وإن اتحدت آيات السورتين عددا هذا ما فهمته والله تعالى أعلم
قوله ( واستثنى في البحر ما وردت به السنة ) أي كقراءته عليه الصلاة والسلام في الجمعة والعيدين في الأولى بالأعلى وفي الثانية بالغاشية فإنه ثبت في الصحيحين مع أن الأولى تسع عشرة آية والثانية ستة وعشرون
وعلى ما مر عن شرح المنية لا حاجة إلى الاستثناء لأن هاتين السورتين طويلتان ولا تفاوت ظاهر بينهما من حيث الكلمات والحروف بل هما متقاربتان
قوله ( مطلقا ) أي وردت بأنه السنة أولا بقرينة ما قبله ولأن عبارة البحر هكذا وقيد بالفرض لأنه يسوي في السنن والنوافل بين ركعاتها في القراءة وإلا فيما ورد به السنة أو الأثر كذا في منية المصلي وصرح في المحيط بكراهة تطويل ركعة من التطوع ونقص أخرى وأطلق في جامع المحبوبي عدم كراهة إطالة الأولى على الثانية في السنن والنوافل لأن أمرها سهل واختاره أبو اليسر ومشى عليه في خزانة الفتاوى فكان الظاهر عدم الكراهة ا هـ
فقول البحر وأطلق في جامع المحبوبي إلخ واستظهار له قرينة واضحة على أنه أراد خلاف ما في المنية من التقييد بما وردت به السنة نعم كلامه في إطالة الأولى على الثانية فقط دون العكس فكان على الشارح ذكر ذلك عند قوله وتطال أولى الفجر قال في شرح المنية والأصح كراهة إطالة الثانية
____________________
(1/543)
على الأولى في النفل أيضا إلحاقا له بالفرض فيما لم يرد به تخصيص من التوسعة كجوازه قاعدا بلا عذر ونحوه
وأما إطالة الثالثة على الثانية والأولى فلا تكره لما أنه شفع آخر ا هـ
قوله ( صلى بالمعوذتين ) يعني في صلاة الفجر والسورة الثانية أطول من الأولى بآية
وفي الاحتراز عن هذا التفاوت حرج وهو مدفوع شرعا فجعل زيادة ما دون ثلاث آيات أو نقصانه كالعدم فلا يكره ح عن الحلية
قوله ( على طريق الفرضية ) أي بحيث لا تصح الصلاة بدونه كما يقول الشافعي في الفاتحة
قوله ( ويكره التعيين إلخ ) هذه المسألة مفرعة على ما قبلها لأن الشارع إذا لم يعين عليه شيئا تيسيرا عليه كره له أن يعين وعلله في الهداية بقوله لما فيه من هجر الباقي وإيهام التفضيل
قوله ( بل يندب قراءتها أحيانا ) قال في جامع الفتاوى وهذا إذا صلى الوتر بجماعة وإن صلى وحده يقرأ كيف شاء ا هـ
وفي فتح القدير لأن مقتضى الدليل عدم المداومة لا المداومة على العدم كما يفعله حنفية العصر فيستحب أن يقرأ ذلك أحيانا تبركا بالمأثور فإن لزوم الإيهام ينتفي بالترك أحيانا ولذا قالوا السنة أن يقرأ في ركعتي الفجر بالكافرون والإخلاص
وظاهر هذا إفادة المواظبة إذ الإيهام المذكور منتف بالنسبة إلى المصلي نفسه ا هـ
ومقتضاه اختصاص الكراهة بالإمام
ونازعه في البحر بأن هذا مبني على أن العلة إيهام التفضيل والتعيين أما على ما علل به المشايخ من هجر الباقي فلا فرق في كراهة المداومة بين المنفرد والإمام والسنة والفرض فتركه المداومة مطلقا لما صرح به في غاية البيان من كراهة المواظبة على قراءة السور الثلاث في الوتر أعم من كونه في رمضان إماما أو لا ا هـ
وأجاب في النهر بأنه قد علل بهما المشايخ والظاهر أنهما علة واحدة لا علتان فيتجه ما في الفتح
أقول على أنه في غاية البيان لم يصرح بالتعميم المذكور
وأيضا فإن إيهام هجر الباقي يزول بقراءته في صلاة أخرى
وأيضا ذكر في وتر البحر عن النهاية أنه لا ينبغي أن يقرأ سورة متعينة على الدوام لئلا يظن بعض الناس أنه واجب ا هـ فهذا يؤيد ما في الفتح أيضا
هذا وقيد الطحاوي والاسبيجابي الكراهة بما إذا رأى ذلك حتما لا يجوز غيره أما لو قرأه للتيسير عليه أو تبركا بقراءته عليه الصلاة والسلام فلا كراهة لكن بشرط أن يقرأ غيرها أحيانا لئلا يظن الجاهل أن غيرها لا يجوز
واعترضه في الفتح بأنه لا تحرير فيه لأن الكلام في المداومة ا هـ
وأقول حاصل معنى كلام هذين الشيخين بيان وجه الكراهة في المداومة وهو أنه إن رأى ذلك حتما يكره من حيث تغيير المشروع وإلا يكره من حيث إيهام الجاهل وبهذا الحمل يتأيد أيضا كلام الفتح السابق ويندفع اعتراضه اللاحق فتدبر
قوله ( ولا الفاتحة ) بالنصب معطوف على محذوف تقديره لا غير الفاتحة ولا الفاتحة وقوله في السرية يعلم منه نفي في الجهرية بالأولى والمراد التعريض بخلاف الإمام الشافعي ويرد ما نسب لمحمد
قوله ( اتفاقا ) أي بين أئمتنا الثلاثة
قوله ( وما نسب لمحمد ) أي من استحباب قراءة الفاتحة في السرية احتياطا
قوله ( كما بسطه الكمال ) حاصله أن محمدا قال في كتابه الآثار لا نرى القراءة خلف الإمام في شيء من الصلوات يجهر فيه أو يسر ودعوى الاحتياط ممنوعة بل الا حتياط ترك القراءة لأنه العمل بأقوى الدليلين
وقد روي
____________________
(1/544)
الفساد بالقراءة عن عدة من الصحابة فأقواهما المنع
قوله ( أنها تفسد ) هذا مقابل الأصح
قوله ( وهو ) أي الفساد لمفهوم من تفسد
قوله ( مروي عن عدة من الصحابة ) قال في الخزائن وفي الكافي ومنع المؤتم من القراءة مأثور عن ثمانين نفرا من كبار الصحابة منهم المرتضى والعبادلة وقد دون أهل الحديث أساميهم
قوله ( وينصت إذا أسر ) وكذا إذا جهر بالأولى
قال في البحر وحاصل الآية أن المطلوب بها أمران الاستماع والسكوت فيعمل بكل منهما والأول يخص الجهرية والثاني لا فيجري على إطلاقه فيجب السكوت عند القراءة مطلقا ا هـ
قوله ( آية ترغيب ) أي في ثوابه تعالى أو ترهيب أي تخويف من عقابه تعالى فلا يسأل الأول ولا يستعيذ من الثاني
قال في الفتح لأن الله تعالى وعده بالرحمة إذا استمع ووعده حتم وإجابة دعاء المتشاغل عنه غير مجزوم بها
قوله ( وما ورد ) أي عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إلى أن قال وما مر بآية رحمة إلا وقف عندها فسأل ولا بآية عذاب إلا وقف عندها وتعوذ أخرجه أبو داود وتمامه في الحلية
قوله ( حمل على النفل منفردا ) أفاد أن كلا من الإمام والمقتدي في الفرض أو النفل سواء
قال في الحلية أما الإمام في الفرائض فلما ذكرنا منه أنه لم يفعله فيها وكذا الأئمة من بعده إلى يومنا هذا فكان من المحدثات ولأنه تثقيل على القوم فيكره
وأما في التطوع فإن كان في التراويح فكذلك وإن كان في غيرها من نوافل الليل التي اقتدى به فيها واحد أو اثنان فلا يتم ترجح الترك على الفعل لما روينا أي من حديث حذيفة السابق اللهم إلا إذا كان في ذلك تثقيل على المقتدي وفيه تأمل
وأما المأموم فلأن وظيفته الاستماع والإنصات فلا يشتغل بما يخله لكن قد يقال إنما يتم ذلك في المقتدي في الفرائض والتراويح أما المقتدي في النافلة المذكورة إذا كان إمامه يفعله فلا لعدم الإخلال بما ذكر فليحمل على ما عدا هذه الحالة ا هـ
قوله ( كما مر ) أي نظير ما مر في فصل ترتيب أفعال الصلاة من حمل ما ورد من الأدعية في الركوع والرفع منه وفي السجدتين والجلسة بينهما على المتنفل وأما مسألتنا هذه فلم تمر فافهم
قوله ( فلا يأتي بما يفوت الاستماع إلخ ) سيأتي في باب الجمعة أن كل ما حرم في الصلاة حرم في الخطبة فيحرم أكل وشرب وكلام ولو تسبيحا أو رد سلام أو أمرا بمعروف إلا من الخطيب لأن الأمر بالمعروف منها بلا فرق بين قريب وبعيد في الأصح
ولا يرد تحذير من خيف هلاكه لأنه يجب لحق آدمي وهو محتاج إليه والإنصات لحقه تعالى ومبناه على المسامحة والأصح أنه لا بأس بأن يشير برأسه أو يده عند رؤية منكر وكذا يجب الاستماع لسائر الخطب كخطبة نكاح وختم وعيد على المعتمد ا هـ
قوله ( وينصت بلسانه ) عطف تفسير لقوله بنفسه وهذا مروي عن أبي يوسف وفي جمعة الفتح أنه الصواب قوله ( في افتراض الإنصات ) عبر بالافتراض تبعا للهداية
وعبر في النهر بالوجوب قال ط وهو الأولى لأن تركه مكروه تحريما
____________________
(1/545)
فروع في القراءة خارج الصلاة قوله ( يجب الاستماع للقراءة مطلقا ) أي في الصلاة وخارجها لأن الآية وإن كانت واردة في الصلاة على ما مر فالعبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب ثم هذا حيث لا عذر ولذا في القنية صبي يقرأ في البيت وأهله مشغولون بالعمل يعذرون في ترك الاستماع إن افتتحوا العمل قبل القراءة وإلا فلا وكذا قراءة الفقه عند قراءة القرآن
وفي الفتح عن الخلاصة رجل يكتب الفقه ويجنبه رجل يقرأ القرآن فلا يمكنه استماع القرآن فالإثم على القارىء وعلى هذا لو قرأ على السطح والناس نيام يأثم ا هـ أي لأنه يكون سببا لإعراضهم عن استماعه أو لأنه يؤذيهم بإيقاظهم
تأمل
مطلب الإستماع للقرآن فرض كفاية وفي شرح المنية والأصل أن الاستماع للقرآن فرض كفاية لأنه لإقامة حقه بأن يكون ملتفتا إليه غير مضيع وذلك يحصل بإنصات البعض كما في رد السلام حين كان لرعاية حق المسلم كفى فيه البعض عن الكل إلا أنه يجب على القارىء احترامه بأن لا يقرأه في الأسواق ومواضع الاشتغال فإذا أقره فيها كان هو المضيع لحرمته ليكون الإثم عليه دون أهل الاشتغال دفعا للحرج وتمامه في ط ونقل الحموي عن أستاذه قاضي القضاة يحيى الشهير بمنقاري زاده أن له رسالة حقق فيها أن استماع القرآن فرض عين
قوله ( لا بأس أن يقرأ سورة إلخ ) أفاد أنه يكره تنزيها وعليه يحمل جزم القنية بالكراهة ويحمل فعله عليه الصلاة والسلام لذلك على بيان الجواز هذا إذا لم يضطر فإن اضطر بأن قرأ في الأولى { قل أعوذ برب الناس } الناس 1 أعادها في الثانية إن لم يختم
نهر
لأن التكرار أهون من القراءة منكوسا بزازية
وأما لو ختم القرآن في ركعة فيأتي قريبا أنه يقرأ من البقرة
قوله ( وأن يقرأ في الأولى من محل إلخ ) قال في النهر وينبغي أن يقرأ في الركعتين آخر سورة واحدة لا آخر سورتين فإنه مكروه عند الأكثر ا هـ
لكن في شرح المنية عن الخانية الصحيح أنه لا يكره وينبغي أن يراد بالكراهة المنفية التحريمية فلا ينافي كلام الأكثر ولا قول الشارح لا بأس
تأمل
ويؤيده قول شرح المنية عقب ما مر
وكذا لو قرأ في الأولى من وسط سورة أو من سورة أولها ثم قرأ في الثانية من وسط سورة أخرى أو من أولها أو سورة قصيرة الأصح أنه لا يكره لكن الأولى أن لا يفعل من غير ضرورة ا هـ
قوله ( ولو من سورة الخ ) واصل بما قبله أي ولو قرأ من محلين بأن انتقل من آية إلى أخرى من سورة واحدة لا يكره إذا كان بينهما آيتان فأكثر لكن الأولى أن لا يفعل بلا ضرورة لأنه يوهم الإعراض والترجيح بلا مرجح
شرح المنية
وإنما فرض المسألة في الركعتين لأنه لو انتقل في الركعة الواحدة من آية إلى آية يكره وإن كان بينهما آيات بلا ضرورة فإن سها ثم تذكر يعود مراعاة لترتيب الآيات
شرح المنية
قوله ( ويكره الفصل بسورة قصيرة ) أما بسورة طويلة بحيث يلزم منه إطالة الركعة الثانية إطالة كثيرة فلا يكره
شرح المنية كما إذا كانت سورتان قصيرتان وهذا لو في ركعتين أما في ركعة فيكره الجمع بين سورتين بينهما سور أو سورة
فتح
وفي التاترخانية إذا جمع بين سورتين في ركعة رأيت في موضع أنه لا بأس به
وذكر شيخ الإسلام لا ينبغي له أن يفعل على ما هو ظاهر الرواية ا هـ
وفي شرح المنية الأولى أن لا يفعل في الفرض ولو فعل لا يكره إلا أن يترك بينها سورة أو أكثر
قوله ( وأن يقرأ منكوسا ) بأن يقرأ في الثانية
____________________
(1/546)
سورة أعلى مما قرأ في الأولى لأن ترتيب السور في القراءة من واجبات التلاوة وإنما جوز للصغار تسهيلا لضرورة التعليم ط
قوله ( إلا إذا ختم الخ ) قال في شرح المنية وفي الولوالجية من يختم القرآن في الصلاة إذا فرغ من المعوذتين في الركعة الأولى يركع ثم يقرأ في الثانية بالفاتحة وشيء من سورة البقرة لأن النبي قال خير الناس الحال المرتحل أي الخاتم المفتتح ا هـ
قوله ( وفي الثانية ) في بعض النسخ وبدأ في الثانية والمعنى عليها
قوله ( ألم تر أو تبت ) أي نكس أو فصل بسورة قصيرة ط
قوله ( ثم ذكر يتم ) أفاد أن التنكيس أو الفصل بالقصيرة إنما يكره إذا كان عن قصد فلو سهوا فلا كما في شرح المنية
وإذا انتفت الكراهة فإعراضه عن التي شرع فيها لا ينبغي
وفي الخلاصة افتتح سورة وقصده سورة أخرى فلما قرأ آية أو آيتين أراد أن يترك تلك السورة ويفتتح التي أرادها يكره ا هـ
وفي الفتح ولو كان أي المقروء حرفا واحدا
قوله ( ولا يكره في النفل شيء من ذلك ) عزاه في الفتح إلى الخلاصة ثم قال وعندي في هذه الكلية نظر فإنه نهى بلالا رضي الله عنه عن الانتقال من سورة إلى سورة وقال له إذا ابتدأت سورة فأتمها على نحوها حين سمعه ينتقل من سورة إلى سورة في التهجد ا هـ
واعترض ح أيضا بأنهم نصوا بأن القراءة على الترتيب من واجبات القراءة فلو عكسه خارج الصلاة يكره فكيف لا يكره في النفل تأمل
وأجاب ط بأن النفل لاتساع بابه نزلت كل ركعة منه فعلا مستقلا فيكون كما لو قرأ إنسان سورة ثم سكت ثم قرأ ما فوقها فلا كراهة فيه
قوله ( وثلاث ) كذا في بعض النسخ على أنه مبتدأ بتقدير مضاف وما بعده خبر أي وقراءة ثلاث آيات الخ وفي بعضها وبثلاث بزيادة الباء قال ح أي والصلاة بثلاث آيات الخ
قوله ( أفضل الخ ) لعله لأن التحدي والإعجاز وقع بذلك القدر لا بالآية والأفضلية ترجع إلى كثرة الثواب ط
قوله ( وفي سورة ) خبر مقدم وقوله العبرة للأكثر مبتدأ مؤخر أي الأكثر آيات كما في شرح المنية عن الخانية
قوله ( وبسطناه في الخزائن ) أي بسط ما ذكر من هذه الفروع مع زيادة عليها ذكرناها في أثناء الكلام وتمام مسائل أحكام القراءة في الصلاة وخارجها مبسوط في شرح المنية وبعضها في فتح القدير والله تعالى أعلم
باب الإمامة هي مصدر قولك فلان أم الناس صار لهم إماما يتبعونه في صلاته فقط أو فيها وفي أوامره ونواهيه والأول ذو الإمامة الصغرى والثاني ذو الإمامة الكبرى والباب هنا معقود للأولى
ولما كانت الثانية من المباحث الفقهية حقيقة لأن القيام بها من فروض الكفاية وكانت الأولى تابعة لها ومبنية عليها تعرض لشيء من مباحثها هنا وبسط في علم الكلام وإن لم تكن منه بل من متمماته لظهور اعتقادات فاسدة فيها من أهل البدع كالطعن في الخلفاء الراشدين ونحو ذلك
____________________
(1/547)
مطلب شروط الإمامة الكبرى قوله ( فالكبرى استحقاق تصرف عام على أي على الخلق وهو متعلق بتصرف لا باستحقاق لأن المستحق عليهم طاعة الإمام لا تصرفه ولا بعام إذ المتعارف أن يقال عام بكذا لا عليه
وعرفها في المقاصد بأنها رياسة عامة في الدين والدنيا خلافة عن النبي لتخرج النبوة لكن النبوة في الحقيقة غير داخلة لأنها بعثة بشرع كما يعلم من تعريف النبي واستحقاق النبي التصرف العام إمامة مترتبة على النبوة فهي داخلة في التعريف دون ما ترتبت عليه أعني النبوة وخرج بقيد العموم مثل القضاء والإمارة
ولما كانت الرياسة عند التحقيق ليست إلا استحقاق التصرف إذ معنى نصب أهل الحل والعقد للإمام ليس إلا إثبات هذا الاستحقاق عبر بالاستحقاق كذا أفاده العلامة الكمال ابن أبي شريف في شرحه على كتاب المسايرة لشيخه المحقق الكمال ابن الهمام
قوله ( ونصبه ) أي الإمام المفهوم من المقام
قوله ( أهم الواجبات ) أي من أهمها لتوقف كثير من الواجبات الشرعية عليه ولذا قال في العقائد النسفية والمسلمون لا بد لهم من إمام يقوم بتنفيذ أحكامهم وإقامة حدودهم وسد ثغورهم وتجهيز جيوشهم وأخذ صدقاتهم وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق وإقامة الجمع والأعياد وقبول الشهادات القائمة على الحقوق وتزويج الصغار والصغائر الذين لا أولياء لهم وقسمة الغنائم ا هـ
قوله ( فلذا قدموه إلخ ) فإنه توفي يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء أو ليلة الأربعاء أو يوم الأربعاء ح عن المواهب وهذه السنة باقية إلى الآن لم يدفن خليفة حتى يولى غيره ط
قوله ( ويشترط كونه مسلما إلخ ) أي لأن الكافر لا يلي على المسلم ولأن العبد لا ولاية له على نفسه فكيف تكون له الولاية على غيره والولاية المتعدية فرع للولاية القائمة ومثله الصبي والمجنون ولأن النساء أمرن بالقرار في البيوت فكان مبني حالهن على الستر وإليه أشار النبي حيث قال كيف يفلح قوم تملكهم مرأة وقوله قادرا أي على تنفيذ الأحكام وإنصاف المظلوم من الظالم وسد الثغور وحماية البيضة وحفظ حدود الإسلام وجر العساكر وقوله قرشيا لقوله لأئمة من قريش وقد سلمت الأنصار الخلافة لقريش بهذا الحديث وبه يبطل قول الضرارية إن الإمامة تصلح في غير قريش والكعبية إن القرشي أولى بها ا هـ الكل من ح عن شرح عمدة النسفي
قوله ( لا هاشميا إلخ ) أي لا يشترط كونه هاشميا أي من أولاد هاشم بن عبد مناف كما قالت الشيعة نفيا لإمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم ولا علويا أي من أولاد علي بن أبي طالب كما قال به بعض الشيعة نفيا لخلافة بني العباس ولا معصوما كما قالت الإسماعيلية والاثنا عشرية أي الإمامية كذا في شرح المقاصد وكان الأولى أن يكرر لا ليظهر أن كل واحد من هذه الثلاثة قول على حدة فإن عبارته توهم أنها قول واحد ح
قوله ( ويكره تقليد الفاسق ) أشار إلى أنه لا تشترط عدالته وعدها في المسايرة من الشروط وعبر عنها تبعا للإمام الغزالي بالورع
وزاد في الشروط العلم والكفاية قال والظاهر أنها أي الكفاءة أعم من الشجاعة تنتظم كونه ذا رأي وشجاعة كي لا يجبن عن الاقتصاص وإقامة الحدود والحروب الواجبة وتجهيز الجيوش وهذا الشرط يعني الشجاعة مما شرطه الجمهور
____________________
(1/548)
ثم قال وزاد كثير الاجتهاد في الأصول والفروع وقيل لا يشترط ولا الشجاعة لندرة اجتماع هذه الأمور في واحد ويمكن تفويض مقتضيات الشجاعة والحكم إلى غيره أو بالاستفتاء للعلماء
وعند الحنفية ليست العدالة شرطا للصحة فيصح تقليد الفاسق الإمامة مع الكراهة وإذا قلد عدلا ثم جار وفسق لا ينعزل ولكن يستحق العزل إن لم يستلزم فتنة ويجب أن يدعى له ولا يجب الخروج عليه كذا عن أبي حنيفة وكلمتهم قاطبة في توجيهه هو أن الصحابة صلوا خلف بعض بني أمية وقبلوا الولاية عنهم
وفي هذا نظر إذ لا يخفى أن أولئك كانوا ملوكا تغلبوا والمتغلب تصح منه هذه الأمور للضرورة وليس من شرط صحة الصلاة خلف إمام عدالته وصار الحال عند التغلب كما لم يوجد أو وجد ولم يقدر على توليته لغلبة الجورة ا هـ كلام المسايرة للمحقق ابن الهمام
قوله ( ويعزل به ) أي بالفسق لو طرأ عليه والمراد أنه يستحق العزل كما علمت آنفا ولذا لم يقل ينعزل
قوله ( وتصح سلطنة متغلب ) أي من تولى بالقهر والغلبة بلا مبايعة أهل الحل والعقد وإن استوفى الشروط المارة وأفاد أن الأصل فيها أن تكون بالتقليد
قال في المسايرة ويثبت عقد الإمامة إما باستخلاف الخليفة إياه كما فعل أبو بكر رضي الله تعالى عنه وإما ببيعة جماعة من العلماء أو جماعة من أهل الرأي والتدبير وعند الأشعري يكفي الواحد من العلماء المشهورين من أولي الرأي بشرط كونه بمشهد شهود لدفع الإنكار إن وقع
وشرط المعتزلة خمسة وذكر بعض الحنفية اشتراط جماعة دون عدد مخصوص ا هـ
قوله ( للضرورة ) هي دفع الفتنة ولقوله سمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشي أجدع
ح
قوله ( وكذا صبي ) أي تصح سلطنته للضرورة لكن في الظاهر لا حقيقة
قال في الأشباه وتصح سلطنته ظاهرا قال في البزازية مات السلطان واتفقت الرعية على سلطنة ابن صغير له ينبغي أن تفوض أمور التقليد على وال ويعد هذا الوالي نفسه تبعا لابن السلطان لشرفه والسلطان في الرسم هو الابن وفي الحقيقة هو الوالي لعدم صحة الإذن بالقضاء والجمعة ممن لا ولاية له ا هـ أي لأن الوالي لو لم يكن هو السلطان في الحقيقة لم يصح إذنه بالقضاء والجمعة لكن ينبغي أن يقال إنه سلطان إلى غاية وهي بلوغ الابن لئلا يحتاج إلى عزله عند تولية ابن السلطان إذا بلغ
تأمل
قوله ( أن يفوض ) بالبناء للمجهول والفاعل هم أهل الحل والعقد على ما مر بيانه لا الصبي لما علمت من أنه لا ولاية له وضمن يفوض معنى يلقي فعدي بعلى وإلا فهو يتعدى بإلى
قوله ( في الرسم ) أي في الظاهر والصورة
قوله ( كما في الأشباه ) أي في أحكام الصبيان وعلمت عبارته
قوله ( وفيها ) أي في الأشباه عن البزازية أيضا وذكر ذلك بعد ما مر بنحو ورقة فافهم
وذكر الحموي أن تجديد تقليده بعد بلوغه لا يكون إلا إذا عزل ذلك الوالي نفسه لأن السلطان لا ينعزل إلا بعزل نفسه وذها غير واقع ا هـ
قلت قد يقال إن سلطنة ذلك الوالي ليست مطلقة بل هي مقيدة بمدة صغر ابن السلطان فإذا بلغ انتهت سلطنة ذلك الوالي كما قلناه آنفا
قوله ( ربط الخ ) هكذا نقله صاحب النهر عن أخيه صاحب البحر ولا يظهر إلا تعريفا للاقتداء وذلك لأن الإمامة مصدر المبني للمجهول لأن الإمام هو المتبع ويدل على ذلك تعريف
____________________
(1/549)
ابن عرفة لها بأنها اتباع الإمام في جزء من صلاته أي أن يتبع بفتح الموحدة
وأما الربط المذكور إن كان مصدر ربط المبني للمعلوم فهو صفة المؤتم فيكون بمعنى الائتمام أي الاقتداء وإن كان مصدر المبني للمجهول فهو صفة صلاة المؤتم لأنها هي المربوطة وعلى كل حال لا يصلح تعريفا للإمامة بل للاقتداء ا هـ ط عن ح
وأقول بقي للربط معنى ثالث هو المراد وبه يندفع الإيراد وهو أن يراد به المعنى الحاصل بالمصدر وهو الارتباط
وبيان ذلك أن الإمام لا يصير إماما إلا إذا ربط المقتدي صلاته بصلاته فنفس هذا الارتباط هو حقيقة الإمامة وهو غاية الاقتداء الذي هو الربط بمعنى الفاعل لأنه إذا ربط صلاته بصلاة إمامه حصل له صفة الاقتداء والائتمام وحصل لإمامه صفة الإمامة التي هي الارتباط هذا ما ظهر لفهمي القاصر والله تعالى أعلم قوله ( بشروط عشرة ) هذه الشروط في الحقيقة شروط الاقتداء وأما شروط الإمامة فقد عدها في نور الإيضاح على حدة فقال وشروط الإمامة للرجال الأصحاء ستة أشياء الإسلام والبلوغ والعقل والذكورة والقراءة والسلامة من الأعذار كالرعاف والفأفأة والتمتمة واللثغ وفقد شرط كطهارة وستر عورة ا هـ
احترز بالرجال الأصحاء عن النساء الأصحاء فلا يشترط في إمامهن الذكورة وعن الصبيان فلا يشترط في إمامهم البلوغ وعن غير الأصحاء فلا يشترط في إمامهم الصحة لكن يشترط أن يكون حال الإمام أقوى من حال المؤتم أو مساويا ح
أقول قد علمت مما قدمناه أن الإمامة غاية الاقتداء فما لم يصح الاقتداء لم تثبت الإمامة فتكون الشروط العشرة التي ذكرها الشارح شروطا للإمامة أيضا من حيث تقول الإمامة عليها كما أن السنة المذكورة تصلح شروطا للاقتداء أيضا إذ لا يصح الاقتداء بدونها فالستة عشر كلها شروط لكل من الإمامة والاقتداء لكن لما كانت العشرة قائمة بالمقتدي والسنة قائمة بالإمام حسن جعل العشرة شورطا للاقتداء والسنة شروطا للإمامة فافهم واغتنم تحرير هذا المقام وقد نظمت هذه الشروط على هذا الوجه فقلت شروط قتداء عشرة قد نظمتها بشعر كعقد الدر جاء منضدا تأخر مؤتم وعلم نتقال من به ائتم مع كون المكانين واحدا وكون إمام ليس دون تبيعه بشرط وأركان ونية لاقتدا مشاركة في كل ركن وعلمه بحال إمام حل أم سار مبعدا وأن لا تحاذيه التي معه قتدت وصحة ما صلى الإمام من بتدا كذاك تحاد الفرض هذا تمامها وست شروط للإمامة في المدا بلوغ وإسلام وعقل ذكورة قراءة مجز فقد عذر به بدا قوله ( نية المؤتم ) أي الاقتداء بالإمام أو الاقتداء به في صلاته أو الشروع فيها أو الدخول فيها بخلاف نية صلاة الإمام وشرط النية أن تكون مقارنة للتحريمة أو متقدمة عليها بشرط أن لا يفصل بينها وبين التحريمة فاصل أجنبي كما تقدم في النية ح
قوله ( واتحاد مكانهما ) فلو اقتدى راجل براكب أو بالعكس أو راكب براكب دابة أخرى لم يصح لاختلاف المكان فلو كانا على دابة واحدة صح لاتحاده كما في الإمداد وسيأتي
وأما إذا كان بينها حائط فسيأتي أن المعتمد اعتبار الاشتباه لا اتحاد المكان فيخرج بقوله وعلمه بانتقالاته وسيأتي تحقيق هذه المسألة بما لا مزيد عليه
قوله ( وصلاتهما ) أي واتحاد صلاتهما قال في البحر والاتحاد أن يمكنه الدخول في صلاته
____________________
(1/550)
بنية صلاة الإمام فتكون صلاة الإمام متضمنة لصلاة المقتدي ا هـ
فدخل اقتداء المتنفل بالمفترض لأن من لا فرض عليه لو نوى صلاة الإمام المفترض صحت نفلا ولأن النفل مطلق والفرض مقيد والمطلق جزء المقيد فلا يغايره كما في شرح المنية
وعبر في نور الإيضاح بقوله وأن لا يكون مصليا فرضا غير فرضه ا هـ
وهو أولى من عبارة الشارح فافهم
قوله ( وصحة صلاة إمامه ) فلو تبين فسادها فسقا من الإمام أو نسيانا لمضي مدة المسح أو لوجود الحدث أو غير ذلك لم تصح صلاة المقتدي لعدم صحة البناء وكذا لو كانت صحيحة في زعم الإمام فاسدة في زعم المقتدي لبنائه على المفاسد في زعمه
فلا يصح وفيه خلاف وصحح كل
أما لو فسدت في زعم الإمام وهو لا يعلم به وعلمه المقتدي صحت في قول الأكثر وهو الأصح لأن المقتدي يرى جواز صلاة إمامه والمعتبر في حقه رأي نفسه
رحمتي قوله ( وعدم محاذاة امرأة ) أي بشروطها الآتية
قوله ( وعدم تقدمه عليه بعقبه ) فلو ساواه جاز
وإن تقدمت أصابع المقتدي لكبر قدمه على قدم الإمام ما لم يتقدم أكثر القدم كما سيأتي وفي إمداد الفتاح وتقدم الإمام بعقبه عن عقب المقتدي شرط لصحة اقتدائه حتى لو كان عقب المقتدي غير متقدم على عقب الإمام لكن قدمه أطول فتكون أصابعه قدام أصابع إمامه تجوز كما لو كان المقتدي أطول من إمامه فيسجد أمامه ا هـ
وقوله حتى الخ يشمل المساواة فلفظ التقدم الواقع في المتن غير مقصود
رحمتي
قوله ( وعلمه بانتقالاته ) أي بسماع أو رؤية للإمام أو لبعض المقتدين
رحمتي
وإن لم يتحد المكان ط
قوله ( وبحاله الخ ) أي علمه بحال إمامه من إقامة أو سفر قبل الفراغ أو بعده وهذا فيما لو صلى الرباعية ركعتين في مصر أو قرية فلو خارجها لا تفسد لأن الظاهر مسافر فلا يحمل على السهو وكذا لو أتم مطلقا وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى في صلاة المسافر
قوله ( ومشاركته في الأركان ) أي في أصل فعلها أعم من أن يأتي بها معه أو بعده لا قبله إلا إذا أدركه إمامه فيها فالأول ظاهر والثاني كما لو ركع إمامه ورفع ثم ركع هو فيصح والثالث عكسه فلا يصح إلا إذا ركع بقي راكعا حتى أدركه إمامه فيصح لوجود المتابعة التي هي حقيقة الاقتداء وقد حققنا الكلام على المتابعة في أواخر واجبات الصلاة فراجعه
قوله ( وكونه مثله أو دونه فيها ) أي في الأركان مثال الأول اقتداء الراكع والساجد بمثله والمومي بهما بمثله ومثال الثاني اقتداء المومي بالراكع والساجد واحترز به عن كونه أقوى حالا منه فيها كاقتداء الراكع والساجد بالمومي بهما ح
قوله ( وفي الشرائط ) عطف على فيها أي وكون المؤتم مثل الإمام أو دونه من الشرائط مثال الأول اقتداء مستجمع الشرائط بمثله والعاري بمثله ومثال الثاني اقتداء العاري بالمكتسي واحترز به عن كونه أقوى حالا منه فيها كاقتداء المكتسي بالعاري ح
أقول وفي القنية عن تأسيس النظر وينبغي أن يجوز اقتداء الحرة بالأمة الحاسرة الرأس ا هـ
أي لأنه غير عورة في حق الأمة فهو كرأس الرجل
تأمل
قوله ( كما بسط في البحر ) المراد به ما ذكره من الشروط العشرة لكن ليس هذا موجودا في أصل نسخ البحروإنما يوجد بهامش بعض نسخه معزيا إلى خط مؤلفه
قوله ( قيل وثبوتها الخ ) وقيل معناه اخضعوا مع الخاضعين كما في البيضاوي ح
قوله ( نظام الألفة ) بتحصيل التعاهد باللقاء في أوقات الصلوات بين الجيران
بحر
والألفة بضم الهمزة اسم الائتلاف ح عن القاموس
قوله ( هي أفضل من الأذان ) أي على المعتمد وقيل بالعكس وقيل بالمساواة
قوله ( خلافا للشافعي ) قدمنا في الأذان عن مذهبه
____________________
(1/551)
قولين مصححين الأول كقولنا والثاني عكسه
قوله ( وقول عمر الخ ) أي لا دلالة فيه على أفضلية الأذان لأن مراده الجمع بينهما لكن اشتغال الخليفة بأمور العامة يمنعه عن مراقبة الأوقات فلذا اقتصر على الإمامة
قوله ( وقال بعضهم الخ ) ذكره الفخر الرازي في تفسير سورة المؤمنين
قال في البحر وقد كنت أختارها لهذا المعنى بعينه قبل الاطلاع على هذا النقل والله الموفق ا هـ
قلت ومفاده أنها أفضل من الاقتداء
قوله ( وقال الزاهدي الخ ) توفيق بين القول بالسنية والقول بالوجوب الآتي وبيان أن المراد بهما واحد أخذا من استدلالهم بالأخبار الواردة بالوعيد الشديد بترك الجماعة
وفي النهر عن المفيد الجماعة واجبة وسنة لوجوبها بالسنة ا هـ
وهذا كجوابهم عن رواية سنية الوتر بأن وجوبها ثبت بالسنة قال في النهر إلا أن هذا يقتضي الاتفاق على أن تركها مرة بلا عذر يوجب إثما مع أنه قول العراقيين
والخراسانيون على أنه يأثم إذا اعتاد الترك كما في القنية ا هـ
وقال في شرح المنية والأحكام تدل على الوجوب من أن تاركها بلا عذر يعزر وترد شهادته ويأثم الجيران بالسكوت عنه وقد يوفق بأن ذلك مقيد بالمداومة على الترك كما هو ظاهر قوله لا يشهدون لصلاة وفي الحديث الآخر يصلون في بيوتهم كما يعطيه ظاهر إسناد المضارع نحو بنو فلان يأكلون البر أي عادتهم فالواجب الحضور أحيانا والسنة المؤكدة التي تقرب منه المواظبة ا هـ
ويرد عليه ما مر عن النهر إلا أن يجاب بأن قول العراقيين يأثم بتركها مرة مبني على القول بأنها فرض عين عند بعض مشايخنا كما نقله الزيلعي وغيره أو على القول بأنها فرض كفاية كما نقله في القنية عن الطحاوي والكرخي وجماعة فإذا تركها الكل مرة بلا عذر أثموا فتأمل
قوله ( فشرط ) بناء على القول بوجوب العيد أما على القول بسنيتها فتسن الجماعة فيها كما في الحلية والبحر ثم قال في البحر ولا يخفى أن الجماعة شرط الصحة على كل من القولين ا هـ
أي شرط لصحة وقوعها واجبة أو سنة فافهم
قوله ( سنة كفاية ) أي على كل أهل محلة لما في منية المصلي من بحث التراويح من أن إقامتها بالجماعة سنة على سبيل الكفاية حتى لو ترك أهل محلة كلهم الجماعة فقد تركوا السنة وأساؤوا في ذلك وإن تخلف من أفراد الناس وصلى في بيته فقد ترك الفضيلة ا هـ
قوله ( على قول ) وغير مستحبة على قول آخر بل يصليها وحده في بيته وهما قولان مصححان وسيأتي قبيل إدراك الفريضة ترجيح الثاني بأنه المذهب
قوله ( وفي وتر غيره الخ ) كراهة الجماعة فيه هو المشهور وذكره القدوري في مختصره وذكر في غيره عدم الكراهة ووفق في الحلية بحمل الأول على المواظبة والثاني على الفعل أحيانا وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى
قوله ( على سبيل التداعي ) بأن يقتدي أربعة فأكثر بواحد
قوله ( وسنحققه ) أي قبيل إدراك الفريضة
تتمة قال في الحلية وأما الجماعة في صلاة الخسوف فظاهر كلام الجم الغفير من أهل المذهب كراهتها
وفي شرح الزاهدي وقيل جائزة عندنا لكنها ليست بسنة ا هـ
مطلب في تكرار الجماعة في المسجد قوله ( ويكره ) أي تحريما لقول الكافي لا يجوز والمجمع لا يباح وشرح الجامع الصغير إنه بدعة كما في رسالة السندي
قوله ( بأذان وإقامة الخ ) عبارته في الخزائنأجمع مما هنا ونصها يكره تكرار الجماعة في مسجد محلة
____________________
(1/552)
بأذان وإقامة إلا إذا صلى بهما فيه أو لا غير أهله أو أهله لكن بمخافتة الأذان ولو كرر أهله بدونهما أو كان مسجد طريق جاز إجماعا كما في مسجد ليس له إمام ولا مؤذن ويصلي الناس فيه فوجا فوجا فإن الأفضل أن يصلي كل فريق بأذان وإقامة على حدة كما في أمالي قاضيخان ا هـ
ونحوه في الدرر
والمراد بمسجد المحلة ما له إمام وجماعة معلومون كما في الدرر وغيرها
قال في المنبع والتقييد بالمسجد المختص بالمحلة احتراز من الشارع وبالأذان الثاني احتراز عما إذا صلى في مسجد المحلة جماعة بغير أذان حيث يباح إجماعا ا هـ
ثم قال في الاستدلال على الإمام الشافعي النافي للكراهة ما نصه ولنا أنه عليه الصلاة والسلام كان خرج ليصلح بين قوم فعاد إلى لمسجد وقد صلى أهل لمسجد فرجع إلى منزله فجمع أهله وصلى ولو جاز ذلك لما اختار الصلاة في بيته على الجماعة في المسجد ولأن في الإطلاق هكذا تقليل الجماعة معنى فإنهم لا يجتمعون إذا علموا أنها لا تفوتهم
وأما مسجد الشارع فالناس فيه سواء لا اختصاص له بفريق دون فريق ا هـ
ومثله في البدائع وغيرها ومقتضى هذا الاستدلال كراهة التكرار في مسجد المحلة ولو بدون أذان ويؤيده ما في الظهيرية لو دخل جماعة المسجد بعدما صلى فيه أهله يصلون وحدانا وهو ظاهر الرواية ا هـ
وهذا مخالف لحكاية الإجماع المارة وعن هذا ذكر العلامة الشيخ رحمة الله السندي تلميذ المحقق ابن الهمام في رسالته أن ما يفعله أهل الحرمين من الصلاة بأئمة متعددة وجماعات مترتبة مكروه اتفاقا
ونقل عن بعض مشايخنا إنكاره صريحا حين حضر الموسم بمكة سنة 551 منهم الشريف الغزنوي
وذكر أنه أفتى بعض المالكية بعدم جواز ذلك على مذهب العلماء الأربعة
ونقل إنكار ذلك أيضا عن جماعة من الحنفية والشافعية والمالكية حضروا الموسم سنة 551 ا هـ
وأقره الرملي في حاشية البحر لكن يشكل عليه أن نحو المسجد المكي والمدني ليس له جماعة معلومون فلا يصدق عليه أنه مسجد محلة بل هو كمسجد شارع وقد مر أنه لا كراهة في تكرار الجماعة فيه إجماعا فليتأمل
هذا وقدمنا في باب الأذان عن آخر شرح المنية عن أبي يوسف أنه إذا لم تكن الجماعة على الهيئة الأولى لا تكره وإلا تكره وهو الصحيح وبالعدول عن المحراب تختلف الهيئة كذا في البزازية انتهى
وفي التاترخانية عن الولوالجية وبه نأخذ قوله ( وأقلها اثنان ) دحيث ثنان فما فوقهماجماعة أخرجه السيوطي في الجامع الصغير ورمز لضعفه
قال في البحر لأنها مأخوذة من الاجتماع وهما أقل ما يتحقق به وهذا في غير جمعة ا هـ أي فإن أقلها فيها ثلاثة صالحون للإمامة سوى الإمام ومثلها العيد لقولهم يشترط لها ما يشترط للجمعة صحة وأداء سوى الخطبة فافهم
قوله ( ولو مميزا ) أي ولو كان الواحد المقتدي صبيا مميزا
قال في السراج لو حلف لا يصلي جماعة وأم صبيا يعقل حنث ا هـ ولا عبرة بغير العاقل بحر
قال ط ويؤخذ منه أنه يحصل ثواب الجماعة باقتداء المتنفل بالمفترض لأن الصبي متنفل ولم أر حكم اقتداء المتنفل بمثله هل يزيد ثوابه على المنفرد فليحرر ا هـ
قلت الظاهر نعم إن لم يكن على سبيل التداعي لحديث الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته له فأكل منه ثم قال قوموا لأصلي بكم فقمت إلى حصير لنا قد سود من طول ما لبث فنضحته بماء فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم
____________________
(1/553)
وراءه والعجوز من ورائنا فصلى بنا ركعتين ثم نصرف فلو لم يكن الاقتداء أفضل لما أمرهم به
تأمل
قوله ( في مسجد أو غيره ) قال في القنية واختلف العلماء في إقامتها في البيت والأصح أنها كإقامتها في المسجد إلا في الأفضلية ا هـ
قوله ( وتصح إمامة الجني ) لأنه مكلف بخلاف إمامة الملك فإنه متنفل وإمامة جبريل لخصوص التعليم مع احتمال الإعادة من النبي ط
قوله ( أشباه ) عبارتها في بحث أحكام الجان ومنها انعقاد الجماعة بالجن ذكره الأسيوطي من صاحب ( آكام المرجان ) من أصحابنا مستدلا بحديث أحمد عن ابن مسعود في قصة الجن وفيه فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أدركه شخصان منهم فقالا يا رسول الله إنما نحب أن تؤمنا في صلاتنا قال فصفهما خلفه ثم صلى بنا ثم نصرف ونظير ذلك ما ذكره السبكي أن الجماعة تحصل بالملائكة وفرع على ذلك لو صلى في فضاء بأذان وإقامة منفردا ثم حلف أنه صلى بالجماعة لم يحنث ومنها صحة الصلاة خلف الجني
ذكره في آكام المرجان ا هـ
أقول وما نقله عن السبكي مأخوذ من حديث إن لمسافر إذا أذن وأقام صلى خلفه من جنود لله ما لا يرى طرفاه رواه عبد الرزاق ومقتضاه وجوب الجهر عليه لكن قدمنا في باب الأذان التصريح عن التاترخانية بأن حكمه حكم المنفرد في الجهر والمخافتة وبه يعلم أنه يحنث بحلفه أنه صلى بالجماعة عندنا ولا سيما والأيمان مبنية على العرف عندنا وهو منفرد عرفا وشرعا وإلا لأخذ أحكام الإمام على أنه مر في الفصل السابق أنه لا يلزمه الجهر إلا إذا نوى الإمامة وكذا مر في شروط الصلاة أنه لا يحنث في لا يؤم أحدا ما لم ينو الإمامة وليس في الحديث التصريح بالاقتداء به وإن كان المراد ذلك فلعل انعقاد الجماعة باقتداء الملائكة والجن إنما يستلزم أحكامها إذا كانوا على صورة ظاهرة ولهذا لو جامع جني امرأة ووجدت لذة لا يلزمها الاغتسال كما في الخانية إلا إذا أنزلت كما في الفتح أو جاءها على صورة آدمي كما في الحلية وكذا يقال في إمامة الجني والله أعلم
قوله ( قال في البحر الخ ) وقال في النهر هو أعدل الأقوال وأقواها ولذا قال في الأجناس لا تقبل شهادته إذا تركها استخفافا ومجانة إما سهوا أو بتأويل ككون الإمام من أهل الأهواء أو لا يراعي مذهب المقتدي فتقبل ا هـ ط
قوله ( ثمرته الخ ) هذا بناء على تحقيق الخلاف أما على ما مر عن الزاهدي فلا خلاف
قوله ( بتركها مرة ) أي بلا عذر وهذا عند العراقيين وعند الخراسانيين إنما يأثم إذا اعتاده كما في القنية وقد مر
قوله ( البالغين ) قيد به لأن الرجل قد يراد به مطلق الذكر بالغا أو غيره كما في قوله تعالى { وإن كانوا إخوة رجالا } النساء 176 وكما في حديث ألحقوا لفرائض بأهلها فما أبقت فلأولى رجل ذكر ولذا قيد بذكر لدفع أن يراد به البالغ بناء على ما كان في الجاهلية من عدم توريثهم إلا من استعد للحرب دون الصغار فافهم
قوله ( الأحرار ) فلا تجب على القن وسيأتي في الجمعة لو أذن له مولاه وجبت وقيل يخير ورجحه في البحر ا هـ
قلت وينبغي جريان الخلاف هنا أيضا
تأمل
قوله ( من غير حرج ) قيد لكونها سنة مؤكدة أو واجبة فبالحرج يرتفع الإثم ويرخص في تركها ولكنه يفوته الأفضل بدليل أنه عليه الصلاة والسلام قال لابن أم مكتوم الأعمى لما استأذنه في الصلاة في بيته ما أجد لك رخصة قال في الفتح أي تحصل لك فضيلة الجماعة من غير حضورها لا الإيجاب على الأعمى لأنه عليه الصلاة والسلام رخص لعتبان بن مالك في تركها ا هـ
لكن في نور الإيضاح وإذا انقطع عن الجماعة لعذر من أعذارها
____________________
(1/554)
وكانت نيته حضورها لولا العذر يحصل له ثوابها ا هـ
والظاهر أن المراد به العذر المانع كالمرض والشيخوخة والفلج بخلاف نحو المطر والطين والبرد والعمى
تأمل
قوله ( ولو فاتته ندب طلبها ) فلا يجب عليه الطلب في المساجد بلا خلاف بين أصحابنا بل إن أتى مسجدا للجماعة آخر فحسن وإن صلى في مسجد حيه منفردا فحسن
وذكر القدوري يجمع بأهله ويصلي بهم يعني وينال ثواب الجماعة كذا في الفتح
واعترض الشرنبلالي بأن هذا ينافي وجوب الجماعة
وأجاب ح بأن الوجوب عند عدم الحرج وفي تتبعها في الأماكن القاصية حرج لا يخفى مع ما في مجاوزة مسجد حيه من مخالفة قوله لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ا هـ
وفيه أن ظاهر إطلاقه الندب ولو إلى مكان قريب وقوله مع ما في مجاوزة الخ
قد يقال محله فيما إذا كان فيه جماعة ألا ترى أن مسجد الحي إذا لم تقم فيه الجماعة و تقام في غيره لا يرتاب أحد أن مسجد الجماعة أفضل على أنهم اختلفوا في الأفضل هل جماعة مسجد حيه أو جماعة المسجد الجامع كما في البحر ط
قلت لكن في الخانية وإن لم يكن لمسجد منزله مؤذن فإنه يذهب إليه ويؤذن فيه ويصلي وإن كان واحدا لأن لمسجد منزله حقا عليه فيؤدي حقه مؤذن مسجد لا يحضر مسجده أحد
قالوا هو يؤذن ويقيم ويصلي وحده وذاك أحب من أن يصلي في مسجد آخر ا هـ
ثم ذكر ما مر عن الفتح ولعل ما مر فيما إذا صلى فيه الناس فيخير بخلاف ما إذا لم يصل فيه أحد لأن الحق تعين عليه وعلى كل فقول ط قد يقال الخ غير مسلم والله أعلم
قوله ( ونحوه ) قال في القنية إلا المسجد الحرام ومسجد النبي وعزاه في آخر شرح المنية إلى مختصر البحر
ثم قال وينبغي أن يستثنى المسجد الأقصى أيضا لأنها في المسجد الحرام بمائة ألف وفي مسجده عليه الصلاة والسلام بألف وفي المسجد الأقصى بخمسمائة ا هـ
وينبغي استثناء مسجد الحي على ما قلناه آنفا
قوله ( ومقعد وزمن ) قال في المغرب المقعد الذي لا حراك به من داء في جسده كأن الداء أقعده
وعند الأطباء هو الزمن وبعضهم فرق وقال المقعد المتشنج الأعضاء والزمن الذي طال مرضه وقال في فصل الزاي الزمن الذي طال مرضه زمانا وقيل الزمن عن أبي حنيفة المقعد والأعمى والمقطوع اليدين أو إحداهما
والمفلوج والأعرج الذي لا يستطيع المشي والأشل ا هـ
قوله ( ومفلوج ) هو من به فالج وهو استرخاء لأحد شقي الإنسان لانصباب خلط بلغمي تسند منه مسالك الروح
قاموس
قوله ( وإن وجد قائدا ) وكذا الزمن لو كان غنيا له مركب وخادم فلا تجب عليهما عنده خلافا لهما حلية عن المحيط
وذكر في الفتح أن الظاهر أنه اتفاق والخلاف في الجمعة لا في الجماعة ا هـ
لكن المسطور في الكتب المشهورة خلافه حلية
قوله ( ولا على من حال بينه وبينها مطر وطين ) أشار بالحيلولة إلى أن المراد المطر الكثير كما قيده به في صلاة الجمعة وكذا الطين
وفي الحلية وعن أبي يوسف سألت أبا حنيفة عن الجماعة في طين وردغة فقال لا أحب تركها
وقال محمد في الموطأ الحديث رخصة يعني قوله إذ بتلت النعال فالصلاة في لرحال والنعال هنا الأراضي الصلاب
وفي شرح الزاهدي عن شرح التمرتاشي واختلف في كون الأمطار والثلوج والأرحال والبرد الشديد عذرا
وعن أبي حنيفة إن اشتد التأذي يعذر
قال الحسن أفادت هذه الرواية أن الجمعة والجماعة في ذلك سواء
____________________
(1/555)
ليس على ما ظنه البعض أن ذلك عذر في الجماعة لأنها سنة لا في الجمعة لأنها من آكد الفرائض ا هـ وفي شرح الشيخ إسماعيل عن ابن الملقن الشافعي والمشهور أن النعال جمع نعل وهو ما غلظ من الأرض في صلابة وإنما خصها بالذكر لأن أدنى بلل ينديها بخلاف الرخوة فإنها تنشف الماء
وقيل النعال الأحذية
قوله ( ويرد شديد ) لم يذكر الحر الشديد أيضا ولم أر من ذكره من علمائنا ولعل وجهة أن الحر الشديد إنما يحصل غالبا في صلاة الظهر وقد كفينا مؤنته بسنية الإبراد نعم قد يقال لو ترك الإمام هذه السنة وصلى في أول الوقت كان الحر الشديد عذرا
تأمل
قوله ( وظلمة كذلك ) أي شديدة والظاهر أنه لا يكلف إلى إيقاد نحو سراج وإن أمكنه ذلك وأن المراد بشدة الظلمة كونه لا يبصر طريقه إلى المسجد فيكون كالأعمى
قوله ( وريح ) أي شديد أيضا فيما يظهر
تأمل
وإنما كان عذرا ليلا فقط لعظم مشقته فيه دون النهار
قوله ( وخوف على ماله ) أي من لص ونحوه إذا لم يمكنه غلق الدكان أو البيت مثلا ومنه خوفه على تلف طعام في قدر أو خبز في تنور
تأمل
وانظر هل التقييد بماله للاحتراز عن مال غيره والظاهر عدمه لأن له قطع الصلاة له ولا سيما إن كان أمانة عنده كوديعة أو عارية أو رهن مما يجب عليه حفظه
تأمل
قوله ( أو من غريم ) أي إذاكان معسرا ليس عنده ما يوفي غريمه وإلا كان ظالما
قوله ( أو ظالم ) يخافه على نفسه أو ماله
قوله ( الأخبثين ) وكذا الريح
قوله ( وإرادة سفر ) أي وأقيمت الصلاة ويخشى أن تفوته القافلة
بحر
وأما السفر نفسه فليس بعذ ركما في القنية
قوله ( وقيامه بمريض ) أي يحصل له بغيبته المشقة والوحشة كذا في الإمداد
قوله ( تتوقه نفسه ) أي تشتاقه وتنازعه إليه مصباح سواء كان عشاء أو غيره لشغل باله
إمداد ومثله الشراب وقرب حضوره كحضوره فيما يظهر لوجود العلة وبه صرح الشافعي
قوله ( وكذا اشتغاله بالفقه الخ ) عبارة نور الإيضاح وتكرار فقه بجماعة تفوته ولم أر هذا القيد لغيره ورمز في القنية لنجم الأئمة فيمن لا يحضرها لاستغراق أوقاته في تكرير الفقه لا يعذر ولا تقبل شهادته ثم رمز له ثانيا أنه يعذر بخلاف مكرر اللغة ثم وفق بينهما بحمل الأول على المواظب على الترك تهاونا والثاني على غيره وهذا ما مشى عليه الشارح في قوله أي إلا الخ
قوله ( فلا يعذر ويعزر ) الأول بالذال والثاني بالزاي
قوله ( يعني بحبسه عنه الخ ) صرح بذلك في البحر عن البزازية
قال الرحمتي قالوا هذا مما يعلم ويكتم لأن الظلمة صيادون لأخذ المال متى وقع في شركهم لا يؤخذ منهم وربما يحدثون للإنسان ذنبا لم يفعله توصلا إلى ماله ا هـ
تتمة مجموع الأعذار التي مرت متنا وشرحا عشرون وقد نظمتها بقولي أعذار ترك جماعة عشرون قد أودعتها في عقد نظم كالدرر مرض وإقعاد عمى وزمانة مطر وطين ثم برد قد أضر قطع لرجل مع يد أو دونها فلج وعجز الشيخ قصد للسفر خوف على مال كذا من ظالم أو دائن وشهي أكل قد حضر والريح ليلا ظلمة تمريض ذي ألم مدافعة لبول أو قذر ثم شتغال لا بغير الفقه في بعض من الأوقات عذر معتبر
____________________
(1/556)
قوله ( أو عدم مراعاته ) أي لمذهب المقتدي فيما يوجب بطلان الصلاة على ما سيأتي بيانه
قوله ( تقديما ) أي على من حضر معه
قوله ( بل نصبا ) أي للإمام الراتب
قوله ( بأحكام الصلاة فقط ) أي وإن كان غير متبحر في بقية العلوم وهو أولى من المتبحر كذا في زاد الفقير عن شرح الإرشاد
قوله ( بشرط اجتنابه الخ ) كذا في الدراية عن المجتبى
وعبارة الكافي وغيره الأعلم بالسنة أولى إلا أن يطعن عليه في دينه لأن الناس لا يرغبون في الاقتداء به
قوله ( قدر فرض ) أخذه تبعا للبحر من قول الكافي قدر ما تجوز به الصلاة بناء على أن تجوز بمعنى تصح لا بمعنى تحل قوله ( وقيل واجب ) ذكره في البحر بحثا لكن يمكن أخذه من كلام الكافي لأن الجواز يطلق بمعنى الحل بل قال الشيخ إسماعيل ينبغي حمل الجواز المذكور على ما يشمل عدم الكراهة وحينئذ فيرجع إلى القول الثالث
قوله ( وقيل سنة ) قائله الزيلعي وهو ظاهر المبسوط كما في النهر ومشى عليه في الفتح
قال ط وهو الأظهر لأن هذا التقديم على سبيل الأولوية فالأنسب له مراعاة السنة
قوله ( ثم الأحسن تلاوة وتجويدا ) أفاد بذلك أن معنى قولهم أقرأ أي أجود لا أكثرهم حفظا وإن جعله في البحر متبادرا ومعنى الحسن في التلاوة أن يكون عالما بكيفية الحروف والوقف وما يتعلق بها
قهستاني ط
قوله ( أي الأكثر اتقاء للشبهات ) الشبهة ما اشتبه حله وحرمته ويلزم من الورع التقوى بلا عكس
والزهد ترك شيء من الحلال خوف الوقوع في الشبهة فهو أخص من الورع وليس في السنة ذكر الورع بل الهجرة عن الوطن
فلما نسخت أريد بها هجرة المعاصي بالورع فلا تجب هجرة إلا على من أسلم في دار الحرب كما في المعراج ط
قوله ( أي الأقدم إسلاما ) استنبطه صاحب البحر وتبعه في النهر من تعليل البدائع بأن من امتد عمره في الإسلام كان أكثر طاعة
أقول بل الظاهر أن المراد بالأسن الأكبر سنا كما هو في بعض روايات الحديث فأكبرهم سنا وهو المفهوم من أكثر الكتب فيكون الكلام في المسلم الأصلي نعم أخرج الجماعة إلا البخاري فأقدمهم إسلاما وعليه فيكون ذلك سببا آخر للترجيح فيمن عرض إسلامه فيقدم شاب نشأ في الإسلام على شيخ أسلم أما لو كانا مسلمين من الأصل أو أسلما معا يقدم الأكبر سنا لما في الزيلعي من أن الأكبر سنا يكون أخشع قلبا عادة وأعظم حرمة ورغبة الناس في الاقتداء به أكثر فيكون في تقديمه تكثير الجماعة ا هـ
هذا وما مشى عليه المصنف من تقديم الأورع على الأسن هو المذكور في المتون وكثير من الكتب وعكس في المحيط
قوله ( عن الزاد ) أي زاد الفقير لابن الهمام
قوله ( بالضم ) أي ضم الخاء أما بفتحها فهو المراد بما بعده
قوله ( أكثرهم تهجدا ) تفسير بالملزوم فإنه يلزم من كثرة التهجد حسن الوجه لحديث من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار وإن كان ضعيفا عند المحدثين
قال في البدائع لا حاجة إلى هذا التكلف بل يبقى على ظاهره لأن صباحة الوجه سبب لكثرة الجماعة كما في البحر ح
قوله ( زاد في الزاد الخ ) أقول ليس فيه
____________________
(1/557)
زيادة
ونص عبارة الزاد بعد الخلق هكذا فإن تساووا فأصبحهم وجها وقيده في الكافي بمن يصلي بالليل فإن تساووا فأشرفهم نسبا الخ
قوله ( أي أسمحهم وجها ) عبارة عن بشاشته في وجه من يلقاه وابتسامة له وهذا يغاير الحسن الذي هو تناسب الأعضاء أفاده ح
قوله ( ثم أكثرهم حسبا ) الظاهر أن الحسب بالباء الموحدة لا بالنون وهو الذي كتب عليه ابن عبد الرزاق في شرحه قال في البحر وقدم في الفتح الحسب على صباح الوجه ا هـ
وفي القاموس الحسب ما تعده من مفاخر آبائك أو المال أو الدين أو الكرم أو شرف في الفعل الخ
قوله ( ثم الأحسن زوجة ) لأنه غالبا يكون أحب لها وأعف لعدم تعلقه بغيرها
وهذا مما يعلم بين الأصحاب أو الأرحام أو الجيران إذ ليس المراد أن يذكر كل منهم أوصاف زوجته حتى يعلم من هو أحسن زوجة
قوله ( ثم الأكثر مالا ) إذ بكثرته مع ما تقدم من الأوصاف يحصل له القناعة والعفة فيرغب الناس فيه أكثر
قوله ( ثم الأكبر رأسا الخ ) لأنه يدل على كبر العقل يعني مع مناسبة الأعضاء له وإلا فلو فحش الرأس كبرا والأعضاء صغرا كان دلالة على اختلال تركيب مزاجه المستلزم لعدم اعتدال عقله ا هـ ح
وفي حاشية أبي السعود وقد نقل عن بعضهم في هذا المقام ما لا يليق أن يذكر فضلا عن أن يكتب ا هـ
وكأنه يشير إلى ما قيل إن المراد بالعضو الذكر
قوله ( ثم المقيم على المسافر ) وقيل هما سواء
بحر
وظاهره ولو كان الجماعة مسافرين فليتأمل وهذا ما دام الوقت باقيا وإلا فلا يصح اقتداء المسافر بالمقيم في الرباعية كما يأتي
قوله ( ثم المتيمم عن حدث على المتيمم عن جنابة ) كذا أجاب به الحلواني كما في التتمة وجزم به في الفيض وجامع الفتاوى كذا في الأحكام للشيخ إسماعيل ومثله في التاترخانية ولعل وجهه أن الحدث أخف من الجنابة لكن في منية المفتي المتيمم عن الجنابة أولى بالإمامة من المتيمم عن حدث ونقله في النهر عنها مقتصرا عليه ولعل وجهه أن طهارته أقوى لأنها بمنزلة الغسل لا يبطلها الحدث
قوله ( ومنه ) أي من المرجح
قوله ( والإفتاء ) الأولى والاستفتاء
قوله ( والدعوى ) أي بين يدي القاضي
قوله ( أقرع بينهم ) أي إذا تنازعوا والظاهر أن هذا على سبيل الأولوية
قوله ( كما في الحرقى والغرقى ) التشبيه في أن التركيب إذا لم يعلم كان كالمعية لا في القرعة أيضا فإنها لا تتأتى في الحرقى والغرقى ح
قوله ( معلوم ) أي وظيفة من جهة الواقف أو من الطلبة
أفاده ح
قوله ( جاز أن يقدم من شاء ) لأنه له أن لا يقرئهم أصلا
ح
قوله ( وأول من سنه ابن كثير ) قال السمهودي في جوهر العقدين أن أنصاريا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله وجاء رجل من ثقيف فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أخا ثقيف إن الأنصاري قد سبقك بالمسألة فجلس كيما نبدأ بحاجة الأنصاري قبل حاجتك ا هـ
فعلم منه أنه سنة النبي
____________________
(1/558)
عليه وسلم وابن كثير تابع في ذلك وأنه لا فرق بين من له معلوم وغيره نعم يمكن الفرق بين ذي المعلوم وغيره فيما إذا حضرا معا
رحمتي أي فيقرع لو له معلوم وإلا يقدم من شاء
تأمل
قوله ( اعتبر أكثرهم ) لا يظهر هذا إلا في المنصب وإلا فكل يصلي خلف من يختاره ط لكن فيه تكرار الجماعة وقد مر ما فيه
قوله ( أساؤوا بلا إثم ) قال في التاترخانية ولو أن رجلين في الفقه والصلاح سواء إلا أن أحدهما أقرأ فقدم القوم الآخر فقد أساؤوا وتركوا السنة ولكن لا يأثمون لأنهم قدموا رجلا صالحا وكذا الحكم في الإمارة والحكومة أما الخلافة وهي الإمامة الكبرى فلا يجوز أن يتركوا الأفضل وعليه إجماع الأمة ا هـ
فافهم
قوله ( مطلقا ) أي وإن كان غيره من الحاضرين من هو أعلم وأقرأ منه
وفي التاترخانية جماعة أضياف في دار يريد أن يتقدم أحدهم ينبغي أن يتقدم المالك فإن قدم واحدا منهم لعلمه وكبره فهو أفضل وإذا تقدم أحدهم جاز لأن الظاهر أن المالك يأذن لضيفه إكراما له ا هـ
قوله ( وصرح الحدادي الخ ) أفاد أن هذا غير خاص بالسلطان العام الولاية ولا بالقاضي الخاص الولاية بالأحكام الشرعية بل مثلهما الوالي وأن الإمام الراتب كصاحب البيت في ذلك
قال في الإمداد وأما إذا اجتمعوا فالسلطان مقدم ثم الأمير ثم القاضي ثم صاحب المنزل ولو مستأجرا وكذا يقدم القاضي على إمام المسجد
قوله ( والمستعير والمستأجر أحق ) لأن الإعارة تمليك المنافع والمعير وإن كان له أن يرجع بخلاف المؤجر لكنه ما لم يرجع يبقى المستعير أحق والكلام في ذلك لأنه إذا رجع لم تبق العارية وخرجت المسألة عن موضوعها فافهم
قوله ( لما مر ) أي من قوله لعموم ولايتهما ولكنه غير مناسب لأن المراد بعموم الولاية عمومها للناس وهذان ليسا كذلك فكان عليه أن يقول لأن الولاية لهما في هذه الحالة دون المالك ح
قوله ( لحديث الخ ) هكذا رواه في النهر بالمعنى وعزاه إلى الحلبي صاحب الحلية مع أنه في الحلية ذكره مطولا ونقله في البحر عنها
قوله ( والكراهة عليهم ) جزم في الحلية بأن الكراهة الأولى تحريمية للحديث وتردد في هذه
قوله ( ويكره تنزيها الخ ) لقوله في الأصل إمامة غيرهم أحب إلي
بحر عن المجتبى والمعراج
ثم قال فكره لهم التقدم ويكره الاقتداء بهم تنزيها فإن أمكن الصلاة خلف غيرهم فهو أفضل وإلا فالاقتداء أولى من الانفراد
قوله ( ولو معتقا ) يلزمه استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه فإن المعتق عبد باعتبار ما كان اللهم إلا أن يكون من قبيل عموم المجاز بأن يراد بالعبد من اتصف بالرق وقتا ما سواء كان في الحال أو فيما مضى ح
قوله ( ولعله ) أي ولعل سبب كراهة المعتق ما قدمناه الخ فإن تقديم الحر الأصلي مندوب إليه وتركه مكروه تنزيها فلذا قال إذ الكراهة الخ وفي نسخة والعلة أي والعلة في كراهة إمامة المعتق أن الحر الأصلي أولى بالإمامة منه لأنه نشأ في الرق مشتغلا بخدمة المولى لم يتفرغ للتعلم
رحمتي
قوله ( وأعرابي ) نسبة إلى الأعراب لا واحد له من لفظه
____________________
(1/559)
وليس جمعا العرب كما في الصحاح لكن في الرضى الظاهر أنه جمع
قهستاني
وهو من يسكن البادية عربيا أو عجميا بحر
وخصه في المصباح بأهل البدو من العرب
قوله ( ومثله الخ ) مبني على أن الأعرابي لا يشمل الأعجمي وإلا فالمناسب ومنه والعلة في الكل غلبة الجهل
قوله ( وفاسق ) من الفسق وهو الخروج عن الاستقامة ولعل المراد به من يرتكب الكبائر كشارب الخمر والزاني وآكل الربا ونحو ذلك كذا في البرجندي إسماعيل
وفي المعراج قال أصحابنا لا ينبغي أن يقتدى بالفاسق إلا في الجمعة لأنه في غيرها يجد إماما غيره ا هـ
قال في الفتح وعليه فيكره في الجمعة إذا تعددت إقامتها في المصر على قول محمد المفتى به لأنه سبيل إلى التحول
قوله ( ونحوه الأعشى ) هو سيء البصر ليلا ونهارا
قاموس
وهذا ذكره في النهر بحثا أخذا من تعليل الأعمى بأنه لا يتوقى النجاسة
قوله ( أي غير الفاسق ) تبع في ذلك صاحب البحر حيث قال قيد كراهة إمامة الأعمى في المحيط وغيره بأن لا يكون أفضل القوم فإن كان أفضلهم فهو أولى ا هـ
ثم ذكر أنه ينبغي جريان هذا القيد في العبد والأعرابي وولد الزنا ونازعه في النهر بأنه في الهداية علل للكراهة بغلبة الجهل فيهم وبأن في تقديمهم تنفير الجماعة ومقتضى الثانية ثبوت الكراهة مع انتفاء الجهل لكن ورد في الأعمى نص خاص هو استخلافه لابن أم مكتوم وعتبان على المدينة وكانا أعميين لأنه لم يبق من الرجال من هو أصلح منهما وهذا هو المناسب لإطلاقهم واقتصارهم على استثناء الأعمى ا هـ
وحاصله أن قوله إلا أن يكون أعلم القوم خاص بالأعمى أما غيره فلا تنتفي الكراهة بعلمه لكن ما بحثه في البحر صرح به في الاختيار حيث قال ولو عدمت أي علة الكراهة بأن كان الأعرابي أفضل من الحضري والعبد من الحر وولد الزنا من ولد الرشدة والأعمى من البصير فالحكم بالضد ا هـ
ونحوه في شرح الملتقى للبهنسي وشرح درر البحار ولعل وجهه أن تنفير الجماع بتقديمه يزول إذا كان أفضل من غيره بل التنفير يكون في تقديم غيره
وأما الفاسق فقد عللوا كراهة تقديمه بأنه لا يهتم لأمر دينه وبأن في تقديمه للإمامة تعظيمه وقد وجب عليهم إهانته شرعا ولا يخفى أنه إذا كان أعلم من غيره لا تزول العلة فإنه لا يؤمن أن يصلي بهم بغير طهارة فهو كالمبتدع تكره إمامته بكل حال بل مشى في شرح المنية على أن كراهة تقديمه كراهة تحريم لما ذكرنا قال ولذا لم تجز الصلاة خلفه أصلا عند مالك ورواية عن أحمد فلذا حاول الشارح في عبارة المصنف وحمل الاستثناء على غير الفاسق والله أعلم
مطلب البدعة خمسة أقسام قوله ( أي صاحب بدعة ) أي محرمة وإلا فقد تكون واجبة كنصب الأدلة للرد على أهل الفرق الضالة وتعلم النحو المفهم للكتاب والسنة ومندوبة كإحداث نحو رباط ومدرسة وكل إحسان لم يكن في الصدر الأول ومكروهة كزخرفة المساجد ومباحة كالتوسع بلذيذ المآكل والمشارب والثياب كما في شرح الجامع الصغير للمناوي عن تهذيب النووي وبمثله في الطريقة المحمدية للبركلي
قوله ( قوله وهي اعتقاد الخ ) عزا هذا التعريف في هامش الخزائن إلى الحافظ ابن حجر في شرح النخبة ولا يخفى أن الاعتقاد يشمل ما كان معه عمل أو لا فإن من تدين بعمل لا بد أن يعتقده كمسح الشيعة على الرجلين وإنكارهم المسح على الخفين ونحو ذلك وحينئذ فيساوي تعريف الشمني لها بأنها ما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله من علم أو عمل أو حال
____________________
(1/560)
بنوع شبهة واستحسان وجعل دينا قويما وصراطا مستقيما ا هـ
فافهم قوله ( لا بمعاندة ) أما لو كان معاندا للأدلة القطعية التي لا شبهة له فيها أصلا كإنكار الحشر أو حدوث العالم ونحو ذلك
فهو كافر قطعا
قوله ( بل بنوع شبهة ) أي وإن كانت فاسدة كقول منكر الرؤية بأنه تعالى لا يرى لجلاله وعظمته قوله ( وكل من كان من قبلتنا لا يكفر بها ) أي بالبدعة المذكورة المبنية على شبهة إذ لا خلاف في كفر المخالف في ضروريات الإسلام من حدوث العالم وحشر الأجساد ونفي العلم بالجزئيات وإن كان من أهل القبلة المواظب طول عمره على الطاعات كما في شرح التحرير
قوله ( حتى الخوارج ) أراد بهم من خرج عن معتقد أهل الحق لا خصوص الفرقة الذين خرجوا على الإمام علي رضي الله تعالى عنه وكفروه فيشمل المعتزلة والشيعة وغيرهم
قوله ( وسب الرسول ) هكذا في غالب النسخ ورأيته كذلك في الخزائن بخط الشارح وفيه أن ساب الرسول كافر قطعا فالصواب وسب أصحاب الرسول وقيدهم المحشي بغير الشيخين لما سيأتي في باب المرتد أن سابهما أو أحدهما كافر
أقول ما سيأتي محمول على سبهما بلا شبهة لما صرح به في شرح المنية من أن سابهما أو منكر خلافتهما إذا بناه على شبهة له لا يكفر وإن كان قوله كفرا في حد ذاته لأنهم ينكرون حجية الإجماع باتهامهم الصحابة فكان شبهة في الجملة وإن كانت باطلة بخلاف من ادعى أن عليا إله وأن جبريل غلط لأنه ليس عن شبهة واستفراغ وسع في الاجتهاد بل محض هوى وتمامه فيه فراجعه
وقد أوضحت هذا المقام في كتابي تنبيه الولاة والحكام على أحكام شاتم خير الأنام أو أحد أصحابه الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام
قوله ( لكونه عن تأويل الخ ) علة لقوله لا يكفر بها قال المحقق ابن الهمام في أواخر التحرير وجهل المبتدع كالمعتزلة ما نعي ثبوت الصفات زائدة وعذاب القبر والشفاعة وخروج مرتكب الكبيرة والرؤية لا يصلح عذرا لوضوح الأدلة من الكتاب والسنة الصحيحة لكن لا يكفر إذ تمسكه بالقرآن أو الحديث أو العقل وللنهي عن تكفير أهل القبلة والإجماع على قبول شهادتهم ولا شهادة لكافر على مسلم وعدمه في الخطابية ليس لكفرهم أي بل لتدينهم شهادة الزور لمن كان على رأيهم أو حلف أنه محق
وأورد أن استباحة المعصية كفر
وأجيب إذا كان عن مكابرة وعدم دليل بخلاف ما عن دليل شرعي والمبتدع مخطىء في تمسكه لا مكابر والله أعلم بسرائر عباده ا هـ
قوله ( ومنا من كفرهم ) أي منا معشر أهل السنة والجماعة من كفر الخوارج أي أصحاب البدع أو المراد منا معشر الحنفية
وأفاد أن المعتمد عندنا خلافه فقد نقل في البحر عن الخلاصة فروعا تدل على كفر بعضهم
ثم قال والحاصل أن المذهب عدم تكفير أحد من المخالفين فيما ليس من الأصول المعلومة من الدين ضرورة الخ فافهم
قوله ( كقوله جسم كالأجسام ) وكذا لو لم يقل كالأجسام وأما لو قال لا كالأجسام فلا يكفر لأنه ليس فيه إلا إطلاق لفظ الجسم الموهم للنقص فرفعه بقوله لا كالأجسام فلم يبق إلا مجرد الإطلاق وذلك معصية وتمامه في البحر
قوله ( وإنكاره صحبة الصديق ) لما فيه من تكذيب قوله تعالى { إذ يقول لصاحبه } ح
وفي الفتح عن الخلاصة ومن أنكر خلافة الصديق أو عمر فهو كافر ا هـ
ولعل المراد إنكار استحقاقهما فهو مخالف للإجماع الصحابة لا إنكار وجودها لهما
بحر
____________________
(1/561)
وينبغي تقييد الكفر بإنكار الخلافة بما إذا لم يكن عن شبهة كما مر عن شرح المنية بخلاف إنكار صحبة الصديق تأمل
قوله ( أصلا ) تأكيد وليس المراد به في حال كذا ولا في حالة كذا إذ ليس هنا أحوال ح
قوله ( وولد الزنا ) إذ ليس له أب يربيه ويؤدبه ويعلمه فيغلب عليه الجهل
بحر
أو لنفرة الناس عنه
قوله ( هذا ) أي ما ذكر من كراهة إمامة المذكورين
قوله ( إن وجد غيرهم ) أي من هو أحق بالإمامة منهم
قوله ( بحر بحثا ) قد علمت أنه موافق للمنقول عن الاختيار وغيره
قوله ( نال فضل الجماعة ) أفاد أن الصلاة خلفهما أولى من الانفراد لكن لا ينال كما ينال خلف تقي ورع لحديث من صلى خلف عالم تقي فكأنما صلى خلف نبي قال في الحلية ولم يجده المخرجون نعم أخرج الحاكم في مستدركه مرفوعا إن سركم أن يقبل الله صلاتكم فليؤمكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم ا هـ
مطلب في إمامة الأمرد قوله ( وكذا تكره خلف أمرد ) الظاهر أنها تنزيهية أيضا
والظاهر أيضا كما قال الرحمتي إن المراد به الصبيح الوجه لأنه محل الفتنة وهل يقال هنا أيضا إذا كان أعلم القوم تنتفي الكراهة فإن كانت علة الكراهة فإن كانت علة الكراهة خشية الشهوة وهو الأظهر فلا وإن كانت غلبة الجهل أو نفرة الناس من الصلاة خلفه فنعم فتأمل
والظاهر أن ذا العذار الصبيح المشتهى كالأمرد تأمل
هذا وفي حاشية المدني عن الفتاوى العفيفية سئل العلامة الشيخ عبد الرحمن بن عيسى المرشدي عن شخص بلغ من السن عشرين سنة وتجاوز حد الإنبات ولم ينبت عذاره فهل يخرج بذلك عن حد الأمردية خصوصا قد نبت له شعرات في ذقنه تؤذن بأنه ليس من مستديري اللحى فهل حكمه في الإمامة كالرجال الكاملين أم لا أجاب سئل العلامة الشيخ أحمد بن يونس المعروف بابن الشلبي من متأخرين علماء الحنفية عن هذه المسألة
فأجاب بالجواز من غير كراهة وناهيك به قدوة والله أعلم
وكذلك سئل عنها المفتي محمد تاج الدين القلعي فأجاب كذلك ا هـ
قوله ( وسفيه ) هو الذي لا يحسن التصرف على مقتضى الشرع أو العقل كما سيذكره في الحجر ط
قوله ( ومفلوج وأبرص شاع برصه ) وكذلك أعرج يقوم ببعض قدمه فالاقتداء بغيره أولى
تاترخانية
وكذا أجذم
بيرجندي
ومجبوب وحاقن ومن له يد واحدة
فتاوى الصوفية عن التحفة والظاهر أن العلة النفرة ولذا قيد الأبرص بالشيوع ليكون ظاهرا ولعدم إمكان إكمال الطهارة أيضا في المفلوج والأقطع والمجبوب ولكراهة صلاة الحاقن أي ببول ونحوه
قوله ( وشارب الخمر إلى قوله ومتصنع ) تكرار من قول المتن فاسق ح
والنمام من ينقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد وهي من الكبائر ويحرم على الإنسان قبولها
والمرائي من يقصد أن يراه الناس سواء تكلف تحسين الطاعات أو لا
والمتصنع من يتكلف تحسينها فهو أخص مما قبله ط
قوله ( ومن أم بأجرة ) بأن استؤجر ليصلي إماما سنة أو شهرا بكذا وليس منه ما شرطه الواقف عليه فإنه صدقة ومعونة له
رحمتي أي يشبه الصدقة ويشبه الأجرة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الوقف
على أن المفتى به مذهب المتأخرين من جواز الاستئجار على تعليم القرآن والإمامة الأذان للضرورة بخلاف
____________________
(1/562)
الاستئجار على التلاوة المجردة وبقية الطاعات مما لا ضرورة إليه فإنه لا يجوز أصلا كما سنحققه في كتاب الإجارة إن شاء الله تعالى فافهم
قوله ( لكن في وتر البحر الخ ) هذا هو المعتمد لأن المحققين جنحوا إليه وقواعد المذهب شاهدة عليه وقال كثير من المشايخ إن كان عادته مراعاة مواضع الخلاف جاز وإلا فلا ذكره السندي المتقدم ذكره ح
قلت وهذا بناء على أن العبرة لرأي المقتدي وهو الأصح وقيل لرأي الإمام وعليه جماعة
قال في النهاية وهو أقيس وعليه فيصح الاقتداء وإن كان لا يحتاط كما يأتي في الوتر
قوله ( إن تيقن المراعاة لم يكره الخ ) أي المراعاة في الفرائض من شروط وأركان في تلك الصلاة وإن لم يراع في الواجبات والسنن كما هو ظاهر سياق كلام البحر
مطلب في الاقتداء بشافعي ونحوه هل يكره أم لا وظاهر كلام شرح المنية أيضا حيث قال وأما الاقتداء بالمخالف في الفروع كالشافعي فيجوز ما لم يعلم منه ما يفسد الصلاة على اعتقاد المقتدي عليه الإجماع إنما اختلف في الكراهة ا هـ
فقيد بالمفسد دون غيره كما ترى
وفي رسالة ( الاهتداء في الاقتداء ) لمنلا علي القاري ذهب عامة مشايخنا إلى الجواز إذا كان يحتاط في موضع الخلاف وإلا فلا
والمعنى أنه يجوز في المراعى بلا كراهة وفي غيره معها
ثم المواضع المهمة للمراعاة أن يتوضأ من الفصد والحجامة والقيء والرعاف ونحو ذلك لا فيما هو سنة عنده مكروه عندنا كرفع اليدين في الانتقالات وجهر البسملة وإخفائها فهذا وأمثاله لا يمكن فيه الخروج عن عهدة الخلاف فكلهم يتبع مذهبه ولا يمنع مشربه ا هـ
وفي حاشية الأشباه للخير الرملي الذي يميل إليه خاطري القول بعدم الكراهة إذا لم يتحقق منه مفسد ا هـ
وبحث المحشي أنه إن علم أنه راعى في الفروض والواجبات والسنن فلا كراهة وإن علم تركها في الثلاثة لم يصح وإن لم يدر شيئا كره لأن بعض ما يجب تركه عندنا يسن فعله عنده فالظاهر أن يفعله وإن علم تركها في الأخيرين فقط ينبغي أن يكره لأنه إذا كره عند احتمال ترك الواجب فعند تحققه بالأولى وإن علم تركها في الثالث فقط ينبغي أن يقتدي به لأن الجماعة واجبة فتقدم على تركه كراهة التنزيه ا هـ
وسبقه إلى نحو ذلك العلامة البيري في رسالته حيث ادعى أن الانفراد أفضل من الاقتداء به قال إذ لا ريب أنه يأتي في صلاته بما تجب الإعادة به عندنا أو تستحب لكن رد عليه ذلك غيره في رسالة أيضا وقد أسمعناك ما يؤيد الرد نعم نقل الشيخ خير الدين عن الرملي الشافعي أنه مشى على كراهة الاقتداء بالمخالف حيث أمكنه غيره ومع ذلك هي أفضل من الانفراد ويحصل له فضل الجماعة وبه أفتى الرملي الكبير واعتمده السبكي والإسنوي وغيرهما
قال الشيخ خير الدين والحاصل أن عندهم في ذلك اختلافا وكل ما كان لهم علة في الاقتداء بنا صحة وفسادا وأفضلية كان لنا مثله عليهم وقد سمعت ما اعتمده الرملي وأفتى به والفقير أقول مثل قوله فيما يتعلق باقتداء الحنفي بالشافعي والفقيه المنصف يسلم ذلك شعر وأنا رملي فقه الحنفي لا مرا بعد تفاق العالمين ا هـ ملخصا
أي لا جدال بعد اتفاق عالمي المذهبين وهما رملي الحنفية يعني به نفسه ورملي الشافعية رحمهما الله تعالى فتحصل أن الاقتداء بالمخالف المراعى في الفرائض أفضل من الانفراد إذا لم يجد غيره وإلا فالاقتداء بالموافق أفضل
____________________
(1/563)
مطلب إذا صلى الشافعي قبل الحنفي هل الأفضل الصلاة مع الشافعي أم لا بقي ما إذا تعددت الجماعات في المسجد وسبقت جماعة الشافعية مع حضور نقل ط عن رسالة لابن نجيم أن الأفضل الاقتداء بالشافعي بل يكره التأخير لأن تكرار الجماعة في مسجد واحد مكروه عندنا على المعتمد إلا إذا كانت الجماعة الأولى غير أهل ذلك المسجد أو أديت الجماعة على وجه مكروه لأنه لا يخلو الحنفي حالة صلاة الشافعي إما أن يشتغل بالرواتب لينتظر الحنفي وذلك منهي عنه لقوله إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وإما أن يجلس وهو مكروه أيضا لإعراضه عن الجماعة من غير كراهة في جماعتهم عن المختار ا هـ
ونحوه في حاشية المدني عن الشيخ والده الشيخ محمد أكرم وخاتمة المحققين السيد محمد أمين ميوباد شاه والشيخ إسماعيل الشرواني فإنهم رجحوا أن الصلاة مع أول جماعة أفضل
قال وقال الشيخ عبد الله العفيف في فتاواه العفيفية عن الشيخ عبد الرحمن المرشدي وقد كان شيخنا شيخ الإسلام مفتي بلد الله الحرام الشيخ علي بن جار الله بن ظهيرة الحنفي لا يزال يصلي مع الشافعية عند تقدم جماعتهم وكنت أقتدي به في الاقتداء بهم ا هـ
وخالفهم العلامة الشيخ إبراهيم البيري بناء على كراهة الاقتداء بهم لعدم مراعاتهم في الواجبات والسنن وأن الانفراد أفضل لو لم يدرك إمام مذهبه
وخالفهم أيضا العلامة الشيخ رحمة الله السندي تلميذ ابن الهمام فقال الاحتياط في عدم الاقتداء به ولو مراعيا وكذا العلامة المنلا علي القاري فقال بعد ما قدمناه عنه من عدم كراهة الاقتداء بهم ولو كان لكل مذهب إمام كما في زماننا فالأفضل الاقتداء بالموافق سواء تقدم أو تأخر على ما استحسنه عامة المسلمين وعلم به جمهور المؤمنين من أهل الحرمين والقدس ومصر والشام ولا عبرة بمن شذ منهم ا هـ
والذي يميل إليه القلب عدم كراهة الاقتداء بالمخالف ما لم يكن غير مراع في الفرائض لأن كثيرا من الصحابة والتابعين كانوا أئمة مجتهدين وهم يصلون خلف إمام واحد مع تباين مذاهبهم وأنه لو انتظر إمام مذهبه بعيدا عن الصفوف لم يكن إعراضا عن الجماعة للعلم بأنه يريد جماعة أكمل من هذه الجماعة
وأما كراهة تعدد الجماعة في مسجد واحد فقد ذكرنا الكلام عليها أول الباب والله أعلم بالصواب
قوله ( تحريما ) أخذه في البحر من الأمر بالتخفيف في الحديث الآتي قال وهو للوجوب إلا لصارف ولإدخال الضرر على الغير ا هـ
وجزم به في النهر
قوله ( زائدا على قدر السنة ) عزاه في البحرإلى السراج والمضمرات
قال وذكره في الفتح بحثا لا كما يتوهمه بعض أئمة فيقرأ يسيرا في الفجركغيرها ا هـ
قوله ( لإطلاق الأمر بالتخفيف ) وهو ما في الصحيحين إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء وقد تبع الشارح في ذلك صاحب البحر
واعترضه الشيخ إسماعيل بأن تعليل الأمر بما ذكر يفيد عدم الكراهة إذا رضي القوم أي إذا كانوا محصورين
ويمكن حمل كلام البحر على غير المحصورين
تأمل
قوله ( وفي الشرنبلالية الخ ) مقابل لقوله زائدا على قدر السنة
وحاصله أنه يقرأ بقدر حال القوم مطلقا أي ولو دون القدر المسنون وفيه نظر
أما أولا فلأنه مخالف للمنقول عن السراج والمضمرات كما مر وأما ثانيا فلأن القدر المسنون لا يزيد على صلاة أضعفهم لأنه كان يفعله مع علمه بأنه يقتدي به الضعيف والسقيم ولا يتركه إلا وقت الضرورة وأما ثالثا فلأن قراءة
____________________
(1/564)
معاذ لما شكاه قومه إلى النبي وقال أفتان أنت يا معاذ إنما كانت زائدة على القدر المسنون
قال الكمال في الفتح وقد بحثنا أن التطويل هو الزيادة على القراءة المسنونة فإنه نهى عنه وقراءته هي المسنونة فلا بد من كون ما نهى عنه غير ما كان دأبه إلا لضرورة وقراءة معاذ لما قال له ما قال كانت بالبقرة على ما في مسلم أن معاذا فتتح بالبقرة فنحرف رجل فسلم ثم صلى وحده ونصرف وقوله إذا أممت بالناس فقرأ { والشمس وضحاها } الشمس 1 { سبح اسم ربك الأعلى } الأعلى 1 و { اقرأ باسم ربك } القلم 1 { والليل إذا يغشى } الليل 1 لأنها كانت العشاء وإن قوم معاذ كان العذر متحققا فيهم لا كسل منهم فأمر فيهم بذلك لذلك كما ذكر أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بالمعوذتين في لفجر فلما فرغ قالوا له أوجزت قال سمعت بكاء صبي فخشيت أن تفتن أمه ا هـ ملخصا
فقد ظهر من كلامه أنه لا ينقص عن المسنون إلا لضرورة كقراءته بالمعوذتين لبكاء الصبي وظهر من حديث معاذ أنه لا ينقص عن المسنون لضعف الجماعة لأنه لم يعين له دون المسنون في صلاة العشاء بل نهاه عن الزيادة عليه مع تحقق العذر في قومه فما استظهره الشرنبلالي من الحديث وحمل عليه كلام الكمال غير ظاهر نعم ذكر في البحر في باب الوتر والنوافل عند الكلام على التراويح معزيا إلى المجتبى أن الحسن روى عن الإمام أنه إذا قرأ في المكتوبة بعد الفاتحة ثلاث آيات فقد أحسن ولم يسيء ا هـ
لكنه لا ينافي ما قلنا لأنه أحسن بقراءة القدر الواجب ولم يسيء أي لم يصل إلى كراهة شديدة فتأمل
قوله ( ويكره تحريما ) صرح به في الفتح والبحر قوله ( ولو في التراويح ) أفاد أن الكراهة في كل ما تشرع فيه جماعة الرجال فرضا أو نفلا
قوله ( لأنها لم تشرع مكررة الخ ) قال في الفتح واعلم أن جماعتهن لا تكره في صلاة الجنازة لأنها فريضة وترك التقدم مكروه فدار الأمر بين فعل المكروه لفعل الفرض أو ترك الفرض لتركه فوجب الأول بخلاف جماعتن في غيرها ولو صلين فرادى فقد تسبق إحداهن فتكون صلاة الباقيات نفلا والتنفل بها مكروه فيكون فراغ تلك موجبا لفساد الفرضية لصلاة الباقيات كتقييد الخامسة بالسجدة لمن ترك القعدة الأخيرة ا هـ
ومثله في البحر وغيره
ومفاده أن جماعتهن في صلاة الجنازة واجبة حيث لم يكن غيرهن ولعل وجهه الاحتراز عن فساد فرضية صلاة الباقيات إذا سبقت إحداهن
وفيه أن الرجال لو صلوا منفردين يلزم فيها مثل ذلك فيلزم عليه وجوب جماعتهم فيها مع أن المصرح به أن الجماعة فيها غير واجبة فتأمل
قول ( لا تعاد ) لأنها لو أعيدت لوقعت نفلا مكروها ط
قوله ( بصلاتها ) قيد به لأن الرجال لم تنعقد صلاتهم ح
قوله ( إلا إذا استخلفها ) استثناء من قوله لا تعاد وهذا ليس خاصا بالجنازة بل غيرها مثلها
قوله ( فتفسد صلاة الكل ) أما الرجال والإمام فلعدم صحة اقتداء الرجال بالمرأة وأما النساء والمقدمة فلأنهن دخلن في تحريمة كاملة فإذا انتقلن إلى تحريمة ناقصة لم يجز كأنهن انتقلن من فرض إلى فرض آخر كما في البحر ح
وظاهر التعليل يقتضي الفساد ولو كن نساء خلصا أفاده أبو السعود ط والأظهر التعليل بأن الإمام يصير مقتديا بخليفته فتفسد صلاة من خلفه بل باستخلافه من لا يصح للإمامة تفسد صلاته فكذا من خلفه
رحمتي
قوله ( تقف الإمام ) بالمثناة الفوقية لأن فاعله الإمام هو هنا مؤنث حقيقي ا هـ
وقال منلا علي القاري يجوز التذكير لأنه
____________________
(1/565)
مصدر بمعنى المفعول أي المقتدى به أه
وفي النهر هو من يؤتم به ذكرا كان أو أنثى
وفي بعض النسخ الإمامة وترك الهاء هو الصواب لأنه اسم لا وصف ا هـ
قوله ( وسطهن ) في المغرب الوسط بالتحريك اسم لعين ما بين طرفي الشيء كمركز الدائرة وبالسكون اسم مبهم لداخل الدائرة مثلا ولذا كان ظرفا والأول يجعل مبتدأ وفاعلا ومفعولا به الخ
وفي ضياء الحلوم الوسط بالسكون ظرف مكان وبالفتح اسم تقول وسط رأسه دهن بالسكون وفتح الطاء فهذا ظرف وإذا فتحت السين رفعت الطاء وقلت وسط رأسه دهن فهذا اسم ا هـ
قلت وعليه فيجوز هنا الفتح والسكون لأنها إذا وقفت في نصف الصف صدق أنها في الوسط بالسكون وأنها عين الوسط بالتحريك ويكون نصبه في الأول على الظرفية وفي الثاني على لحالية لأنه بمعنى متوسطة فافهم
قوله ( فلو تقدمت ) أثمت
أفاد أن وقوفها وسطهن واجب كما صرح به في الفتح وأن الصلاة صحيحة وأنها إذا توسطت لا تزول الكراهة وإنما أرشدوا إلى التوسط لأنه أقل كراهية من التقدم كما في السراج
بحر
قوله ( فيتقدمهن ) إذ لو صلى وسطهن فسدت صلاته بمحاذاتهن له على تقدير ذكورته ح أي وتفسد صلاتهن أيضا
قوله ( فيتوسطهم الخ ) أشار به إلى أن التشبيه بين العراة والنساء ليس من كل وجه بل في الانفراد وقيام الإمام في الوسط وإلا فالعراة يصلون قعودا وهو أفضل والنساء قائمات كما في البحر
قوله ( ولو عجوزا ليلا ) بيان للإطلاق أي شابة أو عجوزا نهارا أو ليلا
قوله ( على المذهب المفتى به ) أي مذهب المتأخرين
قال في البحر وقد يقال هذه الفتوى التي اعتمدها المتأخرون مخالفة لمذهب الإمام وصاحبيه فإنهم نقلوا أن الشابة تمنع مطلقا اتفاقا
وأما العجوز فلها حضور الجماعة عند الإمام إلا في الظهر والعصر والجمعة أي وعندهما مطلقا فالإفتاء بمنع العجائز في الكل مخالف للكل فالاعتماد على مذهب الإمام ا هـ
قال في النهر وفيه نظر بل هو مأخوذ من قول الإمام وذلك أنه إنما منعها لقيام الحامل وهو فرط الشهوة بناء على أن الفسقة لا ينتشرون في المغرب لأنهم بالطعام مشغولون وفي الفجر والعشاء نائمون فإذا فرض انتشارهم في هذه الأوقات لغلبة فسقهم كما في زماننا بل تحريهم إياها كان المنع فيها أظهر من الظهر ا هـ
قلت ولا يخفى ما فيه من التورية اللطيفة وقال الشيخ إسماعيل وهو كلام حسن إلى الغاية
قوله ( واستثنى الكمال الخ ) أي مما أفتى به المتأخرون لعدم العلة السابقة فيبقى الحكم فيه على قول الإمام فافهم
قوله ( ليس معهن رجل غيره ) ظاهره أن الخلوة بالأجنبية لا تنتفي بوجود امرأة أجنبية أخرى وتنتفي بوجود رجل آخر
تأمل
قوله ( كأخته ) من كلام الشارح كما رأته في عدة نسخ وكذا بخطه في الخزائن حيث كتبه بالأسود وأفاد أن المراد بالمحرم ما كان من الرحم لما قالوا من كراهة الخلوة بالأخت رضاعا والصهرة الشابة
تأمل
قوله ( أو زوجته أو أمته ) بالرفع عطفا على رجل أو محرم لا بالجر عطفا على أخته لما علمت أنه ليس من المتن وحينئذ فلا حاجة إلى دعوى تغلب المحرم فافهم
قوله ( في المسجد ) لعدم تحقق الخلوة فيه ولذا لو اجتمع بزوجته فيه لا يعد خلوة كما يأتي
رحمتي
قوله ( أما الواحدة فتتأخر ) فلو كان معه رجل أيضا يقيمه عن يمينه والمرأة خلفهما ولو رجلان يقيمهما خلفه والمرأة خلفهما
بحر
وتأخر الواحدة محله إذا اقتدت برجل لا بامرأة مثلها ط عن البرجندي
____________________
(1/566)
قوله ( على المذهب ) خلاف لما مر عن محمد من أنه يجعل أصابعه عند عقب الإمام
بحر
ويأمره الإمام بذلك أي بالوقوف عن يمينه ولو بعد الشروع أشار إليه بيده لحديث ابن عباس أنه قام عن يسار النبي صلى لله عليه وسلم فأقامه عن يمينه سراج
قوله ( بل بالقدم ) فلو حاذاه بالقدم ووقع سجوده مقدما عليه لكون المقتدي أطول من إمامه لا يضر ومعنى المحاذاة بالقدم المحاذاة بعقبه فلا يضر تقدم أصابع المقتدي على الإمام حيث حاذاه بالعقب ما لم يفحش التفاوت بين القدمين حتى لو فحش بحيث تقدم أكثر قدم المقتدي لعظم قدمه لا يصح كما أشار إليه بقوله ما لم يتقدم الخ قال في البحر وأشار المصنف إلى أن العبرة إنما هو للقدم لا للرأس فلو كان الإمام أقصر من المقتدي يقع رأس المقتدي قدام الإمام يجوز بعد أن يكون محاذيا بقدمه أو متأخرا قليلا وكذا في محاذاة المرأة كما سيأتي وإن تفاوتت الأقدام صغرا وكبرا فالعبرة للساق والكعب والأصح ما لم يتقدم أكثر قدم المقتدي لا تفسد صلاته كما في المجتبى انتهى
فما ذكره الشارح ليس مخالفا لما تقدم كما توهم
رحمتي فافهم
وفي القهستاني هذا في غير المومي والعبرة في المومي للرأس حتى لو كان رأسه خلف إمامه ورجلاه قدام رجليه صح وعلى العكس لا يصح كما في الزاهدي وغيره انتهى
أقول وينبغي أن لا يكون قوله رأسه خلف إمامه قيدا بل كذلك إذا ساواه على قياس ما تقدم
وينبغي أيضا أن يكون هذا في المومي المقتدي بصحيح أو بيؤم مثله وكان كل منهما قاعدا أو مستلقيا ورجلاه إلى القبلة أما لو على جنبه فيشترط كون المؤتم مضطجعا خلف ظهر إمامه ولا عبرة للرأس أصلا
تنبيه إفراد القدم في كلام الشارح كغيره يفيد أن المحاذاة تعتبر بواحدة ولم أره صريحا والظاهر أنه لو كان معتمدا على قدم واحدة فالعبرة لها ولو على القدمين فإن كانت إحداهما محاذية والأخرى متأخرة فلا كلام في الصحة وإن كانت الأخرى متقدمة فهل يصح نظرا للمحاذية أو لا نظرا للمتقدمة محل نظر
والظاهر الثاني ترجيحا للحاظر على المبيح كما قالوا فيما لو كانت إحدى قوائم الصيد في الحل والأخرى في الحرم وقد رأيت فيه في كتب الشافعية اختلاف ترجيح
فرع قال في منية المفتي اقتدى على سطح وقام بحذاء رأس الإمام ذكر الحلواني أنه لا يجوز والسرخسي يجوز
مطلب هل الإساءة دون الكراهة أو أفحش منها قوله ( كره اتفاقا ) الظاهر أن الكراهة تنزيهية لتعليلها في الهداية وغيرها بمخالفة السنة ولقوله في الكافي جاز وأساء وكذا نقله الزيلعي عن محمد لكن قدمنا في أول بحث سنن الصلاة اختلاف عبارتهم في أن الإساءة دون الكراهة أو أفحش منها ووفقنا بينها بأنها دون كراهة التحريم وأفحش من كراهة التنزيه فراجعه
قوله ( والزائدة خلفه ) عدل تبعا للوقاية عن قول الكنز والاثنان خلفه لأنه غير خاص بالإثنين بل المراد ما زاد على الواحد اثنان فأكثر نعم يفهم حكم الأكثر بالأولى
وفي القهستاني وكيفيته أن يقف أحدهما بحذائه والآخر بيمينه إذا كان الزائد اثنين ولو جاء ثالث وقف عن يسار الأول والرابع عن يمين الثاني والخامس عن يسار الثالث وهكذا ا هـ
وفيه إشارة إلى أن الزائد لو جاء بعد الشروع يقوم خلف الإمام ويتأخر المقتدي الأولى ويأتي تمامه قريبا
قوله ( كره تنزيها ) وفي رواية لا يكره والأولى أصح كما في الإمداد
قوله ( وتحريما لو أكثر ) أفاد أن تقدم الإمام أمام الصف واجب كما أفاده في الهداية والفتح
قوله ( كره إجماعا ) أي للمؤتم وليس على الإمام منها شيء ويتخلص من الكراهة بالقهقري إلى خلف إن لم يكن المحل ضيقا على الظاهر وانظر هذا مع قولهم لو كان مع الإمام واحد على الدكان والباقي دونه لا يكره وقد تزول المخالفة بأن تكون الثانية موضوعها إذا كان المؤتم خلفه ط
أقول لم أر التصريح بالواحد وإنما صرحوا بكراهة انفراد الإمام على الدكان ولو كان معه بعض القوم لا يكره فيمكن التوفيق بحمل البعض على جماعة من القوم
فلا ينافي ما هنا
____________________
(1/567)
وأيضا قد صرحوا بكراهة قيام الواحد وحده وإن لم يجد فرجة
تأمل
تتمة إذا اقتدى بإمام فجاء آخر يتقدم الإمام موضع سجوده كذا في مختارات النوازل وفي القهستاني عن الجلابي أن المقتدي يتأخر عن اليمين إلى خلف إذا جاء آخر ا هـ
وفي الفتح ولو اقتدى واحد بآخر فجاء ثالث يجذب المقتدي بعد التكبير ولو جذبه قبل التكبير لا يضره وقيل يتقدم الإمام ا هـ
ومقتضاه أن الثالث يقتدي متأخرا ومقتضى القول بتقدم الإمام أنه يقوم بجنب المقتدي الأول والذي يظهر أنه ينبغي للمقتدي التأخر إذا جاء ثالث فإن تأخر وإلا جذبه الثالث إن لم يخش إفساد صلاته فإن اقتدى عن يسار الإمام يشير إليهما بالتأخر وهو أولى من تقدمه لأنه متبوع ولأن الاصطفاف خلف الإمام من فعل المقتدين لا الإمام فالأولى ثباته في مكانه وتأخر المقتدي ويؤيده ما في الفتح عن صحيح مسلم قال جابر سرت مع النبي صلى لله عليه وسلم في غزوة فقام يصلي فجئت حتى قمت عن يساره فأخذ بيدي فأدارني عن يمينه فجاء بن صخر حتى قام عن يساره فأخذ بيديه جميعا فدفعنا حتى أقامنا خلفه ا هـ
وهذا كله عند الإمكان وإلا تعين الممكن
والظاهر أيضا أن هذا لم يكن في القعدة الأخيرة وإلا اقتدى الثالث عن يسار الإمام ولا تقدم ولا تأخر
قوله ( الخلل ) هو انفراج ما بين الشيئين
قاموس
وهو على وزن جبل ط
قوله ( ويقف وسطا ) قال في المعراج وفي مبسوط بكر السنة أن يقوم في المحراب ليعتدل الطرفان ولو قام في أحد جانبي الصف يكره ولو كان المسجد الصيفي بجنب الشتوي وامتلأ المسجد يقوم الإمام في جانب الحائط ليستوي القوم من جانبيه والأصح ما روي عن أبي حنيفة أنه قال أكره أن يقوم بين الساريتين أو في زاوية أو في ناحية المسجد أو إلى سارية لأنه خلاف عمل الأمة
قال عليه الصلاة والسلام توسطوا الإمام وسدوا الخلل ومتى استوى جانباه يقوم عن يمين الإمام إن أمكنه وإن وجد في الصف فرجة سدها وإلا انتظر حتى يجيء آخر فيقفان خلفه وإن لم يجيء حتى ركع الإمام يختار أعلم الناس بهذه المسألة فيجذبه ويقفان خلفه ولو لم يجد عالما يقف خلف الصف بحذاء الإمام للضرورة ولو وقف منفردا بغير عذر تصح صلاته عندنا خلافا لأحمد ا هـ
مطلب في كراهة قيام الإمام في غير المحراب تنبيه يفهم من قوله أو إلى سارية كراهة قيام الإمام في غير المحراب ويؤيده قوله قبله السنة أن يقوم في المحراب وكذا قوله في موضع آخر السنة أن يقوم الإمام إزاء وسط الصف ألا ترى أن المحاريب ما نصبت إلا وسط المساجد وهي قد عينت لمقام الإمام ا هـ
والظاهر أن هذا في الإمام الراتب لجماعة كثيرة لئلا يلزم عدم قيامه في الوسط فلو لم يلزم ذلك لا يكره
تأمل
____________________
(1/568)
فرع ذكر في البدائع في بحث الصلاة في الكعبة أن الأفضل يقف في مقام إبراهيم
قوله ( وخير صفوف الرجال أولها ) لأنه روي في الأخبار أن الله تعالى إذا أنزل الرحمة على الجماعة ينزلها أولا على الإمام ثم تتجاوز عنه إلى من بحذائه في الصف الأول ثم إلى الميامن ثم إلى المياسر ثم إلى الصف الثاني وتمامه في البحر
تنبيه قال في المعراج الأفضل أن يقف في الصف الآخر إذا خاف إيذاء أحد قال عليه الصلاة والسلام من ترك الصف الأول مخافة أن يؤذي مسلما أضعف له أجر الصف الأول وبه أخذ أبو حنيفة ومحمد وفي كراهة ترك الصف الأول مع إمكانه خلاف ا هـ أي لو تركه مع عدم خوف الإيذاء وهذا لو قبل الشروع فلو شرعوا وفي الصف الأول فرجة له خرق الصفوف كما سيأتي قريبا
مطلب في جواز الإيثار بالقرب وفي حاشية الأشباه للحموي عن المضمرات عن النصاب وإن سبق أحد إلى الصف الأول فدخل رجل أكبر منه سنا أو أهل علم ينبغي أن يتأخر ويقدمه تعظيما له ا هـ
فهذا يفيد جواز الإيثار بالقرب بلا كراهة خلافا للشافعية
وقال في الأشباه لم أره لأصحابنا ونقل العلامة البيري فروعا تدل على عدم الكراهة ويدل عليه قوله تعالى { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } وما في صحيح مسلم من أنه عليه الصلاة والسلام أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه أصغر القوم وهو بن عباس وعن يساره أشياخ فقال عليه الصلاة والسلام للغلام أتأذن لي في أن أعطي هؤلاء فقال الغلام لا ولله فأعطاه الغلام إذ لا ريب أن مقتضى طلب الإذن مشروعية ذلك بلا كراهة وإن جاز أن يكون غير أفضل ا هـ
أقول وينبغي تقييد المسألة بما إذا عارض تلك القرية ما هو أفضل منها كاحترام العلم والأشياخ كما أفاده الفرع السابق والحديث فإنهما يدلان على أنه أفضل من القيام في الصف الأول ومن إعطاء الإناء لمن له الحق وهو من على اليمين فيكون الإيثار بالقربة انتقالا من قربة إلى ما هو أفضل منها وهو الاحترام المذكور
أما لو آثره على مكانه في الصف مثلا من ليس كذلك يكون أعرض عن القربة بلا داع وهو خلاف المطلوب شرعا وينبغي أن يحمل عليه ما في النهر من قوله واعلم أن الشافعية ذكروا أن الإيثار بالقرب مكروه كما لو كان في الصف الأول فلما أقيمت آثر به وقواعدنا لا تأباه ا هـ
مطلب في الكلام على الصف الأول تنبيه آخر قال في البحر في آخر باب الجمعة تكلموا في الصف الأول قيل هو خلف الإمام في المقصورة وقيل ما يلي المقصورة وبه أخذ الفقيه أبو الليث لأنه يمنع العامة عن الدخول في المقصورة فلا تتوصل العامة إلى نيل فضيلة الصف الأول ا هـ
أقول والظاهر أن المقصورة في زمانهم اسم لبيت في داخل الجدار القبلي من المسجد كان يصلي فيها الأمراء الجمعة ويمنعون الناس من دخولها خوفا من العدو فعلى هذا اختلف في الصف الأول هل هو ما يلي الإمام من داخلها أم ما يلي المقصورة من خارجها فأخذ الفقيه بالثاني توسعة على العامة كي لا تفوتهم الفضيلة ويعلم منه بالأولى أن مثل مقصورة دمشق التي هي في وسط المسجد خارج الحائط القبلي يكون الصف ما يلي الإمام في داخلها وما اتصل به من طرفيها خارجا عنها من أول الجدار إلى آخره فلا ينقطع الصف ببنائها كما لا ينقطع بالمنبر الذي هو داخلها فيما يظهر وصرح به الشافعية وعليه فلو وقف في الصف الثاني داخلها قبل استكمال
____________________
(1/569)
الصف الأول من خارجها يكون مكروها
ويؤخذ من تعريف الصف الأول بما هو خلف الإمام أي لا خلف مقتد آخر أن من قام في الصف الثاني بحذاء باب المنبر يكون من الصف الأول لأنه ليس خلف مقتد آخر والله تعالى أعلم
قوله ( في غير جنازة ) أما فيها فآخرها إظهارا للتواضع لأنهم شفعاء فهو أحرى بقبول شفاعتهم ولأن المطلوب فيها تعدد الصفوف فلو فضل الأول امتنعوا عن التأخر عند قلتهم
رحمتي
قوله ( ثم وثم ) أي ثم الصف الثاني أفضل من الثالث وفي الجنازة ما يلي الأخير أفضل مما تقدمه رحمتي
قوله ( كره ) لأن فيه تركا لإكمال الصفوف
والظاهر أنه لو صلى فيه المبلغ في مثل يوم الجمعة لأجل أن يصل صوته إلى أطراف المسجد لا يكره
قوله ( كقيامه في صف الخ ) هل الكراهة فيه تنزيهية أو تحريمية ويرشد إلى الثاني قوله عليه الصلاة والسلام ومن قطعه قطعه الله ط
بقي ما إذا رأى الفرجة بعدما أحرم هل يمشي إليها لم أره صريحا
وظاهر الإطلاق نعم ويفيده مسألة من جذب غيره من الصف كما قدمناه فإنه ينبغي له أن يجيبه لتنتفي الكراهة عن الجاذب فمشيه لنفي الكراهة عن نفسه أولى فتأمل
ثم رأيت في مفسدات الصلاة من الحلية عن الذخيرة إن كان في الصف الثاني فرأى فرجة في الأول فمشى إليها لم تفسد صلاته لأنه مأمور بالمراصة
قال عليه الصلاة والسلام تراصوا في لصفوف ولو كان في الصف الثالث تفسد ا هـ أي لأنه عمل كثير
وظاهر التعليل بالأمر أنه يطلب منه المشي إليها
تأمل
فائدة قال في الأشباه إذا أدرك الإمام راكعا فشروعه لتحصيل الركعة في الصف الأخير أفضل من وصل الصف ا هـ
أما لو لم يدرك الصف الأخير فلا يقف وحده بل يمشي إليه إن كان فيه فرجة وإن فاتته الركعة كما في آخر شرح المنية معللا بأن ترك المكروه أولى من إدراك الفضيلة
تأمل ويشهد له أن أبا بكرة رضي الله عنه ركع دون الصف ثم دب إليه فقال له زادك الله حرصا ولا تعد
قوله ( وهذا الفعل مفوت الخ ) هذا مذهب الشافعية لأن شرط فضيلة الجماعة عندهم أن تؤدى بلا كراهة وعندنا ينال التضعيف ويلزمه مقتضى الكراهة أو الحرمة كما لو صلاها في أرض مغصوبة
رحمتي ونحوه في ط
قوله ( لتقصيرهم ) يفيد أن الكلام فيما إذا شرعوا وفي القنية قام في آخر صف وبين الصفوف مواضع خالية فللداخل أن يمر بين يديه ليصل الصفوف لأنه أسقط حرمة نفسه فلا يأثم المار بين يديه دل على ما في الفردوس عن ابن عباس عنه من نظر إلى فرجة في صف فليسدها بنفسه فإن لم يفعل فمر مار فليتخط على رقبته فإنه لا حرمة له أي فليتخط المار على رقبة من لم يسد الفرجة ا هـ
قوله ( ألينكم مناكب في الصلاة ) المعنى إذا وضع من يريد الدخول في الصف يده على منكب المصلي لأن له ط عن المناوي
قوله ( كما بسط في البحر ) أي نقلا عن فتح القدير حيث قال ويظن أن فسحه له رياء بسبب أن يتحرك لأجله بل ذاك إعانة على إدراك الفضيلة وإقامة
____________________
(1/570)
لسد الفرجات المأمور بها في الصف والأحاديث في هذا شهيرة كثيرة ا هـ
قوله ( لكن نقل المصنف وغيره الخ ) استدراك على ما استنبطه في البحر والفتح من الحديث بأنه مخالف للمنقول في المسألة
وعبارة المصنف في المنح بعد أن ذكر لو جذبه آخر فتأخر الأصح لا تفسد صلاته
وفي القنية قيل لمصل منفرد تقدم فتقدم بأمره أو دخل رجل فرجة الصف فتقدم المصلي حتى وسع المكان عليه فسدت صلاته وينبغي أن يمكث ساعة ثم يتقدم برأي نفسه وعلله في شرح القدوري بأنه امتثال لغير أمر الله تعالى
أقول ما تقدم من تصحيح صلاة من تأخر ربما يفيد تصحيح عدم الفساد في مسألة القنية لأنه مع تأخره بجذبه لا تفسد صلاته ولم يفصل بين كون ذلك بأمره أم لا إلا أن يحمل على ما إذا تأخر لا بأمره فتكون مسألة أخرى فتأمل ا هـ كلام المصنف
وحاصله أنه لا فرق بين المسألتين إلا أن يدعي حمل الأولى على ما إذا تأخر بمجرد الجذب بدون أمر والثانية على ما إذا فسخ له بأمره فتفسد في الثانية لأنه امتثل أمر المخلوق وهو فعل مناف للصلاة بخلاف الأولى
قوله ( فهل ثم فرق ) قد علمت من كلام المصنف أنه لو تأخر بدون أمر فيهما فلا فرق بينهما ويكون التصحيح واردا فيهما وإن تأخر بالأمر في إحداهما فهناك فرق وهو إجابته أمر المخلوق فيكون موضوع المسألتين مختلفا
هذا وقد ذكر الشرنبلالي في شرح الوهبانية ما مر عن القنية وشروح القدوري ثم رده بأن امتثاله إنما هو لأمر رسول الله فلا يضر ا هـ
لكن لا يخفى أنه تبقى المخالفة بين الفرعين ظاهرة وكأن الشارح لم يجزم بصحة الفرق الذي أبداه المصنف فلذا قال فليحرر وجزم في مكروهات الصلاة وفي مفسداتها بما في القنية تبعا لشرح المنية
وقال ط لو قيل بالتفصيل بين كونه امتثل أمر الشارع فلا تفسد وبين كونه امتثل أمر الداخل مراعاة لخاطره من غير نظر لأمر الشارع فتفسد فكان حسنا
قوله ( ظاهره يعم العبيد ) أشار به إلى أن البلوغ مقدم على الحرية لقوله ليليني منكم أولو لأحلام والنهى أي البالغون خلافا لما نقله ابن أمير حاج حيث قدم الصبيان الأحرار على العبيد البالغين ا هـ ح عن البحر نعم يقدم البالغ الحر على البالغ العبد والصبي الحر على الصبي العبد والحرة البالغة على الأمة البالغة والصبية الحرة على الصبية الأمة
بحر
قوله ( فلو واحدا دخل الصف ) ذكره في البحر بحثا
قال وكذا لو كان المقتدي رجلا وصبيا يصفهما خلفه لحديث أنس فصففت أنا وليتيم وراءه والعجوز من ورائنا وهذا بخلاف المرأة الواحدة فإنها تتأخر مطلقا كالمتعددات للحديث المذكور
قوله ( اثنا عشر ) لأن المقتدي إما ذكر أو أنثى أو خنثى وعلى كل فإما بالغ أو لا وعلى كل فإما حر أو لا ا هـ ح
فيقدم الأحرار البالغون ثم صبيانهم ثم العبيد البالغون ثم صبيانهم ثم الأحرار الخناثى الكبار ثم صغارهم ثم الأرقاء الخناثى الكبار ثم صغارهم ثم الحرائر الكبار ثم صغارهن ثم الإماء الكبار ثم صغارهن كما في الحلية
قوله ( لكن لا يلزم الخ ) جواب عما نقلناه عن الحلية من جعل الخناثى أربعة صفوف لأن المراد بيان الصفوف الممكنة على الترتيب المذكور في المتن وإن لم يصح لكها لما في الإمداد من أنه لا تصح محاذاة الخنثى مثله ولا تأخره عنه لاحتمال أنوثة المتقدم وأحد المتحاذيين ثم قال فيشترط أن تكون الخناثى صفا واحدا بين كل اثنين فرجة أو حائل ليمنع المحاذاة وهذا مما من الله بالتنبيه له ا هـ
فما ذكره الشارح جواب
____________________
(1/571)
لا اعتراض فافهم وقد ظهر أن الصفوف الصحيحة تسعة لكن ذكر ج أنه سيأتي اشتراط التكليف في إفساد صلاة من حاذته امرأة والخنثى كالمرأة في الإمداد والتقدم في حكم المحاذاة بل هو من أفرادها كما في البحر حينئذ فلا يشترط جعل الخناثى صفا واحدا إلا إذا كانوا بالغين فيجعلهم صفا واحدا الأحرار والعبيد سواء بشرط الفرجة أو الحائل
أما الصبيان منهم فيجعل أحرارهم صفا آخر ثم أرقاءهم صفا ثالثا ترجيحا للحرية لانعدام الفساد بمحاذاة بعضهم لبعض أو بالتقدم بخلاف البالغين منهم وعليه فتكون الصفوف أحد عشر هذا حاصل ما ذكره المحشي فافهم
أقول وقد صرح في القنية بأن اقتداء الخنثى بمثله في روايتان وأن رواية الجواز استحسان لا قياس ا هـ
ويلزم من رواية الجواز أنه لا تفسد صلاته بمحاذاته لمثله ولا بتقدمه بالغا أو غيره وعلى هذا فلا حاجة إلى ما مر عن الإمداد نعم جزم الشارح فيما سيأتي للبحر برواية عدم الجواز فتأمل
قوله ( وخصه الزيلعي الخ ) حيث قال المعتبر في المحاذاة الساق والكعب في الأصح وبعضهم اعتبر القدم ا هـ
فعلى قول البعض لو تأخرت عن الرجل ببعض القدم تفسد وإن كان ساقها وكعبها متأخرا عن ساقه وكعبه وعلى الأصح لا تفسد وإن كان بعض قدمها محاذيا لبعض قدمه بأن كان أصابع قدمها عند كعبه مثلا تأمل
هذا ومقتضى قوله وخصه الزيلعي أن قوله ولو بعضو واحد خارج عما ذكره الزيلعي فيكون قولا ثالثا في المسألة كما فهمه في البحر
وظاهر كلام الزيلعي أنه ليس في المسألة قول ثالث وإلا لذكره بل المراد بالعضو من المرأة قدمها ومن الرجل أي عضو كان على ما صرح به في النهاية ونصه شرطنا المحاذاة مطلقا لتتناول كل الأعضاء أو بعضها فإنه ذكر في الخلاصة محالا على فوائد القاضي أبي علي النسفي رحمه الله تعالى المحاذاة أن يحاذي عضو منها عضوا من الرجل حتى لو كانت المرأة على الظلة ورجل بحذائها أسفل منها إن كان يحاذي الرجل شيئا منها تفسد صلاته وإنما عين هذه الصورة لتكون قدم المرأة محاذية للرجل لأن المراد بقوله أن يحاذي عضو منها هو قدم المرأة لا غير فإن محاذاة غير قدمها لشيء من الرجل لا يوجب فساد صلاته نص على هذا في فتاوى الإمام قاضيخان في أواسط فصل من يصح الاقتداء به ومن لا يصح
وقال المرأة إذا صلت مع زوجها في البيت إن كان قدمها بحذاء قدم الزوج لا تجوز صلاتهما بالجماعة وإن كان قدماها خلف قدم الزوج إلا أنها طويلة تقع رأس المرأة في السجود قبل رأس الزوج جازت صلاتهما لأن العبرة للقدم ألا ترى أن صيد الحرم إذا كان رجلاه خارج الحرم ورأسه في الحرم يحل أخذه وإن كان على العكس لا يحل انتهى كلام النهاية
ونقله في السراج وأقره وفي القهستاني المحاذاة أن تسوى قدم المرأة شيئا من أعضاء الرجل فالقدم مأخوذ في مفهومه على ما نقل عن المطرزي فمساواة غير قدمها لعضوه غير مفسدة ا هـ
فقد ثبت بما ذكرناه وجود المحاذاة بالقدم في مسألة الظلة المذكورة خلافا لما زعمه في البحر وأنه لا فرق بين التعبير بالعضو وبالقدم خلافا لما زعمه في البحر أيضا وأنه لو اقتدت به متأخرة عنه بقدمها صحت صلاتهما وإن لزم منه محاذاة بعض أعضائها لقدمه أو غيره في حالة الركوع أو السجود لأن المانع ليس محاذاة أي عضو منها لأي عضو منه ولا محاذاة قدمه لأي عضو منها بل المانع محاذاة قدمها فقط لأي عضو منه
تنبيه اعترض في البحر تفسير المحاذاة بما ذكر هنا الزيلعي بأنه قاصر لأنه لا يشمل التقدم وقد صرحوا بأن المرأة الواحدة تفسد صلاة ثلاثة إذا وقفت في الصف من عن يمينها ومن عن يسارها ومن خلفها فالتفسير
____________________
(1/572)
الصحيح للمحاذاة ما في المجتبى المحاذاة المفسدة أن تقوم بجنب الرجل من غير حائل أو قدامه ا هـ
وأجاب في النهر بأن المرأة إنما تفسد صلاة من خلفها إذا كان محاذيا لها كما قيده به الزيلعي وذكره في السراج أيضا وصرح به الحاكم الشهيد في كافيه ا هـ
ويأتي تمامه قريبا
قوله ( امرأة ) مفهومه أن محاذاة الخنثى المشكل لا تفسد وبه صرح في التاترخانية
قوله ( ولو أمة ) ومثلها الخنثى كما قدمناه عن الإمداد ح ولا وجه للمبالغة بالأمة ولعلها ولو أمه بهاء الضمير ط
وعبارته في الخزائن ولو محرمه أو زوجته وخرج به الأمرد ا هـ
قوله ( كبنت تسع مطلقا ) يفسره لاحقه
قال في البحر واختلفوا في المشتهاة وصحح الزيلعي وغيره أنه لا اعتبار بالسن من السبع على ما قيل أو التسع وإنما المعتبر أن تصلح للجماع بأن تكون عبلة ضخمة
والعبلة المرأة التامة الخلق ا هـ
فكلام الشارح غير معتمد لأنه قد يوجد خصوصا في هذا الزمان بنت تسع لا تطيق الوطء ط
قوله ( أو فرجة تسع رجلا ) معطوف على حائل لكنه منون ولو وصفه بالجملة ا هـ ح
وفي معراج الدراية لو كان بينهما فرجة تسع الرجل أو أسطوانة قيل لا تفسد وكذا إذا قامت أمامه وبينهما هذه الفرجة ا هـ
واستشكله فلي البحر بما اتفقوا على نقله عن أصحابنا من أن المرأة تفسد صلاة رجلين من جانبيها واحد عن يمينها وواحد عن يسارها وكذا المرأتان والثلاث
وكذا تفسد صلاة من خلفها فالواحدة تفسد من خلفها صلاة رجل ولو كانتا اثنتين فصلاة رجلين ولو ثلاثا فصلاة ثلاثة ثلاثة إلى آخر الصفوف ولو كن صفا بين الرجال والإمام لا يصح اقتداء الرجال قال ووجه إشكاله أن الرجل الذي هو خلفها أو الصف الذي هو خلفهن بينه وبينها فرجة قدر مقام الرجل وقد جعلوا الفرجة كالحائل فيمن عن جانبها أو خلفها فتعين أن يحمل على ما إذا السراج ولو قامت وسط الصف صلاة واحد عن يمينها وواحد عن يسارها وواحد خلفها بحذائها دون الباقين فقد شرط أن يكون من خلفها محاذيا لها للاحتراز عن وجود الفرجة وكذا صرح به الزيلعي والحاكم الشهيد ا هـ ملخصا
وقدمنا نحوه قريبا عن النهر
وأفاد في النهر أيضا أن اشتراط المحاذاة للفساد ليس شرطا خاصا بتقدم المرأة الواحدة بل الصف من النساء كذلك أي فحيث لم يحاذهن صفوف الرجال فلا فساد
والحاصل أن المراد من إفساد صلاة من خلفها أن يكون محاذيا لها من خلفها أي بأن يكون مسامتا لها غير منحرف عنها يمنة أو يسرة قدر مقام الرجل لا مطلق كونه خلفها ومراد البحر من تعين الحمل على المحاذاة ما ذكرنا وليس مراده بالمحاذاة ما فهمه المحشي من قيام الرجل خلفها بأن يكون وجهه إلى ظهرها قريبا منها بحيث لا يكون بينه وبينها قدر مقام الرجل لأن مرادهم أنها تفسد صلاة رجل من الصف الذي خلفها ولا بد من وجود فرجة بين الصفين أكثر من قدر مقام الرجل وهذا منشأ الإشكال
وقد استشهد صاحب البحر على جوابه بعبارة السراج وغيرها مما فيه التصريح بالصفوف فعلم أن مراده اشتراط محاذاتها لمن خلفها في الصف المتأخر فيتعين حمله على ما ذكرناه وإلا لزم أن لا يفسد الصف سوى صلاة صف واحد من الرجال ولا الثلاث سوى صلاة ثلاثة رجال من الصف الذي خلفهن فقط دون باقي الصفوف فافهم
قوله ( في صلاة وإن لم تتحد ) أشار إلى تعميم الصلاة بما ذكره القهستاني بقوله فريضة أو نافلة واجبة أو سنة أي تطوع أو فريضة في حق الإمام تطوع في حق المقتدين
قال وفيه إشارة إلى أن محاذاة المجنونة لا تفسد لأن صلاتها ليست بصلاة في الحقيقة
____________________
(1/573)
قوله ( على الصحيح ) متعلق بمحذوف تقديره فسدت صلاتهما ا هـ ح
وهذا بناء على قولهما إنه لا يبطل أصل الصلاة بطلان وصفها فإذا لم تصح صلاتها ظهرا صحت نفلا فهي متحدة من حيث أصل الصلاة وإن زاد عليها الإمام بصف الفرضية فقوله وإن لم تتحد يعني صورة باعتبار نيتها
وأما على قول محمد بأنه يبطل الأصل ببطلان الوصف فلا تفسد صلاة من حاذته لأنها ليست بمصلية وقد جعله في البحر خلاف المذهب وسيأتي الكلام فيه
وأما في المنح من قوله إنه مفرع على بقاء أصل الصلاة عند فساد الاقتداء فكأنه سبق قلم لأن الاقتداء صحيح وإنما فسدت نيتها الفرضية وبقي اقتداؤها في أصل صلاة الإمام و هو النفل وإن زاد عليها الإمام بوصف الفرضية كما قلنا
أفاده الرحمتي
قوله ( وسيجيء ) أي في قوله وإذا فسد الاقتداء لا يصح بشروعه في صلاة نفسه
قوله ( مطلقة ) وهي ما عهد مناجاة للرب سبحانه وتعالى وهي ذات الركوع والسجود أو الإيماء للعذر
بحر
قوله ( خرج الجنازة ) وكذا سجدة التلاوة كما في شرح المنية وغيره
وينبغي إخراجها بقوله في صلاة وينبغي إلحاق سجدة الشكر بها وكذا سجود السهو لعدم تحقق المحاذاة فيه بالقدم والساق حالة القيام
تأمل
قوله ( فمحاذاة الخ ) الأولى ذكره بعد قوله تحريمة كما فعل في شرح المنية لأن الاحتراز عن هذه الصورة بتقييد الاشتراك بالتحريمة كما سنذكره لا بمطلق الاشتراك وإلا فالاشتراك في اتحاد الصلاة مثلا موجود فيها
قوله ( ليس في صلاتها ) بأن صليا منفردين أو مقتديا أحدهما بإمام لم يقتد به الآخر
شرح المنية
قوله ( مكروهة ) الظاهر أنها تحريمية لأنها مظنة الشهوة والكراهة على الطارىء ط
قلت وفي معراج الدراية وذكر شيخ الإسلام مكان الكراهة الإساءة والكراهة أفحش ا هـ
قوله ( تحريمة ) الاشتراك في التحريمة أن تبني صلاتها على صلاة من حاذته أو على صلاة إمام من حاذته
بحر
وعلمت محترزه بما ذكرناه آنفا
قوله ( وإن سبقت ببعضها ) أي الصلاة فلا يشترط أن تدرك أول الصلاة في الصبح بلو سبقها بركعة أن ركعتين فحاذته فيما أدركت تفسد عليه
بحر
وسواء كبرت قبل المحاذي أو معه أو بعده ح
قوله ( وأداء ) بأن يكون أحدهما إماما للآخر أو يكون لهما إمام فيما يؤديانه حقيقة كالمدرك أو حكما كاللاحق ح
والأولى أن يقول وتأدية لئلا يتوهم مقابلته للقضاء مع أنها تفسد في كل صلاة
نهر
وأورد صدر الشريعة هنا شيئين أحدهما أن ذكر الأداء يغني عن التحريمة إذ لا توجد الشركة في الأداء بدون الشركة في التحريمة
ثانيهما أن الشركة في التحريمة غير شرط فإن الإمام إذا استخلف رجلا فاقتدت المرأة بالخليفة وحاذت رجلا ممن اقتدى بالإمام الأول فسدت صلاة الرجل مع أنه لا شركة بينهما في التحريمة
وأجاب في النهر عن الأول بأنهم ذكروا الشركة في التحريمة لأن الشركة في الأداء تتوقف عليها
وفرق بين التنصيص على الشيء وبين كونه لازما لشيء
وأجاب عنه أيضا في شرح المنية بأنه احتراز عما لو اقتدى كل منهما بإمام غير الذي اقتدى به الآخر في صلاة واحدة لأنهما اشتركا أداء لأنه صدق عليهما أن لهما إماما فيما يؤديانه لكنهما لم يشتركا تحريمة ا هـ
____________________
(1/574)
أقول وفيه نظر لأن المراد أن يكون لهما إمام واحد تأمل
وأجيب عن الثاني بأن الشركة ثابتة بين الإمام والمأموم تقديرا بناء على أن تحريمة الخليفة مبنية على تحريمة الإمام الأول فتحصل المشاركة بينهما تحريمة قوله ( كلاحقين ) أي أحدهما امرأة فلو حاذته في حال الأداء فسدت صلاته ولو بعد فراغ الإمام لاشتراكهما في الصلاة أداء حكما
قوله ( بخلاف المسبوقين ) محترز قوله وأداء فإنهما فإنهما وإن اشتركا تحريمة لم يشتركا أداء لأن المسبوق المنفرد فيما يقضي إلا في مسائل ليست هذه منها كما سيأتي ومثله لو كان أحدهما مسبوقا والآخر لاحقا كما أفاده ح
وأما لو كانا مسبوقين لاحقين فقال في الفتح فيه تفصيل فإنهما لو اقتديا في الثالثة فأحداث فذهبا فتوضآ ثم حاذته في القضاء إن كان في الأولى أو الثانية وهي الثالثة والرابعة للإمام تفسد لوجود الشركة فيهما لأنهما فيهما لاحقان وإن حاذته في الثالثة والرابعة فلا لعدمها لأنهما مسبوقان وهذا بناء على أن اللاحق المسبوق يقضي وجوبا أولا لما لحق به ثم ما سبق به وباعتباره تفسد وإن صح عكسه عندنا خلافا لزفر ا هـ
قال في النهر وينبغي أنه إن نوى قضاء ما سبق به أولا أن ينعكس حكم المسألة ا هـ
قوله ( والمحاذاة في الطريق ) معطوف على المسبوقين أي لا تفسد أيضا إذا حاذته في الطريق للطهارة فيما إذا سبقهما الحدث في الأصح لأنهما غير مشتغلين بالقضاء بل بإصلاح الصلاة لا بحقيقتها وإن كانا في حرمتها إذ حقيقتها قيام وقراءة الخ
وليس شيء من ذلك ثابتا فلم توجد الشركة أداء وتمامه في الفتح
قوله ( كما في جوف الكعبة ) قيد به إذ لا تمكن المحاذاة مع اختلاف الجهة في خارجها فافهم
قوله ( وليلة مظلمة ) بأن صليا بالتحري كل منهما إلى جهة
قوله ( فسدت صلاته ) جواب قوله وإذا حاذته ) أي فسدت صلاته دونها إن لم يكن إماما
نهر
فلو كان إماما فسدت صلاة الجميع إلا إذا أشار إليها بالتأخير كما يأتي
قال في البحر وأشار بقوله فسدت صلاته إلى أنها لو اقتدت به مقارنة لتكبيره محاذية له وقد نوى إمامتها لم تنعقد تحريمته
وهو الصحيح كما في الخانية لأن المفسد للصلاة إذا قارن الشروع منع من الانعقاد
قوله ( لو مكلفا ) لأن فساد صلاة الرجل لكونه هو المخاطب بتأخيرها فإذا لم يؤخرها فقد ترك فرض المقام
قال في الفتح وفيه أي في هذا التعليل إشارة إلى اشتراط العقل والبلوغ فإن الخطاب إنما يتعلق بأفعال المكلفين كذا في بعض شروح الجامع فلا تفسد صلاة الصبي بالمحاذاة على هذا ا هـ
قوله ( إن نوى إمامتها ) قال في البحر هذا القيد مستغنى عنه بذكر الاشتراك السابق
وأقول غير خاف أنه لا يفهم منه اشتراط النية وإن استلزمه بعد العلم بذلك
نهر
قوله ( لا بعده ) ظارهه أن صلاتها مع المحاذي صحيحة في هذه الصورة لأنه يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء ط
أقول وفي القنية رامزا إلى شرف الأئمة ونية الإمام إمامة النساء تعتبر وقت الشروع لا بعده ا هـ
وظاهره أن ذلك شرط في صحة اقتدائهن فلو نوى إمامة المرأة بعد شروعه لم يصح اقتداؤها فلا تفسد صلاة من حاذته
تأمل قوله ( على الظاهر ) هو استظهار من صاحب البحر بعد حكايته روايتين في المسألة ويؤيده أن الفارسي في شرحه على تلخيص الجامع حكى الاشتراط بقيل قوله ( عملت نيته ) فلا تفسد المستثناة ولا غير المعينة لعدم صحة اقتدائهما قوله ( فسدت صلاتها ) ظاهره أنها لا تصير شارعة في الفرض ولا في نفل أيضا
وحكي
____________________
(1/575)
في القنية في الثانية روايتين أي بناء على ما سيأتي من أنه إذا فسد الاقتداء هل يصح شروعه في صلاة نفسه أم لا وسيأتي الكلام عليه
تنبيه ظاهر إطلاقه أنه لا تصح صلاتها بلا نية الإمام إمامتها في الجمعة والعيدين أيضا فالنية شرط فيهما أيضا
قال في النهر وبه قال كثير إلا أن الأكثر على عدمه فيهما وهو الأصح كما في الخلاصة وجعل الزيلعي الأكثر على الاشتراط وأجمعوا على عدمه في الجنازة ا هـ
وظاهر عود الضمير في صلاتها على المرأة المحاذية أي لإمام أو لمقتد أنها لو اقتدت غير محاذية لأحد صح اقتداؤها وإن لم ينوها إلا إذا نفى إمامة النساء كما في القهستاني وحينئذ فلا يشترط لصحة اقتداء المرأة نية الإمام إمامتها إلا إذا كانت محاذية وإلا فلا يشترط وقدم المصنف في بحث النية أن فيه اختلافا وقدمنا هناك عن الحلية أنه يشترط أن لا تتقدم بعد وتحاذي أحدا من إمام أو مأموم فإن تقدمت وحاذت لا يبقى اقتداؤها ولا تتم صلاتها ا هـ
وذكر في النهاية هنا أن هذا قول أبي حنيفة الأول
وظاهره أن قوله الأخير اشتراط النية مطلقا والعمل على المتأخر كما لا يخفى ولهذا أطلق في متن المختار قوله ولا تدخل المرأة في صلاة الرجال إلا أن ينويها الإمام ومثله في متن المجمع
قوله ( كما لو أشار إليها بالتأخير الخ ) قال في الفتح وفي الذخيرة والمحيط إذا حاذته بعد ما شرع ونوى إمامتها فلا يمكنه التأخير بالتقدم خطوة أو خطوتين للكراهة في ذلك فتأخيرها بالإشارة وما أشبه ذلك فإذا فعل فقد أخر فيلزمها التأخر فإن لم تفعل فقد تركت حينئذ فرض المقام فتفسد صلاتها دونه ا هـ
واستفيد من قوله بعد ما شرع أنها لو حضرت قبل شروعه ونوى إمامتها محاذيا لها وقد أشار إليها بالتأخر تفسد صلاته فالإشارة بالتأخر إنما تنفع إذا حضرت بعد الشروع ناويا إمامتها
قال ط والظاهر أن الإمام ليس بقيد ا هـ أي فلو حاذت المقتدي بعد الشروع وأشار إليها بالتأخر ولم تتأخر فسدت صلاتها دونه وينبغي أن يعد هذا في الشروط بأن يقال ولم يشر إليها بالتأخر إذا حضرت بعد شروعه وينبغي أن يكون هذا في المرأة البالغة أما غيرها فغير مكلفة بفرضية المقام
تأمل
قوله ( وشرطوا كونها عاقلة ) مستغنى عنه بقوله في صلاة لأن المجنونة لا تنعقد صلاتها
نهر
وقدمناه عن القهستاني
قوله ( وكونهما في مكان واحد ) حتى لو كان أحدهما على دكان علو قامة والآخر على الأرض لا تفسد صلاته
شرح المنية
وهذا وإن كان معلوما من المحاذاة إلا أن المشايخ ذكروه إيضاحا
نهر عن المعراج
قوله ( في ركن كامل ) أي في أداء ركن بالفعل عند محمد
وعند أبي يوسف مقدار الركن
والذي في الخانية المحاذاة مفسدة قلت أو كثرت
قال في البحر وظاهر إطلاق المصنف اختياره
قوله ( فالشروط عشرة ) بل أكثر بزيادة ما قدمه من كون الذي حاذته مكلفا وبزيادة ما قدمناه من عدم الإشارة إليها بالتأخر إذا حضرت بعد شروعه
قوله ( والصبيح المشتهى ) إنما قيد بذلك لأنه محل الخلاف وإلا فغيره لا يفسد بالاتفاق
قوله ( غير معلول بالشهوة ) أي ليست علة الفساد الشهوة ولذا أفسدنا بالعجوز الشوهاء وبالمحرم كأمه وبنته وأما عدم الفساد فيمن لم تبلغ حد الشهوة كبنت سبع فلقصورها عن درجة النساء فكان الأمر بتأخيرهن غير شامل لها ظاهرا هذا ما ظهر لي فتأمله
قوله ( ولا يصح اقتداء الخ ) المراد بالمرأة الأنثى
____________________
(1/576)
الشامل للبالغة وغيرها كما أن المراد بالخنثى ما يشملهما أيضا
وأما الرجل فإن أراد به البالغ اقتضى بمفهومه صحة اقتداء الصبي بالمرأة والخنثى وإن أريد به الذكر أفاد عدم صحة اقتداء الصبي بالصبي وكلاهما غير واقع فالصواب في العبارة أن يقال ولا يصح اقتداء ذكر بأنثى وخنثى ولا رجل بصبي ح عن شيخه السيد علي البصير
أقول والحاصل أن كلا من الإمام والمقتدي إما ذكر أو أنثى أو خنثى وكل منها إما بالغل أو غيره فالذكر البالغ تصح إمامته للكل ولا يصح اقتداؤه إلا بمثله والأنثى البالغة تصح إمامتها للأنثى مطلقا فقط مع الكراهة ويصح اقتداؤها بالرجل وبمثلها وبالخنثى البالغ ويكره لاحتمال أنوثته والخنثى البالغ تصح إمامته للأنثى مطلقا فقط لا لرجل ولا لمثله لاحتمال أنوثته وذكورة المقتدي ويصح اقتداؤه بالرجل لا بمثله ولا بأنثى مطلقا لاحتمال ذكورته
وأما غير البالغ فإن كان ذكرا تصح إمامته لمثله من ذكر وأنثى وخنثى ويصح اقتداؤه بالذكر مطلقا وإن كان أنثى تصح إمامتها لمثله فقط
أما الصبي فمحتمل ويصح اقتداؤها بالكل وإن كان خنثى تصح إمامته لأنثى مثله لا لبالغة ولا لذكر أو خنثى مطلقا ويصح اقتداؤه بالذكر مطلقا فقط هذا ما ظهر لي أخذا من القواعد قوله ( ولو في جنازة ) بيان للإطلاق الراجع إلى الاقتداء بالصبي
مطلب الواجب كفاية هل يسقط بفعل الصبي وحده قال الأسروشني الصبي إذا أم في صلاة الجنازة ينبغي أن لا يجوز وهو الظاهر لأنها من فروض الكفاية وهو ليس من أهل أداء الفرض ولكن يشكل برد السلام إذا سلم على قوم فرد صبي جواب السلام ا هـ
أقول مقتضى تعليله أنه لا يسقط الوجوب عن البالغين بصلاته على الجنازة وحده فضلا عن كونه إماما
وقد ذكر في شرح التحرير أنه لم يقف على هذا في كتب المذهب وإنما ظاهر أصول المذهب عدم السقوط ا هـ أي لقولهم إن الصبي ليس من أهل الوجوب
أقول ويشكل على ذلك ما مر من مسألة السلام وتصريحهم بجواز أذان الصبي المراهق بلا كراهة مع أنه قيل بأن الأذان واجب والمشهور أنه سنة مؤكدة قريبة من الواجب في لحوق الإثم وتصريحهم بأنه لو خطب صبي له منشور يوم الجمعة وصلى بالناس بالغ جاز وتصريحهم بأنه تحل ذبيحته إذا كان يعقل الذبح والتسمية أي يعلم أنها مأمور بها وكذا ما صرح به الأسروشني من أن الصبي إذا غسل الميت جاز ا هـ أي يسقط به الوجوب
فسقوط الوجوب بصلاته على الميت أولى لأنها دعاء وهو أقرب للإجابة من المكلفين
ولعل معنى قولهم إنه ليس من أهل الوجوب أنه غير مكلف به
ولا ينافي ذلك وقوعه واجبا
وسقوط الوجوب عن المكلفين بفعله يؤيد ذلك ما صرح به في الفتح من باب المرتد من أنهم اتفقوا على أن الصبي لو أقر بالشهادة يقع فرضا ويلزمه تجديد إقرار آخر بعد البلوغ حتى على قول من ينفي وجوب الإيمان على الصبي فصار كالمسافر لا تجب الجمعة عليه ولو صلاها سقط فرضه ا هـ
ولا يقال إن ذلك في الإسلام لأنه لا يتنفل به فلا يقع إلا فرضا لأنا نقول المراد إثبات أنه من أهل أداء الفرض وقد ثبت بذلك فيقال مثله في صلاة الجنازة لأنه لا يتنفل بها أيضا والاكتفاء بأذانه وخطبته وتسميته ورده السلام دليل على الاكتفاء بصلاته على الجنازة نعم يشكل ما لو صلى في الوقت ثم بلغ فيه فإنه يعيدها لوقوع
____________________
(1/577)
الأولى نفلا
وقد يجاب بأنه لما كان المعتبر آخر الوقت وهو فيه بالغ لزمه إعادتها لوجود سبب الوجوب عليه والوقت الذي صلى فيه ليس سببا للوجوب فكأنه صلى قبل سبب الوجوب في حقه فلم يمكن جعلها فرضا
أما صلاة الجنازة فإن سببها حضورها وهو موجود قبل بلوغه فأمكن وقوعها فرضا منه
تأمل وهذا كله فيما لا يشترط فيه البلوغ فلا يرد أنه لو حج يلزمه الحج ثانيا بعد البلوغ لأن حجة الإسلام من شرطها البلوغ والحرية بخلاف الحج النفل
ومن هذا يظهر أنه لا تصح إمامته في الجنازة أيضا وإن قلنا بصحة صلاته وسقوط الواجب بها عن المكلفين لأن الإمامة للبالغين من شروط صحتها البلوغ هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل فاغتنمه فإنك لا تظفر به في غير هذا الكتاب والحمد لله الملك الوهاب
قوله ( ونفل على الأصح ) قال في الهداية وفي التراويح والسنن المطلقة جوزه مشايخ بلخ ولم يجوزه مشايخنا ومنهم من حقق الخلاف في النفل المطلق بين أبي يوسف ومحمد
والمختار أنه لا يجوز في الصلوات كلها ا هـ
والمراد بالسنن المطلقة السنن الرواتب والعيد في إحدى الروايتين وكذا الوتر والكسوفان والاستسقاء عندهما
فتح
قوله ( بمجنون مطبق ) بكسر الباء والنسبة مجازية لأن المطبق هو الجنون لا المجنون فهو كقولك ضرب مؤلم فإن المؤلم هو الضارب لا الضرب وإنما لم يصح الاقتداء به لأنه لا صلاة له لعدم تحقق النية ولعدم الطهارة
قوله ( في غير حالة إفاقته ) وأما في حالة الإفاقة فيصح كما في البحر عن الخلاصة
وظاهره أنه لا يصح ما لم يتحقق إفاقته قبل الصلاة حتى لو علم منه جنون وإفاقة ولم يعلم حاله وقت الصلاة لا يصح وينبغي أنه لو علمت إفاقته بعد جنونه أن يصح ولا عبرة باحتمال عود الجنون استصحابا للأصل وهو الصحة لأن الجنون مرض عارض
قوله ( أو معتوه ) هو الناقص العقل وقيل المدهوش من غير جنون كذا في المغرب وقد جعلوه في حكم الصبي
قوله ( ومعذور بمثله الخ ) أي إن اتحد عذرهما وإن اختلف لم يجز كما في الزيلعي والفتح وغيرهما
وفي السراج ما نصه ويصلي من به سلس البول خلف مثله
وأما إذا صلى خلف من به السلس وانفلات ريح لا يجوز لأن الإمام صاحب عذرين والمؤتم صاحب عذر واحد ا هـ
ومثله في الجوهرة
وظاهر التعليل المذكور أن المراد من اتحاد العذر الأثر لا اتحاد العين وإلا لكان يكفيه في التمثيل أن يقول وأما إذا صلى خلف من به انفلات ريح ولكان عليه أن يقول في التعليل لاختلاف عذرهما ولهذا قال في البحر وظاهره أن سلسل البول والجرح من قبيل المتحد وكذا سلسل البول واستطلاق البطن ا هـ أي لاتحادهما في الأثر من حيث إن كلا منهما حدث ونجاسة وإن كان السلسل ليس عين الجرح لكن اعترض في النهر ذلك بأنه يقتضي جواز اقتداء ذي سلسل بذي نفلات وليس بالواقع لاختلاف عذرهما ا هـ
وهو مبني على أن المراد بالاتحاد اتحاد العين وهو ظاهر ما في شرح المنية الكبير وكذا صرح في الحلية بأنه لا يصح اقتداء ذي سلسل بذي جرح لا يرقأ أو بالعكس وقال كما هو المذهب فإنه يجوز اقتداء معذور بمثله إذا اتحد عذرهما لا إن اختلف ا هـ
وبه علم أن الأحسن ما في النهر وأنه كان ينبغي للشارح متابعته على عادته وأن ما قاله هنا تابع فيه صاحب البحر وكذا ما مشى عليه في الخزائن حيث قال اقتداء المعذور بمثله صحيح إن اتحد عذرهما كذي سلس بمثله أو بذي جرح أو انطلاق لا إن اختلف كذي انفلات بذي سلس لأن مع الإمام حدثا
____________________
(1/578)
ونجاسة ا هـ
فإنه خلاف المذهب كما علمت
قوله ( وما في المجتبى ) مبتدأ خبره قوله الآتي أي لاحتمال الحيض أي ما في المجتبى مفسر بكذا
قوله ( الاقتداء بالمخالف ) كذا في بعض النسخ وسقط من بعض النسخ لفظة الاقتداء
قوله ( أي لاحتمال الحيض ) أي واحتمال ذكورة المقتدية وأنوثة الإمام ثم إن هذا في الضالة ظاهر وقد صرح به في القنية بقوله ومن جوز اقتداء الضالة بالضالة فقط غلط غلطا فاحشا لاحتمال اقتدائها بالحائض ا هـ
وأما في المستحاضة فمشكل لأن المستحاضة حقيقة لا تحتمل أن تكون حائضا كمن تجاوز دمها على عشرة في الحيض أو أربعين في النفاس إلا أن يراد بها نحو المبتدأة قبيل تمام ثلاثة أيام فإنها تترك الصلاة بمجرد رؤيتها الدم فإن تم ثلاثا فبها وإلا قضت فهي قبل الثلاث يحتمل حالها الحيض والاستحاضة وكذا المعتادة إذا اتجاوز الدم على عادتها فإنها يحتمل أن ينقطع لعشرة فتكون حائضا أو لأكثر فتكون مستحاضة فلا يجوز لمثلها الاقتداء بها
قال الرحمتي الذي رأيته في المجتبى واقتداء المستحاضة بالمستحاضة يجوز والضالة بالضالة لا يجوز كالخنثى المشكل بالمشكل ا هـ
وهذه لا إشكال فيها ولعل نسخة صاحب البحر محرفة وتبعوه عليها
تأمل ا هـ لكن الذي في القهستاني موافق لما هنا
هذا وقد ذكر في القنية روايتين في الخنثى المشكل
قوله ( فلو انتفى ) أي الاحتمال ح
قوله ( بغير حافظ لها ) شمل من يحفظها أو أكثر منها لكن بلحن مفسد للمعنى لما في البحر الأمي عندنا من لا يحسن القراءة المفروضة وعند الشافعي من لا يحسن الفاتحة
قوله ( ولا أمي بأخرس ) أما اقتداء أخرس بأخرس أو أمي بأمي فصحيح ط عن أبي السعود
قوله ( فصح عكسه ) تفريع على التعليل لأن قدرة الأمي على التحريمة دليل على أنه أقوى حالا من الأخرس فصح اقتداء الأخرس به دون عكسه ومفهومه أنه إذا لم يقدر صح اقتداء كل منهما بالآخر
تأمل
قوله ( اتفاقا ) بخلاف الأمي إذا أم أميا وقارئا فإن صلاة الكل فاسدة عند الإمام لأن الأمي يمكن أن يجعل صلاته بقراءة إذا اقتدى بقارىء لأن قراءة الإمام له قراءة وليست طهارة الإمام وستره طهارة وسترا للمأموم حكما فافترقا
بحر
قوله ( وكذا ذو جرح بمثله وبصحيح ) تبع في هذا التعبير صاحب البحر والأولى مثله وصحيحا فإنا التقدير وكذا لو أم ذو جرح مثله وصحيحا وأم يتعدى بنفسه ح
قوله ( بعاجز عنهما ) أي بمن يومىء بهما قائما أو قاعدا بخلاف ما لو أمكناه قاعدا فيصح كما سيأتي
قال ط والعبرة للعجز عن السجود حتى لو عجز عنه وقدر على الركوع أومأ
قوله ( وبمفترض فرضا آخر ) سواء تغاير الفرضان اسما أو صفة كمصلي ظهر أمس بمصلي ظهر اليوم بخلاف ما إذا فاتتهم صلاة واحدة من يوم واحد فإنه يجوز وكذا لو صلى ركعتين من العصر فغربت الشمس فاقتدى به آخر في الأخريين لأن الصلاة واحدة وإن كان هذا قضاء للمقتدي
جوهرة
قوله ( لأن اتحاد الصلاتين الخ ) قدمنا أول الباب معنى اتحادهما
قوله ( وصح أن معاذا الخ ) أي صح عند أئمتنا وترجح وهو جواب عما استدل به الشافعي على جواز الفرض بالنفل وهو ما في الصحيحين أن معاذا كان يصلي مع رسول الله عشاء لآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك لصلاة
____________________
(1/579)
والجواب أن معاذا لما شكاه قومه قال له يا معاذ لا تكن فتانا إما أن تصلي معي وإما أن تخفف على قومك رواه أحمد
قال الحافظ ابن تيمية فيه دلالة على منع اقتداء المفترض بالمتنفل لأنه يدل على أنه متى صلى معه امتنعت إمامته وبالإجماع لا تمتنع إمامته بصلاة النفل معه فعلم أن الذي كان يصليه مع النبي كانت نافلة وكانت صلاته بقومه هي الفريضة وتمامه في حاشية نوح أفندي وفتح القدير
قوله ( ولا ناذر بمتنفل ) لأن النذر واجب فيلزم بناء القوي على الضعيف ح
قوله ( لأن كلا الخ ) علة للأخيرين فإن المنذرو فرض أو واجب
ورجح الشرنبلالي الأولى فافهم
قوله ( إلا إذا نذر أحدهما الخ ) بأن قال بعد نذر منذورة صاحبه فكأنهما نذرا صلاة بعينها بخلاف ما إذا نذر كل منهما صلاة لأن ما أوجبه كل منهما بنذره غير ما أوجبه الآخر وليس منذور أحدهما أقوى من الآخر
قوله ( لأن المنذورة أقوى ) أي من المحلوف عليها فإنها لا تخرج بالخلف عن كونها نافلة ألا ترى أنه باق على التخيير إن شاء صلى وبر في يمينه وإن شاء ترك وكفر ولذا جاز اقتداء الحالف بالحالف وبالمتنفل وما وقع في المنح تبعا للبحر من أن الوجوب فيها عارض غير صحيح ولذا أضرب عنه الشارح
رحمتي
أقول يؤيد هذا ما صرحوا به في كتاب الأيمان من أن المحلوف عليه إن كان فرضا وجب البر أو معصية وجب الحنث أو غيره خير ترجح الحنث وإن تساويا ترجح البر
تأمل
قوله ( فصح عكسه ) لأن فيه بناء الضعيف على القوي وهو جائز ط
قوله ( ويحالف ) عطف على الناذر الذي تضمنه
قوله عكسه والتقدير فصح اقتداء حالف بناذر وبحالف ح
وصورة الحلف بها كما في الخاصة أن يقول والله لأصلين ركعتين
بحر
وإنما صح اقتداء حالف بحالف لما علمته من أنها لا تخرج بالحلف عن كونها نافلة فكان اقتداء متنفل بمثله وعلله في شرح المنية بقوله لأن الواجب هو البر فبقيت الصلاتان نفلا في نفسهما ا هـ
تأمل
قوله ( وبمتنفل ) عطف على قوله بحالف أي صح اقتداء الحالف بالمتنفل لأن المحلوف عليها نفل ح وقوله في البحر وقد يقال إنها واجبة لتحقيق البر فينبغي أن لا تجوز خلف المتنفل ا هـ
علمت جوابه
قوله ( ومصليا ) تثنية مصل وهو مبتدأ خبره
قوله كناذرين يعني فلا يصح اقتداء أحدهما بالآخر لاختلاف السبب فإن طواف أحدهما غير طواف الآخر كما في البحر ح
وما في الخانية من أنه يصح بمنزلة اقتداء المتطوع بالمتطوع الظاهر أنه مبني على القول بسنية ركعتي الطواف ويؤيده ما بحثه في البحر بقوله وينبغي أن يصح الاقتداء على القول بسنيتهما
قوله ( صح الاقتداء ) أي للاتحاذ فكان كنذر أحدهما عين ما ذنره الآخر ح
قوله ( لا إن أفسداها منفردين ) لاختلاف السبب كالناذرين
قوله ( والفرق لا يخفى ) هو أن الإمام منفرد في حق نفسه ولا يصير إماما إلا باقتداء غيره به فبقيا منفردين وأما المقتدي فلا تصح صلاته إلا بنية الاقتداء والاقتداء يصح لمن نوى بناء صلاته على غيره
قوله ( بمثلهما ) وكذا لا حق بمسبوق وعكسه ح
قوله ( الاقتداء في موضع الانفراد ) هذا يجري في اقتداء المسبوق بمسبوق أو لاحق وقوله كعكسه
____________________
(1/580)
يعني الانفراد في موضع الاقتداء يجري في اقتداء اللاحق بلاحق أو مسبوق فإن اللاحق إذا قصد الاقتداء بغير إمامه فكأنه انفرد أولا عن إمامه ثم اقتدى فصح أنه انفرد في موضع الاقتداء ح
قوله ( ولا مسافر بمقيم الخ ) أي ولا يصح اقتداء مسافر بمقيم الخ
وبيان ذلك أن صلاة المسافر قابلة للإتمام ما دام الوقت باقيا بأن ينوي الإقامة أو بأن يقتدي بمقيم فيصير تبعا لإمامه ويتم لبقاء السبب وهو الوقت
أما إذا خرج الوقت فقد تقررت في ذمته ركعتين فلا يمكن إتمامها بإقامة أو غيرها حتى أنه يقضيها في بلده ركعتين فإذ اقتدى بعد الوقت بمقيم أحرم بعد الوقت أو فيه لا يصح لما قلنا ولما يأتي بخلاف ما إذا اقتدى به في الوقت فإنه يتم لما قلنا
قوله ( فيما يتغير بالسفر ) احتراز عن الفجر والمغرب فإنه يصح في الوقت وبعده لعدم تغيره
قوله ( فخرج ) معطوف على قوله أو فيه لأن أو العاطفة قائمة مقام العامل وهو أحرم وقوله فاقتدى معطوف على أحرم
قوله ( بل إن أحرم ) أي المسافر المقتدي بالمقيم وعبر بأحرم بدل اقتدى لينبه على أن مجرد إدراك التحريمة في الوقت كاف في صحة الاقتداء ولزوم الإتمام فافهم
قوله ( فيكون ) تفريع على عدم التغير ح
قوله ( باقتدائه ) الباء للتصوير
قوله ( في شفع أول أو ثان ) نشر مرتب أي أنه إذا اقتدى بالمقيم في الشفع الأول يكون اقتداء مفترض بمتنفل في حق القعدة الأولى فإنها فرض على ما ليس بفرض وهو الواجب لأن النفل الزيادة والواجب زائد على الفرض وإذا اقتدى به في الشفع الثاني يكون اقتداء مفترض بمتنفل أيضا في حق القراءة لأنها فرض بالنسب إلى صلاة المسافر نفل للمقيم سواء قرأ المقيم في الأوليين وهو ظاهر أو في الأخريين فقط لأن محلها الأوليان فتلتحق بهما فتخلو الأخريان عنها حكما
ولا يراد اقتداء المتنفل بالمفترض لما في النهاية من أنها أخذت حكم الفرض تبعا لصلاة الإمام ولذا لو أفسدها بعد الاقتداء يقضيها أربعا
تنبيه يؤخذ من هذا أنه لو اقتدى مقيمون بمسافر وأتم بهم بلا نية إقامة وتابعوه فسدت صلاتهم لكونه متنفلا في الأخريين نبه على ذلك العلامة الشرنبلالي في رسالته في المسائل الاثني عشرية وذكر أنها وقعت له ولم يرها في كتاب
قلت وقد نقلها الرملي في باب المسافر عن الظهيرية وسنذكرها هناك أيضا
قوله ( ولا نازل براكب الخ ) وكذا عكسه والعلة في هذه المسائل اختلاف المكان وإنما صح لو كان معه على دابة واحدة لاتحاده كما في الإمداد أيضا ففي اقتداء النازل بالراكب مانع آخر وهو كونه اقتداء من يركع ويسجد بمن يومي بهما إلا إذا كان النازل موميا أيضا
ثم إن هذا دليل على أن اختلاف المكان مانع من الاقتداء وإن لم يكن فيه اشتباه حال الإمام لأن الاشتباه إنما يعتبر في الحائل لا في اختلاف المكان كما سيأتي تحقيقه بعون الله تعالى فافهم قوله ( ولا غير الألثغ به ) هو بالثاء المثلثة بعد اللام من اللثغ بالتحريك
قال في المغرب هو الذي يتحول لسانه من السين إلى الثاء وقيل من الراء إلى الغين أو اللام أو الياء
زاد في القاموس أو من حرف إلى حرف
قوله ( على الأصح ) أي خلافا لما في الخلاصة عن الفضلي من أنها جائزة لأن ما يقوله صار لغة له ومثله في التاترخانية
____________________
(1/581)
مطلب في الألثغ وفي الظهيرية وإمامة الألثغ لغيره تجوز وقيل لا في الخانية عن الفضلي وظاهره اعتمادهم الصحة وكذا اعتمدها صاحب الحلية قال لما أطلقه غير واحد من المشايخ من أنه ينبغي له أن لا يؤم غيره ولما في خزانة الأكمل وتكره إمامة الفأفاء ا هـ ولكن الأحوط عدم الصحة كما مشى عليه المصنف ونظمه في منظومته ( تحفة الأقران ) وأفتى به الخير الرملي وقال في فتاواه الراجح المفتى به عدم صحة إمامة الألثغ لغيره ممن ليس به لثغة وأجاب عنه بأبيات منها قوله إمامة الألثغ للمغاير تجوز عند البعض من أكابر وقد أباه أكثر الأصحاب لما لغيره من الصواب وقال أيضا إمامة الألثغ للفصيح فاسدة في الراجح الصحيح قوله ( دائما ) أي في آناء الليل وأطراف النهار فما دام في التصحيح والتعلم ولم يقدر عليه فصلاته جائزة وإن ترك جهده فصلاته فاسدة كما في المحيط وغيره
قال في الذخيرة وإنه مشكل عندي لأن ما كان خلقة فالعبد لا يقدر على تغييره ا هـ
وتماه في شرح المنية
قوله ( حتما ) أي بذلا حتما فهو مفروض عليه ط
قوله ( فلا يؤم إلا مثله ) يحتمل أن يراد المثلية في مطلق اللثغ فيصح اقتداء من يبدل الراء المهملة غينا معجمة بمن يبدلها لاما وأن يراد مثلية في خصوص اللثغ فلا يتقدي من يبدلها غينا إلا بمن يبدلها غينا وهذا هو الظاهر كاختلاف العذر فليراجع ح
قوله ( إذا أمكنه الاقتداء بمن يحسنه ) أي يحسن ما يلثغ هو به أو يحسن القرآن وهذا مبني على أن الأمي إذا أمكنه الاقتداء يلزمه وفيه كلام ستعرفه
وعلى ما إذا ترك جهده لما علمت من أنه ما دام في التصحيح ولم يقدر عليه فصلاته جائزة وإن ترك جهده فصلاته فاسدة ولا بد أيضا من تقييده بما إذا لم يقدر على قراءة قدر الفرض مما لا لثغ فيه فإن قدر عليه وقرأه لا يلزمه الاقتداء ولا بذل الجهد كما لا يخفى
قوله ( أو ترك جهده ) أي وصلى غير مؤتم ولم يقدر على قراءة المفروض مما لا لثغ فيه أما لو اقتدى أو قرأ ما لا لثغ فيه فإنها تصح وإن ترك جهده
قوله ( أو وجد قدر الفرض الخ ) أي وصلى غير مؤتم ولم يقرأه وإلا صحت
وفي الولوالجية إن كان يمكنه أن يتخذ من القرآن آيات ليس فيها تلك الحروف يتخذ إلا فاتحة الكتاب فإنه لايدع قراءتها في الصلاة ا هـ
قوله ( وكذا من لا يقدر على التلفظ بحرف من الحروف ) عطفه على ما قبله بناء على أن اللثغ خاص بالسين والراء كما يعلم مما مر عن المغرب وذلك كالرهمن الرهيم والشيتان الرجيم والآلمين وإياك نأبد وإياك نستئين السرات أنأمت فكل ذلك حكمه ما مر من بذل الجهد دائما وإلا فلا تصح الصلاة به
مطلب إذا كانت اللثغة يسيرة تتمة سئل الخير الرملي عما إذا كانت اللثغة يسيرة
فأجاب بأنه لم يرها لأئمتنا وصرح بها الشافعية بأنه لو كانت يسير بأن يأتي بالحرف غير صاف لم تؤثر قال وقواعدنا لا تأباه ا هـ
وبمثله أفتى تلميذ الشارح المرحوم
____________________
(1/582)
الشيخ إسماعيل الحائك مفتي دمشق الشام
قوله ( بأي وجه كان ) أي سواء كان لفقد أهلية الإمام للإمامة كالمرأة والصبي أو لفقد شرط فيه بالنسبة إلى المقتدي كالمعذور والعاري أو لفقد ركن فيه كذلك كالمومي والأمي أو لاختلاف الصلاتين كالمتنفل بالمفترض ونحو ذلك من المسائل المارة
قوله ( في صلاة نفسه ) أي في صلاة مستقل بها في حق نفسه غير تابع فيها للإمام لا فرضا ونفلا كما يدل عليه تفصيل الزيلعي كما أفاده ح وكذا يدل عليه تعليل الشارح وحكايته بانقلابها نفلا
قوله ( وهي غير صلاة الانفراد ) لأن لها أحكاما غير الأحكام التي قصدها
وحاصله أنه إذا لم يصح شروعه فيما نوى لا يصح في غيره
قوله ( وادعى في البحر أنه المذهب ) أي ما صحصحه في المحيط ومشى عليه المصنف في متنه
قوله ( لكن كلام الخلاصة الخ ) عبارة الخلاصة وفي كل موضع لا يصح الاقتداء هل يصير شارعا في صلاة نفسه عند محمد لا
وعندهما يصير شارعا ا هـ
قوله ( قلت وقد ادعى ) أي صاحب البحر فيما مر أي في مسألة المحاذاة عند قول المتن في صلاة وقوله بعد تصحيح السراج بخلافه أي خلاف ما ادعى في البحر هنا أنه المذهب والأولى حذف الباء أو إبدالها بلام التقوية لأنه مفعول تصحيح وقول أنه المذهب مفعول ادعى
والحاصل أن صاحب البحر نقل فيما مر عن السراج أنه لو اقتدت به المرأة في الظهر هو يصلي العصر وحاذته بطلت صلاته على الصحيح وقال لأن اقتداءها وإن لم يصح فرضا يصح نفلا على المذهب فكان بناء النفل على الفرض ا هـ
وهو صريح في أنه إذا فسد الاقتداء بالفرض لم يفسد الشروع بل بقي الاقتداء بالنفل وإلا لم تفسد صلاته بمحاذاتها له وتصريحه بأن هذ هو المذهب مناقض لما ادعاه من أن المذهب ما في المحيط من عدم صحة الشروع
قوله ( وحينئذ فالأشبه الخ ) أي حين إذا اختلف كلام البحر في نقل ما هو المذهب ولا يمكن إهمال أحد النقلين فالأشبه بالقواعد ما في الزيلعي مما يناسب كلا منهما ويحصل به التوفيق بيهما بحمل ما صححه في المحيط من عدم صحة الشروع وأصلا على ما إذا كان فساد الاقتداء لفقد شرط أي أو نحوه مما يلزم به فساد صلاة المقتدي وبحمل ما صححه في السراج من صحة الاقتداء بالنفل وفساد الوصف أعني الفرضية فقط على ما إذا كان لاختلاف الصلاتين فلو قهقه في صلاته هذه لا ينتقض وضوءه في الوجه الأول وينتقض في الثاني
ثم اعلم أن ما ادعى الشارح أنه الأشبه قد رده في البحر حيث قال ويرد هذا التفصيل ما ذكره الحاكم في كافيه من أن المرأة إذا نوت العصر خلف مصلي الظهر لم تجز صلاتها ولم تفسد على الإمام صلاته ا هـ
فهو صريح في عدم صحة شروعها لاختلاف الصلاتين
وقال أي الحاكم في موضع آخر رجل قارىء دخل في صلاة أمي تطوعا أو في صلاة امرأة أو جنب أو على غير وضوء ثم أفسدها فليس عليه قضاؤها لأنه لم يدخل في صلاة تامة ا هـ
مطلب الكافي للحاكم جمع كلام محمد في كتبه التي هي ظاهر الرواية فعلم بهذا أن المذهب تصحيح المحيط من عدم صحة الشروع لأن الكافي جمع كلام محمد في كتبه التي هي ظاهر الرواية
كلام البحر
أقول نعم ظاهر الفرع الأول مؤيد لما في المحيط ومخالف لما مر عن السرج وأما الفرع الثاني فلا بل الأمر
____________________
(1/583)
فيه بالعكس لأن قوله ثم أفسدها صريح في صحة الشروع وقوله لأنه لم يدخل في صلاة تامة مؤيد لذلك لأنه يفيد دخوله في صلاة ناقصة أي في نفل غير مضمون ولذا قال ليس عليه قضاؤها وفي هذا الفرع رد على ما فصله الزيلعي لأن الفساد فيه لفقد شرط مع أنه صح شروعه كما علمت
ثم رأيت الرحمتي ذكر نحو ما ذكرته ولله الحمد
والحاصل أن في المسألة روايتين إحداهما صحة الشروع في صلاة نفسه وعليها ما في السراج
والفرع الثاني من فرعي الكافي والثانية عدم الصحة أصلا وعليها ما في المحيط
والفرع الأول وهي الأصح كما في القهستاني عن المضمرات
وذكر في النهر أن ما في السراج جزم به غير واحد
قوله ( صف من النساء ) المراد به ما زاد على ثلاث نسوة فإنه يمنع اقتداء جميع من خلفه وإلا ففيه تفصيل بدليل ما قدمنا حاصله عن البحر وهو ما اتفقوا على نقله عن أصحابنا من أن المرأة الواحدة تفسد صلاة رجلين من جانبيها ورجل خلفها والثنتين صلاة اثنين من جانبيهما واثنين خلفهما والثلاث صلاة اثنين من جانبيهن وصلاة ثلاثة من خلفهن إلى آخر الصفوف ولو كان صف من النساء بين الرجال والإمام لا يصح اقتداء الرجال بالإمام ويجعل حائلا
قوله ( بلا حائل ) قيد للمنع وقوله أو ارتفاعهن بالجر عطف على حائل
وعبارة مفتاح السعادة وفي الينابيع ولو كان صف الرجال على الحائط وصف النساء أمامهن أو كان صف النساء على الحائط وصف الرجال خلفهن إن كان الحائط مقدار قامة الرجل جازت صلاتهم وإن كان أقل فلا وإن كان صف تام من النساء وليس بين الصفين حائل تفسد صلاة من خلفهن ولو عشرين صفا ولو كان بينهن وبين الرجال فاصل لا تفسد صلاتهم وذلك الحائل مقدار مؤخر الرحل أو مقدارخشبة منصوبة أو حائط قدر ذراع ا هـ
وحاصله أنه إذا كان صف النساء أمام صف الرجال يمنع إلا إذا كان أحد الصفين على حائط مرتفع قدر قامة أو كان بينهما حائل مقدار مؤخر رحل البعير أو خشبة منصوبة أو حائط قدر ذراع وهذا مخالف لما في الخانية والبحر وغيرهما
وهو قوم صلوا على ظهر ظلة في المسجد وبحذائهم من تحتهم نساء أجزأتهم صلاتهم لعدم اتحاد المكان بخلاف ما إذا كان قدامهم نساء فإنها فاسدة لأنه تخلل بينهم وبين الإمام صف من النساء وهو مانع من الاقتداء ا هـ
وفي الولوالجية قوم صلوا على ظهر ظلة المسجد وتحتهم قدامهم نساء لا تجزيهم صلاتهم لأنه تخلل صف من النساء فمنع اقتداءهم وكذا الطريق ا هـ
فهذا بإطلاقه صريح بأن الارتفاع غير معتبر في صف النساء
وفي المعراج عن المبسوط فإن كان صف تام من النساء ووراءهن صفوف الرجال فسدت تلك الصفوف كلها استحسانا والقياس أن تفسد إلا صلاة صف واحد ولكن استحسن لحديث عمر مرفوعا وموقوفا عليه من كان بينه وبين الإمام نهر أو طريق أو صف من النساء فلا صلاة له ا هـ
فهذا صريح في أن الحائل غير معتبر في صف النساء وإلا لفسدت صلاة الصف الأول من الرجال فقط كونه صار حائلا بين من خلفه وبين صف النساء كما هو القياس فظهر أن ما ذكره الشارح من اعتبار الحائل أو الارتفاع إنما هو فيما دون الصف التام من النساء كالواحدة والثنتين أما الصف فهو خارج عن القياس ابتاعا للأثر هذا ما ظهر فتدبر والله أعلم
قوله ( أو طريق ) أي نافذ أبو السعود عن شيخه ط
قلت ويفهم ذلك من التعبير عنه في عدة كتب بالطريق العام
وفي التاترخانية
____________________
(1/584)
الطريق في مسجد الرباط والخان لا يمنع لأنه ليس بطريق عام
قوله ( تجري فيه عجلة ) أي تمر وبه عبر في بعض النسخ
والعجلة بفتحتين
وفي الدرر هو الذي تجري فيه العجلة والأوقار ا هـ
وهو جمع وقر بالقاف
قال في المغرب وأكثر استعماله في حمل البغل أو الحمار كالوسق في حمل البعير
قوله ( أو نهر تجري فيه السفن ) أي يمكن ذلك ومثله يقال في قوله تجري فيه عجلة ط
وأما البركة أو الحوض فإن كان بحال لو وقعت النجاسة في جانب تنجس الجانب الآخر لا يمنع وإلا منع كذا ذكره الصفار إسماعيل عن المحيط
وحاصله أن الحوض الكبير المذكور في كتاب الطهارة يمنع أي ما لم تتصل الصفوف حوله كما يأتي
قوله ( ولو زورقا ) بتقديم الزاي السفينة الصغيرة كما في القاموس
وفي الملتقط إذا كان كأضيق الطريق يمنع وإن بحيث لا يكون طريق مثله لا يمنع سواء كان فيه ماء أو لا
وقال أبو يوسف النهر الذي يمشي في بطنه جمل وفيه ماء يمنع وإن كان يابسا واتصلت به الصفوف جاز ا هـ إسماعيل
قوله ( ولو في المسجد ) صرح به في الدرر والخانية وغيرهما
قوله ( أو خلاء بالمد المكان الذي لا شيء به )
قاموس
قوله ( أو في مسجد كبير جدا الخ ) قال في الإمداد والفاصل في مصلى العيد لا يمنع وإن كثر
واختلف في المتخذ لصلاة الجنازة
وفي النوازل جعله كالمسجد والمسجد وإن كبر لا يمنع الفاصل إلا في الجامع القديم بخوارزم فإن ربعه كان على أربعة آلاف أسطوانة وجامع القدس الشريف أعني ما يشتمل على المساجد الثلاثة الأقصى والصخرة والبيضاء كذا في البزازية ا هـ
ومثله في شرح المنية
وأما قوله في الدرر لا يمنع من الاقتداء الفضاء الواسع في المسجد وقيل يمنع ا هـ فإنه وإن أفاد أن المعتمد عدم المنع لكنه محمول على غير المسجد الكبير جدا كجامع خوارزم والقدس بدليل ما ذكرناه وكون الراجح عذم المنع مطلقا يتوقف على نقل صريح فافهم
تتمة في القهستاني البيت كالصحراء
والأصح أنه كالمسجد ولهذا يجوز الاقتداء فيه بلا اتصال الصفوف كما في المنية ا هـ
ولم يذكر حكم الدار فليراجع لكن ظاهر التقييد بالصحراء والمسجد الكبير جدا أن الدار كالبيت
تأمل
ثم رأيت في حاشية المدني عن جواهر الفتاوى أن قاضيخان سئل عن ذلك فقال اختلفوا فيه فقدره بعضهم بستين ذراعا وبعضهم قال إن كانت أربعين ذراعا فهي كبيرة وإلا فصغيرة هذا هو المختار ا هـ
وحاصله أن الدر الكبيرة كالصحراء والصغيرة كالمسجد وأن المختار في تقدير الكبيرة أربعون ذراعا
وذكر في البحر عن المجتبى أن فناء المسجد له حكم المسجد ثم قال وبه علم أن الاقتداء من صحن الخانقاه الشيخونية بالإمام في المحراب صحيح وإن لم تتصل الصفوف لأن الصحن فناء المسجد وكذا اقتداء من بالخلاوي السفلية صحيح لأن أبوابها في فناء المسجد الخ ويأتي تمام عبارته
وفي الخزائن فناء المسجد هو ما اتصل به وليس بينه وبينه طريق ا هـ
قلت يظهر من هذا أن مدرسة الكلاسة والكاملية من فناء المسجد الأموي في دمشق لأن بابهما في حائطه وكذا المشاهد الثلاثة التي فيه بالأولى وكذا ساحة باب البريد والحوانيت التي فيها
قوله ( يسع صفين ) نعت لقوله خلاء والتقييد بالصفين صرح به في الخلاصة والفيض والمبتغى
وفي الواقعات الحسامية وخزانة الفتاوى وبه يفتي إسماعيل فما في الدرر من تقييده الخلاء بما يمكن الاصطفاف فيه غير المفتى به تأمل
قوله ( إلا إذا اتصلت الصفوف ) الاستثناء عائد إلى الطريق والنهر دون الخلاء لأن الصفوف إذا اتصلت في الصحراء لم يوجد الخلاء
____________________
(1/585)
تأمل وكذا لو اصطفوا على طول الطريق صح إذا لم يكن بين الإمام والقوم مقدار ما تمر فيه العجلة وكذا بين كل صف وصف كما في الخانية وغيرها
فرع لو أم في الصحراء وخلفه صفوف فكبر الصف الثالث قبل الأول يجوز
قنية من باب مسائل متفرقة
قوله ( مطلقا ) أي ولو كان هناك طريق أو نهر ح
قوله ( كأن قام في الطريق ثلاثة ) وصورة اتصال الصفوف في النهر أن يقفوا على جسر موضوع فوقه أو على سفن مربوطة فيه ح
أقول وهذا في حق من لم يكن محاذيا للجسر أما لو كان محاذيا له ولم يكن بينه وبين الصف الآخر فضاء كثير يصح الاقتداء
ثم ظاهر إطلاقهم أنه إذا كان على النهر جسر فلا بد من اتصال الصفوف ولو كان النهر في المسجد كما في جامع دنقز الذي في دمشق
قوله ( وكذا اثنان عند الثاني ) والأصح قولهما كما في السراج وكذا الاثنان كالجمع عند الثاني في الجمعة وفي المحاذاة حتى لو كن ثنتين تفسدان صلاة اثنين اثنين خلفهما إلى آخر الصفوف
قال في المنظومة النسفية في مقالات أبي يوسف وثنان في لجمعة جمع وكذا سد لطريق ومحاذة لنسا تتمة صلوا في الصحراء وفي وسط الصفوف فرجة لم يقم فيها أحد مقدار حوض كبير عشر في عشر إن كانت الصفوف متصلة حوالي الفرجة تجوز صلاة من كان وراءها أما لو كانت مقدار حوض صغير لا تمنع صحة الاقتداء كذا في الفيض ومثله في التاترخانية
قوله ( بسماع ) أي من الإمام أو المكبر
تاترخانية
قوله ( أو رؤية ) ينبغي أن تكون الرؤية كالسماع لا فرق فيها بين أن يرى انتقالات الإمام أو أحد المقتدين ح
قوله ( في الأصح ) بناء على أن المعتبر الاشتباه وعدمه كما يأتي لا إمكان الوصول إلى الإمام وعدمه
قوله ( ولم يختلف المكان ) أي مكان المقتدي والإمام
وحاصله أنه اشترط عدم الاشتباه وعدم اختلاف المكان ومفهومه أنه لو وجد كل من الاشتباه والاختلاف أو أحدهما فقط منع الاقتداء لكن المنع باختلاف المكان فقط فيه كلام يأتي
قوله ( كمسجد وبيت ) فإن المسجد مكان واحد ولذا لم يعتبر فيه الفصل بالخلاء إلا إذا كان المسجد كبيرا جدا وكذا البيت حكمه حكم المسجد في ذلك لا حكم الصحراء كما قدمناه عن القهستاني
وفي التاترخانية عن المحيط ذكر السرخسي إذا لم يكن على الحائط العريض باب ولا ثقب ففي رواية يمنع لاشتباه حال الإمام وفي رواية لا يمنع وعليه عمل الناس بمكة فإن الإمام يقف في مقام إبراهيم وبعض الناس وراء الكعبة من الجانب الآخر وبينهم وبين الإمام الكعبة ولم يمعهم أحد من ذلك ا هـ
وبهذا يعلم أن المنبر إذا كان مسدودا لا يمنع اقتداء من يصلي بجنبه عند عدم الاشتباه خلافا لمن أفتى بالمنع وأمر بفتح باب فيه من علماء الروم
قوله ( عند اتصال الصفوف ) أي في الطريق أو على جسر النهر فإنه مع وجود النهر أو الطريق يختلف المكان وعند اتصال الصفوف يصير المكان واحدا حكما فلا يمنع كما مر وكأنه أراد بالحائل في كلام المصنف ما يشمل الحائط وغيره كالطريق والنهر إذ لو أريد
____________________
(1/586)
به الحائط فقط لم يناسب ذكر هذا الكلام هنا
تأمل
قوله ( درر ) عبارتها الحائل بينهما لو بحيث يشتبه به حال الإمام يمنع وإلا فلا إلا أن يختلف المكان
قال قاضيخان إذا قام على الجدار الذي يكون بين داره وبين المسجد ولا يشتبه حال الإمام يصح الاقتداء وإن قام على سطح داره وداره متصلة وبين المسجد ولا يشتبه حال الإمام يصح الاقتداء وإن قام على سطح داره وداره متصلة بالمسجد لا يصح اقتداؤه وإن كان لا يشتبه عليه حال الإمام لأن بين المسجد وبين سطح داره كثير التخلل فصار المكان مختلفا أما في البيت مع المسجد لم يتخلل إلا الحائط ولم يختلف المكان وعند اتحاد المكان يصح الاقتداء إلا إذا اشتبه عليه حال الإمام ا هـ
أقول حاصل كلام الدرر أن اختلاف المكان مانع مطلقا
وأما إذا اتحد فإن حصل اشتباه منع وإلا فلا وما نقله عن قاضيخان صريح في ذلك
قوله ( لكن تعقبه في الشرنبلالية الخ ) حيث ذكر أن ما نقله عن الخانية من أنه لو قام على سطح داره المتصلة بالمسجد لا يصح الخ خلاف الصحيح لما في الظهيرية من أن الصحيح أنه يصح ولما في البرهان من أنه لو كان بينهما حائط كبير لا يمكن الوصول منه إلى الإمام ولكن لا يشتبه حاله عليه بسماع أو رؤية لانتقالاته لا يمنع صحة الاقتداء في الصحيح وهو اختيار شمس الحلواني ا هـ
وحاصل كلام الشرنبلالي أن المعتبر الاشتباه وعدمه فقط دون اختلاف المكان فإن حصل الاشتباه منع سواء اتحد المكان أو لا وإلا فلا
واعترضه العلامة نوح أفندي بأن المشهور من مذهب النعمان أن الاقتداء لا يجوز عند اختلاف المكان والمكان في مسألة الظهيرية مختلف كما صرح به قاضيخان فالصحيح أنه لا يصح ا هـ
أقول ويؤيده أن الشرنبلالي نفسه صرح في الإمداد بأنه لا يصح اقتداء الراجل بالراكب وعكسه ولا الراكب بالراكب لاختلاف المكان إلا إذا كان راكبا دابة أمامه وكذا ما ذكروه من أن من سبقه الحدث فاستخلف غيره ثم توضأ يلزمه العود إلى مكانه ليتم مع خليفته إن كان بينهما ما يمنع الاقتداء لئلا يختلف المكان
وأما ما صححه في الظهيرية في مسألة السطح فالظاهر أنه بناء على ما إذا كان السطح متصلا بالمسجد فحينئذ يصح الاقتداء ويكون ما في الخانية مبنيا على عدم الاتصال المذكور بدليل أنه في الخانية علل للمنع بكثرة التخلل واختلاف المكان أي لكون صحن الدار فاصلا بين السطح والمسجد فيفي أنه لولا ذلك لصح الاقتداء ويؤيده ما في البدائع حيث قال لو كان على سطح بجنب المسجد متصل به ليس بينهما طريق فاقتدى به صح اقتداؤه عندنا لأنه إذا كان متصلا به صار تبعا لسطح المسجد وسطح المسجد له حكم المسجد فهو كاقتدائه في جوف المسجد إذا كان لا يشتبه عليه حال الإمام ا هـ
فأنت ترى كيف علل الصحة بالاتصال كما علل في الخانية لعدمها بعدمه
وقد جزم صاحب الهداية في مختارات النوازل بأن العبرة للاشتباه ثم قال بعده وإن قام على سطح داره واقتدى بالإمام إن لم يكن بينهما حائل ولا شارع يصح ا هـ فيتعين حمل ما في الظهيرية على ما إذا لم يكن حائل كما قلنا فيصح الاتحاد المكان
وأما ما نقله الشرنبلالي عن البرهان فليس فيه تصحيح الاقتداء مع اختلاف المكان لأنه بتخلل الحائط لا يختلف المكان كما قدمناه عن قاضيخان
وفي التاترخانية وإن صلى على سطح بيته المتصل بالمسجد ذكر شمس الأئمة الحلواني أنه يجوز لأنه إذاكان متصلا بالمسجد لا يكون أشد حالا من منزل بينه وبين المسجد حائط ولو صلى رجل في مثل هذا المنزل وهو يسمع التكبير من الإمام أو المكبر يجوز فكذلك القيام على السطح اه
____________________
(1/587)
فقد تحرر بما تقرر أن اختلاف المكان مانع من صحة الاقتداء ولو بلا اشتباه وأنه عند الاشتباه لا يصح الاقتداء وإن اتحد المكان
ثم رأيت الرحمتي قرر كذلك فاغتنم ذلك
قوله ( أن الصحيح اعتبار الاشتباه فقط ) أي ولا عبرة باختلاف المكان بناء على ما فهمه الشرنبلالي
وليس ذلك بمراد لما علمت من أن اختلاف المكان مانع وإنما المراد التوفيق بين رواية الحسن عن الإمام أن الحائط يمنع الاقتداء ورواية الأصل أنه لا يمنع فقيل إنه بإمكان الوصول منه وعدمه واختار شمس الأئمة اعتبار الاشتباه وعدمه وهذا هو الذي اختاره جماعة من المتأخرين وقدمناه أيضا عن مختارات النوازل والبدائع
قال في الخانية لأن الاقتداء متابعة ومع الاشتباه لا يمكنه المتابعة
والذي يصحح هذا الاختيار ما روينا أن رسول الله كان يصلي في حجرة عائشة والناس يصلون بصلاته ونحن نعلم أنهم ما كانوا متمكنين من الوصول إليه في الحجرة ا هـ
قوله ( ومفتاح السعادة ) في بعض النسخ زيادة ومجمع الفتاوى والنصاب والخانية
قوله ( وصح اقتداء متوضىء بمتيمم ) أي عندهما بناء على أن الخليفة عندهما بين الآلتين وهما الماء والتراب والطهارتان سواء
وقال محمد لا يصح في غير صلاة الجنازة بناء على أن الخليفة عنده بين الطهارتين فيلزم بناء القوي على الضعيف وتمامه في الأصول بحر
قوله ( لا ماء معه ) أي مع المقتدي أما لو كان معه ماء فلا يصح الاقتداء وهذا القيد مبني على فرع إذا رأى المتوضىء المقتدي بمتييم ماء في الصلاة لم يره الإمام فسدت صلاته لاعتقاده فساد صلاة إمامه لوجود الماء
وعند زفر لا تفسد وينبغي حمل الفساد على ما إذا ظن علم إمامه به لأن اعتقاده فساد صلاة إمامه بذلك كذا في الفتح وأقره في الحلية ولبحر ونازعه في النهر وتبعه الشيخ إسماعيل بأن الزيلعي علل البطلان بأن إمامه قادر على الماء بإخباره ا هـ أي فكان اعتقاده فساد صلاة إمامه مبنيا على القدرة المذكورة
وينبغي كما قال في الحلية تقييد المسألة بما إذا كان تيممه لفقد الماء أما لو كان لعجزه عن استعماله لمرض ونحوه يصح الاقتداء مطلقا لأن وجود الماء حينئذ لا يبطل تيممه
تنبيه ذكر في النهر عن المحيط أن المراد بالفساد هنا فساد الوصف حتى لو قهقهه المقتدي انتقض وضوءه عندهما خلافا لمحمد
قال وينبغي على ما اختاره الزيلعي أن يبطل الأصل أيضا إذ الفساد لفقد شرط وهو الطهارة ا هـ
وتقدم الكلام على ذلك
قوله ( ولو مع متوضىء بسؤر حمار ) أي ولو كان المتيمم جامعا بين التيمم والوضوء بسؤر مشكوك فيه ولا وجه للمبالغة هنا ومفهومه أنه لو أداها بالوضوء أولا لم يصح الاقتداء به في أدائها ثانيا بالتيمم وحده لعدم تحقق أداء الفرض به أفاده ط
قوله ( ولو على جبيرة ) الأولى قوله في الخزائن على خف أو جبيرة إذ لا وجه للمبالغة هنا أيضا لأن المسح على الجبيرة أولى بالجواز لأنه كالغسل لما تحته
على أنه استبعد في النهر شمول ماسح له فجعله مفهوما بالأولى أي فيدخل دلالة لا منطوقا
تأمل
قوله ( وقائم بقاعد ) أي قائم راكع ساجد أو موم وهذا عندهما خلافا لمحمد
وقيد القاعد بكونه يركع ويسجد لأنه لو كان موميا لم يجز اتفاقا
والخلاف أيضا فيما عدا النفل أما فيه فيجوز اتفاقا ولو في التراويح في الأصح كما في البحر
قوله ( لأنه الخ )
____________________
(1/588)
الكلام على ذلك مبسوط في الفتح وحاشية نوح وغيرهما والغرض لنا معرفة الأحكام
مطلب في رفع المبلغ صوته زيادة على الحاجة قوله ( إذ الصياح ملحق بالكلام ) قال في الفتح بعده وسيأتي أنه إذا ارتفع بكاؤه لمصيب بلغته تفسد لأنه تعرض لإظهارها ولو صرح بها فقال وامصيبتاه فسد فهو بمنزلته وهنا معلوم أن قصده إعجاب الناس به ولو قال اعجبوا من حسن صوتي وتحريري فيه أفسد وحصول الحروف لازم من التلحين ا هـ
ملخصا
وأقره في النهر
واستحسنه في الحلية فقال وقد أجاد فيما أوضح وأفاد ا هـ
ولم أر من تعقبه سوى السيد أحمد الحموي في رسالته القول البليغ في حكم التبليغ بأنه صرح في السراج بين الإمام إذا جهر فوق الحاجة فقد أساء ا هـ
والإساءة دون الكراهة ولا توجب الإفساد وقياسه على البكاء غير ظاهر لأن هذا ذكر بصيغته فلا يتغير بعزيمته والمفسد للصلاة الملفوظ لا عزيمة القلب
مطلب القياس بعد عصر الأربعمائة منقطع فليس لأحد أن يقيس على أن القياس بعد الأربعمائة منقطع فليس لأحد بعدها أن يقيس مسألة على مسألة كما ذكره ابن نجيم في رسائله ا هـ
أقول فيه نظر لأن الكمال لم يجعل الفساد مبنيا على مجرد الرفع حتى يرد عليه ما في السراج بل بناه على زيادة الرفع الملحق بالصياح حيث قال فإنهم يبالغون في الصياح زيادة على حاجة الإبلاغ والاشتغال بتحريرات النغم إظهارا للصناعة النغمية لا إقامة للعبادة والصياح ملحق بالكلام وقوله وقياسه الخ كلام ساقط لأن ما ذكره قول أبي يوسف حيث بني عليه عدم الفساد فيما لو فتح المصلي على غير إمامه أو أجاب المؤذن أوأخبر بما يسره فقال الحمد لله أو بما يعجبه فقال سبحان الله على قصد الجواب ونحو ذلك مما سيأتي في مفسدات الصلاة والمذهب الفساد في الكل وهو قولهما لأنه تعليم وتعلم في الأولى وفيا بقي قد أخرج الكلام مخرج الجواب وهو يحتمله فإن مناط كونه من كلام الناس عندهما كونه لفظا أفيد به معنى ليس من أعمال الصلاة لا كونه لإفادة ذلك وكونه لم يتغير بعزيمته ممنوع ألا ترى أن الجنب إذا قرأ على قصد الثناء جاز
وقد أوردوا على أصل أبي يوسف المذكور أشياء كما قالوا { يا يحيى خذ الكتاب } لمن اسمه يحيى وغير ذلك مما سيأتي في محله وحيث كان مناط الفساد عندهما كون اللفظ أفيد به معنى ليس من أعمال الصلاة كان ذلك قاعدة كلية يندرج تحتها أفراد جزئية منها مسألتنا هذه إذ لا شك أنه لم يقصد الذكر بل بالغ في الصياح لأجل تحرير النغم والإعجاب بذلك يكون قد أفاد به معنى ليس من أعمال الصلاة ولا يكون ذلك من القياس بل هو تصريح بما تضمنه كلام المجتهد أو دل عليه دلالة المساواة
فالحق ما قاله المحقق ابن الهمام ومن تابعه من الأعلام كما بسطت ذلك قديما في رسالة سميتها ( تنبيه ذوي الأفهام على حكم التبليغ خلف الإمام ) فافهم وقدمنا مسائل متعلقة بالتبليغ أيضا في أول بحث سنن الصلاة فراجعها
قوله ( وقائم بأحدب ) القائم هنا أيضا صادق بالراكع الساجد بالمومي ح
وفيه عن القاموس والحدب خروج الظهر ودخول الصدر والبطن من باب فرح ا هـ
قوله ( على المعتمد ) هو قولهما وبه أخذ عامة العلماء خلافا لمحمد
وصحح في الظهيرية قوله ولا يخفى ضعفه فإنه ليس أدنى حالا من القاعد
____________________
(1/589)
وتمامه في البحر
قوله ( وغيره أولى ) مبتدأ وخبر أي غير الأعرج كما في البحر وغير خاف أن هذا الحكم لا يخص الأعرج بل غير كل من المتيمم والقاعد والأحدب كذلك ح
قوله ( وموم بمثله ) سواء كان الإمام يومي قائما أو قاعدا
بحر
قوله ( إلا أن يومي الخ ) فإنه لا يجوز لقوة حال المأموم
بحر
قوله ( ومتنفل بمفترض ) لا يقال النفل يغاير الفرض لأن النفل مطلق والفرض مقيد والمطلق جزء المقيد فلا يغايره شرح المنية والقراءة في الأخريين وإن كانت فرضا في النفل ونفلا في الفرض إلا أن صلاته بالاقتداء أخذت حكم الفرض تبعا لصلاة الإمام ولذا لو أفسدها بعد الاقتداء يقضيها أربعا كما قدمناه عن النهاية
تنبيه قال القهستاني وفي قوله ومتنفل بمفترض إشارة إلى أنه لا تكره جماعة النفل إذا أدى الإمام الفرض والمقتدي النفل وإنما المكروه ما إذا أدى الكل نفلا ا هـ
ويدل له ما مر في حديث معاذ قوله ( في غير التراويح ) أما فيها فلا يصح الاقتداء بالمفترض على أنها تراويح بل يصح على أنها نفل مطلق ح
قوله ( في الصحيح خانية ) أقول ذكر ذلك في الخانية في باب صلاة التراويح فقال إن نوي التراويح أو سنة الوقت أو قيام الليل في رمضان جاز وإن نوي الصلاة أو صلاة التطوع اختلف المشايخ فيه كاختلافهم في سنن المكتوبات
قال بعضهم يجوز أداء السنن بذلك
وقال بعضهم لا يجوز وهو الصحيح لأنها صلاة مخصوصة فيجب مراعاة الصفة للخروج عن العهدة وذلك بأن ينوي السنة أو متابعة النبي كما في المكتوبة فعلى هذا إذا صلى التراويح مقتديا بمن يصلي المكتوبة أو بمن يصلي نافلة غير التراويح اختلفوا فيه
والصحيح أنه لا يجوز ا هـ
ومثله في الخلاصة والظهيرية
واستشكل في البحر
قوله ( مقتديا بمن يصلي المكتوبة ) بأنه بناء الضعيف على القوي أي ومقتضاه الجواز
وأجاب في الشرنبلالية بأن ذلك ليس في عبارة الخانية
قلت وكأنه ليس في نسخته لإسقاط الكاتب وإلا فقد رأيته فيها
وأجاب أيضا بأن المراد من نفى الجواز نفي الكمال
أقول ولا يخفي بعده بل الجواب أنه بنى تصحيح عدم الجواز على القول باشتراط نية التعيين في السنن الرواتب والتراويح كما هو صريح قوله فعلى هذا الخ
ولا يخفي أن الإمام حيث كان مفترضا أوو متنفلا نفلا آخر لم توجد منه نية التراويح فلا تتأدى بنيته وإن عينها المقتدي كما صرح به العلامة قاسم في فتاواه
وعلى هذا باقي سنن الرواتب لا يصح الاقتداء بها بمفترض أو بمتنفل نفلا آخر فالظاهر أن تخصيص التراويح بالذكر في غير محله وإنما خصصها في الخانية لكون الباب معقودا لها
تأمل
ثم اعلم أن ما ذكره المصنف هنا مخالف لما قدمه في شروط الصلاة
بقوله وكفى مطلق نية الصلاة لنفل وسنة وتراويح وذكر الشارح هناك أنه المعتمد ونقلنا هناك عن البحر أنه ظاهر الرواية عند عامة المشايخ وصححه في الهداية وغيرها ورجحه في الفتح ونسبه إلى المحققين
قلت فعلى هذا يصح الاقتداء في التراويح وغيرها بمفترض وغيره
ومثلها سائر السنن الرواتب كما تقيده عبارة الخانية
تأمل
قوله ( وكأنه لأنها سنة الخ ) تابع في ذلك المصنف في منحه وتقدم هذا التعليل في كلام الخانية على أنه علة لاشتراط نية التعيين في التراويح وغيرها من السنن ومفهوم كلامه أنه أراد بمراعاة الصفة تعيينها
____________________
(1/590)
لقوله بأن ينوي السنة أو متابعة النبي فافهم
قوله ( بمن يراه سنة ) أي بشرط أن يصليه بسلام واحد لأن الصحيح اعتبار رأي المقتدي وعلى مقابله يصح مطلقا
وبقي قول ثالث وهو أنه لا يصح مطلقا وتمامه في ح
قوله ( وهو مقيم ) لأنه لو كان مسافرا لا يصح اقتداؤه بعد خروج الوقت بمقيم في الرباعية وقوله بعد الغروب ظرف لاقتدى وقوله بمن متعلق باقتدى وقوله أحرم قبله أي قبل الغروب مقيما كان أو مسافرا ا هـ
ح
ونظير هذا من يقتدي في الظهر معتقدا قول الصاحبين بمن يصليه معتقدا قول الإمام ولا يضر التخالف بالأداء والقضاء ط
قوله ( للاتحاد ) أي اتحاد صلاة الإمام مع صلاة المقتدي في الصور الثلاث أما في الأولى فظاهر
وأما في الثانية فلأن ما أتي به كل واحد منهما هو الوتر في نفس الأمر واعتقاد أحدهما سنيته والآخر وجوبه أمر عارض لا يوجب اختلاف الصلاتين
وأما الثالثة فلأن كلا منهما عصر يوم واحد نعم صلاة الإمام أداء حيث أحرم قبل الغروب وصلاة المقتدي قضاء حيث أحرم بعده وهذا القدر من الاختلاف لا يمنع الاقتداء ألا ترى أنه يصح الأداء بنية القضاء وبالعكس ح
قوله ( وإذا ظهر حدث إمامه ) أي بشهادة الشهود أنه أحدث وصلى قبل أن يتوضأ أو بإخباره عن نفسه وكان عدلا وإلا ندب كما في النهر عن السراج
مطلب المواضع التي تفسد صلاة الإمام دون المؤتم قوله ( وكذا كل مفسد في رأي مقتدي ) أشار إلى أن الحدث ليس بقيد فلو قال المصنف كما في النهر ولو ظهر أن بإمامه ما يمنع صحة الصلاة لكان أولى ليشمل ما لو أخل بشرط أو ركن وإلى أن العبرة برأي المقتدي حتى لو علم من إمامه ما يعتقد أنه مانع والإمام خلافه أعاد وفي عكسه لا إذا كان الإمام لا يعلم ذلك ولو اقتدى بآخر فإذا قطرة دم وكل منهما يزعم أنها من صاحبه أعاد المقتدي لفساد صلاته على كل حال كما في النهر عن البزازية
قوله ( بطلت ) أي تبين أنها لم تنعقد إن كان الحدث سابقا على تكبيرة الإمام أو مقارنا لتكبيرة المقتدي أو سابقا عليها بعد تكبيرة الإمام
وأما إذا كان متأخرا عن تكبيرة المقتدي فإنها تنعقد أولا ثم تبطل عند وجود الحدث ح
قوله ( فيلزم إعادتها ) المراد بالإعادة الإتيان بالفرض بقرينة
قوله بطلت لا المصطلح عليها وهي الإتيان بمثل المؤدى لخلل غير الفساد
قوله ( لتضمنها ) أي تضمن صلاة الإمام والأولى التصريح به أشار به إلى حديث الإمام ضامن إذ ليس المراد به الكفالة بل التضمن بمعنى أن صلاة الإمام متضمنة لصلاة المقتدي ولذا اشترط عدم مغايرتهما فإذا صحت صلاة الإمام صحت صلاة المقتدي إلا لمانع آخر وإذا فسدت صلاته فسدت صلاة المقتدي لأنه متى فسد الشيء فسد ما في ضمنه
قوله ( وهو محدث الخ ) أي في اعتقاده أما لو كان حدثه ونحوه على اعتقاد المقتدين لا يلزمه الإخبار نعم في التاترخانية عن الحجة ينبغي للإمام أن يحترز عن ملامسة النساء ومواضع الاختلاف ما استطاع ا هـ
قوله ( أو فاقد شرط ) عطف عام على خاص
قال في الإمداد وقيدنا ظهور البطلان بفوات شرط أو ركن إشارة إلى أنه لو طرأ المفسد لا يعيد المقتدي في صلاته كما لو ارتد الإمام أو سعى إلى الجمعة بعد ما صلى الظهر بجماعة وسعى هو دونهم فسدت صلاته فقط كما في العناية وكذا لو عاد إلى سجود التلاوة بعد ما تفرقوا كما سنذكره ا هـ
____________________
(1/591)
قلت ومثله ما سنذكره في المسائل الاثني عشرية لو سلم القوم قبل الإمام بعد ما قعد قدر التشهد ثم عرض له واحد منها فإنها تبطل صلاته وحده وكذا إذا سجد هو للسهو ولم يسجد القوم ثم عرض له ذلك كما في البحر
فهذه جملة مسائل تفسد فيها صلاة الإمام مع صحة صلاة المؤتم ولا تنتقض القاعدة السابقة بذلك لأن هذا الفساد طارىء على صلاة الإمام بعد فراغ الإمامة فلا إمام ولا مؤتم في الحقيقة والله أعلم
قوله ( وهل عليهم إعادتها الخ ) أي لو ظهر بطلانها بإخباره وهذا تفصيل لقول المصنف فيلزم إعادتها
قوله ( وقيل لا لفسقه ) أي وخبر الفاسق غير مقبول في الديانات وهو محمول على ما إذا كان عامدا كما يشير إليه قوله باعترافه وقوله في النهر عن البزازية وإن احتمل أنه قال ذلك تورعا أعادوا
قوله ( لأن الصلاة دليل الإسلام ) أي دليل على أنه كان مسلما وأنه كذب بقوله إنه صلى بهم وهو كافر وكان ذلك الكلام منه ردة فيجبر على الإسلام
ولا ينافي ذلك ما مر أول كتاب الصلاة من أنه لا يحكم بإسلامه بالصلاة إلا إذا صلاها في الوقت مقتديا متمما بخلاف ما إذا صلاها إماما أو منفردا لأن ذاك في الكافر الأصلي المعلوم كفره وما هنا ليس كذلك فإن من جهلنا حاله نشهد له بالإسلام إذا استقبل قبلتنا كما في الحديث بل بمجرد إلقاء السلام كما في الآية ولذا قال لأن الصلاة دليل الإسلام ولم يقل لأنه صار بها مسلما فافهم
قوله ( بالقدر الممكن ) متعلق بإخبار وقوله على الأصح متعلق بيلزم
قوله ( لو معينين ) أي معلومين
وقال وإن تعين بعضهم لزمه إخباره
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يكونوا معينين كلهم أو بعضهم لا يلزمه
قوله ( وصحح في مجمع الفتاوى ) وكذا صححه الزاهدي في القنية والحاوي وقال وإليه أشار أبو يوسف
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان الفساد مختلفا فيه أو متفقا عليه كما في القنية والحاوي فافهم
قوله ( لكونه عن خطأ معفو عنه ) أي لأنه لم يتعمد ذلك فصلاته غير صحيحة ويلزمه فعلها ثانيا لعلمه بالمفسد
وأما صلاتهم فإنها وإن لم تصح أيضا لكن لا يلزمهم إعادتها لعدم علمهم ولا يلزمه إخبارهم لعدم تعمده فافهم
قوله ( لكن الشروح الخ ) أي كالمعراج فإنه شرح الهداية ونقله في البحر أيضا عن المجتبى شرح القدوري للزاهدي
تأمل
قوله ( تفسد صلاة الكل ) أي عنده
وعندهما صلاة القارى فقط لأنه تارك فرض القراءة مع القدرة وله أن الأميين أيضا تركاها مع القدرة عليها إذ كانا قادرين على تقديم القارىء حيث حصل الاتفاق في الصلاة والرغبة في اجماعة شرح المنية وأشار بقوله تفسد إلى ما قيل إن القارىء صح شروعه في صلاة الإمام وإذا جاء أوان القراءة تفسد وصحح في الذخيرة عدمه فلا تنتقض طهارته بالقهقهة وتمامه في الزيلعي والبحر
قوله ( على المذهب ) وجهه أن الفرائض لا يختلف فيها الحال بين العلم والجهل
بحر
وإذا لم يشترط العلم فالنية أولى
زيلعي
قوله ( في الأخريين ) أي سواء قرأ في الأوليين أو في إحداهما أولا ولا وفي الأولى خلاف زفر ورواية عن أبي يوسف والأخيرتان اتفاقا كما لو استخلفه في الأوليين ذكره ح في الباب الآتي
قوله ( لخروجه بصنعه ) وهو الاستخلاف وهو الصحيح
____________________
(1/592)
تفسد عنده وهي من الاثني عشرية
ح عن العناية
قوله ( ولو تقديرا ) أي ولا تقدير في حق الأمي لانعدام الأهلية فقد استخلف من لا يصلح للإمامة ففسدت صلاتهم
أما صلاة الإمام فلأنه عمل كثير وصلاة القوم مبنية عليها
بحر
قوله ( وصحت الخ ) محترز
قوله وإذا اقتدى الخ واحترز بالصحيح عن قول أبي حازم لا تجوز صلاة الأمي قياسا على المسألة الأولى لقدرته على القراءة بالاقتداء بالقارىء وصحح في الهداية الأول وقال لأنه لم يظهر منهما رغبة في الجماعة ا هـ
وحاصله أنه إنما تعتبر قدرته على القراءة بالاقتداء حيث ظهرت منهما رغبة في الجماعة كما أشار إليه في الكفاية وظاهره أنه لا بد الرغبة من كل منهما حتى لو حصلت من أحدهما لا تكفي وبه اندفع ما في ح من أن ما ذكر عن الهداية يقتضي أنه لو اقتدى أمي بمثله وصلى قارىء وحده لا تصح صلاة الأميين لظهور رغبتهما في الجماعة ا هـ
ويدفعه أيضا ما في الفتح عن الكافي إذا كان بجواره قارىء ليس عليه طلبه وانتظاره لأنه لا ولاية له عليه ليلزمه وإنما تثبت القدرة إذا صادفه حاضرا مطاوعا ا هـ
وفي شرح المنية عن المحيط إذا كان القارىء على باب المسجد أو بجوار المسجد والأمي في المسجد يصلي وحده جازت بلا خلاف كذا إذا كان القارىء في صلاة غير صلاة الأمي جازت ولا ينتظر فراغ القارىء بالاتفاق أما لو كان كل منهما في ناحية من المسجد وصلاتهما متوافقة فذكر القاضي أبو حازم أنه لا يجوز
وفي رواية يجوز لأنه لم يظهر من القارىء رغبة في أداء الصلاة بالجماعة ا هـ
فإذا رغب الأمي في الجماعة دون القارىء لا يلزمه طلبه فيصلي وحده أو يقتدي بأمي آخر راغب لأنه لا بد من رغبة القارىء أيضا على هذه الرواية الثانية وهي التي مر تصحيحها عن الهداية فافهم
واعلم أن ما صححه الشارح هنا مخالف لما مر له في الألثغ من أنه متى أمكنه الاقتداء لزمه فتأمل
قوله ( فإنها تفسد في الأصح لما مر ) أي من قوله للقدرة على القراءة بالاقتداء بالقارىء وتصحيح هذه المسألة ذكره في النهاية وهو مخالف لما قبله الذي صححه في الهداية فإن ما قبله شامل لما إذا شرعا معا أو افتتح الأمي أولا ثم القارىء أو بالعكس
ووفق في الفتح بحمل ما في الهداية على الصورة الأولى والثانية من هذه الثلاث وفيه نظر فإن تعليل الهداية بعدم ظهرو الرغبة في الجماعة يشمل صورة العكس أيضا فيخالف ما في النهاية المبني على اعتبار القدرة على القراءة بالاقتداء وإن لم تظهر منهما الرغبة في الجماعة
ويظهر لي أن هذا مبني على قول القاضي أبي حازم وذكر العلامة نوح أفندي بعد كلام
أقول الذي تحصل لنا من هذا كله أن بعض العلماء ذهبوا إلى أن الموجب لفساد صلاة الأمي ترك القراءة مع القدرة عليها بعد ظهور الرغبة في الجماعة وإليه جنح صاحب الهداية ومن حذا حذوه وأن بعضهم ذهبوا إلى أن الموجب لفسادها ترك القراءة مع القدرة عليها بالاقتداء بالقارىء سواء ظهرت الرغبة في صلاة الجماعة أو لا وإليه مال صاحب النهاية ومن نحا نحوه
مطلب الأخذ بالصحيح أولى من الأصح والتحقيق الأول الذي في الهداية ولهذا انحط كلام أكثر العلماء عليه ثم أيده بما مر في صدر الكتاب عن شرح المنية من أن الأخذ بالصحيح أولى من الأصح لأن مقابل الأول فاسد ومقابل الثاني صحيح فقائل
____________________
(1/593)
الأصح موافق قائل الصحيح دون العكس والأخذ بما اتفقا على أنه صحيح أولى
تتمة تقدم أنه لا يصح اقتداء أمي بأخرس لقدرة الأمي على التحريمة ويصح عكسه فالأخرس أسوأ حالا من الأمي فتجري فيه الأحكام المذكورة
فرع سئل العلامة قاسم في فتواه عن رجل أخرس أدرك بعض صلاة الإمام وفاته البعض
فأجاب بأن صلاته فاسدة عند الإمام جائزة عند أبي يوسف وقول الإمام هو الصحيح ا هـ
ثم رأيت المسألة في الذخيرة وفرضها في الأمي
مطلب في أحكام المسبوق والمدرك واللاحق قوله ( واعلم أن المدرك الخ ) حاصله أن المقتدي أربعة أقسام مدرك ولاحق فقط ومسبوق فقط ولاحق مسبوق فالمدرك لا يكون لاحقا ولا مسبوقا وهذا بناء على تعريفه المدرك تبعا للبحر والدرر بمن صلاها كاملة مع الإمام أي أدرك جميع ركعاتها معه سواء أدرك معه التحريمة أو أدركه في جزء من ركوع الركعة الأولى إلى أن قعد معه القعدة الأخيرة سواء سلم معه أو قبله وأما على ما في النهر من تعريفه المدرك بمن أدرك أول صلاة الإمام فإنه قد يكون لاحقا وعليه فيقال المقتدي إما مدرك أو مسبوق وكل منهما إما لاحق أو لا
واعلم أن التفرقة بين المدرك واللاحق اصطلاحية
وفي اللغة يصدق كل منهما على الآخر
مطلب فيما لو أتى بالركوع والسجود أو بهما مع الإمام أو قبله أو بعده قوله ( من فاتته الركعات الخ ) المراد بالفوات أنه لم يصل جميع صلاته مع الإمام بأن لم يصل معه شيئا منها أو صلى بعضها فيدخل فيه المقيم المقتدي بمسافر فإنه لم يفته شيء من صلاة الإمام بعد اقتدائه به ولكنه صلى معه بعض صلاة نفسه فيكون لاحقا في باقيها هذا ما ظهر لي فتدبره
قوله ( بعد اقتدائه ) متعلق بقوله فاتته
ثم إن كان اقتداؤه في أول الصلاة فقد يفوته كلها بأن نام عقب اقتدائه إلى آخرها وقد يفوته بعضها وإن كان اقتداؤه في الركعة الثانية مثلا فقد فاته بعضها ويكون لاحقا مسبوقا والأول لاحق فقط نعم على تعريف النهر المار يكون مدركا لاحقا فافهم
قوله ( بعذر ) متعلق بفاتته أيضا
قوله ( وزحمة ) بأن زحمه الناس في الجمعة مثلا فلم يقدر على أداء الركعة الأولى مع الإمام وقدر على الباقي فيصليها ثم يتابعه
قوله ( وسبق حدث ) أي لمؤتم وكذا الإمام إذا أدى المستخلف بعضها حال الذهاب إلى الوضوء ط
قوله ( وصلاة خوف ) أي في الطائفة الأولى وأما الثانية فمسبوقة ا هـ ح
قوله ( ومقيم الخ ) أي فهو لاحق بالنظر للأخيرتين وقد يكون مسبوقا أيضا كما إذا فاتته أول صلاة إمامه المسافر ط
قوله ( فإنه يقضي ركعة ) لأن الركوع والسجود قبل الإمام لغو فينتقل ما في الركعة الثانية إلى الأولى وما في الثالثة إلى الثانية وما في الرابعة إلى الثالثة فبقيت عليه ركعة هو لاحق فيها
هذا وقد ذكر في الخانية وغيرها المسألة على خمسة أوجه الأول أن يركع ويسجد قبل الإمام وهو ما ذكرنا
____________________
(1/594)
الثاني أن يأتي بهما بعده وهو ظاهر
الثالث أن يركع معه ويسجد قبله فإنه يقضي ركعتين لأنه يلتحق سجدتاه في الثانية بركوعه في الأولى لأنه كان معتبرا ويلغو ركوعه في الثانية لوقوعه عقب ركوعه الأول بلا سجود بقي عليه ركعة ثم ركوعه في الثالثة مع الإمام معتبر
ويلتحق به سجوده في رابعة الإمام فيصير عليه الثانية والرابعة فيقضيهما ركعتين لأن سجوده في الأولى لغو فينتقل سجود الثانية إلى الأولى وتبقى الثانية بلا سجود فتبطل لأنها بقيت قياما وركوعا بلا سجود ثم لما ركع في الثالثة معه وسجد قبله لغا سجودها فإذا فعل في الرابعة كذلك انتقل سجودها إلى الثالثة وبطلت الرابعة فقد صلى ركعتين ويقضي ركعتين بلا قراءة
الرابع أن يركع قبله ويسجد معه فإنه يقضي أربع ركعات بلا قراءة لأن السجود مع الإمام إذا لم يتقدمه ركوع معه غير معتبر
الخامس أن يأتي بهما قبله ويدركه الإمام فيهما وهو جائز لكنه يكره ا هـ ملخصا
أقول وإنما لم ينقل في الوجه الثالث سجود الركعة الثالثة إلى الثانية بل بطلت لأنها لم يبق فيها سوى قيام وركوع حصلا قبل تمام الركعة الأولى فلذا بطلت ولم تكمل بسجود الثالثة كما يؤخذ من فرع في التاترخانية عن الحجة لو ركع مع الإمام ولم يقدر على السجود حتى قام الإمام فصلى معه الثانية وسجد فيها أربعا فإنه يكون سجدتان منهن للأولى ويعيد الركعة الثانية لأن القيام والركوع الثاني لا يحسبان من الصلاة لأنهما حصلا قبل تمام الركعة الأولى
قوله ( وحكمه ) أي اللاحق
قوله ( عكس المسبوق ) أي في الفروع الأربعة المذكورة فإنه إذا قضى ما فاته يقرأ ويسجد للسهو إذا سها فيه ويتغير فرضه لو كان مسافرا ونوى الإقامة ويتابع إمامه قبل قضاء ما فاته فافهم
ويخالف اللاحق في صور أخر مذكورة في النهر
قال في البدائع ولو توضأ اللاحق وقد فرغ إمامه ولم يقعد في الثانية لا يقعد فيها موافقة للإمام فيما هو أعلى من القعدة وهو القيام لأنه خلفه تقديرا
قوله ( ثم يتابع ) عطف عفى يبدأ
قوله ( إن أمكنه إدراكه ) قيد لقوله ويبدأ ثم يتابع وقوله وإلا تابعه الخ تصريح بمفهوم هذا الشرط وليس بصحيح والصواب إبدال قوله إن أمكنه إدراكه بقوله إن أدركه مع إسقاط ما بعده وحق التعبير أن يقول ويبدأ بقضاء ما فاته بلا قراءة عكس المسبوق ثم يتابع إمامه إن أدركه ثم ما سبق به الخ
ففي شرح المنية وحكمه أنه يقضي ما فاته أولا ثم يتابع الإمام إن لم يكن قد فرغ ا هـ
وفي النتف إذا توضأ ورجع يبدأ بما سبقه الإمام به ثم إن أدرك الإمام في شيء من الصلاة يصليه معه ا هـ
وفي البحر وحكمه أنه يبدأ بقضاء ما فاته بالعذر ثم يتابع الإمام إن لم يفرغ وهذا واجب لا شرط حتى لو عكس يصح فلو نام في الثالثة واستيقظ في الرابعة فإنه يأتي بالثالثة بلا قراءة
فإذا فرغ منها صلى مع الإمام الرابعة وإن فرغ منها الإمام صلاها وحده بلا قراءة أيضا فلو تابع الإمام ثم قضى الثالثة بعد سلام الإمام صح وأثم ا هـ
ومثله في الشرنبلالية وشرح الملتقى للباقاني وهذا المحل مما أغفل التنبيه عليه جميع محشي هذا الكتاب والحمد لله ملهم الصواب
قوله ( ما سبق به بها الخ ) أي ثم صلى اللاحق ما سبق به بقراءة إن كان مسبوقا أيضا بأن اقتدى في أثناء صلاة الإمام ثم نام مثلا وهذا بيان للقسم الرابع وهو المسبوق اللاحق
وحكمه أنه يصلي إذا استيقط مثلا ما نام فيه ثم يتابع الإمام فيما أدرك ثم يقضي ما فاته ا هـ
بيانه كما في شرح المنية وشرح المجمع أنه لو سبق بركعة من ذوات الأربع ونام في ركعتين يصلي
____________________
(1/595)
أولا ما نام فيه ثم ما أدركه مع الإمام ثم ما سبق به فيصلي ركعة مما نام فيه مع الإمام ويقعد متابعة له لأنها ثانية إمامه ثم يصلي الأخرى مما نام فيه ويقعد لأنها ثانيته ثم يصلي التي انتبه فيها ويقعد متابعة لإمامه لأنها رابعة وكل ذلك بغير قراءة لأنه مقتد ثم يصلي الركعة التي سبق بها بقراءة الفاتحة وسورة والأصل أن اللاحق يصلي على ترتيب صلاة الإمام والمسبوق يقضي ما سبق به بعد فراغ الإمام ا هـ
قوله ( ولو عكس ) أي بأن يبتدىء بما نام فيه ثم بما سبق ثم بما أدرك أو يبتدىء بما سبق ثم بما أدرك ثم بما نام أو يبتدىء بما سبق ثم بما نام ثم بما أدرك كما في شرح المجمع
قلت وبقي صورتان من صور العكس أيضا أن يبتدىء بما أدرك ثم بما نام ثم بما سبق أو يبتدىء بما أدرك ثم بما سبق ثم بما نام
قوله ( صح وأثم ) أي خلافا لزفر فعنده لا يصح وعندنا يصح لأن الترتيب بين الركعات ليس بفرض لأنها فعل مكرر في جميع الصلاة وإنما هو واجب
قوله ( والمسبوق من سبقه الإمام بها ) أي بكل الركعات بأن اقتدى به بعد ركوع الأخير وقوله أو ببعضها أي بعض الركعات
قوله ( حتى يثني الخ ) تفريع على
قوله منفرد فيما يقضيه بعد فراغ إمامه فيأتي بالثناء والتعوذ لأنه للقراءة ويقرأ لأنه يقضي أول صلاته في حق القراءة كما يأتي حتى لو ترك القراءة فسدت
ومن أحكامه أيضا ما مر من أنه لو حاذته مسبوقة معه في قضاء ما سبقا به لا تفسد صلاته وأنه يتغير فرضه بنية الإقامة ويلزمه السجود إذا سها فيما يقضيه كما يأتي وغير ذلك مما يأتي متنا وشرحا وقد أوضح أحكامه في البحر في الباب الآتي
قوله ( أي بعد متابعته لإمامه الخ ) متعلق بقوله يقضيه أي أن محل قضائه لما سبق به إنما هو بعد متابعته لإمامه فيما أدركه عكس اللاحق كما مر لكن هنا لو عكس بأن قضى ما سبق به ثم تابع إمامه ففيه قولان مصححان
واستظهر في البحر وتبعه الشارح القول بالفساد قال لموافقته القاعدة أي قولهم الانفراد في موضع الاقتداء مفسد كعكسه لكن في حاشيته للخير الرملي عن البزازية أن الأول أي عدم الفساد أقوى لسقوط الترتيب وفي شرح الشيخ إسماعيل عن جامع الفتاوى يجوز عند المتأخرين وعليه الفتوى ا هـ وبه جزم في الفيض
قوله ( ويقضي أول صلاته في حق قراءة الخ ) هذا قول محمد كما في مبسوط السرخسي وعليه اقتصر في الخاصة وشرح الطحاوي والإسبيجابي والفتح والدرر والبحر وغيرهم وذكر الخلاف كذلك في السراج لكن في صلاة الجلابي أن هذا قولهما وتمامه في شرح الشيخ إسماعيل
____________________
(1/596)
وفي الفيض عن المستصفى لو أدركه في ركعة الرباعي يقضي ركعتين بفاتحة وسورة ثم يتشهد ثم يأتي بالثالثة بفاتحة خاصة عند أبي حنيفة
وقالا ركعة بفاتحة وسورة وتشهد ثم ركعتين أوهما بفاتحة وسورة وثانيتهما بفاتحة خاصة ا هـ
وظاهر كلامهم اعتماد قول محمد
قوله ( وتشهد بينهما ) قال في شرح المنية ولو لم يقعد جاز استحسانا لا قياسا ولم يلزمه سجود السهو لكون الركعة أول من وجه ا هـ
قوله ( إلا في أربع ) استثناء من قوله وهو منفرد فيما يقضيه
قوله ( لا يجوز الاقتداء به ) وكذا لا يجوز اقتداؤه بغيره كما في الفتح وغيره ولا حاجة إلى زيادته لأن المنفرد كذلك
قوله ( وإن صح استخلافه الخ ) أي إذا سبق إمامه حدث فاستخلفه يصح وذكر هذه المسألة في الدرر
واعترضه في البحر بأن الكلام في المسبوق حالة القضاء ولا يتصور استخلافه فيها
وأجاب عنه في النهر بما أشار إليه الشارح بقوله في حد ذاته الخ يعني أن الضمير في قوله وإن صح استخلافه عائد إلى المسبوق من حيث هو لا بقيد كونه في حالة القضاء الذي الكلام فيه لأنه في حالة القضاء لا يمكن استخلافه
قوله ( فلا استثناء أصلا الخ ) يعني أن ما في الأشباه من أن قولهم لا يجوز الاقتداء بالمسبوق يستثنى منه أنه يصح استخلافه ليس في محله لأن صحة استخلافه إنما هي قبل سلام إمامه وعدم صحة الاقتداء به بعده فلا استثناء
والعجب من صاحب البحر حيث اعترض على الدرر بما مر وقد جزم به في أشباهه
قوله ( نعم لو نسي الخ ) حاصله أنه لو اقتدى اثنان معه بإمام قد صلى بعض صلاته فلما قاما إلى القضاء نسي أحدهما عدد ما سبق به فقضى ملاحظا للآخر بلا اقتداء به صح كما في الخانية والفتح خلافا لظاهر القنية ولما مشى عليه في الوهبانية من الفساد وجزم به في جامع الفتاوى ووفق ابن الشحنة بحمل الثاني على الاقتداء أو بكونه قولا شاذا لا يعمل به فافهم
قوله ( إجماعا ) أي مع أن المنفرد لا يأتي بها عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ح
قوله ( بخلاف المنفرد ) فإنه لا يصير مستأنفا لأن الثانية عين الأولى من كل وجه أما المسبوق فيكون قد انتقل عن صلاة هو منفرد فيها من وجه إلى صلاة وهو منفرد فيها من كل وجه فغايرت الأولى
قوله ( ولو قبل اقتدائه ) متعلق بهو أي ولو كان سهو إمامه حصل قبل اقتدائه به لأن السهو أورث نقصانا في تحريمة الإمام وهو قد بنى تحريمته عليها فدخل النقصان في صلاته أيضا ولذا لو لم يسجد معه يجب عليه السجود في آخر صلاته كما يأتي لأن ذلك النقصان لا يرفعه سواه
قوله ( عليه أن يعود ) أي ما لم يقيد الركعة بسجدة كما يأتي وإذا عاد إلى المتابعة ارتفض ما فعله من قيام وقراءة وركوع لوقوعه قبل صيرورته منفردا حتى لو بنى عليه من غير إعادته فسدت صلاته ما في شرح المنية
قوله ( وينبغي أن يصير الخ ) أي لا يقوم بعد التسليمة أو التسليمتين بل ينتظر فراغ الإمام بعدهما كما في الفيض والفتح والبحر
قال الزندويستي في النظم يمكث حتى يقوم الإمام إلى تطوعه أو يستند إلى المحراب إن كان لا تطوع بعدها ا هـ
قال في الحلية وليس هذا بلازم بل المقصود ما يفهم أن لا سهو على الإمام أو يوجد له ما يقطع حرمة الصلاة
ا هـ وقيده في الفتحبما
____________________
(1/597)
إذا اقتدى بمن يرى سجود السهو بعد السلام أما إذا اقتدى بمن يراه قبله فلا
واعترضه في البحر بأن الخلاف بين الأئمة إنما هو في الأولوية فربما اختار الإمام الشافعي أن يسجد بعد السلام عملا بالجائز فلذا أطلقوا استنظاره ا هـ
وفيه بعد فإن الظاهر مراعاته المستحب في مذهبه
قوله ( إن قبل قعود الإمام الخ ) قيد بقعود الإمام لأنه لو رفع رأسه من السجدة قبل إمامه وقعد قدر التشهد وقام قبل أن يقعد إمامه قدر التشهد لم يعتبر قعوده حتى لو كان مدركا وسلم في هذه الصورة لم تصح صلاته ثم المراد بقدر التشهد قدر قراءته إلى عبده ورسوله بأسرع ما يكون لا قراءته بالفعل كما مر في فرائض الصلاة
قوله ( لا ) أي لا يعتد بما أداه قبل قعود إمامه من قيام وقراءة وإنما يعتد بما أداه بعده
قال في الفتح ولو قام قبله أي قبل قدر التشهد قال في النوازل إن قرأ بعد فراغ الإمام من التشهد ما تجوز به الصلاة جاز وإلا فلا هذا في المسبوق بركعة أو ركعتين فإن كان بثلاث فإن وجد منه قيام بعد تشهد الإمام جاز وإن لم يقرأ لأنه سيقرأ في الباقيتين والقراءة فرض في ركعتين ا هـ
وتمامه في سهو المنية وشرحا
ومبنى هذا على أنه لا يعتد بقيامه قبل فراغ إمامه فكأنه لم يقم وبعده يعتبر قائما فإن وجد منه حينئذ القراءة والقيام جاز وإلا فلا كما في الرملي
قوله ( وكره تحريما ) أي قيامه بعد قعود إمامه قدر التشهد لوجوب متابعته في السلام
قوله ( كخوف حدث ) أي خوف سبق الحدث
قوله ( وخروج ) عطف على حدث
قوله ( وجمعة وعيد ومعذور ) معطوفات على فجر
ح
قوله ( وتمام ) عطف على حدث وكذا مرور
ح
قوله ( فإن فرغ الخ ) أي إذا قام بعد قعود إمامه قدر التشهد فقضى ما سبق به وفرغ قبل سلام إمامه ثم تابعه بعد السلام قيل تفسد وقيل لا وعليه الفتوى لأنه وإن كان اقتداؤه بعد المفارقة مفسدا لكن هذا مفسد بعد الفراغ فهو كتعمد الحدث في هذه الحالة
فتح وبحر
ومقتضى التعليل أن المتابعة إنما كانت في السلام فقط كما هو ظاهر كلام الشارح أيضا فلو قصد متابعته في القعدة والتشهد تفسد لأنه يكون اقتداء قبل الفراغ
قوله ( ولو لم يعد ) مقابل قوله فعليه أن يعود
قوله ( قيد بالسهو ) أي في قوله وعلى الإمام سجدتا سهو
قوله ( فرضت المتابعة ) لأن المتابعة في الفرض فرض أما في الصلبية فظاهر وأما في التلاوية فلأنها ترفع القعدة والقعدة فرض فالمتابعة فيها فرض ا هـ ح
والحاصل أنه إذا لم يقيد ما قام إليه بسجدة لم يصر منفردا ويرتفض فلو لم يتابع إمامه فسدت صلاته وقد أطلق الفساد هنا في الفتح وغيره لكن فصل في الذخيرة في تذكر التلاوية بأنه إن لم يتابع الإمام فيها ينظر إن وجد منه قيام وقراءة بعد فراغ الإمام من القعدة الثانية مقدار ماتجوز به الصلاة جازت صلاته وإلا فلا لأن يعود إمامه إلى التلاوية ارتفعت القعدة فصار كأنه قام إلى قضاء ما سبق به قبل فراغ الإمام من التشهد ا هـ
ولم يذكر مثل ذلك في الصلبية لأنها ركن فعدم المتابعة فيها مفسد مطلقا بخلاف التلاوية لأنها واجبة
تأمل
قوله ( وهذا كله ) أي عود المسبوق ومتابعته لإمامه في السهوية والصلبية والتلاوية ح قوله ( مطلقا ) أي تابع أو لم يتابع لأنه انفرد وعليه ركنان السجدة والقعدة وهو عاجز عن متابعته بعد إكمال الركعة فتح وبحر
قوله ( إن تابع ) لما في المتابعة من رفض ما لا يقبل الرفض ح
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يتابع فيهما لا تفسد أما في السهوية فلأنها واجبة ولا ترفع القعدة
____________________
(1/598)
وإنما ترفع التشهد وهو واجب أيضا وترك المتابعة في الواجب لا وجب الفساد وأما في التلاوية فلأنها واجبة ورفعها القعدة كان بعد استحكام انفراد المسبوق فلا يلزمه ا هـ ح أي لا يلزمه حكم الإمام في رفع القعدة كما لو ارتد إمامه بعد إتمامها أو راح إلى الجمعة بعد ما صلى بهم الظهر بجماعة ارتفض في حقه لا حقهم وتمامه في الفتح وسهو البدائع
قوله ( ولو سلم ساهيا ) قيد به لأنه لو سلم مع الإمام على ظن أن عليه السلام معه فهو سلام عمد فتفسد كما في البحر عن الظهيرية
قوله ( لزمه السهو ) لأنه منفرد في هذه الحالة ح
قوله ( وإلا لا ) أي وإن سلم معه أو قبله لا يلزمه لأنه مقتد في هاتين الحالتين ح
وفي شرح المنية عن المحيط إن سلم في الأولى مقارنا لسلامه فلا سهو عليه لأنه مقتد به وبعده يلزم لأنه منفرد ا هـ
ثم قال فعلى هذا يراد بالمعية حقيقتها وهو نادر الوقوع ا هـ
قلت يشير إلى أن الغالب لزوم السجود لأن الأغلب عدم المعية وهذا مما يغفل عنه كثير من الناس فليتنبه له
قوله ( إن بعد القعود ) أي قعود الإمام القعدة الأخيرة
قوله ( تفسد ) أي صلاة المسبوق لأنه اقتداء في موضع الانفراد ولأن اقتداء المسبوق بغيره مفسد كما مر
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يقعد وتابعه المسبوق لا تفسد صلاته لأن ما قام إليه الإمام على شرف الرفض ولعدم تمام الصلاة فإن قيدها بسجدة انقلبت صلاته نفلا فإن ضم إليها سادسة ينبغي للمسبوق أن يتابعه ثم يقضي ما سبق به وتكون له نافلة كالإمام ولا قضاء عليه لو أفسده لأنه لم يشرع فيه قصدا
رحمتي
قوله ( فالأشبه الفساد ) وفي الفيض وقيل لا تفسد به يفتى
وفي البحر عن الظهيرية قال الفقيه أبو الليث في زماننا لا تفسد لأن الجهل في القراء غالب ا هـ
والله أعلم
باب الاستخلاف مناسبته للإمامة ظاهرة ولذا ترجم به عادلا عما في الهداية وغيرها من الترجمة بباب الحدث في الصلاة لأنها ترجمة بالسبب لا بالحكم والأول أولى لأنه ترجمة بالحكم
ولما كان الاستخلاف مشروطا بكون الحدث غير مانع للبناء ذكر الشارع شروط البناء لأنه في الحقيقة بناء من الخليفة على ما صلاه الإمام
قوله ( كون الحدث سماويا ) هو ما لا اختيار للعبد فيه ولا في سببه كما يأتي في الشرح فخرج بالأول ما لو أحدث عمدا وبالثاني ما لو كان بسبب شجة أو عضة أو سقوط حجر من رجل مشى على نحو سطح فافهم
قوله ( من بدنه ) احتراز عما إذا أصابه من خارج نجاسة مانعة
وفيه إطلاق الحدث على النجس وهو تسامح على أن النجاسة المانعة من غير سبق حدث تمنع البناء سواء كانت من بدنه أو من خارج كما في البحر
وأيضا النجاسة غير داخلة لأن الكلام في الحديث
وقد يقال احترز به عن الجنون فإنه حدث من غير البدن إذا كان من الجن لا من مرض وإلا كان من البدن كالإغماء
تأمل
قوله ( غير موجب لغسل ) خرج ما إذا أنزل بتفكر ونحوه
قوله ( ولا نادر وجود ) خرج نحو القهقهة
____________________
(1/599)
والإغماء
قوله ( ولم يؤد ركنا مع حدث ) خرج ما إذا سبقه الحدث ساجدا فرفع رأسه قاصدا الأداء أو قرأ ذاهبا
قوله ( أو مشى ) خرج ما إذا قرأ آيبا
قوله ( ولم يفعل منافيا ) خرج ما إذا أحدث عمدا بعد السماوي
قوله ( أو فعل له منه بد ) خرج ما لو تجاوز ماء غير بئر إلى أبعد منه بأكثر من قدر صفين بلا عذر
قوله ( ولم يتراخ ) أما لو تراخى قدر أداء ركن بعذر كزحمة أو نزول دم فإنه يبني وكذا لو كان حدثه بالنوم فمكث زمانا ثم انتبه لأن فسادها بالمكث لوجود أداء جزء منها مع الحدث والنائم حال نومه غير مؤد شيئا
شرح المنية
قوله ( كمضي مدة مسحه ) وكرؤية المتيمم ماء وخروج وقت المستحاضة
بحر
قوله ( ولو يتذكر فائتة الخ ) أما لو تذكرها فلا يصح بناؤه حتما بل قد وقد لأنه إن قضاها عقب التذكر كما هو المشروع فسدت الوقتية وإن أخرها حتى خرج وقت السادسة لم يبق صاحب ترتيب فصح البناء فافهم
قوله ( ولم يتم المؤتم في غير مكانه ) المؤتم يشمل الإمام الذي سبقه الحدث واستخلف فإنه مؤتم بخليفته فإذا توضأ وكان إمامه لم يفرغ من صلاته فعليه أن يعود ويتم صلاته خلف إمامه إن كان بينهما ما يمنع الاقتداء حتى لو أتم في مكانه فسدت وأما المنفرد فيخير بين العود وعدمه
قوله ( غير صالح لها ) كصبي وامرأة وأمي فإذا استخلف أحدهم فسدت صلاته وصلاة القوم لأنه عمل كثير ليس من أعمال الصلاة وسيأتي تمام الكلام على هذه الشروط كلها
قوله ( سبق الإمام حدث ) أي حقيقة أما لو ظن سبق الحدث ثم ظهر عدمه فسيأتي أنه تفسد صلاته وإن لم يخرج من المسجد إذا استخلف لأنه عمل كثير
قوله ( لا اختيار للعبد فيه الخ ) صفة كاشفة لقوله سماوي ح
أقول والظاهر من كلامهم أن المراد بالعبد عندهما ما يشمل المصلي وغيره
وعند أبي يوسف المراد به المصلي ففي حاشية نوح عن المحيط لو أصاب المصلي حدث بغير فعله بأن أصابه بندقة أي من طين فشجته لا يبني عندهما ويبني عند أبي يوسف لأنه لا صنع له فيه فصار كالسماوي
ولهما أنه حدث حصل بصنع العباد ولا يغلب وجوده فلا يلحق بالسماوي
ولو وقع عليه مدر من سطح أو كان يصلي تحت شجرة فوقع عليه الكمثري أو السفرجل فشجه أو أصابه شوك المسجد فأدماه قيل يبني لأنه حصل لا بصنع العباد وقيل على هذا الخلاف لأن السقوط بسبب الوضع والإنبات
وقال في الظهيرية ولو سقط من السطح مدر فشج رأسه إن كان بمرور مار استقبل الصلاة خلافا لأبي يوسف وإن كان لا بمرور مار قيل يبني بلا خلاف وقيل على الاختلاف وهو الصحيح ا هـ
قال الخير الرملي بعد كلام الظهيرية أقول علم به أن الصحيح عدم البناء مطلقا ويقاس عليه وقوع السفرجلة فإن كان بهزها فعلى الخلاف وإلا فقيل يبني بلا خلاف والصحيح أنه على الخلاف ا هـ
قوله ( كسفرجلة الخ ) تمثيل للمنفي وهو ما فيه اختيار للعبد فقد نقل في البحر الاختلاف في وقوع سفرجلة أو طوبة من سطح ثم نقل تصحيح عدم البناء إذا سبقه الحدث من عطاسه أو تنحنه
ونقل الرملي عن شرح المنية أن الأظهر عدم البناء في التنحنح دون العطاس
وما في الشرنبلالية وتبعه المحشي من أنه في البحر صحح البناء فيهما ليس بالواقع
فافهم
قوله ( غير مانع للبناء ) نعت لحدث وخرج به ما إذا كان الحدث مانعا للبناء بأن كان الحدث
____________________
(1/600)
واحدا من أضداد الأشياء الثلاثة عشر وهو ما أشار إليه بقوله كما قدمناه ح
قوله ( ليأتي بالسلام ) قال ابن الكمال صرح بذلك في الهداية وهذا صريح في أنه لا خلاف للإمامين هنا إذ لا خلاف لهما في وجوب التسليم ا هـ
وأراد به الرد على صدر الشريعة ومنلا خسرو حيث عللا بأنه لم تتم صلاته لأن الخروج بصنعه فرض عنده ولم يوجد
وعندهما تمت أي فلا يستخلف
ورده في اليعقوبية أيضا بأن هذا قول بعض المشايخ
وفي كلام صاحب الهداية إشارة إلى أن المختار قول الكرخي وهو أن الخروج بصنعه ليس بفرض اتفاقا
قوله ( استخلف ) أشار إلى أن الاستخلاف حق الإمام حتى لو استخلف القوم فالخليفة خليفته فمن اقتدى بخليفتهم فسدت صلاته ولو قدم الخليفة غيره إن قبل أن يقوم مقام الأول وهو أي الأول في المسجد جاز وإن قدم القوم واحدا أو تقدم بنفسه لعدم استخلاف الإمام جاز إن قام مقام الأول قبل أن يخرج من المسجد ولو خرج منه فسدت صلاة الكل دون الإمام كذا في الخانية
ولو تقدم رجلان فالأسبق أولى ولو قدمهما القوم فالعبرة للأكثر ولو استويا فسدت صلاتهم وتمامه في النهر
قوله ( أي جاز له ذلك ) حتى لو كان الماء في المسجد فإنه يتوضأ ويبني ولا حاجة إلى الاستخلاف كما ذكره الزيلعي وإن لم يكن في المسجد فالأفضل الاستخلاف كما في المستصفى
وظاهر المتون أن الاستخلاف أفضل في حق الكل فما في شرح المجمع لابن الملك من أنه يجب على إمام الاستخلاف صيانة لصلاة القوم فيه نظر
بحر
وقد يجاب عنه بما في النهر من أنه ينبغي وجوبه عند ضيق الوقت
قوله ( ولو في جنازة ) هو الأصح
نهر عن السراج
قوله ( بإشارة ) متعلق بقوله استخلف قال في الفتح والسنة أن يفعله محدودب الظهر آخذا بأنفه يوهم أنه رعف
قوله ( ولو لمسبوق ) أشار إلى أن استخلاف المدرك أولى كما يأتي مع بيان ما يفعله المسبوق
قوله ( ويشير الخ ) هذا إذا لم يعلم الخليفة أما إذا علم فلا حاجة إلى ذلك
بحر
قوله ( لسجود ) أي لترك سجود وكذا ما بعده من المعطوف ح
قوله ( ما لم يتقدم الخ ) تخصيص لما في المتن كالهداية
وحاصله أن حده الصفوف إن ذهب يمنة أو يسرة أو خلفا وأما إن ذهب أماما فحده السترة أو موضع السجود إن لم تكن له سترة
قال في الفتح إنه الأوجه
وفي البدائع إنه الصحيح
قال في البحر فما في الهداية من أن الإمام إذا لم يكن بين يديه سترة فالمعتبر مشيه مقدار الصفوفات خلفه ضعيف ا هـ
لكن قال الخير الرملي إن أغلب الكتب على اعتماد ما في الهداية فكيف يكون ضعيفا
قوله ( كالمنفرد ) فإن المعتبر فيه موضع سجوده من الجوانب الأربع إلا إذا مشى أمامه وبين يديه سترة فيعطى لداخلها حكم المسجد
بحر عن البدائع
قوله ( وما لم يخرج من المسجد ) فإذ خرج بطلت الصلاة فلم يصح الاستخلاف ولو كانت الصفوف متصلة وهو في أثنائها لأن المناط الخروج وهذا عندهما
وعند محمد يصح الاستخلاف من خارج وبه صرح الكمال وغيره
وفي الخلاصة جعل الصحة قولهما وعدمها قول محمد كذا في الشرنبلالية ح
والمراد ببطلان الصلاة صلاة القوم والخليفة دون الإمام في الأصح كما في البحر وغيره لأنه صار في حكم المنفرد
تنبيه في القنية عن شرح بكر وغيره المساجد العظام كمسجد المنصورية ومسجد بيت المقدس حكمها
____________________
(1/601)
حكم الصحراء ا هـ
قوله ( أو الجبانة ) هي المصلى العام في الصحراء
مغرب
قوله ( أو الدار ) كذا أطلقها في الزيلعي والبحر
والظاهر أن المراد منها الصغيرة لما قدمناه في موانع الاقتداء أن الصغيرة كالمسجد والكبيرة كالصحراء وأن المختار في تقدير الكبيرة أربعون ذراعا
تأمل
قوله ( لو كان يصلي فيه ) أي في أحد المذكورات ح
قوله ( ما لم يجاوز هذا الحد ) أي الصحراء أو المسجد ونحوه أي فإذا تجاوزه خرج الإمام عن الإمامة وإلا فلا
قال ابن الملك حتى لو اقتدى به إنسان ما دام في المسجد أو في الصفوف قبل الوضوء جاز ا هـ
قوله ( ولم يتقدم أحد ولو بنفسه ) أشار إلى أنه يصير خليفة إذا قدمه الإمام أو أحد القوم أو تقدم بنفسه كما قدمناه عن النهر
قوله ( مقامه ) معمول لمحذوف أي قائما مقامه لا لقوله يتقدم إذ لا يقال تقدمت مقام زيد ولا قعدت مجلس عمرو لعدم اتحاد مادتهما
هذا وقيد بقيامه لأنه لا يصير خليفة قبل ذلك لكن هذا إذا لم ينو الخليفة الإمامة من ساعته لما في الخانية وغيرها إمام أحدث فقدم رجلا من آخر الصفوف ثم خرج من المسجد إن نوى الخليفة الإمامة من ساعته صار إماما فتفسد صلاة من كان متقدما عليه فقط وإن نوى أن يكون إماما إذا قام مقام الأول وخرج الأول قبل أن يصل الخليفة إلى مكانه فسدت صلاتهم لخلو مكان الإمام عن إمام وشرط جواز صلاة الخليفة والقوم أن يصل الخليفة إلى المحراب قبل أن يخرج الإمام من المسجد وإذا نوى الخليفة الإمامة من ساعته وخرج الإمام من المسجد قبل أن يصل الخليفة إلى المحراب لم تفسد صلاتهم لأنه ما خلا المسجد عن الإمام ا هـ
قوله ( ناويا الإمامة ) قيد به لما في الدراية اتفقت الروايات على أن الخليفة لا يكون إماما ما لم ينو الإمامة ومقتضاه أنه لا يكفي قيامه مقام الأول بدون النية
قوله ( وإن لم يجاوزه الخ ) أو يجاوز الحد المذكور وهذا مبالغة على مفهوم قوله ولم يتقدم أحد الخ يعني أنه على إمامته ما لم يتقدم أحد إلى مقامه ناويا الإمامة فإذا تقدم فقد خرج الأول عن الإمامة وصار مقتديا به وإن لم يجاوز الحد المذكور
قوله ( حتى لو تذكر الخ ) تفريع على المفهوم المذكور
وهو أنه إذا تقدم أحد إلى مقامه فقد خرج الأول عن الإمامة وصار مقتديا بالخليفة سواء تجاوز المسجد ونحوه أو لا وقوله لأنه صار مقتديا علة لقوله لم تفسد صلاة القوم أي لأنه خرج عن كونه إماما لهم وإن لم يخرج من المسجد ونحوه فلا يضرهم كلامه أو حدثه العمد ونحوه
واستشكل ذلك في البحر بما ذكروا من أنه إذا استخلف لا يخرج الإمام عن الإمامة بمجرده ولهذا لو اقتدى به إنسان من ساعته قبل الوضوء فإنه صحيح على الصحيح كما في المحيط ولهذا قال في الظهيرية والخانية إن الإمام لو توضأ في المسجد وخليفته قائم في المحراب ولم يؤد ركنا فإنه يتأخر الخليفة ويتقدم الإمام ولو خرج الإمام الأول من المسجد وتوضأ في رجع إلى المسجد وخليفته لم يؤد ركنا فالإمام هو الثاني ا هـ
ووفق في النهر بحمل ما ذكروا على ما إذا لم يقم الخليفة مقام الأول ناويا الإمامة وما هنا على ما إذا قام مقامه ونوى الإمامة ا هـ
قلت لكنه يخالفه ما في الظهيرية والخانية
وقد يجاب بأنه لا يخرج عن الإمامة وهو في المسجد ما لم يقم الثاني مقامه فإن قام مقامه ناويا لها صار إماما لكنه ما لم يؤد ركنا لم تتأكد إمامته من كل وجه حتى إذا توضأ الأول قبل خروجه من المسجد تنتقل الإمامة إليه لعدم تأكد إمامة الخليفة بخلاف ما إذا فعل منافيا أو أدى الثاني ركنا فإن الإمامة تثبت للثاني قطعا بلا انتقال
تنبيه علم مما مر أن شروط الاستخلاف ثلاثة الأول استجماع شرائط البناء المارة
الثاني أن يكون قبل
____________________
(1/602)
مجاوزة الإمام الحد المذكور
الثالث أن يكون الخليفة صالحا للخلافة وأن حكم الاستخلاف صيرورة الثاني إماما وخروج الأول عن الإمامة وصيرورته في حكم المقتدي بالثاني وأن الثاني إنما يصير إماما ويخرج الأول عن الإمامة بأحد أمرين إما بقيام الثاني مقام الأول ينوي صلاة الإمام أو بخروج الأول عن المسجد حتى لو استخلف رجلا وهو في المسجد بعد ولم يقم الخليفة مقامه فهو على إمامته
حتى لو جاء رجل فاقتدى به صح اقتداؤه ولو أفسد صلاته فسدت صلاة الجميع وتمامه في البدائع
فرع في التاترخانية عن الصيرفية لو أم قوما على شاهق جبل فألقته الريح ولم يدر أحي أم ميت ولم يستخلفوا أحدا في الحال فسدت صلاتهم
قوله ( لم يحتج للاستخلاف ) لما مر من أنه جائز لا متعين ولأنه باق على إمامته فلم يخل المسجد عن إمام بخلاف ما إذا خرج من المسجد فإن صلاة القوم تفسد لخلو مقامه عن إمام
ويوجد في بعض النسخ زيادة وهي فلو استخلف لم تفسد صلاته
قوله ( واستئنافه أفضل ) أي بأن يعمل عملا يقطع الصلاة ثم يشرع بعد الوضوء
شرنبلالية عن الكافي
وفي حاشية أبي السعود عن شيخه فلو لم يعمل ما يقطع الصلاة بل ذهب على الفور فتوضأ ثم كبر ينوي لاستئناف لم يكن مستأنفا بل بانيا ا هـ
قلت هذا ظاهر في المنفرد لأن ما نواه هو عين صلاته من كل وجه بخلاف الإمام أو المقتدي
تأمل قوله ( إن لم يكن تشهد ) يعني إن لم يكن قعد قدر التشهد فلو حصلت بعده لا تفسد صلاته لأنها قد تمت حتى على القول بفرضية الخروج بصنعه أما في الحدث العمد فظاهر وأما في الجنون والإغماء والاحتلام فلأن الموصوف بها لا يخلو عن اضطراب أو مكث يصير به مؤديا جزءا من الصلاة مع الحدث وكيفما كان فالصنع منه موجود كما في البحر وغيره لكن اعترض بأن المراد وجود عمل ينافي الصلاة عمدا ولا عمد من هؤلاء كما في شرح العلامة المقدسي قوله ( أو خروجه من مسجد ) المراد مجاوزة الحد المتقدم أعم من أن يكون في صحراء أو مسجد أو جبانة أو دار
قوله ( بظن حدث ) بأن خرج منه شيء فظن أنه دم مثلا
وظاهر أنه لو لم يكن للظن دليل بأن شك في خروج ريح ونحوه يستقبل مطلقا بالانحراف عملا بما هو القياس لكن لم أره منقولا
بحر
وقيد بظن الحدث لأنه لو ظن أنه افتتح بلا وضوء أو أن مدة مسحه انقضت أو أن عليه فائتة أو رأى سرابا فظنه ماء وهو متيمم أو حمرة في ثوبه فظنها نجاسة فانصرف تفسد بالانحراف وإن لم يخرج من المسجد لأنه انصرف على سبيل الرفض ولهذا لو تحقق ما توهمه يستقبل وهذا هو الأصل والاستخلاف كالخروج من المسجد لأنه عمل كثير فتبطل
بحر أي لو استخلف فتبين أنه لم يحدث فسدت صلاته وإن لم يخرج من المسجد لوجود العمل الكثير من غير عذر بخلاف ما إذا تحقق ما توهمه من العذر فإن العمل غير مفسد لقيام العذر فكان الاستخلاف كالخروج من المسجد يحتاج لصحته قصد الإصلاح وقيام العذر كذا في العناية
قوله ( أو احتلام الخ ) الأحسن أو موجب غسل ليشمل الحيض
قهستاني
وأراد بالاحتلام الإمناء لأن خروج المني بغير نوم لا يسمى احتلاما وأفاد أن النوم نفسه غير مفسد لكن هذا إذا كان غير عمد لما في حاشية نوح أفندي النوم إما عمد أو لا
فالأول ينقض الوضوء ويمنع البناء
والثاني قسمان ما لا ينقض الوضوء ولا يمنع البناء كالنوم قائما أو راكعا أو ساجدا
وما ينقض الوضوء ولا يمنع البناء كالمريض إذا صلى مضطجعا فنام ينتقض وضوءه على الصحيح وله البناء فغير العمد لا يمنع البناء اتفاقا
____________________
(1/603)
سواء نقض الوضوء أولا بخلاف العمد ا هـ
ملخصا
قوله ( لندرتها ) أي ولفعل المنافي في صورة الحدث العمد
قوله ( إذا حصر ) بكسر ثانيه وبفتح أوله أو ضمه مبنيا للفاعل أو للمفعول وبيانه في البحر قوله ( عن قراءة قدر المفروض ) فلو قرأ ما تجوز به الصلاة لا يجوز الاستخلاف بالإجماع كما في الهداية والدرر وكثير من كتب المذهب
قال في البحر وذكره في المحيط بصيغة قيل
وظاهره أن المذهب الإطلاق وهو الذي ينبغي اعتماده لما صرحوا به في فتح المصلي على إمامه بأنها لا تفسد على الصحيح سواء قرأ الإمام ما تجوز به الصلاة أو لا فكذا هنا يجوز الاستخلاف مطلقا ا هـ
وأيده في الشرنبلالية بما في شرح الجامع الصغير أن الاستخلاف هنا لا يفسد كالفتح والفتح لو أفسد فليس لأنه عمل كثير بل لأنه غير محتاج إليه وهنا هو محتاج إليه ا هـ
قال في الشرنبلالية والاحتاج للإتيان بالواجب أو بالمسنون ا هـ
وبه يندفع ما في النهر من التفرقة بينهما بأن الاستخلاف هناعمل كثير بلا حاجة
قلت وقد يقال الحاجة مسلمة في الواجب ولذا يستخلف للإتيان بالسلام أما المسنون فلا
ويمكن حمل قوله في الهداية ما تجوز به الصلاة على ما يشمل الواجب كما قدمنا أول باب الإمامة من حمل قول الكافي بتقديم الأعلم بشرط حفظه ما تجوز به الصلاة على ما شمل عدم الكراهة
تأمل
قوله ( فإنه لما أحس ) عبارة البدائع فإنه كان يصلي بالناس بجماعة بأمر رسول الله في مرضه الذي توفي فيه فوجد خفة فحضر فلما أحس الخ
قوله ( لما فعله ) أي النبي وما كان جائزا له يكون جائزا لأمته هو الأصل لكونه قدوة لهم
بدائع
قوله ( وقالا تفسد ) أي لأنه يندر وجوده فكان كالجنابة وقيل إنه يتمها بلا قراءة عندهما
قال في البحر والظاهر أن عنهما روايتين
قوله ( وبعكس الخلاف ) أي فيجوز الاستخلاف عندهما لا عند الإمام ط
قوله ( لو حصر ) أي منع من المضي في الصلاة بسبب بول الخ
قوله ( لم أره ) كذا في شر الملتقى للباقاني عن بعض الأفاضل بلفظ هذه مسألة لم نظفر بنقلها ا هـ
ورأيت بهامش الخزائن بخط الشارح قلت ظاهر كلامهم لا لتعليلهم بوروده يعني الاستخلاف على خلاف القياس ا هـ
أقول ويؤيده ما في البحر حيث قال وقيد بالمنع عنها أي عن القراءة لأنه لو أصاب الإمام وجع في البطن فاستخلف رجلا لم يجز فلو قعد وأتم صلاته جاز ا هـ
فأفاد أنه لو عجز عن القيام أو عن الركوع والسجود لوجع يتم قاعدا لجواز اقتداء القائم بالقاعد فلا حاجة إلى الاستخلاف فافهم قوله ( ولا يستخلف الخ ) أي ولا يبني لو كان منفردا لأنه صار أميا فبطلت صلاة القوم
ط عن البحر
أقول لم أر هذه العبارة في البحر وكتبت فيما علقته عليه لم يذكر حكم صلاة القوم ولا حكم صلاته أما صلاتهم ففسادها ظاهر لأن إمامهم صار أميا
وأما صلاة الإمام ففي الفصل السابع من الذخيرة أن القارىء إذا صلى بعض صلاته فنسي القراءة وصار أميا فسدت عنده ويستقبلها
وعلى قولهما لا تفسد ويبني عليها استحسانا وهو قول زفر ا هـ
قوله ( عطف على المنفي ) أي على ما دخل عليه حرف النفي في المتن وهو قوله لو نسي
____________________
(1/604)
قوله ( فلو منه ) أي من سبق حدثه فقط بنى أما لو كان منه ومن خارج فلا يبني
بحر
قوله ( إذا لم يضطر له الخ ) قال في الخانية قال الإمام أبو علي النسفي إن لم يجد بدا من ذلك لم تفسد صلاته وإلا بأن تمكن من الاستنجاء وغسل النجاسة تحت القميص فسدت وكذا المرأة لها أن تكشف عورتها وأعضاءها في الوضوء إذا لم تجد بدا من ذلك
وقال بعضهم إذا كشف عورته في الوضوء لا يبني وكذا المرأة
والصحيح هو الأول لأن جواز البناء للمرأة منصوص عليه مع أنها تكشف عورتها في الوضوء ظاهرا ا هـ
قال نوح أفندي وصحح الزيلعي الثاني والاعتماد على تصحيح قاضيخان أولى ولهذا اختاره المصنف يعني صاحب الدرر ا هـ
لكن في الفتح عن الزيلعي أن الفساد مطلقا ظاهر المذهب
قوله ( لأدائه ركنا ) هذا يقتضي أن الحدث سبقه في حالة القيام لأن القراءة لا تكون ركنا في غيره
ثم رأيت في المعراج عن المجتبى أحدث في قيامه فسبح ذاهبا أو جائيا لم تفسد ولو قرأ فسدت ولو أحدث في ركوعه أو سجوده لا تفسد بالقراءة ا هـ
ورأيت مثله في كافي النسفي فليحفظ
قوله ( مع حدث أو مشي ) نشر مرتب ح
قوله ( في الأصح ) متعلق بقوله قرأ وبقوله بخلاف تسبيح ومقابله كما في الزيلعي أنه لو قرأ ذاهبا تفسد وآيبا لا وقيل بالعكس وقيل لو أحدث راكعا ورفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده لا يبني ا هـ يعني وإن أراد بهذا الرفع الانصراف لا الأداء وإلا فسدت إن لم يسمع كما يعلم مما سيأتي
قوله ( أو طلب الماء بالإشارة ) كذا في متن الدرر ومثله في الخانية والسراج
واستشكله الشرنبلالي بمسألة درء المار بالإشارة وبمسألة ما إذا طلب من المصلي شيء فأشار بيده أو رأسه بنعم أو بلا لا تفسد وبأن ابن أمير حاج ذكر في الحلية أن القول بالفساد في رد المصلي السلام بيده لم يعرف أن أحدا من أهل المذهب نقله بل المنقول عنهم عدمه
وقال في البحر إنه الحق وإنما ذكره بعض المشايخ استنباطا كما سيأتي بيانه في الباب الآتي
قال الشرنبلالي فلا يبعد أن يكون عدم الفساد بطلب الماء بالإشارة كرد السلام وغيره بها
وأجاب الرحمتي بأن طلب الماء بالإشارة وقبوله منه يصير بمجموع ذلك عملا كثيرا لأنه عقد هبة أو إجارة وهو مناف للصلاة كالشراء بالمعاطاة وليس هذا كرد السلام بالإشارة لمن تدبر
قوله ( بالمعاطاة ) قيد به لظهور الفساد بالإيجاب والقبول درر
قوله ( للمنافاة ) علة للمسألتين
قال في الشرنبلالية وهذا مبني على أحد تفسيري العمل الكثير ا هـ
وهو ما لو رآه راء من بعيد لا يشك أنه ليس في الصلاة
قوله ( أو لنسيان ) هو وما بعده عطف على المستثنى وهو قدر ح
قال في شرح المنية ولو وجد في الحوض موضعا للتوضي فتجاوز إلى موضع آخر إن لعذر كضيق مكان الأول بنى وإلا فلا ولو قصد الحوض وفي منزله ماء أقرب منه إن كان البعد قدر صفين لا تفسد وإن أكثر فسدت وإن كان عادته التوضي من الحوض ونسي الماء الذي في بيته وذهب إلى الحوض بنى ولو كان الماء بعيدا وبقربه بئر يترك البئر لأن النوح يمنع البناء على المختار وقيل لا يمنع إن عدم غيره
قوله ( على المختار ) أي وإن لم يكن عنده ماء غيره كما علمت فافهم
قوله ( إلا لعذر ) وكذا لو تفكر فيمن يقدمه للصلاة إذا لم ينو بقيامه حال تفكره الأداء كما في التاترخانية
قوله ( توضأ ) أي إن وجد ماء وإلا تيمم
____________________
(1/605)
كما يعلم من قولهم في التيمم أعيد ولو بناء
رملي
قلت بل صرح به في البدائع هنا وقال لأن ابتداء الصلاة بالتيمم جائز فالبناء أولى فإن تيمم ثم وجد الماء فإن وجده بعد ما عاد إلى مقامه استقبل وإن قبله في الطريق فالقياس كذلك
وفي الاستحسان يتوضأ ويبني ا هـ
قوله ( فورا ) أي بلا مكث قدر أداء ركن بلا عذر كما علم مما قبله ( بكل سنة ) أي من سنن الوضوء لأن ذلك من باب إكماله فكان من توابعه فيتحمل كما يتحمل الأصل
بدائع
فلو غسل أربعا لا يبني تاترخانية
قوله ( بلا كراهة ) لكن تقدم أن الاستئناف أفضل
قوله ( كمنفرد ) أفاد أن الكلام الأول في الإمام
وأما المقتدي فذكره بعد
قوله ( وهذا كله ) أي تخيير الإمام بين العود إلى مكانه وعدمه
قوله ( وإلا عاد إلى مكانه ) أي الذي كان فيه أو قريبا منه مما يصح فيه الاقتداء لأنه بالاستخلاف خرج عن الإمامة وصار مقتديا بالخليفة كما مر
قوله ( لو بينهما ما يمنع الاقتداء ) لأن شرط الاقتداء اتحاد البقعة
بدائع
قوله ( كالمقتدي ) أي أصالة
قوله ( إن تعمد عملا ينافيها ) أي ينافي الصلاة كالقهقهة
فلو تعمدها بعد جلوسه قدر التشهد فصلاته تامة وإن بطل وضوءه لوجودها في أثناء الصلاة دون وضوء القوم لخروجهم منها بحدث إمامهم وتمامه في البحر وسيأتي
قوله ( ولو بعد سبق حدثه ) نص عليه الزيلعي ولم يحك فيه خلافا ففيه رد لما في الحلية من أنها تبطل عنده لعدم الخروج بصنعه لا عندهما
ووجه الرد كما في البحر أنه إذا أتى بمناف بعد سبق الحدث فقد خرج منها بصنعه
قوله ( تمت ) أي صحت إذ لا شك أنها ناقصة لترك الواجب ط
قوله ( نعم تعاد ) أي وجوبا ط
قوله ( ولو وجد المنافي ) أي سوى الحدث السماوي المتقدم لأنه وإن كان منافيا قياسا لكن الشرع اعتبره غير مناف أفاده ح
قوله ( بلا صنعة ) مقابل
قوله أن تعتمد الخ
قوله ( ولو بعده بطلت ) أي بعد القعود قدر التشهد وشمل ما لو سلم الإمام وعليه سهو فعرض واحد مما سيجيء فإن سجد بطلت وإلا فلا ولو سلم القوم قبل الإمام بعد ما قعد قدر التشهد ثم عرض له واحد منها بطلت صلاته دون القوم وكذا إذا سجد هو للسهو ولم يسجد القوم ثم عرض له
بحر
المسائل الاثنا عشرية قوله ( في المسائل الاثني عشرية ) اشتهرت هذه النسبة وهي خطأ عند أهل العربية لأن العدد المركب العلمي إنما ينسب إلى صدره فتقول في خمسة عشر علما لرجل أو غيره خمسي وغير العلمي لا ينسب إليه
بحر ونهر قوله ( عنده ) أي عند أبي حنيفة
ووجه بطلانها عنده على ما خرجه البردعي أن الخروج من الصلاة بصنع المصلي فرض عنده لأنه لا يمكن أداء فرض آخر إلا بالخروج من الأولى وما لا يتوصل إلى الفرض إلا به يكون فرضا
وقال الكرخي هذا غلط لأن الخروج قد يكون بمعصية كالحدث العمد ولو كان فرضا لاختص بما هو قربة وهو السلام فلا خلاف بينهم في أن الخروج بصنعه ليس فرضا وإنما قال الإمام بالبطلان في هذه المسائل لمعنى آخر وهو أن العوارض
____________________
(1/606)
الآتية مغيرة للفرض كرؤية المتيمم ماء فإنه كان فرضه التيمم فتغير إلى الوضوء وكذا بقية المسائل بخلاف الكلام فإنه قاطع لا مغير والحدث العمد والقهقهة ونحوهما مبطلة لا مغيرة
وأيده في البحر بما في المجتبى بأن عليه المحققين من أصحابنا وبأنه صححه شمس الأئمة لكن قدمنا في فرائض الصلاة عن المسائل البهية الزكية على الاثني عشرية للعلامة الشرنبلالي تأييد كلام البردعي بأنه قد مشى على افتراض الخروج بصنعه صاحب الهداية وتبعه الشراح وعامة المشايخ وأكثر المحققين والإمام النسفي في الوافي والكافي والكنز وشروحه وصاحب المجمع وإمام أهل السنة الشيخ أبو منصور الماتريدي قوله ( ورجحه الكمال الخ ) أقول إن الكمال لم يرجح قولهما صريحا وإنما بحث في توجيه كلام الإمام على ما قاله كل من البردي والكرخي كما أوضحته فيما علقته على البحر قوله ( وفي الشرنبلالية والأظهر قولهما الخ ) أقول عزا ذلك الشرنبلالي في رسالته إلى البرهان ثم رده بأنه لا وجه لظهوره فضلا عن كونه أظهر لأنه استدل على ذلك بما ليس فيه دلالة عليه
ثم قال الشرنبلالي بعد ما أطال في رده ومن المقرر طلب الاحتياط في صحة العبادة لتبرأ ذمة المكلف بها وليس الاحتياط إلا بقول الإمام الأعظم إنها تبطل ا هـ
قلت وعليه المتون قوله ( لكان أولى ) لأن كلامه يوهم أن قوله ولو بلا صنعه ) بعده بطلت مفروض في غير المسائل الاثني عشرية مع أنه مخصوص بها وبما ألحق بها من المزايدات الآيتة وغيرها قوله ( وأما مسألة الخ ) جواب عما أورده الزيلعي على الكنز من أن التقييد بالمتيمم غير مفيد لأن المتوضىء خلف المتيمم لو رأى الماء في صلاته بطلت أيضا لعلمه أن إمامه قادر على الماء بإخباره وصلاة الإمام تامة لعدم قدرته فلو قال والمقتدى به لعلمه وأجاب في البحر بأن المقتدي لم تبطل صلاته أصلا بل وصفا
ورده في النهر بأن المصنف استعمل البطلان بالمعنى الأعم وهو إعدام الفرض بقي الأصل أولا ثم قال فالأولى ما قاله العيني إن مسألة المقتدي بمتيمم ليس فيها إلا خلاف زفر
والخلاف في هذه المسائل مفروض بين الإمام وصاحبيه ا هـ
فقول الشارح وتنقل نفلا ناظر لجواب البحر أيضا وقد علمت ما فيه أفاده ح قوله ( ففيها خلاف زفر ) أي حيث قال بعدم الفاسد كما قدمناه في الباب السابق قوله ( كما مر في بابه ) ومر أيضا أنه إذا لم يجد ماء لغسل الرجلين بعد تمام مدة المسح وهو في الصلاة فالأشبه الفساد لسراية الحدث إلى الرجل لأن عدم الماء لا يمنع السراية ثم يتيمم له ويصلي
قاله الزيلعي وتبعه في فتح القدير وشرح المنية وقدمنا أيضا هناك فيما إذا خاف تلف رجليه من البرد بطلان المسح السابق ولزوم استئناف مسح آخر يعم الخف كالجبيرة فكان المناسب عدم التقييد بشيء من القيدين قوله ( بلا صنع ) بأن سمع سورة الإخلاص مثلا من قارىء فحفظها بمجرد السماع واحترز به عما لو حفظها بتعليم من القارىء لأنه يكون عملا كثيرا وبه يخرج من الصلاة بصنعه فلا يتأتى الخلاف قوله ( ولو كان الأمي الخ ) أشار إلى أن المراد بالأمي أعم من أن يكون إماما أو منفردا أو مقتديا بأمي أو قارىء قوله ( على ما عليه الأكثر ) لأن الصلاة بالقراءة حقيقة فوق الصلاة بالقراءة حكما فلا يمكنه البناء
بحر
وقد يمنع بأنها من المقتدي القارىء ليست إلا حكما
نهر قوله ( قال الفقيه الخ ) هو الإمام أبو الليث وصرح بمثل ما هنا في خزانة
____________________
(1/607)
السروجي
وفي الجوهرة لا تبطل إجماعا
رملي
وجزم به في الولوالجية إسماعيل
قال في البحر ووجهه أن قراءة الإمام قراءة له فقد تكامل أول الصلاة وآخرها وبناء الكامل على الكامل جائز ا هـ
قوله ( تصح به الصلاة ) بأن يكون طاهرا أو نجسا وعنده ما يطهر به أو ليس عنده إلا أن ربعه طاهر
نهر
فلو كان الطاهر أقل أو كان كله نجسا لا تبطل لأن المأمور به الستر بالطاهر فكان وجوده كعدمه ولو قال تجب بدل تصح لكان أولى لأن عبارته تشمل ما لو كان كله نجسا إذ الصلاة تصح فيه مع أنه لو صلى عاريا لا تبطل لأنها لا تجب فيه بل هو مخير
أبو السعود ط قوله ( أو أعتقت الأمة ) في حاشية المدني قال شيخنا المرحوم السيد محمد أمين ميرغني في حاشيته على الزيلعي أقول ذكر كثير من الشراح هذه المسألة ملحقة بالمسائل الاثني عشرية وفيه نظر فإن فرض الستر إنما يلزمها مقتصرا من وقت عتقها لا مستندا فيكون عدم الستر قاطعا والقاطع في أوانه منه وفي غير أوانه مبطل وها هنا في أوانه لأنه بعد تمام الأركان فصحت صلاتها وإن لم تستر من ساعتها بخلاف العاري إذا وجد ثوبا لأن فرض الستر لزمه قبل الشروع فكان وجود الثوب في هذه الحالة مغيرا لما قبله فكان مبطلا
وقد ذكر الزيلعي في باب شروط الصلاة خلاف ما هنا حيث قال ولو أعتقت الأمة في صلاتها أو بعدما أحدثت فيها قبل أن تتوضأ أو بعده تقنعت بعمر رقيق من ساعتها وبنت على صلاتها وإن أرادت ركنا بعد العلم بالعتق بطلت صلاتها والقياس أن تبطل في الوجه الأول أيضا كالعريان إذا وجد ثوبا في صلاته وجه الاستحسان أن فرض الستر لزمها في الصلاة وقد أتت به والعريان لزمه قبل الشروع فيها فيستقبل كالمتيمم إذا وجد فيها ماء انتهى
فعلم من كلامه صلاتها لو أعتقت بعد التشهد ولم تستتر ا هـ
أقول وقد يجاب بأن الأصل في هذه المسائل أن كل ما يفسد الصلاة إذا وجد في أثنائها بصنع المصلي يفسدها إذا وجد بعد التشهد بلا صنعه وهذا المعنى موجود في مسألتنا هذه
لا يقال إن ترك التقنع في الحال مفسد لصلاتها بصنعها
لأنا نقول الفساد مستند إلى سببه الأول وهو لزوم الستر بالعتق كما في نزع الخف بعمل يسير فإنه بصنع المصلي
مع أنهم لم يعتبروه بل اعتبروا السبب السابق وهو لزوم الغسل بالحدث السابق هذا ما ظهر لي فتأمله قوله ( خفه الواحد ) قال في المنح هو أولى مما وقع في الكنز بلفظ المثنى لأن الحكم كذلك في الواحد لما تقرر من أن نزع الخف ناقض قوله ( بعمل يسير ) بأن كان واسعا لا يحتاج فيه إلى المعالجة بالنزع
بحر قوله ( تتم اتفاقا ) لأنه خروج بصنعه قوله ( وقدرة موم على الأركان ) لأن آخر صلاته أقوى فلا يجوز بناؤه على الضعيف
بحر قوله ( وتذكر فائتة الخ ) أي تذكر المصلي فائتة عليه إن كان منفردا أو إماما أو على إمامه إن كان مقتديا وقوله وهو أي من عليه الفائتة مطلقا
وفي السراج ثم هذه الصلاة لا تبطل قطعا عند أبي حنيفة بل تبقى موقوفة إن صلى بعدها خمس صلوات وهو يذكر الفائتة تنقلب جائزة ا هـ
قال في البحر فذكر المصنف لها في سلك البطلان اعتمادا على ما يذكره في باب الفوائت قوله ( وتقديم القارىء أميا ) أي فيما إذا كان القارىء إماما فسبقه الحدث قوله ( مطلقا ) أي سواء كان بعد القعود قدر التشهد أو قبله بقرينة القول الآخر
وفيه أن استخلافه قبل التشهد مفسد اتفاقا سواء كان في الركعتين الأوليين أو في الأخريين ولم يقرأ في الأوليين أو إحداهما وكذا لو قرأ في كل منهما خلافا لزفر ورواية عن أبي يوسف كما مر
____________________
(1/608)
قبل هذا الباب وليس هذا مما نحن فيه لأن الخلاف في الاثني عشرية منصوب بين أبي حنيفة وصاحبيه وذلك فيما بعد التشهد فقط فالصواب حذف الإطلاق وأن يقول وقيل لا فساد بالإجماع ا هـ أفاده ح قوله ( وهو الأصح ) قال في النهر واختاره أبو جعفر وفخر الإسلام وصححه في الكافي وغيره
وقال في الفتح وهو المختار قوله ( لأنه عمل كثير ) أي ولا ضرورة إليه هنا لعدم الاحتياج إلى إمام لا يصلح
نهر قوله ( من الثلاثة ) وهي الطلوع والاستواء والغروب قوله ( بأن بقي الخ ) إشارة إلى دفع ما أورده في الكافي من أنه لو شرع قبل بلوغ الظل مثله ثم بلغ بعد القعود لم تبطل اتفاقا
أما عنده فلعدم دخول وقت العصر
وأما عندهما فلعدم قولهما بالفساد في جميع هذه المسائل
فأجاب بتصوير المسألة بما ذكره ليتحقق الخلاف قوله ( بأن لم يعد الخ ) أشار إلى أن الأمر موقوف فإذا انقطع بعد القعود ودام وقتا كاملا بعد الوقت الذي صلى فيه يظهر أنه انقطاع هو برء فيظهر الفساد عند أبي حنيفة فيقضيها وإلا فمجرد الانقطاع لا يدل عليه لأنه لو عاد في الوقت الثاني فهي صحيحة
بحر قوله ( وكذا خروج وقته ) لأن المعتمد أن طهارة المعذور تبطل بخروج الوقت قوله ( العشرين ) لأنه زاد على الاثني عشر ثماني مسائل وهي وجود ماء يزيل به نجاسة الثوب وتقنع الأمة وتذكر فائتة على إمامه وزوال الشمس في العيد ودخول وقت من الأوقات الثلاثة في القضاء والثامنة خروج وقت المعذور
وقد حاول في البحر فأرجع الأولى والثانية إلى مسألة العاري ومسائل دخول الأوقات المكروهة إلى مسألة الطلوع والأخيرة إلى ظهور الحدث السابق في مسألة مضي مدة المسح
وبقي مسألة تذكر فائتة على إمامه وأرجعها المحشي إلى تذكر فائتة عليه ومسألة زوال الشمس في العيد وأرجعها إلى مسألة الطلوع ولا يخفى ما في ذلك من التكلف
على أن الفساد في الأولى والثانية لوجود الماء وزوال الرق لا لوجود الثوب فإنه كان موجودا قبل ولو سلم اعتبار التداخل بمثل ما ذكر لزم أن لا تعد مسألة دخول وقت العصر مع مسألة طلوع الشمس فإن إحداهما تغني عن الأخرى وأن يقتصر على إحدى المسائل الثلاث وهي قدرة المتيمم على الماء ومضي مدة المسح ونزع الخف فإن في كل منها ظهر الحدث السابق بل يمكن التداخل في غيرها أيضا كما يظهر بالتأمل فعلم أنهم لم يعتبروا ذلك فلذا زاد الزيلعي بعض المسائل على ما ذكروا وتبعه في الفتح والدرر والشيخ شعبان في شرح المجمع وكذا صنع في الذخيرة كما ذكره الشرنبلالي في رسالته وزاد عليها نحوا من مائة مسألة لوجود الجامع بينها وبين ما ذكروه ووجود الأصل الذي يبتنى عليه البطلان في الاثني عشرية وهو أن كل ما يفسد الصلاة إذا وجد في أثنائها بصنع المصلي يفسدها أيضا إذا وجد بعد الجلوس الأخير بلا صنعه عند الإمام لا عندهما فافهم قوله ( إذا بطلت ) المراد بالبطلان كما مر ما يشمل بطلان الأصل والوصف أو الوصف فقط قوله ( فيما إذا تذكر فائتة ) أي عليه أو على إمامه وقد علمت أن الأمر موقوف في تذكر الفائتة ولا تنقلب نفلا للحال ح قوله ( زاد في الحاوي الخ ) أي الحاوي القدسي قبيل باب صلاة المسافر
أقول ويشكل عليه ما ذكره أصحاب المتون وغيرهم في باب صلاة المريض من أنه لو صلى بعض صلاته بإيماء ثم قدر على الركوع والسجود يستأنف الصلاة وذكر الشراح أن ذلك
____________________
(1/609)
باتفاق أئمتنا الثلاثة خلافا لزفر وأن هذا الخلاف مبني على الخلاف في جواز اقتداء الراكع الساجد بالمومي
فعندما لا يجوز الاقتداء فكذا البناء هنا وعند زفر يجوز
ولا يخفى أنت لزوم الاستئناف يقتضي فساد الصلاة من أصلها إلا أن يقال يستأنف لو كانت الصلاة فرضا بمعنى أنه يلزمه إعادة الفرض لكن إطلاقهم لزوم الاستئناف يشمل الفرض والنفل ويدل عليه بناء الخلاف على الخلاف في جواز الاقتداء بالمومي فإنه لا يصح في الفرض ولا في النفل فليتأمل
قوله ( ويزاد ) أي على ما ينقلب نفلا وليس المراد أنها من المسائل المختلف فيها بين أبي حنيفة وصاحبيه كما قدمناه ح
أقول حيث كان مراد الشارح ذلك كان عليه أن يتمم ذكر المسائل التي تنقلب فيها الصلاة نفلا فإن منها كما في الحاوي ترك القعدة الأخيرة وركوع المسبوق وسجوده إذا أدرك الإمام في السجدة الثانية قبل متابعته فيها
قوله ( والظاهر الخ ) ما استظهره ظاهر لأن الأوقات المكروهة لا تنافي انعقاد النفل ابتداء فكيف بالبقاء أفاده
ح وط
قوله ( وهو مسافر ) أي الإمام وهذا قيد لقوله أو مقيما
قوله ( صح ) أي لوجود المشاركة في التحرية
بحر
قوله ( والمدرك أولى ) لأنه أقدر على إتمام صلاته بحر
وفيه إشارة إلى أن الأولى للإمام أن لا يستخلف غير مدرك ولذلك الغير أن لا يقبل
قوله ( ولو جهل الكمية الخ ) فيه إجمال
وبيانه كما في النهر أنه إن علم كمية صلاة الإمام وكان كلهم كذلك أي مسبوقين ابتدأ من حيث انتهى إليه الإمام وإلا أتم ركعة وقعد ثم قام وأتم صلاة نفسه ولا يتابعه القوم بل يصبرون إلى فراغه فيصلون ما عليهم وحدانا ويقعد هذا الخليفة على كل ركعة احتياطا وقيده في الظهيرية بما إذا سبق الإمام الحدث وهو قائم
قال في البحر ولم يبينوا ما إذا سبقه وهو قاعد ولم يعلم الخليفة كما كمية صلاته
وينبغي على قياس ما قالوه أن يصلي الخليفة ركعتين وحده وهم جلوس فإذا فرغ قاموا وصلى كل أربعا وحده والخليفة ما بقي ولا يشتغلون بالقضاء قبل فراغه
واعلم أن اللاحق يشير إليهم أن لا يتابعوه حتى يفرغ مما فاته لأن الواجب عليه أن يبدأ بما فاته أولا ثم يتابعونه فيسلم بهم فلو ترك الواجب قدم غيره ليسلم
وأما المقيم فيقدم بعد الركعتين مسافرا يسلم بهم ثم يقضي المقيمون ركعتين منفردين بلا قراءة حتى لو اقتدوا به بعد قيامه بطلت
قوله ( احتياطا ) أي للاحتمال في كل ركعة أنها آخر صلاة الإمام ح
قوله ( فرضنا القعدتين ) لأن القعدة الأولى فرض على إمامه وهو قائم مقامه والثانية فرض عليه
قوله ( فرضت القراءة في الأربع ) لأنه لما قرأ في الركعتين نيابة عن الإمام التحقت بالأوليين فخلت الأخريان عن القراءة فصار كأن الخليفة لم يقرأ في الأخريين فيلزمه القراءة فيما سبق به أيضا كما هو حكم المسبوق من أنه منفرد فيما يقضيه وفيها يلغز أي مصل تفرض عليه القراءة في أربع ركعات الفرض
قوله ( قدم مدركا للسلام ) أي ليسلم بالقوم وفيه إيماء إلى أنه لا يقضي ما فاته أولا فلو فعل ففي فساد صلاته
____________________
(1/610)
اختلاف تصحيح وقدم الشارح في الباب السابق أن الأظهر الفساد
قوله ( ثم لو أتى الخ ) أي بعد ما أتم صلاة الإمام سواء قدم مدركا أولا
قوله ( لتمام أركانها ) أي أركان صلاة المدركين فلا يضرها المنافي بخلاف ذلك المسبوق لأنه بقي عليه ما سبق به فوقع المنافي في خلال صلاته قوله ( في الأصح ) راجع إلى قوله إن لم يفرغ قال في الهداية والإمام الأول إن كان فرغ لا تفسد صلاته وإن لم يفرغ تفسد وهو الأصح ا هـ
واحترز بالأصح عن رواية أبي حفص أن صلاته تامة أيضا لأنه مدرك أول الصلاة وكأن هذه الرواية غلط من الكاتب لأنه فصل في المسألة ثم قال فيهما إنها تامة وظاهر التفصيل المخالفة
معراج
قوله ( لما مر ) أي قبيل الاثني عشرية ح
قال الزيلعي لأنه لما استخلفه صار مقتديا به فتفسد صلاته بفساد صلاة إمامه ولهذا لو صلى ما بقي من صلاته في منزله قبل فراغ هذا المستخلف تفسد صلاته لأن انفراده قبل فراغ الإمام لا يجوز ا هـ
وقدمنا تمام الكلام على ذلك عند قوله وإن لم يجاوزه
قوله ( عند الإمام ) وعندهما لا تفسد قياسا على الكلام والخروج من المسجد ولأبي حنيفة الفرق بين المنهي والمفسد كما يأتي
قوله ( أي بعد ) بيان للمراد وإلا فلم يذكروا أن في تأتي بمعنى بعد والأظهر جعله على تقدير مضاف أي في آخر قعوده
قوله ( إلا إذا قيد الخ ) بأن قام قبل سلام إمامه وأتى بركعة
والظاهر أن هذا جاز أيضا في المسألة التي قبله فيقيد به
قوله وكذا تفسد صلاة من حاله كحاله
قوله ( لأنهما منهيان الخ ) أي متممان للصلاة كما في الفتح
وفي العناية المنهي ما اعتبره الشرع رافعا للتحريمة عند فراغ الصلاة كالتسليم والخروج بفعل المصلي ا هـ
وأما القهقهة والحدث العمد فإنهما مفسدان لتفويتهما شرط الصلاة وهو الطهارة فيفسدان الجزء الذي يلاقيانه من صلاة الإمام فيفسد مثله من صلاة المقتدي المسبوق وقد بقي عليه فروض فلا يمكنه بناؤها على الفاسد بخلاف الإمام والمدرك
قوله ( ولذا الخ ) أي لكون الكلام والخروج من المسجد منهيين لا مفسدين يجب على المقتدين المدركين السلام بخلاف ما لم قهقه إمامهم أو أحدث عمدا فإنهم يقومون بلا سلام لأنهما مفسدان
وفيها يلغز أي مصل لا سلام عليه وفي البحر لو قهقه القوم بعد الإمام فعليه الوضوء دونهم لخروجهم منها بحدثه بخلاف قهقهتهم بعد سلامه لأنهم لا يخرجون منها بسلامة فبطلت طهارتهم وإن قهقهوا معا أو القوم ثم الإمام فعليهم الوضوء
فالحاصل أن القوم يخرجون من الصلاة بحدث الإمام عمدا اتفاقا ولهذا لا يسلمون ولا يخرجون منها بسلامه خلافا لمحمد
وأما بكلامه فعن أبي حنيفة روايتان وفي رواية كالسلام فيسلمون وتنتقض طهارتهم بالقهقهة
وفي رواية كالحدث العمد فلا سلام ولا نقض بها كذا في المحيط ا هـ
وقدمنا في نواقض الوضوء عن الفتح أنه لو قهقه بعد كلام الإمام عمدا فسدت طهارته وكسلامه على الأصح على خلاف ما في الخلاصة وصححه في الخانية أيضا ومشى عليه الشارح هناك
قوله ( بخلاف المدرك ) مرتبط بقوله وتفسد صلاة مسبوق بقهقهة إمامه وحدثه
____________________
(1/611)
العمد
قوله ( وفي الظهيرية عدمه ) قال لأن النائم كأنه خلف الإمام والإمام قد تمت صلاته فكذلك صلاة النائم تقديرا ا هـ
قال في البحر وفيه نظر لأن الإمام لم يبق عليه شيء بخلاف اللاحق
قوله ( تأييد الأول ) أقول يؤيده أيضا ما جزم به المصنف قبل هذا من فساد صلاة الإمام المحدث إن لم يفرغ وصححه الشارح تبعا للهداية كما مر ولا يخفى أنه لاحق ثم رأيته في النهر ذكر نحو ذلك قوله ( لا خصوصية له ) أي للإمام بل المقتدي والمنفرد حكمهما كذلك فلو عبر بالمصليي كما في النهر والعيني والمسكين لكان أولى
قوله ( على سبيل الفرض ) لأن إتمام الركن بالانتقال عند محمد ومع الحدث لا يتحقق
وعند أبي يوسف وإن تم قبل الانتقال لكن الجلسة والقومة فرض عنده فلا يتحقق بغير طهارة فلا بد من الإعادة على المذهبين حتى لو لم يعد تفسد صلاته ح عن الزيلعي
قوله ( ما لم يرفع الخ ) مرتبط بقوله بنى وهو صادق بثلاث صور بأن لم يرفع رأسه أصلا بل مشى محدودبا أو رفع مريدا للانصراف أو لم يرد شيئا أصلا ففي هذه الصورة يبني ولا تفسد كما يؤخذ مما يأتي
قوله ( ولو لم يرد الأداء ) أي برفعه رأسه مسمعا أو مكبرا لأن عبارة الكافي هكذا ولو سبقه الحدث في الركوع فرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده فسدت ولو رفع رأسه من السجود وقال الله أكبر مريدا به أداء ركن فسدت وإن لم يرد به الأداء ففيه روايتان عن أبي حنيفة ا هـ
وفي شرح المنية ولو أحدث راكعا فرفع مسمعا لا يبني لأن الرفع محتاج إليه للانصراف فمجرده لا يمنع فلما اقترن به التسميع ظهر قصد الأداء
وعن أبي يوسف لو أحدث في سجوده فرفع مكبرا ناويا لتمامه أو لم ينو شيئا فسدت
لا إن نوى الانصراف ا هـ
وحاصله أنه برفع رأسه مسمعا أو مكبرا تفسد على رواية أبي يوسف سواء أراد به الأداء أو لا إلا إذا نوى الانصراف لأن التسميع أو التكبير الذي هو أمارة قصد الأداء لا يعارض صريح قصد الانصراف وأن مجرد الرفع بلا تسمع أو تكبير ولا نية أداء غير مفسد لأنه محتاج إليه
قوله ( فتفسد ) أي إن قصد الأداء أو رفع مكبرا وإلا خالف ما نقلناه
تأمل والظاهر تقييده أيضا بما إذا رفع مستويا قبل أن ينحرف عن القبلة
قوله ( ولو تذكر الخ ) قيد بالركوع أو السجود لأنه لو تذكر السجدة في القعدة الأخيرة فسجدها أعاد القعدة
نهر
لأنها ما شرعت إلا خاتمة لأفعال الصلاة
واحترز بالسجدة عما لو تذكر في الركوع أنه لم يقرأ السورة فعاد إليها أعاده لأن الترتيب فيه فرض
بحر
قوله ( فانحط من ركوعه ) هذا إنما يصح على قول محمد وأما على قول أبي يوسف فإنه يعيد الركوع على سبيل الافتراض لما أن القومة فرض عنده
ح قوله ( أو رفع من سجوده ) قيد بالرفع لأن الصحيح أن السجود لا يتم إلا بالرفع حتى يصل إلى قرب الجلوس
رحمتي فافهم
قوله ( فسجدها ) أفاد أن سجودها عقب التذكر غير واجب لما في البحر عن الفتح له أن يقضي السجدة المتروكة عقب التذكر وله أن يؤخرها إلى آخر الصلاة فيقضيها هناك ا هـ
قوله ( لسقوطه ) أي سقوط وجوب الإعادة المبني على وجوب الترتيب فإن الترتيب فيما شرع مقررا من أفعال الصلاة واجب يأثم بتركه عمدا ويسقط بالنسيان وينجبر
____________________
(1/612)
بسجود السهو
قوله ( ولو أخرها ) هو مفهوم قوله عقب الذكر كما في النهر ح
قوله ( قضاها فقط ) يعني من غير إعادة ركوع ولا سجود لا افتراضا ولا وجوبا ولا ندبا بل إن سجدها في أثناء القعدة الأخيرة أو بعدها أعادها افتراضا لما قدمناه ح وعليه سجود السهو لترك الترتيب فيما شرع مكررا ط
قوله ( كما مر ) أي قبيل قوله واستئنافه أفضل
قوله ( تعين المأموم للإمامة ) حتى لو أفسد صلاته لم تفسد صلاة هذا الثاني ولو أفسدها الثاني تفسد صلاة الأول لتحول الإمامة إليه فإن جاء ثالث واقتدى بهذا الثاني ثم أحدث الثاني صار الثالث إماما لنفسه فإن أحدث الثالث قبل رجوعهما أو رجوع أحدهما فسدت صلاة الأولين لأنهما صار مقتديين به فإذا خرج إمامهما من المسجد تحقق تباين المكان فيفسد الاقتداء لفوات شرطه وهو اتحاد البقعة ولو رجع أحدهما فدخل المسجد ثم خرج الثالث جازت صلاتهم لأن الراجع صار إماما لهم لتعينه ولو رجعا فإن قدم أحدهما الآخر قبل خروج الثالث من المسجد صار هو الإمام وإلا فسدت صلاتهما لأن أحدهما لم يصر إماما للتعارض بلا مرجح فبقي الثالث إماما فإذا خرج فات شرط الاقتداء وهو اتحاد البقعة ففسدت صلاتهما بدائع
قوله ( بلا نية ) متعلق بقوله تعين
قوله ( على الأصح ) وقيل تفسد صلاة الإمام فقط وقيل صلاتهما ح
قوله ( لبقاء الإمام إماما الخ ) قال في الذخيرة لأن تعين الواحد للإمامة إنما كان للحاجة إلى إصلاح الصلاة وفي جعله إماما ها هنا إفسادها فبقي المقتدي لا إمام له في المسجد ففسدت صلاته
قوله ( فإن استخلفه ) أي قبل القعود قدر التشهد وإلا كان خارجا بصنعه ط
قوله ( لما مر ) هو قوله البقاء الإمام الخ ح
قوله ( لما مر ) أي عند قوله أو مكث قدر أداء ركن بعد سبق الحدث من قوله إلا لعذر كنوم ورعاف ح
باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها الفساد والبطلان في العبادات سواء لأن المراد بهما خروج العبادة عن كونها عبادة بسبب فوات بعض الفرائض وعبروا عما يفوت الوصف مع بقاء الفرائض من الشروط والأركان بالكراهة بخلاف المعاملات على ما عرف في الأصول
شرح المنية
قوله ( عقب العارض الخ ) أي أن المفسدات عوارض على الصحة لكن منها اضطراري كسبق الحدث المذكور في الباب السابق ومنها اختياري كالتكلم ونحوه مما يأتي هنا فلذا عقب أحدهما بالآخر ولم يبين وجه تقديم الأول على الثاني وبينه في النهر بأن الاضطرار أعرف في العارضية أي إنه الأصل في العروض
أفاده ح
قوله ( يفسدها التكلم ) أي يفسد الصلاة ومثلها سجود السهو والتلاوة والشكر على القول به ط عن الحموي قوله ( هو النطق بحرفين الخ ) أي أدنى ما يقع اسم الكلام عليه المركب من حرفين كما في
____________________
(1/613)
القهستاني عن الجلابي
وقال في البحر وفي المحيط والنفخ المسموع المهجى مفسد عندهما خلافا لأبي يوسف
لهما أن الكلام اسم لحروف منظومة مسموعة من مخرج الكلام لأن الإفهام بهذا يقع وأدنى ما يقع به انتظام الحروف حرفان انتهى
وينبغي أن يقال إن أدناه حرفان أو حرف مفهم ك ح أمرا وكذا ق فإن فساد الصلاة بهما ظاهر ا هـ
أقول وقد يقال إن نحو ع و ق أمرا منتظم من حروف تقديرا غير أنها حذفت لأسباب صناعية فهو داخل في تعريف الكلام المذكور بل هو كلام نحوي ولعل الشارح جزم به لذلك ولم ينبه على أنه بحث لصاحب البحر فتدبر
وقد ظهر من هذا أن الحرف الواحد المهمل لا يسمى كلاما فلا يدخل في قول الهندية والزيلعي إن الكلام مفسد قليلا كان أو كثيرا كما لا يخفى فافهم
قوله ( ولو استعطف كلبا الخ ) أي بما ليس له حروف مهجاة كما صرح به في الفتاوى الهندية ويشير إليه تعليل الشارح
بقوله لأنه صوت لا هجاء له ا هـ ح
لكن في الجوهرة أن الكلام المفسد ما يعرف في متفاهم الناس سواء حصلت به حروف أم لا حتى لو قال ما يساق به الحمار فسدت ا هـ
وذكر الزيلعي فيه خلافا حيث قال عند قول الكنز والتنحنح بلا عذر
ولو نفخ في الصلاة فإن كان مسموعا تبطل وإلا فلا
والمسموع ما له حروف مهجاة عند بعضهم نحو أف وتف وغير المسموع بخلافه وإليه مال الحلواني
وبعضهم لا يشترط للنفخ المسموع أن يكون له حروف مهجاة وإليه ذهب خواهر زاده
وعلى هذا إذا نفر طيرا أو غيره أو دعاه بما هو مسموع ا هـ
لكن ما مر من تعريف الكلام عندهما يؤيد أن المسموع ما له حروف مهجاة وبه جزم في البدائع والفيض وشرح المنية والخلاصة نعم استشكل الشرنبلالي عدم الفساد بما يساق به الحمار بأنه يصدق عليه تعريف العمل الكثير الآتي
قوله ( عمده وسهوه الخ ) يفيد أن بينهما فرقا بعد القعود مع أنهما سيان أيضا في أنهما لا يفسدان الصلاة ولو أسقط قوله سيان فيكون عمده وسهوه بدلا من التكلم لسلم من هذا ح
قوله ( أو ناسيا ) أي بأن قصد كلام الناس ناسيا أنه في الصلاة
نهر
مطلب في الفرق بين السهو والنسيان واختلف في الفرق بين السهو والنسيان ففي شرح التحرير لابن أمير حاج ذهب الفقهاء والأصوليون وأهل اللغة إلى عدم الفرق
وفرق الحكماء بأن السهو زوال الصورة عن المدركة مع بقائها في الحافظة والنسيان زوالها عنهما معا فيحتاج في حصولها إلى سبب جديد
وقيل النسيان عدم ذكر ما كان مذكورا
والسهو غفلة عما كان مذكورا أو ما لم يكن فالنسيان أخص منه مطلقا ا هـ
قوله ( أو نائما ) هذه إحدى المسائل التي جعلوا فيها النائم في حكم اليقظان وهي خمس وعشرون ذكرها الشارح في شرحه على الملتقى نظما
قوله ( أو جاهلا ) بأن لم يعلم أن التكلم مفسد ح
قوله ( أو مخطئا ) بأن أراد قراءة أو ذكرا فجرى على لسانه كلام الناس ويأتي بيانه في مسألة زلة القارىء
قوله ( أو مكرها ) أي بأن أكرهه أحد عليه ولم يقل أو مضطرا كما لو غلبه سعال أو عطاس أو جشاء لأنه غير مفسد لتعذر الاحتراز عنه
قال في البحر ودخل في التكلم المذكور قراءة التوراة والإنجيل والزبور فإنه يفسد كما في المجتبى
وقال في الأصل لم يجزه
وعن الثاني إن أشبه التسبيح جاز ا هـ
قال في النهر
____________________
(1/614)
وأقول يجب حمل ما في المجتبى على المبدل منها إن لم يكن ذكرا أو تنزيها وقد سبق أن غير المبدل يحرم على الجنب قراءته ا هـ
قوله ( هو المختار ) راجع إلى التعميم المذكور لكن لا بالنسبة إلى جميع أفراده بل إلى قوله ( أو نائما ) فإن فيه خلافا عندنا قال في النهر وبالفساد به قال كثير من المشايخ وهو المختار خلافا لما اختاره فخر الإسلام ا هـ
وأما بقية المسائل فلم أر من ذكر فيها خلافا عندنا بل فيها خلاف غيرنا
ققوله ( رفع عن أمتي الخطأ ) قال في الفتح ولم يوجد بهذا اللفظ في شيء من كتب الحديث بل الموجود فيها إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما ستكرهوا عليه رواه ابن ماجة وابن حبان والحاكم وقال صحيح على شرطهما ح
قوله ( على رفع الإثم ) وهو الحكم الأخروي فلا يراد الدنيوي وهو الفساد لئلا يلزم تعميم المقتضي
ح عن البحر
قوله ( وحديث ذي اليدين ) اسمه الخرباق وكان في يديه أو إحداهما طول ولفظه أقصرت الصلاة أم نسيت قال لم أنس ولم تقصر قال بل نسيت يا رسول الله فأقبل على القوم فقال أصدق ذو اليدين فأومؤوا أي نعم زيلعي ط
قوله ( منسوخ بحديث مسلم الخ ) هو ما أخرجه مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي قال بينا أنا أصلي مع رسول الله إذا عطس رجل من القوم فقلت له يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل أماه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتوني سكت فلما صلى رسول الله دعاني فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ثم قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن كذا في الفتح وشرح المنية
ومنع النسخ بأن حديث ذي اليدين رواه أبو هريرة وهو متأخر الإسلام
وأجيب بجواز أن يرويه عن غيره ولم يكن حاضرا وتمامه في الزيلعي
قال في البحر وهو غير صحيح لما في صحيح مسلم عنه بينا أنا أصلي مع رسول الله وساق الواقعة وهو صريح في حضوره ولم أر عنه جوابا شافيا ا هـ
أقول أظن أن صاحب البحر اشتبه عليه حديث ذي اليدين معاوية بن الحكم الذي نقلناه عن صحيح مسلم فليراجع
قوله ( ساهيا ) يغني عنه قوله على ظن إكمالها
قوله ( أو على ظن ) معطوف على قوله على إنسان فافهم قوله ( أنها ترويحة مثلا ) أي بأن كان يصلي العشاء فظن أنها التراويح ومثله ما لو صلى ركعتين من الظهر فسلم على ظن أنه مسافر أو أنها جمعة أو فجر قوله ( أو سلم قائما ) أي على ظن أنه أتم الصلاة
بحر قوله ( فإنه يفسدها ) أي في الصور الثلاث أما السلام على إنسان فظاهر وأما السلام على ظن أنها ترويحة فلأنه قصد القطع على ركعتين
بخلاف ما إذا ظن إكمالها فإنه قصد القطع على أربع باعتبار ظنه
وأما السلام قائما فلأنه إنما اغتفر سهوه في القعود لأن القعود مظنته بخلاف القيام ولذلك اغتفر سهوه قائما في صلاة الجنازة لأن القيام فيها مظنة السلام ا هـ قوله ( مطلقا ) فسره قوله وإن لم يقل عليكم وقوله ولو ساهيا ح قوله ( فسلام التحية الخ ) هذا ما حرره في البحربحثا ثم رآه مصرحا به في البدائع ووفق به بين ما في الكنز وغيره من إطلاق الفساد بالسلام وبين ما في المجمع وغيره
____________________
(1/615)
من تقييده بالعمد بحمل الأول على الأول والثاني على الثاني ودخل في قوله إن عمدا ما لو ظن أنها ترويحة مثلا فسلم لأنه تعمد السلام كما مر خلافا لمن وهم قوله ( لا بيده ) أي لا يفسدها رد السلام بيده خلافا لمن عزا إلى أبي حنيفة أنه مفسد فإنه لم يعرف نقله من أحد من أهل المذهب وإنما يذكرون عدم الفساد بلا حكاية خلاف بل صريح كلام الطحاوي أنه قول أئمتنا الثلاثة وكأن هذا القائل فهم من قولهم ولا يرد بالإشارة أنه مفسد كذا في الحلية لابن أمير حاج الحلبي واستدرك في البحر على قوله فإنه لم يعرف الخ بأنه نقله صاحب المجمع وهو من أهل المذهب المتأخرين ومع هذا فالحق أن الفساد ليس بثابت في المذهب وإنما استنبطه بعض المشايخ مما في الظهيرية وغيرها من أنه لو صافح بنية التسليم فسدت فقال فعلى هذا تفسد أيضا إذا رد بالإشارة ويدل لعدم الفساد أنه عليه الصلاة والسلام فعله كما رواه أبو داود وصححه في الترمذي
وصرح في المنية بأنه مكروه أي تنزيها وفعله عليه الصلاة والسلام لتعليم الجواز فلا يوصف فعله بالكراهة كما حققه في الحلية ا هـ
قوله ( قالوا تفسد ) فيه إيماء إلى ما ذكره في البحر بحثا من أن الظاهر استواء حكم الرد بالمصافحة وباليد وهو عدم الفساد للأحاديث الواردة في ذلك وقوله كأنه الخ فيه إيماء إلى ما ذكره في النهر من أن هذا التعليل أولى من تعليل الزيلعي وغيره بأنه كلام معنى لأن الرد باليد كلام معنى أيضا فتدبر وبالله التوفيق كذا رأيته بخط الشارح في هامش الخزائن
مطلب المواضع التي يكره فيها السلام قوله ( سلامك مكروه ) ظاهره التحريم ط وسيجيء التصريح بالإثم في بعضها قوله ( ومن بعد ما أبدى الخ ) فعل مضارع رباعي أي أظهر والمعنى وغير الذي أذكره هنا يسن ولا يناقضه قوله والزيادة تنفع لأنه من كلام صاحب النهر كما ستعرفه فافهم
قوله ( ذاكر ) فسره بعضهم بالواعظ لأنه يذكر الله تعالى ويذكر الناس به والظاهر أنه أعم فيكره السلام على مشتغل بذكر الله تعالى بأي وجه كان
رحمتي قوله ( خطيب ) يعم جميع الخطب ط
قوله ( ومن يصغي إليهم ) أي إلى من ذكر ولو إلى المصلي إذا جهر وهو داخل في التالي ط
قوله ( مكرر فقه ) أي ليحفظه أو يفهمه قوله ( جالس لقضائه ) قاس بعض مشايخنا الولاة والأمراء على القاضي
قال شمس الأئمة السرخسي الصحيح الفرق فالرعية يسلمون على الأمراء والولاة والخصوم لا يسلمون على القضاة والفرق أن السلام تحية الزائرين والخصوم ما تقدموا إلى القاضي زائرين بخلاف الرعية فعلى هذا لو جلس القاضي للزيارة فالخصوم يسلمون عليه ولو جلس الأمير لفصل الخصومة لا يسلمون عليه كذا في الثامن من كراهية التاترخانية ومقتضى هذا أن الخصوم إذا دخلوا على المفتي لا يسلمون عليه
تأمل قوله ( ومن بحثوا في الفقه ) عبارة النهر في العلم وفي الضياء مذاكرة العلم فيعم كل علم شرعي قوله ( أيضا ) بوصل الهمزة للضرورة ط
قوله ( مدرس ) أي شيخ درس العلم الشرعي بقرينة ما ذكرناه آنفا
قوله ( الفتيات ) جمع فتية المرأة الشابة
____________________
(1/616)
ومفهومه جوازه على العجوز بل صرحوا بجواز مصافحتها عند أمن الشهوة قوله ( ولعاب ) بضم اللام وتشديد العين المهملة جمع لاعب
قوله ( وشبه ) بكسر الشين أي مشابه لخلقهم بالضم والمراد من يشابههم في فسقهم من سائر أرباب المعاصي كمن يلعب بالقمار أو يشرب الخمر أو يغتاب الناس أو يطير الحمام أو يغني فقد نبه بلعب الشطرنج المختلف فيه على أن ما فوقه مثله بالأولى وسيأتي في الحظر والإباحة أنه يكره السلام على الفاسق لو معلنا وإلا لا ا هـ
وفي فصول العلامي ولا يسلم على الشيخ الممازح والكذاب واللاغي ولا على من يسبه الناس أو ينظر وجوه الأجنبيات ولا على الفاسق المعلن ولا على من يغني أو يطير الحمام ما لم تعرف توبتهم
ويسلم على قوم في معصية وعلى من يلعب بالشطرنج ناويا أن يشغلهم عما هم فيه عند أبي حنيفة
وكره عندهما تحقيرا لهم ا هـ
وظاهر قوله ما لم تعرف توبتهم أن المراد كراهة السلام عليهم في غير حالة مباشرة المعية أما في حالة مباشرتها ففيه الخلاف المذكور قوله ( يتمتع ) الظاهر منه ما يعم مقدمات الجماع ط
قوله ( ودع كافرا ) أي إلا إذا كان لك حاجة إليه فلا يكره السلام عليه كما سيأتي في باب الحظر والإباحة
قوله ( ومكشوف عورة ) ظاهره ولو الكشف لضرورة ط
قوله ( حال التغوط ) مراده ما يعم البول ط
قوله ( إلا إذا كنت الخ ) انظر ما وجه ذلك مع أن الكراهة إنما هي في حالة وضع اللقمة في الفم كما يظهر مما في حظر المجتبى يكره السلام على العاجز عن الجواب حقيقة كالمشغول بالأكل أو الاستفراغ أو شرعا كالمشغول بالصلاة وقراءة القرآن ولو سلم لا يستحق الجواب ا هـ
قوله ( وقد زدت عليه المتفقه على أستاذه ) كما في القنية والمغني ومطير الحماموألحقته فقلت كذلك أستاذ الخ هكذا يوجد في بعض النسخ وهو من تتمة عبارة صاحب النهر والبيت المذكور من نظمه قوله ( كذلك أستاذ ) فيه أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسلمون على النبي ح عن شيخه والجواب أن المراد السلام عليه في حالة اشتغاله بالتعليم كما يأتي وبه يعلم أنه داخل في النظم السابق في قوله ( مدرس ) وكذا المغني ومطير الحمام داخلان في قوله وشبه بخلقهم كما نبهنا عليه ولكن الغرض ذكر ما وقع التصريح به في كلامهم وإلا ففي النظم السابق أشياء متداخلة يغني ذكر بعضها عن بعض وعن هذا زاد شيخ مشايخنا الشهاب أحمد المنيني كما نقله عنه الرحمتي أشياء أخر نظمها بقوله وزد عد زنديق وشيخ ممازح ولاغ وكذاب لكذب يشيع ومن ينظر النسوان في السوق عامدا ومن دأبه سب الأنام ويردع ومن جلسوا في مسجد لصلاتهم وتسبيحهم هذا عن البعض يسمع ولا تنس من لبى هنالك صرحوا فكن عارفا يا صاح تحظى وترفع
____________________
(1/617)
قوله ( وصرح في الضياء الخ ) أي نقلا عن روضة الزندويستي ) وذكر ح عبارته
وحاصلها أنه يأثم بالسلام على المشغولين بالخطبة أو الصلاة أو قراءة القرآن أو مذاكرة العلم أو الأذان أو الإقامة وأنه لا يجب الرد في الأولين لأنه يبطل الصلاة والخطبة كالصلاة ويردون في الباقي لإمكان الجمع بين فضيلتي الرد وما هم فيه من غير أن يؤدي إلى قطع شيء تجب إعادته
قال ح ويعلم من التعليل الحكم في بقية المسائل المذكورة في النظم ا هـ
قلت لكن في البحر عن الزيلعي ما يخالفه فإنه قال يكره السلام على المصلي والقارىء والجالس للقضاء أو البحث في الفقه أو التخلي ولو سلم عليهم لا يجب عليهم الرد لأنه في غير محله ا هـ
ومفاده أن كل محل لا يشرع فيه السلام لا يجب رده
مطلب المواضع التي لا يجب فيها رد السلام وفي شرح الشرعة صرح الفقهاء بعدم وجوب الرد في بعض المواضع القاضي إذا سلم عليه الخصمان والأستاذ الفقيه إذا سلم عليه تلميذه أو غيره أوان الدرس وسلام السائل والمشتغل بقراءة القرآن والدعاء حال شغله والجالسين في المسجد لتسبيح أو قراءة أو ذكر حال التذكير ا هـ
وفي البزازية لا يجب الرد على الإمام والمؤذن والخطيب عند الثاني وهو الصحيح ا هـ
وينبغي وجوب الرد على الفاسق لأن كراهة السلام عليه للزجر فلا تنافي الوجوب عليه
تأمل هذا
وقد نظم الجلال السيوطي المواضع التي لا يجب فيها رد السلام ونقلها عنه الشارح في هامش الخزائن فقال رد السلام واجب إلا على من في الصلاة أو بأكل شغلا أو شرب أو قراءة أو أدعيه أو ذكر أو في خطبة أو تلبيه أو في قضاء حاجة الإنسان أو في إقامة أو الأذان أو سلم الطفل أو السكران أو شابة يخشى بها فتتان أو فاسق أو ناعس أو نائم أو حالة الجماع أو تحاكم أو كان في الحمام أو مجنونا فواحد من بعدها عشرونا قوله ( بجزم الميم ) كأنه لمخالفته السنة فعلى هذا لو رفع الميم بلا تنوين ولا تعريف كان كجزم الميم لمخالفته السنة أيضا ا هـ ح
قلت وقد سمع من العرب
سلام عليكم بلا تنوين وخرجه في مغني اللبيب على حذف ألف أو تقدير مضاف أي سلام الله لكن قال في الظهيرية ولفظ السلام السلام عليكم أو سلام عليكم بالتنوين وبدون هذين كما يقول الجهال لا يكون سلاما ا هـ
وذكر في التاترخانية عن بعض أصحاب أبي يوسف أن سلام الله عليكم دعاء لا تحية وسنذكر بقية أبحاث السلام في كتاب الحظر والإباحة قوله ( والتنحنح ) هو أن يقول أح بالفتح والضم
بحر قوله ( بحرفين ) يعلم حكم الزائد عليهما بالأولى لكن يوهم أن الزائد لو كان بعذر يفسد ويخالفه ظاهر ما في النهاية عن المحيط من أنه إن لم يكن مدفوعا إليه بل لإصلاح الحلق ليتمكن من القراءة إن ظهر له حروف
____________________
(1/618)
نحو قوله اح اح وتكلف لذلك كان الفقيه إسماعيل الزاهد يقول يقطع الصلاة عندهما لأنها حروف مهجاة ا هـ أي والصحيح خلافه كما يأتي قوله ( بأن نشأ من طبعه ) أي بأن كان مدفوعا إليه قوله ( على الصحيح ) لأنه يفعله لإصلاح القراءة فيكون من القراءة معنى كالمشي للبناء فإنه وإن لم يكن من الصلاة لكنه لإصلاحها فصار منها معنى شرح المنية عن الكفاية لكنه لا يشمل ما لو كان لإعلام أنه في الصلاة أو ليهتدي إمامه إلى الصواب
والقياس الفساد في الكل إلا في المدفوع إليه كما هو قول أبي حنيفة ومحمد لأنه كلام والكلام مفسد على كل حال كما مر وكأنهم عدلوا بذلك عن القياس وصححوا عدم الفساد به إذا كان لغرض صحيح لوجود نص ولعله ما في الحلية عن سنن ابن ماجه عن علي رضي الله عنه قال كان لي من رسول الله مدخلان مدخل بالليل ومدخل بالنهار فكنت إذا أتيته وهو يصلي تنحنح لي وفي رواية سبح وحملهما في الحلية على اختلاف الحالات والله تعالى أعلم قوله ( والدعاء بما يشبه كلامنا ) هو ما ليس في القرآن ولا في السنة ولا يستحيل طلبه من العباد فإن ورد فيهما أو استحال طلبه لم يفسد كما في البحر عن التجنيس وتقدم الكلام عليه في سنن الصلاة فراجعه قوله ( خلافا للشافعي ) أشار إلى أن فائدة ذكر الدعاء المذكور مع أنه داخل في الكلام هي التنبيه على ما فيه من الخلاف قوله ( والتأوه الخ ) قال في شرح المنية بأن قال أوه بفتح الهمزة وتشديد الواو مفتوحة وبضم الهمزة وإسكان الواو أو قال آه بمد الهمزة ا هـ
وذكر في الحلية فيه ثلاث عشرة لغة ساقها في البحر قوله ( والتأفيف الخ ) قال في الحلية أف اسم فعل لأتضجر وفيه لغات انتهت إلى أربعين منها ضم الهمزة مع تثليث الفاء مخففة ومشددة منونة وغير منونة وقد تأتي مصدرا يراد به الدعاء بتاء في آخره وبغير تاء فتنصب بفعل واجب الإضمار وقد تردف حينئذ بتف على الاتباع له ومنه قول القائل أفا وتفا لمن مودته إن غبت عنه سويعة زالت إن مالت الريح هكذا وكذا مالت مع الريح أينما مالت وظاهره أن تف ليس من أسماء التأفيف
تأمل قوله ( والبكا ) بالقصر خروج الدمع وبالمد صوت معه كما في الصحاح فقوله بصوت للتقييد على الأول وللتوضيح على الثاني
إسماعيل قوله ( يحصل به حروف ) كذا في الفتح والنهاية والسراج
قال في النهر أما خروج الدمع بلا صوت أو صوت لا حرف معه فغير مفسد قوله ( إلا لمريض الخ ) قال في المعراج ثم إن كان الأنين مع وجع مما يمكن الامتناع عنه فعن أبي يوسف يقطع الصلاة وإن كان مما لا يمكن لا يقطع
وعن محمد إن كان المرض خفيفا يقطع وإلا فلا لأنه لا يمكنه القعود إلا بالأنين كذا ذكره المحبوبي ا هـ
قوله ( وإن حصل حروف ) أي لهذه المذكورات كلها كما في المعراج لكن ينبغي تقييده بما إذا لم يتكلف إخراج حروف زائدة على ما تقتضيه طبيعة العاطس ونحوه كما لو قال في تثاوبه هاه هاه مكررا لها فإنه منهي عنه بالحديث تأمل وأفاد أنه لو لم يحصل له حروف لا تفسد مطلقا كما لو سعل وظهر منه صوت من نفس يخرج من الأنف بلا حروف قوله ( لا لذكر جنة أو نار ) لأن الأنين ونحوه إذا كان
____________________
(1/619)
يذكرهما صار كأنه قال اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار ولو صرح به لا تفسد صلاته وإن كان من وجع أو مصيبة صار كأنه يقول أنا مصاب فعزوني ولو صرح به تفسد كذا في الكافي
درر قوله ( أو آرى ) هي لفظة فارسية بمعنى نعم كما صرح به في الفتاوى الهندية وهو بفتح الهمزة ممدودة وكسر الراء وسكون الباء ح قوله ( لدلالته على الخشوع ) أفاد أنه لو كان استلذاذا بحسن النغمة يكون مفسدا ط
قوله ( وتشميت ) بالسين والشين المعجمة والثاني أفصح درر
قوله ( لغيره ) تبع فيه صاحب النهر والأصوب إسقاطه لأن تشميت مصدر مضاف لمفعوله والفاعل محذوف وهو المصلي ولكن زاده ليقابله بقوله ولو العاطس لنفسه وتأويله أن قوله لغيره بدل من عاطس لأن الإضافة فيه على معنى اللام أي تشميته لعاطس فصار المعنى تشميت المصلي لغيره فافهم
قوله ( بيرحمك الله ) قيد به لأن السامع لو قال الحمد لله فإن عنى الجواب اختلف الشايخ أو التعليم فسدت أو لم يرد واحد منهما لا تفسد اتفاقا
نهر
وصحح في شرح المنية عدم الفساد مطلقا لأنه لم يتعارف جوابا
قال بخلاف الجواب السار بها أي بالحمدلة للتعارف قوله ( ولو من العاطس لنفسه لا ) أي لو قال لنفسه يرحمك الله يا نفسي لا تفسد لأنه لما لم يكن خطابا لغيره لم يعتبر من كلام الناس لما إذا قال يرحمني الله
بحر قوله ( وبعكسه التأمين الخ ) صورته ما في الظهيرية رجلان يصليان فعطس أحدهما فقال رجل خارج الصلاة يرحمك الله فقالا جميعا آمين تفسد صلاة العاطس دون الآخر لأنه لم يدع له ا هـ
أي لم يجبه
ويشكل عليه ما في الذخيرة إذا أمن المصلي لدعاء رجل ليس في الصلاة تفسد صلاته ا هـ
وهو يفيد فساد صلاة المؤمن الذي ليس بعاطس وليس ببعيد كما لا يخفى
بحر
وأجاب في النهر بأنا لا نسلم أن الثاني تأمين لدعائه لانقطاعه بالأول وإلى هذا يشير التعليل ا هـ
وحاصله أنه لما كان الدعاء للعاطس تعين تأمينه جوابا للداعي فلم يكن تأمين المصلي الآخر جوابا بخلاف ما إذا كان المؤمن واحدا فإنه يتعين تأمينه جوابا كما في مسألة الذخيرة
وأجاب العلامة المقدسي بحمل ما في الذخيرة على ما إذا دعا له ليكون جوابا أما إذا دعا لغيره فلا يظهر كونه جوابا فلا تفسد ا هـ
لكن ينافيه ما يذكره الشارح لو دعا لأحد أو عليه فقال أي المصلي آمين تفسد وكذا ما في البحر عن المبتغى لو سمع المصلي من مصل آخر ولا الضالين فقال آمين لا تفسد وقيل تفسد وعليه المتأخرون ا هـ
فهذا يؤيد ما أجاب به في النهر لأن المؤمن واحد فتعين تأمينه جوابا وإن لم يكن الدعاء له فلذا لم يعرج الشارح على ما في البحر
فافهم
قوله ( وجواب خير سوء ) السوء بضم السين صفة خبر وهو من ساء يسوء سوءا نقيض سر والاسترجاع قول { إنا لله وإنا إليه راجعون } ثم الفساد بذلك قولهما خلافا لأبي يوسف كما صححه في الهداية والكافي لأن الأصل عنده أن ما كان ثناء أو قرآنا لا يتغير بالنية وعندهما يتغير كما في النهاية وقيل إنه بالاتفاق ونسبه في غاية البيان إلى عامة المشايخ
وفي الخانية أنه الظاهر لكن ذكر في البحر أنه لو أخبر بخبر يسره فقال الحمد لله فهو على الخلاف ثم قال ولعل الفرق على قوله إن الاسترجاع لإظهار المصيبة وما شرعت الصلاة لأجله والتحميد لإظهار الشكر والصلاة شرعت لأجله ا هـ
قلت وهو مأخوذ من الحلية وفيه نظر إذ لو صح هذا الفرق على قول أبي يوسف لانتقض الأصل المذكور فالأولى ما في الهداية وغيرها من أن الفرع الأول على الخلاف أيضا ولذا مشى عليه في شرح المنية
____________________
(1/620)
الكبير فليتأمل قوله ( على المذهب ) رد على ما في الظهيرية من تصحيح عدم الفساد فإنه تصحيح مخالف للمشهور وعلى ما في المجتبى من أنه لا فساد بشيء من الأذكار التي يقصد بها الجواب في قول أبي حنيفة وصاحبيه فإنه مخالف للمتون والشروح والفتاوى كذا في الحلية والبحر فافهم
قوله ( لأنه الخ ) بيان لوجه الفساد عندهما فإن المناط كونه لفظا أفيد به معنى ليس من أعمال الصلاة لا كونه وضع لإفادة ذلك
فتح
قوله ( كل ما قصد به الجواب ) أي عندهما لصيرورة الثناء كلام الناس بالقصد كخروج القراءة بقصد الخطاب والجواب بما ليس بثناء مفسد اتفاقا كذا في غرر الأفكار ومثله في الدرر حيث قال قيد بالتحميد ونحوه لأن الجواب بما لي بثناء مفسد اتفاقا ا هـ
قلت والمراد بما ليس بثناء ما كان من غير القرآن أما ما كان منه إذا قصد به الجواب فإنه على الخلاف أيضا وإن لم يكن ثناء كقوله { والخيل والبغال والحمير } النحل 8 بدليل ما قدمناه عن النهاية من أن الأصل عند أبي يوسف أن ما كان ثناء أو قرآنا لا يتغير بالنية
وعندهما يتغير فلو قيل ما مالك فقال الإبل والبقر والعبيد مثلا فسدت اتفاقا لأنه ليس قرآنا ولا ثناء
أما لو أجاب عن خبر سار بالتحميد أو معجب بالتسبيح أو التهليل لا تفسد عنده لأنه ثناء وإن لم يكن قرآنا
واحترز بقصد الجواب عمنا لو سبح لمن استأذنه في الدخول على قصد إعلامه أنه في الصلاة كما يأتي أو سبح لتنبيه إمامه فإنه وإن لزم تغييره بالنية عندهما إلا أنه خارج عن القياس بالحديث الصحيح إذا نابت أحدكم نائبة وهو في الصلاة فليسبح قال في البحر ومما ألحق بالجواب ما في المجتبى لو سبح أو هلل يريد زجرا عن فعل أو أمرا به فسدت عندهما ا هـ
قلت والظاهر أنه لو لم يسبح ولكن جهر بالقراءة لا تفسد لأنه قاصد للقراءة وإنما قصد الزجر أو الأمر بمجرد رفع الصوت
تأمل
قوله ( أو الخطاب الخ ) هذا مفسد بالاتفاق وهو مما أورد نقضا على أصل أبي يوسف فإنه قرآن لم يوضع خطابا لمن خاطبه المصلي وقد أخرجه بقصد الخطاب عن كونه قرآنا وجعله من كلام الناس قوله ( كقوله لمن اسمه يحيى أو موسى ) يغني عن قول المصنف مخاطبا لمن اسمه ذلك والظاهر أنها تفسد وإن لم يكن المخاطب مسمى بهذا الاسم إذا قصد خطابه ط
قوله ( أو لمن بالباب الخ ) لعل وجه جعله من الخطاب مع أنه ليس فيه أداة نداء ولا خطاب أنه في معنى قوله ادخل قوله ( تفسد إن قصد جوابه ) ذكر في البحر أنه لو قال مثل ما قال المؤذن إن أراد جوابه تفسد وكذا لو لم تكن له نية لأن الظاهر أنه أراد به الإجابة وكذلك إذا سمع اسم النبي فصلى عليه فهذا إجابة ا هـ
ويشكل على هذا كله ما مر من التفصيل فيمن سمع العاطس فقال الحمد لله
تأمل
واستفيد أنه لو لم يقصد الجواب بل قصد الثناء والتعظيم لا تفسد لأن نفس تعظيم الله تعالى والصلاة على نبيه لا ينافي الصلاة كما في شرح المنية قوله ( وقيل لا ) جزم به في البحر والظاهر أنه مبني على ما إذا لم يقصد الجواب وإلا
____________________
(1/621)
أشكل عليه ما مر
تأمل
قوله ( فبسمل ) يشكل عليه ما في البحر أو لدغته عقرب أو أصابه وجع فقال بسم الله قيل تفسد لأنه كالأنين وقيل لا لأنه ليس من كلام الناس
وفي النصاب وعليه الفتوى وجزم به في الظهيرية وكذا لو قال يا رب كما في الذخيرة ا هـ
قوله ( فقال آمين ) قدمنا الكلام فيه قريبا
قوله ( ولا يفسد الكل ) أي إلا إذا قصد الخطاب كما مر قوله ( حتى لو امتثل الخ ) هذا امتثال بالفعل ومثله ما لو امتثل بالقول وهو ما في البحرعنم القنية مسجد كبير يجهر المؤذن فيه بالتكبيرات فدخل فيه رجل أمر المؤذن أن يجهر بالتكبير وركع الإمام للحال فجهر المؤذن إن قصد جوابه فسدت صلاته
قوله ( أو دخل فرجة الخ ) المعتمد فيه عدم الفساد ط
قوله ( ومر ) أي في باب الإمامة عند قوله ويصف الرجال وقدمنا عن الشرنبلالي عدم الفساد وتقدم تمام الكلام عليه هناك قوله ( ويأتي ) أي في هذا الباب عند قول المصنف ورد السلام بيده قوله ( وفتحه على غير إمامه ) لأنه تعلم وتعليم من غير حاجة
بحر
وهو شامل لفتح المقتدي على مثله وعلى المنفرد وعلى غير المصلي وعلى إمام آخر لفتح الإمام والمنفرد على أي شخص كان إن أراد به التعليم لا التلاوة
نهر قوله ( وكذا الأخذ ) أي أخذ المصلي غير الإمام بفتح من فتح عليه مفسد أيضا كما في البحر عن الخلاصة أو أخذ الإمام بفتح من ليس في صلاته كما فيه عن القنية
قوله ( إلا إذا تذكر الخ ) قال في القنية ارتج على الإمام ففتح عليه من ليس في صلاته وتذكر فإن أخذ في التلاوة قبل تمام الفتح لم تفسد وإلا تفسد لأن لأن تذكره يضاف إلى الفتح ا هـ
بحر قال في الحلية وفيه نظر لأنه إن حصل التذكر والفتح معا لم يكن التذكر ناشئا عن الفتح ولا وجه لإفساد الصلاة بتأخر شروعه في القراءة عن تمام الفتح وإن حصل التذكر بعد الفتح قبل إتمامه فالظاهر أن التذكر ناشىء عنه ووجبت إضافة التذكر عليه فتفسد بلا توقف للشروع في القراءة على إتمامه ا هـ
ملخصا
قلت والذي ينبغي أن يقال إن حصل التذكر بسبب الفتح تفسد مطلقا أي سواء شرع في التلاوة قبل تمام الفتح أو بعده لوجود التعلم وإن حصل تذكره من نفسه لا بسبب الفتح لا تفسد مطلقا وكون الظاهر أنه حصل بالفتح لا يؤثر بعد تحقق أنه من نفسه لأن ذلك من أمور الديانة لا القضاء حتى يبني على الظاهر ألا ترى أنه لو فتح على غير إمامه قاصدا القراءة لا التعليم لا تفسد مع أن ظاهر حاله التعليم وكذا لو قال مثل ما قال المؤذن ولم يقصد الإجابة فليتأمل قوله ( مطلقا ) فسره بما بعده قوله ( بكل حال ) أي سواء قرأ الإمام قدر ما تجوز به الصلاة أم لا انتقل إلى آية أخرى أم لا تكرر الفتح أم لا هو الأصح
نهر
قوله ( إلا إذا سمعه المؤتم الخ ) في البحر عن القنية ولو سمعه المؤتم ممن ليس في الصلاة ففتح به على إمامه يجب أن تبطل صلاة الكل لأن التلقين من خارج ا هـ
وأقره في النهر
ووجهه أن المؤتم لما تلقن من خارج بطلت صلاته فإذا فتح على إمامه وأخذ منه بطلت صلاته لكن قال ح وهذا يقتضي أنه لو سمعه من مصل ولو غير صلاته ففتح به لا تبطل وهو باطل كما لا يخفى إلا أن يراد بقوله من غير مصل أي صلاته ا هـ
قوله ( وينوي الفتح لا القراءة ) هو الصحيح لأن قراءة المقتدي منهي عنها والفتح على إمامه غير منهي عنه
بحر
____________________
(1/622)
تتمة يكره أن يفتح من ساعته كما يكره للإمام أن يلجئه إليه بل ينتقل إلى آية أخرى لا يلزم من وصلها ما يفسد الصلاة أو إلى سورة أخرى أو يركع إذا قرأ قدر الفرض كما جزم به الزيلعي وغيره
وفي رواية قدر المستحب كما رجحه الكمال بأنه الظاهر من الدليل وأقره في البحر والنهر ونازعه في شرح المنية ورجح قدر الواجب لشدة تأكده قوله ( أو رآى ) كلمة فارسية كما في شرح المنية وهي بمد الهمزة وكسر الراء بمعنى نعم كما تقدم قوله ( لأنه من كلامه ) بدليل الاعتياد قوله ( لأنه قرآن ) هذا ظاهر في نعم وكذا في آرى على رواية أن القرآن اسم للمعنى أما على رواية أنه اسم للنظم والمعنى فلا
تنبيه وقع في ألغاز الأشباه أي مصل قال نعم ولم تفسد صلاته فقل من اعتاده في كلامه ا هـ
قال في الخزائن وفيه اشتباه أي اشتبه عليه الحكم إن لم يكن سبق قلم قوله ( مطلقا ) أي سواء كان كثيرا أو قليلا عامدا أو ناسيا ولذ قال ولو سمسمة ناسيا ومثله ما أوقع في فيه قطرة مطر فابتلعها كما في البحر
قوله ( الحمصة ) بكسر الحاء وتشديد الميم مكسورة ومفتوحة ح
قوله ( قاله الباقاني ) أي في شرح الملتقى ونصه وقال البقالي الصحيح أن كل ما يفسد به الصوم تفسد به الصلاة ا هـ
وعليه مشى الزيلعي تبعا للخلاصة والبدائع
قال في النهر وجعل في الخانية هذا قول البعض
وقال بعضهم ما دون ملء الفم لا يفسد وفرق بين الصلاة والصوم وما في الزيلعي أولى قوله ( أما المضغ فمفسد ) أي إن كثر وتقديره بالثلاث المتواليات كما في غيره كذ في شرح المنية
وفي البحر عن المحيط وغيره ولو مضغ العلك كثير أفسدت وكذا لو كان في فيه إهليلجة فلاكها فإن دخل في حلقه منها شيء يسير من غير أن يلوكها لا تفسد وإن كثر ذلك فسدت ا هـ
قوله ( كسكر الخ ) أفاد أن المفسد إما المضغ الكثير أو وصول عين المأكول إلى الجوف بخلاف الطعم
قال في البحر عن الخلاصة ولو أكل شيئا من الحلاوة وابتلع عينها فدخل في الصلاة فوجد حلاوتها في فيه وابتلعها لا تفسد صلاته ولو أدخل الفانيد أو السكر في فيه ولم يمضغه لكن يصلي والحلاوة تصل إلى جوفه تفسد صلاته ا هـ
قوله ( ويفسدها انتقاله الخ ) أي بأن ينوي بقلبه مع التكبيرة الانتقال المذكور
قال في النهر بأن صلى ركعة من الظهر مثلا ثم افتتح العصر أو التطوع بتكبيرة فإن كان صاحب ترتيب كان شارعا في التطوع عندهما خلافا لمحمد أو لم يكن بأن سقط للضيق أو للكثرة صح شروعه في العصر لأنه نوى تحصيل ما ليس بحاصل فخرج عن الأول فمناط الخروج عن الأول صحة الشروع في المغاير ولو من وجه فلذا لو كان منفردا فكبر ينوي الاقتداء أو عكسه أو إمامة النساء فسد الأول وكان شارعا في الثاني وكذا لو نوى نفلا أو واجبا أو شرع في جنازة فجيء بأخرى فكبر ينويهما أو الثانية يصير مستأنفا على الثانية كذا في فتح القدير ا هـ
قوله ( أو عكسه ) بالنصب عطفا على منفردا ح
قوله ( بخلاف نية الظهر الخ ) أي نيته مع التكبير كما مر
قال في البحر يعني لو صلى ركعة من الظهر فكبر ينوي الاستئناف للظهر بعينها لا يفسد ما أداه ويحتسب بتلك الركعة حتى لو صلى ثلاث ركعات بعدها ولم يقعد في آخرها حتى صلى رابعة فسدت الصلاة ولغت النية الثانية قوله ( مطلقا ) أي سواء انتقل إلى المغايرة أو المتحدة لأن التلفظ بالنية كلام مفسد للصلاة الأولى فصح الشروع
____________________
(1/623)
الثاني
قوله ( أي ما فيه قرآن ) عممه ليشمل المحراب فإنه إذا قرأ ما فيه فسدت في الصحيح بحر قوله ( مطلقا ) أي قليلا أو كثيرا إماما أو منفردا أميا لا يمكنه القراءة إلا منه أو لا قوله ( لأنه تعلم ) ذكروا لأبي حنيفة في علة الفساد وجهين أحدهما أن حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق عمل كثير
والثاني أنه تلقن من المصحف فصار كما إذا تلقن من غيره
وعلى الثاني لا فرق بين الموضوع والمحمول عنده وعلى الأول يفترقان وصحح الثاني في الكافي تبعا لتصحيح السرخسي وعليه لو لم يكن قادرا على القراءة إلا من المصحف فصلى بلا قراءة ذكر الفضلي أنها تجزيه وصحح في الظهيرة عدمه والظاهر أنه مفرع على الوجه الأول الضعيف
بحر
قوله ( إلا إذا كان الخ ) لأن هذه القراءة مضافة إلى حفظه لا إلى تلقنه من المصحف ومجرد النظر بلا حمل غير مفسد لعدم وجهي الفساد وهذا استثناء من إطلاق المصنف وهو قول الرازي وتبعه السرخسي وأبو نصر الصفار وجزم به في الفتح والنهاية والتبيين
قال في البحر وهو وجيه كما لا يخفى ا هـ
فلذا جزم به الشارح
قوله ( وقيل الخ ) تقييد آخر لإطلاق المصنف
وعبارة الحلبي في شرح المنية ولم يفرق في الكتاب بين القليل والكثير وقيل لا تفسد ما لم يقرأ قدر الفاتحة وقيل ما لم يقرأ آية وهو الأظهر لأنه مقدار ما تجوز به الصلاة عنده قوله ( وهما بها ) أي وجوزه الصاحبان بالكراهة
مطلب في التشبه بأهل الكتاب قوله ( لأن التشبه بهم لا يكره في كل شيء ) فإنا نأكل ونشرب كما يفعلون
بحر
عن شرح الجامع الصغير لقاضيخان ما في الذخيرة قبيل كتاب التحري
قال هشام رأيت على أبي يوسف نعلين مخصوفين بمسامير فقلت أترى بهذا الحديد بأسا قال لا قلت سفيان وثور بن يزيد كرها ذلك لأن فيه تشبها بالرهبان فقال كان رسول الله يلبس النعال التي لها شعر وإنها من لباس الرهبان فقد أشار إلى أن صورة المشابهة فيما تعلق به صلاح العباد لا يضر فإن الأرض مما لا يمكن قطع المسافة البعيدة فيها إلا بهذا النوع
ا هـ
وفيه إشارة أيضا إلى أن المراد بالتشبه أصل الفعل أي صورة المشابهة بلا قصد
قوله ( ليس من أعمالها ) احتراز عما لو زاد ركوعا أو سجودا مثلا فإنه عمل كثير غير مفسد لكونه منها غير أنه يرفض لأن هذا سبيل ما دون الركعة ط
قلت والظاهر الاستغناء عن هذا القيد على تعريف العمل الكثير بما ذكره المصنف
تأمل قوله ( ولا لإصلاحها ) خرج به الوضوء والمشي لسبق الحدث فإنهما لا يفسدانها ط
قلت وينبغي أن يزاد ولا فعل لعذر احترازا عن قتل الحية أو العقرب بعمل كثير على أحد القولين كما يأتي إلا أني قال إنه لإصلاحها لأن تركه قد يؤدي إلى إفسادها
تأمل
قوله ( وفيه أقوال خمسة أصحها ما لا يشك الخ ) صححه في البدائع وتابعه الزيلعي والولوالجي
وفي المحيط أنه الأحسن
وقال الصدر الشهيد إنه الصواب
وفي الخانية والخلاصة إنه اختيار العامة
وقال في المحيط وغيره رواه الثلجي عن أصحابنا
حلية
____________________
(1/624)
القول الثاني أن ما يعمل عادة باليدين كثير وإن عمل بواحدة كالتعمم وشد السراويل وما عمل بواحدة قليل وإن عمل بهما كحل السراويل ولبس القلنسوة ونزعها إلا إذا تكرر ثلاثا متوالية وضعفه في البحر بأنه قاصر عن إفادة ما لا يعمل باليد كالمضغ والتقبيل
الثالث الحركات الثلاث المتوالية كثير وإلا فقليل
الرابع ما يكون مقصودا للفاعل بأن يفرد له مجلسا على حده
قال في التاترخانية وهذا القائل يستدل بامرأة صلت فلمسها زوجها أو قبلها بشهوة أو مص صبي ثديها وخرج اللبن تفسد صلاتها
الخامس التفويض إلى رأي المصلي فإن استكثره فكثير وإلا فقليل
قال القهستاني وهو شامل للكل وأقرب إلى قول أبي حنيفة فإنه لم يقدر في مثله بل يفوض إلى رأي المبتلى ا هـ
قال في شرح المنية ولكنه غير مضبوط وتفويض مثله إلى العوام مما لا ينبغي وأكثر الفروع أو جميعها مفرع على الأولين
والظاهر أن ثانيهما ليس خارحا عن الأول لأن ما يقام باليدين عادة يغلب ظن الناظر أنه ليس في الصلاة وكذا قول من اعتبر التكرار ثلاثا متوالية فإنه يغلب الظن بذلك فلذا اختاره جمهور المشايخ ا هـ
قوله ( ما لا يشك الخ ) أي عمل لا يشك أي بل يظن ظنا غالبا
شرح المنية
و ما بمعنى عمل والضمير في بسببه عائد إليه و الناظر فاعل يشك والمراد به من ليس له علم بشروعا لمصلي بالصلاة كما في الحلية والبحر
وفي قول الشارح من بعيد تبعا للبدائع والنهر إشارة إليه لأن القريب لا يخفى عليه الحال عادة فافهم
قوله ( وإن شك ) أي اشتبه عليه وتردد قوله ( لكنه يشكل بمسألة المس والتقبيل ) أي ما لو مس المصلية بشهوة أو قبلها بدونها فإن صلاتها تفسد ولم يوجد منها فعل كما سيأتي في الفروع مع جوابه وأصل الاستشكال لصاحب الحلية وتبعه في البحر فليس المراد صلاة المقبل والماس فإنه لا يخفى فسادها على أحد من الناس فافهم
قوله ( فلا تفسد الخ ) تفريع على أصح الأقوال خلافا لما روى مكحول عن أبي حنيفة أنه لو رفع يديه عند الركوع وعند الرفع منه تفسد لأن المفسد إنما هو العمل الكثير وهو ما يظن أن فاعله ليس في الصلاة وهذا الرفع ليس كذلك كذا في الكافي نعم يكره لأنه فعل زائد ليس من تتمات الصلاة
شرح المنية
وتسميتها تكبيرات الزوائد خلاف المصطلح لأنها في الاصطلاح تكبيرات العيدين قوله ( ويفسدها سجوده على نجس ) أي بدون حائل أصلا ولو سجد على كفه أو كمه فسد السجود لا الصلاة حتى لو أعاده على طاهر جاز كما قدمه الشارح في فصل إذا أراد الشروع لكن قدمنا هناك أن الحائل المتصل لا يعتبر حائلا لتبعيته للمصلي وإلا لزم أن لا يصح السجود معه ولو على طاهر ولزم صحة الصلاة مع القيام على نجاسة تحت خفه وتقدم تمام الكلام هناك فراجعه
قوله ( في الأصح ) وهو ظاهر الرواية كما في الحلية والبدائع والإمداد
وقال أبو يوسف إن أعاده على طاهر لا تفسد وهذا بناء على أنه بالسجود على النجس تفسد السجدة لا الصلاة عنده
وعندهما تفسد الصلاة لفساد جزئها وكونها لا تتجزى كما في شرح المنية
ذكر في السراج رواية ثانية وهي أنه لو أعاده على طاهر جاز عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر وقدمنا في فصل الشروع أن هذه رواية النوادر وأن عامة كتب الفروع والأصول على الرواية الأولى
قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر الرواية من أن وضع اليدين والركبتين في السجود غير شرط فترك وضعهما أصلا غير مفسد فكذا وضعهما على
____________________
(1/625)
نجاسة لكن قدمنا في أول باب شروط الصلاة تصحيح الفساد عن عدة كتب وفي النهر أنه المناسب لإطلاق عامة المتون
وعلله في شرح المنية بأن اتصال العضو بالنجاسة بمنزلة حملها وإن كان وضع ذلك العضو ليس بفرض وبهذا علم أن ما مشي عليه هنا تبعا للدرر ضعيف كما نبه على نوح أفندي قوله ( عند الثاني ) أي أبي يوسف
وقيل إن أبا حنيفة مع محمد
حلية قوله ( في الكل ) أي كل المسائل المذكورة من الكشف وما بعده وقيد ذلك في شرح المنية في أواخر الكلام على الشرط الثالث بما إذا كان بغير صنعه قال أما إذا حصل شيء من ذلك بصنعه فإن الصلاة تفسد في الحال عندهم كما في القنية ا هـ
ومشى عليه الشارح في باب شروط الصلاة
وفي الخانية وغيرها ما يدل على عدمه
قال في الحلية والأشبه الأول وتقدم هناك تمام الكلام على ذلك فراجعه قوله ( وصلاته على مصلي مضرب ) أي مخيط وإنما تفسد إذا كان النجس المانع في موضع قيامه أو جبهته أو في موضع يديه أو ركبتيه على ما مر
ثم هذا قول أبي يوسف
وعن محمد يجوز
ووفق بعض المشايخ بحمل الأول على كون الثوب مخيطا مضربا والثاني على كونه مخيطا فقط وهو ما كان جوانبه مخيطة دون وسطه لأنه كثوبين أسفلهما نجس وأعلاهما طاهر فلا خلاف حينئذ وصححه في المجمع
ومنهم من حقق الاختلاف فقال عند محمد يجوز كيفما كان
وعند أبي يوسف لا يجوز
وفي التجنيس الأصح أن المضرب على الخلاف ومفهومه أن الأصح في غير المضرب الجواز اتفاقا وهذا قول ثالث
وفي البدائع بعد حكايته القول الثاني وعلى هذا لو صلى على حجر الرحى أو باب أو بساط غليظ أو مكعب أعلاه طاهر وباطنه نجس عند أبي يوسف لا يجوز نظرا إلى اتحاد المحل فاستوى ظاهره وباطنه كالثوب الصفيق
وعند محمد يجوز لأنه صلى في موضع طاهر كثوب طاهر تحته ثوب نجس بخلاف الثوب الصفيق لأن الظاهر نفاذ الرطوبة إلى الوجه الآخر ا هـ
وظاهره ترجيح قول محمد وهو الأشبه
ورجح في الخانية في مسألة الثوب قول أبي يوسف بأنه أقرب إلى الاحتياط وتمامه في الحلية
وذكر في المنية وشرحها إذا كانت النجاسة على باطن اللبنة أو الآجرة وصلى على ظاهرها جاز وكذا الخشبة إن كانت غليظة بحيث يمكن أن تنشر نصفين فيما بين الوجه الذي فيه النجاسة والوجه الآخر وإلا فلا ا هـ
وذكر في الحلية أن مسألة اللبنة والآجرة على الاختلاف المار بينهما وأنه في الخانية جزم بالجواز وهو إشارة إلى اختياره وهو حسن متجه وكذا مسألة الخشبة على الاختلاف وأن الأشبه الجواز عليها مطلقا ثم أيده بأوجه فراجعه قوله ( ومبسوط على نجس الخ ) قال في المنية وإذا أصابت الأرض نجاسة ففرشها بطين أو جص فصلى عليها جاز وليس هذا كالثوب ولو فرشها بالتراب ولم يطين إن كان التراب قليلا بحيث لو استشمه يجد رائحة النجاسة لا تجوز وإلا تجوز ا هـ
قال في شرحها وكذا الثوب إذا فرش على النجاسة اليابسة فإن كان رقيقا يشف ما تحته أو توجد منه رائحة النجاسة على تقدير أن لها رائحة لا تجوز الصلاة عليه وإن كان غليظا بحيث لا يكون كذلك جازت ا هـ
ثم لا يخفى أن المراد إذا كانت النجاسة تحت قدمه أو موضع سجوده لأنه حينئذ يكون قائما أو ساجدا على النجاسة لعدم صلوح ذلك الثوب لكونه حائلا فليس المانع هو نفس وجود الرائحة حتى يعارض بأنه لو كان يقربه نجاسة يشم ريحها لا تفسد صلاته فافهم قوله ( وتحويل صدره ) أما تحويل وجهه كله أو بعضه فمكروه
____________________
(1/626)
لا مفسد على المعتمد كما سيأتي في المكروهات قوله ( بغير عذر ) قال في البحر في باب شروط الصلاة والحاصل أن المذهب أنه إذا حول صدره فسدت وإن كان في المسجد إذا كان من غير عذر كما عليه عامة الكتب ا هـ
وأطلقه فشمل ما لو قل أو كثر وهذا لو باختياره وإلا فإن لبث مقدار ركن فسدت وإلا فلا كما في شر المنية من فصل المكروهات قوله ( فلو ظن حدثه الخ ) محترز قوله بغير عذر قوله ( لا تفسد ) أي عند أبي حنيفة
شرح المنية وقوله وبعده فسدت أي بالاتفاق لأن اختلاف المكان مبطل إلا لعذر والمسجد مع تباين أكنافه وتنائي أطرافه كمكان واحد فلا تفسد ما دام فيه إلا إذا كان إماما واستخلف مكانه آخر ثم علم أنه لم يحدث فتفسد وإن لم يخرج من المسجد لأن الاستخلاف في غير موضعه مناف كالخروج من المسجد وإنما يجوز عند العذر ولم يوجد وكذا لو ظن أنه افتتح بلا وضوء فانصرف ثم علم أنه كان متوضئا تفسد وإن لم يخرج منه لأن انصرافه على سبيل الرفض ومكان الصفوف في الصحراء له حكم المسجد وتمامه في شرح المنية في آخر الشرط الرابع وتقدم في الباب السابق
تنبيه ذكر في المنية في باب المفسدات أن لو استدبر القبلة على ظن الحدث ثم تبين خلافه فسدت وإن لم يخرج من المسجد وعلله في شرحها بأن استدباره وقع لغير ضرورة إصلاح الصلاة فكان مفسدا ا هـ
وهو مخالف لما مر عن عامة الكتب إلا أن يحمل على قولهما أو على الإمام المستخلف
تأمل قوله ( وإن كثر ) أي وإن مشى قدر صفوف كثيرة على هذه الحالة وهو مستدرك بقوله وهكذا
قوله ( منا لم يختلف المكان ) أي بأن خرج من المسجد أو تجاوز الصفوف لو الصلاة في الصحراء فحينئذ تفسد كما لو مشى قدر صفين دفعة واحدة
قال في شرح المنية وهذا بناء على أن الفعل القليل غير مفسد ما لم يتكرر متواليا وعلى أن اختلاف المكان مبطل ما لم يكن لإصلاحها وهذا إذا كان قدامه صفوف أما إن كان إماما فجاوز موضع سجوده فإن بقدر ما بينه وبين الصف الذي يليه لا تفسد وإن أكثر فسدت وإن كان منفردا فالمعتبر موضع سجوده فإن جاوزه فسدت وإلا فلا والبيت للمرأة كالمسجد عند أبي علي النسفي وكالصحراء عند غيره ا هـ
مطلب في المشي في الصلاة قوله ( وقيل لا تفسد حالة العذر ) أي وإن كثر واختلف المكان لما في الحلية عن الذخيرة أنه روي أن أبا برزة رضي الله عنه صلى ركعتي آخذا بقياد فرسه ثم انسل من يده فمضى الفرس على القبلة فتبعه حتى أخذ بقياده ثم رجع ناكصا على عقبيه حتى صلى الركعتين الباقيتين قال محمد في السير الكبير وبهذا نأخذ ثم ليس في هذا الحديث فصل بين المشي القليل والكثير جهة القبلة فمن المشايخ من أخذ بظاهره ولم يقل بالفساد قل
____________________
(1/627)
أو كثر استحسانا والقياس الفساد إذا كثر والحديث خص حالة العذر فيعمل بالقياس في غيرها
وحكى الإمام السعدي عن أستاذه الجواز فيما إذا مشى مستقبلا وكان غازيا وكذا الحاج وكل مسافر سفره عبادة
وبعض المشايخ أولوا الحديث
ثم اختلفوا في تأويله فقيل تأويله إذا لم يجاوز الصفوف أو موضع سجوده وإلا فسدت وقيل إذا لم يكن متلاحقا بل خطوة ثم خطوة فلو متلاحقا تفسد إن لم يستدبر القبلة لأنه عمل كثير وقيل تأويله إذا مشى مقدار ما بين الصفين كما قالوا فيمن رأى فرجة في الصف الأول فمشى إليها فسدها فإن كان هو في الصف الثاني لم تفسد صلاته وإن كان في الصف الثالث فسدت ا هـ
ملخصا
ونص في الظهيرية على المختار أنه إذا كثر تفسد
هذا وذكر في الحلية أيضا في فصل المكروهات أن الذي تقتضيه القواعد المذهبية المستندة إلى الأدلة الشرعية ووقع به التصريح في بعض الصور الجزئية أن المشي لا يخلو إما أن يكون بلا عذر أو بعذر فالأول إن كان كثيرا متواليا تفسد وإن لم يستدبر القبلة وإن كان كثيرا عير متوال بل تفرق في ركعات أو كان قليلا فإن استدبرها فسدت صلاته للمنافي بلا ضرورة وإلا فلا يكره لما عرف أن ما أفسد كثيره كره قليله بلا ضرورة
وإن كان بعذر فإن كان للطهارة عند سبق الحدث أو في صلاة الخوف لم يفسدها ولم يكره قل أو كثر استدبر أو لا وإن كان لغير ما ذكر فإن استدبر معه فسدت قل أو كثر
وإن لم يستدبر فإن قل لم يفسد ولم يكره وإن كثيرا متلاحقا أفسد
وأما غير المتلاحق ففي كونه مفسدا أو مكروها خلاف وتأمل ا هـ
ملخصا
وقال في هذا الباب والذي يظهر أن الكثير الغير المتلاحق غير مفسد ولا مكروه إذا كان لعذر مطلقا ا هـ
قوله ( وقال الحلبي لا ) الظاهر اعتماده للتفريع عليه ط
قوله ( خطوات ) أي ومشى بسبب الدفع أو الجذب ثلاث خطوات متواليات من غير أن يملك نفسه
وفي البحر عن الظهيرية وإن جذبته الدابة حتى أزالته عن موضع سجوده تفسد ا هـ
قوله ( أو وضع عليها ) أي حمله رجل ووضعه على الدابة تفسد والظاهر أنه لكونه عملا كثيرا
تأمل
وأما لو رفعه عن مكانه ثم وضعه أو ألقاه ثم قام وقف مكانه من غير أن يتحول عن القبلة فلا تفسد كما في التاترخانية قوله ( أو أخرج من مكان الصلاة ) أي مع التحويل عن القبلة كما في البحر ط
أقول لم أر ذلك في البحر وأيضا فالتحويل مفسد إذا كان قدر أداء ركن ولو كان في مكانه فالظاهر الإطلاق وأن العلة اختلاف المكان لو كان مقتديا أو كونه عملا كثيرا
تأمل قوله ( أو مص ثديها ثلاثا الخ ) هذا التفصيل مذكور في الخانية والخلاصة وهو مبني على تفسير الكثير بما اشتمل على الثلاث المتواليات وليس الاعتماد عليه
وفي المحيط إن خرج اللبن فسدت لأنه يكون إرضاعا وإلا فلا ولم يقيده بعدد وصححه في المعراج
حلية وبحر قوله ( أو مسها الخ ) حق التعبير أن يقول أو مست أو قبلت بالبناء للمجهول كنظائره السابقة لأنه معطوف على دفع الواقع صلة ل من
والمسألة ذكرها في الخلاصة بقوله لو كانت المرأة في الصلاة فجامعها زوجها تفسد صلاتها وإن لم ينزل مني وكذا لو قبلها بشهوة أو بغير شهوة أو مسها لأنه في معنى الجماع
أما لو قبلت المرأة المصلي ولم يشتهها لم تفسد صلاتها ا هـ
قوله ( والفرق الخ ) قد خفي وجه الفرق على المحقق ابن الهمام
وكذا على صاحب الحلية والبحر
وقال في شرح المنية وأشار في الخلاصة إلى الفرق بأن تقبيله في معنى الجماع يعني أن الزوج هو الفاعل للجماع فإتيانه بدواعيه
____________________
(1/628)
في معناه ولو جامعها ولو بين الفخذين تفسد صلاتها فكذا إذا قبلها مطلقا لأنه من دواعيه وكذا لو مسها بشهوة بخلاف المرأة فإنها ليست فاعلة للجماع فلا يكون إتيان دواعيه منها في معناهما لم يشته الزوج
وفي الخلاصة لو نظر إلى فرج المطلقة رجعيا بشهوة يصير مراجعا ولاتفسد صلاته في رواية هو المختار وهذا يشكل على الفرق المذكور لأنه أتى بما هو من دواعي الجماع ولذا صار مراجعا إلا أن يقال فساد الصلاة يتعلق بالدواعي التي هي فعل غير النظر والفكر
وأما النظر والفكر فلا يفسدان على ما مر لعدم إمكان التحرز عنهما بخلاف فعل سائر الجوارح ا هـ
هذا وذكر في البحر عن شرح الزاهدي أنه لو قبل المصلية لا تفسد صلاتها ومثله في الجوهرة وعليه فلا فرق قوله ( ذكره الحلبي ) عبارته مع متن المنية ولو ضرب إنسانا بيد واحدة من غير آلة أو ضربه بسوط ونحوه تفسد صلاته كذا في المحيط وغيره لأنه مخاصمة أو تأديب أو ملاعبة وهو عمل كثير على التفسير الأول الذي عليه الجمهور ا هـ
ثم قال مع المتن في محل آخر ( ولو أخذ المصلي حجرا فرمى به طائرا ) ونحوه تفسد صلاته لأنه عمل كثير ولو كان معه حجر فرمى به الطائر أو نحوه لا تفسد صلاته لأنه عمل قليل و لكن قد أساء لاشتغاله بغير الصلاة ولو رمى بالحجر الذي معه إنسانا ينبغي أن يفسد قياسا على ما إذا ضربه بسوط أو بيده لما فيه من المخاصمة على ما مر ا هـ
قلت لكن في التاترخانية عن المحيط أن هذا التفصيل خلاف ما في الأصل فإن محمدا ذكر في الأصل أن صلاته تامة ولم يفصل بين ما إذا كان الحجر في يده أو أخذه من الأرض ا هـ
وفي الحلية أن ظاهر الخانية يفيد ترجيحه فإنه ذكر الإطلاق ثم حكى التفصيل بقيل قوله ( بقي من المفسدات الخ ) قلت بقي منها أيضا محاذاة المرأة بشروطها واستخلافه من لا يصلح للإمامة وخروجه من المسجد بلا استخلاف ووقوفه بعد سبق الحدث قدر ركن وأداؤه ركنا مع حدث أو مشي وإتمام المقتدي المسبوق بالحدث صلاته في غير محل الاقتداء وكل ذلك تقدم قبل هذا الباب وكذا تقدم من ذلك تذكر فائتة لذي ترتيب ووجود المنافي بلا صنعه قبل القعدة اتفاقا وبعدها على قول الإمام في الاثني عشرية لكن بعض هذه يفسد وصف الفرضية لا أصل الصلاة كما لو قيد الخامسة بسجدة قبل القعدة الأخيرة قوله ( ارتداد بقلبه ) بأن نوى الكفر ولو بعد حين أو اعتقد ما يكون كفرا ط قوله ( وموت ) أقول تظهر ثمرته في الإمامته لو مات بعد القعدة الأخيرة بطلت صلاة المقتدين به فيلزمهم استئنافها وبطلان الصلاة بالموت بعد القعدة قد ذكره الشرنبلالي من جملة المسائل التي زادها على الاثني عشرية
ولا تظهر الثمرة في وجوب الكفارة فيما لو كان أوصى بكفارة صلواته لأن المعتبر آخر الوقت وهو لم يكن في آخر الوقت من أهل الأداء فلا تجب عليه
قال في الخانية سافر في آخر الوقت كان عليه صلاة السفر وإن لم يبق من الوقت إلا قدر ما يسع فيه بعض الصلاة ألا ترى أنه لو مات أو غمي عليه إغماء طويلا أو جن جنونا مطبقا أو حاضت المرأة في آخر الوقت يسقط كل الصلاة فإذا سافر يسقط بعض الصلاة ا هـ
فافهم
قوله ( وجنون وإغماء ) فإذا أفاق في الوقت وجب أداؤها وبعده يجب القضاء ما لم يزد الجنون والإغماء على يوم وليلة كما سيأتي في آخر صلاة المريض قوله ( وكل موجب لوضوء ) تبع فيه صاحب النهر وفيه أنه قد يكون غير مفسد كالمسبوق بالحدث كما مر فالأولى قول البحر وكل حدث عمد ط قوله ( وترك ركن بلا قضاء ) كما لو ترك
____________________
(1/629)
سجدة من ركعة وسلم قبل الإتيان بها وإطلاق القضاء على ذلك مجاز
قوله ( بلا عذر ) إما به كعدم وجود ساتر أو مطهر للنجاسة وعدم قدرة على استقبال فلا فساد ط قوله ( ومسابقة المؤتم الخ ) داخل تحت قوله وترك ركن وإنما ذكره لأنه أتى بالركن صورة ولكنه لم يعتد به لأجل المسابقة فافهم قوله ( كأن ركع الخ ) هنا خمس صور وهي ما لو ركع وسجد قبله في كل الركعات فيلزمه قضاء ركعة بلا قراءة ولو ركع معه وسجد قبله لزمه ركعتان ولو ركع قبله وسجد معه يقضي أربعا بلا قراءة ولو ركع وسجد بعده صح وكذا لو قبله وأدركه الإمام فيهما لكنه يكره وبيانه في الإمداد وقدمناه في أواخر باب الإمامة قوله ( وسلم مع الإمام ) قيد به لأنه قبل السلام ونحوه من كل ما ينافي الصلاة لا يظهر الفساد لعدم تحقق الترك فافهم قوله ( بعد تأكد انفراده ) وذلك بأن قام إلى قضاء ما فاته بعد سلام الإمام أو قبله بعد قعوده قدر التشهد وقيد ركعته بسجدة فإذا تذكر الإمام سجود سهو فتابعه فسدت صلاته قوله ( فتجب متابعته ) فلو لم يتابعه جازت صلاته
لأن ترك المتابعة في السجود الواجب لا يفسد ويسجد للسهو بعد الفراغ من قضائه قوله ( وعدم إعادته الجلوس ) يرجع إلى ترك الركن وعدم إعادة ركن أداه نائما يرجع إلى ترك الشرط وهو الاختيار ط
قوله ( وقهقهة إمام المسبوق ) أي إذا قهقه الإمام بعد قعوده قدر التشهد تمت صلاته وصلاة المدرك خلفه وفسدت صلاة المسبوق خلفه لوقوع المفسد قبل تمام أركانه إلا إذا قام قبل سلام إمامه وقيد الركعة بسجدة لتأكد انفراده كما مر في الباب السابق قوله ( في التكبير ) أي تكبير الانتقالا أما تكبير الإحرام فلا يصح الشروع به والفساد يترتب على صحة الشروع فافهم
قوله ( كما مر ) أي في باب صفة الصلاة ح
قوله ( بالألحان ) أي بالنغمات وحاصلها كما في الفتح إشباع الحركات لمراعاة النغم قوله ( إن غير المعنى ) كما لو قرأ
الحمد لله رب العالمين
وأشبع الحركات حتى أتى بواو بعد الدال وبياء بعد اللام والهاء وبألف بعد الراء ومثله قول المبلغ رابنا لك الحامد بألف بعد الراء لأن الراب هو زوج الأم كما في الصحاح والقاموس وابن الزوجة يسمى ربيبا قوله ( وإلا لا الخ ) أي وإن لم يغير المعنى فلا فساد إلا في حرف مد ولين إن فحش فإنه يفسد وإن لم يغير المعنى
وحروف المد واللين هي حروف العلة الثلاثة الألف والواو والياء إذا كانت ساكنة وقبلها حركة تجانسها فلو لم تجانسها فهي حروف علة ولين لا مد
تتمة فهم مما ذكره أن القراءة بالألحان إذا لم تغير الكلمة عن وضعها ولم يحصل بها تطويل الحروف حتى لا يصير الحرف حرفين بل مجرد تحسين الصوت وتزيين القراءة لا يضر بل يستحب عندنا في الصلاة وخارجها كذا في التاترخانية
مطلب مسائل زلة القارىء قوله ( ومنها زلة القارىء ) قال في شرح المنية اعلم أن هذا الفصل من المهمات وهو مبني على قواعد ناشئة عن الاختلاف لا كما يتوهم أنه ليس له قاعدة يبيني عليها بل إذا علمت تلك القواعد علم كل فرع أنه على أي قاعدة هو مبني ومخرج وأمكن تخريج ما لم يذكر فنقول إن الخطأ إما في الإعراب أي الحركات والسكون ويدخل فيه تخفيف المشدد وقصر الممدود وعكسهما أو في الحروف بوضع حرف مكان آخر أو زيادته أو نقصه
____________________
(1/630)
أو تقديمه أو تأخيره أو في الكلمات أو في الجمل كذلك أو في الوقت ومقابله
والقاعدة عند المتقدمين أن ما غير المعنى تغييرا يكون اعتقاده كفرا يفسد في جميع ذلك سواء كان في القرآن أو لا إلا ما كان من تبديل الجمل مفصولا بوقف تام وإن لم يكن التغيير كذلك فإن لم يكن مثله في القرآن والمعنى بعيد متغير تغييرا فاحشا يفسد أيضا كهذا الغبار مكان هذا الغراب وكذا إذا لم يكن مثله في القرآن ولا معنى له كالسرائل مكان السرائر وإن كان مثله في القرآن والمعنى بعيد ولم يكن متغيرا فاحشا تفسد أيضا عند أبي حنيفة ومحمد وهو الأحوط
وقال بعض المشايخ لا تفسد لعموم البلوى وهو قول أبي يوسف وإن لم يكن مثله في القرآن ولكن لم يتغير به المعنى نحو قيامين مكان قوامين فالخلاف على العكس فالمعتبر في عدم الفساد عند عدم تغير المعنى كثيرا وجود المثل في القرآن عنده والموافقة في المعنى عندهما فهذه قواعد الأئمة المتقدمين
وأما المتأخرون كابن مقاتل وابن سلام وإسماعيل الزاهد وأبي بكر البلخي والهندواني وابن الفضل والحلواني فاتفقوا على أن الخطأ في الإعراب لا يفسد مطلقا ولو اعتقاده كفرا لأن أكثر الناس لا يميزون بين وجوه الإعراب
قال قاضيخان وما قاله المتأخرون أوسع وما قاله المتقدمون أحوط وإن كان الخطأ بإبدال حرف بحرف فإن أمكن الفصل بينهما بلا كلفة كالصاد مع الطاء بأن قرأ الطالحات مكان الصالحات فاتفقوا على أنه مفسد وإن لم يمكن إلا بمشقة كالظاء مع الضاد والصاد مع السين فأكثرهم على عدم الفساد لعموم البلوى
وبعضهم يعتبر عسر الفصل بين الحرفين وعدمه
وبعضهم قرب المخرج وعدمه ولكن الفروع غير منضبطة على شيء من ذلك فالأولى الاخذ فيه بقول المتقدمين لانضباط قواعدهم وكون قولهم أحوط وأكثر الفروع المذكورة في الفتاوى منزلة عليه ا هـ
ونحوه في الفتح وسيأتي تمامه قوله ( فلو في إعراب ) ككسر قواما مكان فتحها وفتح باء نعبد مكان ضمها ومثال ما يغير { إنما يخشى الله من عباده العلماء } فاطر 28 بضم هاء الجلالة وفتح همزة العلماء وهو مفسد عند المتقدمين
واختلف المتأخرون فذهب ابن مقاتل ومن معه إلى أنه لا يفسد والأول أحوط وهذا أوسع كذا في زاد الفقير لابن الهمام وكذا { وعصى آدم ربه } طه 121 بنصب الأول ورفع الثاني يفسد عند العامة وكذا { فساء مطر المنذرين } الشعراء 173 بكسر الذال وإياك نعبد بكسر الكاف و المصور بفتح الواو إلا إذا نصب الراء أو وقف عليها
وفي النوازل لا تفسد في الكل وبه يفتى
بزازية وخلاصة قوله ( أو تخفيف مشدد ) قال في البزازية إن لم يغير المعنى نحو { وقتلوا تقتيلا } الأحزاب 61 لا يفسد وإن غير نحو { برب الناس } الناس 1 { وظللنا عليهم الغمام } الأعراف 160 { إن النفس لأمارة بالسوء } يوسف 53 واختلفوا والعامة على أنه يفسد ا هـ
وفي الفتح عامة المشايخ على أن ترك المد والتشديد كالخطإ في الإعراب فلذا قال كثير بالفساد في تخفيف رب العالمين و إياك نعبد لأن إيا مخففا الشمس والأصح لا يفسد وهو لغة قليلة في إيا المشددة
وعلى قول المتأخرين لا يحتاج إلى هذا وبناء على هذا أفسدوها بمد همزة أكبر على ما تقدم ا هـ
قوله ( وعكسه ) قال في شرح المنية وحكم تشديد المخفف كحكم عكسه في الخلاف والتفصيل فلو قرأ أفعيينا بالتشديد أو اهدنا الصراط بإظهار اللام لا تفسد ا هـ
أقول وجزم في البزازية بالفساد إذا شدد فأولئك هم العادون قوله ( أو بزيادة حرف ) قال في البزازية ولو زاد حرفا لا يغير المعنى لا تفسد عندهما
وعن الثاني روايتان كما لو قرأ وانهى عن المنكر بزيادة الياء ويتعد حدوده يدخلهم نارا
____________________
(1/631)
وإن غير أفسد مثل وزرابيب مكان زاربي مبثوثة ومثانين مكان مثاني وكذا والقرآن الحكيم و { إنك لمن المرسلين } يس 3 بزيادة الواو تفسد ا هـ
أي لأنه جعل جواب القسم قسما كما في الخانية لكن في المنية وينبغي أن لا تفسد
قال في شرحها لأنه ليس بتغيير فاحش ولا يخرج عن كونه من القرآن ويصح جعله قسما
والجواب محذوف كما في { والنازعات غرقا } النازعات 1 الخ فإن جوابه محذوف ا هـ
أقول والظاهر أن مثل زرابيب ومثانين يفسد عند المتأخرين أيضا إذ لم يذكروا فيه خلافا
قوله ( أبو بوصل حرف بكلمة الخ ) قال في البزازية الصحيح أنه لا يفسد ا هـ
وفي المنية لا يفسد على قول العامة وعلى قول البعض يفسد وبعضهم فصلوا بأنه إن علم أن القرآن كيف هو إلا أنه جرى على لسانه لا تفسد وإن اعتقد أن القرآن كذلك تفسد
قال في شرحها والظاهر أن هذا الاختلاف إنما هو عند السكت على إيا ونحوها وإلا فلا ينبغي لعاقل أن يتوهم فيه الفساد ا هـ
تتمة وأما قطع بعض الكلمة عن بعض فأفتى الحلواني بأنه مفسد
وعامتهم قالوا لا يفسد لعموم البلوى في انقطاع النفس والنسيان
وعلى هذا لو فعله قصدا ينبغي أن يفسد
وبعضهم قالوا إن كان ذكر الكلمة كلها مفسدا فذكر بعضهاكذلك وإلا فلا
قال قاضيخان وهو الصحيح
والأولى الأخذ بهذا في العمد وبقول العامة في الضرورة وتمامه في شرح المنية قوله ( أو بوقف وابتداء ) قال في البزازية الابتداء إن كان لا يغير المعنى تغييرا فاحشا لا يفسد نحو الوقف على الشرط قبل الجزاء والابتداء بالجزاء وكذا بين الصفة والموصوف وإن غير المعنى نحو شهد الله أنه لا إله ثم ابتدأ بإلا هو لا يفسد عند عامة المشايخ لأن العوام لا يميزون ولو وقف على وقالت اليهود ثم ابتدأ بما بعده لا تفسد بالإجماع ا هـ
وفي شرح المنية والصحيح عدم الفساد في ذلك كله
قوله ( وإن غير المعنى به يفتى بزازية ) ظاهره أنه ذكر في البزازية في جميع ما مر وليس كذلك وإنما ذكره في الخطأ في الإعراب وقد ذكرنا لك عبارة البزازية في جميع ما مر فتدبر قوله ( إلا تشديد رب الخ ) عزاه في الخانية إلى أبي علي النسفي ثم قال وعامة المشايخ على أن ترك التشديد والمد كالخطإ في الإعراب لا يفسد في قول المتأخرين
وفي البزازية ولو ترك التشديد في إياك أو رب العالمين المختار أنه لا يفسد على قول العامة في جميع المواضع
وقدمنا عن الفتح أنه الأصح فما مشى عليه الشارح ضعيف على أنه لا وجه لذكره بعد مشيه على عدم الفساد فيما يغير المعنى إذ لا فرق
تأمل قوله ( ولو زاد كلمة ) اعلم أن الكلمة الزائدة إما أن تكون في القرآن أو لا وعلى كل إما أن تغير أو لا فإن غيرت أفسدت مطلقا نحو وعمل صالحا وكفر فلهم أجرهم ونحو وأما ثمود فهديناهم وعصيناهم وإن لم تغير فإن كان في القرآن نحو وبالوالدين إحسانا وبرا لم تفسد في قولهم وإلا نحو فاكهة ونخل وتفاح ورمان وكمثال الشارح الآتي لا تفسد
وعند أبي يوسف لأنا ليست في القرآن كذا في الفتح وغيره قوله ( أو نقص كلمة ) كذا في بعض النسخ ولم يمثل له الشارح
قال في شرح المنية وإن ترك كلمة من آية فإن لم تغير المعنى مثل وجزاء سيئة مثلها بترك سيئة الثانية لا تفسد وإن غيرت مثل فما لهم يؤمنون بترك لا فإنه يفسد عنه العامة وقيل لا والصحيح الأول قوله ( أو نقص حرفا ) اعلم أن الحرف إما أن يكون من أصول الكلمة أو لا وعلى كل إما أن يغير المعنى أو لا فإن غير نحو خلقنا بلا خاء أو جعلنا بلا جيم تفسد عند أبي حنيفة ومحمد ونحو ما خلق الذكر والأنثى بحذف الواو قبل ما خلق تفسد قالوا وعلى قول أبي يوسف لا تفسد لأن المقروء موجود في القرآن
خانية وإن لم يغير كالحذف على وجه الترخيم بشروطه الجائزة في العربية نحو يا مال في يا مالك لا يفسد إجماعا
____________________
(1/632)
مطلب إذا قرأ قوله تعالى جدك بدون ألف لا تفسد ومثله من تعالى في { تعالى جد ربنا } الجن 3 لا تفسد اتفاقا كما في شرح المنية ومثله في التاترخانية بدون حكاية الاتفاق قوله ( أو قدمه ) قال في الفتح فإن غير نحو قوسرة في { قسورة } المدثر 51 فسدت وإلا فلا عند محمد خلافا لأبي يوسف ا هـ
ومثله انفرجت بدل ( نفجرت ) قوله ( أو بدله بآخر ) هذا إما أن يكون عجزا كالألثغ وقدمنا حكمه في باب الإمامة وإما أن يكون خطأ وحينئذ فإذا لم يغير المعنى فإن كان مثله في القرآن نحو إن المسلمون لا يفسد وإلا نحو قيامين بالقسط وكمثال الشارح لا تفسد عندهما وتفسد عند أبي يوسف وإن غير فسدت عندهما وعند أبي يوسف إن لم يكن مثله في القرآن فلو قرأ أصحاب الشعير بالشين المعجمة فسدت اتفاقا وتمامه في الفتح قوله ( نحو من ثمره الخ ) لف ونشر مرتب قوله ( إلا ما يشق الخ ) قال في الخانية والخلاصة الأصل فيما إذا ذكر حرفا مكان حرف وغير المعنى إن أمكن الفصل بينهما بلا مشقة تفسد وإلا يمكن إلا بمشقة كالظاء مع الضاد المعجمتين والصاد مع السين المهملتين والطاء مع التاء قال أكثرهم لا تفسد ا هـ
وفي خزانة الأكمل قال القاضي أبو عاصم إن تعمد ذلك تفسد وإن جرى على لسانه أو لا يعرف التمييز لا تفسد وهو المختار
حلية
وفي البزازية وهو أعدل الأقاويل وهو المختار ا هـ
وفي التاترخانية عن الحاوي حكي عن الصفار أنه كان يقول الخطأ إذا دخل في الحروف لا يفسد لأن فيه بلوى عامة الناس لأنهم لا يقيمون الحروف إلا بمشقة ا هـ
وفيها إذا لم يكن بين الحرفين اتحاد المخرج ولا قربه إلا أن فيه بلوى العامة كالذال مكان الصاد أو الزاي المحض مكان الذال والظاء مكان الضاد لا تفسد عند بعض المشايخ ا هـ
قلت فينبغي على هذا عدم الفساد في إبدال الثاء سينا والقاف همزة كما هو لغة عوام زماننا فإنهم لا يميزون بنيهما ويصعب عليهم جدا كالذال مع الزاي ولا سيما على قول القاضي أبي عاصم وقول الصفار وهذا كله قول المتأخرين وقد علمت أنه أوسع وأن قول المتقدمين أحوط
قال في شرح المنية وهو الذي صححه المحققون وفرعوا عليه فاعمل بما تختار والاحتياط أولى سيما في أمر الصلاة التي هي أول ما يحاسب العبد عليها
قوله ( وكذا لو كرر كلمة الخ ) قال في الظهيرية وإن كرر الكلمة وإن لم يتغير بها المعنى لا تفسد وإن تغير نحو رب رب العالمين ومالك مالك يوم الدين
قال بعضهم لا تفسد
والصحيح أنها تفسد وهذا فصل يجب أن يتأنى فيه لأن فيه دقيقة وإنما تقع التفرقة في هذا بمعرفة المضاف والمضاف إليه ا هـ
قلت ظاهره أن الفساد منوط بمعرفة ذلك فلو كان لا يعرفه أو لم يقصد معنى الإضافة وإنما سبق لسانه إلى ذلك أو قصد مجرد تكرير الكلمة لتصحيح مخارج حروفها ينبغي عدم الفساد وكذا لو لم يقصد شيئا لأنه يحتمل الإضافة يحتمل التأكيد وعلى احتمال الإضافة يحتمل إضافة الأول إلى محذوف دل عليه ما بعده كما هو مقرر في قولهم يازيد زيد اليعملات وعند الاحتمال ينتفي الفساد لعدم تيقن الخطأ نعم لو قصد إضافة كل إلى ما يليه فلا شك في الفساد بل يكفر هذا ما ظهر لي فتأمله
قوله ( كما لو بدل الخ ) هذا على أربعة أوجه لأن الكلمة
____________________
(1/633)
التي أتى بها إما أن تغير المعنى أو لا وعلى كل فإما أن تكون في القرآن أو لا فإن غيرت أفسدت لكن اتفاقا في نحو فلعنة الله على الموحدين وعلى الصحيح في مثال الشارح لوجوده في القرآن وقيد الفساد في الفتح وغيره بما إذا لم يقف وقفا تاما أما لو وقف ثم قال لفي جنات فلا تفسد وإذا لم تغير لا تفسد لكن اتفاقا في نحو الرحمن الكريم وخلافا للثاني في نحو إن المتقين لفي بساتين على ما مر ومن هذا النوع تغيير النسب نحو مريم ابنة غيلان فتفسد اتفاقا وكذا عيسى بن لقمان لأن تعمده كفر بخلاف موسى بن لقمان كما في الفتح والله تعالى أعلم قولهما ( ولو مستفهما ) أشار به إلى نفي ما قيل إنه لو مستفهما تفسد عند محمد
قال في البحر والصحيح عدمه اتفاقا لعدم الفعل منه ولشبهة الاختلاف
قالوا ينبغي للفقيه أن لا يضع جزء تعليقه بين يديه في الصلاة لأنه ربما يقع بصره على ما فيه فيفهمه فيدخل فيه شبهة الاختلاف ا هـ أي لو تعمده لأنه محل الاختلاف قوله ( وإن كره ) أي لاشتغاله بما ليس من أعمال الصلاة وأما لو وقع عليه نظره بلا قصد وفهمه فلا يكره ط
قوله ( بموضع سجوده ) أي من موضع قدمه إلى موضع سجوده كما في الدرر وهذا مع القيود التي بعده إنما هو للإثم وإلا فالفساد منتف مطلقا قوله ( في الأصح ) هو ما اختاره شمس الأئمة وقاضيخان وصاحب الهداية واستحسنه في المحيط وصححه الزيلعي ومقابله ما صححه التمرتاشي وصاحب البدائع واختاره فخر الإسلام ورجحه في النهاية والفتح أنه قدر ما يقع بصره على المار لو صلى بخشوع أي راميا ببصره إلى موضع سجوده وأرجع في العناية الأول إلى الثاني بحمل موضع السجود على القريب منه وخالفه في البحر وصحح الأول وكتبت فيما علقته عليه عن التجنيس ما يدل على ما في العناية فراجعه
قوله ( إلى حائط القبلة ) أي من موضع قدميه إلى الحائط إن لم يكن له سترة فلو كانت لا يضر المرور وراءها على ما يأتي بيانه قوله ( في بيت ) ظاهره ولو كبيرا
وفي القهستاني وينبغي أن يدخل فيه أي في حكم المسجد الصغير الدار والبيت قوله ( ومسجد صغير ) هو أقل من ستين ذراعا وقيل من أربعين وهو المختار كما أشار إليه في الجواهر
قسهتاني قوله ( فإنه كبقعة واحدة ) أي من حيث إنه لم يجعل الفاصل فيه بقدر صفين مانعا من الاقتداء تنزيلا له منزلة مكان واحد
بخلاف المسجد الكبير فإنه جعل فيه مانعا فكذا هنا يجعل جميع ما بين يدي المصلي إلى حائط القبلة مكانا واحدا بخلاف المسجد الكبير والصحراء فإنه لو جعل كذلك لزم الحرج على المارة فاقتصر على موضع السجود هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل قوله ( ولو امرأة أوكلبا ) بيان للإطلاق وأشار به إلى الرد على الظاهرية بقولهم يقطع الصلاة مرور المرأة والكلب والحمار
وعلى أحمد في الكلب الأسود وإلى أن ما روي في ذلك منسوخ كما حققه في الحلية قوله ( أو مروره الخ ) مرفوع بالعطف على مرور مار أي لا يفسدها أيضا مروره ذلك وإن أثم المار فقوله بشرط الخ قيد للإثم كما تقدم
قال القهستاني والدكان الموضع المرتفع كالسطح والسرير وهو بالضم والتشديد في الأصل
____________________
(1/634)
فارسي معرب كما في الصحاح أو عربي من دكنت المتاع إذا نضت بعضه فوق بعض كما في المقاييس ا هـ
قوله ( بعض أعضاء المار الخ ) قال في شرح المنية لا يخفى أن ليس المراد محاذاة أعضاء المار جميع أعضاء المصلي فإنه لا يتأتى إلا إذا اتخذ مكان المرور ومكان الصلاة في العلو والتسفل بل بعض الأعضاء بعضا وهو يصدق على محاذاة رأس المار قدمي المصلي ا هـ
لكن في القهستاني ومحاذاة الأعضاء للأعضاء يستوي فيه جميع أعضاء المار هو الصحيح كما في التتمة وأعضاء المصلي كلها كما قاله بعضهم أو أكثرها كما قاله آخرون كما في الكرماني
وفيه إشعار بأنه لو حاذى أقلها أو نصفها لم يكره وفي الزاد أنه يكره إذا حاذى نصفه الأسفل النصف الأعلى من المصلي كما إذا كان المار على فرس ا هـ
تأمل
قوله ( وقيل دون السترة ) أي دون ذراع
قال في البحر وهو غلط لأنه لو كان كذلك لما كره مرور الراكب ا هـ
ومثله في الفتح قوله ( وإن أثم المار ) مبالغة على عدم الفساد لأن الإثم لا يستلزم الفساد وظاهره أنه يأثم وإن لم يكن للمصلي سترة أربعا وسنذكر ما يفيده أيضا وأنه لا إثم على المصلي لكن قال في الحلية وقد أفاد بعض الفقهاء أن هنا صورا الأولى أن يكون للمار مندوحة عن المرور بين يدي المصلي ولم يتعرض المصلي لذلك فيختص المار بالإثم إن مر
الثانية مقابلتها وهي أن يكون المصلي تعرض للمرور والمار ليس له مندوحة عن المرور فيختص المصلي بالإثم دون المار
الثالثة أن يتعرض المصلي للمرور ويكون للمار مندوحة فيأثمان أما المصلي فلتعرضه وأما المار فلمروره مع إمكان أن لا يفعل
الرابعة أن لا يتعرض المصلي ولا يكون للمار مندوحة فلا يأثم واحد منهما كذا نقله الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد رحمه الله تعالى ا هـ
قلت وظاهر كلام الحلية أن قواعد مذهبنا لا تنافيه حيث ذكره وأقره وعزا ذلك بعضهم إلى البدائع ولم أره فيها ولو كا ن فيها لم ينقله في الحلية عن الشافعية فافهم
والظاهر أن من الصورة الثانية ما لو صلى عند باب المسجد وقت إقامة الجماعة لأن للمار أن يمر على رقبته كما يأتي وأنه لو صلى في أرضه مستقبلا لطريق العامة فهو من الصورة الثالثة لأن المار مأمور بالوقوف وإن لم يجد طريقا آخر كما يظهر من إطلاق الأحاديث ما لم يكن مضطرا إلى المرور هذا إن كان المراد بالمندوحة إمكان الوقوف وإن لم يجد طريقا آخر أما إن أريد بها تيسر طريق آخر أو إمكان مروره من خلف المصلي أو بعيدا منه وبعدمها عدم ذلك فحينئذ يقال إن كان للمار مندوحة على هذا التفسير يكون ذلك من الصورة الثالثة أيضا وإلا فمن الصورة الثانية ويؤيد التفسير الأول قوله وأما المار فلمروره مع إمكان أن لا يفعل وكذا تعليلهم كراهة الصلاة في طريق العامة بأن فيه منع الناس عن المرور فإن مفاده أنه لا يجوز لهم المرور وإلا فلا منع إلا أن يراد به المنع الحسي لا الشرعي وهو الأظهر
وعليه فلو صلى في نفس طريق العامة لم تكن صلاته محترمة كمن صلى خلف فرجة الصف فلا يمنعون من المرور لتعديه فيتأمل
تنبيه ذكر في حاشية المدني لا يمنع المار داخل الكعبة وخلف المقام وحاشية المطاف لما روى أحمد وأبو داود عن المطلب بن أبي وداعة أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي مما يلي باب بني سهم والناس يمرون بين يديه
____________________
(1/635)
وليس بينهما سترة وهو محمول على الطائفين فيما يظهر لأن الطواف صلاة فصار كمن بين يديه صفوف من المصلين انتهى
ومثله في البحر العميق وحكاه عز الدين بن جماعة عن مشكلات الآثار للطحاوي ونقله المنلا رحمه الله في منسكه الكبير ونقله سنان أفندي أيضا في منسكه ا هـ
وسيأتي إن شاء الله تعالى تأييد ذلك في باب الإحرام من كتاب الحج قوله ( لحديث البزار الخ ) ذكر في الحلية أن الحديث في الصحيحين بلفظ لو يعلم المار بين يدي لمصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه قال أبو النضر أحد رواته لا أدري قال أربعين يوما أو شهرا أو سنة
قال وأخرجه البزار وقال أربعين خريفا وفي بعض روايات البخاري ماذا عليه من الإثم ا هـ
والخريف السنة سميت به باعتبار بعض الفصول قوله ( في ذلك ) لفظ في هنا للسببية قوله ( ولو ستارة ترتفع ) أي تزول بحركة رأسه إذا سجد وهذه الصورة ذكرها سعدي جلبي جوابا عن صاحب الهداية حيث اختار أن الحد موضع السجود كما مشى عليه المصنف فأورد عليه أنه مع الحائل كجدار أو أسطوانة لا يكره والحائل لا يمكن أن يكون في موضع السجود
فأجاب سعدي جلبي لأنه يجوز أن يكون ستارة معلقة إذا ركع أو سجد يحركها رأس المصلي ويزيلها من موضع سجوده ثم تعود إذا قام أو قعد ا هـ
وصورته أن تكون الستارة من ثوب أو نحوه معلقة في سقف مثلا ثم يصلي قريبا منه فإذا سجد تقع على ظهره ويكون سجوده خارجا عنها وإذا قام أو قعد سبلت على الأرض وسترته
تأمل قوله ( ولو كان فرجة الخ ) كان تامة وفرجة فاعلها
قال في القنية قام في آخر الصف في المسجد بينه وبين الصفوف مواضع خالية فللداخل أن يمر بين يديه ليصل الصفوف لأنه أسقط حرمة نفسه فلا يأثم المار بين يديه دل عليه ما ذكر في الفردوس برواية ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي أنه قال من نظر إلى فرجة في صف فليسدها بنفسه فإن لم يفعل فمر مار فليتخط على رقبته فإنه لا حرمة له أي فليتخط المار على رقبة من لم يسد الفرجة ا هـ
قلت وليس المراد بالتخطي الوطء على رقبته لأنه قد يؤدي إلى قتله ولا يجوز بل المراد أن يخطو من فوق رقبته وإذا كان له ذلك فله أن يمر من بين يديه بالأولى فافهم
ثم هذه المسألة بمنزلة الاستثناء من قوله وإن أثم المار وقد علمت التفصيل المار ويستثنى أيضا ما قدمناه من داخل الكعبة وخلف المقام وحاشية المطاف
تتمة في غريب الرواية النهر الكبير ليس بسترة وكذا الحوض الكبير والبئر سترة أراد المرور بين يدي المصلي فإن كان معه شيء يضعه بين يديه ثم يمر ويأخذه ولو مر اثنان يقوم أحدهما أمامه ويمر الآخر ويفعل الآخر هكذا يمران وإن معه دابة فمر راكبا أثم وإن نزل وتستر بالدابة ومر لم يأثم ولو مر رجلان متحاذيين فالذي يلي المصلي هو الآثم
قنية
أقول وإذا كان معه عصا لا تقف على الأرض بنفسها فأمسكها بيده ومر من خلفها هل يكفي ذلك لم أره
قوله ( ندبا ) لحديث إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة ولا يدع أحدا يمر بين يديه رواه الحاكم وأحمد وغيرهما وصرح في المنية بكراهة تركها وهي تنزيهية
والصارف للأمر عن حقيقته ما رواه أبو داود عن الفضل بن العباس
____________________
(1/636)
رأينا النبي صلى لله عليه وسلم في بادية لنا يصلي في صحراء ليس بين يديه سترة وما رواه أحمد أن ابن عباس صلى في فضاء ليس بين يديه شيء كما في الشرنبلالية قوله ( وكذا المنفرد ) أما المقتدي فسترة الإمام تكفيه كما يأتي
قوله ( نحوها ) أي من كل موضع يخاف فيه المرور قال في البحر عن الحلية إنما قيد بالصحراء لأنها المحل الذي يقع فيه المرور غالبا وإلا فالظاهر كراهة ترك السترة فيما يخاف فيه المرور أي موضع كان ا هـ قوله ( بقدر ذراع ) بيان لأقلها ط
والظاهر أن المراد به ذراع اليد كما صرح به الشافعية وهو شبران
قوله ( وغلظ أصبع ) كذا في الهداية لكن جعل في البدائع بيان الغلظ قولا ضعيفا وأنه لا اعتبار بالعرض
وظاهره أنه المذهب
بحر
ويؤيده ما رواه الحاكم وقال على شرط مسلم أنه قال يجزي من السترة قدر مؤخرة الرحل ولو بدقة شعرة ومؤخرة بضم الميم وهمزة ساكنة وكسر الخاء المعجمة العود الذي في آخر رحل البعير كما في الحلية
قوله ( بقربه ) متعلق بقوله يغرز أو بمحذوف صفة لسترة أو حال منها
قوله ( دون ثلاثة أذرع ) الأولى أن يبدل دون ب قدر لما في البحر عن الحلية السنة أن لا يزيد ما بينه وبينها على ثلاثة أذرع ط
بقي هل هذا شرط لتحصيل سنة الصلاة إلى السترة حتى لو زاد على ثلاثة أذرع تكون صلاته إلى غير سترة أم هو سنة مستقلة لم أره
قوله ( والأيمن أفضل ) صرح به الزيلعي
قوله ( ولا يكفي الوضع ) أي وضع السترة على الأرض إذا لم يكن غرزها وهذا ما اختاره في الهداية ونسبه في ( غاية البيان ) إلى أبي حنيفة ومحمد وصححه جماعة منهم قاضيخان معللا بأنه لا يفيد المقصود
بحر
قوله ( ولا الخط ) أي الخط في الأرض إذا لم يجد ما يتخذه سترة وهذا على إحدى الروايتين أنه ليس بمسنون ومشى عليه كثير من المشايخ واختاره في الهداية لأنه لا يحصل به المقصود إذ لا يظهر من بعيد
قوله ( وقيل يكفي ) أي كل من الوضع والخط أي يحصل به السنة فيسن الوضع كما نقله القدوري عن أبي يوسف ثم قيل يضعه طولا لا عرضا ليكون على مثال الغرز
ويسن الخط كما هو الرواية الثانية عن محمد لحديث أبي داود فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا وهو ضعيف لكنه يجوز العمل به في الفضائل ولذا قال ابن الهمام والسنة أولى بالاتباع مع أنه يظهر في الجملة إذ المقصود جمع الخاطر بربط الخيال به كي لا ينتشر كذا في البحر وشرح المنية
قال في الحلية وقد يعارض تضعيفه بتصحيح أحمد وابن حبان وغيرهما له
قوله ( فيخط طولا الخ ) قال في شرح المنية وقال أبو داود قالوا الخط بالطول وقالوا بالعرض مثل الهلال ا هـ
وذكر النووي أن الأول المختار ليصير شبه ظل السترة
بحر
تنبيه لم يذكروا ما إذا لم يكن معه سترة ومعه ثوب أو كتاب مثلا هل يكفي وضعه بين يديه والظاهر نعم كما يؤخذ من تعليل ابن الهمام المار آنفا وكذا لو بسط ثوبه وصلى عليه ثم المفهوم من كلامهم أنه عند إمكان الغرز لا يكفي الوضع وعند إمكان الوضع لا يكفي الخط
قوله ( ويدفعه ) أي إذا مر بين يديه ولم تكن له سترة أو كانت ومر بينه وبينها كما في الحلية والبحر ومفاده إثم المار وإن لم تكن سترة كما قدمناه
وفي التارخانية وإذا دفعه رجل آخر لا بأس به سواء كان في الصلاة أو لا
قوله ( فلو ضربه الخ ) أي إذا لم يمكن دفعه إلا بذلك لأن الشافعية صرحوا بأنه يلزم الدافع تحري الأسهل كما في دفع الصائل
قوله ( خلافا لنا الخ ) أي أن المفهوم من
____________________
(1/637)
كتب مذهبنا أن ما يقوله الشافعي خلاف قولنا فإنهم صرحوا في كتبنا بأنه رخصة والعزيمة عدم التعرض له فحيث كان رخصة يتقيد بوصف السلامة
أفاده الرحمتي
بل قولهم ولا يزاد على الإشارة صريح في أن الرخصة هي الإشارة وأن المقاتلة غير مأذون بها أصلا
وأما الأمر بها في حديث فليقاتله فإنه شيطان فهو منسوخ لما في الزيلعي عن السرخسي أن الأمر بها محمول على الابتداء حين كان العمل في الصلاة مباحا ا هـ
فإذا كانت المقاتلة غير مأذون بها عندنا كان قتله جناية يلزمه موجبها من دية أو قود فافهم
قوله ( أو جهر بقراءة ) خصه في البحر بحثا بالصلاة الجهرية وبما يجهر فيه منها وعليه فالمراد زيادة رفع الصوت عن أصل جهره والظاهر شمول السرية لأن هذا الجهر مأذون فيه فلا يكره
على أن الجهر اليسير عفو والمكروه قدر ما تجوز به الصلاة في الأصح كما في سهو البحر فإذا جهر في السرية بكلمة أو كلمتين حصل المقصود ولم يلزم المحذور
فتدبر
قوله ( أو إشارة ) أي باليد أو الرأس أو العين
بحر
قوله ( ولا يزاد عليها ) أي على الإشارة بما ذكر فلا يدرأ بأخذ الثوب ولا بالضرب الوجيع كما في القهستاني عن التمرتاشي
ويؤخذ منه فساد الصلاة لو بعمل كثير بخلاف قتل الحية على أحد القولين فيه كما يأتي
قوله ( لا بهما ) أي لا يجمع بين التسبيح والإشارة لأن بأحدهما كفاية فيكره كما في الهداية جازما به خلافا لما في الشرنبلالية فإنه تحريف لما في الهداية كما أفاده الشارح في هامش الخزائن قوله ( لا ببطن على بطن ) أي بل بظهر أصابع اليمنى على صفحة كف اليسرى كما في البحر وغيره عن غاية البيان لكن لم يظهر وجهه إذ ببطن اليمنى على ظهر اليسرى أقل عملا فكأن هذا حمل الشارح على تغيير العبارة والتنصيص على محل الكراهة وهو الضرب ببطن على بطن رحمتي
قوله ( للكل ) أي للمقتدين به كلهم وعليه فلو مر مار في قبلة الصف في المسجد الصغير لم يكره إذا كان للإمام سترة وظاهر التعميم شمول المسبوق وبه صرح القهستاني وظاهره الاكتفاء بها ولو بعد فراغ إمامه وإلا فما فائدته وقد يقال فائدته التنبيه على أنه كالمدرك لا يطلب منه نصب سترة قبل الدخول في الصلاة وإن كان يلزم أن يصير منفردا بلا سترة بعد سلام إمامه لأن العبرة لوقت الشروع وهو وقته كان مستترا بسترة إمامه
تأمل
مطلب مكروهات الصلاة قوله ( ولو عدم المرور الخ ) أي لو صلى في مكن لا يمر فيه أحد ولم تواجه الطريق لا يكره تركها لأن اتخاذها للحجاب عن المار
قال في البحر عن الحلية ويظهر أن الأولى اتخاذها في هذا الحال وإن لم يكره الترك لمقصود وآخر وهو كف بصره عما وراءها وجمع خاطره بربط الخيال ا هـ وقيدوا بقولهم ولم يواجه الطريق لأن الصلاة في نفس الطريق أي طريق العامة مكروهة بسترة وبدونها لأنه أعد للمرور فيه فلا يجوز شغله بما ليس له حق الشغل كما في المحيط
وظاهره أن الكراهة للتحريم وتمامه في
____________________
(1/638)
مطلب في الكراهة التحريمية والتنزيهية قوله ( هذه تعم التنزيهية الخ ) قال في البحر والمكروه في هذا الباب نوعان أحدهما ما يكره تحريما وهو المحمل عند إطلاقهم كما في زكاة الفتح وذكر أنه في رتبة الواجب لا يثبت إلا بما يثبت به الواجب يعني بالنهي الظني الثبوت أو الدلالة فإن الواجب يثبت بالأمر الظني الثبوت أو الدلالة
ثانيهما المكروه تنزيها ومرجعه إلى ما تركه أولى وكثيرا ما يطلقونه كما ذكره في الحلية فحينئذ إذا ذكروا مكروها فلا بد من النظر في دليله فإن كان نهيا ظنيا يحكم بكراهة التحريم إلا لصارف للنهي عن التحريم إلى الندب وإن لم يكن الدليل نهيا بل كان مفيدا للترك الغير الجازم فهي تنزيهية ا هـ
قلت ويعرف أيضا بلا دليل نهي خاص بأن تضمن ترك واجب أو ترك سنة فالأول مكروه تحريما والثاني تنزيها ولكن تتفاوت التنزيهية في الشدة والقرب من التحريمية بحسب تأكد السنة فإن مراتب الاستحباب متفاوتة كمراتب السنة والواجب والفرض فكذا أضدادها كما أفاده في شرح المنية وسيأتي في آخر المكروهات تمام ذلك قوله ( وإلا فتنزيهية ) راجع إلى قوله فإن نهيا أي وإن لم يكن نهيا بل كان مفيدا للترك الغير الجازم وإلى قوله ولا صارف أي وإن كان نهيا ولكن وجد الصارف له عن التحريم فهي فيهما تنزيهية كما علمته من عبارة البحر فافهم
قوله ( تحريما للنهي ) الأولى تأخيره عن المضاف إليه ط
قوله ( أي إرساله بلا لبس معتار ) قال في شرح المنية السدل هو الإرسال من غير لبس ضرورة أن إرسال ذيل القميص ونحوه لا يسمى سدلا ا هـ
ودخل في قوله ونحوه عذبة العمامة
وقال في البحر وفسره الكرخي بأن يجعل ثوبه على رأسه أو على كتفيه ويرسل أطرافه من جانبه إذا لم يكن عليه سراويل ا هـ
فكراهته لاحتمال كشف العورة وإن كان مع السراويل فكراهته للتشبه بأهل الكتاب فهو مكروه مطلقا وسواء كان للخيلاء أو غيره ا هـ ثم قال في البحر وظاهر كلامهم يقتضي أنه لا فرق بين أن يكون الثوب محفوظا من الوقوع أو لا فعلى هذا تكره في الطيلسان الذي يجعل على الرأس وقد صرح به في شرح الوقاية ا هـ أي إذا لم يدره على عنقه وإلا فلا سدل
قوله ( وكذا القباء بكم إلى وراء ) أي كالأقبية الرومية التي يجعل لأكمامها خروق عند أهل العضد إذا أخرج المصلي يده من الخرق وأرسل الكم إلى ورائه مثلا فإنه يكره أيضا لصدق السدل عليه لأنه إرخاء من غير لبس لأن لبس الكم يكون بإدخال اليد فيه وتمامه في شرح المنية
قوله ( كشد ) هو شيء يعتاد وضعه على الكتفين كما في البحر وذلك نحو الشال
قوله ( فلو من أحدهما لم يكره ) مخالف لما في البحر حيث ذكر في الشد أنه إذا أرسل طرفا منه على صدره وطرفا على ظهره يكره
قوله ( وخارج صلاته في الأصح ) أي إذا لم يكن للتكبر فالأصح أنه لا يكره
قال في النهر أي تحريما وإلا فمقتضى ما مر أنه يكره تنزيها ا هـ
وما مر هو قوله لأنه صنيع أهل الكتاب قال الشيخ إسماعيل وفيه بحث لأن الظاهر من كلامهم أن تخصيص أهل الكتاب بفعله معتبر فيه كونه في الصلاة فلا يظهر التشبه وكراهته خارجها ا هـ قوله ( وفي الخلاصة ) استدراك على قوله وكذا القباء الخ ح لكن قال في شرح المنية وفي الخلاصة المصلي إذا كان لابسا شقة أو فرجي ولم يدخل يديه اختلف المتأخرون في الكراهة والمختار أنه لا يكره
____________________
(1/639)
ولم يوافقه على ذلك أحد سوى البزازي
والصحيح الذي عليه قاضيخان والجمهور أنه يكره لأنه إذا لم يدخل يديه في كميه صدق عليه اسم السدل لأنه إرسال للثوب بدون أن يلبسه ا هـ
قال في الخزائن بل ذكر أبو جعفرأنه لو أدخل يديه في كميه ولم يشد وسطه أو لم يزر أزراره فهو مسيء لأنه يشبه السدل ا هـ
قلت لكن قال في الحلية فيه نظر ظاهر بعد أن يكون تحته قميص أو نحوه مما يستر البدن بل اختلف في كراهة شد وسطه إذا كان عليه قميص ونحوه ففي العتابية أنه يكره لأنه صنيع أهل الكتاب
وفي الخلاصة لا يكره ا هـ
وجزم في نور الإيضاح بعدم الكراهة
قوله ( والأحوط الثاني ) لم يظهر وجهه بل فيه كف الثوب وشغل اليدين عن السنة
تأمل رحمتي
ولذا قال في البحر ولا يخفى ما فيه ا هـ
بل الأحوط لبسه لما مر عن الجمهور من أن عدم إدخال يديه فيه مكروه
قوله ( أي رفعه ) أي سواء كان من بين يديه أو من خلفه عند الانحطاط للسجود
بحر
وحرر الخير الرملي ما يفيد أن الكراهة فيه تحريمية
قوله ( ولو التراب ) وقبل لا بأس بصونه عن التراب
بحر عن المجتبى
قوله ( كمشمر كم أو ذيل ) أي كما لو دخل في الصلاة وهو مشمر كمه أو ذيله وأشار بذلك إلى أن الكراهة لا تختص بالكف وهو في الصلاة كما أفاده في شرح المنية لكن قال في القنية واختلف فيمن صلى وقد شمر كميه لعمل كان يعمله قبل الصلاة أو هيئته ذلك ا هـ
ومثله ما لو شمر للوضوء ثم عجل لإدراك الركعة مع الإمام
وإذا دخل في الصلاة كذلك وقلنا بالكراهة فهل الأفضل إرخاء كميه فيها بعمل قليل أو تركهما لم أره والأظهر الأول بدليل قوله الآتي ولو سقطت قلنسوته فإعادتها أفضل تأمل
هذا وقيد الكراهة في الخلاصة والمنية بأن يكون رافعا كميه إلى المرفقين
وظاهره أنه لا يكره إلى ما دونهما
قال في البحر والظاهر الإطلاق لصدق كف الثوب على الكل ا هـ
ونحوه في الحلية
وكذا قال في شرح المنية الكبير إن التقييد بالمرفقين اتفاقي
قال وهذا لو شمرهما خارج الصلاة ثم شرع فيها كذلك أما لو شمر وهو فيها تفسد لأنه عمل كثير
قوله ( وعبثه ) هو فعل لغرض غير صحيح قال في النهاية وحاصله أن كل عمل هو مفيد للمصلي فلا بأس به
أصله ما روي أن النبي عرق في صلاته فسلت لعرق عن جبينه أي مسحه لأنه كان يؤذيه فكان مفيدا وفي زمن الصيف كان إذا قام من السجود نفض ثوبه يمنة أو يسرة لأنه كان مفيدا كيلا تبقى صورة فأما ما ليس بمفيد فهو العبث ا هـ
وقوله كي لا تبقى صورة يعني حكاية صورة الألية كما في الحواشي السعدية فليس نفضه للتراب فلا يرد ما في البحر عن الحلية من أنه كان يكره رفع الثوب
كي لا يتترب لا يكون نفضه من التراب عملا مفيدا
قوله ( للنهي ) وهو ما أخرجه القضاعي عنه إن الله كره لكم ثلاثا العبث في الصلاة والرفث في الصيام والضحك في لمقابر وهي كراهة تحريم كما في البحر
قوله ( إلا لحاجة ) كحك بدنه لشيء أكله وأضره وسلت عرق يؤلمه ويشغل قلبه وهذا لو بدون عمل كثير
قال في الفيض الحك بيد واحدة في ركن ثلاث مرات يفسد الصلاة إن رفع يده في كل مرة ا هـ
وفي الجوهرة عن الفتاوى اختلفوا في الحك هل الذهاب والرجوع مرة أو الذهاب مرة والرجوع أخرى
قوله ( ولا بأس به خارج صلاة ) وأما ما في الهداية من أنه حرام فقال السروجي فيه نظر لأن العبث خارجها بثوبه أو بدنه خلاف الأولى ولا يحرم والحديث قيد بكونه في الصلاة ا هـ
بحر
قوله ( وصلاته في ثياب بذلة )
____________________
(1/640)
بكسر الباء الموحدة وسكون الذال المعجمة الخدمة والابتذال وعطف المهنة عليها عطف تفسير وهي بفتح الميم وكسرها مع سكون الهاء وأنكر الأصمعي الكسر
حلية
قال في البحر وفسرها في شرح الوقاية بما يلبسه في بيته ولا يذهب به إلى الأكابر والظاهر أن الكراهة تنزيهية ا هـ
قوله ( لم يمنعه من القراءة ) قال في الحلية الأولى أن يقول بحيث يمنعه من سنة القراءة كما ذكره في الخلاصة حتى لو كان لا يخل بها لا يكره كما في البدائع ثم قول قاضيخان ولا بأس أن يصلي وفي فيه دراهم أو دنانير لا تمنعه عن القراءة يشير إلى أن الكراهة تنزيهية ا هـ
قوله ( فلو منعه ) بأن سكت أو تلفظ بألفاظ لا تكون قرآنا
شرح المنية
قوله ( للتكاسل ) أي لأجل الكسل بأن استثقل تغطيته ولم يرها أمرا مهما في الصلاة فتركها لذلك وهذا معنى قولهم تهاونا بالصلاة وليس معناه الاستخفاف بها والاحتقار لأنه كفر
شرح المنية
قال في الحلية وأصل الكسل ترك العمل لعدم الإرادة فلو لعدم القدرة فهو لعجز
مطلب في الخشوع قوله ( ولا بأس به للتذلل ) قال في شرح المنية فيه إشارة إلى أن الأولى أن لا يفعله وأن يتذلل ويخشع بقلبه فإنهما من أفعال القلب ا هـ
وتعقبه في الإمداد بما في التجنيس من أنه يستحب له ذلك لأن مبنى الصلاة على الخشوع ا هـ
قلت واختلف في أن الخشوع من أفعال القلب كالخوف أو من أفعال الجوارح كالسكون أو مجموعهما
قال في الحلية والأشبه الأول وقد حكي إجماع العارفين عليه وأن من لوازمه ظهور الذل وغض الطرف وخفض الصوت وسكون الأطراف وحينئذ فلا يبعد القول بحسن كشفه إذا كان ناشئا عن تحقيق الخشوع بالقلب ونص في الفتاوى العتابية على أنه لو فعله لعذر لا يكره وإلا ففيه التفصيل المذكور في المتن وهو حسن
وعن بعض المشايخ أنه لأجل الحرارة والتخفيف مكروه فلم يجعل الحرارة عذرا وليس ببعيد ا هـ ملخصا
قوله ( ولو سقطت قلنسوته الخ ) هي ما يلبس في الرأس كما في شرح المنية ولفظ قلنسوته ساقط من بعض النسخ المسألة ذكرها في شرح المنية فيما يفسد الصلاة عن الحجة
وفي الدرر عن التاترخانية والظاهر أن أفضلية إعادتها حيث لم يقصد بتركها التذلل على ما مر
قوله ( وصلاته مع مدافعة الأخبثين الخ ) أي البول والغائط
قال في الخزائن سواء كان بعد شروعه أو قبله فإن شغله قطعها إن لم يخف فوت الوقت وإن أتمها أثم لما رواه أبو داود لا يحل لأحد يؤمن بالله وليوم لآخر أن يصلي وهو حاقن حتى يتخفف أي مدافع البول ومثله الحاقب أي مدافع الغائط والحازق أي مدافعهما وقيل مدافع الريح ا هـ
وما ذكره من الإثم صرح به في شرح المنية وقال لأدائها مع الكراهة التحريمية
بقي ما إذا خشي فوت الجماعة ولا يجد جماعة غيرها فهل يقطعها كما يقطعها إذا رأى على ثوبه نجاسة قدرالدرهم ليغسلها أو لا كما إذا كانت النجاسة أقل الدرهم والصواب الأول لأن ترك سنة الجماعة أولى من الإتيان بالكراهة كالقطع لغسل قدر الدرهم فإنه واجب ففعله أولى من فعل السنة بخلاف غسل ما دونه فإنه مستحب فلا يترك السنة المؤكدة لأجله كذا حققه في شرح المنية
____________________
(1/641)
تنبيه ذكر في الحلية بحثا أن خوف فوت الجنازة كخوف فوت الوقت في المكتوبة وذكر أن الكراهة جارية في سائر الصلوات ولو تطوعا
قوله ( وعقص شعره الخ ) أي ضفره وفتله والمراد به أن يجعله على هامته ويشده بصمغ أو أن يلف ذوائبه حول رأسه كما يفعله النساء في بعض الأوقات أو يجمع الشعر كله من قبل القفا ويشده بخيط أو خرقة كي لا يصيب الأرض إذا سجد وجميع ذلك مكروه لم روي الطبراني أنه عليه الصلاة والسلام نهى أن يصلي الرجل ورأسه معقوص وأخرج الستة عنه أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء وأن لا أكف شعرا ولا ثوبا شرح المنية
ونقل في الحلية عن النووي أنها كراهة تنزيه ثم قال والأشبه بسياق الأحاديث أنها تحريم إلا إن ثبت على التنزيه إجماع فيتعين القول به
قوله ( أما فيها فيفسد ) لأنه عمل كثير بالإجماع شرح المنية
قوله ( للنهي ) هو ما أخرجه عبد الرزاق عن أبي ذر رضي الله عنه سألت النبي عن كل شيء حتى سألته عن مسح الحصا فقال واحدة أو دع وروى الستة عن معيقيب أنه عليه الصلاة والسلام قال لا تمسح الحصا وأنت تصلي فإن كنت ولا بد فاعلا فواحدة شرح المنية
قوله ( إلا لسجوده التام الخ ) بأن كان لا يمكنه تمكين جبهته على وجه السنة إلا بذلك وقيد بالتام لأنه لو كان لا يمكنه وضع القدر الواجب من الجبهة إلا به تعين ولو أكثر من مرة
مطلب إذا تردد الحكم بين سنة وبدعة كان ترك السنة أولى قوله ( وتركها أولى ) لأنه إذا تردد الحكم بين سنة وبدعة كان ترك السنة راجحا على فعل البدعة مع أنه كان يمكنه التسوية قبل الشروع في الصلاة
بحر
قوله ( وفرقعة الأصابع ) هو غمزها أو مدها حتى تصوت وتشبيكها هو أن يدخل أصابع إحدى يديه بين أصابع الأخرى
بحر
قوله ( للنهي ) هو ما رواه ابن ماجه مرفوعا لا تفرقع أصابعك وأنت تصلي وروي في المجتبى حديثا أنه نهى أن يفرقع الرجل أصابعه وهو جالس في المسجد ينتظر الصلاة وفي رواية وهو يمشي إليها وروى أحمد وأبو داود وغيرهما مرفوعا إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى لمسجد فلا يشبك بين يديه فإنه في صلاة ونقل في المعراج الإجماع على كراهة الفرقعة والتشبيك في الصلاة
وينبغي أن تكون تحريمية للنهي المذكور
حلية وبحر
قوله ( ولا يكره خارجها لحاجة ) المراد بخارجها ما ليس من توابعها لأن السعي إليها والجلوس في المسجد لأجلها في حكمها كما مر لحديث الصحيحين لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه وأراد بالحاجة نحو إراحة الأصابع فلو لدون حاجة بل على سبيل العبث كره تنزيها والكراهة في الفرقعة خارجها منصوص عليها وأما التشبيك فقال في الحلية لم أقف لمشايخنا فيه على شيء والظاهر أنه لو لغير عبث بل لغرض صحيح ولو لإراحة الأصابع لا يكره فقد صح عنه أنه قال لمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك أصابعه فإنه لإفادة تمثيل المعنى وهو التعاضد والتناصر بهذه الصورة الحسية
قوله ( والتخصر الخ ) لما في الصحيحين وغيرهما نهى رسول الله عن الخصر في الصلاة وفي رواية عن الاختصار وفي أخرى عن أن يصلي الرجل مختصرا وفيه تأويلات أشهرها ما ذكره الشارح وتمامه في شرح المنية والبحر
قال في البحر والذي يظهر أن الكراهة
____________________
(1/642)
تحريمية في الصلاة للنهي المذكور ا هـ
ولأن فيه ترك سنة الوضع كما في الهداية لكن العلة الثانية لا تقتضي كراهة التحريم نعم تقتضي كراهة وضع اليد على عضو آخر غير الخاصرة
قوله ( للنهي ) هو ما رواه الترمذي وصححه عن أنس عن النبي إياك ولالتفات في لصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة فإن كان لا بد ففي التطوع لا في الفريضة وروى البخاري أنه قال هو ختلاس يختلسه الشيطان من صلاة لعبد
وقيده في الغاية بأن يكون لغير عذر وينبغي أن تكون تحريمية كما هو ظاهر الأحاديث
بحر
قوله ( وببصره يكره تنزيها ) أي من غير تحويل الوجه أصلا
وفي الزيلعي وشرح الملتقى للباقاني أنه مباح لأنه كان يلاحظ أصحابه في صلاته بموق عينيه ا هـ
ولا ينافي ما هنا بحمله على عدم الحاجة أو أراد بالمباح ما ليس بمحظور شرعا وخلاف الأولى غير محظور
تأمل
قوله ( وبصدره تفسد ) أي إذا كان بغير عذر كما مر بيانه في مفسدات الصلاة
قوله ( وقيل الخ ) قاله في الخلاصة أيضا
والأشبه ما في عامة الكتب من أنه مكروه لا مفسد وقيد عدم الفساد به في المنية والذخيرة بما إذا استقبل من ساعته قال في البحر وكأنه جمع بين ما في الفتاوى وما في عامة الكتب بحمل الأول على ما إذا لم يستقبل من ساعته والثاني على ما إذا استقبل من ساعته وكأنه ناظر إلى أن الأول عمل كثير والثاني قليل وهو بعيد فإن الاستدامة على هذا القليل لا تجعله كثيرا وإنما كثيره تحويل صدره ا هـ
أقول يظهر لي أنه إذا أطال التفاته بجميع وجهه يمنة أو يسرة ورآه راء من بعيد لا يشك أنه ليس في الصلاة
تأمل
قوله ( وإقعاؤه الخ ) قال في النهر لنهيه عن إقعاء الكلب وفسره الطحاوي بأن يقعد على أليتيه وينصب فخذيه ويضم ركبتيه إلى صدره واضعا يديه على الأرض والكرخي بأن ينصب قدميه ويقعد على عقبيه ويضع يديه على الأرض
والأصح الذي عليه العامة هو الأول أي كون هذا هو المراد بالحديث لا أن ما قاله الكرخي غير مكروه وكذا في الفتح
قال في البحر وينبغي أن تكون الكراهة تحريمية على الأول تنزيهية على الثاني
أقول إنما كانت تنزيهية على الثاني بناء على أن هذا الفعل ليس بإقعاء وإنما الكراهة بترك الجلسة المسنونة لما علل به في البدائع ولو فسر الإقعاء بقول الكرخي تعاكست الأحكام ا هـ كلام النهر
والحاصل أن الإقعاء مكروه لشيئين للنهي عنه ولأن فيه ترك الجلسة المسنونة فإن فسر بما قاله الطحاوي وهو الأصح كان مكروها تحريما لوجود النهي عنه بخصوصه وكان بالمعنى الذي قاله الكرخي مكروها تنزيها لترك الجلسة المسنونة لا تحريما لعدم النهي عنه بخصوصه وإن فسر بما قاله الكرخي انعكس الحكم المذكور
قلت وفي المغرب بعد ما فسره بما مر عن الطحاوي قال وتفسير الفقهاء أن يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين وهو عقب الشيطان ا هـ
وعزاه في البدائع إلى الكرخي وقال وهو عقب الشيطان الذي نهى عنه في الحديث ا هـ أي فيما أخرجه مسلم عن عائشة أنه كان ينهى عن عقب الشيطان وأن يفترش الرجل ذراعيه فتراش لسبع
وفي رواية عن عقبة لشيطان بضم فسكون وهو مكروه أيضا كما في الحلية وغيرها
وقال العلامة قاسم في فتاواه وأما نصب القدمين والجلوس على العقبين فمكروه في جميع الجلسات بلا خلاف نعرفه إلا ما ذكره
____________________
(1/643)
النووي عن الشافعي في قول له إنه يستحب بين السجدتين
قوله ( وافتراش الرجل ذراعيه الخ ) أي بسطهما في حالة السجود وقيد بالرجل اتباعا للحديث المار آنفا ولأن المرأة تفترش
قال في البحر قيل وإنما نهى عن ذلك لأنها صفة الكسلان والتهاون بحاله مع ما فيه من التشبه بالسباع والكلاب
والظاهر أنها تحريمية للنهي المذكور من غير صارف ا هـ
قوله ( وصلاته إلى وجه إنسان ) ففي صحيح البخاري وكره عثمان رضي الله تعالى عنه أن يستقبل الرجل وهو يصلي وحكاه القاضي عياض عن عامة العلماء وتمامه في الحلية
وقال في شرح المنية وهو محمل ما رواه البزار على أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى رجلا يصلي إلى رجل فأمره أن يعيد الصلاة ويكون الأمر بالإعادة لإزالة الكراهة لأنه الحكم في كل صلاة أديت مع الكراهة وليس للفساد ا هـ
والظاهر أنها كراهة تحريم لما ذكر ولما في الحلية عن أبي يوسف قال إن كان جاهلا علمته وإن كان عالما أدبته ا هـ
ولأنه يشبه عبادة الصورة
قوله ( ككراهة استقباله ) الضمير للمصلي وهو من إضافة المصدر إلى مفعوله ط
قوله ( ولو بعيدا ولا حائل ) قال في شرح المنية ولو كان بينهما ثالث ظهره إلى وجه المصلي لا يكره لانتفاء سبب الكراهة وهوالتشبه بعبادة الصورة ا هـ
وظاهره عدم الكراهة ولو كانت تقع المواجهة في حالة القيام لما في النهر والحلية واستظهره في الحلية بأن القاعد يكون سترة للمصلي بحيث لا يكره المرور وراءه فكذا هنا يكون حائلا
قلت لكن في الذخيرة نقل قول محمد في الأصل وإن شاء الإمام استقبل الناس بوجهه إذا لم يكن بحذائه رجل يصلي ثم قال ولم يفصل أي محمد بين ما إذا كان المصلي في الصف الأول أو الأخير وهذا هو ظاهر المذهب لأنه إذا كان وجهه مقابل وجه الإمام في حالة قيامه يكره ولو بينهما صفوف ا هـ
ثم رأيت الخير الرملي أجاب بما لا يدفع الإيراد
والأظهر أن ما مر عن شرح المنية مبني على خلاف ظاهر الرواية فتأمل
قوله ( لما مر ) أي في مفسدات الصلاة وقدمنا أن الكراهة فيه تنزيهية
قوله ( وإجابته برأسه ) قال في الإمداد وبه ورد الأثر عن عائشة رضي الله عنها وكذا في تكليم الرجل المصلي قال تعالى { فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب } وهل يجيب السلام بعد السلام من الصلاة ذكر الخطابي والطحاوي أن النبي رد على ابن مسعود بعد فراغه من الصلاة كذا في مجمع الروايات ا هـ
قوله ( أما لو قيل الخ ) هو ما وعد به فيما تقدم قبيل قوله وفتحه على إمامه وقدمنا هناك ضعفه عن الشرنبلالية ح
قوله ( خلافا لما مر عن البحر ) أي في باب الإمامة وقدمنا الكلام عليه هناك فراجعه
قوله ( لترك الجلسة المسنونة ) علة لكونه مكروها تنزيها إذ ليس فيه نهي خاص ليكون تحريما
بحر
قوله ( بغير عذر ) أما به فلا لأن الواجب يترك مع العذر فالسنة أولى
وعليه يحمل ما في صحيح ابن حبان من صلاته عليه الصلاة والسلام متربعا أو تعليما للجواز
بحر
قوله ( لأنه عليه الصلاة والسلام الخ ) نقله في شرح المنية عن ابن الهمام
وفي البحرعن صاحب الكنز وغيره ورد به على ما قيل في وجه الكراهة إنه فعل الجبابرة نعم في شرح المنية أن الجلوس على الركبتين أولى لأنه أقرب إلى التواضع
تأمل
____________________
(1/644)
قوله ( والتثاؤب ) في المصباح التثاؤب بالمد وبالواو عامي
وفي مختار الصحاح تثاءبت بالمد ولا تقل تثاوبت وهو كما في الحلية والبحر التنفس الذي ينفتح منه الفم لدفع البخارات المنفخة في عضلات الفلك وهو ينشأ من امتلاء المعدة وثقل البدن ا هـ
قلت ولهذا السبب كان من الشيطان كما في حديث الصحيحين أنه قال لتثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما ستطاع وفي رواية لمسلم فليمسك بيده على فيه فإن الشيطان يدخله وألحق باليد الكم وهذا إذا لم يمكنه كظمه أي رده وحبسه فقد صرح في الخلاصة بأنه إن أمكنه عند التثاؤب أن يأخذ شفته بسنه فلم يفعل وغطى فاه بيده أو بثوبه يكره كذا روي عن أبي حنيفة
قال في البحر ووجهه أن تغطية الفم منهي عنها كما رواه أبو داود وغيره وإنما أبيحت للضرورة ولا ضرورة إذا أمكنه الدفع ثم في المجتبى يغطي فاه بيمينه وقيل بيمينه في القيام وفي غيره بيساره ا هـ
قلت ووجه القيل أظهر لأنه لدفع الشيطان كما مر فهو كإزالة الخبث وهي باليسار أولى لكن في حالة القيام لما كان يلزم من دفعه باليسار كثرة العمل بتحريك اليدين كانت اليمنى أولى وقدمنا في آداب الصلاة عن الضياء أنه بظهر اليسرى
وفي الحلية عن بعضهم أنه مخير بينهما وأنه إن سد باليمنى يخير فيه بظاهرها أو باطنها وإن باليسرى فبظاهرها ا هـ
ولم أر من تعرض للكراهة هنا هل هي تحريمية أو تنزيهية إلا أنه تقدم في آداب الصلاة أنه يندب كظم فمه عند التثاؤب وحينئذ فترك الكظم مندوب وأما التثاؤب نفسه فإن نشأ من طبيعته بلا صنعه فلا بأس وإن تعمده ينبغي أن يكره تحريما لأنه عبث وقد مر أن العبث مكروه تحريما في الصلاة وتنزيها خارجها
قوله ( ولو خارجها ) أي لإطلاق الحديث المار وتقييده في بعض الروايات بالصلاة لكون الكراهة فيها أشد فلا تنافي بينهما
تأمل
قوله ( والأنبياء محفوظون منه ) قدمنا في آداب الصلاة أن إخطار ذلك بباله مجرب في دفع التثاؤب
قوله ( للنهي ) أي في حديث إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه رواه ابن عدي إلا أن في سنده من ضعف وعلل في البدائع بأن السنة أن يرمي ببصره إلى موضع سجوده وفي التغميض تركها
ثم الظاهر أن الكراهة تنزيهية كذا في الحلية والبحر وكأنه لأن علة النهي ما مر عن البدائع وهي الصارف له عن التحريم قوله ( إلا لكمال الخشوع ) بأن فات فوت الخشوع بسبب رؤية ما يفرق الخاطر فلا يكره بل قال بعض العلماء إنه الأولى وليس ببعيد
حلية وبحر
قوله ( لأن العبرة للقدم ) ولهذا تشترط طهارة مكانه رواية واحدة بخلاف مكان السجود إذ فيه روايتان وكذا لو حلف لا يدخل دار فلان يحنث بوضع القدمين وإن كان باقي بدنه خارجها والصيد إذا كان رجلاه في الحرم ورأسه خارجه فهو صيد الحرم ففيه الجزاء
بحر
قوله ( مطلقا ) راجع إلى قوله وقيام الإمام في المحراب وفسر الإطلاق بما بعده وكذا سواء كان المحراب من المسجد كما هو العادة المستمرة أو لا كما في البحر
قوله ( إن علل بالتشبه الخ ) قيد للكراهة
وحاصله أنه صرح محمد في الجامع الصغير بالكراهة ولم يفصل فاختلف المشايخ في سببها فقيل كونه يصير ممتازا عنهم في المكان لأن المحراب في معنى بيت آخر وذلك صنيع أهل الكتاب واقتصر عليه في الهداية
____________________
(1/645)
واختاره الإمام السرخسي وقال إنه الأوجه وقيل اشتباه حاله على من في يمينه ويساره
فعلى الأول يكره مطلقا وعلى الثاني لا يكره عند عدم الاشتباه
وأيد الثاني في الفتح بأن امتياز الإمام في المكان مطلوب وتقدمه واجب وغايته اتفاق الملتين في ذلك وارتضاه في الحلية وأيده لكن نازعه في البحر بأن مقتضى ظاهر الرواية الكراهة مطلقا وبأن امتياز الإمام المطلوب حاصل بتقدمه بلا وقوف في مكان آخر ولهذا قال في الولوالجية وغيرها إذا لم يضق المسجد بمن خلف الإمام لا ينبغي له ذلك لأنه يشبه تباين المكانين انتهى
يعني وحقيقة اختلاف المكان تمنع الجواز فشبهة الاختلاف توجب الكراهة والمحراب وإن كان من المسجد فصورته وهيئته اقتضت شبهة الاختلاف ا هـ ملخصا
قلت أي لأن المحراب إنما بني علامة لمحل قيام الإمام ليكون قيامه وسط الصف كما هو السنة لا لأن يقوم في داخله فهو وإن كان من بقاع المسجد لكن أشبه مكانا آخر فأورث الكراهة ولا يخفى حسن هذا الكلام فافهم لكن تقدم أن التشبه إنما يكره في المذموم وفيما قصد به التشبه لا مطلقا ولعل هذا من المذموم
تأمل
هذا وفي حاشية البحر للرملي الذي يظهر من كلامهم أنها كراهة تنزيه
تأمل ا هـ
تنبيه في معراج الدراية من باب الإمامة الأصح ما روي عن أبي حنيفة أنه قال أكره للإمام أن يقوم بين الساريتين أو زاوية أو ناحية المسجد أو إلى سارية لأنه بخلاف عمل الأمة ا هـ
وفيه أيضا السنة أن يقوم الإمام إزاء وسط الصف ألا ترى أن المحاريب ما نصبت إلا وسط المساجد وهي قد عينت لمقام الإمام ا هـ
وفي التاترخانية ويكره أن يقوم في غير المحراب إلا لضرورة ا هـ
ومقتضاه أن الإمام لو ترك المحراب وقام في غيره يكره ولو كان قيامه وسط الصف لأنه خلاف عمل الأمة وهو ظاهر في الإمام الراتب دون غيره والمنفرد فاغتنم هذه الفائدة فإنه وقع السؤال عنها ولم يوجد نص فيها
قوله ( للنهي ) وهو ما أخرجه الحاكم أنه نهى أن يقوم الإمام فوق ويبقى الناس خلفه وعللوه بأنه تشبه بأهل الكتاب فإنهم يتخذون لإمامهم دكانا
بحر
وهذا التعليل يقضي أنها تنزيهية والحديث يقتضي أنها تحريمية إلا أن يوجد صارف
تأمل رملي
قلت لعل الصارف تعليل النهي بما ذكر
تأمل
قوله ( وقيل الخ ) هو ظاهر الرواية كما في البدائع
قال في البحر والحاصل أن التصحيح قد اختلف والأولى العمل بظاهر الرواية وإطلاق الحديث ا هـ
وكذا رجحه في الحلية
قوله ( في الأصح ) وهو ظاهر الرواية لأنه وإن لم يكن فيه تشبه بأهل الكتاب لكن فيه ازدراء بالإمام حيث ارتفع كل الجماعة فوقه أفاده في شرح المنية وكأن الشارح أخذ التصحيح تبعا للدرر من قول البدائع جواب ظاهر الرواية أقرب إلى الصواب ومقابله قول الطحاوي بعدم الكراهة لعدم التشبه ومشى عليه في الخانية قائلا وعليه عامة المشايخ قال ط ولعل الكراهة تنزيهية لأن النهي ورد في الأول فقط
قوله ( وهذا كله ) أي الكراهة في المسائل الثلاث لا كما يتوهم من ظاهر كلام المصنف من قوله عند عدم العذر قيد لقوله وكره عكسه فقط فافهم
قوله ( كجمعة وعيد ) مثال للعذر وهو على تقدير مضاف أي كزحمة جمعة وعيد
قوله ( فلو قاموا الخ ) تفريع على عدم الكراهة عند العذر في جمعة وعيد
قال في المعراج وذكر شيخ الإسلام إنما يكره هذا إذا لم يكن من عذر أما إذا كان فلا يكره كما في الجمعة إذا كان القوم على الرف وبعضهم على الأرض لضيق المكان
وحكى
____________________
(1/646)
الحلواني عن أبي الليث لا يكره قيام الإمام في الطاق عند الضرورة بأن ضاق المسجد على القوم ا هـ
وبه علم أن قوله والإمام على الأرض أي ومعه بعض القوم
قوله ( كما لو كان الخ ) محترز قوله وانفراد الإمام على الدكان قال في البحر قيد الانفراد لأنه لو كان بعض القوم مع الإمام قيل يكره والأصح لا وبه جرت العادة في جوامع المسلمين في أغلب الأمصار كذا في المحيط ا هـ
وظاهره أنه لا يكره ولو بلا عذر وإلا كان داخلا فيما قبله
تأمل
قوله ( ومن العذر الخ ) أي في الانفراد في مكان مرتفع وهذا حكاه في البحر تبعا للحلية مذهبا للشافعي وأنه قيل إنه رواية عن أبي حنيفة
قلت لكن في المعراج ما نصه وبقولنا قال الشافعي رحمه الله تعالى إلا إذا أراد الإمام تعليم القوم أفعال الصلاة أو أراد المأموم تبليغ القوم فحينئذ لا يكره عندنا ا هـ
وبه علم أنه كما يكره انفراد الإمام في مكان عال بلا عذر يكره انفراد المأموم وإن وجدت طائفة مع الإمام فافهم
قوله ( وقدمنا الخ ) أي في باب الإمامة عند قوله ويصف الرجال حيث قال ولو صلى على رفوف المسجد إن وجد في صحنه مكانا كره كقيامه في صف خلف صف فيه فرجة ا هـ
ولعله يشير بذلك إلى أنه لولا العذر المذكور كان انفراد المأموم مكروها
قوله ( لكن قالوا الخ ) القائل صاحب القنية فإنه عزا إلى بعض الكتب أتى جماعة ولم يجد في الصف فرجة قيل يقوم وحده ويعذر وقيل يجذب واحدا من الصف إلى نفسه فيقف بجنبه
والأصح ما روى هشام عن محمد أنه ينتظر إلى الركوع فإن جاء رجل وإلا جذب إليه رجلا أو دخل في الصف ثم قال في القنية والقيام وحده أولى في زماننا لغلبة الجهل على العوام فإذا جره تفسد صلاته ا هـ
قال في الخزائن قلت وينبغي التفويض إلى رأي المبتلى فإن رأى من لا يتأذى لدين أو صداقة زاحمه أو عالما جذبه وإلا انفرد ا هـ
قلت وهو توفيق حسن اختاره ابن وهبان في شرح منظومته
قوله ( فلذا قال الخ ) أي فلم يذكر الجذب لما مر
قوله ( ولبس ثوب فيه تماثيل ) عدل عن قول غيره تصاوير لما في المغرب الصورة عام في ذي الروح وغيره والتمثال خاص بمثال ذي الروح ويأتي أن غير ذي الروح لا يكره
قال القهستاني وفيه إشعار بأنه لا تكره صورة الرأس وفيه خلاف كما في اتخاذها كذا في المحيط
قال في البحر وفي الخلاصة وتكره التصاوير على الثوب صلى فيه أو لا انتهى وهذه الكراهة تحريمية
وظاهر كلام النووي في شرح مسلم الإجماع على تحريم تصوير الحيوان وقال وسواء صنعه لما يمتهن أو لغيره فصنعته حرام بكل حال لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى وسواء كان في ثوب أو بساط أو درهم وإناء وحائط وغيرها ا هـ
فينبغي أن يكون حراما لا مكروها إن ثبت الإجماع أو قطعية الدليل بتواتره ا هـ كلام البحر ملخصا
وظاهر قوله فينبغي الاعتراض على الخلاصة في تسميته مكروها
قلت لكن مراد الخلاصة اللبس المصرح به في المتون بدليل قوله في الخلاصة بعد ما مر أما إذا كان في يده وهو يصلي لا يكره وكلام النووي في فعل التصوير ولا يلزم من حرمته حرمة الصلاة فيه بدليل أن التصوير يحرم ولو كانت الصورة صغيرة كالتي على الدرهم أو كانت في اليد أو مستترة أو مهانة مع أن الصلاة بذلك لا تحرم بل ولا تكره لأن علة حرمة التصوير المضاهاة لخلق الله تعالى وهي موجودة في كل ما ذكره
وعلة كراهة
____________________
(1/647)
الصلاة بها التشبه وهي مفقودة فيما ذكر كما يأتي فاغتنم هذا التحرير
قوله ( فوق رأسه ) أي في السقف
معراج
قوله ( تمثال ) أي مرسوم في جدار أو غيره أو موضوع أو معلق كما في المنية وشرحها
أقول والظاهر أنه يلحق به الصليب وإن لم يكن تمثال ذي روح لأن فيه تشبها بالنصارى
ويكره التشبه بهم في المذموم وإن لم يقصده كما مر
قوله ( منصوبة ) أي بحيث لا توطأ ولا يتكأ عليها قال في الهداية ولو كانت الصورة على وسادة ملقاة أو على بساط مفروش لا يكره لأنها تداس وتوطأ بخلاف ما إذا كانت الوسادة منصوبة أو كانت على الستر لأنها تعظيم لها
قوله ( والأظهر الكراهة ) لكنها فيه أيسر لأنه لا تعظيم فيه ولا تشبه
معراج
وفي البحر قالوا وأشدها كراهة ما يكون على القبلة أمام المصلي ثم ما يكون فوق رأسه ثم ما يكون عن يمينه ويساره على الحائط ثم ما يكون خلفه على الحائط أو الستر ا هـ
قلت وكأن عدم التعظيم في التي خلفه وإن كانت على حائط أو ستر أن في استدبارها استهانة لها فيعارض ما في تعليقها من التعظيم بخلاف ما على بساط مفروش ولم يسجد عليها فإنها مستهانة من كل وجه وقد ظهر من هذا أن علة الكراهة في المسائل كلها إما التعظيم أو التشبه على خلاف ما يأتي
قوله ( ولا يكره ) قدر لا يكره مع قول المصنف الآتي لا لطول الفصل فيكون الآتي تأكيدا فافهم
قوله ( تحت قدميه ) وكذا لو كانت على بساط يوطأ أو مرفقة يتكأ عليها كما في البحر والمرفقة وسادة الاتكاء كما في المغرب
قوله ( عبارة الشمني الخ ) أشار بذلك إلى ما في العبارة الأولى من الإشكال وهو أنها إذا كانت في يده تمنعه عن سنة الوضع هو مكروه بغير الصورة فكيف بها اللهم إلا أن يراد أن لا يمسكها بل تكون معلقة بيده ونحو ذلك كذا في شرح المنية وأراد بنحو ذلك ما لو كانت مرسومة في يده
وفي المعراج لا تكره إمامة من في يده تصاوير لأنها مستورة الثياب لا تستبين فصارت كصورة نقش خاتم ا هـ
ومثله في البحر عن المحيط وظاهره عدم الكراهة ولو كانت بالوشم ويفيد عدم نجاسته لما أوضحناه في آخر باب الأنجاس فراجعه
قوله ( غير مستبين ) الظاهر أن المراد به ما يأتي في تفسير الصغير
تأمل
قوله ( ومفاده ) أي مفاد التعليل بأنها مستورة
قوله ( لا المستتر بكيس أو صرة ) بأن صلى ومعه سرة أو كيس فيه دنانير أو دراهم فيها صور صغار فلا تكره لاستتارها
بحر
ومقتضاه أنها لو كانت مكشوفة تكره الصلاة مع أن الصغيرة لا تكره الصلاة معها كما يأتي لكن يكره كراهة تنزيه جعل الصورة في البيت نهر قوله أو ثوب آخر كان فوق الثوب الذي فيه صورة ثوب ساتر له فلا تكره الصلاة فيه لاستتارها بالثوب
بحر
قوله ( لا تتبين الخ ) هذا أضبط مما في القهستاني حيث قال بحيث لا تبدو للناظر إلا بتبصر بليغ كما في الكرماني أو لا تبدو له من بعيد كما في المحيط
ثم قال لكن في الخزانة إن كانت الصورة مقدار طير يكره وإن كانت أصغر فلا ا هـ
قوله ( أو مقطوعة الرأس ) أي سواء كان من الأصل أو كان لها رأس ومحي وسواء كان القطع بخيط خيط على جميع الرأس حتى لم يبق له أثر أو يطليه بمغرة أو بنحته أو بغسله لأنها لا تعبد بدون الرأس عادة وأما قطع الرأس عن الجسد بخيط مع بقاء الرأس على حاله فلا ينفي الكراهة لأن من الطيور ما هو مطوق فلا يتحقق القطع بذلك وقيد بالرأس لأنه لا اعتبار بإزالة الحاجبين أو العينين لأنها تعبد بدونها وكذا لا اعتبار بقطع اليدين
____________________
(1/648)
أو الرجلين
بحر
قوله ( أو ممحوة عضو الخ ) تعميم بعد تخصيص وهل مثل ذلك ما لو كانت مثقوبة البطن مثلا والظاهر أنه لو كان الثقب كبيرا يظهر به نقصها فنعم وإلا فلا كما لو كان الثقب لوضع عصا تمسك بها كمثل صور لخيال التي يلعب بها لأنها تبقى معه صورة تامة
تأمل
قوله ( أو لغير ذي روح ) لقول ابن عباس للسائل فإن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له رواه الشيخان ولا فرق في الشجر بين المثمر وغيره خلافا لمجاهد
بحر
قوله ( لأنها لا تعبد ) أي هذه المذكورات وحينئذ فلا يحصل التشبه
فإن قيل عبد الشمس والقمر والكواكب والشجرة الخضراء قلنا عبد عينه لا تمثاله فعلى هذا ينبغي أن يكره استقبال عين هذه الأشياء
معراج أي لأنها عين ما عبد بخلاف ما لو صورها واستقبل صورتها
قوله ( وخبر جبريل الخ ) هو قوله للنبي إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة رواه مسلم وهذا إشارة إلى الجواب عما يقال إن كانت علة الكراهة فيما مر كون المحل الذي تقع فيه الصلاة لا تدخله الملائكة لأن شر البقاع بقعة لا تدخلها الملائكة ينبغي أن تكره ولو كانت الصورة مهانة لأن قوله ولا صورة نكرة في سياق النفي فتعم وإن كانت العلة التشبه بعبادتها فلا تكره إلا إذا كانت أمامه أو فوق رأسه
والجواب أن العلة هي الأمر الأول وأما الثاني فيفيد أشدية الكراهة غير أن عموم النص المذكور مخصوص بغير المهانة لما روى ابن حبان والنسائي ستأذن جبريل عليه السلام على النبي فقال دخل فقال كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير فإن كنت لا بد فاعلا فقطع رؤوسها أو قطعها وسائد أو جعلها بسطا نعم يرد على هذا ما إذا كانت على بساط في موضع السجود فقد مر أنه يكره مع أنها لا تمنع دخول الملائكة وليس فيها تشبه لأن عبدة الأصنام لا يسجدون عليها بل ينصبونها ويتوجهون إليها إلا أن يقال فيها صورة التشبه بعبادتها حال القيام والركوع وتعظيم لها إن سجد عليها ا هـ
ملخصا من الحلية والبحر
أقول الذي يظهر من كلامهم أن العلة إما التعظيم أوالتشبه كما قدمناه والتعظيم أعم كما لو كانت عن يمينه أو يساره أو موضع سجوده فإنه لا تشبه فيها بل فيها تعظيم وما كان فيه تعظيم وتشبه فهو أشد كراهة ولهذا تفاوتت رتبتها كما مر وخبر جبريل عليه السلام معلوم بالتعظيم بدليل الحديث الآخر وغيره فعدم دخول الملائكة إنما هو حيث كانت الصورة معظمة وتعليل كراهة الصلاة بالتعظيم أولى من التعليل بعدم الدخول لأن التعظيم قد يكون عارضا لأن الصورة إذا كانت على بساط مفروش تكون مهانة لا تمنع من الدخول ومع هذا لو صلى على ذلك البساط وسجد عليها تكره لأن فعله ذلك تعظيم لها
والظاهر أن الملائكة لا تمنع من الدخول بذلك الفعل العارض وأما ما في الفتح عن شرح عتاب من أنها لو كانت خلفه أو تحت رجليه لا تكره الصلاة ولكن تكره كراهة جعل الصورة في البيت للحديث فظاهره الامتناع من الدخول ولو مهانة وكراهة جعلها في بساط مفروش وهو خلاف الحديث المخصص كما مر
قوله ( في امتناع ملائكة الرحمة ) قيد بهم إذ الحفظة لا يفارقون الإنسان إلا عند الجماع والخلاء كذا في شرح البخاري
وينبغي أن يراد بالحفظة ما هو أعم من الكرام الكاتبين والذين يحفظونه من الجن
نهر
وانظر ما قدمناه قبل فصل القراءة
قوله ( فنفاه عياض ) أي وقال إن الأحاديث مخصصة
بحر
وهو ظاهر كلام علمائنا فإن ظاهره أن ما لا يؤثر كراهة في الصلاة لا يكره إبقاؤه وقد
____________________
(1/649)
صرح في الفتح وغيره بأن الصورة الصغيرة لا تكره في البيت
قال ونقل أنه كان على خاتم أبي هريرة ذبابتان ا هـ
ولو كانت تمنع دخول الملائكة كره إبقاؤها في البيت لأنه يكون شر البقاع وكذا المهانة كما مر وهو صريح قوله في الحديث المار أو اقطعها وسائد أو اجعلها بسطا وأما ما مر عن شرح عتاب فقد علمت ما فيه
تنبيه هذا كله في اقتناء الصورة وأما فعل التصوير فهو غير جائز مطلقا لأنه مضاهاة لخلق الله تعالى كما مر
خاتمة قال في النهر جوز في الخلاصة لمن رأى صورة في بيت غيره أن يزيلها وينبغي أن يجب عليه ولو استأجر مصورا فلا أجر له لأن عمله معصية كذا عن محمد ولو هدم بيتا فيه تصاوير ضمن قيمته خاليا عنها ا هـ
وسيأتي في باب متفرقات البيوع متنا وشرحا ما نصه اشترى ثورا أو فرسا من خزف لأجل استئناس الصبي لا يصح ولا قيمة له فلا يضمن متلفه وقيل بخلافه يصح ويضمن
قنية
وفي آخر حظر المجتبى عن أبي يوسف يجوز بيع اللعبة وأن يلعب بها الصبيان ا هـ
قوله ( وكره تنزيها ) كذا عزاه في البحر إلى الحلية لابن أمير حاج ثم قال لكن ظاهر قول النهاية لا يباح أنها تحريمية
وأجاب في النهر بأن المكروه تنزيها غير مباح أي غير مستوي الطرفين
واعترضه الرملي بأن الغالب إطلاقهم غير المباح على المحرم أو المكروه تحريما وإن كان يطلق على ما ذكر
قلت ويؤيده قول الدرر للنهي عنه لكن قال محشيه نوح أفندي لم أجد النهي عنه صريحا فيما عندي من الكتب ا هـ
ولذا اقتصر غيره على التعليل بأنه ليس من أفعال الصلاة ولو كان فيه نهي خاص لذكروه نعم ذكر في الحلية فيما رواه الأصبهاني نهى رسول الله عن عد الآي في المكتوبة ورخص في السبحة أي النافلة لكن قال في الحلية إن ثبت هذا ترجح القول بعدم الكراهة في النافلة وإلا ترجح القول بعدمها مطلقا مرادا بها التنزيهية ا هـ
وحيث لا نهي ثابت يتعين تأويل ما في النهاية بما في النهر ولذا مشى عليه الشارح فتدبر
قوله ( باليد ) أي بأصابعه أو بسبحة يمسكها كما في البحر
قوله ( ولو نفلا ) بيان للإطلاق وهذا باتفاق أصحابنا في ظاهر الرواية
وعن الصاحبين في غير ظاهر الرواية عنهما أنه لا بأس به وقيل الخلاف في الفرائض ولا كراهة في النوافل اتفاقا
وقيل في النوافل ولا خلاف في الكراهة في الفرائض
نهر
قوله ( فلا يكره ) هذا ظاهر الرواية وهو الأصح وكرهه بعضهم نهر
ويدل للأول ما أخرجه الترمذي وحسن النووي إسناده عن يسيرة قالت قال لنا رسول الله عليكن بالتسبيح والتقديس وعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات ولا تغفلن فتنسين الرحمة وتمامه في الحلية
قوله ( كعده الخ ) أي في الصلاة وهذا محترز قوله باليد قال في البحر أما الغمز برؤوس الأصابع أو الحفظ بالقلب فهو غير مكروه اتفاقا والعد باللسان مفسد اتفاقا ا هـ
وما قيل من أنه يكره بالقلب لإخلاله بالخشوع ففيه نظر ظاهر كما في الحلية
مطلب الكلام على اتخاذ المسبحة قوله ( لا بأس باتخاذ المسبحة ) بكسر الميم آلة التسبيح
والذي في البحر والحلية والخزائن بدون ميم
قال في المصباح السبحة خرزات منظومة وهو يقتضي كونها عربية
وقال الأزهري كلمة مولدة وجمعها مثل
____________________
(1/650)
غرفة وغرف ا هـ
والمشهور شرعا إطلاق السبحة بالضم على النافلة
قال في المغرب لأنه يسبح فيها
ودليل الجواز ما رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد عن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله على مرأة وبين يديها نوى أو حصا تسبح به فقال أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل فقال سبحان الله عدد ما خلق في السماء وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض وسبحان الله عدد ما بين ذلك وسبحان الله عدد ما هو خالق والحمد لله مثل ذلك والله أكبر مثل ذلك ولا إله إلا الله مثل ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك فلم ينهها عن ذلك وإنما أرشدها إلى ما هو أيسر وأفضل ولو كان مكروها لبين لها ذلك
ولا يزيد السبحة على مضمون هذا الحديث إلا بضم النوى في خيط ومثل ذلك لا يظهر تأثيره في المنع فلا جرم أن نقل اتخاذها والعمل بها عن جاعة من الصوفية الأخيار وغيرهم اللهم إلا إذا ترتب عليه رياء وسمعة فلا كلام لنا فيه وهذا الحديث أيضا يشهد لأفضلية هذا الذكر المخصوص على ذكر مجرد هذه الصيغة ولو تكرر يسيرا كذا في الحلية والبحر قوله ( لا يكره قتل حية أو عقرب ) لخبر الشيخين اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب نهر
وأما قتل القملة والبرغوث فسيأتي
قوله ( إن خاف الأذى ) أي بأن مرت بين يديه وخاف الأذى وإلا فيكره
نهاية
وفي البحر عن الحلية ويستحب قتل العقرب بالنعل اليسرى إن أمكن لحديث أبي داود كذلك ويقاس عليه الحية
قوله ( إذ الأمر للإباحة ) جواب عما يقال لم لم يكن قتلهما مستحبا للأمر بالقتل ط
قوله ( فالأولى الخ ) أي حيث كان الأمر بالقتل لمنفعتنا فما يخشى منه الأذى الأولى تركه وهو قتل الحية البيضاء التي تمشي مستوية لأنها جان لقوله عليه الصلاة والسلام قتلوا ذا لطفيتين والأبتر وإياكم والحية البيضاء فإنها من الجن كما في المحيط
وقال الطحاوي لا بأس بقتل الكل لأن النبي عهد مع الجن أن لا يدخلوا بيوت أمته فإذا دخلوا فقد نقضوا العهد فلا ذمة لهم والأولى هو الإعذار والإنذار فيقال ارجع بإذن الله فإن أبى قتله ا هـ يعني الإنذار في غير الصلاة
بحر
قال في الحلية ووافق الطحاوي غير واحد آخرهم شيخنا يعني ابن الهمام فقال والحق أن الحل ثابت إلا أن الأولى الإمساك عما فيه علامة الجن لا للحرمة بل لدفع الضرر المتوهم من جهتهم ا هـ والطفيتان بضم الطاء المهملة وإسكان الفاء الخطان الأسودان على ظهر الحية
والأبتر الأفعى قيل هو جنس كأنه مقطوع الذنب وقيل صنف أزرق مقطوع الذنب إذا نظرت إليه الحامل ألقت ا هـ
قوله ( على الأظهر ) كذا قاله الإمام السرخسي وقال لأنه عمل رخص فيه للمصلي فهو كالمشي بعد الحدث
بحر
قوله ( لكن صحح الحلبي الفساد ) حيث قال تبعا لابن الهمام فالحق فيما يظهر هو الفساد والأمر بالقتل لا يستلزم صحة الصلاة مع وجوده كما في صلاة الخوف بل الأمر في مثله لإباحة مباشرته وإن كان مفسدا للصلاة ا هـ
ونقل كلام ابن الهمام في الحلية والبحر والنهر وأقروه عليه وقالوا إن ما ذكره السرخسي رده في النهاية بأنه مخالف لما عليه عامة رواة شروح الجامع الصغير ومبسوط شيخ الإسلام من أن الكثير لا يباح ا هـ
قوله ( إلى ظهر قاعد الخ ) قيد بالظهر احترازا عن الوجه فإنها تكره إليه كما مر وفي قوله يتحدث إيماء إلى أنه لا كراهة لو لم يتحدث بالأولى ولذا زاد الشارح ولو وفي شرح المنية أفاد به نفي قول من قال بالكراهة بحضرة المتحدثين وكذا بحضرة النائمين
____________________
(1/651)
وما روي عنه عليه الصلاة والسلام لا تصلوا خلف نائم ولا متحدث ضعيف
وصح عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله يصلي من صلاة الليل كلها وأنا معترضة بينه وبين لقبلة فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت رواياه في الصحيحين وهو يقتضي أنها كانت نائمة وما في مسند البزار أن رسول الله قال نهيت أن أصلي إلى النيام والمتحدثين فهو محمول على ما إذا كانت لهم أصوات يخاف منها التغليظ أو الشغل وفي النائمين إذا خاف ظهور شيء يضحكه ا هـ
قوله ( مطلقا ) أي معلقا أو غير معلق وأشار به إلى أن قول الكنز وغيره معلق غير قيد
وفي شرح المنية وجه عدم الكراهة أن كراهة استقبال بعض الأشياء باعتبار التشبه بعبادها والمصحف والسيف لم يعبدهما أحد واستقبال أهل الكتاب للمصحف للقراءة منه لا للعبادة
وعند أبي حنيفة يكره استقباله للقراءة ولذا قيد يكونه معلقا وكون السيف آلة الحرب مناسب لحال الابتهال إلى الله تعالى لأنها حال المحاربة مع النفس والشيطان وعن هذا سمي المحراب ا هـ
قوله ( أو شمع ) بفتح الميم على الأوجه والسكون ضعيف مع أنه المستعمل قاله ابن قتيبة وعدم الكراهة هو المختار كما في غاية البيان
وينبغي الاتفاق عليه فيما لو كان على جانبيه كما هو المعتاد في ليالي رمضان
بحر أي في حق الإمام أما المقابل لها من القوم فتلحقه الكراهة على مقابل المختار
رملي
قوله ( لأن المجوس الخ ) علة للثلاثة قبله ط
قوله ( قنية ) ذكر ذلك في القنية في كتاب الكراهية
ونصه الصحيح أنه لا يكره أن يصلي وبين يديه شمع أو سراج لأنه لم يعبدهما أحد والمجوس يعبدون الجمر لا النار الموقدة حتى قيل لا يكره إلى النار الموقدة ا هـ
وظاهره أن المراد بالموقدة التي لها لهب لكن قال في العناية إن بعضهم قال تكره إلى شمع أو سراج كما لو كان بين يديه كانون فيه جمر أو نار موقدة ا هـ
وظاهره أن الكراهة في الموقدة متفق عليها كما في الجمر
تأمل
قوله ( لما مر ) علة لعدم الكراهة وهو كونها مهانة ح
قوله ( يكره اشتمال الصماء ) لنهيه عليه الصلاة والسلام عنها وهي أن يأخذ بثوبه فيخلل به جسده كله من رأسه إلى قدمه ولا يرفع جانبا يخرج يده منه سمي به لعدم منفذ يخرج منه يده كالصخرة الصماء وقيل أن يشتمل بثوب واحد ليس عليه إزار وهو اشتمال اليهود
زيلعي
وظاهر التعليل بالنهي أن الكراهة تحريمية كما في نظائره
قوله ( والاعتجار ) لنهي النبي عنه وهو شد الرأس أو تكوير عمامته على رأسه وترك وسطه مكشوفا
وقيل أن يتنقب بعمامته فيغطي أنفه إما للحر أو للبرد أو للتكبر
إمداد
وكراهته تحريمية أيضا لما مر
قوله ( والتلثم ) وهو تغطية الأنف والفم في الصلاة لأنه يشبه فعل المجوس حال عبادتهم النيران
زيلعي
ونقل ط عن أبي السعود أنها تحريمية
قوله ( والتنخم ) هو إخراج النخامة بالنفس الشديد لغير عذر
وحكمه كالتنحنح في تفصيله كما في شرح المنية أي فإن كان بلا عذر وخرج به حرفان أو أكثر أفسد وفي بعض النسخ والتختم والمراد به لبس الخاتم في الصلاة بعمل قليل
قوله ( وكل عمل قليل الخ ) تقدم الفرق بينه وبين الكثير
قوله ( كتعرض لقملة الخ ) قال في النهر ويكره قتل القمل عند الإمام
وقال محمد القتل أحب إلي رأى ذلك فعل لا بأس به ولعل الإمام إنما اختار الدفن لما فيه من التنزه عن إصابة الدم يد القاتل أو ثوبه وإن كان معفوا عنه هذا إذا تعرضت القملة ونحوها بالأذى وإلا كره الأخذ فضلا عن غيره وهذا كله خارج المسجد أما فيه فلا بأس
____________________
(1/652)
بالقتل بشرط تعرضها له بالأذى ولا يطرحها في المسجد بطريق الدفن أو غيره إلا إذا غلب على ظنه أنه يظفر بها بعد الفراغ من الصلاة وبهذا التفصيل يحصلح الجمع بين ما سبق عن الإمام أنه يدفنها في الصلاة أي في غير المسجد وبين من ما روي عنه أنه لو دفنها في المسجد أساء ا هـ
وفي الإمداد عن الينبوع للسيوطي عن ابن العماد طرح القمل في المسجد إن كان ميتا حرم لنجاسته وإن كان حيا ففي كتب المالكية كذلك لأن فيه تعذيبا له بالجوع بخلاف البرغوث لأنه يأكل التراب وعلى هذا يحرم طرح القمل حيا في غير المسجد أيضا ا هـ
قال في الإمداد والمصرح به في كتبنا أنه لا يجوز إلقاء قشر القملة في المسجد ا هـ
قلت الظاهر أن العلة تقذير المسجد وإلا فالمصرح به عندنا أن ما لا نفس له سائلة إذا مات في الماء لا ينجسه
مطلب في بيان السنة والمستحب والمندوب والمكروه وخلاف الأولى قوله ( وترك كل سنة ومستحب ) السنة قسمان سنة هدى وهي المؤكدة
وسنة زوائد
والمستحب غيره وهو المندوب أو هما قسمان
وقد يطلق عليه سنة وقدمنا تحقيق ذلك كله في سنن الضوء
قال في البحر عند قوله وعلى بساط فيه تصاوير الحاصل أن السنة إن كانت مؤكدة قوية لا يبعد كون تركها مكروها تحريما وإن كانت غير مؤكدة فتركها مكروه تنزيها
وأما المستحب أو المندوب فينبغي أن يكره تركه أصلا لقولهم يستحب يوم الأضحى أن لا يأكل أولا إلا من أضحيته ولو أكل من غيرها لم يكره فلم يلزم من ترك المستحب ثبوت الكراهة إلا أنه يشكل عليه قولهم المكروه تنزيها مرجعه إلى خلاف الأولى ولا شك أن ترك المستحب خلاف الأولى ا هـ
أقول لكن صرح في البحر في صلاة العيد عند مسألة الأكل بأنه لا يلزم من ترك المستحب ثبوت الكراهة إذ لا بد لها من دليل خاص ا هـ
وأشار إلى ذلك في التحرير الأصولي بأن خلاف الأولى ما ليس فيه صيغة نهي كترك صلاة الضحى بخلاف المكروه تنزيها والظاهر أن خلاف الأولى أعم فكل مكروه تنزيها خلاف الأولى ولا عكس لأن خلاف الأولى قد لا يكون مكروها حيث لا دليل خاص كترك صلاة الضحى
وبه يظهر أن كون ترك المستحب راجعا إلى خلاف الأولى لا يلزم منه أن يكون مكروها إلا بنهي خاص لأن الكراهة حكم شرعي فلا بد له من دليل والله تعالى أعلم
قوله ( وحمل الطفل ) أي لغير حاجة
قوله ( وما ورد الخ ) جواب سؤال هو أنه كيف يكون مكروها وقد ورد في الصحيحين وغيرهما عن أبي قتادة أن النبي كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت النبي فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها وقد أجيب عنه بأجوبة منها ما ذكره الشارح أنه منسوخ بما ذكره من الحديث وهو مردود بأن حديث إن في لصلاة لشغلا كان قبل الهجرة وقصة أمامة بعدها
ومنها ما في البدائع أنه لم يكره منه ذلك لأنه كان محتاجا إليه لعدم من يحفظها أو للتشريع بالفعل أن هذا غير مفسد ومثله أيضا في زماننا لا يكره لواحد منا فعله عند الحاجة أما بدونها فمكروه ا هـ
وقد أطال المحقق ابن أمير حاج في الحلية في هذا المحل ثم قال إن كونه للتشريع بالفعل هو الصواب الذي لا يعدل عنه كما ذكره النووي فإنه ذكر بعضهم أنه بالفعل أقوى من القول ففعله ذلك لبيان الجواز وأن الآدمي طاهر وما في جوفه من النجاسة معفو عنه لكونه
____________________
(1/653)
في معدته وأن ثياب الأطفال وأجسادهم طاهرة حتى تتحقق نجاستها وأن الأفعال إذا لم تكن متوالية لا تبطل الصلاة فضلا عن الفعل القليل إلى غير ذلك وتمامه فيه
تتمة بقي من المكروهات أشياء أخر ذكرها في المنية ونور الإيضاح وغيرها منها الصلاة بحضرة ما يشغل البال ويخل بالخشوع كزينة ولهو ولعب ولذلك كرهت بحضرة طعام تميل إليه نفسه وسيأتي في كتاب الحج قبيل باب القرآن يكره للمصلي جعل نحو نعله خلفه لشغل قلبه
ومنها ما في الخزائن تغطية الأنف والفم والهرولة للصلاة والاتكاء على حائط أو عصا في الفرض بلا عذر لا في النفل على الأصح ورفع يديه عند الركوع والرفع منه وما روي من الفساد شاذ وإتما م القراءة راكعا والقراءة في غير حالة القيام ورفع الرأس ووضعه قبل الإمام والصلاة في مظان النجاسة كمقبرة وحمام إلا إذا غسل موضعا منه ولا تمثال أو صلى في موضع نزع الثياب أو كان في المقبرة موضع أعد للصلاة ولا قبر ولا نجاسة فلا بأس كما في الخانية ا هـ
وتقدم تمام هذا في بحث الأوقات المكروهة
وفي القهستاني لا تكره الصلاة في جهة قبر إلا إذا كان بين يديه بحيث لو صلى صلاة الخاشعين وقع بصره عليه كما في جنائز المضمرات
قوله ( ويباح قطعها ) أي ولو كانت فرضا كما في الإمداد
قوله ( لنحو قتل حية ) أي بأن يقتلها بعمل كثير بناء على ما مر من تصحيح الفساد به
قوله ( وند دابة ) أي هربها وكذا لخوف ذئب لى غنم نور الإيضاح
قوله ( وفور قدر ) الظاهر أنه مقيد بما بعده من فوات ما قيمته درهم سواء كان ما في القدر له أو لغيره
رحمتي
قوله ( وضياع ما قيمته درهم ) قال في مجمع الروايات لأن ما دونه حقير فلا يقطع الصلاة لأجله لكن ذكر في المحيط في الكفالة أن الحبس بالدانق يجوز فقطع الصلاة أولى وهذا في مال الغير أما في ماله لا يقطع والأصح جوازه فيهما ا هـ
وتمامه في الإمداد
والذي مشى عليه في الفتح التقييد بالدرهم
قوله ( ويستحب لمدافعة الأخبثين ) كذا في مواهب الرحمن ونور الإيضاح لكنه مخالف لما قدمناه عن الخزائن وشرح المنية من أنه إن كان ذلك يشغله أي يشغل قلبه عن الصلاة وخشوعها فأتمها يأثم لأدائها مع الكراهة التحريمية ومقتضى هذا أن القطع واجب لا مستحب ويدل عليه الحديث المار لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلي وهو حاقن حتى يتخفف اللهم إلا أن يحمل ما هنا على ما إذا لم يشغله لكن الظاهر أن ذلك لا يكون مسوغا فليتأمل
ثم رأيت الشرنبلالي بعد ما صرح بندب القطع كما هنا قال وقضية الحديث توجيه
قوله ( وللخروج من الخلاف ) عبارته في الخزائن ولإزالة نجاسة غير مانعة لاستحباب الخروج من الخلاف وما هنا أعم لشموله لنحو ما إذا مسته امرأة أجنبية
قوله ( إن لم يخف الخ ) راجع لقوله للخروج الخ
وأما قطعها لمدافعة الأخبثين فقدمنا عن شرح المنية أن الصواب أن يقطعها وإن فاتته الجمعة ويقطعها لغسل قدر الدرهم
قوله ( ويجب ) الظاهر منه الافتراض ط
قوله ( لإغاثة ملهوف ) سواء استغاث بالمصلي أو لم يعين أحدا في استغاثته إذا قدر على ذلك ومثله خوف تردي أعمى في بئر مثلا إذا غلب على ظنه سقوطه
إمداد
قوله ( لا لنداء أحد أبويه الخ ) المراد بهما الأصول وإن علوا وظاهر سياقه أنه نفي لوجوب الإجابة فيصدق مع بقاء الندب والجواز ط
قلت لكن ظاهر الفتح أنه نفي للجواز وبه صرح في الإمداد بقوله أي لا يجوز قطعها بنداء أحد أبويه من غير
____________________
(1/654)
استغاثة وطلب إعانة لأن قطعها لا يجوز إلا لضرورة
وقال الطحاوي هذا في الفرض وإن كان في نافلة إن علم أحد أبويه أنه في الصلاة وناداه لا بأس أن لا يجيبه وإن لم يعلم يجيبه ا هـ
قوله ( إلا في النفل ) أي فيجيبه وجوبا وإن لم يستغث لأنه ليم عابد بني إسرائيل على تركه الإجابة
وقال ما معناه لو كان فقيها لأجاب أمه وهذا إن لم يعلم أنه يصلي
فإن علم لا تجب الإجابة
لكنها أولى كما يستفاد من قوله لا بأس الخ
فقوله فإن علم تفصيل الحكم المستثنى ط
وقد يقال إن لا بأس هنا لدفع ما يتوهم أن عليه بأسا في عدم الإجاب وكونه عقوقا فلا يفيد أن الإجابة أولى وسيأتي تمامه في باب إدراك الفريضة
مطلب في أحكام المسجد قوله ( ويكره الخ ) لما فرغ من بيان الكراهة في الصلاة شرع في بيانها خارجها مما هو من توابعها
بحر
قوله ( تحريما ) لما أخرجه الستة عنه إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا ولهذا كان الأصح من الروايتين كراهة الاستدبار كالاستقبال
بحر
قوله ( استقبال القبلة بالفرج ) يعم قبل الرجل والمرأة
والظاهر أن المراد بالقبلة جهتها كما في الصلاة وهو ظاهر الحديث المار وأن التقييد بالفرج يفيد ما صرح به الشافعية أنه لو استقبلها بصدره وحول ذكره عنها لم يكره بخلاف عكسه كما قدمناه في باب الاستنجاء وتقدم هناك أن المكروه والاستقبال أو الاستدبار لأجل بول أو غائط فلو للاستنجاء لم يكره أي تحريما
وفي النهاية ولو غفل عن ذلك وجلس يقضي حاحجته ثم وجد نفسه كذلك فلا بأس لكن إن أمكنه الانحراف ينحرف فإنه عد ذلك من موجبات الرحمة فإن لم يفعل فلا بأس ا هـ
وكأنه سقط الوجوب عند الإمكان لسقوطه ابتداء بالنسيان ولخشية التلوث وتقدم هناك أيضا كراهة استقبال الشمس والقمر أي لأنهما من الآيات الباهرات ولما معهما من الملائكة كما في السراج وقدمنا أن الظاهر أن الكراهة فيه تنزيهية ما لم يرد نهي خاص وأن المراد استقبال عينهما لا جهتهما ولا ضوئهما وتقدم تمام ذلك كله هناك فراجعه
قوله ( كما كره لبالغ ) الظاهر منه التحريم ط
قوله ( إمساك صبي ليبول نحوها ) أي جهتها لأنه يحرم على البالغ أن يفعل بالصغير ما يحرم على الصغير فعله إذا بلغ ولذا يحرم على أبيه أن يلبسه حريرا أو حليا لو كان ذكرا أو يسقيه خمرا ونحو ذلك
قوله ( مد رجليه ) أو رجل واحدة ومثل البالغ الصبي في الحكم المذكور ط
قوله ( أي عمدا ) أي من غير عذر أما بالعذر أو السهو فلا
ط
قوله ( لأنه إساءة أدب ) أفاد أن الكراهة تنزيهية ط لكن قدمنا عن الرحمتي في باب الاستنجاء أنه سيأتي أنه بمد الرجل إليها ترد شهادته
قال وهذا يقضتي التحريم فليحرر
قوله ( إلا أن يكون ) ما ذكر من المصحف والكتب أما القبلة فهي إلى عنان السماء
قوله ( مرتفع ) ظاهره ولو كان الارتفاع قليلا ط
قلت أي بما تنتفي به المحاذاة عرفا ويختلف ذلك في القرب والبعد فإنه في البعد لا تنتفي بالارتفاع القليل
والظاهر أنه مع البعد الكثير لا كراهة مطلقا
تأمل
قوله ( غلق باب المسجد ) الأفصح إغلاق لما في القاموس
____________________
(1/655)
غلق الباب يغلقه لغة ردية في أغلقه ا هـ
قال في البحر وإنما كره لأنه يشبه المنع من الصلاة قال تعالى { ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه } البقرة 114 ومن هنا يعلم جهل بعض مدرسي زماننا من منعهم من يدرس في مسجد تقرر في تدريسه وتمامه فيه
قوله ( إلا لخوف على متاعه ) هذا أولى من التقييد بزماننا لأن المدار على خوف الضرر فإن ثبت في زماننا في جميع الأوقات ثبت كذلك إلا في أوقات الصلاة أو لا فلا أو في بعضها ففي بعضها كذا في الفتح
وفي العناية والتدبير في الغلق لأهل المحلة فإنهم إذا اجتمعوا على رجل وجعلوه متوليا بغير أمر القاضي يكون متوليا انتهى
بحر ونهر
قوله ( الوطء فوقه ) أي الجماع
خزائن أما الوطء فوقه بالقدم فغير مكروه إلا في الكعبة لغير عذر لقولهم بكراهة الصلاة فوقها
ثم رأيت القهستاني نقل عن المفيد كراهة الصعود على سطح المسجد ا هـ
ويلزمه كراهة الصلاة أيضا فوقه فليتأمل
قوله ( لأنه مسجد ) علة لكراهة ما ذكر فوقه
قال الزيلعي ولهذا يصح اقتداء من على سطح المسجد بمن فيه إذا لم يتقدم على الإمام
ولا يبطل الاعتكاف بالصعود إليه ولا يحل للجنب والحائض والنفساء الوقوف عليه ولو حلف لا يدخل هذه الدار فوقف على سطحها يحنث ا هـ
قوله ( إلى عنان السماء ) بفتح العين وكذا إلى تحت الثرى كما في البيري عن الإسبيجابي
بقي لو جعل الواقف تحته بيتا للخلاء هل يجوز كما في مسجد محلة الشحم في دمشق لم أره صريحا نعم سيأتي متنا في كتاب الوقف أنه لو جعل تحته سردابا لمصالحه جاز
تأمل
قوله ( واتخاذه طريقا ) في التعبير بالاتخاذ إيماء إلى أنه لا يفسق بمرة أو مرتين ولذا عبر في القنية بالاعتياد
نهر
وفي القنية دخل المسجد فلما توسطه ندم قيل يخرج من باب غير الذي قصده وقيل يصلي ثم يتخير في الخروج وقيل إن كان محدثا يخرج من حيث دخل إعداما لما جنى ا هـ
قوله ( بغير عذر ) فلو يعذر جاز ويصلي كل يوم تحية السجد مرة
بحر على الخلاصة أي إذا تكرر دخوله تكفيه التحية مرة
قوله ( بفسقه ) يخرج عنه بنية الاعتكاف وإن لم يمكث ط عن الشرنبلالي
قوله ( وإدخال نجاسة فيه ) عبارة الأشباه وإدخال نجاسة فيه يخاف منها التلويث ا هـ
ومفاده الجواز لو جافة لكن في الفتاوى الهندية لا يدخل المسجد من على بدنه نجاسة قوله ( وعلهي فلا يجوز الخ ) زاد لفظ عليه إشارة إلى أن ما ذكره من قوله فلا يجوز ليس بمصرح به في كتب المتقدمين وإنما بناه العلامة قاسم على ما صرحوا به من عدم جواز إدخال النجاسة المسجد وجعله مقيدا لقولهم إن الدهن النجس يجوز الاستصباح به كما أفاده في البحر
قوله ( ولا تطيينه بنجس ) في الفتاوى الهندية يكره أن يطين المسجد بطين قد بل بماء نجس بخلاف السرقين إذا جعل فيه الطين لأن في ذلك ضرورة وهو تحصيل غرض لا يحصل إلا به كذا في السراجية ا هـ
قوله ( والفصد ) ذكره في الأشباه بحثا فقال وأما الفصد فيه في إناء فلم أره وينبغي أن لا فرق ا هـ أي لا فرق بينه وبين البول وكذا لا يخرج فيه الريح من الدبر كما في الأشباه
واختلف فيه السلف فقيل لا بأس وقيل يخرج إذا احتاج إليه وهو الأصح
حموي عن شرح الجامع الصغير للتمرتاشي
قوله ( ويحرم الخ ) لما أخرجه المنذري مرفوعا جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وبيعكم وشراءكم ورفع أصواتكم وسل سيوفكم وإقامة حدودكم وجمروها في الجمع وجعلوا على أبوابها لمطاهر بحر
____________________
(1/656)
والمطاهر جمع مطهرة بكسر الميم والفتح لغة وهو كل إناء يتطهر به كما في المصباح والمراد بالحرمة كراهة التحريم لظنية الدليل
وأما قوله تعالى { أن طهرا بيتي للطائفين } البقرة 125 الآية فيحتمل الطهارة من أعمال أهل الشرك
تأمل
وعليه فقوله وإلا فيكره أي تنزيها
تأمل
قوله ( وصلاته فيهما ) أي في النعل والخف الطاهرين أفضل مخالفة لليهود تاترخانية
وفي الحديث صلوا في نعالكم ولا تشبهوا بليهود رواه الطبراني كما في الجامع الصغير رامزا لصحته
وأخذ منه جمع من الحنابلة أنه سنة ولو كان يمشي بها في الشوارع لأن النبي وصحبه كانوا يمشون بها في طرق المدينة ثم يصلون بها
قلت لكن إذا خشي تلويث فرش المسجد بها ينبغي عدمه وإن كانت طاهرة
وأما المسجد النبوي فقد كان مفروشا بالحصا في زمنه بخلافه في زماننا ولعل ذلك محمل ما في عمدة المفتي من أن دخول المسجد متنعلا من سوء الأدب تأمل
قوله ( لا يكره ما ذكر ) أي من الوطء والبول والتغوط نهر
قوله ( فوق بيت الخ ) أي فوق مسجد البيت أي موضع أعد للسنن والنوافل بأن يتخذ له محراب وينظف ويطيب كما أمر به فهذا مندوب لكل مسلم كما في الكرماني وغيره
قهستاني
فهو كما لو بال على سطح بيت فيه مصحف وذلك لا يكره كما في جامع البرهاني
معراج
قوله ( به يفتى نهاية ) عبارة النهاية والمختار للفتوى أنه مسجد في حق جواز الاقتداء الخ لكن قال في البحر ظاهره أنه يجوز الوطء والبول والتخلي فيه ولا يخفى ما فيه فإن الباني لم يعده لذلك فينبغي أن لا يجوز وإن حكمنا بكونه غير مسجد وإنما تظهر فائدته في حق بقية الأحكام وحل دخوله للجنب والحائض ا هـ
ومقال هذا المختار ما صححه في المحيط في مصلى الجنازة أنه ليس له حكم المسجد أصلا وما صححه تاج الشريعة أن مصلى العيد له حكم المساجد وتمامه في الشرنبلالية
قوله ( كفناء مسجد ) هو المكان المتصل به ليس بينه وبينه طريق فهو كالمتخذ لصلاة جنازة أو عيد فيما ذكر من جواز الاقتداء وحل دخوله لجنب ونحوه كما في آخر شرح المنية
قوله ( ورباط ) هو ما يبنى لسكنى فقراء الصوفية ويسمى الخانقاه والتكية
رحمتي
قوله ( ومدرسة ) ما يبنى لسكنى طلبة العلم ويجعل لها مدرس ومكان للدرس لكن إذا كان فيها مسجد فحكمه كغيره من المساجد
ففي وقف القنية المساجد التي فيها المدارس مساجد لأنهم لا يمنعون الناس من الصلاة فيها وإذا أغلقت يكون فيها جماعة من أهلها ا هـ
وفي الخانية دار فيها مسجد لا يمنعون الناس من الصلاة فيه إن كانت الدار لو أغلقت كان له جماعة ممن فيها فهو مسجد جماعة تثبت له أحكام المسجد من حرمة البيع والدخول وإلا فلا وإن كان لا يمنعون الناس من الصلاة فيه ا هـ
قوله ( ومساجد حياض ) مسجد الحوض مصطبة يجعلونها بجنب الحوض حتى إذا توضأ أحد من الحوض صلى فيها ا هـ ح
قوله ( وأسواق ) أي غير نافذة يجعلون مصطبة للصلاة فيها ح وذلك كالتي تجعل في خان التجار
قوله ( قوارع ) أي فإنها ليست كالمذكورات
قال في أواخر شرح المنية والمساجد التي على قوارع الطرق ليس لها جماعة راتبة في حكم المسجد لكن لا يعتكف فيها ا هـ
____________________
(1/657)
مطلب كلمة لا بأس دليل على المستحب غيره لأن البأس الشدة بأس الخ ) في هذا التعبير كما قال شمس الأئمة إشارة إلى أنه لا يؤجر ويكفيه أن ينجو رأسا برأس ا هـ
قال في النهاية لأن لفظ لا بأس دليل على أن المستحب غيره لأن البأس الشدة ا هـ
ولهذا قال في حظر الهنية عن المضمرات والصرف إلى الفقراء أفضل وعليه الفتوى ا هـ
وقيل يكره لقوله إن من أشراط الساعة أن تزين لمساجد الحديث
وقيل يستحب لما فيه من تعظيم المسجد
قوله ( لأنه يلهي المصلي ) أي فيخل بخشوعه من النظر إلى موضع سجوده ونحوه وقد صرح في البدائع في مستحبات الصلاة أنه ينبغي الخشوع فيها ويكون منتهى بصره إلى موضع سجوده الخ وكذا صرح في الأشباه أن الخشوع في الصلاة مستحب
والظاهر من هذا أن الكراهة هنا تنزيهية فافهم
قوله ( ويكره التكلف الخ ) تخصيص لما في المتن من نفي البأس بالنقش ولهذا قال في الفتح وعندنا لا بأس به ومحمل الكراهة التكلف بدقائق النقوش ونحوه خصوصا في المحراب ا هـ فافهم
قوله ( ونحوها ) كأخشاب ثمينة وبياض بنحو سبيداج ا هـ ط
قوله ( وظاهره الخ ) أي ظاهر التعليل بأنه يلهي وكذا إخراج السقف والمؤخر فإن سببه عدم الإلهاء فيفيد أن المكروه جدار القبلة بتمامه لأن علة الإلهاء لا تخص الإمام بل بقية أهل الصف الأول كذلك ولذا قال في الفتاوى الهندية وكره بعض مشايخنا النقش على المحراب وحائط القبلة لأنه يشغل قلب المصلي ا هـ
ومثله يقال في حائط الميمنة أو الميسرة لأنه يلهي القريب منه
قوله ( لو بماله الحلال ) قال تاج الشريعة أما لو أنفق في ذلك مالا خبيثا ومالا سببه الخبيث والطيب فيكره لأن الله تعالى لا يقبل إلا الطيب فيكره تلويث بيته بما لا يقبله ا هـ شرنبلالية
قوله ( إلا إذا خيف الخ ) أي بأن اجتمعت عنده أموال المسجد وهو مستغن عن العبارة وإلا فيضمنها كما في القهستاني عن النهاية
قوله ( وتمامه في البحر ) حيث قال وقيدوا بالمسجد إذ نقش غيره موجب للضمان إلا إذا كان معدا للاستغلال تزيد الأجرة به فلا بأس به وأرادوا من المسجد داخله فيفيد أن تزيين خارجه مكروه وأما من مال الوقف فلا شك أنه لا يجوز للمتولي فعله مطلقا لعدم الفائدة فيه خصوصا إذا قصد به حرمان أرباب الوظائف كما شاهدناه في زماننا
مطلب في أفضل المساجد قوله ( أفضل المساجد مكة ) أي مسجد مكة وكذا ما بعده إلى قوله الأقدم ح
وفي تسهيل المقاصد للعلامة أحمد بن العماد أن أفضل مساجد الأرض الكعبة لأنه أول بيت وضع للناس ثم المسجد المحيط بها لأنه أقدم مسجد بمكة ثم مسجد المدينة لقوله صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام حموي ملخصا
____________________
(1/658)
وفي البيري واختلف في المراد في المسجد الحرام الذي فيه المضاعفة المذكورة فقيل بقاع الحرام وقيل الكعبة وما في الحجر من البيت وقيل الكعبة وما حولها من المسجد وجزم به النووي وقال إنه الظاهر
وقال الشيخ ولي الدين العراقي ولا يختص التضعيف بالمسجد الذي كان في زمنه بل يشمل جميع ما زيد فيه بل المشهور عند أصحابنا أنه يعم جميع مكة بل جميع حرمها الذي يحرم صيده كما صححه النووي
انتهى ما أفاده شيخ مشايخنا محمد بن ظهيرة القرشي الحنفي المكي ا هـ ملخصا
تنبيه هذه المضاعفة خاصة بالفرض لقوله صلاة أحدكم في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة وإلا وقع التعارض بينه وبين الحديث الأول كذا حكاه ابن رشد المالكي في القواعد عن أبي حنيفة كما في الحلية عن غاية السروجي وتمامه فيها
قوله ( ثم القدس ) لأنه أحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها والمنصوص على المضاعفة فيها
قوله ( ثم قبا ) بالقصر والمد منصرف وغير منصرف والقاف مضمومة ط لأنه المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم
قوله ( ثم الأقدم ثم الأعظم ) كذا في الحلية عن الأجناس
والذي في البحر بعد القدس ثم الجوامع ثم مساجد المحال ثم مساجد الشوارع لأنها أخف رتبة لأنه لا يعتكف فيها إذا لم يكن لها إمام معلوم ومؤذن ثم مساجد البيوت لأنه لا يجوز الاعتكاف فيها إلا للنساء ا هـ
وفي القهستاني مساجد الشوارع هي التي بنيت في الصحارى مما ليس لها مؤذن وإمام راتبان كما في الجلابي ا هـ
والحاصل أن بعد القدس الجوامع أي المساجد الكبيرة الجامعة للجاعة الكثيرة لكن الأقدم منها أفضل كمسجد قبا ثم الأعظم أي الأكثر جماعة ثم الأقرب فالأقرب
وفي آخر شرح المنية بعد نقله ما مر عن الأجناس ثم الأقدم أفضل لسبقه حكما إلا إذا كان الحادث أقرب إلى بيته فإنه أفضل حينئذ لسبقه حقيقة وحكما كذا في الواقعات
وذكر في الخانية ومنية المفتي وغيرهما أن الأقدم أفضل فإن استويا في القدم فالأقرب ولو استويا فيهما وقوم أحدهما أكثر فإن كان فقيها يقتدى به يذهب للأقل جماعة تكثيرا لها بسببه وإلا تخير
والأفضل اختيار الذي إمامه أفقه وأصلح ومسجد حيه وإن قل جمعه أفضل من الجامع وإن كثر جمعه ا هـ ملخصا
وحاصله أن في تقديم الأقدم على الأقرب خلافا لكن عبارة الخانية هكذا وإذا كان في منزله مسجدان يذهب إلى ما كان أقدم الخ
وظاهره أن هذا التفصيل في مسجد الحي
تأمل
قوله ( أفضل اتفاقا ) أي من الأقدم وما بعده لإحرازه فضيلتي الصلاة والسماع ط
قوله ( ومسجد حيه أفضل من الجامع ) أي الذي جماعته أكثر من مسجد الحي وهذا أحد قولين حكاهما في القنية والثاني العكس وما هنا جزم به في شرح المنية كما مر وكذا في المصفى والخانية بل في الخانية لو لم يكن لمسجد منزله مؤذن فإنه يذهب إليه ويؤذن فيه ويصلي ولو كان وحده لأن له حقا عليه فيؤديه
قوله ( والصحيح الخ ) قدمنا الكلام مستوفى على هذه المسألة في شروط الصلاة قبيل بحث القبلة فراجعه
قوله ( وقيل إن تخطى ) هو الذي اقتصر عليه الشارح في الحظر حيث قال فرع يكره إعطاء سائل المسجد إلا إذا لم يتخط رقاب الناس في المختار لأن عليا تصدق بخاتمه في الصلاة فمدحه الله تعالى بقوله
____________________
(1/659)
{ ويؤتون الزكاة وهم راكعون } المائدة 65 ط
قوله ( وإنشاد ضالة ) هي الشيء الضائع وإنشادها السؤال عنها
وفي الحديث إذا رأيتم من ينشد ضالة في المسجد فقولوا لا ردها الله عليك
مطلب في إنشاد الشعر قوله ( أو شعر الخ ) قال في الضياء المعنوي العشرون أي من آفات اللسان الشعر سئل عنه فقال كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح ومعناه أن الشعر كالنثر يحمد حين يحمد ويذم حين يذم
ولا بأس باستماع نشيد الأعراب وهو إنشاد الشعر من غير لحن
ويحرم هجو مسلم ولو بما فيه قال لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلىء شعرا فما كان منه في الوعظ والحكم وذكر نعم الله تعالى وصفة المتقين فهو حسن وما كان من ذكر الأطلال والأزمان والأمم فمباح وما كان من هجو وسخف فحرام وما كان من وصف الخدود والقدود والشعور فمكروه كذا فصله أبو الليث السمرقندي ومن كثر إنشاده وإنشاؤه حين تنزل به مهماته ويجعله مكسبة له تنقص مروءته وترد شهادته ا هـ
وقدمنا بقية الكلام على ذلك في صدر الكتاب قبل رسم المفتي
هذا وقد أخرج الإمام الطحاوي في ( شرح مجمع الآثار ) أنه نهى أن تنشد الأشعار في المسجد وأن تباع فيه السلع وأن يتحلق فيه قبل الصلاة ثم وفق بينه وبين ما ورد أنه وضع لحسان منبرا ينشد عليه الشعر بحمل الأول على ما كانت قريش تهجوه به ونحوه مما فيه ضرر أو على ما يغلب على المسجد حتى يكون أكثر من فيه متشاغلا به
قال وكذلك النهي عن البيع فيه هو الذي يغلب عليه حتى يكون كالسوق لأنه لم ينه عليا عن خصف النعل فيه مع أنه لو اجتمع الناس لخصف النعال فيه كره فكذلك البيع وإنشاد الشعر والتحلق قبل الصلاة فما غلب عليه كره وما لا فلا ا هـ
مطلب في رفع الصوت بالذكر قوله ( ورفع صوت بذكر الخ ) أقول اضطرب كلام صاحب البزازية في ذلك فتارة قال إنه حرام وتارة قال إنه جائز وفي الفتاوى الخيرية من الكراهية والاستحسان جاء في الحديث ما اقتضى طلب الجهر به نحو وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم رواه الشيخان
وهناك أحاديث اقتضت طلب الإسرار والجمع بينهما بأن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال كما جمع بذلك بين أحاديث الجهر والإخفاء بالقراءة
ولا يعارض ذلك حديث خير الذكر الخفي لأنه حيث خيف الرياء أو تأذى المصلين أو النيام فإن خلا مما ذكر فقال بعض أهل العلم إن الجهر أفضل لأنه أكثر عملا ولتعدي فائدته إلى السامعين ويوقظ قلب الذاكر فيجمع همه إلى الفكر ويصرف سمعه إليه ويطرد النوم ويزيد النشاط ا هـ ملخصا وتمام الكلام هناك فراجعه
وفي حاشية الحموي عن الإمام الشعراني أجمع العلماء سلفا وخلفا على استحباب ذكر الجماعة في المساجد وغيرها
إلا أن يشوش جهرهم على نائم أو مصل أو قارىء الخ
قوله ( والوضوء ) لأن ماءه مستقذر طبعا فيجب تنزيه المسجد عنه كما يجب تنزيهه عن المخاط والبلغم
بدائع
قوله ( إلا فيما أعد لذلك ) انظر هل يشترط إعداد ذلك من الواقف أم لا وفي حاشية المدني عن الفتاوى العفيفية ولا يظن أن ما حول بئر زمزم يجوز الوضوء أو الغسل من
____________________
(1/660)
1 الجنابة فيه لأن حريم زمزم يجري عليه حكم المساجد فيعامل بمعاملتها من تحريم البصاق
والمكث مع الجنابة فيه ومن حصول الاعتكاف فيه واستحباب تقديم اليمنى بناء على أن الداخل من مسجد لمسجد يسن له ذلك ا هـ
قوله ( كتقليل نز ) النز بفتح النون وكسرها وبالزاي المعجمة ما يتحلب من الأرض من الماء يقال نزت الأرض صارت ذات نز كذا في الصحاح
مطلب في الغرس في المسجد قال في الخصة غرس الأشجار في المسجد لا بأس به إذا كان فيه نفع للمسجد بأن كان المسجد ذا نز والأسطوانات لا تستقر بدونها وبدون هذا لا يجوز ا هـ
وفي الهندية عن الغرائب إن كان لنفع الناس بظله ولا يضيق على الناس ولا يفرق الصفوف لا بأس به وإن كان لنفع نفسه بورقه أو ثمره أو يفرق الصفوف أو كان في موضع تقع به المشابهة بين البيعة والمسجد يكره ا هـ
هذا وقد رأيت رسالة للعلامة ابن أمير حاج بخطه متعلقة بغراس المسجد الأقصى رد فيها على من أفتى بجوازه فيه أخذا من قولهم لو غرس شجرة للمسجد فثمرتها للمسجد فرد عليه بأنه لا يلزم من ذلك حل الغرس إلا للعذر المذكور لأن فيه شغل ما أعد للصلاة ونحوها وإن كان المسجد واسعا أو كان في الغرس نفع بثمرته وإلا لزم إيجار قطعه منه ولا يجوز إبقاؤه أيضا لقوله عليه الصلاة والسلام ليس لعرق ظالم حق لأن الظلم وضع الشيء في غير محله وهذا كذلك الخ ما أطال به
ورأيت في آخر الرسالة بخط بعض العلماء أنه وافقه على ذلك المحقق ابن أبي شريف الشافعي
قوله ( وأكل ونوم الخ ) وإذا أراد ذلك ينبغي أن ينوي الاعتكاف فيدخل ويذكر الله تعالى بقدر ما نوى أو يصلي ثم يفعل ما شاء
فتاوى هندية
قوله ( وأكل نحو ثوم ) أي كبصل ونحوه مما له رائحة كريهة للحديث الصحيح في النهي عن قربان آكل الثوم والبصل المسجد
قال الإمام العيني في شرحه على صحيح البخاري قلت علة النهي أذى الملائكة وأذى المسلمين ولا يختص بمسجده عليه الصلاة والسلام بل الكل سواء لرواية مساجدنا بالجمع خلافا لمن شذ ويلحق بما نص عليه في الحديث كل ما له رائحة كريهة مأكولا أو غيره وإنما خص الثوم هنا بالذكر وفي غيره أيضا بالبطل والكراث لكثرة أكلهم لها وكذلك ألحق بعضهم بذلك من بفيه بخر أو به جرح له رائحة وكذلك القصاب والسماك والمجذوم والأبرص أولى بالإلحاق
وقال سحنون لا أرى الجمعة عليهما
واحتج بالحديث وألحق بالحديث كل من آذى الناس بلسانه وبه أفتى ابن عمر وهو أصل في نفي كل من يتأذى به
ولا يبعد أن يعذر المعذور بأكل ما له ريح كريهة لما في صحيح ابن حبان عن المغيرة بن شعبة قال أنتهيت إلى رسول الله فوجد مني ريح الثوم فقال من أكل الثوم فأخذت يده فأدخلتها فوجد صدري معصوبا فقال إن لك عذرا وفي رواية الطبراني في الأوسط شتكيت صدري فأكلته وفيه فلم يعنفه وقوله وليقعد في بيته صريح في أن أكل هذه الأشياء عذر في التخلف عن الجماعة
وأيضا هنا علتان أذى المسلمين وأذى الملائكة فبالنظر إلى الأولى يعذر في ترك الجماعة وحضور المسجد وبالنظر إلى الثانية يعذر في ترك حضور المسجد ولو كان وحده ا هـ ملخصا
أقول كونه يعذر بذلك ينبغي تقييده بما إذا أكل ذلك بعذر أو أكل ناسيا قرب دخول وقت الصلاة
____________________
(1/661)
لئلا يكون مباشرا لما يقطعه عن الجماعة بصنعه
قوله ( وكل عقد ) الظاهر أن المراد به عقد مبادلة ليخرج نحو الهبة
تأمل
وصرح في الأشباه وغيرها بأنه يستحب عقد النكاح في المسجد وسيأتي في النكاح
قوله ( بشرطه ) وهو أن لا يكون للتجارة بل يكون ما يحتاجه لنفسه أو عياله بدون إحضار السلعة
قوله ( بأن يجلس لأجله ) فإنه حينئذ لا يباح بالاتفاق لأن المسجد ما بني لأمور الدنيا
وفي صلاة الجلابي الكلام المباح من حديث الدنيا يجوز في المساجد وإن كان الأولى أن يشتغل بذكر الله تعالى كذا في التمرتاشي هندية
وقال البيري ما نصه وفي المدارك { ومن الناس من يشتري لهو الحديث } المراد بالحديث الحديث المنكر لما جاء الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش انتهى
فقد أفاد أن المنع خاص بالمنكر من القول أما المباح فلا
قال في المصفى الجلوس في المسجد للحديث مأذون شرعا لأن أهل الصفة كانوا يلازمون المسجد وكانوا ينامون ويتحدثون ولهذا لا يحل لأحد منعه كذا في الجامع البرهاني
أقول يؤخذ من هذا أن الأمر الممنوع منه إذا وجد بعد الدخول بقصد العبادة لا يتناوله ا هـ
قوله ( الإطلاق أوجه ) بحث مخالف للمنقول مع ما فيه من شدة الحرج ط
قوله ( وتخصيص مكان لنفسه ) لأنه يخل بالخشوع كذا في القنية أي لأنه إذا اعتاده ثم صلى في غيره يبقى باله مشغولا بالأول بخلاف ما إذا لم يألف مكانا معينا
قوله ( وليس له الخ ) قال في القنية له في المسجد موضع معين يواظب عليه وقد شغله غيره
قال الأوزاعي له أن يزعجه وليس له ذلك عندنا ا هـ أي لأن المسجد ليس ملكا لأحد بحر عن النهاية
قلت وينبغي تقييده بما إذا لم يقم عنه على نية العود بلا مهلة كما لو قام للوضوء مثلا ولا سيما إذا وضع فيه ثوبه لتحقق سبق يده تأمل
مطلب فيمن سبقت يده إلى مباح وفي شرح السير الكبير للسرخسي وكذا كل ما يكون المسلمون فيه سواء كالنزول في الرباطات والجلوس في المساجد للصلاة والنزول بمنى أو عرفات للحج حتى لو ضرب فسطاطه في مكان كان ينزل فيه غيره فهو أحق وليس للآخر أن يحوله فإن أخذ موضعا فوق ما يحتاجه فللغير أخذ الزائد منه فلو طلب ذلك منه رجلان فأراد إعطاء أحدهما دونا لآخر فله ذلك ولو نزل فيه أحدهما فأراد الذي أخذه أولا وهو غني عنه أن لا ينزل فيه آخر فلا لأنه اعترض على يده يد أخرى محقة لاحتياجها إلا إذا قال إنما كنت أخذته لهذا الآخر بأمره لا لنفسي فإذا حلف على ذلك له إخراجه لأنه تبين أن يده فيه كانت يدا آمرة وحاجة الآمر تمنع من إثبات اليد عليه ا هـ ملخصا
قال الخير الرملي ومثل المسجد مقاعد الأسواق التي يتخذها المحترفون من سبق لها فهو الأحق بها وليس لمتخذها أن يزعجه إذ لا حق له فيها ما دام فيها فإذا قام عنها استوى هو وغيره فيها
ومذهب الشافعية بخلافه كما نصوا عليه في كتبهم ا هـ
والمراد بها التي لا تضر العامة وإلا أزعج القاعد فيها مطلقا
قوله ( وإذا ضاق الخ ) أقول وكذا إذا لم يضق لكن في قعوده قطع للصف
قوله ( بل ولأهل المحلة الخ ) قال في القنية وكذا الأهل المحلة أن يمنعوا من ليس منهم عن الصلاة فيه إذا ضاق بهم المسجد ا هـ
قوله ( ولهم نصب متول )
____________________
(1/662)
أي ولولا بلا نصب قاض كما قدمناه عن العناية
قوله ( لا لدرس أو ذكر ) لأنه ما بني لذلك وإن جاز فيه كذا في القنية
قوله ( فاستماع العظة أولى ) الظاهر أن هذا خاص بمن لا قدر له على فهم الآيات القرآنية والتدبر في معانيها الشرعية والاتعاظ بمواعظها الحكمية إذ لا شك أن من له قدرة على ذلك يكون استماعه أولى بل أوجب بخلاف الجاهل فإنه يفهم من المعلم والواعظ ما لا يفهمه من القارىء فكان ذلك أنفع له
قوله ( ولا ينبغي الكتابة على جدرانه ) أي خوفا من أن تسقط وتوطأ
بحر عن النهاية
قوله ( خفاش ) كرمان الوطواط قاموس
قوله ( لتنقيته ) جواب سؤال حاصله أنه قال أقروا الطير على مكانتها فإزالة العش مخالفة للأمر فأجاب بأنه للتنقية وهي مطلوبة فالحديث مخصوص بغير المساجد ط 2
____________________
(1/663)
باب الوتر والنوافل الوتر بفتح الواو وكسرها ضد الشفع
والنوافل جمع نافلة والنفل في اللغة الزيادة
وفي الشريعة زيادة عبادة شرعت لنا لا علينا ط
قوله ( كل سنة نافلة ) قدمنا قبل هذا الباب في آخر المكروهات تقسيم السنة إلى مؤكدة وغيرها وبسطنا ذلك أيضا في سنن الوضوء والكل يسمى نافلة لأنه زيادة على الفرض لتكميله ومراده الاعتذار عن ترك التصريح بالسنن في الترجمة مع أن الباب معقود لبيانها أيضا
قوله ( ولا عكس ) أي لغويا لأن الفقيه بمعزل عن النظر إلى القواعد المنطقية فالمراد وليس كل نافلة سنة فإن كل صلاة لم تطلب بعينها نافلة وليست بسنة بخلاف ما طلبت بعينها كصلاة الليل والضحى مثلا فافهم
قوله ( هو فرض عملا ) أي يفترض عمله أي فعله بمعنى أنه يعامل معاملة الفرائض في العمل فيأثم بتركه ويفوت الجواز بفوته ويجب ترتيبه وقضاؤه ونحو ذلك فقوله عملا تمييز محول عن الفاعل
مطلب في الفرض العلمي والعملي والواجب واعلم أن الفرض نوعان فرض وعلما وفرض عملا فقط
فالأول كالصلوات الخمس فإنها فرض من جهة العمل لا يحل تركها ويفوت الجواز بفوتها بمعنى أنه لو ترك واحدة منها لا يصح فعل ما بعدها قبل قضاء المتروكة
وفرض من جهة العلم والاعتقاد بمعنى أنه يفترض عليه اعتقادها حتى يكفر بإنكارها
والثاني كالوتر فإنه فرض عملا كما ذكرناه وليس بفرض علما أي لا يفترض اعتقاده حتى أنه لا يكفر منكره لظنية دليله وشبهة
____________________
(2/3)
الاختلاف فيه ولذا يسمى واجبا ونظيره مسح ربع الرأس فإن الدليل القطعي أفاد أصل المسح
وأما كونه قدر الربع فإنه ظني لكنه قام عند المجتهد ما رجح دليله الظني حتى صار قريبا من القطعي فسماه فرضا أي عمليا بمعنى أنه يلزم عمله حتى لو تركه ومسح شعرة مثلا يفوت الجواز به وليس فرضا علما حتى لو أنكره لا يكفر بخلاف ما لو أنكر أصل المسح
وبه علم أن الواجب نوعان أيضا لأنه كما يطلق على هذا الفرض الغير القطعي يطلق على ما هو دونه في العلم وفوق السنة وهو ما لا يفوت الجواز بفوته كقراءة الفاتحة وقنوت الوتر وتكبيرات العيدين وأكثر الواجبات من كل ما يجبر بسجود السهو
وقد يطلق الواجب أيضا على الفرض القطعي كما قدمناه عن التلويح في بحث فرائض الوضوء فراجعه
قوله ( وواجب اعتقادا ) أي يجب اعتقاده وظاهر كلامهم أنه يجب اعتقاد وجوبه إذ لو لم يجب عليه اعتقاد وجوبه لما أمكن إيجاب فعله لأنه لا يجب فعل ما لا يعتقده واجبا ولذا أشكل قولهما بسنيته ووجوب قضائه كما يأتي
ويدل عليه أيضا قول الأصوليين في الواجب إن حكمه اللزوم عملا لا علما على اليقين فقولهم على اليقين يفيد أن حكمه اللزوم عملا وعلما على الظن فيلزمه أن يعلم ظنيته أي أنه واجب وإلا لغا قولهم على اليقين وحينئذ فيشكل قول الزيلعي إن اعتقاد الوجوب ليس بواجب على الحنفي إلا أن يجاب بأن المراد ليس بفرض حتى لو لم يعتقد وجوبه لا يكفر لأن الوجوب يطلق بمعنى الفرض أيضا كما مر فليتأمل
قوله ( وسنة ثبوتا ) أي ثبوته علم من جهة السنة لا القرآن وهي قوله الوتر حق فمن لم يوتر فليس مني قاله ثلاثا رواه أبو داود والحاكم وصححه وقوله أوترا قبل أن تصبحوا رواه مسلم والأمر للوجوب وتمامه في شرح المنية
قوله ( بين الروايات ) أي الثلاث المروية عن أبي حنيفة فإنه روي عنه أنه فرض وأنه واجب وأنه سنة والتوفيق أولى من التفريق فرجع الكل إلى الوجوب الي مشى عليه في الكنز وغيره
قال في البحر وهو آخر أقوال الإمام وهو الصحيح
محيط والأصح
خانية وهو الظاهر من مذهبه
مبسوط ا هـ
ثم قال وأما عندهما فسنة عملا واعتقادا ودليلا لكنها آكد سائر السنن المؤقتة
قوله ( وعليه الخ ) أي على ما ذكر من التوفيق فإنه لو حملت رواية الفرض على ظاهرها لزم إكفار جاحده ولو حملت رواية الواجب على ظاهرها وهو كون المراد بالواجب ما يتبادر منه وهو ما لا يفوت الجواز بفوته ولا يعامل معاملة الفرض لزم أن لا يفسد الفجر بتذكره ولا عكسه ولو حملت رواية السنة على ظاهرها لزم أن لا يقضي وأن يصح قاعدا وراكبا ففي تفريع المصنف لف ونشر مرتب فافهم
قوله ( فلا يكفر جاحده ) أي جاحد أصل الوتر اتفاقا لأن عدم الإكفار لازم السنية والوجوب كما صرح به في فتح القدير ح
قلت والمراد الجحود مع رسوخ الأدب كأن يكون لشبهة دليل أو نوع تأويل فلا ينافيه ما يأتي من أنه لو ترك السنن فإن رآها حقا أثم وإلا كفر لأنهم عللوه بأنه ترك استخفافا كما عزاه في البحر إلى التجنيس والنوازل والمحيط ولقوله في شرح المنية ولا يكفر جاحده إلا إن استخف ولم يره حقا على المعنى الذي مر في السنن ا هـ
وأراد بما مر هو أن يقول هذا فعل النبي وأنا لا أفعله
مطلب في منكر الوتر والسنن أو الإجماع ثم اعلم أنه قال في الأشباه ويكفر بإنكار أصل الوتر والأضحية ا هـ
ومثله في القنية
ومفهومه أن المراد هنا جحود وجوبه ويؤيده تعليل الزيلعي بثبوته بخبر الواحد فإن الثابت بخبر الواحد وجوبه لا أصل مشروعيته
____________________
(2/4)
بل هي ثابتة بإجماع الأمة ومعلومة من الدين ضرورة
وقد صرح بعض المحققين من الشافعية بأن من أنكر مشروعية السنن الراتبة أو صلاة العيدين يكفر لأنها معلومة من الدين بالضرورة وسيأتي في سنن الفجر أنه يخشى الكفر على منكرها
قلت ولعل المراد الإنكار بنوع تأويل وإلا فلا خلاف في مشروعيتها
وقد صرح في التحرير في باب الإجماع بأن منكر حكم الإجماع القطعي يكفر عند الحنفية وطائفة
وقالت طائفة لا وصرح أيضا بأن ما كان من ضروريات الدين وهو ما يعرف الخواص والعوام أنه من الدين كوجوب اعتقاد التوحيد والرسالة والصلوات الخمس وأخواتها يكفر منكره وما لا فلا كفساد الحج بالوطء قبل الوقوف وإعطاء السدس الجدة ونحوه أي مما لا يعرف كونه من الدين إلا الخواص
ولا شبحة أن ما نحن فيه من مشروعية الوتر ونحوه يعلم الخواص والعوام أنها من الدين بالضرورة فينبغي الجزم بتكفير منكرها ما لم يكن عن تأويل بخلاف تركها فإنه إن كان عن استخفاف كما مر يكفر وإلا بأن يكون كسلا أو فسقا بلا استخفاف فلا
هذا ما ظهر لي والله أعلم
قوله ( مفسد له ) أي للفجر والفجر غير قيد بل هو مثال
قوله ( كعكسه ) وهو تذكر الفرض فيه
قوله ( بشرطه ) وهو عدم ضيق الوقت وعدم صيرورتها ستا وأما عدم النسيان فلا يصح هنا لأن فرض المسألة فيما إذا تذكره في الفجر أو تذكر الفجر فيه
رحمتي فافهم
قوله ( خلافا لهما ) فلا يحكمان بالفساد لأنه سنة عندهما ط
قوله ( ولكنه يقضي ) لا وجه للاستدراك على قول الإمام وإنما أتى به نظرا إلى قوله اتفاقا بعد حكايته الخلاف فيما قبله أي أنه يقضي وجوبا اتفاقا أما عنده فظاهر وأما عندهما وهو ظاهر الرواية عنهما فلقوله عليه الصلاة والسلام من نام عن وتر أو نسيه فليصله إذا ذكره كما في البحر عن المحيط
واستشكله في الفتح والنهر بأن وجوب القضاء فرع وجوب الأداء
وأجاب في البحر بما ذكر عن المحيط
قلت ولا يخفى ما فيه فإن دلالة الحديث على وجوب القضاء مما يقوي الإشكال إلا أن يجاب بأنهما لما ثبت عندهما دليل السنية قالا به
ولما ثبت دليل القضاء قالا به أيضا اتباعا للنص وإن خالف القياس
قوله ( ولا يصح الخ ) لأن الواجبات لا تصح على الراحلة بلا عذر
وعندهما وإن كان سنة لكن صح عن النبي أنه كان يتنفل على راحلته من غير عذر في الليل وإذا بلغ الوتر نزل فيوتر على الأرض بحر عن المحيط
والقعود كالركوب
قوله ( اتفاقا ) راجع للمسائل الثلاث ح
وإنما الخلاف في خمس في تذكره في الفرض وعكسه وفي قضائه بعد طلوع الفجر وصلاة العصر وإعادته بفساد العشاء
خزائن أي فإنه على القول بسنيته لا يلزم فساد الفرض ولا فساده بالتذكر ولا يقضي في الوقتين المذكورين ويعاد لو ظهر فساد العشاء دونه
قوله ( كالمغرب ) أفاد به أن القعدة الأولى فيه واجبة وأنه لا يصلى فيها على النبي ط
قوله ( حتى لو نسي ) تفريع على قوله كالمغرب ولو كان كالنفل لعاد قبل أن يقيد ما قام إليه بالسجود لأن كل ركعتين من النفل صلاة على حدة ط
قوله ( لا يعود ) أي إذا استتم قائما لاشتغاله بفرض القيام
قوله ( كما سيجيء ) أي في باب سجود السهو لكنه رجح هناك عدم الفساد ونقل عن البحر أنه الحق
قوله ( ولكنه ) استدراك على ما يتوهم من قوله كالمغرب من أنه لا يقرأ السورة في ثالثته
قوله ( احتياطا ) أي لأن الواجب تردد بين السنة والفرض فبالنظر
____________________
(2/5)
إلى الأول تجب القراءة في جميعه وبالنظر إلى الثاني لا فتجب احتياطا
شرح المنية
قوله ( والسنة السور الثلاث ) أي { الأعلى } { والكافرون } و ( الأخلاص ) لكن في النهاية أن التعيين على الدوام يفضي إلى اعتقاد بعض الناس أنه واجب وهو لا يجوز فلو قرأ بما ورد به الآثار أحيانا بلا مواظبة يكون حسنا
بحر
وهل ذلك في حق الإمام فقط أو إذا رأى ذلك حتما لا يجوز غيره قدمنا الكلام فيه قبيل باب الإمامة
قوله ( وزيادة المعوذتين الخ ) أي في الثالثة بعد سورة الإخلاص
قال في البحر عن الحلية وما وقع في السنن وغيرها من زيادة المعوذتين أنكرها الإمام أحمد وابن معين ولم يخترها أكثر أهل العلم كما ذكره الترمذي ا هـ
قوله ( ويكبر ) أي وجوبا وفيه قولان كما مر في الواجبات وقدمنا هناك عن البحر أنه ينبغي ترجيح عدمه
قوله ( رافعا يديه ) أي سنة إلى حذاء أذنيه كتكبيرة الإحرام وهذا كما في الإمداد عن مجمع الروايات لو في الوقت أما في القضاء عند الناس فلا يرفع حتى لا يطلع أحد على تقصيره ا هـ
قوله ( كما مر ) أي في فصل إذا أراد الشروع في الصلاة عند قوله ولا يسن رفع اليدين إلا في سبع
قوله ( ثم يعتمد ) أي يضع يمينه على يساره كما في حالة القراءة ح
قوله ( وقيل كالداعي ) أي عن أبي يوسف أنه يرفعهما إلى صدره وبطونهما إلى السماء
إمداد
والظاهر أنه يبقيهما كذلك إلى تمام الدعاء على هذه الرواية
تأمل
قوله ( وقنت فيه ) أي في الوتر أو الضمير إلى ما قبل الركوع
واختلف المشايخ في حقيقة القنوت الذي هو واجب عنده فنقل في المجتبى أنه طول القيام دون الدعاء وفي الفتاوى الصغرى العكس وينبغي تصحيحه
بحر
قال في المغرب وهو المشهور وقولهم دعاء القنوت إضافة بيان ا هـ
ومثله في الإمداد
ثم القنوت واجب عنده سنة عندهما كالخلاف في الوتر كما في البحر والبدائع لكن ظاهر ما في غرر الأفكار عدم الخلاف في وجوبه عندنا فإنه قال القنوت عندنا واجب
وعند مالك مستحب
وعند الشافعي من الأبعاض
وعند أحمد سنة
تأمل
قوله ( ويسن الدعاء المشهور ) قدمنا في بحث الواجبات التصريح بذلك عن النهر
وذكر في البحر عن الكرخي أن القنوت ليس فيه دعاء مؤقت لأنه روي عن الصحابة أدعية مختلفة ولأن المؤقت من الدعاء يذهب برقة القلب
وذكر الإسبيجابي أنه ظاهر الرواية
وقال بعضهم المراد ليس في دعاء مؤقت ما سوى اللهم إنا نستعينك وقال بعضهم الأفضل التوقيت ورجحه في شرح المنية تبركا بالمأثور ا هـ
والظاهر أن القول الثاني والثالث متحدان وحاصلهما تقييد ظاهر الرواية بغير المأثور كما يفيده قول الزيلعي
وقال في المحيط والذخيرة يعني من غير قوله اللهم إنا نستعينك الخ واللهم اهدنا الخ ا هـ
فلفظ يعني بيان لمراد محمد في ظاهر الرواية فلا يكون هذا القول خارجا عنها ولذا قال في شرح المنية والصحيح أن عدم التوقيت فيما عدا المأثور لأن الصحابة اتفقوا عليه ولأنه ربما يجري على اللسان ما يشبه كلام الناس إذا لم يؤقت
ثم ذكر اختلاف الألفاظ الواردة في اللهم إنا نستعينك الخ
ثم ذكر أن الأولى أن يضم إليه اللهم اهدني الخ وأن ما عدا هذين فلا توقيت فيه ومنه ما عن ابن عمر أنه كان يقول بعد عذابك الجد بالكفار ملحق اللهم غفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم ونصرهم على عدوك وعدوهم
اللهم لعن كفرة أهل الكتاب لذين يكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك
اللهم خالف بين كلمتهم وزلزل أقدامهم وأنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين ومنه ما أخرجه الأربعة وحسنه الترمذي أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ
____________________
(2/6)
بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك وغير ذلك من الأدعية التي لا تشبه كلام الناس
ومن لا يحسن القنوت يقول { ربنا آتنا في الدنيا حسنة } الآية
وقال أبو الليث يقول اللهم اغفر لي يكررها ثلاثا وقيل يقول يا رب ثلاثا ذكره في الذخيرة ا هـ
أقول هذا يفيد أن ما في البحر من قوله ذكر الكرخي أن مقدار القيام في القنوت مقدار سورة { إذا السماء انشقت } وكذا ذكر في الأصل ا هـ
بيان للأفضل أو هو مبني على القول بأن القنوت الواجب هو طول القيام لا الدعاء
تأمل
هذا وذكر في الحلية أن ما مر من أنه كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك الخ
جاء في بعض روايات النسائي أنه كان يقوله إذا فرغ من صلاته وتبوأ مضجعه
قوله ( وصح الجد ) قال في الحلية والجد في إن عذابك الجد ثابت في رواية الطحاوي
وفي البحر أنه ثابت في مراسيل أبي داود وبه اندفع قول الشمني في شرح النقاية إنه لا يقوله
قوله ( وملحق بمعنى لاحق ) مبتدأ وخبر وهو بكسر الحاء هذا هو المشهور
ونص غير واحد على أنه الأصح ويقال بفتحها ذكره ابن قتيبة وغيره ونص الجوهري على أنه صواب
كذا في الحلية
قلت بل في القاموس الفتح أحسن أو الصواب
تأمل
قوله ( بمعنى لاحق ) أي أنه من ألحق المزيد بمعنى لحق المجرد
وفي الشربلالية أنه المطرزي صحح أن المراد ملحق الفساق بالكفار الأول أولى احترازا عن الإضمار وتمامه فيها
قلت ولعل ما صححه المطرزي وهو صاحب المغرب تلميذ الزمخشري وشيخ صاحب القنية بناه على مذهبهم الفاسد مذهب الاعتزال من أن عصاة المؤمنين مخلدون في النار كالكفار
قوله ( كأنه لأنه كلمة مهملة ) كذا في البحر لكن فيه أنه ورد في صفة البراق له جناحان يحفذ بهما أي يستعين على السير ط
قول ( على الأصح ) كذا في المحيط
وفي الهداية أنه المختار ومقابله ما في الذخيرة واستحسنوا الجهر في بلاد العجم للإمام ليتعلموا
وفصل بعضهم بين أن يعلمه القوم فالأفضل للإمم الإخفاء وإلا فالجهر ا هـ
قلت هذا التفصيل لا يخرج عما قبله
وفي المنية من اختار الجهر اختاره دون القراءة
قوله ( ولو إماما ) قال في الخزائن إماما كان أو مؤتما أو منفردا أداء أو قضاء في رمضان أو غيره
قوله ( لحديث الخ ) أفاد أن المخافتة ليست واجبة ط
قوله ( ففي غيره أولى ) وجه الأولوية أن النية متحدة في الفرض والنفل بخلاف الوتر فهي فيه مختلفة ط أي لأن إمامه ينويه سنة
قوله ( إن لم يتحقق الخ ) فلو رآه احتجم ثم غاب فالأصح أنه يصح الاقتداء به لأنه يجوز أن يتوضأ احتياطا وحسن الظن به أولى
بحر عن الزاهدي
قوله ( كما بسطه في البحر ) حيث ذكر أن الحاصل أنه أن علم الاحتياط منه في مذهبنا فلا كراهة في الاقتداء به وإن علم عدمه فلا صحة وإن لم يعلم شيئا كره
مطلب الاقتداء بالشافعي ثم قال ظاهر الهداية أن الاعتبار لاعتقاد المقتدي ولا اعتبار لاعتقاد الإمام حتى لو اقتدى بشافعي رآه مس امرأة ولم يتوضأ فالأكثر على الجواز وهو الأصح كما في الفتح وغيره
وقال الهندواني وجماعة لا يجوز ورجحه
____________________
(2/7)
في النهاية بأنه أقيس لأن الإمام ليس بمصل في زعمه وهو الأصل فلا يصح الاقتداء به
ورد بأن المعتبر في حق المقتدي رأي نفسه لا غيره وأنه ينبغي حمل حال الإمام على التقليد لئلا تلزم الحرمة بصلاته بلا طهارة في زعمه إن قصد ذلك ا هـ
قال في النهر وعلى قول الهندواني يصح الاقتداء وإن لم يحتط ا هـ
وظاهره الجواز وإن ترك بعض الشروط عندنا لكن ذكر العلامة نوح أفندي أن اعتبار رأى المقتدي في الجواز وعدمه متفق عليه وإنما الخلاف المار في اعتبار رأي الإمام أيضا فالحنفي إذا رأى في ثوب إمام شافعي منيا لا يجوز اقتدائه به اتفاقا وإن رأى نجاسة قليلة جاز عند الجمهور لا عند البعض لأنها مانعة على رأي الإمام والمعتبر رأيهما ا هـ
وفيه نظر يظهر قريبا
هذا وقد بسطنا بقية أبحاث الاقتداء بالمخالف في باب الإمامة
قوله ( بشفايع مثلا ) دخل فيه من يعتقد قول الصاحبين وكذا كل من يقول بسنيته
قوله ( على الأصح فيهما ) أي في جواز أصل الاقتداء فيه بشافعي وفي اشتراط عدم فصله خلافا لما في الإرشاد من أنه لا يجوز أصلا بإجماع أصحابنا لأنه اقتداء المفترض بالمتنفل وخلافا لما قاله الرازي من أنه يصح وإن فصله ويصلي معه بقية الوتر لأن إمامه يخرج بسلامه عنده وهو مجتهد فيه كما لو اقتدى بإمام قد رعف
قلت ومعنى كونه لم يخرج بسلامه أن سلامه لم يفسد وتره لأن ما بعده يحسب من الوتر فكأنه لم يخرج منه وهذا بناء على قول الهندواني بقرينة قوله كما لو اقتدى الخ ومقتضاه أن المعتبر رأي الإمام فقط وهذا يخالف ما قدمناه آنفا عن نوح أفندي
قوله ( للاتحاد الخ ) علة الصحة الاقتداء
ورد على ما مر عن الإرشاد بما نقله أصحاب الفتاوى عن ابن الفضل أنه يصح الاقتداء لأن كلا يحتاج إلى نية الوتر فأهدر اختلاف الاعتقاد في صفة الصلاة واعتبر مجرد اتحاد النية ا هـ
واستشكله في الفتح بأنه اقتداء المفترض بالمتنفل وإن لم يخطر بخاطره عند النية صفة السنية أو غيرها بل مجرد الوتر كما هو ظاهر إطلاق التجنيس لتقرر النفلية في اعتقاده
ورده في البحر بما صرح به في التجنيس أيضا من أن الإمام إن نوى الوتر وهو يراه سنة جاز الاقتداء كمن صلى الظهر خلف من يرى أن الركوع سنة وإن نواه بنية التطوع لا يصح الاقتداء لأنه يصير اقتداء المفترض بالمتنفل ا هـ
ولم يذكر الشارح تعليل اشتراط عدم الفصل بسلام اكتفاء بما أشار إليه قبله من أن الأصح اعتبار اعتقاد المقتدي والسلام قاطع في اعتقاده فيفسد اقتداؤه وإن صح شروعه معه إذ لا مانع منه في الابتداء كما أفاده ح
قوله ( ولذا ينوي ) أي لأجل الاختلاف المفهوم من قوله وإن اختلف الاعتقاد ط
قوله ( لا الوتر الواجب ) الذي ينبغي أن يفهم من قولهم إنه لا ينوي أنه واجب أنه لا يلزمه تعيين الوجوب لا منعه من ذلك لأنه إن كان حنفيا ينبغي أن ينويه ليطابق اعتقاده وإن كان غيره فلا تضره تلك النية
بحر
قوله ( للاختلاف ) أي في الوجوب والسنية وهو علة للعيدين فقط وعلة الوتر قدمها بقوله ولذا لو حذف هذا ما ضر لفهمه من الكاف ط
قوله ( ويأتي المأموم الخ ) هذا من المسائل الخمس الآتية التي يفعلها المؤتم إن فعلها الإمام وما مشى عليه المصنف تبعا للكنز هو المختار كما في البحر عن المحيط
وعبارة المحيط كما في الحلية قال أبو يوسف يسن أن يقرأ المقتدي أيضا وهو المختار لأنه دعاء كسائر الأدعية
وقال محمد لا يقرأ بل يؤمن لأن له شبهة القرآن احتياطا ا هـ
وهو صريح في أنه سنة للمقتدي لا واجب إلا أن يكون مبنيا على ما مر عن البحر من أن القنوت سنة عندهما
قوله ( ولو بشافعي الخ ) أي ويقنت بدعاء الاستعانة لا دعاء الهداية الذي يدعو به إمامه
____________________
(2/8)
لأن المتابعة في مطلق القنوت لا في خصوص الدعاء كما حرره الشيخ أبو السعود عن الشيخ عبد الحي وإن توقف فيه في الشرنبلالية
قوله ( لأنه مجتهد فيه ) قدمنا معنى هذا عند قوله في آخر واجبات الصلاة ومتابعة الإمام يعني في المجتهد فيه لا في المقطوع بنسخه أو بعدم سنيته كقنوت فجر ا هـ
وقدمنا هناك من أمثلة المجتهد فيه سجدتا السهو قبل السلام وما زاد على الثلاث في تكبيرات العيد وقنوت الوتر بعد الركوع
والظاهر أن المراد من وجوب المتابعة في قنوت الوتر بعد الركوع المتابعة في القيام فيه لا في الدعاء إن قلنا إنه سنة للمقتدي لا واجب
قوله ( لأنه منسوخ ) فصار كما لو كبر خمسا في الجنازة حيث لا يتابعه في الخامسة
بحر
قوله ( بل يقف ) وقيل يقعد وقيل يطيل الركوع وقيل يسجد إلى أن يدركه فيه
شرنبلالية
قوله ( مرسلا يديه ) لأن الوضع سنة قيام طويل فيه مسنون وهذا الذكر ليس بمسنون عندنا
تنبيه قال في الهداية دلت المسألة على جواز الاقتداء بالشافعية وإذا علم المقتدي منه ما يزعم به فساد صلاته كالفصد وغيره لا يجزيه انتهى
ووجه دلالتها أنه لو لم يصح الاقتداء لم يصح اختلاف علمائنا في أنه يسكت أو يتابعه
بحر
قوله ( لفوات محله ) لأنه لم يشرع إلا في محض القيام فلا يتعدى إلى ما هو قيام من وجه دون وجه وهو الركوع
وأما تكبيرة العيد فإنه إذا تذكرها فيه يأتي بها فيه لأنها لم تختص بمحض القيام لأن تكبيرة الركوع يؤتى بها في حال الانحطاط وهي محسوبة من تكبيرات العيد بإجماع الصحابة فإذا جاز واحدة منها في غير محض القيام من غير عذر جازء أداء الباقي مع قيام العذر بالأولى
بحر
أقول وهو مأخوذ من الحلية وأصله في البدائع لكن ما ذكره من أنه يأتي بتكبيرات العيد في الركوع وإن صرح به في البدائع والذخيرة وغيرهما مخالف لما صرح به صاحب البدائع نفسه في فصل العيد من أن الإمام لو تذكر في ركوع الركعة الأولى أنه لم يكبر فإنه يعود ويكبر وينتقض ركوعه ولا يعيد القراءة بخلاف المقدي لو أدرك الإمام في الركوع وخاف فوت الركعة فإنه يركع ويكبر فيه
والفرق أن محل التكبيرات في الأصل القيام المحض ولكن ألحقنا الركوع بالقيام في حق المقتدي لضرورة وجوب المتابعة ا هـ
فانظر إلى ما بين الكلامين من التدافع وعلى ما ذكره في البدائع ثانيا مشى في شرح المنية
ثم فرق بين التكبير حيث يرفض الركوع لأجله وبين القنوت بكون تكبير العيد مجمعا عليه دون القنوت
وأقول قد صرح في الحلية من باب صلاة العيد بأن ما في البدائع ثانيا رواية النوادر وأن ظاهر الرواية أنه لا يكبر ويمضي في صلاته وصرح بذلك في البحر أيضا هناك وعليه فلا إشكال أصلا إذ لا فرق بينه وبين القنوت فافهم والله أعلم
قوله ( ولا يعود إلى القيام ) إن قلت هو وإن لم يقنت فقد حصل القيام برفع رأسه من الركوع
قلنا هذه قومة لا قيام فيكون عدم العود إلى القيام كناية عن عدم القنوت بعد الركوع لأن القيام لازم والقنوت ملزوم فأطلق اللازم لينتقل منه إلى الملزوم ح
قوله ( لأن فيه رفض الفرض للواجب ) يعني وهو مبطل للصلاة على قول وموجب للإساءة على قول آخر
والحق الثاني كما يأتي في باب سجود السهو ح
قوله ( لكون ركوعه بعد قراءة تامة ) أي فلم ينتقض ركوعه بخلاف ما لو تذكر الفاتحة أو السورة حيث يعود وينتقض ركوعه لأن بعوده صارت قراءة الكل فرضا والترتيب بين القراءة والركوع فرض فارتفض ركوعه فلو لم
____________________
(2/9)
يركع بطلت ولو ركع وأدركه رجل في الركوع الثاني كان مدركا لتلك الركعة
بحر ملخصا أي لأن الركوع الثاني هو المعتبر لارتفاض الأول بالعودة إلى القراءة بخلاف العود إلى القنوت حتى لو عاد وقنت ثم ركع فاقتدى به رجل لم يدرك الركعة لأن هذا الركوع لغو وما نقله ح عن البحر وتبعه ط فيه اختصار مخل فافهم
وقدمنا في فصل القراءة بيان كون القراءة تقع فرضا بالعود فراجعه
فرع ترك السورة دون الفاتحة وقنت ثم تذكر يعود ويقرأ السورة ويعيد القنوت والركوع
معراج وخانية وغيرهما
قوله ( لزواله عن محله ) تعليل لما فهم قبله من الصور الأربع وهي ما لو قنت في الركوع أو بعد الرفع منه وأعاد الركوع أولا وما إذا لم يقنت أصلا كما حققه ح
قوله ( قطعه وتابعه ) لأن المراد بالقنوت هنا الدعاء الصادق على القليل والكثير وما أتى به منه كاف في سقوط الواجب وتكميله مندوب والمتابعة واجبة فيترك المندوب للواجب
رحمتي
قوله ( ولو لم يقرأ الخ ) أي لو ركع الإمام ولم يقرأ المقتدي شيئا من القنوت إن خاف فوت الركوع يركع وإلا يقنت ثم يركع
خانية وغيرها
وهل المراد ما يسمى قنوتا أو خصوص الدعاء المشهور والظاهر الأول
قوله ( بخلاف التشهد ) أي فإن الإمام لو سلم أو قام للثالثة قبل إتمام المؤتم التشهد فإنه لا يتابعه بل يتمه لوجوبه كما قدمه في فصل الشروع في الصلاة
قوله ( لأن المخالفة الخ ) هذا التعليل عليل لاقتضائه فرضية المتابعة المذكورة وقدمنا عن شرح المنية أن متابعة الإمام في الفرائض والواجبات من غير تأخير واجبة ما لم يعارضها واجب فلا يفوته بل يأتي به ثم يتابعه بخلاف ما إذا عارضها سنة لأن ترك السنة أولى من تأخير الواجب وهذا موافق لما قدمناه آنفا وحينئذ فوجه الفرق بين القنوت والتشهد هو أن قراءة المقتدي القنوت سنة كما قدمنا التصريح به عن المحيط والمتابعة في الركوع واجبة فإذا خاف فوتها يترك السنة للواجب
وأما التشهد فإتمامه واجب لأن بعض التشهد ليس بتشهد فيتمه وإن فاتت المتابعة في القيام أو السلام لأنه عارضها واجب تأكد بالتلبس به قبلها فلا يفوته لأجلها وإن كانت واجبة
وقد صرح في الظهيرية بأن المقتدي يتم التشهد إذا قام الإمام إلى الثالثة وإن خاف أن تفوته معه
وإذا قلنا إن قراءة القنوت للمقتدي واجبة فإن كان قرأ بعضه حصل المقصود به لأن بعض القنوت قنوت وإلا فلم يتأكد وتترجح المتابعة في الركوع للاختلاف في أن المقتدي هل يقرأ القنوت أم يسكت فافهم
قوله ( في ثانيته أو ثالثته ) وكذا لو شك أنه في الأولى أو الثانية أو الثالثة
بحر
قوله ( كرره مع القعود ) أي فيقنت ويقعد في الركعة التي حصل فيها الشك لاحتمال أنها الثالثة ثم يفعل كذلك في التي بعدها لاحتمال أنها هي الثالثة وتلك كانت ثانية
قوله ( في الأصح ) وقيل لا يقنت في الكل لأن القنوت في الركعة الأولى أو الثانية بدعة
ووجه الأول أن القنوت واجب وما التردد بين الواجب والبدعة يأتي به احتياطا
بحر عن المحيط
قوله ( ورجح الحلبي تكراره لهما ) حيث قال إلا أن هذاالفرق غير مفيد إذ لا عبرة بالظن الذي ظهر خطؤه وإذا كان الشاك يعيد لاحتمال أن الواجب لم يقع في موضعه فكيف لا يعيد الساهي بعد ما تيقن ذلك وقد صرح في الخلاصة عن الصدر الشهيد بأن الساهي يقنت ثانيا فإن
____________________
(2/10)
كان ما مر رواية فهي غير موافقة للدراية ا هـ
قلت وكذا رجحه في الحلية والبحر بنحو ما مر
قوله ( فيقنت مع إمامه فقط ) لأنه آخر صلاته وما يقضيه أولها حكما في حق القراءة وما أشبهها وهو القنوت وإذا وقع قنوته في موضعه بيقين لا يكرر لأن تكراره غير مشروع
شرح المنية
قوله ( ولا يقنت لغيره ) أي غير الوتر وهذا نفي لقول الشافعي رحمه الله إنه يقنت للفجر
مطلب في القنوت للنازلة قوله ( إلا لنازلة ) قال في الصحاح النازلة الشديدة من شدائد الدهر ولا شك أن الطاعون من أشد النوازل
أشباه
قوله ( فيقنت الإمام في الجهرية ) يوافقه ما في البحر والشرنبلالية عن شرح النقاية عن الغاية وإن نزل بالمسلمين نازلة قنت الإمام في صلاة الجهر وهو قول الثوري وأحمد ا هـ
وكذا ما في شرح الشيخ إسماعيل عن البنانية إذا وقعت نازلة قنت الإمام في الصلاة الجهرية لكن في الأشباه عن الغاية قنت في صلاة الفجر ويؤيده ما في شرح المنية حيث قال بعدكلام فتكون شرعيته أي شرعية القنوت في النوازل مستمرة وهو محمل قنوت من قنت من الصحابة بعد وفاته عليه الصلاة والسلام وهو مذهبنا وعليه الجمهور
وقال الحافظ أبو جعفر الطحاوي إنما لا يقنت عندنا في صلاة الفجر من غير بلية فإن وقعت فتنة أو بلية فلا بأس به فعله رسول الله وأما القنوت في الصلوات كلها للنوازل فلم يقل به إلا الشافعي وكأنهم حملوا ما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قنت في الظهر والعشاء كما في مسلم وأنه قنت في المغرب أيضا كما في البخاري على النسخ لعدم ورود المواظبة والتكرار الواردين في الفجر عنه عليه الصلاة والسلام ا هـ
وهو صريح في أن قنوت النازلة عندنا مختص بصلاة الفجر دون غيرهامن الصلوات الجهرية أو السرية
ومفاده أن قولهم بأن القنوت في الفجر منسوخ معناه نسخ عموم الحكم لا نسخ أصله كما نبه عليه نوح أفندي وظاهر تقييدهم بالإمام أنه لا يقنت المنفرد وهل المقتدي مثله أم لا وهل القنوت هنا قبل الركوع أم بعده لم أره
والذي يظهر لي أن المقتدي يتابع إمامه إلا إذا جهر فيؤمن وأنه يقنت بعد الركوع لا قبله بدليل أن ما استدل به الشافعي على قنوت الفجر وفيه التصريح بالقنوت بعد الركوع حمله علماؤنا على القنوت للنازلة ثم رأيت الشرنبلالي في مراقي الفلاح صرح بأنه بعده واستظهر الحموي أنه قبله والأظهر ما قلناه والله أعلم
قوله ( وقيل في الكل ) قد علمت أن هذا لم يقل به إلا الشافعي وعزاه في البحر إلى جمهور أهل الحديث فكان ينبغي عزوه إليهم لئلا يوهم أنه قول في المذهب
قوله ( خمس يتبع فيها الإمام ) أي يفعلها المؤتم إن فعلها الإمام وإلا فلا خ
قال في شرح المنية والأصل في هذا النوع وجوب متابعة الإمام في الواجبات فعلا وكذا تركا إن كانت فعلية أو قولية يلزم من فعلها المخالفة في الفعل ا هـ
قوله ( قنوت ) يخالفه ما في الفتح والظهيرية والفيض ونور الإيضاح من أنه لو ترك الإمام القنوت يأتي به المؤتم إن أمكنه مشاركة الإمام في الركوع وإلا تابعة وقد أعاد في الفتح ذكر هذا الفرع قبيل قضاء الفوائت ثم أعقبه بما ذكره الشارح هنا معزيا إلى نظم الزندويستي
والذي يظهر التفصيل لأن فيه إحراز الفضيلتين
تأمل
قوله ( وقعود أول ) الظاهر أنه ينتظر إمامه إلى أن يصير إلى القيام أقرب لاحتمال عوده قبله ثم يتابعه لأن الإمام إذا عاد حينئذ تفسد صلاته على أحد القولين ويأثم على القول الآخر وليس
____________________
(2/11)
للمقتدي أن يقعد ثم يتابعه لأنه يكون فاعلا ما يحرم على الإمام فعله ومخالفا له في عمل فعلي بخلاف ما إذا قام الإمام قبل فراغ المقتدي من التشهد فإنه يتمه ثم يتابعه لأن في إتمامه متابعة لإمامه فيما فعله الإمام فافهم
قوله ( وتكبير عيد ) أي إذا لم يأت به الإمام في القيام أو في الركوع لا يأتي به المؤتم فافهم
وبحث في شرح المنية أنه ينبغي أنه يأتي به المؤتم في الركوع لأنه مشروع فيه ولأنه لا يكون مخالفا لإمامه في واجب فعلي
ثم أجاب بأنه إنما شرع في الركوع للمسبوق تحصيلا لمتابعة الإمام فيما أتى به أما هنا ففيه تحصيل لمخالفته
قال وهذا في تكبيرات الركعة الثانية وأما تكبيرات الأولى ففي الإتيان بها ترك الاستماع والإنصات
قوله ( وأربعة لا يتبع ) أي إذا فعلها الإمام لا يتبعه فيها القوم
والأصل في هذا النوع أنه ليس له أن يتابعه في البدعة والمنسوخ وما لا تعلق له بالصلاة
شرح المنية
قوله ( زيادة تكبير عيد ) أي إذا زاد على أقوال الصحابة في تكبيرات العيد وكان المقتدي يسمع التكبير منه بخلاف ما إذا كان يسمعه من المؤذن لاحتمال أن الغلط منه
شرح المنية
قوله ( أو جنازة ) أي بأن زاد على أربع تكبيرات
قوله ( وسكن ) كزيادة سجدة ثالثة
قوله ( وقيام لخامسة ) داخل تحت قوله وركن تأمل
قال في شرح المنية ثم في القيام إلى الخامسة إن كان قعد على الرابعة ينتظره المقتدي قاعدا فإن سلم من غير إعادة التشهد سلم المقتدي معه وإن قيد الخامس بسجدة سلم المقتدي وحده وإن كان لم يقعد على الرابعة فإن عاد تابعه المقتدي وإن قيد الخامسة فسدت صلاتهم جميعا ولا ينفع المقتدي تشهده وسلامه وحده ا هـ
قوله ( وثماني تفعل مطلقا ) أي فعلها الإمام أو لا
والأصل في هذا النوع عدم وجوب المتابعة في السنن فعلا فكذا تركا وكذا الواجب القولي الذي لا يلزم من فعله المخالفة في واجب فعلي كالتشهد وتكبير التشريق بخلاف القنوت وتكبيرات العيدين إذ يلزم من فعلهما المخالفة في الفعلي وهو القيام مع ركوع الإمام
شرح المنية
قوله ( الرفع ) أي رفع اليدين للتحريمة
قوله ( والثناء ) أي فيأتي به ما دام الإمام في الفاتحة وإن كان في السورة فكذا عند أبي يوسف خلافا لمحمد وقد عرف أنه إذا أدركه في جهر القراءة لا يثني كذا في الفتح أي بخلاف حالة السر كما مشى عليه المصنف في فصل الشروع في الصلاة وقدمنا هناك تصحيحه وأن عليه الفتوى فافهم
قوله ( وتكبير انتقال ) أي إلى ركوع أو سجود أو رفع منه
قوله ( وتسميع ) أي إذا تركه الإمام لا يترك المؤتم التحميد
قوله ( وتسبيح ) أي في الركوع والسجود فيأتي به المؤتم ما دام الإمام فيهما
قوله ( وتشهد ) أي إذا قعد الإمام ولم يقرأ التشهد يقرؤه المؤتم أما لو ترك الإمام القعدة الأولى فإنه يتابعه كما مر
قوله ( وسلام ) أي إذا تكلم الإمام أو خرج من المسجد يسلم المؤتم أما إذا أحدث عمدا أو قهقه فإن المؤتم لا يسلم لفساد الجزء الأخير من صلاتهما ط
مطلب في السنن والنوافل قوله ( وسن مؤكدا ) أي استنانا مؤكدا بمعنى أنه طلب طلبا مؤكدا زيادة على بقية النوافل ولهذا كانت السنة المؤكدة قريبة من الواجب في لحوق الإثم كما في البحر ويستوجب تاركها التضليل واللوم كما في التحرير أي على سبيل الإصرار بلا عذر كما في شرحه وقدمنا بقية الكلام على ذلك في سنن الوضوء
قوله ( بتسليمة ) لما عن عائشة رضي الله عنها كان النبي يصلي قبل الظهر أربعا وبعدها ركعتين وبعد المغرب
____________________
(2/12)
ثنتين وبعد العشاء ركعتين وقبل الفجر ركعتين رواه مسلم وأبو داود وابن حنبل
وعن أبي أيوب كان يصلي النبي بعد الزوال أربع ركعات فقلت ما هذه الصلاة التي تداوم عليها فقال هذه ساعة تفتح أبواب السماء فيها فأجب أن يصعد لي فيها عمل صالح فقلت أفي كلهن قراءة قال نعم فقلت بتسليمة واحدة أو بتسليمتين فقال بتسليمة واحدة رواه الطحاوي وأبو داود والترمذي وابن ماجة من غير فصل بين الجمعة والظهر فيكون سنة كل واحدة منهما أربعا
وروى ابن ماجة بإسناده عن ابن عباس كان النبي يركع قبل الجمعة أربعا لا يفصل في شيء منهن وعن أبي هريرة أنه قال من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا رواه مسلم
زيلعي
زاد في الإمداد ولقوله إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا فإن عجل بك شيء فصل ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت رواه الجماعة إلا البخاري
قوله ( لم تنب عن السنة ) ظاهره أن سنة الجمعة كذلك وينبغي تقييده بعدم العذر للحديث المذكور آنفا كذا بحثه في الشرنبلالية وسنذكر ما يؤيده بعد نحو ورقتين
قوله ( ولذا ) أي لعدم الاعتداد بتسليمتين لما يكون بتسليمة
قوله ( لو نذرها ) أي الأربع لا بقيد كونها سنة
وعبارة الدرر ولهذا لو نذر أن يصلي أربعا بتسليمة فصلى أربعا بتسليمتين لا يخرج عن النذر وبالعكس يخرج كذا في الكافي ا هـ
وأسقط الشارح قوله بتسليمة إشارة إلى أنه غير قيد كما يظهر مما يأتي عند قول المصنف وقضى ركعتين لو نوى أربعا الخ
قوله ( لجبر النقصان ) أي ليقوم في الآخرة مقام ما ترك منها لعذر كنسيان وعليه يحمل الخبر الصحيح أن فريضة الصلاة والزكاة وغيرهما إذا لم تتم تكمل بالتطوع وأوله البيهقي بأن الكمل بالتطوع هو ما نقص من سنتها المطلوبة فيها أي فلا يقوم مقام الفرض للحديث الصحيح صلاة لم يتمها زيد عليها من سبحتها حتى تتم فجعل التتميم من السبحة أي النافلة لفريضة صليت ناقصة لا لمتروكة من أصلها
وظاهر كلام الغزالي الاحتساب مطلقا وجرى عليه ابن العربي وغيره لحديث أحمد الظاهر في ذلك ا هـ
من تحفة ابن حجر ملخصا
وذكر نحوه في الضياء عن السراج وسيذكر في الباب الآتي أنها في حقه لزيادة الدرجات
قوله ( لقطع طمع الشيطان ) بأن يقول إنه لم يترك ما ليس بفرض فكيف يترك ما هو فرض ط
قوله ( ويستحب أربع قبل العصر ) لم يجعل للعصر سنة راتبة لأنه لم يذكر في حديث عائشة المار
بحر
قال في الإمداد وخير محمد بن الحسن والقدوري المصلي بين أن يصلي أربعا أو ركعتين قبل العصر لاختلاف الآثار
قوله ( وإن شاء ركعتين ) كذا عبر في منية المصلي
وفي الإمداد عن الاختيار يستحب أن يصلي قبل العشاء أربعا وقيل ركعتين وبعدها أربعا وقيل ركعتين ا هـ
والظاهر أن الركعتين المذكورتين غير المؤكدتين
قوله ( حرمه الله على النار ) فلا يدخلها أصلا وذنوبه تكفر عنه وتبعاته يرضي الله تعالى عنه خصماءه فيها
ويحتمل أن عدم دخوله بسبب توفيقه لما لا يترتب عليه عقاب ط
أو هو بشارة بأنه يختم له بالسعادة فلا يدخل النار
قوله ( من الأوابين ) جمع أواب أي رجاع إلى الله تعالى بالتوبة والاستغفار
قوله ( بتسليمة أو ثنتين أو ثلاث ) جزم بالأول في الدرر وبالثاني في الغزنوية وبالثالث في التجنيس كما في الإمداد لكن الذي في الغزنوية مثل ما في التجنيس وكذا في شرح درر البحار
وأفاد الخير الرملي في وجه ذلك
____________________
(2/13)
أنها لما زادت عن الأربع وكان جمعها بتسليمة واحدة خلاف الأفضل لما تقرر أن الأفضل رباع عند أبي حنيفة ولو سلم على رأس الأربع لزم أن يسلم في الشفع الثالث على رأس الركعتين فيكون فيه مخالفة من هذه الحيثية فكان المستحب فيه ثلاث تسليمات ليكون على نسق واحد
قال هذا ما ظهر لي ولم أره لغيري
قوله ( الأول أدوم وأشق ) لما فيه من زيادة حبس النفس بالقباء على تحريمة واحدة وعطف أشق عطف لازم على ملزوم
وفي كلامه إشارة إلى اختيار الأول وقد علمت ما فيه
قوله ( وهل تحسب المؤكدة ) أي في الأربع بعد الظهر وبعد العشاء والست بعد المغرب
بحر
قوله ( اختار الكمال ) نعم ذكر الكمال في فتح القدير أنه وقع اختلاف بين أهل عصره في أن الأربع المستحبة هل هي أربع مستقلة غير ركعتي الراتبة أو أربع بهما وعلى الثاني هل تؤدى معهما بتسليمة واحدة أو لا فقال جماعة لا واختار هو أنه إذا صلى أربعا بتسليمة أو تسليمتين وقع عن السنة والمندوب وحقق ذلك بما لا مزيد عليه وأقره في شرح المنية والبحر والنهر
قوله ( وحرر إباحة ركعتين الخ ) فإنه ذكر أنه ذهبت طائفة إلى ندب فعلهما وأنه أنكره كثير من السلف وأصحابنا ومالك
واستدل لذلك بما حقه أن يكتب بسواد الأحداق ثم قال والثابت بعد هذا هو نفي المندوبية أما ثبوت الكراهة فلا إلا أن يدل دليل آخر وما ذكر من استلزام تأخير المغرب فقد قدمنا عن القنية استثناء القليل والركعتان لا يزيد على القليل إذا تجوز فيهما ا هـ
وقدمنا في مواقيت الصلاة بعض الكلام على ذلك
قوله ( آكدها سنة الفجر ) لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها لم يكن النبي على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر وفي مسلم ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها وفي أبي داود لا تدعوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل بحر
قوله ( في الأصح ) استحسنه في الفتح فقال ثم اختلف في الأفضل بعد ركعتي الفجر
قال الحلواني ركعتا المغرب فإنه لم يدعهما سفرا ولا حضرا ثم التي بعد الظهر لأنها سنة متفق عليها بخلاف التي قبلها لأنها قيل هي للفصل بين الأذان والإقامة ثم التي بعد العشاء ثم التي قبل الظهر ثم التي قبل العصر ثم التي قبل العشاء
وقيل التي بعد العشاء وقبل الظهر وبعده وبعد المغرب كلها سواء
وقيل التي قبل الظهر آكد وصححه الحسن وقد أحسن لأن نقل المواظبة الصريحة عليها أقوى من نقل مواظبته على غيرها من غير ركعتي الفجر ا هـ
قوله ( لحديث الخ ) قال في البحر وهكذا صححه في العناية والنهاية لأن فيها وعيدا معروفا قال عليه الصلاة والسلام من ترك أربعا قبل الظهر لم تنله شفاعتي ا هـ
قال ط ولعله للتنفير عن الترك أو شفاعته الخاصة بزيادة الدرجات
وأما الشفاعة العظمى فعامة لجميع المخلوقات
قوله ( وقيل بوجوبها ) وهو ظاهر النهاية وغيرها خزائن
قلت وإليه يميل كلام البحر حيث قال وقد ذكروا ما يدل على وجوبها ثم ساق المسائل التي فرعها المنصف ووفق بينه وبين ما في أكثر الكتب من أنها سنة مؤكدة بأن المؤكدة بمعنى الواجب
وأجاب عما ينافيه وكتبناه فيما علقناه عليه ما فيه
قوله ( اتفاقا ) أما على القول بالوجوب فظاهر
وأما على القول بالسنية فمراعاة للقول بالوجوب ولآكديتها ط
هذا وقد ذكر في البحر الاتفاق عن الخلاصة وأقره لكن نازع فيه في الإمداد
____________________
(2/14)
جازما بأن الجواز على القول بالسنية وأن عدمه إنما هو على القول بالوجوب واستند في ذلك إلى ما في الزيلعي والبرهان من التصريح ببناء ذلك على الخلاف
ثم قال ولا يخفى ما في حكاية الإجماع على عدم الجواز وليس الإجماع إلا على تأكدها ا هـ
لكن يخالفه ما نذكره قريبا عن الخانية من الفرق بينهما وبين التراويح في أنها لا تصح قاعدا لأنها سنة مؤكدة بلا خلاف
تأمل
قوله ( على الأصح ) عزاه المصنف في المنح إلى باب التراويح من الخانية
أقول والذي في الخانية هناك لو صلى التراويح قاعدا قيل لا يجوز بلا عذر لما روى الحسن عن أبي حنيفة لو صلى سنة الفجر قاعدا بلا عذر لا يجوز فكذا التراويح لأن كلا منهما سنة مؤكدة وقيل يجوز وهو الصحيح
والفرق أن سنة الفجر سنة مؤكدة بلا خلاف والتراويح دونها في التأكد فلا يجوز التسوية بينهما ا هـ
فأنت ترى أنه إنما صحح جواز التراويح قاعدا لا عدم جواز الفجر نعم مقتضى كلامه تسليم عدم الجواز في سنة الفجر فتأمل
قوله ( فله تركها الخ ) الظاهر أن معناه أنه يتركها وقت اشتغاله بالإفتاء لأجل حاجة الناس المجتمعين عليه وينبغي أنه يصليها إذا فرغ في الوقت
وظاهر التفرقة بين سنة الفجر وغيرها أنه ليس له ترك صلاة الجماعة لأنها من الشعائر فهي آكد من سنة الفجر ولذا يتركها لو خاف فوت الجماعة وأفاد ط أنه ينبغي أن يكون القاضي وطالب العلم كذلك لا سيما المدرس أقول في المدرس نظر بخلاف الطالب إذا خاف فوت الدرس أو بعضه
تأمل
قوله ( ويخشى الكفر على منكرها ) أي منكر مشروعيتها إن كان إنكاره لشبهة أو تأويل دليل وإلا فينبغي الجزم بكفره لإنكاره مجمعا عليه معلوما من الدين بالضرورة كما قدمناه أول الباب
قوله ( وتقضى ) أي إلى قبيل الزوال وقوله معه تنازعه قوله تقضى وفاتت فلا تقضى إلا معه حيث فات وقتها أما إذا فاتت وحدها فلا تقضى ولا تقضى قبل الطلوع ولا بعد الزوال ولو تبعا على الصحيح
أفاده ح وسينبه عليه المصنف في الباب الآتي
قوله ( تجنيس ) فيه أنه في التجنيس صحح في المسألة الأولى الإجزاء معللا بأن السنة تطوع فتتأدى بنية التطوع وصحح في الثانية عدمه معللا بأن السنة ما واظب عليها النبي ومواظبته كانت بتحريمة مبتدأة نعم عكس صاحب الخلاصة فصحح عدم الإجزاء في الأولى والإجزاء في الثانية ولا يخفى ما فيه فإنه إذا أجزأت الثانية يلزم إجزاء الأولى بالأولى ولذا قال في النهر وترجيح التجنيس في المسألتين أوجه
مطلب في لفظة ثمان قوله ( وعلى ثمان ) كيمان عدد وليس بنسب أو في الأصل منسوب إلى الثمن لأنه الجزء الذي صير السبعة ثمانية فهو ثمنها ثم فتحوا أولها لأنهم يغيرون في النسب وحذفوا منها إحدى ياءي النسب وعوضوا منها الألف كما فعلوا في المنسوب إلى اليمن فثبتت ياؤه عند الإضافة كما تثبت ياء القاضي فتقول ثماني نسوة وثمانمائة
____________________
(2/15)
وتسقط مع التنوين عند الرفع أو الجر وتثبت عند النصب
قاموس
قوله ( لأنه لم يرد ) أي لم يرد عنه أنه زاد على ذلك
والأصل فيه التوقيف كما في فتح القدير أي فما لم يوقف على دليل المشروعية لا يحل فعله بل يكره أي اتفاقا كما في منية المصلي أي من أئمتنا الثلاثة نعم وقع الاختلاف بين المشايخ المتأخرين في الزيادة على الثمانية ليلا فقال بعضهم لا يكره وإليه ذهب شمس الأئمة السرخسي وصححه في الخلاصة
وصحح في البدائع الكراهة قال وعليه عامة المشايخ وتمامه في الحلية والبحر
قوله ( والأفضل فيهما ) أي في صلاتي الليل والنهار الرباع
وعبارة الكنز رباع بدون أل وهو الأظهر لأنه غير منصرف للوصفية والعدل عن أربع أربع أي ركعات رباع أي كل أربع بتسليمة
قوله ( قيل وبه يفتى ) عزاه في المعراج إلى العيون
قال في النهر ورده الشيخ قاسم بما استدل به المشايخ للإمام من حديث الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا وكانت التراويح ثنتين تخفيفا وحديث صلاة الليل مثنى مثنى يحتمل أن يراد به شفع لا وتر وترجحت الأربع بزيادة منفصلة لما أنها أكثر مشقة على النفس وقد قال إنما أجرك على قدر نصبك ا هـ بزيادة وتمام الكلام على ذلك في شرح المنية وغيره
قوله ( ولا يصلي الخ ) أقول قال في البحر في باب صفة الصلاة إن ما ذكر مسلم فيما قبل الظهر لما صرحوا به من أنه لا تبطل شفعة الشفيع بالانتقال إلى الشفع الثاني منها ولو أفسدها قضى أربعا والأربع قبل الجمعة بمنزلتها
وأما الأربع بعد الجمعة فغير مسلم فإنها كغيرها من السنن فإنهم لم يثبتوا لها تلك الأحكام المذكورة ا هـ
ومثله في الحلية
وهذا مؤيد لما بحثه الشرنبلالي من جوازها بتسليمتين لعذر
قوله ( ولو نذرا ) نص عليه في القنية ووجهه أنه نفل عرض عليه الافتراض أو الوجوب
أفاده ط
قوله ( لأن كل شفع صلاة ) قدمنا بيان ذلك في أول بحث الواجبات والمراد من بعض الأوجه كما يأتي قريبا
قوله ( وقيل لا الخ ) قال في البحر ولا يخفى ما فيه والظاهر الأول
زاد في المنح ومن ثم عولنا عليه وحكينا ما في القنية بقيل
مطلب قولهم كل شفع من النفل صلاة ليس مطردا تنبيه بقي في المسألة قول ثالث جزم به في منية المصلي في باب صفة الصلاة حيث قال أما إذا كانت سنة أو نفلا فيبتدىء كما ابتدأ في الركعة الأولى يعني يأتي بالثناء والتعوذ لأن كل شفع صلاة على حدة ا هـ
لكن قال شارحها الأصح أنه لا يصلي ولا يستفتح في سنة الظهر والجمعة وكون كل شفع صلاة على حدة ليس مطردا في كل الأحكام ولذا لو ترك القعدة الأولى لا تفسد خلافا لمحمد ولو سجد للسهو على رأس شفع لا يبني عليه شفعا آخر لئلا يبطل السجود بوقوعه في وسط الصلاة فقد صرحوا بصيرورة الكل صلاة واحدة حيث حكموا بوقوع السجود وسطا فيقال هنا أيضا لا يصلي ولا يستفتح ولا يتعوذ لوقوعه في وسط الصلاة لأن الأصل كون الكل صلاة واحدة للاتصال واتحاد التحريمة ومسألة الاستفتاح ونحوه ليست مروية عن المتقدمين وإنما
____________________
(2/16)
هي اختيار بعض المتأخرين نعم اعتبروا كون كل شفع صلاة على حدة في حق القراءة احتياطا وكذا في عدم لزوم الشفع الثاني قبل القيام إليه لتردده بين اللزوم وعدمه فلا يلزم بالشك ولذا يقطع على رأس الشفع إذا أقيمت الصلاة أو خرج الخطيب وكذا في بطلان الشفعة وخيار المخيرة بالشروع في الشفع الآخر لأن كلا من الشفعة والخيار متردد بين الثبوت وعدمه فلا يثبت بالشك وكذا في عدم سريان الفساد من شفع إلى شفع إذ لا يحكم بالفساد مع الشك ا هـ ملخصا
لكن قوله وكذا في بطلان الشفعة وخيار المخيرة غير صحيح لما علمت مما قدمناه آنفا عن البحر والحلية من أنهما لا يبطلان بالانتقال إلى الشفع الثاني وقد صرح نفسه بذلك في مواقيت الصلاة وعلمت أيضا أن ذلك إنما ذكروه في سنة الظهر ولم يثبتوه للأربع التي بعد الجمعة
قوله ( ورجحه في البحر ) حيث جزم بتعارض الأدلة كحديث مسلم عليك بكثرة السجود وحديث أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وحديث مسلم أيضا أفضل الصلاة طول القنوت أي طول القيام كما هو رواية أحمد وأبي داود ثم قال والذي ظهر للعبد الضعيف أن كثرة الركوع والسجود أفضل لأن القيام إنما شرع وسيلة إليهما ولذا سقط عمن عجز عنهما ولا تكون الوسيلة أفضل من المقصود ولأنه وإن لزم فيه كثرة القراءة لكنها ركن زائد بل اختلف في أصل ركنيتها
وأجمعوا على ركنية الركوع والسجود وأصالتهما ولتخلف القيام عن القراءة فيما بعد ركعتي الفرض ا هـ
ملخصا
قوله ( من ثلاثة أوجه ) الأول أن القيام وإن كان وسيلة إلا أن أفضلية طوله لكثرة القراءة فيه وهي وإن بلغت كل القرآن تقع فرضا بخلاف التسبيحات
الثاني أن كون القراءة ركنا زائدا مما لا أثر له في الفضيلة
الثالث أن موضوع المسألة النفل وفيه تجب القراءة في كله ا هـ ملخصا
قلت وأما تعارض الأدلة فيجاب عنه بأن المراد بالسجود الصلاة
وأقوى دليل أيضا على أفضلية طول القيام أنه كان يقوم الليل إلا قليلا وكان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة كما مر في حديث عائشة
قوله ( ونقل عن المعراج الخ ) اعترض على البحر أيضا حيث قال اختلف النقل عن محمد في هذه المسألة فنقل الطحاوي عنه في شرح الآثار أن طول القيام أحب
ونقل في المجتبى عنه العكس
ونقل عن أبي يوسف أنه فصل فقال إذا كان له ورد من الليل بقراءة من القرآن فالأفضل أن يكثر عدد الركعات وإلا فطول القيام أفضل لأن القيام في الأول لا يختلف ويضم إليه زيادة الركوع والسجود ا هـ
ووجه الاعتراض أن مقتضى كلامه أنه لا قول في هذه المسألة لإمام المذهب بل القولان فيهما لمحمد
أقول ويظهر لي أن رواية أبي يوسف محمل هذين القولين
تأمل
قوله ( وصححه في البدائع ) وعبارته
قال أصحابنا طول القيام أفضل
وقال الشافعي كثرة الصلاة أفضل والصحيح قولنا
ثم قال وروي عن أبي يوسف أنه قال إلى آخر ما مر وظاهر كلامه أن هذا قول أئمتنا الثلاثة حيث لم يتعرض إلا لخلاف الشافعي ويؤيده ما مر عن الطحاوي
قوله ( قلت الخ ) تأييد لما في المعراج وأمر بالتنبه إشارة إلى ما على المصنف من الاعتراض حيث تابع شيخه صاحب صاحب البحر وعدل عما عليه المتون الذي هو قول الإمام المصحح بل هو قول الكل كما مر ولذا قال الخير الرملي أقول كيف يخالف الجهابذة تبعا لشيخه ويجعله متنا والمتون موضوعة لنقل المذهب ا هـ
____________________
(2/17)
والحاصل أن المذهب المعتمد أن طول القيام أحب ومعناه كما في شرح المنية أنه إذا أراد شغل حصة معينة من الزمان بصلاة فإطالة القيام مع تقليل عدد الركعات أفضل من عكسه فصلاة ركعتين مثلا في تلك الحصة أفضل من صلاة أربع فيها وهكذا القياس
قوله ( وهل الخ ) البحث لصاحب النهر
والذي يظهر أن كثرة ركوعه وسجوده أفضل لأن أفضلية القيام إنما كانت باعتبار القراءة ولا قراءة له ا هـ
ح عن بعض الهوامش
وخالفه الرحمتي بأن الأخرس قارىء حكما وله ثواب القارىء كما هو الحكم فيمن قصد عبادة وعجز عنها مع أن الطريقة أن العلة إذا وجدت في بعض الصور تطرد في باقيها
تأمل
مطلب في تحية المسجد قوله ( ويسن تحية ) كتب الشارح في هامش خزائن أن هذا رد على صاحب الخلاصة حيث ذكر أنها مستحبة
قوله ( رب المسجد ) أفاد أنه على حذف مضاف لأن المقصود منها التقرب إلى الله تعالى لا إلى المسجد لأن الإنسان إذا دخل بيت الملك يحيي الملك لا بيته بحر عن الحلية ثم قال وقد حكي الإجماع على سنيتها غير أن أصحابنا يكرهونها في الأوقات المكروهة تقديما لعموم الحاظر على عموم المبيح ا هـ
قوله ( وهي ركعتان ) في القهستاني وركعتان أو أربع وهي أفضل لتحية المسجد إلا إذا دخل فيه بعد الفجر أو العصر فإنه يسبح ويهلل ويصلي على النبي فإنه حينئذ يؤدي حق المسجد كما إذا دخل للمكتوبة فإنه غير مأمور بها حينئذ كما في التمرتاشي ا هـ
قوله ( وأداء الفرض أو غيره الخ ) قال في النهر وينوب عنها كل صلاة صلاها عند الدخول فرضا كانت أو سنة
وفي البناية معزيا إلى مختصر المحيط أن دخوله بنية الفرض أو الاقتداء ينوب عنها وإنما يؤمر بها إذا دخله لغير الصلاة ا هـ كلام النهر
والحاصل أن المطلوب من داخل المسجد أن يصلي فيه ليكون ذلك تحية لربه تعالى والظاهر أن دخوله بنية صلاة الفرض لإمام أو منفرد أو بنية الاقتداء ينوب عنها إذا صلى عقب دخوله وإلا لزم فعلها بعد الجلوس وهو خلاف الأولى كما يأتي فلو كان دخوله بنية الفرض مثلا لكن بعد زمان يؤمر بها قبل جلوسه كما لو كان دخوله لغير صلاة كدرس أو ذكر
وبما قررناه علم أن ما نقله في النهر عن البناية لا يخالف ما قبله غايته أنه عبر عن الصلاة بنيتها بناء على ما هو الغالب من أن من دخل لأجل الصلاة يصلي وليس معناه أن النية المذكورة تكفيه عن التحية وإن لم يصل كما يوهمه ظاهر العبارة كما أفاده ح والله أعلم
قوله ( ينوب عنها بلا نية ) قال في الحلية لو اشتغل داخل المسجد بالفريضة غير ناو للتحية قامت تلك الفريضة مقام تحية المسجد لحصول تعظيم المسجد كما في البدائع وغيره
فلو نوى التحية مع الفرض فظاهر ما في المحيط وغيره أنه يصح عندهما
وعند محمد لا يكون داخلا في الصلاة فإنهم قالوا لو نوى الدخول في الظهر والتطوع يجوز عن الفرض عند أبي يوسف
ورواه الحسن عن أبي حنيفة
وعند محمد لا يكون داخلا لأن الفرض مع النفل في الصلاة جنسان مختلفان لا رجحان لأحدهما على الآخر في التحريمة
فمتى نواهما تعارضت النيتان فلغتا
ولأبي يوسف أن الفرض أقوى فتندفع نية الأدنى كمن نوى حجة الإسلام والتطوع ا هـ ملخصا
ومثله في البحر
____________________
(2/18)
أقول الذي يظهر لي أن هذا الخلاف لا يجري في مسألتنا لأن الفريضة إذا قامت مقام التحية وحصل المقصود بها لم تبق التحية مطلوبة لأن المقصود تعظيم المسجد بأي صلاة كانت ولا يؤمر بتحية مستقلة إلا إذا دخل لغير لصلاة كما مر وحينئذ فإذا نواها مع الفريضة يكون قد نوى ما تضمنته الفريضة وسقط بها فلم يكن ناويا جنسا آخر على قول محمد بخلاف ما إذا نوى فرض الظهر وسنته مثلا فليتأمل
بل لقائل أن يقول إن الأولى أن ينويها بذلك الفرض ليحصل له ثوابها أي ينوي بإيقاع الفرض في المسجد تحية الله تعالى أو تعظيم بيته لأن سقوطها به وعدم طلبها لا يستلزم الثواب بلا قصدها
ثم رأيت المحقق ابن حجر من الشافعية كتب عند قول المنهاج وتحصل بفرض أو نفل آخر ما نصه وإن لم ينوها معه
لأنه لم ينتهك حرمة المسجد المقصودة أي يسقط طلبها بذلك أما حصول ثوابها فالوجه توقفه على النية لحديث إنما الأعمال بالنيات وزعم أن الشارع أقام فعل غيرها مقام فعلها فيحصل أي الثواب وإن لم ينو بعيد وإن قيل إن كلام المجموع يقتضيه ولو نوى عدمها لم يحصل شيء من ذلك اتفاقا كما هو ظاهر أخذا مما بحثه بعضهم في سنة الطواف وإنما ضرت نية ظهر وسنة مثلا لأنها مقصودة لذاتها بخلاف التحية ا هـ
وقوله وإنما ضرت الخ هو عين ما بحثته أولا أيضا ولله الحمد فإن ما قاله لا يخالف قواعد مذهبنا
قوله ( وتكفيه لكل يوم مرة ) أي إذا تكرر دخوله لعذر
وظاهر إطلاقه أنه مخير بين أن يؤديها في أول المرات أو آخرها ط
قوله ( ولا تسقط بالجلوس عندنا ) فإنهم قالوا في الحاكم إذا دخل المسجد للحكم إن شاء صلى التحية عند دخوله أو عند خروجه لحصول المقصود كما في الغاية
وأما حديث الصحيحين إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين فهو بيان للأولى لحديث ابن حبان في صحيحه يا أبا ذر للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان فقم فركعها وتمامه في الحلية
قوله ( وفي الضياء الخ ) عبارته وقال بعضهم من دخل المسجد ولم يتمكن من تحية المسجد إما لحدث أو لشغل أو نحوه يستحب له أن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قاله أبو طالب المكي في قوت القلوب ا هـ
وقدمنا نحوه عن القهستاني
خاتمة يستثنى من المساجد المسجد الحرام بالنسبة إلى أول دخول الآفاقي المحرم فإن تحيته الطواف وفيه تأمل كذا في الحلية ولعل وجه التأمل إطلاق المسجد في الحديث المار
وفي النهر واتفقوا على أن الإمام لو كان يصلي المكتوبة أو أخذ المؤذن في الإقامة أنه يتركها وأنه يقدم الطواف عليها بخلاف السلام على النبي ا هـ
قلت لكن في لباب المناسك وشرحه لمنلا علي القاري ولا يشتغل بتحية المسجد لأن تحية المسجد الشريف هي الطواف إن أراده بخلاف من لم يرده وأراد أن يجلس حتى يصلي ركعتين تحية المسجد إلا أن يكون الوقت مكروها ا هـ
وظاهره أنه لا يصلي مريد الطواف للتحية أصلا لا قبله ولا بعده ولعل وجهه اندراجها في ركعتيه
قوله ( ولو تكلم الخ ) وكذا لو فصل بقراءة الأوراد لأن السنة الفصل بقدر اللهم أنت السلام الخ حتى
____________________
(2/19)
لو زاد تقع سنة لا في محلها المسنون كما مر قبيل فصل الجهر بالقراءة
قوله ( وقيل تسقط ) أي فيعيدها لو قبلية ولو كانت بعدية فالظاهر أنها تكون تطوعا وأنه لا يؤمر بها على هذا القول
تأمل
قوله ( وفي الخلاصة الخ ) الظاهر أنه استدراك على ما صححه في المتن تبعا للقنية لأن جزم الخلاصة بقوله أعادها يفيد أنها سقط بقرينة قوله بعده لا تبطل أي لا تبطل كونها سنة فإنه يفيد أن الإعادة لبطلان كونه سنة وإلا لم تصح المقابلة
تأمل
قوله ( ولو جيء بطعام الخ ) أفاد أن العمل المنافي إنما ينقص ثوابها أو يسقطها لو كان بلا عذر أما لو حضر الطعام وخاف ذهاب لذته لو اشتغل بالسنة البعدية فإنه يتناوله ثم يصليها لأن ذلك عذر في ترك الجماعة ففي تأخير السنة أولى إلا إذا خاف فوتها بخروج الوقت فإنه يصليها ثم يأكل هذا ما ظهر لي قوله ( ولو أخرها الخ ) أي بلا عذر بقرينة ما قبله
قوله ( وقيل تكون ) حكى القولين في القنية ولم يعبر عن هذا الثاني بقيل بل أخره ولا يلزم من ذلك تضعيفه
ويظهر لي أنه الأصح وأن القول الأول مبني على القول بأنها تسقط بالعمل المنافي وهو ما حكاه الشارح بقيل إلا أن يدعى تخصيص الخلاف السابق بالسنة القبلية وهذا بالبعدية لكن يبعده أنه إذا كان الأصح في القبلية أنها لا تسقط مع إمكان تداركها بأن تعاد مقارنة للفرض تكون البعدية كذلك بالأولى لعدم إمكان التدارك فليتأمل
قوله ( وقيل لا ) يؤيده ما في البحر عن الخلاصة السنة في ركعتي الفجر قراءة الكافرون والإخلاص والإتيان بها أول الوقت وفي بيته وإلا فعلى باب المسجد الخ
مبحث مهم في الكلام على الضجعة بعد سنن الفجر المنية وهو الذي تدل عليه الأحاديث عن عائشة قالت كان رسول الله إذا سكت المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين ثم ضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة فيخرج متفق عليه ا هـ
وتمامه فيه
تنبيه صرح الشافعية بسنية الفصل بين سنة الفجر وفرضه بهذه الضجعة أخذا من هذا الحديث ونحوه
وظاهر كلام علمائنا خلافه حيث لم يذكروها بل رأيت في موطإ الإمام محمد رحمه الله تعالى ما نصه أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه رأى رجلا ركع ركعتي الفجر ثم اضطجع فقال ابن عمر ما شأنه فقال نافع قلت يفصل بين صلاته فقال ابن عمر وأي فصل أفضل من السلام قال محمد وبقول ابن عمر نأخذ وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ا هـ
وقال شارحه المحقق منلا علي القاري وذلك لأن السلام إنما ورد للفصل وهو لكونه واجبا أفضل من سائر ما يخرج من الصلاة من الفعل والكلام وهذا لا ينافي ما سبق من أنه عليه الصلاة والسلام كان يضطجع في آخر التهجد وتارة أخرى بعد ركعتي الفجر في بيته للاستراحة ا هـ
ثم قال وقال ابن حجر المكي في شرح الشمائل روى الشيخان أنه كان إذا صلى ركعتي الفجر ضطجع على شقه الأيمن فتسن هذه الضجعة بين سنة الفجر وفرضه لذلك ولأمره كما رواه أبو داود وغيره بسند لا بأس به خلافا لمن
____________________
(2/20)
نازع وهو صريح في ندبها لمن بالمسجد وغيره خلافا لمن خص ندبها بالبيت وقول ابن عمر إنها بدعة وقول النخعي إنها ضجعة الشيطان وإنكار ابن مسعود لها فهو لأنه لم يبلغهم ذلك
وقد أفرط ابن حزم في قوله بوجوبها وأنها شرط لصلاة الصبح ا هـ
ولا يخفى بعد عدم البلوغ إلى هؤلاء الأكابر الذين بلغوا المبلغ الأعلى لا سيما ابن مسعود الملازم له حضرا وسفرا وابن عمر المتفحص عن أحواله في كمال التتبع والاتباع فالصواب حمل إنكارهم على العلة السابقة من الفصل أو على فعله في المسجد بين أهل الفضل وليس أمره على تقدير صحته صريحا ولا تلويحا على فعله بالمسجد إذ الحديث كما رواه أبو داود والترمذي وابن حبان عن أبي هريرة إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على جنبه الأيمن فالمطلق محمول على المقيد
على أنه لو كان هذا في المسجد شائعا في زمانه لما كان يخفى على هؤلاء الأكابر الأعيان ا هـ
وأراد بالمقيد ما مر من قوله بعد ركعتي الفجر في بيته
وحاصله أن اضطجاعه عليه الصلاة والسلام إنما كان في بيته للاستراحة لا للتشريع وإن صحح حديث الأمر بها الدال على أن ذلك للتشريع يحمل على طلب ذلك في البيت فقط توفيقا بين الأدلة والله تعالى أعلم
قوله ( فهو السنة ) لأن النذر لا يخرجها عن كونها سنة كما لو شرع فيها ثم قطعها ثم أداها كانت سنة وزادت وصف الوجوب بالقطع
نهر عن عقد الفرائض
قوله ( أراد النوافل ) في القنية أداء النفل بعد النذر أفضل من أدائه بدون النذر ا هـ
قال في البحر ويشكل عليه ما رواه مسلم في صحيحه من النهي عن النذر هو مرجح لقول من قال لا ينذرها لكن بعضهم حمل النهي على النذر المعلق على شرط لأنه يصير حصول الشرط كالعوض للعبادة فلم يكن مخلصا
ووجه من قال بنذرها وإن كانت تصير واجبة بالشروع أن الشروع في النذر يكون واجبا فيحصل له ثواب الواجب به بخلاف النفل والأحسن عند العبد الضعيف أن لا ينذرها خروجا عن عهدة النهي بيقين ا هـ
مطلب في الكلام على حديث النهي عن النذر أقول لفظ حديث النهي كما رواه البخاري أيضا في صحيحه عن ابن عمر نهى النبي عن النذر وقال إنه لا يرد شيئا وإنما يستخرج به من البخيل والمتبادر منه إرادة النذر المعلق كإن شفى الله مريضي فلله علي كذا
ووجه النهي أنه لم يخلص من شائبة العوض حيث جعل القربة في مقابلة الشفاء ولم تسمح نفسه بها بدون المعلق عليه مع ما فيه من إيهام اعتقاد التأثير للنذر في حصول الشفاء فلذا قال في الحديث إنه لا يرد شيئا الخ فإن هذا الكلام قد وقع موقع التعليل للنهي بخلاف النذر المنجز فإنه تبرع محض بالقربة لله تعالى وإلزام للنفس بما عساها لا تفعله بدونه فيكون قربة
والدليل على أن هذا النذر قربة عندنا ما صرح به في فتح القدير قبيل كتاب الحج لو ارتد عقيب نذر الاعتكاف ثم أسلم لم يلزمه وجوب النذر لأن نفس النذر بالقربة قربة فيبطل بالردة كسائر القرب ا هـ
والمراد به النذر المنجز لما قلنا
على أن بعض شراح البخاري حمل النهي في الحديث على من يعتقد أن النذر مؤثر في تحصيل غرضه المعلق عليه
والظاهر أنه أعم لقوله وإنما يستخرج به من البخيل والله أعلم
تنبيه قيد بالنوافل فأفاد أن الأفضل في السنن عدم نذرها ولعل وجهه أن السنن هي ما كان يفعلها قبل الفرائض أو بعدها والمطلوب من اتباعه على الوجه الذي كان يفعلها عليه ولم ينقل أنه كان ينذرها ولذا قيل بأنها لا تكون هي السنة فالأفضل عدم نذرها والله أعلم
قوله ( وإلا كفر )
____________________
(2/21)
أي بأن استخف فيقول هي فعل النبي وأنا لا أفعله
شرح المنية وغيره
وهذا في الترك وأما الإنكار فقدمنا الكلام عليه أول الباب قوله ( والأفضل في النفل الخ ) شمل ما بعد الفريضة وما قبلها لحديث الصحيحين عليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة وأخرج أبو داود صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة وتمامه في شرح المنية وحيث كان هذا أفضل يراعى ما لم يلزم منه خوف شغل عنها لو ذهب لبيته أو كان في بيته ما يشغل باله ويقلل خشوعه فيصليها حينئذ في المسجد لأن اعتبار الخشوع أرجح
قوله ( غير التراويح ) أي لأنها تقام بالجماعة ومحلها المسجد واستثنى في شرح المنية أيضا تحية المسجد وهو ظاهر
أقول ويستثنى أيضا ركعتا الإحرام والطواف فإن الأولى تصلى في مسجد عند الميقات إن كان كما في اللباب والثانية عند المقام وكذا ركعتا القدوم من السفر بخلاف إنشائه فإنها تصلى في البيت كما يأتي وكذا المعتكف وكذا ما يخاف فوتها بالتأخير وكذا صلاة الكسوف لأنها تصلى بجماعة
مطلب سنة الوضوء قوله ( وندب ركعتان بعد الوضوء ) لحديث مسلم ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة خزائن ومثل الوضوء الغسل كما نقله ط
عن الشرنبلالي ويقرأ فيهما الكافرون والإخلاص كما في الضياء وانظر هل تنوب عنهما صلاة غيرهما كالتحية أم لا ثم رأيت في شرح لباب المناسك أن صلاة ركعتي الإحرام سنة مستقلة كصلاة استخارة وغيرها مما لا تنوب الفريضة منابها بخلاف تحية المسجد وشكر الوضوء فإنه ليس لهما صلاة على حدة كما حققه في الحجة ا هـ
مطلب سنة الضحى قوله ( وندب أربع الخ ) ندبها هو الراجح كما جزم به في الغزنوية والحاوي والشرعة والمفتاح والتبيين وغيرها وقيل لا تستحب لما في صحيح البخاري من إنكار ابن عمر لها ا هـ إسماعيل
وبسط الأدلة على استحبابها في شرح المنية ويقرأ فيها سورتي الضحى كما في الشرعة أي سورة { والشمس } الشمس 1 وسورة { والضحى } الضحى 1 وظاهره الاقتصار عليهما ولو صلاها أكثر من ركعتين
قوله ( من بعد طلوع ) عبارة شرح المنية من ارتفاع الشمس
قوله ( ووقتها المختار ) أي الذي يختار ويرجح لفعلها وهذا عزاه في شرح المنية إلى الحاوي وقال لحديث زيد بن أرقم أن
____________________
(2/22)
رسول الله قال صلاة الأوابين حين ترمض الفصال روا هـ مسلم
وترمض بفتح التاء والميم أي تبرك من شدة الحر في أخفافها ا هـ
قوله ( وفي المنية أقلها ركعتان ) نقل الشيخ إسماعيل مثله عن الغزنوي والحاوي والرعة والسمرقندية وما ذكره المصنف مشى عليه في التبيين والمفتاح والدرر
ودليل الأول أنه أوصى أبا هريرة بركعتين كما في صحيح البخاري
ودليل الثاني أنه كان يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله رواه مسلم وغيره
والتوفيق ما أشار إليه بعض المحققين أن الركعتين أقل المراتب والأربع أدنى الكمال
قوله ( وأكثرها اثنتا عشرة ) لما رواه الترمذي والنسائي بسند فيه ضعف أنه قال من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصرا من ذهب في الجنة وقد تقرر أن الحديث الضعيف يجوز العمل به في الفضائل
شرح المنية
وقيل أكثرها ثمان وعزاه في الحلية إلى الإمام أحمد وعزاه بعض الشافعية إلى الأكثرين
قوله ( كما في الذخائر الأشرفية ) اسم كتاب لابن الشحنة مؤلف في الألغاز الفقهية
قوله ( لثبوته الخ ) جواب عما أورد كيف يكون أوسطها أفضل مع أن الأكثر مشتمل على الأوسط وزيادة وفيه زيادة مشقة
قوله ( كما أفاده ابن حجر الخ ) حيث قال ولا يتصور الفرق بين الأفضل والأكثر إلا فيمن صلى الاثنتي عشرة بتسليمة واحدة فإنها تقع نفلا مطلقا عند من يقول إن أكثر سنة الضحى ثمان ركعات فأما إذا فصلها فإنه يكون صلى الضحى وما زاد على الثمان يكون له نفلا مطلقا فتكون صلاة اثنتي عشرة في حقه أفضل من ثمان لكونه أتى بالأفضل وزاد ا هـ
أقول وحاصله أن من قال بأن أكثرها ثماني ركعات لعدم ثبوت الزيادة عنده لو صلاها اثنتي عشرة بتسليمة لم تقع عن سنة الضحى لنيته خلاف المشروع فالأفضل عنده صلاتها ثماني ركعات وأما على قول من يقول أكثرها اثنتا عشرة ركعة لجواز العمل بالضعيف في فضائل الأعمال كما مر تكون هي الأفضل كما لو فصله كل ركعتين أو أربع بتسليمة عند الكل
وملخصه أن كون الثمانية أفضل مبني على القول بأنها أكثرها لعدم ثبوت الزيادة وحينئذ فلا يخفى عليك ما في كلام الشارح حيث مشى على أن أكثرها اثنتا عشرة ركعة وجعل أوسطها أفضل
على أنا لو قلنا إن الثمان هي الأكثر فتقييد أفضليتها على الاثنتي عشرة بما إذا صلى الاثنتي عشر بتسليمة واحدة لتقع نفلا مطلقا لا يوافق قواعد مذهبنا بل تقع عما نوى على قواعدنا كما لو صلى الظهر ست ركعات مثلا وقعد على رأس الرابعة فإن الركعتين الزائدتين لا تغير ما قبلها عن صفة الفرضية لصحة البناء على تحريمة الفرض والنفل عندنا ونية العدد لا تضر ولا تنفع فإذا صلى الضحى أكثر من ثمان يقع الزائد نفلا مطلقا لا الكل بلا فرق بين وصلها وفصلها نعم في وصلها كراهة الزيادة على أربع بتسليمة واحدة الضحى فلا يظهر حينئذ كون الثمان أفضل
وقد أجاب بعض الشافعية بأن أفضلية الثمان للاتباع أي لأنها ثابتة بالأحاديث الصحيحة فيترجح فيها الاتباع للشارع بخلاف الزيادة لضعف حديثها لكن يرد عليه أن صلاة الأكثر متضمنة للأوسط الذي فيه الاتباع إلا أن يبنى أيضا على القول بأن الثمان هي الأكثر
وعلى أنه لو صلاها أكثر بتسليمة تقع نفلا مطلقا لا عما نوى أو يقال معناه أن كل شفع من الثمان أفضل من كل شفع من الزائد لا بالنظر إلى المجموع فهذا غاية ما تحرر لي هنا والله أعلم
____________________
(2/23)
مطلب في ركعتي السفر قوله ( ركعتا السفر والقدوم منه ) عن مقطم بن المقدام قال قال رسول الله ما خلف أحد عند أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا رواه الطبراني
وعن كعب بن مالك كان رسول الله لا يقدم من السفر إلا نهارا في الضحى فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فيه رواه مسلم
شرح المنية
ومفاده اختصاص صلاة ركعتي السفر بالبيت وركعتي القدوم منه بالمسجد وبه صرح الشافعية
مطلب في صلاة الليل قوله ( وصلاة الليل ) أقول هي أفضل من صلاة النهار كما في الجوهرة ونور الإيضاح وقد صرحت الآيات والأحاديث بفضلها والحث عليها
قال في البحر فمنها ما في صحيح مسلم مرفوعا أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل وروى الطبراني مرفوعا لا بد من صلاة بليل ولو حلب شاة وما كان بعد صلاة العشاء فهو من الليل وهذا يفيد أن هذه السنة تحصل بالتنفل بعد صلاة العشاء قبل النوم ا هـ
قلت قد صرح بذلك في الحلية ثم قال فيها بعد كلام ثم غير خاف أن صلاة الليل المحثوث عليها هي التهجد
وقد ذكر القاضي حسين من الشافعية أنه في الاصطلاح التطوع بعد النوم وأيد بما في معجم الطبراني من حديث الحجاج بن عمرو رضي الله عنه قال بحسب أحدكم إذا قام من الليل يصلي حتى يصبح أنه قد تهجد إنما التهجد المرء يصلي الصلاة بعد رقدة غير أن في سنده ابن لهيعة وفيه مقال لكن الظاهر رجحان حديث الطبراني الأول لأنه تشريع قولي من الشارع بخلاف هذا وبه ينتفي ما عن أحمد من قوله قيام الليل من المغرب إلى طلوع الفجر ا هـ ملخصا
أقول الظاهر أن حديث الطبراني الأول بيان لكون وقته بعد صلاة العشاء حتى لو نام ثم تطوع قبلها لا يحصل السنة فيكون حديث الطبراني الثاني مفسرا للأول وهو أولى من إثبات التعارض والترجيح لأن فيه ترك العمل بأحدهما ولأنه يكون جاريا على الاصطلاح ولأنه المفهوم من إطلاق الآيات والأحاديث ولأن التهجد إزالة النوم بتكلف مثل تأثم أي تحفظ عن الإثم نعم صلاة الليل وقيام الليل أعم من التهجد وبه يجاب عما أورد على قول الإمام أحمد هذا ما ظهر لي والله أعلم
تنبيه ظاهر ما مر أن التهجد لا يحصل إلا بالتطوع فلو نام بعد صلاة العشاء ثم قام فصلى فوائت لا يسمى تهجدا وتردد فيه بعض الشافعية
قلت والظاهر أن تقييده بالتطوع بناء على الغالب وأنه يحصل بأي صلاة كانت لقوله في الحديث المار وما كان بعد صلاة العشاء فهو من الليل ثم اعلم أن ذكره صلاة الليل من المندوبات مشى عليه في الحاوي القدسي وقد تردد المحقق في فتح القديرفي كونه سنة أو مندوبا لأن الأدلة القولية تفيد الندب والمواظبة الفعلية تفيد السنية لأنه إذا واظب على تطوع يصير سنة لكن هذا بناء على أنه كان تطوعا في حقه وهو قول طائفة
وقالت طائفة كان فرضا عليه فلا تفيد مواظبته عليه السنية في حقنا لكن صريح ما في مسلم وغيره عن عائشة أنه كان فريضة ثم نسخ هذا خلاصة ما ذكره ومفاده اعتماد السنية في حقنا لأنه
____________________
(2/24)
صلى الله عليه وسلم واظب عليه بعد نسخ الفرضية ولذا قال في الحية والأشبه أنه سنة
قوله ( وأقلها على ما في الجوهرة ثمان ) قيد بقوله على ما في الجوهرة لأنه في الحاوي القدسي قال يصلي ما سهل عليه ولو ركعتين والسنة فيها ثمان ركعات بأربع تسليمات ا هـ
والتقييد بأربع تسليمات مبني على قول الصاحبين وأما على قول الإمام فلا كما ذكره في الحلية وقال فيها أيضا وهذا بناء على أن أقل تهجده كان ركعتين وأن منتهاه كان ثماني ركعات أخذا مما في مبسوط السرخسي ثم ساق تبعا لشيخه المحقق ابن الهمام الأحاديث الدالة على ما عينه في المبسوط من منتهاه وحديث أبي داود الدال على أن أقل تهجده أربع سوى ثلاث الوتر وتمام ذلك فيها فراجعها لكن ذكر آخر عنه من ستيقظ من الليل وأيقظ أهله فصليا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات رواه النسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال المنذري صحيح على شرط الشيخين ا هـ
أقول فينبغي القول بأن أقل التهجد ركعتان وأوسطه أربع وأكثره ثمان والله أعلم
قوله ( ولو جعله أثلاثا الخ ) أي لو أراد أن يقوم ثلثه وينام ثلثيه فالثلث الأوسط أفضل من طرفيه لأن الغفلة فيه أتم والعبادة فيه أثقل ولو أراد أن يقوم نصفه وينام نصفه فقيام نصفه الأخير أفضل لقلة المعاصي فيه غالبا وللحديث الصحيح ينزل ربنا إلى سماء الدنيا في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ومعنى ينزل ربنا ينزل أمره كما أوله به الخلف وبعض أكابر السلف وتمامه في تحفة ابن حجر وذكر أن الأفضل من الثلث الأوسط السدس الرابع والخامس للخبر المتفق عليه أحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ا هـ
وبه جزم في الحلية
تتمة ذكر في الحلية أيضا ما حاصله أنه يكره ترك تهجد اعتاده بلا عذر لقوله لابن عمر يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه متفق عليه
فينبغي للمكلف الأخذ من العمل بما يطيقه كما ثبت في الصحيحين ولذا قال أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل رواه الشيخان وغيرهما
مطلب في إحياء ليالي العيدين والنصف وعشر الحجة ورمضان قوله ( وإحياء ليلة العيدين ) الأولى ليلتي بالتثنية أي ليلة عيد الفطر وليلة عيد الأضحى
قوله ( والنصف ) أي وإحياء ليلة النصف من شعبان
قوله ( والأول ) أي وليالي العشر الأول الخ
وقد بسط الشرنبلالي في الإمداد ما جاء في فضل هذه الليالي كلها فراجعه قوله ( ويكون بكل عبادة تعم الليل أو أكثره ) نقل عن بعض المتقدمين قيل هو الإمام أبو جعفر محمد بن علي أنه فسر ذلك بنصف الليل وقال من أحيا نصف الليل فقد أحيا الليل وذكر في الحلية أن الظاهر من إطلاق الأحاديث الاستيعاب لكن في صحيح مسلم عن عائشة قالت ما أعلمه قام ليلة حتى الصباح فيترجح إرادة الأكثر أو النصف لكن الأكثر أقرب إلى الحقيقة ما لم يثبت ما يقتضي تقديم النصف ا هـ
____________________
(2/25)
وفي الإمداد ويحصل القيام بالصلاة نفلا فرادى من غير عدد مخصوص وبقراءة القرآن والأحاديث وسماعها وبالتسبيح والثناء والصلاة والسلام على النبي الحاصل ذلك في معظم الليل وقيل بساعة منه
وعن ابن عباس رضي الله عنهما بصلاة العشاء جماعة والعزم على صلاة الصبح جماعة كما قالوه في إحياء ليلتي العيدين
وفي صحيح مسلم قال رسول الله من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله ا هـ
تتمة أشار بقوله فرادى إلى ما ذكره بعد في متنه من قوله ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي في المساجد وتمامه في شرحه وصرح بكراهة ذلك في الحاوي القدسي
قال وما روي من الصلوات في هذه الأوقات يصلي فرادى غير التراويح
مطلب في صلاة الرغائب قال في البحر ومن هنا يعلم كراهة الاجتماع على صلاة الرغائب التي تفعل في رجب أو في أولى جمعة منه وأنها بدعة وما يحتاله أهل الروم من نذرها لتخرج عن النفل والكراهة فباطل ا هـ
قلت وصرح بذلك في البزازية كما سيذكره الشارح آخر الباب وقد بسط الكلام عليها شارحا المنية وصرحا بأن ما روي فيها باطل موضوع وبسطا الكلام فيها خصوصا في الحلية وللعلامة نور الدين المقدسي فيها تصنيف حسن سماه ( ردع الراغب عن صلاة الرغائب ) أحاط فيه بغالب كلام المتقدمين والمتأخرين من علماء المذاهب الأربعة
مطلب في ركعتي الاستخارة قوله ( ومنها ركعتا الاستخارة ) عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم أستخيرك بعلمك وستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب
اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ( أو قال عاجل أمري وآجله ) فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ( أو قال عاجل أمري وآجله ) فاصرفه عني وصرفني عنه وقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به قال ويسمي حاجته رواه الجماعة إلا مسلما
شرح المنية
تتميم معنى فاقدره اقضه لي وهيئه وهو بكسر الدال وبضمها وقوله أو قال عاجل أمري شك من الراوي
قالوا وينبغي أن يجمع بينهما فيقول وعاقبة أمري وعاجله وآجله وقوله ويسمي حاجته قال ط أي بدل قوله هذا الأمر ا هـ
قلت أو يقول بعده وهو كذا وكذا وقالوا الاستخارة في الحج ونحوه تحمل على تعيين الوقت
وفي الحلية ويستحب افتتاح هذا الدعاء وختمه بالحمدلة والصلاة
وفي الأذكار أنه يقرأ في الركعة الأولى الكافرون وفي الثانية الإخلاص ا هـ
وعن بعض السلف أنه يزيد في الأولى { وربك يخلق ما يشاء ويختار }
____________________
(2/26)
إلى قوله يعلنون { القصص } وفي الثانية { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة } الأحزاب 36 الآية
وينبغي أن يكررها سبعا لما روى ابن السني يا أنس إذا هممت بأمر فستخر ربك فيه سبع مرات ثم نظر إلى الذي سبق إلى قلبك فإن الخير فيه ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء ا هـ ملخصا
وفي شرح الشرعة المسموع من المشايخ أنه ينبغي أن ينام على طهارة مستقبل القبلة بعد قراءة الدعاء المذكور فإن رأى في منامه بياضا أو خضرة فذلك الأمر خير وإن رأى فيه سوادا أو حمرة فهو شر ينبغي أن يجتنب ا هـ
مطلب في صلاة التسبيح قوله ( وأربع صلاة التسبيح الخ ) يفعلها في كل وقت لا كراهة فيه أو في كل يوم أو ليلة مرة وإلا ففي كل أسبوع أو جمعة أو شهر أو العمر وحديثها حسن لكثرة طرقه
ووهم من زعم وضعه وفيها ثواب لا يتناهى ومن ثم قال بعض المحققين لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين والطعن في ندبها بأن فيها تغييرا لنظم الصلاة إنما يتأتى على ضعف حديثها فإذا ارتقى إلى درجة الحسن أثبتها وإن كان فيها ذلك وهي أربع بتسليمة أو تسليمتين يقول فيها ثلاثمائة مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وفي رواية زيادة ولا حول ولا قوة إلا بالله يقول ذلك في كل ركعة خمسة وسبعين مرة فبعد الثناء خمسة عشر ثم بعد القراءة وفي ركوعه والرفع منه وكل من السجدتين وفي الجلسة بينهما عشرا عشرا بعد تسبيح الركوع والسجود
وهذه الكيفية هي التي رواها الترمذي في جامعه عن عبد الله بن المبارك أحد أصحاب أبي حنيفة الذي شاركه في العلم والزهد والورع وعليها اقتصر في القنية وقال إنها المختار من الروايتين
والرواية الثانية أن يقتصر في القيام على خمسة عشر مرة بعد القراءة والعشرة الباقية يأتي بها بعد الرفع من السجدة الثانية واقتصر عليها في الحاوي القدسي والحلية والبحر وحديثها أشهر لكن قال في شرح المنية إن الصفة التي ذكرها ابن المبارك هي التي ذكرها في مختصر البحر وهي الموافقة لمذهبنا لعدم الاحتياج فيها إلى جلسة الاستراحة إذ هي مكروهة عندنا ا هـ
قلت لعله اختارها في القنية لهذا لكن علمت أن ثبوت حديثها يثبتها وإن كان فيها ذلك فالذي ينبغي فعل هذه مرة وهذه مرة
تتمة قيل لابن عباس هل تعلم لهذه الصلاة سورة قال التكاثر والعصر والكافرون والإخلاص
وقال بعضهم الأفضل نحو الحديد والحشر والصف والتغابن للمناسبة في الاسم
وفي رواية عن ابن المبارك يبدأ بتسبيح الركوع والسجود ثم بالتسبيحات المتقدمة
وقال المعلى يصليها قبل الظهر
هندية عن المضمرات
وقيل لابن المبارك لو سها فسجد هل يسبح عشرا عشرا قال لا إنما هي ثلاثمائة تسبيحة
قال المنلا علي في شرح المشكاة مفهومه أنه إن سها ونقص عددا من محل معين يأتي به في محل آخر تكلمة للعدد المطلوب ا هـ
قلت واستفيد أنه ليس له الرجوع إلى المحل الذي سها فيه وهو ظاهر وينبغي كما قال بعض الشافعية أن يأتي بما ترك فيما يليه إن كان غير قصير فتسبيح الاعتدال يأتي به في السجود أما تسبيح الركوع فيأتي به في السجود أيضا لا في الاعتدال لأنه قصير
قلت وكذا تسبيح السجدة الأولى يأتي به في الثانية لا في الجلسة لأن تطويلها غير مشروع عندنا على ما مر
____________________
(2/27)
في الواجبات
وفي القنية لا يعد التسبيحات بالأصابع إن قدر أن يحفظ بالقلب وإلا يغمز الأصابع
ورأيت للعلامة ابن طولون الدمشقي الحنفي رسالة سماها ( ثمر الترشيح في صلاة التراويح ) بخطه أسند فيها عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه يقال فيها بعد التشهد قبل السلام اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى وأعمال أهل اليقين ومناصحة أهل التوبة وعزم أهل الصبر وجد أهل الخشية وطلب أهل الرغبة وتعبد أهل الورع وعرفان أهل العلم حتى أخافك
اللهم إني أسألك مخافة تحجزني عن معاصيك حتى أعمل بطاعتك وعملا أستحق به رضاك حتى أناصحك بالتوبة خوفا منك وحتى أخلص لك النصيحة حبا لك وحتى أتوكل عليك في الأمور حسن ظن بك سبحان خالق النور ا هـ
مطلب في صلاة الحاجة قوله ( وأربع صلاة الحاجة الخ ) قال الشيخ إسماعيل ومن المندوبات صلاة الحاجة ذكرها في التجنيس والملتقط وخزانة الفتاوى وكثير من الفتاوى والحاوي وشرح المنية
أما في الحاوي فذكر أنها ثنتا عشرة ركعة وبين كيفيتها بما فيه كلام
وأما في التجنيس وغيره فذكر أنها أربع ركعات بعد العشاء وأن في الحديث المرفوع يقرأ في الأولى الفاتحة مرة وآية الكرسي ثلاثا وفي كل من الثلاثة الباقية يقرأ الفاتحة والإخلاص والمعوذتين مرة مرة كن له مثلهن من ليلة القدر قال مشايخنا صلينا هذه الصلاة فقضيت حوائجنا
مذكور في الملتقط والتجنيس وكثير من الفتاوى كذا في خزانة الفتاوى
وأما في شرح المنية فذكر أنها ركعتان والأحاديث فيها مذكورة في الترغيب والترهيب كما في البحر
وأخرج الترمذي عن عبد الله بن أبي أوفى قال قال رسول الله من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله تعالى وليصل على النبي ثم ليقل لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين
أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ا هـ
أقول وقد عقد في آخر الحلية فصلا مستقلا لصلاة الحاجة وذكر ما فيها من الكيفيات والروايات والأدعية وأطال وأطاب كما هو عادته رحمه الله تعالى فليراجعه من أراده
خاتمة ينبغي للمسافر أن يصلي ركعتين في كل منزل قبل أن يقعد كما كان يفعل نص عليه الإمام السرخسي في شرح السير الكبير
وذكر أيضا أنه إذا ابتلى المسلم بالقتل يستحب أن يصلي ركعتين يستغفر الله تعالى بعدهما ليكون آخر عمله الصلاة والاستغفار
وذكر الشيخ إسماعيل عن شرح الشرعة من المندوبات صلاة التوبة وصلاة الوالدين وصلاة ركعتين عند نزول الغيث وركعتين في السر لدفع النفاق والصلاة حين يدخل بيته ويخرج توقيا عن فتنة المدخل والمخرج والله أعلم
قوله ( عملا ) أي تفرض من جهة العمل لا الاعتقاد أيضا فلا يكفر جاحدها لوقوع الخلاف فيها فعند أبي بكر الأصم وسفيان بن عيينة وغيرهما سنة
وعند الحسن البصري وزفر والمغيرة من المالكية فرض في ركعة
وفي رواية عن مالك فرض في ثلاث
وعند الشافعي وأحمد والصحيح من مذهب مالك فرض في الأربع وتمامه في الحلية
قوله ( مطلقا ) أي في الأوليين أو الأخريين أو واحدة وواحدة ط
____________________
(2/28)
قلت وقد تفرض القراءة في جميع ركعات الفرض الرباعي كما مر في باب الاستخلاف فيما لو استخلف مسبوقا بركعتين وأشار له أنه لم يقرأ في الأوليين
قوله ( على المشهور ) رد لما قيل إنها في الأوليين فرض وما قيل إنها فيهما أفضل لكن قدمنا في واجبات الصلاة أنه لا قائل بالفرضية في الأوليين وإنما ذلك فهمه صاحب البحر من بعض العبارات وقدمنا تحقيقه هناك
فافهم
قوله ( للمنفرد ) أي ولو حكما كالإمام لانفراده برأيه وكونه غير تابع لغيره فخرج المقتدي فلا تفرض عليه القراءة في النفل ولو كان مقتديا بمفترض كما بيناه في باب الإمام
قوله ( لكنه الخ ) أي هذا التعليل للزوم القراءة في كل النفل قاصر لا يعم الرباعية المؤكدة لما قدمه المصنف من أنه لا يصلي على النبي في القعدة الأولى منها ولا يستفتح إذا قام إلى الثالثة ولو كان كل شفع منها صلاة لصلى واستفتح وهذا الاعتراض لصاحب البحر
وقد يجاب عنه بما أشار إليه الشارح هناك من قوله لأنها لتأكدها أشبهت الفريضة يعني أن القياس فيها ذلك لكن لما أشبهت الفريضة روعي فيها الجانبان فأوجبوا القراءة في كل ركعاتها والعود إلى القعدة إذا تذكرها بعد تمام القيام قبل السجود وقضاء ركعتين فقط لو أفسدها على ما هو ظاهر الرواية كما سيأتي نظرا للأصل ومنعوا من الصلاة والاستفتاح نظرا للشبه كما فعلوا في الوتر
على أن كون النفل كل شفع منه صلاة ليس على إطلاقه بل من بعض الأوجه كما مر بيانه وإلا لزم أن لا تصح رباعية بترك القعدة الأولى منها مع أن الاستحسان أنها تصح اعتبارا لها بالفرض خلافا لمحمد نعم لو تطوع بست ركعات أو ثمان بقعدة واحدة فالأصح أنه لا يجوز كما في الخلاصة لأنه ليس في الفرائض ست يجوز أداؤها بقعدة فيعود الأمر فيه إلى القياس كما في البدائع وسيأتي فيه تصحيح خلافه أيضا
قوله ( ولزم نفل الخ ) أي لزم المضي فيه حتى إذا أفسده لزم قضائه أي قضاء ركعتين وإن نوى أكثر على ما يأتي ثم هذا غير خاص بالصلاة وإن كان المقام لها
قال في شرح المنية اعلم أن الشروع في نفل العبادة التي تلزم بالنذر ويتوقف ابتداؤها على ما بعده في الصحة سبب لوجوب إتمامه وقضائه إن فسد عندنا وعند مالك وهو قول أبي بكر الصديق وابن عباس وكثير من الصحابة والتابعين كالحسن البصري ومكحول والنخعي وغيرهم فخرج الوضوء وسجدة التلاوة وعيادة المريض وسفر الغزو ونحوها مما لا يجب بالنذر لكونه غير مقصود لذاته وخرج ما لا يتوقف ابتداؤه على ما بعده في الصحة نحو الصدقة والقراءة وكذا الاعتكاف على قول محمد ودخل فيه الصلاة والصوم والحج والعمرة والطواف والاعتكاف على قولهما ا هـ
تنبيه ظاهر كلامهم أنه يلزم القضاء بمجرد الشروع الصحيح وإن أفسده للحال
وفي المعراج عن الصغرى لو أفسد الصوم النفل في الحال لا يلزمه القضاء
أما لو اختار المضي ثم أفسده عليه القضاء
قلت وهكذا في الصلاة ولو شرعت في النفل الحال لا يلزمه القضاء
أما لو اختار المضي ثم أفسده عليه القضاء
قلت وهكذا في الصلاة ولو شرعت في النفل ثم حاضت وجب القضاء ا هـ
ومثله في شرح الشيخ إسماعيل وحمله السيد أبو السعود على النفل المظنون وكلام القهستاني يدل عليه وكذا كلام المنح كما يأتي
قوله ( أو بقيام الثالثة ) أي وقد أدى الشفع الأول صحيحا فإذا أفسد الثاني لزمه قضاؤه فقط ولا يسري إلى الأول لأن كل شفع صلاة على حدة
بحر
قوله ( شروعا صحيحا ) احترز به عن اقتدائه متنفلا بنحو أمي أو امرأة كما يأتي وقوله قصدا احترز به عما لو ظن
____________________
(2/29)
أن عليه فرضا ثم تذكر خلافه كما يأتي
قوله ( إلا إذا شرع الخ ) أي فلا يلزمه قضاء ما قطعه
ووجهه كما في البدائع أنه ما التزم إلا أداء هذه الصلاة مع الإمام وقد أداها
قوله ( بعد تذكره ) أي تذكر ذلك الفرض بأنه عليه لم يصله
قوله ( أو تطوعا آخر ) وكذا لو أطلق بأن لم ينو قضاء ما قطعه ولا غيره
قوله ( أو في صلاة ظان ) معطوف على قوله متنفلا فهو مستثنى أيضا
وصورته كما في التاترخانية عن العيون برواية ابن سماعة عن محمد بن الحسن قال رجل افتتح الظهر وهو يظن أنه لم يصلها فدخل رجل في صلاته يريد به التطوع ثم تذكر الإمام أنه ليس عليه الظهر فرفض صلاته فلا شيء عليه ولا على من اقتدى به ا هـ
لكن ذكر في البحر في باب الإمامة عند قوله وفسد اقتداء رجل بامرأة وصبي أن نفل المقتدي في هذه الصورة مضمون عليه بالإفساد حتى يلزمه قضاؤه بخلاف الإمام ا هـ
ويمكن الجواب بأن مراده بالإفساد إفساد المقتدي صلاته فيلزمه القضاء بإفساده دون إفساد إمامه فلا يخالف ما تقدم لكن المتبادر من كلام السراج أن المراد إفساد الإمام فإنه قال فلو خرج الظان منها لم يجب عليه قضاؤها بالخروج عند أصحابنا الثلاثة ويجب على المقتدي القضاء ا هـ
فإما أن يؤول أيضا بما قلنا وإلا فهو رواية ثانية غير ما مشى عليه الشارح فافهم
قوله ( أو أمي الخ ) محترز قوله شروعا صحيحا لأن الشروع في صلاة من ذكر غير صحيح وحينئذ فلا محل لاستثنائه إلا بالنظر إلى مجرد المتن إذ ليس فيه ذلك القيد فافهم
قال السيد أبو السعود وينبغي في الأمي وجوب القضاء بناء على ما سبق من أن الشروع يصح صم تفسد إذا جاء أوان القراءة ا هـ
قوله ( يعني وأفسده في الحال ) أي حال التذكر وهذا راجع إلى مسألة الظان فقط
قال في المنح واحترز بقوله قصدا عن الشروع ظنا كما إذا ظن أنه لم يصل فرضا فشرع فيه فتذكر أنه قد صلاه صار ما شرع فيه نفلا لا يجب إتمامه حتى لو نقضه لا يجب القضاء
وفي الصغرى هذا إذا أفسد الصوم النفل في الحال أما إذا اختار المضي ثم أفسده فعليه القضاء
قال وهكذا في الصلاة كذا في المجتبى ا هـ
أقول وعزاه بعض المحشين أيضا إلى شرح الجامع للتمرتاشي لكن علل في التجنيس مسألة الصوم بأنه لما مضى عليه صار كأنه نوى المضي عليه في هذه الساعة فإذا كان قبل الزوال صار شارعا في صوم التطوع فيجب عليه ا هـ
وحاصله أنه إذا اختار المضي على الصوم بعد التذكر وكان في وقت النية صار بمنزلة إنشاء نية جديدة فيلزمه وهذا لا يتأتى في الصلاة فإلحاقها بالصوم مشكل فليتأمل
قوله ( أما لو اختار المضي ) الظاهر أن ذلك يكون بمجرد القصد وفيه ما علمته ونقل ط عن أبي السعود عن الحموي أنه لا يكون مختارا للمضي إلا إذا قيد الركعة بسجدة
أقول فهم الحموي ذلك من الفرق بين الصوم والصلاة الآتي قريبا وفيه نظر فتدبر
قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر الرواية عن الإمام
وعنه أنه لا يلزمه بالشروع في هذه الأوقات اعتبارا بالشروع في الصوم في الأوقات المكروهة
والفرق على الظاهر صحة تسميته صائما فيه وفي الصلاة لا إلا بالسجود ولذا حنث بمجرد الشروع في لا يصوم بخلاف لا يصلي كما سيأتي إن شاء الله تعالى
نهر
قوله ( إلا بعذر ) استثناء من قوله حرم أي أنه عند العذر لا يحرم إفساده بل قد يباح وقد يستحب وقد يجب كما قدمه في آخر مكروهات الصلاة
____________________
(2/30)
ومن العذر ما إذا كان شروعه في وقت مكروه
ففي البدائع الأفضل عندنا أن يقطعها وإن أتم فقد أساء ولا قضاء عليه لأنه أداها كما وجبت فإذا قطعها لزمه القضاء ا هـ
قال في البحر وينبغي أن يكون القطع واجبا خروجا عن المكروه تحريما وليس بإبطال للعمل لأنه إبطال ليؤديه على وجه أكمل فلا يعد إبطالا
قوله ( ووجب قضاؤه ) أي ولو قطعه بعذر ولو كان لكراهة الوقت كما علمت
قال في البحر ولو قضاه في وقت مكروه آخر أجزأه لأنها وجبت ناقصة وأداها كما وجبت فيجوز كما لو أتمها في ذلك الوقت
قوله ( وسيجيء ) أي في كتاب الأيمان وذكر في البحر شيئا من أحكامه هنا فراجعه
قوله ( ويجمعها ) أي النوافل التي تجب بالشروع وضابطها كل عبادة تلزم بالنذر ويتوقف ابتداؤها على ما بعده في الصحة كما قدمناه قريبا عن شرح المنية
قوله ( من النوافل الخ ) هذا النظم عزاه السيد أبو السعود إلى صدر الدين بن العز وهو من النوع المسمى عند المولدين بالمواليا وبحره بحر البسيط
قوله ( قال الشارع ) هو سيدنا محمد لأنه الذي شرع الأحكام وفيه مع ما قبله الجناس التام
قوله ( طواف ) أي يلزمه إتمام سبعة أشواط بالشروع فيه بمجرد النية إلا إذا شرع فيه يظن أنه عليه كما في شرح اللباب
قوله ( عكوفه ) سيذكر الشارح في باب الاعتكاف نقلا عن المصنف وغيره أن ما في بعض المعتبرات من أنه يلزم بالشروع مفرع على الضعيف أي على رواية تقدير الاعتكاف النفل بيوم أما على ظاهر الرواية من أن أقله ساعة فلا يلزم بل ينتهي بالخروج من المسجد
قلت لكن ذكر في البدائع أن الشروع فيه ملزم بقدر ما اتصل به الأداء ولما خرج فما وجب إلا ذلك القدر فلا يلزمه أكثر منه ا هـ فتأمل نعم سنذكر في الاعتكاف عن الفتح أن اعتكاف العشر في رمضان ينبغي لزومه بالشروع
قوله ( إحرامه ) قال في لباب المناسك لو نوى الإحرام من غير تعيين حجة أو عمرة صح ولزمه وله أن يجعله لأيهما شاء قبل أن يشرع في أعمال أحدهما ا هـ
وبهذا غاير الحج والعمرة وإن استلزماه فاندفع التكرار كما قاله ح
قوله ( وقضى ركعتين ) هو ظاهر الرواية
وصحح في الخلاصة رجوع أبي يوسف عن قوله أولا بقضاء الأربع إلى قولهما فهو باتفاقهم لأن الوجوب بسبب الشروع لم يثبت وضعا بل لصيانة المؤدي وهو حاصل بتمام الركعتين فلا تلزم الزيادة بلا ضرورة
بحر
قوله ( لو نوى أربعا ) قيد به لأنه لو شرع في النفل ولم ينو لا يلزمه إلا ركعتان اتفاقا
وقيد بالشروع لأنه لو نذر صلاة ونوى أربعا لزمه أربع بلا خلاف كما في الخلاصة لأن سبب الوجوب فيه هو النذر بصيغته وضعا
بحر
قوله ( على اختيار الحلبي وغيره ) حيث قال في شرح المنية أما إذا شرع في الأربع التي قبل الظهر وقبل الجمعة أو بعدها ثم قطع في الشفع الأول أو الثاني يلزمه قضاء الأربع باتفاق لأنها لم تشرع إلا بتسليمة واحدة فإنها لم تنقل عنه عليه الصلاة والسلام إلا كذلك فهي بمنزلة صلاة واحدة ولذا لا يصلي في القعدة الأولى ولا يستفتح في الثالثة
ولو أخبر الشفيع بالبيع وهو في الشفع الأول منها فأكمل لا تبطل شفعته وكذا المخيرة لا يبطل خيارها وكذا لو دخلت عليه امرأته وهو فيه فأكمل لا تصح الخلو ولا
____________________
(2/31)
يلزمه كمال المهر لو طلقها بخلاف ما لو كان نفلا آخر فإن هذه الأحكام تنعكس ا هـ
وذكر في البحر أنه اختار الفضلي وقال في النصاب إنه الأصح لأنه بالشروع صار بمنزلة الفرض لكن ذكر في البحر قبل ذلك أنه لا يجب بالشروع فيها إلا ركعتان في ظاهر الرواية عن أصحابنا لأنها نفل
قلت وظاهر الهداية وغيرها ترجيحه
قوله ( في خلال ) قيد به لأنه لو نقض بين آخر القعدة الأولى وبين القيام إلى الثالثة لا يلزمه شيء لأن الشفع الأول قد تم بالقعدة والثاني لم يشرع فيه حينئذ
وقد ذكره المصنف بعد بقوله ولا قضاء لو قعد قدر التشهد ثمن نقض
قوله ( أو الثاني ) أي وكذا يقضي ركعتين لو أتم الشفع الأول بقعدته ثم شرع في الثاني فنقضه في خلاله قبل القعدة فيقضي الثاني فقط لتمام الأول لكن ينبغي وجوب إعادة الأول لترك واجب السلام مع عدم انجباره بسجود سهو كما هو الحكم في كل صلاة أديت مع ترك واجب ولا يخالف ذلك كلامهم هنا لأن كلامهم في لزوم القضاء وعدمه بناء على الفساد وعدمه والإعادة هي فعل ما أدى صحيحا مع الكراهة مرة ثانية بلا كراهة
قوله ( أي وتشهد للأول ) قيد لقوله أو الثاني ح
والمراد بالتشهد القعود قدر التشهد سواء قرأ التشهد أو لا فهو من إطلاق الحال على المحل
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يتشهد للشفع الأول ونقضه في خلال الشفع الثاني يفسد الكل لأن الشفع الأول إنما يكون صلاة إن وجدت القعدة الأولى أما إذا لم توجد فالأربع صلاة واحدة
بحر
وذكره الشارح بقوله أو ترك قعود أول ح
قوله ( والأصل أن كل شفع صلاة ) أي فلا يلزمه بتحريمة النفل أكثر من ركعتين وإن نوى أكثر منهما وهو ظهر الرواية عن أصحابنا
بحر
قوله ( إلا بعارض اقتداء ) أي اقتداء المتطوع بمن تلزمه الأربع كما لو اقتدى بمصلي الظهر ثم قطعها فإنه يقضي أربعا سواء اقتدى به في أولها أو في القعدة الأخيرة لأنه التزم صلاة الإمام وهي أربع
بحر ونهر عن البدائع قوله ( أو نذر ) أي لو نذر صلاة ونوى أربعا لزمته بلا خلاف كما قدمناه عن البحر
وعلله في النهاية عن المبسوط بأنه نوى ما يحتمله لفظه لتناول اسم الصلاة للركعتين والأربع فكأنه قال لله علي أن أصلي أربع ركعات ا هـ
وقد مر قبيل قوله وركعتان قبل الصبح أنه لو نذر أربعا بتسليمة فصلاها بتسليمتين لا يخرج عن النذر بخلاف عكسه
ومفاد ما هنا أن نذر الأربع يكفي في لزومها وإن لم يقيدها بتسليمة فلا يخرج عن عهدة النذر بصلاتها بتسليمتين
قوله ( أو ترك قعود أول ) لأن كون كل شفع صلاة على حدة يقتضي افتراض القعدة عقيبه فيفسد بتركها كما هو قول محمد وهو القياس لكن عندهما لما قام إلى الثالثة قبل القعدة فقد جعل الكل صلاة واحدة شبيهة بالفرض وصارت القعدة الأخيرة هي الفرض وهو الاستحسان وعليه فلو تطوع بثلاث بقعدة واحدة كان ينبغي الجواز اعتبارا بصلاة المغرب لكن الأصح عدمه لأنه قد فسد ما اتصلت به القعدة وهو الركعة الأخيرة لأن التنفل بالركعة الواحدة غير مشروع فيفسد ما قبلها
ولو تطوع بست ركعات بقعدة واحدة قيل يجوز والأصح لا فإن الاستحسان جواز الأربع بقعدة اعتبارا بالفرض وليس في الفرض ست ركعات تؤدي بقعدة فيعود الأمر إلى أصل القياس كما في البدائع
مبحث المسائل الستة عشرية تنبيه ينبغي الأصل المذكور المؤكدة بناء على اختيار الحلبي وغيره
قوله ( كما يقضي ركعتين الخ ) شروع في مسائل فساد النفل الرباعي بترك القراءة بعد ذكر فساده بغيره وهي المسائل الملقبة بالثمانية وبالستة عشرية والأصل فيها أن صحة الشروع في الشفع الأول بالتحريمة وفي الثاني بالقيام
____________________
(2/32)
إليه مع بقاء التحريمة والتحريمة لا تبقى عند أبي حنيفة مع ترك القراءة في ركعتي الشفع الأول فلا يصح الشروع في الشفع الثاني حتى لا يلزمه قضاؤه بإفساده بل يقضي الأول فقط لفساد أدائه بترك القراءة بخلاف الترك في ركعة فإنه يفسد الأداء دون التحريمة حتى وجب قضاء الشفع الأول كالترك في الركعتين وصح الشروع في الثاني
وعند محمد وزفر الترك في ركعة من الشفع مفسد للتحريمة والأداء كالترك في ركعتين فلا يصح شروعه في الثاني فلا يلزمه قضاؤه بإفساده بل قضاء الأول فقط
وعند أبي يوسف الترك في ركعة أو ركعتين يفسد الأداء فقط والتحريمة باقية فيصح شروعه في الثاني مطلقا
والحاصل أن التحريمة لا تفسد عند أبي يوسف بترك القراءة مطلقا وتفسد عند محمد وزفر بتركها مطلقا
وعند الإمام تفسد بتركها أصلا أي في الركعتين لا في ركعة ويجمع الأقوال قول الإمام النسفي تحريمة النفل لا تبقى إذا تركت فيها القراءة أصلا عند نعمان والترك في ركعة قد عده زفر كالترك أصلا وأيضا شيخ شيبان وقال يعقوب تبقى كيفما تركت فيها القراءة فحفظه بإتقان قوله ( في شفعيه ) فيقضي الشفع الأول عندهما لبطلان التحريمة وعدم صحة الشروع في الثاني ويقضي أربعا عند أبي يوسف لبقائها عنده وإفساده الأداء في الشفعين بترك القراءة
قوله ( في الأول فقط ) أي فيقضي ركعتين إجماعا أما عندهما فلفساد التحريمة وعدم صحة الشروع في الثاني وأما عند أبي يوسف فإنه وإن صح الشروع فيه فإنه لم يفسد لوجود القراءة فيه فيقضي الأول فقط
قوله ( أو الثاني ) أي فيقضيه فقط إجماعا لصحة الأول وصحة الشروع في الثاني وفساد أدائه بترك القراءة فيه
قوله ( أو إحدى ركعتي الثاني ) أي فيقضيه فقط إجماعا أيضا لما قلنا وتحته صورتان لأن الواحدة إما أولى الثاني أو ثانيته
قوله ( أو إحدى ركعتي الأول ) فيه صورتان أيضا أي فيلزمه قضاؤه فقط إجماعا أيضا لإفساده بترك القراءة في ركعة منه ولفساد التحريمة وعدم صحة الشروع في الثاني عند محمد ولبقائها مع صحة أداء الثاني عندهما
قوله ( أو الأول وإحدى الثاني ) تحته صورتان أيضا أي لو ترك القراءة في الشفع الأول وفي ركعة من الثاني أي أولاه أو ثانيته يقضي الشفع الأول عند الإمام ومحمد لفساد التحريمة وعدم صحة الشروع في الثاني
وعند أبي يوسف يقضي أربعا لصحة الشروع في الثاني وإفساد الأداء فيهما بترك القراءة قوله ( لا غير ) يحتمل أنه قيد لقوله وإحدى الثاني ويحتمل كونه قيدا لهذه الصور أي يقضي ركعتين في هذه الصور المذكورة لا في غيرها مما سيأتي
ويحتمل كونه قيد الركعتين أي يقضي ركعتين لا غير في جميع ما مر
قوله ( لأن الأول الخ ) تعليل للزوم قضاء ركعتين لا غير على قول الإمام في جميع هذه الصورة بالإشارة إلى أصله فيها وهو أنه إذا بطل الشفع الأول بترك القراءة فيه أصلا لا يصح بناء الشفع الثاني عليه لفساد التحريمة ومفهومه أنه إذا لم يبطل الأول يصح بناء الثاني عليه ومعلوم أن ترك القراءة في ركعة أو في ركعتين بعد صحة الشروع مفسد للأداء وموجب للقضاء فأفاد بمنطوق التعليل المذكور وجه قضاء ركعتين لا غير في قول المصنف لو ترك القراءة في شفعيه وقوله أو تركها في الأول وقوله أو الأول وإحدى الثاني لأنه في هذه
____________________
(2/33)
الصور كلها قد أفسد الشفع الأول بترك القراءة فيه أصلا فبطلت التحريمة ولم يصح بناء الشفع الثاني عليه وحيث لم يصح بناؤه لم يلزمه قضاؤه بل لزمه قضاء الأول لا غير
وأفاد بمفهوم التعليل المذكور وجه قضاء ركعتين لا غير في باقي الصور وهي قول المصنف أو الثاني أو إحدى الثاني أو إحدى الأول فإنه في هذه الصور لم يبطل الشفع الأول عند الإمام فبقيت التحريمة وصح شروعه في الثاني لكنه لما ترك القراءة فيه أو في ركعة منه لزمه قضاؤه فقط ولما ترك القراءة في ركعة من الأول فقط لزمه قضاؤه فقط لصحة بناء الثاني وصحة أدائه فافهم
قوله ( فهذه تسع صور ) لأن المذكور صريحا في كلام المصنف ست ولكن لفظ إحدى في المواضع الثلاث يصدق على الركعة الأولى من الشفع أو الثانية فتزيد ثلاث صور أخرى
قوله ( لو ترك القراءة في إحدى كل شفع ) أي في ركعتين من شفعين كل ركعة من شفع بأن تركها في الأولى مع الثالثة أو الرابعة أو في الثانية مع الثالثة أو الرابعة فهذه أربع وقوله وإحدى الأول فيه صورتان لأن هذه الوحدة إما أولاه أو ثانيته ففي هذه الست يقضي أربعا عندهما وركعتين فقط عند محمد بناء على أصله المار من فساد التحريمة بترك القراءة في ركعة من الشفع الأول وفي هذه الست قد وجد ذلك فلم يصح عنده الشروع في الشفع الثاني منها وأما عندهما فلا تفسد التحريمة بذلك فصح الشروع فلزم قضاء كل من الشفعين لإفساد أدائهما وكون الواجب قضاء أربع ركعات في الصور الأربع الأول عند أبي حنيفة موافق لأصله المار لكن أنكر أبو يوسف على محمد رواية ذلك عن أبي حنيفة وقال رويت لك عنه أنه يلزمه قضاء ركعتين ومحمد لم يرجع عن رواية ذلك عنه ونسب أبا يوسف إلى النسيان
وما رواه محمد هو ظاهر الرواية واعتمده المشايخ وهذه إحدى مسائل ست رواها محمد في الجامع الصغير عن أبي يوسف عن أبي حنيفة وأنكرها أبو يوسف وتمامه في البحر
قوله ( وبصورة القراءة في الكل ) أي كل الركعات وإنما لم يذكروها لأنها صحيحة والكلام فيما يلزم قضاؤه للفساد بترك القراءة لكن هذه الصورة هي تتمة القسمة العقلية لأنه لا يخلو إما أن يكون قرأ في الأربع أو ترك في الأربع أو في ثلاث وتحته أربع صور فهذه ست أو ترك في ركعتين أي في الأولى مع الثانية أو مع الثالثة أو مع الرابعة أو في الثانية مع الثالثة أو مع الرابعة أو في الثالثة مع الرابعة فهذه ست أيضا أو ترك في واحدة فقط وتحته أربع فهذه ست عشرة صورة
وقد رسمتها في جدول على هذا الترتيب مشيرا إلى القراءة بالقاف وإلى عدمها بلا وإلى عدد ما يجب قضاؤه في جانب كل صورة بالعدد الهندي على مذاهب أئمتنا الثلاث بالترتيب على أصولهم المارة فإن كنت أتقنتها يسهل عليك استخراجها وصورته هكذا
____________________
(2/34)
قوله ( لكن بقي ما إذا لم يقعد ) صورتها قرأ في الأوليين ولم يقعد القعدة الأولى وأفسد الأخريين
وحكمها أنه يقضي أربعا إجماعا كذا في النهر
وقد ذكره الشارح مرتين الأولى قوله أي وتشهد للأول وإلا يفسد الكل الثانية قوله أو ترك قعود أول ح
قلت والمراد إفساد الأخريين بترك القراءة لأن الكلام فيه وقد أشار الشارح إلى أن ما مر من قضاء ركعتين أو أربع مفروض فيما إذا قعد على رأس الركعتين وإلا فعليه قضاء الأربع اتفاقا لأنه إذا لم يقعد يسري فساد الشفع الثاني إلى الأول كما نبه عليه في البحر تبعا للعناية
قوله ( أو قعد ولم يقم لثالثة ) صورتها ترك القراءة ولم يقم
وحكمها أنه يقضي ركعتين كذا في النهر ح
قوله ( أو قام ولم يقيدها بسجدة ) صورتها ترك القراءة في الشفع الأول ثم قام إلى الركعة الثالثة ثم أفسدها قبل أن يقيد الثالثة بسجدة فحكمها أنه يقضي ركعتين عندهما
وعند أبي يوسف أربعا كذا في النهر ومثله ما إذا أفسدها بعد التقييد بسجدة ح
أقول وما نقله في هذه المواضع عن النهر موجود فيه وكأنه ساقط من نسخة ط
ثم اعلم أن استدراك الشارح بذكر المسألتين الأخيرتين لا محل له هنا لأن الكلام في إفساد أحد الشفعين من الرباعية أو كل منهما بترك القراءة أما إفساده بما سوى ذلك فهو ما ذكره المصنف قبل بقوله وقضى ركعتين لو نوى أربعا الخ كما نبهنا عليه هناك وهاتان المسألتان داخلتان فيه فتأمل
قوله ( فتنبه ) لعله أمر بالتنبه إشارة إلى ما قررناه
قوله ( وميز المتداخل ) المراد به ما اختلفت صورته واتحد حكمه وهي عبارة العناية حيث جعل سبعا من الصور داخلة في الثمانية الباقية وذلك لأن المذكور في المتن ثماني صور ست يلزم فيها ركعتان واثنتان يلزم فيهما أربع لكن الست الأولى تسع في التفصيل والاثنتان ست فهي خمس عشرة ا هـ ح
قوله ( وحكم مؤتم الخ ) صورته رجل اقتدى متنفلا بمتنفل في رباعي فقرأ الإمام في إحدى الأوليين وإحدى الأخريين فكما يلزم الإمام قضاء الأربع كذلك يلزم المؤتم ولو اقتدى به في التشهد وقس على ذلك ح
قوله ( وقعد قدر التشهد ) أي وقرأ في الركعتين
قوله ( أو شرع ظانا الخ ) تصريح بمفهوم قوله سابقا شرع فيه قصدا كما أفاده
____________________
(2/35)
المصنف ط
قوله ( غير مضمون ) أي لا يلزمه قضاؤه لو أفسده في الحال أما لو اختار المضي عليه ثم أفسده لزمه قضاؤه كما قدمه الشارح وقدمنا الكلام عليه وكذا لا يجب القضاء على من اقتدى به فيه متطوعا كما في التاترخانية وقدمنا الكلام فيه أيضا
قوله ( لأنه شرع مسقطا الخ ) أي لأن من ظن أن عليه فرضا يشرع فيه لإسقاط ما في ذمته لا لإلزام نفسه بصلاة أخرى فإذا انقلبت صلاته نفلا بتذكر الأداء كانت صلاة لم يلتزمها فلا يلزمه قضاؤها لو أفسدها
قوله ( أو صلى أربعا ) أي وقرأ في الكل ح
قوله ( فأكثر ) هذا خلاف الأصح كما قدمناه عن البدائع والخلاصة
وفي التاترخانية لو صلى التطوع ثلاثا ولم يقعد على الركعتين فالأصح أنه يفسد ولو ستا أو ثمانيا بقعدة واحدة اختلفوا فيه والأصح أنه يفسد استحسانا وقياسا ا هـ
لكن صححوا في التراويح أنه لو صلاها كلها بقعدة واحدة وتسليمة أنها تجزىء عن ركعتين فقد اختلف التصحيح
قوله ( استحسانا ) والقياس فساد الشفع الأول كما هو قول محمد بناء على أن كل شفع صلاة فتكون القعدة فيه فرضا
قوله ( فتبقى واجبة الخ ) أي كما في نظيره من الفرض الرباعي فإن القعدة الأولى فيه واجبة لا يبطل بتركها والفريضة التي يبطل بتركها إنما هي الأخيرة
قوله ( وفي التشريح ) في بعض النسخ الترشيح بتقديم الراء على الشين وفي بعضها التوشيح بالواو بدل الراء وهو المشهور اسم كتاب شرح الهداية للسراج الهندي
قوله ( صح خلافا لمحمد ) لأنه يقول بفساد الشفع بترك قعدته كما هو القياس وقد مر لكن قوله صح مبني على أن ما زاد على الأربع كالأربع في جريان الاستحسان فيه وهو قول لبعض المشايخ وقد علمت اختلاف التصحيح فيه
قوله ( ويسجد للسهو ) سواء ترك القعدة عمدا أو سهوا نعم في العمد يسمى سجود عذر
ح عن النهر وسيأتي أن المعتمد عدم السجود في العمد ط
قوله ( ولا يثني ولا يتعوذ ) لأنهما لا يكونا إلا في ابتداء صلاة والشفع لا يكون صلاة على حدة إلا إذا قعد للأول فلما لم يقعد جعل الكل صلاة واحدة ح
قوله ( ويتنفل الخ ) أي في غير سنة الفجر في الأصح كما قدمه المصنف بخلاف سنة التراويخ لأنها دونها في التأكد فتصح قاعدا وإن خالف المتوارث وعمل السلف كما في البحر ودخل فيه النفل المنذور فإنه إذا لم ينص على القيام لا يلزمه القيام في الصحيح كما في المحيط
وقال فخر الإسلام إنه الصحيح من الجواب وقيل يلزمه واختاره في الفتح
نهر
قوله ( قاعدا ) أي على أي حلة كانت وإنما الاختلاف في الأفضل كما يأتي
قوله ( لا مضطجعا ) وكذا لو شرع منحنيا قريبا من الركوع لا يصح
بحر
وما ذكره من عدم صحة التنفل مضطجعا عندنا بدون عذر نقله في البحرعن الأكمل في شرحه على المشارق وصرح به في النتف
وقال الكمال في الفتح لا أعلم الجواز في مذهبنا وإنما يسوغ في الفرض حالة العجز عن القعود لكن ذكر في الإمداد أن في المعراج إشارة إلى أن في الجواز خلافا عندنا كما عند الشافعية
قوله ( ابتداء وبناء ) منصوبان على الظرفية الزمانية لنيابتهما عن الوقت أي وقت ابتداء ووقت بناء ط
قوله ( وكذا بناء الخ ) فصله بكذا لما فيه من خلاف الصاحبين
قال في الخزائن ومعنى البناء أن يشرع قائما ثم يقعد في الأولى أو الثانية بلا عذر استحسانا خلافا لهما
وهل يكره عنده الأصح لا
وأما القعود في الشفع الثاني فينبغي جوازه اتفاقا كما لو شرع قاعدا ثم قام كذا قاله
____________________
(2/36)
الحلبي وغيره ا هـ
وكتب عند قوله الأصح لا في هامشه فيه رد الدرر والوقاية والنقاية وغيرها حيث جزموا بالكراهة
قوله ( في الأصح ) راجع إلى قوله بلا كراهة كما علمته فافهم
قوله ( كعكسه ) وهو ما لو شرع قاعدا ثم قام فإنه يجوز اتفاقا وهو فعله كما روت عائشة أنه كان يفتتح التطوع قاعدا فيقرأ ورده حتى إذا بقي عشر آيات ونحوها قام الخ وهكذا كان يفعل في الركعة الثانية
وفي التجنيس الأفضل أن يقوم فيقرأ شيئا ثم يركع ليكون موافقا للسنة ولو لم يقرأ ولكنه استوى قائما ثم ركع جاز وإن لم يستو قائماوركع لا يجزيه لأنه لا يكون ركوعه قائما ولا ركوعا قاعدا ا هـ بحر
قوله ( وفيه ) أي في البحر
قوله ( أجر غير النبي ) أما النبي فيه خصائصه أن نافلته قاعدا مع القدرة على القيام كنافلته قائما ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قلت حدثت يا رسول الله أنك قلت صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة وأنت تصلي قاعدا قال أجل ولكني لست كأحد منكم بحر ملخصا أي لأنه تشريع لبيان الجواز وهو واجب عليه قوله ( على النصف إلا بعذر ) أما مع العذر فلا ينقص ثواب عن ثوابه قائما لحديث البخاري في الجهاد إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا فتح
وحكى في النهاية الإجماع عليه
وتعقبه في البحر بحكاية النووي عن بعضهم أنه على النصف مع العذر أيضا ثم نقل عن المجتبى أن إيماء العاجز أفضل من صلاة القائم لأنه جهد المقل
قال ولا يخفى ما فيه بل الظاهر المساواة كما في النهاية ا هـ
لكن ذكر القهستاني مافي المجتبى ثم قال لكن في الكشفأنه قال الشيخ أبو معين النسفي جميع عبادات أصحاب الأعذار كالمومي وغيره تقوم مقام العبادات الكاملة في حق إزالة المأثم لا في حق إحراز الفضيلة ا هـ
أقول وهو موافق لقول البعض المار ويؤيده حديث البخاري من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد فإن عموم من يدخل فيه العاجز ولأن الصلاة نائما لا تصح عندنا بلا عذر وقد جعل له نصف أجر القاعد وفي هذا المقام زيادة كلام يطلب ما علقناه على البحر
قوله ( ولا يصلي الخ ) هذا اللفظ رواه ابن أبي شيبة عن عمر
وظاهر كلام محمد أنه عن النبي ومحمد أعلم بذلك منا
فتح
قوله ( في القراءة الخ ) لما كان ظاهر الحديث غير مراد إجماعا لأن الظهر والعصر يصليان بعد سنتهما وجب حمله على أخص الخصوص ففي الجامع الصغير أراد لا يصلي بعد الظهر نافلة ركعتين منها بقراءة وركعتين بغير قراءة لتكون مثل الفرض
وقال فخر الإسلام لو حمل على تكرار الجماعة في مسجد له أهل أو على قضاء الصلاة عند توهم الفساد لكان صحيحا نهر
وما ذكره عن فخر الإسلام نقله في البحر أيضا عن شرح الجامع الصغير لقاضيخان
ثم قال في البحر فالحاصل أن تكرار الصلاة إن كان مع الجماعة في المسجد على هيئته الأولى فمكروه وإلا فإن كان في وقت يكره التنفل فيه بعد الفرض فمكروه كما بعد الصبح والعصر وإلا فإن كان لخلل في المؤدى فإن كان ذلك الخلل محققا إما بترك واجب أو بارتكاب مكروه فغير مكروه بل واجب كما صرح به في الذخيرة وقال إنه لا يتناوله النهي وإن كان ذلك الخلل غير محقق بل نشأ من وسوسة فهو مكروه ا هـ
قوله ( للنهي ) علة لقوله ولا يصلي الخ والنهي هو لفظ الحديث المذكور
قوله ( وما نقل الخ ) جواب عن سؤال وارد على الوجه
____________________
(2/37)
الثالث فإن هذا المنقول ينافي حمل النهي عليه إذ يبعد أن يكون ما صلاه الإمام أولا مشتملا على خلل محقق من مكروه أو ترك واجب بل الظاهر أنه أعاد ما صلاه لمجرد الاحتياط وتوهم الفساد فينافي حمل النهي في مذهبه على الوجه الثالث
والجواب أولا أنه لم يصح نقل ذلك عن الإمام وثانيا أنه لو صح نقول إنه كان يصلي المغرب والوتر أربع ركعات بثلاث قعدات كما نقله في البحر عن مآل الفتاوى أي ويكون حينئذ إعادة الصلاة لمجرد توهم الفساد غير مكروه ويكون النهي محمولا على غير هذا الوجه لكن لما كانت الصلاة على هذا محتملة لوقوعها نفلا والتنفل بالثلاث مكروه نقول إنه كان يضم إلى المغرب والوتر ركعة فعلى احتمال صحة ما كان صلاة أو لا تقع هذه الصلاة نفلا وزيادة القعدة على رأس الثالثة لا تبطلها وعلى احتمال فساده تقع هذه فرضا مقضيا وزيادة ركعة عليها لا تبطلها وقد تقرر أن ما دار بين وقوعه بدعة وواجبا لا يترك بخلاف ما دار بين وقوعه سنة وواجبا لكن لا يخفى عليك أن الجواب عن الإيراد هو الأول وأما الثاني فهو مقرر له لكنه لا يجدي لعدم ثبوت صحة النقل فالوجه حينئذ كراهة القضاء لتوهم الفساد كما قاله فخر الإسلام قاضيخان فكان ينبغي للشارح الاقتصار على الأول لكن رأيت في فصل قضاء الفوائت من التاترخانية أن الصحيح جواز هذا القضاء إلا بعد صلاة الفجر والعصر وقد فعله كثير من السلف لشبهة الفساد ا هـ
وعلى هذا لا يصح حمل الحديث على الوجه الثالث
قوله ( ويقعد في كل نفله الخ ) أي لا في حالة التشهد فقط وهذه المسألة من تتمة السابقة فكان ينبغي ذكره قبل قوله ولا يصلي الخ
قوله ( كما في التشهد ) أي تشهد جميع الصلوات وأشار به إلى أنه لا خلاف في حالة التشهد كما في البحر
قوله ( على المختار ) وهو قول زفر ورواية عن الإمام
قال أبو الليث وعليه الفتوى
وروي عن الإمام تخييره بين القعود والتربع والاحتباء وتمامه في البحر
وأفاد في النهر أن الخلاف في تعيين الأفضل وأنه لا شك في حصول الجواز على أي وجه كان
تنبيه قيل ظاهر القول المختار أنه في حال القراءة يضع يديه على فخذيه كما في حال التشهد لكن تقدم في كلام الشارح في فصل إذا أراد الشروع عند قوله ووضع يمينه على يساره الخ عن مجمع الأنهر أن المراد من القيام ما هو الأعم لأن القاعد يفعل كذلك أي يضع يمينه على يساره تحت سرته
وفي حاشية المدني ويؤيده قول منلا علي القاري عند قول النقاية في كل قيام أي حقيقي أو حكمي كما إذا صلى قاعدا
مطلب في الصلاة على الدابة قوله ( ويتنفل المقيم راكبا الخ ) أي بلا عذر أطلق النفل فشمل السنن المؤكدة إلا سنة الفجر كما مر وأشار بذكر المقيم إلى أن المسافر كذلك بالأولى واحترز بالنفل عن الفرض والواجب بأنواعه كالوتر والمنذور وما لزم بالشروع والإفساد وصلاة الجنازة وسجدة تليت على الأرض فلا يجوز على الدابة بلا عذر لعدم الحرج كما في البحر
قوله ( راكبا ) فلا تجوز صلاة الماشي بالإجماع
بحر عن المجتبى
قوله ( خارج المصر ) هذا هو المشهور وعندهما يجوز في المصر لكن بكراهة عند محمد لأنه يمنع من الخشوع وتمامه في الحلية قوله ( محل القصر ) بالنصب بدل من خارج المصر
وفائدته شمول خارج القرية وخارج الأخبية ح أي المحل الذي يجوز للمسافر قصر الصلاة
____________________
(2/38)
فيه وهو الصحيح
بحر
وقيل إذا جاوز ميلا وقيل فرسخين أو ثلاثة
قهستاني
قوله ( مومئا ) بالهمز في آخره أكثر من الياء
قال في المغرب تقول أومأت إليه لا أوميت وقد تقول العرب أومى بترك الهمزة
قوله ( فلو سجد ) أي على شيء وضعه عنده أو على السرج اعتبر إيماء بعد أن يكون سجوده أخفض
قوله ( إلى أي جهة توجهت دابته ) فلو صلى إلى غير ما توجهت به دابته لا يجوز لعدم الضرورة
بحر عن السراج
قوله ( ولو ابتداء عندنا ) يعني أنه لا يشترط استقبال القبل في الابتداء لأنه لما جازت الصلاة إلى غير جهة الكعبة جاز الافتتاح إلى غير جهتها
بحر
واحترز عن قول الشافعي رحمه الله تعالى فإنه يقول يشترط في الابتداء أن يوجهها إلى القبلة كما في الشرنبلالية ح
قلت وذكر في الحلية عن غاية السروجي أن هذا رواية ابن المبارك ذكرها في جوامع الفقه ثم ذكر بعد سياقه الأحاديث أن الأشبه استحباب ذلك عند عدم الحرج عملا بحديث أنس ثم قال على أن ابن الملقن الشافعي قال وعند أبي حنيفة وأبي ثور يفتتح أولا إلى القبلة استحبابا ثم يصلي كيف شاء ا هـ
قوله ( أو على سرجه الخ ) مثله الركاب والدابة للضرورة وهو ظاهر المذهب وهو الأصح بخلاف ما إذا كانت عليه نفسه فإنه لا ضرورة إلى إبقائها فسقط ما في النهر من أن القياس يقتضي عدم المنع بما عليه ا هـ ط
قلت وعليه فيخلع النعل النجس
قوله ( ولو سيرها الخ ) ذكره في النهر بحثا أخذا من قولهم إذا حرك رجله أو ضرب دابته فلا بأس به إذا لم يكن كثيرا
قلت ويدل له أيضا ما في الذخيرة إن كانت تنساق بنفسها ليس له سوقها وإلا فلو ساقها هل تفسد قال إن كان معه سوط فهيبها به ونخسها لا تفسد صلاته
قوله ( ثم نزل ) أي بعمل قليل بأن ثنى رجله فانحدر من الجانب الآخر
فتح
قوله ( وفي عكسه ) بأن رفع فوضع على الدابة
فتح قوله ( لأن الأول الخ ) وذلك لأن إحرام الراكب انعقد مجوزا الركوع والسجود لقدرته على النزول فإذا أتى بهما صح وإحرام النازل انعقد موجبا لهما فلا يقدر على ترك ما لزمه من غير عذر
بحر
قوله ( أتم على الدابة ) لأنه صح شروعه فيها راكبا فصار كما إذا افتتحها ثم تغيرت الشمس فإنه يتمها هكذا
تجنيس
قوله ( وعليه الأكثر ) عبر في البحر وغيره بالكثير
وذكر الرحمتي أن الأول مبني على قولهما بجوازها في المصر
والثاني على قوله بقرينة قوله في التجنيس في فصل القهقهة ولو افتتح صلاة التطوع خارج المصر راكبا ثم دخل المصر ثم قهقه لا وضوء عليه عند أبي حنيفة
وعند أبي يوسف عليه اعتبارا للابتداء بالانتهاء ا هـ
قوله ( ويبني قائما الخ ) أي إذا نزل في مسألتي المتن
قوله ( ولو ركب الخ ) أعاد مسألة المتن السابقة ليذكر لها تعليلا آخر لكن ذكر في البحر أنه رده في غاية البيان بأن لو رفع المصلي ووضع على السرج لا يبني مع أن العمل لم يوجد فضلا عن العمل الكثير ا هـ
وحمل المحشي كلام الشارح على صورة ما إذا افتتح راكبا ثم نزل أي فإنه إذا ركب بعد ذلك تفسد صلاته لأن الركوب عمل كثير
قال فعلى هذا لو حمله شخص ووضعه على الدابة لا تفسد لأنه لم يوجد منه العمل ا هـ
____________________
(2/39)
قلت لكن قوله لا تفسد يحتاج إلى نقل فليراجع
وأيضا فقول الشارح بخلاف النزول لا محل له على هذا الحمل فتأمل
قوله ( وعلى صلى على دابة الخ ) شروع في صلاة الفرض والواجب على الدابة كما سينبه عليه بقوله هذا كله في الفرائض
واعلم أن ما عدا النوافل من الفرض والواجب بأنواعه لا يصح على الدابة إلا لضرورة كخوف لص على نفسه أو دابته أو ثيابه لو نزل وخوف سبع وطين ونحوه مما يأتي والصلاة على المحمل الذي على الدابة كالصلاة عليها فيومىء عليها بشرط إيقافها جهة القبلة إن أمكنه وإلا فبقدر الإمكان
وإذا كانت تسير لا تجوز الصلاة عليها إذا قدر على إيقافها وإلا بأن كان خوفه من عدو يصلي كيف قدر كما في الإمداد وغيره ولا إعادة عليه إذا قدر بمنزلة المريض
خانية
واستفيد من التقييد بالإيماء أنه لا اعتبار بالركوع والسجود ولذا نقل الشيخ إسماعيل عن المحيط لا تجوز على الجمل الواقف أو البارك وإن صلى قائما إلا أن يكون عند الخوف في المفازة بالإيماء ا هـ
قوله ( بنفسه ) احتراز عما إذا لم يقدر إلا بمعين لأن قدرة الغير لا تعتبر كما سيأتي لكن في شرح الشيخ إسماعيل عن المجتبى وإن لم يقدر على القيام أو النزول عن دابته أو الوضوء إلا بالإعانة وله خادم يملك منافعه يلزمه في قولهما
وفي قول أبي حنيفة نظر
والأصح اللزوم في الأجنبي الذي يطيعه كالماء الذي يعرض للوضوء ا هـ
ويأتي تمام الكلام فيه
قوله ( إذا كانت واقفة ) وكذا لو سائرة بالأولى وإنما قيد به لقوله إلا أن تكون عيدان المحمل الخ كما نص عليه الشرنبلالي ط
قوله ( عيدان المحمل ) أي أرجله التي كأرجل التي كأرجل السرير
قوله ( بأن ركز تحته خشبة ) الأولى التعبير بالكاف فإنه تنظير لا تصوير ط
وهذا لو بحيث يبقى قرار المحمل على الأرض لا على الدابة فيصير بمنزلة الأرض
زيلعي
فتصح الفريضة فيه قائما كما في نور الإيضاح
قوله ( على العجلة ) هي ما يؤلف مثل المحفة يحمل عليها الأثقال
مغرب
قوله ( أو لا تسير ) كذا في الزيلعي والخانية ومثله في البحر عن الظهيرية
قوله ( فهي صلاة على الدابة ) أما إذا كانت تسير فظاهر وأما إذا كانت لا تسير وكانت على الأرض وطرفها على الدابة فمشكل لأنها في حكم المحمل إذا ركز تحته خشبة فتكون كالأرض
وقد يفرق بأنها إذا كانت أحد طرفيها على الأرض والآخر على الدابة لم يصر قرارها على الأرض فقط بل عليها وعلى الدابة بخلاف المحمل لأنه إنما تصح الصلاة عليه إذا كان قراره على الأرض فقط بواسطة الخشبة لا على الدابة
تأمل
وسيأتي ما لو كان كلها على الأرض
قوله ( المذكور في التيمم ) بأن يخاف على ماله أو نفسه أو تخاف المرأة من فاسق ط
قوله ( لا في غيرها ) أي في غير حالة العذر ح
قوله ( وطين يغيب فيه الوجه ) أي أو يلطخه أو يتلف ما يبسط عليه أما مجرد نداوة فلا تبيح له ذلك والذي لا دابة له يصلي قائما في الطين بالإيماء كما في التجنيس والمزيد
إمداد
مطلب في القادر بقدرة غيره قوله ( لأن قدرة الغير لا تعتبر ) أي عنده
وعندهما تعتبر كما في البحر
وفي الخانية والكافي ولو كانت الدابة جموحا لو نزل لا يمكنه الركوب إلا بمعين أو كان شيخا كبيرا لو نزل لا يمكنه أن يركب ولا يجد من يعينه
____________________
(2/40)
تجوز الصلاة على الدابة ا هـ
وظاهر المسألة الأولى أنها على قوله وظاهر الثانية أنها على قولهما إلا أن يرجع قوله ولا يجد من يعينه إلى المسألتين فيكون كل منهما عن قولهما
تأمل
وقدمنا قريبا عن المجتبى أن الأصح عنده لزوم النزول لو وجد أجنبيا يطيعه فهو حينئذ بالاتفاق وهو مقتضى ما قدمناه أيضا في باب التيمم من أن العاجز عن استعمال الماء بنفسه لو وجد من تلزمه طاعته كعبده وولده وأجيره لزمه الوضوء اتفاقا وكذا غيره ممن لو استعان به أعانه كزوجته في ظاهر المذهب بخلاف العاجز عن استقبال القبلة أو التحول عن الفراش النجس فإنه لا يلزمه عنده
والفرق أنه يخاف عليه زيادة المرض في إقامته وتحويله لا في الوضوء إلى آخر ما ذكرناه هناك فراجعه مع ما سنذكره في باب صلاة المريض
وعلى هذا فلا خلاف في لزوم النزول عن الدابة والصلاة على الأرض لمن وجد معينا يطيعه ولم يكن مريضا يلحقه بنزوله زيادة مرض
وأما ما في الخانية وغيرها من أنه لو حمل امرأته إلى القرية لها أن تصلي على الدابة إذا كانت لا تقدر على الركوب والنزول ا هـ
وهذا محمول على ما إذا لم ينزلها زوجها بقرينة ما في المنية من أن المرأة إذا لم يكن معها محرم تجوز صلاتها على الدابة إذا لم تقدر على النزول ا هـ
وهذا أولى مما في البحر من تفريع ما في الخانية على قوله وما في المنية على قولهما لكونه خلاف الظاهر ولمخالفته لما قدمناه فاغتنم هذا التحرير
قوله ( حتى لو كان الخ ) تفريع على العذر لا على مسألة القدرة بقدرة الغير إلا بتكلف
تأمل
ثم اعلم أن هذه المسألة وقعت لصاحب البحر في سفر الحج مع أمه وذكر أنه لم ير حكمها وأنه ينبغي الجواز ولم أر من تعقبه وكتبت فيما علقته عليه أنه قد يقال بخلافه لأن الرجل هنا قادر على النزول والعجز من المرأة قائم فيها لا فيه إلا أن يقال إن المرأة إذا لم تقدر على الركوب وحدها يلزم منه سقوط المحمل أو عقر الدابة أو موت المرأة فهو عذر راجع إليه كخوفه على نفسه أو ماله
تنبيه بقي شيء لم أر من ذكره وهو أن المسافر إذا عجز عن النزول عن الدابة لعذر من الأعذار المارة وكان على رجاء زوال العذر قبل خروج الوقت كالمسافر مع ركب الحاج الشريف هل له أن يصلي العشاء مثلا على الدابة أو المحمل في أول الوقت إذا خاف من النزول أم يؤخر إلى وقت نزول الحجاج في نصف الليل لأجل الصلاة والذي يظهر لي الأول لأن المصلي إنما يكلف بالأركان والشروط عند إرادة الصلاة والشروع فيها وليس لذلك وقت خاص ولذا جاز له الصلاة بالتيمم أول الوقت وإن كان يرجو وجود الماء قبل خروجه وعللوه بأنه قد أداها بحسب قدرته الموجودة عند انعقاد سببها وهو مااتصل به الأداء ا هـ
ومسألتنا كذلك لكن رأيت في القنية برمز صاحب المحيط راكب السفينة إذا لم يجد موضعا للسجود للزحمة ولو أخر الصلاة ثقل الزحمة فيجد موضعا يؤخرها وإن خرج الوقت على قياس قول أبي حنيفة في المحبوس إذا لم يجد ماء ولا ترابا نظيفا ا هـ
لكن تقدم في التيمم أن الأصح رجوع الإمام إلى قولهما بأنه لا يؤخرها بل يتشبه بالمصلين ورأيت في تيمم الحلية عن المبتغى مسافر لا يقدر أن يصلي على الأرض لنجاستها وقد ابتلت الأرض بالمطر يصلي بالإيماء إذا خاف فوت الوقت ا هـ
ثم قال وظاهره أنه لا يجوز إذا لم يخف فوت الوقت وفيه نظر بل الظاهر الجواز وإن لم يخف فوت الوقت كما هو ظاهر إطلاقهم نعم الأولى أن يصلي كذلك إلا إذا خاف فوت الوقت بالتأخير كما في الصلاة بالتيمم ا هـ
وهذا عين ما بحثته أولا فليتأمل
قوله ( وإن لم يكن الخ ) كان المناسب ذكره قبل بيان الأعذار
قوله ( لو واقفة ) كذا قيده في شرح المنية ولم أره لغيره
يعني إذا كانت العجلة على الأرض ولم يكن شيء منها على الدابة وإنما لها
____________________
(2/41)
حبل مثلا تجرها الدابة به تصح الصلاة عليها لأنها حينئذ كالسرير الموضوع على الأرض ومقتضى هذا التعليل أنها لو كانت سائرة في هذه الحالة لا تصح الصلاة عليها بلا عذر وفيه تأمل لأن جرها بالحبل وهي على الأرض لا تخرج به عن كونها على الأرض ويفيده عبارة التاترخانية عن المحيط وهي لو صلى على العجلة إن كان طرفها على الدابة وهي تسير تجوز في حالة العذر لا في غيرها وإن لم يكن طرفها على الدابة جازت وهو بمنزلة الصلاة على السرير ا هـ
فقوله وإن لم يكن الخ يفيد ما قلنا لأنه راجع إلى أصل المسألة وقد قيدها بقوله وهي تسير ولو كان الجواز مقيدا بعدم السير لقيده به فتأمل
قوله ( هذا كله ) أي اشتراط عدم القدرة على النزول ووضع خشبة تحت المحمل وعدم كون طرف العجلة على الدابة ح
قوله ( والواجب بأنواعه ) أي ما كان واجبا لعينه عينا كالوتر أو كفاية كالجنازة أو لغيره ووجب بالقول كالنذر أو بالفعل كنفل شرع فيه ثم أفسده وكسجدة تليت آيتها على الأرض فافهم
قوله ( بشرط الخ ) أوضحناه فيما مر
قوله ( لئلا الخ ) علة لقوله بشرط إيقافها ح
والحاصل أن كلا من اتحاد المكان واستقبال القبلة شرط في صلاة غير النافلة عند الإمكان لا يسقط إلا بعذر فلو أمكنه إيقافها مستقبلا فعل ولذا نقل في شرح المنية عن الإمام الحلواني أنه لو انحرفت عن القبلة وهو في الصلاة لا تجوز صلاته
قال وينبغي أن يكون الانحراف مقدار ركن ا هـ
قلت بقي لو أمكنه الإيقاف دون الاستقبال فلا كلام في لزومه لما ذكره الشارح من العلة ولو بالعكس هل يلزمه الاستقبال لم أره
ثم رأيت في الحلية أنه يلزمه وهو ظاهر قول الشارح هنا وإلا فبقدر الإمكان
ثم رأيت في الظهيرية ما يدل على خلافه حيث قال وإن كان في طين وردغة يخاف النزول يصلي إلى القبلة
قال وعندي هذا إذا كانت الدابة واقفة أما إذا كانت سائرة يصلي حيث شاء ا هـ يعني إذا كان لا يمكنه إيقافها لخوف فوت الرفقة مثلا يصلي إلى أي جهة كانت
والظاهر أن الأول أولى لأن الضرورة تتقدر بقدرها
تأمل
قوله ( مطلقا ) أي سواء كانت واقفة أو سائرة على القبلة أو لا قادر على النزول أو لا طرف العجلة على الدابة أو لا
ح
قوله ( لا بجماعة الخ ) أي في ظاهر الرواية
واستحسن محمد الجواز لو دوابهم بالقرب من دابة الإمام بحيث لا يكون بينهم وبينه فرجة إلا بقدر الصف قياسا على الصلاة على الأرض والصحيح الأول لأن اتحاد المكان شرط حتى لو كانا على دابة واحدة في محمل واحد أو في شقي محمل جاز
بدائع
قوله ( ولو جمع الخ ) تقدمت هذه المسألة مع نظائرها قبيل باب صفة الصلاة
قله ( ولو تحية ) فيه كلام قدمناه عند الكلام على تحية المسجد
قوله ( لزماه به ) أي لزمه الركعتان بطهر وهذا ذكره في البحر بحثا قياسا على ما قال بغير وضوء
أقول ولا حاجة للبحث فإن ما في المتن مذكور في متن المجمع
ووجهه أن الناذر لما أوجب عليه ركعتين أوجبهما بطهارة لأن الصلاة لا تكون إلا بها وقوله بعده بغير طهر رجوع عما التزمه فلا يصح
ابن ملك
قوله ( أي أبي يوسف ) أشار إلى أنه كان ينبغي للمصنف التصريح به لأنه لا مرجع للضمير في عنده لأن المتعارف في مثله
____________________
(2/42)
رجوعه لأبي حنيفة إلا إذا كان له مرجع خاص غيره
قوله ( كما لو نذر بغير قراءة الخ ) لأن التزام الشيء التزام لما لا يصح إلا به فصار كأنه نذر أن يصلي بقراءة ومستور العورة وركعتين لأن الصلاة غير صحيحة ما لم تكن شفعا وبقراءة وبثوب وكذا لو نذر ثلاثا يلزمه أربع ركعات كما في المجمع وعلله في شرحه قلنا وأشار بالكاف إلى أن هذه المسائل الثلاث لا خلاف فيها لمحمد
والفرق له بينها وبين المسألة الأولى في شروح المجمع وقوله وكذا نصف ركعة أي يلزمه ركعتان لأن ذكر ما لا يتجزأ ذكر لكله فكأنه نذر ركعة وهو التزام لأخرى أيضا كما علمت
قوله ( وأهدره الثالث ) أي أهدر النذر بغير طهر فقال لا يلزمه شيء لأنه نذر بمعصية ومقتضى ما في الفتح أن المعتمد الأول
تنبيه نذر أن يصلي الظهر ثمانيا أن أو أن يزكي النصاب عشرا أي بضم العين أو حجة الإسلام مرتين لا يلزمه الزائد لأنه التزام غير المشروع فهو نذر بمعصية
بحر
والفرق أن الصلاة بلا قراءة أو عريانا تكون عبادة لمأموم أو أمي ولعادم ثوب وكذا بلا طهارة لقول أبي يوسف بمشروعيتها لفاقد الطهورين أفاده في البحر
أقول والتعليل المار بأن التزام الشيء والتزام لما لا يصح إلا به يغني عن إبداء الفرق مع شموله للنذر بركعة أو نصفها
تأمل
قوله ( أو نذر الخ ) كما لو نذر صلاة بمسجد مكة فأداها في القدس مثلا أو في غيره من المساجد جاز لأن المقصود من الصلاة القربة هي حاصلة في أي مكان وتقدم قبيل باب الوتر أفضل الأماكن
قوله ( لأنه ) أي الحيض المفهوم من فعله السابق
قوله ( لأنه نذر بمعصية ) لأن يوم الحيض مناف للصوم العبادة بخلاف صوم الغد فإنه باعتبار ذاته قابل للأداء ولكن صرف عنه مانع سماوي منع الأداء فوجب القضاء
مبحث صلاة التراويح قوله ( التراويح بها للاستراحة بعدها
خزائن
وإنما أخرها عن النوافل لكثرة شعبها واختصاصها عنها بأدائها بجماعة وأحكام أخر ولذا أفرد لها تأليفا خاصا بأحكامها الإمام حسام الدين وتبعه العلامة قاسم
قوله ( سنة مؤكدة ) صححه في الهداية وغيرها وهو المروي عن أبي حنيفة
وذكر في الاختيار أن أبا يوسف سأل أبا حنيفة عنها وما فعله عمر فقال التراويح سنة مؤكدة ولم يتخرجه عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعا ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله
ولا ينافيه قول القدوري إنها مستحبة كما فهمه في الهداية عنه لأنه إنما قال يستحب أن يجتمع الناس وهو يدل على أن الاجتماع مستحب وليس فيه دلالة على أن التراويح مستحبة كذا في العناية
وفي شرح منية المصلي وحكى غير واحد الإجماع على سنيتها وتمامه في البحر
قوله ( لمواظبة الخلفاء الراشدين ) أي أكثرهم لأن المواظبة عليها وقعت في أثناء خلافة عمر رضي الله عنه ووافقه على ذلك عامة الصحابة ومن بعدهم إلى يومنا هذا بلا نكير وكيف
____________________
(2/43)
لا وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ كما رواه أبو داود
بحر
قوله ( إجماعا ) راجع إلى قول المتن سنة للرجال والنساء وأشار إلى أنه لا اعتداد بقول الروافض إنها سنة الرجال فقط على ما في الدرر والكافي أو أنها ليست بسنة أصلا كما هو المشهور عنهم على ما في حاشية نوح لأنهم أهل بدعة يتبعون أهواءهم لا يعولون على كتاب ولا سنة وينكرون الأحاديث الصحيحة
قوله ( بعد صلاة العشاء ) قدر لفظ صلاة إشارة إلى أن المراد بالعشاء الصلاة لا وقتها وإلى ما في النهر من أن المراد ما بعد الخروج منها حتى لو بنى التراويح عليها لا يصح وهو الأصح وكذا بناؤها على سنتها كما في الخلاصة
قال فكأنه ألحقوا السنة بالفرض
تتمة تقدم في بحث النية الاختلاف في أن السنن لا بد فيها من التعيين أو يكفي لها مطلق النية والأصح الثاني والأحوط الأول وتقدم تمام الكلام فيه فراجعه
هذا وهل يشترط أن يجدد في التراويح لكل شفع نية ففي الخلاصة الصحيح نعم لأنه صلاة على حدة
وفي الخانية الأصح لا فإن الكل بمنزلة صلاة واحدة كذا في التاترخانية
وظاهره أن الخلاف في أصل النية
ويظهر لي التصحيح الأول لأنه بالسلام خرج من الصلاة حقيقة فلا بد في دخوله فيها من النية ولا شك أن الأحوط خروجا من الخلاف نعم رجح في الحلية الثاني إن نوى التراويح كلها عند الشروع في الشفع الأول كما لو خرج من منزله يريد صلاة الفرض مع الجماعة ولم تحضره النية لما انتهى إلى الإمام
قوله ( إلى الفجر ) هذا آخر وقتها ولا خلاف فيه كما في النهر
قوله ( في الأصح أي من أقوال ثلاثة الأول أن وقتها الليل كله قبل العشاء ويعده وقبل الوتر وبعده لأنها قيام الليل
قال في البحر ولم أر من صححه ا هـ
وظاهره أنه يدخل وقتها من غروب الشمس
الثاني أنه ما بين العشاء والوتر وصححه في الخلاصة ورجحه في غاية البيان بأنه المأثور المتوارث
الثالث ما مشى عليه المصنف تبعا للكنز وعزاه في الكافي إلى الجمهور وصححه في الهداية والخانية والمحيط
بحر
قوله ( فلو فاته بعضها الخ ) تفريع على الأصح لكنه مبني على أن الأفضل في الوتر الجماعة لا المنزل وفي خلاف سيأتي فقوله أوتر معه أي على وجه الأفضلية وكذا على القول الأول من الثلاثة المارة وأما على القول الثاني منها فإنه يأتي بما فاته وعلله في الخلاصة بأنه لا يمكنه الإتيان به بعد الوتر وبما قررناه ظهر أن ما في البحر من جعله التفريع على الثالث كالثاني صوابه كالأول كما مشى عليه الشارح هنا
وتظهر ثمرة الخلاف أيضا فيما لو صلاها بعد الوتر أو نسي بعضها وتذكر بعد الوتر فصلى الباقي صح على الأول والثالث دون الثاني
قوله ( ولا تكره بعده في الأصح ) وقيل تكره لأنها تبع للعشاء فصارت كسنة العشاء
والجواب أنه وإن كانت تبعا للعشاء لكنها صلاة الليل والأفضل فيها آخره فلا يكره تأخير ما هو من صلاة الليل ولكن الأحسن أن لا يؤخر إليه خشية الفوات
ح عن الإمداد
وما في البحر من أن الصحيح أنه لا بأس بالتأخير لا يدل على ثبوت كراهة التنزيه حتى يجاب عن قول الشارح لا يكره بأن المنفي كراهة التحريم لأن كلمة لا بأس تدل على أن خلافه أولى وليس كل ما هو خلاف الأولى مكروها تنزيها لأن الكراهة لا بد لها من دليل خاص كما قررناه مرارا بل في رسالة
____________________
(2/44)
العلامة قاسم وغيرها والصحيح أنه لا بأس به وهو المستحب والأفضل لأنها قيام الليل ا هـ فافهم
قوله ( ولا وحده ) بيان لقوله أصلا أي لا بجماعة ولا وحده ط
قوله ( في الأصح ) وقيل يقضيها وحده ما لم يدخل وقت تراويح أخرى وقيل ما لم يمض الشهر
قاسم
قوله ( فإن قضاها ) أي منفردا
بحر
قوله ( كسنة مغرب وعشاء ) أي حكم التراويح في أنها لا تقضى إذا فاتت الخ كحكم بقية رواتب الليل لأنها منها لأن القضاء من خواص الفرض وسنة الفجر بشرطها
قوله ( والجماعة فيها سنة على الكفاية الخ ) أفاد أن أصل التراويح سنة عين فلو تركها واحد كره بخلاف صلاتها بالجماعة فإنها سنة كفاية فلو تركها الكل أساؤوا أما لو تخلف عنها رجل من أفراد الناس وصلى في بيته فقد ترك الفضيلة وإن صلى أحد في البيت بالجماعة لم ينالوا فضل جماعة المسجد وهكذا في المكتوبات كما في المنية
وهل المراد أنها سنة كفاية لأهل كل مسجد من البلدة أو مسجد واحد منها أو من المحلة ظاهر كلام الشارح الأول
واستظهر ط الثاني
ويظهر لي الثالث لقول المنية حتى لو ترك أهل محلة كلهم الجماعة فقد تركوا السنة وأساؤوا ا هـ
وظاهر كلامهم هنا أن المسنون كفاية إقامتها بالجماعة في المسجد حتى لو أقاموها جماعة في بيوتهم ولم تقم في المسجد أثم الكل وما قدمناه عن المنية فهو في حق البعض المختلف عنها
وقيل إن الجماعة فيها سنة عين فمن صلاها وحده أساء وإن صليت في المساجد وبه كان يفتي ظهير الدين وقيل تستحب في البيت إلا لفقيه عظيم يقتدى به فيكون في حضوره ترغيب غيره
والصحيح قول الجمهور أنها سنة كفاية وتمامه في البحر
قوله ( وهي عشرون ركعة ) هو قول الجمهور وعليه عمل الناس شرقا وغربا وعن مالك ست وثلاثون
وذكر في الفتح أن مقتضى الدليل كون المسنون منها ثمان والباقي مستحبا وتمامه في البحر وذكرت جوابه فيما علقته عليه
قوله ( المكمل ) بكسر الميم وهو التراويح للمكمل بفتحها وهي الفرائض مع الوتر ولا مانع أن تكمل الوتر وإن صليت قبله
وفي النهر ولا يخفى أن الرواتب وإن كملت أيضا إلا أن هذا الشهر لمزيد كماله زيد فيه هذا المكمل فتكمل ا هـ ط
قوله ( وصحت بكراهة ) أي صحت عن الكل
وتكره إن تعمد وهذا هو الصحيح كما في الحلية عن النصاب وخزانة الفتاوى خلافا لما في المنية من عدم الكراهة فإنه لا يخفى لمخالفته المتوارث مع تصريحهم بكراهة الزيادة على ثمان في مطلق التطوع ليلا فهنا أولى
بحر
قوله ( به يفتى ) لم أر من صرح بهذا اللفظ هنا وإنما صرح به في النهر عن الزاهدي فيما لو صلى أربعا بتسليمة واحدة وقعدة واحدة وأما إذا صلى العشرين جملة كذلك فقد قاسه عليه في البحر نعم صرح في الخانية وغيرها بأنه الصحيح مع أنا قدمنا عن البدائع والخلاصة والتاترخانية أنه لو صلى التطوع ثلاثا أو ستا أو ثمانيا بقعدة واحدة فالأصح أنه يفسد استحسانا وقياسا وقدمنا وجهه فقد اختلف التصحيح في الزائد على الأربعة بتسليمة وقعدة واحدة هل يصح عن شفع واحد أو يفسد فليتنبه
فروع شكوا هل صلوا تسع تسليمات أو عشرا يصلون تسليمة أخرى فرادى في الأصح للاحتياط في إكمال التراويح والاحتراز عن التنفل بالجماعة وكذا لو تذكروا تسليمة بعد الوتر عند ابن الفضل
وقال الصدر الشهيد يجوز أن يقال تصلى بجماعة وهو الأظهر لأنه بناء على القول المختار في وقتها ولو سلم الإمام على رأس ركعة ساهيا
____________________
(2/45)
في الشفع الأول ثم صلى ما بقي قيل يقضي الشفع الأول فقط لصحة شروعه فيما بعده وقيل يقضي الكل لأن سلامه الأول لم يخرجه من حرمة الصلاة لكونه سهوا وكذا كل سلام بعده يكون سهوا مبنيا على السهو الأول فقد ترك القعدة على الركعتين في الأشفاع كلها فتفسد بأسرها إلا إذا تعمد السلام أو فعل بعده ما ينافي الصلاة أو علم أنه سها وتمامه في شرح المنية
ويظهر لي أرجحية القول الأول لأن سلامه وإن لم يخرجه لكن تكبيره على قصد الانتقال إلى الشفع الآخر يخرجه عن الأول ثم رأيته في الحلية قال إنه الأشبه
قوله ( يجلس ) ليس المراد حقيقة الجلوس بل المراد الانتظار لأنه يخير بين الجلوس ذاكرا أو ساكتا وبين صلاته نافلة منفردا كما يذكره أفاده في شرح المنية والبحر قوله ( ندبا ) وما يفيده كلام الكنز من أنه سنة تعقبه الزيلعي بأنه مستحب لا سنة وبه صرح في الهداية
قوله ( بين كل أربعة ) الأوضح قول الكنز بعد كل أربعة أو قول المنية والدرر بين كل ترويحتين لإيهامه أن الجلسة بعد الشفع الأول من كل أربعة
والجواب أن المراد بين كل أربعة وأربعة فحذف أحد المتعددين كما في قوله تعالى { لا نفرق بين أحد من رسله } البقرة 285 أي بين أحد وأحد ولا فساد في ذلك فافهم
قوله ( وكذا بين الخامسة والوتر ) صرح به في الهداية واستدرك عليه في النهر بما في الخلاصة من أن أكثرهم على عدم الاستحباب وهو الصحيح ا هـ
أقول هذا سبق نظر فإن عبارة الخلاصة هكذا والاستراحة على خمس تسليمات اختلف المشايخ فيه وأكثرهم على أنه لا يستحب وهو الصحيح ا هـ
فإن مراده بخمس تسليمات خمس أشفاع أي على الركعة العاشر كما فسر به في شرح المني لا خمس ترويحات كل ترويحة أربع ركعات فقد اشتبه على صاحب النهر التسليمة بالترويحة فافهم
قوله ( بين تسبيح ) قال القهستاني فيقال ثلاث مرات سبحان ذي الملك والملكوت سبحان ذي العزة والعظمة والقدرة والكبرياء والجبروت سبحان الملك الحي الذي لا يموت سبوح قدوس رب الملائكة والروح لا إله إلا الله نستغفر الله نسألك الجنة ونعوذ بك من النار كما في منهج العباد ا هـ
قوله ( وصلاة فرادى ) أي صلاة أربع ركعات في زاد ست عشرة ركعة
قال العلامة قاسم إن زادها منفردين لا بأس به وهو مستحب وإن صلوها بجماعة كما هو مذهب مالك كره الخ
وفي النهر وأما الصلاة فقيل مكروهة وقيل سنة وهو ظاهر ما في السراج وأهل مكة يطوفون وأهل المدينة يصلون أربعا ا هـ
قوله ( نعم تكره الخ ) لأن الاستراحة مشروعة بين كل ترويحتين لا بين كل شفعين
قوله ( والختم مرة سنة ) أي قراءة الختم في صلاة التراويح سنة وصححه في الخانية وغيرها وعزاه في الهداية إلى أكثر المشايخ
وفي الكافي إلى الجمهور وفي البرهان وهو المروي عن أبي حنيفة والمنقول في الآثار
قال الزيلعي ومنهم من استحب الختم في ليلة السابع والعشرين رجاء أن ينالوا ليلة القدر لأن الأخبار تظاهرت عليها
وقال الحسن عن أبي حنيفة يقرأ في كل ركعة عشر آيات ونحوها وهو الصحيح لأن السنة الختم فيها مرة وهو يحصل بذلك مع التخفيف لأن عدد ركعات التراويح في الشهر ستمائة ركعة وعدد آي القرآن ستة آلاف آية وشيء ا هـ
وما في الخلاصة من أنه يقرأ في كل ركعة عشر آيات حتى يحصل الختم في ليلة السابع والعشرين ونحوه في الفيض فيه نظر لأن توزيعه عشرا فعشرا يقتضي الختم في الثلاثين إلا أن يكون مع ضم الوتر لكن في الخانية وغيرها ما يفيد تخصيص التراويح وتمامه في شرح الشيخ إسماعيل
____________________
(2/46)
وفي شرح المنية ثم إذا ختم قبل آخر الشهر قيل لا يكره له ترك التراويح فيما بقي لأنها شرعت لأجل ختم القرآن مرة قاله أبو علي النسفي
وقيل يصليها ويقرأ فيها ما شاء ذكره في الذخيرة ا هـ
قوله ( الأفضل في زماننا الخ ) لأن تكثير الجمع أفضل من تطويل القراءة حلية عن المحيط وفيه إشعار بأن هذا مبني على اختلاف الزمان فقد تتغير الأحكام لاختلاف الزمان في كثير من المسائل على حسب المصالح ولهذا قال في البحر فالحاصل أن المصحح في المذهب أن الختم سنة لكن لا يلزم منه عدم تركه إذا لزم منه تنفير القوم وتعطيل كثير من المساجد خصوصا في زماننا فالظاهر اختيار الأخف على القوم
قوله ( وفي المجتبى الخ ) عبارته على ما في البحر والمتأخرون كانوا يفتون في زماننا بثلاث آيات قصار أو آية طويلة حتى لا يمل القوم ولا يلزم تعطيلها فإن الحسن روى عن الإمام أنه إن قرأ في المكتوبة بعد الفاتحة ثلاث آيات فقد أحسن ولم يسيء هذا في المكتوبة فما ظنك في غيرها ا هـ
قوله ( وآية أو آيتين ) أي بقدر ثلاث آيات قصار بدليل عبارة المجتبى وإلا فلو دون ذلك كره تحريما لما في المنية وشرحها في بحث صفة الصلاة لو قرأ مع الفاتحة آية قصيرة أو آيتين قصيريتن لم يخرج عن حد كراهة التحريم وإن قرأ ثلاثا قصارا أو كانت الآية أو الآيتان تعدل ثلاث آيات قصار أخرج عن حد الكراهة المذكورة ولكن لم يدخل في حد الاستحباب
وينبغي أن يكون فيه كراهة تنزيه الخ أي لأن السنة قراءة المفصل فقوله هنا لا يكره أي لا تحريما ولا تنزيها وإن كره في الفرائض تنزيها فافهم هذا
هذا وفي التجنيس واختار بعضهم سورة الإخلاص في كل ركعة وبعضهم سورة الفيل أي البداءة منها ثم يعيدها وهذا أحسن لئلا يشتغل قلبه بعدد الركعات
قال في الحلية وعلى هذا استقر عمل أئمة أكثر المساجد في ديارنا إلا أنهم يبدؤون بقراءة سورة التكاثر في الأولى والإخلاص في الثانية وهكذا إلى أن تكون قراءتهم في التاسعة عشرة بسورة تبت وفي العشرين بالإخلاص ا هـ
زاد في البحر وليس فيه كراهة في الشفع الأول من الترويحة الأخيرة بسبب الفصل بسورة واحدة لأنه خاص بالفرائض كما هو ظاهر الخلاصة وغيرها ا هـ
قلت لكن الأحواط قراءة النصر وتبت في الشفع الأول من الترويحة الأخيرة والمعوذتين في الشفع الثاني منها وبعض أئمة زماننا يقرأ بالعصر والإخلاص في الشفع الأول من كل ترويحة وبالكوثر والإخلاص في الشفع الثاني
قوله ( ويزيد الإمام الخ ) أي بأن يأتي بالدعوات
بحر
قوله ( ويكتفي باللهم صل على محمد ) زاد في شرح المنية الصغير وعلى آل محمد وكأن الشارح اقتصر على الأول أخذا من التعليل لأن الصلاة على الآل لا تفرض عند الشافعي رحمه الله تعالى بل تسن عنده في التشهد الأخير وقيل تجب عنده
قوله ( هذرمة ) بفتح الهاء وسكون الذال المعة وفتح الراء سرعة الكلام والقراءة
قاموس
وهو منصوب على البدلية من المنكرات ويجوز القطع ح
قوله ( واستراحة ) هي القعدة بعد كل أربع وقد مر أنها مندوبة وبه يعلم أن المراد بالمنكرات مجموع
____________________
(2/47)
ما ذكر إلا أن يراد بها ما يخالف المشروع
قوله ( وتكره قاعدا ) أي تنزيها لما في الحلية وغيرها من أنهم اتفقوا على أنه لا يستحب ذلك بلا عذر لأنه خلاف المتوارث عن السلف
قوله ( حتى قبل الخ ) أي قياسا على رواية الحسن عن الإمام في سنة الفجر لأن كلا منهما سنة مؤكدة
والصحيح الفرق بأن سنة الفجر مؤكدة بلا خلاف بخلاف التراويح كما في الخانية وقدمنا عبارتها في بحث سنة الفجر
قوله ( كما يكره الخ ) ظاهره أنها تحريمية للعلة المذكورة
وفي البحر عن الخانية يكره للمقتدي أن يقعد في التراويح فإذا أراد الإمام أن يركع يقوم لأن فيه إظهار التكاسل في الصلاة والتشبه بالمنافقين قال تعالى { وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى } النساء 142 ط
قال في الحلية وفيه إشعار بأنه إذا لم يكن لكسل بل لكبر ونحوه لا يكره وهو كذلك ا هـ
تنبيه قال في التاترخانية وكذا إذا غلبه النوم يكره له أن يصلي بل ينصرف حتى يستيقظ
قوله ( لأنها تبع ) أي لأن جماعتها تبع لجماعة الفرض فإنها لم تقم إلا بجماعة الفرض فلو أقيمت بجماعة وحدها كانت مخالفة للوارد فيها فلم تكن مشروعة أما لو صليت بجماعة الفرض وكان رجل قد صلى الفرض وحده فله أن يصليها مع ذلك الإمام لأن جماعتهم مشروعة فله الدخول فيها معهم لعدم المحذور هذا ما ظهر لي في وجهه وبه ظهر أن التعليل المذكور لا يشمل المصلي وحده فظهر صحة التفريع بقوله فمصليه وحده الخ فافهم
قوله ( ولو لم يصلها الخ ) ذكر هذا الفرع والذي قبله في البحر عن القنية وكذا في متن الدرر لكن في التاترخانية عن التتمة أنه سأل علي بن أحمد عمن صلى الفرض والتراويح وحده أو التراويح فقط هل يصلي الوتر مع الإمام فقال لا ا هـ
ثم رأيت القهستاني ذكر تصحيح ما ذكره المصنف ثم قال لكنه إذا لم يصل الفرض معه لا يتبعه في الوتر ا هـ
فقوله ولو لم يصلها أي وقد صلى الفرض معه لكن ينبغي أن يكون قول القهستاني معه احترازا عن صلاتها منفردا أما لو صلاها جماعة مع غيره ثم صلى الوتر معه لا كراهة
تأمل
قوله ( بقي الخ ) الذي يظهر أن جماعة الوتر تبع لجماعة التراويح وإن كان الوتر نفسه أصلا في ذاته لأن سنة الجماعة في الوتر إنما عرفت بالأثر تابعة للتراويح على أنهم اختلفوا في أفضلية صلاتها بالجماعة بعد التراويح كما يأتي
مطلب في كراهة الاقتداء في النفل على سبيل التداعي وفي صلاة الرغائب قوله ( أي يكره ذلك ) أشار إلى ما قالوا من أن المراد من قول القدوري في مختصرة لا يجوز الكراهة لا عدم أصل الجواز لكن في الخلاصة عن القدوري أنه لا يكره وأيده في الحلية بما أخرجه الطحاوي عن المسور بن مخرمة قال دفنا أبا بكر رضي الله عنه ليلا فقال عمر رضي الله عنه إني لم أوتر فقام وصفنا وراءه فصلى بنا ثلاث ركعات لم يسلم إلا في آخرهن
ثم قال ويمكن أن يقال الظاهر أن الجماعة فيه غير مستحبة ثم إن كان ذلك أحيانا كما فعل عمر كان مباحا غير مكروه وإن كان على سبيل المواظبة كان بدعة مكروهة لأنه خلاف المتوارث وعليه يحمل ما ذكره القدوري في مختصره وما ذكره في غير مختصره يحمل على الأول والله أعلم ا هـ
قلت ويؤيده أيضا في البدائع من قوله إن الجماعة في التطوع ليست بسنة إلا في قيام رمضان ا هـ
فإن نفي
____________________
(2/48)
السنية لا يستلزم الكراهة نعم إن كان مع المواظبة كان بدعة فيكره
وفي حاشية البحر للخير الرملي علل الكراهة في الضياء والنهاية بأن الوتر نفل من وجه حتى وجبت القراءة في جميعها وتؤدى بغير أذان وإقامة والنفل بالجماعة غير مستحب لأنه لم تفعله الصحابة في غير رمضان ا هـ
وهو كالصريح في أنها كراهة تنزيه
تأمل ا هـ
قوله ( على سبيل التداعي ) هو أن يدعو بعضهم بعضا كما في المغرب وفسره الواني بالكثرة وهو لازم معناه
قوله ( أربعة بواحد ) أما اقتداء واحد بواحد أو اثنين بواحد فلا يكره وثلاثة بواحد فيه خلاف
بحر عن الكافي
وهل يحصل بهذا الاقتداء فضيلة الجماعة ظاهر ما قدمناه من أن الجماعة في التطوع ليست بسنة يفيد عدمه
تأمل
بقي لو اقتدى به واحد أو اثنان ثم جاءت جماعة اقتدوا به
قال الرحمتي ينبغي أن تكون الكراهة على المتأخرين ا هـ
قلت وهذا كله لو كان الكل متنفلين أما لو اقتدى متنفلون بمفترض فلا كراهة كما نذكره في الباب الآتي
قوله ( في صلاة رغائب ) في حاشية الأشباه للحموي هي التي في رجب في أول ليلة جمعة منه
قال ابن الحاج في المدخل وقد حدثت بعده أربعمائة وثمانين من الهجرة وقد صنف العلماء كتبا في إنكارها وذمها وتسفيه فاعلها ولا يغتر بكثرة الفاعلين لها في كثير من الأمصار ا هـ
وقدمنا بعض الكلام عليها عند قوله وإحياء ليلة العيدين
قوله ( وبراءة ) هي ليلة النصف من شعبان
قوله ( وقدر ) الظاهر أن المراد بها ليلة السابع والعشرين من رمضان لما قدمناه عن الزيلعي من أن الأخبار تظاهرت عليها
قوله ( إلا إذا قال الخ ) لأنه لا خروج عنها حينئذ إلا بالجماعة
وظاهر كلام الشارح أن النذر من المقتدين دون الإمام وإلا كان اقتداء الناذر بالناذر وهو لا يجوز ثم إن بناء القوي على الضعيف إنما يمنع إذا كانت القوة ذاتية فلو عرضت بالنذر كما هنا فلا ومن هنا قال في شرح المنية النذر كالنفل
ط عن أبي السعود
قوله ( قلت الخ ) لم ينقل عبارة البزازية بتمامها ونصها ولا ينبغي أن يتكلف لالتزام ما لم يكن في الصدر الأول كل هذا التكلف لإقامة أمر مكروه وهو أداء النفل بالجماعة على سبيل التداعي فلو ترك أمثال هذه الصلوات تارك ليعلم الناس أنه ليس من الشعار فحسن ا هـ
وظاهره أنه بالنذر لم يخرج عن كونه أداء النفل بالجماعة
قوله ( وفي التاترخانية الخ ) عبارتها نقلا عن المحيط وذكر القاضي الإمام أبو علي النسفي فيمن صلى العشاء والتراويح والوتر في منزله ثم أم قوما آخرين في التراويح ونوى الإمامة كره له ذلك و يكره للمأمومين
ولو لم ينو الإمامة وشرع في الصلاة فاقتدى الناس به لم يكره لواحد منهما ا هـ
قال ط وهل إذا اقتدى حنفي نوى سنة الجمعة البعدية بشافعي يصلي الظهر بعدها يكره نظرا لاعتقاد الحنفي لأنها نفل عنده على المعتمد أو لا يكره نظرا لاعتقاد الإمام حرره ا هـ
ويظهر لي الأول لأن الأرجح أن العبرة لاعتقاد المقتدي وهذه الصلاة في اعتقاده مكروهة
قوله ( تصحيحان ) رجح الكمال الجماعة بأنه كان أوتر بهم ثم بين العذر في تأخره مثل ما صنع في التراويح فالوتر كالتراويح فكما أن الجماعة فيها سنة فكذلك الوتر
بحر
وفي شرح المنية والصحيح أن الجماعة فيها أفضل إلا أن سنيتها
____________________
(2/49)
ليست كسنية جماعة التراويح ا هـ
قال الخير الرملي وهذا الذي عليه عامة الناس اليوم ا هـ
وقواه المحشي أيضا بأنه مقتضى ما مر أن كل ما شرع بجماعة فالمسجد أفضل فيه
باب إدراك الفريضة حقيقة هذا الباب مسائل شتى تتعلق بالفرائض في الأداء الكامل وكله مسائل الجمع بحر وفتح ومعراك
أقول وهو في الحقيقة تتميم لباب الإمامة ولذا ذكره صاحب الهداية في كتاب مختارات النوازل عقبه وترجمه بفصل إدراك الجماعة وفضيلتها
قوله ( خرج النافلة الخ ) أي خرج بالفريضة النافلة والنذر وكذا بالأداء لأن الأداء كما سيذكره في الباب الآتي فعل الواجب في وقته فالنفل والنذر لا وقت لهما والقضاء فعله خارج وقته
قال ح فقوله فيما يأتي والشارع في نفل لا يقطع مطلقا تصريح بالمفهوم
قوله ( والقضاء ) يعني إذا شرع في صلاة قضاء ثم شرع الإمام في الأداء فإنه لا يقطع وإنما حملناه على هذا لأنه إذا شرع في قضاء فرض فأقيمت الجماعة في ذلك الفرض بعينه يقطع كما ذكره في البحر بحثا وجزم به في إمداد الفتاح ا هـ ح
أقول وجزم به المقدسي أيضا وأما ما نقله عن البحر فلم أره فيه
والذي رأيته فيه معزيا للخلاصة لو شرع في قضاء الفوائت ثم أقيمت لا يقطع كالنفل والمنذورة كالفائتة ا هـ
تنبيه لو خاف فوت جماعة الحاضرة قبل قضاء الفائتة فإن كان صاحب ترتيب قضى وإن لم يكن فهل يقضي ليكون الأداء على حسب ما وجب وليخرج من خلاف مالك فإن الترتيب لا يسقط عنده بالأعذار المذكور عندنا أم يقتدي لإحراز فضيلة الجماعة مع جواز تأخير القضاء وإمكان تلافيه قال الخير الرملي لم أره ثم نقل عن الشافعية اختلاف الترجيح
فيه
واستظهر الثاني
قلت ووجهه ظاهر لأن الجماعة واجبة عندنا أو في حكم الواجب ولذا يترك لأجلها سنة الفجر التي قيل عندنا بوجوبها ومراعاة خلاف الإمام مالك مستحبة فلا ينبغي تفويت الواجب لأجل المستحب
قوله ( أي شرع في الفريضة ) بالبناء للمجهول وفي الفريضة نائب الفاعل أي شرع فيها الإمام وقدمنا في باب الإمام أن الاقتداء بالفاسق والأعمى ونحوهما أولى من الانفراد وكذا بالمخالف الذي يراعى في الشروط والأركان
وعليه فيقطع ويقتدي به لأن العلة تحصيل فضيلة الجماعة فحيث حصلت بلا كراه بأن لم يوجد من هو أولى مهم كان القطع والاقتداء أولى وقدمنا اختلاف المتأخرين فيما لو تعددت الجماعات وسبقت جماعة الشافعية فبعضهم على أن الصلاة من أول جماعة أفضل وبعضهم على أن انتظار الاقتدار بالموافق أفضل بناء على كراهة الاقتداء بالمخالف لعدم مراعاته في الواجبات والسنن وإن راعى في الفروض واستظهرنا هناك عدم كراهة الاقتداء به ما لم يعلم منه مفسدا كما مال إليه الخير الرملي وأنه لو انتظر إمام مذهبه بعيدا عن الصفوف لم يكن إعراضا عن الجماعة للعلم بأنه يريد جماعة أكمل من هذه الجماعة فعلى هذا لو شرع في سنة الظهر يتمها أربعا حتى على قول الكمال الآتي
بقي لو كان مقتديا بمن يكره الاقتداء به ثم شرع من لا كراهة فيه هل يقطع ويقتدي به استظهر ط أن الأول لو فاسقا لا يقطع ولو مخالفا وشك في مراعاته يقطع
____________________
(2/50)
أقول والأظهر العكس لأن الثاني كراهته تنزيهية كالأعمى والأعرابي بخلاف الفاسق فإنه استظهر في شرح المني أنها تحريمية لقولهم إن في تقديمه للإمامة تعظيمه وقد وجب علينا إهانته بل عند مالك ورواية عن أحمد لا تصح الصلاة خلفه
قوله ( لا إقامة المؤذن الخ ) مرفوع عطفا على معنى قوله شرع في الفريضة في مصلاه فكأنه قال المراد بالإقامة الشروع في الفريضة في مصلاه لا إقامة المؤذن الخ ح أي فلا يقطع إذا أقام المؤذن وإن لم يقيد الركعة بالسجدة بل يتمها ركعتين كما في غاية البيان وغيره وكذا لو أقيمت في المسجد وهو في البيت أو في مسجد آخر لا يقطع مطلقا
بحر أي سواء قيد الركعة بسجدة أو لا وإن كان فيه إحراز ثواب الجماعة لأنه لا يوجد مخالفة الجماعة عيانا
معراج أي بخلاف ما إذا كانا في مسجد واحد فإن في عدم قطعها مخالفة الجماعة عيانا
وفيه إشارة إلى دفع ما أورده ط من أنهم صرحوا بطلب الجماعة في مسجد آخر إن فاتته فيما هو فيه وإن الجماعة واجبة ولم تقيد بمسجده وإن القطع للإكمال إكمال فلا يظهر الفرق
وبيان الدفع أن الجماعة وإن كانت مطلوبة واجبة لكن عارض وجوبها حرمة القطع فسقط الوجوب وترجح القطع للإكمال إذا كان في عدم القطع مخالفة الجماعة عيانا لأن هذه المخالفة منهية أيضا فصار القطع أولى لذلك
أما إذا لم توجد المخالفة المذكورة يبقى الوجوب ساقطا بحرمة القطع لترجح الحاظر على المبيح وعدم ما يرجح جانب المبيح هذا ما ظهر لي فتدبره
قوله ( يقطعها ) قال في المنح جاز نقض الصلاة منفردا لإحراز الجماعة ا هـ
وظاهر التعليل الاستحباب وليس المراد بالجواز مستوى الطرفين
وقد يقال إن إحراز الجماعة واجب على أعدل الأقوال فيقتضي وجوب القطع وقد يقال إنه عارضه الشروع في العمل ط
قوله ( كما لو ندت الخ ) أي هربت وأشار بذكر هذه المسائل هنا وإن تقدمت في مكروهات الصلاة قبيل قوله وكره استقبال القبلة إلى ما قالوا من أنه إذا جاز القطع فيها لحطام الدنيا ثم الإعادة من غير زيادة إحسان فجوازه لتحصيله على وجه أكمل أولى لأن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وفي رواية بسبع وعشرين درجة
قوله ( أو خاف ضياع درهم من ماله ) قال في الظهيرية لم يفصل في الكتاب بين المال القليل والكثير وعامة المشايخ قدروه بدرهم
قال شمس الأئمة السرخسي هذا حسن لولا ما ذكر في كتاب الحوالة والكفالة أن للطالب حبس غريمه بالدانق فما فوقه فإذا جاز حبس المسلم بالدانق فجواز قطع الصلاة مع تمكنه من قضائها أولى
والصحيح أنه لا فصل بين ماله ومال غيره ا هـ
قوله ( لإمكان قضائه ) هذا التعليل يفيد جواز قطع الفرض للجنازة ح عن الإمداد
قلت عارضه أن الفرض أقوى منها بخلاف النفل ط
قوله ( ويجب ) أي يفترض
قوله ( لا يجيبه ) ظاهره الحرمة سواء علم أنه في الصلاة أو لا ط
قوله ( إلا أن يستغيث به ) أي يطلب منه الغوث والإعانة وظاهره ولو في أمر غير مهلك واستغاثه غير الأبوين كذلك ط
والحاصل أن المصلي متى سمع أحدا يستغيث وإن لم يقصده بالنداء أو كان أجنبيا وإن لم يعلم ما حل به أو علم وكان له قدرة على إغاثته وتخليصه وجب عليه إغاثته وقطع الصلاة فرضا كانت أو غيره
قوله ( لا يجيبه ) عبارة
____________________
(2/51)
التجنيس عن الطحاوي لا بأس أن لا يجيبه
قال ح وهي تقتضي أن الإجابة أفضل تأمل ا هـ
قلت ومقتضاه أن إجابته خارج الصلاة واجبة أيضا بالأولى
والظاهر أن محله إذا تأذى منه بترك الإجابة لكونه عقوقا
تأمل
هذا وذكر الرحمتي ما معناه أنه لما كان بر الوالدين واجبا وكان مظنة أن يتوهم أنه إذا ناداه أحدهما يكون عليه بأس في عدم إجابته دفع ذلك بقوله لا بأس ترجيحا لأمر الله تعالى بعدم قطع العبادة لأن نداءه له مع علمه بأنه في الصلاة معصية ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فلا تجوز إجابته بخلاف ما إذا لم يعلم أنه في الصلاة فإنه يجيبه لما علم في قصة جريج الراهب ودعاء أمه عليه وما ناله من العناء لعدم إجابته لها فليس كلمة لا بأس هنا لخلاف الأولى لأن ذلك غير مطرد فيها بل قد تأتي بمعنى يجب والظاهر أن هذا منه
مطلب قطع الصلاة يكون حراما ومباحا ومستحبا وواجبا تتمة نقل عن خط صاحب البحر على هامشه أن القطع يكون حراما ومباحا ومستحبا وواجبا فالحرام لغير عذر والمباح إذا خاف فوت مال والمستحب القطع للإكمال والواجب لإحياء نفس
قوله ( هو الأصح ) وقيل يقعد ويسلم لكن ذكر ط أن الظاهر أنه لا خلاف هنا وإنما ذكروا الخلاف فيما إذا قام إلى الثالثة ولم يقيدها بسجدة ا هـ
وحينئذ فالأولى إرجاع التصحيح إلى قوله بتسليمة واحدة لكن لم يصرح بذلك في غاية البيان وإنما قال لكن يسلم تسليمة واحدة وبه صرح في شروح الجامع الصغير وإن شاء كبر قائما
قال فخر الإسلام وهذا أصح فإذا كبر قائما ينوي الشروع في صلاة الإمام تنقطع الأولى في ضمن شروعه في صلاة الإمام ثم هو مخير في رفع اليدين كذا قاله الإمام حميد الدين الضرير في شرحه ا هـ
قوله ( وهذا إن لم يقيد الخ ) حاصل هذه المسألة شرع في فرض فأقيم قبل أن يسجد للأولى قطع واقتدى فإن سجد لها فإن في رباعي أتم شفعا واقتدى ما لم يسجد للثالثة فإن سجد أتم واقتدى متنفلا إلا في العصر وإن في غير رباعي قطع واقتدى مالم يسجد للثانية فإن سجد لها أتم ولم يقتد ا هـ ح
قوله ( أو قيدها ) عطف على لم يقيد أي وإن قيدها بسجدة في غير رباعية كالفجر والمغرب فإنه يقطع ويقتدي أيضا ما لم يقيد الثانية بسجدة فإن قيدها أتم ولا يقتدي لكراهة التنفل بعد الفجر وبالثلاث في المغرب وفي جعلها أربعا مخالفة لإمامه فإن اقتدى أتمها أربعا لأنه أحوط لكراهة التنفل بالثلاث تحريما ومخالفة الإمام مشروعة في الجملة كالمسبوق فيما يقضي والمقتدي بمسافر وتمامه في البحر
قوله ( أو فيها الخ ) أي أو قيد الركعة الأولى بسجدة في الرباعية فإنه أيضا يقتدي ولكن بعد أن يضم إليها ركع صيانة للركعة المؤداة عن البطلان كما صرحوا به
مطلب صلاة ركعة واحدة باطلة لا صحيحة مكروهة قال في البحر وهو صريح في أن صلاة ركعة فقط باطلة لا أنها صحيحة مكروهة كما توهمه بعض حنفية العصر ا هـ
وفي النهر أن بطلان هذا التوهم غني عن البيان
قوله ( وإن صلى ثلاثا منها ) أي بأن قيد الثالثة بسجدة
قال في البحر قيد بالثلاث لأنه لو كان في الثالثة ولم يقيدها بسجدة فإنه يقطعها لأنه بمحل الفرض
ويتخير
____________________
(2/52)
إن شاء عاد وقعد وسلم وإن شاء كبر قائما ينوي الدخول في صلاة الإمام كذا في الهداية وفي المحيط الأصح أن يقطع قائما بتسليمة واحدة لأن القعود مشروط للتحلل وهذا قطع وليس بتحلل فإن التحلل عن الظهر لا يكون على رأس الركعتين ويكفيه تسليمة واحدة للقطع انتهى
وهكذا صححه في غاية البيان معزيا إلى فخر الإسلام ا هـ
قوله ( أتم ) أي وجوبا فلو قطع واقتدى كان آثما
رملي
وفي القهستاني وفيه إشارة إلى أنه لا يشتغل بحيلة مثل أن لا يقعد على الرابعة ويصيرها ستا كما في المحيط
ومثل أن يصلي الرابعة قاعدا لتنقلب نفلا لأن الإتمام فرض كما في المنية ا هـ
قوله ( ثم اقتدى متنفلا ) أي إن شاء وهو أفضل إمداد
وأورد أن التنفل بجماعة مكروه خارج رمضان
وأجيب بنعم إذا كان الإمام والقوم متطوعين أما إذا أدى الإمام الفرض والقوم النفل فلا لقوله عليه الصلاة والسلام للرجلين إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما صلاة قوم فصليا معهم واجعلا صلاتكما معهم سبحة أي نافلة كذا في الكافي بحر
قوله ( ويدرك بذلك فضيلة الجماعة ) الظاهر أن المراد أنه يحصل بذلك الاقتداء فضيلة الجماعة التي هي المضاعفة بخمس أو سبع وعشرين درجة كما لو كان صلى الفريضة مقتديا لأن هذه جماعة مشروعة أيضا إما لاستدراك ما فات أو لئلا يصير مخالفا للجماعة ولكن الظاهر أن هذه المضاعفة مضاعفة ثواب النفل لا الفرض فليراجع
قوله ( حاوي ) أي حاوي القدسي كما في البحر لا حاوي الحصيري ولا حاوي الزاهدي
قوله ( مطلقا ) أي سواء قيد الأولى بسجدة أو لا
قوله ( خلافا لما رجحه الكمال ) حيث قال وقيل يقطع على رأس الركعتين وهو الراجح لأنه يتمكن من قضائها بعد الفرض
ولا إبطال في التسليم على الركعتين فلا يفوت فرض الاستماع والأداء على الوجه الأكمل بلا سبب ا هـ
أقول وظاهر الهداية اختياره وعليه مشى في الملتقى ونور الإيضاح والمواهب وجمعة الدرر والفيض وعزاه الشرنبلالية إلى البرهان
وذكر في الفتح أنه حكي عن السعدي أنه رجع إليه لما رآه في النوادر عن أبي حنيفة وأنه مال إليه السرخسي والبقالي
وفي البزازية أنه رجع إليه القاضي النسفي
وظاهر كلام المقدسي الميل إليه
ونقل في الحلية كلام شيخه الكمال
ثم قال وهو كما قال
هذا وما رجحه المصنف صرح بتصحيحه الولوالجي وصاحب المبتغى والمحيط ثم الشمني
وفي جمعة الشرنبلالية وعليه الفتوى
قال في البحر والظاهر ما صححه المشايخ لأنه لا شك أن في التسليم على الركعتين إبطال وصف السنية لا لإكمالها وتقدم أنه لا يجوز ويشهد لهم إثبات أحكام الصلاة الواحدة للأربع من عدم الاستفتاح والتعوذ في الشفع الثاني إلى غير ذلك كما قدمناه ا هـ
وأقره في النهر
أقول لكن تقدم في باب النوافل أنه يقضي ركعتين لو نوى أربعا وأفسده وأنه ظاهر الرواية عن أصحابنا وعليه المتون وأنه صحح في الخلاصة رجوع أبي يوسف إليه وصرح في البحر أنه يشمل السنة المؤكدة كسنة الظهر حتى لو قطعها قضى ركعتين في ظاهر الرواية وأن المشايخ من اختار قول أبي يوسف في السنن المؤكدة واختاره ابن الفضل وصححه في النصاب وقدمنا هناك أن ظاهر الهداية وغيرها ترجيح ظاهر الرواية فحيث
____________________
(2/53)
حاشية كانت المتون على ظاهر الرواية من أنه لا يلزمه بالشروع في السنن إلا ركعتان لم تكن في حكم صلاة واحدة من كل وجه ولم يكن في التسليم على الركعتين إبطالا لها وإبطال وصف السنية لما هو أقوى منه مع إمكان تداركها بالقضاء بعد الفرض لا محذور فيه فتدبر
ثم اعلم أن هذا كله حيث لم يقم إلى الثالثة أما إن قام إليها وقيدها بسجدة ففي رواية النوادر يضيف إليها رابعة ويسلم وإن لم يقيدها بسجدة
قال في الخانية لم يذكر في النوادر
واختلف المشايخ فيه قيل يتمها أربعا ويخفف القراءة وقيل يعود إلى القعدة ويسلم وهذا أشبه ا هى
قال في شرح المنية والأوجه أن يتمها لأنها إن كانت صلاة واحدة فظاهر وإن كانت كغيرها من النوافل كل شفع صلاة فالقيام إلى الثالثة كالتحريمة المبتدأة وإذا كان أول ما تحرم يتم شفعا فكذا هنا ا هـ
مطلب في كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان قوله ( وكره تحريما للنهي ) وهو ما في ابن ماجه من أدرك الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو لا يريد الرجوع فهو منافق وأخرج الجماعة إلا البخاري عن أبي الشعثاء قال كنا مع أبي هريرة في المسجد فخرج رجل حين أذن المؤذن للعصر
قال أبو هريرة أما هذا فقد عصى أبا القاسم والموقوف في مثله كالمرفوع
بحر
قوله ( من مسجد أذن فيه ) أطلقه فشمل ما إذا أذن وهو فيه أو دخل بعد الأذان كما في البحر والنهر
قوله ( والمراد ) بحث لصاحب البحر حيث قال والظاهر أن مرادهم من الأذان فيه هو دخول الوقت وهو داخله سواء أذن فيه أو في غيره كما أن الظاهر من الخروج من غير صلاة عدم الصلاة مع الجماعة سواء خرج أو مكث بلا صلاة كا نشاهده من بعض الفسقة حتى لو كانت الجماعة يؤخرون لدخول الوقت المستحب كالصبح مثلا فخرج ثم رجع وصلى معهم ينبغي أن لا يكره ولم أره كله منقولا ا هـ
وجزم بذلك كله في النهر لدلالة كلامهم عليه
قوله ( إلا لمن ينتظم به أمر جماعة أخرى ) بأن كان إماما أو مؤذنا تتفرق الناس بغيبته لأنه ترك صورة تكميل معنى والعبرة للمعنى
بحر
وظاهر الإطلاق أن له الخروج ولو عند الشروع في الإقامة وبه صرح في متن الدرر والقهستاني وشرح الوقاية قوله ( أو كان الخروج لمسجد حيه الخ ) أي وإن لم يكن إماما ولا مؤذنا كما في النهاية قال في البحر ولا يخفى ما فيه إذ خروجه مكروه تحريما والصلاة في مسجد حيه مندوبة فلا يرتكب المكروه لأجل المندوب ولا دليل يدل عليه ا هـ
قلت لكن تتمة عبارة النهاية هكذا لأن الواجب عليه أن يصلي في مسجد حيه ولو صلى في هذا المسجد فلا بأس أيضا لأنه صار من أهله
والأفضل أن لا يخرج لأنه يتهم ا هـ
ومثله في المعراج فتأمل وقيد بقوله ولم يصلوا فيه تبعا لما في شروح الهداية لأنه لو صلوا في مسجد حيه لا يخرج لأنه صار من أهل هذا المسجد بالدخول
نهاية
قوله ( أو لأستاذه الخ ) معطوف على حيه أي أو لمسجد أستاذه
قال في المعراج ثم للمتفقه جماعة مسجد أستاذه لأجل درسه أو لسماع الأخبار أو لسماع مجلس العامة أفضل بالاتفاق لتحصيل الثوابين ا هـ
ومثله في النهاية
وظاهره أنه إنما يخرج إذا خشي فوات الدرس أو بعضه وإلا فلا وأنه لا يتوقف على أن يكون الدرس مما
____________________
(2/54)
يجب تعلمه عليه
وفي حاشية أبي السعود أن ما أورده في البحر في مسجد الحي وارد هنا
قوله ( أو لحاجة الخ ) بحث لصاحب النهر أخذه من الحديث المار
قوله ( بل تركه للجماعة ) يعني أن نفي الكراهة المفهوم من الاستثناء ليس من كل وجه بل المراد نفي كراهة الخروج من حيث ذاته وأما من حيث سببه وهو كونه قد صلى تلك الصلاة وحده فإنه مكروه بمعنى أنه لو صلى وحده ليخرج يكره له ذلك لأن ترك الجماعة مكروه لأنها واجبة أو سنة مؤكدة قريبة منه
تنبيه يعلم من هنا ومن قوله وإن صلى ثلاثا منها أتم ثم اقتدى متنفلا أن من صلى منفردا لا يؤمر بالإعادة جماعة مع أنهم قالوا كل صلاة أديت مع كراهة التحريم تجب إعادتها
وزاد ابن الهمام وغيره ومع كراهة التنزيه تستحب الإعادة ولا شك في كراهة ترك الجماعة على القول بسنيتها أووجوبها لوجود الإثم على القولين إلا أن يجاب بحمل ما هنا على ما إذا تركها بعذر وهو خلاف ما يتبادر من كلامهم وقدمنا تمام الكلام على ذلك في واجبات الصلاة ولم يظهر لي جواب شاف فليتأمل
قوله ( إلا عند الشروع في الإقامة الخ ) ظاهره الكراهة ولو كان مقيم جماعة أخرى لأن في خروجه تهمة
قال الشيخ إسماعيل وهو المذكور في كثير من الفتاوى والتهمة هنا نشأت من صلاته منفردا فإذا خرج يؤيدها بخلاف ما مر عن الدرر وشرح الوقاية فهما مسألتان فما تقدم فيما إذا كان مقيم جماعة أخرى وخرج عند الإقامة ولم يكن صلى وهنا فيما إذا كان صلى وقد اشتبه ذلك على بعض الشراح والمراد بمقيم الجماعة من ينتظم به أمرها نحو المؤذن والإمام كما مر والمراد به هنا المؤذن لأن الإمام لو صلى منفردا لا يمكن أن يقيم جماعة أخرى فافهم
قوله ( لما مر ) أي من قوله إحرازا للنفل والجماعة ح
قوله ( وإن أقيمت ) بيان للإطلاق ط
والحاصل أنه لا يكره الخروج بعد الأذان لمن كان صلى وحده في جميع الصلوات إلا في الظهر والعشاء فإنه يكره الخروج عند الشروع في الإقامة فقط لا قبله
تنبيه المراد بالإقامة هنا شروع المؤذن في الإقامة كما في الهداية لا بمعنى الشروع في الصلاة كما مر
قوله ( البتيراء ) تصغير البتراء وهي الركعة الواحدة التي لا ثانية لها والثلاث تستلزمها لكن إن كانت واحدة فقط فهي باطلة كما مر عن البحر وإن كانت ثلاثا بأن سلم مع الإمام فقيل لا يلزمه شيء وقيل فسدت فيقضي أربعا كما لو نذر ثلاثا كما في البحر وقدمنا عنه أنه لو اقتدى فيها فالأحوط أن يتمها أربعا وإن كان فيه مخالفة الإمام
قوله ( أشد ) أي من التنفل بعد الفجر والعصر ومن البتيراء لقول المحيط لأن مخالفة الجماعة وزر عظيم
قلت لكن صرح في مختارات النوازل بأن الخروج أولى لأن هذه المخالفة أقل كراهة
تأمل
قوله ( قلت الخ ) وارد على قوله وفي المغرب أحد المحظورين وعلى قوله أشد فإنه يقتضي بمفهومه أن الصلاة مع الإمام فيها كراهة شديدة وهي التحريمية لكن قال ح ما في القهساني مردود لأن صاحب الهداية صرح بالكراهة وصاحب
____________________
(2/55)
غاية البيان بأنها بدعة وقاضيخان في شرح الجامع الصغير بأنها حرام
قال في البحر والظاهر ما في الهداية لأن المشايخ يستدلون بأنه نهى عن البتيراء وهو من قبيل ظني الثبوت قطعي الدلالة فيفيد كراهة التحريم على أصولنا
قوله ( وفي المضمرات الخ ) من كلام القهستاني قصد به تأييد ما ادعاه من كون الكراهة تنزيهية الذي هو معنى الإساءة ا هـ ح
مطلب هل الإساءة دون الكراهة أو أفحش قلت لكن قدمنا في سنن الصلاة الخلاف في أن الإساءة دون الكراهة أو أفحش ووفقنا بينهما بأنها دون التحريمية وأفحش من التنزيهية
قوله ( وإذا خاف الخ ) علم منه ما إذا غلب على ظنه بالأولى
نهر
وإذا تركت لخوف فوت الجماعة فالأولى أن تترك لخوف خروج الوقت ط عن أبي السعود
قوله ( تركها ) أي لا يشرع فيها وليس المراد بقطعها لما مر أن الشارع في النفل لا يقطعه مطلقا فما في النهر هنا من قوله ولو قيد الثانية منها بالسجدة غير صحيح كما نبه عليه الشيخ إسماعيل
قوله ( لكون الجماعة أكمل ) لأنها تفضل الفرد منفردا بسبع وعشرين ضعفا لا تبلغ ركعتا الفجر ضعفا واحدا منها لأنها أضعاف الفرض والوعيد على الترك للجماعة ألزم منه على ركعتي الفجر وتمامه في الفتح والبحر
وقوله ( بأن رجا إدراك ركعة ) تحويل لعبارة المتن وإلا فالمتبادر منها القول الثاني
قوله ( قيل التشهد ) أي إذا رجا إدراك الإمام والتشهد لا يتركها بل يصليها وإن علم أن تفوته الركعتان معه
قوله ( تبعا للبحر ) فيه أن صاحب البحر ذكر أن كلام الكنز يشمل التشهد ثم ذكر أن ظاهر الجامع الصغير أنه لو رجا إدراك التشهد فقط يترك السنة
ونقل عن الخلاصة أنه ظاهر المذهب وأنه رجحه في البدائع
ونقل عن الكافي والمحيط أنه يأتي بها عندهما خلافا لمحمد فليس فيه سوى حكاية القولين بل ذكر قبل ذلك ما يدل على اختياره لظاهر الرواية حيث قال وإن لم يمكن بأن خشي فوت الركعتين أحرز أحقهما وهو الجماعة
قوله ( لكن ضعفه في النهر ) حيث قال إنه تخريج على رأي ضعيف ا هـ
قلت لكن قواه في فتح القدير بما سيأتي من أن من أدرك ركعة من الظهر مثلا فقد أدرك فضل الجماعة وأحرز ثوابها كما نص عليه محمد وفاقا لصاحبيه وكذا لو أدرك التشهد يكون مدركا لفضيلتها على قولهم
قال وهذا يعكر على ما قيل إنه لو رجا إدراك التشهد لا يأتي بسنة الفجر على قول محمد
والحق خلافه لنص محمد على ما يناقضه ا هـ أي لأن المدار هنا على إدراك فضل الجماعة وقد اتفقوا على إدراكه بإدراك التشهد فيأتي بالسنة اتفاقا كما أوضحه في الشرنبلالية أيضا وأقره في شرح المنية وشرح نظم الكنز وحاشية الدرر لنوح أفندي وشرحها للشيخ إسماعيل ونحوه في القهستاني
وجزم به الشارح في مواقيت الصلاة
قوله ( عند باب المسجد ) أي خارج المسجد كا صرح به القهستاني
وقال في العناية لأنه لو صلاها في المسجد كان متنفلا فيه عند اشتغال الإمام بالفريضة وهو مكروه فإن لم يكن على باب المسجد موضع للصلاة يصليها في المسجد خلف سارية من سواري المسجد وأشدها كراهة أن يصليها مخالطا للصف مخالفا للجماعة والذي يلي ذلك خلف الصف من غير حائل ا هـ
ومثله في النهاية والمعراج
قوله ( وإلا تركها ) قال في الفتح وعلى هذا أي على كراهة صلاتها في المسجد ينبغي أن لا يصلي فيه إذا لم يكن
____________________
(2/56)
عند بابه مكان لأن ترك المكروه مقدم على فعل السنة غير أن الكراهة تتفاوت فإن كان الإمام في الصيفي فصلاته إياها في الشتوي أخف من صلاتها في الصيفي وعكسه وأشد ما يكون كراهة أن يصليها مخالطا للصف كما يفعله كثير من الجهلة ا هـ
والحاصل أن السنة في سنة الفجر أن يأتي بها في بيته وإلا فإن كان عند باب المسجد مكان صلاها فيه وإلا صلاها في الشتوي أو الصيفي إن كان للمسجد موضعان وإلا فخلف الصفوف عن سارية لكن فيما إذا كان للمسجد موضعان والإمام في أحدهما ذكر في المحيط أنه قيل لا يكره لعدم مخالفة القوم وقيل يكره لأنهما كمكان واحد
قال فإذا اختلف المشايخ فيه فالأفضل أن لا يفعل
قال في النهر وفيه إفادة أنها تنزيهية ا هـ
لكن في الحلية قلت وعدم الكراهة أوجه للآثار التي ذكرناها ا هـ
ثم هذا كله إذا كان الإمام في الصلاة أما قبل الشروع فيأتي بها في أي موضع شاء كما في شرح المنية
قال الزيلعي وأما بقية السنن إن أمكنه أن يأتي بها قبل أن يركع الإمام أتى بها خارج المسجد ثم اقتدى وإن خاف فوت ركعة اقتدى
قوله ( ثم ما قيل الخ ) قال في الفتح وما عن الفقيه إسماعيل الزاهد أنه ينبغي أن يشرع فيها ثم يقطعها فيجب القضاء فيتمكن من القضاء بعد الصلاة دفعه الإمام السرخسي بأن ما وجب بالشروع ليس أقوى مما وجب بالنذر
ونص محمد أن المنذور لا يؤدي بعد الفجر قبل الطلوع
وأيضا شروع في العبادة بقصد الإفساد
فإن قيل ليؤديها مرة أخرى
قلنا إبطال العمل منهي ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ا هـ
وقوله ثم يكبر للفريضة أي ينوي السنة أولا ويكبر ثم ينوي الفريضة بقلبه ويكبر بلسانه فيصير متنفلا عنها إلى الفرض وفي هذا إبطال لها ضمنا فالظاهر أنه منهي أيضا فلا يظهر قول العلامة المقدسي إنه لو فعل كذلك ثم قضاها بعد ارتفاع الشمس لا يرد شيء مما ذكر ا هـ فتأمل
ثم رأيت ما ذكره في شرح المنية قائلا ويدل عليه قول الكنز في باب ما يفسد الصلاة وافتتاح العصر أو التطوع بعد ركعة الظهر فإنه صريح بأن الظهر يفسد بالشروع في غيره ا هـ
تنبيه قال في القنية لو خاف أنه لو صلى سنة الفجر بوجهها تفوته الجماعة ولو اقتصر فيها بالفاتحة وتسبيحة في الركوع والسجود يدركها فله أن يقتصر عليها لأن ترك السنة جائز لإدراك الجماعة فسنة السنة أولى
وعن القاضي الزرنجري لو خاف أن تفوته الركعتان يصلي السنة ويترك الثناء والتعوذ وسنة القراءة ويقتصر على آية واحدة ليكون جمعا بينها وكذا في سنة الظهر ا هـ
وفيه أيضا صلى سنة الفجر وفاته الفجر لا يعيد السنة إذا قضى الفجر ا هـ
قوله ( ولا يقضيها إلا بطريق التبعية الخ ) أي لا يقضي سنة الفجر إلا إذ فاتت مع الفجر فيقضيها تبعا لقضائه لو قبل الزوال وأما إذا فاتت وحدها فلا تقضى قبل طلوع الشمس بالإجماع لكراهة النفل بعد الصبح وأما بعد طلوع الشمس فكذلك عندهما
وقال محمد أحب إلي أن يقضيها إلى الزوال كما في الدرر
قيل هذا قريب من الاتفاق لأن قوله أحب إلي دليل على أنه لو لم يفعل لا لوم عليه
وقالا لا يقضي وإن قضى فلا بأس به كذا في الخبازية ومنهم من حقق الخلاف وقال الخلاف في أنه لو قضى كان نفلا مبتدأ أو سنة كذا في العناية يعني نفلا عندهما سنة عنده كما ذكره في الكافي
إسماعيل
قوله ( لقضاء فرضها ) متعلق بالتبعية وأشار بتقدير
____________________
(2/57)
المضاف إلى أن التبعية في القضاء فقط فليس المراد أنها تقضى بعده تبعا بل تقضى قبله تبعا لقضائه قوله ( لا بعده في الأصح ) وقيل تقضى بعد الزوال تبعا ولا تقضى مقصودة إجماعا كما في الكافيإسماعيل
قوله ( لورود الخبر ) وهو ما روى أنه قضاها مع الفرض غداة ليلة التعريس بعد رتفاع الشمس كما رواه مسلم في حديث طويل
والتعريس نزول المسافر آخر الليل كما ذكره في المغرب
إسماعيل
قوله ( في الوقت المهمل ) هو ما ليس وقت فريضة وهو ما بعد طلوع الشمس إلى الزوال وليس عندنا وقت مهمل سواه على الصحيح وقيل مثله ما بين بلوغ الظل مثله إلى المثلين
قوله ( بخلاف القياس ) متعلق بورود أو بقضائها فافهم وذلك لأن القضاء مختص بالواجب لأنه كما سيذكره في الباب الآتي فعل الواجب بعد وقته فلا يقضى غيره إلا بسمعي وهو قد دل على قضاء سنة الفجر فقلنا به وكذا ما روي عن عائشة في سنة الظهر كما يأتي ولذا نقول لا تقضى سنة الظهر بعد الوقت فيبقى ما وراء ذلك على العدم كما في الفتح
قوله ( وكذا الجمعة ) أي حكم الأربع قبل الجمعة كالأربع قبل الظهر كما لا يخفى
بحر
وظاهره أنه لم يره في البحر منقولا صريحا وقد ذكره في القهستاني لكن لم يعزه إلى أحد
وذكر السراج الحانوتي أن هذا مقتضى ما في المتون وغيرها لكن قال في روضة العلماء إنها تسقط لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال إذا خرج الإمام فلا صلاة إلا المكتوبة ا هـ رملي
أقول وفي هذا الاستدلال نظر لأنه إنما يدل على أنها لا تصلى بعد خروجه لا على أنها تسقط بالكلية ولا تقضى بعد الفراغ من المكتوبة وإلا لزم أن لا تقضى سنة الظهر أيضا فإنه ورد في حديث مسلم وغيره إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة نعم قد يستدل للفرق بينهما بشيء آخر وهو أن القياس في السنن عدم القضاء كما مر وقد استدل قاضيخان لقضاء سنة الظهر بما عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي كان إذا فاتته الأربع قبل الظهر قضاهن بعده فيكون قضاؤها ثبت بالحديث على خلاف القياس كما في سنة الفجر كما صرح به في الفتح فالقول بقضاء سنة الجمعة يحتاج إلى دليل خاص وعليه فتنصيص المتون على سنة الظهر دليل على أن سنة الجمعة ليست كذلك فتأمل
قوله ( فإنه إن خاف فوت ركعة الخ ) بيان لوجه المخالفة بين سنة الظهر وسنة الفجر ومفهومه أنه يأتي بها وإن أقيمت الصلاة إذا علم أنه يدرك معه الركعة الأولى بعد أن لا يكون مخالطا للصف بلا حائل كما مر
ويشكل عليه ما تقدم في أوقات الصلاة من كراهة التطوع عند الإقامة للمكتوبة لكن نقلنا هناك عن عدة كتب تخصيص الكراهة المذكورة بإقامة صلاة الجمعة
والفرق أن التنفل عندها لا يخلو غالبا عن مخالطة الصفوف لكثرة الزحام بخلاف غيرها من المكتوبات
قوله ( على أنها سنة ) أي اتفاقا
وما في الخانية وغيرها من أنها نفل عنده سنة عندهما فهو من تصرف المصنفين لأن المذكور في المسألة الاختلاف في تقديمها أو تأخيرها والاتفاق على قضائها وهو اتفاق على وقوعها سنة كما حققه في الفتحوتبعه في البحر والنهر وشرح المنية
قوله ( في وقته ) فلا تقضى بعده لا تبعا ولا مقصودا بخلاف سنة الفجر
وظاهر البحر الاتفاق على ذلك لكن صرح في الهداية بأن في قضائها بعد الوقت تبعا للفرض اختلاف المشايخ ولذا قال في النهر إن ما في البحر سهو
وأجاب الشيخ إسماعيل بأنه بناه على الأصح
قوله ( عند محمد ) وعند أبي يوسف بعده كذا في الجامع الصغير الحسامي
____________________
(2/58)
وفي المنظومة وشروحها الخلاف على العكس
وفي غاية البيان يحتمل أن يكون عن كل من الإمامين روايتان
ح عن البحر
قوله ( وبه يفتى ) أقول وعليه المتون لكن رجح في الفتح تقديم الركعتين
قال في الإمداد وفي فتاوى العتابي أنه المختار
وفي مبسوط شيخ الإسلام أنه الأصح لحديث عائشة أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا فاتته الأربع قبل الظهر يصليهن بعد الركعتين وهو قول أبي حنيفة وكذا في جامع قاضيخان ا هـ
والحديث قال الترمذي ( حسن غريب ) فتح
قوله ( وأما ما قبل العشاء فمندوب ) يعني قد علم حكم سنة الفجر والظهر والجمعة ولم يبق من النوافل القبلية إلا سنة العصر ومن المعلوم أنها لا تقضى لكراهة التنفل بعد صلاة العصر وكذا سنة العشاء لكن لا تقضى لأنها مندوبة
أقول وفي هذا التعليل نظر لأنه يوهم أن قضاء سنة الفجر والظهر لسنيتهما ولو كانتا مندوبتين لم تقضيا وليس كذلك لأن قضاءهما ثبت بالنص على خلاف القياس فيبقى ما وراء النص على العدم كما صرح به في الفتح حتى لو ورد نص في قضاء المندوب نقول به وبهذا ظهر لك ما في قول الإمداد إن التي قبل العشاء مندوبة فلا مانع من قضائها بعد التي تلي العشاء ا هـ نعم لو قضاها لا تكون مكروهة بل تقع نفلا مستحبا لا على أنها هي التي فاتت عن محلها كما قالوه في سنة التراويح
قوله ( ولا يكون مصليا جماعة الخ ) فلو حلف لا يصلي الظهر جماعة لا يحنث بإدراك ركعة أو ركعتين اتفاقا وفي الثلاث الخلاف الآتي وهذه المسألة موضعها كتاب الأيمان وذكرها هنا كالتوطئة لقوله بل أدرك فضلها إذ ربما يتوهم أن بين إدراك الفضل والجماعة تلازما فاحتاج إلى دفعه
أفاده في النهر
قوله ( من ذوات الأربع ) ليس قيدا إذ الثنائي والثلاثي كذلك وإنما خصه بالذكر لأجل قوله وكذا مدرك الثلاث ح
قوله ( لكنه أدرك فضلها ) أي الجماعة اتفاقا أيضا لأن من أدرك آخر الشيء فقد أدركه ولذا لو حلف لا يدرك الجماعة حنث بإدراك الإمام ولو في التشهد
نهر
قوله ( اتفاقا ) أي بين محمد وشيخيه وإنما خص في الهداية محمدا بالذكر لأن عنده لو أدركه في تشهد الجمعة لم يكن مدركا للجمعة فمقتضاه أن لا يدرك فضيلة الجماعة هنا لأنه مدرك للأقل فدفع ذلك الوهم بذكر محمد كما أفاده في الفتح والبحر
قوله ( دون المدرك ) أي الذي أدرك أول صلاة الإمام وحصل فضل تكبيرة الافتتاح معه فإنه أفضل ممن فاتته التكبيرة فضلا عمن فاتته ركعة أو أكثر
وقد صرح الأصوليون بأن فعل المسبوق أداء قاصر بخلاف المدرك فإنه أداء كامل
قوله ( واللاحق كالمدرك ) قال في البحر وأما اللاحق فصرحوا بأن ما يقضيه بعد فراغ الإمام أداء شبيه بالقضاء
وظاهر كلام الزيلعي أنه كالمدرك لكونه خلف الإمام حكما ولهذا لا يقرأ فيقتضي أن يحنث في يمينه لو حلف لا يصلي بجماعة ولو فاته مع الإمام الأكثر ا هـ
قلت ويؤيده ما مر في باب الاستخلاف من أنه لو أحدث الإمام عمدا بعد القعدة الأخيرة تفسد صلاة المسبوق لا المدرك وفي اللاحق تصحيحان
وظاهر البحر والنهر هناك تأييد الفساد وقدمنا ما يقويه أيضا
قوله ( وكذا مدرك الثلاث ) ومدرك الثنتين من الثلاثي كذلك وأما مدرك ركعة من الثنائي فالظاهر أنه لا خلاف فيه كما في مدرك الركعتين من الرباعي
قوله ( وضعفه في البحر ) أي بما اتفقوا عليه في الأيمان من أنه لو حلف لا يأكل
____________________
(2/59)
هذا الرغيف لا يحنث إلا بأكل كله فإن الأكثر لا يقام مقام الكل
قوله ( وإذا أمن فوت الوقت الخ ) أي بأن كان الوقت باقيا لا كراهة فيه كما في فتح القدير
ثم اعلم أن عبارة المصنف مساوية لعبارة الكنز
وقال الزيلعي وهو كم مجمل يحتاج إلى تفصيل فنقول إن التطوع على وجهين سنة مؤكدة وهي الرواتب
وغير مؤكدة وهي ما زاد عليها والمصلى لا يخلو إما أن يؤدي الفرض بجماعة أو منفردا فإن كان بجماعة فإنه يصلي السنن الرواتب قطعا فلا يخير فيها مع الإمكان لكونها مؤكدة وإن كان يؤديه منفردا فكذلك الجواب في رواية
وقيل يتخير والأول أحوط لأنها شرعت قبل الفرض لقطع طمع الشيطان عن المصلي وبعده لجبر نقصان تمكن في الفرض والمنفرد أحوج إلى ذلك والنص الوارد فيها لم يفرق فيجري على إطلاقه إلا إذ خاف الفوت لأن أداء الفرض في وقته واجب وأما ما زاد على السنن والرواتب فيتخير المصلي فيه مطلقا ا هـ أي سواء صلى الفرض منفردا أو بجماعة
والظاهر أن المصنف لما رأى هذا الإجمال في عبارة الكنز زاد عليها قوله ويأتي بالسنة ولو صلى منفردا تصريحا بما أجمله فافهم
قوله ( مشكل بما مر ) أي من أنه إذا خاف فوت ركعتي الفجر مع الإمام يترك سنته وإذا خاف فوت ركعة من الظهر يترك سنته فكيف يقال إنه يأتي بالسنة وإن فاتته الجماعة وقد استشكل ذلك المصنف في المنح وكذا صاحب النهروالشيخ إسماعيل وهو في غاية العجب فإن معنى قوله وإن فاتته الجماعة أي أنه إذا دخل المسجد ورأى الإمام صلى وأراد أن يصلي وحده لفوت الجماعة فإنه يصلي السنة الراتبة لكونها مكملة والمنفرد أحوج إلى ذلك
وعبارة الدرر صريحة في ذلك ونصها من فاتته الجماعة فأراد أن يصلي الفرض منفردا فهل يأتي بالسنن قال بعض مشايخنا لا يأتي بها لأنها إنما يؤتى بها إذا أدى الفرض بالجماعة لكن الأصح أن يأتي بها وإن فاتته الجماعة إلا إذا ضاق الوقت فحينئذ يترك ا هـ
فتوهم أن المراد أنه يأتي بالسنة وإن لزم من الإتيان بها تفويت الجماعة في غاية العجب وأعجب منه التعجب من أن الشرنبلالي لم يتعرض في حاشيته على الدرر لبيان هذا الإشكال
هذا وقد قرر الخير الرملي كلام الدرر بنحو ما ذكرنا ثم قال فافهم ذلك وكن على بصيرة منه فإن صاحب النهر والمنح قد خلطا وخبطا في هذه المسألة خلطا فاحشا
قوله ( فوقف ) وكذا لو لم يقف بل انحط فرفع الإمام قبل ركوعه لا يصير مدركا لهذه الركعة مع الإمام
فتح
ويوجد في بعض النسخ
فوقف بلا عذر أي بأن أمكنه الركوع فوقف ولم يركع وذلك لأن المسألة فيها خلاف زفر فعنده إذا أمكنه الركوع فلم يركع أدرك الركعة لأنه أدرك الإمام فيما له حكم القيام
قوله ( لأن المشاركة ) أي أن الاقتداء متابعة على وجه المشاركة ولم يتحقق من هذا مشاركة لا في حقيقة القيام ولا في الركوع فلم يدرك معه الركعة إذ لم يتحقق منه مسمى الاقتداء بعد بخلاف من شاركه في القيام ثم تخلف عن الركوع لتحقق مسمى الاقتداء منه بتحقق جزء مفهومه فلا ينتقض بعد ذلك بالتخلف لتحقق مسمى اللاحق في الشرع اتفاقا وهو بذلك وإلا انتفى كذا في الفتح
____________________
(2/60)
وحاصله أن الاقتداء لا يثبت في الابتداء على وجه يدرك به الركعة مع الإمام إلا بإدراك جزء من القيام أو مما في حكمه وهو الركوع لوجود المشاركة في أكثرها فإذا تحقق منه ذلك لا يضره التخلف بعده حتى إذا أدركه في القيام فوقف حتى ركع الإمام ورفع فركع هو صح لتحقق مسمى الاقتداء في الابتداء فإن ذلك حيقة اللاحق وإلا لزم انتفاء اللاحق مع أنه محقق شرعا فافهم
قوله ( فيأتي بها قبل الفراغ ) المراد أنه يأتي بها قبل متابعة الإمام فيما بعدها حتى لو تابع الإمام ثم أتى بعد فراغ إمامه بما فاته صح وأثم لترك واجب الترتيب وإنما عبر بالفراغ لمقابلته للمسبوق فإنه إنما يأتي بما سبق به بعد فراغ إمامه فافهم
قوله ( ومتى لم يدرك الركوع ) أي في مسألة المتن
وحاصله أنه إذا لم يدرك الركعة لعدم متابعته له في الركوع أو لرفع الإمام رأسه منه قبل ركوعه لا يجوز له القطع كما يفعله بعض الجهلة لصحة شروعه ويجب عليه متابعته في السجدتين وإن لم تحسبا له كما لو اقتدى به بعد رفعه من الركوع أو وهو ساجد كما في البحر
قوله ( وإن لم تحسبا له ) أي من الركعة التي فاتته بل يلزمه الإتيان بها تامة بعد الفراغ
قوله ( ولا تفسد بتركهما ) أي السجدتين لأن وجوب الإتيان بهما إنما هو لوجوب متابعة الإمام لئلا يكون مخالفا له كما تجب متابعة المسبوق في القعدة وإن لم تكن على ترتيب صلاته وإلا فهاتان السجدتان ليستا بعض الركعة التي فاتته لأن السجود لا يصح إلا مرتبا على ركوع صحيح ولذا لزمه الإتيان بركعة تامة
قوله ( فلو لم يدرك الخ ) الأخصر إسقاط هذا والاقتصار على قوله لكنه إذا سلم الإمام فقام وأتى بركعة الخ
قوله ( وقد ترك واجبا ) هو متابعة الإمام في السجود عند شروعه وليس المراد أنه إذا أتى بركعة تامة بعد سلام الإمام ولم يقض السجدتين أيضا يكون تاركا واجبا كما يوهمه ما فهمه الشارح في واجبات الصلاة حيث ذكر أن مقتضى القواعد أن يقضيهما لأن ذلك خلاف القواعد ويدل على ما قلنا عبارة التجنيس فإنه قال وإذا لم يتابعه في السجدة ثم تابعه في بقية الصلاة فلما فرغ الإمام قام وقضى ما سبق به تجوز الصلاة إلا أنه يصلي تلك الركعة الفائتة بسجدتيها بعد فراغ الإمام وإن كانت المتابعة حين شرع واجبة في تلك السجدة ا هـ
وقد أوضحنا ذلك هناك فراجعه
قوله ( صح ركوعه ) أي لتحقق الاقتداء بمشاركته في الابتداء بجزء من القيام فلا يضر التخلف بعده كما مر تقريره
قوله ( وكره تحريما ) أي للنهي عن مسابقة الإمام
قوله ( قدر الفرض ) الذي في الذخيرة ثلاث آيات أي قدر الواجب
والظاهر أنه غير قيد وأنه ينبغي الاكتفاء بقدر الفرض كما بحثه صاحب النهر والخير الرملي وتبعهما الشارح
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يلحقه إمامه فيه بأن رفع رأسه قبل أن يركع الإمام أو لحقه ولكن كان ركوع المقتدي قبل أن يقرأ الإمام مقدار الفرض لا يجزيه ا هـ
ح أي فعليه أن يركع ثانيا وإلا بطلت كما في الإمداد
قوله ( ولو سجد المؤتم الخ ) أفاد أن الركوع في كلام المصنف غير قيد بل المراد كل ركن سبقه المأموم به كما في البحر
قوله ( عن الثانية ) الأولى حذف عن
قوله ( وتمامه في الخلاصة ) لم أر هذه المسألة فيها نعم فيها ما ذكره في النهر بقوله وذكر في الخلاصة أن المقتدي لو أتى بالركوع والسجود قبل إمامه فالمسألة على خمسة أوجه حاصلها أنه إما أن يأتي بهما قبله أو بعده أو بالركوع معه والسجود قبله أو عكسه أو يأتي بهما قبله ويدرك في كل الركعة
____________________
(2/61)
ففي الأول يقضي ركعة وفي الثالث ركعتين وفي الرابع أربعا بلا قراءة في الكل ولا شيء عليه في الثاني والخامس وفيها أيضا المقتدي إذا رفع رأسه من السجدة قبل إمامه فلما أطال الإمام ظن أنه سجد ثانية فسجد معه إن نوى بها الأولى أو لم تكن له نية كانت عن السجدة الأولى وكذا إن نوى الثانية والمتابعة ترجيحا للمتابعة وتلغو نية غيرها للمخالفة وإن نوى الثانية لا غير كانت عن الثانية ا هـ
وذكر المحشي توجيه الأولى وقدمناه موضحا في أواخر الإمامة والله أعلم
باب قضاء الفوائت أي في بيان أحكام قضاء الفوائت والأحكام تعم كيفية القضاء وغيرها ط
قوله ( لم يقل المتروكات الخ ) لأن في التعبير بالفوائت إسناد الفوت إليها وفيه إشارة إلى أنه لا صنع للمكلف فيه بل هو ملجأ لعذر مبيح بخلاف المتروكات لأن فيه إسناد الترك للمكلف ولا يليق به
رحمتي
وتقدم أول كتاب الصلاة الكلام في حكم جاحدها وتاركها وإسلام فاعلها
قوله ( إذا التأخير ) علة للعلة ط
قوله ( لا تزول بالقضاء ) وإنما يزول إثم الترك فلا يعاقب عليها إذا قضاها وإثم التأخير باق بحر
قوله ( بل بالتوبة ) أي بعد القضاء أما بدونه فالتأخير باق فلم تصح التوبة منه لأن من شروطها الإقلاع عن المعصية كما لا يخفى فافهم
قوله ( أو الحج ) بناء على أن المبرور منه يكفر الكبائر وسيأتي تمامه في الحج إن شاء الله تعالى ط
قوله ( ومن العذر ) أي لجواز تأخير الوقتية وأما قضاء فوائت فيجوز تأخيره للسعي على العيال كمار سيذكره المصنف
قوله ( العدو ) كما إذا خاف المسافر من اللصوص أو قطاع الطريق جاز له أن يؤخر الوقتية لأنه بعذر
بحر عن الولوالجية
قلت هذا حيث لم يمكنه فعلها أصلا أما لو كان راكبا فيصلي على الدابة ولو هاربا وكذا لو كان يمكنه صلاتها قاعدا أو إلى غير القبلة وكان بحيث لو قام أو استقبل يراه العدو يصلي بما قدر كما صرحوا به
قوله ( وخوف القابلة الخ ) وكذا خوف أمه إذا خرج رأسه وما ذكروه من أنها لا يجوز لها تأخير الصلاة وتضع تحتها طستا وتصلي فذاك عند عدم الخوف عليه كما لا يخفى
قوله ( يوم الخندق ) وذلك أن المشركين شغلوا رسول الله عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله تعالى فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء ح عن فتح القدير
مطلب في أن الأمر يكون بمعنى اللفظ وبمعنى الصفة وفي تعريف الأداء والقضاء قوله ( ثم الأداء فعل الواجب الخ ) اعلم أنهم صرحوا بأن الأداء والقضاء من أقسام المأمور به والأمر قد يراد به لفظه أعني ما تركب من مادة أ م ر وقد يراد به الصيغة كأقيموا الصلاة
وهي عند الجمهور حقيقة في الطلب الجازم مجاز في غيره
وأما لفظ الأمر فقد اختلفوا فيه أيضا
والتحقيق وهو مذهب الجمهور أنه حقيقة في الطلب الجازم أو الراجح الأوزاعي قال الأوزاعي قال الأوزاعي قال الأوزاعي قال فإط فالمندوب
____________________
(2/62)
مأمور به حقيقة وإن كان استعمال الصيغة فيه مجازا وبهذا الاعتبار يكون المندوب أداء وقضاء لكن لما كان القضاء خاصا بما كان مضمونا والنفل لا يضمن بالترك اختص القضاء بالواجب ومنه ما شرع فيه من النفل فأفسده فإنه صار بالشروع واجبا فيقضى وبهذا ظهر أن الأداء يشمل الواجب والمندوب والقضاء يختص بالواجب ولهذا عرفهما صدر الشريعة بأن الأداء تسليم عين الثابت بالأمر والقضاء تسليم مثل الواجب به والمراد بالثابت بالأمر ما علم ثبوته بالأمر فيشمل النفل لا ما ثبت وجوبه به ولم يقيد بالوقت ليعم أداء غير الوقت كأداء الزكاة والأمانات والمنذورات وتمام تحقيق ذلك في التلويح
وبهذا التقرير ظهر أن تعريف الشارح للأداء تبعا للبحر خلاف التحقيق
قوله ( في وقته ) أي سواء كان ذلك الوقت العمر أو غيره
بحر
ولما كان قوله فعل الواجب يقتضي أن لا يكون أداء إلا إذا وقع كل الواجب في الوقت مع أن وقوع التحريمة فيه كاف أتبعه بقوله وبالتحريمة فقط بالوقت يكون أداء فقوله بالتحريمة متعلق بيكون والباء للسببية والباء في قوله بالوقت بمعنى في ولو قال ثم الأداء ابتداء فعل الوجب في وقته كما في البحر لاستغنى عن هذه الجملة ا هـ ح
وما ذكره من أنه بالتحريمة يكون أداء عندنا هو ما جزم به في التحرير وذكر شارحه أنه المشهور عند الحنفية ثم نقل عن المحيط أن ما في الوقت أداء والباقي قضاء وذكر ط عن الشارح في شرحه على الملتقى ثلاثة أقوال فراجعه
مطلب في تعريف الإعادة قوله ( والإعادة فعل مثله ) أي مثل الواجب ويدخل فيه النفل بعد الشروع به كما مر
قوله ( في وقته ) الأولى إسقاطه لأنه خارج الوقت يكون إعادة أيضا بدليل قوله وأما بعده فندبا أي فتعاد ندبا وقوله غير الفساد زاد في البحر وعدم صحة الشروع يعني وغير عدم صحة الشروع وتركه الشارح لأنه أراد بالفساد ما هو الأعم من أن تكون منعقدة ثم تفسد أو لم تنعقد أصلا ومنه قول الكنز وفسد اقتداء رجل بامرأة ح
ثم اعلم أن ما ذكره هنا في تعريف الإعادة هو ما مشى عليه في التحرير وذكر شارحه أن التقييد بالوقت قول البعض وإلا ففي الميزان الإعادة في عرف الشرع إتيان بمثل الفعل الأول على صفة الكمال بأن وجب على المكلف فعل موصوف بصفة الكمال فأداه على وجه النقصان وهو نقصان فاحش يجب عليه الإعادة وهو إتيان مثل الأول ذاتا مع صفة الكمال ا هـ
فإنه يفيد أن ما يفعل خارج الوقت يكون إرادة أيضا كما قال صاحب الكشف وأن الإعادة لا تخرج عن أحد قسمي الأداء والقضاء ا هـ
أقول لكن صريح كلام الشيخ أكمل الدين في شرحه على أصول فخر الإسلام البزدوي عدم تقييدها بالوقت وبكون الخلل غير الفساد وبأنها قد تكون خارجة عن القسمين لأنه عرفها بأنها فعل ما فعل أولا مع ضرب من الخلل ثانيا ثم قال إن كانت واجبة بأن وقع الأول فاسدا فهي داخلة في الأداء أو القضاء وإن لم تكن واجبة بأن وقع الأول ناقصا لا فاسدا فلا تدخل في هذا التقسيم لأنه تقسيم الواجب وهي ليست بواجبة
____________________
(2/63)
وبالأول يخرج عن العهدة وإن كان على وجه الكراهة على الأصح فالفعل الثاني بمنزلة الجبر كالجبر بسجود السهو ا هـ
قوله ( لقولهم الخ ) هذا التعليل عليل إذ قولهم ذلك لا يفيد أن ما كان فاسدا لا يعاد ولا أن الإعادة مختصة بالوقت بل صرح بعده بأنها بعد الوقت إعادة أيضا
على أن ظاهر قولهم تعاد وجوب الإعادة في الوقت وبعده فالمناسب ما فعله في البحر حيث جعل قولهم ذلك نقضا للتعريف حيث قيد في التعريف بالوقت مع أن قولهم بوجوب الإعادة مطلق
قلت ويؤيده ما قدمناه عن شرح التحرير وعن شرح أصول البزدوي من التصريح بوقوعها بعد الوقت
قوله ( أي وجوبا في الوقت الخ ) لم أر من صرح بهذا التفصيل سوى صاحب البحر
حيث استنبطه من كلام القنية حيث ذكر في القنية عن الوبري أنه إذا لم يتم ركوعه ولا سجوده يؤمر بالإعادة في الوقت لا بعده ثم ذكر عن الترجماني أن الإعادة أولى في الحالين ا هـ
قال في البحر فعلى القولين لا وجوب بعد الوقت
فالحاصل أن من ترك واجبا من واجباتها أو ارتكب مكروها تحريميا لزمه وجوبا أن يعيد في الوقت فإن خرج أثم ولا يجب جبر النقصان بعده فلو فعل فهو أفضل ا هـ
أقول ما في القنية مبني على الاختلاف في أن الإعادة واجبة أو لا وقدمنا عن شرح أصول البزدوي التصريح بأنها إذا كانت لخلل غير الفساد لا تكون واجبة
وعن الميزان التصريح بوجوبها
وقال في المعراج وفي جامع التمرتاشي لو صلى في ثوب فيه صورة يكره وتجب الإعادة
قال أبو اليسر هذا هو الحكم في كل صلاة أديت مع الكراهة
وفي المبسوط ما يدل على الأولوية والاستحباب فإنه ذكر أن القومة غير ركن عندهما فتركها لا يفسد والأولى الإعادة ا هـ
وقال في شرح التحرير وهل تكون الإعادة واجبة فصرح غير واحد من شراح أصول فخر الإسلام بأنها ليست بواجبة وأنه بالأول يخرج عن العهدة وإن كان على وجه الكراهة على الأصح وأن الثاني بمنزلة الجبر
والأوجه الوجوب كما أشار إليه في الهداية وصرح به النسفي في شرح المنار وهو موافق لما عن السرخسي وأبي اليسر من ترك الاعتدال تلزمه الإعادة
زاد أبو اليسر ويكون الفرض هو الثاني
وقال شيخنا المصنف يعني ابن الهمام لا إشكال في وجوب الإعادة إذ هو الحكم في كل صلاة أديت مع كراهة التحريم ويكون جابرا للأول لأن الفرض لا يتكرر وجعله الثاني يقتضي عدم سقوطه بالأول وفيه أنه لازم ترك الركن لا الواجب إلا أن يقال المراد أن ذلك امتنان من الله تعالى إذ يحتسب الكامل وإن تأخر عن الفرض لما علم سبحانه أن سيوقعه انتهى
ومن هذا يظهر أنا إذا قلنا الفرض هو الأول فالإعادة قسم آخر غير الأداء والقضاء وإن قلنا الثاني فهي أحدهما ا هـ
أقول فتلخص من هذا كله أن الأرجح وجوب الإعادة وقد علمت أنها عند البعض خاصة بالوقت وهو ما مشى عليه في التحرير وعليه فوجوبها في الوقت ولا تسمى بعده إعادة وعليه يحمل ما مر عن القنية عن الوبري وأما على القول بأنها تكون في الوقت وبعده كما قدمناه عن شرح التحرير وشرح البزدوي فإنها تكون واجبة في الوقت وبعده أيضا على القول بوجوبها
وأما على القول باستحبابها الذي هو المرجوح تكون مستحبة فيهما وعليه يحمل ما مر عن القنية عن الترجماني وأما كونها واجبة في الوقت مندوبة بعده كما فهمه في البحر وتبعه الشارح فلا دليل عليه وقد نقل الخير الرملي في حاشية البحر عن خط العلامة المقدسي أن ما ذكره في البحر يجب أن لا يعتمد عليه لإطلاق قولهم كل صلاة أديت مع الكراهة سبيلها الإعادة ا هـ
قلت أي لأنه يشمل وجوبها في الوقت وبعده أي بناء على أن الإعادة لا تختص بالوقت
وظاهر ما قدمناه
____________________
(2/64)
عن شرح التحرير ترجيحه وقد علمت أيضا ترجيح القول بالوجوب فيكون المرجح وجوب الإعادة في الوقت وبعده ويشير إليه ما قدمناه عن الميزان من قوله يجب عليه الإعادة وهو إتيان مثل الأول ذاتا مع صفة الكمال أي كمال ما نقصه منها وذلك يعم وجوب الإتيان بها كاملة في الوقت وبعده كما مر
ثم هذا حيث كان النقصان بكراهة تحريم لما في مكروهات الصلاة من فتح القدير أن الحق التفصيل بين كون تلك الكراهة كراهة تحريم فتجب الإعادة أو تنزيه فتستحب ا هـ أي تستحب في الوقت وبعده أيضا
تنبيه يؤخذ من لفظ الإعادة ومن تعريفها بما مر أنه ينوي بالثانية الفرض لأن ما فعل أولا هو الفرض فإعادته فعله ثانيا أما على القول بأن الفرض يسقط بالثانية فظاهر وأما على القول الآخر فلأن المقصود من تكريرها ثانيا جبر نقصان الأولى فالأولى فرض ناقص والثانية فرض كامل مثل الأولى ذاتا مع زيادة وصف الكمال ولو كانت الثانية نفلا لزم أن تجب القراءة في ركعاتها الأربع وأن لا تشرع الجماعة فيها ولم يذكروه ولا يلزم من كونها فرضا عدم سقوط الفرض بالأولى لأن المراد أنها تكون فرضا بعد الوقوع أما قبله فالفرض هو الأولى
وحاصله توقف الحكم بفرضية الأولى على عدم الإعادة وله نظائر كسلام من عليه سجود السهو يخرجه خروجا موقوفا وكفساد الوقتية مع تذكر الفائتة كما سيأتي وكتوقف الحكم بفرضية المغرب في طريق المزدلفة على عدم إعادتها قبل الفجر وبهذا ظهر التوفيق بين القولين وأن الخلاف بينهما لفظي لأن القائل أيضا بأن الفرض هو الثانية أراد به بعد الوقوع وإلا لزم الحكم ببطلان الأولى بترك ما ليس بركن ولا شرط كما مر عن الفتح ولزم أيضا أنه يلزمه الترتيب في الثانية لو تذكر فائتة والغالب على الظن أنه لا يقول بذلك أحد
ونظير ذلك القراءة في الصلاة فإن الفرض منها آية والثلاث واجبة والزائد سنة وما ذاك إلا بالنظر إلى ما قبل الوقوع بدليل أنه لو قرأ القرآن كله في ركعة يقع الكل فرضا وكذا لو أطال القيام أو الركوع أو السجود هذا نهاية ما تحرر لي من فتح الملك الوهاب فاغتنمه فإنه من مفردات هذا الكتاب والله تعالى أعلم بالصواب
قوله ( والقضاء فعل الواجب الخ ) وقيل فعل مثله بناء على المرجوح من أنه يجب بسبب جديد لا بما يجب به الأداء وتمامه في البحر وكتب الأصول
قوله ( وإطلاقه الخ ) أي كما في قول المصنف الآتي وقضاء الفرض والواجب والسنة الخ وقول الكنز وقضى التي قبل الظهر في وقته قبل شفعه وكذا إطلاق الفقهاء القضاء على الحج بعد فساده مجازا إذ ليس له وقت يصير بخروجه قضاء كما في البحر وقدمنا وجه كون النفل لا يسمى قضاء وإن قلنا إنه مأمور به حقيقة كما هو قول الجمهور وأنه يسمى أداء حقيقة كما إذا أتى بالأربع قبل الظهر أما إذا أتى بها بعده فهي قضاء إذ لا شك أنه ليس وقتها وإن كان وقت الظهر فافهم
قوله ( أداء وقضاء ) الواو بمعنى أو مانعة الخلو فيشمل ثلاث صور ما إذا كان الكل قضاء أو البعض قضاء والبعض أداء أو الكل أداء كالعشاء مع الوتر ط ودخل فيه الجمعة فإن الترتيب بينها وين سائر الصلوات لازم فلو تذكر أنه لم يصل الفجر يصليها ولو كان الإمام يخطب
إسماعيل عن شرح الطحاوي
قوله ) يفوت الجواز بفوته
المراد بالجواز الصحة لا الحل وأفاد أن
____________________
(2/65)
المراد بلازم الفرض العملي الذي هو أقوى قسمي الواجب وهو مراد من سماه فرضا كصدر الشريعة وشرطا كالمحيط وواجبا كالمعراج كما أوضحه في البحر
قوله ( للخبر المشهور من نام عن صلاة ) تمام الحديث أو نسيها فلم يذكرها إلا وهو يصلي مع الإمام فليصل التي هو فيها ثم ليقض التي تذكرها ثم ليعد التي صلى مع الإمام ح عن الدرر
وذكره في الفتح باختلاف في بعض ألفاظه مع بيان من خرجه والاختلاف في توثيق بعض رواته وفي رفعه ووقفه وذكر أن دعوى كونه مشهورا مردودة للخلاف في رفعه فضلا عن شهرته وأطال في ذلك والذي حط عليه كلامه الميل من حيث الدليل إلى قول الشافعي باستحباب الترتيب ورد عليه في شرح المنية والبرهان بما لخصه نوح أفندي فراجعه إن شئت
قوله ( وقضاء الفرض الخ ) لو قدم ذلك أول الباب أو آخره عن التفريع الآتي لكان أنسب
وأيضا قوله والسنة يوهم العموم كالفرض والواجب وليس كذلك فلو قال وما يقضى من السنة لرفع هذا الوهم
رملي
قلت وأورد عليه الوتر فإنه عندهم سنة وقضاؤه واجب في ظاهر الرواية لكن يجاب بأن كلامه مبني على قول الإمام صاحب المذهب
قوله ( والواجب ) كالمنذورة والمحلوف عليها وقضاء النفل الذي أفسده ط
قوله ( وقت للقضاء ) أي لصحته فيها وإن كان القضاء على الفور إلا لعذر ط وسيأتي
قوله ( إلا الثلاثة المنهية ) وهي الطلوع والاستواء والغروب ح وهي محل للنفل الذي شرع به فيها ثم أفسده ط
قوله ( كما مر ) أي في أوقات الصلاة
قوله ( فلم يجز ) أي بل يفسد فسادا موقوفا كما يأتي
قوله ( من تذكر ) أي في الصلاة أو قبلها
قوله ( لوجوبه ) أي الوتر عنده أي عند الإمام بمعنى أنه فرض عملي عنده
قوله ( إذا ضاق الوقت ) أي عند الفوائت والوقتية أما الفوائت بعضها مع بعض فليس لها وقت مخصوص حتى يقال يسقط ترتيبها بضيقه ط
ولو لم يمكنه أداء الوقتية إلا مع التخفيف في قصر القراءة والأفعال يرتب ويقتصر على ما تجوز به الصلاة
بحر عن المجتبى
وفي الفتح ويعتبر الضيق عند الشروع حتى لو شرع في الوقتية مع تذكر الفائتة وأطال حتى ضاق لا يجوز إلا أن يقطعها ثم يشرع فيها ولو شرع ناسيا والمسألة بحالها فتذكر عند ضيقه جازت ا هـ
قوله ( المستحب ) أي الذي لا كراهة فيه
قهستاني
وقيل أصل الوقت ونسبه الطحاوي إلى الشيخين والأول إلى محمد
والظاهر أنه احترز عن وقت تغير الشمس في العصر إذ يبعد القول بسقوط الترتيب إذا لزم تأخير ظهر الشتاء والمغرب مثلا عن أول وقتها ثم رأيت الزيلعي خص الخلاف بالعصر ولذا قال في البحر وتظهر ثمرته فيما لو تذكر الظهر وعلم أنه لو صلاه يقع قبل التغير ويقع العصر أو بعضه فيه فعلى الأول يصلي العصر ثم الظهر بعد الغروب وعلى الثاني يصلي الظهر ثم العصر
واختار الثاني قاضيخان في شرح الجامع
وفي المبسوط أن أكثر مشايخنا على أنه قول علمائنا الثلاثة وصحح في المحيط الأول ورجحه في الظهيرية بما في المنتقى من أنه إذا افتتح العصر في وقتها ثم
____________________
(2/66)
احمرت الشمس ثم تذكر الظهر مضى في العصر
قال فهذا نص على اعتبار الوقت المستحب ا هـ
قال في البحر فحينئذ انقطع اختلاف المشايخ لأن المسألة حيث لم تذكر في ظاهر الرواية وثبتت في رواية أخرى تعين المصير إليها ا هـ
أقول في هذا الترجيح نظر يوضحه ما في شرح الجامع الصغير لقاضيخان حيث قال إنما وضع المسألة في العصر لمعرفة آخر الوقت فعندنا آخره في حكم الترتيب غروب الشمس وفي حكم جواز تأخير العصر تغير الشمس وعلى القول الحسن آخر وقت العصر عند تغير الشمس فعنده لو تمكن من أداء الصلاتين قبل التغير لزمه الترتيب وإلا فلا
وعندنا إذا تمكن من أداء الظهر قبل التغير ويقع العصر أو بعضه بعد التغير يلزمه الترتيب ولو أمكنه أداء الصلايتن قبل الغروب لكن لايمكن الفراغ من الظهر قبل التغير لا يلزمه الترتيب لأن ما بعد التغير ليس وقتا لأداء شيء من الصلوات إلا عصر يومه ا هـ ملخصا
وبه علم أن ما في المنتقى لا خلاف فيه لأنه لما تذكر الظهر بعد التغير لا يمكنه صلاته فيه فلذا لم تفسد العصر وإن كان افتتحها قبل التغير ناسيا لأن العبرة لوقت التذكر ما قدمناه آنفا عن الفتح فيما لو أطال الصلاة ثم تذكر الفائتة عند ضيق الوقت وعلم أيضا أن المسألة ليست مبنية على اختلاف المشايخ بل على اختلاف الرواية فاعتبار أصل الوقت هو قول أئمتنا الثلاثة كما مر عن المبسوط وأن عليه أكثر المشايخ وهو مقتضى إطلاق المتون ولذا جزم به فقيه النفس الإمم قاضيخان بلفظ عندنا فاقتضى أنه المذهب ولذا نسب القول الآخر إلى الحسن نعم صرح في شرح المنية والزيلعي بأنه رواية عن محمد وعليه يحمل ما مر عن الطحاوي وقد مر أنه لو تذكر الفجر عند خطبة الجمعة يصليها مع أن الصلاة حينئذ مكروهة بل في التاترخانية أنه يصليها عندهما وإن خاف فوت الجمعة مع الإمام ثم يصلي الظهر
وقال محمد يصلي الجمعة ثم يقضي الفجر فلم يجعلا فوت الجمعة عذرا في ترك الترتيب ومحمد جعله عذرا فكذلك هنا ا هـ
وقد ذكر في التاترخانية عبارة المحيط وليس فيها التصحيح الذي ذكره في البحر فالذي ينبغي اعتماده ما عليه أكثر المشايخ من أن المعتبر أصل الوقت عند علمائنا الثلاثة والله أعلم
قوله ( حقيقة ) تمييز لنسبة ضاق أي ضاق في نفس لأمر لا ظنا ويأتي محترزه في قوله ظن من عليه العشاء الخ
قوله ( إذ ليس من الحكمة الخ ) تعليل لقوله فلا يلزم الترتيب إذا ضاق الوقت لكنه إنما يناسب اعتبار أصل الوقت
ويمكن أن يجاب بأن معناه تفويت الوقتية عن وقتها المستحب ح
ولا يخفى أن هذا لا يسمى تفويتا بل هو تعليل ذكره المشايخ لما هو المذهب كما قررناه
قوله ( ولو لم يسع الوقت كل الفوائت ) صورته عليه العشاء والوتر مثلا ثم لم يصل الفجر حتى بقي من الوقت ما يسع الوتر مثلا وفرض الصبح فقط ولم يسع الصلوات الثلاث فظاهر كلامهم ترجيح أنه لا يجوز صلاة الصبح ما لم يصل الوتر
وصرح في المجتبى بأن الأصح جواز الوقتية ح عن البحر لكن قال الرحمتي الذي رأيته في المجتبى الأصح أنه لا تجوز الوقتية ا هـ
قلت راجعت المجتبى فرأيت فيه مثل ما عزاه إليه في البحر وكذا قال القهستاني جازت الوقتية على الصحيح قوله ( يكررها إلى الطلوع ) يعني يعيدها ثانيا وثالثا وهكذا إذا كان في كل مرة ظن أن الوقت لا يسعهما ثم ظهر فيه سعة إلى أن يظهر بعد إعادة من الإعادات ضيقة حقيقة فيعيد الوقتية ثم يصلي الفائتة وإن ظهر بعد إعادته أنه يسعهما صلى الفائتة ثم الوقتية كما في الفتح
قوله ( أو نسيت الفائتة ) معطوف على قوله ضاق الوقت وفيه أن فرض
____________________
(2/67)
الكلام فيمن تذكر أنه لم يوتر فكان ينبغي للمصنف حذف التذكر
وحاصله أنه يسقط الترتيب إذا نسي الفائتة وصلى ما هو مرتب عليها من وقتية أو فائتة أخرى وكذا يسقط بنسيان إحدى الوقتيتين كما لو صلى الوتر ناسيا أنه لم يصل العشاء ثم صلاها لا يعيد الوتر لقولهم إنه لو صلى العشاء بلا وضوء والوتر والسنة به يعيد العشاء والسنة لا الوتر لأنه أداه ناسيا أن العشاء في ذمته فسقط الترتيب
أفاده ح
قلت ونظيره أيضا ما في البحر عن المحيط لو صلى العصر ثم تبين له أنه صلى الظهر بلا وضوء يعيد الظهر فقط لأنه بمنزلة الناسي
قوله ( لأنه عذر ) أي لأن النسيان عذر سماوي مسقط للتكليف لأنه ليس في وسعه
بحر
قوله ( أو فاتت ست ) يعني لا يلزم الترتيب بين الفائتة والوقتية ولا بين الفوائت إذا كانت ستا كذا في النهر
أما بين الوقتين كالوتر والعشاء فلا يسقط الترتيب بهذا المسقط كما لا يخفى ح
وأطلق الست فشمل ما إذا فاتت حقيقة أو حكما كما في القهستاني والإمداد
ومثال الحكمية ما إذا ترك فرضا وصلى بعده خمس صلوات ذاكرا له فإن الخمس تفسد فسادا موقوفا كما سيأتي فالمتروكة فائتة حقيقة وحكما والخمسة الموقوفة فائتة حكما فقط
وذكر في الفتح والبحر أنه لو ترك ثلاث صلوات مثلا الظهر من يوم والعصر من يوم والمغرب من يوم لا يدري أيتها أولى
قيل يجب الترتيب بين المتروكات ويصليها سبعا بأن يصلي الظهر ثم العصر ثم الظهر لاحتمال أن يكون ما صلاه أولا وهو الآخر فيعيده ثم يصلي المغرب ثم الظهر ثم العصر ثم الظهر لاحتمال كون المغرب أولا فيعيد ما صلاه أولا
وقيل يسقط الترتيب بينهما فيصلي ثلاثا فقط وهو المعتمد لأن إيجاب الترتيب فيها يلزم منه أن تصير الفوائت كسبع معنى مع أنه يسقط بست فبالسبع أولى ا هـ ملخصا وتمامه هناك
وللشرنبلالي في هذه المسألة رسالة
قوله ( اعتقادية ) خرج الفرض العملي وهو الوتر فإن الترتيب بينه وبين غيره وإن كان فرضا لكنه لا يحسب مع الفوائت ا هـ ح أي لأنه لا تحصل به الكثرة المفضية للسقوط لأنه من تمام وظيفة اليوم والليلة والكثرة لا تحصل إلا بالزيادة عليها من حيث الأوقات أو من حيث الساعات ولا مدخل للوتر في ذلك
إمداد
قوله ( لدخولها في حد التكرار الخ ) لأنه يكون واحد من الفروض مكررا فيصلح أن يكون سببا للتخفيف بسقوط الترتيب الواجب بينها أنفسها وبينها وبين أغيارها درر
إذ لو وجب الترتيب حينئذ لأفضى إلى الحرج
قوله ( بخروج ) متعلق بفائت
قوله ( على الأصح ) احترز به عما صححه الزيلعي من أن المعتبر كون المتخلل بعد الفائتة ستة أوقات لا ست صلوات فلو فاتته صلاة وتذكرها بعد شهر فصلى بعدها وقتية ذاكرا للفائتة أجزأته على اعتبار الأوقات لأن المتخلل بينهما أكثر من ست أوقات فسقط الترتيب أي مع صحة الصلوات التي بينهما لسقوط الترتيب فيها بالنسيان وعلى اعتبار الصلوات لا تجزيه لأن الفائتة واحدة ولا يسقط الترتيب إلا بفوت ست صلوات
وصرح في المحيط بأنه ظاهر الرواية وصححه في الكافي وهو الموافق لما في المتون وبه اندفع ما صححه الزيلعي وغيره وتمامه في البحر واحترز به أيضا عما روي عن محمد من اعتبار دخول وقت السادسة وعما في المعراج من اعتبار دخول وقت السابعة كما أوضحه في البحر
قوله ( ولو متفرقة ) أي يسقط الترتيب بصيرورة الفوائت ستا ولو كانت متفرقة
____________________
(2/68)
كما لو ترك صلاة صبح مثلا من ستة أيام وصلى ما بينها ناسيا للفوائت
قوله ( أو قديمة على المعتمد الخ ) كما لو ترك صلاة شهر نسقا ثم أقبل على الصلاة ثم ترك فائتة حادثة فإن الوقتية جائزة مع تذكر الفائتة الحادثة لانضمامها إلى الفوائت القديمة وهي كثيرة فلم يجب الترتيب
وقال بعضهم إن المسقط الفوائت الحديثة لا القديمة ويجعل الماضي كأن لم يكن زجرا له عن التهاون بالصلوات فلا تجوز الوقتية مع تذكرها وصححه الصدر الشهيد وفي التجنيس وعليه الفتوى
وذكر في المجتبى أن الأول أصح
وفي الكافي والمعراج وعليه الفتوى فقد اختلف التصحيح والفتوى كما رأيت والعمل بما وافق إطلاق المتون أولى
بحر
قوله ( أو ظن ظنا معتبرا الخ ) هذا مسقط رابع ذكره الزيلعي وجزم به في الدرر وجعله في البحر ملحقا بالنسيان وقال إنه ليس مسقطا رابعا كما يتوهم ثم قال وذكر شارحو الهداية أن فساد الصلاة إن كان قويا كعدم الطهارة استتبع الصلاة التي بعده وإن كان ضعيفا كعدم الترتيب فلا وفرعوا عليه فرعين
أحدهما لو صلى الظهر بلا طهارة ثم صلى العصر ذاكرا لها أعاد العصر لأن فساد الظهر قوي فأوجب فساد العصر وإن ظن عدم وجوب الترتيب
ثانيهما لو صلى هذه الظهر بعد هذه العصر ولم يعد العصر حتى صلى المغرب ذاكرا لها فالمغرب صحيحة إذا ظن عدم وجوب الترتيب لأن فساد العصر ضعيف لقول بعض الأئمة بعدمه فلا يستتبع فساد المغرب
وذكر له الإسبيجابي أصلا وهو أنه يلزمه إعادة ما صلاه ذاكرا للفائتة إن كانت الفائتة تجب إعادتها بالإجماع وإلا فلا إن كان يرى أن ذلك يجزيه ا هـ
قال في الفتح ويؤخذ من هذا أن مجرد كون المحل مجتهدا فيه لا يستلزم اعتبار الظن فيه من الجاهل بل إن كان المجتهد فيه ابتداء لا يعتبر الظن وإن كان مما يبتنى على المجتهد فهي ويستتبعه اعتبر ذلك الظن لزيادة الضعف ففساد العصر هو المجتهد فيه ابتداء وفساد المغرب بسبب ذلك فاعتبر ا هـ أي اعتبر فيه الظن من الجاهل
وفيه تصريح بأن محل اعتبار هذا الظن وعدمه في الجاهل لا العالم بوجوب الترتيب وتمامه في النهر
هذا وقد اعترض في البحر ما مر من الفرعين بأن المصلي لا يخلو إما أن يكون حنفيا فلا عبرة برأيه المخالف لمذهب إمامه فيلزمه المغرب أيضا أو شافعيا فلا يلزمه العصر أيضا أو عاميا فلا مذهب له بل مذهبه مفتيه فإن استفتى حنفيا أعادهما أو شافعيا لا يعيدهما وإن لم يستفت أحدا وصادف الصحة على مذهب مجتهد لا إعادة عليه ا هـ
ولا يخفى أنه بحث في المنقول فإن ما مر عن شروح الهداية من حكم الفرعين مذكور أيضا في شرح الجامع الصغير للإمام قاضيخان
وذكر في الذخيرة أنه مروي عن محمد وعزاه في التاترخانية إلى الأصل وقد تبع الشرنبلالي صاحب البحر لكن قال إن موضوع المسألة في عامي لم يقلد مجتهدا ولم يستفت فقيها فصلاته صحيحة لمصادفتها مجتدها فيه أما لو كان حنفيا فلا عبرة بظنه المخالف لمذهب إمامه الخ
وفيه نظر إذ لا فرق حينئذ بين العصر والمغرب لمصادفة كل منهما الصحة على مذهب الشافعي بل هو محمول على عامي استفتى حنفيا أو التزم التعبد على مذهب أبي حنيفة معتقدا صحته وقد جهل هذا الحكم ثم علم ذلك
ولذا قال في النهر ما معناه إن قول البحر لا عبرة برأيه المخالف الخ ممنوع لأن إمامه قد اعتبر رأيه وأسقط عنه الترتيب بظنه عدم وجوبه فإذا كان جاهلا ذلك ثم علم لا يلزمه إعادة المغرب ولو استفتى حنفيا فأفتاه بالإعادة لم تصح فتواه ا هـ
قوله ( جاز العصر ) أي إن كان يظن أنه يجزيه كما مر وأطلقه لعلمه من التعليل بعده
قوله ( لأنه ) أي جواز العصر مجتهد فيه
____________________
(2/69)
أي يبتنى على المجتهد فيه ابتداء وهو جواز الظهر عند الشافعي كما مر تقريره عن الفتح
قوله ( وفي المجتبى الخ ) ليس هذا مسقطا خامسا لما علمت من أن الظن السابق إنما يعتبر من الجاهل بل إنما نقل كلام المجتبى ليشير إلى ما قدمناه عن البحر من أن الظن المعتبر ليس مسقطا رابعا لأنه ملحق بالنسيان وإنما المسقطات هي الثلاث التي اقتصر عليها أصحاب المتون فافهم
قوله ( وعليه يخرج ما في القنية ) إنما حكم على الصبي بذلك لأن الغالب عليه الجهل كما في النهر ح
قلت لكن في هذا التخريج خفاء فإن الفجر فائتة بالإجماع فكيف لم يلزمه الترتيب اعتبارا لجهله مع أنها نظير المسألة الأولى السابقة تحت قوله أو ظن ظنا معتبرا والظاهر أنه مبني على القول باعتبار ظن الجاهل مطلقا كما يأتي بيانه قريبا
قوله ( بكثرتها ) متعلق بسقوطه وقوله بعود الفوائت متعلق بقوله ولا يعود وقوله بالقضاء متعلق بقوله بعود الفوائت إلى القلة ط
قوله ( بسبب القضاء لبعضها ) كما إذا ترك رجل صلاة شهر مثلا ثم قضاها إلا صلاة ثم صلى الوقتية ذاكرا لها فإنها صحيحة ا هـ بحر
وقيد بقضاء البعض لأنه لو قضى الكل عاد الترتيب عند الكل كما نقله القهستاني
قوله ( على المعتمد ) هو أصح الروايتين وصححه أيضا في الكافي والمحيط وفي المعراج وغيره
وعليه الفتوى
وقيل يعود الترتيب واختاره في الهداية
ورده في الكافي والتبيين وأطال فيه في البحر
قوله ( لأن الساقط لا يعود ) وأما إذا قضى الكل فالظاهر أنه يلزمه ترتيب جديد فلا يقال إنه عاد
تأمل
قوله ( مجتبى ) عبارته كما في البحر ولو سقط الترتيب لضيق الوقت ثم خرج الوقت لا يعود على الأصح حتى لو خرج في خلال الوقتية لا تفسد على الأصح وهو مؤد على الأصح لا قاض وكذا لو سقط مع النسيان ثم تذكر لا يعود ا هـ باختصار
قوله ( عن الدراية ) اقتصار على بعض اسم الكتاب للاختصار فإن اسمه معراج الدراية وهو شرح الهداية للكاكي وكثيرا ما يطلقون عليه لفظ المعراج
قوله ( فليحرر ) التحرير أن الخلاف لفظي في ضيق الوقت فإن ما في المجتبى مصرح بأن عدم العود فيما إذا خرج الوقت
وما في الدراية مصرح بأن العود فيما إذا اتسع الوقت أي ظهر أن فيه سعة فلا منافاة بينهما وكذا في التذكر بعد النسيان فإن ما في المجتبى محمول على ما إذا تذكر بعد الفراغ من الصلاة بدليل أنهم اتفقوا في المسائل الاثني عشرية على أنه لو تذكر فائتة وهو يصلي فإن كان قبل القعود قدر التشهد بطلت اتفاقا وإن كان بعده قبل السلام بطلت عنده لا عندهما
وما في الدراية محمول على ما إذا تذكر قبل الفراغ منها كذا أفاده ح
ثم قال وفي التحقيق ضيق الوقت ليس بمسقط حقيقة وإنما قدمت الوقتية عند العجز عن الجمع بينهما لقوتها مع بقاء الترتيب كما صرح به في البحر عن التبيين
وينبغي أن يقال مثل ذلك في النسيان فعلى هذا لو سقط الترتيب بين فائتة ووقتية لضيق وقت أو نسيان يبقى فيما بعد تلك الوقتية
قوله ( أصل الصلاة ) تبع فيه النهر
والصواب وصف الصلاة
قال في البحر وقيد بفساد الفريضة فإنه لا يبطل الصلاة
____________________
(2/70)
عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى
وعند محمد رحمه الله تعالى يبطل لأن التحريمة عقدت للفرض فإذا بطلت الفرضية بطلت التحريمة أصلا
ولهما أنها عقدت لأصل الصلاة بوصف الفرضية فلم يكن من ضرورة بطلان الوصف بطلان الأصل كذا في النهاية
وفائدته تظهر في انتقاض الطهارة بالقهقهة كذا في العناية ا هـ ح
قوله ( عند أبي حنيفة ) وأما عندهما فالفساد بات
قوله ( سواء ظن وجوب الترتيب أو لا ) خلافا لما في شرح المجمع عن المحيط من أنه لا يعيد ما صلاه إذا كان عند المصلي أن الترتيب ليس بواجب وإلا أعاد الكل فقد نص في البحر على ضعفه
وذكر في الفتح أن تعليل قول الإمام يقطع بالإطلاق وأقره في النهر
لا يقال هذا مخالف لما تقدم من أن الترتيب يسقط بالظن المعتبر
وأما الجاهل يلحق بالناسي
لأنا نقول إن ما هنا مصور فيما إذا ترك صلاة ثم صلى بعدها خمسا ذاكرا للمتروكة فظنه عدم وجوب الترتيب هنا غير معتبر لأنه إنما يعتبر إذا كان الفساد ضعيفا كما مر عن شراح الهداية وفتح القدير فافهم
قوله ( فإن كثرت ) أي الصلاة التي صلاها تاركا فيها الترتيب بأن صلاها قبل قضاء الفائتة ذاكرا لها وهذا التفريع لبيان قوله موقوف
وتوضيحه أنه إذا فاتته صلاة ولو وترا فكلما صلى بعدها وقتية وهو ذاكر لتلك الفائتة فسدت تلك الوقتية فسادا موقوفا على قضاء تلك الفائتة فإن قضاها قبل أن يصلي بعدها خمس صلوات صار الفساد باتا وانقلبت الصلوات التي صلاها قبل قضاء المقضية نفلا وإن لم يقضها حتى خرج وقت الخامسة وصارت الفواسد مع الفائتة ستا انقلبت صحيحة لأنه ظهرت كثرتها ودخلت في حد التكرار المسقط للترتيب وبيان وجه ذلك في البحر وغيره
قال ط وقيدوا أداء الخمسة بتذكر الفائتة فلو لم يتذكرها سقط للنسيان ولو تذكر في البعض ونسي في البعض يعتبر المذكور فيه فإن بلغ خمسا صحت ولا نظر لما نسي فيه لما قلنا
قوله ( وصارت الفوائت ) أي الحكمية
وفي نسخة الفواسد أي الموقوفة
قوله ( بخروج وقت الخامسة الخ ) اعلم أن المذكور في عامة الكتب كالمبسوط والهداية والكافي والتبيين وغيرها أن صحة الكل موقوفة على أداء ست صلوات بعد المتروكة
وادعى في البحر أنه خطأ
وحقق في فتح القدير أن الصحة موقوفة على دخول وقت السادسة لا على أدائها
واعترضه في النهر بأن دخول وقت السادسة بعد المتروكة غير شرط بل المعتبر خروج وقت الخامسة لأنه بذلك تصير الفوائت ستا كما صرح به في معراج الدراية مع بيان أن ما ذكر في عامة الكتب من أداء السادسة إنما هو لتصير الفوائت ستا بيقين لا لكونه شرطا البتة وذكر نحو ذلك العلامة الشرنبلالي في الإمداد عن المعراج أيضا ومجمع الروايات والتاترخانية والسغناقي وقاضيخان وحاصل ذلك كله ما لخصه الشارح رحمه الله تعالى
____________________
(2/71)
هذا وفي النهر عن المعراج كان ينبغي أنه لو أدى الخامسة ثم قضى المتروكة قبل خروج وقتها أن لا تفسد المؤديات بل تصح لوقوعها غير جائزة وبها تصير الفوائت ستا
والجواب مع كونها فائتة ما بقي الوقت إذ احتمال الأداء على وجه الصحة قائم ا هـ
قوله ( بعد طلوع الشمس ) أي من غير توقف على دخول وقت السادسة وهي الظهر خلافا لما في الفتح ولا على أدائها خلافا لما يوهمه ظاهر ما في عامة الكتب
قوله ( بأن لم تصر ستا ) أي بأن قضى الفائتة قبل خروج وقت الخامسة
قوله ( وفيها يقال الخ ) هذا ذكره في المبسوط وهو مبني على ما مشى عليه كعامة الكتب من اشتراط أداء السادسة فهذه السادسة إذا أداها صحت الخمسة التي قبلها فهي صلاة تصحح خمسا والفائتة إذا قضاها قبل أداء السادسة فسدت الخامسة التي قبلها فهذه صلاة أخرى تفسد خمسا أما على اعتبار خروج وقت الخامسة كما مشى عليه الشارح فالمصحح والمفسد صلاة واحدة وهي الفائتة فإذا قضاها بعد صلاة الخامسة قبل خروج وقتها أفسدت الخمس التي قبلها وإذا خرج الوقت ولم يقض صحت الخمس أي تحقق بها صحة الخمس
وإلا فالمصحح حقيقة هو كثرة الفوائت بخروج وقت الخامسة فافهم
قوله ( وعليه صلوات فائتة الخ ) أي بأن كان يقدر على أدائها ولو بالإيماء فيلزمه الإيصاء بها وإلا فلا يلزمه وإن قلت بأن كانت دون ست صلوات لقوله عليه الصلاة والسلام فإن لم يستطع فالله أحق بقبول العذر منه وكذا حكم الصوم في رمضان إن أفطر فيه المسافر والمريض وماتا قبل الإقامة والصحة وتمامه في الإمداد
مطلب في إسقاط الصلاة عن الميت قوله ( يعطى ) بالبناء للمجهول أي يعطي عنه وليه أي من له ولاية التصرف في ماله بوصاية أو وراثة فيلزمه ذلك من الثلث إن أوصى وإلا فلا يلزم الولي ذلك لأنها عبادة فلا بد فيها من الاختيار فإذا لم يوص فات الشرط فيسقط في حق أحكام الدنيا للتعذر بخلاف حق العباد فإن الواجب فيه وصوله إلى مستحقه لا غير ولهذا لو ظفر به الغريم يأخذه بلا قضاء ولا رضا ويبرأ من عليه الحق بذلك
إمداد
ثم اعلم أنه إذا أوصى بفديه الصوم يحكم بالجواز قطعا لأنه منصوص عليه
وأما إذا لم يوص فتطوع بها الوارث فقد قال محمد في الزيادات إنه يجزيه إن شاء الله تعالى فعلق الإجزاء بالمشيئة لعدم النص وكذا علقه بالمشيئة فيما إذا أوصى بفدية الصلاة لأنهم ألحقوها بالصوم احتياطا لاحتمال كون النص فيه معلولا بالعحز فتشمل العلة الصلاة وإن لم يكن معلولا تكون الفدية برا مبتدأ يصلح ماحيا للسيئات فكان فيها شبهة كما إذا لم يوص بفدية الصوم فلذا جزم محمد بالأول ولم يجزم بالأخيرين فعلم أنه إذا لم يوص بفدية الصلاة فالشبهة أقوى
واعلم أيضا أن المذكور فيما رأيته من كتب علمائنا فروعا وأصولا إذا لم يوص بفدية الصوم يجوز أن يتبرع عنه وليه
والمتبادر من التقييد بالولي أنه لا يصح من مال الأجنبي
ونظيره ما قالوه فيما إذا أوصى بحجة الفرض فتبرع الوارث بالحج لا يجوز وإن لم يوص فتبرع الوارث إما بالحج بنفسه أو بالإحجاج عنه رجلا يجزيه
وظاهره أنه لو تبرع غير الوارث لا يجزيه نعم وقع في شرح نور الإيضاح للشرنبلالي التعبير بالوصي أو الأجنبي فتأمل وتمام ذلك في آخر رسالتنا المسماة ( شفاء العليل في بطلان الوصية بالختمات والتهاليل )
قوله ( نصف صاع من بر ) أي أو من
____________________
(2/72)
دقيقه أو سويقه أو صاع تمر أو زبيب أو شعير أو قيمته وهي أفضل عندنا لإسراعها بسد حاجة الفقير
إمداد
ثم إن نصف الصاع ربع مد دمشقي من غير تكويم بل قدر مسحه كما سنوضحه في زكاة الفطر
قوله ( وكذا حكم الوتر ) لأنه فرض عملي عنده خلافا لهما ط
ولا رواية في سجدة التلاوة أنه يجب كما في الحجة
والصحيح أنه لا يجب أو لا يجب كما في الصيرفية
إسماعيل
قوله ( وإنما يعطى من ثلث ماله ) أي فلو زادت الوصية على الثلث لا يلزم الولي إخراج الزائد إلا بإجازة الورثة
وفي القنية أوصى بثلث ماله إلى صلوات عمره وعليه دين فأجاز الغريم وصيته لا تجوز لأن الوصية متأخرة عن الدين ولم يسقط الدين بإجازته ا هـ
وفيها أوصى بصلوات عمره وعمره لا يدري فالوصية باطلة
ثم رمز إن كان الثلث لا يفي بالصلوات جاز وإن كان أكثر منها لم يجز ا هـ
والظاهر أن المراد لا يفي بغلبة الظن لأن المفروض أن عمره لا يدري وذلك كأن يفي الثلث بنحو عشر سنين مثلا وعمره نحو الثلاثين
ووجه هذا القول الثاني ظاهر لأن الثلث إذا كان لا يفي بصلوات عمره تكون الوصية بجميع الثلث يقينا ويلغو الزائد عليها بخلاف ما إذا كان يفي بها ويزيد عليه فإن الوصية تبطل لجهالة قدرها بسبب جهالة قدر الصلوات فتدبر
قوله ( ولو لم يترك مالا الخ ) أي أصلا أو كان ما أوصى به لا يفي
زاد في الإمداد أو لم يوص بشيء وأراد الولي التبرع الخ
وأشار بالتبرع إلى أن ذلك ليس بواجب على الولي
ونص عليه في تبيين المحارم فقال لا يجب على الولي فعل الدور وإن أوصى به الميت لأنها وصية بالتبرع والواجب على الميت أن يوصي بما يفي بما عليه إن لم يضق الثلث عنه فإن أوصى بأقل وأمر بالدور وترك بقية الثلث للورثة أو تبرع به لغيرهم فقد أثم بترك ما وجب عليه ا هـ
مطلب في بطلان الوصية بالختمات والتهاليل وبه ظهر حال وصايا أهل زماننا فإن الواحد منهم يكون في ذمته صلوات كثيرة وغيرها من زكاة وأضاح وأيمان ويوصي لذلك بدراهم يسيرة ويجعل معظم وصيته لقراءة الختمات والتهاليل التي نص علماؤنا على عدم صحة الوصية بها وأن القراءة لشيء من الدنيا لا تجوز وأن الآخذ والمعطي آثمان لأن ذلك يشبه الاستئجار على القراءة ونفس الاستئجار عليها لا يجوز فكذا ما أشبهه كما صرح بذلك في عدة كتب من مشاهير كتب المذهب وإنما أفتى المتأخرون بجواز الاستئجار على تعليم القرآن لا على التلاوة وعللوه بالضرورة وهي خوف ضياع القرآن ولا ضرورة في جواز الاستئجار على التلاوة كما أوضحت ذلك في شفاء العليل وسيأتي بعض ذلك في باب الإجارة الفاسدة إن شاء الله تعالى
قوله ( يستقرض وارثه نصف صاع مثلا الخ ) أي أو قيمة ذلك
والأقرب أن يحسب ما على الميت ويستقرض بقدره بأن يقدر عن كل شهر أو سنة أو يحسب مدة عمره بعد إسقاط اثنتي عشرة سنة للذكر وتسع سنين للأنثى لأنها أقل مدة بلوغهما فيجب عن كل شهر نصف غرارة قمح بالمد الدمشقي مد زماننا لأن نصف الصاع أقل من ربع مد فتبلغ كفارة ست صلوات لكل يوم وليلة نحو مد وثلث ولكل شهر أربعون مدا وذلك نصف غرارة ولكل سنة شمسية ست غرائر فيستقرض قيمتها ويدفعها للفقير ثم يستوهبها منه ويتسلمها منه لتتم الهبة ثم يدفعها لذلك الفقير أو لفقير آخر وهكذا فيسقط في كل مرة كفارة سنة وإن استقرض أكثر من ذلك يسقط بقدره وبعد ذلك يعيد الدور لكفارة الصيام ثم للأضحية ثم للأيمان لكن لا بد في كفارة الأيمان من عشرة مساكين ولا يصح أن يدفع للواحد أكثر من نصف صاع في يوم للنص على العدد فيها بخلاف فدية الصلاة فإنه يجوز إعطاء
____________________
(2/73)
فدية صلوات لواحد كما يأتي
وظاهر كلامهم أنه لو كان عليه زكاة لا تسقط عنه بدون وصية لتعليلهم لعدم وجوبها بدون وصية باشتراط النية فيها لأنها عبادة فلا بد فيها من الفعل حقيقة أو حكما بأن يوصي بإخراجها فلا يقوم الوارث مقامه في ذلك
ثم رأيت في صوم السراج التصريح بجواز تبرع الوارث بإخراجها وعليه فلا بأس بإدارة الولي للزكاة ثم ينبغي بعد تمام ذلك كله أن يتصدق على الفقراء بشيء من ذلك المال أو بما أوصى به الميت إن كان أوصى
قوله ( لم يجز ) الظاهر أنه بضم الياء من الإجزاء بمعنى أن الصلاة لا تسقط عن الميت بذلك وكذا الصوم نعم لو صام أو صلى وجعل ثواب ذلك للميت صح لأنه يصح أن يجعل ثواب عمله لغيره عندنا كما سيأتي في باب الحج عن الغير إن شاء الله تعالى
قوله ( لأنه يقبل النيابة ) لأنه عبادة مركبة من البدن والمال فإن العبادة ثلاثة أنواع مالية وبدنية ومركبة منهما فالعبادة المالية كالزكاة تصح فيها النيابة حالة العجز والقدرة
والبدنية كالصلاة والصوم لا تصح فيها النيابة مطلقا
والمركبة منهما كالحج إن كان نفلا تصح فيه النيابة مطلقا وإن كان فرضا لا تصح إلا عند العجز الدائم إلى الموت كما سيأتي بيانه في الحج عن الغير إن شاء الله تعالى
قوله ( لم يجز ) هذا ثاني قولين حكاهما في التاترخانية بدون ترجيح
وظاهر البحر اعتماده والأول منهما أنه يجوز كما يجوز في صدقة الفطر
قوله ( جاز ) أي بخلاف كفارة اليمين والظهار والإفطار
تاترخانية
قوله ( ولو فدى عن صلاته في مرضه لا يصح ) في التاترخانية عن التتمة سئل الحسن بن علي عن الفدية عن الصلاة في مرض الموت هل تجوز فقال لا
وسئل أبو يوسف عن الشيخ الفاني هل تجب عليه الفدية عن الصلاة حالة الحياة بخلاف الصوم ا هـ
أقول ووجه ذلك أن النص إنما ورد في الشيخ الفاني أنه يفطر ويفدي في حياته حتى أن المريض أو المسافر إذا أفطر يلزمه القضاء إذا أدرك أياما أخر وإلا فلا شيء عليه فإن أدرك ولم يصم يلزمه الوصية بالفدية عما قدر هذا ما قالوه ومقتضاه أن غير الشيخ ليس له أن يفدي عن صومه في حياته لعدم النص ومثله الصلاة ولعل وجهه أنه مطالب بالقضاء إذا قدر ولا فدية عليه إلا بتحقيق العجز عنه بالموت فيوصي بها بخلاف الشيخ الفاني فإنه تحقق عجزه قبل الموت عن أداء الصوم وقضائه فيفدي في حياته ولا يتحقق عجزه عن الصلاة لأنه يصلي بما قدر ولو مومئا برأسه فإن عجز عن ذلك سقطت عنه إذا كثرت ولا يلزمه قضاؤها إذا قدر كما سيأتي في باب صلاة المريض وبما قررنا ظهر أن قول الشارح بخلاف الصوم أي فإن له أن يفدي عنه في حياته خاص بالشيخ الفاني
تأمل
قوله ( ويجوز تأخير الفوائت ) أي الكثيرة المسقطة للترتيب
قوله ( لعذر السعي ) الإضافة للبيان ط
أي فيسعى ويقضي ما قدر بعد فراغه ثم وثم إلى أن تتم
قوله ( وفي الحوائج ) أعم مما قبله أي ما يحتاجه لنفسه من جلب نفع ودفع ضره
وأما النفل فقال في المضمرات الاشتغال بقضاء الفوائت أولى وأهم من النوافل إلا سنن المفروضة وصلاة الضحى وصلاة التسبيح والصلاة التي رويت فيها الأخبار ا هـ ط أي كتحية المسجد والأربع قبل العصر والست بعد المغرب
قوله ( وسجدة التلاوة ) أي في خارج الصلاة أما فيها فعلى الفور
وفي الحلية من باب سجود التلاوة عن شرح الزاهدي أداء هذه السجدة في الصلاة على الفور وكذا خارجها عند أبي يوسف
وعند محمد على التراخي وكذا الخلاف في قضاء الصلاة والصوم والكفارة والنذور المطلقة والزكاة والحج وسائر الواجبات
____________________
(2/74)
وعن أبي حنيفة روايتان وقيل قضاء الصلاة على التراخي اتفاقا والأصح عكسه ا هـ
قوله ( والنذر المطلق ) أما العين بوقت فيجب أداؤه في وقته إن كان معلقا وفي غير وقته يكون قضاء ط
قوله ( وضيق الحلواني ) قال في البحر بعد ذلك وذكر الولوالجي من الصوم أن قضاء الصوم على التراخي وقضاء الصلاة على الفور إلا لعذر ا هـ
قوله ( بالجهل ) للأحكام الشرعية كوجوب صوم وصلاة وزكاة
قوله ( أسلم ثمة ) أي هناك أي في دار الحرب
قوله ( بالعلم ) فإذا بلغه في دار الحرب رجل واحد فعليه قضاء ما تركه بعده عندهما وهو إحدى الروايتين عن الإمام
وفي رواية الحسن عنه لا يلزمه حتى يخبره رجلان عدلان مسلمان أو رجل وامرأتان
وأما العدالة ففي المبسوط أنها شرط عندهما
وروى أبو جعفر في غريب الرواية أنها غير شرط عندهما حتى إذا أخبره رجل فاسق أو صبي أو امرأة أو عبد فإن الصلاة تلزمه
تاترخانية
قوله ( أو دليله ) أي دليل العلم وهو الكون في دار الإسلام لاشتهار الفرائض فيها فمن أسلم فيها لزمه قضاء ما ترك
قوله ( زمنها ) منصوب ظرف لقوله فإنه ح
والضمير للردة المفهومة من قوله مرتد
قوله ( ولا ما قبلها ) عطف على ما فاته وأعاد لا النافية لتأكيد النفي وعلى هذا يصير المعنى ولا يعيده ما أداه قبلها بدليل العطف المذكور لأنه مقابل للمعطوف عليه وبدليل قوله إلا الحج لأن معناه إذا أداه قبلها يقضيه ولو كان المعنى أنه لا يقضي ما فاته قبلها لكان حق التعبير أن يقول أو قبلها عطفا على زمانها العامل فيه قوله فاته ولخالف ما سيأتي في باب المرتد ونقله في البحر هناك عن الخانية بقوله إذا كان على المرتد قضاء صلوات وصيامات تركها في الإسلام ثم أسلم قال شمس الأئمة الحلواني عليه قضاء ما ترك في الإسلام لأن ترك الصيام والصلاة معصية والمعصية تبقى بعد الردة ا هـ
فافهم
قوله ( إلا الحج ) لأن وقته العمر فلما حبط بالردة ثم أدرك وقته مسلما لزمه
قوله ( لأنه بالردة الخ ) تعليل للمتن ولقوله إلا الحج أي فإن الكافر الأصلي إذا أسلم لا يلزمه قضاء ما فاته زمن كفره لعدم خطاب الكفار بالشرائع عندنا كما في فتح القدير بل يلزمه ما أدرك وقته بعد الإسلام والحج وقته باق فتلزمه كما يلزمه أداء صلاة أسلم في وقتها فكذا المرتد
قوله ( ولذا ) أي لكونه كالكافر الأصلي
قوله ( لأنه حبط ) أي بطل والأحسن عطفه بالواو على قوله ولذا ليكون علة ثانية للزوم الإعادة
تأمل
قوله ( وخالف الشافعي ) أي حيث قال لا يلزم الإعادة لأن إحباط العمل معلق في الآية بالموت على الردة
قوله ( قلنا الخ )
____________________
(2/75)
حاصل الجواب أن قوله تعالى { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة 217 فيه ذكر عملين أحدهما الردة والآخر الموت عليها أي الاستمرار عليها إلى الموت وذكر جزاءين لكل عمل جزاء على اللف والنشر المرتب فإحباط الأعمال جزاء الردة والخلود في النار جزاء الموت عليها بدليل أنه في الآية الأولى علق حبط العمل على مجرد الكفر بما آمن به ومثله قوله تعالى { ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون } الأنعام 88
مطلب إذا أسلم المرتد هل تعود حسناته أم لا تنبيه مقتضى كون حبط العمل في الدنيا والآخرة جزاء الردة وإن لم يمت عليها عندنا أنه لو أسلم لا تعود حسناته وإلا كان جزاء لها وللموت عليها معا كما يقوله الشافعي رحمها الله تعالى وفي البحر والنهر من باب المرتد عن التاترخانية معزيا إلى التتمة لو تاب المرتد قال أبو علي وأبو هاشم من أصحابنا تعود حسناته
وقال أبو قاسم الكعبي لا تعود ونحن نقول إنه لا يعود ما بطل من ثوابه ولكن تعود طاعته المتقدمة مؤثرة في الثواب بعد ا هـ
ولعل معنى كونها مؤثرة في الثواب بعد أن الله تعالى يثيبه عليها ثوابا جديدا بعد رجوعه إلى الإسلام غير الثواب الذي بطل أو أن الثواب بمعنى الاعتداد بها وعدم مطالبته بفعلها ثانيا وإن حكمنا ببطلانها لأن ذلك فضل من الله تعالى
تأمل
وبقي هل يسقط بإسلامه ما فعله من المعاصي قبل الردة مقتضى ما قدمناه عن الخانية أنها لا تسقط وهو قول كثير من المحققين
وعند العامة يسقط كما بسطه القهستاني في باب المرتد وهو الظاهر لحديث الإسلام يجب ما قبله وهو بعمومه يشمل إسلام المرتد لكن ينبغي عدم الخلاف في لزوم قضاء ما تركه في الإسلام وإنما الخلاف في سقوط إثم التأخير والمطل في الدين الذي من حقوق العباد وسيأتي تحقيقه هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( بعد صلاة العشاء ) مصدر مضاف إلى مفعوله أي بعد أنت صلى العشاء
قوله ( لزمه قضاؤها ) لأنها وقعت نافلة ولما احتلم في وقتها صارت فرضا عليه لأن النوم لا يمنع الخطاب فيلزمه قضاؤها في المختار ولذا لو استيقظ قبل الفجر لزمه إعادتها إجماعا كما قدمناه أول كتاب الصلاة عن الخلاصة
وفي الظهيرية حكي عن محمد بن الحسن أنه جاء إلى الإمام أول احتلامه فقال ما تقول في غلام احتلم في الليل بعد ما صلى العشاء هل يعيدها قال نعم فقام محمد إلى زاوية المسجد وأعادها وهي أول مسألة تعلمها من الإمام فلما رآه يعمل بعلمه تفرس فقال إن هذا الصبي يصلح فكان كما قال ا هـ ملخصا
قوله ( صح ) لأنه مخاطب بقضائها في ذلك الوقت فيلزمه قضاؤها على قدر وسعه أما إذا لم يكن عذر فإنه يلزمه قضاء الفائتة على الصفة التي فاتت عليها ولذا يقضي المسافر فائتة الحضر الرباعية أربعا ويقضي المقيم فائتة السفر ركعتين لأن القضاء يحكي الأداء إلا لضرورة
قوله ( كثرت الفوائت الخ ) مثاله لو فاته صلاة الخميس والجمعة والسبت فإذا قضاها لا بد من التعيين لأن فجر الخميس مثلا غير فجر الجمعة فإن أراد تسهيل الأمر يقول أول فجر مثلا فإنه إذا صلاه يصير ما يليه أولا أو يقول آخر فجر فإن ما قبله يصير آخرا ولا يضره عكس الترتيب لسقوطه بكثرة الفوائت
وقيل لا يلزمه التعيين
____________________
(2/76)
أيضا كما في صوم أيام من رمضان واحد ومشى عليه المصنف في مسائل شتى آخر الكتاب تبعا للكنز وصححه القهستاني عن المنية لكن استشكله في الأشباه وقال إنه مخالف لما ذكره أصحابنا كقاضيخان وغيره والأصح الاشتراط ا هـ
قلت وكذا صححه في الملتقى هناك وهو الأحوط وبه جزم في الفتح كما قدمناه في بحث النية وجزم به هنا صاحب الدرر أيضا
قوله ( لو من رمضانين ) لأن كل رمضان سبب لصومه فصار كظهرين من يومين بخلاف صوم يومين من رمضان واحد فيصح وإن لم يعين القضاء عن اليوم الأول أو الثاني منه
قوله ( وينبغي الخ ) تقدم في باب الأذان أنه يكره قضاء الفائتة في المسجد وعلله الشارح بما هنا من أن التأخير معصية فلا يظهرها
وظاهره أن الممنوع هو القضاء مع الاطلاع عليه سواء كان في المسجد أو غيره كما أفاده في المنح
قلت والظاهر أن ينبغي هنا الوجوب وأن الكراهة تحريمية لأن إظهار المعصية معصية لحديث الصحيحين كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من الجهار أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه والله تعالى أعلم
باب سجود السهو قوله ( من إضافة الحكم إلى سببه ) قال في العناية وهي الأصل في الإضافات لأن الإضافة للاختصاص وأقواه اختصاص المسبب بالسبب ا هـ
لكن فيه أن السجود ليس حكما بل هو متعلقه والحكم هنا الوجوب وأجيب بأنه على تقدير مضاف أي وجوب سجود السهو
تأمل
قوله ( وأولاه بالفوائت ) أي قرنه بها على طريق التضمين ولذا عداه بالباء وإلا فهو من الولي بمعنى القرب والدنو كما في القاموس فيعدى إلى المفعول الثاني ب من لا بالباء
يقال أوليت زيدا من عمرو أي قربته منه
قوله ( لأنه لإصلاح ما فات ) أي ما ترك من الواجبات في محله كما أن قضاء الفوائت لإصلاح ما فات وقته بفعله بعده
قوله ( وهو ) أي السهو
قوله ( واحد عند الفقهاء ) خبر عن هو وما عطف عليه أي معنى هذه الثلاثة واحد عند الفقهاء
وفي ذكر الشك نظر
وفي البحر عن التحرير لا فرق في اللغة بين النسيان والسهو وهو عدم استحضار الشيء في وقت الحاجة
قال الرملي وفي جمع الجوامع السهو الغفلة عن المعلوم فيتنبه له بأدنى تنبه
والنسيان زوال المعلوم
وقال الحكماء السهو زوال الصورة عن المدركة مع بقائها في الحافظة
والنسيان زوالهما عنها معا فحينئذ يحتاج في تحصيلها إلى سبب جديد
قوله ( والظن الخ ) حاصله أن ما يخطر بالبال ولم يصل إلى حد اليقين حتى يسمى علما ولا تساوت جهتاه حتى يسمى شكا بل ترجحت فيه إحداهما على الأخرى فالمرجوحة وهم والراجحة ظن فإن زاد الرجحان بلا جزم فهو غلبة الظن
قوله ( يجب له ) أي للسهو الآتي بيانه في قوله بترك واجب سهوا ح
وذكر في المحيط عن القدوري
____________________
(2/77)
أنه سنة
وظاهر الرواية الوجوب وصححه في الهداية وغيرها لأنه لجبر نقصان تمكن في الصلاة فيجب كالدماء في الحج ويشهد له الأمر به في الأحاديث الصحيحة والمواظبة عليه
وظاهر كلامهم أنه لو لم يسجد يأثم بترك الواجب ولترك سجود السهو
بحر
وفيه نظر بل يأثم لترك الجابر فقط إذ لا إثم على الساهي نعم هو في صورة العمد ظاهر فينبغي أن يرتفع هذا الإثم بإعادتها
نهر
قوله ( بعد سلام ) متعلق بمحذوف حال من فاعل يجب لا بيجب لما يأتي من أنه لو سجد قبل السلام كره تنزيها نعم يصح تعلقه بيجب بالنظر إلى تقييد السلام بالواحد لما يأتي من أنه بعد التسليمتين يسقط السجود
قوله ( واحد ) هذا قول الجمهور منهم شيخ الإسلام وفخر الإسلام
وقال في الكافي إنه الصواب وعليه الجمهور وإليه أشار في الأصل ا هـ
إلا أن مختار فخر الإسلام كونه تلقاء وجهه من غير انحراف
وقيل يأتي بالتسليمتين وهو اختيار شمس الأئمة وصدر الإسلام أخي فخر الإسلام وصححه في الهداية والظهيرية والمفيد والينابيع كذا في شرح المنية
قال في البحر وعزاه أي الثاني في البدائع إلى عامتهم فقد تعارض النقل عن الجمهور ا هـ
قوله ( عن يمينه ) احتراز عما اختاره فخر الإسلام من أصحاب القول الأول كما علمته
وفي الحلية اختار الكرخي وفخر الإسلام وشيخ الإسلام وصاحب الإيضاح أن يسلم تسليمة واحدة
ونص في المحيط على أنه الأصوب وفي الكافي على أنه الصواب
قال فخر الإسلام وينبغي على هذا أن لا ينحرف في هذا السلام يعني فيكون سلامة مرة واحدة تلقاء وجهه
وغيره من أهل هذا القول على أنه يسلم مرة واحدة عن يمينه خاصة ا هـ
والحاصل أن القائلين بالتسليمة الواحدة قائلون بأنها عن اليمين إلا فخر الإسلام منهم فإنه يقول إنها تلقاء وجهه وهو المصرح به في شروح الهداية أيضا كالمعراج والعناية والفتح
قوله ( لأنه المعهود ) تعليل لكونه عن يمينه وقوله وبه يحصل التحليل تعليل لكونه و احدا ويأتي وجهه قريبا
قوله ( بحر عن المجتبى ) عبارة البحر والذي ينبغي الاعتماد عليه تصحيح المجتبى أنه يسلم عن يمينه فقط
وقد ظن في البحر وتبعه في النهر وغيره أن هذا القول قول ثالث بناء على أن جميع أصحاب القول الثاني قائلون بأنه يسلم تلقاء وجهه مع أن القائل منهم بذلك هو فخر الإسلام فقط كما علمته وحينئذ فلا حاجة إلى عزو هذا القول إلى المجتبى حتى يرد ما قيل إن تصحيح المجتبى لا يوازي ما عليه الجمهور الذي هوالأكثر تصحيحا والأصوب والصواب فافهم
قوله ( وعليه لو أتى الخ ) هذا جعله في البحر قولا رابعا
واستظهر في النهر أنه مفرع على القول بالواحدة وتبعه الشارح ويؤيده ما وجهوا به القول بالواحدة من أن السلام الأول لشيئين للتحليل وللتحية والسلام الثاني للتحية فقط أي تحية بقية القوم لأن التحليل لا يتكرر وهنا سقط معنى التحية عن السلام لأنه يقطع الإحرام فكان ضم الثاني إليه عبثا ولو فعله فاعل لقطع الإحرام
قال في الحلية بعد عزوه ذلك إلى فخر الإسلام حتى أنه لا يأتي بعده بسجود الهو كما نقله في الذخيرة عن شيخ الإسلام ومشى عليه في الكافي وغيره ا هـ
وفي المعراج قال شيخ الإسلام لو سلم تسليمتين لا يأتي بسجود السهو بعد ذلك لأنه كالكلام ا هـ
قلت وعليه فيجب ترك التسليمة الثانية
قوله ( جاز ) هو ظاهر الرواية
وفي المحيط وروي عن أصحابنا أنه لا يجزيه ويعيده
بحر
قوله ( فيعتبر الخ ) أي قاف قبل القاف النقصان ودال بعد الدال الزيادة
قوله ( يرفع التشهد ) أي قراءته حتى لو سلم بمجرد رفعه من سجدتي السهو صحت صلاته
____________________
(2/78)
ويكون تاركا للواجب وكذا يرفع السلام
إمداد
قوله ( لقوتها ) أي لأنها أقوى منه لكونها فرضا
قوله ( فإنها ترفعهما ) أي القعدة والتشهد لأنها أقوى منهما لكونهما ركنا والقعدة لختم الأركان
إمداد
أو لأن الصلبية ركن أصلي والقعدة ركن زائد كما مر في باب صفة الصلاة أو لأن القعدة لا تكون إلا آخر الأركان وبسجود الصلبية بعدها خرجت عن كونها آخرا
قوله ( وكذا التلاوية ) لأنها أثر القراءة وهي ركن فأخذت حكمها
بحر أي تأخذ حكمها بعد سجودها أما قبله فإنها واجبة حتى لو سلم ولم يسجدها فصلاته صحيحة بخلاف الصلبية فإنها ركن أصلي من كل وجه كما سيأتي ونظيرها فيما ذكرنا ما لو نسي السورة فتذكرها في الركوع فعاد وقرأها أخذت حكم الفرض وارتفض الركوع فيلزمه إعادته
تنبيه ذكر في التاترخانية أن العود إلى قراءة التشهد في القعدة الأخيرة إذا نسيه يرفع القعدة كالعود إلى التلاوية كما ذكره الحلواني والسرخسي
وذكر ابن الفضل أنه لا يرفعها
وفي واقعات الناطفي أن الفتوى عليه ا هـ
قوله ( إذا كان الوقت صالحا ) أي لأداء تلك الصلاة فيه
قوله ( أو احمرت في القضاء ) كذا في الفتح والبحر والذخيرة وغيرها ومفهومه أنه لو كانت يؤدي العصر فاحمرت الشمس لا يسقط سجود السهو لأن ذلك الوقت صالح لأداء الصلاة نفسها فكذا لسجود سهوها بخلاف الفائتة الواجبة في كامل لكن في الإمداد عن الدراية التصريح بسقوطه إذا احمرت عقب السلام من فائتة أو حاضرة تحرزا عن الكراهة وهذا يقتضي أن القضاء هنا غير قيد
ويؤيده ما في القنية لو صلى لعصر وعليه سهو فاصفرت الشمس لا يسجد للسهو ثم رأيته في البدائع علل هذا بأن السجدة تجبر النقصان المتمكن فجرى مجرى القضاء وقد وجبت كاملة فلا تقضي بالناقص ا هـ
تأمل
قوله ( ما يقطع البناء ) كحدث عمد وعمل مناف
إمداد
قوله ( بعد السلام ) تنازع فيه كل من طلعت واحمرت ووجد كما يفيده كلام الإمداد
قوله ( سقط عنه ) لأنه بالعود إلى السجود يعود إلى حرمة الصلاة وقد فات شرط صحتها بطلوع الشمس في الفجر ومثله خروج وقت الجمعة والعيد وكذا إذا وجد ما يقطع البناء
وأما في احمرار الشمس في القضاء فكذلك
وأما في الأداء فلئلا يعود إلى وقت المكروه بعد صحة الصلاة بلا كراهة
تأمل
بقي إذا سقط السجود فهل يلزمه الإعادة لكون ما أداه وإلا وقع ناقصا بلا جابر والذي ينبغي أنه إن سقط بصنعه كحدث عمد مثلا يلزمه وإلا فلا
تأمل
قوله ( في القنية الخ ) أقول عبارة القنية برمز نجم الأئمة تطوع ركعتين وسها ثم بنى عليه ركعتين يسجد للسهو ولو بنى على الفرض تطوعا وقد سها في الفرض لا يسجد ا هـ
والظاهر أن الفرق هو أن بناء النفل على النفل يصيره صلاة واحدة بخلاف بناء النفل على الفرض ولذا كان البناء فيه مكروها لأن النفل صلاة أخرى غير الفرض ولا يمكن أن يكون سجود السهو لصلاة واقعا في صلاة أخرى مقصودة وإن كانت تحريمة الفرض باقية فلذا لا يسجد أو لأنه لما بنى النفل عمدا صار مؤخرا للسلام عن محله عمدا والعمد لا يجبره سجود السهو بل تلزم فيه الإعادة وحيث كانت الإعادة واجبة لم يبق السجود واجبا عن سهوه في لفرض لأنه بالإعادة يأتي بما سها فيه والسجود جابر عما فات قائم مقام الإعادة فإذا وجبت الإعادة سقط السجود فعلى هذا لا يرد ما سيأتي من أنه لو قعد في الرابعة ثم قام وسجد للخامسة ضم إليها سادسة لتصير له الركعتان نفلا لأن هذا النفل غير مقصود فكأنه ليس صلاة أخرى ولأنه لم يؤخر سلام الفرض عن محله عمدا فلم تكن الإعادة عليه واجبة
____________________
(2/79)
فلزمه سجود السهو هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم
قوله ( بترك واجب ) أي من واجبات الصلاة الأصلية لا كل واجب إذ لو ترك ترتيب السور لا يلزمه شيء مع كونه واجبا بحر
ويرد عليه ما لو أخر التلاوية عن موضعها فإن عليه سجود السهو كما في الخلاصة جازما بأنه لا اعتماد على ما يخالفه وصححه في الولوالجية أيضا
وقد يجاب بما مر من أنها لما كانت أثر القراءة أخذت حكمها
تأمل
واحترز بالواجب عن السنة كالثناء والتعوذ ونحوهما وعن الفرض
قوله ( قيل إلا في أربع ) أشار إلى ضعفه تبعا لنور الإيضاح لمخالفته للمشهور في تسميته سجود سهو وإن سماه القائل به سجود عذر
وقد رده العلامة قاسم بأنه لا يعلم له أصل في الرواية ولا وجه في الدراية ا هـ
وأجاب في الحلية عن وجوب السجود في مسألة التفكر عمدا بأنه وجب لما يلزم منه من ترك واجب هو تأخير الركن أو الواجب عما قبله فإنه نوع سهو فلم يكن السجود لترك واجب عمدا
قوله ( وتأخير سجدة الركعة الأولى ) الظاهر أن هذا القيد اتفاقي عند القائل به وإلا فالفرق بين الركعة الأولى وغيرها تحكم وكذا لا يظهر لقوله إلى آخر الصلاة وجه لأنه لو أخر إلى الركعة الثانية لكان كذلك عنده على ما يظهر ط
قوله ( وإن تكرر ) حتى لو ترك جميع واجبات الصلاة سهوا لا يلزمه إلا سجدتان
بحر
قوله ( لأن تكراره غير مشروع ) سيأتي أن المسبوق يتابع إمامه فيه ثم إذا قام لقضاء ما فاته فسها فيه يسجد أيضا فقد تكرر
وأجاب في البدائع بأن المسبوق فيما يقضي كالمنفرد فهما صلاتان حكما وإن كانت التحريمة واحدة وتمامه في البحر
قوله ( متعلق بترك واجب ) أي مرتبط به على وجه التمثيل له وليس المراد التعلق النحوي ط أي بل هو خبر لمبتدأ محذوف أي وذلك كركوع
قوله ( لوجوب تقديمها ) أي تقديم قراءة الواجب
أما قراءة الفرض فتقديمها على الركوع فرض لا ينجبر بسجود السهو
والتحقيق أن تقديم الركوع على القراءة مطلقا موجب لسجود السهو لكن إذا ركع ثم قام فقرأ فإن أعاد الركوع صحت صلاته وإلا فسدت
أما إذا ركع قبل القراءة أصلا فظاهر
وأما إذا قرأ الفاتحة مثلا ثم ركع فتذكر السورة فعاد فقرأها ولم يعد الركوع فلأن ما قرأه ثانيا التحق بالقراءة الأولى فصار الكل فرضا فارتفض الركوع فإذا لم يعد تفسد صلاته نعم إذا كان قرأ الفاتحة والسورة ثم عاد لقراءة سورة أخرى لا يرتفض ركوعه كما نقله في الحلية عن الزاهدي وغيره فقد ظهر أن إيقاع الركوع قبل القراءة أصلا أو قبل قراءة الواجب يلزم به سجود السهو لكن إذا لم يعد الركوع يسقط سجود السهو لفساد الصلاة وإن أعاده صحت ويسجد للسهو
وعلى هذا التقرير فما قدمه الشارح تبعا لغيره في واجبات الصلاة حيث عد منها الترتيب بين القراءة والركوع ناظر إلى مجرد التقديم والتأخير مع قطع النظر عن لزوم إعادة ما قدمه وما صرح به شراح الهداية وغيرهم من أنه لو قدم الركوع على القراءة تفسد الصلاة ناظر إلى الاكتفاء بما قدمه وعدم إعادته فلا تنافي بين كلامهم
قوله ( ثم إنما يتحقق الترك ) أي ترك القراءة بمعنى فواتها على وجه لا يمكن فيه التدارك
قوله ( عاد ) أي إلى القيام ليقرأ
قوله ( ثم أعاد الركوع ) لأنه لما عاد وقرأ وقعت القراءة فرضا ولا ينافيه كون الفرض فيها آية واحدة والزائد واجب وسنة لأن معناه أن أقل الفرض آية ويجب أن يجعل ذلك الفرض الفاتحة والسورة
ويسن أن تكون
____________________
(2/80)
السورة من طوال المفصل أو أوساطه أو قصاره حتى لو قرأ القرآن كله وقع فرضا كما أن الركوع بقدر تسبيحة فرض وتطويله بقدر ثلاث سنة كما حققه في شرح المنية وقدمناه في فصل القراءة
والحاصل أن ما يقرؤه يلتحق بما قبل الركوع ويلغو هذا الركوع فتلزم إعادته حتى لو لم يعده بطلت صلاته بل ذكر في شرح المنية أنه لو قام لأجل القراءة ثم بدا له فسجد ولم يقرأ ولم يعد الركوع قال بعضهم تفسد لأنه لما انتصب قائما للقراءة ارتفض ركوعه وإن كان البعض يقول لا تفسد ا هـ
وهذا كله بخلاف ما لو تذكر القنوت في الركوع فالصحيح أنه لا يعود ولو عاد وقنت لا يرتفض ركوعه وعليه السهو لأن القنوت إذا أعيد يقع واجبا لا فرضا كما في شرح المنية وأما إذا عاد لقراءة سورة أخرى فلا يرتفض ركوعه كما قدمناه لأنه وقع بعد قراءة تامة فكان في موقعه وكان عوده إلى القراءة غير مشروع كما إذا عاد إلى القنوت بل أولى والله أعلم
قوله ( يعيد السورة أيضا ) أي لتقع القراءة مرتبة
قوله ( وتأخير قيام الخ ) أشار إلى أن وجوب السجود ليس لخصوص الصلاة على النبي بل لترك الواجب وهو تعقيب التشهد للقيام بلا فاصل حتى لو سكت يلزمه السهو كما قدمناه في فصل إذا أراد الشروع
قال المقدسي وكما لو قرأ القرآن هنا أو في الركوع يلزمه السهو مع أنه كلام الله تعالى وكما لو ذكر التشهد في القيام مع أنه توحيد الله تعالى
وفي المناقب أن الإمام رحمه الله رأى النبي في المنام فقال كيف أوجبت السهو على من صلى علي فقال لأنه صلى عليك سهوا فاستحسنه
قوله ( وفي الزيلعي الخ ) جزم به المصنف في متنه في فصل إذا أراد الشروع وقال إنه المذهب
واختاره في البحر تبعا للخلاصة والخانية
والظاهر أنه لا ينافي قول المصنف هنا بقدر ركن
تأمل وقدمنا عن القاضي الإمام أنه لا يجب ما لم يقل وعلى آل محمد وفي شرح المنية الصغير
أنه قول الأكثر وهو الأصح
قال الخير الرملي فقد اختلف التصحيح كما ترى وينبغي ترجيح ما قاله القاضي الإمام ا هـ وفي التاترخانية عن الحاوي وعلى قولهما لا يجب السهو ما لم يبلغ إلى قوله حميد مجيد
قوله ( والجهر فيما يخافت فيه للإمام الخ ) في العبارة قلب وصوابها والجهر فيما يخافت لكل مصل وعكسه للإمام ح
وهذا ما صححه في البدائع والدرر ومال إليه في الفتح وشرح المنية والبحر والنهر والحلية على خلاف ما في الهداية والزيلعي وغيرهما من أن وجوب الجهر والمخافتة من خصائص الإمام دون المنفرد
والحاصل أن الجهر في الجهرية لا يجب على المنفرد اتفاقا وإنما الخلاف وجوب الإخفاء عليه في السرية وظاهر الرواية عدم الوجوب كما صرح بذلك في التاترخانية عن المحيط وكذا في الذخيرة وشروح الهداية كالنهاية والكفاية والعناية ومعراج الدراية وصرحوا بأن وجوب السهو عليه إذا جهر فيما يخافت رواية النوادر ا هـ
فعلى ظاهر الرواية لا سهو على المنفرد إذا جهر فيما يخافت فيه وإنما هو على الإمام فقط
قوله ( والأصح الخ ) صححه في الهداية والفتح والتبيين والمنية لأن اليسير من الجهر والإخفاء لا يمكن الاحتراز عنه وعن الكثير يمكن وما تصح به الصلاة كثير غير أن ذلك عنده آية واحدة وعندهما ثلاث آيات
هداية
قوله ( في الفصلين ) أي في المسألتين مسألة الجهر والإخفاء
قوله ( قل أو أكثر ) أي ولو كلمة
قال القهستاني والمتبادر أن يكون هذا في صورة
____________________
(2/81)
أن ينسى أن عليه المخافتة فيجهر قصدا وأما إذا علم أن عليه المخافتة فيجهر لتبيين الكلمة فليس عليه شيء ا هـ قوله ( وهو ظاهر الرواية ) قال في البحر وينبغي عدم العدول عن ظاهر الرواية الذي نقله الثقات من أصحاب الفتاوى ا هـ
زاد المصنف في منحه وإنما عولنا على الأول تبعا للهداية وأنا أعجب من كثير من كمل الرجال كيف يعدل عن ظاهر الرواية الذي هو بمنزلة نص صاحب المذهب إلى ما هو كالرواية الشاذة ا هـ
أقول لا عجب من كمل الرجال كصاحب الهداية والزيلعي وابن الهمام حيث عدلوا عن ظاهر الرواية لما فيه من الحرج وصححوا الرواية الأخرى للتسهيل على الأمة وكم له من نظير ولذا قال القهستاني ويجب السهو بمخافتة كلمة لكن فيه شدة
وقال في شرح المنية والصحيح ظاهر الرواية وهو التقدير بما تجوز به الصلاة من غير تفرقة لأن القليل من الجهر في موضع المخافتة عفو أيضا ففي حديث أبي قتادة في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في الظهر في الأولين بأم القرآن وسورتين وفي الأخريين بأم الكتاب ويسمعنا الآية أحيانا ا هـ
ففيه التصريح بأن ما صححه في الهداية ظاهر الرواية أيضا فإن ثبت ذلك فلا كلام وإلا فوجه تصحيحه ما قلنا وتأيده بحديث الصحيحين وقد قدمنا في واجبات الصلاة عن شرح المنية أنه لا ينبغي أن يعدل عن الدراية أي الدليل إذا وافقتها رواية
تتمة قد صرحوا بأنه إذا جهر سهوا بشيء من الأدعية والأثنية ولو تشهدا فإنه لا يجب عليه السجود
قال في الحلية ولا يعرى القول بذلك في التشهد عن تأمل ا هـ
وأقره في البحر
هذا وقد قدمنا في فصل القراءة الكلام على حد الجهر فراجعه
قوله ( متعلق بيجب ) أي المذكور أول الباب
قوله ( إن سجد إمامه ) أما لو سقط عن الإمام بسبب من الأسباب بأن تكلم أو أحدث متعمدا أو خرج من المسجد فإنه يسقط عن المقتدي
بحر
والظاهر أن المقتدي تجب عليه الإعادة كالإمام إن كان السقوط بفعله العمد لتقرر النقصان بلا جابر من غير عذر
تأمل
قوله ( لوجوب المتابعة ) علة لوجوبه على المقتدي بسهو إمامه ولأن النقصان دخل في صلاته أيضا لارتباطها بصلاة الإمام
قوله ( لا بسهوه أصلا ) قيل لا فائدة لقوله أصلا وليس بشيء بل هو تأكيد لنفي الوجوب لأن معناه لا قبل السلام للزوم مخالفة الإمام ولا بعده لخروجه من الصلاة بسلام الإمام لأنه سلام عمد ممن لا سهو عليه كما في البحر لكن قال في النهر لقائل أن يقول لا نسلم أنه يخرج منها بسلامه وقد سبق خلاف فيمن لا سهو عليه فكيف بمن عليه السهو وحينئذ فيمكنه أن يأتي بهذا الجابر ا هـ
قلت وقدم الشارح في نواقض الوضوء أنه لو قهقهته بعد كلام الإمام أو سلامه عمدا فسدت طهارته في الأصح وقدمنا هناك تصحيحه عن الفتح والخانية على خلاف ما صححه في الخلاصة من عدم الفساد ولا شك أن فساد طهارته مبني على عدم خروجه من الصلاة بسلام إمامه أو كلامه فما هنا مبني على ما صححه في الخلاصة ولذا قال في المعراج بعد تعليله المسألة بأنه يخرج بسلام الإمام كذا قيل وفيه تأمل
بل الأولى التمسك بما روى ابن عمر عنه ليس على من خلف على الإمام سهوا ا هـ
تنبيه قال في النهر ثم مقتضى كلامهم أنه يعيدها لثبوت الكراهة مع تعذر الجابر
قوله ( والمسبوق يسجد مع إمامه ) قيد بالسجود لأنه لا يتابعه في السلام بل يسجد معه ويتشهد فإذا سلم الإمام قام إلى القضاء فإن سلم فإن كان عامدا فسدت وإلا لا ولا سجود عليه إن سلم سهوا قبل الإمام أو معه وإن سلم بعد لزمه لكونه
____________________
(2/82)
منفردا حينئذ بحر
وأراد بالمعية المقارنة وهو نادر الوقوع كما في شرح المنية
وفيه ولو سلم على ظن أن عليه أن يسلم فهو سلام عمد يمنع البناء
قوله ( سواء كان السهو قبل الاقتداء أو بعده ) بيان للإطلاق وشمل أيضا ما إذا سجد الإمام واحدة ثم اقتدى به
قال في البحر فإنه يتابعه في الأخرى ولا يقضي قضاء الأولى كما لا يقضيها لو اقتدى به بعد ما سجدهما
قوله ( ثم يقضي ما فاته ) فلو لم يتابعه في السجود وقام إلى ما سبق به فإنه يسجد في آخر صلاته استحسانا لأن التحريمة متحدة فجعل كأنها صلاة واحدة
بحر وغيره فافهم
قوله ( ولو سها فيه ) أي فيما يقضيه بعد فراغ الإمام يسجد ثانيا لأنه منفرد فيه والمنفرد يسجد لسهوه وإن كان لم يسجد مع الإمام لسهوه ثم سها هو أيضا كفته سجدتان عن السهوين لأن السجود لا يتكرر وتمامه في شرح المنية
قوله ( وكذا اللاحق ) أي يجب عليه السجود بسهو إمامه لأنه مقتد في جميع صلاته بدليل أنه لا قراءة عليه فلا سجود فيما يقضيه
بحر
قوله ( لكنه يسجد الخ ) أي يبدأ بقضاء ما فاته ثم يسجد في آخر صلاته لأنه التزم متابعة الإمام فيما اقتدى به على نحو ما يصلي الإمام وأنه اقتدى به في جميع الصلاة فيتابعه في جميعها على نحو ما أدى الإمام والإمام أدى الأول فالأول وسجد لسهوه في آخر صلاته فكذا اللاحق
وأما المسبوق فقد التزم بالاقتداء به متابعته بقدر ما هو صلاة الإمام وقد أدرك هذا القدر فيتابعه ثم ينفرد بحر
قوله ( ولو سجد مع إمامه أعاده ) لأنه في غير أوانه ولا تفسد صلاته لأنه ما زاد إلا سجدتين ولو كان مسبوقا بثلاث ولاحقا بركعة فسجد إمامه للسهو فإنه يقضي ركعة بلا قراءة لأنه لاحق ويتشهد ويسجد للسهو لأن ذلك موضع سجود الإمام ثم يصلي ركعة بقراءة ويقعد لأنها ثانية صلاته ولو كان على العكس سجد للسهو بعد الثالثة كذا في المحيط
بحر
قوله ( والمقيم الخ ) ذكر في البحر أن المقيم المقتدي بالمسافر كالمسبوق في أنه يتابع الإمام في سجود السهو ثم يشتغل بالإتمام
وأما إذا قام إلى إتمام صلاته وسها فذكر الكرخي أنه كاللاحق فلا سجود عليه بدليل أنه لا يقرأ
وذكر في الأصل أنه يلزمه السجود وصححه في البدائع لأنه إنما اقتدى بالإمام بقدر صلاة الإمام فإذا انقضت صار منفردا وإنما لا يقرأ فيما يتم لأن القراءة فرض في الأوليين وقد قرأ الإمام فيهما ا هـ
قال في النهر وبهذا علم أنه كاللاحق في حق القراءة فقط ا هـ
أقول وتقدمت بقية مسائل المسبوق واللاحق قبيل باب الاستخلاف
قوله ( ولو عمليا ) كالوتر فلا يعود فيه إذا استتم قائما
وعلى قولهما يعود لأنه من النفل ط
قوله ( أما النفل فيعود الخ ) جزم به في المعراج والسراج وعلله ابن وهبان بأن كل شفع منه صلاة على حدة ولا سيما على قول محمد بأن القعدة الأولى منه فرض فكانت كالأخيرة وفيها يقعد وإن قام
وحكي في المحيط فيه خلافا وكذا في شرح التمرتاشي قيل يعود وقيل لا وفي الخلاصة والأربع قبل الظهر كالتطوع وكذا الوتر عند محمد وتمامه في النهر لكن في التاترخانية عن العتابية قيل في التطوع يعود ما لم يقيد بالسجدة والصحيح أنه لا يعود ا هـ
وأقره في الإمداد لكن خالفه في متنه
تأمل
قوله ( ما لم يقيد بالسجدة ) أي يقيد الركعة التي قام إليها
قوله ( عاد إليه ) أي وجوبا
نهر
قوله ( ولا سهو عليه في الأصح ) يعنى إذا عاد قبل أن يستتم قائما وكان إلى القعود أقرب فإنه لا سجود عليه في الأصح وعليه الأكثر
واختار في الولوالجية وجوب السجود وأما إذا عاد وهو إلى القيام أقرب فعليه سجود السهو كما في نور الإيضاح وشرحه بلا حكاية خلاف فيه
____________________
(2/83)
وصحح اعتبار ذلك في الفتح بما في الكافي إن استوى النصف الأسفل وظهره بعد منحن فهو أقرب إلى القيام وإن لم يستو فهو أقرب إلى القعود
ثم اعلم أن حالة القراءة تنوب عن القيام في مريض يصلي بالإيماء حتى لو ظن في حالة التشهد الأول أنها حالة القيام فقرأ ثم تذكر لا يعود إلى التشهد كما في البحر عن الولوالجية
قوله ( في ظاهر المذهب الخ ) مقابله ما في الهداية إن كان إلى القعود أقرب عاد ولا سهو عليه في الأصح ولو إلى القيام أقرب فلا وعليه السهو وهو مروي عن أبي يوسف واختاره مشايخ بخارى وأصحاب المتون كالكنز وغيره ومشى في نور الإيضاح على الأول كالمصنف تبعا لمواهب الرحمن وشرحه البرهان
قال ولصريح ما رواه أبو داود عنه إذا قام الإمام في الركعتتين فإن ذكر قبل أن يستوي قائما فليجلس وإن ستوى قائما فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو ا هـ
قلت لكن قال في الحلية إنه نص فيه يفيد تعين العمل به لولا ما في ثبوته من النظر فإن في سنده جابرا الجعفي من علماء الشيعة جارحوه أكثر من موثقيه
وقال الإمام أبو حنيفة فيه ما رأيت أكذب منه فلا جرم أن قال شيخنا في التقريب رافضي ضعيف انتهى
فلا تقوم الحجة بحديثه
ا هـ قوله ( أي وإن استقام قائما ) أفاد أن لا في قوله وإلا نافية داخلة على قوله لم يستقم وهو نفي أيضا فكان إثباتا أفاده ط
قوله ( لترك الواجب ) وهو القعود
قوله ( بعد ذلك ) أي بعد ما استقام قائما ومثله ما إذا عاد بعد ما صار إلى القيام أقرب على الرواية الأخرى ولذا قال في البحر ثم لو عاد في موضع وجوب عدمه اختلفوا في فساد صلاته فهذه العبارة تصدق على الروايتين
قوله ( لكنه يكون مسيئا ) أي ويأثم كما في الفتح فلو كان إماما لا يعود معه القوم تحقيقا للمخالفة ويلزمه القيام للحال
شرح المنية عن القنية
قوله ( لتأخير الواجب ) الأولى أن يقول لتأخير الفرض وهو القيام أو لترك الواجب وهو القعود ط
قوله ( حققه الكمال ) أي بما حاصله أن ذلك وإن كان لا يحل لكنه بالصحة لا يخل لما عرف أن زيادة ما دون ركعة لا يفسد وقواه في شرح المنية بما قدمناه آنفا عن القنية فإنه يفيد عدم الفساد بالعود وأيده في البحر أيضا بما في المعراج عن المجتبى لو عاد بعد الانتصاب مخطئا قيل يتشهد لنقضه القيام والصحيح لا بل يقوم ولا ينتقض قيامه بقعود لم يؤمر به كمن نقض الركوع لسورة أخرى لا ينتقض ركوعه ا هـ
وبحث فيه في النهرفراجعه
قوله ( وهو الحق بحر ) كأن وجهه ما مر عن الفتح أو ما في المبتغى من أن القول بالفساد غلط لأنه ليس بترك بل هو تأخير كما لو سها عن السورة فركع فإنه يرفض الركوع ويعود إلى القيام ويقرأ وكما لو سها عن القنوت فركع فإنه لو عاد وقنت لا تفسد على الأصح ا هـ
لكن بحث فيه في البحر بإبداء الفرق وهو أنه إذا عاد وقرأ السورة صارت فرضا فقد عاد من فرض إلى فرض وكذا في القنوت لأن له شبهة القرآنية أو عاد إلى فرض وهو القيام لأن كل فرض طوله يقع فرضا ا هـ
وأقره في النهر وشرح المقدسي
أقول وفيه نظر فإن القنوت الذي قيل إنه كان قرآنا فنسخ هو الدعاء المخصوص وهو سنة فلا يلزم قراءته بل قد يقرأ غيره وكونه عاد إلى فرض وهو القيام ممنوع بل عاد إلى القيام الذي هو الرفع من الركوع بدليل أن الركوع لم يرتفض بعوده لأجل القنوت فكان فيه تأخير الفرض لا تركه فهو مثل عوده إلى القعود في مسألتنا نعم بحثه في عوده إلى القراءة مسلم والله أعلم
قوله ( وهذا في غير المؤتم الخ ) أي ما ذكر من منعه عن العود
____________________
(2/84)
إلى القعود بعد القيام والخلاف في الفساد لو عاد إنما هو في الإمام والمنفرد أما المقتدي الذي سها عن القعود فقام وإمامه قاعد فإنه يلزمه العود لأن قيامه قبل إمامه غير معتبر فليس في عوده رفض الفرض بل قال في شرح المنية عنالقنية إن المقتدي لو نسي التشهد في القعدة الأولى فذكر بعدما قام عليه أن يعود ويتشهد بخلاف الإمام والمنفرد للزوم المتابعة كمن أدرك الإمام في القعدة الأولى فقعد معه فقام الإمام قبل شروع المسبوق في التشهد فإنه يتشهد تبعا لتشهد إمامه فكذا هذا ا هـ
قوله ( وإن خاف فوت الركعة ) أي الثالثة مع الإمام ط
قوله ( وظاهره ) أي تعليل السراج بأن القعود فرض ط وكذا تعليل القنية الذي ذكرناه
قوله ( والظاهر أنها واجبة الخ ) لم يبين حكمها في السنن والظاهر السنية لأن السنن المطلوبة في الصلاة يستوي فيها الإمام والمنفرد والمقتدي غالبا وقوله فرض في الفرض معناه أن يأتي بذلك الفرض ولو بعد إتيان الإمام لا قبله وليس المراد المشاركة في جزء منه ط
قلت وعلى ما استظهره الشارح تبعا للنهر يشكل العود إلى قراءة التشهد بعد التلبس بالقيام الفرض مع إمامه فتأمل
قوله ( ولنا فيها رسالة حافلة ) لم أطلع عليها ولكن قدمنا في آخر واجبات الصلاة شيئا من الكلام على المتابعة بما فيه كفاية إن شاء الله تعالى
قوله ( ولو سها عن القعود الأخير ) أراد به القعود المفروض أو ما كان آخر الصلاة فيشمل نحو الفجر أفاده في البحر
قوله ( كله أو بعضه ) كما لو جلس جلسة خفيفة أقل من قدر التشهد وإذا عاد احتسبت له الجلسة الأولى حتى لو كانت كلتا الجلستين بقدر التشهد ثم تكلم جازت صلاته
بحر
قوله ( ما لم يقيدها ) أي الركعة التي قام إليها واحترز به عما إذا سجد لها بلا ركوع فإنه يعود لعدم الاعتداد بهذا السجود كما في النهر ومقتضاه أنه لا بد من أن يكون قد قرأ فيها
وفي الخلاصة خلافه ولذا استشكله في البحر بأن الركعة في النفل بلا قراءة غير صحيحة فكانت زيادة ما دون ركعة وهو غير مفسد
قال في النهر إلا أن يفرق بأنه قد عهد إتمام الركعة بلا قراءة كما في المقتدي بخلاف الخالية عن الركوع
قوله ( وسجد للسهو ) لم يفصل بين ما إذا كان إلى القعود أقرب أولا وكان ينبغي أن لا يسجد فيما إذا كان إليه أقرب كما في الأولى لما سبق
قال في الحواشي السعدية ويمكن أن يفرق بينهما بأن القريب من القعود وإن جاز أن يعطى له حكم القاعد إلا أنه ليس بقاعد حقيقة فاعتبر جانب الحقيقة فيما إذا سها عن القعدة الثانية وأعطي حكم القاعد في السهو عن الأولى إظهارا للتفاوت بين الواجب والفرض
نهر
قوله ( لتأخير القعود ) علل في الهداية بأنه أخر واجبا فقالوا أراد به القطعي وهو الفرض يعني القعود الأخير وهو أولى من حمله عن معناه المشهور وكون المراد به السلام أو التشهد وإلا أشكل الفرق المار كما نبه عليه في النهر
قوله ( عامدا أو ناسيا ) أشار إلى ما في البحر من أنه لا فرق في عدم البطلان عند العود قبل السجود والبطلان إن قيد بالسجود بين العمد والسهو ولذا قال في الخلاصة فإن قام إلى الخامسة عامدا أيضا لا تفسد ما لم يقيد الخامسة بالسجدة عندنا
قوله ( عند محمد ) ظاهره أنه راجع لكل المتن فيكون محمد قائلا بتحولها نقلا وليس كذلك لبطلان الفريضة وكلما بطل الفرض عنده بطل الأصل فتعين أن يكون راجعا لقوله برفعه فيكون المتن اختار قول أبي حنيفة وأبي يوسف في عدم بطلان الأصل
____________________
(2/85)
وقول محمد إن السجدة لا تتم إلا بالرفع ا هـ ح
وعليه فضم السادسة مبني على قولهما فقط كما نص عليه في الحلية والبدائع معللا ببطلان التحريمة عند محمد والإيهام الواقع في كلام الشارح واقع في كلام المصنف أيضا فالأحسن قوله الكنز بطل فرضه برفعه وصارت نفلا فقوله برفعه متعلق بقوله بطل
قوله ( لأن تمام الشيء بآخره ) أي والرفع آخر السجدة إذ الشيء إنما ينتهي بضده ولذا لو سجد قبل إمامه فأدركه إمامه فيه جاز ولو تمت بالوضع لما جاز لأن كل ركن أداه قبل الإمام لا يجوز
بحر
قوله ( لو سبقه الحدث ) أي في مسألة المتن وهذا بيان لثمرة الخلاف في أن السجدة هل تتم بالوضع أو بالرفع
قوله ( توضأ وبنى ) لأنه بالحدث بطلت السجدة فكأنه لم يسجد فيتوضأ وبيني لإتمام فرضه
إمداد
قوله ( حتى قال الخ ) وذلك لما عرض قول محمد فيها على قول أبي يوسف قال زه صلاة فسدت يصلحها الحدث وهي بكسر الزاي وسكون الهاء كلمة تقولها الأعاجم عند استحسان الشيء وإنما قالها أبو يوسف على سبيل التهكم والتعجب
شرح المنية
وقيل الصواب بالضم والزاي ليست بخالصة
بحر عن المغرب
وقوله فسدت أي قاربت الفساد أو سماها أبو يوسف فاسدة بناء على مذهبه
قوله ( والعبرة للإمام ) أي في العود قبل التقييد وفي عدمه ط
قوله ( لم تفسد صلاتهم ) لأنه لما عاد الإمام إلى القعدة ارتفض ركوعه فيرتفض ركوع القوم أيضا تبعا له لأنه مبني عليه فبقي لهم زيادة سجدة وذلك لا يفسد الصلاة
بحر عن المحيط وهذا إنما يظهر لو ركع الإمام فلو عاد قبل الركوع وركع القوم وسجدوا فسدت لزيادتهم ركعة على ما يظهر
وفي الفتح ولا يتابعونه إذا قام وإذا عاد لا يعيدون التشهد ط
قوله ( ما لم يتعمدوا السجود ) قيد به لما في المجتبى لو عاد الإمام إلى القعود قبل السجود وسجد المقتدي عمدا تفسدد وفي السهو خلاف والأحوط الإعادة ا هـ بحر
أقول مقتضى التعليل المار بارتفاض ركوع القوم بارتفاض ركوع الإمام أنه لا فرق بين العمد وغيره فليتأمل
تتمة يتفرع أيضا على قوله والعبرة للإمام ما في البحر عن الخانية لو تشهد المقتدي وسلم قبل أن يقيد الخامسة بالسجدة ثم قيدها بها فسدت صلاتهم جميعا
قوله ( ولو في العصر والفجر ) بناء على أن المراد بالسادسة ركعة زائدة وإلا فهي في الفجر رابعة وأتى بالمبالغة للرد على ما في السراج من استثناء العصر وما في قاضيخان من استثناء الفجر لكراهة التنفل بعدهما
واعترضهما في البحر بأنه في المسألة الآتية إذا قعد على الرابعة وقيد الخامسة بسجدة يضم سادسة ولو في الأوقات المكروهة ولا فرق بينهما ا هـ
وأورد في النهر أيضا أنه إذا لم يقعد وبطل فرضه كيف لا يضم في العصر ولا كراهة في التنفل قبله ثم أجاب بأنه يمكن حمله على ما إذا كان يقضي عصرا أو ظهرا بعد العصر
تنبيه لم يصرح بالمغرب كما صرح بالفجر والعصر مع أنه صرح به القهستاني ومقتضاه أنه يضم إلى الرابعة خامسة لكن في الحلية لا يضم إليها أخرى لنصهم على كراهة التنفل قبلها وعلى كراهته بالوتر مطلقا ا هـ
قلت ومقتضاه أنه إذا سجد للرابعة يسلم فورا و يقعد لها لئلا يصير متنفلا قبل المغرب
وقد يجاب بما يشير
____________________
(2/86)
إليه الشارح بأن الكراهة مختصة بالتنفل المقصود فلا ضرورة إلى قطع الصلاة بالسلام وأما أنه لا يضم إليها خامسة فظاهر لئلا يكون تنفلا بالوتر فالأوجه عدم ذكر المغرب كما فعل الشارح
ثم رأيت في الإمداد قال وسكت عن المغرب لأنها صارت أربعا فلا يضم فيها
قوله ( إن شاء ) أشار إلى أن الضم غير واجب بل هو مندوب كما في الكافي تبعا للمبسوط وفي الأصل ما يفيد الوجوب والأول أظهر كما في البحر
قوله ( لاختصاص الكراهة الخ ) جواب عما قد يقال إن التنفل بعد العصر والفجر مكروه وفي غيرهما وإن لم يكره لكن يجب إتمامه بعد الشروع فيه فكيف قلت ولو بعد العصر والفجر وقلت إنه مخير إن شاء ضم وإلا فلا والجواب أنه لم يشرع في هذا النفل قصدا وما ذكرته من الكراهة ووجوب الإتمام خاص بالتنفل قصدا لكن الضم هنا خلاف الأولى كما يأتي ما يفيده
قوله ( لأن النقصان ) أي الحاصل بترك القعدة لا ينجبر بسجود السهو
فإن قلت إنه وإن فسد فرضا فقد صح نفلا ومن ترك القعدة في النفل ساهيا وجب عليه سجود السهو فلماذا لم يجب عليه السجود نظرا لهذا الوجه قلت إنه في حال ترك القعدة لم يكن نفلا إنما تحققت النفلية بتقييد الركعة بسجدة والضم فالنفلية عارضة ط قوله ( مثلا ) أي أو قعد في ثالثة الثلاثي أو في ثانية الثنائي ح
قوله ( ثم قام ) أي ولم يسجد
قوله ( عاد وسلم ) أي عاد للجلوس لما مر أن ما دون الركعة محل للرفض
وفيه إشارة إلى أنه لا يعيد التشهد وبه صرح في البحر
قال في الإمداد والعود للتسليم جالسا سنة لأن السنة التسليم جالسا والتسليم حالة القيام غير مشروع في الصلاة المطلقة بلا عذر فيأتي به على الوجه المشروع فلو سلم قائما لم تفسد صلاته وكان تاركا للسنة ا هـ
قوله ( ثم الأصح الخ ) لأنه لا اتباع في البدعة وقيل يتبعونه مطلقا عاد أو لا
قوله ( فإن عاد ) أي قبل أن يقيد الخامسة بسجدة تبعوه أي في السلام
قوله ( إذ لم يبق عليه إلا السلام ) أشار به إلى أن معنى تمام فرضه عدم فساده وإلا فصلاته ناقصة كما يأتي في قوله لنقصان فرضه بتأخير السلام إليه أشار في البحر ح
قوله ( وضم إليها سادسة ) أي ندبا على الأظهر وقيل وجوبا ح عن البحر
قوله ( لو في العصر الخ ) أشار إلى أنه لا فرق في مشروعية الضم بين الأوقات المكروهة وغيرها لما مر أن التنفل فيها إنما يكره لو عن قصد وإلا فلا وهو الصحيح
زيلعي
وعليه الفتوى
مجتبى
وإلى أنه كما لا يكره في العصر لا يكره في الفجر خلافا للزيلعي ولذا سوى بينهما في الفتح وصرح في التجنيس بأن الفتوى على أنه لا فرق بينهما في عدم كراهة الضم
قوله ( والضم هنا آكد ) لأن فرضه قد تم فلو قطع هاتين الركعتين بأن لا يسجد للسهو لزم ترك الواجب ولو جلس من القيام وسجد للسهو لم يؤد سجود السهو على الوجه المسنون فلا بد من ضم سادسة ويجلس على الركعتين ويسجد للسهو بخلاف المسألة الأولى لأن الفرضية لم تبق ليحتاج إلى تدارك نقصانها ح عن الدرر
قوله ( ولا عهدة لو قطع ) أي لا يلزمه القضاء لو لم يضم وسلم لأنه لم يشرع به مقصودا كما مر
قوله ( ولا بأس الخ ) أي لو ضم في وقت مكروه كالعصر والفجر وقيل يكره
والمعتمد المصحح أنه لا بأس به
قال في البحر بمعنى أن الأولى تركه فظاهره أنه لم يقل أحد بوجوبه ولا باستحبابه ا هـ
____________________
(2/87)
وقد يقال إن الوقت المكروه لما كان مظنة أن يتوهم أن في الصلاة فيه بأسا صرحوا بنفي البأس لذلك لا لكون الأولى تركها بل الأولى فعلها بدليل قولهم لو تطوع فصلى ركعة فالأولى أن يتمها لأنه لم يتنفل بعد الفجر قصدا إلا أن يفرق بأن ابتداء الشروع في التطوع هنا مقصود فكانت له حرمة بخلافه في مسألتنا لكن قد يقال إن عدم الإتمام هنا يلزم منه ترك السجود الواجب أو فعله لا على الوجه المسنون كما مر في علة كون الضم هنا آكد وعلى هذا فالضم في المسألة الأولى في الأوقات المكروهة خلاف الأولى لأنه لا سجود سهو فيها كما مر
قوله ( في الصورتين ) أي ما إذا لم يسجد للخامسة أو سجد
قوله ( وتركه في الثانية ) أي ترك سلام الفرض الخاص به وهو ما لا يكون بينه وبين قادة الفرض صلاة وها هنا وإن كان سلامه على رأس الست مخرجا من جميع الصلاة لكن فاته السلام المخصوص ا هـ ح
قوله ( والركعتان الخ ) لم يذكر حكم ما تحول نفلا في المسألة الأولى هل ينوب عن قبلية الظهر إذا لم يكن صلاها قال بعض الفضلاء نعم
واعترض بما ذكر في تعليل المسألة هنا وفيه نظر لأن الشروع فيما مر كان بتحريمة مبتدأة غايته أنه انقلب فيه وصف ما شرع فيه قصدا إلى النفلية بخلاف الركعتين هنا فإنه لم يشرع فيهما قصدا ولا وجدت لهما تحريمة مبتدأة وقد مر في باب النوافل أنه لو صلى ركعتين من التهجد فظهر وقوعهما بعد طلوع الفجر أجزأته عن سنة الفجر في الصحيح بخلاف ما لو صلى أربعا فظهر وقوع ركعتين منهما بعد الفجر لأنهما ليستا بتحريمة مبتدأة فتأمل
قوله ( ولو اقتدى به الخ ) أي لو اقتدى شخص بالذي قعد على الرابعة ثم قام وضم سادسة صلاهما أي الركعتين أيضا أي مع الأربع
والأولى أن يقول صلى الأربع أيضا لأن صلاة الركعتين محل وفاق فعند أبي يوسف يصلي ركعتين فقط بناء على أن إحرام الفرض انقطع بالانتقال إلى النفل
وعند محمد ستا وهو الأصح لأنه لو انقطعت التحريمة لاحتاج إلى تكبيرة جديدة فصار شارعا في الكل
ح عن البحر ملخصا
قوله ( وإن أفسد ) أي المقتدي الركعتين قضاهما فقط لأنه شرع في هذا النفل قصدا فكان مضمونا عليه بخلاف الإمام لشروعه فيه ساهيا وهذا كله فيما إذا قعد الإمام في الرابعة فإن لم يقعد يصلي المقتدي ستا كما إذا أفسدهما كما في القهستاني عن المحيط لأنه التزم صلاة الإمام وهي ست ركعات نفلا كما في البحر
تتمة لو اقتدى به مفترض في قيام الخامسة بعد القعود قدر التشهد لم يصح ولو عاد إلى القعدة لأنه لما قام إلى الخامسة فقد شرع في النفل فكان اقتداء المفترض بالمتنفل ولو لم يفقد قدر التشهد صح الاقتداء لأنه لم يخرج من الفرض وقبل أن يقيدها بسجدة
بحر
عن السراج
قوله ( سهوا ) قيد بالنظر إلى قوله سجد لا إلى قوله ولم تفسد وهذه المسألة تقدمت بعينها في باب النوافل ح وقدمنا الكلام عليها هناك فراجعه
قوله ( وقدمنا ) أي عند قول المتن سها عن القعود الأول
قوله ( وقيل لا ) أي لا يعود بعد ما استتم قائما كالفرض وقدمنا أنه في التاترخانية صححه
قال في شرح المنية والخلاف فيما إذا أحرم بنية الأربع فإن نوى ثنتين عاد اتفاقا
قوله ( فسجد له ) أي للسهو
قوله ( بعد السلام ) وكذا قبله كما يفيده ما يذكره من التعليل وكأن المصنف قيد به تبعا
____________________
(2/88)
للخلاصة لكونه السنة في محل السجود عندنا لا لكون البعدية أولى كما قيل فافهم
قوله ( عليه ) أي على ما صلى ط
قوله ( تحريما ) لما يأتي من أن نقض الواجب لا يجوز
قوله ( لئلا يبطل سجوده الخ ) ونقض الواجب وإبطاله لا يجوز إلا إذا استلزم تصحيحه نقض ما هو فوقه
بحر عن الفتح أي كما في مسألة المسافر الآتية
قال ح قال شيخنا هذا في البناء على النفل
وأما البناء على الفرض ففيه كراهتان أخريان الأولى تأخير سلام المكتوبة الثانية الدخول في النفل بلا تحريمة مبتدأة ا هـ
قال ط وهذا الأخير يظهر أيضا في بناء النفل على مثله إذا كان نوى أولا ركعتين ا هـ تأمل
قوله ( بخلاف المسافر الخ ) أي لو كان مسافرا فسجد للسهو ثم نوى الإقامة فله ذلك لأنه لو لم يبن وقد لزم الإتمام بنية الإقامة بطلت صلاته وفي البناء نقض الواجب وهو أدنى فيتحمل دفعا للأعلى
بحر
قوله ( ويعيد وهو ) أي من ليس له البناء وهو بإطلاقه يشمل المفترض ويخالفه ما قدمه أول الباب عن القنية من أنه لو بنى النفل على فرض سها فيه لم يسجد وقدمنا الكلام عليه
قوله ( والمسافر ) الأولى أن يقول كالمسافر لئلا يوهم قوله على المختار أن فيه خلافا مع أنه خلاف ما يفهم من البحر أفاده ط
قلت بل صرح به في الإمداد
قوله ( على المختار ) وقيل لا يعيده لأنه وقع جابرا حين وقع فيعتد به
ح عن الإمداد
قوله ( يخرجه من الصلاة الخ ) هذا عندهما وأما عند محمد فإنه لا يخرجه منها أصلا كما في البحر وغيره
قوله ( إن سجد عاد الخ ) أفاد أن معنى التوقف أنه يخرجه منها من كل وجه على احتمال أن يعود إلى حرمتها بالسجود بعد خروجه منها
ولهم فيه تفسير آخر وهو أنه قبل السجود يتوقف على ظهور عاقبته إن سجد تبين أنه لم يخرجه وإن لم يسجد تبين أنه أخرجه من وقت وجوده وتمامه في الفتح
قوله ( بنية الإقامة ) أي بعد السلام وقبل السجود كما هو فرض المسألة أما قبل السلام فلا شك في أنه يصير فرضه أربعا لأنه لم يخرج من حرمة الصلاة اتفاقا وكذا بعد السلام والسجود لأنه في حرمة الصلاة اتفاقا أما على قول محمد فظاهر وأما على قولهما فلأنه عاد إلى حرمتها بالسجود وهذه المسألة الأخيرة هي التي تقدمت في قوله بخلاف المسافر
قوله ( كذا في عامة الكتب ) في بعض النسخ كذا في غاية البيان وهي الصواب لأن المذكور في عامة الكتب كالهداية وشروحها والكافي وقاضيخان وغيرها عدم انتقاض الطهارة وعدم صيرورة الفرض أربعا عندهما من غير تفصيل بين العود إلى السجود وعدمه
وإنما ذكروا هذا التفصيل في مسألة الاقتداء فقد لعدم إمكانه في غيرها أما إجراء التفصيل في المسائل الثلاث كما فعل المصنف فهو مذكور في غاية البيان كما نقله عنها في البحر وكذا في متن الوقاية والدرر والملتقى وقد نبه غير واحد على غلطهم وكذا قال القهستاني إن ما سوى مسألة الاقتداء ليس من فروع الخلاف إلا إذا سقط الشرطيتان
وفي الوقاية هنا سهو مشهور ا هـ
وأراد بالشرطيتين قوله إن عاد إلى السجود وإلا فلا
والحاصل أن الصواب في التعبير أن يقول كما قال ابن الكمال سلام من عليه السهو يخرجه منها خروجا موقوفا عندهما خلافا لمحمد فيصح الاقتداء به إن سجد بعد وإلا فلا ولا يبطل وضوءه بالقهقهة
ولا يصير فرضه
____________________
(2/89)
أربعا بنية الإقامة ا هـ
وعند محمد يصح الاقتداء مطلقا ويبطل الوضوء ويصير الفرض أربعا فالخلاف في المسائل الثلاث لكن المسألة الأولى عندهما على التفصيل المذكور دون الأخيرتين فإجراء التفصيل في المسائل الثلاث كما فعل المصنف غلط مخالف لعامة الكتب
قوله ( وهو غلط في الأخيرتين الخ ) أي ذكر الشرطيتين وهما قوله إن سجد وإلا لا غلط في المسألتين الأخيرتين لأنه عندهما لا تفصيل فيهما وإنما التفصيل المذكور في الأولى فقط كما ذكرنا
أما في القهقهة فلأنها أوجبت سقوط السجود عند الكل لفوات حرة الصلاة لأنها كلام فالحكم النقض عنده وعدمه عندهما كما صرح به في المحيط وشرح الطحاوي
بحر أي لأنه عند محمد لم يخرج بالسلام عن حرمة الصلاة فانتقضت طهارته
وعندهما خرج من كل وجه ولا يمكنه أن يعود إلى الصلاة بالسجود لوجود المنافي وهو القهقهة لأنها كلام كما لو سلم وأحدث عمدا بعده فإن سلامه لم يبق موقوفا بعد الحدث
وأما في نية الإقامة فقال في المحيط وغيره إنه لا يتغير فرضه ويسقط عند سجود السهو
وفي المعراج سواء سجد أو لا لأنه لو تغير به لصحت نيته قبله ولو صحت لوقعت السجدة في وسط الصلاة ولا يتعد بها فصار كأنه لم يسجد أصلا فلو صحت لصحت بلا سجود
بحر ونهر
وحاصله أنه لو صح سجوده لبطل وما يؤدي تصحيحه إلى إبطاله فهو باطل
وفيه دور أيضا يوضحه ما في البزازية أنه عندهما خرج من الصلاة ولا يعود إلا بعوده إلى سجوده السهو ولا يمكنه العود إليه إلا بعد تمام الصلاة ولا يمكنه إتمام الصلاة إلا بعد العود إلى السجود فجاء الدور
قال وبيانه أنه لا يمكنه العود إلى سجوده لأنه سجوده ما يكون جابرا والجابر بالنص هو الواقع في آخر الصلاة ولا آخر لها قبل التمام فقلنا بأنه تمت صلاته وخرج منها قطعا للدور ا هـ
والحاصل أنه حيث لم يمكنه العود إلى السجود لما علمته لم يمكن عوده إلى الصلاة فبقي خارجا منها بالسلام خروجا باتا حتى لو سجد وقع لغوا كما لو سجد بعد القهقهة في المسألة التي قبلها أو بعد الحدث العمد ولذا صرح الكمال وغيره من الشراح كصاحب النهاية والعناية وقاضيخان بأنه لا يتغير فرضه بنية الإقامة لأن النية لم تحل في حرمة الصلاة فقد ظهر لك بهذا التقرير سقوط ما ذكره في الإمداد منتصرا لما في غاية البيان في هذه المسألة بما حاصله أن عدم صحة نية الإقامة إنما هو على تقدير عدم السجود وهو قد سجد فتصح نيته لما في الدراية إذا سجد فنوى الإقامة صحت ا هـ
فكذلك هنا وإلا لزم التناقض
وقول الكمال إن النية لم تحصل في حرمة الصلاة غير مسلم لتصريحه بأن سلام من عليه السهو لا يخرجه منها ويلزم صاحب البحر في قوله لئلا يقع في خلال الصلاة أن نية الإقامة بعد سجوده لا تصح لوقوع السجود في خلال الصلاة مع اتفاقهم على صحتها
أقول والجواب ما تحققته من أنه إذا سجد وقع لغوا فكأنه لم يسجد فلم يعد إلى حرمة الصلاة فلم تصح نيته بخلاف ما في الدراية فإنه إذا سجد أولا عاد إليها فصحت نيته بخلاف ما إذا نوى أولا ثم سجد فإنه لا يعود إليها لما علمته من الدور واستلزام صحة السجود بطلانه فلا تناقض بين المسألتين
وأما ما ذكره الكمال فقد صرح به غيره كما علمت وتصريحه بأن سلام من عليه السهو لا يخرجه منها أي خروجا باتا بل يخرجه على احتمال العود إن أمكن وهنا لم يمكن للمحذور المذكور وقولهم تصح نية الإقامة بعد السجود ويلغو السجود لوقوعه في خلال الصلاة صحيح لأن إلغاء السجود فيه لم يكن بسبب إيجابه المقتضي للدور كما في مسألتنا بل بسبب تصحيح النية
____________________
(2/90)
فيه الموجبة للإتمام وتصحيح النية فيه لا يستدعي إيجاب السجود بخلاف مسألتنا فإن فيها يلزم من صحة النية أن تصح بلا سجود لوقوعه في وسط الصلاة ومع عدم السجود لا يعود إلا حرمة الصلاة وإذا لم يعد إليها لم تصح نية الإقامة فيلزم الدور
وبعد تقرير هذا الجواب بما ذكرنا رأيت شيخ مشايخنا الرحمتي ذكر نحوه ولله الحمد فافهم
قوله ( ويسجد للسهو ولو مع سلامه للقطع ) أي قطع الصلاة وعدم العود إليها بالسجود قيد بالسهو لأنه لو سلم ذاكرا أن عليه سجده تلاوة أو قراءة التشهد الأخير سقطت عنه لأن سلامه عمد فيخرجه من الصلاة ولا تفسد صلاته لأنه لم يبق عليه ركن من أركان الصلاة بل تكون ناقصة لترك الواجب وكذا لو سلم وعليه تلاوية وسهوية ذاكرا لهما أو للتلاوية سقطتا إلا إذاتذكر أنه لم يتشهد ولو سلم وعليه صلبية فقط أو صلبية وسهوية ذاكرا لهما أو للصلبية فقط فسدت صلاته ولو عليه تلاوية أيضا فسلم ذاكرا لها أو للصلبية فسدت أيضا وهذا في الصلبية ظاهر لأنها ركن
وأما في التلاوية فمقتضى ما مر أنها لا تفسد وهو رواية أصحاب الإملاء عن أبي يوسف لأن سلامه في حق الركن سلام سهو وفي حق الواجب سلام عمد وكلاهما لا يوجب فساد الصلاة لكن ظاهر الرواية أنها تفسد لأن سلام السهو لا يخرج وسلام العمد يخرج فترجح جانب الخروج احتياطا
وما أحسن قول محمد فسدت في الوجهين أي في تذكر التلاوية أو الصلبية لأنه لا يستطيع أن يقضي التي كان ذاكرا لها بعد التسليم وإذا جعل عليه قضاء التي كان ناسيا لها وجب أن يقضي التي كان ذاكرا لها وتمام ذلك في الفتح والبدائع
قوله ( لبطلان التحريمة ) أي بالتحول أو التكلم وقيل لا يقطع للتحول ما لم يتكلم أو يخرج من المسجد كما في الدرر عن النهاية
إمداد
قوله ( ولو نسي السهو الخ ) أو في كلامه مانعة الخلو فيصدق بسبع صور وهي ما لو كان عليه سهوية فقط أو صلبية فقط أو تلاوية فقط أو كان عليه الثلاثة أو اثنتان منها أي صلبية مع تلاوية أو سهوية مع إحداهما ففي هذه كلها إذا سلم ناسيا لما عليه كله أو لما سوى السهوية لا يعد سلامه قاطعا فإذا تذكر يلزمه ذلك الذي تذكره ويرتب بين السجدات حتى لو كان عليه تلاوية وصلبية يقضيهما مرتبا وهذا يفيد وجوب النية في المقضي من السجدات كما ذكر في الفتح ثم يتشهد ويسلم ثم يسجد للسهو
وقيدنا بقولنا أي لما سوى السهوية لأنه لو سلم ذاكرا لها ناسيا لغيرها يلزمه أيضا لأن السلام مع تذكر سجود السهو لا يقطع بخلاف تذكر غيرها فإنه يقطع عن التفصيل المار قبل ذلك فافهم
قوله ( ما دام في المسجد ) أي وإن تحول عن القبلة استحسانا لأن المسجد كله في حكم مكان واحد ولذا صح الاقتداء فيه وإن كان بينهما فرجة
وأما إذا كان في الصحراء فإن تذكر قبل أن يجاوز الصفوف من خلفه أو يمينه أو يساره عاد إلى قضاء ما عليه لأن ذلك الموضع ملحق بالمسجد وإن مشى أمامه فالأصح اعتبار موضع سجوده أو سترته إن كان له سترة بين يديه كما في البدائع والفتح
تنبيه قال هنا ما دام في المسجد وفيما قبله ما لم يتحول عن القبلة ولعل وجه الفرق أن السلام هنا لما كان سهوا لم يجعل مجرد الانحراف عن القبلة مانعا ولما كان فيما قبله عمدا جعل مانعا على أحد القولين وهو ما مشى عليه المصنف لما في البدائع من أن السجود لا يسقط بالسلام ولو عمدا إلا إذا فعل فعلا يمنعه من البناء بأن تكلم أو قهقه أو أحدث عمدا أو خرج من المسجد أو صرف وجهه عن القبلة وهو ذاكر له لأنه فات محله وهو تحريمة الصلاة فسقط ضرورة فوات محله ا هـ تأمل
قوله ( توهما ) أي ذا توهم أو متوهما
قوله ( أتمها أربعا ) إلا إذ سلم قائما في غير جنازة كما قدمه
____________________
(2/91)
في مفسدات الصلاة لأن القيام في غير الجنازة ليس مظنة للسلام فلا يغتفر السهو فيه
قوله ( لأنه دعاء من وجه ) أي فلذا خالف الكلام حيث كان مبطلا ولو ساهيا
قوله ( لأنه سلام عمد ) استشكل العلامة المقدسي الفرق بينه وبين ما قبله فإنه عمد أيضا
قلت وذكر في شرح المنية الفرق بأنه في الأول سلام على ظن إتمام الأربع فيكون سلامه سهوا وهنا سمل عالما بأنه صلى ركعتين فوقع سلامه عمدا فيكون قاطعا فلا يبني ا هـ
وفي التاترخانية أن السهو وإن وقع في أصل الصلاة أوجب فسادها وإن في وصفها فلا فالأول كما إذا سلم على الركعتين على ظن أنه في الفجر أو الجمعة أو السفر والثاني كما إذا سلم عليهما على ظن أنها رابعة ا هـ أي لأن العدد بمنزلة الوصف
والحاصل أنه إذا ظن أنها الفجر مثلا يكون قاصدا لإيقاع السلام على رأس الركعتين فيكون متعمدا للخروج قبل إتمام الصلاة التي شرع فيها بخلاف ما إذا سلم على ظن الإتمام فإنه لم يتعمد إلا إيقاعه بعد الأربع فوقع قبلها سهوا وبالجملة فالسلام من حيث ذاته عمد فيهما ومن حيث محله مختلف فتدبر
قوله ( وقيل لا تبطل الخ ) ذكره في البحر بحثا أخذا مما في المجتبى لو سلم المصلي عمدا قبل التمام قيل تفسد وقل لا حتى يقصد به خطاب آدمي ا هـ
فقال في البحر فينبغي أن لا تفسد في هذه المسائل على القول الثاني ا هـ
ومثله في النهر
قال الشيخ إسماعيل وهو ظاهر والأول المجزوم به في كتب عديدة معتمدا ا هـ
قوله ( عدمه في الأوليين ) الظاهر أن الجمع الكثير فيما سواهما كذلك كما بحثه بعضهم ط وكذا بحثه الرحمتي وقال خصوصا في زماننا
وفي جمعه حاشية أبي السعود عن العزمية أنه ليس المراد عدم جوازه بل الأولى تركه لئلا يقع الناس في فتنة ا هـ
قوله ( وبه جزم في الدرر ) لكنه قيده محشيها الواني بما إذا حضر جمع كثير وإلا فلا داعي إلى الترك ط
قوله ( وإذا شك ) هو تساوي الأمرين
بحر وقدمناه
قوله ( في صلاته ) قال في فتح القدير قيد به لأنه لو شك بعد الفراغ منها أو بعد ما قعد قدر التشهد لا يعتبر إلا إذا وقع في التعيين فقط بأن تذكر بعد الفراغ أنه ترك فرضا وشك في تعيينه قالوا يسجد سجدة ثم يقعد ثم يصلي ركعتين بسجدتين ثم يقعد ثم يسجد للسهو لاحتمال أن المتروك الركوع فيكون السجود لغوا بدونه فلا بد من ركعة بسجدتين ا هـ
قال في البحر ولا حاجة إلى هذا الاستثناء لأن الكلام في الشك بعد الفراغ وهذا تيقن ترك ركن غير أنه شك في تعيينه نعم يستثنى ما في الخلاصة لو أخبره عدل بعد السلام أنك صليت الظهر ثلاثاوشك في صدقه يعيد احتياطا لأن الشك في صدقه شك في الصلاة
قوله ( من لم يكن ذلك عادة له ) هذا قول شمس الأئمة السرخسي واختاره في البدائع ونص في الذخيرة على أنه الأشبه
قال في الحلية وهو كذلك
وقال فخر الإسلام من لم يقع له في هذه الصلاة واختاره ابن الفضل
قوله ( وقيل الخ ) ثمرة الخلاف تظهر فيما لو سها في صلاته أول مرة واستقبل ثم لم يسه سنين ثم سها فعلى قول السرخسي يستأنف لأنه لم يكن من عادته وإنما حصل له مرة واحدة والعادة إنما هي من المعاودة أي والشرط أن لا يكون معتادا له قبل هذه الصلاة وكذا على قول
____________________
(2/92)
فخر الإسلام خلافا لما وقع في السراج من أنه يتحرى كما يتحرى على القول الثالث كما في البحر
وفي عبارة النهر هنا سهو فاجتنبه
قوله ( كما صلى ) أشار بالكمية إلى أن الشك في العدد فلو في الصفة كما لو شك في ثانية الظهر أنه في العصر وفي الثالثة أنه في التطوع وفي الرابعة أنه في الظهر قالوا يكون في الظهر ولا عبرة بالشك وتمامه في البحر
قوله ( استأنف بعمل مناف الخ ) فلا يخرج بمجرد النية كذا قالوا
وظاهره أنه لا بد من العمل فلو لم يأت بمناف وأكملها على غالب ظنه لم تبطل إلا أنها تكون نفلا ويلزمه أداء الفرض ولو كانت نفلا ينبغي أن يلزمه قضاؤه وإن أكملها لوجوب الاستئناف عليه
بحر
وأقره في النهر والمقدسي
قوله ( وإن كثر شكه ) بأن عرض له مرتين في عمره على ما عليه أكثرهم أو في صلاته على ما اختاره فخر الإسلام
وفي المجتبى وقيل مرتين في سنة ولعله على قول السرخسي
بحر ونهر
قوله ( للحرج ) أي في تكليفه بالعمل باليقين
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يغلب على ظنه شيء فلو شك أنها أولى الظهر أو ثانيته يجعلها الأولى ثم يقعد لاحتمال أنها الثانية ثم يصلي ركعة ثم يقعد لما قلنا ثم يصلي ركعة ويقعد لاحتمال أنها الرابعة ثم يصلي أخرى ويقعد لما قلنا فيأتي بأربع قعدات قعدتان مفروضتان وهما الثالثة والرابعة وقعدتان واجبتان ولو شك أنها الثانية أو الثالثة أتمها وقعد ثم صلى أخرى وقعد ثم الرابعة وقعد وتمامه في البحر وسيذكر عن السراج أنه يسجد للسهو
قوله ( ولو واجبا ) معطوف على محذوف أي فرضا كان القعود ولو واجبا أو إذا كان فرضا ولو واجبا فكذلك على حذف جواب لو الشرطية فالتعليل ناظر إلى المذكور والمحذوف
هذا وقول الهداية والوقاية يقعد في كل موضع يتوهم أنه آخر صلاته يدل على أنه لا يقعد على الثانية والثالثة ولذا نسبه في الفتح إلى القصور
واعتذر عنه في البحر بأن فيه خلافا فلعله بناه على أحد القولين وإن كان الظاهر القعود مطلقا ا هـ
قلت لكن في القهستانيعن المضمرات أن الصحيح أنه لا يقعد على الثانية والثالثة لأنه مضطر بين ترك الواجب وإتيان البدعة والأول أولى من الثاني ثم قال لكن فيه اختلاف المشايخ ا هـ
وأقول يريد ما في الفتح ما صرحوا به في عدة كتب أن ما تردد بين البدعة والواجب يأتي به احتياطا بخلاف ما تردد بين البدعة والسنة
قوله ( واعلم الخ ) قال في المنية وشرحها الصغير ثم الأصل في التفكر أنه إن منعه عن أداء ركن كقراءة آية أو ثلاث أو ركوع أو سجود أو عن أداء واجب كالقعود يلزمه السهو لاستلزام ذلك ترك الواجب وهو الإتيان بالركن أو الواجب في محله وإن لم يمنعه عن شيء من ذلك بأن كان يؤدي الأركان ويتفكر لا يلزمه السهو
وقال بعض المشايخ إن منعه التفكر عن القراءة أو عن التسبيح يجب عليه سجود السهو وإلا فلا فعلى هذا القول لو شغله عن تسبيح الركوع وهو راكع مثلا يلزمه السجود وعلى القول الأول لا يلزمه وهو الأصح ا هـ
وبه علم أن قول المصنف ولا تسبيح مبني على خلاف الأصح وقول البعض ودخل في قوله أو عن أداء واجب ما لو شغله عن السلام لما في الظهيرية لو شك بعد ما قعد قدر التشهد أصلي ثلاثا أو أربعا حتى شغله ذلك عن السلام ثم استيقن وأتم صلاته فعليه السهو ا هـ
وعلله في البدائع بأنه أخر الواجب وهو السلام ا هـ
وظاهره لزوم السجود وإن كان مشتغلا بقراءة الأدعية أو الصلاة وهو مبني على ما قاله شمس الأئمة من أنه ليس المراد
____________________
(2/93)
أن يشغله التفكر عن ركن أو واجب فإن ذلك يوجب سجدتي السهو بالإجماع وإنما المراد به شغل قلبه بعد أن تكون جوارحه مشغولة بأداء الأركان ومثله ما في الذخيرة من أنه لو كان في ركوع أو سجود فطول في تفكره وتغير عن حاله بالتفكر فعليه سجود السهو استحسانا لأنه وإن كان تفكره ليس إلا إطالة القيام أو الركوع أو السجود وهذه الأذكار سنة لكنه أخر واجبا أو ركنا لا بسبب إقامة السنة بل بسبب التفكر وليس التفكر من أعمال الصلاة ا هـ
قلت والحاصل أنه اختلف في التفكر الموجب للسهو فقيل ما لزم منه تأخير الواجب أو الركن عن محله بأن قطع الاشتغال بالركن أو الواجب قد أداء ركن وهو الأصح وقيل مجرد التفكر الشاغل للقلب وإن لم يقطع الموالاة وهذا كله إذا تفكر في أفعال هذه الصلاة أما لو تفكر في صلاة قبلها هل صلاها أم لا ففي المحيط أنه ذكر في بعض الروايات أنه لا سهو عليه وإن أخر فعلا كما لو تفكر في أمر من أمور الدنيا حتى أخر ركنا وفي رواية يلزمه لتمكن النقص في صلاته لأنه يجب عليه حفظ تلك الصلاة حتى يعلم جواز صلاته هذه بخلاف أعمال الدنيا فإنه لم يجب عليها حفظها
واستظهر في الحلية هذه الرواية وأنه لو لزم ترك الواجب بالتفكر في أمور الدنيا يلزمه السجود أيضا
واستظهر أيضا القول الأول بأن الملزم للسجود ما كان فيه تأخير الواجب أو الركن عن محله إذ ليس في مجرد التفكر مع الأداء ترك واجب وتمام الكلام فيها وفي فتاوى العلامة قاسم
قوله ( سواء عمل بالتحري ) أي بأن غلب على ظنه أنها الركعة الثانية مثلا وقوله أو بنى على الأقل أي بأن لم يغلب على ظنه شيء وأخذ بالأقل
قوله ( لكن في السراج الخ ) استدراك عن ما في الفتح من لزوم السجود في الصورتين وقوله مطلقا أي سواء تفكر قدر ركن أو لا وهذا التفصيل هو الظاهر لأن غلبة الظن بمنزلة اليقين فإذا تحرى غلب على ظنه شيء لزمه الأخذ به ولا يظهر وجه لإيجاب السجود عليه إلا إذا طال تفكره على التفصيل المار بخلاف ما إذا بنى على الأقل لأن فيه احتمال الزيادة كما أفاد في البحر
قوله ( أخبره عدل الخ ) تقدم أن الشك خارج الصلاة لا يعتبر وأن هذه الصورة مستثناة وقيد بالعدل إذ لو أخبره عدلان لزمه الأخذ بقولهما ولا يعتبر شكه وإن لم يكن المخبر عدلا لا يقبل قوله
إمداد
وظاهر قوله أعاد احتياطا الوجوب لكن في التاترخانية إذا شك الإمام فأخبره عدلان يجب الأخذ بقولهما لأنه لو أخبره عدل يستحب الأخذ بقوله ا هـ فتأمل
قوله ( ولو اختلف الإمام والقوم ) أي وقع الاختلاف بينهم وبينه كأن قالوا صليت ثلاثاوقال بل أربعا أما لو اختلف القوم والإمام مع فريق منهم ولو واحدا أخذ بقول الإمام ولو تيقن واحد بالتمام وواحد بالنقص وشك الإمام والقوم فالإعادة على المتيقن بالنقص فقط ولو تيقن الإمام بالنقص لزمهم الإعادة إلا من تيقن منهم بالتمام ولو تيقن واحد بالنقص وشك الإمام والقوم فإن كان في الوقت فالأولى أن يعيدوا احتياطا ولزمت له المخبر بالنقص عدلان
من الخلاصة والفتح
تتمة شك الإمام فلحظ إلى القوم ليعلم بهم إن قاموا قام وإلا قعد لا بأس به ولا سهو عليه
غلب على ظنه
____________________
(2/94)
في الصلاة أنه أحدث أو لم يمسح ثم ظهر خلافه إن كان أدى ركنا استأنف وإلا مضى
تاترخانية
قوله ( وقنت أيضا في الأصح ) وقيل لا يقنت لأن القنوت في الثانية بدعة
والجواب أن ما تردد بين البدعة والواجب يأتي به احتياطا كما مر
وبقي لو قنت في الأولى أو الثانية سهوا فقدم المصنف في باب الوتر أنه لا يقنت في الثالثة ومر ترجيح خلافه
قوله ( شك هل كبر الخ ) أي شك في صلاته
ذخيرة وغيرها
وظاهره أن الشك في جميع هذه المسائل وقع في الصلاة ويدل عليه قول الذخيرة في آخر العبارة إن كان ذلك أول مرة استقبل الصلاة وإلا جاز له المضي ولا يلزمه الوضوء ولا غسل الثوب ا هـ
تأمل
ويخالفه ما في الخلاصة حيث قال شك في بعض وضوئه وهو أول شك غسل ما شك فيه وإن وقع له كثيرا لم يلتفت إليه وهذا إذا شك في خلال وضوئه فلو بعد الفراغ منه لم يلتف إليه ا هـ
لكن سئل العلامة قاسم في فتاويه عمن شك وهو في صلاته أنه على وضوء أم لا فأجاب بأنه إن كان أول ما عرض له أعاد الوضوء والصلاة وإلا مضى في صلاته
قوله ( وظاهر الرواية البناء على الأقل ) كذا عزاه في البحر إلى البدائع ولم أره فيها فليراجع
والذي في لباب المناسك ولو شك في عدد الأشواط في طواف الركن أعاده ولا يبني على غالب ظنه بخلاف الصلاة وقيل إذا كان يكثر ذلك يتحرى ا هـ
وما جزم به في اللباب عزاه في البحر إلى عامة المشايخ والله تعالى أعلم
باب صلاة المريض قيل المرض مفهومه ضروري إذ لا شك أن فهم المراد منه أجلى من قولنا إنه معنى يزول بحلوله في بدن الحي اعتدال الطبائع الأربع فيؤول إلى التعريف بالأخفى
نهر
قوله ( من إضافة الفعل لفاعله أو محله ) كل فاعل محل ولا عكس فإن المريض محل للصلاة فاعل لها والخشبة محل للحركة وليست فاعله لها ح
قوله ( ومناسبته الخ ) لم يبين وجه تأخيره عن سجود السهو وبينه في البحر بقوله والسهم أعم موقعا لشموله المريض والصحيح فكانت الحاجة إلى بيانه أمس فقدمه ح
قوله ( فتأخر الخ ) أي وكان حقه أن يذكر مع سجود السهو لمناسبة بينهما في أن كلا منهما مثل جزء الصلاة أو لأن كلا منهما سجود يترتب على أمر يقع في الصلاة متأخرا عنه إلا أن سجود السهو مختص بالصلاة وسجود التلاوة يقع خارج الصلاة أيضا ح
قوله ( كله ) فسر به لما سيأتي في المتن من قوله وإن قدر على بعض القيام قام ح
قوله ( لمرض حقيقي الخ ) قال في البحر أراد بالتعذر التعذر الحقيقي بحيث لو قام سقط بدليل أنه عطف عليه التعذر الحكمي وهو خوف زيادة المرض
____________________
(2/95)
واختلفوا في التعذر فقيل ما يبيح الإفطار وقيل التيمم وقيل بحيث لو قام سقط وقيل ما يعجزه عن القيام بحوائجه
والأصح أن يلحقه ضرر بالقيام كذا في النهاية والمجتبى وغيرهما ا هـ
فقوله واختلفوا في التعذر أي في غير عبارة المصنف لما علمت أن المراد به في كلامه كالكنز الحقيقي بدليل عطف الحكمي عليه
وبما تقرر ظهر ما في كلام الشارح حيث جعل الحقيقي والحكمي وصفين للمرض مع أنهما صفتان للتعذر لأن المرض فيهما حقيقي وكذا قوله وحده إن كان الضمير فيه للمرض الحقيقي فليس ذلك تعريفا للمرض بل تعريف المرض ما قدمناه وإن كان للتعذر المذكور فقد علمت أن المراد به كلام المصنف الحقيقي وهو ما لو قام لسقط اللهم إلا أن يعود لمطلق التعذر المبيح للصلاة قاعدا كما هو المراد من قول البحر واختلفوا الخ فافهم
وقد يأتي الحد بمعنى التمييز بين الشيئين وعليه فيصح عوده لمطلق المرض أي القدر المميز بين ما تصح معه الصلاة قاعدا ما لا تصح ما يلحقه بالقيام ضرر وهو شامل حينئذ لما إذا تعذر القيام حقيقة بالمعنى المار أو حكما
وأما إذا لم يمكن القيام أصلا فهو مفهوم بالأولى
قوله ( قبلها أو فيها ) صفة لمرض والمرض العارض فيها سيأتي الكلام عليه في قول المتن ولو عرض له مرض فيها ولا ينافي قوله أو فيها تقييده بقوله كله لأن المراد حينئذ تعذر كل القيام الواقع بعد عروض المرض
قوله ( أي الفريضة ) أراد بها ما يشمل الواجب كالوتر وما في حكمة كسنة الفجر احترازا عما عدا ذلك من النوافل فإنها تجوز من قعود بلا تعذر قيام
قوله ( خاف ) أي غلب على ظنه بتجربة سابقة أو إخبار طبيب مسلم حاذق
إمداد
قوله ( بقيامه ) متعلق بخاف أو بزيادة وبطء على سبيل التنازع
قوله ( أو وجد لقيامه ) أي لأجله ألما شديدا وهذا وما قبله وما بعده داخل في أفراد الضرر المذكور في قوله وحده الخ فافهم
قوله ( سلس ) كفرح ط
قوله ( أو تعذر عليه الصوم ) الأولى أن يقول للصوم باللام التعليلية أي تعذر القيام لأجل الصيام
وعبارة البحر ودخل تحت العجز الحكمي ما لو صام رمضان صلى قاعدا وإن أفطر صلى قائما يصوم ويصلي قاعدا
قوله ( كما مر ) أي في باب صفة الصلاة حيث قال وقد يتحتم القعود كمن يسيل جرحه إذا قام أو يسلس بوله أو يبدو ربع عورته أو يضعف عن القراءة أصلا أو عن صوم رمضان ولو أضعفه عن القيام الخروج لجماعة صلى في بيته منفردا به يفتي خلافا للأشباه ح
أقول وقدمنا هناك أنه لو لم يقدر على الإيماء قاعدا كما لو كان بحال لو صلى قاعدا يسيل بوله أو جرحه ولو مستلقيا لا صلى قائما بركوع وسجود لأن الاستلقاء لا يجوز بلا عذر كالصلاة مع الحدث فيترجح ما فيه الإتيان بالأركان كما في المنية وشرحها
ومن العجز الحكمي أيضا ما لو خرج بعض الولد وتخاف خروج الوقت تصلي بحيث يلحق الولد ضرر وما لو خاف العدو لو صلى قائما أو كان في خباء لا يستطيع أن يقيم صلبه وإن خرج لا يستطيع الصلاة لطين أو مطر ومن به أدنى علة فخاف إن نزل عن المحمل بقي في الطريق يصلي الفرض في محمله وكذا المريض الراكب إلا إذا وجد من ينزله
بحر
قوله ( ولو مستندا الخ ) أي إذا لم يلحقه ضرر به بدليل ما مر
قوله ( أو إنسان ) عبر في العناية والفتحوغيرهما بالخادم بدله
قال ح وفيه أن القادر بقدرة الغير عاجز عند الإمام إلا أن يراد بالغير غير الخادم
تأمل ا هـ
أقول قدمنا في باب التيمم أن العاجز عن استعمال الماء بنفسه لو وجد من تلزمه طاعته كعبده وولده وأجيره لزمه الوضوء اتفاقا وكذا غيره ممن لو استعان به أعانه في ظاهر المذهب بخلاف العاجز عن استقبال القبلة
____________________
(2/96)
أو التحول عن الفراش النجس فإنه لا يلزمه عنده
والفرق أنه يخاف عليه زيادة المرض في إقامته وتحويله ا هـ
ومقتضاه أنه لو لم يخف زيادة المرض يلزمه ذلك وقدمنا في بحث الصلاة على الدابة من باب النوافل عن المجتبى ما نصه وإن لم يقدر على القيام أو النزول عن دابته أو الوضوء إلا بالإعانة وله خادم يملك منافعه يلزمه في قولهما وفي قوله نظر
والأصح اللزوم في الأجنبي الذي يطيعه كالماء الذي يعرض للوضوء ا هـ
ولا يخفى أن هذا حيث لا يلحقه ضرب بالقيام فلا يخالف ما قدمناه آنفا
وبه ظهر أن المراد بالإنسان من يطيعه أعم من الخادم والأجنبي وأما عدم اعتبار القدرة بقدرة الغير عند الإمام فلعله ليس على إطلاقه بل في بعض المواضع كما قاله ط ولذا قال في المجتبى وفي قوله نظر أو محمول على ما إذا لم يتيسر له ذلك إلا بكلفة ومشقة فلا يلزمه الانتظار إلى حصوله فليتأمل
قوله ( كيف شاء ) أي كيف تيسر له بغير ضرر من تربع أو غيره
إمداد
قوله ( على المذهب ) جزم به في الغرر ونور الإيضاح وصححه في البدائع وشرح المجمع واختاره في البحر والنهر
قوله ( فالهيئات أولى ) جمع هيئة وهي هنا كيفية القعود
قال ط وفيه أن الأركان إنما سقطت لتعسرها ولا كذلك الهيئات ا هـ تأمل
قوله ( قيل وبه يفتى ) قاله في التجنيس والخلاصة والولوالجية لأنه أيسر على المريض
قال في البحر ولا يخفى ما فيه بل الأيسر عدم التقييد بكيفية من الكيفيات فالمذهب الأول ا هـ
وذكر قبله أنه في حالة التشهد يجلس كما يجلس للتشهد بالإجماع ا هـ
أقول ينبغي أن يقال إن كان جلوسه كما يجلس للتشهد أيسر عليه من غيره أو مساويا لغيره كان أولى وإلا اختار الأيسر في جميع الحالات ولعل ذلك محمل القولين والله أعلم
قوله ( بركوع ) متعلق بقوله صلى ط
قوله ( على المذهب ) في شرح الحلوانينقلا عن الهندواني لو قدر على بعض القيام دون تمامه
أو كان يقدر على القيام لبعض القراءة دون تمامها يؤمر بأن يكبر قائما ويقرأ ما قدر عليه ثم يقعد إن عجز وهو المذهب الصحيح لا يروى خلافه عن أصحابه ولو ترك هذا خفت أن لا تجوز صلاته
وفي شرح القاضي فإن عجز عن القيام مستويا قالوا يقوم متكئا لا يجزيه إلا ذلك وكذا لو عجز عن القعود مستويا قالوا يقعد متكئا لا يجزيه إلا ذلك فقال عن شرح التمرتاشي ونحوه في العناية بزيادة وكذلك لو قدر أن يعتمد على عصا أو كان له خادم لو اتكأ عليه قدر على القيام ا هـ
قوله ( لأن البعض معتبر بالكل ) أي أن حكم البعض كحكم الكل بمعنى أن من قدر على كل القيام يلزمه فكذا من قدر على بعضه
قوله ( بل تعذر السجود كاف ) نقله في البحر عن البدائع وغيرها
وفي الذخيرة رجل بحلقه خراج إن سجد سال وهو قادر على الركوع والقيام والقراءة يصلي قاعدا يومىء ولو صلى قائما بركوع وقعد وأومأ بالسجود أجزأه والأول أفضل لأن القيام والركوع لم يشرعا قربة بنفسهما بل ليكونا وسيلتين إلى السجود ا هـ
قال في البحر لم أر ما إذا تعذر الركوع دون السجود غير واقع ا هـ أي لأنه متى عجز عن الركوع عجز عن السجود
نهر
قال ح أقول على فرض تصوره ينبغي أن لا يسقط لأن الركوع وسيلة إليه ولا يسقط المقصود عند تعذر الوسيلة كما لم يسقط الركوع والسجود عند تعذر القيام
قوله ( لا القيام )
____________________
(2/97)
معطوف على الضمير المرفوع المتصل في قوله تعذرا وهو ضعيف لكونه في عبارة المتن بلا فاصل ولا توكيد
قوله ( أومأ ) حقيقة الإيماء طأطأة الرأس وروي مجرد تحريكها وتمامه في الإمداد عن البحر والمقدسي
قوله ( أومأ قاعدا ) لأن ركنية القيام للتوصل إلى السجود فلا يجب دونه وهذا أولى من قول بعضهم صلى قاعدا إذ يفترض عليه أن يقوم للقراءة فإذا جاء أوان الركوع والسجود أومأ قاعدا كذا في النهر
أقول التعبير ب صلى قاعدا هو ما في الهداية والقدوري وغيرهما وأما ما ذكره من افتراض القيام فلم أره لغيره فيما عندي من كتب المذهب بل كلهم متفقون على التعليل بأن القيام سقط لأنه وسيلة إلى السجود بل صرح في الحلية بأن هذه المسألة من المسائل التي سقط فيها وجوب القيام مع انتفاء العجز الحقيقي والحكمي ا هـ
ويلزم على ما قاله أنه لو عجز عن السجود فقط أن يركع قائم وهو خلاف المنصوص كما علمته آنفا نعم ذكر القهستاني عن الزاهدي أنه يومىء للركوع قائما وللسجود جالسا ولو عكس لم يجز على الأصح ا هـ
وجزم به الولوالجي لكن ذكر ذلك في النهر وقال إلا أن المذهب الإطلاق ا هـ أي يومىء قاعدا أو قائما فيهما فالظاهر أن ما ذكره هنا سهو فتنبه له
قوله ( وهو أفضل الخ ) قال في شرح المنية لو قيل إن الإيماء أفضل للخروج من الخلاف لكان موجها ولكن لم أر من ذكره ا هـ
قوله ( لقربه من الأرض ) أي فيكون أشبه بالسجود
منح
قوله ( ويجعل سجوده أخفض الخ ) أشار إلى أنه يكفيه أدنى الانحناء عن الركوع وأنه لا يلزمه تقريب جبهته من الأرض بأقصى ما يمكنه كما بسطه في البحر عن الزاهدي
قوله ( فإنه يكره تحريما ) قال في البحر واستدل للكراهة في المحيط بنهيه عليه الصلاة والسلام عنه وهو يدل على كراهة التحريم ا هـ
وتبعه في النهر
أقول هذا محمول على ما إذا كان يحمل إلى وجهه شيئا يسجد عليه بخلاف ما إذا كان موضوعا على الأرض يدل عليه ما في الذخيرة حيث نقل عن الأصل الكراهة في الأول ثم قال فإن كانت الوسادة موضوعة على الأرض وكان يسجد عليها جازت صلاته فقد صح أن أم سلمة كانت تسجد على مرفقة موضوعة بين يديها لعلة كانت بها ولم يمنعها رسول الله من ذلك ا هـ
فإن مفاد هذه المقابلة والاستدلال عدم الكراهة في الموضوع على الأرض المرتفع ثم رأيت القهستاني صرح بذلك
قوله ( بالبناء للمجهول ) هذا ليس بلازم وإلا لقال ولا يرفع إلى وجهه شيء ا هـ ح
ولعل وجه ما قال الإشارة إلى كراهته سواء كان بفعله أو فعل غيره له
قوله ( إلا أن يجد قوة الأرض ) هذا الاستثناء مبني على أن قوله ولا يرفع الخ شامل لما إذا كان موضوعا على الأرض وهو خلاف المتبادر بل المتبادر كون المرفوع محمولا بيده أو يد غيره وعليه فالاستثناء منقطع لاختصاص ذلك بالموضوع على الأرض ولذا قال الزيلعي كان ينبغي أن يقال إن كان ذلك الموضوع يصح السجود عليه كان سجودا وإلا فإيماء ا هـ
وجزم به في شرح المنية
و اعترضه في النهر بقوله وعندي فيه نظر لأن خفض الرأس بالركوع ليس إلا إيماء ومعلوم أنه لا يصح السجود بدون الركوع ولو كان الموضوع مما يصح السجود عليه ا هـ
أقول الحق التفصيل وهو أنه إن كان ركوعه بمجرد إيماء الرأس من غير انحناء وميل الظهر فهذا إيماء لا ركوع فلا يعتبر السجود بعد الإيماء مطلقا وإن كان مع الانحناء كان ركوعا معتبرا حتى أنه يصح من المتطوع القادر
____________________
(2/98)
على القيام فحينئذ ينظر إن كان الموضوع مما يصح السجود عليه كحجر مثلا ولم يزد ارتفاعه على قدر لبنة أو لبنتين فهو سجود حقيقي فيكون راكعا ساجدا لا مومئا حتى أنه يصح اقتداء القائم به وإذا قدر في صلاته على القيام يتمها قائما وإن لم يكن الموضوع كذلك يكون موئما فلا يصح اقتداء القائم به وإذا قدر فيها على القيام استأنفها بل يظهر لي أنه لو كان قادرا على وضع شيء على الأرض مما يصح السجود عليه أنه يلزمه ذلك لأنه قادر على الركوع والسجود حقيقة ولا يصح الإيماء بهما مع القدرة عليهما بل شرطه تعذرهما كما هو موضوع المسألة
قوله ( وإلا يخفض ) أي لم يخفض رأسه أصلا بل صار يأخذ ما يرفعه ويلصقه بجبهته للركوع والسجود أو خفص رأسه لهما لكن جعل خفض السجود مساويا لخفض الركوع لم يصح لعدم الإيماء لهما أو للسجود
قوله ( وإن تعذر القعود ) أي قعوده بنفسه أو مستندا إلى شيء كما مر
قوله ( ولو حكما ) كما لو قدر على القعود ولكن بزغ الطبيب الماء من عينيه وأمره بالاستلقاء أياما أجزأه أن يستلقي ويومىء لأن حرمة الأعضاء كحرمة النفس
بحر عن البدائع وسيأتي
قوله ( ورجلاه نحو القبلة ) في البحر عن الخلاصة متوجها نحو القبلة ورأسه إلى المشرق ورجلاه إلى المغرب ا هـ
أقول هذا يتصور في بلادهم المشرقية كبخارى وما والاها فإن قبلتهم لجهة المغرب عكس البلاد المغربية أما في بلادنا الشامية ونحوها إذا استلقى متوجها للقبلة يكون المغرب عن يمينه والمشرق عن يساره وبه اندفع اعتراض بعض المحققين على ما في الخلاصة
قوله ( لكراهة الخ ) هي كراهة تنزيهية ط
قوله ( ويرفع رأسه يسيرا ) أي يجعل وسادة تحت رأسه لأن حقيقة الاستلقاء تمنع الأصحاء عن الإيماء فكيف بالمرضى
بحر
قوله ( الأيمن أو الأيسر ) والأيمن أفضل وبه ورد الأثر
إمداد
قوله ( والأول أفضل ) لأن المستلقي يقع إيماؤه إلى القبلة والمضطجع يقع منحرفا عنها
بحر
قوله ( على المعتمد ) مقابله ما في القنية من أن الأظهر أنه لا يجوز الاضطجاع على الجنب للقادر على الاستلقاء
قال في النهر وهو شاذ
وقال في البحر وهذا الأظهر خفي والأظهر الجواز ا هـ
وكذا ما روي عن الإمام من أن الأفضل أن يصلي على شقه الأيمن وبه قالت الأئمة الثلاثة ورجحه في الحلية لما ظهر له من قوة دليله مع اعترافه بأن الاستلقاء هو ما في مشاهير الكتب والمشهور من الروايات
قوله ( بأن زادت على يوم وليلة ) أما لو كانت يوما وليلة أو أقل وهو يعقل فلا تسقط بل تقضي اتفاقا وهذا إذا صح فلو مات ولم يقدر على الصلاة لم يلزمه القضاء حتى لا يلزمه الإيصاء بها كالمسافر إذا أفطر ومات قبل الإقامة كما في الزيلعي
قال في البحر وينبغي أن يقال محمله ما إذا لم يقدر في مرضه على الإيماء بالرأس أما إن قدر عليه بعد عجزه فإنه يلزمه القضاء وإن كان موسعا لتظهر فائدته في الإيصاء بالإطعام عنه ا هـ
قلت وهو مأخوذ من الفتح فإنه قال ومن تأمل تعليل الأصحاب في الأصول انقدح في ذهنه إيجاب القضاء على هذا المريض إلى يوم وليلة حتى يلزمه الإيصاء به إن قدر عليه بطريق وسقوطه إن زاد ا هـ
قوله ( في ظاهر الرواية ) وقيل لا يسقط القضاء بل تؤخر عنه إذا كان يعقل وصححه في الهداية وهو من أهل الترجيح لكن خالف
____________________
(2/99)
نفسه في كتابه التنجيس فصحح الأول كعامة أهل الترجيح كقاضيخان وصاحب المحيط وشيخ الإسلام وفخر الإسلام ومال إليه المحقق ابن الهمام في عبارته التي نقلناها آنفا ومشى عليه المصنف لأنه ظاهر الرواية ولما في الإمداد من أن القاعدة العمل بما عليه الأكثر
تنبيه جعل في السراج المسألة على أربعة أوجه إن زاد المرض عن يوم وليلة وهو لا يعقل فلا قضاء إجماعا وإلا وهو يعقل قضى إذا صح إجماعا وإن زاد وهو يعقل أولا وهو لا يعقل فعلى الخلاف
تتمة في البحر عن القنية ولا فدية في الصلوات حالة الحياة بخلاف الصوم ا هـ
وقدمه الشارح قبيل هذا الباب وأوضحناه ثمة
قوله ( لا يكفي الخ ) بل لا بد معه من القدرة
قوله ( وأفاد الخ ) الأولى ذكره قبل قوله وإن تعذر الإيماء الخ لأن فيه سقطت الصلاة وفيما قبله سقطت الأركان
قوله ( سقوط الشرائط ) كالاستقبال وستر العورة والطهارة من الخبث بخلاف الوقت وكذا الطهارة من الحدث لأن فاقد الطهورين يؤخر عند الإمام ويتشبه عندهما والمتشبه غير مصل أفاده الرحمتي
لكن سيأتي في مقطوع اليدين والرجلين تصحيح أنه يصلي بلا طهارة
قوله ( بالأولى ) لأن العجز عن تحصيل الشرائط ليس فوق العجز عن تحصيل الأركان
فلو لم يقدر المريض على التحول إلى القبلة بنفسه ولا بغيره صلى كذلك ولا إعادة عليه بعد البرء في ظاهر الجواب كما لو عجز عن الأركان
بدائع
وتمامه في البحر وسيأتي آخر الباب ما لو كان تحته ثياب نجسة
قوله ( ولا يعيد ) أي في سقوط الشرائط أو الأركان لعذر سماوي بخلاف ما لو كان من قبل العبد على ما مر تفصيله في الطهارة وشمل ما لو عجز عن القراءة
وفي البحر عن القنية ولو اعتقل لسانه يوما وليلة فصلى صلاة الأخرس ثم انطلق لسانه لا تلزمه الإعادة ا هـ
والظاهر أن قوله يوما وليلة لأنه محل توهم لزوم الإعادة إذ الزائد على ذلك لا تلزم إعادته لدخوله في حد التكرار
قوله ( ولو اشتبه على مريض الخ ) أي بأن وصل إلى حال لا يمكنه ضبط ذلك وليس المراد مجرد الشك والاشتباه لأن ذلك يحصل للصحيح
قوله ( ينبغي أن يجزيه ) قد يقال إنه تعليم وتعلم وهو مفسد كما إذا قرأ من المصحف أو علمه إنسان القراءة وهو في الصلاة ط
قلت وقد يقال إنه ليس بتعليم وتعلم بل هو تذكير أو إعلام فهو كإعلام المبلغ بانتقالات الإمام فتأمل
قوله ( كذا في القنية ) الإشارة إلى ما ذكره المصنف والشارح
قوله ( ولم يوم الخ ) الأولى ذكره قبل مسألة القنية لارتباطه بما قبلها ففصله ما وقع في المتون بعبارة القنية غير مناسب
قوله ( خلافا لزفر ) فعنده يومىء بحاجبه فإن عجز فبعينه فإن عجز فبقلبه
بحر
قوله ( يتم بما قدر ) أي ولو قاعدا موطئا أو مستلقيا
قوله ( على المعتمد ) وعن الإمام أنه يستقبل لأن تحريمته انعقدت موجبة للركوع والسجود فلا تجوز بالإيماء
قال في النهر والصحيح المشهور هو الأول لأن بناء الضعيف على القوي أولى من الإتيان بالكل ضعيفا
قوله ( بنى ) أي على ما صلى فيتم صلاته قائما عندهما
وقال محمد يستقبل بناء على عدم صحة اقتداء القائم بالقاعد عنده وقد مر
نهر
قوله ( ولو كان يصلي بالإيماء ) أي قائما أو قاعدا أو مستلقيا أو مضطجعا كما هو قضية الإطلاق ح
قوله ( فصح ) أي قدر على الركوع والسجود قائما أو قاعدا ح
قوله ( لا يبني ) لأن اقتداء الراكع والساجد بالمومىء لا يجوز فكذا البناء
درر
قوله ( إلا إذا صح قبل أن يومىء الخ )
____________________
(2/100)
لأنه لم يؤد ركنا بالبناء وإنما هو مجرد تحريمة فلا يكون بناء القوي على الضعيف
بحر
وهذا ظاهر فيما إذا افتتح قائما أو قاعدا بقصد الإيماء ثم قدر قبل الإيماء على الركوع والسجود قائما أو راكعا أما إذا افتتح مستلقيا أو مضطجعا ثم قدر قبل الإيماء على الركوع والسجود قائما أو قاعدا فإنه يستأنف كما يؤخذ من قول الشارح لأن حالة القعود أقوى ح
قوله ( ولم يقدر على الركوع والسجود ) وكذا لو قدر عليهما بالأولى
تأمل
قوله ( وللمتطوع الخ ) لعل وجهه أن التطوع قد يكثر كالتهجد فيؤدي إلى التعب فلم يكره له الاتكاء بخلاف الفرض فإن زمنه يسير وإلا فالمفترض إن عجز فقد مر حكمه وإن تعب فالظاهر أنه لا يكره له الاتكاء
تأمل
قوله ( وبدونه يكره ) أي اتفاقا لما فيه من إساءة الأدب
شرح المنية وغيره
وظاهره أنه ليس فيه نهي خاص فتكون الكراهة تنزيهية
تأمل
قوله ( وله القعود ) أي بعد الافتتاح قائما
قوله ( بلا كراهة مطلقا ) أي بعذر ودونه أما مع العذر فاتفاقا وأما بدونه فيكره عند الإمام على اختيار صاحب الهداية ولا يكره على اختيار فخر الإسلام وهو الأصح لأنه مخير في الابتداء بين القيام والقعود فكذا في الانتهاء وأما الاتكاء فإنه لم يخير فيه ابتداء بلا عذر بل يكره فكذا الانتهاء
وأما عندهما فلا يجوز إتمامها قاعدا بلا عذر بعد الافتتاح قائما وهذا إن قعد في الركعة الأولى أو الثانية أما في الشفع الثاني فينبغي أن يجوز عندهما أيضا في غير سنة الظهر والجمعة وتمامه في شرح المنية
مطلب في الصلاة في السفينة قوله ( جار ) أي سائر احترازا عن المربوط
قوله ( قاعدا ) أي يركع ويسجد لا موطئا اتفاقا
بحر
قوله ( لغلبة العجز ) أي لأن دوران الرأس فيها غالب والغالب كالمتحقق فأقيم مقامه كالسفر أقيم مقام المشقة والنوم مقام الحدث
شرح المنية
ولذا ذكروا مسألة الصلاة في السفينة في باب صلاة المريض
قوله ( وأساء ) أشار إلى أن القيام أفضل لأنه أبعد عن شبهة الخلاف والخروج أفضل إن أمكنه لأنه أمكن لقلبه
بحر وشرح المنية
قوله ( وهو الأظهر ) وفي الحلية بعد سوق الأدلة والأظهر أن قولهما أشبه فلا جرم أن في الحاوي القدسي وبه نأخذ ا هـ
قوله ( والمربوطة في الشط كالشط ) فلا تجوز الصلاة فيها قاعدا اتفاقا
وظاهر ما في الهداية وغيرها الجواز قائما مطلقا أي استقرت على الأرض أولا وصرح في الإيضاح بمنعه في الثاني حيث أمكنه الخروج إلحاقا لها بالدابة
نهر واختاره في المحيط والبدائع
بحر
وعزاه في الإمداد أيضا إلى مجمع الروايات عن المصفى وجزم به في نور الإيضاح وعلى هذا ينبغي أن لا تجوز الصلاة فيها سائرة مع إمكان الخروج إلى البر وهذه المسألة الناس عنها غافلون
شرح المنية
قوله ( في الأصح ) احتراز عن قول البعض بأنه لا فرق بينها وبين السائرة كما في النهر
قوله ( وإلا فكالواقفة ) أي إن لم تحركها الريح
____________________
(2/101)
شديدا بل يسيرا فحكمها كالواقفة فلا تجوز الصلاة فيها قاعدا مع القدرة على القيام كما في الإمداد
قوله ( ويلزم استقبال القبلة الخ ) أي في قولهم جميعا
بحر
وإن عجز عنه يمسك عن الصلاة
إمداد عن مجمع الروايات
ولعله يمسك ما لم يخف خروج الوقت لما تقرر من أن قبلة العاجز جهة قدرته وهذا كذلك وإلا فما الفرق فليتأمل
وإنما لزمه الاستقبال لأنها في حقه كالبيت حتى لا يتطوع فيها مومئا مع القدرة على الركوع والسجود بخلاف راكب الدابة كذا في الكافي شرح المنية
قوله ( مربوطتين ) أي مقرونتين لأنهما بالاقتران صارتا كشيء واحد وإن كانتا منفصلتين لم يجز لأن تخلل ما بينهما بمنزلة النهر وذلك يمنع الاقتداء وإن كان الإمام في سفينة واقفة والمقتدرون على الشط فإن بينهما طريق أو قدر نهر عظيم لم يصح
بحر
وتقدم الكلام على الصلاة على الدابة والعجلة في باب النوافل
قوله ( ومن جن أو أغمي عليه ) الجنون آفة تسلب العقل والإغماء آفة تستره ط
قوله ( وقت صلاة ) مرفوع على أنه فاعل زاد أو منصوب على أنه ظرف لزاد وفاعل زاد ضمير الجنون
ح عن القهستاني
واعتبر الزيادة بالأوقات على قول الثالث وهو الأصح وعند الثاني بالساعات
وكل رواية عن الإمام فإذا أصابه ذلك قبل الزوال ثم أفاق من الغد بعده قبل خروج الوقت سقط القضاء عند الثاني لا الثالث
بحر
والمراد بالساعات الأزمنة لا ما تعارفه أهل النجوم
درر أي من كون الساعة خمس عشرة درجة فالمراد عند الثاني الزيادة بشيء من الزمان وإن قل كما في غرر الأذكار والبرجندي
إسماعيل
قوله ( فإن لإفاقته وقت معلوم ) مثل أن يخف عنه المرض عند الصبح مثلا فيفيق قليلا ثم يعاوده فيغمى عليه تعتبر هذه الإفاقة فيبطل ما قبلها من حكم الإغماء إذا كان أقل من يوم وليلة وإن لم يكن لإفاقته وقت معلوم لكنه يفيق بغتة فيتكلم بكلام الأصحاء ثم يغمى عليه فلا عبرة بهذه الإفاقة
ح عن البحر
قوله ( لأنه بصنع العباد ) أي وسقوط القضاء عرف بالأثر إذا حصل بآفة سماوية فلا يقاس عليه ما حصل بفعله
وعند محمد يسقط القضاء بالبنج والدواء لأنه مباح فصار كالمريض كما في البحر وغيره والظاهر أن عطف الدواء على البنج عطف تفسير وأن المراد شرب البنج لأجل الدواء أما لو شربه للسكر فيكون معصية بصنعه كالخمر وأنه لو شرب الخمر على وجه مباح كإكراه يكون كالبنج فيجري فيه الخلاف
ولا يرد على التعليل سقوط القضاء بالفزع من سبع أو آدمي كما مر لقولهم إن سببه ضعف قلبه وهو مرض أي فهو سماوي
قوله ( كالنوم ) أي فإنه لا يسقط القضاء أيضا لأنه لا يمتد يوما وليلة غالبا فلا حرج في القضاء بخلاف الإغماء لأنه مما يمتد عادة
بحر
قوله ( وبوجهه جراحة ) لم يذكره في الكافي والفتح والبحر والنهر فكان غير قيد كما يأتي
قوله ( ولا تيمم ) عطف خاص على عام
قوله ( وقيل لا صلاة عليه ) اختاره صاحب الدرر في متنه وشرحه فقال قطعت يداه ورجلاه من المرفق والكعب لا صلاة عليه كذا في الكافي وقيل إن وجد من يوضئه يأمره ليغسل وجهه وموضع القطع ويمسح رأسه وإلا وضع وجهه ورأسه في الماء أو يمسح وجهه الخ أي إن لم يقدر على الغسل بالماء بناء على أنه لا جراحة فيه وبه علم أن قول المصنف وبوجهه جراحة ليس بقيد لأن المدار على العجز عن الطهارة ولذا استشهد قاضيخان على ما اختاره من سقوط الصلاة عن المريض العاجز عن
____________________
(2/102)
الإيماء بالرأس وأن مجرد العقل لا يكفي لتوجه الخطاب بما ذكره محمد فيمن قطعت يداه من المرفقين ورجلاه من الساقين لا صلاة عليه
قوله ( وقيل الخ ) هو القول الثاني المحكي في عبارة الدرر
قوله ( بلا عمل كثير ) بأن وجد ما يتعلق به أو كان ماهرا في السباحة
بحر
قوله ( وإلا لا ) أي لا يلزمه الأداء ويعذر بالتأخير
بحر
قوله ( أمره الطبيب ) أي لمسلم الحاذق كما ذكروه في الصوم
قوله ( لبزغ ) بفتح الباء الموحدة وسكون الزاي والغين المعجمة
في القاموس بزغ الحاجم شرط ويجوز أن يكون بالنون والعين المهملة ح
قوله ( من ساعته ) المراد بها أن يكون بحيث لو توضأ وصلى يخرج من النجاسة القدر المانع قبل فراغه من الصلاة كما مر تحريره قبيل باب الأنجاس
قوله ( إلا ن يلحقه مشقة بتحريكه ) عبارة البحر عن الخلاصة إلا أنه يزداد مرضه ا هـ
والظاهر أنه غير قيد كما أشار إليه الشارح بل المراد حصول الضرر والمشقة نظير ما مر في القيام أول الباب والله تعالى أعلم
باب سجود التلاوة تقدم في الباب السابق وجه تأخيره عن سجود السهو
قوله ( من إضافة الحكم إلى سببه ) الحكم هو وجوب السجود لا السجود فلو قال من إضافة الفعل إلى سببه لكان أولى أوأن الحكم بمعنى المحكوم به ط
قوله ( يجب ) أي وجوبا موسعا في غير صلاة كما سيأتي ولا يجب على المختضر الإيصاء بها وقيل يجب
قنية
والثاني بالقواعد أليق
نهر والظاهر أنه يخرج عنها كصلاة فرض أو صوم يوم لأنه المعهود
تأمل رحمتي
ثم رأيته مصرحا به في التاترخانية مع تصحيح عدم الوجوب
قوله ( بسبب تلاوة ) احترز عما لو كتبها أو تهجاها فلا سجود عليه كما سيأتي
قوله ( أي أكثرها الخ ) هذا خلاف الصحيح الذي جزم به في نور الإيضاح
ففي السراج وهل تجب السجدة بشرط قراءة جميع الآية أم بعضها فيه اختلاف
والصحيح أنه إذا قرأ حرف السجدة وقبله كلمة أو بعده كلمة وجب السجود وإلا فلا
وقيل لا يجب إلا أن يقرأ أكثر آية السجدة مع حرف السجدة ولو قرأ آية السجدة كلها إلا الحرف الذي في آخرها لا يجب عليه السجود ا هـ
لكن قوله ولو قرأ آية السجدة الخ يقتضي أنه لا بد من قراءة الآية بتمامها كما يفهم من إطلاق المتون ويأتي قريبا ما يؤيده إلا أن يقال سياق الكلام قرينة على أن المراد بقوله إلا الحرف الخ الكلمة التي فيها مادة السجود وإطلاق الحرف على الكلمة شائع في عرف القراء
قوله ( من أربع عشرة آية ) بيان لآية في قوله تلاوة آية
تنبيه السجود في سورة النمل عند قوله تعالى { رب العرش العظيم } النمل 26 على قراءة العامة بتشديد ألا وعند قوله تعالى { ألا يسجدوا } النمل 25 على قراءة الكسائي بالتخفيف وفي ص عند { وحسن مآب } ص 25 وهو أولى من قول الزيلعي
____________________
(2/103)
عند { وأناب } ص 24 لما نذكره وفي حم السجدة عند { وهم لا يسأمون } فصلت 38 وهو المروي عن ابن عباس ووائل بن حجر وعند الشافعي عند { إن كنتم إياه تعبدون } وهو مذهب علي ومروي عن ابن مسعود وابن عمر
ورجحنا الأول للاحتياط عند اختلاف مذاهب الصحابة لأنها لو وجبت عند تعبدون فالتأخير إلى لا يسأمون لا يضر بخلاف العكس لأنها تكون قبل وجود سبب الوجوب فتوجب نقصانا في الصلاة ولو كانت صلاتية ولا نقص فيما قلناه أصلا كذا في البحر عن البدائع
إمداد ملخصا
وقد بين موضع السجود في بقية الآيات فراجعه
والظاهر أن هذا الاختلاف مبني على أن السبب تلاوة آية تامة كما هو ظاهر إطلاق المتون وأن المراد بالآية ما يشمل الآية والآيتين إذا كانت الثانية متعلقة بالآية التي ذكر فيها حرف السجدة وهذا ينافي ما مر عن السراج من تصحيح وجوب السجود بقراءة حرف السجدة مع كلمة قبله أو بعده
لا يقال ما في السراج بيان لموضع أصل الوجوب وما مر عن الإمداد بيان لموضع وجوب الأداء أو بيان لموضع السنة فيه
لأنا نقول إن الأداء لا يجب فور القراءة كما سيأتي وما مر في ترجيح مذهبنا من قولهم لأنها تكون قبل وجود سبب الوجوب وقد ذكر مثله أيضا في الفتح وغيره يدل على أن الخلاف بيننا وبين الشافعي في موضع أصل الوجوب وأنه لا يجب السجود في سورة حم السجدة إلا عند انتهاء الآية الثاني احتياطا كما صرح به في الهداية وغيرها لأن الوجوب لا يكون إلا بعد وجود سببه فلو سجدها بعد الآية الأولى لا يكفي لأنه يكون قبل سببه وبه ظهر أن ما في السراج خلاف المذهب الذي مشى عليه الشراح والمتون
تأمل
قوله ( لاقترانها بالركوع ) لأن السجدة متى قرنت بالركوع كانت عبارة عن السجدة الصلاتية كما في قوله تعالى { واسجدي واركعي } بدائع
قوله ( خلافا للشافعي وأحمد ) حيث اعتبر كلا من سجدتي الحج ولم يعتبرا سجدة ص كما في غرر الأفكار
قوله ( ونفى مالك سجود المفصل ) أي من الحجرات إلى الآخر وفيه سورة النجم والانشقاق والعلق فيكون السجود عنده في إحدى عشرة
قوله ( بشرط سماعها ) فلا تجب على من لم يسمعها وإن كان في مجلس التلاوة
شرح المنية
قوله ( فالسبب التلاوة الخ ) أي التلاوة الصحيحة وهي الصادرة ممن له أهلية التمييز كما ذكره غير واحد من المشايخ
حلية وسيأتي محترزه في قول المصنف فلا تجب على كافر الخ
قلت وينبغي أن يزاد قيد آخر وهو كونها لا حجر فيه احترازا عن تلاوة المؤتم ومن تلا في ركوعه أو سجوده أو تشهده فإنه لا سجود عليهم بتلاوتهم لحجرهم عنها كما سيأتي
ثم اعلم أن التلاوة سبب في حق التالي وغيره
واختلف في السماع فقيل هو شرط في حق السامع لا سبب وصححه في الكافي والمحيط والظهيرية وقيل هو سبب ثان في حقه وإليه ذهب في الهداية والبدائع وسينبه الشارح على ترجيحه
وذكر في المجتبى أن الموجب للسجدة أحد ثلاثة التلاوة والسماع والإتمام
وظاهره أنها أسباب ثلاثة وبه صرح في الحلية
واختار المصنف ما في الكافي وزاد عليه سببا آخر وهو الائتمام فالسبب عنده شيئان التلاوة والائتمام كما صرح بذلك في المنح وصرح أيضا بأن السماع شرط في حق غير التالي وتبعه الشارح في تقرير كلام المتن لكن في كلام الشارح ما يفيد أن الائتمام شرط أيضا كالسماع كما يظهر قريبا
قوله ( وإن لم يوجد السماع ) أي بالفعل كما يدل عليه قوله كتلاوة الأصم وإلا فكونه بحيث يسمع نفسه لولا العوارض أو يسمعه من قرب أذنه إلى فمه شرط كما هو مذهب الهندواني وهو الصحيح خلافا للكرخي المكتفي بتصحيح الحروف ح
قلت وبه صرح في الخانية
____________________
(2/104)
قوله ( في حق غير التالي ) أي عند فقد الائتمام فإنه لا يشترط سماع المؤتم بل ولا حضوره عند تلاوة الإمام كما سيأتي وإنما ترك التقييد بذلك اعتمادا على ما ذكره المصنف عقبه فافهم
قوله ( ولو بالفارسية ) مبالغة على ما أفهمه كلامه من وجوبها على السامع فيعلم وجوبها عليه لو تليت بالعربية بالأولى لا على قوله والسماع شرط إذ لا تظهر فيه الأولوية فافهم
قوله ( إذا أخبر ) أي بأنها آية سجدة سواء فهمها أو لا وهذا عند الإمام وعندهما إن علم السامع أنه يقرأ القرآن لزمته وإلا فلا
بحر
وفي الفيض وبه يفتي وفي النهر عن السراج أن الإمام رجع إلى قولهما وعليه الاعتماد ا هـ
والمراد من قوله إن علم السامع أن يفهم معنى الآية كما في شرح المجمع حيث قال وجبت عليه سواء فهم معنى الآية أو لا عنده
وقالا إن فهمها وجبت وإلا فلا لأنه إذا فهم كان سامعا للقرآن من وجه دون وجه ا هـ ملخصا
أما لو كانت بالعربية فإنه يجب بالاتفاق فهم أو لا لكن لا يجب على الأعجمي ما لم يعلم كما في الفتح أي وإن لم يفهم
قوله ( أو بشرط الائتمام ) أي إن سجدها الإمام وإلا فلا تلزمه وإن سمعها منه
شرح المنية
قوله ( فإنه سبب ) صوابه فإنه شرط ليوافق قوله أو بشرط وقوله أيضا أي كما أن السماع شرط نعم صرح في المنح أن السبب شيئان التلاوة والائتمام كما قدمناه وعليه فقوله أو الائتمام معطوف على قوله تلاوة آية فإن كان مراد الشارح موافقته كان عليه أن يسقط قوله بشرط وإلا كان عليه أن يقول فإنه شرط لوجوبها أيضا
قوله ( ولم يحضرها ) أي بأن تلاها قبل أن يحضر ويقتدي به
قوله ( للمتابعة ) في البحر عن التجنيس التالي والسامع ينظر كل منهما إلى اعتقاد نفسه فثانية الحج ليست سجدة عندنا خلافا للشافعي لأن السامع ليس بتابع للتالي تحقيقا حتى يلزمه العمل برأيه لأنه لا شركة بينهما ا هـ
وظاهره أنه يتبعه فيها لو كان في الصلاة لكونه تابعا تحقيقا
أفاده ط
وقد تقدم في واجبات الصلاة أنه تجب المتابعة في المجتهد فيه لا في المقطوع بنسخه أو بعدم سنيته كزيادة تكبيرة خامسة في الجنازة وكقنوت الفجر وتقدم الكلام على ذلك هناك والظاهر أن هذه السجدة من المجتهد فيه أي مما للاجتهاد فيه مساغ
تأمل
قوله ( لم يسجد المصلي ) أي المصلي صلاته سواء كان هو أي المؤتم التالي أو كان إمامه أو مؤتما بإمامه بدليل قول المتن فيما سيأتي ولا من المؤتم لو كان السامع في صلاته والأولى إسقاط المصلي ليعود الضمير على المؤتم التالي لئلا يتكرر قول المصنف الآتي ولا من المؤتم الخ ولأن المصلي يشمل المصلي غير صلاته كإمام غير إمامه ومقتد به ومنفرد مع أنهم كغير المصلي أصلا من قسم الخارج كما أفاده ح أي فإنهم يسجدونها بعد الفراغ من صلاتهم كما سيأتي ذلك في قول المتن ولو سمع المصلي من غيره لم يسجد فيها بل بعدها ويأتي تمام الكلام على ذلك هناك
قوله ( لأن الحجر ثبت لمعنيين ) وهم الإمام ومن معه وفيه أن الإمام غير محجور عليه القراءة في هذه الصلاة وإنما الحجر على المقتدين به فالأظهر التعليل بما في شرح المنية وغيرها بأنه إن سجد الإمام يلزم انقلاب المتبوع تابعا وإلا لزم مخالفتهم له بخلاف من ليس معهم في صلاتهم لعدم حجره بالنظر إليهم لأنه بمنزلة من ليس في الصلاة في حقهم
قوله ( حتى لو دخل ) أي الخارج معهم أي في صلاتهم سقطت السجدة عنه تبعا لهم وظاهره سقوطها عنه ولو دخل في ركعة أخرى غير ركعة التلاوة
قوله ( للحجر فيها عن القراءة ) قال المرغيناني وعندي أنها تجب وتتأدى فيه
بحر عن الزيلعي
____________________
(2/105)
قلت وفي التشهد بحث مقدسي أي لأن اندراجها في الركوع أو السجود ممكن بخلاف التشهد ويمكن أن يكون المراد بقوله تتأدى فيه أنه يؤديها في ذلك الموضع الذي تلاها فيه لا بعده لكن في الإمداد وقال المرغيناني عليه السجود ويتأدى بالركوع والسجود الذي هو فيه كذا في شرح الديري فعليه يسجد لو كان تاليا في التشهد ا هـ
أقول هذا يؤيد الأول ثم لا يخفى أن القول بوجوبها عليه أظهر لأنه منهي عن القراءة فيها كالجنب لا محجور كالمقتدي وقد فرقوا بين الجنب والمقتدي بأن الأول منهي عنها فتجب عليه السجدة لأن النهي لا ينافي الوجوب والمقتدي محجور لنفاذ تصرف الإمام عليه وتصرف المحجور لا حكم له وأما الحائض فلا تجب عليها بتلاوتها لأنها ليست أهلا للصلاة بخلاف الجنب
ولا يخفى أن التالي في ركوعه مثلا أهل للوجوب وليس له إمام يحجر عليه فينبغي ترجيح الوجوب عليه ولعل ذلك وجه اختيار الإمام المرغيناني ثم رأيت في حاشية المدني نقل عن شيخه ميرغني في حاشية الزيلعيأنه رجح كلام المرغيناني بما ذكرنا ولله الحمد
والظاهر أن من هذا القبيل ما في الفيض لو سجد للتلاوة وقرأ في سجوده آية أخرى لم تجب السجدة
تأمل
قوله ( بشروط الصلاة ) لأنها جزء من أجزاء الصلاة فكانت معتبرة بسجدات الصلاة ولهذا لا يجوز أداؤها بالتيمم إلا أن لا يجد ماء لأن شرط صيرورة التيمم طهارة حال وجود الماء خشية الفوت ولم توجد لأن وجوبها على التراخي وكذا يشترط لها الوقت حتى لو تلاها أو سمعها في وقت غير مكروه فأداها في مكروه لا تجزيه لأنها وجبت كاملة إلا إذا تلاها في مكروه وسجدها فيه أو في مكروه آخر جاز لأنه أداها كما وجبت وكذا النية لأنها عبادة فلا تصح بدونها
بدائع
قال في الحلية إلا إذا كانت في الصلاة وسجدها على الفور كما صرحوا به وكأنه لأنها صارت جزءا من الصلاة فانسحب عليها نيتها
قوله ( خلا التحريمة ) لأنها لتوحيد الأفعال المختلفة ولم توجد
بدائع وحلية وبحر أي فإن الصلاة أفعال مختلفة من قيام وقراءة وركوع وسجود وبالتحريمة صارت فعلا واحدا وأما هذه فماهيتها فعل واحد فاستغنت عن التحريمة فافهم
قوله ( ونية التعيين ) أي سجدة آية كذا نهر عن القنية
وأما تعيين كونها عن التلاوة فشرط كما تقدم في بحث النية من شروط الصلاة إلا إذا كانت في الصلاة وسجدها فورا كما علمته
قوله ( ويفسدها ما يفسدها ) أي ما يفسد الصلاة من الحدث العمد والكلام والقهقهة وعليه إعادتها
وقيل هذا قول محمد لأن العبرة عنده لتمام الركن وهو الرفع والعبرة عند أبي يوسف للوضع فينبغي أن لا يفسدها
وفي الخانية أنها تفسد على ظاهر الجواب اتفاقا إلا أنه لا وضوء عليه في القهقهة وكذا محاذاة المرأة لا تفسدها كصلاة الجنازة ولو نام فيها لا تنتقض طهارته كالصلبية على الصحيح
بحر
قوله ( كركوع مصل ) قيد بالمصلي لأنه لو تلاها خارج الصلاة فركع لها لا يجزيه قياسا واستحسانا كما في البدائع وهو المروي في الظاهر ما في البزازية خلافا لما سينقله الشارح عن البزازية فإنه تحريف تبع فيه النهر كما ستعرفه فافهم
قوله ( وإيماء مريض ) أي ولو تلاها في الصحة كما في شرح المنية
قوله ( وراكب ) أي إذا تلاها أو سمعها راكبا خارج المصر وإن نزل بعدها ثم ركب أما لو وجبت على الأرض فإنها لا تجوز على الدابة لأنها وجبت تامة بخلاف العكس كما في البحر
قوله ( بين تكبيرتين مسنونتين ) أي تكبيرة الوضع وتكبيرة الرفع
بحر
وهذا ظاهر الرواية وصححه في البدائع وعن أبي حنيفة لا يكبر أصلا
وعنه وعن أبي يوسف يكبر للرفع لال لوضع
وعنه بالعكس
حلية
قال في التاترخانية وفي الحجة قال بعض المشايخ لو سجد ولم يكبر يخرج عن العهدة
قال في الحجة وهذا
____________________
(2/106)
يعلم ولا يعمل به لما فيه من مخالفة السلف ا هـ
قوله ( جهرا ) أي يرفع صوته بالتكبير
زيلعي أي فيسمع نفسه به منفردا ومن خلفه إذا كان معه غيره ط
قوله ( بين قيامين مستحبين ) أي قيام قبل السجود ليكون خرورا وهو السقوط من القيام وقيام بعد رفع رأسه وهذا عزاه في البحر إلى المضمرات وقال إن الثاني غريب وذكر الخير الرملي عن خط المصنف أن صاحب المضمرات عزاه إلى الظهيرية وأنه راجع نسخته الظهيرية فلم يجد القيام الثاني فيها ا هـ
أقول قد وجدته في نسختي ونصه وإذا رفع رأسه من السجود يقوم ثم يقعد ا هـ
وكذا عزاه إليها في التاترخانية وشرح المنية فالظاهر أن في نسخة المصنف سقطا فتنبه ووجه غرابته أنه انفرد بذكره صاحب الظهيرية ولذا عزاه من بعده إليها فقط
تتمة ويندب أن لا يرفع السامع رأسه منها قبل تاليها وليس هو اقتداء حقيقة ولذا لا يؤمر التالي بالتقدم ولا السامعون بالاصطفاف ولا تفسد سجدتهم بفساد سجدته
وفي النوادر يتقدم ويصطفون خلفه وتمامه في الإمداد
قوله ( في الأصح ) قال في فتح القدير ينبغي أن لا يكون ما صحح على عمومه فإن كانت السجدة في الصلاة فإن كانت فريضة قال سبحان ربي الأعلى أو نفلا قال ما شاء مما ورد كسجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين وقوله اللهم اكتب لي عندك بها أجرا وضع عني بها وزرا واجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود وإن كان خارج الصلاة قال كل ما أثر من ذلك ا هـ
وأقره في الحلية والبحر والنهر وغيرها
قوله ( لأنها من أجزائها ) أي من جنس أجزاء الصلاة أو المراد في بعض المواضع كما إذا تليت في الصلاة فافهم
قال في البحر وغيره فيشترط لوجوبها أهلية وجوب الصلاة من الإسلام والعقل والبلوغ والطهارة من الحيض والنفاس ا هـ
قوله ( كالأصم ) نبه على بعيد الخطور بالبال ليعلم غيره بالأولى ح
قوله ( إذا تلا ) أما إذا رأى قوما سجدوا فلا تجب عليه
إمداد عن التاترخانية
قوله ( كالجنب ) ظاهره أنه ليس أهلا للوجوب أداء وليس كذلك
رحمتي نعم السكران والنائم كل منهما ليس أهلا للأداء إذا استوعب الوقت
تأمل
قوله ( والسكران ) لأنه اعتبر عقله قائما حكما زجرا له ولهذا تلزمه العبادات كما في المحيط ومفاده أنه لو سكر من مباح كما لو أساغ به لقمة أوأكره عليه لم تجب عليه إذا تلاها أو سمعها إذا كان بحال لا يميز ما يقول وما يسمع حتى أنه لا يتذكره بعد الصحو
حلية
قوله ( والنائم ) أي إذا أخبر أنه قرأها في حالة النوم تجب عليه وهو الأصح
تاترخانية
وفي الدراية لا تلزمه هو الصحيح
إمداد
ففيه اختلاف التصحيح وأما لزومها على السامع منه أو من المغمى عليه فنقل في الشرنبلالية أيضا اختلاف الرواية والتصحيح وكذا من المجنون وسيأتي بيانه قريبا
قوله ( لأنهم ليسوا أهلا لها ) أي للصلاة أي لوجوبها بتقدير مضاف وفي بعض النسخ لهما أي للأداء والقضاء وهذا ظاهر في المجنون المطبق أما من لم يزد جنونه على يوم وليلة فمقتضاه الوجوب كما سيأتي
قوله ( وتجب بتلاوتهم ) أي وتجب على من سمعهم بسبب تلاوتهم ح
قوله ( يعني المذكورين ) أي الأصم والنفساء وما بينهما
قوله ( خلا المجنون ) هذا ما مشى عليه في البحر عن البدائع
قال في الفتح لكن ذكر شيخ الإسلام أنه لا يجب بالسماع من مجنون
____________________
(2/107)
أو نائم أو طير لأن السبب سماع تلاوة صحيحة وصحتها بالتمييز ولم يوجد وهذا التعليل يفيد التفصيل في الصبي فليكن هو المعتبر إن كان مميزا وجب بالسماع منه وإلا فلا ا هـ
واستحسنه في الحلية
قوله ( المطبق ) بالكسر كما في المغرب
وفي القاموس أطبقه غطاه ومنه الجنون المطبق والحمى المطبقة ا هـ
والمراد به الملازم الممتد
والذي حرره ابن الهمام في التحرير وفتح القدير وتبعه في البحر إن قدر الامتداد المسقط في الصلوات بصيرورتها ستا عند محمد وفي الصوم باستغراق الشهر ليله ونهاره وفي الزكاة باستغراق الحول ا هـ
ويظهر منه ومن قول المصنف على من كان أهلا لوجوب الصلاة أن التلاوة كالصلاة في ذلك لكن المراد به هنا بناء على ما ذكره في الدرر وتبعه الشارح ما زاد على يوم وليلة وكان لا يزول فإنه جعل الجنون على ثلاث مراتب قاصرا وهو ما لا يزيد على يوم وليلة وكاملا غير مطبق وهو ما يزيد على ذلك لكنه قد يزول وكاملا مطبقا وهو ما يزيد على ذلك ولا يزول
والحاصل لصاحب الدور على ذلك التقسيم هو التوفيق بين كلامهم فإنه نقل عن تلخيص الجامع عدم الوجوب بالسماع من المجنون
وعن الخانية الوجوب وعن النوادر أنه إذا قصر فكان يوما وليلة أو أقل يلزمه السجود تلاها أو سمعها أي وإذا وجبت عليه تجب على من سمعها منه بالأولى ثم ذكر في الدرر أن القاصر يجب السجود بتلاوته عليه وعلى من سمع منه وهو ما في النوادر والكامل الغير المطبق لا يجب عليه بتلاوته بل على سامعه وهو ما في الخانية والمطبق لا يجب عليه ولا على سامعه وهو ما في التلخيص وقد جرى الشارح على هذا التقسيم والتوفيق
قوله ( فلا تجب بتلاوته ) أي على من سمعه كما لا تجب عليه نفسه قوله ( لعدم أهليته ) يرد عليه الصبي فإنه يجب على من سمعه مع عدم أهليته ط
قوله ( تلزمه تلا أو سمع ) أي لأنه أهل لوجوب قضاء الصلاة وإذا لزمته لزمت من سمع منه بالأولى كما مر
وفي شرح الشيخ إسماعيل كل من وجب عليه بالسماع من الغير وجب على الغير بالسماع منه بلا عكس
قوله ( وإن أكثر ) أي من يوم وليلة يعني ولم يكن مطبقا بقرينة المقابلة وهذا ثالث الأقسام
قوله ( لكن الخ ) استدراك على ما حرره خسرو صاحب الدرر وهو ما مر
وحاصل ما ذكره الشرنبلالي في حاشيته عليه أن ما ذكره من تقسيم الجنون إلى ثلاثة أقسام مخالف لكلام الأصوليين أنه قسمان فقط مطبق وغيره وأن تفسيره المطبق بما لا يزول غير مسلم لأنه ما من ساعة إلا ويرجى زواله وأن في السماع من المجنون روايتين مصححتين حكاهما في الجوهرة فالوجه في التوفيق أن يحمل ما في الخانية على رواية وما في التلخيص على أخرى ا هـ
أقول والظاهر أن هاتين الروايتين في الجنون المطبق وغيره خلافا لما في حاشية نوح أفندي وشرح الشيخ إسماعيل من تقييده بالمطبق بدليل ما قدمناه عن الفتح وكذا ما في الجوهرة حيث قال ولو سمعها من نائم أو مغمى عليه أو مجنون ففيه روايتان أصحهما لا يجب ا هـ
فإن المجنون غير المطبق ليس أدنى حالا من النائم والمغمى عليه فالخلاف الجاري فيهما جار فيه أيضا لكون كل منهم من أهل الوجوب فكان الظاهر الإطلاق بلا تقييد بمطبق أو غيره
قوله ( ونقل الوجوب الخ ) يغني عنه ما قبله مع أنه يوهم أنه في الجوهرة اقتصر على الوجوب
قوله ( من الصدى ) هو ما يجيبك مثل صوتك في الجبال والصحارى ونحوهما كما في الصحاح
قوله ( والطير ) هو الأصح
زيلعي وغيره وقيل تجب
وفي الحجة هو الصحيح تاترخانية
____________________
(2/108)
قلت والأكثر على تصحيح الأول وبه جزم في نور الإيضاح
قوله ( ومن كل تال حرفا ) تكرار مع ما يأتي متنا وكأنه ذكره تنبيها على أن الأولى أن يذكر هنا ح
قوله ( ولا بالتهجي ) لأنه لا يقال قرأ القرآن وإنما قرأ الهجاء ولو فعل ذلك في الصلاة لم يقطع لأنها الحروف التي في القرآن ولا تنوب عن القراءة لأنه لم يقرأ القرآن
إمداد عن التجنيس والخانية
ولا تجب بالكتابة
بحر
قوله ( ولا من المؤتم الخ ) أي لا تجب على من سمعها منه سواء كان إمامه أو المقتدين به كما لا تجب عليه نفسه كما مر
قوله ( بخلاف الخارج ) أي عن صلاة المؤتم التالي إماما كان أو مؤتما أو منفردا أو غير مصل أصلا كما قدمناه عند قوله ولو تلا المؤتم ح
قوله ( على المختار ) كذا في النهر والإمداد وهذا عند محمد وعند أبي يوسف على الفور هما روايتان عن الإمام أيضا كذا في العناية
قال في النهر وينبغي أن يكون محل الخلاف في الإثم وعدمه حتى لو أداها بعد مدة كان مؤديا اتفاقا لا قاضيا ا هـ
قال الشيخ إسماعيل وفيه نظر أي لأن الظاهر من الفور أن يكون تأخيره قضاء
قلت لكن سيذكر الشارح في الحج الإجماع على أنه لو تراخى كان أداء مع أن المرجح أنه على الفور ويأثم بتأخير فهو نظير ما هنا
تأمل
قوله ( تنزيها ) لأنه بطول الزمان قد ينساها ولو كانت الكراهة تحريمية لوجبت على الفور وليس كذلك ولذكره تحريما تأخير الصلاتية عن وقت القراءة
إمداد
واستثني من كراهة التأخير ما إذا كان الوقت مكروها كوقت الطلوع
فرع في التاترخانية يستحب للتالي أو السامع إذا لم يمكنه السجود أن يقول سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير
قوله ( ويكفيه الخ ) مكرر مع ما قدمه في قوله خلا التحريمة ونية التعيين
قوله ( وتسقط بالحيض ) تبع في ذلك صاحب النهر حيث قال وصرحوا بأنها لو أخرتها حتى حاضت سقطت وكذا لو ارتدت بعد تلاوتها كذا في الخانية ا هـ
والذي في الخانية المرأة إذا قرأت آية السجدة في صلاتها فلم تسجد حتى حاضت سقطت عنها السجدة ا هـ
ومثله ما سيذكره الشارح عن الخلاصة فعلم أن المراد السجدة الصلاتية وهي الآتية من ضمن قول المتن إلا إذا فسدت بغير الحيض الخ فلا محل لذكرها هنا نعم في التجنيس ما يدل على سقوطهابالحيض مطلقا فإنه قال إذا قرأت آية السجدة ولم تسجد لها حتى حاضت سقطت لأن الحيض ينافي وجوبها ابتداء فكذا بقاء وهو نظير المسلم إذا قرأها ثم ارتد سقطت عنه حتى إذا أسلم لا تجب عليه لأن الكفر ينافيه ابتداء فكذا بقاء ا هـ
فتأمل
قوله ( والردة ) فيه أن وقتها العمر وما بقي وقته لا يسقط عن المرتد إذا أسلم كالحج وكصلاة صلاها فارتد فأسلم في وقتها فليتأمل
وأجاب بعض الحذاق بأن السبب في الصلاة قد تحقق بعد الإسلام ولا كذلك سجود التلاوة وكذلك يعتبر القدرة على الزاد والراحلة في الحج بعد الإسلام ط
وفيه أن الكلام في سقوطها عمن لم يسجد لا في عدم وجوب الإعادة على من سجدها بل ما نحن فيه نظير من ترك صلاة ثم ارتد وقدمنا قبيل سجود السهو أنه يجب عليه بعد الإسلام ما تركه قبل الردة ومقتضى ذلك لزوم السجدة هنا عليه
قوله ( فعلى الفور ) جواب شرط مقدر تقديره فإن كانت
____________________
(2/109)
صلوية فعلى الفور ح
ثم تفسير الفور عدم طول المدة بين التلاوة والسجدة بقراءة أكثر من آيتين أو ثلاث على ما سيأتي
حلية
قوله ( ويأثم بتأخيرها الخ ) لأنها وجبت بما هو من أفعال الصلاة وهو القراءة وصارت من أجزائها فوجب أداؤها مضيقا كما في البدائع ولذا كان المختار وجوب سجود السهو لو تذكرها بعد محلها كما قدمناه في بابه عند قوله بترك واجب فصارت كما لو أخر السجدة الصلبية عن محلها فإنها تكون قضاء ومثله ما لو أخر القراءة إلى الأخريين على القول بوجوبها في الأوليين وهو المعتمد أما على القول بعدمه فيهما فهي أداء في الأخريين كما حققناه في واجبات الصلاة فافهم
قوله ( ولو بعد السلام ) أي ناسيا ما دام في المسجد وروي أنه لا يسجد بعد السلام ناسيا
تاترخانية
قوله ( ثم هذه النسبة هي الصواب ) أي قول المصنف صلوية برد ألفه واوا وحذف التاء وإذا كانوا قد حذفوها في نسبة المذكر إلى المؤنث كنسبة الرجل إلى بصرة فقالوا بصري لا بصرتي كي لا تجتمع تاءان في نسبة المؤنث فيقولون بصرتية فكيف بنسبة المؤنث فتح
قوله ( ومن سمعها الخ ) السماع غير شرط بالنظر إلى الاقتداء بل الشرط هو الاقتداء وإن لم يسمعها ولم يحضرها كما قدمه الشارح لكن قيد بالسماع ليتأتى التفصيل الآتي
قوله ( ولو باقتدائه به ) أي ولو صار التالي إماما بسبب اقتداء السامع به بأن تلاها وهو منفرد فاقتدى به قوله ( سجد معه ) قيد به لأن الإمام لو لم يسجد لا يسجد المأموم وإن سمعها لأنه إن سجدها في الصلاة وحده خالف إمامه وإن سجد بعد الفراغ فهي صلاتية لا تقضى خارجها
بحر
قوله ( لا يسجد أصلا ) أي لا في الصلاة ولا بعدها فافهم
قوله ( كذا أطلق في الكنز ) أي أطلق قوله ولو ائتم بعده أي بعد سجود الإمام فشمل ما إذا اقتدى به في الركعة التي تلا فيها أو بعدها
قال في النهر أما الأول فباتفاق الروايات وأما الثاني فظاهر إطلاق الأصل أنها كذلك لأنها بالاقتداء صارت صلاتية فلا تقضى خارحها واختار البزدوي تخصيصه بالأول وحمل الإطلاق عليه الإطلاق عليه وهو ظاهر ما في الهداية ا هـ أي حيث قال لأنه صار مدركا لها بأدراك الركعة
قوله ( وكذا الخ ) أي يسجدها ولكن بعد الفراغ من الصلاة وهذا مقابل قوله كذا أطلق في الكنز وبه جزم في النقاية وإصلاحها والفتح وشرح المنية كذا في المواهب وقال إنه الأظهر وتبعه في نور الإيضاح وقد علمت أن إطلاق الكنز والأصل محمول عليه وقد صرح صاحب الكنز بحمل إطلاقه عليه في كتابه الكافي وصاحب الدار أدرى
قوله ( ولو تلاها ) أي المصلي غير المقتدي لقوله قبله ولو تلا المؤتم لم يسجد أصلا
قوله ( لما مر ) أي من قوله لصيرورتها جزءا من الصلاة
قوله ( وإذا لم يسجد أثم الخ ) أفاد أنه لا يقضيها
قال في شرح المنية وكل سجدة وجبت في الصلاة ولم تؤد فيها سقطت أي لم يبق السجود لها مشروعا لفوات محله ا هـ
أقول وهذا إذا لم يركع بعدها على الفور وإلا دخلت في السجود وإن لم ينوها كما سيأتي وهو مقيد أيضا بما إذا تركها عمدا حتى سلم وخرج من حرمة الصلاة أما لو سهوا وتذكرها ولو بعد السلام قبل أن يفعل منافيا يأتي بها ويسجد
____________________
(2/110)
للسهو كما قدمناه
قوله ( إلا إذا فسدت ) أي قبل سجودها والإفساد كالفساد ط
قوله ( فلو به الخ ) ظاهره أن غير الصلاتية لا تسقط بالحيض وقدمنا الكلام فيه
قوله ( لم يعدها ) لأن المفسد لا يفسد جميع أجزاء الصلاة وإنما يفسد الجزء المقارن فيمتنع البناء عليه
بحر عن القنية
قوله ( ويخالفه ) أي يخالف ما في المتن والبحث والجواب لصاحب النهر
قوله ( إلا أن يحمل الخ ) عبارة الخانية صريحة في ذلك ونصها مصلي التطوع إذا قرأ آية وسجد لها ثم فسدت صلاته وجب عليه قضاؤها ولا تلزمه إعادة تلك السجدة ا هـ
ومثله في الفيض والبزازية
قوله ( وتؤدي بركوع وسجود ) الواو بمعنى أو
قال في الحلية والأصل في أدائها السجود وهو أفضل ولو ركع لها على الفور جاز وإلا لا ا هـ أي وإن فات الفور ولا يصح أن يركع لها ولو في حرمة الصلاة
بدائع أي فلا بد لها من سجود خاص بها كما يأتي نظيره
وفي الحلية ثم إذا سجد أو ركع لها على حدة فورا يعود إلى القيام ويستحب أن لا يعقبه بالركوع بل يقرأ آيتين أو ثلاثا فصاعدا ثم يركع ا هـ
وإن كانت السجدة آخر السورة يقرأ من سورة أخرى ثم يركع وتمامه في الإمداد والبحر
قوله ( وكذا في خارجها الخ ) هذا ضعيف لما قدمناه عن البدائع من أنه لا يجزى لا قياسا ولا استحسانا وما عزاه إلى البزازية تبع فيه صاحب النهر وهو خلل في النقل لأن الذي رأيته في نسختين من البزازية هكذا وروي في غير الظاهر أن الركوع ينوب عنها خارج الصلاة أيضا ا هـ
فسقط من كلامه لفظة غير وما في البحر من أن قاضيخان اختار أنه ينوب عنها ففيه إن عبارة الخانية هكذا روي أنه يجوز ذلك ولا يخفى أنه مشعر بتضعيفه لا باختياره فتنبه لذلك
قوله ( لها أي للتلاوة ) لو أخر الشارح قوله سابقا غير ركوع الصلاة وسجودها إلى هنا لكان أولى ط
قوله ( على الفور الخ ) فلو انقطع الفور لا بد لها من سجود خاص بها ما دام في حرمة الصلاة وعلله في البدائع بأنها صارت دينا والدين يقضى بما له لا بما عليه والركوع والسجود عليه فلا يتأدى به الدين ا هـ
قوله ( على الظاهر كما في البحر ) أي عن البدائع والمتبادر من عبارته أنه استظهار من صاحب البدائع لا أنه ظاهر الرواية
وفي الإمداد الاحتياط قول شيخ الإسلام خواهر زاده بانقطاع الفور بالثلاث
وقال شمس الأئمة الحلواني لا ينقطع ما لم يقرأ أكثر من ثلاث
وقال الكمال بن الهمام وقول الحلواني هو الوراية ا هـ
قلت وصرح في شرح المنية بأنه الأصح رواية فإن محمدا نص على أنه إذ بقي بعد السجدة آيات من آخر السورة أي كسورة الانشقاق وسورة بني إسرائيل إن شاء ختم السورة وركع لها وإن شاء سجد لها ثم قام فأكمل السورة ثم ركع ا هـ
ومثله في الفتح
لكن في البحرعن المجتبى أن الركوع ينوب عنها بشرط النية وأن لا يفصل بثلاث إلا إذا كانت الثلاثة من آخر السورة ا هـ
____________________
(2/111)
ومقتضاه أن الخلاف فيما في وسط السورة وأن هذه وفاقية وبه صرح في الحلية عن الأصل وغيره نعم قال بعده إن الفرق ظاهر الوجه قل قد يوجه بأن قراءة الثلاث من آخر السورة لا تفصل لأنها إتمام للسورة وعدم رفض باقيها فكان في قراءتها زيادة طلب فلم تفصل بخلاف الثلاث من وسط السورة فإنه ليس فيها زيادة طلب لعدم ما ذكرنا فعدت فاصلة
تأمل
قوله ( أي كون الركوع لسجود التلاوة ) الأولى قول الإمداد أي نوى أداءها فيه ا هـ
ثم إن النية محلها عند إرادة الركوع فلو نواها فيه قيل يجوز وقيل لا ولو بعد الرفع منه لا يجوز بالإجماع
بدائع
قوله ( على الراجح ) وقيل لا حاجة إلى النية عند الفور وجعله القهستاني رواية عن محمد
قوله ( بالإجماع ) كذا قال في البدائع لكن رده في الفتح بأن الخلاف ثابت أيضا
قوله ( ولو نواها في ركوعه ) أي عقب التلاوة
ح عن البحر
قوله ( لم تجزه ) أي لم تجز نية الإمام المؤتم ولا تندرج في سجوده وإن نواها المؤتم فيه لأنه لما نواها الإمام في ركوعه تعين لها
أفاده ح
هذا وفي القهستاني واختلفوا في أن نية الإمام كافية كما في الكافي فلو لم ينو المقتدي لا ينوب على رأي فيسجد بعد سلام الإمام ويعيد القعدة الأخيرة كما في المنية ا هـ
قوله ( ولو تركها ) أي القعدة فسدت صلاته لأن التلاوية ترفعها كالصلبية بخلاف السهوية كما مر في السهو
قوله ( وينبغي حمله على الجهرية ) البحث لصاحب النهر ولعل وجهه أنه ذكر في التاترخانية أنه لو تلاها في السرية فالأولى أن يركع بها لئلا يلتبس الأمر على القوم ولو في الجهرية فالسجود أولى ا هـ
فإنه يفيد أن نية الإمام كافية لعدم علمهم بما قرأه الإمام سرا ولو لم يجزهم الركوع عنها كان التباس الأمر عليهم أعظم ولم يكن في ترجيح الركوع له فائدة فيحمل كلام القنية هنا على الجهرية ليكون المؤتم عالما بالتلاوة فإذا ركع إمامه فورا يلزمه أن ينويها فيه احتياطا لاحتمال أن الإمام نواها فيه فإذا لم ينو يسجد بعد سلام إمامه أما في السرية فهو معذور وتكفيه نية إمامه إذ لا علم له بتلاوة إمامه حتى يؤمر بالسجود لها بعد سلام الإمام
وأجاب ح بأنه يمكنه أن يخبره الإمام بعد السلام قبل تكلم المقتدي وخروجه من المسجد أنه قرأها نواها في الركوع ا هـ فتأمل
والأولى أن يحمل على القول بأن نية الإمام لا تنوب عن نية المؤتم والمتبادر من كلام القهستاني السابق أنه خلاف الأصح حيث قال على رأي فتأمل
قوله ( نعم لو ركع وسجد لها ) أي للصلاة فورا ناب أي سجود المقتدي عن سجود التلاوة بلا نية تبعا لسجود إمامه لما مر آنفا أنها تؤدى بسجود الصلاة فورا وإن لم ينو والظاهر أن المقصود بهذا الاستدراك التنبيه على أنه ينبغي للإمام أن لا ينويها في الركوع لأنه إذا لم ينوها فيه ونواها في السجود أو لم ينوها أصلا لا شيء على المؤتم لأن السجود هو الأصل فيها بخلاف الركوع فإذا نواها الإمام فيه ولم ينوها المؤتم لم يجزه ثم لا يخفى أن إرجاع الضمير في قوله لها إلى التلاوة لا يصح إلا بتكلف فلا حاجة إليه فافهم
قوله ( ولو سجد لها ) أي للتلاوة
وفي أغلب النسخ لو ركع لها وما هنا هو الصواب الموافق لما في البحر
أفاده ح
قوله ( لأنه انفرد بركعة ) لأن سجدة للتلاوة وسجدة تمت بها الركعة ط
قوله ( ولو سمع المصلي ) أي سواء كان إماما أو مؤتما أو منفردا وقوله من غيره أي ممن ليس معه في الصلاة سواء كان إماما غير إمامه أو مؤتما بذلك الإمام أو منفردا أو غير مصل
____________________
(2/112)
أصلا ا هـ ح
ونحوه في القهستاني وهذا صريح بوجوبها بالسماع من المؤتم بغير إمام السامع بخلاف المؤتم بإمامه لكن صرح في الإمداد بأنها لا تجب بالسماع من مقتد بإمام السامع أو بإمام آخر ا هـ
نعم في النهاية وشرح المنية وتجب على من سمعها من المؤتم ممن ليس في صلاته إجماعا ا هـ
وهذا موافق للأول
وفي البدائع إذا تلاها المؤتم لا تجب عليه في الصلاة إجماعا وكذا على الإمام والقوم إذا سمعوها منه
وأما بعد الصلاة فكذلك عندهما
وقال محمد تلزمهم لتحقق السبب وهو التلاوة الصحيحة في حق المؤتم والسماع في حق الإمام والقوم ولذا تلزم من سمع منه وهو ليس في صلاتهم إلا أنهم لا يمكنهم الأداء فيها فتجب خارجها كما لو سمعوا من خارج عنهم ولهما أن هذه السجدة من أفعال هذه الصلاة لأن تلاوة المؤتم محسوبة من صلاته وإن تحملها عنه الإمام فلا تؤدى بعدها
ومن مشايخنا من علل بأن هذه القراءة منهي عنها فلا حكم لها أو بأنه محجور عليه فيها فمن علل بالأول يقول تجب على من سمعها من المؤتم ممن لا يشاركه في صلاته لأنها ليست من أفعال الصلاة في حقه ومن علل بالأخيرين يقول لا تجب فاختلفوا فيها لاختلاف الطرق ا هـ ملخصا
والظاهر أن الثاني ضعيف فلم يعتد به في النهاية حتى نقل فيه الإجماع كما علمته ولعل ما في الإمداد مبني عليه فتأمل
قوله ( لأنها غير صلاتية ) فإن قيل السبب في حق السامع السماع لا التلاوة وسماعه موجود في الصلاة فلم تكن أجنبية لكون السبب غير أجنبي قلنا السماع ليس من أفعال الصلاة فكان أجنبيا بخلاف التلاوة شرح المنية قوله ( لسماعها من غير محجور ) قد علمت أن المراد من الغير في قول المصنف من غيره ما يشمل المقتدي بإمام آخر فتجب بالسماع منه مع أنه محجور إلا أن يراد المحجور عن التلاوة في صلاة السامع وهو المقتدي بإمامه لكن علمت أن من علل بالحجر يقول بعد الوجوب بالسماع من المؤتم مطلقا
قوله ( للنهي ) علة للنقطان وذلك أن الأمر بإتمام الركن الذي هو فيه وانتقاله إلى آخر يقتضي النهي عن الاشتغال بأداء ما وجب بسبب خارج عن الصلاة فيها فالنهي ضمني كما في غرر الأفكار
قوله ( لما مر ) من قوله لأنها ناقصة الخ
قوله ( إلا إذا تلاها الخ ) استثناء من قوله وأعاده
قوله ( غير المؤتم ) صادق بالإمام والمنفرد
واحترز عن المؤتم فإنه يسجدها بعد الصلاة ولا تصير صلاتية لأن التي تلاها لا يعتد بها فلا تستتبع الخارجية ا هـ ح
قوله ( ولو بعد سماعها ) أي إذا تلاها المصلي وسجد لها لا إعادة عليه سواء تلاها قبل سماعها وهو ظاهر الرواية أو بعده وهو أحد روايتين وبه جزم في السراج
بحر
قوله ( دونها الخ ) هو ظاهر الرواية وهو الصحيح
وفي رواية النوادر تبطل به الصلاة وليس بصحيح وقيل هو قول محمد
وعندهما لا يعيد
إمداد
والظاهر أن الإعادة واجبة لكراهة التحريم كما هو مقتضى النهي المذكور
تأمل
قوله ( لمتابعته غير إمامه ) لأن المصلي سواء كان له إمام أو لا إذا تابع أحدا غير إمامه فسدت صلاته والمتابعة هنا وإن كانت ليست اقتداء حقيقة ولذا صح متابعة المرأة فيها وتقدم السامع على التالي لكن المتابعة في كل شيء بحسبه فلما تحققت المتابعة المعتبرة في محلها أشبهت الاقتداء الحقيقي فأفسدت الصلاة لأن متابعة المصلي لغير إمامه مفسدة ولذا قال في البحر بعد عزوه المسألة إلى التجنيس والمجتبى والولوالجية وقدمنا أن زيادة سجدة واحدة بنية المتابعة لغير إمامه مبطلة لصلاته ا هـ
قوله ( ثم دخل في الصلاة فتلاها فيها ) أي تلا تلك الآية بعينها أيضا في الصلاة سجد للتلاوة الثانية سجدة أخرى لأن الأقوى
____________________
(2/113)
لا يكون تبعا للأضعف
قوله ( كفته واحدة ) هذا ظاهر الرواية وفي رواية النوادر لا تكفيه الواحدة
ومنشأ الخلاف هل بالصلاة يتبدل المجلس أو لا نهر
قوله ( وإن اختلف المجلس ) كذا في النهر عن البدائع ومثله في الدرر وشرط في البحر اتحاده
قال الرملي في حواشيه ومثله في غاية البيان والنهاية والزيلعي والظاهر أن فيه اختلافا وينبغي ترجيح ما في البحر ا هـ
قلت لكن في الشرنبلالية ما يفيد عدم الخلاف حيث جعل قوله وإن اختلف المجلس مبنيا على فرض تسليم الوجه لرواية النوادر وهو أن المجلس بالصلاة تبدل حكما لأن مجلس التلاوة غير مجلس الصلاة فلا تستتبع إحداهما الأخرى
وأما على الظاهر فالمجلس متحد حقيقة وحكما فلو لم يتحد ولو حكما بعمل غير الصلاة لا تجزئه الصلاتية عما قبلها كما في غاية البيان والزيلعي ا هـ
قوله ( سقطتا ) لأن الخارجية أخذت حكم الصلاتية فسقطت تبعا لها ح
قوله ( في الأصح ) وعلى روية النوادرة لا تسقط الخارجية لأن الصلاتية ما استتبعتها على هذه الرواية
ح عن الشنربلالية
قوله ( كما مر ) أي مرتين الأولى قوله فيأثم بتأخيرها والثانية قوله أثم فتلزمه التوبة خ
تتمة لم يذكر عكس مسألة المتن أي لو تلاها في الصلاة فجسدها فيها ثم أعادها بعد السلام فقيل تجب أخرى
قال الزيلعي وهذا يؤيد رواية النوادر وقيل لا تجب
ووفق الفقيه بحمل الأول على ما إذا تكلم لأن الكلام يقطع حكم المجلس
والثاني على ما إذا لم يتكلم و هو الصحيح فلا تأييد
نهر
ولو لم يسجد لها حتى سلم ثم تلاها سجد سجدة واحدة وسقطت عنه الأولى
شرح المنية عن الخانية
قوله ( ولو كررها في مجلسين تكررت ) الأصل أنه لا يتكرر الوجوب إلا بأحد أمور ثلاثة اختلاف التلاوة أو السماع أو المجلس
أما الأولان فالمراد بهما اختلاف المتلو والمسموع حتى لو تلا سجدات القرآن كلها أو سمعها في مجلس أو مجالس وجبت كلها
وأما الأخير فهو قسمان حقيقي بالانتقال منه إلى آخر بأكثر من خطوتين كما في كثير من الكتب أو بأكثر من ثلاث كما في المحيط ما لم يكن للمكانين حكم الواحد كالمسجد والبيت والسفينة ولو جارية والصحراء بالنسبة للتالي في الصلاة راكبا
وحكمي وذلك بمباشرة عمل يعد في العرف قطعا لما قبله كما لو تلا ثم أكل كثيرا أو نام مضطجعا أو أرضعت ولدها أو أخذ في بيع أو شراء أو نكاح بخلاف ما إذا طال جلوسه أو قراءته أو سبح أو هلل أو أكل لقمة أو شرب شربة أو نام قاعدا أو كان جالسا فقام أو مشى خطوتين أو ثلاثا على الخلاف أو كان قائما فقعد أو نازلا فركب في مكانه فلا تتكرر
حلية ملخصا
قوله ( بل كفته واحدة ) ولا يندب تكرارها بخلاف الصلاة على النبي كما سيأتي
قوله ( وفي البحر التأخير أحوط ) لأن بعضهم قال إن التداخل فيها في الحكم لا في السبب حتى لو سجد للأولى ثم أعادها لزمته أخرى كحد الشرب والزنا
نقله في المجتبى
بحر
وأجاب الرملي بأن المبادرة إلى العبادة أولى ولا يمنع منه قول البعض لضعفه ومثله في شرح الشيخ إسماعيل وقال ولا سيما إذا كان بعض الحاضرين محتمل الذهاب كما يتفق في الدروس
قوله ( والأصل أن مبناها ) أي السجدة وهذا استحسان والقياس أن تتكرر لأن التلاوة سبب للوجوب
شرنبلالية
قوله ( دفعا للحرج ) لأن في إيجاب
____________________
(2/114)
السجدة لكل تلاوة حرجا خصوصا للمعلمين والمتعلمين وهو منفي بالنص
بحر
قوله ( بشرط اتحاد الآية والمجلس ) أي بأن يكون المكرر آية واحدة فلو تلا آيتين في مجلس واحد أو آية واحدة في مجلسين فلا تداخل ولم يشترط اتحاد السماع لأنه إنما يكون باتحاد المسموع فيغني عنه اشتراط اتحاد الآية وأشار إلى أنه متى اتحدت الآية والمجلس لا يتكرر الوجوب وإن اجتمع التلاوة والسماع ولو من جماعة ففي البدائع لا يتكرر ولو اجتمع سببا الوجوب وهما التلاوة والسماع بأن تلاها ثم سمعها أو بالعكس أو تكرر أحدها ا هـ
وفي البزازية سمعها من آخر ومن آخر أيضا وقرأها كفت سجدة واحدة في الأصح لاتحاد الآية والمكان ا هـ
ونحوه في الخانية
فعلى هذا لو قرأها جماعة وسمعها بعضهم من بعض كفتهم واحدة
قوله ( وهو تداخل ) الضمير راجع إلى عدم تكرار المفهوم من قول المصنف وفي مجلس واحد لا أو إلى التداخل في عبارة الشارح وهما بمعنى واحد قوله ( فتكون الخ ) تفريع صحيح لأنه بيان وتوضيح لكيفية جعل الكل كتلاوة واحدة فافهم
قوله ( لأن تركها الخ ) علة لمحذوف تقديره وإنما لم يجعل من التداخل في الحكم مع تعدد الأسباب
أفاده ط
قوله ( لأنه أليق بالعقوبة ) علة للنفي وقوله لأنها للزجر الخ علة للعلة
والحاصل أنا لم نقل بالتداخل في الحكم في العبادات لما يلزم عليه من الأمر الشنيع وهو ترك العبادة المطلوب تكثيرها مع قيام سببها فجعلنا الكل سببا واحدا لدفع ذلك لأنه أليق بها أما العقوبات فإن مبناها على الدرء والعفو فلا يلزم من تركها مع قيام سببها الأمر الشنيع بل يحصل المقصود منها في الدنيا وهو الزجر بعقوبة واحدة مع جواز عفو المولى تعالى في الآخرة وإن تعدد السبب
قوله ( وأفاد الفرق ) أي بين التداخلين
وجه الفرق أنه لما جعلنا الأولى سببا والباقي تبعا لها كان أينما سجد سجد بعد السبب بخلافه في الثاني فإن الأسباب فيه على حالها فلا بد من السجود بعد تمام الأسباب ح
قوله ( حد ثانيا ) أي لوجود سببه مع ظهور أنه لم يحصل المقصود وهو الانزجار عن الزنا بالحد الأول بخلاف حد القذف إذا أقيم مرة ثم قذفه مرارا لم يحد لأن العار قد اندفع بالأول لظهور كذبه
بحر
قوله ( ذاهبا وآيبا ) أما إذا كان يدير السداء على الدائرة وهو جالس في مكان واحد فلا يتكرر
بحر عن الفتح بحثا وفيه نظر يأتي قريبا
قوله ( وانتقاله عن غصن إلى آخر ) أي سواء كان قريبا أو بعيدا على الصحيح
وفي الواقعات الحسامية إن أمكنه الانتقال بدون نزول كفته واحدة لاتحاد المجلس وإلا فلا لاختلافه ا هـ
وهذا ما أفتى به شمس الأئمة الحلواني وغيره من الأئمة
ط عن حاشية الزيلعي للشلبي
قوله ( أو حوض ) قال محمد إن كان عرض الحوض وطوله مثل طول المسجد وعرضه لا يتكرر الوجوب والصحيح أنه يتكرر
خانية قوله ( تبديل للمجلس ) أي في حق التالي أو الآية أي في حق السامع كذا في شرحه على الملتقى
____________________
(2/115)
قلت الظاهر أن يقال أو التلاوة بدل الآية لأن السبب في حق السامع هو التلاوة كما مر على أنه مخالف لقول المصنف الآتي لا عكسه فإنه مبني على سببية السماع وعليه فكان المناسب التعبير بالسماع
وقد يجاب بأنه مبني على سببية السماع ولما كان تبدل السماع بتبدل المسموع أتى بقوله أو الآية بدل قوله أو السماع تأمل
قوله ( فتجب سجدة أو سجدات ) أي بقدر تعدد التلاوة وقوله أخرى صفة سجدة ويقدر لقوله أو سجدات صفة غيرها أي أخر ففيه حذف الصفة لدليل وإقحام المعطوف بين المعطوف عليه وصفته
قوله ( بخلاف زوايا مسجد ) أي ولو كبيرا على الأوجه وكذا البيت
في الخانية والخلاصة إلا إذا كانت الدار كبيرة كدار السلطان ا هـ
حلية
وظاهر أن الدار التي دونها لها حكم البيت وإن اشتملت على بيوت ثم قال في الحلية ثم الأصل على ما في الخانية والخلاصة أن كل موضع يصح الاقتداء فيه بمن يصلي في طرف منه يجعل كمكان واحد ولا يتكرر الوجوب فيه وما لا فلا فعلى هذا لو كانت الشجرة أو تسدية الثوب أو التردد في الدياسة أو حول رحى الطحن ونحو ذلك فيما له حكم المكان الواحد كالمسجد ينبغي أن لا يتكرر الوجوب بتكرير التلاوة ا هـ
قلت هو بحث وجيه لكن ظاهر إطلاقهم خلافه ولعل وجهه أن الانتقال من غصن إلى غصن والتسدية ونحو ذلك أعمال أجنبية كثيرة يختلف بها المجلس حكما كالكلام والأكل الكثير لما مر من أن المجلس يختلف حكما بمباشرة عمل يعد في العرف قطعا لما قبله ولا شك أن هذه الأفعال كذلك وإن كانت في المسجد أو البيت بل يختلف بها حقيقة لأن المسجد مكان واحد حكما وبهذه الأفعال المشتملة على الانتقال يختلف حقيقة بخلاف الأكل فإن الاختلاف فيه حكمي وعلى كل يتكرر الوجوب ولذا قيد في الواقعات الانتقال من غصن إلى غيره بما إذا احتاج إلى نزول كما قدمناه أي ليكون عملا كثيرا
والحاصل أن ما له حكم المكان الواحد كالمسجد والبيت لا يضر الانتقال فيه بأكثر من ثلاث خطوات ما لم يقترن بعمل أجنبي يعد في العرف قطعا لما قبله كالدياسة والتسدية بخلاف مجرد المشي من غير عمل بلا إطلاق كلامهم يدل على أن ذلك العمل الأجنبي كالأكل الكثير والبيع والشراء يضر هنا ولو بدون مشي وانتقال حيث لم يقيدوه بغير المسجد والبيت ومقتضاه تكرار الوجوب لو فصل بين التلاوتين بعلم دنيوي كخياطة وحياكة ولو كان في المسجد أو البيت في مكان واحد ولهذا قال في البدائع في تحقيق اختلاف المجلس حكما بالبيع ونحوه ألا ترى أن القوم يجلسون لدرس العلم فيكون مجلس الدرس ثم يشتغلون بالنكاح فيصير مجلس النكاج ثم بالبيع فيصير مجلس البيع ثم بالأكل فيصير مجلس الأكل فصار تبدله بهذه الأفعال كتبدله بالذهاب والرجوع ا هـ
وعلى هذا فما مر عن الفتح من أنه إذا كان يدير السداء على الدائرة وهو جالس في مكان واحد فلا يتكرر فيه نظر إلا أن يحمل على ما إذا لم يفصل بين التلاوتين بعمل كثير من ذلك وإلا فما الفرق بين إدارة الدائرة كثيرا وبين الأكل الكثير وإرضاع الولد ونحوهما مما مر أن يختلف به المجلس
وقد يقال إنه إذا جلس للتسدية وقرأ مرارا لا تكون التسدية فاصلة لكون المجلس لها وعليه يقال مثله في الأكل ونحوه فتأمل
هذا ما ظهر لي تحريره في هذا المحل والله تعالى أعلم
قوله ( وفعل قليل ) احترز به عن الفعل الكثير الذي يعد قاطعا للمجلس عرفا كما مر بخلاف ما إذا طال جلوسه أو قراءته أو سبح أو هلل كما قدمناه أو وعظ أو درس كما في التاترخانية
قوله ( وقيام ) أي
____________________
(2/116)
في محله ومثله لو مشى خطوتين أو ثلاثا على ما مر
قوله ( ورد سلام ) أي وتشميت عاطس بخلاف ما لو تكلم كلمات أو شرب جرعات أو عقد نكاحا أو بيعا فإنه لا يكفيه سجدة واحدة
شرح المنية
قوله ( وكذا دابة
أي سائرة ح قوله ( لأن الصلاة تجمع الأماكن ) ضرورة أن اختلاف المكان يمنع صحة الصلاة ومفاده التسوية بين كون التكرار في ركعة أو أكثر وهو قول أبي يوسف وهو الأصح خلافا لمحمد فإن عنده يتكرر الوجوب بتكرارها في ركعتين
شرح المنية
قوله ( ولو لم يصل تتكرر ) لأن سيرها مضاف إليه حتى يجب عليه ضمان ما أتلفت بخلاف سير السفينة
ح عن الدرر
قوله ( كما تتكرر ) أي على السامع دون التالي وفي عكسه بعكسه ط
والحاصل أن من تكرر مجلسه من سامع أو تال تكرر الوجوب عليه دون صاحبه
قوله ( وغلامه يمشي ) أقول ومثله لو كان راكبامعه لما في شرح تلخيص الجامع لو كان المصلي على الدابة في محمل وكررها مرارا يتحد الوجوب في حقه ويتعدد في حق عديله لاختلاف المكان في حق السامع ا هـ أي إلا إذا اقتدى به
وفي الخانية راكبان كل منهما يصلي صلاة نفسه فتلا أحدهما آية مرتين والآخر آية أخرى مرة وسمع كل من الآخر فعلى الأول سجدتان إحداهما في الصلاة لقراءته والأخرى بعد الفراغ لقراءة صاحبه لأنها لا تكون صلاتية
وعلى الثاني سجدة في صلاته لقراءته وسجدتان بعد الفراغ لتلاوتي صاحبه على رواية النوادر ووحدة في ظاهر الرواية وعليه الاعتماد لأن السامع مكانه واحد وكذا التالي ا هـ
قوله ( تتكر رعلى الغلام ) لتبدل المجلس في حقه بخلاف الراكب لأن الصلاة تجمع المتفرق ط
قوله ( لا تتكرر ) أي على السامع
قوله ( على المفتى به ) راجع إلى صورة العكس فقط ومقابله ما صححه في الكافي من تكررها على السامع أيضا لأن التلاوة هي السبب في حقه أيضا لكن بشرط السماع وصحح في الهداية والخانية الأول
قال في الينابيع وعليه الفتوى
قال الفقير وبه نأخذ
شرح المنية قوله ( وأما الصلاة على الرسول فكذلك ) أي كالسجدة تتكرر عند ذكر اسمه الشريف أو سماعه في مجلسين لا في مجلس وكان الأولى ذكر هذه المسألة عند قول المتن ولو كررها في مجلسين الخ كما فعل في البحر
قال في شرح المنية واعلم أن حكم الصلاة على النبي عند ذكر اسمه على القول بوجوبها كحكم السجدة في عدم تكرر الوجوب عند اتحاد المجلس لكن يندب تكرار الصلاة دون السجود
والفرق أن الصلاة عليه يتقرب بها مستقلة وإن لم يذكر بخلاف السجدة فإنها لا يتقرب بها مستقلة من غير تلاوة ا هـ
قوله ( وقال المتأخرون تتكرر ) قال في البحر وقدمنا ترجيحه ا هـ
وتقدم هذا البحث في فصل إذا أراد الشروع وقدمنا هناك ترجيح الأول وصححه في الكافي هنا وجزم به ابن الهمام في ( زاد الفقير )
قوله ( فالأصح الخ ) وقيل مرة وقيل إلى العشر وقيل كلما عطس ح
وإنما يجب تشميته إذا حمد الله تعالى كذا في ( شرح تلخيص الجامع )
قوله ( فيه الخ ) وقال محمد في الجامع الصغير لأن فيه هجر شيء من القرآن وذلك ليس من أعمال المسلمين لأنه فرار
____________________
(2/117)
من السجدة وذلك ليس من أخلاق المؤمنين
نهر
قوله ( وتغيير تأليفه ) عطف تفسير ح
قوله ( مأمور به ) قال تعالى 57 { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه } القيامة 18 أي تأليفه
فتح عن البدائع
قوله ( ومفاده الخ ) هو لصاحب النهر أخذا مما مر عن الجامع الصغير وعن البدائع فافهم
قوله ( لا يكره عكسه ) قال في البدائع لو قرأ آية السجدة من بين السورة لم يضره ذلك لأنها من القرآن وقراءة ما هو من القرآن طاعة كقراءة سورة من بين السور ا هـ
وظاهره أنه لا يكره لا تحريما ولا تنزيها لأنه جعل قراءة الآية كقراءة السورة ولا كراهة في قراءة سورة واحدة أصلا فكذا الآية الواحدة
وأما قوله وندب الخ فقد ذكرنا مرارا أن ترك المندوب لا يلزم أن يكون مكروها تنزيها إلا بدليل فتأمل هذا
وفي البحر وقيد عدم الكراهة في الخانية بأن يكون في غير الصلاة ا هـ
أما فيها فمكروه
قهستاني
قلت وبين وجهه في الذخيرة حيث قال قالوا ويجب أن يكره في حالة الصلاة لأن الاقتصار على آية واحدة في الصلاة مكروه ا هـ
ومقتضاه أن الكراهة فيها تحريمية لترك الواجب وهو قراءة ثلاثة آيات لا للعلة الآتية في الشرح
قوله ( قبلها أو بعدها ) أخذ التعميم من قول الخانية إن قرأ معها آية أو آيتين فهو أحب
وكذا عبر في البدائع من أن الإمام محمدا قال أحب إلي أن يقرأ قبلها آية أو آيتين كما في البحر وكأنهم أخذوا التعميم من عموم التعليل إذ دفع الوهم لا يختص بما قبلها
والظاهر أن مثل ذلك ما إذا قرأ آية قبلها وآية بعده وتشمله عبارة الخانية
قوله ( باشتماله على صفاته تعالى ) فزيادة الفضيلة باعتبار المذكور لا باعتبار من حيث هو قرآن
بحر وحينئذ فلا يشكل ما ورد من تفضيل بعضه على بعض كما ورد من أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن ونحو ذلك
قوله ( واستحسن إخفاؤها الخ ) لأنه لو جهر بها لصار موجبا عليهم شيئا ربما يتكاسلون عن أدائه فيقعون في المعصية فإن كانوا متهيئين جهر بها
بحر عن البدائع قال في المحيط بشرط أن يقع في قلبه أن لا يشق عليهم أداء السجدة فإن وقع أخفاها ا هـ
وينبغي أنه إذا لم يعلم بحالهم أن يخفيها
نهر
قوله ( واختلف التصحيح الخ ) أقول صحح عدم الوجوب في الذخيرة والتاترخانية كذا في القهستاني عن المحيط ومشى عليه في الحلية
نعم قال المصنف في المنح اختلف المشايخ في وجوب السجود والصحيح الوجوب
قال بعض الأفاضل وهو مشكل لأن السماع في حق السامع شرط أو سبب للوجوب ولم يوجد فلا يوجد الوجوب الذي هو المشروط أو المسبب وجوابه أن الأصح عدم الوجوب كما في مجمع الفتاوى فليكن هو المعتمد
وعلى تقدير كون المعتمد الوجوب فجوابه أن المتشاغل نزل سامعا لأنه بعرضية أن يسمع واللائق به أن يكلف به زجرا له تشاغله عن كلام الله جل جلاله ا هـ ما في المنح ملخصا
قوله ( من كل واحد حرفا ) لما تقدم أن الموجب للسجدة تلاوة أكثر الآية مع حرف السجدة والظاهر أن المراد بالحرف الكلمة ويكون الحرف الحقيقي مفهوما بالأولى ح وقدمنا تمام الكلام عليه
قوله ( فقد أفاد ) أي صاحب الخانية بتعليله المذكور ط
قوله ( مهمة لكل مهمة ) أي هذه فائدة مهمة أي ينبغي أن يصرف المسلم
____________________
(2/118)
همته إلى تعلمها لأجل دفع كل مهمة أي كل حادثة تهمه وتحزنه
قوله ( آي السجدة ) بمد الهمزة جمع آية
قوله ( ولاء ) بالكسر والمد م وفي بعض النسخ أو لا والمعنى واحد وهو أنه أولا يسردها متوالية ثم يسجد للكل أربع عشرة سجدة قوله ( ويحتمل الخ ) جواب عما أورد الكمال من أنه إذا قرأها في مجلس واحد يلزم عليه تغيير نظم القرآن وقد مر أن اتباع النظم مأمور به
وأجاب في البحر بأن قراءة آية من السورة غير مكروه لما مر تعليله عن البدائع وفيه نظر لأن ما مر في قراءة آية واحدة أما إذا قرأ آيات السجدة وضم بعضها إلى بعض يلزم عليه تغيير النظم وإحداث تأليف جديد كما نقله الرملي عن المقدسي فلذا أجاب الشارح تبعا للنهر بحمل ما في الكافي على ما إذا سجد لكل آية بعد قراءتها فإنه لا يكره لأنه لا يلزم منه تغيير النظم لحصول الفصل بين كل آيتين بالسجود بخلاف ما إذا قرأها ولاء ثم سجد لها فهذا يكره
قلت لكن تقدم قبيل فصل القراءة أنه يستحب عقب الصلاة قراءة آية الكرسي والمعوذات فلو كان ضم آية إلى آية من محل آخر مكروها لزم كراهة ضم آية الكرسي إلى المعوذات لتغيير النظم مع أنه لا يكره لما علمت بدليل أن كل مصل يقرأ الفاتحة وسورة أخرى أو آيات أخر ولو كان ذلك تغييرا للنظم لكره
فالأحسن الجواب بما في شرح المنية من أن تغيير النظم إنما يحصل بإسقاط بعض الكلمات أو الآيات من السورة لا بذكر كلمة أو آية فكما لا يكون قراءة سور متفرقة من أثناء القرآن مغيرا للتأليف والنظم لا يكون قراءة آية من كل سورة مغيرا له ا هـ
وحاصله أن المكروه إسقاط آية السجدة من السورة مع ضم ما بعدها إلى ما قبلها لأنه تغيير للنظم أما ضم آيات متفرقة فلا يكره كما لا يكره ضم سور متفرقة بدليل ما ذكرناه من القراءة في الصلاة وحينئذ فلا كراهة في قراءة آيات السجدة ولاء فيحمل كلام الكافي على ظاهره والله تعالى أعلم
مطلب في سجدة الشكر قوله ( وسجدة الشكر ) كان الأولى تأخير الكلام عليها بعد إنهاء الكلام على سجدة التلاوة ط
وهي لمن تجددت عنده نعمة ظاهرة أو رزقه الله تعالى مالا أو ولدا أو اندفعت عنه نقمة ونحو ذلك يستحب له أن يسجد لله تعالى شكرا مستقبل القبلة يحمد الله تعالى فيها ويسبحه ثم يكبر فيرفع رأسه كما في سجدة التلاوة
سراج
قوله ( به يفتى ) هو قولهما
وأما عند الإمام فنقل عنه في المحيط أنه قال لا أراها واجبة لأنها لو وجبت لوجب في كل لحظة لأن نعم الله تعالى على عبده متواترة وفيه تكليف ما لا يطاق
ونقل في الذخيرة عن محمد عنه أنه كان لا يراها شيئا وتكلم المتقدمون في معناه فقيل لا يراها سنة وقيل شكرا تاما لأن تمامه بصلاة ركعتين كما فعل عليه الصلاة والسلام يوم الفتح وقيل أراد نفي الوجوب وقيل نفي المشروعية وأن فعلها مكروه لا يثاب عليه بل تركه أولى
وعزاه في المصفى إلى الأكثرين فإن كان مستند الأكثرين ثبوت الرواية عن الإمام به فذلك وإلا فكل من عبارتيه السابقتين محتمل والأظهر أنها مستحبة كما نص عليه محمد لأنها قد جاء فيها غير ما حديث وفعلها أبو بكر وعمر وعلي فلا يصح الجواب عن فعله بالنسخ كذا في الحلية ملخصا
وتمام الكلام فيها وفي الإمداد
____________________
(2/119)
فراجعهما
وفي آخر شرح المنية وقد وردت فيه روايات كثيرة عنه عليه الصلاة والسلام فلا يمنع عنه لما فيه من الخضوع وعليه الفتوى
وفي فروق الأشباه سجدة الشكر جائزة عنده لا واجبة وهو معنى ما روي عنه أنها ليست مشروعة وجوبا وفيها من القاعدة الأولى والمعتمد أن الخلاف في سنيتها لا في الجواز ا هـ
قول ( لكنها تكره بعد الصلاة ) الضمير للسجدة مطلقا
قال في شرح المنية آخر الكتاب عن شرح القدوري للزاهدي أما بغير سبب فليس بقربة ولا مكروه وما يفعل عقيب الصلاة فمكروه لأن الجهال يعتقدونها سنة أو واجبة وكل مباح يؤدي إليه فمكروه انتهى
وحاصله أن ما ليس لها سبب لا تكره ما لم يؤد فعلها إلى اعتقاد الجهلة سنيتها كالتي يفعلها بعض الناس بعد الصلاة ورأيت من يواظب عليها بعد صلاة الوتر ويذكر أن لها أصلا وسندا فذكرت له ما هنا فتركها
ثم قال في شرح المنية وأما ما ذكر في المضمرات أن النبي قال لفاطمة رضي الله عنها ما من مؤمن ولا مؤمنة يسجد سجدتين إلى آخر ما ذكر فحديث موضوع باطل لا أصل له
قوله ( فمكروه ) الظاهر أنها تحريمية لأنه يدخل في الدين ما ليس منه ط
قوله ( ويكره للإمام الخ ) لأنه إن ترك السجود لها فقد ترك واجبا وإن سجد يشتبه على المقتدين
شرح المنية
قوله ( ونحو جمعة ويعيد ) أشار ب نحو إلى أن الظهر مثلا لو أديت بجمع عظيم فهي كذلك
أفاده ح
قوله ( إلا أن تكون الخ ) بأن كانت في آخر السورة أو قريبا منه أو في الوسط وركع لها فورا كما مر بيانه
قال ح لكن ينبغي أن لا ينويها في الركوع لما فيه من المحذور المتقدم عن القنية أي أنه يلزم المؤتم إذا لم ينوها فيه أيضا أن يأتي بها بعد سلام الإمام ويعيد القعدة
قوله ( سجد ) أي فوقه أو تحته
تاترخانية
قوله ( وسجد السامعون ) أي لا غيرهم بخلاف الصلاة
تاترخاني
وفي البدائع ولو تلاها الإمام على المنبر يوم الجمعة سجدها وسجدها معه من سمعها لما روي أنه عليه الصلاة والسلام تلا سجدة على المنبر فنزل وسجد وسجد الناس معه ا هـ والله تعالى أعلم
باب صلاة المسافر قدر الشارح صلاة لأنها المقصودة من الباب
والسفر لغة قطع المسافة من غير تقدير والمراد سفر خاص وهو الذي تتغير به الأحكام من قصر الصلاة وإباحة الفطر وامتداد مدة المسح إلى ثلاثة أيام وسقوط وجوب الجمعة والعيدين والأضحية وحرمة الخروج على الحرة من غير محرم ط عن العناية
قوله ( من إضافة الشيء ) أي الصلاة إلى شرطه أي المسافر فإنه شرط لها ح
وفيه أن الشرط السفر لا المسافر
ط عن الحموي
قوله ( أو محله ) فإن المسافر محل لها أو من إضافة الفعل إلى فاعله وقد قدمنا في أول باب صلاة المريض أن كل فاعل محل ولا عكس ح
قوله ( ولا يخفى ) شروع في وجه تأخيره عن التلاوة ويعلم منه المناسبة وهي العروض في كل
ط أي العروض المكتسب بخلاف السهو والمرض فإن كلا منهما عارض سماوي
قوله ( إلا بعارض ) استثناء من قوله عبادة وقوله مباح
____________________
(2/120)
أي الأصل في التلاوة العبادة إلا بعارض نحو رياء أو سمعة أو جنابة فتكون معصية وفي السفر الإباحة إلا بعارض نحو حج أو جهاد فيكون طاعة أو نحو قطع طريق فيكون معصية
قوله ( فلذا أخر ) أي لكون الأصل فيه الإباحة فإنه دون ما الأصل فيه العبادة
قوله ( لأنه يسفر ) بفتح الياء من الثلاثي
ط عن القهستاني
قوله ( عن أخلاق الرجال ) أو لأنه يسفر عن وجه الأرض أي يكشف وعليهما فالمفاعلة بمعنى أصل الفعل ويجوز أن تكون على بابها باعتبار أن السفر لا يكون إلا من اثنين فأكثر غالبا فكل منهما يسفر عن أخلاق صاحبه أو أنه ينكشف للأرض وهي تنكشف له ح
قوله ( من خرج من عمارة وضع إقامته ) أراد بالعمارة ما يشمل بيوت الأخبية لأن بها عمارة موضعها
قال في الإمداد فيشترط مفارقتها ولو متفرقة وإن نزلوا على ماء أو محتطب يعتبر مفارقته كذا في مجمع الروايات ولعله ما لم يكن محتطبا واسعا جدا ا هـ
وكذا ما لم يكن الماء نهرا بعيد المنبع وأشار إلى أنه يشترط مفارقة ما كان من توابع موضع الإفاقة كربض المصر وهوما حول المدينة من بيوت ومساكن فإنه في حكم المصر وكذا القرى المتصلة بالربض في الصحيح بخلاف البساتين ولو متصلة بالبناء لأنها ليست من البلدة ولو سكنها أهل البلدة في جميع السنة أو بعضها ولا يعتبر سكنى الحفظة والأكرة اتفاقا
إمداد
وأما الفناء وهو المكان المعد لمصالح البلد كركض الدواب ودفن الموتى وإلقاء التراب فإن اتصل بالمصر اعتبر مجاوزته وإن انفصل بغلوة أو مزرعة فلا كما يأتي بخلاف الجمعة فتصح إقامتها في الفناء ولو منفصلا بمزارع لأن الجمعة من مصالح البلد بخلاف السفر كما حققه الشرنبلالي في رسالته وسيأتي في بابها والقرية المتصلة بالفناء دون الربض لا تعتبر مجاوزتها على الصحيح كما في شرح المنية
أقول إذا علمت ذلك ظهر لك أن ميدان الحصا في دمشق من ربض المصر وأن خارج باب الله إلى القرية القدم من فنائه لأنه مشتمل على الجبانة المتصلة بالعمران وهو معد لنزول الحاج الشريف فإنه قد يستوعب نزولهم من الجبانة إلى ما يحاذي القرية المذكورة فعلى هذا لا يصح القصر فيه للحجاج وكذا المرجة الخضراء فإنها معدة لقصر الثياب وركض الدواب ونزول العساكر ما لم يجاوز صدر الباز بناء على ما حققه الشرنبلالي في رسالته من أن الفناء يختلف باختلاف كبر المصر وصغره فلا يلزم تقديره بغلوة كما روي عن محمد ولا يميل أو ميلين كما روي عن أبي يوسف
قوله ( من جانب خروجه الخ ) قال في شرح المنية فلا يصير مسافرا قبل أن يفارق عمران ما خرج منه من الجانب الذي خرج حتى لو كان ثمة محلة منفصلة عن المصر وقد كانت متصلة به لا يصير مسافرا ما لم يجاوزها ولو جاوز العمران من جهة خروجه وكان بحذائه محلة من الجانب الآخر يصير مسافرا إذ المعتبر جانب خروجه ا هـ
وأراد بالمحلة في المسألتين ماكان عامرا
أما لو كانت المحلة خرابا ليس فيها عمارة فلا يشترط مجاوزتها في المسألة الأولى ولو متصلة بالمصر كما لا يخفى فعلى هذا لا يشترط مجاوزة المدارس التي في سفح قاسيون إلا ما كان له أبنية قائمة كمسجد الأفرم والناصرية
بخلاف ما صار منها بساتين ومزارع كالأبنية التي في طريق الربوة ثم لا بد أن تكون المحلة في المسألة الثانية من جانب واحد فلو كان العمران من الجانبين فلا بد من مجاوزته لما في الإمداد لو حاذاه من أحد جانبيه فقط لا يضره كما في قاضيخان وغيره ا هـ والظاهر أن محاذاة الفناء المتصل كمحاذاة العمران بقي هل المراد بالجانب البعيد أو ما يشمل القريب وعليه فلينظر فيما لو خرج من جهة المرجة الخضراء
____________________
(2/121)
فوق الشرف الأعلى من طريق فإن المرجة أسفل منه وهي من الفناء كما ذكرناه مزارع فهل يشترط أن يجاوز ما يحاذيه من المرجة لقربها منه أم لا فليحرر
والظاهر اشتراط مجاوزته لأن ذلك من جانب خروجه لا من جانب آخر
قوله ( أقل من غلوة ) هي ثلاثمائة ذراع إلى أربعمائة هو الأصح
بحر عن المجتبى
قوله ( قاصدا ) أشار به مع قوله خرج إلى أنه لو خرج ولم يقصد أو قصد ولم يخرج لا يكون مسافرا ح
قال في البحر وأشار إلى أن النية لا بد أن تكون قبل الصلاة ولذا قال في التجنيس إذا افتتح الصلاة في السفينة حال إقامته في طرف البحر فنقلتها الريح ونوى السفر يتم صلاة المقيم عند أبي يوسف خلافا لمحمد لأنه اجتمع في هذه الصلاة ما يوجب الأربع وما يمنع فرجحنا ما يوجب الأربع احتياطا ا هـ
وإنما يشترط قصده لو كان مستقلا برأيه فلو تابعا لغيره فالاعتبار بنية المتبوع كما سيأتي وعليه خرج في البحر ما في التجنيس لو حمله آخر وهو لا يدري أين يذهب معه يتم حتى يسير ثلاث فيقصر لأنه لزمه القصر من حين حمل ولو صلى قصرا من يوم الحمل صح إلا إذا سار به أقل من ثلاث لأنه تبين أنه مقيم وفي الأول أنه مسافر ا هـ
وأشار إلى أن الخروج مع قصد السفر كاف وإن رجع قبل تمامه كما يأتي حتى لو سار يوما ولم يكن صلى فيه لعذر ثم رجع يقضيه قصرا كما أفتى به العلامة قاسم
قوله ( ولو كافرا ) فيه أنه يشمل الصبي أيضا مع أنه سيأتي في الفروع ما يدل على أن نيته السفر غير معتبرة كما سنبينه
هناك
قوله ( بلا قصد ) بأن قصد بلدة بينه وبينها يومان للإقامة بها فلما بلغها بدا له أن يذهب إلى بلدة بينه وبينها يومان وهلم جرا
ح
قال في البحر وعلى هذا قالوا أمير خرج مع جيشه في طلب العدو ولم يعلم أين يدركهم فإنه يتم وإن طالت المدة أو المكث أما في الرجوع فإن كانت مدة سفر قصر ا هـ
قوله ( مسيرة ثلاث أيام ولياليها ) الأولى حذف الليالي كما فعل في الكنز والجامع الصغير إذ لا ( يشترط السير فيها مع الأيام ولذا قال في الينابيع المراد بالأيام النهار لأن الليل للاستراحة فلا يعتبر ا هـ
نعم لو قال أو لياليها بالعطف ب أو لكان أولى للإشارة إلى أنه يصح قصد السفر فيها وأن الأيام غير قيد فتأمل
قوله ( من أقصر أيام السنة ) كذا في البحر والنهر وعزاه في المعراج إلى العتابي وقاضيخان وصاحب المحيط وبحث فيه في الحلية بأن الظاهر إبقاؤها على إطلاقها بحسب ما يصادفه من الوقوع فيها طولا وقصرا واعتدالا إن لم تقدر بالمعتدلة التي هي الوسط ا هـ
قلت والمعتدلة هي زمان كون الشمس في الحمل أو الميزان وعليها مشى القهستاني ثم قال وفي شرح الطحاوي أن بعض مشايخنا قدوره بأقصر أيام السنة
قوله ( ولا يشترط الخ ) إذ لا بد للمسافر من النزول للأكل والشرب والصلاة
ولأكثر النهار حكم كله فإن المسافر إذا بكر في اليوم الأول وسار إلى وقت الزوال حتى بلغ المرحلة فنزل بها للاستراحة وبات بها ثم بكر في اليوم الثاني وسار إلى ما بعد الزوال ونزل ثم بكر في اليوم الثالث ومشى إلى الزوال فبلغ المقصد قال شمس الأئمة السرخسي الصحيح أنه يصير مسافرا عند النية كما في الجوهرة والبرهان
إمداد
ومثله في البحر والفتح وشرح المنية
أقول وفي قوله حتى بلغ المرحلة إشارة إلى أنه لا بد أن يقطع في ذلك اليوم الذي ترك في أوله الاستراحات المرحلة المعتادة التي يقطعها في يوم كامل مع الاستراحات وبهذا يظهر لك أن المراد من التقدير بأقصر أيام السنة إنما هو في البلاد المعتدلة التي يمكن قطع المرحلة المدكورة في معظم اليوم من أقصر أيامها فلا يرد أن أقصر أيام
____________________
(2/122)
السنة في بلاد بلغار قد يكون ساعة أو أكثر أو أقل فيلزم أن يكون مسافة السفر فيها ثلاث ساعات أو أقل لأن القصر الفاحش غير معتبر كالطول الفاحش والعبارات حيث أطلقت تحمل على الشائع الغالب دون الخفي النادر ويدل على ما قلنا ما في الهداية وعن أبي حنيفة التقدير بالمراحل وهو قريب من الأول ا هـ
قال في النهاية أي التقدير بثلاث مراحل قريب من التقدير بثلاثة أيام لأن المعتاد من السير في كل يوم مرحلة واحدة خصوصا في أقصر أيام السنة كذا في المبسوط ا هـ
وكذا ما في الفتح من أنه قيل يقدر بأحد وعشرين فرسخا وقيل بثمانية عشرة وقيل بخمسة عشر وكل من قدر منها اعتقد أنه مسيرة ثلاثة أيام ا هـ أي بناء على اختلاف البلدان فكل قائل قدر ما في بلده من أقصر الأيام أو بناء على اعتبار أقصر الأيام أو أطولها أو المعتدل منها وعلى كل فهو صريح بأن المراد بالأيام ما تقطع فيها المراحل المعتادة فافهم
قوله ( بل إلى الزوال ) فإن الزوال أكثر النهار الشرعي الذي هو الفجر إلى الغروب وهو نصف النهار الفلكي الذي هو من الطلوع إلى الغروب ثم إن من الفجر إلى الزوال في أقصر أيام السنة في مصر وما ساواها في العرض سبع ساعات إلا ربعا فمجموع الثلاثة أيام عشرون ساعة وربع ويختلف بحسب اختلاف البلدان في العرض ح
قلت ومجموع الثلاثة أيام في دمشق عشرون ساعة إلا ثلث ساعة تقريبا لأن من الفجر إلى الزوال في أقصر الأيام عندنا ست ساعات وثلثي ساعة إلا درجة ونصفا وإن اعتبرت ذلك بالأيام المعتدلة كان مجموع الثلاثة أيام اثنين وعشرين ساعة ونصف ساعة تقريبا لأن من الفجر إلى الزوال سبع ساعات ونصفا تقريبا
قوله ( ولا اعتبار بالفراسخ ) الفرسخ ثلاثة أميال والميل أربعة آلاف ذراع على ما تقدم في باب التيمم
قوله ( على المذهب ) لأن المذكور في ظاهر الرواية
اعتبار ثلاثة أيام كما في الحلية
وقال في الهداية هو الصحيح احترازا عن قول عامة المشايخ من تقديرها بالفراسخ
ثم اختلفوا فقيل أحد وعشرون وقيل ثمانية عشر وقيل
خمسة عشر والفتوى على الثاني لأنه الأوسط وفي المجتبى فتوى أئمة خوارزم على الثالث
وجه الصحيح أن الفراسخ تختلف باختلاف الطريق في السهل والجبل والبر والبحر
بخلاف المراحل
معراج
قوله ( بالسير الوسط ) أي سير الإبل ومشي الأقدام ويعتبر في الجبل بما يناسبه من السير لأنه يكون صعودا وهبوطا ومضيقا ووعرا فيكون مشي الإبل والأقدام فيه دون سيرهما في السهل
وفي البحر يعتبر اعتدال الريح على المفتى به
إمداد
فيعتبر في كل ذلك السير المعتاد فيه وذلك معلوم عند الناس فيرجع إليهم عند الاشتباه
بدائع
وخرج سير البقر بجر العجلة ونحوه لأنه أبطأ السير كما أن أسرعه سير الفرس والبريد
بحر
قوله ( فوصل ) أي إلى مكان مسافته ثلاثة أيام بالسير المعتاد
بحر
وظاهره أنه كذلك لو وصل إليه في زمن يسير بكرامة لكن استبعده في الفتح بانتفاء مظنة المشقة وهي العلة في القصر
قوله ( قصر في الأول ) أي ولو كان اختار السلوك فيه بلا غرض صحيح خلافا للشافعي كما في البدائع
قوله ( صلى الفرض الرباعي ) خبر من في قوله من خرج واحترز بالفرض عن السنن والوتر وبالرباعي عن الفجر والمغرب
قوله ( وجوبا ) فيكره الإتمام عندنا حتى روي عن أبي حنيفة أنه قال من أتم الصلاة فقد أساء وخالف السنة
شرح المنية وفيه تفصيل سيأتي فافهم
قوله ( لقول ابن عباس إن الله فرض الخ ) لفظ الحديث على ما في الفتح عن صحيح مسلم فرض الله
____________________
(2/123)
الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربع ركعات وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة ا هـ
وفيه وفي حديث عائشة في الصحيحين قالت فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر وفي لفظ للبخاري قالت فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ثم هاجر النبي ففرضت أربعا وتركت صلاة السفر على الأول
قوله ( لأن الركعتين الخ ) بدل من قوله ولذا عدل المصنف قال في البحر ومن مشايخنا من لقب المسألة بأن القصر عندنا عزيمة والإكمال رخصة
قال في البدائع وهذا التلقيب على أصلنا خطأ لأن الركعتين في حقه ليستا قصرا حقيقة عندنا بل هما تمام فرض المسافر والإكمال ليس رخصة في حقه بل إساءة ومخالفة للسنة ولأن الرخصة اسم لما تغير عن الحكم الأصلي بعارض إلى تخفيف ويسر ولم يوجد معنى التغيير في حق المسافر رأسا إذ الصلاة في الأصل فرضت ركعتين ثم زيدت في حق المقيم كما روته عائشة رضي الله تعالى عنها وفي حق المقيم وجد التغيير لكن إلى الغلظ والشدة لا إلى السهولة واليسر فلم يكن ذلك رخصة في حقه أيضا ولو سمى فهو مجاز لوجود بعض معاني الحقيقة وهو التغيير انتهى
قوله ( لأنها وتر النهار ) إنما سميت بذلك لقربها من النهار بوقوعها عقبه وإلا فهي ليلية لا نهارية
تأمل
قوله ( وبهذا تجتمع الأدلة ) أي فإن بعضها يدل على أن صلاة ركعتين في السفر أصل وبعضها على أن ذلك عارض فإذا حملت الأدلة على اختلاف الأزمان زال التعارض لكن لا يخفى أن ما نقله شراح البخاري من الجمع بما ذكر مبني عى مذهب الشافعي من أنها قصر لا إتمام لأن العمل على ما استقر عليه الأمر وهو على هذا الجمع فرضيتها أربعا سفرا وحضرا ثم قصرها في السفر وهذا خلاف مذهبنا
وينافي هذا الجمع ما قدمناه من حديث عائشة المتفق عليه فإنه يدل على أن صلاة المسافر لم يزد فيها أصلا
وأما الآية فالمراد بالقصر فيها قصر هيئة الصلاة وفعلها وقت الخوف كما أوضحه في شرح المنية وغيره فافهم
قوله ( ولو كان عاصيا بسفره ) أي بسبب سفره بأن كان مبنى سفره على المعصية كما لو سافر لقطع طريق مثلا وهذا فيه خلاف الشافعي رحمه الله وهذا بخلاف العاصي في السفر بأن عرضت المعصية في أثنائه فإنه محل وفاق
قوله ( لأن القبح المجاور الخ ) هو ما يقبل الأنفكاك كالبيع وقت النداء فإنه قبح لترك السعي وهو قابل للانفكاك إذ قد يوجد ترك السعي بدون البيع وبالعكس فكذا هنا لإمكان قطع الطريق والسرقة مثلا بلا سفر وبالعكس بخلاف القبيح لعينه وضعا كالكفر أو شرعا كبيع الحر فإنه يعدم المشروعية وتمام بيانه في كتب الأصول
قوله حاجة لأن مصره متعين للإقامة فلا يحتاج إلى نية
جوهرة ودخل في موضع المقام ما ألحق به كالربض كما أفاده القهستاني
قوله ( إن سار الخ ) قيد لقوله حتى يدخل أي إنما يدوم على القصر إلى الدخول إن سار ثلاثة أيام
قوله ( وإلا فيتم الخ ) أي ولو في المفازة
____________________
(2/124)
وقياسه أن لا يحل فطره في رمضان ولو بينه وبين بلده يومان لأنه يقبل النقض قبل استحكامه إذ لم يتم علة فكانت الإقامة نقضا للسفر العارض لا ابتداء علة للإتمام أفاده في الفتح
ثم بحث فقال ولو قيل العلة مفارقة البيوت قاصدا مسيرة ثلاثة أيام لا استكمال سفره ثلاثة أيام بدليل ثبوت حكم السفر بمجرد ذلك وقد تمت العلة لحكم السفر فيثبت حكمه ما لم تثبت علة حكم الإقامة احتاج إلى الجواب ا هـ
ولما قوي البحث عند صاحب البحر وخفي عليه الجواب قال الذي يظهر أنه لا بد من دخوله المصر مطلقا واعترضه في النهر بأن إبطال الدليل المعين لا يستلزم إبطال المدلول ا هـ
أقول ويظهر لي في الجواب أن العلة في الحقيقة هي المشقة وأقيم السفر مقامها ولكن لا تثبت عليتها إلا بشرط ابتداء وشرط بقاء فالأول مفارقة البيوت قاصدا مسيرة ثلاثة أيام والثاني استكمال السفر ثلاثة أيام فإذا وجد الشرط الأول ثبت حكمها ابتداء فلذا يقصر بمجرد مفارق العمران ناويا ولا يدوم إلا بالشرط الثاني فهو شرط لاستحكامها علة فإذا عزم على ترك السفر قبل تمامه بطل بقاؤها علة لقبولها النقض قبل الاستحكام ومضى فعله في الابتداء على الصحة لوجود شرطه ولذا لو لم يصل لعذر ثم رجع يقضيها مقصورة كما قدمناه فتدبره
قوله ( ولو في الصلاة ) شمل ما إذا كان في أولها أو وسطها أو آخرها أو كان منفردا أو مقتديا مدركا أو مسبوقا بحر
وشمل ما إذا كان عليه سجود ونوى الإقامة قبل السلام والسجود أو بعدهما أما لو نواها بينهما فلا تصح نيته بالنسبة لهذه الصلاة فلا يتغير فرضها إلى الأربع كما أوضحناه في بابه فافهم
قوله ( إذا لم يخرج وقتها ) أي قبل أن ينوي الإقامة لأنه إذا نواها بعد صلاة ركعة ثم خرج الوقت تحول فرضه إلى الأربع أما لو خرج الوقت وهو فيها ثم نوى الإقامة فلا يتحول في حق تلك الصلاة كما في البحر عن الخلاصة
قوله ( ولم يك لاحقا ) أما اللاحق إذا أدرك أول الصلاة والإمام مسافر فأحدث أو نام فانتبه بعد فراغ الإمام ونوى الإقامة ولم يتم لأن اللاحق في الحكم كأنه خلف الإمام إذا فرغ الإمام فقد استحكم الفرض فلا يتغير في حق الإمام فكذا في حق اللاحق
بحر عن الخلاصة
فقيد حكم اللاحق بكونه بعد فراغ الإمام وقد تركه الشارح
قوله ( حقيقة أو حكما ) تعميم لقوله ينوي
قوله ( لو دخل الحاج ) أي في أول شوال أو قبله ح
والمراد بالحاج الرجل القاصد الحج
قوله ( وعلم الخ ) أي علم أن القافلة إنما تخرج بعد خمسة عشر يوما وعزم أن لا يخرج إلا معهم
بحر عن المحيط
وإنما كان ذلك نية للإقامة حكما لا حقيقة لأنه نوى الخروج بعد خمسة عشر يوما وهي متضمنة نية الإقامة تلك المدة
تأمل
قوله ( بموضع ) متعلق ب إقامة في كلام المصنف لا كلام الشارح لئلا يخرج عن كونه شرطا لصحة النية
قوله ( صالح لها ) هذا إن سار ثلاثة أيام وإلا فتصح ولو في المفازة وفيه من البحث ما قدمناه
بحر
وقدمنا جوابه
والحاصل أن نية الإقامة قبل تمام المدة تكون نقضا للسفر كنية العود إلى بلده والسفر قبل استحكامه يقبل النقض
قوله ( أو صحراء دارنا ) احتراز عن صحراء دار أهل الحرب فحكمه حينئذ كحكم العسكر الداخل في أرضهم ط
قوله ( وهو من أهل الأخبية ) قيد في قوله أو صحراء دارنا وهذا هو الأصح كما سيأتي متنا مع بيان محترزه
قوله ( في أقل منه ) ظاهره ولو بساعة واحدة وهذا شروع في محترز ما تقدم ط
قوله ( أو نوى فيه ) أي
____________________
(2/125)
في نصف شهر
قوله ( كبحر ) قال في المجتبى والملاح مسافر إلا عند الحسن وسفينته أيضا ليست بوطن ا هـ بحر
وظاهره ولو كان ماله وأهله معه فيها ثم رأيته صريحا في المعراج
قوله ( أو جزيرة ) أي ليس لها أهل يسكنونها
قوله ( أو نوى فيه ) أي في صالح لها
قوله ( بموضعين مستقلين ) لا فرق بين المصرين والقريتين والمصر والقرية
بحر
قوله ( فلو دخل الخ ) هو ضد مسألة دخول الحاج الشام فإنه يصير مقيما حكما وإن لم ينو الإقامة وهذا مسافر حكما وإن نوى الإقامة لعدم انقضاء سفره ما دام عازما على الخروج قبل خمسة عشر يوما
أفاده الرحمتي
قيل هذه المسألة كانت سببا لتفقه عيسى بن أبان وذلك أنه كان مشغولا بطلب الحديث قال فدخلت مكة في أول العشر من ذي الحجة مع صاحب لي وعزمت على الإقامة شهرا فجعلت أتم الصلاة فلقيني بعض أصحاب أبي حنيفة فقال لي أخطأت فإنك تخرج إلى منى وعرفات فلما رجعت من منى بدا لصاحبي أن يخرج وعزمت على أن أصاحبه وجعلت أقصر الصلاة فقال لي صاحب أبي حنيفة أخطأت فإنك مقيم بمكة فما لم تخرج منها لا تصير مسافرا فقلت أخطأت في مسألة في موضعين فرحلت إلى مجلس محمد واشتغلت بالفقه
قال في البدائع وإنما أوردنا هذه الحكاية ليعلم مبلغ العلم فيصير مبعثة للطلبة على طلبه ا هـ بحر
أقول ويظهر من هذه الحكاية أن نيته الإقامة لم تعمل عملها إلا بعد رجوعه لوجود خمسة عشر يوما بلا نية خروج في أثنائها بخلاف ما قبل خروجه إلى عرفات لأنه لما كان عازما على الخروج قبل تمام نصف شهر لم يصر مقيما ويحتمل أن يكون جدد نية الإقامة بعد رجوعه وبهذا سقط ما أورده العلامة القاري في شرح اللباب من أن في كلام صاحب الإمام تعارضا حيث حكم أولا بأنه مسافر وثانيا بأنه مقيم مع أن المسألة بحالها والمفهوم من المتون أنه لو نوى في إحداهما نصف شهر صح فحينئذ لا يضره خروجه إلى عرفات إذ لا يشترط كونه نصف شهر متواليا بحيث لا يخرج فيه ا هـ ملخصا
ووجه السقوط أن التوالي لا يشترط إذا لم يكن من عزمه الخروج إلى موضع آخر لأنه يكون ناويا الإقامة في موضعين نعم بعد رجوعه من منى صحت نيته لعزمه على الإقامة نصف شهر في مكان واحد والله أعلم
قوله ( كما لو نوى مبيته بأحدهما ) فإن دخل أولا الموضع الذي نوى المقام فيه نهارا لا يصير مقيما وإن دخل أولا ما نوى المبيت فيه يصير مقيما ثم بالخروج إلى الموضع الآخر لا يصير مسافرا لأن موضع إقامة الرجل حيث يبيت به
حلية
قوله ( أو كان أحدهما تبعا للآخر ) كالقرية التي قربت من المصر بحيث يسمع النداء على ما يأتي في الجمعة
وفي البحر لو كان الموضعان من مصر واحد أو قرية واحدة فإنها صحيحة لأنهما متحدان حكما ألا ترى أنه لو خرج إليه مسافرا لم يقصر ا هـ ط
قوله ( بحيث تجب ) حيثية تفسير للتبعية ح
قوله ( أو لم يكن مستقلا برأيه ) عطف على قوله إن نوى أقل منه وصورته نوى التابع الإقامة ولم ينوها المتبوع أو لم يدر حاله فإنه لا يتم ا هـ ح
والمسألة ستأتي مع بيان شروطها والخلاف فيها
قوله ( أو دخل بلدة ) أي لقضاء حاجة أو انتظار رفقة
قوله ( ولم ينوها ) وكذا إذا نواها وهو مترقب للسفر كما في البحر لأن حالته تنافي عزيمته
قوله ( كما مر ) أي في مسألة دخول الحاج الشام
____________________
(2/126)
قوله ( أو حاصر حصنا فيها ) أشار به إلى أنه لا فرق في المحاصرة بين أن تكون للمدينة أو الحصن بعد ما دخلوا المدينة كما في البحر ومثل ذلك لو كانت المحاصرة للمصر على سطح البحر فإن لسطح البحر حكم دار الحرب
حموي عن شرح النظم الهاملي ط
قوله ( فإنه يتم ) لأن أهل الحرب لا يتعرضون له لأجل الأمان
بحر عن النهاية ط
قوله ( في غير مصر ) بدل من قوله في دارنا أو متعلق بمحذوف على أنه حال من فاعل حاصر لا متعلق ب حاصر لئلا يلزم تعلق حرفي جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد
ثم اعلم أن التقييد بغير المصر وقع في الجامع الصغير والهداية والكنز وغيرها وهو يوهم صحة نية الإقامة ولو نزلوا في المصر وحاصروا حصنا فيه
قال في المعراج لأن إطلاق ما ذكر في المبسوط يدل على أنه ليس كذلك وأطال في بيانه وكذا نص في العناية على أنه ليس بقيد كما يقتضيه التعليل الآتي وذكر عبارته الشرنبلالي ومشى عليه في متنه
قوله ( للتردد بين القرار والفرار ) الأول بالقاف والثاني بالفاء أي فكانت حالتهم تنافي عزيمتهم والإطلاق شامل لما إذا كانت الشوكة لعسكرنا لاحتمال وصول المدد للعدو أو وجود مكيدة كما في الفتح
وفي البحر عن التجنيس إذا غلبوا على مدينة الحرب إن اتخذوها دارا أتموا وإلا بل أرادوا الإقامة بها شهرا أو أكثر قصروا لبقائها دار حرب وهم محاربون فيها بخلاف الأول ا هـ
تنبيه لو انفلت الأسير من الكفار وتوطن في غار ونوى الإقامة فيه نصف شهر لم يصر مقيما كما لو علموا بإسلامه فهرب منهم يريد مسيرة السفر لم تعتبر نيته كذا في الخلاصة والخانية
ووجه الأول كما يفيده كلام الفتح كون حاله مترددا لأنه إذا وجد الفرصة قبل تمام المدة خرج وأما الثاني فمشكل
وحمله في شرح المنية على أن المراد من قولهم لم تعتبر نيته أي نية الإقامة لا نية السفر وإلا فقد صرح في التاترخانية عن المحيط بأنه يقصر وكذا جعل في الذخيرة حكم المسألة الثانية كالأولى فأفاد لزوم القصر فيهما
قوله ( الأخبية ) جمع خباء ككساء قال في المغرب هو الخيمة من الصوف
قوله ( كعرب ) المناسب قول غيره كأعراب لما في المغرب العرب هم الذين استوطنوا المدن والقرى العربية والأعراب أهل البدو
قوله ( في الأصح ) وقيل يقصرون لأنه ليس موضع الإقامة حينئذ
قوله ( لأن الإقامة أصل ) علة لقوله فإنها تصح أي نيتهم الإقامة قال في البحر وظاهر كلام البدائع أن أهل الأخبية لا يحتاجون إلى نية الإقامة فإنه جعل المفاوز لهم كالأمصار والقرى لأهلها ولأن الإقامة للرجل أصل والسفر عارض وهم لا ينوون السفر وإنما ينتقلون من ماء إلى ماء ومن مرعى إلى آخر ا هـ
قوله ( بينهما ) أي بين
____________________
(2/127)
موضعهم والموضع الذي قصدوه
قوله ( إن نووا سفرا ) فيه مسامحة مع قوله إلا إذا قصدوا ح
قوله ( لم يصح في الأصح ) وروي عن أبي يوسف أنه يصير مقيما
ح عن البحر
قوله ( والحاصل ) أي من كلام المصنف لكن اشتراط ترك السير لم يعلم من كلام المصنف
تأمل
قوله ( ستة ) زاد في الحلية شرطا آخر وهو أن لا تكون حالته منافية لعزيمته قال كما صرحوا به في مسائل ا هـ أي كمسألة من دخل بلدة لحاجة ومسألة العسكر فافهم
ثم هذه شروط الإمام بعد تحقق مدة السفر وإلا فلا فلو عزم على الرجوع إلى بلده قبل سيرة ثلاثة أيام على قصد قطع السفر فإنه يتم كما مر وكذا لو رجع إلى بلدته لأخذ حاجة نسيها كما سنذكره
قوله ( وترك السير ) أي إذا كان في مفازة ونوى الإقامة فيما سيدخله من مصر أو قرية أما لو وجدت هذه الأمور وقد دخل مصرا أو قرية وهو يسير لطلب منزل أو نحوه فينبغي أن تصح نيته
حلية
قوله ( وصلاحيته ) أي صلاحية الموضع للإقامة
قوله ( إن قعد الخ ) لأن القعدة على رأس الركعتين فرض على المسافر لأنها آخر صلاته
قال في البحر وأشار إلى أنه لا بد أن يقرأ في الأوليين فلو ترك فيهما أو في إحداهما وقرأ في الأخريين لم يصح فرضه ا هـ
وأطلقه فشمل ما إذا نوى أربعا أو ركعتين خلافا لما أفاده الدرر من اشتراط النية ركعتين لما في الشرنبلالية من أنه لا يشترط نية عدد الركعات ولما صرح به الزيلعي في باب السهو من أن الساهي لو سلم للقطع يسجد لأنه نوى تغيير المشروع فتلغو كما لو نوى الظهر ستا أو نوى مسافرا الظهر أربعا
أفاده أبو السعود عن شيخه
قلت لكن ذكر في الجوهرة أنه يصح عند أبي يوسف ولا يصح عند محمد
قوله ( لتأخير لسلام ) مقتضى ما قدمه في سجود السهو أن يقول لتركه السلام فإنه ذكر أنه إذا صلى خامسة بعد القعود الأخير يضم إليها سادسة ويسجد للسهو لتركه السلام وإن تذكر وعاد قبل أن يقيد الخامسة بسجدة يسجد للسهو لتأخيره السلام أي سلام الفرض ومسألتنا نظير الأولى لا الثانية
أفاده الرحمتي
قلت لكن ما هنا أظهر
قوله ( وترك واجب القصر ) الإضافة بيانية أي واجب هو القصر أو من إضافة الصفة للموصوف كجرد قطيفة أي القصر الواجب وفيه التصريح بأنه غير فرض كما قدمنا ما يفيده عن شرح المنية ولو كان الواجب هنا بمعنى الفرض لما صح وإن قعد فافهم
ثم إن ترك واجب القصر مستلزم لترك السلام وتكبيرة النفل وخلط النفل بالفرض وظاهر كلامه أنه يأثم بتركه زيادة على إثمه بهذه اللوازم
تأمل
قوله ( وواجب تكبيرة الخ ) لأن بناء النفل على الفرض مكروه وهذا هو خلط النفل بالفرض
رحمتي
لكن قول الشارح وخلط النفل بالفرض يقتضي أنه غير ما قبله ويلزمه أن افتتاح النفل بتكبير مستأنفة واجب مع أن بناء النفل على لنفل غير مكروه
أفاده ط
قوله ( وهذا ) أي ما ذكر من اللوازم الأربعة ط
قوله ( بعد أن فسر أساء بأثم ) وكذا صرح في البحر بتأثيمه فعلم أن الإساءة هنا كراهة التحريم
رحمتي
قوله ( واستحق النار ) أي إذا لم يتب أو يعف عنها لعزيز الغفار ط
قوله ( وصار الكل نفلا ) أي بتقييده الثالثة بسجدة لتمكنه من العود قبلها وهذا عندهما بناء على أنه إذا بطل الوصف لا يبطل الأصل خلافا لمحمد
قوله ( لترك القعدة )
____________________
(2/128)
علة لبطلان الفرض ثم القعدة وإن كانت فرضا في النفل أيضا لكنه إذا لم يأت بها في آخر الشفع تصير الخاتمة هي الفرض كما بيناه في باب النوافل
قوله ( إلا إذا نوى الإقامة قبل أن يقيد الثالثة بسجدة ) أي فإنه إذا نواها حينئذ صحت نيته وتحول فرضه إلى الأربع ثم إن كان قرأ في الأوليين تخير فيها في الأخريين
وإلا قرأ قضاء عن الأوليين وهذا كله سواء قعد القعدة الأولى أو لا فالاستثناء في كلامه راجع إلى المسألتين وأما إذا نوى بعد أن قيد الثالثة بسجدة فإن كان قعد القعدة الأولى فقد علمت أنه تم فرضه بالركعتين فلا يتحول ويضيف إليها أخرى ولو أفسدها لا شيء عليه وإن لم يقعد بطل فرضه وبضم إليها أخرى لتصير الأربع نافلة خلافا لمحمد كما مر
هذا خلاصة ما نقله ط عن البحر وقد أفاد بهذا الاستثناء أن قول المصنف بطل فرضه أي بطلانا موقوفا لا باتا وإلا لم تصح نيته
قوله ( فلا ينوب ) أي النفل
قوله ( ولو نوى في السجدة ) أي سجدة الثالثة صار نفلا وهذا جرى على مذهب أبي يوسف من أن السجدة تتم بالوضع
والصحيح مذهب محمد من أنها لا تتم إلا بالرفع ففي هذه الصورة ينقلب فرضه أربعا في الأصح ا هـ ح أي سواء قعد القعدة الأولى أو لا
وأما على قول أبي يوسف فإن قعد تم فرضه بالركعتين وإلا انقلب الكل نفلا فقوله صار نفلا خاص بما إذا لم يقعد
قوله ( فإذا قام المقيم الخ ) أي بعد سلام الإمام المسافر فلو قام قبله فنوى الإمام الإقامة قبل أن يقيد المأمور ركعته بسجدة رفض ما أتى به وتابعه وإن لم يفصل فسدت وإن نوى بعده لا يتابعه ولو تابعه فسدت كما في الفتح
قوله ( في الأصح ) كذا في الهداية والقول بوجوب القراءة كوجوب السهو ضعيف والاستشهاد له بوجوب السهو استشهاد بضعيف موهم أنه مجمع عليه
شرنبلالية
قوله ( وقيل لا ) أي قيل إن القعدة الأولى ليست فرضا عليه ا هـ ح
قوله ( أن العلم ) بفتح الهمزة بدل من الخانية على حذف مضاف أي كلام الخانية ح
ثم وجه المخالفة أنه إذا كان يشترط لصحة الاقتداء العلم بحال الإمام من كونه مسافرا أو مقيما لا يكون لقول الإمام أتموا صلاتكم فائدة لأن المتبادر أن الشرط لا بد من وجوده في الاقتداء واتفاقهم على استحباب قول الإمام ذلك لرفع التوهم ينافي اشتراط العلم بحاله في الابتداء
قوله ( لكن الخ ) أورد ذلك سؤالا في النهاية والسراج والتاترخانية ثم أجابوا بما يرجع إلى ذلك الجواب وحاصله تسليم اشتراط العلم بحال الإمام ولكن لا يلزم كونه في الابتداء فحيث لم يعلموا ابتداء بحاله كان الإخبار مندوبا وحينئذ فلا مخالفة فافهم
وإنما لم يجب مع كون إصلاح صلاتهم يحصل به وما يحصل به ذلك فهو واجب على الإمام لأنه لم يتعين فإنه ينبغي أن يتموا ثم يسألونه كما في البحر أو لأنه إذا سلم على الركعتين فالظاهر من حاله أنه مسافر حملا له على الصلاح فيكون ذلك مندوبا لا واجبا لأنه زيادة إعلام كما في العناية
أقول لكن حمل حاله على الصلاح ينافي اشتراط العلم نعم ذكر في البحر عن المبسوط والقنية ما حاصله أنه إذا صلى في مصر أو قرية ركعتين وهم لا يدرون حاله فصلاتهم فاسدة وإن كانوا مسافرين لأن الظاهر من
____________________
(2/129)
حال من كان في موضع الإقامة أنه مقيم والبناء على الظاهر واجب حتى يتبين خلافه أما إذا صلى خارج المصر لا تفسد ويجوز الأخذ بالظاهر وهو السفر في مثله ا هـ
والحاصل أنه يشترط العلم بحال الإمام إذا صلى بهم ركعتين في موضع إقامة وإلا فلا
قوله ( قبل شروعه ) أي لاحتمال أن يكون معه من لا يعرف حاله فيتكلم لاعتقاده فساد صلاته قبل إخبار الإمام بعد السلام
قوله ( في الأصح ) وقيل بعد التسليمة الأولى
قال المقدسي وينبغي ترجيحه في زماننا ط
قوله ( لم يصر مقيما ) فلو أتم المقيمون صلاتهم معه فسدت لأنه اقتداء المفترض بالمتنفل
ظهيرية أي إذا قصدوا متابعته أما لو نووا مفارقته ووافقوه صورة فلا فساد
أفاده الخير الرملي
قوله ( وأما اقتداء المسافر بالمقيم ) هذا عكس مسألة المتن وقد ذكره في الكنز وغيره لكن استغنى المصنف عنه لذكره إياه في باب الإمامة
قوله ( فيصح في الوقت ويتم ) أي سواء بقي الوقت أو خرج قبل إتمامها لتغير فرضه بالتبعية لاتصال المغير بالسبب وهو الوقت ولو أفسده صلى ركعتين لزوال المغير بخلاف ما لو اقتدى به متنفلا حيث يصلي أربعا إذا أفسده لأنه التزم صلاة الإمام وتصير القعدة الأولى واجبة في حق المقتدي المسافر أيضا حتى لو تركها الإمام ولو عامدا وتابعه المسافر لا تفسد صلاته على ما عليه الفتوى وقيل تفسد كذا في السراج ولا وجه له يظهر
نهر
قوله ( لا بعده ) أي لا يصح اقتداؤه بعد خروج الوقت لعدم تغيره لانقضاء السبب وهذا إذا كانت فائتة في حق الإمام والمأموم فلو في حق الإمام فقط يصح كما لو اقتدى حنفي في الظهر بشافعي أو بمن يرى قولهما بعد المثل قبل المثلين كما في السراج
قال في البحر وهو قيد حسن لكن الأولى اشتراط كونها فائتة في حق المأموم فقط سواء فاتت الإمام أو لا كمن صلى ركعة من الظهر مثلا فخرج الوقت فاقتدى به مسافر فإنها فائتة في حق المسافر لا المقيم ا هـ أي فلا يصح الاقتداء لكن فوتها في حق المأموم فقط ليس هو الشرط وحده لأن فوتها في حقهما معا كذلك بالأولى
قوله ( فيما يتغير ) متعلق بيصح المقدر في قوله لا بعده واحترز به عن الاقتداء بعد الوقت في الصلاة التي لا تتغير في السفر كالثنائية والثلاثية فإنه يصح
وفي البحر هذا القيد مفهوم من قوله صح وأتم بل لا حاجة إليه أصلا لأن السفر مؤثر في الرباعي فقط
قوله ( في حق القعدة ) فإنها تصير فرضا في حق المأموم وغير فرض في حق الإمام وهو المراد بالنفل لأنه ما قابل الفرض فيدخل فيه القعدة الواجبة
بجر
قوله ( أو القراءة الخ ) لأن قراءة الإمام في الأخريين نافلة في حقه فرض في حق المأموم
فلو لم يقرأ في الأوليين واقتدى به في الشفع الثاني ففيه روايتان ومقتضى المتون عدم الصحة مطلقا
قال في المحيط لأن القراءة في الأخرين قضاء عن الأوليين والقضاء يلتحق بمحله فلا يبقى للأخريين قراءة ا هـ بحر
تنبيه زاد الزيلعي أو التحريمة وعزاه في السراج إلى الحواشي فيدخل فيه ما لو اقتدى به في القعدة الأخيرة فإنه لا يصح لأن تحريمته اشتملت على نفلية القعدة الأولى والقراءة بخلاف الإمام وهذا معنى قول السراج لأن تحريمة المأموم اشتملت على الفرض لا غير وقوله في البحر إنه ليس بظاهر ليس بظاهر وتمامه في النهر
أقول وعليه فذكر التحريمة يغني عن ذكر القعدة والقراءة لشمول التعليل بها للاقتداء في جميع أجزاء
____________________
(2/130)
الصلاة لا في القعدة الأخيرة فقط
قوله ( ويأتي المسافر بالسنن ) أي الرواتب ولم يتعرض للقراءة لذكره لها في فصل القرءاة حيث قال في المتن ويسن في السفر مطلقا الفاتحة وأي سورة شاء وتقدم أنه فرق في الهداية بين حالة القرار والفرار وتقدم الكلام فيه
وقال في التاترخانية ويخفف القراءة في السفر في الصلوات فقد صح أن رسول الله قرأ في الفجر في السفر الكافرون والإخلاص وأطول الصلاة قراءة الفجر وأما التسبيحات فلا ينقصها عن الثلاث ا هـ
قوله ( هو المختار ) وقيل الأفضل الترك ترخيصا وقيل الفعل تقربا
وقال الهندواني الفعل حال النزول والترك حال السير
وقيل يصلي سنة الفجر خاصة وقيل سنة المغرب أيضا
بحر
قال في شرح المنية والأعدل ما قاله الهندواني ا هـ
قلت والظاهر أن ما في المتن هو هذا وأن المراد بالأمن والقرار النزول وبالخوف والفرار السير لكن قدمنا في فصل القراءة أنه عبر عن الفرار بالعجلة لأنها في السفر تكون غالبا من الخوف
تأمل
قوله ( والمعتبر في تغيير الفرض ) أي من قصر إلى إتمام وبالعكس
قوله ( وهو ) أي آخر الوقت قدر ما يسع التحريمة كذا في الشرنبلالية والبحر والنهر والذي في شرح المنية تفسيره بما لا يبقى منه قدر ما يسع التحريمة وعند زفر بما لا يسع فيه أداء الصلاة
قوله ( وجب ركعتان ) أي وإن كان في أوله مقيما
وقوله وإلا فأربع أي وإن لم يكن في آخره مسافرا بأن كان مقيما في آخره فالواجب أربع
قال في النهر وعلى هذا قالوا لو صلى الظهر أربعا ثم سافر أي في الوقت فصلى العصر ركعتين ثم رجع إلى منزله لحاجة فتبين أنه صلاهما بلا وضوء صلى الظهر ركعتين والعصر أربعا لأنه كان مسافرا في آخر وقت الظهر ومقيما في العصر
قوله ( لأنه ) أي آخر الوقت
قوله ( عند عدم الأداء قبله ) أي قبل الآخر
والحاصل أن السبب هو الجزء الذي يتصل به الأداء أو الجزء الأخير إن لم يؤد قبله وإن لم يؤد حتى خرج الوقت فالسبب هو كل الوقت
قال في البحر وفائدة إضافته إلى الجزء الأخير اعتبار حال المكلف فيه فلو بلغ صبي أو أسلم كافر أو أفاق مجنون أو طهرت الحائض أو النفساء في آخره لزمتهم الصلاة ولو كان الصبي قد صلاها في أوله وبعكسه لو جن أو حاضت أو نفست فيه لفقد الأهلية عند وجود السبب وفائدة إضافته إلى الكل عند خلوه عن الأداء أنه لا يجوز قضاء عصر الأمس في وقت التغير وتمام تحقيقه في كتب الأصول
مطلب في الوطن الأصلي ووطن الإقامة قوله ( الوطن الأصلي ) ويسمى بالأهلي ووطن الفطرة والقرار
ح عن القهستاني
قوله ( أو تأهله ) أي تزوجه
قال في شرح المنية ولو تزوج المسافر ببلد ولم ينو الإقامة به فقيل لا يصير مقيما وقيل يصير مقيما وهو الأوجه ولو كان له أهل ببلدتين فأيتهما دخلها صار مقيما فإن ماتت زوجته في إحداهما وبقي له فيها دور وعقار قيل لا يبقى وطنا له إذ المعتبر الأهل دون الدار كما لو تأهل ببلد واستقرت سكنا له وليس له فيها دار وقيل تبقى ا هـ
قوله ( أو توطنه ) أي عزم على القرار فيه وعدم الارتحال وإن لم يتأهل فلو كان له أبوان ببلد غير مولده وهو بالغ
____________________
(2/131)
ولم يتأهل به فليس ذلك وطنا له إلا إذا عزم على القرار فيه وترك الوطن الذي كان له قبله
شرح المنية
قوله ( يبطل بمثله ) سواء كان بينهما مسيرة سفر أو لا ولا خلاف في ذلك كما في المحيط قهستاني وقيد بقوله بمثله لأنه لو انتقل منه قاصدا غيره ثم بدا له أن يتوطن في مكان آخر قمر بالأول أتم لأنه لم يتوطن غيره
نهر
قوله ( إذا لم يبق له بالأول أهل ) أي وإن بقي له فيه عقار
قال في النهر ولو نقل أهله ومتاعه وله دور في البلد لا تبقى وطنا له وقيل تبقى كذا في المحيط وغيره
قوله ( بل يتم فيهما ) أي بمجرد الدخول وإن لم ينو إقامة ط
قوله ( ويبطل وطن الإقامة ) يسمى أيضا الوطن المستعار والحادث وهو ما خرج إليه بنية إقامة نصف شهر سواء كان بينه وبين الأصلي مسيرة السفر أو لا وهذا رواية ابن سماعة عن محمد وعنه أن المسافة شرط والأول هو المختار عند الأكثرين
قهستاني
قوله ( بمثله ) أي سواء كان بينهما مسيرة سفر أو لا
قهستاني
قوله ( وبالوطن الأصلي ) كما إذا توطن بمكة نصف شهر ثم تأهل بمنى
أفاده القهستاني
قوله ( وبإنشاء السفر ) أي منه وكذا من غيره إذا لم يمر فيه عليه قبل سير مدة السفر
قال في الفتح إن السفر الناقض لوطن الإقامة ما ليس فيه مرور على وطن الإقامة أو ما يكون المرور فيه به بعد سير مدة السفر ا هـ
أقول ويوضح ذلك ما في الكافي والتاترخانية خراساني قدم بغداد ليقيم بها نصف شهر ومكي قدم الكوفة كذلك ثم خرج كل منهما إلى قصر ابن هبيرة فإنهما يتمان في طريق القصر لأن من بغداد إلى الكوفة أربعة أيام والقصر متوسط بينهما فإن أقاما في القصر نصف شهر بطل وطنهما ببغداد والكوفة لأنه مثله فإن خرجا بعده من القصر إلى الكوفة يتمان أيضا فإن أقاما بها يوما مثلا ثم خرجا منها إلى بغداد وقصد المرور بالقصر يتمان إلى القصر وفيه ومنه إلى بغداد لأنه صار وطن إقامة لهما فإذا قصدا الدخول فيه لم يصح سفرهما إذا لم يقصدا مسيرة سفر حتى لو لم يقصدا الدخول فيه قصرا كما لو خرجا من الكوفة لقصدهما مسيرة السفر وأن المكي حين خرج من كوفة قصد بغداد أو الخراساني الكوفة والتقيا بالقصر وخرجا إلى الكوفة ليقيما فيها يوما ثم يرجعا إلى بغداد قصرا إلى الكوفة وكذا إلى بغداد لقصد كل منهما مسيرة سفر أما الخراساني فلأن
____________________
(2/132)
ولا بوطن السكنى ولا بإنشاء السفر وكما لم يبطل وطن الإقامة بوطن السكنى ح
قوله ( وما صوره الزيلعي ) حيث قال رجل خرج من مصره إلى قرية لحاجة ولم يقصد السفر ونوى أن يقيم فيها أقل من خمسة عشر يوما فإنه يتم فيها لأنه مقيم ثم خرج من القرية لا للسفر ثم بدا له أن يسافر قبل أن يدخل مصره وقبل أن يقيم ليلة في موضع آخر فسافر فإنه يقصر ولو مر بتلك القرية ودخلها أتم لأنه لم يوجد ما يبطله مما هو فوقه أو مثله ا هـ ح
قوله ( رده في البحر ) بأن السفر باق لم يوجد ما يبطله وهو مبطل لوطن السكنى على تقدير اعتباره لأن السفر يبطل وطن الإقامة فكيف لا يبطل وطن السكنى فقوله لأنه لم يوجد ما يبطله ممنوع ا هـ
قال ح واعترضه شيخنا بأن المبطل لهما سفر مبتدأ منهما
وأما إذا خرج منهما إلى ما دون مدة السفر ثم أنشأ سفرا فإنهما لا يبطلان فإذا مر بهما أتم ا هـ
ونقل الخير الرملي مثله عن خط بعضهم وأقره
قال ح وهو وجيه فإن من نوى الإقامة بموضع نصف شهر ثم خرج منه لا يريد السفر ثم عاد مريدا سفرا ومر بذلك أتم مع أنه أنشأ سفرا بعد اتخاذ هذا الموضع دار إقامة فثبت أن إنشاء السفر لا يبطل وطن الإقامة إلا إذا أنشأ السفر منه فليكن وطن السكنى كذلك فما صوره الزيلعي صحيح ومن تصويره علمت أنه لا بد أن يكون بين الوطن الأصلي وبين وطن السكنى أقل من مدة السفر وكذا بين وطن الإقامة ووطن السكنى ا هـ
أقول قد علمت أن السفر المبطل للوطن لا يختص بالمنشأ منه بل يكون بالمنشأ من غيره إذا لم يكن فيه مرور عليه قبل سير ثلاثة أيام لكن هنا فيه مرور على الوطن قبل سير مدة السفر
وقد أيد في الظهيرية قول عامة المشايخ باعتبار وطن السكنى بأن الإمام السرخسي ذكر مسألة تدل عليه
وهي كوفي خرج إلى القادسية لحاجة وبينهما دون مسيرة السفر ثم خرج منها إلى الحيرة يريد الشام حتى إذا كان قريبا منها بدا له الرجوع إلى القادسية ليحمل ثقله منها ويرتحل إلى الشام ولا يمر بالكوفة أتم حتى يرتحل من القادسية استحسانا لأنها كانت له وطن السكنى ولم يظهر له بقصد الحيرة وطن سكنى آخر ما لم يدخلها فيبقى وطنه بالقادسية ولا ينتقض بهذا الخروج كما لو خرج منها لتشييع جنازة ونحوه ا هـ ملخصا
أقول ويمكن أن يوفق بين القولين بأن وطن السكنى إن كان اتخذه بعد تحقق السفر لم يعتبر اتفاقا وإلا اعتبر اتفاقا فإذا دخل المسافر بلدة ونوى أن يقيم بها يوما مثلا ثم خرج منها ثم رجع إليها قصر فيها كما كان يقصر قبل خروجه وعليه يحمل كلام المحققين لقول البحر إنهم قالوا لا فائدة فيه لأنه يبقى فيه مسافرا على حاله فصار وجوده كعدمه ا هـ
فقولهم لأنه يبقى فيه مسافرا على حاله ظاهر في أنه كان مسافرا قبل اتخاذه وطنا وما قاله عامة المشايخ محمول على ما إذا اتخذه وطنا قبل سفره كما صوره الزيلعي والإمام السرخسي هذا ما ظهر لي والله أعلم
قوله ( لأنه الأصل ) فهو المتمكن من الإقامة والسفر
قوله ( وفاها مهرها المعجل ) وإلا فلا تكون تبعا لأن لها أن تحبس نفسها عن الزوج للمعجل دون المؤجل ولا تسكن حيث يسكن
بحر
وقلت وفيه أن هذا شرط لثبوت إخراجها وسفره بها على أحد القولين وكلامنا بعده ولهذا قال في شرح المنية والأوجه أنها تبع مطلقا لأنها إذا خرجت معه للسفرلم يبق لها أن تتخلف عنه ا هـ
وقد يجاب بأنها إذا ثبت لها حبس نفسها عن إخراجها من بلدها لأجل استيفاء معجلها فكذا يثبت لها إذا
____________________
(2/133)
وصلت إلى بلدة أو قرية فتصح نيتها الإقامة بها لأنها حينئذ غير تبع له وإن كانت تبعا له في المفازة
قوله ( غير مكاتب ) قال في البحر وأطلق في العبد فشمل القن والمدبر وأم الولد وأما المكاتب فينبغي أن لا يكون تبعا لأن له السفر بغير إذن المولى فلا تلزمه طاعته ا هـ
قوله ( إذا كان يرتزق من الأمير أو بيت المال ) اقتصر في القنية وغيرها على الأول
وقال في شرح المنية وكذا إذا كان رزقه من بيت المال وقد أمره السلطان بالخروج مع الأمير فهو تابع له نعم في الذخيرة أن المتطوع بالجهاد لا يكون تبعا للوالي وهو ظاهر ا هـ
ودخل تحت الجندي الأمير مع الخليفة
بحر عن الخلاصة
قوله ( وأجير ) أي مشاهرة أو مسانهة كما في التاترخانية أما لو كان مياومة بأن استأجره كل يوم بكذا فإن له فسخها إذا فرغ النهار فالعبرة لنيته
قل في البحر وأما الأعمى مع قائده فإن كان القائد أجيرا فالعبرة لنية الأعمى وإن متطوعا تعتبر نيته
قوله ( وأسير ) ذكر في المنتقى أن المسلم إذا أسره العدو إن كان مقصده ثلاثة أيام قصر وإن لم يعلم سأله فإن لم يخبره وكان العدو مقيما أتم وإن كان مسافرا قصر وينبغي أن يكون هذا إذا تحقق أنه مسافر وإلا يكون كمن أخذه الظالم لا يقصر إلا بعد السفر ثلاثا وكذا ينبغي أن يكون حكم كل تابع يسأل متبوعه فإن أخبر عمل بخبره وإلا عمل بالأصل الذي كان عليه من إقامة وسفر حتى يتحقق خلافه وتعذر السؤال بمنزلة السؤال مع عدم الإخبار شرح المنية
قوله ( وغريم ) أي موسر
قال في البحر عن المحيط ولو دخل مسافر مصرا فأخذه غريمه وحبسه فإن كان معسرا قصر لأنه لم ينو الإقامة ولا يحل للطالب حبسه وإن كان موسرا إن عزم أن يقضي دينه أو لم يعزم شيئا قصر وإن عزم واعتقد أن لا يقضيه أتم ا هـ
وقوله إن عزم أن يقضي أي قبل خمسة عشر يوما كما في الفتح
قوله ( وتلميذ ) أي إذا كان يرتزق من أستاذه
رحمتي
والمراد به مطلق المتعلم مع معلمه الملازم له لا خصوص طالب العلم مع شيخه
قلت ومثله بالأولى الابن البار البالغ مع أبيه
تأمل
قوله ( ومستأجر ) كان على الشارح أن يقول وآسر ودائن وأستاذ ح
قوله ( قلت ) تلخيص لحاصل ما تقدم ليبنى عليه حكم الحادثة
قوله ( وبه بان جواب حادثة جزيرة كريد ) بكسر الكاف المعجمة المتوسطة بين الكاف العربية وبين الجيم ح
والحادثة هي تفرق الجيش لما صار عليهم من الغلبة والهزيمة حتى تشتتوا في كل جانب وفاتت المعية والارتزاق فصار كل مستقلا بنفسه وزالت التبعية
رحمتي
قوله ( على الأصح ) وقيل يلزمه الإتمام كالعزل الحكمي أي بموت الموكل وهو الأحوط كما في الفتح وهو ظاهر الرواية كما في الخلاصة
بحر
قوله ( دفعا للضرر عنه ) لأنه مأمور بالقصر منهي عن الإتمام فكان مضطرا فلو صار فرضه أربعا فإقامة الأصل بلا علمه لحقه ضرر عظيم من جهة غيره بكل وجه وهو مدفوع شرعا بخلاف الوكيل فإن له أن لا يبيع فيمكنه دفع الضرر بالامتناع فإذا باع بناء على ظاهر أمره كان الضرر ناشئا منه من وجه ومن الموكل من وجه فيصح العزل حكما لا قصدا
بحر ملخصا عن المحيط وشرح الطحاوي
قوله ( مبني على خلاف الأصح ) قال في البحر وكذا إن كان مع مولاه في السفر فباعه من مقيم والعبد
____________________
(2/134)
في الصلاة ينقلب فرضه أربعا حتى لو سلم على رأس الركعتين كان عليه إعادة تلك الصلاة مبني على غير الصحيح إن فرض عدم علم العبد أو على قول الكل إن علم ا هـ
قوله ( والقضاء الخ ) المناسب ذكر هذه المسألة مع قوله والمعتبر في تغيير الفرض آخر الوقت لأنها من فروعه
قوله ( سفرا وحضرا ) أي فلو فاتته صلاة السفر وقضاها في الحضر يقضيها مقصورة كما لو أداها وكذا فائتة الحضر تقضى في السفر تامة
قوله ( لأنه بعد ما تقرر ) أي بخروج الوقت فإن الفرض بعد خروج وقته لا يتغير عما وجب أما قبله فإنه قابل للتغير بنية الإقامة أو إنشاء السفر وباقتداء المسافر بالمقيم
قوله ( غير أن المريض الخ ) قال في الفتح ولا يشكل على هذا المريض إذا فاتته صلاة في مرضه الذي لا يقدر فيه على القيام فإنه يجب أن يقضيها في الصحة قائما لأن الوجوب بقيد القيام غير أنه رخص له أن يفعلها حالة العذر بقدر وسعه إذ ذاك فحين لم يؤدها حالة العذر زال سبب الرخصة فتعين الأصل ولذلك يفعلها المريض قاعدا إذا فاتت عن زمن الصحة أما صلاة المسافر فإنها ليست إلا ركعتين ابتداء ومنشأ الغلط اشتراك لفظ الرخصة ا هـ
قوله ( سافر السلطان قصر ) أي إذا نوى السفر يصير مسافرا ويقصر
قال في شرح المنية قيل هذا إذا لم يكن في ولايته إما إذا طاف في ولايته فلا يقصر والأصح أنه لا فرق لأن النبي والخلفاء الراشدين قصروا حين سافروا من المدينة إلى مكة ومراد القائل لا يقصر هو ما صرح به في البزازية من أنه إذا خرج لتفحص أحوال الرعية وقصد الرجوع متى حصل مقصوده ولم يقصد مسيرة سفر حتى أنه في الرجوع يقصر لو كان من مدة سفر ولا اعتبار لمن علل بأن جميع الولاية بمنزلة مصره لأن هذا تعليل في مقابلة النص مع عدم الرواية عن أحد من الأئمة الثلاثة فلا يسمع ا هـ
قوله ( صار مقيما على الأوجه ) أي بنفس التزوج وإن لم يتخذه وطنا أو لم ينو الإقامة خمسة عشر يوما وأما المسافرة فإنها تصير مقيمة بنفس التزوج اتفاقا كما في القهستاني ح
وحكى الزيلعي هذا الوجه بقيل فظاهره ترجيح المقابل فقد اختلف الترجيح ط
أقول قد يقال لا يصير مقيما إذا كان مراده الخروج قبل نصف شهر
تأمل
قوله ( تتم في الصحيح ) كذا في الظهيرية
قال ط وكأنه لسقوط الصلاة عنها فيما مضى لم يعتبر حكم السفر فيه فلما تأهلت للأداء اعتبر من وقته
قوله ( كصبي بلغ ) أي في أثناء الطريق وقد بقي لمقصده أقل من ثلاثة أيام فإنه يتم ولا يعتبر ما مضى لعدم تكليفه فيه ط
قوله ( بخلاف كافر أسلم ) أي فإنه يقصر
قال في الدرر لأن نيته معتبرة فكان مسافرا من الأول بخلاف الصبي فإنه من هذا الوقت يكون مسافرا وقيل يتمان وقيل يقصران ا هـ
والمختار الأول كما في البحر وغيره عن الخلاصة
قال في الشرنبلالية ولا يخفى أن الحائض لا تنزل عن رتبة الذي أسلم فكان حقها القصر مثله ا هـ
وأجاب في ( نهج النجاة ) بأن مانعها سماوي بخلافه ا هـ أي وإن كان كل منهما من أهل النية بخلاف الصبي لكن منعها من الصلاة ما ليس بصنعها فلغت نيتها من الأول بخلاف الكافر فإنه قادر على إزالة المانع من الابتداء فصحت نيته
قوله ( عبد الخ ) أي إذا سافر العبد مع سيديه فنوى أحدهما الإقامة
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يتهايآ في خدمته يفرض عليه القعود على
____________________
(2/135)
رأس الركعتين ويتم احتياطا لأنه مسافر من وجه مقيم من وجه
شرح المنية
قوله ( ولا يأتم الخ ) في شرح المنية وعلى هذا فلا يجوز له الاقتداء بالمقيم مطلقا فليعلم هذا ا هـ أي لا في الوقت ولا بعده ولا في الشفع الأول ولا الثاني ولعل وجهه كما أفاده شيخنا أن مقتضى كونه يتم احتياطا أن تكون القعدة الثانية في حقه فرضا إلحاقا له بالقيم وقد قلنا إن القعدة الأولى فرض عليه أيضا إلحاقا له بالمسافر فإذا اقتدى بمقيم يلزم اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القعدة الأولى ا هـ
أقول لكن قول شارح المنية وعلى هذا الخ يظهر منه أنه تفريع من عنده على وجه البحث وإلا فالذي رأيته منقولا في التاترخانية عن الحجة أنه إن لم يكن بالمهايأة وهو في أيديهما فكل صلاة يصليها وحده يصلي أربعا ويقعد على رأس الركعتين ويقرأ في الأخريين وكذا إذا اقتدى بمسافر يصلي معه ركعتين وفي قراءته في الركعتين اختلاف
وأما إذا اقتدى بمقيم فإنه يصلي أربعا بالاتفاق ا هـ
قوله ( وهو مما يلغز ) أي من جهات فيقال أي شخص يصلي فرضه أربعا ويفترض عليه القعود الأول كالثاني وأي شخص لا يصح اقتداؤه بالمقيم في الوقت وأي شخص ليس بمقيم ولا مسافر ويقال في صورة التهايؤ أي شخص يتم يوما ويقصر يوما ط
قوله ( لأن الأولى ضمت الوتر ) وهي صادقة لأنه فرض عملي ويحمل الفرض في كلام الزوج على ما يلزم ليعم فعله العملي ط
قوله ( وللثالثة ليوم الجمعة ) أي قالت ذلك العدد لفروض يوم الجمعة القطعية ولم تنظر إلى الوتر وكذا الرابعة والله تعالى أعلم
باب الجمعة مناسبته للسفر أن في كل منهما تنصيف الصلاة ابتداء لعارض لكنه هنا في خاص وهو الظهر وفي السفر في عام وهو كل رباعية فلذا قدم
قوله ( بالدليل القطعي ) وهو قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا } الجمعة 9 الآية وبالسنة والإجماع
قوله ( كما حققه الكمال ) وقال بعد ذلك وإنما أكثرنا فيه نوعا من الإكثار لما نسمع عن بعض الجهلة أنهم ينسبون إلى مذهب الحنفية عدم افتراضها ومنشأ غلطهم قول القدوري ومن صلى الظهر يوم الجمعة في منزله ولا عذر له كره وجازت صلاته وإنما أراد حرم عليه وصحت الظهر لما سيأتي
قوله ( آكد من الظهر ) أي لأنه ورد فيها من التهديد ما لم يرد في الظهر من قوله قوله من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة طبع الله على قلبه رواه أحمد والحاكم وصححه فيعاقب على تركها أشد من الظهر ويثاب
____________________
(2/136)
عليها أكثر ولأن لها شروطا ليست للظهر تأمل
قوله ( وليست بدلا عنه إلخ ) تصريح بمفهوم قوله وهي فرض مستقل لكن هذا مخالف لما قدمه المصنف في بحث النية من باب شروط الصلاة
وعبارته مع الشرح ولو نوى فرض الوقت مع بقائه جاز إلا في الجمعة لأنها بدل إلا أن يكون عنده في اعتقاده أنها فرض الوقت كما هو رأي البعض فتصح اه
وكتبنا هناك عن شرح المنية أن فرض الوقت عندنا الظهر لا الجمعة ولكن قد أمر بالجمعة لإسقاط الظهر ولذا لو صلى الظهر قبل أن تفوته الجمعة صحت عندنا خلافا لزفر والثلاثة وإن حرم الاقتصار عليها هـ
والحاصل أن فرض الوقت عندنا الظهر وعند زفر الجمعة كما صرح به في الفتح وغيره فيما سيأتي حتى الباقاني في شرح الملتقى وأما ما نقله عنه فلعله ذكره في شرحه عن النقاية وبما ذكرناه ظهر ضعفه
قوله ( وفي البحر إلخ ) سيأتي الكلام على ذلك عند قول المصنف تؤدى في مصر واحد بمواضع كثيرة
قوله ( ويشترط إلخ ) قال في النهر ولها شرائط وجوب وأداء منها ما هو في المصلي
ومنها ما هو في غيره والفرق أن الأداء لا يصح بانتفاء شروطه ويصح بانتفاء شروط الوجوب ونظمها بعضهم فقال وحر صحيح بالبلوغ مذكر مقيم وذو عقل لشرط وجوبها ومصر وسلطان ووقت وخطبة وإذن كذا جمع لشرط أدائها ط عن أبي السعود
قوله ( ما لا يسع إلخ ) هذا يصدق على كثير من القرى ط
قوله ( المكلفين بها ) احترز به عن أصحاب الأعذار مثل النساء والصبيان والمسافرين ط عن القهستاني
قوله ( وعليه فتوى أكثر الفقهاء إلخ ) وقال أبو شجاع هذا أحسن ما قيل فيه
وفي الولوالجية وهو صحيح
بحر
وعليه مشى في الوقاية و متن المختار وشرحه وقدمه في متن الدرر على القول الآخر وظاهره ترجيحه وأيده صدر الشريعة بقوله لظهور التواني في أحكام الشرع سيما في إقامة الحدود في الأمصار
قوله ( وظاهر المذهب إلخ ) قال في شرح المنية والحد الصحيح ما اختاره صاحب الهداية أنه الذي له أمير وقاض ينفذ الأحكام ويقيم الحدود وتزييف صدر الشريعة له عند اعتذاره عن صاحب الوقاية حيث اختار الحد المتقدم بظهور التواني في الأحكام مزيف بأن المراد القدرة على إقامتها على ما صرح به في التحفة عن أبي حنيفة أنه بلدة كبيرة فيها سكك وأسواق ولها رساتيق وفيها وال يقدر على إنصاف المظلوم من الظالم بحشمته وعلمه أو علم غيره يرجع الناس إليه فيما يقع من الحوادث وهذا هو الأصح اه
إلا أن صاحب الهداية ترك ذكر السكك والرساتيق لأن الغالب أن الأمير والقاضي الذي شأنه القدرة على تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود لا يكون إلا في بلد كذلك اه
قوله ( له أمير وقاض ) أي مقيمان فلا اعتبار بقاض يأتي أحيانا يسمى قاضي الناحية ولم يذكر المفتي اكتفاء بذكر القاضي لأن القضاء في الصدر الأول كان وظيفة المجتهدين حتى لو لم يكن الوالي والقاضي مفتيا اشترط المفتي كما في الخلاصة
وفي تصحيح القدوري أنه يكتفى بالقاضي عن الأمير
شرح الملتقى
قال الشيخ إسماعيل
____________________
(2/137)
ثم المراد من الأمير من يحرس الناس ويمنع المفسدين ويقوي أحكام الشرع كذا في الرقائق وحاصله أن يقدر على إنصاف المظلوم من الظالم كما فسره به في العناية اه
قوله ( يقدر إلخ ) أفرد الضمير تبعا للهداية لعوده على القاضي لأن ذلك وظيفته بخلاف الأمير لما مر وفي التعبير بيقدر رد على صدر الشريعة كما علمته
وفي شرح الشيح إسماعيل عن الدهلوي ليس المراد تنفيذ جميع الأحكام بالفعل إذ الجمعة أقيمت في عهد أظلم الناس وهو الحجاج وأنه ما كان ينفذ جميع الأحكام بل المراد والله أعلم اقتداره على ذلك اه
ونقل مثله في حاشية أبي السعود عن رسالة العلامة نوح أفندي
أقول ويؤيده أنه كان الإخلال بتنفيذ بعض الأحكام مخلا بكون البلد مصرا على هذا القول الذي هو ظاهر الرواية لزم أن لا تصح جمعة في بلدة من بلاد الإسلام في هذا الزمان بل فيما قبله من أزمان فتعين كون المراد الاقتدار على تنفيذ الأحكام ولكن ينبغي إرادة أكثرها وإلا فقد يتعذر على الحاكم الاقتدار على تنفيذ بعضها لمنع ممن ولاه وكما يقع في أيام الفتنة من تعصب سفهاء البلد بعضهم على بعض أو على الحاكم بحيث لا يقدر على تنفيذ الأحكام فيهم لأنه قادر على تنفيذها في غيرهم وفي عسكره على أن هذا عارض فلا يعتبر ولذا لو مات الوالي أو لم يحضر لفتنة ولم يوجد أحد ممن له حق إقامة الجمعة نصب العامة لهم خطيبا للضرورة كما سيأتي مع أنه لا أمير ولا قاضي ثمة أصلا وبهذا ظهر جهل من يقول لا تصح الجمعة في أيام الفتنة مع أنها تصح في البلاد التي استولى عليها الكفار كما سنذكره فتأمل
قوله ( كما حررناه إلخ ) هو حاصل ما قدمناه عن شرح المنية
قوله ( وفي القهستاني إلخ ) تأييد للمتن وعبارة القستاني تقع فرضا في القصبات والقرى الكبيرة التي فيها أسواق
قال أبو القاسم هذا بلا خلاف إذا أذن الوالي أو القاضي ببناء المسجد الجامع وأداء الجمعة لأن هذا مجتهد فيه فإذا اتصل به الحكم صار مجمعا عليه وفيما ذكرنا إشارة إلى أنه لا تجوز في الصغيرة التي ليس فيها قاض ومنبر وخطيب كما في المضمرات والظاهر أنه أريد به الكراهة لكراهة النفل بالجماعة ألا ترى أن في الجواهر لو صلوا في القرى لزمهم أداء الظهر وهذا إذا لم يتصل به حكم فإن في فتاوى الديناري إذا بنى مسجد في الرستاق بأمر الإمام فهو أمر بالجمعة اتفاقا على ما قال السرخسي اه فافهم
والرستاق القرى كما في القاموس
تنبيه في شرح الوهبانية قضاة زماننا يحكمون بصحة الجمعة عند تجديدها في موضع بأن يعلق الواقف عتق عبده بصحة الجمعة في هذا الموضع وبعد إقامتها فيه بالشروط يدعي المعلق عتقه على الواقف المعلق بأنه علق عتقه على صحة الجمعة في هذا الموضع وقد صحت ووقع العتق فيحكم بعتقه فيتضمن الحكم بصحة الجمعة ويدخل ما لم يأت من الجمع تبعا اه
قال في النهر وفي دخول ما لم يأت نظر فتدبر اه
أقول الجواب عن نظرة أن الحكم بصحة الجمعة مبني على كون ذلك الموضع محلا لإقامتها فيه وبعد ثبوت صحتها فيه لا فرق فيه بين جمعة وجمعة فتدبر
وظاهر ما مر عن القهستاني أن مجرد أمر السلطان أو القاضي ببناء المسجد وأدائها فيه حكم رافع للخلاف بلا دعوى وحادثة
وفي قضاء الأشباه أمر القاضي حكم كقوله سلم المحدود إلى المدعي والأمر بدفع الدين والأمر بحبسه إلخ
وأفتى ابن نجيم بأن تزويج القاضي الصغيرة حكم رافع للخلاف ليس لغيره نقضه
قوله ( وإذا اتصل به الحكم إلخ ) قد علمت الصغيرة حكم القهستاني صريحة في أن مجرد الأمر رافع للخلاف بناء على أن مجرد أمره حكم
قوله ( أو لا ) زاده للإشارة إلى أن قول المصنف ما اتصل به ليس قيدا احترازيا كما في
____________________
(2/138)
الشرنبلالية
قوله ( كما حرره ابن الكمال ) حيث قال واعتبر بعضهم قيد الاتصال وقد خطأه صاحب الذخيرة قائلا فعلى قول هذا القائل لا تجوز إقامة الجمعة ببخارى في مصلى العيد لأن بين المصلي وبين المصر مزارع
ووقعت هذه المسألة مرة وأفتى بعض مشايخ زماننا بعدم الجواز ولكن هذا ليس بصواب فإن أحدا لم ينكر جواز صلاة العيد في مصلى العيد ببخارى لا من المتقدمين ولا من المتأخرين وكما أن المصر أو فناءه شرط جواز الجمعة فهو شرط جواز صلاة العيد اه
قوله ( والمختار للفتوى إلخ ) اعلم أن بعض المحققين أهل الترجيح أطلق الفناء عن تقديره بمسافة وكذا محرر المذهب الإمام محمد وبعضهم قدره بها وجملة أقوالهم في تقديره ثمانية أقوال أو تسعة غلوة ميل ميلان ثلاثة فرسخ فرسخان ثلاثة سماع الصوت سماع الأذان
والتعريف أحسن من التجديد لأنه لا يوجد ذلك في كل مصر وإنما هو بحسب كبر المصر وصغره
بيانه أن التقدير بغلوة أو ميل لا يصح في مثل مصر لأن القرافة والترب التي تلي باب النصر يزيد كل منهما على فرسخ من كل جانب نعم هو ممكن لمثل بولاق فالقول بالتحديد بمسافة يخالف التعريف المتفق على ما صدق عليه بأنه المعد لمصالح المصر فقد نص الأئمة على أن الفناء ما أعد لدفن الموتى وحوائج المصر كركض الخيل والدواب وجمع العساكر والخروج للرمي وغير ذلك وأي موضع يحد بمسافة يسع عساكر مصر ويصلح ميدانا للخيل والفرسان ورمي النبل والبندق البارود واختيار المدافع وهذا يزيد على فراسخ فظهر أن التحديد بحسب الأمصار اه ملخصا من تحفة أعيان الغنى بصحة الجمعة والعيدين في الفناللعلامة الشرنبلالي
وقد جزم فيها بصحة الجمعة في مسجد سبيل علان الذي بناه بعض أمراء زمانه وهو في فناء مصر بينه وبينها نحو ثلاثة أرباع فرسخ وشيء
مطلب في صحة الجمعة بمسجد المرجة والصالحية في دمشق أقول وبه ظهر صحتها في تكية السلطان سليم بمرجة دمشق وكذا في مسجده بصالحية دمشق فإنها من فناء دمشق بما فيها من التربة بسفح الجبل وإن انفصلت عن دمشق بمزارع لكنها قريبة لأنها على ثلث فرسخ من البلدة وإن اعتبرت قرية مستقلة فهي مصر على تعريف المصنف على أن مسجدها مبني بأمر السلطان وكذا مسجدها القديم المشهور بمسجد الحنابلة الذي بناه الملك الأشرف وأمره كاف في صحتها على ما مر
تأمل
قوله ( أو امرأة ) اعلم أن المرأة لا تكون سلطانا إلا تغلبا لما تقدم في باب الإمامة من اشتراط الذكورة في الإمام فكان على الشارح أن يقول ولو امرأة أي ولو كان ذلك المتغلب امرأة ح
والمراد بالمتغلب من فقد فيه شروط الإمامة وإن رضيه القوم
وفي الخلاصة والمتغلب الذي لا عهد له أي لا منشور له إن كان سيرته فيما بين الرعية سيرة الأمراء ويحكم بينهم بحكم الولاة تجوز الجمعة بحضرته بحر اه ط
قوله ( بإقامتها ) أي إقامة الجمعة وقوله ( لإقامتها ) أي لإقامة المرأة والجمعة ح
وقوله ( أو مأموره بإقامتها ) أي الجمعة وشمل الأمر دلالة
قال في البحر ولا خفاء في أن من فوض إليه أمر العامة في مصر له إقامتها وإن لم يفوضها السلطان إليه صريحا كما في الخلاصة والعبرة لأهلية النائب وقت الصلاة لا وقت الاستنابة حتى لو أمر الصبي والذمي وفوض إليهما الجمعة فبلغ وأسلم لهما إقامتها لأنه فوضها إليهما صريحا بخلاف ما إذا لم يصرح لكن ظاهر الخانية أن هذا قول البعض وأن الراجح عدم الفرق لوقوع التفويض باطلا وعليه فالمعتبر الأهلية وقت الاستنابة اه ملخصا
____________________
(2/139)
قلت لكن في رسالة الشرنبلالي عن الخلاصة ما نصه العبرة للأهلية وقت إقامتها لا وقت الإذن بها وإن وقع في بعض العبارات ما يقتضي خلافه اه
قوله ( وإن لم تجز أنكحته وأقضيته ) لأنهما يعتمدان الولاية ولا ولاية له عن نفسه فضلا عن غيره ولأن شرط القضاء الحرية ط
قوله ( واختلف إلخ ) ليس ذلك اختلافا بين مشايخ المذهب من أهل التخريج أو الترجيح بل هو اختلاف بين المتأخرين في فهم عبارات مشايخ المذهب
مطلب في جواز استنابة الخطيب قوله ( هل يملك الاستنابة ) أي بلا إذن من السلطان أما بالإذن فلا خلاف فيه
قوله ( فقيل لا مطلقا ) قائله صاحب الدرر حيث قال إن الاستخلاف لا يجوز للخطبة أصلا ولا للصلاة ابتداء بل بعد ما أحدث الإمام إلا إذا كان مأذونا من السلطان بالاستخلاف اه
قوله ( وقيل إن لضرورة جاز إلخ ) قائله ابن كمال باشا حيث قال إن كان ذلك لضرورة كشغله عن إقامة الجمعة في وقتها جاز التفويض إلى غيره وإلا لا أي وإن لم يكن ذلك لضرورة أصلا أو كان لعذر لكن يمكن إزالة عذره وإقامة الجمعة بعده قبل خروج الوقت لا يجوز التفويض إلى خطيب آخر
ثم قال وإقامة الجمعة عبارة عن أمرين الخطبة والصلاة والموقوف على الإذن هو الأول دون الثاني فالمراد من الاستخلاف لإقامة الجمعة الاستخلاف للخطبة لا للصلاة كما توهمه البعض اه منح ملخصا
قوله ( وقيل نعم إلخ ) قائله قاضي القضاة محب الدين بن جرباش
منح
وبه قال شارح المنية البرهان إبراهيم الحلبي وكذا صاحب البحر و النهر والشرنبلالي والمصنف والشارح
قوله ( بلا ضرورة ) الأولى أن يقول ولو بلا ضرورة ليتضح معنى الإطلاق ط
قال في الإمداد بعد كلام وإذا علمت جواز الاستخلاف للخطبة والصلاة مطلقا بعذر وبغير عذر حال الحضرة والغيبة وجواز الاستخلاف للصلاة دون الخطبة وعكسه فاعلم أنه إذا استناب لمرض ونحوه فالنائب يخطب ويصلي بهم والأمر فيه ظاهر
وأما إذا استخلف للصلاة فقط لسبق حدث فإما أن يكون بعد شروعه فيها أو قبله فإن كان بعده فكل من صلح للاقتداء به يصح استخلافه وأما إذا كان قبله بعد الخطبة فيشترط كون الخليفة قد شهد الخطبة أو بعضها مع أهليته للاقتداء به اه
قوله ( لأنه إلخ ) هذه عبارة عن الهداية في كتاب أدب القاضي أي لأن أداء الجمعة على شرف الفوات لتوقته بوقت يفوت الأداء بانقضائه
درر عن شرح الهداية أي فيكون ذلك إذنا بالاستخلاف دلالة لعلمه بما يعتري المأمور من العوارض المانعة من إقامتها كمرض وحدث كما في البدائع
قوله ( ولا كذلك القضاء ) فإنه يحصل في أي وقت كان فلم يكن الأمر به إذنا بالاستخلاف دلالة
قوله ( كل من ملك إلخ ) هو صريح في جواز استنابة الخطيب مطلقا أو كالصريح
بحر
قوله ( النجعة ) بضم النون وسكون الجيم طلب الكلإ في موضعه
قاموس
وهي هنا علم لكتاب ح
قوله ( لابن جرباش ) بضم الجيم والراء ح وهو أحد شيوخ مشايخ صاحب البحر
قوله ( إنما يشترط الإذن إلخ ) حاصله أن الإذن من السلطان إنما يشترط في أول مرة فإذا أذن بإقامتها لشخص كان له أن يأذن لغيره وذلك الغير له أن يأذن لآخر وهلم جرا وليس المراد أن السلطان إذا أذن بإقامتها في مسجد صار كل شخص أو كل خطيب مأذونا بأن يقيمها في ذلك المسجد بدون إذن
____________________
(2/140)
من السلطان أو من مأذونه كما يوهمه ظاهر كلامه ويدل على ذلك نص عبارة ابن جرباش التي نقلها عنه في البحر وهي قوله بعد كلام وإذ قد عرفت هذا فيتمشى عليه ما يقع في زماننا هذا من استئذان السلطان في إقامة الجمعة فيما يستجد من الجوامع فإن إذنه بإقامتها في ذلك الموضع لربه مصحح لإذن رب الجامع لمن يقيمه خطيبا ولإذن ذلك الخطيب لمن عساه أن يستنيبه إلخ
وحاصله أنه لا تصح إقامتها إلا لمن أذن له السلطان بواسطة أو بدونها أما بدون ذلك فلا كما هو صريح ما يذكره الشارح عن السراجية نعم وقع في فتاوى ابن الشلبي ما يوهم ما أوهمه كلام الشارح حيث سئل عن ثغر فيه جوامع لها خطباء ليس لأحد منهم إذن صريح من السلطان مع علم السلطان بذلك الثغر وبإقامة الجمع والأعياد في جوامعه فهل يكون ذلك إذنا دلالة فأجاب بأن أمور المسلمين محمولة على السداد وقد جرت العادة بأن من بنى جامعا وأراد إقامة الجمعة استأذن الإمام فإذا وجد الإذن أول مرة فقد حصل به الغرض والإذن بعد ذلك اه ملخصا
لكن يمكن حمله على ما مر أي فلا يشترط إذن السلطان ثانيا بل كل خطيب له أن يستنيب للاكتفاء بالإذن أول مرة والله أعلم
قوله ( وما قيده الزيلعي ) أي من أنه لا يجوز له الاستخلاف إلا إذا أحدث
قال في البحر لا دليل عليه والظاهر من عباراتهم الإطلاق
اه
قلت وما ذكره الزيلعي تبعه عليه منلاخسرو صاحب الدرر كما قدمناه عنه لكنه ناقض نفسه حيث قال بعده ولا ينبغي أن يصلي غيره الخطيب لأن الجمعة مع الخطبة كشيء واحد فلا ينبغي أن يقيمها اثنان وإن فعل جاز اه
وهذا يكون باستخلاف الخطيب ثم قال أيضا خطب صبي بإذن السلطان وصلى بالغ جاز كذا في الخلاصة اه
قال الشرنبلالي في رسالته فهذا نص منه على جواز الاستخلاف للصلاة قبل الشروع فيها من غير سبق الحدث كما قدمناه من النصوص بمثله اه
وفيه نظر سنذكره آخر الباب
تنبيه أحاب بعضهم عن الزيلعي بأن كلامه مبني على القول بالاستنابة عند الضرورة وهذا عجيب فإن هذا القول لابن كمال باشا كما علمت والأقوال الثلاثة المذكورة في المتن ليست منقولة في المذهب بل هي اختلاف من المتأخرين بعد الزيلعي فكيف يبني كلامه على أحدها على أن اشتراط الاستنابة بالضرورة إنما هو للخطبة لا للصلاة كما قدمناه في عبارة ابن كمال والكلام هنا في الصلاة لأن سبق الحدث لا يستوجب الاستتنابة في الخطبة لصحتها معه فافهم
قوله ( وما ذكره منلاخسرو ) أي من أنه ليس له الاستنابة إلا إذا فوض إليه ذلك ح
قلت وهو القول الأول في المتن
قوله ( رده ابن الكمال ) وكذا رده في شرح المنية و البحر و النهر و المنح والإمداد وغيرها
قوله ( بلا شرط ) أي بلا شرط الإذن من السلطان واستند في ذلك ألى أشياء منها ما في الخلاصة أن له أن يستخلف وإن لم يكن في منشور الإمام الاستخلاف اه
قال في شرح المنية وعلى هذا عمل الأمة من غير نكير اه
نعم اشترط ابن كمال في هذه الرسالة لجواز الاستخلاف أن يكون لضرورة وهو القول الثاني في المتن كما قدمناه وبني على ذلك فساد ما يفعل في زماننا حيث يحضرون أي السلاطين في الجامع بلا عذر ويستخلفون الغير في إقامة الجمعة اه
وقد رد عليه الشرنبلالي في رسالة بما في التاترخانية عن المحيط إمام خطب فتولى غيره وشهد الخطبة ولم يعزل
____________________
(2/141)
الأول ولكن أمر رجلا أن يصلي الجمعة بالناس فصلى جاز لأنه لما شهد الخطبة فكأنما خطب بنفسه ولو أن القادم الذي تولى شهد خطبة الأول وسكت عنه حتى صلى بالناس وهو يعلم بقدومه فصلاته جائزة لأنه على ولايته ما لم يظهر العزل اه
قال فهذا نص في صحة صلاة الأصيل بحضرة نائبه لعلمه بعزله اه
أقول وفيه نظر لأن الأول ليس نائبا عنه بل هو باق على ولايته لأن قوله ما لم يظهر العزل معناه ما لم يعزله بالفعل وليس المراد به علمه بالعزل وإلا ناقض قوله قبله وهو يعلم بقدومه والأوضح في الرد ما في البدائع عن النوادر أنه يصير معزولا إذا علم بحضور الثاني وأن الثاني إذا أمر الأول بإتمام الخطبة يجوز وإلا بل سكت حتى أتمها أو حضر بعد فراغ الأول من الخطبة لا تجوز الجمعة لأنها خطبة سلطان معزول بخلاف ما إذا لم يعلم بحضور الثاني حتى خطب وصلى والأول ساكت لأنه لا يعزل إلا بالعلم كالوكيل اه
فهذا صريح في صحة الخطبة والصلاة من النائب بحضرة الأصيل
وذكر في منية المفتي صلى أحد بغير إذن الخطيب لم يجز إلا إذا اقتدى به من له ولاية الجمعة اه
ومثله ما يذكره الشارح عن السراجية فتأمل
قوله ( أنه ) أي الاستخلاف جائز مطلقا أي سواء كان لضرورة أو لا كما يعلم من عبارة مجمع الأنهر ح
قوله ( إذن عام ) أي لكل خطيب أن يستنيب لا لكل شخص أن يخطب في أي مسجد أراد ح
أقول لكن لا يبقى إلى اليوم الإذن بعد موت السلطان الآذن بذلك إلا إذا أذن به أيضا سلطان زماننا نصره الله تعالى كما بينته في تنقيح الحامدية وسنذكر في باب العيد عن شرح المنية ما يدل عليه أيضا فتنبه
قوله ( وعليه الفتوى ) لعل المراد فتوى أهل زمانه فليس ذلك تصحيحا معتبرا إذ ليسوا من أهل التصحيح
قوله ( لو صلى أحد بغير إذن الخطيب لا يجوز ) ظاهره أن الخطيب خطب بنفسه والآخر صلى بلا إذنه ومثله ما لو خطب بلا إذنه لما في الخانية وغيرها خطب بلا إذن الإمام والإمام حاضر لم يجز اه
ولا ينافيه ما قدمناه عن التاترخانية من أنه لما شهد الخطبة فكأنما خطب بنفسه لأن الخطبة هناك كانت ممن له ولايتها كما قدمناه
قوله ( إلا إذا اقتدى به من له ولاية الجمعة ) شمل الخطيب المأذون وذلك لأن الاقتداء به إذن دلالة بخلاف ما لو حضر ولم يقتد وعليه تحمل عبارة الخانية السابقة ثم إذا كان حضوره بدون اقتداء لم يعتبر إذنا يفهم منه أنه لا تجوز خطبة غيره بلا إذن بالأولى خلافا لمن فهم منه الجواز أفاده ط
قوله ( ويؤيد ذلك إلخ ) أي يؤيد الجواز إذا اقتدى به بناء على أن اقتداءه به دليل الإذن لأنهم وإن نووها جمعة لكن بدون شرطها تنعقد نفلا فلو لم يكن اقتداؤه إذنا يلزم أن لا يكون مؤديا معهم النفل بجماعة وهو غير جائز وفعل المسلم إنما يحمل على الكمال فيكون اقتداؤه إجازة لفعله لأن الإجازة اللاحقة كالإذن السابق ونظيره إذا أجاز نكاح الفضولي بالفعل يجوز ومجرد حضوره وسكوته وقت العقد لا يدل على الرضاء فافهم
قوله ( مات والي مصر ) وكذا لو لم يحضر بسبب الفتنة
بدائع
قوله ( فجمع ) بتشديد الميم أي صلى الجمعة خليفته أي من عهد إليه قبل موته أو المراد من كان يخلفه ويقوم مقامه إذا غاب أو من أقامة أهل البلد خليفة بعده إلى أن يأتيهم وال آخر
قوله ( أو صاحب الشرط ) جمع شرطي كتركي وجهني
قاموس
وفي المغرب الشرطية بالسكون والحركة خيار الجند وأول كتيبة تحضر الحرب والجمع شرط وصاحب الشرطة
في باب الجمعة يراد به أمير البلدة كأمير بخارى وقيل هذا على عادتهم لأن أمور الدين والدنيا كانت حينئذ إلى صاحب الشرطة فأما الآن فلا اه
قوله ( أو القاضي المأذون له في ذلك )
____________________
(2/142)
قيد به لما في الخلاصة ليس للقاضي إقامتها إذا لم يؤمر ولصاحب الشرط وإن لم يؤمر وهذا في عرفهم
قال في الظهيرية أما اليوم فالقاضي يقيمها لأن الخلفاء يأمرون بذلك قيل أراد به قاضي القضاة الذي يقال له قاضي الشرق والغرب فأما في زماننا فالقاضي وصاحب الشرط لا يوليان ذلك اه
قال في البحر وعلى هذا فلقاضي القضاة بمصر أن يولي الخطباء ولا يتوقف على إذن كما أن له أن يستخلف للقضاء وإن لم لم يؤذن له مع أن القاضي ليس له الاستخلاف إلا بإذن السلطان لأن تولية قاضي القضاة إذن بذلك دلالة كما صرح به الفتح ولا يتوقف ذلك على تقرير الحاكم المسمى بالباشا لكن في التجنيس أن في إقامة القاضي روايتين وبرواية المنع يفتى في ديارنا إذا لم يؤمر به ولم يكتب في منشوره
ويمكن حمل ما في التجنيس على ما إذا لم يول قاضي القضاة أما إن ولى أغنى هذا اللفظ عن التنصيص عليه
نهر
قوله ( فلقاضي القضاة بالشام إلخ ) أخذه من كلام البحر كما علمت لكن فيه أن قاضي القضاة الذي له ذلك هو قاضي المشرق والمغرب كما مر عن الظهيرية وأما قاضي الشام ومصر فإن ولايته مستمدة من ذلك القاضي العام وكونه مأذونا بالاستخلاف أي استخلاف نواب عنه في بلدة وتوابعها لا يلزم منه إذن بإقامة الجمعة بخلاف ذاك القاضي للعام الذي أذن له السلطان بإقامة مصالح الدين ونصب القضاة في سائر البلدان ولذا يسمى قاضي القضاة ويدل على ذلك أنه جرت العادة في هذه الدولة العثمانية أن كل من تولى خطابة لا بد أن يرسل إلى جهة السلطان حفظه الله تعالى ليقرره فيها فلو كان القاضي أو الباشا مأذونا بإقامتها لصح أن يولى الخطيب
والحاصل أن المدار على الإذن وإنما يعلم ذلك من جهته فإن قال إني مأذون بذلك صدق لأن مجرد تولية القضاة أو الإمارة مثلا لا يكون إذنا بإقامتها على المفتى به كما مر عن التجنيس إلا إذا فوض السلطان إليه أمور الدنيا والدين كما كان في زمانهم كما مر عن المغرب والظهيرية
ثم رأيت في نهج النجاة معزيا إلى رسالة للمصنف لا يخفى أن هذا إنما يستقيم في قاض فوض له الأمور العامة أما من فوض له السلطان قضاة بلدة ليحكم فيها بما صح من مذهب إمامه فلا لعدم الإذن له صريحا أو دلالة اه
وهذا صريح فيما قلناه والله أعلم
قوله ( وقالوا يقيمها إلخ ) تقييد لعبارة المتن فإنه لم يبين فيها ترتيبهم والمعنى أنهم مرتبون كترتيب العصبات في ولاية التزويج فيقيمها الأبعد عند غيبة الأقرب أو موته لا بحضرته إلا بإذنه هذا ما ظهر لي وهو مفاد ما في البحر عن النجعة فراجعه
لكن تقديم الشرطي على القاضي مخالف لما صرحوا به في صلاة الجنازة من تقديم القاضي على الشرطي فتأمل
قوله ( مع وجود من ذكر ) أي إذا كانوا مأذونين كما مر من أن من ذكر له إقامتها بالإذن العام أما في زماننا فغير مأذون
قوله ( فيجوز للضرورة ) ومثله ما لو منع السلطان أهل مصر أن يجمعوا إضرارا وتعنتا فلهم أن يجمعوا على رجل يصلي بهم الجمعة أما إذا أراد أن يخرج ذلك المصر من أن يكون مصرا لسبب من الأسباب فلا كما في البحر ملخصا عن الخلاصة
____________________
(2/143)
تتمة في معراج الدراية عن المبسوط البلاد التي في أيدي الكفار بلاد الإسلام لا بلاد الحرب لأنهم لم يظهروا فيها حكم الكفر بل القضاة والولاة مسلمون يطيعونهم عن ضرورة أو بدونها وكل مصر فيه وال من جهتهم يجوز له إقامة الجمع والأعياد والحد وتقليد القضاة لاستيلاء المسلم عليهم فلو كان الولاة كفارا يجوز للمسلمين إقامة الجمعة ويصير القاضي قاضيا بتراضي المسلمين ويجب عليهم أن يلتمسوا واليا مسلما اه
قوله ( في الموسم ) أي موسم الحاج وهو سوقهم ومجتمعهم من الوسم وهو العلامة
مغرب
قوله ( فقط ) أي فلا تصح في منى في غير أيام اجتماع الحاج فيها لفقد بعض الشروط
قوله ( لوجود الخليفة ) أي السلطان الأعظم
قاموس
قوله ( وأمير الحجاز ) وهو السلطان بمكة كذا في الدرر أي شريف مكة الحاكم في مكة والمدينة والطائف وما يلي ذلك من أرض الحجاز
قوله ( أو العراق ) كأمير بغداد بناء على أنه مأذون بذلك
قوله ( أو مكة ) مكرر مع أمير الحجاز إلا أن يراد به أخص منه
قوله ( وكذا كل أبنية إلخ ) قال في العناية وفي كلام الهداية إشارة إلى أن الخليفة والسلطان إذا طاف في ولايته كان عليه الجمعة في كل مصر يكون فيه يوم الجمعة لأن إمامة غيره إنما تجوز بأمره فإمامته أولى وإن كان مسافرا اه
أقول مقتضاه أن الجواز في قول المصنف وجازت بمنى في معنى الوجوب مع أن من شروط وجوبها أن من شروط وجوبها الإقامة ولا يلزم من جواز إمامة الخليفة فيها وجوبها عليه إذا كان مسافرا ولا أن يأمر مقيما بإقامتها ولا يلزم أيضا من كون المصر من جملة ولايته أن يصير مقيما بوصوله إليه إلا على قول ضعيف كما قدمناه في الباب السابق تأمل ثم رأيت صاحب الحواشي السعدية اعترضه بقوله دلالة ما ذكره على ما ادعاه من وجوب الجمعة على الخليفة إذا طاف ولايته غير طاهرة اه
وبه ظهر أن الجواز في كلام المصنف على معناه ويدل عليه ما في فتح القدير من قوله والخليفة وإن كان قصد السفر للحج فالسفر إنما يرخص في الترك لا أنه يمنع صحتها اه
فافهم
قوله ( وعدم التعييد بمنى ) أي عدم إقامة العيد بها لا لكونها ليست بمصر بل للتخفيف على الحاج لاشتغالهم بأمور الحج من الرمي والحلق والذبح في ذلك اليوم بخلاف الجمعة لأنه لا يتفق في كل سنة هجوم الجمعة في أيام الرمي أما العيد فإنه في كل سنة
سراج
وأيضا فإن الجمعة تبقى إلى آخر وقت الظهر والغالب فراغ الحاج من أعمال الحج قبل ذلك بخلاف وقت العيد ومقتضى هذا أن الجمعة إذا أقيمت بمنى أن يجب على المقيمين من أهل مكة إذا خرجوا للحج خلافا لما بحثه في شرح المنية بل الظاهر وجوب إقامتها عليهم
تأمل
تنبيه ظاهر التعليل وجوب العيد مكة وقد ذكر البيري في كتاب الأضحية أنه هو ومن أدركه من المشايخ لم يصلوها فيها قال والله أعلم ما السبب في ذلك اه
قلت لعل السبب أن من له ولاية إقامتها يكون حاجا في منى
قوله ( لا تجوز لأمير الموسم ) هو المسمى أمير الحاج كما في مجمع الأنهر
أقول كانت عادة سلاطين بني عثمان أيدهم الله تعالى أنهم يرسلون أمير يولونه أمور الحاج فقط غير أمير الشام والآن جعلوا أمير الشام والحاج واحدا فعلى هذا لا فرق بين أمير الموسم وأمير العراق لأن كلا منهما له ولاية عامة فإذا كان من عموم ولايته إقامة الجمعة في بلده بقيمها في منى أيضا بخلاف من كان أميرا على الحاج فقط ويوضح ما ذكرناه قول الشارح تبعا لغيره لقصور ولايته إلح فافهم
قوله ( لأنها مفازة ) أي برية لا أبنية فيها بخلاف منى
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان المصر كبيرا أو لا وسواء فصل بين جانبيه نهر كبير
____________________
(2/144)
كبغداد أو لا وسواء قطع الجسر أو بقي متصلا وسواء كان التعدد في مسجدين أو أكثر هكذا يفاد من الفتح ومقتضاه أنه لا يلزم أن يكون التعدد بقدر الحاجة كما يدل عليه كلام السرخسي الآتي
قوله ( على المذهب ) فقد ذكر الإمام السرخسي أن الصحيح من مذهب أبي حنيفة جواز إقامتها في مصر واحد في مسجدين وأكثر وبه نأخذ لإطلاق لا جمعة إلا في مصر شرط المصر فقط وبما ذكرنا اندفع ما في البدائع من أن ظاهر الرواية جوازها في موضعين لا في أكثر وعليه الاعتماد اه
فإن المذهب الجواز مطلقا
بحر
قوله ( دفعا للحرج ) لأن في إلزام اتحاد الموضع حرجا بينا لاستدعائه تطويل المسافة على أكثر الحاضرين ولم يوجد دليل عدم جواز التعدد بل قضية الضرورة عدم اشتراط لا سيما إذا كان مصرا كبيرا كمصرنا كما قاله الكمال ط
قوله ( وعلى المرجوح ) هو ما مر عن البدائع من عدم الجواز في أكثر من موضعين
قوله ( لمن سبق تحريمة ) وقيل يعتبر بالسبق الفراغ وقيل بهما والأول أصح
بحر عن القنية أي أصح عند صاحب القول المرجوح
قال في الحلية وكنت قد راجعت شيخنا يعني الكمال في هذا كتابة فكتبت إلي وأما السبق فلا شك عندي في اعتباره بالخروج وهل يعتبر معه الدخول محل تردد في خاطري لأن سبق كذا هو بتقدم دخول تمامه في الوجود أو بتقدم انقضائه كل محتمل اه
مطلب في نية آخر ظهر بعد صلاة الجمعة قوله ( فيصلي بعدها آخر ظهر ) تفريعه على المرجوح يفيد أنه على الراجح من جواز التعدد لا يصليها بناء على ما قدمه عن البحر من أنه أفتى بذلك مرارا خوف اعتقاد عدم فرضية الجمعة
وقال في البحر إنه لا احتياط في فعلها لأنه العمل بأقوى الدليلين اه
أقول وفيه نظر بل هو الاحتياط بمعنى الخروج عن العهدة بيقين لأن جواز التعدد وإن كان أرجح وأقوى دليلا لكن فيه شبهة قوية لأن خلافه مروي عن أبي حنيفة أيضا واختاره الطحاوي والتمرتاشي وصاحب المختار وجعله العتابي الأظهر وهو مذهب الشافعي والمشهور عن مالك وإحدى الروايتين عن أحمد كما ذكره المقدسي في رسالته نور الشمعة في ظهر الجمعة بل قال السبكي من الشافعية إنه قول أكثر العلماء ولا يحفظ عن صحابي ولا تابعي تجويز تعددها اه
وقد علمت قول البدائع إنه ظاهر الرواية
وفي شرح المنية عن جوامع الفقه أنه أظهر الروايتين عن الإمام
قال في النهر وفي الحاوي القدسي وعليه الفتوى
وفي التكملة للرازي وبه نأخذ اه
فهو حينئذ قول معتمد في المذهب لا قول ضعيف ولذا قال في شرح المنية الأولى هو الاحتياط لأن الخلاف في جواز التعدد وعدمه قوي وكون الصحيح الجواز للضرورة للفتوى لا يمنع شرعية الاحتياط للتقوى اه
قلت على أنه لو سلم ضعفه فالخروج عن خلافه أولى فكيف مع خلاف هؤلاء الأئمة وفي الحديث المتفق عليه فمن اتقى الشبهات استبرأ لدنيه وعرضه ولذا قال بعضهم فيمن يقضي صلاة عمره مع أنه لم يفته منها شيء لا يكره لأنه أخذ بالاحتياط
وذكر في القنية أنه أحسن إن كان في صلاته خلاف المجتهدين ويكفينا خلاف من مر
____________________
(2/145)
ونقل المقدسي عن المحيط كل موضع وقع الشك في كونه مصرا ينبغي لهم أن يصلوا بعد الجمعة أربعا بنية الظهر احتياطا حتى لو أنه لو لم تقع الجمعة موقعها يخرجون عن عهدة فرض الوقت بأداء الظهر ومثله في الكافي
وفي القنية لما ابتلى أهل مرو بإقامة الجمعتين فيها مع اختلاف العلماء في جوازهما أمر أئمتهم بالأربع بعدها حتما احتياطا اه
ونقله كثير من شراح الهداية وغيرها وتداولوه
وفي الظهيرية وأكثر مشايخ بخارى عليه ليخرج عن العهدة بيقين
ثم نقل المقدسي عن الفتح أنه ينبغي أن يصلي أربعا ينوي بها آخر فرض أدركت وقته ولم أؤده إن تردد في كونه مصرا أو تعددت الجمعة وذكر مثله عن المحقق ابن جرباش
قال ثم قال وفائدته الخروج عن الخلاف المتوهم أو المحقق وإن كان الصحيح صحة التعداد فهي نفع بلا ضرر ثم ذكر ما يوهم عدم فعلها ودفعه بأحسن وجه
وذكر في النهر أنه لا يبنيغ التردد في ندبها على القول بجواز التعدد خروجا عن الخلاف اه
وفي شرح الباقاني هو الصحيح
وبالجملة فقد ثبت أنه ينبغي الإتيان بهذه الأربع بعد الجمعة لكن بقي الكلام في تحقيق أنه واجب أو مندوب قال المقدسي ذكر ابن الشحنة عن جده التصريح بالندب وبحث فيه بأنه ينبغي أن يكون عند مجرد التوهم أما عند قيام الشك والاشتباه في صحة الجمعة فالظاهر الوجوب ونقل عن شيخه ابن الهمام ما يفيده وبه يعلم أنها هل تجزي عن السنة أم لا فعند قيام الشك لا وعند عدمه نعم ويؤيد التفصيل تعبير التمرتاشي ب لا بد وكلام القنية المذكور اه
وتمام تحقيق المقام في رسالة المقدسي وقد ذكر شذرة منها في إمداد الفتاح وإنما أطلنا في ذلك لدفع ما يوهمه كلام الشارح تبعا للبحر من عدم فعلها مطلقا
نعم إن أدى إلى مفسدة لا تفعل جهارا والكلام عند عدمها ولذا قال المقدسي نحن لا نأمر بذلك أمثال هذه العوام بل ندل عليه الخواص ولو بالنسبة إليهم اه
والله تعالى أعلم
قوله ( لأن وجوبه عليه بآخر الوقت ) قال في الحلية في هذا التعليل نظر فإن المذهب أن الظهر يجب بزوال الشمس وجوبا موسعا إلى وقت العصر غير أن السبب هو الجزء الذي يتصل به الأداء فإن لم يؤد إلى آخر الوقت تعين الجزء الأخير للسببية اه
أقول يمكن أن يجاب بأن قوله والأحوط نية آخر ظهر أدركت وقته هو أحوط بالنسبة إلى ما إذا نوى آخر ظهر وجب علي أداؤه أو ثبت في ذمتي فإنه ذلك لا يفيده لو ظهر عدم صحة الجمعة لأن وجوب أدائه أو ثبوته في ذمته لا يكون إلا في آخر الوقت أو بعده
نعم لو قال وجب علي يفيده لأن الوجوب بدخول الوقت بخلاف وجوب الأداء على ما حققه في التوضيح من الفرق بين الوجوب ووجوب الأداء لكن الأولى أن يزيد ولم أصله أو ولم أؤده كما مر عن الفتح لأنه إذا كان عليه ظهر فائت وكانت هذه الجمعة صحيحة في نفس الأمر ينصرف ما نوى إلى ما عليه وبدون هذه الزيادة لا ينصرف إليه بل يقع نفلا لأن آخر ظهر أدركه هو ظهر يوم الجمعة لما مر من أن الوقت عندنا الظهر أصالة في يوم الجمعة خلافا لزفر وكذا إذا قلنا إن ظهر الجمعة سقط عنه بصلاة الجمعة لأنه يصير آخر ظهر أدركه ظهر يوم الخميس فلا ينصرف إلى ظهر فائت عليه قبله إلا إذا زاد قوله ولم أصله ولعل الشارح أشار إلى هذا بقوله فتنبه فافهم
تتمة قال في شرح المنية الصغير والأولى أن يصلي بعد الجمعة سنتها ثم الأربع بهذه النية أي نية آخر ظهر أدركته ولم أصله ثم ركعتين سنة الوقت فإن صحت الجمعة يكون قد أدى سنتها على وجهها وإلا فقد صلى الظهر
____________________
(2/146)
مع سنته وينبغي أن يقرأ السورة مع الفاتحة في هذه الأربع إن لم يكن عليه قضاء فإن وقعت فرضا فالسورة لا تضر وإن وقعت نفلا فقراءة السورة واجبة اه أي وأما إذا كان عليه قضاء فلا يضم السورة لأن هذه الأربع فرض على كل حال
قلت وحاصله أنه يصلي بعد الجمعة عشر ركعات أربعا سنتها وأربعا آخر ظهر وركعتين سنة الوقت أي لاحتمال أن الفرض هو الظهر فتقع الركعتان سنته البعدية
والظاهر أنه يكفي نية آخر ظهر عن الأربع سنة الجمعة إذا صحت الجمعة لأن المعتمد عدم اشتراط التعيين في السنن وإن لم تصح فالفرض هو الظهر وتقع الأربع التي صلاها قبل الجمعة عن سنة الظهر القبلية لكن لطول الفصل بصلاة الجمعة وسماع الخطبة يصلي أربعا أخرى فالأولى صلاة العشرة
قوله ( فتنبه ) في بعض النسخ
قنية
وهي صحيحة لأن ما ذكره هو نص عبارة القنية
قوله ( وقت الظهر ) فيه أن الوقت سبب لا شرط وأنه لا بد منه في سائر الصلوات
والجواب أنه سبب للوجوب وشرط لصحة المؤدى وشرطيته للجمعة ليست كشرطيته لغيرها فإنه بخروج الوقت لا تبقى صحة للجمعة لا أداء ولا قضاء بخلاف غيرها
سعدية
قوله ( مطلقا ) أي ولو بعد القعود قدر التشهد كما في طلوع الشمس في صلاة الفجر كما مر بيانه في المسائل الاثني عشرية
قوله ( على المذهب ) رد لما في النوادر من أن المقتدي إذا زحمه الناس فلم يستطع الركوع والسجود حتى فرغ الإمام ودخل وقت العصر فإنه يتم الجمعة بغير قراءة
ح عن البحر
قوله ( الخطبة فيه ) أي في الوقت وهذا أحسن من قول الكنز والخطبة قبلها إذ لا تنصيص فيه على اشتراط كونها في الوقت
تنبيه في البحر عن المجتبى يشترط في الخطيب أن يتأهل للإمامة في الجمعة اه
لكن ذكر قبله ما يخالفه حيث قال وقد علم من تفاريعهم أنه لا يشترط في الإمام أن يكون هو الخطيب وقد صرح في الخلاصة بأنه لو خطب صبي بإذن السلطان وصلى الجمعة رجل بالغ يجوز اه
وسيذكر الشارح أن هذا هو المختار
تتمة لم يقيد الخطبة بكونها بالعربية اكتفاء بما قدمه في باب صفة الصلاة من أنها غير شرط ولو مع القدرة على العربية عنده خلافا لهما حيث شرطاها إلا عند العجز كالخلاف في الشروع في الصلاة
قوله ( والخامس كونها قبلها ) أي بلا فاضل كثير على ما سيأتي وهي شرط الانعقاد في حق من ينشىء التحريمة للجمعة لا كل من صلاها فلذا قالوا لو أحدث الإمام فقدم من لم يشهدها جاز لأنه بان تحريمته على تلك التحريمة المنشأة فلو أفسدها الخليفة فالقياس أن لا يستقبل بهم الجمعة لكن استحسنوا الجواز لأنه لما قام مقام الأول التحق به حكما ولو كان الأول أحدث قبل الشروع فقدم من لم يشهدها لم يجز
فتح ملخصا
قوله ( تنعقد الجمعة بهم ) بأن يكونوا ذكورا بالغين عاقلين ولو كانوا معذورين بسفر أو مرض
قوله ( ولو كانوا صما أو نياما ) أشار إلى أنه لا يشترط لصحتها كونها مسموعة لهم بل يكفي حضورهم حتى لو بعدوا عنه أو ناموا أجزأت والظاهر أنه يشترط كونها جهرا بحيث يسمعها من كان عنده إذا لم يكن به مانع
شرح المنية
قوله ( على الأصح الخ ) عزا تصحيحه في الحلية أيضا إلى المعراج والمبتغى بالغين وجزم به في البدائع و التبيين و شرح المنية
قال في الحلية لكن هذا إحدى الروايتين عن أئمتنا الثلاثة
____________________
(2/147)
والأخرى أنها غير شرط حتى لو خطب وحده جاز
وأفاد شيخنا يعني الكمال اعتمادها
قوله ( لأن الأمر بالسعي ليس إلا لاستماعه ) كذا قال في النهر وفيه أن الشرط الحضور كما مر لا السماع فكان المناسب أن يقول لأن المأمور بالسعي جمع
تأمل
قوله ( وجزم في الخلاصة الخ ) مشى عليه في نور الإيضاح وقال في شرحه وإنما اتبعناه لأنه منطوق فيقدم على المفهوم اه أي يفهم من قولهم يشترط حضور جماعة أنه لا يصح بحضور واحد وقول صاحب الخلاصة لو حضر واحد أو اثنان وخطب وصلى بالثلاثة جاز منطوق وفيه نظر فإن جعل حضور الجماعة شرطا منطوق أيضا لأن الجماعة من الاجتماع فتنافي الوحدة وقد جعلت شرطا والشرط ما يلزم من عدمه العدم
تأمل
قوله ( وكفت تحميدة الخ ) شروع في ركن الخطبة بعد بيان شروطها وذلك لأن المأمور به في آية { فاسعوا } الجمعة 9 مطلق الذكر الشامل للقليل والكثير والمأثور عنه لا يكون بيانا لعدم الإجمال في لفظ الذكر
قوله ( مع الكراهة ) ظاهر القهستاني أنها تنزيهية
تأمل
قوله ( وأقله الخ ) في العناية وهو مقدار ثلاث آيات عند الكرخي وقيل مقدار التشهد من قوله التحيات لله إلى قوله عبده ورسوله
قوله ( بنيتها ) أي نية الخطب
قوله ( أو تعجبا ) الأولى أن يقول أو سبح تعجبا ط
قوله ( على المذهب ) وروي عن الإمام أنه تجزيه ح
قوله ( لكنه ذكر ) أي المصنف حيث قال ولو عطس عند الذبح فقال الحمد لله لا يحل في الأصح بخلاف الخطبة اه
فإن مفاده أن حمد العطاس يكفي لها
قال ح ويمكن أن يجاب بأنه مبني على الرواية التي قدمناها
قوله ( ويسن خطبتان ) لا ينافي ما مر من أن الخطبة شرط لأن المسنون هو تكرارها مرتين و الشرط إحداهما
قوله ( على المذهب ) وقال الطحاوي بقدر ما يمس موضع كلوسه من المنبر
بحر
قوله ( وتكره زيادتهما الخ ) عبارة القهستاني وزيادة التطويل مكروهة
قوله ( كتركه قراءة فدر ثلاث آيات ) أي يكره الاقتصار في الخطبة على نحو تسبيحة وتهليلة مما لا يكون ذكرا طويلا قدر ثلاث آيات أو قدر التشهد الواجب وليس المراد أن ترك قراءة ثلاث آيات مكروه لأن المصرح به في الملتقى والمواهب ونور الإيضاح وغيرها أن من السنن قراءة آية
وقال في الإمداد وفي المحيط يقرأ في الخطبة سورة من القرآن أو آية فالأخبار قد تواترت أن النبي كان يقرأ القرآن في خطبته لا تخلو عن سورة أو آية ثم قال وإذا قرأ سورة تامة يتعوذ ثم يسمي قبلها وإن قرأ آية قيل يتعوذ ثم يسمي وأكثرهم قالوا يتعوذ ولا يسمي والاختلاف في القراءة في غير الخطبة كذلك اه ملخصا
وبه علم أن الاقتصار على الآية غير مكروه فتدبر
مطلب في قول الخطيب قال الله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم تنبيه جرت العادة إذا قرأ الخطيب الآية أنه يقول قال الله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { من عمل صالحا } الجاثية 15 الخ وفيه إيهام أن أعوذ بالله من مقول الله تعالى وبعضهم يتباعد عن ذلك فيقول قال الله تعالى
____________________
(2/148)
كلاما أتلوه بعد قولي أعوذ بالله الخ ولكن في حصول سنة الاستعاذة بذلك نظر لأن المطلوب إنشاء الاستعاذة ولم تبق كذلك بل صارت محكية مقصودا بها لفظها وذلك ينافي الإنشاء كما لا يخفى فالأولى أن لا يقول قال الله تعالى ولشيخ مشايخنا العلامة إسماعيل الجراحي شارح البخاري في رسالة في هذه المسألة لا يحضرني الآن ما قاله فيها فراجعها
قوله ( ويبدأ ) أي قبل الخطبة الأولى بالتعوذ سرا ثم بحمد الله تعالى والثناء عليه والشهادتين والصلاة على النبي والعظة والتذكير والقراءة
قال في التجنيس والثانية كالأولى إلا أنه يدعو للمسلمين مكان الوعظ
قال في البحر وظاهره أنه يسن قراءة آية فيها كالأولى اه
تنبيه ما يفعله بعض الخطباء من تحويل الوجه جهة اليمين وجهة اليسار عند الصلاة على النبي في الخطبة الثانية لم أر من ذكره والظاهر أنه بدعة ينبغي تركه لئلا يتوهم أنه سنة
ثم رأيت في منهاج النووي قال ولا يلتفت يمينا وشمالا في شيء منها
قال ابن حجر في شرحه لأن ذلك بدعة اه
ويؤخذ ذلك عندنا من قول البدائع ومن السنة أن يستقبل الناس بوجهه ويستدبر القبلة لأن النبي كان يخطب هكذا اه
قوله ( والعمين ) هما حمزة والعباس رضي الله تعالى عنهما
لطيفة سمعت من بعض شيوخي أنه كان يقول إن الخطباء يلحنون هنا مرتين حيث يقولون وارض عن عمى نبيك الحمزة والعباس بإدخال أل على حمزة وإبقاء منع صرفه مع أنه لم يسمع دخول أل عليه وإذا دخلت يصرف
قوله ( وجوزه القهستاني الخ ) عبارته ثم يدعو لسلطان الزمان بالعدل والإحسان متجنبا في مدحه عما قالوا إنه كفر وخسران كما في الترغيب وغيره اه
وأشار الشارح بقوله وجوز إلى حمل قوله ثم يدعو الخ على الجواز لا الندب لأنه حكم شرعي لا بد له من دليل
وقد قال في البحر إنه لا يستحب لما روي عن عطاء حين سئل عن ذلك فقال إنه محدث وإنما كانت الخطبة تذكيرا اه
ولا ينافي ذلك ما قدمه الشارح في باب الإمامة من وجوب الدعاء له بالصلاح لأن الكلام في نفي استحبابه في خصوص الخطبة بل لا مانع من استحبابه فيها كما يدعى لعموم المسلمين فإن في صلاحه صلاح العالم
وما في البحر من أنه محدث لا ينافيه فإن سلطان هذا الزمان أحوج إلى الدعاء له ولأمرائه بالصلام والنصر على الأعداء وقد تكون البدعة واجبة أو مندوبة على أنه ثبت أن أبا موسى الأشعري وهو أمير الكوفة كان يدعو لعمر قبل الصديق فأنكر عليه تقديم عمر فشكا إليه فاستحضر المنكر فقال إنما أنكرت تقديمك على أبي بكر فبكى واستغفره والصحابة حينئذ متوفرون لا يسكتون على بدعة إلا إذا شهدت لها قواعد الشرع ولم ينكر أحد منهم الدعاء بل التقديم فقط وأيضا فإن الدعاء للسلطان على المنابر قد صار الآن من شعار السلطنة فمن تركه يخشى عليه ولذا قال بعض العلماء لو قيل إن الدعاء له واجب لما في تركه من الفتنة غالبا لم يبعد كما قيل به في قيام الناس بعضهم لبعض
والظاهر أن منع المتقدمين مبني على ما كان في زمانهم من المجازفة في وصفه مثل السلطان العادل الأكرم شاهنشاه الأعظم مالك رقاب الأمم
ففي كتاب الردة من التاترخانية سأل الصفار هل يجوز ذلك فقال لا لأن بعض ألفاظه كفر وبعضها كذب
وقال أبو منصور من قال للسلطان الذي
____________________
(2/149)
شروط بعض أفعاله ظلم عادل فهو كافر
وأما شاهنشاه فهو من خصائص الله تعالى بدون وصف الأعظم لا يجوز وصف العباد به وأما مالك رقاب الأمم فهو كذب اه
قال في البزازية فلذا كان أئمة خوارزم يتباعدون عن المحراب يوم العيد والجمعة اه
أما ما اعتيد في زماننا من الدعاء للسلاطين العثمانية أيدهم الله تعالى كسلطان البرين والبحرين وخادم الحرمين الشريفين فلا مانع منه والله تعالى أعلم
قوله ( في مخدعه ) هو الخلوة التي تكون في المسجد قال السيوطي في حاشيته على سنن أبي داود المخدع هو البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير وميمه تضم وتفتح اه
وفي القاموس المخدع كمنبر الخزانة اه مدني
قوله ( عن يمين المنبر ) قيد لمخدعه
قال في البحر فإن لم يكن ففي جهته أو ناحيته وتكره صلاته في المحراب قبل الخطبة
قوله ( ولبس السواد ) اقتداء بالخلفاء وللتوارث في الأعصار والأمصار
بحر عن الحاوي القدسي
قلت الظاهر أن هذا خاص بالخطيب وإلا فالمنصوص أنه يستحب في الجمعة والعيدين لبس أحسن الثياب
وفي شرح الملتقى من فصل اللباس ويستحب الأبيض وكذا الأسود لأنه شعار بني العباس ودخل عليه الصلاة والسلام مكة وعلى رأسه عمامة سوداء اه
وفي رواية لابن عدي كان له عمامة سوداء يلبسها في العيدين ويرخيها خلفه
قوله ( وترك السلام ) ومن الغريب ما في السراج أنه يستحب للإمام إذا صعد المنبر وأقبل على الناس أن يسلم عليهم لأنه استدبرهم في صعوده اه بحر
قلت وعبارته في الجوهرة ويروى أنه لا بأس به لأنه استدبرهم في صعوده
قوله ( وطهارة وستر عورة قائما ) جعل الثلاثة في شرح المنية واجبات مع أنه نفسه صرح في متن الملتقى بسنية الطهارة والقيام كما في كثير من المعتبرات وأما ستر العور فصرح بأنه سنة أيضا في نور الإيضاح و المواهب وصرح في المجمع وغيره بكراهة ترك الثلاثة ولعل معنى سنية الستر مع كونه واجبا خارجها ولو في خلوة على الصحيح إلا لغرض صحيح هو الاعتداد بها وعدم وجوب إعادتها لو انكشفت عورته بهبوب ريح ونحوه وكذا الطهارة من الجنابة واجبة لدخول المسجد ولو بلا خطبة فتصح خطبته وإن أثم لو متعمدا ويدل على ما قلناه ما في البدائع حيث قال والطهارة سنة عندنا لا شرط حتى أن الإمام إذا خطب جنبا أو محدثا فإنه يعتبر شرطا لجواز الجمعة اه
وفي الفيض ولو خطب محدثا أو جنبا جاز ويأثم إثم إقامة الخطيب في المسجد اه
وبه ظهر أن معنى السنية مقابل الشرط من حيث صحة الخطبة بدونه وإن كان في نفسه واجبا كما قلنا ونظير ذلك عده من واجبات الطواف لأجل إيجاب الدم بتركه مع أنه واجب في جميع مشاهد الحج لكن لا يجب الدم بتركه إلا في الطواف هذا ما ظهر لي فاغتنمه
قال في شرح المنية فإن قيل من المعلوم يقينا أنه عليه الصلاة والسلام لم يخطب قط بدون ستر وطهارة
قلنا نعم ولكن لكون ذلك دأبه وعادته وأدبه ولا دليل على أنه إنما فعله لخصوص الخطبة
قوله ( الأصح لا ) ولذا لا يشترط لها سائر شروط الصلاة كالاستقبال والطهارة وغيرهما
قوله ( بل كشطرها في الثواب ) هذا تأويل لما ورد به الأثر من أن الخطبة كشطر الصلاة فإن مقتضاه أنها قامت مقام ركعتين من الظهر كما قامت الجمعة مقام ركعتين منه
____________________
(2/150)
فيشترط لها شروط الصلاة كما هو قول الشافعي
قوله ( جاز ) أي ولا يعد الغسل فاصلا لأنه من أعمال الصلاة ولكن الأولى إعادتها كما لو تطوع بعدها أو أفسد الجمعة أو فسدت بتذكر فائتة فيها كما في البحر
قوله ( فإن طال ) الظاهر أنه يرجع في الطول إلى نظر المبتلى ط
قوله ( لكن سيجيء الخ ) استدراك على لزوم إعادة الخطبة يعني قد لا تلزم الإعادة بأن يستنيب شخصا قبل أن يرجع لبيته
قوله ( وأقلها ثلاثة رجال ) أطلق فيهم فشمل العبيد والمسافرين والمرضى والأميين والخرسى لصلاحيتهم للإمامة في الجمعة أما لكل أحد أو لمن هو مثلهم في الأمي والأخرس فصلحا أن يقتديا بمن فوقهما واحترز بالرجال عن النساء والصبيان فإن الجمعة لا تصح بهم وحدهم لعدم صلاحيتهم للإمامة فيها بحال
بحر عن المحيط
قوله ( ولو غير الثلاثة الذين حضروا الخطبة ) أي على رواية اشتراط حضور ثلاثة في الخطبة أما على رواية عدم الاشتراط أصلا أو أنه يكفي حضور واحد فأظهر
قوله ( سوى الإمام ) هذا عند أبي حنيفة ورجح الشارحون دليله واختاره المحبوبي والنسفي كذا في تصحيح الشيخ قاسم
قوله ( بنص فاسعوا ) لأن طلب الحضور إلى الذكر متعلقا بلفظ الجمع وهو الواو يستلزم ذاكرا فلزم أن يكون مع الإمام جمع وتمامه في شرح المنية
قوله ( فإن نفروا ) أي بعد شروعهم معه
نهر
والمقصود من هذا التفريع بيان أن هذا الشرط وهو الجماعة لا يلزم بقاؤه إلى آخر الصلاة خلافا لزفر لأنه شرط انعقاد لا شرط دوام كالخطبة أي شرط انعقاد التحريمة عندهما وشرط انعقاد الأداء عند أبي حنيفة ولا يتحقق الأداء إلا بوجود تمام الأركان وهي القيام والقراءة والركوع والسجود فلو نفروا بعد التحريمة قبل السجود فسدت الجمعة ويستقبل الظهر عنده وعندهما يتم الجمعة وتمامه في البحر وغيره
قوله ( ولذا ) أي لكون المراد الرجال أتى بالتاء فأفاد أنه لو بقي ثلاثة من النساء أو الصبيان ولو كان معهم رجل أو رجلان لا يعتبر فلو قال فإن نفر واحد منهم لكان أولى
أفاده في البحر
بقي أن يقال إن المعدود إذا حذف يجوز تذكير العدد وتأنيثه فلا دلالة على اشتراط الذكورية من لفظ ثلاثة ولو سلم فإنما تدل التاء على مطلق الذكورية لا بقيد الرجولية ط
فالأظهر والأخصر أن يقول وإن بقوا ليعود ضميره على ما عاد عليه ضمير نفروا الأول وهو ثلاثة رجال
قوله ( أو عادوا ) وكذا لو وقفوا إلى أن ركع فأحرموا وأدركوه فيه كما في البحر
قوله ( وأدركوه راكعا ) تقييد حسن موافق لما في الخلاصة خلافا لما يوهمه ظاهر البحر كما في النهر
قوله ( أو نفروا الخ ) يغني عنه قوله أولا ولو غير الثلاثة الخ ط
قوله ( وأتمها جمعة ) أي ولو وحده فيما إذا لم يعودوا ولم يأت غيرهم
قوله ( الإذن العام ) أي أن يأذن للناس إذنا عاما بأن لا يمنع أحدا ممن تصح منه الجمعة عن دخول الموضع الذي تصلي فيه وهذا مراد من فسر الإذن العام بالاشتهار وكذا في البرجندي إسماعيل وإنما كان هذا شرطا لأن الله تعالى شرع النداء لصلاة الجمعة بقوله { فاسعوا إلى ذكر الله } الجمعة 9 والنداء للاشتهار وكذا تسمى جمعة لاجتماع الجماعات فيها فاقتضى أن تكون الجماعات كلها مأذونين بالحضور تحقيقا لمعنى الاسم
بدائع
____________________
(2/151)
واعلم أن هذا الشرط لم يذكر في ظاهر الرواية ولذا لم يذكره في الهداية بل هو مذكور في النوادر ومشى عليه في الكنز و الوقاية و النقاية و الملتقى وكثير من المعتبرات
قوله ( من الإمام ) قيد به بالنظر إلى المثال الآتي وإلا فالمراد الإذن من مقيمها لما في البرجندي من أنه لو أغلق جماعة باب الجامع وصلوا فيه الجمعة لا تجوز
إسماعيل
قوله ( وهو يحصل الخ ) أشار به إلى أنه لا يشترط صريح الإذن ط
قوله ( للواردين ) أي من المكلفين بها فلا يضر منع نحو النساء لخوف الفتنة ط
قوله ( لأن الإذن العام مقرر لأهله ) أي لأهل القلعة لأنها في معنى الحصن والأحسن عود الضمير إلى المصر المفهوم من المقام لأنه لا يكفي الإذن لأهل الحصن فقط بل الشرط الإذن للجماعات كلها كما مر عن البدائع
قوله ( وغلقه لمنع العدو الخ ) أي أن الإذن هنا موجود قبل غلق الباب لكل من أراد الصلاة والذي يضر إنما هو منع المصلين لا منع العدو
قوله ( لكان أحسن ) لأنه أبعد عن الشبهة لأن الظاهر اشتراط الإذن وقت الصلاة لا قبلها لأن النداء للاشتهار كما مر وهم يغلقون الباب وقت النداء أو قبيله فمن سمع النداء وأراد الذهاب إليها لا يمكنه الدخول فالمنع حال الصلاة متحقق ولذا استظهر الشيخ إسماعيل عدم الصحة
ثم رأيت مثله في نهج الحياة معزيا إلى رسالة العلامة عبد البر بن الشحنة والله أعلم
قوله ( وهذا أولى مما في البحر والمنح ) ما في البحر و المنح هو ما فرعه في المتن بقوله فلو دخل أمير حصنا أي أنه أولى من الجزم بعدم الانعقاد
قوله ( أو قصره ) كذا في الزيلعي والدرر وغيرهما وذكر الواني في حاشية الدرر أن المناسب للسياق أو مصره بالميم بدل القاف
قلت ولا يخفى بعده عن السياق
وفي الكافي التعبير بالدار حيث قال والإذن العام وهو أن تفتح أبواب الجامع ويؤذن للناس حتى لو اجتمعت جماعة في الجامع وأغلقوا الأبواب وجمعوا لم يجز وكذا السلطان إذا أراد أن يصلي بحشمة في داره فإن فتح بابها وأذن للناس إذنا عاما جازت صلاته شهدتها العامة أو لا وإن لم يفتح أبواب الدار وأغلق الأبواب وأجلس البوابين ليمنعوا عن الدخول لم تجز لأن اشتراط السلطان للتحرز عن تفويتها على الناس وذا لا يحصل إلا بالإذن العام اه
قلت وينبغي أن يكون محل النزاع ما إذا كانت لا تقام إلا في محل واحد أما لو تعددت فلا لأنه لا يتحقق التفويت كما أفاده التعليل
تأمل
قوله ( لم تنعقد ) يحمل على ما إذا منع الناس فلا يضر إغلاقه لمنع عدو أو لعادة كما مر ط
قلت ويؤيده قول الكافي وأجلس البوابين الخ فتأمل
قوله ( وأذن للناس الخ ) مفاده اشتراط علمهم بذلك
وفي منح الغفار ) وكذا أي لا يصح لو جمع في قصره لحشمه ولم يغلق الباب ولم يمنع أحدا
إلا أنه لم يعلم الناس بذلك اه
قوله ( وكره ) لأنه لم يقض حق المسجد الجامع
زيلعي و درر
قوله ( فالإمام الخ ) ذكره في المجتبى
____________________
(2/152)
مطلب في شروط وجوب الجمعة قوله ( تختص بها ) إنما لأن المذكور في المتن أحد عشر لكن العقل والبلوغ منها ليسا خاصين كما نبه عليه الشارح اه ح
قوله ( إقامة ) خرج به المسافر وقوله بمصر أخرج الإقامة في غيره إلا ما استثنى بقوله فإن كان يسمع النداء ح
قوله ( يسمع النداء ) أي من المنابر بأعلى صوت كما في القهستاني
قوله ( وقدمنا الخ ) فيه أن ما مر عن الولوالجية في حد الفناء الذي تصح إقامة الجمعة فيه والكلام هنا في حد المكان الذي من كان فيه يلزمه الحضور إلى المصر ليصليها فيه نعم في التاترخانية عن الذخيرة أن من بينه وبين المصر فرسخ يلزمه حضور الجمعة وهو المختار للفتوى
قوله ( ورجح في البحر الخ ) هو ما استحسنه في البدائع وصحح في مواهب الرحمن قول أبي يوسف بوجوبها على من كان داخل حد الإقامة أي الذي من فارقه يصير مسافرا وإذا وصل إليه يصير مقيما وعلله في شرحه المسمى بالبرهان بأن وجوبها مختص بأهل المصر والخارج عن هذا الحد ليس أهله اه
قلت وهو ظاهر المتون
وفي المعراج أنه أصح ما قيل
وفي الخانية المقيم في موضع من أطراف المصر إن كان بينه وبين عمران المصر فرجة من مزارع لا جمعة عليه وإن بلغه النداء وتقدير البعد بغلوة أو ميل ليس بشيء هكذا رواه أبو جعفر عن الإمامين وهو اختيار الحلواني
وفي التاترخانية ثم ظاهر رواية أصحابنا لا تجب إلا على من يسكن المصر أو ما يتصل به فلا تجب على أهل السواد ولو قريبا وهذا أصح ما قيل فيه اه
وبه جزم في التجنيس
قال في الإمداد تنبيه قد علمت بنص الحديث والأثر والروايات عن أئمتنا الثلاثة واختيار المحققين من أهل الترجيح أنه لا عبرة ببلوغ النداء ولا بالغلوة والأميال فلا عليك من مخالفة غيره وإن صح اه
أقول وينبغي تقييد ما في الخانية و التاترخانية بما إذا لم يكن في فناء المصر لما مر أنها تصح إقامتها في الفناء ولو منفصلا بمزارع فإذا صحت في الفناء لأنه ملحق بالمصر يجب على من كان فيه أن يصليها لأنه من أهل المصر كما يعلم من تعلي البرهان والله الموفق
قوله ( وصحة ) قال النهر فلا تجب على مريض ساء مزاجه وأمكن في الأغلب علاجه فخرج المقعد والأعمى ولذا عطفهما عليه فلا تكرار في كلامه كما توهمه في البحر اه
فلو وجد المريض ما يركبه ففي القنية هو كالأعمى على الخلاف إذا وجد قائدا وقيل لا يجب عليه اتفاقا كالمقعد وقيل هو كالقادر على الشيء فتجب في قولهم وتعقبه السروجي بأنه ينبغي تصحيح عدمه لأن في التزامه الركوب والحضور زيادة المرض
قلت فينبغي تصحيح عدم الوجوب إن كان الأمر في حقه كذلك
حلية
قوله ( وألحق بالمريض الممرض ) أي من يعول المريض وهذا إن بقي المريض ضائعا بخروجه في الأصح
حلية وجوهرة
قوله ( والأصح الخ ) ذكره في السراج قال في البحر ولا يخفى ما فيه اه أي لوجود الرق فيهما والمراد بالمبعض من أعتق بعضه وصار يسعى كما في الخانية
____________________
(2/153)
قوله ( وأجير ) مفاده أنه ليس للمستأجر منه وهو أحد قولين وظاهر المتون يشهد له كما في البحر
قوله ( بحسابه لو بعيدا ) فإن كان قدر ربع النهار حط عنه ربع الأجرة وليس للأجير أن يطالبه من الربع المحطوط بمقدار اشتغاله بالصلاة
تاترخانية
قوله ( ولو أذن له مولاه ) أي بالصلاة وليس المراد المأذون بالتجارة فإنه لا يجب عليه اتفاقا كما يعلم من عبارة البحر ح قوله ( ورجح في البحر التخيير ) أي بأنه جزم به في الظهيرية وبأنه أليق بالقواعد اه
قلت ويؤيده أنه في الجوهرة أعاد المسألة في الباب الآتي وجزم بعدم وجوبها عليه حيث ذكر أن من لا تجب عليه الجمعة لا تجب عليه العيد إلا المملوك فإنها تجب عليه إذا أذن له مولاه لا الجمعة لأن لها بدلا يقوم مقامها في حقه وهو الظهر بخلاف العيد ثم قال وينبغي أن لا تجب عليه كالجمعة لأن منافعه لا تصير مملوكة له بالإذن فحاله بعده كحاله قبله ألا ترى أنه لو حج بالإذن لا تسقط عنه حجة الإسلام اه
ولا يخفى أنه إذا لم تجب عليه يخير لأنه فرع عدم الوجوب
وفي البحر أيضا وهل يحل له الخروج إليها أو إلى العيدين بلا إذن مولاه ففي التجنيس إن علم رضاه أو رآه فسكت حل وكذا إذا كان يمسك دابة المولى عند الجامع ولا يخل بحقه في الإمساك له ذلك في الأصح
قوله ( محققة ) ذكره في النهر بحثا لإخراج الخنثى المشكل ونقله الشيخ إسماعيل عن البرجندي قيل معاملته بالأضر تقتضي وجوبها عليه
أقول فيه نظر بل تقتضي عدم خروجه إلى مجامع الرجال ولذا لا تجب على المرأة فافهم
قوله ( وليسا خاصين ) أي بالجمعة بل هما شرطا التكليف بالعبادات كلها كالإسلام على أن الجنون يخرج بقيد الصحة لأنه مرض بل قال الشاعر وأصعب أمراض النفوس جنونها قوله ( فتجب على الأعور ) وكذا ضعيف البصر فيما يظهر أما الأعمى فلا وإن قدر على قائد متبرع أو بأخرة وعندهما إن قدر على ذلك تجب وتوقف في البحر فيما لو أقيمت وهو حاضر في المسجد
وأجاب بعض العلماء بأنه إن كان متطهرا فالظاهر الوجوب لأن العلة الحرج وهو منتف
وأقول بل يظهر لي وجوبها على بعض العميان الذي يمشي في الأسواق ويعرف الطرق بلا قائد ولا كلفة ويعرف أي مسجد أراده بلا سؤال أحد لأنه حينئذ كالمريض القادر على الخروج بنفسه بل ربما تلحقه مشقة أكثر من هذا
تأمل
قوله ( وقدرته على المشي ) فلا تجب على المقعد وإن وجد حاملا اتفاقا
خانية
لأنه غير قادر على السعي أصلا فلا يجري فيه الخلاف في الأعمى كما نبه عليه القهستاني
قوله ( أحدهما ) أي أحد الرجلين ح
والمناسب إحداهما
قوله ( لكن الخ ) أجاب السيد أبو السعود بحمل ما في البحر على العرج الغير المانع من المشي وما هنا على المانع منه
قوله ( وعدم حبس ) ينبغي تقييده بكونه مظلوما كمديون معسر فلو موسرا قادرا على الأداء حالا وجبت
قوله ( وعدم خوف ) أي من سلطان أو لص
منح
قال في الإمداد ويلحق به المفلس إذا خاف الحبس كما جاز له التيمم به
قوله ( ووحل وثلج ) أي شديدين
قوله ( ونحوهما ) أي كبرد شديد كما قدمناه في باب الإمامة
قوله ( أي هذه الشروط )
____________________
(2/154)
أي شروط الافتراض
قوله ( إن اختار العزيمة ) أي صلاة الجمعة لأنه رخص له في تركها إلى الظهر فصارت الظهر في حقه رخصة والجمعة عزيمة كالفطر للمسافر هو رخصة له والصوم عزيمة في حقه لأنه أشق فافهم
قوله ( بالغ عاقل ) تفسير للمكلف وخرج به الصبي فإنها تقع منه نفلا والمجنون فإنه لا صلاة له أصلا
بحر عن البدائع
قوله ( لئلا يعود على موضوعه بالنقض ) يعني لو لم نقل بوقوعها فرضا بل ألزمناه بصلاة الظهر لعاد على موضوعه بالنقض وذلك لأن صلاة الظهر في حقه رخصة فإذا أتى بالعزيمة وتحمل المشقة صح ولو ألزمناه بالظهر بعدها لحملناه مشقة ونقضنا الموضوع في حقه وهو التسهيل اه ح
قلت فالمراد بالموضوع الأصل الذي بني عليه سقوط الجمعة هنا وهو التسهيل والترخيص الذي استدعاه العذر ومنه النظر للمولى في جانب العبد
قال في البحر لأنا لو لم نجوزها وقد تعطلت منافعه على المولى لوجب عليه الظهر فتتعطل عليه منافعه ثانيا فينقلب النظر ضررا
قوله ( وفي البحر الخ ) أخذه في البحر من ظاهر قولهم إن الظهر لهم رخصة فدل على أن الجمعة عزيمة وهي أفضل إلا للمرأة لأن صلاتها في بيتها أفضل وأقره في النهر
ومقتضى التعليل أنه لو كان بيتها لصيق جدار المسجد بلا مانع من صحة الاقتداء تكون أفضل لها أيضا
قوله ( من صلح لغيرها ) أي لإمامة غير الجمعة فهو على تقدير مضاف والمراد الإمامة للرجال فخرج الصبي لأنه مسلوب الأهلية والمرأة لأنها لا تصلح إماما للرجال
قوله ( وتنعقد بهم ) أشار به إلى خلاف الشافعي رحمه الله حيث قال بصحة إمامتهم وعدم الاعتداد بهم في العدد الذي تنعقد بهم الجمعة وذلك لأنهم لما صلحوا للإمامة فلأن يصلحوا للاقتداء أولى
عناية
قوله ( وحرم الخ ) عدل عن قول القدوري و الكنز وكره لقول ابن الهمام لا بد من كون المراد حرم لأنه ترك الفرض القطعي باتفاقهم الذي هو آكد من الظهر غير أن الظهر تقع صحيحة وإن كان مأمورا بالإعراض عنها
وأجاب في البحر بأن الحرام هو ترك السعي المفوت لها أما صلاة الظهر قبلها فغير مفوتة للجمعة حتى تكون حراما فإن سعيه بعدها للجمعة فرض كما صرحوا به وإنما تكره الظهر قبلها لأنها قد تكون سببا للتفويت باعتماده عليها وهم إنما حكموا بالكراهة على صلاة الظهر لا على ترك الجمعة اه ملخصا واستحسنه في النهر
قوله ( لمن لا عذر له ) أما المعذور فيستحب له تأخيرها إلى فراغ الإمام كما يأتي
قوله ( فلا يكره ) بل هو فرض عليه لفوات الجمعة
قال في البحر فنفس الصلاة غير مكروهة وتفويت الجمعة حرام وهو مؤيد لما قلنا اه يعني أن الكراهة ليست لذات الصلاة بل لخارج عنها وهو كونها سببا لتفويت الجمعة بدليل أنه لو صلاها بعد فوت الجمعة لم يكره فعلها بعدها بل يجب
وقد يقال مراد الغاية عدم الكراهة عند الاشتباه في صحة الجمعة فيكون المراد فعلها بعد صلاته للجمعة لا بعد فوتها تأمل
قوله ( في يومها ) متعلق بمحذوف حال من الظهر أي الظهر الواقع في يومها احترازا عن ظهر سابق على يومها فإنه لو قضاه قبلها لم يكره بل يجب على ذي ترتيب فافهم
قوله ( بمصر ) أما لو كان في قرية فلا يكره لعدم صحة الجمعة فيها
قوله ( لكونه سببا ) قد علمت ما فيه من بحث صاحب البحر ح
قوله ( وهو ) أي التفويت
قوله ( اتباعا للآية ) أي لأن السعي مقتض للهرولة مع أن المطلوب المشي إليها بالسكينة والوقار اه ح
وكأنه اختير التعبير به في الآية للحث على الذهاب إليها والله أعلم
والأولى أن يقول عبر به لأنه لو كان في المسجد
____________________
(2/155)
الخ كما فعل في البحر والنهر أو يقول ولأنه بالعطف على اتباعا
قوله ( لم يبطل إلا بالشروع ) ينبغي تقييده بما إذا كان صلى في مجلسه أما لو قام منه وسعى إلى مكان آخر على عزم صلاة الجمعة مع الإمام يبطل بمجرد سعيه
تأمل
قوله ( لأنه لو خرج لحاجة الخ ) ولو شرك فيها فالعبرة للأغلب كما يفاد من البحر ط وفيه أن ما ذكره في البحر بالنظر إلى الثواب وهل يتأتى ذلك هنا محل تأمل والظاهر الاكتفاء بذلك ولو كان الأغلب الحاجة لتحقق السعي إليها وإن كان لا ثواب له تأمل
قوله ( أو مع فراغ الإمام ) ومثله بالأولى ما في الفتح لو كان بعد فراغه منها لأنه في الصورتين لا يكون سعيه إليها ولكن هذا مسلم لو كان عالما بذلك وإلا فلا فالمناسب إخراج هذه المسائل بقوله بعده والإمام فيها تأمل
قوله ( أو لم يقمها أصلا ) أي لعذر أو غيره وكذا لو توجه إليها والإمام والناس فيها إلا أنهم خرجوا منها قبل إتمامها لنائبة فالصحيح أنه لا يبطل ظهره
بحر عن السراج
قوله ( فالبطلان به ) أي بطلان الظهر بالسعي إلى الجمعة
قوله ( مقيد بإمكان إدراكها ) كذا في البحر وأيده في النهر بما يأتي عن السراج وهو غير صحيح كما تعرفه
قوله ( فالأصح أنه لا يبطل
سراج ) تبع في هذا صاحب النهر والصواب إسقاط لا قال في البحر وأطلق أي في البطلان فشمل ما إذا لم يدركها لبعد المسافة مع كون الإمام فيها وقت الخروج أو لم يكن شرع وهو قول البلخيين
قال في السراج وهو الصحيح لأنه توجه إليها وهي لم تفت بعد حتى لو كان بيته قريبا من المسجد وسمع الجماعة في الركعة الثانية فتوجه بعد ما صلى الظهر في منزله بطل الظهر على الأصح أيضا لما ذكرنا اه
قلت ومثله في شروح الهداية كالنهاية و الكفاية و المعراج و الفتح
قوله ( بطل ظهره ) أي وصف الفرضية وصار نفلا بناء على أن بطلان الوصف لا يوجب بطلان الأصل عندهما خلافا لمحمد
قوله ( ولا ظهر من اقتدى به الخ ) لأن بطلانه في حق الإمام بعد الفراغ فلا يضر المأموم
بحر عن المحيط أي فلا يقال الأصل أن صلاة المأموم تفسد بفساد صلاة الإمام لأنه بعد الفراغ من الصلاة لم يبق مأموما وله نظائر قدمناها في باب الإمامة
منها ما لو ارتد الإمام والعياذ بالله تعالى ثم أسلم في الوقت يلزمه الإعادة دون القوم
ومنها ما لو سلم القوم قبل الإمام بعد قعوده قدر التشهد ثم عرض له واحدة من المسائل الاثني عشرية أو سجد هو للسهو ولم يسجدوا معه ثم عرض له ذلك تبطل صلاته وحده فافهم
قوله ( أدركها أو لا ) أي ولو كان عدم إدراكه لها لبعد المسافة لما علمت من أن التقييد بإمكان إدراكها خلاف الصحيح فافهم
ثم إذا لم يدركها أو بدا له الرجوع فرجع لزمه إعادة الظهر كما في شرح المنية
قوله ( بلا فرق بين معذور وغيره ) قال في الجوهرة والعبد والمريض والمسافر وغيرهم سواء في الانتفاض بالسعي اه
وعزاه في البحر إلى غاية البيان و السراج ثم استشكله بأن المعذور ليس بمأمور بالسعي إليها مطلقا فينبغي أن لا يبطل ظهره بالسعي ولا بالشروع في الجمعة لأن الفرض سقط عنه ولم يكن مأمورا بنقضه فتكون الجمعة نفلا كما قال به زفر والشافعي
قال وظاهر ما في المحيط أن ظهره إنما يبطل بحضوره الجمعة لا بمجرد سعيه كما في غير المعذور وهو أخف إشكالا اه
____________________
(2/156)
قلت ويجاب عنه بما في الزيلعي والفتح أنه إنما رخص له تركها للعذر وبالالتزام التحق بالصحيح
قوله ( على المذهب ) عبارة شرح المنية هو الصحيح من المذهب ثم قال خلافا لزفر هو يقول إن فرضه الظهر وقد أداه في وقته فلا يبطل بغيره ولنا أن المعذور إنما فارق غيره في الترخص بترك السعي فإذا لم يترخص التحق بغيره اه
قوله ( لمعذور ) وكذا غيره بالأولى
نهر
قوله ( ومسجون ) صرح به كالكنز وغيره مع دخوله في المعذور لرد ما قيل إنها تلزمه لأنه إن كان ظالما قدر على إرضاء خصمه وإلا أمكنه الاستغاثة اه
قال الخير الرملي وفي زماننا لا مغيث للمظلوم والغلبة للظالمين فمن عارضهم بحق أهلكوه
قوله ( تحريما ) ذكر في البحر أنه ظاهر كلامهم
قلت بل صرح به القهستاني
قوله ( أداء ظهر بجماعة ) مفهومه أن القضاء بالجماعة غير مكروه وفي البحر وقيد بالظهر لأن في غيرها لا بأس أن يصلوا جماعة اه
قوله ( في مصر ) بخلاف القرى لأنه لا جمعة عليهم فكان هذا اليوم في حقهم كغيره من الأيام
شرح المنية وفي المعراج عن المجتبى من لا تجب عليهم الجمعة لبعد الموضع صلوا الظهر بجماعة
قوله ( لتقليل الجماعة ) لأن المعذور قد يقتدى به غيره فيؤدي إلى تركها
بحر
وكذا إذا علم أنه يصلي بعدها بجماعة ربما يتركها ليصلي معه فافهم
قوله ( وصورة المعارضة ) لأن شعار المسلمين في هذا اليوم صلاة الجمعة وقصد المعارضة لهم يؤدي إلى أمر عظيم فكان في صورتها كراهة التحريم
رحمتي
قوله ( تغلق ) لئلا تجتمع فيها جماعة
بحر عن السراج
قوله ( إلا الجامع ) أي الذي تقام فيه الجمعة فإن فتحه في وقت الظهر ضروري والظاهر أنه يغلق أيضا بعد إقامة الجمعة لئلا يجتمع فيه أحد بعدها إلا أن يقال إن العادة الجارية هي اجتماع الناس في أول الوقت فيغلق ما سواه مما لا تقام فيه الجمعة ليضطروا إلى المجيء إليه وعلى هذا فيغلق غيره إلى الفراغ منها لكن لا داعي إلى فتحه بعدها فيبقى مغلوقا إلى وقت العصر ثم كل هذا مبالغة في المنع عن صلاة غير الجمعة وإظهارا لتأكدها
قوله ( وكذا أهل مصر الخ ) الظاهر أن الكراهة هنا تنزيهية لعدم التقليل والمعارضة المذكورين ويؤيده ما في القهستاني عن المضمرات يصلون وحدانا استحبابا
قوله ( بغير أذان ولا إقامة ) قال في الولوالجية ولا يصلي يوم الجمعة جماعة بمصر ولا يؤذن ولا يقيم في سجن وغيره لصلاة الظهر اه
قال في النهر وهذا أولى مما في السراج معزيا إلى جمع التفاريق من أن الأذان والإقامة غير مكروهين
قوله ( ويستحب للمريض ) عبارة القهستاني المعذور وهي أعم
قوله ( وكره ) ظاهر قوله يستحب أن الكراهة تنزيهية
نهر
وعليه فما في شرح الدرر للشيخ إسماعيل عن المحيط من عدم الكراهة اتفاقا محمول على نفي التحريمية
قوله ( ومن أدركها ) أي الجمعة
قوله ( أو سجود سهو ) ولو في تشهده ط
قوله ( على القول به فيها ) أي على القول بفعله في الجمعة
والمختار عند المتأخرين أن لا يسجد للسهو في الجمعة والعيدين لتوهم الزيادة من الجهال كذا في السراج وغيره
بحر
وليس المراد عدم جوازه بل الأولى تركه كيلا يقع الناس في فتنة
أبو السعود عن العزمية ومثله في الإيضاح لابن كمال
قوله ( يتمها جمعة ) وهو مخير في القراءة إن شاء جهر وإن شاء خافت
بحر
قوله ( خلافا لمحمد ) حيث قال إن أدرك معه ركوع الركعة الثانية بنى عليها الجمعة وإن أدرك فيما بعد ذلك بنى عليها الظهر لأنه جمعة من وجه وظهر من وجه لفوات بعض الشرائط في حقه فيصلي أربعا اعتبارا للظهر ويقعد لا محالة
____________________
(2/157)
على رأس الركعتين اعتبارا للجمعة ويقرأ في الأخريين لاحتمال النفلية
ولهما أنه مدرك للجمعة في هذه الحالة حتى تشترط له نية الجمعة وهي ركعتان ولا وجه لما ذكر لأنهما مختلفان لا يبنى أحدهما على تحريمة الآخر كذا في الهداية
قوله ( لكن في السراج الخ ) أقول ما في السراج ذكره في عيد الظهيرية عن بعض المشايخ ثم ذكر عن بعضهم أنه يصير مدركا بلا خلاف وقال وهو الصحيح
قوله ( اتفاقا ) لما علمت أنها عند محمد ليست ظهرا من كل وجه
قوله ( ثم الظاهر الخ ) ذكر في الظهيرية معزيا إلى المنتقى مسافر أدرك الإمام يوم الجمعة في التشهد يصلي أربعا بالتكبير الذي دخل فيه اه
قال في البحر وهو مخصص لما في المتون مقتض لحملها على ما إذا كانت الجمعة واجبة على المسبوق أما إذا لم تكن واجبة فإنه يتم ظهرا اه
وأجاب في النهر بأن الظاهر أن هذا مخرج على قول محمد غاية الأمر أن صاحب المنتقى جزم به لاختياره إياه والمسافر مثال لا قيد اه
قلت ويؤيده ما مر عن الهداية من أنه لا وجه عندهما لبناء الظهر على الجمعة لأنهما مختلفان على أن المسافر لما التزم الجمعة صارت واجبة عليه ولذا صحت إمامته فيها وأيضا المسافر إذا صلى الظهر قبلها ثم سعى إليها بطل ظهره وإن لم يدركها فكيف إذا أدركها لا يصليها بل يصليها ظهرا والظهر لا يبطل الظهر فالظاهر ما في النهر
ووجه تخصيص المسافر بالذكر دفع توهم أنه يصليها ظهرا مقصورة على قول محمد لأن فرض إمامه ركعتان فنبه على أن يتمها أربعا عنده لأن جمعة إمامه قائمة مقام الظهر والله أعلم
قوله ( إن كان ) ذكره باعتبار المكان ط
قوله ( إذا خرج الإمام الخ ) هذا لفظ حديث ذكره في الهداية مرفوعا
لكن في الفتح أن رفعه غريب والمعروف كونه من كلام الزهري
وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن علي وابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم كانوا يكرهون الصلاة والكلام بعد خروج الإمام
والحاصل أن قول الصحابي حجة يجب تقليده عندنا إذا لم ينفه شيء آخر من السنة اه
قوله ( فلا صلاة ) شمل السنة وتحية المسجد
بحر
قال محشيه الرملي فلا صلاة جائزة وتقدم في شرح قوله ومنع عن الصلاة وسجدة التلاوة الخ أن صلاة النفل صحيحه مكروهة حتى يجب قضاؤها إذا قطعه ويجب قطعه وقضاؤه في غير وقت مكروه في ظاهر الرواية ولو أتمه خرج عن عهدة ما لزمه بالشروع فالمراد الحرمة لا عدم الانعقاد
قوله ( ولا كلام ) أي من جنس كلام الناس أما التسبيح ونحوه فلا يكره وهو الأصح كما في النهاية و العناية
وذكر الزيلعي أن الأحوط الإنصات
ومحل الخلاف قبل الشروع أما بعده فالكلام مكروه تحريما بأقسامه كما في البدائع
بحر و نهر
وقال البقالي في مختصره وإذا شرع في الدعاء لا يجوز للقوم رفع اليدين ولا تأمين باللسان جهرا فإن فعلوا ذلك أثموا وقيل أساؤوا ولا إثم عليهم والصحيح هو الأول وعليه الفتوى وكذلك إذا ذكر النبي لا يجوز أن يصلوا عليه بالجهر بل بالقلب وعليه الفتوى
رملي
قوله ( إلى تمامها ) أي الخطبة لكن قال في الدرر لم يقل إلى تمام الخطبة كما قال في الهداية لما صرح به في المحيط وغاية البيان أنهما يكرهان من حين يخرج الإمام إلى أن يفرغ من الصلاة
قوله ( في الأصح ) وقيل يجوز الكلام حال ذكرهم ط
قوله ( فإنهم لا تكره ) بل يجب فعلها
قوله ( وإلا لا ) أي وإن سقط الترتيب
____________________
(2/158)
تكره
قوله ( في الأصح ) عزاه في البحر إلى الولوالجية و المبتغى ولم يذكر مسألة النفل في الشرنبلالية عن الصغرى وعليه الفتوى
قال في البحر وما في الفتح من أنه لو خرج وهو في السنة يقطع على رأس ركعتين ضعيف وعزاه قاضيخان إلى النوادر اه
قلت وقدمنا في باب إدراك الفريضة ترجيح ما في الفتح أيضا وأن هذا كله حيث لم يقم إلى الثالثة وإلا فإن قيدها بسجدة أثم وإلا فقيل يتم وقيل يقعد ويسلم
قال في الخانية وهذا أشبه لكن رجح في شرح المنية الأول وتمامه هناك فراجعه
قوله ( ويخفف القراءة ) بأن يقتصر على الواجب ط
قوله ( ولو تسبيحا ) أي ولو كان الكلام تسبيحا
وفي ذكره في ضمن التفريع على ما في المتن نظر لأنه لا يحرم في الصلاة
تأمل
قوله ( أو أمر بمعروف ) إلا إذا كان من الخطيب كما قدمه الشارح
قوله ( بل يجب عليه أن يستمع ) ظاهره أنه يكره الاشتغال بما يفوت السماع وإن لم يكن كلاما وبه صرح القهستاني حيث قال إذ الاستماع فرض كما في المحيط أو واجب كما صلاة المسعودية أو سنة وفي إشعار بأن النوم عند الخطبة مكروه إلا إذا غلب عليه كما في الزاهدي اه ط
قال الحلية قلت وعن النبي قال إذا نعس أحدكم يوم الجمعة فليتحول من مجلسه أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح
قوله ( في الأصح ) وقيل لا بأس بالكلام إذا بعد
ح عن القهستاني
قوله ( ولا يرد ) أي على قوله ولا كلام
قوله ( من خيف هلاكه ) الأولى ضرره
قال في البحر لو رأى رجلا عند بئر فخاف وقوعه فيها أو رأى عقربا يدب إلى إنسان فإنه يجوز له أن يحذره وقت الخطبة اه
قلت وهذا حيث تعين الكلام إذ لو أمكن بغمز أو لكز لم يجز الكلام
تأمل
قوله ( وكان أبو يوسف ) هذا مبني على خلاف الأصح المتقدم
قال في الفيض ولو كان بعيدا لا يسمع الخطبة ففي حرمة الكلام خلاف وكذا في قراءة القرآن والنظر في الكتب
وعن أبي يوسف أنه كان ينظر في كتابه ويصححه بالقلم والأحوط السكوت وبه يفتى اه
قوله ( في نفسه ) أي بأن يسمع نفسه أو يصحح الحروف فإنهم فسروه به
وعن أبي يوسف قلبا ائتمارا لأمري الإنصات والصلاة عليه كما في الكرماني قهستاني
قبيل باب الإمامة
واقتصر في الجوهرة على الأخير حيث قال ولم ينطق به لأنها تدرك في غير هذا الحال والسماع يفوت
قوله ( ولا رد سلام ) وعن أبي يوسف لا يكره الرد لأنه فرض
قلنا ذاك إذا كان السلام مأذونا فيه شرعا وليس كذلك في حالة الخطبة بل يرتكب بسلامه مأثما لأنه به يشغل خاطر السامع عن الفرض ولأن رد السلام يمكن تحصيله في كل وقت بخلاف سماع الخطبة
فتح
قوله ( وختم ) أي ختم القرآن كقولهم الحمد لله رب العالمين حمد الصابرين الخ وأما إهداء الثواب من القارىء كقوله اللهم اجعل ثواب ما قرأناه لا يجب على الظاهر لأنه من الدعاء ط
قوله ( وقالا الخ ) حاصله ما في الجوهرة أن عنده خروج الإمام
____________________
(2/159)
يقطع الصلاة والكلام
وعندهما خروجه يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام
قوله ( عند الثاني ) راجع إلى قوله وإذا جلس ط
قوله ( وعلى هذا ) أي على قوله والخلاف
مطلب في حكم المرقي بين يدي الخطيب قوله ( فالترقية المتعارفة الخ ) أي من قراءة آية { إن الله وملائكته } الأحزاب 56 والحديث المتفق عليه إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت
أقول وذكر العلامة ابن حجر في التحفة أن ذلك بدعة لأنه حدث بعد الصدر الأول قيل لكنها حسنة لحث الآية على ما يندب لكل أحد من إكثار الصلاة والسلام على رسول الله لا سيما في هذا اليوم وكحث الخبر على تأكد الإنصات المفوت تركه لفضل الجمعة بل والموقع في الإثم عند الأكثرين من العلماء
وأقول يستدل لذلك أيضا بأنه أمر من يستنصت له الناس عند إرادته خطبة منى في حجة الوداع فقياسه أنه يندب للخطيب أمر غيره بالاستنصات وهذا هو شأن المرقي فلم يدخل ذكره للخبر في حيز البدعة أصلا اه
وذكر نحوه الخير الرملي عن الرملي الشافعي وأقره عليه وقال إنه لا ينبغي القول بحرمة قراءة الحديث على الوجه المتعارف لتوافر الأمة وتظاهرهم عليه اه
ونقل ح نحوه عن العلامة الشيخ محمد البرهمتوشي الحنفي
أقول كون ذلك متعارفا لا يقتضي جوازه عند الإمام القائل بحرمة الكلام ولو أمرا بمعروف أو رد سلام استدلالا بما مر ولا عبرة بالعرف الحادث إذا خالف النص لأن التعارف إنما يصلح دليلا على الحل إذا كان عاما من عهد الصحابة والمجتهدين كما صرحوا به وقياس خطبة الجمعة على خطبة منى قياس مع الفارق فإن الناس في يوم الجمعة قاعدون في المسجد ينتظرون خروج الخطيب متهيئون لسماعه بخلاف خطبة منى فليتأمل
والظاهر أن مثل ذلك يقال أيضا في تلقين المرقي الأذان للمؤذن والظاهر أن الكراهة على المؤذن دون المرقي لأن سنة الأذان الذي بين يدي الخطيب تحصل بأذان المرقي فيكون المؤذن مجيبا لأذان المرقي وإجابة الأذان حينئذ مكروهة إلا أن يقال إن أذان الأول إذا لم يكن جهرا يسمعه القوم يكون مخالفا للسنة فيكون المعتبر هو الثاني فتأمل
قوله ( من الترضي ) أي عن الصحابة عند ذكر أسمائهم
وقوله ونحوه من الدعاء للسلطان عند ذكره كل ذلك بأصوات مرتفعة كما هو معتاد في بعض البلاد كبلاد الروم ومنه ما هو معتاد عندنا أيضا من الصلاة على النبي عند صعود الخطيب مع تمطيط الحروف والتنغم
قوله ( اتفاقا ) هذا أظهر مما في البحر حيث قصر الكراهة على قول الإمام ط
قوله ( وتمامه في البحر ) لم يذكر في البحر بعده إلا ما أفاده بقوله والعجب ط
قوله ( إلا أن يحمل على قولهما ) لأنه يقول ذلك قبل الخطبة وهما يحملان قوله والإمام يخطب على الشروع فيها حقيقة فحينئذ لا يكون المرقي مخالفا لحديثه بقوله بعده انصتوا أما على قول الإمام من حمل قوله يخطب على الخروج للخطبة بقرينة ما روي إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام فيكون مخالفا لحديثه الذي يرويه ويكره
____________________
(2/160)
فافهم
قوله ( ووجب سعي ) لم يقل افترض مع أنه فرض للاختلاف في وقته هل هو الأذان الأول أو الثاني أو العبرة لدخول الوقت بحر
وحاصله أن السعي نفسه فرض والواجب كونه في وقت الأذان الأول وبه اندفع ما في النهر من أن الاختلاف في وقته لا يمنع القول بفرضيته كصلاة العصر فرض إجماعا مع الاختلاف في وقتها
قوله ( وترك البيع ) أراد به كل عمل ينافي السعي وخصه اتباعا للآية
نهر
قوله ( ولو مع السعي ) صرح في السراج بعدم الكراهة إذا لم يشغله
بحر وينبغي التعويل على الأول
نهر
قلت وسيذكر الشارح في آخر البيع الفاسد أنه لا بأس به لتعليل النهي بالإخلال بالسعي فإذا انتفى انتفى
قوله ( وفي المسجد ) أو على بابه
بحر
قوله ( وفي الأصح ) قال في شرح المنية واختلفوا في المراد بالأذان الأول فقيل الأول باعتبار المشروعية وهي الذي بين يدي المنبر لأنه الذي أولا في زمنه عليه الصلاة والسلام وزمن أبي بكر وعمر حتى أحدث عثمان الأذان الثاني على الزوراء حيث كثر الناس
والأصح أنه الأول باعتبار الوقت وهو الذي يكون على المنارة بعد الزوال اه
والزوراء بالمد اسم موضع في المدينة
قوله ( صحة إطلاق الحرمة ) قلت سيذكر المصنف في أول كتاب الحظر والإباحة كل مكروه حرام عند محمد وعندهما إلى الحرام أقرب اه
نعم قول محمد رواية عنهما كما سنذكره هناك إن شاء الله تعالى وأشار إلى الاعتذار عن صاحب الهداية حيث أطلق الحرمة على البيع وقت الأذان مع أنه مكروه تحريما وبه اندفع ما في غاية البيان حيث اعترض على الهداية بأن البيع جائز لكنه يكره كما صرح به في شرح الطحاوي لأن النهي لمعنى في غيره لا يعدم المشروعية
قوله ( ويؤذن ثانيا بين يديه ) أي على سبيل السنية كما يظهر من كلامهم
رملي
قوله ( أفاد الخ ) هذه الإفادة إنما تظهر إذا قرىء الفعل بالبناء للفاعل أما إذا قرىء بالبناء للمفعول وهو الظاهر فلا تظهر ط
قلت وعبارة الدرر أذن المؤذن
قوله ( ذكره القهستاني ) وذكر بعده أيضا ما نصه وإليه أشار ما في قوله ( الهداية ) وغيره أنهم يؤذنون دل عليه كلام شارحيه اه
وفيه نظر بل الذي دل عليه كلام شرح الهداية خلافه
قال في العناية ذكر المؤذنين بلفظ الجمع إخراجا للكلام مخرج العادة فإن المتوارث في أذان الجمعة اجتماع المؤذنين لتبلغ أصواتهم إلى أطراف المصر الجامع اه
ومثله في النهاية و الكفاية و معراج الدراية
قلت والعلة المذكورة إنما تظهر في الأذان الأول مع أنه في الهداية ذكر المؤذنين بلفظ الجمع في الموضعين
قوله ( المنبر ) بكسر الميم من النبر وهو الارتفاع
ومن السنة أن يخطب عليه اقتداء به صلى الله عليه وسلم
بحر
وأن يكون على يسار المحراب
قهستاني
ومنبره كان ثلاث درج غير المسماة بالمستراح
قال ابن حجر في التحفة وبحث بعضهم أن ما اعتيد الآن من النزول في الخطبة الثانية إلى درجة سفلى ثم العود بدعة قبيحة شنيعة
قوله ( فإذا أتم ) أي الإمام الخطبة
قوله ( أقيمت ) بحيث يتصل أول الإقامة بآخر الخطبة وتنتهي الإقامة بقيام الخطيب مقام الصلاة ويقرأ في الركعتين سورة الجمعة والمنافقون ولا يكره غيرهما كما في شرح الطحاوي وذكر الزاهدي أنه يقرأ فيهما سورة الأعلى والغاشية
قهستاني
وفي البحر ولكن لا يواظب على ذلك كي لا يؤدي إلى هجر
____________________
(2/161)