حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح(1/1)
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أيد الشريعة بوراثها ورفع بهم منارها وبسط مطوى أثاثها والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل مخلوق وعلى آله وصحبه القائمين بالحقوق ( أما بعد ) فهذه تقييدات لطيفة على شرح نور الإيضاح المسمى بمراقي الفلاح أسأل الله تعالى أن يمن بتمامها وحسن اختتامها جمعتها لمن هو قاصر مثلي راجيا قبولها من الله تعالى الولي العلي مأخوذة مما كتبه المرحوم عبد الرحمن أفندي خلوات ومن شرح المؤلف الكبير وشرح السيد محمد أبي السعود رحم الله تعالى الجميع وشكر منهم السعي والصنيع مع فوائد أخر من غيرها وفوائد فتح الله تعالى بها فما كان فيها من صواب فمن المنقولات ومن خطأ فمن كثير الزلات وعلى الله اعتمد في كل حال وأسأله الرضا والستر في الحال والمآل قال المؤلف { بسم الله الرحمن الرحيم } لما كان من الواجب صناعة على كل مصنف ثلاثة أشياء البسملة والحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومن الجائز أربعة مدح الفن وذكر الباعث له وتسمية الكتاب وبيان كيفيته من التبويب والتفصيل افتتح المصنف كتابه بها وقدمها على غيرها لقوة حديثها ولموافقة أسلوب القرآن قال المحققون ينبغي لكل شارع في فن أن يتكلم على البسملة بحسب ذلك الفن الذي ذكرت فيه وهذا الفن هو الفقه الذي موضوعه فعل المكلف من حيث ما يعرض له من الأحكام الخمسة وهي الوجوب والندب والإباحة والحرمة والكراهة والإتيان بالبسملة عمل يصدر من المكلف فلا بد أن يتصف بحكم فتارة يكون فرضا كما عند الذبح وإن كان لا يشترط هذا اللفظ بتمامه بل لا يسن وإنما المنقول باسم الله الله أكبر ويكفي كل ذكر خالص لله تعالى ولا يرد حل ذبيحة ناسي التسمية لأن الشرع أقام
____________________(1/2)
كونه مسلما مقام الذكر للعجز وتارة يكون واجبا على القول بأنها آية من الفاتحة وإن كان خلاف المذهب لأن الأخبار الواردة فيها مع المواظبة تفيد الوجوب وتارة يكون سنة كما في الوضوء وأول كل أمر ذي بال ومنه الأكل والجماع ونحوهما وتارة يكون مباحا كما هي بين الفاتحة والسورة على الراجح وفي ابتداء المشي والقعود مثلا لأنها إنما تطلب لما فيه شرف صونا عن اقتران اسمه تعالى بالمحقرات وتيسيرا على العباد فإن أتى بها في محقرات الأمور كلبس النعال على وجه التعظيم والتبرك فهو حسن وتارة يكون الإتيان بها حراما كما عند الزنا ووطء الحائض فيشرب الخمر وأكل مغصوب أو مسروق قبل الإستحلال أو أداء الضمان والصحيح أنه إن استحل ذلك عند فعل المعصية كفر وإلا لا وتلزمه التوبة إلا إذا كان على وجه الإستخفاف فيكفر أيضا ومما فرع على القول الضعيف ما في آخر كتاب الصيد من الدر المختار أن السارق لو ذبح الشاة المسروقة ووجدها صاحبها لا تؤكل لكفر السارق بتسميته على المحرم القطعي بلا تملك ولا إذن شرعي واعلم أن المستحل لا يكفر إلا إذا كان المحرم حراما لعينه وثبتت حرمته بدليل قطعي وإلا فلا صرح به في الدرر عن الفتاوي في آخر كتاب الخطر فينبغي أن تؤكل هذه الشاة ويؤيده قولهم تصح التضحية بشاة الغصب لكنه لا يحل له التناول والإنتفاع على المفتي به وإن ملكها قبل أداء الضمان أو رضا مالكها بأدائه أو إبرائه أو تضمين القاضي لأن الحل قضية أخرى غير الملك وتارة يكون الإتيان بها مكروها كما في أول سورة براءة دون أثنائها فيستحب وعند تعاطي الشبهات ومنه عند شرب الدخان وفي محل النجاسات فإن قيل الإبتداء بالباء ولفظ اسم ليس ابتداء باسم الله تعالى لأنهما ليسا من أسمائه تعالى أجيب عن الثاني بأن التصدير باسم الله تعالى إما أن يكون بذكر اسم خاص كلفظ الله مثلا أو بذكر اسم عام كلفظ اسم مضاف إليه تعالى فإنه يراد به جميع أسمائه تعالى لعموم الإضافة ويستفاد منه التبرك بالجميع وهو أولى وعن الأول بأن الباء من تتمة ذكره على الوجه المطلوب قال القطب عبد القادر الجيلاني الإسم الأعظم هو الله لكن بشرط أن تقول الله وليس في قلبك سواه كذا في شرح المشكاة والرحمن الرحيم صفتان مشبهتان بنيتا للمبالغة أي يفيد أنها بحسب المادة والاستعمال لا بحسب الصيغة والوضع لأن صيغ المبالغة منحصرة في الخمسة المشهورة ومنها فعيل بشرط أن يكون عاملا للنصب ورحيم هنا ليس عاملا له وبشرط أن يكون محولا عن فاعل ولذا قالوا إن كريما وظريفا ليسا منها لعدم تحويلهما واختلف في الرحمن والرحيم هل هما بمعنى واحد كندمان ونديم ذكر أحدهما بعد الآخر تأكيدا قيل نعم وقيل بينهما فرق فالرحمن أبلغ من الرحيم إما بحسب شمول الرحمن للدارين واختصاص الرحيم بالآخرة فإنه المعافي والعفو يختص بالمؤمنين في الآخرة ويؤيده حديث الرحمة المسلسل بالأولية وإما باعتبار جلائل النعم ودقائقها فالأبلغية على الأول من حيث الكم وعلى الثاني من حيث الكيف وقيل فعلان لمبالغة الفعل فيفيد جلالة الفعل وفعيل لمبالغة الفاعل فيفيد التكرار مرة بعد أخرى ففي كل منهما مبالغة ليست في الآخر ( تتمة ) ورد في الحديث ( إن الله خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض فجعل في الأرض منها واحدة ) فبها تعطف الوالدة على ولدها والوحوش والطيور بعضها على بعض وأخر تسعا
____________________
(1/3)
وتسعين فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة ) رواه أحمد وروى البخاري في كتاب التوحيد من صحيحه عن أبي هريرة فيما يرويه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل إن رحمتي سبقت غضبي وفي رواية تغلب غضبي والمراد بيان سعة الرحمة وشمولها للخلق حتى كأنها السابق والغالب كما في شرح المشكاة والمراد السبق والغلبة بإعتبار التعلق أي تعلق الرحمة غالب على تعلق الغضب لأن الرحمة مقتضى ذاته المقدسة والغضب متوقف على صدور ذنب من العبد قوله ( الحمد لله ) قال بعضهم إن الأحكام المذكورة في البسملة تقال في الحمدلة فتارة يكون الإتيان بها واجبا أي فرضا كما في خطبة الجمعة وتارة يكون مندوبا كما في خطبة النكاح ونحوها وفي إبتداء الدعاء والأمر ذي البال وبعد أكل وشرب ونحو ذلك وتارة يكون مكروها كما في الأماكن المستقذرة وتارة يكون حراما كما في حال الفرح بالمعصية وبعد أكل حرام إلا أن يقصد الحمد على حصول الغذاء من حيث هو المستلزم لقوة البدن اه وذكر في الهندية من الخطر والإباحة أن الحمدلة بعد أكل الحرام لا تحرم فينزل على هذا وقوله كما في خطبة الجمعة يعني إذا اقتصر عليها فإنها تجزىء وتقع فرضا لا أن لفظها متعين لأنه لو اقتصر على تسبيحة أو تهليلة تجزىء وتقع فرضا وتارة يكون سنة مؤكدة كما في الحمدلة بعد العطاس قوله ( شرف خلاصة عباده ) أي المختارين من عباده الذين استخلصهم لحفظ الشريعة وهم العلماء غير الأنبياء قوله ( بوراثة صفوته ) الباء للسببية والمراد بالصفوة الأنبياء والإضافة فيه وفي عباده وعباده لتشريف المضاف وقوله خير عباده بدل من صفوته وعباد جمع عابد من العبادة الأول جمع عبد والمراد بالعلماء هم أهل السنة والجماعة وهم أتباع أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) وهم على ذلك وهؤلاء هم أهل العلوم الشرعية والإلهية من أهل السنة والجماعة لأن الناس مع وجودهم آمنون من كل محنة وضلالة دينية وقال صلى الله عليه وسلم ( العلماء ورثة الأنبياء ) إن الأنبياء لا يورثون درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر صححه جماعة وفي رواية يحبهم أهل السماء وتستغفر لهم الحيتان في البحر وإنما العالم من عمل بعلمه وفي رواية أخرى أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاء وفي رواية أخرى كاد حملة القرآن أن يكونوا أنبياء إلا أنهم لا يوحى إليهم وفي رواية أخرى من حفظ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه وفي رواية أخرى علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل
قال بعضهم هذا الحديث لا أصل له ولكن معناه صحيح لما تقرر أن العلماء ورثة الأنبياء قاله ابن حجر في شرح الهمزية قوله ( وأمدهم بالعناية ) أي قواهم بالعناية أي بعنايته بهم يعني أنه اعتنى بهم أي سهل لهم أفعال الخير والبر فتيسرت لهم قوله ( فأحسنوا لذاته العبادة ) اعلم أن العبادة أعلاها أن تكون لذاته لا لطمع في جنة ولا خوف من نار حتى لو لم يكونا كان مستحقا للعبادة وهي رتبة الكاملين من العباد وهم وإن أرادوا الجنة فإنما يريدونها لكونها محل المشاهدة والزيارة لا للتلذذ بالمستلذات فإن ذلك عادة من ألفها في الدنيا وأوسطها أن يعبد للطمع في الجنة والخوف من النار وأدناها أن يعبد لتيسير أمور معاشه مثلا في دنياه فالمراد حينئذ من خلاصة العباد ليس مطلق العلماء لأن هذه
____________________
(1/4)
الرتبة لا تثبت لجميعهم بل المراد الكاملون وقوله فأحسنوا عطف على أمدهم مع إفادة التفريع والعبادة هي مطلق الطاعات وفرق شيخ الإسلام بين العبادة والطاعة والقربة فالأولى ما تتوقف على معرفة المعبود مع النية والثانية امتثال الأمر والنهي عرف الآمر والناهي أم لم يعرف والثالثة ما تتوقف على معرفة المتقرب إليه وإن لم تتوقف على نية كالعتق فأخصها العبادة وأعمها الطاعة لانفرادها في النظر الموصل إلى معرفة الله تعالى قوله ( وحفظوا شريعته ) أي من كلام المبطلين والزائغين فهي مستورة بهم لا يقدر أحد على خرق منيع حجابها وحفظوها أيضا بتقريرها والعمل بها والشريعة فعيلة بمعنى مفعولة وهي الأحكام المشروعة وهي النسب التامة المتعلقة بكيفية الأعمال
قلبية وجوارحية كثبوت الوجوب للنية في نحو الصلاة وثبوت السنية للمضمضة وثبوت الحرمة لبيع الغرر ونحو ذلك قوله ( وبلغوها عباده ) عطف مغاير فإنه لا يلزم من الحفظ التبليغ أو من عطف الخاص إن أريد بالحفظ ما يعم الحفظ بالتقرير كما مر وخصه لمزيد نفعه لقيام الأمر به وقالوا إن العالم لا يجب عليه السعي إلى الجاهل لإزالة جهله وإنما يجب على الجاهل أن يسعى ويسأل العالم فإذا سأله وجبت إجابته ووجب إرشاده قوله ( وأشهد أن لا إله إلا الله ) أي أصدق بقلبي وأقر بلساني مع الإذعان والإنقياد أنه لا إله إلا الله والإتيان بها في الخطب مطلوب لخبر أبي داود والترمذي والبيهقي وصححه مرفوعا كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء أي قليلة البركة كذا في شرح المواهب والقول الجامع المندفع عنه الموانع في معناها أنه لا معبود مستحق للعبادة إلا الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد في الواقع كما قاله العصام في الأصول قال السنوسي وإن شئت قلت لا مستغنى على العموم ولا مفتقر إليه على العموم إلا الله عز وجل قال وهذا المعنى أظهر من الأول وأقرب منه وهو أصل له إذ لا يستحق أن يعبد أي يذل له كل شيء إلا من كان مستغنيا عن كل شيء ومفتقرا إليه كل شيء فظهر أن العبارة الثانية أحسن من الأولى لأنها تستلزم اندراج جميع عقائد الإيمان تحت هذه الكلمة الشريفة وينبغي أن لا يطيل مد ألف لا جدا وأن يقطع الهمزة من إله ومن إلا وأن يشدد اللام وأن يفخم اللفظ المعظم اه وينبغي أن يظهر الهاء من لفظ الجلالة وفي شرح الجوهرة لمؤلفها اختلف
هل الأفضل للمكلف عند التلفظ بلا إله إلا الله مد ألف لا النافية يعني مدا زائدا على المد الطبيعي إذ هو لا بد منه أو القصر يعني الإقتصار على المد الطبيعي فمنهم من اختار المد ليستشعر المتلفظ بها نفي الألوهية عن كل ما سواه تعالى ومنهم من اختار القصر لئلا تخترمه المنية قبل التلفظ بذكره تعالى وفرق الفخر بين أن يكون أول كلام يعني عند دخوله في الإسلام فتقصر وإلا فتمد ومن الواجب أن يستحضر الذاكر في ذهنه عند النفي وجود الفرد المعبود الواجب الوجود وإلا فالنفي مطلقا كفر والعياذ بالله تعالى وروى مالك وغيره أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله ويتفرع عليه أنه لو حلف ليذكرن الله تعالى بأفضل الذكر يبر بها قوله ( الملك ) أخص من المالك لأنه من ملك الأشياء وتصرف بالأمر والنهي ولا يلزم في المالك أن يكون متصرفا بهما قوله ( البر ) المحسن والبار التقي والطائع قوله ( وأشهد أن سيدنا ) من ساد قومه يسودهم سيادة من باب كتب والاسم السودد بالضم وهو المجد والشرف والسيد الرئيس والكريم والمالك واختلف في أصله
____________________
(1/5)
فقيل سيود بوزن فيعل بسكون الياء وكسر العين وهو مذهب البصريين اجتمع فيه الواو والياء وسبقت أحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء لاجتماع المثلين والقاعدة أن المدغم هو الذي ينقلب ويرد من جنس المدغم فيه لكن لما كانت الياء أخف من الواو قلبت الواو ياء مطلقا وقيل بفتح العين وهو مذهب الكوفيين لأنه لا يوجد فيعل بكسر العين في الصحيح فتعين الفتح قياسا على عيطل ونحوه ثم أبدلت الفتحة كسرة لمناسبة الياء وقيل أصله سويد كأمير فاستنقلت الكسرة على الواو فحذفت فاجتمع ساكنان الواو والياء فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء كما في الصحاح والمصباح وغيرهما قال الفاسي في شرح الدلائل والأول أشهر اه قوله ( محمدا ) قيل هو في التسمية سابق على أحمد قاله ابن القيم وذهب القاضي عياض إلى أن أحمد كان قبل محمد لأن تسميته بأحمد وقعت في الكتب السابقة وتسميته بمحمد وقعت في القرآن قال ابن العربي وأسماؤه صلى الله عليه وسلم ألف كأسمائه تعالى وهي توقيفية كأسمائه تعالى على المختار ومحمد أشهر وأفضل من أحمد على الأصح كذا في حاشية الحموي على الإشباه وأحمد أفعل تفضيل محول عن الفاعل كأعلم أو عن المفعول كأشهر لكن الأول لأفعل التفضيل أكثر أفاده المنلا علي في شرح الشمائل ومن عجائب خصائصه صلى الله عليه وسلم أن حمى الله هذين الإسمين أن يسمى بأحدهما أحد قبل زمانه صلى الله عليه وسلم مع ذكرهما في الكتب القديمة والأمم السابقة ومع أنهما من الأعلام المنقولة فلم يقع ذلك لأحد قبله أصلا أما أحمد فبالإتفاق وأما محمد فعلى الأصح كما ذكره الشهاب في شرح الشفاء وقيل لما قرب زمانه ونشر أهل الكتاب نعته سمي بعض العرب أبناءهم بمحمد رجاء أن يكون أحدهم هو والله أعلم حيث يجعل رسالته وكنيته صلى الله عليه وسلم أبو القاسم لأنه أكبر أولاده وأولهم وقيل لأنه يقسم الجنة بين أهلها ويشترط لصحة الإيمان به صلى الله عليه وسلم معرفة اسمه إذ لا تتم المعرفة إلا به وكونه بشرا من العرب وكونه خاتم النبيين اتفاقا لورود ذلك بالقواطع المتواترة ولا يشترط معرفة اسم أبيه عندنا كما قاله العلامة زين في كتاب السير من الإشباه وتبعه الحموي واشترط ذلك جمع من المحدثين كما في اتحاف الموالي شرح بدء الأمالي ( تنبيه ) لا يشترط عندنا في إسلام الكافر لفظ الشهادتين ولا ترتيبهما لأنهم نصوا على أن من أنكر الصانع جل وعلا إسلامه بلا إله إلا الله ومن أقر بالوحدانية وأنكر الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم يدخل في الإسلام بمحمد رسول الله وقالوا إن من صلى في الوقت مقتديا وتمم صلاته يحكم عليه بالإسلام وفي القهستاني من بحث المرتد إذا قال الكافر لا إله إلا الله محمد رسول الله صار مسلما ولا يشترط أن يعرف معنى هذه الكلمات إذا علم أنه الإسلام ومن كان اسمه محمدا لا بأس أن يكنى أبا القاسم وما رواه البخاري وغيره من قوله صلى الله عليه وسلم ( سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ) منسوخ لأن عليا رضي الله عنه كنى ابنه محمد بن الحنفية أبا القاسم ولولا علمه بالنسخ لما كناه بها أو يقال كان النهي مخصوصا بزمانه صلى الله عليه وسلم لدفع الإلتباس كما ذكره الفقهاء في كتاب الإستحسان قوله ( عبده ) من الصفات التي غلبت عليها الإسمية مشتق من العبودية التي هي التذلل والخضوع لا من العبادة التي هي غايتها قاله الشهاب القليوبي وتبقى العبودية في الجنة دون العبادة فهي أفضل من العبادة على الصحيح وهو أشرف أوصافه وأحبها إليه صلى الله عليه وسلم لأنه أحبها إلى الله تعالى
____________________
(1/6)
ومن ثم وصفه به في أشرف المقامات قوله ( ورسوله ) فعول بمعنى مفعول وهو إنسان حر ذكر أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه فإن لم يؤمر بتبليغه فهو نبي فقط كما هو المشهور عندهم وقيل مترادفان قوله ( النبي ) فعيل بمعنى فاعل من النبأ وهو الخبر لأنه مخبر عن الله عز وجل أو بمعنى مفعول لأنه مخبر فهو من المهموز عند المحققين منهم سيبويه وهو الحق كما قاله الزمخشري والرضي وغيرهما قال في الصحاح نقلا عن سيبويه غير أنهم تركوا الهمز في النبي كما تركوه في الذرية والبرية والخابية إلا أهل مكة فإنهم يهمزون هذه الأحرف يعني هذه الكلمات ولا يهمزون في غيرها ويخالفون العرب في ذلك وفي المصباح والإبدال والإدغام لغة فاشية وقيل من النبوة بمعنى الرفعة لأنه رفيع الرتبة فأبدلت الواو ياء لسبقها وسكونها وروى أبو داود مرفوعا أن الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا والرسل منهم ثلثمائة وثلاثة عشر وفي بعض الأخبار إن الأنبياء ألف ألف أو مائتا ألف وأربعة وعشرون ألفا قال النسفي في بحر الكلام والسلامة في هذا المقام أن تقول آمنت بالله وبجميع ما جاء من عند الله على ما أراد الله تعالى به وبجميع الأنبياء والرسل حتى لا يعتقد نبيا من ليس نبيا أو عكسه قوله ( الكريم ) فعيل بمعنى مفعول لأنه أكرمه الله تعالى على جميع خلقه حتى الرؤساء الأربعة من الملائكة خلافا لمن شذ من المعتزلة وخرق الإجماع ويحتمل أن يكون كريم بمعنى مكرم اسم فاعل وكرمه صلى الله عليه وسلم ظاهر بل انتهى كماله إليه صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة قوله ( القائل تعلموا العلم ) فيه براعة استهلال كقوله آنفا فأحسنوا لذاته العبادة وقوله وحفظوا شريعته والعلم والمعرفة بمعنى واحد وإنما لا يطلق عليه تعالى عارف لعدم ورود الشرع به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( العلم خير من العمل ملاك الدين الورع والعالم من يعمل بعمله ) وعنه صلى الله عليه وسلم ( إن العمل القليل مع العلم ينفع وإن العمل الكثير مع الجهل لا ينفع ) رواه ابن عبد البر والعلم نفعه متعد بخلاف العمل ومن أعظم الأدلة على شرف العلم أن الله تعالى جعل العلماء في المرتبة الثالثة في قوله تعالى { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم } آل عمران 3 الآية وقال ابن عباس درجات العلماء فوق المؤمنين بسبعمائة درجة ما بين الدرجتين خمسمائة عام وقال صلى الله عليه وسلم ( فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ) قال حجة الإسلام فانظر كيف جعل العلم مقارنا لدرجة النبوة وعنه صلى الله عليه وسلم ( العلم حياة الإسلام وعماد الإيمان ومن علم علما أتم الله له أجره ومن تعلم فعمل به علمه الله علم ما لم يعلم ) وأوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليه السلام يا إبراهيم أنا عليم أحب كل عليموورد يشفع الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء وورد يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء وورد من تفقه في دين الله عز وجل كفاه الله همه ورزقه من حيث لا يحتسب وورد أن طالب العلم إذا مات وهو في طلبه مات شهيدا وأنه إذا خرج من بيته لطلبه فهو في سبيل الله حتى يرجع وروى الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) وورد اطلبوا العلم ولو بالصين وورد لأن تغدو فتعلم
____________________
(1/7)
بابا من العلم خير من أن تصلي مائة ركعة ( وورد العلم خزائن ومفاتيحها السؤال ألا فاسألوا فإنه يؤجر فيه أربعة السائل والعالم والمستمع والمحب لهم ) وورد لا ينبغي للجاهل أن يسكت على جهله ولا للعالم أن يسكت على علمه واعلم أن كل علم يتوصل به إلى فرض عين فتحصيله فرض عين كالعلم المتعلق بمعرفة الله تعالى والصلاة والزكاة والصوم والحج ومعرفة الحلال والحرام ونحو ذلك وما يتوصل به إلى فرض الكفاية فتحصيله فرض كفاية وتمامه في خطبة الدر المختار وتعليم المتعلم قوله ( وتعلموا له السكينة والحلم ) أي تعلموا لتعليمه وتعلمه السكينة وهي سكون الأعضاء والوقار والحلم صفة راسخة لا يستفز صاحبها الغضب قال صلى الله عليه وسلم ( إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ) ( ومن يتخير الخير يعطه ومن يتوق الشر يوقه ) وقال صلى الله عليه وسلم ( اطلبوا العلم واطلبوا مع العلم السكينة والحلم لينوا لمن تعلمون ولمن تعلمون منه ولا تكونوا جبابرة العلماء فيغلب جهلكم عليكم ) قوله ( وعلى آله وأصحابه ) كذا في النسخ والظاهر أن المصنف سقط من قلمه صلى الله عليه وسلم فتوهم ذكره فعطف عليه أو من الناسخ الأول والصلاة هنا هي المأمور بها في خبر أمرنا أن نصلي عليك فكيف نصلي فقال قولوا اللهم صل على محمد الخ لا مطلق الصلاة والفرق بينهما أن مطلق الصلاة معناه الرحمة والصلاة المأمور بها معناها طلب الرحمة لأنها من مخلوق فيلاحظ كونها مأمورا بها ليحصل بها امتثال الأمر فتكون أتم من غيرها وقيل معناها العطف وهي فرض في العمر مرة واحدة وتقوم مقامها الصلاة الواقعة في مكتوبة أو غيرها بعد البلوغ وتجب كلما ذكر على أحد قولين وتسن في كل تشهد أخير من الفرض وفي كل تشهد نفل إلا في سنة الظهر القبلية والجمعة القبلية والبعدية وتندب في أوقات الإمكان وتحرم على الحرام وتكره عند فتح التاجر متاعه ولا يكره أفرادها عن السلام على الأصح عندنا وهذا الخلاف في حق نبينا صلى الله عليه وسلم أما في حق غيره من الأنبياء فلا خلاف في عدم كراهة الأفراد لأحد من العلماء ذكره الحموي محشى الإشباه وظاهر ما في النهاية من كتاب الصلاة أنه لا يجب السلام لأنه جعل الوجوب قول الشافعي وأما قوله تعالى { وسلموا } فالمراد منه سلموا لقضائه كذا في مبسوط شيخ الإسلام والظاهر أن ذكر الآل والأصحاب مندوب أما الأصحاب فظاهر لأنهم سلفنا وقد أمرنا بالترضي عنهم ونهينا عن لعنهم وأما الآل فلقوله صلى الله عليه وسلم ( لا تصلوا علي الصلاة البتراء قالوا وما الصلاة البتراء يا رسول الله قال تقولون اللهم صل على محمد وتمسكون بل قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ) ذكره الفاسي وغيره والمراد بالآل هنا سائر أمة الإجابة مطلقا وقوله صلى الله عليه وسلم ( آل محمد كل تقي حمل على التقوى من الشرك ) لأن المقام للدعاء ونقل اللفاني في شرح جوهرته أن يطلق على مؤمني بني هاشم أشراف والواحد شريف كما هو مصطلح السلف وإنما حدث تخصيص الشريف بولد الحسن والحسين في مصر خاصة في عهد الفاطميين قال ويجب إكرام الأشراف ولو تحقق فسقهم لأن فرع الشجرة منها ولو مال وقوله وأصحابه جمع صاحب بمعنى صحابي لأن فاعلا يجمع على أفعال صرح به سيبويه ومثله بصاحب وأصحاب وارتضاه الزمخشري والرضي وأبو حيان وهو عند جمهور الأصوليين من
____________________
(1/8)
طالت صحبته متبعا مدة يثبت معها إطلاق صاحب فلان عرفا بلا تحديد في الأصح ولذا صح نفيه عن الوافد اتفاقا إذ يقال ليس صحابيا بل وفد وارتحل من ساعته وقيل لا يشترط قال في التحرير وينبني عليه ثبوت عدالة غير الملازم فلا يحتاج إلى التزكية أو يحتاج وعلى هذا المذهب جرى الحنفية ولولا اختصاص الصحابي بحكم لأمكن جعل الخلاف في مجرد الإصطلاح ولا مشاحة فيه اه وحاصله أن غير الملازم يحتاج إلى التعديل ولا يقبل إرساله عند من لا يقبل المرسل ومن هنا يعلم اشتراط طول الصحبة في حق التابعي بالأولى وأما من مات على الإسلام من الصحابة وقد تخللت منه ردة كالأشعث بن قيس فإن أحدا لم يتخلف عن ذكره في الصحابة ولا عن تخريج أحاديثه في المسانيد وكان ارتد بعد النبي صلى الله عليه وسلم فأتي به أسيرا إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه فعاد إلى الإسلام فقبل أبو بكر منه ذلك وزوجه أخته لكن يعود له اسم الصحبة فقط مجردا عن ثوابها وذكر الأصحاب بعد الآل تخصيص بعد تعميم أن أريد بالآل جميع الأمة لعلو مقامهم بشرف الصحبة أو بالعكس أن أريد بهم أقرباؤه صلى الله عليه وسلم قوله ( القائمين بنصرة الدين ) يحتمل قصره على الأصحاب ويحتمل حذف نظيره من الآل وهو يرشد إلى أن المراد بالآل المتقون والدين تقدم المراد به قوله ( في الحرب والسلم ) يقال رجل حرب أي عد ومحارب للذكر والأنثى والجمع والواحد أفاده في القاموس ويطلق على مقابل الصلح وهو المراد هنا والسلم بكسر السين المسالم والصلح ويفتح ويؤنث والسلم بفتح السين أيضا هو الدلو بعروة واحدة كدلو السقائين قاموس والمعنى أنهم نصروا الدين في حالة القتال والصلح والمراد أنهم في جميع أحوالهم ناصرون للحق في رضاهم وغضبهم ومخاصمتهم ومصالحتهم سواء كان ذلك مع القريب أم الغريب ولا يسخطون الله تعالى برضا الخلق ورد في صحيح ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ) وفيه أيضا عنها رضي الله عنها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أراد سخط الله ورضا الناس عاد حامده من الناس ذاما ) وأخرج الطبراني بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أسخط الله في رضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه من أرضاه في سخطه ومن أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه من أسخطه في رضاه حتى يزين قوله وعمله في عينه ) اه قوله ( وبعد ) الكلام فيها شهير والذي يفيده صنيعه صلى الله عليه وسلم في خطبه ومراسلاته سنية الإتيان بها لكن بصيغة أما بعد والظاهر أن قولهم وبعد لتأديته معنى أما بعد يقوم مقامها في تحصيل المندوب وقد فشا التعبير بها قوله ( العبد ) هو أشرف أوصاف الشخص وهو أحب أوصافه إليه صلى الله عليه وسلم لكونه أحبها إليه تعالى وقد مر قوله ( عفو ربه ) العفو الصفح وترك عقوبة المستحق والمحو والإمحاء وأطيب المال وخيار الشيء فعله يتعدى بنفسه وباللام وبعن كذا في القاموس والرجاء هو الطمع في المطلوب مع الأخذ في الأسباب وأما مع تركه والتمادي على الغفلات فهو مذموم ومن كلام العارف يحيى بن معاذ أعمال كالسراب وقلوب من التقوى خراب وذنوب بعدد التراب وتطمع مع هذا في الكواعب الأتراب هيهات هيهات أنت سكران من غير شراب اه قوله ( الجليل ) هو العظيم كما في القاموس وبين الذليل والجليل الطباق قوله ( الشرنبلالي ) قال المؤلف في آخر رسالته در الكنوز هذا هو
____________________
(1/9)
الشائع والأصل الشبرابلولي نسبة لقرية تجاه منف العليا بإقليم المنوفية بسواد مصر المحروسة يقال لها شبرابلول واشتهرت النسبة إليها بلفظ الشرنبلالي اه وفي القاموس شبري كسكري ثلاثة وخمسون موضعا كلها بمصر منها عشرة بالشرقية وخمسة بالمرتاحية وستة بجزيرة قوسنيا وإحدى عشرة بالغربية وسبعة بالسمنودية وثلاثة بالمنوفية وثلاثة بجزيرة بني نصر وأربعة بالبحيرة واثنان برمسيس وإثنان بالجيزية قوله ( غفر الله له ذنوبه ) أصل الغفر الستر ومنه سمى المغفر لأنه يستر الرأس عند الحرب وغفر الذنوب سترها بعدم المؤاخذة بها وقيل محوها من الصحيفة بالكلية لقوله عز وجل { يمحو الله ما يشاء ويثبت } الرعد 31 قوله ( ذنوبه ) أي معاصيه صغيرها وكبيرها قوله ( وستر عيوبه ) أي ما يعيبه ويشينه وإن لم يكن معصية فإن العور مثلا عيب وليس بذنب فالعطف للمغايرة أو من عطف العام قوله ( ولطف به ) أي أوصل إليه بره وإحسانه قوله ( في جميع أموره ) أي جليلها وحقيرها قوله ( ما ظهر منها وما خفى ) يحتمل أن المراد ما يعم الأحوال الباطنية والظاهرية أي ما يتعلق بالقلب وما يتعلق بالجوارح أو المراد بالباطنية ما لا يطلع عليه إلا خاصته كالأمور المتعلقة بالحليلة والأولاد وبالظاهرية ما تصدر مع غير هؤلاء كإخوان الدرس والمعاملة ويحتملها معا قوله ( وأحسن لوالديه ) أي أنعم عليهما بأنواع النعم فإن الإحسان لفظ يعم كل خير ثم يحتمل أن يقرأ والديه بالتثنية والجمع والدعاء لهما مطلوب قال تعالى { وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا } الأسراء 71 وهو مفتاح الرزق ولبعضهم أقل الدعاء للوالدين في اليوم والليلة خمس مرات كأنه يريد عقب كل مكتوبة لأن الله قرن الإحسان إليهما بعبادته وأعظم العبادات الصلوات بعد الإيمان وهي خمس في اليوم والليلة قوله ( ولمشايخه ) بالياء من غير همز جمع شيخ والدعاء لهم مطلوب لأنهم آباء الأرواح كما أن الوالدين آباء الأشباح قوله ( وذريته ) أي نسله من الذرء بمعنى الخلق أي الجماعة المخلوقين منه قوله ( ومحبيه ) المراد بهم المحبون له حبا إيمانيا كان يحبوه لعلمه وطاعته وإن لم يكن للنفس ميل لذلك قوله ( وإليه ) إن قلت إن المطلوب تقديم نفسه في الدعاء كما قال الخليل عليه السلام ( رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ) وقال نوح عليه السلام ( رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا ) فكيف قدم من ذكر عليه أجيب بأن لما قدم نفسه أولا بقوله غفر الله له ذنوبه سهل عليه تقديم غيره عليه ثانيا ولمراعاة السجع قوله ( وأدام النعم مسبغة ) أي عامة تامة فالسابغة العامة كالدرع السابغة والثوب والمراد أنه يحيط من ذكر بالنعم واعلم أنه يجب الإيمان بأن الله تعالى يستجيب الدعاء ويعطي به الرضا ويرد به القضاء وينفع به الأحياء والأموات دل على ذلك الآيات القاطعة والأحاديث المتواترة أخرج الطبراني والخطيب من حديث ابن مسعود رفعه ( حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة وأعدوا للبلاء بالدعاء فإن قيل نرى الداعي يبالغ في الدعاء والتضرع لا يستجاب له قلنا إن للدعاء آدابا وشروطا فمن أتى بها كان من أهل الإجابة ومن أخطأها اعتدى فلا يستحق الإجابة ) وأيضا قد تتأخر إلى وقتها فإن لكل شيء وقتا على أن الإجابة ليست منحصرة في الإسعاف بالمطلوب بل هي حصول واحد من الثلاثة المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم ( ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها )
____________________
(1/10)
رواه الإمام أحمد وصححه الحاكم وقد يمنع العبد الإجابة لرفعة مقامه وقد يجاب كراهة سؤاله ومن شروط الإجابة إخلاص النية ومنها أن لا يستعجل الإجابة لحديث ( يستجاب لأحدكم ما لم يقل دعوت فلم يستجب لي ) وحضور القلب وأن لا يدعو بمحرم ومنها طيب المطعم والمشرب والملبس وأن يوقن بالإجابة وأن لا يعلق بالمشيئة وفي شرح الأربعين النووية للشبرخيتي أن من التعليق قوله اللهم عاملنا بما أنت أهله كأنه والله تعالى أعلم يقول إن عاملتنا بما أنت أهله ومنها أن لا يدعو بمستحيل قوله ( إن هذا كتاب ) مقول القول قوله ( صغير حجمه ) أي جسمه أي بالنسبة للشرح الكبير ونحوه قوله ( غزير علمه ) بالغين والزاي المعجمتين أي كثير قال في القاموس الغزير الكثير من كل شيء وغزر ككرم غزارة وغزرا وغزرا بالضم قوله ( صحيح حكمه ) مفرد مضاف فيعم كل حكم فيه والإضافة فيه وفيما قبله لأدنى ملابسة لتحققهما فيه واعلم إن الأحكام الصحيحة غالبها من كتب ظاهر الرواية المسماة بالأصول وهي الجامع الكبير والجامع الصغير والسير الكبير والسير الصغير والمبسوط والزيادات والسير الكبير والصغير آخر مصنفات محمد بعد انصرافه من العراق ولذا لم ير وهما عنه أبو حفص وكلها لمحمد ويعبر عن المبسوط بالأصل وبعضهم لم يعد السير بقسميه من الأصول وما عدا ذلك فهو رواية النوادر كالأمالي لأبي يوسف والرقيات مسائل جمعها محمد حين كان قاضيا بالرقة بفتح الراء المهملة وتشديد القاف مدينة على جانب الفرات رواها عنه محمد بن سماعة والكيسانيات مسائل أملاها محمد على أبي عمر وسليمان بن شعيب الكيساني نسبة إلى كيسان بفتح الكاف فنسبت إليه والهارونيات مسائل جمعها محمد في زمن هارون الرشيد والجرجانيات مسائل جمعها محمد بجرجان وكل ما كان كبيرا فهو من رواية محمد عن الإمام والصغير روايته عن الإمام بواسطة أبي يوسف ( روى ) أن الشافعي استحسن مبسوط الإمام محمد فحفظه وأسلم حكيم من كفار أهل الكتاب بسبب مطالعته وقال هذا كتاب محمدكم الأصغر فكيف كتاب محمدكم الأكبر وفي النهاية وابن أمير حاج أن محمدا قرأ أكثر الكتب على أبي يوسف إلا ما كان فيه اسم الكبير كالمضاربة الكبير والمزارعة الكبير والمأذون الكبير والجامع الكبير والسير الكبير اه ولم يذكر اسم أبي يوسف في شيء من السير الكبير لأنه صنفه بعدما استحكمت النفرة بينهما وكلما احتاج إلى رواية عنه قال أخبرني الثقة اه قوله ( احتوى ) أي اشتمل هذا الكتاب قوله ( على مابه ) أي على مسائل والمراد دالها وهو النقوش وهو من احتواء الشيء على جزئه لأن الكتاب اسم للألفاظ الدالة على المعاني وقوله به أي بمعرفة تلك المسائل تصحيح العبادات الخمس أراد الطهارة والصلاة والصوم والزكاة والحج وعد الطهارة عبادة لأنه يثاب عليها بالنية وإن كانت لا تشترط فيها قوله ( بعبارة ) حال من ما يعني أن الذي احتوى عليه هذا الكتاب كان بعبارة منيرة أي واضحة ظاهرة أو موضحة للمقصود للواقف عليها أو خبر عن الكتاب بعد الإخبار بما تقدم عنه ويحتمل أنه ظرف لغو متعلق باحتوى ونسبة الإنارة إلى العبارة مجاز عقلي قوله ( كالبدر ) على حذف مضاف أي كإنارة البدر سمى بدر التمامه كتمام البدرة التي هي عشرة آلاف درهم أو لأنه يبادر طلوعه غروب الشمس وثلاثة أيام من أول الشهر هلال وبعده قمر إلى ستة وعشرين وهذه
____________________
(1/11)
إحدى طرق ذكره بعض مشايخي فيما كتب على مولد المدابغي وذكر الشمس بعد القمر من باب الترقي قوله ( دليله الخ ) لم يذكر القياس لأنه لم يخرج عنها قوله ( تسر به قلوب المؤمنين ) أي لما فيه من تصحيح عباداتهم قوله ( وتلذ به الأعين والأسماع ) أي أصحاب الأعين والأسماع فمآله يرجع إلى ما قبله قوله ( شرحي للمقدمة ) يعني شرحه الكبير والكلام في المقدمة شهير قوله ( بالتماس أفاضل أعيان ) عبر به إشارة إلى مساواة الطالب له بأن يكون من أقرانه ويحتمل أنه من تلامذته وعبر به تواضعا وهو متعلق بجمعت وقوله أفاضل أعيان المراد بالأعيان العلماء والأفاضل أعلمهم قوله ( للخيرات مقدمة ) المجرور متعلق بما بعده يعني أن هؤلاء الجماعة لا يقدمون إلا الخير والخير اسم عام لأنواع البر قوله ( تقريبا ) علة لجمعت الخ المفيد للإختصار قوله ( وتسهيلا ) أي على الطلاب قوله ( لما به الفوز ) أي الظفر وما به الفوز هو تصحيح العبادات الذي احتوى عليه هذا الكتاب قوله ( في المآب ) أي المرجع وهو يوم القيامة قوله ( مراقي الفلاح ) المراقي جمع مرقاة وهو السلم والفلاح الظفر بالمقصود شبه الفلاح بمنزل له مراق تشبيها مضمرا في النفس والمراقي تخييل وفي القاموس والمرقاة وتكسر الدرجة قوله ( بإمداد الفتاح ) متعلق بمحذوف تقديره يرقاه بإمداد ولا يصح تعليقه بمراقي لأن الذي بإمداد الفتاح هنا هو الرقي والمراد بالإمداد الإستمداد والتحصيل أي إن الرقي بتحصيل الفتاح وذكر في القاموس معاني كثيرة للمادة قوله ( نور الإيضاح ) قال في القاموس وضح الأمر يضح وضوحا وضحة وضحة وهو واضح ووضاح واتضح وأوضح وتوضح بان ووضحه وأوضحه فأفاد أن الإيضاح الإبانة ومعنى المصنف على هذا نور الإبانة أي الإبانة التي كالنور في الظهور والإهتداء قوله ( ونجاة الأرواح ) أي من العذاب فإن العذاب يقع على الروح كما يقع على الجسم وإنما كان بهذا المتن نجاة الأرواح لأن فيه تصحيح العبادة والغالب أن من صحت عبادته لا سيما الصلاة انتهى عن الفحشاء والمنكر فينجو من العذاب قوله ( والله الكريم أسأل ) أي لا أطلب النفع والقبول وحفظ هذا الكتاب إلا من الله تعالى قوله ( وبحبيبه المصطفى الخ ) أي لا أتوسل إليه في إتمام هذه المرادات إلا بحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم ورد توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم قوله ( أن ينفع به جميع الأمة ) المراد بالجميع المجموع فإنه لا يتعبد كلهم على مذهب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه والنفع إيصال الخير إلى الغير قوله ( وأن يتقبله بفضله ) بأن يجعله خالصا لا لرياء ولا سمعة فإن العلم إذا صاحبه نحو الرياء كان سببا للعذاب فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن أول الناس يقضي يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمته فعرفها قال فما فعلت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت قال كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمته فعرفها قال فما عملت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارىء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ) الحديث وقبوله هو الرضا به والإثابة عليه وقوله بفضله أشار به إلى الرد على فرقة من المعتزلة أوجبت عليه تعالى
____________________
(1/12)
الصلاح والأصلح قوله ( من ليس من أهله ) كالحاسد الذي يحمل بعض تراكيبه على غير المراد منها أو يدخل فيه ما ليس منه أو يتعلمه ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه قوله ( إذ هو من أجل النعمة ) علة للجمل الثلاثة أي من أجل النعمة على الأمة إن نفعهم الله به لأن فيه تصحيح عباداتهم ومن أجل النعمة على المؤلف أن تقبله منه ومن أجل النعمة التي يتنافس في مثلها ويحسد عليها فدعا بحفظه من شر من ذكر قوله ( وأعظم المنة ) هي النعمة قال في القاموس من عليه منا أنعم واصطنع عنده صنيعة فالعطف عطف مرادف قوله ( والله أسأل أن ينفع به عباده ) أعاده ثانيا لشدة رغبته في ذلك وحرصه عليه قوله ( إنه على ما يشاء قدير ) ومن حملته نفع العباد بهذا الكتاب وأدامة الإفادة به قوله ( وبالإجابة جدير ) قال في القاموس الجدير مكان بني حواليه والخليق والجمع جديرون وجدراء اه والمراد هنا المعنى الثاني
كتاب الطهارة قوله ( كتاب الطهارة )
قال في المصباح كتب من باب قتل كتبا وكتبة بالكسر وكتابا والإسم الكتابة لأنها صناعة كالتجارة والعطارة قال وتطلق الكتبة والكتاب على المكتوب قوله ( الجمع ) ومنه يقال كتب البغلة أو الناقة إذا جمع بين شفريها بفتح الشين جانبي فرجها بحلقة أو سير ليمنع الوثوب وسميت الجماعة من الجيش كتيبة لإجتماعهم وأطلق الكتاب على هذه النقوش لما فيه من جمع حروفها بعضها إلى بعض قوله ( الفقهية ) مثله في العناية والتقييد به لخصوص المقام قوله ( اعتبرت مستقلة ) أي اعتبرها المعبر به مستقلة بحيث لا يتوقف تصور ما فيه على شيء قبله أو بعده وإنما زاد اعتبرت ليدخل نحو الطهارة فإنها من توابع الصلاة إلا أنها اعتبرت مستقلة بالمعنى السابق فأفردت بكتاب على حدة قوله ( شملت أنواعا ) كهذا الكتاب فإن فيه طهارة الوضوء وطهارة الغسل والطهارة بالماء والطهارة بالتراب إلى غير ذلك قوله ( أو لم تشمل ) بأن لم يكن تحته باب ولا فصل ككتاب اللقطة واللقيط والآبق والمفقود قوله ( طهر الشيء ) بفتح الهاء أفصح من ضمها قوله ( وبكسرها الآلة ) كالماء والتراب قوله فضل ما يتطهر به ) أي اسم لما فضل بعد التطهير قوله ( حكم يظهر بالمحل ) الذي في كبيره أثر يظهر بالمحل حكما وهي أظهر قوله ( بالمحل الذي تتعلق به الصلاة ) قال في كبيره ما معناه إنما عبرت بالمحل أي لا بالبدن ليشمل الثوب والمكان وعرفها في البحر بأنها زوال حدث أو خبث قال السيد في شرحه لهذا الكتاب ( وهو المراد بالسيد حيث أطلق كما أن المراد بالشرح عند الإطلاق كبير المؤلف ) عرف صاحب البحر الطهارة شرعا بأنها زوال حدث أو خبث وهو تعريف صحيح لصدقه بالوضوء وغيره كالغسل من الجنابة أو الحيض أو النفاس بل وبالتيمم أيضا لكن لو عبر في البحر بدل زوال بالإزالة لأن الفن باحث عن فعل المكلف وهو الإزالة لكان أولى وفيه إن التعريف للطهارة وهي الزوال وأما الإزالة فلا تناسب تعريفا إلا للتطهير قوله ( لاستعمال الماء الطاهر ) لو حذفه كما في الشرح لكان أولى لعدم شموله التيمم اللهم إلا أن يقال المراد لاستعمال الماء ونحوه فليس المراد التقييد وهو علة لقوله يظهر بالمحل وفي نسخة لاستعمال المطهر وهي أولى قوله ( والإضافة بمعنى اللام ) وهو على تقدير مضافين والتقدير هذا كتاب لبيان أحكام الطهارة قال في الشرح ويبعد كونها بمعنى من لأن ضابطها صحة الإخبار عن الأول بالثاني كخاتم
____________________
(1/13)
فضة وهو مفقود هنا إذ لا يصح أن يقال الكتاب طهارة قوله ( وقدمت الطهارة ) جواب سؤال حاصله أن الصلاة هي المقصود الأهم فلم قدمت الطهارة عليها قوله ( وهو مقدم ) أي شرعا فإن الصلاة تتوقف عليها شرعا فقدمها وضعا أي ذكرا والمراد أنها شرط لصحة الدخول فيها فلا ترد القعدة الأخيرة بناء على ما هو التحقيق إنها شرط لأنها شرط الخروج لكن يرد عليه الستر واستقبال القبلة أجيب بأنه سؤال دوري أو أن الطهارة ألزم وأهم ولم يبين حكمة تقديم المياه على سائر أحكام الطهارة وبينها بعض الحذاق فقال وبدأ منها ببيان المياه لأنها آلة وآلة الشيء مقدمة عليه إذ لا وجود له بدونها قوله ( والمزيل للحدث الخ ) أخرج المصنف متنه عن إعرابه ولكن حيث كان الكلام له فله التصرف فيه قوله ( اتفاقا ) وأما غير الماء من المائعات فالمعتمد من المذهب أنها مزيلة للأخباث وقال محمد والشافعي رضي الله تعالى عنهما يشترط لطهارتها الماء المطلق أيضا قوله ( المياه ) أصله مواه فعل به ما فعل بميزان قوله ( جمع كثرة وجمع القلة أمواه ) والفرق بينهما أن جمع القلة يدل حقيقة بالوضع على ثلاثة فأكثر إلى عشرة فقط وجمع الكثرة يدل كذلك على ما فوق العشرة إلى غير نهاية وقد يستعمل أحدهما موضع الآخر مجازا فإن قيل كان الأولى التعبير بجمع القلة ليطابق المبتدأ الخبر وتحرزا عن ارتكاب المجاز بغير ضرورة فالجواب أن جمعي القلة والكثرة إنما يعتبران في نكرات الجموع أما في المعارف كما هنا فلا فرق بينهما قوله ( شفاف ) قال في القاموس شف الثوب يشف شفوفا وشفيفا رق فجلا ما تحته اه
فمعناه الرقيق الذي لا يحجب ما تحته أي حيث خلا عن العوارض زاد في الشرح الذي يتلون بلون الإناء قوله ( والعذب منه الخ ) خرج به الملح فإنه لا يحيا الناس به وهذا يفيد أن قوله تعالى { وجعلنا من الماء كل شيء حي } الأنبياء 12 خاص بالعذب قوله ( وهو ممدود ) وأصله موه قلبت الواو ألفا لانفتاح ما قبلها والهاء همزة لتناسب الألف وجعل الشارح إبدال الهاء همزة إبدالا شاذا قوله ( وقد يقصر ) أفاد أن القصر قليل قوله ( أي يصح ) فسر الجواز بالصحة ولم يفسره بالحل لأن الكلام في بيان ما يصح به التطهير وإن كان لا يحل كماء الغير المحرز في نحو جب وصهريج قوله ( أصلها ماء السماء ) اعترض بأن هذه العبارة تفيد أن السبعة غيره لأنها فروعه مع أنه معدود منها وأجيب بأن المراد الذي هو أحدها فالتقدير أصلها ماء السماء الذي هو أحدها قال السيد فإن قيل الكل ماء السماء لقوله تعالى { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء } البقرة 2 الآية وهذه العبارة أي عبارة المصنف التي فيها العطف تفيد المغايرة فالجواب كما ذكره العيني أن القسمة بحسب ما تشهد به العادة انتهى قوله ( لقوله تعالى ) علة للأصالة قبل كل ماء من السماء ينزل إلى صخرة بيت المقدس ثم يقسمه الله تعالى قوله ( من السماء ماء ) إن قيل ليس في الآية ما يدل على أن جميع المياه من السماء لأن ماء نكرة وهي في الإثبات تخص فلا تفيد العموم فالجواب أن ذلك عند عدم قرينة تدل عليه والقرينة ذكره في مقام الإمتنان فلو لم تدل على العموم لفات المطلوب كما في السراج وفي البناية والنكرة في الإثبات تفيد العموم بقرينة تدل عليه كما في قوله تعالى { علمت نفس ما أحضرت } قوله ( فسلكه ينابيع في الأرض ) أي أدخله أماكن منها ينبع فيها قوله ( ليطهركم به ) صدر الآية وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به قوله ( وهو ماء المطر ) لو قال وهو
____________________
(1/14)
ماء السحاب لكان أولى ليتجه الكلام الآتي واعلم أن المطر تارة يكون من السحاب والسحاب يلتقمه من البحر فتنسفه الرياح فيحلو وهذا المطر لا ينبت وتارة ينزل من خزانة تحت العرش قطعا كبارا لو نزلت بجملتها لأفسدت فتنزل على السحاب وهو كالغربال فينزل منه القطر الخفيف وهو الذي به الإنبات كذا ذكره بعضهم وظاهر كلام المصنف إنه لا ينزل إلا من السحاب قوله ( لأن السماء كل ما علاك ) فإطلاق السماء على السحاب حقيقة لغوية قوله ( فأظلك ) ظاهر تقييده أنه لا يقال لنحو الطائر سماء لأنه لا يظل قوله ( وسقف البيت ) من عطف الخاص وعبارة الشرح ومنه قيل لسقف البيت سماء وهي أولى مما هنا قوله ( في الصحيح ) وقيل هو نفس دابة فلا يجوز التطهير به والصحيح إنه مطر خفيف قوله ( وكذا ماء البحر ) تكلف الشارح فجعله مبتدأ وخبرا ولا يفهم العدد منه وإنما دعاه إلى ذلك تقدير أصلها في قوله سابقا أصلها ماء السماء قال الجوهري هو ضد البر قيل سمي به لعمقه واتساعه وكل نهر عظيم بحر اه قال في البناية ومنه قيل لنهر مصر بحر النيل اه قال ابن سيده في المحكم البحر الماء الكثير ملحا كان أو عذبا وقد غلب على الملح فيكون التنصيص عليه دفعا لمظنة توهم عدم جواز التطهير به لأنه مر منتن كما توهم ذلك بعض الصحابة وفي الخبر من لم يطهره ماء البحر فلا طهره الله ومن الناس من كره الوضوء من البحر الملح لحديث ابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام قال ( لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز في سبيل الله فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا ) تفرد به أبو داود وكان ابن عمر لا يرى جواز الوضوء به ولا الغسل عن جنابة وكذا روي عن أبي هريرة وكذا ماء الحمام عنده وعن أبي العالية أنه كان يتوضأ بالنبيذ ويكره الوضوء بماء البحر لأنه طبق جهنم وما كان طبق سخط لا يكون طريقا لطهارة ورحمة والجمهور على عدم الكراهة قوله ( هو الطهور ماؤه الخ ) قاله عليه الصلاة والسلام لمن جاءه وقال يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ به قوله ( الحل ميتته ) قاصر عندنا على السمك غير الطافي وغير الجريث والمار ماهي وهو ثعبان البحر والجريث سمك أسود يشبه الترس قوله ( وكذا ماء النهر ) قال في القاموس النهر ويحرك مجرى الماء قوله ( كسيحون ) نهر خجند وجيحون نهر ترمذ والفرات نهر الكوفة قوله ( ونيل مصر ) هو أفضل المياه بعد الكوثر ويليه بقية الأنهر وورد أن الفرات ينزل فيه كل يوم بعض من ماء الجنة قال بعض الحذاق فائدة كون بعض المياه أفضل من بعض إنما تظهر في كثرة ثواب الأفضل كما أن الماء المكروه أقل ثوابا من غيره قوله ( وكذا ماء البئر ) بهمز عينها وقد تخفف معروفة قوله ( وكذا ما ذاب من الثلج والبرد ) أي بحيث يتقاطر وعن الثاني يجوز مطلقا والأول أصح وإنما جاز التطهير بهما لأن ماءهما ماء حقيقة لكنه جمد من شدة البرد ويذوب بالحر والبرد شيء ينزل من السماء يشبه الحصى ويسمى حب الغمام وحب المزن كما في المصباح قوله ( واحترز به ) أي بما ذاب من الثلج والبرد قوله ( لأنه لا يطهر ) أي الإحداث فقط قوله ( يذوب في الشتاء ) جملة قصد بها التعليل لقوله لأنه لا يطهر قوله ( عكس الماء ) أي فليس حينئذ بماء قوله ( وقبل انعقاده ملحا طهور ) لأنه على طبيعته الأصلية قوله ( إذ لا يصح أن يقال لماء الورد ) أي لغة وعرفا قوله ( بخلاف ماء البئر ) أي مثلا قوله ( ثم المياه ) ثم للترتيب الذكرى
____________________
(1/15)
قوله ( من حيث هي ) أي باعتبار ذاتها بقطع النظر عن كونها ماء سماء ونحوه قوله ( على خمسة أقسام ) من حيث الأوصاف كما أشار إليه بقوله لكل منها وصف الخ وليس التقسيم للحقيقة قوله ( طاهر ) أي في نفسه مطهر لغيره حدثا وخبثا قوله ( غير مكروه ) أي استعماله قوله ( الذي لم يخالطه الخ ) فهو الباقي على أوصاف خلقته الأصلية ( فائدة ) يجوز الوضوء والغسل بماء زمزم عندنا من غير كراهة بل ثوابه أكثر وفصل صاحب لباب المناسك آخر الكتاب فقال يجوز الاغتسال والتوضوء بماء زمزم إن كان على طهارة للتبرك فلا ينبغي أن يغتسل به جنب ولا محدث ولا في مكان نجس ولا يستنجي به ولا يزال به نجاسة حقيقية وعن بعض العلماء تحريم ذلك وقيل إن بعض الناس استنجى به فحصل له باسور اه قوله ( تنزيها على الأصح ) هو ما ذهب إليه الكرخي معللا بعدم تحاميها النجاسة وعلل الطحاوي الكراهة بحرمة لحمها وهذا يقتضي التحريم ثم الكراهة إنما هي عند وجود المطلق غيره وإلا فلا كراهة أصلا كما في غاية البيان والتبيين قوله ( حيوان مثل الهرة ) الأولى إبقاء المصنف على حاله كما فعل في كبيره لأن لفظ مثل يغني عنه لفظ ونحوها الآتي في المتن قوله ( نجس ) أي اتفاقا لما ورد السنور سبع فإن المراد به البري قوله ( ونحوها ) مبتدأ خبره قوله الدجاجة فغير إعراب متنه قوله ( الدجاجة ) وكل ما له دم سائل وأما ما ليس له دم سائل فلا كراهة في استعمال ما ماتت فيه فضلا عن سؤرها واعلم أن الكراهة في سؤر الهرة قول الإمام ومحمد وقال أبو يوسف لا كراهة فيه لحديث الإصغاء قوله وإصغاء النبي صلى الله عليه وسلم الإناء ) أي إمالته قال في القاموس واصغي استمع وإليه مال سمعه والإناء أماله قوله ( كان حال علمه الخ ) أي بوحي أو كشف فلو زال التوهم في حقنا فلا كراهة في سؤرها لأن الكراهة ما ثبتت إلا من ذلك التوهم فتسقط بسقوطه قال في الفتح فعلى هذا لا ينبغي إطلاق كراهة أكل أو شرب فضلها والصلاة إذا لحست عضوا قبل غسله كما أطلقه شمس الأئمة وغيره بل يقيد بثبوت ذلك التوهم فأما لو كان زائلا كما قلنا فلا كراهة اه قوله ( إذ ذاك ) أي وقت الإصغاء قوله وسيأتي تقديره ) ظاهر المذهب أنه ما يعده الناظر قليلا قوله ( وهو ما استعمل في الجسد الخ ) ظاهره إنه إذا غسل عضوا من جسده لغير جنابة ونجاسة يكون مستعملا والأصح أنه لا يكون مستعملا لعدم إسقاط الفرض كما في البحر قوله ( لرفع حدث ) وإن لم ينو بذلك قربة كوضوء المحدث بلا نية إجماعا على الصحيح ولم يذكر المصنف ما استعمل لإسقاط فرض بأن غسل بعض أعضاء وضوئه فإنه يصير مستعملا لسقوط الفرض اتفاقا وإن لم يزل به حدث عضوه لما عرف أنه لا يتجزأ وإلا وثبوتا ولا تلازم بين سقوط الفرض وزوال الحدث لأن مفاد السقوط عدم وجوب الإعادة ورفع الحدث موقوف على التمام قوله ( لقربة ) هي فعل ما يثاب عليه ولا ثواب إلا بالنية بإنه قيل المتوضىء ليس على أعضائه نجاسة لا حقيقة ولا حكما فكيف يصير الماء مستعملا بنية القربة قلت لما عمل في تحصيل النور كالمرة الأولى أوجب ذلك تغير وصفه وإلا كان وجوده كعدمه قوله ( تقربا ليصير عبادة ) أما إذا توضأ في مجلس آخر ولم ينو القربة كان إسرافا فلا يعد به الماء مستعملا قوله ( فإن كان في مجلس واحد ) أي ولم يؤد بالأول عبادة شرع التطهير لها وإلا فلا يكره قوله ( كره ) أي ولو نوى القربة ويكون إسرافا والإسراف حرام ولو على
____________________
(1/16)
شط نهر قاله السيد ومفاده أن الكراهة تحريمية قوله ( غسل اليد للطعام أو منه ) أي بقصد السنة وإلا لا يستعمل قوله ( لا يصير مستعملا ) لعدم إسقاط فرض أو إقامة قربة وكذا توضأ بنية التعليم لأن التعليم وإن كان قربة إلا أنه لم يتعين بالفعل بل يصح بالقول أيضا والأصح أن غسالة الميت إذا لم يكن عليه نجاسة مستعملة كوضوء الحائض بقصد إقامة المستحب فإن الماء يصير به مستعملا قوله ( كغسل ثوب ودابة مأكولة ) أي طاهرين وقد قالوا إن عرق الحمار طاهر والكلب إذا انتفض من الماء فأصاب إنسانا لا ينجسه لأنه طاهر العين ومقتضى هذا إنه إذا غسلهما تكون غسالتهما طاهرة وهي مطهرة لعدم موجب الاستعمال قوله ( على الصحيح ) هو ما عليه العامة وصحح في الهداية وكثير من الكتب إنه المذهب كما في البحر ووجهه ما ذكره المصنف بقوله وسقوط الخ واختار الطحاوي وبعض مشايخ بلخ إنه لا يستعمل إلا إذا استقر وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا انفصل ولم يستقر فسقط على عضو آخر وجرى عليه من غير أن يأخذه بيده فعلى الأول لا يصح غسل ذلك العضو بذلك الماء وعلى الثاني يصح واعلم أن صفة الماء المستعمل حكى بعضهم فيها خلافا على ثلاث روايات وقال مشايخ العراق لم يثبت في ذلك اختلاف أصلا بل هو طاهر غير طهور عند أصحابنا جميعا
قال شيخ الإسلام في شرح الجامع الصغير وهو المختار عندنا وهو المذكور في عامة كتب محمد عن أصحابنا واختاره المحققون من مشايخ ما وراء النهر وقال في المجتبى وقد صحت الروايات عن الكل إنه طاهر غير طهور إلا الحسن وروايته شاذة غير مأخوذ بها كما في مجمع الأنهر لكن يكره شربه والعجن به تنزيها لاستقذار النفس له قوله ( أي لا يصح ) إنما فسره بذلك لأنه لو أبقاه على حقيقته لا يفيد عدم الصحة وإنما يفيد عدم الحل وقد يجامع الصحة والمقصود الأول قوله ( بماء شجر ) المراد به مطلق النبات كالكرم وورق الهندباء قوله ( وثمر ) بالمثلثة ما يثمره النبات فيشمل جميع الفواكه والأزهار كما في القهستاني قوله ( لكمال امتزاجه ) فيه رد على الزيلعي حيث علل جواز رفع الحدث به بأنه لم يكمل امتزاجه ونظر فيه صاحب البحر قوله ( فلم يكن مطلقا ) إذ لا يطلق عليه اسم الماء بدون قيد قوله ( احترز به عما قيل بأنه الخ ) قاله صاحب الهداية ومشى عليه الزيلعي ومعهما صاحب التنوير قوله ( لأنه ليس لخروجه ) علة لقوله ولا يجوز الخ وقد علله سابقا بقوله لكمال امتزاجه وهو في المال يرجع إلى ما هنا قوله ( وصحة نفي الإسم ) أي اسم الماء المطلق حيث لا يقال له ماء بدون قيد وهو لازم لما قبله لأنه إذا كان لا ينتفي قيده لا يصح إطلاق اسم الماء عليه قوله وإنما صح الخ ) جواب سؤال حاصله أن الإمام رضي الله
____________________
(1/17)
تعالى عنه ألحق المائعات بالمطلق في إزالة النجاسة الحقيقية فمقتضاه أن يلحق المقيد بالمطلق في إزالة الحكمية إذ لا فرق وحاصل الجواب بالمنع وإثبات الفرق قوله ( لتطهير النجاسة ) متعلق بإلحاق والأولى التعبير بنفي قوله ( لوجود شرط الإلحاق ) متعلق بصح وهو علنه قوله وهي تناهي ) الأولى تذكير الضمير كما هو في نسخ قوله بخروجها ) الباء للسببية وهو متعلق بتناهي قوله ( وهو منعدم في الحكمية ) أي شرط الإلحاق الذي هو التناهي قوله ( لعدم نجاسة محسوسة ) أي حتى يحكم عليها بالتناهي قوله ( والحدث أمر شرعي ) يصلح جوابا ثانيا ( قوله ( له حكم النجاسة ) أي الحقيقية بل هو أعظم لأنه لا يعفى عن قليله قوله ( آلة مخصوصة ) وهي إما الماء المطلق أو خلفه وهو التراب قوله ولا يجوز الوضوء الخ ) الغسل مثل الوضوء في جميع أحكام المياه فلذا لم يصرح به قوله ( وهو الرقة والسيلان ) اقتصر عليهما في الشرح وهو الظاهر لأن الأخيرين لا يكونان في ماء البحر الملح ثم هذا من المصنف ليس على ما ينبغي فإنه متى طبخ بما لا يقصد به النظافة لا يرفع الحدث وإن بقي رقيقا سائلا لكمال الامتزاج بخلاف ما يقصد به النظافة فإنه لايمتنع به رفعه إلا إذا خرج عن رقته وسيلانه فالفرق بينهما ثابت وتسوية المصنف بينهما ممنوعة أفاده السيد وغيره قوله ( بالطبخ ) قيد به لأنه لو تغير وصف الماء بنحو الحمص أو الباقلا بدون طبخ بأن ألقى فيه ليبتل ولم تذهب رقة الماء فإنه يجوز التوضؤ به كما لو ألقى فيه زاج وهو رقيق كما في الخانية قوله ( لأنه إذا برد ثخن ) قد علمت أنه لا يرفع ولو بقي رقيقا قوله ( وإن بقي على الرقة جاز به الوضوء ) وإن غير أوصافه الثلاثة لأنه مقصود للمبالغة في الغرض المطلوب وهو النظافة واسم الماء باق وازداد معناه وهو التطهير ولذا جرت السنة في غسل الميت بالماء المغلي بالسدر والحرض قوله ( كمال الامتزاج الخ ) الأولى في التعبير أن يقول ولما كان تقييد الماء يحصل بأحد الأمرين الأول كمال الامتزاج بتشرب النبات أو الطبخ بما ذكرناه والثاني غلبة الممتزج فلما بين الأول شرع في بيان الثاني وهو غلبة الممتزج فقال الخ قوله ( كمال الامتزاج ) من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف وقوله بتشرب النبات متعلق بكمال وقوله أو الطبخ عطف عليه وقوله بما ذكرناه مراده به نحو الحمص والعدس مطلقا وما يقصد به التنظيف إذا صار الماء به ثخينا قوله ( باختلاف المخالط ) فإنه تارة يكون جامدا وتارة يكون مائعا موافقا للماء في أوصافه أو مخالفا كما يأتي توضيحه قوله ( بغير طبخ ) الأولى حذفه لأنه الأول المفروغ منه قوله ( في ذلك ) أي في الغلبة قوله ( الطاهرة ) أما النجسة فتنجس القليل منه مطلقا والكثيران ظهر أحد أوصافها قوله ( وأما إذا بقي الخ ) عبارة المتن في ذاتها أعذب وأخصر قوله ( لا يضر تغير أوصافه ) محله ما لم يصبغ به كماء الزعفران إذا كان يصبغ به وما لم يحدث له اسم آخر قال في القنية ولو وقع الزعفران في الماء وأمكن الصبغ به منع وإلا لا اه وقال في الدر المختار فلو جامد افبثخانته ما لم يزل الإسم كنبيذ تمر اه قوله ( بدون طبخ ) الأولى حذفه لأنه الموضوع قوله ( بماء وسدر ) قد يقال غير نحو السدر لا يقاس عليه لأن المقصود به التنظيف فاغتفر فيه تغير الأوصاف ولا كذلك غيره ويقال في الحديث الذي بعده كذلك قوله ( بماء فيه أثر العجين ) قد يقال إنه لا ينتج الدعوى لعدم الدلالة على تغير جميع الأوصاف وكذا يقال فيما بعده والحكم مسلم قوله ( كبعض البطيخ )
____________________
(1/18)
مثله القرع فإن ماءهما لا يخالف إلا في الطعم كماء الورد فإنه لا يخالف إلا في الريح قوله ( لا رائحة له ) فيه أنه يشم من بعضه رائحة الدسومة قوله ( تكون الغلبة بالوزن ) وهذا الإعتبار يجري فيما لو ألقى الماء المستعمل في المطلق أو انغمس الرجل فيه على ما هو الحق وأما ما في كثير من الكتب من أن الجنب إذا أدخل يده أو رجله في الماء فسد الماء فبني على رواية نجاسة الماء المستعمل وهي رواية شاذة وأما على المختار للفتوى فلا قال في البحر فإذا عرفت هذا فلا تتأخر عن الحكم بصحة الوضوء أي والغسل من الفساقي الصغار الكائنة في المدارس والبيوت إذ لا فرق بين استعمال الماء خارجا ثم صبه في الماء المطلق وبين ما إذا انغمس فيه فإنه لا يستعمل منه إلا ما تساقط عن الأعضاء أو لاقى الجسد فقط وهو بالنسبة لباقي الماء قليل ويتعين عليك حمل كلام من يقول بعدم الجواز على القول الضعيف لا الصحيح فالحاصل أنه يجوز الوضوء والغسل من الفساقي الصغار ما لم يغلب على ظنه أن الماء المستعمل أكثر أو مساو ولم يغلب على ظنه وقوع نجاسة فيه وتمامه فيه قوله ( جاز به الوضوء ) ظاهر أنه يجوز بالكل ويجعل المستعمل مستهلكا لقلته قوله ( حلت فيه نجاسة ) قيد به لأنه لو تغيرت أوصافه بطول المكث وكان باقيا على طبعه فهو مطهر لأنه باق على خلقته الأصلية ولو صار ثخينا لا قوله ( وعلم وقوعها يقينا الخ ) ولو شك يجوز ولو وجده منتنا لأنه قد يكون بسبب طاهر خالطه أو بطول المكث والأصل الطهارة ولا يلزمه السؤال لقول عمر لما سأل ابن العاص عن حوض أتوا عليه فقال يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع فقال أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه يا صاحب الحوض لا تخبرنا وعلى هذا الضيف إذا قدم إليه طعام ليس له أن يسأل من أين لك هذا قوله ( وهذا في غير قليل الأرواث ) أي نجاسة الماء بوقوع النجاسة فيه محله في غير قليل الأرواث إذا وقع في الآبار قوله كما سنذكره ) أي في فصل البئر قوله ( بذراع العامة ) صحح قاضيخان ذراع المساحة لأن المكان من الممسوحات وقال في الهداية الفتوى على اعتبار ذراع الكرباس توسعة للأمر على الناس وذراع المساحة سبع قبضات مع كل قبضة أصبع قائمة وأما ذراع الكرباس ففي الكافي ومنلا مسكين أنه سبع قبضات فقط ونقل صاحب الدر أن المفتي به ذراع المساحة وإنه أكبر من ذراعنا اليوم فالعشر في العشر بذراعنا اليوم ثمان في ثمان بالمساحة قوله ( والذراع يذكر ويؤنث ) اقتصر في المغرب على التأنيث قوله ( وإن كان قليلا الخ ) لا حاجة إلى هذ الزيادة قوله ( أو ستة وثلاثين في مدور ) هذا القدر إذا ربع يكون عشرا في عشر وفي المثلث كل جانب منه يكون ذرعه خمسة عشر ذراعا وربعا وخمسا قال الزيلعي وغيره والعبرة بوقت الوقوع فإن نقص بعده لا ينجس وعلى العكس لا يطهر وفي البحر عن السراج الهندي الأشبه أنه يطهر قوله ( بالغرف منه ) أي بالكفين كما في القهستاني وفي الجوهرة وعليه الفتوى قوله وبه أخذ مشايخ بلخ ) ولو كان للنجاسة جرم فلا فرق بين موضع الوقوع وغيره وبين نجاسة ونجاسة وينبغي تصحيحه كما في الفتح وهو المختار كما قاله العلامة قاسم وعليه الفتوى كما في النصاب قوله ( هو المفتي به ) وهو قول عامة المشايخ خانية وهو قول الأكثر وبه نأخذ نوازل وعليه الفتوى كما في شرح الطحاوي
____________________
(1/19)
وحقق في البحر أن هذا التقدير لا يرجع إلى أصل يعتمد عليه وأن ظاهر الرواية عن الإمام بل عن الثلاثة كما قاله الإمام الرازي التفويض إلى رأي المستعمل فإن غلب على ظنه أنه كثير لا تؤثر فيه النجاسة فهو كثير وإلا فهو قليل كما ظن له خاصة فيتيمم إن لم يجد غيره فيعتبر في كل مكلف ظنه إذ العقول مختلفة وكل مستعمل مأمور بالتحري وليس هذا من الأمور التي يجب فيها على العامي تقليد المجتهد كما في الفتح فإن توافقت آراؤهم فيها
ويؤمهم أحدهم
وإلا فلا
قوله ( ولا بأس بالوضوء ) هذا مما فرع على أن الماء لا ينجس إلا بالعلم بوقوع النجاسة أو غلبة الظن قوله ( من حب ) بالحاء المهملة الخابية والكرامة غطاؤها فيقال لك عندي حب وكرامة بهذا المعنى
قوله ( ومن حوض يخاف أن يكون فيه قذر ) ولو كان متغيرا منتنا لأن ذلك قد يكون بطاهر وقد يكون بالمكث قوله ( وتحملها الصغار والأماء ) خصهم لأنهم لا يعلمون الأحكام فغيرهم ممن يعلم أولى قوله ( الرستاقيون ) أي أهل القرى وفي القاموس الرستاق الرزداق كالرسداق اه ولم يذكر غير ذلك
تنبيه لا عبرة بالعمق وحده على الأوجه لأن الاستعمال يقع من السطح لا من العمق وقيل لو كان بحال لو بسط يبلغ عشرا في عشرة فهو كثير وفي القهستاني إنه الأصح والعمل على خلافه لكن قالوا إن الإنسان يجوز له العمل بالقول الضعيف في خاصة نفسه إذا كان له رأي بل بالحديث الثابت صحته وإن لم يقل به أمامه كما ذكره البيري في شرح الأشباه
قوله ( فيكون نجسا ) أي المخالط للنجاسة فقط لا جميعه أفاده السيد قوله ( لأن العبرة للام ) في أحكام منها السؤر وحل الأكل وحرمته والرق والحرية أما في النسب فالعبرة للأب لكن ولد الشريفة له شرف في الجملة والله أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في بيان أحكام السؤر قوله ( والماء القليل الخ ) قالوا ولا يسمى سؤرا إلا إذا كان قليلا فلا يقال لنحو النهر المشروب منه سؤر قوله بهمز عينه ) أما السؤر بدون همزة البناء المحيط بالبلد والجمع أسوار كنور وأنوار مصباح قوله ( لبقية الطعام ) الذي في المستصفى والقهستاني عن المغرب أنه استعير لمطلق البقية من كل شيء قوله ( والفعل أسأر ) يقال أسأر كأكرم وسأر كمنع إذا أبقى وعقب كما في القاموس ويقال إذا شربت فأسئر كأكرم قوله ( أي أبقى شيئا مما شربه ) لا حاجة إليه قوله ( والنعت منه سآر ) بوزن خطاب قوله ( لأن قياسه مسئر ) إلا انه لم يسمع كما صرح به أهل اللغة خلافا للمجسد في القاموس فجوز القياس قوله ( وإذا تنجس فمه ) كأن شرب خمرا أو أكل أو شرب نجسا أو قاء ملء الفم قوله ( فلا يكون سؤره نجسا ) ما لم يكن شاربه طويلا لا يستوعبه اللسان فسؤره نجس ولو بعد زمان كما في شرح التنوير
تنبيه يكره أن يشرب سؤر غيره إن وجد منه لذة إلا الزوجين والسيد مع أمته وكذا يكره حلاقة الأمرد إن وجد المحلوق رأسه من اللذة ما يزيد على ما لو كان الحلاق ملتحيا وبالأولى كراهة تكبيس الأمرد في الحمام بالشرط المذكور قوله ( لكنه مكروه ) أي تنزيها مراعاة للخلاف قوله ( أو شرب منه فرس ) لفظه يقع على الذكر والأنثى وربما قالوا للأنثى فرسة قوله ( فأن سؤر الفرس طاهر بالاتفاق ) أما عندهما فظاهر لأنه مأكول عندهما وأما عند الإمام فلأن لعابه متولد من لحمه وهو طاهر وحرمته للتكريم لكونه آلة الجهاد فصارت حرمته كحرمة لحم الآدمي ألا ترى أن لبنه حلال بالإجماع
____________________(1/20)
كما في التبيين بل صح رجوعه عن القول بحرمته قبل موته بثلاثة أيام وعليه الفتوى وذكر شيخ الإسلام وغيره إن أكل لحمه مكروه وتنزيها في ظاهر الزاوية وهو الصحيح كما في مجمع الأنهر قوله ( على الصحيح ) وقيل نجس حكاه صاحب منية المصلى وقيل مشكوك كسؤر الحمار قوله ( من غير كراهة ) وروى الحسن عن الإمام أنه مكروه كلحمه قوله ( كالإبل والبقر ) أدخلت الكاف الطيور مأكولة اللحم قوله ( ولا كراهة في سؤرها ) لأنه يتولد من لحم طاهر فأخذ حكمه قوله ( إن لم تكن جلالة تأكل الجلة ) أي فقط فإن كانت تخلط وأكثر علفها طاهر فلا كراهة في سؤرها كما في الجوهرة قوله ( وقد يكنى بها عن العذرة ) بكسر الذال ولا تسكن غائط بني آدم والعذرة اسم لفناء الدار وكانوا يلقونها فيه فسميت باسم ظرفها قوله ( وقيل خفيفة ) محل الخلاف في غير الكلب والخنزير أما هما فغلظان اتفاقا ثم التغليظ والتخفيف إنما يظهران في غير المائعات قوله ( أي لا يصح التطهير به ) دفع به توهم إرادة عدم الحل وهو يجامع الصحة كما مر قوله ( ولا يشربه إلا مضطر كالميتة ) لكن لا يشرب منه ولا يأكل منها إلا قدر ما يقيم به البنية كما أفاده العلامة نوح قوله ( إنه يغسل ثلاثا الخ ) وما ذاك إلا لنجاسته ويندب عندنا التسبيع وكون إحداهن بالتراب قوله ( لنجاسة عينه ) لم يقل نظيره في الكلب لما أن المعتمد فيه أنه طاهر العين قوله ( من سباع البهائم ) سميت بهائم لانبهام الأمر عليها أو لانبهام أمرها علينا قوله ( وسيأتي حكمها ) أي في القسم الثالث قوله ( مختطف ) لفظه يفيد السرعة بخلاف المنتهب قوله ( في الطهارة ) تقييده بها يفيد أنه لا يكره في شرب وطبخ وليس كذلك قوله ( كراهة تنزيه ) ما ذكره هو الصحيح وذهب أبو يوسف إلى أن سؤر الهرة يجوز شربه والوضوء به من غير كراهة قوله ( ولا يكره عند عدم الماء ) إلا نسب الضمير قوله ( اتفاقا ) والخلاف إنما هو في الكراهة فإن أبا يوسف لا يقول بها كما مر قوله ( بعلة الطواف ) الإضافة للبيان قوله ( المنصوص عليه ) ذكر باعتبار المضاف إليه قوله ( إنها من الطوافين ) بيان للضرورة المسقطة حكم النجاسة والتأنيث باعتبار لفظ الهرة وهو اسم جنس يعم الذكر والأنثى والطوافين جمع الذكور والطوافات جمع الإناث وجمعه جمع ومن يعقل لمجاورته لمن يعقل قال في القاموس الطواف الخادم يخدمك برفق وعناية اه فالكلام على التشبيه فإنها بحفظها بني آدم من الهواء كأنها خادمة لهم قوله ( حسن صحيح ) على حذف العاطف أي أنه من إحدى الرتبتين قوله ( ولكن يكره سؤرها تنزيها ) عند عدم العلم بحالها أما إذا علم حالها من نجاسة وغيرها فيثبت حكمه قوله ( كماء غمس صغير إلخ ) فإنه مكروه والظاهر انه إذا علم طهارة يده يقينا تنتفي الكراهة قوله ( ويكره أن تلحس الهرة كف إنسان الخ ) مقيد بحال التوهم فأما لو كان زائلا فلا كراهة وكذا يقال في أكل سؤرها وشربه كما بحثه الكمال قوله ( للضرورة ) أفاد به أنه لم يجد غيره والأكره له كالغنى فإذن لا فرق ذكره بعض الحذاق قوله ( والدجاج مشترك ) ويفرق بينه وبين واحده بالتاء كتمر وتمرة وبيض وبيضة قوله ( والدجاجة الأنثى خاصة ) هذا اصطلاح الفقهاء بدليل ما بعده وهذا من المصنف خلط اصطلاح بلغة فأوقع في الوهم قوله ( ويكره سؤر المخلاة ) لا حاجة إلى هذه الزيادة والمخلاة بالخاء المعجمة وتشديد اللام المرسلة قال شيخ الإسلام في مبسوطه هي التي لا
____________________
(1/21)
تعلف في البيوت فلا تتحامى النجاسات بواسطة التقاط الحب فمنقارها لا يخلو عن قذر فتثبت الكراهة للاحتمال حتى لو تيقن ذلك عند شربها كان سؤرها نجسا اتفاقا وأما محل الكراهة عند جهالة الحال برهان وكذا الحكم في إبل وبقر وغنم جلالة فالأولى حذف دجاجة وعرق الجلالة طاهر على الظاهر خالية وكره لبن الجلالة ولحمها إذا أنتن وتحبس لتزول الكراهة حتى يذهب نتنه وقدر بثلاثة أيام للدجاجة وللشاة بأربعة وللإبل والبقر بعشرة در في الاستحسان قال الحموي والدجاج لا بأس به لأن لحمه لا يتغير اه
قوله ( التي تجول ) أي تطوف أو تدور أفاده في القاموس في جملة معان قوله ( ولم يعلم طهارة منقارها ) أما إذا علمت أو ضدها فالحكم ظاهر قوله ( بأن حبست الخ ) الحبس كما قال شيخ الإسلام أن تحبس في بيت وتعلف هناك فلا تجد عذرات غيرها حتى تفتش فيها الحب وهي لا تفتش في عذرات نفسها عادة فأمن تفتيش النجاسة اه قوله ( للزوم طوافها ) أي والطواف الذي هو العلة في هذا الباب لسقوط النجاسة في حقها ألزم قوله ( وحرمة لحمها النجس ) الواو بمعنى مع قوله ( فلا كراهة فيه ) ولو ماتت في الماء قوله ( سؤر مشكوك ) قال ابن أمير حاج هذه التسمية لم ترو عن سلفنا أصلا وإنما وقعت لكثير من المتأخرين فسماه بعضهم مشكوكا وبعضهم مشكلا ومرادهم بذلك التوقف في كونه يزيل الحدث فقالوا يجب استعماله مع التيمم عند عدم الماء المطلق احتياطا ليخرج عن العهدة بيقين وليس معناه الجهل بحكم الشرع كما فهمه أبو طاهر الدباس فأنكر هذا التعبير لأن الحكم فيه معلوم وهو ما ذكرنا والقول بالتوقف في مثل هذا التعارض الأدلة دليل العلم وغاية الورع قال الحلبي وأما النجاسة الحقيقية فإنه يزيلها عند الإمام وأبي يوسف لقلعه إياها حقيقة فصار كالخل بخلاف الحكمية قوله ( أي متوقف في حكم طهوريته ) قال شيخ الإسلام خواهر زاده الأصح أن دليل الأشكال هو التردد في الضرورة والبلوى المسقطتين للنجاسة فإن الحمار يربط في الدور ويشرب من الأواني المستعملة ويخالط الناس في ركوبه فأشبه الهرة في عدم إمكان مجانبته فسقطت نجاسة لعابه للحرج لكن ليست فيه كالضرورة في الهرة لأنها أشد مخالطة منه لدخولها في المضايق دون الحمار فلو لم يكن فيه ضرورة أصلا كان كالكلب في الحكم بالنجاسة بلا إشكال ولو كانت الضرورة فيه كضرورة الهرة كان مثلها في سقوط النجاسة لذلك وحيث ثبتت الضرورة من وجه دون وجه قيل بالشك في طهورية سؤره للاحتياط وعدم الحرج في ذلك عملا بالدليلين بقدر الإمكان وإعمال الدليلين أولى من إهمالهما عند عدم المرجح قال في البحر والمعتمد أن كلا من عرق الحمار ولعابه طاهر وإذا أصاب الثوب أو البدن لا ينجسه وإذا وقع في الماء القليل صار مشكوكا وان الشك في جانب اللعاب والعرق أي في ذاتهما متعلق بالطهارة وفي جانب السؤر متعلق بالطهورية فقط ولا شك في الطهارة لأن الماء طاهر بيقين وقد خالطه مشكوك في طهارته وهو اللعاب أو العرق فلا ينجس بالشك ولكن أورث شكا في طهوريته للاحتياط حتى لو اختلط هذا السؤر بماء قليل جاز الوضوء به من غير شك ما لم يساوه كما في مخالطة الماء المستعمل اه
قوله ( فلم يحكم الخ ) أي فاحتجنا معه إلى التيمم لتحقق الرفع بمطهر يقينا قوله ( الذي أمه أتان ) ولا يكره سؤر ما أمه مأكولة كبقرة وأتان وحش وفرس ولا أكله إلا الثالث على قول الإمام
____________________
(1/22)
قوله ( لأن لعابه طاهر ) علة لقوله مشكوك في طهوريته قوله ( والشك ) أي في طهوريته قوله ( في إباحة لحمه ) روي أن أبجر قال يا رسول الله أصابتنا السنة ولم يكن في مالي ما أطعم أهلي الأسمان حمر وانك حرمت الحمر الأهلية فقال أطعم أهلك من سمين حمرك
قوله ( وحرمته ) أخرج البخاري في غزوة خيبر عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه جاء فقال يا رسول الله أكلت الحمر فسكت ثم أتاه الثانية فقال أكلت الحمر فسكت ثم أتاه الثالثة فقال أفنيت الحمر فأمر مناديا ينادي في الناس أن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية وفي رواية فإنها رجس فأكفئت القدور وإنها لتفور باللحم والجمهور على أن التحريم لعينها وقيل لكونها كانت جلالة وقيل لأنها كانت حمولة القوم وقيل لأنها أفنيت قبل قسمة المغنم واعترض شيخ الإسلام هذا التعارض بأنه يقتضي التحريم لا الشك لأن العمل بالمحرم حينئذ وصحح توجيه التعارض بما قدمناه عنه قوله ( فإن لم يجد غيره ) ولو الغير مكروها فإنه طهور يقينا قوله ( توضأ به وتيمم ) عطف بالواو المفيدة لمطلق الاجتماع ليفيد التخيير في التقديم قوله ( بلزوم تقديمه ) لأنه لما وجب الوضوء به أشبه الماء المطلق وهو لا يصح التيمم عند وجوده فكذا ما أشبهه فيجب تقديم الوضوء ليكون عادما للماء وقت التيمم قوله ( والأحوط أن ينوي ) لضعف التطهير به عن المطلق فيتقوى بالنية قوله ( ثم صلى ) أتي بثم ليفيد أن الصلاة بعد فعلهما وهو الأفضل فلو صلى بعد كل طهارة الصلاة صح مع الكراهة ولا يلزم الكفر لأنه لم يصل بغير طهارة من كل وجه بل من وجه دون وجه فهو كصلاة حنفي بعد افتصاده فإنه لا يكفر فإن الطهارة باقية بالنظر إلى قول الإمام مالك والشافعي رضي الله تعالى عنهما
قوله ( ولا يؤثر في إزالة الثابت ) أي بيقين وهو طهارة الماء قوله ( فصل في التحري ) هو تفريغ الوسع والجهد لتمييز الطاهر عن غيره وفي أوائل شرح مسلم للنووي توخى وتأخى وتحرى بمعنى ثم لما كان الإختلاط نوعين اختلاط ممازجة واختلاط مجاورة وكان الأول أبلغ قدمه وأخر الثاني وذكره بفصل على حدة لتغير حكمه بالنسبة للأول قوله ( أو إن ) مرفوع بالفاعلية وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين وأصله أو أني يفعل به كجوار قوله ( والأفضل الخ ) يقال مثله فيما إذا كان الطاهر أقل قوله ( أن يمزجها ) أي عند الطحاوي أو يريقها أي عند عامة العلماء ولحكاية الخلاف قوله ( وإن وجد ثلاثة رجال ) التقييد بالثلاثة والرجال اتفاقي قوله ( جازت صلاتهم وحدانا ) ولا يصح اقتداء بعضهم ببعض لأن كلا لا يجوز الوضوء بما تحراه الآخر لكونه نجسا في حقه بحسب تحريه فكان الإمام غير متطهر في حق المأموم قوله ( ولم يتحر ) أي لفقد شرطه وهو كثرة الطاهر فلا مفهوم له قوله ( إن مسح في موضعين من رأسه ) كل موضع قدر الربع وإنما كان هذا التفصيل في الرأس لأن باقي الأعضاء يغسل فإذا قدم النجس فبالغسل ثانيا بالطاهر تطهر ويرتفع به الحدث وإن قدم الطاهر ارتفع الحدث من أول الأمر فتصح صلاته ولا يضره تنجس الأعضاء بالغسل ثانيا بالنجس لأنه حينئذ فاقد لما يزيل به النجاسة وفاقده يصلي بالنجاسة ولا يعيد قوله ( لأن تقديم الطاهر ) أي على سبيل الفرض قوله ( وقد تنجس بالثاني ) أي وهو فاقد المطهر قوله ( ان قدم النجس ) أي فرضا قوله ( لو قدم الطاهر ) لأنه تنجس بالثاني بعد رفع الحدث عن جميع الأعضاء وهو فاقد للمطهر
____________________
(1/23)
ومن فقده صلى بنجاسته ولا إعادة عليه قوله ( لتنجس البلل ) علة لقوله وعدم الجواز وقوله بأول ملاقاة متعلق بقوله لتنجس أي فلم يزل حدث الرأس فلم يتم الوضوء قوله ( فلا يجوز للشك احتياطا ) فينتقل إلى التيمم لفقده المطهر قوله ( لا يتحرى إلا للشرب ) ولو اختلطت أوانيه بأواني أصحابه في السفر وهم غيب أو اختلط رغيفه بأرغفتهم قال بعضهم يتحرى وقال بعضهم ينتظر حتى يجيء أصحابه وهذا في حال الاختيار أما في حال الإضطرار فإنه يتحرى مطلقا وبقولنا قال مالك وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه يتحرى لأنه واجد الماء قوله ( وإن صلى في أحد ثوبين الخ ) وكذا لو تحرى إناء ثم تبدل اجتهاده إلى طهارة غيره فالعبرة لاجتهاده الأول ولا يعتبر الثاني قوله ( لأن إمضاء الاجتهاد لا ينقض ) أي باجتهاد مثله وإلا لأدى إلى عدم استقرار حكم وفيه حرج عظيم كما في الأشباه قوله ( لأنها تحتمل الإنتقال إلى أخرى بالتحري ) لأن المكلف به عند الإشتباه جهة التحري لتعذر إصابة الجهة حقيقة فبتبدل الاجتهاد تتبدل الجهة لا محالة قوله ( لأنه أمر شرعي ) أي التحري الذي تنتقل به القبلة قوله ( للزوم الإعادة الخ ) بخلاف القبلة فإنه لو ظهر خطؤه بعد تحريه لا يعيد قوله ( لبقائه ) أي اللحم على الحرمة أي التي هي الأصل إذ حل الأكل متوقف على تحقق الذكاة الشرعية وبتعارض الخبرين لم يتحقق الحل فبقيت الذبيحة على الحرمة قوله ( بتهاتر الخبرين ) أي تساقطهما لاستوائهما في الصدق قال في الهداية ولو كان المخبر بنجاسة الماء ذميا لا يقبل قوله كالصبي والمعتوه ولا يجب التحري ولكن يستحب بخلاف الفاسق لأن خبره يستوي فيه الصدق والكذب فيجب التحري طلبا للترجيح قال في القاموس الهتر مزق العرض هتره يهتره وبالكسر الكذب والداهية والأمر العجيب والسقط من الكلام والخطأ فيه والنصف الأول من الليل اه
تنبيه مثل تعارض الخبرين الشك وقالوا إن الشك على ثلاثة أضرب شك طرأ على أصل حرام وشك طرأ على أصل مباح وشك لا يعرف أصله فالأول مثل أن يجد شاة مذبوحة في بلد فيها مسلمون ومجوس فلا تحل حتى يعلم أنها ذكاة مسلم لأن الأصل فيها الحرمة إذ حل الأكل يتوقف على تحقق الذكاة الشرعية فصار حل الأكل مشكوكا فلو كان الغالب فيها المسلمين جاز الأكل عملا بالغالب المفيد للحل والثاني أن يجد ماء متغيرا واحتمل أن يكون تغيره بنجاسة أو طول مكث يجوز التطهير به عملا بأصل الطهارة والثالث مثل معاملة من أكثر ما له حرام لا تحرم مبايعته حيث لم يتحقق حرمة ما أخذه منه ولكن يكره خوفا من الوقوع في الحرام كذا في فتح القدير قاله أبو السعود في حاشية الإشباه
فصل في مسائل الآبار هي كأصحاب فهو بهمزة بعد باء ساكنة ومن العرب من يقدمها على الباء فتجتمع همزتان فتقلب الثانية ألفار ووزنه أعفال وعلى الأول أفعال من بأر يبأر بأرا من باب قطع إذا حفر البؤرة بالضم الحفرة ومناسبة هذا الفصل لما قبله ظاهرة لأنه من جملة المياه
قوله ( والواقع فيها الخ ) يصح قراءته بالجر عطفا على مسائل وقوله روث بدل منه وبالرفع مبتدأ وروث الخ خبره وعلى الأول فالعطف تفسيري لأن مسائل الآبار هي أحكام مائها إذا وقع فيها شيء مما ذكر
قوله ( ونحوه )
____________________
(1/24)
من كل نجس ولو مخففا لأن الغليظ والخفيف في المياه سواء قوله ( لأنه من إسناد الفعل إلى البئر ) قصدا للمبالغة في إخراج جميع الماء وقوله وإرادة الماء الحال بالبئر أشار به إلى أنه من إطلاق اسم المحل وإرادة الحال فيه
قوله ( لأنه غير نجس العين على الصحيح ) هو قول الإمام رضي الله عنه وعندهما نجس العين كالخنزير والفتوى على قول الإمام وإن رجح قولهما كما في الدر عن ابن الشحنة قوله ( أو موت شاة ) هي اسم جنس يطلق على الضأن والمعز كما في المصباح والمراد أن تكون كبيرة في الجملة حتى لو كان ولد الشاة صغيرا جدا كان حكمه حكم الهرة
قوله ( أو موت آدمي فيها ) مبني على غالب حال الميت من عدم خلوه عن نجاسة وإلا فقد مر أن غسالة الميت النظيف مستعملة فقط على الأصح فإذا كان نظيفا لا ينزح به شيء ولو قبل الغسل روي ذلك عن أبي القاسم الصفار كما في القستهاني عن المحيط فاستثناء صاحب الدر الشهيد النظيف فقط فيه قصور وما ذكره من التفصيل في المسلم إذا وقع قبل الغسل ينجس وبعده لا مبني على الغالب أيضا ذكره بعض الأفاضل قلت أو ذلك مبني على القول بأن نجاسة الميت نجاسة خبث وصحح أيضا وقد فرع أهل المذهب فروعا على كل منهما قوله ( وتنزح بانتفاخ حيوان ) أي دموي غير مائي وكذا لو تفسخ أو تمعط شعره أو ريشه
قوله ( ولو صغيرا ) كحلمة وقال بعضهم ينزح عشرة دلاء وليس بقوي
قوله ( وهو المستعمل كثيرا في تلك البئر ) هو ظاهر الرواية ويكفي ملء أكثر الدلو ونزح ما وجد وإن قل قوله ( ولو نزح الواجب الخ ) وكذا لو نزح القدر الواجب مرة واحدة
قوله ( وقالا يشترط الخ ) أعاده لذكر دليله وثمرة الخلاف تظهر فيمن استقى منها قبل انفصاله عن فمها يكون نجسا عندهما طاهرا عنده
قوله ( وقدر محمد رحمه الله الواجب بمائتي دلو ) هو الأيسر وجزم به في الكنز والملتقى وفي الخلاصة وعليه الفتوى وهو المختار ) كما في الإختيار ورجحه في النهر وتبعه الحموي ويستحب زيادة مائة لزيادة النزاهة قوله ( لو لم يمكن نزحها ) لغلبة نبع الماء حتى لو أمكن سد منابع الماء من غير عسر لزم ثم ينزح كما فعل في زمزم كذا في غاية البيان قوله ( وأفتى به لما شاهد آبار بغداد كثيرة المياه ) يعني وكانت مع كثرتها لا تزيد على هذا القدر قال الحلبي فعلى هذا لا ينبغي أن يفتي بالمائتين مطلقا بل ينظر إلى غالب آبار البلد لكن في النهر أن التقدير بالمائتين مخرج على الغالب فليكن هو المعتبر لانضباطه تطمينا وقطعا للوسوسة كما اعتبروا في ذلك العشر في العشر قوله ( والأشبه ) أي بقواعد الفقه لكونهما نصاب الشهادة الملزمة ذكره السيد مزيدا
قوله ( إلى خمسين ) هو المذكور في الجامع الصغير قال في الهداية وهو الأظهر اه لأن الجامع الصغير آخر التصنيفين فالمذكور فيه هو المرجوع إليه
قوله ( أو ستين ) هي رواية الأصل قال في شرح المجمع وهو الأحوط قوله ( بعد إخراجه ) راجع إلى الواقع من حيث هو لأن النزح قبله لا يفيد لأنه سبب النجاسة إلا إذا تعذر إخراجه كخشبة أو خرقة نجسة تعذر إخراجها أو تغيبت فينزح القدر الواجب وتطهر الخشبة والخرقة تبعا لطهارة البئر كما في السراج قوله ( لاحتمال زيادة الخ ) روى الأكمل الحديث المذكور بلفظ في الفأرة إذا وقعت
____________________
(1/25)
في البئر ينزح عشرون دلوا أو ثلاثون رواه السمرقندي بالشك وأولا حد الشيئين فكان الأقل وهو العشرون ثابتا بيقين وثبت الشك في الأكثر فكان مستحبا لئلا يترك اللفظ المروي اه
فروع في الخانية جلد الآدمي أو لحمه إذا وقع في الماء إن كان مقدار الظفر يفسده وإن كان دونه لا يفسده ولو سقط الظفر نفسه في الماء لا يفسد وفيها بول الهرة والفأرة وخرؤهما نجس في أظهر الروايات يفسد الماء والثوب وبول الخفاش وخرؤه لا يفسد لتعذر الاحتراز عنه انتهى وفي الشرنبلالية عن الفيض الأصح أن البئر لا تنجس ببول الفأرة
قوله ( في ظاهر الرواية ) الأولى أن يقول في الصحيح فإن ظاهر الرواية كما ذكره السرخسي أن الروث والمتفتت في البعر مفسد مطلقا قوله ( ونحوها ) الأولى التذكير إلا أن يعود على المذكور كله
قوله ( غير الدجاج والاوز ) مثلهما البط قوله ( لأن النبي صلى الله عليه وسلم الخ ) ولأن الصدر الأول ومن بعدهم أجمعوا على اقتناء الحمامات في المساجد حتى في المسجد الحرام مع الأمر بتطهيرها فدل ظاهرا على عدم نجاسته
قوله ( ومسح ابن مسعود ) وكذلك ابن عمر إلا أنه مسحه بمحصاة قوله ( واختلف التصحيح الخ ) قال في الخانية وزرق ما لا يؤكل لحمه من الطيور لا يفسد الماء في ظاهر الرواية عند محمد لتعذر الاحتراز عنه ثم قال بعد ذلك وزرق سباع الطيور يفسد الثوب إذا فحش ويفسد ماء الأواني ولا يفسد ماء البئر اه
تنبيه قال في النهاية الاستحالة إلى فساد لا توجب نجاسة فإن سائر الأطعمة تفسد بطول المكث ولا تنجس اه لكن يحرم الأكل في هذه الحالة للإيذاء لا للنجاسة كاللحم إذا أنتن يحرم أكله ولا يصير نجسا بخلاف السمن واللبن والدهن والزيت إذا أنتن لا يحرم وكذا الأشربة لا تحرم بالتغير كذا في البحر ويتفرع على حرمة أكل اللحم إذا أنتن للإيذاء لا للنجاسة حرمة أكل الفسيخ المعروف في الديار المصرية لما ذكر ولم أره صريحا وفي تذكرة الحكيم داود عند ذكره السمك قال والمقدد الشهير بالفسيخ رديء يولد السدد والقولنج والحصا والبلغم الجصى وربما أوقع في الحميات الربعية والسل ويهزل اه
قوله ( على الأصح ) الخلاف في غير السمك أما هو فلا يفسد المائع إجماعا
قوله ( لا دم له ) أي سائل فالمعتبر عدم السيلان لا عدم أصل الدم حتى لو مات في الماء حيوان له دم جامد غير سائل لا ينجسه قهستاني قوله ( فيه ) قيد اتفاقي حتى لو مات خارجه وألقى فيه يكون الحكم كذلك
قوله ( والبري يفسده ) هو ما لا سترة له بين أصابعه
قوله ( وحيوان الماء ) الحد الفاصل بين المائي والبري أن المائي ما لا يعيش في غير الماء والبري ما لا يعيش في غير البر واختلف فيما يعيش فيهما فقال قاضيخان في شرح الجامع الصغير إنه يفسد وفي المجتبى طير الماء كالبط والأوز إذا مات فيه لا ينجسه والأوجه الأول
قوله ( لا يفسده ) لكن يحرم شربه لأن النفوس تعافه
قوله ( وقد يسمى به الفسفس ) هو البق بلغة مصر
قوله ( في بعض الجهات ) أي الأقاليم وهو الشام
قوله ( لأنه كلما ذب آب ) ربما يتوهم أن الإسم مركب من الفعلين والذي ذكره بعض المحققين أنه مشتق من الذب وهو الطرد لأنه يطرد
قوله ( وزنبور ) بضم الزاي والباء أنواع شتى يجمعها حكم واحد
قوله ( وعقرب ) يقال للذكر والأنثى والذكر عقربان وأنثاه عقربة عيناها في وسط ظهرها ولا تضر ميتا ولا نائما حتى يتحرك روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يصبح أعوذ بكلمات الله
____________________
(1/26)
التامات من شر ما خلق ثلاث مرات لم تضره عقرب حتى يمسي ومن قالها حين يمسي لم تضر حتى يصبح قوله ( إذا وقع الذباب الخ ) وجه الدلالة منه أنه لو كان موته ينجس ما وقع فيه لم يأمر صلى الله عليه وسلم بغمسه لأنه يفضي إلى موته فيه لا محالة لا سيما إذا كان الشراب حارا فيموت من ساعته وفي تنجسه إتلاف والشارع لا يأمر به بل صح النهي عنه
قوله ( وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء ) قال بعض الفضلاء تأملت ذلك الجناح فوجدته الأيسر
فرع لا ينجس المائع وقوع بيضة طرية من بطن دجاجة ولا وقوع سخلة من بطن أمها ولو كانت رطبة ما لم يعلم أن عليهما قدرا لأن رطوبة المخرج ليست بنجسة وقيل تنجسه الرطبة لخروجها من مخرج نجس والأول قياس قول الإمام والثاني قياس قولهما ومشى على الأول قاضيخان وعلى الثاني صاحب الخلاصة
قوله ( بوقوع آدمي ) ولو جنبا أو حائضا أو نفساء انقطع دمها أو كافرا
قوله ( ولا ينظر الخ ) لاحتمال طهارتها بورودها ماء كثيرا قبل ذلك فهذا مع الأصل وهو الطهارة تظافرا على عدم النزح كذا في الفتح
قوله ( ولا يفسد الماء بوقوع بغل وحمار ) ولا يصير مشكوكا لأن بدن هذه الحيوانات طاهر لأنها مخلوقة لنا استعمالا وإنما تصير نجسة بالموت كذا في الدرر وهذا كله عند عدم وصول لعاب ما ذكر إلى الماء وأما إذا وصل إليه فقد ذكر حكمه بعد
قوله ( وأن وصل لعاب الواقع الخ ) وعرق كل شيء كلعابه فيأخذ الماء حكمه أيضا على المذهب كذا في الدر المنتقي
قوله ( والمشكوك ) صرح به المحققون من أهل المذهب وعلله الحلبي باشتراك المشكوك والنجس في عدم الطهورية وأن افترقا من حيث الطهارة فإذا لم تنزح ربما تطهر به والصلاة به وحده لا تجزى فينزح كله
قوله ( ويستحب في المكروه عدد ) أي من غير تقدير في الأصل أي نزح عدد وكذا يقال فيما بعد
قوله ( وقيل عشرين ) عن محمد كل موضع فيه نزح لا ينزح أقل من العشرين لأنه أقل ما جاء به الشرع من المقادير اه وهذا النزح لتسكين القلب لا للتطهير حتى لو توضأ منها من غير نزح جاز قوله ( ووجود حيوان الخ ) قيد بالحيوان لأن غيره من النجاسات لا يتأتى فيه التفصيل ولا الخلاف بل ينجسها من وقت الوجدان فقط والمراد الحيوان الدموي غير المائي كما مر
قوله ( ومنتفخ ) وبالأولى إذا كان متمعطا أو متفسخا قوله ( أن لم يعلم وقت وقوعه ) عبارة غيره موته بدل وقوعه وهي الأولى وقيد بعدم العلم لأنه إن علم أو ظن فلا أشكال ويعتبر الحكم من وقته بلا خلاف
قوله ( لأن الانتفاخ دليل تقادم العهد ) وأدنى حد التقادم في الانتفاخ ونحوه ثلاثة أيام لحصول ذلك في مثلها غالبا ألا ترى أن من دفن بغير صلاة يصلى على قبره إلى ثلاثة لا بعدها وعدم الانتفاخ دليل على قرب عهده فقدر بيوم وليلة لأن ما دون ذلك ساعات لا تنضبط وأمر العبادة يحتاط فيه قوله ( فيلزم اعادة صلوات تلك المدة ) لأن المانع قد ثبت بيقين وهو الحدث ومثله نجاسة الثياب ووقع الشك في المزيل واليقين لا يزول بالشك
قوله ( فلا إعادة إجماعا ) لوجود المقتضى للصحة وهو الطهارة من الحدث والخبث ووقع الشك في المانع وهو إصابة ذلك الماء والصلاة لا تبطل بالشك
قوله ( ولا يعيد صلاته اتفاقا ) لا يتجه على قول الإمام لأن قياسه أن يوجب مع الغسل الإعادة ولا على قولهما لأنهما لا يوجبان غسل الثياب أصلا
قوله ( وقال أبو يوسف ومحمد يحكم بنجاستها من وقت العلم ) لجواز أنه سقط فيها فمات في
____________________
(1/27)
الحال أو ألقته الريح أو بعض السفهاء أو الصبيان أو الطيور حكي عن أبي يوسف أنه قال كان قولي كقول الإمام إلى أن كنت جالسا في بستان فرأيت حدأة في منقارها جيفة فطرحتها في البئر فرجعت إلى قول محمد
قوله ( فإن عجن الآن بمائها ) أي بعد العلم بالنجاسة
قوله ( يباع لشافعي ) لأن الماء إذا بلغ قلتين لا ينجس عنده بدون ظهور أثر
قوله ( لأنه يصيبه من الخارج ) بخلاف المني حتى أن الثوب إن كان مما يلبسه هو وغيره يستوي فيه حكم الدم والمني قال البرهان الحلبي الحكم بالاقتصار فيما لو رأى على ثوبه نجاسة إنما يتأتى في الرطبة أما اليابسة فينبغي أن يتحرى وقت إصابتها عنده وكذا عندهما إذ لا يتأتى أن يقال إنها إصابته تلك الساعة بعد يبسها إلا أن يكون الزمان محتملا ليبسها بعد الأصابة وهو تفصيل حسن
فصل في الاستنجاء قوله ( فصل في الاستنجاء ) لا يخفي حسن تقديمه على الوضوء وهو من أقوى سننه كما في العناية وهو في اللغة مسح موضع النجو أو غسله يعني مطلقا والنجو ما يخرج من البطن يقال نجا وأنجى إذا أحدث اه مغرب وقال الأزهري مشتق من النجو بمعنى القطع يقال نجوت الشجرة وأنجيتها واستنجيتها إذا قطعتها لأنه يقطع عنه الأذى بالماء أو الحجر اه وقيل من النجوة وهي الأرض المرتفعة لاستتارهم بها أو لارتفاعهم وتجافيهم عن ذلك الموضع والفرق بين الاستنجاء والاستبراء والاستنقاء ما قاله في المقدمة الغزنوية من أن الاستنجاء استعمال الحجر أو الماء والاستبراء نقل الأقدام والركض بها ونحو ذلك حتى يستيقن بزوال أثر البول والاستنقاء هو النقاوة وهو أن يدلك الأحجار حال الاستجمار أو بالأصابع حال الاستنجاء بالماء حتى تذهب الرائحة الكريهة هذا هو الأصح في الفرق بينها
قوله ( بنحو الماء ) ظاهره أنه يكفي فيه المائعات وهو الذي يفيده كلامه الآتي والظاهر خلافه ويحرر
قوله ( التقليل بنحو الحجر ) أفاد بذكر التقليل أن حكم النجاسة بعد الحجر باق حتى لو دخل الماء القليل نجسه
قوله ( الاستبراء ) بالهمز ودونه
قوله ( عبر باللازم ) أي المفاد من يلزم وفي الشرح باللزوم وهو أولى وأن كان المآل واحدا كما قاله السيد
قوله ( لأنه أقوى من الواجب ) حتى كان تركه من الكبائر
قوله ( والمراد طلب الخ ) أفاد أن السين والتاء فيه للطلب ويصح
____________________
(1/28)
جعلهما للمبالغة وهو الأبلغ
قوله ( حتى يزول أثر البول ) خصه لأن الغالب أن يتأخر أثر البول وإلا فالغائط كذلك إذ لا فرق
قوله ( ولا تحتاج المرأة إلى ذلك ) أي الاستبراء المذكور في الرجل لاتساع محلها وقصره
قوله ( وعصر ذكره برفق ) وما قيل أنه يجذب الذكر بعنف مرة بعد أخرى فيه نظر لأنه يورث الوسواس ويضر بالذكر كما في شرح المنكاة
قوله ( فلا يقيد بشيء ) قال في المضمرات ومتى وقع في قلبه أنه صار طاهرا جاز له أن يستنجي لأن كل أحد أعلم بحاله اه ولو عرض له الشيطان كثيرا لا يلتفت إليه بل ينضح فرجه وسراويله بالماء حتى إذا شك حمل البلل على ذلك النضج ما لم يتيقن خلافه كذا في الفتح
قوله ( وهو أنه سنة مؤكدة ) وقيل يستحب في القبل
قوله ( لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم ) أي في غالب الأوقات بدليل ما بعده
قوله ( ومن فعل هذا فقد أحسن ) ظاهر كلامه أن اسم الإشارة في الحديث يعود إلى أصل الاستنجاء لأنه لا يتم الاستدلال إلا بذلك ويعارضه أنهم ذكروه دليلا على استحباب الإيتار فاسم الإشارة يعود إلى الإيتار
قوله ( وما ذكره بعضهم الخ ) وهو صاحب السراج فإنه جعله أقساما خمسة أربعة فريضة من الحيض والنفاس والجنابة والرابع إذا تجاوزت النجاسة مخرجها وكان المتجاوز أكثر من قدر الدرهم والخامس مسنون إذا كانت مقدار المخرج في محله ذكره السيد
قوله ( فهو توسع ) أي زيادة على المقام
قوله ( يخرج من السبيلين ) خرج به حدث من غيرهما كالنوم والفصد فالاستنجاء منه بدعة كما في القهستاني
قوله ( إذ لو أصاب المخرج نجاسة من غيره يظهر بالاستنجاء كالخارج ) قال في المضمرات نقلا عن الكبرى موضع الاستنجاء إذا أصابه نجاسة قدر الدرهم فاستجمر بالأحجار ولم يغسله يجزيه هو المختار لأنه ليس في الحديث المروي فصل فصار هذا الموضع مخصوصا من سائر مواضع البدن حيث يطهر من غير غسل اه
قوله ( ولو كان قيحا أو دما ) أشار به إلى أنه لا فرق بين المعتاد وغيره في الصحيح حتى لو خرج من السبيلين دم أو قيح يطهر بالأحجار كما ذكره الزيلعي وهذا الكلام إنما يحسن ذكره عند ذكر الاستنجاء بالحجر والكلام هنا في الأعم فيخص بأحد القسمين
قوله ( وإذا جلس في ماء قليل نجسه ) هو الصحيح والمختار وقيل أنه مائع فلا ينجس
قوله ( ما لم يتجاوز المخرج ) يعني به المخرج وما حوله من الشرج ذكره ابن أمير حاج عن الزاهدي والشرج بفتحتين ويجمع على أشراج كسبب وأسباب مجمع حلقة الدبر الذي ينطبق مصباح
قوله ( وكان المتجاوز قدر الدرهم ) أي المتجاوز و حده عندهما وعند محمد يعتبر مع ما في المخرج وكذا فيما إزالته فرض والحاصل أن المخرج له حكم الباطن عندهما حتى لا يعتبر ما فيه من النجاسة أصلا ولا يضم وعند محمد له حكم الظاهر حتى إذا كان ما فيه زائدا على قدر الدرهم يمنع ويضم ما فيه إلى ما في جسده لاتحادهما في الحكم وبقولهما يؤخذ كما في التبيين وصححه في المضمرات وذكر ابن أمير حاج عن الاختيار أن الأحوط قول محمد
قوله ( فلا يكفي الحجر بمسحه ) الأظهر فلا يكفي مسحه بالحجر
قوله ( ويفترض غسل ما في المخرج ) أي إزالة ما في المخرج بغسله
قوله ( ليسقط فرضية غسله ) علة لقوله يفترض وهذا يفيد افتراض غسله في هذه الاغتسالات وإن لم يكن عليه شيء وهو كذلك ولا ينافيه ذكرهم له في سنن الغسل لأن المسنون تقديمه لا نفسه
قوله ( ونحوه من كل طاهر الخ ) كالمدر وهو الطين
____________________
(1/29)
اليابس والتراب والخلقة البالية والجلد الممتهن قال في المفيد وكل شيء طاهر غير متقوم يعمل عمل الحجر اه ومنه العود ولو أتى به حائطا فتمسح به أو مسه الأرض أجزأه كما فعله عمر رضي الله تعالى عنه والمراد حائطه المملوكة له أو المستأجرة ولو وقفا كما أفاده السيد
قوله ( أحب ) أي أفضل من الحجر وحده روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت للنسوة مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله رواه الترمذي وقال حسن صحيح
قوله ( والمائع غير الماء مختلف في تطهيره ) ظاهره أن من يقول بتطهيره وهو الشيخان يقولان بجواز الاستنجاء به وهو الذي يفيده كلامه أول الفصل
قوله ( في كل زمان ) وقيل الجمع إنما هو سنة في زماننا أما في الزمان الأول فأدب لأنهم كانوا يبعرون
قوله ( لأن الله أثنى الخ ) هكذا ذكره الأصحاب وهو مروي عن ابن عباس وسنده ضعيف والذي رواه أبو أيوب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك لما نزلت فيه رجال يحبون أن يتطهروا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم في الطهور فما طهوركم قالوا نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة وتستنجي بالماء قال هو ذا كم فعليكموه وسنده حسن قال في الفتح وأخرجه الحاكم وصححه اه وليس في هذه الرواية ذكر الجمع كما لا يخفى
قوله ( فكان الجمع سنة ) تفريع على ما فهم مما قبله أنه ممدوح شرعا والأفضلية ترجع إلى كثرة الثواب
تنبيه محل كونه الماء أحب أو استنان الجمع بينه وبين الحجر قبل الإصابة أما بعد إصابة الماء فلا بد من شيوع النجاسة فيكون فرضا من باب إزالة النجاسة كما إذا أصابه نجاسة أقل من الدرهم كان غسلها سنة فإذا باشر الغسل صار فرضا لأنها تتسع بأول إصابة الماء
قوله ( في كل زمان ) بيان لما قبله
قوله ( والسنة انقاء المحل ) فلو لم يحصل الأنقاء بثلاث يزاد عليها إجماعا لكونه هو المقصود ولو حصل الانقاء بواحد واقتصر عليه جاز لما ذكر
قوله ( في جعل الأحجار ثلاثة ) متعلق بمحذوف صفة العدد أي العدد الكائن وأشار به إلى أن أل في العدد للعهد وهو الثلاثة وإلا فمطلقه يصدق بالإثنين
قوله ( فيكون العدد مندوبا ) لا يظهر تفريعه على ما قبله إلا بمعونة من المقام ويكون تقدير الكلام لأنه يحتمل الإباحة والوجوب فسيرتكب حالة وسطى وهو الاستحباب ولو قال لأنه يحتمل الندب لكان أظهر
قوله ( فإنه محكم في التخيير ) أي لا يحتمل التأويل فيدل على نفي وجوب الاستنجاء وعلى نفي وجوب العدد فيه
قوله ( يعني بإكمال عددها ثلاثة ) لا حاجة إلى هذه العناية
قوله ( ذكر كيفية يحصل بها على الوجه الأكمل ) قال الشيخ كمال الدين بن الهمام عند قول الهداية لأن المقصود هو الانقاء يفيد أنه لا حاجة إلى التقييد بكيفية من المذكور في الكتب نحو إقباله بالحجر الأول في الشتاء وأدباره به في الصيف وفي المجتبى المقصود الانقاء فيختار ما هو الأبلغ والأسلم عن زيادة التلويث كما في الحلبي وقال السرخسي لا كيفية له والقصد الانقاء كما في السراج قال ابن أمير حاج وهو الأوجه في الكل
قوله ( وكيفية الاستنجاء الخ ) أي في الرجل قال ابن أمير حاج ينبغي أن يستثنى من الرجل المجبوب والخصي فيلحقا بالمرأة وينبغي أن يكون الخنثى في حكم الرجل اه
قوله ( وبالثالث من قدام إلى خلف ) ذكر ابن أمير حاج عن المقدمة الغزنوية أنه يمسح بالثالث الجوانب يبتدىء بالجانب الأيمن ثم الأيسر وهذه الكيفية في محل الغائط وأما كيفيته في
____________________
(1/30)
القبل فهو أن يأخذ ذكره بشماله مارا به على نحو الحجر ولا يأخذ واحدا منهما بيمينه فإن اضطر جعل الحجر بين عقبيه وأمر الذكر بشماله فإن تعذر أمسك الحجر بيمينه ولا يحركه لأنه أهون من العكس نهر وتعقبه الزاهدي بعد نقله بأن في إمساك الحجر بين عقبيه مثلا حرجا وتكلفا بل يستنجي بجدار أو نحوه وإلا فيأخذ الحجر بيمينه ويستنجي بيساره يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر
قوله ( خشية تلويث فرجها ) قال ابن أمير حاج هذا إنما يتم في حق من لها فرج نافر اه
قوله ( يغسل يده أولا ) هكذا وقع هنا والذي فيما شرح عليه السيد يديه بالتثنية وجرى على كل طائفة من المذهب وورد في حديث ميمونة بهما والمراد أنه يغسلهما إلى الرسغين
قوله ( ثم يدلك المحل بالماء ) الذي في المضمرات أنه يمسح موضع الاستنجاء ببطن اصبع مرارا أو يغسل الإصبع كل مرة حتى يزيل النجاسة أي عينها من المحل ولا يدلك بالأصابع من أول الأمر لئلا يتلوث المحل ثم يصب الماء فليحفظ ويصب الماء على المحل برفق ولا يضرب بعنف كما في المضمرات ولا يشترط عدد للصبات على ما هو الصحيح من تفويض ذلك إليه ويصب الماء قليلا ثم يزيد ليكون أطهر كما في الخلاصة
قوله ( إن احتاج إليها ) وإن لم يحتج فلا تحرزا عن زيادة التلويث ولا يزيد على الثلاث لأن الضرورة تندفع بها وتنجيس الطاهر بغير ضرورة لا يجوز كما في المحيط والاختيار وفي المقدمة الغزنوية ويغسل بالكف والأصابع إن كانت النجاسة فاحشة أو بالأصابع إن كانت قدر المقعدة أو أقل ذكره ابن أمير حاج وحاصله أنه يفعل ما يحتاج إليه ولا يزيد على قدر الحاجة قالوا ولا يدخل إصبعه في دبره تحرزا عن نكاح اليد ولأنه يورث الباسور وما قيل أنه يدخلها فليس بشيء كما في القهستاني عن شرح الطحاوي
قوله ( ويصعد الرجل الخ ) هي طريقة لبعض المشايخ والذي عليه عامتهم أنه لا يصعد بل يرفعها جملة كما في القهستاني والسراج
قوله ( ثم السبابة إن احتاج ) إليها علم هذا الشرط مما قدمه قريبا
قوله ( ولا يقتصر على إصبع واحدة ) ولا يستنجي بظهور الأصابع أو برؤسها لأنه يورث الباسور كما في القهستاني ولئلا ترتكن النجاسة في شقوق الأظفار كما في الإيضاح
قوله ( والمرأة تصعد بنصرها الخ ) ذكر القرماني في شرح المقدمة الليثية عن المرغيناني أنه يكفيها أن تغسل براحتها هو الصحيح وفي الهندية هو المختار وفي السراج هو قول العامة وقيل تستنجي برؤس أصابعها لأنها تحتاج إلى تطهير فرجها الخارج ولا يحصل ذلك إلا برؤس الأصابع ورجحه ابن أمير حاج قال والإستماع موهوم لأنه فيما يظهر إنما يكون بالإدخال في الفرج الداخل
تتمة اختلف في القبل والدبر بأيهما يبدأ فقال الإمام الأعظم رضي الله تعالى عنه يبدأ بالدبر لأنه أهم ولأنه بواسطة الدلك في الدبر وما حوله يقطر البول كما هو مشاهد فلا فائدة في تقديم القبل وعندهما بالقبل لأنه أسبق والفتوى على الأول
قوله ( حتى يقطع الرائحة الكريهة ) أي عن المحل وعن اصبعه التي استنجى بها لأن الرائحة أثر النجاسة فلا طهارة مع بقائها إلا أن يشق والناس عنه غافلون قالوا ويبالغ في الاستنجاء في الشتاء فوق ما يبالغ في الصيف لصلابة المحل في الشتاء إلا أن يستنجي بماء حار لأنه يرخي المحل ويشرع بالإزالة فلا يحتاج إلى شدة المبالغة لكن لا يبلغ ثواب المستنجي بماء بارد لأنه أفضل وأنفع كما في الفتاوي وغيره وأفضليته لمشقته وأنفعيه
____________________
(1/31)
لقطع الباسور
قوله ( وقيل يقدر في حق الموسوس ) بفتح الواو جعله المصنف مقابلا للصحيح والذي ذكره غيره أن الصحيح محله في غير الموسوس فهو استثناء من القائل به لا مقابله أفاده السيد وغيره
قوله ( بقدر الإمكان ) متعلق بقوله يبالغ
قوله ( حفظا للصوم عن الفساد ) في الخلاصة من كتاب الصوم إنما يفسد إذا وصل الماء إلى موضع الحقنة وقلما يكون ذلك اه وفي القهستاني من كتاب الصوم ومع هذا في إفساد الصوم بذلك خلاف اه وما قيل إنه لا يتنفس شديدا حفظا للصوم فحرج ولا فائدة فيه فإنه لا يصل بالتنفس شيء إلى الداخل أصلا أفاده العلامة نوح وفي السراج وغيره إذا خرج دبره وهو صائم فغسله لا يقوم حتى ينشفه قبل رده فإن رجع قبل التنشيف مبتلا أفطر اه
قوله ( ونشف مقعدته ) بخرقة أو بيده اليسرى مرة بعد أخرى إن لم تكن خرقة
فرع في الخانية مريض عجز عن الاستنجاء ولم يكن له من يحل له جماعه سقط عنه الإستنجاء لأنه لا يحل مس فرجه إلا لذلك والله أعلم اه
فصل فيما يجوز به الاستنجاء قوله ( وما يكره فعله ) أي حال قضاء الحاجة
قوله ( فلا يرتكبه لإقامة السنة ) لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح غالبا واعتناء الشرع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات ولذا قال عليه الصلاة والسلام ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم وروي لترك ذرة مما نهى الله عنه أفضل من عبادة الثقلين رواه صاحب الكشف قال العلامة نوح المستنجي لا يكشف عورته عند أحد للإستنجاء فإن كشفها صار فاسقا لأن كشف العورة حرام ومرتكب الحرام فاسق سواء كان النجس مجاوزا للمخرج أولا وسواء زاد على الدرهم أولا ومن فهم من عبارتهم غير هذا فقدسها اه
قوله ( وزاد المتجاوز بانفراده ) هو المعتمد
قوله ( إذا وجد ما يزيله ) والأصلي معها ولا إعادة كما في الهداية
قوله ( ويحتال الخ ) أي إن أمكنه وإلا فلا لأن كشف العورة حرام يعذر به في ترك طهارة النجاسة إذا لم يمكنه إزالتها من غير كشف قاله البرهان الحلبي قوله ( عند من يراه ) المراد به من يحرم عليه جماعة ولو أمته المجوسية والتي زوجها للغير لأنه لما حرم عليه وطؤهما حرم عليه نظرة إلى عورتهما وكذا نظرهما إليه إذ متى حرم الوطء حرمت الدواعي إلا ما استثنى كأمر أنه الحائض والنفساء وتمامه في حاشية الدر
قوله ( لأن ما في المخرج ساقط الاعتبار ) أي على المعتمد خلافا لمن حكى عليه الإتفاق
قوله ( صار العظم كأن لم يؤكل ) أي العظم الذي ذكر اسم الله عليه لما في الحديث كل عظم بذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أو فر ما كان لحما وهل هذا متحقق ولو تقادم عهده وتكرر أو قاصر على قريب العهد الذي لم يطعمه أحد من الجن والظاهر الثاني وإن كانت الكراهة في الجميع لأن العلة تعتبر في الجنس وأفاد الحديث الشريف أن الجن يأكلون وقيل رزقهم الشم ولا
____________________
(1/32)
خلاف إنهم مكلفون وإنما الخلاف في إثابتهم فروي عن الإمام التوقف وروي عنه أن إثابتهم أجارتهم من العذاب لقوله تعالى { ويجركم من عذاب أليم } الصف 61 وهو لا يستلزم الإثابة وقالا ومالك وابن أبي ليلى لهم ثواب كما عليهم عقاب
قوله ( وفحم لتلويثه ) ولما روي أنه لما قدم وفد الجن على النبي صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله إنه أمتك أن يستنجوا بعظم أو روث أو حممة فإن الله تعالى جعل لنا فيها رزقا فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك والحممة كرطبة الفحم وما احترق من الخشب أو العظام ونحوهما وقوله رزقا أي انتفاعا لهم بالطبخ والدفا والإضاءة فيكره الإستنجاء بذلك لافساده ولا ينافي هذا الحديث ما تقرر إن ذلك كان يجعل النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يقتضي ثبوته لهم قبله فإن المعنى جعل لنا فيها رزقا بسبب جعلك إياها لنا فإنه عن الله عز وجل
قوله ( فلا يتمسح بيمينه ) قال العيني في شرح البخاري والنهي للتنزيه عند الجمهور لأنه لمعنيين أحدهما رفع قدر اليمين والآخر أنه لو باشر بها النجاسة ربما يتذكر عند مناولة الطعام ما باشرت يمينه فينفر طبعه عن ذلك خلافا للظاهرية والكراهة في الإستنجاء بقسميه
قوله ( فيستنجي بصب خادم ) هذا خلاف ما يعطيه الاستثناء فإنه يفيد عدم الكراهة باليمين حال العذر وهو كذلك فإن حصل عذر باليمين سقط الاستنجاء كما في الحموي عن المحيط
تنبيه لو استنجى بهذه المكروهات فقال في غاية البيان عن الأقطع فإن ارتكب النهي واستنجى بذلك هل يجزيه فعندنا نعم وعند الشافعي لا لنا أن المقصود التنقية وقد حصلت وإنما ورد النهي لمعنى في غيره اه فصار كما لو صلى السنة في أرض مغصوبة كان آتيا بها مع إرتكاب النهي نهر وهو مخالف لما بحثه أخوه
قوله ( ويدخل الخلاء ) سمي به للإختلاء فيه وأصله المكان الخالي الذي لا شيء فيه ثم كثر استعماله حتى تجوز به عن ذلك وأما بالقصر فهو الحشيش الرطب الواحدة خلاة مثل حصا وحصاة وفي الحديث لا يختلي خلاها وبكسر الخاء والمد عيب في الإبل كالحران في الخيل
قوله ( المتوضأ ) أي محل الوضوء اللغوي وهو النظافة ولو اقتصر على قوله والمراد الخ كغيره لكان أولى
قوله ( برجله اليسرى ) أي ويخرج باليمنى عكس المسجد فيهما
قوله ( يحضره الشيطان ) الأولى جعله تعليلا آخر كما فعله السيد
قوله ( ولهذا يستعيذ ) أي لأجل حضور الشيطان قال في المصباح استعذت بالله وعدت به معاذا وعياذا اعتصمت وتحصلت وتحصنت واستجرت به والتجأت إليه اه
قوله ( قبل دخوله ) الأولى التفصيل وهو إن كان المكان معدا لذلك يقول قبل الدخول وإن كان غير معد له كالصحراء ففي أو إن الشروع كتشمه الثياب مثلا قبل كشف العورة وإن نسي ذلك أتى به في نفسه لا بلسانه
قوله ( ويقدم تسمية الله تعالى الخ ) ما ذكره لا يفيد التقديم فالأولى ما قاله ابن حجر السنة هنا تقديم التسمية على التعوذ عكس المعهود في التلاوة ولحديث اليعمري إذا دخلتم الخلاء فقولوا باسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث وإسناده على شرط مسلم اه قال بعض الفضلاء وبالإكتفاء بأحدهما يحصل أصل السنة والجمع أفضل
قوله ( من الخبث ) جمع خبيث وهو المؤذي من الجن والشياطين يروي بضم الباء وسكونها تخفيفا ولا وجه لإنكار الخطابي التسكين وإن اشتبه لفظه حينئذ بلفظ المصدر
قوله ( والخبائث ) هن
____________________
(1/33)
إناثهم
قوله ( لبعد غوره في الشر ) المراد لشدة قبحه في الشر
قوله ( بالفتح ) هو الأكثر
قوله ( بستان النخيل في الأصل ) وكانوا يتغوطون بين النخيل قبل اتخاذ الكنف في البيوت ثم كني به عن موضع قضاء الحاجة مطلقا
قوله ( رصد بني آدم بالأذى ) أي انتظارهم وترقبهم فهو مصدر مضاف إلى مفعوله هذا إذا قرىء بالسكون أو بالفتح وأريد المصدر قال في القاموس رصد رصدا ورصدا ترقبه ويحتمل على الفتح أنه جمع راصد قال في القاموس والرصد محركة الراصدون وإنما كان ذلك لأنه موضع تكشف فيه العورة ولا يذكر فيه اسم الله تعالى
قوله ( ويكره تحريما استقبال القبلة ) تعددت الرواية عن الإمام في هذا المبحث فروي عنه المنع مطلقا وهو ظاهر الرواية كما في الفتح والثانية الإباحة مطلقا والثالثة كراهة الإستقبال فقط والرابعة كراهة الإستدبار أيضا إلا إذا كان ذيله مرخى ويستثنى من المنع على ظاهر الرواية ما لو كانت الريح تهب عن يمين القبلة أو شمالها فإنهما لا يكرهان للضرورة وإذا اضطر إلى أحدهما ينبغي أن يختار الإستدبار لأن الإستقبال أقبح فتركه أدل على التعظيم أفاده القسطلاني والمنلا علي في شرح المشكاة
قوله ( حال قضاء الحاجة ) خرج حال الجماع لما نقله ابن أمير حاج عن النووي في شرح مسلم يجوز الجماع مستقبل القبلة في الصحراء والبنيان هذا مذهبنا ومذهب أبي حنيفة وأحمد وداود واختلف فيه أصحاب ما لك فجوزه ابن القاسم وكرهه ابن حبيب والصواب الجواز فإن التحريم إنما يثبت بالشرع ولم يرد فيه نهي والأولى أن يقال إنه خلاف الأولى لما سيأتي
قوله ( واختار التمرتاشي عدم الكراهة ) أي التحريمية وإلا فهو ترك أدب كمد الرجل إليها كما في الحلبي
قوله ( وهو بإطلاقه منهي ) أي الحديث مطلق فيفيد الكراهة في البنيان فالأولى للمؤلف أن يقول وهو بإطلاقه يقتضي النهي ولو في البنيان قال في غاية البيان لأن النهي لتعظيم الجهة وهو موجود فيهما فالجواز في البنيان أن كان لوجود الحائل فالحائل موجود أيضا في الصحراء كالجبال والأودية ولأن المصلي في البيت يعتبر مستقبل القبلة ولا تجعل الحائط حائلا فكذا إذا كشف العورة في البيت لا تجعل الحائط حائلا اه
قوله ( وانحرف إجلالا لها ) قيد الإجلال لا بد منه في المغفرة وبحث في النهر وجوبه وقال في النهاية فإن لم يفعل لم يكن به بأس اه
قال الحلبي وأنه لم يجب لأنه وقع معفوا عنه للسهو وهو فعل واحد اه ويظهر أن المراد الإنحراف عن الجهة لأنه متى كان فيها عد مستقبلا ثم رأيت في الزيلعي ما يفيد أنه يكفي في ذلك الإنحراف اليسير
قوله ( ويكره إمساك الصبي الخ ) كل ما كره لبالغ فعله كره أن يفعله بصغير فيكره إمساكه حال قضاء حاجته نحو القبلة وعين القمرين ونحو ذلك ويحرم إطعامه وإلباسه محرما والإثم على البالغ الفاعل به ذلك
قوله ( ويكره استقبال عين الشمس والقمر ) إطلاق الكراهة يقتضي التحريم وقيد بالعين إشارة إلى أنه لو كان في مكان مستور ولم تكن عينهما بمرأى منه لا يكره بخلاف القبلة وعليه نص العلامة جبريل في شرح مقدمة أبي الليث وذكره الإستقبال يفيد أنه لا يكره استدبارهما
قوله ( لأنهما آيتان عظيمتان ) وقيل لأجل الملائكة الذين معهما كما في السراج وغيره
قوله ( ومهب الريح ) ظاهر في الإستقبال ومثله الإستدبار إن كان سلحه مائعا جدا لوجود علة البول فيه بخلاف ما إذا كان جامدا
قوله ( ولو جاريا ) ينبغي أن يكون في الراكد مكروها
____________________
(1/34)
تحريما لأنه غاية ما يفيده حديث لا يبولن أحدكم في الماء الدائم وفي الجاري مكروها تنزيها فرقا بينهما بحر من بحث المياه قال بعض الحذاق والظاهر التفصيل في الراكد ففي القليل منه يحرم لأنه ينجسه وتنجيس الطاهر حرام وفي الكثير يكره تحريما والتغوط فيه كالبول بل أقبح وعن ابن حجر يكره قضاء الحاجة في الماء بالليل مطلقا خشية أن يؤذيه الجن لما قيل أن الماء بالليل مأواهم
قوله ( وبقرب بئر ونهر وحوض ) ومصلي عيد وقافلة وخيمة وبين الدواب كما في الدر وغيره لأنه يكون سببا للعن وينبغي أن يلحق بذلك مصلي الجنازة كذا بحثه بعضهم وهو ظاهر
قوله ( والظل ) قال الأبهري موضع الشمس في الشتاء كالظل في الصيف وهذا إذا كان مباحا وأما إذا كان مملوكا فيحرم فيه قضاء الحاجة بغير إذن مالكه كما في شرح المشكاة وتقييده بالذي يجلس فيه يفيد أنه لا كراهة فيما لا حاجة إليه
قوله ( والحجر ) بضم الجيم وإسكان الحاء الخرق في الأرض والجدار لقوله صلى الله عليه وسلم لا يبولن أحدكم في حجر رواه أبو داود والنسائي
قوله ( لأذية ما فيه ) يصح اعتباره مصدرا مضافا إلى مفعوله وإلى فاعله وقيل إنها مساكن الجن فقد نقل أن سعد بن عبادة الخزرجي بال في حجر بأرض حوران فقتله الجن
قوله ( والطريق ) ولو في ناحية منها
قوله ( اتقوا اللاعنين ) أي اللذين هما سبب اللعن والشتم غالبا فكأنهما لاعنان من باب تسمية الحال فاعلا مجازا وقيل اللاعن بمعنى الملعون
قوله ( لإتلاف الثمر ) ولأنه ظل منتفع به إذا كان يستظل بها
قوله ( ويكره البول قائما ) قال في شرح المشكاة قيل النهي للتنزيه وقيل للتحريم وفي البناية قال الطحاوي لا بأس بالبول قائما اه
قوله ( لتنجسه غالبا ) أي لتنجس الشخص به ولأنه من الجفاء كما ورد
قوله ( إلا من عذر ) روي أنه عليه الصلاة والسلام بال قائما لجرح في باطن ركبته لم يتمكن معه من العقود وقيل لأنه لم يجد مكانا طاهرا للعقود لامتلاء الموضع بالنجاسات وقيل لوجع كان بصلبه الشريف فإن العرب تستشفي لوجع الصلب بالبول قائما كما قاله الشافعي وقال الغزالي في الإحياء قال زين العرب أجمع أربعون طبيبا على أن البول في الحمام قائما دواء من سبعين داء
قوله ( ويكره في محل التوضؤ ) لقوله صلى الله عليه وسلم لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يغتسل فيه أو يتوضأ فإن عامة الوسواس منه قال ابن ملك لأن ذلك الموضع يصير نجسا فيقع في قلبه وسوسة بأنه هل أصابه منه رشاش أم لا اه حتى لو كان بحيث لا يعود منه رشاش أو كان فيه منفذ بحيث لا يثبت فيه شيء من البول لم يكره البول فيه إذ لا يجره إلى الوسوسة حينئذ لأمنه من عود الرشاش إليه في الأول ولطهر أرضه في الثاني بأدنى ماء طهور يمر عليها كذا في شرح المشكاة
قوله ( ويستحب دخول الخلاء بثوب الخ ) هذا ما في السراج لكن قد ذكر في باب الإنجاس عن النهاية ما نصه ولا يحسن لأحد إعداد ثوب لدخول الخلاء وروي أن محمد بن علي زين العابدين تكلف لبيت الخلاء ثوبا ثم تركه وقال لم يتكلف لهذا من هو خير مني يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء رضي الله تعالى عنهم اه ومثله في غاية البيان
قوله ( ويكره الدخول للخلاء ومعه شيء مكتوب الخ ) لما روى أبو داود والترمذي عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء نزع
خاتمه أي لأن نقشه محمد رسول الله قال الطيبي فيه دليل على وجوب تنحية المستنجي اسم الله تعالى واسم رسوله والقرآن
____________________
(1/35)
اه وقال الأبهري وكذا سائر الرسل اه وقال ابن حجر استفيد منه أنه يندب لمريد التبرز أن ينحى كل ما عليه معظم من اسم الله تعالى أو نبي أو ملك فإن خالف كره لترك التعظيم اه وهو الموافق لمذهبنا كما في شرح المشكاة قال بعض الحذاق ومنه يعلم كراهة استعمال نحو ابريق في خلاء مكتوب عليه شيء من ذلك اه وطشت تغسل فيه الأيدي ثم محل الكراهة إن لم يكن مستورا فإن كان في جيبه فإنه حينئذ لا بأس به وفي القهستاني عن المنية الأفضل إن لا يدخل الخلاء وفي كمه مصحف إلا إذا اضطر ونرجو أن لا يأثم بلا اضطرار اه وأقره الحموي وفي الحلبي الخاتم المكتوب فيه شيء من ذلك إذا جعل فصه إلى باطن كفه قيل لا يكره والتحرز أولى اه
قوله ( ونهي عن كشف عورته قائما ) أي لقضاء الحاجة حتى يدنو من الأرض تحرزا عن كشف العورة بغير ضرورة لقول أنس رضي الله تعالى عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض رواه الترمذي بسند حسن قال الأبياري في شرح الجامع الصغير محله ما لم يخف التنجس والأرفع بقدر الحاجة اه وقال الطيبي يستوي فيه الصحراء والبنيان لأن كشف العورة لا يجوز إلا عند الحاجة يعني الضرورة ولا ضرورة قبل القرب من الأرض وعدم الجواز أحد قولين في الخلوة عندنا وشمل كلام المصنف كشفها بعد الفراغ فيكره إما تحريما أو تنزيها على الخلاف في كشف العورة في الخلوة ويستحب غسل يده بعد الفراغ وإن طهرت بطهارة المحل مبالغة في التنظيف
قوله ( وذكر الله الخ ) بل يكره مطلق الكلام حال قضاء الحاجة والمجامعة إلا لحاجة تفوت بالتأخير كتحذير نحو أعمى من سقوط
قوله ( فلا يحمد إذا عطس الخ ) وله أن يفعل ذلك في نفسه من غير تلفظ بلسانه
قوله ( ولا ينظر لعورته ) فإنه خلاف الأدب وكذا الأولى عدم نظر أحد الزوجين إلى عورة الآخر وكما يندب له الستر يندب تغطية رأسه وخفض صوته قال علي رضي الله عنه من أكثر النظر إلى سوأته عوقب بالنسيان اه وقيل من أكثر مسها ابتلي بالزنا
قوله ( ولا إلى الخارج ) فإنه يورث النسيان وهو مستقذر شرعا ولا داعية له
قوله ( ولا يبصق ) لأنه يصفر الأسنان
قوله ( ولا يتمخط ) لامتلاء أنفه بالرائحة الكريهة
قوله ( ولا يكثر الإلتفات الخ ) لأنه محل حضور الشياطين فلا يفعل فيه ما لا حاجة إليه
قوله ( ولا يرفع بصره إلى السماء ) لأنه محل التفكر في آياتها وليس هذا محله
قوله ( لأنه يورث الباسور ووجع الكبد ) روي ذلك عن لقمان الحكيم ولأنه محل الشياطين فيستحب الإسراع بالخروج منه
قوله ( عن الأذى ) أي عن محل إخراجه
قوله ( بخروج الفضلات ) متعلق بأذهب وقوله بحبسها متعلق بالممرضة
قوله ( غفرانك ) منصوب بمحذوف أي أطلب منك غفرانك لي أي ستر ذنبي أو محوه وهو من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين
قوله ( وهو كناية عن الإعتراف ) فكأنه يقول يا رب اغفر لي ما قصرت فيه من الوفاء بشكر هذه النعمة
قوله ( نعمة الإطعام ) إضافته للبيان
قوله ( لسلامة البدن ) علة لخروج
قوله ( أو عن عدم الخ ) عطف على عن بلوغ أي أو الإعتراف بالقصور الناشيء عن عدم الذكر أو عن بمعنى الباء أي القصور الثابت بسبب عدم الذكر في تلك الحالة
فصل في أحكام الوضوء الصحيح أن الوضوء ليس من خصائص هذه
____________________
(1/36)
الأمة وإنما الذي اختصت به هو الغرة والتحجيل ذكره العلامة نوح وفي شرح المشكاة ينبغي أن تختص الغرة والتحجيل بالأنبياء وبهذه الأمة من بين سائر الأمم اه وفرض بمكة ونزلت آيته بالمدينة تأكيدا بالوحي المستمر على توالي الأزمان وليتأتى خلاف العلماء الذي هو رحمة
قوله ( مصدر ) لوضوء واسم مصدر لتوضأ كما نص عليه ابن هشام في التوضيح
قوله ( وبفتحها فقط ما يتوضأ به ) فالمفتوح مشترك بين المصدر والآلة
قوله ( والحسن والنظافة ) الأولى أن يقول وهي الحسن والنظافة كما فعله السيد
قوله ( نظافة مخصوصة ) الأحسن ما قاله العيني أنه في الشرع غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس اه لأن النظافة لا تظهر في مسح الرأس
قوله ( وفي الآخرة بالتحجيل ) في الأيدي والأرجل والأولى زيادة الغرة
قوله ( للقيام بخدمة المولى ) علة للطرفين
قوله ( لأن الله قدمه عليه ) لأنه جزء منه ولكثرة الاحتياج إليه قاله السيد
قوله ( وله سبب ) بينه بقوله وسببه استباحة ما لا يحل إلا به الخ والحل حكمه وأما شرطه فسيأتي تقسيمه إلى شرط وجوب وشرط صحة
قوله ( وصفة ) عقد لها فصلا على حدة وقسمه ثلاثة أقسام فرضا وواجبا ومندوبا
قوله ( وهي فرائضه ) الفرض قسمان قطعي وهو ما ثبت بدليل قطعي موجب للعلم البديهي ويكفر جاحده وظني وهو ما ثبت بدليل قطعي لكن فيه شبهة ويسمى عمليا وهو ما يفوت الجواز بفواته وحكمه كالأول غير أنه لا يكفر جاحده فإن نظر فيه إلى أصل الغسل والمسح كان من الأول وإن نظر إلى التقدير كان من الثاني
واعلم أن الأدلة أربعة أنواع الأول قطعي الثبوت والدلالة كالآيات القرآنية والأحاديث المتواترة الصريحة التي لا تحتمل التأويل من وجه
الثاني قطعي الثبوت ظني الدلالة كالآيات والأحاديث المؤولة
الثالث ظني الثبوت قطعي الدلالة كأخبار الآحاد الصريحة
الرابع ظني الثبوت والدلالة معا كأخبار الآحاد المحتملة معاني فالأول يفيد القطع والثاني يفيد الظن والثالث يفيد الواجب والمكروه وتحريما والرابع يفيد السنية والإستحباب وقد يطلق الفرض ويراد به ما يشمل القطعي والعملي ويطلق الواجب ويراد به الفرض العملي أيضا ولهذا قال بعض المحققين إنه أقوى نوعي الواجب وأضعف نوعي الفرض ثم الفرض من حيث هو قسمان أيضا فرض عين وفرض كفاية فالأول ما يلزم كل فرد ولا يسقط بفعل البعض كالوضوء مثلا والثاني ما يلزم جملة المفروض عليهم دون كل فرد بخصوصه فيسقط عن الجميع بفعل البعض كاستماع القرآن وحفظه ورد السلام وتشميت العاطس وغسل الميت والصلاة عليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد إن لم يكن النفير عاما وإلا فهو فرض عين ثم جميع فروض الكفاية ثوابها للمباشر وحده وإثم تركها على الجميع ومقتضى ترك الفرض عدم الصحة مطلقا والإثم إن كان عمدا ومقتضى ترك الواجب كراهة التحريم مع العمد وإلا فسجود السهوان كان في الصلاة ومقتضى ترك السنة والمستحب كراهة التنزيه مع العمد وإلا فلا
قوله ( وبالضم الإسم ) أي اسم المصدر والفرق بين المصدر واسمه إن المصدر ما دل على الحدث مباشرة واسمه ما دل عليه بواسطته ويطلق على غسل تمام الجسد واسم للماء الذي يغتسل به أيضا
قوله ( إسالة الماء على المحل ) أما المسح فهو الإصابة كما في الهداية
قوله ( بحيث يتقاطر ) المراد أنه يقطر بالفعل أو كان بحيث يقطر لولا تجفيفه وهذا
____________________
(1/37)
قولهما وعند أبي يوسف يكفي مجرد الإجراء على العضو وإن لم يقطر
قوله ( في الأصح ) وظاهر الفتح أنه يكفي القطرة الواحدة
قوله ( ما يواجه به الإنسان ) أي ما يقع عليه النظر عند المواجهة وهي تقابل الوجهين
قوله ( وحده ) أي الوجه لغة وشرعا قهستاني وحد الشيء منتهاه صحاح
قوله ( من مبدأ سطح الجبهة ) أي من أول أعلى الجبهة
قوله ( سواء كان به شعر أم لا ) أشار به إلى أن الأغم والاصلع والأقرع والأنزع فرض غسل الوجه منهم ما ذكر
قوله ( والجبهة ) في القاموس هي ما يصيب الأرض حال السجود ومستوى ما بين الحاجبين اه
قوله ( الذقن ) بالتحريك كعسل
قوله ( واللحى ) بفتح اللام
قوله ( منبت اللحية ) بكسر الباء واللحية بكسر اللام شعر الخدين والذقن قاموس
قوله ( فوق عظم الأسنان ) أي المنبت هو بعض الخد أي الذي هو فوق عظم الأسنان وفي الخطيب واللحيان بفتح اللام على المشهور العظمان اللذان تنبت عليهما الأسنان السفلى
قوله ( لمن ليست له لحية ) هذا مرتبط بقوله إلى أسفل الذقن أي إنما يفترض ذلك لمن ليست له لحية كثيفة بأن لا يكون له لحية أصلا أو له وهي خفيفة ترى بشرتها
قوله ( إلى ما لاقى البشرة ) أي الذي لا ترى منه فلا يجب عليه إيصال الماء إلى المنابت السفلى
قوله ( بفتح العين مقابل الطول ) وما ليس بنقد وبفتحتين حطام الدنيا وما قابل الجوهر وبضمها ناحية الشيء وبكسرها محل المدح والذم من الإنسان وأصله الجسد وقد يطلق على عرقه يقال رائحة عرضه ذكية أو منتنة اه
قوله ( بضمتين ) الأولى حذفه ليصح له قوله بعد وتخفف فإن المراد به تسكين الذال كما أن المراد بالتثقيل تحريكه بالضمتين
قوله ( ويدخل في الغايتين جزء منهما ) إنما ذكره لأن الإستيعاب غالبا لا يحصل بدون ذلك وليس المراد أن ذلك فرض لأنه لو وضع نحو شمع على حدود الفرائض لكفاه قطعا وادعاء بعضهم أنه لا يتم الفرض إلا بدخول جزء من الغاية غير مسلم لما ذكرنا أفاده السيد ولم يذكروا فيما رأيت حكم الشعر الذي بين الأذن والنزعة لذى يؤخذ بالملقط وذكره الشافعية صريحا قال الخطيب في شرح أبي شجاع أما موضع التحذيف فمن الرأس لإتصال شعره بشعر الرأس وهو ما ينبت عليه الشعر الخفيف بين ابتداء العذار والنزعة سمي بذلك لأن الأشراف والنساء يحذفون الشعر عنه ليتسع الوجه وضابطه كما قاله الإمام أن يضع طرف خيط على رأس الأذن والطرف الثاني على أعلى الجبهة ويفرض هذا الخيط مستقيما فما نزل عنه إلى جانب الوجه فهو موضع التحذيف اه بالحرف قال محشيه المدابغي عن الأجهوري المراد برأس الأذن الجزء المحاذي لأعلى العذار قريبا من الوتد وليس المراد به أعلى الأذن من جهة الرأس لأنه ليس محاذيا لمبدأ العذار اه والظاهر أن المذهب كذلك لأن التحديد التام بما ذكر فإذا غسل مارا من أعلى الجبهة على استقامة ووصل إلى رأس الأذن الأعلى عمه الغسل
قوله ( وعن أبي يوسف الخ ) قال المصنف في حاشية الدرر ظاهر النقول أن ذلك خلاف مذهبه
قوله ( بعبارة النص ) هي ما سبق من الكلام لإثبات الحكم وإثبات الحكم بها شيء ظاهر لا يحتاج إلى مزيد تأمل
قوله ( لأن مقابلة الجمع الخ ) قاعدة أغلبية تتبع القرائن وإلا لانتقض بنحو لبس القوم ثيابهم
قوله ( والمرفق الثاني ) لو جعل الكلام في
____________________
(1/38)
اليد كلها لكان أولى وهو الذي في كلام غيره
قوله ( بدلالته ) الثابت بالدلالة حكم ثبت بمعنى النص لغة والمراد أنه يثبت بالمعنى الذي يعرفه كل سامع يعرف اللغة من غير استنباط كحرمة الضرب المعلومة من حرمة التأفيف للوالدين فإنه حكم استفيد من المعنى الذي نهى بسببه عن التأفيف الذي هو الإيذاء
قوله ( وللإجماع ) قال في البحر لا طائل في هذا الكلام بعد انعقاد الإجماع
قوله ( وقلبه ) وبهما قرىء في قوله تعالى { ويهيئ لكم من أمركم مرفقا } قراءتان سبعيتان وبقيت لغة ثالثة فتح الميم والفاء كمقعد سمي به لأن الإنسان يرتفق به عند الإتكاء ولو خلق له يدان على المنكب فالتامة هي الأصلية وما حاذى من الزائدة محل الغرض غسل وكذا كل ما كان مركبا على أعضاء الوضوء كالإصبع الزائدة والكف الزائدة والسلعة ومالا فلا بل يندب
قوله ( وقراءة الجر للمجاورة ) قال ابن مالك في شرحه لكتابه المسمى بالعمدة تنفرد الواو بجواز العطف على الجواز خاصة اه فالأرجل مغسولة على كلتا القراءتين ولا يجوز المسح عليهما إلا في حالة التخفف وفي الكشاف إنما عطفت الأرجل على الرؤوس لا لأنها تمسح بل للتنبيه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها لأنها تغسل بصب الماء عليها دون غيرها فكانت مظنة الإسراف وجىء بالكعبين إماطة لظن ظان إنها ممسوحة لأن المسح لم تضرب له غاية في الشرع اه
قوله ( لدخول الغاية الخ ) تعليل لمحذوف تقديره إنما قال مع لدخول الغاية في المغيا في الآية المعبر فيها بإلى وحاصلة إنهما في المال واحد وإنما ثناهما ولم يجمعهما كالمرافق لأنه لو جمع للزم القسمة على الآحاد كالمرافق فثناهما لإفادة أن لكل رجل كعبين
قوله ( واشتقاقه من الإرتفاع ) الأولى أن يقول من التكعب وهو الإرتفاع ومنه سميت الكعبة
قوله ( مسح ربع رأسه ) الربع بضمتين وقد تسكن الباء والرأس أعلى كل شيء وإنما كان الفرض الربع لأن الباء للإلصاق واليد تقارب الربع في المقدار فإذا أمرت أدنى امرار بحيث يسمى مسحا حصل الربع فكان مسح الربع أدنى ما يطلق عليه اسم المسح المراد من الآية وأيضا قد تقرر في الأصول إن الباء إذا دخلت على المحل تعدى الفعل إلى الآلة والتقدير امسحوا أيديكم برؤوسكم فيقتضي استيعاب اليد بالمسح دون الرأس واستيعاب اليد ملصقة بالرأس على ما ذكرنا لا يستغرق غالبا سوى الربع فتعين مرادا من الآية الكريمة وهو المطلوب
قوله ( ناصيته ) هو المقدم والقذال كسحاب المؤخر والفود إن مثنى فود كعود الجانبان
قوله ( وتقدير الفرض بثلاثة أصابع الخ ) أي من أصغر أصابع اليد لأن الأصابع أصل اليد حتى يجب بقطعها دية كل اليد والثلاث أكثرها وللأكثر حكم الكل اه وبقيت رواية أخرى للكرخي والطحاوي واختارها القدوري وهو مقدار الناصية
قوله ( مردود ) لأنها غير المنصور رواية ودراية أما الأول فلنقل المتقدمين رواية الربع وأما الثاني فلأن المسح من المقدرات الشرعية وفيها يعتبر عين ما قدر به كعدد ركعات الظهر مثلا
قوله ( ومحل المسح ما فوق الأذنين ) قال في الخانية فلو مسح على شعره إن وقع على شعر تحته رأس جاز وإن وقع على شعر تحته جبهة أو رقبة لا يجوز لأن ما على الرأس يكون من الرأس ولهذا لو حلف لا يضع يده على رأس فلان فوضع يده على شعر تحته رأس حنث اه
قوله
____________________
(1/39)
( المشدودة على الرأس ) أي التي أديرت ملفوفة على الرأس بحيث لو أرخاها لكانت مسترسلة أما لو كان تحته رأس فلا شك في الجواز
قوله ( امرار اليد على الشيء ) أي بلطف
قوله ( إصابة اليد الخ ) الأولى ما ذكره غيره بقوله وشرعا إصابة بلل لم يستعمل في غيره سواء كان المصاب عضوا أو غيره كشعر وخف وسيف ونحو ذلك وسواء كانت الإصابة باليد أو بغيرها حتى لو أصاب رأسه أو خفه خرقة مبتلة أو مطر أو ثلج قدر المفروض أجزأ سواء مسحه باليد أم لا اه
قوله ( ولو بعد غسل ) هو ما عليه العامة وقال الحاكم الشهيد لا يجوز المسح به أيضا وصححه في الإيضاح لأنه قد نص الكرخي في جامعه الكبير على الرواية عن الشيخين مفسرا معللا فقال إنه إذا مسح رأسه بفضل غسل ذراعيه لم يجز إلا بماء جديد لأنه قد تطهر به مرة وأقره في النهر وفي نوح أفندي عن المجتبى المخطؤن أي للحاكم مخطؤن اه
قوله ( لامسحه ) يستثنى منه الأذنان فيمسحان بما بقى من بلل الرأس
قوله ( ولا ببلل أخذ من عضو ) لأنه يشترط في صحة المسح أن لا يكون البلل مستعملا ولما أخذت البلة من العضو صارت مستعملة بالإنفصال
قوله ( ما أفضى إلى الشي ) أي وصل إليه
قوله ( من غير تأثير فيه ) خرج به العلة كالعقد فإنه علة مؤثرة في سل النكاح
قوله ( أي إرادة فعل ما يكون ) هذا تفسير باللازم عرفا وأصل المعنى طلب إباحة ما لا يحل إلا به وأخذ المصنف الإرادة من الطلب
قوله ( وشرط وجوبه ) أي لزومه على المكلف شرعا والشرط ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم
قوله ( الخطاب الوضع ) هو جعل الشارع الشيء شرطا أو سببا أو مانعا أو صحيحا أو فاسدا ولا يلزمه التكليف
قوله ( إذ لا يخاطب كافر بفروع الشريعة ) هذا أحد أقوال ثلاثة وصحح الثاني إنهم مخاطبون بها أداء واعتقادا ونقلت أصحيته الثالث إنهم مخاطبون بها إعتقادا لا أداء وأعد لها أوسطها وحينئذ لا خلاف بين الماتريدي والأشعري والثمرة تظهر في زيادة العقوبة للكافر على تركها أداء واعتقادا أو اعتقادا فقط أو عدم العقوبة أصلا
قوله ( لا إن عدم الماء ) أي ولو حكما بأن لا يقدر على استعماله لعذر والأولى أن يزيد تنجسه ليقابل الطهور
قوله ( بانقطاعهما ) تصوير للعدم وقوله شرعا يشمل ما إذا انقطعا لدون العادة فإنها تغتسل وتصوم وتصلي ولا يقربها زوجها احتياطا فقول السيد لانقطاعهما بتمام العادة ليس على ما ينبغي أفاده بعض الأفاضل
قوله ( وضيق الوقت ) هذا شرط للوجوب المضيق
قوله ( هو قدرة المكلف بالطهارة ) دخل فيه القدرة والعقل والبلوغ والإسلام ووجود الحدث وانقطاع الحيض والنفاس وضيق الوقت فإنه لا تكليف إلا بذلك
قوله ( وشرط صحته ) في حاشية الأشباه للحموي شرط الصحة في العبادات عبارة عن سقوط القضاء بالفعل وفيه تأمل ولعله تفسير له بالمقصود منه
قوله ( والثاني انقطاع ما ينافيه الخ ) قد اجتمع في هذا شرط الوجوب وشرط الصحة
قوله ( إتمام العادة ) قد علمت ما فيه
قوله ( لا يصح الوضوء ) أي إلا إذا ثبت العذر
قوله ( كشمع وشحم ) وعجين وطين وما ذكره بعضهم من عدم منع الطين والعجين محمول على القليل الرطب ويمنع جلد السمك والخبز الممضوغ الجاف والدرن اليابس في الأنف بخلاف الرطب قهستاني ويمنع الرمص وهو ما جمد في الموق وهو مؤخر العين أو الماق وهو مقدمها إذا كان يبقى خارج العين بعد تغميضها
____________________
(1/40)
قوله ( عموم المطهر شرعا ) لا يكون مطهرا إلا عند عدم حيض ونفاس وحدث
فصل في تمام أحكام الوضوء قوله ( على اللحية ) المشهور كسر اللام وجعل صاحب الكشاف الفتح قراءة في لا تأخذ بلحيتي
قوله ( غسل ظاهر اللحية الكثة ) وهي الكثيفة وإنما زاد المصنف لفظ ظاهر إشارة إلى أنه لا يفترض غسل ما تحت الطبقة العليا من منابت الشعر
قوله ( من الإكتفاء بثلثها أو ربعها ) غسلا أو مسحا برهان
قوله ( ونحوه ) من مسح ملاقى البشرة أو عدم المسح أصلا وقال أبو عبد الله الثلجي حكمها كالخفيفة
قوله ( ولا يجب إيصال الماء إلى المسترسل ) أي لا يجب غسله ولا مسحه بلا خلاف عندنا نهر
نعم سن مسحه كما في منية المصلي
قال شارحها ابن أمير حاج والذي يظهر إستنان غسله
قوله ( للضرر ) هذه العلة تنتج الحرمة وبها صرح بعضهم وقالوا لا يجب غسلها من كحل نجس ولو كان أعمى لأنه مضر مطلقا ولأن العين شحم وهو لا يقبل الماء وفي ابن أمير حاج يجب إيصال الماء إلى أهداب العينين وموقيهما اه
قوله ( للضرورة ) ولعدم خروجه عن حكم الباطن بهذا القدر
قوله ( أي وسخ الأظفار ) وكذا درن سائر الأعضاء بالإجماع كما في الخانية والدرر لأنه متولد عن البدن كما في الفتح والبرهان
قوله ( في الأصح ) وعليه الفتوى وقيل درن المدني يمنع لأنه من الودك أي الدهن فلا ينفذ الماء منه بخلاف القروي لأن درنه من التراب والطين فلا يمنع نفوذ الماء
قوله ( كونيم الذباب ) أي زرقه
قوله لنفوذه فيه لقلته ) بل ولو منع دفعا للحرج كما في ابن أمير حاج ومثله في الخلاصة والبحر
قوله ( في المختار من الروايتين ) وروى الحسن عن الإمام إنه لا يجب خانية
قوله ( وكذا يجب تحريك القرط في الأذن ) أي في الغسل
قوله ( شقوق رجليه ) أي مثلا
قوله ( جاز امرار الماء على الدواء ) وإن ضره إمرار الماء على الدواء مسح عليه وأن ضره أيضا تركه وإن كان لا يضره شيء من ذلك تعين بقدر ما لا يضره حتى لو كان يضره الماء البارد دون الحار وهو قادر عليه لزمه استعمال الحار ثم محل جواز إمرار الماء على الدواء إذا لم يزد على رأس الشقاق فإن زاد تعين غسل ما تحت الزائد كما في ابن أمير حاج ومثله في الدر عن المجتبى لكن ينبغي أن يقيد بعدم الضرر كما لا يخفى أفاده بعض الأفاضل
قوله ( لعدم طرو وحدث ) ولأن الفرض سقط والساقط لا يعود
فصل في سنن الوضوء قوله ( ولو سيئة ) منه ما وقع في حديث الطبراني من سن سنة حسنة فله أجرها ما عمل بها في حياته وبعد مماته حتى تترك من سن سنة سيئة فعليه إثمها حتى تترك ومن مات مرابطا في سبيل الله جرى له أجر المرابطين حتى يبعث يوم القيامة
قوله ( واصطلاحا الطريقة المسلوكة في الدين ) أوضح منه قول بعضهم طريقة مسلوكة في الدين بقول أو فعل من غير لزوم ولا إنكار على تاركها وليست خصوصية فقولنا طريقة الخ كالجنس يشمل السنة وغيرها وقولنا من غير لزوم فصل خرج به الفرض وبلا إنكار أخرج الواجب وقولنا وليست خصوصية خرج به ما هو من خصائصه صلى الله عليه وسلم كصوم الوصال اه
قوله ( على سبيل المواظبة ) متعلق بقوله المسلوكة والمراد المواظبة في غالب الأحيان كما يفهم مما بعده
قوله ( وهي المؤكدة إن كان النبي صلى الله عليه وسلم تركها أحيانا ) كالأذان والإقامة والجماعة والسنن الرواتب والمضمضة والإستنشاق ويلقبونها بسنة الهدى أي أخذها هدى وتركها ضلالة أي أخذها من
____________________
(1/41)
تكميل الهدى أي الدين ويتعلق بتركها كراهة وإساءة قال القهستاني حكمها كالواجب في المطالبة في الدنيا إلا أن تاركه يعاقب وتاركها يعاتب اه
وفي الجوهرة عن القنية تاركها فاسق وجاحدها مبتدع وفي التلويح ترك السنة المؤكدة قريب من الحرام يستحق به حرمان الشفاعة صلى الله عليه وسلم من ترك سنتي لم ينل شفاعتي وفي شرح المنار للشيخ زين الأصح أنه يأثم بترك المؤكدة لأنها في حكم الواجب والإثم مقول بالتشكيك فهو في الواجب أقوى منه في السنة المؤكدة اه وقيل الإثم منوط بإعتياد الترك وصحح وقيل لا إثم أصلا
قوله ( وأما التي لم يواظب عليها ) كأذان المنفرد وتطويل القراءة في الصلاة فوق الواجب ومسح الرقبة في الوضوء والتيامن وصلاة وصوم وصدقة تطوع ويلقبونها بالسنة الزائدة وهي المستحب والمندوب والأدب من غير فرق بينها عند الأصوليين وأما عند الفقهاء فالمستحب ما استوى فعله مع تركه والمندوب ما تركه أكثر من فعله وعكس صاحب المحيط والأولى ما عليه الأصوليون أفاده الشيخ زين في شرح المنار والسنة عند الحنفية ما فعله صلى الله عليه وسلم على ما تقدم أو صحبه بعده
قال في السراج ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو واحد من أصحابه اه فإن سنة أصحابه أمر عليه السلام باتباعها بقوله عليه السلام عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وقوله عليه الصلاة والسلام أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم
قوله ( وإن اقترنت بوعيد الخ ) صنيعه يقتضي أن الواجب من أقسام السنة
قوله ( غسل اليدين ) على الكيفية الآتية وأما جمعهما في غسلة واحدة كل مرة فظن صاحب المحيط أنه غير مسنون ورده ابن أمير حاج بأنه مسنون واستدل عليه بعدة أحاديث تفيده
قال والذي تقتضيه الأحاديث أنه إذا أراد غسل اليمنى منفردة يبدأ أولا بصب الماء باليسرى عليها ثم يغسل اليسرى منفردة أيضا أو يجمعها مع اليمنى ثانيا وأنه إذا قصد الجمع بينهما في الغسل من غير تفريق يصب باليمنى على اليسرى ثم يغسلهما معا ولا شك في جواز الكل وأقره في البحر وفي العيني على البخاري هل الأفضل الجمع أم التفريق خلاف بين العلماء اه
قوله ( في إبتداء الوضوء ) تقديمه شرط في تحصيل السنة لأنهما آلة التطهير فيبدأ بتنظيفهما كما في الإيضاح وغيره والمراد الطاهرتان أما المتنجستان ولو قلت النجاسة فغسلهما على وجه لا ينجس الماء فرض فإن أفضى إلى ذلك تركه حتى لو لم يمكنه الاغتراف بشيء ولو بمنديل أو بفمه تيمم وصلى ولم يعد كما في القهستاني وغيره قال في الكافي وهذا الغسل سنة تنوب عن الفرض وقال في الفتح بل هو فرض وتقديمه سنة قال في البحر وظاهر كلام المشايخ أنه المذهب وأبعد السرخسي فقال والأصح عندي أنه سنة لا تنوب وبه قال الشافعي
قوله ( وسكون السين المهملة ) وتضم ويقال بالصاد قاله العلامة قاسم في شرح النقاية ولقد أحسن من قال فعظم يلي الإبهام كوع وما يلي لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط وعظم يلي إبهام رجل ملقب ببوع فخذ بالعلم واحذر من الغلط قوله ( وسواء إستيقظ من نوم أولا ) فإنه صح عنه عليه الصلاة والسلام إنه غسل يديه حال اليقظة قبل إدخالهما الإناء والشرط في الحديث خرج مخرج العادة فلا يعمل
____________________
(1/42)
بمفهومه
قوله ( فإنه لا يدري أين باتت يده ) أي أوت يده فلا يختص بنوم الليل وجعله الإمام أحمد قاصرا على نوم الليل دون نوم النهار
قوله ( وإذا لم يمكن إمالة الإناء ) كيفية الغسل على ما ذكره أصحاب المذهب إنه إذا كان الإناء صغيرا يمكن رفعه لا يدخل يده فيه بل يرفعه بشماله ويصب على كفه اليمنى فيغسلها ثلاثا ثم يأخذ الإناء بيمينه ويصب على كفه اليسرى فيغسلها ثلاثا وإن كان الإناء كبيرا بحيث لا تمكن إمالته فإن كان معه إناء صغير رفع من الماء بذلك الإناء وغسل يديه كما بينا وإن لم يكن معه إناء صغير يدخل أصابع يده اليسرى مضمومة دون الكف ويرفع الماء ويصب على كفه اليمنى ويدلك الأصابع بعضها ببعض يفعل ذلك ثلاثا ثم يدخل يده اليمنى في الإناء بالغا ما بلغ إن شاء الله ويفعل باليسرى كذلك اه
قوله ( صار الماء مستعملا ) مخالف لما في الخانية ونصها المحدث أو الجنب إذا أدخل يده في الماء للاغتراف وليس عليها نجاسة لا يفسد الماء وكذا إذا وقع الكوز في الجب وأدخل يده إلى المرفق لا يصير الماء مستعملا اه وتقييده في الخانية بالاغتراف أي بنيته يفيد أنه إذا نوى الغسل يصير الماء مستعملا وبه صرح في الدر حيث قال فلو أدخل الكف إن أراد الغسل صار الماء مستعملا وإن أراد الإغتراف لا اه واعلم أن المحكوم عليه بالاستعمال عند إرادة الغسل هو الملاقي ليده لا كل الماء ذكره السيد ومعنى الإغتراف نقل الماء من نحو الإناء ثم إذا صار في يده نوى به التطهير
قوله ( والتسمية ابتداء ) عدها من السنن المؤكدة هو ما في المبسوط ومحيط رضى الدين والتحفة وغيرها واختاره القدوري والطحاوي وصاحب الكافي وصححه المرغيناني لقوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه رواه أبو داود والترمذي والحاكم وهو محمول على نفي الكمال وقال في الهداية الأصح إنها مستحبة وكأن وجهه ضعف الحديث والأظهر أنه لا ينزل عن درجة الحسن لاعتضاده بكثرة الطرق والشواهد فكان حجة حتى أن الكمال أثبت به الوجوب كما أن وجوب الفاتحة ثبت بمثله وأما تعيين كونها في الإبتداء
فدليله ما روى عن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مس طهوره سمى الله تعالى ثم يفرغ الماء على بدنه
قوله ( لا تحصل له السنة ) وفي السراج أنه يأتي بها لئلا يخلو وضوؤه عنها ومثله في الجوهرة أي ليكون آتيا بالمندوب وإن فاتته السنة كما في الدر وقالوا إنها عند غسل كل عضو مندوبة ذكره السيد
قوله ( بخلاف الأكل ) فإنه إذا أتى بها أثناءه تحصل السنة في الماضي والباقي كما ذكره الحلبي متعقبا الكمال في قوله إنما تحصل السنة في الباقي فقط
قوله ( لقوله صلى الله عليه وسلم الخ ) الأولى في الاستدلال ما ذكره آنفا
قوله ( فإنه يطهر جسده كله الخ ) لعل الثمرة تظهر في كثرة الثواب وقلته ولفظ هذا الحديث لا يعين البسملة ولذا قال في المحيط لو قال نحو لا إله إلا الله يصير مقيما للسنة
قال ابن أمير حاج ويؤيده حديث كل أمر لا يبدأ فيه بذكر الله اه فلو كبر أو هلل أو حمد كان مقيما للسنة أي لأصلها وكمالها لما سبق ذكره السيد
قوله ( باسم الله العظيم الخ ) أي بعد إتيانه بالتعوذ قاله الوبري
قوله ( والحمد لله على دين الإسلام ) الذي في الخبازية والحمد لله على
____________________
(1/43)
الإسلام
قوله ( وقيل الأفضل الخ ) في البناية عن المجتبى لو قال بسم الله الرحمن الرحيم باسم الله العظيم والحمد لله على الإسلام فحسن لورود الآثار اه أي بعد التعوذ
قوله ( ويسمي كذلك قبل الاستنجاء ) أي بالصيغة المتقدمة على الخلاف والذي سبق أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال باسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث اه وإنما يسمى قبل الاستنجاء لأنه ملحق بالوضوء من حيث أنه طهارة وظاهر هذا أنه قاصر على الاستنجاء بالماء وبه قيد الزيلعي والإطلاق أولى كما لا يخفى ذكره بعض الأفاضل وعلة التسمية بعده عند الوضوء إنه ابتداء الطهارة ذكره السيد
قوله ( والمراد الأول ) أي فلا حاجة إلى تقدير مضاف
قوله ( لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة الخ ) هذا لا يدل لمذهبنا بل لمذهب الشافعي وإنما الذي يدل لمذهبنا رواية النسائي عند كل وضوء وصححها الحاكم وذكرها البخاري تعليقا في كتاب الصوم فلو ذكرها المؤلف مقتصرا عليها لكان أولى
قوله ( ولما ورد أن كل صلاة به الخ ) وتحصل هذه الفضيلة في كل صلاة أداها بوضوء استاك فيه وإن لم يستك عند قيامه لها لأنه من سنن الدين لا من سنن الصلاة على الأصح كما سنذكره إن شاء الله تعالى
قوله ( وينبغي أن يكون لينا الخ ) عبارة بعضهم والمستحب بله ان كان يابسا وغسله بعد الإستياك لئلا يستاك به الشيطان وأن يكون من شجر مر ليكون أقطع للبلغم وأنقى للصدر وأهنأ للطعام وأفضله الاراك ثم الزيتون ويصح بكل عود إلا الرمان والقصب لمضرتهما وأن يكون طول شبر مستعمله لأن الزائد يركب عليه الشيطان اه
قوله ( لأن الابتداء به سنة أيضا عند المضمضة ) تكميلا للانقاء وهو مختار شيخ الإسلام في مبسوطه
قوله ( وإلى الصلاة ) محل الاستحباب في ذلك إذا أمن خروج الدم وإلا فلا
قوله ( لقول الإمام إنه من سنن الدين ) اختلف العلماء فيه هل هو من سنن الوضوء أو الصلاة أو الدين والثالث أقوى وهو المنقول عن الإمام كما ذكره العيني في شرح البخاري وقوله في الهداية الأصح أنه مستحب يعني في الوضوء لا مطلقا وعلله الكمال بأنه لم يرد ما يصرح بمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه عند الوضوء ثم قال فالحق أنه من سنن الدين اه
ولا يستحب لمن يؤذيه المواظبة عليه بل يفعله أحيانا كما بحثه ابن أمير حاج
قوله ( وفضله يحصل الخ ) أي فيترتب عليه الثواب الموعود
قوله ( عند فقده ) لا عند وجوده كما في الكافي
قوله ( يجزىء من السواك الأصابع ) من للبدل
قوله ( التشويص بالمسبحة والإبهام سواك ) التشويص الدلك باليد ذكره في القاموس في جملة معان وكيفيته كما في ابن أمير حاج أن يبدأ بالإبهام من الجانب الأيمن يستاك فوقا وتحتا ثم بالسبابة من الأيسر كذلك اه
قوله ( ويقوم العلك مقامه للنساء ) من المعلوم أنه لا يحصل الثواب لهن إلا بالنية ثم الظاهر أنهن لا يؤمرن بالعلك في ابتداء الوضوء كالسواك للرجال ويحرر
قوله ( والسنة في أخذه أن تجعل خنصر يمينك الخ ) ناقش ذلك العلامة نوح وقال إن المفاد من الأحاديث الإبتداء من جهة اليمين وأما كون المسك باليمين فلا فينبغي أن يكون باليسار لأنه من باب إزالة الأقذار وفيه إنه حيث ثبت عن ابن مسعود فلا كلام ويستحب أن يدلك الأسنان ظاهرها وباطنها وأطرافها والحنك وهو باطن وأعلى الفم من داخل والأسفل من طرف مقدم اللحيين وأخرج البخاري عن أبي موسى الأشعري أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته يستن يقول أع أع
____________________
(1/44)
والسواك في فيه كأنه يتهوع
قوله ( ولا يقبضه الخ ) ولا يمصه لأنه يورث العمى ويكره بمؤذ ويحرم بذي سم ويبتلع الريق الصافي من الدم فإنه نافع من الجذام والبرص ومن كل داء سوى الموت
قوله ( وجمع العارف بالله تعالى الخ ) من فضائله ما روى الأئمة عن علي وابن عباس وعطاء رضي الله تعالى عنهم أجمعين عليكم بالسواك فلا تغفلوا عنه وأديموه فإن فيه رضا الرحمن وتضاعف صلاته إلى تسعة وتسعين ضعفا أو إلى أربعمائة ضعف وإدامته تورث السعة والغنى وتيسير الرزق ويطيب الفم ويشد اللثة ويسكن الصداع وعروق الرأس حتى لا يضرب عرق ساكن ولا يسكن عرق جاذب ويذهب وجع الرأس والبلغم ويقوي الأسنان ويجلو البصر ويصحح المعدة ويقوي البدن ويزيد الرجل فصاحة وحفظا وعقلا ويطهر القلب ويزيد في الحسنات ويفرح الملائكة وتصافحه لنور وجهه وتشيعه إذا خرج إلى الصلاة وتستغفر حملة العرش لفاعله إذا خرج من المسجد وتستغفر له الأنبياء والرسل والسواك مسخطة للشيطان مطردة له مصفاة للذهن مهضمة للطعام مكثرة للولد ويجيز على الصراط كالبرق الخاطف ويبطىء الشيب ويعطي الكتاب باليمين ويقوي البدن على طاعة الله عز وجل ويذهب الحرارة من الجسد ويذهب الوجع ويقوي الظهر ويذكر الشهادة ويسرع النزع ويبيض الأسنان ويطيب النكهة ويصفي الخلق ويجلو اللسان ويذكي الفطنة ويقطع الرطوبة ويحد البصر ويضاعف الأجر وينمي المال والأولاد ويعين على قضاء الحوائج ويوسع عليه في قبره ويؤنسه في لحده ويكتب له أجرا من لم يستك في يومه ويفتح له أبواب الجنة وتقول له الملائكة هذا مقتد بالأنبياء يقفو آثارهم ويلتمس هديهم في كل يوم ويغلق عنه أبواب جهنم ولا يخرج من الدنيا إلا وهو طاهر مطهر ولا يأتيه ملك الموت عند قبض روحه إلا في الصورة التي يأتي فيها الأولياء وفي بعض العبارات الأنبياء ولا يخرج من الدنيا حتى يسقي شربة من حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو الرحيق المختوم وأعلى هذه أنه مطهرة للفم مرضاة للرب قال بعضهم هذه الفضائل كلها مروية بعضها مرفوع وبعضها موقوف وإن كان في إسنادها مقال فينبغي العمل بها لما روى من بلغه عن الله ثواب فطلبه أعطاه الله مثل ذلك وإن لم يكن كذلك انتهى وبعض المذكورات يرجع إلى بعض
قوله ( وهي اصطلاحا الخ ) والإدارة والمج ليسا بشرط فلو شرب الماء عبا أجزأه ولو مصا لا كما في الفتح لكن الأفضل أن يمجه لأنه ماء مستعمل كما في السراج
قوله ( وهو لغة من النشق ) محرك من باب تعب الشم
قوله ( واصطلاحا الخ ) أفاد أن الجذب بريح الأنف ليس شرطا فيه شرعا بخلافه لغة نهر
قوله ( ولا يصح التثليث بواحدة ) أي في الاستنشاق قالوا ويكفيه أن يتمضمض ثم يستنشق كم من كف واحدة لما صح أنه صلى الله عليه وسلم فعل كذلك لكن يفوته إكمال السنة وأحسن ما يقال في فعله صلى الله عليه وسلم ذلك أنه لبيان الجواز كما في العيني على البخاري ولو عكس لا يجزئه عن السنة ولا عن الفرض في الجنابة بالنظر إلى المضمضة والفرق أن الفم ينطبق على بعض الماء فلا يصير الباقي مستعملا بخلاف الأنف كما في الجوهرة والشرنبلالية وغيرهما
قوله ( والمبالغة ) فيهما هي سنة في الطهارتين على المعتمد وقيل سنة في الوضوء واجبة في الغسل إلا أن يكون صائما نقله القهستاني عن المنية وشارح الشرعة عن صلاة البقالي واعلم أن المضمضة والإستنشاق سنتان مشتملتان
____________________
(1/45)
على سبع سنن الترتيب والتثليث والتجديد وفعلهما باليمين والمبالغة فيهما والمج والاستنثار والحكمة في تقديمهما على الفروض إختبار أوصاف الماء لأن لونه يدرك بالبصر وطعمه بالفم وريحه بالأنف فقدما لاختبار حال الماء بعد الرؤية قبل فعل الفرض به وقدمت المضمضة لشرف منافع الفم كما في ابن أمير حاج
قوله ( وهي إيصال الماء لرأس الحلق الخ ) هو ما في الخلاصة وقال الإمام خواهر زاده هو في المضمضة الغرغرة وهي تردد الماء في الحلق وفي الإستنشاق أن يجذب الماء بنفسه إلى ما اشتد من أنفه اه
قال في البحر وهو الأولى والاستنثار مطلوب والإجماع على عدم وجوبه والمستحب أن يستثر بيده اليسرى ويكره بغير يد لأنه يشبه فعل الدابة وقيل لا يكره ذكره البدر العيني والأولى أن يدخل اصبعه في فمه وأنفه قهستاني
قوله ( والصائم لا يبالغ ) أي مطلقا ولو صام نفل
قوله ( خشية إفساد الصوم ) فهو مكروه كذوق شيء ومضغه
قوله ( ويسن في الأصح ) مقابله قوله وأبو حنيفة ومحمد يفضلانه
قوله ( وهو قول أبي يوسف ) وأصح الروايتين عن محمد
قوله ( كان يخلل لحيته ) ولحيته الشريفة كانت كثة غزيرة الشعر صلى الله عليه وسلم
قوله ( من جهة الأسفل إلى فوق ) ويكون الكف إلى عنقه كما في القهستاني وابن أمير حاج وغيرهما أي حال وضع الماء ويجعل ظهر كفه إلى عنقه حال التخليل كما في الحموي وإذا علمت ما ذكر فلا وجه للإعتراض على المؤلف في قوله من جهة الأسفل
قوله ( بكف ماء ) متعلق بيكون الذي قدره الشارح
قوله ( وقال بهذا أمرني ربي ) قال في الفتح وهو مغن عن نقل صريح المواظبة لأن أمره تعالى جامل عليها ولم يكن واجبا لعدم تعليمه الإعرابي
قوله ( ولأنه لا كمال الفرض ) أي السنة وذكر بإعتبار أنها مأمور به وعبارته في الشرح أولى حيث قال وتكون السنة لاكمال الفرض في محله وداخلها ليس بمحل لإقامته فلا يكون التخليل إكمالا فلا يكون سنة اه
قوله ( لرواية أنس ) هي الحديث المتقدم
قوله ( وفي الرجلين بإصبع من يده ) بينه الزاهدي في القنية بأن يخلل بخنصر يده اليسرى يبتدىء من خنصر رجله اليمنى من أسفل ويختم بخنصر رجله اليسرى كذا ورد ورجح النووي هذه الكيفية في الروض وللكمال هنا مناقشة وكذا لابن أمير حاج فليرجع إليهما من رام ذلك
قوله ( ونحوه ) قال في الشرح وما هو في حكمه اه أي وهو الماء الكثير والظاهر أنه في الماء الكثير الراكد لا يقوم مقام التخليل إلا بالتحريك وحينئذ فلا فرق بين القليل والكثير بخلاف الجاري لأنه بقوته يدخل الأثناء
قوله ( ويسن تثليث الغسل ) أي المستوعب وفي البحر السنة تكرار الغسلات المستوعبات لا الغرفات والمرة الأولى فرض والثنتان بعدها سنتان مؤكدتان على الصحيح كما في السراج واختاره في المبسوط وأيده في النهر لأنه لما توضأ صلى الله عليه وسلم مرتين قال هذا وضوء من توضأه أعطاه الله كفلين من الأجر فجعل للثانية جزاء مستقلا فهذا يؤذن بإستقلالها لا أنها أجزء سنة حتى لا يثاب عليها وحدها ولو اقتصر على مرة ففيه أقوال ثالثها أنه إن اعتاده أثم وإلا لا واختاره صاحب الخلاصة وحمل في النهر تبعا للفتح القولين المطلقين عليه والمراد اثم يسير فرقا بين ترك السنة وترك الواجب قاله ابن أمير حاج
قوله ( فقد تعدى ) يرجع إلى الزيادة وقوله وظلم يرجع إلى النقصان فالنشر مرتب
قوله ( إلا لضرورة ) بأن زاد لطمأنينة قلبه عند الشك فلا بأس به لما ورد
____________________
(1/46)
دع ما يريبك إلى ما لا يريبك وما قيل إنه لو زاد بنية وضوء آخر لا بأس به أيضا لأنه نور على نور منعه في البحر بأن تكرار الوضوء في مجلس واحد قبل أن يؤدي بالأول عبادة مقصودة من شرعه كالصلاة وسجدة التلاوة ومس المصحف كما ذكره الحلبي مكروه لأنه إسراف محض وقوله في النهر يحمل عدم الكراهة على الإعادة مرة والكراهة على التكرار مرارا بعيد جدا ولم يقل به أحد أفاده بعض الأفاضل هذا ضرورة الزيادة وضرورة النقص بأن لا يجد ماء يكفي التثليث وقيد بالغسل لأن المسح لا يسن تكراره عندنا كما في الفتح وفي الخانية وعندنا لو مسح ثلاث مرات بثلاث مياه لا يكره ولكن لا يكون سنة ولا أدبا قال في البحر وهو أولى مما في المحيط والبدائع أنه يكره ومما في الخلاصة أنه بدعة إذ لا دليل على الكراهة
قوله ( مرة ) قال في الهداية وما يروي من التثليث محمول عليه بماء واحد وهو مشروع على ما روى الحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنه ورجح في البرهان رواية الأفراد على التثليث وله كيفيات متعددة وردت بها الأحاديث ذكر نبذة منها في البناية واختار بعض أصحابنا رواية عبد الله بن زيد بن عاصم المتفق عليها وهي بمعنى رواية محمد في موطئه عن مالك مسح من مقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي منه بدأ ومن ثم قال الزيلعي والأظهر أنه يضع كفيه وأصابعه على مقدم رأسه ويمدهما إلى قفاه على وجه مستوعب جميع الرأس ثم يمسح أذنيه بإصبعيه اه واختاره قاضيخان وقال الزاهدي هكذا روى عن أبي حنيفة ومحمد اه قال في الخانية ولا يكون الماء بهذا مستعملا ضرورة إقامة السنة اه وما في الخلاصة وغيرها من أنه يضع على مقدم رأسه من كل يد ثلاثة أصابع ويمسك إبهاميه وسبابتيه ويجافي بطن كفيه ثم يضع كفيه على جانبي رأسه ففيه تكلف ومشقة كما في الخانية بل قال الكمال لا أصل له في السنة
قوله ( كمسح الجبيرة والتيمم ) أي والخف فإنه لا يسن فيه التكرار
قوله ( لأن وضعه ) أي المسح ) للتخفيف أي بخلاف الغسل فإنه يثلث للتنظيف
قوله ( ويسن مسح الأذنين ) بأن يمسح ظاهرهما بالإبهامين وداخلهما بالسبابتين وهو المختار كما في المعراج ويدخل الخنصرين في حجريهما ويحركهما كما في البحر عن الحلواني وشيخ الإسلام
قوله ( مع بقاء البلة ) أما مع فنائها بأن رفع العمامة بهما فلا يكون مقيما للسنة إلا بالتجديد
قوله ( ويسن الدلك ) هو إمرار اليد على العضو مع إسالة الماء ذكره الحموي في بحث الغسل وفي النهر عن منية المصلي هو إمرار اليد على الأعضاء المغسولة في المرة الأولى اه قال ابن أمير حاج لعل التقييد بالمرة الأولى اتفاقي مع أنها سابقة في الوجود على ما بعدها فهي به أولى لأن السبق من أسباب الترجيح اه وليس الدلك فرضا لا عند مالك والأوزاعي فإنهما شرطاه في صحة الوضوء والغسل
قوله ( لفعله صلى الله عليه وسلم ) أي إياه فالمفعول محذوف وقوله بإمرار يده تصوير للفعل
قوله ( قبل جفاف السابق ) بأن يغسل الأخير قبل جفاف الأول وفي السيد تبعا للشارح هو أن يغسل العضو الثاني قبل جفاف الأول اه فاعتبر الثاني مع الأول لا الآخر مع السابق وهما طريقتان وفي المعراج عن الحلواني تجفيف الأعضاء قبل غسل القدمين لا يفعل لأن فيه ترك الولاء قال في البحر أي بخلافه بعد الفراغ فإنه لا بأس به ويتحقق الولاء في الفرائض والسنن كما أفاده السيد متعقبا للحموي في إفادته قصره على الفرائض
قوله ( مع الاعتدال جسد او
____________________
(1/47)
زمانا ومكانا ) فلو كان بدنه يتشرب الماء أو كان الهواء شديدا أو كان المكان حارا يجفف الماء سريعا فلا يعد تاركا له ولو كان طريا لا يجففه إلا في مدة مستطيلة وتأتي في الوضوء لا يكون آنيا بسنة الولاء
قوله ( وهي لغة عزم القلب على الفعل ) كذا قاله الجوهري وهو خلط إصطلاح بآخر كما هو دأبه لأنه معناها الشرعي وأما معناها لغة فليس في كلام أهل اللغة إلا أنها من نوى الشيء قصده وتوجه إليه والشارح عكس المعنيين
قوله ( لايجاد الفعل جزما ) الفعل أعم من فعل المأمورات وترك المنهيات ومدار الأمرين عليها لأن المكلف به في النهي هو كف النفس على الراجح لكن اعتبار النية للمتروك إنما هو لحصول الثواب لا للخروج عن عهدة النهي فإن مجرد الترك فيه كاف فلا يستحق الوعيد
قوله ( أو ينوي الوضوء ) ولو نوى الطهارة يكفيه عند البعض إعتبارا له بالتيمم قاله الزيلعي
قوله ( استحبه المشايخ ) فالمراد أنهم استحسنوه لجمعه مع القلب ولم يرد التلفظ بها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة والتابعين والأئمة رضوان الله عليهم أجمعين
قوله ( والنية سنة ) وقال القدوري إنها مستحبة
قوله ( لأن المأمور به ليس إلا غسلا ومسحا ) ربما تفيد هذه العبارة أن الوضوء المأمور به لا تشترط له النية قال الحموي والتحقيق أن الوضوء المأمور به يتأدى بغير نية لأن المأمور به حصوله لا تحصيله كسائر الشروط وفي الإشباه عن بعض الكتب الوضوء الذي ليس بمنوي ليس بمأمور به ولكنه مفتاح للصلاة اه فإن أريد بالمأمور به ما يثاب عليه إرتفع التنافي
قوله ( ولم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ) الواو حالية والظاهر تأنيثه لرجوعه إلى النية
قوله ( لأنه بالتراب ) أي وهو لم يعتبر مطهرا شرعا إلا للصلاة وتوابعها لا في نفسه فكان التطهير به تعبدا محضا وفيه يحتاج إلى النية كما في الفتح أو لأن لفظه ينبىء عن القصد والأصل أن يعتبر في الأسماء الشرعية ما تنبىء عنه من المعاني
قوله ( وهو كما نص الله تعالى في كتابه ) فيه أن الآية خالية عن الدلالة على ذلك وإنما جاء التنصيص من فعله عليه الصلاة والسلام
قوله ( لتعقيب جملة الأعضاء ) من غير إفادة طلب تقديم بعضها على بعض في الوجود فهو كقولك ادخل السوق فاشتر لنا خبزا ولحما حيث كان المفاد إعقاب الدخول بشراء ما ذكر والدليل لنا ما رواه البخاري وأبو داود أنه صلى الله عليه وسلم تيمم فبدأ بذراعيه قبل وجهه فلما ثبت عدم الترتيب في التيمم ثبت في الوضوء لأن الخلاف فيهما واحد وبهذا تعلم سقوط قول من قال وينبغي أن يكون واجبا للمواظبة إلى آخر ما قال
قوله ( ويسن البداءة بالميامن ) البداءة بتثليث الباء والمد والهمز وتبدل ياء وهي لغة الأنصار قال ابن رواحة باسم الإله وبه بدينا ولو عبدنا غيره شقينا وقيل إنه صلى الله عليه وسلم أنشد ذلك كما هو عند الحرث بن أسامة من طريق سليمان التيمي عن أبي عثمان
قوله ( في اليدين والرجلين ) وهما عضوان مغسولان فخرج العضو الواحد كالوجه فلا يطلب فيه التيامن والعضوان الممسوحان كالأذنين والخفين فالسنة مسحهما معا لكونه أسهل قال في السراج إلا إذا كان أقطع فإنه يبدأ بالأيمن منها يعني من الخدين والأذنين والخفين
قوله ( فتكون منتهى الفعل ) أي والمنتهى لا بد له من مبدإ في العضو وقد فرض غسل جميعه فالمبدأ أوله
قوله ( كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ) أي البداءة المذكورة والكاف للعلة وعبارته في الشرح ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل هكذا
____________________
(1/48)
اه وهي أوضح وأولى
قوله ( البداءة في المسح ) وأما البداءة في الغسل بصب الماء من أعلى سطح الجبهة فقال ابن أمير حاج أنه أدب
قوله ( من مقدم الرأس ) لما تقدم في الحديث
قوله ( لأنه صلى الله عليه وسلم الخ ) مثله في الشرح والسيد وغيرهما وهو يقتضي أن مسح الرقبة مع مسح الرأس عند ذهاب اليدين إلى مؤخر الرأس وهو خلاف المتداول بين الناس وما في الفتح من أنه يستحب مسح الرقبة بظهر اليدين لعدم استعمال بلتهما فموهم لأن مفهومه إن بلة باطنهما مستعملة وليس كذلك أفاده الحموي وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا توضأ مسح عنقه ويقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ ومسح عنقه لم يغل بالأغلال يوم القيامة
قوله ( وليس مسلما ) أي بل المواظبة ثابتة قال في الشرح وعند اختلاف الأقوال كان فعله أولى من تركه اه وفيه أنه لم يقل أحد بتركه وإنما الخلاف في تأكده وإستحبابه فكان الأولى حذفها
فصل من آداب الوضوء الخ قوله ( وزيد عليها ) أوصلها في الخزائن إلى نيف وستين قاله السيد
قوله ( وقيل الورع ) وقيل ما فعله خير من تركه وقيل ما يمدح به المكلف ولا يذم على تركه وقيل المطلوب فعله شرعا من غير ذم على تركه اه من الشرح وكلها متقاربة
قوله ( هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم الخ ) ويسمى بالنفل لأنه زائد على الفرض وبالمستحب لأن الشارع يحبه وبالمندوب لأن الشارع بين ثوابه وبالتطوع لأن فاعله متبرع به قاله السيد
قوله ( وأما السنة ) أي المؤكدة
قوله ( لا العقاب ) لكن إذا اعتاد الترك فعليه إثم يسير دون إثم ترك الواجب وقد مر
قوله ( الجلوس في مكان مرتفع ) المراد حفظ الثياب عن الماء المستعمل كما ذكره الكمال لا بقيد الجلوس في مكان مرتفع قاله السيد
قوله ( لأنها حالة أرجى لقبول الدعاء فيها ) أي وهو مشتمل على الأدعية ولما روي مرفوعا أكرم المجالس ما استقبل به القبلة
قوله ( وعدم الإستعانة بغيره ) قال الكرماني لا كراهة في الصب ولا يقال إنه خلاف الأولى وساق عدة أحاديث دالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله وضعف ما يدل على الكراهة وممن كان يستعين على وضوئه بغيره عثمان وفعله ناس من كبار التابعين كما في العيني على البخاري
قوله ( لتحصيل العزيمة ) مراده بها الشيء الأقوى وليس مراده بها الحكم الذي لم يبن على أعذار العباد فإن التلفظ بها لم يرد عن الشارع
قوله ( أي المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين ) قال ابن أمير حاج سئل شيخنا حافظ عصره شهاب الدين بن حجر العسقلاني عن الأحايث التي ذكرت في مقدمة أبي الليث في أدعية الأعضاء فأجاب بأنها ضعيفة والعلماء يتساهلون في ذكر الحديث الضعيف والعمل به في الفضائل ولم يثبت منها شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا من قوله ولا من فعله اه وطرقها كلها لا تخلو عن متهم بوضع ونسبة هذه الأدعية إلى السلف الصالح أولى من نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرا من الوقوع في مصداق من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وعن هذا قالوا كما في التقريب وشرحه إذا أردت رواية حديث ضعيف بغير إسناد فلا تقل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أشبه ذلك من صيغ الجزم بل قل روي عنه كذا أو بلغنا أو ورد أو جاء أو نقل وما أشبهه من صيغ التمريض وكذا فيما تشك في صحته وضعفه أما الصحيح فاذكره بصيغة الجزم ويقبح فيه صيغة التمريض كما يقبح في الضعيف صيغة الجزم قال الهندي وغيره ولم يثبت منه إلا الشهادتان بعد الفراغ منه قاله السيد عن النهر
قوله ( والنية ) أي إستصحابها كما في الفتح وأشار بقوله إستصحابها إلى أن المنوي واحد وهو امتثال
____________________
(1/49)
الأمر مثلا
قوله ( وهكذا في سائرها ) فيقول عند غسل الوجه باسم الله اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه وعند غسل اليمنى باسم الله اللهم أعطني كتابي بيميني وحاسبني حسابا يسيرا وعند غسل اليسرى باسم الله اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا من وراء ظهري وعند مسح رأسه باسم الله اللهم أظلني تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظل عرشك وعند مسح أذنيه باسم الله اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وعند مسح عنقه باسم الله اللهم أعتق رقبتي من النار وعند غسل رجله اليمنى باسم الله اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل الأقدام وعند غسل اليسرى باسم الله اللهم اجعل ذنبي مغفورا وسعي مشكورا وتجارتي لن تبور اه من الشرح
قوله ( أيضا ) أي بعد كل دعاء
قوله ( وإدخال خنصره ) أي أنملة خنصره وهو بكسر الخاء والصاد وقال الفارسي الفصيح فتح الصاد
قال في المحيط ويدخل خنصره في صماخ أذنيه ويحركها وهو مروي عن أبي يوسف والصماخان مثنى صماخ بكسر الصاد ويقال بالسين المهملة
قوله ( وتحريك خاتمه الواسع ) أما الضيق فإن علم وصول الماء استحب تحريكه والا افترض قاله السيد
قوله ( والإمتخاط ) مثله الإستنثار
قوله ( لأن وضوءه ينتقض الخ ) أي وهو إذا توضأ في زمن قبل الوقت فلا يخلو أما أن يكون بين الوقتين وقت مهمل أولا فإن كان بينهما وقت مهمل وتوضأ فيه للوقت الثاني جاز ذلك عندهما وقال أبو يوسف وزفر لا يجوز فتندب له إعادة الوضوء في الوقت خروجا من الخلاف وإن لم يكن بينهما وقت مهمل وتوضأ في آخر الوقت للوقت الثاني لا يجوز إجماعا فتجب إعادة الوضوء وحينئذ فلا فائدة في وضوئه قبل الوقت قال السيد وهذه إحدى المسائل الثلاث التي النفل فيها أفضل من الفرض
الثانية إبراء المعسر أفضل من إنظاره
الثالثة البدء بالسلام أفضل من رده
قوله ( وبهما عند أبي يوسف ) أي بأيهما وجد
قوله ( والإتيان بالشهادتين بعده ) ذكر الغزنوي أنه يشير بسبابته حين النظر إلى السماء وسميت سبابة لأنه يسب بها والأولى تسميتها بمسبحة كما نص عليه في شرح الشرعة وخصت بذلك لما ذكره شراح المولد أن الله تعالى لما خلق آدم جعل نور محمد صلى الله عليه وسلم في صلبه فكانت الملائكة تقف خلفه تعظم هذا النور فسأل آدم ربه عز وجل أن يحوله أمامه حتى تستقبله الملائكة فجعله في جبهته ثم قال آدم اللهم اجعل لي من هذا النور نصيبا فجعله الله تعالى في مسبحته فصار ينظر إليه وكان كذلك إلى أن نزل الدنيا واشتغل بأمر المعاش فجعل في ظهره كما كان أولا فأعطيت المسبحة الشرف من وقتئذ وهذا أولى مما في السيد
قوله ( فيسبغ الوضوء ) أي يعم الأعضاء بالماء من قولهم درع سابغة أي شاملة للبدن والمراد هنا الإحسان
قوله ( وفي رواية ) هي لمسلم
قوله ( يدخلها من أي باب شاء ) وذلك لتعظيمه وتكريمه
قوله ( طبع بطابع ) أي ختم عليه بخاتم والمقصود بختمه تعظيمه ويترتب عليه كثرة الثواب
قوله ( من فضل الوضوء )
____________________
(1/50)
بفتح الواو الماء الذي يتوضأ به أي ما لم يكن صائما
قوله ( أو قاعدا ) أو للتخيير قالوا ويقول عند شربه اللهم اشفني بشفائك وداوني بدوائك واعصمني من الوهن والأمراض والأوجاع وفي الهندية يشرب قطرة من فضل وضوئه
قوله ( لا يشربن أحدكم قائما ) محمول على غير الحالتين السابقتين والمراد المبالغة في النهي عن هذا الفعل قال قتادة لرواية أنس فالأكل قال ذاك أشر وأخبث وفي العتابية ولا بأس بالشرب قائما ولا يشرب ماشيا ورخص للمسافر ذكره الحلبي
قوله ( وأجمع العلماء على كراهته تنزيها الخ ) لا تسلم حكاية الإجماع فإنه لما تعارضت الأحاديث الدالة على النهي والأحاديث الدالة على الفعل اختلف العلماء في المخلص من التعارض فمن قائل إن النهي ناسخ للفعل ومن قائل بالعكس ومن قائل إن النهي ليس للتحريم بل للتنزيه لأنه لأمر طبي لا ديني وفعله لبيان الجواز ذكره ابن أمير حاج
قوله ( أي الراجعين عن كل ذنب ) فالمبالغة فيه من حيث الإعراض عن كل ذنب
قوله ( وقيل هو الذي الخ ) في هذا المعنى زيادة المبادرة
قوله ( بقبول توبته ) متعلق بالأنعام والباء للتصوير أو للسببية ولو زاد واو أو عطفه على الأنعام لكان أولى وأفاد بعضهم أن التواب في حقه تعالى بمعنى الموفق لها والذي يقبلها
قوله ( أي المتنزهين عن الفواحش ) وقيل الذين لم يذنبوا وخيره صاحب المنية بين أن يقوله بعد تمام الوضوء أو في خلاله وكلا الأمرين حسن
كما قاله ابن أمير حاج قال غير أن الوارد أن يقوله بعد الفراغ متصلا بالشهادتين
قوله ( لدفع القنوط ) أي من المذنب
قوله ( والعجب ) أي من المتطهر فإن قلت إن جعله من أحدهما ينافي الآخر أجيب عنه بأن الواو بمعنى أو ولقائل أن يقول إن القنوط لا يتوهم مع طلبه أن يكون منهم فهو مندفع بالدعاء لا بالتقديم والعجب لا يتأتى من المتطهر لأنه من الكبائر وهو لم يذنب أصلا أو من الفواحش وهو متنزه عنها على أن مقام الدعاء لا يقال فيه ذلك فتدبر ويحتمل أن الضمير في قدم يرجع إلى الله تعالى أي في قوله تعالى { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } البقرة 2 قوله ( إنه لا يتوضأ بماء مشمس ) لقوله عليه السلام لعائشة حين سخنت الماء لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص اه من الشرح
قوله ( ولا يستخلص لنفسه إناء الخ ) أي لا يجعله لنفسه خالصا من الشركة فقد سئل محمد بن واسع أي الوضوأين أحب إليك أمن ماء مخمر أو من متوضأ العامة
قال من متوضأ العامة قال عليه السلام إن أحب الأديان إلى الله تعالى السمحة الحنيفية اه من الشرح
قوله ( حنيفية ) أي مائلة عن الأديان الباطلة
قوله ( سمحة ) يرجع إلى معنى سهلة أو معناه مقبولة مرغوب فيها أي ومن سهولتها عدم الإستخلاص
قوله ( وترك التجفيف ) في آثار محمد أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في الرجل يتوضأ فيمسح وجهه بالثوب قال لا بأس به قال محمد وبه نأخذ ولا نرى بذلك بأسا وهو قول أبي حنيفة اه وفي الخانية لا بأس للمتوضىء والمغتسل أن يتمسح بالمنديل
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك وهو الصحيح إلا أنه ينبغي أن لا يبالغ ولا يستقصي فيبقى أثر الوضوء على الأعضاء اه
ملخصا ووردت عدة أحاديث تدل على أنه فعله عليه الصلاة والسلام وهذا كله إذا لم يكن حاجة إلى التنشيف فإن كانت فالظاهر أنه لا يختلف في جوازه من غير كراهة بل في استحبابه أو وجوبه بحسب تلك الحاجة العارضة المندفعة به
قاله ابن
____________________
(1/51)
أمير حاج ثم قال وهذا في الحي أما الميت فمقتضى كلام مشايخنا أنه مستحب لئلا تبتل أكفانه فيصير مثله اه
قوله ( وإن تكون آنيته من خزف ) فإنه روي أن الملائكة تزور بيت من آنيته من خزف من المسلمين
قوله ( وغسل عروتها ثلاثا ) ليتيقن الطهارة
قوله ( ووضعه على يساره ) ليصب منه على يمينه وتقدم له ما يفيد ذ لك
قوله ( لا رأسه ) تحاميا عن تقاطر الماء المستعمل وقوله حالة الغسل أي حالة إرادة الصب للغسل ولا يظهر حال الغسل الحقيقي لأن اليدين مشغولتان بغسل الأعضاء
قوله ( وما تحت الخاتم ) تقدم ما يفيده
قوله ( إطالة للغرة ) المراد بها ما يعم التحجيل وإطالة الغرة تكون بالزيادة على الحد المحدود كما في البحر وأما التحجيل فقال في شرح الشرعة إنه يغسل الذراعين لنصف العضدين والرجلين لنصف الساقين اه
قوله ( استعدادا لوقت آخر ) لو قال لوضوء آخر لكان أولى ليعم الوضوء على الوضوء في وقت واحد
قوله ( لقوله صلى الله عليه وسلم الخ ) أخرجه الديلمي في مسند الفردوس
قوله ( كتب في ديوان الشهداء ) الديوان بالكسر ويفتح مجمع الصحف والكتاب يكتب فيه أهل الجيش وأهل العطية وأول من وضعه عمر رضي الله عنه قاموس فالمراد أنه يكتب اسمه مع أسمائهم في محل كتابتهم والمراد منه ومما قبله أن يعطي ثوابهم وإن تفاوتت الكيفيات
قوله ( حشره الله محشر الأنبياء ) بكسر الشين وتفتح محل الإجتماع أي وإذا إجتمع معهم في مجمعهم لا يضام لأن مصاحب الكرام لا يضام
قوله ( ولما ذكره الفقيه أبو الليث في مقدمته ) ذكره المصنف في كبيره قال في المقاصد الحسنة حديث قراءة إنا أنزلناه عقب الوضوء لا أصل له انتهى ويعني به ما ذكر في المقدمة ولفظه يدل على وضعه
فصل في المكروهات يقال كره الشيء يكرهه من باب سمع كرها ويضم وكراهية بالتخفيف والتشديد إذا لم يحبه قاموس والمكروه عند الفقهاء نوعان مكروه تحريما وهو المحمل عند إطلاقهم الكراهة وهو ما تركه واجب ويثبت بما يثبت به الواجب كما في الفتح ومكروه تنزيها وهو تركه أولى من فعله وكثيرا ما يطلقونه فلا بد من النظر في الدليل فإن كان نهيا ظنيا يحكم بكراهة التحريم ما لم يوجد صارف عنه إلى التنزيه وإن لم يكن الدليل نهيا بل كان مفيدا للترك الغير الجازم فهي تنزيهية قاله صاحب البحر ثم المكروه تنزيها إلى الحل أقرب اتفاقا كما في استحسان البرهان وأما المكروه تحريما فعند محمد هو حرام ولم يطلقه عليه لعدم النص الصريح فيه والمشهور عنهما أنه إلى الحرام أقرب بمعنى أنه ليس فيه عقوبة بالنار بل بغيرها كحرمان الشفاعة وفي التلويح من بحث الفقه المكروه تحريما يستحق فاعله محذورا دون العقوبة بالنار كحرمان الشفاعة والواجب في رتبة المكروه تحريما اه وقال الزيلعي من بحث حرمة الخيل القريب من الحرام ما تعلق به محذور دون إستحقاق العقوبة بالنار بل العتاب كترك السنة المؤكدة فإنه لا يتعلق به عقوبة النار ولكن يتعلق به الحرمان من شفاعة النبي المختار صلى الله عليه وسلم
قوله ( ضد المحبوب ) مراده ما يعم المحبوب الواجب لتدخل كراهة التحريم
قوله ( والأدب ) فيه منافاة لما قدمه أول الأداب من أن الأدب لا يلام على تركه ومن جملته عدم التكلم والإستعانة وجعل الكراهة هنا تقابله وفيها اللوم وجعل الإستعانة والتكلم بكلام الناس مكروهين فليتأمل
قوله ( فلا حصر لها ) تفريع على
____________________
(1/52)
قوله فيكره للمتوضىء وقوله ستة أشياء بالنصب بالنظر للشرح لأنه معمول لقوله بعدها
قوله ( لأنه للتقريب ) أي عدها ستة للتقريب للمبتدىء
قوله ( الإسراف في صب الماء ) الإسراف العمل فوق الحاجة الشرعية في فتاوي الحجة يكره صب الماء في الوضوء زيادة على العدد المسنون والقدر المعهود لما ورد في الخبر شرار أمتي الذين يسرفون في صب الماء اه وفي الدر ويكره الإسراف فيه تحريما لو بماء النهر أو المملوك له
أما الموقوف على من يتطهر به ومنه ماء المدارس فحرام اه
قوله ( فقال أفي الوضوء سرف ) الذي في رواية أحمد وأبي يعلى والبيهقي في شعبه وابن ماجه في سننه فقال أو في الوضوء بزيادة الواو العاطفة على مقدر تقديره أتقول هذا وفي الوضوء سرف
قوله ( والتقتير ) هو عدم بلوغ الحد المسنون فلو اقتصر على ما دون الثلاث قيل يأثم وقيل لا وقيل يأثم بالاعتياد
واعلم إنه نقل غير واحد الإجماع على عدم التقدير في ماء الوضوء والغسل بل هو بقدر الكفاية لإختلاف طباع الناس وعن عائشة جرت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغسل من الجنابة صاع ثمانية أرطال وفي الوضوء رطلان اه
وهما مد فالمد ربع الصاع
قوله ( يجعل الغسل مثل المسح ) بأن يقرب الغسل إلى حد الدهن لكن لا بد من أن يقطر ولو قطرتين حتى يكون غسلا وإلا فلا يصح الوضوء أصلا
قوله ( ويكره ضرب الوجه ) أي تنزيها ومثله غيره من بقية الأعضاء كما في الدر
قوله ( لمنافاته شرف الوجه ) ولأن فيه إنتضاح غسالة الماء المستعمل فالتحرز عنها أولى ولا يغمض عينيه ولا يقبض فمه شديدا بحيث تنكتم حمرة الشفتين ومحاجر العينين أي أطراف الأجفان ومنابت الهدب لوجوب إيصال الماء إلى ذلك المحل حتى لو بقيت منه لمعة لم يصبها الماء لا يصح الوضوء كما في الحلبي
قوله ( فيلقيه برفق عليه ) أي يرسل الماء على الوجه من أعلى الجبهة برفق ثم يدلكه به
قوله ( ويكرم التكلم بكلام الناس ) ما لم يكن لحاجة تفوته بتركه قاله ابن أمير حاج
قوله ( لأنه يشغله عن الأدعية ) ولأجل تخليص الوضوء من شوائب الدنيا لأنه مقدمة العبادة وذكر بعض العارفين أن الاستحضار في الصلاة يتبع الإستحضار في الوضوء وعدمه في عدمه
قوله ( ويكره الإستعانة الخ ) تقدم ما فيه وإنه لا بأس بها وأما حديث عمر فضعيف ولا يقاوي غيره مما يدل على ثبوتها عنه صلى الله عليه وسلم أفاده بعض المحققين
فصل في أوصاف الوضوء
قوله ( الوضوء على ثلاثة أقسام ) العدد لا يفيد الحصر فلا ينافي أنه قد يكون مكروها كالوضوء على الوضوء قبل تبدل المجلس الأول أو أدائه عبادة لا تصح بدونه به وقد يكون حراما كما إذا كان ذلك من ماء الوقف والمدارس
قوله ( والمراد بالفرض هنا الثابت بالقطعي ) فالمراد الوضوء من حيث هو بقطع النظر عن أجزائه
قوله ( والمقدار ) عطف تفسير
قوله ( فهو ما يفوت الجواز بفوته ) أي فالمراد بالفرض بالنظر إليه الفرض الأعم وهو ما يفوت صحة الشيء إذا عدم فيعم القطعي بالنظر إلى أصل الغسل والمسح والعملي بالنظر إلى المقدار ولذا
____________________
(1/53)
قال المصنف ليشمل الخ
قوله ( إذا أراد القيام ) أي الشروع فليس المراد به ضد القعود فإن المراد بالصلاة ما يعم النافلة وهي تصح من قعود
قوله ( وهو بفتح الطاء ) الطهور المصدر واسم ما يتطهر به أو الطاهر المطهر قاموس
قوله ( ومثلها سجدة التلاوة ) لقولهم يشترط لها ما يشترط للصلاة
قوله ( ولما لم يكن صلاة حقيقة ) يعن إنه لما أشبه الصلاة من وجه دون وجه قلنا بوجوب الطهارة وعدم توقف صحته عليها
قوله ( فيجب بتركه دم في الواجب ) اعلم أنه إذا طاف الفرض محدثا وجب دم وإن كان جنبا فبدنه وإذا طاف الواجب كالوداع أو النفل محدثا فصدقة وجنبا فدم فقوله فيجب بتركه أي الوضوء في الواجب دم لا يتم فليتأمل
قوله ( كمس الكتب الشرعية ) نحو الفقه والحديث والعقائد فيتطهر لها تعظيما قال الحلواني إنما نلنا هذا العلم بالتعظيم فإني ما أخذت الكاغد إلا بطهارة والسرخسي حصل له في ليلة داء البطن وهو يكرر درس كتابه فتوضأ تلك الليلة سبع عشرة مرة اه
من الشرح
قوله ( إلا التفسير ) أي فلا يرخص ولو كان التفسير أكثر وهو صادق بأن يكون فرضا أو واجبا لأن عدم الرخصة يجامعهما فقول المصنف وهو يقتضي الخ
فيه تأمل ونقل العلامة نوح عن الجوهرة والسراج إن كتب التفسير لا يجوز مس موضع القرآن منها وله أن يمس غيرها بخلاف المصحف لأن جميع ذلك تبع له اه
قوله ( للنوم على طهارة ) ظاهره إنه لا يأتي بذلك المندوب إلا إذا أخذه النوم وهو متطهر فلو تطهر ثم اضطجع وأحدث فنام لا يكون آتيا به
قوله ( وإذا استيقظ منه ) مبادرة للطهارة
قوله ( لحديث بلال ) حاصل معناه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى مناما أنه دخل الجنة وبلال أمامه يسمع خشخشة نعاله فسأله عن ذلك فقال إني كلما أحدثت أتوضأ وأصلي ركعتين
وسئل بعض الأفاضل هل يلبس في الجنة نعال فأجاب نعم مستدلا بهذا الحديث
قوله ( إذا تبدل مجلسه ) أو أدى بالأول عبادة مقصودة من مشروعية الوضوء
قوله ( وبعد كلام غيبة ) لا حاجة إلى تقدير مضاف لأن الغيبة حقيقة في ذكر الاخ وقوله بذكر الخ تصوير للغيبة وقوله في غيبته الأولى حذفه لأنها كذلك في الحضور ولا تسمى غيبة إلا إذا كان صادقا فيها وأما إذا كانت كذبا فبهتان قال الخازن وهو أشد من الغيبة وكما تكون بالقول تكون بغيره من كل ما يفهم منه المقصود وكما يحرم ذكرها باللسان يحرم اعتقادها بالقلب واستماعها وتباح عند الشكوى من الظالم لمن له قدرة على إنصافه وعند الإستعانة به على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب
وعند الاستفتاء بأن يقول للمفتي ظلمني فلان بكذا أو زوجي يفعل كذا وكذا وعند تحذير المسلمين من الشركبيان جرح المجروحين من الرواة والشيوخ وكالأخبار عن العيب عند المشاورة في مصاهرة إنسان أو معاملته أو المسافرة معه وكالأخبار بعيب ما يشتريه وهو لا يعلم به بل يجب وعند ذكر الفاسق بما يجاهر به لا بغيره وعند التعريف بما اشتهر به من اللقب كالأعمش والأعرج وعند الشفقة على المغتاب وعند عدم التعيين فهي ثمانية
قوله ( وكذب الخ ) وأما التعريض بالكذب لغير ضرورة قيل يحرم لأن اللفظ ظاهره الكذب وإن احتمل الصدق وقيل لا يحرم لأنه ليس بكذب لأنه مما يحتمله اللفظ واعلم أن الاستعارة تفارق الكذب من وجهين أحدهما البناء على التأويل والثاني نصب القرائن على إرادة خلاف الظاهر
نحو رأيت أسدا في الحمام بخلاف الكذب كذا
____________________
(1/54)
في شرح شرعة الإسلام
قوله ( إختلاق ما لم يكن ) أي افتراؤه يقال خلق الافك واختلقه وتخلقه إفتراه وتخلق الكلام صنعه أفاده في القاموس
قوله ( وإصلاح ذات البين ) وأما دفع الظالم عن المظلوم ففي معنى الصلح بين اثنين وبعضهم جعله رابعا
قوله ( النمام المضرب ) لم يذكر هذا المعنى المجد في القاموس وإنما قال النم رفع الحديث إشاعة له وإفسادا وذكر له معاني أخر اه
قوله ( وبعد كل خطيئة ) منها الشتيمة والنفاق والتملق والشتيمة هي السب في الوجه كما في فتح الباري والنفاق ترك المحافظة على أمور الدين سرا ومراعاتها علنا وأما التملق فهو الود واللطف وأن يعطي باللسان ما ليس في القلب قاموس وفي شرح التحفة للعيني هو اللطف الشديد الخارج عن العادة وقال المناوي هو الزيادة في التودد وما ينبغي ليستخرج ما عند الإنسان
وفي مجمع الأنهر التملق مذموم بخلاف التواضع فإنه ممدوح ومن الخطايا المداهنة وهي ترك الدين لإصلاح الدنيا وأما المداراة فهي بذل الدنيا ومنه حسن المعاشرة والرفق لإصلاح الدين أو الدنيا أو هما معا وهي مباحة وربما استحبت اه
قوله ( لقوله صلى الله عليه وسلم من غسل ميتا الخ ) فيه نظر فإنه يدل على أن المندوب للمغسل الغسل لا الوضوء وبه صرح الحلبي في الشرح الكبير على المنية قاله السيد
قوله ( ومن حمله فليتوضأ ) أخذ به الإمام أحمد فأوجبه فيندب الوضوء خروجا من الخلاف وعملا بالحديث
قوله ( وقبل غسل الجنابة ) الظاهر أن الحيض والنفاس كالجنابة كذا بحثه بعض الأفاضل
قوله ( وللجنب عند إرادة أكل الخ ) أما الوضوء بين الجماعين وعند النوم فالمراد به الشرعي في قول أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والجمهور كما في شرح البخاري للبدر العيني والحافظ ابن حجر لما رواه البخاري عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ للصلاة ولأحمد ومسلم والأربعة وابن حبان والحاكم والبيهقي في السنن الكبرى إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوأ زاد ابن حبان ومن بعده فإنه أنشط للعود وقال أبو يوسف لا يستحب بينهما وله على ذلك دلائل حملت على بيان الجواز جمعا بين الروايات ومشى الطحاوي على أن الأمر بالوضوء في كل من معاودة الأهل والنوم منسوخ وأما الوضوء عند إرادة أكل أو شرب فالمراد به اللغوي لما روى الطحاوي وأبو داود وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل يديه قال في شرح المشكاة وعليه جمهور العلماء وفي الخانية الجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب المستحب له أن يغسل يديه وفاه وإن ترك لا بأس به ولفظ خزانة الأكمل وإن ترك لا يضره وفي منية المصلي إذا أراد الجنب الأكل والشرب ينبغي له أن يغسل يديه وفاه ثم يأكل أو يشرب لأنه يورث الفقر اه
أي لأن الأكل والشرب بدون ما ذكر سبب للفقر قاله ابن أمير حاج
قوله ( ولغضب ) لقوله صلى الله عليه وسلم إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ رواه الإمام أحمد وأبو داود في الأدب أي ولو كان متوضئا فإن اشتد الغضب ندب له الغسل قاله في مواهب القدير
قوله ( وقراءة حديث ) هي المتعارفة الآن من التكلم على ما فيه من فقه وغريب ومشكل واختلاف ولغة وإعراب
قوله ( وروايته ) هي مجرد
____________________
(1/55)
ذكر الإسناد والمتن
قوله ( وشرف المكانين ) الصفا والمروة
قوله ( للقول بالوضوء منه ) هو قول الإمام أحمد
قوله ( وللخروج من خلاف سائر العلماء ) ظاهره ولو غير الأربعة
قوله ( كما إذا مس امرأة ) أي مشتهاة غير محرمة فإن مس المحرم وغير المشتهاة لا ينقض إتفاقا
قوله ( استبراء لدينه ) أي طلبا لبراءة دينه من القول بالإفساد
فصل بمعنى فاصل أو مفصول أو ذو فصل مبتدأ أو خبر
قوله ( هو طائفة من المسائل ) أي مطلقا وتقييده في الشرح بالفقهية لخصوص المقام وزاد غير مترجمة بكتاب ولا باب
قوله ( النقض الخ ) فهو حقيقة في الأول مجاز في الثاني بجامع الأبطال وقيل مشترك
قاله السيد وأصله للإتقاني
قوله ( عن إقامة المطلوب بها ) والمطلوب من الوضوء إستباحة الصلاة ونحوها
قوله ( منها ما خرج من السبيلين ) أفاد أن الناقض الخارج لا خروجه لأن الضد هو المؤثر في رفع ضده وإنما الخروج علة لتحقق الوصف الذي هو النجاسة لذات الخارج وشرط عمل الضد في ضده لا إنه هو العامل لأنه لايوصف بطهارة ولا نجاسة لأنه معنى من المعاني وإضافة النقض إليه إضافة إلى علة العلة والأولى إضافة الحكم إلى نفس العلة
قوله ( وإن كان ريحا لا نجاسة فيه ) الأولى أن يقول وإن كان ريحا فليس منبعثا عن نجاسة لأنه يفيد بمفهومه أن ريح الدبر نجسة وليس كذلك كما أفاده بعد ويحتمل أن المراد لا نجاسة فيه أي في القبل يمر عليها ريحه حتى يكون ناقضا وهو الذي يفيده كلامه بعد
قوله ( فلا ينجس مبتل الثياب ) والإستنجاء منه بدعة
قوله ( فينقض ريح المفضاة إحتياطا ) الأولى الواو والمراد بها من إختلط مسلك بولها وغائطها بخلاف من اختلط مسلك بولها ووطئها فلا نقض بالريح الخارج من أمامها على الصحيح وتختص الأولى بحكمين آخرين أحدهما إنها لا تحل لمن طلقها ثلاثا بوطء الثاني ما لم تحبل لإحتمال الوطء في الدبر والثاني حرمة جماعها إلا أن يمكنه الوطء في القبل بلا تعد وفي الهندية عن المحيط عد من النواقض سقوطه من أعلى اه قال بعض الفضلاء ولعله لعدم خلوه عن خروج خارج غالبا وهو لا يشعر والخنثى غير المشكل فرجه الآخر كالجرح وهو المعول عليه والمشكل ينتقض وضوءه بمجرد الظهور من كل
قوله ( ولو إلى القلفة ) بفتحات وبوزن غرفة وهي ما يقطع في الختان
قوله ( لعدم خلوه ) أي المولود المعلوم من المقام أو حال الولادة
قوله ( ظاهرا ) أي في الظاهر أي أن الغالب أن لا يخلو النفاس عنه فنزل الغالب منزلة المتحقق
تنبيه ما سال من السبيلين إنما يعد ناقضا لطهارة الحي أما الخارج من الميت بعد تغسيله فيغسل ولا يعاد الغسل
قوله ( وفي غير السبيلين بتجاوز النجاسة إلى محل الخ ) والمراد أن تتجاوزه ولو بالعصر وما شأنه أن يتجاوز لولا المانع
كما لو مصت علقة فامتلأت بحيث لو شقت لسال منها الدم كذا في الحلبي
قوله ( إلى محل ) أعم من العضو والثوب والمكان
قوله ( يطلب تطهيره ) بالغسل أو المسح فينتظم الموضع الذي سقط عنه حكم التطهير بعذر قاله ابن الكمال
قوله ( ولو ندبا ) فإذا نزل الدم إلى قصبة الأنف نقض صرح به في المعراج وغيره لأن المبالغة بإيصال الماء إليها في
____________________
(1/56)
الإستنشاق لغير الصائم مسنونة وفي البدائع إذا نزل الدم إلى صماخ الأذن يكون حدثا اه وليس ذلك إلا لكونه يندب مسحه في الوضوء ويجب غسله في الغسل
قوله ( فلا ينقض دم سال في داخل العين الخ ) وكذا ما سال في باطن الجرح إلى الجانب الآخر وحقيقة التطهير فيهما ممكنة وإنما سقط حكمه للحرج
قوله ( كماء الثدي والسرة الخ ) قال في البحر الجرح والنفطة وماء السرة والثدي والأذن والعين إذا كان لعلة سواء في الأصح أي في النقض والظاهر أن القيد راجع إلى الأربعة الأخيرة
وعن الحسن أن ماء النفطة لا ينقض قال الحلواني وفيه توسعة لمن به جرب أو جدري أو مجل بالجيم وهو ما يكون بين الجلد واللحم وفي الجوهرة عن الينابيع الماء الصافي إذا خرج من النفطة لا ينقض
وفي المغرب هي بفتح النون وكسر الفاء وزن كلمة الجدري وبكسر النون وسكون الفاء القرحة التي امتلأت وحان قشرها والتحريك لغة فيها ذكره العلامة نوح وفي التبيين ولو كان بعينه رمدا أو عمش يسيل منها الدموع
قالوا يؤمر بالوضوء لوقت كل صلاة لإحتمال أن يكون صديدا أو قيحا قال العلامة الشلبي في حاشيته عليه قال الشيخ كمال الدين في فصل المستحاضة وأقول هذا التعليل يقتضي أنه أمر استحباب فإن الشك والإحتمال في كونه ناقضا لا يوجب الحكم بالنقض إذ اليقين لا يزول بالشك والله تعالى أعلم نعم إذا علم أنه صديد أو قيح من طريق غلبة الظن بإخبار الأطباء أو علامة تغلب على ظن المبتلي يجب
وفي المنية روى عن محمد أنه قال الشيخ إذا كان في عينه رمد وتسيل الدموع منها آمره بالوضوء لوقت كل صلاة لأني أخاف أن يكون ما يسيل منها صديدا فيكون صاحب عذر اه
ونقل شارحها عن الكمال ما نقله عنه الشلبي ثم قال شارحها ومما يشهد لهذا أي لكونه أمر استحباب ما في شرح الزاهدي عقيب هذه المسئلة وعن هشام في جامعه إن كان قيحا فكالمستحاضة وإلا فكالصحيحة وأما قولهم ماء الجرح والنفطة وماء السرة والثدي والعين والأذن إن كان لعلة سواء ينبغي أن يحمل على ما إذا كان الخارج من العين متغيرا بسبب ذلك اه
وفي الفتح عن التجنيس الغرب في العين إذا سال منه ماء نقض لأنه كالجرح وليس بدمع وهو بالتحريك ورم في الماق اه وضبطه في الدر بفتح فسكون قال وهو عرق في العين يسقي ولا ينقطع اه قلت وهل يجري في دمع العين الصافي ما جرى في ماء النفطة من الخلاف والظاهر نعم لعدم الفرق
قال العارف بالله سيدي عبد الغني النابلسي وينبغي أن يحكم برواية عدم النقض بالصافي الذي يخرج من النفطة في كي الحمصة وإن ما يخرج منها لا ينقض وإن تجاوز إلى محل يلحقه حكم التطهير إذا كان ماء صافيا أما غير الصافي بأن كان مخلوطا بدم أو قيح أو صديد فإنه ناقض إذا وجد السيلان بأن تجاوز العصابة وإلا لم ينقض ما دامت الورقة في موضع الكي معصبة بالعصابة وإن امتلأت دما أو قيحا ما لم يسل من حول العصابة أو ينفذ منها دم أو قيح سائل وأما ظهوره من غير أن يتجاوزها فذلك من الجرح نفسه وهو غير ناقض ولو حل العصابة فأخرج
____________________
(1/57)
الورقة والخرقة فوجد دما أو قيحا لولا الرباط لسال في غالب ظنه انتقض وضوءه في الحال لا قبل ذلك لكون النجاسة انفصلت عن موضعها أما قبل حلها فالنجاسة في موضعها لم تنفصل ولو لم يمكن قطع السيلان حقيقة أو حكما كقطعه بالربط فهو معذور وإلا لا حتى لو كان لا يمتنع العذر بالربط أو الحشو وجب ذلك نقله السيد
قوله ( وإن لم يتغير ) أشار به إلى أنه لا فرق بين أنواع القيء سواء قاء من ساعته أم لا وقال الحسن إذا تناول طعاما أو ماء ثم قاء من ساعته لا ينتقض وضوءه لأنه طاهر حيث لم يستحل والذي اتصل به قليل قيء فلا يكون حدثا فلا يكون نجسا وكذا الصبي إذا ارتضع وقاء من ساعته لا يكون نجسا والصحيح أنه حدث ونجس في الكل كما في الحلبي قيل وقول الحسن هو المختار كما في الفتح قال الزاهدي ومحل الاختلاف إذا وصل إلى معدته ولم يستقر أما لوقاء قبل الوصول وهو في المرىء فإنه لا ينقض اتفاقا
قوله ( هو سوداء محترقة ) قال في الشرح تفسيرا للعلق هو ما اشتدت حمرته وجمد وهي سوداء محترقة اه
قال السيد وإن كان مائعا نقض وإن لم يملا الفم عند الإمام خلافا لمحمد هذا إذا كان صاعدا من الجوف وأما إذا كان نازلا من الرأس نقض قل أو كثر باتفاق أصحابنا اه عيني
قوله ( إذا ملأ الفم ) إنما اشترط ملء الفم في القيء واعتبر السيلان في غيره لأن الفم تجاذب فيه دليلان أحدهما يقتضي كونه ظاهرا والآخر يقتضي كونه باطنا حقيقة وحكما أما الحقيقة فلأنه إذا فتح فاه يظهر وإذا ضمه يبطن وأما الحكم فلأنه يفترض غسله في الغسل فجرى عليه حكم الظاهر وإذا ابتلع الصائم ريقه لا يفسد صومه فجرى عليه حكم الباطن فوفرنا على الدليلين حكمهما وقلنا إذا كثر نقض فاعتبر خارجا وإن قل لا ينقض فاعتبر باطنا فيصير تبعا للريق
قوله ( بما في قعر المعدة ) بفتح الميم وإسكان العين قاله في الشرح
قوله ( ومن دسعة تملأ الفم ) قال في القاموس الدسع كالمنع الدفع والقيء والملء ثم قال والدسعة أيضا الطبيعة والجفنة والمائدة الكريمة والقوة اه مختصرا فحينئذ يكون معنى الدسعة القيء ووصفه بكونه يملأ الفم احترازا عن القليل أو بمعنى الدفعة وإنما ذكره بعد القيء لدفع توهم أنه لا ينقض إلا ما كان كثيرا فاحشا
قوله ( قوله وقهقهة الرجل في الصلاة ) قيد الرجل اتفاقي لأن المرأة كذلك بخلاف الصبي
قوله ( وخروج الدم ) لعل المراد منه خروجه من السبيلين فيغاير قوله في صدر الحديث والدم السائل فإن المراد به أن يكون من غيرهما ويكون دليلا على أن الخارج غير المعتاد ينقض وليراجع
قوله ( إذا اتحد سببه ) وهو الغثيان مصدر غثت نفسه بالمثلثة إذا جاشت وهاجت
قوله ( وهو الأصح ) هو قول محمد
قوله ( وقال أبو يوسف الخ ) اعتبر أبو يوسف اتحاد المجلس لأن للمجلس أثرا في جمع المتفرقات ولم يذكر حكم الفرع في ظاهر الرواية واتفقا أنهما لو اتحدا نقض أو اختلفا لم ينقض
قوله ( وماء النائم الخ ) احترز به عن ماء الميت فإنه نجس
قوله ( وكذا الصاعد من الجوف على المفتى به ) ظاهره ولو كان بحيث لو جمع لملأ الفم
قوله ( العينان وكاء السه )
____________________
(1/58)
قال في النهاية أصل سه سته بوزن فرس وجمعه أستاه كأفراس فحذفت الهاء وعوضت عنها الهمزة فقيل است فإذا ردت الهاء وهي لامها وحذفت العين التي هي التاء انحذفت الهمزة التي جيء بها عوضا عن الهاء فقيل سه بفتح السين ويروى في الحديث وكاء السته اه وفي قوله العينان وكاء السته تشبيه بليغ بفم الزق على طريق الاستعارة بالكناية وإثبات الوكاء له تخييل واستعمال العينين في اليقظة مجاز مرسل علاقته التلازم لأنه يلزم من انفتاحهما اليقظة وحمل الوكاء على العينين من التشبيه البليغ سواء كانا بمعنى اليقظة أو أبقيا على معناهما أو من باب الكناية أي اليقظة أو العينان كرباط الدبر اه مدابغي في حاشيته على الخطيب وإعرابه بالحركات على الهاء لأنها لام الكلمة
قوله ( وإنما الحدث ما لا يخلو عنه النائم ) صححه في السراج واختاره الزيلعي مقتصرا عليه وحكي في التوشيح الإتفاق عليه وتفرع على الخلاف ما ذكره العلامة الشلبي في حاشية الزيلعي
ونصه سئلت عن شيخ به إنفلات ريح هل ينتقض وضوءه بالنوم فأجبت بعدم النقض بناء على ما هو الصحيح أن النوم نفسه ليس بناقض وإن الناقض ما يخرج ومن ذهب إلى أن النوم نفسه ناقض لزمه نقض وضوء من به إنفلات ريح بالنوم والله تعالى أعلم اه
قوله ( الذي يسمع به ) الباء بمعنى مع وقوله ما يقال أي أكثر ما يقال قال في الخانية النعاس لا ينقض الوضوء وهو قليل نوم لا يشتبه عليه أكثر ما يقال ويجري عنده اه
وظاهر المصنف كالخانية أنه لا يشترط الفهم والذي في الفتح عن الدقاق والرازي إن كان لا يفهم عامة ما قيل عنده كان حدثا وإن كان لا يفهم حرفا أو حرفين يعني كلمة أو كلمتين لا ا ه
ويظهر الفرق بين العبارتين في سماع غير لغته والظاهر إعتبار السماع فقط
تنبيه لا نقض من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلا يحتاج أن يقال نومهم غير ناقض كما في القهستاني فإنه يقتضي تخصيص عدم النقض به فوضوءهم تشريع للأمم لكن ينبغي أن يستثنى إغماؤهم وغشيهم فإنهما منهم ناقضان على ما في المبسوط
أفاده السيد وغيره وبحث فيه بعض الحذاق بأنه إذا كان الناقض الحقيقي المتحقق غير ناقض فالحكمي المتوهم أولى على أن ما في المبسوط ليس بصريح ولو سلم فيحمل على أنه رواية
قوله ( وينقضه إرتفاع مقعدة الخ ) فقيل إن انتبه كلما سقط فلا ينتقض وإن استقر نائما ثم انتبه إنتقض لوجود النوم مضطجعا هذا قول الإمام
قال في التبيين وهو الظاهر وفي الفتح وعليه الفتوى وفي المضمرات عن الزاد وهو الصحيح في رواية الحسن وبه جزم في السراج
قوله ( وهو مرض يزيل القوى ) بسبب امتلاء بطون الدماغ من البلغم البارد وتعطل القوى المدركة والمحركة عن أفعالها مع بقاء العقل مغلوبا والغشي بفتح فسكون أو بكسر الشين المعجمة مع تشديد الياء نوع منه وكلاهما ناقض وأما العته فهو غير ناقض لحكمهم على العبادة بالصحة معه وإن لم يكن مكلفا بها لإلحاقه بالصبي لا لأن عقله قد زال أفاده السيد
قوله ( وهو خفة الخ ) قال بعضهم هو سرور يغلب على العقل
____________________
(1/59)
بمباشرة بعض الأسباب الموجبة له فيمنع الإنسان عن العمل بموجب عقله من غير أن يزيله ولذا بقي أهلا للخطاب وقيل يزيله وتكليفه زجر له والتحقيق الأول كما في البحر ولا فرق فيه بين السكر من محرم أو مباح فهو كالإغماء إلا أنه لا يسقط عنه القضاء وإن كان أكثر من يوم وليلة لأنه بصنعه بخلاف الإغماء
قوله ( يظهر أثرها بالتمايل ) هذا التعريف باتفاق هنا كما في الحلبي كما أنه باتفاق في الإيمان أن يهذي ويخلط في أكثر كلامه كما صرح به الزيلعي في كتاب الحدود واختلف في حده في باب الحد
فقال الإمام هو أن لا يعرف الأرض من السماء ولا الرجال من النساء لأن الحد عقوبة يحتال لدرئها فيعتبر نهاية السكر وقالا هو أن يهذي في كلامه لأنه هو السكر في العرف
قال في النهر وينبغي النقض بأكل الحشيشة إذ دخل في مشيته إختلال
قوله ( لزوال القوة الماسكة ) علة للخفة الموصوفة بما بعدها وقوله وعدم إنتفاع عطف على زوال
قوله ( بالعقل ) هو في الرأس وشعاعه في الصدر والقلب أو بالقلب فالقلب يهتدى بنوره لتدبير الأمور وتمييز الحسن من القبيح قاله في الشرح
قوله ( وينقضه قهقهة ) هي ليست حدثا حقيقة وإلا لاستوى فيها جميع الأحوال مع أنها مخصوصة ببعضها وهو الموافق للقياس لأنها ليست بخارج نجس بل هي صوت كالبكاء والكلام وإنما وجب الوضوء منها زجرا وعقوبة وعليه جماعة منهم الدبوسي وقيل بل حدث وتظهر فائدة الخلاف في جواز مس المصحف بعدها فمن جعلها حدثا منع كسائر الأحداث ومن أوجب الوضوء عقوبة جوز قال في البحر وينبغي ترجيح موافقة القياس لظاهر الأخبار التي هي الأصل في هذا الباب إذ ليس فيها إلا الأمر بإعادة الوضوء والصلاة ولا يلزم منه كونها من الأحداث اه
قوله ( أو سهوا ) هو فيه إحدى روايتين وبها جزم الزيلعي لأن حالة الصلاة مذكرة بخلافها في النوم
قوله ( وهي ما يكون مسموعا لجيرانه ) ولو قل والمراد جيرانه في الصلاة ونحوهم
قوله ( وقيل تبطله ) دون الصلاة وهو مروي عن سلمة بن شداد وعن أبي قاسم أنها تبطلهما فعلى الثاني أن يبني على صلاته وفيه أن القهقهة ليست حدثا سماويا
قوله ( لا نائم على الأصح ) لأن فعله لا يوصف بالجنابة كالصبي لكن تبطل صلاته لما ذكرنا وهو المذهب بحر
قوله ( في صلاة كاملة ) ولو حكما كما إذا قهقه في السهو أو من سبقه الحدث بعد الوضوء قبل أن يبني
قوله ( أو مغتسلا في الصحيح ) وعليه الجمهور كما في الذخائر الأشرفية وقال عامة المشايخ لا تنقضه لأنه ثابت في ضمن الغسل فإذا لم يبطل المتضمن بالكسر لا يبطل المتضمن بالفتح
قوله ( لكونها عقوبة ) أي لا لكونها حدثا حقيقيا فلا يلزم القول الخ أفاده في الشرح
قوله ( لمورد النص ) وهو ما روي مرسلا ومسندا أنه صلى الله عليه وسلم من ضحك منكم قهقهة فليعد الوضوء والصلاة قال الكمال أهل الحديث اعترفوا بصحته مرسلا وأما روايته مسندا فعن عدة من الصحابة كابن عمر ومعبد بن أبي معبد الخزاعي وأبي موسى الأشعري وأبي هريرة وأنس وجابر وعمران بن حصين رضي الله تعالى عنهم أجمعين والمرسل الصحيح
____________________
(1/60)
حجة عندنا فلا بد من العمل به كما في البرهان وغيره
قوله ( بلا حائل يمنع حرارة الجسد ) صادق بأن لا يكون حائل أصلا وبأن يكون حائل رقيق لا يمنع الحرارة وكما ينتقض وضوءه ينتقض وضوءها كما في القنية وقال محمد لا ينتقض الوضوء إلا بخروج مذي وهو القياس وجه الإستحسان أن المباشرة الفاحشة لا تخلو عن خروج مذي غالبا والغالب كالمتحقق وفي مجمع الأنهر قوله أقيس وقولهما أحوط
فصل عشرة أشياء لا تنقض الوضوء قوله ( لأنه لا ينجس جامدا ولا مائعا ) ينجس بتشديد الجيم من التنجيس أي لا ينجس ما أصابه جامدا كان أو مائعا عند أبي يوسف وهو الصحيح فلو أخذ بقطن وألقى في الماء القليل لا يفسده وعن محمد في غير رواية الأصول أنه نجس
قال الحدادي والفتوى على قول الثاني فيما إذا أصاب الجامدات وعلى قول الثالث فيما إذا أصاب المائعات أفاده السيد
قوله ( فلا يكون ناقضا ) لا يحسن ترتيبه على ما قبله بل يترتب ما قبله عليه لأنه إذا لم يكن ناقضا فلا يكون نجسا
قوله ( لطهارته ) أي اللحم في حق نفسه أما في حق غيره فنجس لأن المنفصل من الحي ميتة
قوله ( كالعرق المدني ) نسبة إلى المدينة الشريفة لكثرته بها وهي بثرة تظهر في سطح الجلد تنفجر عن عرق يخرج كالدودة شيئا فشيئا وسببه فضول غليظة قاله السيد
قوله ( ولقلة الرطوبة التي معها ) لكنها تنجس ما وقعت فيه من المائعات
قوله ( مطلقا ) ولو من غير الماس ولو كان الممسوس مشتهى وسواء كان المس بباطن الكف أو بغيره بشهوة أولا وفي السيد ويستحب غسل يده إن كان مستنجيا بغير الماء وحديث بسرة ضعفه جماعة وهو من مس ذكره فليتوضأ قال في الفتح والحق أن كلا من الحديثين لا ينزل عن درجة الحسن لكن يترجح حديث طلق وهو الذي ذكره المصنف بأن أحاديث الرجال أقوى لأنهم أحفظ للعلم وأضبط ولذا جعلت شهادة إمرأتين رجل واحد وقال ابن أمير حاج يمكن حمل حديث بسرة على غسل اليدين وقد تقدم أنه يستحب الوضوء للخروج من خلاف العلماء فإن العبادة المتفق عليها خير من العبادة المختلف فيها
قوله ( واللمس في الآية المراد به الجماع ) فسره به ترجمان القرآن وهو الذي قاله أهل اللغة
قال ابن السكيت اللمس إذا قرن بالمرأة يراد به الجماع تقول العرب لمست المرأة أي جامعتها ذكره السيد
قوله ( وهو طاهر ) أي عندهما مطلقا لأنه بزاق حقيقة والبزاق طاهر لأن الرطوبة ترقي أعلى الحلق فتصير بزاقا وفي أسفله تغلظ فتصير بلغما فلم يخرج من المعدة ولئن خرج منها فهو لزج صقيل لا تتخلله النجاسة وما يتصل به منها قليل وهو في القيء عفو ولا يرد ما إذا وقع البلغم في نجاسة حيث يتنجس لأن كلامنا فيما إذا كان في الباطن وأما إذا انفصل قلت ثخانته وازدادت رقته فتتخلله النجاسة ولو كان مخلوطا بالطعام لا ينقض إلا إذا كان الطعام غالبا بحيث لو ا نفرد ملأ الفم أما إذا كان مغلوبا أو مساويا فلا وفي صلاة الحسن العبرة للغالب ولو استويا يعتبر كل على حدة
قوله ( حتى تخفق رؤسهم ) أي تتحرك قال في القاموس خفق النجم يخفق خفوقا غاب وفلان حرك رأسه إذا
____________________
(1/61)
نعس اه
وبعض الصحابة حينئذ كان يضع جانبه فينام ثم يقوم فيصلي كما في سنن البزار بإسناد صحيح وحمل على النعاس
قوله ( ولو نام راكعا أو ساجدا الخ ) لبقاء بعض الاستمساك إذ لو زال كله لسقط فلم يتم الإسترخاء ولا فرق بين أن يتعمد النوم فيها أو خارجها على المختار وتمامه في الفتح
قوله ( وإن لم يكن على صفة السجود والركوع المسنون إنتقض ) الأولى حذف الركوع فإن بيان صفة السنة كما قدمه قاصر على السجود ولأن مجرد انتصاب نصفه الأسفل وانحناء الأعلى مع عدم السقوط دليل بقاء القوة الماسكة
فصل ما يوجب الإغتسال قوله ( اسم من الإغتسال ) أو من الغسل بالفتح مصدر غسل من باب ضرب وبالكسر ما يغسل به من نحو صابون والغسالة بالضم ما غسلت به الشيء كما في المصباح وذكر ابن مالك أنه إذا أريد بالغسل الإغتسال فالأوجه الضم ووجهه أن مضموم الغين اسم مصدر لاغتسل ومفتوحها مصدر الثلاثي المجرد
قوله ( وهو تمام غسل الجسد ) أي غسل الجسد التام والذي عبر به غيره غسل تمام الجسد
قوله ( واسم للماء الذي يغتسل به أيضا ) ومنه ما في حديث ميمونة فوضعت له غسلا قاله السيد وغيره
قوله ( وخصوه بغسل البدن الخ ) هو المعنى الإصطلاحي ذكره بعد بيان المعنى اللغوي وظاهره أنه لا يقال للغسل المسنون غسل إصطلاحا وفيه بعد
قوله ( والجنابة صفة الخ ) أي لغة كذا في الشرح إلا أنه عبر فيه بحالة والذي في القاموس والجنابة المني وقد أجنب وجنب وجنب واستنجب وهو جنب يستوي فيه الواحد والجمع أو يقال جنبان وأجناب اه
قوله ( إذا قضى شهوته من المرأة ) وذا بإنزال المني فيوافق ما قبله
قوله ( وسببه ) بالنصب عطفا على تفسيره وقد علم ذلك في الوضوء
قوله ( حل ما كان ممتنعا قبله ) هو الحكم الدنيوي وقوله والثواب بفعله تقربا هو الحكم الأخروي
وقوله تقربا مرتبط بقوله بفعله أي إنما يثاب إذا فعله متقربا
قوله ( خروج المني ) بكسر النون مشدد الياء وقد تسكن مخففا قهستاني
قوله ( يشبه رائحة الطلع ) أي عند خروجه ورائحة البيض عند يبسه
قوله ( ومني المرأة رقيق أصفر ) فلو إغتسلت لجنابة ثم خرج منها مني بدون شهوة إن كان أصفر أعادت الغسل وإلا فلا
قوله ( وهو الصلب ) أي والترائب
قوله ( وكان خروجه من غير جماع ) قيد به ليتصور كون وجوب الغسل مضافا إلى خروج المني إذ في الجماع يضاف الوجوب إلى تواري الحشفة وإن لم يخرج المني قاله السيد
قوله ( ولو بأول مرة لبلوغ في الأصح ) وقيل لا يجب لأنه صار مكلفا بعده وقيد بقوله لبلوغ لأنه لو تحقق البلوغ أولا من غير إنزال ثم أنزل يجب الغسل من غير خلاف ولو كانت أول مرة
قوله ( وفكر ونظر وعبث ) عطف على احتلام
قوله ( وله ذلك ) أي العبث بذكره
قوله ( إن كان أعزب ) يقال فيه عزب وظاهر التقييد به عدم حله لمتزوج ولو في مدة منعه عن حليلته بحيض أو سفر
قوله ( وبه ينجو
____________________
(1/62)
رأسا برأس ) عبارة البحر عن المحيط ولو أن رجلا عزبا به فرط شهوة له أن يستمني بعلاج لتسكينها ولا يكون مأجورا البتة ينجو رأسا برأس
هكذا روي عن أبي حنيفة اه والمراد بقوله رأسا برأس أنه لا أجر له ولا وزر عليه
قوله ( يخشى منها ) أي الوقوع في لواط أو زنا فيكون هذا من إرتكاب أخف الضررين
قوله ( لا لجلبها ) أي فيحرم لما روي عنه صلى الله عليه وسلم ناكح اليد ملعون وقال ابن جريج سألت عنه عطاء فقال مكروه وسمعت قوما يحشرون وأيديهم حبالى فأظنهم هؤلاء وقال سعيد بن جبير عذب الله أمة كانوا يعبثون بمذاكيرهم وورد سبعة لا ينظر الله إليهم منهم الناكح يده
قوله ( لملازمته لها ) الذي في الدر لم يذكر الدفق ليشمل مني المرأة لأن الدفق فيه غير ظاهر وأما إسناده إليه أيضا في قوله تعالى { خلق من ماء دافق } فيحتمل التغليب اه وبهذا تمنع الملازمة
قوله ( سواء المرأة الخ ) تعميم في قول المصنف خروج المني إلى ظاهر الجسد وقيل يلزمها الغسل من غير رؤية الماء إذا وجدت اللذة
قوله ( ويفتي بقول أبي يوسف ) عبارته في الشرح أولى وهي الفتوى على قول أبي يوسف في الضيف إذا استحيا من أهل المحل أو خاف أن يقع في قلبهم ريبة بأن طاف حول بيتهم وعلى قولهما في غير الضيف اه
ونقل بعضهم أنه يفتي بقوله بالنظر إلى الصلوات الماضية والمراد بها ما فعلت حال الإستحياء أو خوف الريبة وبقولهما بالنظر إلى المستقبلة والمراد بها التي إنتفى عند أدائها ما ذكر رجوعا إلى قول الإمام صاحب المذهب وهو حسن
قوله ( وإذا لم يتدارك مسكه ) أي حتى خرج المني من رأس الذكر بشهوة أي وقد استحيا أو خشي الريبة وفي جعل الحياء المجرد عن خوف الريبة عذرا تأمل لأنه في غير محله
قوله ( بإيهام صفة المصلي ) أي بإيهام رائيه أنه يصلي
قوله ( وقراءة ) المنع عنها ظاهر لوجود الحدث الأكبر ولا يظهر في التكبير لأنه ذكر يجور للجنب اللهم إلا أن يقال في عدم الإتيان به زيادة إبعاد عن فعل الماهية وإقتصار على الضرورة ما أمكن والظاهر أن التسبيح والتشهد والسلام وباقي التكبير في حكم التحريمة وليحرر
قوله ( في مكانه ) أو تجاوزه بخطوة أو خطوتين
قوله ( وارتخى ذكره ) أفاد تقييده أنه إذا بال ولم يرتخ الذكر حتى خرج المني يجري الخلاف فيه
قوله ( أو مشي خطوات كثيرة ) قال في البحر وقيد المشي في المجتبى بالكثير وأطلقه كثير والتقييد أوجه لأن الخطوة والخطوتين لا يكون منهما ذلك اه أي إنقطاع مادة الأول
قوله ( لأنها شروط ) أي للوجوب فإضافة الوجوب إلى الشروط مجاز كقولهم صدقة الفطر لأن السبب يتعلق به الوجود والوجوب والشرط يضاف إليه الوجود فشارك الشرط السبب في الوجود اه من الشرح فالمجاز مجاز إستعارة علاقته المشابهة في أن كلا يضاف إليه الوجود
قوله ( ومنها توارى حشفة ) أي تغييب تمام حشفة فلو غاب أقل منها أو أقل من قدرها من المقطوع لم يجب الغسل كما في القهستاني
قوله ( هي رأس ذكر الخ ) هذا التعريف لاحظ المصنف فيه المقام وإلا فالحشفة كما في القاموس ونحوه في الدر ما فوق الختان وفي القهستاني هي رأس الذكر إلى
____________________
(1/63)
المقطع وهو غير داخل في مفهومها اه
قوله ( مشتهى ) بصيغة اسم المفعول يدل عليه قوله في المحترز وذكر صبي لا يشتهي ولم يعبر المصنف بالتقاء الختانين ليتناول الإيلاج في الدبر ولأن الثابت في الفرج محاذاتهما لا إلتقاؤهما
قوله ( احترز به عن ذكر البهائم ) محترزا لآدمي وقوله والميت خرج بذكر الحي وقوله والمقطوع خرج بالمشتهي كما خرج به
قوله وذكر صبي وقوله والمصنوع من جلد والإصبع خرج بقوله رأس ذكر فهو من النشر الملخبط
قوله ( يوجب عليها الخ ) أي لا عليه لكنه يمنع من الصلاة حتى يغتسل كما يمنع عن الصلاة محدثا حتى يتوضأ كما في الخلاصة عن الأصل وفي الخانية يؤمر به ابن عشر اعتيادا وتخلقا كما يؤمر بالطهارة والصلاة
قوله ( في أحد سبيلي آدمي حي ) يجامع مثله خرج غير الآدمي والميتة والصغيرة التي لا تجامع فلا يجب الغسل بالجماع في هذه الأشياء ولا ينتقض الوضوء وإنما يلزمه غسل ذكره كما في القهستاني من النواقض وفي الدر رطوبة الفرج طاهرة عند أبي حنيفة اه أي فلا يلزمه غسل الذكر أيضا
قوله ( ويلزم بوطء صغيرة لا تشتهى ولم يفضها ) هذا هو الصحيح ومنهم من قال يجب مطلقا ومنهم من قال لا يجب مطلقا أفاده السيد
قوله ( فالأصح أنه إن وجد حرارة الفرج واللذة وجب الغسل ) واللذة بالنصب عطف على حرارة اقتصر في السراج على وجود الحرارة وفي التنوير وشرحه على وجود اللذة وجمع بينهما المصنف لأن الظاهر تلازمهما غالبا
قوله ( إذا التقى الختانان الخ ) ذكرهما بناء على عادة العرب من ختن نسائهم وهو من الرجال دون حزة الحشفة ومن المرأة موضع قطع جلدة كعرف الديك فوق مدخل الذكر وهو مخرج الولد والمني والحيض وتحت مخرج البول ويقال له أيضا خفاض
قال في السراج وهو سنة عندنا للرجال والنساء وقال الشافعي واجب عليهما وفي الفتح يجبر عليه أن تركه إلا إذا خاف الهلاك وإن تركته هي لا اه
وذكر الاتقاني عن الخصاف بإسناده إلى شداد بن أوس مرفوعا الختان للرجال سنة وللنساء مكرمة
قال في المعراج يعني مكرمة للرجال لأن جماع المختونة ألذ ووقته من جملة المسائل التي توقف فيها الإمام ورعا منه لعدم النص ولم يرد عنهما فيه شيء واختلف فيه المشايخ والأشبه اعتبار الطاقة كما في الدر وغيره وهذا الحديث أخرجه الإمام أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسر وفي مسنده عن أبي حنيفة بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم
قوله ( لا يوجب الغسل ) أي ولا ينقض الوضوء
قوله ( ومنها وجود ماء رقيق بعد النوم ) حاصل مسئلة النوم إثنا عشر وجها كما في البحر لأنه إما أن يتيقن أنه مني أو مذي أو ودي أو يشك في الأول مع الثاني أو في الأول مع الثالث أو في الثاني مع الثالث فهذه ستة وفي كل منها أما أن يتذكر إحتلاما أو لا فتمت الإثنا عشر فيجب الغسل إتفاقا فيما إذا تيقن أنه متى تذكر إحتلاما أو لا وكذا فيما إذا تيقن أنه مذي وتذكر الإحتلام أو شك أنه مني أو مذي أو شك أنه مني أو شك أنه مذي أو ودي وتذكر الإحتلام في
____________________
(1/64)
الكل ولا يجب الغسل اتفاقا فيما إذا تيقن أنه ودي مطلقا تذكر الإحتلام أو لا أو شك أنه مذي أو ودي ولم يتذكر أو تيقن أنه مذي ولم يتذكر ويجب الغسل عندهما لا عند أبي يوسف فيما إذا شك أنه مني أو مذي أو شك أنه مني أو ودي ولم يتذكر إحتلاما فيهما والمراد بالتيقن هنا غلبة الظن لأن حقيقة اليقين متعذرة مع النوم
قوله ( وقد يرق المني لعارض ) كالهواء أو الغذاء قال في الخلاصة ولسنا نوجب الغسل بالمذي ولكن المني قد يرق بطول المدة فتصير صورته كصورة المذي اه
قوله ( إذا لم يكن ذكره منتشرا قبل النوم ) لم يفصل بين النوم مضطجعا وغيره كغيره
وقال ابن أمير حاج التفرقة المذكورة لبعضهم من أن محل عدم وجوب الغسل إذا نام قائما أو قاعدا أما إذا نام مضطجعا فيجب الغسل سواء كان ذكره منتشرا قبل النوم أو لا تفرقة غير ظاهرة الوجه فالكل على الإطلاق إذ لا يظهر بينهما إفتراق اه
قوله ( دون تذكر ومميز ) أما إذا تذكر أحدهما حلما دون الآخر فعلى المتذكر فقط أو وجدت علامة كونه منه أو منها فعلى صاحبها فقط ومحله ما لم يكن الفراش نام عليه غيرهما قبلهما أما إذا كان ذلك والمني جاف فالظاهر عدم الوجوب على كل منهما كذا في البحر
قوله ( بغلظ ) متعلق بمميز والأول والثالث والخامس صفة مني الذكر والثاني والرابع والسادس صفة مني الأنثى
قوله ( ظنه منيا ) يحترز به عما لو كان مذيا فإنه لا غسل عليه
قاله السيد عن شرح منلا مسكين
قوله ( ويفترض بحيض ) أي بإنقطاعه لأن المعدود هنا كما تقدم شروط لا أسباب وإنما أضيف الوجوب إليها تسهيلا والشرط هو الإنقطاع لا الخروج
قوله ( ونحوها ) كتواري الحشفة والحيض والنفاس والمراد بقاء الأحكام المترتبة
قوله ( ونحوها ) كسجدة التلاوة وصلاة الجنازة ومس المصحف
قوله ( بزوال الجنابة ) متعلق بالمشروط وقوله وما في معناها أي الجنابة كالحيض والنفاس وقد مر
قوله ( الذي لا جنابة منه ) كالبغي ولو قال الذي لا وصف له يسقط غسله ليشمل الشهيد لكان أولى ويستثنى من الميت أيضا الخنثى المشكل فقيل ييمم وقيل يغسل في ثيابه والأول أولى وهل يشترط لهذا الغسل النية الظاهر أنها شرط لإسقاط الوجوب عن المكلف لا لتحصيل طهارته كما في فتح القدير
فصل عشرة أشياء لا يغتسل منها قوله ( وكسرها ) أي الذال مع تخفيف الياء وهو أفصح كالأولى وتشديدها والفعل ثلاثي مخفف ومضعف ورباعي
قوله ( وهو ماء أبيض كدر ثخين ) يشبه المني في الثخانة ويخالفه في الكدرة ويخرج قطرة أو قطرتين عقب البول إذا كانت الطبيعة مستمسكة وعند حمل شيء ثقيل وبعد الإغتسال من الجماع وينقض الوضوء فإن قيل ما فائدة وجوب الوضوء من الودي وقد وجب من البول قبله أجيب بأنه قد يخرج بدون البول كما ذكرنا فلا يرد السؤال أو يقال تظهر فائدته فيمن به سلس بول فإن وضوءه ينتقض بالودي دون البول
قوله ( ومنها احتلام الخ ) لفظه غلب على ما يراه النائم من الجماع المقترن بالإنزال غالبا وهو محال على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنه شيطاني وهم معصومون منه وإن كان يوسوس لهم
____________________
(1/65)
كذا ذكره بعضهم وفي الخصائص أن منها إسلام قرينه صلى الله عليه وسلم
قوله ( في ظاهر الرواية ) وقال محمد يجب عليها الغسل احتياطا
قوله ( لحديث أم سليم ) وهو ما في الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها
قالت جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله أن الله لا يستحي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت قال نعم إذا رأت الماء اه
قال الكمال والمراد بالرؤية العلم سواء اتصلت به رؤية البصر أم لا فإن من تيقنت الإنزال بعد الاستيقاظ ثم جف ولم تر شيئا بعينها لا يسع أحدا القول بعدم الغسل مع أنها لم تر شيئا ببصرها
قوله ( مانعة من وجود اللذة ) اقتصر على ذكر اللذة هنا وزاد فيما تقدم وجود الحرارة ولعلهما متلازمان كما مر
قوله ( احتياطا ) الظاهر أنه علة الإفتراض بدليل التعبير باللزوم وكذلك في المسئلة التي قبلها بدليل التعبير بعليها المفيدة للوجوب
قوله ( على المختار ) أي في الدبر ومقابله ضعيف وأما في القبل فذكر في شرح التنوير أن المختار عدمه أيضا وحكى العلامة نوح أن المختار فيه الوجوب إذا قصدت الإستمتاع لأن الشهوة فيهن غالبة فيقام السبب مقام المسبب فاختلف الترجيح بالنسبة لإدخال الإصبع في قبل المرأة
أفاده السيد رحمه الله تعالى
قوله ( ما لم تحبل ) لأنها لا تحبل إلا إذا أنزلت وتيعد ما صلت قبل الغسل وهذا أحد قولين وقيل لا غسل عليها ولو ظهر الحبل إلا إذا خرج منيها إلى ظاهر الفرج وهو ظاهر الرواية
قال الحلواني وبه نأخذ انظر الزيلعي
فصل لبيان فرائض الغسل قوله ( من حيض أو جنابة أو نفاس ) قال في البحر ظاهره أن المضمضة والإستنشاق ليسا بشرطين في الغسل المسنون حتى يصح بدونهما ولكنهما شرطان في تحصيل السنة كما في الدر ويكفي وجودهما في الوضوء عن تحصيلهما في أول الغسل
وقوله في تحصيل السنة أي سنة الغسل المسنون وليس المراد أنهما شرطان في سنيته
قوله ( غسل الفم والأنف ) أي بدون مبالغة فيهما فإنها سنة فيه على المعتمد وشرب الماء عبا يقوم مقام غسل الفم لا مصا ولو كان سنه مجوفا فبقي فيه طعام أو بين أسنانه أو كان في أنفه درن رطب أجزأه لأن الماء لطيف يصل إلى كل موضع غالبا بخلاف اليابس فإنه كالخبز الممضوغ والعجين فيمنع كما في الفتح
قوله ( لقوله تعالى { فاطهروا } ) ولأنهما يغسلان عادة وعبادة نفلا في الوضوء وفرضا في النجاسة الحقيقية وهذا يدل على أنهما من الظاهر
قوله ( عطف عام على خاص ) وإنما أفردهما لوقوع الخلاف فيهما لأنها سنتان عند الإمامين مالك والشافعي رضي الله عنهما ولأنهما لا يكفر جاحدهما
قوله ( ومنه الفرج الخارج ) ومنه مخرج الغائط
قوله ( كخرء برغوث وونيم ذباب ) ولو لم يصل الماء إلى ما تحته قاله السيد والونيم زرق الذباب
قوله ( داخل قلفة ) هي الجلدة الساترة للحشفة والختان قطعها اه من الشرح
قوله ( سواء سري الماء في أصوله أو لا ) فيه إنه إذا سرى في أصوله وعمه الماء كله لا يلزم حله وفسره بعض الإطلاق بقوله سواء كان علويا أو تركيا
قال السيد وما في العيني من قوله إلا إذا كان علويا
____________________
(1/66)
أو تركيا للحرج متعقب بأن دعوى الحرج ممنوعة اه
قوله ( وأما إن كان شعرها ملبدا أو غزيرا ) بحيث يمنع إيصال الماء إلى الأصول
قوله ( ولا يفترض إيصال الماء إلى أثناء ذوائبها على الصحيح ) احترز به عن قول بعضهم يجب بلها وعما في صلاة البقالي الصحيح أنه يجب غسل الذوائب وإن جاوزت القدمين وتمامه في الشرح
قوله ( والضفيرة بالضاد المعجمة الذؤابة ) قال في القاموس الذؤابة الناصية أو منبتها من الرأس وشعر في أصل ناصية الفرس اه والمراد الخصلة وهي كما في القاموس بالضم الشعر المجتمع أو القليل منه اه
قوله ( والضفر فتل الشعر الخ ) وأما العقص فجمعه على الرأس
قوله ( وثمن الماء ) أي لشرب ووضوء وغسل على الزوج لأنه مما لا بد منه اه شرح
قوله ( ولو انقطع حيضها لعشرة ) وبعهم قال إذا كان إنقطاع الحيض لأقل من عشرة فعلى الزوج لإحتياجه إلى وطئها بعد الغسل وإن كان لعشرة فعليها لأنها هي المحتاجة للصلاة ويعلم منه أن أجرة الحمام حيث اضطرت إليه عليه وفي الخانية دخول الحمام مشروع للرجال والنساء
قال الكمال وحيث أبحنا لها الخروج للحمام إنما يباح بشرط عدم الزينة وتغيير الهيئة إلى ما لا يكون داعيا إلى نظر الرجال والإستمالة اه أي وبشرط عدم نظرهن إلى عورة بعضهن وإلا حرم كما لا يخفي ولو ضرها غسل رأسها تركته ولا تمنع نفسها عن زوجها
فصل في سنن الغسل قوله ( الإبتداء بالتسمية ) هي كاللفظ المذكور في الوضوء
قوله ( لعموم الحديث كل أمر ذي بال ) لفظ كل الخ بدل من الحديث
قوله ( والإبتداء بالنية ) هي كما تقدم في الوضوء
قوله ( لتعلق التسمية باللسان ) لا يظهر لأن المطلوب من الذاكر إستحضار معنى الذكر فلها تعلق بالقلب أيضا فأما أن يقال أن الإبتداء إضافي أو أن القلب يلاحظ أشياء متعددة دفعة
قوله ( مع غسل اليدين ) أي قبل إدخالهما الإناء على ما مر
قوله ( ويسن غسل نجاسة الخ ) أي إن إزالتها قبل الوضوء والإغتسال هو السنة لئلا تزداد بإضافة الماء فلا ينافي أن مطلق إزالة القدر المانع منها غير مقيد بما ذكر فرض اه كلام السيد ملخصا
قوله ( وكذا غسل فرجه ) هو اسم للقبلين وقد يطلق على الدبر أيضا كما في المغرب
قوله ( ثم يتوضأ كوضوئه للصلاة ) فيتمم سائر أعمال الوضوء من المستحبات والسنن والفرائض
قوله ( لأنه صلى الله عليه وسلم الخ ) روى الجماعة واللفظ لمسلم عن ميمونة رضي الله تعالى عنها قالت أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة فغسل مرتين أو ثلاثا ثم أدخل يده في الإناء ثم أفرغ على فرجه وغسله بشماله ثم ضرب بشماله على الأرض فدلكها دلكا شديدا ثم توضأ وضوءه للصلاة ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات كل حفنة ملء كفه ثم غسل سائر جسده ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه الحديث
قوله ( ولكنه يؤخر غسل الرجلين ) فيه إختلاف المشايخ فقائل لا يؤخر لأن عائشة رضي الله عنها أطلقت في روايتها صفة غسله صلى الله عليه وسلم فلم تذكر تأخير الرجلين كما أخرجه الشيخان وأكثرهم على أنه
____________________
(1/67)
يؤخر لحديث ميمونة فإن فيه تنصيصا على التأخير قال في المجتبى والأصح التفصيل وبه يحصل التوفيق
قوله ( يستوعب الجسد بكل واحدة منها ) وإلا لم تحصل سنة التثليث والأولى فرض والثنتان بعدها سنتان حتى لو لم يحصل بالثلاث إستيعاب يجب أن يغسل مرة بعد أخرى حتى يحصل وإلا لم يخرج من الجنابة كما في مجمع الأنهر
قوله ( ولو انغمس المغتسل الخ ) أي بعدما تمضمض واستنشق
قوله ( كالعشر في العشر ) قدر به محمد الكثير ثم رجع عنه إلى ما قاله الإمام أن الكثير ما استكثره المتبلي
قوله ( أو في المطر ) معطوفا على منغمسا أي أو مكث في المطر كذلك أي قدر الوضوء والغسل
قوله ( ولو للوضوء ) أي لو مكث منغمسا أو في المطر لأجل الوضوء قدر فقط فإنه يكون آتيا بكمال السنة فيه
قوله ( ويغسل بعدها ) الأولى التذكير
قوله ( منكبه الأيمن ثم الأيسر ) يغسلهما ثلاثا ثلاثا كما في الزاهدي وقيل يبدأ بالمنكب الأيمن ثم بالرأس
قوله ( ويسن أن يدلك الخ ) الدلك إمرار اليد على الأعضاء مع غسلها
قوله ( إلا في رواية عن أبي يوسف ) المذكور في البحر عن الفتح وفي منلا مسكين أنه شرط عنده في رواية النوادر
فصل وآداب الإغتسال الخ قوله ( ويستحب أن لا يتكلم بكلام معه ولو دعاء ) أي هذا إذا كان غير دعاء بل ولو دعاء أما الكلام غير الدعاء فلكراهته حال الكشف كما في الشرح وأما الدعاء فلما ذكره المؤلف
قوله ( ويكره مع كشف العورة ) ولو في مكان لا يراه فيه أحد
قوله ( ويستحب أن يغتسل ) أي والحال أنه مستور العورة بدليل قوله لاحتمال ظهورها الخ وبدليل ما قبله
قوله ( إن الله حي ) أي منزه عن النقائص
قوله ( يغتسل ويختار ما هو أستر ) هذا ما في الوهبانية والقنية والذي في ابن أمير حاج أنه يؤخره كي يتمكن من الإغتسال بدون إطلاع عليه وسواء في ذلك الرجل والمرأة ولا فرق بين كونهما بين رجال أو نساء فإن خاف خروج الوقت تيمم وصلى
والظاهر وجوب الإعادة عليه لقول غير واحد من المشايخ إن العذر في التيمم إن كان من قبل العباد لا تسقط الإعادة وإن أبيح التيمم اه
قوله ( وبين الرجال تؤخر غسلها ) وكذا بين الرجال والنساء وينبغي لها أن تتيمم وتصلي لعجزها شرعا عن الماء كما في الدر
قوله ( والإثم على الناظر ) أي إذا كان عامدا في صورة جواز كشف العورة
قوله ( وقيل يجوز أن يتجرد للغسل وحده ) اعلم أنه ذكر في القنية اختلافا في جواز الكشف في الخلوة فقال تجرد في بيت الحمام الصغير لقصر إزاره أو حلق عانته يأثم وقيل يجوز في المدة اليسيرة وقيل لا بأس به وقيل يجوز أن يتجرد إلى آخر ما ذكره المؤلف
قوله ( مقدار عشرة أذرع ) وفي الشرح خمسة أذرع وانظر ما وجه هذا التحديد ولعل وجهه في الأول إن العشرة تعد كثيرا كما قد روا به في المياه فيكون المحل إذا كان بهذا القدر متسعا والله تعالى أعلم
قوله ( كالوضوء ) بل الغسل أولى لأنه وضوء وزيادة وإلى ذلك أشار بقوله لأنه يشمله
فصل يسن الإغتسال لأربعة أشياء قوله ( على الصحيح ) هو قول
____________________
(1/68)
أبي يوسف ويشهد له ما في الصحيحين من جاء منكم الجمعة فليغتسل وفي رواية لابن حبان من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل وفي رواية للبيهقي ومن لم يأتها فليس عليه غسل اه
قوله ( وقيل إنه لليوم ) قاله محمد إظهارا لفضيلته على سائر الأيام لقوله صلى الله عليه وسلم سيد الأيام يوم الجمعة ونسبه كثير إلى الحسن وذكر في المحيط محمدا مع الحسن وفي غاية البيان عن شرح الطحاوي أنه لهما جميعا عند أبي يوسف
قوله ( وثمرته أنه الخ ) وتظهر فيمن لا جمعة عليه أيضا وأما الغسل بعد الصلاة فليس بمعتبر إجماعا كما في جمعة المحيط والخانية
قوله ( استن بالسنة لحصول المقصود ) وقال في النهر كالبحر ينبغي عدم حصول السنة بهذا إتفاقا أما على قول أبي يوسف فلاشتراط الصلاة به والغالب وجود الحدث بينهما في مثل هذا القدر من الزمان وأما على قول الحسن فلأنه يشترط أن يكون متطهرا بطهارة الإغتسال في اليوم لا قبله والغالب وجود الحدث أيضا اه ملخصا
قوله ( فبها ونعمت ) أي فبالسنة أخذ ونعمت هذه الخصلة فالضمير راجع إلى غير مذكور وهو جائز في المشهور كما في قوله تعالى { حتى توارت بالحجاب } ص 38
قوله ( وهو ناسخ لظاهر قوله الخ ) وقيل معنى الواجب المتأكد كما يقال حقك علي واجب
قوله ( سنة للصلاة في قول أبي يوسف ) ولليوم عند الحسن نقله القهستاني عن التحفة
قوله ( للحج أو العمرة ) أو مانعة خلو تجوز الجمع
قوله ( ولهذا لا يتيمم مكانه بفقد الماء ) أي مثلا والمراد بعذر والباء للسببية ومثله سائر الإغتسالات المسنونة والمندوبة
قوله ( ويسن الإغتسال للحاج الخ ) قال في البدائع يجوز أن يكون غسل عرفة على هذا الإختلاف أيضا يعني أن يكون للوقوف أو لليوم أي يوم عرفة لمن حضره
قوله ( لفضل زمان الوقوف ) وليكون أقرب إليه فيكون أبلغ في المقصود كما قالوا في غسل الجمعة الأفضل أن يكون بقرب ذهابه إليها إلا أن هذا يقتضي الأفضلية فقط لا كونه شرطا في تحصيل السنة
قال في الهداية وكون هذه الإغتسالات سنة هو الأصح وقيل إنها مستحبة بدليل أن محمدا سمى غسل الجمعة في الأصل حسنا قال في الفتح وهو النظر
قوله ( لمن أسلم طاهرا ) بذلك أمر صلى الله عليه وسلم من أسلم واحترز به عمن أسلم غير طاهر فإنه يفترض عليه الغسل على المعتمد كما تقدم
قوله ( ولمن بلغ بالسن ) احترز به عن بلوغ الصبي بالإحتلام والإحبال والإنزال وعن بلوغ الصبية بالإحتلام والحيض والحبل فإنه لا بد من الغسل فيها
قوله ( وهو خمس عشرة سنة على المفتي به ) وهو قولهما ورواية عن الإمام إذ العلامة تظهر في هذه المدة غالبا فجعلوا المدة علامة في حق من لم تظهر له العلامة وأدنى مدة يعتبر فيها ظهور العلامة إثنتا عشر سنة في حقه وتسع سنين في حقها فإذا بلغا هذا السن وأقرا بالبلوغ كانا بالغين حكما لأن ذلك مما يعرف من جهتهما
قوله ( ولمن أفاق الخ ) لعله للشكر على نعمة الأفاقة
قوله ( وعند الفراغ من حجامة ) لما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من أربع منها الحجامة رواه أبو داود
قوله ( خروجا للخلاف ) الأولى ما قاله السيد خروجا من خلاف القائل
____________________
(1/69)
بلزوم الغسل منهما
قوله ( وندب في ليله براءة ) سميت بذلك لأن الله تعالى يكتب لكل مؤمن براءة من النار لتوفية ما عليه من الحقوق ولما فيها من البراءة من الذنوب بغفرانها قاله العمروسي
قوله ( يقينا ) بأن يكون بطريق الكشف مثلا
قوله ( أو علما ) كذا هو فيما شرح عليه السيد أيضا والمناسب لمقابلة اليقين أن يقول أو ظنا بأن يتبع الإمارة الواردة تعيينها وهي كونها ليلة بلجة لا حارة ولا باردة إلى غير ذلك مما ذكروه والذي فيما رأيته من الشرح أو عملا باتباع ما ورد والمعنى أن لرؤية إما باليقين أو بالعمل بما ورد من الإمارات
قوله ( لإحيائها ) يحتمل إرتباطه بالغسل أي إنما ندب لإحيائها وفيه أن الأحياء مطلوب آخر ليس له تعلق بالغسل إلا أن يقال إنه يعين عليه فيطلب له أو ليكون الإحياء مؤدي بأكمل الطهارتين ويحتمل أنه مرتبط بقوله وردوا لمعنى أن العلامات الواردة بطلب الأحياء هي العلامات التي يطلب عند وجودها الغسل
قوله ( ومحل إجابة دعاء سيد الكونين ) أي بعد إن دعا به في جمع عرفة فأخرت عنه الإجابة إليه
قوله ( وعند دخول مكة ) هي أفضل الأرض عندنا مطلقا وفضل مالك المدينة والخلاف في غير البقعة التي دفن بها صلى الله عليه وسلم فإنها أفضل حتى من العرش والكرسي بالإجماع كما ذكره الشهاب في شرح الشفاء ولكل من مكة والمدينة أسماء كثيرة نحو مائة قال النووي ولا يعرف في البلاد أكثر أسماء منهما وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى
قوله ( ولطواف الزيارة ) سيأتي أنه يغتسل لرمي الجمار وتقدم أنه يغتسل لجمع مزدلفة وقد تجتمع الثلاثة في يوم واحد والظاهر أن غسلا واحدا يكفي لجميعها بالنية
قوله ( ويقوم بتعظيم حرمة البيت ) أي التعظيم الزائد وإلا فأصله يتحقق بالوضوء
قوله ( لأداء سنة صلاتهما ) أي بأكمل الطهارتين كما ذكره في الذي بعد
قوله ( لطلب إستنزال الغيث ) الأولى حذف اللام من طلب لأنه تفسير لإستسقاء كما أن الأولى حذف السين والتاء من إستنزال والإضافة في إستنزال الغيث من إضافة المصدر إلى المفعول
قوله ( بالإستغفار الخ ) تصوير للطلب أو الباء للسببية
قوله ( من مخوف ) بصيغة إسم الفاعل وهو إشارة إلى أن فزع مصدر بمعنى مفزع
قوله ( التجاء إلى الله تعالى ) أي وهو متلبس بأكمل الطهارتين فإنه أدعى لإزالته
قوله ( فيلتجىء المتطهر إليه ) أي المتطهر بأكمل الطهارتين
قوله ( ويندب للتائب من ذنب ) إزالة لأثر ما كان فيه وشكرا للتوفيق إلى التوبة
قوله ( وللقادم من سفر ) للنظافة
قوله ( وللمستحاضة الخ ) لإحتمال تخلل حيض أثناء المدة
قوله ( ولمن يراد قتله ) ليموت على أكمل الطهارتين
قوله ( ولمن أصابته نجاسة الخ ) عده في البحر من الغسل المفروض وهو الذي تفيده عبارة السيد
قال وهو الصحيح خلافا لمن قال إنه يطهر بغسل طرف منه اه
قوله ( لا تنفع الطهارة الظاهرة ) أي التي اشترطت في بعض العبادات والمعنى أنها لا تنفع نفعا تاما إذ لا ينكر أن وجودها ليس كعدمها
قوله ( بالإخلاص الخ ) تصوير للطهارة الباطنة
قوله ( والنزاهة ) أي التباعد
قوله ( عن الغسل ) قال في القاموس الغليل الحقد كالغل بالكسر
____________________
(1/70)
والضغن اه
وقال في مادة ح ق د حقد عليه كضرب وفرح حقدا وحقدا وحقيدة أمسك عداوته في قلبه وتربص لفرصتها كتحقد والحقود الكثير الحقد اه ومنه يعلم إن الغل والحقد شيء واحد وقال في مادة غ ش ش غشه لم يمحضه النصح أو أظهر خلاف ما يضمر والغش بالكسر الإسم منه والغل والحقد والغش بالضم الرجل الغاش اه فالغش في بعض تفاسيره يرجع إلى ما قبله وأما الحسد أعاذنا الله تعالى منه فمعلوم
قوله ( وتطهير القلب ) عطف على إخلاص أي يطهره بقطع العلائق عن جملة الخلائق وما تطمح إليه النفوس فلا يقصد إلا الله تعالى يعبده لإستحقاقه العبادة لذاته تعالى وإمتثالا لأمره ملاحظا جلالته وكبرياءه لا رغبة في جنة ولا رهبة من نار اه من الشرح
قوله ( مفتقرا ) أي مظهرا فقره إليه بأن يسأله حاجته الدينية والدنيوية إظهارا للفاقة والإضطرار إلى المولى الغني عن كل شيء بعد تطهير لسانه من اللغو فضلا عن الكذب والغيبة والنميمة والبهتان وتزيينه بالتقديس والتهليل والتسبيح وتلاوة القرآن لعله أن يتصف ببعض صفات العبودية إذ هي الوفاء بالعهود والحفظ للحدود والرضا بالموجود والصبر عن المفقود
قاله في الشرح
قوله ( بالمن ) أي الإحسان لا بالوجوب عليه
قوله ( المضطر بها ) أي بسببها
قوله ( عطفا عليه ) بفتح العين أي رحمة وحنوا وبالكسر الجانب
قوله ( فتكون عبدا فردا الخ ) أي غير مشترك من كلام الحلاج نفعنا الله تعالى به من علامات العارف كونه فارغا من أمور الدارين مشتغلا بالله وحده وقال ليس لمن يرى أحدا أو يذكر أحدا أن يقول عرفت الأحد الذي ظهرت منه الآحاد وقال من خاف من شيء سوى الله أو رجا سواه أغلق عليه أبواب كل شيء وسلط عليه المخافة وحجب بسبعين حجابا أيسرها الشك اه
قوله ( ولا يستملك ) السين والتاء زائدتان أو أن النهي عن طلب الميل أبلغ من النهي عن الميل
قوله ( قال الحسن ) في مقام التعليل لقوله ولا يستملك
قوله ( رب مستور ) أي كثيرا ما يقع ذلك وهو من الرمل
قوله ( سبته شهوته ) أي جعلته مسبيا لها وأسيرا والمقصود أنه صار لا يخالفها
قوله ( قد عري ) بكسر الراء بمعنى نزع ثيابه والياء ساكنة للضرورة
قوله ( وانهتكا ) ألفه للإطلاق وهو عطف لازم على عري
قوله ( صاحب الشهوة عبد ) أي ملازمها والمتصف بها كالعبد في الإنقياد إلى غيره والذل له
قوله ( فإذا ملك الشهوة ) بأن خالف النفس والشيطان فيما يأمران به
قوله ( أضحى ملكا ) أي في الدارين وهو بكسر اللام لذكر العبد أولا ويحتمل أن يكون بفتحها وهو على التشبيه يعني أنه في الدرجة كالملائكة وقد خلق الله تعالى عالم الأرواح وقسمه أقساما ثلاثة فمنهم من جعل فيه العقل دون الشهوة وهم الملائكة ومنهم من عكسه وهم البهائم ومنهم من جمعهما فيه وهم بنو آدم فإن غلب عقله شهوته الحق بالأول بل قد يكون أفضل وإن غلبت شهوته عقله الحق بالثاني بل قد يكون أرذل إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل
قوله ( وبما كلفه به ) متعلق بقام
قوله ( وارتضاه ) عطف على كلفه
قوله ( حفته العناية
قوله ( أي أحاطت به والعناية
____________________
(1/71)
الإهتمام بالشيء والمعنى إن الله تعالى يحفظه ويسهل له أموره فيعامله معاملة من اهتم بشأنه تعظيما له
قوله ( حيثما توجه وتيمم ) أي قصد أي في أي زمان ومكان توجه فيه وقصد وإن كان أصل وضع حيث للمكان ولا يخفى حسن ذكره مادة التيمم بلصقه
قوله ( وعلمه ما لم يكن يعلم ) دليله قوله تعالى { واتقوا الله ويعلمكم الله } والله تعالى أعلم باب التيمم ذكره بعد طهارة الماء لأنه خلف وقدمه على مسح الخف وإن كان طهارة مائية لثبوت هذا بالكتاب وذاك بالسنة وثلث به تأسيا بالكتاب
قوله ( هو من خصائص هذه الأمة ) رخصة لهم من حيث الآلة حيث إكتفى فيه بالصعيد الذي هو ملوث ومن حيث المحل للإقتصار فيه على شطر الأعضاء
قوله ( وشرعا الخ ) قال الكمال هذا هو الحق فهذا التعريف أولى من قول بعضهم في تعريفه قصد الصعيد الطاهر وإستعماله بصفة مخصوصة فإنه جعل القصد ركنا
قوله ( عن صعيد ) أي الناشىء هذا المسح عن صعيد أي مس صعيد
قوله ( مطهر ) إحترز به عن الأرض إذا تنجست وجفت فإنه لا يتيمم عليها
قوله ( وشرط ) هو كشرط أصله إلا فيما ستعلمه
قوله ( وحكم ) هو حل ما كان ممتنعا قبله في الدنيا والثواب في الآخرة كأصله أيضا
قوله ( وركن ) هو المسح المستوعب للمعل
قوله ( وصفة ) هو فرض للصلاة مطلقا ويندب لدخول المسجد محدثا كما ستعلمه ويجب فيما يجب فيه الوضوء
قوله ( وكيفية ) هي مسح اليمنى باليسرى وقلبه مستوعبا
قوله ( على إيجاد الفعل جزما ) دخل فيه الترك لأنه لا يتقرب به إلا إذا صار كفا وهو المكلف به في النهي وهو فعل ولا يصح أن يكلف بالترك بمعنى العدم لأنه ليس داخلا تحت قدرة العبد
أفاده السيد
قوله ( أو عند مسح أعضائه ) الجمع لما فوق الواحد أو جعل كل يد عضوا
قوله ( لفهم ما يتكلم به ) الأولى أن يقول للمنوي ولا يلزم من التمييز العلم بحقيقة المنوي
قوله ( ليعرف حقيقة المنوي ) فيه مصادرة
قوله ( والنية معنى وراء العلم ) أي حقيقة غير حقيقة العلم
قوله ( ولا يشترط تعيين الجنابة من الحدث ) بل روى ابن سماعة عن محمد أن الجنب إذا تيمم يريد به الوضوء أجزأه عن الجنابة في الصحيح
قوله ( وإباحتها ) أي إباحة فعلها له
قوله ( فلذا قال ) مرتب على كلام محذوف تقديره وهي تصح بنية إباحة الصلاة فلذا قال ولو حذف التعليل المذكور كما فعله السيد لكان أولى
قوله ( أو نية إستباحة الصلاة ) أي نوى بالتيمم أن تكون الصلاة مباحة أو صيرورة الصلاة مباحة فالسين والتاء زائدتان أو للصيرورة ولا يصح الطلب
قوله ( لأن إباحتها برفع الحدث ) تعليل لصحة النية في التيمم بنية الإستباحة يعني أنه لما نوى إستباحة الصلاة وهي لا تكون إلا برفع الحدث فكأنه نوى رفعه أي وهي تصح بنية رفعه وإذا حققنا النظر وجدنا كلتا النيتين السابقتين ترجع إلى
____________________
(1/72)
نية رفع الحدث لأن نية الطهارة ترجع إلى نية الإباحة وهي ترجع إلى نية الرفع فليتأمل
قوله ( فتصح بإطلاق النية ) تفريع على قوله أما نية الطهارة وليس المراد بإطلاق النية نية التيمم فإن المصنف نص بعد على أنها لا تصح بنيته
قوله ( وبنية رفع الحدث ) تفريع على قوله لأن إباحتها برفع الحدث ولا بد من ضميمة قولنا وهي تصح بنيته
قوله ( وأما إذا قيد النية بشيء ) عطف على مقدر تقديره هذا إذا أطلق في النية وينتظم صورتين صورة نية الطهارة أو صورة نية إستباحة الصلاة وصورة نية رفع الحدث
قوله ( بينه في الشرط الثالث ) الأولى بينه في الأمر الثالث لأن الشرط هو أحد الثلاثة المذكورة فتأمل
قوله ( وهي التي لا تجب الخ ) كالصلاة بخلاف المس فإنه وجب له بطريق التبع للتلاوة وهو في حد ذاته ليس عبادة ولا يتقرب به إبتداء
قوله ( لا تصح بدون طهارة ) أي أو لا تحل ليشمل قراءة القرآن لنحو الجنب
قوله ( في حد ذاته ) أي بالنظر إلى ذاته والمراد أنه جزء في الجملة وإن كان يتحقق غير جزء لسبب آخر كالسجود
قوله ( كقوله نويت التيمم للصلاة ) لا يظهر بل المناسب لقوله فيكون المنوي إما صلاة أن يكون المنوي عند التيمم الصلاة ونحوها أو يكون المعنى على إستباحة هذه العبادة فيرجع إلى ما قبله
قوله ( أو لصلاة الجنازة ) لو أدخلها في عموم الصلاة فيقول فيكون المنوي إما صلاة ولو صلاة جنازة لكان أولى لأنها صلاة من وجه
قوله ( أو سجدة التلاوة ) هذا وما بعده مثال لجزء الصلاة في الجملة
قوله ( وهو عبادة ) أي مقصودة لا تصح بدون طهارة
قوله ( فلا يصلي به ) تفريع على إشتراط أحد هذه الأشياء الثلاثة
قوله ( ولم يكن جنبا ) تصريح باللازم
قوله ( ولم تكن مخاطبة بالتطهر ) أي بأن تكون محدثة حدثا أصغر فقط
قوله ( لجواز قراءة المحدث ) أي فهي عبادة مقصودة لكنها تحل بدون الطهارة فقد فقد الشرط الثالث
قوله ( لا الجنب ) أي وما في معناه
قوله ( فلو تيمم الجنب لمس المصحف ) فقد الشرط الأول فيه وهو كونه عبادة
قوله ( أو دخول المسجد ) فقد فيه العبادة وإن كان لا يحل بغير طهارة من الأكبر
قوله ( أو تعليم الغير ) فقد فيه الثالث وهو كونه لا يصح أو لا يحل بدون طهارة وإن كان عبادة مقصودة كما قاله الشرح
قوله ( وكذا لزيارة القبور ) فقد فيها الثالث أيضا
قوله ( والأذان ) إنتفى فيه الثاني والثالث وكذا الإقامة
قوله ( والسلام ورده ) إنتفى فيه الثالث فقط وكذا الإسلام
قوله ( وقال أبو حنيفة ومحمد لا تصح ) لأنه صلى الله عليه وسلم إنما جعل التراب طهور للمسلم فقط بقوله صلى الله عليه وسلم التراب طهور المسلم قوله ( فهو على الخلاف ) فعلى قولهما لا تصح به الصلاة لأنها ليست قربة مقصودة وعلى قول محمد تصح لأنها قربة عنده قاله في البحر عن الترشيح
قوله ( وفي رواية النوادر ) المراد بالنوادر كتب غير ظاهر الرواية كما تقدم التنبيه عليه في الخطبة لا أنها اسم كتاب
قوله ( بمجرد نيته ) أي التيمم هو مقابل لما في المصنف ولا إعتماد على هذه الرواية كما نبه على ذلك الكمال
قوله ( كبعده أي الشخص ميلا ) ضبط بعضهم الميل والفرسخ والبريد في قوله
____________________
(1/73)
إن البريد من الفراسخ أربع ولفرسخ فثلاث أميال ضعوا والميل ألف أي من الباعات قل والباع أربع أذرع فتتبعوا ثم الذراع من الأصابع أربع من بعدها العشرون ثم الإصبع ست شعيرات فظهر شعيرة منها إلى بطن لأخرى توضع ثم الشعيرة ست شعرات فقط من ذيل بغل ليس عن ذا مرجع قاله في الفتح والميل في اللغة منتهى مد البصر
قوله ( بغلبة الظن ) فإن لها حكم اليقين في الفقهيات
قوله ( هو المختار ) أي التقدير بالميل هو المختار وهو المشهور عند الجمهور
قوله ( وهي ذراع ونصف ) فجملة ذرعانه ستة آلاف وبعضهم ضبطه في سير القدم بنصف ساعة
قوله ( بذراع العامة ) هو المذكور في النظم
قوله ( عن ماء طهور ) أي كاف
قوله ( ولو كان بعده عنه في المصر ) أي ولو كان مقيما فيه
قوله ( على الصحيح ) وفي شرح الطحاوي أنه لا يجوز التيمم في المصر إلا لخوف فوت صلاة جنازة أو عيد وللجنب الخائف من البرد والحق الأول والمنع بتاء على عادة الأمصار فليس خلافا حقيقيا اه
قوله ( ومن العذر حصول مرض ) أفاد به أن الصحيح الذي يخاف المرض بإستعمال الماء لا يتيمم والذي في القهستاني والإختيار جوازه ونقل المصنف في حاشية الدر عن الزيلعي من عوارض الصوم ما نصه الصحيح الذي يخشى أن يمرض بالصوم فهو كالمريض
اه قال فكذلك هنا اه واعلم أن المريض أربعة أنواع من يضره الماء أو التحرك لإستعماله والثالث من لا يضره شيء من ذلك ولكن لا يقدر على الفعل بنفسه فحاله لا يخلو إما أن يجد من يوضئه أولا فإن لم يجد جاز له التيمم إجماعا ولو في المصر على ظاهر المذهب وإن وجد فإما أن يكون من أهل طاعته كعبده وولده وأجيره أو لا فإن كان من أهل طاعته إختلف فيه المشايخ على قول الإمام بناء على إختلاف الرواية عنه وإن لم يكن من أهل طاعته ولم يعنه بغير بدل جاز له التيمم عنده مطلقا وقالا لا يجوز في الفصول كلها إلا إذا كان الأجر كثيرا وهو ما زاد على ربع درهم أفاده في البناية والسراج وغيرهما والرابع من لا يقدر على الوضوء ولا على التيمم لا بنفسه ولا بغيره
قال بعضهم لا يصلي على قياس قول الإمام حتى يقدر على أحدهما
وقال أبو يوسف يصلي تشبها ويعيد وقول محمد مضطرب وفي البحر ولا يجب على أحد الزوجين أن يوضىء صاحبه ولا أن يتعاهده فيما يتعلق بالصلاة فلا يعد أحدهما قادرا بقدرة الآخر بخلاف السيد والعبد حيث يجب على كل منهما ذلك
قوله ( يخاف منه إشتداد المرض ) يقينا أو بغلبة الظن بتجربة أو إخبار طبيب حاذق مسلم عدل وقيل يكفي المستور
قوله ( كالمحموم ) مثال للأولين وقوله والمبطون مثال للثالث وهو التحرك أفاده في الشرح
قوله ( ولو القرى ) أي ولو كان العمران القرى الموصوفة بما ذكر أما القرى الخالية عنه فهي كالبرية
قوله ( سواء كان جنبا أو محدثا ) هذا ما ذكره السرخسي واختاره في الأسرار وقال الحلواني لا رخصة للمحدث بذلك السبب إجماعا قال في الخانية
____________________
(1/74)
والحقائق وهو الصحيح أي لعدم إعتبار ذلك الخوف بناء على أنه مجرد وهم إذ لا يتحقق ذلك في الوضوء عادة كما في الفتح والإيضاح وإنما الخلاف في الجنب الصحيح في المصر إذا خاف بغلبة ظن على نفسه مرضا لو اغتسل بالبارد ولم يقدر على ماء مسخن ولا ما به يسخن
فقال الإمام يجوز له التيمم مطلقا وخصاه بالمسافر لأن تحقق هذه الحالة في المصر نادر والفتوى على قول الإمام فيها بل في كل العبادات وإنما أطلق المصنف لأن الكلام عند غلبة الظن وهي غير مجرد الوهم
قوله ( ومنه خوف عدو ) أي من العذر لكن إن نشأ من وعيد العباد وجبت الإعادة وإن نشأ لا عن شيء فلا كذا وفق صاحب البحر وابن أميرحاج بين قولي وجوب الإعادة وعدمه أفاده السيد
قوله ( سواء خافه على نفسه ) لأن صيانة النفس أوجب من صيانة الطهارة بالماء فإن لها بدلا ولا بدل للنفس أو لأنه في معنى المريض من حيث خوف لحوق الضرر فألحق به كما في النهاية وكذا المال لا خلف له وحكم الأمانة عنده حكم ما له
قوله ( أو خاف المديون المفلس الحبس ) أما الموسر فلا يجوز له التيمم لظلمه بمطله
قوله ( ولا على من حبس في السفر ) أي إذا تيمم وصلى لأن الغالب في السفر عدم الماء وقد انضم إليه عذر الحبس
قاله في الشرح وأما المحبوس في المصرفي مكان طاهر إذا لم يجد الماء فإنه يتيمم ويصلي ثم يعيد في ظاهر الرواية كما في البدائع
قوله ( ومنه عطش ) اعلم أن الإنسان إذا عطش وكان عند آخر ماء فإن كان صاحب الماء محتاجا إليه لعطشه فهو أولى به وإلا وجب دفعه للمضطر فإن لم يدفعه أخذه منه قهرا وله أن يقاتله فإن قتل صاحب الماء فدمه هدر وإن قتل الآخر كان مضمونا وينبغي أن يضمن المضطر قيمة الماء وإن إحتاج الأجنبي للوضوء وكان صاحب الماء مستغنيا عنه لم يلزمه بذله ولا يجوز للأجنبي أخذه منه قهرا بحر عن السراج مزيدا
قوله ( أو رفيقه في القافلة ) فضلا عن رفيق الصحبة كذا في الشرح
قوله ( أو دابته ) محل إعتبار خوف عطش دابته وكلبه إذا تعذر حفظ الغسالة لعدم الإناء كما في الإيضاح
قوله ( ومنه إحتياج لعجن ) وكذا إذا احتاجه لإزالة نجاسة مائعة أما إذا احتاجه للقهوة فإن كان يلحقه بتركها ضرر تيمم وإلا لا كذا بحثه السيد ولم يفصلوا في المرق هذا التفصيل إلا أن قول الشرح لا ضرورة إليه يشير إليه
قوله ( ويتيمم لفقد آلة ) أي طاهرة
قاله السيد ولو ثوبا كما في السراج فلو نقص الثوب بإدلائه إن كان النقص قدر قيمة الماء لزمه إدلاؤه لا إن كان أكثر وعلى هذا لو كان لا يصل إلى الماء إلا بمشقة
كذا في كتب الشافعية قال في الترشيح وقواعدنا لا تأباه
قوله ( ونحوها ) كالصهاريج قوله ( لا يمنع التيمم ) أي على المعتمد
قوله ( ولا يتشبه فاقد الماء والتراب الخ ) بل يؤخرها
قوله ( بحبس ) متعلق بفاقد ومثل الحبس العجز عنهما بمرض كما في السيد أو بوضع خشب في يديه
قوله ( وقال أبو يوسف يتشبه بالإيماء ) إقامة لحق الوقت وهذا هو الصحيح عنده لأنه لو سجد لصار مستعملا للنجاسة لعدم وجود الطاهر وقيل يركع ويسجد إن وجد مكانا يابسا أفاده في الشرح والذي في السيد نقلا عن التنوير وشرحه وقالا يتشبه بالمصلين وجوبا فيركع ويسجد إن
____________________
(1/75)
وجد مكانا يابسا وإلا يومىء قائما ثم يعيد به يفتي وإليه صح رجوع الإمام ثم قال ومعنى التشبه بالمصلين أن لا يقصد بالقيام الصلاة ولا يقرأ شيئا وإذا حنى ظهره لا يقصد الركوع ولا السجود ولا يسبح اه وتحصل منه أن التشبه متفق عليه وإنه بالركوع والسجود لا بالإيماء على ما عليه الفتوى
قوله ( ولو وجد من يعينه ) اعلم أن المعين إما أن يكون كعبده وولده وأجيره فلا يجوز له التيمم اتفاقا كما في المحيط بناء على إختيار بعضهم وإن وجد غير من ذكر ولو إستعان به أعانه فظاهر المذهب إنه لا يتيمم من غير خلاف لقدرته على الوضوء وعن الإمام أنه يتيمم وعلى هذا إذا عجز عن التوجه إلى القبلة أو عن التحول عن فراش نجس
قوله ( فلا قدرة له عند الإمام ) بناء على أن القدرة بالغير لا تعد قدرة عنده لأن الإنسان يعد قادرا إذا اختص بآلة يتهيأ له الفعل بها متى أراد وهذا لا يتأتى بقدرة غيره وعندهما تثبت القدرة بالغير لأن آلته صارت كآلته واختار حسام الدين قولهما قاله في الشرح وقد أطلق المصنف العبارة في هذا الشرح مع أن فيها التفصيل كما علمت وقدمنا ما يفيد بعض ذلك قريبا
قوله ( ولو جنبا ) لأن صلاة الجنازة دعاء في الحقيقة وإنما أوجبنا لها التيمم لكونها مسماة بإسم الصلاة قاله السيد قوله ( لأنها تفوت بلا خلف ) هذا هو الأصل في هذا الباب وهو أن ما يفوت إلى خلف لا يتيمم له عند خوف فوته وما لا خلف له يتيمم له
قوله ( والولي لا يخاف الفوت ) المراد بالولي من له حق التقدم كالسلطان ونحوه لأن الولي إذا كان لا يجوز له التيمم وهو مؤخر
فمن هو مقدم عليه أولى فيجوز التيمم للولي عند وجود من هو مقدم عليه إتفاقا لأنه يخاف الفوت إذ ليس له حق الإعادة حينئذ
قوله ( هو الصحيح ) صححه في الهداية وظاهر الرواية جواز التيمم للكل لأن تأخير الجنازة مكروه وصححه السرخسي فتأيد التصحيح الثاني بكونه ظاهر الرواية
قوله ( قبل القدرة على الوضوء ) أما بعد القدرة يعيده إتفاقا
قوله ( أو خوف فوت صلاة عيد ) أي بتمامها فإن كان بحيث لو توضأ يدرك بعضها مع الإمام لا يتيمم
قال السيد ناقلا عن النهر وخوف فوتها بزوال الشمس إن كان إماما وبعدم إدراك شيء منها مع الإمام إن كان مقتديا اه
قوله ( يتيمم ويتم صلاته الخ ) المقام فيه تفصيل وهو إنه في صلاة الجنازة إن خاف رفعها قبل أن يحصل شيئا من التكبيرات إن اشتغل بالوضوء تيمم وأما في العبد إن خاف الإستواء تيمم اتفاقا أما ما كان أو مقتديا وإلا فإن أمكنه إدراك شيء منها مع الإمام لو توضأ لا يتيمم إتفاقا وإلا فعند الإمام يتيمم مطلقا وعندهما إن شرع بالوضوء لا يتيمم لأنه أمن الفوت إذ اللاحق يصلي بعد فراغ الإمام وإن شرع بالتيمم جاز له البناء لأنه لو توضأ يكون واجدا للماء في صلاته فتفسد وللإمام إن خوف الفوت باق لأنه يوم زحمة فيعتريه ما يفسد صلاته فتفوت كما في التبيين وغيره ومعناه إذا شك في عروض المفسد أما إذا غلب
____________________
(1/76)
على ظنه عدمه لا يتيمم إجماعا كما في الفتح ومنشأ الخلاف أن صلاة العيد إذا فسدت لا تقضى عند الإمام فكانت تفوت لا إلى خلف وعندهما تقضى فيمكنه أداؤها منفردا فكانت تفوت إلى خلف كما في السراج قوله ( وخوف فوت الوقت )
وقيل يتيمم لخوف فوت الوقت
قال الحلبي والأحوط إنه يتيمم ويصلي به ويعيد ذكره السيد قوله ( لأن الظهر يصلي بفوت الجمعة ) هذه العبارة أسلم من تعبير بعضهم بالبدلية لأن الظهر ليس بدل الجمعة بل الأمر بالعكس وإن أجيب عنه بأنه لما تصور بصورة البدل بحيث يفعل عند فواتهاأطلق عليه ذلك قوله ( فلهما خلف ) أخذ منه الحلبي جواز التيمم للكسوف أي والخسوف لأنهما يفوتان لا إلى بدل وكذايتيمم لكل ما لا تشترط له الطهارة كالنوم والسلام ورده ودخول مسجد لمحدث ولو مع وجود الماء قاله في البحر وأقره صاحب التنوير
قوله ( طيب ) الأولى أن يقدمه على طاهر بأن يقول بطيب طاهر ليكون إشارة إلى أن قوله تعالى { فتيمموا صعيدا طيبا } النساء 4 معناه طاهرا وأن معنى طيب طهور وهو الأولى قوله ( وهو الذي لم تمسه نجاسة الخ ) تفسير مراد فحينئذ يكون الطاهر بمعنى الطهور والطاهر في الأصل يعم الأرض النجسة التي ذهب أثر النجاسة منها قوله ( ولو زالت ) عطف على محذوف تقديره وهو الذي لم تمسه نجاسة لم تزل بذهاب أثرها بل ولو الخ قوله ( من جنس الأرض ) ويعتبر كونها من جنسها وقت التيمم فلا يجوز على الزجاج وإن كان أصله من الرمل قوله ( وهو كالتراب ) ولو تيمم بتراب المقبرة إن غلب على ظنه نجاسته لا يجوز كمن غلب على ظنه نجاسة الماء وإلا فيجوز كما في السراج قوله ( والحجر الأملس ) وقال محمد لا يجوز به قوله ( والمغرة ) بفتح الميم وسكون الغين ويحرك طين أحمر كما في القاموسقوله ( وسائر أحجار المعادن ) دخل فيه المرجان وهو الذي في عامة الكتب وفي الفتح لا يجوز وأيده صاحب المنح بأنه متوسط بين عالمي الجماد والنبات فأشبه الأحجار من حيث تحجره وأشبه النبات من حيث كونه شجرا ينبت في قعر البحر ذا فروع وأغصان خضر متشعبة قائمة فظهر انه ليس من جنس الأرض لأنه نبات جمد وصار حجرا في الهواء اه قوله ( والطين المحرق ) ومنه الزبادي إلا أن تكون مطلية بالدهان قوله ( ليس به سرقين قبله أي قبل حرقه فمرجع الضمير معلوم من قوله المحرق قوله ( والأرض المحترقة ) الأولى الاكتفاء بهذه عن قوله سابقا وبالأرض المحترقة إلا أن يحمل ما سبق على أن الأرض أحرق ترابها من غير مخالط قوله ( وبالتراب الغالب الخ ) فلا يجوز بالمغلوب ولا بالمساوى أفاده السيد قوله ( لأنه لا يصح الخ ) علة لمحذوف تقديره وإنما قيدت بجنس الأرض لأنه الخ ولم يذكره في الشرح ولذا لم يتابعه السيد فيه قوله ( والفضة والذهب ) أراد بهما خصوص المسبوك منهما أما قبل السبك فيصح التيمم ما داما في المعدن وكذا الحديد والنحاس لأنهما من جنس الأرض كما في شرح الكنز للعيني ذكره السيد وإطلاق كلام المصنف كغيره يفيد المنع مطلقا لوجود الضابط قوله ( يصير رمادا ) قال في خزانة الفتاوى ما نصه قال العبد
____________________
(1/77)
الضعيف إن كان الرماد من الحطب لا يجوز وإن كان من الحجر يجوز وقد رأيت في بعض البلاد حطبهم الحجر اه نقله ابن أمير حاج قوله ( والصعيد إسم لوجه الأرض ) فعيل بمعنى فاعل قوله ( وتفسيره بالتراب ) هو تفسير ابن عباس قوله ( لكونه أغلب ) فلا ينافي التعميم على أن في التخصيص به تقييد المطلق الكتاب وذلك لا يجوز بخبر الواحد فكيف بقول الصحابي قوله ( لقوله تعالى ) علة لمحذوف تقديره وإن لم نقل إن هذا تفسير بالأغلب لا يصح لقوله الخ
يعني أن هذه الآية دالة على أن الصعيد يطلق على الحجر الأملس فلا يصح قصره ) على التراب قوله ( فينزع الخاتم ويمسح الوترة التي بين المنخرين وما بين الحاجبين والعينين وتنزع المرأة السوار ) المراد بنزع الخاتم والسوار نزعهما عن محلهما حتى يمسحه قوله ( ويخلل الأصابع ) قال ابن أمير حاج الظاهر أن التخليل هنا كالتخليل في الوضوء انتهى
وفي الإيضاح وما ذكر في الذخيرة من إحتياجه إلى ضربة ثالثة للتخليل فيه نظر لأن العبرة للمسح لا لإصابة الغبار وهو لا يتوقف عليها اه
وعن أبي يوسف يمسح وجهه من غير تخليل اللحية كذا في البناية قوله ( والشعر على الصحيح ) أي الشعر الذي يجب غسله في الوضوء وهو المحاذي للبشرة لا المسترسل وعليه يحمل قول صاحب السراج لا يجب عليه مسح اللحية في التيمم كذا في البحر
بقي الكلام في اللحية الخفيفة هل يبالغ في المسح فيها حتى يصل إلى البشرة كأصله أو يكفي مسح ظاهر الملاقي كالكثة يراجع قوله ( إلحاقا له بأصله ) علة لإشتراط الإستيعاب فيه قوله ( وقيل يكفي مسح أكثر الوجه واليدين ) وعلى هذا لو ترك الثلث من غير مسح يجزئه وفي الذخيرة أنه لو ترك أقل من الربع يجزئه ولعله روايتان في المذهب والوجه فيه رفع الحرج أو أنه مسح والإستيعاب فيه ليس بشرط كمسح الخف والرأس قوله ( وصحح ) حتى قال الفقيه أبو جعفر ظاهر الرواية ما رواه الحسن أن المتروك لو كان أقل من الربع يجزئه اه
وعلى هذه الرواية لا يجب تخليل الأصابع ولا نزع الخاتم والسوار لأن ما تحت ذلك أقل من الربع قوله ( التيمم ضربتان الخ ) قال في السراج ولا يشترط المسح باليدين حتى لو مسح بإحدى يديه وجهه وبالأخرى يده أجزأه ويعيد الضرب لليد الآخرى اه
قوله ( أو بما يقوم مقامه ) كيد غيره أو أكثرها وكتحريك وجهه ويديه في الغبار قوله ( بباطن الكفين ) موافق لما ذكره الحلبي عن الذخيرة والأصح كما في الشمني أنه يضرب بظاهرهما وباطنهما والمراد بالضرب هنا الوضع استلزم ضربا أولا ذكره السيد قوله ( لأن التيمم بما في اليد ) قال في الفتح هذا يفيد تصور استعماله وهو مقصور على صورة واحدة وهو ان يمسح الذراعين بالضربة التي مسح بها وجهه لا غير اه
قوله ( ويقوم مقام الضربتين الخ ) فهما ليسا بركن ويتفرع عليه ما في الخلاصة من أنه لو أدخل رأسه بنية التيمم موضع الغبار يجوز ولو انهدم الحائط فظهر الغبار فحرك رأسه ونوى التيمم جاز والشرط وجود الفعل منه اه
قوله ( حتى لو أحدث الخ ) تقريع على قوله ويقوم الخ المفيد عدم
____________________
(1/78)
اشتراط الضربتين في التيمم قوله ( على ما قاله الاسبيجابي ) في القهستاني عن المضمرات هوالأصح وعليه مشى في الخانية قوله ( وعلى ما اختاره شمس الأئمة ) الحلواني وهو قول السيد أبي شجاع وصححه صاحب الخلاصة قوله ( لأن المأمور به الخ ) لأن الله تعالى قال { فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا } النساء 4 الخ فبين التيمم بالمسح قوله ( خرج مخرج الغالب ) المراد أن ذلك هو الغالب في أحوال المتيممين أو أنه أراد بالضربتين ما هو الأعم فيعم المسحتين قوله ( أو حدث ) كرشح بول قوله ( وشروط وجوبه ثمانية ) هي العقل والبلوغ والإسلام ووجود الحدث وعدم الحيض والنفاس وضيق الوقت والقدرة على ما يجوز منه التيمم قاله السيد قوله ( وكيفيته قد علمتها من فعله صلى الله عليه وسلم ) حين سئل كما تقدم وهذه الكيفية وردت أيضا عن الإمام حين سأله أبو يوسف عنها وأما ما ذكره بعضهم من أنه يمسح بباطن أربع أصابع يده اليسرى ظاهر يده اليمنى من رؤوس الأصابع إلى المرفق ثم يمسح بكفه اليسرى باطن يده اليمنى من المرفق إلى الرسغ ويمر بباطن إبهامه اليسرى على ظاهر إبهامه اليمنى ثم يفعل باليسرى كذلك لم يرد في الأحاديث ما يدل عليه كما قاله في البناية وأن ادعى صاحب العناية أنه ورد وأيضا لم ينقل عن صاحب المذهب وما قاله ابن أمير حاج عن مشايخه إن الأحسن في مسح الذراعين أن يمسح بثلاث أصابع يده اليسرى أصغرها ظاهر يده اليمنى إلى المرفق ويمسح المرفق ثم يمسح باطنها بالإبهام والمسبحة يعني ما بينهما إلى رؤوس الأصابع ثم يفعل باليسرى كذلك قال في البدائع عن بعض علماء المذهب انه تكلف والأحسن هو الموافق للمنقول ولم يذكروا وقت تخليل الأصابع والذي يظهر من حديث الأسلع انه بالضربة الثانية قبل النقض قبل مسح الذراعين
كذا ذكره بعض الأفاضل
تنبيه لو كان الغبار على ظهر حيوان أو نحو ثوب أو نحو حنطة فتيمم به جاز بالغبار لا بتلك الأشياء وقيده الاسبيجابي بأن يظهر أثر الغبار بمسحه عليه فإن كان لا يظهر لا يجوز
قال في النهر وهو حسن فليحفظ وفي السراج لو وضع يده على ثوب أو حنطة فلصق بيده غبار وبان أثر الغبار عليه جاز به التيمم اه ولو تيمم بغبار ثوب نجس لا يجوز إلا إذا وقع ذلك الغبار عليه بعدما جف كما في الفتح قوله ( كأصله ) أي باللفظ المتقدم فيه قوله ( ونفضهما ) بقدر ما يتناثر التراب عن يده ولا يقدر بمرة كما عن محمد ولا بمرتين كما عن أبي يوسف كما في العناية قوله ( إتقاء عن تلويث الوجه ) واتباعا للسنة كما في البناية قوله ( وبين الإمام الأعظم الخ ) هذا يرد ما ذكره بعضهم من الكيفيتين السابقتين وهل يمسح الكف إختلفوا فيه والأصح أنه لا يمسحه وضرب الكف يكفي كما في ابن أمير حاج قوله ( وندب تأخير التيمم ) أي لفاقد الماء شرعا في ظاهر الرواية أما إذا كان يظن أن بعد الماء أقل من ميل لا يباح له التيمم لأنه ليس بفاقد له شرعا قوله ( وعن أبي حنيفة ) وكذا عن أبي يوسف في غير رواية الأصل إنه حتم لأن غالب الرأي كالمحقق ووجه ظاهر الرواية أن العجز ثابت حقيقة فلا يزول حكمه إلا بيقين
____________________
(1/79)
مثله قوله ( لمن يرجو إدراك الماء ) وأما إذا لم يكن على طمع من وجود الماء في الوقت لا يستحب أن يؤخر ويتيمم ويصلي في الوقت المستحب كما في الخانية وغيرها
قوله ( قبل خروج الوقت المستحب ) وهو أول النصف الأخير من الوقت في صلاة يندب تأخيرها كما في النهر بحيث يقع الأداء في وقت الاستحباب وقيل إلى آخر وقت الجواز والأول هو الصحيح كما في الجوهرة وعلى الأول فلا يؤخر العصر إلى تغير الشمس وكذا لا يؤخر المغرب عن أول وقتها وقيل لا بأس به إلى قبيل مغيب الشفق وجعله القهستاني قول الأكثر قوله ( إذ لا فائدة الخ ) الأظهر في التعليل ما ذكره غيره بقوله ليؤديها بأكمل الطهارتين في أكمل الوقتين اه
وهو في كلامه تعليل للندب أيضا يعني إنما كان ذلك مندوبا ولم يكن واجبا لأنه لا فائدة فيه إلا الأداء بأكمل الطهارتين فالأداء قبل يكون بطهارة كاملة فليتأمل قوله ( كما فعله الإمام الخ ) الضمير للتأخير قوله ( مخالفا لأستاذه حماد ) فإنه صلى بالتيمم أول الوقت وأخر الإمام فوجد الماء فصلاها في آخر الوقت قوله ( لتشييع الأعمش ) أي توديعه قوله ( أي يلزم ) فالوجوب بمعنى الافتراض كما في الذي بعده قوله ( إذا كان الماء موجودا ) أي عند الواعد أو قريبا منه دون ميل أما إذا لم يوجد عنده أو كان بعيدا منه ميلا فأكثر فلا يجب التأخير لأن الشارع أباح له التيمم حلبي وهذه العبارة لم نرها لغيره
قوله ( ويجب التأخير عند أبي حنيفة ) تبع فيه صاحب البرهان والذي في عامة المعتبرات كالخانية والفتح ومنية المصلى وشرحيهما والسراج والبحر وعزاه في الخلاصة إلى الأصل أن التأخير مندوب وعلى ذلك إن لم ينتظر فصلى كذلك أول الوقت جاز قلت وهو الذي يقتضيه التأصيل الآتي قوله ( وقالا يجب التأخير الخ ) مبنى الخلاف أن القدرة على ما سوى الماءهل تثبت بالبذل والإباحة
قال ا لإمام لا وإنما تثبت بالملك أو بملك بدله إذا كان يباع وقالا تثبت بها كما تثبت بهما قياسا على الماء وأجمعوا أنه لو قيل له أبحث لك مالي لتحج به لا يجب عليه الحج لأن المعتبر فيه الملك وهنا القدرة وكذا لو عرض عليه ثمن الماء لا يجب عليه قبوله لأن المال ليس بمبذول أي عادة فيلحقه الذل بقبوله كذا في حاشية الشلبي عن الشيخ يحيى
قوله ( ويجب طلب الماء ) أي يفترض صرح به قاضيخان وان وجد أحدا وجب عليه السؤال حتى لو صلى ولم يسأل فأخبر بالماء بعد ذلك أعاد وإلا فلا زيلعى والمراد واحد من أهل المكان أو ممن له معرفة به والظاهر ان هذا في غير الظان أما الظان فلا تفصيل في عدم الجواز بالنظر إليه قوله ( أو رسوله ) ويكفيه لو أخبره أحد من غير إرسال كما في منية المصلى قوله ( وهي ثلثمائة الخ ) كذا في الذخيرة والمغرب والذي في التبيين هي مقدار رمية سهم اه وهو الموافق لما في القاموس فإنه قال وكل رمية غلوة اه
كأنه مأخوذ من قولهم غلا السهم ارتفع في ذهابه وجاوز المدى والمادة تدل على الإرتفاع والظاهر أنه لا خلاف فإن التقدير بالذرعان بيان لمقدار الرمية والتقدير بالغلوة اختاره حافظ الدين في الكنز والأصح أنه يطلبه مقدار ما لا
____________________
(1/80)
يضر بنفسه ورفقته بالانتظار كما في البدائع قوله ( إلى مقدار أربعمائة خطوة ) لأنها النهاية قوله ( من جانب ظنه ) كما في البرهان وأن ظنه في الجهات الأربع وجب الطلب منها على الخلاف
وفي السيد انه يقسم الغلوة على الأربع جهات قوله ( أن ظن قربه ) وذلك لأن الظن يوجب العمل في العمليات بخلاف الشك فإنه لا يبنى عليه حكم كما في القهستاني وحد القرب أن يظن أن الذي بينه وبين الماء دون ميل ذكره السيد ولو تيمم من غير طلب وصلى ثم طلبه فلم يجده وجبت الإعادة عندهما لأن شرط جواز التيمم لم يوجد خلافا لأبي يوسف كذا في السراج ولو أخبره عدل بعدم الماء ولو عند غلبة الظن بالوجود جاز له التيمم بلا خلاف كذا في الحلبي وموضع المسئلة في المفازة أما إذا كان بقرب العمران يجب عليه الطلب مطلقا إتفاقا حتى لو تيمم وصلي ثم ظهر الماء لم تجز صلاته لأن العمر إن لا يخلو عن الماء غالبا والغالب ملحق بالمتيقن في الأحكام وإن لم يغلب على ظنه كما في البدائع والحلبي قوله ( طلبه ) أي بالسؤال وقوله ممن هو معه أي مطلقا والتقييد برفيقه أي في بعض الكتب جرى مجرى العادة حموي عن الجندي واعلم أن النقل في هذه المسألة اختلف فعن الهداية وكثير من الكتب أنه لا يجب الطلب أصلا في قول الإمام لأن العجز متحقق والقدرة موهومة إذ الماء من أعز الأشياء في السفر فالظاهر عدم البذل وقالا يلزمه الطلب ولا يجوز له التيمم قبله لأن الماء مبذول عادة
ونقل شمس الأئمة في مبسوطه أن لزوم الطلب قول الكل على الظاهر
قال الجصاص ولا خلاف بينهم فمراد أبي حنيفة عدم الوجوب إذا غلب على ظنه منعه ومرادهما إذا ظن عدم المنع لثبوت القدرة على الماء بالإباحة اتفاقا
قال في البرهان ولهذا لم يحك في الكافي خلافا وإذا وجب طلب الماء على الظاهر وجب طلب الدلو والرشاء كما في النهر عن المعراج قوله ( فلا ذل في طلبه ) وقال الحسن لا يجب الطلب لأن السؤال ذل وفيه بعض حرج وما شرع التيمم إلا لدفع الحرج
قال في غاية البيان وقول الحسن حسن وقد سبق عن الإمام قوله ( إن كان في محل لا تشح به النفوس ) أما إذا كان في موضع يعز فيه الماء فالأفضل أن يسأل وإن لم يسأل أجزأه
قاله السيد عن شرح العلامة منلا مسكين قوله ( وإن لم يعطه الخ ) وأن منعه أصلا صريحا بأن قال لا أعطيك أو دلالة بأن استهلكه يتيمم إتفاقا لتحقق العجز قوله ( لزمه شراؤه به ) كالعاري يلزمه شراء الثوب أيضا كما في البرهان قوله ( وهو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين ) قال الحلبي هو الأرفق لدفع الحرج وقيل ضعف القيمة وهو رواية النوادر واقتصر في البدائع والنهاية عليها قال صاحب البحر فكان هو الأولى قوله ( وكان فاضلا عن نفقته ) لو قال كما قال البعض فاضلا عما لا بد منه ليدخل ما إذا احتاجه لنفقة كلبه كما في الحلبي لكان أولى قوله ( فلا يلزم الشراء لو طلب الغبن الفاحش ) لأن ما زاد عن ثمن المثل إتلاف للمال لأنه لا يقابله شىء من العوض وحرمة مال المسلم كحرمة دمه قوله ( فلا يستدين الماء ) الأولى أن يقول فلا يستدين للماء أي لا يلزمه
____________________
(1/81)
الإستدانة للشراء أو بالشراء كما يفيده إطلاق الشرح وظاهره ولو له مال غائب لأن العجز متحقق في الحال يؤيده دفع الزكاة لابن السبيل الغني في موطنه وقال ابن أمير حاج يلزمه الشراء نسيئة ووافقه في البحر والنهر قوله ( للأمر ) أي في قوله تعالى فلم { تجدوا ماء فتيمموا } شرط عدم الماء فقط وجعله في حال العدم كالوضوء قاله في الشرح قوله ( ولقوله صلى الله عليه وسلم ) رواه أصحاب السنن من حديث أبي ذر قوله ( خروجا من خلاف الشافعي ) رضي الله عنه فإنه لا يصلي به عنده أكثر من فريضة واحدة ويصلي به ما شاء من النوافل تبعا ومبني الخلاف أن التيمم بدل ضروري عنده وبدل مطلق عندنا ثم البدلية بين الماء والتراب عندهما والطهارة فيهما مستوية وقال محمد بين التيمم والوضوء فالطهارة بالماء أعلى من الطهارة بالتراب فجاز اقتداء المتوضىء بالمتيمم عندهما لأن التيمم طهارة مطلقة لا عنده لأن تيمم الإمام لم يكن طهارة في حق المأموم لوجود الأصل في حقه فكان مقتديا بمن لا طهارة له في حقه فلا يجوز كالصحيح إذا اقتدى بالمعذور قوله ( والإرادة سبب ) أي إرادة ما لا يحل إلا به قاله في الشرح قوله ( ولو كان أكثر البدن ) الأولى للمصنف حذف البدن ويقول ولو كان الأكثر من الأعضاء أو النصف منها جريحا تيمم ليكون كلامه متناولا للطهارة الصغرى والكبرى قاله السيد قوله ( والكثرة الخ ) لا يخفى أن هذا الخلاف إنما هو في الوضوء وأما في الغسل فالظاهر اعتبار الكثرة من حيث المساحة كما في البحر قوله ( تيمم في الأصح ) وقيل يغسل الصحيح ويمسح الجريح وصححه في المحيط والخانية
قال في البحر ولا يخفى أنه أحوط فكان أولى
قال المؤلف في حاشية الدرر والحاصل أن التصحيح اختلف قوله ( لأن أحدا إلخ ) قد يقال ان الغسل سقط هنا للحرج أو لأنه يضر ما حاذاه من الجدري قوله ( بمروره ) أي الماء يعني بلته والأولى أن يقول بإمراره قوله ( فعلي خرقة ) في كلام الحلبي ما يفيد أنه يشدها عند إرادة المسح إن لم تكن مشدودة قوله ( صار كغالب الجراحة ) أي فيتيمم ولو قيل انه يمسح الأعلى ويغسل الأسفل لكان حسنا قال في الشرح ولم أر من تكلم عليه قوله ( ويسقط مسح الرأس الخ ) وظاهره انه لا يؤمر بالمسح على الخرقة بخلاف الغسل كما تقدم وسيأتي أنه أحد قولين قوله ( ما إن بله ) أي قدر وقوله من الداء بيان مقدم على مبينه والضمير في بله يرجع إلى ما المفسر بقدر والكلام فيه حذف أي أن بل محل هذا القدر من الداء يتضرر قوله ( وكذا يسقط غسله ) أي وينتقل الحكم لمسحه فإن ضره مسح على الخرقة فإن ضره تركه كما تقدم فتأمل قلت وسيأتي ما يفيده قوله ( ناقض الوضوء ) لو قال ناقض الأصل ليعم الغسل والوضوء لكان أحسن وأجاب الحموي بأن المراد بالوضوء الطهارة أعم من أن تكون عن حدث أو جنابة بطريق استعمال الخاص في العام مجازا ذكره السيد
قوله ( وينقضه زوال العذر المبيح ) فلو تيمم لعذر فزال فمرض مرضا يبيحه انتقض الأول ويتيمم للثاني لتغاير الأسباب واعلم أن الناقض في الحقيقة الحدث السابق
قوله ( بالحديث ) أي بدلالة
____________________
(1/82)
الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم التراب طهور المسلم ولو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء اه قوله ( ومقطوع اليدين الخ ) لم يتكلم على الرأس لأن أكثر الأعضاء جريح والوظيفة حينئذ التيمم ولكنه سقط لفقد آلته وهي اليدان قاله في حاشية الدر قوله ( ويمسح الأشل الخ ) أما على رواية الاكتفاء بأكثر الأعضاء في التيمم فظاهر وأما على الأخرى فللضرورة والاحتياط في العبادة ولعل هذا عند عدم القدرة على استعمال الماء قوله ( ويمسح الأقطع الخ ) اعتبارا للجزء بالكل قاله في الشرح والمراد ان ذلك في التيمم وقوله كغسله أي في التطهير بالماء
علم
باب المسح على الخفين عداه بعلى إشارة إلى موضعه وهو فوق الخف دون داخله وأسفله وإنما ثنى لأن المسح لا يجوز على أحدهما دون الآخر قوله ( ثبت بالسنة ) رد لمن قال انه ثبت بالكتاب على قراءة الجر
قال في البحر وينبغي أن يجب في صور منها لو غسل رجليه لا يكفيه الماء ولو مسح بكفيه فإنه يلزمه المسح ومنها لو غسل يفوته الوقت أو الوقوف بعرفة فإنه يمسح لزوما وهو من خصائص هذه الأمة اه قوله ( صالحا للمسح ) بأن يمكن متابعة المشي فيه فرسخا وأن لا يكون مخروقا بخرق مانع قوله ( وحكمه حل الصلاة الخ ) هذا الحكم الدنيوي وأما حكمه الأخروي فهو الثواب إن قصد فعل السنة قوله ( وصفته أنه شرع رخصة ) اختلف هل هو من رخصة الإسقاط أي المسقطة للعزيمة كقصر الصلاة للمسافر أو من قبيل رخصة الترفيه بمعنى التخفيف دفعا للحرج مع بقاء العزيمة كفطر المسافر جري عن الأول بعضهم وعلى الثاني أكثر الأصوليين قوله ( صح المسح على الخفين الخ ) الصحة في العبادات كونها توجب تفريغ الذمة وهو المقصود الدنيوي ويلزمه الثواب عند القبول وهو المقصود الأخروي والوجوب كون الفعل لو أتى به يثاب ولو تركه يعاقب ويتبعه تفريغ الذمة اه من الشرح ملخصا قوله ( من الحدث الأصغر ) أما الجنابة ونحوها لا يصح فيها المسح لورود النص بذلك ولأن الرخصة للحرج فيما يتكرر ولا حرج في الجنابة ونحوها لعدم التكرار وصور حافظ الدين في الكافي صورة مسح الجنب تقريبا للمتعلم بأن توضأ ولبس جوربين مجلدين ثم أجنب ليس له أن يشدهما ويغسل سائر جسده مضطجعا يعني أو ما دار جليه على شيء مرتفع ويمسح عليه اه من الشرح ملخصا قوله ( لما ورد فيه من الأخبار المستفيضة ) حتى قال جمع من الحفاظ إن خبر المسح متواتر كما في فتح الباري وقال الحسن البصري حدثني سبعون رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوه يمسح على الخفين كما في البدائع وذكر الحافظ في فتح الباري عن بعضهم أنه روى المسح أكثر من الثمانين منهم العشرة المبشرون رضي الله تعالى عنهم اه
وما روي عن الصحابة كابن عباس وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم من إنكاره فقد صح رجوعهم إلى جوازه كما في النهاية وغيرها
قوله ( يثاب بالعزيمة ) الأولى أن يقول كان أفضل لأن الخلاف في الأفضلية
____________________
(1/83)
بدليل التعليل لا في حصول الثواب وما ذكره هو ما عليه الجمهور وقالوا إلا أن يكون بحضرة منكره فالمسح أفضل ترغيما له وقال أبو الحسن الرستني من أصحابنا المسح أفضل مطلقا وهو أصح الروايتين عن أحمد لنفي التهمة عن نفسه قلنا هي تزول بالمسح أحيانا
قوله ( والمسافر الخ ) خص المسافر لأن الغالب في السفر عدم الماء وإلا فالمدار على عدم الماء
قوله ( للجنابة ) أي لأن الجنابة سرت إلى القدم وهو علة لقوله لا يصح
قوله ( لا طلاق النصوص الخ ) ولأن الخطاب الوارد لأحدهما يكون واردا في حق الآخر ما لم ينص على التخصيص
قوله ( من شيء ثخين ) اعلم أن المسئلة على ثلاثة وجوه إن كانا رقيقين غير منعلين لا يجوز المسح عليهما إتفاقا وإن كان ثخينين منعلين جاز إتفاقا وإن كانا ثخينين غير منعلين فهو محل الإختلاف كما في الخانية وفي شرح الزاهدي للكتاب يجوز المسح على الجرموق المشقوق على ظهر القدم وله أزرار وسيور يشده عليه فيستره لأنه حينئذ كغير المشقوق وإن ظهر من القدم شيء فهو كخروق الخف اه ملخصا
قوله ( وكرباس ) هو الثوب الأبيض من القطن كما في القاموس وظاهر كلام الحلبي عن الحلواني والخلاصة أنه لا يصح المسح عليه إلا إذا كان مجلدا فليراجع
قوله ( لا يشف الماء ) أي لا يتجاوز منه الماء إلى القدم ذكره في الخانية وهو من شف يشف من باب ضرب إذا رق حتى يرى ما تحته كما في الصحاح والمصباح
قوله وإليه رجع الإمام ) أي قبل موته بثلاثة أيام وقيل بسبعة وذلك أنه مسح على جوربيه في مرضه ثم قال لعواده فعلت ما كنت أمنع الناس عنه فاستدلوا بذلك على رجوعه كما في البدائع والتبيين
قوله ( لأنه في معنى المتخذ من الجلد ) ولما أخرجه الأربعة وابن حبان من حديث المغيرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على جوربيه اه
قوله ( ويقال له جورب منعل ) بسكون النون وفتح العين مخففا كما في المعراج يقال أنعل الخف ونعله جعل له نعلا كذا في المستصفى ونعل بالتخفيف كما في النهر
قوله ( لبسهما بعد غسل الرجلين ) اللبس على الوجه المذكور شرط وبقاؤه سبب كما مر
قوله ( لأن مسح الجبيرة كالغسل ) فلو مسح جبيرة إحدى رجليه ولبس الخف في إحدى رجليه لا يجوز المسح عليه لأنه يصير جامعا بين الغسل والمسح
قوله ( قبل كمال الوضوء ) ولو لبسهما بعد الغسل جاز المسح لأنه وضوء وزيادة إلا إذا كان متيمما فلا بد
____________________
(1/84)
من نزعهما إذا وجد الماء
قوله ( ناقض للوضوء ) إظهار في محل الإضمار
قوله ( لوجود الشرط ) وهو لبسهما على وضوء تام قبل الحدث
قوله ( والخف مانع سراية الحدث ) يعني أنه إذا أحدث بعد لبسهما على وضوء تام لا يسرى الحدث إلى الرجل
بل يحل ظاهر الخف وليس برافع يعني أنه لو غسل رجليه ولبس خفيه وأحدث قبل تمام الوضوء لا بد من نزعهما ولا يكون لبسهما حينئذ رافعا لحدث الرجلين لأنه لا يرفع الحدث إلا بتمام الوضوء ولم يوجد لعدم تجزي الحدث زوالا وثبوتا
قوله ( وإذا توضأ المعذور الخ ) عبارته في الشرح وأما أصحاب الأعذار إذا توضؤا مع العذر أو وجد بعد تمام الوضوء قبل لبس الخف فإنهم يمسحون ما دام الوقت باقيا وأما إذا توضأ المعذور ولبس قبل طرو عذره فإنه يمسح كالأصحاء إلى تمام المدة اه بإختصار
قوله ( فلا يمسح خفه بعده ) لأن وضوء المعذور يبطل بخروج الوقت لظهور الحدث السابق فلو جاز المسح بعد ذلك لكان الخف رافعا للحدث لا مانعا اه من الشرح
قوله ( والذي لا يغطي الكعبين ) وذلك كالزر بول وهو في عرف أهل الشام ما يسمى مركوبا في عرف أهل مصر كما في تحفة الأخيار وقولهم في سب الرقيق زربون تحريف
قوله ( إذا خيط به ثخين ) التمثيل بالثخين هو المذهب خلافا لما عليه أهل سمرقند من جواز المسح إذا ستر الكعبين باللفافة
قوله ( إمكان متابعة المشي ) أي المعتاد فرسخا فأكثر كما في حاشية الهداية أو المراد قطع مسافة السفر كما في المحيط كذا في القهستاني وبالأول جزم في الدرر
قوله ( من أصغر أصابع القدم ) وفي رواية الحسن يعتبر قدرها من أصابع اليد واختاره الرازي إعتبارا بالمسح اه وتعتبر الثلاثة أصابع في أي موضع كان بعد أن يكون أسفل من الكعبين وهو ظاهر إطلاق المتون واختاره السرخسي والكمال ولو تحت القدم أو في العقب وقيل الخرق تحت القدم لا يمنع ما لم يبلغ أكثر القدم وقيل إن كان يخرج أقل من نصف العقب لا يمنع وإلا منع
قوله ( لا يمنع ) والمانع هو المنفرج الذي يرى ما تحته من الرجل أو المنضم الذي ينفرج عند المشي فالعبرة بإنفراجه حالة المشي دون حالة الوضع كما في الحلبي
قوله ( ولا يضم ما دون ثلاثة ) بخلاف النجاسة المتفرقة في خفيه أو ثوبه أو مكانه أو بدنه أو في المجموع وبخلاف إنكشاف العورة فإنهما يجمعان
قوله ( وأقل خرق يجمع الخ ) هذا هو المشهور في المذهب وذكر في خزانة الفتاوي والتوشيح عن أبي يوسف أنه لا تجمع الخروق سواء كانت في خف أو خفين وارتضاه الكمال وقواه ابن أمير حاج واستظهره في البحر ورده النهر فليراجعها من رامها
قوله ( ولا يعتبر ما دونه ) إلحاقا له بموضع الخرز
قوله ( من وقت الحدث ) سواء مسح بعده أم لا فلا يمسح بعد المدة ولو ناسيا على ما يظهر من كلامهم أفاده السيد
قوله ( على طهر ) أي مائي فخرج التيمم كما أمر
قوله ( وقيل من وقت اللبس ) به قال الأوزاعي
قوله ( وقيل من وقت المسح ) به قال أحمد
قوله ( لأن العبرة لآخر الوقت ) وذلك لأن المسح حكم متعلق بالوقت فيعتبر فيه آخره
قوله ( وفرض المسح ) الفرض إعتقادي
____________________
(1/85)
من حيث أصل المسح وعملي من حيث المقدار
قوله ( من أصغر أصابع اليد ) وإن لم تكن أصابعه
قوله ( هو الأصح ) وعليه نص محمد والفرض هو ذلك المقدار من كل رجل فلو مسح على واحدة مقدار إصبعين وعلى الأخرى أربعا لم يجز ولو بجوانبها الأربع ينبغي أن يجوز ولو باصبع واحدة ثلاث مرات أن أخذ لكل مرة ماء جديدا وقد مسح ثانيا غير ما مسح أولا أجزأه وإلا لاذكره السيد وإنما اشترط تجديد الماء في الأخيرة لأنه بالرفع الأول صار البلل مستعملا فلا يمسح به ثانيا وأيضا البلة فيه إنما بقيت بعد مسح فلا يجوز بها المسح كالمسح ببلة بقيت بعد الرأس بخلاف البلة بعد الغسل لأن الإستعمال إنما يوصف به الماء السائل بعد الإنفصال لا البلة وإذا علمت ذلك تعلم إن ما ذكره السيد في شرحه من السؤال والجواب ساقط وكلامه في التتمة ينافي ما ذكره قبلها وما ذكره من أن الأذنين يمسحان بماء الرأس فذاك لقوله صلى الله عليه وسلم الأذنان من الرأس ولا وجه للسؤال الذي أورده فيهما لأن الحديث حمل على صحة مسحهما بماء الرأس لا أن المعنى إنهما من حقيقة الرأس وقد طغى قلمه في هذا المحل فليتنبه له
قوله ( فإن ابتل قدرها الخ ) لكن لا تحصل به السنة كالصورتين السابقتين قريبا
قوله ( والإصبع يذكر ويؤنث ) وفيه عشر لغات تثليث همزه مع تثليث الباء وأصبوع كعصفور
قوله ( على ظاهر مقدم كل رجل ) ولو مسح على ما يلي الساق أو ما يلي مقدم ظاهر الخف أو على الأصابع وحدها جازان بلغ قدر الفرض ولا يستحب عندنا مسح أسفله كما في غاية البيان والدراية وفي نسخة صحيحة في البدائع والسنة عند مالك والزهري والشافعي مسح أعلى الخف وأسفله إلا أن يكون على أسفله نجاسة كذا في الدراية ونسبه في الغاية للأئمة الثلاثة واسحق والأحسن أن يكون بباطن الكف والأصابع كما في البحر عن الخلاصة ويشترط أن يقع المسح على خف تحته قدم حتى لو كان الخف واسعا وبعضه خال عن القدم فمسح على الخالي لا يجوز
قال الإمام علي كرم الله وجهه لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى من أعلاه بالمسح والمراد الأسفل الذي يلاقي الأرض لكونه محل إصابة الأوساخ كما قاله البرهان الحلبي وشارح المشكاة لا ما قاله الكمال أن المراد الوجه الذي يلاقي البشرة فعلى العاقل إتباع الشرع تعبدا وتسليما لعجزه عن إدراك الحكم الإلهية وقد قال الإمام لو قلت بالرأي لأوجبت الغسل بالبول لأنه نجس متفق عليه والوضوء بالمني لأنه نجس مختلف فيه ولأعطيت الذكر في الإرث نصف الأنثى لكونها أضعف منه اه
قوله ( ولا يسن تكراره ) وقال عطاء يمسح ثلاثا سراج
قوله ( إلى الساق ) فوق الكعبين لأن الكعبين يلحقهما فرض الغسل وسنة المسح قاله في الشرح
قوله ( فنخسه بيده ) الذي في أوسط الطبراني من طريق جرير بن يزيد عن ابن المنكدر عن جابر قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يتوضأ فغسل خفيه فنخسه برجله وقال ليس هكذا السنة إنما أمرنا الخ
قوله ( لأنه بدل الخ ) فيه أن البدل ما لا يجوز مع القدرة على الأصل وهذا يجوز مع القدرة على الأصل بل التحقيق
____________________
(1/86)
أن التيمم بدل والمسح خلف بحر
قوله ( لسراية الحدث السابق إلى القدم ) أي جنس القدم وهو صادق بالقدمين معا وإنما سرى إليهما لزوال المانع وهما في حكم الطهارة كعضو واحد فإذا وجب غسل إحداهما وجب غسل الأخرى كما في البدائع
قوله ( مجاز ) لغوي أو عقلي من الإسناد إلى السبب
قوله ( ولزوم غسلهما ) أي الرجلين المعلومين من المقام وهو عطف على السراية
قوله ( بخروج أكثر القدم ) القدم ما يطأ عليه الإنسان من الرسغ إلى ما دونه وعبر أولا بالنزع ثم بالخروج للإشعار بعدم الفرق بين خروجه بنفسه وبين الإخراج كما في التبيين وعن محمد إن بقي من القدم في الخف ما يجوز المسح عليه لا ينتقض وإلا إنتقض
قال في الكافي وعليه أكثر المشايخ ونحوه في شرح العلامة مسكين وفي البحر عن النصاب وهو الصحيح وفي الكافي وإن كان صدر القدم في موضعه والعقب يخرج ويدخل لم يبطل مسحه
قوله ( في الصحيح ) مقابله رواية محمد المسابقة وقد علمت تصحيحها
قوله ( والثالث إصابة الماء أكثر إحدى القدمين في الخف ) هذا بناء على أن المسح رخصة ترفيه تكون العزيمة معها مشروعة وجرى عليه الزيلعي ونقله عن عامة الكتب وقواه البرهان الحلبي والفاضل نوح أفندي في حواشي الدرر وأما على القول بأنه رخصة إسقاط فلا ينتقض المسح ولا يعتبر ذلك غسلا لأن إستتار القدم بالخف يمنع سراية الحدث إلى الرجل بالإجماع فتبقى الرجل على طهارتها ويحل الحدث بالخف ويزول بالمسح فلا يقع هذا الغسل معتبرا لكونه لم يزل به حدث لكونه في غير محله حتى لو نزع خفه أو تمت المدة وهو غير محدث لزمه غسل رجليه ثانيا
قال في السراج وهو الأظهر وإليه جنح الكمال والحاصل أن في هذا الفرع إختلافا ولذا لم يعدوه في المتون من النواقض
قوله ( ولو تكلف الخ ) مما يجري على الخلاف السابق
قوله ( بإنقضاء المدة ) أي التي أولها الحدث الذي قبل هذا الغسل بعد اللبس على وضوء تام وتعتبر المدة من حدث بعد هذا الغسل فتدبر
قوله ( الحدث السابق بظهوره الآن ) لأن الشارع جعل إرتفاعه مقيدا بمدة فإذا تمت حل كما في التيمم أفاده في النهر
قوله ( بطلت ويتيمم ) قال الزيلعي هو الأشبه وقيل يمضي على صلاته قال في السراج وهو الأصح لأنه لو قطعها وهو عاجز عن غسل رجليه يتيمم ولاحظ للرجلين في التيمم لكن يلزم على هذا أداء الصلاة بوضوء غير تام لسراية الحدث إلى القدمين حينئذ لأن عدم الماء لا يمنع سراية الحدث ولا يجوز أداء الصلاة إلا بتيمم عند فقد الماء كما لو بقي في أعضائه لمعة ولم يجد ما يغسلها به فإنه يتيمم
قوله ( إن لم يخف ذهاب رجله الخ ) ظاهره أنه لا ينتقض المسح وليس كذلك للزوم مسحه كالجبيرة ودفع هذا بأنه مرتبط بمحذوف تقديره فيجب عليه نزع خفيه وغسل رجليه إن لم يخف الخ
قوله ( حتى يأمن الخ ) أشار به إلى عدم التوقيت بمدة
قوله ( وفي معراج الدراية ) هو المعول عليه
قوله ( يستوعبه ) وقيل يكفي مسح الأكثر على الخلاف في الجبيرة
قوله ( غسل رجليه فقط ) وفاتته الموالاة وهي ليست بشرط في الوضوء قاله في
____________________
(1/87)
الشرح وبقي من النواقض الخرق الكبير وخروج الوقت للمعذور قاله السيد والخرق الكبير الحادث بعد المسح داخل في حكم النزع وخروج الوقت للمعذور داخل في انقضاء المدة فلذا والله أعلم لم يذكرهما المصنف
قوله ( أي لا يصح ) دفع به ما يتوهم أنه يصح مع الحرمة
قوله ( المسح على عمامة ) إلا إذا نفذت البلة منها إلى الرأس وأصابت مقدار الفرض وعليه حمل ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم مسح على عمامته كما في السراج
قوله ( وقفازين ) ويتصور مسحهما بأن يأمر غيره به وهو لا يجوز
قوله ( مكان المجوزة ) وفي شرح السيد هي ما تلف عليه العمامة كطربوش وطاقية ولعل مراد الشرح بالمجوزة ما يسمى بالمقلة التي يلبسها أهل الفضل
قوله ( ونساء الأعراب ) الأولى ما تستر به المرأة وجهها فإنه لا يخص نساء الأعراب ولعله إنما خص نساء الأعراب لكونهن اللاتي ابتدأن لبسه ويجعل للدواب إتقاء للذباب
فصل في الجبيرة ونحوها من كل ما يوضع على موضع الضرورة كخرقة وعلك ودواء وجلدة مرارة بشرطه الآتي والجبيرة فعيلة من الجبر بمعنى الإصلاح كما في المصباح سميت بذلك تفاؤلا كما سمي موضع الهلاك مفازة
قوله ( تلف بورق ) أي مثلا
قوله ( وقيل لا يجب إستعمال الحار ) جزم به في السراج دفعا للمشقة
قال في البحر والظاهر الأول
قوله ( ولا يستطيع مسحه ) قال في البدائع إن كان المسح على عين الجراحة لا يضر بها لا يجوز المسح إلا على عين الجراحة ولا يجوز المسح على الجبيرة لأن جوازه للعذر ولا عذر اه
قوله ( على الصحيح ) أي عن الإمام فتجوز الصلاة بدونه لأن الفرض إنما يثبت بدليل قطعي والمروي خبر آحاد وهو إنما يفيد العمل دون العلم فحكمنا بوجوب المسح عملا ولم نحكم بفساد الصلاة بتركه لغير عذر لأن الحكم بالفساد يرجع إلى العلم وهذا الدليل لا يفيده واختاره في الفتح وفي الشرح وعليه الإعتماد
قوله ( وقيل يكرر إلا في الرأس ) فإنه لا يكرر مسحه إتفاقا والأولى أن يزيد الشرح لفظ مرة ليقابل قوله وقيل يكرر وإن بقي من الرأس قدر الربع مسحه وإلا مسح على العصابة أفاده السيد وقد يقال لماذا لم يتعين مسح الصحيح وإن قل ويتمم الفرض بالمسح على العصابة
قوله ( وقيل فرض ) هو قولهما وفي الإيضاح الفتوى على قولهما احتياطا وفي البحر وحاصله أنه اختلف التصحيح في إفتراضه ووجوبه ولم أر من صحح إستحبابه على قوله وفصل الرازي فقال إن كان ما تحت الجبيرة لو ظهر أمكن غسله فالمسح واجب لأن الفرض متعلق بالأصل فيتعلق بما قام مقامه كمسح الخف وإن كان ما تحتها لو ظهر لا يمكن غسله فالمسح عليها غير واجب لأن فرض الأصل قد سقط فلا يتعلق بما قام مقامه كمقطوع القدم إذا لبس الخف وهذا يفيد أن المراد بقوله فالمسح واجب الفرض لا الواجب المصطلح عليه اه
وقال الصيرفي هذا أحسن الأقوال اه وإذا علمت ما ذكر تعلم أن نسبة الوجوب إلى الصاحبين ليست على ما ينبغي
قوله ( لأن النبي الخ ) دليل لأصل المسح كما في الشرح
قوله ( كان يمسح على عصابته ) حين رماه ابن قميئة
____________________
(1/88)
يوم أحد وما ورد في هذا الباب من الأخبار ضعيف يستأنس به وفي الحلبي ولا يضر ضعف الحديث بالنسبة إلينا بعد ما أجمع عليه المجتهدون رحمهم الله تعالى بالدليل الواضح وهو قوله تعالى { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج } المائدة 5 اه
قوله ( هو الصحيح ) وفي التتمة به يفتى وفي الخلاصة وعليه الفتوى وإليه جنح صاحب الهداية واختار في الكنز الاستيعاب
قوله ( لئلا يؤدي إلى فساد الجراحة ) لأنه يحتاج إلى الإستقصاء في إيصال البلل إلى جميع أجزاء الخرقة ونحوها فيؤدي إلى نفوذ البلة إلى الجراحة فيفسدها
قوله ( وكفى المسح الخ ) هو الأصح كما في الذخيرة وغيرها وعليه مشى في مختارات النوازل لأنه لو كلف غسل ذلك الموضع ربما تبتل العصابة وتنفذ البلة إلى موضع الفصد فيتضرر وقيل يفترض إيصال الماء إلى الموضع الذي لم تستره العصابة لأنه باد أي ظاهر
قوله ( ونحوه ) كخرقة الجراحة والقرحة والكي والكسر لأن الضرورة تشمل الكل
قوله ( إن ضره حلها ) قال في هداية الناطفي ليس عليه أن يغسل ما تحت العصابة من غير موضع الجراحة إن كان حل العصابة يضر بالجراحة وإن كان لا يضر حلها ولكن نزعها عن موضع الجراحة يضر بالجراحة فإن عليه أن يحلها ويغسل ما تحتها إلى أن يبلغ موضعا يضر بالجراحة ثم يشد العصابة ويمسح على موضع الجراحة اه
قوله ( وإن ضره المسح تركه ) إتفاقا دفعا للحرج لأن الغسل سقط بالعذر فالمسح أولى وفي المبتغي بالغين ومن كان جميع رأسه مجروحا لا يجب المسح عليه لأن المسح بدل عن الغسل ولا بدل له وقيل يجب اه
قال في البحر والصواب هو الوجوب وقوله المسح بدل عن الغسل غير صحيح بل المسح على الرأس أصل بنفسه لا بدل كما لا يخفي اه وهو مخالف لما في الوهبانية والقنية من سقوطه وقد يقال في التوفيق إن كان الواجب غسل الرأس كما في الغسل وضره المسح سقط وإن كان الواجب المسح كما في الوضوء وضره لا يسقط ويمسح على العصابة لأن المسح في الأول بدل وفي الثاني أصل ويحرر ثم رأيت في التنوير وشرحه من به وجع رأس لا يستطيع معه مسحه محدثا ولا غسله جنبا ففي الفيض عن غريب الرواية يتيمم وأفتى قاري الهداية أنه يسقط عنه فرض مسحه ولو عليه جبيرة ففي مسحها قولان وكذا يسقط غسله فيمسحه ولو على جبيرة إن لم يضره وإلا سقط أصلا وجعل عادما لذلك العضو حكما كما في المعدوم حقيقة اه
قوله ( وليس بدلا ) أي محضا بل نزل منزلة الأصل لعدم القدرة عليه وإن كان في نفسه بدلا بدليل أنه لا يجوز عند القدرة على الغسل
قوله ( فلا يتوقف بمدة ) أي معلومة بل بالبرء
قوله ( دفعا للحرج ) أي الحاصل بغسلها المضر
قوله ( لكونه أصلا ) أي فلا يصير جامعا بين الأصل والبدل
قوله ( بسقوطها قبل البرء ) ولو في الصلاة وبرأ من باب نفع وتعب ويأتي في لغة كقرب وإذا وجد البرء ولم تسقط ذكر الكرابيسي أن المسح يبطل قال في النهر وينبغي أن يقيد بما إذا لم يضره إزالة الجبيرة أما إذا ضره لشدة لصوقها فلا وإذا سقطت عن برء في الصلاة قبل القعود قدر التشهد أفسدت وبعده تكون من الإثني عشرية
____________________
(1/89)
قوله ( ولا يمسح السفلي بعد نزع العليا ) أي لا يطالب بمسحها بل يكفي عنه مسح العليا
قوله ( بخلاف الخف ) أي في المسائل الثمانية أربعة في المتن وأربعة في الشرح
قوله ( ولا يجب إعادة المسح عليها ) لأنه كالغسل لما تحتها وقد سقط بالمسح الأول كما إذا مسح رأسه ثم حلقه
قوله ( وإذا رمد ) بكسر العين أي هاجت عينه
قوله ( أو جعل عليه جلدة مرارة ) ولو جاوزت موضع القرحة كما في الخانية
قوله ( جاز له المسح ) مثله في البناية والفتح والبرهان وذكر الحلبي أنه يجب عليه إمرار الماء ولا يكفيه المسح لعدم الضرورة قال في المخ وهو المصرح به في عامة الكتب المعتمدة وجرى عليه في الدرر وفي الشرنبلالية عن التتارخانية معزيا إلى الأصل أنه إذا ضره نزع الدواء لا يشترط المسح ولا إمرار الماء على الدواء من غير ذكر خلاف ثم قال وشرط شمس الأئمة الحلواني إمرار الماء على الدواء ولا يكفيه المسح اه قال بعض الأفاضل والظاهر أن فيه إختلافا والإشتراط فيه إحتياط
قوله ( ومسح الجبيرة ومسح الرأس ) عدم النية فيهما متفق عليه
قوله ( لأنه طهارة بالماء ) أي فلا يفتقر إلى النية كالوضوء ولأنه بعض الوضوء
باب الحيض والنفاس والإستحاضة لما ذكر الأحداث التي يكثر وقوعها ذكر أحداثا يقل وقوعها وقدم ذكر الحيض لأنه أكثر وقوعا مما بعده وليس لأحد أن يقول أن الحيض من قبيل الانجاس لأنا نقول أن إزالة النجاسة تبيح الدخول في الصلاة وإغتسال الحائض ما دامت متصفة به لا يبيح ذلك فعلم بهذا أنه ليس نجسا حقيقيا والطهارة منه طهارة حدث لا طهارة نجس ولأن الأحكام المتعلقة به من حرمة القراءة ونحوها هي الأحكام المختصة بالأحداث وسببه الإبتدائي ما قيل أن أمنا حواء لما كسرت شجرة الحنطة وأدمتها قال الله تعالى لأدمينك كما أدميتها وابتلاها بالحيض هي وجميع بناتها إلى الساعة اه وأصابها بعد أن أهبطت من الجنة
قوله ( أي بالمرور منه ) أشار به إلى أن الفرج لم يكن مقرا لهذه الدماء وإنما أضيفت إليه بإعتبار المرور منه لأن الحيض والنفاس مقرهما الرحم والاستحاضة دم عرق
قوله ( لأحكام كثيرة ) علة لكونه من أعظم المهمات
قوله ( كالطلاق ) وجه الاحتياج إليه فيه إنه إن أوقعه فيه كان بدعيا وفي طهر بعده لا وطء فيه سنى
قوله ( والعتاق ) فإن أم الولد إذا عتقت تعتد بعده بثلاث حيض
قوله ( والاستبراء ) فتستبرىء الحائض بحيضة
قوله ( والعدة ) لذات الحيض فإنها للحرة ثلاث حيض وللأمة ثنتان
قوله ( والنسب ) فإنها إذا طلقت واعتدت بثلاث حيض ثم أتت بولد بعدها لستة أشهر لا يلحق وإن لم ترد ما يلحق إلى السنتين
قوله ( وحل الوطء ) إذا طهرت منه وله أن يصدقها في حيضها وطهرها فيمتنع عنها في الأول ويقربها في الثاني ومن اعتقد حل وطئها كفر كما جزم به في المبسوط والإختيار والفتح وصحح صاحب الخلاصة عدم كفره وقال في الفصل الثاني من ألفاظ الكفر إن من اعتقد
____________________
(1/90)
الحلال حراما أو على القلب يكفر إذا كان حراما لعينه وثبتت حرمته بدليل قطعي أما إذا كان حراما لغيره بدليل قطعي أو حراما لعينه بخبر الآحاد لا يكفر إذا اعتقده حلالا اه فعلى هذا لا يفتي بكفر مستحله لأن حرمته لغيره وهو الأذى
قوله ( والصلاة والصوم ) فلا تفعلهما فيه وتفعلهما بعده فإذا لم تعلمه ربما تترك الصلاة والصوم في وقت وجوبهما وتأتي بهما في وقت وجوب الترك وكلاهما أمر حرام وضرر عظيم
قوله ( ومسه ) يشترك مع الحيض الحدث الأصغر فيه
قوله ( وطواف الحج ) كذلك يشاركه الحدث الأصغر فيه وإن اختلف الواجب بالجناية
قوله ( وحقيقته دم الخ ) هذا بناء على أنه من الإنجاس والتحقيق إنه من الأحداث فيعرف عليه بأنه مانعية شرعية تمتد مدة معلومة أقلها ثلاثة أيام ولياليها
قوله ( من نطفة ) لبيان الواقع
قوله ( بالغة تسع سنين ) هو ما عليه الفتوى وقيل يتأتى حيضها فيما بين الخمس إلى التسع وأما بنت خمس فلا تحيض بالإجماع
قوله ( يقتضي خروج دم بسببه ) أشار به إلى أنه ليس المراد مطلق داء فإن مرض السليمة الرحم لا يمنع الحيض
قوله ( وأما لغة فأصله السيلان ) كان الأولى ذكر المعنى اللغوي قبل الشرعي كما هو دأب المؤلفين قاله السيد
قوله ( يقال حاض الوادي إذا سال ) ويقال حاضت الشجرة إذا خرج منها الصمغ الأحمر وحاضت الأرنبة إذا خرج من رحمها دم وحاضت المرأة فهي حائض بغير تاء في الفصيح لأنه وصف لازم للمؤنث فلا لبس وحكى الفراء حائضة وفي القاموس قيل ومنه الحوض لأنه يسيل إليه الماء وجمع بعضهم من يحيض من الحيوانات وهي عشرة بقوله الحيض يأتي للنساء وتسعة وهي النياق وضبعها والأرنب والوزغ الخفاش حجرة كلبة والعرس والحيات منها تحسب والبعض زاد سميكة رعاشة فاحفظ ففي حفظ النظائر يرغب والحيض المنسوب إلى هذه الحيوانات بمعنى السيلان
قوله ( وأقل الحيض ) أي زمن أقله ليصح الإخبار
قوله ( بلياليها ) الإضافة ليست للإختصاص فلا يلزم أن تكون الليالي ليالي تلك الأيام كما في مجمع الأنهر فالمدار على اثنتين وسبعين ساعة كما في القهستاني وهذا ظاهر الرواية
واعلم أنه لا يشترط أن يستغرق نزول الدم ثلاثة أو عشرة لأن ذلك نادر فرؤيته كل يوم ولو شيأ قليلا تكفي كما في السراج بل المعتبر وجوده في أول المدة وآخرها ولو تخلل بينهما طهر ويجعل الكل حيضا
قوله ( وهذه شروطه ) أي ما تقدم من كونه من رحم بالغة لأداء بها ولا حبل وبقي منها أن يتقدمه نصاب الطهر
قوله ( وركنه بروز الدم المخصوص ) هو من إضافة ما كان صفة أي الدم البارز وأما البروز فشرطه الثبوت وهو ما كان من الألوان الستة وهي السواد والحمرة والصفرة والكدرة والخضرة والترية ووقت ثبوته بالبروز وهو إنما يعلم بمجاوزة موضع البكارة وهي بالخروج إلى الفرج الظاهر إعتبارا بنواقض الوضوء
والإحتشاء يسن للثيب ويستحب للبكر حالة الحيض وأما في حالة الطهر فيستحب للثيب دون البكر
____________________
(1/91)
قوله ( وصفته دم إلى السواد أقرب ) هذا باعتبار غالب أحواله فلا ينافي عد الألوان السابقة منه
قوله ( لذاغ ) بالذال والغين المعجمتين يعني أنه لو وضع على اللسان مثلا يتأثر به لحرافته وقوله كريه الرائحة يخرج الإستحاضة فإنه لا رائحة لدمها
قوله ( والنفاس ) سمى به لخروج النفس بسكون الفاء بمعنى الولد أو بمعنى الدم فإنه يسمى نفسا أيضا لأن به قوام النفس التي هي اسم لجملة الحيوان أو مأخوذ من تنفس الرحم بمعنى تشققه وانصداعه
قوله ( إذا ولدت ) وإذا حاضت أيضا لكن الضم أفصح في الولادة والفتح أفصح في الحيض كما في النهر
قوله ( فهي نفساء ) بضم النون وفتح الفاء وبفتح النون وسكون الفاء وبفتحهما وبالمد فيهن
قوله ( هو الدم الخارج ) هذا على أنه من الأنجاس وأما على أنه من الأحداث فهو مانعية شرعية بخروج دم عقب الولد من فرج
قوله ( الخارج ) أي من الفرج فلو ولدت من سرتها مثلا وسال منها دم لا تكون نفساء بل هي صاحبة جرح ما لم يسل من فرجها لكن يتعلق بالولد سائر أحكام الولادة كما في الفتح
قوله ( أو خروج أكثر الولد ) واشترط محمد وزفر خروج كل الحمل قوله ( ولو سقطا ) بتثليث السين لغة الولد الساقط قبل تمامه قاله في الشرح
قوله ( فإن نزل مستقيما ) أي على العادة بأن نزل برأسه
قوله ( وتصير أم ولد ) أي إن ادعاه المولى
قوله ( ولكن لا يرث ) ولا يستحق وصية ولا يعتق ولا يسمى ولا يغسل على وجه السنة
قوله ( لا تكون نفساء ) ولا غسل عليها ولا يبطل صومها لتعلقهما بالنفاس حقيقة ولم يوجد وهو القياس
قوله ( وقدمنا لزوم غسلها احتياطا ) وإن لم تكن نفساء ويبطل صومها وقيل بل هي نفساء عنده لعدم خلو الولد عن قليل دم غالبا أو لأن نفس خروج النفس نفاس وأكثر المشايخ على قول الإمام وصححه أيضا في الفتاوي
قوله ( إذ لا حاجة إلى إمارة زائدة ) تدل على أنه من الرحم لأن تقدم الولد دليل على أنه منه
قوله ( ولا دليل للحيض ) أي لا دليل يدل على أن ذلك الدم حيض نازل من الرحم سوى امتداده هذه المدة فاعتبر بالثلاثة أيام لكن تترك الصلاة والصوم بمجرد رؤية الدم ولو مبتدأة عند أكثر مشايخ بخارى بحر وهو قول أصحابنا قهستاني لأن الأصل الصحة والحيض دم صحة شمنى وكذا لا يقربها زوجها بالأولى
قوله ( والإستحاضة ) هي لغة مصدر استحيضت المرأة إذا استمر بها الدم واستعماله بالبناء للمجهول لأنه لا اختيار لها في ذلك كجن واغمي كما في الصحاح
قوله ( دم نقص الخ ) هذا على أنها نجس وأما على أنها حدث فهي حدث بدم الخ ومنها دم الآيسة والحامل والصغيرة أو هو في الصغيرة دم فساد لا إستحاضة
قوله ( أو زاد على عادتها وتجاوز الخ ) وذلك لأن ما رأته على العادة حيض أو نفاس بيقين وما جاوز الأكثر استحاضة بيقين وشككنا فيما بينهما فالحقناه بما جاوز الأكثر لأنه يجانسه من حيث أن كلا منهما مخالف للمعهود فكان الحاقه به أولى إذ الأصل الجري على وفق العادة ثم قيل تصلي وتصوم في الزائد على العادة لإحتمال أن يجاوز
____________________
(1/92)
الأكثر فيكون استحاضة وقيل لا لأن الأصل هو الصحة ودم الحيض دم صحة والإستحاضة دم علة وأشار الشرح إلى أن هذا هو الصحيح
قوله ( بين الحيضتين ) أو بين النفاس والحيض كما في الدر
قوله ( فيقدر حيضها بعشرة ) من أول ما رأت سواء كان في أول الشهر أو وسطه أو آخره وتترك الصلاة بمجرد رؤية الدم على الصحيح هذا قولهما
وقال أبو يوسف يوقت لها في الصلاة والصوم والرجعة بالأقل وفي الوطء والتزوج بالأكثر
قوله ( فإنها تبقى على عادتها الخ ) وتكون هكذا أبدا حتى يزول عنها العارض أو تموت وهو قول أبي عصمة وأبي حازم وقال محمد بن شجاع يقدر حيضها بعشرة وطهرها بعشرين كما لو بلغت مستحاضة وتنقضي عدتها بتسعين يوما وقال الحاكم الشهيد طهرها شهر ان قيل وعليه الفتوى لأنه أيسر على المفتي والنساء وفي المسئلة أقوال أخر تركنها مخافة الأطناب
قوله ( وأما إذا نسيت عادتها فهي المحيرة ) بصيغة اسم الفاعل لأنها تحير المفتي وبصيغة إسم المفعول لأنها حيرت بسبب نسيانها وهي التي كان لها زمن معلوم في وقت معلوم وهي على ثلاثة أوجه إما أن تضل عدد أيامها فقط أو وقته فقط أو هما معا فالكلام عليها في ثلاثة فصول
الأول وهو ما إذا نسيت عدد أيام عادتها وتعلم إن حيضها في كل شهر مرة فإنها تدع الصلاة ثلاثة أيام من أول الإستمرار لتيقنها بالحيض فيها ثم تغتسل سبعة أيام لكل صلاة لتردد حالها فيها بين الحيض والطهر والخروج من الحيض ثم تتوضأ عشرين يوما لوقت كل صلاة لتيقنها فيها بالطهر ويأتيها زوجها
الثاني وهو ما إذا ضلت في المكان فإن علمت أن أيامها كانت ثلاثة ولم تعلم موضعها من الشهر تصلي ثلاثة أيام من أول الشهر بالوضوء للتردد بين الحيض والطهر ثم تغتسل سبعة وعشرين لكل صلاة لتوهم خروجها من الحيض كل ساعة
الثالث الاضلال بهما أعني العدد والمكان فالأصل فيه أنها متى تيقنت بالطهر في وقت صلت فيه بالوضوء وصامت وتوطأ ومتى تيقنت بالحيض تركت ذلك وإن شكت في وقت أنه حيض أو طهر تحرت فإن لم يكن لها تحر صلت فيه بالغسل لكل صلاة لجواز أن يكون وقت الخروج من الحيض وإن شكت دائما ولم يكن لها رأي اغتسلت لكل صلاة دائما على الصحيح وقيل لوقت كل صلاة ولا توطأ بالتحري على الأرجح ولا يحكم لها بشيء من حيض أو طهر على التعيين بل تأخذ بالأحوط في حق الأحكام فتصلي الفرائض والواجبات والسنن المؤكدة لا تطوعا كالصوم وتقرأ القدر المفروض والواجب وتقرأ في الأخيرتين على الراجح لأنها سنة ولا تدخل مسجدا ولا تقرأ قرآنا خارج الصلاة ولا تمسه وتصوم رمضان ثم تقضي عشرين يوما إن علمت أن ابتداء حيضها بالليل وإن علمت أنه بالنهار قضت اثنين وعشرين يوما لأن أكثر ما فسد من صومها أحد عشر يوما فتقضي ضعف ذلك احتياطا وإن لم تعلم شيئا فعامة المشايخ على العشرين والمفتى به في عدتها التقدير بشهرين للطهر وبعشرة أيام للحيض ومن أراد تمام تفاريع صورها وتوضيح أحكامها فعليه بالمطولات فإن ذلك نبذة يسيرة منه
____________________
(1/93)
قوله ( الصلاة والصوم ) اعلم أنهما يمنعان وجوبها وجوازها وصحتها ويمنعان صحة الصوم وجوازه لا وجوبه
قوله ( ولا يصحان ) لما كان لا يلزم من الحرمة عدم الصحة قال ولا يصحان ولا شك أن المنع من الشيء منع لابعاضه ولهذا منعا من سجود التلاوة والشكر أفاده السيد
قوله ( ويحرم قراءة آية من القرآن ) وكذا سائر الكتب المنزلة لأن الكل كلام الله تعالى وكونها منسوخة لا يخرجها عن ذلك الحكم كالآيات المنسوخة من القرآن كذا في الحلبي لكن قال الزيلعي إلا ما بدل منها
قوله ( إلا بقصد الذكر ) أي أو الثناء أو الدعاء إن اشتملت عليه فلا بأس به في أصح الروايات
قال في العيون ولو أنه قرأ الفاتحة على سبيل الدعاء أو شيئا من الآيات التي فيها معنى الدعاء ولم يرد به القرآن فلا بأس به اه واختاره الحلواني وذكر في غاية البيان أنه المختار كما في البحر والنهر وحيث صحت الرواية عن الإمام فلا يلتفت إلى قول الهندواني لا أفتى بجوازه وإن روي عن الإمام
قوله ( لقوله صلى الله عليه وسلم لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن ) أي وشيئا نكرة في سياق النفي فيعم ويؤيده ما أخرجه الدارقطني عن علي رضي الله عنه قال اقرؤا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة فإذا أصابته فلا ولا حرفا واحدا والأصح أنه لا بأس بتعليم الحائض والجنب القرآن إذا كان يلقن كلمة كلمة لا على قصد قراءة القرآن كذا في الخلاصة والبزازية أي على قول الكرخي لأنه وإن منع ما دون الآية لكن ما به يسمى قارئا لا مطلقا ولهذا قالوا بعدم كراهة التهجي بالقرآن وفي الخانية آخر فصل القراءة تكره قراءة القرآن في مواضع النجاسات كالمغتسل والمخرج والمسلخ وما أشبه ذلك وأما في الحمام إن لم يكن فيه أحد مكشوف العورة وكان الحمام طاهرا فلا بأس بأن يرفع صوته بالقراءة وإن لم يكن كذلك فإن قرأ في نفسه لا يرفع صوته فلا بأس به ولا بأس بالتسبيح والتهليل وإن رفع صوته بذلك وأما قراءة الماشي والمحترف إن كان منتبها لا يشغله العمل والمشي جاز وإلا فلا
قال وتكلموا في قراءته مضطجعا والأولى أن يقرأ على وجه يكون أقرب إلى التعظيم ولا بأس بغير القرآن مضطجعا والقراءة بالنظر أولى من القراء بالغيب للجمع بين العبادتين
قوله ( ويحرم مسها ) أي إلا لضرورة كأن يخاف عليه حرقا أو غرقا كما في الحموي عن البرجندي ويحرم ولو كتب بالفارسية إجماعا لتعلق جواز الصلاة به للعاجز وكذا سائر الكتب السماوية كما في القهستاني عن الذخيرة نعم ينبغي أن يخص ما لم يبدل منها وفيما عدا المصحف إنما يحرم مس الكتابة لا الحواشي ويحرم الكل في المصحف لأن الكل تبع له كما في الحدادي وغيره وقيد بالآية لأنه يكره مس ما دونها كما في القهستاني وفي الخانية من بحث القراءة الحربي أو الذمي إذا طلب تعلم القرآن والفقه والأحكام يعلم رجاء أن يهتدي لكن يمنع من مس المصحف إلا إذا اغتسل فلا يمنع بعد ذلك
قوله ( إلا بغلاف متجاف ) أي متباعد عنهما
قوله ( كالخريطة ) وكالخرج الذي فيه المصحف إذا توسده أو ركب فوقه في السفر يعني إذا كان ذلك لأجل الحفظ وإلا فيكره كما في الخلاصة
قوله ( ويكره بالكم تحريما ) صححه في الهداية
____________________
(1/94)
وفي المحيط وجامع التمرتاشي لا يكره مسه بالكم عند العامة لأن المحرم المس وذلك بالمباشرة باليد بلا حائل وهما روايتان عن محمد كما في النهاية
قوله ( لتبعيته للابس ) ولهذا لا يجوز له أن يفترشه على نجاسة ويسجد عليه ولا أن يقوم في مصلاه متخففا أو منتعلا على النجاسة
قوله ( ويرخص لأهل كتب الشريعة ) هو الأصح عند الإمام لأن ما فيها من القرآن بمنزلة التابع ويكره عندهما نهر عن الخلاصة والتقييد بالأهل يؤذن بمنعه لغير الأهل
قوله ( للضرورة ) يعني الحرج
قوله ( إلا التفسير ) في الأشباه وقد جوز بعض أصحابنا مس كتب التفسير للمحدث ولم يفصلوا بين كون الأكثر تفسيرا أو قرآنا ولو قيل به إعتبارا للغالب لكان حسنا وفي الجوهرة كتب التفسير وغيرها لا يجوز مس مواضع القرآن منها وله أن يمس غيرها بخلاف المصحف
قلت وذلك هو الموافق لكلامهم لأنهم جعلوا المحرم في غير المصحف مس عين القرآن
قوله ( والمستحب أن لا يأخذها إلا بوضوء ) لأنها لا تخلو عن آيات القرآن ولا بأس بمسها بالكم إتفاقا لعموم البلوى كذا في النهاية عن المحبوبي وأما كتابة القرآن فلا بأس بها إذا كانت الصحيفة على الأرض عند أبي يوسف لأنه ليس بحامل للصحيفة وكره ذلك محمد وبه أخذ مشايخ بخاري
قال الكمال وقول أبي يوسف أقيس لأن الصحيفة إذا كانت على الأرض كان مسها بالقلم وهو واسطة منفصلة فصار كثوب منفصل إلا أن يكون يمسه بيده
قوله ( بالبزاق ) انظر حكم ما إذا كان يلعقه بلسانه
قوله ( ومثله النبي ) أل للجنس فيعم كل نبي ولذا عممه في الشرح
قوله ( ويستر المصحف ) الظاهر أنه على وجه الندب
قوله ( ولا يرمي براية قلم ) أي كتب به كما في الشرح وظاهره المنع بخلاف الجديد وفيه أيضا وإذا صار المصحف عتيقا لا يقرأ فيه وخيف عليه السقوط يجعل في خرقة طاهرة نظيفة ويدفن في محل لا يوطأ
قوله ( دخول مسجد ) شمل الكعبة دون مصلي عيد وجنازة في الأصح وقيد المنع في الدرر بأن لا يكون ثمة ضرورة فإن كانت كأن يكون باب البيت إلى المسجد فلا قال في البحر وينبغي أن يقيد بأن لا يمكن تحويل الباب ولا السكنى في غيره وإلا لم تتحقق الضرورة ولو أجنب فيه تيمم وخرج من ساعته إن لم يقدر على استعمال الماء وكذا لو دخله وهو جنب ناسيا ثم ذكر وإن خرج مسرعا من غير تيمم جاز وإن لم يقدر على الخروج تيمم ولبث فيه ولا يجوز لبثه بدونه إلا أنه لا يصلي ولا يقرأ كما في السراج وخص من عموم هذا الحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي فيحل لهما المكث بالجنابة لقوله صلى الله عليه وسلم يا علي لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك رواه الترمذي وقال حسن غريب وله طرق متعددة
قوله ( ويحرم بهما الطواف ) ولو نفلا
قوله ( لأن الطهارة ) أي من الحدثين شرط كمال
المعنى إن الصحة لا تتوقف عليها فلا ينافي وجوبها له فلا يفوت الجواز بفوتها كما في البرهان وغيره
قال الكمال المنظور إليه بالذات في منع الطواف وجوب الطهارة فيه لا كونه في المسجد حتى لو لم يكن ثمة
____________________
(1/95)
مسجد حرم عليها الطواف أيضا
قوله ( وعلى المحدث ) أي في طواف الركن وإلا فصدقة
قوله ( إلا أن يعاد على الطهارة ) أي فلا شيء عليه إذا كانت الإعادة في أيام النحر وإلا وجب دم بتأخيرها عنها
قوله ( لشرف البيت ) أي لا لكونه في المسجد وهو علة لقوله ويحرم بهما الطواف
قال العلامة مسكين إنما ذكر الطواف مع أن المنع عن دخول المسجد يغني عنه دفعا لتوهم أنه لما جاز الوقوف بلا طهارة مع أنه أقوى أركان الحج فلأن يجوز الطواف أولى أو توهم دخول المسجد لضرورة الطواف وقد علمت ما قاله الكمال
قوله ( والإستمتاع بما تحت السرة ) أما السرة وما فوقها فيحل الإستمتاع به بوطء أو غيره ولو بلا حائل وكذا بما بين السرة والركبة بحائل بغير الوطء ولو تلطخ دما والمحرم هو المباشرة والمس ولو بدون شهوة لا النظر ولو بشهوة لأنه ليس أعظم من تقبيلها في وجهها بشهوة
قاله في البحر وبحث فيه صاحب النهر بما لا يتم وكما يحرم عليه الفعل يحرم عليها التمكين وله أن يقبلها ويضاجعها ولا يكره طبخها ولا إستعمال ما مسته من عجين أو ماء أو غيرهما إلا إذا توضأت بقصد القربة ولا ينبغي العزل عن فراشها لأنه يشبه فعل اليهود كما في البحر والمذكور في المصنف قولهما وعليه الفتوى وخص محمد التحريم بشعار الدم وهو موضع خروجه كما في الجوهرة وفي شرح التأويلات وبقول محمد نقول ورجحه صاحب الغاية وقد علمت ما به الفتوى ولا يحل للمرأة أن تكتم الحيض عن زوجها ليجامعها بغير علم منه ولا يحل لها أيضا أن تظهر أنها حائض من غير حيض لتمنعه مجامعتها للنهي عنه وإذا أخبرته بالحيض قال بعضهم إن كانت فاسقة لا يقبل قولها وإن كانت عفيفة قبل وقال بعضهم إن كان صدقها ممكنا بأن كانت في أوان الحيض قبل ولو كانت فاسقة وهذا أحوط وأقرب إلى الورع
قوله ( يستحب أن يتصدق بدينار أو نصفه ) قيل إن كان الدم اسود تصدق بدينار وإن كان أصفر فبنصفه ويشهد له ما رواه أبو داود وصححه الحاكم إذا واقع الرجل أهله وهي حائض إن كان دما أحمر فليتصدق بدينار وإن كان أصفر فبنصف دينار وقيل إن كان في أول الحيض فبدينار وإلا فبنصفه
قوله ( وصحح في الخلاصة عدم كفرة ) تقدم ما فيه
قوله ( وإذا انقطع الدم ) ذكر الإنقطاع ليس بشرط بل خرج مخرج العادة أو للمقابلة مع ما بعده حتى لو لم ينقطع فالحكم كذلك كما في المضمرات
قوله ( لا كثر الحيض ) اللام بمعنى بعد على منوال قوله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته
قوله ( لقوله تعالى الخ ) ولأن الحيض لا يزيد على عشرة إنقطع الدم أو لم ينقطع فما زاد يكون إستحاضة لا يمنع الوطء أي فالطهر بعدها متحقق
قوله ( لقراءة التشديد ) فإنها تقتضي التحريم مطلقا ولو لكثيره والحمل الحاصل بالإجتهاد على العشرة لا يمنع الإحتمال
قوله ( ولو لتمام عادتها ) الأولى حذف ولو لأنه إذا إنقطع لدون العادة وإن زاد على أقله لا يطؤها ولو إغتسلت كما يأتي قريبا
قوله ( لأن زمان الغسل في الأقل الخ ) اعلم أن زمن الإغتسال معتبر من الحيض في الإنقطاع لأقله ومن الطهر في الإنقطاع لأكثره لئلا تزيد المدة على
____________________
(1/96)
العشرة وهذا في حق وجوب صلاة وصوم وإنقطاع رجعة وحل تزوج فإذا انقطع لأكثره إنقطعت الرجعة وحل لها التزوج بآخر وإن لم تغتسل بخلاف انقطاعه لأقله فيشترط لذلك الغسل أو ما يقوم مقامه
قوله ( وبالغسل خلصت منه ) هو مدار العلة فتأخذ حكم الطاهرات من وجوب الصلاة وحل القراءة ومن الأحكام حل الوطء
قوله ( وإذا انقطع لدون عادتها ) أي وقد تجاوز ثلاثة أيام لا يقربها وإن اغتسلت حتى تمضي عادتها ولكن تصلي وتصوم احتياطا ويجب عليها تأخير الغسل إلى قبيل آخر الوقت المستحب ويستحب تأخيره إليه إذا انقطع لتمام العادة قاله في الشرح
قوله ( لعذر ) أي من الأعذار المبيحة للتيمم
قوله ( وتصلي على الأصح ) فمجرد التيمم لا يقوم مقام الغسل في هذا الباب إجماعا على الأصح كذا في البحر لما ذكره المؤلف
قوله ( من الوقت الذي انقطع الدم فيه الخ ) أي الذي هو من الأوقات الخمس فلو إنقطع في وقت الضحى ولم تغتسل بعده ولم تتيمم لا يحل وطؤها حتى يخرج وقت الظهر لتثبت صلاته في ذمتها بخروجه لأن ما قبل الزوال وقت مهمل لا عبرة بخروجه وكذا إذا انقطع قبيل طلوع الشمس بأقل من تمكنها من الغسل والتحريمة لا يحل وطؤها حتى يخرج وقت الظهر أفاده في الشرح
قوله ( يسع الغسل والتحريمة ) قال في المجتبى والصحيح أنه يعتبر مع الغسل لبس الثياب وهكذا جواب صومها إذا طهرت قبل الفجر لكن الأصح أن لا تعتبر التحريمة في حق الصوم وزمن التحريمة من الطهر على كل حال
قوله ( فما فوقهما ) حكمه معلوم بالأولى مما قبله
قوله ( وهو حكم من أحكام الطهارات ) أي فيتبعه سائر الأحكام ومن جملتها حل الوطء
قوله ( أو التيمم ) أي مع شرطه
قوله ( لعدم خطابها بالغسل ) هذا أحد أقوال مصححة منها القول بالخطاب أداء واعتقادا فيكون حكمها حكم المسلمة
قوله ( توفيقا بين القراءتين ) فإن قراءة التخفيف تبيح الوطء بعد الإنقطاع قبل الغسل وقراءة التشديد تمنعه قبل الغسل فحملنا التشديد على ما دون العشرة والتخفيف على العشرة غير أن قراءة التشديد لما كان ظاهرها يحتمل الإطلاق قلنا باستحباب الغسل ويلزم من قال بعدم الحل أصلا لقراءة التشديد ترك الأخذ بأحد الدليلين وعملنا بهما لأن الأصل في الدلائل الأعمال دون الإهمال
قوله ( ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) للحرج في قضائها لتكرار الحيض كل شهر غالبا بخلاف الصوم وفي الظهيرية لما رأت حواء الدم أول مرة سألت آدم عن حكم الصلاة فيه كما يؤخذ مما بعد فقال لا أعلم فأوحى الله إليه أن تترك الصلاة فلما طهرت سألته عن قضائها فقال لا أعلم فأوحى الله تعالى إليه أن لا قضاء عليها ثم رأته في وقت الصوم فسألته فأمرها بترك الصوم وعدم قضائه قياسا على الصلاة فأمر الله سبحانه وتعالى بقضاء الصوم لإستقلال آدم بالأمر وقيل إن حواء هي التي قاست كما في معراج الدراية أفاده السيد
قوله ( ومس المصحف القرآن ولو آية ) واختلف في مس المصحف بما عدا أعضاء الطهارة وبما غسل منها قبل كمال الطهارة والمنع
____________________
(1/97)
أصح
فروع يكره كتابة قرآن أو إسم الله تعالى على ما يفرش لما فيه من ترك التعظيم وكذا على درهم ومحراب وجدار لما يخاف من سقوط الكتابة
تابوت وضع فيه كتب فالأدب أن لا يضع عليه الثياب وفي الخلاصة مد الرجلين إلى جانب المصحف إذا لم يكن بحذائه لا يكره وكذا لو كان المصحف معلقا بالوتد وهو مادا الرجلين إلى جانب المصحف لا يكره ولا بأس بوضع مقلمة على كتاب أو مصحف لأجل الكتابة وإلا كره
وضع شيئا مكتوبا فيه إسم الله تعالى تحت طنفسة كره الجلوس عليها وقال صاحب الهداية لا يكره أما لو جعل المصحف في الجوالق وهو يركب عليه لا بأس به للحفظ ولغير الحفظ يكره اه
قوله ( ولا يحرم وطأ ) أي ولو في حال نزوله لأنه ليس أذى وأما تأويله بأنه يجامعها في حال إنقطاعه فبعيد من إطلاق عباراتهم اه
وروى أبو داود وغيره بإسناد صحيح من حديث عكرمة عن حمنة بنت جحش أنها كانت مستحاضة وكان زوجها يغشاها وهو طلحة بن عبيد الله كذا في البناية وقال أحمد والنخعي وابن سيرين لا يجوز وطء المستحاضة إلا أن يخاف العنت كذا في السراج
قوله ( ضرورية ) يعني أنها ليست طهارة حقيقية لمقارنة الحدث مثلا أو طروه
قوله ( وهي ذات دم ) بقي منها الآيسة ومنهم من زاد المريضة لكن التحقيق أن المرض لا يمنع الحيض
قوله ( كسلس بول ) أي إسترساله
وصاحبه هو الذي لا ينقطع تقاطر بوله لضعف في مثانته أو لغلبة البرودة عيني قيل السلس بفتح اللام نفس الخارج وبكسرها من به هذا المرض نهر اه من السيد
قوله ( واستطلاق بطن ) أي جريان ما فيه من إطلاق اسم المحل على الحال فيه كسال الوادي
قوله ( وإنفلات ريح ) الإنفلات خروج الشيء فلتة أي بغتة
قوله ( ورعاف دائم ) أي مستمر لا ينقطع وهو بضم الراء الدم الخارج من الأنف يقال رعف يرعف من بابي نصر ونفع وأما رعف حكسن فلغة ضعيفة كما في الصحاح
قوله ( لا يرفأ ) أي لا يسكن يقال رفأ يرفأ من باب فتح بفتح وكذا من به رمد أو عمش أو غرب ويسيل منه الدمع وكذا كل ما يخرج بوجع ولو من أذن أو ثدي أو سرة لأنه ناقض للوضوء لخروجه عن جرح كذا في الدر
قوله ( ولا يمكن حبسه الخ ) فيتعين عليه رده متى قدر عليه بعلاج من غير مشقة وفي المضمرات عن النصاب به سلس بول فجعل القطنة في ذكره ومنعه من الخروج وهو يعلم أنه لو لم يحش ظهر البول فأخرج القطنة وعليها بلة فهو محدث ساعة إخراج القطنة فقط وعليه الفتوى وإذا لم يمتنع العذر بذلك هل يفعله تقليلا للنجاسة بقدر الإمكان قالوا ينبغي
قال ابن أمير حاج أي يستحب لما في الخلاصة لو لم يفعل لا بأس به وقال الحلبي أي يجب واختلف في المستحاضة إذا إحتشت فقيل هي كصاحبة الجرح وقيل كالحائض لأن ما يخرج من السبيلين أشد من الخارج من غيرهما كذا في السر اج وبحث بعضهم إلحاق السلس والإستطلاق بالإستحاضة للعلة المذكورة
قوله ( ولا بجلوس ) أما إذا كان يمكنه رده بجلوس في الفرض
____________________
(1/98)
ونحوه وجب رده به وخرج عن أن يكون صاحب عذر اه من الشرح بزيادة
قوله ( ولا بالإيماء في الصلاة ) فإن امتنع به عذره تعين فعله لأن ترك السجود أهون من الصلاة مع الحدث قاله في الشرح
قوله ( لقوله صلى الله عليه وسلم الخ ) ولأنه لو بطل لفاتت الرخصة ولزم الحرج بخلاف طرو حدث آخر فإن الوضوء ينتقض به ولو في الوقت لعدم الضرورة
قوله ( تتوضأ لوقت كل صلاة ) وهو محكم بالنسبة للحديث الآخر الوارد بلفظ لكل صلاة لأن الصلاة تطلق على الأفعال وعلى الوقت عرفا وشرعا والمراد بالوقت وقت الفريضة
قوله ( إذا لم يطرأ ناقض غير العذر ) فإن طرأ ولو كان نظير عذره نقضه حتى لو كان به دما ميل أو جدري فتوضأ وبعضها سائل ثم سال الذي لم يكن سائلا إنتقض وضوءه لأن هذا حدث جديد فصار كما لو سال أحد منخريه فتوضأ مع سيلانه وصلى ثم سال المنخر الآخر في الوقت انتقض وضوءه لأن هذا حدث جديد كما في الفتح
قوله ( عند أبي حنيفة ومحمد ) متعلق بقوله يبطل بعد تعلق قوله بخروجه به
فرع إذا أصاب ثوب المعذور نجاسة عذره هل يجب غسله قيل لا لأن الوضوء عرف بالنص والنجاسة ليست في معناه لأن قليلها يعفى فألحق به الكثير للضرورة ولأنه غير ناقض للوضوء فلم يكن نجسا حكما ولأن أمر الثوب ليس بآكد من البدن وهو قول ابن سلمة كما في القهستاني وغيره وفي البدائع يجب غسل الزائد عن الدرهم إن كان مفيدا بأن لا يصيبه مرة بعد أخرى حتى لو لم يغسل وصلى لا يجزيه وإن لم يكن مفيدا لا يجب ما دام العذر قائما وهو اختيار مشايخنا اه وكان محمد بن مقاتل الرازي يقول يجب غسله في كل وقت قياسا على الوضوء والصحيح قول مشايخنا لأن حكم الحدث عرف بالنص والنجاسة ليست في معناه ألا ترى أن القليل منها عفو فلا تلحق به
وفي النوازل إن كان لو غسله تنجس ثانيا قبل الفراغ من الصلاة جاز أن لا يغسله وإلا فلا قال وهو المختار اه قال ابن أمير حاج ويشكل عليه ما قدمناه عن البدائع وفي المضمرات في فصل الاستنجاء عن النوازل أيضا المستحاضة إذا توضأت لوقت كل صلاة لا يجب عليها الاستنجاء إذا لم يكن منها غائط لأنه سقط اعتبار نجاسة دمها لمكان العذر اه فهذا أيضا يشكل على ما اختاره إذ سقوط إعتبار نجاسة دمها عام في البدن والثوب دفعا للحرج إذ لم يأمرها صلى الله عليه وسلم بغسله وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز
قوله ( خلو وقت كامل عنه بإنقطاعه ) فلو انقطع العذر في خلال الوقت فتوضأ وصلى على الانقطاع فيهما ودام الإنقطاع فالصلاة صحيحة ولا يعيد شيئا ولو توضأ وصلى على السيلان ثم انقطع ودام الانقطاع فالصلاة صحيحة أيضا ولا يعيد شيئا لأنه معذور صلى صلاة المعذورين ولو توضأ على الإنقطاع وصلى على السيلان فكذلك لا يعيد شيئا ولو توضأ على السيلان وصلى على الإنقطاع ودام الانقطاع حتى خرج الوقت إنتقض الوضوء بخروج الوقت على ما يأتي فيتوضأ في الوقت الثاني فإذا دام
____________________
(1/99)
الإنقطاع حتى دخل الثالث أعاد الصلاة الأولى لأنه أداها بطهارة المعذورين والعذر زائل ولا يعيد الصلاة الثانية لأن فساد الأولى إنما عرف بعد خروج الثانية فلم يجب الترتيب ولم ينتقض وضؤه بدخول الوقت الثالث لأنه صار صحيحا
أفاده صاحب البحر وصاحب المضمرات ولو طرأ العذر في خلال الوقت
قال في الظهيرية رجل رعف أو سال جرحه ينتظر آخر الوقت فإن انقطع الدم فيها وإن لم ينقطع توضأ وصلى قبل خروج الوقت فإذا فعل ثم دخل وقت صلاة أخرى ثانية وإنقطع ودام الانقطاع إلى وقت صلاة أخرى ثالثة أعاد الصلاة يعني الأولى التي صلاها مع السيلان لأنه بدوام الانقطاع تبين أنه صحيح صلى صلاة المعذورين وإن لم ينقطع في وقت الصلاة الثانية حتى خرج الوقت جازت الصلاة لأنه تبين أنه معذور كما في البحر والحاصل أن الوقت الثاني هو المعتبر في إثبات العذر وعدمه
باب الأنجاس والطهارة عنها قوله ( وكيفية تطهير محلها ) فإنها تارة تكون بالدلك وتارة بالمسح وغير ذلك
قوله ( وقدمت الأولى الخ ) اعترض بالأقطع إذا كان مجروح الوجه فإنه يصلي بغير طهارة وأجيب بأنه نادر فلا يبنى عليه حكم واعترض أيضا بأن من به نجاسة وهو محدث إذا وجد ماء يكفي لأحدهما فقط يصرفه للنجاسة دون الحدث فهذا يدل على ان النجاسة أقوى وأجيب بأنه إنما أمر بصرفه للنجاسة ليتيمم بعده فيكون محصلا للطهارتين لا لأنها أغلظ
قوله ( بزوالها ببقاء بعض المحل ) الجار الأول متعلق بالمشروط والثاني ببقاء المنع وقوله من غير إصابة متعلق ببقاء بعض المحل
قوله ( بل الكثير للضرورة ) كما إذا كان بعورته نجاسة ولا يمكنه إزالتها إلا بكشفها عند من لا يجوز كشفها عنده فإنه يصلي بها ولو كانت كثيرة
قوله ( جمع نجس بفتحتين ) ويأتي غيره كرجس وكتف وعضد وفاس والفعل من باب فرح وكرم وعلم ونصر
قوله ( مستقذرة شرعا ) لو حذف قوله شرعا لكان أولى لأنه بصدد التعريف اللغوي والذي في المصباح وغيره انه استعمل لكل مستقذر
قوله ( وأصله مصدر ) إن قيل إن المصدر لا يثنى ولا يجمع يستوي فيه المذكر والمؤنث كما في الآية وحديث الهرة انها ليست بنجس بفتح الجيم كما رواه مالك وأحمد وأصحاب السنن والدارمي فكيف ساغ جمعه للمصنف أجيب بأن هذا إذا كان المصدر باقيا على مصدريته لأن حقيقته واحدة لا تعدد فيها أما إذا قصد أنواعه كما هنا فيجوز جمعه
قوله ( ثم استعمل إسما ) أي للعين المستقذرة
قوله ( إنما المشركون نجس ) هذا دليل على المصدرية فالأولى تقديمه على قوله ثم استعمل اسما
قوله ( ويطلق ) أي إطلاقا لغويا
قوله ( فالنجس بالفتح اسم الخ ) فرق الفقهاء بين المفتوح والمكسور بأن الأول ما كان نجسا لذاته ولا يقال لما نجاسته عارضة والثاني ما لا يكون طاهرا فهو أعم مطلقا فالعذرة بالوجهين والثوب
____________________
(1/100)
المتنجس بالكسر فقط
قوله ( والتطهير إما إثبات الطهارة الخ ) قال في الشرح وعلى كلا التعريفين تكون النجاسة ثابتة أولا بالمحل سواء كانت حقيقية أو حكمية والإلزام إثبات الثابت على الأول أو إزالة المزال على الثاني اه
بالمعنى
قوله ( من عدم الإعتناء بشأنها ) بأن لا يحسن إزالتها وقوله والتحرز عطف على الإعتناء أي ومن عدم التحرز عن النجاسة أي عن إصابتها بأن يسبل ذيله فتصيبه النجاسة فالعطف حينئذ من عطف المغاير
قوله ( خصوصا البول ) فإنه ورد فيه استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه وورد ان عذاب القبر من أشياء ثلاثة الغيبة والنميمة وعدم الاستنزاه من البول وقوله خصوصا مفعول مطلق والبول مفعول به أي أخص البول بأن عامة عذاب القبر منه خصوصا
قوله ( وقد شرع في بيان حقيقتها ) فيه أنه لم يذكر هنا إلا بعض أفراد كل وسيأتي الكلام على الحقيقة عنده وعندهما
قوله ( بما ليس في المغلظة ) متعلق بكثرة أي كثرة العفو بقدر ليس يعفى في المغلظة
قوله ( لا في التطهير ) مستدرك بقوله قريبا لا في كيفية التطهير
قوله ( لأنه لا يختلف تنجيسها ) أعاد ضمير الجمع للماء والمائعات باعتبار أفراد المائعات
قوله ( كالخمر ) هي غليظة باتفاق الروايات لأن حرمتها قطعية وسماها الله تعالى رجسا وفي باقي الأشربة المحرمة ثلاث روايات التغليظ والتخفيف والطهارة كذا في البدائع وينبغي ترجيح التغليظ كما في البحر ورجح في النهر التخفيف
قوله ( إذا غلى ) أي غليا شديدا بأن صار أسفله أعلاه وقوله واشتد أي أسكر وقوله وقذف بالزبد أي رمى رغوته وأزالها عنه وصار صافيا منها وهذا القيد الأخير إنما هو عند الأمام وأما عندهما فلا يشترط وعليه الفتوى
قوله ( وكانت غليظة لعدم معارضة نص الخ ) الضمير يرجع إلى مطلق غليظة لا الخمر فقط لأن مقصوده التمييز بين الغليظة والخفيفة وحاصله ان الإمام رضي الله عنه قال ما توافقت على نجاسته الأدلة فمغلظ سواء اختلفت فيه العلماء وكان فيه بلوى أم لا وإلا فهو مخفف
وقالا ما اتفق العلماء على نجاسته ولم يكن فيه بلوى فمغلظ وإلا فمخفف ولا نظر للأدلة
قال في الكافي وتظهر فائدة الخلاف في الروث والخثى لوجود الاختلاف فيهما مع فقد تعارض النصين فإن قوله صلى الله عليه وسلم في الروث انه رجس أو ركس لم يعارضه نص آخر فيكون عند الإمام مغلظا وعندهما مخففا لقول مالك وابن أبي ليلى بطهارته ومن حجة الإمام ان النص إذا انفرد عن معارضة نص آخر تأكد حكمه فحديث الروث لم يعارضه الاختلاف والنص حجة والاختلاف ليس بحجة
قال تعالى { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } النساء 4 فأمر برد الخلاف إلى الكتاب والسنة وهما اعتبرا الاجتهاد كالنص قال الله تعالى { فاعتبروا يا أولي الأبصار } آل عمران 3 فكما ثبت التخفيف بالنص يثبت بالاجتهاد ثم لا فرق عند علمائنا الثلاثة بين روث مأكول اللحم وغيره فالكل مغلظ عند الإمام مخفف عندهما وعن محمد ان الروث طاهر لا يمنع وان فحش رجع إلى هذا القول حين قدم الري مع الرشيد ورأى بلوى الناس ومن ثم قال مشايخنا قياسا على هذه الرواية طين بخارى لا يمنع جواز
____________________
(1/101)
الصلاة وإن كره ولو كان مخلوطا بالعذرات كما في الكافي وغاية البيان
قوله ( مع خبر العرنيين الخ ) فإن قيل ان هذا الخبر منسوخ عنده فكيف تتحقق المعارضة
أجيب بأن قوله بالنسخ اجتهاد ورأي ولم يقطع به فتكون صورة التعارض قائمة أفاده في الشرح
قوله ( والدم المسفوح أي السائل من أي حيوان إلى محل يلحقه حكم التطهير قهستاني والمراد أن يكون من شأنه السيلان فلو جمد المسفوح ولو على اللحم فهو نجس كما في منية المصلى وكذا ما بقي في المذبح لأنه دم مسفوح كما في ابن أمير حاج
قوله ( لا الباقي في اللحم الخ ) لأنه ليس بمسفوح ولمشقة الإحتراز عنه
قوله ( ودم الكبد والطحال ) أي فإنه طاهر للخبر سراج وظاهر التعليل أن الكلام في نفس الكبد والطحال فإن خبر أحل لنا ميتتان ودمان إنما هو في نفس الكبد والطحال وأما الدم الذي فيهما فإن لم يكن سائلا ففيه الخلاف الآتي
قوله ( والقلب الخ ) في حاشية الأشباه للغزى دم قلب الشاة وما لم يسل من بدن الإنسان طاهر على المذهب المختار وهو قول أبي يوسف
وقال محمد نجس اه والحاصل كما في الحلبي أن في نجاسة غير المسفوح اختلافا والذي مشى عليه قاضيخان وكثير أنه طاهر وليس فيه رواية صريحة عن الأئمة الثلاثة بل قد تؤخد الطهارة من عدم نقض الوضوء بالدم غير السائل وأن ما ليس بحدث ليس بنجس وأمر الاحتياط بعد ذلك غير خفي اه
قوله ( ودم السمك في الصحيح ) وهو قول الإمام ومحمد لأنه أبيح أكله بدمه لأنه لا يذكي ولو كان نجسا لما أبيح أكله إلا بعد سفحه على أنه ليس بدم حقيقة لأنه يبيض بالشمس والدماء تسود بها وقال أبو يوسف والشافعي أنه نجس كما في السراج
قوله ( ودم الشهيد في حقه ) أي ما دام عليه فلو حمله إنسان وصلى به جاز لأنه طاهر حكما ضرورة الأمر بترك غسله بخلاف ما إذا انفصل عنه فإنه نجس على أصل القياس لعدم الضرورة
قوله ( لا السمك والجراد ) للخبر الوارد
قوله ( وما لا نفس له سائلة ) أي ما لا دم له كالصرصر والعقرب فإن لحمه طاهر وإن كان لا يؤكل
قوله ( وبول ما لا يؤكل لحمه ) شمل بول الحية فإنه مغلظ كخرئها كما في الحموي على الأشباه وقالوا مرارة كل شيء كبوله وبول الخفاش وخرؤه لا يفسد لتعذر الاحتراز عنه كما في الخانية
قوله ( ولو رضيعا ) لم يطعم سواء كان ذكرا أو أنثى وفصل الإمام الشافعي رضي الله عنه فقال يجزىء الرش في بول الذكر ولا بد في بول الأنثى من الغسل
قوله ( وبول الفأرة الخ ) اختلف المشايخ فيه فمنهم من اختار التفصيل الذي ذكره المؤلف
وقال بعضهم لا يفسد أصلا وقال بعضهم يفسد إذا فحش والخلاف يظهر في التخفيف لا في سلب النجاسة كما في الخانية فما في الدر عن التتارخانية بول الفأرة طاهر لتعذر التحرز عنه وعليه الفتوى يحمل على العفو وفيه من مسائل شتى آخر الكتاب عن الخانية خرء الفأرة لا يفسد الدهن والماء والحنطة للضرورة ما لم يظهر أثره وعزاه في البحر إلى الظهيرية واختلف التصحيح في بول الهرة وقال الشيخ زين في قاعدة المشقة تجلب التيسير من الأشباه الفتوى على أن بول الهرة
____________________
(1/102)
عفو في غير أواني الماء وهو قول الفقيه أبي جعفر قال في الفتح وهو حسن لعادة تخمير الأواني فلا ضرورة في ذلك بخلاف الثياب وهو مروي عن محمد فأنه قال في السنور يعتاد البول على الفراش بوله طاهر للضرورة وعموم البلوى
قال في الفتح والحق صحة هذه الرواية اه
قوله ( لأنه يخمر ) أي يغطي ومنه سمى الخمر خمرا والخمار خمارا لأنهما يغطيان العقل والرأس
قوله ( من البهائم ) قيد به لأن رجيع سباع الطيور مخفف كما يأتي
قوله ( والبط ) في البحر عن البزازية البط إن كان يعيش بين الناس ولا يطير في الهواء فكالدجاجة وإن كان بخلاف ذلك فكالحمامة وهذا يفيد أن خرء الأوز العراقي طاهر كالحمام
قوله ( والأوز ) هي رواية الحسن عن الإمام وفي رواية أبي يوسف عنه طاهر كذا في البدائع وأما ما يزرق في الهواء فما يؤكل كالحمام والعصفور فخرؤه طاهر وما لا يؤكل كالصقر والحدأة والرخم فخرؤه نجس مخفف اه
قوله ( وما ينقض الوضوء بخروجه الخ ) يستثنى منه الريح فإنه طاهر على الصحيح والمراد الناقض الحقيقي فخرج نحو النوم والقهقهة فإنهما لا يوصفان بطهارة ولا نجاسة لكونهما من المعاني وأما ما لا ينقض كالقىء الذي لم يملأ الفم وما لم يسل من نحو الدم فطاهر على الصحيح وقيل ينجس المائعات دون الجامدات ويستثنى قيء عين الخمر فإنه نجس ولو كان قليلا
فرع غسالة النجاسة في المرات الثلاثة مغلظة في الأصح وإن كانت الأواني الأولى تطهر بالغسل ثلاثا والثانية بمرتين والثالثة بواحدة لأن الماء يأخذ حكمه عند وضعه فيه كما في البحر
قوله ( ونجاستها ) أي الأشياء المذكورة من قوله كالخمر إلى هنا كما يعطيه كلامه في الشرح وفيه ان المني فيه خلاف الإمام الشافعي فإنه يقول بطهارته ويستند إلى دليل وهو اكتفاء النبي صلى الله عليه وسلم بفركه
قوله ( لأنه مأكول ) خلاصة الجواب فيه كما ذكره فخر الإسلام في شرح الجامع الصغير أن الفرس مأكول اللحم في قولهم جميعا يعني عند أبي حنيفة أيضا وإنما كره للتنزيه أي التحامي عن قطع مادة الجهاد والكراهة لا تمنع الإباحة كأكل لحم البقرة الجلالة وقيل لتعارض الآثار في لحمه فإنه روي أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الخيل والبغال وروي انه عليه الصلاة والسلام أذن في لحم الخيل فهذا يوجب قولا في تخفيف بوله لأنه مأكول من وجه فلا يكون كبول الكلب والحمار كذا في البناية وأما شرب بوله ففيه الخلاف الذي في بول الإبل كما في البرهان وقيل يكره أكله تحريما
قوله ( لأن روث الخيل ) الروث خرء ذي حافر والخثي بكسر الخاء المعجمة وسكون الثاء المثلثة خرء ذي ظلف والبعر خرء إبل وغنم ونحوها
قوله ( وطهرها محمد آخرا ) لا تأخذ به كذا في القهستاني عن النظم وقد نقلوا أشياء حكموا عليها بالنجاسة وأطلقوا والظاهر أن المراد التغليظ عند الإطلاق كما في البحر
قوله ( وجرة البعيرة كسر قينه ) لأنه واراه جوفه كما في الفتح
قوله ( فكذا جرة البقر ) الأولى الإتيان بالواو
قوله ( وأما دم السمك ) مستدرك بذكره في شرح قوله والدم المسفوح
قوله ( في الأصح ) كذا في الهداية
قوله ( وفي رواية طاهر وصححه السرخسي ) في مبسوطه
____________________
(1/103)
وحافظ الدين في الحقائق فلو وقع في الماء لا يفسده وهو ظاهر الرواية كما في الحلبي عن قاضيخان
قوله ( وعفي قدر الدرهم ) أي عفا الشارع عن ذلك والمراد عفا عن الفساد به وإلا فكراهة التحريم باقية إجماعا إن بلغت الدرهم وتنزيها إن لم تبلغ وفرعوا على ذلك ما لو علم قليل نجاسة عليه وهو في الصلاة ففي الدرهم يجب قطع الصلاة وغسلها ولو خاف فوت الجماعة لأنها سنة وغسل النجاسة واجب وهو مقدم وفي الثاني يكون ذلك أفضل فقط ما لم يخف فوت الجماعة بأن لا يدرك جماعة أخرى وإلا مضى على صلاته لأن الجماعة أقوى كما يمضي في المسئلتين إذا خاف فوت الوقت لأن التفويت حرام ولا مهرب من الكراهة إلى الحرام أفاده الحلبي وغيره
قوله ( وهو قدر مقعر الكف ) أصله أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب سئل عن قليل النجاسة في الثوب فقال إذا كان مثل ظفري هذا لا يمنع جواز الصلاة حتى تكون أكثر منه وظفره كان مثل المثقال
قوله ( كما وفقه الهندواني ) أي بين قولي من اعتبر الوزن مطلقا ومن اعتبر المساحة مطلقا وهما روايتان
قوله ( وهو الصحيح ) صححه الزيلعي وغيره وأقره عليه في الفتح واختاره العامة لأن إعمال الروايتين إذا أمكن أولى خصوصا مع مناسبة هذا التوزيع كذا في البحر
قوله ( فذلك عفو الخ ) أي فلكون الصحيح ما ذكر عفي الدرهم الوزني من النجاسة المغلظة
قوله ( وعفي ما دون ربع الثوب ) لم أر من بين الكراهة فيما إذا كان أقل من الربع هل تكون تحريمية أو تنزيهية
قوله ( ربع الثوب الكامل ) هو المختار كما في الدر عن الحلبي وقال في المبسوط وهو الأصح
قوله ( لقيام الربع مقام الكل ) علة لمحذوف أي ولا يعفى الربع لقيامه مقام الكل في مسائل كمسح الخ فهو تمثيل لمحذوف
قوله ( وحلقه ) يعني إذا حلق ربع رأسه وهو محرم وجب عليه دم ويحل منه بحلقه
قوله ( وقيل ربع الموضع المصاب ) والأول أولى لإفادة حكم البدن والثوب ولأن ربع المصاب ليس كثيرا فضلا عن أن يكون فاحشا ولضعف هذا القول لم يعرج عليه في الفتح كما في النهر وإن قال في الحقائق وعليه الفتوى كما في الدر
قال الكمال والذي يظهر أن الأول أحسن غير أن ذلك الثوب إن كان شاملا اعتبر ربعه وإن كان أدنى ما تجوز فيه الصلاة اعتبر ربعه لأنه كثير بالنسبة إلى الثوب المصاب اه
قوله ( وعفى رشاش بول ) انتضح على بدن أو ثوب أو مكان كما أفاده مسكين وخرج بذلك الماء القليل فإنه يفسده حتى لو سقط ذلك الثوب مثلا فيه نجسه وقيل لا لأنه لما سقط اعتبار هذه النجاسة عم الثوب والماء والأول أصح لأن سقوط اعتبارها كان للحرج ولا حرج في الماء كما في الحلبي عن الكفاية وروى المعلى في نوادره عن أبي يوسف أنه إن كان يرى أثره لا بد من غسله
قوله ( كرؤوس الإبر ) بكسر ففتح جمع إبرة كسدرة وسدر وفي التقييد بها إشارة إلى أنه لو كان مثل رؤوس المسال منع بلا خلاف
قوله ( للضرورة ) لأنه لا يمكن الإحتراز عنه لا سيما في مهب الريح فسقط اعتباره وقد سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن هذا فقال إنا لنرجو من الله تعالى أوسع من
____________________
(1/104)
هذا كما في السراج
قوله ( لا ينجسه ) سواء كان الماء جاريا أو راكدا لأن الغالب أن الرشاش المتصاعد من صدم شيء للماء إنما هو من أجزاء الماء لا من أجزاء ذلك الشيء فيحكم بالغالب ما لم يظهر خلافه
قوله ( من غسالة الميت ) أي مطلقا ولو كان على بدنه نجاسة كما في الفتح
قوله ( تنجس ما أصابته ) هذا بناء على القول بأن نجاسته نجاسة خبث وأما على القول بأنها نجاسة حدث وتيقن طهارة بدنه من خبث فغسالته طاهرة
قوله ( وإذا انبسط الدهن النجس الخ ) ولا يعتبر نفوذ المقدار إلى الوجه الآخر إذا كان الثوب واحدا لأن النجاسة حينئذ واحدة في الجانبين فلا تعتبر متعددة بخلاف ما إذا كان ذا طاقين لتعددهما فيمنع وعلى هذا فرع المنع فيما لو صلى مع درهم متنجس الوجهين لعدم نفوذ ما في أحد وجهيه إلى الآخر فلم تكن متحدة ثم إنما يعتبر المنع إذا كان مضافا إليه فلو جلس صبي عليه نجاسة في حجر مصل وهو يستمسك أو الحمام المتنجس على رأسه جازت صلاته لأنه الحامل للنجاسة غيره بخلاف ما لو حمل من لا يستمسك حيث يصير مضافا إليه فلا يجوز في كما في الفتح
قوله ( ولو مشي في السوق الخ ) قال في المنح عن أبي نصر الدبوسي طين الشوارع ومواطن الكلاب طاهر وكذا الطين المسرقن إلا إذا رأى عين النجاسة
قال رحمه الله تعالى وهو الصحيح اه أي من حيث الدراية وقريب من حيث الرواية عن أصحابنا رضي الله عنهم وفي الدر المختار وغيره وعفى طين شارع ومواطن كلاب وبخار نجس وغبار سرقين وانتضاح غسالة لا تظهر مواقع قطرها في الماء اه وظاهر ذلك ان العفو مصحح خلافا لما تفيده عبارته فإنه حكاه بقيل
قوله ( وردغة الطين ) الردغة محركة وتسكن الماء والطين والوحل الشديد والجمع كصحب وخدم قاموس وفيه الوحل ويحرك الطين الرقيق اه فالمراد بالردغة في كلامه ما هو بالمعنى الأول وهو الماء والطين فإنه أعم من الوحل لأنه الطين الرقيق فلا يقال له وحل إلا إذا امتزج بخلاف الردغة وليحرر
قوله ( من عرق نائم ) قيد اتفاقي فالمستيقظ كذلك كما يفهم من مسألة القدم ولو وضع قدمه الجاف الطاهر أو نام على نحو بساط نجس رطب إن إبتل ما أصاب ذلك تنجس وإلا فلا ولا عبرة بمجرد النداوة على المختار كما في السراج عن الفتاوى
قوله ( عليهما ) أي على من نام على الفراش أو التراب النجسين
قوله ( أو كان من بلل قدم الخ ) أي كان ابتلال الفراش أو التراب الخ
قوله ( لوجودها بالأثر ) أي لوجود النجاسة بوجود أثرها في جنب النائم أو قدمه
قوله ( فلا ينجسان ) أي البدن والقدم
قوله ( كما لا ينجس ثوب جاف طاهر ) اعلم أنه إذا لف طاهر في نجس مبتل بماء واكتسب منه شيئا فلا يخلو إما ان يكون كل منهما بحيث لو انعصر قطر وحيئنذ ينجس الطاهر اتفاقا أو لا يكون واحد منهما كذلك وحيئنذ لا ينجس الطاهر إتفاقا أو يكون الذي بهذه الحالة الطاهر فقط وهو أمر عقلي لا واقعي أو النجس فقط والأصح عند الحلواني فيها أن العبرة بالطاهر المكتسب فإن كان بحيث لو
____________________
(1/105)
انعصر قطر تنجس وإلا لا ويشترط أن لا يكون الأثر ظاهرا في الطاهر وأن لا يكون النجس متنجسا بعين نجاسة بل بمتنجس كما في شرح المنية وارتضى المصنف قول بعض المشايخ تبعا لصاحب البرهان أن العبرة للنجس
قوله ( مرئية كدم ) المرئية ما يرى بعد الجفاف وغير المرئية ما لا يرى بعده كذا في غاية البيان
قوله ( بزوال عنها ) مقيد بما إذا صب الماء عليها أو غسلها في الماء الجاري فلو غسلها في إجانة يطهر بالثلاث إذا عصر في كل مرة كذا في الخلاصة ذكره السيد واعلم أن ما يبقى في اليد من البلة بعد زوال عين النجاسة طاهر تبعا لطهارة اليد في الاستنجاء بطهارة المحل وعروة الإبريق بطهارة اليدين وخف المستنجي إذا كان ما استنجى به يجري عليه
قوله ( رطبات ) لعله قيد اتفاقي فإن اليابس يجتذب الرطوبة أكثر من الرطب وقد يقال إن الرطب يلين بعض ما تجمد من الدم ويحرر
قوله ( والمشقة الخ ) أفاد في النهر أن الأثر إذا توقف زواله على تسخين الماء وغليه لا يلزمه ذلك ويكتفي بالبارد وإن بقي الأثر
قوله ( فالثوب المصبوغ الخ ) تفريع على المصنف
قوله ( ولا يضر أثر دهن متنجس على الأصح ) من هذا الفرع يعلم حكم الصابون إذا تنجس فإنه إذا غسل زالت النجاسة المجاورة وبقي طاهرا وقال بعض العلماء من غير أهل المذهب أنه لا يطهر أبدا
قوله ( ورفعه عنه ثلاثا ) أو يوضع في إناء مثقوب ثم يصب عليه الماء فيعلو الدهن ويحركه ثم يفتح الثقب إلى أن يذهب الماء وهذا إذا كان مائعا وأما إذا كان جامدا فيقور
قوله ( والعسل ) مثله الدبس كما في الشرح
قوله ( يصب عليه الماء ) أطلقه فشمل ما إذا كان الماء قدره أولا وبعضهم قيده بالأول
قوله ( وقيل يحرق الجديد ) ذكره في النوازل وذكر الأول صاحب الحاوى
قال بعض الأفاضل ولا مناقضة بينهما لأنهما طريقان للتطهير
قوله ( ويغسل القديم ) أي يطهر بالغسل ثلاثا جفف أو لا لأن النجاسة على ظاهره فقط فصار كالبدن
قال الكمال ينبغي تقييد القديم بما إذا كان رطبا وقت تنجسه أما لو ترك بعد الإستعمال حتى جف فهو كالجديد لأنه يشاهد اجتذابه الرطوبة وفي البحر عن الحاوي القدسي إلأواني ثلاثة أنواع خزف وخشب وحديد ونحوها وتطهيرها على أربعة أوجه حرق ونحت ومسح وغسل فإذا كان الإناء من خزف أو حجر أو كان جديدا ودخلت النجاسة في أجزائه يحرق وإن كان عتيقا يغسل وإن كان من خشب وكان جديدا ينحت وإن كان قديما يغسل وإن كان من حديد أو صفر أو رصاص أو زجاج وكان صقيلا يمسح وإن كان خشنا يغسل اه من السيد
قوله ( حتى نضج لا يطهر ) أي أبدا
قوله ( وقيل يغلى ثلاثا ) هو قول أبي يوسف والفتوى على أنه لا يطهر أبدا وهو قول أبي حنيفة ذكره الشرح فيما إذا طبخت الحنطة بخمر
قوله ( وعلى هذا الدجاج الخ ) يعني لو ألقيت دجاجة حال غليان الماء قبل أن يشق بطنها لتنتف أو كرش قيل أن يغسل إن وصل الماء إلى حد الغليان ومكثت فيه بعد ذلك زمانا يقع في مثله التشرب والدخول في باطن اللحم لا تطهر أبدا إلا عند أبي يوسف كما مر في اللحم وان لم يصل الماء إلى
____________________
(1/106)
حد الغليان أو لم تترك فيه إلا مقدار ما تصل الحرارة إلى سطح الجلد لإنحلال مسام السطح عن الريش والصوف تطهر بالغسل ثلاثا كما حققه الكمال
قوله ( مرات ) متعلق بتمويه يعني أن السكين المموهة بالماء النجس تموه بالماء الطاهر ثلاث مرات اه من الشرح
قوله ( ويتجه مرة لحرقه ) أي لو قيل يكفي التمويه مرة لكان وجيها لأن النار تزيل أجزاء النجاسة بالكلية والتكرار يزيل الشبهة اه من الشرح
قوله ( وقبل التمويه يطهر ظاهرها ) فيؤكل بطيخ قطع بها ولا تصح صلاة حاملها إتفاقا ومعنى تمويهها بالماء الطاهر ثلاثا أدخالها النار حتى تصير كالجمر ثم تطفأ في الماء الطاهر ثلاث مرات مع التجفيف
قوله ( والاستحالة تطهر الأعيان النجسة ) هو قول محمد ورواية عن الإمام وعليه أكثر المشايخ وهو المختار في الفتوى
وقال أبو يوسف لا تكون مطهرة لأن الباقي أجزاء النجاسة
قوله ( والبلة النجسة الخ ) جعل الكمال الإحراق بالنار من قسم الاستحالة وتبعه المصنف والمسألة مقيدة بأن تأكل حرارة النار البلة قبل الصاق الخبز بالتنور وإلا تنجس كما في الخلاصة
قوله ( به ) أي بالإحراق
قوله ( والزيت الخ ) مثله ما إذا في وقع في المصبنة وزالت أجزاؤه
قوله ( والعصر كل مرة ) ويبالغ في المرة الثالثة حتى ينقطع التقاطر والمعتبرة قوة كل عاصردون غيره كما في الفتح فلو كان بحيث لو عصره غيره قطر طهر بالنسبة إليه دون ذلك الغير كما في الدر ولو لم يصرف قوته لرقة الثوب
قيل لا يطهر وهو اختيار قاضي خان وقيل يطهر للضرورة وهو الأظهر كما في البحر والنهر
قوله ( تقدير الغلبة الظن ) أي بالغسل ثلاثا والعصر كذلك لسكنه ليس بتقدير لازم عندنا وإنما العبرة لغلبة الظن ولو بما دون الثلاث كما في غاية البيان وبه يفتي كما في البحر عن منية المصلي حتى لو جرى الماء على ثوب نجس وغلب على ظنه أنه طهر جاز استعماله وإن لم يكن ثم غسل ولا عصر كما في التبيين والبناية وفي السراج اعتبار غلبة الظن مختار العراقيين والتقدير بالثلاث مختار البخاريين والظاهر الأول أن لم يكن موسوسا وإن كان موسوسا فالثاني كذا في البحر ثم العبرة لغلبة ظن الغاسل لأنه هو المباشر إلا ان يكون الغاسل غير مميز فيعتبر فيه ظن المستعمل لأنه هو المحتاج إليه كما في التبيين
قوله ( في ظاهر الرواية ) يرجع إلى العصر كل مرة وقوله وفي رواية أي عن محمد
قوله ( ووضعه في الماء الجاري الخ ) يعني اشتراط الغسل والعصر ثلاثا إنما هو إذا غمسه في إجانة أما إذا غمسه في ماء جار حتى جرى عليه الماء أو صب عليه ماء كثيرا بحيث يخرج ما أصابه من الماء ويخلفه غيره ثلاثا فقد طهر مطلقا بلا اشتراط عصر وتجفيف وتكرار غمس هو المختار والمعتبر فيه غلبة الظن هو الصحيح كما في السراج ولا فرق في ذلك بين بساط وغيره وقولهم يوضع البساط في الماء الجاري ليلة إنما هو لقطع الوسوسة
قوله ( إذا وضعه فيه ) أي في الماء الجاري ومثله ما ألحق به كالكثير كما لا يخفى
قوله ( وما تصيبه ) أي المياه
قوله ( والثانية ) أي والإناء الثاني أي وما يصيبه ماؤه وكذا يقال فيما بعده
قوله ( على المختار ) وفي الظهير به يغسله كله قال الكمال وهو الاحتياط
____________________
(1/107)
وبه جزم المصنف في حاشية الدرر قال في النهر وينبغي أن يكون البدن كالثوب
قوله ( والبدن في الصحيح ) وعن أبي يوسف لا يجوز في البدن بغير الماء لأنها نجاسة يجب إزالتها عن البدن فلا تزول بغير الماء كالحدث
قوله ( طاهر على الأصح ) فلا يزول بمزيل نجس كالخمر لأن الطهارة والنجاسة ضدان والشيء لا يثبت بضده فما يزيد النجس النجس إلا خبثا خلافا للتمرتاشي في قوله أنه لو غسل المغلظة بمخففة يزول حكم التغليظ
قوله ( لعدم خروجه بنفسه ) أي فكيف يخرج النجاسة
قوله ( ولو مخيضا ) أي منزوع الدسم قوله ( وروي عن أبي يوسف الخ ) هو خلاف ظاهر الرواية عنه كما في البحر
قوله ( ثلاث مرات ) متعلق برضعه وقوله بريقه أي بسبب ريقه وهو متعلق بيطهر
قوله ( وفم شارب الخمر ) لا شاربه إذا كان طويلا إنغمس في المسكر
قوله ( وبلعه ) ليس له محترز
قوله ( ولحس الأصبع ثلاثا ) أي مع تردد ريقه فيه بعد الأولى ثلاثا وبعد الثانية مرتين ويطهر فمه بعد الثالثة بمرة على قياس ما تقدم فيما إذا غسل النجس في إجانة
قوله ( ويطهر الخف ونحوه ) أي بشرط ذهاب الأثر إلا ان يشق
قوله ( وبالدلك ) صرح الإمام محمد في الجامع بأنه لو حكه أوحت ما يبس طهر قال المشايخ لولا ما في الجامع لشرطنا المسح بالتراب لأن له أثرا في الطهارة
قوله ( من نجاسة لها جرم ) الفاصل بين ذي الجرم وغيره أن ما يرى بعد الجفاف كالعذرة والدم ذو جرم ومالا فلا كذا في التبيين واحترز به عن غير ذي الجرم فإنه يغسل إتفاقا لأن البلل دخل في أجزائه ولا جاذب له في ظاهره فلا يخرج إلا بالغسل والمني من ذي الجرم ذكره العيني
قوله ( على المختار للفتوى ) وشرط الإمام الجفاف إذ المسح يكثر الرطب ولا يطهره
قوله ( الأذى ) أي النجس أطلقه عليه لأنه يؤذي فهو من إطلاق المصدر وإرادة إسم الفاعل
قوله ( فطهورهما التراب ) بفتح الطاء ليصح الأخبار
قوله ( أو قذرا ) المراد به فيما يظهر المستقذر غير النجس كنحو مخاط
قوله ( وليصل فيهما ) دليل على استحباب الصلاة في النعال الطاهرة وهو منصوص عليه في المذهب
قوله ( إحترازا عن الثوب ) فلا يطهر بالدلك لأن أجزاءه متخللة فيتداخله كثير من أجزائها
قوله ( واحترازا عن البدن ) فإن لينه ورطوبته تمنع من إخراج النجاسة بالدلك
قوله ( إلا في المني ) فإنه يطهر بالفرك
قوله ( ونحوه ) من كل صقيل لا مسام له فخرج بالأول الحديد إذا كان عليه صدأ أو منقوشا فإنه لا يطهر إلا بالغسل وخرج بالثاني الثوب الصقيل لوجود المسام
قوله ( ويحصل بالمسح حقيقة التطهير الخ ) أشار به إلى الخلاف في طهارة الصقيل بالمسح فقيل مطهر وقيل مقلل وفائدة الخلاف تظهر فيما ذكره المصنف وهذا الخلاف يجري في المني إذا فرك والأرض إذا جفت وجلود الميتة إذا دبغت دباغة حكمية والبئر إذا غارت ثم عاد ماؤها والآجر المفروش إذا تنجس وجفت نجاسته ثم قلع كذا في الشرح
قوله ( واختاره الاسبيجابي ) وهوالأولى بالاعتبار لإطلاق المتون ولا يخفى الاحتياط
قوله ( على المختار للفتوى ) وقيل طريقه أن يمسحه بثوب مبلول ذكره السيد أي يمسح النجس
____________________
(1/108)
اليابس
قوله ( وإذا ذهب أثر النجاسة عن الأرض ) المراد بالأرض ما يشمله إسم الأرض كالحجر والحصى والآجر واللبن ونحوها إذا كانت متداخلة في الأرض غير منفصلة عنها وإن لم تكن كذلك فلا بد من الغسل ولا تطهر بالجفاف لأنها حينئذ لا تسمى أرضا عرفا ولذا لا تدخل في بيع الأرض حكما لعدم اتصالها بها على جهة القرار فلا تلحق بها كما في القهستاني ومنية المصلي وشرحيها للحلبي وابن أمير حاج إلا انهم أطلقوا في الحصى فلم يقيدوه بالاتصال وفي الخانية الحجر إذا كان يتشرب النجاسة كحجر الرحى يطهر بالجفاف كالأرض وإن كان لا يتشرب يعني كالرخام لا يطهر إلا بالغسل وحمل الحلبي هذا التفصيل في الحجر المنفصل الذي ينقل ويحول وعليه مشى صاحب الدر حيث قال فالمنفصل يغسل لا غير إلا حجرا خشنا كرحى فكارض اه
قوله ( وقد جفت ) يقال جف الثوب يجف بالكسر جفوفا ويجف بالفتح لغة إذا كان مبتلا فيبس وفيه ندى فإن يبس كل اليبس يقال قف كما في الصحاح وغيره والمراد هنا الثاني كما يؤخذ مما يأتي عن القهستاني
قوله ( ولو بغير الشمس ) كنار وريح وظل وتقييد الهداية بالشمس اتفاقي وإذا أراد تطهيرها عاجلا ففيه تفصيل إن كانت رخوة تتشرب الماء فإنه يصب عليها الماء حتى يغلب على ظنه أنها طهرت ولا توقيت في ذلك وإن كان صلبة إن كانت منحدرة حفر في أسفلها حفرة وصب عليها الماء فإذا اجتمع الماء في تلك الحفرة كبسها أعني تلك الحفرة بالتراب وإن كانت مستوية صب عليها الماء ثلاث مرات وجففت كل مرة بخرقة طاهرة وكذا لو صب عليها الماء بكثرة حتى لا يظهر أثر النجاسة وكذا لو قلبها بجعل الأعلى أسفل وعكسه أو كبسها بتراب ألقاه عليها فلم يوجد ريح النجاسة طهرت
قوله ( لاشتراط الطيب نصا ) وهو الطهور أي ولم يوجد وذلك لأنها قبل التنجس كان الثابت لها وصفين الطاهرية والطهورية فلما تنجست زال عنها الوصفان وبالجفاف ثبت لها الطاهرية وبقي الآخر على ما كان عليه من زواله فلا يجوز التيمم بها
قوله ( لا يبسه عن رطوبته ) ظاهره أنه يكفي فيها الجفاف مع بقاء النداوة وليس كذلك
قال القهستاني والأحسن التعبير بالجفاف أي ذهاب النداوة فإنه المشروط إلا أن يقال مراده أنه لا يشترط جفاف رطوبة الشجر بل جفاف رطوبة النجاسة
قوله ( وذهاب أثرها ) عطف على قوله بجفافه
قوله ( تبعا للأرض ) يلحق بما ذكر في هذا الحكم كل ما كان ثابتا فيها كالحيطان والخص بالخاء المعجمة وهو حجيزة السطح وغير ذلك ما دام قائما عليها فيطهر بالجفاف وذهاب الأثر هو المختار اه قلت وهذا يقتضي أن نحو الأبواب المتصلة كذلك كذا بحثه بعض الأفاضل
قوله ( وتطهر نجاسة استحالت عينها ) فيجوز الانتفاع بها وهذا قول محمد وهو المختار للفتوى لأن زوال الحقيقة يستتبع زوال الوصف وقال أبو يوسف لا تطهر
قوله ( كالعصير ) هذا استدلال بثبوت النظير المتفق عليه
قوله ( كالمسمى بالعرقي ) ويحد شاربه إذا سكر منه وهو نجس نجاسة مغلظة على ما ذكره
____________________
(1/109)
العلامة الإسقاطي في كتاب الحظر من حاشيته على منلا مسكين
قوله ( ويطهر المني ) ولو خالطه مذي لأن كل فحل يمذي ثم يمني فلا يمكن التحرز عنه فسقط حكمه وأطلق في المني فعم مني الآدمي وغيره وهو المذكور في الفيض وشرح النقاية للقهستاني وقيده السمرقندي بمني الآدمي كما نقله الحموي وهو المتبادر لأن الرخصة إنما وردت في مني الآدمي على خلاف القياس للضرورة ولا ضرورة في مني غيره فلا يصح الحاقه به مع أنه يدخل في مني غير الآدمي مني نحو الكلب
قوله ( ولو مني امرأة ) وقال الفضلي منيها لا يطهر بالفرك لرقته
قوله ( بفركه عن الثوب ) الفرك حكه باليد حتى يتفتت ولا يضر بقاء الأثر بعده نقله السيد عن النهر
قوله ( ولو جديدا مبطنا ) رد به على الاتقاني في اشتراطه أن يكون غسيلا وعلى بعضهم في اشتراطه ان لا يكون مبطنا ومثل الثوب المكان في ظاهر الرواية وعن الإمام أن البدن لا يطهر منه بالفرك لرطوبته
قوله ( إن لم يتنجس بملطخ خارج المخرج كبول ) فإن المني حينئذ لا يطهر بالفرك لعدم الضرورة وقيد بقوله بملطخ الخ لأنه لو بال ولم ينتشر البول على رأس الذكر بأن لم يتجاوز الثقب أو انتشر لكن خرج المني دفقا من غير أن ينتشر على رأس الذكر فإنه يطهر بالفرك لأنه لم يوجد سوى مروره على البول في مجراه ولا أثر لذلك في الباطن كما في التبيين والبحر وحكي الشرح والسيد ذلك بقيل فقالا وقيل لو بال ولم ينتشر بوله على رأس الذكر الخ
قوله ( لقوله صلى الله عليه وسلم إلخ ) قال الكمال الله أعلم بصحته ومراده بهذا اللفظ وإلا فالمدعي ثابت بمعناه فقد ورد في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولمسلم من وجه آخر عنها لقد رأيتني واني لأحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابسا بظفري وروى البزار والدارقطني عنها أيضا قالت كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابسا وأغسله إذا كان رطبا وبقولنا قال مالك وأحمد في إحدى الروايتين وقال الشافعي وأحمد في رواية هو طاهر لا يجب غسله ولا يشكل على قولنا بنجاسته أنه أصل خلقة الإنسان لأن تكريمه يحصل بعد تطوره الأطوار المعلومة من المائية والعلقية والمضغية ولأن تخليقه في الأصل من شيء نجس ثم تشريفه بأنواع الكرامات أبلغ في المنة وإليه الإشارة بقوله تعالى { ألم نخلقكم من ماء مهين } المرسلات 77 على أنا لو قلنا ان النجس ما لم يتخلق منه الإنسان لم يضرنا ونتخلص من قبح التلفظ بأن أصل خلقة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام نجس كما في الحلبي
قوله ( ونظائره ) أي من كل ما حكم بطهارته بغير مائع كما في الدر
قال وقد أنهيت المطهرات إلى نيف وثلاثين ونظمتها فقلت وغسل ومسح والجفاف مطهر ونحت وقلب العين والحفر يذكر ودبغ وتخليل ذكاة تخلل وفرك ودلك والدخول التغور تصرفه في البعض ندف ونزحها ونار وغلي غسل بعض تقور قوله ( وملاقاة الطاهر ) كالماء وقوله طاهرا مثله كالأرض إذا جفت ونظائره وقوله
____________________
(1/110)
طاهر في بعض نسخ بالرفع فهو فاعل والإضافة من إضافة المصدر إلى مفعوله وفي نسخ بالنصب مفعول والإضافة من إضافة المصدر إلى فاعله
فصل يطهر جلد الميتة قوله ( ولو فيلا ) هذا قولهما وقال محمد هو نجس العين كالخنزير لكونه حرام إلا كل غير منتفع به
قوله ( لأنه صلى الله عليه وسلم الخ ) أي فهذا يدل على طهارة عظمه ولو كان كالخنزير لما امتشط صلى الله عليه وسلم بعظمه قال في الفتح وهذا الحديث يبطل قول محمد بنجاسة عين الفيل
قوله ( من عاج ) قال في المحكم هو أنياب الفيل ولا يسمى غير الناب عاجا وقال الجوهري هو عظم الفيل الواحدة عاجة اه وهو ما جرى عليه المؤلف ويطلق العاج على الذيل وهو ظهر السلحفاة البحرية
قاله الأصمعي ونقله صاحب المصباح وحمل عليه الشافعية ما ورد أنه كان لفاطمة رضي الله عنها سوار من عاج
قوله ( لأنه ليس نجس العين في الصحيح
وعليه الفتوى كما في البحر عن الوهبانية لأن ظاهر كل حيوان طاهر لا ينجس إلا بالموت ونجاسة باطنه في معدته فلا يظهر حكمها كنجاسة باطن المصلى نهر عن المحيط ونسبه بعضهم إلى الإمام والقول بالنجاسة إليهما وأثر الخلاف يظهر فيما لو صلى وفي كمه جرو صغير جازت على الأول لا الثاني وشرط الهندواني كونه مسدود الفم
قوله ( بالدباغة ) بالكسر هي والدباغ والدبغ بالكسر ما يدبغ به والدباغة أيضا الصناعة
قوله ( كالقرظ ) بالظاء المشالة وصحف من نطق بها ضادا الواحدة قرظة حب معروف يخرج في غلاف كالعدس من شجر العضاه
قوله ( وهو ورق السلم ) فيه تسامح فإن الورق يسمى الخبط عندهم وهو يعلف به ولا يدبغ به
قوله ( والشب ) بالباء الوحدة وهو من الجواهر التي أنبتها الله تعالى في الأرض يشبه الزاج
قاله الأزهري والشث بالثاء المثلثة نبت طيب الرائحة مر الطعم يدبغ به قاله الجوهري ومن الدابغ الحقيقي الملح وشبهه من كل ما يزيل النتن والرطوبة كما في القهستاني زاد في السراج ويمنع عود الفساد إلى الجلد عند حصول الماء فيه
قال في التبيين لو جف ولم يستحل أي لم يزل نتنه كما فسره الشلبي لم يطهر ولا فرق في الدابغ بين مسلم وكافر وصبي ومجنون وامرأة إذا حصل المقصود من الدباغ فإن دبغه كافر وغلب على ظنه أنه دبغه بشيء نجس فإنه يغسل والتشرب عفوكما في الخلاصة وفي منية المصلي وشرحها السنجاب إذا خرج من دار الحرب وعلم أنه مدبوغ بودك الميتة لا تجوز به الصلاة ما لم يغسل لأنه طهر بالدباغ وتنجس بودك الميتة فيطهر بالغسل والعصر ان أمكن عصره وإلا فيجفف ثلاثا وإن علم أنه مدبوغ بشيء طاهر جازت معه الصلاة وإن لم يغسل وان شك فالأفضل أن يغسل ولو لم يغسل جازت بناء على أن الأصل الطهارة اه وفي القنية الجلود التي تدبغ في بلادنا ولا يغسل مذبحها ولا تتوقى النجاسة في دبغها ويلقونها على الأرض النجسة ولا يغسلونها بعد تمام الدبغ فهي طاهرة
____________________
(1/111)
يجوز اتخاذ الخفاف والمكاعب وغلاف الكتب والمشط والقراب والدلاء منها رطبا أو يابسا اه
قوله ( والتشميس ) في حاشية الشلبي عن الكاكي معزيا للحلية
قال أبو نصر سمعت بعض أصحاب أبي حنيفة يقول إنما يطهر بالتشميس إذا عملت الشمس به عمل الدباغ اه ثم ان الدباغة لا تطهر إلا في محل يقبلها وإلا فلا كجلد الحية والفأرة والطيور فإنها لا تطهر بها كاللحم وكذا لا تطهر بالذكاة لأنها إنما تقام مقام الدباغ فيما يحتمله والمراد بالطيور التي لا يطهر جلدها بالذكاة الطيور التي لا يؤكل لحمها أما المأكولة فأمرها ظاهر وقميص الحية طاهر كما في السراج والبحر عن التجنيس
قوله ( فتجوز الصلاة فيه ) أفاد به أنه طهر ظاهرا وباطنا وقال مالك يطهر الظاهر فقط فيصلى عليه لا فيه كما في التبيين واختلفوا في جواز أكله بعد الدبغ إذا كان جلد مأكول والأصح أنه لا يجوز كما في السراج
قوله ( أيما إهاب الخ ) الإهاب الجلد قبل الدبغ سمي به لأنه تهيأ للدبغ يقال فلان تأهب للحرب إذا تهيأ وجمعه أهب بضمتين كحجاب وحجب وهو بعد الدبغ أديم وجمعه أدم بفتحتين كما في المغرب وغيره ويسمى أيضا صرما وجرابا وشنا كما في النهاية والفتح وهذا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه والشافعي وأحمد وابن حبان والبزار واسحق من حديث ابن عباس
قوله ( استمتعوا الخ ) قال في الفتح فيه معروف بن حسان مجهول
قوله ( إلا جلد الخنزير ) رخص محمد الإنتفاع بشعره لثبوت الضرورة عنده في ذلك ومنعاه لعدم تحققها لقيام غيره مقامه كما في البرهان وعن أبي يوسف في غير ظاهر الرواية أن جلد الخنزير يطهر بالدباغ ويجوز بيعه والانتفاع به والصلاة فيه وعليه لعموم الحديث والجواب أن المراد غير نجس العين كما في الحلبي
قوله ( وجلد الآدمي ) ولو كافرا كما في القهستاني فيطهر ولا يستعمل
قوله ( لكرامته الخ ) فيه إشعار بأن المراد بنفي الطهارة في المصنف المعلوم من الاستثناء لازمها وهو عدم جواز الانتفاع لا نفي الطهارة حقيقة لأنه ينافي التكريم كما أفاده الزيلعي
قوله ( وتطهر الذكاة ) هي في اللغة الذبح وفي الشرع تسييل الدم النجس مطلقا كما في صيد المبسوط وذكاة الضرورة قسم من التذكية كما في القهستاني
قوله ( الشرعية ) نقل في البحر من كتاب الطهارة عن الدراية والمجتبى والقنية أن ذبح المجوسي وتارك التسمية عمدا يوجب الطهارة على الأصح وإن لم يؤكل وأفاد في التنوير أن اشتراط الذكاة الشرعية هو الأظهر وان صحح المقابل
قوله ( بل أولى ) لأنها تمنع إتصال الرطوبات النجسة والدباغة تزيلها بعد الإتصال لفساد البنية بالموت فأما قبله فكل شيء بمحله وجعل الله تعالى بين اللحم والجلد حاجزا كما جعل بين الدم واللبن حاجزا حتى خرج طاهرا أفاده في الشرح
قوله ( دون لحمه ) لأن حرمة لحمه لا لكرامته آية نجاسته واللحم نجس حال الحياة فكذا بعد الذكاة
قوله ( للاحتياج إلى الجلد ) علة لطهارة الجلد بالذكاة دون غيره والأولى التعليل بوجود الحاجز بين الجلد واللحم كما قدمناه عنه لأنه قد تقع الحاجة للشحم لنحو استصباح
قوله ( لا يسري فيه الدم الخ ) أفاد المصنف
____________________
(1/112)
أن الطهارة لعدم وجود الدم في هذه الأشياء وهو الذي في غاية البيان والذي في الهداية أن عدم نجاسة هذه الأشياء بسبب أنها ليست بميتة لأن الميتة من الحيوانات في عرف الشرع إسم لما زالت حياته لا يصنع من العباد أو بصنع غير مشروع ولا حياة في هذه الأشياء فلا تكون نجسة اه
قوله ( كالشعر الخ ) والمنقار والمخلب وبيضة ضعيفة القشرة ولبن وإنفحة وهي ما يكون في معدة الجدي ونحوه الرضيع من أجزاء اللبن قبل أن يأكل
قال في الفتح لا خلاف بين أصحابنا في ذلك وإنما الخلاف من حيث تنجسهما فقالا نعم لمجاورتهما الغشاء النجس فإن كانت الأنفحة جامدة تطهر بالغسل وإلا تعذر تطهيرها كاللبن وقال أبو حنيفة ليستا بمتنجستين لأن الموت لا يحلهما وشمل كلامه السن لأنها عظم طاهر وهو ظاهر المذهب ورواية نجاستها شاذة كما في الحموي على الأشياء وعدم جواز الإنتفاع به حيث قالوا لو طحن في دقيق لا يؤكل لتعظيمه لا لنجاسته
قوله ( ما لم يكن به أي العظم ) لو أعاد الضمير إلى كل المذكور قبله لكان أولى
قوله ( لأنه نجس ) أي الودك وقوله من الميتة أي من أجزائها فإذا وجد على نحو العظم ينجسه ويطهر بإزالته عنه
قوله ( بدليل التألم بقطعه ) رده في مجمع الأنهر بأن التألم الحاصل فيه للمجاورة والإتصال باللحم ويلزم هذا القائل أن يقول بنجاسة العظم أيضا لأنه يتألم بكسره ولا قائل به
قوله ( ونافجة المسك ) بالجيم والفاء المفتوحة كما في أكثر كتب اللغة الجلدة التي يجتمع فيها المسك
قوله ( ولو كانت تفسد بإصابة الماء ) الأولى ولا تفسد بإصابة الماء وقوله مطلقا يفسر بأنها سواء كانت من ذكية أو ميتة أو انفصلت من حية
قوله ( كما تقدم في الدباغة الحكمية ) لم يقدمه على أن هذا خلاف المنصوص فإنه تقدم عن السراج أنه يشترط عدم عود الفساد إلى الجلد عند حصول الماء فيه والذي في الشرح وقد علمت حكم الدباغة الحكمية وعدم العود إلى النجاسة بإصابة الماء على الصحيح اه وهو الأولى وأوقعه في هذا الإيهام الاختصار وتبعه السيد في الشرح
قوله ( وأكله حلال ) ولو من حيوان غير مذكي ولأكله فوائد ذكرها صاحب القاموس فارجع إليها إن رمتها
قوله ( والزباد ) كسحاب كما في القاموس
قوله ( معروف ) هو وسخ يجتمع تحت ذنب السنور على المخرج فتمسك الدابة وتمنع الاضطراب ويسلت الوسخ المجتمع هنالك بليطة أو بخرقة قاموس
كتاب الصلاة شروع في المقصود بعد بيان الوسيلة ولم يخل عنها شريعة مرسل ومما اختص به صلى الله عليه وسلم مجموع الصلوات الخمس ولم تجمع لأحد من الأنبياء غيره وخص بالأذان والإقامة وافتتاح الصلاة بالتكبير وبالتأمين وبالركوع فيما ذكره جماعة من المفسرين وبقول اللهم ربنا ولك الحمد وبتحريم الكلام في الصلاة كذا ذكره السيوطي في الأنموذج كذا في شرح السيد وأخرج الطحاوي عن عبيدالله بن محمد عن عائشة رضي الله عنهاأن آدم لما تيب عليه عند الفجر
____________________
(1/113)
صلى ركعتين فصارت صلاة الصبح وفدى إسحاق عند الظهر فصلى أربع ركعات فصارت الظهر وبعث عزير فقيل له كم لبثت قال لبثت يوما فرأى الشمس فقال أو بعض يوم فقيل له إنك لبثت مائة عام ميتا ثم بعثت فصلى أربع ركعات فصارت العصر وغفر لداود عند المغرب فقام فصلى أربع ركعات فجهد في الثالثة أي تعب فيها عن الإتيان بالرابعة لشدة ما حصل له من البكاء على ما اقترفه مما هو خلاف الأولى فصارت المغرب ثلاثا وأول من صلى العشاء الأخيرة نبينا صلى الله عليه وسلم
قال في شرح المشكاة ومعناه أن نبينا صلى الله عليه وسلم أول من صلى العشاء مع أمته فلا ينافي أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام صلوها دون أممهم ويؤيده قول جبريل عليه السلام في حديث الإمامة هذا وقت الأنبياء من قبلك اه
قوله ( فهي في اللغة عبارة عن الدعاء ) أي حقيقة وتستعمل في غيره مجازا وهو قول الجمهور وبه جزم الجوهري وغيره لأنه الشائع في كلامهم قبل ورود الشرع والقرآن ورد بلغة العرب قال تعالى { وصل عليهم } التوبة 9 أي ادع لهم وفي الحديث في إجابة الدعوة وإن كان صائما فليصل أي فليدع لهم بالخير والبركة ومنه الصلاة على الميت والصلاة اسم مصدر صلى والمصدر التصلية وإنما عدلوا عن المصدر إلى اسمه لايهامه خلاف المقصود وهو التصلية بمعنى التعذيب بالنار فإنه مصدر مشترك بين صلى بالتشديد بمعنى دعا وصلى بالتخفيف بمعنى أحرق وأصل صلاة صلوة كتمرة نقلت فتحة الواو إلى الساكن قبلها فتحركت الواو بحسب الأصل وانفتح ما قبلها الآن فقلبت الواو ألفا بدليل الجمع على صلوات ولا ترسم بالواو إلا في القرآن كما في الحموي على الأشباه وغيره
قوله ( وفي الشريعة عبارة عن الأركان الخ ) أي حقيقة وفي الدعاء مجازا فهي في اللغة حقيقة في الدعاء مجاز في العبادة المخصوصة وفي الشرع بالعكس سميت بها هذه الأفعال المخصوصة لاشتمالها على الدعاء ففي المعنى الشرعي المعنى اللغوي وزيادة فتكون من الأسماء المغيرة اه
قال في الغاية والظاهر أنها من الأسماء المنقولة لوجود الصلاة بدون الدعاء في الأمي والأخرس والفرق بين النقل والتغيير أن النقل لا يكون فيه المعنى الأصلي منظورا إليه لأن النقل في اللغة كالنسخ في الشرع وفي التغيير يكون منظورا له لكن زيد عليه شيء آخر
قوله ( وفرضت ليلة المعراج ) وهي ليلة الإسراء على ما عليه جمهور المحدثين والمفسرين والفقهاء والمتكلمين وهو الحق كما قاله القاضي عياض وكانت بعد البعثة على الصواب قبل الهجرة بسنة كما جرى عليه النووي ونقل ابن حزم فيه الإجماع وقيل غير ذلك وقيل في ربيع الأول ليلة سبع وعشرين وجرى عليه جمع وقيل ليلة سبع وعشرين من رجب وعليه العمل في جميع الأمصار وجزم به النووي في الروضة تبعا للرافعي وقيل غير ذلك وفي فرضها تلك الليلة التنبيه على فضلها حيث لم تفرض إلا في الحضرة المقدسة فوق السموات السبع بعد طهارة باطنه وظاهره بماء زمزم وفرضت أولا خمسين وردت إلى خمس بواسطة سيدنا موسى عليه أفضل الصلاة والسلام
قوله ( للحديث ) وهو
____________________
(1/114)
تعليمه صلى الله عليه وسلم الأعرابي وإمامة جبريل
قوله ( والوتر واجب ) أي لا فرض وبين الفرض والواجب فرق كما بين السماء والأرض والمشهور أنه فرض عملي يفوت الجواز بفواته ومن أطلق الوجوب أراد به هذا المعنى ومن تأمل تفاريعهم جزم به ولا يرد الوتر على قوله وعدد الخ لأنه في بيان الأوقات لا في تعيين المفروض وأيضا هو فرض عملي وصلوات الأوقات إعتقادية
قوله ( شكر المنعم ) أي وتكفير الذنوب كما قال صلى الله عليه وسلم أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا هل يبقى من درنه شيء قالوا لا قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحوا الله بهن الخطايا
قوله ( وسببها الأصلي خطاب الله تعالى الأزلي ) أي سبب وجوب أدائها
واعلم أن عندهم وجوبا ووجوب أداء ووجود أداء ولكل منها سبب حقيقي وسبب مجازي فالوجوب سببه الحقيقي إيجاب الله تعالى في الأزل لأن الموجب للأحكام هو الله تعالى وحده لكن لما كان إيجابه تعالى غيبا عنا لا نطلع عليه جعل لنا سبحانه وتعالى أسبابا مجازية ظاهرة تيسيرا علينا وهي الأوقات بدليل تجدد الوجوب بتجددها والسبب من كل وقت جزء يتصل به الأداء فإن لم يتصل الأداء بجزء منه أصلا فالجزء الأخير متعين للسببية ولو ناقصا ووجوب الأداء سببه الحقيقي خطاب الله تعالى أي طلبه منا ذلك وسببه الظاهري هو اللفظ الدال على ذلك كلفظ أقيموا الصلاة والفرق بين الوجوب ووجوب الأداء أن الوجوب هو شغل الذمة ووجوب الأداء طلب تفريغها كما في غاية البيان وسبب وجود الأداء الحقيقي خلق الله تعالى له وسببه الظاهري إستطاعة العبد وهي مع الفعل
قوله ( والأوقات أسباب ظاهرا تيسيرا ) اعلم أن الأوقات لها جهات مختلفة بالحيثيات فمن حيث أن الصلاة لا تجوز قبلها وإنما تجب بها أسباب ومن حيث أن الأداء لا يصح بعدها لإشتراط الوقت له وإنما تكون قضاء شروط ومن حيث أنها يجوز فيها أداء الفرض وغيره كالنفل ظروف بخلاف شهر رمضان فإنه معيار للصوم حتى لو نوى نفلا واجبا آخر يقع عن الفرض
قوله ( سقوط الواجب ) أي في الدنيا
قوله ( ونيل الثواب ) أي في العقبى أن كان مخلصا أما المرائي فلا ثواب له على ما في مختارات النوازل ويخالفه ما نقله البيري عن الذخيرة من أن الرياء إنما ينفي تضاعف الثواب فقط وذكر بعضهم أن الرياء لا يدخل في الفرائض أي في حق سقوط الواجب
تنبيه المختار أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن قبل بعثته متعبدا بشرع أحد لأنه قبل الرسالة في مقام النبوة ولم يكن من أمة نبي بل كان يعمل بما يظهر له بالكشف الصادق من شريعة إبراهيم وقيل غير ذلك
قوله ( أي لتكليف الشخص ) تفسير مراد
قوله ( لأنه شرط للخطاب ) تقدم أنه أحد أقوال والأصح التكليف وفائدته التعذيب على تركها في الآخرة زيادة على عذاب الكفر
قوله ( ولكن تؤمر بها الأولاد ) ذكورا وإناثا والصوم كالصلاة كما في
____________________
(1/115)
صوم القهستاني وفي الدر عن حظر الاختيار أنه يؤمر بالصوم والصلاة وينهي عن شرب الخمر يتألف الخير ويعرض عن الشر والظاهر منه أن هذا واجب على الولي
قوله ( رفقا به ) علة لقوله لا بخشبة وقوله وزجرا بحسب طاقته علة لقوله وتضرب عليها العشر بيد
قوله ( واضربوهم عليها لعشر ) اعترض بأن الدليل أعم من المدعى وأجيب بأنه خص الضرب بغير الخشبة لقرينة وهو أن الضرب بها إنما ورد في جناية صدرت من مكلف ولا جناية من الصغير وقد ورد في بعض الآثار ما يدل عليه وهذا الضرب واجب كما في تنوير الأبصار
قوله ( وفرقوا بينهم في المضاجع ) قال في الحظر والإباحة من الدر وإذا بلغ الصبي أو الصبية عشر سنين يجب التفريق بينهما وبين أخيه وأخته وأمه وأبيه في المضجع لقوله عليه السلام وفرقوا بينهم في المضاجع وهم أبناء عشر ولعل المراد التفريق بحيث لا يشملهما سائر واحد مع التجرد أما النوم بالمجاورة مع ستر كل عورته بسائر يخصه ولو كان الغطاء واحدا فلا مانع ويحرر
قوله ( وأسبابها أوقاتها ) عامة المشايخ على أن السبب هو الجزء الذي يتصل به الأداء مطلقا فإن اتصل بأول الوقت كان هو السبب وإلا فينتقل إلى مابه يتصل وإن لم يتصل الأداء بجزء منه أصلا فالجزء الأخير متعين للسببية ولو ناقصا حتى تجب على مجنون ومغمى عليه أفاقا وحائض ونفساء طهرتا وصبي بلغ ومرتد أسلم في آخر الوقت ولو صليا في أوله وبعد خروجه تضاف السببية إلى جملة الوقت ليثبت الواجب بصفتة الكمال ولأنه الأصل حتى يلزمهم القضاء في كامل هو الصحيح كما في الدر
قوله ( فلا حرج حتى يضيق ) أي لا يأثم بالتأخير عن الجزء الأول والثاني والثالث مثلا إثم تارك الأداء في الوقت
قاله السيد وتارك الصلاة غير مبال بها فاسق يحبس حتى يصلي وقال المحبوبي يضرب حتى يسيل منه الدم ولا نيابة فيها أصلا ويحكم بإسلام فاعلها بالجماعة في الوقت إذا اقتدى فيها وتممها وكذا بالأذان في الوقت وبسجدة التلاوة وبزكاة السائمة لا لو صلى منفردا أو إماما أو في غير الوقت أو أفسد صلاته أو فعل غيرها من العبادات
قوله ( وقت صلاة الصبح ) الصبح بياض يخلقه الله تعالى في الوقت المخصوص ابتداء وليس من تأثير الشمس ولا من جنس نورها كما في التفسير الكبير قهستاني
قوله ( من إبتداء طلوع الفجر ) في مجمع الروايات ذكر الحلواني في شرحه للصوم أن العبرة لأول الطلوع وبه قال بعضهم فإذا بدت له لمعة أمسك عن المفطرات وقال بعضهم العبرة لاستطارته في الأفق وهذا القول أبين وأوسع والأول أحوط وروي عن محمد أنه قال اللمعة غير معتبرة في حق الصوم وحق الصلاة وإنما يعتبر الإنتشار في الأفق
قاله في الشرح وقدم وقت الصبح لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ به للسائل بالمدينة كما في البناية عن الغاية ولأنه أول الصوات إفتراضا بإتفاق لأنه صبح ليلة الإسراء ولم يقضه عليه الصلاة والسلام لتوقف وجوب الأداء على العلم بالكيفية
خاتمة ذكر بعضهم بيان ساعات النهار فأولها الشروق ثم البكور ثم الغدوة ثم
____________________
(1/116)
الضحى ثم الهاجرة ثم الظهيرة ثم الرواح ثم العصر ثم العصيرة ثم الأصيل ثم العشاء ثم الغروب وساعات الليل أولها الشفق ثم الغسق ثم الغدرة ثم العتمة ثم السدفة ثم الجنح ثم الروبة ثم الزلقة ثم الهير ثم السحر ثم الفجر ثم الصبح
قوله ( الصادق ) سمي صادقا لأنه صدق عن الصبح وبينه قاله في الشرح
قوله ( والكاذب الخ ) سمي كاذبا لأنه يضيء ثم يسود ويذهب النور ويعقبه الظلام فكأنه كاذب قاله في الشرح
قوله ( وقد أجمعت الأمة الخ ) نوزع الإجماع بما نقلناه في أوله سابقا عن مجمع الروايات وبأنه قيل ان آخره إلى أن يرى الرامي موضع نبله فالخلاف ثابت في أوله وآخره وأجيب بأنه لم يعتبر هذا الخلاف لضعفه
قوله ( ما لم يطلع قرن الشمس ) أي مدة عدم طلوع قرن الشمس وتمام الحديث ووقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس عن بطن السماء ما لم يحضر وقت العصر ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول ووقت المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق ووقت العشاء إلى نصف الليل رواه مسلم
قوله ( وقت الظهر من زوال الشمس عن بطن السماء ) ومعرفة الزوال أن يغرز خشبة مستوية في أرض مستوية ويجعل عند منتهى ظلها علامة فما دام الظل ينقص عن العلامة فالشمس لم تزل ومتى وقف فهو وقت الاستواء وقيام الظهيرة فحينئذ يجعل على رأس الظل خطا علامة لذلك فما يكون من ذلك الخط إلى أصل العود فهو المسمى فيء الزوال وإذا لم يجد ما يغرزه يعتبر بقامته وقامة كل إنسان سبعة أقدام أو ستة أقدام ونصف بقدمه والأول قول العامة وقد نظم الحافظ السيوطي علامة الزوال على الشهور القبطية من أول طوبه إلى آخرها في بيت واحد فقال نظمتها بقولي المشروح حروفه طزه جبا أبدو وحي 597 123 4216108 وهذه الحروف إشارة إلى عدد الأرقام التي يعلم بها الزوال في الشهور القبطية فالطاء لطوبه والزاي إلى أمشير والهاء إلى برمهات والجسيم إلى برموده والباء إلى بشنس والألفان إلى بؤنه وأبيب والباء إلى مسرى والدال إلى توت والواو إلى بابه والحاء إلى هاتور والياء إلى كيهك ونظمها الشيخ السحيمي على ترتيب الشهور القبطية فقال إن رمت أقدام الزوال فلذبنا دوح يط زهج بااب لمصرنا وإذا أراد معرفة دخول وقت العصر يزيد عدد قامة نفسه وهي سبعة أقدام على المأخوذ من الشهور فإذا بلغ الظل مجموعهما فقد دخل وقته ولا بد أن يكون الواقف الذي يريد معرفة الظل واقفا على أرض مستوية مكشوف الرأس غير منتعل اه شبراملسي مختصرا
وروي عن محمد رحمه الله أن أحد الزوال أن يستقبل الرجل القبلة فما دامت الشمس على حاجبه الأيسر فالشمس لم تزل وإن صارت على حاجبه الأيمن فقد زالت
قوله ( في رواية إلى قبيل أن يصير الخ ) أي إلى اللحظة اللطيفة التي قبل الصيرورة المذكورة
____________________
(1/117)
وهذه رواية محمد عن الإمام
قوله ( لتعارض الآثار ) بيانه أن قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم يقتضي تأخير الظهر إلى المثل لأن أشد الحر في ديارهم وقت المثل وحديث إمامة جبريل في اليوم الأول يقتضي إنتهاء وقت الظهر بخروج المثل لأنه صلى به صلى الله عليه وسلم العصر في أول المثل الثاني فحصل التعارض بينهما فلا يخرج وقت الظهر بالشك وتمامه في المطولات
قوله ( وهو الصحيح ) صححه جمهور أهل المذهب وقول الطحاوي وبقولهما نأخذ يدل على أنه المذهب وفي البرهان قولهما هو الأظهر اه فقد إختلف الترجيح
قوله ( والرواية الثانية ) هي رواية الحسن عنه
قوله ( سوى ظل الاستواء ) هو الذي عبر عنه سابقا بفىء الزوال
قوله ( والفيء ) سمي فيأ لأنه فاء من جهة المغرب إلى جهة المشرق أي رجع ومنه قوله تعالى { حتى تفيء إلى أمر الله } الحجرات 49 أي ترجع وقد يسمى ما بعد الزوال ظلا أيضا ولا يسمى ما قبل الزوال فيأ أصلا كذا في السراج
قوله ( وهو قول الصاحبين ) أي وزفر والأئمة الثلاثة
قوله ( العصر فيه ) الأولى حذف فيه لأن الإمامة إنما هي أول المثل الثاني
قوله ( لبراءة الذمة ) علة للأحوطية وقوله إذ تقديم الخ علة للعلية
قوله ( إذ تقديم الصلاة عن وقتها ) وهي هنا العصر
قوله ( فكيف والوقت باق ) أي وقت العصر بعد المثل الثاني
قوله ( وفي رواية أسد ) أي ابن عمرو ورواه الحسن أيضا عن الإمام
قوله ( فبينهما وقت مهمل ) اختاره الكرخي وقال شيخ الإسلام انه الاحتياط كما في السراج
قوله ( وأول وقت العصر الخ ) سمي عصرا لأنه أحد طرفي النهار والعرب تسمي كل طرف من النهار عصرا فالغداة والعشي عصران
قوله ( إلى غروب الشمس ) أي جرمها بالكلية عن الأفق الحسي أي الظاهري لا الحقيقي لأن في الإطلاع عليه عسرا كما في مجمع الأنهر والتكليف بحسب الوسع حتى قال في الخلاصة لا يفطر من على المنارة بالاسكندرية وقد رأى الشمس ويفطر من بالاسكندرية وقد غابت عنه اه
وهذا إذا ظهر الغروب وإلا فإلى وقت إقبال الظلمة من المشرق كما في التحفة ولو غربت الشمس ثم عادت هل يعود الوقت الظاهر نعم كما في الدر لما روي أنه صلى الله عليه وسلم نام في حجر علي رضي الله عنه حتى غربت الشمس فلما استيقظ ذكر له أنه فاتته العصر فقال اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فارددها عليه فردت حتى صلى العصر أخرجه الطبراني بسند حسن وصححه الطحاوي والقاضي عياض وأخطأ من جعله موضوعا كابن الجوزي كما في النهر
قوله ( وحمل ) أي قوله بخروج وقت العصر
قوله ( على وقت الاختيار ) أي الوقت الذي يخير المكلف في الأداء فيه من غير كراهة
قوله ( إلى غروب الشفق الأحمر ) وقيل هو البياض الذي بعد الحمرة وهو قول الصديق والصديقة وأنس ومعاذ وأبي هريرة ورواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم أجمعين وبه قال عمر بن عبد العزيز والأوزاعي وداود الظاهري وغيرهم واختاره من أهل اللغة المبرد وثعلب وصحح كل من القولين وأفتى به ورجح في البحر قول الإمام قال ولا يعدل عنه إلى قولهما ولو بموجب من ضعف أو ضرورة تعامل لأنه صاحب المذهب فيجب إتباعه والعمل بمذهبه حيث كان دليله واضحا ومذهبه ثابتا ولا يلتفت إلى جعل بعض المشايخ الفتوى على قولهما اه وقوى
____________________
(1/118)
الكمال قول الإمام أيضا بما حاصله أن الشفق يطلق على البياض والحمرة وأقرب الأمر أنه إذا تردد في أن الحمرة أو البياض لا ينقضي الوقت بالشك ولا صحة لصلاة قبل وقتها فالاحتياط في التأخير وقال العلامة الزيلعي وما روي عن الخليل أنه قال راعيت البياض بمكة كرمها الله ليلة فما ذهب إلا بعد نصف الليل محمول على بياض الجو وذلك يغيب آخر الليل وأما بياض الشفق وهو رقيق الحمرة فلا يتأخر عنها إلا قليلا قدر ما يتأخر طلوع الحمرة عن البياض في الفجر
قوله ( وهو مروي عن أكابر الصحابة ) قد علمت أن مذهب الإمام مروي عن أكبر الصحابة أجمعين نساء ورجالا
قوله ( وعليه اطباق أهل اللسان ) قد علمت ما اختاره المبرد وثعلب وهما من أكبر أهله
قوله ( ونقل رجوع الإمام ) هذه الصيغة للضعف فلا جزم بها
قوله ( وحديث إمامة جبريل الخ ) فإنه أم به الليلة الثانية في العشاء ثلث الليل الأول وهذا جواب عما أورده على قول المصنف والعشاء والوتر منه إلى الصبح وقوله وقال صلى الله عليه وسلم إن الله الخ دليل لوقت الوتر
قوله ( لهذا الحديث ) فإن قوله صلى الله عليه وسلم فصلوها ما بين العشاء الأخيرة إلى طلوع الفجر صريح في تعيين وقت صلاته
قوله ( وواجب الوتر ) المراد به الفرض العملي فإنه فرض عملي عند الإمام كما في البحر وقالا أول وقته بعد العشاء بناء على أنه سنة مؤكدة عندهما فصار كركعتي العشاء والثمرة تظهر فيما لو صلى الوتر ناسيا للعشاء أو صلاهما فظهر فساد العشاء دون الوتر أجزأه عند الإمام لسقوط الترتيب بمثل هذا العذر لا عندهما لأنه تبع لها فلا يصح قبلها وفيما لو صلى الفجر قبل الوتر عمدا أو كان صاحب ترتيب أعاده بعد صلاة الوتر عنده لا عندهما لأنه لا ترتيب بين الفرائض والسنن قاله السيد
قوله ( كبلغار ) قال في القاموس بلغر كقرطق يعني بضم فسكون والعامة تقول بلغار مدينة الصقالبة ضاربة في الشمال شديدة البرد اه
قوله ( في أقصر ليالي السنة ) وهو أربعون ليلة في أول الصيف عند حلول الشمس رأس السرطان فإن الشمس تمكث عندهم على وجه الأرض ثلاثا وعشرين ساعة وتغرب ساعة واحدة على حسب عرض البلد
قوله ( وليس مثل اليوم الخ ) روى مسلم عن النواس بن سمعان
قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ولبثه في الأرض أربعين يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم قلنا فذلك اليوم الذي كسنة يكفينا فيه صلاة يوم قال لا قدروا له قدره اه
قال الأسنوي ويقاس عليه اليومان التاليان واستظهر الكمال وجوب القضاء استدلالا بحديث الدجال وتبعه ابن الشحنة فصححه في ألغازه وذكر في المنح أنه المذهب ولا ينوي القضاء لفقد وقت الأداء وفرق في النهر بأن الوقت موجود حقيقة في يوم الدجال والمفقود العلامة فقط بخلاف ما نحن فيه فإن الوقت لا وجود له أصلا ورد بأن الوقت موجود قطعا والمفقود هو العلامة فقط فإذن لا فرق وتمامه في تحفة الأخيار
قوله ( للأمر فيه بتقدير الأوقات ) أي أوقات الصلاة أي على خلاف القياس فلا يقاس غيره عليه لأنا لو وكلنا إلى الاجتهاد لم نصل فيه إلا صلاة يوم واحد كما قاله القاضي عياض
قوله ( وكذا
____________________
(1/119)
الآجال في البيع الخ ) وينظر ابتداء اليوم فيقدر كل فصل من الفصول الأربعة بحسب ما يكون لكل يوم من الزيادة والنقص كما في كتب الشافعية وقواعد المذهب لا تأباه
قوله ( في وقت ) احترز عن الجمع بينهما فعلا وكل واحدة منهما في وقتها بأن يصلي الأولى في آخر وقتها والثانية في أول وقتها فذلك جائز كما في التبيين
قوله ( بعذر كسفر ) أدخلت الكاف المرض وجوزه الإمام الشافعي رضي الله عنه تقديما وتأخيرا والأفضل الأول للنازل والثاني للسائر بشرط أن يقدم الأولى وينوي الجمع قبل الفراغ منها وعدم الفصل بينهما بما يعد فاصلا عرفا هذا في جمع التقديم ولم يشترط في جمع التأخير سوى نية الجمع قبل خروج الأولى وكثيرا ما يبتلى المسافر بمثله لاسيما الحاج ولا بأس بالتقليد كما في البحر والنهر لكن بشرط أن يلتزم جميع ما يوجبه ذلك الإمام لأن الحكم الملفق باطل بالإجماع كما في ديباجة الدر فيقرأ إن كان مؤتما ولا يمس ذكره ولا أمرأة بعد وضوء ويحترز عن إصابة قليل النجاسة وحكاية الإجماع على بطلان الملفق منظور فيها فإن الأصح من مذهب الإمام مالك رضي الله عنه جوازه والمنهي عنه تتبع الرخص من المذاهب
قوله ( وحمل المروي في الجمع الخ ) الدليل على صحة هذا التأويل ما روى ابن حبان عن نافع قال خرجت مع ابن عمر رضي الله عنهما في سفرة وغابت الشمس فلما أبطأ قلت الصلاة يرحمك الله فالتفت إلي ومضى حتى إذا كان في آخر الشفق نزل فصلى المغرب ثم أقام العشاء وقد توارى الشفق فصلى بنا ثم أقبل علينا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أعجل به السير صنع هكذا وهذا حديث صحيح
قال عبد الحق وهذا نص على أنه صلى كل واحدة منهما في وقتها وقال عبدالله بن مسعود والذي لا إله غيره ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة قط إلا لوقتها إلا صلاتين جمع بين الظهر والعصر بعرفة وبين المغرب والعشاء بجمع رواه الشيخان
قوله ( لا لغيرهم ) أعاد الضمير بلفظ الجمع نظرا إلى أن المراد بالحاج الجنس المتحقق في أفراد كثيرة
قوله ( كلا من الظهر والعصر ) فإن أدرك إحدى الصلاتين لا يجوز له الجمع
قوله ( فهذه أربعة شروط ) أولها عرفة وثانيها صحة الظهر وثالثها الإمام أو نائبه ورابعها الإحرام بالحج
قوله ( ولا سنة الظهر ) استثنى العلامة مسكين سنة الظهر تبعا للذخيرة والمحيط والكافي وأثر الخلاف يظهر فيما لو صلي سنة الظهر فعلى الأول يعاد الأذان للعصر لا على الثاني وظاهر الرواية هو الأول نهر قاله السيد
قوله ( ولا يشترط هنا سوى المكان والإحرام ) فلا يشترط الجماعة لهذا الجمع وكذا الإمام ليس بشرط لهذا الجمع أيضا ولا يتطوع بينهما ولو اشتغل بشيء أو تطوع أعاد الإقامة وعند زفر يعيد الآذان أيضا منلا مسكين ذكره السيد
قوله ( ولم تجز المغرب في طريق مزدلفة ) التقييد بالطريق اتفاقي لأنه لو صلاها في وقتها في عرفات لم تجز منلا مسكين
قوله ( يعني الطريق المعتاد ) لا فائدة في التقييد بالمعتاد بل ذكر الطريق اتفاقي كما علمت
قوله ( الصلاة أمامك ) بالنصب أي صلها أمامك وبالرفع مبتدأ وخبر أي موضعها أمامك
قوله ( فان فعل ولم يعده ) أي لم يعد ما صلى وهو المغرب أي مع العشاء ولو قدم العشاء على المغرب يعيدهما على الترتيب فإن لم يصل العشاء حتى طلع الفجر أعاد العشاء إلى الجواز ذكره السيد
قوله ( أو خاف
____________________
(1/120)
طلوعه ) أي لو أعادهما مجموعتين ) وهو التأخير للإضاءة ) في المصباح الأسفار الإضاءة يقال أسفر الفجر إذا أضاء وأسفر الرجل بالصلاة إذا صلاها في الأسفار اه
قوله ( أسفروا بالفجر الخ ) رواه أصحاب السنن وحسنه الترمذي وروى الطحاوي بإسناده إلى إبراهيم النخعي ما اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء ما اجتمعوا على التنوير بالفجر وإسناده صحيح ويستحب البداءة بالأسفار وهو ظاهر الرواية وقيل يدخل بغلس ويختم بالأسفار بحر عن العناية
قوله ( ولأن في الأسفار تكثير الجماعة ) لما فيه من توسيع الحال على النائم والضعيف فيدركان الجماعة
قوله ( في جماعة ) ظاهره ولو مع أهل بيته
قوله ( ثم قعد يذكر الله تعالى ) أفاد العلامة القاري في شرح الحصن الحصين أن القعود ليس بشرط وإنما المدار على الاشتغال بالذكر هذا الوقت
قوله ( ثم صلى ركعتين ) ويقال لهما ركعتا الإشراق وهما غير سنة الضحى
قوله ( تامة ) أي كل منهما أي غير ناقص ثوابهما بارتكاب نحو محظور إحرام أو فساد والمراد الحج النفل والتأكيد يفيد أن له ذلك الأجر حقيقة وليس من قبيل الترغيب
قوله ( وهو ثان رجليه ) أي قبل ان يتربع فلا يضر افتراش رجليه تحت أليتيه أو تغيير هيئة الجلوس إلى صفة يقول بها إمام كهيئة الجلوس التي يقول بها مالك
قوله ( قبل أن يتكلم ) الظاهر في أمثاله ان المراد يتكلم بكلام الدنيا فلا يضر الفصل بذكر آخر
قوله ( لا شريك له ) تأكيدا وتأسيس إن أريد بالوحدة وحدة الذات والصفات وبالثاني نفي الشريك في الأفعال
قوله ( ومحى عنه عشر سيئات ) المشهور إرادة الصغائر وبعض أهل العلم يطلقون فيعم الكبائر في هذا ونظائره ولا حرج على الفاعل المختار الذي لا يسئل عما يفعل
قوله ( ورفع له عشر درجات ) أي في الجنة أي على من لم يقلها
قوله ( وحرس ) أي حفظ
قوله ( ولم يتبع بذنب ) بأن يقع مغفورا أو يوفق للتوبة منه فقوله أن يدركه أي إثمه
قوله ( إلا الشرك بالله تعالى ) أي فانه لو وقع منه يدركه وليس بواقع منه لقوله سابقا كان يومه ذلك في حرز من كل مكروه اللهم إلا أن يخصص المكروه بمكروه الدنيا
قوله ( من ولد إسمعيل ) أي من العرب فإن عتق العرب أفضل من عتق العجم وظاهر الحديث أن هذا الثواب يحصل بمجرد حبس نفسه في مصلاه وإن لم يذكر فإذا ذكر حصل له ذلك مع الثواب المتقدم وعتق العرب يقول به الإمام الشافعي وأما عندنا فلا يرقون فيحمل نحو هذا الحديث على الفرض والتقدير
قوله ( وزاد الثواب أي في المنتظر بعد العصر لأنه كمن أعتق ثمانيا من الرقاب
قوله ( لانتظار فرض ) علة للزيادة
قوله ( سفرا وحضرا ) شتاء وصيفا منفردا ومؤتما وإماما
قوله ( لواجب الوقوف بعده ) أي للتفرغ لواجب الوقوف
قوله ( كما هو في حق النساء دائما ) وقيل الأفضل لهن الانتظار في كل الصلوات مطلقا كما في النهر عن القنية
قوله ( ويستحب الإبراد بالظهر في الصيف ) وحده أن يتمكن الماشون إلى الجماعات من المشي في ظل الجدران كما في الإيضاح عن الحقائق وقال في السراج بحيث يصلي قبل بلوغ الظل مثلا اه وفي الخزانة الوقت المكروه في الظهر ان يدخل في حد الإختلاف وإذا أخره حتى صار ظل كل شيء مثله فقد دخل في حد الاختلاف حموي
قوله ( في كل البلاد ) أي سواء كانت حارة أم لا وسواء إشتد الحر أم لا وسواء فيه المنفرد والإمام وسواء قصد الناس الجماعة من مكان بعيد أم لا فالحاصل أن الإبراد أفضل
____________________
(1/121)
مطلقا وجزم في السراج بأن التخصيص بهذه الأشياء مذهب أصحابنا ورده في البحر بأنه مخالف للمعتبرات والظاهر أن محل الاستحباب ان لم تفته الجماعة أول الوقت وإلا قدمه لأنها إما سنة أكيدة أو واجبة فلا تترك لمستحب إلا أن الإمام حينئذ فاته المستحب
قوله ( فإن شدة الحر من فيح جهنم ) عن أبي هريرة مرفوعا أن النار اشتكت إلى ربها قالت يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لي أتنفس فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم وما وجدتهم من حر أو حرور وفمن نفس جهنم متفق عليه واللفظ لمسلم وفي رواية للبخاري فأشد ما تجدون من الحر فمن سمومها وأشد ما تجدون من البرد فمن زمهريرها والفيح بوزن البيع الغليان من فاحت القدر غلت والمراد شدة حر النار
قوله ( والجمعة كالظهر ) أصلا واستحبابا في الزمانين ذكره الاسبيجابي
قوله ( وفي الربيع والخريف ) كذا في القهستاني وبه صرح في مجمع الروايات فما في البحر من قوله ينبغي إلحاق الخريف بالصيف والربيع بالشتاء وجرى عليه المؤلف في حاشية الدرر مخالف لهذا المنقول وفي القهستاني عن المستصفى الصلاة أول الوقت أفضل عندنا إلا إذا تضمن التأخير فضيلة اه وفي الخلاصة من آخر الإيمان إن كان عندهم حساب يعرفون به الشتاء والصيف فهو على حسابهم وإن لم يكن فالشتاء ما إشتد فيه البرد على الدوام والصيف ما اشتد فيه الحر على الدوام
قال في البحر فعلى قياس هذا الربيع ما ينكسر فيه البرد على الدوام والخريف ما ينكسر فيه الحر على ا لدوام
قوله ( فلا يتحير فيه البصر ) أفاد بذلك أنه ليس المراد مطلق ذهاب الضوء فإنه يتحقق بعد الزوال فيرجع كلام الشرح إلى ما ذكره العلامة مسكين من أن العبرة لتغير الفرص
قوله ( هو الصحيح ) وقيل إذا بقي مقدار رمح لم تتغير ودونه تغيرت وقيل يوضع طست في أرض مستوية فإن ارتفعت الشمس على جوانبه فقد تغيرت وإن وقعت في جوفه لم تتغير وقيل غير ذلك
قوله ( والتأخير إلخ ) أما الأداء فلا يكره لأنه مأمور به ولا يستقيم إثبات الكراهة لشيء مع الأمر به كذا في العناية وقيل الأداء مكروه أيضا ذكره مثلا مسكين اه من السيد ولو تغيرت وهو فيها لإطالته لها لم يكره لأن الاحتراز عن الكراهة مع الإقبال على الصلاة متعذر فجعل عفوا كذا في غاية البيان
قوله ( تلك صلاة المنافقين ) يحتمل أن ذلك إخبار عن المنافقين الموجودين في زمنه صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن المراد نفاق العمل
قوله ( وكانت بين قرني الشيطان ) المراد أنه لازم جرمها الظاهر في هذا الحين وحضرها ليدعو عابديها إلى عبادتها وليس المراد الحقيقة فإنه كما قيل ان الشمس قدر الدينا مائة وستين مرة وهي في السماء الرابعة لا ينالها الشيطان
قوله ( كنقر الديك ) أي عند التقاطه الحب وهذا تشبيه في السرعة فهو كناية عن عدم إيفائها حقوقها
قوله ( ولا يفصل بين الأذان والإقامة الخ ) ولو بمقدار صلاة ركعتين كره ككراهة صلاة ركعتين قبلها وما في القنية من استثاء القليل يحمل على ما هو الأقل من قدرهما توفيقا بين كلامهم كما في النهر عن الفتح
قوله ( أول الوقت ماءالباء زائدة
قوله ( إلى اشتباك النجوم ) أي كثرتها
قوله ( وإلا من عذر الخ ) فلا يكره التأخير حينئذ ليجمع بينها وبين العشاء فقط كما في البناية والحلبي
قوله ( والتأخير قليلا لا يكره ) أي تحريما بل يكره تنزيها وإلى إشتباك النجوم يكره تحريما وفي قول لا يكره ما لم يغب الشفق
____________________
(1/122)
والأصح الأول
قوله ( وتقدم المغرب الخ ) بيان للأفضل كما في البحر وغيره ووجه التقديم أن المغرب فرض عين وهو مقدم على فرض الكفاية الذي هو صلاة الجنازة وفرض الكفاية مقدم على السنة
قوله ( ويستحب تأخير صلاة العشاء إلى ثلث الليل ) قيده في الخانية والتحفة والمحيط الرضوي والبدائع بالشتاء أما في الصيف فيستحب التعجيل نهر لئلا تقل الجماعة لقصر الليل فيه
قوله ( وفي القدوري إلى ما قبل الثلث ) قال في حاشية الدرر وقد ظفرت بأن في المسألة روايتين وهو أحسن ما يوفق به اه فعلى ما في الكنز يؤخرها إلى أول الثلث الثاني وعلى ما في القدوري يؤخر إلى ما قبل الثلث وعليه فإيقاعها أول الثلث الثاني مباح
قوله ( قال صلى الله عليه وسلم الخ ) ورد في التأخير أخبار كثيرة صحاح وهو مذهب أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين وفي تأخيرها قطع السمر المنهي عنه على ما رواه الإمام أحمد والجماعة من حديث أبي بردة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر العشاء وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها وإنما كره الحديث بعدها لأنه ربما يؤدي إلى سهر يقوت به الصبح وربما يوقع في كلام لغو فلا ينبغي ختم اليقظة به أو لأنه يفوت به قيام الليل لمن له به عادة
قال الطحاوي إنما كره النوم قبلها لمن خشي عليه فوت وقتها أو فوت الجماعة فيها وأما من وكل لنفسه من يوقظه في وقتها فيباح له النوم ذكره العلامة الزيلعي وغيره
قوله ( وفي مجمع الروايات الخ ) حاصله أن تأخير العشاء بعد الثلث إلى نصف الليل مباح لأنه من حيث كونه يفضي إلى تقليل الجماعة يكره ومن حيث كونه ينقطع به السمر المنهي عنه يندب لأن السمر ينقطع بمضي نصف الليل غالبا فتعارض دليلا الندب والكراهة فتساقطا فبقيت الإباحة وفيه بحث للكمال اه
قوله ( ويستحب تعجيله العشاء في وقت الغيم ) قال في الكنز كالهداية وندب تعجيل ما فيه عين يوم غين ويؤخر غيره فيه
قال شارحه البدر العيني قلت هذا في ديارهم لأن فيها الشتاء أكثر ورعاية الأوقات قليلة وأما في ديارنا المصرية فعكس هذا فينبغي ان يراعى الحكم الأول اه وأقره في النهر والدر وفي الدر حكم الأذان كالصلاة تعجيلا وتأخيرا
قوله ( لمهمة كتدبير مصالح المسلمين كما كان صلى الله عليه وسلم يفعله مع أبي بكر
قوله ( ومذاكرة فقه ) مثلها مطالعته في خاصة نفسه
قوله ( وحديث مع ضيف ) مثله العرس وظاهر أن المراد بالحديث ما لا إثم فيه
قوله ( فلا بأس به ) المراد به أنه يثاب عليه لا ما خلافه أولى منه
قوله ( والنهي ) أي عن السمر بقوله صلى الله عليه وسلم لا سمر بعد العشاء ذكره السيد
قوله ( بعبادة ) هي صلاة العشاء
قوله ( كما بدئت بها ) أي بعبادة وهي صلاة الصبح
قوله ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) هذا منه يقتضي أن الحسنة إنما تكفر إذا تأخرت وبعضهم عمم أي سواء تقارنتا أم سبقت إحداهما
قوله ( فليوتر أوله ) أي قبل النوم إن لم يشتغل عنه
قوله ( ومن طمع ) المراد به الوثوق بالانتباه آخره
قوله ( فإن صلاة الليل مشهودة ) أي تشهدها الملائكة
قوله ( وذلك أفضل ) من تتمة الحديث ورواه مسلم وهو الصارف للأمر عن الوجوب فلو صلى الوتر ونام ثم استيقظ وتنفل بعده لا كراهة وإنما فاته الأفضل أي حيث كان يثق بالانتباه كما دل عليه الحديث وإلا لا وأطلق المصنف في حاشية الدر فوات الفضيلة بانتباهه آخر الليل كما في البحر والنهر والظاهر ما قلناه
____________________
(1/123)
فصل في الأوقات المكروهة مراده بالمكروهة ما يعم المفسدة ليشمل أداء الفرض فيها فالكراهة هنا بالمعنى اللغوي ولا يخفى حسن تأخيرها عن الأوقات المستحبة
قوله ( لا يصح فيها شيء من الفرائض ) أداء وقضاء
قوله ( والواجبات التي لزمت في الذمة قبل دخولها ) كالوتر والنذر المطلق وركعتي الطواف وما أفسده من نفل شرع فيه في غير وقت مكروه وسجدة تلاوة تليت آيتها في غيره وفي البحر عن المحيط وسجدة السهو كسجدة التلاوة حتى لو دخل وقت الكراهة بعد السلام وعليه سهو فإنه لا يسجد للسهو وسقط عنه لأنه وجب كاملا فلا يؤدي في الناقص وفي القنية سجدة الشكر تكره في وقت يكره النفل فيه لا في غيره وفي المعراج وما يفعل عقب الصلاة من السجدة فمكروه إجماعا لأن العوام يعتقدون أنها واجبة أو سنة
قوله ( قدر رمح ) قدر به في الأصل وفي الإيضاح حد الأول والثالث أن لا تحار العين في العين هو الصحيح والمراد بالثالث وقت الغروب
قوله ( والثاني عند استوائها ) وعلامته أن يمتنع الظل عن القصر ولا يأخذ في الطول فإذا صادف أنه شرع في ذلك الوقت بفرض قضاء أو قبله وقارن هذا الجزء اللطيف شيئا من الصلاة قبل القعود قدر التشهد فسدت
قوله ( وان نقبر موتانا ) أي فيها
قوله ( وعند زوالها ) أي قرب زوالها وهو وقت الاستواء فالمعنى عند استوائها حتى تزول
قوله ( وحين تضيف للغروب ) معنى تضيف تميل وهو بالمثناة الفوقية والضاد المعجمة المفتوحتين وبالياء التحتية المشددة وأصله تتضيف حذفت إحدى التاءين تخفيفا
قوله ( والمراد الخ ) وحمله أبو داود على المعنى الحقيقي والنهي ليس لنقصان في الوقت بل هو وقت كسائر الأوقات إنما النقص في أداء الأركان لإستلزام فعلها فيه التشبه بعبادة الكفار وليس هذا كترك واجب فيها فإنه لا يؤثر نقصا في الأركان ولا كالصلاة في أرض الغير لأن اتصال الفعل بالزمان أشد بخلاف المكان
قوله ( وقد فسر ) أي هذا المراد بالسنة والراوي واحد
قوله ( بطلت ) وعن أبي يوسف لا تبطل ولكن يصبر حتى إذا ارتفعت الشمس أتم حموي عن كشف الأصول ذكره السيد وروي عن أبي يوسف أيضا جواز الفجر إذا لم يكن تأخيره إلى الطلوع قصدا
قوله ( وعلى أنها تنقلب نفلا الخ ) هو قول الإمام وأبي يوسف رضي الله عنهما كما في البرهان قالوا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء والتسبيح في الأوقات المكروهة أفضل من قراءة القرآن ولعله لأن القراءة ركن الصلاة وهي مكروهة فالأولى ترك ما كان ركنا لها بحر
قوله ( مع الكراهة ) أي التحريمية لما عرف من أن النهي الظني الثبوت الغير المصروف عن مقتضاه يفيد كراهة التحريم كما في المنح وفي البحر عن التحفة الأفضل ان يصلي على جنازة حضرت في تلك الأوقات ولا يؤخرها بل في الإيضاح والتبيين التأخير مكروه لقوله صلى الله عليه وسلم ثلاث لا يؤخرن جنازة أتت ودين وجدت ما يقضيه وبكر وجد لها كفء
قوله ( في ظاهر الرواية ) لا كما ظنه بعضهم فنفاها قاله في الشرح وقد علمت ما في البحر عن التحفة وما في الإيضاح والتبيين
قوله ( كجنازة الخ ) قال في البحر وظاهر التسوية بين صلاة الجنازة وسجدة التلاوة أنه لو حضرت الجنازة في غير وقت مكروه فأخرها حتى صلى في الوقت المكروه فإنها لا تصح وتجب إعادتها كسجدة التلاوة وذكر الأسبيجابي أن صلاة
____________________
(1/124)
الجنازة تجوز مع الكراهة ولا يعيدها بخلاف سجدة التلاوة
قوله ( ونافلة شرع فيها ) فإن أداءها واجب بسبب الشروع فيها
قوله ( فيقطع ويقضي في كامل ) ظاهره أنه على سبيل الوجوب لأنه في مقابلة الكراهة التحريمية
قوله ( لبقاء سببه وهو الجزء الخ ) أي والمسبب يثبت بحسب ثبوت السبب إن كان كاملا فكامل وإن كان ناقصا فناقص
قوله ( مع الكراهة للتأخير ) وأما الفعل فلا يكره لعدم إستقامة إثبات الكراهة للشيء مع كونه مأمورا به ونظيره القضاء لا يكره فعله بعد الوقت وإنما يحرم تفويته كما في الدرر وقيل الأداء مكروه أيضا وأيده في البحر بالنقل والاستدلال فإن قلت لم لا يجوز فجر يومه كما جاز عصر يومه أجاب عنه صدره الشريعة بأنه ذكر في الأصول أن الجزء المقارن للأداء هو السبب لوجوب الصلاة وآخر وقت العصر ناقص إذ هو وقت عبادة الشمس فوجب ناقصا فإذا أداه أداه كما وجب فإذا اعترض الفساد بالغروب لا تفسد لأنه وقت كمال والفجر كله وقت كامل لأن الشمس لا تعبد قبل وقت طلوعها فوجب كاملا فإذا اعترض الفساد بالطلوع تفسد لأن وقت الطلوع وقت ناقص فلم يؤدها كما وجبت وقوله الفساد أي ما شأنه الفساد وقوله بالغروب المراد به حال السقوط وقوله لأنه وقت كمال أي الغروب بمعنى تمامه ففيه استخدام فإن قيل هذا تعليل في مقابلة النص وهو قوله صلى الله عليه وسلم من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر رواه الشيخان والطحاوي أجيب بأنه لما وقع التعارض بين هذا الحديث وبين حديث النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة رجعنا إلى القياس كما هو حكم التعارض فرجح القياس حكم حديث الشيخين في صلاة العصر ورجح حكم الحديث الناهي في صلاة الفجر وترجيح المحرم على المبيح إنما هو عند عدم ورود القياس أما عنده فالترجيح له على أنه أجاب في الأسرار بأن حديث النهي متأخر لأنه أبدا يطرأ على الأصل الثابت ولأن الصحابة رضي الله عنهم عملت به فعلم أنه لاحق
قوله ( لا لذات الوقت ) فانه وقت كسائر الأوقات إنما النقص في أداء الأركان المستلزم فعلها فيه التشبه بعبادة الكفار فتح
قوله ( بخلاف عصره مضى الخ ) جواب سؤال حاصله ينبغي أن يجوز بعد الإصفرار قضاء عصر أمس مثلا لأن الوجوب لما كان في آخر الوقت كان السبب ناقصا فإذا فضاه في ذلك الوقت من اليوم الثاني فقد أداه كما وجب
قوله ( يكره فيها النافلة كراهة تحريم ) فيجب قطعها والأداء في كامل في ظاهر الرواية وقيل لا يصح التنفل فيها كالفرائض لأن الدليل يفيد المنع مطلقا دون عدم الصحة في البعض بخصوصه
قوله ( والسنن الرواتب ) كأن يصلي سنة الفجر وقت الطلوع ولا يظهر في غيرها لأن وقت الإستواء والغروب ليس فيه سنن رواتب وإن كان الفرض قضاء فلا سنة له ولو أطلق السنن ليشمل الكسوف لكان أولى
قوله ( وقال أبو يوسف الخ ) قواه الكمال وفي الحاوي القدسي وعليه الفتوى
قوله ( لأنه استثنى في حديث عقبة ) الوارد في الأوقات المنهية وقد تقدم والمراد انه ورد في بعض طرقه إستنثاء يوم الجمعة من المنهيات ولهما أنها زيادة غريبة فلا يعتد بها اه
قوله ( ويكره التنفل بعد طلوع الفجر ) أي قصدا حتى لو شرع في النفل قبل طلوع الفجر ثم طلع
____________________
(1/125)
الفجر فالأصح انه لا يقوم عن سنة الفجر ولا يقطعه لأن الشروع فيه كان لا عن قصد اه سيد عن الزيلعي ومثل النافلة في هذا الحكم ما وجب بإيجاب العبد ويقال له الواجب لغيره كالمنذور وركعتي الطواف وقضاء نفل أفسده أما الواجب لعينه وهو ما كان بإيجاب الله تعالى ولا مدخل للعبد فيه سواء كان مقصودا لنفسه كمخالفة الكفار وموافقه الأبرار في سجود التلاوة أو كان مقصودا لغيره كقضاء حق الميت في صلاة الجنازة فلا كراهة فيه ومثل ما ذكر بعد صلاته أي الفجر وبعد صلاة العصر
قوله ( شاهدكم ) أي حاضركم قاله السيد
قوله ( ولذا تخفف الخ ) المنقول عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ فيهما الكافرون والإخلاص وروي عن بعض الأكابر كالغزالي أن من واظب على قراءة ألم نشرح في الأولى منهما وألم تر كيف في الثانية كفي شر الأعداء وشر الألم
قوله ( بعد صلاته ) أي فرض الصبح ولو سنة سواء تركها بعذر أو بدونه
قوله ( وبعد صلاة فرض العصر ) ولو المجموعة بعرفة كما نقله الكمال عن بعضهم ونقله الزاهدي في القنية عن مجد الأئمة وظهير الدين المرغيناني
قوله ( وهو جعل الوقت ) الضمير يرجع إلى المعنى الذي في غير الوقت
قوله ( كالمشغول فيه ) الأولى حذف فيه وقوله ولو حكما مرتبط بقوله جعل يعني أن الشارع جعله في الحكم كالمشغول حقيقة
قوله ( وهو أفضل ) أي الشغل الحكمي بالفرض أولى من الشغل الحقيقي بالنفل
قوله ( فلا يظهر في حق فرض ) أي إذا علمت أن الأولوية إنما هي بالنظر إلى النفل فلا يظهر الخ
قوله ( وهو المفاد بمفهوم المتن ) فإن المصنف قيد بالتنفل ومفهومه أن الفرض لا يكره أداؤه في هذه الأوقات الثلاثة
قوله ( ويكره التنفل قبل صلاة المغرب ) لأن في الاشتغال بذلك تأخير المستحب تعجيله المكروه تأخيره إلا يسيرا وقولهم التأخير قليلا لا يكره حمله الكمال على ما هو الأقل من الركعتين مما لا يعد تأخيرا وهو خلاف ما بحثه هنا من أن التأخير بقدر ركعتين خفيفتين لا يكره ويؤيد الأول قول ابن عمر رضي الله عنهما ما رأيت أحدا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما بل قال النخعي انهما بدعة
قوله ( يعني الأذان والإقامة ) فهو من باب التغليب أو المراد بالأذان المعنى اللغوي فإن في الأقامة إعلاما
قوله ( ويكره التنفل عند خروج الخطيب ) وكذا الفريضة الفائتة لصاحب ترتيب كما في الدر فلو شرع قبل خروج الإمام ثم خرج لا يقطعها لعدم قصد ذلك بل يتمها ركعتين ان كانت نفلا وأربعا إن كانت سنة الجمعة على الأصح لسكنه يخفف فيها
قوله ( عند خروج الخطيب من خلوته ) أو قيامه للصعود ان لم تكن له خلوة أفاده في الشرح ويمكن الاستغناء عن هذه الزيادة بقوله وظهوره فان في قيامه ظهورا قال بعض الحذاق ان قلت هذا لا يناسب خطبة النكاح وختم القرآن قلت المراد من خروجه ما يعم تهيئته لذلك اه
قوله ( حتى يفرغ من الصلاة ) أي إن كان بعدها صلاة وإلا فبعد فراغه منها وإنما حرم التنفل حيئنذ لأن الاستماع فرض والأمر بالمعروف في وقتها حرام لرواية الصحيحين إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت فكيف بالنفل وإليه أشار المؤلف بقوله للنهي عنه
قوله ( والكسوف ) هو على قول الإمام الشافعي والاستسقاء على قول الصاحبين رضي الله تعالى عنهم
قاله في الشرح وما في القنية من أنه لا يكره الكلام في خطبة الجمعة ضعيف
قوله ( ويكره عند الإقامة لكل
____________________
(1/126)
فريضة ) لما في كتاب الصلاة من الأصل سئل في المؤذن يأخذ في الإقامة أيكره أن يتطوع قال نعم إلا ركعتي الفجر اه وقد ظهر أن المراد بالإقامة هنا إقامة المؤذن لا الشروع وهذا بخلاف الإقامة المذكورة في إدراك الفريضة فإن المراد بها الشروع في الصلاة كما صرحوا به هناك والحاصل أن مصلي السنة أو النافلة إن كان قبل إقامة المؤذن فله أن يأتي بهما في أي موضع شاء من المسجد أو غيره إلا في الطريق وإن كان وقت الإقامة يكره له التطوع بغير سنة الفجر على قول العامة وكذا يأتي بها بعد شروعه إذا علم أنه يدرك ولو في تشهد الفرض عند أئمتنا الثلاثة خلافا لمن حكى خلاف محمد فيها وبناء على خلافه في صلاة الجمعة وهو لا يصح لوجود الفارق لأن المدار في الجمعة على إدراك الجمعة وفي الفجر على إدراك فضلها
قوله ( إلا سنة الفجر إذا أمن فوت الجماعة ) إنما خصت سنة الفجر لأن لها فضيلة عظيمة قال صلى الله عليه وسلم ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها وروي صلوهما وإن طردتكم الخيل أو أن فيهما الرغائب ولكن لما كانت للجماعة فضيلة أيضا يعمل بها بقدر الإمكان عند التعارض فإن خشي فوت الجماعة دخل مع الإمام لأنه لما تعذر إحرازهما يحرز أفضلهما وهو الجماعة لأنه إن ورد الوعد في سنة الفجر لم يرد الوعيد بتركها وقد ورد الوعد والوعيد في الجماعة فعنه صلى الله عليه وسلم يد الله مع الجماعة من شذ شذ في النار وسئل ابن عباس عن رجل يقوم بالليل ويصوم بالنهار ولا يحضر الجماعة قال هو في النار وأيضا الجماعة مكملة ذاتية والسنة مكملة خارجية
واعلم أن السنة في السنن التي قبل الفرائض أن يأتي بها في بيته أو عند باب المسجد وإن لم يمكنه ففي المسجد الصيفي ان كان الإمام في الشتوي وبالعكس وإن كان المسجد واحدا فخلف أسطوانة أو نحوذلك أو في آخر المسجد بعيدا عن الصفوف في ناحية منه ويكره أن يصليها مخالطا للصف مخالفا للجماعة أو خلف الصف من غير حائل والأول أشد كراهة وأما التي بعدها فالأفضل فعلها في المنزل إلا إذا خاف الاشتغال عنها لو ذهب إلى البيت فيأتي بها في المسجد في أي موضع شاء ولو في مكانه الذي صلى فيه الفرض والأولى أن يتنحى عنه ويكره للإمام أن يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفرض كما في البحر والكافي
قوله ( أي مصلى العيد ) سواء كان مسجد الجماعة أو المعد لصلاة العيد فقط
قوله ( كان لا يصلي قبل العيد شيئا ) وجه الدلالة منه أنه صلى الله عليه وسلم كان حريصا على النوافل ما أمكن فعدم فعله يدل على الكراهة إذ لولاها لفعل ولو مرة بيانا للإباحة كما في الحلبي
قوله ( في جمع عرفة ) الأولى حذف إحدى الكلمتين لفظ في أو جمع
قوله ( لتفويته الفرض الخ ) أي لما ليس بفرض فيترك ما عليه ويفعل ما ليس عليه وهذا ليس من فعل العقلاء بل إذا كان الوقت الذي بعده وقت فساد كوقت الطلوع فإنه يترك الواجبات ويقتصر على أدنى ما تجوز به الصلاة كما في المجتبى
قوله ( حال مدافعة أحد الأخبثين ) أي الحصر بأحدهما والمفاعلة على غير بابها أو هي على بابها لأنها تندفع للخروج وهو يدفعها لداخل
قوله ( تتوقه نفسه ) أي تشتاق إليه فإن فيه شغلا والكراهة أن لم يضق الوقت وإلا قدمه ولا كراهة عند ذلك
قوله ( وعند حضور كل الخ ) من عطف العام
تتمة مما يتصل بالمكروهات كراهة الكلام بعد الفجر إلى أن يصلي إلا بخير وفي إبطال السنة إذ فصل به كلام ولا بأس بالمشي لحاجة بعد الصلاة وقيل يكره إلى طلوع الشمس وقيل
____________________
(1/127)
إلى ارتفاعها وأما بعد العشاء فأباحه قوم وحظره آخرون وكان صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبلها والحديث بعدها والمراد به ما ليس بخير وإنما يتحقق الخير في كلام هو عبادة إذ المباح لا خير فيه كما لا إثم فيه فيكره في هذه الأوقات نقله السيد عن النهر
قوله ( لإدخال النقص في المؤدى ) المراد به فعل العبادات ولو نفلا لا مقابل القضاء والله أعلم
باب الأذان قوله ( وأعلام على نعمة الله تعالى ) بفتح الهمزة جمع علم بمعنى علامة أو بكسرها أي معلمة أو ذات أعلام والمراد المبالغة ويؤيد الأول التعبير بعلى والمراد بنعمة الله تعالى الصلاة أو الإيجاب فالعطف للتفسير وكل منهما نعمة لما يترتب عليه من الثواب
قوله ( الذي هو إعلام ) بكسر الهمزة وقوله بدخولها أي الأوقات
قوله ( لقربه ) وذلك لأن العلامة مجعولة ليعلم بها السبب فهي متأخرة عنه
قوله ( في حق الخواص ) أي العلماء فانهم يعلمون الأورقات بالعلامات الشرعية من بلوغ الظل المثل وغروب الشفق وطلوع الفجر قال بعضهم حقيق بالمسلم ان يتنبه بالوقت فإن لم ينبهه الوقت فينبهه الأذان أي فقدم ما إختص بالخواص لشرف مرتبتهم
قوله ( وتسميته ) المراد بها لفظه فإنه يتكلم فيه من جهة إشتقاقه
قوله ( وأفضليته ) أي على الإمامة
قوله ( وسببه ) أي بقاء
قوله ( فثبوته بالكتاب ) قال تعالى وإذا ناديتم إلى الصلاة الآية { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } الجمعة 62 وقصد الإنتهاء في الأولى والاختصاص في الثانية أو أن أحد الجارين بمعنى الآخر
قوله ( والسنة ) هو ما سيأتي
قوله ( لأنه من باب التفعيل ) لا وجه لهذا التعليل ولو قال من باب التفعيل ليفيد أنه أسم مصدر لأذن المشدد لكان أولى وهو في الأصل مصدر أذن أي أعلم ثم صار اسما للتأذين فإن فعالا بالفتح يأتي إسما للتفعيل مثل ودع وداعا وسلم سلاما وكلم كلاما وجهز جهازا وزوج زواجا والحاصل أن لفظ الأذان مصدر أذن كعلم وضرب كما في الصحاح أي سماعا وإسم للتأذين قياسا والمئذنة بكسر الميم وسكون الهمزة المنارة ويجوز تخفيف الهمزة كما في المصباح وهي محل التأذين ويقال لها منارة والجمع مناير بالياء التحتية وأولى من أحدثها بالمساجد سلمة بن خلف الصحابي رضي الله تعالى عنه وكان أميرا على مصر في زمن معاوية وكان بلال يأتي بسحور لأطول بيت حول المسجد لإمرأة من بني النجار يؤذن عليه
قوله ( عندنا الأمامة أفضل منه ) وكذا الإقامة أفضل منه كما في التنوير وذلك لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على الإمامة وكذا الخلفاء الراشدون من بعده وقول عمر رضي الله تعالى عنه لولا الخلافة لأذنت لا يستلزم تفضيله عليها بل مراده لأذنت مع الإمامة لا مع تركها فيفيد أن الأفضل كون الإمام هو المئذن وهذا مذهبنا وكان عليه أبو حنيفة رضي الله عنه كذا في فتح القدير اه من الشرح
قوله ( الإعلام ) أي مطلقا
قوله ( إعلام مخصوص ) أي بوقت الصلاة ولا يختص بأول الوقت بل قد يؤخر عنه مع صلاة يندب تأخيرها وهذا تعريف للغالب فلا يرد أذان الفائتة وبين يدي الخطيب يوم الجمعة ولم يكن إلا هو حتى أحدث عثمان رضي الله عنه الأذان الأول على دار بسوق المدينة مرتفعة يقال لها الزوراء
قوله ( وسبب مشروعيته مشاورة الصحابة الخ ) السبب الأصلي حصول المشقة بسبب عدم ضبط وقت صلاته عليه
____________________
(1/128)
الصلاة والسلام وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة كان يؤخر الصلاة تارة ويعجلها أخرى وبعض الصحابة كان يبادر حرصا على الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم فيفوته بعض مقاصده وبعضهم يشغله ذلك عن المبادرة لظن التأخير فتشاوروا في أن ينصبوا علامة يعرفون بها وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لئلا تفوتهم الجماعة فقال بعضهم يضرب الناقوس فقال صلى الله عليه وسلم هو للنصارى وقال بعضهم الشبور وهو البوق فقال صلى الله عليه وسلم هو لليهود وقال بعضهم يضرب الدف فقال صلى الله عليه وسلم هو للروم وقال بعضهم نوقد نارا فقال صلى الله عليه وسلم ذلك للمجوس وقال بعضهم تنصب رايه فإذا رآها الناس أعلم بعضهم بعضا فلم يعجبه صلى الله عليه وسلم ذلك فلم تتفق آراؤهم على شيء فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مهتما
قال عبدالله بن زيد فبت مهتما بإهتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا أنا بين النائم واليقظان إذ أتاني آت وعليه ثوبان أخضران فقام على جدر حائط أي قطعة حائط وبيده ناقوس فقلت أتبيعني هذا فقال ما تصنع به فقلت نضرب به عند صلاتنا فقال أفلا أدلك على ما هو خير منه فقلت بلى فاستقبل القبلة قائما وقال الله أكبر حتى ختم الأذان ثم مكث هنيهة ثم قام فقال مثل مقالته الأولى وقال في أخره قد قامت الصلاة مرتين
قال عبدالله بن زيد فمضيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال رؤيا حق ألقها على بلال فإنه أندى منك صوتا فألقيتها عليه فقام على أعلى سطح بالمدينة فجعل يؤذن فسمعه عمر رضي الله عنه وهو في بيته فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في إزار يهرول فقال يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبيا لقد رأيت مثل ما رأى إلا أنه سبقني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد وأنه لأثبت وروي أن سبعة من الصحابة رأوا تلك الرؤيا في تلك الليلة واختلف في هذا الملك فقيل جبريل وقيل غيره وثبت الأذان بأمره صلى الله عليه وسلم وأما الرؤيا فسبب على أنه يحتمل مقارنة الوحي لها ويؤيده ما روي أن عمر لما رأى الأذان جاء ليخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فوجد الوحي قد سبقه بذلك وقيل إنما ثبت بتعليم جبريل ليلة الإسراء حين صلى عليه الصلاة والسلام بالأنبياء والملائكة إماما وإنما لم يعمل به صلى الله عليه وسلم إلا بعد هذه الرؤيا لظن أن ذلك مخصوص بتلك الصلاة وهو كالإقامة من خصائص هذه الأمة وما يروي أن آدم لما نزل الأرض استوحش فنادى جبريل بالأذان لا ينافي الخصوصية لأن المراد خصوصية الصلاة وفي الدرة المنيفة أول من أحدث أذان إثنين معا بنو أمية وأول ما زيدت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان على المنارة في زمن حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون بأمر المحتسب نجم الدين الطنيدي وذلك في شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة كذا في الأوائل للسيوطي والصواب من الأقوال أنها بدعة حسنة وكذا تسبيح المؤذنين في الثلث الأخير من الليل وحكى بعض المالكية فيه خلافا وأن بعضهم منع ذلك أفاده في النهر
قوله ( وشرع في السنة الأولى ) على الراجح وقبل ذلك كانوا يصلون بالمناداة في الطرق الصلاة الصلاة أو الصلاة جامعة فيجتمع الناس فلما صرفت القبلة أمر بالأذان
قوله ( في المدينة المنورة ) بيان لمحل مشروعيته
قوله ( وسببه ) أي البقائي كما سبق
قوله ( ومنه ) أي من شروطه أي شروط صحته
قوله ( صيتا ) أي حسن الصوت عاليه روي أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال لمؤذن أذن حسنا وإلا فاعتزلنا
قوله ( لزوم إجابته ) أي وجوبها وقيل سنة وقوله بالفعل
____________________
(1/129)
ضعيف وفيه حرج والمعتمد ندب الإجابة بالقول فقط
قوله ( والقول ) الواو بمعنى أو وهي لحكاية الخلاف
قوله ( أوقات الصلاة ) أي أصلا واستحبابا
قوله ( ولو قضاء ) فيه أن القضاء لا وقت له اللهم إلا أن يراد بالوقت وقت الفعل
قوله ( ويطلب الخ ) مستغنى عنه بقوله وحكمه الخ وإنما ذكره بيانا لقوله أولا وما يطلب من سامعه
قوله ( كالفعل ) قد علمت ما فيه
قوله ( فليس بواجب على الأصح ) وقيل أنه واجب لقول محمد لو اجتمع أهل بلدة على تركه قاتلتهم ولو تركه واحد ضربته وحسبته
قال في المعراج وغيره والقولان متقاربان لأن السنة المؤكدة لها حكم الواجب في لحوق الإثم بالترك وإن كان الإثم مقولا بالتشكيك ثم ان محمدا لا يخص الحكم المذكور بالواجب بل هو في سائر السنن فلا دليل فيه على الوجوب والسنة نوعان سنة هدى كالأذان والإقامة وتركها يوجب الإساءة وسنة زائدة وتركها لا يوجبها كسنة النبي صلى الله عليه وسلم في قعوده وقيامه ولبسه وأكله وشربه ونحو ذلك كما في السراج ولكن الأولى فعلها لقوله تعالى { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } الأحزاب 33
قوله ( لعدم تعليمه الأعرابي ) الضمير للأذان من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول والفاعل هو صلى الله عليه وسلم يعني أنه لما علم الأعرابي كيف يصلي لم يذكر له الأذان
قوله ( سنة مؤكدة ) بالنصب مفعول لسن مبين للنوع وقوله وكذا الإقامة مبتدأ أو خبر بالنظر للشرح ومعطوف على الأذان من عطف المفردات بالنظر إلى المتن
قوله ( لقول النبي صلى الله عليه وسلم ) الحديث قاصر على الأذان
قوله ( على الصحيح ) وقيل هو لهما لأن الوقت لهما
قوله ( ولو صلى الفرائض منفردا ) إتيان المنفرد به على سبيل الأفضلية فلا يسن في حقه مؤكدا والمكروه له ترك الأذان والإقامة معا حتى لو ترك الأذان وأتى بالإقامة لا يكره كما في البحر
قوله ( فانه يصلي خلفه الخ ) أخرج عبد الرزاق عن سلمان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل بأرض فحانت الصلاة فليتوضأ فإن لم يجد ماء فليتيمم فإن أقام صلى معه ملكان وإن أذن وأقام صلى معه من جنود الله ما لا يرى طرفاه
قوله ( وكرها للنساء ) اعلم أن الأذان والإقامة من سنن الجماعة المستحبة فلا يندبان لجماعة النساء والعبيد والعراة لأن جماعتهم غير مشروعة كما في البحر وكذا جماعة المعذورين يوم الجمعة للظهر في المصر فإن أداءه بهما مكروه كما في الحلبي
قوله ( من كراهتهما لهن ) لأن مبنى حالهن على الستر ورفع صوتهن حرام والغالب أن الإقامة تكون برفع صوت إلا أنه أقلمن صوت الأذان
قوله ( يكبر في أوله أربعا ) بصوتين وأكبر أما بمعنى أعظم أو أقدم وقيل بمعنى عظيم فأفعل التفضيل ليس على بابه كقوله تعالى { وهو أهون عليه } الروم 30 أي هين وإنما عبر بأهون تقريبا لعقول المخاطبين إذ الإعادة عندهم أسهل من الابتداء
قوله ( وروى الحسن مرتين ) وهو رواية عن أبي يوسف وبه قال مالك
قوله ( ويجزم الراء في التكبير ) كان أبو العباس المبرد يقول سمع الأذان موقوفا في مقاطعه كقولهم حي على الصلاة وحي على الفلاح والأصل فيه الله أكبر الله أكبر بتسكين الراء فحولت فتحت الألف من إسم الله إلى الراء وهذا يقتضي تعيين التسكين في الراء الثانية وكذا الأولى غير أنه تنفل فتحة الألف إليها والتحقيق أن الراء الأخيرة ساكنة لا محالة وهو مخير فيما قبلها بين الضم والفتح تخلصا من الساكنين إذ لا يتعين الفتح في ذلك كما لا يخفى ولفظ الجلالة مرفوع في جميع الحالات أفاده بعض
____________________
(1/130)
الأفاضل
قوله ( ويسكن كلمات الأذان ) يعني للوقف والأولى ذكره
قوله ( في الأذان حقيقة ) أي الوقف الذي لأجله السكون حقيقة في الأذان لأجل الترسل فيه
قوله ( وينوي الوقف في الإقامة ) لأنه لم يقف حقيقة لأن المطلوب فيها الحدر أفاده في الشرح
قوله ( لقوله صلى الله عليه وسلم ) علة لقوله ويسكن الخ ويأتي بالشهادتين كل واحدة مرتين يفصل بينهما بسكتة وهكذا الخ ويأتي بحي على الصلاة وهو المقصود من الأذان لأن المراد نداؤهم إلى الصلاة بل هو الأذان في الحقيقة إلا أنه سمى المجموع أذانا مجازا تسمية للكل بإسم الجزء لحصول المقصود بذلك وهو الإعلام بدخول الوقت وسميت الإقامة بها لأجل قد قامت كما في التبيين وهي هنا بمعنى أقبلوا لأنه هو الذي يتعدى بعلى ومعنى حي على الفلاح أقبلوا على ما فيه فلا حكم ونجاتكم وهي الصلاة أو أقبلوا على الصلاة عاجلا وعلى الفلاح آجلا قالوا وليس في كلام العرب كلمة أجمع للخير من لفظ الفلاح ويقرب منه النصيحة ذكره النووي في شرح مسلم
قوله ( عودا للتعظيم ) هذا بيان حكمة إعادة التكبير وحكمة تكريره ذكرها بعد
قوله ( تعظيم شأن الصلاة ) وليكون أدعى إلى المساعدة إلى الطاعة والإجابة
قوله ( لأن بلالا لم يرجع ) في جميع الحالات وكذا ابن أم مكتوم وقال الشافعي أنه سنة لترجيع أبي محذورة بأمره صلى الله عليه وسلم وأجيب بأنه كان تعليما فظنه ترجيعا وبان أبا محذورة كان مؤذنا بمكة وكان حديث عهد بالإسلام فأخفى كلمتي الشهادة حياء من قومه ففرك النبي صلى الله عليه وسلم أذنه وأمره أن يعود فيرفع صوته ليعلمه أنه لا حياء من الحق
قوله ( والإقامة مثله ) حسا ومعنى وصفة إلا ما استثنى واختصاصا وسببا ولا لحن ولا ترجيع فيها
قوله ( الصلاة خير من النوم ) إنما كان النوم مشاركا للصلاة في الخيرية لأنه قد يكون عبادة إذا كان وسيلة إلى تحصيل طاعة أو ترك معصية ولكونه راحة في الدنيا والصلاة راحة في الآخرة وراحة الآخرة أفضل
قاله في الشرح وهل يأتي به في أذان الفائتة محل توقف
قوله ( بالفصل الخ ) وقيل بتطويل الكلمات كما في البحر عن عقد الفرائد
وكل ذلك مطلوب في الأذان فيطول الكلمات بدون تغن وتطريب كما في العناية
قوله ( بين كل كلمتين ) أي جملتين إلا في التكبير الأول فإن السكتة تكون بعد تكبيرتين
قوله ( أي يحدر ) من باب نصر ولو عكس بأن حدر بالأذان وترسل بالإقامة كره قال في الفتح وهو الحق اه
والسنة أن يعاد الأذان لفوات تمام المقصود منه كما في القهستاني وكذا الإقامة كما في الخانية وهذا على سبيل الأفضلية كما في النهر وقيل لا تعاد الإقامة لترك الحدر لعدم مشروعية تكرارها وصحح
قوله ( ولا يجزي الأذان بالفارسية ) الظاهر ان الإقامة مثله للعلة المذكورة
قوله ( ويستحب أن يكون المؤذن صالحا ) لأنه يكون على المكان المرتفع وبعض النساء في صحن الدار والسطح وليؤتمن على الأوقات لقوله صلى الله عليه وسلم ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم أقرؤكم والصالح من يكون قائما بحقوق الله تعالى وحقوق العباد ولما كان ذلك قليلا وكان المراد خلافه بينه بقوله أي متقيا والمراد أن يكون ظاهر العدالة
قوله ( بالسنة في الأذان ) كتربيع التكبير والترسل
قوله ( مستقبل القبلة والإقامة مثله ولو تركه جاز لحصول المقصود وكره تنزيها
قوله ( لضرورة سفر ) الظاهر أن المراد به اللغوي دون الشرعي لمقابلته بالحضر ويدل له أنهم أباحوا التنفل راكبا خارج المصر مطلقا فالأذان أولى أفاده بعض الأفاضل
قوله
____________________
(1/131)
( ويستحب أن يجعل أصبعيه ) أي السبابتين والمراد أنملتهما وهو ليس بسنة أصلية إذ لم يكن في أذان الملك النازل من السماء ولم يشرع لأصل الإعلام بل للمبالغة فيه وان جعل يديه على أذنيه فحسن
قوله ( لا يسمع مدى صوت المؤذن ) المدى كالفتى الغاية وهذا شروع في بيان فضل فاعله وهو علة لقول المصنف وأن يجعل الخ المفيد رفع الصوت بالأذان في النسائي له مثل أجر من صلى معه اه ويخرج من قبره يؤذن والمؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة أي أكثر الناس رجاء وقيل أكثر الناس اتباعا لأنه يتبعهم كل من يصلي بأذانهم يقال جاءني عنق من الناس أي جماعة وقيل تطول أعناقهم فلا يلحقهم العرق يوم القيامة وضبط بكسر الهمزة والمعنى أنهم أشد الناس إسراعا في السير وورد أن المؤذن يجلس يوم القيامة على كثيب من المسك وأنه لا يهوله الفزع الأكبر وفي الضياء روي أنه صلى الله عليه وسلم أذن في سفر بنفسه وأقام وصلى الظهر
قوله ( يمينا بالصلاة الخ ) صححه الزيلعي وقيل يحول بهما جميعا في الجهتين
قال الكمال وهو الأوجه
قال في النهر لأنه خطاب للقوم فيواجههم به واختصاص اليمين بالصلاة واليسار بالفلاح تحكم بلا دليل
قوله ( ولو كان وحده في الصحيح ) وقال الحلواني إن أذن لنفسه لا يحول لأنه لا حاجة إليه
قوله ( لأنه سنة الأذان ) ولو لمولود أو لخوف
قوله ( ويستدير في صومعته ) بأن يخرج رأسه من الكوة اليمنى ويقول ما يقول ثم يذهب إلى الكوة اليسرى ويفعل كذلك كما في الدرر من غير استدبار للقبلة لأنه مكروه كما في الفتح والصومعة المنارة وهي في الأصل متعبد الراهب ذكره العيني ويحول في الإقامة إذا كان المكان متسعا وهو أعدل الأقوال كما في النهر واختلف في أذان المغرب والظاهر أنه يؤذن في مكان عال أيضا كما في السراج ويكره أن يؤذن في المسجد كما في القهستاني عن النظم فإن لم يكن ثمة مكان مرتفع للأذان يؤذن في فناء المسجد كما في الفتح
قوله ( ويفصل بين الأذان والإقامة ) لقوله صلى الله عليه وسلم لبلال اجعل بين أذانك وإقامتك نفسا حتى يقضي المتوضيء حاجته في مهل وحتى يفرغ الآكل من أكل طعامه في مهل اه والنفس بفتحتين واحد الأنفاس وهو ما يخرج من الحي حال التنفس ولأن المقصود بالأذان إعلام الناس بدخول الوقت ليتهيؤا للصلاة بالطهارة فيحضروا المسجد وبالوصل ينتفي هذا المقصود
قوله ( لكراهة وصلهما ) في كل صلاة إجماعا
قوله ( بقدر ما يحضر الملازمون ) إلا إذا علم بضعيف مستعجل فإنه ينتظره ولا ينتظر رئيس المحلة كما في الفتح وما في المبتغى أن تأخير الإقامة وتطويل القراءة لإدراك بعض الناس حرام جدا معناه إذا كان لأجل الدنيا تأخيرا وتطويلا يشق على الناس لأنه إهانة لأحكام الشرع والحاصل أن التأخير اليسير للإعانة على الخير غير مكروه ولا بأس أن ينتظر الإمام إنتظارا وسطا كما في المضمرات
قوله ( مع مراعاة الوقت المستحب ) فلا يجوز التأخير عنه إلى المكروه مطلقا
قوله ( أو قدر ثلاث خطوات ) هذه رواية عن الإمام وهذه الأحوال متقاربة وعندهما يفصل بينهما بجلسة خفيفة بقدر ما تتمكن مقعدته ويستقر كل عضو في مفصله كما في الفصل بين الخطبتين والخلاف كما قال الحلواني في الأفضلية لا في الجواز
قوله ( ويثوب الخ ) هو لغة مطلق العود إلى الإعلام بعد الإعلام وشرعا هو العود إلى الإعلام المخصوص
قوله ( بعد الأذان ) على الأصح لا بعد الإقامة كما هو اختيار علماء الكوفة
قوله ( في جميع
____________________
(1/132)
الأوقات ) استحسنه المتأخرون وقد روى أحمد في السنن والبزار وغيرهما بإسناد حسن موقوفا على ابن مسعود ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ولم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم ولا في زمن أصحابه إلا ما أمر به بلال أن يجعله في أذان الفجر
قوله ( في الأصح ) ويكره عندهما في غير الفجر لأنه وقت نوم وغفلة بخلاف غيره
قوله ( بحسب ما تعارفه أهلها ) ولو بالتنحنح لأن المقصود الإعلام كما في النهر عن المجتبى
قوله ( كقوله ) أي المؤذن قيد بكون المثوب هو المؤذن لأنه لا ينبغي لأحد أن يقول لمن فوقه في العلم والجاه حان وقت الصلاة سوى المؤذن لأنه إستفضال لنفسه
قوله ( قوموا إلى الصلاة ) أي أو قوموا
قوله ( وهو التطريب ) أي التغني به بحيث يؤدي إلى تغيير كلمات الأذان وكيفياتها بالحركات والسكنات ونقص بعض حروفها أو زيادة فيها فلا يحل فيه ولا في قراءة القرآن ولا يحل سماعه لأن فيه تشبها بفعل الفسقة في حال فسقهم فإنهم يترنمون اه من الشرح ببعض تغيير
قوله ( والخطأ في الإعراب ) ويقال له لحن ويطلق اللحن على الفطنة والفهم لما لا يتفطن له غيره ومنه الحديث لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض اه من الشرح
قوله ( وأما تحسين الصوت بدون ) أي بدون ما ذكر من الترنم والخطأ في الإعراب وأما التفخيم للام الجلالة فلا بأس به لأنه لغة أهل الحجاز ومن يليهم ولغة أهل البصرة الترقيق وعن أبي مجاهد أنه يختار تغليظ اللام بعد فتحة أو ضمة والترقيق بعد الكسر وتمامه في الكافي
قوله ( ويكره إقامة المحدث ) للزوم الفصل بين الإقامة والصلاة بالإشتغال بالوضوء كما في العناية والسنة وصلها بصلاة من يقيم ويروى أنها لا تكره الأول هو المذهب كما في البحر والنهر
قوله ( وأذانه لما روينا ) من قوله صلى الله عليه وسلم لا يؤذن إلا متوضىء
قوله ( لما لا يجيب ) أي لعبادة لا يحببها بنفسه فعائد الصلة محذوف
قوله ( واتبعت هذه الرواية ) وهي رواية الحسن عن الأمام كما في القهستاني عن التحفة إلا أن النقص بالجنابة أفحش كما في السراج
قوله ( وان صحح الخ ) وهو ظاهر الرواية والمذهب كما في الدرر
قوله ( كإقامته ) لأنها أقوى من الأذان كما في البحر والنهر
قوله ( بل لا يصح أذان صبي لا يعقل ) لأنه لا يلتفت إلى أذانه كالمجنون ونحوه فربما ينتظر الناس الأذان المعتبر والحال أنه معتبر في نفس الأمر فيخرج الوقت وهم ينتظرون فيؤدي إلى تفويت الصلاة وفساد الصوم إذا كان في الفجر أو الشك في صحة المؤدي أو إيقاعها في وقت مكروه كما في البحر والنهر
قوله ( وقيل والذي يعقل أيضا ) ظاهر الرواية صحته بدون كراهة لأنه من أهل الجماعة كما في السراج والبحر
قوله ( لما روينا ) من قوله صلى الله عليه وسلم ليؤذن لكم خياركم اه من الشرع
قوله ( لفسقه ) الأولى حذفه ليعم ما لو سكر من مباح ذكره السيد
قوله ( بالحقيقة ) الباء زائدة أي لعدم تمييزه حقيقة الأذان عن غيرها
قوله ( وأذان امرأة ) قال في السراج إذا لم يعيدوا أذان المرأة فكأنهم صلوا بغير أذان وجزم به في البحر والنهر وهذا يفيد عدم الصحة ويمكن أرادته هنا لأنهم قد يطلقون الكراهة على عدم الصحة كما في أذان المجنون والصبي الغير العاقل
قوله ( لأنه عورة ) ضعيف والمعتمد أنه فتنة فلا تفسد برفع صوتها صلاتها ومثل المرأة الخنثى المشكل
قوله ( وأذان فاسق ) هو الخارج عن أمر الشرع بارتكاب كبيرة كذا في الحموي
قوله ( لأن خبره لا يقبل الخ ) فلم يوجد الإعلام المقصود الكامل
قوله
____________________
(1/133)
( وأذان قاعد ) أي وراكب إلا المسافر لضرورة السير ويعلم حكم أذان المضطجع بالأولى نهر
قوله ( إلا لنفسه ) لعدم الحاجة إلى الإعلام وأما الإقامة فتكره بلا قيام مطلقا
قوله ( ويكره الكلام في خلال الأذان ) لأنه ذكر معظم كالخطبة والكلام يخل بالتعظيم ويغير النظم المسنون
وفي المضمرات ويكره التنحنح عند الإقامة والأذان لأنه بدعة قال في البرهان الحلبي كذا أطلقوه ولا يخفى أن المراد إذا لم يكن لعذر كبلغم يمنعه عن الكلام أو تحسين الصوت ومن المكروهات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ابتداء الإقامة لأنه بدعة ولو وقف في الأذان لتنحنح أو سعال لا يعيد إلا إذا طالت الوقفة كما في القنية
قوله ( ولو برد السلام ) ولا يرده في الحال ولا بعد الفراغ ولا في نفسه على المعتمد وكذا القارىء والمصلي والخطيب وأجمعوا على عدم الوجوب على متغوط ومكشوف عورة مطلقا لأن السلام عليهما حرام وكذا لا يجب على قاض ومدرس ولا يجب رد سلام السائل كما في القرماني عن القنية
قوله ( بالكلام فيه ) أي مطلقا وقيل لا يعاد مطلقا ثالثها يعاد بالكلام الكثير دون اليسير وهو الأشبه كما في البحر عن الخلاصة والكلمة والكلمتان يسير كما في القهستاني
تنبيه إذا كان المقيم غير الإمام أتمها في موضع البداءة وإن كان إماما فعن أبي يوسف يتمها في موضعه وخيره الفقيه مطلقا وجزم به في الخلاصة وصحح ما روى عن أبي يوسف
قوله ( في المصر ) قيد به لأن أهل السواد لا يكره لهم ذلك لأنه لا جمعة على أهله كما في البحر من باب الجمعة وقول السيد أن القرية كالمصر إذا كان لها مسجد فيه أذان وإقامة وإن لم يكن لها مسجد فكالمسافر وعزاه إلى البحر ليس في محله لأن صاحب البحر ذكر ما نقله السيد في شرح قول الكنز وكره تركهما لمسافر لا لمصل في بيته في المصر
قوله ( لمن فاتتهم الجمعة ) سواء كان لعذر أم لا قبل صلاة الجمعة أو بعدها بجماعة أم لا
قوله ( ويؤذن للفائتة ويقيم ) لأن الأذان والإقامة من سنن الصلاة لا من سنن الوقت والقضاء يحكي الأداء قال في الشرح والإطلاق يشمل القضاء في المسجد والبيت ولكن في المجتبى معزيا إلى الحلواني أن سنة القضاء في البيوت دون المساجد فإن فيه تشويشا وتغليظا اه قال صاحب البحر وإذا كانوا صرحوا بأن الفائتة لا تقضى في المسجد لما فيه من إظهار التكاسل في إخراج الصلاة عن وقتها فالإخفاء بالأذان لها أولى بالمنع اه إلا إذا كان التفويت لأمر عام فلا يكره في المسجد لانتفاء العلة
قوله ( في الفجر الذي قضاه الخ ) عن زيد بن أسلم قال عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة ووكل بلالا أن يوقظهم للصلاة فرقد بلال ورقدوا حتى استيقظوا وقد طلعت عليهم الشمس وقد فزعوا فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي وقال إن هذا واد به شيطان فركبوا حتى خرجوا من ذلك الوادي ثم أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا وأن يتوضؤوا وأمر بلالا أن ينادي للصلاة ويقيم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وقد رأى من فزعهم فقال أيها الناس إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها علينا في حين غير هذا فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع إليها فليصلها كما كان يصليها في وقتها ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر الصديق فقال إن الشيطان أتى بلالا وهو قائم يصلي فأضجعه ثم لم يزل يهدئه كما يهدأ الصبي حتى نام ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأخبر بلال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي
____________________
(1/134)
أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فقال أبو بكر رضي الله عنه أشهد أنك رسول الله رواه مالك في موطئه مرسلا والتعريس النزول آخر الليل
قوله ( والأكمل فعلهما ) لأن الأخذ برواية الزيادة أولى خصوصا في باب العبادات كذا في البدائع
قوله ( يوم الأحزاب ) هو يوم الخندق وكان في السنة الرابعة من الهجرة قال في الشرح
قوله ( ان اتحد مجلس القضاء ) أما إن اختلف فيؤذن للأولى في المجلس الثاني أيضا
قوله ( لمخالفة فعل النبي صلى الله عليه وسلم ) علة لقوله وكره ترك الإقامة
قوله ( وفي بعض الروايات الخ ) قد علمت أن الأخذ برواية الزيادة أولى
قوله ( وإذا سمع المسنون منه ) فلو لم يسمع لبعد أو لصمم لا تشرع له المتابعة ولو علم أنه أذان كما ذكره النووي في شرح المهذب أي وقواعدنا لا تأباه وفي شرح الشفاء للشهاب قيل لا يشترط سماع الكل ولا فهمه ومفهوم التقييد بالمسنون أنه إذا كان على غير وجه السنة لا تندب متابعته ومفاهيم الكتب حجة
قوله ( وهو ما لا لحن فيه ) وأن يقع في الوقت كما في مواهب الرحمن وفي البزازية يندب القيام عند سماع الأذان اه وهل يستمر إلى فراغه أم يجلس
قال في النهر لم أره ثم إذا لم يجب حتى فرغ من تداركه إن قصر الفصل وفي الفتح فإن سمعهم معا أجاب معتبرا كون جوابه لمؤذن مسجده اه
قوله ( ليجيب المؤذن ) إختلف في الإجابة فقيل واجبة وهو ظاهر ما في الخانية والخلاصة والتحفة وإليه مال الكمال قال في الدر فلا يرد سلاما ولا يشتغل بشيء سوى الإجابة اه
والتفريغ يندب الإمساك عن التلاوة الخ لا يظهر إلا على القول بالسنية وقيل مندوبة وبه قال مالك والشافعي وأحمد وجمهور الفقهاء واختاره العيني في شرح البخاري وقال الشهاب في شرح الشفاء هو الصحيح لأنه صلى الله عليه وسلم سمع مؤذنا كبر فقال على الفطرة فسمعه تشهد فقال خرجت من النار وصرح في العيون بأن الإمساك عن التلاوة والاستماع إنما هو أفضل وصرح جماعة بنفي وجوبها باللسان وأنها مستحبة حتى قالوا إن فعل نال الثواب وإلا فلا أثم ولا كراهة وحكى في التجنيس الإجماع على عدم كراهة الكلام عند سماع الأذان اه أي تحريما وفي مجمع الأنهر عن الجواهر إجابة المؤذن سنة وفي الدرة المنيفة أنها مستحبة على الأظهر والحاصل أنه اختلف التصحيح في وجوب الإجابة باللسان والأظهر عدمه وحكى المؤلف القولين فيما يأتي وفي النهر وقول الحلواني الإجابة باللسان مندوبة والواجب إنما هو الإجابة بالقدم مشكل لأنه يلزم عليه وجوب الأذان في أول الوقت والصلاة في المسجد إذ لا معنى لإيجاب الذهاب دون الصلاة وينبغي أن يقال لا تجب يعني بالقول بالإجماع للأذان بين يدي الخطيب وتجب بالقدم بالاتفاق للأذان الأول يوم الجمعة لوجوب السعي بالنص وما عدا هذين ففيه الخلاف اه
قال في الشرح وفي حديث عمرو أبي إمامة التنصيص على أن لا يسبق المؤذن بل يعقب كل جملة منه بجملة منه اه
قوله ( وهو الأفضل ) هذا مبني على ندب الإجابة باللسان
قوله ( يمضي على قراءته إن كان في المسجد ) مبني على وجوب الإجابة بالقدم ومن قال بها لا ينفي ندب الإجابة باللسان
قوله ( إن لم يكن أذان مسجده ) أي فتندب إجابته
قوله ( والأصول ) أي علم الكلام ويحتمل أصول الفقه وهذا مبني على وجوب الإجابة بالقول
قوله ( وإذا سمعه وهو يمشي الخ ) لعلهم جعلوا المشي مسقطا للوجوب كالأكل وقضاء الحاجة ويحتمل أن الأولوية راجعة إلى
____________________
(1/135)
الوقوف لا للإجابة أو هو مبني على ندب الإجابة
قوله ( وإذا تعدد الأذان يجيب الأول ) مطلقا سواء كان مؤذن مسجده أم لا لأنه حيث سمع الأذان ندبت له الإجابة ثم لا يتكرر عليه في الأصح ذكره الشهاب في شرح الشفاء
قوله ( ولا يجيب في الصلاة ) ولو أجاب فسدت
قوله ( وخطبة ) أي خطبة كانت
قوله ( وتعلم العلم وتعليمه ) ينافيه ما قدمه قريبا من قوله وإذا كان يتكلم في الفقه أو الأصول تجب عليه الإجابة والظاهر أن نفي الإجابة في هذه الصورة متأت على القولين فيها
قوله ( لعجزهما عن الإجابة بالفعل ) أي فسقطت بالقول تبعا للفعل
قوله ( كما قال مجيبا له ) أفاد أنه لا يكون آتيا بالسنة إلا إذا قصد الإجابة
قوله ( ولكن حوقل ) السر في اختصاصهما بذلك أنه لما طلب منهم بالجملة الأولى الإقبال على الصلاة والمجيء إليها وطلب منهم بقوله حي على الفلاح الإقبال إلى الفوز والنجاة وذلك لا يكون إلا بحركة والعبد لا قدرة له على شيء ناسب أن يقول لا حول أي لا حركة ولا إستطاعة لي على شيء مما طلب مني إلا بقوة الله تعالى وهذا أولى من قول المؤلف لأنه لو قال مثلهما صار كالمستهزيء
قوله ( أي لا حول لنا ) هو من التحول والمضي ومنه سمي العام حولا لمضيه وبعده أي لا تحول ولا بعد لي عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوة لي على طاعته إلا بمعونته فالعطف للمغايرة وهذا هو ما فسر به صلى الله عليه وسلم هاتين الجملتين وقيل ان الحول بالواو وبالياء في اللغة القدرة على التصرف فعطف القوة عليه عطف مرادف
قوله ( الحيعلتين ) تثنية حيعلة مركبة من حي على كذا قال المنلا علي في شرح الحصن الحصين والعرب إذا كثر استعمالهم في كلمتين ضموا بعض حروف إحداهما إلى بعض الأخرى مثل البسملة والحمدلة والسبحلة والحوقلة والهيللة والحيعلة والإجابة بالحوقلة للحيعلة قول الثوري وأصحابنا الثلاثة وأحمد في الأصح عنه ومالك في رواية وقال النخعي والشافعي وأحمد في رواية ومالك في رواية يقول كما يقول المؤذن حتى يفرغ من أذانه واختار المحقق في الفتح الجمع بين الحيعلة والحوقلة عملا بالأحاديث الواردة وجمعا بينها ففي مسند أبي يعلى عن أبي أمامة عنه صلى الله عليه وسلم إذا نادي المنادي للصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء فمن نزل به كرب أو شدة فليتحر المنادي إذا كبر كبر وإذا تشهد تشهد وإذا قال حي على الصلاة قال حي على الصلاة وإذا قال حي على الفلاح قال حي على الفلاح ثم يقول يعني بعدما يتمه متابعا اللهم رب هذه الدعوة الحق المستجاب لها دعوة الحق وكلمة التقوى أحينا عليها وأمتنا عليها وابعثنا عليها واجعلنا من خيار أهلها محيانا ومماتنا ثم يسأل الله عز وجل حاجته رواه الطبراني في كتاب الدعاء وقال الحاكم صحيح الإسناد فهذا صريح في أنه يقول مثل ما يقول في جميع الكلمات ولا يقال أن ذلك يشبه الإستهزاء لأنا نقول لا مانع من صحة اعتبار المجيب بهما آمرا نفسه داعيا إياها محركا منها السواكن مخاطبا لها حثا وحضا على الإجابة بالفعل ثم يتبرأ من الحول والقوة وقد رأينا من مشايخ السلوك من يجمع بينهما
قوله ( والدعاء مستجاب بعد إجابته بمثل ما قال ) أي حتى في الحيعلتين ودليله ما في مسند أبي يعلى المتقدم
قوله ( وبررت ) عطف تفسير على ما قبله من بر في كلامه إذا صدق وبر في يمينه إذا حفظها وقيل يقول صدقت وبالحق نطقت كما في مجمع الأنهر ولا خفاء في حسن الجمع
قال
____________________
(1/136)
بعض الفضلاء ويقول عند قد قامت الصلاة أقامها الله وأدامها هكذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره الحلبي وغيره ومعنى أقامها الله أثبتها وأبقاها قال في شرح المشكاة واشتهر بعد قوله وأدامها زيادة وجعلني من صالحي أهلها وهذا إنما يظهر على قول الصاحبين ان الشروع بعد الفراغ منها أما على قول الإمام أن الشروع الأفضل عند قد قامت الصلاة وان الأفضل مقارنة المأموم للإمام في التحريمة لا يظهر
قوله ( ما شاء الله كان ) كان هنا ويكن فيما بعد تامة
قوله ( والمؤذن ) لتحصل له الفضيلة كذا في الشرح
قوله ( بالوسيلة ) أي بتحصيلها
قوله ( حين يسمع النداء ) هذا يقتضي ان الدعاء بها حين يسمع النداء وما سيأتي يقتضي أن يدعو بها بعد فراغه من الإجابة فأما ان يجمع بينهما وإما أن يحمل الأول على الثاني ويكون المراد بقوله حين يسمع الإسراع والمبادرة أو المراد كل الأذان
قوله ( الدعوة ) بفتح الدال الدعاء والتامة الكاملة التي لا يدخلها نقص ولا عيب ولا تغيرها ملة ولا تنسخها شريعة وفي هذه الدعوة أفضل الأقوال وهو لا إله إلا الله قال العيني هي إلى قول محمد رسول الله
قوله ( الصلاة القائمة ) أي الدائمة الثابتة
قوله ( آت محمدا الوسيلة ) هي فعيلة وتجمع على وسائل ووسل وهي كل أمر يكون موصلا لأمر تبتغيه وحقيقة الوسيلة إلى الله عز وجل مراعاة سبيله بالعلم والعبادة وتجرى مكارم الشريعة فهي كالقربة قاله الراغب وحاصله أنها فعل المأمورات وإجتناب المنهيات والمراد هنا منزلة عالية في الجنة فهو مجاز من إطلاق السبب على المسبب
قوله ( والفضيلة ) هي المرتبة الزائدة على سائر الخلق أو منزلة أخرى أو تفسير للوسيلة
قال السخاوي في المقاصد الحسنة وزيادة والدرجة الرفيعة كما يفعله من لا خبرة له بالسنة لا أصل لها في الدعاء الوارد ذكره الشهاب في شرح الشفاء
قوله ( مقاما محمودا ) مفعول ثان لأبعثه بتضمينه معنى أعط أو على المفعول المطلق أي ابعثه يوم القيامة فأقمه مقاما محمودا وضمن بعث معنى أقم وهو منكر لمناسبة لفظ القرآن أو للتفخيم ووقع في رواية النسائي وابن خزيمة وغيرهما المقام المحمود بالتعريف والمراد به الشفاعة العظمى وهو الأشهر وعليه الأكثر وقيل هو ان يسأل فيعطي ويشفع فيشفع وليس أحد إلا تحت لوائه
قوله ( الذي وعدته ) أي في قوله تعالى { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } وهو صفة للمقام إن جعل علما لذلك المقام وإلا فهو بدل
قوله ( حلت له شفاعتي ) حل من باب ضرب أي وجبت بمعنى تحققت وثبتت أو من باب قعد بمعنى نزل واللام في له بمعنى على والمراد بالشفاعة شفاعة مخصوصة كدخول الجنة مع السابقين ورفع الدرجات وزيادة العطيات ولا يختص هذا الفضل بمن قالها مستحضرا لأخلاقه صلى الله عليه وسلم بل يكفي فيه مجرد قصد الثواب إلا أنه ينبغي أن لا يكون لاهيا لاغيا
ذكره الشهاب في شرح الشفاء وفائدة هذا الدعاء مع تحقق مدلوله له عليه الصلاة والسلام الإمتثال أو ترتب الثواب الموعود لقائله
قوله ( صلى الله عليه بها عشرا ) أي أنعم عليه بإنعامات عشرة بسبب دعائه له صلى الله عليه وسلم
قوله ( وأرجو أن أكون أنا هو ) هذا من الأدب مع الله تعالى والتباعد عن التحكم عليه أو قاله قبل أن يطلعه الله تعالى على أنه هو
فائدة ذكر القهستاني عن كنز العباد أنه يستحب أن يقول عند سماع الأولى من الشهادتين للنبي صلى الله عليه وسلم صلى
____________________
(1/137)
الله عليك يا رسول الله وعند سماع الثانية قرت عيني بك يا رسول الله اللهم متعني بالسمع والبصر بعد وضع إبهاميه على عينيه فإنه صلى الله عليه وسلم يكون قائدا له في الجنة وذكر الديلمي في الفردوس من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه مرفوعا من مسح العين بباطن أنملة السبابتين بعد تقبيلهما عند قول المؤذن أشهد أن محمدا رسول الله وقال أشهد ان محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا حلت له شفاعتي اه وكذا روي عن الخضر عليه السلام وبمثله يعمل في الفضائل
قوله ( تتفرع جميع الجنات ) يحتمل أن المعنى أنه الأصل لكل جنة فباقي دورها تبع لها
قوله ( دار المقامة ) بيان لجنة عدن قال ابن كثير الوسيلة أقرب منازل الجنة إلى العرش وأعلاها وأشرفها ويدل عليه ما رواه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري مرفوعا الوسيلة درجة عند الله ليس فوقها درجة فأسألوا الله أن يؤتيني الوسيلة
قوله ( بشفاعته ) المراد شفاعة مخصوصة كرفع الدرجات
قوله ( ومجاورته ) المجاورة لكل شخص بما يناسبه والله تعالى أعلم
باب شروط الصلاة قوله ( للتيقظ ) أي للتنبه
قوله ( جمع شرط ) وهو ثلاثة أنواع عقلي كالقدوم للنجار وشرعي كالطهارة للصلاة وجعلي كالدخول المعلق به الطلاق كذا في الشرح
قوله ( وهما العلامة ) مسلم في الثاني ومنه قوله تعالى { فقد جاء أشراطها } أي علاماتها ومنه سمي الحاكم صاحب شرطة بالضم والجمع شرط كرطبة ورطب أي صاحب علامة لأن له علامة تميزه والشرط على لفظ الجمع أعوان السلطان لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها وأما ا لأول فأصله مصدر شرط كنصر وضرب و استعمل لغة في إلزام الشيء والتزامه في بيع ونحوه والشريطة بمعناه هذا ما يدل عليه عبارة أهل اللغة
قوله ( وفي الشريعة الخ ) اعلم إن ماله تعلق بالشيء أما ان يكون داخلا فيه أو لا
الأول الركن كالركوع في الصلاة والثاني إن كان مؤثرا فيه بحسب الظاهر فهو العلة كعقد النكاح المحلل للوطء وإن لم يكن مؤثرا فيه فإن كان مفضيا إليه في الجملة فهو السبب كالوقت لوجوب الصلاة وإن لم يكن مفضيا إليه فإن توقف الشيء عليه فهو الشرط كالطهارة للصلاة وإن لم يتوقف عليه الشيء سمي علامة كالأذان للصلاة ذكره الحموي
قوله ( وهو في اللغة الجانب الأقوى ) قال تعالى { أو آوي إلى ركن شديد } هود 11 أي عز ومنعة
قوله ( الجزء الذاتي ) ويطلق الفرد عليه كما يطلق على الشرط
قوله ( أراد التقريب ) أي تقريب الحفظ على المتعلم
قوله ( بزيادة ) الباء بمعنى مع وسيأتي له ذكر الزيادة شرحا
قوله ( من شرط صحة الشروع والدوام على صحتها ) اعلم أن الشروط من حيث هي أربعة أقسام شرط إنعقاد لا غير كالنية والتحريمة والوقت والخطبة للجمعة وشرط إنعقاد ودوام كالطهارة وستر العورة وإستقبال القبلة وشرط بقاء لا غير أي ما يشترط وجوده داخل الصلاة وهو نوعان ما يشترط فيه التعيين كترتيب ما لم يشرع مكررا والثاني ما لا يشترط فيه التعيين وهو نوعان أيضا وجودي وعدمي فالوجودي كالقراءة فإنها وإن كانت ركنا إلا أنها ركن في نفسها شرط لغيرها لوجودها في كل الأركان تقديرا ولذا لم يجز استخلاف الأمي ولو بعد أداء فرض القراءة كما في الدر
____________________
(1/138)
والعدمي كعدم تقدم المقتدي على إمامه وعدم محاذاة مشتهاة في صلاة مشتركة وعدم تذكر صاحب الترتيب فائتة والقسم الرابع شرط خروج وهو القعدة الأخيرة
قوله ( فمن الشروط الطهارة ) قدمها على سائر الشروط لأنها أهم إذ هي مفتاح الصلاة ولأنها أول مسؤول عنه في القبر
قوله ( والحيض والنفاس ) لا حاجة إلى ذكرهما لأن المراد بالحدث الأكبر ما أوجب الغسل ويحتمل أنه أراد به هنا خصوص الجنابة
قوله ( والحدث لغة الشيء الحادث ) قال في القاموس الحدث محركة الإبداء وقال قبله حدث حدوثا وحداثة نقيض قدم وتضم داله إذا ذكر مع قدم اه وهذا يفيد أن إطلاقه على الشيء الحادث من إطلاق المصدر على إسم الفاعل
قوله ( وشرعا مانعية شرعية ) المانعية ألكون مانعا وهذا لا بد له من موصوف يصح إسناده إليه بحيث يقال معنى كون البول حدثا أنه مانعية شرعية أي كون مانعا الخ والمصنف ذكره مجردا عن هذا الموصوف فلو قال وشرعا مانع شرعي يقوم الخ أي مانع عما يباح إلا برافعه لكان أوضح وفي شرح الخطيب لأبي شجاع أنه في الشرع يطلق على أمر إعتباري يقوم بالأعضاء يمنع من صحة الصلاة وعلى الأسباب التي ينتهي بها الطهر وعلى الأمر المترتب على ذلك اه والأول هو بمعنى قولنا وشرعا مانع الخ
قوله ( فلو بسط شيئا رقيقا يصلح ساترا الخ ) أي ولم تشم منه رائحة النجاسة
قال البرهان الحلبي وكذا الثوب إذا فرش على النجاسة اليابسة إن كان رقيقا يشف ما تحته أو توجد منه رائحة النجاسة على تقدير آن لها رائحة لا تجوز الصلاة عليه وأن كان غليظا بحيث لا يكون كذلك جازت اه
قوله ( فألقى عليها البدا ) المراد أنه ألقى عليها ذا جرم غليظ يصلح للشق نصفين كحجر ولبن وخشب كما في البدائع والخانية ومنية المصلي وقيد النجاسة بالرطبة لأنها إن كانت يابسة جازت على كل حال لأنها لا تلتزق بالثوب الملقى عليها بعد كونه يصلح ساترا كذا في الخانية وفي القهستاني ينبغي أن تكون الصلاة أي على الملقى على النجاسة الرطبة تكره ككراهتها على نحو الإسطبل كما في الخزانة
قوله ( فلم يجد ريح النجاسة ) أما إذا وجدها لو استشمه لا يجوز كما في الخانية
قوله ( مربوطا به نجاسة ) كسفينة نجسة أو كلب بناء على أنه نجس العين
قوله ( ولم يتحرك الطرف النجس بحركته ) أي المتصل بالنجس فيكون راجعا إلى المسئلتين وذلك لأنه بتلك الحركة ينسب إلى حمل النجاسة كما في البحر وغيره بخلاف ما لو كانت النجاسة في بعض أطراف البساط حيث تجوز الصلاة على الطاهر منه ولو تحرك الطرف الآخر بحركته لأن البساط بمنزلة الأرض فيشترط فيه طهارة مكان المصلي فقط كما في الخانية
قوله ( خيمة نجسة ) مثلها السقف لأنه يعد حاملا للنجاسة كما ذكره السيد وغيره بخلاف المس كما في القهستاني يعني لو مس نحو حائط نجس بيابس في الصلاة لا يضر لأنه يعد حاملا للنجاسة
قوله ( وجلوس صغير ) أي متنجس يستمسك فإنه لا يعد حاملا بخلاف ما لا يستمسك وعليه نجس مانع فإنه لا تصح معه الصلاة لأنه يعد حاملا للنجس
قوله ( وطير ) عطف على صغير
قوله ( إذا لم تنفصل منه نجاسة ) أي مما ذكر من الصبي والطير
قوله ( لأن الشرط الطهارة ) علة لعدم البطلان أي وقد وجدت لأنه لا يعد حاملا لها
قوله ( وتقدم بيانه ) وهو أنه يعفى في غير المغلظة عما دون الربع وفي المغلظة الدرهم
قوله ( حتى أنه يشترط الخ )
____________________
(1/139)
تفريع على اشتراط طهارة المكان
قوله ( أو بجمعه ) معطوف على محذوف معلوم من المقام تقديره بنجس مانع بإنفراده تحت أحدهما
قوله ( تقديرا ) أي بالحرز والظن
قوله ( لا تبطل به ) الصلاة لأن المكث اليسير على النجس القليل كالمكث الكثير مع النجس القليل معفو عنه وحكم الانكشاف مع الزمن كحكم المكث مع النجس أفاده الشرح
قوله ( وإن مكث قدره ) أي وإن لم يؤده
قوله ( على المختار ) هو قول أبي يوسف وقال محمد لا تفسد إلا إذا أداه بالفعل
قوله ( على الصحيح ) صححه الحلبي وصاحب العيون
قوله ( لإفتراض السجود على سبعة أعظم ) ظاهره أنه إذا لم يضع اليدين أو الركبتين أو إحداهما أن تكون الصلاة فاسدة وليس كذلك بل العلة في الفساد أن وضع العضو على النجاسة بمنزلة حملها فيفسد وإن كان الموضع غير فرض قال في الخانية إذا كانت النجاسة في موضع السجود أو الركبتين أو اليدين فإنها تجمع وتمنع ولا يجعل كأنه لم يضع ذلك العضو بخلاف ما لو صلى رافعا إحدى قدميه فإنه يجوز ولو وضع القدم على نجاسة لا يجوز ولا يجعل كأنه لم يضع اه
قال الكمال وهذا يفيد أن عدم إشتراط طهارة مكان اليدين والركبتين محله إذا لم يضعهما أما إذا وضعهما أو وضع إحداهما اشترطت فليحفظ اه
قال الحلبي فعلم أنه لا فرق بين الركبتين واليدين وبين موضع السجود والقدمين في أن النجاسة المانعة في مواضعها مفسدة للصلاة وهو الصحيح لأن إتصال العضو بالنجاسة بمنزلة حملها وإن كان وضع ذلك العضو ليس بفرض اه هذه النقول تدل على أن وضعها ليس فرضا ولكنها إذا وضعت إشترطت طهارة مواضعها فليتأمل
بقي الكلام فيما إذا وضع ما يكره وضعه كالذراعين هل يفترض طهارة موضعهما الظاهر نعم لأنه بوضعهما على النجاسة يعد حاملا لها
قوله ( واختاره الفقيه أبو الليث ) الذي ذكره بعد في هذا الباب أن الذي إختاره الفقيه وضع إحدى اليدين وإحدى الركبتين وشيء من أطراف القدمين فليتأمل
قوله ( وأنكر ما قيل ) لا يلزم من إنكاره ذلك قوله بإفتراض وضعها
قوله ( شاذة ) ذكر ذلك صاحب العيون وهذا لا ينافي إن وضعهما غير واجب أي غير فرض في ظاهر الرواية كما ذكره صاحب البحر
قوله ( ليتحقق السجود عليها ) علة لإشتراط طهارة موضعها
قوله ( لأن الفرض الخ ) علة لمحذوف ينبغي التصريح به تقديره وهذا على كلا القولين أي إشتراط طهارة موضعها لازم على القول الراجح بإفتراض وضعها وعلى القول المرجوح بعدم إفتراضه لأنه الخ
قوله ( على القول المرجوح ) وهو أن الجمع بين الجبهة والأنف واجب وإنه يكره الإقتصار على أحدهما
قوله ( يصير الوضع معدوما ) حذف جملة هنا لا بد من ذكرها وقد ذكرها في الشرح فقل ولكن إذا وضع الجبهة مع الأرنبة يقع الكل فرضا كما إذا طول القراءة على القدر المفروض فيصير الخ اه
والمعنى أن إشتراط طهارة موضع الجبهة فرض على القول المرجوح لكن إذا وضعت بالفعل لأن وضعها بوصف بعد تحققه بأنه فرض كالقراءة فإنها توصف بالوجوب أو السنية فيما زاد على قدر الفرض ولكن إذا وقعت في الصلاة وصفت بالإفتراض
قوله ( في ظاهر الرواية ) وروي عن أبي يوسف جوازها إن أعاده على طاهر
قوله ( مع الكراهة ) أي التحريمية لأن وضع الأنف واجب وإذا
____________________
(1/140)
وضعه على نجاسة كأنه لم يضعه
قوله ( وطهارة المكان ) أي والجسد وهذا منه بيان للدليل على إشتراط طهارة هذه الأشياء
قوله ( المشروط نصا ) في قوله تعالى { وثيابك فطهر } المدثر 47
قوله ( بالدلالة ) متعلق بألزم يعني أنه ثبت كون طهارته ألزم بدلالة النص ودلالة النص كل معنى يفهمه العالم بالوضع من النص المذكور لإشتراكه معه في العلة ولكونه أولى بالحكم منه
قوله ( إذ لا وجود الخ ) علة لكونه ألزم بالدلالة
قوله ( حال سجوده ) متعلق بوقوع ثوبه
تنبيه إنما اشترطت الطهارة في الصلاة لأنها مناجاة مع الرب عز وجل فيجب أن يكون المصلي على أحسن الأحوال وذا في طهارته وطهارة ما يتصل به من الثوب والمكان أفاده الشرح
قوله ( ومنها سترة العورة ) ولو بماء كدر أو ورق شجر أو طين وليس لستر الظلمة إعتبار كما في القهستاني كالستر بالزجاج كما في القنية ولا يضر تشكل العورة بالتصاق الساتر الضيق بها كما في الحلبي والعورة في اللغة كل ما يستقبح ظهوره مأخوذة من العور وهو النقص والعيب والقبح ومنه عور العين وكلمة عوراء أي قبيحة وسيمت السوأة عورة لقبح ظهورها وغض الأبصار عنها وكل شيء يستره الإنسان أنفة أو حياء فهو عورة والنساء عورة كما في كتب اللغة
قوله ( للإجماع على إفتراضه ) أي في الصلاة أما الستر في الخلوة فصحح الحلبي وجوب الستر فيها وصحح الشارح عدمه فقد اختلف التصحح
قوله ( ولا يضر نظرها من جيبه ) لأنه يحل له مسها والنظر إليها ولكنه خلاف الأدب كما في النهر واختار البرهان الحلبي أن تلك الصلاة مكروهة وإن لم تفد ومقابل الصحيح ما عن بعض المشايخ من اشتراط ستر عورته عن نفسه وفرع عليه أنها لو كانت لحيته كثيفة وستر بها زيقه صحت وإلا فلا
قوله ( لأن التكلف لمنعه ) أي لمنع نظر الناظر
قال في الشرح لأن ستر العورة على وجه لا يمكن الغير النظر إليها إذا تكلف مما يؤدي إلى الحرج اه
قوله ( والثوب الحرير الخ ) جعل الكلام فيما إذا صلى فيه وأما إذا صلى عليه فقال القهستاني من كتاب الحظر معزيا بالصلاة الجواهر ما نصه وتجوز الصلاة على السجادة من الأبريسم لأن الحرام هو اللبس أما الإنتفاع بسائر الوجوه فليس بحرام اه
قوله ( وللمغصوب ) نقل في الفتاوي الهندية عن مختارات النوازل الصلاة في أرض مغصوبة جائزة ولكن يعاقب بظلمه فما كان بينه وبين الله تعالى يثاب وما كان بينه وبين العباد يعاقب اه
قوله ( مع الكراهة ) أي التحريمية ذكره السيد وفي السراج والقهستاني تكره الصلاة في الثوب الحرير والثوب ا لمغصوب وإن صحت والثواب إلى الله تعالى
قوله ( من أحسن ثيابه ) مراعاة للفظ الزينة في الآية ويستحب أن تكون سالمة من الخروق
قوله ( قميص وإزار وعمامة ) هذا للرجل وفي المرأة قميص وخمار وسراويل ويكفي له الصلاة فيما يشمل عامة جسده لما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه
قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شملة قد توشح بها عقدها بين كتفيه اه ويكفي للمرأة درع ضيق ومقنعة
قوله ( ويكره في إزار مع القدرة عليها وكذا يكره أن يصلي في السراويل وحده لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل في ثوب ليس على عاتقه منه شيء كذا في الشرح وظاهر التعبير بالنهي أن الكراهة تحريمية
قوله ( إستقبال القبلة ) هي بالكسر لغة مطلق الجهة
قال الجوهري يقال من أين قبلتك أي من أين جهتك وما لكلامه قبلة أي جهة وشرعا كما في القهستاني جهة يصلي نحوها من
____________________
(1/141)
في الأرض السابعة إلى السماء السابعة مما يحاذي الكعبة أي أو جهتها وغلب هذا الإسم على هذه الجهة حتى صار كالعلم لها وصارت معرفة عند الإطلاق وإنما سميت بذلك لأن الناس يقابلونها في صلاتهم وتسمى أيضا محرابا لأن مقابلها يحارب النفس والشيطان وكانت أول الإسلام إلى بيت المقدس لكن كان صلى الله عليه وسلم وهو بمكة لا يستدبر الكعبة بل يجعلها بينه وبين بيت المقدس كما صححه الحاكم وغيره وكان صلى الله عليه وسلم بتوقع من ربه عز شأنه أن يوجهه نحو الكعبة لأنها قبلة أبيه إبراهيم وأدعى لإيمان العرب لأنها مفخرهم ومزارهم ومطافهم فحوله إليها بعد الهجرة بستة عشر شهرا وأيام في يوم الإثنين لنصف رجب من السنة الثانية على الصحيح وبه جزم الجمهور وكان في مسجد بني سلمة في صلاة الظهر على التحقيق بعد أن صلى ركعتين بأصحابه وحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال فسمى ذلك المسجد مسجد القبلتين
قوله ( من قبلت ) يأتي من باب علم ونصر وضرب
قوله ( وليست السين ) أي والتاء
قوله ( لا طلبها ) ووجوب الطلب عند الإشتباه لا لذاته بل لتحصيل المقابلة
قوله ( وهو شرط بالكتاب ) قال الله تعالى { فول وجهك شطر المسجد الحرام }
قوله ( والسنة ) قال صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة أمرىء حتى يضع الطهور مواضعه ويستقبل القبلة ويقول الله أكبر قوله ( والمراد منها بقعتها ) حتى لو رفعت الكعبة عن مكانها لزيارة أصحاب الكرامة أو لغير ذلك ففي تلك الحالة جازت صلاة المتوجهين إلى أرضها
قوله ( فللمكي المشاهد الخ ) يلحق به من بالمدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام لثبوت القبلة في حقهم بالوحي كما في السراج والنهر
قوله ( فرضه إصابة عينها ) ولو لجزء منها وباقي أعضائه مسامت للجهة
قوله ( إصابة جهتها ) فالمغرب قبلة لأهل المشرق وبالعكس والجنوب قبلة لأهل الشمال وبالعكس فالجهة قبلة كالعين توسعة على الناس كما في القهستاني حتى لو أزيل المانع لا يشترط أن يقع إستقباله على عين القبلة كما في الحلبي وهو قول العامة وهو الصحيح لأن التكليف بحسب الوسع
قوله ( هو الصحيح ) وقال أبو عبد الله عبد الكريم الجرجاني الفرض إصابة عينها للغائب أيضا بالإجتهاد لأنه لا تفصيل في النص وعليه فيشترط النية لأنه لا يمكن إصابة العين للغائب إلا من حيث النية فالفرض عنده إصابة عينها نية لا توجها كما قال العلامة الشلبي وقال بعضهم إن كان يصلي إلى المحراب لا يشترط وإن كان يصلي في الصحراء يشترط فإذا نوى القبلة أو الكعبة أو الجهة جاز اه
قوله ( ونية القبلة ليست بشرط ) لأنها من الوسائل وهي لا تحتاج إلى نية كالوضوء فالشرط حصولها لا تحصيلها
قوله ( وجهتها الخ ) قالوا جهتها تعرف بالدليل فالدليل في الأمصار والقرى المحاريب التي نصبها الصحابة والتابعون فعلينا إتباعهم في إستقبال المحاريب المنوصبة وإن لم تكن فالسؤال من الأهل أي أهل ذلك الموضع ولو واحدا فاسقا إن صدقه كما في القهستاني وأما في البحار والمفاوز فدليل القبلة النجوم وقد روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال تعلموا من النجوم ما تهتدوا به إلى القبلة اه وذلك كالقطب وهو نجم صغير في بنات نعش الصغرى بين الفرقدين والجدي إذا جعله الواقف خلف أذنه اليمنى كان مستقبل القبلة إذا كان بناحية الكوفة وبغداد وهمذان وقزوين
____________________
(1/142)
وطبرستان وجرجان وما والاها إلى نهر الشام ويجعله من بمصر على عاتقه الأيسر ومن بالعراق على عاتقه الأيمن فيكون مستقبلا باب الكعبة ومن باليمن قبالة المستقبل مما يلي جانبه الأيسر ومن بالشام وراءه وينبغي لمن جهل أدلة القبلة وأراد سفرا مثلا أي إلى بلاد لا تختلف القبلة فيها وليس معه عارف بها أو أراد وضع قبلة في بيته مثلا أن يستقبل قبل سفره مثلا محرابا صحيحا من محاريب بلده في وقت معين كطلوع الشمس مثلا ويحرر الشمس في ذلك الوقت على جزء من بدنه كعينه أو ظهره ثم يفعل كذلك وقت الأستواء ووقت الغروب فإذا أراد القبلة بعد سفره أو في بيته فليجعل الشمس في ذلك الوقت قبالة المحل المخصوص يكن مستقبلا فإن جعل له خطا في الأرض أو كوة في حائط فهو قبلته ما دام في ذلك المكان وكذلك يفعل بالنجوم وغيرها في وقت معين كوقت العشاء ويختص بإقليم مصر أنه إذا وقف ليلا مستقبل الجدي ضاما رجليه وحرك رجله اليمنى إلى جهة يمينه بقدر طاقته ثم نفل الأخرى إليها كان مستقبلا وكذا لو فعل ذلك بعد وقوفه على خط نصف النهار بأن يجعل المشرق عن يمينه والمغرب عن يساره ويستقبل ظله وقت الإستواء ثم يحرك رجله اليمنى كذلك يكون مستقبلا أيضا
قوله ( يكون مسامتا ) أي محاذيا
قوله ( للكعبة أو لهوائها ) هذا إذا وقعت المحاذاة على العين وقوله للكعبة أي فيما إذا كان في محل يساوي المحل الذي به القبلة وقوله أو لهوائها هو فيما إذا كان محله أعلى من محلها ومثله ما إذا كان أسفل وقوله أو تقريبا إذا وقعت المحاذاة للجهة فإن مستقبل الجهة يحتمل أن يقع إستقباله بتمامه على العين أولا وقد بين النوعين المحتملين
قوله ( بأن يبقى شيء من سطح الوجه ) ولو كان ذلك جزأ يسيرا وهذه صورته
____________________
(1/143)
وفي الفتاوي الإنحراف المفسد أن يجاوز المشارق إلى المغارب اه
قوله ( وحال بينه وبين الكعبة بناء أو جبل ) قال في معراج الدراية ومن كان بمكة وبينه وبين الكعبة حائل يمنع المشاهدة كأبنية فالأصح أن حكمه حكم الغائب ولو كان الحائل أصليا كالجبل فله أن يجتهد والأولى أن يصعد على الجبل حتى تكون صلاته إلى الكعبة يقينا اه قال المحقق الكمال وعندي في جواز التحري مع إمكان صعوده أي صعود المكي الجبل إشكال لأن المصير إلى الدليل الظني وترك القاطع مع إمكانه لا يجوز فلا يكفيه الإجتهاد حتى لو اجتهد وصلى ثم تبين خطؤه فعليه الإعادة وقد قال في الهداية الأخبار فوق التحري فإذا امتنع المصير إلى الظني لا مكان ظني أقوى منه فكيف يترك اليقين مع إمكانه ويكتفي بالظن
قوله ( ومن الشروط الوقت للفرائض الخ ) الأصل في إشتراطه قوله تعالى { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } أي فرضا موقوتا أي محدودا بأوقات لا يجوز تقديمها ولا تأخيرها عنها عند القدرة على فعلها فيها بحسب الإستطاعة وحديث إمامة جبريل عليه السلام أيضا
قوله ( مع بيانهم الأوقات ) أي في أول كتاب الصلاة ولا يكفي ذلك في بيان الشرطية لا سيما عند المتعلم القاصر لأن ذلك بيان لتقدير الوقت
قوله ( بأنه سبب للأداء ) من يحث تعلق الوجوب به وافضاؤه إليه
قوله ( وظرف للمؤدي ) لأنه يسعه ويسع غيره
قوله ( وشرط للوجوب ) من حيث توقف وجوب فعل الصلاة على وجوده
قوله ( لتكون عبادته بنية جازمة ) أفاد بذلك أن المراد بإعتقاد دخوله جزمه به لأن جزم النية إنما يكون به ولا يكفي غلبة الظن بالدخول وينظر هذا مع قولهم إن غلبة الظن في الفروع تقوم مقام اليقين ويحتمل أن المراد بالإعتقاد والجزم ما يعم غلبة الظن ويدل له التعليل بقولهم لأن الشاك الخ فالمضر أحد شيئين إما إعتقاد عدم الدخول وإما الشك
قوله ( حتى لو صلى الخ ) هذا أولى بالحكم مما فرع عليه لأنه جزم بعدم الدخول وهو أولى بالمنع من التردد بين الدخول وعدمه
قوله ( لأنه لما حكم بفساد صلاته الخ ) نظيره من صلى في ثوب وعنده أنه نجس فإذا هو طاهر فإنه لا تصح هصلاته لما ذكر وهذا التعليل إنما يقهر فيمن عرف الحكم أما لو كان عنده أنه صحيح فلا يظهر اللهم إلا أن يقال إن هذا الإعتقاد فاسد بمنزلة العدم فينزل شرعا في هذا الحكم منزلة العارف فتفسد به صلاته زجرا له بتقصيره
قوله ( ويخاف عليه في دينه ) أي يخشى عليه الوقوع في الكفر أما إذا اعتقد حل ذلك فالأمر ظاهر وإن اعتقد حرمته فيجره ذلك إلى غيره من وضع الأشياء في غير موضعها كالصلاة بالنجاسة وإلى غير القبلة وقد وقع خلاف في كفر من فعل ذلك
قوله ( وهي الإرادة الجازمة ) أي لغة لأنها فسرت لغة بالعزم والعزم هو الإرادة الجازمة القاطعة وفي الشرح قصد الطاعة والتقرب إلى الله تعالى في إيجاد فعل كما في التلويح وهو يعم فعل الجوارح وفعل القلب سواء كان إيجادا أو كفا
قوله ( لتتميز العبادة عن العادة ) أو يتميز بعض العبادة عن بعض الأمثال الأول الإمساك عن المفطرات فإنه يكون لعدم الحاجة إليه أو للحمية فلا يمتاز الصوم عنه إلا بالنية ومثال الثاني في الصلاة مثلا فإنها تكون فرضا وواجبا ونفلا فشرعت فيها النية ليتميز بعضها عن بعض وفي المجتبى وغيره من عجز عن إحضار القلب في النية أو يشك في النية يكفيه اللسان كذا في الشرح
قوله ( ويتحقق الإخلاص فيها ) أي في الصلاة والإخلاص سر بينك وبين ربك لا يطلع عليه ملك
____________________
(1/144)
فيكتبه ولا شيطان فيفسده ولا هوى فيميله ذكره الحموي وذلك بأن تريده تعالى بطاعته ولا تريد سواه وفي الخلاصة لا رياء في الفرائض اه وفي البزازية شرع بالإخلاص ثم خالطه الرياء فالعبرة للسابق ولا رياء في الفرائض في حق سقوط الواجب اه وحقيقة الرياء هو أنه إن خلا عن الناس لا يصلي وإن كان عند الناس يصلي فهذا لا ثواب له لأنه أشرك بعبادة ربه ولو أحسنها لأجلهم فله ثواب الأصل لا الإحسان ثم أنه إن جمع بين عبادات الوسائل في النية صح كما لو اغتسل لجنابة وعيد وجمعة إجتمعت ونال ثواب الكل وكما لو توضأ لنوم وبعد غيبة وأكل لحم جزور وكذا يصح لو نوى نافلتين أو أكثر كما لو نوى تحية مسجد وسنة وضوء وضحى وكسوف والمعتمد أن العبادات ذات الأفعال يكتفي بالنية في أولها ولا يحتاج إليها في كل جزء إكتفاء بإنسحابها عليها ويشترط لها الإسلام والتمييز والعلم بالمنوى وأن لا يأتي بمناف بين النية والمنوي
قوله ( ويشترط التحريمة ) هو قول الشيخين لقوله تعالى { وذكر اسم ربه فصلى } فإنه عطف الصلاة عليها العطف يقتضي المغايرة وليس من عطف الكل على الجزء فإنه إنما يكون لنكتة بلاغية وهي غير ظاهرة هنا
قوله ( وليست ركنا ) أشار به إلى خلاف محمد فإنه يقول بركنيتها لأنها ذكر مفروض في القيام فكانت ركنا كالقراءة وتظهر الثمرة فيما إذا كان حاملا لنجاسة مانعة فألقاها عند فراغه منها أو كان منحرفا عن القبلة فاستقبلها أو مكشوف العورة فسترها بعمل يسير أو شرع في التكبير قبل ظهور الزوال ثم ظهر عند الفراغ فعندهما تجوز صلاته لوجود الأركان مستجمعة للشروط وتقدم الشرط جائز بالإجماع وعبارة البرهان وإنما اشترط لها ما اشترط للصلاة لا باعتبار ركنيتها بل باعتبار إتصالها بالقيام الذي هو ركنها وقد منع ذلك الزيلعي وعند محمد والشافعي لا تجوز لأنها ركن وقد أداه مع المنافي أو قبل الوقت وجاز بناء النفل على تحريمة الفرض مع الكراهة عندهما لأن النفل مطلقا صلاة والفرض صلاة مخصوصة ففي الفرض معنى النفل وزيادة لأن الخاص يتضمن العام فكان العقد على الفرض متضمنا للعقد على النفل ولأن الشرط لا يشترط تحصيله لكل صلاة كالطهارة بل يصح شرط الفرض للنفل ولا يجوز عند القائل بالركنية وأما بناء الفرض على تحريمة فرض آخر أو على تحريمة نفل فظاهر المذهب والجمهور منعه وأما بناء النفل على تحريمة نفل آخر فلا شك في صحته إتفاقا لأن الكل صلاة واحدة
قوله ( وعليه عامة المشايخ ) وهو قول المحققين من مشايخنا بدائع وهو المعتبر من المذهب منية المصلي
قوله ( والهاء لتحقيق الإسمية ) أي إنما أتى بالهاء لتدل على أن ما دخلت عليه إسم أي للذكر المعلوم فإنه لولا هذه الهاء لتوهم أنه المصدر ويحتمل أنها للمبالغة أو الوحدة لا للتأنيث
قوله ( وسمي التكبير للإفتتاح ) ويضاف التكبير للإفتتاح لأن به إفتتاح الصلاة
قوله ( لتحريمه الأشياء المباحة خارج الصلاة ) من أكل وشرب وكلام وإسناد التحريم إليه مجاز لأن المحرم حقيقة هو الله تعالى فالتحريم يثبت بها لا منها
قوله ( وشرطت بالكتاب ) قال الله تعالى { وربك فكبر } أجمع المفسرون على أن المراد به تكبيرة الإفتتاح وعليه إنعقد الإجماع لأن الأمر للوجوب وغيرها ليس بواجب فتعينت للمراد تحرزا عن تعطيل النص
قوله ( والسنة ) قال صلى الله عليه وسلم مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم رواه أبو داود وحسنه
____________________
(1/145)
الترمذي
قوله ( إثنا عشر شرطا ) قد عدها خمسة عشر شرطا
قوله ( أن توجد مقارنة للنية حقيقة ) مثال المقارنة حقيقة أن ينوي مقارنا للشروع بالتكبير وهو الأفضل بإجماع أصحابنا وانظر هل تكون تلك المقارنة ولو وجدت بعد ذكر بعض حروف الإسم الكريم أو ذكر كله قبل الفراغ من أكبل والظاهر نعم وحرره
قوله ( أو حكما ) مثال المقارنة الحكمية أن يقدم النية على الشروع قالوا لو نوى عند الوضوء أنه يصلي الظهر مثلا ولم يتشغل بعد النية بعمل يدل على الأعراض كأكل وشرب وكلام ونحوها ثم انتهى إلى محل الصلاة ولم تحضره النية جازت صلاته بالنية السابقة ويجوز تقديمها على الوقت كسائر الشروط ما لم يوجد ما يقطعها ونقل ابن أميرحاج عن أبي هريرة بن هبيرة إشتراط دخول الوقت للنية المتقدمة عن أبي حنيفة رحمه الله وينبغي أن يكون وقت نية الإمامة عند الشروع وإن لم يقتد به أحد لأنه قد يقتدي به من لا يراه من الملائكة والجن أفاده الحموي خلافا لما في الأشباه من أنه ينبغي أن يكون وقت إقتداء أحد به لا قبله وأما نية المأموم الإقتداء ففي القهستاني ولا يجوز تقديم نية إقتدائه عن تحريمة الإمام عند بعض أئمة بخاري وصحح وقيل ينوي بعد قول الإمام الله قبل قوله أكبر والذي عليه عامة العلماء أنه ينوي حين وقف الإمام موقف الإمامة وهو أجود كما في النظم اه ويطلب الفرق بين صحة تقديم نية الصلاة وهي فرض دون تقديم نية الإقتداء على هذا الوقت وهو كذلك والذي ذكره الشارح في الإمامة جواز تقديمها فالحكم فيهما واحد ويحمل ما هنا على الأولى
قوله ( يمنع الإتصال ) أخرج به الفاصل الذي لا يمنع كالذكر والمشي للصلاة أو الوضوء
قوله ( للإجماع عليه ) أي على إشتراط عدم الفاصل أو على هذا الشرط وهو المقارنة
قوله ( كالأكل ) مثال للأجنبي الذي يمنع الإتصال
قوله ( والوضوء ) بالرفع والجر
قوله ( فليسا مانعين ) لأنهما مغتفران داخلها في سبق الحدث فخارجها أحرى كما في النهر وغيره
قوله ( بالتحريمة قائما ) أي فيما يفترض له القيام والمراد بالقيام ما يعم الحكمي ليشمل القعود في نحو الفرائض لعذر
قوله ( أو منحنيا قليلا ) تصريح بما تضمنه المصنف فإن القيام الذي هو قبل الإنحناء القريب إلى الركوع صادق بالقيام التام وبالإنحناء القليل
قوله ( قبل وجود إنحنائه ) هذا في مقام البيان للإنحناء القليل
قوله ( بما هو أقرب ) أي بحال ذلك الحال أقرب للركوع فليس الشرط عدم الإنحناء أصلا بل عدم الإنحناء المتصف بكونه أقرب إلى الركوع من القيام والجار والمجرور متعلق بوجود
قوله ( إن كان إلى القيام أقرب ) بأن لا تنال يداه ركبتيه
قوله ( وتلغو نيته ) لأن الذكر في محله لا يتغير بعزيمته كما في النهر وأمانية الصلاة فلا بد منها
قوله ( وإن كان إلى الركوع أقرب ) بأن تنال يداه ركبتيه
قوله ( لأن الصلاة عبادة ) أي بتمامها وقوله وهي لا تتجزأ أي ولو جوزنا تأخير النية لوقع البعض الذي لا نية فيه غير عبادة وما فيه النية عبادة فيلزم التجزي وقوله فما لم ينوها أي من أول فعلها
قوله ( ولا حرج في عدم تأخيرها بخلاف الصوم ) قال في الجوهرة ولا يعتبر بقول الكرخي وقياسه الصلاة على الصوم قياس فاسد لأن سقوط القراءة للحرج وهو يندفع بتقديم النية فلا ضرورة إلى التأخير وجواز التأخير في الصوم لدفع الحرج وللتيسير على الصائمين لأنه قد لا يشعر بطلوع الفجر بخلاف الصلاة كذا في البحر وفيه أن الحرج في الصوم يندفع بالتقديم وفيه تيسير أيضا
قوله ( وهو صادق )
____________________
(1/146)
الضمير يرجع إلى عدم التأخير
قوله ( خروجا من الخلاف ) فإن الأئمة الثلاثة لا يجوزونها بنية متقدمة ولا متأخرة كذا في الشرح
قوله ( إيجادها بعد دخول الوقت ) عطف على المقارنة وقد سبق ما فيه
قوله ( مراعاة للركنية ) أي للقول بها
قوله ( بدون صمم ) أما لو كان به صمم أو كانت جلبة أصوات فالشرط أن يكون بحيث لو أزيل المانع لأمكن السماع ولا يشترط أن يسمع نفسه حقيقة في تلك الحالة كما لا يشترط إسماع غيره إلا في العقود كبيع وهبة ونكاح فلا بد من إسماع غيره أيضا كما في القهستاني
قوله ( ولا يلزم الأخرس تحريك لسانه ) وكذا الامي بل يكتفيان بمجرد النية على الصحيح فينبغي أن يشترط لها القيام لقيامها مقام التحريمة وأن تقديمها على الشروع لا يصح كالتحريمة ولم أره لهم نهر
قوله ( وأكثر المشايخ ) مبتدأ وقوله على أن الخ خبرة وليس معطوفا على الحلواني والألم يحسن ذكر على
قوله ( وقال الهندواني الخ ) ظاهر ما هنا أن الهندواني لم يقل بقوله أكثر المشايخ والذي في كبيره أن ما عليه أكثر المشايخ هو قول الهندواني إلا أنه قال وزاد في المجتبى في النفل عن الهندواني أنه لا يجزيه ما لم تسمع أذناه ومن بقربه اه ونقل في الذخيرة عن شمس الأئمة الحلواني أن الأصح هذا اه قلت الظاهر أن ما زاده في المجتبى يرجع إلى ما قبله لأن الغالب أنه إذا أسمع أذنيه أن يسمع من بقربه ممن يكون ملاصقا ولا يكاد ينفك ذلك
قوله ( فالسماع شرط ) تفريع على الأصح الذي في المصنف وعلى قول أكثر المشايخ في تفسير المخافتة والمراد أنه شرط لتحصيل المنطوق به إن كان فرضا أو واجبا أو سنة
قوله ( التحريمة ) وما عطف عليه بدل من ما في قوله فيما يتعلق
قوله ( ووجوب سجدة التلاوة ) الأولى حذف وجوب وسجدة لأن الكلام في المنطوق به
قوله ( والإيمان ) بكسر الهمزة أورد عليه أنه التصديق القلبي ولا لفظ فيه إلا أن يكون مبنيا على أنه قول وعمل
قوله ( حتى لو أجرى ) إنما ذكره لأنه محل الوهم فإذا لم يجزه على قلبه والمسئلة بحالها فعدم الوقوع أولى
قوله ( يسمع ) بالبناء للمجهول والجملة محلها جر صفة لتلفظ
قوله ( وقال الكرخي ) مقابل قول الحلواني وقول الأكثرين في تفسير المخافتة فالمخافتة عنده تصحيح الحروف ويجري في كل ما يتعلق بالنطق باللسان
قوله ( الذي هو كلام ) أي لا مجرد الحركة
قوله ( والكلام بالحروف ) مبتدأ وخبر أي لا يتحقق الكلام إلا بالحروف والحاصل أن المراتب ثلاثة حرف وصوت ونفس وكل أخص من الذي بعده
قوله ( والحرف كيفية تعرض للصوت ) لأنه هو الصوت المعتمد على المخارج فالكيفية هي إعتماد الصوت على المخارج وفيه أن الحرف هو الصوت المعتمد لا الإعتماد
قوله ( وهو أخص من النفس ) بفتح الفاء لأن النفس هو الهواء مطلقا اعتمد أولا
قوله ( فإن النفس المعروض بالقرع ) أي هو الهواء الذي عرض عليه القرع يعني أن القرع بالعضلات يعرض على النفس والصوت هو مجموع النفس مع القرع ومن المعلوم أن المعروض قد يتحقق بدون عارضه كتحقق الإنسان بدون صفة الكتابة
____________________
(1/147)
والمعروض والعارض أخص من المعروض وحده كإنسان وضاحك فإن الإنسان فقط أعم من الإنسان الضاحك والقرع يتحقق بالعضلات
قوله ( عارض للصوت ) والصوت عرض يقوم بمحل يخرج من داخل الرئة إلى خارجها مع النفس مستطيلا ممتدا متصلا بمقطع من مقاطع حروف الحلق واللسان والشفتين
قوله ( فمجرد الخ ) هو روح العلة
قوله ( بلا صوت ) أي بل بالنفس الذي هو مطلق الهواء
قوله ( إيماء ) أي إشارة إليها والذي يومي بالشي لا يكون آتيا بحقيقته كالمومي بالصلاة فإنه لم يأت بحقيقة الركوع والسجود
قوله ( بعضلات المخارج ) العضلات جمع العضلة وكسفينة كل عصبة معها لحم غليظ كذا في القاموس والمخارج جمع مخرج محل خروج الحروف كذا في الأزهرية فالإضافة من إضافة العام إلى الخاص
قوله ( لا حروف ) عطف على إيماء أي لا حروف حقيقة فلا كلام أي إذا انتفت الحروف انتفى الكلام أي وهو لا بد منه فإنه المطلوب شرعا وإذا انتفى الكلام إنتفت القراءة فلا تصح الصلاة
قوله ( ومن متعلقات القلب النية ) قال في الشرح تنبيه في إشتراط النطق بالتحريمة إشارة إلى أنه لا يشترط النطق بالنية لأنها من متعلقات القلب التي لا يشترط لها النطق وقد أجمع العلماء على أنه لو نوى بقلبه ولم يتكلم بنيته فإنه يجوز اه
قوله ( بالنية ) متعلق بمحذوف أي يثبت بالنية
قوله ( ولا عن أحد من الصحابة والتابعين ) زاد ابن أميرحاج ولا عن الأئمة الأربعة
قوله ( وهذه بدعة ) قال في البحر فتحرر من هذه الأقوال أنه بدعة حسنة عند قصد جمع العزيمة اه
قال في الفتح بعد قول الهداية أنه حسن لإجتماع عزيمته اه وقد يفهم أنه لا يحسن لغير هذا القصد
قوله ( لم يرد بها سنة النبي صلى الله عليه وسلم ) قال العلامة نوح وكذا القائل بالإستحباب لعله أراد به الأمر المحبوب في نظر المشايخ لا في نظر الشارع لأن المستحب قسم من السنة اه وفي القهستاني وينبغي أن تكون النية بلفظ الماضي ولو فارسيا لأنه الغالب في الإنشاآت فيقول نويت صلاة كذا اه ملخصا
قوله ( أما النية المشتركة ) المراد نية أصل الصلاة لأن الصلاة المطلقة تصلح للفرض والواجب والسنة والنفل وبه علم أن الإشتراك في المنوي لا في النية والمراد أنها مشتركة بين المقتدي والإمام والمنفرد وهو على حذف مضاف تقديره إما إشتراط النية
قوله ( فلما تقدم ) من تمييز العادة عن العبادة وتحقيق الإخلاص
قوله ( فلما يلحقه ) إلا وضح أن يقول فلان المتابعة لا توجد إلا بنيتها وأما ما ذكره فهو الأثر المترتب على المتابعة وقوله من فساد صلاة إمامه الأولى زيادة وصحتها
قوله ( لأنه بالإلتزام ) أي الفساد
قوله ( فيه ) أي في فرض الوقت
قوله ( أو ينوي الشروع في صلاة الإمام ) أي مع الإمام وهذه النية تضمنت نية أصل الصلاة ونية المتابعة والتعيين والأولان ظاهران ووجه الأخير إنه نوى صلاة الإمام المعينة عنده وفي الشرح عن الذخيرة وقاضيخان لو نوى الجمعة ولم ينو الإقتداء بالإمام فإنه يجوز لأن الجمعة لا تكون إلا مع الإمام اه
قوله ( ولو نوى الإقتداء به ) أي في الصلاة
قوله ( مطلقا ) أي في أصل الصلاة ووصفها والمعنى أنه لم يقيد إقتداءه بأصلها
قوله ( ما صلاه الإمام ) أي أصلا ووصفا
قوله ( لأنه متردد الخ ) ولأنه لا يلزم من الإنتظار نية المتابعة وهي شرط والضمير في
____________________
(1/148)
لأنه للمنتظر وفي كونه للانتظار خشية بطلان الصلاة بظهور خلافه لأن العبرة لما نوى اه
قوله ( كما لو لم يخطر بباله أنه زيد ) فإنه يصح إقتداؤه لأن العبرة لما نوى وهو نوى الإقتداء بالإمام
قوله ( لأنه لا يشترط نية الإمامة ) لأنه منفرد في حق نفسه ألا يرى أنه لو حلف أن لا يؤم أحدا فصلى خلفه جماعة لم يحنث لأن شرط الحنث أن يقصد الإمامة ولم يوجد كذا في الشرح
قوله ( تعيين الفرض ) ولو قضاء فلا يكفيه أن يقول نويت الفرض كما في العناية لأنه متنوع والوقت صالحل للكل فلا بد من التعيين ليمتاز ما يؤديه
قوله ( فهو فرض مسقط ) لأن النية المعتبرة ما قارنت الجزء الأول
قوله ( وكذا عكسه ) الأولى حذف قوله كذا
قوله ( ولا يشترط نية عدد الركعات ) لأن الفروض والواجبات محدودة فقصد التعيين يغني عنه حتى لو نوى انفجر أربعا مثلا لغت نية الأربع ويصلي ركعتين فقط لأن الخطأ فيما لا يشترط فيه التعيين لا يضر كما في الأشباه
قوله ( ولإختلاف تزاحم الفروض الخ ) الأولى حذف إحدى الكلمتين وهو علة قدمت على معلولها
قوله ( شرط تعيين ما يصليه ) سواء كان إماما أو مقتديا أو منفردا
قوله ( إلا في الجمعة ) فلا تصح بنية فرض الوقت لأن الوقت الظهر على المذهب
قوله ( لقوته ) فلا يعارضه الضعيف وهو النفل فتلغو نيته
قوله ( فهي نافلة ) لأن النافلة أقوى من صلاة الجنازة من جهة أنها صلاة كاملة ذات ركوع وسجود بخلاف الجنازة فتعاد الصلاة على الجنازة إذا كان إماما ويلزمه قضاء ركعتين نفلا لأنه أبطله بسلامه من الجنازة على نية القطع بعدما صح شروعه فيه وليس المبطل للنفل الصلاة على الجنازة لأن زيادة ما دون الركعة لا يبطلها
قوله ( فهي مكتوبة ) لأنها فرض عين ولأنها صلاة كاملة وإنما ذكر ذلك بعد التي قبلها لأنه ربما يقال إن الحكم الفساد لكونهما فرضين
قوله ( والسابع منها تعيين الواجب ) ظاهره أن هذه الشروط تجتمع كلها في صلاة واحدة وليس كذلك فإن الصلاة لا تنوي فرضا وواجبا منعا وكذلك الوقت واعتقاد دخوله لا يأتي إلا في الفرض وكذا الإتيان قائما بالتحريمة والحاصل أن هذه الشروط لا تأتي في كل صلاة
قوله ( والنذر ) أي المطلق والمقيد هو بالنصب عطفا على قضاء
قوله ( لإختلاف الأسباب ) علة لإشتراط تعيين الواجب أي ولا يكون مؤديا لمسبب سبب إلا بتعيينه
قوله ( ينوي صلاة العيد والوتر ) أي ويكون ذلك تعيينا ولو من غير تقييد بالواجب وليس المراد أنه ممنوع عن نية الواجب بل أنه لا يلزمه ذلك للإختلاف
قوله ( لا يجب التعيين في السجدات ) لعله للإستغناء عنه بإتصاله بالصلاة وبوقوعه في حرمتها والأولى أن يقول لعدم التعيين فيه كما أن الأولى أن يثني الضمير في قوله للإختلاف فيه ليعود على العيد والوتر
قوله ( وفي التلاوة يعينها ) أي يعين أنها للتلاوة ولا يلزمه تعيين أفراد السجدات لأفراد الآيات وقوله يعبنها بالباء التحتية مضارع عين
قوله ( كونها بلفظ العربية ) أي كون تكبيرة الإحرام الخ والمراد ما يعم التكبير وغيره من كل ما دل على التعظيم حتى لو بشرع بالتسبيح أو التهليل فإنه يصح بشرط كونه بالعربية
قوله ( للقادر عليها ) أما العاجز عنها فلا خلاف في صحة شروعه بما قدر عليه من اللغات
قوله ( في الصحيح ) هو قولهما أولا وقال الإمام يصح شروعه بغير العربية ولو مع القدرة عليها ووقع للعيني مثل ما وقع للشرح ونفل في الدر عن التتارخانية أن الشروع بالفارسية كالتلبية يجوز مطلقا إتفاقا
قال وظاهر رجوعهما إليه
____________________
(1/149)
لا هو إليهما في الشروع كرجوعه إليهما في القراءة حيث لا تجوز بغير العربية إلا للعاجز أفاده السيد
قوله ( التاسع أن لا يمد همزا فيها ) فبه لا يكون شارعا في الصلاة وتبطل الصلاة بحصوله في أثنائها لو صحت أولا قاله المؤلف في شرح رسالته الكنوز
قوله ( أن يأتي بجملة تامة من مبتدأ وخبر ) هو ظاهر الرواية عن الإمام نقلة في البحر يدوبه قال أبو يوسف ومحمد قاله المؤلف في الشرح المذكور ويجب أن تكون البداءة بلفظ الله حتى لو قال أكبر الله لا تصح عنده بزازية والأولى حذف قوله من مبتدأ وخبر لأنهما لا يشترطان وذلك لصحة الشروع بلا إله إلا الله وبسبحان الله مع الكراهة
قوله ( أن يكون بذكر خالص لله تعالى ) فلو شرع بنحو اللهم اغفر لي لا يصح لأنه ليس بثناء خالص بل مشوب بحاجته قال السيد
قوله ( أن لا يكون بالبسملة كما سيأتي ) من أنها للتبرك فكأنه قال بارك الله لي وهو الأصح كما في السراج والأشبه كما في شرح المنية قاله السيد
قوله ( الثالث عشر أن لا يحذف الهاء من الجلالة ) قال في الشرح المذكور وعن ترك هاو والمراد بالهاوي الألف الناشيء بالمد الذي في اللام الثانية من الجلالة فإذا حذفه الحالف أو الذابح أو المكبر للصلاة أو حذف الهاء من الجلالة إختلف في إنعقاد يمينه وحل ذبيحته وصحة تحريمته فلا يترك ذلك إحتياطا
قوله ( ذكر هذا الأخير ) إسم الإشارة راجع إلى الشرط الأخير
قوله ( إذ إنعامه ) علة لقوله من بالايقاظ لجمعه ولم أره الخ وكأنه في جواب سؤال حاصله كيف جمعت هذه الشروط ولم تسبق بها
قوله ( ولا ممنوعا ) تكرار مع ما قبله
قوله ( ولا يشترط التعيين في النفل ) مراده به ما يعم السنن لأن وقوعها في أوقاتها يغني عن التعيين وبه صارت سنة لا بالتعيين ولا فرق بين أن ينوي الصلاة أو الصلاة لله تعالى لأن المصلي لا يصلي لغير الله تعالى
قوله ( والإحتياط التعيين ) قاله صاحب المنية وذلك للخروج من خلاف من إشترط في فعل السنة نيتها
قال صاحب المغني في التراويح لا يكفيه مطلق النية ولا نية التطوع عند بعض المتأخرين بل يشترط نية التراويح وصححه في الخانية
قاله السيد
قوله ( أو سنة الوقت ) أي سنة فرض الوقت وعليه فينبغي التمييز بين القبلية والبعدية
قوله ( ويفترض القيام ) على قادر عليه وعلى الركوع والسجود ولا يفوته بقيامه شرط طهارة مثلا ولا قدرة القراءة فلو تعسر عليه القيام أو قدر عليه وعجز عن السجود لا يلزمه لكنه يخير في الثانية بين الإيماء قائما أو قاعدا كما لو كان معه جرح يسيل إذا سجد فإنه يخير كذلك ولو كان بحيث لو قام سلس بوله أو لو قام ينكشف من العورة ما يمنع الصلاة أو بعجز عن القراءة حال القيام وفي القعود لا يحصل شيء من ذلك يجب القعود وكذا إن كان بحيث لو صلى قاعدا قدر على الإتمام وقائما لا ومفروض القيام وواجبه ومسنونه ومستحبه بقدر القراءة فيه كما في سكب الأنهر ويقدر ذلك في نحو الامي فلا بد أن يقف قدر ثلاث آيات قصار على قولهما أو آية طويلة على قول الإمام لتحصيل الفرض وعند سقوط القراءة يسقط التجديد كالقيام في الشفع الثاني من الفرض لأنه لا قراءة فيه فالركن فيه أصل القيام لا إمتداده كما في القهستاني ويكره على إحدى الرجلين إلا لعذر
قوله ( وهو ركن متفق عليه ) أصلي والقراءة ركن زائد إذ هي زينة القيام ولهذا يتحمل الإمام القراءة دون القيام قاله في الشرح
قوله ( والواجبات ) ظاهره شمول قضاء النفل الذي أفسده وكذا المنذور وإن لم ينص على
____________________
(1/150)
القيام فيه على أحد قولين
قوله ( وحد القيام ) أي حد أدناه وتمامه بالإنتصاب كالقنا وهو بهذه الصفة مما يورث الخشوع في الصلاة كما ذكره العارف بالله تعالى سيدي أحمد زروق في نصيحته
قوله ( متعلق بالقيام ) لو يفترض الذي قدره الشرح
قوله ( كما سنذكره ) من أن مبناه على التوسع
قوله ( ولا تكون إلا بسماعها ) إلا لمانع كصمم أو جلية أصوات أو نحو ذلك من العوارض المانعة لصحة الحاسة عن السماع واكتفى الكرخي بمجرد تصحيح الحروف وإن لم يسمع نفسه لأن القراءة فعل اللسان والسماع فعل الصماخ دون اللسان فليس من مورد القراءة قال في البدائع وقول الكرخي أصح وأقيس وبعضهم نسبه إلى أبي يوسف والمعتمد الأول وخفض صوته ببعض الحروف بحيث لا يسمع نفسه مقتصرا لا تفسد به الصلاة على الصحيح لعموم البلوى كما في المضمرات عن الذخيرة ومحلها القيام ولو حكما كالقعود لعذر أو في نافلة فلو قرأ في ركوع أو سجود أو قعود لم يكن بدلا عن قيام لا يسقط بها الواجب ويكره تحريما لأنه تغيير المشروع وإن كان ساهيا وجب عليه سجود السهو
قوله ( لقوله تعالى { فاقرؤوا ما تيسر من القرآن } وجه الدلالة أن الأمر يقتضي الوجوب والقراءة لا تجب خارج الصلاة بالإجماع فتعين الأمر في الصلاة وقال صلى الله عليه وسلم لا صلاة إلا بقراءة رواه مسلم من حديث أبي هريرة وعليه إنعقد الإجماع ولا عبرة عن خرق الإجماع كأبي بكر الأصم بقوله القراءة في الصلاة ليست فرضا أصلا بل سنة اه
قوله ( وهي ركن زائد على قول الجمهور ) وقال الغزنوي صاحب الحاوي القدسي أنها فرض ولست بركن
قوله ( لسقوطها بلا ضرورة ) أشار به إلى الفرق بين الركن الزائد وغيره وهو الأصلي فإنه إنما يسقط في بعض الأحوال لضرورة لكن إلى خلف والزائد ما يسقط لا إلى خلف وقال في الشرح الزائد هو الجزء الذي إذا انتفى كان الحكم المركب باقيا بحسب إعتبار الشرع وعلى هذا لو حلف لا يصلي فأحرم وقام وركع وسجد بلا قراءة حنث قال السيد اعترض بأن في تسمية القراءة ركنا زائدا تدافعا وأجيب بأنها ركن بإعتبار إنتفاء الماهية في حالة وزائد لقيامها أي الماهية بدون القراءة في أخرى فمن حيث فساد الصلاة بترك القراءة فيها حالة الإنفراد مع القدرة عليها تكون ركنا ومن حيث صحة صلاة المقتدي مع ترك القراءة تكون زائدا اه
قوله ( وبالنص كانت الخ ) النص هو الآية المتقدمة لأن المراد قراءة القرآن حقيقة وقال بعض المفسرين المراد من الآية الصلاة بدليل السياق والأول أولى لأن الحمل على الحقيقة أولى
قوله ( ولو قرأ آية ) هي لغة العلامة وعرفا كل جملة دالة على حكم من أحكام الله تعالى أو كل كلام منفصل عما قبله وبعده بفصل توقيفي لفظي اه
قوله ( في ظاهر الرواية ) عن الإمام وفي رواية أخرى عنه هو غير مقدر بشيء بل يكفي أدنى ما يتناوله إسم القرآن وبه جزم القدوري وعنه رواية ثالثة أنه ثلاث آيات قصار أو آية طويلة تعد لها وهو قولهما وجعله في الخلاصة وغيرها قوله الأول اه
قوله ( وأما الآية التي هي كلمة ) اعلم أن الكوفيين عدوا ألم في مواضعها والمص وكهيعص وطه وطسم ويس وحم آية وحم عسق آيتين قال البيضاوي كالزمخشري وهذا التوقيف لا مجال للرأي فيه وأما غير الكوفيين فليس شيء منها عندهم بآية
قوله ( أو حرف ص ) هو وما بعده على حذف كاف التمثيل
قوله ( أو حروف حم عسق ) قد علمت أن الكوفيين عدوها
____________________
(1/151)
آيتين
قوله ( فقد اختلف المشايخ ) أي على قول الإمام
قوله ( وقال أبو يوسف ومحمد الخ ) رجحه في الأسرار والإحتياط قولهما وهو مطلوب لا سيما في العبادات
قوله ( وإذا علمت ذلك أي افتراض القراءة والخلاف فالقراءة الخ أي فاعلم أن ذلك إنما هو في ركعتين
قوله ( في ركعتي الفرض ) الثنائي والثلاثي والرباعي ومحل الأداء ركعتان غير متعينتين كما قاله الشرح قال القهستاني هو قول البعض والصحيح أن الأوليين متعينتان على سبيل الفرض حتى لو تركها في الأوليين وأتى بها في الأخيرتين كان قضاء كما في التحفة وقال ابن أمير حاج وهو قول الجمهور وهو الصحيح وعليه مشى في الذخيرة ومحيط رضي الدين وقاضيخان في شرح الجامع الصغير
قوله ( لتشأ كلهما من كل وجه ) فإن الثانية مثل الأولى وجوبا وسقوطا وجهرا وإخفاء وأما الأخريان فيفارقانهما في حق السقوط بالسفر وصفة القراءة وقدرها فلا يلحقان بهما وأما إفتراق الأولى والثانية في حق تكبيرة الأحرام والتعوذ والثناء فليس بقادح لأن المشاكلة إنما تعتبر فيما يرجع إلى نفس الصلاة وأركانها أما التكبيرة فشرط وهو زائد والتعوذ والثناء زائدان أيضا فلا يضر الإفتراق فيها أفاده في النهر
قوله ( في كل ركعات النفل ) المراد به ما زاد على الفرائض ولو كان مؤكدا
قوله ( صلاة على حدة ) لتمكنه من الخروج على رأس الركعتين لأن الأصل في مشروعية الصلاة مثنى ولزوم الزيادة إنما يظهر في الفرائض فيبقى النفل على أصل المشروعية
قوله ( وعلى وجوبه ) أي أو فرضيته كذا في الشرح
قوله ( للإحتياط ) لأن كونه فرضا عملا كما هو قول الإمام يوجب القراءة في الأوليين فقط وكونه سنة مؤكدة كما هو قولهما يوجبها في الجميع فعملنا بالإحتياط لأن ترك القراءة في ركعة من السنة يفسدها ولأن يؤدي المكلف ما ليس عليه أولى من تركه ما عليه ذكره ابن أميرحاج
قوله ( لإطلاق ما تلونا ) وهو الآية السابقة فإن المأمور به قراءة ما تيسر والتعين ينفي التيسر
قوله ( كما سنذكره ) من قوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ولا تجوز به الزيادة على الكتاب لأنه خبر آحاد وهو يثبت الوجوب دون الركنية
قوله ( بل يستمع حال جهر الإمام الخ ) أشار به إلى أن في الآية توزيعا
قوله ( لقوله تعالى { وإذا قرئ القرآن } الآية ) قال الإمام أحمد أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة وما في شرح الكافي للبزدوي أن القراءة خلف الإمام على سبيل الإحتياط تسن عند محمد وتكره عندهما وما قاله الشيخ الإمام أبو حفص النسفي أن كان في صلاة الجهر تكره قراءة المأموم عندهما وقال محمد لا تكره بل تستحب وبه نأخذ لأنه أحوط وهو مذهب الصديق والفاروق والمرتضى اه فقد صرح الكمال برده وعبارته وما يروي عن محمد أنه يستحب على سبيل الاحتياط فضعيف والحق أن قول محمد كقولهما وصرح محمد في كتبه بعدم القراءة خلف الإمام بعدما أسند إلى علقمة بن قيس أنه ما قرأ قط فيما يجهر فيه وفيما لا يجهر قال أي محمد وبه نأخذ لا نرى القراءة خلف الإمام في شيء من الصلاة يجهر فيه أو لا يجهر وقال السرخسي تفسد صلاته بالقراءة في قول عدة من الصحابة اه وقال في الكافي ومنع المقتدي عن القراءة مأثور عن ثمانين نفرا من كبار الصحابة منهم المرتضى والعبادلة رضي الله تعالى عنهم وقد دون أهل الحديث أساميهم اه ثم قال المحقق ابن الهمام ثم لا يخفى أن الاحتياط في عدم القراءة خلف الإمام لأن الاحتياط هو العمل بأقوى الدليلين
____________________
(1/152)
وليس مقتضى أقواهما القراءة بل المنع اه ويلزم منه فساد الصلاة عند من هو أفضل من مجتهد قال بهما بدرجات كثيرة ولا يجوز الاحتياط على وجه يلزم منه فساد صلاته عند واحد من الصحابة اه
أفاده في الشرح
قوله ( وقلنا الخ ) أي قلنا بذلك مخالفين للإمام مالك وأحمد للنهي
قوله ( كره ذلك ) تحريما وفي بعض الروايات أنها لا تحل خلف الإمام وإنما لم يطلقوا إسم الحرمة عليها لما عرف من أصلهم أنه إذا لم يكن الدليل قطعيا لا يطلقون لفظ الحرمة وإنما يعبرون بالكراهة
قوله ( للنهي ) عنه بقوله صلى الله عليه وسلم لا يقرأ أحد منكم شيئا من القرآن إذا جهرت بالقرآن ولا نقول بمفهوم المخالفة ويقول زيد بن ثابت لا قراءة مع الإمام في شيء وروي من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة وروي عن عمر ليث في الذي يقرأ خلف الإمام حجرا وروى عنه صلى الله عليه وسلم من قرأ خلف الإمام ففي فيه جمرة وقال من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة وفي شرح منية المصلي والدرة المنفية عن القنية الأصل أن الإستماع للقرآن فرض كفاية لأنه لإقامة حقه بأن يكون ملتفتا إليه غير مضيع وذلك يحصل بإنصات البعض كما في رد السلام حيث كان لرعاية حق المسلم يكفي فيه البعض عن الكل فينبغي أن يحل لبعض المقتدين أن يقرأو ويترك الإستماع لقيام البعض الآخر به إلا أنا قلنا حالة الصلاة مخصوصة بما قدمناه من الأحاديث الواردة في النهي عن ذلك مطلقا فيجب الإستماع والإنصات على الكل كما في غاية البيان وقالوا الواجب على القارىء إحترام القرآن بأن لا يقرأ في الأسواق ومواضع الإشتغال فإذا قرأ فيها كان هو المضيع لحرمته فيكون الإثم عليه دون أهل الإشتغال دفعا للحرج في إلزامهم ترك أسبابهم المحتاج إليها وصرح علماؤنا بكراهة الدعاء والإستغفار حال قراءة القرآن وكذا كل ما يشغله عن الإستماع فلا يرد سلاما ولا يشمت عاطسا لما فيه من الإخلال بفرض الإستماع ولا يترك ما عليه لما ليس عليه أو لتحصيل فضيلة ولأنه يحصل بالإستماع والإنصات ما هو المقصود للداعي لأن الله تعالى وعدهم بالرحمة فقال لعلكم ترحمون ودعاؤه في حال الإستماع ربما لا يستجاب لمخالفته لأمره تعالى ومنه يعلم حكم ما يفعله بعض الناس من الدعاء عند سماع نحو قوله تعالى ادعوني أستجب لكم أجيب دعوة الداع إذا دعان وكذا يمنع القارىء من الدعاء إذا كان في صلاة فرض مطلقا أو نفل ولو إماما لأن الدعاء في الفرض لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الأئمة بعده فكان بدعة محدثة وشر الأمور محدثا بها كما في السراج وأما في النفل للإمام فلأن فيه تطويلا على القوم وقد نهى عنه كما في التبيين وهذا يقتضي أنه لو أم من يطلب منه ذلك فعله لحديث حذيفة رضي الله تعالى عنه صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل فما مر بآية فيها ذكر الجنة إلا وقف وسأل الله الجنة وما مر بآية فيها ذكر النار إلا وقف وتعوذ من النار ويندب ذلك للمنفرد فيطلب الرحمة ويتعوذ من النار عند ذكرهما ويتفكر في آية المثل كما في النهر وغيره
قوله ( لقوله تعالى { اركعوا } ) ولورود السنة به وللإجماع عليه
قوله ( وهو الإنحناء بالظهر والرأس جميعا ) هذا معناه الشرعي ومعناه لغة مطلق الإنحناء والميل يقال ركعت النخلة إذا مالت وأدناه شرعا إنحناء الظهر بحيث لو مد يديه ينال ركبتيه وفي البدائع روى الحسن عن أبي حنيفة فيمن لم يقم أي يعدل صلبه في الركوع
____________________
(1/153)
إن كان إلى القيام أقرب من تمام الركوع لم يجزه وإن كان أقرب إلى تمام الركوع من القيام أجزأه إقامة للأكثر مقام الكل اه ومثله في السراج عن الكرخي قال المحقق ابن أمير حاج وذلك لأن الركوع إنحناء الظهر كما تقدم وإذا وجد بعض الإنحناء دون البعض ترجح الأكثر وصارت العبرة له اه وإنما يكون إلى تمام الركوع أقرب إذا كان بحيث تنال يداه ركبتيه وتمامه هو أن يبسط ظهره ويساوي رأسه بعجزه ولا يكون أقرب إلى هذه الحالة بدون ما ذكرنا وفي شرح المختار الركوع يتحقق بما ينطلق عليه الإسم لأنه عبارة عن الإنحناء وفي الحاوي فرض الركوع إنحناء الظهر وفي التحفة قدر المفروض في الركوع هو أصل الإنحناء اه وعلى ما في هذه المعتبرات يصح الركوع وإن لم تنل يداه ركبتيه والاحتياط الأول وفي الحموي فإن ركع جالسا ينبغي أن تحاذي جبهته ركبتيه ليحصل الركوع اه ولعل مراده إنحناء الظهر عملا بالحقيقة لا أنه يبالغ فيه حتى يكون قريبا من السجود
قوله ( وأما التعديل ) أي الطمأنينة بمقدار تسبيحة واحدة وصحح قول أبي يوسف بعض أهل المذهب فالإحتياط في مراعاته كما أن الإحتياط في مراعاة قول أبي مطيع البلخي في التسبيح
قوله ( لم تجز صلاته ) قاس الركوع على القيام فوجب أن يحله ذكر مفروض كما أن القراءة تحل بالقيام أفاده في الشرح
قوله ( يشير برأسه للركوع ) ولو قليلا تحقيقا للإنتقال فإنه القدر الممكن في حقه ولا يلزمه غير ذلك ولا تجزيه حدوبته عن الركوع لأنه كالقائم ذكره الحدادي والحلبي
قوله ( عما هو أعلى ) أي من الإشارة وهو بسط الظهر مع الرأس والأولى في التعليل ما قدمناه
قوله ( ويفترض السجود ) المراد منه الجنس أي السجدتان وكونه كذلك ثبت بالسنة والإجماع وهو أمر تعبدي لم يطلع على حكمته كعدد الركعات وذكر بعضهم له حكما عديدة وستأتي ويحتمل أن المراد السجدة الأولى لما يأتي متنا من قوله ويفترض العود إلى السجود
قوله ( واسجدوا ) قيل كان الناس أول ما أسلموا يسجدون بلا ركوع ويركعون بلا سجود فنزل { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } الحج 22
قوله ( وبالسنة والإجماع ) الأولى التعبير باللام كما في الشرح
قوله ( إنما تتحقق بوضع الجبهة ) قال في المجتبى ولو سجد على طرف من أطراف الجبهة جاز وفي المعراج عن أبي جعفر وضع جميع أطراف الجبهة ليس بشرط إجماعا فإذا إقتصر على بعض الجبهة جاز وإن قل كما في البحر وما في التجنيس عن نصير لو سجد على حجر صغير إن كان أكثر الجبهة على الأرض جاز وإلا فلا اه ضعيف بل يكفي وضع أقل جزء منها نعم وضع الأكثر واجب لمواظبته صلى الله عليه وسلم على تمكين الجبهة والأنف من الأرض ولا بد أن يكون الوضع على وجه التعظيم فخرج وضع الجبهة مع رفع القدمين لأنه تلاعب وليس بتعظيم وخرج وضع الخد والصدغ ومقدم الرأس والذقن لأنها غير مرادة بالإجماع لأن التعظيم لم يشرع بوضعها فلا يتأدى بذلك فرض السجود مطلقا ولو بعذر بل معه يجب الإيماء بالرأس لأن جعل غير المسجد مسجدا بدون إذن الشرع لا يجوز
قال شيخ الإسلام متى عجز عن السجود على ما عين محلا للسجود سقط عنه السجود وينتقل فرضه للإيماء
قوله ( لا الأنف وحده ) أي بغير عذر وأما به فيجوز وهذه رواية عن الإمام وبها أخذ الصاحبان وأما الإقتصار على الجبهة فيصح مطلقا بالإتفاق وفي رواية عن الإمام يصح الإقتصار على أدنى جزء من أحدهما مطلقا بعذر بدونه وهو
____________________
(1/154)
الصحيح من مذهب الإمام كما في العيني على البخاري له ما في السنن الأربعة عن العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه اه
قال في الكافي والسجود بكل الوجه متعذر فكان المراد بعضه والأنف وسط الوجه فإذا سجد عليه كان ممتثلا كما لو سجد على الجبهة لأنه إنما جاز الإقتصار على الجبهة لأنها بعض الوجه وهو المأمور به والأنف بعضه أيضا فجاز الإقتصار عليه كما في ابن أميرحاج قال في الفتح وجعل بعض المتأخرين الفتوى على الرواية الموافقة لقولهما لم يوافقه دراية ولا القوى من الرواية كما علمته اه ومن ثم قال في الهداية والوجه ظاهر للإمام اه
قوله ( وشيء من أطراف أصابع إحدى القدمين ) يصدق ذلك بإصبع واحدة قال في الخلاصة وأما وضع القدم على الأرض في الصلاة حال السجدة ففرض فلو وضع إحداهما دون الأخرى تجوز صلاته كما لو قام على قدم واحد ووضع القدم موضع أصابعه ويكفي وضع إصبع واحدة وفي الفتح عن الوجيز وضع القدمين فرض فإن وضع إحداهما دون الأخرى جاز ويكره فإن وضع ظاهر قدميه أو رؤس الأصابع لا يصح لعدم الإعتماد على شيء من رجليه وما لا يتوصل للفرض إلا به فهو فرض وهذا مما يجب التنبه له وأكثر الناس عنه غافلون وهذا هو الموافق لما في مختصر الكرخي معللا بأن الوضع بدون توجيه وضع لظاهر القدم وهو غير معتبر وفي خزانة المفتين أن ذلك مكروه فقط كما في مجمع الأنهر وفي البحر ونص صاحب الهداية في التجنيس على أنه لو لم يوجه الأصابع نحو القبلة يكون مكروها اه
قوله ( ومع ذلك البعض ) وهو وضع الجبهة مع وضع إحدى اليدين وإحدى الركبتين وشيء من أطراف الخ
قوله ( بإتيانه ) أي المكلف أو السجود فهو من إضافة المصدر إلى فاعله والباء في قوله بالواجب للتعدية أو إلى مفعوله والباء للمصاحبة
قوله ( والقدمين ) أي أطراف أصابعهما
قوله ( والجبهة ) أي ما أمكن منها
قوله ( على ما يجد حجمه ) أي بينه كما في الفتح ولو كان بمعنى الأرض كسرير وعجلة على الأرض
قوله ( فلا يصح السجود على القطن الخ ) أي إلا إذا وجد اليبس وكذا كل محشو كفرش ووسادة
قوله ( والأرز والذرة ) لأن هذه الأشياء لملامة ظاهرها وصلابة أجسامها لا يستقر بعضها على بعض فلا يمكن إنتهاء التسفل فيها واستقرار الجبهة عليها إلا إذا كانت في وعاء
قوله ( لخشونة ) أي في حياتها ورخاوة أي في أجسامها
قوله ( والجبهة الخ ) وعرفها بعضهم بما اكتنفه الجبينان كما في الشرح وهما تثنية جبين وهو ما يحاذي النزعة إلى الصدغ عن يمين الجبهة وشمالها فتكون الجبهة بين الجبينين
قوله ( ويكره بغير عذر ) أما بعذر فلا يكره لما في الكتب الستة عن أنس رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف ثوبه في شدة الحر مكان السجود
قوله ( كالسجود على كور عمامته ) أي الكائن على جبهته فإنه يصح مع الكراهة بغير عذر أما لو كان على رأسه فقط وسجد عليه مقتصرا ولم يصب الأرض شيء من جبهته فلا يصح لعدم السجود على محله والكور بفتح الكاف كثوب أحد أدوار العمامة كما في المغرب
قوله ( على الأصح ) مقابله قول المرغيناني الصحيح الجواز إذا كان ما تحته نجسا
قال الكمال وليس بشيء
قوله ( لإتصاله به ) أي فأخذ حكمه فكأنه وضع جبهته على الأرض فيشترط حينئذ الطهارة والظاهر أنه يشترط طهارة
____________________
(1/155)
مقدار الجبهة لا موضع طرف الكم بتمامه ويحرر
قوله ( لأن أرنبته ليست محل السجود ) فإن إقتصر عليها لا يجوز إجماعا كما في السراج عن المستصفي
قوله ( في عدم جواز الشروع في الصلاة بالفارسية ) نقل في الدر عن التتارخانية أن الشروع بالفارسية كالتلبية يجوز إتفاقا أي لغير العاجز فظاهره رجوعهما إليه لا هو إليهما وهذا عكس القراءة فإنه رجع إليهما
قوله ( وعدم جواز الإقتصار في السجود على الأنف الخ ) قد علمت ما قاله الكمال وصاحب الهداية
قوله ( لحديث أمرت الخ ) روي الحديث بروايات عديدة منها رواية العباس وفيها ذكر الوجه لا الجبهة وقد سبق
قوله ( والإرتفاع القليل ) وهو ما كان نصف ذراع فأقل
قوله ( على ظهر مصل صلاته الخ ) وشرط في الكفاية كون ركبتي الساجد على الأرض وشرط في المجتبى سجود المسجود عليه على الأرض فحملة الشروط خمسة بل ستة بزيادة الزحام لكن في القهستاني عن الأصل أنه يجوز ولو على ظهر غير المصلي ونقل الزاهدي جوازه على ظهر كل مأكول وفي القهستاني عن صدر القضاة أنه يجوز وإن كان سجود الثاني على ظهر الثالث وفيه أنه في هذه الحالة يكون الساجد الثالث في صفة الراكع أو أزيد ونقل عن الجلابي أنه يستحب التأخير حتى يزول الزحام اه
قوله ( وهو اختيار الفقيه ) وقيل إن وضع اليدين والركبتين سنة وعليه يقال أن الحديث يقتضي وجوب السجود على الأعضاء السبعة المصرح بها فيه ولم يقولوا به والجواب أن الإستدلال بهذا الحديث إنما هو على أن محل السجود هذه الأعضاء لا أن وضع جميعها لازم لا محالة فوضع اليدين والركبتين سنة عندنا لتحقق السجدة بدونها لأن الساجد إسم لمن وضع الوجه على الأرض وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم قال مثل الذي يصلي وهو عاقص شعره كمثل الذي يصلي وهو مكتوف فالتمثيل يدل على نفي الكمال لا الجواز كما في العناية
قوله ( واختلف في الجواز ) وظاهر ما في مختصر الكرخي والمحيط والقدوري عدم الجواز
قاله الزاهدي كذا في الشرح
قوله ( ويشترط لصحة الركوع والسجود الخ ) مقتضاه أنه إذا ركع قبل أن يقرأ أو سجد قبل أن يركع فسدت وفي الكافي ما يفيده وفيه من سجود السهو لو قدم ركنا عن ركن سجد للسهو وهذا يقتضي وجوب رعاية الترتيب دون فرضيته وفيه تناقض وأجاب صاحب جامع الفصولين العلامة ابن قاضي سماوة في شرح التسهيل بأن معنى فرضية الترتيب توقف صحة الثاني على وجود الأول حتى لو ركع بعد السجود لا يكون السجود معتدا به فيلزمه إعادته ومعنى وجوبه أن الإخلال به لا يفسد الصلاة إذا أعاده ذكره السيد
قوله ( لم يبق بعده قيام يصح به فرض القراءة ) كما إذا ركع في ثانية الفجر قبل القراءة ولم يقرأ بعد الرفع فإنها تفسد أما إذا ترك القراءة في الأوليين من الرباعية وأداها في الأخيرتين صحت لوجود قيام بعد هذا القيام يصح فيه فرض القراءة وكما إذا قرأ بعد الرفع من الركوع في الصورة السابقة فإنها تصح إذا أعاد الركوع لأنه إنتقض بوجود القراءة بعده فليتأمل
قوله ( ويشترط الرفع من السجود الخ ) نقل السيد في شرحه عن العلامة مسكين أن القومة من الركوع والجلسة بين السجدتين فرضان عند أبي يوسف ومقتضاه أنه لو ترك القومة أو الجلسة فسدت صلاته عنده خلافا لهما وأما الطمأنينة في الجلسة بين السجدتين فواجبة وذكر المصنف في حاشية الدرر معزيا للبحر ما نصه ومقتضى الدليل
____________________
(1/156)
وجوب الطمأنينة في الأربعة أي في الركوع والسجود وفي القومة والجلسة ووجوب نفس الرفع من الركوع والجلوس بين السجدتين للمواظبة على ذلك كله وللأمر به في حديث المسيء صلاته ولما ذكره قاضيخان من لزوم سجود السهو بترك الرفع من الركوع ساهيا وكذا في المحيط فيكون حكم الجلسة بين السجدتين كذلك لأن الكلام فيهما واحد والقول بوجوب الكل هو مختار المحقق ابن الهمام وتلميذه ابن أميرحاج حتى قال أنه الصواب وتمامه فيه
قوله ( لأنه يعد جالسا بقربه من القعود ) لأن ما قارب الشيء يعطي حكمه
قوله ( فتحقق السجدة ) أي الثانية وقوله بالعود بعده أي بعد القرب من القعود
قوله ( وذكر بعض المشايخ الخ ) يقرب منه ما رواه الحسن أنه إذا رفع رأسه بقدر ما تمر فيه الريح جاز
قوله ( وذكر القدوري ) فرع بعضهم عليه أنه لو سجد على مرتفع فأزيل فسجد ثانيا بلا رفع أصلا صح عن الثانية وفيه تأمل
قوله ( وجعله شيخ الإسلام أصح ) أي في أداء الفرض وأن تحققت معه الكراهة
قوله ( أو ما يسميه الناظر رافعا ) هذه رواية رابعة عن الإمام وقد علمت الأصح
قوله ( ويفترض العود إلى السجود ) منه يعلم أن مراده بقوله أولا السجود السجدة الواحدة لا الجنس كما قدمناه
قوله ( ولا يتحقق كونه كالأول إلا بوضع الأعضاء السبعة ) أي لا يتحقق كونه فرضا كالأول إلا الخ وفيه نظر فإن الفرضية كما قدمه تتحقق بوضع الجبهة وإحدى اليدين والركبتين وشيء من أطراف أصابع القدمين
قوله ( إلا بعد مزايلتها مكانها في السجود ) فيه نظر فإن الأصح كما قدمه إشتراط الرفع إلى قرب القعود وأما المزايلة فلم يصحح الإكتفاء بها أحد وكلامه يفيد أنه لا بد من مزايلة الأعضاء السبعة مكانها وهو ليس بشرط إلا في الجبهة
قوله ( وبه وردت السنة ) أي بالرفع ثم الوضع مسلم أن هذا هو السنة وليس ركنا والدليل قاصر على إفادة رفع الرأس واليدين ووضعهما وهو المطلوب ولا يفيد مزايلة جميع أعضاء السجود كما ذكر
قوله ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) لا شك في حمل الأمر هنا على الندب وهو غير الدعي
قوله ( قيل تعبدي ) أي تعبدنا به الحق تعالى ولم نطلع على حكمته كعدد الركعات فنفعله كما أمرنا ولا نطلب في المعنى
قوله ( وقيل ترغيما للشيطان ) وقيل لما سجد الملائكة لآدم عليه السلام حين أمروا بالسجود له ولم يسجد إبليس فانقلب وجهه إلى ظهره وظهر عليه شعور كشعور الخنازير فسجد الملائكة ثانيا شكر لتوفيق الله تعالى إياهم فأمرنا بالسجدتين متابعة لهم وقيل الأولى لشكر الإيمان والثانية لبقائه وقبل الأولى إشارة إلى أنه خلق من الأرض فالثانية إشارة إلى أنه يعاد فيها
قوله ( ويفترض القعود الأخير الخ ) أي الذي يقع آخر الصلاة وإن لم يتقدمه أول فشمل الصبح والجمعة وصلاة المسافر واختلف فيه فقيل ركن من الأركان الأصلية وإليه مال يوسف بن عاصم وفي البدائع الصحيح أنه ليس بركن أصلي ومفهومه أنه ركن زائد وهو خلاف الظاهر والظاهر أنه شرط لقولهم لو حلف لا يصلي فقيد الركعة بالسجدة يحنث وإن لم يوجد قعود فلو كان ركنا لتوقفت الماهية عليه لكنها لم تتوقف عليه شرعا فليس بركن أصلا ولأنه شرع لغيره وهو الخروج من الصلاة ولأن الصلاة أفعال وضعت للتعظيم وأصله في القيام ويزداد بالركوع ويتناهى بالسجود والقعود ليس كذلك لأنه من باب الإستراحة فيتمكن الخلل في كونه ركنا كما
____________________
(1/157)
في السراج والبحر والنهر وغيرها وقوله ولأنه شرع لغيره أي وهو الخروج من الصلاة أي لا قراءة التشهد فلا يرد أن ما شرع لغيره لا يكون آكد من ذلك الغير
قوله ( بإجماع العلماء ) إلا مالكا فإنه روي عنه أنه سنة
قوله ( إذا قلت هذا ) أي التشهد أي وأنت قاعد فإنه لم يعهد تشهد إلا في قعود
قوله ( أن تقم ) أن مصدرية ولعل الرواية بإثبات الواو إذ لا وجه لحذفها
قوله ( وإن شئت الخ ) لعله منسوخ أو التخيير بالنظر لما سنذكره
قوله ( علق تمام الصلاة به ) أي بالقعود لأنه لا يتخير فيه وإنما التخيير في التلفظ بالتشهد ومعنى التخيير عدم توقف الماهية عليه وإن كان واجبا
قوله ( فيعاد لسجدة صلبية ) مثلها التلاوية لا السهوية فإنها ترفع التشهد لا القعود
قوله ( تذكرها ) أي بعد القعود ولو بعد السلام قبل الكلام كما في الدر
قوله ( وغيرها ) ظاهره يعم الواجبات والسنن والآداب فلا يعتد بها إلا بالإختيار ويعم الشرائط وفيه أن القعدة الأخيرة على القول بشرطيتها لا يشترط لها الإستيقاظ كما ذكره بعد
قوله ( أو قام ) وكذا لو قرأ على الأصح
قوله ( أما معرفة الخ ) هذه العبارة لا توفي بمقصوده وهو أن يعتقد أن الصلوات الخمس فرض وغيرها نفل بل صريحها يفيد أنه لا بد من التمييز بين ما يتفرض في الصلاة وما يسن وليس مرادا ومقابله قوله بعد أو إعتقاد المصلي أنها فرض يعني أن الشرط أحد الشيئين
قوله ( يعني كونها فرضا الخ ) هذا التفسير لا تدل عليه عبارة المصنف وكان الأولى للمصنف الإتيان بعبارة تفيد المقصود
قوله ( يميزها عن الخصال أي الصفات المسنونة ) فيه أن أفراد السنن لا يقال لها عرفا صفات مسنونة كما لا يقال لجزئيات الصلوات المفروضة خصال مفروضة
قوله ( ولا الشرط ) عطف على المراد لكنه يكون بعدم معرفة ذلك فاسقا غير مقبول الشهادة
قوله ( ويصلي كل ركعتين بإنفرادهما ) فيه أنه إذا وصلهما بما بعدهما يلزم بناء النفل في الواقع على الفرض والثابت فيه الكراهة لا الفساد
قوله ( ثم ركعتين ) أي لتتميز صفة الفرض عن غيره ولا يشترط الفصل لأنه عند وصل الجميع يلزم عليه بناء النفل على الفرض والثابت فيه الكراهة أيضا
قوله ( حتى لا يتنفل بمفروض ) معنى هذا التفريع أنه إنما حكم بصحة الفرض في هذه الصورة لأنه نوى الفرض فيسقط عنه ولا يكون نفلا بل النفل ما زاد وإن نواه فرضا لأن النفل يتأدى بنية الفرض ولو حذف هذا التفريع ما ضر
قوله ( بأكثر الخ ) الصواب حذف الباء لأنه المفعول الثاني لعلم
قوله ( وقيل شرط ) قدمنا ترجيحه قاله السيد
قوله ( وقيل التحريمة ركن أيضا ) أشار إلى ضعفه بقيل
قوله ( وغيره شرط لدوام صحتها ) كإيقاع القراءة في القيام وكون الركوع بعده والسجود بعده والإستيقاظ والله أعلم
فصل في متعلقات الشروط وفروعها عطف الفروع على ما قبله من عطف الخاص على العام
قوله ( أي تصح ) لا وجه لتحويل الجواز عن مدلوله لأنه لا حرمة في ذلك
قوله ( على لبد الخ ) المراد به كل ما كان له جرم غليظ يصلح للشق نصفين كحجر ولبنة وبساط كما في البدائع والخانية ومنية المصلي وغيرها
قوله ( وكلوح ) عطف على لبد والكاف أسم بمعنى مثل ومثل ما ذكر إذا كان الحشو نجسا والوجهان طاهران وكذا جلد شاة على صوفها نجاسة فاحشة كما في البدائع والخلاصة
قوله ( عندهما خلافا لأبي يوسف ) بالأول أفتى الشيخ أبو بكر
____________________
(1/158)
الأسكافي وبالثاني أفتى الشيخ أبو حفص الكبير فهما قولان مرجحان
قوله ( إذا كان غير مضرب ) هذا التفصيل مشى عليه صاحب المجمع وذكر أنه الصحيح والمراد بالمخيط غير المضرب وبالمضرب ما كان جوانبه مخيطة ووسطه مخيطا مضربا وفي القهستاني وينبغي أن يصلي على طهارة نحو القباء المتنجس ص البطانة ويقوم على قفاه ساجدا على ذيله اه
قوله ( لأنه ليس متلبسا به ) ولأن البساط ونحوه بمنزلة الأرض فيشترط فيه طهارة مكان المصلي فقط كذا في الخانية
قوله ( لأنه حامل لها حكما ) قال في البحر لأنه بتلك الحركة ينسب لحمل النجاسة بخلاف مجرد المس كما في القهستاني
قوله ( إلا إذا لم يجد غيره للضرورة ) أي فتصح الصلاة فيه للضرورة وهذا لا يظهر إلا في ساتر العورة لا في العمامة والملحفة
قوله ( وفاقد ما يزيل به النجاسة الخ ) بقصر ما فيتناول كل المائعات ومثل ما ذكر في المصنف إذا كان لا يمكنه إزالتها إلا بإظهار العورة عند غير من يحل نظره إليه
قال الإمام البقالي فإن كان على بدن المصلي نجاسة لا يمكن غسلها إلا بإظهار عورته يصلي مع النجاسة لأن إظهار العورة منهي عنه والغسل مأمور به والأمر والنهي إذا اجتمعا كان النهي أولى كذا في الشرح عن النهاية
قوله ( ولا إعادة عليه ) أي إذا وجد المزيل وإن بقي الوقت لما ذكره المؤلف وسواء كانت النجاسة في الثوب أو المكان وعدم الوجود يشمل الحقيقي والحكمي بأن وجد المزيل ولم يقدر على استعماله لمانع كحبس وعدو كما في القهستاني
قوله ( لزمه الصلاة فيه ) ولا إثم عليه ولا يأثم فيه ويأثم عند القدرة على غيره مع صحة الصلاة
قوله ( في هذه الحالة ) وهي حالة الصلاة وظاهره أنه لا يتعين عليه لبسه خارجها ويحرر ويحتمل أن المراد بالحالة حالة كونه حريرا فيكون الكلام أعم من كونه في الصلاة وليس لستر الظلمة اعتبار كالستر بالزجاج يصف ما تحته وثوب رقيق كذلك واعلم أن الستر حق الخالق والمخلوق فيجب في الخلوة على الأصح إذا لم يكن الكشف لغرض صحيح وقيل لا يجب الستر عن نفسه وصحح
قوله ( أو حشيشا ) مثله ورق الشجر
قوله ( أو طينا ) ولا يضر تشكل العورة به كتشكلها بالتصاق الثوب بها
قوله ( أو ماء كدرا ) قيد بالكدر لأن الصافي لا يصح الستر به كما في السراج
قوله ( يصلي داخله بالإيماء ) ولا فرق بين صلاة الجنازة وغيرها
قوله ( ولو بالإباحة ) أما إذا لم يبح له لم تثبت قدرته عليه فيصلي عريانا لعدم جواز الانتفاع بملك الغير بدون مسوغ شرعي وفي الشلبي عن الغاية اختلف المشايخ في لزوم شراء الثوب بخلاف الماء اه ولا تثبت القدرة بالوعد به لكنه يجب التأخير ما لم يخف القضاء عندهما وعند محمد يجب الإنتظار مطلقا
قوله ( كالماء الذي أبيح للمتيمم ) أي فيتعين عليه استعماله
قوله ( إذ لا يلحقه المانية ) أي كون المبيح يمن عليه بإباحة الثوب وهو علة لقوله ولو بالإباحة
قوله ( منها هذا ) ومنها حلق ربع الرأس أو تقصيره في الإحلال من الحرام والجناية عليه
قوله ( ولم تقم الخ ) جواب عن سؤال حاصله لماذا اعتبرتم الربع الطاهر وقلتم بطهارة كله حكما ولم تعتبروا ثلاثة أرباعه النجسة وتحكموا بنجاسة جميعه والنظر اعتبار الأكثر فأجاب عنه بأن الستر لازم وحكم النجاسة ساقط شرعا بطهارة الربع للزوم الستر فلذا اعتبر الربع
قوله ( وخيران طهر أقل من ربعه ) حاصله أنه بالخيار بين أن يصلي فيه وهو الأفضل وبين أن يصلي عريانا قاعدا يومي بالركوع
____________________
(1/159)
والسجود وهو يليه في الفضل لما فيه من ستر العورة المغلظة أو قائما عريانا بركوع وسجود وهو دونهما في الفضل أو موميا وهذا دونهما وظاهر الهداية منعه فإنه قال في الذي لا يجد ثوبا فإن صلى قائما أجزأه لأن في القعود ستر العورة الغليظة وفي القيام أداء هذه الأركان فيميل إلى أيهما شاء
قال الزيلعي ولو كان الإيماء جائزا حالة القيام لما استقام هذا الكلام اه قاله السيد
قوله ( لأن من ابتلي ببليتين ) كالصلاة في ثوب نجس بركوع وسجود وصلاته عريانا قاعدا يومي
قوله ( يختار أهونهما ) كما لو كانت المرأة إذا صلت قائمة ينكشف ربع عضو منها وإن صلت جالسة إستترت تصلي جالسة لأن ترك القيام أهون كذا في الشرح وكذا يصلي في الثوب النجس في الصورة السابقة
قوله ( وان تساوتا تخير ) كما في مسألة المتن فإنه لو استتر فانه فرض الطهارة ولو صلى عريانا فإنه فرض الستر وكل منهما من الشروط فيخير
قوله ( لما قلنا ) من إتيانه بالركوع والسجود وستر العورة
قوله ( قلت فيه نظر إلخ ) في النظر نظر لأن الغسل أهون من التشميس ووضعه في الهواء لأنه ليس المراد مطلق تشميس ووضع بل هما مقيدان بإزالة النتن والفساد وقد يستغرق ذلك اليوم الكامل والأكثر بخلاف الغسل فتأمل
قوله ( لأنه أفحش ) قال في الدر التعليل يفيد أنه لو صلى بالإيماء تعين ستر القبل ثم بعده الفخذ ثم بطن المرأة وظهرها ثم الركبة ثم الباقي على السواء كما في سكب الأنهر وغيره
قوله ( وقيل يستر القبل ) قال في النهر والظاهر أن الخلاف في الأولوية
قوله ( وفيه تأمل ) أي في التعليل الثاني
قوله ( لأنه يستتر بالفخذين الخ ) يمكن أن يقال معنى كونه لا يستتر بغيره أنه لا يستتر بغير مشقة أي وستره بالفخذين فيه عسر وستره باليدين يفوت عبادة أخرى وهي وضعهما حال القيام الحكمي تحت السرة فتأمل
قوله ( مادا رجليه نحو القبلة ) هذا ما في الذخيرة وفي منية المصلي يقعد كما يقعد في الصلاة حال التشهد وعليه ليختلف فيه حال الرجل والمرأة قال في البحر والذي يظهر ترجيحه وأنه أولى لأنه يحصل به المبالغة في الستر ما لا يحصل بالهيئة الثانية مع خلوها عن فعل ما ليس بأولى
وهو مد رجليه إلى القبلة من غير ضرورة اه والخلاف في الأولوية
قوله ( فإن صلى العاري الخ ) بقي أمر رابع ذكره في البحر والنهر عن ملتقى البحار وهو الصلاة قاعدا يركع ويسجد
قوله ( ما بين السرة ) أي ما يحاذي ذلك من سائر الجوانب وقيل ابتداؤها من السرة وقيل من المنبت وفي لفظ الرجل إشارة إلى ان الصبي ليس كذلك
قال في السراج الصغير جدا لا تكون له عورة ولا بأس بالنظر إليها ومسها لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل ذكري الحسن والحسين في صغرهما وكان يأخذ من أحدهما ذكره ويجره والصبي يضحك كذا في الفتاوى اه وفي البحر عن الظهيرية وحكم العورة في الركبة أخف منه في الفخذ وثمرته أنه لو رأى غيره مكشوف الركبة ينكر عليه برفق ولا ينازعه أن ألح وان رآه مكشوف الفخذ ينكر عليه بعنف ولا يضر به إن ألح وإن رآه مكشوف السوأة أمره بسترها وأدبه على ذلك ان ألح وإن رآه مكشوف ما بين السرة إلى العانة ينكر عليه برفق وينازعه إن ألح ولا يؤدبه فإنه مجتهد فيه لقول الفضلي إن ذلك ليس بعورة لتعامل العمال بإبداء ذلك وإن كان ضعيفا
قوله ( لقبح ظهورها ) فهي من العور وهو النقص والقبح والعيب
قوله ( إلى ركبتيه ) وجه الإستدلال منه أن كلمة إلى للغاية فالركبة غاية والغاية قد تدخل وقد تخرج والموضع
____________________
(1/160)
موضع احتياط فحكمنا بدخولها احتياطا ولأن الغاية تدخل في المغيا بالي كما هو في آية الوضوء وهذا بقطع النظر عما يؤخذ من الحديث الثاني وإلا فهو صريح في دخولها
قوله ( والمستسعاة ) يعني معتقة البعض وأما المرهونة إذا أعتقها الراهن هو معسر فإنها حرة إتفاقا
قوله ( عند أبي حنيفة ) وقالا هي حرة مديونة
قوله ( البطن والظهر ) وأما الجنب فإنه تبع للبطن كذا في القنية والأوجه أن ما يلي البطن تبع له كما في البحر يعني وما يلي الظهر تبع له كما في تحفة الأخيار والخنثى المشكل الرقيق كالأمة والحر كالحرة
قوله ( لأن لهما مزية ) أي في الاشتهاء والمراد أن لهما دخلا في الشهوة وفيه أن الثديين أعظم دخلا من هذه الحيثية والأولى في الاستدلال ما في الشرح أن عمر كان يضرب الإماء ان تقنعن ويقول ألق عنك الخمار يا دفار وكانت جواريه تخدمن الضيفان كاشفات الرؤوس مضطربات الثديين
قال بعض الفضلاء بحثا وظاهر ذلك أنه يكره التقنع للأمة وهو كذلك لكن بالنسبة لزمن عمر رضي الله تعالى عنه أما في زماننا فينبغي أن يجب التقنع لا سيما في الإماء البيض لغلبة الفسق فيه
قوله ( للحرج ) من حيث أنها تباع وتشرى وتخرج لحاجة مولاها في ثياب مهنتها عادة فاعتبر حالها بذوات المحارم في حق جميع الرجال
قوله ( وجميع بدن الحرة ) أي جسدها
قوله ( إلا وجهها ) ومنع الشابة من كشفه لخوف الفتنة لا لأنه عورة
قوله ( وهو المختار ) وإن كان خلاف ظاهر الرواية
قوله ( وعن أبي حنيفة ليس بعورة ) واختاره في الاختيار للحاجة للكشف للخدمة كما في البحر
قال الكمال وصحح بعضهم أنه عورة في الصلاة لا خارجها ولا تلازم بين كونه ليس بعورة وجواز النظر إليه لأن حل النظر منوط بعدم خشبة الشهوة مع إنتفاء العورة ولذا حرم النظر إلى وجهها ووجه الأمرد إذا شك في الشهوة ولا عورة اه وفي الزاهدي عن الشيخين أن الذراع لا يمنع جواز الصلاة لكن يكره كشفه ككشف القدم قهستاني
قوله ( باطنهما وظاهرهما ) أي في الصلاة وخارجها وقال الأقطع في شرحه الصحيح أنهما عورة لظاهر الخبر وفي الاختيار الصحيح أن القدم ليست بعورة في الصلاة وهي عورة خارجها
قال في الشرح والتحقيق أن القدم ليست بعورة في الصلاة كما ذكرنا
قوله ( في الأصح ) احترز به عن رواية المنتفى أنه ليس بعورة وبه قال عبدالله البلخي قال في النهر والحاصل أن له اعتبارين فهو من البدن في حق العورة وليس منه في حق الغسل اه يعني إذا كان مضفورا
قوله ( ولا يحل النظر إليه مقطوعا منها في الأصح ) وقيل يحل كما يحل النظر إلى ريقها ودمها
قوله ( إن صوتها عورة ) هو ما في النوازل وجرى عليه في المحيط والكافي حيث عللا عدم جهرها بالتلبية بأن صوتها عورة
قال في الفتح وعلى هذا لو قيل إذا جهرت بالقراءة في الصلاة فسدت كان متجها لكن قال ابن أمير حاج الأشبه أنه ليس بعورة وإنما يؤدي إلى الفتنة واعتمده في النهر أفاده السيد وظاهر هذا ان الخلاف في الجهر بالصوت فقط لا في تمطيطه وتليينه وهو ينافي ما قاله المصنف ونقله المقدسي عن أبي العباس القرطبي في كتابه في السماع ونصه ولا يظن من لا فطنة له أنا إذا قلنا صوت المرأة عورة أنا نريد بذلك كلامها لأن ذلك ليس بصحيح فإنا نجيز الكلام من النساء الأجانب ومحاورتهن عند الحاجة إلى ذلك ولا نجيز لهن رفع أصواتهن ولا تمطيطها ولا تليينها
____________________
(1/161)
وتقطيعها لما في ذلك من استمالة الرجال إليهن وتحريك الشهوات منهن ومن هذا لم يجز أن تؤذن المرأة اه
قوله ( وكشف ربع عضو الخ ) هذا بالنظر إلى الصلاة وإلا فحرمة الكشف والنظر لا تتقيد بربع العضو بل القليل والكثير سواء كما في تحفة الأخيار
قوله ( الغليظة أو الخفيفة ) هذا التقسيم بالنظر إلى النظر وإلا فالحكم في الصلاة متحد
قوله ( يمنع صحة الصلاة ) أي إذا كان قدر أداء ركن عند أبي يوسف ومحمد اعتبر أداء الركن حقيقة والمختار قول أبي يوسف للإحتياط كما في الحلبي زاد في منية المصلي اعتبار أداء الركن مع سنته
قال شارحها البرهان الحلبي وذلك مقدار ثلاث تسبيحات وقال ابن أمير حاج وهذا تقييد غريب ووجهه قريب وقيد بعضهم الكشف بكونه بغير صنعه أما لو كشفه بفعله فسدت للحال بلا خلاف قهستاني عن المنية وعزاه في البحر إلى القنية وجرى عليه صاحب الدر
قال في البحر وهذا تقييد غريب والمذهب الإطلاق واعلم أن الإنكشاف الكثير في الزمن القليل لا يمنع كالقليل في الكثير ويمنع الكثير في الكثير واعتبار ربع العضو قولهما واعتبر أبو يوسف إنكشاف الأكثر وفي النصف عنه روايتان كما في الملتقى
قوله ( مع وجود الساتر ) قيد به لأن فاقده يصلى عاريا
قوله ( والركبة مع الفخذ عضو ) وليست عضوا على حدة في الحقيقة إذ هي ملتقى عظم الفخذ والساق قلت وينبغي أن يكون المرفق تبعا للعضد والرسغ تبعا للذراع قاله بعض الفضلاء
قوله ( وكعب المرأة مع ساقها ) أي عضو وكذا يقال فيما بعد
قوله ( والأنثيين بلا ضمهما إليه ) فإنهما معا عضو واحد والصواب والإنثيان بالألف )
قوله ( وكل ألية عورة ) صوابه عضو كما قاله السيد
قوله ( أو خشية غرق ) أو حصول ضرر شديد عند الإستقبال أفاد الشرح
قوله ( وهي سائرة ) قيد اتفاقي ولذا لم يذكره السيد
قوله ( لا يمكنه الركوب إلا بمعين ) راجع إلى المسألتين
قوله ( أو هرب من عدو راكبا ) قيد بقوله راكبا لأن لو هرب ماشيا لا تجوز صلاته
قوله ( فقبلته جهة قدرته ) فيومىء على الدابة واقفة ان قدر وإلا فسائرة ويتوجه إلى القبلة إن قدر وإلا فلا وهذا في الفرض
قوله ( والقادر الخ ) قال في الشرح وقيدنا بالعجز عن الاستقبال والنزول بنفسه لأن القادر الخ فهو بمنزلة التعليل لقوله ومن عجز إلخ المقيد بقوله بنفسه
قوله ( ومن اشتبهت عليه القبلة ) بأن انطمست أعلامها وأما إذا كانت السماء مصحية مثلا وهو لا يعرف الأدلة مع ظهورها فهل يجوز له التحري ويعذر بالجهل قال بعضهم لا ولا وقال ظهير الدين المرغيناني يجوز قال في الجوهر وظاهر كلام القدوري يشير إليه ا ( ه
قوله ( ولم يكن عنده مخبر ) قال في الجوهرية وحد الحضرة أي المعبر عنها هنا بعند أن يكون بحيث لو صاح سمعه ويقبل فيها قول العدل ذكره ابن أمير حاج ولو كان عبدا أو أمة ويتحرى في خبر الفاسق والمستور ثم يعمل بغالب ظنه كما في حظر الدر المختار
قوله ( أو سأله فلم يخبره ) الذي هو من أهل المكان أو الذي عنده علم وإن لم يكن من أهله
قوله ( ولو سجدة تلاوة ) أي ولو كان المتحري فيه سجدة تلاوة ومثلها صلاة الجنازة كما في الجوهرة ويجب الأخذ بقول المخبر العدل وأن خالف رأيه لأن الأخبار أعلى من الحري وفي غاية البيان والعناية أنه يستحب الأخبار
قوله ( ولا يجوز التحري مع وضع المحاريب ) لأنها من جملة الأدلة خصوصا محراب المدينة الشريفة لأنه موضوع بالوحي يجب إتباع المحراب ولا يجوز له التحري
____________________
(1/162)
كما في التبيين وذكر في الخانية جوازه معها
قوله ( وأن أخبره إثنان الخ ) ان وصلية
قوله ( وإقتدى به ) الأولى حذفه لأن المقصود إفادة عدم صحة إقتدائه به وقد أفاده بعد
قوله ( فصلاة الأعمى صحيحة ) نظيره ما إذا دخل المسجد رجل وهو مظلم وصلى المغرب فلما فرغ من صلاته جيء بالسراج فإذا هو صلى إلى غير القبلة أن صلاها بالتحري جاز ولا إعادة عليه أفاده في الشرح
قوله ( لقدرته في الأولى ) فيه أن الأولى مفروضة فيما إذا لم يجد مخبرا عند إفتتاحه فكيف يكون قادرا إذ لو كان قادرا لفسدت وقد ذكر أنها صحيحة وكلامه في الشرح أحسن من هذا فإنه قال ناقلا عن التجنيس والمزيد الأعمى إذا صلى ركعة إلى غير القبلة فجاء رجل وسواه وأقامه إلى القبلة واقتدى به فهذا على وجهين أما ان يجد عند الافتتاح إنسانا يسأله أو لم يجد ففي الوجه الأول لا تجوز صلاته ولا الاقتداء به لأنه قادر على أداء الصلاة إلى جهة الكعبة وفي الوجه الثاني تجوز صلاة الإمام أي الأعمى لأنه عاجز ولاتجوز صلاة المقتدى لأن عنده صلاة إمامه على الخطأ اه وهي عبارة لا غبار عليها
قوله ( ولا إعادة عليه لو أخطأ ) ولو بمكة والمدينة على الأصح
قوله ( عامر بن عقبة ) الذي في الشرح ابن ربيعة
قوله ( على حياله ) أي على حدته
قوله ( كما حولت عن المقدس ) بصيغة اسم المفعول من قدس أو على وزن مجلس وهو على تقدير مضاف أي بيت المقدس
قوله ( أو تبدل اجتهاده ) ولو إلى الجهة الأولى على الأوجه كما في سكب الأنهر
قوله ( من جهة اليمين ) ينبغي أن يكون ذلك على وجه الاستحباب لا الوجوب كذا بحثه بعضهم ومحله ما لم يكن العمل من جهة اليمين أكثر وإلا كان المستحب التوجه إلى ما هو قليل العمل
قوله ( كالنسخ ) فلا يبطل العمل السابق وإنما يمتنع العمل به في المستقبل
قوله ( وأهل قباء ) بالضم والدقرية من قرى المدينة يصرف ولا يصرف كما في المغرب ومن العرب من يقصره ويصرفه ويجعله مذكرا ومنهم من يؤنثه فلا يصرفه
قوله ( وإن تذكر سجدة صلبية ) أي بعد الاستدارة أي انه تركها
قوله ( بطلت ) وجهه أنه إذا أداها في وجهة ركعتها التي تحول عنها فقد أداها إلى غير القبلة الآن وإن أداها إلى جهة تحريه الآن إداها إلى غير القبلة التي كانت لركعتها والركعة الواحدة لا تكون لقبلتين
قوله ( لأنه بتبين الصواب الخ ) ولأن ما فرض لغيره يراعى حصوله لا تحصيله كالسعي إلى الجمعة بيانه أن جهة التحري وإن كانت هي القبلة حال الإشتباه لكن التحري لم يقصد لذاته وإنما قصد للإصابة فإذا حصلت أغنت عنه
قوله ( بطل الحكم بالاستصحاب ) أي استصحاب الحال أي حال الذي اشتبه عليه القبلة فإن حاله عند عدم التحري الفساد لأن الصلاة بدون التحري عند الإشتباه فاسدة
قوله ( من الصلاة ) أي من أول الصلاة
قوله ( قويت به ) أي بالعلم وبقي من الصور ما إذا علم بخطئه فيها أو بعدها والصلاة فاسدة فيهما
قوله ( خلافا لأبي يوسف ) فانه يقول بالصحة لأنه لو
____________________
(1/163)
قطع استأنف إلى غير تلك الجهة فلا يعيد
قوله ( باستصحاب الحال ) هو الفساد لترك التحري عند الاشتباه
قوله ( ولم يرتفع بدليل ) بخلاف ما إذا تبين صوابه كما سبق
قوله ( لم يحصل حقيقة ) وهو استقباله يقينا
قوله ( ولا حكما ) أي بالتحري والحاصل أنه أما ان لا يشك ولا يتحرى وجوابه ان صلاته على الجواز ما لم يتبين له الخطأ وأما أن يشك ولا يتحرى وهي على الثلاثة أوجه التي ذكرها المصنف وإما أن يشك ويتحرى وهو أصل المسألة
قوله ( لا تجزيه ) وعن أبي حنيفة يخشى عليه الكفر ولا يكفر وفي الظهيرية ومن صلى إلى غير جهة الكعبة لا يكفر هو الصحيح لأن ترك جهة الكعبة جائز في الجملة بخلاف الصلاة بغير طهارة لعدم الجواز مع عدمها بحال واختاره الصدر الشهيد وفيه أنه يجوز لفاقد الطهورين الصلاة مع عدمها
فرع إذا تحرى ولم يقع تحريه على شيء فقيل يؤخر وقيل يخير وقيل يصلي إلى الجهات الأربع وهو الأحوط كما في الفتح ومع هذا لو صلى إلى جهة واحدة جاز وإن أخطأ فيه كما في الظهيرية
قوله ( خلافا لأبي يوسف ) هو غير ظاهر الرواية عنه كما في القهستاني
قوله ( وعلى هذا ) أي على ما تقدم من أنه لا عبرة للإصابة إذا صلى إلى غير جهة تحريه أو على هذا الخلاف
قوله ( وهو فساد فعله ابتداء ) الذي في الشرح وهو أن لا يحكم بفساد فعله ابتداء لأنه حينئذ لا تكون نيته صحيحة لعدم الجزم اه وهو المناسب
قوله ( والنية ) أي نية الطهارة فيه أن النية وجودها لا يشترط والذي في الشرح وفي الماء الذي عدل إليه وجد الجزم بالنية والطهارة حقيقة فصحت
قوله ( وجهلوا حال إمامهم ) أما من علم حال إمامه لم تجز صلاته لأنه اعتقد أن إمامه على الخطأ وهذا لا يشترط في الصلاة في جوف الكعبة فالصلاة صحيحة مع علم حال الإمام لعدم الخطأ لأن الكل قبلة
قوله ( كما في جوف الكعبة ) فإن التقدم فيه مضر
قوله ( لما قدمناه ) من حديث عامر وهو علة لقوله تجزيهم
فصل في بيان واجب الصلاة قوله ( يجيء بمعنى اللزوم ) لو قال بمعنى اللازم والساقط والمضطرب أو قال في الأول الوجوب يجيء بمعنى اللزوم الخ لكان أنسب
قوله ( وفي الشرع إسم لما لزمنا ) روى عن الإمام انه قال ما معناه الفرق بين الواجب والفرض كما بين السماء والأرض والبعض يطلق عليه اسم السنة حتى يعبرون في محل بالسنية ثم يعبرون فيه بالوجوب أفاده صاحب البحر
قوله ( بدليل فيه شبهة ) اعلم أن الأدلة السمعية أنواع أربعة قطعي الثبوت والدلالة كالنصوص المتواترة أي المحكمة وقطعي الثبوت ظني الدلالة كالآيات المؤولة وظني الثبوت قطعي الدلالة كإخبار الآحاد التي مفهومها قطعي وظني الثبوت والدلالة كإخبار الآحاد التي مفهومها ظني فبالأول يثبت الفرض أي والحرام وبالثاني والثالث يثبت الوجوب أي وكراهة التحريم وبالرابع يثبت السنة والاستحباب أي وكراهة التنزيه ليكون ثبوت الحكم بقدر دليله كذا في الكشف اه من الشرح مزيدا
قوله ( لكونه ساقطا عنا علما ) أي لا يجب علينا إعتقاد وجوبه
قوله ( أو لكونه ساقطا علينا عملا ) لو قال أو لكونه لازما علينا عملا لكان أولى ليكون تنبيها على المعنى الأول وهو اللزوم صريحا وإن كان ما ذكره يفيده بقرينة على
قوله ( أو لكونه مضطربا ) أي مترددا
قوله ( وشرعت الواجبات لا كمال الفرائض ) فان القراءة فرض وكونها بالفاتحة والسورة مثلا متمم لذلك
____________________
(1/164)
الفرض حتى لو ترك ذلك كان مكروها تحريما والطمأنينة متممة للركوع والسجود وكذا التشهد في الثانية متمم لقعدتها وضم الأنف متمم لوضع الجبهة إلا ان منها ما يكون متمما للركن خاصة ومنها ما يكون متمما لها من غير نظر إلى ركن كالقعود الأول وتشهده والسلام فليتأمل
قوله ( والسنن لا كمال الواجبات ) كالتسبيح ثلاثا فإنه متمم للطمأنينة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم متممة للتشهد والتعوذ والبسملة متمات لقراءة الفاتحة ولا يظهر هذا التتميم في جميع السنن
قوله ( والأدب لا كمال السنة ) يعني أن السنة تكون كاملة بالأدب فنظر الراكع إلى القدمين والساجد إلى الأرنبة متمم للتسبيحات لأنها حينئذ تكون مستحضرة لعدم إشتغاله بإطلاق النظر والنظر إلى حجره متمم لهيئة الجلوس وفيه ما مر
قوله ( ليكون كل منها حصنا لما شرع لتكميله ) أي حافظا له فالواجبات كالسور على الفرائض والسنن كالسور على الواجبات والآداب كالسور على السنن فمن حفظ السور الأخير كان للأسوار الداخلة أحفظ ومن ضيعه ينجر به الحال إلى تضييع باقيها والتهاون بها وفي نسخ كلا بالنصب ولا وجه له
قوله ( إستحقاق العقاب ) هو دون عقاب ترك الفرض
قوله ( والثواب بفعله ) هو الحكم الأخروي وأما الحكم الدنيوي فهو سقوط المطالبة
قوله ( وإعادتها بتركه عمدا ) أي ما دام الوقت باقيا وكذا في السهو ان لم يسجد له وإن لم يعدها حتى خرج الوقت تسقط مع النقصان وكراهة التحريم ويكون فاسقا آثما وكذا الحكم في كل صلاة أديت مع كراهة التحريم والمختار أن المعادة لترك واجب نفل جابر والفرض سقط بالأولى لأن الفرض لا يتكرر كما في الدر وغيره ويندب إعادتها لترك السنة
قوله ( وهو ) أي الواجب أي على ما ذكر هنا وإلا فهي تزيد على ما ذكره والتتبع بنفي الحصر
قوله ( الأول وجوب قراءة الفاتحة ) الصواب حذف وجوب
قوله ( قراءة الفاتحة ) قالوا بترك أكثرها يسجد للسهو لا أن ترك أقلها ولم أر ما إذا ترك النصف نهر لكن في المجتبى يسجد بترك آية منها وهو أولى قال في الدر وعليه فكل آية واجب ولو قرأ الفاتحة على قصد الدعاء تنوب عن القراءة كما في الفتاوى الصغرى خلافا لما في المحيط قاله السيد
قوله ( لنفي الكمال ) فغاية ما يفيده الوجوب لا الافتراض لأنه وإن كان قطعي الثبوت فهو ظني الدلالة لأن مثله يقال لنفي الجواز ولنفي الفضيلة فكان محتملا
قوله ( لا ينسخ قوله تعالى الخ ) أي ولو قيد به لكان ناسخا لذلك المطلق لأن تقييده
____________________
(1/165)
نسخ وهو لا يجوز بخبر الواحد
قوله ( فوجب العمل به ) أي بهذا الحديث وهو تفريع على ثبوت الوجوب به وعدم نسخه مطلق الكتاب
قوله ( أو ثلاث آيات قصار ) قدر أقصر سورة أو آية طويلة تعدل ثلاث آيات قصار وهذا الضم سنة عند الثلاثة كما في سكب الأنهر وهل يكره الضم في الأخيرتين المختار لا كما في الدر ووجوب هذا وما قبله مقيد بما إذا كان في الوقت سعة فإن خاف فوت الوقت لو قرأ الفاتحة والسورة أو قرأ الفاتحة أو أزيد من آية قرأ في كل ركعة آية في جميع الصلاة نهر عن القنية وتقسيم القراءة إلى فرض وواجب وسنة بالنسبة لما قبل الإيقاع أما بعده لو قرأ القرآن كله في ركعة واحدة لم تقع القراءة إلا فرضا اه من السيد بزيادة
قوله ( لا صلاة لمن لم يقرأ بالحمدلله وسورة ) الدليل أخص من المدعي وقد يقال أن الثلاث آيات ألحقت بالسورة بدلالة النص قال بعض الأفاضل وهذا يرد على من قال بفرضية الفاتحة فإنه يلزمه ان يقول أيضا بفرضية السورة كما لا يخفى اه
قوله ( غير الثنائي ) يعم الرباعي والثلاثي
قوله ( لمشابهة السنة ) بل هو سنة عندهما
قوله ( لما روينا ) من قوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بالحمد لله وسورة في فريضة أو غيرها وإنما لم تجب القراءة في الآخريين من الفرض كالنفل لقول علي رضي الله تعالى عنه القراءة في الأوليين قراءة في الأخريين وعن ابن مسعود وعائشة رضي تعالى عنهما التخيير في الأخريين إن شاء قرأ وإن شاء سبح اه من الشرح
قوله ( وتعيين القراءة الخ ) وقيل إنه فرض وتكون قضاء إذا وجدت في غير الأوليين وصحح
قوله ( حتى لو قرأ من السورة ) أي بعض السورة ولو حرفا واحدا كما في السيد وغيره والمراد من السورة ما يعم الآيات ومثل بعض السورة كلها كما سيأتي قريبا
قوله ( ويسجد للسهو ) إذا كان ساهيا وإلا كره تحريما لأن فيه تأخير الواجب وهو الفاتحة عن محله وهو العلة في وجوب السهو بتكرار الفاتحة
قوله ( أي ما صلب منه ) فلو اقتصر على الأرنبة لا يكون آتيا بالواجب
قوله ( ولا تجوز الصلاة بالاقتصار على الأنف في السجود ) ما لم يكن بالجبهة عذر قاله السيد
قوله ( ولو بعد القعود ) ولو بعد السلام قبل الكلام
قوله ( ثم يعيد القعود ) طريق الإتيان بها أنه إذا تذكرها بعد السلام أو قبله بعد القعود أن يسجد المتروكة ثم يعيد القعود والتشهد ويسلم ثم يسجد للسهو ثم يقعد ويتشهد لأن العود إلى السجدة الصلبية يرفع القعود والتشهد وكذا السجدة التلاوية فلو لم يعد القعود وسلم بمجرد رفعه من السجدة بطلت صلاته لترك القعدة الأخيرة وهي فرض بخلاف سجود السهو فإنه يرفع التشهد فقط حتى لو سلم بمجرد رفعه منه ولم يقعد صحت صلاته ولكنه يكره لتركه التشهد وهو واجب كما في الدر وغيره
قوله ( وهو التعديل ) أي التتميم والتكميل وهو في اللغة التسوية
قوله ( حتى تطمئن مفاصله ) ويستقر كل عضو في محله بقدر تسبيحة كما في القهستاني هذا قول أبي حنيفة ومحمد على تخريج الكرخي وعلى تخريج الجرجاني سنة كتعديل القومية والجلسة والأول هو الصحيح وإنما خص الركوع والسجود لأنهما مظنة التخفيف بخلاف القيام لأنه يطول بطول القراءة حتى لو لم يقرأ في الأخريين وأما ساكتا كان عليه أن يقف بقدر تسبيحه لأجل تعديل الركن كما صرح به في النهاية ولو لم يقف هذا القدر إثم ولا تفسد صلاته لوجود أصل القيام فإن المفروض من
____________________
(1/166)
الركن أدنى ما يطلق عليه الإسم
قوله ( ولا فرض كما قاله أبو يوسف ) أورد عليه انه وافقهما في الأصول على أن الزيادة لا تجوز بخبر الواحد على الكتاب وهو قوله تعالى { اركعوا واسجدوا } الحج 22 فإنه تعالى أمر بالركوع والسجود فتعلقت الركنية بالأدنى منهما وخبر الواحد هو حديث صل فإنك لم تصل فكيف جوز الزيادة هنا لهذا الخبر وبهذا حمله ابن الهمام على الفرض العملي وهو الواجب فيرتفع الخلاف
قال في البحر ويؤيده ان هذا الخلاف لم يذكر في ظاهر الرواية اه من السيد مختصرا وفي قوله وهو الواجب نظر
قوله ( ومقتضى الدليل ) وهو الحديث السابق وهو مقتضى المواظبة أيضا
قوله ( في القومة ) أي من الركوع حتى يستتم قائما
قوله ( والجلسة ) أي بين السجدتين حتى يستتم قاعدا وأما أصل الرفع إلى قرب القعود ففرض بخلاف الركوع فإن أصل الرفع منه واجب أيضا والفرق أن المقصود من الركوع تحقيق الإنتقال من الركن وهو يحصل من الركوع بدون رفع بخلاف السجود كما في السراج والكافي ومقتضى الدليل أيضا وجوب نفس الجلسة أفاده في الشرح
قوله ( والرفع من الركوع ) عطف على الإطمئنان فهو واجب قال في الشرع ومقتضى الدليل وجوب الطمأنينة في الأربعة ووجوب نفس الرفع من الركوع والجلوس بين السجدتين الخ
قوله ( للأمر به ) أي بالاطمئنان أي الأمر الضمني فإن الأمر منه صلى الله عليه وسلم لمن أساء الصلاة بالإعادة إنما هو لتركه الإطمئنان وذلك يقتضي الأمر به والأمر للوجوب وليس المراد من الحديث البطلان فلا ينهض دليلا لمن احتج به يدل لهذا آخر الحديث حيث قال إذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك وإذا انتقصت منه شيئا فقد إنتقصت من صلاتك فقد سماها صلاة والباطلة لا تسمى صلاة وأيضا فقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم بعد أول ركعة حتى أتم ولو كان عدم الطمأنينة مفسدا لفسدت بأول ركعة وبعد الفساد لا يجوز المضي في الصلاة وتقريره صلى الله عليه وسلم من الأدلة الشرعية كذا في البحر وغيره
قوله ( وإليه ذهب المحقق الخ ) واختار الكرخي ان التعديل في القومة والجلسة سنة على قولهما وفرق بينه وبين تعديل الأركان بأنه في الأركان لتكميل الفرض وفي القومة والجلسة لتكميل الواجب ومكمل الفرض واجب ومكمل الواجب سنة إظهارا للتفاوت بينهما وهو المشهور وقال الجرجاني ان التعديل عندهما مطلقا سنة
قوله ( ويجب القعود الأول ) مقدار قراءة التشهد بأسرع ما يكون لا فرق في ذلك بين الفرائض والواجبات والنوافل استحسانا عندهما وهو ظاهر الرواية والأصح وقال محمد وزفر والشافعي هو فرض في النوافل وهو القياس كما في القهستاني وسكت الأنهر
قوله ( في الصحيح ) واختار الكرخي والطحاوي استنانه وأكثر المشايخ يطلقون عليه إسم السنة إما لأن وجوبه ثبت بالسنة أو لأن المؤكدة في معنى الواجب وهذا لا يقتضي رفع الخلاف ولا يرد ما لو سبق الإمام المسافر الحدث واستخلف مقيما حيث كانت القعدة الأولى فرضا في حقه لأنه لعارض الإستخلاف أفاده السيد ثم ان الأولى حذف قوله في الصحيح لتصريح المصنف به بعد
قوله ( ولو كان حكما ) فيه إشارة إلى انه أراد بالأول ما ليس بآخر فالمسبوق بثلاث في الرباعية ثلاث قعدات والواجب منها ما عدا الأخير
قاله السيد وفيه أن الأول فرض بمقتضى المتابعة وقول الشرح وهو قعود المسبوق فيما يقضيه
____________________
(1/167)
يفيد أن الواجب ما انفرد المسبوق بقضائه فقط فليتأمل
قوله ( ويجب قراءة التشهد ) فيسجد للسهو بترك بعضه ككله كما في الدر
قوله ( أي في الأول ) المراد به كما سبق ما عدا الأخير على ما فيه فإنه قد يتكرر مرارا
قوله ( للمواظبة ) علة لقوله ويجب قراءة التشهد
قوله ( حتى لو زاد عليه ) أي على التشهد
قوله ( بمقدار أداء ركن الخ ) على الصحيح وبينوه بما إذا قال اللهم صل على محمد ولم يذكره الشرح تباعدا عما يوهم المنع من ذكر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وقوله ساهيا إحترز به عن العمد فإن الصلاة تكون به مكروهة تحريما
قوله ( بمقدار أداء ركن ساهيا يسجد للسهو ) وقيل يسجد بزيادة حرف
قوله ( مرتين ) هو الأصح وقيل الثانية سنة كما في الفتح ثم الخروج من الصلاة بسلام واحد عند العامة وقيل بهما كما في مجمع الأنهر فلو إقتدى به بعد لفظ السلام الأول قبل عليكم لا يصح عند العامة وقيل إن أدركه بعد التسليمة الأولى قبل الثانية فقد أدرك معه الصلاة كما في السراج واعلم أن السلام واجب للصلاة ذات الركوع والسجود فلا يرد صلاة الجنازة ولا سلام سجود السهو والشكر على القول به حموي وفي ذكر الشكر نظر لأن سجوده لا سلام له كسجود التلاوة وفي الزاهدي ان سلام الجنازة سنة اه
قوله ( في اليمين واليسار ) يشعر أن الإلتفات فيهما واجب للمواظبة والنص بخلافه
فرع لو أتى بلفظ آخر لا يقوم مقام السلام ولو كان بمعناه كما في مجمع الأنهر
قوله ( لحديث ابن مسعود ) وهو إذا قلت هذا الخ فلم يذكر السلام فيه ولم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي حين علمه الصلاة ولو كان فرضا لعلمه إياه وما رواه الترمذي وأبو داود من حديث ابن عمر إذا قعد الإمام في آخر صلاته ثم أحدث قبل أن يسلم وفي رواية قبل أن يتكلم تمت صلاته صريح في عدم الافتراض
قلت وهو مما يستأنس به لقول من قال ان الخروج بصنعه فرض تخريجا على قول الإمام في الإثني عشرية
قوله ( دون متعلقة ) بكسر اللام المشددة
قوله ( ويتجه الخ ) خلاف المنصوص
قوله ( ويجب قراءة قنوت الوتر ) المراد أنه واجب صلاة الوتر لا واجب مطلق الصلاة والمراد مطلق الدعاء وأما خصوص اللهم الخ فسنة حتى لو أتى بغيره جاز إجماعا نهر والقنوت في اللغة مطلق الدعاء فالإضافة حينئذ للبيان أي دعاء هو القنوت ويطلق أيضا على طول القيام فالإضافة حينئذ حقيقية أي دعاء القيام وفي الشرع هو الدعاء الواقع في قيام ثالثة صلاة الوتر
قوله ( كما في الجوهرة ) وهو في القهستاني عن الزاهدي وما ذكره بعضهم من وجوب تكبيرة ركوع ثالثة الوتر معزيا إلى الزيلعي فلا أصل له
قوله ( ويجب تكبيرات العيدين ) وهي ثلاث في كل ركعة وأما كونها في الأولى قبل القراءة وفي الثانية بعدها فمندوب فقط
قوله ( يجب بتركها سجود السهو ) فيه أن الأولى عدم سجود السهو في الجمعة والعيدين
قوله ( ويكره الشروع بغيره ) أي تحريما لأنه لترك الواجب إلا إذا كان لا يحسنه بأن كان ألنغ بقلب الراء لاما أو غينا
قوله ( فلذا لا يختص الخ ) أي فليكون الأصح وجوب تعيين لفظ التكبير لإفتتاح كل صلاة
قوله ( لاتصالها بها ) هذا لا يظهر إلا إذا آخر التكبيرات عملا بالمندوب فأما إذا خالف وقدمها أول الركعة فلا تجب لعدم العلة المذكورة فيما يظهر وسيأتي في محله إن شاء الله تعالى
قوله ( ويجب جهر الإمام ) الواجب منه أدناه وهو أن يسمع غيره ولو واحدا وإلا كان إسرارا فلو أسمع
____________________
(1/168)
اثنين كان من أعلى الجهر حموي عن الخزانة قالوا والأولى ان لا يجهد نفسه بالجهر بل بقدر الطاقة لأن إسماع بعض القوم يكفي بحر ونهر والمستحب أن يجهر بحسب الجماعة فإن زاد فوق حاجة الجماعة فقد أساء كما لو جهر المصلي بالأذكار قهستاني عن كشف الأصول وهذا أولى مما في الزاهدي عن أبي جعفر أنه كلما زاد الإمام أو المنفرد في الجهر في صلاة الجهر فهو أفضل بعد أن لا يجهد نفسه ولا يؤذي غيره وإن زاد على حاجة المقتدي
قوله ( أولي العشاءين ) بفتح الياء الأولى وكسر الثانية تخلصا وحذفت النون للإضافة وأطلق على الثانية أولى باعتبار انهما شفع أول وغلب العشاء لا المغرب لأن الأصل تغليب الأكثر
قوله ( في صلاة الجمعة والعيدين ) لكن لو تركه فيها لا يسجد للسهو لسقوطه في الجمعة والعيدين دفعا للفتنة وقيل هما أي الجهر والإسرار سنتان حتى لا يجب سجود السهود بتركهما لأنهما ليسا بمقصودين وإنما المقصود القراءة زيلعي ويظهر تخريج ما في القهستاني عن القاعدي على هذا القيل من أن الإمام مخير في الجهر فيما وراء الفرائض ولو وترا أو عيدا لكن الجهر أفضل وصرح في الهداية بأنه مخير في نوافل الليل اعتبارا بالفرض في حق المنفرد اه ويحتمل أنه قول مفصل
قوله ( والوتر في رمضان ) سواء قدمه على التراويح أو أخره بل ولو تركها كما في الدر عن مجمع الأنهر وقيد بكونه في رمضان لأن صلاته جماعة في غيره بدعة مكروهة كما في الحلبي أي ولا يطلب الجهر بالبدعة )
قوله ( ويجب الإسرار ) قالوا لا يضر إسماع بعض الكلمات أحيانا لحديث أبي قتادة وهو في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب ويسمعنا الآية أحيانا ولأن اليسير من الجهر والإخفاء لا يمكن الاحتراز عنه لا سيما عند مبادى التنفسات أفاده في الفتح وفي أواخر الحلبي عن كفاية الشعبي بخافت إلا من عذر وهو ان يكون هناك من يتحدث أو يغلبه النوم فيجهر لدفع النوم ودفع الكلام اه وفي القهستاني إذا جهر لتبيين الكلمة ليس عليه شيء اه
قوله ( ولو في جمعهما بعرفة ) أشار به إلى خلاف الإمام مالك رضي الله تعالى عنه وعنهم أجمعين فإنه يقول بالجهر فيهما ولو قال المؤلف ولو المجموعتين بعرفة لكان أظهر والأصل في الجهر والإسرار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالقراءة في الصلوات كلها في الإبتداء وكان المشركون يؤذونه ويقولون لأتباعم إذا سمعتموه يقرأ فارفعوا أصواتكم بالأشعار والأراجيز وقابلوه بكلام اللغو حتى تغلبوه فيسكت ويسبون من أنزل القرآن ومن أنزل عليه فأنزل الله تعالى { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها } الإسراء 71 أي لا تجهر بصلاتك كلها ولا تخافت بها كلها وابتغ بين ذلك سبيلا بأن تجهر بصلاة الليل وتخافت بصلاة النهار فكان بعد ذلك بخافت في صلاة الظهر والعصر لاستعدادهم بالإيذاء فيهما ويجهر في المغرب لإشتغالهم بالأكل وفي العشاء والفجر لرقادهم وفي الجمعة والعيدين لأنه أقامهما بالمدينة وما كان للكفار قوة وقوله وفي العشاء والفجر لرقادهم وجهه في الفجر ظاهر وفي العشاء أن السنة تأخيرها إلى ثلث الليل وهذا إنما يظهر في زمن الشتاء أما في غيره فالعذر فيها كالمغرب فيما يظهر
قوله ( والمنفرد بفرض مخير فيما يجهر ) فإن شاء جهر لأنه إمام نفسه لكن لا يبالغ في الجهر مثل الإمام لأنه لا يسمع غيره وجهره هكذا أفضل ليكون الأداء على هيئة الجماعة وظاهرة ولو قضاء نهارا وهو
____________________
(1/169)
ما في الكافي وغيره واختار في الهداية أنه يخفي حتما لعدم الجماعة والوقت وتعقبه في غاية البيان
قوله ( وفيما يقضيه الخ ) عطف على قوله فيما يجهر الإمام فيه وفيه إشارة إلى أنه في ذلك يكون منفردا وهو كذلك لأنه منفرد في حق ما يقضى وقالوا أنه يقضي أول صلاته أقوالا وآخرها أفعالا
قوله ( في الجمعة والعيدين ) وكذا فيما سبق به في غيرهما من الجهرية
قوله ( كمتنفل بالليل ) والجهر أفضل ما لم يؤذ نائما ونحوه كمريض ومن ينظر في العلم
قاله السيد ناقلا عن خط والده
قوله ( ولا يوقظ الوسنان ) الوسنان النائم
قوله ( ولو ترك السورة في ركعة من أولى المغرب الخ ) أي عمدا أو سهوا كما في النهر والمتبادر أنه إذا تركها في الركعتين معا قضى سورة إحداهما فقط لعدم المحل لقضاء الثانية واعلم أنه إذا لم يقرأ في الشفع الأول شيئا يقرأ في الشفع الثاني بفاتحة الكتاب وسورة وجهر بهما في قولهم ويسجد للسهو كذا في الخانية
قوله ( وجوبا على الأصح ) هو ما في التبيين وشروح الهداية وصرح في الأصل بالاستحباب وعول عليه في الفتح والبرهان ثم على القول بالوجوب قيل تجب الفاتحة أيضا وقيل لا
قال في البحر والنهر وينبغي ترجيح عدم الوجوب كما هو الأصل فيها
قوله ( جهرا بهما على الأصح ) اختاره صاحب الهداية لأن في الجهر بهما تغيير صفة الفاتحة من المخافتة وهي نفل وفي المخافتة بهما تغيير صفة السورة من الجهر وهي واجبة وتغيير صفة النفل أخف من تغيير صفة الواجب وروى ابن سماعة عن الشيخين الجهر بالسورة فقط وهو اختيار فخر الإسلام
قال وهو الصواب وجعله شيخ الإسلام الظاهر من الجواب وبه جزم في الخانية وصححه التمرتاشي ولا يلزم من ذلك شناعة الجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة واحدة لأن السورة تلتحق بموضعها وهو الشفع الأول حكما وقال أبو يوسف لا تقضي السورة أصلا لأن الواجب إذا فات عن محله لا يقضي إلا بدليل وهو مفقود هنا
قوله ( وهو الأشبه ) لأن السورة شرعت مرتبة على الفاتحة دون العكس كما في الفتح
قوله ( وعند بعضهم يقدم السورة ) لأنها تلتحق بمحلها
قوله ( يأتي بها ) لأنه إذا أتى بها تكون فرضا كالسورة فلا يلزم تأخير الفرض لما ليس بفرض
قوله ( كما لو تذكر السورة في الركوع ) والظاهر أن تذكر الفاتحة مثل السورة لوجوب كل ويعيد السورة بعد الإتيان بها وحرره نقلا
قوله ( ويعيده ) أي إفتراضا لأن القراءة كلها صارت فرضا فيلزم تقديم الركوع على القراءة لو لم يعده وهو مفسد أما إذا أعاده فقد وقع بعد كل القراءة المفروضة فلا فساد
قوله ( لقوته بمكانه ) أي لأنها أقوى لكونها في محلها
قوله ( إلا في النفل ) قال في الشرح ذكر العتابي في فتاواه أن تكرار الفاتحة في التطوع لا يكره لورود الخبر في مثله اه
قوله ( فإناه مشروعة نفلا ) فهو حقه فله أن يصرفها إلى ما عليه
قوله ( ولم تكرر ) لأن الشفع الثاني ليس محلا لها فجاز أن تقع قضاء والله تعالى أعلم وفرق السيد بفرق أخر وهو أن قراءة الفاتحة شرعت على وجه تترتب عليها السورة فلو قضاها في الأخريين ترتبت الفاتحة على السورة أي المقروءة في الأوليين وهو خلاف الموضوع بخلاف ما إذا ترك السورة لأنه أمكن قضاؤها على الوجه المشروع اه مزيدا
تنبيه من الواجب متابعة المقتدى إمامه في الأركان الفعلية فلو رفع المقتدي رأسه من الركوع والسجود قبل الإمام ينبغي له
____________________
(1/170)
أن يعود لتزول المخالفة بالموافقة ولا يصير ذلك تكرارا وبالعود جزم الحلبي في آخر الكتاب أما لو قام الإمام إلى الثالثة قبل أن يتم المقتدي التشهد فإنه يتم ثم يقوم لأن التشهد واجب وإن لم يتم وقام للمتابعة جاز وكذا لو سلم في القعدة الأخيرة قبل أن يتمه بخلاف ما إذا رفع رأسه قبل التسبيح أو سلم قبل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فإنه يتابعه والحاصل أن متابعة الإمام في الفرائض والواجبات من غير تأخير واجبة فإن عارضها واجب آخر لا ينبغي أن يفوت ذلك الواجب بل يأتي به ثم يتابع لأن الإيان به لا يفوت المتابعة بالكلية وإنما يؤخرها والمتابعة مع قطعه تفوت الواجب بالكلية فكان الإتيان بالواجبين مع تأخير أحدهما أولى من ترك أحدهما بالكلية بخلاف ما إذا عارضها سنة لأن ترك السنة أخف من تأخير الواجب ولو ركع في الوتر قبل أن يتم المقتدي القنوت تابعه لأن القنوت ليس بمعين ولا مقدار له أما إذا كان لم يقرأ شيئا منه ينظر إن خاف فوت الركوع بقراءة شيء من تركه وركع وإلا قرأ مقدار ما لا يفوته الركوع مع الإمام ثم يركع واختلف الأئمة في المتابعة في الركن القولي وهو القراءة فعندنا لا يتابع فيها بل يستمع وينصت مطلقا سرية كانت أو جهرية ووافقنا مالك وأحمد في الجهرية وقال الشافعي رضي الله تعالى عنهما أجمعين تلزمه المتابعة في الفاتحة مطلقا إلا إذا خاف فوت الركعة والأصح أنه يأتي بالثناء إلا إذا أخذ الإمام في القراءة ولو سرية لإطلاق النص وهو قوله تعالى { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له } الأعراف 7 الآية والله أعلم
فصل في بيان سننها ترك السنة لا يوجب فسادا ولا سهوا بل إساءة لو عامدا غير مستخف وقالوا الإساءة أدون من الكراهة در أي التحريمية وفي السيد عن النهر عن الكشف الكبير حكم السنة أنه يندب إلى تحصيلها ويلام على تركها مع لحوق إثم يسير اه
قوله ( رفع اليدين للتحريمة ) مثلها في ذلك تكبيرات الأعياد والقنوت كما في التبيين وغاية البيان ومن إعتاد تركه إثم على المختار كذا في الخلاصة والمراد بالإثم اليسير منه كما هو حكم كل سنة مؤكدة كما في الحلبي ولا شك إن الإثم مقول بالتشكيك بحر
قوله ( حذاء الأذنين ) فيكره الرفع فوق الرأس فلو لم يقدر على الرفع المسنون أو قدر على رفع يد دون الأخرى رفع بما قدر كما في مجمع الأنهر
قوله ( حتى يحاذي بإبهاميه أذنيه ) وما رواه الشافعي من حديث ابن عمر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه محمول على حالة العذر
قوله ( وكالحرة في الركوع والسجود ) أي فتضم بعضها إلى بعض
قوله ( لأن ذراعيها ليسا بعورة ) علة لقوله وحذاء أدنى الأمة
قوله ( ويسن نشر الأصابع ) ويكون بطن الكف والأصابع إلى القبلة
قوله ( لأنه صلى الله عليه وسلم الخ ) دليل لقوله ويسن نشر الأصابع الخ
تتمة لا ترفع الأيدي إلا في مواطن منها ما هنا وهو افتتاح الصلاة ومنها الكبير للقنوت في الوتر وفي العيدين وعند استلام الحجر وعلى الصفا والمروة وبجمع مزدلفة وعرفات وعند المقامين وعند الجمرتين الأولى والوسطى كذا ورد في الحديث وفي حديث آخر عن ابن عباس يدل الاستلام الحجر وحين يدخل المسجد الحرام فينظر إلى البيت وصفة الرفع فيها مختلفة ففي الافتتاح والقنوت والعيدين يرفعهما حذاء أذنيه وفي الاستلام والرمي حذاء منكبيه ويجعل باطنهما في الأول نحو
____________________
(1/171)
الحجر وفي الثاني نحو الكعبة في ظاهر الرواية وفيما عدا ذلك كالداعي فيرفع يديه حذاء صدره باسطا كفيه نحو السماء ويكون بينهما فرجة وإن قلت والإشارة بمسبحته لعذر أو برد يكفي في الدعاء ومسح الوجه عقبه سنة ويكره الرفع في غير هذه المواطن فلا يرفع يديه عند الركوع ولا عند الرفع منه ولا في تكبيرات الجنازة غير الأولى لحديث مسلم مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب فيل شمس أي صعب اسكنوا في الصلاة فلو فعله في الصلاة قيل تفسد والمختار لا كما في النهر وهو الصحيح سراج
قوله ( ويسن مقارنة إحرام المقتدي الخ ) لكن يشترط أن لا يكون فراغه من الله أو من أكبر قبل فراغ الإمام منهما
فلو فرغ من قوله الله مع الإمام أو بعده وفرغ من قوله أكبر قبل فراغ الإمام منه لا يصح شروعه في أظهر الروايات وهو الأصح لأنه إنما يكون شارعا بالجملة ولا يدرك فضلية التحريمية مع الإمام عند الإمام إلا بالمقارنة في الإحرام
قوله ( لأن إذا للوقت حقيقة ) فتقدير الحديث فكبروا في زمن تكبير الإمام والفاء تستعمل للقرآن أيضا كما في قوله صلى الله عليه وسلم وإذا قرأ فانصتوا وكذا قوله تعالى { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له } الأعراف 7 الآية حيث يجب الاستماع والإنصاب زمن القراءة لا بعدها
قوله ( وعندهما بعد إحرام الإمام ) من غير فصل فيصل ألف الله من المقتدى براء أكبر من الإمام كذا في القهستاني
قال السرخسي وباقي الأفعال على هذا الخلاف وأشار شيخ الإسلام إلى أن المقارنة فيها أفضل بالاتباع قال بعضهم والمختار للفتوى في التحريمة أفضلية التعقيب واختلف في إدراك فضل التحريمة على قولهما فقيل إلى الثناء كما في الحقائق وقيل إلى نصف الفاتحة كما في النظم وقيل في الفاتحة كلها وهو المختار كما في الخلاصة وقيل إلى الركعة الأولى وهو الصحيح كما في المضمرات وقيل بالتأسف على فوت التكبيرة مع الإمام ذكره القهستاني والسلام مثل التحريمة من حيث المقارنة على أصح الروايتين عن الإمام فلا فرق وفي رواية عنه يسلم بعده وعليها فالفرق بينه وبين التحريمة عنده أن التكبير شروع في العبادة فيستحب فيه المبادرة والسلام خروج عنها فلا يستحب فيه كما في التبيين
قوله ( ولا خلاف في الجواز على الصحيح ) وقيل الخلاف في الجواز والثمرة تظهر فيما إذا كان إحرام المقتدي مقارنا لإحرام إمامه حيث يجوز عند الإمام لا عندهما وأما الجواز فيما إذا كان إحرامه بعد إحرام إمامه فمتفق عليه
قوله ( مع التيقن بحال الإمام ) هذا رد لقول الصاحبين إن في القرآن احتمال وقوع التكبير سابقا على تكبير الإمام قال في الشرح وهذا غير معتبر لأن كلامنا فيما إذا تيقن عدم السبق
قوله ( ويسن وضع الرجل يده اليمنى ) كما فرع من التكبير للإحرام بلا إرسال ويضع في كل قيام من الصلاة ولو حكما فدخل القاعد ولا بد في ذلك القيام أن يكون فيه ذكر مسنون وما لا فلا كما في السراج وغيره وقال محمد لا يضع حتى يشرع في القراءة فهو عندهما سنة قيام فيه ذكر مشروع وعنده سنة للقراءة فيرسل عنده حالة الثناء والقنوت وفي صلاة الجنازة وعندهما يعتمد في الكل وأجمعوا أنه يرسل في القومية من الركوع والسجود وبين تكبيرات العيدين لعدم الذكر والقراءة في هذه المواضع فإن قيل في القومة من الركوع ذكر مشروع وهو التسميع والتحميد
____________________
(1/172)
فينبغي أن يضع فيها على قولهما أجيب بأن المراد قيام له قرار وهذا الإقرار له اه وهل يضع فيها في صلاة التسابيح لكون القيام له قرار فيه ذكر مسنون يراجع
قوله ( محلقا بالخنصر الخ ) أي ويبسط ثلاثة أصابعه على الذراع
قوله ( فاستحسن كثير من المشايخ ) قال في المفيد وهو المختار وقال ابن أمير حاج وربما يشهد له ما رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة وابن حبان ثم وضع يده اليمنى على ظاهر كفه اليسرى والرسغ والساعد اه
قوله ( فينبغي أن يفعل الخ ) قال في الشرح لأن تلك الصفة ليس فيها حقيقة كلا المرويين تماما بل صفة ثالثة فيها جمع لهما لا على وجه التمام لكل منهما اه وقد علمت ما نقلناه عن المفيد
قوله ( ويسن وضع المرأة يديها الخ ) المرأة تخالف الرجل في مسائل منها هذه ومنها أنها لا تخرج كفيها من كميها عند التكبير وترفع يديها حذاء منكبيها ولا تفرج أصابعها في الركوع وتنحني في الركوع قليلا بحيث تبلغ حد الركوع فلا تزيد على ذلك لأنه أستر لها وتلزم مرفقيها بجنبيها فيه وتلزق بطنها بفخذيها في السجود وتجلس متوركة في كل قعود بأن تجلس على أليتها اليسرى وتخرج كلتا رجليها من الجانب الأيمن وتضع فخذيها على بعضهما وتجعل الساق الأيمن على الساق الأيسر كما في مجمع الأنهر ولا تؤم الرجال وتكره جماعتهن ويقف الإمام وسطهن ولا تجهر في موضع الجهر ولا يستحب في حقها الأسفار بالفجر والتتبع ينفي الحصر
قوله ( لما روينا ) في شرح قوله رفع يديه للتحريمة من قوله لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة كبر ثم رفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه أذنيه ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك الخ وليس عند المتقدمين قول في وجل ثناؤك وفي البحر والنهر عن المعراج قال مشايخنا لا يؤمر به ولا ينهي عنه وفي سكب الأنهر عن الحلبي والأولى ترك وحل ثناؤك إلا في صلاة الجنازة اه ولعل وجه الفرق أن صلاة الجنازة يطلب فيها الدعاء فهو بحالها أليق ولا يأتي بدعاء التوجه مطلقا لا قبل الشروع ولا بعده وهو قولهما وهو الصحيح المعتمد كما في البحر وعن أبي يوسف أنه يأتي به قبل التكبير وفي رواية عنه بعده قال ابن أمير حاج والحق الذي يظهر أن قراءته قبل النية أو بعدها قبل التكبير لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه فجعله مستحبا أو أدبا من آداب الصلاة ليس بظاهر بل غايته أنه بدعة حسنة أن قصد به المعونة على جمع القلب على النية وحضور القلب في الصلاة والترك أحسن كما هو ظاهر الرواية عن أصحاب المذهب أسوة بما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليه مع أن حضور القلب لا يتوقف على ذلك وما رواه أبو يوسف مما يدل على طلبه فمحمول على التهجد أو كان ونسخ ثم أعلم إن الثناء يأتي به كل مصل فالمفتدي يأتي به ما لم يشرع الإمام في القراءة مطلقا سواء كان مسبوقا أو مدركا في حالة الجهر أو السر
قوله ( ويسن التعوذ ) ولو أتى بغير الفاتحة لأنه سنة القراءة لا قراءة الفاتحة بخصوصها على الظاهر وإلى ذلك مال السيد في شرحه
قوله ( واختاره الهندواني ) لموافقته القرآن واختاره من القراء حمزة
قوله ( فيأتي به المسبوق ) إذا قام إلى قضاء ما سبق به والأمام في صلاة العيد يأتي به بعد التكبيرات ويتعوذ المسبوق عند الشروع في قول أبي يوسف
قوله ( لا المقتدى ) لأنه لا يقرأ والأمر بها معلق بإرادة القراءة
قوله ( لدفع وسوسة الشيطان ) والمصلي أحوج
____________________
(1/173)
إليه من القارىء فيلحق به دلالة اه من الشرح
قوله ( وتسن التسمية ) أي باللفظ المخصوص لا مطلق الذكر كما في الذبيحة والوضوء در وهي آية واحدة من القرآن وقال مالك والأوزاعي وبعض أهل المذهب أنها ليست من القرآن اه وأنزلت للفصل بين السور فكان صلى الله عليه وسلم يعرف فصل السور بها وكتبت في الفاتحة لأنها ليست أول ما نزل ولم تكتب في سورة براءة لأنها نزلت بالتخويف والبسملة آية رحمة وأمن وليست من الفاتحة ولا من كل سورة ولم تجز بها الصلاة عنده لأن فرض القراءة ثابت بيقين فلا يسقط بما فيه شبهة ولم يكفر جاحد قرآنيتها لأنها وإن تواتر كتابتها في المصاحف لم يتواتر كونها قرآنا والمكفر الثاني لا الأول وفي القهستاني والأصح أنها آية في حرمة المس لا في جواز الصلاة وفي البحر وتحرم على ذي الحدث الأكبر إلا إذا قصد الذكر والتيمن
قوله ( والقول بوجوبها ضعيف ) جزم الزيلعي في سجود السهو لا بوجوبها وقدم القول بسجود السهو فيها وصححه العلامة المقدسي شارح النظم وفي معراج الدراية عن المعلي عن الإمام وجوبها وهو قولهما وفي رواية الحسن أنها لا تجب إلا عند إفتتاح الصلاة والصحيح أنها تجب في كل ركعة حتى لو سها عنها قبل الفاتحة يلزمه السهو وعليه ابن وهبان اه ملخصا من الشرح أقول مستعينا بالله تعالى سجود السهو بتركها هو الأحوط خروجا من هذا الخلاف
فائدة يسن لمن قرأ سورة تامة أن يتعوذ ويسمى قبلها واختلف فيما إذا قرأ آية والأكثر على أنه يتعوذ فقط ذكره المؤلف في شرحه من باب الجمعة ثم أعلم أنه لا فرق في الإتيان بالبسملة بين الصلاة الجهرية والسرية وفي حاشية المؤلف على الدرر واتفقوا على عدم الكراهة في ذكرها بين الفاتحة والسورة بل هو حسن سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية وينافيه ما في القهستاني أنه لا يسمي بين الفاتحة والسورة في قولهما وفي رواية عن محمد قال في المضمرات والفتوى على قولهما وعن محمد أنها تسن في السرية دون الجهرية لئلا يلزم الإخفاء بين جهرين وهو شنيع واختاره في العناية والمحيط وقال في شرح الضياء لفظ الفتوى آكد من المختار وما في الحاشية تبع فيه الكمال وتلميذه ابن أمير حاج حيث رجحا أن الخلاف في السنية فلا خلاف أنه لو سمي لكان حسنا لشبهة الخلاف في كونها آية من كل سورة ثم هل يخص هذا بما إذا قرأ السورة من أولها أو يشمل ما إذا قرأ من أوسطها آيات مثلا وظاهر تعليلهم كون الإتيان بها لشبهة الخلاف في كونها آية من كل سورة يفيد الأول كذا بحثه بعض الأفاضل
قوله ( والمأموم ) ولو سمعها في سرية أو من مقتد مثله في صلاة جمعة أو عيد أو جماعة كثيرة
قوله ( للأمر به في الصلاة ) في قوله صلى الله عليه وسلم إذا أمن الإمام فأمنوا فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه والمراد الموافقة من الجانبين في الزمان فلا وجه لما في المستصفى من قوله لم يرد به الموافقة في التلفظ بها في وقت واحد وإنما المراد الموافقة من حيث الإخلاص والثقة بالله تعالى
قال الأزهري غفر له دعا له وغفره دعا عليه لأن الغفر هو الإعدام اه قال الرضي إن آمين سرياني كقابيل لأنه ليس من أوزان كلام العرب وهو إسم فعل كصه للسكوت مبني على الفتح لخفته كأين وكيف لأن أسماء الأفعال مبنية بالاتفاق وحكمه السكون حالة الوقف والتحريك بحركة البناء حالة الوصل لإلتقاء الساكنين
قوله ( لقنني جبريل الخ ) قال الزيلعي المخرج هو
____________________
(1/174)
بهذا اللفظ غريب
قوله ( وليس من القرآن ) حكي في الشرح عن المجتبى الخلاف في أنه من القرآن
قوله ( وأفصح لغاته الخ ) قال ثعلب وغيره هو بالمد والقصر مع التخفيف فيهما كلاهما فصيح مشهور وفي المصباح القصر لغة أهل الحجاز والمدلغة بني عامر والمد إشباع بدليل أنه لا يوجد في العربية كلمة على وزن فاعيل اه وحكي الواحدي عن حمزة والكسائي الإمالة فيها ولو مد مع التشديد كان مخطئا في المذاهب الأربعة وهو من لحن العوام ولا تفسد به الصلاة عند الثاني لوجوده في القرآن وعليه الفتوى ولو مد وحذف الياء لا تفسد عند الثاني أيضا لوجوده في القرآن قال تعالى { ويلك آمن } ولو قصر وحذف أو شدد معهما ينبغي الفساد لأنهما لم يوجدا في القرآن أفاده في التبيين
قوله ( والمعنى استجب دعاءنا ) هذا عند الجمهور وروى الثعلبي في تفسيره بإسناده إلى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى آمين فقال افعل وقيل لا يخيب الله رجاءنا وروى عبد الرزاق عن أبي هريرة بإسناد ضعيف أنه من أسماء الله تعالى أي يا آمين استجب فحذف منه حرف النداء وأقيم النداء مقامه فلذلك أنكر جماعة القصر فيه وقيل كنز من كنوز العرش لا يعلم تأويله إلا الله تعالى
قوله ( والمنفرد ) أي مع التسميع فيأتي بالتسميع حال الإرتفاع وبالتحميد حال الإنخفاض وقيل حال الاستواء كما في مجمع الأنهر وجزم به في الدرر وهو ظاهر الجواب وهو الصحيح كما في القهستاني
قوله ( وللإمام عندهما أيضا ) لحديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم كان يجمع بينهما متفق عليه ولأنه حرض غيره فلا ينسى نفسه وله ما رواه أنس وأبو هريرة رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد متفق عليه قسم بينهما والقسمة تنافي الشركة
قوله ( للآثار الواردة بذلك ) منا قوله صلى الله عليه وسلم خير الذكر الخفي وخير العبادة أخفها وخير الرزق ما يكفي
قوله ( ويسن جهر الإمام بالتكبير والتسميع ) وكذا السلام والمراد بالتكبير ما يعم تكبير العيدين والجنازة واعلم أن التكبير عند عدم الحاجة إليه بأن يبلغهم صوت الإمام مكروه وفي السيرة الحلبية اتفق الأئمة الأربعة على أن التبليغ في هذ الحالة بدعة منكرة أي مكروهة وأما عند الإحتياج إليه بأن كانت الجماعة لا يصل اليهم صوت الإمام إما لضعفه أو لكثرتهم فمستحب فإن لم يقم مسمع يعرفهم بالشروع والإنتقالات ينبغي لكل صف من المقتدين الجهر بذلك إلى حد يعلمه الأعمى ممن يليهم ولا بد لصحة شروع الإمام في الصلاة من قصد الإحرام بتكبيرة الإفتتاح فلو قصد الإعلام فقط لا يصح وإن جمع بين الأمرين فهو المطلوب منه شرعا وينال أجرين وكذا الحكم في المبلغ إن قصد التبليغ فقط فلا صلاة له ولا لمن أخذ بقوله في هذه الحالة لأنه اقتدى بمن ليس في صلاة كما في فتاوى الغزي وأما التسميع من الإمام والتحميد من المبلغ وتكبيرات الإنتقالات منهما فلا يشترط فيها قصد الذكر لصحة الصلاة بل للثواب ولا تفسد صلاة من أخذ بقوله لأنه مقتد بمن في الصلاة بخلاف الأولى اه من السيد وغيره
قوله ( ويسن تفريج القدمين في القيام قدر أربع أصابع ) نص عليه في كتاب الأثر عن الإمام ولم يحك فيه خلافا وفي الظهيرية وروى عن الإمام التراوح في الصلاة أحب إلي من أن ينصب قدميه نصبا فيما في منية المصلي من كراهة التمايل يمينا ويسارا محمول عن التمايل على سبيل التعاقب من غير
____________________
(1/175)
تخلل سكون كما يفعله بعضهم حال الذكر لا الميل على إحدى القدمين بالاعتماد ساعة ثم الميل على الأخرى كذلك بل هو سنة ذكره ابن أمير حاج وكذا ما في الهندية عن الظهيرية وما في البناية عن الكشف من كراهة التراوح محمول على ما تقدم ثم هذا التحديد لمن ليس له عذر أما إذا كان به سمن أو أدرة ويحتاج إلى تفريج واسع فالأمر عليه سهل
قوله ( وأمكن لطول القيام ) قال السيد في شرحه وهذا هو محمل ما نقل عن الإمام حين دخل الكعبة فصلى ركعتين بجميع القرآن واقفا على إحدى قدميه في الركعة الأولى وفي الثانية على قدمه الأخرى اه ثم ان هذه العلة لا تظهر فيما إذا كان القيام قصيرا
قوله ( والطوال بالضم الرجل الطويل ) وبالفتح المرأة الطويلة
قوله ( لكثرة فصوله ) أي لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة
قوله ( وقيل لقلة المنسوخ فيه ) فهو من التفصيل بمعنى الأحكام وعدم التغيير
قوله ( وهذا في صلاة الفجر الخ ) مقيد بحال الاختيار أما عند الضرورة فبقدر الحال ولو بأدنى الفرض إذا ضاق الوقت ولهذا اكتفى أبو يوسف عندما افتدى به الإمام عند ضيق وقت الفجر بآيتين من الفاتحة فلما فرغ قال الإمام يعقوب بنا صار فقيها كذا في القهستاني
قال في البحر ومشايخنا استحسنوا قراءة المفصل ليستمع القوم وليتعلموا اه واختلف الآثار في قدر ما يقرأ في كل صلاة وفي الجامع الصغير أنه يقرأ في الفجر في الركعتين جميعا أربعين أو خمسين أو ستين آية سوى الفاتحة وروى الحسن ما بين ستين إلى مائة فالمائة أكثر ما يقرأ فيهما والأربعون أقل فيوزع الأربعين مثلا على الركعتين بأن يقرأ في الأولى خمسا وعشرين مثلا وفي الثانية ما بقي إلى تمام الأربعين فيعمل بالجميع بقدر الإمكان فقيل الأربعون للكسالى أي الضعفاء وما بين الخمسين إلى الستين للأوساط وما بين الستين إلى المائة للراغبين المجتهدين وقيل ذلك بالنظر إلى طول الليالي وقصرها وكثرة الإشتغال وقلته وإلى حسن صوت الإمام عند السامعين وعدمه ويقرأ في العصر والعشاء عشرين آية في الركعتين الأوليين منهما كما في المحيط أو خمسة وعشرين كما في الخلاصة وهو ظاهر الرواية ذكر في الحاوي أن حد التطويل في المغرب في كل ركعة خمس آيات أو سورة قصيرة واختار في البدائع أنه ليس في القراءة تقدير يعني بل يختلف باختلاف الوقت وحال الإمام والقوم كما في البحر والحاصل أنه يحترز عما ينفر القوم كي لا يؤدي إلى تقليل الجماعة كما في المحيط والخلاصة والكافي وغيرها كذا في القهستاني
قوله ( ولم يثقل على المقتدين بقراءته ) أما إذا علم النقل فلا يفعل ما تقدم لما روى أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بالمعوذتين في صلاة الفجر فلما فرغ قالوا له أوجزت قال سمعت بكاء صبي فخشيت أن تفتن أمه اه فيلحق بذلك الضعيف والمريض وذو الحاجة للعلة المذكورة
قوله ( وأوساطه منها إلى لم يكن ) أفاد بهذا كالذي بعده أن الغاية الأخيرة غير داخلة فالبروج من الوسط ولم تكن من القصار
قوله ( لإشتغال الناس بمهماتهم ) ولما روى عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في الظهر بأوساط المفصل
قوله ( قوله دائما ) راجع إلى الترك والملازمة
قوله ( وللضرورة يقرأ أي سورة شاء ) لقائل أن يقول لا يختص التخفيف للضرورة بالسورة فقط بل كذلك الفاتحة أيضا فإنه لو اشتد خوفه
____________________
(1/176)
من عدو مثلا فقرأ آية مثلا لا يكون مسيئا كما في الشرنيلالية وقد يجاب بأن الضرورة معقولة بالتشكيك
قوله ( لأنه صلى الله عليه وسلم قرأ بالمعوذتين في صلاة الفجر في السفر ) وروى أنه قرأ فيها قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد اه وسواء في ذلك حال القرار والعجلة وما وقع في الهداية وغيرها من أنه محمول على حالة العجلة والسير وأما في حالة الأمن والقرار فإنه يقرأ بنحو سورة البروج وانشقت فليس له أصل يعتمد عليه من جهة الرواية ولا من جهة الدراية قاله في الشرح
قوله ( للتوارث الخ ) وحكمته إن الفجر وقت نوم وغفلة فيطيلها ليدرك الناس الجماعة
قوله ( بالثلثين في الأولى الخ ) ويعتبر من حيث الآي إن كان بينها مقاربة وإن تفاوتت طولا وقصرا فمن حيث الكلمات والحروف قاله المرغيناني وهذا في حق الإمام أما المنفرد فيقرأ ما شاء وفي النهر عن البحر الأفضل أن يفعل كالإمام
قوله ( لا بأس به ) لورود الأثر
قوله ( فقط ) قال في الدراية الأولى كون الفتوى على قولهما لا على قوله نعم قال رضي الدين في محيطه نقلا عن الفتاوى الإمام إذا طول القراءة في الركعة الأولى لكي يدركه الناس لا بأس به إذا كان تطويلا لا يثقل على القوم اه والجمعة والعيدان على الخلاف كذا في جامع المحبوبي
قوله ( وتكره إطالة الثانية على الأولى الخ ) أي تنزيها وهذا بالنسبة لغير ما وردت به السنة فلا يشكل بما أخرجه الشيخان أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في أولى الجمعة والعيدين بالأعلى وفي الثانية بالغاشية وهي أطول من الأولى بأكثر من ثلاث ذكره السيد عن خط والده
قوله ( وفي النوافل الأمر أسهل ) قال في الفتاوى هذا كله في الفرائض أما السنن والنوافل فلا يكره اه
قوله ( فليقل ثلاث مرات سبحان ربي العظيم الخ ) لا يخفي مناسبة تخصيص كل بما ذكر فيه فإن الركوع تذلل وخضوع فناسب أن يجعل مقابله العظمة لله تعالى والسجود غاية التسفل فناسب أن يجعل مقابله العلو لله تعالى وهو القهر والإقتدار لا علو المكان تعالى الله عن ذلك
قوله ( أي أدنى كماله المعنوي ) الذي في الزيلعي أي أدنى كمال السنة والفضيلة فالضمير راجع إلى غير مذكور معلوم من المقام وفي البحر واختلف في قوله وذلك أدناه فقيل أدنى كمال السنة وقيل أدنى كمال التسبيح وقيل أدنى القول المسنون
قال والأول أوجه فحينئذ الأولى للشارح أن يقول أي أدنى كمالها ليعود الضمير للسنة أو الفضيلة والمراد أن الكمال المعنوي له مراتب الثلاث والخمس والسبع مثلا والثلاث أدناها فهي أدنى العدد المسنون فلو أتى بواحدة لا يثاب ثواب السنة وإن كان يحصل له ثواب آخر
قال في البحر ما ملخصه ان الزيادة أفضل بعد أن يختم على وتر خمس أو سبع أو تسع لخبر الصحيحين إن الله وتر يحب الوتر وفي منية المصلي أدناه ثلاث وأوسطه خمس وأكمله سبع ومثله في المضمرات عن الزاد
قوله ( وهو الجمع ) أي الكمال الجمع وهو حمل مجازي من الإسناد إلى السبب لأن الجمع هو السبب في الكمال والمراد الجمع الصادق بالثلاث والخمس والسبع
قوله ( لا اللغوي ) عطف على المعنوي أي ليس المراد أدنى الكمال اللغوي أي أدنى كمال الجمع اللغوي فإن أدناه إثنان لما فيهما من الإجتماع فليس مرادا وإن كان صحيحا في نفسه لأنه صلى الله عليه وسلم مفيد للأحكام للحقائق اللغوية
قوله ( فالصحيح أنه يتابعه ) وقال المرغيناني يتمه
قوله ( ولا يزيد الإمام الخ ) فلو زاد لإدراك الجاني قيل مكروه وقيل مفسد وكفر وقيل جائز إن كان فقيرا وقيل جائز إن كان لا يعرفه وقيل مأجور إن أراد القربة
____________________
(1/177)
قهستاني عن الزاهدي وغيره وفي البحر والنهر ما حاصله أنه إن قصد به غير القربة فلا شك في كراهته وإن قصد به القربة فلا شك في عدم كراهته بل إستحسنه الفقيه أبو الليث لقوله تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى } المائدة 5
قوله ( وقيل تسبيحات الركوع الخ ) أي فيجب بترك ذلك سجود السهو وشذ أبو مطيع البلخي تلميذ الإمام بقوله تسبيح الركوع والسجود ركن تبطل الصلاة بتركه واختلف على قوله فظاهر الذخيرة أن الركن مرة وظاهر البدائع ثلاثة
قال ابن أمير حاج وكأن وجهه ظاهر الأمر في الحديث المتقدم
قوله ( ولك خشعت ) إنما ذكره بعد الركوع ليشير إلى أن المقصود بالركوع الخشوع فيحصل المعنى اللغوي في الشرعي
قوله ( وشق سمعه وبصره ) من عطف الخاص على العام لأن ذلك داخل في قوله وصوره وإنما خصهما دون الذوق والشم لعظم النعمة بهما
قوله ( أحسن الخالقين ) أي المصورين فيندفع الإشكال أو المقدرين فإن الخلق يأتي بمعنى التقدير ومميز أحسن محذوف للعلم به أي أحسن الخالقين خلقا
قوله ( على حالة التهجد ) المراد التنفل أعم من كونه ليلا أو نهارا
قوله ( ولا يطلب تفريج الأصابع إلا هنا ) أي التفريج التام كما أنه لا يطلب الضم التام إلا في السجود فيما عدا هذين يبقيها على خلقتها
قوله ( ليتمكن من بسط الظهر ) الأولى أن يقول ليتمكن من الأخذ فإن التفريج لا دخل له في البسط بالتجربة
قوله ( واحناؤهما شبه القوس مكروه ) أي تنزيها لأنه في مقابلة ترك السنة
قوله ( العجز بوزن رجل ) وكتف وسكون الجيم مع تثليث العين والفعل كسمع وضرب أفاده في القاموس
قوله ( وهو ما بين الوركين الخ ) الوركان فوق الفخذين وما بينهما هو الذكر والخصيتان أو فرج المرأة وليس العجز لأنه المؤخر وهما الإليتان فلو قال هو الإلية لكان أولى
قوله ( لم يشخص رأسه ) أي لم يرفعه من الإشخاص وهو الرفع
قوله ( ولم يصوبه ) أي لم يخفضه كما في الصحاح والمصباح فلو خفض رأسه قليلا كان خلاف السنة
قوله ( أي لم يرفع ) التفسير على سبيل النشر المرتب كما علمت وسن إبعاد مر فقيه عن جنبيه وإلصاق كعبيه فيه وإستقبال أصابعه القبلة أي أصابع رجليه كذا في القهستاني عن الزاهدي
قوله ( ويسن الرفع من الركوع الخ ) في النهر عن المجتبى معز بالصدر القضاة إتمام الركوع وإكمال كل ركن واجب عندهما وعند أبي يوسف فرض وكذلك رفع الرأس من الركوع والإنتصاب والقيام والطمأنينة فيه فيجب أن يكمل الركوع حتى يطمئن كل عضو منه وكذا السجود ولو ترك شيئا من ذلك ساهيا يلزمه سجود السهو
قال ابن أمير حاج وهو الصواب اه ذكره السيد
قوله ( ثم وجهه ) ويبدأ بوضع الأنف در
قوله ( عند نزوله ) مرتبط بكل ما قبله
قوله ( ويسجد بينهما ) أي بين يديه والأولى حذفه لتصريح المصنف به بعد
قوله ( بأن يرفع وجهه ثم يديه ) أي ويضعهما على ركبتيه وينهض على صدور قدميه ويكره تقديم إحدى رجليه عند النهوض
قوله ( فيفعل ما إستطاع ) أي في الهبوط والنهوض
قوله ( ويستحب الهبوط باليمين ) أي بالركبة بأن يقدمها على اليسرى شيئا قليلا وكذا يستحب النهوض باليسار أولا
قوله ( لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ ) لا ينهض دليلا على كل المدعي ويحتمل أنه دليل على ما في المصنف فقط وهو الظاهر
قوله ( لما روينا ) من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر عند كل خفض روفع سوى
____________________
(1/178)
الرفع من الركوع فإنه كان يسمع فيه وقوله للمروي هو هذا بعينه
قوله ( وبه قال الشافعي رضي الله عنه ) ونص التبيين يوافقه وهو على ما نقله الحموي وضع اليدين حذاء المنكبين أدب اه
قوله ( وقال بعض المحققين ) هو الكمال رضي الله تعالى عنه وقوله وهو أن يفعل تفسير للجمع و في نسخة وهو قوله وإن كان بين الكفين أفضل لما فيه من تحصيل المجافاة المسنونة ما ليس في شيء غيره ولأن آخر الركعة معتبر بأولها فكما يجعل رأسه بين كفيه عند الإحرام في أول الركعة فكذا في آخرها برهان
قوله ( ويسن تسبيحه ) وتوجيهه أصابع يديه وأصابع رجليه نحو القبلة
قوله ( في غير زحمة ) مرتبط بقوله ومجافاة مرفقيه عن جنبيه وأما مجافاة الذراعين عن الأرض فلا تؤذي في الإزدحام
قوله ( لو شاهت بهيمة ) بضم الموحدة وفتح الهاء تصغير بهمة بفتح فسكون وهو الصواب في الرواية ولد الشاة بعد السخلة فإنه أول ما تضعه أمه سخلة ثم يكون بهيمة
قوله ( حتى يرى وضح أبطيه ) أي يراه من خلفه كما جاء التصريح به في رواية الطحاوي
قوله ( وادعم على راحتيك ) أي إعتمد
قوله ( وأبد ضبعيك ) بهمزة قطع والضبعان تثنية ضبع بفتح الضاد المعجمة وسكون الباء الموحدة لا غير والجمع أضباع كفرخ وأفراخ على ما في المصباح والصحاح والعضد كله أو وسطه أو بطنه وأما بضم الباء فهو الحيوان المفترس والسنة المجدبة وقيل في الأول بالضم أيضا كما في القهستاني وغيره
قوله ( فإنك إذا فعلت ذلك الخ ) بيان لحكمة ما ذكر وذلك لأنه حينئذ يظهر كل عضو بنفسه ولا يعتمد على غيره في أداء العبادة ولأنه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة من الأرض وأبعد عن هيئات الكسالى
فرع الصلاة على الأرض أفضل ثم على ما أنبتته ذكره المرغيناني وغيره لأن الصلاة سرها التواضع والخشوع وذلك في مباشرة الأرض أظهر وأتم إلا لضرورة حر أو برد أو نحوهما ويلحق بها ما أنبتته لهذا المعنى ذكره ابن أمير حاج
قوله ( لأن الرفع ) في مجمع الأنهر عن المطلب الصحيح من مذهب الإمام أن الإنتقال فرض والرفع سنة
قوله ( وتسن الجلسة بين السجدتين ) المراد بها الطمأنينة في القومة وتفترض عند أبي يوسف ومقدار الجلوس عندنا بين السجدتين مقدار تسبيحة وليس فيه ذكر مسنون كما في السراج وكذا ليس بعد الرفع من الركوع دعاء وما ورد فيهما محمول على التهجد كما في مجمع الأنهر
قوله ( كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ) بحيث تكون أطراف أصابعه على حرفي ركبتيه لا مباعدة عنهما كما في الفتح
قوله ( وتوجيه أصابعها ) أي باطن أصابع رجله اليمنى نحو القبلة بقدر الإستطاعة فإن توجيه الخنصر لا يخلو عن عسر قهستاني
قوله ( وتسن الإشارة ) أي من غير تحريك فإنه مكروه وعندنا كذا في شرح المشكاة للقاري وتكون إشارته إلى جهة القبلة كما يؤخذ من كلامهم
قوله ( فهو خلاف الرواية ) لأنه روي في عدة أخبار منها ما أخرجه ابن السكن في صحيحه عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإشارة بالإصبع أشد على الشيطان من الحديد والمذكور في كيفية الإشارة قول أصحابنا الثلاثة كما في الفتح وغيره فلا جرم إن قال الزاهدي في المجتبى لما اتفقت الروايات عن أصحابنا جميعا في كونها سنة وكذا عن الكوفيين والمدني وكثرة الأخبار والآثار كان العمل بها أولى كما في الحلبي وابن أميرحاج
قوله ( والدارية )
____________________
(1/179)
لأن الفعل يوافق القول فكما أن القول فيه التقي والإثبات يكون الفعل كذلك فرفع الأصبع النفي ووضعه الإثبات
قوله ( وتكون بالمسبحة ) بكسر الباء الموحدة سميت بذلك لأنه يشار بها في التوحيد وهو تسبيح أي تنزيه عن الشركاء وخصت بذلك لأن لها إتصالا بنياط القلب فكأنها سبب لحضوره
قوله ( أي السبابة ) سميت بذلك لأنها يشار بها عند السب وقيل يكره تسميتها بذلك ورده ابن أميرحاج بأن تسميتها بذلك ثبتت عند مسلم وغيره من حديث ابن عمر حيث قال وأشار بالسبابة
قوله ( عند انتهائه إلى الشهادة ) الإشارة إنما هي عندها لا عند الإنتهاء إليها فلو أبقى المصنف على حاله لكان أولى
قوله ( لقول أبي هريرة ) دليل لقوله من اليمنى فقط
قوله ( يدعو بإصبعيه ) أي بكلتا مسبحتيه من يديه
فرع لا يشير بغير المسبحة حتى لو كانت مقطوعة أو عليلة لم يشر بغيرها من أصابع اليمنى ولا اليسرى كما في النووي على مسلم
قوله ( أحد أحد ) بتشديد الحاء المهملة المكسورة أي وحد أي أقم إصبعا واحدة وهي اليمنى لأن التيامن بطلب فيما له شرف وكان صلى الله عليه وسلم يحبه في شأنه كله وهذا الدليل لا ينتج المدعي لأنه في الدعاء في التشهد
قوله ( يرفعها الخ ) وعند الشافعية يرفعها لذا بلغ الهمزة من قوله إلا الله ويكون قصده بها التوحيد والإخلاص عند كلمة الإثبات والدليل للجانبين في المطولات
قوله ( وأشرنا إلى أنه لا يعقد شيئا من أصابعه وقيل الخ ) صنيعه يقتضي ضعف العقد وليس كذلك إذ قد صرح في النهر بترجيحه وأنه قول كثير من مشايخنا
قال وعليه الفتوى كما في عامة الفتاوى وكيفيته أن يعقد الخنصر والتي تليها محلقا بالوسطى والإبهام ومنه يعلم أنه اختلف الترجيح اه من السيد ولعل الإشارة تفهم من قوله سابقا ويسن وضع اليدين على الفخذين
فيما بين السجدتين كحالة التشهد فإنها مبسوطة بين السجدتين فيكون التشهد كذلك يفهم ذلك بطريق الإشارة وقال في الشرح ويسن بسط اليدين على الفخذين وهو أولى لما في تلك الإشارة من التأمل والعقد وقت التشهد فقط فلا يعقد قبل ولا بعد وعليه الفتوى فالظاهر أنه يجعل المعقودة إلى جهة الركبة وفي الدر وبقولنا وبالمسبحة عما قيل يعقد عنه الإشارة
قوله ( وتسن قراءة الفاتحة فيما بعد الأوليين ) يشمل الثلاثي والرباعي
قوله ( في الصحيح ) هو ظاهر الرواية كما في الحلبي
قوله ( وروي عن الإمام وجوبها ) ورجحه الكمال لكنه خلاف المذهب كما في سكب الأنهر
قوله ( وروي عنه التخيير ) قال البرهان الحلبي الحاصل أن التخيير له يرجع إلى نفي تعين القراءة في الأخيرتين وليس المراد به التسوية بين هذه الثلاثة لأن القراءة أفضل بلا شك وكذا التسبيح أفضل من السكوت كما لا يخفى اه
قوله ( والتسبيح ) أي بقدر الفاتحة أو ثلاث تسبيحات كما في القهستاني لأن القراءة فيهما إنما شرعت على وجه الذكر والثناء فالتسبيح بقوم مقامها كما في البحر
قوله ( والسكوت ) أي بقدر الفاتحة قهستاني عن القنية أو بقدر ثلاث تسبيحات زيلعي أو بقدر تسبيحة واحدة نهاية قال الكمال وهو أليق بالأصول أي لأن الواجب من القيام عند سقوط القراءة فيه أدنى ما ينطلق عليه الإسم والإعتدال فيه يكون بقدر تسبيحة كما في سائر الأركان اه ولذا قال القهستاني ولعل المذكور بيان السنة أو الأدب وإلا فالفرض على
____________________
(1/180)
رواية الأصول مطلق القيام كما مر واختلف في الإقتصار على السكوت فقيل يكون به مسيأ لو عمدا ولكن لا يلزمه السهو لو سهوا كما في المحيط وقيل لا يكون مسيأ وإنما القراءة أفضل فقط كما يقتضيه أثر ابن مسعود وهو ظاهر ما في البدائع والذخيرة والخانية وجرى عليه الشارح وهو المذهب وإن كان صاحب المحيط على خلافه كما في البحر والدر
قوله ( وتسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) اعلم أنها على ستة أقسام فرض وواجب وسنة ومستحب ومكروه وحرام فالأول في العمر مرة واحدة للآية والثاني كلما ذكر إسمه صلى الله عليه وسلم على قول الطحاوي والظاهر أنه على الكفاية لحصول المقصود وهو تعظيمه صلى الله عليه وسلم كما ذكره القرماني والثالث في القعود الأخير والرابع في جميع أوقات الإمكان والخامس في الصلاة ما عدا القعود الأخير والقنوت والسادس عند عمل محرم وعند فتح التاجر متاعه إن قصد بذلك الإعلام بجودته ولا خصوصية للصلاة بل كذلك جميع الأذكار في جميع الأحوال الدالة على إستعمال الذكر في غير موضعه صرح بذلك علماؤنا وهل يأتي بها المسبوق مع الإمام قيل نعم وبالدعاء وصححه في المبسوط وقيل يكرر كلمة الشهادة واختاره ابن شجاع وقيل يسكت واختاره أبو بكر الرازي وقيل يسترسل في التشهد وصححه قاضيخان وينبغي الإفتاء به كما في البحر وهو الصحيح خلاصة
قوله ( اللهم صلي على محمد ) قال في الدر ويندب السيادة وفي شرح الشفاء للشهاب عن الحافظ ابن حجر أن إتباع الآثار الواردة أرجح ولم تنقل عن الصحابة والتابعين ولم تر وإلا في حديث ضعيف عن ابن مسعود ولو كان مندوبا لما خفي عليهم قال وهذا يقرب من مسألة أصولية وهي أن الأدب أحسن أم الإتباع والإمتثال ورجح الثاني بل قيل أنه الأدب اه
قوله ( كما صليت على إبراهيم ) لا يقتضي أفضلية الخليل عن الحبيب عليهما الصلاة والسلام لأنه قاله قبل أن يبين الله تعالى له منزلته فلما بين أبقى الدعوة أو تشبيه لأصل الصلاة بأصل الصلاة لا للقدر أو التشبيه وقع في الصلاة على الآل لا عليه فكان قوله اللهم صلى على محمد منقطع عن التشبيه أو المشبه الصلاة على محمد وآله بالصلاة على إبراهيم وآله ومعظم الأنبياء آل إبراهيم فإذا تقابلت الجملة بالجملة بقدر أن يكون آل الرسول كآل إبراهيم كذا في الشرح وفي هذا الأخير نظر أو المشبه به قد يكون أدنى كقوله تعالى { مثل نوره كمشكاة } النور 43 اه در والحميد المحمود فإنه المحمود بأنواع المحامد والمجيد بمعنى الماجد وهو من كمل في المجد والشرف وتمامه في الشرح أو الحميد بمعنى فاعل أي أنت فاعل الحمد أو واهبه كما أن مجيدا يحتمل أن يكون بمعنى المجد وقوله في العالمين أي معهم فهو دعاء لهم معهما ومع داخلة هنا على التابع
قوله ( فرض في العمر مرة إبتداء ) أي من غير تقدم ذكر ولو بلغ في الصلاة وصلى فيها بعده نابت عن الفرض
قوله ( وتفترض كلما ذكر اسمه ) هو قول الطحاوي قال بعضهم يتداخل الوجوب إذا اتحد المجلس وتكفي صلاة واحدة كسجود التلاوة إذ لو وجبت كل مرة لأفضى إلى الحرج حلبي وغيره وظاهر تعبيره يفترض أنه فرض عملي والذي
____________________
(1/181)
في كلام غيره أن المراد الوجوب المصطلح عليه فإن الأحاديث الواردة بطلبها عند ذكره أحاديث آحاد وهي إنما تفيد الوجوب أفاده في البحر قال السرخسي في شرح الكافي وقول الطحاوي مخالف للإجماع وعامة العلماء على أن ذلك مستحب فقط كما في غاية البيان وهو المختار للفتوى كما في النهر وظاهره ولو سمعه من متعدد لأن العبرة بمجلس السامع كالتلاوة بخلاف الثناء عند اسمه تعالى بنحو عز وجل فيجب لكل مرة ثناء على حدة وأن ذكر في المجلس ألف مرة ولو تركه لا يقضي وفي البناية عن الجامع الصغير يكفيه لكل مجلس ثناء واحد وفي المجلسين يجب لكل مجلس ولو تركه لا يبقى دينا عليه وأما تشميت العاطس فإن حمد يجب لكل مرة وفي التعاريف لا يشمت العاطس أكثر من ثلاث إذا تابع وإن لم يشمته إلى ثلاث كفته واحدة حموي على الإشباه لكن جزم في الفتح تبعا للكافي بأنه يكفيه في المجلس الواحد تشميت واحد وفي الزائد ندب اه ولا يجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي على نفسه بناء على أن يا أيها الذين آمنوا لا يتناول الرسول بخلاف يا أيها الناس يا عبادي نهر ويخص من قول الطحاوي التشهد الأول والصلاة في ضمن صلاة فلا تجب الصلاة لإرتكاب المكروه في الأول وللتسلسل في الثاني وفيه أن يقال في الأول يتأتى فعلها بالإتيان بها بعد الفراغ من الصلاة
قوله ( لوجود سببه ) وهو ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم
قوله ( ويسن الدعاء ) لنفسه ولوالديه المؤمنين وللمؤمنين والمؤمنات لما روي عنه صلى الله عليه وسلم لما قيل له أي الدعاء أسمع قال جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبة والدبر يطلق على ما قبل الفراغ منها أي الوقت الذي يليه وقت الخروج منها وقد يراد به ما وراءه وعقبه أي الوقت الذي يلي وقت الخروج ولا مانع من إرادة الوقتين بحر ويدعو بالعربية ويحرم بغيرها لأنها تنافي جلال الله تعالى نهر ولا يجوز الدعاء للمشركين بالمغفرة وكفر به القرافي والحق خلافه لقول البعض بجواز مغفرة الكفر عقلا ويجوز الدعاء بالمغفرة لجميع المؤمنين جميع ذنوبهم لفرض الشفقة على إخوانه وهو أمر جائز الوقوع وإن لم يكن واقعا ومن المحرم أن يدعو بالمستحيلات العادية كنزول المائدة إلا أن يكون نبيا أو وليا قيل وكذا الشرعية كما في الدر وأن يسأل العافية مدى الدهر أو خير الدارين ودفع شرهما إلا أن يقصد به الخصوص إذ لا بد أن يدركه بعض الشر ولو سكرات الموت
قوله ( لقوله صلى الله عليه وسلم الخ ) المتبادر منه أن ذلك خارج الصلاة وهو خلاف مراد المصنف فإن مراده أن ذلك قبل السلام لذكره السلام بعد
قوله ( لكن لما ورد الخ ) إستدراك على التعميم المفهوم من قول ما شاء فإنه يفيد جواز الدعاء ولو بما لا يستحيل طلبه من الخلق مع أنه يشبه كلام الناس فتفسد به الصلاة لحديث إن صلاتنا الخ
قوله ( بما أعجبه في الصلاة ) أي مما يشبه كلام الناس
قوله ( ربنا لا تزغ قلوبنا ) بدل من ألفاظ القرآن ولا يقصد القرآن بل الدعاء وإلا كره
قوله ( ولا يجوز أن يدعو الخ ) ولذا قالوا ينبغي له في الصلاة أن يدعو بدعاء محفوظ إلا بما يحضره لأنه ربما يجري على لسانه ما
____________________
(1/182)
يشبه كلام الناس فتفسد صلاته وأما في غير الصلاة فبالعكس فلا يستظهر له دعاء لأن حفظ الدعاء يمنع الرقة بحر والمراد بما يشبه كلام الناس ما لا يستحيل طلبه منهم ثم هل يشترط مع كون الدعاء مستحيلا منهم أن يكون بلفظ وارد في الأثر المذهب لا فلو قال اغفر لعمي أو خالي أو أقربائي لا تفسد خلافا لما في الظهيرية والخلاصة ثم التفصيل بين كونه يستحيل سؤاله من المخلوق أولا إنما هو في غير المأثور كما هو ظاهر كلام الخانية
قال في سكب الأنهر واختار الحلبي أن ما هو مأثور لا يفسد مطلقا ويعتبر في غيره الأصل المتقدم اه ومثله في الحموي عن الظهيرية
قوله ( ويفوت الواجب ) وهو الخروج بلفظ السلام
قوله ( بخروجه به ) متعلق بقوله ويفوت الواجب
قوله ( مثل العفو والعافية ) قال صلى الله عليه وسلم ما سئل الله تعالى شيئا أحب إليه من أن يسأل العافية رواه الترمذي وجعل في الهداية لفظ الرزق مما لا يستحيل طلبه من العباد ونظر فيه صاحب غاية البيان بأن إسناد الرزق إلى المخلوق مجاز لا حقيقة والرازق هو الله تعالى وحده ولذا جعله فخر الإسلام في شرحه للجامع الصغير مما يستحيل وفصل في الخلاصة فقال لو قال اللهم ارزقني فلانة الأصح الفساد ولو قال اللهم ارزقني الحج الأصح عدمه
قال في النهر وهذا التخريج ينبغي إعتماده ولو قال اقض ديني تفسد مضمرات واستشكل بأنه ورد في السنة اقض عنا الدين وأغننا من الفقر إلا أن يقال المراد بالمأثور الذي يدعى به بعد التشهد أن يكون ورد في الصلاة لا مطلقا وهو بعيد كذا في البحر
قوله ( بالتسليمتين ) هو على سبيل التوزيع
قوله ( حتى يرى بياض خده ) هو في الموضعين بالبناء للمفعول
قوله ( فقال السلام عليكم ) أو عليكم السلام
قوله ( لأنه بدعة ) كذا قاله النووي وهو مردود بما جاء في سنن أبي داود عن علقمة بن وائل عن أبيه قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله وسكت عليه هو ثم المنذري وفي الحلبي عن مختلف الفتاوى أنه يزيد وبركاته في التسليمتين
قوله ( ما لم يخرج من المسجد ) والأصح ما لم يستدر القبلة كما في الدر
قوله ( والنساء ) وهذا أولى مما في النهر أنه لا ينويهن إن حضرن لكراهة حضورهن لأن الكراهة عليهن وهذا مطلوب منه إذا صلين معه فالجهة منفكة
قوله ( لحفظهم ما يصدر من الإنسان من قول وعمل ) فعن يمينه رقيب وهو كاتب الحسنات وعن يساره عتيد وهو كاتب السيآت وورد أنه إذا مات ابن آدم يأمرهما الله تعالى بالإقامة على قبره يحمدانه ويسبحانه ويهللانه ويكبرانه ويكتب ذلك لصاحبهما حتى يبعث ويفارقانه عند الغائط والجماع والأصح أن الكافر تكتب أعماله وأن الصبي المميز تكتب حسناته وكيفية الكتابة والمكتوب فيه مما استأثر الله بعلمه على الأصح واختلف في محل الجلوس فقيل الفم والمداد الريق والقلم اللسان لخبر نقوا أفواهكم بالخلال فإنها مجلس الملائكة الحافظين وقيل على اليمين والشمال واختلف فيما يكتبانه قيل ما فيه أجر ووزر لما ورد أن كاتب الحسنات أمين على كاتب
____________________
(1/183)
السيآت فإذا عمل حسنة كتبها عشرا وإن عمل سيئة قال له دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر وفي بعض الكتب ست ساعات وقيل يكتبان كل شيء واختلف في وقت محو المباح والأكثر على أنه يوم القيامة
قوله ( أو لحفظهم إياه من الجن وأسباب المعاطب ) أي المهالك وكذا المؤذيات
قوله ( ستون ملكا وقيل مائة وستون يذبون عنه ) أي كما يذب عن ضعفة النساء في اليوم الصائف الذباب ولو بدوا لكم لرأيتموهم على كل سهل وجبل كلهم باسط يده فاغرفاه ولو وكل العبد إلى نفسه لاختطفته الشياطين كذا ورد في بعض الآثار وقال تعالى له معقبات الآية وفي الحديث يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل الخ وهؤلاء المتعاقبون غير الكرام الكاتبين في الأظهر ذكره القرطبي في شرح مسلم
قوله ( كالإيمان بالأنبياء ) فإن عددهم ليس معلوما قطعا فينبغي أن يقول آمنت بالله وملائكته وجميع الأنبياء أولهم آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم أجمعين وقيل عددهم مائة وأربعة وعشرون ألفا كذا في الشرح
تتمة المختار أن خواص بني آدم وهم الأنبياء والمرسلون أفضل من جملة الملائكة وعوام بني آدم وهم الأتقياء أفضل من عوام الملائكة وخواص الملائكة أفضل من عوام بني آدم والمراد بالأتقياء الأتقياء من الشرك كما في الروضة فإن الظاهر كما في البحران فسقة المؤمنين أفضل من عوام الملائكة وفي النهر عن الروضة أجمعت الأمة على أن الأنبياء أفضل الخليفة وأن نبينا صلى الله عليه وسلم أفضلهم وأن أفضل الخلائق بعد الأنبياء الملائكة الأربعة وحملة العرش والروحانيون وأن الصحابة والتابعين أفضل من سائر الملائكة وقالا سائر الملائكة أفضل ذكره السيد وفي ذكر الإجماع في بعض هذه المسائل نظر
قوله ( المقتدين به ) أي ولا ينوي من ليس معه وقول الحاكم أنه ينوي جميع المؤمنين والمؤمنات ولو من الجن قال السرخسي هذا عندنا في سلام التشهد لعدم الخطاب فيه أما في سلام التحلل فيخاطب من معه فيخصه بنيته
قوله ( وقيل تكفيه الإشارة ) أي بالإلتفات والخطاب
قوله ( بالتزام صلاته ) أي صحة صلاته فإن الإمام ضمين
قوله ( ونية المنفرد الملائكة فقط ) قد تقدم أنه إذا أذن في فلاة وأقام يقتدي به كثير من خلق الله وتقدم أن المنفرد ينوي الإمامة لأنه قد يتقتدي به من لا يراه وهذا لا يخص الملائكة فلو قال زيادة على ما ذكره وينوي من إقتدى ليوافق ما تقدم لكان أنسب
قوله ( وينبغي التنبه لهذا ) أي لما ذكر من السنن
قوله ( ويسن خفض صوته بالتسليمة الثانية ) خصه الحلبي بالإمام وذكره السيد وهو في متن منية المصلي لأن السنة في حقه الجهر بأذكار الإنتقالات لأن الجميع للإعلام بحالة
قوله ( ويسن إنتظار المسبوق فراغ الإمام ) أي من تسليمه المرتين
قوله ( لوجوب المتابعة ) فإن قام قبله كره تحريما وقد يباح له القيام لضرورة كما لو خشي إن إنتظره يخرج وقت الفجر أو الجمعة أو العيد أو تمضي مدة مسحه أو يخرج الوقت وهو معذور وكذا لو خشي مرور الناس بين يديه والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله
____________________
(1/184)
العظيم
فصل من آدابها أشار بمن التبعيضية إلى أنه لم يستوف أفراد الآداب فمنها إنتظار الصلاة والإعتماد على الركبتين حال النهوض على طريقة والتسمية بين الفاتحة والسورة على طريقة أيضا والقراءة من طوال المفصل على ما تقدم وقراءة الفاتحة في الأخيرتين بناء على أنها أفضل والإشارة في التشهد على ما في العيني عن التحفة
قوله ( الأدب ما فعله الرسول ) وفي اللغة ملكة تعصم من قامت به عما يشينه أو هو حسن الأخلاق وفعل المكارم وإطلاقه على علوم العربية مولد حدث في الإسلام وأدب ككرم فهو آدب كضارب
قوله ( مرة أو مرتين ) ومثله المندوب أما المستحب فهو ما فعله مرة وتركه أخرى وهو ما عليه أهل الفروع والأولى ما عليه الأصوليون من عدم الفرق بين المستحب والمندوب وتركه لا يوجب إساءة ولا عتابا لكن فعله أفضل كما في الدر
قوله ( وقد شرع لإكمال السنة ) والسنة لإكمال الواجب والواجب لإكمال الفرض وتقدم ما فيه
قوله ( للإحرام ) فيه إشعار بأنه لا يندب منه ذلك في غير حالة الإحرام ولكن الأولى إخراجهما في جميع الأحوال كما في مجمع الأنهر
قوله ( حذرا من كشف ذراعها ) أي فإنه عورة على الصحيح وهذا في الحرة لا في الأمة
قوله ( قائما ) أي ولو حكما كالقاعد
قوله ( إلى ظاهر القدم راكعا ) هذا لا يتأتى في المصلي قاعدا
قوله ( وإلى حجره ) هو ما بين يديك من الثوب كما في القاموس وهو المراد هنا ويفعل هذا ولو كان مشاهدا للكعبة على المذهب
قوله ( كأنك تراه ) فإن العبد إذا رأى سيده أحسن طاعته
قوله ( فإن لم تكن تراه ) أي الرؤية المعنوية أي فلا تغفل عن عبادته فإنه يراك أفاده السعد في شرح الأربعين
قوله ( وإذا كان بصيرا ) أي أعمى فهو من إطلاق إسم الضد على ضده وقوله فيلاحظ عظمة الله الأولى فيكفيه ملاحظة العظمة وإلا فالعظمة ملاحظة لكل مصل
قوله ( دفع السعال ما إستطاع ) أي مدة إستطاعته أما إذا كان يحصل له منه ضرر أو يشتغل قلبه بدفعه فالأولى عدم دفعه كما في تنحنح محتاج إليه لدفع بلغم منعه عن القراءة أو عن الجهر وهو إمام ذكره البرهان الحلبي والسعال بالضم كما هو القياس في أسماء الأدواء حركة تدفع بها الطبيعة أذى عن الرئة والأعضاء التي تتصل بها
قوله ( يفسد ) أي إذا حصل به حروف ومثله الجشاء
قوله ( كطم فمه عند التثاؤب ) أي إمساكه وسده ولو بأخذ شفتيه بسنه فإن أمكنه أخذ شفتيه بسنه فلم يفعل وغطاه بيده أو كمه كره كذا عن الإمام خلاصة والتثاؤب إنفتاح الفم بريح يخرج من المعدة لمرض من الأمراض يحدث فيها فيوجب ذلك وقال ابن درستويه في شرح الفصيح هو ما يصيب الإنسان عند الكسل والنعاس والهم من فتح الفم والتمطي اه والأنبياء عليهم الصلاة والسلام محفوظون منه جميعا نهر عن شرح الشمائل لابن حجر
قوله ( فليكظم ما استطاع ) ليرد عليه قصده وورد أن الشيطان يضحك من ابن آدم إذا تثاءب
قوله ( حي على الفلاح ) وقال الحسن وزفر عند حي على الصلاة كما في سكب الأنهر عن ابن الكمال معزيا إلى
____________________
(1/185)
الذخيرة
قوله ( لأنه أمر به فيخاب ) أي لأن المقيم أمر بالقيام أي ضمن قوله حي على الفلاح فإن المراد بفلاحهم المطلوب منهم حينئذ الصلاة فيبادر إليها بالقيام
قوله ( يقوم كل صف الخ ) وفي عبارة بعضهم فكلما جاوز صفا قام ذلك الصف اه وإن دخل من قدامهم قاموا حين رأوه وإذا أخذ المؤذن في الإقامة ودخل رجل المسجد فإنه يقعد ولا ينتظر قائما فإنه مكروه كما في المضمرات قهستاني ويفهم منه كراهة القيام إبتداء الإقامة والناس عنه غافلون
قوله ( إذا فرغ من الإقامة ) أي بدون فصل وبه قالت الأئمة الثلاثة وهو أعدل المذاهب شرح المجمع وهو الأصح قهستاني عن الخلاصة وهو الحق نهر ولو فصل بينهما هل تعاد قال في القنية لو صلى السنة بعد الإقامة أو حضر الإمام بعدها بساعة ولا يعيدها ومثله في البزازية كما في المخ لما في البخاري عن أنس
قال أقيمت الصلاة فعرض للنبي صلى الله عليه وسلم رجل فحبسه بعدما أقيمت الصلاة زاد هشام في روايته حتى نعس بعض القوم قال الشمني في هذا رد على من قال إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة وجب على الإمام تكبير الإحرام وفيه دليل على أن إتصال الإقامة بالشروع في الصلاة ليس من أكيد السنن وإنما هو من مستحباتها كما ذكره العيني وغيره من شارحي البخاري
قوله ( فلو أخر الخ ) فالخلاف في الإستحباب كما في السراج والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في كيفية تركيب أفعال الصلاة المراد بأفعال الصلاة ما يعم أقوالها والفصل لغة ما بين الشيئين وفي الإصطلاح طائفة من المسائل الفقهية تغيرت أحكامها بالنسبة إلى ما قبلها غير مترجمة بالكتاب والباب
قوله ( لتقديمها ) من إضافة المصدر إلى مفعوله والضمير إلى الأوصاف
قوله ( حتى يحاذي بإبهاميه شحمتي أذنيه ) ومس الشحمتين لم يذكر في المتداولات إلا في قاضيخان والظهيرية كما في القهستاني وعلله صاحب النقاية بأنه لتحقيق المحاذاة فظهر منه أن المراد بالمس القرب التام لا حقيقته فلا منافاة كما في سكب الأنهر واختلف في حكمة الرفع فقيل الإشارة إلى التوحيد وقيل الإشارة إلى طرح أمورنا الدنيا خلفه والإقبال بكليته على الصلاة وقيل ليستقبل بجميع بدنه وعن ابن عمر رفع اليدين من زينة الصلاة بكل رفع عشر حسنات بكل إصبع حسنة كذا في العيني على البخاري وفي هذا التعبير الإشارة إلى أنه يرفع يديه أولا ثم يكبر وصححه في الهداية وفي القدوري يرفع يديه مع التكبير وهو المروي عن أبي يوسف والطحاوي والذي عليه عامة المشايخ الأول وهو الأصح لأن في الرفع نفي الكبرياء عن غير الله تعالى وفي قوله الله أكبر إثباتها له تعالى والنفي مقدم على الإثبات وقيل يرفع يديه بعد التكبير والكل مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في البحر
قوله ( وإذا كان به عذر يرفع بقدر الإمكان ) بالزيادة أو النقص
____________________
(1/186)
عن محله أو بإحدى اليدين دون الأخرى
قوله ( لا يأتي به لفوات محله ) وينبغي أن يأتي به على القول الثالث ما لم يطل الفصل اه نهر
قوله ( بلا مد ) الحاصل أن المد في التكبير إما أن يكون في لفظ الله أو في لفظ أكبر فإن كان في لفظ الله فإما أن يكون في أوله أو في وسطه أو في آخره فإن كان في أوله كان مفسدا لأنه في صورة الإستفهام حتى لو تعمده يكفر للشك في الكبرياء وإن كان في وسطه فهو الصواب إلا أنه لا يبالغ فيه فإن بالغ زيادة على مده الطبيعي وهو قدر حركتين كره ولا تفسد على المختار كما في ابن أميرحاج وفي السراج أنه خلاف الأولى اه فالكراهة للتنزيه وإن كان في آخره بأن أشبع حركة الهاء فهو خطأ من حيث اللغة ولا تفسد به الصلاة وكذا تسكينها كذا في الحلبي وإن كان في أكبر فإن كان في أوله فهو خطأ مفسد للصلاة ولا يصير به شارعا على ما مر وإن كان في وسطه حتى صار أكبار فقيل تفسد صلاته لأنه جمع كبر وهو طبل ذو وجه واحد أو إسم من أسماء أولاد الشيطان وفي القنية لا تفسد لأنه أشاع وهو لغة قوم واستبعده الزيلعي بأنه لا يجوز إلا في الشعر ولو فعله المؤذن لا تجب إعادة الأذان لأن أمر الأذان أوسع كذا في السراج وإن تعمده يكفر أي مع قصد المعنى وإلا لا ويستغفر ويتوب مضمرات وإن كان في آخره فقيل تفسد صلاته وقياسه أن لا يصح الشروع به وقيل لا تفسد كما في العناية وابن أميرحاج ولو حذف المصلي أو الحالف أو الذابح المد الذي في اللام الثانية من الجلالة أو حذف الهاء إختلف في صحة الشروع وإنعقاد اليمين وحل الذبيحة فلا يترك ذلك إحتياطا أفاده السيد ومر
قوله ( ناويا ) اعلم أنه يصير شارعا بالنية عند التكبير لا به وحده ولا بها وحدها بل بهما وصح تقديمها عليه حيث لم يفصل بينهما بأجنبي للمقارنة حكما لا تأخيرها ولا يلزم العاجز عن النطق بها كالأخرس تحريك لسانه وكذا في حتى القراءة هو الصحيح لتعذر الواجب فلا يلزم غيره إلا بدليل در
قوله ( بكل ذكر ) بكسر الذال المعجمة ما يكون باللسان وهو المراد وبضمها ما يكون بالجنان
قوله ( خالص لله تعالى عن اختلاطه الخ ) فلا يصح باللهم اغفر لي لأنه لطلب المغفرة ولا بالحوقلة لأنه لطلب الحول والقوة ولا بما شاء الله كان لأنه لطلب دفع السوء ولا بالبسملة لأنه لطلب البركة ولا فرق في صحة الشروع بين الأسماء الخاصة والمشتركة كالكريم والجليل على الأظهر الأصح
قوله ( وإن كره ) أي تحريما مرتبط بقوله ويصح الشروع الخ
قوله ( وفيه إشارة ) أي فيما ذكره من قوله ثم كبر فإن التكبير الله أكبر وهو جملة أو في قوله بكل ذكر فإن الذكر التام لا يكون إلا بجملة
قوله ( وهو ظاهر الرواية ) والمختار در والأشبه كما في ابن أميرحاج وروى الحسن عن الإمام أنه يصير شارعا بالمفرد وفي الدور ولو ذكر الإسم بلا صفة صح عند الإمام خلافا لمحمد
قوله ( وغيرها من الألسن ) هو الصحيح وخصه أبو سعيد البراذعي بالفارسية واستدل بحديث موضوع كما قاله القاري في الموضوعات لسان أهل الجنة العربية والفارسية الدرية وعلى قولهما من لم يعرفهما في حكم العاجز وتقدم
قوله ( إن عجز ) الصحيح أنه يصح
____________________
(1/187)
الشروع عنده بغير العربية ولو كان قادرا عليها مع الكراهة التحريمية للقادر لأن الشروع يتعلق بالذكر الخالص وهو يحصل بكل لسان وفي بعض الكتب ما يفيد أن صاحبيه رجعا إلى قوله هنا كرجوعه إلى قولهما في القراءة أفاده صاحب الدر ومر
قوله ( في الأصح في قولي الإمام ) الأولى من قولي الإمام كما هو في بعض النسخ وبه عبر في الشرح وهذا ظاهر في القراءة لا في الشروع كما علمت وعلى هذا القول الفتوى
قوله ( لأن القرآن إسم للنظم والمعنى جميعا ) أي ومن قرأ بغير العربية فإنما أتى بالمعنى فقط
قوله ( والأيمان ) معنى جواز الأيمان بغير العربية ولو مع القدرة عليها أنه إذا حلف بالله بالفارسية تنعقد يمينه وتلزمه الكفارة إذا حنث أفاده السيد فالأيمان في كلام المؤلف بفتح الهمزة جمع يمين
قوله ( بلا مهلة ) بفتح الميم أي تراخ وبضمها عكارة الزيت
قوله ( في كل قيام ) أي له قرار
قوله ( ويضمه في التهجد للإستفتاح ) يفيد على ما هو المتبادر تقديم الإستفتاح عليه
قوله ( ومعنى سبحانك ) سبحان في الأصل مصدر ولا فعل له ومعناه البراءة والنزاهة من سبح في الأرض أي ذهب وبعد ثم ضمن معنى التسبيح الذي هو التنزيه وقد يستعمل علما له فيمنع من الصرف للعلمية وزيادة الأولف والنون ولا يكاد يستعمل إلا مضافا وإنتصاب سبحان بفعل محذوف واجب الحذف أما من لفظه وأصل التركيب سبحتك سبحانه أو من غير لفظه أي اعتقد سبحانك أي نزاهتك عن كل ما لا يليق بك فيكون على هذا مفعولا به لا مطلقا
قوله ( وبحمدك ) متعلق بمحذوف والواو أما لعطف جملة على جملة حذفت كالأولى وأبقى حرف العطف أي أسبحك وأبتدىء بحمدك أو وأصفك بحمدك ولا ينبغي أن يقال بزيادتها لأنها ليست بقياس كما في القهستاني وروي عن الإمام أنه لو قال سبحانك اللهم بحمدك بحذف الواو جاز والباء على هذا لملابسة أي أسبحك تسبيحا ملتبسا بحمدك أو للمصاحبة
قوله ( وتبارك ) فعل لا يتصرف ولا يستعمل إلا لله تعالى من البركة وهو الخير الدائم الكثير أي تكاثرت خيور أسمائك الحسنى مشتق من برك الماء في الحوض أي دام أو من بروك الإبل وهو الثبوت
قوله ( وتنزه ) ليس هذا من معنى تبارك
قوله ( وتعالى جدك ) الجد بفتح الجيم يطلق على أبي الأب وأبي الأم وعلى شاطيء النهر وعلى العظمة والجلال وهو المراد هنا يعني أن عظمتك تعلو على عظمة غيرك
قوله ( بدأ بالتنزيه ) أي التنزيه الكامل
قوله ( من ذكر النعوت الخ ) متعلق بقوله ترقيا وكذا قوله إلى غاية الكمال
قوله ( في الجلال والجمال ) متعلق بغاية أو بكمال
قوله ( وسائر الأفعال ) عطف على قوله الجلال أي وإلى غاية الكمال في سائر الأفعال
قوله ( وهو الإنفراد الخ ) الضمير يرجع إلى الغاية وذكر بإعتبار الخبر
قوله ( وما يختص به ) عطف على الإنفراد وهو خاص
قوله ( ما لم يبدأ الإمام بالقراءة ) ولو سرية على المعتمد وإن أدركه راكعا تجري إن أكثر رأيه أنه إن أتى به أدركه في شيء منه أتى به وإلا لأنهر
قوله ( مقدما
____________________
(1/188)
عليها ) وقال بعض أصحاب الظواهر والنخعي وابن سيرين يأتي به بعد القراءة لأنه تعالى ذكره بحرف الفاء وأنه للتعقيب وهذا ليس بصحيح لأن الفاء للحال وتمامه في الشرح
قوله ( فإنه يثني حال إقتدائه ) لا وجه لهذا التعليل قال في الشرح ويثني أيضا حال إقتدائه وإن سبقه به إمامه ما لم يقرأ وقيل يثني في سكتاته وهو أولى مما هنا وكلامه يقتضي أن المسبوق يثني مرتين وهو خلاف المشهور
قوله ( ولا يأتي به في الركوع ) أي لا يأتي بالتعوذ
____________________
(1/189)
في الركوع
قوله ( ويأتي فيه بتكبيرات العيدين ) أي يأتي بها المسبوق في الركوع
قوله ( لوجوبها ) ظاهر التعليل يفيد أنه لا فرق بين الركعة الأولى والثانية
قوله ( ذكر له يكفي ) أفراد الضمير بإعتبار المذكور والأفضل في الوضوء التسمية على الوجه المتقدم فيه وفي الذبيحة بإسم الله الله أكبر
قوله ( للسورة ) تقييده بالسورة يفيد الكراهة إذا أتى بها للآيات
قوله ( من المفصل على ما تقدم ) أي من الطوال والأوساط والقصار
قوله ( ويكره قراءة القرآن في الركوع والسجود والتشهد ) وأما الأدعية التي في التشهد بألفاظ القرآن ينوي بها الدعاء لا القراءة وإلا كره تحريما
قوله ( لقوله صلى الله عليه وسلم ) الحديث لم يذكر فيه التشهد
قوله ( لا للكتابة ) وفي المستصفى أنها للضمير لا للسكت وفي الولوالجية لو أبدل النون لا ما فسدت صلاته كما في سكب الأنهر وإن كان لسانه لا يطاوعه بتركه كما في الشرنبلالية ولو سكن الميم من حمده فسدت صلاته كما في شرح الكيدانية عن عمدة الفتاوي
قوله ( والأفضل اللهم ربنا ولك الحمد ) لزيادة الثناء واختلفوا في هذه الواو فقيل زائدة وقيل عاطفة تقديره ربنا حمدناك ولك الحمد كما في التبيين والأول أظهر كما في الدراية كذا في الشرح وترك المرتبة الثالثة وهي ربنا ولك الحمد
قوله ( وموجها أصابع رجليه نحو القبلة ) ولا بد من وضع إحدى القدمين ووضع القدم بوضع أصابعها ويكفي وضع إصبع واحدة كذا في السيد
قوله ( وجلس كل مصل بين السجدتين ) ومقدار الرفع المفروض أن يكون إلى الجلوس أقرب وهو الذي ينبغي التعويل عليه قاله السيد عازيا إلى النهر
قوله ( ثم رفع رأسه مكبرا للنهوض ) ظاهر تعبيره أنه في صلاة التسبيح لا يكبر إلا عند النهوض لا عند قعوده للإتيان بالتسبيح والظاهر أنه في رفعه من آخر سجدة من الثانية يكبر بمجرد رفعه قبل التسبيح
قوله ( لا يثني ) بالضم من أثنى لا غير
قوله ( التي هي بمعناها ) فيه نظر فتأمله
قوله ( بخلاف العبادة ) فإنها لا تبقى في العقبي أي على سبيل التكليف أما صدورها من غير مشقة كالتنفس فواقع لا ينكر لأنه كلما قرب الإنسان من حضرة الحق إزداد طاعة
قوله ( والصالح القائم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد ) ولذا قالوا لا ينبغي الجزم به في حق شخص معين من غير شهادة الشرع له به وإنما يقول هو صالح فيما أظن خوفا من الشهادة بما ليس فيه كذا في الشرح
قوله ( شهد أهل الملكوت الأعلى ) مراده به ما فوق السموات السبع بدليل العطف
قوله ( وجبريل ) خصه بالذكر وإن دخل في عموم ما قبله لمزيد كرامته فإنه أفضل أهل العلوي على الأصح
قوله ( وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) قالالحافظ ابن حجر ألفاظ التشهد المتواترة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول أشهد أن محمدا رسول الله أو عبده ورسوله اه وما قيل أنه كان يقول فيه وأني رسول الله لا أصل له نعم ورد عنه في غير التشهد
قوله ( لمقام الجمع ) أي لأن المقام للجمع فكما جمع في التحيات الخ وفي السلام عليك الخ بين ثلاث كذلك جمع له هنا بين ثلاث أشرف الأسماء وهو محمد وأشرف صفات الإنسان وهو
____________________
(1/190)
العبودية وأشرف وصف مستلزم للنبوة وهو الرسالة
قوله ( الموضوعة ) بالجر صفة الألفاظ أي الموضوعة هذه الألفاظ لهذا المعنى
قوله ( خلافا لما قاله بعضهم ) مرتبط بقوله فيقصد المصلي إنشاء الخ
قوله ( وقرأ التشهد المتقدم ) أي تشهد ابن مسعود وتعيينه مستحب كما أفاده الزيلعي
قوله ( القوم والحفظة ) الأولى حذفه ليعم كل مصل والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب الإمامة هي إتباع الإمام في جزء من صلاته أي أن يتبع فالإتباع مصدر الفعل المبني للمفعول والإمام هو المتبوع
قوله ( قدمنا شيئا يدل على فضل الأذان ) منه أن المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة
قوله ( والصلاة بالجماعة سنة ) المراد بها فيما عدا الجمعة والعيدين فإنها فيهما شرط الجواز
قوله ( سنة في الأصح ) وفي البدائع عامة المشايخ على الوجوب وبه جزم في التحفة وغيرها وفي جامع الفقه أعدل الأقوال وأقواها الوجوب ومنهم من قال إنها فرض كفاية وبه قال الكرخي والطحاوي وجماعة من أصحابنا وقيل إنها فرض عين وهو قول الإمام أحمد كذا في الشرح والقائل بالفرضية لا يشترطها للصحة فتصح ولو منفردا كما في شرح ابن وهبان والجماعة في اللغة الفرقة المجتمعة وشرعا الإمام مع واحد سواء كان رجلا أو امرأة حرا أو عبدا أو صبيا يعقل أو ملكا أو جنيا في مسجد أو غيره وفي القنية الأصح أن إقامتها في البيت كإقامتها في المسجد وإن تفاوتت الفضيلة وعلى القول بأنها سنة هي آكد من سنة الفجر وهي سنة عين إلا في التراويح فإنها فيها سنة كفاية ووتر رمضان فإنها فيه مستحبة وأما وتر غيره وتطوعه فمكروهة فيهما على سبيل التداعي
قال شمس الأئمة الحلواني إن اقتدى به ثلاثة لا يكون تداعيا فلا يكره إتفاقا وإن اقتدى به أربعة فالأصح الكراهة وتستحب في الكسوف كما في الدر من بابه وتكره في الخسوف بحر وفي النهر والدر اختلف في لحوق الإثم بالترك مرة بدون عذر فمن قال بالوجوب وهم العراقيون قالوا نعم ومن قال بالسنية وهم الخراسانيون قالوا إنما يأثم إذا اعتاد الترك وحكى المؤلف في شرح الوهبانية عن جوامع الفقه أنها مستحبة فالأقوال خمسة وجمهور العلماء إتفقوا على أن فضل الجماعة يحصل بإدراك جزء من صلاة الإمام ولو آخر القعدة الأخيرة قبل السلام واختلفوا هل الأفضل مسجد حيه أم جماعة المسجد الجامع وإن استوى المسجدان فأقدمهما أفضل فإن استويا فأقربهما فإن استويا خير العامي والفقيه يذهب إلى أقلهما جماعة ليكثر واو التلميذ يذهب إلى مجلس أستاذه نهر
قوله ( ولقوله صلى الله عليه وسلم صلاة الجماعة الخ ) وورد أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحطت عنه بها خطيئة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه اللهم صل عليه اللهم ارحمه ولا يزال في صلاة ما إنتظر الصلاة وورد أن من صلى العشاء والصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله وورد صلاة
____________________
(1/191)
الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ومع الرجلين أزكى من رجل واحد وما زاد فهو أحب إلى الله تعالى وفي المضمرات مكتوب في التوراة صفة أمة محمد وجماعتهم وأنه بكل رجل في صفوفهم يزاد في صلاتهم صلاة يعني إذا كانوا ألف رجل يكتب لكل رجل ألف صلاة ومن حكمة مشروعيتها قيام نظام الألفة بين المصلين والتعلم من العالم أفاده في الشرح
قوله ( فلا يسع تركها إلا بعذر ) المفعول محذوف تقديره المكلف وسيأتي للمصنف بيان الأعذار في فصل مستقل
قوله ( أهل مصر ) بالتنوين لأن المراد أهل أي مصر كان
قوله ( ولو صبيا ) يفهم منه أن فضيلة الجماعة تحصل بالمتنفل المقتدي
قوله ( أو امرأة ) حتى لو صلى في بيته بزوجته أو جاريته أو ولده فقد أتى بفضيلة الجماعة اه كذا في الشرح ولكن فضيلة المسجد أتم
قوله ( مع الإمام ) لا حاجة إليه لعلمه من الكلام السابق
قوله ( فيشترط ثلاثة ) الأولى زيادة لها
قوله ( أو إثنان ) أي غير الإمام وأو لحكاية الخلاف والمعتمد الأول
قوله ( للرجال ) أما في النساء فلا تشترط كل الشروط بل يخرج منها الذكورة فإن الأنثى تصح إمامتها لمثلها
قوله ( الأصحاء ) أخرج ذوي الأعذار فإن إمامتهم صحيحة لمماثليهم
قوله ( وهو شرط عام ) فلا وجه لذكره
قوله ( أو يسب الشيخين ) الأولى أن يقول أو من يسب أو ساب
قوله ( أو نحو ذلك ) كمن ينكر الإسراء أو الرؤية أو عذاب القبر أو وجود الكرام الكاتبين اه من الشرح وفي السيد ما حاصله صحة إمامة من ينكر الرؤية ولكن يقول لا يرى لجلاله وعظمته وفي الشرح إذا أمهم زمانا ثم قال أنه كان كافرا أو معي نجاسة مانعة أو بلا طهارة أي متعمدا ليس عليهم إعادة لأن خبره غير مقبول في الديانات لفسقه بإعترافه بخلاف ما إذا صلى فتبين له فساد صلاته بنجاسة أو عدم طهارة فإنه قد يغفل عن ذلك فيظن الطهارة فإذا أخبر كان مقبولا فلزمت الإعادة اه ملخصا
قوله ( مع ظهور صفته ) الضمير يرجع إلى من
قوله ( والبلوغ ) فلا يصح إقتداء بالغ بصبي مطلقا سواء كان في فرض لأن صلاة الصبي ولو نوى الفرض نفل أو في نقل لأن نفله لا يلزمه أي ونفل المقتدي لازم مضمون عليه فيلزم بناء القوي على الضعيف وبهذا التقرير تعلم أن في كلام الشرح توزيعا وقال بعض مشايخ بلخ يصح إقتداء البالغ بالصبي في التراويح والسنن المطلقة والنفل والمختار عدم الصحة بلا خلاف بين أصحابنا نقله السيد عن العلامة مسكين
قوله ( كالسكران ) وكالمجنون المطبق وأما الذي يجن ويفيق فتصح إمامته حال إفاقته ولا تصح إمامة المعتوه وهو الذي ينسب إلى الخرف كما في المعراج
قوله ( والذكورة ) أي المحققة
قوله ( خرج به المرأة ) فلا يصح إقتداء الرجل بها وصلاتها في ذاتها صحيحة
قوله ( للأمر بتأخيرهن ) علة لمحذوف تقديره وإنما لم يصح إقتداء الرجل بالنساء للأمر الخ والأمر بتأخيرهن نهي عن الصلاة خلفهن وإلى جانبهن أفاده في الشرح
قوله ( والخنثى إمرأة ) أي في الحكم
قوله ( فلا يقتدي به غيرها ) أي لا رجل لإحتمال أنوثته ولا خنثى مثله لإحتمال ذكورة المتأخر وأنوثة المتقدم وأما
____________________
(1/192)
المرأة فيصح إقتداؤها به لصحته سواء كان ذكرا أم أنثى فإطلاق المصنف ليس على ما ينبغي وإقتداؤه صلى الله عليه وسلم بجبريل مع أنه لا يوصف بذكورة ولا أنوثة أو هذه خصوصية وذكر في الأشباه أن الإقتداء بالخنثى صحيح
قوله ( بحفظ آية ) ولو قصيرة والأولى أن يقول بحفظ ما تصح به الصلاة ليظهر قوله بعد على الخلاف
قوله ( على الخلاف ) أي بين الإمام وصاحبيه فقالا لا تصح إلا بثلاث آيات فلا يصح إقتداء القارىء بأمي أو بأخرس ولا إقتداء الأمي بأخرس لقوة حال الأمي عنه بكونه يأتي بالتحريمة دونه وأما اقتداء أمي بأمي أو أخرس بأخرس فصحيح واعلم أنه إذا فسد الإقتداء بأي وجه كان لا يصح شروعه في صلاة نفسه لأنه قصد المشاركة وهي غير صلاة الإنفراد على الصحيح محيط وادعي في البحر أنه المذهب وكلام الخلاصة يفيد أنه كلام محمد خاصة وفصل الزيلعي أنه إن فسد لفقد شرط كطاهر بمعذور لم تنعقد أصلا وإن كان لإختلاف الصلاتين تنعقد نفلا غير مضمون وثمرته الإنتقاض بالقهقهة كذا في التنوير وشرحه مختصرا ومقتضاه عدم إنعقادها أصلا فيما إذا اقتدى القارىء بالأمي لأن الإختلاف لفقد شرط وتمامه في السيد
قوله ( صلاته ضرورية ) أي إنم صحت صلاته لضرورة عذره
قوله ( فلا يصح إقتداء غيره به ) أي إذا توضأ مع العذر أو طرأ عليه بعده أما لو توضأ وصلى خاليا عنه كان في حكم الصحيح ويصح إقتداء معذور بمثله إن اتحد العذر
قوله ( ولا يصح إقتداء من به إنفلات ريح الخ ) ويصح عكسه وأما المقتصد فإن كان جرحه لا يخرج منه دم فتصح إمامته للأصحاء كذا في الشرح والسيد
قوله ( بالثاء المثلثة والتحريك ) مصدر لثغ كتعب
قوله ( بضم اللام وسكون الثاء ) وأما اللثغة بالتحريك فالفم يقال ما أقبح لثغته أي فمه كذا في المصباح والقاموس
قوله ( تحرك اللسان ) عرفه غيره بأنه حبسة في اللسان حتى تغير الحروف
قوله ( ونحوه ) كاللام والياء أو السين ثاء أو اللام نونا
قوله ( لا يكون إماما لغيره ) إلا لمثله وفي الخانية ذكر الشيخر أبو بكر محمد بن الفضل أنها تصح إمامته لغيره لأن ما يقوله صار لغة له واختاره ابن أميرحاج وحمل قولهم لا يؤم أعلى منه على الأولوية خروجا من الخلاف وقواه
قوله ( جائزة لنفسه ) إن لم يمكنه الإقتداء وإن أمكنه لا تصح كما يؤخذ من الدر
قوله ( وإذا ترك التصحيح والجهد الخ ) قال في الخلاصة إذا كان يجتهد آناء الليل والنهار في تصحيحه ولا يقدر على ذلك فصلاته جائزة وإن ترك جهده فصلاته فاسدة إلا أن يجعل العمر في تصحيحه ولا يسعه أن يترك جهده في باقي عمره اه قال صاحب الذخيرة وهذا الشق الثاني مشكل لأن ما كان خلقة لا يقدر العبد على تغييره اه وكذا إذا كان لعارض ليس مما يزول عادة وإذا كان كذلك فلا يعول في الفتوى على مقتضى هذا الشرط ومن ثمة ذكر في خزانة الأكمل عن فتاوى أبي الليث لو قال الهمد لله بالهاء بدل الحاء أو كل هو الله أحد بالكاف بدل القاف
____________________
(1/193)
جاز إذا لم يقدر على غير ذلك أو بلسانه علة قال الفقيه وإن لم يكن بلسانه علة ولكن جرى ذلك على لسانه لا تفسد اه فلم يذكر هذا الشرط وإن كان بعد ذكره عن إبراهيم بن يوسف وحسين بن مطيع اه كلام ابن أميرحاج قلت كلامه يفيد أن هذا الشرط فيه خلاف والأكثر لم يذكروه لأن فيه حرجا عظيما
قوله ( كطهارة ) أي من حدث أو خبث وإن كان كلام الشارح قاصرا على الثاني
قوله ( بحمل خبث ) أي بسبب حمله خبثا لا يعفى عنه بأن زاد على قدر درهم أو بلغ ربع الثوب
قوله ( لا تصح إمامته لطاهر ) ظاهره وإن لم يجد المتنجس مزيلا أو وجده ولكن حصل مانع ككشف عورة وظاهر التقييد أنه يصح إقتداء حامل نجاسة مانعة به
قوله ( لمستور ) وتصح إمامته لمثله
قوله ( وشروط صحة الإقتداء ) هو في اللغة الملازمة مطلقا كما في القاموس وشرعا ربط شخص صلاته بصلاة الإمام
قوله ( نية المقتدي المتابعة ) كأن ينوي معه الشروع في صلاته أو الإقتداء به فيها ولو نوى الإقتداء به لا غير الأصح أنه يجزيه وتنصرف إلى صلاة الإمام وإن لم يكن للمقتدي علم بها لأنه جعل نفسه تبعا للإمام خلافا لمن قال لا بد للمقتدي من ثلاث نيات نية أصل الصلاة ونية التعيين ونية الإقتداء أفاده السيد ونية المتابعة شرط في غير جمعة وعيد على المختار لإختصاصها بالجماعة فلا يحتاج فيها إلى نية الإقتداء كذا في القهستاني وسكب الأنهر وأما نية الإمامة فليست بشرط إلا في حق النساء ولا يلزم المقتدي تعيين الإمام بل الأفضل عدمه لأنه لو عينه فبان خلافه فسدت صلاته
قوله ( أو حكمية ) بأن لا يفصل بينهما بفاصل أجنبي كذا في الشرح
قوله ( فينوي الصلاة والمتابعة أيضا ) لا يحسن تفريعه على سابقه وقد علمت أن نية الإقتداء فقط صحيحة وإن لم يكن له علم بعين صلاة الإمام
قوله ( لما يلزم من الفساد بالمحاذاة ) أي له أو لمقتد مثله ولا يلزم الفساد بدون التزامه وهو بنيته ولا تصير المرأة داخلة في صلاة الإمام إلا أن ينوي إمامتها والخنثى كالأنثى ولا فرق بين الواحدة والمتعددة
قوله ( على ما قاله الأكثر ) وفي النهر عن الخلاصة ترجيح عدم الإشتراط فيهما قال وأجمعوا على عدم اشتراطها في حقهن في الجنازة أفاده السيد وفي الكلام إشعار بأن الإمام ذكر أما الإمام الأنثى فلا يلزم فيه ما ذكر
قوله ( حتى لو تقدم أصابعه ) أي المقتدي مع تأخر عقبه عن عقب الإمام لطول قدمه أي المقتدي لا يضر واعلم أن ما أفاده المصنف من إشتراط التقدم خلاف المذهب لأنه لو حاذاه صح الإقتداء والعبرة في المومي بالرأس حتى لو كان رأسه خلف رأس الإمام ورجلاه قدام رجليه صح وعلى العكس لا يصح كذا في الزاهدي وفي الدر يقف الواحد محاذيا أي مساويا باليمين إمامه على المذهب وأما الواحدة فتتأخر لا
____________________
(1/194)
محالة ولا عبرة بالرأس بل بالقدم ولو صغيرا في الأصح ما لم يتقدم أكثر قدم المؤتم لا تفسد اه
قوله ( وأن لا يكون الإمام أدنى حالا من المأموم ) ليس منه ما لو اقتدى من يرى وجوب الوتر بمن يرى سنيته فإن ذلك صحيح للإتحاد ولا يختلف باختلاف الإعتقاد وكذا من يصلي سنة بمن يصلي سنة أخرى كسنة العشاء خلف من يصلي التراويح أو سنة الظهر البعدية خلف مصلى القبلية فإنه يجوز كما في البحر وغيره وفي الظهيرية صلى ركعتين من العصر فغربت الشمس فإقتدى به إنسان في الأخريين يجوز وإن كان هذا قضاء للمقتدي لأن الصلاة واحدة كما في الشلبي عن الزيلعي ونقله القهستاني أيضا
قوله ( للمشاركة ) أي لأن المقتدي مشارك للإمام فلا بد من الاتحاد لتكون صلاة الإمام متضمنة لصلاة المقتدي اه من الشرح ملخصا
قوله ( فلا يصح إقتداء ناذر ) تفريع على ما قبله فلا إتحاد في نذريهما
قوله ( لم ينذر عين نذر الإمام ) أما لو نذره بأن قال نذرت أن أصلي الركعتين اللتين نذرهما فلان فيصح للإتحاد أفاده السيد
قوله ( لعدم ولايته الخ ) علة لقوله فلا يصح والضمير للناذر يعني أن الوجوب إنما يظهر في حق الناذر لا في حق غيره فإذا إقتدى بغيره في غير ما نذره فهو إقتداء مفترض بمتنفل أفاده في الشرح ولو علله بأن اختلاف النذرين كاختلاف الفرضين لكان أظهر
قوله ( ولا الناذر بالحالف ) الحالف أن يقول مثلا والله لأصلين كذا مثلا وعكسه يصح كالحالف بالحالف كذا في الشرح
قوله ( لأن المنذورة أقوى ) لوجوبها قصدا أما المحلوف عليها فهي نفل جائز الفعل والترك قوى أحد وجهيه بالحلف فوجوبها لتحقق البر ولا يشكل عدم صحة إقتداء المفترض بالمتنفل بإستخلاف الإمام من جاء بعد الركوع واقتدى به في السجدتين فإن السجدتين نفل في حق الخليفة فرض في حق من أدرك الركوع مع الإمام لأن الممتنع إقتداء المفترض بالمتنفل في
____________________
(1/195)
جميع الأفعال لا في بعضها أفاده السيد وفيه نظر لما يأتي في مسئلة إقتداء المسافر بعد الوقت بالمقيم فإن الفساد فيه إنما جاء من إعتبار التنفل ببعض الصلاة وهو القعدة أو القراءة
قوله ( بعد الوقت ) أي وكان الإقتداء بعد الوقت أما إذا وقع الإقتداء في الوقت ثم خرج وهما في الصلاة فإن الإقتداء صحيح ويفترض الإتمام ولو كان الإمام المقيم كبر في الوقت واقتدى المسافر بعد خروجه لا يصح
قوله ( في رباعية ) أما الثنائية والثلاثية فلا يتغيران سفرا ولا حضرا
قوله ( لما قدمناه ) من أنه يشترط أن لا يكون أدنى حالا من المأموم
قوله ( في حق القعدة ) إذا اقتدى به في الشفع الأول إذ هي فرض على المؤتم لأن فرضه ركعتان لا على الإمام والمراد بقول المؤلف بمتنفل غير المفترض فيعم الواجب لأن القعدة الأولى واجبة عليه
قوله ( أو القراءة ) أي إن إقتدى به في الشفع الثاني فإن القراءة فيه نفل على الإمام إذا قرأ في الشفع الأول فرض في حق المقتدي ولو لم يقرأ الإمام في الأول ففي صحة الإقتداء روايتان وسيأتي تحقيقه في صلاة المسافر إن شاء الله تعالى
قوله ( لشبهة إقتدائه ) أي حال تحريمته وإنما لزمته القراءة لشبهة الإنفراد نعم إذا قضى المسبوقان ملاحظا أحدهما الآخر ليعلم عدد ما عليه من فعله فلا بأس به ويشترط أن لا يكون الإمام لاحقا لأنه خلف الإمام حكما حتى لا يقرأ
قوله ( وأن لا يفصل بين الإمام والمأموم ) أي الذكر ومثله الفصل بين المأمومين كما في الحلبي
قوله ( فسدت صلاة ثلاثة خلفهن ) أي وواحد عن يمينهن وآخر عن يسارهن
قوله ( وقيل الثلاث صف ) كما إذا كان الصف تاما وأطلق الكلام فشمل ما إذا كان بين النساء والمقتدي حائل أولا كما يأتي في مسئلة المحاذاة إن شاء الله تعالى
قوله ( اثنين خلفهما فقط ) أي ولا يتجاوز الفساد إلى ما بعد فلا ينافي فساد صلاة المحاذي عن يمينهما ويسارهما
قوله ( فسدت صلاة من حاذته الخ ) ولا يفسد أكثر من ذلك لأن الذي فسدت صلاته من كل جهة يكون حائلا بينها وبين الرجال
قوله ( في الصحيح ) أي هذا القول في الفرق بين النهر الصغير والكبير هو الصحيح وقيل الصغير ما تحصى شركاؤه وقيل ما يثبه القوي ويمنع النهر ولو كان في المسجد كالطريق كما في الدرر
قوله ( تمر فيه العجلة ) والمراد أن تكون صالحة لذلك لا مرورها بالفعل والعجلة بالتحريك آلة يجرها الثور والمراد بالطريق هو النافذ ذكره السيد
قوله ( وليس فيه صفوف متصلة ) اعلم أنه إذا إتصل المصلون وقاموا في الطريق فإن قام واحد في عرض الطريق وإقتدى بالإمام جاز وكره أما الجواز فلأنه لم يبق بينه وبين الإمام طريق تمر فيه العجلة وأما الكراهة فللصلاة في ممر الناس فإن قام رجل خلف هذا المقتدي وراء الطريق وإقتدى بالإمام لا يصح لأن صلاة من قام على الطريق مكروهة مع كونه غير صف فصار في حق من خلفه كالعدم ولا يعد هذا إتصالا ولو كان
____________________
(1/196)
على الطريق ثلاث جازت صلاة من خلفهم لأن الثلاث صف في بعض الروايات وعند إتصال الصفوف لا يكون الطريق حائلا ولو كان على الطريق إثنان فعلى قياس قول أبي يوسف تجوز صلاة من خلفهما لأنه جعل المثنى كالجمع وعلى قياس قول محمد لا تجوز
قوله ( يسع فيه صفين ) والفرجة بين الصفين مقدار ذراع أو ذراعين كذا في الخانية والظاهر أن هذا يعتبر من محل السجود ومحل قيام الآخرين من كل صف لأن الذراع لا يكفي في التحديد من محل قيام الصف إلى محل قيام الآخر
قوله ( على المفتي به ) وقيل ما يسع صفا واحدا والفضاء الواسع في المسجد لا يمنع وإن وسع صفوفا لأن له حكم بقعة واحدة كذا في الأشباه من الفن الثاني فلو اقتدى بالإمام في أقصى المسجد والإمام في المحراب جاز كما في الهندية
قال البزازي المسجد وإن كبر لا يمنع الفاصل فيه إلا في الجامع القديم بخوارزم فإن ربعه كان على أربعة آلاف اسطوانة وجامع القدس الشريف أعنى ما يشتمل على المساجد الثلاثة الأقصى والصحراء والبيضاء كما في الحلبي والشرح والظاهر أن ذلك لإشتباه حال الإمام على المأموم لا لاختلاف المكان ومصلى العيد كالمسجد وجعل في النوازل والخلاصة والخانية مصلى الجنازة مثل المسجد أيضا وفناء المسجد له حكم المسجد يجوز لإقتداء فيه وإن لم تكن الصفوف متصلة
قوله ( لسماع ) من الإمام أو المقتدي ومثله الرؤية وفي حاشية الدرر للمؤلف الصحيح إعتبار الإشتباه فقط وقواه في الدر بالنقل عن المعتبرات خلافا لما في الدرر والبحر وغيرهما من إشتراط عدم إختلاف المكان اه فلو إقتدى من بمنزله بمن في المسجد وإن إنفصل عنه صح إن لم يوجد مانع من نحو طريق ولم يشتبه حال الإمام وأفاد السيد جواز الإقتداء في بيت بإمام فيه ولو مع وجود فاصل يسع صفين فإن البيت في هذا كالمسجد
قوله ( أو راكبا دابة غير دابة إمامه ) واستحسن محمد جواز الصلاة إذا قربت دابته من دابة الإمام
قوله ( غير مقترنة بها ) لأن تخلل ما بينهما بمنزلة النهر وذلك مانع وظاهر هذا التعليل أن الفاصل إذا كان قليلا لا يمنع لا سيما عند عدم الإشتباه وهم قد أطلقوا المنع
قوله ( وإذا اقترنتا صح ) وانظر هل المراد بالإقتران ربطهما بنحو حبل أو المماسة بينهما مدة الصلاة ولو من غير ربط والظاهر الثاني
قوله ( وإن لا يعلم المقتدي من حال إمامه مفسدا الخ ) هذا على ما هو المعتمد أن العبرة لرأي المقتدي وعلى القول الآخر وهو أن العبرة لرأي الإمام فالإقتداء صحيح وإن عاين مفسدا بحسب زعمه أي المقتدي ذكره السيد
قوله ( كخروج دم سائل ) وكمسح دون ربع الرأس أو الوضوء من ماء مستعمل أو تحمل قدر مانع من النجاسة
قوله ( فالصحيح جواز الإقتداء ) لأنه يحتمل أنه توضأ وحسن الظن به أولى
قوله ( مع الكراهة ) ظاهر إطلاقه الكراهة هنا وفيما بعد أنها كراهة تحريم
قوله ( فلا يصح الإقتداء ) هذا محمول على ما إذا علم أنه لا يحتاط في الأركان والشروط وأما إذا علم أنه يحتاط فيهما ولا يحتاط في الواجبات كما إذا كان يترك السورة أو يزيد في التشهد الأول شيئا فإن الإقتداء صحيح مع كراهة التحريم وهل الأفضل الإقتداء أو الإنفراد الظاهر الثاني وأما إذا كان يراعي في الأركان
____________________
(1/197)
والشروط والواجبات ولا يراعي في السنن بأن كان ينقص التسبيحات في الركوع والسجود أو يجلس للإستراحة فالإقتداء صحيح مع كراهة التنزيه والإقتداء أفضل لأنه قيل بوجوبه أو افتراضه على الكفاية فلا يتركه لذلك ويعلم الحكم فيما إذا كان يراعي في الجميع إلا في المستحبات بالأولى فإن الإقتداء به صحيح وهو أفضل وعلى كل حال الإقتداء بالموافق عند التعارض أفضل وراجع تحفة الأخيار
قوله ( أولا ) بأن علم أنه لا يحتاط بالعادة ولكن في هذه الصلاة المخصوصة جهل حاله في الإحتياط
قوله ( ويكره كما في المجتبى ) قد علمت تفصيله آنفا
قوله ( على زعم الإمام ) دون المأموم
قوله ( أو حمل نجاسة قدر الدرهم ) فإنه مفسد عند الإمام الشافعي رضي الله عنه لا عندنا ولو صلى على ظن أنه محدث أو عليه نجاسة مانعة ثم تبين خلاف ذلك لا تجزئه تلك الصلاة لأن العبرة لما ظنه لا لما في نفس الأمر ويخشى عليه الكفر كما في السراج
قوله ( وهو على إعتقاد مذهبه ) أما إذا قلد مذهب المؤتم فقد اتحد معتقدهما ولا كلام فيه
قوله ( ولا نية له ) أي للمتلاعب
قوله ( فلا وجه لحمل صحة صلاته ) الأول حذف حمل ولو علم بفساد صلاة إمامه أما بشهادة عدول أنه أحدث ثم صلى مثلا وإما بإخبار منه عن نفسه ويقبل قوله إن كان عدلا تلزمه الإعادة وإن لم يكن عدلا لا يقبل لكن تستحب الإعادة كما في السراج وإذا علم مفسدا في صلاة الإمام لا يجوز له الإقتداء به إجماعا
قوله ( والخلاف الخ ) اعلم ان طهارة التيمم فيها جهة الإطلاق باعتبار عدم توقتها بخلاف طهارة المستحاضة مثلا وجهة الضرورة باعتبار أن المصير إليها الضرورة العجز عن الماء وهذا لا خلاف فيه وإنما الخلاف في التعليل فعلل محمد ههنا بجهة الضرورة لنفي جواز إقتداء المتوضىء بالمتيمم إحتياطا وهما عللا الصحة بجانب الإطلاق لأن طهارته كالطهارة بالماء من حيث ذلك وهذا الاختلاف مبني على الخلاف الذي ذكره
قوله ( وظاهر النص يدل عليه ) فإن الله تعالى قال { فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } فإنه ذكر الآلتين وجعل الخلفية بينهما
قوله ( وعند محمد بين الطهارتين ) أي واحداهما وضرورية والأخرى أصلية ولا شك أن من اشتمل على الطهارة الأصلية أقوى حالا من حال من اشتمل على الطهارة الضرورية فصار كما لو كان مع المتوضىء ماء فاقتدى بالمتيمم فإنه لا يجوز ولهما أن التيمم طهارة مطلقة أي غير مؤقتة بوقت الصلاة ولهذا لا تتقدر بقدر الحاجة
قوله ( وصح اقتداء غاسل بماسح ) لاستواء حالهما ثم الماسح على الجبيرة أولى من الماسح على الخف لأن مسحها كالغسل لما تحتها بخلاف الخف
قوله ( أو خرقة قرحة ) أي جراحة
قوله ( لا يسيل منها شيء ) فإن سال فهو معذور إن استوفى شروطه فلا يصح الاقتداء به إلا لمماثل له أو لمن هو أدنى حالا منه
قوله ( وصح اقتداء قائم بقاعد ) أي يركع ويسجد وهذا عندهما خلافا لمحمد وقوله أحوط كما في البرهان وغيره والدلائل مستوفاة في المطولات
قوله ( صلى خلف أبي بكر الخ ) فائدة زائدة وقوله ثم أتم لنفسه
____________________
(1/198)
أي لأنه مسبوق
قوله ( إتفاقا على الأصح ) يعني أن حكاية الاتفاق أصح من حكاية الخلاف ومثله يقال في نظائره
قوله ( وفي الظهيرية هو الأصح ) محمول على أنه الأصح من قولي محمد لا الأصح مطلقا لأن أكثر العلماء أخذ بقولهما وقد أوضحه السيد
قوله ( وصح إقتداء موم بمثله ) سواء كانا قائمين أو قاعدين أو مستلقين أو مضطجعين أو مختلفين وكلها جائزة في الأصح كما في النهاية بل صحح التمرتاشي الإجماع عليه
قوله ( أو المأموم مضطجعا ) أي أو كان المأموم مضطجعا والإمام قاعدا قال في الشرح لا عكسه
قالالزيلعي وهو المختار لكن في النهر عن التمرتاشي الأظهر الجواز على قولهما وكذا على قول محمد في الأصح وهو المناسب لإطلاق كلام المصنف ولا ينافيه قوله بمثله لأن المراد المثلية بالنظر لمطلق الإيماء وتمامه في السيد
قوله ( ومتنقل بمفترض ) إلا في التراويح فإن الأرجح عدم جواز الاقتداء كما في الخانية وصححه في غاية البيان لأنها شرعت على هيئة مخصوصة فيراعي وصفها الخاص للخروج عن العهدة كما في الدر والمراد أنه لا يحسب من التراويح لا أن الاقتداء يقع باطلا كما لا يخفى لا يقال أن القراءة في الآخريين فرض في حق المتنقل نقل في حق المفترض لأنا نقول صلاة المقتدي أخذت حكم صلاة الإمام بسبب الاقتداء ولهذا يلزمه أربع ركعات في الرباعية ولو لم يدركه إلا في الشفع الثاني ولهذا أشار المؤلف بقوله وصار تبعا لإمامه في القراءة
قوله ( وليس المراد الإعادة الجابرة الخ ) لأن ذلك يقتضي صحة الأول والفرض أنه باطل
قوله ( بعد ظهره ) أي بعد أداء الظهر بجماعة فسعى هو دونهم
قوله ( وعوده لسجود تلاوة بعد تفرقهم ) أي ولم يعد القعود الأخير فإنها تفسد صلاة الإمام في هذه المسائل ولا تفسد صلاة المأموم وفيها يلغز أي صلاة فسدت على الإمام ولم تفسد على المأموم
قوله ( صلى بهم ثم جاء ورأسه الخ ) الذي في سنن أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم دخل في صلاة الفجر فأومأ بيده أن مكانكم ثم جاء ورأسه يقطر ماء فصلى بهم فلما قضى الصلاة قال إنما أنا بشر مثلكم واني كنت جنبا وهذا لا يقتضي أن ذلك كان بعد شروعهم لجواز كون الذكر عقيب تكبيره بلا مهلة قبل تكبيرهم على أن الذي في مسلم
قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم حتى قام في مصلاه قبل أن يكبر قام فانصرف فالأولى الاقتصار على أثر على
قوله ( وفي الدراية الخ ) وفي مجمع الفتاوى صحح عدم الإخبار مطلقا لكونه عن خطأ معفو عنه لكن الشروح مرجحة على الفتاوى كما في الدر
قوله ( ونظيره ) أي في وجوب الأخبار ومحل ذلك إذا علم منه الامتثال وإلا فلا كما لا يخفى والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم فصل يسقط حضور الجماعة ظاهره يعم جماعة الجمعة والعيدين فيصلي الجمعة ظهرا وتسقط صلاة العيد ويحرر
قوله ( منها مطر ) في شرح المشكاة صح كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فأصابنا مطر لم يبل أسفل نعالنا
____________________
(1/199)
فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا في رحالكم
قوله ( وبرد شديد ) ألحق به المنلا علي في شرح موطأ الإمام محمد الحر الشديد
قوله ( وخوف ظالم ) أي على نفسه أو ماله أو خوف ضياع ماله أو خوف ذهاب قافله لو اشتغل بالصلاة جماعة
قوله ( وحبس معسر ) أي لو فاء دين عليه وقيد بالمعسر لأن الموسر لا يعذر في الترك
قوله ( ومظلوم ) أي وحبس مظلوم في عبارة بعضهم التصريح بأن خوف الحبس للمعسر والمظلوم من الأعذار وكلام المصنف يفيد أن الذي يعد عذرا الحبس بالفعل والأول أظهر وعليه فلا حاجة لذكر المظلوم لفهمه من قوله وخوف ظالم فإن الذي يحبس المظلوم ظالم
قوله ( وعمى ) وإن وجد الأعمى قائدا عند الأمام وقالا تجب حلبي
قال ابن أمير حاج المسطور في الكتب المشهورة أن الخلاف بينه وبينهما فيما إذا وجد قائدا فالإتفاق أي على سقوطها إذا لم يجد قائدا اه
قوله ( وفلج ) أي لا يستطيع معه المشي
قوله ( وقطع يد ورجل ) أي من خلاف وبالأولى إذا كانا من جانب واحد وكذا تسقط بقطع رجل فقط
قوله ( وسقام ) كسحاب المرض قاموس
قوله ( واقعاد ) أي كساح
قوله ( بعد إنقطاع مطر ) إنما قاله لأن التكلم على المطر قد تقدم فذكر ذلك ليعده عذرا مستقلا وبهذا تعلم ما في شرح السيد
قوله ( إذا ابتلت النعال ) أي الأراضي الصلاب في المحكم النعل القطعة الصلبة الغليظة من الأرض شبه الأكمة يبرق حصاها ولا تنبت شيئا ومنه الحديث إذا ابتلت النعال الخ
قال ابن الأسير إنما خصها بالذكر لأن أدنى بلل ينديها بخلاف الرخوة فإنها تنشف الماء وقال الأزهري في معنى الحديث يقول إذا ابتلت الأرضون الصلاب فزلقت بمن يمشي فيها فصلوا في منازلكم ولا عليكم أن تشهدوا الجماعة اه وهل هذا الحكم مخصوص بما إذا كانوا في أرض صلبة فلا تسقط إذا كانوا في رخوة أو ان المراد بذكرها دفع الحرج بالحضور فكأنه يقول إذا نزل المطر ولو قليلا بحيث تبتل منه النعال فالصلاة في الرحال أي المنازل
قوله ( وزمانه ) أي عاهه وزمن كفرح زمنا وزمنة بالضم وزمانة فهو زمن وزمين والجمع زمنون وزمني قاموس
قوله ( وشيخوخة ) مصدر شاخ يشيخ إذا استبان منه السن قاموس إي إذا صار شيخا كبيرا لا يستطيع المشي سقطت عنه الجماعة
قوله ( وتكرار فقه ) وكذا مطالعة كتبه كذا في الفتاوى
قوله ( لا نحو ولغة ) ربما يفيد هذا أن المراد بالفقه ما يعم علم العقائد والتفسير والحديث للمقابلة والذي في الدر عن الباقلاني عطفا على المسقطات وكذا اشتغاله بالفقه لا بغيره
قوله ( بجماعة تفوته ) الأولى حذفه لأن الموضوع الأعذار التي تفوت الجماعة والباء بمعنى مع أي تكراره مع جماعة ويفيد أن المكرر وحده لا يعطي هذا الحكم وليس كذلك ولم يذكره في الدر والضمير في تفوته للجماعة أي لو حضر الجماعة تفوته أخوانه الذين يطالع معهم
قوله ( ولم يداوم على تركها ) أما إذا واظب على الترك فلا يعذر ويعذر ولا تقبل شهادته إلا بتأويل بدعة الإمام أو عدم مراعاته
____________________
(1/200)
در
قوله ( تتوقه نفسه ) أي تشتاق إليه سواء كان في العشاء أو غيره
قوله ( وإرادة سفر تهيأ له ) لعل المراد التهيؤ القريب من الفعل وهو منصوب على الظرفية أي وقت التهيؤ له بأن كان مشغول البال بمصالحه
قوله ( يستضر ) أي المريض بغيبته وإلا فلا
قوله ( وإنما لكل امرىء ما نوى ) هو محل الشاهد على أحد ما قيل فيه والمعنى أن له ما نواه وان لم يعمله وروى العسكري في الأمثال والبيهقي في الشعب وقال إسناده ضعيف عن أنس يرفعه نية المؤمن أبلغ من عمله كما في المقاصد الحسنة والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في بيان الأحق بالإمامة قوله ( ولم يكن بين الحاضرين ) المراد بالبينية معنى المعية
قوله ( صاحب منزل ) أي ساكن فيه ولو بالإجارة أو بالعارية على التحقيق أما هو وذو الوظيفة فيقدمان مطلقا سواء اجتمع فيهما هذه الفضائل المذكورة أو لا فصاحب البيت والمجلس وإمام المسجد أحق بالإمامة من غيره وإن كان الغير أفقه واقرأ وأورع وأفضل منه إن شاء تقدم وإن شاء قدم من يريده وإن كان الذي يقدمه مفضولا بالنسبة إلى باقي الحاضرين لأنه سلطانه فيتصرف فيه كيف شاء ويستحب لصاحب البيت أن يأذن لمن هو أفضل
قوله ( وهو إمام المحل ) لأن صاحب الوظيفة منصوب الواقف وبتقديم غيره يفوت غرضه وشرط الواقف كنص الشارع
قوله ( ولا ذو سلطان ) فهو أولى من الجميع حتى من ساكن المنزل وصاحب الوظيفة لأن ولايته عامة
وروى البخاري أن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج وكفى به فاسقا قال في البناية هذا في الزمن الماضي لأن الولاة كانوا علماء وغالبهم كانوا صلحاء وأما في زماننا فأكثر الولاة ظلمة جهلة اه
قوله ( فالأعلم بأحكام الصلاة ) صحة وفسادا وغيرهما وهذا مراد من قال أعلمهم بالفقه وأحكام الشريعة إذ الزائد على ذلك غير محتاج إليه هنا
قوله ( الحافظ ما به سنة القراءة ) وأما حفظ مقدار الفرض فمعلوم أنه من شروط الصحة وهذه شروط كمال وفي الدر بشرط اجتنابه للفواحش الظاهرة وحفظه قدر فرض وقيل واجب وقيل سنة وقدم أبو يوسف الأقرأ لحديث ورد في ذلك والمعول عليه قولهما لأن القراءة إنما يحتاج إليها لإقامة ركن واحد والفقه يحتاج إليه لجميع الأركان والواجبات والسنن والمستحبات
قوله ( بقدم السلطان ) الظاهر أن ذلك على سبيل الوجوب لأن في تقدم غيره عليه إهانة له وارتكاب المنهي عنه في الحديث وقد علمت ما في البناية
قوله ( ولا يؤم الرجل في سلطانه ) أي في مظهر سلطنته ومحل ولايته
قوله ( على تكرمته ) بفتح التاء المثناة فوق
____________________
(1/201)
وكسر الراء الفراش ونحوه مما يبسط لصاحب المنزل ويختص به وقيل المائدة
قوله ( أي الأعلم بأحكام القراءة ) من الوقف والوصل والابتداء وكيفية أداء الحروف وما يتعلق بها كذا في مسكين والقهستاني والظاهر أن من يحكم الأداء وإن لم يعلم أحكامه في حكم العالم
قوله ( لا مجرد كثرة حفظ ) يعني جودة حفظ أو الأكثر كما
قوله ( دونه ) أي دون العالم الكامل المأخوذ من قوله أي الأعلم
قوله ( ثم الأسن ) المراد من الأسن أقدمهم إسلاما بدليل ما سبق في الحديث من قوله فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاما فلا يقدم شيخ أسلم على شاب نشأ في الإسلام نهر وفيه أنه يفوت التنبيه على مرتبة الأسن ولذا جعل بعضهم رتبة الأقدم إسلاما متقدمة على رتبة الأسن وجعلهما مرتبتين وهو حسن
قوله ( وليؤمكما أكبركما ) قاله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث ولصاحب له وهو ابن عمه حين أراد السفر ولفظه إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما وليؤمكما أكبركما متفق عليه
قوله ( أي ألفة بين الناس ) هذا تفسير باللازم فإن من حسن خلقه ألفته الناس فكثرت عليه الجماعة والمصنف تبع في تقديم حسن الخلق على حسن الوجه مواهب الرحمن وفتح القدير وعكس ذلك صاحب الخلاصة والغرر ومسكين لأن الظاهر أول ما يدرك من صفات الكمال أو لأنه كالدليل عليه لأن الظاهر عنوان الباطن
قوله ( يدل على حسن السريرة ) أي غالبا وفسره في الكافي بالأكثر صلاة بالليل وحديث من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار لم يثبته المحدثون كحديث من صلى خلف عالم تقي فكأنما صلى خلف نبي
قوله ( لأنه الخ ) الأولى زيادة الواو لصلاحيته للتعليل استقلالا
قوله ( ثم الأشرف نسبا ) قدم بعضهم عليه الأكثر حسبا والحسب شرف الآباء أو المال أو الدين أو الكرم أو الشرف في العقل أو الفعال الصالحة والحسب والكرم قد يكونان لمن لا آباء له شرفاء والشرف والمجد لا يكونان إلا بهم
قوله ( للخضوع ) فإن الخضوع يكون عند سماع الصوت الحسن فهو مما يزيد القرآن حسنا
قوله ( ثم الأنظف ثوبا ) وبخط الحموي الأفضل ثوبا وهو يرجع إلى كثرة ثمنه
قوله ( فالأحسن زوجة ) أي عنده فيرجع إلى كونه أشد حبا فيها وعبر بالأحسن مريدا به كثرة الحب للتلازم بينهما غالبا فسقط ما في الشرح من قوله ولو قيل أشدهم حبا لزوجته لكان أظهر
قوله ( فأكبرهم رأسا ) أي كبرا غير فاحش وإلا كان منفرا
قوله ( وأصغرهم عضوا ) فسره بعض المشايخ بالأصغر ذكرا لأن كبره الفاحش يدل غالبا على دناءة الأصل ويحرر ومثل ذلك لا يعلم غالبا إلا بالاطلاع أو الأخبار وهو نادر ويقال مثله في الأحسن زوجة المتقدم
قوله ( فأكثرهم مالا ) لأنه لا ينظر إلى مال غيره وتقل أشغاله في الصلاة وذلك لأن اعتبار هذا بعدما تقدم من الأوصاف كالورع فتأمل ومنه يعلم أن المراد المال الحلال
قوله ( فأكبرهم جاها ) وقدم بعضهم الأكثر حسبا على الأشرف
____________________
(1/202)
نسبا وهو يعم الأكثر مالا والأكبر جاها ويقدم الحر الأصلي على العتيق
فائدة لا يقدم أحد في التزاحم إلا بمرجح ومنه السبق إلى الدرس والإفتاء والدعوى فإن استووا في المجيء أقرع بينهم در عن الأشباه
قال وفي محاسن القراء لابن وهبان وقيل إن لم يكن للشيخ معلوم جاز أن يقدم من شاء وأكثر مشايخنا على تقديم الأسبق وأول من سنه ابن كثير اه
قوله ( فالعبرة بما اختاره الأكثر ) قال في شرح المشكاة لعله محمول على الأكثر من العلماء إذا وجدوا وإلا فلا عبرة لكثرة الجاهلين قال تعالى { ولكن أكثرهم لا يعلمون } الزمر 93
قوله ( أو كانوا أحق بالإمامة منه يكره ) قال الحلبي وينبغي أن تكون الكراهة تحريمية لخبر أبي داود ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة وعد منهم من تقدم قوما وهم له كارهون
قوله ( يكره العالم والصالح ) يصح رجوع كل إلى كل
قوله ( فإنهم وفدكم ) الوفد مصدر وفد بمعنى قدم وورد والوافد السابق من الإبل قاموس وفي الشرح الوفود القوم يفدون إلى الملك بالحاجة والإرسال اه
فالوفد بمعنى الوافد أي السابق والمعنى أنهم السابقون إلى الله تعالى ليحصل لهم مآربهم فيشفعون لكم أو بمعنى الوفود أي الرسل بينكم وبين ربكم والكلام على التشبيه
قوله ( وكره إمامة العبد ) وكذا المعتق كما في الدر لغلبة الجهل وأفاد الحموي أن كراهة الإقتداء بالعبد وما عطف عليه تنزيهية أن وجد غيرهم وإلا فلا اه من شرح السيد وسيأتي ما يفيد أن إمامة الفاسق مكروهة تحريما
قوله ( إن لم يكن عالما تقيا ) أشار به إلى أن الكراهة في العبيد لا لذاتهم بل لأنهم لاشتغالهم بخدمة المولى لا يتفرغون للعلم فيغلب عليهم الجهل ولندرة التقوى في العبيد فلو انتفى ذلك بأن كان عالما تقيا فلا كراة
قوله ( لعدم إهتدائه إلخ ) هذا يقتضي كراهة إمامة الأعشى نهر وهو الذي لا يبصر ليلا
قوله ( وصون ثيابه ) عطف على اهتدائه أي ولعدم صونه ثيابه الخ
قوله ( فلا كراهة ) لاستخلاف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم وعتبان بن مالك على المدينة حين خرج إلى غزوة تبوك وكانا أعمين
قوله ( والأعرابي ) بفتح الهمزة نسبة إلى الأعراب وهم سكان البادية من العرب وعمم الأزهري والعرب العاربة هم الخلص منهم وهم الذين تكلموا بلغة يعرب بن قحطان وهو اللسان القديم لأنه أول من تكلم بالعربية والعرب المستعربة الذين تكلموا بلسان اسمعيل عليه السلام وهو لغة أهل الحجاز وما والاها والمراد هنا كل من سكن البادية عربيا كان أو أعجميا كالتركمان والأكراد لغلبة الجهل عليهم لبعدهم عن مجالس العلم ومن ثمة قيل أهل الكفور هم أهل القبور وهذا ظاهر في كراهة العامي الذي لا علم عنده كما في البحر والنهر وحكى أن أعرابيا إقتدى بإمام فقرأ الإمام آية الأعراب أشد كفرا ونفاقا فضربه الأعرابي وشج رأسه ثم اقتدى به بعد مدة فرآه الإمام فقرأ آية ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم إلا آخر فقال الإعرابي الآن نفعك العصا كذا في غاية البيان
قوله ( وولد الزنا ) لأنه ليس له أب يعلمه فيغلب عليه الجهل فلو كان عنده علم لا كراهة واختار العيني التعليل بنفرة الناس عنه لكونه متهما وأقره في النهر وعليه فينبغي
____________________
(1/203)
ثبوت الكراهة مطلقا إن لم يكن جاهلا
قوله ( فلذا قيده إلخ ) أي لأجل ما قيد به في قوله عالما وفي الأعمى بقوله وإن لم يوجد أفضل منه فلا كراهة وفي الأعرابي بقوله الجاهل
وفي ولد الزنا بقوله الذي لا علم عنده وفيه تأمل بالنظر للأعمى
قوله ( إذ لو كان ) أي أحد من ذكر
قوله ( فالحكم بالضد ) فالكراهة في تقديم الحضري والحر وولد الرشد والبصير لجههلم لأن إمامة الجاهل مكروهة كيفما كان لعدم علمه بأحكام الصلاة
قوله ( ولذا كره إمامة الفاسق ) أي لما ذكر من قوله حتى إذا كان الأعرابي الخ فكراهته لأفضلية غيره عليه والمراد الفاسق بالجارحة لا بالعقيدة لأن ذا سيذكر بالمبتدع والفسق لغة خروج عن الاستقامة وهو معنى قولهم خروج الشيء عن الشيء على وجه الفساد وشرعا خروج عن طاعة الله تعالى بارتكاب كبيرة قال القهستاني أي أو إصرار على صغيرة وينبغي أن يراد بلا تأويل وإلا فيشكل بالبغاة وذلك كتمام ومراء وشارب خمر اه
قوله ( فتجب إهانته شرعا فلا يعظم بتقديمه للإمامة ) تبع فيه الزيلعي ومفاده كون الكراهة في الفاسق تحريمية
قوله ( من علم ) كمنكر الرؤية أو عمل كمن يؤذن بحي على خير العمل أو حال كأن يسكت معتقدا أن مطلق السكوت قربة
قوله ( بنوع شبهة أو استحسان ) وجعله دينا قويما وصراطا مستقيما وهو متعلق بقوله بارتكاب
قوله ( والصحيح ) أي عنهما
قوله ( خلف من لا تكفره بدعته ) فلا تجوز الصلاة خلف من ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أو الكرام الكاتبين أو الرؤية لأنه كافر وان قال لا يرى لجلاله وعظمته فهو مبتدع والمشبه كأن قال لله يد أو رجل كالعباد كافر وإن قال هو جسم لا كالأجسام فهو مبتدع وإن أنكر خلافة الصديق كفر كمن أنكر الإسراء لا المعراج وألحق في الفتح عمر بالصديق في هذا الحكم وألحق في البرهان عثمان بهما أيضا ولا تجوز الصلاة خلف منكر المسح على الخفين أو صحبة الصديق أو من يسب الشيخين أو يقذف الصديقة ولا خلف من أنكر بعض ما علم من الدين ضرورة لكفره ولا يلتفت إلى تأوله واجتهاده وتجوز خلف من يفضل عليا على غيره
قوله ( يكون محرزا ثواب الجماعة ) أي مع الكراهة ان وجد غيرهم وإلا فلا كراهة كما في البحر بحثا وفي السراج هل الأفضل أن يصلي خلف هؤلاء أم الأنفراد قيل أما في الفاسق فالصلاة خلفه أولى وهذا إنما يظهر على أن إمامته مكروهة تنزيها أما على القول بكراهة التحريم فلا وأما الآخرون فيمكن أن يقال الانفراد أولى لجهلهم بشروط الصلاة ويمكن إجراؤهم على قياس الصلاة خلف الفاسق وجزم في البحر بإن الاقتداء بهم أفضل من الإنفراد وتكره الصلاة خلف أمرد وسفيه ومفلوج وأبرص شاع برصه ومراء ومتصنع ومجذوم ولا خلف من أم بأجرة على ما أفتى به المتأخرون أفاد السيد وقال البدر العيني يجوز الاقتداء بالمخالف وكل بر وفاجر ما لم يكن مبتدعا بدعة يكفر بها وما لم يتحقق من إمامه مفسدا لصلاته في إعتقاده اه وإذا لم يجد غير المخالف فلا كراهة في الاقتداء به والاقتداء به أولى من الإنفراد على أن
____________________
(1/204)
الكراهة لا تنافي الثواب أفاده العلامة نوح
قوله ( تطويل الصلاة ) بقراءة أو تسبيح أو غيرهما رضي القوم أم لا لإطلاق الأمر بالتخفيف
قوله ( من أم فليخفف ) ذكر الشيخ في كبيره حديث يا أيها الناس إن منكم منفرين من صلى بالناس فليخفف فإن منهم الكبير والضعيف وذا الحاجة رواه الشيخان وهذا يفيد أن الإمام يترك القدر المسنون مراعاة لحال القوم اه يؤيده ما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بالمعوذتين في الفجر فلما فرغ قالوا له أوجزت قال سمعت بكاء صبي فخشيت أن تفتن أمه
قوله ( وجماعة العراة ) أي تكره جماعة العراة تحريما للزوم أحد المحظورين وهو إما ترك واجب التقدم أو زيادة الكشف والأفضل صلاتهم منفردين قعودا بالإيماء متباعدين عن بعض لئلا يقع بصرهم على عورة بعض كما أن الأفضل لهم إن صلوا جماعة أن يصلوا قعودا بالإيماء
قوله ( وكره جماعة النساء ) تحريما للزوم أحد المحظورين قيام الإمام في الصف الأول وهو مكروه أو تقدم الإمام وهو أيضا مكروه في حقهن سيد عن الدرر ولو أمهن رجل فلا كراهة إلا أن يكون في بيت ليس معهن فيه رجل أو محرم من الإمام أو زوجته فإن كان واحد ممن ذكر معهن فلا كراهة كما لو كان في المسجد مطلقا
قوله ( ولا يحضرون الجماعات ) لقوله صلى الله عليه وسلم صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها اه فالأفضل لها ما كان أستر لها لا فرق بين الفرائض وغيرها كالتراويح إلا صلاة الجنازة فلا تكره جماعتهن فيها لأنها لم تشرع مكررة فلو انفردت تفوتهن ولو أمت المرأة في صلاة الجنازة رجالا لا تعاد لسقوط الفرض بصلاتها
قوله ( والمخالفة ) أي مخالفة الأمر لأن الله تعالى أمرهن بالقرار في البيوت فقال تعالى { وقرن في بيوتكن } الأحزاب 33 وقال صلى الله عليه وسلم بيوتهن خير لهن لو كن يعلمن
قوله ( يجب أن يقف الخ ) والخنثى إذا أم يجب تقدمه ونقل الحموي عن الخزانة أن تقدم الإمام منهن جائز
قوله ( والإمام من يؤتم به ) هذا جواب عن عدم تأنيث الإمام في المصنف
قوله ( ما بين طرفي الشيء ) أي فلا يكون إلا إذا كان متوسطا
قوله ( وبالسكون لما يبين بعضه عن بعض ) ولا يشترط فيه الوسط والمقابلة في كلامه ليست على ما ينبغي لأن المناسب أن يقول في الثاني وبالسكون لما كان داخل الشيء أو يقول في الأول والوسط بالتحريك اسم لما يبين بعضه عن بعض وبالسكون ما بين طرفي الشيء وفي السيد عن الصحاح كل موضع صلح فيه بين فبالتسكين كجسلت وسط القوم وإلا فبالتحريك كجلست وسط الدار وربما سكن وليس بالوجه اه وقيل كل منهما يقع موقع الآخر
قال ابن الأثير وكأنه الأشبه نهر اه
قوله ( ويمد كل منهم رجليه ) كذا في الذخيرة والأولى ما في منية المصلى من قوله يقعد كما في الصلاة فعلى هذا الرجل يفترش وهي تتورك لأنه يحصل به من المبالغة في الستر ما لا يحصل في الهيئة المذكورة مع خلو هذه الهيئة عن مد الرجل إلى القبلة من غير ضرورة بحر ونهر اه ذكره السيد
قوله ( ويقف الواحد ) أما الواحدة فتتأخر إلا إذا اقتدت بمثلها وإذا
____________________
(1/205)
اقتدت مع رجل أقامه عن يمينه وأقامها خلفه
قوله ( متأخرا بعقبه ) في كلامه تعارض والذي في شروح الهداية والقدوري والكنز والبرهان والقهستاني أنه يقف مساويا له بدون تقدم وبدون تأخر من غير فرجة في ظاهر الرواية وهذا إذا كان قبل الصلاة فإن كان فيها أشار إليه بيده ليحاذيه
قوله ( في الصحيح ) راجع إلى قوله وكذا خلفه فقط ولذا فصله بقوله وكذا وعن محمد أنه يضع أصابعه عند عقب الإمام
قوله ( لحديث ابن عباس الخ ) في الحديث دلالة على جواز صلاة النافلة بالجماعة وإن العمل القليل لا يبطل الصلاة وأنه لا يجوز تقدم المأموم على الإمام لأن النبي صلى الله عليه وسلم أداره من وراء ظهره وكانت إدارته من بين يديه أيسر وأنه يجوز الصلاة خلفه وإن لم ينو الإمامة لأن النبي صلى الله عليه وسلم شرع في صلاته منفردا ثم ائتم به ابن عباس وأن صلاة الصبي صحيحة وأن له موقفا من الإمام كالبالغ وأنه ينبغي للإمام إرشاد المأموم إلى السنة كذا في شروح الحديث
قوله ( ويقف الأكثر من واحد ) صادق بالاثنين وكيفيته أن يقف واحد بحذائه والآخر عن يمينه ولو جاء واحد وقف عن يسار الأول الذي هو بحذاء الإمام فيصير الإمام متوسطا ويقف الرابع عن يمين الواقف الذي هو عن يمين من بحذاء الإمام والخامس عن يسار الثالث وهكذا فإذا استوى الجانبان يقوم الجائي عن جهة اليمين وأن ترجح اليمين يقوم عن يسار قهستاني وفي العتابية لو قام الإمام وسط القوم أو قاموا هم عن يمينه أو عن يساره أساؤا اه وفي الفتح عن الدراية ولو قام واحد بجنب الإمام وخلفه صف كره إجماعا وروي عن الإمام أنه قال أكره للإمام أن يقوم بين الساريتين أو في زاوية أو ناحية المسجد أو إلى سارية لأنه خلاف عمل الأمة والصف الأول أفضل إلا إذا خاف ايذاء أحد
قوله ( واليتيم ) هو ضميرة بن أبي ضميرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل اليتيم أخو أنس لأمه واسمه عمير بن أبي طلحة
قوله ( وما ورد من القيام بينهما ) أي عن ابن مسعود فإنه صلى بعلقمة والأسود ووقف بينهما وقال هكذا صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
قوله ( فهو دليل الإباحة ) استشكل هذا الجمع بأن الإباحة تقتضي استواء الطرفين وهو ينافي أفضلية أحدهما ولذا ارتضى الكمال أن حديثه منسوخ ولذا قال الحازمي حديث ابن مسعود منسوخ لأنه إنما تعلم هذه الصلاة بمكة إذ فيها التطبيق أي تطبيق اليدين وجعلهما بين فخذيه عند القيام وأحكام أخرى هي الآن متروكة وهذا من جملها ولما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة تركه وغاية ما فيه خفاء الناسخ على عبدالله بن مسعود وليس ببعيد وفي السيد وان كثر القوم كره قيام الإمام وسطهم تحريما لترك الواجب وتمامه فيه ولا تنس ما مر عن العتابية
قوله ( ويصف الرجال ) ولو عبيدا حموي
قوله ( ليلني الخ ) هو بكسر اللامين وتخفيف النون من غير ياء قبل النون ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التوكيد قاله النووي في شرح مسلم من ولي يلي وليا وهو القرب وأمر الغائب ليل لأن الياء تسقط للأمر وأمر الحاضر ل مثل ق بناية والأحلام جمع حلم بضم الحاء واللام وهو ما يراه النائم أريد به البالغون مجازا لأن الحلم سبب البلوغ والنهي جمع نهية بضم النون فيهما وهو العقل الناهي عن القبايح
قوله ( فيأمرهم الإمام بذلك ) تفريع على الحديث الدال على طلب الموالاة واسم الإشارة راجع إليها ويأمرهم أيضا بأن يتراصوا ويسدوا الخلل ويستووا مناكبهم وصدورهم كما في الدر عن الشمني وفي الفتح ومن سنن الصف التراص فيه والمقاربة
____________________
(1/206)
بين الصف والصف والاستواء فيه
قوله ( استووا ) أي في الصف
قوله ( تستو ) بحدف الياء جواب الأمر وهذا سر علمه الشارع صلى الله عليه وسلم كما علم أن اختلاف الصف يقتضي اختلاف القلوب
قوله ( أقيموا الصفوف ) أي عدلوهها
قوله ( وحاذوا بين المناكب ) ورد كأن أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه
قوله ( وسدوا الخلل ) أي الفرج روى البزار بإسناد حسن عنه صلى الله عليه وسلم من سد فرجة في الصف غفر له
قوله ( ولينوا بأيديكم إخوانكم ) هكذا في الشرح وهو يقتضي قراءة لينوا بالتشديد أمر للداخل في الصف أن يضع يده ليلين صاحبه له والذي في رواية الإمام أحمد وأبي داود عن أبي عمر ولينوا بأيدي إخوانكم وعليه فيقرأ بالتخفيف أمر لمن في الصف أن يلين لأخيه إذا وضع يده على منكبه ليدخل في الصف والباء للسببية أي بسبب وضع أيدي إخوانكم
قوله ( لا تذروا فرجات للشيطان ) روي ان الشيطان يدخل الفرجة للوسوسة
قوله ( وصله الله ) خير أو دعاء له بوصله بالخير
قوله ( ومن قطع صفا قطعه الله ) المراد من قطع الصف كما في المناوي أن يكون فيه فيخرج لغير حاجة أو يأتي إلى صف ويترك بينه وبين من في الصف فرجة
قال ولا يبعد أن يراد بقطع الصف ما يشمل ما لو صلى في الثاني مثلا مع وجود فرجة في الصف الأول اه
قوله ( وبهذا يعلم الخ ) أي بقول صلى الله عليه وسلم ولينوا بأيديكم إخوانكم
قوله ( على ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ) أي من إدراك للفضيلة بسد الفرجات وهذا الكلام للكمال أقره في البحر
قال المحقق الكمال والأحاديث في هذا شهيرة كثيرة اه
قوله ( لتركهم سد الأول ) أي فلا حرمة لهم لتقصيرهم بحر عن القنية
قوله ( ولو كان الصف منتظما الخ ) الأصح أنه ينتظر إلى الرجوع فإن جاء رجل وإلا جذب إليه رجلا أو دخل في الصف والقيام وحده أولى في زماننا لغلبة الجهل فلعل إذا جره تفسد صلاته وقيل إن رأى من لا يتأذى بجذبه لصداقة أو دين زاحمه أو عالما جذبه قالوا لو جاء واحد والصف ملآن يجذب واحدا منه ليكون معه صفا آخر وينبغي لذلك الواحد أن لا يجيبه فتنتفي الكراهة عن هذا أي الجائي لأنه فعل وسعه
قوله ( وهذه ترد ) أي هذه المسألة وهو قوله جذب عالما الخ لأن تأخره للمجذوب بقدر ما يقف مع الجاذب أقوى وأكثر فعلا من مجرد تليين منكبه وتفسيحه للداخل بجنبه أو تقدمه خطوة أو خطوتين
قوله ( القول بفساد الخ ) ذكره في مجمع الروايات وكتاب المتجانس معللا له بأنه امتثل أمر غير الله تعالى في الصلاة قال وينبغي أن يمكث ساعة ثم يتأخر ورد بأنه تعليل في مقابلة النص وليس فيه عمل كثير ومجرد الحركة الواحدة كالحركتين لا تفسد به الصلاة وامتثاله إنما هو لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يضر وقوله وأفضل الصفوف أولها أي في غير جنازة لما روي أن الله وملائكته يصلون على الصف الأول وقال في القنية القيام في الصف الأول أفضل من الصف الثاني والثاني أفضل من الثالث وهكذا وهذا أيضا في حق الرجال وأما في حق النساء فأفضلها آخرها كما ورد في الحديث
قوله ( ثم إلى الميامن ثم إلى المياسر ) أي من الصف الأول وجمعه باعتبار أن كل واحد من القائمين في ميمنة وميسرة
قوله ( وللذي في سائر الصفوف خمسة وعشرون صلاة ) الذي في عبارة غيره خمس بدون تاء هنا وفي الذي قبله وهو الموافق للقواعد النحوية ثم الظاهر أنه بيان لأقل المضاعفة وإلا فقد تقدم أنه بكل واحد من الجماعة تزاد صلاة على هذه المضاعفة
قوله ( ثم يصف
____________________
(1/207)
الصبيان ) بكسر الصاد والضم لغة
قوله ( لقول أبي مالك الخ ) لم يذكر الخنائي فيه لندرة وجودهن
قوله ( يقوم الصبي الخ ) ولو كان مع رجل تقدمهما الإمام بخلاف المرأة فلا بد من تأخرها
قوله ( ثم الخناش ) بالفتح كحبالى ويجمع على خناث كأناس قاموس وهو ماله آلة الرجال والنساء جميعا قهستاني أو فاقدهما معا
قوله ( لأنه ) أي الخنثى المشكل علة لقوله ثم الخناش المقتضى تأخره عن الصبيان
قوله ( وهو معامل بالأضر في أحوال ) فيقدم على النساء لاحتمال ذكورته ويؤخر عن الرجال لاحتمال أنوثته ولا يجعلون صفين لاحتمال أنوثة المتقدم وذكورة المتأخر ولا يتحاذون لاحتمال الذكورة والأنوثة وتقدم أنه ينويه الإمام وإلا لا تصح صلاته
قوله ( وإلا فهن ممنوعات عن حضور الجماعات ) مطلقا ولو كن عجائز قال في زاد الفقير وعلى هذا الترتيب وضع جنائزهم يعني للصلاة عليهم فيكون الأفضل مما يلي الإمام ومن دونه مما يلي القبلة وفي القبر بالعكس توضع الرجال مما يلي القبلة ثم سائرهم ويجعل بين كل واحد والآخر حاجز من تراب أو رمل قال شارحه ليصير بمثابة قبرين قال وهذا عند الضرورة وإلا فالأفضل وضع كل في قبر على حدة والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل فيما يفعله المقتدي اعلم ان المقتدي ثلاثة أقسام مدرك ولاحق ومسبوق فالمدرك من صلى الركعات كلها مع الإمام واللاحق هو من دخل معه وفاته كلها أو بعضها بأن عرض له نوم أو غفلة أو زحمة أو سبق حدث أو كان مقيما خلف مسافر وحكمه كمؤتم حقيقة فلا يأتي فيما يقضي بقراءة ولا سهو ولا يتغير فرضه أربعا بنية الإقامة ويبدأ بقضاء ما فاته ثم يتبع إمامه إن أمكنه أن يدركه بعد ذلك فيسلم معه وإلا تابعه ولا يشتغل بالقضاء حتى يفرغ الإمام من صلاته ولا يسجد مع الإمام لسهو الإمام بل يقوم للقضاء ثم يسجد عن ذلك بعد الختم ولا يقعد عن الثانية إذا لم يقعد الإمام ولا يقتدي به فإن كان مسبوقا أيضا فقام للقضاء فإنه يصلي أولا ما نام فيه مثلا بلا قراءة ثم يصلي ما سبق به بها ولو عكس صح عندنا خلافا الزفر وأثم لترك الترتيب كما في الفتح وغيره والمسبوق هو من سبقه الإمام بكلها أو بعضها وحكمه أنه يقضي أول صلاته في حق القراءة وآخرها في حق القعدة وهو منفرد فيما يقضيه إلا في أربع لا يجوز اقتداؤه ولا الاقتداء به ويأتي بتكبيرات التشريق إجماعا ولو كبر ينوي الاستئناف للصلاة يصير مستأنفا ولو قام لقضاء ما سبق به وسجد أمامه لسهو تابعه فيه إن لم يقيد الركعة بسجدة فإن لم يتابعه سجد في آخر صلاته
قوله ( وغيره ) عطف على قوله ما يفعله أي وما لا يفعله كما لو رفع الإمام رأسه قبل تسبيح المقتدي ثلاثا فإنه لا يتمها ويحتمل غير ذلك
قوله ( أو تكلم ) فالكلام منه كالسلام بخلاف الحدث العمد فمسد
قوله ( يتمه ) أي على قولهما وقال محمد لا يتمه لخروجه من الصلاة بسلام إمامه أفاده السيد
قوله ( لبقاء حرمة الصلاة ) أي في حق المأموم
قوله ( وأما إن أحدث الإمام عمدا ) احترز بالعمد عما لو سبقه حدث بعد التشهد فإنه يذهب يتوضأ ويسلم ويستخلف من يسلم بالقوم
قوله ( فلا يبنى على فاسد ) فليس عليه أن يسلم وإن سلم لا يصادف محلا
قوله ( لكن يجب إعادتها ) أي ما دام الوقت باقيا كما في كثير من الكتب ذكره السيد
قوله ( وإذا لم يجلس ) أفاد بذكر الجلوس ان العبرة له لا لقراءة التشهد وان لزم بتركه كراهة التحريم
قوله ( ولو قام الإمام إلى الثالثة ) لما ذكر السلام في
____________________
(1/208)
الأخيرة ذكر القيام في العقدة الأولى وكان الأولى عكس ما ذكره
قوله ( وإن لم يتمه جاز ) لتعارض واجبين فمتخير بينهما وهذا هو المشهور في المذهب
قوله ( يتمه ) أي وجوبا
قوله ( لا يفوته في الحقيقة ) أي وإنما يفوته مقارنة الإمام فيه
قوله ( ومعارضة واجب آخر ) وهو المقارنة في المتابعة
قوله ( لاتيانه به ) أي بالواجب الآخر
قوله ( بعده ) أي بعد فعل ما هو فيه من الواجب
قوله ( أشار إليه ) أي إلى ما أفاده التعليل من أنه يترك السنة ولا يؤخر واجب المتابعة
قوله ( لأن من أهل العلم الخ ) قد مر أنه أبو مطيع البلخي تلميذ الإمام وحجته الأمر بها في الحديث
قوله ( ولو زاد الإمام سجدة ) في أي ركعة كانت
قوله ( لا يتبعه المؤتم ) المناسب أن يزيد هنا ما ذكره بعد من قوله وسبح ليتنبه إمامه وكما لا يتبعه فيما ذكر لا يتبعه في تكبيرات العيد لو زاد على أقاويل الصحابة إذا سمعه من الإمام ولو سمع من المقتدى تابعه لاحتمال خطأ منه فيما زاده من التكبير ولا يتبعه أيضا لو زاد خامسة في صلاة الجنازة
قوله ( فيما ليس من صلاته ) أشار به إلى العلة في عدم الاتباع وهي أن الذي أتى به الإمام ليس من الصلاة أي ليس من أصل الصلاة وبه صرح في الشرح
قوله ( ساهيا ) ولو كان عامدا فله أن يعود أيضا ما لم يقيد بسجدة ولا تفسد الصلاة مع الكراهة لأن زيادة ما دون الركعة لا تفسد الصلاة
قوله ( قبل أن يقيد ) وكذا إذا سلم بعده وإنما نص على المتوهم
قوله ( بركن القعود ) الإضافة بيانية
قوله ( بتقييد الإمام الزائدة ) فتفسد على الإمام والمؤتم
قوله ( وكره سلام المقتدي الخ ) أي تحريما للنهي عن الاختلاف على الإمام إلا أن يكون القيام لضرورة صون صلاته عن الفساد كخوف حدث لو انتظر السلام وخروج وقت فجر وجمعة وعيد ومعذور وتمام مدة مسح ومرور مار بين يديه فلا يكره حينئذ أن يقوم بعد القعود قدر التشهد قبل السلام
قوله ( لوجود فرض القعود ) الأولى تأخيره بعد قوله وصحت صلاته
قوله ( لتركه المتابعة ) علة لقوله وكره وأفاد به أن الكراهة تحريمية
قوله ( وبطلت صلاة الإمام ) أي بوجود ما ذكر
قوله ( على المرجوح ) وهو القول بأن الخروج بالصنع فرض
قوله ( وعلى الصحيح ) أي من عدم افتراض الخروج بالصنع
قوله ( كما سنذكره ) أي في المسائل الأثنى عشرية إن شاء الله تعالى والله عز وجل أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في صفة الأذكار قوله ( وغيره ) أي غير ما ذكر أو غير الفضل كبيان التحول ورفع الأيدي عند الدعاء ومسح الوجه بهما
قوله ( متصلا بالفرض ) المراد بالوصل أن لا يفصل بغير ما سيأتي فلا ينافي قوله غير أنه يستحب الخ ولم يتكلم على الفصل بين السنن كما إذا صلى سنة الظهر مثلا البعدية أربعا وفصل بينها بسلام والظاهر استحباب عدم الفصل بشيء أصلا وحرره نقلا
قوله ( كما كان عليه السلام الخ ) الكاف للتعليل أي لكونه صلى الله عليه وسلم كان يمكث الخ
قوله ( اللهم أنت السلام ) أي ذو السلامة من كل نقص فهو اسم مصدر أخبر به للمبالغة
قوله ( ومنك السلام ) أي والسلامة من كل شر حاصلة منك لا من غيرك
قوله ( واليك يعود السلام ) قال في شرح المشكاة
____________________
(1/209)
عن الجزري وأما ما يزاد بعد قوله ومنك السلام من نحو وإليك يرجع السلام فحينا ربنا بالسلام وأدخلنا دار السلام فلا أصل له بل مختلق بعض القصاص اه ويؤيد ذلك ما ذكره المؤلف بعد من رواية مسلم
قوله ( تباركت ) أي كثر خيرك
قوله ( يا ذا الجلال ) أي العظمة وهو جامع لجميع الفضائل
قوله ( والإكرام ) أي الإنعام وهو إسداء النعم وهو جامع لجميع الفواضل وفي رواية عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقعد إلا مقدار ما يقول اللهم أنت السلام الخ وهي تفيد كالذي ذكره المؤلف أنه ليس المراد أنه كان يقول ذلك بعينه بل كان يقعد زمانا يسع ذلك المقدار ونحوه من القول تقريبا فلا ينافي ما في الصحيحين عن المغيرة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد وهذا لا ينافي ما في مسلم عن عبد الله بن الزبير كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من صلاته قال بصوته الأعلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ولا نعبد إلا إياه وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخصلين له الدين ولو كره الكافرون لأن المقدار المذكور من حيث التقريب دون التحديد قد يسع كل واحد من هذه الأذكار لعدم التفاوت الكثير بينها ويستفاد من الحديث الأخير جواز رفع الصوت بالذكر والتكبير عقب المكتوبات بل من السلف من قال باستحبابه وجزم به ابن حزم من المتأخرين
قوله ( التي تؤخر عنه السنة ) الأولى الاقتصار على الجملة الثانية
قوله ( قلت ولعل المراد الخ ) أقول لعل ذلك لم يقو قوة الحديث المتقدم فلذا لم ينص عليه أهل المذهب والخير في الاتباع
قوله ( بعد المغرب ) إنما خصها لأن السنة تعقبها وإلا فقد ورد في الفجر مثل ذلك
قوله ( والمعوذات ) فيه تغليب المعوذتين على الصمدية ومن ثمرات ذلك إلا من الفتن والبلاء إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام وتكفير جميع الذنوب كما ذكره الأجهوري في فضائل رمضان
واعلم أن محل الكلام السابق فيما إذا صلى السنة في المسجد مثلا أما إذا أراد الانتقال إلى البيت لفعلها فلا يكره الفصل وإن زاد على القدر المسنون
قوله ( ويخالفه الخ ) تنتفي المخالفة بحمل الكراهة المذكورة في الاختيار على التنزيهية وهي معنى قول الحلواني لا بأس لأنها تستعمل فيما خلافه أولى منه أو يحمل ما في الاختيار على كراهة التحريم ويحمل على الأدعية الطويلة وحينئذ يكون ما قاله الحلواني محمولا على الفصل بنحو اللهم أنت السلام ولا بأس مستعملة في مطلق الجواز
قوله ( والدعاء ) هذا لا ينافي الإتيان باللهم أنت السلام الخ لأنه ليس دعاء بل ثناء إلا أن يراد بالدعاء ما يعم الذكر أو هو بالنظر إلى قوله فحينا الخ دعاء على ما فيه
قوله ( وعن عائشة الخ ) هو من جملة ما في
____________________
(1/210)
الاختيار كما يفيده كلامه في كبيره وحينئذ فتحمل الكراهة على الإتيان بما هو أزيد من ذلك أو المراد بالدعاء حقيقته وهو أحد الاحتمالين السابقين
قوله ( بما ليس من توابع الصلاة ) كأكل وشرب
قوله ( وقد أشرنا الخ ) لا تفهم تلك الإشارة مما سبق لأن ما سبق في الفصل بالأوراد وهذا في الفصل بالكلام الكثير ولا يفهم حكم أحدهما من الآخر
قوله ( إلى أنه إذا تكلم الخ ) مثل ذلك ما إذا أخر السنة إلى آخر الوقت على الأصح وقيل لا تكون سنة وظاهر كلامه يعم القبلية والبعدية والأفضل الوصل فيهما
قوله ( أداؤها فيما هو أبعد من الرياء ) أي ما عدا التراويح فإن الأفضل فيها المسجد أفاده الشرح وما عدا تحية المسجد
قوله ( وأجمع للخلوص ) أي أكثر إخلاصا وهو أعم مما قبله
قوله ( أو غيره ) أو بمعنى الواو لأن التسوية لا تقع إلا بين متعدد وأو لأحد الشيئين أو الأشياء وفي نسخ بالواو
قوله ( لأن لليمين فضلا ) هذا علة لمحذوف أي وإنما اختير يمين القبلة عن يسارها وإن كان جائزا الآن الخ
قوله ( ولدفع الاشتباه الخ ) هذه العلة لأصل التحول لا لكونه لجهة اليمين فالأولى ذكرها عند قوله أن يتحول
قوله ( وكذلك للقوم ) أي وكذلك يستحب للقوم وهو عطف على قوله ويستحب للإمام ودليله ما روى أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة يعني في السبحة رواه أبو داود وابن ماجه وقال بعض مشايخنا لا حرج عليهم في ترك الانتقال لانعدام الاشتباه على الداخل عند معاينة فراغ مكان الإمام عنه
قوله ( لما روي أن مكان المصلى الخ ) روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا يومئذ تحدث أخبارها قال أتدرون ما أخبارها قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها تقول عمل كذا في كذا رواه الترمذي وقال حسن صحيح ونقل القرطبي في تفسير قوله تعالى { فما بكت عليهم السماء والأرض } عن علي وابن عباس رضي الله عنهما أنه يبكي على المؤمن مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء وتقدير الآية على هذا فما بكت عليهم مصاعد أعمالهم من السماء ولا مواضع عبادتهم من الأرض اه ومن هنا قال عطاء الخراساني ما من عبد يسجد لله تعالى سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت اه ابن أمير حاج ملخصا
قوله ( ويستحب أن يستقبل بعدها إلخ ) سواء كان الجماعة عشرة أو أقل خلافا لمن فصل وروي في ذلك حديثا موضوا و صنيعه كغير يفيد أن الإمام مخير بعد الفراغ من التطوع أو المكتوبة إذا لم يكن بعدها تطوع إن شاء انحرف عن يمينه وإن شاء عن يساره وإن شاء ذهب إلى حوائجه وإن شاء استقبل الناس بوجهه واعلم ان هذه الأربعة غير التحول للتطوع لأنه يفعلها بعده فتأمل
قوله ( إن لم يكن في مقابلة مصل ) فإن كان يكره لما في الصحيحين كره عثمان رضي الله عنه أن
____________________
(1/211)
يستقبل الرجل وهو يصل وحكاه عياض عن عامة العلماء ولم يفصل بين ما إذا كان المصلي في الصف الأول أو الأخير وهو ظاهر المذهب وإن كان بينهما صفوف لأن جلوس الإمام مستقبلا له وإن كان بعيدا عنه بمنزلة جلوسه بين يديه قالابن أمير حاج والذي يظهر أنه إذا كان بين الإمام والمصلى بحذائه رجل جالس ظهره إلى وجه المصلي أنه لا يكره للإمام استقبال القوم لأنه في هذه الحالة لا يكره المرور قدام المصلي لحيلولة ذلك الرجل بينه وبين المصلي فكذا هنا يكون حائلا لاستقبال من وراءه
قال ولعل محمدا رحمه الله تعالى إنما لم يذكر هذا القيد للعلم به
قوله ( والأمر للإباحة ) أصل هذا الكلام للحلبي وتمامه فيه وكونه في الجمعة لا ينافي كونه في غيرها بل يثبته بطريق الدلالة
قوله ( في دبر كل صلاة الخ ) صنيع المصنف يقتضي أن المراد كل صلاة من المفروضات
قوله ( وإن كان فر من الزحف ) أي من صف القتال المطلوب شرعا كقتل الكفار وأطلق زحفا على زاحف والمراد به ما تقدم وفي الحديث ما يفيد أن هذا الاستغفار يكفر الكبائر لأن الفرار من الكبائر كما في الحديث وهي طريقة لبعض العلماء
قوله ( لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ) معناه أنه إذا مات دخل الجنة والمراد أن روحه تستقر فيها أو المراد بالدخول التنعم يعني أنه بمجرد موته وصل إلى تنعمه بنعيم الجنة فإن القبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار
قوله ( آمنه الله على داره الخ ) أي حفظ الله تعالى ما ذكر وورد أن من قرأها مع خواتيم سورة البقرة في مكان ثلاث ليال لم يقربه شيطان أبدا
قوله ( ويقرؤون المعوذات ) تقدم أن فيه تغليبا والمراد الصمدية والمعوذتان روى الطبراني في بعض طرق حديث آية الكرسي زيادة قل هو الله أحد وصنيعه يفيد أن هذه الكيفية المذكورة لم يرد بها حديث واحد وإنما جمعت من أحاديث متعددة
قوله ( من سبح الله في دبر كل صلاة الخ ) يشمل الفرض والنفل لكن حمله أكثر العلماء على الفرض فإنه ورد في حديث كعب بن عجرة عند مسلم التقييد بالمكتوبة فكأنهم حملوا المطلق على المقيد وهذا الترتيب وقع في أكثر الأحاديث وفي بعض الروايات تقديم التكبير على التحميد خاصة وفي رواية تقديم التحميد على التسبيح فدل ذلك على أنه لا ترتيب فيها ويمكن أن يقال الأولى البداءة بالتسبيح لأنه من باب التخلية ثم التحميد لأنه من باب التحلية ثم التكبير لأنه تعظيم وورد إحدى عشرة من كل وورد عشرا وورد ستا وورد مرة واحدة وورد سبعين وورد مائة فقد اختلفت الروايات في تعيين هذه الأعداد وكل ذلك لا يكون إلا عن حكمة وإن خفيت علينا فيجب علينا أن نمتثل ذلك
قال الحافظ الزين العراقي وكل ذلك حسن وما زاد فهو أحب إلى الله تعالى وجمع البغوي بأنه يحتمل صدور ذلك في أوقات متعددة وأن يكون ذلك على سبيل التخيير أو يفترق بافتراق الأحوال كما ذكره البدر العيني في شرح البخاري والمنلا علي في شرح المشكاة وفي الإتيان بالثلاث والثلاثين إتيان بما هو دون ذلك
قال البدر العيني فسقط ما قيل ان هذه الأعداد الواردة عقب الصلوات من الأذكار إذا كان لها عدد مخصوص مع ثواب مخصوص فزاد الآتي بها على عددها عمدا لا يحصل له ذلك الثواب الوارد في الإتيان بالعدد
____________________
(1/212)
الناقص فلعل لتلك الأعداد حكمة وخاصية تفوت بمجاوزة تلك الأعداد وتعديها وليس هذا إلا تهافتا والصواب ما قلنا لأن هذه الأعداد ليست من الحدود التي نهي عن تعديها ومجاوزة أعدادها بل مما يتنافس فيه المتنافسون ويرغب فيه الراغبون والطاعة لا حصر فيها فإن قلت هل الشرط في تحصيل السنة والفضل الموعود به أن يقول الذكر المنصوص عليه بالعدد متتابعا أم لا وفي مجلس واحد أم لا قلت كل ذلك ليس بشرط لكن الأفضل أن يأتي به متتابعا في الوقت الذي عين فيه اه ملخصا
وصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيمينه وورد أنه قال واعقدوه بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات وجاء بسند ضعيف عن علي مرفوعا نعم المذكر السبحة
قالابن حجر والروايات بالتسبح بالنوى والحصا كثيرة عن الصحابة وبعض أمهات المؤمنين بل رآها صلى الله عليه وسلم وأقرا عليه وعقد التسبيح بالأنامل أفضل من السبحة وقيل إن أمن من الغلط فهو أولى وإلا فهي أولى كذا في شرح المشكاة
قوله ( وفيما قدمناه الخ ) قدمه قريبا بلفظ وقوله صلى الله عليه وسلم لفقراء المهاجرين تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة الخ لا يقتضي اه
قوله ( وهو حديث المهاجرين ) بيان لما قدمه روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل أموال يحجون ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون فقال ألا أحدثكم بما إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم إلا من عمل مثله تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين اه
قوله ( ثم يدعون لأنفسهم ) يبدؤون بها لقوله صلى الله عليه وسلم أبدأ بنفسك الحديث وهو وإن ورد في الانفاق فالمحققون يستعملونه في أمور الآخرة أيضا حتى قالوا يجب على العالم أن يبدأ بعياله في التعليم يدل عليه قوله تعالى { قوا أنفسكم وأهليكم نارا } ذكره الأبياري في شرح الجامع الصغير
قوله ( بالأدعية المأثورة الجامعة ) وينبغي أن يلح بالدعاء مرة بعد أخرى وقتا بعد وقت وأن يكرره ثلاثا ويكره أن يرفع بصره إلى السماء لما فيه من ترك الأدب وتوهم الجهة وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما في شرح الحصن الحصين وأن يخص صلاة أو وقتا بدعاء لأنه يقسي القلب وأن يعتدي في الدعاء لقوله عز وجل انه لا يحب المعتدين واختلف في تفسيره فقيل هو أن يدعو بمستحيل شرعا أو عقلا وقيل هو طلب ما لا يليق به كمراتب الأنبياء وقيل هو الصياح به وقيل تكلف السجع وقيل الإطناب فيه وقيل طلب أمر لا يعلم حقيقته وأفاد المصنف بقوله وللمسلمين جواز الدعاء لهم عموما لقوله تعالى حكاية عن إبراهيم { ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب } ابراهيم 41 وقوله تعالى { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } غافر 04 ولا يلزم من سؤال المغفرة أن يغفر لهم فقد لا يستجاب له ويكون في الدعاء بالاستغفار إظهار الافتقار إلى الله تعالى وعلى تقدير الإجابة لا يلزم أن يغفر لهم جميع الذنوب فقد يغفر لهم البعض دون البعض كما ذكره ابن العماد وبهذا يسقط ما ذكره العراقي من حرمة الدعاء للمؤمنين بغفران جميع الذنوب
قوله ( والله اني لأحبك الخ ) ينبغي العمل بها لأنها وصية المحب للمحبوب ومن الأدب في الدعاء أن يدعو بخشوع وتذلل وخفض صوت أي بأن يكون بين المخافتة والجهر كما في الأذكار عن
____________________
(1/213)
الأحياء ليكون أقرب إلى الإجابة
قوله ( حذاء الصدر وبطونها مما يلي الوجه ) الذي في الحصن الحصين وشرحه أن يرفعهما حذاء منكبيه باسطا كفيه نحو السماء لأنها قبلة الدعاء اه
قال بعض الأفاضل ولا منافاة بينهما لأن المراد أن لا يجعل بطونهما جهة الأرض والتفاوت في مقدار الرفع قليل كما يشير إليه ما في أبي داود عن ابن عباس
قال المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك أو دونهما وأما ما روي أنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه فمحمول على بيان الجواز أو على حالة الاستسقاء ونحوها من شدة البلاء والمبالغة في الدعاء وفي النهر من فعل كيفيته المستحبة أن يكون بين الكفين فرجة وإن قلت وأن لا يضع إحدى يديه على الأرض فإن كان لا يقدر على رفع يديه لعذر أو برد فأشار بالمسبحة أجزأ اه لكن في شرح الحصن الحصين والظاهر أن من الأدب أيضا ضم اليدين وتوجيه أصابعهما نحو القبلة وفي شرح المشكاة ورد أنه صلى الله عليه وسلم يوم عرفة جمع بين كفيه في الدعاء وأن أريد بالضم في كلام القرب التام لا ينافي وجود الفرجة القليلة وأما قوله جمع بين كفيه لا ينافيه أيضا لأن المعنى جمع بينهما في الرفع ولم يفرد أحدهما به
قوله ( رب العزة ) أي العظمة وقيل هي حية عظيمة دائرة بالعرش قريب ذنبها من رأسها فإذا اجتمعا قامت القيامة
قوله ( من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى ) المراد به تكثير الأجر
قوله ( ثم يمسحون بها وجوههم ) الحكمة في ذلك عود البركة عليه وسرايتها إلى باطنه وتفاؤلا بدفع البلاء وحصول العطاء ولا يمسح بيد واحدة لأنه فعل المتكبرين ودل الحديث على أنه إذا لم يرفع يديه في الدعاء لم يمسح بهما وهو قيد حسن لأنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو كثيرا كما هو في الصلاة والطواف وغيرهما من الدعوات المأثورة دبر الصلوات وعند النوم وبعد الأكل وأمثال ذلك ولم يرفع يديه ولم يمسح بهما وجهه أفاده في شرح المشكاة وشرح الحصن الحصين وغيرهما
فروع اختلف هل الإسرار في الذكر أفضل فقيل نعم لأحاديث كثيرة تدل عليه منها خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي ولأن الإسرار أبلغ في الإخلاص وأقرب إلى الإجابة وقيل الجهر أفضل لأحاديث كثيرة
منها ما رواه ابن الزبير كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قال بصوته إلا على لا إله إلا الله وحده لا شريك له وتقدم وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قال بصوته إلا على لا إله إلا الله وحده لا شريك له وتقدم وقد كان صلى الله عليه وسلم يأمر من يقرأ القرآن في المسجد أن يسمع قراءته وكان ابن عمر يأمر من يقرأ عليه وعلى أصحابه وهم يستمعون ولأنه أكثر عملا وأبلغ في التدبر ونفعه متعد لإيقاظ قلوب الغافلين وجمع بين الأحاديث الواردة بأن ذلك يختلف بحسب الأشخاص والأحوال فمتى خاف الرياء أو تأذى به أحد كان الإسرار أفضل ومتى فقد ما ذكر كان الجهر أفضل
قال في الفتاوى لا يمنع من الجهز بالذكر في المساجد احترازا عن الدخول تحت قوله تعالى { ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه } البقرة 2 كذا في البزازية ونص الشعراني في ذكر الذاكر للمذكور والشاكر للمشكور ما لفظه وأجمع العلماء سلفا وخلفا على استحباب ذكر الله تعالى جماعة في المساجد وغيرها من غير نكير إلا أن يشوش
____________________
(1/214)
جهرهم بالذكر على نائم أو مصل أو قارىء قرآن كما هو مقرر في كتب الفقه وفي الحلبي الأفضل الجهر بالقراءة إن لم يكن عند قوم مشغولين ما لم يخالطه رياء اه وفي الدرة المنيفة عن القنية يكره للقوم أن يقرؤوا القرآن جملة لتضمنها ترك الاستماع والإنصات وقيل لا بأس به اه وفيها أيضا قراءة القرآن في الحمام إن لم يكن ثمة أحد مكشوف العورة وكان الموضع طاهرا تجوز جهرا وخفية وإن لم يكن كذلك فإن قرأ في نفسه فلا بأس به ويكره الجهر اه وفي الدر من الكراهة أيضا الترجيع بالقراءة والأذان بالصوت الطيب طيب ما لم يزد حرفا فيكره له ولمستمعه وقول القائل لمن زاد ذلك حين سكت أحسنت ان لسكوته فحسن وإن لتلك القراءة يخشى عليه الكفر اه وفيه أيضا التغني بالقرآن إذا لم يخرج بألحانه عن قدر ما هو صحيح في العربية مستحسن والتغني حرام إذا كان بذكر امرأة معينة حية أو وصف خمر يهيج إليها أو قصد هجو ولو لذمي وأجاز بعضهم الغناء في العرس كضرب الدف فيه ومنهم من أباحه مطلقا ومنهم من كرهه مطلقا ذكره العيني وتبعه الباقاني
قلت لكن في البحر والمذهب حرمته مطلقا فانقطع الاختلاف بل ظاهر الهداية أنها كبيرة ولو لنفسه وهو قول شيخ الإسلام وكذا لسامعه وحاضره اه من سكب الأنهر ملخصا وذكر ابن الجزري في الحصن الحصين أن كل ذكر مشروع أي مأمور به في الشرع واجبا كان أو مستحبا لا يعتد بشيء منه حتى يتلفظ به ويسمع به نفسه اه والمعنى أنه إذا قرأ في قلبه حال القراءة أو سبح بقلبه في الركوع والسجود لا يكون آتيا بفرض القراءة وسنة التسبيح وإلا فقد أخرج أبو يعلى عن عائشة أفضل الذكر الخفي الذي لا يسمعه الحفظة سبعون ضعفا الخ وأما الرقص والتصفيق والصريخ وضرب الأوتار والصنج والبوق الذي يفعله بعض من يدعي التصوف فإنه حرام بالإجماع لأنهازي الكفار كما في سكب الأنهر وفي مجمع الأنهر عن التسهيل الوجد مراتب وبعضه يسلب الاختيار فلا وجه لمطلق الإنكار وفي التتارخانية ما يدل على جوازه للمغلوب الذي حركاته كحركات المرتعش اه والمصافحة سنة في سائر الأوقات لما أخرج أبو داود عن أبي ذر ما لقيت النبي صلى الله عليه وسلم إلا وصافحني الحديث وفيه اعتنقه مرة وفي القهستاني وغيره هي إلصاق الكف بالكف وإقبال الوجه بالوجه فأخذ الأصابع ليس بمصافحة خلافا للروافض والسنة أن تكون بكلتا يديه وبغير حائل من نحو ثوب وعند اللقاء بعد السلام وأن يأخذ الإبهام فإن فيه عرقا تتشعب منه المحبة وفي الهداية ويكره أن يقبل الرجل الرجل أو يده أو شيئا منه أو يعانقه في إزار واحد وقال أبو يوسف لا بأس بذلك كله اه وفي غاية البيان عن الواقعات تقبيل يد العالم أو السلطان العادل جائز
____________________
(1/215)
وورد في أحاديث ذكرها البدر العيني ما يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل يده ورجله وكان صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن وفاطمة وقبل صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون بعد موته وكذلك قبل الصديق رضي الله تعالى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه جعفرا بين عينيه ثم قال البدر العيني فعلم من مجموع ما ذكرنا إباحة تقبيل اليد والرجل والكشح والرأس والجبهة والشفتين وبين العينين ولكن كل ذلك إذا كان على وجه المبرة والإكرام وأما إذا كان ذلك على وجه الشهوة فلا يجوز إلا في حق الزوجين اه أي والسيد وأمته وفي رفع العوائق عن البحر الزاخر لا بأس بتقبيل يد العالم والسلطان العادل وفي غيرهما إن أراد شيئا من عرض الدنيا فمكروه وإن أراد تعظيم المسلم وإكرامه فلا بأس به اه وكان عمر يأخذ المصحف كل غداة ويقبله وكان عثمان يقبله ويمسحه على وجهه وتقبيل الخبز قال أصحاب الشافعي رضي الله تعالى عنه انه بدعة مباحة وقالوا يكره دوسه لا بوسه وقواعدنا لا تأباه وفي رسالة المصافحة للشرنبلالي عن شيخ مشايخه الحانوتي التحية بالركوع واسترخاء الرأس مكروهة لكل أحد مطلقا ومثله السلام باليد كما نصت عليه الحنفية اه قال الشرنبلالي بعد ومحل كراهة الإشارة باليد إذا اقتصر عليها وذكر حديثا يفيد أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظ والإشارة وفي شرح الوهبانية لابن الشحنة وفي مشكل الآثار القيام لغيره ليس بمكروه لعينه إنما المكروه محبة القيام من الذي يقام له فإن لم يحب وقاموا له لا يكره لهم يعني جميعا قال وقال القاضي البديع وقيام قارىء القرآن للقادم تعظيما لا يكره إذا كان ممن يستحق التعظيم وقيل له أن يقوم بين يدي العالم تعظيما له أما في غيره فلا يجوز وقال ابن وهبان في شرحه والقيام يستحب في زماننا لما يورث تركه من الحقد والبغضاء والوعيد إنما هو في حق من يحب القيام بين يديه كما يفعله الترك وفي المشكاة عن أبي هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس معنا في المسجد يحدثنا فإذا قام قمنا قياما حتى نراه قد دخل بعض بيوت أزواجه وعن واثلة دخل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد في المسجد فتزحزح له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الرجل يا رسول الله إن في المكان سعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن للمسلم لحقا رواهما البيهقي في الشعب وأما المعانقة وهي كما في القهستاني جعل كل منهما يده على عنق الآخر فقالا بكراهتها وأباحه أبو يوسف وظاهر عبارة مواهب الرحمن اختياره حيث قال مقتصرا عليه ويبيح أي أبو يوسف للرجل معانقة مثله وتقبيله للمبرة بلا شهوة كالمصافحة وتقبيل يد العالم والسلطان العادل للتبرك اه قالوا الخلاف فيما إذا لم يكن عليهما غير الإزار وأما إذا كان عليهما قميص أو جبة أو رداء مع الإزار فلا بأس به بالإجماع كما في رفع العوائق عن الشمني والله سبحانه
____________________
(1/216)
وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب ما يفسد الصلاة يقال فسد كنصر وعقد وكرم ولم يسمع انفسد قاموس ملخصا
قوله ( مفترقان ) فما كان مشروعا بأصله دون وصفه كالبيع بشرط لا يقتضيه العقد فهو فاسد وما ليس مشروعا بأصله ولا وصفه كبيع الميتة والدم فهو باطل
قوله ( منه الكلمة ) ويشترط فيها تصحيح الحروف وسماعها حتى تكون مفسدة فإن فقد أحدهما فلا فساد لأنه لا يعتبر كلاما اه حلبي
قوله ( وإن لم تكن مفيدة كيا ) ذكر الإمام خواهر زاده انها تفسد بالنفخ المسموع بلا حروف وفي السراج والبناية إذا تكلم كلاما يتعارف في متفاهم الناس سواء حصل به حروف أو لا حتى لو قال ما يساق به الحمار مثلا فسدت صلاته اه ومن ثمة استشكل الشرنبلالي ما ذكره بعضهم من أنه لو ساق حمارا لم تفسد لأنه صوت لا هجاء له وإن كره بأنه عمل كثير يظن من رأى فاعله أنه ليس في الصلاة وتمثيله لغير المفيدة بيا فيه نظر فإنها بمعنى أدعو فهي نائبة عن جملة وأما المنادي فهو فضلة لأنه مفعول في المعنى وقد تأتي للتنبيه اللهم إلا أن يقال عده لها غير مفيدة نظر إلى عدم تعيين المنادى واعلم أنه لا فرق في المفسد إذا كان حرفين بين أن يكون من أحرف الزيادة أو لا وفصل أبو يوسف وتفصيل المقام يعلم من المطولات
قوله ( ولو نطق بها سهوا ) الفرق بين السهو والنسيان أن الصورة الحاصلة عند العقل إن كان يمكنه الملاحظة أي وقت شاء تسمى ذهولا وسهوا ولا أي لا يمكنه الملاحظة إلا بعد كسب جديد تسمى نسيانا نهر وبينه وبين الخطأ أن السهو ما يتنبه له صاحبه والخطأ ما لم يتنبه له بالتنبيه أو يتنبه بعد أتعاب حموي عن الأكمل وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه لا تفسد بالكلام ناسيا إلا إذا طال واحتج بحديث ذي اليدين ولنا قوله صلى الله عليه وسلم وليبن
____________________
(1/217)
على صلاته ما لم يتكلم حيث غيا جواز البناء بالتكلم فيقتضي إنتهاء الجواز بالتكلم وعموم قوله صلى الله عليه وسلم ان هذه الصلاة لا تصلح الخ دل على أن عدم الكلام من حقها كما جعل وجود الطهارة من حقها فكما لا تجوز مع عدم الطهارة لا تجوز مع وجود الكلام وهو واضح جدا ولو كان النسيان عذرا لاستوى قليله وكثيره وحديث ذي اليدين كان في ابتداء الإسلام قبل تحريم الكلام فإن قيل السلام كالكلام في أن كلا منهما قاطع للصلاة فلم فصلتم في السلام بين العمد والنسيان فالجواب أن السلام له شبه بالأذكار إذ هو من أسماء الله تعالى ومذكور في التشهد فهو من جنس الصلاة وإنما يلحق بالكلام إذا قصد به الخطاب فإذا أتى به ناسيا اعتبرناه بالأذكار وإن كان عمدا اعتبرناه بالكلام عملا بالشبهين اه
قوله ( في المختار ) واختار فخر الإسلام وغيره أنها لا تفسد كما في المضمرات والمنح
قوله ( لا يصلح فيها شيء الخ ) كذا في رواية الإمام أحمد ومسلم والنسائي وفي رواية أبي داود والطبراني لا يحل مكان لا يصلح
قال في الشرح وما لا يحل ولا يصلح في الصلاة فمباشرته تفسدها اه
قوله ( والعمل القليل عفو ) هذا جواب عن سؤال حاصله انكم جعلتم الكلام قليله وكثيره مفسدا وفصلتم في العمل بين قليله فلا يفسد وكثيره فيفسد وحاصل الجواب أنه إنما عفي عن القليل من العمل لأن بدن الحي لا يخلو عن حركة طبعا فلا يمكن الاحتراز عن قليلها فعفي ما لم يكثر ويدخل في حد ما لا يمكن الاحتراز عنه وليس الكلام كذلك فإن يمكن الاحتراز عن قليله لأنه ليس من طبعه أن يتكلم فلم يعف وعن نحو الأكل ناسيا في الصوم دون الصلاة لأن حالة الصلاة مذكرة دون الصوم اه
قوله ( أو أقض ديني ) تقدم أن هذا مما ورد في السنة وذكر في البحر عن المرغيناني ضابطا فقال الحاصل أنه إذا دعا في الصلاة بما جاء في القرآن أو في المأثور لا تفسد صلاته وإن لم يكن في القرآن أو المأثور فإن استحال طلبه من العباد لا يفسد وإلا أفسد اه
ملخصا من الشرح فجعل التفصيل بين ما استحال وما لم يستحل فيما لم يرد في القرآن والسنة وإنما خص الدعاء مع دخوله في عموم الكلام لوقوع الخلاف فيه فإن الإمام الشافعي رضي الله عنه يقول بعدم الفساد به فإن قيل الدعاء ليس بخطاب الآدمي فكيف يكون من كلام الناس قلنا لا يشترط في ذلك المخاطبة ألا ترى أن من قال قرأت الفاتحة مثلا تبطل صلاته وإن لم يكن بحضرته أحد يخاطبه كذا في التبيين
قوله ( أو ارزقني ) أشار به إلى الفرق بين طلب الرزق المقيد بنحو فلان فيفسد والمطلق كهذا فلا يفسد
قوله ( بنية التحية ولو ساهيا ) احترز به عن سلام التحليل فإنه لا يفسدها إذا كان ساهيا كما لو سلم على رأس الركعتين في الرباعية ساهيا إلا إذا سلم على ظن أنها ترويحة أو على ظن أنها الفجر فإنها تفسد كما إذا سلم في حال القيام في غير صلاة الجنازة
قوله ( لأنه خطاب ) لا يظهر فيما إذا لم يقل عليكم أو أن المراد شأنه أن يخالب به أو أنه لا يشترط في الكلام خطاب
قوله ( بلسانه ) قيد به لأنه لو رده بيده لا تفسد لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى قباء فجاء الأنصار فسلموا عليه قال عمر قلت لبلال كيف النبي صلى الله عليه وسلم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي
قال يقول هكذا وبسط جعفر بن عوف كفه وجعل بطنه أسفل وظهره إلى فوق
فإن قلت هذا يقتضي عدم الكراهة وقد صرحوا بكراهة الرد بالإشارة وهو في الصلاة أجاب العلامة ابن أمير حاج بأنها كراهة تنزيه وفعله صلى الله عليه وسلم
____________________
(1/218)
إنما كان تعليما للجواز فلا يوصف بالكراهة
قوله ( لأنه كلام معنى ) أورد عليه بأن الرد باليد كلام معنى وهو لا يفسد فالأولى أن يعلل الفساد فيها بأنه عمل كثير بخلاف الرد باليد أفاده السيد
قوله ( هو الذي لا يشك الناظر الخ ) قالابن أمير حاج والمراد من الناظر من لا علم له بكونه في الصلاة وإلا فمن المعلوم أنه لو شاهد شروع إنسان في الصلاة ثم رأى منه ما ينافيها كأن تناول مشطا وسرح رأسه أو لحيته مرات متواليات فإنه يفسد حتما مع إنتفاء التيقن بأنه ليس في الصلاة فتنبه اه
فرع يقع لغزا فيقال فيه أي بغيره شخص شرب ففسدت صلاة غيره بشربه ولو لم يكن مقتديا ولا متيمما وجوابه صبي رضع ثدي امرأة ثلاثا ونزل لبنها فإنها تفسد صلاتها على الأصح أفاده الشرح
قوله ( على الأصح ) كذا في التبيين وهو قول العامة وهو المختار وهو الصواب كما في المضمرات
قوله ( كالحركات الثلاث المتواليات كثير ) حتى لو روح على نفسه بمروحة ثلاث مرات أو حك موضعا من جسده كذلك أو رمى ثلاثة أحجار أو نتف ثلاث شعرات فإن كانت على الولاء فسدت صلاته وإن فصل لا تفسد وإن كثر وفي الخلاصة وإن حك ثلاثا في ركن واحد تفسد صلاته إذا رفع يده في كل مرة وإلا فلا تفسد لأنه حك واحد اه
وقيل ما يقام باليدين عادة كثير وإن فعله بيد واحدة وما يقام بيد واحدة قليل وإن فعله بيدين وقيل إن الكثير ما يكون مقصودا للفاعل والقليل بخلافه وقيل إنه مفوض إلى رأي المبتلي فإن استكثره فكثير وإن استقله فقليل وهذا أقرب الأقوال إلى رأي الإمام كما في التبيين
قال المصنف وفروعهم في هذا الباب قد اختلفت ولم تتفرع كلها على قول واحد والظاهر أن أكثرها تفريعات من المشايخ لم تكن منقولة عن الإمام الأعظم
قوله ( على الصحيح ) وذكر في شرح الجامع الصغير رواية مكحول عن الإمام أنه يفسد
قوله ( ويفسدها تحويل الصدر عن القبلة ) الظاهر أن حكم الصدر في الاستقبال الحكم السابق فيعد مستقبلا باستقبال جزء منه ولا تفسد إلا بالتحويل إلى المغارب أو إلى المشارق
قوله ( إلا لسبق حدث ) فلا تفسد به ولا بالمشي وفي الحلبي إذا مشى في صلاته مشيا غير متدارك بأن مشى قدر صف ووقف قدر ركن ثم مشى قدر صف آخر هكذا إلى أن مشى قدر صفوف كثيرة لا تفسد صلاته إلا إذا خرج من المسجد إن كان يصلي فيه أو تجاوز الصفوف في الصحراء فإن مشى متلاحقا بأن مشى قدر صفين دفعة واحدة أو خرج من المسجد أو تجاوز الصفوف في الصحراء فسدت صلاته اه وذكر المحقق ابن أمير حاج ما حاصله أن المشي لا يخلو إما أن يكون بلا عذر أو يكون بعذر فإن كان بلا عذر فإن كان كثيرا متواليا يفسد صلاته سواء استدبر القبلة مع ذلك أو لا لأنه حينئذ عمل كثير ليس من أعمال الصلاة ولم تقع الرخصة فيه وإن كان كثيرا غير متوال بل تفرق في ركعات أو تخلله مهلات فإن استدبر معه القبلة فسدت لوجود المنافي قطعا من غير ضرورة وإن لم يستدبر معه القبلة لم تفسد ولكن يكره لما عرف أن ما أفسد كثيره كره قليله عند عدم الضرورة وإن كان بعذر كأن كان لأجل الوضوء لحدث سبقه في الصلاة أو لانصرافه إلى وجه العدو أو رجوعه منه في صلاة الخوف لا يفسد ولا يكره مطلقا سواء كان كثيرا أو قليلا استدبر القبلة أو لم يستدبر اه
قوله ( وهو قدر الحمصة ) وقال الإمام خواهر زاده ما دون ملء الفم لا يفسده وما في المصنف أولى كما في النهر وفي الخلاصة لو أكل شيئا من الحلاوة وابتلع عينها فوجد حلاوتها في فيه وابتلعها لا تفسد صلاته ولو أدخل الفانيد أو السكر في فيه ولم يمضغه لكن يصلي والحلاوة تصل إلى جوفه تفسد صلاته ثم قال
____________________
(1/219)
ولو مضغ علكا فسدت صلاته إذا كثر اه
قوله ( وإن كان بعمل كثير كأنه مضغه مرات
قوله ( ويفسدها شربه ) لا فرق بين العمد والنسيان كذا في الشرح
قوله ( بطلت صلاته ) لوصول شيء من خارج إلى جوفه كذا في البزازية
قوله ( بلا عذر ) العذر وصف يطرأ على المكلف يناسب التسهيل عليه
قوله ( لما فيه من الحروف ) أفاد بالتعليل تقيدا لفساد بالتنحنح بما إذا حصل به حروف كالجشاء إن حصل به حروف ولم يكن مدفوعا إليه وكذا السعال يفسد إذا حصل به حروف بلا ضرورة أما العطاس فلا يفسد وإن حصل به كلمة أفاده السيد
قوله ( وإن كان لعذر الخ ) منه التنحنح لإصلاح الصوت وتحسينه أو ليهتدي إمامه من خطئه أو للإعلام بأنه في الصلاة على الصحيح كما في الفتح
قوله ( كمنعه البلغم ) بالرفع فاعل المنع قال في الخلاصة وبعد جره الذي أضيف له كمل بنصب أو برفع عمله قوله ( والتأفيف ) إذا كان مسموعا والتأفيف أن يقول أف أو تف لنفخ التراب أو التضجر وقيل أف اسم لوسخ الأظافر أو الأذن وتف اسم لوسخ البراجم
قوله ( والأنين ) يقال أن الرجل يئن بالكسر أنينا وأنانا بالضم صوت فهو آن كفاعل وهي آنة اه مصباح
قوله ( بوزن دع ) توجع العجم وفي المصباح آه من كذا بالمد وكسر الهاء يقال عند التوجع ونحوه في القهستاني
قوله ( والتأوه ) واسم الفاعل منه متأوه أما الأواه فهو الموقن أو كثير الدعاء أو الرخيم الرقيق أو الفقيه أو المؤمن بالحبشية قاموس
قوله ( وفيها لغات كثيرة ) عد في البحر تبعا للحلبي فيها ثلاث عشرة لغة
قوله ( وارتفاع بكائه ) البكاء بالمد الصوت وبالقصر خروج الدمع وقد جمع الشاعر بين اللغتين فقال بكت عيني فحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل اه مصباح والمراد بكونه مرتفعا كونه مسموعا فلو لم يسمع نفسه بالحروف لا تفسد على قياس ما قدمناه قريبا وأشار إليه المؤلف بقوله مسموعة
قوله ( وهو أن يحصل به حروف ) كذا قيده في الفتح والسراج وشروح الكنز ومرادهم بالجمع ما فوق الواحد وفيه إشارة إلى أن مجرد الصوت غير مفسد خلافا لظاهر البحر ومحل الفساد به عند حصول الحروف إذا أمكنه الإمتناع عنه أما إذا لم يمكنه الامتناع عنه فلا تفسد به عند الكل كما في الظهيرية كالمريض إذا لم يمكنه منع نفسه عن الأنين والتأوه لأنه حينئذ كالعطاس والجشاء إذا حصل بهما حروف بحر
قوله ( أو مصيبة ) هي ما يصيب الإنسان من كل ما يؤذيه من موت أو مرض أو نحو ذلك فهو من عطف العام على الخاص إلا أن شرط ذلك العطف أن يكون بالواو خاصة أفاده السيد
قوله ( لأنه كلام معنى ) كأنه يقول انه مريض فاعذروه أو مصاب فعزوه والدلالة تعمل عمل الصريح إن لم يكن صريح يخالفها ولو أفصح به تفسد فكذا هنا اه من الشرح أو لأن فيه إظهار التأسف وهو من جنس كلام الناس كما حققه في الفتح
قوله ( لدلالتها على الخشوع ) أي الخوف من الله الواحد القهار فكأنه من الخوف يبس كالأرض الخاشعة
قال تعالى { وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت } فصلت 14 وفي الحديث من أطاع الله باكيا دخل الجنة ضاحكا ومن أذنب ضاحكا دخل النار باكيا أفاده في الشرح
فروع لو أعجبته قراءة الإمام فبكى وقال نعم أو بلى لا تفسد ولو وسوسه الشيطان فحوقل أن لأمور الآخرة لا تفسد وان لأمور الدنيا فسدت ولو لدغته عقرب فقال باسم الله لا تفسد على ما عليه الفتوى كذا في المضمرات والنهر
قوله
____________________
(1/220)
( أفصح من المهملة ) لأنه أعلى في كلامهم وأكثر مجمع الأنهر
قوله ( خطاب عاطس ) بدل من قوله الدعاء بالخير وهو من إضافة المصدر إلى مفعوله أي خطاب المصلي العاطس وإنما قيد بالخطاب من المصلي لأنه لو قاله العاطس لنفسه لا تفسد لأنه بمنزلة قوله يرحمني الله وبه لا تفسد ظهيرية ولو قال الحمدلله فمن العاطس نفسه لا تفسد وكذا من غيره إن أراد الثواب إتفاقا كما تفسد إتفاقا إذا أراد به تعليم العاطس أن يقول ذلك ولو أراد به الجواب للعاطس لا تفسد لأنه دعاء لم يتعارف جوابا وقيل تفسد
قوله ( وقال أبو يوسف لا تفسد ) لأنه دعاء بالمغفرة والرحمة وجه قول الإمام حديث معاوية بن الحكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له حين شمت العاطس أن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس وهو غير صالح في الصلاة
قوله ( ويفسدها كل شيء من القرآن قصد به الجواب ) إنما قيد بالقرآن ليعلم الحكم في غيره بالأولى فلو ذكر الشهادتين عند ذكر المؤذن لهما أو سمع ذكر الله فقال جل جلاله أو ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فصلى عليه أو قال عند ختم الإمام القراءة صدق الله العظيم أو صدق رسوله أو سمع الشيطان فلعنه أو ناداه رجل بأن يجهر بالتكبير ففعل فسدت
فإن قيل روي أنه صلى الله عليه وسلم قال في جواب ابن مسعود حين استأذن عليه في الدخول وهو في الصلاة ادخلوها بسلام آمنين ولم تفسد الصلاة أجاب عنه السرخسي بأنه محمول على أنه انتهى بالقراءة إلى هذا الموضع ولم يرد به الخطاب كما في شروح الهداية
قوله ( أو مقتد به ولم يره أمامه ) قال في البحر المتوضى خلف المتيمم إذا رأى الماء فقهقه المؤتم فعليه الوضوء عندهما خلافا لمحمد وزفر بناء على أن الفريضة متى فسدت لا تقطع التحريمة عندهما خلافا لمحمد وزفر وحاصله أن هذه المسألة متفق فيها على بطلان الصلاة غير أن الإمام وأبا يوسف يبطلانها وصفا فقط ومحمد وزفر وصفا وأصلا ولذا حكما بعدم النقض بالقهقهة فيها لأنه لم يكن في الصلاة أصلا ولا شك أن هذا الحكم ليس من الأحكام الإثني عشرية فافهم
قوله ( قدر على استعماله ) الضمير في قدر للإمام في الصورتين
قوله ( قبل قعوده قدر التشهد ) إنما قيد به ليكون الفساد فيها متفقا عليه بخلاف ما إذا قعد قدر التشهد حيث لا تفسد عندهما وتفسد عنده لهما أن هذه المعاني وإن كانت مفسدة كالحدث والكلام إلا أن حدوثها إنما جاء بعد التمام إذا لم يبق عليه شيء من الفرائض والأركان بدليل ما في حديث ابن مسعود إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك حيث علق التمام بالقعدة فمن شرط شيئا آخر فقد زاد على النص وهي نسخ ولم يجز بالرأي واختلف في الوجه للإمام فذهب أبو سعيد البردعي إلى أنه إنما قال بالبطلان لأن الخروج من الصلاة بصنع المصلي فرض عنده لأنها لا تبطل إلا بترك فرض ولم يبق عليه سوى الخروج بصنعه فلولا أنه فرض لما فسدت بتركه وتبعه على ذلك العامة كما في العناية وذهب أبو الحسن الكرخي إلى أن البطلان عنده باعتبار ان هذه المعاني مغيرة للفرض كنية الإقامة فاستوى في حدوثها أول الصلاة وآخرها ولا خلاف بينهم في أن الخروج بصنعه ليس بفرض وإنما استنبطه البردعي من هذه المسائل وهو غلط منه لأنه لو كان فرضا كما زعمه لاختص بما هو قربة وهو السلام قال في المجتبى والمحققون من أصحابنا على قول الكرخي وفي المعراج معزيا للحلواني والصحيح ما قاله الكرخي قال صاحب التأسيس ما قالهأبو الحسن أحسن اه
قوله
____________________
(1/221)
( وكذا تبطل بزوال كل عذر أباح التيمم ) كمرض وخوف من عدة إذا زال قبل القعود قدر التشهد
قوله ( وتقدم بيانها ) وهي للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها
قوله ( لوجوده قبل القعود قدر التشهد ) ولو كان بعد ما قعد قدر التشهد فعلى ما سبق من الخلاف في فسادها أيضا عند الإمام خلافا لهما وهذا إذا كان واجدا للماء كما في الزيلعي وإن لم يكن واجدا له لا تبطل لأن الرجلين لا حظ لهما من التيمم وقيل تبطل لأن الحدث السابق يسري إلى القدم فيتيمم له كما إذا بقي لمعة من عضوه ولم يجد ماء وبهذا القيل جزم في النهر قاله السيد
قوله ( ولم يكن مقتديا بقارىء ) اختلف فيما لو كان الأمي خلف قارىء أي وقد تعلم آية والعامة على البطلان لكن صحح في الظهيرية عدمه
قالالفقيه أبو الليث وبه نأخذ
قوله ( كأنه كما ولدته أمه ) هذا لا يناسب سابقه وإنما يناسب لو كان منسوبا إلى أمه فيقال في بيان وجه النسبة كأنه الخ فتدبر
قوله ( وسواء تعلمها بالتلقي أو تذكرها ) قد علمت أن هذا مفروض فيما إذا حصل أحد هذه الأشياء قبل القعود قدر التشهد أما لو كان بعده فإن التعلم بالتلقي لا يفسدها اتفاقا لأنه عمل كثير
قوله ( يلزمه الصلاة فيه ) بأن كان مالكا له أو أبيح له وهو طاهر أو نجس وعنده ما يطهره به أو لا إلا أن ربعه طاهر
قوله ( وقدرة المومي على الركوع والسجود لقوة باقيها ) هذا يفيد أن القدرة حصلت بعد ركوع وسجود بالإيماء فأما إذا حصلت قبل فعلهما أصلا فلا بناء لضعيف على قوي في ذلك فلا تفسد ويحرر
قوله ( وتذكر فائتة لذي ترتيب ) عليه أو على إمامه ولو وترا في الوقت سعة
قوله ( متذكرا الفائتة ) إنما قيد به لأنه لو كان ناسيا يسقط الترتيب به فيعتبر حينئذ تذكر فيه لا ما نسي فيه
قوله ( صحت وارتفع فسادها ) لصيرورة الفوائت ستا بضميمة المتروكة أولا
قوله ( واستخلاف من لا يصلح إماما ) أما لو كان ذلك بعد القعود قدر التشهد فاختار أبو جعفر وفخر الإسلام أنها تامة إجماعا وصححه صاحب الكافي وغيره قال في الفتح وهو المختار لأن الاستخلاف عمل كثير في نفسه وإنما لا يؤثر ضرورة ولا ضرورة هنا لعدم الاحتياج إلى إمام لا يصلح نهر
قوله ( وطلوع الشمس في الفجر ) ليس المراد أن ينظر إلى القرص بل إذا رأى الشعاع الذي لو لم يكن ثمة جبل يمنعه لرأى القرص كما في التبيين وكذا إذا دخل وقت من الثلاثة على مصل للقضاء
قوله ( لطر والناقص وهو وقت طلوعها لأنه وقت عبادة عابديها
قوله ( على الكامل ) وهو ما قبل الطلوع لعدم حصول ذلك النقص فيه
قوله ( وزوالها أي الشمس في صلاة العيدين ) لفوات شرطها وهو وقت الضحى كذا في الشرح والذي في الشرح العيد بالإفراد وفيما رأيته من نسخ الصغير أن العيد بالمداد الأحمر والياء والنون علامة التثنية بالمداد الأسود
قوله ( ودخول وقت العصر في الجمعة ) قد علمت أن موضوع المسائل فيما قبل التشهد فإذا دخل أول المثل الثاني على قولهما أو انقضى المثل على قوله فسدت على قولهما في الأول وفي الثاني على قوله لا الأول وأما إذا كان بعد القعود قدر التشهد ففيه الخلاف بين المشايخ وبحث فيه بأنه كيف يتحقق الخلاف بينهم مع اختلافهم في دخول وقت العصر وأجيب بأنه يمكن أن يطيل الجلوس بعدما قعد قدر التشهد إلى أن يصير الظل مثليه وتمامه في شرح السيد وإنما قيد بالجمعة لأن الظهر لا يبطل بدخول وقت العصر وما في مجمع الأنهر عن السراجية قيل تخصيص الجمعة إتفاقي لأن الحكم
____________________
(1/222)
في الظهر كذلك اه غريب
قوله ( عن بره ) قيد به لأنها لو سقطت لا عن برء لا تفسد
قوله ( بناقض ) متعلق بقوله المعذور وصورته توضأت مستحاضة مع السيلان وشرعت في الظهر فقبل القعود قدر التشهد انقطع الدم ودام الانقطاع إلى غروب الشمس وكذا لو توضأت على الانقطاع فوجد قبل الشروع في الصلاة أو بعده وأما لو توضأت وصلت على الإنقطاع فلا تلزمها الإعادة مطلقا تبين زوال عذرها أم لا اه من السيد ملخصا
قوله ( لا بسبقه ) أي لا تفسد بسبقه أي الحدث لأنه أي المسبوق به يبنى بالشروط المعلومة في البناء
قوله ( أو بصنع غيره ) أي أو الحدث بصنع غيره وإنما كان مفسدا لأنه لا يجوز فيه البناء إذ شرط الحدث المجوز للبناء أن يكون سماويا
قوله ( والإغماء والجنون ) وإن قلا
قوله ( نائم متمكن ) جواب عما يقال لا حاجة لإضافة البطلان إلى الاحتلام لسبق بطلانها بالنوم وحاصل الجواب أن هذا محمول على ما إذا نام في صلاته على وجه لا يبطلها فاحتلم
قوله ( ومحاذاة المشتهاة ) أي محاذاة الرجل المشتهاة وإنما قيد بالرجل إشارة إلى اشتراط كونه مكلفا وإلا فلا فساد كما في سكب الأنهر وقيد بالمشتهاة احترازا عن محاذاة الأمرد فإنها لا تفسد وشذ من أفسد بها ولا متمسك له في الرواية كما صرحوا به ولا في الدراية لتصريحهم بأن الفساد في المرأة غير معلول بعروض الشهوة بل يترك فرض المقام كما في الفتح وأطلق فيها فعمت الحرة والأمة والأجنبية والزوجة والعجوز الشوهاء والمشتهاة هي من تصلح للجماع ولا اعتبار بالسن كما صححه الشرح وغيره وعبارة الدر مشتهاة حالا كبنت تسع مطلقا وثمان وسبع لو ضخمة أو ماضيا كعجوز اه
قوله ( بساقها ركعها في الأصح ) كذا في التبيين
قال في النهر ولا دليل عليه والتفسير الصحيح لها ما في المجتبى وهو أن تقوم المرأة بجنب الرجل أو قدامه من غير حائل وفي الدر المعتبر المحاذاة بعضو واحد وخصه الزيلعي بالساق والكعب وفي الخانية لوصلت المرأة على الصفة والرجل أسفل منها بجنبها أو خلفها إن كان يحاذي عضو من الرجل عضوا منها فسدت صلاته لوجود المحاذاة ببعض بدنها اه وليس هنا محاذاة بالساق والكعب
قوله ( في أداء ركن عند محمد ) اختاره في الفتح وجزم به الحلبي كالمؤلف وفي الخانية أن قليل المحاذاة وكثيرها مفسد ونسب إلى أبي يوسف
قوله ( في صلاة ) أطلق فيها فشمل ما لو نوت الظهر خلف من يصلي العصر فأنه يصح نفلا على المذهب والجار والمجرور في محل نصب على الحال أي حال كونهما في صلاة فخرج محاذاة المجنونة فإنها غير مفسدة لعدم إنعقاد صلاتها
قوله ( إذ لا سجود لها ) فهي ليست بصلاة حقيقة وإنما هي دعاء للميت وإنما لا يصح اقتداء الرجل بالمرأة فيها لشبهها بالصلاة المطلقة في اشتمالها على التحريم والتحليل اه سيد عن العناية وإنما خص السجود لأنه أعظم أركان الصلاة وإلا فلا ركوع لها ولا قعود فيها
قوله ( مشتركة ) احترز به عن محاذاة المصلية لمصل ليس هو في صلاتها حيث تكره ولا تفسد كما في الدر
قال في العناية والاشتراك إنما يتحقق باتحاد الصلاتين حقيقة كإقتداء مفترض بمثله ومتطوع بمثله أو ضمنا كإقتداء متنفل بمفترض اه
قوله ( تحريمة ) أي من حيث التحريمة ومعناه ما ذكره المؤلف وبعضهم زاد قيد الأداء ومعناه أن يكون لهما إمام فيما يؤديانه تحقيقا كالمدركين أو تقديرا كاللاحقين وهما شرطان
____________________
(1/223)
في الشركة أما التحريمة فباتفاق وأما الأداء فعلى الأصح كما في الإيضاح عن شرح التلخيص حتى لو سبقهما الحدث فحاذته وهما ذاهبان للوضوء أو عند المجيء قبل الاشتغال بعمل الصلاة فلا فساد لعدم الإشتراك أداء حال المحاذاة لأن هذه الحالة ليست حالة أداء وكذا لو كانا مسبوقين فحاذته بعد سلام الإمام فيما يقضيانه فلا فساد لأن المسبوق منفرد فيما يقضي وإن وجد الإشتراك تحريمة في الصورتين وليس من شرط الاشتراك في التحريمة أن تدرك أول صلاة الإمام على الصحيح بل لو سبقها بركعة أو أكثر فحاذته فيما أدركت فسدت صلاته كما في البحر عن السراج فإن قيل ذكر الإشتراك في الأداء يغني عن ذكر الاشتراك في التحريمة ولذا اكتفى به في تلخيص الجامع
أجيب بأنهم أفردوا كلا منهما بالذكر تفصيلا لمحل الخلاف عن محل الوفاق كذا في الإيضاح
قوله ( في مكان متحد ) فلو اختلف المكان بأن كانت المرأة على مكان عال بحيث لا يحاذي شيء منه شيئا منها لا تفسد
قوله ( ولو حكما بقيامها الخ ) هذا منه جرى على الصحيح انه لا يشترط في المحاذاة أن تكون بالساق والقدم وهو مخالف لما اختاره أولا فتأمل
قوله ( قدر ذراع ) أي في غلظ أصبع وإنما قدر به لأنه أدنى أحوال القعود وهو قريب من هذا القدر فقدر به وانظر هل يكفي وضعها في الفراغ الذي يكون بين القدمين ومحل السجود أي موضع منه أو لا بد من كونها بين قدميها وقدميه وعليه إنما يكون إذا تحاذت الأقدام فأما لو تقدم عليها هل يعتبر كونها بحذاء قدميه أو قدميها وهذه حادثة الفتوى فليراجع ولعلهم أخذوا هذا التقدير من السترة فإن هذا القدر اعتبره الشارع حاجزا بين المصلي والمار حتى منع الإثم
قوله ( أو فرجة ) عطف على حائل وهذا التقدير للزيلعي وتبعه من بعده
قوله ( ولم يشر إليها لتتأخر ) وهو مأمور بتأخيرها لما روي عن ابن مسعود موقوفا أخروهن من حيث أخرهن الله وهو وإن كان خبر آحاد إلا أنه يفيد الإفتراض لأنه وقع بيانا لمجمل الكتاب وهو قوله تعالى { وللرجال عليهن درجة } البقرة 2
قال في الفتح وقد يستدل بحديث إمامته صلى الله عليه وسلم لأنس واليتيم حيث قامت العجوز من وراء أنس واليتيم فقد قامت منفردة خلف الصف وهو مفسد عند الإمام أحمد ومكروه عندنا فلولا أن المحاذاة مفسدة ما أخرها لإرتكاب المكروه اه فلو لم يشر إليها لتتأخر بعد ما دخلت في الصلاة فقد ترك فرض المقام فتفسد صلاته دون صلاتها إلا إذا كان المحاذي الإمام وأطلق في الإشارة فشمل ما إذا كانت من المؤتم وهو المتبادر منه
قوله ( لا يكلف الخ ) هذا في حق المأموم لأن التقدم من الإمام عليها مطلوب
قوله ( وتاسع شروط المحاذاة الخ ) وأولها المشتهاة ثانيها أن يكون بالساق والكعب على ما ذكره ثالثها أن تكون في أداء ركن أو قدره رابعها أن تكون في صلاة مطلقة
خامسها أن تكون في صلاة مشتركة تحريمة سادسها إتحاد المكان سابعها عدم الحائل ثامنها عدم الإشارة إليها بالتأخر
قوله ( أن يكون الإمام قد نوى إمامتها ) هذا القيد مستغنى عنه لعلمه من قيد الاشتراك إذ لا اشتراك إلا بنية الإمام إمامتها لأنه إذا لم ينو إمامتها لا يصح إقتداؤها بحر ولا فرق في ذلك بين صلاة وصلاة وهو قول الجمهور كما في الكافي والتبيين وإنما لا يصح إقتداؤهن بدون نية إمامتهن إذا وجدت المحاذاة أما إذا لم تحاذ أحدا ففي رواية صح إقتداؤها بلا نية الإمام لها لأنه لا فساد في الحال واحتماله في المآل بأن تمشي خطوة أو خطوتين فتحاذي الرجل أمر موهوم
____________________
(1/224)
والظاهر أن لا تفعله لكراهتاه فإن فعلت وحاذت بطل إقتداؤها لفوات شرطه وهو نية الإمام ولم تبطل صلاة من حاذته لعدم صحة إقتدائها وفي رواية لا يصح اقتداؤها لأنه لما احتمل الفساد من جهتها توقف ذلك على اختيارها بلا اعتبار الأحوال كذا في الكافي والتبيين وغاية البيان والحاصل أن محاذاتها لا توجب فساد صلاة أحد بدون نية الإمام إمامتها في جميع الصلوات
قوله ( من سبقه الحدث ) سواء كان رجلا أو امرأة
قوله ( ولو اضطر إليه ) وفي الخانية إذا اضطر إلى الكشف يبني وإلا لا وبه جزم في التنوير وشرحه
قوله ( لا تسبيح ) مثله التهليل والاستغفار فإنها لا تفسد بها لأنه ليس من أجزائها كما في البحر فالمراد بالتسبيح الذكر غير القرآن
قوله ( لف ونشر ) أي مرتب فقوله للوضوء مرتبط بقوله ذاهبا وقوله وإتمام الصلاة مرتبط بقوله أو عائدا
قوله ( ذاهبا وعائدا ) لف ونشر مرتب كذا أفاده في الشرح وفيه أنه في الذهاب اجتمع الحدث والمشي وهذا إنما يظهر إذا سبقه الحدث حال القيام أما إذا كان بعد الركوع أو السجود فلا إلا إذا قلنا أنه يشبه أداء الركن وعبارتهم مطلقة
قوله ( بنية التطهير إلخ ) وتفسد إذا لم ينو شيئا على إحدى الروايتين كما في الدر ولو رفع قائلا سمع الله لمن حمده لا يبنى لأن الرفع محتاج إليه للإنصراف فمجرده لا يمنع فلما اقترن به التسميع ظهر قصد الأداء كما في الفتح وغيره وفي الشرح ويرفع رأسه ناويا البناء ويتأخر محدودبا للستر ثم ينصرف للطهارة اه وفي السيد وإذا توضأ أعاد الركوع أو السجود الذي وجد سبق الحدث فيه حتى لو لم يعده تفسد أما عند محمد فلأن إتمام الركن بالإنتقال ولم يوجد وأما عند أبي يوسف فلأن القومة والجلسة فرض عنده اه
قوله ( بأكثر من صفين ) أما إذا كان قدرهما فلا تفسد أفاده في البحر
قوله ( عامدا ) المراد أنه لا عذر له فلو كان له عذر كأن كان المكان ضيقا أو لا يتأتى له الوصول إليه أو جاوزه ناسيا أو لاحتياجه إلى الاستقاء من البئر فلا تفسد والتيمم مثل الوضوء في موضع لا ماء فيه
قوله ( مع وجود آلة ) فلو ذهب للأبعد لوجود الآلة فيه وفقدها في القريب فلا فساد
قوله ( وله خرز دلو ) الذي في البحر أنه لا يبنى مع خرز الدلو المنخرق وليس له طلب الماء بالإشارة ولا شراؤه بالمعاطاة
قوله ( وتكرار غسل ) ثلاثا كذا في الشرح
قوله ( وسنن طهارة ) كاستيعاب الرأس بالمسح والمضمضة والاستنشاق ثلاثا على الأصح كذا في الشرح والأول أن يقول وفعل سنن
قوله ( وتطهير ثوبه من حدثه ) قيد به لأنها إن لم تكن من حدثه لا يبنى عندهما خلافا لأبي يوسف والفرق أن هذا غسل لثوبه أو بدنه ابتداء وفي الأولى تبعا للوضوء ولو أصابته نجاسة من خارج ومن سبق الحدث لا يبنى وإن كانتا في موضع واحد كذا في التبيين
قوله ( وإلقاء النجس عنه ) في البحر عن الظهيرية لو ألقى الثوب المتنجس من غير حدثه وعليه غيره أجزأه اه
قوله ( لوجود المنافي بغير عذر ) وهو المشي
قوله ( لقصد الإصلاح ) علة لقوله لا إذا لم يخرج أي لا تفسد إذا لم يخرج الخ
قوله ( كما ذكرناه ) وهو الدار والبيت والجبانة ومصلى العيد فإن هذه لا يعتبر فيها الصفوف كالمسجد
قوله ( وهو الصحراء ) الضمير راجع إلى الغير
قوله ( وإن لم يكن أمامه صف ) بفتح همزة أمام واعلم أنه إذا صلى في الصحراء فظن أنه أحدث فذهب عن مكانه فعلم أنه لم يحدث فإذا كان يصلي بجماعة فمكان الصفوف له حكم المسجد حتى لو انتهى إلى أخر الصفوف ولم يجاوز الصفوف يبني وإن جاوزها لا وإن تقدم قدامه
____________________
(1/225)
فالحد السترة فإن جاوزها بطلت صلاته وإن لم يكن بين يديه سترة فمقدار الصفوف خلفه حتى لو تقدم قدر ما لو تأخر لجاوز الصفوف تفسد صلاته وإن كان أقل منه لا وإن كان منفردا يعتبره موضع سجوده من كل جانب اه نقله السيد عن المنلا مسكين
قوله ( كما إذا لم يعد لإمامه ) اعلم أنه إذا كان منفردا فالعود أفضل لتقع الصلاة في مكان واحد وقيل الأفضل أن لا يعود لما فيه من تقليل المشي وكذا إن كان مقتديا فرغ إمامه فإن لم يفرغ وكان بينهما ما يمنع الإقتداء تحتم عليه العود والإمام كالمقتدي في تحتم العودان كان ثمة ما يمنع الاقتداء لتحول الإمامة عنه
أفاده السيد فالفساد في عبارة المؤلف مقيد بما إذا كان بين المقتدي والإمام ما يمنع الإقتداء
قوله ( عن مقامه ) بفتح الميم
قوله ( ونحوه ) كالأربعة السابقة في كلامه
قوله ( لانصرافه ) علة لقوله ويفسدها
قوله ( لا الإصلاح ) بخلاف الإنصراف لظن الحدث فإنه لا يفسد لأنه قصد الإصلاح
قوله ( لسبق الحدث السماوي ) المراد بسبقه أنه لا يقصده فلا يصح البناء بعد الحدث العمد والسماوي ما لا اختيار للعبد في سببه
قاله في البحر وهو المراد بالسبق وعليه فيكون قوله سماوي صفة موضحة لا مخصصة وفي الجوهرة فإن سبقه الحدث أو غلب عليه الخ وقال فيها السبق بغير علمه وقصده والغلبة بعلمه لكن لم يقدر على ضبطه اه ولو عض زنبور مثلا أو أصابته شجة فسال منها دم لا يبني لأنه بصنع العباد مع ندرته فلا يلحق بالغالب وعند أبي يوسف يبنى لعدم صنع نفسه ولو وقعت طوبة من سطح أو سفرجلة من شجرة أو تعثر بشيء موضوع في المسجد فأدماه قيل يبني إتفاقا لعدم صنع العباد وقيل هو على الخلاف أيضا كما في التبيين وغيره ولو عطس أو تنحنح فسبقه حدث بقوته قيل يبني وقيل لا وهو الصحيح كما في القهستاني عن الظهيرية واعلم أن البناء عند سبق الحدث مروي عن عائشة وابن عباس وأبي بكر وعمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وسلمان الفارسي وهؤلاء صحابة وعن علقمة وطاوس وسالم بن عبدالله وسعيد بن جبير والشعبي وابراهيم النخعي وعطاء ومكحول وسعيد بن المسيب رضي الله تعالى عنهم أجمعين وهؤلاء تابعون وكفى بهم قدوة كما في الفتح وغيره
قوله ( فأغنى عن أفراده بباب ) خالف القوم في ذلك ولم يستوف بما ذكره أحكامه المحتاج إلى بيانها
قوله ( والأفضل الاستئناف ) مطلقا تحررا عن شبهة الخلاف وقيل هذا في المنفرد وأما في غيره فالبناء أفضل صيانة لفضيلة الجماعة وقيده في السراج بما إذا كان لا يجد جماعة أخرى وهو الصحيح قال في النهر وينبغي وجوبه إذا ضاق الوقت اه
قوله ( خروجا من الخلاف ) أي خلاف الإمام الشافعي رضي الله عنه فإنه لا يقول بالبناء
قوله ( وعملا بالإجماع ) أي بالمجمع عليه وهو صحة الصلاة بعد الاستئناف وأما إذا بنى يكون عاملا بقول البعض والعمل بالمجمع عليه أولى وهذا يرجع إلى قوله خروجا من الخلاف
قوله ( على غير إمامه ) سواء كان الغير في الصلاة أم لا هذا إذا قصد تعليمه لأنه يقع جوابا من غير ضرورة فكان من كلام الناس وإن أراد القراءة دون التعليم لا تفسد كما في مسكين وغيره وفتح المراهق كالبالغ وتفسد بأخذ الإمام ممن ليس معه ولو سمع المقتدي ممن ليس معه في الصلاة ففتحه على إمامه يجب أن تبطل صلاة الكل لأنه تلقين من خارج كذا في البحر
قوله ( وفتحه على إمامه جائز ) لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة سورة المؤمنين فترك كلمة فلما فرغ قال ألم يكن فيكم
____________________
(1/226)
أبي قال بلى قال هلا فتحت علي قال ظننت أنها نسخت فقال صلى الله عليه وسلم لو نسخت لأعلمتكم وقال إذا استطعمك الإمام فأطعمه أي إذا استفتحك الإمام فافتح عليه والصحيح أنه ينوي الفتح دون التلاوة لأن الفتح مرخص فيه وقراءة المقتدي محظورة ويكره للمقتدي أن يعجل بالفتح لأن الإمام ربما يتذكر فيكون التلقين من غير حاجة ويكره للإمام أن يلجئهم إليه بأن يقف ساكنا بعد الحصر أو يكرر الآية بل ينتقل إلى آية أخرى أو يركع أن قرأ القدر المستحب وقيل قدر الفرض والأول هو الظاهر
قوله ( لإصلاح صلاتهما ) لأن لو لم يفتح ربما يجري على لسانه ما يكون مفسدا فيكون فيه إصلاح صلاة الإمام وبإصلاحها تصلح صلاة المقتدي
قوله ( ويفسدها التكبير بنية الإنتقال ) قيد بالتكبير لأنه لو نوى بقلبه فقط لا يكون قاطعا للأولى كما في المنح وغاية البيان
قوله ( لصلاة أخرى ) أخرج بالصلاة الصوم وأخرج بأخرى ما إذا كانت عين الأولى والمراد أنها أخرى ولو من وجه كما أفاده الشرح
قوله ( غير صلاته ) مستغنى عنه بقوله أخرى
قوله ( لتحصيل ما نواه ) علة للفساد
قوله ( كالمنفرد ) أشار به إلى ما قلنا من أن المراد بالأخرى الأخرى ولو من وجه لأن صلاة الجماعة غير صلاة الواحد في الجملة وكذا لو كبر ينوي إمامة النساء أو الواجب
قوله ( كمن انتقل بالتكبير من فرض إلى فرض ) فإنه يفسد الأول ثم إن كان صاحب ترتيب وفاتته صلاة وكبر ينوي غير الفائتة كان متنفلا وإلا صحت نيته الفريضة الفائتة
قوله ( وأشرنا إلخ ) أي بقوله أخرى
قوله ( من غير تلفظ بالنية ) أما لو تلفظ بها انتقض ما صلى ولا يجتزىء به
قوله ( لاختلاف حكم المنفرد والمسبوق ) ألا ترى أن الاقتداء بالمسبوق لا يصح وبالمنفرد يصح قاله في الشرح وهو داخل في الاختلاف لأن المراد به كما تقدم الاختلاف ولو من وجه
قوله ( وإذا لم يفسد ما مضى ) بفتح الياء وما مضى فاعله وهو مرتبط بقوله لا يفسد اه
قوله ( آخر صلاته به ) الجار متعلق بآخر يعني أنه إنما صار آخر بواسطة كونه مضمونا إلى ما مضى
قوله ( وفيه إشارة إلخ ) من حيث أن المتن قيد بالصلاة
قوله ( عن قضاء فرض ) إنما مثل بالقضاء دون الأداء لأن الأداء وقته معيار له لا يسع غيره فربما يقال انه إنما لا يصح فيه غيره لكونه معيارا ففرض المثال في القضاء ليتعين أن نية الإنتقال لا تعتبر أصلا لعدم اعتبار الشارع إياها لا للوجه المذكور في الأداء
قوله ( فيما ذكره ) أي من جميع المسائل المتقدمة أفاده السيد
قوله ( قبل الجلوس الأخير ) المراد به ما يقع آخر الصلاة وإن لم يسبقه غيره
قوله ( بل تخريج أبي سعيد البردعي ) أي أخذه واستنباطه والبردعي نسبة إلى بردعة بفتح الباء والدال والعين المهملتين وسكون الراء بلد بأذربيجان كذا قاله السيوطي في لب اللباب
قوله ( لصحة الخروج بالكلام والحدث العمد ) أي وهما حرامان
قوله ( فدل على أنه واجب لا فرض ) قد يقال أن الواجب لا بد أن يكون عبادة ولا يصح أن يكون محرما
قوله ( لعدم تعيين ما هو قربة ) أي للخروج منها
قوله ( وإنما الوجه فيه ) أي في فساد الصلاة
قوله ( وجود المغير ) يعني أن هذه المعاني مغيرة للفرض كنية الإقامة فاستوى في حدوثها أول الصلاة وآخرها
قوله ( وفيه بحث ) أي في هذا التغليظ ووجهه ما ذكره المؤلف في رسالته أن الدخول في صلاة فرض آخر فرض عليه وهو لا يتأتى إلا بخروجه من الأولى وما لا يتأتى الفرض إلا به فهو فرض
____________________
(1/227)
ولذا قال السيد وفي قوله وفيه بحث تأييد لما ذكره أبو سعيد البردعي من أن الخروج بصنعه فرض عند الإمام
قوله ( ويفسدها أيضا مد الهمزة في التكبير ) ذكر في النهر أنه لو مد همزة الاسم أو الخبر فسدت ولو في التحريمة لا يصير شارعا وخيف عليه الكفران كان قاصدا الاستفهام
قال في المعراج هذا من حيث الظاهر إذ الهمزة للإنكار وضعا أما من حيث انه يجوز أن تكون للتقرير فلا يلزم الكفر وتبعه في العناية ثم قال ولو مد باء أكبر لا تفسد وقيل تفسد منتقى وقال الحلبي وظاهره ترجيح عدم الفساد ومد الهاء خطأ أما مد اللام فحسن ما لم يخرج عن حده وحده أن لا يبالغ بحيث يحدث من ذلك الإشباع ألف بين اللام والهاء فإن فعل كره ولا تفسد في المختار أفاده السيد ولو كرر الراء بأن ارتعد طرف لسانه فنشأ منه تكرارها فالظاهر أنه إن كررها مرتين أفسدها لأن النطق بحرفين مفسد وانظر ما لو فتح باء أكبر ومدها والظاهر عدم الفساد لاغتفار الخطا في الإعراب في القراءة على المفتى به والمد بانفراده لا يفسد وحرره
قوله ( وقراءة ما لا يحفظه ) أي مطلقا سواء كان قليلا أو كثيرا وهو ظاهر الرواية عن الإمام وقيل لا تفسد ما لم يقرأ قدر الفاتحة وقيل لا تفسد ما لم يقرأ قدر آية وهو الأطهر كما في الحلبي وتبعه في سكب الأنهر وعندهما صلاته تامة لأنها عبادة انضافت إلى أخرى وهو النظر في المصحف ولهذا كانت القراءة في المصحف أفضل من القراءة غائبا إلا أنه يكره في الصلاة لما فيه من التشبه بأهل الكتاب كذا قالوا وفيه نظر لأن التشبه بأهل الكتاب لا يكره في كل شيء فاننا نأكل كما يأكلون ونشرب كما يشربون وإنما الحرام التشبه بهم فيما كان مذموما وما يقصد به التشبه
قاله قاضيخان في شرح الجامع الصغير فعلى هذا لو لم يقصد التشبه لم يكره عندهما كما في البحر ولأبي حنيفة في فسادها وجهان أحدهما أن حمل المصحف والنظر فيه وتقليب الأوراق عمل كثير وعلى هذا لو كان موضوعا بين يديه وهو لا يحمله ولا يقلب الأوراق أو قرأ المكتوب في المحراب لا تفسد والثاني أنه تلقن من المصحف فصار كما لو تلقن من غيره وهو مناف للصلاة وهذا يوجب التسوية بين المحمول وغيره فتفسد بكل حال وهو الصحيح كذا في الكافي ولو لم يكن قادرا إلا على القراءة من المحصف لا يجوز له ذلك ويصلي بغير قراءة لأنه أمي ولا فرق بين الإمام والمنفرد وتقييد الهداية بالإمام اتفاقي
قوله ( من مصحف ) أراد به ما كتب فيه شييء من القرآن كذا في النهر فعم ما لو قرأ من المحراب وهو الصحيح وأشار إليه بقوله وإن لم يحمله
قوله ( لانتفاء العمل والتلقي ) أي والقراءة مضافة إلى حفظه لا إلى تلقيه من المصحف
قوله ( زمن يسع أداء ركن ) وإن كان في ركن طويل والمراد أنه يسعه بسنته وهو قدر ثلاث تسبيحات وهذا مذهب الثاني وهو المختار كما في الدر
قوله ( مع كشف العورة ) الحاصل أن الكشف الكثير في الزمن الكثير مضر والقليل في القليل غير مضر كالكثير في القليل والقليل في الكثير والمراد بكشف العورة ما يعم كشف ربع العضو منها
قوله ( أو مع نجاسة مانعة ) ولو سهو أو تأتي الصور المذكورة في الكشف هنا
قوله ( أو ستر عورته الخ ) كأن هبت الريح فكشفته فستر عورته من ساعته فلا يضره
قوله ( وإذا لم يسلم مع الإمام الخ ) أما لو سلم معه فسدت صلاته لأنه سلم عمد أبناء على أنه أتمها
قوله ( لأن مدرك الخ ) روح العلة قوله لا حق الخ
قوله ( وهو يقضي قبل فراغ الإمام ) أي حتما إن أمكنه إدراكه
قوله ( فيقضي بعده
____________________
(1/228)
ركعة ) أي بعد سلام الإمام والأولى التصريح به
قوله ( وتمام تفريعه بالأصل ) أي في الأصل قال فيه وإن ركع مع إمامه وسجد قبله لزمه قضاء ركعتين لأنه يلتحق سجدتاه في الثانية بركوعه في الأولى لأنه كان معتبرا ويلغو ركوعه في الثانية لوقوعه عقب ركوعه الأول بلا سجود ثم ركوعه في الثالثة مع الإمام معتبر دون ركوعه في الرابعة لكونه قبل سجوده فيلتحق به سجوده في رابعة الإمام فيصير عليه الثانية والرابعة فيقضيهما وإن ركع قبل إمامه وسجد معه يقضي أربعا بلا قراءة لأن السجود لا يعتد به إذا لم يتقدمه ركوع صحيح وركوعه في كل الركعات قبل الإمام يبطل سجوده الحاصل معه وإما إن ركع إمامه وسجد ثم ركع وسجد بعده جازت صلاته فهذه خمس صور مأخوذة من فتح القدير والخلاصة والمراد أنها خمسة بما في المصنف
قوله ( للمسبوق ) أي المتابعة الثابتة للمسبوق والأولى كما قاله السيد أن يقول متابعة المسبوق الإمام في سجود السهو
قوله ( وقيد ركعته بسجدة ) أما إذا لم يقيد وسجد الإمام وجب متابعته وارتفض ما أداه وإن مضى على صلاته صحت لأن المتابعة واجبة لكونها في واجب وترك الواجب لا يوجب فسادا ويسجد للسهو بعد الفراغ من قضائه استحسانا ولو تابع المسبوق إمامه في سجود السهو فتبين أنه لا سهو عليه فصلاة المسبوق جائزة عند المتأخرين وعليه الفتوى ولو سجد الإمام للتلاوة فإن لم يتأكد انفراد المسبوق عاد حتما ولا يعتد بما أدى قبله ولو لم يعد فسدت صلاته لارتفاض القعود في حق الإمام فيرتفض في حقه وإن تأكد انفراده بتقييد الركعة بسجدة فإن عاد فسدت صلاته رواية واحدة وإن لم يعد ومضى ففيه روايتان وظاهر الرواية الفساد وهو أصح الروايتين لأن العود إلى سجود التلاوة يرفض القعدة فتبين أن المسبوق إنفرد في موضع الإقتداء فتفسد صلاته اه من الشرح مختصرا
قوله ( لأنه لختمها ) ولذلك يسمى أخيرا
قوله ( على المختار ) لأنها أثر القراءة فيعطي لها حكمها وهو الأصح وقيل لا ترفعها لأنها واجبة فلا ترفع الفرض وأختاره شمس الأئمة أفاده السيد
قوله ( عند الإمام ) وقالا لا تفسد صلاة المسبوق بقهقهة الإمام بعد ما قعد قدر التشهد لعدم فساد صلاة الإمام بها أو قيد بقوله بعد الجلوس الأخير لأن الحدث العمد لو حصل قبل القعود بطلت صلاة الكل إتفاقا وقيد وإفساد صلاة المسبوق عند الإمام بما إذا لم يتأكد إنفراده فلو قام قبل سلامه تاركا للواجب فقضى ركعة فسجد لها ثم فعل الإمام ذلك لا تفسدصلاته لأنه استحكم انفراده ذكره السيد والظاهر أن تصحيح قول الصاحبين في الأثني عشرية ينسحب على هذه الجزئية فتأمل
قوله ( ويفسدها السلام ) وإن لم يقل عليكم بحر عن الخلاصة ذكره السيد
قوله ( المغرب ورباعية المقيم ) بدل من غير الثنائية
قوله ( أو ظانا أنها الجمعة ) المناسب أن يزيد وهي الظهر مثلا ليساوي ما قبله وما بعده
قوله ( لأنه سلام عمد على جهة القطع ) أي بخلاف ما إذا سلم على رأس الركعتين من الرباعية على ظن أنها الرابعة حيث لا تفسد ذكره السيد وبقي من المفسدات الإرتداد بالقلب وكل ما أوجب الوضوء والغسل وترك الركن بلا قضاء والشرط بلا عذر كذا في النهر
تكميل زلة القارىء من أهم المسائل وهي مبنية على قواعد ناشئة من الاختلافات لا كما توهم أنه ليس لها قاعدة تبني عليها فالأصل فيها عند الإمام ومحمد رحمهما الله تعالى تغير المعنى
____________________
(1/229)
تغيرا فاحشا وعدمه للفسا وعدمه مطلقا سواء كان اللفظ موجودا في القرآن أو لم يكن وعندأبي يوسف رحمه الله إن كان اللفظ نظيره موجودا في القرآن لا تفسد مطلقا تغير المعنى تغيرا فاحشا أو لا وإن لم يكن موجودا في القرآن تفسد مطلقا ولا يعتبر الإعراب أصلا ومحل الاختلاف في الخطأ والنسيان أما في العمد فتفسد به مطلقا بالاتفاق إذا كان مما يفسد الصلاة أما إذا كان ثناء فلا يفسد ولو تعمد ذلك أفاده ابن أمير حاج وفي هذا الفصل مسائل
الأولى الخطأ في الإعراب ويدخل فيه تخفيف المشدد وعكسه وقصر الممدود وعكسه وفك المدغم وعكسه فإن لم يتغير به المعنى لا تفسد به صلاته بالإجماع كما في المضمرات وإذا تغير المعنى نحو أن يقرأ وإذ ابتلى ابراهيم ربه برفع ابراهيم ونصب ربه فالصحيح عنهما الفساد وعلى قياس قول أبي يوسف لا تفسد لأنه لا يعتبر الإعراب وبه يفتي وأجمع المتأخرون كمحمد بن مقاتل ومحمد بن سلام واسمعيل الزاهد وأبي بكر سعيد البلخي والهندواني وابن الفضل والحلواني على أن الخطأ في الإعراب لا يفسد مطلقا وإن كان مما اعتقاده كفر لأن أكثر الناس لا يميزون بين وجوه الإعراب وفي اختيار الصواب في الإعراب إيقاع الناس في الحرج وهو مرفوع شرعا وعلى هذا مشى في الخلاصة فقال وفي النوازل لا تفسد في الكل وبه يفتى وينبغي ان يكون هذا فيما إذا كان خطأ أو غلطا وهو لا يعلم أو تعمد ذلك مع ما لا يغير المعنى كثيرا كنصب الرحمن في قوله تعالى { الرحمن على العرش استوى } أما لو تعمد مع ما يغير المعنى كثيرا أو يكون اعتقاده كفرا فالفساد حينئذ أقل الأحوال والمفتى به قول أبي يوسف وأما تخفيف المشدد كما لو قرأ إياك نعبد أو رب العالمين بالتخفيف فقال المتأخرون لا تفسد مطلقا من غير استثناء على المختار لأن ترك المد والتشديد بمنزلة الخطأ في الإعراب كما في قاضيخان وهو الأصح كما في المضمرات وكذا نص في الذخيرة على أنه الأصح كما في ابن أمير حاج وحكم تشديد المخفف كحكم عكسه في الخلاف والتفصيل وكذا إظهار المدغم وعكسه فالكل نوع واحد كما في الحلبي
المسألة الثانية في الوقف والإبتداء في غيره وضعهما فإن لم يتغير به المعنى لا تفسدبالإجماع من المتقدمين والمتأخرين وإن تغير به المعنى فهي إختلاف والفتوى على عدم الفساد بكل حال وهو قول عامة علمائنا المتأخرين لأن في مراعاة الوقف والوصل إيقاع الناس في الحرج لا سيما العوام والحرج مرفوع كما في الذخيرة والسراجية والنصاب وفيه أيضا لو ترك الوقف في جميع القرآن لا تفسد صلاته عندنا وأما الحكم في قطع بعض الكلمة كما لو أراد أن يقول الحمدلله فقال ال فوقف على اللام أو على الحاء أو على الميم أو أراد أن يقرأ والعاديات فقال والعا فوقف على العين لانقطاع نفسه أو نسيان الباقي ثم تمم أو انتقل إلى آية أخرى فالذي عليه عامة المشايخ عدم الفساد مطلقا وان غير المعنى للضرورة وعموم البلوى كما في الذخيرة وهو الأصح كما ذكره أبو الليث
المسألة الثالثة وضع حرف موضع حرف آخر فإن كانت الكلمة لا تخرج عن لفظ القرآن ولم يتغير به المعنى المراد لا تفسد كما لو قرأ أن الظالمون بواو الرفع أو قال والأرض وما دحاها مكان طحاها وإن خرجت به عن لفظ القرآن ولم يتغير به المعنى لا تفسد عندهما خلافا لأبي يوسف كما لو قرأ قيامين بالقسط مكان قوامين أو دوارا مكان ديارا وإن لم تخرج به عن لفظ القرآن وتغير به المعنى فالخلاف
____________________
(1/230)
بالعكس كما لو قرأ وأنتم خامدون مكان سامدون وللمتأخرين قواعد آخر غير ما ذكرنا واقتصرنا على ما سبق لإطرادها في كل الفروع بخلاف قواعد المتأخرين
واعلم أنه لا يقيس مسائل زلة القارىء بعضها على بعض إلا من له دراية باللغة والعربية والمعاني وغير ذلك مما يحتاج إليه التفسير كما في منية المصلي وفي النهر وأحسن من لخص من كلامهم في زلة القارىء الكمال في زاد الفقيه فقال إن كان الخطأ في الإعراب ولم يتغير به المعنى ككسر قواما مكان فتحها وفتح باء نعبد مكان ضمها لا تفسد وإن غير كنصب همزة العلماء وضم هاء الجلالة من قوله تعالى { إنما يخشى الله من عباده العلماء } فاطر 53 تفسد على قول التمقدمين واختلف المتأخرون فقال ابن الفضل وابن مقاتل وأبو جعفر والحلواني وابن سلام واسمعيل الزاهدي لا تفسد وقول هؤلاء أوسع وإن كان بوضع حرف مكان حرف ولم يتغير المعنى نحو أياب مكان أواب لا تفسد وعن أبي سعيد تفسد وكثيرا ما يقع في قراءة بعض القرويين والأتراك والسودان وياك نعبد بواو مكان الهمزة والصراط الذين بزيادة الألف واللام وصرحوا في الصورتين بعدم الفساد وإن غير المعنى وتمامه فيه فليراجع والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل فيما لا يفسد الصلاة لو أدخله مع المكروهات لكان أولى وأخصر
قوله ( لو نظر المصلى إلى مكتوب الخ ) وجه عدم الفساد أنه إنما يتحقق بالقراءة وبالنظر والفهم لم تحصل وإليه أشار المؤلف بقوله لعدم النطق
قوله ( قصد الاستفهام ) بهذا علم أن ترك الخشوع لا يخل بالصحة بل بالكمال ولذا قال في الخانية والخلاصة إذا تفكر في الصلاة فتذكر شعرا أو خطبة فقرأها بقلبه ولم يتكلم بلسانه لا تفسد صلاته كما في البحر
قوله ( أساء الأدب ) لأن فيه إشتغالا عن الصلاة وظاهره ان الكراهة تنزيهية وهذا إنما يكون بالقصد وأما لو وقع نظره عليه من غير قصده وفهمه فلا يكره
قوله ( أو أكل ما بين أسنانه ) قيد به لأنه لو تناول شيئا من خارج ولو سمسمة أو قطرة مطر فوصلت إلى حلقه فسدت صلاته وصومه إذا كان ذاكرا
قوله ( وكان دون الحمصة ) أما إذا كان قدر الحمصة فأكثر أفسدها كما يفسد الصوم فما يفسدها يفسده وما لا فلا
قوله ( بلا عمل كثير ) أما إذا كان مضغه كثيرا فلا خلاف في الفساد كما في البحر بخلاف إبتلاع القليل بعمل قليل لأنه تبع لريقه ولا يمكن الاحتراز عنه
قوله ( كره ) هو كالقائه في المسجد والذي يقتضيه النظر الفقهي عدم التعرض له إلى أن يفرغ من صلاته فيلقيه في محل مباح ولا يأكله فقد ورد كلوا الوغم وأطرحوا الفغم
قال ابن الأثير في نهايته الوغم ما يتساقط من الطعام والفم ما يخرجه الخلال من بين الأسنان اه أي ارموا ما يخرجه الخلال وكذا ما يخرج بنفسه خصوصا ان مكث كثيرا لتغيره وإن أكله مع ذلك كره خارجها أيضا
قوله ( أو مر مار ) عبر بهذا التركيب لصحته لوقوعه في أفصح كلام قال تعالى { سأل سائل }
قوله ( سواء المرأة والكلب ) أشار به إلى خلاف الظاهرية فقالوا إن مرورها بين يديه وكذا الكلب والحمار مفسد
قوله ( لقوله صلى الله عليه وسلم الخ ) ولما أخرج أبو داود عن الفضل بن عباس أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية لنا ومعه عباس فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة وكلبة وحمارة يعبثان بين يديه فما بالي بذلك
قوله ( فإنما هو شيطان ) سواء كان آدميا أو غيره لأن الشيطان يعم قال تعالى { شياطين الإنس والجن } الأنعام 6
قوله ( المكلف بتعمده ) أخرج غير المكلف وغير المتعمد فلا إثم عليهما
واعلم أن المسألة على أربعة أوجه كما نقله
____________________
(1/231)
الشلبي عن البدائع وابن أمير حاج عن ابن دقيق العيد أحدها أن يكون للمار مندوحة عن المرور ولم يتعرض المصلى لذلك فيختص المار بالإثم الثاني مقابله وهو أن يتعرض المصلي للمرور وليس للمار مندوحة فيختص المصلي بالإثم دون المار الثالث أن يتعرض المصلي وللمار مندوحة فيأثمان
الرابع أن لا يتعرض المصلي ولا يكون للمار مندوحة فلا يأثم واحد منهما
قوله ( بين يدي المصلي ) أي بقربه وعبر بهما لكون أكثر الشغل يقع بهما كذا قاله البدر العيني في شرح البخاري
قوله ( ماذا عليه ) قال النووي في رواية رويناها في الأربعين لعبد القاهر الرهاوي ماذا عليه من الإثم
قوله ( لكان يقف أربعين خيرا له ) الذي في الجامع الصغير من رواية مالك والشيخين والأربعة عن أبي جهم لكان أن يقف بإثبات أن وهو الصواب وقال المناوي في قوله خيرا له بنصب خيرا على أنه خبر كان ورفعه على أنه اسمها ويقف الخبر
قوله ( أربعين خريفا ) أي عاما من تسسمية الكل باسم جزئه المتوسط في الحسن عن باقي أجزائه
قوله ( على الأصح ) وقال فخر الإسلام هو موضوع يقع عليه بصر خاشع
قال التمرتاشي وهو الأصح لاطراده فإنه ما اختار شيئا إلا وهو يطرد في الصور كلها فهو الإمام الذي حاز قصبات السبق في ميدان التحقيق كما في العناية وصححه أيضا في النهاية
قال المحقق في الفتح والذي يظهر ترجيح ما اختاره فخر الإسلام وكونه من غير تفصيل بين المسجد وغيره فإن المؤثم هو المرور بين يدي المصلي حقيقة وكون المسجد أو البيت اعتبر بقعة واحدة في بعض الأحكام لا يستلزم تغيير الأمر الحسي وهو المرور من بعيد يجعل البعيد قريبا اه
قوله ( في المسجد الكبير ) هو أن يكون أربعين فأكثر وقيل ستين فأكثر والصغير بعكسه أفاده القهستاني وأفاد أن المختار الأول والبيت والدار ينبغي أن يكونا على هذا التفصيل كما في غاية البيان والقهستاني
قوله ( وفي الصغير مطلقا ) ما لم يكن هناك حائل كاسطوانة صلى إليها
قوله ( وبما دون قامة يصلي عليها ) عطف على قوله بمحل السجود
قوله ( لا فيما وراء ذلك ) وهو ما كان قدر القامة أو أزيد أو كان المرور في غير محل السجود في المسجد الكبير والصحراء
قوله ( لما فيه من التضييق على المارة ) علة لقوله لا فيما وراء ذلك
قوله ( يعني فرجها الداخل ) نص على المتوهم
قوله ( بشهوة ) حد الشهوة أن تنتشر الإلة أو يزداد انتشارها إن كانت منتشرة قبل وفي المرأة والشيخ الفاني ميل القلب وقوله في المختار مقابله القول بالفساد به
قوله ( وإن ثبت به الرجعة ) أي في المطلقة رجعيا وتثبت به حرمة المصاهرة في الأجنبية
قوله ( والجماع عمل كثير ) أي فكذا ما كان بمعناه فيفسد واعلم أن هذا يفيد تقييد اللمس بالشهوة لأنه لا يكون في معنى الجماع إلا هما وقوله أو لمسها بشهوة أي منه لأنه في معنى الجماع
قوله ( لم تفسد صلاته ) فإن قلت ما الفرق بين تقبيلها إياه أو لمسها وهو يصلي بغير شهوة منه وبين تقبيله إياها أو لمسه وهي تصلي بغير شهوة أيضا حيث تفسد صلاتها لا صلاته
قلت الفرق أن الشهوة فيهن أبلغ فتقبيله مستلزم لاشتهائها وأيضا تقبيله مطلقا ومسه بشهوة في معنى الجماع يعني والجماع فعل الزوج ففعله الدواعي كفعله حقيقة الجماع ولو جامعها ولو بين الفخذ تفسد صلاتها فكذا هذا بخلاف المرأة فإن الجماع ليس فعلها فلا يكون إتيانها بالدواعي في معنى الجماع ما لم يشته الزوج أفاده الحلبي والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في المكروهات قوله ( المكروه ضد المحبوب ) هذا معناه لغة
قوله
____________________
(1/232)
( وما كان النهي فيه ظنيا ) هذا معناه شرعا أفاد السيد في التلويح أن ما كان تركه أولى فمع المنع عن الفعل بدليل قطعي حرام وبدليل ظني مكروه كراهة التحريم وبدون المنع عن الفعل مكروه كراهة التنزيه وهذا على رأي الإمام محمد رضي الله تعالى عنه وعلى رأي الشيخين ما يكون تركه أولى من فعله فهو مع المنع عن الفعل حرام وبدونه مكروه كراهة التنزيه إن كان إلى الحل أقرب بمعنى أنه لا يعاقب فاعله لكن يثاب تاركه أدنى ثواب وكراهة التحريم إن كان إلى الحرام أقرب بمعنى أن فاعله يستحق محذورا دون العقوبة بالنار كحرمان الشفاعة اه
المراد منه والمراد بالشفاعة شفاعة مخصوصة كرفع الدرجات لا مطلق الشفاعة لأنه لا يحرمها مرتكب الكبيرة على ما صرح به قوله صلى الله عليه وسلم شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي فكيف مرتكب المكروه أفاده عماد الدين محشي التلويح وذكر الخيالي في حاشية شرح العقائد ما نصه لا يقال مرتكب المكروه ويستحق حرمان الشفاعة كما نص عليه في التلويح فيحرم أهل الكبائر بطريق الأولى
لأنا نقول لا نسلم الملازمة لأن جزاء الأدنى لا يستلزم أن يكون جزاء الأعلى الذي له جزاء آخر عظيم ولو سلم فلعل المراد حرمان الشفيعية يعني كونه شافعا أو حرمان الشفاعة لرفع الدرجات أو بعدم الدخول أي دخول النار أو في بعض مواقف الحشر أو أن الاستحقاق لا يستلزم الوقوع اه بزيادة ما وقال ابن أمير حاج وكثيرا ما تطلق الكراهة على كراهة التنزيه أي والأصل في إطلاقها التحريم وحينئذ فلا بد من النظر في الدليل الفارق بينهما كما في البحر والنهر وحاصله أن الفعل أن تضمن ترك واجب فمكروه تحريما وان تضمن ترك سنة فمكروه تنزيها لكن تتفاوت كراهته في الشدة والقرب من التحريم بحسب تأكد السنة وإن لم يتضمن شيئا منهما فإن كان أجنبيا من الصلاة وليس فيه تتميم لها ولا دفع ضرر فهو مكروه أيضا كالعبث بالثوب أو البدن وكل ما يشغل القلب وكذا ما هو من عادة أهل التكبر وصنيع أهل الكتاب وكراهة ذلك على حسب ما يقتضيه الدليل فإن كان الدليل مفيدا للنهي الظني الثبوت فالكراهة تحريمية إلا إذا وجد له صارف عن التحريم وإن لم يفد النهي بل كان مفيدا للترك من غير جزم فتنزيهية وأما إذا كان فهي تتميم لها فذكر في الخلاصة أنه لو لم تمكنه عمامته من السجود فرفعها بيد واحدة أو سواها كذلك لا يكره لأنه من متممات الصلاة أو كان فيه دفع ضرر كقتل الحية والعقرب فإنه لا يكره كما في الحلبي
قوله ( إلا لصارف ) كقوله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه فإنه نهى صرف عن ظاهره لأن الكراهة لتفويت النظر المندوب في الصلاة فتكون للتنزيه
قوله ( وإن لم يكن الدليل نهيا الخ ) كقولعمر رضي الله عنه لمن رآه يصلي في ثياب البذلة أرأيت لو كنت أرسلتك إلى بعض الناس أكنت تمر في ثيابك هذه فقال ) لا فقال عمر الله أحق أن تتزين له
قوله ( والمكروه تنزيها الخ ) هذا على رأي الشيخين كما علمت من كلام صاحب التلويح كما أن أول الكلام على رأي محمد
قوله ( مع كونها صحيحة ) لإستجماع شرائطها كذا في الشرح
قوله ( لترك واجب وجوبا ) في الوقت وبعده ندبا كذا في الدر أول قضاء الفوائت
قوله ( وتعاد استحبابا بترك غيره ) أي السنة وظاهر اطلاقه ندبها ولو بعد الوقت دفعا للكراهة
قوله ( أديت مع الكراهة الخ ) وجه الاستدلال أنه أطلق الكراهة فعم التحريمية والتنزيهية
قوله ( تأويله النهي عن الإعادة الخ ) أو النهي عن
____________________
(1/233)
المماثلة في القراءة أو عن تكرارها في الجماعة وهذا من تتمة كلام صاحب التجنيس لا من كلام المؤلف
قوله ( لا تحديدا ) فهي تزيد عن هذا العدد والمراد بالكراهة ما يعم التحريمية والتنزيهية
قوله ( أما يخشى أحدكم الخ ) بدل من الوعيد أو خبر لمبتدأ محذوف
قوله ( أو يجعل الخ ) يحتمل أنه شك من الراوي أو رواية أخرى
قوله ( ومجاوزة اليدين الأذنين ) أ من غير عذر وإلا بأن كانت لا تطاوعه يداه إلا هكذا فلا كراهة
قوله ( وجعلهما تحت المنكبين ) إنما قال ذلك ولم يقل حذو المنكبين لأنه قدم أن هذا ورد من فعله صلى الله عليه وسلم
قوله ( لأنه ينافي الخشوع الخ ) الخشوع حضور القلب وتسكين الجوارح والمحافظة على الأركان قهستاني
قوله ( فكان مكروها ) أي تحريما أفاده السيد وغيره
قوله ( والرفث في الصيام ) الظاهر أن المراد به ذكر الجماع بحضرة النساء لا الجماع لأنه مفسد
قوله ( والضحك عند المقابر ) ورد أنه من الموبقات لأن المحل للاتعاظ
قوله ( والعبث الخ ) قال بدر الدين الكردري العبث ما لا غرض فيه شرعا والسفه ما لا غرض فيه أصلا وفي الجوهرة العبث ما لا لذة فيه وما فيه لذة فهو اللعب اه وعبارة الصحاح تفيد الترادف بين العبث واللعب
قوله ( فعل ما ليس من أفعال الصلاة ) قال في النهاية والعناية وفتح القدير إنما يكره العبث في الصلاة إذا لم تدع الحاجة إليه فإن دعت فلا بأس به كسلت العرق عن وجهه أو التراب عند الإيذاء
قوله ( وقلب الحصا ) بالقصر جمع حصاة الحجارة الصغار
قوله ( إلا للسجود ) أي ليتمكن من السجود التام أما إذا لم يمكنه أصل السجود فيجب كما في النهر
قوله ( قال جابر الخ ) وقال أبو ذر سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كل شيء حتى سألته عن مسح الحصاء فقال واحدة أودع وقال الكردري في ذلك سمعا وهو سأل أبو ذر خير البشر فقال يا أبا ذر مرة وإلا فذر كما في السراج وغاية البيان فما يروي يا أبا ذر مرة وإلا فذر من الرواية بالمعنى
قوله ( ولأن تمسك عنها الخ ) هذا يدل على أن الترك أولى وصرح به في البدائع والنهاية قال في البحر لأنه كان يمكنه التسوية قبل الشروع فكان مقصرا في تركه اه
قوله ( سود الحدق ) كناية عن العظم وغلاء القيم
فروع كره مسح جبهته من نحو تراب كحشيش أو عرق في خلالها إلا لحاجة تدعو إلى ذلك فإن دعت إليه الحاجة بأن ضره أو شغله عن الخشوع فلا كراهة وأما بعد السلام فلا يكره لما روى ابن السني في كتابه عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى صلاته مسح جبهته بيده اليمنى ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله الرحمن الرحيم اللهم أذهب عني الهم والحزن
قال المحقق ابن أمير حاج حاصل هذه المسألة أربعة وجوه أحدها أن يمسح جبهته من العرق أو التراب بعد السلام فذلك مستحب لأنه خرج من الصلاة وفيه إزالة الأذى عن نفسه
الثاني أن يسمح بعد الفراغ من أعمال الصلاة قبل السلام قال في البدائع لا بأس به بالإجماع لأنه لو قطع الصلاة في هذه الحالة لا يكره فلأن لا يكره إدخال فعل قليل أولى
الثالث أن يمسح بعد ما رفع رأسه من السجدة الأخيرة قبل أن يقعد قدر التشهد فقال السرخسي لا بأس به وقال الحلواني فيه اختلاف ألفاظ الكتب ففي بعضها أكره ذلك وفي بعضها لا أكره ذلك ولكل دليل من السنة
الرابع أن يمسح في خلال الصلاة اه وظاهر الرواية كما في التحفة أنه يكره وهو الصحيح
قوله ( لا تفرقع الخ ) هذا يفيد التحريم وألحق في
____________________
(1/234)
المجتبى منتظر الصلاة والماشي إليها بمن فيها وأما خارج الصلاة ففي القهستاني وتكره خارج الصلاة عند كثرين اه وعلله في المجتبى كما في البحر بأنها من الشيطان لكن قال لما لم يكن فيها خارجها فهي لم تكن تحريمية اه وعلل في البرهان الكراهة بأنه نوع من العبث وقال صلى الله عليه وسلم الضاحك في الصلاة والملتفت والمفرقع أصابعه سواء يعني في الإثم كذا في مجمع الروايات وإنما كره لأنه عمل قوم لوط فيكره التشبه بهم قال صلى الله عليه وسلم لعلي أني أحب لك ما أحب لنفسي لا تفرقع أصابعك وأنت تصلي كذا في المستصفى
قوله ( وتشيبكها ) ولو حال السعي إلى الصلاة لما روى أحمد وأبو داود وغيرهما مرفوعا إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوأه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبك بين يديه فإنه في صلاة وإذا كان منتظرا لها بالأولى والذي يظهر أنها أيضا تحريمية للنهي المذكور كما في البحر وأما إذا انصرف من الصلاة فلا بأس به وحكمة النهي عن التشبيك أنه من الشيطان كما في الحديث وأنه يجلب النوم وهو من مظان الحدث وأن صورة التشبيك تشبه صورة الاختلاف كما نبه عليه في حديث ابن عمر فكره ذلك لما هو في حكم الصلاة حتى لا يقع في المنهى عنه
قوله ( وهو أن يضع يده على خاصرته ) وهي ما بين عظم رأس الورك وأسفل الأضلاع
أفاده في القاموس وفي المصباح الإختصار والتخصر في الصلاة وضع اليد على الخصر وهو وسط الإنسان وهو المستدق فوق الوركين اه وقيل هو أن يتكىء على عصا في الصلاة وتسمى المخصرة بكسر الميم ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لابن أنيس وقد أعطاه عصا تخصر بها فإن المتخصريينن في الجنة كما في التبيين ولا شك في كراهة الإتكاء في الفرض لغير ضرورة كما صرحوا به لا في النفل مطلقا على الأصح كما في المجتبى وقيل هو أن لا يتم حدود الصلاة فإن لزم منه ترك واجب كره تحريما وإن أخل بسنة كره تنزيها وقيل أن يختصر القراءة فإن أخل بواجب كره تحريما وإلا فلا قال في النهر وهذه التأويلات لييس في اللفظ ما يمنع واحدا منها إلا أن الأنسب هو الأول اه
قوله ( وهو أشهر وأصح تأويلاتها ) وبه قال الجمهور من أهل اللغة والحديث والفقه
قوله ( لما فيه الخ ) أي فالكراهة لها سببان سبب يقتضي كراهة التنزيه وسبب يقتضي كراهة التحريم
قال في البحر والذي يظهر أنها تحريمية للنهي المذكور كذا في الشرح
قوله ( والإلتفات بعنقه لا بعينه ) الإلتفات ثلاثة أنواع مكروه وهو ما ذكر ومباح وهو أن ينظر بمؤخر عينيه يمنة ويسرة من غير أن يلوي عنقه ومبطل وهو أن يحول صدره عن القبلة إذا وقف قدر أداء ركن مستدبرا كما بحثه في البحر وهذا إذا كان من غير عذر أما به فلا لتصريحهم بأنه لو ظن أنه أحدث فاستدبر القبلة ثم علم أنه لم يحدث ولم يخرج من المسجد لا تبطل وفي الشرح والأولى ترك النوع الثاني لأنه ينافي الأدب لغير حاجة والظاهر أن فعله صلى الله عليه وسلم إياه كان لحاجة تفقد أحوال المقتدين مع ما فيه من بيان الجواز وإلا فهو صلى الله عليه وسلم كان ينظر من خلفه كما ينظر من أمامه كما في الصحيحين
قوله ( عن التفات الرجل في الصلاة ) ومثله المرأة والخنثى في هذا الحكم
قوله ( هو اختلاس ) أي اختطاف بسرعة والمراد والله أعلم أن الشيطان يشغله حتى يأخذ بعضا من صلاته فينقص ثواب ذلك المأخوذ ولما كان ذلك على سبيل الغرة والغفلة مع تمكن الآخذ ورغبة المأخوذ منه في غير ذلك أطلق عليه الاختلاس
قوله ( مقبلا على العبد ) أي بمزيد رحمته وإحسانه
قوله ( انصرف عنه ) أي منع عنه ذلك الإحسان
قوله ( ويكره أن يرمي بزاقه ) البزاق
____________________
(1/235)
كغراب ماء الفم إذا خرج منه وما دام فيه فهو ريق فتسميته بزاقا باعتبار المآل ويقال بالصاد والسين المهملتين
قوله ( إذا قام أحدكم إلى الصلاة ) ظاهره أنه يكره حال القيام إليها قبل الدخول فيها إلحاقا له بها
قوله ( فإنما يناجي الله ) أي يتحدث معه ويتكلم بكلامه وهذا على سبيل التمثيل لأن شأن المناجي أن يواجه من يناجيه فلا يقابله بما يخل بالأدب لا سيما إذا كان عظيما فيمثل المصلي حاله في حال صلاته بحال من يناجي عظيما مواجها له فلا يأتي بما فيه سوء الأدب
قوله ( فإن عن يمينه ملكين ) الحديث المتفق عليه ملكا بالإفراد واستشكل بأن في اليسار أيضا ملكا وأجيب بأنه ورد في حديث أبي أمامة فإنه يقوم بين يدي الله تعالى وملك عن يمينه وقرينه عن يساره أي فلعل المصلي إذا تفل عن يساره يقع على قرينه وهو الشيطان ولا يصيب الملك منه شيء كما في العيني على البخاري وفي شرح المشكاة عن الحافظ ابن حجر واستثنى بعضهم من بالمسجد النبوي مستقبلا القبلة فإن بصاقه عن يمينه أولى لأنه صلى الله عليه وسلم عن يساره اه
قال وهو وجه وجيه كما لو كان على يساره جماعة ولم يتمكن منه تحت قدمه فإن الظاهر حينئذ أنه عن اليمين أولى اه قلت لا سيما إذا كان المصلى في الروضة
قوله ( وفي الصحيحين الخ ) أورد أنه يدل على جواز البزاق في المسجد لأنه لو كان معصية لم يكفر بالدفن وحده بل بالتوبة أجيب بأن التوبة عن كل ذنب لما كانت معلومة الوجوب سكت عنها فيكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم وكفارتها دفنها أي مع التوبة بدليل تسميتها خطيئة قال ابن أمير حاج
قوله ( وكره الإقعاء ) كراهة تحريم
قوله ( وينصب ركبتيه ) ويضمهما إلى صدره ويضع يديه على الأرض وقال الكرخي هو أن ينصب قدميه ويقعد على عقبيه واضعا يديه على الأرض اه قالالزيلعي والأول أصح لأنه أشبه باقعاء الكلب يعني أن كون الأول هو المراد في الحديث أصح لا أن ما قالهالكرخي غير مكروه بل يكره ذلك أيضا كما في الفتح والمضمرات وأفاد الحلبي أن الإقعاء خارج الصلاة مكروه أيضا على التفسير الأول
قوله ( عن نقر كنقر الديك ) قال في غاية البيان المراد به تخفيف الركوع والسجود كالتقاط الديك الحبة بمنقاره اه
قوله ( وافتراش ذراعيه ) وهو بسطهما على الأرض حالة السجود إلا للمرأة كما في سكب الأنهر
قوله ( عن عقبة الشيطان ) العقبة بضم العين وسكون القاف وبفتح العين وسكون القاف أفاده الشرح
قوله ( وتشمير كميه عنهما ) أي عن ذراعيه سواء كان إلى المرفقين أو لا على الظاهر كما في البحر لصدق كف الثوب على الكل ولو شمرهما قبل الصلاة ثم دخل فيها اختلف في الكراهة كذا في النهر
قوله ( لما فيه من الجفاء ) عبر بعضهم بقوله لما فيه من التكبر المنافي لموضوع الصلاة اه
قوله ( وصلاته في السراويل أو في إزار ) قال في الفتح والصلاة متوشحا لا تكره وفي ثوب واحد ليس على عاتقه بعضه تكره إلا لضرورة العدم والإزار يذكر ويؤنث يقال هو إزار وهي أزار ومئزر وزن منبر مثله
قوله ( لما فيه من التهاون ) هذا يفيد كراهة التحريم
قوله ( ومقنعة ) هي بكسر الميم وسكون القاف وفتح النون ثوب يوضع على الرأس ويربط تحت الحنك والقناع أوسع منه لأنه يعطف من تحت الحنك ويربط على القفا والخمار أكبر منهما لأنه يغطي به الرأس وترسل أطرافه على الظهر أو الصدر
قوله ( لا بأس للمصلي أن يجيب ) قالالحلواني لا بأس أن يتكلم مع المصلي وأن يجيب هو برأسه أو بيده ولو سلم على
____________________
(1/236)
المصلي يرد في نفسه عنده وبعد الصلاة عند محمد ولا يرد مطلقا عند أبي يوسف اه وذكر الخطابي والطحاوي أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على ابن مسعود رضي الله تعالى عنه بعد فراغه من الصلاة كذا في الشرح عن مجمع الروايات وهو يؤيد قول محمد
قوله ( فنادته الملائكة ) أي لقوله تعالى { فنادته } الخ وفيه أنه يمكن أن يقال إن الكلام في الصلاة كان جائزا في شريعتهم كما كان جائز في صدر الإسلام فحيث جاز نفس الكلام فالمناداة له من غيره أولى فالأولى الإقتصار على الدليل الأول
قوله ( بلا عذر ) أما بالعذر فلا كراهة لأن العذر يبيح ترك الواجب فأولى السنة
قوله ( لترك سنة القعود ) هذا يفيد أنه مكروه تنزيها أفاده الشرح
قوله ( وهو إدخال الساقين في الفخذين ) الأولى تحت الفخذين كما ترشد إليه عبارته في الشرح
قوله ( وهو شده على القفا أو الرأس ) بخيط أو بصمغ قال السيد في شرحه وفيه إشعار بأن ضفر الشعر مع إرساله لا يمتنع وبه صرح ابن العز اه ثم الكراهة إذا فعله قبل الصلاة وصلى به على تلك الهيئة مطلقا سواء تعمده للصلاة أم لا وأما لو فعل شيئا من ذلك وهو في الصلاة تفسد صلاته لأنه عمل كثير بالإجماع كما في الحلبي
قوله ( أو تكوير عمامته على رأسه ) أي لف العمامة حول الرأس وإبداء الهامة كما في الظهيرية فقوله وترك وسطها مكشوفا راجع إلى تفسير الشرح أيضا والمراد أنه مكشوف عن العمامة لا مكشوف أصلا لأنه فعل ما لا يفعل
قوله ( لنهي النبي صلى الله عليه وسلم ) هذا يفيد كراهة التحريم
قوله ( وقيل أن يجمع ثوبه الخ ) لأنه صنيع أهل الكتاب كذا علله العتابي وفي الخلاصة أنه لا يكره قال الحلبي وهو المختار
قوله ( لما فيه من التجبر ) قال في منية المصلي ويكره كل ما كان من أخلاق الجبابرة اه وقيل لا بأس برفعه عن التراب والأصح الإطلاق لأنه إذا كان تتريب الوجه في السجود مندوبا فما ظنك بالثوب
قوله ( وأن لا أكف شعرا ) أي أجمعه
قوله ( ويكره سدله ) أي سدل المصلي ثوبه وهو في اللغة الإرخاء والإرسال وفي الشرع الإرسال بدون لبس معتاد وهذا إذا كان بغير عذر أما بالعذر كبرد وحر شديدين فلا يكره
قوله ( وهو أن يجعل الثوب على رأسه وكتفيه ) المراد بالثوب هنا الطيلسان كما في شرح الوقاية
قوله ( أو كتفيه الخ ) هذا في القيام ونحوه والمختار عدم الكراهة كما في الخلاصة لكن ما في الخلاصة تعقبه البرهان الحلبي بأنه لم يوافقه على هذا أحد سوى البزازي والصحيح الذي عليه قاضيخان والجمهور أنه يكره لأنه إذا لم يدخل يديه في كميه صدق عليه اسم السدل لأنه إرخاء للثوب بدون لبس معتاد اه
قوله ( فيكره التلثم ) اللثام ما كان على الفم من النقاب واللقام ما كان على أرنبة الأنف وفي الزيلعي التلثم تغطية الأنف والفم في الصلاة وفي البحر عن فتح القدير أن السدل يصدق على أن يكون المنديل مرسلا من كتفيه كما يعتاده كثير فينبغي لمن على عنقه منديل أن يضعه عند الصلاة ولا فرق بين أن يكون الثوب محفوظا عن الوقوع أولا اه ومثل المنديل فيما يظهر المسمى بالشال الذي يوضع على الأكتاف لكنه قد قال إنه لبس معتاد الآن ولا كبر في جعله على الكتف
قوله ( ولا كراهة في السدل الخ ) قال ابن أمير حاج في السدل هذا كله عند عدم العذر وعدم التكبر فإن كان لعذر من غير تكبر فلا كراهة مطلقا وإن كان مع العذر متكبرا أو للتكبر فقط كره مطلقا اه
قوله ( بعد تمام الإنتقال ) كأن يكبر للركوع مثلا بعد الانتهاء إلى حد الركوع أو يقول سمع الله لمن حمده
____________________
(1/237)
بعد تمام القيام والسنة أن يكون ابتداء الذكر عند ابتداء الإنتقال وانتهاؤه عند انتهائه وإن خالف ترك السنة
قال في الأشباه كل ذكر فات محله لا يؤتى به في غيره
قوله ( ويكره إطالة الركعة الأولى الخ ) هذا عندهما واختار محمد التطويل
قوله ( في كل شفع من التطوع ) أما في الفرض فإنه مسنون إجماعا في صلاة الفجر وكذا في غير الفجر عند محمد كذا في منلا مسكين وفي النهر عن المعراج وعليه الفتوى
قوله ( فإنه من حيث القراءة ملحق بالنوافل ) جواب عما يقال إن الوتر فرض عملي
قوله ( وقال الإمام أبو اليسر ) وكذا قال المحبوبي وقد علمت أنه قول محمد
قوله ( بثلاث آيات ) إنما قيد بها لأنه لا كراهة فيما دونها لما ورد أنه صلى الله عليه وسلم صلى الفجر بالمعوذتين والثانية أطول من الأولى بآية وكراهة الإطالة بالثلاث فأكثر في غير ما وردت به السنة تنزيهية كذا في السيد
قوله ( لأنه ابتداء صلاة نفل ) أفاد أن إطالة ثالثة الفرض مكروهة
قوله ( فيما لم يرد فيه تخصيص من التوسعة ) أما ما ورد فيه نص فلا يكره كما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في أولى الجمعة والعيدين بالأعلى وفي الثانية بالغاشية والثانية زادت على الأولى بسبع آيات وأجاب الزاهدي بأن الزيادة تختلف بحسب السور فإن كانت السور قصارا فالثلاث آيات زيادة كثيرة مكروهة وإن كانت طوالا فالبسع آيات زيادة يسيرة غير مكروهة اه قالالحلبي وهو حسن
قوله ( في ركعة واحدة ) وكذا في الركعتين كما في النهر عن القنية وأما ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في أولى المغرب إذا زلزلت وأعادها في الثانية فيحمل على بيان الجواز والكراهة تنزيهية أفاده السيد
قوله ( وإن نسي لا يترك ) فرضه المؤلف هنا في الركعة الواحدة وفي الشرح في الركعة الثانية بأن أراد سورة غير ما قرأ أولا فقرأها بعينها فإنه لا يترك للحديث
قوله ( على نحوها ) أي قصدها أي قصدك إياه ولا تغيرها
قوله ( ويكره قراءة سورة ) وكذا الآية فوق الآية مطلقا سواء كان في ركعتين أو ركعة واستثنى في الأشباه النافلة فلا يكره فيها ذلك وأقره عليه الغزي والحموي ونقله عن أبي اليسر وجزم به في البحر والدرر وغيرهما
وقال بعض الفضلاء وفيه تأمل لأن النكس إذا كره خارج الصلاة كما يرشد إليه قوله وما شرع لتعليم الأطفال الخ لكون الترتيب من واجبات التلاوة ففي النافلة أولى وكون باب النفل واسعا لا يستلزم العموم بل في بعض الأحكام اه
قوله ( لا عن قصد ) أما إذا قرأها عن قصد فيكره ولكن يقرؤها في الثانية أيضا ولا يقرأ من فوقها قال البزازي لأن التكرار أهون من القراءة منكوسا كما في تنوير البصائر
قوله ( لقوله صلى الله عليه وسلم ) أي فقلنا بأنه يبتدىء القرآن ويختم ويبتدىء أيضا مرة أخرى ويختم ليحصل تلك الفضيلة
قوله ( وقال بعضهم لا يكره إذا كانت السورة طويلة ) لأنها بمنزلة سورتين قصيرتين بحر
قوله ( كما لو كان بينهما سورتان قصيرتان ) هو الأصح كذا في الدرة المنيفة
قوله ( والجمع بين سورتين الخ ) أي في ركعة واحدة لما فيه من شبهة التفضيل والهجر
قوله ( لا يكره هذا في النفل ) يعني القراءة منكوسا والفصل والجمع كما هو مفاد عبارة الخلاصة حيث قال بعد ما ذكر المسائل الثلاث وهذا كله في الفرائض أما في النوافل لا يكره اه وفيها لو كبر للركوع ثم بدا له أن يزيد في القراءة لا بأس به مالم يركع اه
قوله ( ويكره شم طيب ) كأن يدلك موضع سجوده بطيب أو يضع ذا رائحة طيبة عند أنفه في موضع السجود ليستنشقه أما إذا أمسكه بيده وشمه فالظاهر الفساد لأن من رآه يجزم أنه في غير الصلاة وأفاد بعض شراح المنية أنها لا تفسد بذلك أي إذا لم يكن بعمل كثير
قوله ( قصدا ) أما لو دخلت الرائحة أنفه بغير قصد فلا كذا في الشرح
قوله ( بكسر الميم وفتح الواو ) وأما بفتح الميم فهو المفازة والجمع المراويح وجمع الأول مراوح كذا نقل عن المصنف
قوله ( أو مرتين ) هذا بناء منه على أن العمل الكثير ثلاث حركات والقليل دون ذلك وقد
____________________
(1/238)
علمت المعتمد والذي في الذخيرة أنها تفسد بالمروحة وإن لم يتكرر بخلاف الكم ونقله رضي الدين في المحيط عن المنتقي ونصه تروح بطرف كمه لا تفسد ولو تروح بالمروحة قالوا تفسد لأن الناظر إليه يتيقن انه ليس في الصلاة اه
فقد بنى الفرع على ما هو الصحيح في تعريف العمل الكثير وفي الهندية عن التتارخانية يكره أن يذب بيده الذباب أو البعوض إلا عند الحاجة بعمل قليل اه
قوله ( عن القبلة ) انظر هل المراد عن جهتها فلا يكره إلا إذا وجه إلى المشارق أو المغارب أو المراد العين فيكره لتحويل اليسير خروجا من الخلاف
قوله ( ما استطاع إنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك لأن من الأعضاء ما لا يمكن توجيهه أصلا كالظهر وأعلى الشخص وأسفله
قوله ( لما فيه الخ ) يفيد أن الكراهة تنزيهية كما ان قوله بعد ذلك لتركه السنة يفيد ذلك
قوله ( حال القيام ) الحقيقي أو الحكمي كالقعود كذا في مجمع الأنهر
قوله ( وبوضع ظهر يمينه ) هذا إنما يفعل إن لم يمكن منعه بأخذ الشفة بالسن حتى لو غطى فمه بيده متمكنا من أخذ شقته كره نهر عن الخلاصة لأن التغطية مكروهة إلا لضرورة أفاده السيد قال في البحر وضع اليد ثابت في مسلم والكم قياس عليه كذا في الشرح
قوله ( في القيام ويساره في غيره ) كذا في البحر وذكره العلامة النحريري وقرره ولده عبدالله
قال بعض الحذاق وينبغي أن يعتمد هذا القيد لأن اليمين عينها الشارع لما شرف واليسار لما خبث والشيطان خبيث فيدفع باليسار كما في الجواهر النفيسة إلا أن في تغطية الفم باليسار حالة القيام تكثير عمل فيجتتب اه وعليه ففي غيره يغطي باليسار لعدم العلة المذكورة وفي الدر عطفا على المكروهات والتثاؤب ولو خارجها ذكره مسكين لأنه من الشيطان والأنبياء محفوظون منه اه
قوله ( ان الله يحب العطاس ) أي يثيب عليه لما يعقبه من الحمد والدعاء
قوله ( ويكره التثاؤب ) أي لا يثيب عليه ويحتمل أن يكون المعنى أنه يعاقب عليه باعتبار سببه فإنه اختياري كالامتلاء
قوله ( فإنما ذلكم من الشيطان ) هذا يفيد النهي عنه فهو مكروه تحريما
قوله ( وفي رواية فليمسك الخ ) يؤخذ من مجموع الحديثين التخيير بين رده ووضع اليد في فمه ووزعه المشايخ على الحالتين السابقتين
قوله ( فإن الشيطان يدخل فيه ) لا مانع من حمله على حقيقته فإن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم أو المراد أنه يوسوس إليه
قوله ( إلا لمصلحة ) كما إذا غمضهما لرؤية ما يمنع خشوعه نهر أو كمال خشوعه درأ وقصد قطع النظر عن الأغيار والتوجه إلى جانب الملك الغفار مجمع الأنهر وهذا يغني عن قوله فيما يأتي وبرؤية الخ
قوله ( فلا يغمض عينيه ) ظاهره التحريم قال في البحر وينبغي أن تكون الكراهة تنزيهية إذا كان لغير ضرورة ولا مصلحة اه
قوله ( لأنه يفوت النظر للمحل المندوب ) اختلف تعليل المشايخ الكراهة فعلل بعض بهذا الحديث وفي سنده ضعف كما في البحر وعلله صاحب البدائع بهذا التعليل وعلله الزيلعي بأنه ينافي الخشوع وفيه نوع عبث وعلل كما في الحلبي بأنه صنيع أهل الكتاب وربما يفيد هذا التحريم
قوله ( وطرف الخ ) من عطف الخاص
قوله ( ويفرق الخاطر ) أي يشتت القلب فهو من إطلاق الحال على المحل أو أن نفس ما يخطر به مما يتعلق بالحق تعالى يتفرق فيكون على حقيقته
قوله ( ما بال أقوام الخ ) قال العلماء في هذا الحديث وعيد شديد لفاعله وقد يفيد التحريم وقام الإجماع على كراهة ذلك في الصلاة لمنافاته الخشوع المطلوب وأما خارج الصلاة فجوزه الجمهور لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة أفاده العلامة
____________________
(1/239)
نوح
قوله ( والتمطي ) أي التمدد وهو مد يديه وإبداء صدره والعامة يخطئون بإبدال يائه عينا
قوله ( من التكاسل ) فظاهره انه مكروه تنزيها
قوله ( المنافي للصلاة ) أما المطلوب فيها فهو منها كتحريك الأصابع لعد التسبيح في صلاته
قوله ( كنتف شعرة ) أو شعرتين كذا في الشرح
قوله ( كالمشي في صلاته ) أي صلاة الخوف ظاهره أنه مكروه وهو مطلوب ويحتمل أن الضمير يرجع إلى المصلي لا بقيد صلاة الخوف ولا شك في كراهته وأفاد في الشرح أن الرمي مرة فيها مباح كالمشي فيها فقال لأنه لما أبيح له المشي فكذا الرمية لاحتياجه إليها اه والموجب لهذا الخلل قصد الاختصار
قوله ( ومنه أخذ قلة ) أي التعرض لها عند عدم الإيذاء
قوله ( لا يكره الأخذ ) لأن تركها يذهب الخشوع ويشغل القلب بالألم وتحمل الإساءة والكراهة المروية عن الإمام أبي يوسف على أخذها قصدا من غير عذر كما في الحلبي وإذا أخذها بعد التعرض بالإيذاء فإما أن يقتلها أو يدفنها والدفن أولى كما أشار إليه المصنف بقوله ويحترز الخ وهذا في غير المسجد أما فيه فلا بأس بالقتل بعمل قليل ولا يطرحها فيه بطريق الدفن أو غيره مطلقا سواء كان في الصلاة أم لا لحديث إذا وجد أحدكم القملة في ثيابه فليصرها ولا يطرحها في المسجد إلا إذا غلب على ظنه أنه يظفر بها بعد الفراغ من الصلاة فيخرجها
قوله ( ولا يجوز عندنا إلقاء قشرها في المسجد ) للنهي عن تقذيره ولو بطاهر قاله السيد
قوله ( لما روينا ) من أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يغطي الرجل فاه كذا في الشرح
قوله ( لا يذوب ) احترز به عما يذوب كالسكر يكون في فيه إذا ابتلع ذوبه فإنها تفسد ولو بدون مضغ ذكره السيد
قوله ( المسنونة ) أما إذا منع أصل القراءة أو لزم منه تغيير بما يفسد فسدت وإن منع الواجب كره تحريما
قوله ( ويكره السجود على كور عمامته ) الظاهر أن الكراهة تنزيهية لما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من السجود على كور العمامة تعليما للجواز فلم تكن تحريمية كذا في الشرح ويكره لو فعله لدفع التراب عن وجهه للتكبر وعن عمامته لا لعدمه كما في سكب الأنهر
قوله ( ويكره السجود على صورة ذي روح ) الأولى ذكر هذا عند ذكر الصورة فيما يأتي أو يقدم ما يأتي هنا لجمع الكلام المتناسب وفي النهر أشدها كراهة أن تكون أمام المصلى ثم فوق رأسه بحذائه ثم خلفه اه فإن قلت كون العلة إمتناع الملائكة من دخول البيت يقتضي ثبوت الكراهة أيضا إذا كان التمثال تحت رجليه أو في محل جلوسه وقد نصوا على أنه لا كراهة في ذلك وكذا يفيد ثبوتها حديث جبريل إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة أجيب عنه بأنه وجد ما يخصصه وهو ما في صحيح ابن حبان استأذن جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادخل فقال كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير فإن كنت لا بد فاعلا فاقطع رؤسها أو اقطعها وسائد أو اجعلها بساطا اه وتؤنس بأن هذا يقتضي عدم كراهة الصلاة على بساط فيه تماثيل وإن كانت في موضع سجوده إلا أن يقال ان فيه صورة التشبه بعبادتها حال القيام والركوع وفيه تعظيم لها إن سجد عليها واختلفوا فيما إذا كانت الصورة على دراهم أو دنانير هل تمنع دخول الملائكة فذهب القاضي عياض إلى عدم المنع والأحاديث مخصصة وذهب النووي إلى المنع للعموم ثم المراد ملائكة الرحمة لا الحفظة فإنهم لا يفارقونه إلا عند الجماع والخلاء وفي شرح المشكاة لمنلا علي نقلا عن الخطابي وابن الملك أنها لا تدخل بيتا فيه كلب أو صورة مما يحرم اقتناؤه من
____________________
(1/240)
الكلاب والصور وأما ما ليس بحرام من كلب الصيد والزرع والماشية ومن الصور التي تمتهن في البساط والوسادة وغيرهما فلا يمنع دخول الملائكة بيته وهذا لا ينافي تحريم التصوير اه
قوله ( ويكره الاقتصار الخ ) وكذا عكسه عند الإمام ومنعه الصاحبان إلا إذا كان بالجبهة عذر أفاده السيد
قوله ( تحريما ) أي كراهة تحريم ويفيده قوله لترك واجب ضم الأنف
قوله ( شغله حق العامة ) ولشغل البال عن الخشوع فيشتغل بالخلق عن الحق وعن هذا شرط بعضهم أن يكون في العمران لا في البرية أفاده شارح المشكاة
قوله ( وفي الحمام ) مأخوذ من الحميم وهو الماء الحار وكذا المغتسل واختلف في العلة فقيل لأن كلا منهما محل إزالة النجاسات ومصب الغسلات فعلى هذا لو غسل موضعا في الحمام لا يكره ومشى عليه قاضيخان وبه جزم الكمال في زاد الفقير وقيل العلة كونه مأوى الشياطين فقد روى أن أبليس لما هبط إلى الأرض قال يا رب اجعل لي بيتا
قال الحمام قال اجعل لي مقعدا قال الأسواق قال اجعل لي قرناء قال الشعراء قال اجعل لي كتابا قال الوشم ويتفرع على هذا أن الصلاة تكره داخل الحمام سواء غسل ذلك الموضع أم لا
قوله ( وفي المقبرة ) بتثليث الباء لأنه تشبه باليهود والنصارى
قال صلى الله عليه وسلم لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وسواء كانت فوقه أو خلفه أو تحت ما هو واقف عليه ويستثنى مقابر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلا تكره الصلاة فيها مطلقا منبوشة أو لا بعد أن لا يكون القبر في جهة القبلة لأنهم أحياء في قبورهم ألا ترى أن مرقد اسمعيل عليه السلام في الحجر تحت الميزاب وأن بين الحجر الأسود وزمزم قبر سبعين نبيا ثم ان ذلك المسجد أفضل مكان يتحرى للصلاة بخلاف مقابر غيرهم أفاده في شرح المشكاة وفي زاد الفقير وتكره الصلاة في المقبرة إلا أن يكون فيها موضع أعد للصلاة لا نجاسة فيه ولا قذر فيه اه قال الحلبي لأن الكراهة معللة بالتشبه وهو منتف حينئذ وفي القهستاني عن جنائز المضمرات لا تكره الصلاة إلى جهة القبر إلا إذا كان بين يديه بحيث لو صلى صلاة الخاشعين وقع بصره عليه اه
قوله ( وأمثالها ) هي ما ذكر في الحديث
قوله ( في المزبلة ) بفتح الميم والباء وضمها لغتان وهي موضع الزبل أي السرقين قال شارح المشكاة ومثله سائر النجاسات اه
قوله ( والمجزرة ) لأنها محل الدماء والأرواث وقيل علة الكراهة خوف لحوق الضرر به من نفور الذبائح وهي بفتح الزاي وضمها وكسرها وقال شارح المشكاة الرواية الصحيحة والنسخ المصححة كسر الزاي وهو الذي اقتصر عليه الجوهري يعني وإن جاز غيره أيضا
قوله ( وقارعة الطريق ) أي الطريق القارعة أي المقروعة بالنعال فإسم الفاعل بمعنى أسم المفعول
قوله ( ومعاطن الإبل ) المراد هنا فباركها مطلقا والعلة كونها من الشياطين وقال يحيى بن آدم جاء النهي من قبل أن الإبل يخاف وثوبها فتعطب من تلاقيه ومعنى كونها من الشياطين أن خصالها من خصال الشياطين وفي حديث آخر فإنها خلقت من الشياطين وأوله ابن حبان بأنها خلقت معها والمعاطن في اللغة مواضع الإبل التي تبرك فيها إذا شربت الشربة الأولى ثم يملأ لها الحوض ثانيا فتعود من عطشها إلى الحوض فتشرب الشربة الثانية ولا يكون إلا في أيام الحر فإذا برد الزمان فلا عطن للإبل وسئل صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مرابض الغنم فقال صلوا فيها فإنها خلقت بركة والنهي عن الصلاة في معاطن الإبل للتنزيه كما أن الأمر بها في مرابض الغنم للإباحة
____________________
(1/241)
ومرابض البقر ملحقة بمرابض الغنم فلا تكره الصلاة فيها وتمامه في العيني على البخاري وإذا لم تكن الإبل في معاطنها فقال ابن ملك تكره الصلاة فيها أيضا لأن هذه المواضع محال النجاسة فإن صلى بغير السجادة بطلت إلا أن يكون المكان طاهرا أو مع السجادة تكره للرائحة الكريهة اه وقال شارح المشكاة في قوله صلى الله عليه وسلم صلوا في مرابض الغنم أي فوق السجادة إذا كانت ضرورة أو أن أصحاب الغنم كانوا ينظفون المرابض فأبيحت الصلاة فيها لذلك اه
قال وتكره الصلاة في سائر محال الشياطين ومنها الوادي الذي نام فيه صلى الله عليه وسلم عن صلاة الصبح ومنها كل محل حل به غضب كأرض ثمود وبابل وديار قوم لوط اه قلت وبهذا يعلم كراهة الصلاة في البيع والكنائس لما فيها من التماثيل
فتكون مأوى الشياطين كما أفاده العيني في شرح البخاري في بحث المساجد من كتاب الصلاة
قوله ( ولا يصلي في الحمام إلا لضرورة الخ ) عبارة البرهان الحلبي الأولى أن لا يصلي في الحمام الخ
قوله ( ولا بأس بالصلاة الخ ) لأنه لا نجاسة فيه كذا في قاضيخان ولأنه ليس من الحمام لما مر من الإشتقاق أفاده بعض الحذاق
قوله ( وتكره في أرض الغير بلا رضاه ) بأن كانت لذمي مطلقا لأنه يأبى أو لمسلم وهي مزروعة أو مكروبة ولم يكن بينهما صداقة ولا مودة أو كان صاحبها سيء الخلق ولو كان في بيت إنسان الأحسن أن يستأذنه وإلا فلا بأس كما في الفتح وفي مختارات الفتاوى الصلاة في أرض مغصوبة جائزة ولكن يعاقب بظلمه فما كان بينه وبين العباد يعاقب كما في الفتاوى الهندية
قوله ( صلى فيها ) لأن الظاهر أنه يرضى بها لأنه ينال أجرا من غير اكتساب منه ولا أذن في الطريق لأنه حق المسلم والكافر كذا في الشرح
قوله ( صلى في الطريق ) لأنه لا يرضى بها كذا في البرهان والطريق ليست للكافر على الخصوص كذا في الشرح
فروع تكره الصلاة في الثوب المغصوب وإن لم يجد غيره لعدم جواز الإنتفاع بملك الغير قبل الأذن أو أداء الضمان وتكره في الثوب الحرير إلا إذا لم يجد غيره إذ كل منهما حق الله تعالى
والصلاة في الثوب الحرير أخف منها عريانا ولا تكره على الحرير
قوله ( ومدافعا لأحد الأخبثين ) علة الكراهة المعقولة ما يحصل من تشويش البال وشغل الخاطر لأجل قضاء الحاجة المخل بالخشوع وقالت الظاهرية انها لا تصح أخذا بظاهر الحديث
قوله ( ولو حدث فيها الخ ) وحينئذ فيقطع ويتخفف ويستأنف
قوله ( وهو حاقن ) من الحقن وهو حبس البول كما ذكره العلامة نوح والمراد ما هو أعم من البول والغائط والريح لاتحاد العلة
قوله ( تقدم بيانها ) وهو ما دون ربع الثوب في المخففة وقدر الدرهم في المغلظة
قوله ( خروجا من الخلاف ) هذا إنما يظهر علة للقطع لا للكراهة
قوله ( إلا إذا خاف فوت الوقت ) ظاهره أنها تنتفي الكراهة عند ذلك والذي يفيده كلام غيره الكراهة وارتكابها حينئذ من ارتكاب أخف الضررين والذي في الزيلعي ينبغي أن يقطعها إذا كان في الوقت سعة أما إذا ضاق بحيث تفوته الصلاة إذا تخفف وتوضأ فإنه يصلي بهذه الحالة لأن الأداء مع الكراهة أولى من القضاء اه بالمعنى وحكى أبو سعيد أنه يتخفف ويتوضأ وإن خرج الوقت لأن المقصود من الصلاة الخشوع فلا يفوته
قوله ( أو فوت الجماعة ) قال في الخلاصة إن كان بحال تفوته الجماعة فإن كان بحال يجد جماعة أخرى فإنه يقطع الصلاة ويغسل وإن كان لا يجد أو خاف خروج الوقت يمضي على صلاته
____________________
(1/242)
اه
قوله ( وتكره الصلاة في ثياب البذلة ) الظاهر أن الكراهة للتنزيه كما في البحر وفي القهستاني إن الكراهة للفعل في هذه الأشياء أي إيقاع الصلاة فيها إلا الصلاة وفي الجلابي أنها تكره بسبب هذه الأفعال اه
قوله ( تكاسلا ) وان فعله استخفافا كفر نعوذ بالله الحفيظ أفاده الشرح
قوله ( ويستحب له ذلك ) به علم رد قول من قال إنه عنده قصد ذلك خلاف الأولى
قوله ( وعن علي الخ ) مما يؤيد الأول كما ان قوله وعن جماعة وقول البغوي يؤيد الثاني
قوله ( وتكره بحضرة طعام ) أي مباح أما إذا كان للغير ولم يأذن له لا تنكره أقول الظاهر أن عليه أن يتباعد عنه
قوله ( يميل طبعه إليه أما إذا كان لا يميل إليه فلا كراهة والحكم في قطعها عند ذلك كالحكم إذا صلى حاملا نجاسة قليلة
قوله ( لا صلاة بحضرة طعام ) أي لا صلاة كاملة بحضرة الطعام الذي يريد المصلى أكله كذا في الشرح
قوله ( محمول على تأخيرها عن وقتها ) كذا حمله الكمال وحمله غيره على ما إذا كان لا يشتهيه
قوله ( إذا وضع عشاء أحدكم ) وفي لفظ إذا قدم العشاء فابدؤا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم
قوله ( ولذا ) أي لكراهة الصلاة مع ما يشغل البال ويخل بالخشوع
قوله ( بالهرولة ) الباء للتصوير
قوله ( ولم يكن ذلك ) أي السعي بالهرولة
قوله ( مرادا بالأمر ) أي في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } الجمعة 62
قوله ( بل الذهاب الخ ) أي بل المراد بالسعي الذهاب بالسكينة والوقار
قوله ( وكذا يكره عد الآي ) أي سواء اضطر إليه أو لا وسواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا على ما نقله الفقيه أبو جعفر
قوله ( بأن يكون بقبض الأصابع ) تصوير للعد المكروه وإنما قيد بالآي والتسبيح للإشارة إلى أن عد غير ما ذكر يكره إتفاقا كما في العناية يعني ولو بالإحصاء بالقلب كما هو المتبادر لأنه يشغله عن المقصود
قوله ( ولا الإحصاء بالقلب ) لا يقال القلب أشرف فينزه عن الشغل بالعد لأنا نقول شغله عند شغل الأصابع ضروري فو مشغول على كل حال فشغله فقط أولى من شغله مع الأصابع ولقائل أن يقول ان شغله عند شغل الأصابع أقل منه وحده فيكون أكثر شغله لتفهم المعاني والتفرغ للمناجاة فيكون أولى كما في شرح المجمع ومن ثمة قال فخر الإسلام يعمل بقولهما في المضطر كما في سكب الأنهر
قوله ( وهي معلومة ) روى أصحاب السنن عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب يا عماه ألا أمنحك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر ذنبك أوله وآخره حديثه وقديمه خطؤه وعمده صغيره وكبيره سره وعلانيته أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا ثم تهوي ساجدا فتقولها عشرا ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا ثم تسجد فتقولها عشرا ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا فذلك خمس وسبعون في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة فإن لم تفعل ففي عمرك مرة
قال المنذري وقد أخرج حديث صلاة التسبيح الترمذي وابن ماجه من حديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الترمذي هذا حديث غريب من حديث أبي رافع وفي شرح المشكاة قال ابن حجر
____________________
(1/243)
اختلف في تصحيح هذا الحديث فصححه ابن خزيمة والحاكم وحسنه جماعة اه وقال هذا حديث حسن وقد أساء ابن الجوزي بذكره في الموضوعات اه وقال عبدالله بن المبارك صلاة التسبيح مرغب فيها يستحب أن يعتادها كل حين ولا يتغافل عنها ويبدأ في الركوع بسبحان ربي العظيم ثلاثا وفي السجود بسبحان ربي الأعلى ثلاثا ثم يسبح التسبيحات المذكورة وقيل له إن سها في هذه الصلاة هل يسبح في سجدتي السهو عشرا عشرا
قال لا إنما هي ثلثمائة تسبيحة اه
قوله ( لا قيامه خارجه ) محترز قوله بجملته
قوله ( لاشتباه الحال على القوم ) فإن انتفى الاشتباه انتفت الكراهة وهذا التعليل لجماعة منهم الفقيه أبو جعفر الهندواني وذهب الأكثر إلى أن العلة التشبه بأهل الكتاب لأنهم يخصون إمامهم بمكان وحده والتشبه بهم مكروه وبحث فيه الكمال بأن امتياز الإمام مطلوب وغاية ما هنا كونه في خصوص مكان ويكون من اتفاق الملتين في بعض الأحكام على أن أهل الكتاب إنما يخصون الإمام مكان مرتفع
قوله ( بقدر ذراع ) اعتبارا بالسترة
وقيل ما يقع به الامتياز كذا في الشرح
قوله ( به ورد الأثر ) أي بالنهي ورد الأثر فالنهي من ارتفاع الإمام ورد في حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن صلى الله عليه وسلم نهى أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه يعني أسفل منه كذا في الشرح ولم يذكر النهي في الثانية وظاهره أنه ورد أثر به وعلله في الشرح بأن في المسألة الثانية ازدراء بالإمام فكره على ظاهر الرواية وروى الطحاوي هدمها لانتفاء التشبه قال في الخانية وعليه عامة المشايخ
فرع يكره للإنسان ان يخص نفسه بمكان في المسجد يصلي فيه لأنه إن فعل ذلك تصير الصلاة في ذلك المكان طبعا والعبادة متى صارت كذلك كان سبيلها الترك ولهذا كره صوم الأبد نقله السيد عن الحموي
قوله ( فيه فرجة ) أي سعة وإلا فهي كالعدم وهذا إذا قصد الاقتداء أما إذا قصد الانفراد فالحكم بالعكس والأولى في زماننا عدم الجذب والقيام وحده وفي الخلاصة ان صلى خلف الصف منفردا مختارا من غير ضرورة يجوز وتكره ولو كبر خلف الصف وأراد أن يلحق بالصف يكره وفي الفتح عن الدراية لو قام واحد بجنب الإمام وخلفه صف يكره إجماعا والأفضل أن يقوم في الصف الأخير إذا خاف إيذاء أحد وفي كراهة ترك الصف الأول مع إمكان الوقوف فيه اختلاف اه وفي الشرح إذا تكامل الصف الأول لا ينبغي أن يتزاحم عليه لما فيه من الإيذاء
قوله ( فيه تصاوير ذي روح ) قيد به لأن الصورة تكون لذي الروح وغيره والكراهة ثابتة ولو كانت منقوشة أو منسوجة وما كان معمولا من خشب أو ذهب أو فضة على صورة إنسان فهو صنم وإن كان من حجر فهو وثن
قوله ( لأنه يشبه حامل الصنم ) هذه العلة تنتج كراهته ولو في غير صلاة ونقله في النهر عن الخلاصة
قوله ( أو بحذائه ) أي عن يمينه أو عن يساره
قوله ( كالتي على الدينار ) ومثلها الصورة المنقوشة في خاتم غير مستبينة أفاده في المحيط وقد روي أن خاتم أبي هريرة كان عليه ذبابتان وخاتم دانيال كان عليه أسد ولبوة وبينهما صبي يلحسانه وذلك أن يختنصر قيل له يولد مولود يكون هلاكك على يديه فجعل يقتل من يولد فلما ولدت أم دانيال دانيال ألقته في غيضة أي أجمة رجاء أن يسلم فقيض الله له أسدا يحفظه ولبوة ترضعه فنقشه على خاتمه ليكون بمرأى منه ليتذكر نعمة الله عليه ووجد ذلك الخاتم في عهد عمر رضي الله عنه فدفعه عمر إلى أبي موسى الأشعري كذا
____________________
(1/244)
في الشرح والتقييد بغير المستبين يفيد أن المستبين في الخاتم تكره الصلاة معه كذا في المنح
قوله ( مقطوعة الرأس ) لا تزول الكراهة بوضع نحو خيط بين الرأس والجثة لأنه مثل المطوق من الطيور كذا في الشرح ومثل القطع طلبه بنحو مغرة أو نحته أو غسله ومحو الوجه كمحو الرأس بخلاف قطع اليدين والرجلين فإن الكراهة لا تزول بذلك لأن الإنسان قد تقطع أطرافه وهو حي كما في الفتح وأفاد بهذا التعليل أن قطع الرأس ليس بقيد بل المراد جعلها على حالة لا تعيش معها مطلقا
قوله ( أو تكون لغير ذي روح ) لما روى أن رجلا جاء إلى ابن عباس فقال له إني أصور الصورة فأفتني فيها فقال له أدن مني فدنا منه ثم قال له ادن مني فدنا حتى وضع يده عليه وقال له أنبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسا فيعذب به في جهنم قال ابن عباس فإن كنت فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له
قوله ( يجوز له محوها ) قال السيد وينبغي أن يجب عليه ولو استأجر مصورا فلا أجر له لأن عمله معصية ولو هدم بيتا فيه تصاوير ضمن قيمته خاليا عنها اه
قوله ( لا شمع الخ ) في فتاوى الحجة الأولى ترك ذلك قال الحلبي وكأنه لما فيه من الجزئية وفي النهر عن البحر ينبغي أن الشمع لو كان إلى جانبه كما يفعل في المساجد ليالي رمضان لا كراهة اتفاقا
قوله ( أو يكون بين يديه قوم نيام ) الظاهر أن الشخص الواحد عند وجود ما ذكر كذلك ويحرر
قوله ( فأوتر ) بضم الهمزة وضميره إلى عائشة
قوله ( ويكره تعيين سورة ) قيد الطحاوي الكراهة بما إذا اعتقد أن الصلاة لا تجوز بغيرها أما إذا لم يعتقد ذلك فلا كراهة أفاده في الشرح
قوله ( وكذا المسنون المعين ) كقراءة سور الوتر
قوله ( أحيانا ) يفيد كراهة المداومة
قوله ( مسندة ) أي مذكورا فيها السند
قوله ( وهذه ) أي المذكورات هنا أصولها أي متونها من غير ذكر سند
قوله ( كان يقرأ في الصبح بيس ) ظاهره أنه في الركعتين جميعا وكذا يقال في نظائرها
قوله ( بأقصر سورتين من القرآن ) هما المعوذتان كما تقدم فالمراد بالأقصر الأقصر مما كان يقرأ في تلك الصلاة لا الأقصر مطلقا فإنه سورة العصر والكوثر
قوله ( قرأ في الصبح ) أي في الركعتين كلتيهما ويحتمل أنه أعادها في الثانية
قوله ( حتى جاء ذكر هرون وموسى ) أو ذكر عيسى فأخذت النبي صلى الله عليه وسلم سعلة فركع
قوله ( لا يقرأ في الصبح ) النهي للتنزيه لأنه في مقابلة ترك السنة
قوله ( فسجد ) أي للتلاوة
قوله ( الهاجرة ) هي صلاة الظهر
قوله ( والليل إذا يغشى ) أي في الركعة الثانية
قوله ( أمرت في هذه الصلاة بشيء ) أي وهو الجهر
قوله ( أن أوقت لكم ) أي أقدر لكم مقدار القراءة فيها
قوله ( هذا القريب ) وهو سورة الجمعة والمنافقون
قوله ( كان يقرأ في العشاء بالتين ) يحتمل أنه قسمها ويحتمل أنه كررها
قوله ( العتمة ) أي العشاء
قوله ( فقلت له ) أي مستفهما عن السبب
قوله ( في الصلاة المكتوبة ) يعم الصلوات الخمس
قوله ( عن الجلال السيوطي ) ذكره في كتابه المسمى بالينبوع
قوله ( ويكره ترك اتخاذ سترة ) أي تنزيها كما أفاده في البدائع
قوله ( في محل يظن المرور فيه ) قال في التنوير وشرحه ولو عدم المرور جاز تركها وفعلها أولى اه
قوله ( ولذا عقبناه ) أي لما ذكر من الحديث الآمر بها ومن كراهة تركها والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في اتخاذ السترة بالضم هي في الأصل ما يستتر به مطلقا ثم
____________________
(1/245)
غلب على ما ينصب قدام المصلى قهستاني
قوله ( إذا ظن الخ ) الأولى فعلها مطلقا لأن فيها كف بصره عما وراءها وجمع خاطره بربط الخيال بها كي لا ينتشر وقدمناه
قوله ( يستحب له أن يغرز سترة ) وأوجبه الإمام أحمد لظاهر الأمر ولما ورد عن عمر لو علم المصلي ما ينقص من صلاته ما صلى إلا إلى شيء يستره من الناس وعن ابن مسعود أنه ليقطع نصف صلاة المرء المرور بين يديه وتصبح بالسترة المغصوبة عندنا وعند أحمد تبطل صلاته ومثله لصلاة في الثوب المغصوب عنده
قوله ( لما روينا ) من الحديث المذكور قبيل الفصل
قوله ( طول ذراع ) في الاعتداد بالأقل خلاف ولا خلاف في الأكثر وشمل كل ما انتصب كإنسان قائم أو قاعد أو دابة كما في القهستاني والحلبي وجوز في القنية بظهر الرجل ومنع بوجهه وتردد في جنبه ومنع بالمرأة غير المحرم واختلف في المحارم ولا يستتر بنائم ومجنون ومأبون في دبره وكافر كما في العيني على البخاري
قوله ( وفسرت بأنها ذراع ) روى أصحاب السنن عن عطاء قال آخرة الرحل ذراع فما فوقه كذا في غاية البيان
قوله ( في غلظ الأصبع ) خلاف المذهب فلا حد لما روى الحاكم عن أبي هريرة مرفوعا يجزىء من السترة قدر مؤخرة الرحل ولو بدقة شعرة كذا في البحر عن البدائع وفي القهستاني والبئر والنهر والحوض الصغيرات ليست بسترة في الأصح والكبيرات منها كالطريق اه أي وهي لا تكون سترة لأنها مظنة المرور وفي العيني على البخاري وفي غريب الروايات النهر الكبير ليس بسترة كالطريق وكذا الحوض الكبير اه
قوله ( وذلك أدناه ) أي أدنى ما يغرز
قوله ( والسنة أن يقرب منها ) قالابن أمير حاج والنسة في ذلك أن لا يزيد ما بينها وبينه على ثلاثة أذرع اه والظاهر اعتبار هذا القدر من قدمه
قوله ( لا يقطع ) مجزوم في جواب شرط مقدر تقديره فإن يدن منها لا يقطع الشيطان عليه الصلاة ووجه القطع أنه إذا بعد منها يظن المار أنه لا سترة له فيمر داخلها فيدفعه وربما كان الدفع بعمل كثير فتفسد الصلاة
قوله ( ويجعلها على جهة أحد حاجبيه ) والأيمن أفضل قهستاني
قوله ( منع جماعة من المتقدمين الخط ) منهم صاحب الهداية
قوله ( وأجازه المتأخرون ) ورجحه الكمال لورود الأثر والحديث وإن جعله في البدائع شاذا وضعفه النووي فقد تعقب بتصحيح الإمام أحمد وابن حبان وغيرهما له ولو سلم أنه غير مفيد فلا ضرر فيه مع ما فيه من العمل الكثير بالحديث الذي يجوز العمل به في مثله كما في الشرح
قوله ( لما روى ) الأولى أن يقول وهي ما روي الخ
قوله ( فيظهر الخ ) الأولى أن يقول فيفيد في الجملة
قوله ( بربط الخيال ) أي خيال المصلي أي قوته المخيلة أي فيقل فكره بخلاف ما إذا عدمت فيتبع البصر فيكثر الفكر
قوله ( بمنزلة الخشبة المغروزة ) فيصير شبه ظل السترة
قوله ( مثل الهلال ) وقيل مدور شبه المحراب كما في القهستاني وفي شرح المشكاة للمنلا على وقاس الأئمة على الخط المصلى كسجادة مفروشة وهو قياس أولى لأن المصلي أبلغ في دفع المار من الخط السابق اه
قوله ( يلقي ما معه ) ظاهره ولو غير عصا كما يأتي
قوله ( هكذا اختاره الفقيه أبو جعفر ) واختار في التجنيس أنه لا يعتبر
قوله ( زج حديد ) قال في الشرح والزج الحديدة في أسفل الرمح اه فالإضافة للبيان وإذا قرىء بالتنوين فهو من الوصف الكاشف
قال السيد وفي نهاية اللغة العنزة مثل نصف رمح وأكبر سنا وفيها سنان مثل سنان الرمح قال والعكاز قريب منها اه
قوله ( ولذا رخص دفعه ) أي لكون الأمر بالدرء في الحديث لبيان الرخصة
____________________
(1/246)
والقول محذوف أي ولذا قلت قوله ( أو غيرهما ) كاليد قهستاني
قوله ( كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بولدي أم سلمة ) وهما عميرة وزينب حيث كان يصلي في بيتها فقام ولدها عميرة ليمر بي يديه فأشار إليه أن قف فوقف ثم قامت بنتها زينب لتمر بين يديه فأشار إليها أن قفي فأبت ومرت فلما فرغ صلى الله عليه وسلم من صلاته نظر إليها وقال ناقصات عقل ناقصات دين صواحب يوسف صواحب كرسف يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام اه ذكر في كتاب المعجم لابن شاهين قالوا يا رسول الله من كرسف قال رجل كان يعبد الله على ساحل البحر ثلاثين عاما فكفر بالله العظيم بسبب امرأة عشقها تداركه سلف منه فتاب عليه كما في غاية البيان
قوله ( ولو بزيادة على جهره الأصلي ) المتبادر منه أن الجهر للدفع إنما يكون في الجهرية لا السرية وهو الذي في البحر ووجهه أن الجهر في صلاة السر مكروه تحريما ودرء المار رخصة فلا يرتكب المكروه لأجلها وتعقبه المؤلف في حاشية الدر بأن في الجهرية العلم بها حاصل اه أي فلا يحتاج لرفع الصوت والرخصة إنما تظهر في الممنوع لا في المشروع ويعلم مما هنا رد صدر التعقب بأنه قد لا يتأتى الدرء إلا بزيادة الجهر في الجهرية
قوله ( بظهر أصابع الخ ) عبارة الدر والمرأة تصفق لا ببطن على بطن فيصدق بالتصفيق ببطن اليمنى على ظهر اليسرى وهو الأيسر والأقل عملا ولعل عبارة المصنف مقلوبة عن هذا والأصل أو التصفيق بصفحة أصابع اليمنى على ظهر كف اليسرى
قوله ( لأن لهن التصفيق ) وقد يقال التصفيح فهما بمعنى واحد ولو سبحت وصفق لا تفسد وقد تركا السنة در
قوله ( والتسبيح ) الواو بمعنى أو وهو كذلك في نسخ
قوله ( لأنه فتنة ) قد مر أن الفتنة إنما تكون بما فيه تمطيط وتبيين لا مطلق الصوت
قوله ( ولا يقاتل المصلي الخ ) الحاصل إنه إذا قصد المرور بين يديه إن كان قريبا منه يمكنه مدافعته بدون مشي أشار إليه أو لا ليرجع يسبح فإن لم يرجع دفعه مرة بلطف فإن لم يرجع تركه ولا يقاتله وإن كان بعيدا عنه إن شاء أشار إليه وإن شاء سبح فقط وإذا مر بين يديه ما لا تؤثر فيه الإشارة كهرة دفعه برجله أو ألصقه إلى السترة كذا في العيني على البخاري وعزاه للمالكية وقواعدنا لا تأباه وفيه أيضا ولا يجوز له المشي من موضعه ليرد وإنما يدافعه ويرده من موضعه لأن مفسدة المشي أعظم من مروره بين يديه وإنما أبيح له قدر ما يناله من موقفه ولا ينتهي بذلك إلى ما يفسد صلاته فإن دفعه بما يجوز له فمات فلا إثم عليه بإتفاق العلماء وهل تجب ديته أو يكون هدرا فيه مذهبان للعلماء والدية عليه في ماله كاملة وقيل هي على العاقلة اه وفي الدر عن الباقاني أنه يجب الضمان على مقتضى كتبنا وهدر عند الشافعي اه
قوله ( إنما هو شيطان ) قال الخطابي معناه أن الشيطان هو الذي حمله على ذلك ويجوز أن يراد بالشيطان نفس المار لأن الشيطان هو المارد الخبيث من الأنس ومن الجن
قوله ( مؤول بأنه الخ ) وأوله الإمام محمد بالمدافعة بعنف وأما حملها على ظاهر فغير ما عليه العامة
قوله ( بما قدمناه ) من قوله صلى الله عليه وسلم إن في الصلاة لشغلا والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل فيما لا يكره للمصلي قوله ( من الأفعال ) أي والأقوال كتكرار السورة في الركعتين من النفل
قوله ( في قباء غير مشدود الوسط ) القباء كل منفرج من أمام كالقفطان وأول من لبسه نبي الله سليمان عليه السلام والمراد أنه جمع طرفيه عليه من غير شد وإلا تكون العورة مكشوفة إذا لم
____________________
(1/247)
يلبس غيره تحته
قوله ( وفي غير القباء قيل بكراهته ) أشار بقيل إلى ضعفه لما فيه من الحرج
قوله ( ولا يكره عدم إدخال يديه في فرجيه ) هو ما في الخلاصة وقد تقدم ما فيه
قوله ( وشقه ) أي شق الفرجى كالعباء الحجازي
قوله ( معلق ) قيد اتفاقي
قوله ( وليأخذ والخ ) أي وإذا كان السيف بين يديه كان أمكن لأخذه إذا احتاج إليه فلا يوجب الكراهة
قوله ( أو ظهر قاعد ) أي أو قائم
قوله ( يتحدث ) أي سرا بحيث لا يخاف منه الغلط وقيد بالظهر لأنها إلى الوجه مكروهة والكراهة على المتعدي وقيد بالتحدث ليفيد عدم الكراهة حال عدمه بالأولى
قوله ( أو شمع ) قال ابن قتيبة في باب ما جاء فيه لغتان استعمل الناس أضعفهما الشمع بالسكون والأوجه فتح الميم اه من الشرح
قوله ( لأنه لا يشبه عبادة المجوس ) لأن المجوس يعبدون الجمر لا النار الموقدة قالهالسيد
قوله ( ولا يكره السجود على بساط الخ ) هذا ما في الجامع الصغير وصححه في البدائع وتاج الشريعة وأطلق الكراهة في الأصل قال في النهر ولو حمل المطلق على المقيد لارتفع الخلاف ولم يلح ما المانع من ذلك اه وتكره الكتابة على الأبسطة ونحوها ولو بالحروف المفرقة ولو حرفا واحدا أفاده السيد
قوله ( وأما بالنظر لخشية الجان الخ ) قال صدر الإسلام الصحيح من الجواب أن يحتاط في قتل الحيات حتى لا يقتل جنيا فإنهم يؤذونه أذى كثيرا بل إذا رأى حية وشك أنه جني يقول خل طريق المسلمين ومر فإن تركه فإن واحدا من إخوتي وهو أكبر سنا مني قتل حية كبيرة بسيف في دارنا فضر به الجن حتى جعلوه زمنا لا تتحرك رجلاه قريبا من الشهر ثم عالجناه وداويناه بإرضاء الجن حتى تركوه فزال ما به وهذا مما عاينته بعيني اه وفي القهستاني عن شرح التأويلات أنهم أضعف من الأنس حتى لا يقدرون على إتلاف أحد من الإنس وعلى سلب أموالهم وإفساد طعامهم وشرابهم اه وفيه تأمل
قوله ( أو ممن هو مثله ) أي في الخانية كبني آدم الذين اتصفوا بذلك وهذا يغني عنه قوله وناقض العهد لأنها في مقام الكلية وقوله من أهله يعني من أهل نقض العهد ويغني عنه قوله مثله وقوله الضرر نائب فاعل يخشى ويحتمل أن المراد المماثلة في الصورة
قوله ( بقتله أو ضربه ) الباء متعلقة بقوله فيخشى وهي للسببية
قوله ( اقتلو اذا الطفيتين والأبتر ) قال في القاموس الطفية بالضم خوص المقل وحية خبيثة لها على ظهرها طفيتان أي خوصتان والأبتر مقطوع الذنب وحية خبيثة اه
قوله ( لأنه مع الأمن يكره العمل الكثير ) أما إذا كان بعمل قليل كأن وطئهما بنعله وهو في الصلاة فلا كراهة ثم الكراهة عند الأمن مع عدم الفساد رواية الحسن عن الإمام وكذا قال السرخسي أنها لا تفسد بقتلهما ولو بعمل كثير ولو بانحراف عن القبلة وصحح الحلبي الفساد وهو ما عليه عامة شروح الجامع الصغير ورواية مبسوط شيخ الإسلام قال الكمال الحق الفساد فيما يظهر لكن لا إثم بمباشرته في الصلاة بحر ملخصا
قوله ( والنمل المؤذى بالعض ) أما ما لا يؤذي فلا يباح قتله
قوله ( عن إصابة دم القمل ) أي ونحوه
قوله ( وقدمنا كراهة أخذ القملة ) محمول على عدم تعرضها بالأذى كما مر
قوله ( ولا بأس بصونه عن التراب ) أي بدون رفع لما مر أن رفع الثوب عنه مكروه
قوله ( ولا بأس بمسح جبهته من التراب ) يفيد كراهة التنزيه لأن الملائكة تستغفر له ما دام عليها أفاده السيد وهذا ما يفيده الأثر ولكن قول الشرح تنظيفا عن صفة المثلة يفيد أن الأولى إزالته
قوله ( من غير تحويل الوجه ) أما إذا حوله بأن لوى عنقه حتى أخرج وجهه عن أن يكون إلى جهة القبلة فإنه مكروه
____________________
(1/248)
وحكم قاضيخان بفساد الصلاة به
قوله ( ولا بوضع خرقة يسجد عليها ) وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه فعل ذلك فمر به رجل فقال يا شيخ لا تفعل مثل هذا فإنه مكروه فقال له الإمام من أين أنت فقال من خوارزم فقال الله أكبر جاء التكبير من وراء يعني من الصف الأخير أي على العكس يعني يحمل علم الشريعة من هنا إلى خوارزم لا من خوارزم إلى هنا ثم قال له أفي مسجدكم حشيش قال نعم قال يجوز على الحشيش ولا يجوز على الخرقة كذا في التجنيس والظاهر أن محل عدم الكراهة إذا لم ينشف بها الأعضاء من الماء المستعمل وإلا كره نظرا إلى الرواية بنجاسته وإن كانت غير معتمدة
قوله ( اتقاء الحر الخ ) ظاهره أنه يكره وضعها لغير ذلك
قوله ( لقربه من التواضع ) وفيه خروج عن خلاف الإمام مالك فإنه يقول بكراهة السجود على ما كان من نحو الصوف والقطن والكتان كذا في الشرح
قوله ( من النفل ) أما في الفرض فيكره إلا من عذر والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل فيما يوجب قطع الصلاة وما يجيزه لما فرغ من المفسدات المحرمة شرع في المفسدات الجائزة ووسط بينهما المكروهات لأنها مرتبة متوسطة بين الفساد والصحة الكاملة
قوله ( أو صال عليه حيوان ) أي وثب عليه
قوله ( وقدر على الدفع ) وإلا حرم القطع لعدم الفائدة قال بعض الفضلاء وظاهره وجوب القطع ولو خاف خروج الوقت أخذا من مسئلة القبلة
قوله ( من غير استغاثة ) فحكم الأبوين حينئذ كغيرهما
قوله ( لأن قطع الصلاة لا يجوز ) أفهم هذا أن قول المصنف ولا يجب قطع الصلاة المراد منه أنه يحرم عليه القطع
قوله ( لا بأس بأن لا يجيبه ) أفاد بلا بأس أن الأولى الإجابة عند العلم
قوله ( يجيبه ) أي وجوبا
فرع يفترض على المصلي إجابة النبي صلى الله عليه وسلم واختلف في بطلانهاحينئذ كذا ذكره البدر العيني وكذا أبو السعود في تفسير سورة الأنفال
قوله ( تخشى على ما يساوي درهما ) الأولى حذف تخشى لأنه يقتضي أن الحكم غير ذلك عند تحقق السرقة مع أنه كذلك ولذا لم يأت بهذه الزيادة في الشرح والسيد
قوله ( لأنه يحبس في دانق ) ظاهر التقييد أنه لا يباح قطع الصلاة ولا الحبس لما دون الدانق لحقارته
أفاده بعض الأفاضل وفي المصباح الدانق معرب وهو سدس الدرهم والدرهم الإسلامي ست عشرة حبة خرنوب والدانق حبتا خرنوب وثلثا حبة وكسر النون أفصح من فتحها اه
قوله ( وكذا لو فارت قدرها ) لو قال القدر ليعم ما إذا كان ما فيه لزوجها لكان أعم فإن الظاهر أن الحكم واحد أو الإضافة لأدنى ملابسة ويحرر
قوله ( أو خافت على ولدها ) أي أن يحصل له ألم من نحو صياح
قوله ( أو طلب منه كافر الخ ) إنما أبيح له البقاء في الصلاة لتعارض عبادتين ولا يعد بذلك راضيا ببقائه على الكفر بخلاف ما إذا أخره عن الإسلام وهو في غير الصلاة
قوله ( ونحوه ) كأسد
قوله ( ونحوها ) كبقر
قوله ( وهو كما إذا خافت الخ ) أي الوجوب عند غلبة السقوط كالوجوب فيما إذا خافت القابلة الخ
قوله ( تتلقى الولد ) وتقبله فمن هنا سميت القابلة
قوله ( وإلا فلا بأس بتأخيرها الصلاة ) أي أن لا يغلب على ظنها ما ذكر فلا بأس بتأخيرها الصلاة
قوله ( وتقبل على الولد ) ومثلها الأم فلا وجه لمن أوجب عليها الصلاة ولو بتيمم ولو بحفر حقيرة تضع فيها رأس المولود النازل لأن الأم أولى بالتأخير من القابلة وتمامه في الشرح
قوله ( كما أخر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة ) أي جنسها فإن المشركين شغلوه عن أربع صلوات فقضاهن مرتبا الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء
قوله ( أي السائر في فضاء ) أفاد به أن المراد السفر اللغوي ومثله فيما يظهر ليس
____________________
(1/249)
بقيد بل كذلك المقيم
قوله ( كالمقاتلين إذا لم يقدروا الخ ) لأنهم إذا فاتهم القتال بالإشتغال بالصلاة لا يمكنهم تداركه والصلاة يمكنهم تدارك ما فات منها
قوله ( قيل موسع ) قائله الطحاوي
قوله ( وقيل مضيق ) قائله الحلواني والعامري وهذا الخلاف يجري في قضاء رمضان كما في الدر
قوله ( وتارك الصلاة عمدا كسلا ) احترز به عن الترك سهوا أو لعذر فليس عليه شيء مما ذكر
قوله ( وآبار الخ ) الواو بمعنى أو وهي لحكاية الخلاف فإنهم اختلفوا في تفسير الغي في قوله تعالى { فسوف يلقون غيا } فقيل الضلال وقال الحسن عذابا طويلا وقال ابن عباس شرا وقيل آبار في جهنم الخ أفاده في الشرح
قوله ( وحديث جابر ) مبتدأ خبره قوله فيه صفته أي صفة تارك الصلاة
قوله ( ولا يقتل ) وقالت الشافعية يقتل حدا وقال الإمام أحمد يقتل كفرا كما نقله صاحب المواهب عنه ونقله ابن تيمية عن أكثر السلف في الرسالة المتعلقة بالسياسة
قوله ( تهاونا ) وأما إذا كان لضرورة فلا
قوله ( أو نطق بما يدل عليه ) أي على الاستخفاف كما إذا قال رمضان ثقيل أو سامج
قوله ( ويحبس ) حبس المرتد مندوب وكذا كشف شبهته والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب الوتر قوله ( لما فرغ من بيان الفرض العلمي ) أي الإعتقادي الذي يكفر جاحده شرع في العملي أي فيما يفترض عمله لا اعتقاده
قوله ( صلاة مخصوصة ) وهي ثلاث ركعات بتسليمة واحدة وقنوت في الثالثة وبه فارق المغرب كما فارقها بوجوب قراءة الفاتحة والسورة في الثالثة
قوله ( وروي عنه أنه سنة ) وهي الرواية الثانية
قوله ( وروي عنه أنه فرض ) وهي الرواية الأولى عنه وبها قال الشيخ علم الدين السخاوي المقري وعمل فيه جزأ وساق الأحاديث الدالة على فرضيته ثم قال ولا يرتاب ذوقهم بعد هذا كذا في الشرح
قوله ( ووفق المشايخ الخ ) هذا التوفيق لبعضهم وأما من لم يوفق بهذا التوفيق وحمل الوجوب على حقيقته المصطلح عليها فيرد عليه إفساد صلاة الفجر بتذكره والواجب ليس كذلك ويمكن دفع الأشكال بما ذكره صاحب الكشف في التحقيق أن الواجب نوعان واجب في قوة الفرض كالوتر عند الإمام حتى منع تذكره صحة الفجر كتذكر العشاء وواجب دون الفرض في العمل فوق السنة كتعين الفاتحة حتى وجب سجود السهو بتركه ولكن لا يفسد الصلاة اه وذكر الكمال أن الفرض العملي أعلى قسمي الواجب وبه يظهر جمع آخر وهو أن المراد بالواجب الفرض العملي ويكون هو المراد لمن عبر بالوجوب مقتصرا واندفع الإشكال وأما القول بالسنية فهو مرجوح إن لم يحمل على الحمل المذكور واعلم أن وجوبه لا يختص بالبعض دون البعض بل يعم الناس كلهم من رقيق وأنثى وغيرهما بعد كونهم أهلا للوجوب وحديث الإعرابي حيث قال هل على غيرها أي الخمس فقال صلى الله عليه وسلم لا إلا أن تطوع لا يدل على عدم وجوب الوتر لأنه كان أول الإسلام ثم وجب الوتر بعده
قوله ( واجب اعتقادا ) ينافيه ما في البحر من قوله واعتقاد الوجوب لا يجب على الحنفي ويجاب بأن المراد أنه يجري عليه حكم الواجب في الاعتقاد بحيث إذا أنكر افتراضه لا يكفر
قوله ( والأمر ) أي الضمني
____________________
(1/250)
المأخوذ من الحديث المذكور أو الأمر الذي في قوله صلى الله عليه وسلم إن الله زادكم صلاة وهي الوتر فصلوها فيما بين العشاء إلا صلاة الصبح
قوله ( وعلى ) أي في قوله صلى الله عليه وسلم الوتر واجب على كل مسلم وأجمعوا على أنه لا يصلي بدون نية الوتر وأنه لا يصح من قعود ولا على الدابة إلا من عذر وعلى وجوب القراءة في جميع ركعاته ولو اجتمع قوم على تركه أدبهم الإمام وحبسهم فإن لم يصلوه قاتلهم كذا في النهر عن التجنيس والمراد بوجوب القراءة إفتراضها أو يحمل على خصوص الفاتحة والسورة أفاده السيد
قوله ( وكميته الخ ) لا حاجة إلى التصريح بها لعلمه مما ذكره المصنف
قوله ( ثلاث ركعات ) بالتحريك وقد تسكن
قوله ( كان يوتر بثلاث ) وهذا مذهب الفقهاء السبعة وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن البصري قال أجمع السلف على أن الوتر ثلاث لا يسلم إلا في آخرهن وهو مذهب أبي بكر وعمر والعبادلة وأبي هريرة روي أنعمر رضي الله تعالى عنه رأى سعيدا يوتر بركعة فقال ما هذه البتيراء تشفعها أو لأؤدبنك اه وروي أن سعد بن أبي وقاص أوتر بركعة فقال له عبد الله بن مسعود ما هذه البتيراء ما أجزأت ركعة قط وروي أنه حلف على ذلك اه كذا في الشرح
قوله ( وقال على شرط الشيخين ) شرط البخاري أنه لا بد من تحقق اللقي بين الراوي ومن روى عنه وشرط مسلم إمكان اللقي فكلما تحقق شرط البخاري تحقق شرط مسلم ولا عكس ومسلم تلميذ البخاري قال الدارقطني لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء
قوله ( وفي حديث عائشة ) رواه أصحاب السنن الأربعة وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه من طريق عبد العزيز بن جريج عنها
قوله ( فيعمل به في بعض الأوقات ) أصله للكمال وتمام كلامه كما في الشرح ولكن قال اسحق أصح شيء ورد في قراءته صلى الله عليه وسلم في الوتر سبح وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد وزيادة المعوذتين أنكرها الإمام أحمد ويحيى بن معين اه فهذا سر اقتصار أئمتنا على الإخلاص في الثالثة
قوله ( إلا إذا قضاه ) أي عند الناس بدليل ما بعده
قوله ( برفعه ) متعلق بيرى
قوله ( عند من يراه ) أي سواء كان في مسجد أم في غيره وإذا لم يكن أحد عنده يرفع وفيه أن صلاته ثلاث ركعات تؤذن بالتهاون وقد يقال أن الرفع أشد إيذانا في ذلك
قوله ( ثم كبر ) التكبير المذكور مروي عن علي وابن عمر والبراء بن عازب وابن مسعود والحكمة في الجمع بين رفع اليدين والتكبير إعلام المعذورين من الأصم والأعمى
قوله ( وبعد التكبير قنت قائما ) مرة واحدة فمدرك الإمام في ثالثته لا يقنت في قضاء ما سبق به لأنه أول صلاته ولو أدرك المسبوق إمامه في ركوع الثالثة كان مدركا للقنوت فلا يقنت فيما يقضي كذا في الفتح
قوله ( وعند الإمام ) أي وأبي يوسف وهو الأصح وقال محمد يرسل لما مر في فصل الكيفية واختاره الطحاوي والكرخي كما في النهر وغيره
قوله ( وعن أبي يوسف يرفعهما ) في جوامع الفقه لو بسط يديه بعد الفراغ منه ومسح بهما وجهه قيل تفسد صلاته اه
قوله ( ووجهه ) أي وجه فعل أبي يوسف
قوله ( للإجماع الخ ) الدليل أخص من الدعوى وكيف لا والشافعي رضي الله عنه يقول برفع اليدين في قنوت الصبح ولا إجماع إلا به
قوله ( وفيه ) أي في الجواب بالتخصيص
قوله ( دعاء رغبة ) أي دال عليها وكذا يقال فيما بعده
قوله ( ودعاء رهبة ) كقوله ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم
قوله ( كالمستغيث من الشيء ) كأنه يدفعه عن نفسه
قوله
____________________
(1/251)
( ودعاء تضرع ) كأن يقول اللهم إني عبدك الذليل الحقير المنكسر خاطره الخائف الوجل
قوله ( ودعاء خفية ) هذا إنما تحسن مقابلته لما سبق من جهة النطق وعدمه وإلا فدعاء السر لا يخرج عن الثلاثة قبله
قوله ( لما قنت على الخ ) روي أنه قنت في محاربة معاوية ومعاوية قنت في محاربته
قوله ( إنما استنصرنا على عدونا ) أي إنما نطلب بقنوتنا في الصبح النصر على عدونا أي كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم
قوله ( قنت الإمام في صلاة الجهر ) الذي في البحر عن الشمني في شرح النقاية معزيا للغاية إذا نزل بالمسلمين نازلة قنت في صلاة الفجر وهو قول الثوري وأحمد
قوله ( وقال جمهور أهل الحديث الخ ) وهذه هي الموافقة لما نقله بعد عن الطحاوي وأما القنوت في الصلوات كلها عند النوازل فلم يقل به إلا الشافعي وليس مذهبنا كما صرح به العلامة نوح قال الحموي وينبغي أن يكون القنوت قبل الركوع في الركعة الأخيرة ويكبر له وفي الأشباه يقنت للطاعون لأنه من أشد النوازل بل ذكر أنه يصلي له ركعتان فرادى وينوي ركعتا رفع الطاعون والطاعون مصيبة وإن كان سببا للشهادة كملاقاة العدو ومحاربة الكفار فإنه قد ثبت سؤال العافية منها مع أنها ينشأ عنها الشهادة قال صلى الله عليه وسلم لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية ولا يباح الدعاء على أحد من المسلمين بالموت بالطاعون ولا بشيء من الأمراض ولو كان في ضمنه الشهادة ويجوز الدعاء بطول العمر لأنه صلى الله عليه وسلم دعا لأنس به بل يندب وينبغي أن يقيد بمن في بقائه منفعة للمسلمين وفائدة الدعاء به أنه يجوز أن يقدر الله تعالى عمر زيد مثلا ثلاثين سنة أي في اللوح المحفوظ فإذا دعى له يزاد له وعلى هذا ينزل جميع أنواع الدعاء أفاده الحموي في حاشية الأشباه
قوله ( بعد ظفره ) بفتح الظاء والفاء
قوله ( فتكون مشروعيته مستمرة ) هذا رد لقوله سابقا فدل على نسخة
قوله ( وهو محمل الخ ) أي حصول نازلة
قوله ( وهو مذهبنا وعليه الجمهور ) أي القنوت للحادثة وإن خصصناه بالفجر لفعله صلى الله عليه وسلم وعممه الجمهور في كل الصلوات
قوله ( أي بعد الركوع ) هذا يخالف ما قدمناه عن الحموي
قوله ( كما تقدم ) أي من قول أنس قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصبح بعد الركوع يدعو على أحياء من العرب
قوله ( من معناه الدعاء ) فالإضافة فيه للبيان ويطلق على العبادة والطاعة وإقامة الطاعة والإقرار بالعبودية والسكون والصلا ة والقيام وطوله أفاده البدر العيني نقلا عن الحافظ العراقي
قوله ( الذي روي عن ابن مسعود ) أشار به إلى أن فيه روايات أخر وهو كذلك ذكرها الجلال السيوطي في الدر المنثور بألفاظ مختلفة
قوله ( أن يقول اللهم الخ ) ذكر السيوطي أن دعاء القنوت من جملة الذي أنزله الله على النبي صلى الله عليه وسلم وكانا سورتين كل سورة ببسملة وفواصل إحداهما تسمى سورة الخلع وهي بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك إلى قوله من يكفرك والأخرى تسمى سورة الحفد وهي بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد إلى ملحق وقد اختلفت الصحابة في نسخهما وكتبهما أبي في مصحفه فعدة سور القرآن عنده مائة وست عشرة سورة
قوله ( أي نطلب منك الهداية لما يرضيك ) المراد من الهداية الوصول لا الدلالة فقط
قوله ( ستر عيوبنا ) الأولى ستر ذنوبنا لأن العيب قد لا يكون ذنبا كالعور والشلل اللهم إلا أن يقال المراد ما يعيب الشارع عليه والستر إما بالمحو من الصحيفة أو بعدم المؤاخذة به وإن بقي
____________________
(1/252)
فيها والأول أرجح
قوله ( فلا تفضحنا ) بفتح التاء والحاء المهملة
قوله ( وشرعا الندم ) وهو أعظم أركانها
قوله ( والإقلاع عنه في الحال ) أي إن كانت آلة الفعل حاضرة كأن تاب عن السكر وآلته بين يديه فيريقه ويبعد آلته عنه
قوله ( والعزم على ترك العود ) أفاد العارف ابن عربي أن هذا الشرط لا يلزم لأنه غيب فالأولى فيه التسليم وفيه أن المغيب هو العود فلا ينافي طلب العزم على عدمه في التوبة
قوله ( فلا بد من مسامحته وإرضائه ) أي برد الظلامة إليه إن أمكنه وإن لم يمكنه تصدق بقدرها إن كانت من الأموال وقال بعضهم أن التوبة تصح عنها في المستقبل ويكون ما عليه كالديون
قوله ( ناطقين بلساننا ) هذا جرى فيه على أن الإيمان قول وعمل ونسب إلى الإمام أو هو بيان لشرطه الدنيوي الذي تجري عليه الأحكام الظاهرة
قوله ( فقلنا آمنا بك الخ ) لما كان الإيمان به تعالى لا يتم إلا بالإيمان بما ذكر بعد قال ذلك
قوله ( وبما جاء من عندك ) فيه أنه لا يخرج عن الكتب والقدر وقد ذكرهما بعد
قوله ( ورسلك ) المراد بهم ما يعم الأنبياء فإن الإيمان بهم لازم
قوله ( وباليوم الآخر ) أي بوقوعه
قوله ( وبالقدر خيره وشره ) القدر إيجاد الله تعالى الأشياء على وفق ما أراده تعالى وكله من الله تعالى وهو من هذه الجهة جميل وإنما يقبح باكتساب العبد ونسبته إليه
قوله ( بتفويض ) الباء للتصوير
قوله ( لعجزنا ) أي عن جلب نفعنا ودفع شرنا
قوله ( ونثني عليك الخير كله ) قال في المغرب والخير منصوب على المصدر أي ثناء الخير فيفيد نوعا من التأكيد اه أو على أنه مفعول نثني أو على نزع الخافض أي بالخير
قوله ( إفضالا منك ) أي حال كونها إفضالا أو لأجل الإفضال أي وليست بطريق الإيجاب ولا الوجوب
قوله ( بصرف جميع ما أنعمت به الخ ) أشار به إلا أنه ليس تأكيد النثني بل تأسيس فتدبر
قوله ( أنت كما أثنيت على نفسك ) أنت مبتدأ والكاف بمعنى على أي أنت على الوجه الذي أثنتيت به على نفسك أو الكاف زائدة أي أنت الذي أثنيت على نفسك أو هو تأكيد للضمير المجرور بعلى أي لا نطيق ثناء عليك كثنائك على نفسك أو المعنى أنت كالذي أثنيته على نفسك أي ثناؤك المعتبر هو كالثناء الذي أثنيت به على نفسك
قوله ( ونزيل ربقة الكفر ) أي الكفر الشبيه بالربقة أي عروة الحبل وظاهره أن مفعول نخلع محذوف والذي يقتضيه اللفظ أن مفعوله قوله من يفجرك
قوله ( وربقة كل ما لا يرضيك ) شبه ما لا يرضيه تعالى بشخص له حبل يضعه في العنق وإسناد الربقة تخييل
قوله ( نتحاشى عنه ) عطف على قوله نفارق
قوله ( بأن نفرضه عدما ) الباء للسببية
قوله ( المتفضل ) أخص من المنعم لأن المنعم قد ينعم لمقابلة نعم عليه
قوله ( الموجود ) أي وجودا كاملا وهو الواجب
قوله ( المستحق ) أي الذي كل المحامد حقه
قوله ( والمخالف لهذا الخ ) أي فنتركه ولا نميل إليه من جهة الدين وأما النكاح فمن قبيل المعاملات فليس في تزوج الكتابية ميل إليها من هذه الجهة
قال في الذخيرة إذا دخل يهودي الحمام هل يباح للخادم المسلم أن يخدمه طمعا في فلوسه فلا بأس به وإن فعل ذلك تعظيما له إن كان ليميل قلبه إلى الإسلام فلا بأس به وإن فعل ذلك تعظيما له من غير أن ينوي شيئا مما ذكرناه كره ذلك وكذا إذا دخل ذمي على مسلم فقام له إن قام طمعا في ميله إلى الإسلام فلا بأس وإن فعل ذلك تعظيما من غير أن ينوي شيئا مما ذكرناه أو قام تعظيما لغناه كره له ذلك اه
قوله ( إذ تقديم المفعول للحصر ) كتقديم الظرف فيما بعد
قوله ( بتضمنها
____________________
(1/253)
جميع العبادات ) من قيام وركوع وسجود وقعود وتكبير وثناء ودعاء وقراءة وتسبيح وتهليل وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ودعاء للمؤمنين وخشوع
قوله ( إذ هو أقرب الخ ) أي قرب مكانة لا مكان وهذا مما يدل على أن الله تعالى ليس في جهة
قوله ( من أتاني سعيا أتيته هرولة ) أي من اجتهد في طاعتي قابلته بأعظم منها
قوله ( والمعنى نجهد في العمل ) أي وليس المراد السعي بسرعة لأنه منهي عنه
قوله ( نسرع في تحصيل عبادتك ) فالعطف من عطف المرادف
قوله ( بنشاط ) أخذه من المقام
قوله ( ولذا سميت الخدم حفدة ) ويسمى أولاد الأولاد حفدة لأنهم كالخدم في الصغر كما في المصباح
قوله ( ويجوز ضمها ) فيكون من الرباعي
قوله ( وأحفد لغة فيه ) وبعضهم يجعله لازما مختار الصحاح
قوله ( لا معنى له ) فيه أنه ورد في صفة البراق له جناحان يحفذ بهما أي يستعين بهما على السير ويسرع
قوله ( نرجو رحمتك ) أي إنعامك وإحسانك
قوله ( وإمدادها ) أي ازديادها
قوله ( وسبعة عطائك ) أي عطاءك الواسع وأخذ ذلك من إسناد الرحمة إليه تعالى
قوله ( بالقيام الخ ) أي مع القيام وإنما قال ذلك لأن الرجاء تعلق القلب بمرغوب فيه مع الأخذ في الأسباب وإلا فهو الطمع
قوله ( فنحن بين الرجاء والخوف ) قال الغزالي والعمل مع الرجاء أعلى منه مع الخوف والجمهور على أن الأفضل تكثير الخوف مع الصحة وتكثير الرجاء مع الضعف والرجاء بالمد وأما بالقصر فهو ناحية البئر وقد يمد
قوله ( فإن أمن المكر ) أي إنقلاب الحال وأمن المكر إطمئنان القلب بحيث يجزم بالنجاة
قوله ( كفر ) حمله بعضهم على الحقيقة وبعضهم قال معناه أنه يوصل إليه بسبب استرساله في المعاصي
قال تعالى { فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون }
قوله ( كالقنوط من الرحمة ) أي اليأس منها والجزم بأنه من أهل العذاب فإنه يؤدي إلى تقليل العمل وإنكار الرحمة وفيه ما تقدم في الأمن قال تعالى { إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون }
قوله ( أني يرجى نواله ) أي إنعامه ونكاله عقابه
قوله ( لا يجتمعان الخ ) قد علمت أن الرجاء لا يتحقق إلا مع الأعمال الصالحة وإلا فهو طمع
قوله ( بالأركان ) أي الأعضاء
قوله ( ممتثلين لأمرك ) حال مؤكدة
قوله ( لا مقتصرين على القلب واللسان ) بأن يرجو بقلبه أو ينطق بلسانه من غير عمل الأركان
قوله ( ذوي البهتان ) هو الكذب وفسره في القاموس بأن يقول على الشخص ما لم يفعل
قوله ( نعتقد ونقول ) معلول مؤخر عن علته وهو قوله فلإنعامك علينا بالإيمان ولا شك أن هذا الإعتقاد والقول علته الإنعام بالإيمان
قوله ( بكسر الحاء ) قالالنووي هذا هو المشهور وقالالجزري هكذا روينا
قوله ( وقيل بفتحها ) قاله ابن قتيبة وغيره ونص الجوهري على أنه صواب
قوله ( وصلى الله على النبي ) هذا هو الذي رواه النسائي فقط بدون وعلى آله وسلم كما يفهم من الشرح
قوله ( صلينا ) معلول لقوله ولما روى النسائي
قوله ( وعلى آله وسلم ) في الواقعات بعد ما ذكر اختيار الفقيه أبي الليث أنه يصلي قال والمستحب في كل دعاء أن يكون فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم اللهم صل على محمد وعلى آل محمد اه فهذا يفيد أن كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت بهذه الكيفية ويشهد له ما أخرجه النسائي بسند صحيح عن زيد بن خارجة قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف الصلاة عليك فقال صلوا علي واجتهدوا في الدعاء وقولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعنه صلى الله عليه وسلم الدعاء موقوف بين السماء
____________________
(1/254)
والأرض لا يصعد حتى يصلى على فلا تجعلوني كغمر الراكب صلوا علي في أول الدعاء وأوسطه وآخره والغمر بكسر الغين المعجمة القدح الصغير
قوله ( كما اختار الفقيه أبو الليث ) في الحلبي عن ابن الهمام لا ينبغي أن يعدل عن هذا القول وهو الحق كما في البحر وابن أميرحاج
قوله ( هو الصحيح ) والأصح كما في المحيط والمختار كما في المجمع والهداية وفي الذخيرة أن الإمام يتوسط في قراءة القنوت فلا يجهر جدا ولا يخافت جدا حتى يتمكن المتقدي أن يقرأ خلفه وهو المختار اه
قوله ( قال أبو يوسف رحمه الله يتابعونه الخ ) من القواعد أن يقدم قول أبي يوسف على قول محمد عند الإطلاق
قال المنلا علي في شرح الحصن وينبغي تقديم هذا لأنه أصح وقال ابن الهمام الأولى أن يؤخر لأن الصحابة اتفقوا على اللهم إنا نستعينك الخ
قوله ( والدعاء ) مبتدأ خبره قوله قال طائفة الخ وأخرج المصنف عن إعرابه
قوله ( إنه لا توقيت فيه ) الأفضل أن يكون الدعاء موقتا لأن الداعي ربما يكون جاهلا فيدعو بما يقطع الصلاة ولا يعلمه كذا في غاية البيان وقول محمد ليس في القنوت دعاء موقت يعني غير اللهم إنا نستعينك الخ اللهم اهدنا بناية ورجحه ابن أميرحاج لما تقدم وتبركا لمأثور
قوله ( إذا رفعت رأسي الخ ) هذا لا يؤيد المذهب إلا أنه عارضه ما هو أصح منه عند أهل المذهب فقدموه
قوله ( فيمن هديت ) أي معهم
قوله ( وقني شر ما قضيت ) أي قضاء معلقا أو قني شره المهم بحيث يقع بلطف
قوله ( من واليت ) من كنت مواليا له
قوله ( لما كان يفعله ) أي في دعائه على أحياء من العرب
قوله ( من حديث في حق الإمام عام ) هو لا يؤم عبد قوما فيخص نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم رواه أبو داود وحسنه الترمذي
قوله ( أصل الهداية الرسالة والبيان ) الذي في القاموس الهدى بضم الهاء وفتح الدال الرشاد والدلالة وتذكرو النهار هداه هدى وهديا وهداية وهدية بكسرهما أرشده فتهدي واهتدى وهداه الله الطريق وإليه وله اه فلم توجد بمعنى الإرسال والبيان إلا أن البيان لازم الرشاد والدلالة
قوله ( وأنك لتهدي ) أي لتدل
قوله ( إنك لا تهدي ) أي لا توصل ولكن الله يهدي أي يوصل
قوله ( فهي من الله تعالى التوفيق ) الأولى حذف قوله من الله لأنها تفسر بالتوفيق الملزوم للإيصال في قوله تعالى إنك لا تهدي كما تفسر به فيما بعد
قوله ( فطلب المؤمنين ) أي إذا علمت أنها من الله التوفيق والمؤمن موفق فطلبه مع حصوله يحمل على طلب الدوام عليه أو المزيد منه ومنه اللهم إهدنا
قوله ( بفضلك ) أي بإحسانك والباء للسببية
قوله ( والبلايا والمحن ) أي دنيا وأخرى فهي لفظ عام تحته كل خير والمفاعلة على غير بابها
قوله ( من الناس ) أي من شرورهم
قوله ( ويعافيهم منك ) هذا بيان للمفاعلة التي تكون من الجانبين
قوله ( وتولنا ) ولاية الله تعالى لعبده إرادة توفيقه وتأييده وتقريبه وإكرامه كذا في الشرح
قوله ( من توليت الشيء ) ويجوز أن يكون من وليت الشيء إذا لم يكن بينك وبينه واسطة والمعنى أنه يقطع الوسائط بينه وبين الله سبحانه وتعالى حتى يصير في مقام المراقبة والمشاهدة وهو مقام الإحسان كذا في الشرح
قوله ( الزيادة من الخير ) وقيل حلول الخير الإلهي في الشيء
قوله ( ترقيا على المقامين السابقين ) وهما مقام المعافاة ومقام الموالاة يعني أنه يطلب الزيادة فيهما أي فإذا عانيتنا وتوليتنا فبارك لنا في ذلك ويدخل في المقامين كل نعمة وخير
قوله ( من الوقاية ) فق أصله أوق حذفت الواو
____________________
(1/255)
ولوقوعها بين كسرتين ثم الهمزة للإستغناء عنها
قوله ( بالعناية ) أي مع العناية
قوله ( بدفع ) لا حاجة إليه لأن المعنى اجعل بيننا وبين ذلك الشر وقاية وحافظا
قوله ( إنك تقضي ) أي تحكم وتفعل أي تجري أفعالا وتبديها على حسب ما سبق في العلم والإرادة أو المعنى إنك قضيت ويكون المراد به إرادة الله تعالى المتعلقة بالأشياء أزلا
قوله ( فنطلب موالاتك ) أفاد به أنه تعليل لقوله وتولنا كما أن قوله إنك تقضي علة لقوله وقنا شر ما قضيت
قوله ( وسلطان قهرك ) أي قوة قهرك
قوله ( وأن الكافرين لا مولى لهم ) كولاية المؤمنين بالعناية واللطف
قوله ( ومن يهن الله ) المفعول محذوف أي من يهنه الله
قوله ( فهو معنى وتعاليت ) معنى مضاف وجملة تعاليت مضاف إليه
قوله ( ومن لم يحسن الخ ) التقييد به ليس بشرط بل يجوز لمن يعرف الدعاء المعروف أن يقتصر على واحد مما ذكر أفاده صاحب البحر
قوله ( أو يقول ربنا آتنا الخ ) قال صاحب البحر الظاهر أن الإختلاف في الأفضلية لا في الجواز وإن قوله ربنا الخ أفضل لشموله
قوله ( وإذا اقتدى بمن يقنت الخ ) قال في الهداية ودلت المسئلة على جواز الإقتداء بالمخالف يعني شافعيا كان أو غيره وجه الدلالة إن اختلافهم في أنه يتابعه أو لا فرع صحة الإقتداء إذا كان يحتاط في مواضع الإختلاف كأن يجدد الوضوء بخروج نحو دم وأن يمسح ربع رأسه وأن يغسل ثوبه من مني أو يفركه إذا حف وأن لا يقطع وتره بسلام على الصحيح وأن يرتب بين الفوائت والجامع لهذه الأمور أن لا يتحقق منه ما يفسد صلاته بناء على أن المعتبر رأي المقتدي وهو الصحيح الذي عليه الأكثرون وقيل رأى الإمام وعليه الهندواني وجماعة وقال في النهاية أنه الأقيس وعليه فيصح الإقتداء وإن لم يحط نهر وغيره وتظهر الثمرة فيما إذا رأى من إمامه ما يفسد الصلاة عند ذلك الإمام دون المقتدي وقد شرع في الصلاة غير عالم به تجوز صلاته على قول الأكثر لا على قول الهندواني وفي شرح السيد وكل من القولين مرجح
قوله ( والقنوت في الوتر بعد الركوع ) بالجر عطفا على تكبيرات يعني أنه يتابعه فيه ويقرؤه لأنه مجتهد فيه فصار كتكبيرات العيدين ولهما أن قنوت الفجر منسوخ على ما تقدم فصار كما لو كبر خمسا في الجنازة فإنه لا يتابعه ويصح الإقتداء فيه بمن يراه سنة لكن بشرط أن يؤديه بتسليمة واحدة وإلا لا يصح على ما عليه الأكثر
قوله ( على الصحيح ) هذا مرتبط بقوله وتذكره في الركوع وأما في الصورة الثانية وهي ما بعد الرفع فإنه لا يعيده إتفاقا ولو أخر قوله وتذكره في الركوع ليربطه به لكان أولى أفاده السيد
قوله ( لا يعيد الركوع ) ظاهره أنه يحرم عليه إعادته لإتيانه بما ليس من الصلاة وفي شرح السيد مراده من عدم إعادة الركوع أن صحة صلاته لا تتوقف على إعادته وليس المراد أنه ممنوع من إعادته اه والظاهر ما قلنا
قوله ( وتأخير الواجب ) عطف مرادف
قوله ( لأن اشتغاله الخ ) وتعلل المسئلة الأولى بأن القنوت ليس بمؤقت في ظاهر الرواية فما أتى به منه يكفيه
قوله ( يفوت واجب المتابعة ) أي المتابعة الواجبة قد يقال في المسئلة الثانية أن القنوت واجب أيضا فمقتضاه التخيير له بل يدعي أن الإتيان بالقنوت أولى لأنه لا يمكنه تداركه بخلاف الركوع
قوله ( لأنه غير مشروع ) أي الإتيان به مرة ثانية
قوله ( وعن أبي الفضل الخ ) راجع إلى المصنف للإجماع على الثانية أو للثانية والرواية هذه لا تعتبر لخرقها الإجماع
قوله ( فالاحتياط تركها في الوتر خارج رمضان ) وما في النوازل عن المغني الإقتداء في
____________________
(1/256)
الوتر خارج رمضان جائز فلا ينافي الكراهة لأن معناه صحيح
قوله ( أن هذا ) أي كراهة الجماعة في النفل أو ما في حكمه كالوتر إذا كان على سبيل التداعي أي طريق يدعو الناس للإجتماع عليهم
قوله ( لا يكره ) لأن النبي صلى الله عليه وسلم أم ابن عباس في صلاة الليل وكان يوقظ عائشة فتوتر معه وصح أنه صلى الله عليه وسلم أم أنسا واليتيم والعجوز فصلى بهم ركعتين وكانت نافلة
قوله ( اختلف فيه ) والأصح عدم الكراهة
قوله ( قال في النهاية ) ومثله في الظهيرية والذخيرة قال في النهر وهو يقتضي أن المذهب خلاف ما في الخانية وأنه ترجيح منه لا اختيار في المذهب اه
قوله ( وهو خشية أن يكتب علينا ) لأنه زمن تجدد الفرائض
قوله ( دذاك ) أي آخر الليل
قوله ( لا وتران في ليلة ) لا عاملة عمل ليس أو عمل إن وجرى على لغة من يلزم المثنى الألف في جميع أحواله والمعنى لا يوتر لليلة وتران فلا ينافي أنه يقضي وترين وأكثر في ليلة والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في بيان النوافل قوله ( لأن النفل أعم ) والتطوع بمعناه وهو خير يأتي به المرء طوعا من غير إيجاب
قوله ( لغة الزيادة ) ومنه سميت الغنيمة نفلا
قال تعالى { يسألونك عن الأنفال } لأنها زيادة على أصل موضوع الجهاد وهو إعلاء كلمة الله تعالى وتطلق على ولد الولد ومنه قوله تعالى { ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة } أي عطية زائدة على ما طالبه وهو إسحق عليهم السلام
قوله ( ولا مسنون من العبادة ) هذا ينافي قوله إذ كل سنة نافلة فإنه ظاهر في إطلاقه عليها ويجاب بأن للنفل إطلاقين الأول ما قابل الفرض والواجب والثاني ما تبرع به الشخص من غير أمر به خاص فأشار أولا وآخرا إليهما
قوله ( والسنة الخ ) الأولى ما فعله في الشرح حيث أخر الكلام على السنة عند قوله سن الخ
قوله ( أو غير مرضية ) منه ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة
قوله ( وفي الشريعة الطريقة الخ ) تقدم الكلام عليها مستوفى في الطهارة
قوله ( شرعت لجبر نقصان ) يمكن حمله على البعدية فلا ينافي ما بعد أو أنها تكون لجبر النقصان ولو كانت متقدمة ويدل عليه ما في الحديث الصحيح أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صحت فقد أصلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وأجنح وخسر وإن انتقص من فريضته شيئا
قال الرب سبحانه وتعالى انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل به ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك
قوله ( تمكن في الفرض ) أي وقع فيه
قوله ( لأن العبد الخ ) قال تعالى { وما قدروا الله حق قدره } الأنعام 6 قالالسيد عازيا إلى ما في المصنف وهذا بالنسبة لغير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإن النوافل في جانبهم لزيادة الدرجات لهم وفي جانب غيرهم لجبر الخلل إذ لا خلل في صلاة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
قوله ( منها ركعتان ) الأولى حذف منها لأنه على هذا الحل لا يكون لسن نائب فاعل
قوله ( وهي أقوى السنن ) لكثرة ما ورد فيها من المرغبات
قوله ( أنها واجبة ) أجمعوا على أنها لا تصح قاعدا من غير عذر كما في الخلاصة ويخشى على جاحدها الكفر كما في المضمرات وتقضي إذا فاتت مع الفرض دون غيرها والأصح أنها تصاب بمطلق النية وفي مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر { قل يا أيها الكافرون } و { قل هو الله أحد } وفي مسند الإمام أحمد ابن عباس في الأولى بخاتمة البقرة وفي الثانية { قل يا أهل الكتاب تعالوا }
____________________
(1/257)
الآية فتستحب قراءة هاتين السورتين وهذه الآيات على سبيل المناوبة أياما واستحسن الغزالي أن يقرأ في الأولى ألم نشرح وفي الثانية ألم تر كيف وقال إن ذلك يرد شر اليوم كذا في ابن أميرحاج لكنه لم يرد في السنة كما في مقاصد السخاوي والأفضل في سنة الفجر أداؤها في أول الوقت مع التخفيف وقيل يفضل الأسفار وفي البناية عن المبسوط يكره الكلام بعد إنشقاق الفجر لأنها ساعة تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار كما في تأويل إن قرآن الفجر كان مشهودا فلا ينبغي أن يشهدهم إلا على خير وفي حكاية الإجماع على أنها لا تصلي من قعود نظر بل المجمع عليه إنما هو تأكدها والمعتمد جوازها من قعود كما يأتي في الشرح
قوله ( وإن طردتكم الخيل ) المقصود الحث على الفعل وإلا فترك الفرد عند طرد الخيل يباح لعدم التمكن
قوله ( أحب إلي من الدنيا وما فيها ) باعتبار ما يترتب على فعلها من الثواب
قوله ( ثم اختلف في الأفضل ) أي من المؤكدات والمستحبات
قوله ( قال الحلواني ركعتا المغرب ) فإنه صلى الله عليه وسلم لم يدعهما سفرا ولا حضرا كذا في الشرح
قوله ( ثم التي بعد الظهر ) لأنها سنة متفق عليها بخلاف التي قبلها لأنه قيل أنها للفصل بين الأذان والإقامة كذا في الشرح
قوله ( وهو الأصح ) كذا صححه في الدراية والعناية والنهاية وعلله في البحر بأنه ورد فيها وعيد هو قوله صلى الله عليه وسلم من ترك الأربع التي قبل الظهر لم تنله شفاعتي وكذا ذكر تصححه العلامة نوح
قوله ( وقد ابتدأ ) أي الإمام محمد في المبسوط بها وهو لا يدل على أفضليتها لأن الظهر أول صلاة في الوجود
قوله ( ويندب أن يضم إليهم ركعتين ) وهو مخير إن شاء جعلها بسلام واحد وإن شاء جعلها بسلامين والأولى حذفه لأنه يأتي الكلام على ذلك قريبا
قوله ( ومنها ركعتان بعد المغرب ) في شرح الوقاية لشيخي زاده ما نصه قال صلى الله عليه وسلم أفضل الصلوات عند الله المغرب لم يحطها عن مسافر ولا مقيم فتح بها صلاة الليل وختم بها صلاة النهار فمن صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين بنى الله له قصرين في الجنة ومن صلى بعدها أربع ركعات غفر له ذنوب عشرين أو قال أربعين سنة
قوله ( كان يقرأ في الأولى منهما الخ ) يعني أحيانا كما في شرح المشكاة
قوله ( من سلخها ) أي ما سلخ عنها وهو جلدها
قوله ( وأربع قبل الظهر ) قال في البحر ويقرأ في كل ركعة نحو امن عشر آيات وكذا في الأربع بعد العشاء
قوله ( لم تنله شفاعتي ) أي الشفاعة الخاصة المترتبة على فعلها
قوله ( فلذا قيدنا ) أي لقوله لا يفصل في شيء منهن وقوله يسلم في آخرهن
قوله ( لتعلقه ) الأولى حذفه لفهمه من قوله في الرباعيات وقال أبو يوسف يصلي أربعا قبل الجمعة وستا بعدها وفي الكرخي محمد مع أبي يوسف وفي المنظومة مع الإمام ثم عند أبي يوسف يصلي أربعا ثم اثنتين كذا في الحدادي ولو أخر السنة لا تكون سنة على الصحيح والكلام بين السنة والفرض وكل عمل ينافي التحريمة لا يسقطها ولكن ينقص ثوابها على الأصح وفي الحلبي لو أراد أن يصلي النوافل ينذرها ثم يصليها كما هي ثم نقل عن شرف الأئمة أن أداء النفل بعد النذر أفضل من أدائه دون النذر والأفضل في السنن القبلية والبعدية أداؤها في المنزل كما كان غالب حاله صلى الله عليه وسلم وأخرج أبو داود صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة وفي المنية التطوع في المسجد حسن وفي البيت أحسن وبه أفتى الفقيه أبو جعفر قال إلا أن يخشى أن يشتغل عنها إذا رجع إلى منزله فإن لم يخف فالأفضل البيت والحكمة فيه أن لا تخلو البيوت من الصلاة كما نبه عليه صلى الله عليه وسلم بقوله
____________________
(1/258)
نوروا بيوتكم بالصلاة ولا تجعلوها قبورا كذا في الحلبي وغيره
قوله ( ولعله الخ ) هذا مما تفرد به المؤلف بحثا وكلام أهل المذهب أحق ما إليه يذهب
قوله ( المستحب من السنن ) المستحب والمندوب والمرغب فيه والحسن ألفاظ مترادفة معناها واحد وهو ما رجح الشرع فعله على تركه
قوله ( فلذا خيره القدوري ) أي لإختلاف الآثار خيره القدوري وكذا خيره محمد بن الحسن بين أن يصلي ركعتين أو أربعا كما في الفتح
قوله ( من صلى قبل الظهر الخ ) قال في رفع العوائق عن الفوائد القرشية والمراد في مثله يعني مثل ما ذكر من الوعد بالثواب في مقابلة الأعمال المواظبة لا الإتيان بها مرة وظاهره أن الترك في بعض الأحيان لعذر غير مانع اه
قوله ( رفعت له في عليين ) هو أعلى مكان في الجنة والمراد ادخر له ثواب عظيم من أجلها وإلا فغيرها من الأعمال مدخر ثوابه في الجنان وقد يقال إن المدخر في عليين أكثر مما ادخر في غيرها من باقي الجنان
قوله ( وهو خير له من قيام نصف ليلة ) قد يقال إنه نزل منزلة من أدرك ليلة القدر وهي خير من ألف شهر ولا شك أن قيام نصف ليلة أقل من ذلك ويمكن أن يجاب بأنه يكتب له قيام نصف ليلة زيادة على ثواب مدرك ليلة القدر أو أن المشبه لا يعطي حكم المشبه به من كل وجه
قوله ( غفر له بها ذنوب خمسين سنة ) حمله أكثر العلماء على الصغائر وأطلق بعضهم فعممه للكبائر
قوله ( ولم يقيد فيه بكونها قبل التكلم ) فأما أن يحمل المطلق على المقيد لاتحاد الحادثة أو يقال إن التقييد للكمال لا لتحصيل أصل الموعود به
قوله ( وفي التجنيس الخ ) الظاهر أن هذا تفريع على قولهما وما بعده تفريع على قول الإمام من اختلافهم فيما هو الأفضل من صلاة الليل وذكر في شرح المشكاة أن الأولى فصل المندوبة عن المؤكدة بالتسليم
قوله ( وفي الدرر بتسليمة ) وهو أدوم وأشق ولذا اختاره الكمال در
قوله ( وقيل بها ) لظاهر الأحاديث واختاره المحقق في الفتح واستظهره الحلبي
قوله ( فيقف على قوله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) واختلف في وجوب سجدتي السهو على من زاد على التشهد فيها كما في الدرر والغرر كذا في الشرح
قوله ( فلا تبطل شفعته ) فهو على شفعته إذا طلب الأخذ بالشفعة على فور خروجه من الصلاة ذكره السيد
قوله ( ولا يلزمه كمال المهر ) ما لم توجد الخلوة الصحيحة الخالية عن الموانع بعد سلامه من تلك الصلاة قاله السيد
قوله ( فيستفتح ) ويلزمه كمال المهر بالقيام إلى الشفع الثاني وتسقط شفعته ولا تبقى على خيارها اه سيد قال وبترك القعود على رأس الثانية لا يثني ولا يتعوذ في الثالثة اه
قوله ( وفي الاستحسان الخ ) تطويل من غير فائدة فالأولى الإقتصار على ما في المصنف
قوله ( لأنها صارت من ذوات الأربع الخ ) هذا الكلام صريح في أنها تحسب بتمامها له خلافا لمن قال إنها تحسب شفعا واحدا ولا ينافيه ما ذكره ابن أميرحاج في بحث التراويح لو صلى الكل بسلام واحد ولم يقعد إلا في آخرها اختلف فيه المشايخ والصحيح أنه يجزيه عن تسليمة واحدة كما لو صلى أربعا بتسليمة واحدة ولم يقعد على رأس الركعتين على ما هو الصحيح اه لأنه في التراويح خاصة لكونها شرعت على هيئة مخصوصة فلا تؤدى بغيرها فالمعنى أنها تنوب عن ركعتين من التراويح وإن كانت تحسب له عشرين نافلة فتدبر
قوله ( وصحح الفساد في الخلاصة ) لأن القعدة المشروعة قد تركها والتي فعلها لم تكن في محلها ثم يجب عليه قضاء ركعتين لأنه شرع في الشفع الأول ثم أفسده بترك
____________________
(1/259)
القعود ولا يلزمه بالثالثة شيء مطلقا عمدا كان أو سهوا لأن البناء على الفاسد لا يلزمه شيئا أو تمامه في الشرح
قوله ( وكره الزيادة على أربع بتسليمة في نفل النهار ) باتفاق الروايات لأنه لم يرو أنه صلى الله عليه وسلم زاد على ذلك ولولا الكراهة لزاد تعليما للجواز كذا قالوا وهذا يفيد أنها تحريمية اه سيد عن النهر
قوله ( وعلى ثمان ليلا ) تعرب ثمان إعراب قاض وقد تظهر عليها الحركات
قوله ( لما في صحيح البخاري الخ ) هذا لا ينتج المدعي لأنه لا يفيد أنه جمع بين العشر بتسليمة واحدة
قوله ( اتباعا للحديث الخ ) أجاب المحقق ابن الهمام عن هذا الحديث بأن لفظه يحتمل أن يكون المعنى فيه مثنى في حق الفضيلة بالنسبة إلى الأربع أو في حق الإباحة بالنسبة إلى الفرد وترجيح أحدهما لا يكون إلا بمرجح وقد ورد فعله صلى الله عليه وسلم على كلام النحوين لكن عقلنا زيادة فضيلة الأربع بأنها أكثر مشقة على النفس بسبب طول تقييدها في مقام الخدمة ورأيناه صلى الله عليه وسلم قال إنما أجرك على قدر نصبك وقال صلى الله عليه وسلم أفضل الأعمال أجهدها ولهذا لو نذر أن يصلي أربعا بتسليمة لا يخرج عنه بتسليمتين وعلى القلب يخرج فحكمنا بأن المراد الثاني وهو الإباحة أن يباح مثنى لا واحدة أو ثلاثا ووافق الكمال على ذلك تلميذه العلامة قاسم وغيره
قوله ( لأنه أشق على النفس ) وأبعد عن الرياء ولكونه وقت التجلي وعرض الإحسان وقال صلى الله عليه وسلم من أطال قيام الليل خفف الله عنه يوم القيامة
قوله ( وقال تعالى ) أي في مدح من قام الليل تتجافى أي تتباعد جنوبهم جمع جنب عن المضاجع أي محل اضطجاعهم واستراحتهم والمناسب للمؤلف أن يقول الآية ليفيد أن الكلام متوقف على آخر الآية وهو قوله فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين
قوله ( ولأن القراءة تكثر بطول القيام ) واجتماع ركني القراءة والقيام أفضل لأنهما من أجزاء الصلاة فكان أفضل من إجتماع ركن السجود مع سنة التسبيح
قوله ( ونقل في المجتبى عن محمد خلافه ) ونقل الطحاوي في شرح الآثار عن محمد موافقتهما وصححه في البدائع وهو ظاهر عبارة البرهان وتوقف الإمام أحمد لتعارض الأدلة وسوى بينهما مالك لتساوي الدليلين ووجه ما في المجتبى قوله صلى الله عليه وسلم للسائل عليك بكثرة السجود وللآخر أعني على نفسك بكثرة السجود وقوله صلى الله عليه وسلم أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد لأن السجود غاية التواضع والعبودية والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في تحية المسجد قوله ( وغيرها ) كصلاة الليل والإستخارة
قوله ( سن تحية المسجد ) أي تحية رب المسجد لأن التحية إنما تكون لصاحب المكان لا للمكان ويستثنى المسجد الحرام فإن تحيته الطواف وصرح المنلا علي بأن من دخل المسجد الحرام لا يشتغل بتحية لأن تحية هذا المسجد الشريف هو الطواف لمن عليه طواف أو أراده بخلاف من لم يرده أو أراد أن يجلس فلا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية المسجد اه
قوله ( بركعتين ) وإن شاء بأربع والثنتان أفضل قهستاني
قوله ( في غير وقت مكروه ) في القهستاني إذا دخل المسجد بعد الفجر أو العصر لا يأتي بالتحية بل يسبح ويهلل ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فإنه حينئذ يؤيدي حق المسجد كما إذا دخل للمكتوبة فإنه غير مأمور بها كما في التمرتاشي اه وفي الدر عن الضياء عن القوت من لم يتمكن منها لحدث أو غيره يقول كلمات التسبيح الأربع أربعا اه وهي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
قوله ( قبل الجلوس ) هذا بيان للأولى كما يأتي وهذا
____________________
(1/260)
قول العامة وهو الصحيح وقيل يجلس أولا ثم يصلي
قوله ( وإن كان الأفضل فعلها قبله ) هذا يدل على أنهم حملوا النهي في حديث فلا يجلس حتى يركع ركعتين على التنزيه
قوله ( يكفيه ركعتان في اليوم ) علله بعضهم بالحرج كما في الحموي على الأشباه وقيل لكل دخول تحية لأنه معتبر بتحية الإنسان فإنه يجيبه كلما لقيه كما في السراج
قوله ( وندب ) أي بعد ذكره الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما دلت عليه الأحاديث
قوله ( اللهم افتح لي أبواب رحمتك ) أي إحسانك وإنعامك بالإخلاص والقبول وغير ذلك
قوله ( اللهم إني أسألك من فضلك ) مأخوذ من قوله تعالى { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله } الجمعة 62
قوله ( لقوله صلى الله عليه وسلم الخ ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة قال ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي رواه البخاري والدف بفتح الدال المهملة وتشديد الفاء صوت النعل حالة المشي كما في الحلبي وفي شرح المشكاة من كتاب الطهارة لو صلى عقب الوضوء فريضة حصلت له هذه الفضيلة كما تحصل تحية المسجد بذلك اه
قوله ( يقبل عليهما بقلبه ) بحيث يستحضر فيهما عظمة الله تعالى
قوله ( إلا وجبت له الجنة ) أي ثبتت
قوله ( وندب صلاة الضحى ) الضحوة إرتفاع النهار والضحى بالضم والقصر فوق ذلك وبالفتح والمد إذا علت الشمس إلى ربع السماء
قوله ( على الراجح ) وقيل غير مندوبة
قوله ( وهي أربع ) قال الحاكم صحبت جماعة من أئمة الحديث الحفاظ الأثبات فوجدتهم يختارون الأربع لتواتر الأخبار الصحيحة فيها وإليها أذهب فقد روي في قوله تعالى { وإبراهيم الذي وفى } قال صلى الله عليه وسلم أتدرون ما وفى وفى عمل يومه بأربع ركعات الضحى واختلف العلماء هل الأفضل المواظبة عليها أولا والظاهر الأول لحديث أحب العمل إلى الله تعالى ما داوم عليه صاحبه وإن قل وروي أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يقرأ في صلاة الضحى بالشمس وضحاها والضحى وتمامه في شرح البدر العيني على البخاري
قوله ( وابتداؤه من إرتفاع الشمس ) ووقتها المختار إذا مضى ربع النهار لحديث زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة الأوابين حين ترمض الفصال رواه مسلم وترمض بفتح التاء والميم أي تبرك من شدة الحر في أخفافها
قوله ( إلى ثنتي عشرة ركعة ) وفي الدر عن المنية أقلها ركعتان وأكثرها اثنتا عشرة وأوسطها ثمان وهو أفضلها كما في الذخائر الأشرفية لثبوته بفعله وقوله صلى الله عليه وسلم وأما أكثرها فبقوله فقط قال وهذا لو صلى الأكثر بسلام واحد أما لو فصل فكلما زاد فهو أفضل كما أفاده ابن حجر في شرح البخاري اه ولعل هذا على مذهب الشافعي وإلا فالزيادة على أربع في نفل النهار مكروهة عندنا
قوله ( لما روى الطبراني الخ ) وروى يقول الله يا ابن آدم اضمن لي ركعتين من أول النهار أكفك آخره وروى يقول الله تعالى يا ابن آدم اكفني أول النهار بأربع ركعات أكفك بهن آخر يومك وروى أنها تقوم مقام الصدقات التي على كل مفصل من بني آدم وهي ثلثمائة وستون مفصلا
قوله ( كفى ذلك اليوم ) أي مع حصول الفضيلتين السابقتين وكذا يقال فيما بعد
من مشايخنا إلى أن قيام الليل فرض عليه صلى الله عليه وسلم تمسكوا بقوله تعالى { قم الليل إلا قليلا } المزمل 37 وعلى هذا فتكون صلاة قوله ( وندب صلاة الليل الخ ) ذهب طائفة من العلماء وعليه
____________________
(1/261)
الأصوليون الليل مندوبة لأن الأدلة القولية فيه إنما تفيد الندب وقال طائفة كان تطوعا منه صلى الله عليه وسلم فيكون في حقنا سنة لقوله تعالى { ومن الليل فتهجد به نافلة لك } وأجاب الأولون قالوا لا منافاة لأن المراد بالنافلة الزائدة أي زائدة على ما فرض على غيرك وربما يعطي التقييد بالمجرور ذلك وفي تفسير ابن عباس قم الليل يعني كله إلا قليلا فاشتد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه وقاموا الليل كله ولم يعرفوا ما حد القليل فأنزل الله تعالى نصفه أو أنقص منه قليلا أو زد عليه يعني أنقص من النصف إلى الثلث أو زد عليه إلى الثلثين خيره بين هذه المنازل فإشتد ذلك أيضا على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه فقاموا الليل كله حتى انتفخت أقدامهم مخافة أن لا يحفظوا القدر الواجب فعلوا ذلك سنة فأنزل الله تعالى ناسختها فقال علم أن لن تحصوه يعني قيام الليل من الثلث والنصف والثلثين وكان هذا قبل أن تفرض الصلوات الخمس فلما فرضت الصلوات الخمس نسخت هذه كما نسخت الزكاة كل صدقة وصوم رمضان كل صوم اه وفي تفسير الجزري نسخ وجوب التقدير بقوله تعالى { علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤوا ما تيسر } أي صلوا ما تيسر من الصلاة ولو قدر حلب شاة ثم نسخ وجوب قيام الليل بالصلوات الخمس بعد سنة أخرى فكان بين الوجوب والتخفيف سنة وبين الوجوب والنسخ سنتان كذا في العيني على البخاري
قوله ( خصوصا آخره ) وهو السدس الخامس من أسداس الليل وهو الوقت الذي ورد فيه النزول الإلهي
قوله ( وأقل ما ينبغي أن يتنفل بالليل ثمان ركعات ) الذي في الحاوي القدسي أن أقله ركعتان وأكثره ثمان لما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي خمس ركعات منها الوتر ثلاث وروي سبع وروي تسع وروي إحدى عشرة وثلاثة عشر ركعة والوتر من الجميع
قوله ( فإنه دأب الصالحين ) أي عادة الصالحين أي معتادهم
قوله ( وقربة ) أي مقربة لكم من ربكم
قوله ( ومكفرة للسيئات ) أي الصغائر
قوله ( ومنهاة عن الإثم ) أي ناهية عنه
قوله ( وندب صلاة الاستخارة ) أي طلب ما فيه الخير وهي تكون لأمر في المستقبل ليظهر الله تعالى خير الأمرين وأما صلاة الحاجة فتارة تكون لأمر نزل أو سينزل وهذا الأمر معنى يراد تحصيله أو دفعه وهذا أولى مما في السيد عن النهر
قوله ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة الخ ) وقال صلى الله عليه وسلم من سعادة ابن آدم استخارة الله عز وجل زاد الحاكم ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله عز وجل وقد روى بإسناد حسن أن داود عليه السلام قال أي عبادك أبغض إليك قال عبد استخارني في أمر فخرت له فلم يرض
قوله ( يقول ) بدل من قوله يعلمنا
قوله ( فليركع ركعتين ) يقرأ في الأولى بالكافرون وفي الثانية بالإخلاص وقال بعضهم يقرأ في الأولى بقوله تعالى { وربك يخلق ما يشاء ويختار } إلى يعلنون وفي الثانية بقوله تعالى { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة } إلى قوله { مبينا } وبعضهم يجمع بين ما ذكروا إذا تعذر عليه الصلاة استخار بالدعاء فقد روى الترمذي بإسناد ضعيف عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الأمر قال اللهم خر لي واختر لي اه
قوله ( اللهم إني أستخيرك ) أي أطلب منك تحصيل خير الأمرين والباء في قوله بعملك للقسم أو للتعليل أي لأنك عالم بذلك وكذا يقال فيما إذا بعد
قوله ( فإنك تقدر الخ ) تعليل على اللف والنشر المشوش
قوله ( وأسألك من فضلك العظيم ) يحتمل أن من اسم
____________________
(1/262)
بمعنى بعض مفعول به لأسأل والفضل بمعنى المتفضل ويحتمل أن المفعول به محذوف تقديره بيان الخير
قوله ( وأنت علام الغيوب ) أي تعلم المغياب علما تاما كما تفيده صيغة المبالغة والغيوب جمع غيب بمعنى مغيب وإذا كان يعلم المغيبات فعلم المشاهد لنا كذلك بل أولى على ما تقضي به العادة
قوله ( اللهم إن كنت تعلم الخ ) الشك بالنسبة إلى الداعي لا إلى علام الغيوب
قوله ( أن هذا الأمر ) يذكر حاجته بدل لفظ الأمر
قوله ( فاقدره ) بضم الدال وكسرها من بابي نصر وضرب أي هيئة ولا يجوز فتحها هنا لأن الفتح من قدر باب فتح بمعنى اليسار والقوة ولا يناسب هنا
قوله ( ثم بارك لي فيه ) أي اجعل لي منه خيرا زائدا على خيرية أصله وثم بمعنى الواو والترتيب باعتبار ما يشاهد
قوله ( وإن كنت تعلم ) أي علمت
قوله ( فاصرفه عني الخ ) لما كان لا يلزم من صرف الأحد المعين عن الآخر صرف الآخر عنه دعا بصرف كل منهما عن الآخر
قوله ( ثم رضني ) وفي رواية أرضني
قوله ( قال ويسمي حاجته ) أي بدل لفظ الأمر كما قدمناه ويستحب إفتتاح الدعاء المذكور بالحمد والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
قوله ( والاستخارة في الحج والجهاد الخ ) اعلم أن محل ندب الاستخارة إنما هو في الأمور التي لا يدري العبد وجه الصواب فيها أما ما هو معروف خيره أو شره كالعبادات وصنائع المعروف والمعاصي والمنكرات فلا حاجة إلا الاستخارة فيها نعم قد يستخار فيها البيان خصوص الوقت كالحج مثلا في هذه السنة لإحتمال عدو أو فتنة ولذلك يحسن أن يستخار في النهي عن المنكر في شخص متمرد يخشى بنهيه حصول ضرر عظيم عام أو خاص وإن جاء في الحديث أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر لكن إن خشي ضررا عاما للمسلمين فلا ينكر وإن خشي على نفسه فله الإنكار ولكن يسقط الوجوب كذا في العيني على البخاري
قوله ( مضى لما ينشرح له صدره ) أي قلبه وهو يفيد أنه يحصل بعد الاستخارة أحد الأمرين لا محالة والمراد أنه ينشرح له صدره إنشراحا خاليا عن هوى النفس
قوله ( وهي ركعتان ) أو أربع وفي الحاوي أنها إثنتا عشرة ركعة بسلام واحد قاله السيد
قوله ( إلى الله ) أي من غير واسطة بني آدم وقوله أو إلى أحد من بني آدم المراد به ما كان يجري على أيديهم وإلا فكل الحوائج من الله تعالى
قوله ( أسألك موجبات رحمتك ) أي الأشياء التي تقتضي الرحمة منك والإحسان وقوله وعزائم مغفرتك أي الأشياء التي تقتضي مغفرة الذنوب إقتضاء تاما كأنها تحتم ذلك
قوله ( والغنيمة من كل بر ) أي خير أي أسألك أن تجعل غنيمتي وعطيتي كل خير
قوله ( يا أرحم الراحمين ) ثم يسأل من أمر الدنيا والآخرة ما شاء فإنه يقدر له ذلك كذا في ابن أميرحاج
قوله ( ومن دعائه ) أي دعاء قضاء الحاجة بعد الصلاة أو من دعائه صلى الله عليه وسلم الذي علمه لرجل ضرير البصر أتى إليه فقال يا رسول الله ادع الله لي أن يعافيني فقال إن شئت أخرت ذلك فهو أعظم لأجرك وإن شئت دعوت الله فقال ادع الله فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوأه ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء اه وله طرق كثيرة
قال الطبراني بعد ذكر طرقه والحديث صحيح
قوله ( إني توجهت بك الخ ) يشكل هذا على ما قالوه إنه يكره للرجل أن يقول اللهم إني أسألك بأنبيائك وأجيب بأن السمع خص هذا والحق عدم الخصوصية لما ورد في إستسقاء عمر بالعباس وما قيل في وجه الكراهة أنه لا حق لأحد على الله تعالى فيه نظر لأن
____________________
(1/263)
للعباد المخلصين عليه حقا فضلا منه وكرما جعله على نفسه وعليه استحقاقا ذاتيا لهم وتمامه في ابن أميرحاج
قوله ( وشد المئزر ) أي اجتهد في العبادة
قوله ( فإن العمل فيها الخ ) روي أنه صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله تعالى ألف شهر فعجب المسلمون فأنزل الله سورة القدر أي ليلة القدر خير من الألف شهر التي لبس فيها ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ويروى أنه صلى الله عليه وسلم ذكر أربعة من بني إسرائيل فقال عبدوا الله ثمانين عاما لم يعصوه طرفة عين فذكر أيوب وزكريا وحزقيل ويوشع بن نون عليهم السلام فعجبت الصحابة من ذلك فنزل جبريل وقال يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة لم يعصوا الله طرفة عين فقد أنزل الله عليك خيرا من ذلك وقرأ السورة فهذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك فسر النبي صلى الله عليه وسلم والناس معه والألف شهر ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر قال النووي وقد خص الله تعالى هذه الأمة بها فلم تكن لمن قبلهم على الصحيح المشهور وقد أجمع من يعتد به على وجودها ودوامها إلى آخر الدهر للأحاديث المشهورة وأنها ترى حقيقة لمن شاء الله في كل رمضان كما تظاهرت عليه الأحاديث ويستحب كتمانها لمن رآها إتباعا له صلى الله عليه وسلم والحكمة في إخفائها أن يجتهد من يريدها في إحياء الليالي الكثيرة طلبا لموافقتها فتكثر عبادته له تعالى اه
قوله ( واحتسابا ) أي ادخارا لثوابها عند الله تعالى
قوله ( في العشر الأواخر ) قال معظم الأئمة أنها مختصة بها الوتر والشفع في ذلك للسواء وقال بعضهم ليالي الوتر آكد وذهب الأكثر إلى أنها ليلة سبع وعشرين وهو قول ابن عباس وجماعة من الصحابة ونسبه العيني في شرح البخاري إلى الصاحبين
قوله ( لكن تتقدم وتتأخر ) والثمرة تظهر فيمن قال لعبده أنت حر ليلة القدر وقد مضى بعض من رمضان فعندهما لا يعتق حتى يمضي ذلك البعض من رمضان العاجل وعنده حتى يمضي رمضان القابل كله وعليه الفتوى لإحتمال أنها تكون في آخره في العام القابل
قوله ( ويستحب الإكثار من الاستغفار بالاسحار ) فإن الله تعالى مدح المستغفرين فيها فقال وبالأسحار هم يستغفرون
قوله ( وسيد الإستغفار اللهم الخ ) مبتدأ وخبر أي فهو أولى من غيره ويترتب على كونه سيده أنه يبر به لو حلف ليستغفرن الله بسيد الإستغفار
قوله ( وأنا على عهدك ) أي ما عاهدتني عليه من الطاعة
قوله ( ووعدك ) أي وعدي إياك بالإمثتال وفي شرح المصابيح أي أنا مقيم على الوفاء بما عاهدتني في الأزل بربوبيتك وأنا موقن بما وعدتني من البعث والنشور وأحوال القيامة والثواب والعقاب اه
قوله ( أبوء ) على وزن أقول مهموز الآخر بمعنى أقر وأعترف
قوله ( والدعاء فيها مستجاب ) الأولى فيهما ويحتمل رجوعه إلى ليلة العيد المذكورة في الحديث والمراد الجنس
قوله ( يعدل ) بالبناء للمجهول
قوله ( صوم يوم عرفة الخ ) فيندب صومه إلا للحاج لأنه ربما يضعف بصومه عن المطلوب منه يومه
قالوا والحكمة في زيادة صوم عرفة في التكفير عن صوم عاشوراء أنه من شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصوم عاشوراء من شريعة الكليم عليه السلام وشرع محمد أفضل
قوله ( ولأنها يقدر فيها الأرزاق ) قال تعالى { فيها يفرق كل أمر حكيم } الدخان 44
قوله ( وفيها يسح الله تعالى الخير سحا ) قال في القاموس السح الصب والسيلان من فوق كالسح بالضم اه فشبه الخير بماء يصب من محل عال والمراد كثرة الخير
قوله ( ينزل فيها ) أي ينزل أمره أو ملائكته أو النزول صفة له تعالى لا كصفة الحوادث على ما ذكروه من الطريقين
قوله ( ألا مستغفر الخ ) ألا أداة استفتاح وأغفر له بالرفع لا بالجزم لأنه في جواب
____________________
(1/264)
العرض مثلا وألا هنا ليست له لأنها تدخل على الأفعال
قوله ( ليلة التروية ) هي ليلة الثامن من ذي الحجة
قوله ( لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ) أي بمحبسة الدنيا حتى تصده عن الآخرة كما جاء لا تجالسوا الموتى يعني أهل الدنيا وقال بعضهم لم يمت قلبه أي لا يتحير قلبه عند النزع ولا في القبر ولا في القيامة كذا في الشرح
قوله ( يقرأ أو يسمع ) أو يدعو وأحسن ما يدعو به اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا
خاتمة من المندوب صلاة القتل فإذا ابتلي به مسلم يستحب أن يصلي ركعتين يستغفر بعدهما من ذنوبه لتكون الصلاة الإستغفار آخر أعماله ومنه الصلاة إذا نزل منزلا فيستحب أن لا يقعد حتى يصلي ركعتين كما في السير الكبير وكذا إذا أراد سفرا أو رجع ومنه صلاة الإستغفار لمعصية وقعت منه لما عن علي عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهماأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد يذنب ذنبا فيتوضأ ويحسن الوضوء ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله إلا غفر له كذا في القهستاني
قوله ( ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله ) يحتمل أنه بصلاة الصبح يحصل له ثواب النصف الآخر فالليل كله حصل بمجموع الصلاتين وهو الذي يشير إليه كلام ابن عباس فإنه جعل صلاة العشاء بجماعة والعزم على صلاة الصبح بها يقوم مقام إحياء الليل ويحتمل أنه أشار به إلى أن صلاة الصبح أفضل من صلاة العشاء لأنه يكون بصلاتها كأنه قام نصف الليل وبصلاته كأنه قام الليل كله
قوله ( ويكره الإجتماع الخ ) ولا يخرج بنذر الجماعة في الصلوات التي في تلك الليالي أو غيرها من الرغائب عن الكراهة وإن كان لا يخرج عنها إلا بالجماعة بشرط أن يكون الإمام غير ناذر لها وإلا لا يصح لعدم صحة اقتداء الناذر بالناذر ويدخل في ذلك صلاة التسبيح فإن قيل يلزم على ما سبق من أن النذر وجد من المقتدي لا من الإمام بناء القوي على الضعيف
قلت بناء القوي على الضعيف إنما يمنع حيث كانت القوة ذاتية أما إذا لم تكن كما هنا فلا لأنها عرضت بالنذر ومن هذا قال الحلبي النذر كالنفل واعلم أن الصلاة في نفسها مشروعة بصفة الإنفراد والإقتداء فيها صحيح مع الكراهة حيث كان على التداعي أفاده السيد والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في صلاة النفل جالسا قوله ( يجوز النفل قاعدا ) مطلقا من غير كراهة كما في مجمع الأنهر
قوله ( لما قيل بوجوبها ) قال في الخلاصة وأجمعوا على أن ركعتي الفجر من غير عذر قاعدا لا تجوز كذا روى الحسن عن الإمام اه ولا يخفي ما في حكاية الإجماع على ذلك وليس الإجماع إلا على تأكدها كذا في الشرح وما في قوله ما قيل مصدرية
قوله ( على الصحيح ) يفيد أن القول بتحتم القيام في سنة الفجر وفي التراويح غير مرجح وليس كذلك أفاده السيد
قوله ( بعد الوتر ) أي غير الوتر لأن المقصود الإستدلال على جواز كل النفل قاعدا ويحتمل أنه إشارة إلى ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم من صلاة ركعتين بعد الوتر لبيان الجواز إلا أنه لا ينتج المدعي
قوله ( ولو لم يستو قائما ) بأن قام قياما تنال يداه فيه ركبتيه وركع وأما إذا وضع ركبتيه على الأرض ونصب نصفه الأعلى فالظاهر أنه لا مانع من الجواز
قوله ( ولكن له نصف أجر القائم ) يستثنى منه صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم فإن أجر صلاته قاعدا كأجر صلاته قائما فهو من خصوصياته
قوله ( ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد ) صرح في البحر عن المشارق بنفي جوازه نائما فقال ورد في بعض رواياته ومن صلى نائما أي مضطجعا فله
____________________
(1/265)
نصف أجر القاعد ولا يمكن حمله على النفل مع القدرة لا يصح مضطجعا اللهم إلا أن يحكم بشذوذ هذه الرواية انتهى وفهم المؤلف من كلام القوم أن في ذلك خلافا كما هو عند الشافعية ولكن قال الكمال ولا أعلمه في فقهنا اه
قوله ( فصلاته بالإيماء أفضل ) أي مضطجعا أو مستلقيا أو قاعدا
قوله ( لأنه جهد المقل ) أي اجتهاد المقل بمعنى أنه ليس في وسعه غيره والجهد بمعنى المجهود
قوله ( على أن صلاة القاعد ) أي الذي يركع ويسجد فإن المومي تقدم الكلام عليه
قوله ( قلت بل هو أرقى الخ ) هو ظاهر لأن الصلاة بالإيماء أقل رتبة من صلاة القاعد في العمل وإذا كانت مع قلة العمل فيها أفضل من صلاة القائم فصلاة القاعد بعذر وهي أكثر عملا أفضل منها بالأولى
قوله ( ونية المرء خير من عمله ) هذا إنما يظهر إذا خطر بباله أنه لو كان صحيحا لأداها قائما وإنما كانت خيرا لبعدها عن الرياء
قوله ( ويقعد كالمتشهد ) فيه إشارة إلى أنه لا يضع يمناه على يسراه تحت سرته لكن صرح في كتاب سياسة الدنيا والدين بأنه يضع وإليه يشير قولهم إن القعود كالقيام اه من السيد
قوله ( في المختار ) هو إحدى روايات ثلاث عن الإمام وبها أخذ زفر قال في النهر ولا شك في جواز القعود على أي حال وإنما الاختلاف في تعيين ما هو الأفضل اه
قوله ( ولكن ذكر شيخ الإسلام ) هذه رواية ثانية عن الإمام وبها أخذ أبو يوسف وعن الإمام أنه يتربع وبها أخذ محمد كما في مجمع الأنهر فإذا أراد أن يركع يعني على الروايتين الأخيرتين افترش رجله اليسرى وجلس عليها ليكون أيسر عليه كذا في ابن أميرحاج وهذا الخلاف في غير حال التشهد أما فيه فإنه يجلس كما يجلس المتشهد بالإجماع سواء سقط القيام لعذر أم لا اه نهر
قوله ( لتوجه الساقين ) أي وكل القدمين وهو لازم لما قبله
قوله ( وعندهما لا يجوز ) الخلاف في غير الشفع الثاني أما لو ابتدأ الشفع الأول قائما ثم قعد في الشفع الثاني فهو جائز اتفاقا لأن كل شفع صلاة على حدة
قوله ( ولأبي حنيفة أن نذره ملزم الخ ) لا فرق في لزوم القيام فيه بين أن يلتزمه نصا أو لا واختاره الكمال وفي المحيط أنه إن لم يلتزم القيام نصا لا يلزمه
قال فخر الإسلام هو الصحيح أفاده السيد
قوله ( بالقيام الخ ) متعلق بالكاملة
قوله ( بلا كراهة على الأصح ) واختار صاحب الهداية الكراهة إذا كان من غير عذر كالإعياء والتعب
قوله ( ثم يتنقل من القيام إلى القعود ) أي في الركعة الواحدة فقد ذكر في مجمع الروايات أنه صلى الله عليه وسلم كان يفتتح التطوع قائما ثم يقعد فإذا بقي من قراءته مقدار عشرين آية أو ثلاثين قام فقرأ ثم سجد كذا في الشرح
قوله ( أي جاز له التنفل ) لأن الصلاة خير موضوع فلو اشترط ما يشق من نحو النزول يلزم الإنقطاع عن الخير قال في المبسوط لو لم يكن في التنفل على الدابة من المنفعة إلا حفظ اللسان من فضول الكلام لكان كافيا في جوازه
قوله ( بل ندب له ) لفعله صلى الله عليه وسلم كثيرا
قوله ( إذا دخله ) أي وصل إليه
قوله ( على الأصح ) هو قول جمهور العلماء وعند مالك يشترط كونه مسافرا وذكره في الذخيرة عن محمد وليس مشهورا عنه ولكن عن أبي يوسف جوازها في المصر بلا كراهة وعن محمد كذلك وفي رواية أجازه مع الكراهة مخافة الغلط بكثرة اللغط واستدلا بما روى عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم ركب الحمار في المدينة يعود سعد بن عبادة وكان يصلي وهو راكب وأجيب عن
____________________
(1/266)
الإمام بشذوذ الحديث وتمامه في الشرح
قوله ( موميا إلى أي جهة الخ ) فلو سجد على سرجه أو على شيء وضع عنده يكون عبثا لا فائدة فيه فيكره ولا تفسد لأنه إيماء وزيادة اللهم إلا أن يكون ذلك الشيء نجسا فتفسد لاتصال النجاسة به كما حققه البرهان الحلبي
قوله ( ويفتتح الصلاة الخ ) إنما زاده لوقوع الخلاف فيه فإن الإمام الشافعي رضي الله عنه يشترط الإستقبال عند الإفتتاح وفي شرح عمدة الأحكام وعند أبي حنيفة وأبي ثور يفتتح أولا إلى القبلة استحبابا ثم يصلي كيف شاء وبه قال أحمد وهو الأشبه كذا في ابن أميرحاج
قوله ( حيث توجهت به دابته ) أشار به إلى أنه إذا صلى إلى غير ما توجهت به دابته لا يجوز لعدم الضرورة إلى ذلك كما في السراج وفي توحيد الضمير في قوله موميا وقوله به إشارة إلى أن الصلاة على الدابة لا تصح بالجماعة فإن فعلوا فصلاة الإمام صحيحة وصلاة القوم فاسدة وقيل تجوز إذا كانا على دابة واحدة كما في البحر عن الظهيرية وبه جزم في الدرر
قوله ( في ظاهر الرواية ) وقال الكاكي يشترط ذلك وإن تعذر جاز قال في الشرنبلالية وينبغي حمله على صلاة الفرض لأن باب النفل أوسع اه
قوله ( وإذا حرك الخ ) أشار به إلى أن تسيره لا يضر إذا كان بعمل قليل وهو المعتمد خلافا لما في القنية أنه إذا سيرها صاحبها لم يجز الفرض ولا التطوع
قوله ( لأن إحرامه انعقد مجوزا للركوع والسجود ) إيضاحه أن يقال أن بناء بعض الصلاة على بعض عند الاختلاف إنما يجوز إذا تناولتهما تحريمة واحدة وأما إذا لم يكونا كذلك فلا يجوز إذا ظهر هذا فتحريمة الراكب انعقدت مجوزة للإيماء راكبا وللركوع والسجود بتقدير النزول فكان ما صلى بالإيماء وهو راكب وما يصلي بعد النزول بركوع وسجود داخلين تحت تحريمة واحدة فجاز بناء أحدهما على الآخر وإحرام النازل انقعد موجبا للركوع والسجود فقط فلم يتناول الإيماء راكبا فلا يصح بناؤه عليه كذا في العناية فإن قيل ما ذكر فيه بناء القوي على الضعيف وذلك لا يجوز كما في المريض إذا صح أجيب بأن إحرام المريض لم يتناول الأركان أي الأصلية بدون إيماء لعدم قدرته عليها فلا يجوز بناء ما لم يتناوله إحرامه على ما تناوله وأجيب أيضا بأن إيماء الراكب كركوعه وسجوده في القوة وليس خلفا عنهما ولذا جاز ابتداؤه بالإيماء مع قدرته على النزول إذ الخلف ما لا يصار إليه إلا عند تعذر الأصل ولا يصبح الجمع بينهما بخلاف المريض فإن إيماء خلف لا يجوز له ابتداء مع القدرة أي فلا يصح الجمع بينه وبين الأصل فلا يصح له البناء قال في النهاية وعلى هذا الفرق يجب أن لا يبني في المكتوبة فيما إذا افتتحها راكبا لعذر ثم نزل لأنه ليس له أن يفتتحها على الدابة عند القدرة فكان الإيماء فيها خلفا فلا يصح البناء للزوم الجمع بين الأصل والخلف ولهذا قيد المسئلة في الهداية بالمتطوع اه
قوله ( عزيمة ) أي أمرا محتما عليه وهو مفعول مطلق لمحذوف أي عزم عليه عزيمة وقوله بنزوله متعلق به
قوله ( فكان له الإيماء ) الأولى أن يقول وللإيماء بهما عطف على قوله للركوع
قوله ( رخصة ) أي جاء على خلاف الحكم الأصلي تسهيلا
قوله ( وبهذا )
____________________
(1/267)
الإشارة ترجع إلى التعليل
قوله ( فلذا ) أي للتعليل بعدم التناول قال في الشرح وعدم بناء المريض إذا قدر على الركوع والسجود وكان موميا لأن إحرام المريض لم يتناولهما لعدم قدرته عليها فصار كإحرام النازل الذي افتتح الصلاة على الأرض فلا يجوز بناء ما لم يتناوله إحرامه على ما تناوله فلذا لا تجوز الخ
قوله ( في ظاهر الرواية ) وقال زفر يجوز له البناء كما أوضحه في الفتح
قوله ( حتى سنة الفجر ) بالجر عطفا على النوافل الراتبة
قوله ( يعني أن الأولى الخ ) أي فيجاب عنه بجوابين
قوله ( كره في الأظهر ) أي تنزيها بدليل التعليل
قوله ( بخلاف القعود ) فإنه لا كراهة فيه على الأصح
قوله ( للضرورة ) ولأنه لما سقط اعتبار الأركان الأصلية فلأن يسقط شرط طهارة المكان أولى
قوله ( ولا تصح صلاة الماشي ) ولا السابح وهو يسبح كما في المضمرات سواء كان بعذر أم لا فرضا كانت الصلاة أم لا
قوله ( لاختلاف المكان ) ولأن كلا من المشي والسباحة مناف للصلاة وأداء الأركان مع المنافي لا يصح والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في صلاة الفرض والواجب على الدابة قوله ( والمحمل ) اسم مكان قياسه فتح الميم
قوله ( ولا قضاء ما شرع فيه نفلا ) ولو شرع فيه بقعود أفاده السيد
قوله ( قد تليت آيتها على الأرض ) أما إذا تليت آيتها عليها فتصح عليها
قوله ( إلا لضرورة ) قال في الخلاصة أما صلاة الفرض على الدابة بالعذر فجائزة فيقف عليها أي مستقبل القبلة ويصلي بالإيماء إن أمكنه إيقاف الدابة فإن لم يمكنه صلى أينما توجهت ولو مستدبر القبلة كذا في غاية البيان
قوله ( كخوف لص ) يعم قاطع الطريق
قوله ( ولم تقف له رفقته ) هذا على الغالب ومن غير الغالب أن وقوف الرفقة لا يفيد منع اللص فيجوز له حينئذ الصلاة عليها
قوله ( واقفة مستقبل القبلة ) لا يخص المريض بل هو حكم صلاة الفرض وما ألحق به على الدابة مطلقا
قوله ( خلافا لهما ) تقدم ترجيح قولهما
قوله ( كالمرأة ) أي فإنها قادرة بقدرة الغير
قوله ( ومعادل زوجته ) مبتدأ وخبره قوله كالمرأة والظاهر أن الزوجة والمحرم ليسا بقيد
قوله ( إذا لم يقم ولده محله ) أي لأجل تعادل الحمل
قوله ( كالمرأة ) أي المعادلة فيجوز له الصلاة على الدابة كذا بحثه صاحب البحر وأقره عليه من بعده
قوله ( فتصح الفريضة فيه قائما ) فإن لم يمكنه القيام ولا النزول صلى قاعدا كما هو مفاد كلامهم أفاده بعض الأفاضل بحثا وقال السيد بعد عبارة المصنف هذه وهذا وإن أطلقه المصنف يحمل على ما إذا أمكنه القيام والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في الصلاة في السفينة مناسبة هذا الفصل لما قبله أن السفينة لها شبه بالدابة لأنها مركب البحر والدابة مركب البر ولذا سقط القيام كما هو في صلاة الدابة ولها شبه بالأرض من حيث الجلوس عليها بقرار ولذا لزم الركوع والسجود والإستقبال
قوله ( صلاة الفرض والواجب ) ويعلم منه حكم النفل بالأولى
قوله ( وهو يقدر ) نص على المتوهم
قوله ( صحيحة عند الإمام الأعظم ) من غير كراهة عنده كما في
____________________
(1/268)
حاشية الدرر للمؤلف وفي المضمرات والبحر عن البدائع أن فيه إساءة أدب وهو الذي يفيده كلامه بعده
قوله ( والخروج أفضل ) أي من الصلاة قائما فيها يعني إذا أمكنه من غير ضرر لنفسه أو ماله
قوله ( لأنه أبعد الخ ) هو على سبيل اللف والنشر المرتب
قوله ( وقال مثله لجعفر ) اي ابن أبي طالب لما بعثه إلى الحبشة
قوله ( لخرجنا إلى الجد ) بكسر الجيم وتشديد الدال الشاطيء وهذا دليل لجواز الصلاة فيها مع إمكان الخروج منها وما بعده دليل لجواز الصلاة قاعدا مع إمكان الصلاة من قيام
قوله ( محمول على الندب ) أي الأمر فيه وهو صل فيها قائما محمله الندب لتتوافق الأدلة
قوله ( المبيح حقيقة ) هو كالمريض وحكما هو كالدابة
قوله ( كما في المحيط والبدائع الخ ) اعلم أن ظاهر الهداية والنهاية والإختيار جواز الصلاة قائما في المربوطة بالشط مطلقا سواء استقرت على الأرض أم لا أمكنه الخروج أم لا وقيده في الإيضاح بأحد أمرين بالإستقرار وعدم إمكان الخروج عند عمد الإستقرار كما في الفتح والتبيين واختاره في المحيط والبدائع كما في البحر فما قاله الشيخ شاهين في رسالة له وما في الإيضاح لم أقف على تصحيحه لأحد بل هو ضعيف والمعتمد الإطلاق مردود قال الحلبي وعلى هذا أي ما ذكر في الإيضاح ينبغي أن لا تجوز الصلاة فيها إذا كانت سائرة مع إمكان الخروج إلى البر والإيضاح هو للتجريد في ثلاث مجلدات كلاهما لعبد الرحمن أبي الفضل الكرماني
قوله ( وإن عجز يمسك عن الصلاة ) نقله في الشرح عن مجمع الروايات
قوله ( ولو ترك الاستقبال لا تجزيه في قولهم جميعا ) هذا ما أورده الشيخ أكمل الدين بقوله وينبغي أن يتوجه إلى القبلة كيفما دارت السفينة سواء كان عند الإفتتاح أو في خلال الصلاة لأن التوجه فرض عند القدرة وهذا قادر اه كذا في الشرح قال بعض الحذاق المتبادر أن لزوم التوجه منوط بالقدرة عليه كما يشير إليه كلام المضمرات والاسبيجابي إذ الاستقبال قد يسقط للعذر ولو عند الإمكان كما في الخائف من عدوه عدم الإمكان أولى والعلامة الأكمل لم يطلق لزوم الإستقبال بل قيد بالقدرة وعند عدم القدرة على الشيء كيف يتحقق لزومه وإلى ما ذكرنا يشير كلام الدرر حيث قال لأنه يمكنه الإستقبال من غير مشقة إذ مفهومه أنه عند عدم الإمكان وعند المشقة لا يلزمه الاستقبال ومفاهيم الكتب حجة كما لا يخفى وما في مجمع الروايات أنه إن عجز يمسك عن الصلاة يمكن حمله على حالة الرجاء اه أي رجاء زوال العذر قبل الوقت فتأمل اه بتصرف وهو كلام حسن إذ على ما أفاده المصنف يلزمه تأخير الصلوات في أسفار البحر الملح عند إشتداد الأرياح وتقلبها وفي سفن مصر عند السفر إلى العارف بالله تعالى السيد أحمد البدوي بحرا في المراكب العامة وغير ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في صلاة التراويح قوله ( الترويحة الجلسة ) فهي المرة الواحدة من الراحة
قوله ( ثم سميت بها الأربع ركعات الخ ) مجازا للإستراحة بعدها غالبا فهو من إطلاق اسم المجاور على ما جاوره وقوله التي آخرها الأولى أن يقول التي بعدها ويمكن أن تكون نفسها راحة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم أرحنا بالصلاة يا بلال أي أقمها فيكون فعلها راحة لأن إنتظارها مشقة على النفس أو لأنها يتوصل بها إلى راحة الجنة وهذه العبارة التي للمصنف نقلها في الشرح عن المستصفي والذي فيه عن الفتح أن التراويح جمع
____________________
(1/269)
ترويحة للنصف أي استراحة وهي في الأصل مصدر بمعنى الإستراحة سميت بها كل أربع لاستلزامها شرعا استراحة بعدها بقدرها اه فالعلاقة اللزوم
قوله ( التراويح سنة ) بإجماع الصحابة ومن بعدهم من الأمة منكرها مبتدع ضال مردود الشهادة كما في المضمرات وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات ليلة في المسجد فصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة والرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة اه منها الوتر كما في صحيحي ابن خزيمة وابن حبان وأما ما رواه ابن أبي شيبة والطبراني والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في رمضان عشرين سوى الوتر فضعيف وإنما ثبت العشرون بمواظبة الخلفاء الراشدين ما عدا الصديق رضي الله تعالى عنهم ففي البخاري فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدر من خلافة عمر حين جمعهم عمر على أبي بن كعب فقام بهم في رمضان فكان ذلك أول اجتماع الناس على قارىء واحد في رمضان كما في فتح الباري وبالجملة فهي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم سنها لنا وندبنا إليها وكيف لا وقد قال صلى الله عليه وسلم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وروى أبو نعيم من حديث عروبة الكندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ستحدث بعدي أشياء فأحبها إلي أن تلزموا ما أحدث عمر وفي البحر عن الخلاصة اختلف المشايخ في كونها سنة يعني أو مستحبة قال وانقطع الخلاف برواية الحسن عن الإمام أنها سنة اه وقد ذكر الأصوليون أن السنة ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو واحد من الصحابة
قوله ( ولم يتخرصه عمر من تلقاء نفسه ) قال في القاموس تخرصه افترى عليه اه وقال قبله الخرص القول بالظن وذكر له معاني كثيرة
قوله ( في حديث ) بالتنكير وقوله افترض الخ في محل نصب مقول القول
قوله ( وفيه رد لقول بعض الروافض هي سنة الرجال دون النساء ) أقول هكذا قاله حافظ الدين في الكافي لكن المشهور عنهم أنها ليست بسنة أصلا قال في البرهان قد اجتمعت الأمة على مشروعية التراويح وجوازها ولم ينكرها أحد من أهل القبلة إلا الروافض ذكره العلامة نوح
قوله ( وقول بعضهم سنة عمر الخ ) في الفتاوي الهندية عن الجواهر هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل هي سنة عمر رضي الله عنه والأول أصح وفي حاشية السيد على العلامة مسكين وما قيل يكفر من يقول إنها سنة عمر رضي الله عنه كما تقوله الروافض فممنوع فقد صرح في كثير من المتداولات بأنها سنة عمر يعني بالنظر لكونها عشرين ركعة وللمواظبة عليها وذلك لا يمنع كونها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا لما ذكرنا اه
قوله ( وصلاتها بالجماعة سنة كفاية ) فلا لو على من لم يحضر الجماعة إلا أن يتركوها جميعا أو يكون فقيها يقتدى به وقال المرغيناني إنها سنة عين وكره أن يؤم في التراويح مرتين في ليلة واحدة وعليه الفتوى لأن السنة لا تتكرر في الوقت الواحد فتقع الثانية نفلا مضمرات بخلاف ما لو صلاها مأموما مرتين حيث لا يكره كما لو أم فيها ثم اقتدى بآخر في تلك الصلاة وكما لو صلى العشاء إماما أو مقتديا ثم أقيمت ثانيا فإنه لا يكره له أن يدخل فيها ثانيا بل يستحل له ذلك كما حققه العمدة ابن
____________________
(1/270)
أميرحاج ولينظر الجمع بين هذا وبين ما ورد من حديث لا يصلي بعد صلاة مثلها والظاهر أن الظهر مثل العشاء بخلاف بقية الفرائض فيكره إعادتها وهذا غير مشهور فإن المشهور كراهة الإعادة إلا لمن صلى منفردا ثم أقيمت صلاة العشاء أو الظهر ويستفاد من طلب الجماعة في التراويح أن فضيلتها بالجماعة أكثر من فضيلة الإنفراد وهل هي كالجماعة في الفرض فتضاعف على صلاة الفذ بسبع وعشرين أو خمس وعشرين أو المتحقق فيها زيادة ثواب من غير قيد بالعدد ومثل ذلك يقال في صلاة التطوع جماعة إذا كان على غير وجه التداعي يحرر
قوله ( وهو خشيته صلى الله عليه وسلم افتراضها علينا ) إن قيل كيف خشي النبي صلى الله عليه وسلم أن تفترض علينا مع علمه بأنه لا يزاد على الصلوات الخمس لقوله تعالى في حديث الإسراء لما فرض الصلاة لا يبدل القول لدي أجيب بأن الممنوع زيادة الأوقات ونقصانها لا زيادة عدد الركعات ونقصانها ألا ترى أن الصلاة فرضت ركعتين فأقرت في السفر وزيدت في الحضر كما في حاشية الشلبي على الزيلعي أو أن الفرضية قد تكون معلقة على المداومة أو خشيت بمداومة عليها أن تعتقد وفرضيتها اه
قوله ( وباقي أهل المحلة أقامها منفردا ) أفاد بهذا التعبير أنها سنة كفاية لكل محلة فيها مسجد فإقامتها بمسجد واحد في البلد لا تسقط الجماعة عن جميعهم حيث تعددت مساجد المحلة ويحرر ومقتضى إطلاقهم أنها سنة كفاية أن المراد أنها سنة كفاية البلد لا في المحلة
قوله ( فالصحيح أنه نال إحدى الفضيلتين ) هما صلاتها في البيت جماعة وصلاتها في المسجد جماعة
قوله ( فإن الأداء الخ ) علة لمحذوف كان الواجب ذكره وهو الأفضل فيها المسجد فإن الأداء الخ
قال البرهان الحلبي كل ما شرع بجماعة فالمسجد فيه أفضل لزيادة فضيلة المسجد وتكثير الجماعة وإظهار شعار الإسلام اه وفي النهر أنها في المسجد أفضل على ما عليه الاعتماد
قوله ( ووقتها ما بعد صلاة العشاء ) أي الوقت الذي هو بعد صلاة العشاء
قوله ( يصح تقديم الوتر على التراويح الخ ) وقيل وقتها بعد العشاء قيل الوتر وبه قال عامة مشايخ بخارى وأثر الخلاف يظهر فيما لو فاتته ترويحة لو اشتغل بها يفوته الوتر بالجماعة يشتغل بالترويحة على قول مشايخ بخارى وبالوتر على قول غيرهم
قوله ( وقال جماعة من أصحابنا الخ ) قال في البحر ولم أر من صححه وإذا فاتت قيل تقضي ما لم يأت وقتها من الليلة المستقبلة وقيل ما لم يمض الشهر والصحيح أنها لا تقضى مطلقا فإن قضاها كانت نفلا لا تراويح كما في الدر والسراج
قوله ( وقال بعضهم لا يكره الخ ) أي تحريما وإلا فمخالفة الأولى ثابتة بدليل قوله ولكن الأحب أن لا يؤخر التراويح
قوله ( آخره ) يصح قراءته بالرفع ويكون على تقدير مضاف أي صلاة آخره ويصح قراءته بالنصب على الظرفية أي الكائن آخره
قوله ( في حد ذاتها ) أي لا بالنظر للتراويح
قوله ( وهي عشرون ركعة ) الحكمة في تقديرها بهذا العدد مساواة المكمل وهي السنن للمكمل وهي الفرائض الاعتقادية والعملية
قوله ( فالأصح أنه إن تعمد ذلك كره ) مقابله ما في منية المصلي من عدم الكراهة لأنه أكمل لزيادة المشقة ورد بأن الكمال لا يحصل بمجرد المشقة ما لم يكن فيه اتباع السنة اه
قوله ( وإذا لم يجلس إلا في آخر أربع الخ ) أي آخر كل أربع فإذا جلس على آخر كل ركعتين تنوب عن تسليمتين على ما عليه العامة ذكره السيد وإذا لم يقعد إلا في آخر العشرين فعلى الصحيح تجوز عن تسليمة أي ركعتين
____________________
(1/271)
بخلاف ما إذا قعد على رأس ركعتين كما في الخلاصة
قوله ( نابت عن تسليمة ) فيه أنهم قالوا إن القعود الأول في رباعية النفل واجب يجبر بالسجود ومقتضاه أن تنوب عن تسليمتين ويجب عليه السجود إن كان ساهيا وقد يجاب بأن المذكور هنا في خصوص التراويح لكونها شرعت على هيئة مخصوصة بالسلام على رأس الركعتين فلا ينافي أنها في غيرها تجعل أربعا وفيه أن هذا يرد على ما إذا جمع الكل بتسليمة واحدة مع أنها إنما تنوب عن تسليمة واحدة على المفتي به كما في الدر
قوله ( والصلاة فرادى ) أي بعد كل أربع أما بعد كل شفع فهي مكروهة
قال البرهان الحلبي يكره صلاة ركعتين منفردا بعد كل ركعتين لأنها بدعة مع مخالفة الإمام اه وفي الكافي وتكره الإستراحة على خمس تسليمات عند الجمهور
قوله ( مرة في الشهر ) ومرتين فضيلة وثلاثا في كل عشر مرة أفضل كافي وإذا كان إمام مسجد حية لا يختم فله أن يتركه إلى غيره كما في الفتح وكذا لو كان الإمام لحانا وفي الفتح والتبيين ثم إذا ختم مرة قبل آخره قيل لا يكره وترك التراويح فيما بقي لأنها شرعت لأجل ختم القرآن وقد حصل مرة وقيل يصليها أو يقرأ فيها ما شاء اه وإذا قرأ بالختم فغلط فترك سورة أو آية وقرأ ما بعدها فالمستحب له أن يقرأ المتروك ثم المقروء ليكون على الترتيب
قوله ( يقرأ في كل ركعة عشر آيات أو نحوها ) لأن عدد ركعات التراويح ستمائة ركعة أو إلا عشرين إن كان الشهر ناقصا فينبغي الزيادة على العشرة ولو كان كاملا لأن الآيات تزيد على قدرها كاملة بستمائة وستين آية ليتأتى له الختم فيه وجميع آيات القرآن ستة آلاف وستمائة وستة وستون آية ألف وعد وألف وعيد وألف أمر وألف نهي وألف قصص وألف خبر وخمسمائة حلال وحرام ومائة دعاء وتسبيح وست وستون ناسخ ومنسوخ كذا في الشعبي عن الكشاف
قوله ( ما لا يؤدي إلى تنفير الجماعة ) من طول قراءة وتسبيح وأدعية تشهد وقوله في زماننا لا مفهوم له لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أبيا عن تطويل القراءة
قوله ( لأن تكثير القوم أفضل من تطويل القراءة ) أي أكثر ثوابا لأنه يزاد بكل فرد صلاة ويتعلم جاهلهم من عالمهم وتعود بركة الكامل منهم على التناقص
قوله ( ويكره الإقتصار على ما دون ثلاث آيات وآية طويلة بعد الفاتحة ) أوآيتان متوسطتان كما في الشرح
قوله ( لترك الواجب ) أفاد به أنه مكروه تحريما وما في فضائل رمضان للزاهدي من أن أبا الفضل الكرماني والوبري أفتيا أنه إذا قرأ في التراويح الفاتحة وآية أو آيتين لا يكره ومن لم يكن عالما بأهل زمانه فهو جاهل انتهى محمول على الآية الطويلة والآيتين المتوسطتين أو هو ضعيف لأن فيه إفراطا يؤدي إلى التفريط بترك الواجب
قوله ( ولا بترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ) ويكتفي باللهم صل على محمد لأنه الفرض عند الشافعي در
قوله ( وفرض على قول بعض المجتهدين ) منهم مولانا الإمام الشافعي رضي الله عنه
قوله ( ويحذر من الهدرمة ) الموجود في النسخ التي بأيدينا بالدال المهملة والذي في الدر بالذال المعجمة وفسرها في القاموس بسرعة الكلام والقراءة
قوله ( وترك الترتيل ) في القاموس رتل الكلام ترتيلا أحسن تأليفه اه والمراد أن لا يعطي التلاوة وحقها
قوله ( وغيرها ) كترك التعوذ والتسمية وترك الإستراحة فيما بين كل ترويحتين والكراهة في الثلاثة المذكورة في كلامه تحريمية وفي غيرها تنزيهية لأنها في مقابلة ترك السنن
قوله ( وكذا لا يترك الثناء ) سواء كان إماما أو مقتديا أو منفردا وعلله في الفتح
____________________
(1/272)
بأن السنن لا تترك للجماعات
قوله ( لافتراضه عند البعض ) هو أبو مطيع البلخي تلميذ الإمام الأعظم رضي الله عنه وقيل بوجوبه
قوله ( ولا يأتي الإمام بالدعاء ) أي الدعاء الطويل لقوله فيدعو بما قصر
قوله ( ولا تقضي التراويح ) لأنها ليست آكد من سنة المغرب والعشاء وهما لا يقضيان فهي أولى بعدم القضاء
قوله ( على الأصح ) فقد تقدم مقابله
قوله ( والمسافر والمريض ) لا يحسن عطفهما على الحائض لأنهما أهل لها قبل آخر اليوم وعبارته في الشرح أولى حيث قال والأصح أنها سنة الوقت لقوله صلى الله عليه وسلم وسننت لكم قيام ليله حتى أن المريض المفطر والمسافر والحائض والنفساء إذا طهرتا والكافر إذا أسلم في آخر اليوم تسن لهم التراويح فكيف يعذر المقيم الصحيح الصائم في تركها اه وفي القنية لو تركوا الجماعة في الفرض ليس لهم أن يصلوا التراويح جماعة لأنها تبع له ولو لم يصلها بإمام له أن يصلي الوتر به كما أن له أن يصلي التراويح بإمام والوتر بآخر على الصحيح ويكره للمقتدي أن يقعد في التراويح فإذا أراد الإمام أن يركع يقوم وظاهر عبارة الشرح يفيد ثبوت الكراهة ولو كان داخلا في صلاة الإمام لأنه علله بقوله لما في هذا من مخالفة الإمام ولما فيه من القول بلزوم القيام في التراويح وتكره مع غلبة النوم فينصرف حتى يستيقظ لأن في الصلاة مع النوم تهاونا وغفلة وترك التدبر ولا خصوصية لها بهذا بل كل الصلوات كذلك اه والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب الصلاة في الكعبة وهي البيت الحرام سميت كعبة لتربعها أو لنتوئها ومنه الكاعب لمن ارتفع نهدها واختلف في المضاعفة الحاصلة في الصلاة فقيل خاصة بالعمل فيها أي في المسجد العتيق وهو ما حولها المحدد بوضع الرخام فيه وقيل تحصل بالعمل في كل بقاع المسجد وقيل بالعمل في كل الحرم
قوله ( عندنا ) وعند الشافعي اسم للبناء والبقعة حموي عن البرجندي
قوله ( وليس بناؤها قبلة ) لأنه لو صلى على جبل أبي قبيس لا يكون بين يديه شيء من بناء الكعبة وصحت صلاته كذا في الشرح
قوله ( ولذا حين أزيل البناء ) أي في زمن عبد الله بن الزبير
قوله ( الآية ) أي اقرأ الآية وتمامها للطائفين والعاكفين والركع السجود
قوله ( ظاهر في صحتها فيه ) إذ لا معنى لتطهير المكان لأجل الصلاة وهي لا تجوز في ذلك المكان كذا في الشرح والدليل على صحة الصلاة فيها مطلقا من السنة حديث بلال رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وسلم دخل البيت وصلى فيه وصلاته صلى الله عليه وسلم وإن كانت نفلا فالفرض في معناه فيما هو من شرائط الجواز دون الأركان ولأنها صلاة استجمعت شرائطها بوجود استقبال القبلة
أفاده في الشرح ومتى صارت قبلة فاستدبارها في الصلاة من غير ضرورة يكون مفسدا فلو صلى ركعة إلى جهته وركعة إلى جهة أخرى لا تصح صلاته لأنه صار مستدبرا للجهة التي صارت قبلة في حقه بيقين من غير ضرورة بخلاف المتحري إذا تبدل تحريه أفاده السيد والمراد بالاستدبار ترك الإستقبال وإلا فقد ينتقل من جهة إلى جهة من غير استدبار
قوله ( لما ذكرنا ) أي من أن القبلة اسم لبقعة الكعبة المحدودة وهوائها إلى عنان السماء
قوله
____________________
(1/273)
( لإساءة الأدب ) يفيد أن الكراهة للتنزيه
قوله ( وترك تعظيمها ) أي ظاهرا وإلا فهو معظم لها باطنا وإلا كفر
قوله ( متوجها إلى غير جهته ) بأن يجتمعا في أحد الأركان الأربعة ويستقبل كل جهة وإنما قيد بغير الجهة لأنه لو كان في جهته يصح بالأولى
قوله ( في هذه الصور السبع ) وإذا اعتبر في الجنب فالصور التي ذكر هو فيها اليمين والشمال ويمين الإمام ويمين المأموم تزيد على هذا العدد
قوله ( إلا أنه يكره إذا قابل الخ ) ظاهره كراهة التحريم لما يأتي من التعليل
قوله ( وليس بينهما حائل ) أما إذا وجد فلا كراهة لعدم التشبه بعبادة الصور
قوله ( وكل جانب قبلة الخ ) اعلم أنه لا بد في صلاة الجماعة من استقبال الجميع القبلة وأن لا يتقدم المأموم على إمامه فأشار إلى الأول بقوله وكل جانب قبلة وأشار إلى الثاني بقوله والتقدم والتأخر الخ
قوله ( وهي مختلفة في جوف الكعبة ) يعم الصلاة فيها وفوقها فإن الجوف موجود فيهما
قوله ( وذلك لتقدمه على إمامه ) أي في جهته واسم الإشارة راجع إلى عدم الصحة
قوله ( وصح الإقتداء الخ ) أي إذا وجدت الشروط أما إذا فقد بعضها كما إذا خرج عن استقبال العين فإنه لا يصح الإقتداء كالمنفرد
قوله ( أو لم يكن ) وهل يكره ذلك لانفراد الإمام في محل عال عن كل المأمومين الظاهر نعم لوجود ما ذكر وللإنفراد من الإمام
قوله ( في غيرها ) صفة للمحراب
قوله ( كما تقدم ) من أن الأصح اعتبار الاشتباه وعدمه
قوله ( صح اقتداء جميعهم إلا أنه لا يصح الخ ) هذه هي الصورة السابقة بعينها صحة وفسادا إلا أنها ذكرت فيما تقدم إذا كان الصلاة فيها أو فوقها وهنا ذكرت فيما إذا تحلقوا حولها
قوله ( لا يظهر ) الأولى لا يظهر أن أو الواو بمعنى أو أن كلا منهما لازم للآخر لأنه يلزم من التقدم التأخر وعكسه فهما بمنزلة شيء واحد فلذا أفرد الضمير
قوله ( المتوجه ) بصيغة اسم الفاعل وكل فاعله والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب صلاة المسافر هو اسم فاعل من المسافرة بمعنى السفر كالكشف وزنا ومعنى لأنه يكشف عن أخلاق الرجال يقال سفر الرجل سفرا من باب ضرب فهو سافر بمعنى مسافر والجمع سفر مثل راكب وركب وصاحب وصحب فهو للمصدر والجمع لكن استعمال الفعل واسم الفاعل منه مهجور مصباح والسفر بفتحتين اسم منه وجمعه أسفار سمي به لأنه يسفر أي يكشف عن أخلاق الرجال فالمفاعلة ليست على بابها لأنها لا تكون إلا بين اثنين وهذا من واحد وقال الراغب هي على بابها باعتبار أنه أسفر أي انكشف عن المكان وهو عنه اه
قوله ( إلى شرطه ) فيه أن الشرط السفر لا المسافر سيد عن الحموي
قوله ( ويقال إلى محله ) كل فاعل محل
قوله ( والسفر في اللغة قطع المسافة ) التعبير بالمسافة يشعر بالامتداد فهو بمعنى قول السعد في التلويح هو في اللغة الخروج المديد وشرعا خروج من عمران الوطن مع قصد سير مسافة مخصوصة اه
قوله ( أقل مدة سفر تتغير به الأحكام ) السفر على ثلاثة أقسام سفر طاعة كالحج والجهاد وسفر مباح كالتجارة وسفر معصية كقطع الطريق والأولان سببان للرخصة إتفاقا وأما الأخير فكذلك
____________________
(1/274)
عندنا وبه قال الأوزاعي والثوري وداود والمزني وبعض المالكية خلافا لمالك والشافعي وأحمد فإنهم قالوا سفر المعصية لا يفيد الرخصة لأنها تثبت تخفيفا وما كان كذلك لا يتعلق بما يوجب التغليظ أعني المعصية ذكره العلامة نوح وفي الحلبي الكبير وللمسافر أحكام يخالف فيها المقيم كإباحة الفطر في رمضان وامتداد مدة المسح ثلاثة أيام وسقوط الجمعة والعيدين والأضحية ومن ذلك قصر ذوات الأربع من الصلاة اه
قوله ( وهي لزوم قصر الصلاة ) الضمير للأحكام ولا يحسن هذا التفسير والأولى ما في الشرح حيث قال وهي لزوم قصر الصلاة وإباحة الفطر وامتداد مدة المسح إلى ثلاثة أيام وسقوط وجوب الجمعة والعدين والأضحية وحرمة الخروج على الحرة بغير محرم وغير ذلك اه
قوله ( كرخصة الاسقاط ) الأولى أن يقول وهو رخصة إسقاط أي مسقطة للحكم أصلا لا إلى بدل فإن الشفع الثاني سقط عنه حتى لا يقضيه بعد الإقامة فالفرض في حقه ركعتان فلم يوجد التغير من العسر إلى اليسر في حقه فظهر بهذا أن رخصة الإسقاط والعزيمة شيء واحد في الما صدق وإن اختلفا في المفهوم ومن ثمة قال في الفتح ومن حكى خلافا بين المشايخ في أن القصر عزيمة عندنا أو رخصة فقد غلط لأن من قال رخصة عني رخصة الاسقاط وهي العزيمة وتسميتها رخصة مجاز كما لا يخفى اه
قوله ( واعلم أن الرخصة على قسمين الخ ) الرخصة مقابل العزيمة والعزيمة ما شرع لغير عذر وهو معنى قولهم ما تقرر على الأمر الأول والرخصة ما تغير من عسر إلى يسر بواسطة عذر وهي الرخصة الحقيقية ويقال لها رخصة فيه أي تخفيف وتيسير مسقطة للوجوب في الحال مع وجوب القضاء فيما يتأتى فيه القضاء في المآل كإباحة الفطر في رمضان
قوله ( ورخصة مجازية الخ ) فإن قصر الصلاة مثلا بالنظر لصلاة المقيم فيه تخفيف النصف لكنه في الحقيقة عزيمة لأنها كل صلاته ولا يتضمن الإكمال فضل ثواب لأن تمام الثواب في فعل العبد جميع ما عليه إلا في أعداد الركعات والمسافر قد أتى بجميع ما عليه كالمقيم
قوله ( وتسمى رخصة ترفيه ) الضمير في تسمى للرخصة الحقيقية فالأولى تقديمه
قوله ( مثل الفطر ) أي فطر رمضان في السفر فإنه رخصة ويتضمن فعل العزيمة فضل ثواب لموافقة المسلمين فيها
قوله ( وإجراء كلمة الكفر بالإكراه ) أي إجراؤها باللسان والقلب مطمئن بالإيمان ويتضمن فعل العزيمة وهو الصبر على القتل ثواب الشهادة
قوله ( والثانية مثل الكره على شرب الخمر ) الأولى مثل شرب الخمر بالإكراه
قوله ( ما عليه ولو بالتخيير ) وهو الواجب المخير كأحد الأشياء الثلاثة في كفارة اليمين
قوله ( بينه ) الأولى بين ما هو أشق وبين ما هو أيسر الخ
قوله ( كلابس الخف ) مثال للواجب المخير
قوله ( بين بقائه ) أي الخف
قوله ( من الرباعية ) أي من الصلاة الرباعية في حق المقيم
قوله ( عينا ) أي وليس من المفروض المخير فيه ككفارة اليمين
قوله ( واساءته بتأخير السلام ) المراد بالإساءة كراهة التحريم
قوله ( وظنه فرضية الزائدتين ) هذا لا يطرد في كل مكمل فلو قال وخلط الفرض بالنفل لكان مطردا
قوله ( وتسمية هذه ) أي رخصة الشرب بالإكراه
قوله ( وسقوط وجوب الجمعة والعيدين ) بالجر عطفا على المسح فإن المسافر إذا صلى الجمعة والعيدين وضحى صح ذلك منه وأثيب
قوله ( ولا تخيير له الخ ) بل يتعين عليه الشرب والقصر
قوله ( مسيرة ثلاثة أيام ) هذا التقدير للسفر الذي تقصر فيه الصلاة ويباح فيه الفطر ويمسح فيه أكثر من يوم وليلة وتسقط به الأضحية وأما المبيح لترك
____________________
(1/275)
الجمعة والعيدين والجماعة والمبيح للتنفل على الدابة وللتيمم ولاستحباب القرعة بين نسائه فلا يقدر بهذه المدة
قوله ( دون المراحل والفراسخ ) روي عن الإمام أنها مقدرة بثلاثة مراحل قال في الهداية وهو قريب من الأول لأن المعتاد في السير كل يوم مرحلة
قوله ( وهو الأصح ) قال في البحر وأنا أتعجب من فتواهم في هذا وأمثاله بما يخالف مذهب الإمام خصوصا المخالف للنص الصريح عنه وعن بعض أصحابنا تقديرها بخمسة عشر فرسخا
قوله ( بسير وسط ) فلو أسرع بريدة فقطع ما يقطع بالسير الوسط في ثلاثة أيام في أقل منها قصر وكما إذا سار فيها سيرا خارقا للعادة وصرح في التبيين أنه يكتفي في تقدير المسافة بالمدة المذكورة بغلبة الظن ولا يشترط اليقين اه
قوله ( لأن الليل ليس محلا للسير ) قال القهستاني الأولى ترك ذكر الليالي لأنها للإستراحة
قوله ( ولا بد الخ ) محل الإشتراط قوله مع الاستراحات والسين والتاء فيها زائدتان
قوله ( وسار إلى ما بعد الزوال ) الذي في عبارة غيره التسوية بين الأيام الثلاثة في اعتبار الزوال واعلم أن الزوال أكثر النهار الشرعي الذي هو من الفجر إلى الغروب وهو نصف النهار الفلكي الذي هو من الطلوع إلى الغروب ثم إن من الفجر إلى الزوال في أقصر أيام السنة في مصر وما ساواها في العرض سبع ساعات إلا ربعا فمجموع الثلاثة أيام عشرون ساعة وربع اه ذكره صاحب تحفة الأخيار
قوله ( وهو سير الأبل ) أي ابل القافلة بدليل قوله ومشي الأقدام
قوله ( في البر ) متعلق بقوله اعتبر
قوله ( وعرا ) أي صعبا شاقا
قوله ( من ابتداء اليوم ) متعلق بقوله قطع
قوله ( ونزل بعد الزوال ) عبارة عند الزوال بدون بعد
قوله ( يوما ) مرتبط بقوله احتسب
قوله ( وهو سير البريد ) أي البغل
قوله ( وفي البحر يعتبر اعتدال الريح ) فينظر إلى السفينة كم تسير في ثلاثة أيام ولياليها عند استواء الريح بحيث لم تكن عاصفة ولا هادئة فيجعل ذلك أصلا
قوله ( فيقصر المسافر الخ ) لو قال فيصلي المسافر الفرض الرباعي ركعتين لكان أولى لأن الركعتين تمام فرضه
قوله ( العلمي ) أخرج الوتر ولو لم يذكره لخرج بالرباعي
قوله ( أو خائفا ) أي ولو كان قارا في المحطة
قوله ( وهو المختار ) وقيل الأفضل الفعل تقربا وقيل الترك ترخصا وقيل كذلك الإسنة الفجر والمغرب
قوله ( فزيدت في الحضر ) في الظهر يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول بعد مقدمه المدينة صلى الله عليه وسلم بشهر وأقرت صلاة السفر ركعتين كما في العيني على البخاري
قوله ( فإنه وتر النهار ) سميت بهذا الإسم مع أنها تصلى بعد ذهاب النهار باعتبار أنها تقع عقب النهار ويطلب فعلها سريعا فأطلق عليها وتر النهار لقربها منه والإضافة تأتي لأدنى ملابسة أو لتتميز عن وتر الليل الواقع بعد العشاء فلا مخالفة بين كونها صلاة ليلية وبين هذا الحديث
قوله ( لمكانها من الخطبة ) الأولى لمكان الخطبة أي لوجود الخطبة فيها فإنها نازلة منها منزلة ركعتين على ما قاله البعض
قوله ( والصبح لطول قراءتها ) فيه أن الظهر كذلك
قوله ( من نوى السفر ) أي قصده قصدا جازما كما في القهستاني ولا بد من كون القصد قبل الصلاة حتى لو افتتح الصلاة في السفينة حال الإقامة في طرف البحر فنقلها الريح فنوى السفر يتم صلاة المقيم عند أبي يوسف لأنه اجتمع الموجب للإتمام وما يمنعه فرجحنا الموجب احتياطا خلافا لمحمد والمراد القصد المعتبر حتى لو قصد صبي مسافة سفر فبلغ قبل بلوغ المقصد بيوم لا يقصر بخلاف الكافر إذا أسلم بناء على أن نية
____________________
(1/276)
الكافر إنشاء السفر معتبرة بخلاف الصبي ولا يعتبر القصد ما لم يتصل به عمل السفر ولو لم يقصد لا يكون مسافرا ولو طاف الدنيا جميعا فلو قصد السياحة أو ذهب صاحب جيش لطلب عدو أو ذهب لطلب آبق أو غريم ولم يعلم أين يدركه أتم في الذهاب وفي موضع المكث وإن طالت المدة أما في الرجوع فإن كانت مدة سفر قصر وإلا لا
قوله ( ولو كان عاصيا بسفره ) بأن سافر لطلب الزنا أو قطع الطريق ولو طرأ عليه قصد المعصية بعد إنشاء السفر فإنه يترخص بالاتفاق واعلم أنه يكون عاصيا بقصد فعل المعصية سواء وجدت منه المعصية بالفعل أم لا أفاده السيد
قوله ( لإطلاق نص الرخصة ) قال تعالى { فمن كان منكم مريضا أو على سفر } البقرة 2 الآية وقال صلى الله عليه وسلم يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليها والقبح المجاور لا ينفي الأحكام كالبيع وقت النداء والصلاة في الأرض المغصوبة
قوله ( إذا جاوز بيوت مقامه ) عبر بالجمع ليفيد اشتراط مجاورة الكل فيدخل فيه محلة منفصلة وفي القديم كانت متصلة لأنها تعد من المصر كما في الخانية
قوله ( ولو بيوت الأخبية ) متصلة أو متفرقة فإن نزلوا على ماء أو محتطب يعتبر مفارقة الماء والمحتطب
قال في الشرح ولعله ما لم يكن محتطبا واسعا جدا اه ولا يشترط غيبوبة البيوت عن بصره لما روي عن علي بن ربيعة الأسدي خرجنا مع علي ونحن ننظر إلى الكوفة فصلى ركعتين ثم رجعنا فصلى ركعتين وهو ينظر إلى القرية فقلنا ألا نصلي أربعا فقال حتى ندخلها
قوله ( المتصلة بربض المصر ) قيد بالربض احترازا عن القرية المتصلة بالفناء فلا يشترط مجاوزتها على هذا الصحيح الذي صححه الشرع تبعا للنهاية معزيا للمحيط وأفاد في النهر عن الولوالجية أن المختار عدم اشتراط مجاوزة القرية مطلقا
قوله ( وتقدم أنها من ثلثمائة الخ ) فإذا تحقق أقلها لا يشترط مجاوزته وفي البحر الغلوة أربعمائة ذراع في الأصح ولعله بيان لنهايتها قال التمرتاشي إن هذا التفصيل هو الأشبه
قوله ( ويخالفه الخ ) يؤيده ما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قصر العصر بذي الحليفة وهو من فناء المدينة
قوله ( ويلحق الفناء بالمصر لصحة صلاة الجمعة ) ومن المشايخ من منع الجمعة فيه إذا كان منقطعا عن العمران وهو المعول عليه كما سيأتي في الجمعة إن شاء الله تعالى
قوله ( وإلا كرة اتفاقا ) أي الحراثين
قوله ( الإستقلال بالحكم ) أي الإنفراد بحكم نفسه بحيث لا يكون تابعا لغيره في حكمه
قوله ( والثالث عدم نقصان مدة السفر ) أي السفر الذي تقصر فيه الصلاة
قوله ( فلا يقصر من لم يجاوز الخ ) محترز قوله إذا جاوز
قوله ( ولكن كان صبيا ) محترز التقييد بالبلوغ
قوله ( أو تابعا ) محترز التقييد بالاستقلال ففيه لف ونشر مخلبط
قوله ( عند أبي حنيفة رضي الله عنه ) وعندهما لا يجوز لهما ما ذكر
قوله ( والعبد غير المكاتب ) أما هو فقال في البحر ينبغي أن لا يكون تبعا لأن له السفر بغير إذن المولى
قوله ( إذا كان يرتزق منه ) كذا في الزيلعي أو من بيت المال كما في النهر والأوجه في الذي تزوج أن يكون مقيما كما إذا تزوجت إتفاقا
قوله ( لا يصير به مسافرا شرعا ) أي سفرا تقصر به الصلاة أما في ترك الجمعة والجماعة والتيمم والصلاة على الدابة فيصير مسافرا شرعا
قوله ( حتى يعلم الخ ) لم يبين أنه يجب عليه السؤال من المتبوع أولا والظاهر الأول ويؤيده ما في الدراية والخانية مسلم أسره العدو ان كانت مسيرة العدو مدة سفر يقصر وإلا لا وإن لم يعلم يسأله وإن سأله ولم يخبره ينظر إن كان العدو مسافرا يقصر وإلا فلا اه والظاهر كما قاله أبو السعود في
____________________
(1/277)
حاشية الأشباه أن مسافرا في قوله إن كان العدو مسافرا معناه سائرا ووجه التأييد أن التعبير بالفعل حيث قال يسأله يشعر بالوجوب وأيضا فإنه يتوصل به لإقامة الواجب على وجهه وما لا يقام الواجب إلا به فهو واجب
قوله ( كما في توجه الخطاب الشرعي ) وذلك كما إذا أسلم في دار الكفر ولم يعلم بالأحكام حتى انتقل إلى دار الإسلام فإنه لا يلزمه أن يقضي ما مضى والوكيل لا ينعزل عن وكالته بالعزل القصدي قبل علمه به بخلاف الحكمي كموت الموكل وفي التنوير ولا بد من علم التابع بنية المتبوع فلو نوى المتبوع الإقامة ولم يعلم التابع فهو مسافر حتى يعلم على الأصح
قوله ( لتأخير الواجب ) وترك واجب القصر وترك افتتاح النفل وخلطه بالفرد وكل ذلك لا يجوز أفاده السيد عن الدر
قوله ( لما قام للثالثة ) أي قبل أن يقيدها بسجدة وإلا صارت الثلاثة نفلا فيضم إليها أخرى تحرزا عن التنفل بالبتيراء ولو أفسده لا شيء عليه لأنه لم يشرع فيه ملتزما ولو نوى الإقامة بعد ركوع الثالثة قبل التقييد بسجدة أعاد القيام والركوع لوقوعهما نفلا فلا ينوبان عن الفرض أفاده السيد ولا بد أن ينوي الإقامة حقيقة حتى لو نواها لأجل الإتمام فقط لا يكون مقيما
قوله ( في محل تصح إقامة فيه ) شروط إتمام الصلاة ستة النية والمدة واستقلال الرأي واتحاد الموضع وصلاحيته وترك السير در
قوله ( يقصر ) جملة يقصر صفة مسافرا
قوله ( يعني وطنه الأصلي ) ومنتهى ذلك بالوصول إلى الربض فإن الانتهاء كالابتداء والإطلاق دال على أن الدخول أعم من أن يكون للإقامة أولا ولحاجة نسيها وأن يكون في الصلاة كما إذا سبقه الحدث فدخله للماء أولا فإنه يتم في هذه الصور إلا أن يكون لاحقا فإنه لا يتم لأنه خلف الإمام حكما
قوله ( قدره ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم ) فإنهما قالا إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم بها خمس عشرة ليلة فأكمل الصلاة بها وإن كنت لا تدري متى تظعن فاقصرها والأثر في مثله كالخبر لأن المقدرات الشرعية لا مجال للرأي فيها كما في العناية والفتح وهو حجة على الشافعي في تقديره بأربعة أيام غير يومي الدخول والخروج كذا في التبيين اه
قوله ( لنقضه السفر ) أي بإرادة الرجوع
قوله ( لأنه ترك ) أي لأن نقض السفر ترك والتروك تحصل بمجرد النية
قوله ( لأن علقمة الخ ) وكذا روي عن ابن عمر وسعد بن أبي وقاص وابن عباس رضي الله عنهم
قوله ( لم يعين المبيت بإحداهما ) أما إذا عينه بأن نوى أن يقيم الليل في إحداهما ويخرج بالنهار إلى الموضع الآخر فإذا دخل أولا الموضع الذي عزم على الإقامة فيه بالنهار لم يصر مقيما أي حتى يدخل الموضع الذي نوى المبيت فيه وإن دخل أولا الموضع الذي عزم على الإقامة فيه بالليل صار مقيما ثم بالخروج إلى الموضع الآخر لم يصر مسافرا لأن موضع إقامة المرء حيث يبيت فيه ألا ترى أنك إذا قلت لشخص أين تسكن يقول في محلة كذا وهو بالنهار يكون بالسوق نقله السيد عن العلامة مسكين
قوله ( ولا تصح نية الإقامة في مفازة ) مثلها الجزيرة والبحر والسفينة والملاح مسافر وسفينته ليست بوطن إلا عند الحسن نقله السيد عن البحر
قوله ( وأما أهل الأخبية فتصح نيتهم الإقامة الخ ) أي إذا كان عندهم من الماء والكلأ ما يكفيهم تلك المدة وأهل الأخبية هم الأعراب والترك والكرد الذين يسكنون المفازة نهر وقيد بهم لأن غيرهم لو نوى الإقامة معهم لا يصير مقيما عند الإمام وهو الصحيح وعن الثاني روايتان
قوله ( لعسكرنا بدار الحرب ) أما من دخلها بأمان ونوى الإقامة في موضعها صحت ويتم درر
قوله ( لمخالفة حالهم ) أي لعزيمتهم بسبب التردد لأن احتمال وصول مدد إلى العدو ووجود مكيدة من القليل يغلب بها الكثير قائم
____________________
(1/278)
وذلك يمنع قطع القصد فلم تكن دار إقامة
قوله ( في حال محاصرة أهل البغي ) ولو في المصر كما أفاده أكمل الدين في العناية وصاحب البحر والتقييد بغير المصرفي عبارة البعض اتفاقي والبغاة قوم خرجوا عن طاعة الإمام الحق ظانين أنهم على الحق ولا يحكم بفسقهم لأنهم متمسكون بشبهة وإن كانت فاسدة فإن لم تكن لهم شبهة فهم لصوص أي قطاع طريق قهستاني من بحث البغاة
قوله ( ولو كانت الشوكة ظاهرة لنا عليهم ) للعلة السابقة وفصل زفر وتفصيله رواية عن الثاني
قوله ( يصلي رباعية ) الجملة صفة مقيم قال السيد ولا حاجة إليه لعلمه من قوله وأتمها أربعا
قوله ( ولو في التشهد ) متعلق بقوله اقتدى كقوله في الوقت
قوله ( في الوقت ) ولو قدر تحريمة في الأصح قهستاني
قوله ( ولو خرج الوقت ) مبالغة على قوله صح
قوله ( أو ترك الإمام القعود الأول ) لأن القعدة صارت واجبة في حقه أيضا فلا يبطل فرضه بتركها وعليه الفتوى نهر
قوله ( لا يصح اقتداء المسافر بالمقيم ) مقيد بكونها فائتة في حق الإمام والمأموم أما لو كانت فائتة في حق الإمام مؤداة في حق المأموم كما إذا كان المأموم يرى قول الإمام في الظهر والإمام يرى قولهما وقول الشافعي فإنه يجوز دخوله معه في الظهر بعد المثل قبل المثلين كما في السراج
قوله ( لأن فرضه لا يتغير بعد خروجه ) فكان اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القعدة إن كان الإبتداء في الشفع الأول أو في حق القراءة إن كان الاقتداء في الشفع الثاني أو في حق التحريمة كما في السراج عن الحواشي لأن تحريمة الإمام اشتملت على فرض ونقل وتحريمة المقتدي اشتملت على الفرض فقط فكانت أقوى اه وفيه أن تحريمة المسافر مشتملة على نحو التسبيح والتكبير وإن أراد من جهة القراءة فيرجع إلى ما ذكره صاحب الهداية
قوله ( لأنه صلى الله عليه وسلم الخ ) ولأن صلاة المسافر في الحالين أقوى وبناء الضعيف على القوي جائز
قوله ( أتموا صلاتكم ) روي أن أبا يوسف لما حج مع هارون الرشيد وصلى بالناس ركعتين بمكة قال أتمو صلاتكم فإنا قوم سفر فقال له واحد منهم نحن أعلم بهذا منك فقال له أبو يوسف لو علمت ما تكلمت في الصلاة فقال هرون ولو كان مثل هذا الجواب بدلا عن الملك الذي أعطانيه الله تعالى لكنت أسر بذلك كذا في الشرح
قوله ( فإنا قوم سفر ) يستعمل سفر مفردا وجمعا قال رجل سفر وقوم سفر والمراد هنا الجمع ذكره العلامة نوح
قوله ( أقوى من الأول ) أي من القعود الأول
قوله ( بلا قراءة ) في الأصح لأنهم لاحقون حيث أدركوا أول صلاتهم مع الإمام وفرض القراءة قد تأدى فيتركونها احتياطا كذا في الهداية والكافي
قوله ( ولا سجود سهو ) لو سهوا فيما يتمون لأنهم كاللاحقين
قوله ( ولا يصح الاقتداء بهم ) لأنم بالاقتداء التزموا الموافقة في الركعتين فينفردون في الباقي إلا أنهم مقتدون تحريمة لا فعلا
قوله ( وقيل بعد التسليمة الأولى ) خوف إفسادهم صلاتهم بالتسليمة الثانية لأنهم لا ينتظرون شيئا بخلافه بعد التسليمة الأولى
قوله ( في الأصح ) وقال بعض المشايخ يقرأ كالمسبوق
قوله ( لأنه أدرك الخ ) بيانه أنه لما كان لاحقا كان خلف الإمام حكما فكان مقتديا به من هذا الوجه وهو منفرد حقيقة فبالنظر إلى أنه مقتد تكره له القراءة تحريما وبالنظر إلى أنه منفرد تستحب له القراءة إذ فرض القراءة قد تأدى في الشفع الأول وإذا دار الأمر بين الحرمة والندب فالاحتياط هو الترك فكان جعل مقتديا أولى من جعله منفردا بخلاف المسبوق فإنه أدرك قراءة نافله فلم يسقط فرض القراءة عنه فدارت قراءته بين أن تكون مكروهة تحريما أو ركنا تفسد
____________________
(1/279)
الصلاة بتركه فكان الاحتياط في حقه القراءة فصار جعله منفردا أولى من جعله مقتديا فكانت قراءته فيما يقضى فرضا
قوله ( يقضي بالركوع والسجود ) لأن الرخصة للعجز لا تبقى بدونه
قوله ( وإذا مرض ) أي الصحيح والأولى ذكره
قوله ( يقضي بالإيماء ) لئلا يلزم تكليف ما ليس في الوسع
قوله ( آخر الوقت ) أي بقدر ما يسع ايقاع التحريمة فيه
قوله ( لأنه المعتبر في السببية ) أي آخر الوقت لأنه أوان تقرر دينا في ذمته وصفة الدين تعتبر حال تقرره وأما اعتبار كل وقت إذا خرج في حقه فيثبت الواجب عليه بصفة الكمال
قوله ( وإغماء ممتد ) أكثر من خمس صلوات
قوله ( ويبطل الوطن الخ ) الوطن محرك ويسكن منزل الإقامة قاموس
قوله ( بمثله ) أي وإن لم يكن بينهما مسافة سفر لقوله بعد ولا يشترط تقدم السفر لثبوت الوطن الأصلي إجماعا أي لأنه قد يتولد فيه مثلا ولا ينتقل عن غيره إليه
قوله ( ولا لوطن الإقامة في ظاهر الرواية ) فإذا خرج من مصر فأقام بقليوب مدتها يسمى وطن إقامة إلا أنه حينئذ لا يترتب له أحكام
قوله ( بل استحدث أهلا الخ ) وكذا لو استحدث أهلا في ثلاث مواضع فالحكم واحد فيما يظهر
قوله ( بإنشاء السفر بعده ) حتى لو عاد إلى حاجة فيه قصر وقوله بعده أي بعد الإقامة فيه سواء أنشأه منه أو بعده في موضع آخر بعده ولا يشترط كونه منه كما يفيده كلام صاحب النهر الآتي في رده على الزيلعي وبقي ما إذا خرج منه على نية السفر الأولى ثم جاوز بمدة سفر منه أو من الأصلي ولم يقم في غيره ثم مر به هل يتم وظاهر كلامهم نعم لأنه لم يدخل الأصلي ولم يقم في غيره ولم ينشيء سفرا بعده وحرره
قوله ( لما ذكرنا ) من أن الشيء لا يبطل إلا بمثله أو بما هو فوقه
قوله ( أو تزوج فيه ) ينظر حكم ما إذا تسرى فيه وعلى فرض اعتبار التسري فيه يتحقق كون الوطن الأصلي أكثر من أربعة
قوله ( على ما قدمناه ) من أنه لا بد أن يكون واحدا وأن لا يكون مفازة ولا دار حرب لعسكرنا ولا دار بغي
قوله ( وفائدة هذا ) الأولى ذكره بعد قوله لما ذكره فإنه فائدة ما قبله
قوله ( وهو مسافر ) احترز به عما إذا نقض السفر قبل استحكامه بعد إقامته بمحل خمسة عشر يوما فإنه يتم إذا دخله لصيرورته مقيما حينئذ بنقض السفر ومثل المؤلف في الشرح لوطن الإقامة والأصل موضحا فقال مثاله مصري ا نتقل بأهله إلى الشأم فإذا عاد مسافرا ودخل مصره لم يتم بمجرد الدخول فلو أبقى أهله وتزوج بالشأم أيضا يتم بدخوله في كل من الوطنين وإذا خرج يريد الشأم فنوى الإقامة بالخانقاه السرياقوسية مثلا خمسة عشر يوما لم يبطل وطنه الأصلي فإذا رجع اليه لحاجة يتم الصلاة فيه فإذا خرج ودخل الخانقاه يقصر لبطلان وطن الإقامة بها بالأصلي وكذا لو خرج من الخانقاه بعد نية الإقامة فيها خمسة عشر يوما ولم يرجع إلى وطنه الأصلي ولم ينو السفر حتى وصل إلى بلبيس مثلا فنوى الإقامة فيها خمسة عشر يوما بطل وطن الإقامة بالخانقاه وكذا إذا خرج منها ونوى السفر حتى لو عاد إلى حاجة فيها يقصر كما لو دخلها مسافرا بعد ذلك اه
قوله ( وكان مسافرا ) ليس بقيد وقال الزيلعي عامتهم على أن وطن السكني يفيد وتتصور تلك الفائدة فيمن خرج إلى قرية لحاجة ولم يقصد سفرا ونوى أن يقيم بها أقل من نصف شهر يتم فلو خرج منها لا للسفر ثم بدا له أن يسافر قبل أن يدخل مصره وقبل أن يقيم أقل من خمسة عشر يوما في موضع آخر قصر فلو مر بتلك القرية أتم لأنه لم يوجد منه ما يبطله مما هو فوقه أو مثله اه
____________________
(1/280)
بتغيير ما وقوله فلو خرج منها لا للسفر قيد به لأنه لو خرج منها للسفر بطل اتفاقا وقوله ثم بدا له أن يسافر قبل أن يدخل مصره وقبل أن يقيم الخ قيد به لأنه لو دخل مصره لبطل بما فوقه وهو الوطن الأصلي ولو أقام بمحل أقل من مدة الإقامة لبطل بمثله
قال في النهر وما في الزيلعي ممنوع بل قصر لأنه مسافر وقد مر أن وطن الإقامة يبطل بالسفر فوطن السكنى أولى
قوله ( فلا يبطل به وطن الإقامة ) والأصلي أولى
قوله ( ولا يبطل السفر ) أي حكم السفر من قصر الصلاة وغيره والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب صلاة المريض مناسبة هذا لما قبله أن في كل إسقاطا وتخفيفا
قوله ( من إضافة الفعل إلى فاعله ) كقيام زيد وقد يضاف إلى محله كتحرك الغصن
قوله ( عن المجرى الطبيعي ) أي الجريان والاستمرار الطبيعي بأن يكون مخالفا لمقتضى الطبع المستمر ومرض الحيوان من باب تعب والمرض بالسكون لغة قليلة في المحرك
قال في البحر وحد المرض المسقط للقيام والجمعة والمبيح للإفطار والتيمم زيادة العلة أو امتدادها
قوله ( وهو الحقيقي ) أي ما ذكره المصنف أولا هو التعذر الحقيقي وقوله ومثله الحكمي أي ومثل التعذر الحقيقي التعذر الحكمي وهو التعسر
قوله ( بوجود ألم شديد ) كدوران رأس وجع ضرس أو شقيقة أو رمد كما في القهستاني وسواء حدث ذلك في الصلاة أو قبلها كما في النقاية وقيده بالشديد لأنه إن لحقه نوع من المشقة لم يجز ترك القيام كما في مسكين ومثل الألم خوف لحوق الضرر من عدو آدمي أو غيره على نفسه أو ماله لو صلى قائما وكذا لو كان في خباء لا يستطيع أن يقيم صلبه وان خرج لا يستطيع أن يصلي من الطين أو المطر فإنه يصلي قاعدا كما في البحر وكذا يصلي قاعدا لو أعجزه القيام عن الصوم أو عن فرض القراءة أو كان بحال لو قام سلس بوله أو سال جرحه
قوله ( حاذق ) غير ظاهر الفسق وقيل عدالته شرط كما في الشرنبلالية
قوله ( أو ظهور الحال ) عطف على قوله تجرية بأن كان يظهر له من حاله أنه لو قام زاد مرضه أو يبطىء برؤه ولو قدر على القيام متكئا أو معتمدا على صعا أو حائط لا يجزيه إلا كذلك خصوصا على قولهما فإنهما يجعلان قدرة الغير قدرة له
قوله ( زاد النسائي فإن لم تستطع فمستلقيا ) أهل المذهب على أنه عند العجز عن الصلاة قاعدا يخير بين صلاته على جنبه وصلاته مستلقيا والاستلقاء أفضل ولعله ثبت عندهم ما هو أقوى من هذا الحديث فتركوا ظاهره من الترتيب
قوله ( أو غيره ) كاحتباء أو جلوس على ركبتيه كالتشهد لأن عذر المرض أسقط عنه الأركان فلأن يسقط عنه الهيئات أولى كذا في الشرح
قوله ( قام بقدر ما يمكنه ) لأن البعض معتبر بالكل
قوله ( وإن حصل به ألم شديد يقعد ابتداء ) الأولى حذف قوله ابتداء والمعنى أنه يقوم إلى أن يتعسر عليه القيام فيقعد وهذه الحالة كحالة العجز ابتداء وإن لم تحمل على هذا اتحد المشبه والمشبه به
قوله ( والسجود ) أي بالجبهة والأنف ولو كان يقدر على سجوده بالأنف فقط تعين عليه لما في السراج لو كان بجبهته قروح لا يستطيع السجود عليها يلزمه السجود على الأنف ولا يجوز له الإيماء لأنه ترك السجود مع القدرة عليه وفي النهر ما يفيد أنه عند العجز عن السجود يفترض عليه أن يقوم للقراءة
____________________
(1/281)
فإذا جاء أوان الركوع والسجود يقعد ويومىء بهما
قوله ( صلى قاعدا بالإيماء ) أو قائما به والأول أفضل لأنه أشبه بالسجود لكونه أقرب إلى الأرض وهو المقصود كذا في التبيين وفي البحر ظاهر المذهب جواز الإيماء قائما أو قاعدا كما لا يخفى اه قال الحلبي لو قيل أن الإيماء قائما هو الأفضل خروجا من الخلاف يعني خلاف من يشترط القيام عند القدرة عليه لكان موجها اه
قوله ( وجعل إيماءه للسجود أخفض ) تمييزا بينهما ولا يلزمه أن يبالغ في الأنحناء أقصى ما يمكنه بل يكفيه أدنى الانحناء فيهما نهر عن المجتبى
قوله ( وكذا لو عجز عن السجود الخ ) قال في الفتح رجل بحلقه جراح لا يقدر على السجود ويقدر على غيره من الأفعال يصلي قاعدا بالإيماء ولو قام وقرأ وركع ثم قعد وأومأ للسجود جاز والأول أولى اه
قوله ( ولا يرفع بالبناء للمجهول ) هذا الضبط وأن تعين هنا لرفع شيء بعده لكنه ليس بلازم في الواقع فإن رفعه ورفع غيره على حد سواء في الحكم وهو كراهة التحريم ويدل عليه لفظ الحديث الآتي بعد والسابق
قوله ( لما قدمناه ) من حديث العبادة
قوله ( فظفرت على الرواية ) أي بأنه يكفي بعض الانحناء بدليل تنكير شيء
قوله ( فحرك رأسه ) أي من غير طأطأة
قوله ( وقال ابن الفضل لا يجوز ) هو المشهور في المذهب
قوله ( انتهى ) أي كلام ابن الفضل
قوله ( فحقيقة ) أي إذا علمت أنه لا يجوز لعدم وجود الفعل المخصوص منه فحقيقة الإيماء الخ
قوله ( انتهت عبارته ) أي عبارة المقدسي
قوله ( وهذا نص في الباب ) أي على أن لا يلزمه أقصى ما يمكن من الانحناء
قوله ( لكن مع الإساءة ) المراد بها كراهة التحريم فيما يظهر للنهي عنه في الحديثين السابقين
قوله ( فلم يقدر الخ ) هذا تعذر حقيقي ومثله الحكمي بأن كان بحال لو قعد بزغ الماء من عينيه فأمره الطبيب بالاستلقاء أياما ونهاه عن القعود والسجود فإنه يجزيه أن يستلقي ويصلي بالإيماء لأن حرمة الأعضاء كحرمة النفس كذا في البحر
قوله ( بلا ضرر ) متعلق بقوله فلم يقدر أما إذا قدر على الاتكاء بضرر فلا يلزمه
قوله ( أومأ مستلقيا الخ ) اعلم أن في المسألة ثلاثة أقوال أظهرها أنه بالخيار بين الاستلقاء والاضطجاع وهو جواب الكتب المشهورة كالهداية وشروحها ثانيها أن الاستلقاء إنما يجوز إذا عجز عن الاضطجاع كمذهب الشافعي
ثالثها أن الاضطجاع إنما يجوز إذا عجز عن الاستلقاء وفي القنية أنه الأظهر ورده في البحر وقال في النهر أنه شاذ
قوله ( وسقوط التوجه ) عطف على جواز الخ وهو من عطف اللازم
قوله ( فيمتد برجليه ) الأولى حذفه
قوله ( أخرت عنه الصلاة القليلة ) اعلم أن المسألة على أربعة أوجه إن دام به العجز ست صلوات وهو لا يعقل سقط عنه القضاء إجماعا وإن كان أقل وهو يعقل قضى إجماعا وإن دام ست صلوات وهو يعقل أو أقل وهو لا يعقل ففيهما اختلاف المشايخ فمنهم من قال يلزمه القضاء وهو اختيار صاحب الهداية ومنهم من قال لا يلزمه وهو اختيار البزدوي الصغير وفي البحر عن القنية مريض لا يمكنه الصلاة إلا بأصوات مثل أوه ونحوه يجب عليه أن يصلي ولو اعتقل لسانه يوما وليلة فصلى صلاة الأخرس ثم انطلق لسان لا تلزمه الإعادة
قوله ( لها أي للهداية أي للرواية المذكورة فيها
قوله ( في كتابه التجنيس ) المعتبر ما صححه فيه لأنه متأخر
قوله ( وقال الكمال الخ ) هو ممن مال إلى عدم وجوب القضاء كما في الشرح
قوله ( خواهر زاده ) بضم الخاء وفتح الخاء ومعناه ابن الأخت
قوله ( أي لم يصح إيماؤه بعينه الخ ) وإنما ذكر ذلك دفعا لتوهم
____________________
(1/282)
عدم الحل وهو لا ينافي الصحة وقال زفر يومىء بعينه فإن عجز فبقلبه وما قاله زفر رواية عنأبي يوسف لأن العينين في الرأس فيأخذان حكمه أن قدر وإن عجز فبقلبه لأن النية التي لا تصح الصلاة بدونها إنما تقام به فتقام به الصلاة عند العجز ولنا أن نصب الأبدال بالرأي ممتنع والنص ورد بالأيماء بالرأس على خلاف القياس فلا يقاس عليه أفاد السيد
قوله ( فلا ينتقل إليها ) أي إلى هذه الأشياء الثلاثة خلفه أي خلف السجود وهو الايماء بها لأن الأبدال لا تنصب بالرأي
قوله ( كليد ) أي كما لا ينتقل خلف السجود إلى اليد
قوله ( صلى قاعدا بالإيماء ) لو قال أومأ قاعدا لكان أولى إذ يفترض عليه أن يقوم فإذا جاء أوان الركوع والسجود أومأ قاعدا وإنما لم يلزمه القيام عند الإيماء للركوع والسجود لا مطلقا على ما ذكره في النهر وإن كان ظاهر الزيلعي يقتضي سقوط ركنية القيام أصلا
قوله ( وإذا استمسك عذره بالقعود ) كجرحه وسلسه
قوله ( اختلف الترجيح ) والمفتى به أنه يصلي منفردا كما في البحر والخلاف محمول على ما إذا لم تتيسر له الجماعة في بيته وإلا لم يجز له الخروج وترك القيام بالاتفاق قاله السيد
قوله ( في المشهور وهو الصحيح ) وروى أبو يوسف عن الإمام أنه يستقبل لأن تحريمته انعقدت موجبته للركوع والسجود فلا تجوز بدونهما
قوله ( وأدائها ) بالجر عطفا على الإبطال وقوله بعده ضميره يعود للإبطال
قوله ( ومن جن بآفة سماوية ) احترز بالآفة السماوية عما لو زال عقله بالخمر فإنه يلزمه القضاء وإن طال لأنه حصل بما هو معصية فلا يوجب التخفيف ولهذا يقع طلاقه وكذا إذا ذهب عقله بالبنج أو الدواء عند الإمام لأن سقوط القضاء عرف بالأثر إذا حصل بآفة سماوية فلا يقاس عليه ما حصل بفعله ولا فرق بين الجنون العارض والأصلي بأن بلغ مجنونا وهو قولمحمد وقال أبو يوسف الأصلي كالصبا وفي رواية أن الجنون يسقط مطلقا متداولا كما في البرهان
قوله ( واستمر به ) قيد به لأنه إذا كان يفيق في وقت معلوم نحو أن يخف عند الصبح فيفيق قليلا ثم يعاوده الإغماء تعتبر الإفاقة فتبطل ما قبلها من حكم الإغماء إذا كان أقل من يوم وليلة وإن لم يكن لإفاقته وقت معلوم إلا أنه يتكلم بغتة بكلام الأصحاء ثم يغمى عليه فلا عبرة بهذه الإفاقة كذا في الشرح عن التتارخانية
قوله ( بأن خرج وقت السادسة ) هذا قولمحمد وهو المصحح في أكثر المعتبرات مجمع الأنهر وقالابن أمير حاج قول محمد أشبه لأن المسقط للقضاء وقوعه في الحرج وذلك بدخول الفوائت في حد التكرار وقال في الفتح وقول محمد أصح تخريجا على قضاء الفوائت وعند الإمام وأبي يوسف تعتبر بالزيادة على ساعات يوم وليلة ولو بلحظة لأنه المأثور عن علي وابن عمر فكان الأخذ به أولى إذ المقادير لا تعرف إلا سماعا وتظهر الثمرة فيما إذا أغمي عليه عند الضحوة ثم أفاق من الغد قبل الزوال بساعة فهذا أكثر من يوم وليلة من حيث الساعات فلا قضاء عليه عندهما وعند محمد يقضي لعدم مضي سنة أوقات
قوله ( والجنون مثله ) اعلم أن الأعذار ثلاثة ممتد جدا كالصبا يسقط به جميع العبادات وقاصر جدا كالنوم فلا يسقط به شيء ومتردد بينهما وهو الإغماء فإذا امتد ألحق بالممتد جدا وإلا ألحق بالقاصر جدا ذكر الحدادي ولا يعتبر الإغماء في الصوم والزكاة لأنه يندر وجوده سنة أو شهرا بخلاف الجنون فإنه يمتد فاعتبر في سقوط العبادات والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
____________________
(1/283)
فصل في إسقاط الصلاة والصوم لا يخفي حسن ذكر هذا الفصل بعد ذكر أحكام المريض اعلم أنه قد ورد النص في الصوم بإسقاطه بالفدية واتفقت كلمه المشايخ على أن الصلاة كالصوم استحسانا لكونها أهم منه وإنما الخلاف بينهم في أن صلاة يوم كصومه أو كل فريضة كصوم يوم وهو المعتمد إذا علمت ذلك تعلم جهل من يقول ان إسقاط الصلاة لا أصل له إذ هذا إبطال للمتفق عليه بين أهل المذهب وأراد المصنف بقوله والصوم صوم رمضان بدليل قوله بعد وغيرهما فإن المراد به صوم كفارة اليمين وقتل وظهار وجناية على إحرام وقتل محرم صيد أو صوم منذور أفاده في الشرح
قوله ( بالإيماء برأسه ) قيد به لأنه لا يعتبر الإيماء بنحو الحاجب فلا يعد به قادرا فلا تلزمه الوصية وقياس قول زفر أنه إذا تركها مع قدرته على الإيماء بنحو الحاجب أوصى
قوله ( عن صلاة يوم وليلية ) إنما ذكره لأنه إذا سقط في هذه الحالة القليل الذي لا حرج فيه فأولى الكثير الذي فيه الحرج
قوله ( لما رويناه ) من قوله صلى الله عليه وسلم فإن لم يستطع فالله أحق بقبول العذر منه
قوله ( لعدم قدرته ) الأولى الإتيان بالواو لتكون علة ثانية عقلية بعد النقل ويحتمل أنه علة للعلة
قوله ( بإدراك زمن ) متعلق بقوله قدرته والباء للسببية
قوله ( على قول من يفسر الخ ) فإن القائل به لا يقول بلزوم القضاء إلا بإدراك زمن يسعه ولم يوجد ولزوم الوصية فرع لزوم القضاء وبه يندفع ما أورد من أن الوجوب قد تعلق بذمته فلماذا لم تلزمه الوصية وإن لم يقدر تفريغا لذمته
قوله ( ظاهر ) الأولى فظاهر بالفاء
قوله ( فلا يلزمهما الإيصاء به ) لأنهما عذرا في الأداء فلأن يعذرا في القضاء أولى زيلعي وإذا لم يلزمهما القضاء لا يلزمهما الإيصاء به
قوله ( ولزم عليه ) ضمنه معنى فرض فعداه بعلى وإلا فلزم يتعدى بنفسه
قوله ( ولو بغير عذر ) الأولى حذفه لأنه بينه بعد ولأنه يفيد اشتراط القدرة فيه وليس كذلك
قوله ( من إدراك الخ ) من للتعليل
قوله ( لزمه بجميع ما أفطره ) الضمير في لزمه يرجع إلى الإيصاء
قوله ( بفضل الله ) الباء فيه للمصاحبة وفيما بعده للسببية أو الثاني تعلق بالعامل بعد تعلق الأول به
قوله ( من صوم ) لم يذكر قبله مبينه والأولى ما في الشرح حيث قال وكذا صوم كفارة يمين وقتل خطأ وظهار وجناية على إحرام وقتل محرم صيدا وصوم منذور اه وقال في الدر المختار من العوارض والحاصل أن ما كان عبادة بدنية فإن الوصي يطعم عنه بعد موته عن كل واجب كالفطرة والمالية كالزكاة يخرج عنه القدر الواجب والمركبة كالحج يحج عنه رجلا من مال الميت
قوله ( وظهار ) فيه أن الصوم في كفارة الظهار بدل عن الإعتاق وقد قال المصنف معترضا على صاحب الدرر في ذكره القتل بأن الواجب ابتداء عتق رقبة مؤمنة فلا يصح اعتاق الوارث كما ذكره والصوم فيها بدل عن الإعتاق فلا تصح فيه الفدية وفيه أن كفارة الإفطار كذلك وكذا اليمين لأن كفارته مرتبة اه وفي التنوير من عوارض الصوم ولو تبرع عنه وليه بكفارة يمين أو قتل جاز
قوله ( وجناية على إحرام ) كأن لبس عمامته بعذر فإنه مخير بين الذبح وإطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام
قوله ( ومنذور ) أي صوم منذور كذا في الشرح
قوله ( أو النفقة الواجبة ) كنفقة الزوجة إذا قضى بها أو تراضيا عليها
قوله ( والجزية ) أي بناء على أنها لا تسقط بالإسلام إذا أوصى بها وهو ذمي
قوله ( والكفارات المالية ) كالدماء التي تلزمه بجنايته على إحرامه مثل تطيبه ولبسه بغير عذر
قوله ( والوصية بالحج ) ويحج عنه من منزله إن كفى وإلا فمن حيث
____________________
(1/284)
يكفى تنوير
قوله ( والصدقة المنذورة ) كأن نذر دراهم مثلا يخرجها الله تعالى
قوله ( عن صومه ) أي يفدي من الثلث عن صومه
قوله ( فلا شيء عليه ) لعدم قدرته على أدائه وإذا لم يقدر لا يجب عليه الإيصاء وهل يقال في نذر الصوم كذلك يحرر وأما كفارة الإفطار فأن أفطر عمدا في رمضان ووجبت عليه الكفارة ولم يتمكن من أدائها بأن وجب عليه الصوم فمات في شوال هل يجب الإيصاء بها لتحقق سببها في الصحة ويحرر
قوله ( فليطعم ) بالبناء للمجهول لرفع مسكين
قوله ( والصحيح ) مكرر مع قوله وهو الصحيح
قوله ( هي نصف صاع ) الأولى إبقاء المصنف من غير تقدير لأنه على ما قدره يضيع مفعول قوله سابقا فيخرج
قوله ( أو زبيب ) هو المعتمد وقيل الزبيب كالبر
قوله ( لتنوع حاجات الفقير ) فإنه قد يكون مستغينا عن هذه الأعيان ويحتاج إلى الدراهم ليصرفها في حاجاته
قوله ( لأن محمد إلخ ) علة لذكر المشيئة في التبرع لا في الوصية
قوله ( في الصوم ) أي والصلاة مثله
قوله ( وفي إيصائه به ) أي إيصاء الميت بالإطعام عن صومه
قوله ( جزم بالأجزاء ) لأنه بالإيصاء فرغ ذمته بخلاف ما إذا تبرع عنه مبرع وفي الحقيقة الكل معلق بمشيئة الله تعالى
قوله ( من إلزام الولاء على الميت ) أي وله أحكام قد يضربها السيد كالقتل خطأ فإنه على عاقلته وعاقلته مولاه فلا يثبت الولاء من غير رضاه
قوله ( يحج من منزله ) إن كفى وإلا فمن حيث يكفي
قوله ( والمتبرع به ) أي ويحج المتبرع بالحج عن الميت
قوله ( وإن قلنا الخ ) هذا جواب عما ورد عليه في قوله أو يعطيه شيئا من صلاته أو صومه ليس بشيء من أنه يقتضي أنه ليس له أن يجعل ثواب طاعته لغيره
قوله ( فهو غير هذا الحكم ) لأنه لا يفيد بالدفع المذكور والكلام فيما إذا دفع ذلك على وجه المعارضة بعد تقديره بشيء من صيام أو صلاة بأن يكون المدفوع فدية صلاة يوم أو صوم يوم مثلا
قوله ( فيسقط عن الميت بقدره ) في الدر المنتقى أنهم إذا أرادوا الإخراج عنه يحسب عمره بغلبة الظن ويخرج منه مدة الصبا وهي اثنا عشر في الغلام وتسعة في الأنثى ويخرج عنه بقدرها إن كان عندهم ما يكفي وإلا تدفع مرارا اه وذلك لاحتمال نقصان صلاته بترك ركن أو شرط فإن الكثير من الناس لا يحسن أداءها
قوله ( ويقضيه ) لا بد من تكرر القبض والدفع لما ذكره المصنف ثم لو أخذها أحدهم عند قبضها ولم يدفعها واستقل بها يفوز بها على الظاهر
قوله ( متبرعا به ) وهو بعد الأولى متبرع مطلقا ولو كانت موصى بها
قوله ( ونحوها ) كالصدقة المنذورة
قوله ( وكذا ما نص على عدده في كفارة ) ككفارة الظهار على ما ذكره فإن الله تعالى قال { فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } وهل تكفي الإباحة في الفدية قولان المشهور نعم واعتمده الكمال ولو فدى عن صلاته في مرضه لا يصح بخلاف الصوم والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب قضاء الفوائت لم يقل المتروكات ظنا بالمؤمنين خيرا لأن ظاهر حال المسلم أن لا يترك الصلاة وإنما تفوته من غير قصد لعذر واعلم أن المأمور به ثلاثة أقسام أداء وقضاء وإعادة والأداء أنواع كامل كالصلاة بجماعة وقاصر كالصلاة منفردا لفوات الوصف المرغوب فيه وأداء شبيه
____________________
(1/285)
بالقضاء وهو فعل اللاحق بعد فراغ الإمام أما أنه أداء فلبقاء الوقت وأما أنه شبيه بالقضاء فلأنه قد التزمه مع الإمام وقد فاته ذلك الملتزم ولما فرغ المصنف من الأداء بأنواعه شرع في القضاء
قوله ( القضاء لغة الأحكام ) لقضا بالقصر والمد وقوله الأحكام الأولى أن يقول الحكم
قوله ( إسقاط الواجب بمثل ما عنده ) اعلم أن القضاء وجب بالسبب الذي وجب به الأداء فكل من الأداء والقضاء تسليم عين الواجب إلا أن الأداء تسليم عين الواجب في وقته والقضاء تسليم عين الواجب بعد خروج الوقت وهذا هو الراجح وقيل يجب القضاء بسبب جديد وإن المؤدى مثل الواجب وليس لهذا الخلاف ثمرة إذا علمت هذا تعلم أن قوله يمثل ما عنده جرى على غير الراجح والتأخير بلا عذر كبيرة لا تزول بالقضاء بل بالتوبة أو الحج فالقضاء مزيل لإثم الترك لا لإثم التأخير والإعادة فعل مثله في وقته لخلل غير الفساد لقولهم كل صلاة أديت مع كراهة التحريم تعاد أي وجوبا في الوقت وأما بعده فندبا وقوله إسقاط الواجب يفيد أن السنة لا توصف بالقضاء وإذا أريد ما هو أعم أبدلنا الواجب بالعبادة فيقال الأداء فعل العبادة في وقتها والإعادة فعل مثلها لخلل غير الفساد وغير عدم صحة الشروع والقضاء فعلها بعد وقتها فتكون السنة التي تفعل في وقتها إداء وما أذن الشارع في فعله منها في غير وقته قضاء كسنة الفجر وأما سنة الظهر القبلية إذا صليت بعد فإطلاق القضاء عليها مجاز على كل حال لأنها مفعولة في وقتها وإن قيل ان وقتها مخصوص بما قبل الفرض فتكون قضاء بعده
قوله ( المتسع وقتها ) أما التي ضاق وقتها فتقدم على الفائتة ويسقط الترتيب
قوله ( تذكر الفائتة ) قيد به لأن الترتيب يسقط بالنسيان كما يأتي إن شاء الله تعالى وأفاد بذكره الترتيب في الفوائت والوقتية لزوم القضاء وهو ما عليه الجمهور وقال الإمام أحمد إذا تركها عمدا بغير عذر لا يلزمه قضاؤها لكونه صار مرتدا والمرتد لا يؤمر بقضاء ما تركه إذا تاب وجميع أوقات العمر وقت للقضاء ما عدا أوقات النهي الثلاثة وفي القهستاني قضاء الصلاة يجب على التراخي عندمحمد وعلى الفور عند أبي يوسف وعن الإمام روايتان وفي المجتبى يجوز تأخير الفوائت يعني قضاءها وإن وجب فور العذر السعي على العيال والحوائج على الأصح اه
قوله ( الفوائت القليلة ) وهي ما لم تدخل في حد التكرار
قوله ( مستحق ) لم يقل فرض لانصراف المطلق منه إلى القطعي ولا شرط كما في المحيط لأن الشرط حقيقة لا يسقط بالنسيان وهذا يسقط به ولا واجب كما في المعراج لأنه لا يفوت الجواز بفوته وهذا يفوت به ولما اختلفت عبارة المشايخ أتى المصنف بلفظ المستحق لأنه يمكن أن يتمشى على كل منها
قوله ( قوله صلى الله عليه وسلم ) رفعه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ورواه مالك عن نافع عن ابن عمر موقوفا والرفع من الثقة مقبول مطلقا سواء كان أرجح ممن وقف أم لا
قوله ( فليصل التي هو فيها ) وتكون له نافلة
قوله ( وهو خبر مشهور ) نازع الكمال في شهرته
قوله ( ورتب النبي صلى الله عليه وسلم الخ ) هذا دليل على الترتيب بين الفوائت والحاصل أنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم تقديم صلاة على ما قبلها أداء ولا قضاء ولو كان الترتيب مستحبا كما قال بعض الأئمة لتركه صلى الله عليه وسلم مرة أو أشار إلى تركه مرة بيانا للجواز ولم ينقل ولا نقل أيضا عن أحد من الصحابة قولا ولا فعلا وروى أنه صلى الله عليه وسلم شغله المشركون عن أربع صلوات يوم حفر الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله تعالى فأمر بلالا فأذن ثم أقام
____________________
(1/286)
فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء
قوله ( عن قضاء كل الفوائت ) مفهومه يفيد أنه إذا لم يضق الوقت عن جميعها بل كان يسع الوقتية وبعض الفائقة أنه لا يسقط الترتيب فيما قدر عليه وهو أحد القولين الآتيين في كلامه
قوله ( للزوم العمل بالمتواتر حينئذ ) لأن آخر الوقت للوقتية بالمتواتر من الأخبار والنصوص ووقت التذكر للفائتة ثبت بالخبر السابق فإن في بعض رواياته فإن ذلك وقتها وهو يفيد وجوب الترتيب ووصف بأنه خبر آحاد وإنما يجب العمل به إذا لم يتضمن ترك العمل بالنص أما إذا تضمن فلا لأنه يلزم نسخ الكتاب به وذا لا يجوز كذا في الشرح
قوله ( حينئذ ) أي حين إذ ضاق الوقت
قوله ( وهو لا يعمل به ) أي بالمشهور وهو الحديث السابق فإنه يفوت وجوب الترتيب
قوله ( بسعة الوقت ) الباء للسببية وفي نسخة باللام
قوله ( بضيق الوقت ) مرتبط بقوله إضاعة والباء للسببية ولو قدم الفائتة ولم يكن وقت كراهة صحت وأثم لتفويت الوقتية بغير موجب فصار كما لو اشتغل بالنافلة عند ضيق الوقت بخلاف ما إذا كان في الوقت سعة وقدم الوقتية حيث لا تصح لأنه إداها قبل وقتها الثابت بالخبر مع إمكان الجمع بينهما
قوله ( المستحب ) لم يذكر هذا في ظاهر الرواية فوقع الاختلاف بين المشايخ فنسب الطحاوي اعتبار أصل الوقت لهما واعتبار الوقت المستحب لمحمد ورجح في المحيط قول محمد ورجحه أيضا في الظهيرية بما في المنتقى من أنه إذا افتتح العصر في أول وقتها وهو ناس للظهر ثم احمرت الشمس ثم ذكر الظهر مضى في العصر
قال فهذا نص على أن العبرة للوقت المستحب وحينئذ انقطع اختلاف المشايخ لأن المسألة حيث لم تذكر في ظاهر الرواية وثبتت في رواية أخرى تعين المصير إليها وثمرة الخلاف تظهر فيما لو شرع في العصر وهو ناس للظهر ثم تذكره في وقت لو اشتغل به تقع العصر في الوقت المكروه يقطع العصر عندهما ويصلي الظهر وعنده يمضي في العصر ثم يصلي الظهر بعد غروب الشمس ذكر هذه الثمرة السيد عن مسكين
قوله ( فيتغير به حكم الكتاب ) وهو قوله تعالى { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } النساء 4 وتغيير حكم الكتاب بنقصان الوقتية بإيقاعها في الوقت المكروه كذا في الشرح فإن الآية المذكورة كقوله تعالى { أقيموا الصلاة } تدل على الإتيان بالواجب على صفة الكمال لأنه المطلوب شرعا وتفسير ضيق الوقت أن يكون الباقي من الوقت ما لا يسع الوقتية والفائتة جميعا في نفس الأمر لا بحسب ظنه فلو ظن من عليه العشاء ضيق وقت الفجر فصلى الفجر ثم تبين أن في الوقت سعة بطل الفجر ثم ينظر فإن كان الوقت يسعهما جميعا بحيث يقعد في الفجر قدر التشهد قبل الطلوع بعد صلاة العشاء يصلي العشاء ثم يعيد الفجر وإن لم تكن فيه سعة كذلك يعيد الفجر فقط وهكذا يفعل مرة بعد أخرى إلى أن تطلع الشمس وفرضه ما يلي الطلوع وما قبله تطوع وفي المجتبى وإن لم يمكنه أداء الوقتية إلا مع التخفيف من قصر القراءة والأفعال يرتب ويقتصر على أدنى ما تجوز به الصلاة
قوله ( والمسألة بحالها ) أي أطالها حتى ضاق الوقت
قوله ( جازت الوقتية ) ولا يلزمه القطع لأن شروعه فيها أولا جائز ولو قطعها كان له أن يشرع فيها ثانيا فلم يكن للقطع فائدة فكان البقاء أولى بالجواز لأنه أسهل من الابتداء
قوله ( كما في الفتح ) الذي في الفتح ترجيح عدم جواز الوقتية ما لم يقض ذلك البعض وقيل عند الإمام يجوز قال الزاهدي وهو الأصح وعلله بما قاله المصنف
قوله ( والثاني
____________________
(1/287)
النسيان ) ولا يعتبر الجهل وعبارة النقاية فرض الترتيب ولو جاهلا به اه
قال شارحها العلامة القهستاني عند أئمتنا الثلاثة وعن الحسن عنه أنه إذا لم يعلم به لم يجب عليه وبه أخذ الأكثرون كما في التمرتاشي وما في الزيلعي من أن الظن المعتبر يلحق بالنسياه كمن صلى الظهر ذاكرا لترك الفرض فسد ظهر فإذا قضي الفجر ثم صلى العصر ذاكرا للظهر جاز العصر إذ لا فائتة عليه في ظنه حال أداء العصر وهو ظن معتبر لأنه مجتهد فيه فالمراد به ظن المجتهد إذ لا يلزمه اجتهاد إمام أو جاهل ليس له مذهب معين صلى ثم ذكر ولم يقلد مجتهدا ولم يستفت فقيها فصلاته صحيحة لمصادفتها مجتهدا فيه وأما المقلد لأبي حنيفة فلا عبرة برأيه المخالف لمذهب إمامه وإن كان مقلدا للشافعي فلا فساد لصلاته ولا تتوقف على شيء أفاد المصنف في حاشيته عن البحر
قوله ( لأنه لو وجب الخ ) ولأن اشتراط الترتيب إذ ذاك ربما يفضي إلى تفويت الوقتية وهو حرام
قوله ( وهو مدفوع بالنص ) قال تعالى { وما جعل عليكم في الدين من حرج } { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } البقرة 2
قوله ( وروى ) أي عن محمد
قوله ( أو من حيث الساعات ) على قول الشيخين وتقدم ترجيح اعتبار الأوقات
قوله ( لا يعود في أصح الروايتين ) وقال بعضهم يعود الترتيب وهو أحوط مجتبى وهو الصحيح ذكره الصدر الشهيد وكذا قال في التجنيس والمزيد وفي الهداية وهو الأظهر لأن علة السقوط الكثرة وقد زالت
قوله ( ترجيح بلا مرجح ) قد عرفت مرجحه وهو زوال الكثرة أفاده السيد
قوله ( بعد نسيان ست ) أراد به الترك ولو عبر به لكان أولى لأنها إذا بلغت ستاسقط الترتيب وإن لم يكن على وجه النسيان ولأن النسيان مسقط في الأقل من هذا العدد أفاده السيد
قوله ( ثم تذكرها ) أي الحديثة قاله السيد
قوله ( على الأصح فيهما ) وقيل لا يجوز عند البعض ويجعل الماضي كأن لم يكن زجرا له وصححه في معراج الدراية وفي المحيط وعليه الفتوى
قوله ( وعليه الفتوى ) وجهه أن الاشتغال بهذه الفائتة ليس بأولى من الإشتغال بتلك الفوائت وفي الاشتغال بالكل تفويت الفريضة عن وقتها وما قالوه يؤدي إلى التهاون لا إلى الزجر عنه فإن من اعتاد تفويت الصلاة وغلب على نفسه التكاسل لو أفتى بعدم الجواز يفوت أخرى وهلم جرا حتى يبلغ حد الكثرة أفاده السيد
قوله ( ولو كانت وترا ) أي لأنه فرض عملي عنده فالوتر يعتبر في الإفساد ولا وقت له يخصه بل وقته وقت العشاء فيعتبر عند فواته قضاؤه قبل خروج وقت العشاء الآتية أو بعده
قوله ( يحتمل تقرر الفساد ) أي يحتمل الفساد فالضمير له أو تقرر فاعل يحتمل بتنزيله منزلة اللازم
قوله ( متذكرا في كلها تلك المتروكة ) يغني عنه قول المصنف ذاكرا لها إنما قيد بالتذكر لأن النسيان يسقط الترتيب فلو نسي في البعض وتذكر في البعض فالظاهر اعتبار التي تذكر فيها حتى تبلغ العدد المسقط واعتبارخمس غير المتروكة هو الصواب خلافا لما يوهمه ظاهر عبارة بعض القوم من اعتبار ست سواها
قوله ( صحت جميعها ) برفع جميع تأكيد للضمير المستتر في صحت
قوله ( عند أبي حنيفة ) وقالا تفسد تلك الصلوات فسادا باتا لا يحتمل الصحة بحال ويلزمه قضاء الست كلها المتروكة والخمس التي أداها بعدها قبل قضائها وهو ذاكر لها وما يصليه بعد ذلك صحيح وإن كان ذاكرا للفائتة لصيرورة الفوائت ستا
قوله ( والكثرة ) أي كثرة الفوائت ولما ورد عليه أن الفائت واحد فقط والخمس مؤداة أجاب عنه بقوله لأن الفاسد الخ
قوله ( واستندت الصفة ) وهي
____________________
(1/288)
الكثرة
قوله ( فجازت كلها ) لأنه سقط الترتيب من أول صلاة تركها لوجوب ثبوت الحكم مستندا ليكون مضافا إلى الكثرة التي هي العلة دون الأخيرة التي ليست بعلة
قوله ( كتعجيل الزكاة ) أشار به إلى أن توقف حكم على أمر حتى يتبين حاله ليس ببدعي كتوقف الزكاة الخ وتوقف المغرب المؤداة في طريق المزدلفة فإن أعادها قبل الفجر بطلت فرضيتها وإلا فلا وصحة صلاة المعذور إذا انقطع العذر بعدها على معاودته في الوقت الثاني فإن عاد صحت وإلا فلا أفاده في الشرح
قوله ( وبقاء بعض النصاب ) أي أثناء الحول وأما آخره فلا بد من تمامه
قوله ( كان التعجيل فرضا
أي كان المعجل فرضا
قوله ( عند أبي حنيفة وأبي يوسف ) لأن التحريمة عقدت لأصل الصلاة بوصف الفرضية فلم يكن من ضرورة بطلان الوصف بطلان الأصل وعند محمد تبطل أصلا لأن التحريمة عقدت للفرض فإذا بطلت الفرضية بطلت التحريمة أيضا واعلم أن أبا يوسف قد وافق الإمام في عدم بطلان أصل الصلاة إذا قضى الفائتة قبل مضي الخمس وخالفه في توقف صحتها على تأخير قضاء المتروكة إلى مضي الخمس فقال لا تصح فرضيتها ولو أخرها بعد مضيها
قوله ( بتقرير بر الفساد ) أي بتقريره الفساد الموقوف فهو من إضافة المصدر إلى مفعوله والجار والمجرور متعلقان بقوله تفسد
قوله ( والسادسة من المؤديات الخ ) أتى بذلك جوابا عما وقع في عامة الكتب من أن انقلاب الكل إلى الجواز جائز موقوف على أداء ست صلوات بعد المتروكة فإنه ليس المراد منه إلا تأكيد خروج وقت الخامسة من المؤديات لا إشتراط السادسة بل ولا دخول وقتها لأنه لا يلزم من خروج الوقت دخول غيره كما لو كان الخامس من المؤديات وهو الصبح فطلعت الشمس
قوله ( ولكن لما كان من لازم الخروج دخول وقتية ) الملازمة ممنوعة لما علمته قريبا إلا أن يقال اللزوم موجود في غالب الأوقات فاعتبر الغالب
قوله ( وتأديتها فيه غالبا ) إن ارتبط قوله غالبا بالدخول والتأدية نتج الجواب السابق
قوله ( مقام ذلك ) أي خروج وقت الخامسة
قوله ( وإذا كثرت الفوائت ) المراد مطلق الكثرة وإن لم تسقط الترتيب أفاده في الشرح
قوله ( لتزاحم الفروض والأوقات ) التي هي أسباب فاختلفت الأسباب كما اختلفت المسببات
قوله ( كقوله أصلي ظهر الاثنين الخ ) فيه نكتة وهي التنبيه على تاريخ تأليف هذا المحل كذا نبه عليه المؤلف وقال في الشرح ظهر الخميس عاشر ذي الحجة سنة خمس وأربعين وألف فبين التاريخين ثمانية أعوام وأربعة أشهر وثمانية عشر يوما
قوله ( وهو الأصح ) رجحه في الخانية والخلاصة وجرى عليه صاحب الفتح
قوله ( فليرجع للكنز ) أي فليرجع المبتلى بالحادثة إلى الحكم المذكور في الكنز واللام في للكنز بمعنى إلى قال تعالى { ارجع إليهم } أن لا يرجع إليهم وقوله فإنه واسع أي فإن الحكم الذي فيه متسع وفيه إشارة إلى اتساع الكنز عن هذا التأليف وفي نسخة فإنه وسع بصيغة الماضي
قوله ( والله رؤوف رحيم ) أي شديد الرحمة فلرحمته لم يكلف هذه الأمة الحرج من الأمور بل قال { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } البقرة 2 والأليق باليسر والرأفة ما في الكنز وهو عليم بما عليه فيسقطه عنه ولذا قال { واسع عليم }
قوله ( من رمضانين ) وأما إذا كان من رمضان واحد فلا يحتاج إلى التعيين إتفاقا حتى لو كان عليه قضاء يومين من رمضان واحد فقضى يوما ولم يعين جاز لأن السبب في الصوم واحد وهو الشهر فالواجب عليه إكمال
____________________
(1/289)
العدد وفي الأشباه عن الفتح من الصوم ولو وجب عليه قضاء يومين من رمضان واحد الأولى أن ينوي أول يوم وجب عليه قضاؤه من هذا الرمضان وان لم يعين جاز وكذا لو كانا من رمضانين على المختار حتى لو نوى القضاء لا غير جاز اه
قوله ( وهكذا ) إشارة إلى جميع الأعمال الفرعية
قوله ( مدة جهله ) مرتبط بقوله يعذر
قوله ( أو بدليله ) وهو الكون في دار الإسلام
قوله ( وألزمه زفر بها ) وكذا الإمام الشافعي وأحمد رضي الله عنهم
قوله ( دليل وجود الصانع الخ ) اعتقاد الوجود لا يكفي في الإيمان إذ من يعتقد الشركة يعتقد الوجود وهو كافر فلا بد من اعتقاد الوحدة والقدرة والإرادة والعلم والحياة فليحرر
خاتمة من لا يدري كمية الفوائت يعمل بأكبر رأيه فإن لم يكن له رأي يقض حتى يتيقن أنه لم يبق عليه شيء ومن قضى صلاة عمره مع أنه لم يفته شيء منها احتياطا قيل يكره وقيل لا لأن كثيرا من السلف قد فعل ذلك لكن لا يقضي في وقت تكره فيه النافلة والأفضل أن يقرأ في الأخيرتين السورة مع الفاتحة لأنها نوافل من وجه فلأن يقرأ الفاتحة والسورة في أربع الفرض على احتماله أولى من أن يدع الواجب في النفل ويقنت في الوتر ويقعد قدر التشهد في ثالثته ثم يصلي ركعة رابعة فإن كان وترا فقد أداه وإن لم يكن فقد صلى التطوع أربعا ولا يضره القعود وكذا يصلي المغرب أربعا بثلاث قعدات والاشتغال بقضاء الفوائت أولى وأهم من النوافل إلا السنة المعروفة وصلاة الضحى وصلاة التسبيح والصلاة التي وردت في الأخبار فتلك بنية النفل وغيرها بنية القضاء كذا في المضمرات عن الظهيرية وفتاوى الحجة ومراده بالسنة المعروفة المؤكدة وقوله وغيرها بنية القضاء مراده به أن ينوي القضاء إذا أراد فعل غير ما ذكر فإنه الأولى بل المتعين ولو شك أنه صلى أم لا والوقت باق أعاد لأن سبب الوجوب قائم والأداء فيه شك وإن خرج الوقت ثم شك فلا شيء عليه لأن سبب الوجوب قد فات وعدم الأداء فيه شك أي والظاهر من حال المسلم أداء الصلاة في وقتها وفيه تأمل وإن شك في نقصان الصلاة أنه ترك ركعة أم لا فإن لم يفرغ من الصلاة فعليه إتمامها ويقعد في كل ركعة وإن شك بعدما فرغ لا شيء عليه كذا في البحر والله سبحان وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب إدراك الفريضة أي إدراك الشخص الفريضة مع الإمام والأصل فيه أن نقص العبادة قصد العبادة قصدا بلا عذر حرام وان النقص للإكمال إكمال لأنه وإن كان نقصا صورة فهو إكمال معنى واعتبار المعاني أولى من اعتبار الصور كهدم المسجد لتجديده وكنقص سجود من رفع رأسه لشوك أصاب جبهته فلم يتمكن من السجود ثم وضعه حيث لم يعد ذلك سجدتين وأما إذا كان النقص لعارض شرعي فتارة يجوز وتارة يجب وقد تقدم مستوفى قوله : ( وغيره ) عطف على إدراك فحق هذا الباب أن يلقب بمسائل شتى كما في الفتح قوله : ( في أداء فرض أو قضائه ) أخرج به النفل فإنه لا يقطعه بالإقامة بل يتمه شفعا لأن القطع فيه إبطال لا إكمال قوله : ( أو قضائه ) أي قضاء الفرض الذي أقيم لأنه إكمال لها والتعليل بأن القضاء معصية فلا يظهرها لا يطرد وأما لو كان قضاء فرض غير المقام فلا يقطعه لأنه إبطال من كل وجه قوله : ( أو في نفل وحضرت جنازة ) فإنه يقطع النفل لأنه معقب للقضاء بخلاف الجنازة لو اختار تفويتها كان لا إلى خلف كذا في الفتح قوله : ( أو منذور ) هذا يخالف ما في البحر عن الخلاصة شرع في قضاءالفوائت
____________________
(1/290)
ثم أقيمت لا يقطع كالنفل والمنذور كالفائتة اه إلا أن يحمل قوله فأقيمت الجماعة أي جماعة أداء الفرض وقضائه والمنذور كما إذا نذر صلاة ركعتين فنذر جماعة هذا النذر بعينه فصلى إحداهما منفردا فأقام الجماعة هذا النذر فله أن يقطع ويقتدي لأنه إكمال وإنما صورناه بما ذكر لأن النذر المختلف كالفرض المختلف لا يجوز فيه الإقتداء كما مر وقول السيد لا يصح التوزيع في كلام المصنف بالنظر إلى القضاء لأنه بالاقتداء أظهر معضية التأخير وينبغي سترها ولأنه يلزم استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد وهو لا يجوز منظور فيه لما قدمناه من أن العلة الأولى غير مطردة وليس هنا مشترك استعمل في معان بل قوله : فأقيمت الجماعة تحته جزئيات ثلاثة لا معان ثلاثة وتلك الجزئيات جماعة الأداء وجماعة القضاء وجماعة النذر فليتأمل قوله : ( في محل أدائه ) فلو أقيمت في المسجد وهو في البيت أو كان في مسجده فأقيمت في آخر لا يقطع مطلقا كما في الشرح وغيره وفيه أنهم صرحوا بطلب الجماعة في مسجد إن فاتته فيما هو فيه وإن الجماعة واجبة ولم تقيد بمسجده وأن القطع للإكمال فلا يظهر فرق حينئذ قوله : ( بأن أحرم الخ ) تصوير لقوله فأقيمت قوله : ( لا مجرد الشروع في الإقامة ) فإنه لو أخذ المؤذن في الإقامة والرجل لم يقيد الركعة الأولى بالسجدة فإنه يتم ركعتين بلا خلاف منلا مسكين وفيه أن مدة الإقامة يسيرة جدا لا يتأتى فيها التقييد والإتمام إلا نادرا قوله : ( قطع بتسليمه قائما ) في القهستاني ومجمع الأنهر أطلق في القطع فشمل القطع بسلام أو غيره سواء كان قائما أو راكعا أو ساجدا هو الصحيح وقيل لو كان قائما يسلم تسليمه وقيل : تسليمتين وقيل : يقعد ويتشهد ويل لا يتشهد ثم يسلم في الصورتين اه والمراد بهما هذه وما ذكر في المصنف بعدها ولم يبين المصنف حكم هذا القطع والاقتداء وعبارة الدر تفيد الجواز لأنه شبهه بالجائز فقال : يقطعها العذر إحراز الجماعة كما لو ندت دابته أو فار قدرها الخ ثم قال : ويجب القطع لنحو إنجاز غريق قوله : ( من رباعية ) أي فريضة رباعية لأنه يمكن الجمع بين الفضيلتين وقيد بها لأنها لو كانت ثنائية أو ثلاثية لا يتم الركعتين لما يأتي قوله : ( الذي لا يخشى فوت جنازة ) الظاهر أن المراد خشية فوت جميعها فلو كان يعلم إدارك البعض لا يقطع ويحرر قوله : ( وهو بمحل الرفض ) أي ما دون الركعة ولذا يتابع المسبوق الإمام في سجود السهو قبل التقييد بسجدة ولو قام المصلي للخامسة له رفض القيام ويعود إلى القعدة فعلم أن الشرع جعل له ولاية الرفض قبل التقييد بسجدة أفاد في الشرح قوله : ( لا يحنث بما دون الركعة ) لأنه لا يسمي صلاة قوله : ( والجنازة الخ ) هذا مرتبط بقوله : أو في نفل وحضرت جنازة يخشى فواتها وإنما ذكره لأن الجواب السابق لا يظهر هنا قوله : ( ولو غير رباعية ) الأليق بالمبالغة ولو رباعية لأن الرباعية إذا أتم ركعتين منها لا تكون فرضا بخلاف غير الرباعية قوله : ( مطلقا ) سواء كان مع الإمام أو منفردا قوله : ( للأكثر حكم الكل ) ففيه شبهة الفراغ وحقيقته لا تحتمل النقض فكذا شبهته ذكره السيد عن الدرر قوله : ( لمنع التنفل بالبتيراء ) يحتمل أن المراد بالمنع عدم الصحة لا الكراهة فقط ويحتمل الكراهة قال صاحب البحر : وتصريح المشايخ هنا بوجوب الإتمام أي إتمام الركعتين فيما إذا سجد في الرباعية صيانة للمؤدى عن البطلان صريح في أن الركعة الواحدة باطلة لا مكروهة فقط وتبعه أخوه في النهر وقال بعض حنفية عصرهما لا تبطل لأن من اقتدى بالإمام في
____________________
(1/291)
المغرب متنفلاوسلم مع الإمام لا تفسد ووجهه أن الركعة الواحدة موجودة في ضمن الثلاث فإذا صح التنفل بالثلاث فكذا بالواحدة وقد يقال هذا قياس مع الفارق لأن جواز التنفل بثلاث ركعات لشبهه بالوتر وهو نفل عندهما ولا كذلك الركعة الواحدة إذ لو كانت تصح بالقعدة لما قالوا فيمن صلى ركعة من الرباعي أتم شفعا ولما عللوه بالبطلان بل كان يكفي أن يقال ومن سجد في رباعي قعد للركعة ثم قطع واقتدى ولأنه يغتفر ضمنا ما لا يغتفر قصدا أو يؤيد ما ذكرنا في البرهان عن ابن مسعود رضي الله عنه ما أجزأت ركعة قط وجعل السيد في شرحه كلام صاحب البحر مبنيا على القول بفساد الإقتداء في المغرب متنفلا إذا سلم معه وكلام معاصريه مبنيا على القول بعدم الفساد وهو مروي عن بشر المريسي والبتيراء تصغير البتراء سميت به لإنقطاعها عن الأخرى قوله : ( بإضافة رابعة ) متعلق بمخالفة وفي شرح السيد وان شرع في المغرب أتم أربعا لأن مخالفة الإمام أخف من مخالفة السنة اه قوله : ( لتصير الركعتان له نافلة ) بالإجماع وأما قول محمد بطلان الوصف يستلزم بطلان الأصل فهو فيما إذا لم يتمكن من إخراج نفسه من عهدة المضي كما إذا قيد خامسة الظهر بسجدة ولم يكن قعد للأخيرة أما إذا متمكنا من المضي لكن أذن له الشرع في عدمه فلا يبطل أصلها بل تبقى نفلا إذا ضم الثانية كذا في الفتح قوله : ( لتنقلب نفلا ) بترك قيام الرابعة قوله : ( اقتدى متنفلا ان شاء ) قال في البحر : عن الحاوي القدسي : أنه يدرك بهذه النافلة فضيلة الجماعة وكراهة التنفل بجماعة خارج رمضان إنما هو إذا كان الإمام والقوم متنفلين على سبيل التداعي اه ولم يبين ما المراد بالجماعة التي أدرك فضلها هل هي فضيلة الفرض أو النفل وهو الظاهر لأنه لم ينو الفرض قوله : ( لأنه أمر به ) أي بالنفل قوله : ( نصا ) أي نصا معينا أنه نفل بقوله : واجعلا صلاتكما معهم سبحة روي أنه لما فرغ من الظهر رأى رجلين في أخريات الصفوف لم يصليا معه فقال : علي بهما فأتيا وفرائصهما ترتعد فقال على رسلكما : فإني ابن امرأة كانت تأكل القديد ثم قال : ما لكما لم تصليا معنا فقالا : كنا صلينا في رحالنا فقال إذا صليتما الخ قوله : ( ولأن المؤداة لم تقع فرضا ) أي القعدة المؤداة لم تقع فرضا وركعها لما انقلبتا نفلا لم يكن لهما بد من العقدة المفروضة ثم على هذا القول قيل يعيد التشهد ثانيا وقيل يكفيه التشهد الأول ويسلم تسليمتين وقيل : واحدة قوله : ( لجمعه بين المصلحتين ) مصلحة الاستماع ومصلحة أداء السنة بعد أداء الفرض ومصلحة أداء الفرض على الوجه الأكمل والإتيان بالسنة بعده قوله : ( قضى السنة ) إطلاق القضاء عليها مجاز قوله : ( مع ما بعده ) أي من السنة جرى على أحد قولين في قضاء السنة القبلية هل هي قبل البعدية أو بعده وصحح كل قوله : ( والأداء على وجه أكمل ) فإن ادراكه من أوله مع الإمام أكمل من إداركه بعد قوله : ( لأنها كصلاة واحدة ) وليس القطع للإكمال بل للإبطال صورة ومعنى إذ فيه إبطال وصف السنة لا إكمالها قوله : ( قلت : وإلا كمال الخ ) استفيد منه أن المراد من قوله : فخرج الخطيب خطب الخطيب فأطلق السبب وأراد المسبب وهذا البحث لم أره لغيره قوله : ( لأنه ليس حالة استماع خطبة ) أي لأن حال اشتغال المرقى الخ قوله : ( وإليه يرشد ) أي إلى هذا البحث قوله : ( تعليل شمس الأئمة ) المشار إليه بقول المؤلف فلا يفوت فرض الاستماع إلخ قوله : ( ولا يشتغل عنه
____________________
(1/292)
بالسنة ) أي عن الاقتداءقوله : ( ولو في المسجد بعيدا عن الصف ) أي يشترط في كونه يأتي بسنة الفجر إذا أخذ المؤذن في الإقامة أن يأتي بها عند باب المسجد فإن لم يجد مكانا تركها لأن في الإتيان بها في المسجد حينئذ مخالفة الجماعة فتكره وترك المكروه مقدم على فعل السنة غير أن الكراهة تتفاوت فإن كان الإمام في الصيفي فصلاته إياها في الشتوي أخف من صلاتها في الصيفي وأشدها كراهة أن يصليها مخالطا للصف كذا في الفتح ويليه في الكراهة أن يكون خلف الصف من غير حائل قوله : ( لما قدمناه في سنة الفجر ) من الأخبار الدالة على فضلها قوله : ( والأفضل فعلهما في البيت ) لأنه كان يصليهما في البيت وأنكر على من صلاهما في المسجد كذا في الشرح قوله : ( أي سنته ) بالنصب تفسير للركعتين قوله : ( ويقل المنازع ) كذا في النسخ التي رأيتها وكذا في الشرح ولعل المراد الأمر المنازع فيه فهو من الإسناد إلى السبب وفي القاموس التنازع التخاصم والتناول قوله : ( فعلهما أول طلوع الفجر ) لأن السبب قد وجد كذا في الشرح قوله : ( وقيل بقرب الفريضة ) لأنها تبع لها ويقرأ في الأولى بعد الفاتحة قل يا أيها الكافرون وفي الثانية الإخلاص روى ذلك أبو هريرة عنه وروي عن الغزالي قراءة ألم نشرح في الركعة الأولى وألم تر كيف في الثانية فإنه يكفي الألم فلو جمع بين ما ورد وبينه يكون حسنا ولا يكره هذا الجمع لاتساع أمر النفل قوله : ( صلاة المرء الخ ) من ثمه قال في الداية : الأفضل في عامة السنن والنوافل المنزل اه إلا أن يخشى أن يشغل عنها إذا رجع وقال بعضهم : إن الركعتين بعد الظهر والمغرب يؤديهما في المسجد لا ما سواهما وبه أفتى الفقيه أبو جعفر قوله : ( وقال الخ ) مثله قوله : صلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة وصلاة في مسجدي بألف صلاة وفي بيت المقدس بخمسمائة صلاة أخرجه البيهقي قوله : ( وإن لم يأمن فوت الإمام الخ ) قال المؤلف في حاشية الدرر : الذي تحرر عندي أنه يأتي بالسنة إذا كان يدركه ولو في التشهد بالاتفاق فيما بين محمد وشيخيه ولا يتقيد بإدراك ركعة وتفريع الخلاف هنا على خلافهم في مدرك تشهد الجمعة غير ظاهر لأن المدار هنا على إدراك فضل الجماعة وهو حاصل بإدراك التشهد بالاتفاق نص على الاتفاق الكمال لا كما ظنه بعضم من أنه لم يحرز فضلاه عند محمد لقوله في مدرك : أقل الركعة الثانية من الجمعة لم يدرك الجمعة حتى يبني عليها الظهر بل قوله هنا كقولهما من أنه يحرز ثوابها وإن لم يقل في الجمعة كذلك احتياطا لأن الجماعة شرطها ولهذا اتفقوا على أنه لو حلف لا يصلي الظهر جماعة فأدرك ركعة لا يحنث وإن أدرك فضلها نص عليه محمد كذا في الهداية ذكره السيد قوله : ( تركها ) أفاد به أنه لم يشرع فيها فلو شرع أتمها مطلقا لأن القطع حينئذ للإبطال قوله : ( وقال محمد رحمه الله تقضى منفردة إلخ ) قيل : لا خلاف بينهم في الحقيقة لأنهما يقولان : ليس عليه القضاء وإن فعل لا بأس به ومحمد يقول : أحب إلي أن يقضي وإن لم يفعل لا شيء عليه قوله : ( ولا بعد الزوال اتفاقا ) أي على الصحيح وقيل : يقضيها تبعا بعده ولا يقضيها مقصودا إجماعا كما في الكافي وغاية البيان قوله : ( وقضى السنة الخ ) إطلاق القضاء على ما ليس بواجب مجازا للمشاكلة ولهذا كان الأولى أن ينوي السنة لا القضاء قهستاني قوله : ( في الصحيح ) وقيل : لا تقضي أصلا لأن المواظبة عليها إنما ثبتت قبل الفرض قوله : ( في وقته ) وقال بعض المشايخ : انها تقضي بعد أي الوقت إذا فاتت معه
____________________
(1/293)
لأنه كم من شيء ثبت تبعاوإن لم يثبت قصداكذا في الشرح قوله : ( قبل صلاة شفعة ) لأن الأربع متقدمة على الركعتين لتقدمها على الفرض المتقدم عليهما وقد تعذر التقديم على الفرض ولم يتعذر على السنة فتقدم الأربع كذا في شرح المجمع قوله : ( لحديث عائشة الخ ) ولئلا يفوتهما أيضا عن موضعهما قصدا بلا ضرورة قوله : ( ولا مانع الخ ) قال السيد في شرحه : والتقييد بالتي قبل الظهر وكذا الجمعة كما في الدر للاحتراز عن التي قبل العشاء لأنها مندوبة فلا تقضى أصلا وكذا التي قبل العصر بل أولى لكراهة التنفل بعده اه ولو قال المصنف : ولا مانع من قضاء التي قبل العشاء بعدها لكان أوضح وأخصر قوله : ( بل أدرك فضلها ) وهو المضاعفة وفي شرح المقدسي عن الاتقاني : المسبوق يدرك ثواب الجماعة لكن لا كثواب مدرك أول الصلاة مع الإمام لفوات التكبيرة الأولى اه قوله : ( فإذا حلف الخ ) فرض المثال هنا نفيا وفيما قبله إثباتا إشارة إلى أنه لا فرق بين الإثبات والنفي في الحكم قوله : ( اختار شمس الأئمة الخ ) يضعف قوله باتفاقهم في باب الأيمان أن لو حلف لا يأكل هذا الرغيف لا يحنث إلا بأكل كله وأن الأكثر لا يقوم مقام الكل قوله : ( يحنث بإدراكه في التشهد ) فذكر الركعة في الكافي وغيره ليس احترازيا واعلم أن ذكر هذه المسألة محله كتاب الأيمان وإنما ذكرت هنا لبيان أنه لا تلازم بين إدراك الفضل وإدراك الجماعة قوله : ( ويتطوع قبل الفرض الخ ) هذه العبارة تدل على التخيير في الفعل وهو إنما يظهر في غير المؤكد أما المأكد فيأتي به من غير تخيير ان أمن فوت الوقت أفاده السيد وفي البحر وإن لم تكن مؤكدة فإن كانت من المستحبات استحب الإتيان بها وإلا فهو مخير وقد يقال أن المراد في كلامه الجواز المطلق لا مستوى الطرفين فيلاقي المؤكدة والمستحبة قوله : ( إن أمن فوت الوقت الخ ) لو أبدله بقوله : إن أمن فوت الجماعة لكان أولى لأنه إذا علم الترك عند خوف فوت الجماعة فلأن يعلم عند خوف فوت الوقت بالطريق الأولى أفاده السيد قوله : ( ولو منفردا ) وصل بقوله ويتطوع وقيل : إنما يأتي بالمؤكدة ان صلى بجماعة وإن كان منفردا يخير فيها لعدم نقل المواظبة عنه في غير الأداء بجماعة والأول أصح قاله السيد قوله : ( فإنها شرعت ) أي فإن السنة كما صرح به في الشرح وهذا لا يظهر في غير المؤكد قوله : ( والمنفرد في ذلك أحوج ) لنقصان صلاته من وجه واسم الإشارة يرجع إلى قطع طمع الشيطان وفيه أن المنفرد وغيره في ذلك سواء ولا يظهر ذلك إلا في المكمل للنقص قوله : ( وهو أحوط ) أي إتيان المنفرد بالسنن فالضمير يرجع إلى معلوم من المقام قوله : ( لتكميل نقصها في حقنا ) قد يقال ان التكميل إنما يكون لشيء قد نقص وحينئذ فلا يكون إلا في البعدية فتكمل ما نقص من الفرض ويمكن أن يقال أنه بعد صلاة الفرض ناقصا يكمل ولو بما فعل قبله والأثر يدل عليه فإنه ورد أنه إذا وجد في صلاة الشخص خلل يقوم الحق تعالى : انظروا ما له من النوافل فإن وجد كمل به خللها وهذا يعم القبلية قوله : ( فزيادة الدرجات الأولى زيادة لام التعليل يحتمل أنه خبر مبتدأ محذوف وتقدير الكلام فالعلة فيه زيادة الدرجات ) قوله : ( بفوت الوقت ) الأولى حذف الباء لأن المنسبك مفعول يأمن وهو يتعدى بنفسه قوله : ( أو الجماعة ) بركعة في غير الفجر كذا في الشرح قوله : ( لأن الإشتغال بما يفوت الأداء ) أي أصل الأداء بالنسبة للوقت أو الأداء الكامل بالنظر لفوات الجماعة والمراد بما يفوت
____________________
(1/294)
الجماعة ما يفوتها ولم يأذن الشرع بتفويتها له وإلا فيجوز كما إذا كانت النجاسة مانعة وكما فعله في حفر الخندق قوله : ( اتفاقا ) فإن الإمام الشافعي يحكم بفسادها بقليل النجاسة قوله : ( فكبر ) أي قائما فلو كبر منحنيا إن كان إلى الركوع أقرب لا يصح شروعه وظاهر ذلك ولو كان في النفل الذي لا يشترط له القيام كما تفيده عبارة الزاهدي لأنه ليس بافتتاح قائما ولا قاعدا وقوله : راكعا احترز به عما لو أدركه في القيام ولم يركع معه فإنه يصير مدركا لها فيكون لاحقا فيأتي بها قبل الفراغ سيد عن الدر قوله : ( أو لم يقف بل انحط بمجرد إحرامه فرفع الإمام رأسه ) بحيث لم تتحقق مشاركته له فيه فإنه يصح اقتداؤه ولكنه لم يدرك الركعة حيث لم يدركه في جزء من الركوع قبل رفع رأسه منه وقيل : إذا شرع في الانحطاط وشرع الإمام في الرفع فقد أدركه في الركوع أضا ويعتد بتلك الركعة وقيل : إذا شاركه في الرفع قبل أن يستتم قائما يعتد بها وإن قل وقل : لا يصير مدركا تلك الركعة ما لم يشارك الإمام في الركوع كله وقيل في مقدار تسبيحة قال ابن أمير حاج : والأول أوجه وقال الحلبي : هو الأصح لأن الشرط المشاركة في جزء من الركوع وإن قل والحاصل أنه إذا وصل إلى حد الركوع قبل أن يخرج الإمام من حد الركوع فقد أدرك معه الركعة وإلا فلا كما يفيده أثر ابن عمر كذا في الحلبي من صفة الصلاة وإنما ذكرنا هذه الأقاويل لأن الناس يقع منهم الاقتداء في الركوع كثيرا من غير إدراك جزء منه ويعتدون به فهم في ذلك موافقون لبعض أقوال العلماء قوله : ( فرفع الإمام رأسه ) مراده أنه رفع قبل أن يشاركه المؤتم في جزء من الركوع وإلا فظاهر التعبير بالفاء أن الرفع تحقق بعد الإنحطاط وحينئذ تحقق المشاركة فتكون الصلاة صحيحة قوله : ( كما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما ) ولفظه إذا أدركت الإمام راكعا فركعت قبل أن يرفع رأسه فقد أدركت الركعة وإن رفع قبل أن تركع فقد فاتتك الركعة اه والكاف في كما ورد بمعنى لام التعليل قوله : ( ولا يشترط تكبيرتان للإحرام والركوع ) الذي في الفتح ومدرك الإمام في الركوع لا يحتاج إلى تكبيرتين خلافا لبعضهم اه وهي أولى من عبارة المصنف وفي ابن أمير حاج عن التتمة والخانية والمحيط هذا بخلاف مدركه في السجود والقعود فإنه يكبر للافتتاح وأخرى للإنحطاط اه ولعل وجهه قربه في الأول من الركوع فأغنت تكبيرة الإفتتاح التي في القيام عن تكبيرة ما قرب منه ولا كذلك التكبيرة للانحطاط المذكور قوله : ( ولغت نيته ) فتقع للافتتاح لأن الركن في محله لا يتغير بالقصد كذا في الفتح وفي البحر لو أدركه في الركوع تحرى إن كان أكبر رأيه أنه لو أتى بالثناء أدركه في شيء من الركوع أتى به وإلا لا والأصح أنه لا يأتي به بعد شروع الإمام في القراءة ولو سرية اه قوله : ( وإذا وجد الإمام ساجدا تجب مشاركته فيه ) ظاهر عبارته الوجوب وإن قصد الركوع ففاته ويؤيده حديث أبي داود عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله : إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوه شيئا ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة اه وعبارة الشرح يجب على المقتدي إذا فاته الركوع متابعة الإمام في السجود وإن لم يحسب له من الصلاة وإن لم يتابعه ووقف حتى قام ثم تابعه في بقية الصلاة وقضى ما فاته من الركعات بعد فراغ الإمام تجوز صلاته لأنه يصلي تلك الركعة الفائتة بسجدتيها اه قوله : ( وإن لم يشاركه إلا في الثانية ) أي السجدة الثانية دون الأولى قوله : ( وزيادته لا تضر ) أي ضرر الفساد وإن كان يكره لأنه انفراد عن الإمام
____________________
(1/295)
بعد الإقتداء به قوله : ( فما وجد ) أي من القيام والقراءة من المؤتم قوله : ( لا يكون معتبرا ) لأنه في حال بقاء الإمام في صلاته مقتد به فلا يعتبر ما فعله حال الاقتداء في حال انفراده لقضاء ما سبق به قوله : ( وهو آفة ) أي عند الإمام الأعظم قوله : ( وكره ) أي تحريما للنهي عنه بقوله : لا تبادروني بالركوع والسجود قوله : ( لوجود المشاركة والمسابقة ) تعليل للصحة والكراهة على سبيل النشر المرتب قوله : ( فيلزمه أن يركع بعده ثانيا ) أي قبل المتابعة له فيما هو فيه لأنه لاحق وان أخره إلى ما بعد فراغ الإمام صح وكره كما هو حكم اللاحق ومثله يقال في مسألة السجود المذكورة بعد قوله : ( روي عن أبي حنيفة الخ ) وقياس ما تقدم أي في مسألة المصنف أنه يجزيه لأن ركوع المقتدي اعتبروا لحال أن الإمام لم يفرغ من قراءته فلم يأت أوانه في حقه ولو اعتبرنا هذه الرواية هنا لحكمنا ببطلان صلاته ثم هذا لا يتأتى على المشهود من مذهب الإمام أن الرفع من الركوع سنة فإذا تركه الإمام لا تفسد صلاته وإن كان قبل أوانه المسنون فمقتضاه أن يقال في المأموم كذلك قوله : ( تكون عن الأولى ) ترجيحا لجانب المتابعة فقوله بعد ترجيحا للمتابعة تعليل لهذه أيضا قوله : ( كما لو نواها ) أي الأولى ومثله لو نوى السجدة التي فيها الإمام قوله : ( فإن أدركه الإمام فيها صحت ) وإلا أعادها بعد وإلا فسدت كما تقدم في الركوع قوله : ( وعلى قياس المروي عن الإمام ) أي الذي ذكره قريبا بقوله روي عن الإمام أبي حنيفة لا يجزيه قوله : ( قبل رفع الإمام ) أي من الركوع قوله : ( يجب أن لا يجوز ) أي السجود الثاني من المؤتم ولو أدرك فيه الإمام لكون المؤتم فعله قبل أوانه قوله : ( وكره خروجه ) أي تحريما للنهي بالحديث المذكور قوله : ( أذن فيه ) المراد به دخول الوقت أذن فيه أو لا لا فرق بين ما إذا أذن وهو فيه أو دخل بعد الأذان قاله السيد عن النهر : لأنه لا يصدق على الأخير أنه خرج من المسجد بعد النداء من غير صلاة فيه أيضا قوله : ( كإمام ) قيده في الكبير وشرح السيد وغيرهما بإمام تتفرق الناس بغيبته فيفيد أنه لو لم يكن بهذه المثابة لا يخرج والظاهر أن المؤذن إذا كان من يقوم مقامه عند غيبته يكره له الخروج أيضا قوله : ( لأنه تكميل معنى ) أي كهذه الصلاة بسبب ما يضاف إليه من زيادة الثواب الذي خرج لتحصيله وإن كان تركا صورة والعبرة للمعاني قوله : ( لا يكره ) أي الخروج وإن كره ترك الجماعة لأن من صلى وحده ارتكب الكراهة بحر قوله : ( إذا أقيمت ) فيكره لمن صلى وحده الخروج إلا لمقيم جماعة أخرى فلا يكره له الخروج عندهما كما في صدر الشريعة والحموي عن البرجندي قوله : ( يتهم ) الذي في الشرح لأنه وإن أجاب الداعي لكن يتهم بمخالفة الجماعة عيانا أو ربما يظن أنه لا يرى جواز الصلاة خلف أهل السنة كما يزعم الشيعة والخوارج وهو الأولى وفي نسخة لئلا يتهم والمعنى عليه وقوله : كالخوارج مثال للمنفي قوله : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ) أي إيمانا كاملا أي من كان يريد الإيمان الكامل قوله : ( فلا يقفن الخ ) لأنه أبرأ لدينه وعرضه وأمنع للناس من الوقوع في المحرمات قوله : ( لكراهة النفل ) أي بعد الصبح والعصر وفي النهر ينبغي أن يجب خروجه لأن كراهة مكثه بلا صلاة أشد قوله : ( والمخالفة في المغرب ) أي بإتمام الرابعة ولم يعرج على التنفل بها لأنه باطل على قول الجمهور والذي يظهر أن ما في الدر عن القهستاني من أن كراهة النفل بالثلاث تنزيهية وما في المضمرات لو اقتدى فيه لا مبنى على رواية بشر المريسي من صحة الإقتداء في الثلاث متنفلا قوله : ( فيها ) أي المغرب من غير إتمام وقوله في ظاهر الرواية مقابله ما روي عن بشر المريسي قوله : ( وإتمامها أربعا أولى
____________________
(1/296)
من موافقته ) لأن مخالفته أهون من مخالفة السنة لأنها مخالفة بعد الفراغ ويصير كالمقيم إذا اقتدى بمسافر وكالمسبوق كذا في الشرح قوله : ( فيقضي أربعا ) لأنها لزمته باقتدائه في ثلاث ركعات قوله : ( قيل : معناه لا يصلي ركعتان بقراءة وركعتان بغير قراءة ) فيكون بيانا لفرض القراءة في ركعات النفل كلها كذا في الشرح قوله : ( وقيل نهوا عن الإعادة لطلب الأجر ) قد تقدم ما يفيد الطلب في غير وقت مكروه وهو غير المشهور قوله : ( بمجرد توهم الفساد ) بذكر الفساد هنا والخلل أي النقص غير المفسد في الاحتمال الأخير يرتفع التكرار قوله : ( على الهيئة الأولى ) أي بأذان وإقامة أما مجرد تكرارهما بغير أذان أو بهما في المسجد الجامع أو مسجد الحي لأهله فلا كراهة وقد تقدم والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب سجود السهو المراد جنس السجود فيعم السجدتين فالإضافة للجنس ويحتمل كونها للعهد والمعهود هو ما ورد من السجدتين والسهو والشك والنسيان واحد عند الفقهاء أي من حيث الحكم والظن الطرف الراجح والوهم الطرف المرجوح در وفي السراج النسيان عزوب الشيء عن النفس بعد حضوره والسهو قد يكون عما كان الإنسان عالما به وعما لا يكون عالما به كذا في البحر وذكر بعضهم أن النسيان يكون عما أزيل من الحافظة بحيث لا يتحصل إلا بكسب جديد والسهو ما يتحصل بالتذكر قوله : ( من إضافة الحكم إلى السبب ) الأصل أن الشيء إذا أضيف إلى شيء يكون المضاف إليه سببا للمضاف إلا إذا دل الدليل على خلافه كصدقة الفطر وحجة الإسلام فإنها فيهما من الإضافة إلى الشرط فالإضافة في الأول لشرط الوجوب وفي الثاني لشرط الصحة وشرطه صحة ووجوبا أن يكون المتروك واجبا وتأدية السجود بشرائط الصلاة وأن لا يسلم متذكرا ركنا وأن لا يطرأ عليه ما يمنع البناء ومنه طرو الوقت الناقص وليس من شرطه أن يسلم قاصدا له اه قوله : ( وهو لا يكون إلا واجبا ) لأن الفائت موصوف بالوجوب قوله : ( أنه يرفع الواجب الخ ) أي فيعادان بعد فعله أي ولولا أنه واجب لما رفعهما قوله : ( لأنها ركن ) أي فهي أقوى منه والشيء لا يرفع ما هو أقوى منه قوله : ( صحت صلاته مع النقصان ) لأن الواجب إعادة السلام والتشهد وقد تركهما قوله : ( فكل يرفع القعود ) أما السجدة الصلبية فهي أقوى من القعدة لكونها ركنا والقعدة لختم الأركان فلا تعتبر إلا بعد تمام الأركان وبدون السجدة الصلبية لا تتم وأما سجدة التلاوة فلأنها أثر القراءة فيعطي لها حكمها وقيل ان سجدة التلاوة لا ترفع القعدة لأنها واجبة فلا ترفع الفرض واختاره شمس الأئمة والأول أصح وهو المختار وهو أصح الروايتين واختلف الترجيح في ارتفاض القعدة بقراءة التشهد بعدما كان تركه ساهيا وقعد قدر التشهد فعلى القول بالرفض تكون القعدة التي قرأ فيها التشهد هي الفرض وعلى القول بعدمه تكون واجبة لأداء التشهد والصحيح أن الصلاة صحيحة ويجب سجود السهو قوله : ( فيفترض إعادته ) ويجب إعادة التشهد والسلام قوله : ( ويجب ) لا حاجة إليه للاستغناء عنه بكلام المصنف قوله : ( سجدتان ) كسجدتين الصلاة يجلس
____________________
(1/297)
بينهما مفترشاويكبر في الوضع والرفع ويأتي فيهما بتسبيح السجود وكل ذلك مسنون وعن بعضهم يندب أن يقول سبحان من لا ينام ولا يسهو وهو لائق بالحال فيجمع بينه وبين التسبح فلو اقتصر على سجدة واحدة لا يكون آتيا بالواجب ولا شيء عليه إن كان ساهيا وإن تعمده يأثم وفي البحر لو سها في سجود السهو لا يسجد لهذا السهو وفي المضمرات لو سها في سجود السهو عمل بالتحري ولا يجب عليه سجود السهو لئلا يلزم التسلسل ولأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع وحكي أن محمد بن الحسن قال للكسائي ابن خالته لم لا تشتغل بالفقه فقال : من أحكم علما يهديه إلى سائر العلوم فقال محمد أنا ألقي عليك شيئا من مسائل القفه فتخرج لي جوابه من النحو قال : نعم فقال : محمد ما تقول فيمن سها في سجود السهو فتفكر ساعة ثم قال : لا سهو عليه فقال من أي باب من النحو أخرجت هذا الجواب فقال من باب أن المصغر لا يصغر فتعجب من فطنته اه قوله : ( وعمل به الأكابر ) أي فلم يكن منسوخا والمقصود إقامة الدليل على من قال بغير ذلك قوله : ( بتشهد وتسليم ) هما واجبان بعد سجود السهود لأن الأولين ارتفعا بالسجود قوله : ( بالصلاة على النبي ) الباء للتعدية قال فخر الإسلام : انه اختاره عامة أهل النظر من مشايخنا وهو المختار عندنا وذكر قاضيخان وظهير الدين أن الأحوط الإتيان بذلك في القعدتين واختاره الطحاوي وقيل عندهما يصلي في الأولى وعند محمد في الثانية وفي المفيد قولهما أصح قوله : ( لترك واجب ) أي من واجبات الصلاة الأصلية فخرج واجب ترتيب التلاوة واختلف في تأخير سجود التلاوة عن التلاوة وجزم في التجنيس بعدم وجوب السهو فيه لأنه ليس بواجب أصلي في الصلاة ولا يجب بترك التسمية على ظاهر المذهب وجزم الزيلعي بوجوب السهو لها ويجب بترك آية من الفاتحة عند الإمام وبترك أكثرالفاتحة عندهما وبه جزم في الفتح تبعا للمحيط ومن الواجب تقديم الفاتحة على السورة وأن لا يؤخر السورة عنها بمقدار أداء ركن فلو بدأ بآية من السورة ثم تذكر الفاتحة يقرؤها ويعيد السورة ويسجد للسهو لتأخير الواجب عن محله ولو كرر الفاتحة أو بعضها في إحدى الأوليين قبل السورة سجد للسهو ولو ترك السورة فتذكرها في الركوع أو بعد الرفع منه قبل السجود فإنه يعود ويقرأ السورة ويعيد الركوع وعليه السهو لأنه بقراءة السورة وقعت فرضا فيرتفض الركوع حتى لو لم يعده فسدت صلاته وكذا إذا قرأ السورة وسها عن الفاتحة ثم تذكر فإنه يعود ويقرأ الفاتحة ويعيد السورة ويعيد الركوع وعليه السهو لما قلنا بخلاف ما لو تذكر القنوت في الركوع فإنه لا يعود ولا يقنت فيه لفوات محله ولو عاد وقنت لم يرتفض ركوعه لأن القنوت لا يقع فرضا فلا يرتفض به الفرض ويسجد للسهو على كل حال ليترك الواجب أو تأخيره ولو قرأ آية في الركوع أو السجود أو القومة فعليه السهو ولو قرأ في القعود ان قرأ قبل التشهد في القعدتين فعليه السهو لترك واجب الابتداء بالتشهد أول الجلوس وإن قرأ بعد التشهد فإن كان في الأول فعليه السهو لتأخير الواجب وهو وصل القيام بالفراغ من التشهد وإن كان في الأخير فلا سهو عليه لعدم ترك واجب لأنه موسع له في الدعاء والثناء بعده فيه والقراءة تشتمل عليهما ولو قرأ التشهد مرتين في القعدة الأخيرة أو تشهد قائما أو راكعا أو ساجدا لا سهو عليه منية المصلي لكن إن قرأ في قيام الأولى قبل الفاتحة أو في الثانية بعد السورة أو في الأخيرتين
____________________
(1/298)
مطلقالا سهو عليه وإن قرأ في الأوليين بعد الفاتحة والسورة أو في الثانية قبل الفاتحة وجب عليه السجود لأنه أخر واجبا وإيضاحه في ابن أمير حاج ولو ترك التشهد في القعدتين أو بعضه لزمه السجود في ظاهر الرواية لأنه ذكر واحد منظوم فترك بعضه كترك كله ومنها قنوت الوتر وتكبيرته فلو تركها وجب السهو على ما رجحه في البحر ومنها جهر الإمام فيما يجهر فيه والإسرار في محله مطلقا واختلف في القدر الموجب للسهو والأصح أنه قدر ما تجوز به الصلاة في الفصلين لأن اليسير من الجهر والإخفاء لا يمكن الاحتراز عنه وما روي من أنه كان يسمع الآية أحيانا في السرية فهو لبيان أن القراءة مشروعة فيما يسمع فيه ورده في الفتح بأن القراءة معلومة قبل ذلك لأنه كان يجهر بالقراءة في الصلوات كلها حتى نزل قوله تعالى : { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها } الإسراء : 71 فتعين أن ذلك لبيان الجواز أي بيان جواز الجهر بهذا القدر لأن الاحتراز عن الجهر بالكلية متعسر لا سيما عند مبادىء التنفسات فإنه غالبا يظهر الصوت اه قال شرف الأئمة لا خلاف أنه لو جهر بأكثر الفاتحة فيما يخافت ثم ذكر يتمها سرا ولو خافت بأكثرها فيما يجهر قال شمس الأئمة : قياس مسائل الجامع أنه يؤمر بالإعادة وقد نصوا أن وجوب الإسرار مختص بالقراءة فلو جهر بالأذكار والأدعية ولو تشهدا لا سهو عليه وعلم بما ذكرناه صور التقديم والتأخير والزيادة والنقص قوله : ( لما روينا ) من أنه سجد سجدتين للسهو قوله : ( وإن تكرر ) سواء كان من جنس أو من جنسين فلا يجب عليه أكثر من سجدتين بالإجماع ولا يرد ما لو سجد للسهو ثم تذكر سجدة تلاوة أو صلبية فإنه يسجد للمتروكة ثم يعيد سجود السهو فقد تكرر سجود السهو في صلاة واحدة حقيقة وحكما لأنا نقول : هذا ليس بتكرار وإنما أعيد لرفعه بالعود إلى التلاوية أو الصلبية لتبين أن سجوده الأول لم يكن في محله كذا في البحر قوله : ( ووجب عليه إعادة الصلاة ) فإن لم يعدها حتى خرج الوقت سقطت عنه مع كراهة التحريم هذا هو المعتمد قوله : ( لأنه أقوى ) أي لأن العمد أقوى من السهو ولا ينجبر الأقوى بجابر الأضعف قوله : ( لا في ثلاث ) يزاد ما لو صلى على النبي في القعود الأول عمدا ما إذا ترك الفاتحة عمدا قوله : ( أو تأخيره سجدة من الركعة الأولى ) الأولى تعبير بعضهم حيث قال أواخر إحدى سجدتي ركعة إلى ما بعدها عمدا قوله : ( ذاك سجود العذر ) أي السجود الذي يفعل للإعتذار عما وقع منه قوله : ( وقيل يجب فعله بعد السلام ) فعليه لا يجوز قبله لتأديته قبل وقته كذا في الشرح قوله : ( ما رويناه ) من أنه سجد بعد التسليم وهو لا يقتضي السنية بل يحتمل الوجوب وعبارة الشرح وجه الظاهر أن فعله حصل في محل مجتهد فيه فلم يحكم بفساده إذ المعنى المعقول من شرعيته وهو الجبر لا ينتفي بوقوعه قبل السلام ولكنه خلاف السنة عندنا لما رويناه قال في الهداية : والخلاف في الأولوية ولا خلاف في الجواز قبل السلام وبعده لصحة الحديث فيهما وهو ظاهر الرواية والترجيح لما قلنا من جهة المعنى وهو أن السلام واجب فيقدم على سجود السهو قياسا على غيره من الواجبات ولأنه لو سها عن السلام يمكنه السجود فلو شك أنه صلى ثلاثا وأربعا فشغله ذلك حتى آخر السلام وجب عليه سجود السهو فلو قدم السهو لترك واجب آخر ثم سجد لما ذكر تكرر السجود وان لم يسجد بقي نقص لازم غير مجبور فاستحب أن يؤخر بعد السلام لهذا المجوز قوله : ( وهو الأضمن للاحياط ) يعني أن الاحتياط فيه أكثرقال في الشرح عن الخبازية والفقه
____________________
(1/299)
فيه أن التسليمة الأولى تحليل وتحية والثانية تحية لأنه أي التحليل يقع بالأولى ولهذا لا يصح الإقتداء به بعد الأولى ولو قهقه بعد الأولى لا تنتقض طهارته فكان الأحوط السجود قبل السلام الثاني قوله : ( والأحسن ) معطوف على الأضمن ووجه الاحسنية أنه المعهود لا السلام تلقاء الوجه قوله : ( لأن ذلك ) أي التسليمة الثانية بمنزلة الكلام أي فلا يأتي بالسهو بعده لوجود المنافي قوله : ( ويأتي بتسليمتين هو الصحيح ) أيده العلامة خسرو بما لا مزيد عليه قوله : ( والمنع ) عطف على أن الأحوط أي منع شيخ الإسلام خواهر زاده قوله : ( فكان الأعدل الأصح ) أي فكان القول بأنه بعد تسليمة واحدة عن يمينه أعدل الأقوال وأصحها أما كونه أعدل فلأنه متوسط بين قولي من قال : انه قبل التسلمي ومن قال : انه بعد التسليمتين وأما كونه أصح فلقوله سابقا لأنه المعهود قوله : ( كره تنزيها ) إلا إذا كان تابعا لإمام يراه على المعتمد قوله : ( لأنه مجتهد فيه ) أي لأن بعض المجتهدين قال به : وهو الإمام الشافعي والإمام مالك في النقصان والإمام أحمد في خصوص ما فعله النبي قوله : ( فكان جائزا ) والمكروه تنزيها من الجائز أي وحيث قال به بعض المجتهدين وكان جائزا فقد صادف محلا في الجملة قوله : ( ولم يقل أحد بتكرار ) مرتبط بقوله : ولا يعيده أي لأنها تؤدي إلى تكرار سجود السهو ولم يقل أحد بتكراره قوله : ( لفوات شرط الصحة ) لأنه بالسجود يعود لحرمة الصلاة وقد فات شرط صحتها بخروج الوقت في الجمعة والعيدين وطلوع الشمس في الفجر كذا في الشرح وهذا يقتضي أنه يسجد للسهو في الجمعة والعيدين إذا بقي وقتهما وهو أحد قولين والمصنف فيما يأتي قال : ولا يأتي الإمام بسجود السهو في الجمعة والعيدين أفاد السيد قوله : ( تحرزا عن المكروه ) علة لما قبله فقط قوله : ( وعمل مناف ) كقهقهة وأكل وكلام وفي القهستاني يشترط أن لا يوجد بعد السلام تطاول المدة وفي الدر ولو نسي السهو أو سجدة صلبية أو تلاوية يلزم ذلك ما دام في المسجد اه يعني ولم يأت بمناف فإن وجد منه مناف أو خروج من المسجد قبل قضاء ما نسيه فسدت صلاته إن كان ما عليه سجدة صلبية قوله : ( لفوات الشرط ) أي شرط صحة الصلاة وهو علة لقوله : وبسقط الذي قدره قوله : ( ويلزم المأموم السجود الخ ) عم كلامه المدرك والمسبوق واللاحق فإنه يلزمهم لسهو إمامهم غير أن اللاحق إذا انتبه لا يتابعه فيه بل يبدأ بما فاته ثم يسجد للسهو ولو تابعه فيه لا يعتد به لأنه في غير محله بخلاف المسبوق والمقيم خلف المسافر حيث يتابعانه فيه ثم يشتغلان بالإتمام قوله : ( أو اقتدى به بعدهما ) بأن اقتدى به في تشهد السهو وهو عطف على تركهما قوله : ( لا بسهوه ) في الكلام إشارة إلى أن اللاحق إذا سها فيما يقضي لا يسجد أيضا لأنه مقتد حكما قوله : ( كان مخالفا لإمامه ) وهو منهي عنه لقوله لا تختلفوا على أئمتكم قوله : ( يرفع عنكم سهوكم وقراءتكم ) قرن رفع السهو برفع القراءة ليفيد أنه لا كما إثم على المؤتم بترك القراءة فكذا لا إثم عليه بترك السهو بل هو الواجب عليه وقال في النهر : مقتضى كلامهم أنه يعيدها لثبوت الكراهة مع تعذر الجابر وقد علمت مفاد الحديث أفاده بعض الأفاضل قوله : ( ثم يقوم لقضاء ما سبق به ) أتى بثم ليفيد تراخي القيام عن سلام الإمام قوله : ( واللاحق ) عطف على المسبوق أي ويسجد اللاحق بعد إتمام صلاة نفسه ولو تابعه لا يعتد به لأنه في غير محله قوله : ( بقدر ما يعلم أنه لا سهو عليه ) وذلك بتسليم الإمام الثانية
____________________
(1/300)
على الأصح أو بعدهما بشيء قليل بناء على ما صححه في الهداية فليتأمل قوله : ( وله أن يقوم إلخ ) قد يقال أنه إذا لم يقم تفسد الصلاة في كل الصور إلا في ضرورة مرور الناس ومقتضاه وجوب القيام لا جوازه فليحرر قوله : ( بعد قعوده ) أي قعود نفسه قدر التشهد أي قدر قراءة التشهد بأسرع لفظ وإن لم يتم الإمام التشهد بالفعل بأن ترسل فيه قوله : ( خوف مضى الخ ) بدل من مواضع والمراد به غلبة الظن قوله : ( وجمعة وعيد وفجر ) معطوفات على ذي قوله : ( ومرور ) عطف على قوله مضى مدة قوله : ( إلى قضاء ما سبق به ) مرتبط بقوله أن يقوم وذلك من ارتكاب أخف الضررين قوله : ( وتكراره ) مبتدأ وقوله باعتبار ان صلاته الخ خبره وقوله وإن لم يشرع اعتراض قوله : ( لأنه مفرد فيما يقضيه ) أي ومقتد بالإمام فيما أدركه فيه فكانت بهذين الاعتبارين كصلاتين قوله : ( كفاه سجدتان ) وينتظم ما كان مع الإمام قوله : ( وإن سلم مع الأمام الخ ) سواء في ذلك تسليمة التحليل الأولى وتسليم سجود السهو ولظهور العلة في ذلك وقوله : وإن سلم بعده أي بعد سلام الإمام من سجود السهو فقط أما سلامه بعد سلام الإمام الأول من الصلاة فلا يلزم به سهو لأنه لما سجد للسهو معه عاد إلى الاقتداء ولا سهو على المقتدي فتأمل فيه كله قوله : ( أي لا يسجد اللاحق ) أي إذا سها فيما يفعله قوله : ( وهو من الطائفة الأولى ) مرتبط بقوله : وخوف وإما إذا كان من الطائفة الثانية فإنه مسبوق يتابع الإمام في سهوه وإذا سها في القضاء سجد له فرع : لو تابعه المسبوق ثم تبين أن لا سهو عليه إن علم أن لا سهو على إمامه فسدت وإن لم يعلم أنه لم يكن عليه فلا تفسد وهو المختار كذا في المحيط قوله : ( الأصح لزوم سجود السهو ) وهو أصح الروايتين وصححه في البدائع قوله : ( لأنه صار منفردا ) أي ولم يكن مقتديا لا يقدر صلاته معه قوله : ( عشر مرات ) بل أكثر بتعدد التلاوية على الإمام والمأموم قوله : ( وبسط في الأصل ) قال فيه : بأن أدرك الإمام في تشهد المغرب الأول وتشهد معه في الثانية وكان عليه سهو فسجده وتشهد معه في الثالثة وتذكر الإمام سجدة تلاوة فسجد معه وتشهد الرابعة وسجد للسهو وتشهد معه الخامسة فإذا سلم قام إلى قضاء ما فاته فصلى ركعة وتشهد السادسة ويصلي ركعة أخرى ويتشهد السابعة وكان قد سها فيما يقضي فيسجد ويتشهد الثامنة ثم تذكر أنه قرأ آية سجدة في قضائه فيسجد لها ويتشهد التاسعة ثم يسجد للسهو ويتشهد العاشرة اه قوله : ( ولا يأتي الإمام بسجود السهو في الجمعة والعيدين ) أي والمأموم كذلك لأنه تابع له وظاهره كراهة الإتيان به فيها والظاهر أنها تنزيهية لا تحريمية وإن كانت العلة ربما تشعر با وذلك لأن البعض يقول بالإتيان به فتأمل قوله : ( دفعا للفتنة ) أي افتتان الناس وكثرة الهرج قوله : ( بكثرة الجماعة ) الباء للسببية وهي متعلقة بقوله : للفتنة وأخذ العلامة الواني من هذه السببية أن عدم السجود مقيد بما إذا حضر جمع كثير أما إذا لم يحضروا فالظاهر السجود لعدم الداعي إلى الترك وهو التشويش اه قوله : ( وبطلان صلاة من يرى لزوم المتابعة ) عطف على قوله الفتنة والأوضح أن يقال وبطلان الصلاة على قول من يرى الخ قوله : ( وفساد ) عطف على قوله لزوم من عطف اللازم على ملزومه والضمير في تركه راجع إلى سجود السهود يعني والبعض قد يتركه فتفسد صلاته على هذا القول قوله : ( ومن سها عن القعود الأول ) لم يبين حكم ما إذا تركه عامدا هل يعود وقد بين حكم
____________________
(1/301)
العمد في القعدة الأخيرة كما سيأتي قوله : ( وكان إماما أو منفردا ) سيأتي حكم المقتدي قوله : ( من الفرض ) سيأتي له حكم النقل قوله : ( لصريح قوله الخ ) وليؤديها على وجهها مطلقا سواء كان إلى القعود أقرب أو لم يكن مع كون ظهره منحنيا قوله : ( لحكم المتابعة ) هي واجبة في الواجب فريضة في الفرض كما استظهره صاحب النهر قوله : ( وكل نفل صلاة ) الأولى أن يقول وكل شفع الخ وأطلق في النفل فعم المؤكدة وغيرها قوله : ( وقعودها فرض ) أي قعود الصلاة التي على حدة فرض فيكون رفض الفرض لمكان فرض فيجوز ما لم يسجد للثالثة كذا في الشرح وفيه أنه إنما يكون فرضا إذا قعده أما إذا تركه وبنى عليه شفعا كان واجبا حتى لا تكون الصلاة فاسدة والحاصل أن القعود غير الأخير محتمل لكونه فرضا إن فعله وواجبا إن تركه فلكل من القولين وجه فتأمل قوله : ( وهو إلى القيام أقرب الخ ) ظاهره أنه إن لم يستو قائما يجب عليه العود ثم يفصل في سجود السهو فإن كان إلى القيام أقرب سجد له وإن كان إلى القعود أقرب لا فحكم السجود متعلق بالقرب وعدمه وحكم العود متعلق بالاستواء وعدمه والذي في كلام غيره انهما متعلقان بالاستواء وعدمه أو بالقرب من القيام وعدمه وعلى الأول إن عاد قبل أن يستوي قائما ولو كان إلى القيام أقرب لا سهو عليه لقوله : إذا استتم أحدكم قائما فليصل وليسجد سجدتي السهو وإن لم يستتم قائما فليجلس ولا سهو عليه رواه الطحاوي وعليه فيكون هذا التفصيل الذي ذكره بعد إنما هو على ما اختاره صاحب الهداية والكنز أنه كان إلى القيام أقرب لا يعود وإلا عاد قوله : ( مع انحناء الظهر ) قيد به لأنه لو اعتدل فيه كان قائما فيمتنع العود بالأولى قوله : ( بانعدام استواء النصف الأسفل ) إنما كان إلى القعود أقرب لأنه لا يعده قائما في هذه الحالة لا حقيقة ولا عرفانا ولا شرعا لأنه لو قرأ وركع وسجد في هذه الحالة من غير عذر لا يجوز لأنه ليس بقائم كما في الحلبي قوله : ( في الأصح وعليه الأكثر ) وفي الولواجية المختار وجوب السجود لأنه بقدر ما اشتغل بالقيام صار مؤخرا واجبا وجب وصله بما قبله من الركن فصار تاركا للواجب فيجب سجود السهو وفي قاضيخان في رواية إذا قام على ركبتيه لينهض يقعد وعليه السهو ويستوي فيه القعدة الأولى والثانية وعليه الاعتماد اه من الشرح والسيد قلت الأحوط وجوب السجود لاختلاف التصحيح قوله : ( وأرجحهما عدم الفساد ) قد بالغ في المنتقى في رد القول بالفساد وجعله غلطا لأنه تأخير لا رفض ثم لو عاد بعد القيام قيل يتشهد لأنه عاد إلى ما كان من حقه أن يفعله والصحيح أنه لا يتشهد بل يقوم في الحال ولا ينتقض قيامه بعود لم يؤمر به كما في القهستاني فصار كما لو قرأ الفاتحة وسورة ثم ركع ثم رفع رأسه وقرأ سورة أخرى حيث لا ينتقض ركوعه كما في ابن أمير حاج وفي القنية لو عاد الإمام لا يعود معه القوم تحقيقا للمخالفة في غير المأمور به وقيل : يعودون كما في الحلبي ثم انه يجب عليه سجود السهو لترك القعود وتأخير القيام بقدر العود قوله : ( لأن زيادة ما دون ركعة ) علة لقوله : لا يخل وأما كونه لا يحل لكونه زاد فيها ما ليس منها وقوله : وقد يقال : أراد به نفي عدم الحل كأنه يقول : ان هذا النقص للقيام الذي منه زيادة ليس بحرام لأن هذا النقص للإكمال قوله : ( وان سها عن القعود الأخير قوله : ( أي كله أو بعضه والمراد ما كان آخر صلاته سبق بأول أو لا فدخل الثنائي قال في السراج لا يختص هذا الحكم بالسهو وبل كذلك لو قام إلى
____________________
(1/302)
الخامسة مثلا عامدا إلا أنه في العمد يأثم أي وينبغي إعادتها جبرا وفي السهو يسجد وسواء في ذلك الفرض والنفل قوله : ( ما لم يسجد ) العبرة للإمام حتى لو عاد قبل أن يسجد ولم يعلم به القوم حتى سجدوا لم تفسد صلاتهم لأنه لما عاد الإمام ارتفض ركوعه فيرتفض ركوع القوم أيضا تبعا له فبقي لهم زيادة سجدة وهي غير مفسدة ما لم يتعمد والسجود وبها يلغز أي مصل ترك القعود الأخير وقيد الخامسة بسجدة ولم يبطل فرضه كذا في الدر وغيره وإن سجد الإمام بطلت صلاة المؤتم أيضا سواء قعد قبل تقييد إمامه بالسجود أو لم يقعد وسواء كان مدركا أو مسبوقا والمراد بقوله ما لم يسجد أي بعد الركوع وأما إذا سجد بدون ركوع فإنه يعود لعدم الاعتداد بهذا السجود لأن ما دون الركعة محل الرفض قوله : ( لإصلاح صلاته ) علة للمعلول وهو عاد مع علته وهي قوله للاستحكام الخ قوله : ( وبه وردت السنة ) أي بالعود قوله : ( عاد إلخ ) بدل من السنة قوله : ( ثم عاد كذلك ) أي فقد يسيرا وهو العود الثاني وما بعده العود الثالث قوله : ( فتم به ) أي بالعود الأخير قوله : ( وسجد للسهو ) سواء كان إلى القيام أقرب أو إلى القعود أقرب بخلاف السهو عن القعود الأول ففيه التفضيل على أحد قولين قوله : ( لتأخيره فرض القعود ) أي عن اتصاله بالرفع من السجود قوله : ( للزائدة على الفرض ) وهي الخامسة في الرباعي والرابعة في الثلاثي والثالثة في الثنائي قوله : ( صار فرضه نفلا ) عندهما ولم يبطل أصلا لأن عدم الوصف لا يستلزم عدم الموصوف وقال محمد : تبطل أصلا ووصفا لأن التحريمة عقدت للفرض قصدا أو لأصل الصلاة ضمنا فإذا بطل الفرض بطل ما في ضمنه والحاصل أنه إذا رفع رأسه من السجود بطلت صلاته أصلا ووصفا عند محمد وهو غير المفتى به وإذا لم يرفع رأسه من السجدة وسبقه حدث فيها على قول أبي يوسف فسد وصف صلاته فيبنى على أنها نفل وعلى قولمحمد عليه أن يتدارك فرضه لرجوعه إلى القعدة ولا يبطل لعدم الإتيان بركعة عنده إذ لا تتم عنده إلا بالرفع من السجود ولم يحصل وهو المفتى به هنا فتأمل قوله : ( وهو المختار للفتوى ) أي يفتى به في عدم بطلان الفرض بمجرد الوضع لإمكان صحة صلاته بعوده إلى العقدة إذا سبقه الحدث في السجدة ولا يفي ببطلانه أصلا ووصفا بالرفع قوله : ( لأنه سجود كامل ) وذلك لأن السجود اسم لوضع الجبهة على الأرض وقد حصل فمن شرط الرفع فقد زاد على النص بالرأي أي نص يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا وحكي أن أبا يوسف لما أخبر بجواب محمد قال زه صلاة فسدت يصلحها الحدث وزه بكسر الزاي وسكون الهاء بوزن قف كلمة استعجاب إلا أنها هنا للانكار وإنما قال ذلك أبو يوسف لغيظ لحقه من محمد بسبب أن محمد أمر بمسجد قد خرب وراثت فيه الدواب وبالت فيه الكلاب فقال هذا مسجد أبي يوسف لأن مثل هذا يبقى مسجدا عنده إلى يوم القيامة لكون الوقف تحريرا عنده فالمعنى هذا ما يقول أبو يوسف بأنه مسجد وعند محمد يعود إلى ملك الواقف إن كان حيا وإلا إلى ورثته كما في السراج قوله : ( بالانتقال عنه ) ولهذا لو سبقه الحدث ينتقض الركن الذي أحدث فيه ويلزمه إعادته إذا بنى ولو تم بالوضع لما انتقض بالحدث وكذا لو سجد المؤتم قبل إمامه فأدركه إمامه في السجود أجزأه ولو تم بنفس الوضع لما جازت صلاته لأن كل ركن سبق به المؤتم إمامه لا يعتد به قوله : ( يبني ) أي يعود إلى القعدة ويبني على الفريضة لا عند أبي يوسف أي لا
____________________
(1/303)
يبني على أنها فرض فلا ينافي أنه يبني على أنها نافلة لأن أصل الصلاة باق عنده قوله : ( إن شاء ) وإن شاء سلم على الخامسة ولا شيء عليه فيصير متنفلا بخمس ركعات وترا وصلاته غير مضمونة عند علمائنا الثلاثة حتى لو أفسدها لا شيء عليها نص عليه غير واحد من أهل المذهب ثم الضم إنما يظهر على قولهما أما على قول محمد فلا يضم ولا يصح الاقتداء به لبطلان التحريمة مطلقا عنده قوله : ( قبله ) أي قبل أدائه وإذا كان يقضي عصرا أو ظهرا بعد العصر فلا يكره لأن المكروه بعده النفل القصدي لا الضمني قوله : ( فبالظن أولى ) الأولى أن يقول فغير القصدي أولى لأنه لم يشرع ظانا للنفل قوله : ( ولا كراهة في الضم فيهما ) بضمير التثنية كما يدل عليه تفسير المؤلف ولو أفرده لكان أولى لأن المغرب لا ضم فيها كما قال وسكت عن المغرب الخ أو أنه يعد ضاما باعتبار ما بعد السجدة الأولى فإنه في الثانية والتشهد قصد الضم وقال العلامة السيد تغمده الله برحمته لا محل لهذه الجملة هنا بل يتعين تأخيرها عن قوله : وإن قعد الأخير أي لأنه قال أولا وضم سادسة فدل على أنه لا كرهة فيه وكلام المؤلف متنا وشرحا يفيد أن هذا متعلق بما قبل القعود ولا شك أن فيه ضما قوله : ( كراهة التنفل بالبتيراء ) تقدم أنه أحد قولين قوله : ( وكراهة الضم للوقت ) هذا لأنه يكره التنفل بعد طلوع الفجر بغير سنته ويكره التنفل بعد غروب الشمس بل صلاة المغرب قوله : ( فتقاوما ) أي الكراهتان فتساقطا فصار كالمباح قوله : ( في هذا الضم ) في للسببية قوله : ( لزمه ست ركعات في التي كانت رباعية ) وسكت عن غير الرباعية وهي الفجر والمغرب وقياسه أن يلزمه أربع قوله : ( بخلاف ما إذا عاد الإمام إلى القعود ) أي قبل التقييد بسجدة قوله : ( كأن لم يقم ) أي إلى الخامسة قوله : ( بمحل الرفض ) إنما زاد الباء ليفيد أنه قد يرفض وقد لا يرفض بخلاف ما لو حذفها فانه يفيد أنها محل الرفض دائما قوله : ( لأن السنة التسليم جالسا ) أي في الصلاة المطلقة من غير عذر قوله : ( وضم استحبابا الخ ) سواء كان في وقت كراهة أو لا في الأصح وما قيل أنه لا يضم في وقت كراهة كوقت العصر والصبح ضعيف ذكره الحموي وفي السيد عن النهر ينبغي أن يكون محل الخلاف ما إذا لم يكن وقت كراهة فإن كان لم يندب ولم يجب وهل يكره الأصح لا وعليه الفتوى قوله : ( وقيل : وجوبا ) الظاهر الاستحباب لأنه لو قطعه لم يلزمه القضاء لأنه مظنون كذا في الشرح قوله : ( ولا تنوب عن سنة الفرض ) أي البعدية قوله : ( لأنه استحكم خروجه عن الفرض ) فصار كتحريمة مبدأة ولو أفسدها على نفسه قضى ركعتين فقط قوله : ( وعليه الفتوى ) أي في لزوم الركعتين وأما في لزوم الست فالمصحح قول محمد قوله : ( وسجد للسهو ) راجع للمسألتين جميعا أما الأولى وهي ما إذا عاد وسلم قبل أن يسجد فظاهر لما ذكره المؤلف وأما الثانية وهي ما إذا لم يعد حتى سجد فالقياس أن لا يسجد لأنه في صلاة غير التي سها فيها ومن سها في صلاة لا يسجد في الأخرى وفي الاستحسان يسجد وسببه نقصان تمكن في النفل بالدخول فيه على غير الوجه الواجب إذ الواجب فيه أن يكون بتحريمة مبتدأة وهذه للفرض وقد انقطعت بالانتقال إلى النفل ومراعاة حدود النفل على المباشر واجبة وإن لم يكن النفل واجبا وهذا عند أبي يوسف وعند محمد سببه نقصان تمكن في الفرض بترك واجب
____________________
(1/304)
السلام ولا نقصان في النفل لأنه بنى على التحريمة الأولى وهي لم تنقطع لأنها اشتملت على الأصل والوصف وبالانتقال إلى النفل ينقطع الوصف للمنافاة بين وصفي الفرض والنفل دون الأصل فبقي الإحرام في حق الأصل على ما كان وذهب أبو بكر بن أبي سعيد إلى أن سبب هذا السجود نقصان تمكن في الإحرام فحينئذ يكون لكل من الفرض والنفل حظ من النقص والجبر ونص الشيخ أبو منصور الماتريدي على أنه الأصح قوله : ( لم يبن شفعا آخر عليه استحبابا ) استظهر صاحب البحر أن البناء مكروه تحريما لأنه لا يخلو إما أن يبطل سجود السهو لوقوعه في وسط الصلاة أو لا يبطل وكل ذلك غير مشروع أما الأول فلأنه إبطال عمل وهو حرام بالنص وأما الثاني فللزوم وقوع سجود السهو في خلال الصلاة وهو لم يشرع إلا في آخرها إذا علمت ما ذكر مع ظهوره يكون عدم البناء واجبا لا مستحبا قوله : ( بلا ضرورة ) أما إذا وجدت الضرورة كمسألة المسافر الآتية فيتعين البناء لصحة صلاته وقيد بالنقل لأنه في الفرض مكروه مطلقا بسهو وبدون سهو فيعلم حكمه بالطريق الأولى قوله : ( في المختار ) وهو الأصح وقيل لا يعيده لأنه حين وقع وقع جائزا فيعتد به عنه وبه أخذ الفقيه أبو جعفر قوله : ( يبني ) أي لزوما تصحيحا لفرضه لأنه لو لم يبن لبطلت صلاته كلها لتحول فرضه إلى الأربع بنية الإقامة فإبطال السجود أهون من إبطال الصلاة ومن ابتلي ببليتين وجب أن يختار أقلهما محظورا كما في غاية البيان قوله : ( لأنه آخر صلاته ) الأليق بآخر الكلام لأنه آخر الصلاة له قوله : ( وثمرته بصحة ) الأولى أن يقول وثمرة صحة الخ بحذف الواو من قوله : وفي انتقاض الخ قوله : ( عندهما ) أي محمد وزفر فيصح الاقتداء مطلقا عندهما سجد أو لم يسجد قوله : ( وفي انتفاض الطهارة بقهقهته ) فتنتقض عند محمد وزفر لا عند الشيخين ويسقط سجود السهو عند الكل لفوات حرمة الصلاة قوله : ( لا تبطله ) أي لا تبطل المشروع قوله : ( ولا تعتبر مع سلام الخ ) جواب عما ورد على قول لأن مجرد نية تغيير المشروع الخ من أن النية هنا لم تكن مجردة وإنما قارنها عمل وهو السلام وحاصل الجواب أن النية إنما تعتبر مع عمل مستحق عليه وهذا غير مستحق عليه كذا يفاد من الشرح وما أجاب به ابن أمير حاج مباين له وهو أولى منه وحاصله أن النية المقرونة بالعمل إنما تعتبر إذا كان ذلك العمل غير واجب عليه وقت اقترانه بها والسلام ليس كذلك فإنه واجب عليه وقت اقتران النية به ليتمكن من سجود السهو فلا تعمل نيته لأنها مجردة عن العمل على هذا فكأنه لم يوجد عمل أصلا قوله : ( وهو ذكر ) دفع به ما عساه يتوهم من سقوط السجود بطرو مانع الكلام وحاصل جوابه أنه ذكر والذكر غير مانع قوله : ( أو فرض ) من عطف العام قوله : ( متذكرا ) حال من الضمير في عليه قوله : ( لوجوده في حقيقة الصلاة ) أي لوجود السلام العمد في حقيقة الصلاة لأنه تخلل فرائضها بخلاف المسألة السابقة فإن السلام وجد عند تمام حقيقتها وفي شرح السيد ولو نسي السهو أو سجدة صلبية أو تلاوية يلزمه ذلك ما دام في المسجد أي ولم يوجد منه مناف فإن وجد منه مناف أو خرج من المسجد قبل قضاء ما نسيه فسدت صلاته إن كان عليه سجدة صلبية اه قوله : ( وتفريعاته مبسوطة في الأصل ) منها لو سلم وعليه تلاوية وسهوية وهو غير ذاكر لهما أو ذاكرا للسهو فقط لا يعد سلامه قاطعا فيسجد للتلاوة ثم يتشهد لرفعها القعود ويسلم ثم يسجد للسهو
____________________
(1/305)
ويتشهد لرفعه التشهدويسلم وإن سلم وكان ذاكرا لهما أو للتلاوية فقط كان قاطعا وسقطت عنه التلاوية والسهو لامتناع البناء بسبب القطع إلا إذا تذكر أنه لم يتشهد ويسجد للتلاوة وصلاته تامة اه قوله : ( الوهم رجحان جهة الخطأ ) الذي في القاموس أنه مرجوح طرفي المتردد فيه والظن التردد الراجح بين طرفي الاعتقاد الغير الجازم اه والمصنف خالفه من جهة أنه جعل الوهم الرجحان وهو جعله المرجوح فعليه يكون رجحان جهة الخطأ ظنا لا وهما وأما قوله والظن رجحان جهة الصواب ففيه مخالفة أيضا لأن صاحب القاموس جعله التردد الراجح وأراد المتردد فيه بدليل قول الراجح والمصنف جعله نفس الرجحان وإذا تأملت تجد تفسير الظن بالطرف الراجح والوهم بالطرف المرجوح على ما هو مشهور تفسيرا في الحقيقة للمظنون والموهوم لا تفسيرا لهما بالمعنى الصدري ولعل المصنف عبر بالرجحان في جانب الوهم ليفيد أنه ليس المراد بالوهم الطرف المرجوح بل الطرف الراجح حتى لو لم يترجح عنده ما خطر بباله أنه أتمها وسلم كان بمنزلة السلام للقطع فيكون كالقسم الثاني قوله : ( أو علم أنه ترك سجدة صلبية ) أي وقد سلم ساهيا عنها وإلا فسلامه مفسدا وأما التلاوة إذا لم فيها عامدا سقطت ولا يعود إليها ولا فساد قوله : ( أتمها بفعل ما تركه ) حاصل المسألة أنه إذا سلم ساهيا على الركعتين مثلا وهو في مكانه ولم يصرف وجهه عن القبلة ولم يأت بمناف عاد إلى الصلاة من غير تحريمة وبنى على ما مضى وأتم ما عليه ولو اقتدى به إنسان في هذه الحالة صح وأما إذا انصرف وجهه عن القبلة فإن كان في المسجد ولم يأت بمناف فكذلك لأن المسجد كله في حكم مكان واحد لأنه مكان الصلاة وإن كان قد خرج من المسجد ثم تذكر لا يعود وفسدت صلاته وإن كان في الصحراء فإن تذكر قبل أن يجاوز الصفوف خلفه أو يمنة أو يسرة عاد إلى الإتمام أيضا وإلا فلا وإن مشى أمامه فالأصح أنه إن جاوز موضع سجوده لا يعود وهو الأصح لأن ذلك القدر في حكم خروجه من المسجد وهذا إذا لم يكن بين يديه سترة فإن كان يعود ما لم يجاوزها لأن داخل السترة في حكم المسجد وتمامه في شرح العيني على البخاري قوله : ( وسجد للسهو ) لما روي أنه فعل كذلك في حديث ذي اليدين المتفق عليه وسماه به النبي لما أنه كان في يديه طول واسمه الخرباق بن عمرو وكان سلامه على رأس الركعتين من صلاة الظهر أو العصر شك من الراوي وما قيل انها العشاء وهم وما حصل في ذلك من الكلام والتحول عن القبلة منسوخ لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمل في مثل هذ الحادثة بخلاف عمله فأعاد صلاته فلولا ثبت عنده انتساخ ذلك لما عمل بخلاف عمل النبي وكان ذلك بمحضر من الأصحاب الذين شهدوا ذلك ولم ينكر عليه أحد فصار إجماعا منهم ومعنى قوله في الحديث : لم أنس ولم تقصر أي لم يكن شيء من ذلك في ظني بل ظن أني أكملت الصلاة أربعا ومن قال : ناسيا لم أفعل كذا وكان قد فعل فهو غير كاذب وفي السيد عن شرح المشارق في الحديث ما يدل على جواز السهو على الأنبياء وقالت طائفة لا يجوز لأنه غفلة وهم منزهون عنها والجواب أن السهو ممتنع عليهم في الإخبار عن الله تعالى بالأحكام وغيرها لأنه هو الذي قامت عليه المعجزة وفيما ليس سبيله البلاغ يجوز وسهو نبينا كان لمقام شغله عن الصلاة بالله وفي هذا المعنى قيل :
____________________
(1/306)
يا سائلي عن رسول الله كيف سها والسهو من كل قلب غافل لاهي قد غاب عن كل شيء سره فسها عما سوى الله فالتعظيم لله قوله : ( أو نحوه ) بالرفع عطفا على مسافر فإن من صلى الظهر وظن أنه جمعة نحو المسافر وكذا يقال في باقيها قوله : ( كأن ظن أن الظهر جمعة ) أو كان قريب عهد بالإسلام فظن أن الرباعي ثنائي أو كان في صلاة العشاء فظنها التراويح فإنها تبطل في هذه الصور لأنه سلم مع علمه بالقدر المؤدي والسلام العمد يقطع الصلاة بخلاف الأولى فإنه سلم على توهم الإتمام وقيل : ان السلام العمد لا يفسد حتى يقصد خطاب آدمي به وعليه فلا تفسد في هذه المسائل وهو ضعيف قوله : ( زائدا عن التشهد ) أي الأول أو الثاني سواء كان بعد الفراغ من الصلاة والأدعية أو قبلهما قوله : ( وجب عليه سجود السهو ) إذا شغله التفكر عن أداء واجب بقدر ركن أو شغله عن الوضوء بعد سبق الحدث لشكه أنه صلى ثلاثا أو أربعا يجب السهو وإلا فلا كذا في الشرح ولم يبينوا قدر الركن وعلى قياس ما تقدم أن يعتبر الركن مع سنته وهو مقدر بثلاث تسبيحات ثم أن محل وجوب سجود السهو إذا لم يشتغل حالة الشك بقراءة ولا تسبيح أما إذا اشتغل بهما فلا سهو عليه وظاهر إطلاقهم عدم الوجوب عند الإشتغال بما ذكر ولو كان غير محل لهما ويحرر قوله : ( لتأخيره واجب القيام ) الأولى زيادة أو لتأخير واجب السلام قوله : ( لكونه عفوا ) لأن التحرز عن مثله فيه حرج والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم فصل في الشك ليس المراد به هنا ما هو العرفي من تساوي النقيضين بل اللغوي وهو عدم اليقين قهستاني لأن الفصل معقود لما هو أعم ولا ينافيه قوله بعد وهو تساوي الطرفين لأنه في صورة البطلان والمراد بالشك فيهما حقيقته قوله : ( في عدد ركعاتها ) احترز به عما لو شك في غيره كمن صلى ركعة من الظهر ثم شك في الثانية أنه في العصر ثم شك في الثالثة أنه في التطوع ثم شك في الرابعة أنه في الظهر قالوا : يكون في الظهر ولا عبرة بالشك وفي الفتاوى لو شك في تكبيرة الافتتاح فأعاد التكبير والثناء ثم تذكر كان عليه السهو ولا تكون الثانية استقبالا وقطعا للأولى اه وظاهر التقييد بقوله : ثم تذكر أنه إذا لم يتذكر أنه كبر أولا لا سهو عليه قوله : ( بعد بلوغه ) لم يعين حكم شك غير البالغ هل تجري فيه الصور المذكورة والظاهر نعم ويحرر قوله : ( في هذه الصلاة ) أي بعينها فلو شك في الظهر مثلا استأنف ثم إذا شرع وشك فيها أيضا لا يعيد ويجري فيها الحكم الآتي قوله : ( وذهب الإمام السرخسي الخ ) تظهر الثمرة فيمن شك في صلاة أول مرة واستقبل ثم بعد سنين سها فعلى قول السرخسي يستأنف لأن الشك لم يكن عادته وإنما حصل له مرة واحدة قبل هذه وهي إنما ثبتت بالمعاودة مرتين فأكثر لأنها مشتقة منها وكذا على قول ابن الفضل لأنه أول سهو وقع له في تلك الصلاة وعلى قول أكثر المشايخ لا يستأنف بحر قوله : ( فحكمه ) أي حكم من لم يكن الشك عادة له قوله : ( فلذا قال ) أي لا تحاد الحكم فيما ذكر قوله : ( أو كان الشك غير عادة له فيه أنه جمع بين قولين متباينين فلم يدر ما الذي اعتمده قوله
____________________
(1/307)
فليستقبل الصلاة ) الاستقبال لا يتصور إلا بالخروج عن الأولى وذلك بالسلام أو الكلام أو عمل آخر ينافي الصلاة والسلام قاعدا أولى لأنه عهد محللا شرعا ومجرد النية يلغو لأنه لم يخرج به من الصلاة سيد عن الزيلعي قوله : ( وقد حمل ) أي الاستقبال قوله : ( لما سنذكره من الرواية الأخرى ) وهي إذا شك أحدكم فليتحر الصواب فليتم عليه قوله : ( ولقدرته ) عطف على لقوله قوله : ( كما لو شك الخ ) وكما لو تيقن ترك الصلاة من يوم وليلة وشك في تعيينها قضى صلاة يوم وليلة ليخرج عن العهدة بيقين كذا في الفتح قوله : ( فلو شك بعد سلامه الخ ) محترز قوله إذا كان قبل إكمالها أي قبل إتمام أركانها كما يدل عليه ما هنا قوله : ( على الصلاح ) وهو إتمام الصلاة قوله : ( لا يلتفت إلى إخباره ) لأن يقينه لا يزول بيقين غيره خصوصا ولم يكن قول هذا الغير ملزما بخلاف ما إذا كان نصاب الشهادة فعليه أن يعمل بما أخبرا لأن قولهما ملزم في كثير من الإحكام قوله : ( وإن كان معه بعضهم أخذ بقوله ) هذا مفروض فيما لو اختلف القوم والإمام مع أحد الفريقين فإن يعتبر جانب الإمام ولو كان الذي معه واحدا وفي الشرح لو اختلف الإمام والمؤتمون فقالوا : ثلاثا وقال : أربعا إن كان على يقين لا يأخذ بقولهم وإلا أخذ وإن اختلف القوم والإمام مع فريق أخذ بقوله : ولو كان معه واحد ولو استيقن واحد بالتمام وآخر بالنقص وشك الإمام والقوم لا إعادة على أحد إلا على متيقن النقض لأن يقينه لا يبطل بيقين غيره ولو كان الإمام استيقن أنه صلى ثلاثا كان عليه أن يعيد بالقوم ولا إعادة على متيقن التمام لها قلنا : أما لو استيقن واحد بالنقصان ولم يستيقن أحد بالتمام بل هم واقفون فإن كان ذلك في الوقت أعادوها احتياطا لعدم المعارضة بخلاف ما قبلها وإن لم يعيدوا لا شيء عليهم إلا إذا استيقن عدلان بالنقص وأخبرا بذلك اه من الفتح والزاد وقاضيخان قوله : ( وإن كثر الشك تحرى ) وذلك بأن وقع له مرتين قبل هذه عند السرخسي ومرة واحدة قبل هذا عند الأكثر أو في تلك الصلاة عند البزدوي والفضل قال في الشرح والتحري طلب الأحرى وهو ما يكون أكبر رأيه عليه وعبروا عنه تارة بالظن وتارة بغالب الظن اه قوله : ( أي أخذ بغالب ظنه ) أي الذي حصل له بعد وقوع الشك له فلا يرد أن الموضوع في الشك لا فيمن غلب ظنه وإنما أخذ بغالب الظن للزوم الحرج بالإعادة كل مرة لا سيما إن كان موسوسا فلا تجب عليه دفعا للحرج فتعين التحري عليه فلو لم يأخذ بأكبر رأيه بأن غلب على ظنه أنها الرابعة فأتمها وقعد وضم إليها أخرى وقعد احتياطا فو مسيء قوله : ( فليتحر الصواب ) أي عنده وقوله : فليتم عليه محمول على ما إذا وقع تحريه على الأقل ويحتمل أن المراد أنه يتمها ولو بما بقي منها كالتشهد والسلام قوله : ( فإن لم يغلب له ظن ) بأن لم يترجح عنده شيء بعدالطلب كما في الكافي أو لم يكن له رأي كما في الهداية قوله : ( أخذ بالأقل ) فلو شك في ذوات الأربع أنها
____________________
(1/308)
الأولى أم الثانية وبنى على الأقل يجعلها أولى ثم يقعد لجواز أنها ثانية فتكون القعدة فيها واجبة ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى ويقعد لأنا جعلناها في الحكم ثانية ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى ويقعد لجواز أنها رابعة ثم يقوم فيصلي أخرى ويقعد لأنا جعلناها في الحكم رابعة والقعدة على الثالثة والرابعة فرض وكذلك لو شك أنها الثانية أو الثالثة ولم يغلب على رأيه شيء يقعد في الحال لجواز أنها ثانية ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى ويقعد لجواز أنها رابعة ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى ويقعد لأنا جعلناها في الحكم رابعة وعلى هذا الثنائي والثلاثي كذا في الذخيرة وتمامه في المطولات قوله : ( ويسجد سجدتين قبل أن يسلم ) بحزم يسجد وقد تقدم أن السجود للسهو قبل السلام وبعده ثابت من قوله وفعله قوله : ( فلما ثبت ) علة مقدمة على معلولها وهو قوله : سلكوا الخ أو شرط وجوابه وعليه فلما مشددة قوله : ( سلكوا فيها طريق الجمع الخ ) لأن التوفيق بين الأدلة مهما أمكن لا يعدل عنه فحملوا كلا منها على محمل غير محمل الآخر جمعا بينها بأعمال جميعها مع مراعاة مناسبة لكل منها في خصوص محمله دون الآخر فحملوا الأول على ما إذا كان الشك غير عادة له لعدم الحرج والثاني على ما إذا كثر الشك وله رأي وترجيح للزوم الحرج بالإعادة كل مرة وفيه الأمر بالتحري والثالث على ما إذا كان الشك من عادته ولم يقع تحريه على شيء ففيه الأمر بطرح الشك والبناء على الأقل قوله : ( بحمل كل منها ) تصوير لطريق الجمع قوله : ( ظنها آخر صلاته ) فيه أن الموضوع فيمن لا ظن له فلو قال كما قال صاحب التنوير : وقعد في كل موضع توهمه موضع قعوده لكان أولى وأهم وفي السيد لو قال : ظنها موضع قعود لئلا يصر تاركا فرض القعود أو واجبه لاستغنى عن قوله بعد وكذا كل قعود ظنه واجبا والمصنف كصاحب الكنز والهداية أغفل الكلام على سجود السهو وهو مما لا ينبغي وصرح في البحر عن الفتح بوجوبه في صور الشك سواء عمل بالتحري أو بنى على الأقل وفي السراج إن بنى على الأقل سجد مطلقا وإن تحرى أن شغله ذلك قدر أداء ركن سجد وإلا لا وكأنه لحصول النقص مطلقا باحتمال الزيادة في الأول ولم يحصل في الثاني إلا بطول التفكر قال في البحر وهذا القيد لا بد منه اه قوله : ( مع تيسر طرق الخ ) أي مع تيسير الشارع طريقا الخ والطريق هو الإتيان بالقعود قوله : ( شك في الحدث الخ ) حاصله أن العبرة بالمتيقن به ولو تيقنهما وشك في السابق فهو متطهر كذا في الدر ومن نواقض الوضوء قوله : ( غسل ذلك الموضع ) محله ما لو كان الشك في خلال الوضوء أما بعد تمامه فلا يعتبر أفاده صاحب الدر في المحل المذكور وهو قياس ما تقدم في الصلاة وفيه لو شك في نجاسة ما أو ثوب أو طلاق أو عتق لم يعتبر اه قوله : ( وهو في الصلاة ) التقييد به يفيد أنه إذا كان بعدها لا يعتبر قوله : ( أو أنه أصابته نجاسة ) هذا لا يقيد بحال الصلاة كما يتبادر من عبارة الشرح فإنه قال : وإن كان يقع له كثيراجاز له ولا يلزمه
____________________
(1/309)
الوضوءولا غسل الثوب وقوله أوأنه أصابته نجاسة يحمل على ما إذا لم يكثر فلا ينافي ما في الدر قوله : ( أو أحدث ) فيه أنه تقدم أن العبرة باليقين إلا أن يحمل ما تقدم على ما إذا كثر ويغني عنه قوله سابقا شك في بعض وضوئه وهو ظاهر في أنه شك في عضو أو شك في تعيينه غسل رجله اليسرى لأن آخر العمل وانظر ما لو شك في ترك غير معين وقياس ما تقدم فيمن شك أنه ترك صلاة من صلوات يوم وليلة أن يعيد كل ما شك في غسله كما يعيد صلاة اليوم والليلة أي إلا ما تيقن فعله منها قوله : ( أو مسح رأسه ) أي وكان في خلال الوضوء أما لو صدر بعد فلا يعتبر كما يؤخذ مما تقدم قريبا قوله : ( قيل الخ ) أفاد بذكر قيل : ضعفه فالاعتماد على ما تقدم والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب سجود التلاوة هي مصدر تلا بمعنى قرأ وأما تلا بمعنى تبع فمصدر التلو كالعلو وتلو أيضا بوزن حمل اه
مصباح وإنما لم يذكر السماع لأن المختار أن السبب التلاوة فقط ولأن التلاوة سبب للسماع أضا فكان ذكرها مشتملا على السماع من وجه فاكتفى به كذا في العناية وفي ذكر التلاوة إما إلى أنه لو كتبها أو تهجاها لم يجب قاله السيد
قوله ( وهو الأصل ) ذكر الضمير نظرا للخبر
قوله ( وأقوى وجوهه ) أي وجوه الاختصاص ووجوهه الملك والاستحقاق مثلا
قوله ( لأنه حادث ) هذه العلة تظهر في العلة مع المعلول بل هي أقوى لتأثيرها بخلاف السبب فلو قال ومن أقوى وجوهه الخ لكان أولى
قوله ( وشرطها الخ ) لو قال كما قال السيد وشروطها شروط الصلاة إلا التحريمة والأنية التعيين لكان أخصر وأجمع
قوله ( والخبث ) أي المانع
قوله ( واسقبال القبلة ) أي حالة الاختيار وجهة القدرة عند العجز
قوله ( وركنها وضع الجبهة على الأرض ) لو قال كما قال السيد وغيره وركنها وضع الجبهة على الأرض أو الركوع أو ما يقوم مقامهما من الإيماء للمريض أو التالي على الدابة لكان أولى وظاهره أنه لو أخرها إلى ركعة ثانية أثم قال في الشرح وإذا أخرها حتى طالت التلاوة تصير قضاء ويأثم ثم قال وكذا كره تحريما تأخير الصلاتية عن وقت القراءة
قوله ( وعلى التراخي ان كانت غير صلاتية ) لكن يكره تأخيرها تنزيها كما يأتي قريبا
قوله ( في الصحيح ) وقيل أن السماع هو السبب في حق السامع
قوله ( وجب عليه السجدة ) المناسب زيادة ولا تجب عليه بتلاوة غيره ولو رأى من يسجد
قوله ( لأن ) أي سجود التلاوة وهو على حذف مضاف أي دليل سجود التلاوة
قوله ( استنكاف الكفار عنه ) أي عن السجود
قوله ( أو امتثال ) عطف على استنكاف
قوله ( وكل منها ) أي من الأمر أي من امتثاله ومن
____________________
(1/310)
استنكاف الكفار أي مخالفته ومن امتثال الأنبياء أي من الإقتداء بهم واجب ولا يخفي ما في هذه العبارة من الحزارة وما في يالشرح أولى حيث قال لأن آيات السجود على ثلاثة أقسام قسم فيه الأمر الصريح وقسم تضمن استنكاف الكفرة حيث أمروا به وقسم فيه حكاية امتثال الأنبياء به وكل من الامتثال والاقتداء ومخالفة الكفرة واجب إلا أن يدل دليل على عدم لزومه لكن دلالتها فيه ظنية فكان الثابت الوجوب لا الفرض اه
قوله ( على التراخي عند محمد الخ ) الذي في النهر عكس ما هنا حيث جعل القول بالفورية قول محمد والقول بالتراخي قول أبي يوسف قال وينبغي أن تكون ثمرته في الإثم وعدمه حتى لو أداها بعد مدة كان مؤديا اتفاقا لا قاضيا أفاده السيد
قوله ( ورواية عن الإمام ) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو
قوله ( وهو المختار ) لأن دليل الوجوب مطلق عن تعيين الوقت ومطلق الأمر لا يقتضي الفور فيجب في وقت غير معين ويتعين ذلك بتعيينه فعلا وإنما يتضيق الوجوب في آخر عمره كما في سائر الواجبات الموسعة ولا يجب نية تعيين السجدات ولا يجب على المحتضر الإيصاء بها وقيل يجب كذا في الشرح
قوله ( في الصلاة ) أي حالة القيام لأنه لو تلاها في ركوع أو سجود أو تشهد أو في القومة لا يلزمه سجود لأنه محجور عن القراءة في هذه الأماكن وتصرف المحجور لا حكم له
قوله ( فتجب فورية فيها ) حتى لو أطال التلاوة تصير قضاء ويأثم فيكره تحريما تأخير الصلاتية عن وقت القراءة أفاده في الشرح وهذا ينافي ما أبداه في حاشية الدرر من قوله ويجوز أن يقال تجب الصلاتية موسعا بالنسبة لمحلها كما لو تلاها في أول صلاته وسجدها في آخرها اه وينافي ما ذكره السيد عنه أن تأخير الصلاتية مكروه تنزيها وفي الدر ويقضيها ما دام في حرمة الصلاة ولو بعد السلام اه وما ذكره المصنف في حاشية الدرر بحيث لا يعارض النص
قوله ( في الأصح ) وقيل لا يكره أفاده في الشرح
قوله ( إذا لم يكن مكروها ) أي إذا لم يكن وقت التلاوة وقتا مكروها بأن كان أحد الأوقات الثلاثة فلا يكره تأخيرها عنه ليؤديها في كامل
قوله ( وليس مقتديا ) أي ولا نائما
قوله ( ولو تلاها بالفارسية ) المراد بها غير العربية فتجب على السامع إذا أخبر بها
قوله ( فهم أو لم يفهم ) قال في الجوهرة أما في حق السامع فإن كانت القراءة بالعربية وجب على السامع فهم أو لم يفهم إجماعا وإن كانت بالفارسية لزم السامع أيضا وإن لم يفهم عند الإمام وعندهما لا يلزم إلا إذا فهم وروي رجوعه إليهما وعليه الاعتماد اه
قوله ( لكونها قرآنا من وجه ) أي نظرا للمعنى دون وجه نظرا للنظم فباعتبار المعنى توجب السجدة وباعتبار النظم لا توجبها فتجب احتياطا أفاده السيد
قوله ( وقراءة حرف السجدة ) أي الكلية الدالة على السجدة
قوله ( أو بعده ) الذي في الجوهرة الصحيح أنه إذا قرأ حرف السجدة وقبله كلمة وبعده كلمة وجب السجود وإلا فلا اه وقيل يشترط قراءة الآية بتمامها وقيل نصفها مع كلمة السجدة وقيل كلمة السجدة فقط قهستاني
قوله ( وقيل لا يجب إلا أن يقرأ أكثر آية السجدة ) سواء كان الأكثر قبل كلمة السجود أو بعدها أو هي متوسطة وهو رواية عن محمد واختاره الزيلعي وتبعه في الدر
قوله ( وفي مختصر البحر الخ ) قد علمت أن هذا أحد أقوال ولا تجب بكتابة ولا نظر من غير تلفظ لأنه لم يقرأ ولم يسمع وكذا التهجي فلا
____________________
(1/311)
تجب عليه ولا على من سمعه لأنه تعداد الحروف وليس بقراءة ولذا لا يجزى عن القراءة في الصلاة ولكن لا تفسد به الصلاة لأن تلك الحروف موجودة في القرآن
كذا في البحر وفي الخانية رجل يسمع آية السجدة من قوم من كل واحد منهم حرفا ليس عليه أن يسجد لأنه لم يسمعها من تال قاله في الدر فأفاد أن اتحاد التالي شرط اه
قال بعض الفضلاء ويحتمل أن يكون معناه أن ذلك ليس بتلاوة اه ويلزم من عدم التلاوة وعدم التالي ففيه اطلاق اللازم على الملزوم
قوله ( أربع عشرة آية ) بفتح الشين على الأصل وعن تميم كسرها مع المؤنث وتسكينها أفصح وهو لغة الحجاز
قوله ( في الأعراف ) علم للسورة حكاه سيبويه وحذف الجزء شائع بلا التباس ولا خلاف في أن العلم سورة الأعراف وعلى هذا القياس باقي السور قهستاني
قوله ( عند قوله تعالى إن الذين الخ ) الأولى أن يقول عقب آخرها إن الذين الخ لأن السجود بعد الفراغ منها وكذا يقال في باقيها قوله ( والحج ) أي أولى الحج لا الثانية وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه فيها سجدتان ولنا ما عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا سجدة التلاوة في الحج هي الأولى والثانية سجدة الصلاة ويعضده قرنها بالركوع
قوله ( وعند قوله تعالى ألا يا اسجدوا الخ ) حكاه الزيلعي بقيل والمعتمد أن السجود عقب الآية بتمامها كما هو على الأول
قوله ( قال الفراء الخ ) لأنه أمر بالسجود فيجب امتثاله
قوله ( لأن معناها زين لهم الشيطان ) ولا يصح تعلقه بيهتدون لأن المعنى عليه فهم لا يهتدون لعدم السجود وهو لا يظهر لأنه إنما نفيت هدايتهم للسجود لا لعدمه
قوله ( لأنه كتب ) أي السجود من غير تفصيل فيقتضي الوجوب مطلقا ويكون على قراءة التشديد من القسم الذي تضمن استنكاف الكفار عن السجود فتجب مخالفتهم
قوله ( وص ) أخرج البخاري عن العوام بن حوشب قال سألت مجاهدا عن سجدة ص فقال سألت ابن عباس من أين سجدت في ص فقال أو ما تقرأ ومن ذريته داود وسليمان إلى أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده فكان داود ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدي به فسجدها داود فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج الإمام أحمد عن بكر بن عبدالله المزني عن أبي سعيد الخدري قال رأيت رؤيا وأنا أكتب سورة ص فلما بلغت السجدة رأيت الدواة والقلم وكل شيء يحضرني انقلب ساجدا فقصصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجد بها كذا في البرهان وفي رواية فقال صلى الله عليه وسلم نحن أحق بها من الدواة والقلم فأمر أن تكتب في مجلسه وسجدها مع أصحابه كذا في العناية وقالالشافعي رضي الله تعالى عنه سجدة ص ليست من العزائم أي المؤكدات وإنما هي سجدة شكر تستحب في غير الصلاة وتحرم فيها على الأصح عندهم
قوله ( وظن داود ) أي أيقن
قوله ( إنما فتناه ) أي أوقعناه في فتنة بلية بمحبة تلك المرأة
قوله ( تجب عند قوله ) الجملة بدل من ما ولعل هذا مبني على أحد الأقوال السابقة وهو القول بأن الوجوب متعلق بالآية بتمامها وإلا فقد قدم تصحيح أنه إذا قرأ كلمة السجدة مع حرف قبلها وبعدها يكون كقراءة الآية
قوله ( وخر راكعا ) أي ساجدا كذا في الجلالين
قوله ( لما تذكره ) أي في فصلت أي لنظيره وهو أن السجود لو وجب عند قوله وأناب فالتأخير عند قوله وحسن مآب لا يضر ويخرج عن الواجب ولو وجبت عند قوله وحسن مآب وقدمها عند قوله وأناب لكان السجود حاصلا قبل وجوبها ووجود سبب وجوبها فيوجب نقصانا في الصلاة لو كانت صلاتية
____________________
(1/312)
ولا نقص في التأخير وقد علمت أن هذا مبني على أحد الأقوال السابقة
قوله ( فالذين عند ربك ) عندية تشريف وهذا مبني على أن الجملة مع ما قبلها آية واحدة
قوله ( قبله ) أي قبل قوله تعالى { لا يسأمون }
قوله ( قبل وجوبها ) الأولى الاستغناء عنه بما بعده لأنه إذا لم يوجد سبب الوجوب لا تجب وقد علمت أن هذا على أحد الأقوال
قوله ( فيما قلناه ) أي من التأخير
قوله ( وهذا ) أي ترجيح الأول للأخذ بالاحتياط
قوله ( أمارة التبحر في الفقه ) أي علامة على اتساع علم قائله وكثرته
قوله ( في ص ) ظرف لغو متعلق بقوله قلته
قوله ( كذلك ) أي كسجدة فصلت
قوله ( وإلا يلزمنا التناقض ) أي ان لا نقل في ص كما قلنا في فصلت بأن قلنا انه يسجد عند قوله تعالى وأناب يلزمنا التناقض فإنه يلزم منه تقديمها على محلها فيوجب نقصا في الصلاة ولا احتياط فيه
قوله ( وهذا هو الوجه ) إشارة إلى قوله فإن السجدة لو وجبت الخ والمراد أنه نظيره
قوله ( وعدنا به ) بقوله لما نذكره
قوله ( ونذكر فائدة ذا الجمع ) في الفائدة التي ذكرت في آخر فصل سجدة الشكر وقوله أيضا أي كما ذكرنا فائدته هنا من الخلاف الواقع في محل السجود في بعض الآيات
قوله ( فهم أو لم يفهم ) قال ابن أمير حاج ينبغي أن يستثنى منه مثل الأعجمي الخالص الحدث العهد بالإسلام فلا تجب عليه السجدة بتلاوة النظم القرآني ولا بسماعه إلا بعد العلم بكون المقروء سجدة تلاوة يعني وإن لم يفهم لأن التكليف بما لا علم له به محال حتى لو مات قبل الأداء والعلم بالوجوب لا إثم عليه ولا تجب عليه إلا وقت العلم اه وبه جزم في الفتح ولو سمعها من جني فالظاهر الوجوب أفاده السيد قال بعض ومثله الملك
قوله ( فلا تجب عليهما بتلاتهما ) لأن السجدة ركن الصلاة وليستا بأهل لها كذا في التبيين
قوله ( وسماعهما ) أي لأنها لا تجب إلا على من هو أهله للصلاة أداء وقضاؤهما ليستا أهلا لها مطلقا
قوله ( وتجب بالسماع منهما ) لصدور التلاوة الصحيحة منهما
قوله ( كما تجب على الجنب ) تلا أو سمع للأهلية وكافر لأنه مخاطب بالصلاة فهو أهل لها
قوله ( وصبي مميز ) في الفتح ذكر شيخ الإسلام أنها لا تجب بالسماع من مجنون أو نائم لأن السبب سماع تلاوة صحيحة وصحتها بالتمييز ولم يوجد اه
قال وهذا التعليل يفيد التفصيل في الصبي إن كان له تمييز وجب بالسماع منه وإلا فلا فليكن هو المعتبر اه
قوله ( أو بإمام آخر ) هذا خلاف الأصح والأصح الوجوب على من ليس مشاركا له في تلك الصلاة مطلقا سواء كان السامع في جماعة أخرى أو منفردا أو خارجا بالكلية لأن الحجر ثبت في حق جماعة معينين فلا يعد وهم كذا في الهداية
قوله ( لتحقق السبب ) وهو التلاوة الصحيحة كذا في السراج
قوله ( وزوال المانع ) أي بفراغ الصلاة فتقضي خارجها إذ هي ليست صلاتية
قوله ( من فعلها ) بيان للمانع
قوله ( لنقصانها ) أي سجدة التلاوة بفعلها في الصلاة لمكان النهي فيعيدونها لتتأدى بالكامل كذا في الشرح وإنما نهي عنها لأنها أجنبية عن تلك الصلاة حيث لم تكن من قراءتها ولا يدخل في الصلاة ما هو أجنبي منها قال في البحر ويستثنى من هذا ما إذا قرأ المصلي غير المقتدي تلك السجدة التي سمعها ممن ليس مع في الصلاة وسجد لها فيها فإنه لا إعادة عليه ونابت تلك السجدة عنهما جميعا وتمامه فيه
قوله ( ولم تفسد صلاتهم ) قيده في التجنيس وغيره بما إذا لم يتابع المصلي التالي في سجوده فإن تابعه فسدت ولا تجزيه
____________________
(1/313)
السجدة عما سمع كما في البحر والنهر
قوله ( لأنها من جنسها ) وزيادة سجدة واحدة لا تبطل التحريمة
قوله ( وهو الصحيح ) وقيل لا تفسد ونسب إلى محمد وفي غاية البيان الأصح عدم الفساد اتفاقا
قوله ( وهذا عندهما ) وروى رجوعه إليهما وعليه الاعتماد كذا في الجوهرة
قوله ( وتجب عليه عند أبي حنيفة ) أي على القول المرجوع عن من جواز الصلاة بها سواء كان يحسن العربية أو لا فتكون قرآنا من كل وجه فتجب وأما قوله المرجوع إليه فهو كقولهما فلا تجب السجدة إلا بالفهم لأنها قرآن من وجه وهو المعنى دون وجه وهو النظم فإذا فهم كان سامعا للقرآن من وجه دون وجه فتجب احتياطا
قوله ( إذا أخبر بأنها آية سجدة ) أما إذا لم يخبر فلا تجب لأنه لا تكليف بدون علم أو دليله ويفهم منه أنه على قولهما يشترط الفهم والإخبار معا
قوله ( أو مجنون ) في الذخيرة ذكر في نوادر الصلاة أن الجنون إذا قصر بأن كان يوما وليلة أو أقل تلزمه السجدة بالتلاوة والسماع حال الجنون فيؤديها بعد الإفاقة لأنه أهل للقضاء
قال المحقق ابن أمير حاج وفيه نظر بل الوجه أنه لا يجب على المجنون شيء إذا سمع أو تلا في حالة الجنون مطلقا سواء كان قصيرا أو مطبقا لأنه ليس بأحسن حالا من النائم والمغمى عليه وهما لا تجب عليهما بالأمرين في الحالين فكذا هذا اه
قوله ( سمعها من طير لا تجب ) الأولى تأخير هذه الجملة عند قول المصنف الآتي ولا تجب من سماعها من الطير ويجعلها دليلا عليه
قوله ( وإذا أخبر الخ ) هذ مسألة زائدة عما في المصنف قصد بها التنبيه على الحكم في حق النائم إذا تلا
قوله ( وقراءة السكران موجبة عليه ) قال المحقق ابن أمير حاج وينبغي أن يقال على ما يظهر من هذا التعليل ان الوجوب يختص بسكران من محظور لا من مباح كما لو غص بلقمة ولم يجد ما يسيغها به إلا الخمر وخاف هلاك نفسه إن لم يسغها فشرب منه ما أساغها فقط فسكر من ذلك أو أكره على الشرب الإكراه الشرعي وتلا في حالة السكر أو سمع وليس عنده مسكة يميز بها ما يقول وما يسمع حتى انه لا يتذكر ذلك بعد الصحو فلا تجب عليه السجدة والله تعالى أعلم
قوله ( والأبكم ) هو وما عطف عليه مبتدأ وقوله لا تجب خبر والأولى زيادة عليهم
قوله ( برؤية من سجد ) يرجع إلى الأبكم والأصم وقوله والكتابة بالجر عطف على قوله برؤية وهو يرجع إلى كاتب السجدة
قوله ( لعدم التلاوة والسماع ) علة لعدم الوجوب عليهم
قوله ( على الصحيح ) وهو المختار لأنها محاكاة وليست بقراءة لعدم التمييز وكذا يقال في القرد المعلم كما في الجوهرة والمضمرات
قوله ( من الصدى ) بوزن حصى
قوله ( وهو ما يجيبك الخ ) الأولى قول بعضهم الصوت الذي يسمعه المصوت عقب صياحه راجعا إليه من جبل أو بناء مرتفع اه فإنه لا إجابة في الصدى وإنما هو محاكاة
قوله ( في الصلاة ) هذا القيد بالنسبة إلى الركوع فقط فلا يجزى عنها ركوع في خارجها لأن الأثر إنما ورد فيما إذا ركع فيها فقط فيقتصر على مورد الأثر لكن في البحر واختار قاضيخان أن الركوع خارج الصلاة ينوب عنها وفي النهر عن البزازية وهو ظاهر المروي اه فيحمل على اختلاف الرواية
قوله ( صورة الواجب ) وهو السجود
قوله ( ومعناه ) هو الخضوع كما أفاده بعده
قوله ( ينبغي أن يقرأ ولو آيتين الخ ) قال في الفتح فينبغي أن يقرأ ما بقي من السورة ولو آيتين كسورة الإسراء أو ثلاث آيات كانشقت وإن كانت الآية آخر السورة يقرأ من سورة أخرى ثم يركع اه
قوله
____________________
(1/314)
( على السجود ) أي أو على ركوع مثله
قوله ( كره ) أطلق في الكراهة وظاهره التحريم ويحرر
قوله ( إن نواها ) أي عند الركوع وإن نوى في الركوع ففيه قولان وإن نوى بعد الرفع منه لا يجوز بالإجماع كما في البحر عن الاسبيجابي وفي القهستاني عن الجلابي عن محمد أنه ينوب بدون نية
قوله ( نص عليه محمد ) أي على اشتراط النية كما يؤخذ من الشرح
قوله ( فيهما واحد ) أي في السجود والركوع فكما يحصل التعظيم بالسجود كذلك يحصل بالركوع
قوله ( وينبغي ذلك للإمام ) أن يجعلها في ركوع الصلاة إن كانت سرية أو في سجودها إن كانت جهرية أي ولا يجعل لها ركوعا أو سجودا مستقلا خوف الفساد من غيره ولو أخر ذلك بعد قوله وسجودها وإن لم ينوه لكان أولى وفي الدر ولو نواها في ركوعه ولم ينوها المؤتم لم يجزه ويسجد إذا سلم مع الإمام ويعيد القعدة ولو تركها فسدت صلاته كذا في القنية وينبغي حمله على الجهرية اه انظر هل الانبغاء للوجوب
قوله ( حتى لا يؤدي إلى التخليط ) أي على القوم إذا سجد لها سجودا مستقلا
قوله ( وإن لم ينوها ) لا حراز نية الصلاة لها لأن من نوى الصلاة نوى قراءتها وهي من اتباع القراءة واعلم أن في اشتراط النية وعدمه في كل من الركوع والسجود اختلافا فمن لم يشترط قال ينوب كل من الركوع والسجود عن سجدة التلاوة مطلقا لأن الحاجة إلى تحصيل التعظيم في هذه الحالة وقد وجد نوى أو لم ينو كالفرض ينوب عن تحية المسجد وإن لم ينوي ومن اشترط قال لاختلاف سبب الوجوب فكان يعني سجدة التلاوة وكلا من ركوع الصلاة وسجودها جنسين مختلفين فلا بد في إقامة غير الجنس عن الجنس من النية ومن شرطها في الركوع دون السجود
قال هو بالسجود مؤد للواجب بصورته ومعناه فلا يحتاج إلى النية وأما بالركوع فمؤد له بمعناه فقط فيحتاج إلى النية هذا ما يفيده كلام البدائع وغيرها وهناك أقوال أخرى حكاها العلامة الشمني وقد علمت الراجح وهو ما في المصنف
قوله ( إذا لم ينقطع ) مرتبط بالركوع والسجود جميعا
قوله ( بأن يقرأ أكثر من آيتين ) اعلم أن الفور لا ينقطع بآية بعد آيتها أو آيتين اتفاقا وينقطع بأربع اتفاقا واختلف في الثلاث فقيل ينقطع واختاره خواهر زاده وقيل لا واختاره الحلواني وهو أصح من جهة الرواية كما في الحلبي والأول أصح من جهة الدراية لأنه أحوط كما ذكره المؤلف وفي البدائع وأكثر مشايخنا لم يقدروا في ذلك تقديرا فكان الظاهر أنهم يفوضون ذلك إلى رأي المجتهد كما فعلوا ذلك في كثير من المواضع وهو الأوجه أو يعتبر ما يعد طويلا اه
قوله ( تنبيه مهم الخ ) الأولى ما فعله السيد من حذفه لأن المؤلف وضع للمبتدي وهذا لا يليق به بل محل إيضاحه باب القياس من كتب الأصول
قوله ( إذا انقطع فور التلاوة ) أي بتلاوة أربع آيات بعد آيتها اتفاقا وبالثلاث على الخلاف أو بما يعد طويلا
قوله ( فيأتي لها بسجود أو ركوع خاص ) لفوات المحل والدين يقضي بما له لا بما عليه والركوع والسجود عليه فلا يتأدى بهما الدين بخلاف ما لم تصر دينا كما لو ركع أو سجد فور التلاوة لأن الحاجة هو التعظيم عند تلك التلاوة وقد وجد في ضمنها فيكفي كداخل المسجد إذا صلى الفرض كفاه عن تحية المسجد لحصول تعظيم المسجد أفاده في الشرح
قوله ( فإن قلت الخ ) اختلف في محل القياس والاستحسان فذكر العامة أنه في إقامة الركوع مقام السجدة في الصلاة فقط وقال بعضهم في إقامته عنها مطلقا وقد علمت الخلاف في ذلك
قوله
____________________
(1/315)
( هو القياس ) وجه القياس أن المقصود من السجود تعظيم الله تعالى أما اقتداء بمن عظمه وهم أولياؤه تعالى أو مخالفة لمن استكبر وهم أعداؤه تعالى وذلك يحصل بالركوع كما يحصل بالسجود فهما في التعظيم جنس واحد
قوله ( والاستحسان عدمه ) أي عدم تأديتها في ضمنه لأن الواجب هو التعظيم بصفة مخصوصة فلا يقوم غيره مقامه
قوله ( والقياس هنا ) أي في هذه المسئلة مقدم على الاستحسان قالمحمد وبالقياس نأخذ وإن كان الأصل هو العمل بالاستحسان لأن القياس ترجح بما روى عن ابن مسعود وابن عمر أنهما أجازا أن يركع عن السجود في الصلاة ولم يره عن غيرهما خلافه فكان كالإجماع فقدم على الاستحسان لوجود المرجح اه
قوله ( فأسعفني ) بعين مهملة ثم فاء ومعناه قضاء الحاجة أي اقض حاجتي كما أفاده في القاموس فقوله بكشف هذا المقام يحتمل أن الباء للتصوير برأي اقض الحاجة التي هي كشف هذا المقام ويحتمل أن الحاجة التفهيم فتكون الباء للسببية والمراد بيان أنه لأي شيء قدم القياس هنا على الاستحسان وسيأتي في الجواب أنه إنما قدم لقوة دليله وما وقع في النسخ من غير هذه المادة فهو تحريف
قوله ( من المعاني ) أي العلل
قوله ( التي يناط ) أي يعلق بها الأحكام سواء كان الاستحسان بالنص أو بالضرورة أو بالقياس
قوله ( متبادرا ) جليا يدرك بأدنى تأمل
قوله ( من هذا ) أي المراد
قوله ( لا يقابل بالقياس المحدود في الأصول ) اعلم أن القياس في اللغة التقدير يقال قست النعل بالنعل أي قدرتها بها وفي الشرع كما في المنار تقدير الفرع بالأصل في العلة والحكم واختار المحقق في التحرير أنه مساواة محل لآخر في علة حكم شرعي له لا تدرك من نصه بمجرد فهم اللغة فلا يقاس في اللغة وعرفه أبو منصور الماتريدي أنه إبانة مثل حكم أحد المذكورين بمثل علته في الآخر والإستحسان في اللغة عد الشيء حسنا وفي التلويح قد استقرت الآراء على أنه اسم لدليل متفق عليه نصا كان أو إجماعا أو قياسا خفيا إذا وقع في مقابلة قياس تسبق إليه الافهام حتى لا يطلق على نفس الدليل من غير مقابلة فهو حجة عند الجميع من غير تصور خلاف ثم إنه غلب في اصطلاح الأصول على القياس الخفي خاصة كما غلب اسم القياس على القياس الجلي تمييزا بين القياسين وأما في الفروع فإطلاق الاستحسان على النص والإجماع عند وقوعهما في مقابلة القياس الجلي شائع اه من شرح الشيخ زين على المنار
قوله ( بل هو ) أي الاستحسان
قوله ( فقد يكون ) في مقام التعليل للأعمية
قوله ( بالنص ) كالسلم فإن القياس يأبى جوازه لعدم المعقود عليه عند العقد إلا أنا تركناه بالنص من أسلم فليسلم الخ وحديث نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان ورخص في السلم اه من شرح المنار
قوله ( وقد يكون بالضرورة ) كتطهير الأواني والآبار والحياض فإن القياس يأبى تطهير هذه الأشياء بعد تنجسها لتعذر صب الماء على البئر للتطهير وكذا الماء الذي في الحوض والذي ينبع من البئر المتنجس بملاقاة النجس وتنجس الدلو بها أيضا فلا تزال تفور وهي نجسة وكذا الماء إذا لم يكن في أسفله ثقب لأن الماء النجس مجتمع في أصله فلا يحكم بطهارته اه من الشرح المذكور
قوله ( وقد يكون بالقياس ) كطهارة سؤر سباع الطير كالصقر والبازي فإن القياس الجلي أن سؤره نجس لما أنه من السباع وفي الاستحسان طاهر لأن السبع ليس بنجس العين بدليل جواز الانتفاع به شرعا وقد ثبتت نجاسته ضرورة تحريم لحمه فأثبتنا حكما بين حكمين وهو النجاسة
____________________
(1/316)
المجاورة فثبتت صفة النجاسة في رطوبته ولعابه وسباع الطير تشرب بالمنقار على سبيل الأخذ ثم الابتلاع والعظم طاهر بذاته خال عن مجاورة النجس ألا ترى أن عظم الميتة طاهر فعظم الحي أولى فصار لهذا باطنا ينعدم ذلك الظاهر في مقابلته فسقط حكم الظاهر لعدمه لكنه مكروه لأنها لا تحترز عن الميتة فكانت كالدجاجة المخلاة اه من الشرح المذكور وسكت المؤلف عما استحسن بالإجماع وهو ما فيه تعامل الناس المسمى بالاستصناع كخرز الخف والقياس يأباه لأنه بيع معدوم
قوله ( إذا كان قياس آخر متبادر ) كسؤر سباع البهائم فإن القياس الجلي فيه النجاسة كما تقدم وكان هنا تامة
قوله ( وذلك خفي ) أي الاستحسان الذي بالقياس
قوله ( وهو القياس الصحيح ) أي القياس الخفي المعبر عنه بالاستحسان
قوله ( فيسمى الخفي ) أي القياس الخفي الصحيح
قوله ( إلى ذلك المتبادر ) أي القياس الجلي الظاهر كالنجاسة في سؤر سباع الطير مثلا
قوله ( في بعض الصور ) منها سؤر سباع الطير
قوله ( وهو القياس الصحيح ) وهو القياس الخفي وهو طهارة سؤرها
قوله ( مقابلة ) أي مقابل الصحيح وهو القياس الجلي
قوله ( باعتبار الشبه ) أي شبهه للقياس في الظهور وإلا فهو فاسد خارج عن الأقيسة الصحيحة
قوله ( وبسبب كون القياس ) متعلق بظن
قوله ( المقابل ) بالجر صفة القياس وقوله ما ظهر هو الخبر ولو قال المصنف وبسبب كون القياس هو الظاهر والاستحسان ما قابله ظن الخ لكان أوضح
قوله ( بالنسبة إلى الاستحسان ) يعني أن الاستحسان هو القياس الخفي الذي يقابل الظاهر فلا يكون القياس مقابلا للظاهر إلا إذا أريد به الاستحسان وأما القياس بالنسبة إلى ما غلب عليه عند الأصوليين فهو الجلي
قوله ( ظن محمد بن سلمة الخ ) يعني أنه حكم بتقديم القياس على الاستحسان والقياس الظاهر هنا صحة إقامة السجدة الصلبية مقام التلاوية والاستحسان عدم الصحة لأن الصلبية قائمة مقام نفسها فلا تقوم مقام غيرها وجعل تأديتها بالركوع استحسانا والقياس يأباه لأنه جعل القياس هو الظاهر ومقابله هو الاستحسان ولو نظر لما قاله من قوله قلنا الخ لجعل تأديتها بالركوع قياسا لا استحسانا
قوله ( فكان القياس ) أي الظاهر وقوله أن تقوم خبر كان
قوله ( وفي الاستحسان ) الأولى حذف في
قوله ( بل الركوع ) أي والقياس هنا مقدم فلا يقوم عنده ويدل على ذلك قوله بعد لكن العامة الخ
قوله ( لأن سقوط الخ ) علة لقوله فكان القياس على قوله
قوله ( وفي الاستحسان لا يجوز ) أعاده ليعلل
قوله ( هنا ) أي في تأدية التلاوية بالصلبية
قوله ( فإن القياس بأبي الجواز ) لأنه تأدية الواجب بغير صورته
قوله ( فكان ) أي تأديتها بالركوع
قوله ( حينئذ ) أي حين إذ كان الإستحسان يجوزه والقياس يمنعه أي وقد ذكروا أن القياس هنا مقدم على الإستحسان وذلك يقتضي عدم صحة تأديتها بالركوع وذلك بسبب ظنه أن القياس هو الظاهر وأن الإستحسان ما قابله ولو نظر إلى ما سيأتي لجعله قياسا فيكون مقدما على الاستحسان
قوله ( لأن كل ذلك صلاة ) أي من أفعالها
قوله ( فينبغي له أن يسجد ) لأن فيه أداء الواجب بصورته ومعناه
قوله ( أما اقتداء بمن عظم ) وهم الأنبياء
قوله ( وأما مخالفة لمن استكبر ) وهم الكفار
قوله ( حتى طالت القراءة ) على ثلاث آيات وقد علمت الخلاف في الطول
قوله ( وذلك ) أي الدليل القوي
قوله ( ولم ير وعن غيرهما خلافه ) فكان إجماعا
قوله ( فلذا قدم القياس ) أي لقوة دليله وهذا هو روح الجواب
____________________
(1/317)
فحاصله أنه إنما قدم لقوة دليله
قوله ( للخفي ) أي الذي هو الإستحسان
قوله ( من المعاني ) أي العلل
قوله ( غير أن استقراءهم ) أي تتبعهم الجزئيات التي اجتمع فيها الخفي والظاهر
قوله ( فلذا ) أي لا يجاب استقرائهم قلة قوة الظاهر
قوله ( في بضعة عشر موضعا ) تعرف في الأصول منها هذا وهو تأدية سجود التلاوة بالركوع إذا كانت صلاتية ومنها إذا قال إن ولدت ولدا فأنت طالق وقالت قد ولدت وكذبها الزوج في القياس أن لا تصدق ولا يقع عليه الطلاق وأخذوا فيها بالقياس ومنها رجلان في أيديهما دار أقام كل منهما بينة أن فلانا آخر رهنها عنده وأقبضها إياه لا تكون رهنا لواحد منهما في القياس وبه نأخذ والإستحسان يكون لكل منهما نصفها رهنا بنصف الدين ومنها لو قال الطالب أسلمت إليك في ثوب هروي طوله ستة أذرع في ثلاثة أدرع وقال المطلوب طوله خمسة أذرع في ثلاثة تحالفا قياسا وبه نأخذ وفي الإستحسان القول للمطلوب ومنها لو شهد أربعة على رجل بالزنا وشهد عليه رجلان بالاحصان وأمر القاضي برجمه ثم وجد الإمام شاهدي الأحصان عبدين أو رجعا عن الشهادة ولم يمت المرجوم بعد إلا أنه أصابه جرحات القياس في هذا أن يقام عليه حد الزنا مائة جلدة وهو قولهما لأن ما حصل من بعد الرجم لم يكن على وجه الحكم بسبب ظهورهم عبيدا فكان كالعدم وفي الاستحسان يدرأ عنه الحد ومنها لو شهدوا على رجل بالزنا فقضى القاضي بجلده مائة ثم شهد شاهدان أنه محصن ولم يكمل الجلد فالقياس في هذا الرجم وفي الإستحسان لا يرجم وبالقياس أخذ ومنها لو تزوج امرأة على غير مهر مسمى وأعطاها رهنا بمهرها ثم طلقها قبل الدخول لها المتعة ولو هلك الرهن عندها يذهب بالمتعة في قول محمد استحسانا والقياس أن لا يذهب بها وهو قول أبي يوسف وللمرأة مطالبة الزوج بالمتعة ومنها لو وكل الحربي المستأمن مثله بخصومة في دار الإسلام ثم الحق الموكل بدار الحرب وبقي الوكيل في دار الإسلام بطلت الوكالة في القياس وفي الإستحسان لا وبالقياس نأخذ ومنها رجل له ابن من أمة غيره بالنكاح فاشترى الأب هذه الأمة لابنه المعتوه القياس أن يقع الشراء للأب ولا يقع للمعتوه وفي الاستحسان يقع وبالقياس أخذ ومنها لو وقع رجل في بئر حفرت في طريق فتعلق بآخر وتعلق الآخر بآخر فوقعوا جميعا فماتوا فوجدوا في البئر بعضهم على بعض فإن حافر البئر يضمن دية الأول ويضمن الأول دية الثاني ويضمن الثاني دية الثالث فيكون ذلك على عواقلهم فهذا هو القياس وبه نأخذ وفيها قول آخر هو الإستحسان وليس المقصود حصرها فيما ذكر قالفخر الإسلام هذا قسم عز وجوده اه وقد أنهيت إلى اثنين وعشرين مسئلة فأما القسم الذي يرجح فيه الإستحسان على القياس فأكثر من أن يحصى اه من شرح المنار للعلامة زين ملخصا
قوله ( ولا حصر لمقابله ) وهوتقديم الإستحسان على القياس والإستحسان من الأدلة عندنا ومن نفاه لم يدر ما هو كما في التحرير
قوله ( وهو التلاوة الملزمة ) خرج غير الملزمة كتلاوة النائم على أحد قولين صونا لها عن الضياع لو تركها
قوله ( وللصلاة عن الزائد ) لو سجدها فيها وهو راجع لقوله سجد خارج الصلاة على سبيل النشر المرتب
قوله ( وأشار في بعض النسخ الخ ) ظاهره أن الضمير للمصنف وفيه أن الإشارة تؤخذ من قوله في المتن في الأظهر والذي في كبيره وقال العتابي أشار في بعض النسخ إلى أنها تسقط عنه بالإقتداء في غير ركعتها
____________________
(1/318)
لأن السماع بناء على التلاوة وقد وجدت في الصلاة فكانت السجدة صلوية فلم تؤد خارجها اه ولعل ضمير أشار في كلام العتابي إلى ما شرح عليه
قوله ( فيصير مؤديا لها حكما ) فمن أدرك الإمام في ركوع ثالثة الوتر فإنه يكون مدركا للقنوت
قوله ( فلا يسجدها أصلا ) أي مطلقا لا في الصلاة ولا خارجها وقد علل المؤلف للوجهين
قوله ( لأن لها مزية ) أي مزية الصلاة فلا تتأدى بالسجود خارجها لأنه أنقص من السجود فيها
قوله ( لاثمه بتعمد تركها ) لأنها واجبة والواجب يأثم المكلف بتركه
قوله ( كالجمعة ) أي كترك الجمعة فإنه يأثم به إن كان تركها لأجل تفويته شرطا كأن أخرها حتى خرج وقتها أما إذا تركها متهاونا فإنه يكفر كما سيأتي
قوله ( فإذا فسدت به ) أي بغير الحيض والنفاس
قوله ( والحائض ) محترز قوله بغير الحيض والنفاس
تنبيه إنما قال المصنف خارجها لأنها تقضي داخلها بأن أخرها حتى طالت القراءة فإنها تصير قضاء ولكنه يسجدها فيها أما إذا لم تطل القراءة فينوب عنها سجود الصلاة ولو من غير نية وقدمنا عن الدراية أنه يقضيها ما دام في حرمة الصلاة ولو بعد السلام ما لم يأت بمناف اه
قال في الشرح وتعبيرنا بالصلاتية متنا تبع للهداية والكنز وهو مستعمل عند الفقهاء كثيرا فهو خير من صواب نادر قال الكمال وصواب النسبة صلوية برد ألفه واو أو حذف التاء وإذا كانوا حذفوها في نسبة المذكر إلى المؤنث كنسبة الرجل إلى بصرة مثلا فقالوا بصرى لا بصرتي كي لا يجتمع تاآن في النسبة إلى المؤنث فيقولون بصرتية فكيف بنسبة المؤنث إلى المؤنث اه
قوله ( ولو تلا آية خارج الصلاة ) ومثله ما لو سمع كما ذكره المصنف ولم يسجد أولا
قوله ( في مجلسه ) بأن شرع في الصلاة في مكانه قبل أن يشتغل بعمل آخر
قوله ( لقوتها ) فتجعل الخارجية تبعا لها حتى لو لم يسجد للصلاتية لم يأت بالخارجية أيضا لأنها أخذت حكم الصلوية فتسقط تبعا لها ولكنه يأثم كما في البحر والنهر وسبق الخارجية عن الصلوية غير مانع من جعلها تبعا لها لأن مبنى سجود التلاوة على التداخل قاله السيد
قوله ( في ظاهر الرواية ) وفي رواية النوادر يسجد للأول إذا فرغ من الصلاة لأن السابق لا يكون تبعا للاحق ولأن المكان قد تبدل بالاشتغال بالصلاة فصار كما لو تبدل بعمل آخر وجه الظاهر أن الدخول في الصلاة عمل قليل وبمثله لا يختلف المجلس كذا في الشرح
قوله ( وإذا تبدل المجلس ) محترز قوله في مجلس
قوله ( بنحو أكل ) كمشى أكثر من خطوتين والمراد أكل ما فوق لقمتين لأنه الذي يتبدل به المجلس لا بالأقل كما سيأتي
قوله ( في ظاهر الرواية ) وقيل لا تجب ووفق السرخسي بينهما بحمل الأول على ما إذا تكلم لأن الكلام يقطع حكم المجلس والثاني على ما إذا لم يتكلم وهو الصحيح أي في التوفيق لا في نفس الحكم لتقديم ظاهر الرواية كذا يفاد من الشرح
قوله ( لعدم بقاء الصلوية حكما ) قال في الشرح لأن المتلوة في الصلاة لا وجود لها لا حقيقة ولا حكما والموجود هو الذي يستتبع دون المعدوم اه أي فلا يقال إن المجلس واحد والمتلو متحد ومقتضاه إغناء سجدة واحدة للفرق في المكرر بين أن يكون واحدا ولو تقدمت عما تكرر منها
قوله ( كمن كررها في مجلس واحد ) لا فرق في المكرر بين أن يكون واحدا أو متعددا كأن سمع السجدة من رجل ثم سمعها في ذلك المجلس من آخر ثم قرأها فيه فإنه يكفيه سجدة واحدة
قوله ( سواء كانت في ابتداء التلاوة الخ ) الأولى أن يقول في
____________________
(1/319)
ابتداء التكرار قال في القنية والأولى أن يبادر فيسجد ثم يكرر وتعقبه في البحر بأن الأولى تأخير السجود لما قيل أن التداخل فيها في الحكم لا في السبب فالاحتياط على هذا التأخير كما لا يخفي وفي الشرح يستحب تكرار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا سجود التلاوة
قوله ( لأن النبي صلى الله عليه وسلم الخ ) ولأن تكرار القراءة محتاج إليه للحفظ والتعليم فلو تكرر الوجوب لزم الحرج وهو مرفوع بخلاف ما إذا تعدد المجلس أو المتلو حيث يتكرر الوجوب عملا بالقياس لعدم الحرج
قوله ( وهذا تداخل في السبب ) بأن تجعل التلاوات المتعددة حقيقة كتلاوة واحدة حكما فتكون الواحدة سببا والباقي تبعا لها لأنها جنس واحد فيجب حكم واحد ويلحق ما تأخر منها عن السجود بما تقدم عليه
قوله ( لأنه أليق بالعبادات ) بيان ذلك أن التداخل إذا كان في الحكم دون السبب كانت الأسباب باقية على تعددها فيلزم ترك العبادة مع وجود سببها الموجب لها وهو شنيع لأن فيه ترك الاحيتاط فيما يجب فيه الاحتياط فقلنا بتداخل الأسباب فيها ليكون جميعها بمنزلة سبب واحد ترتب عليه حكمه إذا وجد دليل الجمع وهو اتحاد المجلس فأما العقوبات فليست مما يحتاط فيها بل في درئها فيجعل التداخل في الحكم ليكون عدم الحكم مع وجود الموجب مضافا إلى عفو الله تعالى
قوله ( والتداخل في الحكم الخ ) هو جعل الأسباب المتعددة موجبة حكما واحدا مع بقاء تعددها فلا يلحق ما تأخر منها عن الحكم بما تقدم عليه وهو الأصل في التداخل لأن التداخل أمر حكمي يثبت بخلاف القياس إذ الأصل أن لكل سبب حكما فيليق بالأحكام لثبوت الأسباب حسا بخلاف الأحكام واعتبار الثابت حسا غير ثابت أبعد من اعتبار الثابت حكما غير ثابت
قوله ( مرارا ) عائد إلى الشرب وإلى الزنا أي لو شرب مرارا في مجلس بحيث تبقى رائحة الشرب من الجميع وحد كفى عنها جميعها ولا يكفي حد واحد عن شرب وزنا لاختلاف الأسباب والمسببات
قوله ( وإذا عاد يعاد ) ولو في المجلس
قوله ( لعدم ما يقتضي التداخل ) لأنه إنما يصح عند جامع يجمع الأسباب ويجعلها كسبب واحد وهو المجلس إذ به يتصل الإيجاب مع القبول مع الفصل حقيقة وتتحد الأقارير المتعددة حقيقة كما لو أقر بالزنا أربع مرات في مجلس واحد يجعل مقرا مرة واحدة فإذا اختلف المجلس عاد الحكم إلى الأصل وهو تكرر الحكم بتكرر السبب اه
تنبيه مما يناسب التداخل ما نقله المنلا علي في شرح موطأ الإمام محمد عنه أنه يجب تشميت العاطس مرة واحدة وما زاد فمندوب ولو لم يشمته أولا كفاء واحدة كسجدة التلاوة وفي الشرح وقيل يشمت إلى العشر والأصح أنه إذا زاد على الثلاث لا يشمت كذا في المبسوط وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال في تنوير الأذهان والضمائر شرح الأشباه والنظائر
قال بعض العلماء تجب الصلاة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لكل مرة وقال بعضهم تجب في العمر مرة واحدة وقال بعضهم تجب في كل مجلس مرة وهو أوسط الأقوال وخير الأمور أوسطها اه
قوله ( في الصحراء والطريق ) قيد به لما سيذكره بعد أن البيت الصغير لا يتبدل المجلس بالإنتقال فيه إلى زاوية أخرى منه بغير تسديه فمعها بالأولى خصوصا على القول بأنها تمنع اختلاف المكان كذا في الشرح
قوله ( في الأصح ) وقيل لا يختلف المكان بالتسدية
قوله ( وبيده السدى ) كالحصا من الثوب ما مد منه قاموس
قوله ( في ظاهر الرواية وهو الصحيح )
____________________
(1/320)
وقيل لا يتبدل لأن أصل الشجرة واحد وفي التتارخانية عن الحجة إن كان لا يمكنه التحول من غصن إلى غصن إلا بالنزول والصعود يسجد ثانية وإلا تكفيه واحدة للتلاوتين اه
قوله ( أو في حوض كبير ) أطلق فيه وذكروا في المياه أن الكبير ما كان عشرا في عشر والصغير ما دونه ويمكن جريان ما هنا عليه ويراجع وفي الشرح عن محمد إذا كان طول الحوض وعرضه مثل طول المسجد وعرضه تكفيه سجدة واحدة وفي الخانية الصحيح أنه يتكرر
قوله ( بزوايا البيت الصغير ) أما الكبير كدار السلطان إذا تلا في دار منه ثم تلا في دار أخرى تلزمه سجدة أخرى وجزم به قاضيخان
قوله ( لصحة الإقتداء الخ ) أشار به إلى ضابط ذكره ابن أميرحاج وحاصله أن كل موضع يصح الإقتداء فيه من يصلي في طرف منه يجعل كمكان واحد ولا يتكرر الوجوب بالانتقال منه في موضع إلى آخر إذا كررها فيه وما لا فلا اه
قوله ( ولا بسير سفينة ) لأن سير السفينة لا يضاف إليه
قوله ( ولا يتبدل بركعتين عند أبي يوسف ) هو الأصح لأن تحريمة الصلاة تجمع الأمكنة المتعددة فتجعلها كمكان واحد
قوله ( وكذا الخلاف في الشفع الثاني من الفرض ) وظاهر ما في النهر ترجيح قول الثاني
قوله ( ولا يتبدل بشرب شربة الخ ) أشار به إلى أن الاختلاف كما يكون حقيقيا يكون حكميا كأن يشرع في عمل آخر يعرف أنه قاطع للمجلس بأن باع أو اشترى أو نكح أو اضطجع أو أرضعت ولدها أو امتشطت أو تكلم بثلاث كلمات أو أكل ثلاث لقمات أو شرب ثلاث جرعات من غير أن يقوم من مكانه فإن ذلك يقطع حكم المجلس وكذا كل عمل كثير أما إذا كان العمل قليلا كأن أكل لقمة أو لقمتين أو شرب جرعة أو جرعتين أو تكلم كلمة أو كلمتين أو خطا خطوة أو خطوتين أو اشتغل بالتسبيح أو التهليل أو قراءة القرآن ولو كثيرا أو قرأها وهو قائم فقعد أو بالعكس ولو خطا خطوتين لأن المعلم ربما يحتاج إلى قليل مشى في حال تعليم الصبيان أو نام قاعدا أو اتكأ أو أطال الجلوس فإنه لا يقطع حكم المجلس شيء من ذلك كخيار المخيرة كذا في الجوهرة والنهر والشمنى وغيرها
قوله ( بدون مشي ) أو بمشي قليل
قوله ( وركوب ونزول ) سواء تقدم الركوب وأعقبه النزول أو بالعكس
قوله ( إذا كررها مصليا ) أما إذا كررها خارج الصلاة تكرر الوجوب لأن سير الدابة يضاف إلى راكبها وهذا إذا تلاها أما إذا كان يصلي على الدابة فسمعها من آخر ثم سمعها ثانيا تكرر الوجوب على الأصح ويسجد بعد الصلاة
قوله ( تكرر على السامع السجود إجماعا ) أما على قول البعض أن السبب هو السماع فمجلس السماع متعدد وأما على قول الجمهور أن السبب التلاوة فلأن اتحاد المجلس أبطل التعدد في حق التالي فلم يظهر ذلك في حق غيره كذا في الشرح
قوله ( على الأصح ) وعليه الفتوى نهر واختاره صاحب الهداية وقاضيخان قال الحلبي وبه نأخذ قال في المنح وهذا يفيد تصحيح القول بأن السبب في حق السامع هو السماع دون التلاوة ويؤيده ما مر من الأثر السجدة على من سمعها اه وقيل يتكرر على السامع أيضا وهو اختيار الأسبيجابي وعليه الفتوى ونقله الأكمل بقيل وعليه الفتوى وهو قول فخر الإسلام إذ مجلس التالي إذا تكرر دون السامع يتكرر الوجوب على السامع لأن الحكم يضاف إلى السبب وهو التلاوة لا إلى الشرط وهو السماع وهذا هو ما عليه الجمهور لأن الصحيح أن السبب في حق السامع هو التلاوة كالتالي والسماع بشرط
____________________
(1/321)
عمل التلاوة في حق السامع اه وليس في الحديث بيان السبب بل بيان الوجوب على السامع اه كذا في الشرح
قال السيد فقد اختلف الترجيح
قوله ( وكره أن يقرأ الخ ) أي تحريما كما في النهر
قوله ( سورة ) مثلها الآيات التي فيها آية السجدة إذا تركها
قوله ( لأنه يشبه الاستنكاف عنها ) وذلك ليس من أخلاق المؤمنين لأنه كفر فيكون ما يشبهه مكروها كما في البناية ولأنه يوهم الفرار من لزوم السجود وهجران بعض القرآن وكل ذلك مكروه زيلعي
قوله ( ولكن ندب ضم آية الخ ) لأنه أبلغ في إظهار الإعجاز وأدل على مراد الآية
قوله ( إليها ) سواء كان ذلك قبلها أو بعدها
قوله ( لدفع توهم التفضيل ) أي تفضيل آية السجدة على غيرها إذا الكل من حيث أنه كلام الله تعالى في رتبة واحدة وإن كان لبعض زيادة فضيلة لاشتماله على ذكر صفات الحق جل جلاله كذا في الفتح
قوله ( وندب إخفاؤها الخ ) قال في المحيط إن كان التالي وحده يقرأ كيف شاء من جهروا خفاء وإن كان معه جماعة قال مشايخنا إن كان القوم متهيئين للسجود ويقع في قلبه أنه لا يشق عليهم أداء السجود ينبغي أن يقرأها جهرا حتى يسجد القوم معه لأن في هذا حثالهم على الطاعة وإن كانوا محدثين أو وقع في قلبه أنه يشق عليهم ذلك ينبغي أن يقرأها في نفسه ولا يجهر محترزا عن تأثيم المسلم وذلك مندوب إليه كذا في العناية وإذا لم يعلم بحالهم ينبغي إخفاؤها حموي والراجح الوجوب على متشاغل بعمل ولم يسمعها زجرا له عن تشاغله عن كلام الله تعالى فنزل سامعا ذكره السيد عن الدر
قوله ( وندب القيام ) كما ندب النزول لمن تلاها راكبا ليسجدها على الأرض
قوله ( روى ذلك عن عائشة ) لأن الخرور الذي مدح به أولئك فيه أكمل وفي السيد ويندب أن يقوم ويخرسا جدا ولو كان عليه سجدات كثيرة ويستحب إذا فرغ منها أن يقوم اه ملخصا
قوله ( وندب أن لا يرفع السامع الخ ) وكذا يستحب أن لا يسبقوه بالوضع كذا في الشرح
قوله ( ولذا لا يؤمر التالي الخ ) هذا يخالف ما في الشرح عن النوازل أنه يتقدم ويصطف الناس خلفه اه إلا أن يقال هذا على وجه الندب ونفي الأمر منصب على السنة المؤكدة وذكر في الدراية أن المرأة تصلح إماما للرجل فيها اه لأنها إمامة صورية لا حقيقة
قوله ( حيث كانوا ) ولو متقدمين عليه
قوله ( وكيف كانوا ) أي على أي صفة كانوا
قوله ( والنية ) أي نية أن هذا السجود للتلاوة وأما نية التعيين فلا تشترط وقالوا إنها تفسد بمفسدات الصلاة من نحو حدث عمد وكلام وقهقهة فعليه إعادتها وفي سبق حدث يتوضأ ويبني كما لو وجدت هذه الأشياء في سجدة الصلاة ولا يخفي أن هذا كله على قول محمد لأن العبرة لتمام الركن وهو إنما يحصل عنده بالرفع ولم يوجد بعد وهو الأصح على ما مر ولا يتصور شيء من ذلك عند أبي يوسف لأن السجدة قد تمت عنده بمجرد الوضع فينبغي أن لا تفسد على قوله كذا في الحلبي وابن أميرحاج قال في الشرح وقد يقال الرفع وإن لم يكن من تمامها فما دام في الوضع فهو فيها كمن أطال القراءة والقيام وهو في الفرض فإذا قهقه أو عمل المنافي حصل في حقيقة السجود فبطل الجزء الملاقي له فيبطل الكل ببطلانه انتهى
قوله ( ويستحب للتالي أو السامع الخ ) تحصيلا للإمتثال بالقدر الممكن
قوله ( وصححه في البدائع ) مقابله رواية الحسن عن الإمام الركن في السجدة وضع الجبهة والتكبير عند الرفع حتى لو تركه يعيد
قوله ( للإنحطاط ) أي للسجود كسجدة الصلاة
____________________
(1/322)
قوله ( لعدم وروده ) لأنه لم يشرع إلا في صلاة ذات ركوع وسجود ولذا لم يشرع في صلاة الجنازة
قوله ( أن يقال ذلك ) أي التسبيح في غير النفل أي في صلاة غير النفل وهي صلاة الفرض لأن سجدة الصلاة أفضل من سجدة التلاوة ويقال فيها ذلك
قوله ( وفيه ) أي في النفل وحكم خارج الصلاة كذلك
قوله ( بحوله وقوته ) زاد الحاكم فتبارك الله أحسن الخالقين وصحح هذه الزيادة
قوله ( أو قوله اللهم اكتب ) الذي رواه الترمذي من حديث ابن عباس اللهم اجعلها لي عندك ذخرا وأعظم لي بها أجرا وضع عني بها وزرا وتقبلها مني كما تقبلتها من داود اه وقوله هو بالنصف عطفا على ما شاء
قوله ( وإن كان خارج الصلاة الخ ) لو قال المؤلف وفيه وخارج الصلاة يقول ما شاء مما ورد لكان أخصر
قوله ( من ذلك ) المذكور من الدعاء أو غيره والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل سجدة الشكر مكروهة أي تنزيها
قوله ( لعدم إحصاء نعم الله تعالى ) فلو وجبت لوجبت في كل لحظة لأن نعم الله تعالى على عباده متواترة مترادفة وفيه تكليف ما لا يطاق
قوله ( وقال الأكثرون ) مقابل قوله ثم قيل إنه لم يرد
قوله ( فهو منسوخ ) مردود بفعل أكابر الصحابة بعده صلى الله عليه وسلم كسجود أبي بكر لفتح اليمامة وقتل مسيلمة وسجود عمر عند فتح اليرموك وهو واد بناحية الشأم وسجود على عند رؤية ذي العذبة قتيلا بالنهر وروى أنه صلى الله عليه وسلم دعا الله ساعة ثم خر ساجدا فعله ثلاث مرات وقال إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي فخررت ساجدا شكرا لربي ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني ثلث أمتي فخررت ساجدا شكرا ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الأخير فخررت ساجدا لربي رواه أبو داود
قوله ( قربة يثاب عليها ) وعليه الفتوى وفي الدر وبه يفتي وفي ابن أميرحاج وهو الظاهر وكيف لا وقد جاء فيها غير ما حديث اه وفي الدر وسجدة الشكر مستحبة به يفتى لكنها تكره بعد الصلاة لأن الجهلة يعتقدون أنها سنة أو واجبة وكل مباح يؤدي إليه فهو مكروه اه
قوله ( كان إذا أتاه أمر يسره ) أي وشاهده كرأس أبي جهل لعنه الله لما أتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وألقى بين يديه سجد لله تعالى خمس سجدات شكرا
قوله ( أو بشربه ) أي من غير رؤيته كسجوده حين بشره جبريل عليهما الصلاة والسلام أن الله تعالى يقول لك من صلى عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه وفي التتارخانية قال صاحب الحجة عندي أن قول الإمام محمول على الإيجاب وقول محمد على الجواز والاستحباب فيعمل بهما لا يجب بكل نعمة سجدة شكرا كما قال أبو حنيفة ولكن يجوز أن يسجد سجدة الشكر في وقت سر بنعمة أو ذكر نعمة فشكرها بالسجدة وأنه غير خارج عن حد الاسحباب وفي فروق الأشباه قال سجدة الشكر جائزة عند الإمام لا واجبة وهو معنى ما روى أنها ليست مشروعة وفي القاعدة الأولى من الأشباه والمعتمد أن الخلاف في سنيتها لا في الجواز اه وفي الهندية وصورتها أن من تجددت عليه نعمة ظاهرة أو رزقه الله تعالى مالا أو ولدا أو وجد ضالة أو اندفعت عنه نقمة أو شفى له مريض أو قدم له غائب يستحب أن يفعلها كسجدة التلاوة وأما إذا سجد بغير سبب فليس بقربة ولا مكروه اه
قوله ( فائدة مهمة ) من الهم بمعنى ما يهتم به أي ينبغي الاهتمام أي الاعتناء بها
قوله ( كل نازلة ) أي حالة من النزول بمعنى
____________________
(1/323)
الحلول والنزلة الزكام قاموس
قوله ( مهمة ) أي موقعة في الهم وهو الحزن قاموس
قوله ( ينبغي الاهتمام ) الأولى ذكره بعد قوله فائدة مهمة
قوله ( وهي التي قصدت جمعها ) فيما تقدم عند تعداد محلاتها
قوله ( لهذه الفائدة ) وهي دفع المهم
قوله ( وتقريب الأمر ) عطف على اسم الإشارة
قوله ( مع حكم السجود ) أي فيما تقدم والظرف متعلق بقوله جمعها
قوله ( الودود ) أي المحبوب أو المحب
قوله ( وسجد بتلاوته لكل آية منها سجدة ) قال في الدر وظاهره أنه يقرؤها أولا ثم يسجد ويحتمل أن يسجد لكل بعد قراءتها اه قلت والثاني أولى لما تقدم أن تأخيرها مكروه تنزيها ولدفع أشكال الكمال بأن فيه تغيير نظم القرآن لأن السجود يكون فاصلا فتأمل
قوله ( ما أهمه ) أي من الأمر الذي قصد السجود له ويحتمل التعميم والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب الجمعة سميت جمعة لاجتماع الناس فيها وقيل لأن كمال الخلائق جمع فيه وقيل لأن خلق آدم عليه السلام جمع فيه
قال في فتح الباري وهذا أصح الأقوال وقيل لأن أول اجتماع آدم وحواء عليهما السلام بالأرض كان فيه وقيل لأن الله تعالى يجمع فيه بين العباد والرحمة ويقال له عيد المؤمنين ويوم المزيد لتزايد الخيرات فيه وفيه تجتمع الأرواح وتزار القبور ويأمن الميت من عذاب القبر ومن مات فيه أو في ليلته أمن منه ولا تسجر فيه جهنم وفيه يزور أهل الجنة ربهم عز وجل وخص يومها بقراءة سور الكهف وقال صلى الله عليه وسلم خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أهبط وفيه تيب عليه وفيه مات وفيه تقوم الساعة وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه اه والمصيخة المنتظرة قال عبد الله بن سلام الساعة المعلومة هي آخر ساعة من يوم الجمعة
قال أحمد أكثر الأحاديث على قول ابن سلام وقيل هي من وقت خروج الإمام إلى المنبر إلى فراغ الصلاة وهذان القولان أصح الأقاويل فيها وهي تنوف على أربعين وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله من يوم الأضحى والفطر وقال صلى الله عليه وسلم اليوم الموعود يوم القيامة والمشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة وقال ابن المسيب الجمعة أحب إلى الله تعالى من حج التطوع وعن ابن عباس مرفوعا الجمعة حج المساكين وفي رواية حج الفقراء
قوله ( هي من الاجتماع ) وهي اسم مصدر لاجتمع
قوله ( بسكون الميم ) للمفعول لأن فعلة بالسكون للمفعول كهمزة أي اليوم المجموع فيه وبها قرأ الأعمش
قوله ( والقراء يضمونها ) أي يضمون الميم اتباعا لضمة الجيم
قوله ( لغة الحجاز ) وهي المشهورة الفصحى
قوله ( وفتحها لغة تميم ) بمعنى فاعل أي اليوم الجامع كضحكة وهمزة ولمزة للمكثر من ذلك وتاؤها للمبالغة كما في علامة لا للتأنيث وإلا لما وصف بها اليوم وبه قرىء كالسكون وهما قراءتان شاذتان وحكى الزجاج الكسر كما في شروح البخاري وشرح المشكاة والنهر وأنكر لأن فعلة بالكسر ليس من الأوزان العربية ومن قاله بالتسكين جمعه على جمع ومن قاله بالضم جمعه على
____________________
(1/324)
جمعات وهي بغير السكون اسم لليوم وبالسكون اسم لأيام الأسبوع وأولها السبت وأول الأيام يوم الأحد واختلف في هذه التسمية مع الاتفاق أنه كان يدعي في الجاهلية عروبة بفتح العين المهملة وضم الراء وبالموحدة فقال الزجاج والفراء وأبو عبيدة وأبو عمر وكانت العرب العاربة تقول ليوم السبت شيار وللأحد أول وللإثنين أهون وللثلاثاء جبار وللأربعاء دبار وللخميس مؤنس وللجمعة عروبة أي ثم نقلوها إلى تلك الأسماء المشهورة وجزم ابن حزم أنه اسم إسلامي ولم يكن في الجاهلية وورد أن أهل المدينة صلوها قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن الأنصار قالوا لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام وكذلك للنصارى فهلم فلنجعل يوما نجتمع فيه ونذكر الله تعالى ونصلي ونشكره فجعلوه يوم العروبة وهي أول جمعة في الإسلام وأما أول جمعة جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت في مسجد بني سالم بن عوف فخطب وصلى فيه
قوله ( بالكتاب ) هو قوله تعالى { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } الجمعة 62 رتب الأمر بالسعي إلى ذكر الله على النداء للصلاة والظاهر أن المراد بالذكر الصلاة ويجوز أن يراد به الخطبة وعلى كل تقدير يفيد افتراض الجمعة فالأول ظاهر والثاني كذلك لأن افتراض السعي إلى الشرط فرع افتراض المشروط ألا ترى أن من لم تجب عليه الصلاة لم يجب عليه السعي إلى الخطبة بالإجماع والمذكور في التفسير أن المراد الخطبة والصلاة جميعا وهو الأحق لصدقه عليهما معا ثم إن الله تعالى أكد ذلك بتحريم مباح وهو البيع وهو لا يكون إلا لأمر واجب كما هو مقتضى الحكمة
قوله ( والإجماع ) قال في الشرح أجمع المسلمون من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على فرضيتها من غير إنكار أحد وهي فرض عين إلا عند ابن كج من أصحاب الشافعي فإنه يقول فرض كفاية وهو غلط ذكره في الحلبية
قوله ( ونوع من المعنى ) أي ودليل من المعنى المعقول قال في الشرح وأما المعنى فلانا أمرنا بترك الظهر لإقامة الجمعة والظهر فريضة ولا يجوز ترك فرض إلا لفرض هو آكد وأولى منه فدل على أن الجمعة آكد من الظهر في الفريضة
قوله ( لذلك ) أي لافتراضها بهذه الأدلة
قوله ( وقال عليه السلام ) بيان للسنة
قوله ( في حديث ) قاله في خطبة
قوله ( في مقامي هذا ) الذي في ابن ماجه وغيره تقديم هذا على قوله في شهري هذا وفيه بعد قوله في شهري هذا زيادة ولفظها فريضة واجبة إلى يوم القيامة فمن تركها جحودا واستخفافا بحقها في حياتي وبعد موتي وله إمام عادل الخ
قوله ( تهاونا بها ) أي كسلا فالتهاون غير الاستخفاف وعبارة القاموس تفيد الإتحاد
قوله ( وله إمام عادل أو جائر ) إنما ذكره ليفيد وجوب إقامتها مع الإمام الجائر وأن جوره ليس عذرا مسقطا لها وإلا فالاستخفاف مكفر وإن لم يكن إمام أصلا
قوله ( فلا جمع الله شمله ) الشمل بالكسر والفتح العذق أو القليل الحمل منه فشبه أمور الإنسان بالعذق بجامع صدورها عن أصل واحد وأطلق عليها الشمل وجمع الشمل كناية عن عدم تفرق أموره واختلافها وانعكاسها
قوله ( ولا بارك له في أمره ) الذي في ابن ماجه ولا أتم له أمره
قوله ( ألا فلا صلاة له ) أي كاملة ومثله يقال فيما بعد إن لم يجحده أو يستخفه وإلا فالكلام على حقيقته
قوله ( طبع الله على قلبه ) طبع عليه كمنع ختم قاموس أي لا يجعله قابلا للخير فهو كناية عن صرفه عن الخيرات
قوله ( يجعله في أسفل درك جهنم ) محمول على شدة العذاب وإنما ذكر ذلك لأنه فعل فعل المنافقين حيث أقر بالوحدانية وتوابعها وترك الجمعة والمنافقون في الدرك الأسفل من النار أو محمول على من تركها جحدا ومات
____________________
(1/325)
على هذه العقيدة
قوله ( آكد من الظهر ) قد علمت وجهه
قوله ( سبعة شرائط ) اعلم أن لوجوبها شرائط زائدة على شرائط سائر الصلوات وهي في المصلي ولصحتها شروط كذلك وهي في غير المصلي والفرق بينهما أنه بانتفاء الأول يصح الأداء وبانتفاء الثاني لا يصح
قوله ( وهي الذكورة ) أي المحققة در فخرج الخنثى كما استظهره في النهر وفيه أنه يعامل بالأضر ومقتضاه الوجوب عليه
قوله ( خرج به النساء ) فلا تجب على امرأة وإن دخلت في عموم الخطاب بطريق التبعية لأنها خصت منه بعموم النهي عن الخروج بقوله تعالى { وقرن في بيوتكن } الأحزاب 33 لا سيما في مجامع الرجال وللحديث الآتي
قوله ( خرج به الأرقاء ) فلا تجب عليهم إجماعا قال في الفتاوي وللمولى أن يمنع عبده عن الجمعة والجماعات والعيدين واختلف فيما لو أذن له المولى في الجمعة والأليق بالقواعد أنه يتخير ولا يتحتم عليه الأداء ويؤيده أنه لا يجب عليه الحج وإن أذن له المولى وإذا لم يأذن له فيها جاز له الخروج إليها إن كان يعلم أن مولاه يرضى وإلا لا والأصح أنه إن حضر مع مولاه لحفظ دابته له أن يصليها بغير إذن المولى إن كان لا يخل بالحفظ كما في البحر وغيره وأما الأجير فقالأبو علي الدقاق ليس للمستأجر منعه منها ولكن يسقط عنه من الأجرة بقدر اشتغاله بذلك إن كان بعيدا وإن كان قريبا لا يسقط عنه شيء
قال في البحر وظاهر المتون تشهد للدقاق
قوله ( والإقامة ) ولو بنية المكث خمسة عشر يوما
قوله ( إلا أربعة ) إلا بمعنى غير وهذا الحديث يدل على اشتراط الذكورة والحرية
قوله ( وفي البخاري ) يدل على اشتراط الإقامة
قوله ( ولا تشريق ) أي لا تكبير تشريق وظاهر ما ذكره أن الحديث مرفوع وهو الذي ذكره أبو يوسف في الإملاء ومحمد في الأصل ورواه ابن أبي شيبة موقوفا عن علي والموقوف في مثله كالمرفوع
قال الكمال وكفى بقول على قدوة
قوله ( إلا في مصر جامع ) هذا دليل اشتراط المصر والمصر بالكسر الحاجز بين الشيئين والحد بين الأرضين والوعاء والكورة والطين الأحمر ومصر للمدينة المعروفة سميت به لتمصرها أو لأنه بناها المصر بن نوح والمدينة من مدن أقام فعل ممات ومدن المدائن تمدينا مصرها اه قاموس ملخصا فظاهر قوله ومصر للمدينة وقوله ومدن المدائن تمدينا مصرها أنهما شيء واحد
قوله ( ولم ينقل عن الصحابة الخ ) وكذا لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم أمر بإقامة الجمعة في قرى المدينة على كثرتها
قوله ( ولو آحادا ) خبر الآحاد هو الذي نقله واحد عن واحد
قوله ( فلا بد من الإقامة بمصر ) ذكره ليعطف عليه قوله أو الإقامة فيما هو داخل الخ
قوله ( الذي لم ينفصل عنه بغلوة ) في الفتح هنا وفي صلاة المسافر التقدير في الحد الفاصل بالغلوة مروي عن محمد وفي النوادر هو المختار وفي النهاية عن التمرتاشي أنه الأشبه وفي القهستاني وهو الأصح وهي أربعمائة ذراع في الأصح اه
قوله ( فلا يعمل بما قيل الخ ) قال في الشرح تنبيه قد علمت بنص الحديث والأثر والرواية عن أئمتنا أبي حنيفة وصاحبيه واختيار المحققين من أهل الترجيح أنه لا عبرة ببلوغ النداء ولا بالغلوة والأميال وإنه ليس بشيء فلا عليك من مخالفة غيره وإن ذكر تصحيحه فمنه ما في البدائغ أنه إن أمكن أن يحضر الجمعة وببيت بأهله من غير تكلف يجب عليه اه أي لأن من جاوز هذا الحد بنية السفر كان مسافرا فلو وجبت ثمة لوجبت على المسافر وهو خلاف النص
قوله ( خرج به المريض ) أي الذي لا يقدر على الذهاب إلى الجامع أو
____________________
(1/326)
يقدر ولكن يخاف زيادة مرضه أو بطء برئه بسبب جلى وألحق بالمريض الممرض إن بقي المريض ضائعا بخروجه على الأصح جوهرة
قوله ( لما روينا ) أي من قوله صلى الله عليه وسلم الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة الخ وعد منهم المريض
قوله ( فلا تجب على من اختفى من ظالم ) أفاد التعبير بظالم لم أنه مظلوم فإن كان اختفاؤه لجناية منه توجب حدا مثلا لا يسقط عنه الوجوب
قوله ( المفلس ) بالتخفيف الذي لا دينار له ولا درهم والمراد به هنا من لا يقدر على وفاء دينه
قوله ( كما جاز له التيمم ) أي فيجوز له ترك الجمعة كما جاز له التيمم
قوله ( فلا تجب على الأعمى عند أبي حنيفة ) لا فرق بين أن يجد فائدا أو لا سواء كان القائد متبرعا أو بأجر وله ما يستأجر به أو كان مملوكا ذكره السيد قال في البحر ولم أر حكم الأعمى إذا كان مقيما بالجامع الذي يصلي فيه الجمعة هل تجب عليه لعدم الحرج اه وتجب على الأعور لعدم الحرج
قوله ( وهي مسئلة القادر بقدرة الغير ) قد تقدم أن المصحح فيها قولهما
قوله ( فلا تجب على المقعد ) ومثله مقطوع الرجلين وفي الكلام إشارة إلى أنها تجب على مفلوج إحدى الرجلين أو مقطوعها إذا كان يمكنه المشي بلا مشقة وإلا فلا أشار إليه القهستاني وبهذا يحصل الجمع بين ما في البحر من الوجوب وما في الشمنى من عمده أفاده بعض الأفاضل
قوله ( ومن العذر المطر العظيم ) وكذا الثلج والوحل
قال في الشرح وقدمنا أنه يسقط به الحضور للجماعة اه
قوله ( فليسا خاصين ) أي بالجمعة
قوله ( وغيره ) أطلقه فعم ما فيه بناء وغيره وقد سبق قريبا بيان الفناء
قوله ( في الأصح ) قال السرخسي وبه نأخذ وعليه الفتوى كما في شرح المجمع للعيني وكما في الفتح ومقابل الأصح ما في البدائع أن ظاهر الرواية جوازها في موضعين فلا تجوز في أكثر من ذلك وعليه الإعتماد اه فإن المذهب الجواز مطلقا وما قاله الشيخ العلامة المقدسي في نور الشمعة عن الإمام لا تجوز إلا في موضع واحد في البلد الواحد وما قال الإمام الزاهد العتابي وإلا ظهر عنده أنها لا تجوز إلا في موضعين ولو فعلوا فالجمعة للأولى وإن صليا معا فصلاتهم جميعا فاسدة والأصح إطلاق الجواز في مواضع لا طلاق الدليل اه أفاده الشرح
قوله ( وعلى القول الضعيف ) هو قول أبي يوسف
قوله ( المانع من جواز التعدد ) فالجمعة عنده للسابق وتفسد بالمعية والاشتباه ثم يعتبر السبق بالشروع وقيل بالفراغ وقيل بهما
قوله ( قيل بصلاة أربع ) أي بوجوب ذلك
قوله ( بنية آخر ظهر عليه ) هو الأحسن لأنه إن لم تجز الجمعة فعليه الظهر وإن أجزأت كانت الأربع عن ظهر عليه فيسقط وإن لم يكن عليه ظهر فنف اه وقيل ينوي السنة وقيل ظهر يومه كما في القنية
قوله ( وليس الاحتياط في فعلها الخ ) قالالبرهان الحلبي الفعل هو الاحتياط لأن الخلاف فيه قوي لأنها لم تكن تصلي في زمن السلف إلا في موضع واحد من المصر وكون الصحيح جواز التعدد للضرورة لا يمنع شرعية الاحتياط اه
قوله ( وأقواهما إطلاق جواز تعدد الجمعة ) لا طلاق حديث لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع فالمصر شرط إقامتها وهو موجود في كل فريق اه
قوله ( وبفعل الأربع ) خبر مقدم لقوله مفسدة اعتقاد الخ
قوله ( عدم فرض الجمعة ) مفعول اعتقاد وقوله أو تعدد عطف عليه
قال في الشرح وفي فعل الأربع مفسدة عظيمة وهي اعتقاد أن الجمعة ليست فرضا لما يشاهدون من صلاة الظهر فيتكاسلون عن أداء الجمعة أو
____________________
(1/327)
اعتقادهم افتراض الجمعة والظهر بعدها اه
قوله ( ولا يفتي بالأربع إلا للخواص ) قال العلامة المقدسي بعد نقله ما يفيد النهي عنها نقول إنما نهى عنها إذا أديت بعد الجمعة بوصف الجماعة والاشتهار ونحن لا نقول به ولا نفتي بفعلها أصلا بل ندل عليه الخواص الذين يحتاطون لأمر دينهم ويتركون ما يريبهم إلى تحصيل يقينهم اه ثم قيل يقرأ الفاتحة والسورة في كل ركعة فإن وقعت فرضا فقراءة السورة لا تضره وإن وقعت نفلا فقراءتها واجبة وقيل في الأولين فقط
قال الزاهدي وعلى هذا الخلاف فيمن يقضي الصلوات احتياطا والمختار عندي أن يحكم فيها رأيه كذا في الحلبي والشمتي ويقتصر في القعدة الأولى على التشهد ولا تفسد بتركها ولا يستفتح في الشفع الثاني والأحوط الترتيب بينها وبين العصر كذا قاله المقدسي ثم يصلي بعدها أربعا سنة الجمعة فإن صحت الجمعة فقد أدى سنتها على وجهها وإن لم تكن صحت فقد صلى الظهر مع سنته
فائدة قال في عقد الفوائد قضاة زماننا يحكمون بصحة الجمعة عند تجديدها في موضع بأن يعلق الواقف عتق عبده على صحة الجمعة في هذا الموضع وبعد إقامتها فيه بالشروط يدعى عتقه عليه بأنه علقه بصحة الجمعة وقد صحت ووقع العتق فيحكم بعتقه فيتضمن الحكم بصحة الجمعة ويدخل ما لم يأت من الجمعات تبعا اه
قوله ( أن يصلي بهم السلطان ) هو من لا وإلى فوقه قال الحسن أربع إلى السلطان وذكر منها الجمعة والعيدين ومثله لا يعرف إلا سماعا فيحمل عليه وقال ابن المنذر مضت السنة أن الذي يقيم الجمعة السلطان أو من بها أمره فإن لم يكن كذلك صلوا الظهر
كذا في الحلبي والمتغلب الذي لا عهد له أي لا منشور له إذا كانت سيرته بين الرعية سيرة الأمراء ويحكم بينهم بحكم الولاة تجوز إقامته الجمعة اه
قوله ( يعني من أمره بإقامة الجمعة ) وهو الأمير أو القاضي أو الخلفاء كما في العناية ولو عبدا ولي عمل ناحية وإن لم تجزأ قضيته وأنكحته وإذا لم يمكن استئذان السلطان لموته أو فتنة
واجتمع الناس على رجل فصلى بهم جاز للضرورة كما فعل علي في محاصرة عثمان رضي الله عنهما وإن فعلوا ذلك لغير ما ذكر لا يجوز لعدم الضرورة وروي ذلك عن محمد في العيون وهو الصحيح وفي مفتاح السعادة عن مجمع الفتاوي غلب على المسلمين ولاة الكفار يجوز للمسلمين إقامة الجمع والأعياد ويصير القاضي قاضيا بتراضي المسلمين ويجب عليهم أن يلتمسوا واليا مسلما اه ولو مات الخليفة وله ولاة على أمور العامة كان لهم أن يقيموا الجمعة لأنهم أقيموا لأمور المسلمين فكانوا على حالهم ما لم يعزلوا حلبي وفي البحر والنهر يجوز لقاضي القضاة كقاضي العساكر بمصر إقامة الجمعة وتولية الخطباء ولا يتوقف ذلك على إذن كما أن له أن يستخلف للقضاء وإن لم يؤذن له مع أن القاضي ليس له الإستخلاف إلا بإذن السلطان لأن توليته قاضي القضاة إذن له بذلك دلالة كما صرح به الكمال في باب القضاء ولا يتوقف ذلك على تقرير الحاكم المسمى بالباشا اه وفي البحر أيضا وصرح العلامة ابن جرباش في التحفة في تعداد الجمعة بأن إذن السلطان أو نائبه
____________________
(1/328)
إنما هو شرط عند بناء المسجد ثم بعد ذلك لا يشترط الإذن لكل خطيب فإذا قرر الناظر خطيبا في المسجد فله إقامته بنفسه وبنائبه وإن الإذن مستصحب لكل خطيب اه وفي مجمع الأنهر والاستخلاف في زماننا جائز مطلقا لأنه وقع في تاريخ خمس وأربعين وتسعمائة إذن الإمام وعليه الفتوى اه وفي القنية واتحاد الخطيب والإمام ليس بشرط على المختار نهر وفي الذخيرة لو خطب صبي عاقل وصلى بالغ جاز لكن الأولى الاتحاد كما في شرح الآثار وفي المجرد قالأبو حنيفة الأذن في الخطبة إذن في الجمعة والإذن في الجمعة إذن في الخطبة ولو قال اخطب لهم ولا تصل بهم أجزأه أن يصلي بهم
قوله ( للتحرز عن تفويتها ) علة لاشتراط السلطان أو نائبه فيها
قوله ( بقطع الأطماع ) متعلق بتحرز وإنما كانت الأطماع مفوتة لوجود التنازع بين الطامعين في التقدم فيمكن أن يفوت الوقت وهم في النزاع وهذا دليل معقول والمنقول ما قدمناه
قوله ( وله الاستنابة الخ ) قال في البدائع كل من ملك الجمعة ملك إقامة غير مقامة
قال في البحر فهو صريح أو كالصريح في جواز الاستنابة مطلقا وتقييد الزيلعي الاستخلاف بسبق الحدث لا دليل عليه وما في الدرر من أن الخطيب ليس له الاستنابة إلا أن يفوض إليه ذلك رده ابن الكمال
قوله ( دلالة ) متعلق بعامل له المقدر على أنه تمييز أي تثبت له الاستنابة دلالة قال في الشرح وإذا أذن لأحد بإقامتها ملك الاستخلاف وإن لم يفوض إليه صريحا لأن الإمام الأعظم لما فوضها إليه مع علمه بأن العوارض المانعة من إقامتها كالمرض والحدث في الصلاة مع ضيق الوقت تعتريه ولا يمكن انتظار الإمام الأعظم لأنها لا تحتمل التأخير عن الوقت كان إذنا له بالاستخلاف دلالة ولسان الحال أنطق من لسان المقال كذا قاله الشراح
قوله ( صح استخلافه ) لأن الخليفة بأن لا مفتتح والخطبة شرط افتتاح وقد وجد في حق الأصل
قوله ( قد شهد الخطبة أو بعضها ) لأن الخطبة شرط انعقاد في حق من ينشىء تحريمة الجمعة وهو الإمام إلا في حق كل مصل فيكون كأن النائب خطب بنفسه وإلا فلا يصح شروع هذا النائب فيها أصلا إلا أن يستخلف هذا النائب من شهد الخطبة فإنه يصح
قوله ( أيضا ) أي كما يشترط صلاحيته للإمامة أو كما يشترط في الإمام ذلك إذا لم يكن خطيبا قال في الشرح واعلم أنه يجوز لصاحب الوظيفة في الخطبة أن يصلي خلف نائبه بغير عذر كما جاز للسلطان أن يصلي خلف مأموره بإقامة الجمعة مع قدرة السلطان على الخطبة بنفسه اه
قوله ( والثالث وقت الظهر ) وقال مالك يمتد وقتها إلى الغروب لأن وقت الظهر والعصر واحد عنده
قوله ( لقوله صلى الله عليه وسلم الخ ) ولأنها شرعت على خلاف القياس لسقوط الركعتين مع الإقامة فيراعي فيها جميع الخصوصيات التي ورد الشرع بها ولم يرد قط أنه صلى الله عليه وسلم صلاها قبل الوقت ولا بعده وكذا الخلفاء الراشدون ومن بعدهم إلى يومنا هذا ولو كان جائزا لفعله مرة تعليما للجواز كذا في الحلبي وغيره
قوله ( فلا تصح الجمعة قبله ) وقال الإمام أحمد تصح كما قال بصحة وقوف عرفة قبل الزوال
قوله
____________________
(1/329)
( وتبطل بخروجه ) ولو بعد القعود قدر التشهد لفوات شرطها لأن الوقت شرط الأداء لا شرط الإفتتاح كصلاة الفجر وفي الإطلاق إشارة إلى عموم الحكم اللاحق بعذر كنوم وزحمة على المذهب كما في المنح والدر فإن قيل ما فائدة هذه المسئلة هنا وقد تقدمت في الإثني عشرية فالجواب أن فيه إفادة أنها لا تصح بعد الوقت فلا تكرار نهر وفيه إفادة أنه لا يتمها ظهرا وهل يتمها نفلا عندهما نعم لأنه إنما بطل الأصل دون الوصف وقال محمد لا لبطلان الأصل أيضا عنده قهستاني
قوله ( والرابع الخطبة ) فعلة بمعنى مفعولة فهي اسم لما يخطب به عناية من الخطب وهو في الأصل كلام بين اثنين قهستاني عن الأزاهر وهي بالضم في الموعظة والجمع خطب وبالكسر طلب التزوج والفعل فيهما كقتل وهي شرط بالإجماع خلافا للإمامية وقد شذوا
قوله ( قبلها ) أي قبل الصلاة لأنها شرطها وشرط الشيء سابق عليه وقد كانت الخطبة في صدر الإسلام بعد الصلاة كخطبة العيد ثم نسخ وجعلت قبلها ففي مراسيل أبي داود كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي يوم الجمعة قبل الخطبة حتى إذا كان ذات يوم وهو يخطب وقد صلى الجمعة فدخل رجل فقال إن دحية قد قدم وكان إذا قدم تلقوه بالدفاف فخرج الناس لم يظنوا إلا أنه لا شيء في ترك الخطبة فأنزل الله تعالى الآية { وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها } الجمعة 62 فقدم النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة يوم الجمعة وأخر الصلاة كذا في الشرح
قوله ( فحمد لعطاسه ) وكذا إذا سبح تعجبا
قوله ( لا ينوب عن الخطبة ) هو أحد قولين والثاني أنه لا يشترط فيها القصد وتقدم ما يفيده وذكره صاحب صاحب التنوير في الذبائح
قوله ( في وقتها ) فلو خطب قبله وصلى فيه لا تصح لأنه من جملة الخصوصيات المقيدة بها حلبي
قوله ( لا صبي ) بالجر عطفا على قوله عبد الخ أي لا يكفي حضور صبي
قوله ( ولا يشترط سماع جماعة ) وقيل تشترط الجماعة ونص في الدراية على أنه الصحيح وفي المنتقى على أنه الأصح ومشى عليه شارح الكنز
قوله ( وروي عن الإمام وصاحبيه ) قال ابن أميرحاج وأفاد شيخنا أن الاعتماد عليه
قوله ( وفي الرواية الثانية الخ ) مستغنى عنه بما تقدم
قوله ( في الصحيح ) متعلق بقوله يشترط حضور واحد
قوله ( وعمل قاطع ) كما إذا جامع ثم اغتسل وأما إذا لم يكن قاطعا كما إذا تذكر فائتة وهو في الجمعة فاشتغل بالقضاء أو أفسد الجمعة فاحتاج إلى إعادتها أو افتتح التطوع بعد الخطبة لا تبطل الخطبة بذلك لأنه ليس بعمل قاطع ولكن الأولى إعادتها
كما في البحر عن الخلاصة والمحيط والسراج والفتح وإن تعمد ذلك يصير مسيئا
قوله ( فهذه خمس شروط أو ست لصحة الخطبة ) الأول أن تكون قبل الصلاة
الثاني أن تكون بقصد الخطبة
الثالث أن تكون في الوقت
الرابع أن يحضرها واحد
الخامس أن يكون ذلك الواحد ممن تنعقد بهم الجمعة
السادس عدم الفصل بين الخطبة والصلاة بقاطع وذكر البدر العيني في شرح البخاري أن من السنة اتخاذ المنبر عن يمين المحراب فإن لم يكن منبر فموضع عال وإلا فإلى خشبة اتباعا لفعله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يخطب إلى جذع قبل اتخاذ المنبر ويكره المنبر الكبير
____________________
(1/330)
جدا إذا لم يكن المسجد متسعا اه
قوله ( لأنها من شعائر الإسلام وخصائص الدين ) أي وقد شرعت بخصوصيات لا تجوز بدونها والإذن العام والأداء على سبيل الشهرة من تلك الخصوصيات ويكفي لذلك فتح أبواب الجامع للواردين كذا في الكافي
قوله ( حتى لو غلق الإمام الخ ) وكذا لو اجتمع الناس في الجامع وأغلقوا الأبواب وجمعوا لم يجز كافي وظاهر عبارته أن غلق يأتي ثلاثيا والواقع في عبارة غيره الرباعي وفي الآية وهو قوله تعالى { وغلقت الأبواب } للتضعيف وهو يأتي بدل الهمزة وراجعه
قوله ( وإن أذن للناس بالدخول فيه صحت ) سواء دخلوا أم لا كذا في الكافي
قوله ( ابن الشحنة ) هو العلامة عبد البر والشحنة حافظ البلد
قوله ( في قلعة القاهرة ) أي ونحوها
قوله ( وليست مصرا على حدتها ) فإنه وإن كان فيها الجوانيت والسكك وغير ذلك إلا أنها لم تستوف جميع ما ذكر في حد المصر من القاضي ونحوه
قوله ( في المنع ) أي منع صحة الجمعة
قوله ( اختصاصه بها دون العامة ) فيه نظر فإن الناس لو أغلقوا باب مسجد وصلوها لا تجوز لهم فالعلة عدم الأذن ولذا قال في مجمع الأنهر نافلا عن عيون المذاهب ولا يضر غلق باب القلعة لعدو أو عادة قديمة لأن الإذن العام حاصل لأهله وغلق الباب ليس لمنع المصلي ولكن عدم غلقه أحسن
قوله ( لم يختص الحاكم الخ ) هو يقول بعدم الصحة وإن كان الحاكم يجمع خارجها وما ذاك إلا لعدم الإذن العام لا للإختصاص فتدبر
قوله ( لأن عند باب القلعة ) أي خارجه
قوله ( لا يفوت من منع الخ ) هي لا منع فيها قبل غلقها وإنما تغلق للعادة
قوله ( فيما هو أسهل من التكلف ) الأوضح أن يقول فيما هو أسهل منها للتكلف بالصعود إليها
قوله ( وفي كل محلة الخ ) أي فلا اختصاص بها لمن بالقلعة
قوله ( لأن الجمعة مشتقة منها ) أي مأخوذة فإن الاشتقاق من المصادر أي والأصل مراعاة المعاني اللغوية إذا لم يتحقق نقل
قوله ( فانصرف من شهدها ) قد تقدم قول أنه لا يشترط حضور أحد لسماعها وصحح
قوله ( ولهما أن الجمع الصحيح إنما هو الثلاثة ) وأيضا طلب الحضور في قوله عز وجل { فاسعوا إلى ذكر الله } الجمعة 62 متعلق بلفظ الجمع وهو الواو والذكر المسند إليه السعي يستلزم ذاكرا وهو غير الجمع المطلوب حضوره فلزم أن يكون مع الإمام جمع وما دون الثلاثة ليس جمعا متفقا عليه فليس بجمع مطلق والمشروط هنا ظنا جمع مطلق وبيان ما ذكره المصنف أن أقل الجمع ثلاثة حقيقة لمخالفة صيغته الدالة عليه صيغة التثنية والواحد والإثنان وإن كان جمعا من وجه نظرا إلى الاشتقاق فهو مجاز والعمل بالحقيقة هو الأصل وكون المثنى له حكم الجمع في الميراث ونحوه لقيام الدليل ثمة فأعلمناه فيه لا يلزم اطراده
قوله ( ولو كانوا عبيد الخ ) أو أميين أو خرسانا لأنهم يصلحون للإمامة فيها بمثلهم بعد الخطبة من غيرهم
قوله ( سوى اثنان ) الأولى اثنين أو هو على لغة من يلزم المثنى حالة واحدة
قوله ( شرط انعقاد الأداء ) وهو بتقييد الركعة بسجدة لأن الأداء فعل وفعل الصلاة هو القيام والقراءة والركوع والسجود ولذا لو حلف لا يصلي لا يحنث حتى يقيده بسجدة فإذا لم يقيد بها لم يوجد
____________________
(1/331)
الأداء كذا في الشرح
قوله ( شرط انقعاد الترحيمة ) أي وقد وجد وإن لم يقيد بسجدة
قوله ( مع رجلين ) هذا على قولهما وأجاز ذلك أبو يوسف
قوله ( صريحا أو دلالة ) راجعان إلى قوله أو نيابة فالصريح أن يأذن له بالاستنابة والدلالة عند عدم الإذن
قوله ( ولما كان حد المصر مختلفا فيه على أقوال كثيرة ) الفصل في ذلك أن مكة والمدينة مصران تقام بهما الجمعة من زمنه صلى الله عليه وسلم إلى اليوم فكل موضع كان مثل أحدهما فهو مصر وكل تفسير لا يصدق على أحدهما فهو غير معتبر كقولهم هو ما لا يسع أهله أكبر مساجده أو ما يعيش فيه كل محترف بحرفته أو يوجد فيه كل محترف وغير ذلك
قوله ( عند أبي حنيفة ) صرح به في التحفة عنه ورواه الحسن عنه في كتاب الصلاة كذا في غاية البيان وبه أخذ أبو يوسف وهو ظاهر المذهب كما في الهداية واختاره الكرخي والقدوري وفي العناية هو ظاهر الرواية وعليه أكثر الفقهاء وبما ذكر تعلم سقوط ما في شرح السيد
قوله ( مفتى ) الذي رأيته في النسخ إثبات الياء فيه وفي قاضي والأولى حذفها فيهما لأنهما منقوصان
قوله ( ينصف ) بضم الياء من أنصف
قوله ( مقيمون بها ) قيد بها لأنه إذا لم تعتبر الإقامة لا توجد قرية أصلا إذ كل قرية متمولة بحكم كذا في الشرح
قوله ( ينفذ الأحكام ويقيم الحدود ) المراد به القدرة على ذلك كما صرح به في التحفة عن الإمام لتزييف صدر الشريعة له بظهور التواني في الأحكام لا سيما في إقامة الحدود في الأمصار مزيف كما في الحلبي فالمراد الشأن لا الحصول بالفعل
قالالعلامة نوح دفع الظلم عن المظلومين ليس بشرط في تحقق المصرية بل الشرط في تحققها القدرة على الدفع ومما يدل على عدم اشتراط الدفع بالفعل أن جماعة من الصحابة صلوها خلف الحجاج وهو أظلم خلق الله تعالى اه
وفي الحموي واعلم أن بعض الموالي زعم عدم صحة الجمعة الآن معللا بفقد بعض شرائط الأداء وهو المصر فإنها عبارة عن كل بلدة فيها وال وقاض ينفذان الأحكام ويقيمان الحدود وهما مفقودان فلا تصح الجمعة وتتعين صلاة الظهر وقد تبعه على ذلك كثير من الأروام وما قاله هذا البعض ضلال في الدين فإن تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود موجودان في الجملة والأولى ما في العلامة نوح فتأمل
قوله ( احتراز عن المحكم والمرأة ) فإنهما ينفذان الأحكام ولا يقيمان الحدود والأولى النصب
قوله ( يغني عن القصاص ) لأن من ملك إقامتها ملكه كذا في الشرح
قوله ( وإذا كان القاضي أو الأمير الخ ) في شرح السيد وقدمنا عن الشيخ قاسم الاكتفاء بالقاضي عن الأمير وحينئذ وجود القاضي يغني عن المفتي والأمير حيث كان له معرفة بالأحكام وإلا فلا بد من المفتي اه وفي الشرح ولا يشترط الصلاة في البلد بالمسجد فتصح بفضاء فيها اه
قوله ( بمنى ) هي بالكسر والقصر موضع على فرسخين من مكة والغالب فيه التذكير فيصرف وإذا أنث منع للعلمية والتأنيث
قوله ( في الموسم ) فيه إيماء إلى أنها لا تقام فيها في غير أيامه لزوال تمصرها بزوال الموسم وقيل تجوز في جميع الأيام لأنها في فناء
____________________
(1/332)
مكة ورد بأن بينهما فرسخين
قوله ( أو أمير الحجاز ) هو أمير مكة
قوله ( لا أمير الموسم ) أي إلا إذا أذن له بإقامة الجمعة
قوله ( وقا لا تتمصر في الموسم ) وعدم التعييد فيها للتخفيف على الحاج لأنهم مشغولون بالمناسك هداية
قوله ( وصح الاقتصار في الخطبة الخ ) بيان لركنها
قوله ( لكن مع الكراهة ) أي التنزيهية لقوله لترك السنة
قوله ( حمد وصلاة ودعاء ) بدل من قوله ذكر طويل في السفتاقي الخطبة الأولى فيها أربع فرائض التحميد والصلاة والوصية بتقوى الله وقراءة آية وكذا في الثانية إلا أن الدعاء في الثانية بدل قراءة الآية في الأولى كذا في شرح المقدسي وظاهر أن هذا لا يتمشى على قوله وهو ظاهر ولا على قولهما لأنهما لا يشترطان الثانية ولا الآية وما ذكره مذهب الشافعي رضي الله عنه
قوله ( فاسعوا إلى ذكر الله ) وهو مطلق فكان الشرط الذكر الأعم بالقاطع وكون المأثور الذكر المسمى خطبة إنما يفيد الوجوب أو السنية لا أنه هو شرط الذي لا يجزىء غيره
قوله ( ولقضية عثمان الخ ) ذكر في المحيط والمبسوط وملتقى البحار وشرح البخاري لابن بطال وشرح مسلم لصدر الدين الخلاطي والمؤرخون أن عثمان رضي الله عنه أول جمعة ولي الخلافة صعد المنبر فقال الحمد لله فأرتج عليه فقال إن أبا بكر وعمر كانا يعدان لهذا المقام مقالا وإنكم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال وستأتيكم الخطب بعد وأستغفر الله العظيم لي ولكم اه
قال في النهاية ولم يعن عثمان بقوله وإنكم الخ تفضيل نفسه على الشيخين بل على الخلفاء الذين يكونون بعد الراشدين فإنهم يكونون على كثرة في المقال مع قبح الفعال فكأنه يقول أنا وإن لم أكن قوالا مثلهم فأنا على الخير دون الشر اه
قوله ( فأرتج ) بضم الهمزة وسكون الراء المهملة وكسر المثناة من فوق وبالجيم كاغلق مبنيا للمفعول وزنا ومعنى أي استغلق عليه الكلام فلم يقدر على إتمامها
قوله ( وسنن الخطبة الخ ) منها أن تكون خطبتان تشتمل كل منهما على حمد وتشهد وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والأولى على تلاوة آية وعلى وعظ والثانية على دعاء للمؤمنين والمؤمنات عوض الوعظ كما ذكره
قوله ( بل يزاد عليها الخ ) زاد على ما ذكره نحو سنتين والعدد لا مفهوم له
قوله ( أو جهته ) أي المنبر أي إن لم يكن له مخدع كما في الشرح
قوله ( أو البياض ) فهو مخير ولا يلزمه اختصاص السواد كما في الشرح وتكره صلاته في المحراب قبل الخطبة قهستاني وغيره ويكره التفاته يمينا وشمالا وما يفعله المؤذنون حال الخطبة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والترضي عن الصحابة والدعاء للسلطان بالنصر ينبغي أن يكون مكروها اتفاقا
قوله ( الطهارة ) فلو خطب محدثا أو جنبا جاز ويكره ويستحب إعادتها إذا كان جنبا إلا أذانه زيلعي وإن لم يعد أجزأ إن لم يطل الفصل بأجنبي
قوله ( لأنها ليست صلاة ) بل ذكر والجنب والمحدث لا يمنعان منه
قوله ( ولا كشطرها ) بدليل أنها تؤدى إلى غير جهة القبلة ولا يفسدها الكلام
قوله ( وتأويل الأثر أنها الخ ) أي بأنها الخ فهو على حذف الباء والأثر ظاهره يدل على أنها كشطر الصلاة
قوله ( هو الصحيح ) مقابله ما
____________________
(1/333)
عن أبي يوسف أن الطهارة شرط
قوله ( وستر العورة ) هو من سنن الخطبة إجماعا وإن كان فرضا في حد ذاته حتى لو خطب بدونه أجزأ برهان
قوله ( وكذا الجلوس الخ ) اختلف فيه هل هو للأذان أو للإستراحة وعلى الأول لا يسن في العيد لأنه لا أذان له ذكره البدر العيني على البخاري
قوله ( فتحت عنوة ) أي قهرا أو غلبة
قوله ( ليريهم ) هذه العلة إنما تظهر فيمن كان حديث عهد بالإسلام من أهل تلك البلدة ولكن العلة تعتبر في الجنس وقيل الحكمة فيه الإشارة إلى أن هذا الدين قد قام بالسيف وفيه إشارة إلى أنه يكره الإتكاء على غيره كعصا وقوس خلاصة لأنه خلاف السنة محيط
وناقش فيه ابن أميرحاج بأنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قام خطيبا بالمدينة متكئا على عصا أو قوس كما في أبي داود وكذا رواه البراء بن عازب عنه صلى الله عليه وسلم وصححه ابن السكن
قوله ( فتحت بالقرآن ) أي بذكره وتلاوته فيها فكان أهلها يتعلمون القرآن قبل قدومه إياها صلى الله عليه وسلم
قوله ( بالسيف ) هو أحد قولين
قوله ( واستقبال القوم بوجهه ) فإن ولاهم ظهره كره قال شمس الأئمة من كان أمام الإمام استقبل بوجهه ومن كان عن يمين الإمام أو يساره انحرف إلى الإمام وقال السرخسي الرسم في زماننا القوم القبلة وترك استقبالهم الخطيب لما يلحقهم من الحرج بتسوية الصفوف بعد فراغ الخطيب من خطبته لكثرة الزحام قال وهذا أحسن
قوله ( كما استقبل الصحابة الخ ) فيكون استقبالهم الإمام سنة أيضا فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب استقبل أصحابه ومن كان أمامه استقبله بوجهه ومن كان عن يمينه أو يساره انحرف إليه كذا في الشرح
قوله ( مما يوجب مقت الله ) أي من ارتكاب ذلك
قوله ( قبلها ) أي الآية وهو غير التعوذ الذي قبل الخطبة
قوله ( وظاهر الرواية مقدار ثلاث آيات ) وهو المذهب در وتاركها مسيء في الأصح لأنها سنة قهستاني لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما خطبة واحدة فلما أسن جعلها خطبتين بينهما جلسة خفيفة وفيه دليل على أنها للإستراحة لا شرط
قوله ( وسن إعادة الحمد الخ ) الثلاثة سنة واحدة
قوله ( وسن الدعاء فيها للمؤمنين ) وجاز الدعاء للسلطان بالعدل والإحسان وكره تحريما وصفه بما ليس فيه وتكلمه بكلام الدنيا إلا أن يشبه أمرا بمعروف
قوله ( والنصر على الأعداء ) أي الكفار والبغاة
قوله ( قال ابن مسعود الخ ) وفي الفتح من الفقه والسنة تقصير الخطبة وتطويل الصلاة
قوله ( بما هو دون ذلك ) أي بذكر ما هو دون سورة من قصار المفصل
قوله ( ويكره التطويل ) أي بزيادة على قدر السورة من الطوال كما في الدر وغيره
قوله ( في الشتاء ) متعلق بالتطويل وقوله وفي الصيف عطف عليه وقوله بالزحام لا يخص الصيف
قوله ( بهاء المؤمن ) أي كماله
قوله ( والمشي أفضل ) لما كان يتوهم من قوله أراد الذهاب ماشيا ان المشي واجب دفعه بذلك
قوله ( وفي العود منها ) عطف على محذوف معلوم من المقام أي في الذهاب إليها وفي العود والحاصل أنهم اختلفوا في الرجوع فقيل هو كالذهاب إليها فالمشي أفضل وقيل هو
____________________
(1/334)
كالخروج إلى سائر الحاجات وهو الأصح
قوله ( وأنتم تسعون ) أي تسرعون
قوله ( وقال ) أي الإمام أحمد ومثله عند ابن حبان عن ابن عيينة
قوله ( فيذهب في الساعة الأولى الخ ) لحديث أوس الثقفي رضي الله عنه من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها رواه أبو داود وغيره يقال غسل الرجل امرأته وغسلها مخففا ومشددا إذا جامعها لأنه أوجب عليها الغسل بجماعه وورد أن من فعله كان ممن يظل بظل العرش كذا ذكره الشبرخيتي في شرح الأربعين والتبكير سرعة الانتباه أول الوقت أو قبله لأداء العبادة بنشاط والابتكار هو المسارعة إلى المصلى لينال فضيلته والصف الأول وروى الإمام مالك في الموطأ قال من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة اه
قال مالك وأكثر أصحابه وإمام الحرمين والقاضي حسين أنها لحظات لطيفة أولها زوال الشمس وآخرها قعود الإمام على المنبر وقال الجمهور والمراد ساعات اليوم والليلة المنقسمة إلى أربعة وعشرين جزءا فاستحبوا التبكير اليها واختلف في أول الوقت فقيل من طلوع الشمس ليكون ما قبله من طلوع الفجر زمان غسل وتأهب
قال البرهان الحلبي وهو الأظهر وذكر الساعات للحث على التبكير إليها والترغيب في فضلة السبق وتحصيل الصف الأول وانتظارها والاشتغال بالنفل والذكر قبلها وفي الكشاف قيل أول بدعة حدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجمعة ومعنى راح في الحديث خف قال في القاموس راح للمعروف يراح راحة أخذته له خفة وراحت يده لكذا خفت واستحبوا ان يواقع زوجته ليكون أغض لبصره وأسكن لنفسه إذا راح للجمعة كما يشهد له حديث أوس السابق
قوله ( ويجب ترك البيع ) فيكره تحريما من الطرفين على المذهب وصح اطلاق الحرام عليه كما وقع في الهداية ويقع العقد صحيحا عندنا وهو قول الجمهور حتى يجب الثمن ويثبت الملك قبل القبض وفي الفتح المكروه دون الفاسد وليس المراد بكونه دونه في حكم المنع الشرعي بل في عدم فساد العقد وإلا فهذه المكروهات كلها تحريمية لا نعلم خلافا في الإثم بها اه وقال مالك وأحمد بالبطلان في غير نكاح وهبة وصدقة وفي الكلام إشعار بأن من لم تجب عليه الجمعة مستثنى من الحكم كما في القهستاني يعني من لم تجب عليهما معا أما إذا وجبت على أحدهما دون الآخر أثما جميعا لأن الأول ارتكب النهي والثاني أعانه عليه كذا في شرح البخاري للعيني
قوله ( وكذا ترك كل شيء الخ ) منه إنشاء السفر عنده
قوله ( كالبيع ماشيا ) وما في النهاية عن أصول الفقه لأبي اليسر أنهما إذا تبايعا وهما يمشيان فلا بأس به مشكل لأنه تخصيص لإطلاق الكتاب وهو نسخ فلا يجوز بالرأي وفي المضمرات والبيع
____________________
(1/335)
على باب المسجد أو فيه أعظم وزرا اه
قوله ( في الأصح ) وقال الطحاوي المعتبر هو الأذان الثاني عند المنبر لأنه الذي كان في زمنه صلى الله عليه وسلم والشيخين بعده قال في البحر وهو ضعيف
قوله ( وإذا خرج الإمام ) أي من حجره إن كانت وإلا فقيامه للصعود قاطع كما في شرح المجمع فيثبت المنع بمجرد ظهوره ولو قبل صعوده المنبر وقيل إذا صعد وعليه جرى الكمال والزيلعي والعيني
قوله ( فلا صلاة ) سواء كانت قضاء فائتة أو صلاة جنازة أو سجدة تلاوة أو منذورة أو نفلا إلا إذا تذكر فائتة ولو وترا وهو صاحب ترتيب فلا يكره الشروع فيها حينئذ بل يجب لضرورة صحة الجمعة وأفاد أنه لا يكره الشروع قبل الخروج فيتم ما شرع فيه ولو خطب الإمام من غير كراهة مطلقا إلا إذا كان في نفل فإنه يتم شفعا ثم يقطع ولو كان خروجه بعد القيام للثالثة أتم أيضا لأنه وجب عليه الشفع الثاني بالقيام إليه واختلف في سنة الجمعة فقيل يقطع على رأس الركعتين كالنفل المطلق والصحيح أنه يتمها لأنه كصلاة واحدة واجبة بحر ولكن يخفف القراءة در يعني بقدر الواجب لإدراك الواجب وهل يترك تسبيح الركوع والسجود والصلاة على البشير النذير في القعود الأخير لأنها سنة والإستماع فرض يحرر
قوله ( ولا كلام ) دنيوي اتفاقا كما في السراج وغيره كذا الأخروي عند الإمام وسيأتي تمامه
قوله ( لأنه نص النبي صلى الله عليه وسلم ) وهو كما في الهداية باللفظ المذكور وفي المصنف فاز في الفتح ورفعه غريب والمعروف كونه من كلام الزهري اه
وفي البحر عن العناية والنهاية اختلف المشايخ على قول الإمام في الكلام قبل الخطبة فقيل إنما يكره ما كان من جنس كلام الناس أما التسبيح ونحوه فلا وقيل ذلك مكروه والأول أصح ومن ثمة قال في البرهان وخروجه قاطع للكلام أي كلام الناس عند الإمام اه فعلم بهذا انه لا خلاف بينهم في جواز غير الدنيوي على الأصح ويحمل الكلام الوارد في الأثر على الدنيوي ويشهد له ما أخرجه البخاري أن معاوية أجاب المؤذن بين يديه لما أن قضى التأذين قال يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المجلس حين أذن المؤذن يقول ما سمعتم من مقالتي اه وفي النهر عن البدائع يكره الكلام حال الخطبة وكذا كل عمل يشغله عن سماعها من قراءة قرآن أو صلاة أو تسبيح أو كتابة ونحوها بل يجب عليه أن يستمع ويسكت في شرح الزاهدي يكره لمستمع الخطبة ما يكره في الصلاة من أكل وشرب وعبث والتفات ونحو ذلك اه وفي الخلاصة كل ما حرم في الصلاة حرم حال الخطبة ولو أمرا بمعروف وفي السيد استماع الخطبة من أولها إلى آخرها واجب وإن كان فيها ذكر الولاة وهو الأصح نهر وكذا استماع سائر الخطب كخطبة النكاح والختم اه واختلف في الدنو من الإمام والصحيح من الجواب أنه أفضل وقال كثير من العلماء التباعد أولى كي لا يسمع مدح الظلمة والدعاء لهم ويجلس في الصف الأول مما يلي الإمام من غير إيذاء
قوله ( لأن الكراهة ) علة لأصل الخلاف ولقول أبي يوسف بجوازه في الجلوس أيضا
قوله ( يصلي سرا ) بحيث يسمع نفسه كذا أفاده القهستاني وفي الشرح عن الحسامي يصلي في نفسه وفي الفتح عن أبي يوسف ينبغي في نفسه لأن ذلك مما لا يشغله عن سماع الخطبة فكان إحرازا للفضيلتين وهو
____________________
(1/336)
الصواب
قوله ( ويحمد في نفسه ) وإذا فرغ من الخطبة يحمد بلسانه كما لو سمع النداء في الخلاء يجيب بقلبه وإذا فرغ يجيب بلسانه كما في المحيط
قوله ( وفيه خلاف ) والمعتمد المنع وفي الولوالجية النسائي عن الخطيب إذا كان يجيب لا يسمع الخطبة لا يقرأ القرآن بل يسكت هو المختار
قوله ( وقال الحسن الخ ) معتمد المذهب المنع قال في الكنز بل يستمع وينصت والنسائي كالقريب
قوله ( وإن الحكم ) بكسر ان
قوله ( ولا يرد سلاما ) مطلقا لا بلسانه ولا بقلبه لا قبل الفراغ ولا بعده لأن هذا السلام غير مأذون فيه شرعا بل يرتكب بسلامه إثما لأنه يشغل به خاطر السامع عن الفرض
قوله ( ولا يشمت عاطسا الخ ) وهل يحمد إذا عطس الصحيح نعم في نفسه وإذا لم يتكلم بلسانه ولكنه أشار برأسه أو بيده أو بعينه لإزالة منكر أو جواب سائل لا يكره على الصحيح كما في المضمرات والفتح
قوله ( لما قدمناه ) من قوله إذا خرج الإمام الخ
قوله ( وليس منه ) أي من الكلام المكروه
قوله ( حق الله ) بدل من الإنصات
قوله ( والدعاء المستجاب وقت الإقامة ) أي يوم الجمعة أو في ساعة الجمعة المفسرة على الصحيح بأنها من خروج الإمام إلى فراغه من الصلاة
قوله ( إذا كان يسمع ) بأن كان قريبا
قوله ( إن كتابة من لا يسمع ) أي البعيد
قوله ( غير ممتنعة المعتمد المنع
قوله ( لأنه يلجئهم إلى ما نهوا عنه ) وهو الكلام وهذا إنما يظهر أن لو أطلق في الكلام أما لو قيد بالدنيوي فلا يظهر لأن هذا أخروي وهو مما لا خلاف في إباحته كما مر عن العناية وغيرها وهذا البحث كثير الخلاف جدا
قوله ( والمروي من سلامه ) أي الإمام حين يستقر على أعلى المنبر كما فعله صلى الله عليه وسلم
قوله ( غير مقبول ) لما قال البيهقي أنه ليس بقوي وقال عبد الحق في الأحكام الكبرى هو مرسل وهو ليس بحجة عند الشافعي رضي الله عنه أي فكيف يستدل به عنده وقوله عندنا متعلق بمقبول أو متعلق بقوله والمروي فإن الحدادي وجماعة من مشايخنا قالوا انه يسلم
قوله ( وكره لمن تجب عليه الجمعة ) أطلق الكراهة فتكون تحريمية وأخرج من لا تجب عليه فلا كراهة في خروج
قوله ( وقيل الثاني ) هذا الخلاف مبني على الخلاف في وجوب السعي بالأول أو بالثاني
قوله ( ما لم يصل الجمعة ) على الصحيح كما في شرح المنية والمسافر إذا دخل مصر أو لم ينو إقامة نصف شهر لا جمعة عليه وان عزم على أن يمكث فيه يومها بخلاف القروي العازم فإنه يلحق بأهل المصر وان نوى الخروج من يومه ولو بعد الزوال لا تلزمه الجمعة هكذا قال الفقيه وقيل إن دخل الوقت قبل خروجه من المصر لزمته الجمعة مطلقا كذا في الخلاصة
قال البرهان الحلبي ولم يذكر قاضيخان إلا عدم لزومها إذا نوى الخروج من يومه قبل الوقت أو بعده كما اختار الفقيه أبو الليث فعلم أنه المختار عنده لأنه إذا نوى إقامة ذلك اليوم في المصر التحق بأهله بخلاف ما إذا لم ينو اه
قوله ( إن أداها جاز عن فرض الوقت ) قال القهستاني الكلام مشير إلى أن فرض الوقت هو الظهر في حق المعذور وغيره لكنه مأمور بإسقاطه بأداء الجمعة حتما والمعذور له رخصة
____________________
(1/337)
فالجمعة ليست بدلا عن الظهر لأن حقيقة البدل هو ما يصار إليه عند تعذر الأصل وليس هذا كذلك وليس الظهر بدلا عنها لأنه هو فرض الوقت بل هي فرض مستقل في ذلك اليوم يسقط به الظهر قال في الفتح وهذا الوجه يستلزم وجوب الظهر أولا ثم إيجاب إسقاطه بالجمعة وفائدة هذا الوجوب جواز المصير إليه عند العجز عن الجمعة اه
قوله ( وكلام الشراح يدل الخ ) لقولهم إن الظهر لهم يوم الجمعة رخصة فدل على أن العزيمة صلاة الجمعة كذا في الشرح
قوله ( غير أنه يستثنى منه المرأة ) أي فصلاتها في بيتها أفضل وأصل هذا البحث للعلامة زين رحمه الله تعالى
قوله ( في حق الكافة ) متعلق بالأصل أي وأما الجمعة فليست على الكافة
قوله ( حرم عليه الله الظهر ) أي صلاة الظهر وهذا بالنسبة لغير المعذور كما هو الموضوع أما المعذور إذا صلى الظهر قبل الإمام لا يكره بالاتفاق بحر
قوله ( فإن سعى إليها الخ ) قيد بالسعي لأنه لو كان جالسا في المسجد بعدما صلى الظهر لا تبطل حتى يشرع مع الإمام بالاتفاق كما في البحر عن الحقائق لأنه إذا لم يشرع معه تبين أنه لم يرغب في الجمعة تبيين وقيد باليها لأنه لو سعى إلى غيرها لا يبطل ظهره بالاتفاق كما في غاية البيان
قوله ( وكان الإمام فيها وقت انفصاله ) أدركه فيها أو لم يدركه لبعد مسافة أن نحوه لأن الإدراك ممكن بتقدير الله تعالى عناية
قال في الفتح وهذا تخريج أهل بلخ عن الإمام وهو الأصح وعلى تخريج أهل العراق عنه لا يبطل إلا إذا كان لا يرجو إدراكها اه
قوله ( وكذا المعذور ) فلا فرق بينه وبين غيره في أن السعي مبطل وإنما الفرق من جهة حرمة أداء الظهر قبلها أو عدمها وقالزفر والشافعي لا يبطل ظهر المعذور بأداء الجمعة بعده وتقع الجمعة نفلا
قوله ( في الأصح ) تعين أن المبطل السعي بقيد الانفصال عن الدار على المختار
قوله ( وقيل إذا مشى خطوتين ) وإن لم ينفصل عن الدار
قوله ( كما بعده ) أي كالسعي بعد الفراغ
قوله ( وقالا لا يبطل ظهره الخ ) لأن السعي إلى الجمعة دون الظهر فلا يبطل به الظهر والجمعة فوقه فيبطل بها وللإمام أن السعي إلى الجمعة من خصائصها فصار الاشتغال به كالاشتغال بركن من أركانها فيؤثر في ارتفاض الظهر احتياطا
قوله ( ويقتصر الفاسد عليه الخ ) مثلا لو صلى مسافر الظهر إماما ثم حضر الجمعة فصلاها فهي فرضه وجازت صلاة أولئك ولو قدمه الإمام لسبق حدث حازت صلاة القوم لأن ظهره ارتفض في حقه دون أولئك الذين صلى بهم قبل دخول المصر فصار في حق الفريق الثاني كأنه لم يصل الظهر كذا في الشرح وبها يلغز فيقال أي صلاة فسدت على الإمام ولم تفسد على المأموم
قوله ( أداء الظهر بجماعة ) سواء كان قبل الجمعة أو بعدها وإنما قيد بالمعذور ليعلم حكم غيره بالأولى ووجه الكراهة أنها تفضي إلى تقليل جماعة الجمعة لأنه ربما تطرق غير المعذور للاقتداء بالمعذور ولأن فيه صورة المعارضة بإقامة غيرها
قوله ( في المصر ) قيد به لإخراج أهل السواد فإنه لا يكره لهم الجماعة لعدم الجمعة على أهلها فلا
____________________
(1/338)
يلزم ما ذكر
قوله ( فإنه يكره له صلاتها الخ ) كذا في البحر وهذا لا ينافي ما قدمناه عنه من أن ذلك لا يكره اتفاقا فالحمل الكراهة المنفية فيما سبق على التحريمية وما هنا على التنزيهية لأنها في مقابلة المستحب أفاده السيد
قوله ( صلاتها ) أي الظهر وأنث باعتبار أنها فريضة
قوله ( أو في سجود السهو ) إن قيل إن هذا يشعر بأنه يسجد للسهو في الجمعة والعيد وهو خلاف المختار أجيب بأن المختار عدم الوجوب فيهما وإن الأولى تركه لئلا يقع الناس في فتنة لا أن المختار عدم جوازه أفاده في الإيضاح
قوله ( وما فاتكم فاقضوا ) فإن معناه اقضوا ما فاتكم من صلاة الإمام والذي فات من صلاة الإمام هو الجمعة وهو يدل على ما في قوله لما روينا
قوله ( وإلا أتم ظهرا ) لأنه أدرك معه أقلها فلا يعتبر بالكل من وجه وحاصله أنه بإدراك الأقل تصير جمعة من وجه باعتبار ما وجد من الشرائط فيما أدرك كالتحريمة والجماعة والإمام وظهرا من وجه لفوات بعض الشروط فيما يقضي وهو الجماعة والإمام وهي مشروعة على خلاف القياس فيراعى فيه جميع الخصوصيات فبالنظر لكونها ظهرا يصلي أربعا وبالنظر لكونها جمعة يتحتم أن يقعد على رأس الركعتين ويقرأ في جميع الركعات لاحتمال النفلية
قوله ( ويتطهر ) لعل الواو بمعنى أو ويكون المراد به الوضوء لما ورد ما معها من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أحب
قوله ( ويدهن من دهنه ) لعل المراد به نحو الزيت فانه مأمور به في البلاد الحارة كما يدل عليه حديث كلوا الزيت وادهنوا به
قوله ( ويمس من طيب بيته ) الموجود فيه أو المرد ان لم يجد طيب الرجال يمس من طيب أهله مما له رائحة لا لون كمسك وكافور
قوله ( فلا يفرق بين اثنين ) أفاد بهذا النهي عنه قال صلى الله عليه وسلم من تخطى رقاب الناس اتخذ جسرا إلى جهنم وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر الجمعة ثلاثة نفر رجل حضرها يلغو فهو حظه منها ورجل حضرها يدعو فهو رجل دعا الله عز وجل ان شاء أعطاه وإن شاء منعه ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحدا فهو كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام وذلك بأن الله تعالى يقول { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } قال الحلبي وينبغي أن يقيد النهي عن التخطي بما إذا وجد بدا أما إذا لم يجد بدا بأن لم يكن في الوراء موضع وفي المقدم موضع فله أن يتخطى اليه للضرورة وفي الخلاصة إذا دخل الرجل الجامع وهو ملآن إن كان تخطيه يؤذي الناس لم يتخط وإن كان لا يؤذي أحدا بأن لا يطأ ثوبا ولا جسدا فلا بأس ان يتخطى ويدنو من الإمام وروى الفقيه أبو جعفر عن أصحابنا انه لا بأس بالتخطي ما لم يخرج الإمام أو يؤذي أحدا اه وحاصله أن التخطي جائز بشرطين عدم الإيذاء وعدم خروج الإمام لأن الإيذاء حرام والتخطية عمل وهو بعد خروج الإمام حرام فلا يرتكبه لفضيلة الدنو من الإمام بل يستقر في موضعه من المسجد وما ذكره في البحر وغيره من أن من وجد فرجة في المقدم له أن يخرق الثاني لأنه لا حرمة لهم لتقصيرهم يحمل على الضرورة أو على عدم الإيذاء أو على
____________________
(1/339)
الاستئذان قبل خروج الإمام جمعا بين الروايات ومن زحزح رجلين وجلس بينهما مع ضيق الموضع دخل في النهي عن التفرقة بين اثنين وفي البحر وأما التخطي للسؤال فمكروه في جميع الأحوال بالإجماع ويكره أشد كراهة أن يقيم الرجل أخاه فيجلس في موضعه في الجمعة وغيرها قالالكرماني وظاهر النهي الوارد فيه التحريم لأن من سبق إلى مباح فهو أحق به بخلاف ما لو قام الجالس باختياره وأجلس غيره فلا كراهة في جلوس غيره لكن ان انتقل القائم إلى مكان أقرب لسماع الخطبة فلا بأس وإن انتقل إلى دونه كره ولو آثر شخصا بمكانه لم يجر لغيره ان يسبقه إليه لأن الحق للجالس آثر به غيره فقام مقامه في استحقاقه ولو بعث من يقعد له في مكانه عنه إذا جاء هو حاز أيضا من غير كراهة ولو فرش له نحو سجادة ففيه وجهان فقيل يجوز لغيره تنحيتها والجلوس في موضعها لأن السبق بالأجسام لا بما يفرش ولا يجوز الجلوس عليها بغير رضاه نعم لا يرفعها بيده أو غيرها لئلا تدخل في ضمانه وقيل لا يجوز تنحيتها لأنه ربما يفضي إلى الخصومة ولأنه سبق إليه بالحجر فصار كحجر الموات ويجوز إقامة الرجل من مكانه في ثلاث صور إذا قعد في موضع الإمام أو في طريق يمنع الناس من المرور أو بين يدي الصف كما في العيني على البخاري وغيره
قوله ( إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ) يعني الماضية أو المستقبلة والمغفرة تكون للمستقبل كما تكون للماضي وزاد ابن حبان من حديث أبي هريرة وزيادة ثلاثة أيام من التي بعدها
قوله ( يعصمهم الله ) أي يحفظهم الله تعالى
قوله ( المؤذن ) ظاهره ولو غير محتسب
قوله ( والشهيد ) ظاهره ولو شهيد آخرة فقط
قوله ( والمتوفى ليلة الجمعة ) قال أبو المعين في أصوله
قال أهل السنة والجماعة عذاب القبر وسؤال منكر ونكير حق لكن إن كان كافرا فعذابه يدوم في القبر إلى يوم القيامة ويرفع عنهم العذاب يوم الجمعة وشهر رمضان لحرمة النبي صلى الله عليه وسلم ثم المؤمن على ضر بين أن كان مطيعا لا يكون له عذاب القبر ويكون له ضغطة فيجد هول ذلك وخوفه لما أنه كان يتنعم بنعمة الله تعالى ولم يشكر النعمة وإن كان عاصيا يكون له عذاب وضغطة القبر لكن ينقطع عنه العذاب يوم الجمعة وليلة الجمعة ولا يعود العذاب إلى يوم القيامة وإن مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة يكون له العذاب ساعة واحدة وضغطة ثم ينقطع عنه العذاب ولا يعود إلى يوم القيامة من مجمع الروايات والتتارخانية كذا في الشرح وناقش فيه المنلا علي وقال إن ذلك غير ثابت في الأحاديث
تكميل من كمال النظافة قص ظفر وحلق شعر قال في الخانية والخلاصة من كتاب الاستحسان رجل وقت لقلم أظفاره أو حلق رأسه يوم الجمعة قالوا إن أخره إلى يوم الجمعة تأخيرا فاحشا يعني قد جاوز الحد كره لأن من كان ظفره طويلا يكون رزقه ضيقا فإن لم يجاوز الحد وأخره تبركا بالأخبار فهو مستحب لما روت عائشة رضي الله عنها مرفوعا من قلم أظافيره يوم الجمعة أعاذه الله من البلاء
____________________
(1/340)
إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام وفي استحسان القهستاني عن الزاهدي يستحب أن يقلم أظفاره ويقص شاربه ويحلق عانته وينظف بدنه في كل أسبوع مرة ويوم الجمعة أفضل ثم في خمسة عشر يوما والزائد على الأربعين آثم اه وورد من قلم أظفاره يوم الجمعة أخرج الله تعالى منه الداء وأدخل عليه الدواء اه وورد أن من استاك يوم الجمعة وقص شاربه وقلم أظافره ونتف إبطه واغتسل فقد أوجب ونقل عن الثوري استحباب تقليم الأظفار يوم الخميس وجعله بعض العلماء سببا للغنى وأحاديث يوم الجمعة أكثر فلا يعارضه هذا وظاهر الأحاديث يدل على أن القلم قبل الصلاة فما في بعض الكتب انه بعدها ليشهد له بالصلاة لا يعول عليه لأنه تعليل في مقابلة النص وقول بعضهم لم يثبت في استحباب قص الأظفار يوم معين مراد لم يصح لا أنه لم يثبت أصلا
قال بعضهم وتقص على ترتيب النظم المشهور
قلموا أظفاركم بالسبة والأدب يمينها خوابس يسارها أوخسب كذا في شرح الشرعة وفي فتح الباري إن الإمام أحمد قد نص على هذه الكيفية ونقل الشرف الدمياطي عن بعض مشايخه أن من قص أظفاره مخالفا لا يرمد وانه جرب ذلك مدة طويلة اه لكن أنكر الهيئة المذكورة ابن دقيق العيد فقال كل ذلك لا أصل له وإحداث استحباب لا دليل عليه وهو قبيح عندي بالعالم نعم البداءة بيمنى اليدين ويمنى الرجلين لها أصل وهو أنه صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيامن في طهوره وترجله وفي شأنه كله متفق عليه وكذا تقديم اليدين على الرجلين قياسا على الوضوء وما يعزى من النظم في قص الأظفار لعلي وغيره باطل كظهور الأكلة في قص يوم السبت وذهاب البركة في الأحد وحصول العز والجاه في الاثنين والهلكة في الثلاثاء وسوء الأخلاق في الأربعاء والغنى في الخميس والحلم والعلم في الجمعة ثم قص الأظفار هو إزالة ما يزيد على ما يلابس رأس الإصبع من الظفر بمقص أو سكين أو غيرهما ويكره بالأسنان لأنه يورث البرص والجنون وفي حالة الجناية وكذا إزالة الشعر لما روى خالد مرفوعا من تنور قبل أن يغتسل جاءته كل شعرة فتقول يا رب سله لم ضيعني ولم يغسلني كذا في شرح شرعة الإسلام عن مجمع الفتاوى وغيره والمعنى في قص الأظفار أن الوسخ يجتمع تحتها فيستقذر وقد ينتهي إلى حد يمنع وصول الماء إلى ما يجب غسله في الطهارة وتستحب المبالغة في إزالة الأظفار إلى حد لا يضر بالإصبع كذا في فتح الباري وأما حلق الرأس ففي التتارخانية عن الطحاوي أنه سن عند أئمتنا الثلاثة اه وفي روضة الزند ويستى السنة في شعر الرأس أما الفرق وأما الحلق اه يعني حلق الكل إن أراد التنظيف أو ترك الكل ليدهنه ويرجله ويفرقه لما في أبي داود والنسائي عن ابن عمران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى صبيا حلق بعض رأسه وترك بعضه فقال صلى الله عليه وسلم احلقوه كله أو اتركوه كله وفي الغرائب يستحب حلق الشعر في كل
____________________
(1/341)
جمعة وفي شرح النقاية عن الإمام يكره أن يحلق قفاه إلا عند الحجامة اه قال الطحاوي يستحب إحفاء الشوارب ونراه أفضل من قضاه وفي شرح شرعة الإسلام قال الإمام الإحفاء قريب من الحلق وأما الحلق فلم يرد بل كرهه بعض العلماء ورآه بدعة اه وفي الخانية وينبغي أن يأخذ من شاربه حتى يوازي الطرف الأعلى من الشفة العليا ويصير مثل الحاجب اه
وعن الشعبي كان يقص شاربه حتى يظهر طرف الشفة العليا وما قاربه من أعلاه ويأخذ ما شذ مما فوق ذلك وينزع ما قارب الشفة من جانبي الفم ولا يزيد على ذلك اه قال في فتح الباري وهذا أعدل ما وقفت عليه من الآثار ويشرع قص السبالين مع الشارب لأنهما منه كما استظهره في فتح الباري واستثنى مشايخنا المجاهد فقالوا نندب له توفير أظفاره لأنها سلاح وشاربه لأنه أهيب في عين العدو وأما اللحية فذكر محمد في الآثار عن الإمام أن السنة أن يقطع ما زاد على قبضة يده قال وبه نأخذ كذا في محيط السرخسي وكذا يأخذ من عرضها ماطال وخرج عن السمت التقرب من التدوير من جميع الجوانب لأن الإعدال محبوب والطول المفرط قد يشوه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين وأخرج الطبراني عن عمر أنه أخذ من لحية رجل ما زاد على القبضة ثم قال له يترك أحدكم نفسه حتى يكون كأنه سبع من السباع وفي الفتاوى الهندية عن الغرائب نتف الفنيكين بدعة وهما جانبا العنفقة اه قال في الصحاح والقاموس الفنيك بالفاء والنون كامير والمثنى فنيكان وهما مجمع اللحيين أوطرفاهما عند العنفقة وفي الحديث إذا توضأت فلا تنس الفنيكين يعني جانبي العنفقة عن يمين وشمال قال بعض ويؤخذ مما تقدم مشروعية تنظيف داخل الأنف وأخذ شعره إذا طال لأن الأذى كالمخاط يعلق به اه وروى الشهاب القليوبي في كتاب البدور المنورة في معرفة رتبة الأحاديث المشتهرة لا تنتفوا شعر الأنف فأنه يورث الجذام ولكن قصوه قصا وقال ضعيف وقيل حسن وروي أنه يورث الأكلة وهي بتثليث الهمزة الحكة ونباته أمان من الجذام وفي الخلاصة عن المنتقى كان أبو حنيفة لا يكره نتف الشيب إلا على وجه التزين اه وينبغي حمله على القليل أما الكثير فيكره لخبر أبي داود لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم يوم القيامة وفي القنية حلق شعر الرأس والظهر خلاف الأدب وفي المحيط لا يحلق شعر حلقه ولا بأس بأن يأخذ شعر الحاجبين وشعر وجهه ما لم يتشبه بالمخنثين ومثله في الينابيع والمضمرات والمراد ما يكون مشوها لخبر لعن الله النامصة والمتنمصة والسنة في حلق العانة أن يكون بالموسى لأنه يقوي وأصل السنة يتأدى بكل مزيل لحصول المقصود وهو النظافة وإنما جاء الحديث بلفظ الحلق لأنه الأغلب وسواء في ذلك الرجل والمرأة وقالالنووي الأولى في حقه الحلق وفي حقها النتف والإبط أولى فيه النتف لورود الخبر ولأن الحلق يغلظ الشعر ويزيد الرائحة الكريهة بخلاف النتف ثم العانة هي الشعر الذي فوق الذكر وحواليه وحوالي فرجها ويستحب إزالة شعر الدبر خوفا من أن يعلق به شيء من النجاسة
____________________
(1/342)
الخارجة فلا يتمكن من إزالته بالاستجمار وفي الخانية ينبغي أن يدفن قلامة ظفره ومحلوق شعره وإن رماه فلا بأس وكره إلقاؤه في كنيف أو مغتسل لأن ذلك يورث داء وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفن الشعر والظفر وقال لا تتغلب به سحرة بني آدم اه ولأنهما من أجزاء الآدمي فتحترم وروى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها كان صلى الله عليه وسلم أمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان الشعر والظفر والحيضة والسن والقلفة والمسحة اه والحيضة بكسر الحاء المهملة خرقة الحيض والجمع محايض كذا في الصحاح ولعل المسحة الخرقة التي يمسح بها ما خرج من الإنسان من نحو دم وأستغفر الله العظيم والله سبحانه وتعالى أعلم
باب أحكام العيدين المناسبة بين البابين ظاهرة وهي اشتراكهما في الآداب والشرائط إلا الخطبة والجمعة تسمى عيدا أيضا قال صلى الله عليه وسلم لكل مؤمن في كل شهر أربعة أعياد أو خمسة أعياد وقدمت الجمعة لفرضيتها وكثرة وجودها وأصل عيد عود لأنه من العود بمعنى الرجوع قلبت الواو ياء لسكونها بعد كسرة كميزان وميقات وقيل من عيد بفتحتين إذا جمع ويجمع على أعياد والقياس على الأول أعواد لأنه من العود إلا أنه جمع بهذا اللفظ للزوم الياء في المفرد فلم ينظر إلى الأصل وقيل للفرق بينه وبين أعواد جمع عودا للهو وأما عود الخشب فجمعه عيدان قال في البحر وصلاة العيد شرعت في السنة الأولى من الهجرة كما رواه أبو داود عن أنس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال ما هذان اليومان قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد أبدلكما بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر اه
قوله ( لأن لله تعالى فيه عوائد الإحسان ) دينية ودنيوية أو لأنه يعود ويتكرر بالفرح والسرور وتفاؤلا بالعود على من أدركه كما سميت القافلة تفاؤلا بقفولها أي رجوعها أو لاجتماع الناس فيه ويطلق على كل يوم مسرة ولذا قيل عيد وعيد وعيد صرن مجتمعه وجه الحبيب ويوم العيد والجمعة ومذهب الإمام أحمد أن وقت الجمعة يدخل بدخول وقت صلاة العيد قال في متن المنتهي وشرحه للشيخ منصور الحنبلي وإذا وقع عيد في يوم الجمعة سقطت عمن حضر العيد ذلك اليوم سقوط حضور لا سقوط وجوب لأنه صلى الله عليه وسلم صلى العيد وقال من شاء أن يجمع فليجمع أفاده السيد
قوله ( وهي الأصح رواية ) عن الإمام وعليه الجمهور كافي وهو المختار خلاصه ونص عليه محمد في الأصل
قوله ( ودراية ) لأنه ثبت بالنقل المستفيض عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة العيدين من حين شرعيتها إلى أن توفاه الله تعالى من غير ترك وكذا الخلفاء الراشدون والأئمة المجتهدون وهذا دليل الوجوب وبإشارة الكتاب العزيز وهو قوله تعالى { ولتكبروا الله على ما هداكم } وقوله تعالى { فصل لربك وانحر } فان الأولى إشارة إلى صلاة عيد الفطر والثانية إلى صلاة الأضحى
قوله ( وتسميتها في الجامع الصغير سنة
____________________
(1/343)
الخ ) عبارته عيدان اجتمعا في يوم واحد فالأول سنة والثاني فريضة ولا يترك واحد منهما اه قال في العناية هذا لا ينافي الوجوب ألا ترى إلى قوله ولا يترك واحد منهما فإنه ينفي الترك والإخبار في عبارة المشايخ والأئمة يفيد الوجوب كذا في الحلبي على أن الوجوب قريب من السنة لأن السنة المؤكدة في قوة الواجب ولهذا كان الأصح أنه يأثم بتركها كالواجب بحر وقال أبو موسى الضرير في مختصره إنها فرض كفاية كما في شرح الزاهدي ومسكين وهو رواية عن الإمام وبه قال أحمد كما في البرهان
قوله ( وشرائط الصحة ) ظاهره أنه لا بد من الجماعة المذكورة في الجمعة على خلاف فيها وليس كذلك فإن الواحد هنا مع الإمام جماعة فيكف يصح أن يقال بشرائطها
قوله ( لم تكن شرطا لها ) لأن شرط الشيء يسبقه أو يقارنه
قوله ( لو قدمت الخطبة على الصلاة ) اعلم ان الخطبة سنة وتأخيرها إلى ما بعد الصلاة سنة أيضا نهر عن الظهيرية وكونه مسيئا بالتقديم لا يدل على نفي سنية أصلها مطلقا لأن الإساءة لترك سنة التأخير وهي غير أصل السنة وفي الدرة المنيفة لو خطب قبل الصلاة جاز وترك الفضيلة ولا تعاد ومثله في مسكين اه
قوله ( ثلاثة عشر شيئا ) قد ذكر نحو الخمسة عشر
قوله ( أن يأكل بعد الفجر ) الحكمة فيه المبادرة إلى امتثال الأمر به وليعلم نسخ تحريم الفطر قبل صلاة العيد فإنه كان محرما قبلها في أول الإسلام والشرب كالأكل فإن لم يفعل ذلك قبل خروجه ينبغي أن يفعله في الطريق أو في المصلى إن تيسر كما في شروح الحديث فإن لم يفعل فلا كراهة في الأصح كذا في الحلبي
قوله ( ويأكلهن وترا ) زاد ابن حبان ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أقل من ذلك أو أكثر بعد أن يكون وترا وقال شارحوه الحكمة في تخصيص التمر لما في الحلو من تقوية البصر الذي أضعف الصوم وترقيق القلب وهو أيسر من غيره ومن ثمة استحب بعض التابعين أن يفطر على الحلو مطلقاكالعسل وقيل لأنه يحسن البول وقيل لأن النخلة مثل بها المسلم فثمرها أفضل المأكول وقيل لأنها الشجرة الطيبة والحكمة في جعلهن وترا أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب الإيتار في جميع أموره استشعارا للوحدانية فإن لم يتسير التمر أكل حلوا غيره كما ذكرنا فإن لم يتيسر أيضا تناول ما تيسر اه
قوله ( ربما يعاقب ) قال القهستاني وبالترك في اليوم يعاقب اه
قوله ( وتقدم أنه للصلاة ) ذكر السرخسي عن الجواهر يغتسل بعد الفجر فإن فعل قبله أجزأه ويستوي في ذلك الذاهب إلى الصلاة والقاعد لأنه يوم زينة واجتماع بخلاف الجمعة
قال السروجي وهذا صحيح وبه قالت المالكية والشافعية كما في الحلبي واختار في الدرر أيضا كون الغسل والنظافة فيه لليوم فقط وعلله في النهر بأن السرور فيه عام فيندب فيه التنظيف لكل قادر عليه صلى أم لا اه وفي السيد عن الأنهر الأصح أنه سنة وسماه مندوبا بالاشتمال السنة عليه
قوله ( وهذا نص الخ ) اسم الإشارة راجع إلى قوله في الحديث يوم عرفة وربما يقال إنما فعله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وكان لا تفيد الاستمرار كما نص عليه بعض الأصوليين وتقدم أنه لا يكون آتيا بالسنة
____________________
(1/344)
إلا إذا اغتسل في عرفة وعبارته مع المنن في فصل الاغتسالات المسنونة ويسن الاغتسال للحاج لا لغيرهم ويفعله الحاج في عرفة لا خارجها ويكون فعله بعد الزوال لفضل زمان الوقوف
قوله ( وأعم الحالات ) أي جميع حالات الإمكان
قوله ( ويلبس أحسن ثيابه ) أي أجملها جديدا كان أو غسيلا لأنه صلى الله عليه وسلم كان يلبس بردة حمراء في كل عيد وهذا يقتضي عدم الاختصاص بالأبيض والحلة الحمراء ثوبان من اليمين فيهما خطوط حمر وخضرلا أنها حمراء بحت نهر والبحت الخالص لأن الأحمر القانىء أي شديد الحمرة مكروه كذا في شرح السيد بزيادة
قوله ( وكان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة فنك ) أخرج البيهقي في سننه من طريق الشافعي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس برد حبرة في كل عيد وأخرجه في المعرفة عن الحجاج بن أرطأة عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم برد أحمر يلبسه في العيدين والجمعة
قال في القاموس البرد بالضم ثوب مخطط وفي المصباح البردة كساء صغير مربع اه وفي النهاية الحبرة بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة بوزن عنبة ما كان موشى مخططا وهو برد يماني يقال برد حبرة على الوصف والإضافة اه قال القرطبي سميت حبرة لأنها تحبر أي تزين والتحبير التحسين قيل ومنه قوله تعالى { فهم في روضة يحبرون } والوشي التخطيط اه وقولهم حبرة بفتح الحاء خطأ مشهور وفي الشرح الفنك حيوان يشبه الثعلب اه
قوله ( ويؤدي صدقة الفطر ) المقصود هنا بيان أفضل أوقات الدفع فلا ينافي أنها واجبة في ذاتها والحاصل أن لها أحوالا أربعة أحدها قبل يوم الفطر بشرط رمضان أو قبله على اختلاف في ذلك كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى وهو جائز
ثانيها يومه قبل الصلاة وهو مستحب ثالثها بعد الصلاة في ذلك اليوم وهو جائز أيضا رابعها بعد خروج يوم الفطر وفيه إثم لكن يرتفع الإثم بالأداء كمن أخر الحج بعد القدرة فإنه يأثم ثم يزول بالأداء كذا في البحر
قوله ( وشكر نعمته ) عطف على الفرح
قوله ( ويتختم ) لما روي أن من كان لا يتختم من الصحابة في سائر الأيام يتختم يوم العيد كذا في الشرح والتهنئة بقوله تقبل الله منا ومنكم لا تنكر بل مستحبة لورود الأثر بها كما رواه الحافظ ابن حجر عن تحفة عيدالأضحى لأبي القاسم المستملي بسند حسن
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنكم قال وأخرجه الطبراني أيضا في الدعاء بسند قوي اه قال والمتعامل به في البلاد الشامية والمصرية قول الرجل لصاحبه عيد مبارك عليك ونحوه ويمكن أن يلحق هذا اللفظ بذلك في الجواز الحسن واستحبابه لما بينهما من التلازم اه وكذا تطلب المصافحة فهي سنة عقب الصلاة كلها وعند كل لقي
قوله ( أول الوقت ) هو بعد الصبح قهستاني
قوله ( لينال فضيلته ) أي فضيلة الابتكار
قوله ( والصف ) بالجر عطف على الضمير في فضيلته أي ولينال فضيلة الصف الأول
قوله ( وصلاة الصبح ) أي في جماعة
قوله ( لقضاء حقه ) أي حق مسجد الحمي فإن الصلاة فيه أفضل من الجامع على أحد قولين
قوله ( ويتمحض )
____________________
(1/345)
بالنصب عطف على قضاء واللام مسلطة عليه أي وليتخلص ذهابه وقوله لعبادة متعلق بيتمحض
قوله ( ثم يتوجه إلى المصلى ) بالنصب عطف على المندوبات فإن خصوص التوجه إلى المصلى مندوب وإن وسعهم المسجد عند عامة المشايخ وهو الصحيح وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في صلاة العيد إليه وهو موضع معروف بالمدينة بينه وبين باب المسجد ألف ذراع كما في العيني على البخاري وأما مطلق التوجه فواجب اه
قوله ( وغض بصر ) أي كفه عما لا ينبغي أن يبصر
قوله ( روي أنه صلى الله عليه وسلم خرج ماشيا ) وروي أنه ما ركب في عيد ولا جنازة ولا بأس بالركوب في الرجوع لأنه غير قاصد إلى قربة كما في السراج وهذا إن قدر وإلا فالركوب أولى قهستاني
قوله ( مخرج العبد الذليل ) مفعل بمعنى الحدث لا المكان ولا المكان
قوله ( مكبرا سرا ) قال الطحاوي ذكر ابن أبي عمران عن أصحابنا جميعا أن السنة عندهم يوم الفطر أن يكبر في طريق المصلى وهو الصحيح لقوله تعالى { ولتكبروا الله على ما هداكم } البقرة 2
قوله ( وعندهما جهرا ) قال الحلبي الذي ينبغي أن يكون الخلاف في استحباب الجهر وعدمه لا في كراهته وعدمها فعندهما يستحب وعنده الإخفاء أفضل وذلك لأن الجهر قد نقل عن كثير من السلف كابن عمر وعلي وأبي أمامة الباهلي والنخعي وابن جبير وعمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلى وأبان بن عثمان والحكم وحماد ومالك والشافعي وأحمد وأبي ثور كما ذكره ابن المنذر في الإشراق اه
قوله ( وكان ابن عمر يرفع صوته بالتكبير ) أجيب من طرف الإمام بأنه قول صحابي فلا يعارض به عموم الآية القطعية أعني قوله تعالى { واذكر ربك } إلى قوله ودون الجهر
قوله ( وتكثيرا للشهود ) لأن مكان القربة يشهد لصاحبه اه سراج ولا بأس ببناء منبر في المصلى ولم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم لها منبر وإنما كان يخطب وهو واقف وكذا الخلفاء الراشدون بعده وأول من أحدثه مروان بن الحكم في خلافة معاوية كذا يعلم من البخاري وشرحه
قوله ( في المصلى اتفاقا ) في القهستاني عن المضمرات أنها لا تكره في ناحية المسجد عند ابن مقاتل فكأنه لم يعتبر خلافه والكراهة تثبت مطلقا ولو في صلاة الضحى أو تحية المسجد وسواء من تجب عليه صلاة العيد وغيره حتى يكره للنساء أن يصلين الضحى يوم العيد قبل صلاة الإمام كما في النهر وغيره عن الخانية
قوله ( لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ ) أي مع حرصه على النوافل فلولا الكراهة لفعل
قوله ( على اختيار الجمهور ) وأطلق قاضيخان وصاحب التحفة إباحة التطوع بعدها بأربع ركعات في الجباية وذكر في الزاد والخلاصة يستحب أن يصلي بعد صلاة العيد أربع ركعات لحديث علي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال من صلى بعد العيد أربع ركعات كتب الله بكل نبت نبت وبكل ورقة حسنة كذا في الشرح ويحمل على الصلاة في البيت
قوله ( قدر رمح ) هو أثنا عشر شبرا والمراد به وقت حل النافلة اه
قوله ( بل نفلا محرما ) لوقوعه في وقت الطلوع وللجماعة في النفل ويستحب تعجيل الإمام الصلاة في أول وقتها في الأضحى
____________________
(1/346)
وتأخيرها قليلا عن أول وقتها في الفطر بذلك كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم وهو بنجران عجل الأضحى وأخر الفطر قيل ليؤدي الفطر ويعجل إلى التضحية زاهدي وحلبي وابن أمير حاج
قوله ( ويقول بلسانه أصلى صلاة العيد لله تعالى ) ولا يشترط نية الواجب للاختلاف فيه
قوله ( أيضا ) أي كما ينوي صلاة العيد وتقدم أن نية الشروع مع الإمام في صلاته صحيحة
قوله ( وهو مذهب ابن مسعود ) وعمر وأبي موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان وعقبة بن عامر وعبدا لله بن الزبير وأبي هريرة وأبي مسعود الأنصاري وأبي سعيد الخدري والبراء بن عازب وابن عباس والحسن وابن سيرين والثوري
قوله ( ويسكت بعد كل تكبيرة مقدار ثلاث تكبيرات في رواية ) قال في المبسوط هذا التقدير ليس بلازم لأن المقصود منه إزالة الاشتباه عن القوم وهو يختلف بكثرة الزحام وقلته اه
قوله ( ولا بأس بأن يقول الخ ) في القهستاني عن عين الأئمة أن التسبيح بينها أولى اه
قوله ( يرفع يديه ) إلا في تكبيرة الركوع ولو صلى خلف إمام لا يرى الرفع فيها يرفع ولا يوافق الإمام في الترك بحر عن الظهيرية
قوله ( ثم يتعوذ ) هو قول محمد وهو المختار كما في مجمع الأنهر وقال أبو يوسف يتعوذ قبل الزوائد لأنه تبع للثناء عنده
قوله ( بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك ) وروى ق واقتربت جوهرة
قوله ( وموافقة جمع من الصحابة ) قدمنا ذكرهم
قوله ( وسلامته ) أي أثر ابن مسعود من الاضطراب أي التردد في بعض الألفاظ
قوله ( وإنما اختير قوله الخ ) ولذلك كثرت موافقة الإمام له
قوله ( لأن الخلاف في الأولوية ) قال في البحر الخلاف في الأولوية ولا خلاف في الجواز لقول محمد في الموطأ بعد ذكر الروايات فما أخذت به فحسن ولو كان فيها ناسخ ومنسوخ لكان محمد أولى بمعرفته
قوله ( ولذا لو كبر الإمام ) أي لكون الخلاف في الأولوية
قوله ( يتابعه المقتدي الخ ) لأنه التزم صلاته فيلزمه العمل برأيه
قوله ( لأنه بعدها الخ ) أي فخرج عن عهدة الاجتهاد فصار كالعمل بالمنسوخ ثم قالوا هذا إذا سمع من الإمام أما إذا سمع من المبلغ فقط فإنه يتابعه ولو زاد على هذا العدد لجواز الخطأ من المبلغ فيما سبق فلا يترك الواجب احتياطا ولذا قيل ينوي الافتتاح بكل تكبيرة لاحتمال التقدم على الإمام في كل تكبيرة
قوله ( وإذا كان مسبوقا الخ ) قال في السراج المسبوق يكبر فيما يقضي برأي نفسه ويخالف رأي إمامه لأنه منفرد بخلاف اللاحق فإنه يكبر برأي إمامه ويخالف رأي نفسه لأنه خلف الإمام حكما
قوله ( وإذا سبق بركعة ) أي وكان ممن يرى قول أبي حنيفة
قوله ( فيوافق رأي الإمام علي ) أي بالبداءة في القضاء بالقراءة ثم يكبر
قوله ( فكان أولى ) من الخروج عن أقوالهم جميعا أي إذا ابدأ بالتكبير ثم قرأ
قوله ( بمشاركته ) متعلق بأمن
قوله ( ويكبر للزوائد منحنيا ) برأي نفسه لأنه مسبوق وقالأبو يوسف يشتغل بتسبيح الركوع لأنه محله حقيقة ويسقط عنه التكبير
قوله ( لأن الفائت من الذكر الخ ) كما إذا أدركه في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يبدأ بالتشهد الذي فاته وكما إذا أدركه في ثالثة الوتر راكعا فإنه يأتي بالقنوت إن أمن
____________________
(1/347)
فوت الركوع وكذا يأتي بالثناء كذلك
قوله ( ويفوت ) من التفويت
قوله ( سقط عن المقتدي ما بقي ) أي أوكله إن لم يكبر شيئا ولا يأتي به في الثانية ولو أدرك الإمام وقد كبر بعض التكبيرات تابعه وقضى ما فاته في الحال ثم تابع إمامه وإن أدركه وقد شرع في القراءة كبر تكبيرة الافتتاح وأتى بالزوائد برأي نفسه لأنه مسبوق ولو أدركه قائما ولم يكبر حتى ركع لا يكبر على ما ارتضاه في المحيط وإن أدركه بعدما رفع رأسه من الركوع ولم يكبر اتفاقا ولو ركع الإمام قبل أن يكبر كبر راكعا ولا يعود إلى القيام ليكبر في ظاهر الرواية ولو عاد لا تفسد كما في شرح السيد
قوله ( لزم ترك المتابعة المفروضة ) فيه أن المتابعة هنا واجبة
قوله ( بعد الصلاة ) هذا بيان الأفضلية
قوله ( يعلم فيهما أحكام صدقة الفطر ) أي في إحداهما وهي الأولى وهذا في خطبة الفطر وسيأتي بيان الأضحية وكذا كل حكم احتيج إليه
قوله ( لأن الخطبة شرعت لأجله ) أي لأجل التعليم
قال صاحب البحر بحثا وينبغي للخطيب أن يعلمهم الأحكام في جمعة قبل العيد لأن المندوب في صدقة الفطر أداؤها قبل الخروج إلى المصلى وابتداء تكبير التشريف من فجر يوم عرفة فلا يفيد هنا التعليم اه
قال والعلم أمانة في عنق العلماء اه ويقوي هذا البحث ما يأتي في صدقة الفطر أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب قبل العيد بيومين خطبة يبين فيها أحكام صدقة الفطر اه
قوله ( من تجب عليه ) وهو الحر المسلم المالك للنصاب ولو غير تام
قوله ( ولمن تجب ) هو مصرف الزكاة
قوله ( ومم تجب ) من البر وسويقيه ودقيقه والشعير كذلك والتمر والزبيب وما سوها بالقيمة
قوله ( ومقدار الواجب ) هو نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير أو زبيب
قوله ( ووقت الوجوب ) هو طلوع الفجر من يوم الفطر
قوله ( ويجلس بين الخطبتين ) لا قبلهما عندنا كذا في الدر
قوله ( وليس لذلك ) أي للتكبير الواقع في أثناء الخطبة عدد فلا ينافي قوله بعد ويستحب أن يستفتح الخ
قوله ( وغيرها ) هذا يعم خطب الحج الثلاث مع أنه يبدؤها بالتكبير إلا أن التي بمكة وعرفة يبدؤ فيهما بالتكبير ثم بالتلبية ثم بالخطبة كما ذكره في الدر
قوله ( تترى ) أي متتابعات ويكبر قبل النزول أربعة عشر كذا في الشرح
قوله ( في أنفسهم ) المراد أنهم يسرون به كما تقدم والظاهر أنه متعلق بالتكبير والصلاة لأنه يجب الإنصات لجميعها وقوله سنة الإنصات الأولى أن يقول وواجب الإنصات
قوله ( ومن فاتته الصلاة مع الإمام ) أو بخروج وقتها سواء كان لعذر أم لا إلا أنه يأثم في الثاني دون الأول وكما إذا لم يشرع أصلا أو شرع ثم أفسده اتفاقا على الأصح وفيها يلغز أي رجل أفسد صلاة واجبة عليه ولا قضاء عليه در ولو قدر بعد الفوات مع الإمام على إدراكها مع غيره فعل للاتفاق على جواز تعددها
قوله ( لا تتم بدون الإمام أي السلطان أو مأموره ) أي وقد صلاها الإمام أو مأموره فإن كان مأمورا بإقامتها له أن يقيمها
قوله ( وإن شاء صلى نفلا ) لعله محمول على الصلاة في غير المصلى لما تقدم من كراهة الصلاة فيه بعدها
قوله ( فيكون ) أي ما صلاه له صلاة الضحى قال في العناية فإن قيل هي قائمة مقام
____________________
(1/348)
صلاة الضحى ولهذا تكره صلاة الضحى قبل صلاة العيد فإذا عجز عنها يصير إلى الأصل كالجمعة إذا فاتت فانه يصير إلى الظهر أجيب بأنا إن سلمنا ذلك لا يضرنا لكن صلاة الضحى غير واجبة فيتخير بخلاف الظهر في الجمعة فإنه فرض فيلزم أداؤه اه ويلزم على ما ذكره أنه لا يأتي بالضحى إذا صلى العيد لعدم الجمع بين العوض والمعوض وليس كذلك
قوله ( وروى في ذلك ) بصيغة الفاعل وضميره لابن مسعود
قوله ( وتوابا جزيلا ) في القهستاني عن المسعودية يعطي ثوابا بعدد كل ما نبت في هذه السنة اه
قوله ( كان غم الهلال الخ ) وكالمطر ونحوه كما في السراج وكما لو صلى بالناس على غير طهارة ولم يعلم إلا بعد الزوال كما في الخانية
قوله ( وشهدوا بعد الزوال ) أو قبله بحيث لا يمكن إجتماع الناس برهان قال السيد وفي كونها قضاء أو أداء قولان حكاهما القهستاني ونصه أي يقضي صلاته كما أشار إليه الكرماني والجلابي والهداية وغيرها أو يؤدي كما في التحفة اه
قوله ( إلى الغد ) ووقتها من الثاني كالأول أفاده السيد
قوله ( وأحكام الأضحى ) أي من الشروط والمندوبات هي أحكام الفطر ولا حاجة إلى تعداد الموافق وإنما يحتاج إلى عد المخالف أفاده السد
قوله ( يؤخر الأكل عن الصلاة ) وكذا كل ما ينافي الصوم من صبحه إلى أن يصلي وقد تواردت الأخبار عن الصحابة رضي الله عنهم في منع الصبيان عن الأكل والأطفال عن الرضاع غداة الأضحى كما في الزاهدي وفيه رمز إلى أن هذا الإمساك ليس بصوم ولذا لم يشترط له النية وإلى أنه مندوب في حق المصريين فقط كما في تقسيم المأمور به من الكشف قهستاني
قوله ( فإن قدمه لا يكره في المختار ) قال الحموي المنفي كراهة التحريم إذ لا بد من الكراهة بترك السنة وأدنى مراتبها التنزيه اه
قوله ( كان لا يطعم ) بفتح الياء أي لا يأكل
قوله ( فيأكل من أضحيته ) وفي لفظ البيهقي فيأكل من كبد أضحيته
قال في غاية البيان لأن الناس أضياف الله تعالى في هذا اليوم فيستحب أن يكون تناولهم من لحوم الأضاحي التي هي ضيافة الله تعالى
قوله ( فلذا قبل الخ ) أي لهذا الحديث قيل الخ
قال السيد وهو ظاهر في ترجيح الإطلاق لحكايته التفصيل بقيل اه وقيده في غاية البيان بالمصري أما القروي فإنه يذوق من حين يصبح ولا يمسك كما في عيد الفطر لأن الأضاحي تذبح في القرى من الصباح بخلاف المصر حيث لا تذبح فيه قبل الصلاة اه وقوله فإنه يذوق من حين يصبح أي من أضاحيهم بدليل التعليل بقوله لأن الأضاحي وإلا لعلل بعدم الصلاة عليهم
قوله ( ويكبر في الطريق جهرا ) أشار بذكر الطريق إلى ما في المبسوط وشرح الطحاوي أنه يقطعه إذا انتهى إلى الجبانة وفي رواية حتى يشرع الإمام فيها وعمل الناس على هذه الرواية ويكبر كلما لقي جمعا أو علا شرفا أو هبط واديا كالتلبية ولا يسن التكبير جهرا في غير هذه الأيام إلا بإزاء عدو أو لصوص قيل وكذا الحريق والمخاوف كلها كما في الزاهدي
قوله ( من تجب عليه ) هو المسلم العاقل الحر المالك للنصاب ولو غير تام
قوله ( ومم تجب ) فتجب من الأنواع الثلاثة
____________________
(1/349)
الإبل والبقر والغنم
قوله ( وسن الواجب ) هو الثني من هذه الأنواع وهو ما تم له سنة من الغنم وطعن في الثانية ومن البقر ما تم له سنتان وطعن في الثالثة ومن الإبل ما تم له أربعة وطعن في الخامسة ويجزىء الجذع من الضأن وهو ما تم له نصف حول أو أكثر كما بين في محله
قوله ( ووقت ذبحه ) هو يوم العيد ويومان بعده
قوله ( والذابح ) هو صاحب الأضحية أن كان ييحسن الذبح وإلا فيأمر غيره ويشهد الذبح فإنه يغفر له بأول قطرة من دمها كما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدة نساء العالمين بنته فاطمة رضي الله عنها
قوله ( وحكم الأكل والتصدق ) هما بالثلث ويهدي ثلثا ويدخر ثلثا إن لم يكن صاحب عيال وإلا فصرفه إلى عياله أولى من صرفه إلى الصدقة والهدية
قوله ( ويعلم تكبير التشريق ) هو في اللغة تقديم اللحم بإلقائه في المشرقة أي الشمس وقد جرت عادتهم بتشريق لحوم الأضاحي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر فسميت هذه الثلاثة أيام التشريق وأيام النحر ثلاثة أيضا يوم النحر وهو العاشر من ذي الحجة ويومان بعده فالمجموع أربعة الأول منها نحر فقط والرابع تشريق فقط والمتوسطان نحر وتشريق وعلى هذا المعنى اعترضت الإضافة بأن المعنى حينئذ تكبير أيام التشريق ولا يصح لأنه يؤتى به في غيرها وأجيب بأنه لما كان أكثر أيامه أيام التشريق نزل الأكثر منزلة الكل وبأن لفظ التشريق كما يطلق على ما تقدم يطلق أيضا على رفع الصوت بالتكبير في هذه الأيام المخصوصة كما قاله أئمة اللغة وحيئنذ فالإضافة من قبيل إضافة البيان أي التكبير الذي هو التشريق وهذا الثاني هو الذي أشار إليه المؤلف بقوله من إضافة الخاص أي الذي هو التشريق بالمعنى الثاني إلى العام وهو مطلق تكبير وهذا إنما يتمشى على أن أول المتضايفين مضاف إليه وهو أحد أقوال ثلاثة وقيل بالعكس وهو المشهور وقيل كل يطلق على كل
قوله ( شرعت له ) أي لأجل التعليم المأخوذ من يعلم
قوله ( وينبغي ) البحث لصاحب البحر
قوله ( لأنها مؤقتة بوقت الأضحية ) وذلك لأن التضحية قربة تتوقت بأيام النحر وهي ثلاثة فكذا الصلاة لأنها صلاة الأضحى ولو أخرت صلاة العيد في اليوم الأول أخر والتضحية إلى الزوال ولا تجزيهم إلا بعده وكذا في اليوم الثاني لا تجزيهم قبل الزوال إلا إذا كانوا لا يرجون أن يصلي الإمام فحينئذ تجزيهم
قوله ( فيما بين الخ ) كالاستدراك على ما قبله يعني الصلاة وان وقتت بوقت الأضحية نظرا إلى الأيام الثلاثة لكنها تتقيد بما بين الارتفاع إلى الزوال ولا تصح بعدها
قوله ( وهو التشبه بالواقفين ) هذا هو المراد هنا ويطلق على التطيب بذي عرف أي ريح طيبة وإنشاد الضالة والوقوف بعرفات أي تشبيه الناس أنفسهم بالواقفين بعرفات والأولى التشبيه
قوله ( بل يكره في الصحيح ) وظاهر كلامهم أنها تحريمية لأن الوقوف عهد قربة بمكان مخصوص فلم يجز فعله في غيره كالطواف ونحوه ألا ترى أنه لا يجوز الطواف حول مسجد أو بيت سوى الكعبة تشبها كما في غاية البيان وفي الكافي من طاف بمسجد سوى الكعبة يخشى عليه الكفر اه
قوله ( لأنه اختراع في الدين ) إذ لم
____________________
(1/350)
يثبت عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضوان الله تعالى عليهم وما نقل عن ابن عباس أنه فعل ذلك بالبصرة يحمل على أنه خرج للاستسقاء ونحوه لا للتشبيه بأهل عرفات قال عطاء الخراساني إن استطعت أن تخلو بنفسك عشية عرفة فافعل اه
قوله ( رعاع ) قال في القاموس الرعاع كسحاب الأحداث والطغام وكسحابة النعامة ومن لا فؤاد له ولا عقل اه وقال في مادة حدث والأحداث أمطار أول السنة ورجل حدث السن وحديثها بين الحداثة والحدوثة فتى والحديث الجديد والخبر اه والمناسب هنا هو أرادة من لا فؤاد له ولا عقل وعليه فالمناسب أن يقول رعاعة العامة أي من لا عقل له منهم والمراد بالأحداث هنا الفتيان أي الشبان
قوله ( ودرء المفسدة مقدم ) أي دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة قال في الشرح بعد ذكر هذه العبارة وحسم ذلك الواجب اه
قوله ( ويجب تكبير التشريق ) وكذا يجب الجهر به وقيل يسن أفاده القهستاني
قوله ( في اختيار الأكثر ) وقيل يسن وبه عبر حافظ الدين في الكنز وأول بان السنة تطلق على الواجب نظرا إلى معناها اللغوي وهو الطريقة
قوله ( لقوله تعالى { واذكروا الله في أيام معدودات } ) إنما لم يكن فرضا بهذه الآية لما قيل أن المراد به ذكر الله تعالى عند وحي الجمار بدليل فمن تعجل في يومين الآية فلم يكن الكتاب قطعي الدلالة فيفيد الوجوب لا الافتراض وقد واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم من غير ترك وكذا الخلفاء الراشدون والصحابة أجمعون
قوله ( من بعد صلاة فجر عرفة الخ ) هو قول ابن مسعود ابتداء وانتهاء ولذا أخذ به الإمام رضي الله عنه لقوله عليه الصلاة والسلام أختار لأمتي ما اختاره ابن أم عبد وقيل ابتداؤه من بعد صلاة الظهر من أول يوم النحر وبه أخذ مالك والشافعي وهو رواية عن أبي يوسف
قوله ( إلى عقب ) إنما زاد عقب للتنصيص على البعدية ولو حذف لتوهم أن الغاية غير داخلة
قوله ( ويأتي به مرة ) وما زاد فهو مستحب
قال البدر العيني في شرح التحفة وأقره في الدر وفي الحموي عن القرا حصاري الإتيان به مرتين خلاف السنة وفي مجمع الأنهر أن زاد فقد خالف السنة اه ولعل محله ما إذا أتى به على أنه سنة وأما إذا أتى به على أنه ذكر مطلق فلا ويحرر
قوله ( فور كل صلاة فرض ) لأنه من خصائص الصلاة فيؤدي في حرمتها من غير فاصل يمنع البناء كقهقهة وحدث عمد وكلام مطلقا وخروج من المسجد ومجاوزة الصفوف في الصحراء وإن لم يخرج منه أو لم يجاوزها يكبر لأن حرمة الصلاة باقية كما في حاشية المؤلف فإن فصل بشيء من هذه الأشياء سقط عنه لأنها تقطع حرمة الصلاة لكنه إن فعل المنافي عمدا أثم ولو سبق حدث بعد السلام إن شار كبر في الحال لبقاء حرمة الصلاة ولا يشترط له الطهارة كما سيأتي لأنه لا يؤدي في تحريمة الصلاة واختاره السرخسي وان شاء توضأ وأتى به وصححه الزيلعي
قوله ( ولو كان قضاء من فروض هذه المدة فيها الخ ) خرج به ثلاث صور الأولى فائتة غيرها فيها الثانية فائتتها في غير هذه الأيام الثالثة فائتتها قضاها في أيامها من العام القابل وفي هذ الأخيرة خلاف أبي يوسف والصحيح أنه لا
____________________
(1/351)
تكبير لها
قوله ( وهي الثمانية ) الضمير إلى الفرائض
قوله ( والاثنين ) لعله محمول على المنفردين وإلا فالجماعة تتحقق بهما في غير الجمعة إلا أنه على هذا المعنى يرجع إلى المنفرد لأن كلا منهما منفردا وإنه يعد الأثنين غير جماعة اعتبارا للمتبادر من لفظها
قوله ( خرج به جماعة النساء ) أي والعراة
قوله ( على إمام مقيم ) هو إمام توطن المصر أو نوى فيها أقامة خمسة عشر يوما أما من نوى أقامة ما دون ذلك لا يجب عليه على ما يفهم من كلامه
قوله ( أي بالإمام المقيم ) هو الأصح
وقيل تجب على المقيم المقتدي بالمسافر وجرى عليه صاحب الدر أفاده السيد
قوله ( أو رقيقا ) الأولى حذفه كما فعل في التنوير لأنه يوهم الخلاف وليس فيه خلاف
قوله ( والمرأة تخفض صوتها ) بحيث تسمع نفسها والتعليل يفيد الوجوب
قوله ( لأنه عورة ) هذا غير معتمد والصحيح أنه يؤدي إلى الفتنة أفاده السيد وقد سبق والمراد بالعورة معناها اللغوى وهو العيب
قوله ( وفي التلبية تفسد ) لأنها كلام أجنبي وفي البحر والكافي يبدأ بسجود السهو لوجوبه في تحريمتها ثم بالتكبير لوجوبه في حرمتها ثم بالتلبية لو محرما لعدمهما ولو بدأ بها سقط السجود والتكبير لأنها كلام فيقطع الوصل ولو بدأ بالتكبير سجد لأنه لا ينافي الصلاة بخلاف التلبية
قوله ( وتكبير الإمام ) بالجر عطفا على طهارة
قوله ( لما رويناه ) أي من أثر ابن مسعود السابق وهو إنما يدل على اشتراط الجماعة فقط فهو أخص من المدعي وللإمام دلائل أخر على ما رآه
قوله ( إلى آخر أيام التشريق ) الأولى حذفه والاستغناء بما قبله لما فيه من إيهام أنه يكبر بعد المغرب لأنها آخر أيامه فتأمل
قوله ( وبه يعمل وعليه الفتوى ) هذا بناء على أنه إذا اختلف الإمام وصاحباه فالعبرة لقوة الدليل على ما في آخر الحاوي القدسي أو هو مبني على أن قولهما في كل مسألة مروي عنه كما ذكره في الحاوي أيضا وإلا فكيف يفتى بقول غير صاحب المذهب كذا في البحر قال وبهذا يندفع ما في الفتح من ترجيح قوله ورد فتوى المشايخ بقولهما ولو نسي الإمام التكبير أتى به المؤتم وجوبا كسامع السجدة مع تاليها
قال محمد قال يعقوب صليت بهم المغرب يوم عرفة فسهوت أن أكبر فكبر أبو حنيفة ويعقوب هو اسم أبي يوسف القاضي صاحب الإمام الأعظم وهو يعقوب بن ابراهيم بن حبيب بن سعد بن حبتة البجلي استصغر سعد يوم أحد ونزل الكوفة ومات بها وصلى عليه زيد بن أرقم وكبر خمسا وتوفي أبو يوسف سنة اثنتين وثمانين ومائة في خلافة هرون الرشيد وقد تضمنت هذه الحكاية من الفوائد الحكمية هذه المسألة ومن العرفية جلالة قدر أبي يوسف عند الإمام حيث قدمه وعظم منزلة الإمام في قلبه حيث نسي ما لا ينسى عادة لعلمه بأنه خلفه وذلك أن العادة إنما هو نسيان التكبير الأول وهو الكائن عقب فجر يوم عرفة فأما بعد توالي ثلاث أوقات يكبر فيها فلا ومنها أن تعظيم الأستاذ في طاعته لا فيما يظنه طاعة لأنه تقدم بأمر الإمام كما هو القاعدة المشهورة أن الامتثال خير من الأدب ومنها أنه ينبغي للاستاذ إذا
____________________
(1/352)
تفرس في بعض أصحابه الخير أن يقدمه ويعظمه عند الناس حتى يعظموه ومنها أن التلميذ لا ينبغي له أن ينسى حرمة أستاذه وان قدمه وعظمه ألا ترى أن أبا يوسف شغله ذلك عن التكبير حتى سها كذا في البحر
قوله ( لأن الإتيان بما ليس عليه الخ ) ولأن فيه الأخذ بالأكثر في العبادات خصوصا في الذكر المأمور بإكثاره وهذا في مقابلة ما ذكر في دليل الإمام من أن الإجماع انعقد على الأقل
قوله ( للأمر بذكر الله الخ ) علة لقوله أنه عليه وفي الشرح وللأمر به فيكون عطفا على قوله لأن الإتيان الخ
قوله ( في الأيام المعلومات ) وهو قوله تعالى { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات } البقرة 2
قوله ( والمعدودات ) وهو قوله تعالى واذكروا الله في أيام معدودات
قوله ( وعدم ) بالجر عطف على مدخول اللام وهو جواب عن سؤال كأنه قيل له لماذا لم تحملوه على غير هذا التكبير وحاصل الجواب أن المأمور به ذكر حادث في هذه الأيام وليس بحادث فيها إلا هو
قوله ( والأوسطان الخ ) كذا يوجد في بعض النسخ لكن التعليل بقوله لأن المعلومات الخ لا يناسبه لأن الأوسطين العاشر والحادي عشر وأما الثاني عشر فليس من المعلومات بل هو من المعدودات وأما الحادي عشر والثاني عشر فكلاهما ليس من المعلومات فالنسخ التي حذف منها هذه العبارة هي الصواب قوله ( أنه قال ) بدل من ضمير روى لكن لا يلاقيه في المعنى والأولى أن يجعل تعليلا على حذف اللام
قوله ( اليوم الأول من المعلومات ) إن أراد به يوم عرفة فهو ليس من المعلومات ولا من المعدودات أما الأول فلأنه لا ينحر فيه وأما الثاني فلأنه ليس من أيام التشريق اللهم إلا إذا أريد بها ما يقع فيها تكبير التشريق فيكون من المعدودات
قوله ( واليومان الأوسطان الخ ) بل ثلاثة معلومة ومعدودة وهي أيام النحر أما الرابع فمعدود فقط وأما إذا أريد بأيام التشريق الأيام الثلاثة التي بعد أيام النحر فالمراد بالأول يوم النحر
وهو معلوم والأوسطان الحادي عشر والثاني عشر معلومان ومعدودان والأخير معدود لا غير وهو المتبادر
قوله ( ولا بأس بالتكبير عقب صلاة العيدين الخ ) في الظهيرية عن الفقيه أبي جعفر قال سمعت أن مشايخنا كانوا يرون التكبير في الأسواق في أيام العشر كما في البحر وفي الدراية عن جمع التفاريق
قيل لأبي حنيفة ينبغي لأهل الكوفة وغيرها أن يكبروا أيام التشريق في المساجد والأسواق قال نعم وذكر أبو الليث كان إبراهيم بن يوسف يفتي بالتكبير في الأسواق أيام العشر اه
قوله ( فهما مرتان ) وكذا التكبير الآتي مثله فالجمل فيه ست
قوله ( لما روى الخ ) الدليل أخص من المدعي لتقييده بقوله في يومنا هذا والأولى الاستدلال بما رواه ابن أبي شيبة بسند جيد عن الأسود
قال كان عبدالله يعني ابن مسعود يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر يقول الله أكبر الخ وكذا روى عن علي بل عن الصحابة كلهم لما رواه ابن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن ابراهيم قال كانوا يكبرون يوم عرفة وأحدهم مستقبل القبلة في دبر الصلاة الله أكبر الخ
قوله ( ومن جعل التكبيرات ثلاثا الخ ) أشار به إلى من
____________________
(1/353)
قال بذلك كالشافعي رضي الله عنه
قوله ( ويزيد على هذا الخ ) ربما يفيد التعبير بعلى أنه لا يزيد في الصيغة المتقدمة كان يجعل التكبير ثلاثا وإنما يزيد عليها ويدل عليه قوله فيقول الخ
قوله ( كبيرا ) حال مؤكدة
قوله ( كثيرا ) صفة لمصدر محذوف أي حمدا كثيرا أي أثنى على الله تعالى وأذكره بخير ذكرا كثيرا
قوله ( بكرة وأصيلا ) البكرة أول النهار والأصيل آخره والمقصود الاعتراف بالتنزيه لله تعالى في جميع الأوقات وهما منصوبان على الظرفية
قوله ( وحده ) حال لازمة
قوله ( ونصر عبده ) محمدا صلى الله عليه وسلم عطف تفسير على قوله صدق وعده ويدل عليه ما روى من قوله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر اللهم انجز لي ما وعدتني أو خاص أن أريد بالأول الاعتراف بأن كل ما وعد به الحق تعالى صدق
قوله ( وأعز جنده ) المسلمين إلا أن حزب الله هم الغالبون أو المراد الصحابة في مغازيهم
قوله ( وهزم الأحزاب وحده ) في وقعة الخندق فإنهم هزموا من غير محاربة فتمحض الهزم لله تعالى من غير مشاهدة سبب أو المراد الهزم مطلقا فإن الفعل لله وحده والمشاهد من الأسباب أمور عادية
قوله ( مخلصين له الدين ) أي الطاعة
قوله ( ولو كره الكافرون ) الواو للحال
قوله ( اللهم صل على محمد ) المندوب السيادة كما قالوا في الصلاة
قوله ( وعلى آل محمد ) المراد بهم مطلق الاتباع وعطف الأصحاب من عطف الخاص للاهتمام بسبب الشرف
تتمة ذكر في الكشاف أن الخليل لما أراد الذبح ونزل جبريل بالفداء خاف عليه العجلة فنادى من الهواء الله أكبر الله أكبر الله أكبر فسمعه الذبيح فقال لا إله إلا الله والله أكبر فقال الخليل الله أكبر ولله الحمد اه لكن لم يثبت ذلك عند أهل الحديث والمختار أن الذبيح اسمعيل عليه السلام وفي القاموس انه الأصح
قال ومعناه مطيع الله در والمسألة خلافية سلفا وخلفا فمنهم من قال به ومنهم قال بأنه اسحق عليه السلام قال في البحر والحنفية ماثلون إلى الأول والحاصل كما قال السيوطي أن الخلاف فيه مشهور بين الصحابة فمن بعدهم ورجح كل من القولين كما في الزرقاني على المواهب والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب صلاة الكسوف ذكر هذا الباب بعد صلاة العيد وقبل الاستسقاء لأن كلا منهما صلاة نهارية بجماعة مخصوصة من غير أذان ولا إقامة إلا أن صلاة العيد واجبة وقيل فرض كفاية وصلاة الكسوف سنة عند الجمهور وقيل واجبة وصلاة الاستسقاء مختلف في سنيتها فناسب ترتيب الأبواب كذا في الفتح يقال كسف الله الشمس كسفا من باب ضرب فهو معتد وكسفت الشمس كسوفا من باب جلس فهو لازم وما قيل في الكسوف يقال في الخسوف وهما بمعنى واحد وهو ذهاب الضوء من كل منهما قاله ابن فارس والأزهري والجوهري وزاد في القاموس الخسوف ذهاب بعضهما والكسوف ذهاب كلهما والإضافة في صلاة الكسوف للتعريف وهي من إضافة الشيء إلى
____________________
(1/354)
سببه لأن سببها الكسوف روى الكمال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أناسا يزعمون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من العظماء وليس كذلك إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله إن الله إذا بدا لشيء من خلقه خشع له فإذا رأيتم ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة اه والمراد بالأحدث الأقرب وكانت الصبح فإن الكسوف كان عند ارتفاعها قدر رمحين والفقه في الحديث أن أهل الجاهلية كانوا يزعمون أن ذلك يوجب حدوث تغير في العالم كما يعتقده أهل النجوم من أن هذه الأجسام السفلية مرتبطة بالنجوم وأن لها تأثيرا في ذلك وأن العالم كرى الشكل والكسوف حيلولة الأرض بين الشمس وبين الأبصار فهو أمر عادي لا يتقدم ولا يتأخر فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن اعتقادهم هذا باطل وأن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى يريهما عباده ليعلموا أنهما مسخران بأمره ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قوة الدفع عن أنفسهما فلا يستحقان أن يعبدا وأن هذا من أثر الإرادة القديمة وفعل الفاعل المختار فيخلق النور والظلمة في هذين الجرمين متى شاء بلا سبب وفي الفزع إلى الصلاة والسجود لله تعالى والتضرع إليه عند ذلك تحقيق إضافة الحوادث كلها إليه تعالى ونفي لها عما سواه وفي هذا دليل أيضا على أن الصلاة مستحبة عند حدوث كل آية من الآيات كالزلزلة والريح الشديدة والظلمة ونحوها كما في غاية البيان وقال تعالى { وما نرسل بالآيات إلا تخويفا } الأسراء 71 ) والتخويف بهما لما فيهما من تبديل نعمة النور بظلمة لا سيما الكسوف فتفزع القلوب لذلك طبعا فكانا من الآيات المخوفة والله تعالى يخوف عباده ليتركوا المعاصي ويرجعوا إليه بالطاعة والإستغفار
قوله ( وإلا فزاع ) كالزلزلة والريح الشديدة والظلمة
قوله ( سن ركعتان الخ ) بيان لأقل مقدارها وإن شاء صلى أربعا أو أكثر كل شفع بتسليمة أو كل شفعين كما في البحر عن المجتبي والأفضل أر بع كذا في الحموي عن النهاية
قوله ( كهيئة النفل ) في عدم الأذان والإقامة وعدم الجواز في الأوقات المكروهة وفي إطالة القيام بالقراءة والأدعية التي هي من خصائص النفل وقيل يخفف القراءة إن شاء لأن المسنون استيعاب الوقت بالصلاة والدعاء فإذا خفف أحدهما طول الآخر وقيل يقرأ فيهما ما أحب كالصلاة المكتوبة وأما الركوع والسجود فإن شاء قصرهما وإن شاء طولهما كما في شرح السيد
قوله ( من غير زيادة ) مرتبط بقوله كهيئة النفل أي من غير زيادة ركوع ثان
قوله ( فلا يركع ركوعين في كل ركعة ) وقال مالك والشافعي وأحمد في المختار عنده في كل ركعة ركوعان لخبر ابن عباس وعائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع ركوعين في كل ركعة متفق عليه ولنا أدلة كثيرة
قال الكمال بعد ذكرها فهذه الأحاديث منها الصحيح ومنها الحسن قد دارت على ثلاثة أمور منها ما فيه أنه صلى ركعتين ومنها الأمر بأن يجعلوها كأحدث ما صلوا من المكتوبة وهي الصبح ومنها ما فصل فأفاد تفصيله أنها بركوع واحد وما
____________________
(1/355)
ذهبنا إليه رواه كبار الصحابة فالأخذ به أولى لكثرة رواته وصحة أحاديثه وموافقته الأصول المعهودة لانا لم نجد في شيء من الصلوات إلا ركوعا واحدا فيجب أن تكون صلاة الكسوف كذلك
قال الإمام محمد وتأويل ما روى من الركوعين أنه صلى الله عليه وسلم لما أطال الركوع رفع بعض الصفوف رؤسهم ظنا منه أنه صلى الله عليه وسلم رفع رأسه من الركوع فرفع من خلفهم فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم راكعا ركعوا فركع من خلفهم فمن كان خلفا ظن أنه صلى الله عليه وسلم صلى بأكثر من ركوع فروى على حسب ما عنده من الاشتباه
قوله ( بل ركوع واحد ) الأولى ركوعا واحدا بالنصب
قوله ( كأحدث صلاة ) أي أقرب صلاة
قوله ( وهي ) أي أحدث صلاة
قوله ( إلا بإمام الجمعة ) أي إمام تصح به إقامة الجمعة وفيه إشارة إلى أنه لا بد لها من شرائط الجمعة وهو كذلك سوى الخطبة كما في السراج والمعنى في ذلك تحصيل كمال السنة على الظاهر كما في النهر وفي السيد عن البحر قال العلامة الاسبيجابي يتسحب في كسوف الشمس ثلاثة أشياء الإمام والوقت والموضع أما الإمام فالسلطان أو القاضي ومن له ولاية الجمعة والعيدين وأما الوقت فهو الذي يباح فيه التطوع وأما الموضع فهو الذي يصلي فيه صلاة العيد أو المسجد الجامع ولو صلوا في موضع آخر أجزأهم والأول أفضل ولو صلوا وحدانا في منازلهم جاز ويكره أن يجمع في كل ناحية اه يعني لكراهة النفل بجماعة على التداعي إلا ما خص بدليل إلا إذا أذن الإمام لإمام كل مسجد أن يقيمها كما في ابن أميرحاج وفي الظهيرية إذا أمر إمام الجمعة القوم بالصلاة جاز أن يصلوا بالجماعة في مساجدهم يؤمهم فيها إمام حيهم حموي عن البرجندي وفيه أيضا وكذا النساء يصلين صلاة الكسوف فرادى
قوله ( عنده خلافا لهما الصحيح قول الإمام كما في المضمرات لما رواه أصحاب السنن وصحه الترمذي وابن حبان والحاكم عن سمرة صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس لا نسمع له صوتا وما رواه أحمد عن ابن عباس صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الكسوف فلم أسمع منه فيها حرفا وتأويل ما روياه من الجهر أنه جهر بالآية والآيتين
قوله ( ولا خطبة ) وخطبته صلى الله عليه وسلم يوم مات سيدنا إبراهيم ابنه ليست إلا للرد على من توهم أنها كسفت لموته لا أنها مشروعة له ولذا خطب بعد الانجلاء ولو كانت سنة له لخطب قبله كالصلاة والدعاء
قوله ( بل ينادي ) بالبناء للمفعول
قوله ( الصلاة جامعة ) بالنصب على الإغراء أي احضر والصلاة ويصح الرفع فيهما على الابتداء والخبر
قوله ( بنحو سورة البقرة ) المعنى أنه يقرأ في الأولى الفاتحة وسورة البقرة إن كان يحفظها أو ما يعدلها من غيرها إن لم يحفظها جوهرة
قوله ( ولو خففها الخ ) ليس من كلام الكمال بل ذكر في الفتح ما حاصله إن الحق أن السنة تطويل الصلاة والمندوب مجرد استيعاب الوقت بمجموع الأمرين مطلقا اه وأفاد شارح المشكاة أن محل هذا إذا كان في غير وقت كراهة وإلا اقتصر على الدعاء فقط اه
قوله ( لأن السنة تأخيره ) علة
____________________
(1/356)
للإتيان بئم المفيدة للتراخي عن المتقدم
قوله ( وهو أحسن من استقبال القبلة ) لعله لأن السنة في الاجتماع هذا كما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم عند الموعظة وذكر الأحكام أو لأن فيه مزيد الاستحضار والابتهال للقوم إذا رأوه داعيا رافعا كيفيه مبتهلا
قوله ( كان أيضا حسنا ) لأنه ربما يطول المجلس فيعيا فبذلك يحصل له ارتفاق
قوله ( ولا يخرج ) أي المنبر الأولى عدم ذكره للاستغناء عنه بما قبله لأنه إذا كان لا يصعد لا يخرج
قوله ( حتى يكمل انجلاء الشمس ) لقوله صلى الله عليه وسلم فإذا رأيتموهما فادعوا وصلوا حتى ينكشف ما بكم وفي السراج وإن لم يصل الكسوف حتى انجلت لم يصل وإن انجلى بعضها جاز أن يبتدىء الصلاة فإن سترها سحاب أو حائل وهي كاسفة صلى الكسوف لأن الأصل بقاؤه وإن غربت كاسفة أمسك عن الدعاء واشتغل بصلاة المغرب
قوله ( في منازلهم ) كذا في شرح الطحاوي ركعتين أو أربعا وهو الأفضل مبسوط وفي مساجدهم قهستاني وعن الإمام أن لكل إمام أن يصلي بجماعة فيه فلا يشترط المصر ولا السلطان مبسوط والصحيح الأول وهو ظاهر الرواية لأن هذه الصلاة بجماعة عرفت بإقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقيمها إلا من هو قائم مقامه ونص مشايخنا أنها متعلقة بالمصر
قوله ( دفعا للفتنة ) الحاصلة باجتماع الناس ليلا من السرقة والفسق
قوله ( والحكم أعم ) وهو استنان الصلاة فإنها تطلب لأيهما وقع
قوله ( وعموم الأمراض ) كلمتهم متفقة على أنهم يصلون فرادى ويدعون في عموم الوباء والأمراض
قال في النهر وهو شامل للطاعون لأن الوباء اسم لكل مرض عام طاعونا كان أو غيره ولا ينعكس وإن الدعاء يفعله كما يرفعه الناس في الجبل مشروع وليس هذا دعاء برفع الشهادة لأنها أثره لا عينه يعني فصار كملاقاة العدو وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم سأل العافية منها اه
قال وعلى هذا فما قاله ابن حجر من أن الإجتماع للدعاء برفعه بدعة أي حسنة فإذا اجتمعوا صلى كل واحد ركعتين ينوي بهما رفعه قال وهذه المسئلة من حوادث الفتوى اه وتمامه في الأشباه وذكر الطحاوي في مشكل الآثار في تأويل حديث الطاعون أرسل على طائفة من بني إسرائيل فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا عنه فقال إن كان بحال لو دخل وابتلى به وقع عنده أنه ابتلى بدخوله ولو خرج فنجا وقع عنده أنه نجا بخروجه لا يدخل ولا يخرج صيانة لاعتقاده فأما إذا كان يعلم أن كل شيء بقدر الله تعالى وأنه لا يصيبه إلا ما كتب الله عليه فلا بأس بأن يدخل ويخرج اه وقيل المنع من الخروج خوفا من تعطل المرضى الذين في تلك الأرض لأن الناس إذا فروا عنهم تعطلت أحوالهم وأحوال من يموت منهم وقيل جبرا لخاطر الفقير الذي لا يجد ما يعنيه إلا على الخروج وقيل غير ذلك
قوله ( التي بها فوزهم ) أي نجاتهم من المهالك وظفرهم بالمقاصد
قوله ( وقوله وأقرب أحوال العبد في الرجوع إلى ربه الصلاة ) لأنها صلة بينه وبين ربه ولأنها عماد الدين ولأنها أفضل أعمال العبد
قوله ( العفو ) عما وقع من الجناية
قوله ( والعافية ) اسم عام لدفع كل مكروه
قوله ( بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ) ختم به لما ورد توسلوا بجاهي
____________________
(1/357)
فإن جاهي عند الله عظيم وليكون مصليا عليه صلى الله عليه وسلم في الدعاء وهو من محققات الإجابة والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب الاستسقاء مناسبته للكسوف أنهما يؤديان حال الخوف جوهرة
قوله ( هو طلب السقيا الخ ) هذا التعريف لمعناه الشرعي فالسين والتاء للطلب والإضافة من إضافة المصدر إلى مفعوله والسقيا بالضم الماء وذكر بعضهم أنه في اللغة طلب الماء مطلقا وغلب في الشرع على طلب المطر من الله تعالى على وجه مخصوص وهو مسنون عند الحاجة إليه في موضع لا يكون لأهله أودية وأنهار وآبار يشربون منها ويسقون مواشيهم وزروعهم أو كان لهم ذلك لكن لا يكفيهم فإن كان كافيا لا يستسقون كذا في القهستاني وقوله على طلب المطر من الله تعالى الأولى أن يقال طلب الماء ليعم طلب زيادة الأنهار لمن له نهر لا يكفيه كالنيل إذا كان لا يكفي وفي المطالع سقاه وأسقاه بمعنى واحد وقيل سقاه ناوله وأسقاه جعل له سقيا وقيل سقاه لشفتيه وأسقاه لماشيته وأرضه أود له عليه
قوله ( بالاستغفار ) الباء بمعنى مع وليس صلة للطلب لأن الوارد الطلب بنحو اللهم اسقنا غيثا مغيثا إلى آخر ما يأتي ويحتمل أن الطلب يكون بالاستغفار لأن الله تعالى رتب إرسال السماء عليه فقال تعالى { استغفروا ربكم } هود 11 الآية ولما روي أن عمر استسقى فلم يزد على الاستغفار
قوله ( وشرع بالكتاب ) وهو قوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام فقلت استغفروا ربكم الآية روي أن قوم نوح لما كذبوه بعد طول تكريره الدعوة حبس عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة وقيل سبعين سنة ووعدهم أنهم إن آمنوا رزقهم الله الخصب ورفع عنهم ما كانوا عليه وشرع من قبلنا شرع لنا إذا قصه الله ورسوله من غير إنكار وهذا كذلك كذا في الشرح
قوله ( والسنة ) صح في كثير الآثار أنه صلى الله عليه وسلم استسقى وكذا الخلفاء بعده وقد استسقى به صلى الله عليه وسلم وهو صغير أخرج ابن عساكر عن عرفطة ابن الحباب الأزدي رضي الله عنه قاله قدمت مكة وهم في قحط فقالت قريش يا أبا طالب أقحط الوادي وأجدب العيال فهلم فاستسق فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس تجلت عنها سحابة قتماء وحوله أغيلمة فأخذه أبو طالب وألصق ظهره بالكعبة ولاذ الغلام بأصبعه وما في السماء قزعة فأقبل السحاب من ههنا وههنا وأغدق واغدودق وانفجر له الوادي وأخصب النادي والبادي وفي ذلك يقول أبو طالب وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل قوله ( والإجماع ) أجمعت عليه الأمة سلفا وخلفا من غير نكير كذا في البحر
قوله ( جائزة بلا كراهة وليست سنة ) روي أنه صلى الله عليه وسلم لما شكى عليه القحط رفع يديه يستسقي ولم يذكر فيه صلاة ولا قلب رداء فلم يدل على السنية إذا لم توجد المواظبة في أغلب الأحوال فالإمام مخير إن شاء فعلها وإن شاء تركها كذا في غاية البيان عن شرح مختصر الطحاوي
قوله ( حين
____________________
(1/358)
استسقى ) روي عنه رضي الله عنه أنه خرج يستسقي فما زاد على الاستغفار
قوله ( لأنه كان أشد الناس اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) علة للعلية والمعنى لأنه كان كذلك بعد الصديق رضي الله عنهم أجمعين
قوله ( ولم يتركها عمر ) المناسب زيادة ولا أنكروا عليه ليناسب قوله وبتركه لم ينكروا عليه وواوه للحال
قوله ( وقد ورد شاذا صلاته صلى الله عليه وسلم للاستسقاء ) ذكر الشهيد في الكافي الذي هو جمع كلام محمد قال لا صلاة في الاستسقاء إنما فيه الدعاء بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج ودعا وبلغنا عن عمر أنه صعد المنبر فدعا واستسقى ولم يبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك صلاة إلا حديث واحد شاذ لا يؤخذ به اه ولم تشتهر رواية الصلاة في الصدر الأول بل هو عن ابن عباس وعبد الله بن زيد على اضطراب في كيفيتها والحاصل لما اختلفت في الصلاة بالجماعة وعدمها على وجه لا يصلح به إثبات السنة لم يقل أبو حنيفة بسنيتها ولا يلزم من عدم قوله بسنيتها قوله بأنها بدعة كما نقله عنه بعض المشنعين بالتعصب بل هو قائل بالجواز كذا في الحلبي
قوله ( كالعيد ) إلا أنه ليس فيها تكبيرات منلا مسكين ثم يخطب بعد الصلاة لكن عند محمد خطبتين يجلس بينهما وقال أبو يوسف خطبة واحدة بغير جلسة ثم يستقبل القبلة ويقلب رداءه ويدعو بدعاء الاستسقاء
قوله ( في الجهر الخ ) أي لا في التكبيرات
قوله ( قال شيخ الإسلام الخ ) ذكر ابن أميرحاج لو صلوا بجماعة هل يكره عند الإمام فذكر الحاكم الشهيد في باب صلاة الكسوف من الكافي ما يفيد الكراهة حيث قال يكره التطوع بجماعة ما خلا قيام رمضان والكسوف لكن كلام شيخ الإسلام في هذا المقام يفيد الجواز بدونها وهو متجه نظرا للدليل فليكن عليه التعويل
قوله ( يرسل السماء عليكم مدرارا ) قال في المضمرات السماء المطر والمدرار كثير الدر اه
قوله ( ويستحب الخروج له ثلاثة أيام ) إلى الصحراء للاتباع ولأنه أقرب إلى التواضع وأوسع للجمع ولأنهم يسألون المطر فينبغي أن يكون حيث يصيبهم وفي المجتبى والأولى أن يخرج الإمام بالناس وإن لم يخرج بنفسه وأمرهم بالخروج جاز وإن خرجوا بغير إذنه جاز أيضا وفي الخلاصة إذا غارت الأنهار وانقطعت الأمطار يستحب للإمام أن يأمر الناس أولا بصيام ثلاثة أيام وما أطاقوا من الصلاة والخروج عن المظالم والتوبة من المعاصي ثم يخرج بهم في اليوم الرابع وفي الحموي عن النظم الهاملي إذا سقوا قبل الخروج وقد كانوا تهيؤا له ندب أن يخرجوا شكرا لله تعالى ويستزيدون من فضله ورحمته اه قال ويعجبني ما قيل خرجوا ليستسقوا فقلت لهم قفوا دمعي ينوب لكم عن الانواء قالوا صدقت ففي دموعك مقنع لكنها ممزوجة بدماء قوله ( وهو أولى ) أي كونها مرقعة
قوله ( متذللين الخ ) ألفاظ قريبة المعنى
قوله ( ويردون المظالم ) هو من تتمة التوبة
قوله ( ويستحب إخراج الدواب ) في ابن ماجة عن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال لم ينقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا
____________________
(1/359)
بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان ولولا البهائم لم يمطروا
قوله ( ليحصل ظهور الضجيج ) أي من البهائم برفع أصوات الأمهات على أولا دها والأولاد على الأمهات كما ظهر الضجيج بدعاء بني آدم وقوله بالحاجات أي بسبب الحاجات
قوله ( لأن نزول الزحمة بهم ) أي بالشيوخ والأطفال لضعفهم فظهر الاستدلال بما بعده
قوله ( لولا شباب خشع الخ ) أي لولا وجود من ذكر الخ فإن وجود هؤلاء واحتياجهم سبب في نزول الرحمة
قوله ( وبهائم رتع ) قال الشارح فيما يأتي رتعت الماشية أكلت ما شاءت
قوله ( ولا شك ) أي في ذلك الشرف وزيادة نزول الرحمة وقول المصنف وينبغي ذلك أيضا لأهل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى فيه كذا في ابن أميرحاج وما في البحر من أن عدم استثنائه فيما ذكر لضيقه غير ظاهر لأن من هو مقيم بالمدينة لا يبلغ قدر الحاجة وعند اجتماع جملتهم يشاهد اتساع المسجد الشريف في أطرافه وإنما شدة الزحام في الروضة الشريفة وما قاربها للرغبة في زيادة الفضل والقرب من المصطفى صلى الله عليه وسلم كذا في الشرح
قوله ( وما أرسلناك إلا رحمة ) أي راحما أو ذا رحمة وفي التعبير عنه بالرحمة ما لا يخفى من عظيم اتصافه صلى الله عليه وسلم بها وشمل العالمين الكفار في الدنيا فمنع عنهم الخسف والمسخ أو عن غالبهم وأصاب جبريل من هذه الرحمة شيء فقد أمن به من السلب وخص العالمين لشرفهم وإلا فرحمته عمت البهائم والأشجار والأحجار
قوله ( فيتوسل إليه بصاحبيه ) ذكر بعض العارفين أن الأدب في التوسل أن يتوسل بالصاحبين إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم ثم به إلى حضرة الحق جل جلاله وتعاظمت أسماؤه فإن مراعاة لواسطة عليها مدار قضاء الحاجات
قوله ( فلا مانع ) تفريع على قوله إذ لا يستغاث الخ والأولى فينبغي كما ذكره في المتن
قوله ( وإيقاف ) عطف على الإجتماع
قوله ( ويقوم الإمام ) أي على الأرض ليراه القوم ويسمعوا كلامه ويجوز إخراج المنبر لها ثم إذا صلى فعند الإمام الدعاء بعد الصلاة وعندهما يصلي ثم يخطب فإذا مضى صدر من خطبته قلب رداءه ودعا قائما مستقبلا للقبلة جوهرة
قوله ( مستقبل القبلة ) لأنه أفضل وأقرب إلى الإجابة قال النووي ويلحق الدعاء جميع الأذكار وسائر الطاعات إلا ما خص بدليل كالخطبة
قوله ( رافعا يديه ) ولم يرفع صلى الله عليه وسلم يديه الرفع البليغ بحيث يرى بياض إبطيه إلا في الاستسقاء وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله حيي يستحي إذا رفع العبد يديه أن يردهما صفرا يعني فارغتين خائبتين ثم السنة في كل دعاء لسؤال شيء وتحصيله أن يجعل بطون كفيه نحو السماء ولرفع بلاء كالقحط يجعل بطونهما إلى الأرض وذلك معنى قوله تعالى { ويدعوننا رغبا ورهبا } كذا في شرح البدر العيني على الصحيح وفي التحفة والمحيط الرضوي والتجريد إن رفع يديه نحو السماء فحسن وإن لم يفعل وأشار بأصبعه السبابة من يده اليمنى فحسن وذكره في المبسوط والبدائع وغيرهما عن أبي يوسف لكن من غير تقييد الأصبع بالسبابة قال ابن أميرحاج وقد ورد الكل في السنة اه
قوله ( قريبا
____________________
(1/360)
من الزوراء ) هي دار عالية البناء كان يؤذن بلال
قوله ( ولم يزل يجافي في الرفع ) يشير به إلى أن ما ذكر في حديث عمر من قوله لا يجاوز بهما رأسه كان في ابتداء الرفع
قوله ( بما ورد ) متعلق بدعائه
قوله ( أي منقذا من الشدة ) فيغيثهم ويرويهم ويشبعهم
قوله ( أي محمود العاقبة ) أما بأن ينفع الاحشاء وأما بأن يكون قوة على الطاعة وإما بإخراج فضلاته سهلة غير ضارة وقولي بأن ينفع الأحشاء أي أحشاء كل من تناول وقولي بأن يكون قوة على الطاعة أي من المكلف وما تناوله غيره كالبهائم يرجع إليه وقولي وأما بإخراج الخ لا مانع من تعميمه للمكلف وغيره
قوله ( أو بالموحدة ) مع ضم الميم
قوله ( أو الفوقية ) أي مع ضم الميم من أرتع المطر إذا أنبت ما يرتع فيه
قوله ( غدقا ) ضده الطل قاله السيد
قوله ( أي ساترا بالأفق ) الأولى التعبير باللام كما في الشرح وهو كذلك في نسخ على أن ستر يتعدى بنفسه
قوله ( أو للأرض بالنبات ) أو هو الذي يجلل الأرض بالمطر أي يعمها أفاده السيد ونسبة التجليل بالنبات إليه من النسبة إلى السبب
قوله ( أي شديد الوقع بالأرض ) في شرح السيد أي سائلا من فوق اه وفي القاموس كلا المعنيين فإنه قال السح الصب والسيلان من فوق ثم قال والشديد من المطر اه ولا شك أن الشديد منه يرجع إلى قول المصنف أي شديد الوقع بالأرض
قوله ( إلى انتهاء الحاجة ) أشار به إلى أن الدوام في الحديث مقيد فإن المطلق مهلك
قوله ( اللهم اسقنا غيثا مغيثا ) زاد في حديث جابر مريئا مريعا
قوله ( وانشر رحمتك ) أي عمم انعامك
قوله ( وأحي بلدك الميت ) بعدم الإنبات بإمطارها
قوله ( اللهم أنت الله الخ ) روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يوما يخرجون فيه قالت عائشة فخرج صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فكبر وحمد الله عز وجل ثم قال إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم وقد أمركم الله سبحانه وتعالى أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم ثم قال الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لا إله إلا الله يفعل ما يريد اللهم أنت الله الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا بلاغا إلى خير ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين فأنشأ الله تعالى سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله تعالى فلم يأت صلى الله عليه وسلم مسجده حتى سالت السيول فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك حتى بدت نواجذه وقال أشهد أن الله على كل شيء قدير وأني عبده ورسوله
قوله ( إلى حين ) الرواية بالخاء المعجمة والياء المثناة من تحت والراء المهملة ضد الشر
قوله ( اللهم صيبا ) مصوب بفعل محذوف أي اجعله صيبا والصيب المطر وهو بتشديد الياء وفي رواية النسائي اللهم اجعله سيبا نافعا بفتح السين المهملة وسكون الياء قال الخطابي أي نافعا وفي رواية النسائي صيبا هينا
____________________
(1/361)
فيجمع بين الروايات كلها ويقول مطرنا بفضل الله ورحمته لا بنوء كذا للنهي عنه ويستحب الدعاء عند نزول الغيث لما ورد من استجابة الدعاء عنده وأن يكشف عن غير عورته ليصيبه ويتطهر منه ويحمد الله تعالى لما عن أنس أصابنا مطر ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثوبه حتى أصابه المطر فقلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم صنعت هذا قال لأنه حديث عهد بربه اه أي تكوينه وتنزيله وعن ابن عباس كان إذا جاء المطر يأمر عبدا له أن يخرج فراشه إلى المطر فقيل له في ذلك فقال أما قرأت وأنزلنا من السماء ماء مباركا فأحب أن ينالني من بركته ويستحب لمن سمع الرعد أن يقول سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته فإن من قاله عوفي من الرعد كما ورد عن عمر وقال ابن عباس من سمع صوت الرعد فقال ذلك وزاد وهو على كل شيء قدير فإن أصابته صاعقة فعلى ديته
قوله ( وإذا طلب ) بالبناء للمجهول والأولى أن يقول طلبوا ليناسب قوله قالوا
قوله ( اللهم حوالينا ) بفتح اللام أي اجعله حوالينا وفسره بقوله على الآكام أي اجعله على الأماكن التي لا يضرها المطر على على الأبنية والطرق
قوله ( ولا علينا ) أي ولا تجعله علينا
قوله ( اللهم على الآكام ) بكسر الهمزة كإم وبفتحها مع المد جمع أكمة بفتحات وهو التراب المجتمع والظراب بكسر الظاء المشالة آخره باء موحدة جمع ظرب بفتح فسكون وهو الجبل الصغير ووهم من قاله بالضاد قال في الشرح وفيه إرشاد لتعليمنا الأدب في هذا الدعاء حيث لم يدع برفعه مطلقا لأنه يحتاج إليه مستمرا بالنسبة لبعض الأودية والمزارع إلى حصول الكفاية التي يعلمها الله فطلب منع ضرره وبقاء نفعه وفيه إعلام بأنه إذا قارن النعمة عارض لا يتسخط منه فيسأل الله تعالى رفع العارض وبقاء النعمة والدعاء برفع الضار لا ينافي التوكل والتفويض
قوله ( وبطون الأودية ) لأنه باجتماع الماء فيها يحصل ارتفاق بالسقي منها وشرب البهائم والطيور
قوله ( وليس فيه قلب رداء ) لعدم فعل الصحابة له كعمر وغيره ولم ينكر الإمام التحويل الوارد في الأحاديث بل أنكر كونه من السنة
قوله ( وأبي يوسف في رواية عنه ) وفي رواية أخرى أنه مع محمد وهو الأصح كما في ابن أميرحاج عن البدائع والأحسن في صفة التحويل ما قاله في المحيط إن أمكنه أن يجعل أعلاه أسفله جعله وإلا جعل يمينه ليساره لكن قوله يجعل أعلاه أسفله صادق بأن يراد به جعل ما يلي البدن إلى السماء وجعل ما يلي الرجل إلى الرأس وكل منهما جائز كما في الحلبي وهذا في حق الإمام وأما القوم فلا يقلبون أرديتهم عند عامة العلماء
قوله ( محمول على التفاؤل ) أي بأن الحال يتغير أي وهذا لا يلزمه السنية
قوله ( ولا جماعة عنده ) أي مطلوبة
قوله ( لنهي عمر ) ولأن المقصود بالخروج استنزال الرحمة وإنما تنزل عليهم اللعنة وإن جاز أن يقال يستجاب دعاء الكافر كما في الخانية والحاصل أن علة منعهم من الحضور ليس عدم استجابة دعاء الكفار كما فهمه الحموي فجزم بأنهم لا يمنعون من الحضور حيث كانت الفتوى على جواز
____________________
(1/362)
استجابة دعاء الكافر استدلالا بقوله تعالى حكاية عن إبليس { قال أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين } إبراهيم 51 بل علة المنع إنما هي خوف أن يضل به ضعفاء العقول إذا سقوا بدعائهم فتحصل أنه لا ينبغي تمكينهم من الخروج للاستسقاء أصلا لا وحدهم لئلا يفتتن به ضعفاء العقول ولا مع المسلمين لأنه يكره أن يجتمع جمعهم إلى جمع المسلمين
قوله ( فقد يفتن الخ ) الفاء للتعليل والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب صلاة الخوف من إضافة الشيء إلى شرطه باعتبار عدم جوازها بدونه أو إلى سببه باعتبار الترخيص وفي شرح السيد عن حاشية المؤلف أنها من إضافة الشيء إلى شرطه نظرا إلى الكيفية المخصوصة لأن هذه الصفة شرطها العدو ومن قال أن سببها الخوف نظر إلى أن سبب أصل الصلاة الخوف اه ثم إن الشرط حضور العدو ولو بدون خوف وهو قول العامة لأن المعتبر في تعلق الرخصة هو السبب الظاهر دون الحقيقة فنزلت حضرة العدو منزلة الخوف لأنها سببه كما نزل السفر منزلة المشقة في تغيير الأحكام
قال في التحفة سبب جواز صلاة الخوف نفس قرب العدو من غير اشتراط الخوف والإشتداد كما في العناية وغيرها وما في الكنز كالهداية من اشتراط ذلك قول البعض اه والمناسبة بينه وبين الإستسقاء أن كلا منهما شرع لعارض وقدم الاستسقاء لأن العارض فيه سماوي وهو انقطاع المطر وهنا من قبل العباد ولأن أثر العارض ثمة في نفس الصلاة وهنا في وصفها فكان ذلك أقوى كما في الفتح
قوله ( أي صلاته بالصفة الآتية ) أفاد أنها من إضافة الشيء إلى شرطه حيث اعتبر الصفة وإن الجواز إنما هو بالنظر إلى الصفة وإلا فالأصل فرض وأفاد البدر العيني في شرح البخاري أن البعض اشترط أن يخشى خروج الوقت وفي الجوهرة الشرط أن يكون بحيث لو اشتغلوا بالصلاة جميعا يحمل عليهم العدو اه
قوله ( جائزة ) أي من حيث الكيفية سفرا وحضرا كما في العيني على البخاري وفيه أيضا لا فرق بين أن تكون إحدى الطائفتين أكثر عددا من الأخرى أو تساويا لأن الطائفة تطلق على الكثير والقليل حتى على الواحد فلو كانوا ثلاثة جاز لأحدهم أن يصلي بواحد ويحرس واحد ثم يصلي بالآخر وهو أقل ما يتصور في صلاة الخوف
قوله ( بحضور عدو ) العدو يطلق على الواحد المذكر والمؤنث والمجموع كما في المصباح وسواء في ذلك المسلم الباغي أو الكافر الطاغي كما في مجمع الأنهر
وأفاد المصنف أنه إذا حصل الخوف قبل حضور العدو لا يجوز صلاته كما في البرجندي
قوله ( وبخوف غرق ) أشار به إلى أنه لا فرق بينه أي الآدمي وغيره كسبع وحية عظيمة ولا فرق بين ما إذا كان العدو بإزاء القبلة أولا
قوله ( وإذا تنازع الخ ) فإن لم يحصل تنازع فالأفضل أن يصلي بكل طائفة إمام على حدة ذكره في الفتح وسيأتي آخر الباب
قوله
____________________
(1/363)
( فيجعلهم طائفتين ) عم كلامه المقيم خلف المسافر حتى يقضي ثلاثا بلا قراءة إن كان من الأولى وبقراءة إن كان من الثانية والمسبوق إن أدرك ركعة من الشفع فهو من أهل الأولى وإلا فمن الثانية نهر واعلم أن الطائفة التي صلت مع الإمام إنما تمضي للعدو في الثنائي بعدما رفع رأسه من السجدة الثانية وفي غير الثنائي إذا قام من التشهد الأول إلى الثانية ذكره السيد
قوله ( من الصلاة الثنائية ) منها الجمعة والعيد در
قوله ( لأن الشفع شرط الخ ) أي لأن صلاة الأولى الشفع من الثلاثي والرباعي شرط أي شرط صحة لشطرها أي لتجزئتها بين الطائفتين لأن تنصيف الركعة الواحدة غير ممكن وكانت الطائفة الأولى أولى بها للسبق
قوله ( لانصراف كل في غير أوانه ) أما الأولى فظاهر وأما الثانية فلأنهم لما أدركوا الركعة الثانية صاروا من الطائفة الأولى لإدراكهم الشفع الأول وقد انصرفوا في أوان رجوعهم فتبطل كذا في الشرح
قوله ( بمقابلة العدو ) متعلق بالإصطفاف
قوله ( ومضوا إلى العدو ) وفيه أنهم في مكانهم لم يبرحوا عنه فالأولى أن يقول وتوجهوا إلى العدو وإذا كان في غير جهة القبلة ولعله متعلق بالمصنف في حد ذاته لا بقوله إن شاؤا
قوله ( وقد ورد الخ ) قال في زاد المعاد أصولها ست صفات وبلغها بعضهم أكثر وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة جعلوا ذلك وجها من فعله صلى الله عليه وسلم وإنما هو من اختلاف الرواة
قال في فتح الباري وهذا هو المعتمد اه وفي الدر صح أنه صلى الله عليه وسلم صلاها في أربع ذات الرقاع وبطن نخل وعسفان وذي قرد
قوله ( والأقرب من ظاهر القرآن ) هو قوله تعالى { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك } النساء 4 ووجه الأقربية أن قوله تعالى { فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم } يفيد انصراف الأولى بعد السجود وإتيان الطائفة الثانية التي لم تصح وهي في الفعل كالأولى وهذا عين الصفة المذكورة
تنبيه قال في المجتبي ويسجد للسهو في صلاة الخوف لعموم الحديث ويتابعه من خلفه ويسجد اللاحق في آخر صلاته وليست مشروعة للعاصي في السفر فلا تصح من البغاة لأن المعاصي في السفر عدو الله وهي مشروعة لغيره عند حضوره أفاده السيد
قوله ( صلوا ركبانا ) بالإيماء أو رجالا واقفين كذلك أي إلى أي جهة قدروا والأصل فيه قوله تعالى { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } والصلاة ركبانا إنما تكون في غير المصر لأن التنفل في المصر راكبا لا يصح فالفرض أولى وإن كان لضرورة كما في التبيين ومجمع الأنهر وفي التنوير والسابح في البحر إن أمكنه أن يرسل أعضاءه ساعة صلى بالإيماء وإلا لا تصح
قوله ( لضرورة ) أي لضرورة الخوف والأولى أن يقول للضرورة بلامين
قوله ( وفرادى ) جمع فرد على غير قياس وهو حال كما أن ركبانا كذلك من الأحوال المتداخلة أو المترادفة أفاده السيد
قوله ( إذ لا يصح الاقتداء ) وقالمحمد يجوز قال في الهداية وليس بصحيح لعدم اتحاد المكان اه وفيه أن الأكثر تصحيحا اعتبار الاشتباه وعدمه في حصة الاقتداء وعدمه
الأولى غير ما ظنوه قبل أن تتجاوز الصفوف فإن لهم البناء استحسانا أما صلاة الإمام فصحيحة بكل حال لعدم المفسد في حقه كذا في الشرح
قوله ( للأمر ) وقوله تعالى { وليأخذوا أسلحتهم } قوله ( ولم تجز صلاة الخوف )
____________________
(1/364)
أي صلاة القوم إلا إذا تبين للطائفة
قوله ( لأنه ليس من أعمال الصلاة ) أي فلا يجب فيها كما في البرهان وفيه أنه يرد هذا على القول بالندب وأن الوجوب لعارض وهو خوف هجوم العدو ولا يرد هذا إلا إذا جعلناه من واجبات الصلاة
قوله ( للتوقي عن المشي ) هذه العلة تشعر بالوجوب لا بالأفضلية ويمكن أن يقال إنما لم تجب صلاة كل خلف إمام مستقل لوجود أصل العذر
قوله ( ونعم الوكيل ) الذي في الشرح ونعم النصير وهو الأنسب بالسجع والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب أحكام الجنائز من إضافة الشيء إلى سببه فإن وجوب جميع ما يتعلق بالميت بسبب الميت ولا بد من حضوره ووجه المناسبة بينها وبين الخوف أن الخوف قد يفضي إلى الموت ومنه يفهم وجه تأخير الجنائز ووجهه أيضا بأن صلاة الخوف حق خالص لله تعالى وهذا فيه مدخل للعبد وحرمة الحق كحرمة صاحبه وأيضا أن صلاة الجنازة ليست صلاة من كل وجه وهي أيضا متعلقة بعارض هو آخر يعرض للحي في دار التكليف وكل منها يقتضي التأخير عن أنواع الصلاة فكيف وقد اجتمعت
قوله ( للميت والسرير ) أي هما لهما وقيل بالكسر الميت نفسه وبالفتح السرير وقيل بالعكس وقيل الكسر للسرير مع الميت وكل ما أثقل على قوم واغتموا به فهو جنازة من جنز الشيء بجنزه من باب ضرب إذا ستره وجمعه كما في القاموس والمصباح وغيرهما سميت بذلك لأنها مجموعة مهيأة كما في مسكين والموت صفة وجودية خلقت ضد الحياة وقيل عدم الحياة عمن شأنه الحياة كما في التلويح
قوله ( يسن توجيه المحتضر ) أي للقبلة والمحتضر اسم مفعول أي من حضرته ملائكة الموت على الحقيقة أو من حضره الموت وحل به وعلاماته استرخاء قدميه واعوجاج منخره وانخساف صدغيه وينبغي لكل مكلف الإكثار من ذكر الموت والإستعداد له بالتوبة ورد المظالم لا سيما المريض وطلب الدعاء منه محبوب ذكره ابن أميرحاج والمرجوم لا يوجه
قوله ( على يمينه ) وهو السنة في النوم واللحد وهو مقيد بما إذا لم يشق فإن شق عليه ترك على حاله نهر وينظر حكم من يقتل بالسيف قصاصا هل يوجه أم لا حموي والظاهر نعم لأن خير المجالس ما استقبل به القبلة فالموت عليه أولى
قوله ( وجاز الاستلقاء ) ويوضع هكذا في الغسل والصلاة قال في شرح الطحاوي وهو العرف بين الناس
قال في الزاد والأول أفضل لأنه السنة كذا في المضمرات
قوله ( لأنه أيسر لمعالجته ) من تغميضه وشد لحييه وأمتع من تقوس أعضائه فهو من إضافة المصدر إلى مفعوله أو لمعاجلة الميت
____________________
(1/365)
طلوع الروح فهو من إضافته إلى فاعله وفي التنوير وقيل يوضع كما تيسر على الأصح
قوله ( ويسن أن يلقن ) قال في النهر وهذا التلقين مستحب بالإجماع ومحله عند النزع قبل الغرغرة وما في القنية الواجب على إخوانه وأصدقائه أن يلقنوه تجوز اه والتلقين التفهيم والتذكير أي بذكر وبندب أن يكون الملقن غير متهم بالمسرة بموته وأن يكون ممن يعتقد فيه الخير فيذكرها عنده جهرا عساه أن يأتي بها لتكون آخر كلامه
قوله ( لقنوا موتاكم ) الجمهور على أن المراد من هذا الحديث مجازه أي من قرب موته لا الميت حقيقة كقوله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا فله سلبه ويدل عليه قوله بعد فإنه ليس مسلم بقولها الخ
قوله ( ألا أنجته من النار ) أي فلا يدخلها أبدا وإلا فلكل مؤمن لا بد وأن ينجو منها ولو بعد دخولها
قوله ( يدخل الجنة ) وإن لم يقلها عند الموت وحينئذ فلا تظهر للحديث ثمرة إلا بما قلنا
قوله ( ولذا قال في المستصفى ) الأولى ما في الشرح وإن قال في المستصفى الخ وهو كذلك في نسخ
قوله ( لأنه ليس إلا في حق الكافر ) علة لما استفيد من أولوية ما فعله المصنف المأخوذة من قوله تبعا للحديث الصحيح
قوله ( فكلا منا ) الأولى التعبير بالواو وهو في نسخ كذلك
قوله ( ذلك الثواب ) وهو دخول الجنة مع الفائزين
قوله ( فيلقنهما قطعا مع أشهد ) هذا على مقتضى مذهبه ولا يشترط ذلك عندنا
قوله ( من غير الحاح ) أي إكثار
قوله ( لأن الحال صعب عليه ) فيكره الالحاح خوف أن يتضجر
قوله ( حصل المراد ) وهو ختم كلامه بها
قوله ( فلا يقال له قل ) ذكر في جنائز المضمرات عن السراجية لو قال المسلم قل لا إله إلا الله فلم يقل كفر بالله تعالى وإن اعتقد الإيمان اه فينبغي التحرز عنه حتى للأحياء وإن كان هذا الكلام ليس على إطلاقه لما في اليتيمة ولو قيل لمسلم قل لا إله إلا الله فقال لا أقول بلا نية حضرت أو على نية التأبيد كفر ولو نوى الآن لا يكفر فعلى هذا لو قال لا أقول بقولك أو لأني معلوم الإسلام لا يكفر كما أفاده المنلا علي في شرح البدر الرشيد وفي الفتاوي الهندية عن خزانة المفتين لو قيل له صل فقال لا أصلي يحتمل أربعة أوجه أحدها لا أصلي لأني صليت والثاني لا أصلي بأمرك فقد أمرني من هو خير منك والثالث فسقا ومجانة فهذه الثلاثة ليست بكفر والرابع لا أصلي إذ ليس تجب علي الصلاة أو لم أو مر بها يكفر اه
قوله ( جوابا لغير الآمر ) بالمد وعدمه وذلك لأنه يرى ما لا يرى الحاضرون
قوله ( خلاف الخير ) وهو الكفر
قوله ( لا يحكم بكفره ) فيعامل معاملة موتى المسلمين
قوله ( واختار بعضهم الخ ) يتأمل في هذا الاختيار مع عدم الوقوف على حقيقة حال الميت وإن أريد به أنه يغتفر ما وقع منه ويعامل معاملة موتى المسلمين رجع إلى ما قبله
قوله ( لهذا الخوف ) أي المخوف وهو الحكم بالكفر المعلوم من المقام
قوله ( ومما ينبغي أن يقال الخ ) أي ويكفي عن التلقين لقوله في الشرح فيشمل التلقين بلطف
قوله ( على وجه الاستتابة ) بتاءين أي طلب التوبة وهي لا تشعر بالاحتضار لأنها واجبة فور كل ذنب ولو صغيرا والمختار
____________________
(1/366)
قبول توبة اليائس دون إيمانه لا طلاق قوله تعالى { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده } بخلاف الكافر لعدم الإيمان بالغيب لأنه قد شاهد ملائكة العذاب فيكون الإيمان منه قهريا بسبب المعاينة والمطلوب الإيمان بالغيب ويكره تمني الموت فإن كان ولا بد فليقل أحيني ما دامت الحياة خير إلي وتوفني إذا كانت الوفاة خير إلي
قوله ( قد يستضر ) السين والتاء زائدتان أو للصيرورة
قوله ( وأما الكافر ) أي ولو محتضرا فيؤمر بهما أي بالشهادتين فهو مخالف للمحتضر المؤمن حيث لا يؤمر
قوله ( فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ) أخذ منه جواز عيادة أهل الذمة لا سيما إذا كان يرجوا سلامه
قوله ( الذي أنقذه من النار ) أي فلا يدخلها أبدا لأن الإسلام يجب ما قبله هذا ما ظهر
قوله ( وتلقينه بعدما وضع في القبر مشروع ) قال في المفتاح التلقين على ثلاثة أوجه ففي المحتضر لا خلاف في حسنه وما بعد انقضاء الدفن لا خلاف في عدم حسنه والثالث اختلفوا فيه وهو ما إذا لم يتم دفنه اه حموي
قوله ( لقنوا موتاكم الخ ) فإن الميت حقيقة فيمن حل به الموت لا فيمن قرب منه
قوله ( ونسب إلى المعتزلة ) كذا في الفتح وفي شرح السيد وهو ظاهر الرواية نهر إذ المراد بموتاكم في الحديث من قرب من الموت زيلعي اه وهو في الجواهر سئل القاضي محمد الكرماني عنه فقال ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن كذا في القهستاني وكيف لا يفعل مع أنه لا ضرر فيه بل فيه نفع للميت لأنه يستأنس بالذكر على ما ورد في بعض الآثار ففي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص قال إذا دفنتموني أقيموا عند قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع رسل ربي وعن عثمان قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال استغفروا الله لأخيكم واسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسئل
رواه أبو داود والبيهقي بإسناد حسن ذكره الحلبي
قوله ( يا فلان بن فلان ) أو يا عبد الله بن عبد الله وفي النهر عن الحواشي قيل يا رسول الله فإن لم يعرف اسمه قال ينسب إلى حواء ومن لا يسئل ينبغي أن لا يلقن والأصح أن الأنبياء عليهم السلام لا يسئلون وكذا أطفال المؤمنين واختلف في أطفال المشركين ودخولهم الجنة وفي الجوهرة والطفل يلقنه الملك فيقول من ربك ثم يقول للطفل قل الله ربي وقيل يلهمه الله تعالى كإلهام عيسى عليه السلام في المهد اه وفي شرح العلامة العيني على البخاري قالالنووي الصحيح المختار الذي ذهب إليه المحققون أن أطفال المشركين في الجنة لقوله تعالى { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } وإذا كان لا يعذب العاقل لكونه لم تبلغه الدعوة فغير العاقل أولى اه والأشهر أن السؤال حين يدفن وقيل في بيته تنطبق عليه الأرض كالقبر وفي البزازية السؤال فيما يستقر فيه الميت حتى لو أكله سبع فالسؤال في بطنه فإن جعل في تابوت أياما لنقله إلى مكان آخر لا يسئل ما لم يدفن كذا في حاشية الدرر للمؤلف
قوله ( بشهادة أن لا إله إلا الله ) الباء للتصوير
قوله ( ولا شك أن اللفظ ) أي وهو موتاكم قال البرهان الحلبي ولا مانع من الجمع بين الحقيقة والمجاز في مثل هذا اه
قوله ( فيجب
____________________
(1/367)
تعيينه ) أي تعيين اللفظ باعتبار المعنى أو تعيين هذا القيل وهو مشروعية التلقين في القبر وقوله حقيقة منصوب على التمييز
قوله ( فائدته ) بالنصب مفعول نفي وذلك لأن العبرة بحال النزع فإن كان مسلما فهو مثبت وإن كان كافرا لا ينفعه هذا التلقين وقوله مطلقا حال من فائدته يعني أنه لا فائدة فيه أصلا
قوله ( ممنوع ) بأن فيه فائدة التثبيت للجنان
قوله ( نعم الفائدة الأصلية ) وهي تحصيل الإيمان في هذا الوقت
قوله ( وحمل أكثر مشايخنا ) مقول القول وهو مبتدأ خبره قوله مبناه
قوله ( مبناه على أن الميت لا يسمع عندهم ) على ما صرحوا به في كتاب الإيمان لو حلف لا يكلمه فكلمه ميتا لا يحنث لأنها تنعقد على من يفهم والميت ليس كذلك لعدم السماع
قال تعالى { وما أنت بمسمع من في القبور } { إنك لا تسمع الموتى } النمل 72 وهذا التشبيه لحال الكفار في عدم إذعانهم للحق بحال الموتى وهو يفيد تحقيق عدم سماع الموتى إذ هو فرعه
قوله ( في أهل القليب ) قليب بدر وهو حفرة رميت فيها جيف كفار قريش فخاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا فقال عمر ما معناه إنك تخاطب أجساما أجيفت فأجابه بما ذكر
قوله ( بأنه مردود من عائشة ) فإنها قالت كيف يقول صلى الله عليه وسلم ذلك ردا على الراوي والله تعالى يقول { وما أنت بمسمع من في القبور } أي فلم يقله
قوله ( وتارة بأنه ) أي إسماع الكفار خصوصية له صلى الله عليه وسلم معجزة وزيادة حسرة على الكفار أو أن ذلك كان وقت المسئلة فإنهم أحياء يسمعون وأمور الآخرة لا تدخل تحت حصر فقد ورد أن أرواح السعداء تطلع على قبورهم قالوا وأكثر ما يكون منها ليلة الجمعة ويومها وليلة السبت إلى طلوع الشمس قيل وإذا كانوا على قبورهم يسمعون من يسلم عليهم ولو أذن لهم لردوا السلام
قوله ( وتارة بأنه من ضرب المثل ) يعني أنه مثل صلى الله عليه وسلم حاله وحال أهل القليب بحال أهل الجنة وقت استقرارهم فيها وأهل النار حيث ينادي أهل الجنة أهل النار فيقولون إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم الآية وفيه أنه لا يلائم آخر الحديث
قوله ( ويشكل عليهم ) أي على المجيبين بهذه الأجوبة
قوله ( وتمامه بفتح القدير ) حاصل ما فيه أنه مخصوص بأول الوضع في القبر مقدمة للسؤال جمعا بينه وبين الآيتين وأيضا فإن السماع يستلزم الحياة وهي مفقودة وإنما تجيء عند السؤال وتمامه في الشرح
قوله ( يمكن الجمع ) أي بين التلقين حال النزع والتلقين بعد الموت
قوله ( وعملا بحقيقة موتاكم ) المناسب زيادة ويلقن بعد الوضع في القبر الخ
قوله ( اللهم إني أتوسل إليك الخ ) قال الكمال والعبد الضعيف مؤلف الكلمات فوض أمره إلى الرب الغني الكريم متوكلا عليه طالبا منه جلت عظمته أن يرحم عظيم فاقتي بالموت على الإيمان والإيقان ومن يتوكل على الله فهو حسبه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اه لفظه وكذا أقول كما قال وعلى الله الكريم اعتمادي في كل حال كذا في الشرح وكذا أقول كما قال فإنه المرجو لكل عظيم ولا يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم
قوله ( بالموت على الإسلام والإيمان ) متعلق بترحم والموت على الإسلام بأن يحافظ
____________________
(1/368)
على أعماله الظاهرة إلى قرب النزع والموت على الإيمان لجزم قلبه بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما علم مجيئه به حال خروج روحه
قوله ( للقيام بحقه ) ومن حق المسلم على المسلم أن يعوده إذا مرض وأن يوجهه إلى القبلة إن أمكن
قوله ( وتذكيره ) أي بتلقينه وبالوصية ونحو ذلك وعطفه على ماقبله من عطف الخاص على العام
قوله ( وسقيه الماء ) عطف تفسير
قوله ( حينئذ ) أي حين النزع والأولى حذفه
قوله ( ولذلك ) أي لغلبة العطش في هذا الحال
قوله ( بماء زلال ) أي بارد
قوله ( لا يموتن أحدكم الخ ) أخذ منه أنه يقدم حالة الرجاء في المرض وأما في حالة الصحة فيقدم الخوف
قوله ( أنا عند ظن عبدي بي ) أي إن جزائي لعبدي يكون على حسب ظنه بي من خير وشر
قوله ( للأمر به ) وهو اقرؤوا على موتاكم يس والحكمة في قراءتها أن أحوال القيامة والبعث مذكورة فيها فتجدد له بذكرها والإيمان بها مزيدا اه من الشرح
قوله ( فإنها تهون ) بدل من قول جابر
قوله ( وجه الإخراج إلخ ) إخراجهم على سبيل الأولوية إذا كان عن حضورهم غنى فلا ينافي ما ذكره الكاكي من أنه لا يمتنع حضور الجنب والحائض وقت الاحتضار ووجه عدم الإخراج أنه قد لا يمكن الإخراج للشفقة أو للاحتياج إليهن ونص بعضهم على إخراج الكافر أيضا وهو حسن
قوله ( فإذا مات الخ ) ويقال عنده حينئذ سلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين لمثل هذا فليعمل العاملون وعد غير مكذوب كما في ابن أميرحاج
قوله ( شد لحياه ) تثنية لحي بالفتح منبت اللحية بالكسر من الأسنان وغيره أو العظم الذي عليه الأسنان
قوله ( وحفظا لقمه ) من الهوام ومن دخول الماء عند غسله قوله ( وغمض ) بالبناء للمجهول والتغميض والإغماض بمعنى كما في الصحاح وهو إطباق الجفن الأعلى على الأسفل
قوله ( للأمر به في السنة ) هو قوله صلى الله عليه وسلم إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر فإن البصر يتبع الروح وقولوا خيرا فإن الملائكة تؤمن على ما يقول أهل الميت وروي أنه صلى الله عليه وسلم لما أغمض أبا سلمة قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الفائزين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه قال في المجتبي ينبغي أن يحفظه كل مسلم فيدعو به عند الحاجة
قوله ( ما خرج إليه ) أي من الدار الأخرى وقوله خيرا مما خرج عنه بأن يبدله دارا خيرا من داره وزوجا خيرا من زوجه
قوله ( ثم يسجى بثوب ) بالتشديد أي يغطى لما روي أن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجي ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله ثم بكى وفي التمهيد لما توفي عثمان يعني ابن مظعون كشف النبي صلى الله عليه وسلم الثوب عن وجهه وبكى بكاء طويلا وقبل بين عينيه فلما رفع على السرير قال طوبى لك يا عثمان لم تلبسك الدنيا ولم تلبسها
قوله ( ويوضع على بطنه حديدة ) أو مرآة كما في الحموي وتنكير الحديدة يفيد أنه يكفي فيه القليل منه
قوله ( لأنه صنيع أهل
____________________
(1/369)
الكتاب ) أي وقد أمرنا بمخالفتهم وتعبير المصنف بلا يجوز يفيد الحرمة
قوله ( وتكره قراءة القرآن ) ولو آية كما في شرح السيد وقوله عنده أي بقربه
قوله ( عن نجاسة الحدث ) هذا ينافي ما في الشرح من أنه على القول بأن نجاسة الميت نجاسة حدث ينبغي أن تجوز القراءة كما لو قرأها المحدث وفي السيد ما يفيد أن في الكراهة على هذا القول خلافا ورجح في النهاية الكراهة والحاصل أنهم اختلفوا في نجاسة الميت فقيل نجاسة خبث وقيل حدث ويشهد للثاني ما رويناه من تقبيله صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون وهو ميت قبل الغسل إذ لو كان نجسا وضع فاه الشريف على جسده ولا ينافي ذلك ما ذكروه من أنه لو حمله إنسان قبل الغسل فصلى به لا تصح صلاته وكذا كراهة القراءة عنده قبل الغسل لجواز أن يكون ذلك لعدم خلوه عن نجاسة غالبا والغالب كالمحقق وروى البخاري تعليقا عن ابن عباس المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا ووصله الحاكم في المستدرك عن ابن عباس أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنجسوا موتاكم فإن المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا قال العيني في شرح البخاري والنووي في شرح مسلم هذا أصل عظيم في طهارة المسلم حيا وميتا أما الحي فبالإجماع حتى الجنين إذا ألقته أمه وعليه رطوبة فرجها فهو ظاهر بإجماع المسلمين وأما الميت ففيه خلاف العلماء
قال البدر العيني فإن قلت على هذا ينبغي أن لا يغسل الميت لأنه طاهر قلنا الموجب اتباع الوارد واختلف أصحابنا في سبب غسله فقيل حدث يحل به لا لنجاسته لأن الآدمي لا ينجس بالموت كرامة له إذ لو تنجس لما طهر بالغسل كسائر الحيوانات وكان الواجب الاقتصار على أعضاء الوضوء كما في حال الحياة لكن ذلك إنما كان نفيا للحرج فيما يتكرر كل يوم والحدث بسبب الموت لا يتكرر فكان كالجنابة فبقي على الأصل وهو وجوب غسل البدن كله لعدم الحرج وقال العراقيون ينجس بالموت لانحباس الدم فيه كسائر الحيوانات والحجة عليهم ما روينا قال والكافر كالمسلم في هذه الأحكام كما هو مذهب الجماهير سلفا وخلفا وأما قوله تعالى { إنما المشركون نجس } التوبة 9 فالمراد به نجاسة الاعتقاد لا نجاسة الأبدان لأن الله تعالى أباح نكاح الكتابيات ومعلوم أن عرقهن يصيب ضجيعهن غالبا ولم يجب غسله إذ لا فرق بين النساء والرجال اه
قوله ( فإنه يزول ) الأولى ويزول وفي نسخة وإنه يزول بالواو وهي للحال
قوله ( بخلاف الكافر ) هذا من المؤلف كآخر كلام البدر العيني بناء على القول بنجاسة الخبث أما على القول بنجاسة الحدث فلا فرق بينهما
قوله ( لتكثير المصلين عليه ) والمستغفرين له وللأخذ في الاستعداد للصلاة عليه وتشييعه
قوله ( نعي ) أي أخبر بموته
قوله ( بأن يؤذن ) أي يعلم وقوله بالجنازة أي مطلقا
قوله ( لكن لا على جهة التفخيم والإفراط في المدح ) فينبغي أن يكون بنحو مات الفقير إلى الله تعالى فلان ابن فلان وقال في التجنيس والمزيد يكره الإفراط في مدح الميت لا سيما عند جنازته لأنه صنيع الجاهلية وقد قال صلى الله عليه وسلم من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه على هن أبيه ولا تسكنوا ولا
____________________
(1/370)
بأس بإرثاء الميت بشعر أو غيره ما لم يفرط في مدحه ولا يكره البكاء عليه بإرسال الدموع بلا رفع صوت ولا نياحة ولا شق ثوب وضرب خد ونحو ذلك وسواء في ذلك قبل الموت وبعده على الصحيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم بكى على ابنه ابراهيم فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله تبكي فقال يا ابن عوف إنها رحمة وقال إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون أخرجه الشيخان وفي حديث ألا تسمعون أن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم رواه الشيخان أيضا وأما ما ورد أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه فأجمعوا على أنه محمول على البكاء بصوت ونياحة ولا بمجرد الدمع وحمله عامة أهل العلم على ما إذا أوصى بذلك وأما من بكوا عليه وناحوا من غير وصية فلا لقوله تعالى { ولا تزر وازرة وزر أخرى } الأنعام 6 وهذا هو الصحيح من أوجه الحمل وأوجب داود ومن تبعه الوصية بترك البكاء والنوح عليه وقيل المراد بالعذاب أن يتأذى الميت بذلك إذ لا شك في تأذي الأرواح بما تتأذى به الأشباح قال في شرح المشكاة والحاصل أن الميت إذا كان له تسبب في هذه المعصية فالعذاب على حقيقته ويعذب بفعل نفسه حيث تسبب في ذلك لا بفعل غيره وإلا فمحمول على تألمه سواء عند نزعه أو موته ويستوي فيه الكافر والمؤمن وبهذا يحصل الجمع بين قوله تعالى { ولا تزر وازرة وزر أخرى } وبين الأحاديث المطلقة في هذه البلية الكبرى اه
قوله ( بين ظهراني أهله ) أي ظهر أهله قال في القاموس وهو بين ظهرهم وظهرانيهم ولا تكسر النون وبين أظهرهم أي وسطهم اه
قوله ( الاحتياط ) أي في أمر المريض فإنه يحتمل أن الذي به داء السكتة
قوله ( قال بعض الأطباء ) أتى به دليلا للاحتياط ولو جعل الدليل أولا تأخر دفن النبي صلى الله عليه وسلم لكان أنسب
قوله ( ممن يموت بالسكتة ) أي يظنون أنهم موتى وإليه أشار بقوله ظاهرا
قوله ( بها ) أي بسبب السكتة فالموت لا يشتبه إلا فيمن فيه هذا الداء
قوله ( فيتعين التأخير الخ ) ظاهر هذا وجوب التأخير وهو ينافي التعجيل المطلوب إلا أن يحمل ذلك الوجوب على من به داء السكتة وأصل هذا الداء يحدث من أكل الأوز الأبيض والملوخية وتقليتها بدهن ويمكث هذا الداء ثمان ساعات وظاهر كلامهم أن التأخير مطلوب مطلقا لما رواه من الحديث والمراد التأخير إلى تيقن الموت فإنه ربما عرض عليه هذا الداء وقد يقال كيف يتأتى مع وجود العلامات الدالة عليه ويستحب تعجيل خمسة أشياء جمعت في هذه الأبيات وهي وخمسة قد رأوا تعجيلها حسنا وفي سواها تأتي واسع المهل تزويج كفء وميت هاك ثالثها دفع الديون وتب لله من زلل والخامس الضيف إذ يأتيك في نزل فقم له بحثيث الجد واحتفل قوله ( فيوضع كمامات ) لئلا تغيره نداوة الأرض وقيده
____________________
(1/371)
القدوري بما إذا أرادوا غسله وهو الذي عليه العمل اليوم اه ولا بأس بالتأخير لعارض كما في ابن أميرحاج
قوله ( على سرير ) هو التخت الذي يغسل عليه فإن لم يوجد فعلى لوح أو حجر مرتفع ليمكن غسله وتقليبه كما في العيني
قوله ( مجمر أي مبخر ) بنحو عود ثم المتبادر أن فعل ذلك قبل وضعه عليه وقيل عند إرادة غسله إخفاء للرائحة الكريهة عيني وظاهر كلام المؤلف الثاني
قوله ( وقيل عرضا ) أي كما يوضع في القبر
قوله ( وقيل إلى القبلة ) فتكون رجلاه إليها كالمريض إذا أراد الصلاة بإيماء وفي القهستاني عن المحيط وغيره أنه السنة
قوله ( ويستر عورته ) وجوبا لحرمة النظر إليها كعورة الحي
قوله ( والنهاية ) الأولى وفي النهاية
قوله ( هو الصحيح ) صححه في التبيين وغاية البيان لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت أخرجه أبو داود
قوله ( هو الصحيح ) كذا صححه في المجتبى وجزم به مسكين والعيني صاحب التنوير
قوله ( ولبطلان الشهوة ) عطف على تيسرا وفيه نظر فإنه يقتضي عدم الستر أصلا
قوله ( جرد عن ثيابه ) ليمكنهم التنظيف وتغسيله صلى الله عليه وسلم في قميصه خصوصية له ويستحب أن يستر الموضع الذي يغسل فيه الميت فلا يراه إلا الغاسل ومن يعينه سراج وغسله فرض كفاية بالإجماع كالصلاة عليه وتجهيزه ودفنه حتى لو اجتمع أهل بلدة على ترك ذلك قوتلوا بحر ونهر
قوله ( إن لم يكن خنثى ) وإلا بأن كان خنثى يمم وقيل يغسل في ثيابه
قوله ( وتغسل عورته بخرقة ملفوفة الخ ) تحرزا عن مسها لأنه حرام كالنظر كذا في البحر
قوله ( وبعده وضيء ) لم يذكر الاستنجاء وذكره رضي الدين في المحيط فقال أنه يستنجي عندهما لأن موضع الاستنجاء لا يخلو عن نجاسة فلا بد من إزالتها اعتبارا بحال الحياة وصورته أن يلف على يده خرقة فيغسل حتى يطهر الموضع لأن مس العورة حرام وعند أبي يوسف لا يستنجي ومشى عليه صاحب الخلاصة لأن المسكة قد زالت وبالاستنجاء ربما يزيد الاسترخاء فتخرج نجاسة أخرى فيكتفي بوصول الماء إليه اه من التبيين ملخصا
قوله ( يبدأ بوجهه ) لأنه لم يباشر ذلك بنفسه فلا يحتاج لغسل يديه أولا بخلاف الحي ولا يؤخر غسل رجليه لأنه ليس في مستنقع الماء
قوله ( فلا يوضأ ) لأنه لم يكن من أهل الصلاة قاله الحلواني وهذا يقتضي أن من بلغ مجنونا لا يوضأ أيضا ولم أره لهم وإنه لا يوضأ إلا من بلغ سبعا لأنه الذي يؤمر بالصلاة كذا في النهر لكن قال الحلبي وهذا التوجيه ليس بقوي إذا يقال هذا الوضوء سنة الغسل المفروض للميت لا يتعلق بكون الميت بحيث يصلي أولا كما في المجنون اه
قوله ( ويمسح فمه وأنفه ) قال في الفتح وغيره استحب بعض العلماء أن يلف الغاسل على إصبعه خرقة ويمسح بها أسنانه ولهاثه وشفتيه ومنخريه وسرته كما عليه عمل الناس اليوم
قوله ( إلا أن يكون جنبا ) هذا ما ذكره الخلخالي وهو غريب مخالف لعامة الكتب كما في الشلبي على الكنز والذي في التبيين أن الجنب كغيره وما في شرح السيد من أن ما ذكره الخلخالي مخالفا لغيره مخرج على خلاف آخر في الشهيد إذا كان جنبا فإنه يغسل عند الإمام وما ذكره غيره
____________________
(1/372)
مخرج على قول الصاحبين وهو الذي في عامة الكتب فيه نظر لأن الكلام هنا في المضمضمة والاستنشاق لا في الغسل والفرق أنه لا حرج فيه بخلافهما وقد عرفنا غسل الشهيد الجنب بالنص وهو تغسيل الملائكة حنظلة بن الراهب حين استشهد وهو جنب فقال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحائف الفضة ولم يذكر فيه المضمضة والاستنشاق فانصرف إلى المعهود في غسل الميت وهو الغسل بدونهما فتأمل أفاده بعض الأفاضل
قوله ( أو حائضا أو نفساء ) هذا بحث للمصنف كما تفيده عبارته في الشرح قياسا لهما على الجنب للاشتراك في افتراض المضمضة والاستنشاق فيما بينهم وقد علمت رده في الجنب والكلام فيهما كالكلام فيه
قوله ( صب عليه ماء ) والأولى أن يكون حلوا لأنه أبلغ في أزالة الوسخ لا سيما إذا كان يغسل بالصابون أفاده بعضهم
قوله ( مغلي ) من أغليت الماء أغلاه لا من الغلي والغليان لأنهما مصدران للازم واللازم لا يبنى منه اسم المفعول على المشهور ودل كلامه على أن الحار أفضل مطلقا سواء كان عليه وسخ أم لا نهر وأصل مغلي مغلي تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ثم حذفت لالتقاء الساكنين
قوله ( بسدر ) هو ورق النبق ويطلق على نفس الشجر وعلى الغسل كما في النهر
قوله ( أو حرض ) بضم الحاء المهملة ويجوز في الراء السكون والضم
قوله ( أشنان غير مطحون ) تبع فيه صاحب الجوهرة وكتب اللغة خالية عن هذا التقييد وأو هنا للتخيير فيكفي حصول أحدهما وفيه يقال إنما ذكره لكونه الأنسب للمقام لا أنه تفسير للمعنى اللغوي
قوله ( الذي وقصته دابته ) أي ألقته فدقت عنقه
قوله ( وإن لم يوجدا ) أي السدر أو الحرض والأولى إفراد الضمير لأن العطف بأو أو يكون الضمير للماء المغلي بأحد هذين الشيئين
قوله ( فالغسل بالقراح ) القراح كسحاب
قوله ( وهو الماء الخالص ) الذي لم يخالطه شيء كما في القاموس
قوله ( كاف ) خبر للمبتدأ المحذوف
قوله ( بالخطمي ) مشدد الياء وكسر الخاء أكثر من الفتح مصباح
قوله ( وإن لم يكن به شعر ) أي بالميت سواء انتفى من المحلين أو أحدهما فلا يتكلف للخطمي فيما لا شعر فيه
قوله ( ثم بعد تنظيف الشعر والبشرة ) أشار بثم إلى ان ما سبق من قوله وصب عليه ماء مغلي الخ وقوله وغسل رأسه يفعل قبل الترتيب الآتي ليبتل ما عليه من الدرن
قوله ( مسندا ) بصيغة اسم الفاعل والمفعول حال من الغاسل أو المغسول
قوله ( رفيقا ) بالفاء أي لطيفا والمصنف لم يذكر إلا غسلتين الأولى بقوله وأضجع على يساره والثانية بقوله ثم على يمينه كذلك وأما الثالثة فبعد اقعاده يضجعه على شقه الأيسر ويغسله لأن تثليث الغسلات مسنون ويسن أن يصب الماء عليه عند كل إقعاد ثلاثا والزيادة جائزة للحاجة وإلا ينبغي أن يكون إسرافا كحال الحياة أفاده السيد
قوله ( ولم يعد غسله ) بالبناء للمجهول والغسل بالضم لا غير قيل وبالفتح أيضا وقيل ان أضيف إلى المغسول كما هنا
____________________
(1/373)
فتح وإلى غيره كغسل الجمعة ضم وفي المضمرات عن الخزانة إذا كفن في كفن نجس لا تجوز الصلاة عليه بخلاف ما لو نجس بنجاسة الميت لأن فيه ضرورة وبلوى ولا كذلك الكفن النجس ابتداء
اه
قوله ( ثم ينشف بثوب ) أي يؤخذ ماؤه بثوب حتى يجف من نشف الماء أخذه بخرقة من باب ضرب ومنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم خرقة ينشف بها إذا توضأ وفي الصحاح نشف الثوب الرق بالكسر ونشف الحوض الماء ينشفه نشفا شربه اه ولا تخالف بينهما فإن كان بمعنى أخذ فبفتحها من حد ضرب وإن كان بمعنى شرب فبكسر الشين من حد علم كما في الصحاح قاله السيد
قوله ( يحرك في الماء ) ثلاثا في قول أبي يوسف كما في الفتح وعن محمد إن نوى الغسل عند الإخراج من الماء يغسل مرتين يعني على وجه السنة والفرض قد سقط بالنية عند الإخراج
قوله ( ثم وجد ) أي الماء
قوله ( وصلى عليه ثانيا ) في قول أبي يوسف وعنه يغسل ولا تعاد الصلاة عليه كجنب تيمم وصلى ثم وجد الماء كما في البرهان
قوله ( وإلا فأهل الأمانة والورع ) والأفضل أن يغسله مجانا وإن ابتغى الغاسل أجرا جاز إن كان ثمة غيره وإلا لا لتعينه عليه واختلفوا في أجرة خياطة كفن وحمال وحفار وتكون من رأس المال كما في البحر والشرنبلالية وينبغي أن يكون مثل الأول لأن ذلك من فروض الكفاية كما في السراج والضياء
تنبيه الأصل في مشروعية الغسل تغسيل الملائكة آدم عليه السلام أخرج الحاكم وصححه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال كان آدم رجلا أشقر طوالا كأنه نخلة سحوق فلما حضره الموت نزلت الملائكة بحنوطه وكفنه من الجنة فلما مات عليه الصلاة والسلام غسلوه بالماء والسدر ثلاثا وجعلوا في الثالثة كافورا وكفنوه في وتر من الثياب وحفروا له لحدا وصلوا عليه وقالوا يا بني آدم هذه سنتكم من بعده فكذا كم فافعلوا
قوله ( ويستر ما لا ينبغي إظهاره ) في الأزهار قال العلماء فإذا رأى الغاسل من الميت ما يعجبه كاستنارة وجهه وطيب ريحه وسرعة انقلابه على المغتسل استحب أن يتحدث به وإن رأى ما يكره كنتنه وسواد وجهه وبدنه أو انقلاب صورته حرم أن يتحدث به كذا في شرح المشكاة قيل إلا أن يكون مبتدعا يظهر البدعة أو مجاهرا بالفسق والظلم فيذكر ذلك زجرا لأمثاله كذا في ابن أمير حاج وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم أخرجه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان قال حجة الإسلام غيبة الميت أشد من الحي لأن عفو الحي واستحلاله ممكن ومتوقع في الدنيا بخلاف الميت وروى البيهقي في المعرفة والحاكم في المستدرك وقال على شرط مسلم من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة ومن كفنه كساه الله من السندس والإستبرق ومن حفر له قبرا حتى يجنه فكأنما أسكنه مسكنا حتى يبعث وفي الجنائز لابن شاهين يا علي غسل الموتى فإنه من غسل ميتا غفر له سبعون مغفرة لو قسمت مغفرة منها على جميع الخلائق لوسعتهم قلت ما يقول من يغسل قال يقول غفرانك يا رحمن حتى يفرغ من الغسل
قوله ( ويكره أن يكون جنبا ) وتغسيل الكافر أشد كراهة إلا إذا لم يوجد غيره ذاكرا في حق المسلم أو أنثى في حق المسلمة كما في ابن أمير حاج
قوله ( ويجعل الحنوط ) بفتح الحاء المهملة ويقال له الحناط بكسر الحاء
قوله
____________________
(1/374)
( مركب من أشياء طيبة ) ويدخل فيه المسك في قول الأكثر خلافا لعطاء
قوله ( للرجال ) فيكرهان لهم دون النساء اعتبارا بحال الحياة فجعلهما في كفن الرجال جهل كما في الشمني والسراج وغيرهما والورس الكركم
قوله ( على رأسه ولحيته ) وسائر جسده كما في الجوهرة بعد أن يوضع على الإزار كما في القهستاني
قوله ( ويجعل الكافور ) هو شجر عظيم بالهند والصين قهستاني
قوله ( سواءفيه المحرم وغيره ) لأن الإحرام ينقطع بالموت عندنا خلافا للشافعي
قوله ( ليطرد الدود عنها ) هذ حكمة تخصيص الكافور وهو علة لقوله ويجعل الكافور على مساجده
قوله ( فتخص بزيادة إكرام ) أي لما كانت هذه الأعضاء يسجد بها خصت بزيادة إكرام صيانة لها عن سرعة الفساد
قوله ( كالدبر الخ ) الكاف للاستقصاء أو للتمثيل وتدخل حينئذ نحو الجراح المفتوحة
قوله ( واستقبح عامة المشايخ جعله في دبره أو قبله ) ظاهر تقييده بهما أنهم لم يستقبحوه في غيرهما فيكون لا بأس به في غيرهما
قوله ( ولا يقص ظفره ) إلا أن يكون مكسورا فلا بأس بأخذه ورميه روي ذلك عن الإمام والثاني كما في البحر وغيره وفي القهستاني عن العتابية فلو قطع شعره أو ظفره أدرج معه في الكفن وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه يقص شاربه وظفره ويزال من شعره ما حفه لإزالة كذا في مسكين
قوله ( ولا يسرح شعره ) ظاهر القنية أنها تحريمية حيث قال إما لتزيين بعد موتها والامتشاط وقطع الشعر فلا يجوز نهر
قوله ( ولحيته ) إنما ذكرها بعد الشعر لعدم تبادر الذهن عند إطلاق الشعر إليها لكونها مخصوصة باسم أو من عطف الخاص على العام
قوله ( ولو معتمدة من رجعي ) أي ولو كانت المرأة معتدة من رجعي فإن معتدته زوجة يحل قربانها ومحترزة صرح به الشرح بعد
قوله ( أو ظهار منها في الأظهر ) الأولى أن يقول ولو مظاهرا منها في الأظهر وهذا ينافي ما قاله في الشرح وفي المظاهر منها روايتان الأظهر أن لا يحل لها تغسيله فجعل الأظهر عدم الحل
قوله ( أو إلى ما لا يحل مسه والنظر إليه ببقاء العدة ) لعل في العبارة تحريفا من الناسخ وصوابها وإيلاء لحل مسه والنظر إليه ببقاء العدة
قال في الشرح والإيلاء لا يحرم وطئها فتغسله ا ه فهذا يقتضي عطف الإيلاء على ما قبله لمشاركته له في الحكم وقال أيضا والمرأة تغسل زوجها لحل مسه والنظر إليه ببقاء العدة ا ه وهذا يقتضي التعليل لقوله تغسله فتأمل
قوله ( فلو ولدت ) أي امرأته التي توفي عنها هو محترز قوله معتدة
قوله ( أو كانت مبانة ) محترز قوله ولو معتدة من رجعي
قوله ( أو رضاع ) بأن أرضعت ضرتها الصغيرة
قوله ( أو صهرية ) كان مست ابنه أو أباه بشهوة والأصل في تغسيل الزوجة زوجها ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت واستقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه ومعنى ذلك أنها لم تكن عالمة وقت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بإباحة غسل المرأة زوجها ثم عملت بعد ذلك وروي أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أوصى إلى امرأته أسماء بنت عميس أنها تغسله بعد وفاته وهكذا فعل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه ولأن إباحة الغسل مستفادة بالنكاح فتبقى ما
____________________
(1/375)
بقي النكاح والنكاح باق بعد الموت إلى انقضاء العدة
قوله ( فإنه لا يغسل زوجته ) وكذا لا يمسها ولا يمنع من النظر إليها في الأصح تنوير
قوله ( لانقطاع النكاح ) بانعدام محله فصار الزوج أجنبيا واعتبر بملك اليمين حيث لا ينتفي عن المحل بموت المالك ويبطل بموت المحل فكذا هذا وقالت الأئمة الثلاثة يجوز لأن عليا غسل فاطمة رضي الله عنها قلنا وروى أنها غسلتها أم أيمن ولو ثبت أن عليا غسلها فهو محمول على بقاء الزوجية لقوله صلى الله عليه وسلم كل سبب ونسب ينقطع بالموت إلا سببي ونسبي مع أن ابن مسعود رضي الله عنه أنكر عليه فقال له أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن فاطمة زوجتك في الدنيا والآخرة فدعواه الخصوصية دليل على أنه كان معروفا بينهم أن الرجل لا يغسل زوجته
قوله ( ييممها ) أي زوجها
قوله ( بخلاف الأجنبي ) أي فإنه يلف يده بخرقة وييممها مع كف بصره عن ذراعيها إلا أن تكون أمة فلا تحتاج إلى حائل
قوله ( وهو كأم الولد ) لا تغسله ولا يغسلها وكذا المكاتبة لزوال ملكه عن الأمة والمكاتبة إلى الورثة وبطلانه في أم الولد والمدبرة لعتقهما بالموت فإن قيل أم الولد تعتد منه فينبغي أن تلحق بالزوجة قلنا عدتها لم تجب قضاء لحقه بل للتعرف عن براءة الرحم فإن قيل هلا اكتفى بحيضة كما في استبراء الأمة قلنا عدة أم الولد وجبت بزوال الفراش فأشبهت عدة النكاح
قوله ( المحارم ) الأولى حذفه للتصريح به في قوله بعد وأن وجد ذو رحم محرم
قوله ( يمموها ) فعل ماض وفي نسخة بالمضارع والمناسب عليها إثبات النون
قوله ( وكن محارمه ) الأولى غير محارمه
قوله ( بخرقة ) راجع إلى الصورتين إلا أن تكون المرأة أمة فلا تحتاج إلى حائل
قوله ( كالنظر ) أي كمجواز النظر إليها أي إلى أعضاء التيمم منها أي الكائنة منها وقوله له متعلق بالجواز المقدر
قوله ( وكذا الخنثى المشكل ) أي ولو مراهقا وإلا فهو كغيره فيغسله الرجال والنساء در
قوله ( لم يشتهيا ) قال في الدر من شروط الصلاة عن السراج لا عورة للصغير جدا ثم ما دام لم يشته فقبل ودبر ثم تغلظ إلى عشر سنين ثم كبالغ وفي الأشباه يدخل على النساء إلى خمس عشر سنة
قوله ( والمجبوب كالفحل ) فليس له تغسيل امرأة أجنبية إلا أن تكون من محارمه فييممها بخرقة قاله السيد أي ولا يعطي حكم النساء بسبب الجب وكذا إذا مات بين النساء يمم أما بخرقة أو دونها على التفصيل وكذا له أن يغسل الصبي والصبية اللذين لم يشتهيا فالحاصل أنه في حكم الرجال من كل وجه
قوله ( ولا بأس بتقبيل الميت ) لما روي البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت أقبل أبو بكر على فرسه من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله ثم بكى ولم يفعل ذلك إلا قدوة به صلى الله عليه وسلم لما روى أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم مصححا عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عثمان بن مظعون وهو ميت فأكب عليه وقبله ثم بكى حتى رأيت الدموع تسيل على وجنتيه وفي التمهيد لما توفي عثمان كشف
____________________
(1/376)