منها: (ناظر أودع غلات الوقف ثم مات مجهلا) فلا يضمن، قيد بالغلة لان الناظر لو مات مجهلا لمال البدل ضمنه.
أشباه: أي لثمن الارض المستبدلة.
قلت: فلعين الوقف بالاولى كالدراهم الموقوفة على القول بجوازه، قاله المصنف وأقره ابنه في الزواهر وقيد موته بحثا بالفجأة، فلو بمرض ونحوه ضمن لتمكنه من بيانها فكان مانعا لها ظلما فيضمن، ورد ما بحثه في أنفع الوسائل، فتنبه.(6/232)
(و) منها: (قاض مات مجهلا لاموال اليتامى) زاد في الاشباه: عند من أودعها، ولا بد منه، لانه لو وضعها في بيته ومات مجهلا ضمن لانه مودع، بخلاف ما لو أودع غيره لان للقاضي ولاية إيداع مال اليتيم على المعتمد كما في تنوير البصائر، فليحفظ.
(و) منها: (سلطان أودع بعض الغنيمة عند غاز ثم مات مجهلا) وليس منها مسألة أحد المتفاوضين على المعتمد لما نقله المصنف هنا، وفي الشركة عن وقف الخانية أن الصواب أنه يضمن نصيب شريكه بموته مجهلا، وخلافه غلط.
قلت: وأقره محشوها فبقي المستنثى تسعة فليحفظ.
وزاد الشرنبلالي في شرحه للوهبانية
على العشرة تسعة: الجد ووصيه ووصي القاضي وستة من المحجورين، لان الحجر يشمل سبعة، فإنه لصغر ورق وجنون وغفلة ودين وسفه وعته، والمعتوه كصبي وإن بلغ ثم مات لا يضمن، إلا أن يشهدوا أنها كانت في يده بعد بلوغه لزوال المانع وهو الصبا، فإن كان الصبي والمعتوه مأذونا لهما ثم ماتا قبل البلوغ والافاقة ضمنا.
كذا في شرح الجامع الوجيز.
قال: فبلغ تسعة عشر، ونظم عاطفا على بيتي الوهبانية بيتين وهي: وكل أمين مات والعين يحصروما وجدت عينا فدينا تصير سوى متولي الوقف ثم مفاوض ومودع مال الغنم وهو المؤمر وصاحب دار ألقت الريح مثل مالو ألقاه ملاك بها ليس يشعر(6/233)
كذا والد جد وقاض وصيهم جميعا ومحجور فوارث يسطر (وكذا لو خلطها المودع) بجنسها أو لغيره (بماله) أو مال آخر.
ابن كمال (بغير إذن) المالك (بحيث لا تتميز) إلا بكلفة كحنطة بشعير ودراهم جياد بزيوف.
مجتبى (ضمنها) لاستهلاكه بالخلط لكن لا يباح تناولها قبل أداء الضمان وصح الابراء ولو خلطه بردئ ضمنه لانه عيبه، وبعكسه شريك لعدمه.
مجتبى (وإن بإذنه اشتركا) شركة أملاك (كما لو اختلطت بغير صنعه) كأن انشق الكيس لعدم التعدي، ولو خلطها غير المودع ضمن الخالط ولو صغيرا ولا(6/234)
يضمن أبوه.
خلاصة (ولو أنفق بعضها فرد مثله فخلطه بالباقي) خلطا لا يتميز معه (ضمن) الكل لخلط ماله بها، فلو تأتى التمييز أو أنفق ولم يرد أو أودع وديعتين فأنفق إحداهما ضمن ما أنفق فقط.
مجتبى.
وهذا إذا لم يضره التبعيض (وإذا تعدى عليها فلبس ثوبها أو ركب دابتها أو أخذ بعضها ثم) رد عينه إلى يده حتى (زال التعدي زال) ما يؤدي إلى (الضمان) إذا لم يكن من نيته العود إليه.
أشباه من شروط النية (بخلاف المستعير والمستأجر) فلو أزالاه لم يبرآ لعملهما لانفسها، بخلاف مودع ووكيل بيع أو حفظ أو إجارة أو استئجار ومضارب ومستبضع وشريك
عنان أو مفاوضة ومستعير لرهن.
أشباه.(6/235)
والحاصل: أن الامين إذا تعدى ثم أزاله لا يزول الضمان إلا في هذه العشرة، لان يده كيد المالك، ولو كذبه في عوده للوفاق فالقول له، وقيل للمودع.
عمادية (و) بخلاف (إقراره بعد جحوده) أي جحود الايداع، حتى لو ادعى هبة أو بيعا لم يضمن.
خلاصة.
وقيد بقوله (بعد طلب) ربها (ردها) فلو سأله عن حالها فجحدها فهلكت لم يضمن.
بحر.
وقيد بقوله (ونقلها من مكانها وقت الانكار) أي حال جحوده، لانه لو لم ينقلها وقته فهلكت لم يضمن.
خلاصة.
وقيد بقوله: (وكانت) الوديعة (منقولا) لان العقار لا يضمن بالجحود عندهما، خلافا لمحمد في الاصح غصب الزيلعي.
وقيد بقوله: (ولم يكن هناك من يخاف منه عليها) فلو كان لم يضمن لانه من باب الحفظ، وقيد بقوله: (ولم يحضرها بعد جحودها) لانه لو جحدها ثم أحضرها فقال له ربها دعها وديعة فإن أمكنه أخذها لم يضمن لانه إيداع جديد وإلا(6/236)
ضمنها لانه لم يتم الرد.
اختيار.
وقيد بقوله (لمالكها) لانه لو جحدها لغيره لم يضمن، لانه من الحفظ، فإذا تمت هذه الشروط لم يبرأ بإقراره إلا بعقد جديد ولم يوجد (ولو جحدها ثم ادعى ردها بعد ذلك وبرهن عليه قبل) وبرئ كما لو برهن أنه ردها قبل الجحود وقال غلطت في الجحود أو نسيت أو ظننت أني دفعتها قبل برهانه، ولو ادعى هلاكها قبل جحوده حلف المالك ما يعلم ذلك، فإن حلف ضمنه، وإن نكل برئ، وكذا العارية.
منهاج.
ويضمن قيمتها يوم الجحود إن علم وإلا فيوم الايداع.
عمادية.
بخلاف مضارب جحد ثم اشترى لم يضمن.
خانية (و) المدوع (له السفر بها) ولو لها حمل.
درر (عند عدم نهي المالك و) عدم (الخوف عليها) بالاخراج فلو نهاه وأخاف فإن له بد من السفر ضمن، وإلا فإن سافر بنفسه ضمن وبأهله لا اختيار (ولو أودعا شيئا) مثليا أو قيميا (لم) يجز أن (يدفع المودع إلى أحدهما حظه في غيبة صاحبه)(6/237)
ولو دفع هل يضمن؟ في الدرر: نعم، وفي البحر: الاستحسان لا، فكان هو المختار (فإن أودع رجل عند رجلين ما يقسم اقتسماه وحفظ كل نصفه) كمرتهنين ومستبضعين ووصيين وعدلي رهن ووكيلي شراء (ولو دفعه) أحدهما (إلى صاحبه ضمن) الدافع (بخلاف ما لا يقسم) لجواز حفظ أحدهما بإذن الآخر (ولو قال لا تدفع إلى عيالك أو احفظ في هذا البيت فدفعها إلى ما لا بد منه أو حفظها في بيت آخر من الدار فإن كانت بيوت الدار مستوية في الحفظ) أو أحرز (لم يضمن، وإلا ضمن) لان التقييد مفيد (ولا يضمن مودع المودع) فيضمن الاول فقط إن هلكت بعد مفارقته، وإن قبلها لا ضمان.
ولو قال المالك هلكت عند الثاني وقال بل ردها وهلكت عندي لم يصدق، وفي الغصب منه يصدق لانه أمين.
سراجية.
وفي المجتبى: القصار إذا غلط فدفع ثوب(6/238)
رجل لغيره فقطعه فكلاهما ضامن.
وعن محمد: أصاب الوديعة شئ فأمر المودع رجلا ليعالجها فعطبت من ذلك فلربها تضمين من شاء، لكن إن ضمن المعالج رجع على الاول إن لم يعلم أنها لغيره، وإلا لم يرجع ا ه.
(بخلاف مودع الغاصب) فيضمن أيا شاء، وإذا ضمن المودع رجع على الغاصب وإن علم على الظاهر.
درر.
خلافا لما نقله القهستاني والباقاني والبرجندي وغيرهم، فتنبه.
(معه ألف ادعى رجلان كل منهما أنه له أودعه إياه فنكل عن الحلف لهما فهو لهما وعليه ألف آخر بينهما) ولو حلف لاحدهما ونكل للآخر فالالف لمن نكل له (دفع إلى رجل ألفا وقال(6/239)
ادفعها اليوم إلى فلان فلم يدفعها حتى ضاعت لم يضمن) إذ لا يلزمه ذلك (كما لو قال احمل إلي الوديعة فقال افعل ولم يفعل حتى مضى اليوم) وهلكت لم يضمن، لان الواجب عليه التخلية.
عمادية.
(قال) رب الوديعة (للمودع ادفع الوديعة إلى فلان فقال دفعت وكذبه) في الدفع (فلان) وضاعت الوديعة (صدق المودع مع يمينه) لانه أمين.
سراجية.
(قال) المودع ابتداء (لا أدري كيف ذهبت لا يضمن على الاصح، كما لو قال ذهبت ولا أدري كيف ذهبت) فإن القول قوله، بخلاف قوله لا أدري أضاعت أم لم تضع أو لا أدري وضعتها أو دفنتها في داري أو موضع آخر فإنه يضمن، ولو لم يبين مكان الدفن لكنه قال سرقت(6/240)
من المكان المدفون فيه لا يضمن.
وتمامه في العمادية.
فروع: هدد المودع أو الوصي على دفع المال إن خاف تلف نفسه أو عضوه فدفع لم يضمن، وإن خاف الحبس أو القيد ضمن، وإن خشي أخذ ماله كله فهو عذر كما لو كان الجابر هو الآخذ بنفسه فلا ضمان.
عمادية.
خيف على الوديعة الفساد رفع الامر للحاكم ليبيعه، ولو لم يرفع حتى فسد فلا ضمان، ولو أنفق عليها بلا أمر قاض فهو متبرع.
قرأ من مصحف الوديعة أو الرهن فهلك حالة القراءة لا ضمان، لانه لو ولاية هذا التصرف.
صيرفية.
قال: وكذا لو وضع السراج على المنارة وفيها أودع صكا وعرف أداء بعض الحق ومات الطالب وأنكر الوارث الاداء حبس المودع الصك أبدا.
وفي الاشباه: لا يبرأ مديون الميت بدفع الدين إلى الوارث وعلى الميت دين.
ليس للسيد أخذ وديعة العبد.
العامل لغيره أمانة لا أجر له، إلا الوصي والناظر إذا عملا.
قلت: فعلم منه أن لا أجر للناظر في المسقف إذا أحيل عليه المستحقون فليحفظوا في الوهبانية: ودافع ألف مقرضا ومقارضا * * وربح القراض الشرط جاز ويحذر وأن يدعي ذو المال قرضا وخصمه * * قراضا فرب المال قد قيل أجدر وفي العكس بعد الربح فالقول قوله * * كذلك في الابضاع ما يتغير وإن قال قد ضاعت من البيت وحدها * * يصح ويستحلف فقد يتصور(6/241)
وتارك في قوم لامر صحيفة * * فراحوا وراحت يضمن المتأخر وتارك نشر الصوف صيفا فعث له * * يضمن وقرض الفار بالعكس يؤثر إذا لم يسد الثقب من بعد علمه * * ولم يعلم الملاك ما هي تقرر قلت: بقي لو سده مرة ففتحه الفار وأفسده لم يذكر، وينبغي تفصيله كما مر فتدبر.(6/242)
كتاب العارية أخرها عن الوديعة لان فيها تمليكا وإن اشتركا في الامانة، ومحاسنها النيابة عن الله تعالى في إجابة المضطر لانها لا تكون إلا لمحتاج كالقرض، فلذا كانت الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر (هي) لغة مشددة وتخفف: إعارة الشئ.
قاموس.
وشرعا: (تمليك المنافع مجانا) أفاد بالتمليك لزوم الايجاب والقبول ولو فعلا.
وحكمها: كونها أمانة.
وشرطها: قابلية المستعار للانتفاع وخلوها عن شرط العوض لانها تصير إجارة.
وصرح في العمادية بجواز إعارة المشاع وإيداعه وبيعه: يعني لان جهالة العين لا تفضي(6/243)
للجهالة لعدم لزومها، وقالوا علف الدابة على المستعير وكذا نفقة العبد، أما كسوته فعلى المعير، وهذا إذا طلب الاستعارة، فلو قال المولى خذه واستخدمه من غير أن يستعيره فنفقته على المولى أيضا لانه وديعة.
(وتصح بأعرتك) لانه صريح (وأطعمتك أرضي) أي غلتها، لانه صريح مجازا من إطلاق اسم المحل على الحال (ومنحتك) بمعنى أعطيتك (ثوبي أو جاريتي هذه وحملتك على دابتي هذه إذا لم يرد به) بمنحتك وحملتك (الهبة) لانه صريح فيفيد العارية بلا نية والهبة بها: أي مجازا (وأخدمتك عبدي) وآجرتك داري شهرا مجانا (وداري) مبتدأ (لك) خبر (سكنى) تمييز: أي بطريق السكنى (و) داري لك (عمرى) مفعول مطلق: أي أعمرتها لك عمرى (سكنى) تمييزه: يعني جعلت سكناها لك مدة عمرك (و) لعدم لزومها (يرجع المعير متى شاء) ولو مؤقتة أو فيه
ضرر فتبطل وتبقى العين بأجرة المثل، كمن استعار أمة لترضع ولده وصار لا يأخذ إلا ثديها فله أجر المثل إلى الفطام.
وتمامه في الاشباه.
وفيها معزيا للقنية: تلزم العارية فيما إذا استعار جدار غيره لوضع جذوعه فوضعها ثم باع المعير الجدار ليس للمشتري رفعها، وقيل نعم إلا إذا شرطه وقت البيع.(6/244)
قلت: وبالقيل جزم في الخلاصة والبزازية وغيرها، واعتمده محشيها في تنوير البصائر ولم يتعقبه ابن المصنف فكأنه ارتضاه، فليحفظ (ولا تضمن بالهلاك من غير تعد) وشرط الضمان باطل كشرط عدمه في الرهن خلافا للجوهرة (ولا تؤجر ولا ترهن) لان الشئ لا يتضمن ما فوقه (كالوديعة) فإنها لا تؤجر ولا ترهن بل ولا تودع ولا تعار بخلاف العارية على المختار، وأما المستأجر فيؤاجر ويودع ويعار ولا يرهن، وأما الرهن فكالوديعة.
وفي الوهبانية نظم تسع مسائل لا يملك فيها تمليكا لغيره بدون إذن، سواء قبض أو لا، فقال: ومالك أمر لا يملكه بدون * * أمر وكيل مستعير ومؤجر(6/245)
ركوبا ولبسا فيهما ومضارب * * ومرتهن أيضا وقاض يؤمر ومستودع مستبضع ومزارع * * إذا لم يكن من عنده البذر يبذر قلت: والعاشرة: وما للمساقي أن يساقي غيره وإن أذن المولى له ليس ينكر (فإن آجر) المستعير (أو رهن فهلكت ضمنه المعير) للتعدي (ولا رجوع له) للمستعير (على أحد) لانه بالضمان ظهر أنه آجر نفسه ويتصدق بالاجرة خلافا للثاني (أو) ضمن (المستأجر) سكت عن المرتهن.
وفي شرح الوهبانية: الخامسة لا يملك المرتهن أن يرهن فيضمن وللمالك الخيار ويرجع الثاني على الاول (ورجع) المستأجر (على المستعير) إذا لم يعلم بأنه عارية في يده) دفعا لضرر الغرر (وله أن يعير ما اختلف استعماله أو لا إن لم يعين) المعير (منتفعا و) يعير (ما لا يختلف إن عين)
وإن اختلف لا للتفاوت، واعزاه في زواهر الجواهر للاختيار (ومثله) أي كالمعار(6/246)
(المؤجر) وهذا عند عدم النهي، فلو قال لا تدفع لغيرك فدفع فهلك ضمن مطلقا.
خلاصة (فمن استعار دابة أو استأجر مطلقا) بلا تقييد (يحمل) ما شاء (ويعير له) للحمد (ويركب) عملا بالاطلاق (وأيا فعل) أو لا (تعين) مرادا (وضمن بغيره) إن عطبت، حتى لو ألبس أو أركب غيره لم يركب بنفسه بعده هو الصحيح.
كافي (وإن أطلق) المعير أو المؤجر (الانتفاع في الوقت والنوع انتفع ما شاء أي وقت شاء) لما مر (وإن قيده) بوقت أو نوع أو بهما (ضمن بالخلاف إلى شر فقط) لا إلى مثل أو خير (وكذا تقييد الاجارة بنوع أو قدر) مثل العارية (عارية الثمنين والمكيل والموزون والمعدود والمتقارب) عند الاطلاق (قرض) ضرورة استهلاك عينها (فيضمن) المستعير(6/247)
(بهلاكها قبل الانتفاع) لانه قرض، حتى لو استعارها ليعير الميزان أو يزين الدكان عارية، ولو أعار قصعة ثريد فقرض ولو بينهما مباسطة فإباحة، وتصح عارية السهم ولا يضمن لان الرمي يجري مجرى الهلاك.
صيرفية (ولو أعار أرضا للبناء والغرس صح) للعلم بالمنفعة (وله أن يرجع متى شاء) لما تقرر أنها غير لازمة (ويكلفه قلعهما إلا إذا كان فيه مضرة بالارض فيتركان بالقيمة مقلوعين) لئلا تتلف أرضه (وإن وقت) العارية (فرجع قبله) كلفه قلعهما (وضمن) المعير للمستعير (ما نقص) البناء والغرس (بالقلع) بأن يقوم قائما إلى المدة المضروبة وتعتبر القيمة يوم الاسترداد.
بحر (وإذا استعارها ليزرعها لم تؤخذ منه قبل أن يحصد الزرع وقتها أو لا) فتترك بأجر المثل مراعاة للحقين، فلو قال المعير(6/248)
أعطيك البذر وكلفتك إن كان لم يثبت لم يجز، لان بيع الزرع قبل نباته باطل، وبعد نباته فيه كلام أشار إلى الجواز في المغني.
نهاية (ومؤنة الرد على المستعير، فلو كانت مؤقتة فأمسكها بعده فهلكت ضمنها) لان مؤنة الرد عليه.
نهاية (إلا إذا استعارها ليرهنها) فتكون كالاجارة.
رهن الخانية (وكذا الموصى له بالخدمة مؤنة الرد عليه، وكذا المؤجر والغاصب والمرتهن) مؤنة الرد
عليهم لحصول المنفعة لهم، هذا لم الاخراج بإذن رب المال، وإلا فمؤنة مستأجر ومستعار على الذي أخرجه إجارة البزازية بخلاف شركة ومضاربة وهبة قضى بالرجوع.
مجتبى (وإن رد المستعير الدابة مع عبده أو أجيره مشاهرة) لا مياومة (أو مع عبد ربها مطلقا) يقوم عليها أو لا في الصح (أو أجيرة) أي مشاهرة كما مر فهلكت قبل قبضها (برئ) لانه أتى بالتسليم المتعارف (بخلاف نفيس) كجوهرة (وبخلاف الرد مع الاجنبي) أي (بأن كانت العارية مؤقتة فمضت مدتها ثم بعثها(6/249)
مع الاجنبي) لتعدية بالامساك بعد المدة (وإلا فالمستعير يملك الايداع) فيما يملك الاعارة (من الاجنبي) به يفتى.
زيلعي.
فتعين حمل كلامهم على هذا، وبخلاف رد وديعة ومغصوب إلى دار المالك فإنه ليس بتسليم (وإذا استعار أرضا) بيضاء (للزراعة يكتب المستعير) أنك (أطعمتني(6/250)
أرضك لازرعها) فيخصص لئلا يعم البناء، ونحوه (العبد المأذون يملك الاعارة، والمحجور إذا استعار واستهلكه يضمن بعد العتق، ولو أعار) عبد محجور عبدا محجورا (مثله فاستهلكها ضمن) الثاني (للحال ولو استعار ذهبا فقلده صبيا فسرق) الذهب (منه) أي من الصبي (فإن كان الصبي يضبط) حفظ (ما عليه) من اللباس (لم يضمن وإلا ضمن) لانه إعارة والمستعير يملكها (وضعها) أي العارية (بين يديه فنام فضاعت لم يضمن لو نام جالسا) لانه لا يعد مضيعا لها (وضمن لو نام مضطجعا) لتركه الحفظ (ليس للاب إعارة مال طفله) لعدم البدل، وكذا القاضي والوصي (طلب) شخص (من رجل ثورا عارية فقال أعطيك غدا، فلما كان الغد ذهب الطالب وأخذه بغير إذنه واستعمله فمات) الثور (لا ضمان عليه) خانية عن إبراهيم بن يوسف، لكن في المجتبى وغيره أنه يضمن.
(جهز ابنته بما يجهز به مثلها ثم قال كنت أعرتها الامتعة إن العرف مستمرا) بين الناس (أن(6/251)
الاب يدفع ذلك) الجهاز (ملكا لا إعارة لا يقبل قوله) إنه إعارة، لان الظاهر يكذبه (وإن لم يكن)
العرف (كذلك) أو تارة وتارة (فالقول له) به يفتى، كما لو كان أكثر مما يجهز به مثلها فإن القول له اتفاقا (والام) وولي الصغيرة (كالاب) فيما ذكره وفيما يدعيه الاجنبي بعد الموت لا يقيل إلا ببينة.
شرح وهبانية.
وتقدم في باب المهر وفي الاشباه (كل أمين ادعى إيصال الامانة إلى مستحقها قبل قوله) بيمينه (كالمودع إذا ادعى الرد والوكيل والناظر إذا ادعى الصرف إلى الموقوف عليهم) يعني من الاولاد والفقراء وأمثالهما، وأما إذا ادعى الصرف إلى وظائف المرتزقة فلا يقبل قوله في حق أرباب الوظائف، لكن لا يضمن ما أنكروه له، بل يدفعه ثانيا من مال الوقف كما بسطه في حاشية أخي زاده.
قلت: وقد مر في الوقف عن المولى أبي السعود واستحسسه المصنف وأقره ابنه، فليحفظ (وسواء كان في حياة مستحقها أو بعد موته إلا في الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه قبضه ودفعه له(6/252)
في حياته لم يقبل قوله إلا ببينة، بخلاف الوكيل بقبض العين) كوديعة قال فبضتها في حياته وهلكت وأنكرت الورثة أو قال دفعتها إليه فإنه يصدق، لانه ينفي الضمان عن نفسه، بخلاف الوكيل بقبض الدين، لانه يوجب الضمان على الميت وهو ضمان مثل المقبوض فلا يصدق.
وكالة الولوالجية.
قلت: وظاهره أنه لا يصدق لا في حق نفسه ولا في حق الوكل، وقد أفتى بعضهم أنه يصدق في حق نفسه لا في حق الموكل، وحمل عليه كلام الولوالجية فيتأمل عند الفتوى.
فروع: أوصى بالعارية ليس للورثة الرجوع.
العارية كالاجارة تنفسخ بموت أحدهما.
مات وعليه دين عنده وديعة عينها فالتركة بينهم بالحصص.
استأجر بعيرا إلى ملكه فعلى الذهاب، وفي العارية على الذهاب والمجئ لان ردها.
استعار دابة للذهاب فأمسكها في بيته فهلكت ضمن، لانه أعارها للذهاب لا للامساك.
استقرض ثوبا فأغار عليه الاتراك لم يضمن لانه عارية عرفا.
أستعار أرضا ليبني ويسكن وإذا خرج فالبناء للمالك فللمالك أجر مثلها مقدار والسكنى والبناء للمستعير لان الاعارة تمليك بلا عوض فكانت إجارة معنى وفسدت بجهالة المدة.(6/253)
وكذا لو شرط الخراج على المستعير لجهالة البدل، والحيلة أن يؤجره الارض سنين معلومة ببدل معلوم ثم يأمره بأداء الخراج منه.
استعار كتابا فوجد به خطأ أصلحه إن علم رضا صاحبه.
قلت: ولا يأثم بتركه إلا في القرآن، لان إصلاحه واجب بخط مناسب.
وفي الوهبانية: وفي معاياتها: وسفر رأى إصلاحه مستعيره * * يجوز إذا مولاه لا يتأثر وأي معير ليس يملك أخذ ما * * أعاروفي غير الرهان التصور وهل واهب لابن يجوز رجوعه * * وهل مودع ما ضيع المال يخسر(6/254)
كتاب الهبة وجه المنا سبة ظاهر (هي) لغة: التفضيل على الغير ولو غير مال.
وشرعا: (تمليك العين مجانا) أي بلا عوض، لا أن عدم العوض شرط فيه، وأما تمليك الدين من غير من عليه الدين فإن أمره بقبضه صحت لرجوعها إلى هبة العين (وسببها: إرادة الخير للواهب) دنيوي كعوض ومحبة وحسن ثناء.
وأخروي قال الامام أبو منصور: يجب على المؤمن أن يعلم ولده الجود والاحسان كما يجب عليه أن يعلمه التوحيد والايمان، إذ حب الدنيا رأس كل خطيئة.
نهاية مندوبة.
وقبولها سنة.
قال (ص) تهادوا تحابوا.
(وشرائط صحتها في الواهب: العقل والبلوغ والملك) فلا تصح هبة صغير ورقيق ولو مكاتبا.(6/255)
(و) شرائط صحتها (في الموهوب أن يكون مقبوضا غير مشاع مميزا غير مشغول) كما سيتضح.
(وركنها): هو (الايجاب والقبول) كما سيجئ.
(وحكمها: ثبوت الملك للموهوب له عير لازم) فله الرجوع والفسخ (وعدم صحة خيار الشرط فيها) فلو شرطه صحت إن اختارها قبل تفرقهما، وكذا لو أبرأه صح الابراء وبطل(6/256)
الشرط.
خلاصة.
(و) حكمها (أنها لا تبطل بالشروط الفاسدة) فهبة عبد على أن يعتقه تصح ويبطل الشرط (وتصح بإيجاب كوهبت ونحلت وأطعمتك هذا الطعام ولو) ذلك (على وجه المزاح) بخلاف أطعمتك أرضي فإنه عارية لرقبتها وإطعام لغلتها.
بحر (أو الاضافة إلى ما) أي إلى جزء (يعبر به عن الكل كوهبت لك فرجها وجعلته لك) لان اللام للتمليك، بخلاف جعلته باسمك فإنه ليس بهبة، وكذا هي لك حلال إلا أن يكون قبله كلام يفيد الهبة.
خلاصة (وأعمرتك هذا الشئ وحملتك على هذه الدابة) ناويا بالحمل الهبة كما مر (وكسوتك هذا الثوب وداري لك هبة) أو(6/257)
عمرى (تسكنها لان قوله تسكنها مشورة لا تفسير، لان الفعل لا يصلح تفسيرا للاسم فقد أشار عليه في ملكه بأن يسكنه، فإن شاء قبل مشورته وإن شاء لم يقبل (لا) لو قال (هبة سكنى أو سكنى هبة) بل تكون عارية أخذا بالمتيقن.
وحاصله: أن اللفظ إن أنبأ عن تملك الرقبة فهبة، أو المنافع فعارية، أو احتمل اعتبر النية: نوازل.
وفي البحر: اغرسه باسم ابني الاقرب الصحة (و) تصح (بقبول) أي في حق الموهوب له، أما في حق الواهب فتصح بالايجاب وحده لانه متبرع، حتى لو خلف أن يهب عبده لفلان فوهب ولم يقبل بر وبعكسه حنث، بخلاف البيع (و) تصح (بقبض بلا إذن في المجلس) فإنه هنا
كالقبول فاختص بالمجلس (وبعده به) أي بعد المجلس بالاذن.
وفي المحيط: لو كان أمره بالقبض حين وهبه لا يتقيد بالمجلس ويجوز القبض بعده (والتمكن من القبض كالقبض، فلو وهب لرجل ثيابا في صندوق مقفل ودفع إليه الصندوق لم يكن قبضا) لعدم تمكنه من القبض (وإن مفتوحا كان قبضا لمكنه منه) فإنه كالتخلية في البيع.
اختيار.
وفي الدرر والمختار صحته بالتخلية في صحيح الهبة لا فاسدها، وفي النتف: ثلاثة عشر عقدا لا تصح بلا قبض (ولو نهاه) عن القبض(6/258)
(لم يصح) قبضه (مطلقا) ولو في المجلس لان الصريح أقوى من الدلالة (وتتم) الهبة (بالقبض) الكامل (ولو الموهوب شاغلا لملك الواهب لا مشغولا به) والاصل أن الموهوب إن مشغولا بملك الواهب منع تمامها، وإن شاغلا لا، فلو وهب جرابا فيه طعام الواهب أو دارا فيها متاعه أو دابة عليها سرجه وسلمها كذلك لا تصح، وبعكسه تصح في الطعام والمتاع والشرج فقط، لان كلا منها شغل الملك لواهب لا مشغول به،(6/259)
لان شغله بغير ملك واهبه لا يمنع، وتمامها كرهن وصدقة، لان القبض شرط تمامها.
وتمامه في العمادية.
وفي الاشباه: هبة المشغول لا تجوز إلا إذا وهب الاب لطفله.
قلت: وكذا الدار المعارة والتي وهبتها لزوجها على المذهب، لان المرأة ومتاعها في يد الزوج فصح التسليم، وقد غيرت بيت الوهبانية فقلت: ومن وهبت للزوج دارا لها بها متاع وهم فيها تصح المحرر وفي الجوهرة: وحيلة هبة المشغول أن يودع الشاغل أولا عند الموهوب له ثم يسلمه الدار مثلا فتصح لشغلها بمتاع في يده (في) متعلق بتتم (محوز) مفرغ (مقسوم ومشاع لا) يبقى منتفعا به بعد أن (يقسم) كبيت وحمام صغيرين لانها (لا) تتم بالقبض (فيما يقسم ولو) وهبه (لشريكه) أو لاجنبي لعدم تصور القبض الكامل كما في عامة الكتب فكان هو المذهب.
وفي الصيرفية عن العتابي: وقيل يجوز لشريكه وهو المختار(6/260)
(فإن قسمه وسلمه صح) لزوال المانع (ولو سلمه شائعا لا يملكه فلا ينفذ تصرفه فيه) فيضمنه وينفذ تصرف الواهب.
درر.
لكن فيها عن الفصولين: الهبة الفاسدة تفيد الملك بالقبض، وبه يفتى ومثله في البزازية عل خلاف ما صححه في العمادية، لكن لفظ الفتوى آكد من لفظ(6/261)
الصحيح كما بسطه المصنف مع بقية أحكام المشاع.
وهل للقريب الرجوع في الهبة الفاسدة؟ قال في الدرر: نعم، وتعقبه في الشرنبلالية بأنه غير ظاهر على القول المفتى به من إفادتها الملك بالقبض، فليحفظ (والمانع) من تمام القبض (شيوع مقارن) للعقد (لا طارئ) كأن يرجع في بعضها شائعا فإنه لا يفسد اتفاقا (والاستحقاق) شيوع (مقارن) لا طارئ فيفسد الكل، حتى لو وهب أرضا وزرعا وسلمهما فاستحق الزرع بطلت في الارض، لاستحقاق البعض الشائع فيما يحتمل القسمة، والاستحقاق إذا ظهر بالبينة كان مستندا إلى ما قبل الهبة فيكون مقارنا لها لا طارئا كما زعمه صدر الشريعة وإن تبعه ابن الكمال، فتنبه (ولا تصح هبة لبن في ضرع وصوف على غنم ونخل في أرض وتمر في نخل) لانه كمشاع (ولو فصله وسلمه جاز) لزوال المانع، وهل يكفي فصل الموهوب له بإذن الواهب؟ ظاهر الدرر: نعم (بخلاف دقيق في بر ودهن في سمسم(6/262)
وسمن في لبن) حيث لا يصح أصلا لانه معدوم فلا يملك إلا بعقد جديد (وملك) بالقبول (بلا قبض جديد لو الموهوب في يد الموهوب له) ولو بغضب أو أمانة لانه حينئذ عامل لنفسه، والاصل أن القبضين إذا تجانسا ناب أحدهما عن الآخر، وإذا تغايرا ناب الاعلى عن الادنى لا عكسه (وهبة من له ولاية على الطفل في الجملة) وهو كل من يعوله، فدخل الاخ والعم عند عدم الاب لو في عيالهم (تتم بالعقد) لو الموهوب معلوما وكان في يده مودعه، لان قبض الولي ينوب عنه، والاصل أن كل عقد يتولاه الواحد يكتفي فيه بالايجاب (وإن وهب له أجنبي(6/263)
يتم بقبض وليه) وهو أحد أربعة: الاب، ثأ وصيه، ثم الجد، ثم وصيه وإن لم يكن في حجرهم، وعند عدمهم تتم بقبض من يعوله كعمه (وأمه وأجنبي) ولو ملتقطا (لو في حجرهما) وإلا لا لفوات الولاية (وبقبضه لو مميزا) يعقل التحصيل (ولو مع وجود أبيه) مجتبى.
لانه في النافع المحض كالبالغ، حتى لو وهب له أعمى لا نفع له وتلحقه مؤنته لم يصح قبوله.
أشباه.(6/264)
قلت: لكن في البرجندي: اختلف فيما لو قبض من يعوله والاب حاضر، فقيل لا يجوز، والصحيح هو الجواز ا ه.
وظاهر القهستاني ترجيحه، وعزاه لفخر الاسلام وغيره على خلاف ما اعتمده المصنف في شرحه وعزاه للخلاصة، لكن متنه يحتمله بوصل ولو بأمه والاجنبي أيضا، فتأمل (وصح رده لها كقبوله) سراجية.
وفيها حسنات الصبي له ولابويه أجر التعليم ونحوه، ويباح لوالديه أن يأكلا من مأكول وهب له، وقيل لا انتهى.
فأفاد أن غير المأكول لا يباح لهما إلا لحاجة.
وضعوا هدايا الختان بين يدي الصبي فما يصلح له كثياب الصبيان فالهدية له، وإلا فإن المهدي من أقرباء الاب أو معارفه فللاب أو من معارف الام فللام، قال هذا لصبي أو لا.
ولو قال أهديت للاب أو للام فالقول له، وكذا زفاف البنت.
خلاصة.
وفيها: اتخذ لولده أو لتلميذه ثيابا ثم أراد دفعها لغيره ليس له ذلك ما لم يبين وقت الاتخاذ أنها عارية.
وفي المبتغى: ثياب البدن يملكها بلبسها، بخلاف نحو ملحفة ووسادة.
وفي الخانية: لا بأس بتفضيل بعض الاولاد في المحبة لانها عمل القلب، وكذا في العطايا إن لم يقصد به الاضرار، وإن قصده فسوى بينهم يعطي البنت كالابن عند الثاني، وعليه الفتوى.
ولو وهب(6/265)
في صحته كل المال للولد جاز وأثم.
وفيها: لا يجوز أن يهب شيئا من مال طفله ولو بعوض لانها تبرع ابتداء.
وفيها: ويبيع القاضي ما وهب للصغير حتى لا يرجع الواهب في هبته (ولو قبض زوج الصغيرژ) أما البالغة فالقبض لها (بعد الزفاف ما وهب لها صح) قبضه ولو بحضرة الاب في الصحيح لنيابته عنه، فصح قبض الاب كقبضها مميزة (وقبله) أي الزفاف (لا) يصح لعدم الولاية (وهب اثنان دارا لواحد صح) لعدم الشيوع (وبقبله) لكبيرين (لا) عنده للشيوع فيما
يحتمل القسمة، أما ما لا يحتمله كالبيت فيصح اتفاقا قيدنا بكبيرين، لانه لو وهب لكبير وصغير في عيال الكبير أو لا بنية صغير وكبير(6/266)
لم يجز اتفاقا، وقيدنا بالهبة لجواز الرهن والاجارة من اثنين اتفاقا (وإذا تصدق بعشرة) دراهم (أو وهبها لفقرين صح) لان الهبة للفقير صدقة، والصدقة يراد بها وجه الله تعالى وهو واحد فلا شيوع (لا لغنيين) لان الصدقة على الغني هبة فلا تصح للشيوع: أي لا تملك حتى لو قسمها وسلمها صح.
فروع: وهب لرجلين درهما: إن صحيحا صح، وإن مغشوشا لا لانه مما يقسم لكونه في حكم العروض.
معه درهمان فقال لرجل وهبت لك أحدهما أو نصفهما: إن استويا لم يجز، وإن اختلفا جاز لانه مشاع لا يقسم، ولذا لو وهب ثلثهما جاز مطلقا.
تجوز هبة حائط بين داره ودار جاره لجار وهبة البيت في الدار، فهذا يدل على كون سقف الواهب على الحائط، واختلاط البيت بحيطان الدار لا يمنع صحة الهبة.
مجتبى.(6/267)
باب الرجوع في الهبة (صح الرجوع فيها بعد القبض) أما قبله فلم تتم الهبة (مع انتفاع مانعه) الآتي (وإن كره) الرجوع (تحريما) وقيل تنزيها.
نهاية (ولو مع إسقاط حقه من الرجوع) فلا يسقط بإسقاطه.
خانية.
وفي الجواهر لا يصح الابراء عن الرجوع، ولو صالحه من حق الرجوع على شئ صح وكان عوضا عن الهبة، لكن سيجئ اشتراطه في العقد (ويمنع الرجوع فيها) حروف (دمع خزقه) يعني الموانع السبعة الآتية (فالدال الزيادة) في نفس العين الموجبة لزيادة القيمة (المتصلة) وإن زالت قبل الرجوع كأن شب ثم شاخ، لكن في الخانية ما يخالفه واعتمده القهستاني فليتنبه له، لان الساقط لا يعود (كبناء وغرس) إن عدا زيادة في كل الارض وإلا رجع،(6/268)
ولو عدا في قطعة منها امتنع فيها فقط.
زيلعي (وسمن) وجمال وخياطة وصبغ وقصر ثوب وكبر صغير وسماع أصم وإبصار أعمى وإسلام عبد ومداواته وعفو جناية وتعليم قرآن أو كتابة أو قراءة ونقط مصحف بإعرابه، وحمل تمر من بغداد إلى بلخ مثلا ونحوها.
وفي البزازية: والحبل إن زاد خيرا منع الرجوع، وإن نقص لا، ولو اختلفا في الزيادة ففي المتولدة ككبر، القول للواهب، وفي نحو بناء وخياطة وصيغ للموهوب له.
خانية وحاوي.
ومثله في المحيط لكنه استثنى ما لو كان لا يبني في مثل تلك المدة (لا) تمنع الزيادة (المنفصلة كولد وأرض وعقر) وثمرة فيرجع في الاصل لا الزيادة، لكن لا يرجع بالام حتى يستغني الولد عنها، كذا نقله القهستاني، لكن نقل البرجندي وغيره أنه قول أبي يوسف، فلينتبه له.
ولو حبلت ولم تلد هل للواهب الرجوع؟ قال في السراج: لا، وقال الزيلعي: نعم.
وفي الجوهرة: مريض مديون بمستغرق وهب أمة فمات(6/269)
وقد وطئت يردها مع عقرها هو المختار (والميم موت أحد العاقدين) بعد التسليم، فلو قبله بطل، ولو اختلفا والعين في يد الوارث فالقول للوارث، وقد نظم المصنف ما يسقط بالموت فقال: كفارة دية خراج ورابع * * ضمان لعتق هكذا نفقات(6/270)
كذا هبة حكم الجميع سقوطها * * بموت لما أن الجميع صلات (والعين العوض) بشرط أن يذكر لفظا يعلم الواهب أنه عوض كل هبته (فإن قال خذه عوض هبتك أو بدلها) أو في مقابلتها ونحو ذلك (فقبضه الواهب سقط الرجوع) ولو لم يذكر أنه عوض رجع كل بهبته (و) لذا (يشترط فيه شرائط الهبة) كقبض وإقرار وعدم شيوع ولو العوض مجانسا أو يسيرا، وفي بعض نسخ المتن بدل الهبة العقد، وهو تحريف (ولا يجوز للاب أن يعوض عما وهب للصغير من ماله) ولو وهب العبد التاجر ثم عوض فلكل منهما الرجوع.
بحر (ولا يصح تعويض مسلم من نصراني عن هبته خمرا أو خنزيرا) إذ لا يصح تمليكا من المسلم.
بحر
(ويشترط أن لا يكون العوض بعض الموهوب، فلو عوضه البعض عن الباقي) لا يصح (فله الرجوع في الباقي) ولو الموهوب شيئين فعوضه أحدهما عن الآخر: إن كانا في عقدين صح، وإلا لا، لان اختلاف العقد كاختلاف العين والدراهم تتعين في هبة(6/271)
ورجوع مجتنى (ودقيق الحنطة يصلح عوضا عنها) لحدوثه بالطحن، وكذا لو صبغ بعض الثياب أولت بعض السويق ثأ عوضه صح.
خانية (ولو عوضه ولد إحدى جاريتين موهوبتين وجد) ذلك الولد (بعد الهبة امتنع الرجوع وصح) العوض (من أجنبي ويسقط حق الواهب في الرجوع إذا قبضه) كبدل الخلع (ولو) التعويض بغير إذن (الموهوب له) ولا رجوع ولو بأمره إلا إذا قال عوض عني على أني ضامن لعدم وجوب التعويض، بخلاف قضاء الدين (و) الاصل أن (كل ما يطالب به الانسان بالحبس والملازمة يكون الامر بأدائه مثبتا للرجوع من غير اشتراط الضمان، وما لا فلا) إلا إذ اشرط الضمان.
ظهيرية.
وحينئذ (فلو أمر المديون رجلا بقضاء دينه رجع عليه) وإن لم يضمن لوجوبه عليه، لكن يخرج عن الاصل ما لو قال أنفق على بناء داري أو قال الاسير اشترني فإنه يرجع فيهما بلا شرط رجوع كفالة.
خانية.
مع أنه لا يطالب بهما لا بحبس ولا بملازمة، فتأمل (وإن استحق نصف الهبة رجع بنصف العوض، وعكسه لا ما لم يرد ما بقي) لانه يصلح عوضا اتبداء فكذا بقاء، لكنه يخير ليسلم العوض، ومراده العوض الغير الشروط أما المشروط فمبادلة كما سيجئ فيوزع البدل على المبدل.
نهاية (كما لو استحق كل العوض حيث يرجع في كلها إن كانت قائمة لا إن كانت هالكة) كما لو استحق العوض وقد ازدادت الهبة لم يرجع.
خلاصة (وإن استحق جميع الهبة كان له أن يرجع في جميع العوض إن كان قائما وبمثله إن) العوض (هالكا وهو مثلي وبقيمته إن قيميا) غاية (لو عوض النصف رجع بما لم يعوض) ولا يضر الشيوع لانه طارئ.
تنبيه نقل في المجتبى أنه يشترط في العوض أن يكون مشروطا في عقد الهبة، أما إذا(6/272)
عوضه بعده فلا ولم أر من صرح به غيره، وفروع المذهب مطلقة كما مر فتدبر (والخاء خروج الهبة عن ملك الموهوب له) ولو بهبة إلا إذا رجع الثاني فللاول الرجوع، سواء كان بقضاء أو رضا لما سيجئ أن الرجوع فسخ، حتى لو عادت بسبب جديد بأن تصدق بها الثالث على الثاني أو باعها منه لم يرجع الاول، ولو باع نصفه رجع في الباقي لعدم المانع، وقيد الخروج بقوله: (بالكلية) بأن يكون خروجا عن ملكه من كل وجه، ثم فرع عليه بقوله (فلو ضحى الموهوب له بالشاة الموهوبة أو نذر التصدق بها وصارت لحما لا يمنع الرجوع) ومثله المتعة والقران والنذر.
مجتبى.
وفي المنهاج: وإن وهب له ثوبا فجعله صدقة لله تعالى فله الرجوع للثاني (كما لو ذبحها من غير تضحية) فله الرجوع اتفاقا.
فرع: عبد عليه دين أو جناية خطأ فوهبه مولاه لغريمه أو لولي الجناية سقط الدين والجناية، ثم لو رجع صح استحسانا، ولا يعود الدين والجناية عند محمد ورواية عن الامام، كما(6/273)
لا يعود النكاح لو وهبها لزوجها ثم رجع.
خانية (والزاي الزوجية وقت الهبة، فلو وهب لامرأة ثم نكحها رجع ولو وهب لامرأته لا) كعكسه.
فرع: لا تصح هبة المولى لام ولده ولو في مرضه، ولا تنقلب وصية إذ لا يد للمحجور، أما لو أوصى لها بعد موته تصح لعتقها بموته فيسلم لها.
كافي (والقاف القرابة، فلو وهب لذي رحم محرم منه) نسبا (ولو ذميا أو مستأمنا لا يرجع) شمني (ولو وهب لمحرم بلا رحم كأخيه رضاعا) ولو ابن عمه (ولمحرم بالمصاهرة كأمهات النساء والربائب وأخيه وهو عبد لاجنبي أو لعبد أخيه رجع لو كانا) أي العبد ومولاه (ذا رحم محرم من الواهب فلا رجوع فيها اتفاقا على الاصح) لان الهبة لايهما وقعت تمنع الرجوع.
بحر.
فرع: وهب لاخيه وأجنبي ما لا يقسم فقبضاه له الرجوع في حظ الاجنبي لعدم المانع.
درر (والهاء هلاك العين الموهوبة ولو ادعاه) أي الهلاك (صدق بلا حلف) لانه ينكر الرد (فإن قال الواهب هي هذه) العين (حلف) المنكر (أنها ليست هذه) خلاصة (كما يحلف)
الواهب (أن الموهوب له ليس بأخيه إذا ادعى) الاخ (ذلك) لانه يدعي مسبب النسب لا النسب.
خانية (ولا يصح الرجوع إلا بتراضيهما(6/274)
أو بحكم الحاكم) للاختلاف فيه فيضمن بمنعه بعد القضاء لا قبله (وإذا رجع بأحدهما) بقضاء أو رضا (كان فسخا) لعقد الهبة (من الاصل وإعادة لملكه) القديم لا هبة للواهب (ف) لهذا (لا يشترط فيه قبض الواهب وصح) الرجوع (في الشائع) ولو كان هبة لما صح فيه (وللواهب رده على بائعه مطلقا) بقضاء أو رضا (بخلاف الرد بالعيب بعد القبض بغير قضاء) لان حق المشتري في وصف السلامة لا في الفسخ فافترقا، ثم مرادهم بالفسخ من الاصل أن لا يترتب على العقد أثر في المستقبل لا بطلان أثره أصلا، وإلا لعاد المنفصل إلى ملك الواهب برجوعه.
فصولين (اتفقا) الواهب والموهوب له (على) الرجوع في (موضع لا يصح) رجوعه من المواضع السبعة السابقة (كالهبة لقرابته جاز) هذه الانفاق منهما.
جوهرة.
وفي المجتبى: لا تجوز الاقالة في الهبة والصدقة في المحارم إلا بالقبض لانها هبة، ثم قال: وكل شئ يفسخه الحاكم إذا اختصما إليه فهذا حكمه، ولو وهب الدين لطفل المديون لم يجز لانه غير مقبوض، وفي الدرر قضى ببطلان الرجوع لمانع ثم زال المانع عاد الرجوع (تلفت) العين (الموهوبة واستحقها مستحق وضمن)(6/275)
المستحق (الموهوب له لم يرجع على الواهب بما ضمن) لانها عقد تبرع فلا يستحق فيه السلامة (والاعارة كالهبة) هنا لان قبض المستعير كان لنفسه، ولا غرور لعدم العقد، وتمامه في العمادية (وإذا وقعت الهبة بشرط العوض المعين فهي هبة ابتداء فيشترط التقابض في العوضين ويبطل) العوض (بالشيوع) فيما يقسم (بيع انتهاء فترد بالعيب وخيار الرؤية وتؤخذ بالشفعة) هذا إذا قال وهبتك على أن تعوضني كذا، أما لو قال وهبتك بكذا فهو بيع ابتداء وانتهاء، وقيد العوض بكونه معينا، لانه لو كان مجهولا بطل اشتراطه فيكون هبة ابتداء وانتهاء.
فرع: وهب الواقف أرضا شرط استبداله بلا شرط عوض لم يجز، وإن شرط كان كبيع.
ذكره الناصحي.
وفي المجمع: وأجاز محمد هبة مال طفله بشرط عوض مساو ومنعاه.
قلت: فيحتاج على قولهما إلى الفرق بين الوقف ومال الصغير انتهى، والله أعلم.
فصل في مسائل متفرقة (وهب أمة إلا حملها وعلى أن يردها عليه أو يعتقها أو يستولدها أو) وهب (دارا على أن يرد عليه شيئا منها) ولو معينا كثلث الدار أو ربعها (أو على أن يعوض في الهبة والصدقة شيئا عنها صحت) الهبة (وبطل الاستثناء) في الصورة الاولى (و) بطل (الشرط) في الصورة الباقية لانه بعض أو مجهول، والهبة لا تبطل بالشروط،(6/276)
ولا تنس ما مر من اشتراط معلومية العوص.
(أعتق حمل أمة ثم وهبها صح، ولو دبره ثم وهبها لم يصح) لبقاء الحمل على ملكه فكان مشغولا به، بخلاف الاول (كما لا يصح) تعليق الابراء عن الدين بشرط محض كقوله لمديونه إذ جاء غد أو إن مت بفتح التاء فأنت برئ من الدين أو إن مت من مرضك هذا أو إن مت من مرضي هذا فأنت في حل من مهري فهو باطل، لانه مخاطرة وتعليق (إلا بشرط كائن) ليكون تنجيزا كقوله لمديونه إن كان لي عليك دين أبرأتك عنه صح، وكذا إن مت بضم التاء فأنت برئ منه أو في حل جاز وكان وصية.
خانية (جاز العمرى) للمعمر له ولورثته بعده لبطلان الشرط (لا) تجوز (الرقبى) لانها تعليق بالخطر، وإذا لم تصح تكون عارية.
شمني.
لحديث أحمد وغيره(6/277)
من أعمر عمرى فهي لمعمره في حياته وموته، لا ترقبوا فمن أرقب شيئا فهو سبيل الميراث.
(بعث إلى امرأته متاعا) هدايا إليها (وبعثت له أيضا) هدايا عوضا للهبة صرحت بالعوض أو لا (ثم افترقا بعد الزفاف وادعى) الزوج (أنه عارية) لا هبة وحلف (فأراد الاسترداد وأرادت) هي (الاسترداد) أيضا (يسترد كل) منهما (ما أعطى) إذ لا هبة فلا عوض، ولو استهلك أحدهما ما بعثه الآخر ضمنه، لان من استهلك العارية ضمنها.
خانية (هبة الدين ممن عليه الدين وإبراؤه
عنه يتم من غير قبول) إذ لم يوجب انفساخ عقد صرف أو سلم، لكن يرتد بالرد في المجلس وغيره لما فيه من معنى الاسقاط، وقيل يتقيد بالمجلس.
كذا في العناية.
لكن في الصيرفية: لو لم يقبل ولم يرد حتى افترقا ثم بعد أيام رد لا يرتد في الصحيح، لكن في المجتبى: الاصح أن الهبة تمليك والابراء إسقاط (تمليك الدين ممن ليس عليه الدين باطل إلا قبضه) في ثلاث: حوالة وصية و(6/278)
(إذا سلطه) أي سلط المملك غير المديون (على...) أي الدين (فيصح) حينئذ، ومنه ما لو وهبت من ابنها ما على أبيه فالمعتمد الصحة للتسليط، ويتفرع على هذا الاصل لو قضى دين غيره على أن يكون له لم يجز لو كان وكيلا بالبيع.
فصولين (و) ليس منه ما (إذا أقر الدائن أن الدين لفلان وأن اسمه) في كتاب الدين (عارية) حيث (صح) إقراره لكونه إخبارا لا تمليكا فللمقر له قبضه.
بزازية.
وتمامه في الاشباه من أحكام الدين، وكذا لو قال الدين الذي لي على فلان لفلان.
بزازية وغيرهما.
قلت: وهو مشكل لانه مع الاضافة إلى نفسه يكون تمليكا، وتمليك الدين ممن ليس عليه باطل فتأمله.
وفي الاشباه في قاعدة تصرف الامام معزيا لصلح البزازية اصطلحا أن يكتب اسم أحدهما في الديوان فالعطاء لمن كتب اسمه الخ (والصدقة كالهبة) بجامع التبرع، وحينئذ (لا تصح غير مقبوضة ولا في مشاع يقسم ولا لاجوع فيها)(6/279)
ولو على غني، لان المقصود فيها الثواب لا العوض، ولو اختلفا فقال الواهب هبة والآخر صدقة فالقول للواهب.
خانية.
فروع: كتب قصة إلى السلطان يسأله تملي ك أرض محدودة فأمر السلطان بالتوقيع فكتب كاتبه جعلتها ملكا له هل يحتاج إلى القبول في المجلس؟ القياس نعم، لكن لما تعذر الوصول إليه أقيم السؤال بالقصة مقام حضوره.
أعطت زوجها مالا بسؤاله ليتوسع فظفر به بعض غرمائه: إن كانت وهبته أو أقرضته ليس
لها أن تسترد من الغريم، وإن اعطته ليتصرف فيه على ملكها فلها ذلك لا له.
دفع لابنه مالا ليتصرف فيه ففعل وكثر ذلك فمات الاب: إن أعطاه هبة فالكل له، وإلا فميراث.
وتمامه في جواهر الفتاوى.
بعث إليه بهدية في إناء، هل يباح أكلها فيه إن كان ثريدا ونحوه مما لو حوله إلى إناء آخر ذهبت لذته؟ يباح وإلا فإن كان بينهما انبساط يباح أيضا، وإلا فلا.
دعا قوما إلى طعام وفرقهم على أخونة ليس لاهل خوان مناولة أهل خوان آخر ولا إعطاء سائل وخادم وهرة لغير رب المنزل ولا كلب، ولو لرب المنزل، إلا أن يناوله الخبر المحترق(6/280)
للاذن عادة.
وتمامه في الجوهرة وفي الاشباه: لا جبر على الصلات إلا في أربع: شفعة، ونفقة زوجة، وعين موصى بها، ومال وقف.
وقد حررت أبيات الوهبانية على وقف ما في شرحها للشرنبلالي فقلت: وواهب دين ليس يرجع مطلقا * * وإبراء ذي نصف يصح المحرر على حجها أو تركه ظلمه لها * * إذا وهبت مهرا ولم يوف يخسر معلق تطليق بإبراء مهرها * * وإنكاح أخرى لو برد فيظفر وإن قبض الانسان مال مبيعه * * فأبرأ يؤخذ منه كالدين أظهر ومن دون أرض في البناء صحيحة * * وعندي فيه وقفة فيحرر قلت: وجه توقفي تصريحهم في كتاب الرهن بأن رهن البناء دون الارض وعكسه لا يصح لانه كالشائع فتأمله، وأشرت بأظهر لما في العمادية عن خواهر زاده أنه لا يرجع، واختاره(6/281)
بعض المشايخ فيظفر: أي بنكاح ضرتها لانه برده للايراء أبطله فلا حنث فليحفظ ا ه.(6/282)
كتاب الاجارة
قدم الهبة لكونها تمليك عين وهذه تمليك منفعة.
(هي) لغة: اسم للاجرة، وهو ما يستحق على عمل الخير ولذا يدعى به، يقال: أعظم الله أجرك، وشرعا: (تمليك نفع).
مقصود من العين (بعوض) حتى لو استأجر ثيابا(6/283)
أو أواني ليتجمل بها أو دابة ليجنبها بين يديه أو دارا لا ليسكنها أو عبدا أو دراهم أو غير ذلك لا ليستعمله بل ليظن الناس أنه له فالاجارة فاسدة في الكل، ولا أجر له لانها منفعة غير مقصودة من العين.
بزازية.
وسيجئ (وكل ما صلح ثمنا) أي بدلا في البيع (صلح أجرة) لانها ثمن المنفعة ولا ينعكس كليا، فلا يقال: ما لا يجوز ثمنا لا يجوز أجرة لجواز إجارة المنفعة بالمنفعة إذا اختلفا كما سيجئ.
(وتنعقد بأعرتك هذه الدار شهرا بكذا) لان العارية، بعوض إجارة، بخلاف العكس (أو وهبتك) أو أجرتك(6/284)
(منافعها) شهرا بكذا، أفاد أن ركنها الايجاب والقبول.
وشرطها: كون الاجرة والمنفعة معلومتين لان جهالتهما تفضي إلى المنازعة.
وحكمها: وقوع الملك في البدلين ساعة فساعة، وهل تنعقد بالتعاطي؟(6/285)
ظاهر الخلاصة: نعم إن علمت المدة.
وفي البزازية: إن قصرت نعم، وإلا لا (ويعلم النفع ببيان المدة كالسكنى والزراعة مدة كذا) أي مدة كانت وإن طالت، ولو مضافة كآجرتكها غدا، وللمؤجر بيعها اليوم، وتبطل الاجارة، به يفتى.
خانية (ولم تزد في الاوقاف على ثلاث سنين) في الضياع وعلى سنة في غيرها كما مر في بابه.
والحيلة أن يعقد عقودا(6/286)
متفرقة كل عقد سنة بكذا، فيلزم العقد الاول لانه ناجز، لا الباقي لانه مضاف، وللمتولي فسخه.
خانية.
وفيها: لو شرط الواقف مدة يتبع إلا إذا كانت إجارتها أكبر نفعا فيؤجرها القاضي لا المتولي لان ولايته عامة.
قلت: وقدمنا في الوقف أن الفتوى على إبطال الاجارة الطويلة ولو بعقود، وسيجئ متنا فليراجع وليحفظ (فلو آجرها المتولي أكثر لم تصح) الاجار وتفسخ في كل المدة، لان العقد إذا فسد في بعضه فسد في كله.
فتاوي قارئ الهداية.
ورجحه المصنف على ما في أنفع الوسائل.(6/287)
وأفاد فساد ما يقع كثيرا من أخذ كرم الوقف أو اليتيم مساقاة، فيستأجر أرضه الخالية من الاشجار بمبلغ كثير، ويساقي على أشجارها بسهم من ألف سهم، فالحظ ظاهر في الاجارة لا في المساقاة، فمفاده فساد المساقاة بالاولى لان كلا منهما عقد على حدة.(6/288)
قلت: وقيدوا سراية الفساد في باب البيع الفاسد بالفاسد القوي المجمع عليه فيسيري كجمع بين حر وعبد، بخلاف الضعيف فيقتصر على محله ولا يتعداه كجمع بين عبد ومدبر، فتدبر.
وجعلوه أيضا من الفساد الطارئ، فتنبه.
ومن حوادث الروم: وصي زيد باع ضيعة من تركته لدين على أنها ملكه ثم ظهر أن بعضها وقف مسجد هل يصح البيع في الباقي؟ أجاب فريق بنعم وفريق بلا، وألف بعضهم رسالة ملخصها ترجيح الاول، فتأمل.
وفي جواهر الفتاوى: آجر ضيعة وقفا ثلاث سنين وكتب في الصك أنه أجر ثلاثين عقدا كل عقد عقيب الآخر لا تصح الاجارة، وهو الصحيح وعلى الفتوى صيانة للاوقاف.
ثم قال: ولو قضى قاض بصحتها تجوز ويرتفع الخلاف اه.
قلت: وسيجئ أن المتولي والوصي لو آجر بدون أجرة يلزم المستأجر تمام أجر المثل وأنه(6/289)
يعمل بالانفع للوقف.
وفي صلح الخانية: متى فسد العقد في البعض بمفسد مقارن يفسد في الكل.
(و) يعلم النفع أيضا ببيان (العمل كالصياغة والصبغ والخياطة) بما يرفع الجهالة، فيشترط في استئجار الدابة للركوب بيان الوقت أو الموضع، فلو خلا عنهما فهي فاسدة.
بزازية.
(و) يعلم أيضا (بالاشارة كنقل هذا الطعام إلى كذا.
و) اعلم أن (الاجر لا يلزم بالعقد فلا يجب تسليمه) به (بل بتعجيله أو شرطه في الاجارة) المنجزة، أما المضافة فلا تملك فيها الاجرة(6/290)
بشرط التعجيل إجماعا.
وقيل: تجعل عقودا في كل الاحكام فيفي برواية تملكها بشرط التعجيل للحاجة.
شرح وهبانية للشرنبلالي (أو الاستيفاء) للمنفعة (أو تمكنه منه) إلا في ثلاث مذكورة في الاشباه.
ثم فرع على هذا بقوله (فيجب الاجر لدار قبضت ولم تسكن) لوجود تمكنه من الانتفاع، وهذا (إذا كانت الاجارة صحيحة، أما في الفاسدة فلا) يجب الاجر (إلا بحقيقة الانتفاع) كما بسط في(6/291)
العمادية، وظاهر ما في الاسعاف إخراج الوقف فتجب أجرته في الفاسد بالتمكن.
كذا في الاشباه.
قلت: وهل مال اليتيم والمعد للاستغلال والمستأجر في البيع وفاء على ما أفتى به علماء الروم كذلك؟ محل تردد فليراجع، وبقوله: (ويسقط الاجر بالغصب) أي بالحيلولة بين المستأجر والعين، لان حقيقة الغصب لا تجري في العقار.
وهل تنفسخ بالغصب؟ قال في الهداية: نعم(6/292)
خلافا لقاضيخان، ولو غصب في بعض المدة فبحسابه (إلا إذا أمكن إخراج الغاصب) من الدار مثلا (بشفاعة أو حماية) أشباه (ولو أنكر ذلك) أي الغصب (المؤجر) وادعاه المستأجر (ولا بينة له بحكم الحال) كمسألة الطاحونة، ولا يقبل قول الساكن لانه فرد.
ذخيرة.
وبقوله: (ولا يعتق قريب المؤجر لو كان أجرة) لانه لم يملكه بالعقد، والمراد من تمكنه من الاستيفاء تسليم المحل إلى
المستأجر بحيث لا مانع من الانتفاع (فلو سلمه) العين المؤجرة (بعد مضي بعض المدة) المؤجرة(6/293)
(فليس لاحدهما الامتناع) من التسليم والتسليم في باقي المدة (إذا لم يكن في مدة الاجارة وقت يرغب فيها لاجله، فإن كان فيها) أي في العين المؤجرة (وقت كذلك) كبيوت مكة ومنى وحوانيتهما زمن الموسم فإنه لا يرغب فيها بعد الموسم، فلو لم يسلم في الوقت الذي يرغب لاجله (خير في قبض الباقي) كما في البيع، كذا في البحر.
ولو سلمه المفتاح فلم يقدر على الفتح لضياعه، وإن أمكنه الفتح بلا كلفة وجب الاجر، وإلا لا.
أشباه.
قلت: وكذا لو عجز المستأجر عن الفتح بهذا المفتاح لم يكن تسليما، لان التخلية لم تصح.
صيرفية.
ولو اختلفا بحكم الحال، ولو برهنا فبينة المؤجر.
ذخيرة.
وكذا في البيع.
وقيل إن قال له اقبض المفتاح وافتح الباب فهو تسليم، وإلا لا كما بسطه المصنف (وللمؤجر طلب الاجر للدار والارض) كل يوم (وللدابة كل مرحلة) إذا أطلقه، ولو بين تعين وللخياطة (ونحوها) من الصنائع(6/294)
(إذا فرغ وسلمه) فهلكه قبل تسليمه يسقط الاجر، وكذا كل من لعمله أثر، وما لا أثر له كجمال له الاجر كما فرغ وإن لم يلم.
بحر (وإن) وصيلة (عمل في بيت المستأجر نعم لو سرق) بعد ما خاط بعضه أو انهدم ما بناه فله الاجر بحسابه على المذهب.
بحر وابن كمال (ثوب خاطه الخياط بأجر ففتقه رجل قبل أن يقبضه رب الثوب(6/295)
فلا أجر له) بل له تضمين الفاتق (ولا يجبر على الاعادة، وإن كان الخياط هو الفاتق فعليه الاعادة) كأنه لم يعمل، بخلاف فتق الاجنبي، وهل للخياط أجر التفصيل بلا خياطة؟ الاصح لا.
أشباه.
لكن حاشيتها معزيا للمضمرات، المفتى به نعم، وقال المصنف: ينبغي أن يحكم العرف اه.
ثم رأيت في التاترخانية معزيا للكبرى أن الفتوى على الاول، فتأمل (و) للخباز طلب الاجر (للخبز في بيت المستأجر بعد إخراجه من التنور) لان تمامه بذلك وبإخراج بعضه بحسابه.
جوهرة (فإن احترق بعده) أي بعد إخراجه بغير فعله (فله الاجر) لتسليمه بالوضع في بيته (ولا غرم) لعدم التعدي.
وقالا: يغرم مثل دقيقه ولا أجر، وإن شاء ضمن الخبز وأعطاه الاجر (ولو) احترق (قبله لا أجر له ويغرم) اتفاقا(6/296)
لتقصيره.
درر وبحر (وإن لم يكن الخبز فيه) أي في بيت المستأجر سواء كان في بيت الخباز أو لا (فاحترق) أو سرق (فلا أجر) له لعدم التسليم حقيقة (ولا ضمان) لو سرق لانه في يده أمانة خلافا لهما، وهي مسألة الاجير المشترك.
جوهرة.
(وإن) احترق الخبز أو سقط من يده (قبل الاخراج فعليه الضمان) ثم المالك بالخيار، فإن ضمنه قيمته مخبوزا فله الاجر (وإن ضمنه قيمته دقيقا فلا أجر) له للهلاك قبل التسليم، ولا يضمن الحطب والملح (وللطبخ بعد الغرف) إلا إذا كان لاهل بيته جوهرة.
والاصل في ذلك العرف (فإن أفسده) أي الطعام (الطباخ أو أحرقه أو لم ينضجه فهو ضامن) للطعام، ولو دخل بنار ليخبز أو ليطبخ بها فوقعت منه شرارة فاحترق البيت لم يضمن للاذن، ولا يضمن صاحب الدار لو احترق شئ من السكان لعدم التعدي.
جوهرة (ول) ضرب (اللبن بعد الاقامة) وقالا بعد تشريحه:(6/297)
أي جعل بعضه على بعض، وبقولهما يفتى.
ابن كمال معزيا للعيون.
وهذا إذا ضربه في بيت المستأجر، فلو في غير بيته فلا حتى يعده منصوبا عنده، ومشرجا عندهما.
زيلعي.
فروع: الملبن على اللبان، والتراب على المستأجر، وإدخال الحمل المنزل على الحمال لا صبه في الجوالق أو صعوده للغرفة إلا بشرط، وإيكاف دابة للحمل على المكاري، وكذا الحبال والجوالق، والحبر على الكاتب واشتراط الورق عليه يفسدها.
ظهيرية.
(ومن) كان (لعمله أثر في العين كالصباغ والقصار حبسها لاجل الاجر) وهل المراد بالاثر عين مملوكة للعامل كالنشاء والغرام أم مجرد ما يعاين ويرى؟ قولان أصحهما الثاني، فغاسل الثوب وكاسر الفستق والحطب والطحان والخياط والخفاف وحالق رأى العد لهم حبس العين
بالاجر على الاصح.
مجتبى.
وهذا (إذا كان حالا، أما إذا كان) الاجر (مؤجلا فلا) يملك حبسها كعمله في بيت المستأجر بتسليمه حكما وتضمن بالتعدي ولو في بيت المستأجر غاية (فإن حبس(6/298)
فضاع فلا أجر ولا ضمان) لعدم التعدي.
(ومن لا أثر لعمله كالحمال على ظهر) أو دابة (والملاح) وغاسل الثوب: أي لتطهيريه لا لتحسينه: مجتبى فليحفظ (لا يحبس) العين لور (فإن حبس ضمن ضمان الغصب) وسيجئ في بابه (وصاحبها بالخيار إن شاء ضمنه قيمتها) أي بدلها شرعا (محمولة وله الاجر، وإن شاء غير محمولة ولا أجر) جوهرة؟ وإذا شرط عمله بنفسه بأن يقول له اعمل بنفسك أو بيدك (لا يستعمل غيره إلا الظئر فلها استعمال غيرها) بشرط وغيره.
خلاصة (وإن أطلق كان له) أي للاجير أن يستأجر غيره، أفاد بالاستئجار أنه لو دفع لاجنبي ضمن الاول لا الثاني، وبه صرح في الخلاصة، وقيد بشرط العمل، لانه لو شرطه اليوم أو غدا فلم يفعل وطالبه مرارا ففرط حتى سرق لا يضمن.(6/299)
وأجاب شمس الائمة بالضمان.
كذا في الخلاصة (وقوله على أن تعمل إطلاق) لا تقييد مستصفى، فله أن يستأجر غيره.
(استأجره ليأتي بعياله فمات بعضهم فجاء بمن بقي فله أجره بحسابه) لانه أوفى بعض المعقود عليه، وقيد بقوله (لو كانوا) أي عياله (معلومين) أي للعاقدين ليكون الاجر مقابلا بجملتهم (وإلا) يكونوا معلومين (فكله) أي له كل الاجر.
ونقل ابن الكمال: إن كانت المؤنة تقل بنقصان عددهم فبحسابه، وإلا فكله(6/300)
.
(استأجر رجلا لايصال قط) أي كتاب (أو زاد إلى زيد، إن رده) أي المكتوب أو الزاد (لموته) أي (أو غيبته لا شئ له) لانه نقضه بعوده كالخياط إذا خاط ثم فتق.
وفي الخانية:
استأجر ليذهب لموضع كذا ويدعو فلانا بأجر مسمى فذهب للموضع فلم يجد فلانا وجب الاجر (فإذا دفع القط إلى ورثته) في صورة الموت (أو من يسلم إليه إذا حضر) في صورة غيبته (وجب الاجر بالذهاب) وهو نصف الاجر المسمى: كذا في الدرر والغرر، وتبعه المصنف، ولكن تعقبه المحشون وعولوا على لزوم كل الاجر، لكن في القهستاني عن النهاية أنه إن شرط المجئ بالجواب فنصفه، وإلا فكله فليكن التوفيق (وإن وجده لم يوصله إليه لم يجب له شئ) لانتفاء المعقود عليه وهو الايصال، واختلف فيما لو مزقه.(6/301)
(متولي أرض الوقف آجرها بغير أجر المثل يلزم مستأجرها) أي مستأجر أرض الوقف لا المتولي كما غلط فيه بعضهم (تمام أجر المثل) على المفتى به كما في البحر عن التلخيص وغيره، وكذا حكم وصي وأب كما في مجمع الفتاوى (يفتى بالضمان في غصب عقار الوقف وغصب منافعه، وكذا يفتى بكل ما هو أنفع للوقف) فيما اختلف فيه العلماء حتى نقضوا الاجارة عند الزيادة الفاحشة نظرا للوقف وصيانة لحق الله تعالى، حاوي القدسي.
(مات الآجر وعليه ديون) حتى فسخ العقد بعد تعجيل البدل (فالمستأجر) لو العين في يده ولو بعقد فاسد.
أشباه (أحق بالمستأجر من غرمائه) حتى يستوفي الاجرة المعجلة (إلا أنه لا يسقط الدين بهلاكه) أي بهلاك هذا المستأجر لانه ليس برهن من كل وجه (بخلاف الرهن) فإنه مضمون(6/302)
بأقل من قيمته ومن الدين، كما سيجئ في بابه.
مجمع الفتاوى.
فروع: الزيادة في الاجرة من المستأجر تصح في المدة وبعدها وأما لا زيادة على المستأجر فإن في الملك ولو ليتيم لم تقبل كما لو رخصت، وإن في الوقف فإن الاجارة فاسدة آجرها الناظر بلا عرض على الاول، لكن الاصل صحتها بأجر المثل، ولو ادعى رجل أنها بغبن فاحش:(6/303)
فإن أخبر القاضي ذو خبرة أنها كذلك فسخها وتقبل الزيادة وإن شهدوا وقت العقد أنها بأجر المثل، وإلا فإن كانت إضرارا وتعنتا لم تقبل، وإن كانت الزيادة أجر المثل فالمختار قبولها(6/304)
فيفسخها المتولي، فإن امتنع فالقاضي ثم يؤجرها ممن زاد: فإن كانت دارا أو حانوتا أو أرضا فارغة عرضها على المستأجر، فإن قبلها فهو أحق ولزمه الزيادة من وقت قبولها فقط، وإن أنكر زيادة أجر المثل وادعى أنها إضرار فلا بد من البرهان عليه، وإن لم يقبلها آجرها المتولي، وإن كانت مزروعة لم تصح إجارتها لغير صاحب الزرع لكن تضم عليه الزيادة(6/305)
من وقتها، وإن كان بنى أو غرس: فإن كان استأجره مشاهرة فإنها تؤجر لغيره إذا فرغ الشهر إن لم يقبلها لانعقادها عند رأس كل شهر، والبناء يتملكه الناظر بقيمته مستحق القلع للوقف أو يصير حتى يتخلص بناؤه، وإن كانت المدة باقية لم تؤجر لغيره وإنما تضم عليه الزيادة كالزيادة وبها زرع.
وأما إذا زاد أجر المثل في نفسه من غير أن يزيد أحد فللمتولي فسخها، وعليه الفتوى، وما لم تفسخ كان على المستأجر المسمى.
أشباه معزيا للصغرى.
قلت: وظاهر قوله البناء يتملكه الناظر إلخ أنه يتملكه لجهة الوقف قهرا على صاحبه، وهذا لو الارض تنقص بالقلع وإلا شرط رضاه كما في عامة الشروح منها البحر والمنح.
وإن صح فيعول عليها لانها الموضوع لنقل المذهب، بخلاف نقول الفتاوى.(6/306)
وفي فتاوى مؤيد زاده معزيا للفصولين: حانوت وقف بنى فيه ساكنة بلا إذن موليه: إن لم يضر رفعه رفعه، وإن ضر فهو المضيع ماله فليتربص إلى أن يتخلص ماله من تحت البناء ثم يأخذه، ولا يكون بناؤه مانعا من صحة الاجارة لغيره، إذ لا يد له على ذلك البناء حيث لا يملك رفعه، ولو اصطلحوا أن يجعلوا ذلك للوقف بثمن لا يجاوز أقل القيمتين منزوعا ومبنيا فيه صح، ولو لحق الآجر دين رفع الامر إلى القاضي ليفسخ العقد، وليس للآجر أن يفسخ بنفسه، وعليه الفتوى.
وتجوز بمثل الاجرة أو بأكثر أو بأقل مما يتغابن فيه الناس لا بما يتغابن وتكون فاسدة، فيؤجره إجارة صحيحة، إما من الاول أو من غيره بأجر المثل أو بزيادة بقدر ما يرضى به المستأجر اه.
وفي فتاوى الحانوتي: بينة الاثبات مقدمة، وهي التي شهدت بأن الاجرة أولا أجرة المثل وقد اتصل بها القضاء فلا تنقض.
قال: وبه أجاب بقية المذاهب، فليحفظ.(6/308)
باب ما يجوز من الاجارة وما يكون خلافا فيها أي في الاجارة (تصح إجارة حانوت) أي دكان (ودار بلا بيان ما يعمل فيها) لصرفه للمتعارف (و) بلا بيان (من يسكنها) فله أن يسكنها غيره بإجارة وغيرها كما سيجئ (وله أن يعمل فيهما) أي الحانوت والدار (كل ما أراد) فيتد ويربط دوابه ويكسر حطبه ويستنجي بجداره ويتخذ بالوعة إن لم تضر ويطحن برحى اليد وإن به ضر، به يفتى.
قنية (غير أنه لا يسكن)(6/309)
بالبناء للفاعل أو المفعول (حدادا أو قصارا أو طحانا من غير رضا المالك أو اشتراطه) ذلك (في) عقد (الاجارة) لانه يوهن البناء فيتوقف على الرضا.
(وإن اختلفا في الاشتراط فالقول للمؤجر) كما لو أنكر أصل العقد (وإن أقاما البينة فالبينة بينة المستأجر) لاثباتها الزيادة.
خلاصة.
وفيها استأجر للقصارة فله الحدادة إن اتحد ضررهما، ولو فعل ما ليس له لزمه الاجر، وإن انهدم به البناء ولا أجر لانهما لا يجتمعان.
(وله السكنى بنفسه وإسكان غيره بإجارة وغيرها) وكذا كل ما لا يختلف بالمستعمل يبطل التقييد لانه غير مفيد، بخلاف ما يختلف به كما سيجئ، ولو آجر بأكثر تصدق بالفضل إلا في مسألتين: إذا آجرها بخلاف الجنس أو أصلح فيها شيئا، ولو آجرها من المؤجر لا تصح وتنفسخ(6/310)
الاجارة في الاصح.
بحر معزيا للجوهري، وسيجئ تصحيح خلافه، فتنبه.
(و) تصح إجارة (أرض للزراعة مع بيان ما يزرع فيها، أو قال على أن أزرع فيها ما أشاء) كي لا تقع المنازعة، وإلا فهي فاسدة للجهالة وتنقلب صحيحة بزرعها ويجب المسى.
وللمستأجر الشرب والطريق، ويزرع زرعين: ربيعا، وخريفا، ولو لم يمكنه الزراعة للحال لاحتياجها لسقي أو كرى: إن أمكنه الزراعة في مدة العقد جاز، وإلا لا.
وتمامه في القنية.
(آجرها وهي مشغولة بزرع غيره، إن كان الزرع بحق لا تجوز) الاجارة، لكن لو حصده وسلمها انقلبت جائزة (ما لم يستحصد الزرع) فيجوز ويؤمر بالحصاد والتسليم، به يفتى.
بزازية (إلا أن يؤاجرها مضافة) إلى المستقبل فتصح مطلقا (وإن) كان الزرع (بغير حق صحت) لامكان التسليم بجبره على قلعه أدرك أو لا.
فتاوى قارئ الهداية.(6/311)
وفي الوهبانية: تصح إجارة الدار المشغولة: يعني ويؤمر بالتفريغ، وابتداء المدة من حين تسليمها.
وفي الاشباه: استأجر مشغولا وفارغا صح في الفارغ فقط، وسيجئ في المفترقات.
(و) تصح إجارة أرض (للبناء والغرس) وسائر الانتفاعات كطبخ آجر وخزف ومقيلا ومراحا حتى تلزم الاجرة بالتسليم أمكن زراعتها أم لا.
بحر (فإن مضت المدة قلعهما وسلمها فارغة) لعدم نهايتهما (إلا أن يغرم له المؤجر قيمته) أي البناء والغرس (مقلوعا) بأن تقوم الارض بهما وبدونهما فيضمن ما بينهما.
اختيار (ويتملكه) بالنصب عطفا على يغرم لان فيه نظرا لهما.
قال في البحر: وهذا الاستثناء من لزوم القلع على المستأجر، فأفاد أنه لا يلزمه القلع لو رضي المؤجر بدفع القيمة، لكن إن كانت تنقص بتملكها جبرا على المستأجر وإلا فبرضاه (أو يرضى) المؤجر عطفا على يغرم (بتركه) أي البناء والغرس (فيكون البناء والغرس لهذا والارض لهذا) وهذا الترك إن بأجر فإجارة وإلا فإعارة، فلهما أن يؤاجراهما لثالث ويقتسما الاجر على قيمة(6/312)
الارض بلا بناء وعلى قيمة البناء بلا أرض، فيأخذ كل حصته.
مجتبى.
وفي وقف القنية: بنى في الدار المسبلة بلا إذن القيم ونزع البناء يضر بالوقف يجبر القيم
على دفع قيمته للباني إلخ.
(ولو استأجر أرض وقف وغرس فيها) وبنى (ثم مضت مدة الاجارة فللمستأجر استيفاؤها بأجر المثل إذا لم يكن في ذلك ضرر) بالوقف (ولو أبى الموقوف عليهم إلا القلع ليس لهم ذلك) كذا في القنية.
قال في البحر: وبهذا تعلم(6/313)
مسألة الارض المتكرة وهي منقولة أيضا في أوقاف الخصاف.(6/314)
(والرطبة) لعدم نهايتها (كالشجر) فتقلع بعد مضي المدة، ثم المراد بالرطبة ما يبقى أصله في الارض أبدا، وإنما يقطف ورقه ويباع أو زهره.
وأما إذا كان له نهاية معلومة كما في الفجل والجزر والباذنجان فينبغي أن يكون كالزرع يترك بأجر المثل إلى نهايته، كذا حرره المصنف في حواشي الكنز، وقواه بما في معاملة الخانية، فليحفظ.
قلت: بقي له نهاية معلومة لكنها بعيدة طويلة كالقصب فيكون كالشجر كما في فتاوى ابن الجلبي، فليحفظ (والزرع يترك بأجر المثل إلى إدراكه) رعاية للجانبيين، لان له نهاية كما مر(6/315)
(بخلاف موت أحدهما قبل إدراكه فإنه يترك بالمسمى) على حاله (إلى الحصاد) وإن انفسخت الاجارة، لان إبقاءه على ما كان أولى ما دامت المدة باقية، أما بعدها فبأجر المثل (ويلحق بالمستأجر المستعير) فيترك إلى إدراكه بأجر المثل (وأما الغاصب فيؤمر بالقلع مطلقا) لظلمه، ثم المراد بقولهم يترك الزرع بأجر: أي بقضاء أو بعقدهما حتى لا يجب الاجر إلا بأحدهما كما في القنية فليحفظ.
بحر.
(و) تصح (إجارة الدابة للركوب والحمل والثوب للبس لا) تصح إجارة الدابة (ليجنبها) أي ليجعلها جنيبة بين يديه (ولا يركبها ولا) تصح إجارتها أيضا (ل) أجل أن (يربطها على باب داره ليراها الناس) فيقولوا له فرس (أو) لاجل أن (يزين بيته) أو حانوته (بالثوب) لما قدمناه أن
هذه منفعة غير مقصودة من العين، وإذا فسدت فلا أجر، وكذا لو استأجر بيتا ليصلي فيه أو طيبا(6/316)
ليشمه أو كتابا ولو شعرا ليقرأه أو مصحفا.
شر وهبانية (وإن لم يقيدها براكب ولابس أركب وألبس من شاء) وتعين أول راكب ولابس، وإن لم يبين من يركبها فسدت للجهالة وتنقلب صحيحة بركوبها (وإن قيد براكب أو لابس فخالف ضمن إذا عطبت ولا أجر عليه وإن سلم) بخلاف حانوت أقعد فيه حدادا مثلا حيث يجب الاجر إذا سلم، لانه لما سلم علم أنه لم يخالف، وأنه مما لا يوهن الدار في كما في الغاية، لانه مع الضمان ممتنع (ومثله) في الحكم (كل ما يختلف بالمستعمل) كالفسطاط (وفيما لا يختلف فيه بطل تقييده به، كما لو شرط سكنى واحد(6/317)
له أن يسكن غيره) لما مر أن التقييد غير مفيد (وإن سمى نوعا أو قدرا ككر بر له حمل مثله وأخف لا أضر كالملح) والاصل أن من استحق منفعة مقدرة بالعقد فاستوفاها أو مثلها أو دونها جاز، ولو أكثر لم يجز، ومنه تحميل وزن البر قطنا لا شعيرا في الاصح.
(ولو أردف من يستمسك بنفسه وعطبت الداب(6/318)
يضمن النصف) ولا اعتبار للثقل لان الآدمي غير موزون، وهذا (إن كانت) الدابة (تطيق حمل الاثنين وإلا فالكل) بكل حال (كما لو حمله) الراكب (على عاتقه) فإنه يضمن الكل (وإن كانت تطيق حملهما) لكونه في مكان واحد (وإن كان) الرديف (صغيرا لا يستمسك يضمن بقدر ثقله) كحمله شيئا آخر ولو من ملك صاحبها كولد الناقة لعدم الاذن، وليس المراد أن الرجل يوزن بل أن يسأل أهل الخبرة كم يزيد، ولو ركب على موضع الحمل ضمن الكل لما مر، وكذا لو لبس ثيابا كثيرة، ولو ما يلبسه الناس ضمن بقدر ما زاد.
مجتبى.
(وإذا هلكت بعد بلوغ المقصد وجب جميع الاجر) لركوبه بنفسه (مع التضمين) أي لنصف القيمة لركوب غيره، ثم إن ضمن الراكب لا يرجع، وإن ضمن الرديف رجع لو مستأجرا من
المستأجر وإلا لا، قيد بكونها عطبت لانها لو سلمت لزم المسمى فقط وبكونه أردفه، لانه لو(6/319)
أقعده في السرج صار غاضبا فلا أجر عليه.
بحر عن الغابة لكن في السراج عن المشكل ما يخالفه، فليتأمل عند الفتوى.
وكيف في الاشباه وغيرها أن الاجر والضمان لا يجتمعان.
(وإذا استأجرها ليحمل عليها مقدارا فحمل عليها أكثر منه فعطبت ضمن ما زاد الثقل) وهذا إذا حملها المستأجر (فإن حملها صاحبها) بيده (وحده فلا ضمان على المستأجر) لانه هو المباشر.
عمادية (وإن حملا) الحمل (معا) ووضعاه عليها (وجب النصف على المستأجر) بفعله وهدر فعل ربها.
مجتبى.
(ولو) كان البر مثلا في جولقين ف (حمل في كل واحد) منهما (جولقا) أي وعاء كعدل مثلا(6/320)
(وحده) ووضعاه عليها معا أو متعاقبا (لا ضمان على المستأجر) ويجعل حمل المستأجر ما كان مستحقا بالعقد غاية، ومفاده أنه لا ضمان على المستأجر سواء تقدم أو تأخر وهو الوجه، ومن ثم عولنا عليه على خلاف ما في الخلاصة.
كذا في شرح المصنف.
قلت: وما في الخلاصة هو ما يوجد في بعض نسخ المتن من قوله (وكذا لا ضمان لو حمل المستأجر أولا ثم رب الدابة، وإن حملها ربها أولا ثم المستأجر ضمن نصف القيمة) تنتهى فتنبه (وهذا) أي ما مر من الحكم (إذا كانت الدابة) المستأجرة (تطيق مثله، أما إذا كانت لا تطيق فجميع القيمة لازم) على المستأجر زيلعي (ويجب عليه كل الاجر) للحمل، والضمان للزيادة غاية، وأفاد بالزيادة أنها من جنس المسى، فلو من غيره ضمن الكل، كما لو حمل المسى وحده ثم حمل عليها الزيادة وحذها.
بحر.
قال: ولم يتعرضوا للاجر إذا سلمت لظهور وجوب المسمى فقط وإن حمله المستأجر، لان منافع الغصب لا تضمن عندنا، ومن علم حكم المكاري في طريق مكة.(6/321)
(وضمن بضربها وكبحها) بلجامها لتقييد الاذن بالسلام، حتى لو هلك الصغير بضرب الاب أو الوصي للتأديب ضمن لوقوعه بزجر تعريك.
وقالا: لا يضمنان بالمتعارف وفي الغاية عن التتمة: الاصح رجوع الامام لقولهما (لا) يضمن (بسوقها) اتفاقا.
وظاهر الهداية أن للمستأجر الضرب للاذن العرفي، وأما ضربه دابة نفسه فقال في القنية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: لا يضربها أصلا، ويخاصم فيما زاد على التأديب (و) ضمن (بنزع السرج و)(6/322)
وضع (الايكاف) سواء وكف بمله أو لا (وبالاسراج بما لا يسرج) هذا الحمار (بمثله جميع قيمته) ولو بمثله أو أسرجها مكان الايكاف لا يضمن، إلا إذا زاد وزنا فيضمن بحسابه.
ابن كمال.
(كما) يضمن (لو استأجرها بغير لجام فألجمها بلجام لا يلجم مثله) وكذا لو أبدله لان الحمار لا يختلف باللجام وغيره.
غاية (أو سلك طريقا غير ما عينه المالك تفاوتا) بعدا أو وعرا أو خوفا بحيث لا يسلكه الناس.
ابن كمال(6/323)
(أو حمله في البحر إذا قيد بالبر مطلقا) سلكه الناس أو لا لخطر البحر.
فلو لم يقيد بالبر لا ضمان (وإن بلغ) المنزل (فله الاجر) لحصول المقصود.
(وضمن بزرع رطبة وأمر بالبر) ما نقص من الارض، لان الرطبة أضر من البر (ولا أجر) لانه غاصب إلا فيما استثنى كما سيجئ، قيد بزرع الاضر لانه بالاقل ضررا لا يضمن ويجب الاجر (و) ضمن (بخياطة قباء) و (أمز بقميص قيمة ثوبه، وله) أي لصاحب الثوب (أخذ القباء ودفع أجر مثله) لا يجاوز المسمى كما هو حكم الاجارة الفاسدة (وكذا إذا خاطه سراويل) وقد أمر بالقباء، فإن الحكم كذلك (في الاصح) فتقييد الدرر بالقباء اتفاقي (و) ضمن (بصبغه أصفر وقد أمر بأحمر قيمة ثوب، أبيض، وإن شاء) المالك (أخذه وأعطاه ما زاد الصبغ فيه ولا أجر له، ولو صبغ رديئا إن لم يكن الصبع فاحشا لا يضمن) الصباغ (وإن) كان (فاحشا)(6/324)
عند أهل فنه (يضمن) قيمة ثوب أبيض.
خلاصة.
فروع: قال للخياط: اقطع طوله وعرضه وكمه كذا فجاء ناقصا، إن قدر أصبع ونحوه عفو، وإن كثر ضمنه.
قال: إن كفاني قميصا فاقطعه بدرهم وخطه فقطعه ثم قال: لا يكفيك ضمنه، ولو قال: أيكفيني قميصا؟ فقال: نعم، فقال: اقطعه فقطعه ثم قال: لا يكفيك ولا يضمن.
نزل الجمال في مفازة ولم يرتحل حتى فسد المال بسرقة أو مطر ضمن لو السرقة والمطر غالبا.
خلاصة.
وفي الاشباه: استعان برجل في السوق ليبيع متاعه فطلب منه أجرا فالعبرة لعادتهم، وكذا لو أدخل رجلا في حانوته ليعمل له.
وفي الدرر: دفع غلامه أو ابنه لحائك مدة كذا ليعلمه النسج وشرط عليه كل شهر كذا جاز، ولو لم يشترط فبعد التعليم طلب كل من المعلم والمولى أجرا من الآخر اعتبر عرف البلدة في ذلك العمل.
وفيها: استأجر دابة إلى موضع فجاوز بها إلى آخر ثم عاد إلى الاول فعطبت ضمن مطلقا في الاصح كما في العارية وهو قولهما، وإليه رجع الامام كما في مجمع الفتاوى.
وفيه: خور المكاري فرجع وأعاد الحمل لمحله الاول لا أجر له، وينبغي أن يجبر على الاعادة.(6/325)
وفيه: دفع إبريسما إلى صباغ ليصبغه بكذا ثم قال: لا تصبغه ورده علي فلم يرده ثم هلك لا ضمان.
وفيه: سئل ظهير الدين عمن استأجر رجلا ليعمر له في الضيعة فلما خرج نزل المطر فامتنع بسببه هل له الاجر؟ قال: لا.
استأجر دابة ليحملها كذا فمرضت فحملها دونه هل للمستكري الرجوع بحصته؟ قال: لا، لانه رضي بذلك.
استأجر رحى فمنعه الجيران عن الطحن لتوهين البناء وحكم القاضي بمنعه هل تسقط حصته مدة المنع؟ قال: لا ما لم يمنع حسا من الطحن.
استأجر حماما سنة فغرق مدة هل يجب كل الاجر؟ قال: إنما يجب بقدر ما كان منتفعا به.
وفي الوهبانية: ويسقط في وقت العمارة مثل ما * * لو انهد بعض الدار فالهدم يحزر وخالف في قدر العمارة آمر * يقدم فيها قوله لا المعمر(6/326)
قلت: ومفاده رجوع المستأجر بما ثبت على المؤجر بمجرد الامر: يعني إلا في تنور وبالوعة فلا بد من شرط الرجوع عليه، ولو خربت الدار سقط كل الاجر، ولا تنفسخ به ما لم يفسخها المستأجر بحضرة المؤجر هو الاصح وإذا بنيت لا خيار له، وفي سكنى عرصتها لا يجب الاجر.
قاله ابن الشحنة.
قلت: وفي نفيه نظر، ولعله أريد المسى، أما أجرة المثل أو حصة العرصة فلا مانع من لزومها فتأمله، وسيجئ في فسخها ما يفيده فتنبه، والله تعالى أعلم.(6/327)
استأجر حماما وشرط حط أجرة شهرين للعطلة، فإن شرط حطه قدر العطلة صح.
بزازية.
أجرة السجن والسجان في زماننا يجب أن تكون على رب الدين.
خزانة الفتاوى.
انقضت مدة الاجارة ورب الدار غائب فسكن المستأجر بعد ذلك سنة لا يلزمه الكراء لهذه السنة، لانه لم يسكنها على وجه الاجارة، وكذلك لو انقضت المدة والمستأجر غائب والدار في يد امرأته، لان المرأة لم تسكنها بأجرة.
آجر داره كل شهر بكذا الفسخ عند تمام الشهر، فلو غاب المستأجر قبل تمام الشهر وترك زوجته ومتاعه فيها لم يكن للآجر الفسخ مع المرأة لانها ليست بخصم، والحيلة إجارتها لآخر قبل تمام الشهر، فإذا تم تنفسخ الاولى فتنفذ الثانية فتخرج منها المرأة وتسلم الثاني.
خانية اه.
باب الاجارة الفاسدة (الفاسد) من العقود (ما كان مشروعا بأصله دون وصفه، والباطل ما ليس مشروعا أصلا)(6/328)
لا بأصله ولا بوصفه (وحكم الاول) وهو الفاسد (وجوب أجر المثل بالاستعمال) لو المسى معلوما.
ابن كمال (بخلاف الثاني) وهو الباطل فإنه لا أجر فيه الاستعمال.
حقائق (ولا تملك المنافع بالاجارة الفاسدة بالقبض بخلاف البيع الفاسد) فإن البيع يملك فيه بالقبض، بخلاف فاسد الاجارة، حتى لو قبضها المستأجر ليس له أن يؤجرها، ولو آجرها وجب أجر المثل ولا يكون غاصبا، وللاول نقض الثانية.
بحر معزيا للخلاصة.
وفي الاشباه: المستأجر فاسد لو آجر(6/329)
صحيحا جاز وسيجئ (تفسد الاجارة بالشروط المخالفة لمقتضى العقد فكلما أفسد البيع) مما مر (يفسدها) كجهالة مأجور أو أجرة أو مدة أو عمل، وكشرط طعام عبد وعلف دابة ومرمة الدار أو مغارمها وعشر أو خراج أو مؤنة رد.
أشباه (و) تفسد أيضا (بالشيوع) بأن يؤجر نصيبا من(6/330)
داره أو نصيبه من دار مشتركة من غير شريكه أو من أحد شريكيه.
أنفع الوسائل وعمادة من الفصل الثلاثين.
واحترز بالاصلي عن الطارئ فلا يفسد على الظاهر.
كأن آجر الكل ثم فسخ في البعض آو آجرا لواحد فمات أحدهما أو بالعكس وهو الحيلة في إجارة المشاع، كما لو قضى بجوازه (إلا إذا آجر) كل نصيبه أو بعضه (من شريكه) فيجوز، وجوزاه بكل حال، وعليه الفتوى.
زيلعي وبحر معزيا للمغني.
لكن رده العلامة قاسم في تصحيحه بأن ما في المغني شاذ مجهول القائل فلا يعول عليه.
قلت: وفي البدائع: لو آجر مشاعا يحتمل القسمة فقسمه وسلم جاز لزوال المانع، ولو أبطلها الحاكم ثم قسم وسلم لم يجز، ويفتى بجوازه لو البناء لرجل والعرصة لآخر فصولين من الفصل الحادي والعشرين: يعني الوسط منه (و) تفسد (بجهالة المسمى) كله أو بعضه كتسمية(6/331)
ثوب أو دابة أو مائة درهم على أن يرمها المستأجر لصيرورة المرمة من الاجرة فيصير الاجر مجهولا (و) تفسد (بعدم التسمية) أصلا أو بتسمية خمر أو خنزير (فإن فسدت بالاخيرين) بجهالة المسى وعدم التسمية (وجب أجر المثل) يعني الوسط منه، ولا ينقص عن المسمى لا بالتمكين بل (باستيفاء المنفعة) حقيقة كما مر (بالغا ما بلغ) لعدم ما يرجع إليه ولا ينقص عن المسمى (وإلا) تفسد بهما بل بالشروط أو الشيوع مع العلم بالمسى.
(لم يزد) أجر (على المسمى) لرضاهما به (وينقص عنه) لفساد التسمية.
واستثنى الزيلعي ما لو استأجر دارا على أن لا يسكنها فسدت، ويجب إن سكنها أجر المثل بالغا ما بلغ،(6/332)
وحمله في البحر على ما إذا جهل المسمى، لكن أرجعه قاضيخان في شرح الجامع إلى جهالة المسمى فافهم، وعلى كل فلا استثناء فتنبه.
قلت: وينبغي استثناء الوقف لان الواجب فيه أجر المثل بالغا ما بلغ، فتأمل (فإن آجر داره) تفريع على جهالة المسمى (بعبد مجهول فسكن مدة ولم يدفعه فعليه للمدة أجر المثل بالغا ما(6/333)
بلغ، وتفسخ في الباقي) من المدة (آجر حانوتا كل شهر بكذا صح في واحد فقط) وفسد في الباقي لجهالتها، والاصل أنه متى دخل كل فيما لا يعرف منتهاه تعين أدناه، وإذا مضى الشهر فلكل فسخها بشرط حضور الآخر لانتهاء العقد الصحيح (وفي كل شهر سكن في أوله) هو الليلة الاولى ويومها عرفا، وبه يفتى (صح العقد فيه) أيضا، وليس للمؤجر إخراجه حتى ينقضي إلا بعذر، كما لو عجل أجرة شهرين فأكثر لكونه كالمسمى.
زيلعي (إلا أن يسمي الكل) أي جملة شهور معلومة فيصح لزوال المانع (وإذا آجرها سنة بكذا صح وإن لم يسم أجر كل شهر)(6/334)
وتقسم سوية (وأول المدة ما سمي) إن سمى (وإلا فوقت العقد) هو أولها (فإن كان) العقد (حين يهل) بضم ففتح: أي يبصر الهلال، والمراد اليوم الاول من الشهر.
شمني (اعتبر الاهلة وإلا فالايام) كل شهر ثلاثون.
وقالا: يتم الاول بالايام والباقي بالاهلة (استأجر عبدا بأجر
معلوم وبطعامه لم يجز) لجهالة بعض الاجر كما مر.
وجاز (إجارة الحمام) لانه عليه الصلاة والسلام دخل حمام الجحفة وللعرف.
وقال عليه الصلاة والسلام: ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن.
قلت: والمعروف وقفه على ابن مسعود كما ذكره ابن حجر (و) جاز (بناؤه للرجال(6/335)
والنساء) هو الصحيح للحاجة، بل حاجتهن أكثر لكثرة أسباب اغتسالهن، وكراهة عثمان محمول على ما فيه كشف عورة.
زيلعي.
وفي إحكامات الاشباه: ويكره لها دخول الحمام في قول، وقيل: إلا لمريضة أو نفساء، والمعتمد أن لا كراهة مطلقا.
قلت: وفي زماننا لا شك في الكراهة لتحقق كشف العورة وقد مر في النفقة (والحجام) لانه عليه الصلاة والسلام احتجم وأعطى الحجام أجرته وحديث النهي عن كسبه منسوخ (والظئر) بكسر فهمز: المرضعة (بأجر معين)(6/336)
لتعامل الناس، بخلاف بقية الحيوانات لعدم التعارف (و) كذا (بطعامها وكسوتها) ولها الوسط، وهذا عند الامام لجريان العادة بالتوسعة على الظئر شفقة على الولد (وللزوج أن يطأها) خلافا لمالك (لا في بيت المستأجر) لانه ملكه فلا يدخله (إلا بإذنه، و) والزوج (له في نكاح ظاهر) أي معلوم بغير الاقرار (فسخها مطلقا) شأنه إجارتها أولا في الاصح (ولو غير ظاهر) بأن علم بإقرارهما (لا) يفسخها، لان قولهما لا يقبل في حق المستأجر (وللمستأجر فسخها بحبلها ومرضها وفجورها) فجورا بينا ونحو ذلك من الاعذار (لا بكفرها) لانه لا يضر بالصبي، ولو مات الصبي أو الظئر انتقضت الاجارة ولو مات أبوه لا، وعليها غسل الصبي(6/337)
وثيابه وإصلاح طعامه ودهنه بفتح الدال: أي طليه بالدهن للعرف وهو معتبر فيما لا نص فيه، ولا يلزمها ثمن شئ من ذلك، وما ذكره محمد من أن الدهن والريحان عليها فعادة أهل الكوفة
(وهو) أي ثمنه وأجرة عملها (على أبيه) إن لم يكن للصغير مال، وإلا ففي ماله لانه كالنفقة (فإن أرضعته بلبن شاة أو غذته بطعام ومضت المدة لا أجر لها) لان الصحيح أن المعقود عليه هو الارضاع والتربية لا اللبن والتغذية.
عناية (بخلاف ما لو دفعته إلى خادمها حتى أرضعته) أو استأجرت من أرضعته حيث تستحق الاجرة، إلا إذا شرط إرضاعها على الاصح.
شرنبلالية عن الذخيرة.
ولو آجرت نفسها لذلك لقوم آخرين ولم يعلم الاولون فأرضعتهما وفرغت أثمت،(6/338)
ولها الاجر كاملا على الفريقين لشبهها بالاجير الخاص والمشترك.
وتمامه في العناية.
(لا تصح الاجارة لعسب التيس) وهو نزوه على الاناث (و) لا (لاجل المعاصي مثل الغناء والنوح والملاهي) ولو أخذ بلا شرط يباح (و) لاجل الطاعات مثل (الاذان والحج والامامة وتعليم القرآن والفقه) ويفتى اليوم بصحتها لتعليم القرآن والفقه والامامة والاذان.(6/339)
(ويجبر المستأجر على دفع ما قبل) فيجب المسمى بعقد وأجر المثل إذا لم تذكر مدة.
شرح(6/340)
وهبانية من الشركة (ويحبس به) به يفتى (ويجبر على) دفع (الحلوة المرسومة) هي ما يهدى للمعلم على رؤوس بعض سور القرآن، سميت بها لان العادة إهداء الحلاوي.
(ولو دفع غزلا لآخر لينسجه له بنصفه) أي بنصف الغزل (أو استأجر بغلا ليحمل طعامه ببعضه أو ثورا ليطحن بره ببعض دقيقه) فسدت في الكل لانه استأجره بجزء من عمله، والاصل في ذلك نهيه (ص) عن قفيز الطحان وقدمناه في بيع الوفاء.
والحيلة أن يفرز الاجر أولا، أو يسمى قفيزا(6/341)
بلا تعيين ثم يعطيه قفيزا منه فيجوز، ولو استأجره ليحمل له نصف هذا الطعام بنصفه الآخر لا أجر له أصلا لصيرورته شريكا، وما استشكله الزيلعي أجاب عنه المصنف.
قال: وصرحوا بأن(6/342)
دلالة النص لا عموم لها، فلا يخصص عنها شئ بالعرف كما زعمه مشايخ بلخ (أو) استأجر (خبازا ليخبز له كذا) كقفيز دقيق (اليوم بدرهم) فسدت عند الامام لجمعه بين العمل والوقت، ولا ترجيح لاحدهما فيفضي للمنازعة حتى لو قال في اليوم أو على أن تفرغ منه اليوم جازت إجماعا (أو أرضا بشرط أن يثنيها)(6/343)
أي يحرثها (أو يكري أنهارها) العظام (أو يسرقنها) لبقاء أثر هذه الافعال لرب الارض، فلو لم تبق لم تفسد (أو) بشرط (أن يزرعها بزراعة أرض أخرى) لما يجئ أن الجنس بانفراده يحرم النساء، وقوله: (فسدت) جواب الشرط وهو قوله ولو دفع إلخ (وصحت لو استأجرها على أن يكريها ويزرعها أو يسقيها ويزرعها) لانه شرط يقتضيه العقد.
(ولو) استأجره (لحمل طعام) مشترك (بينهما فلا أجر له) لانه لا يعمل شيئا لشريكه إلا(6/344)
ويقع بعضه لنفسه فلا يستحق الاجر (كراهن استأجر الرهن من المرتهن) فإنه لا أجر له لنفعه بملكه.
(وفي جواهر الفتاوى) ولو استأجر حماما فدخل المؤجر مع بعض أصدقائه الحمام لا أجر عليه، لانه يسترد بعض المعقود عليه وهو منفعة الحمام في المدة، ولا يسقط شئ من الاجرة لانه ليس بمعلوم.
(استأجر أرضا ولم يذكر أنه يزرعها أو أي شئ يزرعها) فسدت إلا أن يعمم، بخلاف الدار لوقوعه على السكنى كما مر، وإذا فسدت (فزرعها فمضى الاجل) عاد صحيحا (فله المسمى) استسحانا، وكذا لو لم يمض الاجل لارتفاع الجهالة بالزراعة قبل تمام العقد.
قلت: فلو حذف قوله فمضى الاجل كقاضيخان في شرح الجامع لكان أولى (وإن استأجر حمارا إلى بغداد ولم يسم حمله فحمله المعتاد فهلك) الحمار (لم يضمن) لفساد الاجارة، فالعين أمانة كما في الصحيحة (فإن بلغ فله المسمى)(6/345)
لم مر في الزراعة (فإن تنازعا قبل الزرع) في مسألة الزراعة (أو الحمل) في مسألتنا (فسخت الاجارة دفعا للفساد) لقيامه بعد.
(استأجر دابة ثم جحد الاجارة في بعض الطريق وجب عليه أجر ما ركب قبل الانكار، ولا يجب لما بعده) عند أبي يوسف: لانه بالجحود صار غاصبا والاجر والضمان لا يجتمعان، وعند محمد: يجب المسمى.
درر.
وكأنه لا قول للامام.
وفي الاشباه: قصر الثوب المجحود، فإنه قبله فله الاجر، وإلا لا، وكذا الصباغ والنساج.
(إجارة المنفعة بالمنفعة تجوز إذا اختلفا) جنسا كاستئجار سكنى دار بزراعة أرض (وإذا اتحدا(6/346)
لا) تجوز كإجارة السكنى بالسكنى واللبس باللبس والركوب بالركوب ونحو ذلك، لما تقرر أن الجنس بانفراده يحرم النساء فيجب أجر المثل باستيفاء النفع كما مر لفساد العقد.
(استأجره ليصيد له أو يحتطب له، فإن) وقت لذلك (وقتا جاز) ذلك (وإلا لا) فلو لم يوقت وعين الحطب فسد (إلا إذا عين الحطب وهو) أي الحطب (ملكه فيجوز) مجتبى، وبه يفتى.
صيرفية.
فروع: استأجر امرأته لتخبز له خبزا للاكل لم يجز، وللبيع جاز.
صيرفية.
أجرت دارها لزوجها فسكناها فلا أجر.
أشباه وخانية.
قلت: لكن في حاشيتها تنوير البصائر عن المضمرات معزيا للكبرى: قال قاضيخان: هنا الفتوى على الصحة لتبعيتها له في السكنى فليحفظ.
وجاز إجارة الماشطة لتزين العروس إن ذكر العمل(6/347)
والمدة.
بزازية.
وجاز إجارة القناة والنهر مع الماء، به يفتى لعموم البلوى مضمرات اه.
باب ضمان الاجير(6/348)
(الاجراء على ضربين: مشترك، وخاص.
فالاول من يعمل لا لواحد) كالخياط ونحوه (أو يعمل له عملا غير موقت) كأن استأجره للخياطة في بيته غير مقيدة بمدة كان أجيرا مشتركا وإن لم يعمل لغيره (أو موقتا بلا تخصيص) كأن استأجره ليرعى غنمه شهرا بدرهم كان مشتركا، إلا أن يقول: ولا ترعى غنم غيري، وسيتضح.
وفي جواهر الفتاوى: استأجر حائكا لينسج ثوبا ثم آجر الحائك نفسه من آخر للنسج صح كلا العقدين لان المعقود عليه العمل لا المنفعة (ولا يستحق المشترك الاجر حتى يعمل كالقصار ونحوه) كفتال وحمال ودلال وملاح، وله خيار الرؤية في كل عمل يختلف باختلاف المحل، مجتبى(6/349)
(ولا يضمن ما هلك في يده وإن شرط عليه الضمان) لان شرط الضمان في الامانة باطل كالمودع (وبه يفتى) كما في عامة المعتبرات، وبه جزم أصحاب المتون فكان هو المذهب، خلافا للاشباه.
وأفتى المتأخرون بالصلح على نصف القيمة،(6/350)
وقيل إن الاجير مصلحا لا يضمن، وإن بخلافه يضمن، وإن مستور الحال يؤمر بالصح.
عمادية.
قلت: وهل يجبر عليه؟ حرر في تنوير البصائر نعم، كمن تمت مدته في وسط البحر أو البرية تبقى الاجارة بالجبر (و) يضمن (ما هلك بعمله كتخريق الثوب من دقه وزلق الحمال وغرق السفينة) من مده جاوز المعتاد أم لا، بخلاف الحجام(6/351)
ونحوه كما يأتي.
عمادية.
والفر في الدرر وغيره على خلاف ما بحثه صدر الشريعة فتأمل،
لكن قوى القهستاني قول صدر الشريعة، فتنبه.
وفي المنية: هذا إذا لم يكن رب المتاع أو وكيله في السفينة، فإن كان لا يضمن إذا لم يتجاوز المعتاد لان محل العمل غير مسلم إليه.
وفيها حمل رب المتاع متاعه على الدابة(6/352)
وركبها فساقها المكاري فعثرت وفسد المتاع لا يضمن إجماعا وقدمنا.
قلت: عن الاشباه معزيا للزيلعي: إن الوديعة بأجر مضمونة، فليحفظ (ولا يضمن به بني آدم مطلقا ممن غرق في السفينة أو سقط عن الدابة وإن كان بسوقه أو قوده) لان الآدمي لا يضمن بالعقد بل بالجناية، ولا جناية لاذنه فيه (وإن انكسر دن في الطريق) إن شاء المالك (ضمن الحمال قيمته في مكان حمله ولا أجر، أو في موضع الكسر وأجره بحسابه) وهذا لو انكسر بصنعه، وإلا بأن زاحمه الناس فانكسر فلا ضمان خلافا لهما.
(ولا ضمان على حجام وبزاغ)(6/353)
أي بيطار (وفصاد لم يجاوز الموضع المعتاد، فإن جاوز) المعتاد (ضمن الزيادة كلها إذا لم يهلك) المجني عليه (وإن هلك ضمن نصف دية النفس) لتلفها بمأذون فيه وغير مأذون فيه فيتنصف، ثم فرع عليه بقوله (فلو قطع الختان الحشفة وبرئ المقطوع تجب عليه دية كاملة) لانه لما برئ كان عليه ضمان الحشفة وهي عضو كامل كاللسان (وإن مات فالواجب عليه نصفها) لحصول تلف النفس بفعلين: أحدهما مأذون فيه وهو قطع الجلدة، والآخر غير مأذون فيه وهو قطع الحشفة فيضمن النصف، ولو شرط على الحجام ونحوه العمل على وجه لا يسري لا يصح، لانه ليس في وسعه إلا إذا فعل غير المعتاد فيضمن.
عمادية.
وفيها سئل صاحب المحيط عن فصاد قال له غلام أو عبد افصدني ففصد فصدا معتادا فمات بسببه، قال: تجب دية الحر وقيمة العبد على عاقلة الفصاد لانه خطأ.
وسئل عن من فصد نائما وتركه حتى مات من السلان، قال: يجب القصاص.
(والثاني) وهو الاجير (الخاص) ويسمى أجير واحد (وهو من يعمل لواحد عملا مؤقتا
بالتخصيص ويستحق الاجر بتسليم نفسه في المدة وإن لم يعمل كمن استؤجر شهرا(6/354)
للخدمة أو) شهرا (لرعي الغنم) المسمى بأجر مسمى، بخلاف ما لو آجر المدة بأن استأجره للرعي شهرا حيث يكون مشتركا، إلا إذا شرط أن لا يخدم غيره ولا يرعى لغيره فيكون خاصا، وتحقيقه في الدرر.
وليس للخاص أن يعمل لغيره، ولو عمل نقص من أجرته بقدر ما عمل.
فتاوى النوازل (وإن هلك في المدة نصف الغنم أو أكثر) من نصفه (فله الاجرة كاملة) ما دام(6/355)
يرعى منها شيئا لما مر أن المعقود عليه تسليم نفسه.
جوهرة.
وظاهر التعليل بقاء الاجرة لو هلك كلها، وبه صرح في العمادية (ولا يضمن ما هلك في يده أو بعمله) كتخريق الثوب من دقه إلا إذا تعدم الفساد فيضمن كالمودع.
ثم فرع على هذا الاصل بقوله (فلا ضمان على ظئر في صبي ضاع في يدها أو سرق ما عليه) من الحلي لكونها أجير واحد، وكذا لا ضمان على حارس السوق وحافظ الخان ((6/356)
وصح ترديد الاجر بالترديد في العمل) كأن خطته فارسيا بدرهم أو روميا بدرهمين (وزمانه في الاول) كذا بخط المصنف ملحقا ولم يشرحه وسيتضح.
قال شيخنا الرملي: ومعناه يجوز في اليوم الاول دون الثاني، كإن خطته اليوم فبدرهم أو غدا فبنصفه؟ ومكانه كإن سكنت هذه الدار فبدرهم أو هذه فبدرهمين (والعامل) كإن سكنت عطارا فبدرهم أو حدادا فبدرهمين (والمسافة) كإن ذهبت للكوفة فبدرهم أو للبصرة فبدرهمين (والحمل) كإن حملت شعيرا فبدرهم أو برا فبدرهمين، وكذا لو خيره بين ثلاثة أشياء، ولو بين أربعة لم يجز كما في البيع، ويجب أجر ما وجد إلا في تخيير الزمان فيجب بخياطته في الاول ما سمى، وفي الغد أجر المثل لا يزاد على(6/357)
درهم ولو خاطه بعد غد لا يزاد على نصف درهم، وفيه خلافهما (بنى المستأجر تنورا أو دكانا)
عبارة الدرر: أو كانونا (في الدار المستأجرة فاحترق بعض بيوت الجيران أو الدار لا ضمان عليه مطلقا) سواء بنى بإذن رب الدار أو لا (إلا أن يجاوز ما يصنعه الناس) في وضعه وإيقاد نار لا يوقد مثلها في التنور والكانون.
(استأجر حمارا، فضل عن الطريق، إن علم أنه لا يجده بعد الطلب لا يضمن، كذا راع ند من قطيعه شاة فخاف على الباقي) الهلاك (إن تبعها) لانه إنما ترك الحفظ بعذر فلا يضمن.
كدفع الوديعة حال الغرق.
وقالا: إن كان الراعي مشتركا ضمن، ولو خلط الغنم إن أمكنه التمييز لا يضمن، والقول له في تعيين الدواب أنها لفلان، إن لم يمكنه ضمن قيمتها يوم الخلط والقول له في قدر القيمة.
عمادية.
وليس للراعي أن ينزي على شئ منها بلا إذن ربها، فإن فعل فعطبت ضمن، وإن نزى بلا فعله فلا ضمان، جوهرة.
(ولا يسافر بعبد استأجره للخدمة) لمشقته (إذ بشرط) لان الشرط أملك(6/358)
عليك أم لك وكذا لو عرف بالسفر لان المعروف كالمشروط (بخلاف العبد الموصى بخدمته فإن له أن يسافر به مطلقا) لان مؤنته عليه (ولو سافر) المستأجر (به فهلك ضمن) قيمته لانه غاصب (ولا أجر عليه وإن سلم) لان الاجر والضمان لا يجتمعان.
وعند الشافعي: له أجر المثل.
(ولا يسترد مستأجر من عبد) أو صبي (محجور) أجرا دفعه إليه (ل) أجل (عمله) لعودها بعد الفراغ صحيحة استسحانا (ولا يضمن غاصب عبد ما أكل) الغاصب (من أجره) الذي آجر العبد نفسه به لعدم تقومه عند أبي حنيفة (كما) لا يضمن إتفاقا (لو آجره لغاصب) لان لاجر له لا لمالكه (وجاز للعبد قبضها) لو آجر نفسه لا لو آجره المولى إلا بوكالة(6/359)
لانه لعاقد.
عناية (فلو وجدها مولاه) قائمة (في يده أخذها) لبقاء ملكه كمسروق بعد القطع.
(استأجر عبدا شهرين: شهرا بأربعة، وشهرا بخمسة صح) على الترتيب المذكور، حتى لو عمل في الاول فقط فله أربعة وبعكسه خمسة (اختلفا) الآجر والمستأجر (في إباق العبد
أو مرضه أو جري ماء الرحى حكم الحال فيكون القول قول من يشهد له) الحال (مع يمينه كما) يحكم الحال.
(لو باع شجرا فيه ثمر واختلفا في بيعه) أي الثمر (معها) أي الشجر (فالقول قول من في يده الثمر) الاصل أن القول لمن يشهد له الظاهر.
وفي الخلاصة: انقطع ماء الرحى سقط من الاجر بحسابه، ولو عاد عادت، ولوا ختلفا في قدر لانقطع فالقول للمستأجر ولو في نفسه حكم الحال (والقول قول رب الثوب) بيمينه (في القميص والقباء والحمرة والصفرة، وكذا في(6/360)
الاجر وعدمه) وقال أبو يوسف: إن كان الصانع معاملا له فله الاجر، وإلا فلا (وقيل) أي وقال محمد: (إن كان الصانع معروفا بهذه الصنعة بالاجر وقيام حاله بها) أي بهذه الصنعة (كان بيمين القول قوله) بشهادة الظاهر (وإلا فلا، وبه يفتى) زيلعي.
وهذا بعد العمل، أم قبله فيتحالفان.
اختيار.
فروع: فعل الاجير في كل الصنائع يضاف لاستاذه، فما أتلفه يضمنه أستاذه.
إختيار: يعني ما لم يتعد فيضمنه هو.
عمادية.
وفي الاشباه: ادعى نزل الخان وداخل الحمام وساكن المعد للاستغلال الغصب لم يصدق والاجر واجب.
قلت: وكذا مال اليتيم على لمفتي به، فتنبه.
وفيها الاجرة للارض(6/361)
كالخراج على المعتمد، فإذا استأجرها للزراعة فستلم الزرع آفة وجب منه لما قبل الاصطلام وسقط ما بعده.
قلت: وهو ما اعتمدوه في الولوالجية، لكن جزم في الخانية برواية عدم سقط شئ حيث قال: أصاب الزرع آفة فهلك أو غرق ولم ينبت لزم الاجر لانه قد زرع، ولو غرقت قبل أن يزرع فلا أجر عليه اه.
باب فسخ الاجارة تفسخ بالقضاء أو الرضا (بخيار شرط(6/362)
ورؤية) كالبيع خلافا للشافعي (و) بخيار (عيب) حاصل قبل العقد أو بعده بعد القبض أو قبله (يفوت النفع به) صفة عيب (كخراب الدار وانقطاع ماء الرحى و) انقطاع (ماء الارض) وكذا(6/363)
لو كانت تسقى بماء السماء فانقطع المطر فلا جر.
خانية: أي وإن لم تنفسخ على الاصح كما مر.
وفي الجوهرة: لو جاء في الماء ما يزرع بعضها فالمستأجر بالخيار: إن شاء فسخ الاجارة كلها أو ترك ودفع بحساب ما روى منها.
وفي الولوالجية: لو استأجرها بغير شربها فانقطع ماء الزرع على وجه لا يرجى فله الخيار، وإن انقطع قليلا قليلا ويرجى منه السقي فالاجر واجب.
وفي لسان الحكام: استأجر حماما في قرية(6/364)
ففزعوا ورحلوا سقط الاجر عنه، وإن نفر بعض الناس لا يسقط الاجر (أو يخل) عطف على يفوت (به) أي بالنفع بحيث ينتفع به في الجملة (كمرض العبد ودبر الدابة) أي قرحتها، وبسقوط حائط دار.
وفي التبيين: لو انقطع ماء الرحى والبيت مما ينتفع به لغير الطحن فعليه من الاجر بحصته لبقاء بعض المعقود عليه، فإذا استوفاه لزمته حصته (فإن لم يخل العيب به أو أزاله المؤجر) أو انتفع بالمحل (سقط خياره) لزوال السبب.(6/365)
(وعمارة الدار) المستأجرة (وتطيينها وإصلاح الميزاب وما كان من البناء على رب لدر) وكذا كل ما يخل بالسكنى (فإن أبى صاحبها) أن يفعل (كان للمستأجر أن يخرج منها إلا أن يكون) المستأجر (استأجرها وهي كذلك وقد رآها) لرضاه بالعيب.
(وإصلاح بئر الماء والبالوعة والمخرج على صاحب الدار) لكن (بلا جبر عليه) لانه لا يجبر على إصلاح ملكه (فإن فعله المستأجر فهو متبرع) وله أن يخرج إن أبى ربها.
خانية: أي إلا إذا رآها كما مر.
وفي الجوهرة: وله أن ينفرد بالفسخ بلا قضاء، ولو استأجر دارين فسقطت أو تعيبت إحداهما فله تركهما لو عقد عليهما صفقة واحدة.
قلت: وفي حاشية الاشباه معزيا للنهاية:(6/366)
إن العذر ظاهرا ينفرد، وإن مشتبها لا ينفرد وهو الاصح (وبعذر) عطف على بخيار شرط (لزوم ضرر لم يستحق بالعقد إن بقي) العقد كما في سكون ضرس استؤجر لقلعه، وموت عرس أو(6/367)
اختلاعها (استؤجر) طباخ (لطبخ وليمتها و) بعذر (لزوم دين) سواء كان ثابتا (بعيان) من الناس (أو بيان) أي بينة (أو إقرار و) الحال أنه (لا مال له غيره) أي غير المستأجر لانه يحبس به فيتضرر إلا إذا كانت الاجرة المعجلة تستغرق قيمتها.
أشبه (و) بعذر (إفلاس مستأجر دكان ليتجر و) بعذر (إفلاس خياط يعمل بماله) لا بإبرته.
(استأجر عبد ليخيط فترك عمله و) بعذر (بداء مكتري دابة من سفر) ولو في نصف(6/368)
الطريق فله نصف الاجر إن استويا صعوبة وسهولة، وإلا فبقدره.
شرح وهبانية وخانية (بخلاف بداء المكاري) فإنه ليس بعذر، إذ يمكنه إرسال أجيره.
وفي الملتقى: ولو مرض فهو عذر في رواية الكرخي دون رواية لاصل.
قلت: وبالاولى يفتى، ثم قال: لو استأجر دكانا لعمل الخياطة فتركه لعمل آخر فعذر، وكذا لو استأجر عقارا ثم أراد السفر اه.
وفي القهستاني: سفر مستأجر دار للسكنى عذر دون سفر مؤجرها، ولو اختلفا فالقول للمستأجر فيحلف بأنه عزم على السفر.
وفي الولوالجية: تحوله عن صنعته إلى غيرها عذر وإن لم يفلس حيث لم يمكنه أن يتعاطاها فيه.
وفي الاشباه: لا يلزم(6/369)
المكاري الذهاب معها ولا إرسال غلام، وإنما يجب الاجر بتخليتها (و) بخلاف ترك خياطة مستأجر عبد ليخيط (ليعمل) متعلق بترك (في الصرف) لامكان الجمع (و) بخلاف (بيع ما آجره) فإنه أيضا ليس بعذر بدون لحوق دين كما مر ويوقف بيعه إلى انقضاء مدتها هو المختار، لكن لو قضى بجوازه نفذ.
وتمامه في شرح الوهبانية.
وفيه معزيا للخانية: لو باع الآجر المستأجر فأراد المستأجر أن يفسخ بيعه لا يملكه هو الصحيح، ولو باع الراهن الرهن للمرتهن فسخه.
(وتنفسخ) بلا حاجة إلى الفسخ (بموت أحد عاقدين) عندنا لا بجنونه مطبقا (عقدها لنفسه) إلا لضرورة كموته في طريق مكة ولا حاكم في الطريق فتبقى إلى مكة، فيرفع الامر إلى القاضي ليفعل الاصلح(6/370)
فيؤجرها له لو أمينا، أو يبيعها بالقيمة ويدفع له أجرة الاياب إن برهن على دفعه، وتقبل لبينة هنا بلا خصم لانه يريد الاخذ من ثمن ما في يده.
أشباه.
وفي الخانية: استأجر دارا أو حماما أو أرضا شهر فسكن شهرين هل يلزمه أجر الثاني؟ إن معدا للاستغلال نعم، وإلا لا، وبه يفتى.
قلت: فكذا لوقف ومال اليتيم، وكذا لو تقاضاه المالك وطالبه بالاجر فسكت يلزمه الاجر بسكناه بعده، ولو سكن المستأجر بعد موت المؤجر هل يلزمه أجر ذلك؟ قيل نعم لمضيه على الاجرة، وقيل هو كالمسألة الاولى، وينبغي أن لا يظهر الانفساخ هنا ما لم يطالب الوارث بالتفريغ أو بالتزم أجر آخر ولو معدا للاستغلال(6/371)
لانه فصل مجتهد فيه، وهل يلزم المسى أو أجر المثل؟ ظاهر القنية الثاني.
وتمامه في شرح الوهبانية.
وفي المنية: مات أحدهما والزرع بقل بقي العقد بالمسمى حتى يدرك، وبعد المدة بأجر
المثل.
وفي جامع الفصولين: لو رضي الوارث وهو كبير ببقاء الاجارة ورضي به المستأجر جاز اه: أي فيجعل الرضا بالبقاء إنشاء عقد: أي لجوازها بالتعاطي، فتأمله.
وفي حاشية الاشباه: المستأجر والمرتهن والمشتري أحق بالعين من سائر الغرماء لو العقد صحيحا، ولو فاسدا فأسوة الغرماء، فليحفظ.
(فإن عقدها لغيره لا تنفسخ كوكيل) أي بالاجارة.
وأما الوكيل بالاستئجار إذا مات تبطل الاجارة، لان التوكيل بالاستئجار توكيل بشراء المنافع فصار كالتوكيل بشراء الاعيان فيصير مستأجرا لنفسه ثم يصير مؤجرا للموكل، فهو معنى قولنا: إن الموكل بالاستئجار بمنزلة المالك، كذا نقله المصنف عن الذخيرة.
قلت: ومثله في شرح المجمع والبزازية والعمادية، ثم قال المصنف: قلت: هذا يستقيم على ما ذكره الكرخي من أن الملك يثبت للوكيل ثم ينتقل إلى الموكل.
وأما على ما قاله أبو طاهر(6/372)
من أنه يثبت للموكل ابتداء، وبه جزم في الكنز وهو الاصح كما في البحر في يستقيم، والله تعالى أعلم اه.
قلت: وتعقبه شيخنا بأنه غير مستقيم على ما ذكره الكرخي أيضا لاتفاقهم على عدم عتق قريب الوكيل لان ملكه غير مستقر والموجب للعتق والفساد الملك لمستقر.
ثم قال: والحاصل أن الاصح أن الاجارة لا تنفسخ بموت المستأجر والنقل به مستفيض اه.
والله أعلم (ووصي) وأب وجد وقاض (ومتولي الوقف) لبقاء المستحق عليه، حتى لو مات المعقود له بطلت.
درر.
إلا إذا كان متولي وقف خاص به وجميع غلاته له كما في وقف الاشباه معزيا للوهبانية.
قال: وإطلاق المتون بخلافه.
قلت: وبإطلاق المتون أفتى قارئ الهداية، فكان هو المذهب المعتمد كما قاله المصنف في حاشيته على الاشباه، ولذا قال في الاشباه بعد أربع أوراق: لا تنفسخ الاجارة بموت مؤجر الوقف إلا في مسألتين، أما إذا آجرها الواقف ثم ارتد ثم مات لبطلان الوقف بردته، وفيما إذا(6/373)
آجر أرضه ثم وقفها على معين ثم مات تنفسخ.
وفي وقف فتاوى ابن نجيم: سئل إذا آجر الناظر ثم مات، فأجاب لا تنفسخ الاجارة في الوقف بموت المؤجر والمستأجر، كذا رأيته في عدة نسخ، لكنه مخالف لما في إجارة فتاوى قارئ الهداية، فتنبه.
وفيها أيضا: لا تنفسخ بموت المتولي ولو الغلة له بمفرده، فتنبه.
وفي الفيض الواقف: لو آجر الوقف بنفسه ثم مات: ففي الاستحسان: لا تبطل لانه آجر لغيره اه.
ومثله في البزازية.
وفي السراجية: وحكم عزل القاضي والمتولي كالموت فلا تنفسخ (و) تنفسخ أيض (بموت أحد مستأجرين أو مؤجرين في حصته) أي حصة الميت لو عقدها لنفسه (فقط) وبقيت في حصة الحي.
فرع: في وقف الاشباه: تخلية البعيد باطلة، فلو استأجر قرية وهو بالمصر لم يصح تخليتها على الاصح فينبغي للمتولي أن يذهب إلى القرية مع المستأجر أو غيره، فيخلي بينه وبينها، أو يرسل وكيله أو رسوله إحياء لمال الوقف، فليحفظ.
قلت: لكن نقل محشيها ابن المصنف في زواهر الجواهر عن بيوع فتاوى قارئ الهداية أنه متى مضى مدة يتمكن من الذهاب إليها(6/374)
والدخول فيها كان قابضا، وإلا فلا فتنبه اه.
مسائل شتى (أحرق حصائد) أي بقايا أصول قصب محصود (في أرض مستأجرة أو مستعارة) ومثله أرض بيت المال المعدة لحط القوافل والاحمال ومرعى الدواب وطرح الحصائد.
قلت: وحاصله أنه إن لم يكن له حق الانتفاع في الارض يضمن ما أحرقته في مكانه بنفس الوضع لا ما نقلته الريح على ما عليه الفتوى.
قاله شيخنا (فاحترق شئ من أرض غيره لم يضمن) لانه تسبب لا مباشرة (إن لم تضطرب الرياح) فلو كانت مضطربة(6/375)
ضمن، لانه يعلم أنها لا تستقر في أرضه فيكون مباشرا (وكذا كل موضع كان للواضع حق الوضع فيه) أي في ذلك الموضع (لا يضمن على كل حال إذا تلف بذلك الموضوع شئ) سواء تلف به وهو في مكانه أو بعد ما زال عنه (بخلاف ما إذا لم يكن للواضع فيه حق الوضع) حيث يضمن الواضع إذا تلف به شئ وهو في مكانه، وكذا بعد ما زال، لا بمزيل كوضع جرة في الطريق ثم آخر أخرى فتدحرجتا فانكسرتا ضمن كل جرة صاحبه، وإن زال بمزيل كريح وسيل لا يضمن الواضع، هذا هو الاصل في هذه المسائل كما حققه في الخانية.
ثم فرع عليه بقوله (فلو وضع جمرة في الطريق فاحترق بذلك شئ ضمن) لتعديه بالوضع (وكذا) يضمن (في كل موضع ليس له فيه حق المرور إلا إذا ذهبت به) أي بالموضع (الريح فلا ضمان: لنسخها فعله، وكذا لو دحرج السيل الحجر وبه يفتى) خانية.
ولو أخرج الحداد الحديد من الكير في دكانه ثم ضربه بمطرقة فخرج الشرار إلى الطريق وأحرق شيئا ضمن، ولو لم يضربه وأخرجه الريح لا.
زيلعي.
(سقى أرضه سقيا لا تحتمله فتعدى) الماء (إلى أرض جاره) فأفسدها (ضمن) لانه مباشر لا(6/376)
متسبب.
(أقعد خياط أو صباغ في حانوته من يطرح عليه العمل بالنصف) سواء اتحد العمل أو اختلف كخياط مع قصار (صح) استحسانا لانه شركة الصنائع، فهذا بوجاهته يقبل، وهذا بحذاقته يعمل (كاستئجار جمل ليحمل عليه محملا وراكبين إلى مكة وله المحمل المعتاد ورؤيته أحب) وكذا إذا لم ير الطراحة واللحاف.
وفي الولوالجية: ولو تكارى إلى مكة إبلا مسماة بغير أعيانها جاز، ويحمل المعقود عليه حملا في ذمة المكاري، والابل آلة وجهالتها لا تفسد.(6/377)
قلت: فما يفعله الحجاج من الاجارة للحمل أو الركوب إلى مكة بلا تعيين الابل صحيح، والله تعالى أعلم.
(استأجر جملا لحمل مقدار من الزاد فأكل منه رد عوضه) من زاد ونحوه (قال لغاصب داره
فرغها وإلا فأجرتها كل شهر بكذا فلم يفرغ وجب) على الغاصب (المسمى) لان سكوته رضا (إلا إذا أنكر الغاصب ملكه وإن أثبته ببينة) لانه إذا أنكره لم يكن راضيا بالاجارة (أو أقر) عطف على أنكر (به) أي بملكه (ولكن لم يرض بالاجرة) لانه صرح بعدم الرضا.
في الاشباه: السكوت في الاجارة رضا وقبول، فلو قال للساكن اسكن بكذا وإلا فانتقل أو قال الراعي لا أرضى بالمسمى بل بكذا فسكت لزم ما سمى.
بقي لو سكت ثم لما طالبه قال لم أسمع كلامك هل يصدق إن به صمم؟ نعم، وإلا لا عملا بالظاهر.
(وللمستأجر أن يؤجر المؤجر) بعد قبضه قيل وقبله (من غير مؤجره، وأما من مؤجره فلا) يجوز وإن تخلل ثالث،(6/378)
به يفتى للزوم تمليك المالك، وهل تبطل الاولى بالاجارة للمالك؟ الصحيح لا.
وهبانية.
قلت: وصححه قاضيخان وغيره.
وفي المضمرات: وعليه الفتوى، وقدمنا عن البحر معزيا للجوهرة الاصح نعم، وأقره المصنف ثمة، ونقل هنا عن الخلاصة ما يفيد أنه إن قبضه منه بعد ما استأجره بطلب وإلا لا فليكن التوفيق، فتأمل، وهل تسقط الاجرة ما دام في يد المؤجر؟ خلاف مبسوط في شرح الوهبانية.
(وكله باستئجار عقل ففعل) الوكيل (وقبض ولم يسلمها) إن لم يسلم الوكيل العين المؤجرة (إليه) أي إلى الموكل (حتى مضت المدة) فالاجر على الوكيل لانه أصيل في الحقول و (رجع الوكيل بالاجرة على الآمر) لنيابته عنه في القبض فصار قابضا حكما (وكذا) الحكم (إن شرط)(6/379)
الوكيل (تعجيل الاجر وقبض) الدار (ومضت المدة ولم يطلب الآمر) الدار منه فإنه يرجع أيضا لصيرورة الآمر قابضا بقبضه ما لم يظهر المنع (وإن طلب) الآمر الدار (وأبى) الوكيل (ليعجل) الاجر (لا) يرجع لانه لما حبس الدار بحق لم تبق يده يد نيابة فلم يضر الموكل قابضا حكما فلا يلزمه الاجر (يستحق القاضي الاجر على كتب الوثائق) والمحاضر والسجلات (قدر ما يجوز لغيره
كالمفتي) فإنه يستحق أجر المثل على كتابة الفتوى لان الواجب عليه الجواب اللسان دون الكتابة بالبنان، ومع هذا الكف أولى احترازا عن القيل والقال وصيانة لماء الوجه عن الابتذال: بزازية.
وتمامه في قضاء والوهبانية.
وفي الصيرفية: حكم وطلب أجرة ليكتب شهادته جاز، وكذا المفتي لو في البلدة غيره، وقيل مطلقا لان كتابته ليست بواجبة عليه.
وفيها: استأجره ليكتب له تعويذا لاجل السحر جاز إن بين قدر الكاغد والخط وكذا المكتوب.
(المستأجر لا يكون خصما لمدعي الايجار والرهن والشراء) لان الدعوى لا تكون إلا على مالك العين؟ بخلاف المشتري والموهوب له لملكهما العين، وهل يشترط حضور الآجر مع(6/380)
المشتري؟ قولان.
(وتصح الاجارة وفسخها والمزارعة والمعاملة والمضاربة والوكالة والكفالة والايصاء والوصية والقضاء والامارة) والطلاق (والعتاق والوقف) حال كون كل واحد مما ذكر (مضافا) إلى الزمان المستقل كأجرتك أو فاسختك رأس الشهر صح بالاجماع (لا) يصح مضافا للاستقبال كل ما كان تمليكا للحال مثل (البيع وإجازته وفسخه والقسمة والشركة والهبة والنكاح والرجعة والصلح عن مال وإبراء الدين) وقد مر في متفرقات الشهادات.
(زاد أجر المثل في نفسه من غير أن يزيد أحد فللمتولي فسخها، وما لم يفسخ كان على المستأجر المسمى) به يفتى.
(فسخ العقد بعد تعجيل البدل فللمعجل حبس المبدل حتى يستوفي ماله من المبدل) وصحيحا كان العقد أو فاسدا لو العين في يد المستأجر، فليحفظ.
(استأجر مشغولا وفارغا صح في الفارغ فقط) لا المشغول كما مر، لكن حرر محشي الاشباه أن الراجح صحة إجارة المشغول، ويؤمر بالتفريغ والتسليم ما لم يكن فيه ضرر فله الفسخ، فتنبه.
(استأجر شاة لارضاع ولده أو جديه لم يجز) لعدم العرف (المستأجر فاسدا إذا آجر صحيحا(6/381)
جازت) لو بعد قبضه في الاصح.
منية (وقيل لا) وتقدم الكل، والكل في الاشباه.
فروع: اعلم أن المقاطعة إذا وقعت بشروط الاجارة فهي صحيحة، لان العبرة للمعاني، وقدمناه في الجهاد.
صح استئجار قلم ببيان الاجر والمدة.
استأجر شيئا لينتفع به خارج المصر فانتفع به في المصر: فإن كان ثوبا لزم الاجر، وإن كان دابة لا.
ساقها ولم يركبها لزم الاجر إلا لعذر بها.
أخطأ الكاتب في البعض: إن الخطأ في كل ورقة خير إن شاء أخذه وأعطى أجر مثله أو تركه عليه وأخذ منه القيمة، وإن في البعض أعطاه بحسابه من المسمى.
الصيرفي بأجر، إذا ظهرت الزيافة في الكل استرد الاجرة، وفي البعض بحسابه.(6/382)
إن دلني على كذا فله كذا فدله أجر مثله إن مشى لاجله.
من دلني على كذا فله كذا فهو باطل، ولا أجر لمن دله إلا إذا عين الموضع.
استأجره لحفر حوض عشرة في عشرة وبين العمق فحفر خمسة في خمسة كان له ربع الاجر.
الكل من الاشباه.
وفيها: جاز استئجار طريق للمرور إن بين المدة.
قلت: وفي حاشيتها: هذا قولهما وهو المختار.
شرح مجمع.(6/383)
وفي الاختيار: من دلنا على كذا جاز لان الاجر يتعين بدلالته.
وفي الغاية: داري لك إجارة هبة صحت غير لازمة فلكل فسخها ولو بعد القبض، فليحفظ.
وفي لزوم الاجارة المضافة تصحيحان أريد عدم لزومها بأن عليه الفتوى.
وفي المجتبى: لا تجوز إجارة البناء.
وعن محمد: تجوز لو منتفعا به كجدار وسقف، وبه يفتى.
ومنه إجارة بناء مكة وكره إجارة أرضها.
وفي الوهبانية: وفي الكلب والبازي قولان والبنا * كأم القرى أو أرضها ليس تؤجر
ولو دفع الدلال ثوبا لتاجر * يقلبه لو راح ليس يخسر(6/384)
من قال قصدي أن أسافر فافسحن * فحلفه أو فاسأل رفاقا ليذكروا ويفسخ من ترك التجارة ما اكترى * ولو كان في بعض الطريق ومؤجر له فسخها لو مات منها معين * وأطلق يعقوب وبالضعف يذكر ومن مات مديونا وأجر عقاره * توفاه للمستأجر الحيس أجدر(6/385)
كتاب المكاتب مناسبته للاجارة أن في كل منهما الرقبة لشخص والمنفعة لغيره.
(الكتابة لغة من الكتب) وهو جمع الحروف، سمي به لان فيه ضم حرية اليد إلى حرية الرقبة.
وشرعا: (تحرير المملوك يدا) أي من جهة اليد (حالا ورقبة مآلا) يعني عند أداء البدل، حتى لو أداه حالا عتق حالا(6/386)
(وركنها: الايجاب والقبول) بلفظ الكتابة أو ما يؤدي معناه (وشرطها: كون البدل) المذكور فيها (معلوما) قدره وجنسه، وكون الرق في المحل قائما لا كونه منجما أو مؤجلا لصحتها بالحال، وحكما في جانب العبد انتفاء الحجر في الحال، وثبوت الحرية في حق اليد لا الرقبة إلا بالاداء.
وفي جانب المولى ثبوت ولاية مطالبة البدل في الحال إن كانت حالة، والملك في البدل إذا قبضه، وعود ملكه إذا عجز.
(كاتب قنه ولو) القن (صغيرا يعقل بمال حال) أي نقد كله(6/387)
أو مؤجل) كله (أو منجم) أي مقسط على أشهر معلومة أو قال جعلت عليك ألفا تؤديه نجوما أولها كذا وآخرها كذا، فإن أديته فأنت حر، وإن عجزت فقن، وقبل العبد ذلك صح وصار
مكاتبا لاطلاق قوله تعالى: * (فكاتبوهم) * والامر للندب على الصحيح، والمراد بالخيرية أن لا يضر بالمسلمين بعد العتق، فلو يضر فالافضل تركه، ولو فعل صح.
ولو كاتب نصف عبده جاز ونصفه الآخر مأذون له في التجارة، ولو أراد منعه ليس له ذلك كيلا يبطل على العبد حق العتق، وتمامه في التاترخانية.
وإذا صحت الكتابة خرج من يده دون ملكه حتى يؤدي كل البدل لحديث أبي داود المكاتب عبد ما بقي عليه درهم عليه بقوله: ثم فرع عليه بقوله (وغرم المولى العقر إن وطئ مكاتبته) لحرمته عليه (أو جنى عليها) فإنه(6/388)
يغرم أرشها (أو جنى على ولدها أو أتلف) المولى (مالها) لانه بعقد الكتابة صار كل منهما كلاجنبي.
نعم لا حد ولا قود على المولى للشبهة.
شمني (ولو أعتقه عتق مجانا) لاسقاط حقه (و) فسد (إن) كاتبه (على خمر وخنزير) لعدم ماليته في حق المسلم، فلو كانا ذميين جاز (أو على قيمته) أي قيمة نفس العبد لجهالة القدر (أو على عين) معينة (لغيره) لعجزه عن تسليم ملك الغير (أو على مائة دينار ليرد سيده عليه وصيفا) غير معين لجهالة القدر (فهو) أي عقد الكتابة (فاسد) في الكل لما ذكرنا (فإن أدى) المكاتب (الخمر عتق) بالاداء (وكذا الخنزير) لماليتهما في الجملة(6/389)
(وسعى في قيمته) بالغة ما بلغت: يعني قبل أن يترافعا للقاضي.
ابن كمال (و) اعلم أنه متى سمى مالا وفسدت الكتابة بوجه من الوجوه (لم ينقص من المسمى بل يزاد عليه، ولو) كاتبه (على ميتة ونحوها) كالدم (بطل) العقد لعدم ماليتهما أصلا عند أحد، فلا يعتق بالاداء إلا إذا علقه بالشرط صريحا فيعتق للشرط لا للعقد.
(وصح) العقد (على حيوان بين جنسه فقط) أي لا نوعه وصفته (ويؤدي الوسط أو قيمته) ويجبر على قبولها (و) صح أيضا (من كافر كاتب قنا كافرا مثله على خمر) لماليته عندهم (معلومة) أي مقدرة ليعلم البدل (وأي) من المولى والعبد (أسلم فله قيمة الخمر(6/390)
وعتق بقبضها) لتعليق عتقه بأداء الخمر لكن مع ذلك يسعى في قيمته كما مر (و) صح أيضا (على
خدمته شهرا له) أي للمولى (أو لغيره أو حفر بئر أو بناء دار إذا بين قدر المعمول والآجر بما يرفع النزاع) لحصول الركن والشرط.
(لا تفسد الكتابة بشرط) لشبهها بالنكاح ابتداء لانها مبادلة بغير مال وهو التصرف (إلا أن يكون الشرط في صلب العقد) فتفسد لشبهها بالبيع انتهاء لانه في البدل هذا هو الاصل.
باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز (للمكاتب البيع والشراء ولو بمحاباة)(6/391)
يسيرة (والسفر وإن شرط) المولى (عدمه وتزويج أمته وكتابة عبده والولاء له إن أدى) الثاني (بعد عتقه وإلا) بأن أداه قبله أو أديا معا (فلسيده لا التزوج بغير إذن مولاه و) لا (الهبة ولو بعوض، و) لا (التصدق إلا بيسير منهما و) لا (التكفل مطلقا) ولو بإذن بنفس لانه تبرع (و) لا (الاقراض وإعتاق عبده ولو بمال، وبيع نفسه منه وتزويج عبده) لنقصه بالمهر والنفقة (وأب ووصي وقاض وأمينه في رقيق صغير) تحت حجرهم (كمكاتب) فيما ذكر (بخلاف مضارب ومأذون وشريك)(6/392)
ولو مفاوضة على الاشبه لاختصاص تصرفهم بالتجارة.
(ولو اشترى أباه أو ابنه تكاتب عليه) تبعا له، والمراد قرابة الولاد لا غير (ولو) اشترى (محرما) غير الولاد (كالاخ والعم لا) يكاتب عليه خلافا لهما.
(ولو اشترى أم ولده مع ولده منها) وكذا لو شراها ثم شراه.
جوهرة (لم يجز بيعها) لتبعيتها لولدها (و) لكن (لا تدخل في كتابته) ثم فرع عليه بقوله: (فلا تعتق بعتقه ولا ينفسخ نكاحه) لانه لم يملكها (فجاز له أن يطأها بملك النكاح، فكذا المكاتبة إذا اشترت بعلها، غير أن لها بيعه مطلقا) لان الحرية لم تثبت من جهتها (ولو ملكها بدونه) أي بدون الولد (جاز له بيعها)(6/393)
خلافا لهما (وإن ولد له من أمته ولد) فادعاه (تكاتب عليه) تبعا له (و) كان (كسبه له) لانه كسب كسبه.
(زوج) المكاتب (أمته من عبده فكاتبهما فولدت دخل في كتابتها وكسبه) وقيمته لو قتل (لها) لان تبعيتها أرجح.
(مكاتب أو مأذون نكح أمة زعمت أنها حرة بإذن مولاه) متعلق بنكح (فولدت منه ثم استحقت فالولد رقيق) فليس له أخذه بالقيمة، خلافا لمحمد لانه ولد المغرور، وخصا المغرور(6/394)
بالحر بإجماع الصحابة واستشكله الزيلعي.
(ولو اشترى المكاتب أمة شراء ينظر فاسدا فوطئها ثم ردها للفساد) لشرائها (أو) شراها (صحيحا فاستحقت وجب عليه العقر في حالة الكتابة) قبل عتقه لدخوله في كتابته، لان الاذن بالشراء إذن بالوطئ (ولو) وطئها (بنكاح)(6/395)
بلا إذنه (أخذ به) بالعقر (منذ عتق) أي بعد عتقه لعدم دخوله فيها كما مر (والمأذون كالمكاتب فيهما) في الفصلين.
(وإذا ولدت مكاتبه من سيدها) فلها الخيار إن شاءت (مضت على كتابتها) وتأخذ العقر منه (أو) إن شاءت (عجزت) نفسها (وهي أم ولده) ويثبت نسبه بلا تصديقها لانها ملكه رقبة.
(ولو كاتب شخص أم ولده أو مدبره صح وعتقت أم الولد) مجانا بموته بالاستيلاد (وسعى المدبر في ثلثي قيمته إن شاء، أو سعى في كل البدل بموت سيده فقيرا) لم يترك غيره (ولو دبر مكاتبه صح، فإن عجز بقي مدبرا، وإلا سعى في ثلثي قيمته) إن شاء (أو في ثلثي البدل بموته)(6/396)
أي المولى (معسرا) لم يترك غيره (وإن كان) مات (موسرا بحيث يخرج) المدبر (من الثلث عتق) بالتدبير (وسقط عنه بدل الكتابة، كما لو أعتق المولى مكاتبه) فإنه يعتق مجانا لقيام ملكه.
(كاتبه على ألف مؤجل ثم صالحه على نصفه حالا صح) استحسانا.
(مريض كاتب عبده على ألفين إلى سنة فمات) المريض (و) الحال أن (قيمة المكاتب ألف) درهم (ولم تجز الورثة التأجيل) ولم يترك غيره (أدى) المكاتب (ثلثي البدل) وعند محمد: ثلثي القيمة حالا والباقي إلى أجله (أو رد رقيقا) لقيام البدل مقام الرقبة فتنفذ في ثلثه (وإن كاتبه على ألف إلى سنة و) الحال أن (قيمته ألفان ولم يجيزوا أدى ثلثي القيمة حالا) وسقط الباقي (أو رد(6/397)
رقيقا) اتفاقا لوقوع المحاباة في القدر والتأخير فتنفذ بالثلث.
(حر قال لمولى عبد كاتب عبدك فلانا) الغائب (على ألف درهم على أني إن أديت إليك ألفا فهو حر، فكاتبه المولى على هذا الشرط وقبل) المولى (ثم أدى) الحر (ألفا عتق) العبد بحكم الشرط، وكذا لو لم يقل إن أديت فأدى يعتق استحسانا لنفوذ تصرف الفضولي في كل ما ليس بضرر، ولا يرجع الحر على العبد لانه متبرع (وإذا بلغ العبد) هذا الامر (فقبل صار مكاتبا) إنما يحتاج لقوله لاجل لزوم البدل عليه.
(قال عبد حاضر لسيده كاتبني على نفسي وعن فلان الغائب فكاتبهما فقبل العبد الحاضر صح) العقد استسحانا(6/398)
في الحاضر أصالة والغائب تبعا (وأيهما أدى بدل الكتابة عتقا جميعا) بلا رجوع (ويجبر المولى على القبول) للبدل من أحدهما (ولا يطالب) العبد (الغائب بشئ) لعدم التزامه (وقبوله) للكتابة (لغو) لا يعتبر (كرده إياها) ولو حرره سقط عن الحاضر حصته، ولو حرر الحاضر أو مات أدى الغائب حصته حالا وإلا رد قنا، ولو أبرأ الحاضر أو وهبه له عتقا جميعا.
(وإن كاتب الامة على نفسها وعن ابنين صغيرين لها) وقبلت (صح) استحسانا، لما مر (وأي أدى)(6/399)
ممن ذكر (لم يرجع) على الآخر لانه متبرع، ويجبر المولى على القبول إلى آخر ما مر.
فرع: كاتب نصف عبده فأدى الكتابة عتق نصفه وسعى في بقية قيمته.
وقالا: العبد كله مكاتب على ذلك المال، وبه نأخذ.
حاوي القدسي.
باب كتابة العبد المشترك (عبد الشريكين أذن أحدهما لصاحبه) في (أن يكاتب حظه بألف ويقبض بدل الكتابة فكاتب الشريك المأذون له نفذ في حظه فقط) عند الامام لتجزي الكتابة عنده وليس لشريكه فسخه لاذنه (وإذا أقبض بعضه) بعض الالف (فعجز فالمقبوض) كله (للقابض) لانه له بالقبض فيكون متبرعا، ولو قبض الالف(6/400)
عتق حظ القابض.
(أمة بين شريكين كاتباها فوطئها أحدهما فولدت فادعاه) الواطئ (ثم وطئها) الشريك (الآخر فولدت فادعاه) الواطئ الثاني صحت دعوته لقيام ملكه ظاهرا خلافا لهما (فإن عجزت) بعد ذلك جعلت الكتابة كأن لم تكن، وحينئذ (فهي) في الحقيقة (أم ولد للاول) لزوال المانع من الانتقال ووطؤه سابق (وضمن) الاول (لشريكه نصف قيمتها ونصف عقرها وضمن شريكه عقرها) كاملا لوطئه أم ولد الغير حقيقة (وقيمة الولد) أيضا (وهو ابنه) لانه بمنزلة المغرور (وأي) من الشريكين (دفع العقر إلى المكاتبة صح) أي قبل العجز لاختصاصها بمنافعها، فإذا عجزت(6/401)
ترده للمولى (وإن دبر الثاني ولم يطأها) والمسألة بحالها (فعجزت بطل التدبير وضمن الاول لشريكه نصف قيمتها ونصف عقرها والولد للاول) وهي أم ولده (وإن كاتباها فحررها أحدهما موسرا فعجزت ضمن المعتق لشريكه نصف قيمتها ورجع الضامن به عليها) لما تقرر أن الساكت، إذا ضمن المعتق يرجع عنده لا عندهما اه.
فرع: عبد لرجلين دبره أحدهما ثم حرره الآخر غنيا أو عكسا أعتق المدبر: إن شاء
استسعى في الصورتين، أو ضمن شريكه في الاولى فقط.
والله أعلم.
باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى (مكاتب عجز عن أداء) نجم (إن كان له مال سيصل إليه لم يعجزه الحاكم إلى ثلاثة أيام) لانها مدة ضربت لابلاء الاعذار (وإذ عجزه) الحاكم في الحال(6/402)
(وفسخها بطلب مولاه أو فسخ مولاه برضاه، ولو) كانت الكتابة (فاسدة) فالمولى (له الفسخ بغير رضاه ويملك المكاتب فسخها مطلقا في الجائزة والفاسدة) وإن لم يرض المولى (وعاد رقه) بفسخها (وما في يده لمولاه، و) المكاتب (إذا مات وله مال) يفي بالبدل (لم تفسخ وتؤدى كتابته من ماله وحكم بعتقه في آخر) جزء من أجزاء (حياته، كما يحكم بعتق أولاده) المولودين في كتابته لا قبلها (والباقي من ماله ميراث لورثته، ولو) لم يترك مالا و (ترك ولدا) ولد (في كتابته ولا وفاء بقيت كتابته وسعى) الابن في كتابة أبيه(6/403)
(على نجومه) المقسطة (فإذا أدى حكم بعتق أبيه قبل موته وبعتقه تبعا، ولو ترك ولدا اشتراه) في كتابته (أدى البدل حالا أو رد إلى حاله رقيقا) وسويا بينهما، وأما الابوان فيردان للرق كما مات وقالا: إن أديا حالا عتقا، وإلا لا.(6/404)
(اشترى) المكاتب (ابنه فمات عن وفاء ورثه ابنه) لموته حرا عن ابن حر كما مر (وكذا) يرثه (لو كان هو) أي المكاتب (وابنه) الكبير (مكاتبين كتابة واحدة) لصيرورتهما كشخص واحد ضرورة اتحاد العقد (فإن ترك) المكاتب (ولدا من حرة) أي معتقة (وترك دينا يفي ببدلها فجنى الولد فقضى به) بما جنى (على عاقلة أمه) ضرورة أن الاب لم يعتق بعد (لم يكن ذلك) القضاء (تعجيزا لابيه) لعدم المنافاة ولا رجوع، قيد بالدين(6/405)
لان في العين لا يتأتى القضاء بالالحاق بالام لامكان الوفاء في الحال.
(ولو قضى به) بالولاء (لقوم أمه بعد خصومتهم مع قوم الاب في ولائه فهو) أي القضاء بما ذكر (تعجيز) لانه في فصل مجتهد فيه (وطاب لسيده وإن لم يكن مصرفا) للصدقة (ما أدى إليه من الصدقات فعجز) لتبدل الملك، وأصله حديث بريرة هي لك صدقة ولنا هدية (كما في وارث) شخص (فقير مات عن صدقة أخذها وارثه الغني، و) كما في (ابن سبيل أخذها ثم وصل إلى ماله وهي في يده) أي الزكاة، وكفقير استغنى وهي في يده فإنها تطيب له، بخلاف فقير أباح لغني أو هاشمي عين زكاة أخذها لا يحل لان الملك لم يتبدل.
(فإن جنى عبد وكاتبه سيده جاهلا بجنايته أو) جنى (مكاتب فلم يقض به) بما جنى(6/406)
(فعجز) فإن شاء المولى (دفع) العبد (أو فدى) لزوال المانع بالعجز (وإن قضى به عليه) حال كونه (مكاتبا فعجز بيع فيه) لانتقال الحق من رقبته إلى قيمته بالقضاء، قيد بالعجز لان جنايات المكاتب عليه في كسبه ويلزمه الاقل من قيمته ومن الارش، وإن تكررت قبل القضاء فعليه قيمة واحدة ولو بعده فقيم، ولو أقر بجناية خطأ لزمته في كسبه بعد الحكم بها ولو لم يحكم عليه حتى عجز بطلت (وإن مات السيد لم تنفسخ الكتابة كالتدبير وأمومية الولد) وكأجل الدين إذا مات الطالب (ويؤدي المال إلى ورثته على نجومه) كأجل الدين بخلاف المطلوب(6/407)
لخراب ذمته، هذا إذا كاتبه وهو صحيح، ولو في مرضه لا يصح تأجيله إلا من الثلث (وإن حرروه) أي كل الورثة (في مجلس واحد عتق مجانا) استحسانا ويجعل إبراء اقتضاء (فإن حرره بعضهم) في مجلس والآخر في آخر (لم ينفذ عتقه) على الصحيح لانه لم يملكه، ولو عجز بعد موت المولى عاد رقه.
(مكاتب تحته أمة طلقها ثنتين فملكها لا يجل له أن يطأها حتى تنكح زوجا غيره) وكذا الحر كما تقرر في محله.
(كاتبا عبدا كتابة واحدة) أي بعقد واحد (وعجز المكاتب لا يعجزه القاضي حتى يجتمعا)
لانهما كواحد، بخلاف الورثة لان القاضي يعجزه بطلب أحدهم.
مجتبى.
وفيه: كاتب عبديه بمرة فعجز أحدهما فرده المولى في الرق أو القاضي ولم يعلم بكتابة الآخر لم يصح، فإن غاب هذا المردود وجاء الآخر ثم عجز فليس للآخر رده في الرق.(6/408)
فروع: اختلف المولى والمكاتب في قدر البدل فالقول للمكاتب عندنا ولا يحبس المكاتب في دين مولاه في الكتابة، وفيما سوى دين الكتابة قولان.
سراجية.
قلت: وفي عتاق الوهبانية: وفي جنس الحق يحبس سيدا * مكاتبه والعبد فيها مخير ولاء لاولاد لزوجين حررا * لمولى أبيهم ليس للام معبر توفى وما وفى فإما لميت * من الولد بع والحي تسعى وتخضر أي وإن لم يكن معها ولد يبعث، وإن كان استسعيت على نجومه صغيرا كان ولدها أو كبيرا، وعندهما: تسعى مطلقا.
والله أعلم.(6/409)
كتاب الولاء (هو) لغة: النصرة والمحبة، مشتق من الولي وهو القرب.
وشرعا: (عبارة عن التناصر بولاء العتاقة أو بولاء الموالاة) زيلعي (ومن آثاره الارث والعقل) وولاية النكاح، وبهذا علم أن الولاء ليس نفس الميراث بل قرابة حكمية تصلح سببا للارث (وسببه العتق على ملكه) لا الاعتاق، لان بالاستيلاد وإرث القريب يحصل العتق بلا إعتاق، وأما حديث الولاء لمن أعتق فجرى على الغالب (من عتق) أي حصل له عتق (بإعتاق) ولو من وصية (أو بفرع له) ككتابة وتدبير واستيلاد (أو بملك قريب) فولاؤه لسيده (ولو امرأة أو ذميا أو ميتا حتى تنفذ وصاياه وتقضى ديونه) منه (ولو شرط عدمه) لمخالفته للشرع فيبطل (ومن أعتق أمته و) الحال (أن زوجها(6/410)
قن) الغير (فولدت) لاقل من نصف حول مذ عتقت (لا ينتقل ولاء الحمل) الموجود عند العتق
(عن موالي الام أبدا، وكذا لو ولدت ولدين أحدهما لاقل من ستة أشهر والآخر لاكثر منه وبينهما أقل من نصف حول) ضرورة كونهما توأمين فإذا فولاؤه لموالي الام) أيضا لتعذر تبعيته للاب لرقه (فإن عتق) القن وهو الاب قبل موت الولد لا بعده (جر ولاء ابنه إلى مواليه) لزوال المانع، هذا إذا لم تكن معتدة، فلو معتدة فولدت لاكثر من نصف حول من العتق ولدون حولين من الفراق لا ينتقل لموالي الاب.(6/411)
(عجمي له مولى موالاة) أو لم يكن له ذلك وقيد بالعجمي لان ولاء الموالاة لا يكون في العرب لقوة أنسابهم.
(نكح معتقته) ولو لعربي (فولدت منه فولاء ولدها لمولاها) لقوة ولاء العتاقة حتى اعتبر فيه الكفاءة لا في العجم وولاء الموالاة (والمعتق مقدم على الرد و) مقدم (على ذوي الارحام مؤخر عن العصبة النسبية) لانه عصبة سببية (فإن مات المولى ثم المعتق ولا وارث له) نسبي (فميراثه لاقرب عصبة المولى) الذكور(6/412)
وسنحققه في بابه (وليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن) كما في الحديث المذكور في الدرر وغيرها لكن قال العيني وغيره: إنه حديث لا أصل له، وسيجئ الجواب عنه في الفرائض.
ثم فرع على الاصل بقوله (فلو مات المعتق ولم يترك إلا ابنة معتقه فلا شئ لها) أي لابنة المعتق (ويوضع ماله في بيت المال) هذا ظاهر الرواية، وذكر الزيلعي معزيا للنهاية: أن ينت المعتق ترث في زماننا لفساد بيت المال وكذا ما فضل عن فرض أحد الزوجين يرد عليه، وكذا المال يكون للابن أو البنت رضاعا، كذا في فرائض الاشباه، وأقره المصنف وغيره (وإذا ملك الذمي عبدا) ولو مسلما (وأعتقه فولاؤه له) لان الولاء كالنسب فيتوارثون به عند عدم الحاجب كالمسلمين، فلو مسلما لا يرثه(6/413)
ولا يعقل عنه، وبهذا اتضح فساد القول بأن الولاء هو الميراث حق الاتضاح (ولو أعتق حربي في دار الحرب عبدا حربيا لا يعتق) بمجرد إعتاقه (إلا أن يخلي سبيله، فإذا خلاه عتق حينئذ ولا ولاء له) حتى لو خرجا إلينا مسلمين لا يرثه خلافا للثاني (وكان له أن يوالي من شاء لانه لا ولاء لاحد) عليه (ولو دخل مسلم في دار الحرب فاشترى عبدا ثمة وأعتقه بالقول عتق بلا تخلية لو كان العبد مسلما فأعتقه مسلم أو حربي)(6/414)
في دار الاسلام (فولاؤه له) أي لمعتقه.
فروع: ادعيا ولاء ميت وبرهن كل أنه أعتقه يقضى بالميراث والولاء لهما.
المولى يستحق الولاء أولا حتى تنفذ منه وصاياه وتقضى منه ديونه.
الكفاءة تعتبر في ولاء العتاقة، فمعتقه التاجر كف ء لمعتق العطار دون الدباغ.
الام إذا كانت حرة الاصل بمعنى عدم الرق في أصلها فلا ولاء على ولدها،(6/415)
والاب إذا كان كذلك، فلو عربيا لا ولاء عليه مطلقا، ولو عجميا لا ولاء عليه لقوم الاب ويرثه معتق الام وعصبته، خلافا لابي يوسف.
والله أعلم.
فصل في ولاء الموالاة (أسلم رجل) مكلف (على يد آخر ووالاه أو) والى (غيره) الشرط كونه عجميا لا مسلما على ما مر، وسيجئ (على أن يرثه) إذا مات (ويعقل عنه) إذا جنى (صح) هذا العقد (وعقله عليه وإرثه له)(6/416)
وكذا لو شرط الارث من الجانبين (ولو والى صبي عاقل بإذن أبيه أو وصيه صح) لعدم المانع (كما لو والى العبد بإذن سيده آخر) فإنه يصح ويكون وكيلا عن سيده بعقد الموالاة (وأخر) إرثه
(عن) إرث (ذي الرحم) لضعفه (وله النقل عنه بمحضره إلى غيره إن لم يعقل عنه أو عن ولده، فإن عقل عنه أو عن ولده لا ينتقل) لتأكيده (ولا يوالي معتق أحدا) للزوم ولاء العتاقة.(6/417)
(امرأة والت ثم ولدت) مجهول النسب (يتبعها المولود فيما عقدت) وكذا لو أقرت بعقد الموالاة أو أنشأته والولد معها لانه نفع محض في حق صغير لم يدر له أب (و) عقد الموالاة (شرطه أن يكون حرا مجهول النسب) بأن لا ينسب إلى غيره، أما نسبة غيره إليه فغير مانع.
عناية (و) الثاني: (أن لا يكون عربيا و) الثالث: (أن لا يكون له ولاء عتاقه ولا ولاء موالاة مع أحد وقد عقل عنه) (و) الرابع: (أن لا يكون عقل عنه بيت المال) (و) الخامس: (أن يشترط العقل والارث، وأما الاسلام فليس بشرط) فتجوز موالاة المسلم الذمي وعكسه،(6/418)
والذمي الذمي وإن أسلم الاسفل، لان الموالاة كالوصية كما بسط في البدائع.
وفي الوهبانية: ومعتق عبد عن أبيه ولاؤه * له وأبوه بالمشيئة يؤجر يعني أعتق عبده عن أبيه الميت، فالولاء له والاجر للاب إن شاء الله تعالى من غير أن ينقص من أجر الابن شئ، وكذا الصدقات والدعوات لابويه وكل مؤمن يكون الاجر لهم من غير أن ينقص من أجر الابن شئ.
مضمرات.(6/419)
كتاب الاكراه (هو لغة: حمل الانسان على) شئ يكرهه.
وشرعا: (فعل يوجد من المكره فيحدث في المحل معنى يصير به مدفوعا إلى الفعل الذي طلب منه) وهو نوعان: تام وهو الملجئ بتلف نفس أو عضو أو ضرب مبرح، وإلا فناقص وهو غير الملجئ.
(وشرطه) أربعة أمور: (قدرة المكره على إيقاع ما هدد به سلطانا أو لصا) أو نحوه.
(و)(6/420)
الثاني (خوف المكره) بالفتح (إيقاعه) أي إيقاع ما هدد به (في الحال) بغلبة ظنه ليصير ملجأ.
(و) الثالث: (كون الشئ المكره به متلفا نفسا أو عضوا أو موجبا عما يعدم الرضا) وهذا أدنى مراتبه وهو يختلف باختلاف الاشخاص، فإن الاشراف يغمون بكلام خشن، والاراذل ربما لا يغمون إلا بالضرب المبرح.
ابن كمال.
(و) الرابع: (كون المكره ممتنعا عما أكره عليه قبله) إما (لحقه) كبيع ماله (أو لحق) شخص (آجر) كلاتلاف مال الغير (أو لحق الشرع) كشرب الخمر والزنا (فلو أكره بقتل أو ضرب شديد) متلف لا بسوط أو سوطين إلا على المذاكير والعين.
بزازية (أو حبس) أو قيد مديدين، بخلاف حبس يوم أو قيده أو ضرب غير شديد إلا لذي جاه.
درر (حتى باع أو اشترى أو أقر أو آجر فسخ) ما عقد، ولا يبطل حق الفسخ بموت أحدهما ولا(6/421)
بموت المشتري ولا بالزيادة المنفصلة، وتضمن بالتعدي، وسيجئ أنه يسترد وإن تداولته الايدي (أو أمضى) لان الاكراه الملجئ وغير الملجئ يعدمان الرضا، والرضا شرط لصحة هذه العقود وكذا لصحة الاقرار فلذا صار له حق الفسخ والامضاء، ثم إن تلك العقود نافذة عندنا (و) حينئذ (يملكه المشتري إن قبض فيصح إعتاقه) وكذا كل تصرف لا يمكن نقضه (ولزمه قيمته) وقت الاعتاق ولو معسرا.
زاهدي.
لاتلافه بعقد فاسد (فإن قبض ثمنه أو سلم) المبيع (طوعا) قيد للمذكورين (نفذ) يعني لزم(6/422)
لما مر أن عقود المكره نافذة عندنا، والمعلق على الرضا والاجازة لزومه لا نفاذه، إذ اللزوم أمر وراء النفاذ كما حققه ابن الكمال.
قلت: والضابط أن ما لا يصح من الهزل ينعقد فاسدا فله إبطاله، وما يصح فيضمن الحامل كما سيجئ (وإن قبض) الثمن (مكرها لا) يلزم (ورده) ولم يضمن إن هلك الثمن لانه أمانة.
درر (إن بقي) في يده لفساد العقد (لكنه يخالف البيع الفاسد في أربع صور: يجوز
بالاجارة) القولية والفعلية.
(و) الثاني: إنه (ينقض تصرف المشتري منه) وإن تداولته الايدي.
(و) الثالث: (تعتبر القيمة وقت الاعتاق دون وقت القبض و) الرابع: (الثمن والثمن أمانة في يد المكره)(6/423)
لاخذه بإذن المشتري فلا ضمان بلا تعد بخلافهما في الفاسد.
بزازية (أمر السلطان إكراه وإن لم يتوعده وأمر غيره، لا إلا أن يعلم المأمور بدلالة الحال أنه لو لم يمتثل أمره يقتله أو يقطع يده أو يضربه ضربا يخاف على نفسه أو تلف عضوه) منية المفتي، وبه يفتى.
وفي البزازية: الزوج سلطان زوجته فيتحقق منه الاكراه (أكره المحرم على قتل صيد فأبى حتى قتل كان مأجورا) عند الله تعالى.
أشباه (ولو أكره البائع) على البيع (لا المشتري وهلك المبيع في يده ضمن قيمته للبائع) بقبضه بعقد فاسد (و) البائع المكره (له أن يضمن أيا شاء) من المكره بالكسر والمشتري (فإن ضمن المكره(6/424)
رجع على المشتري بقيمته، وإن ضمن المشتري نفذ) يعني جاز لما مر (كل شراء بعده ولا ينفذ ما قبله) لو ضمن المشتري الثاني مثلا لصيرورته ملكه فيجوز ما بعده لا ما قبله فيرجع المشتري الضامن بالثمن على بائعه، بخلاف ما إذا أجاز المالك أحد البياعات حيث يجوز الجميع ويأخذ الثمن من المشتري الاول لزوال المانع بالاجارة (فإن أكره على أكل ميتة أو دم أو لحم خنزير أو شرب خمر بإكراه) غير ملجئ (بحبس أو ضرب أو قيد لم يحل) إذ لا ضرورة في إكراه غير ملجئ.
نعم لا يحد للشرب للشبهة (و) إن أكره بملجئ (بقتل أو قطع) عضو أو ضرب مبرح.
ابن كمال (حل) الفعل بل فرض (فإن صبر فقتل أثم) إلا إذا أراد مغايظة الكفار فلا بأس به،(6/425)
وكذا لو لم يعلم الاباحة بالاكراه لا يأثم لخفائه فيعذر بالجهل، كالجهل بالخطاب في أول الاسلام أو في دار الحرب (كما في المخمصة) كما قدمناه في الحج (و) إن أكره (على الكفر) بالله تعالى أو سب النبي (ص).
مجمع.
وقد روي (بقطع أو قتل رخص له أن يظهر ما أمر به) على لسانه ويوري
(وقلبه مطمئن بالايمان) ثم إن وري لا يكفر وبانت امرأته قضاء لا ديانة، وإن خطر بباله التورية ولم يور كفر وبانت ديانة وقضاء نوزال وجلالية (ويؤجر لو صبر)(6/426)
لتركه الاجراء المحرم ومثله سائر حقوقه تعالى كإفساد صوم وصلاة وقتل صيد حرم أو في إحرام وكل ما ثبتت فرضيته بالكتاب.
اختيار (ولم يرخص) الاجراء (بغيرهما) بغير القطع والقتل: يعني بغير الملجئ.
ابن كمال.
إذ التكلم بكلمة الكفر لا يحل أبدا (ورخص له إتلاف مال مسلم) أو ذمي.
اختيار (بقتل أو قطع) ويؤجر لو صبر.
ابن ملك (وضمن رب المال المكره) بالكسر، لان المكره بالفتح كالآلة (لا) يرخص (قتله)(6/427)
أو سبه أو قطع عضوه وما لا يستباح بحال.
اختيار (ويقاد في) القتل (العمد المكره) بالكسر لو مكلفا على ما في المبسوط خلافا لما في النهاية (فقط) لان القاتل كالآلة، وأوجبه الشافعي(6/428)
عليهما، ونفاه أبو يوسف عنهما للشبهة (ولو أكره على الزنا لا يرخص له) لان فيه قتل النفس بضياعها لكنه لا يحد استحسانا، بل يغرم المهر ولو طائعة لانهما لا يسقطان جميعا.
شرح وهبانية (وفي جانب المرأة يرخص) لها الزنا (بالاكراه الملجئ) لان نسب الولد لا ينقطع فلم يكن في معنى القتل من جانبها بخلاف الرجل (لا بغيره لكنه يسقط الحد في زناها لا زناه) لانه لما لم يكن الملجئ رخصة له لم يكن غير الملجئ شبه له.
فرع: ظاهر تعليلهم أن حكم اللواطة كحكم المرأة لعدم الولد فترخص بالملجئ، إلا أن يفرق بكونها أشد حرمة من الزنا لانها لم تبح بطريق ما، ولكون قبحها عقليا ولذا لا تكون في الجنة على الصحيح.
قاله المصنف (وصح نكاحه وطلاقه وعتقه) لو بالقول لا بالفعل كشراء(6/429)
قريبه.
ابن كمال (ورجع بقيمة العبد ونصفه المسمى إن لم يطأ، ونذره ويمينه وظهاره ورجعته
وإيلاؤه وفيئه فيه) أي في الايلاء بقول أو فعل (وإسلامه) ولو ذميا كما هو إطلاق كثير من المشايخ وما في الخانية من التفصيل فقياس، والاستحسان صحته مطلقا، فليحفظ (بلا قتل لو رجع) للشبهة، كما مر في باب المرتد (وتوكيله بطلاق وعتاق)(6/430)
وما في الاشباه من خلافه فقياس، والاستحسان وقوعه، والاصل عندنا أن كل ما يصح مع الهزل يصح مع الاكراه، لان ما يصح مع الهزل لا يحتمل الفسخ، وكل ما لا يحتمل الفسخ لا يؤثر فيه الاكراه.
وعدها أبو الليث في خزانة الفقه ثمانية عشر، وعديناها في باب الطلاق نظما(6/431)
عشرين (لا) يصح مع الاكراه (إبراؤه مديونه أو) إبراؤه (كفيله) بنفس أو مال، لان البراءة لا تصح مع الهزل، وكذا لو أكره الشفيع أن يسكت على طلب الشفعة فسكت لا تبطل شفعته (و) لا (ردته) بلسانه وقلبه مطمئن بالايمان (فلا تبين زوجته) لانه لا يكفر به والقول له استحسانا.
قلت: وقدمنا على النوازل خلافه فلعله قياس، فتأمل.
(أكره القاضي رجلا ليقر بسرقة أو بقتل رجل بعمد أو) ليقر (بقطع يد رجل بعمد فأقر بذلك فقطعت يده أو قتل) على ما ذكر (إن كان المقر موصوفا بالصلاح اقتص من القاضي، وإن متهما بالسرقة معروفا بها وبالقتل لا) يقتص من القاضي استحسانا للشبهة.
خانية.
(قيل له: إما أن تشرب هذا الشراب أو تبيع كرمك(6/432)
فهو إكراه، إن كان شرابا لا يحل) كالخمر (وإلا فلا) قنية.
قال: وكذا الزنا وسائر المحرمات.
(صادره السلطان ولم يعين بيع ماله فباعه صح) لعدم تعينه، والحيلة أن يقول: من أين أعطي ولا مال لي، فإذا قال الظالم بع كذا فقد صار مكرها فيه.
بزازية.
(خوفها الزوج بالضرب حتى وهبته مهرها لم تصح) الهبة (إن قدر الزوج على الضرب) وإن هددها بطلاق أو تزوج عليها أو تسر فليس بإكراه.
خانية.
وفي مجمع الفتاوى: منع امرأته
المريضة عن المسير إلى أبويها إلا أن تهبه مهرها فوهبته بعض المهر فالهبة باطلة، لانها كالمكره قلت: ويؤخذ منه جواب حادثة الفتوى: وهي زوج بنته البكر من رجل، فلما أرادت الزفاف منعها الاب، إلا أن يشهد عليها أنها استوفت منه ميراث أمها فأقرت ثم أذن لها بالزفاف فلا يصح إقرارها لكونها في معنى المكرهة، وبه أفتى أبو السعود مفتي الروم.
قاله المصنف في(6/433)
شرح منظومته: تحفة الاقران في بحث الهبة: (المكره بأخذ المال لا يضمن) ما أخذه (إذا نوى) الآخذ وقت الاخذ (أنه يرد على صاحبه وإلا يضمن، وإذا اختلفا) أي المالك والمكره (في النية فالقول للمكره مع يمينه) ولا يضمن.
مجتبى.
وفيه المكره على الاخذ والدفع إنما يبيعه ما دام حاضرا عند المكره، وإلا لم يحل لزوال القدرة والالجاء بالبعد منه، وبهذا تبين أنه لا عذر لاعوان الظلمة في الاخذ عند غيبة الامير أو رسوله، فليحفظ.
فروع: أكره على أكل طعام نفسه: إن جائعا لا رجوع، وإن شبعانا رجع بقيمته على المكره لحصول منفعة الاكل له في الاول الثاني.
قال أهل الحرب لنبي أخذوه: إن قلت لست بنبي تركناك وإلا قتلناك لا يسعه قول ذلك، وإن قيل لغير نبي إن قلت هذا ليس بنبي تركنا نبيك وإن قلت نبي قتلناه وسعه لامتناع الكذب على الانبياء.
قال حربي لرجل: إن دفعت جاريتك لازني بها دفعت لك ألف أسير لم يحل.
أقر بعتق عبده مكرها لم يعتق في الاصح، وهل الاكراه بأخذ المال معتبر شرعا؟ ظاهر القنية نعم.
وفي الوهبانية:(6/434)
إن يقل المديون إني * مرافع لتبرئ فالاكراه معنى مصور وصح قوله: إني مرافع إلخ قد غيرت بيت الوهبانية إلى قولي: وإن يقل المديون إن لم تهبه لي * أرافعك فالاكراه معنى مصور
الاستحسان إسلام مكره * ولا قتل إن يرتد بعد ويجبر اه منه.(6/435)
كتاب الحجر (هو) لغة: المنع مطلقا.
وشرعا: (منع من نفاذ تصرف قولي) لا فعلي، لان الفعل بعد وقوعه لا يمكن رده فلا يتصور الحجر عنه.
قلت: يشكل عليه الرقيق لمنع فعله في الحال، بل بعد العتق كما صرح به في(6/436)
البدائع، اللهم إلا أن يقال: الاصل فيه ذلك لكنه أخر لعتقه لقيام المانع، فتأمل.
(وسببه صغر وجنون) يعم القوي والضعيف كما في المعتوه، حكمه كمميز كما سيجئ في المأذون (ورق فلا يصح طلاق صبي ومجنون مغلوب) أي لا يفيق بحال،(6/437)
وأما الذي يجن ويفيق فحكمه كمميز.
نهاية (و) لا (إعتاقها وإقرارهما) نظرا لهما (وصح طلاق عبد وإقراره في حق نفسه فقط) لا سيده (فلو أقر بمال أخر إلى عتقه) لو لغير مولاه ولو له هدر (وبحد وقود(6/438)
أقيم في الحال) لبقائه على أصل الحرية في حقهما (ومن عقد) عقدا يدور بيني نفع وضر كما سيجئ في المأذون (منهم) من هؤلاء المحجورين (وهو يعقله) يعرف أن البيع سالب للملك والشراء جالب (أجاز وإليه أو رد) وإن لم يعقله فباطل.
نهاية (وإن أتلفوا) أي هؤلاء المحجورين سواء عقلوا أو لا.
درر (شيئا) مقوما من مال أو نفس (ضمنوا) إذ لا حجر في الفعلي لكن ضمان العبد بعد العتق على ما مر.
وفي الاشباه: الصبي المحجور مؤاخذ بأفعاله فيضمن ما أتلفه(6/439)
من المال للحال، وإذا قتل فالدية على عاقلته إلا في مسائل: لو أتلف ما اقترضه وما أودع عنده بلا إذن وليه وما أعير له وما بيع منه بلا إذن، ويستثنى من إيداعه ما إذا أوفع صبي محجور مثله وهي ملك غيرهما فللمالك تضمن الدافع والآخذ (ولا يحجر حر مكلف بسفه) هو تبذير المال وتضييعه(6/440)
على خلاف مقتضى الشرع أو العقل.
درر.
ولو في الخير كأن يصرفه في بناء المساجد ونحو ذلك فيحجر عليه عندهما.
وتمامه في فوائد شتى في الاشباه (وفسق ودين) وغفلة (بل) يمنع (مفت ماجن) يعلم الحيل الباطلة كتعليم الردة لتبين من زوجها أو لتسقط عنها الزكاة (وطبيب جاهل ومكار مفلس، وعندهما يحجر على الحر بالسفه و) الغفلة و (به) أي بقولهما (يفتى) صيانة(6/441)
لماله وعلى قولهما المفتى به (فيكون في أحكامه كصغير) ثم هذا الخلاف في تصرفات تحتمل الفسخ ويبطلها الهزل، وأما ما لا يحتمله ولا يبطله الهزل فلا يحجر عليه بالاجماع، فلذا قال (إلا في نكاح وطلاق وعتاق واستيلاد وتدبير ووجوب زكاة) وفطرة (وحج(6/442)
وعبادات وزوال ولاية أبيه أو جدو في صحة إقراره بالعقوبات وفي الانفاق وفي صحة وصاياه بالقرب من الثلث فهو) أي في هذا (كبالغ) وفي كفارة كعبد.
أشباه.
والحاصل: أن كل ما يستوي فيه الهزل والجد ينفذ من المحجور، وما لا فلا إلا بإذن القاضي.
خانية (فإن بلغ) الصبي (غير رشيد لم يسلم إليه ماله(6/443)
حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة فصح تصرفه قبله) أي قبل المقدار المذكور من المدة (وبعده يسلم إليه) وجوبا: يعني لو منعه منه بعد طلبه ضمن وقبل طلبه لا ضمان كما يفيده كلام المجتبى وغيره.
قال شيخنا؟ وإن لم يكن رشيدا وقالا: لا يدفع حتى يؤنس رشده ولا يجوز تصرفه فيه
(والرشد) المذكور في قوله تعالى: * (فإن آنستم منهم رشدا) * (هو كونه مصلحا في ماله فقط) ولو فاسقا.
قاله ابن عباس (والقاضي يحبس الحر المديون ليبيع ماله لدينه وقضى دراهم دينه من دراهمه) يعني بلا أمره، وكذا لو كان دنانير (وباع دنانيره بدراهم دينه وبالعكس استحسانا) لاتحادهما في الثمنية (لا) يبيع القاضي (عرضه ولا عقاره) للدين(6/444)
(خلافا لهما، وبه) أي بقولهما ببيعهما للدين (يفتى) اختيار.
وصححه في تصحيح القدوري.
ويبيع كل ما لا يحتاجه في الحال، ولو أقر بمال يلزمه بعد الديون ما لم يكن ثابتا ببينة أو علم قاض فيزاحم الغرماء(6/445)
كمال استهلكه، إذ لا حجر في الفعل كما مر.
(أفلس ومعه عرض شراه فقبضه بالاذن) من بائعه ولم يؤد ثمنه (فبائعه أسوة الغرماء) في ثمنه (فإن أفلس قبل قبضه أو بعده) لكن (بغير إذن كان له استرداده) وحبسه (بالثمن) وقال الشافعي: للبائع الفسخ.
(حجر القاضي عليه ثم رفع إلى) قاض (آخر فأطلقه) وأجاز ما صنع المحجور، كذا في الخانية وهو ساقط من الدرر والمنح (جاز إطلاقه) وما صنع المحجور في ماله من بيع أو شراء قبل إطلاق الثاني أو بعده كان جائزا، لان حجر الاول مجتهد فيه فيتوقف على إمضاء قاض آخر.
فروع: يصح الحجر على الغائب لكن لا ينحجر ما لم يعلم: خانية.(6/446)
ولا يرتفع الحجر بالرشد بل بإطلاق القاضي، ولو ادعى الرشد وادعى خصمه بقاءه على السفه وبرهنا ينبغي تقديم بينة بقاء السفه.
أشباه.
وفي الوهبانية: ومن يدعي إقراره قبل يحجر * فمن يدعيه وقته فهو أجدر
ولو باع والقاضي أجاز وقال لا * تؤدى فما أداه من بعد يخسر فصل (بلوغ الغلام بالاحتلام والاحبال والانزال)(6/447)
والاصل هو الانزال (والجارية بالاحتلام والحيض والحبل) ولم يذكر الانزال صريحا لانه قلما يعلم منها (فإن لم يوجد فيهما) شئ (فحتى يتم لكل منهما خمس عشرة سنة، به يفتى) لقصر أعمار أهل زماننا (وأدنى مدته له اثنتا عشرة سنة ولها تسع سنين) هو المختار كما في أحكام الصغار (فإن راهقا) بأن بلغا هذا السن (فقالا بلغنا صدقا إن لم يكذبهما الظاهر) كذا قيده في العمادية وغيرهما، فبعد ثنتي عشرة سنة يشترط شرط آخر لصحة إقراره بالبلوغ وهو أن يكون بحال يحتلم مثله، وإلا لا يقبل قوله: (شرح وهبانية) (وهما) حينئذ (كبالغ حكما) فلا يقبل جحوده البلوغ بعد إقراره مع احتمل حاله فلا تنقض قسمته ولا بيعه، وفي الشرنبلالية: يقبل قول المراهقين قد(6/448)
بلغنا مع تفسير كل بماذا بلا يمين.
وفي الخزانة: أقر بالبلوغ فقبل اثنتي عشرة سنة لا تصح البينة وبعده تصح اه.(6/449)
كتاب المأذون (الاذن) لغة: الاعلام: شرعا: (فك الحجر) أي في التجارة، لان الحجر لا ينفك عن العبد المأذون في غير باب التجارة.
ابن كمال (وإسقاط لحق) المسقط هو المولى لو المأذون رقيق والولي لو صبيا، وعند زفر والشافعي هو توكيل وإنابة (ثم يتصرف) العبد (لنفسه بأهليته فلا يتوقت) بوقت ولا يتخصص بنوع تفريع على كونه أسقاطا(6/450)
(ولا يرجع بالعهدة على سيده) لفكه الحجر (فلو أذن لعبده) تفريع على فك الحجر (يوما) أو شهرا
(صار مأذونا مطلقا حتى يحجر عليه) لان الاسقاطت لا تتوقت (ولم يتخصص بنوع، فإذا أذن في نوع عم إذنه في الانواع كلها) لانه فك الحجر لا توكيل.
ثم اعلم أن الاذن بالتصرف النوعي إذن بالتجارة، وبالشخصي استخدام (ويثبت) الاذن (دلالة فعبد رآه سيده يبيع ملك أجنبي) فلو ملك مولاه لم يجز حتى يأذن بالنطق.(6/451)
بزازية ودرر عن الخانية، لكن سوى بينهما الزيلعي وغيره، وجزم بالتسوية ابن الكمال وصاحب الملتقى، ورجحه في الشرنبلالية بأن ما في المتون والشروح أولى بما في كتب الفتاوى، فليحفظ (ويشتري) ما أراد (وسكت) السيد (مأذون) خبر المبتدأ، إلا إذا كان المولى قاضيا.
أشباه.
ولكن(6/452)
(لا) يكون مأذونا (في) بيع (ذلك الشئ) أو شرائه فلا ينفذ على المولى بيع ذلك المتاع، لانه يلزم أن يصير مأذونا قبل أن يصير مأذونا وهو باطل.
قلت: لكن قيده القهستاني معزيا للذخيرة بالبيع دون الشراء من مال مولاه: أي فيصح فيه أيضا، وعليه فيفتقر إلى الفرق.
والله تعالى الموفق.(6/453)
(و) يثبت (صريحا فلو أذن مطلقا) بلا قيد (صح كل تجارة منه إجماعا) أما لو قيد فعندنا يعم، خلافا للشافعي (فيبيع ويشتري ولو بغبن فاحش) خلافا لهما (ويوكل بهما ويرهن ويرتهن ويعير الثوب والدابة) لانه من عادة التجار (ويصالح عن قصاص وجب على عبده ويبيع من مولاه بمثل القيمة، و) أما (بأقل) منها ف (لا و) يبيع (مولاه منه بمثل القيمة أو أقل، وللمولى حبس(6/454)
المبيع لقبض ثمنه) من العبد (ويبطل الثمن) خلافا لما صححه شارح المجمع معزيا للمحيط (لو سلم) المبيع (قبل قبضه) لانه لا يجب له على عبده دين فخرج مجانا، حتى لو كان الثمن عرضا لم يبطل لتعينه بالعقد، وهذا كله لو المأذون مديونا وإلا لم يجز بينهما بيع.
نهاية (ولو باع المولى منه
بأكثر حط الزائد أو فسخ العقد) أي يؤمر السيد بأن يفعل واحدا منهما لحق الغرماء (فيما كان من التجارة وتقبل الشهادة عليه) أي على العبد المأذون بحق ما (وإن لم يحضر مولاه) ولو محجورا لا تقبل: يعني لا تقبل على مولاه بل عليه فيؤاخذ به بعد العتق، ولو حضرا معا فإن الدعوى باستهلاك مال أو غصبه قضى على المولى، وإن باستهلاك وديعة أو بضاعة على المحجور تسمع على العبد، وقيل على المولى،(6/455)
ولو شهدوا على إقرار العبد بحق لم يقض على المولى مطلقا.
وتمامه في العمادية (ويأخذ الارض إجارة ومساقاة ومزارعة ويشتري بذرا يزرعه) ويؤاجر ويزارع ويشارك عنانا (لا مفاوضة ويستأجر ويؤجر ولو نفسه ويقر بوديعة) وغصب ودين ولو عليه دين(6/456)
(لغير زوج وولد ووالد) وسيد فإن إقراره لهم بالدين باطل عنده خلافا لهما.
درر.
ولو بعين صح إن لم يكن مديونا.
وهبانية (ويهدي طعاما يسيرا) بما لا يعد سرفا، ومفاده أنه لا يهدي من(6/457)
غير المأكول أصلا.
ابن كمال.
وجزم به ابن الشحنة.
والمحجور لا يهدي شيئا.
وعن الثاني: إذا دفع للمحجور قوت يومه فدعا بعض رفقائه للاكل معه فلا بأس، بخلاف ما لو دفع إليه قوت شهر، ولا بأس للمرأة أن تتصدق من بيت سيدها أو زوجها باليسير كرغيف ونحوه.
ملتقى.
ولو علم منه عدم الرضا لم يجز (ويضيف من يطعمه) ويتخذ الضيافة اليسيرة بقدر ماله (ويحط من الثمن بعيب قدر ما يحط التجار) ويحابي ويؤجل.
مجتبى (ولا يتزوج) إلا بإذن (ولا يتسرى) وإن أذن له المولى (ولا يزوج رقيقه) وقال أبو يوسف: يزوج الامة (ولا يكاتبه) إلا أن يجيزه المولى ولا دين عليه(6/458)
وولاية القبض للمولى (ولا يعتق بمال) إلا أن يجيزه المولى إلى آخر ما مر (ولا بغيره ولا يقرض
ولا يهب ولو بعوض ولا يكفل مطلقا) بنفس أو مال (ولا يصالح عن قصاص وجب عليه ولا يعفو عن القصاص) ويصالح عن قصاص وجب على عبده.
خزانة الفقه (وكل دين وجب عليه بتجارة أو بما هو في معناها) أمثلة الاول (كبيع وشراء وإجارة واستئجار، و) أمثلة الثاني (غرم وديعة وغصب وأمانة جحدهما) عبارة الدرر وغيرها جحدها بلا ميم: فتنبه (وعقر وجب بوطئ مشرية بعد الاستحقاق) كل ذلك (يتعلق برقبته)(6/459)
كدين الاستهلاك والمهر ونفقة الزوجة (يباع فيه) ولهم استعساؤه أيضا.
زيلعي ومفاده أن زوجته لو اختارت استسعاءه لنفقة كل يوم أن يكون لها ذلك أيضا.
بحر.
من النفقة (بحضرة مولاه) أو نائبه لاحتمال أن يفديه، بخلاف بيع الكسب فإنه لا يحتاج لحضور المولى لان العبد خصم فيه (ويقسم ثمنه بالحصص و) يتعلق (بكسب حصل قبل الدين أو بعده) ويتعلق (بما وهب له وإن لم يحضر) مولاه، هذا قيد للكسب والانهاب، لكن يشترط حضور العبد لانه الخصم في كسبه، ثم إنما يبدأ بالكسب، وعند عدمه يستوفي من الرقبة.
قلت: وأما الكسب الحاصل قبل الاذن فحق للمولى فله أخذن مطلقا.
قال شيخنا:(6/460)
ومفاده أنه لو اكتسب المحجور شيئا وأودعه عند آخر وهلك في يد المودع للمولى تضمينه، لانه كمودع الغاصب فتأمله (لا) يتعلق الدين (بما أخذه مولاه منه قبل الدين وطولب) المأذون (بما بقي) من الدين زائدا عن كسبه وثمنه (بعد عتقه) ولا يباع ثانيا (ولمولاه أخذ غلة مثله(6/461)
بوجود دينه وما زاد للغرماء) يعني لو كان المولى يأخذ من العبد كل شهر عشرة دراهم مثلا قبل لحوق الدين كان له أن يأخذها بعد لحوقه استحسانا، لانه لو منع منها يحجر عليه فينسد باب الاكتساب (وينحجر بحجره إن علم هو) نفسه لدفع الضرر عنه (وأكثر أهل سوقه إن كان) الاذن (شائعا، أما إذا لم يعلم به) أي بالاذن (إلا العبد) وحده (كفى في حجره علمه) به (فقط) ولا
يشترط مع ذلك علم أكثر أهل سوقه لانتفاء الضرر.
وفي البزازية: باع عبده المأذون إن لم يكن عليه دين صار محجورا عليه علم أهل سوقه ببيعه أم لا لصحة البيع وإن عليه دين، لا ما لم يقبضه المشتري لفساد البيع.
وهل للغرماء فسخه(6/462)
إن ديونهم حالة؟ نعم، إلا إذا كان بالثمن وفاء أو أبرؤوا العبد أو أدى المولى.
وتمامه في السراجية (وبموت سيده وجنونه مطبقا ولحوقه) وكذا بجنون المأذون ولحوقه أيضا (بدار الحرب مرتدا وإن لم يعلم أحد به) لانه موت حكما (و) ينحجر حكما (بإباقه) وإن لم يعلم أحد كجنونه (ولو عاد منه) أو أفاق من جنونه (لم يعد الاذن) في الصحيح.
زيلعي وقهستاني (وباستيلادها) بأن ولدت منه فادعاه كان حجرا دلالة ما لم يصرح بخلافه (لا) تنحجر (بالتدبير وضمن بهما قيمتهما) فقط (للغرماء لو عليهما دين) محيط.(6/463)
(إقراره) مبتدأ (بعد حجره أن ما معه أمانة أو غصب أو دين عليه) لآخر (صحيح) خبر (فيقبضه منه) وقال: لا يصح.
(أحاط دينه بماله ورقبته لم يملك سيده ما معه فلم يعتق عبد من كسبه بتحرير مولاه)، وقالا يملكه فيعتق، وعليه قيمته موسرا ولو معسرا، فلهم أن يضمنوا العبد المعتق ثم يرجع على المولى.
ابن كمال (ولو اشترى ذا رحم محرم من المولى لم يعتق) ولو ملكه لعتق (ولو أتلف المولى ما في يده من الرقيق ضمن) ولو ملكه لم يضمن خلافا لهما بناء على ثبوت الملك وعدمه (وإن لم يحط) دينه بماله ورقبته (صح تحريره) إجماعا (إعتاقه) حال كون (المأذون مديونا) ولو بمحيط (وضمن المولى للغرماء الاقل من دينه وقيمته) وإن شاؤوا اتبعوا العبد بكل ديونهم، وباتباع أحدهما لا يبرأ الآخر فهما ككفيل مع مكفول عنه (وطولب بما بقي) من دينهم إذا لم تف به قيمته (بعد عتقه) لتقرره في ذمته وصح تدبيره ولا ينحجر(6/464)
ويخير الغرماء كعتقه، إلا أن من اختار أحد الشيئين ليس له الرجوع.
شرح تكملة.
وفي الهداية: ولو كان المأذون مدبرا أو أم ولد لم يضمن قيمتهما، لان حق الغرماء لم يتعلق برقبتهما لانهما لا يبعان بالدين، ولو أعتقه المولى بإذن الغرماء فلهم تضمين مولاه.
زيلعي (و) المأذون (إن باعه سيده) بأقل من الديون (وغيبه المشتري) قيد به، لان الغرماء إذا قدروا على العبد كان لهم فسخ البيع كما مر (ضمن الغرماء البائع قيمته) لتعديه (فإن رد) العبد (عليه بعيب قبل القبض) مطلقا أو بخيار رؤية أو شرط(6/465)
(أو بعده بقضاء رجع) السيد (بقيمته على الغرماء وعاد حقهم في العبد) لزوال المانع (وإن رد بعد القبض لا بقضاء فلا سبيل لهم على العبد للمولى ولا لعبد على القيمة) لان الرد بالتراضي إقالة وهي بيع في حق غيرهما (وإن فضل من دينهم شئ رجعوا به على العبد بعد الحرية) كما مر (أو ضمنوا مشتريه) عطف على البائع: أي إن شاؤوا ضمنوا المشتري ويرجع المشتري بالثمن على البائع (أو أجازوا البيع وأخذوا الثمن) لا قيمة العبد (وإن باعه) السيد(6/466)
(معلما بدينه) يعني مقرا به لا منكرا كما سيجئ لتحقق المخاصمة، ويسقط خيار المشتري لا الغرماء (فللغرماء رد البيع) إن لم يصل ثمنه إليهم،(6/467)
لان قبضهم الثمن دليل الرضا للبيع، إلا إذا كان في محاباة، فإما أن ترفع أو ينقض البيع.
ابن كمال.
قال المصنف: هذا إذا كان الدين حالا وكان البيع بلا طلب الغرماء والثمن لا يفي بدينهم، وإلا فالبيع نافذ لزوال المانع (وإن غاب المانع) وقد قبضه المشتري (فالمشتري ليس بخصم لهم) لو منكرا دينه خلافا للثاني،(6/468)
ولو مقرا فخصم كما مر (ولو بقلبه) بأن غاب المشتري والبائع حاضر (فالحكم كذلك) أي لا
خصومة (إجماعا) يعني حتى يحضر المشتري، لكن لهم تضمن البائع قيمته أو إجازة البيع وأخذ الثمن.
(عبد قدم مصرا وقال أنا عبد فلان مأذون في التجارة فباع واشترى) فهو مأذون وحينئذ (لزمه كل شئ من التجارة، وكذا) الحكم (لو اشترى) العبد (وباع ساكتا عن إذنه وحجره) كان مأذونا استحسانا لضرورة التعامل وأمر المسلم محمول (على الصلاح فيحمل عليه ضرورة.
شرح الجامع).
ومفاده تقييده المسألة بالمسلم.
ابن كمال (و) لكن (لا يباع لدينه) إذا لم يف كسبه (إلا إذا أقر مولاه به) أي بالاذن أو أثبته الغريم بالبينة (وتصرف الصبي والمعتوه) الذي يعقل البيع والشراء(6/469)
(إن كان نافعا) محضا (كالاسلام والاتهاب صح بلا إذن وإن ضارا كالطلاق والعتاق) والصدقة والقرض (لا وإن أذن به وليهما، وما تردد) من العقود (بين نفع وضرر كالبيع والشراء توقف على الاذن) حتى لو بلغ فأجازه نفذ (فإن أذن لهما الولي فهما في شراء وبيع كعبد مأذون) في كل أحكامه.
(والشرط) لصحة الاذن (أن يعقلا البيع سالبا للملك) عن البائع (والشراء جالبا له) زاد الزيلعي: وأن يقصد الربح ويعرف الغبن اليسير من الفاحش(6/470)
وهو ظاهر (ووليه أبوه ثم وصيه) بعد موته ثم وصي وصيه كما في القهستاني عن العمادية (ثم) بعدهم (جده) الصحيح وإن علا (ثم وصيه) ثم وصي وصيه.
قهستاني.
زاد القهساني والزيلعي: ثم الوالي بالطريق الاولى (ثم القاضي أو وصيه) أيهما تصرف يصح فلذا لم يقل ثم؟ دون الام أو وصيها هذا في المال،(6/471)
بخلاف النكاح كما مر في بابه.
(رأى القاضي الصبي أو المعتوه أو عبدهما) أو عبد نفسه كما مر (يبيع ويشتري فسكت لا
يكون) سكوته (إذنا في التجارة و) والقاضي (له أن يأذن لليتيم والمعتوه إذا لم يكن له ولي ولعبدهما إذا كان لكل واحد منهما) من الصبي والمعتوه (ولي وامتنع) الولي من (الاذن عند طلب ذلك منه) أي من القاضي.
زيلعي.
قلت: وفي البرجندي عن الخزانة: لو أبى أبوه أو وصيه صح إذن القاضي له.
زاد شارح الوهبانية: ولا ينحجر بعد ذلك أصلا لانه حكم(6/472)
إلا بحجر قاضي آخر.
فتدبر.
فروع: لو أقر الانسان بما معهما من كسب أو إرث صح على الظاهر كمأذون.
درر.
المأذون لا يكون مأذونا قبل العلم به إلا في مسألة ما إذا قال بايعوا عبدي فإني أذنت له فبايعوه وهو لا يعلم صار مأذونا، بخلاف قوله بايعوا ابني الصغير لا يصح الاذن للآبق والمغصوب المجحود ولا بينه، ولا يصير محجورا بهما(6/473)
على الصحيح.
أشباه.
وفي الوهبانية: ولو أذن القاضي لطفل وقد أبى * أبوه يصح الاذن منه فيتجر وضمن يعقوب الصغير وديعة * وتحليفه يفتى به حيث ينكر ولو رهن المحجور أو باع أو شرى * وجوزه المولى فما يتغير لتوقف تصرف المحجور على الاجازة، فلو لم يجز بل أذن له في التجارة فأجازها العبد جاز استحسانا، ولو لم يأذن له فأعتقه فأجازها لم تصح إجازته.
قال: وكذا الصبي المميز.
قلت: ولا يخفى أن ما هو تبرع ابتداء ضار فلا يصح بإذن ولي الصغير كالقرض انتهى، والله أعلم.(6/474)
كتاب الغصب
(هو) لغة: أخذ الشئ مالا أو غيره كالحر على وجه التغلب.
وشرعا: (إزالة يد محقة) ولو حكما كجحوده لما أخذه قبل أن يحوله (بإثبات يد مبطلة)(6/475)
واعتبر الشافعي إثبات اليد فقط والثمرة في الزوائد، فثمرة بستان مغصوب لا تضمن عندنا خلافا له.
درر (في مال) فلا يتحقق في ميتة وحر (متقوم) فلا يتحقق في خمر مسلم (محترم) فلا يتحقق في مال حربي (قابل للنقل) فلا يتحقق في العقار خلافا لمحمد (بغير إذن مالكه) احترز به عن الوديعة.
واعلم أن الموقوف مضمون بالاتلاف مع أنه ليس بمملوك أصلا، صرح به في البدائع.(6/476)
فلو قال بلا إذن من له الاذن كما فعل ابن الكمال لكان أولى (لا بخفية) احترز به السرقة، وفيه لابن الكمال كلام (فاستخدام العبد وتحميل الدابة غصب) لازالة يد المالك (لا جلوسه على بساط) لعدم إزالتها فلا يضمن ما لم يهلك بفعله، وكذا لو دخل دار إنسان وأخذ متاعا وجحد فهو ضامن، وإن لم يحوله ولم يجحد لم يضمن ما لم يهلك بفعله أو يخرجه من الدار.
خانية (وحكمه الاثم لمن علم أنه مال الغير ورد العين قائمة والغرم هالكة ولغير من علم الاخيران) فلا إثم لانه خطأ، وهو مرفوع بالحديث (المغصوب منه مخير بين تضمين الغاصب وغاصب(6/477)
الغاصب، إلا إذا كان في الوقف المغصوب بأن غصبه وقيمته أكثر وكان الثاني أملا من الاول فإن الضمان على الثاني) كذا في وقف الخانية، وفي غصبها غصب عجلا فاستهلكه ويبس لبن أمه ضمن قيمة العجل ونقصان الام، وفي كراهيتها من هدم حائط غيره ضمن نقصانه ولم يؤمر(6/478)
بعمارته إلا في حائط المسجد.
وفي القنية: تصرف في ملك غيره ثم ادعى أنه كان بإذنه فالقول للمالك، إلا إذا تصرف
في مال امرأته فماتت، وادعى أنه كان بإذنها وأنكر الوارث فالقول للزوج (ويجب رد عين(6/479)
المغصوب) ما لم يتغير تغيرا فاحشا.
مجتبى (في مكان غصبه) لتفاوت القيم باختلاف الاماكن (ويبرأ بردها ولو بغير علم المالك) في البزازية غصب دراهم إنسان من كيسه ثم ردها فيه بلا عمله برئ، وكذا لو سلمه إليه بجهة أخرى كهبة أو إيداع أو شراء، وكذا لو أطعمه فأكله(6/480)
خلافا للشافعي.
زيلعي (أو) يجب رد (مثله إن هلك وهو مثلي وإن انقطع المثل) بأن لا يوجد في السوق الذي يباع فيه وإن كان يوجد في البيوت.
ابن كمال (فقيمته يوم الخصومة) أي وقت القضاء، وعند أبي يوسف يوم الغصب، وعند محمد يوم الانقطاع ورجحاچ.
قهستاني (وتجب القيمة في القيمي يوم غصبه) إجماعا (والمثلي المخلوط بخلاف جنسه) كبر مخلوط بشعير وشيرج مخلوط بزيت ونحو ذلك كدهن نجس (قيمي) فتجب قيمته يوم غصبه، وكذا كل موزون يختلف بالصنعة كقمقم وقدر.
درر.
وديس.
ذكره في الجواهر.
زاد المصنف: ورب قطر، لان كلا منها يتفاوت بالصنعة ولا يصح السلم فيها ولا تثبت دينا في الذمة.(6/481)
قلت: وفي الذخيرة: والجبن قيمي في الضمان مثلي في غيره كالسلم.
وفي المجتبى: السويق قيمي لتفاوته بالقلي، وقيل مثلي.
وفي الاشباه: الفحم واللحم ولو نيئا والآجر قيمي وفي حاشيتهما لابن المصنف هنا: وفيما يجلب التيسير معزيا للفصولين وغيره، وكذا الصابون والسرقين والورق والابرة والعصفر والصرم والجلد والدهن المتنجس، وكذا الجفنة ولك مكيل ومزوزون مشرف على الهلاك مضمون بقيمته في ذلك الوقت، كسفينة موقورة أخذت في الغرق وألقى الملاح ما فيها من مكيل وموزون يضمن قيمتها ساعته كما في المجتبى.(6/482)
وفي الصيرفية: صب ماء في حنطة فأفسدها وزاد في كيلها ضمن قيمتها قبل صبه للماء لا مثلها، هذا إذا لم ينقلها، فلو نقلها لمكان ضمن المثل لانه غصبه وهو مثلي، بخلاف ما لو صب
الماء في الموضع الذي فيه الحنطة بغير نقل اه.
والآجر قيمي، وسيجئ أن الخمر في حق المسلم قيمي حكما.
والحاصل كما في الدرر وغيرها: أن كل ما يوجد له مثل في الاسواق بلا تفاوت يعتد به فهو مثلي، وما ليس كذلك فقيمي، فليحفظ (فإن ادعى هلاكه) مرتبطة بوجوب رد العين لانه الموجب الاصلي ورد المثلي والقيمة مخلص على الراجح (حبس حتى يعلم) الحاكم (أنه لو بقي(6/483)
لظهر) أي لاظهره (ثم قضى) الحاكم (عليه بالبدل) من مثل وقيمة (ولو ادعى الغاصب الهلاك عند صاحبه بعد الرد وعكسه المالك) أي ادعى الهلاك عند الغاصب (وأقاما البرهان فبرهان الغاصب) أنه رده وهلك عند المالك (أولى) خلافا للثاني.
ملتقى.
ولو اختلفا في القيمة وبرهنا فالبينة للمالك، وسيجئ، ولو في نفس المغصوب فالقول للغاصب (والغصب) إنما يتحقق (فيما ينقل فلو أخذ عقارا وهلك في يده) بآفة سماوية كغلبة سيل (لم يضمن) خلافا لمحمد، وبقوله قالت الثلاثة، وبه يفتى في الوقف.
ذكره العيني.
وذكر ظهير الدين في فتاويه: الفتوى في غصب العقار والدور الموقوفة بالضمان، وأن الفتوى في غصب منافع الوقف بالضمان.
وفي فوائد صاحب المحيط: اشترى دارا وسكنها ثم ظهر أنها وقف أو كانت للصغير لزمه أجر المثل صيانة لمال الوقف والصغير، وفي إجارة الفيض: إنما لا يتحقق الغصب عندهما في(6/484)
العقار في حكم الضمان، أما فيما وراء ذلك فيتحق، ألا ترى أنه يتحقق في الرد فكذا في استحقاق الاجر اه فليحفظ (قيل) قائله الاستروشني وعماد الدين في فصوليهما (والاصح أنه) أي العقار (يضمن بالبيع والتسليم و) كذا (بالجحود في) العقار (الوديعة والرجوع عن الشهادة) بعد القضاء.
وفي الاشباه: العقار لا يضمن إلا في مسائل، وعد هذه الثلاثة (وإذا نقص) العقار (بسكناه وزراعته ضمن النقصان) بالاجماع(6/485)
فيعطى ما زاد البذر، وصححه في المجتبى.
وعن الثاني.
مثل بذره.
وفي الصيرفية: هو المختار ولو ثبت له قلعه.
وتمامه في المجتبى (كما) يضمن اتفاقا (في النقلي) ما نقص بفعله كما في قطع الاشجار، ولو قطعها رجل آخر أو هدم البناء ضمن هو لا الغاصب (كما لو غصب عبدا وآجره(6/486)
فنقص في هذه الاجارة) بالاستعمال، وهذا ساقط من نسخ الشرح لدخوله تحت قوله (وإن استغله) فنقصه الاستغلال أو آجر المستعار ونقص ضمن النقصان (وتصدق ب) ما بقي من (الغلة) والاجرة، خلافا لابي يوسف، كذا في الملتقى، لكن نقل المصنف عن البزازية أن الغني يتصدق(6/487)
بكل الغلة في الصحيح (كما لو تصرف في المغصوب والوديعة) بأن باعه (وربح) فيه (إذا كان) ذلك (متعينا بالاشارة أو بالشراء بدراهم الوديعة أو الغصب ونقدها) يعني يتصدق بربح حصل فيهما إذا كانا مما يتعين بالاشارة، وإن كانا مما لا يتعين فعلى أربعة أوجه، فإن أشار إليها ونقدها فكذلك يتصدق (وإن أشار إليها ونقد غيرها أو) أشار (إلى غيرها) ونقدها (أو أطلق) ولم يشر (ونقدها لا) يتصدق في الصور الثلاث عند الكرخي، قيل (وبه يفتى) والمختار أنه لا يحل مطلقا، كذا في الملتقى.
ولو بعد الضمان هو الصحيح كما في فتاوى النوازل، واختار بعضهم الفتوى على قول الكرخي في زماننا لكثرة الحرام، وهذا كله على قولهما.
وعند أبي يوسف: لا يتصدق بشئ منه كما لو اختلف الجنس.
ذكره الزيلعي فليحفظ (فإن غصب(6/488)
وغير) المغصوب (فزال اسمه وأعظم منافعه) أي أكثر مقاصده احترازا عن دراهم فسبكها بلا ضرب فإنه وإن زال اسمه لكن يبقى أعظم منافعه ولذا لا ينقطع حق المالك عنه كما في المحيط وغيره، فلم يكن زوال الاسم مغنيا عن أعظم منافعه كما ظنه منلا خسرو وغيره (أو اختلط) المغصوب (يملك الغاصب بحيث يمتنع امتيازه) كاختلاط بره ببره (أو يمكن بحرج)(6/489)
كبره بشعيرة (ضمنه وملكه بلا حل انتفاع قبل أداء ضمانه) أي رضا مالكه بأداء أو إبراء أو تضمين قاض، والقياس حله وهو رواية، فلو غصب طعاما فمضغه حتى صار مستهلكا يبتلعه حلالا في رواية وحراما على المعتمد حسما لمادة الفساد (كذبح شاة) بالتنوين بدل الاضافة: أي شاة غيره.
ذكره ابن سلطان(6/490)
(وطبخها أو شيها وطحن بر وزرعه وجعل حديد سيفا وصفر آنية والبناء على ساجة) بالجيم: خشبة عظيمة تنبت بالهند (وقيمته) أي البناء (أكثر منها) أي من قيمة الساجة يملكها الباني بالقيمة، وكذا لو غصب أرضا فبنى عليها أو غرس أو ابتلعت دجاجة لؤلؤة أو أدخل البقر رأسه في قدر أو أودع فصيلا فكبر في بيت المودع ولم يمكن إخراجه إلا بهدم الجدار أو سقط ديناره في محبرة غيره ولم يمكن إخراجه إلا بكسرها ونحو ذلك يضمن صاحب الاكثر قيمة الاقل، والاصل أن الضرر الاشد يزال بالاخف، كما في هذه القاعدة من الاشباه.
ثم قال: ولو ابتلع لؤلؤة فمات لا يشق بطنه، لان حرمة الآدمي أعظم من حرمة المال وقيمتها في تركته، وجوزه الشافعي قياسا على الشق لاخراج الولد.
قلت: وقدمنا في الجنائز عن الفتح أنه يشق أيضا فلا خلاف.
وفي تنوير البصائر أنه(6/491)
الاصح فليحفظ.
بقي لو كانت القيمة الساجة والبناء سواء: فإن اصطلحا على شئ جاز، وإن تنازعا يباع البناء عليهما ويقسم الثمن بينهما على قدر مالهما.
شرنبلالية عن البزازية.
بقي لو أراد الغاصب نقض البناء ورد الساجة، هل له ذلك إن قضى عليه بالقيمة؟ لا يحل، وقبله قولان لتضييع المال بلا فائدة.
وتمامه في المجتبى (وإن ضرب الحجرين درهما ودينارا أو إناء لم يملكه وهو لمالكه مجانا) خلافا لهما (فإ ذبح شاة غيره) ونحوها مما يؤكل (طرحها المالك عليه وأخذ قيمتها أو أخذها وضمنه نقصانها وكذا) الحكم (لو قطع يدها) أو قطع طرف دابة غير مأكولة.
كذا في الملتقى.
قيل: ولفظ غير غير سديد هنا.
قلت: قوله غير سديد، غير سديد لثبوت الخيار في غير المأكولة أيضا، لكن إذا اختار ربها أخذها لا يضمنه شيئا، وعليه الفتوى كما نقله المصنف عن العمادية فليحفظ بخلاف طرف العبد(6/492)
فإن فيه الارض (أو خرق ثوبا) خرقا فاحشا (و) هو ما (فوت بعض العين وبعض نفعه لا كله) فلو كله ضمن كلها (وفي خرق يسير) نقصه و (لم يفوت شيئا) من النفع (ضمنه النقصان مع أخذ عينه ليس غير) لقيام العين من كل وجه ما لم يجدد فيه صنعة أو يكون ربويا كما بسطه الزيلعي.
قلت: ومنه يعلم جواب حادثة وهي: غصبت حياصة فضة مموهة بالذهب فزال تمويهها يخير مالكها بين تضمينها مموهة أو أخذها بلا شئ، لانه تابع مستهلك، ولو كان مكان الغصب شراء بوزنها فضة فلا رد لتعيبها ولا رجوع بالنقصان للزوم الربا فاغتنمه فقل من صرح به.
قاله شيخنا.
(ومن بنى أو غرس في أرض غيره بغير إذنه أمر بالقلع والرد) لو قيمة الساحة أكثر كما مر (وللمالك أن يضمن له قيمة بناء أو شجر أمر بقلعه)(6/493)
أي مستحق القلع فتقوم بدونهما ومع أحدهما مستحق القلع فيضمن الفضل (إن نقصت الارض به) أي بالقلع، ولو زرعها يعتبر العرف: فإن اقتسموا الغلة أنصافا أو أرباعا اعتبر، وإلا فالخارج للزارع وعليه أجر مثل الارض، وأما في الوقف فتجب الحصة أو الاجر(6/494)
بكل حال.
فصولين.
(غصب ثوبا فصبغه) لا عبرة للالوان بل لحقيقة الزيادة والنقصان (أو سويقا فلته بسمن(6/495)
فالمالك مخير إن شاء ضمنه قيمة ثوبه أبيض ومثل السويق) عبر في المبسوط بالقيمة لتغيره بالقلي فلم يبق مثليا وسماه هنا مثلا لقيام القيمة مقامه.
كذا في الاختيار، وقدمنا قولين عن المجتبى
(وإن شاء أخذ المصبوغ أو الملتوت وغرم ما زاد الصبغ و) غرم (السمن) لانه مثلي وقت اتصاله بملكه، والصبغ لم يبق مثليا قبل اتصاله بملكه لامتزاجه بماء.
مجتبى..(رد غاصب الغاصب المغصوب على الغاصب الاول يبرأ عن ضمانه كما لو هلك المغصوب في يد غاصب الغاصب فأدى القيمة إلى الغاصب) فإنه يبرأ أيضا لقيام القيمة مقام العين (إذا كان قبضه القيمة معروفا) بقضاء(6/496)
أو بينة أو تصديق المالك لا بإقرار الغصب إلا في حق نفسه وغاصبه.
عمادية.
(غصب شيئا ثم غصبه آخر منه فأراد المالك أن يأخذ بعض الضمان من الاول وبعضه من الثاني له ذلك) سراجية.
والمالك بالخيار في تضمن أيهما شاء، وإذا اختار أحدهما لم يملك تركه وتضمن الآخر، وقيل يملك.
عمادية.
(الاجازة لا تلحق الاتلاف، فلو أتلف مال غيره تعديا فقال المالك: أجزت أو رضيت لم(6/497)
يبرأ من الضمان) أشباه معزيا للبزازية، لكن نقل المصنف عن العمادية أن الاجازة تلحق الافعال هو الصحيح.
قال: وعليه فتلحق الاتلاف لانه من جملة الافعال، فليحفظ.
(كسر) الغاصب (الخشب) كسرا (فاحشا لا يملكه، ولو كسره الموهوب له لم ينقطع حق الرجوع) أشباه.
وفيها: آجرها الغاصب ورد أجرتها إلى المالك تطيب له لان أخذ الاجرة إجازة.
فروع: استعار منشارا فانقطع في النشر فوصله بلا إذن مالكه انقطع حقه، وعلى المستعير قيمته منكسرا.
شرح وهبانية.
ركب دار غيره لاطفاء حريق وقع في البلد فانهدم شئ بركوبه لم يضمن، لان ضرر الحريق عام فكان لكل دفعه.
جوهرة.(6/498)
لا يجوز دخول بيت إنسان إلا بإذنه في الغزو، وفيما إذا سقط ثوبه في بيت غيره
وخاف لو أعلمه أخذه.
حفر قبرا فدفن فيه آخر ميتا فهو على ثلاثة أوجه: إن الارض للحافر فله نبشه وله تسويته، وإن مباحة قله قيمة حفره، وإن وقفا فكذلك، ولا يكره لو الارض متسعة لان الحافر لا يدري بأي أرض يموت.
لا يجوز التصرف في مال غيره بلا إذنه ولا ولايته إلا في مسائل مذكورة في الاشباه.(6/499)
غصب حماره فتبعها جحشها فأكله الذئب ضمنه كما في معاياة الوهبانية: وغاصب شئ كيف يضمن غيره وليس له فعل بما يتغير وغاصب نهر هل له منه شربة وهل ثم نهر طاهر لا مطهر(6/500)
فصل (غيب) بمعجمة (ما غصب وضمن قيمته) لمالكه (ملكه) عندنا ملكا (مستندا إلى وقت الغصب) فتسلم له الاكساب لا الاولاد.
ملتقى (والقول له) بيمينه لو اختلفا (في قيمته إن لم يبرهن المالك على الزيادة) فإن برهن أو برهنا فللمالك، ولا تقبل بينة الغاصب لقيامها على نفي الزيادة هو الصحيح.
زيلعي.(6/501)
ونقل المصنف عن البحر والجواهر: لو قال الغاصب أو المودع المعتدي لا أعرف قيمته لكن علمت أنها أقل مما يقوله فالقول للغاصب بيمينه ويجبر على البيان، فإن لم يبين حلف على الزيادة، فإن نكل لزمته، ولو حلف المالك أيضا على الزيادة أخذها، ثم إن ظهر المغصوب فللغاصب(6/502)
أخذه ودفع قيمته أو رده وأخذ القيمة، وهي من خواص كتابنا فلتحفظ (فإن ظهر) المغصوب (وهي) أي قيمته (أكثر مما ضمن) أو مثله أو دونه على الاصح عناية، فالاولى ترك قوله وهي أكثر (وقد ضمن بقوله أخذه المالك ورد عوضه أو أمضى) الضمان، ولا خيار للغاصب، ولو قيمته
أقل للزومه بإقراره.
ذكره الواني.
نعم متى ملكه بالضمان فله خيار عيب ورؤية.
مجتبى (ولو ضمن بقول المالك أو برهانه أو نكول الغاصب فهو له ولا خيار للمالك) لرضاه حيث ادعى هذا المقدار فقط (وإن باع) الغاصب (المغصوب فضمنه المالك(6/503)
نفذ بيعه وإن حرر) أي الغاصب لان تحرير المشترى من الغاصب نافذ في الاصح.
عناية (ثم ضمنه لا) لان المالك الناقص يكفي لنفاذ البيع لا العتق (وزوائد المغصوب) مطلقا متصلة كسمن وحسن أو منفصلة كدر وثمر (أمانة لا تضمن إلا بالتعدي أو المنع بعد طلب المالك) لانها أمانة، ولو طلب المتصلة لا يضمن (وما نقصته الجارية بالولادة مضمون ويجبر بولدها) بقيمته أو بعزته إن(6/504)
وفى به وإلا فيسقط بحسابه، ولو ماتت وبالولد وفاء كفى هو الصحيح.
اختيار (زنى بأمة مغصوبة) أي غصبها (فردها حاملا فماتت بالولادة ضمن قيمتها) يوم علقت (بخلاف الحرة) لانها لا تضمن بالغصب ليبقى ضمان الغصب بعد فساد الرد، ولو ردها محمومة فماتت لا يضمن، وكذا لو زنت عنده فردها فجلدت فماتت به.
ملتقى.
ولو زنى بها واستولدها ثبت النسب والولد رقيق (و) بخلاف (منافع الغصب استوفاها أو عطلها) فإنها لا تضمن عندنا، ويوجد في(6/505)
بعض المتون: ومنافع الغصب غير مضمونة إلى آخره، لكن لا يلائمه ما يأتي من عطف خمر المسلم إلى آخره مع أنه أخصر، فتدبر (إلا) في ثلاث فيجب أجر المثل على اختيار المتأخرين (أن يكون) المغصوب (وفقا) للسكنى أو للاستغلال (أو مال يتيم) إلا في مسألة: سكنت أمه مع زوجها في داره بلا أجر ليس لهما ذلك ولا أجر عليهما.
كذا في الاشباه معزيا لوصايا القنية.
قلت: ويستثنى أيضا سكنى شريك اليتيم، فقد نقل المصنف وغيره عن القنية أنه لا شئ(6/506)
عليه، وكذا الاجنبي بلا عقد، وقيل: دار اليتيم كالوقف انتهى.
قلت: ويمكن حمل كلا الفرعين على قول المتقدمين بعد أجرته، وأما على القول المعتمد أنها كالوقف فتجب الاجرة على الشريك والزوج لكون سكنى المرأة واجبة عليه، وهو غاصب لدار اليتيم فتلزمه الاجرة.
وبه أفتى ابن نجيم في الصيرفية من التفصيل لو اليتيم يقدر على المنع فلا أجر، وإلا فعليها غير ظاهر، وعليه فهو عليه لا عليها، كما أفاده في تنوير البصائر.
ثم نقل عن الخانية أن مسألة الدار كمسألة الارض، وأن الحاضر إذا سكن فيما إذا كان لا بضرها فللغائب أن يسكن قدر شريكه، قالوا: وعليه الفتوى (أو معدا) أي أعداه صاحبه (للاستغلال) بأن بناه لذلك أو اشتراه لذلك،(6/507)
قيل أو آجره ثلاث سنين على الولاء.
وفي الاشباه: لا تصير الدار معدة له بإجارتها بل ببنائها أو شرائها له، ولا بإعداد البائع بالنسبة للمشتري، ويشترط علم المستعمل بكونه معدا حتى يجب الاجر، وأن لا يكون المستعمل مشهورا بالغصب.
قلت: ولو اختلفا في العلم وعدمه فالقول له بيمينه لانه منكر والآخر مدع، قاله شيخنا، وبموت رب الدار وبيعه يبطل الاعداد، ولو بنى لنفسه ثم أراد أن يعده، فإن قال بلسانه ويخبر الناس صار، ذكره المصنف(6/508)
(إلا) في المعد للاستغلال فلا ضمان فيه (إذا سكن بتأويل ملك) كبيت سكنه أحد الشركاء في الملك، ولو ليتيم على ما مر عن القنية، فتنبه.
أما في الوقف إذا سكنه أحدهما بالغلبة بلا إذن لزم الاجر (أو عقد) كبيت الرهن إذا سكنه المرتهن ثم بان للغير معدا للاجارة فلا شئ عليه.
بقي لو آجر الغاصب أحدها فعلى المستأجر المسمى لا أجر المثل، ولا يلزم الغاصب الاجر بل يرد ما قبضه للمالك.
أشباه وقنية.
وفي الشرنبلالية: وينظر ما لو عطل المنفعة هل يضمن الاجر كما(6/509)
لو سكن (و) بخلاف (خمر المسلم وخنزيره) بأن أسلم وهما في يده (إذا أتلفهما) مسلم أو ذمي
فلا ضمان (وضمن) المتلف المسلم قيمتهما، لان الخمر في حقنا قيمي حكما (لو كانا لذمي) والمتلف غير الامام أو مأموره يرى ذلك عقوبة فلا يضمن، ولا الزق خلافا محمد مجتبى.
ولا ضمان في ميتة ودم أصلا (بخلاف ما لو اشتراها) أي الخمر (منه) أي الذمي (وشربها فلا ضمان ولا ثمن) لانه فعله بتسليط بائعه، بخلاف غصبها.
مجتبى.
وفيه: أتلف ذمي خمر ذمي(6/510)
ثم أسلما أو أحدهما لا شئ عليه، إلا في رواية: عليه قيمة الخمر (غصب خمر مسلم فخللها بما لا قيمة له) كحنطلة وملح يسير لا قيمة له أو تشميس (أو) غصب (جلد ميتة فدبغه به) بما لا قيمة له كتراب وشمس (أخذهما المالك مجانا و) لكن (لو أتلفهما ضمن) لا لو تلفا.
وفي شرح الوهبانية: يضمن قميته مدبوغا، واعتمده في المنتقى (ولو خللها بذي قيمة كالملح) الكثير (والخل ملكه ولا شئ عليه) لمالكه خلافا لهما (ولو دبغ به) بذي قيمة كقرظ وعفص (الجلد أخذه المالك ورد ما زاد الدبغ) وللغاصب حبسه حتى يأخذ حقه (ولو أتلفه لا يضمن) كما لو تلف،(6/511)
ولا ضمان بإتلاف الميتة ولو لذمي، ولا بإتلاف متروك التسمية عمدا ولو لمن يبيحه.
ملتقى.
لان ولاية المحاجة ثابتة (وضمن بكسر معزف) بكسر الميم آلة اللهو ولو لكافر.
ابن كمال (قيمته) خشبا منحوتا (صالحا لغير اللهو و) ضمن القيمة لا المثل (بإراقة سكر ومنصف) سيجئ بيانه في الاشربة (وصح بيعها) كلها، وقالا: لا يضمن ولا يصح بيعها، وعليه الفتوى.
ملتقى(6/512)
ودرر وزيلعي وغيرها.
وأقره المصنف.
وأما طبل الغزاة زاد في حظر الخلاصة: والصيادين والدف الذي يباح ضربه في العرس فمضمون اتفاقا (كالامة المغنية ونحوها) ككبش نطوح وحمامة طيارة وديك مقاتل وعبد خصي حيث تجب قيمتها غير صالحة لهذا الامر.
(ولو غصب أم ولد فهلكت لا يضمن، بخلاف) موت (المدبر) لتقوم المدبر دون أم الولد،
وقالا: يضمنها لتقومها (حل قيد عبد غيره أو ربط دابته أو فتح باب اصطبلها أو قفص طائره فذهبت) هذه المذكورات (أو سعى إلى سلطان بمن يؤذيه و) الحال أنه (لا يدفع بلا رفع) إلى السلطان (و) سعى (بمن يباشر الفسق ولا يمتنع بنهيه، أو قال لسلطان قد يغرم وقد لا يغرم) فقال (إنه وجد كنزا فغرمه) السلطان (شيئا لا يضمن) في هذه المذكورات (ولو غرم) السلطان(6/513)
(البتة) بمثل هذه السعاية (ضمن، وكذا) يضمن (لو سعى بغير حق عند محمد زجرا له) أي للساعي (وبه يفتى) وعزر، ولو الساعي عبدا طولب بعد عتقه (ولو مات الساعي فللمسعى به أن يأخذ قدر الخسران من تركته) هو الصحيح.
جواهر الفتاوى.
ونقل المصنف: أنه لو مات المشكو عليه بسقوطه من سطح لخوفه غرم الشاكي ديته، لا لو مات بالضرب لندوره، وقد مر في باب السرقة.
(أمر) شخص (عبده غيره بالاباق أو قال) له (اقتل نفسك ففعل) ذلك (وجب عليه قيمته) ولو قال له أتلف مال مولاك فأتلف يضمن الآمر، والفرق إن بأمره بالاباق والقتل صار غاصبا، لانه استعمله في ذلك الفعل، وبأمره بالاتلاف لا يصير غاصبا للمال، بل للعبد وهو قائم لم يتلف، وإنما التلف بفعل العبد.
واعلم أن الآمر لا ضمان عليه بالامر،(6/514)
إلا في ستة: إذا كان الآمر سلطانا أو أبا أو سيدا، أو المأمور صبيا أو عبدا أمره بإتلاف مال غير سيده، وإذا أمره بحفر باب في حائط الغير غرم الحافر ورجع على الآمر.
أشباه.
((6/515)
استعمل عبد الغير لنفسه) بأن أرسله في حاجته (وإن لم يعلم أنه عبد أو قال له ذلك العبد) الذي استعمله (إني حر ضمن قيمته إن هلك) العبد.
عمادية.
وفيها: جاء رجل إلى آخر فقال إني حر فاستعملني في عمل فاستعمله فهلك ثم ظهر أنه عبد ضمنه علم أو لم يعلم، هذا
إذا استعمله في عمل نفسه (ولو استعمله لغيره) أي في عمل غيره (لا) ضمان عليه لانه لا يصير به غاصبا، كقوله لعبد ارق هذه الجرة وانثر المشمش لتأكله أنت فسقط لم يضمن الآمر، ولو قال لتأكله أنت وأنا، ضمن قيمته كله لانه استعمله كله في نفعه.
(غلام جاء إلى فصاد فقال أفصدني ففصده فصدا معتادا) فغيره بالاولى (فمات من ذلك ضمن قيمة العبد عاقلة الفساد، وكذلك) الحكم في (الصبي تجب ديته على عاقلة الفصاد) عمادية.
فرع: غصب عبدا ومعه مال المولى صار غاصبا للمال أيضا، بل قالوا: يضمن ثيابه تبعا لضمان عينه، بخلاف الحر.
عمادية.
وفي الوهبانية: ولو نسي الحرفات يضمن نقصها ولو نسي القرآن أو شاخ يذكر(6/516)
ولو علم الدلال قيمة سلعة فقوم للسلطان أنقص يخسر ومتلف إحدى فردتين يسلم البقية والمجموع منه يحضر قلت: وعن أبي يوسف: لا يضمن إلا الخف التي أتلفها.
وفي البزازية: هو المختار، وأقره الشرنبلالي وذكر ما يفيد أن السلطان ليس بقيد، وإنه ينبغي القول بتضمين القاضي أيضا سيما في استبدال وقف مال يتيم فليحفظ، والله أعلم.(6/517)
كتاب الشفعة مناسبته تملك مال الغير بغير رضاه (هي) لغة: الضم، وشرعا: (تمليك البقعة جبرا على المشتري بما قام عليه) بمثله لو مثليا، وإلا فبقيمته (وسببها اتصال ملك الشفيع بالمشتري) بشركة(6/518)
أو جوار.
(وشرطها: أن يكون المحل عقارا) سفلا كان أو علوا، وإن لم يكن طريقه في السفل لانه التحق بالعقار بما له من حق القرار.
درر.
قلت: وأما ما جزم به ابن الكمال في أول باب ما هي فيه من أن البناء إذا بيع مع حق القرار يلتحق بالعقار فرده شيخنا الرملي وأفتى بعدمها تبعا للبزازية وغيرها، فليحفظ.(6/519)
(وركنها: أخذ الشفيع من أحد المتعاقدين) عند وجود سببها وشرطها.
(وحكمها: جواز الطلب عند تحقق السبب) ولو بعد سنين (وصفتها أن الاخذ بها بمنزلة شراء مبتدأ) فيثبت بها ما يثبت بالشراء كالرد بخيار رؤية وعيب (تجب) له لا عليه (بعد البيع) ولو فاسدا انقطع فيه حق المالك كما يأتي، أو بخيار للمشتري.
(وتستقر بالاشهاد)(6/520)
في مجلسه.
أي طلب المواثبة فلا تبطل بعده (ويملك بالاخذ بالتراضي أو بقضاء القاضي) عطف على الاخذ لثبوت ملك الشفيع بمجرد الحكم، قبل الاخذ كما حرره منلا خسرو (بقدر رؤوس الشفعاء لا الملك) خلافا للشافعي (للخليط) متعلق بتجب (في نفس المبيع.
ثم) إن لم يكن أو سلم (له في حق المبيع) وهو الذي قاسم وبقيت له شركة في حق العقار(6/521)
(كالشرب والطريق خاصين) ثم فسر ذلك بقوله: (كشرب نهر) صغير (لا تجري فيه السفن وطريق لا ينفذ) فلو عامين لا شفعة بهما.
بيانه: شرب نهر مشترك بين قوم تسقى أراضيهم منه بيعت أرض منها فلكل أهل للشرب الشفعة، فلو النهر عاما والمسألة بحالها فالشفعة للجار الملاصق فقط (ثم لجار ملاصق) ولو ذميا أو مأذونا أو مكاتبا(6/522)
(باب في سكة أخرى) وظهر داره لظهرها، فلو بابه في تلك السكة فهو خليط كما مر (وواضع جذع على حائط وشريك في خشبة عليه جار) ولو في نفس الجدار فشريك.
ملتقى.
قلت: لكن قال المصنف: ولو كان بعض الجيران شريكا في الجدار لا يتقدم على غيره من الجيران، لان الشركة في البناء لمجرد دون الارض لا يستحق بها الشفعة.
وفي شرح المجمع: وكذا للجار المقابل في السكة الغير النافذة الشفعة، بخلاف النافذة.
(أسقط بعضهم حقه) من الشفعة (بعد القضاء) فلو قبله فلمن بقي أخذ الكل(6/523)
لزوال المزاحمة (ليس لمن بقي أخذ نصيب التارك) لانه بالقضاء قطع حق كل واحد منهم في نصيب الآخر.
زيلعي (ولو كان بعضهم غائبا يقضي بالشفعة بين الحاضرين في الجميع) لاحتمال عدم طلبه فلا يؤخر الشك (وكذا لو كان الشريك غائبا فطلب الحاضر يقضي له بالشفعة) كلها (ثم إذا حضر وطلب قضى له بها) فلو مثل الاول قضى له بنصفه، ولو فوقه فبكله، ولو دونه منعه.
خلاصة.
(أسقط) الشفيع قبل (الشفعة الشراء لم يصح) لفقد شرطه وهو البيع.
(أراد الشفيع أخذ البعض وترك الباقي لم يملك ذلك جبرا على المشتري) لضرر تفريق الصفقة (ولو جعل بعض الشفعاء نصيبه لبعض لم يصح وسقط حقه به) لا إعراضه ويقسم بين البقية، بل لو طلب أحد الشريكين النصف بناء أنه يستحقه فقط بطلت شفعته، إذ شرط صحتها أن يطلب الكل كما بسطه الزيلعي، فليحفظ.
(وصح بيع دور مكة فتجب الشفعة فيها) وعليه الفتوى.
أشباه.(6/524)
قلت: ومفاده صحة إجارتها بالاولى، وقد قدمناه فليحفظ، لكنه يكره وسنحققه في الحظر، وفيها، (ويصح الطلب من وكيل الشراء إن لم يسلم إلى موكله، وإن سلم لا) وبطلت هو المختار (ولا شفعة في الوقف) ولا له نوازل (ولا بجواره) شرح مجمع وخانية، خلافا للخلاصة والبزازية، ولعل لا ساقطة.
قال المصنف: قلت: وحمل شيخنا الرملي(6/525)
الاول على الاخذ به، والثاني على أخذه بنفسه إذا بيع.
ففي الفيض: حق الشفعة ينبني على صحة البيع اه.
فمفاده أن ما لا يملك من الوقف بحال لا شفعة فيه، وما يملك بحال ففيه الشفعة، وأما إذا بيع بجواره أو كان بعض المبيع ملكا وبعضه وقفا وبيع الملك فلا شفعة للوقف.
والله أعلم.
باب طلب الشفعة (ويطلبها الشفيع في مجلس علمه) من مشتر أو رسوله أو عدل أو عدد(6/526)
(بالبيع) وإن امتد المجلس كالمخيرة هو الاصح.
درر وعليه المتون.
خلافا لما في جواهر الفتاوى أنه على الفور، وعليه الفتوى (بلفظ يفهم طلبها كطلبت الشفعة ونحوه) كأنا طالبها أو أطلبها (وهو) يسمى (طلب المواثبة) أي المبادرة والاشهاد فيه ليس بلازم بل لمخافة الجحود(6/527)
(ثم) يشهد (على البائع لو) العقار (في يده أو على المشتري وإن) لم يكن ذا لانه مالك، أو عند العقار (فيقول اشترى فلان هذه الدار وأنا شفيعها وقد كنت طلبت الشفعة وأطلبها الآن فاشهدوا عليه، وهو طلب إشهاد) ويسمى طلب التقرير (وهذا) الطلب لا بد منه، حتى لو تمكن ولو بكتاب أو رسول ولم يشهد بطلت شفعته (وإن لم يتمكن) منه (لا) تبطل ولو أشهد في طلب المواثبة عند أحد هؤلاء كفاه وقام مقام لطلبين، ثم بعد هذين الطلبين يطلب عند قض فيقول اشترى (فلان دار كذا وأنا شفيعها بدار كذا لي) لو قال بسبب كذا كما في الملتقى لشمل الشريك في نفس المبيع (فمره يسلم) الدار (إلى) هذا لو قبضها المشتري، وطلب الخصومة لا يتوقف عليه (وهو) يسمى (تمليك وخصومة وبتأخيره مطلقا) بعذر شهر أو أكثر (لا تبطل الشفعة) حتى يسقطها بلسانه (به يفتى) وهو ظاهر المذهب،(6/528)
وقيل يفتى بقول محمد إن أخره شهرا بلا عذر بطلت.
كذا في الملتقى: يعني دفعا للضرر.
قلنا: دفعه برفعه للقاضي ليأمره بالاخذ أو الترك.
(وإذا طلب) الشفيع (سأل القاضي الخصم عن مالكية الشفيع لما يشفع به، فإن أقر بها) أي بملكية ما يشفع به (أو نكل عن الحلف على العلم أو برهن الشفيع) أنها ملكه (سأله عن الشراء)(6/529)
هل اشتريت أم لا (فإن أقر به أو نكل عن اليمين على الحاصل) في ضفعة الخليط (أو على السبب) في شفعة الجوار لخلاف الشافعي كما مر في كتاب الدعوى (أو برهن الشفيع قضى له بها) هذا إذا لم ينكر المشتري طلب الشفيع الشفعة، فإن أنكر فالقول له بيمينه.
ابن كمال (وإن لم يحضر الثمن وقت الدعوى، وإذا قضى لزمه إحضاره، وللمشتري حبس الدار ليقبض ثمنه، فلو قيل للشفيع) أي بعد القضاء، وأما قبله فتبطل عند محمد لعدم التأكد.
ذكره الزيلعي (أد الثمن فأخر لم تبطل) شفعته (والخصم) للشفيع المشتري مطلقا، و (البائع قبل التسليم) الاول بملكه والثاني(6/530)
بيده.
ابن كمال (و) لكن (لا تسمع البينة عليه حتى يحضر المشتري) لانه المالك (ويفسخ بحضوره) ولو سلم للمشتري لا يلزم حضور البائع لزوال الملك واليد عنه.
ابن كمال (ويقضي) القاضي (بالشفعة والعهدة) لضمان الثمن عند الاستحقاق (على البائع قبل تسليم المبيع إلى المشتري، و) العهدة (على المشتري لو بعده) لما مر (للشفيع خيار الرؤية والعيب وإن شرط المشتري البراءة منه) دون خيار الشرط والاجل.
اختيار.
وفي الاشباه: الشفعة بيع في كل الاحكام إلا في ضمان الغرور للجبر (وإن اختلف الشفيع والمشتري في الثمن) والدار مقبوضة والثمن منقود (صدق المشتري) بيمينه(6/531)
لانه منكر ولا يتحالفان (وإن برهنا فالشفيع أحق) لان بينته ملزمة.
(ادعى المشتري ثمنا و) ادعى (بائعه أقل منه بلا قبضه فالقول له) أي للبائع (ومع قبضه
للمشتري) ولو عكسا فبعد قبضه القول المشتري، وقبله بتحالفان، وأي نكل اعتبر قول(6/532)
صاحبه، وإن حلفا فسخ البيع ويأخذ الشفيع بما قال البائع.
ملتقى.
(وحط البعض يظهر في حق الشفيع) فيأخذ بالباقي، وكذا هبة البعض إلا إذا كانت بعد القبض.
أشباه (وحط الكل والزيادة لا) فيأخذه بكل المسمى، ولو حط النصف ثم النصف يأخذ بالنصف الاخير،(6/533)
ولو علم أنه اشتراه بألف فسلم ثم حط البائع مائة فله الشفعة كما لو باعه بألف فسلم ثم زاد البائع له جارية أو متاعا.
قنية.
(وفي الشراء بمثلي) ولو حكما كالخمر في حق المسلم.
ابن كمال (يأخذ بمثله، وفي) الشراء ب (القيمي بالقيمة) أي وقت الشراء (ففي بيع عقار بعقار يأخذ) الشفيع (كلا) من العقارين (بقيمة الآخر، و) في الشراء (بثمن مؤجل يأخذ بحال أو طلب) الشفعة (في الحال وأخذ بعد الاجل) ولا يتعجل ما على المشتري لو أخذ بخال (ولو سكت عنه) فلم يطلب في الحال (وصبر حتى يطلب عند) حلول (الاجل بطلت شفعته) خلافا لابي يوسف (و) يأخذ(6/534)
(بمثل الخمر وقيمة الخنزير إن كان) البائع والمشتري و (الشفيع ذميا) لا بد أن يكون البائع أيضا ذميا، وإلا يفسد البيع فلا تثبت الشفعة.
ابن كمال معزيا للمبسوط (و) يأخذ (بقيمتها) لما مر (لو) كان الشفيع (مسلما) لمنعه عن تملكها وتمليكها، ثم قيمة الخنزير هنا قائمة مقام الدار لا مقام الخنزير ولذا لا يحرم تملكها، بخلاف المرور على العاشر.
(وطريق معرفة قيمة الخمر والخنزير بالرجوع إلى ذمي أسلم أو فاسق تاب) ولو اختلفا فيه فالقول للمشتري.
عناية (و) يأخذ الشفيع (بالثمن وقيمة البناء والغرس) مستحقي القلع كما مر في الغصب.
قلت: وأما لو دهنها بألوان كثيرة أو طلاها بجص كثير خير الشفيع بين تركها أو أخذها وإعطاء ما زاد الصبغ فيها(6/535)
لتعذر نقضه، ولا قيمة لنقضه، بخلاف البناء.
حاوي الزاهدي.
وسيجئ.
(ولو بنى المشتري أو غرس أو كلف) الشفيع (المشتري قلعهما) إلا إذا كان في القلع نقصان الارض فإن الشفيع له أن يأخذها مع قيمة البناء والغرس مقلوعة غير ثابتة.
قهستاني.
وعن الثاني إن شاء أخذ بالثمن وقيمة البناء والغرس أو ترك، وبه قال الشافعي ومالك.
قلنا: بنى فيما لغيره فيه حق أقوى ولذا تقدم عليه فينقضه (كما ينقض) الشفيع (جميع تصرفاته) أي المشتري (حتى الوقف والمسجد والمقبرة) والهبة.
زيلعي وزاهدي.
وأما الزرع فلا يقلع استحسانا لان له نهاية معلومة ويبقى بالاجر (ورجع الشفيع بالثمن فقط، إن) أخذ بالشفعة ثم (بنى أو غرس ثم استحقت) ولا يرجع بقيمة البناء والغرس على أحد لانه ليس بمغرور، بخلاف المشتري (و) يأخذ (بكل الثمن إن خربت أو جف الشجر) بلا فعل أحد، والاصل أن الثمن يقابل الاصل لا الوصف (و) هذا إذا (لم يبق شئ(6/536)
من نقض أو خشب) فلو بقي وأخذه المشتري لانفصاله من الارض حيث لم يكن تبعا للارض تسقط حصته من الثمن، فيقسم الثمن على قيمة الدار يوم العقد وعلى قيمة النقض يوم الاخذ.
زيلعي.
قلت: فلو لم يأخذه المشتري كأن هلك بعد انفصاله لم يسقط شئ من الثمن لعدم حبسه، إذ هو من التوابع والتوابع لا يقابلها شئ من الثمن، وبالاخذ بالشفعة تحولت الصفقة إلى الشفيع، فقد هلك ما دخل تبعا قبل القبض ولا يسقط بمثله شئ من الثمن.
قاله شيخنا (بخلاف ما إذا تلف بعض الارض) بغرق حيث يسقط من الثمن بحصته لان الفائت بعض الاصل.
زيلعي (و) يأخذ (بحصة العرصة) من الثمن (إن نقض المشتري البناء) لانه قصد
الاتلاف.
وفي الاول الآفة سماوية، ويقسم الثمن على قيمة الارض والبناء يوم العقد، بخلاف انهدامه كما مر لتقومه بالجنس (ونقض الاجنبي كنقضه) أي المشتري (والنقض) بالكسر المنقوض (له) أي للمشتري وليس للشفيع أخذه لزوال التبعية بانفصاله (و) يأخذ(6/537)
(بثمرها) استسحانا لاتصاله (إن ابتاع أرضا ونخلا وثمرا أو أثمر) بعد الشراء (في يده وإن جذه المشتري) فليس للشفيع أخذه لما مر (أو هلك بآفة سماوية وقد اشتراها بثمرها سقط حصته من الثمن في الاول) أي شرائها بثمرها (وبكل الثمن في الثاني) لحدوثه بعد القبض.
(قضى بالشفعة للشفعي ليس له تركها) شرح وهبانية.
لتحويل الصفقة إليه، بخلاف ما قبل القضاء.
(الطلب في بيع فاسد وقت انقطاع حق البائع اتفاقا وفي هبة بعوض) مشروط ولا شيوع فيهما (وقت التقابض) وفي بيع فضولي أو بخيار بائع وقت البيع عند الثاني(6/538)
ووقت الاجازة عند الثالث، وبخيار مشتر وقت البيع اتفاقا.
مجتبى.
(من لم ير الشفعة بالجوار) كالشافعي مثلا.
(طلبها عند حاكم يراه يقول له هل تعتقد وجوبها؟ إن قال نعم) أعتقد ذلك (حكم بها له وإلا) يقله (لا) يحكم.
منية وبزازية.
فروع: أخر الشفيع إيجاب الطلب لكون القاضي لا يراها فهو معذور، وكذا لو طلب من القاضي إحضاره فامتنع، بخلاف سبت اليهودي كما يأتي.
شرى أرضا بمائة فرفع ترابها وباعه بمائة ثم أخذها الشفيع بالشفعة أخذها بخمسين، لان ثمنها يقسم على قيمة الارض يوم الشراء قبل رفع التراب وعلى قيمة التراب الذي باعه وهما سواء، ولو كبسها كما كانت فالجواب: لا يتفاوت، ويقال للمشتري ارفع ما كبست فيها فهو(6/539)
ملكك.
حاوي الزاهدي.
وفيه: شرى دارا إلى الحصاد فليس للشفيع أن يعجل الثمن ويأخذها بالشفعة لانه ملكها ببيع فاسد اه.
قلت: وسيجئ أنه لا شفعة فيما بيع فاسدا ولو بعد القبض لاحتمال الفسخ.
نعم إذا سقط الفسخ ببناء ونحوه وجبت.
وفي المبسوط: الهبة بشرط العوض أنما تثبت الملك للموهوب له إذا قبض الكل، فلو وهب دارا على عوض ألف درهم فقبض أحد العوضين دون الآخر ثم سلم الشفيع الشفعة فهو باطل، حتى إذا قبض العوض الآخر كان له أن يأخذ الدار بالشفعة.
باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت (لا تثبت قصدا إلا في عقار مالك بعوض) خرج الهبة (هو مال) خرج المهر (وإن لم) يكن (يقسم) خلافا للشافعي (كرحى) أي بيت الرحى مع الرحى.
نهاية (وحمام وبئر) ونهر (وبيت صغير) لا يمكن قسمه (لا في عرض) بالسكون ما ليس بعقار فيكون ما بعده من عطف الخاص على العام (وفلك) خلافا لمالك (وبناء ونخل) إذا (بيعا قصدا) ولو مع حق القرار، خلافا لما(6/540)
فهمه ابن الكمال لمخالفته المنقول كما أفاده شيخنا الرملي (ولا) في (إرث وصدقة وهبة لا بعوض) مشروط (ودار قسمت) أو جعلت أجرة أو بدل خلع أو عتق أو صلح عن دم عمد أو مهر (وإن قوبل ببعضها) أي الدار (مال) لان معنى البيع تابع فيه، وأوجباها في حصة المال (أو) دار (بيعت بخيار البائع ولم يسقط خياره، فإن سقط وجبت إن طلب عند سقوط الخيار) في الصحيح، وقيل عند البيع وصحح(6/541)
(أو بيعت) الدار بيعا (فاسدا ولم يسقط فسخه فإن سقط) حق فسخه كأن بنى المشتري يها (تثبت) الشفعة كما مر (أو رد بخيار رؤية أو شرط أو عيب بقضاء) متعلق بالاخير فقد خلافا لما زعمه المصنف تبعا للدرر (بعد ما سلمت) أي إذا بيع وسلمت الشفعة ثم رد المبيع بخيار رؤية أو
شرط كيفما كان أو بعيب بقضاء فلا شفعة، لانه فسخ لا بيع (بخلاف الرد) بعيب بعد القبض (بلا قضاء أو بإقالة) فإن له الشفعة، لان الرد بعيب بلا قضاء والاقالة بمنزلة بيع مبتدأ.(6/542)
(وتثبت) الشفعة (للعبد المأذون المستغرق بالدين) إحاطة الدين برقبته وكسبه ليس بشرط.
ابن كمال (في مبيع سيده، و) تثبت (لسيده في مبيعه) بناء على أن الاخذ بالشفعة بمنزلة الشراء، وشراء أحدهما من الآخر يجوز (و) تثبت (لمن شرى) أصالة أو وكالة (أو اشترى له) بالوكالة، وفائدته أنه لو كان المشتري أو الموكل بالشراء شريكا وللدار شريك آخر فلهما الشفعة، ولو هو شريكا وللدار جار فلا شفعة للجار مع وجوده.
(لا) شفعة (لمن باع) أصالة أو وكالة (أو بيع له) أي وكل بالبيع (أو ضمن الدرك) والاصل(6/543)
أن الشفعة تبطظل بإظهار الرغبة عنها لا فيها.
باب ما يبطلها (يبطلها ترك طلب المواثبة) تركه بأن لا يطلب في مجل س أخبر فيه بالبيع.
ابن كمال.
وتقدم ترجيحه (أو) ترك طلب (الاشهاد) عند عقار أو ذي يد لا الاشهاد عند طلب المواثبة لانه غير لازم (مع القدرة) كما مر (و) يبطلها (تسليمها بعد البيع) علم بالسقوط أولا (فقط)(6/544)
لا قبله كما مر (ولو) تسليمها (من أب ووصي) خلافا لمحمد فيما بيع بقيمته أو أقل.
ملتقى.
(الوكيل بطلبها إذا سلم) الشفعة (أو أقر على الموكل بتسليمه) الشفعة (صح) لو كان التسليم أو الاقرار (عند القاضي) وإلا لم يصح، لكنه يخرج من الخصومة وسكوت من يملك التسليم تسليم (و) يبطلها (صلحه منها على عوض) أي غير المشفوع لما يأتي (وعليه رده) لانه رشوة (و) يبطلها (بيع شفعته لمال) ولا يلزم المال وكذا الكفالة بالنفس بخلاف القود، ولو صالح على أخذ نصف الدار ببعض الثمن صح.
ولو صالح على أخذ بيت بحصته من الثمن لا لجهالة
الثمن عند الاخذ، ولا تسقط شفعته.
(و) يبطلها (موت الشفيع قبل الاخذ بعد الطلب أو قبله) ولا تورث خلافا للشافعي،(6/545)
ولو مات بعد القضاء لم تبطل (لا) يبطلها (موت المشتري) لبقاء المستحق (و) يبطلها (بيع ما يشفع به قبل القضاء بالشفعة مطلقا) علم ببيعها أم لا، وكذا لو جعل ما يشفع به مسجدا أو مقبرة أو وقفا مسجلا.
درر (ولو باع بشرط الخيار) لنفسه (لا) يبطل لبقاء السبب.
(و) يبطلها (شراء الشفيع من المشتري) ظن دونه أو مثله أخذها بالشفعة بالعقد الاول أو الثاني، بخلاف ما لو اشتراها ابتداء حيث لا شفعة لمن دونه (وكذا) يبطلها (إن استأجرها أو ساومها) بيعا أو إجارة.
ملتقى (أو طلب منه أو يوليه) عقد الشراء (أو ضمن الدرك) مستدرك لما مر آنفا، فتبطل في الكل لدليل الاعراض.
زيلعي.
(قيل للشفيع إنها بيعت بألف فسلم ثم علم أنها بيعت بأقل أو ببر أو شعير أو عددي) متقارب (قيمته ألف أو أكثر فله الشفعة، ولو بان أنها بيعت بدنانير) أو بعروض (قيمتها ألف فلا(6/546)
شفعة) والفرق بينهما أن هذا قيمي وذاك مثلي فربما يسهل عليه وإن كثر (ولو علم أن المشتري زيد فسلم ثم بان أنه بكر فله الشفعة، ولو علم أن المشتري هو مع غيره كان له أخذ نصيب غيره) لعدم التسليم في حقه (ولو بلغه شراء النصف فسلم ثم بلغه شراء الكل، فله الشفعة في الكل وفي عكسه) بأن أخبر بشراء الكل فسلم ثم ظهر شراء النصف (لا شفعة له على الظاهر) لان التسليم في الكل تسليم في كل أبعاضه بخلاف عكسه.
ثم شرع في الحيل فقال (وإن باع) رجل (عقارا إلا ذراعا) مثلا (في جانب) حد (الشفيع فلا شفعة) لعدم الاتصال والقول بأن نصب ذراعا سهو سهو (وكذا) لا شفعة(6/547)
(لو وهب هذا القدر للمشتري) وقبضه (وإن ابتاع سهما منه بثمن ثم ابتاع بقيتها فالشفعة للجار
في السهم الاول فقط) والباقي للمشتري لانه شريك.
وحيلة كله أن يشتري الذراع أو السهم بكل الثمن إلا درهما ثم الباقي بالباقي، وليس له تحليفه بالله ما أردت به إبطال شفعتي، وله تحليفه بالله إن البيع الاول ما كان تلجئه.
مؤيد زاده معزيا للوجيز (وإن ابتاعه بثمن) كثير (ثم(6/548)
دفع ثوبا عنه فالشفعة بالثمن لا بالثوب) فلا يرغب فيه، وهذه حيلة تعم الشريك والجار لكنها تضر بالبائع، إذ يلزمه كل الثمن إذا استحق المنزل، فالاولى بيع دراهم الثمن بدينار ليبطل الصرف إذا استحق.
وحيلة أخرى أحسن وأسهل وهي المتعارفة في الامصار ذكرها بقوله (وكذا لو اشترى بدراهم معلومة) بوزن إو إشارة (مع قبضة فلوس أشير إليها وجهل قدرها وضيع الفلوس بعد القبض) في المجلس، لان جهالة الثمن تمنع الشفعة.
درر.
قلت: ونحوه في المضمرات، وينبغي أن الشفيع لو قال أنا أعلم قيمة الفلوس وهي كذا أن يأخذ بالدراهم وقيمتها، كما لو اشترى دارا بعرض أو عقارا للشفيع أخذها بقيمته كما مر، قاله المصنف.
ثم نقل عن مقطعات الظهيرية ما يوافقه.
قلت: ووافقه في تنوير البصائر وأقره شيخنا، لكن تعقبه ابنه في زواهر الجواهر بأنه(6/549)
مخالف للاول، وما في المتون والشروح مقدم على ما في الفتاوى كما مر مرارا اه.
وقدمنا أنه لا شفعة فيما بيع فاسدا ولو بعد القبض لاحتمال الفسخ.
نعم إذا سقط الفسخ بالبناء ونحوه وجبت، والله أعلم.
(تكره الحيلة لاسقاط الشفعة بعد ثبوتها وفاقا) كقوله للشفيع اشتره مني.
ذكره البزازي.
وأما الحيلة لدفع ثبوتها ابتداء: فعند أبي يوسف لا تكره.
وعند محمد تكره، ويفتى بقول أبي يوسف في الشفعة.
قيده في السراجية بما إذا كان الجار غير مختاج إليه،(6/550)
واستحسنه محشي الاشباه (وبشده) وهو الكراهة (في الزكاة) والحج وآية السجدة.
جوهرة (ولا حيلة) موجودة في كلامهم (لاسقاط الحيلة) بزازية.
قال: وطلبناها كثيرا فلم نجدها.
(إذا اشترى جماعة عقارا والبائع واحد يتعدد الاخذ بالشفعة بتعددهم فللشفيع أن يأخذ نصيب بعضهم ويترك الباقي، وبعكسه) وهو ما إذا تعدد البائع واتحد المشتري (لا) يتعدد الاخذ، بل يأخذ الكل أو يترك لان فيه تفريق الصفقة على المشتري، بخلاف الاول لقيام الشفيع مقام أحدهم فلم تتفرق الصفقة بلا فرق بين كونه قبل القبض أو بعده سمى لكل بعض ثمنا، أو(6/551)
سمى للكل جملة، لان العبرة لاتحاد الصفقة لا لاتحاد الثمن.
واعلم أنه لو طلب الحصة فهو على شفعته، ولو اشترى دارين أو قريتين بمصرين صفقة أخذهما شفيعها معا أو تركهما لا أحدهما ولو إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب.
شرح مجمع ويأتي (والمعتبر في هذا) أي العدد والاتحاد (العاقد) لتعلق حقوق العقد به (دون المالك) فلو وكل واحد جماعة فللشفيع أخذ نصيب بعضهم.
(اشترى نصف دار غير مقسوم فقاسم) المشتري (البائع أخذ الشفيع نصيب المشتري الذي حصل له بالقسمة) وإن وقع في غير جانبه على الاصح (وليس له) أي للشفيع (نقضها مطلقا) سواء قسم بحكم أو رضا على الاصح لانها من تمام القبض، حتى لو قاسم الشريك كان للشفيع النقض كما ذكره بقوله (بخلاف ما إذا باع أحد الشريكين نصيبه من دار مشتركة وقاسم المشتري الشريك الذي لم يبع حيث يكون للشفيع نقضه) كنقضه بيعه وهبته (كما لو اشترى اثنان دارا وهما شفيان ثم جاء شفيع ثالث بعد ما اقتسما بقضاء أو غيره فله) أي للشفيع (أن ينقض القسمة)(6/552)
ضرورة صيرورة النصف ثلثا.
شرح وهبانية.
(اختلف الجار والمشتري في ملكية الدار التي يسكن فيها) الشفيع الذي هو الجار (فالقول للمشتري) لانه ينكر استحقاق الشفعة (وللجار تحليفه) أي تحليف المشتري (على العلم عند أبي
يوسف، وبه يفتى، كما لو أنكر المشتري طلب المواثبة) فإنه يحلف على العلم (وإن أنكر) المشتري (طلب الاشهاد عند لقائه حلف) المشتري (على البتات) لانه يحيط به علما دون الاول، حاوي الزاهدي.
ولو برهنا فبينة الشفيع أحق.
وقال أبو يوسف: بينة المشتري.
فروع: باع ما في إجارة الغير وهو شفيعها، فإن أجاز البيع أخذها بالشفعة وإلا بطلت الاجارة، وإن ردها شرى لطفله والاب شفيع له الشفعة والوصي كالاب.(6/553)
قلت: لكن في شرح المجمع ما يخالفه، فتنبه.
لو كانت دار الشفيع ملاصقة لبعض المبيع كان له الشفعة فيما لاصقه فقط ولو فيه تفريق الصفقة.
الابراء العام من الشفيع يبطلها قضاء مطلقا لا ديانة إن لم يعلم بها.(6/554)
إذا صبغ المشتري البناء فجاء الشفيع خير: إن شاء أعطاه ما زاد الصبغ، أو ترك.
أخر الجار طلبه لكون القاضي لا يراها فهو معذور.
يهودي سمع بالبيع يوم السبت فلم يطلب لم يكن عذرا.
قلت: يؤخذ منه أن اليهودي إذا طلب خصمه من القاضي إحضاره يوم سبته فإنه يكلفه الحضور ولا يكون سبته عذرا، وهي واقعة الفتوى.
قاله المصنف.
قلت: وهي في واقعات الحسامي.
ادعى الشفيع على المشتري أنه احتال لابطالها يحلف.
وفي الوهبانية خلافه.
قلت: وسنذكره لان ابن المصنف في حاشيته الاشباه أيده بما لا مزيد عليه، فليحفظ.(6/555)
تعليق إبطالها بالشرط جائز.
له دعوى في رقبة الدار وشفعة فيها يقول هذه الدار داري وأنا ادعيها، فإن وصلت إلي والا وأنا على شفعتي فيها.(6/556)
استولى الشفيع عليها بلا قضاء: إن اعتمد على قول عالم لا يكون ظالما، وإلا كان ظالما.
أشياء على عدد الرؤوس: العقل والشفعة وأجرة القسام والطريق إذا اختلفوا فيه.
الكل في الاشباه.
لا شفعة لمرتد.
عناية.
صبي شفيع لا ولي له(6/557)
لا تبطل شفعته، وإن نصب القاضي قيما يطلبها جاز.
جواهر.
شرى كرما وله شفيع غائب فأثمرت الاشجار فأكلها المشتري ثم أتى الشفيع وأخذه، إن الاشجار وقت القبض مثمرة سقط بقدره، وإلا لا، لانه لا حصة له من الثمن حينئذ.
مؤيد زاده معزيا لواقعات الحسامي.
وفي الوهبانية - ويأخذ فيما يشتري لصغيره * أب ووصي للبلوغ يؤخر وليس له تفريق دارين بيعتا * ولو غير جار والتفرق أجدر وما ضر إسقاط التحيل مسقطا * وتحليفه في النكر لا شك أنكر(6/558)
كتاب القسمة مناسبته أن أحد الشريكين إذا أراد الافتراق باع فتجب الشفعة أو قسم.
(هي) لغة: اسم للاقتسام كالقدوة للاقتداء.
وشرعا: (جمع نصيب شائع له في مكان معين.
وسببها: طلب الشركاء أو بعضهم الانتفاع بملكه على وجه الخصوص) فلو لم يوجد طلبهم لا تصح القسمة (وركنها: هو الفعل الذي يحصل به الافراز والتمييز بين الانصباء) ككيل وذرع.
(وشرطها: عدم فوت المنفعة بالقسمة) ولذا لا يقسم نحو حائط وحمام.
(وحكمها: تعيين نصيب كل) من الشركاء (على حدة وتشتمل) مطلقا (على) معنى (الافراز) وهو أخذ عين
حقه (و) على معنى (المبادلة) وهو أخذ عوض حقه (و) الافراز (هو للغالب في المثلي)(6/559)
وما في حكمه وهو العددي المتقارب، فإن معنى الافراز غالب فيه أيضا.
ابن كمال عن الكافي (والمبادلة) غالبة (في غيره) أي غير المثلي وهو القيمي.
إذا تقرر هذا الاصل (فيأخذ الشريك حصته بغيبة صاحبه في الاول) أي المثلي لعدم التفاوت (لا الثاني) أي القيمي لتفاوته.
في الخانية: مكيل أو موزون بين حاضر وغائب أو بالغ وصغير فأخذ الحاضر أو البالغ نصيبه نفذت القسمة إن سلم حظ الآخرين، وإلا لا كصبرة بين دهقان وزراع الدهقان بقسمتها، إن ذهب بما أفرزه للدهقان أو لا فبهلاك الباقي عليهما، وإن بحظ نفسه أو لا فالهلاك على(6/560)
الدهقان خاصة.
كذا قاله بعض المشايخ انتهى ملخصا (وإن أجبر عليها) أي على قسمة غير المثل (في متحد الجنس) منه (فقط) سوى رقيق غير الغنم (عند طلب الخصم) فيجبر لما فيها من معنى الافراز، على أن المبادلة قد يجري فيها الجبر عند تعلق حق الغير كما في الشفعة وبيع ملك المديون لوفاء دينه.
(وبنصب قاسم يرزق من بيت المال ليقسم بلا) أخذ (أجر) منهم (وهو أحب) وما في بعض النسخ واجب غلط (وإن نصب بأجر) المثل (صح) لانها ليست بقضاء حقيقة فجاز له أخذ(6/561)
الاجرة عليها وإن لم يجز على القضاء.
ذكره أخي زاده (وهو على عدد الرؤوس) مطلقا لا الانصباء خلافا لهما، قيد بالقاسم لان أجرة الكيال والوزان بقدر الانصباء إجماعا، وكذا سائر المؤمن كأجرة الراعي والحمل والحفظ وغيرها شرح مجمع.
زاد في الملتقى: إن لم يكن للقسمة، وإن كان لها فعلى الخلاف لكن ذكره في الهداية بلفظ قيل.
وتمامه فيما علقته عليه.
(و) القاسم (يجب كونه عدلا أمينا عالما بها،(6/562)
ولا يتعين واحد لها) لئلا يتحكم بالزيادة (ولا يشترك القسام) خوف تواطئهم (وصحت برضا الشركاء إلا إذا كان فيم صغير) أو مجنون (لا نائب عنه) أو غائب لا وكيل عنه لعدم لزومها حينئذ إلا بإجازة القاضي أو الغائب أو الصبي إذا بلغ أو وليه، هذا لو ورثه، ولو شركاء بطلت منية المفتي وغيرها.
(وقسم نقلي يدعون إرثه بينهم) أو ملكه مطلقا (أو شراءه) صدر الشريعة فلا فرق في النقلي بين شراء وارث وملك مطلق.
قلت: ومن النقلي البناء والاشجار حيث لم تتبدل المنفعة بالقسمة، وإن تبدلت فلا جبر.(6/563)
قاله شيخنا.
(وعقار يدعون شراءه) أو ملكه مطلقا (فإن ادعوا أنه ميراث عن زيد لا) يقسم (حتى يبرهنوا على موته وعدد ورثته) وقالا: يقسم باعترافهم كما في الصور الاخر (ولا إن برهنا أن العقار معهما حتى يبرهنا أنه لهما) اتفاقا في الاصح لانه يحتمل أنه معهما بإجارة أو إعارة فتكون قسمة حفظ والعقار محفوظ بنفسه.
(ولو برهنا على الموت وعدد الورثة وهو) أي العقار.
قلت: قال شيخنا: وكذا المنقول(6/564)
بالاولى (معهما وفيهم صغير أو غائب قسم بينهم ونصب قابض لهما) نظرا للغائب والصغير، ولا بد من البينة على أصل الميراث عنده أيضا خلافا لهما كما مر (فإن برهن) وارث (واحد) لا يقسم، إذ لا بد من حضور اثنين، ولو أحدهما صغيرا أو موصى له (أو كانوا) أي الشركاء (مشترين)(6/565)
أي شركاء بغير الارث (وغاب أحدهم) لان في الشراء لا يصلح الحاضر خصما عن الغائب،
بخلاف الارث (أو كان) في صورة الارث العقار أو بعضه (مع الوارث الطفل أو الغائب أو) كان (شئ منه لا) يقسم للزوم القضاء على الطفل أو الغائب بلا خصم حاضر عنهما (وقسم) المال المشترك (بطلب أحدهم إن انتفع كل) بحصته (بعد القسمة وبطلب ذي الكثير إن لم ينتفع الآخر لقلة حصته) وفي الخانية يقسم بطلب كل وعليه الفتوى، لكن المتون على الاول فعليها للعول (وإن تضرر الكل لم يقسم إلا برضاهم)(6/566)
لئلا يعود على موضوعه بالنقض.
في المجتبى: حانوت لهما يعملان فيه طلب أحدهما القسمة إن أمكن لكل أن يعمل فيه بعد القسمة ما كان يعمل فيه قبلها قسم، وإلا لا.
(وقسم عروض اتحد جنسها لا الجنسان) بعضهما في بعض لوقوعهما معاوضة لا تمييزا فتعتمد التراضي دون جبر القاضي (و) لا (الرقيق) وحده لفحش التفاوت في الآدمي.
وقالا: يقسم لو ذكروا فقط وإناثا فقط كما تقسم الابل والغنم ورقيق المغنم (و) لا (الجواهر) لفحش(6/567)
تفاوتها (والحمام) والبئر والرحى والكتب وكل ما في قسمه ضرر (إلا برضاهم) لما مر، ولو أراد أحدهما البيع وأبى الآخر لم يجبر على بيع نصيبه خلافا لمالك.
وفي الجواهر: لا تقسم الكتب بين الورثة ولكن ينتفع كل بالمهايأة، ولا تقسم بالاوراق ولو برضاهم، وكذا لو كان كتابا ذا مجلدات كثيرة، ولو تراضيا أن تقوم الكتب ويأخذ كل بعضها بالقيمة لو كان بالتراضي جاز، وإلا لا.
خانية.
دار أو حانوت بين اثنين لا يمكن قسمتها شاجرا فيه فقال أحدهما: لا أكري ولا أنتفع، وقال الآخر: أريد ذلك أمر القاضي بالمهايأة، ثم يقال لمن يريد الانتفاع: إن شئت فانتفع، وإن شئت فأغلق الباب.
(دور مشتركة أو دار وضيعة أو دار وحانوت قسم كل وحدها) منفردة مطلقا ولو متلازقة(6/568)
أو في محلتين أو مصرين.
مسكين (ذا كانت كلها في مصر واحد أو لا) وقالا: إن الكل في مصر واحد فالرأي فيه للقاضي، وإن في مصرين فقولهما كقوله (ويصور القاسم ما يقسمه على قرطاس) ليرفعه للقاضي (ويعدله على سهام القسمة ويذرعه، ويقوم البناء ويفرز كل نصيب بطريقه وشربه، ويلقب الانصباء بالاول والثاني والثالث) وهلم جرا (ويكتب أساميهم ويقرع) لتطيب القلوب، فمن خرج اسمه أولا فله السهم الاول، ومن خرج ثانيا فله السهم الثاني إلى أن ينتهي إلى الاخير.
(و) اعلم أن (الدارهم لا تدخل في القسمة) لعقار(6/569)
أو منقول (إلا برضاهم) فلو كان أرض وبناء قسم بالقيمة عند الثاني، وعند الثالث يرد من العرصة بمقابلة البناء، فإن بقي فضل ولا تمكن التسوية رد الفضل دراهم للضرورة، واستحسنه في الاختيار (قسم ولاحدهم مسيل ماء أو طريق في ملك الآخر و) الحال أنه (لم يشترط في القسمة صرف عنه إن أمكن، وإلا فسخت القسمة) إجماعا واستؤنفت، ولو اختلفوا بعضهم أبقيناه مشتركا كما كان إن أمكن إفراز كل فعل كما بسطه الزيلعي.
(اختلفوا في مقدار عرض الطريق جعل) عرضها (قدر عرض باب الدار) وأما في الارض فبقدر ممر الثور.
زيلعي (بطوله) أي ارتفاعه حتى يخرج كل واحد منهم جناحا في نصيبه، إن فوق الباب لا فيما دونه، لان قدر طول الباب من الهواء مشترك والبناء على الهواء المشترك لا يجوز إلا برضا الشركا.
جلالية.
(ولو شرطوا أن يكون الطريق في قسمة الدار على التفاوت(6/570)
جاز وإن) وصلية (كان سهامهم في الدار متساوية، و) ذلك لان (القسمة على التفاوت بالتراضي في غير الاموال الربوية جائزة) فجاز قسمة التين بالاكرار لانه ليس بوزني، لا العنب بالشريجة على الصحيح بل بالقبان أو الميزان لانه وزني.
(سفل له) أي فوقه (علو) مشتركان (وسفل مجرد) مشترك والعلو لآخر (وعلو مجرد) مشترك والسفل لآخر (قوم كل واحد) من ذلك (على حدة، وقسم بالقيمة) عند محمد، وبه يفتى.
(أنكر بعض الشركاء بعد القسمة استيفاء نصيبه وشهد القاسمان بالاستيفاء) لحقه (قيل) وإن قسما بأجر في الاصح.
ابن ملك (ولو شهد قاسم واحد لا) لانه فرد.
(ولو ادعى أحدهم أن من نصيبه شيئا) وقع (في يد صاحبه غلطا وقد) كان (أقر بالاستيفاء) أو لم يقر به ذكره البرجندي (لم يصدق إلا ببرهان) أو إقرار الخصم أو نكوله، فلو قالا إلا بحجة لعمت، ولا تناقض لانه اعتمد على فعل الامين ثم ظهر غلطه (وإن قال قبضته(6/571)
فأخذ شريكي بعضه وأنكر) شريكه ذلك (حلف) لانه منكر (وإن قال قبل إقراره بالاستيفاء أصابني من ذلك كذا إلى كذا ولم يسلمه إلي) وكذبه شريكه (تحالفا وتفسخ القسمة) كالاختلاف في قدر المبيع.
(ولو اقتسما دارا وأصاب كلا طائفة فادعى أحدهما بيتا في يد الآخر أنه من نصيبه وأنكر الآخر فعليه البينة) لانه مدع (وإن أقاماها بالعفرة لبينة المدعي) لانه خارج، وإن كان قبل الاشهاد على القبض تحالفا وفسخت، وكذا لو اختلفا في الحدود (وإن استحق بعض معين من نصيبه لا تفسخ القسمة اتفاقا)(6/572)
على الصحيح (وفي استحقاق بعض شائع في الكل تفسخ) اتفاقا (وفي) استحقاق (بعض شائع من نصيب لا تفسخ) جبرا خلافا للثاني (بل) المستحق منه (يرجع) بحصة ذلك (في نصيب شريكه) إن شاء أو نقض القسمة دفعا لضرر التشقيص.
قلت: قد بقي هاهنا احتمال آخر، وهو أن يستحق بعض من نصيب كل واحد، فإن كان شائعا فسخت، وإن كان معينا، فإن تساويا فظاهر، وإلا فالعبرة لذلك الزائد كما مر فلذا لم
يفردوها بالذكر.
(ظهر دين في التركة المقسومة تفسخ) القسمة (إلا إذا قضوه) أي الدين (أو أبرأ الغرماء(6/573)
ذمم الورثة أو يبقى منها) أي من التركة (ما يفي به) لزوال المانع (ولو ظهر غبن فاحش) لا يدخل تحت التقويم (في القسمة) فإن كانت بقضاء (بطلت) اتفاقا لان تصرف القاضي مقيد بالعدل ولم يوجد (ولو وقعت بالتراضي) تبطل أيضا (في الاصح) لان شرط جوازها المعادلة ولم توجد فوجب نقضها خلافا لتصحيح كالخلاصة.
قلت: فلو قال: كالكنز تفسخ لكان أولى (وتسمع دعواه ذلك) أي ما ذكر من الغبن الفاحش (وإن لم يقر بالاستيفاء، وإن أقر به لا) تسمع دعوى الغلط والغبن للتناقض، إلا إذا ادعى الغصب فتسمع دعواه.
وتمامه في الخانية.
(ادعى أحد المتقاسمين) للتركة (دينا في التركة صح) دعواه لانه لا تناقض لتعلق الدين بالمعنى والقسمة للصورة (ولو ادعى عينا) بأي سبب كان (لا) تسمع للتناقض، إذ الاقدام على(6/574)
القسمة اعتراف بالشركة.
وفي الخانية: اقستموا دارا أو أرضا ثم ادعى أحدهم في قسم الآخر بناء أو نخلا زعم أنه بناه أو غرسه لم تقبل بينته.
(وقعت شجرة في نصيب أحدهما أغصانها متدلية في نصيب الآخر ليس له أن يجبره على قطعها، به يفتى) لانه استحق الشجرة بأغصانها اختيار.
(بنى أحدهما) أي أحد الشريكين (بغير إذن الآخر) في عقار مشترك بينهما (فطلب شريكه رفع بنائه قسم) العقار (فإن وقع) البناء (في نصيب الباني فيها) ونعمت (وإلا هدم) البناء، وحكم الغرس كذلك.
بزازية.
(القسمة تقبل النقض، فلو اقتسموا وأخذوا حصتهم ثم تراضوا على الاشتراك بينهم صح) وعادت الشركة في عقار أو غيره، لان قسمة التراضي مبادلة ويصح فسخها ومبادلتها بالتراضي.
بزازية.
(المقبوض بالقسمة الفاسدة) كقسمة على شرط هبة أو صدقة أو بيع من المقسوم أو غيره (يثبت الملك ويفيد) جواز (التصرف فيه) لقابضه ويضمنه بالقيمة (كالمقبوض بالشراء الفاسد) فإنه(6/575)
يفيد الملك كما مر في بابه (وقيل لا) يثبته جزم بالقيل في الاشباه، وبالاول في البزازية والقنية.(6/576)
(ولو تهايأ في سكنى دار) واحدة يسكن وهذا بعضا وذا بعضا أو هذا شهرا وذا شهرا (أو دارين) يسكن كل دارا (أو في خدمة عبد) يخدم هذا يوما وذا يوما (أو عبدين) يخدم هذا هذا والآخر الآخر (أو في غلة دار أو دارين) كذلك (صح) التهايؤ في الوجوه الستة استحسانا اتفاقا، والاصح أن القاضي يهايئ بينهما جبرا بطلب أحدهما، ولا تبطل بموت أحدهما ولا بموتهما، ولو طلب أحدهما القسمة فيما يقسم بطلت، ولو اتفقا على أن نفقة كل عبد على من يخدمه جاز استحسانا، بخلاف الكسوة، وما زاد في نوبة أحدهما في الدار الواحدة مشترك لا في الدارين، وتجوز في عبد ودار على السكنى والخدمة وكذا في كل مختلفي المنفعة.
ملتقى.
وتمامه فيما علقته عليه.
(ولو) تهايأ (في غلة عبد أو في غلة عبدين أو) تهايأ (في غلة بغل أو بغلين أو) في (ركوب بغل أو بغلين أو) في (ثمرة شجرة أو) في (لبن شاة لا) يصح في المسائل الثمان.
وحيلة(6/577)
الثمار ونحوها أن يشتري حظ شريكه ثم يبيع كلها بعد مضي نوبته أو ينتفع باللبن بمقدار معلوم استقراضا لنصيب صاحبه، إذ قرض المشاع جائز.
فروع: الغرامات إن كانت لحفظ الاملاك فالقسمة على قدر الملك، وإن لحفظ الانفس فعلى عدد الرؤوس ولا يدخل صبيان ونساء، فلو غرم السلطان قرية تقسم على هذا،(6/578)
ولو خيف الغرق فاتفقوا على إلقاء أمتعة فالغرم بعدد الرؤوس لانها لحفظ الانفس.
المشترك إذا انهدم فأبى أحدهما العمارة، إن احتمل القسمة لا جبر وقسم وإلا بنى ثم آجره(6/579)
ليرجع بما أنفق لو بأمر القاضي، وإلا فبقيمة البناء وقت البناء له التصرف في ملكه وإن تضرر جاره في ظاهر الرواية.
الكل في الاشباه، وفي المجتبى: وبه يفتى.
وفي السراجية: الفتوى على المنع.
قال المصنف: فقد اختلف الافتاء، وينبغي أن يعول على ظاهر الرواية اه.
قلت: ومر في متفرقات القضاء وفي الوهبانية وشرحها: ولو زرع الانسان أزرا بداره فليس لجار منعه لو يضرر وحيط له أهل فحمل واحد ولا حمل فيه قبل ليس يغير وما لشريك أن يعلي حيطه وقيل التعلي جائز فيعمر(6/580)
وممنوع قسم عند منع مشارك من الرم قاض مؤجر فيعمر وينفق في المختار راض بإذنه ويمنع نفعا من أبى قبل يخسر وخذ منفقا بالاذن منه كحاكم وخذ قيمة إلا وهذا المحرر(6/581)
كتاب المزارعة مناسبتها ظاهرة (هي) لغة: مفاعلة من الزرع.
وشرعا: (عقد على الزرع ببعض الخارج) وأركانها أربعة: أرض، وبذر، وعمل، وبقر (ولا تصح عند الامام)(6/582)
لانها كقفيز الطحان (وعندهما تصح، وبه يفتى) للحاجة، وقياسا على المضاربة.
(بشروط) ثمانية (صلاحية الارض للزرع، وأهلية العاقدين، وذكر المدة) أي مدة متعارفة، فتفسد بما لا يتمكن فيها منها وبما لا يعيش إليها أحدهما غالبا، وقيل في بلادنا تصح بلا بيان مدة، ويقع على أول زرع واحد وعليه الفتوى.
مجتبى وبزازية.
وأقره المصنف (و) ذكر (رب
البذر) وقيل يحكم العرف (و) ذكر (جنسه)(6/583)
لا قدره لعلمه بأعلام الارض، وشرطه في الاختيار (و) ذكر (قسط) العالم (الآخر) ولو بينا حظ رب البذر وسكنا على حظ العامل جاز استحسانا (و) بشرط (التخلية بين الارض) ولو مع البذر (العامل و) بشرط في الخارج).
ثم فرع على الاخير بقوله (فتبطل إن شرط (والعامل و) بشرط (الشركة في الخارج) لاحدهما قفزان مسماة، أو ما يخرج من موضع معين، أو رفع) رب البذر (بذره أو رفع الخراج الموظف وتنصيف الباقي) بعد رفعه (بخلاف) شرط رفع (خراج المقاسمة) كثلث أو ربع (أو) شرط رفع (العشر) للارض أو لاحدهما لانه مشاع(6/584)
فلا يؤدي إلى قطع الشركة (أو) شرط (التبن لاحدهما والحب للآخر) أي تبطل لقطع الشركة فيما هو المقصود (أو) شرط (تنصيف الحب والتبن لغير رب البذر) لانه خلاف مقتضى العقد (أو) شرط (تنصيف التبن والحب لاحدهما) لقطع الشركة في المقصود (وإن شرط تنصيف الحب والتبن لصاحب البذر) كما هو مقتضى العقد (أو لم يتعرض للتبن صحت) وحينئذ التبن لرب البذر وقيل بينهما تبعا تبعا للحب كذا قاله المصنف تبعا للصدر وغيره لكن اعتمد صاحب الملتقى الثاني حيث قدمه فقال: والتبن بينهما، وقيل لرب البذر.
قلت: وفي شرح الوهبانية عن القنية: المزارع بالربع لا يستحق من التبن شيئا، وبالثلث يستحق النصف(6/585)
(وكذا) صحت (لو كان الارض والبذر لزيد والبقر والعمل للآخر) أو الارض له والباقي للآخر (أو العمل له والباقي للآخر) فهذه الثلاثة جائزة (وبطلت) في أربعة أوجه (لو كان الارض والبقر لزيد، أو البقر والبذر له والآخران للآخر) أو البقر أو البذر له (والباقي للآخر) فهي بالتقسيم العقلي سبعة أوجه، لانه إذا كان من أحدهما أحدها والثلاثة من الآخر فهي أربعة، وإذا كان من
أحدهما اثنان واثنان من الآخر فهي ثلاثة،(6/586)
ومتى دخل ثالث فأكثر بحصة فسدت، وإذا صحت فالخارج على الشرط ولا شئ للعامل إن لم يخرج شئ في الصحيحة (ويجبر من أبى على المضي إلا رب البذر فلا يجبر قبل إلقائه) وبعده يجبر.
درر.
(ومتى فسدت فالخارج لرب البذر) لانه نماء ملكه (و) يكون (للآخر أجر مثل عمله أو أرضه ولا يزاد على الشرط) وبالغا ما بلغ عند محمد (وإن لم يخرج شئ) في الفاسدة (فإن كان(6/587)
البذر من قبل العامل فعليه أجر مثل الارض والبقر، وإن كان من قبل رب الارض فعليه أجر مثل العامل) حاوي.
(ولو امتنع رب الارض من المضي فيها وقد كرب العامل) في الارض (فلا شئ له) لكرابه (حكما) أي في القضاء إذ لا قيمة للمنافع (ويسترضي ديانة) فيفتي بأن يوفيه أجر مثله.
لغرره (وتفسخ المزارعة بدين محوج إلى بيعها إذا لم ينبت الزرع) لكن يجب أن يسترضي المزارع ديانة إذا عمل (كما مر، أما إذا نبت ولم يستحصد لم تبع الارض لتعلق حق المزارع) حتى لو أجاز جاز (فإن مضت المدة قبل إدراك الزرع فعلى العامل(6/588)
أجر مثل نصيبه من الارض إلى إدراكه) أي الزرع كما في الاجارة، بخلاف ما لو مات أحدهما قبل إدراك الزرع حيث يكون الكل على العامل أو وارثه لبقاء العقد استحسانا كما سيج ء.
(دفع) رجل (أرضه إلى آخر على أن يزرعها بنفسه وبقره والبذر بينهما نصفان والخارج بينهما كذلك فعملا على هذا فالمزارعة فاسدة ويكون الخارج بينهما نصفين، وليس للعامل على رب الارض أجر) لشركته فيه (و) العامل (يجب عليه أجر نصف الارض لصاحبها) لفساد العقد (وكذا لو كان البذر ثلثاه من أحدهما وثلثه من الآخر والرابع بينهما) أو (على قدر بذرهما) نصفين
فهو فاسد أيضا لاشتراطه الاعارة في المزارعة.
عمادية.
(و) اعلم أن (نفقة الزرع) مطلقا(6/589)
بعد مضي مدة المزارعة (عليهما بقدر الحصص) وأما قبل مضيها فكل عمل قبا انتهاء الزرع كنفقة بذر ومؤنة حفظ وكري نهر على العامل ولو بلا شرط، فإذا تناهى بقي مالا مشتركا بينهما فتجب عليهما مؤنته كحصاد ودياس، كذا حرره المصنف، وحمل عليه أصل صدر الشريعة، فليحفظ.
(فإن شرطاه على العامل فسدت) كما لو شرطاه على رب الارض (بخلاف ما لو مات رب الارض والزرع بقل فإن العمل فيه جميعا على العامل أو وارثه) لبقاء مدة العقد والعقد يوجب على العامل عملا يحتاج إليه إلى انتهاء الزرع(6/590)
كما مر، ولو مات قبل البذر بطلت ولا شئ لكرابه كما مر، وكذا لو فسخت بدين محوج.
مجتبى.
(وصح اشتراط العمل) كحصاد ودياس ونسف على العامل (عند الثاني للتعامل وهو الاصح) وعليه الفتوى.
ملتقى.
(الغلة في المزارعة مطلقا) ولو فاسدة (أمانة في يد المزارع).
ثم فرع عليه بقوله (فلا ضمان عليه لو هلكت) الغلة في يده بلا صنعه فلا تصح الكفالة بها، نعم لو كفله بحصته إن استهلكها صحت المزارعة والكفالة إن لم تكن على وجه الشرط، وإلا فسدت المزارعة.
خانية (ومثله) في الحكم (المعاملة) أي المساقاة فإن حصة الدهقان في يد العامل أمانة.
(وإذا قصر المزارع في سقي الارض حتى هلك الزرع) بهذا السبب (لم يضمن) المزارع (في) المزارعة (الفاسدة، ويضمن في الصحيحة) لوجوب العمل عليه فيها كما مر، وهي في يده أمانة(6/591)
فيضمن بالتقصير.
في السراجية: أكار ترك السقي عمدا حتى يبس ضمن وقت ما ترك السقي قيمته نابتا في الارض، وإن لم يكن للزرع قيمة قومت الارض مزروعة وغير مزروعة فيضمن فضل ما بينهما.
فروع: أخر الاكار السقي، إن تأخيرا معتادا لا يضمن، وإلا ضمن.
شرط عليه الحصاد فتغافل حتى هلك ضمن، إلا أن يؤخر تأخيرا معتادا.
ترك حفظ الزرع حتى أكله الدواب ضمن، وإن لم يرد الجراد حتى أكله كله، إن أمكن طرده ضمن، وإلا لا.
بزازية.
زرع أرض رجل بلا أمره طالبه بحصة الارض، فإن كان العرف جرى في تلك القرية بالنصف أو بالثلث ونحوه وجب ذلك.
حرث بين رجلين أبى أحدهما أن يسقيه أجبر، فلو فسد قبل رفعه للحاكم لا ضمان عليه، وإن رفع ألى القاضي وأمره بذلك ثم امتنع ضمن.
جواهر الفتاوى.
شرط البذر على المزارع ثم زرعها رب الارض، إن على وجه الاعانة فمزارعة، وإلا فنقض لها.(6/592)
دفع الارض المستأجرة من الآجر مزارعة جاز، إن البذر من المستأجر ومعاملة لم يجز.
استأجر أرضا ثم استأجر صاحبها ليعمل فيها جاز.
الكل من منح المصنف.
قلت: وفيه في آخر باب جناية البهيمة معزيا للخلاصة: بستاني ضيع أمر البستان وغفل حتى دخل الماء وتلفت الكروم والحيطان، قال: يضمن الكروم لا الحيطان، ولو فيه حصرم ضمن الحصرم لا العنب لنهايته فصار حفظه عليهما.
قلت: قال ق: ويضمن العنب في عرفنا اه.
أنفق بلا إذن الآخر ولا أمر قاض فهو متبرع كمرمة دار مشتركة.
مات العامل فقال وارثه أنا أعمل إلى أن يستحصد فله ذلك وإن أبى رب الارض ملتقى.
وفي الوهبانية:
ويأخذ أرضا لليتيم وصيه مزارعة إن كان ما هو يبذر(6/593)
ولو قال بذر الارض مني مزارع له القول بعد الحصد والخصم ينكر(6/594)
كتاب المساقاة لا تخفى مناسبتها (هي) المعاملة بلغة أهل المدينة، فهي لغة وشرعا: معاقدة (دفع الشجر) والكروم، وهل المراد بالشجر ما يعم غير المثمر كالحور والصفصاف؟ لم أره (إلى من يصلحه بجزء) معلوم من ثمره وهي كالمزارعة حكما وخلافا (و) كذا (شروطا) تمكن هنا ليخرج بيان(6/595)
البذر ونحوه (إلا في أربعة أشياء) فلا تشترط هنا: (إذا امتنع أحدهما يجبر عليه) إذ لا ضرر (بخلاف المزارعة) كما مر (وإذا انقضت المدة تترك بلا أجر) ويعمل بلا أجر وفي المزارعة بأجر (وإذا استحق النخيل يرجع العامل بأجر مثله، وفي المزارعة بقيمة الزرع و) الرابع (بيان المدة ليس بشرط) هنا استحسانا للعلم بوقته عادة (و) حينئذ (يقع على أول ثمر يخرج)(6/596)
في أول السنة، وفي الرطبة على إدراك بذرها إن الرغبة فيه وحده، فإن لم يخرج في تلك السنة ثمر فسدت.
(ولو ذكر مدة لا تخرج الثمرة فيها فسدت، ولو تبلغ) الثمرة فيها (أولا) تبلغ (صح) لعدم التيقن بفوات المقصود (فلو خرج في الوقت المسمى فعلى الشرط) لصحة العقد (وإلا) فسدت (فللعامل أجر المثل) ليدوم عمله إلى إدراك الثمر.
(ولو دفع غراسا في أرض لم تبلغ الثمرة على أن يصلحها فما خرج كان بينهما(6/597)
تفسد) هذه المساقاة (إن لم يذكرا أعواما معلومة) فإن ذكرا ذلك صح (وكذا لو دفع أصول رطبة
في أرضع مساقاة ولم يسم المدة، بخلاف الرطبة فإنه يجوز) وإن لم يسم المدة (ويقع على أول جز يكون، ولو دفع رطبة انتهى جذاذها على أن يقوم عليها حتى يخرج بذرها ويكون بينهما نصفين جاز بلا بيان مدة والرطبة لصاحبها، ولو شرطا الشركة فيها) أي في الرطبة فسدت لشرطهما الشركة فيما لا ينمو بعمله.
(وتصح في الكرم والشجر والرطاب) المراد منها جميع البقول (وأصول الباذنجان والنخل) وخصها الشافعي بالكرم والنخل (لو فيه) أي الشجر المذكور (ثمرة غير مدركة) يعني تزيد العمل (وإن مدركة) قد انتهت (لا) تصح (كالمزارعة) لعدم الحاجة.(6/598)
(دفع أرضا بيضاء مدة معلومة ليغرس وتكون الارض والشجر بينهما لا تصح) لاشتراط الشركة(6/599)
فيما هو موجود قبل الشركة فكان كقفيز الطحان فتفسد (والثمر والغرس لرب الارض) تبعا لارضه (وللآخر قيمة غرسه) يوم الغرس (وأجر) مثل (عمله) وحيلة الجواز أن يبيع نصف الغراس بنصف الارض ويستأجر رب الارض العامل ثلاث سنين مثلا بشئ قليل ليعمل في نصيبه.
صدر الشريعة.
(ذهبت الريح بنواة رجل وألقتها في كرم آخر فنبت منها شجرة فهي لصاحب الكرم) إذ لا قيمة للنواة (وكذا لو وقعت خوخة في أرض غيره فنبت) لان الخوخة لا تنبت إلا بعد ذهاب لحمها.
(وتبطل) أي المساقاة (كالمزارعة بموت أحدهما ومضي مدتها والثمر نئ) هذا قيد لصورتي الموت ومضي المدة (فإن مات العامل تقوم ورثته عليه) إن شاؤوا حتى يدرك الثمر (وإن كره الدافع) أي رب الارض، وإذا أرادوا القلع لم يجبروا على العمل (وإن مات الدافع يقوم العامل(6/600)
كما كان وإن كره ورثة الدافع) دفعا للضرر (وإن ماتا فالخيار في ذلك لورثة العامل) كما مر (وإن لم يمت أحدهما بل انقضت مدتها) أي المساقاة (فالخيار للعامل) إن شاء علم على ما كان (وتفسخ بالعذر كالمزارعة) كما في الاجارات (ومنه كون العامل عاجزا عن العمل، وكونه سارقا يخاف على ثمره وسعفه منه) دفعا للضرر.(6/601)
فروع: ما قبل الادراك كسقي وتلقيح وحفظ فعلى العامل، وما بعده كجذاذ وحفظ فعليهما، ولو شرط على العامل فسدت اتفاقا.
ملتقى.
والاصل أن ما كان من عمل قبل الادراك كسقي فعلى العامل وبعده كحصاد عليهما كما بعد القسمة، فليحفظ.
دفع كرمة معاملة بالنصف ثم زاد أحدهما على النصف، إن زاد رب الكرم لم يجز لانه هبة مشاع يقسم، وإن زاد العامل جاز لانه إسقاط.
دفع الشجر لشريكه مساقاة لم يجز فلا أجر له(6/602)
لانه شريك فيقع العمل لنفسه، وفي الوهبانية: وما للمساقي أن يساقي غيره وإن أذن المولى له ليس ينكر وفي معاياتها: وأي شياه دون ذبح يحلها وأي المساقي والمزارع يكفر(6/603)
كتاب الذبائح مناسبتها للمزارعة كونهما إتلافا في الحال للانتفاع بالنبات واللحم في المآل.
الذبيحة: اسم ما يذبح كالذبح بالكسر، وأما بالفتح: فقطع الاوداج.
(حرم حيوان من شأنه الذبح) خرج السمك والجراد فيحلان بلا ذكاة، ودخل المتردية والنطيحة وكل (ما لم يذك) ذكاء شرعيا اخيتاريا كان أو اضطراريا (وذكاة الضرورة جرح) وطعن
وإنهار دم (في أي موضع وقع من البدن، و) ذكاة (الاختيار ذبح بين الحلق واللبة) بالفتح: المنحر من الصدر (وعروقه الحلقوم) كله وسطه أو أعلاه أو أسفله، وهو مجرى النفس(6/604)
على الصحيح(6/605)
(والمرئ) هو مجرى الطعام والشراب (والودجان) مجرى الدم (وحل) المذبوح (بقطع أي ثلاث منها) إذ للاكثر حكم الكل وهل يكفي قطع أكثر كل منها؟ خلاف، وصحح البزازي قطع كل حلقوم ومرئ وأكثر ودج، وسيجئ أنه يكفي من الحياة قدر ما يبقى في المذبوح (و) حل الذبح (بكل ما أفرى الاوداج) أراد بالاوداج كل الاربعة تغليبا (وأنهر الدم) أي أساله (ولو) بنار أو (بليطة) أي قشر قصب (أو مروة) هي حجر أبيض كالسكين يذبح بها (إلا سنا وظفرا قائمين، ولو كانا منزوعين حل) عندنا (مع الكراهة) لما فيه من الضرر بالحيوان كذبحه بشفرة كليلة.
(وندب إحداد شفرته قبل الاضجاع، وكره بعده كالجر برجلها إلى المذبح وذبحها من قفاها)(6/606)
إن بقيت حية حتى تقطع العروق وإلا لم تحل لموتها بلا ذكاة (والنخع) بفتح فسكون: بلوغ السكين النخاع، وهو عرق أبيض في جوف عظم الرقبة.
(و) كره كل تعذيب بلا فائدة مثل (قطع الرأس والسلخ قبل أن تبرد) أي تسكن عن الاضطراب وهو تفسير باللازم كما لا يخفى (و) كره (ترك التوجه إلى القبلة) لمخالفته السنة.
(وشرط كون الذابح مسلما حلالا خارج الحرم إن كان صيدا) فصيد الحرم لا تحله الذكاة في الحرم مطلقا (أو كتابيا ذميا وحربيا)(6/607)
إلا إذا سمع منه عند الذبح ذكر المسيح (فتحل ذبيحتما، ولو) الذابح (مجنونا أو امرأة أو صبيا يعقل التسمية والذبح) ويقدر (أو أقلف أو أخرس لا) تحل (ذبيحة) غير كتابي من (وثني ومجوسي(6/608)
ومرتد) وجني وجبري لو أبوه سنيا ولو أبوه جبريا حلت أشباه،(6/609)
لانه صار كمرتد.
قنية.
بخلاف يهودي أو مجوسي تنصر لانه يقر على ما انتقل إليه عندنا فيعتبر ذلك عند الذبح، حتى لو تمجس يهودي لا تحل ذكاته، والمتولد بين مشرك وكتابي ككتابي لانه أخف (وتارك تسمية عمدا) خلافا للشافعي (فإن تركها ناسيا حل) خلافا لمالك.
(وإن ذكر مع اسمه) تعالى (غيره، فإن وصل) بلا عطف (كره كقوله بسم الله اللهم تقبل من فلان) أو مني، ومنه: بسم الله محمد رسول الله بالرفع لعدم العطف ويكون مبتدئا، لكن يكره للوصل صورة، ولو بالجر أو النصب حرم درر،(6/610)
قيل هذا إذا عرف النحو.
والاوجه أن لا يعتبر الاعراب، بل يحرم مطلقا بالعطف لعدم العرب زيلعي كما أفاده بقوله: (وإن عطف حرمت نحو باسم الله واسم فلان أو فلان) لانه أهل به لغير الله، قال عليه الصلاة والسلام: موطنان لا أذكر فيهما: عند العطاس، وعند الذبح (فإن فصل صورة ومعنى كالدعاء قبل الاضجاع، و) الدعاء (قبل التسمية أو بعد الذبح لا بأس به) لعدم(6/611)
القران أصلا.
(والشرط في التسمية هو الذكر الخالص عن ضوب الدعاء) وغيره (فلا يحل بقوله اللهم اغفر لي) لانه دعاء وسؤال (بخلاف الحمد لله، أو سبحان الله مريدا به التسمية) فإنه يحل.
(ولو عطس عند الذبح فقال الحمد لله لا يحل في الاصح) لعدم قصد التسمية (بخلاف الخطبة) حيث يجزئه.
قلت: ينبغي حمله على ما إذا نوى، وإلا لا ليوفق بينه وبين ما مر في الجمعة، فتأمل.
(والمستحب أن يقول بسم الله الله أكبر بلا واو، وكره بها) لانه يقطع فور التسمية كما عزاه
الزيلعي للحلواني وقال قبله: والمتداول المنقول عن النبي (ص) بالواو.(6/612)
(ولو سمى ولم تحضره النية صح، بخلاف ما لو قصد بها التبرك في ابتداء الفعل) أو نوى بها أمرا آخر فإنه لا يصح فلا تحل (كما لو قال الله أكبر وأراد به متابعة المؤذن فإنه لا يصير شارعا في الصلاة) بزازية.
وفيها (تشترط) التسمية من الذابح (حال الذبح) أو الرمي لصيد أو الارسال أو حال وضع الحديد لحمار الوحش إذا لم يقعد عن طلبه كما سيجئ.
(والمعتبر الذبح عقب التسمية قبل تبدل المجلس) حتى لو أضجح شاتين إحداهما فوق الاخرى فذبحهما ذبحة واحدة بتسمية واحدة حلا، بخلاف ما لو ذبحهما على التعاقب، لان الفعل يتعدد فتتعدد التسمية.
ذكره الزيلعي في الصيد.
ولو سمى الذابح ثم اشتغل بأكل أو(6/613)
شرب ثم ذبح إن طال وقطع الفور حرم، وإلا لا، وحد الطول ما يستثكره الناظر، وإذا حد الشفرة ينقطع الفور.
بزازية.
(وحب) بالحاء (نحر الابل) في سفل العنق (وكره ذبحها، والحكم في غنم وبقر عكسه) فندب ذبحها (وكره نحرها لترك السنة) ومنعه مالك (ولا بد من ذبح صيد مستأنس) لان ذكاة الاضطرار إنما يصار إليها عند العجز عن ذكاة الاختيار (وكفى جرح نعم) كبقر وغنم (توحش) فيجرح كصيد (أو تعذر ذبحه) كأن تردى في بئر أو ند أو صال، حتى لو قتله المصول عليه مريدا ذكاته حل.
وفي النهاية: بقرة تعسرت ولادتها فأدخل ربها يده(6/614)
وذبح الولد حل، وإن جرحه في غير محل الذبح، إن لم يقدر على ذبحه حل وإن قدر لا.
قلت: ونقل المصنف أن من التعذر ما لو أدرك صيده حيا أو أشرف ثوره على الهلاك وضاق الوقت على الذبح أو لم يجد آلة الذبح فجرحه حل في رواية.
وفي منظومة النصفي قوله: إن الجنين مفرد بحكمه لم يتذك بذكاة أمه فحذف المصنف إن وقالا: إن تم خلقه أكل لقوله عليه الصلاة والسلام: ذكاة الجنين ذكاة أمه وحمله الامام على التشبيه: أي كذكاة أمه، بدليل أنه روي بالنصيب، وليس في ذبح الام إضاعة الولد لعدم التيقن بموته.
(ولا يحل ذو ناب يصيد بنانه) فخرج نحو البعير (أو مخلف يصيد بمخلبه) أي ظفره، فخرج نحو الحمامة (من سبع) بيان لذي ناب.
والسبع: كل مختطف منتهب جارح قاتل عادة (أو(6/615)
طير) بيان لذي مخلب (ولا الحشرات) هي صغار دواب الارض واحدها حشرة (والحمر الاهلية) بخلاف الوحشية فإنها ولبنها حلال (والبغل) الذي أمه حمارة، فلو أمه بقرة أكل اتفاقا ولو فرسا فكأنه (والخيل) وعندهما والشافعي تحل.
وقيل إن أبا حنيفة رجع عن حرمته قبل موته بثلاثة أيام، وعليه الفتوى.
عمادية ولا بأس بلبنها على الاوجه (والضبع والثعلب) لان لهما نابا، وعند(6/616)
الثلاثة تحل (والسلحفاة) برية وبحرية (والغراب الابقع) الذي يأكل الجيف لانه ملحق بالخبائث، قاله المصنف.
ثم قال: والخبيث ما تستخبثه الطباع السليمة (والغداف) بوزن غراب: النسر جمعه غدفان.
قاموس (والفيل) والضب، وما روي من أكله محمول على الابتداء (واليربوع وابن عرس والرخمة والبغاث) هو طائر دنئ الهمة يشبه الرخمة، وكلها من سباع البهائم.
وقيل الخفاش لانه ذو ناب.(6/617)
(ولا) يحل (حيوان مائي إلا السمك) الذي مات بآفة ولو متولدا في ماء نجس ولو طافية مجروحة.
وهبانية (غير الطافي) على وجه الماء الذي مات حتف أنفه وهو ما بطنه من فوق، فلو ظهره من فوق فليس بطاف فيؤكل كما يؤكل ما في بطن الطافي، وما مات بحر الماء أو برده
ويربطه فيه أو إلقاء شئ فموته بآفة.
وهبانية(6/618)
(و) إلا (الجريث) سمك أسود (والمارماهي) سمك في صورة الحية، وإفردهما بالذكر للخفاء، وخلاف محمد.
(وحل الجراد) وإن مات حتف أنفه، بخلاف السمك (وأنواع السمك بلا ذكاة) لحديث (أحلت لنا ميتتان: السمك والجراد، ودمان: الكبد والطحال) بكسر الطاء (و) حل (غراب الزرع) الذي يأكل الحب (والارنب والعقعق) هو غراب يجمع بين أكل جيف وحب، والاصح حله (معها) أي مع الذكاة.
(وذبح ما لا يؤكل يطهر لحمه وشحمه وجلده) تقدم في الطهارة ترجيح خلافه (إلا الآدمي(6/619)
والخنزير) كما مر.
(ذبح شاة) مريضة (فتحركت أو خرج الدم حلت وإلا لا إن لم تدر حياته) عند الذبح، وإن علم حياته (حلت) مطلقا (وإن لم تتحرك ولم يخرج الدم) وهذا يتأتى في منخنقة ومتردية ونطيحة، والتي فقر الذئب بطنها فذكاة هذه الاشياء تحلل، وإن كانت حياتها خفيفة، وعليه الفتوى، لقوله تعالى: * (إلا ما ذكيتم) * من غير فصل، وسيجئ في الصيد.
(ذبح شاة لم تدر حياتها وقت الذبح) ولم تتحرك ولم يخرج الدم (إن فتحت فاها لا تؤكل، وإن ضمته أكلت، وإن فتحت عينها لا تؤكل وإن ضمتها أكلت، وإن مدت رجلها لا تؤكل، وإن قبضتها أكلت، وإن نام شعرها لا تؤكل، وإن قام أكلت) لان الحيوان يسترخي بالموت، ففتح فم وعين ومد رجل ونوم شعر علامة الموت لانها استرخاء ومقابلها حركات تختص بالحي فدل على حياته، وهذا كله إذا لم تعلم الحياة (وإن علمت حياتها) وإن قلت (وقت الذبح أكلت مطلقا) بكل حال زيلعي.
(سمكة في سمكة، فإن كانت المظروفة صحيحة حلتا) يعني المظروفة، والظرف لموت
المبلوغة بسبب حادث (وإلا) تكن صحيحة (حل الظرف لا المظروف) لو خرجت من دبرها لاستحالتها عذرة.
جوهرة(6/620)
وقد غير المصنف عبارة متنه إلى ما سمعته، ولو وجد فيها درة ملكها حلالا ولو خاتما أو دينارا مضروبا لا وهو لقطة.
(ذبح لقدوم الامير) ونحوه كواحد من العظماء (يحرم) لانه أهل به لغير الله (ولو) وصلية (ذكر اسم الله تعالى ولو) ذبح (للضيف لا) يحرم لانه الخيليل وإكرام الضيف إكرام الله تعالى.
والفارق أنه إن قدمها ليأكل منها كان الذبح لله والمنفعة للضيف أو للوليمة أو للربح، وإن لم يقدمها ليأكل منها بل يدفعها لغيره كان لتعظيم غير الله فتحرم، وهل يكفر؟ قولان.
بزازية وشرح وهبانية.
قلت: وفي صيد المنية أنه يكره ولا يكفر، لانا لا نسئ الظن بالمسلم أنه يتقرب إلى الآدمي بهذا النحر ونحوه في شرح الوهبانية عن الذخيرة، ونظمه فقال:(6/621)
وفاعله جمهورهم قال كافروفصلي وإسماعيلي ليس يكفر (العضو) يعني الجزء (المنفصل من الحي) حقيقة وحكما لانه مطلق فينصرف للكامل كما حققه في تنوير البصائر.
قلت: لكن ظاهر المتن التعميم بدليل الاستثناء فتأمله (كميتته) كالاذن المقطوعة والسن الساقطة إلا في حق صاحبه فطاهر وإن كثر.
أشباه من الطهارة.
وهو المختار كما في تنوير البصائر (إلا من مذبوح قبل موته فيحل أكله لو من) الحيوان (المأكول) لان ما بقي من الحياة غير معتبر أصلا.
بزازية.
قلت: لكن يكره كما مر، وحررنا في الطهارة قول الوهبانية: وقد حللا لحم البغال وأمهامن الخيل قطعا والكراهة تذكر(6/622)
وإن ينز كلب فوق عنز فجاءها نتاج له رأس ككلب فينظر فإن أكلت لحما فكلب جميعها وإن أكلت تبنا فذا الرأس يبتر ويؤكل باقيها وإن أكلت لذاوذا فاضربنها والصياح يخبر وإن أشكلت فاذبح فإن كرشها بدافعنز وإلا فهو كلب فيطمر وفي معاياتها: وأي شياه دون ذبح يحلها ومن ذا الذي ضحى ولا دم ينهر(6/623)
كتاب الاضحية من ذكر الخاص بعد العام (هي) لغة: اسم لما يذبح أيام الاضحى، من تسمية الشئ باسم وقته.
وشرعا: (ذبح حيوان مخصوص بنية القربة في وقت مخصوص.
وشرائطها: الاسلام والاقامة واليسار الذي يتعلق به) وجوب (صدقة الفطر) كما مر (لا الذكورة فتجب على الانثى)(6/624)
خانية (وسببها الوقت) وهو أيام النحر وقيل الرأس، وقدمه في التاترخانية.
(وركنها): ذبح (ما يجوز ذبحه) من الغنم لا غير، فيكره ذبح دجاجة وديك لانه تشبه بالمجوس.
بزازية (وحكمها: الخروج عن عهدة الواجب) في الدنيا (والوصول إلى الثواب) بفضل الله تعالى (في العقبى) مع صحة النية إذ لا ثواب بدونها (فتجب) التضحية: أي إراقة الدم من النعم عملا لا اعتقادا(6/625)
بقدرة ممكنة هي ما يجب بمجرد التمكن من الفعل، فلا يشترط بقاؤها لبقاء الوجوب لانها شرط(6/626)
محض، لا ميسرة هي ما يجب بعد التمكن بصفة اليسر فغيرته من العسر إلى اليسر، فيشترط
بقاؤها لانها شرط في معنى العلة كما مر في الفطرة بدليل وجوب تصدقه بعينها أو بقيمتها لو(6/627)
مضت أيامها (على حر مسلم مقيم) بمصر أو قرية أو بادية.
عيني.
فلا تجب على حاج مسافر: فأما أهل مكة فتلزمهم وإن حجوا، وقيل لا تلزم المحرم.
سراج (موسر) يسار الفطرة (عن نفسه لا عن طفله) على الظاهر، بخلاف الفطرة (شاة) بالرفع بدل من ضمير تجب أو فاعله (أو سبع بدنة) هي الابل والبقر، سميت به لضخامتها، ولو لاحدهم أقل من سبع لم يجز عن أحد، وتجزي عما دون سبعة بالاولى (فجر) نصب على الظرفية (يوم النحر إلى آخر أيامه)(6/628)
وهي ثلاثة أفضلها أولها.
(ويضحي عن ولده الصغير من ماله) صححه في الهداية (وقيل لا) صححه في الكافي.
قال: وليس للاب أن يفعله من مال طفله، ورجحه ابن الشحنة.
قلت: وهو المعتمد لما في متن مواهب الرحمن من أنه أصح ما يفتى به.
وعلله في البرهان بأنه كان المقصود الاتلاف فالاب لا يملكه في مال ولده كالعتق أو التصدق باللحم، فمال الصبي لا يحتمل صدقة التطوع، وعزاه للمبسوط فليحظ.
ثم فرع على القول الاول بقوله (وأكل منه الطفل) وادخر له قدر حاجته (وما بقي ببدل بما ينتفع) الصغير (بعينه) كثوب وخف لا بما يستهلك كخبز ونحوه.
ابن كمال.
وكذا الجد والوصي.
(وصح اشتراك ستة في بدنة شريت لاضحية)(6/629)
أي إن نوى وقت الشراء الاشتراك صح استحسانا، وإلا لا (استحسانا وذا) أي الاشتراك (قبل الشراء أحب، ويقسم اللحم وزنا لا جزافا إلا إذا ضم معه من الاكارع أو الجلد) صرفا للجنس لخلاف جنسه.
(وأول وقتها بعد الصلاة إنذبح في مصر) أي بعد أسبق صلاة عيد،(6/630)
ولو قبل الخطبة لكن بعدها أحب وبعد مضي وقتها لو لم يصلوا لعذر، ويجوز في الغد وبعده قبل الصلاة، لان الصلاة في الغد تقع قضاء لاأداء.
زيلعي وغيره (وبعد طلوع فجر يوم النحر إن ذبح في غيره) وآخره قبيل غروب يوم الثالث.
وجوزه الشافعي في الرابع، والمعتبر مكان الاضحية لا مكان من عليه، فحيلة مصري أراد التعجيل أن يخرجها لخارج المصر، فيضحي بها إذا طلع الفجر.
مجتبى.
(والمعتبر آخر وقتها للفقير وضده والولادة والموت، فلو كان غنيا في أول الايام فقيرا في آخرها لا تجب عليه، وإن ولد في اليوم الآخر تجب عليه، وإن مات فيه لا) تجب عليه.(6/631)
(تبين أن الامام صلى بغير طهارة تعاد الصلاة دون الاضحية) لان من العلماء من قال: لا يعيد الصلاة إلا الامام وحده فكان للاجتهاد فيه مساغا.
زيلعي.
وفي المجتبى: إنما تعاد قبل التفرق لا بعده.
وفي البزازية: بلده فيها فتنة فلم يصلوا وضحوا بعد طلوع الفجر جاز في المختار، لكن في الينابيع: ولو تعمد الترك فسن.
أول وقتها لا يجوز الذبح حتى تزول الشمس اه.
وقيل لا تجوز قبل الزوال في اليوم الاول وتجوز في بقية الايام.
قلت: وقدمنا أنها مختار الزيلعي وغيره، وبه جزم في المواهب، فتنبه.
(كما لو شهدوا أنه يوم العيد عند الامام فصلوا ثم ضحوا ثم بان أنه يوم عرفة أجزأتهم الصلاة والتضحية) لانه لا يمكن التحرز عن مثل هذا الخطأ فيحكم بالجواز صيانة لجميع المسلمين زيلعي (وكره)(6/632)
تنزيها (الذبح ليلا) لاحتمال الغلط.
(ولو تركت التضحية ومضت أيامها تصدق بها حية ناذر) فاعل تصدق (لمعينة) ولو فقيرا، ولو ذبحها تصدق بلحمها، ولو نقصها تصدق(6/633)
بقيمة النقصان أيضا ولا يأكل الناذر منها، فإن أكل تصدق بقيمة ما أكل (وفقير) عطف عليه (شراها لها) لوجوبها عليه بذلك حتى يمتنع عليه بيعها (و) تصدق (بقيمتها غني شراها أولا) لتعلقها بذمته بشرائها أولا، فالمراد بالقيمة قيمة شاة تجزي فيها (وصح الجذع) ذو ستة أشهر(6/634)
(من الضأن) إن كان بحيث لو خلط بالثنايا لا يمكن التمييز من بعد.
(و) صح (الثني) فصاعدا من الثلاثة والثني (هو ابن خمس من الابل، وحولين من البقر والجاموس، وحول من الشاة) والمعز والمتولد بين الاهل، والوحشي يتبع الام.
قاله المصنف.
فروع: الشاة أفضل من سبع البقرة إذا استويا في القيمة واللحم، والكبش أفضل من النعجة إذا استويا فيهما، والانثى من المعز أفضل من التيس إذا استويا قيمة، والانثى من الابل والبقر أفضل.
حاوي.
وفي الوهبانية: أن الانثى أفضل من الذكر إذا استويا قيمة، والله أعلم.
ولدت الاضحية ولدا قبل الذبح(6/635)
يذبح الولد معها.
وعند بعضهم يتصدق به بلا ذبح.
ضلت أو سرقت فاشترى أخرى ثم وجدها فالافضل ذبحها، وإن ذبح الاولى جاز، وكذا الثانية لو قيمتها كالاولى أو أكثر، وإن أقل ضمن الزائد ويتصدق به بلا فرق بين غني وفقير.
وقال بعضهم: إن وجبت عن يسار فكذا الجواب، وإن عن إعسار ذبحهما.
ينابيع.
(ويضحي بالجماء والخصي والثولاء) أي المجنونة (إذا لم يمنعها من السوم والرعي، وإن
منعها لا) تجوز التضحية بها (والجرباء السمينة) فلو مهزولة لم يجز، لان الجرب في اللحم نقص (لا بالعمياء والعوراء والعجفاء) المهزولة التي لا مخ في عظامها (والعرجاء التي لا تمشي إلى المنسك) أي المذبح، والمريضة البين مرضها (ومقطوع أكثر الاذن أو الذنب أو العين) أي التي(6/636)
ذهب أكثر نور عينها فأطلق القطع على الذهاب مجازا، وإنما يعرف بتقريب العلف (أو) أكثر (الالية) لان للاكثر حكم الكل بقاء وذاهبا فيكفي بقاء الاكثر وعليه الفتوى.
مجتبى (ولا بالهتماء) التي لا أسنان لها، ويكفي قاء الاكثر، وقيل ما تعتلف به (والسكاء) التي لا أذن لها خلقة فلو لها أذن صغيرة خلقة أجزأت.
زيلعي (الجذاء) مقطوعة رؤوس ضرعها أو يابستها، ولا الجدعاء: مقطوعة الانف،(6/637)
ولا المصرمة أطباؤها: وهي التي عولجت حتى انقطع لبنها، ولا التي لا ألية لها خلقة.
مجتبى.
ولا بالخنثى لان لحمها لا ينضج.
شرح وهبانية، وتمامه فيه (و) لا (الجلالة) التي تأكل العذرة ولا تأكل غيرها.
(ولو اشتراها سليمة ثم تعيبت بعيب مانع) كما مر (فعليه إقامة غيرها مقامها إن) كان(6/638)
(غنيا، وإن) كان (فقيرا أجزأه ذلك) وكذا لو كانت معيبة وقت الشراء لعدم وجوبها عليه بخلاف الغني، ولا يضر تعيبها من اضطرابها عند الذبح، وكذا لو ماتت فعلى الغني غيرها لا الفقير، ولو ضلت أو سرقت فشرى أخرى فظهرت فعلى الغني إحداهما وعلى الفقير كلاهما.
شمني.
(وإن مات أحد السبعة) المشتركين في البدنة (وقال الورثة اذبحوا عنه وعنكم صح) عن الكل استحسانا لقصد القربة من الكل، ولو ذبحوها بلا إذن الورثة لم يجزهم لان بعضها لم يقع قربة (وإن كان شريك الستة نصرانيا أو مريدا اللحم لم يجز عن واحد) منهم(6/639)
لان الاراقة لا تتجزأ.
هداية لما مر.
فروع: ولو أن ثلاثة نفر اشترى كل واحد منهم شاة للاضحية أحدهم بعشرة والآخر بعشرين والآخر بثلاثين وقيمة كل واحدة مثل ثمنها فاختلطت حتى لا يعرف كل واحد شاته بعينها واصطلحوا على أن يأخذ كل واحد منهم شاة يضحي أجزأتهم، ويتصدق صاحب الثلاثين بعشرين وصاحب العشرين بعشرة ولا يتصدق صاحب العشرة بشئ، وإن أذن كل واحد منهم أن يذبحها عنه أجزأته ولا شئ عليه، كما لو ضحى أضحية غيره بغير أمره.
ينابيع.
(ويأكل من لحم الاضحية(6/640)
ويؤكل غنيا ويدخر، وندب أن لا ينقص التصدق عن الثلث).
وندب تركه لذي عيال توسعة عليهم (وأن يذبح بيده إن علم ذلك وإلا) يعلمه (شهدها) بنفسه ويأمر غيره بالذبح كي لا يجعلها ميتة.
(وكره ذبح الكتابي)(6/641)
وأما المجوسي فيحرم لانه ليس من أهله.
درر (ويتصدق بجلدها أو يعمل منه نحو غربال وجراب) وقربة وسفرة ودلو (أو يبدله بما ينتفع به باقيا) كما مر (لا بمستهلك كخل ولحم ونحوه) كدراهم (فإن بيع اللحم أو الجلد به) أي بمستهلك (أو بدراهم تصدق بثمنه) ومفاده صحة البيع مع الكراهة، وعن الثاني باطل لانه كالوقف.
مجتبى.
(ولا يعطى أجر الجزار منها) لانه كبيع، واستفيدت من قوله عليه الصلاة والسلام: من باع جلد أضحيته فلا أضحية له هداية.
(وكره جز صوفها قبل الذبح) لينتفع به، فإن جزه تصدق به، ولا يركبها ولا يحمل عليها شيئا ولا يؤجرها، فإن فعل تصدق بالاجرة.
حاوي الفتاوى.
لانه التزم إقامة القربة بجميع أجزائها (بخلاف ما بعده) لحصول المقصود.
مجتبى(6/642)
(ويكره الانتفاع بلبنها قبله) كما في الصوف، ومنهم من أجازهما للغني لوجوبهما في الذمة فلا تتعين.
زيلعي.
(ولو غلط اثنان وذبح كل شاة صاحبه) يعني عن نفسه على ما دل عليه قوله غلط أو لم يغلطا، فيكون كل واحد وكيلا عن الآخر دلالة.
هداية.
قاله ابن الكمال.
وظاهر كلام صدر الشريعة وغيره عن صاحبه (صح) استحسانا (بلا غرم) ويتحالان ولو أكلا ولم يعرفا ثم عرفا.
هداية.
وإن تشاحا ضمن كل لصاحبه قيمة لحمه وتصدق بها.(6/643)
قلت: في أوائل القاعدة الاولى من الاشباه: لو شراها بنية الاضحية فذبحها غيره بلا إذنه، فإن أخذها مذبوحة ولم يضمنه أجزأته، وإن ضمنه لا تجزئه، وهذا إذا ذبحها عن نفسه.
أما إذا ذبحها عن مالكها فلا ضمان عليه اه.
فراجعه (كما) يصح (لو ضحى بشاة الغصب) إن ضمنه قيمتها حية كما إذا باعها، وكذا لو أتلفها ضمن لصاحبها قيمتها.
هداية.(6/644)
لظهور أنه ملكها بالضمان من وقت الغصب (لا الوديعة وإن ضمنها) لان سبب ضمانه هنا بالذبح والملك يثبت بعد تمام السبب وهو الذبح فيقع في غير ملكه.
قلت: ويظهر أن العارية كالوديعة والمرهونة كالمغصوبة لكونها مضمونة بالدين، وكذا المشتركة، فليراجع.
فروع: لون أضحيته عليه الصلاة والسلام سوداء.(6/645)
نذر عشر أضحيات لزمه ثنتان لمجئ الاثر بها.
خانية، والاصح وجوب الكل لايجابه ما لله من جنسه إيجاب.
شرح وهبانية.(6/646)
قلت: ومفاده لزوم النذر بما ضمن جنسه واجب اعتقادي أو اصطلاحي، قاله المصنف فليحفظ غنيم بين رجلين ضحيا بها جاز، بخلاف العتق لصحة قسمة الغنم لا الرقيق.
ضحى بثنتين فالاضحية كلاهما، وقيل الزائد لحم.
والافضل الاكثر قيمة، فإن استويا فالاكثر حلما، فإن استويا فأطيبهما، ولو ضحى بالكل فالكل فرض كأركان الصلاة، فإن الفرض منها ما ينطلق الاسم عليه، فإذا طولها يقع الكل فرضا.
مجتبى.
شرى أضحية وأمر رجلا بذبحها فقال: تركت التسمية عمدا لزمه قيمتها ليشتري الآمر بها أخرى ويضحي، ويتصدق ولا يأكل(6/647)
لو أيام النحر باقية وإلا تصدق بقيمتها على الفقراء.
خانية.
وفيها أراد التضحية فوضع يده مع يد القصاب في الذبح وأعانه على الذبح سمى كل وجوبا، فلو تركها أحدهما أو ظن أن تسمية أحدهما تكفي حرمت، وهي تصلح لغزا فيقال: أي شاة لا تحل بالتسمية مرة بل لا بد أن يسمي عليها مرتين، وقد نظمه شيخنا الخير الرملي فقال: أي ذبح لا بد للحل فيه * أن يثنى بذكر ذي التنزيه فأجب عنه بالقريض فإنا * لا نراه نثرا ولا نرتضيه فقلت في الجواب: خذ جوابا نظما كما نبتغيه * من فقيه مروية عن فقيه هي شاة في ذبحها اشترك اثنان * فتكرار الذكر شرط كما ترويه ذاك ذبح قصابه وضع اليد * مع الصاحب الذي يرتجيه فعلى كل واحد منهما أن * يذكر الله جل عن تشبيه وفي الوهبانية وشرحها قال:(6/648)
ولو ذبحا شاة معا ثم واحد * أخل ببسم الله فالشاة تهجر
وإن يشتري منها ثلاثا ثلاثة * وأشكل فالتوكيل بالذبح يذكر وكيل شراء الشاة للعنز إن * شرى يصح خلاف العكس والقود يخسر ولو قال سوداء فغير صح لا * إذا كان في قرناء عينا يغير بثنتين ممن ينذر العشر ألزموا * وتصحيح إيجاب الجميع محرر وعن ميت بالامر ألزم تصدقا * وإلا فكل منها وهذا المحبر(6/649)
ومن مال طفل فالصحيح سقوطها * وعن أبه في حقه وهو أظهر وواهب شاة راجع بعد ذبحها * فيجزئ من ضحى عليها ويؤجر(6/650)
كتاب الحظر والاباحة مناسبته ظاهرة.
والحظر لغة: المنع والحبس.
وشرعا: ما منع من استعماله شرعا، والمحظور ضد المباح، والمباح ما أجيز المكلفين فعله وتركه بلا استحقاق ثواب وعقاب، نعم يحاسب عليه حسابا يسيرا اختيار.
(كل مكروه) أي كراهة تحريم (حارم) أي كالحرام في العقوبة بالنار (عند محمد) وأما(6/651)
المكروه كراهة تنزيه فإلى الحل أقرب اتفاقا (وعندهما) وهو الصحيح المختار، ومثله البدعة والشبهة (إلى الحرام أقرب) فالمكروه تحريما (نسبته إلى الحرام كنسبة الواجب إلى الفرض) فثبت بما يثبت به الواجب: يعني بظني الثبوت، ويأثم بارتكابه كما يأثم بترك الواجب، ومثله السنة المؤكدة.
وفي الزيلعي في بحث حرمة الخيل: القريب من الحرام ما تعلق به محذور دون استحقاق العقوبة بالنار، بل العتاب كترك السنة المؤكدة، فإنه لا يتعلق به عقوبة النار، ولكن يتعلق به الحرمان عن شفاعة النبي المختار (ص)، لحديث من ترك سنتي لم ينل شفاعتي فترك السنة المؤكدة قريب من الحرام وليس بحرام ا ه.(6/652)
(الاكل) للغذاء والشرب للعطش ولو من حرام أو ميتة أو مال غيره وإن ضمنه (فرض) يثاب عليه بحكم الحديث، ولكن (مقدار ما يدفع) الانسان (الهلاك عن نفسه) ومأجور عليه (و) هو مقدار ما (يتمكن به من الصلاة قائما و) من (صومه) مفاده جواز تقليل الاكل بحيث يضعف عن الفرض، لكنه لم يجز كما في الملتقى وغيره.
قلت: وفي المبتغى بالغين: الفرض بقدر ما يندفع به الهلاك ويمكن معه الصلاة قائما اه.
فتنبه(6/653)
(ومباح إلى الشبع لتزيد قوته، وحرام) عبر في الخانية بيكره (وهو ما فوقه) أي الشبع وهو أكل طعام غلب على ظنه أنه أفسد معدته، وكذا في الشرب.
قهستاني (إلا أن يقصد قوة صوم الغد أو لئلا يستحي ضيفه) أو نحو ذلك، ولا تجوز الرياضة بتقليل الاكل حتى يضعف عن أداء العبادة، ولا بأس بأنواع الفواكه وتركه أفضل واتخاذ الاطعمة سرف، وكذا وضع الخبز فوق الحاجة.
وسنة الاكل البسملة أوله والحمدلة آخره، وغسل اليدين قبله وبعده،(6/654)
ويبدأ بالشباب قبله وبالشيوخ بعده.
ملتقى (وكره لحم الاتان) أي الحمارة الاهلية خلافا لمالك (ولبنها و) لبن (الجلالة) التي تأكل العذرة (و) لبن (الرمكة) أي الفرس وبول الابل، وأجازه أبو يوسف للتداوي (و) كره (لحمهما) أي لحم الجلالة والرمكة، وتحبس الجلالة حتى يذهب نتن لحمها.
وقدر بثلاثة أيام لدجاجة، وأربعة لشاة، وعشرة لابل وبقر على الاظهر.
ولو أكلت(6/655)
النجاسة وغيرها بحيث لم ينتن لحمها حلت كما حل أكل جدي غذي بلبن خنزير لان لحمه لا يتغير، وما غذي به يصير مستهلكا لا يبقى له أثر.
(ولو سقي ما يؤكل لحمه خمرا فذبح من ساعته حل أكله ويكره) زيلعي وصيد شرح
وهبانية.
(و) كره (الاكل والشرب والادهان والتطيب من إناء ذهب وفضة للرجل والمرأة) لاطلاق الحديث (وكذا) يكره (الاكل بملعقة الفضة والذهب والاكتحال بميلهما) وما أشبه ذلك من الاستعمال كمكحلة ومرآة وقلم ودواة ونحوها: يعني إذا استعملت ابتداء فيما صنعت له بحسب متعارف الناس وإلا فلا كراهة، حتى لو نقل الطعام من إناء الذهب إلى موضع آخر أو صب الماء أو الدهن في كفه لا على رأسه ابتداء ثم استعمله لا بأس به.
مجتبى وغيره.(6/656)
وهو ما حرره في الدرر فليحفظ.
واستثنى القهستاني وغيره استعمال البيضة والجوشن ولساعدان منهما في الحرب للضرورة وهذا فيما يرجع للبدن، وأما لغيره(6/657)
تجملا بأوان متخذة من ذهب أو فضة وسرير كذلك وفرش عليه من ديباج ونحوه فلا بأس به، بل فعل السلف.
خلاصة.
حتى أباح أبو حنيفة توسد الديباج والنوم عليه كما يأتي، ويكره الاكل في نحاس أو صفر والافضل الخزف.
قال (ص): من اتخذ أواني بيته خزفا زارته الملائكة اختيار.
(لا) يكره ما ذكر (من) إناء (رصاص وزجاج وبلور وعقيق) خلافا للشافعي (وحل الشرب من إناء مفضض) أي مزوق بالفضة (والركوب على سرج مفضض والجلوس على كرسي مفضض) ولكن بشرط أن (يتقي) أي يجتنب (موضع الفضة) بفم قيل ويد وجلوس سرج(6/658)
ونحوه، وكذا الاناء المضبب بذهب أو فضة والكرسي المضبب بهما وحلية مرآة ومصحف بهما (كما لو جله) أي التفضيض (في نصل سيف وسكين أو في قبضتهما أو لجام أو ركاب ولم يضع يده موضع الذهب والفضة) وكذا كتابة الثوب بذهب أو فضة، وفي المجتبى: لا بأس بالسكين
المفضض والمحابر والركاب وعن الثاني يكره الكل(6/659)
والخلاف في المفضض أما المطلي فلا بأس به بالاجماع بلا فرق بين لجام وركاب وغيرهما لان الطلاء مستهلك لا يخلص فلا عبرة للونه.
عيني وغيره (ويقبل قول كافر) ولو مجوسيا (قال اشتريت اللحم من كتابي فيحل أو قال) اشتريته (من مجوسي فيحرم) ولا يرده بقول الواحد، وأصله أن خبر الكافر مقبول بالاجماع في المعاملات لا في الديانات، وعليه يحمل قول الكنز: ويقبل قول الكافر في الحل والحرمة: يعني الحاصلين في ضمن المعاملات لا مطلق الحل والحرمة كما توهمه الزيلعي (و) يقبل قول (المملوك) ولو أنثى (والصبي في الهدية) سواء أخبر بإهداء المولى غيره أو نفسه (والاذن) سواء كان بالتجارة أو بدخول الدار مثلا،(6/660)
وقيده في السراج بما إذا غلب على رأيه صدقهم، فلو شرى صغير نحو صابون وأشنان لا بأس ببيعه، ولو نحو زبيب وحلوى لا ينبغي بيعه لان الظاهر كذبه.
وتمامه فيه (و) يقبل قول الفاسق والكافر والعبد في (المعاملات) لكثرة وقوعها (كما إذا أخبر أنه وكيل فلان في بيع كذا فيجوز الشراء منه) إن غلب على الرأي صدقه كما مر وسيجئ آخر الحظر.
(وشرط العدالة في الديانات) هي التي بين العبد والرب (كالخبر عن نجاسة الماء فيتيمم) ولا يتوضأ (إن أخبر بها مسلم عدل) منزجر عما يعتقد حرمته (ولو عبدا) أو أمة (ويتحرى في) خبر (الفاسق) بنجاسة الماء (و) خبر (المستور ثم يعمل بغالب ظنه، ولو أراق الماء فتيمم فيما إذا غلب على رأيه صدقه(6/661)
وتوضأ وتيمم فيما إذا غلب) على رأيه (كذبه كان أحوط) وفي الجوهرة: وتيممه بعد الوضوء أحوط.
قلت: وأما الكافر إذا غلب صدقه على كذبه فإراقته أحب.
قهستاني وخلاصة وخانية.
قلت: لكن لو تيمم قبل إراقته لم يجز تيممه، بخلاف خبر الفاسق لصلاحيته ملزما في الجملة بخلاف الكافر، ولو أخبر عدل بطهارته وعدل بنجاسته حكم بطهارته، بخلاف الذبيحة،(6/662)
وتعتبر الغلبة في أوان طاهرة ونجسة وذكية وميتة، فإن الاغلب طاهرا تحرى وبالعكس، والسواء لا إلا لعطش، وفي الثياب يتحرى مطلقا (دعي إلى وليمة وثمة لعب أو غناء قعد وأكل) لو المنكر في المنزل، فلو على المائدة لا ينبغي أن يقعد بل يخرج معرضا لقوله تعالى: * (فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) * (فإن قدر على المنع فعل وإلا) يقدر (صبر إن لم يكن ممن يقتدى به فإن(6/663)
كان) مقتدي (ولم يقدر على المنع خرج ولم يقعد) لان فيه شين الدين، والمحكي عن الامام كان قبل أن يصير مقتدى به (وإن علم أو لا) باللعب (لا يحضر أصلا) سواء كان ممن يقتدى به أو لا، لان حق الدعوة إنما يلزمه بعد الحضور لا قبله، ابن كمال.
وفي السراج: ودلت المسألة أن الملاهي كلها حرام، ويدخل عليهم بلا إذنهم لانكار المنكر.
قال ابن مسعود: صوت اللهو والغناء(6/664)
ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء النبات.
قلت: وفي البزازية: استماع صوت الملاهي كضرب قصب ونحوه حرام لقوله عليه الصلاة والسلام: استماع الملاهي معصية والجلوس عليها فسق والتلذذ بها كفر أي بالنعمة، فصرف الجوارح إلى غير ما خلق لاجله كفر بالنعمة لا شكر، فالواجب كل الواجب أن يجتنب كي لا يسمع، لما روي أنه عليه الصلاة والسلام أدخل أصبعه في أذنه عند سماعه وأشعار العرب لو فيها ذكر الفسق تكره اه.(6/665)
أو لتغليظ الذنب كما في الاختيار لو للاستحلال كما في النهاية.
فائدة: ومن ذلك ضرب النوبة للتفاخر، فلو للتنبيه فلا بأس به، كما إذا ضرب في ثلاثة أوقات لتذكير ثلاث نفخات الصور لمناسبة بينهما، فبعد العصر للاشارة إلى نفخة الفزع، وبعد العشاء إلى نفخة الموت، وبعد نصف الليل إلى نفخة البعث.
وتمامه فيما علقته على المتلقى، والله أعلم.
فصل في اللبس(6/666)
(يحرم لبس الحرير ولو بحائل) بينه وبين بدنه (على المذهب) الصحيح، وعن الامام: إنما يحرم إذا مص الجلد.
قال في القنية: وهي رخصة عظيمة في موضع عمت به البلوى (أو في الحرب) فإنه يحرم أيضا عنده.
وقالا: يحل في الحرب (على الرجل لا المرأة إلا قدر أربع أصابع) كأعلام الثوب(6/667)
(مضمومة) وقيل منشورة، وقيل بين بين، وظاهر المذهب عدم جمع المتفرق ولو في عمامة كما بسط في القنية: وفيها عمامة طرزها قدر أربع أصابع من إبريسم من أصابع عمر رضي الله عنه وذلك قيس شبرنا يرخص فيه (وكذا المسنوج بذهب يحل إذا كان هذا المقدار) أربع أصابع (إلا لا) يحل للرجل.
زيلعي.
وفي المجتبى: العلم في العمامة في موضعين أو أكثر يجمع، وقيل: لا.
وفيه وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى عمامة عليها علم من قصب فضة قدر ثلاث أصابع لا بأس، ومن ذهب يكره، وقيل لا يكره، وفيه تكره الجبة المكفوفة بالحرير.(6/668)
قلت: وبهذا ثبت كراهة ما اعتاده أهل زماننا من القمص البصرية، وفيه المرخص العلم في عرض الثوب.
قلت: ومفاده أن القليل في قوله يكره اه.
قال المصنف: وبه جزم منلا خسرو وصدر
الشريعة، لكن إطلاق الهداية وغيرها يخالفه.
وفي السراج عن السير الكبير: العلم حلال مطلقا صغيرا كان أو كبيرا.
قال المصنف: وهو مخالف لما مر من التقييد بأربع أصابع، وفيه رخصة عظيمة لمن ابتلى به في زماننا اه.
قلت: قال شيخنا: وأظن أنه الراية، وما يعقد على الرمح فإنه حلال ولو كبيرا لانه ليس بلبس، وبه يحصل التوفيق (ولا بأس بكلة الديباج) هو ما سداه ولحمته إبريسم.
شرح وهبانية (للرجال) الكلة بالكسر البشخانة والناموسية لانه ليس يلبس، ونظمه شرح الوهبانية فقال: وفي كلة الديباج فالنوم جائز وفي قنية والمنتقى ذا مسطر (وتكره التكة منه) أي من الديباج هو الصحيح، وقيل لا بأس بها(6/669)
(وكذا) تكره (القلنسوة وإن كانت تحت العمامة والكيس الذي يعلق) قنية.
(واختلف في عصب الجراحة به) أي بالحرير، كذا في المجتبى.
وفيه أن له أن يزين بيته(6/670)
بالديباج ويتجمل بأواني ذهب وفضة بلا تفاخر.
وفي القنية: يحسن للفقهاء لف عمامة طويلة ولبس ثياب واسعة، وفيها: لا بأس بشد خمار أسود على عينيه من إبريسم لعذر.
قلت: ومنه الرمد.
وفي شرح الوهبانية عن المنتقى: لا بأس بعروة القميص وزره من الحرير، لانه تبع، وفي التاترخانية عن السير الكبير: لا بأس بأزرار الديباج والذهب، وفيها عن مختصر الطحاوي: لا يكره علم الثوب من الفضة ويكره من الذهب.
قالوا: وهذا مشكل، فقد رخص الشرع في الكفاف، والكفاف قد يكون من الذهب اه (ويحل توسده وافتراشه) والنوم عليه، وقالا: والشافعي ومالك حرام، وهو الصحيح كما في المواهب.
قلت: فليحفظ هذا لكنه خلاف المشهور،(6/671)
وأما جعله دثارا أو إزارا فإنه يكره بالاجماع.
سراج.
وأما الجلوس على الفضة فحرام بالاجماع.
شرح مجمع (و) يحل (لبس ما سداه إبريسم ولحمته غيره) ككتان وقطن وخز، لان الثوب إنما يصير ثوبا بالنسج والنسج باللحمة فكانت هي المعتبرة دون السدي.
قلت: وفي الشرنبلالية عن المواهب: يكره ما سداه ظاهر كالعتابي، وقيل: لا يكره ونحوه في الاختيار.
قلت: ولا يخفى أن المرجح اعتبارا للحمة كما يعلم من العزمية،(6/672)
بل في المجتبى أن أكثر المشايخ أفتوا بخلافه، وفي شرح المجمع: الخز: صوف غنم البحر اه.
قلت: وهذا كان في زمانهم، وأما الآن فمن الحرير، وحينئذ فيحرم.
برجندي وتاترخانية فليحفظ (و) حل (عكسه في الحرب فقط) لو صفيقا يحصل به اتقاء العدو، فلو رقيقا حرم بالاجماع لعدم الفائدة.
سراج.
وأما خالصه فيكره فيها عنده خلافا لهما.
ملتقى.
قلت: ولم أر ما لو خلطت اللحمة بإبريسم وغيره، والظاهر اعتبار الغالب.
وفي حاوي(6/673)
الزاهدي: يكره ما كان ظاهره قز أو خط منه خز وخط منه قز، وظاهر المذهب عدم جمع المتفرق إلا إذا كان خط منه قز وخط منه غيره بحيث يرى كله قزا، فأما إذا كان كل واحد مستبينا كالطراز في العمامة فظاهر المذهب أنه لا يجمع اه.
وأقره شيخنا.
قلت: وقد علمت أن العبرة للحمة لا للظاهر على الظاهر، فافهم (وكره لبس المعصفر والمزعفر الاحمر والاصفر للرجال) مفاده أن لا يكره للنساء (ولا بأس بسائر الالوان) وفي المجتبى و القهستاني وشرح النقاية لابي المكارم: لا بأس بلبس الثوب الاحمر اه.
ومفاده أن الكراهة تنزيهية، لكن صرح في التحفة بالحرمة فأدا أنها تحريمية وهي المحمل عند الاطلاق، قاله المصنف.(6/674)
قلت: وللشرنبلالي فيه رسالة نقل فيها ثمانية أقوال.
منها: أنه مستحب (ولا يتحلى)
الرجل (بذهب وفضة) مطلقا (إلا بخاتم ومنطقة وحلية سيف منها) أي الفضة إذا لم يرد به التزين.
وفي المجتبى: لا يحل استعمال منطقة وسطها من ديباج، وقيل يحل إذا لم يبلغ عرضها(6/675)
أربع أصابع، وفيها بعد سبع ورق: ولا يكره في المنطقة حلقة حديد أو نحاس وعظم، وسيجئ حكم لبس اللؤلؤ (ولا يتختم) إلا بالفضة لحصول الاستغناء بها فيحرم (بغيرها كحجر) وصحح السرخسي جواز اليشب والعقيق وعمم.
منلا خسرو (وذهب وحديد وصفر) ورصاص وزجاج وغيرها لما مر،(6/676)
فإذا ثبت كراهة لبسها للتختم ثبت كراهة بيعها وصيغها لما فيه من الاعانة على ما لا يجوز، وكل ما أدى إلى ما لا يجوز لا يجوز.
وتمامه في شرح الوهبانية (والعبرة بالحلقة) من الفضة (بالفص) فيجوز من حجر وعقيق وياقوت وغيرها، وحل مسمار الذهب في حجر الفص يجعله لبطن كفه في يده اليسر، وقيل اليمنى إلا أنه من شعار الروافض فيجب التحرز عنه.
قهستاني وغيره.
قلت: ولعله كان وبان فتبصر وينقشه اسمه أو اسم الله تعالى، لا تمثال إنسان أو طير(6/677)
ولا محمد رسول الله ولا يزيده على مثقال (وترك التختم لغير السلطان والقاضي) وذي حاجة إليه كمتول (أفضل ولا يشد منه)(6/678)
المتحرك (بذهب بل بفضة) وجوزهما محمد (ويتخذ أنفا منه) لان الفضة تنته (وكره إلباس الصبي ذهبا أو حريرا) فإن ما حرم لبسه وشربه حرم إلباسه وإشرابه (لا) يكره (خرقة لوضوء) بالفتح بقية بلله (أو مخاط) أو عرق(6/679)
لو لحاجة، ولو للتكبر تكره (و) لا (الرتيمة) هي خيط يربط بأصبع أو خاتم لتذكر الشئ، والحاصل أن كل ما فعل تجبرا كره، وما فعل لحاجة لا.
عناية.
فرع في المجتبى: التميمة المكروهة ما كان بغير العربية.(6/680)
فصل في النظر والمس (وينظر الرجل من الرجل) ومن غلام بلغ حد الشهوة.
مجتبى.
ولو أمرد صبيح الوجه،(6/681)
وقد مر في الصلاة، والاولى تنكير الرجل لئلا يتوهم أن الاول عين الثاني، وكذا الكلام فيما بعد.
قهستاني.
قلت: وقرينة المقام تكفي، فتدبر.
ثم نقل عن الزاهدي أنه لو نظر لعورة غيره بإذنه لم يأثم.
قلت: وفيه نظر ظاهر، بل لفظ الزاهدي: نظر لعورة غيره وهي غير بادية لم يأثم انتهى.(6/682)
فليحفظ (سوى ما بين سرته إلى ما تحت ركبته) فالركبة عورة لا السرة (ومن عرسه وأمته الحلال) له وطؤها، فخرج المجوسية والمكاتبة والمشتركة ومنكوحة الغير والمحرمة برضاع أو مصاهرة فحكمها كالاجنبية.
مجتبى.
ويشكل بالمفضاة فإنه لا يحل له وطؤها وينظر إليها.
قهستاني.
قلت: وقد يجاب بأنه أغلبي (إلى فرجها) بشهوة وغيرها، والاولى تركه(6/683)
لانه يورث النسيان (ومن محرمه) هي من لا يحل له نكاحها أبدا بنسب أو سبب ولو بزنا (إلى الرأس والوجه والصدر والساق والعضد إن أمن شهوته) وشهوتها أيضا.
ذكره في الهداية.
فمن قصره على الاول فقد قصر.
ابن كمال (وإلا لا، لا إلى الظهر والبطن) خلافا للشافعي (والفخذ) وأصله قوله تعالى: * (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن) * الآية وتلك المذكورات مواضع الزينة بخلاف الظهر ونحوه (وحكم أمة غيره) ولو مدبرة أو أم ولد (كذلك) فينظر إليها كمحرمة (وما
حل نظره) مما مر من ذكر أو أنثى (حل لمسه) إذا أمن الشهوة على نفسه وعليها لانه عليه الصلاة والسلام كان يقبل رأس فاطمة وقال عليه الصلاة والسلام: من قبل رجل أمه فكأنما قبل عتبة الجنة وإن لم يأمن ذلك أو شك، فلا يحل له النظر والمس.
كشف الحقائق لابن سلطان والمجتبى (إلا من أجنبية)(6/684)
فلا يحل مس وجهها وكفها وإن أمن الشهوة لانه أغلظ، ولذا تثبت به حرمة المصاهرة، وهذا في الشابة، أما العجوز التي لا تشتهي فلا بأس بمصافحتها ومس يدها إذا أمن، ومتى جاز المس جاز سفره بها ويخلو إذا أمن عليه وعليها، وإلا لا.
وفي الاشباه: الخلوة بالاجنبية حرام، إلا لملازمة مديونة هربت ودخلت خربة أو كانت عجوزا شوهاء أو بحائل، والخلوة بالمحرمة مباحة(6/685)
إلا الاخت رضاعا، والصهرة الشابة.
وفي الشرنبلالية معزيا للجوهرة ولا يكلم الاجنبية إلا عجوزا عطست أو سلمت فيشمتها لا يرد السلام عليها، وإلا لا انتهى.
وبه بان أن لفظة لا في نقل القهستاني: ويكلمها بما لا يحتاج إليه زائدة، فتنبه (وله مس ذلك) أي ما حل نظره (إذا أراد الشراء وإن خاف شهوته) للضرورة، وقيل لا في زماننا، وبه جزم في الاختيار (وأمة بلغت حد الشهوة لا تعرض) على البيع (في إزار واحد) يستر ما بين السرة والركبة لان ظهرها وبطنها(6/686)
عورة (و) ينظر (من الاجنبية) ولو كافرة.
مجتبى (إلى وجهها وكفيها فقط) للضرورة، قيل والقدم والذراع إذا أجرت نفسها للخبر.
تاترخانية (وعبدها كالاجنبي معها) فينظر لوجهها وكفيها فقط.
نعم يدخل عليها بلا إذنها إجماعا، ولا يسافر بها إجماعا.
خلاصة.
وعند الشافعي ومالك: ينظر كمحرمه (فإن خاف الشهوة) أو شك (امتنع نظره إلى وجهها) فحل النظر مقيد بعدم الشهوة وإلا فحرام، وهذا في زمانهم، وأما في زماننا فمنع من الشابة.
قهستاني وغيره (إلا) النظر لا المس (لحاجة) كقاض وشاهد يحكم (ويشهد عليها) لق ونشر مرتب لا لتتحمل الشهادة في الاصح
(وكذا مريد نكاحها) ولو عن شهوة بنية السنة لا قضاء الشهوة (وشرائها ومداواتها ينظر) الطبيب(6/687)
(إلى موضع مرضها بقدر الضرورة) إذ الضرورات تتقدر بقدرها، وكذا نظر قابلة وختان وينبغي أن يعلم امرأة تداويها لان نظر الجنس إلى الجنس أخف.
(وتنظر المرأة المسلمة من المرأة كالرجل من الرجل) وقيل كالرجل لمحرمه والاول أصح.
سراج (وكذا) تنظر المرأة (من الرجل) كنظر الرجل للرجل (إن أمنت شهوتها فلو لم تأمن أو خافت أو شكت حرم استحسانا كالرجل هو الصحيح في الفصلين.
تاترخانية معزيا للمضمرات(6/688)
(والذمية كالرجل الاجنبي في الاصح فلا تنظر إلى بدن المسلمة) مجتبى (وكل عضو لا يجوز النظر إليه قبل الانفصال لا يجوز بعده) ولو بعد الموت كشعر عانة وشعر رأسها وعظم ذراع حرة ميتة(6/689)
وساقها وقلامة ظفر رجلها دون يدها.
مجتبى.
وفيه النظر إلى ملاءة الاجنبية بشهوة حرام.
وفي اختيار: ووصل الشعر بشعر الآدمي حرام سواء كان شعرها أو شعر غيرها، لقوله (ص): لعن الله الواصلة والمستوصلة والاشمة والمستوشمة والواشرة والمستوشرة والنامصة والمتنمصة النامصة: التي تنتف الشعر من الوجه، والمتنمصة: التي يفعل بها ذلك (والخصي والمجبوب(6/690)
والمخنث في النظر إلى الاجنبية كالفحل) وقيل لا بأس بمجبوب جف ماؤه، لكن في الكبرى أن من جوزه فمن قلة التجربة والداينة.
(وجاز عزله عن أمته بغير إذنها وعن عرسه به) أي بإذن حرة أو مولى أمة وقيل يجوز بدونه لفساد الزمان.
ذكره ابن سلطان.
باب الاستبراء وغيره(6/691)
(من) ملك استمتاع (أمة) بنوع من أنواع الملك كشراء وإرث سبي ودفع جناية وفسخ بيع بعد القبض ونحوها، وقيدت بالاستمتاع ليخرج شراء الزوجة كما سيجئ (ولو بكرا أو مشرية من عبد أو امرأة) ولو عبده كمكاتبه ومأذونه لو مستغرقا بالدين وإلا لا استبراء (أو) من (محرمها) غير رحمها كي لا تعتق عليه (أو من مال صبي) ولو طفله (حرم عليه وطؤها و) كذا (دواعيه) في الاصح لاحتمال وقوعها في غير ملكه بظهورها حبلى (حتى يستبرئها بحيضة فيمن تحيض وبشهر في ذات أشهر) وهي صغيرة وآيسة ومنقطعة حيض، ولو حاضت فيه بطل الاستبراء وبالايام،(6/692)
ولو ارتفع حيضها بأن صارت ممتدة الطهر وهي ممن تحيض استبرأها بشهرين وخمسة أيام عند محمد، وبه يفتى.
والمستحاضة يدعها من أول الشهر عشرة أيام.
برجندي وغيره، فليحفظ (ويوضع الحمل في الحامل ولا يعتد بحيضة ملكها فيها ولا التي) بعد الملك (قبل قبضها ولا بولادة حصلت كذلك) أي بعد ملكها قبل قبضها (كما لا يعتد بالحاصل من ذلك) أي من حيضة ونحوها بعد البيع (قبل إجازة بيع فضولي وإن كانت في يد المشتري ولا) يعتد أيضا (بالحاصل بعد القبض في الشراء الفاسد قبل أن يشتريها) شراء (صحيحا) لانتفاء الملك (ويجب بشراء نصيب شريكه) من أمة مشتركة بينهما لتمام ملكه الآن (ويجتزى بحيضة حاضتها وهي مجوسية أو مكاتبة بأن) اشترى أمة مجوسية أو مسلمة و (كاتبها بعد الشراء) قبل استبراء فحاضت (ثم أسلمت المجوسية أو عجزت المكاتبة لوجودها بعد الملك) ولا يجب عند عود الآبقة: أي في دار(6/693)
الاسلام.
خانية (ورد المغصوبة) أي إذا لم يصبها الغاصب.
خانية (والمستأجرة وفك المرهونة) لعدم استحداث الملك، ولو أقال البيع قبل القبض لا استبراء على البائع، كما لو باعها بخيار وقبضت ثم أبطله بخياره لعدم خروجها عن ملكه، وكذا لو باع مدبرته أو أم ولده وقبضت إن لم يطأها المشتري، وكذا لو طلقها الزوج قبل الدخول إن كان زوجها بعد الاستبراء وإن قبله فالمختار وجوبه.
زيلعي.
قلت: وفي الجلالية: شرى معتدة الغير وقبضها ثم مضت عدتها لم يستبرئها لعدم حل وطئها للبائع وقت وجود السبب.(6/694)
(ولا بأس بحلية إسقاط الاستبراء إذا علم أن البائع لم يقر بها في طهرها ذلك، وإلا لا) يفعلها، به يفتى (وهي إذا لم تكن تحته حرة) أو أربع إماء (أن ينكحها) ويقبضها (ثم يشتريها) فتحل له للحال لانه بالنكاح لا يجب، ثم إذا اشترى زوجته لا يجب أيضا.
ونثل في الدرر عن ظهير الدين اشتراط وطئه قبل الشراء وذكر وجهه (وإن تحته حرة) فالحلية (أن ينكحها البائع) أي(6/695)
يزوجها ممن يثق به كما سيجئ (قبل الشراء و) أن ينكحها (المشتري قبل قبضه) لها فلو بعده لم يسقط (من موثوق به) ليس تحته حرة (أو يزوجها بشرط أن يكون أمرها بيدها) أو بيده يطلقها متى شاء إن خاف أن لا يطلقها (ثم يشتري) الامة (ويقبض أو يقبض فيطلق الزوج) قبل الدخول بعد قبض المشتري فيسقط الاستبراء.
وقيل المسألة التي أخذ أبو يوسف عليها مائة ألف درهم أن زبيدة حلفت الرشيد أن لا يشتري عليها جارية ولا يستوهبها، فقال: يشتري نصفها ويوهب له نصفها.
ملتقط (أو يكاتبها) المشتري (بعد الشراء) والقبض كما يفيده إطلاقهم، وعليه فيطلب الفرق بين الكتابة والنكاح بعد القبض، وقد نقله المصنف عن شيخه بحثا كما سنذكره،(6/696)
لكن في الشرنبلالية عن المواهب التصريح بتقييد الكتابة بكونها قبل القبض، فليحرر.
قلت: ثم وقفت على البرهان شرح مواهب الرحمن فلم أر القيد المذكور، فتدبر (ثم ينفسخ برضاها فيجوز له الوطئ بلا استبراء) لزوال ملكه بالكتابة ثم يجدده بالتعجيز، لكن لم يحدث ملك حقيقة فلم يوجب سبب الاستبراء، وهذه أسهل الحيل.
تاترخانية (له أمتان) لا يجتمعان نكاحا (أختان) أم لا (قبلهما) فلو قبل أو وطئ إحداهما يحل له وطؤها وتقبيلها دون الاخرى (بشهوة) الشهوة في القبلة لا تعتبر بل في المس والنظر.
ابن كمال (حرمتا عليه وكذلك) يحرم عليه(6/697)
(الدواعي كالنظر والتقبيل حتى يحرم فجر إحداهما) عليه بغير فعله كاستيلاء كفار عليها.
ابن كمال (يملك) ولو لبعضها بأي سبب كان (أو نكاح) صحيح لا فاسد إلا بالدخول (أو عتق) ولو لبعضها أو كتابة لانها تحرم فرجها، بخلاف تدبير ورهن وإجارة.
قلت: والمستحب أن لا يمسها حتى تمضي حيضة على المحرمة كما بسطته في شرح الملتقى.
(وكره) تحريما.
قهستاني (تقبيل الرجل) فم الرجل أو يده أو شيئا منه، وكذا تقبيل المرأة المرأة عند لقاء أو وداع.
قنية.
وهذا لو عن شهوة.
وأما على وجه البر فجائز عند الكل.
خانية.
وفي الاختيار عن بعضهم: لا بأس به إذا قصد البر وأمن الشهوة كتقبيل وجه فقيه ونحوه (و) كذا (معانقته في إزار واحد) وقال أبو يوسف: لا بأس بالتقبيل والمعانقة في إزار واحد(6/698)
(ولو كان عليه قميص أو جبة جاز) بلا كراهة بالاجماع، وصححه في الهداية وعليه المتون.
وفي الحقائق: لو القبلة على وجه المبرة دون الشهوة جاز بالاجماع (كالمصافحة) أي كما تجوز المصافحة لانها سنة قديمة متواترة لقوله عليه الصلاة والسلام: من صافح أخاه المسلم وحرك يده تناثرت ذنوبه وإطلاق المصنف تبعا للدرر والكنز والوقاية والنقاية والمجمع والملتقى وغيرها يفيد جوازها مطلقا ولو بعد العصر، وقولهم إنه بدعة: أي مباحة حسنة كما أفاده النووي في أذكاره وغيره في غيره، وعليه يحمل ما نقله عنه شارح المجمع من أنها بعد الفجر والعصر ليس بشئ توفيقا، فتأمله وفي القنية: السنة في المصافحة بكلتا يديه،(6/699)
وتمامه فيما علقته على الملتقى.
(ولا يجوز للرجل مضاجعة الرجل وإن كان كل واحد منهما في جانب من الفراش) قال عليه الصلاة والسلام: لا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في
الثوب الواحد وإذا بلغ الصبي أو الصبية عشر سنين يجب التفريق بينهما، بين أخيه وأخته وأمه وأبيه في المضجع لقوله عليه الصلاة والسلام: وفرقوا بينهم في المضاجع وهم أبناء عشر وفي النتف: إذا بلغوا ستا، كذا في المجتبى، وفيه: الغلام إذا بلغ حد الشهوة كالفحل، والكافرة كالمسلمة عن أبي حنيفة: لصاحب الحمام أن ينظر إلى العورة وحجته الختان،(6/700)
وقيل في ختان الكبير: إذا أمكنه أن يختن نفسه فعل، وإلا لم يفعل إلا أن لا يمكنه النكاح أو شراء الجارية، والظاهر في الكبير أنه يختن ويكفى قطع الاكثر.
(ولا بأس بتقبيل يد) الرجل (العالم) والمتورع على سبيل التبرك.
درر.
ونقل المصنف عن الجامع أنه لا بأس بتقبيل يد الحاكم والمتدين (السلطان العادل) وقيل سنة.
مجتبى (وتقبيل رأسه) أي العالم (أجود) كما في البزازية (ولا رخصة فيه) أي في تقبيل اليد (لغيرهما) أي لغير عالم وعادل هو المختار.
مجتبى.
وفي المحيط: إن لتعظيم إسلامه وإكرامه جاز، وإن لنيل الدنيا كره.
(طلب من عالم أو زاهد أن) يدفع إليه قدمه و (يمكنه من قدمه ليقبله أجابه، وقيل لا) يرخص فيه كما يكره تقبيل المرأة فم أخرى أو خدها عند اللقاء أو الوداع كما في القنية مقدما للقيل.
قال (و) كذا ما يفعله الجهال من (تقبيل يد نفسه إذا لقي غيره) فهو (مكروه) فلا رخصة فيه، وأما تقبيل يد صاحبه عند اللقاء فمكروه بالاجماع (وكذا) ما يفعلونه من قبيل (الارض بين(6/701)
يدي العلماء) والعظماء فحرام، والفاعل والراضي به آثمان لانه يشبه عبادة الوثن، وهل يكفران؟ على وجه العبادة والتعظيم كفر، وإن على وجه التحية لا، وصار آثما مرتكبا للكبيرة، وفي الملتقط: التواضع لغير الله حرام.
وفي الوهبانية: يجوز بل يندب القيام تعظيما للقادم كما يجوز القيام، ولو للقارئ بين يدي العالم، وسيجئ نظما.
فائدة: قيل التقبيل على خمسة أوجه: قبلة المودة للولد على الخد، وقبلة الرحمة لوالديه على الرأس، وقبلة الشفقة لاخيه على الجبهة.
وقبلة الشهوة لمرأته وأمته على الفم، وقبلة التحية
للمؤمنين على اليد، وزاد بعضهم: قبلة الديانة للحجر الاسود.
جوهرة.
قلت: وتقدم في الحج تقبيل عتبة الكعبة، وفي القنية في باب ما يتعلق بالمقابر: تقبيل المصحف قيل بدعة، لكن روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يأخذ المصحف كل غداة ويقبله ويقول: عهد ربي(6/702)
ومنشور ربي عزوجل، وكان عثمان رضي الله عنه يقبل المصحف ويمسحه على وجهه.
وأما تقبيل الخبز فحرر الشافعية أنه بدعة مباحة، وقيل حسنة.
وقالوا: يكره دوسه لا بوسه.
ذكره ابن قاسم في حاشيته على شرح المنهاج لابن جر في بحث الوليمة، وقواعدنا لا تأباه، وجاء: لا تقطعوا الخبز بالسكين وأكرموه فإن الله أكرمه.
فصل في البيع (كره بيع العذرة) رجيع الآدمي (خالصة لا) يكره بل يصح بيع (السرقين) أي الزبل خلافا للشافعي (وصح) بيعها (مخلوطة بتراب أو رماد غلب عليها) في الصحيح (كما صح الانتفاع بمخلوطها) أي العذرة بل بها خالصة على ما صححه الزيلعي وغيره خلافا لتصحيح الهداية فقد اختلف التصحيح، وفي الملتقى أن الانتفاع كالبيع: أي في الحكم، فافهم.
(وجاز أخذ دين على كافر من ثمن خمر) لصحة بيعه (بخلاف) دين على (المسلم) لبطلانه إلا إذا وكل ذميا ببيعه فيجوز عنده خلافا لهما، وعلى هذا لو مات مسلم وترك ثمن خمر(6/703)
باعه مسلم لا يحل لورثته كما بسطه الزيلعي، وفي الاشباه: الحرمة تنتقل مع العلم إلا للوارث إلا إذا علم ربه.
قلت: ومر في البيع الفاسد، لكن في المجتبى: مات وكسبه حرام فالميراث حلال، ثم رمز وقال: لا نأخذ بهذه الرواية، وهو حرام مطلقا على الورثة، فتنبه (و) جاز (تحلية المصحف) لما فيه من تعظيمه كما في نقش المسجد(6/704)
(وتعشيره ونقطه) أي إظهار إعرابه، به يحصل الرفق جدا خصوصا للعجم فيستحسن وعلى هذا لا بأس بكتابة أسامي السور وعد الآي وعلامات الوقف ونحوها فهي بدعة حسنة.
درر وقنية.
وفيها: لا بأس بكواغد أخبار ونحوها في مصحف وتفسير وفقه، وتكره في كتب نجوم وأدب، ويكره تصغير مصحف وكتابته بقلم دقيق: يعني تنزيها، ولا يجوز لف شئ في كاغد فقه ونحوه، وفي كتب الطب يجوز (و) جاز (دخول الذمي مسحدا) مطلقا، وكرهه مالك مطلقا، وكرهه محمد والشافعي وأحمد في المسجد الحرام.
قلنا: النهي تكويني لا تكليفي، وقد جوزوا عبور عابر السبيل جنبا، وحينئذ فمعنى لا يقربوا: لا يحجوا ولا يعتمروا عراة بعد حج عامهم هذا(6/705)
عام تسع حين أمر الصديق ونادى علي بهذه السورة، قال: ألا لا يحج عبد عامنا هذا مشرك ولا يطوف عريان.
رواه الشيخان وغيرهما فليحفظ.
قلت: ولا تنس ما مر في فصل الجزية (و) جاز (عيادته) بالاجماع.
وفي عيادة المجوسي قولان (و) جاز (عيادة فاسق) على الاصح لانه مسلم(6/706)
والعيادة من حقوق المسلمين (و) جاز (خصاء البهائم) حتى الهرة.
وأما خصاء الآدمي فحرام، قيل والفرس وقيدوه بالمنفعة وإلا فحرام (وإنزاء الحمير على الخيل) كعكسه.
قهستاني (والحقنة) للتداوي ولو للرجل بطاهر لا بنجس، وكذا كل تداو لا يجوز إلا بطاهر، وجوزه في النهاية بمحرم إذا أخبره طبيب مسلم أن فيه شفاء ولم يجد مباحا يقوم مقامه.
قلت: وفي البزازية: ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام: إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم نفى الحرمة عند العلم بالشفاء(6/707)
دل عليه جواز شربه لازالة العطش اه.
وقد قدمناه (و) جاز إساغة اللقمة بالخمر وجواز (رزق
القاضي) من بيت المال لو بيت المال حلالا جمع بحق وإلا لم يحل، وعبر بالرزق ليفيد تقديره بقدر ما يكفيه وأهله في كل زمان ولو غنيا في الاصح، وهذا لو بلا شرط، ولو به كالاجرة فحرام لان القضاء طاعة فلم تجز كسائر الطاعات.
قلت: وهل يجري فيه كلام المتأخرين يحرر (و) جاز (سفر الامة وأم الولد) والمكاتبة(6/708)
والمبعضة (بلا محرم) هذا في زمانهم، أما في زماننا فلا لغلبة أهل الفساد، وبه يفتى.
ابن كمال (و) جاز (شراء ما لا بد للصغير منه وبيعه) أي بيع ما لا بد للصغير منه (لاخ وعم وأم وملتقط هو في حجرهم) أي في كنفهم وإلا لا (و) جاز (إجارته لامه فقط) لو في حجرها وكذا الملتقط على الاصح، كذا عزاه المصنف لشرح المجمع ولم أره فيه، ويأتي متنا ما ينافيه فتنبه.
وكذا لعمه عند الثاني خلافا للثالث، ولو أجر الصغير نفسه لم يجز إلا إذا فرغ العمل لتمحضه نفعا فيجب المسمى، وصح إجارة أب وجد وقاض ولو بدون أجر المثل في الصحيح كما يعلم من الدرر فتبصر (و) جاز (بيع عصير) عنب (ممن) يعلم أنه (يتخذه خمرا) لان المعصية لا تقوم بعينه بل بعد(6/709)
تغيره، وقيل يكره لاعانته على المعصية، ونثل المصنف عن السراج: والمشكلات أن قوله: ممن أي من كافر، أما بيعه من المسلم فيكره، ومثله في الجوهرة والباقاني وغيرهما.
زاد القهستاني معزيا للخانية أنه يكره بالاتفاق (بخلاف بيع أمرد ممن يلوط به وبيع سلاح من أهل الفتنة) لان المعصية تقوم بيعنه، ثم الكراهة في مسألة الامرد مصرح بها في بيوع الخانية وغيرها، واعتمده المصنف على خلاف ما في الزيلعي والعيني وإن أقره المصنف في باب البغاة.
قلت: وقدمنا ثمة معزيا للنهر أن ما قامت المعصية بعينه يكره بيعه تحريما، وإلا فتنزيها، فليحفظ توفيقا (و) جاز تعمير كنيسة و (حمل خمر ذمي) بنفسه أو دابته (بأجر)(6/710)
لا عصرها لقيام المعصية بعينه (و) جاز (إجارة بيت بسواد الكوفة) أي قراها (لا بغيرها على
الاصح) وأما الامصار وقرى غير الكوفة فلا يمكنون لظهور شعار الاسلام فيها، وخص سواد الكوفة لان غالب أهلها أهل الذمة (ليتخذ بيت نار أو كنيسة أو بيعة أو يباع فيه الخمر) وقالا: لا ينبغي ذلك لانه إعانة على المعصية، وبه قالت الثلاثة.
زيلعي (و) جاز (بيع بناء بيوت مكة وأرضها) بلا كراهة، وبه قال الشافعي وبه يفتى.
عيني.
وقد مر في الشفعة وفي البرهان في باب العشر: ولا يكره بيع أرضها كبنائها وبه يعمل، وفي مختارات النوازل لصاحب الهداية: لا(6/711)
بأس ببيع بنائها وإجارتها، لكن في الزيلعي وغيره: يكره إجارتها.
وفي آخر الفصل الخامس من التاترخانية وإجازة الوهبانية قالا: قال أبو حنيفة: أكره إجارة بيوت مكة في أيام الموسم، وكان يفتي لهم أن ينزلوا عليهم في دورهم لقوله تعالى: * (سواء العاكف فيه والباد) * ورخص فيها في غير أيام الموسم اه.
فليحفظ.
قلت: وبهذا يظهر الفرق والترفيق، وهكذا كان ينادي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيام الموسم ويقول: يا أهل مكة لا تتخذوا لبيوتكم أبوابا لينزل البادي حيث شاء ثم يتلو الآية، فليحفظ (و) جاز (قيد العبد) تحرزا عن التمرد والاباق وهو سنة المسلمين في الفساق (وقبول هديته تاجرا وإجابة دعوته واستعارة دابته) استحسانا (وكره كسونه) أي قبول هدية العبد (ثوبا وإهداؤه النقدين) لعدم الضرورة (واستخدام الخصي) ظاهره الاطلاق، وقيل بل دخوله على الحرم(6/712)
لو سنة خمسة عشر.
(و) كره (إقراض) أي إعطاء (بقال) كخباز وغيره (دراهم) أبرا لخوف هلكه لو بقي بيده يشترط (ليأخذ) متفرقا (منه) بذلك (ما شاء) ولو لم يشترط حالة العقد لكن يعلم أنه يدفع لذلك.
شرنبلالية.
لانه قرض جر نفعا وهو بقاء ماله، فلو أودعه لم يكره لانه لو هلك لا يضمن، وكذا لو شرط ذلك قبل الاقراض ثم أقرضه يكره اتفاقا.
قهستاني وشرنبلالية.
(و) كره تحريما (اللعب بالنرد و) كذا (الشطرنج) بكسر أوله ويهمل ولا يفتح إلا نادرا،
وأباحه الشافعي وأبو يوسف في رواية، ونظمها شارح الوهبانية فقال: ولا باس بالشطرنج وهي رواية عن الحبر قاضي الشرق والغرب تؤثر(6/713)
وهذا إذا لم يقامر ولم يداوم ولم يخل بواجب، وإلا فحرام بالاجماع.
(و) كره (كل لهو) لقوله عليه الصلاة والسلام: كل لهو المسلم حرام إلا ثلاثة: ملاعبته أهله، وتأديبه لفرسه، ومناضلته بقوسه (و) كره (جعل الغل) طوق له راية (في عنق العبد) يعلم بإباقه، وفي زماننا لا بأس به لغلبة الاباق خصوصا في السودان وهو المختار كما في شرح المجمع للعيني (بخلاف القيد) فإنه حلال كما مر (و) كره (قوله في دعائه بمقعد العز من(6/714)
عرشك) ولو بتقديم العين.
وعن أبي يوسف: لا بأس به، وبه أخذ أبو الليث للاثر، والاحوط الامتناع لكونه خبر واحد فيما يخالف القطعي إذ المتشابه إنما يثبت بالقطعي.
هداية.
وفي التاترخانية معزيا للمنتقى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: لا ينبغي لاحد أن يدعو الله إلا به، والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد من قوله تعالى: * (ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها) * قال:(6/715)
وكذا لا يصلي أحد على أحد إلا على النبي (ص).
(و) كره قوله (بحق رسلك وأنبيائك وأوليائك) أو بحق البيت لانه لا حق للخلق على الخالق تعالى، ولو قال لآخر بحق الله أو بالله أنتفعل كذا لا يلزمه ذلك، وإن كان الاولى فعله.
درر.
وفي المختارات: قال ابن المبارك: سأل لوجه الله أو لحق الله يعجبني أن لا يعطيه شيئا لانه(6/716)
عظم ما حقر الله، وفيها: قرأ القرآن ولم يعلم بموجبه يثاب على قراءته كمن يصلي ويعصي.
فرع: هل يكره رفع الصوت بالذكر والدعاء؟ قيل: نعم، وتمامه قبيل جنايات البزازية.
(و) كره (احتكار قوت البشر)(6/717)
كتين وعنب ولوز (والبهائم) كتبن وقت (في بلد يضر بأهله) لحديث: الجالب مرزوق والمحتكر ملعون فإن لم يضر لم يكره ومثله تلقي الجلب (و) يجب أن (يأمره القاضي ببيع ما فضل عن قوته وقوت أهله، فإن لم يبع) بل خالف أمر القاضي (عززه) بما يراه رادعا له (وباع) القاضي (عليه) طعامه (وفاقا) على الصحيح.
وفي السراج: لو خاف الامام على أهل بلد الهلاك أخذ الطعام من المحتكرين وفرق عليهم، فإذا وجدوا سعة ردوا مثله، وهذا ليس بحجم بل للضرورة، ومن اضطر لمال غيره وخاف الهلاك تناوله بلا رضاه، ونقله الزيلعي عن الاختيار وأقره.
(ولا يكون محتكرا بحبس غلة أرضه) بلا خلاف(6/718)
(ومجلوبه من بلد آخر) خلافا للثاني، وعند محمد إن كان يجلب منه عادة كره وهو المختار (ولا يسعر حاكم) لقوله عليه الصلاة والسلام: لا تسعروا فإن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق (إلا إذا تعدى الارباب عن القيمة تعديا فاحشا فيسعر بمشورة أهل الرأي) وقال مالك: على الوالي التسعير عام الغلاء، وفي الاختيار: ثم إذا سعر وخاف البائع ضرب الامام لو نقص لا يحل للمشتري، وحيلته أن يقول له:(6/719)
بعني بما تحب، ولو اصطلحوا على سعر الخبز واللحم ووزن ناقصا رجع المشتري بالنقصان في الخبز لا اللحم لشهرة سعره عادة.
قلت: وأفاد أن التسعير في القوتين لا غير، وبه صرح العتابي وغيره، لكنه إذا تعدى أرباب غير القوتين وظلموا على العامة فيسعر عليهم الحاكم بناء على ما قال أبو يوسف: ينبغي أن يجوز.
ذكره القهستاني.
فإن أبا يوسف يعتبر حقيقة الضرر كما تقرر، فتدبر.
(يكره إمساك الحمامات) ولو في برجها (إن كان يضر بالناس) بنظر أو جلب، والاحتياط
أن يتصدق بها ثم يشتريها أو توهب له.
مجتبى (فإن كان يطيرها فوق السطح مطلقعا على عورات المسلمين ويكسر زجاجات الناس برميه تلك الحمامات عزر ومنع أشد المنع، فإن لم يمتنع بذلك ذبحها) أي الحمامات (المحتسب)(6/720)
وصرح في الوهبانية بوجوب التعزيز وذبح الحمامات ولم يقيده بما مر، ولعله اعتمد عادتم، وأما للاستئناس فمباح كشراء عصافير ليعتقها إن قال من أخذها فهي له ولا تخرج عن ملكه بإعتاقه، وقيل يكره لانه تضييع المال.
جامع الفتاوى.
وفي المختارات: سيب دابته وقال هي لمن أخذها لم يأخذها ممن أخذها، ومر في الحج، وجاز ركوب الثور وتحميله والكراب على الحمير بلا جهد وضرب، إذا ظلم الدابة أشد من الذمي، وظلم الذمي أشد من المسلم(6/721)
(ولا بأس بالمسابقة في الرمي والفرس) والبغل والحمار، كذا في الملتقى والمجمع، وأقره المصنف هنا خلافا لما ذكره في مسائل شتى، فتنبه (والابل و) على (الاقدام) لانه من أسباب الجهاد فكان مندوبا، وعند الثلاثة لا يجوز في الاقدام: أي بالجعل، أما بدونه فيباح في كل الملاعب كما يأتي (حل الجعل) وطاب لا أنه يصير مستحقا.
ذكره البرجندي وغيره، وعلله البزازي بأنه لا يستحق بالشرط شئ لعدم العقد والقبض ه.
ومفاده لزومه بالعقد كما يقول الشافعية، فتبصر (إن(6/722)
شرط لمال) في المسابقة (من جانب واحد وحرم لو شرط) فيها (من الجانبين) لانه يصير قمارا (إلا إذا أدخلا ثالثا) محللا (بينهما) بفرس كف ء لفرسيهما يتوهم أن يسبقهما وإلا لم يجز، ثم إذا سبقهما أخذ منهما، وإن سبقاه لم يعطهما، وفيما بينهما أيهما سبق أخذ من صاحبه (و) كذا الحكم (في المتفقهة) فإذا شرط لمن معه الصواب صح، وإن شرطاه لكل على صاحبه لا.
درر(6/723)
ومجتبى.
والمصارعة ليست ببدعة إلا للتلهي فتكره.
برجندي.
وأما السياق بلا جعل فيجوز في كل شئ كما يأتي.
وعند الشافعية: المسابقة بالاقدام والطير والبقر والسفن والسباحة والصولجان والبندق ورمي الحجر وإشالته باليد والشباك والوقوف على رجل ومعرفة ما بيده من زوج أو فرد واللعب بالخاتم، وكذا يحل كل لعب خطر لحاذق تغلب سلامته، كرمي لرام وصيد لحية، ويحل التفرج عليهم حينئذ، وحديث حدثوا عن بني إسرائيل يفيد حل مساع الاعاجيب والغرائب(6/724)
من كل ما لا يتيقن كذبه بقصد الفرجة لا الحجة بل وما يتقن كذبه، لكن بقصد ضرب الامثال والمواعظ وتعليم نحو الشجاعة على ألسنة آدميين أو حيوانات.
ذكره ابن حجر (ويستحب قلم أظافيره) إلا لمجاهد في دار الحر فيستحب توفير شاربه وأظفاره (يوم الجمعة) وكونه بعد الصلاة أفضل، إلا إذا أخره إليه تأخيرا فاحشا فيكره، لان من كان ظفره طويلا كان رزقه ضيقا وفي الحديث من قلم أظافيره يوم الجمعة أعاذه الله من البلايا إلى الجمعة الاخرى وزيادة ثلاثة(6/725)
أيام درر.
وعنه عليه الصلاة والسلام: من قلم أظفاره مخالفا لم ترمد عينه أبدا يعني كقول علي رضي الله عنه: قلموا أظفاركم بسنة وأدب يمينها خوابس يسارها أو خسب وبيانه وتمامه في فمفتاح السعادة وفي شرح الغزاوية روي أنه (ص) بدأ بمسبحته اليمنى إلى الخنصر، ثم بخنصر اليسرى إلى الابهام، وختم بإبهام اليمنى وذكر له الغزالي في الاحياء وجها وجيها ولم يثبت في أصابع الرجل نقل، والاولى تقليمها كتخليلها.
قلت: وفي المواهد اللدنية قال الحافظ ابن حجر: إنه يستحب كيفما احتاج إليه، ولم يثبت في كيفيته شئ ولا في تعيين يوم له عن النبي (ص)، وما يعزى من النظم(6/726)
في ذلك للامام علي ثم لابن حجر قال شيخنا: إنه باطل (و) يستحب (حلق عانته وتنظيف بدنه بالاغتسال في كل أسبوع مرة) والافضل يوم الجمعة، وجاز في كل خمسة عشرة، وكره تركه وراء الاربعين.
مجتبى، وفيه حلق الشارب بدعة، وقيل سنة، ولا بأس بنتف الشيب أخذ أطراف الليحة، والسنة فيها القبضة.
وفيه: قطعت شعر رأسها أثمت ولعنت.
زاد في البزازية: وإن بإذن الزوج لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولذا يحرم على الرجل قطع لحيته، والمعنى المؤثر التشبه بالرجال اه.(6/727)
قلت: وأما حلق رأسه ففي الوهبانية: وقيل قيل: حلق الرأس في كل جمعة يجب وبعض بالجواز يعبر (رجل تعلم علم الصلاة أو نحوه ليعلم الناس وآخر ليعمل به فالاول أفضل) لانه متعد، وروي مذاكرة العلم ساعة خير من إحياء ليلة.
وله الخروج لطلب العلم الشرعي بلا إذن والديه لو ملتحيا.
وتمامه في الدرر (وإذا كان الرجل يصوم ويصلي ويضر الاس بيده ولسانه،(6/728)
فذكره بما فيه ليس بغيبة، حتى لو أخبر السلطان بذلك ليزجره لا إثم عليه) وقالوا: إن علم أن أباه يقدر على منعه أعلمه ولو بكتابة، وإلا لا كي لا تقع العداوة.
وتمامه في الدرر (وكذا) لا إثم عليه (لو ذكر مساوئ أخيه على وجه الاهتمام لا يكون غيبة، إنما الغيبة أن يذكر على وجه الغضب يريد السب) ولو اغتبار أهل قرية فليس بغيبة لانه لاي ريد به كلهم بل بعضهم وهو مجهول.
خانية فتباح غيبة مجهول ومتظاهر بقبيح ولمصاهرة(6/729)
ولسوء اعتقاد تحذيرا منه ولشكوى ظلامته للحاكم.
شرح وهبانية (وكما تكون الغيبة باللسان) صريحا (تكون) أيضا بالفعل وبالتعريض وبالكتابة وبالحركة وبالرمز و (بغمز العين والاشارة باليد) وكل ما يفهم منه المقصود فهو داخل في الغيبة وهو حرام، ومن ذلك ما قالت عائشة رضي الله
عنها: دخلت علينا امرأة فلما ولت أومأت بيدي: أي قصيرة، فقال عليه الصلاة والسلام: اغتبتيها.
ومن ذلك المحاكاة، كأن يمشي متعارجا أو كما يمشي فهو غيبة، بل أقبح لانه أعظم في التصوير والتفيهم.
ومن الغيبة أن يقول: بعض من مر بنا اليوم أو بعض من رأينا إذا كان المخاطب يفهم شخصا معينا لان المحذور تفهيمه دون ما به التفيهم، وأما إذا لم يفهم عينه جاز.
وتمامه في شرح الوهبانية.
وفيها: الغيبة أن تصف أخاك(6/730)
حال كونه غائبا بوصف يكرهه إذا سمعه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته، وإذا لم تبلغه يكفيه الندم، وإلا شرط بيان كل ما اغتابه به.
(وصلة الرحم واجبة ولو)(6/731)
كانت (بسلام وتحية وهدية) ومعاونة ومجالسة ومكالمة وتلطف وإحسان ويزورهم غبا ليزيد حبا، بل يزور أقرباءه كل جمعة أو شهر ولا يرد حاجتهم لانه من القطيعة، في الحديث إن الله يصل من وصل رحمه ويقطع من قطعها وفي الحديث صلة الرحم تزيد في العمر وتمامه في الدرر (ويسلم) المسلم (على أهل الذمة)(6/732)
لو له حاجة إليه وإلا كره هو الصحيح، كما كره للمسلم مصافحة الذمي، كذا في نسخ الشارح، وأكثر المتون بلفظ: ويسلم، فأولتها هكذا، ولكن بعض نسخ المتن: ولا يسلم وهو الاحسن الاسلم، فافهم.
وفي شرح البخاري للعيني في حديث أي الاسلام خير؟ قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف قال: وهذا التعميم مخصوص بالمسلمين، فلا يسلم ابتداء على كافر
لحديث لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه رواه البخاري، وكذا يخص منه الفاسق بدليل آخر، وأما من شك فيه فالاصل فيه البقاء على العموم حتى يثبت الخصوص، ويمكن أن يقال: إن الحديث المذكور كان في ابتداء الاسلام لمصلحة التأليف ثم ورد النهي اه.
فليحفظ.
ولو سلم يهودي أو نصراني أو مجوسي على مسلم فلا بأس بالرد (و) لكن (لا يزيد على(6/733)
قوله وعليك) كما في الخانية (ولو سلم على الذمي تبجيلا يكفر) لان تبجيل الكافر كفر، ولو قال لمجوسي: يا أستاذ تبجيلا كفر كما في الاشباه.
وفيها: لو قال لذمي أطال الله بقاءك: إن نوى بقلبه لعله يسلم أو يؤدي الجزية ذليلا فلا بأس به (ولا يجب رد سلام السائل) لانه ليس للتحية، ولا من يسلم وقت الخطبة.
خانية.
وفيها: وإذا أتى دار إنسان يجب أن يستأذن قبل السلام، ثم إذا دخل يسلم أولا ثم يتكلم، ولو في قضاء يسلم أولا ثم يتكلم، ولو قال: السلام عليك يا زيد، لم يسقط برد غيره، ولو قال: يا فلان أو أشار لمعين سقط وشرط في الرد، وجواب العطاس إسماعه، فلو أصم يريه تحريك شفتيه اه.(6/734)
قلت: وفي المبتغى: ويسقط عن الباقين برد صبي يعقل لانه من أهل إقامة الفرض في الجملة بدليل حل ذبيحته، وقيل: لا.
وفي المجتبى: ويسقط برد العجوز، وفي رد الشابة والصبي والمجنون قولان، وظاهر التاجية ترجيح عدم السقوط، ويسلم على الواحد بلفظ الجماعة، وكذا الرد، ولا يزيد الراد على وبركاته، ورد السلام وتشميت العاطس على الفور،(6/735)
ويجب رد جواب كتاب التحية كرد السلام، ولو قال الراد لآخر: اقرأ فلانا السلام يجب عليه ذلك، ويكره السلام على الفاسق لو معلنا، وإلا لا، كما يكره على عاجز عن الرد حقيقة كآكل أو شرعا كمصل وقارئ، ولو سلم لا يستحق الجواب اه.
وقدمنا في باب ما يفسد الصلاة(6/736)
كراهته في نيف وعشرين موضعا وأنه لا يجب رد سلام عليكم بجزم الميم، ولو دخل ولم ير(6/737)
أحدا يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
فرع: يكره إعطاء سائل المسجد إلا إذا لم يتخط رقاب الناس في المختار كما في الاختيار ومتن مواهب الرحمن، لان عليا تصدق بخاتمه في الصلاة فمدحه الله بقوله: * (ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * (المائدة: 55).
أحب الاسماء إلى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن وجاز التسمية علي ورشيد من الاسماء المشتركة، ويراد في حقنا غير ما يراد في حق الله تعالى، لكن التسمية بغير ذلك في زماننا أولى(6/738)
لان العوام يصغرونها عن النداء.
كذا في السراجية.
وفيها (ومن كان اسمه محمدا لا بأس بأن يكنى أبا القاسم) لان قوله عليه الصلاة والسلام: سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي قد نسخ، لان عليا رضي الله عنه كنى ابنه محمد بن الحنفية أبا القاسم(6/739)
(ويكره أن يدعو الرجل أباه وأن تدعو المرأة زوجها باسمه) اه بلفظه.
(و) فيها: يكره (الكلام في المسجد وخلف الجنازة وفي الخلاء وفي حالة الجماع) وزاد أبو الليث: في البستان وعند قراءة القرآن، وزاد في الملتقى تبعا للمختار: وعند التذكير فما ظنك به عند الغناء الذي يسمونه وجدا.
(للعربية فضل على سائر الالسن وهو لسان أهل الجنة، ومن تعلمها أو علمها غيره فهو مأجور) وفي الحديث: أحبوا العرب لثلاث: لاني عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة في الجنة عربي.
وفيها (تطيين القبور لا يكره في المختار) وقيل يكره.
وقال البرذوي: لو احتيج للكتابة
كيلا يذهب الاثر ولا يمتهن لا بأس، ذكره المصنف في آخر باب الوصية للاقارب وقدمناه في الجنائز (يكره تمني الموت) لغضب أو ضيق عيش (إلا لخوف الوقوع في معصية) أي فيكره لخوف(6/740)
الدنيا لا الدين لحديث فبطن الارض خير لكم من ظهرها خلاصة (ولا بأس بلبس الصبي اللؤلؤ وكذا البالغ) كذا في شرح الوهبانية معزيا للمنية.
وقاس عليه الطرسوسي بقية الاحجار كياقوت وزمرد، ونازعه ابن وهبان بأنه يحتاج إلى نقل صريح، وجزم في الجوهرة بحرمة اللؤلؤ.
قلت: وحمل المصنف ما في المنية على قوله: وما في الجوهرة على قولهما، قال: وقد رجحوا قولهما.
ففي الكافي قولهما أقرب إلى عرف ديارنا فيفتى به، ثم قال المصنف: وعليه فالمعتمد في المذهب حرمة لبس اللؤلؤ ونحوه على الرجال لانه من حلي النساء (ويكره) للولي إلباس (الخلخال أو السوار لصبي) ولا بأس بثقب أذن البنت والطفل استحسانا.
ملتقط.
قلت: وهل يجوز الخزام في الانف، لم أره، ويكره للذكر والانثى الكتابة بالقلم المتخذ من(6/741)
الذهب أو الفضة أو من دواة كذلك.
سراجية.
ثم قال: لا بأس بتمويه السلاح بذهب وفضة، ولا بأس بسرح ولجام وثفر من الذهب عند أبي حنيفة، خلافا لابي يوسف (وجارية لزيد قال بكر وكلني زيد ببيعها حل لعمرو شراؤها ووطؤها) لقبول قول بكر: إن أكبر رأيه صدقه كما مر، وإن أكبر رأيه كذبه لا يقبل قوله ولا يشتري منه.
ولو لم يخبره إن ذلك الشئ لغيره فلا بأس بشرائه منه (كما حل وطئ من زفت إليه وقال النساء هي امرأتك و) حل (نكاح من قالت طلقني زوجي وانقضت عدتي، أو كنت أمة لفلان وأعتقني) إن وقع في قلبه صدقها، وتمامه في الخانية.
قلت: وحاصله أنه متى أخبرت بأمر محتمل، فإن ثقة أو وقع في قلبه صدقها لا بأس بتزوجها، وإن بأمر مستنكر لا ما لم يستفسرها.
فروع: كتب إما قول الشافعي يكتب جواب أبي حنيفة.
وإذا كتب المفتي يدين يكتب ولا يصدق قضاء ليقضي القاضي بحنثه.(6/742)
الترجيع بالقرآن والاذان بالصوت الطيب طيب إن لم يزد فيه الحروف، وإن زاد كره له ولمستمعه، وقوله أحسنت إن لسكوته فحسن، وإن لتلك القراءة يخشى عليه الكفر.
المناظرة في العلم لنصرة الحق عبادة، ولاحد ثلاثة حرام: لقهر مسلم، وإظهار علم، ونيل دنيا أو مال أو قبول.
التذكير على المنابر للوعظ والاتعاظ سنة الانبياء والمرسلين، ولرياسة ومال وقبول عامة من ضلالة اليهود والنصارى.
قراءة القرآن بقراءة معروفة وشادة دفعة واحدة مكروه كما في الحاوي القدسي.
يستحب للرجل خضاب شعره ولحيته ولو في غير حرب في الاصح، والاصح أنه عليه الصلاة والسلام لم يفعله، ويكره بالسواد، وقيل لا.
مجمع الفتاوى، والكل من منح المصنف.(6/743)
الكتب التي لا ينتفع بها يمحى عنها اسم الله وملائكته ورسله ويحرق الباقي، ولا بأس بأن تلقى في ماء جار كما هي أو تدفن وهو أحسن كما في الانبياء.
القصص المكروه أن يحدثهم بما ليس له أصل معروف أو يعظهم بما لا يتعظ به أو يزيد وينقص: يعني في أصله، أما للتزين بالعبارات اللطيفة المرققة والشرح لفوائده فذلك حسن.
والافضل مشاركة أهل محلته في إعطاء النائبة، لكن في زماننا أكثرها ظلم، فمن تمكن من دفعه عن نفسه فحسن، وإن أعطى فليعط من عجز.
ليس لذي الحق أن يأخذ غير جنس حقه، وجوزه الشافعي وهو الاوسع.
معلم طلب من الصبيان أثمان الحصر فجمعها فشرى ببعضها وأخذ بعضها له ذلك، لانه تمليك له من الآباء.
لا بأس بوطئ المنكوحة بمعاينة الامة دون عكسه.
وجد ما لا قيمة له لا بأس بالانتفاع له، ولو له قيمة وهو غني تصدق به.
لا بأس بالجماع في بيت فيه مصحف للبلوى.(6/744)
لا تركب مسلمة على سرج الحديث، هذا لو للتلهي، ولو لحاجة غزو أو حج أو مقصد ديني أو دنيوي لا بد لها منه فلا بأس به.
تغنى بالقرآن ولم يخرج بألحانه عن قدر هو صحيح في العربية مستحسن.
ذكر الله من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس أولى من قراءة القرآن، وتستحب القراءة عند الطلوع أو الغروب.
لا بأس للامام عقب الصلاة بقراءة آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة، والاخفاء أفضل.
قراءة الفاتحة بعد الصلاة جهرا للمهمات بدعة، قال أستاذنا: لكنها مستحسنة للعادة والآثار.
الرشوة لا تملك بالقبض.
لا بأس بالرشوة إذا خاف على دينه والنبي عليه الصلاة والسلام كان يعطي الشعراء ولمن يخاف لسانه، وكفى بسهم المؤلفة من الصدقات دليلا على أمثاله.(6/745)
جمع أهل المحلة للامام فحسن، ومن السحت ما يؤخذ على كل مباح كملح وكلا وماء ومعادن، وما يأخذه غاز لغزو وشاعر لشعر ومسخرة وحكواتي.
قال تعالى: * (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) * وأصحاب معازف وقواد وكاهن ومقامر وواشمة، وفروعه كثيرة.
قيل له: يا خبيث ونحوه جاز له الرد في كل شتيمة لا توجب الحد، وتركه أفضل.
كره قول الصائم المتطوع إذا سئل أصائم؟ حتى أنظر، فإنه نفاق أو حمق.
من له أطفال ومال قليل لا يوصي بنفل.(6/746)
من صلى أو تصدق يرائي به الناس لا يعاقب بتلك الصلاة ولا يئاب بها قيل هذا في(6/747)
الفرائض، وعممه الزاهدي للنوافل لقولهم: الرباء لا يدخل الفرائض.
غزل الرجل على هيئة المرأة يكره.
يكره للمرأة سؤر الرجل وسؤرها له.
وله ضرب زوجته على ترك الصلاة(6/748)
على الاظهر.
لا يجب على الزوج تطليق الفاجرة.
لا يجوز الوضوء من الحياض المعدة للشرب في الصحيح، ويمنع من الوضوء منه وفيه وحمله لاهله، إن مأذونا به جاز، وإلا لا.
الكذب مباح لاحياء حقه ودفع الظلم عن نفسه، والمراد التعريض لان عين الكذب حرام.
قال: وهو الحق، قال تعالى: * (قتل الخراصون) * الكل من المجتبى: وفي الوهبانية قال:(6/749)
وللصلح جاز الكذب أو دفع ظالم * وأهل الترضي والقتال ليظفروا ويكره في الحمام تغميز خادم * ومن شاء تنويرا فقالوا ينور ويفسق معتاد المرور بجامع * ومن علم الاطفال فيه ويوزر ومن قام إجلالا لشخص فجائز * وفي غير أهل العلم بعض يقرر وجوز نقل الميت البعض مطلقا(6/750)
وعن بعضهم ما فوق ميلين يحظر وللزوجة التسمين لا فوق شبعها * ومن ذكرها التعويذ للحب تحظر ويكره أن تسقى لاسقاط حملها * وجاز لعذر حيث لا يتصور وإن أسقطت ميتا ففي السقط غرة * لوالده من عاقل الام تحضر(6/751)
وفي يوم عاشوراء يكره كحلهم * ولا بأس بالمعتاد خلطا ويؤجر وبعضهم المختار في الكحل جائز * لفعل رسول الله فهو المقرر وضرب عبيد الغير جاز بأمره * وما جاز في الاحرار والاب يأمر(6/752)
وأثوب من ذكر القران استماعه * وقالوا ثواب الطفل للطفل يحصر ودرسك باقي الذكر أولى من الصلاة * نفلا ودرس العلم أولى وأنظر وقد كرهوا والله أعلم نحوه * لاعلام ختم الدرس حين يقرر(6/753)
كتاب إحياء الموات لعل مناسبته أن ما فيه ما يكره وما لا يكره.
الحياة نوعان: حاسة، ونامية، والمراد هنا النامية، وسمي مواتا لبطلان الانتفاع به، وإحياؤه ببناء أو غرس أو كرب أو سقي (إذا أحيا مسلم أو ذمي أرضا غير منتفع بها وليست بمملوكة لمسلم ولا ذمي) فلو مملوكة لم تكن مواتا، فلو لم يعرف مالكها فهي لقطة يتصرف فيها الامام، ولو ظهر مالكها ترد إليه، ويضمن نقصانها إن نقصت بالزرع (وهي بعيدة من القرية إذا صاح من بأقصى العامر) وهو جهوري الصوت.
بزازية (لا يسمع بها صوته ملكها عند أبي(6/754)
يوسف) وهو المختار كما في المختار وغيره، واعتبر محمد عدم ارتفاق أهل القرية به، وبه قالت الثلاثة.
قلت: وهذا ظاهر الرواية، وبه يفتى كما في زكاة الكبرى.
ذكره القهستاني.
وكذا في البرجندي عن المنصورية عن قاضيخان: أن الفتوى على قول محمد، فالعجب من الشرنبلالي كيف لم يذكر ذلك، فليحفظ (إن أذن له الامام في ذلك) وقالا: يملكها بلا إذنه، وهذا لو مسلما، فلو ذميا شرط الاذن اتفاقا، ولو مستأمنا لم يملكها اتفاقا.
قهستاني (ولو تركها بعد الاحياء
وزرعها غيره فالاول أحق بها) في الاصح.
(ولو أحيا أرضا ميتة ثم أحاط الاحياء بجوانبها الاربعة من أربعة نفر على التعاقب تعين طريق الاول في الارض الرائعة.
ومن حجر أرضا) أي منع غيره منها (بوضع علامة من حجر أو(6/755)
غيره ثم أهملها ثلاث سنين دفعت إلى غيره وقبلها هو أحق بها وإن لم يملكها) لانه إنما يملكها بالاحياء والتعمير بمجرد التحجير (ولو كربها أو ضرب عليها المسناة أو شق لها نهرا أو بذرها فهو إحياء) مبسوط (ولا يجوز إحياء ما قرب من العامر) بل يترك مرعى لهم ومطرحا لحصائدهم لتعلق حقهم به فلم يكن مواتا، وكذا لو كان محتبطا.
(و) اعلم أنه (ليس للامام أن يقطع ما لا غنى للمسلمين عنه) من المعادن الظاهرة وهي ما كان جوهرها الذي أودعه الله في جواهر الارض بارزا (ك) معادن (الملح) والكحل والقار والنفط.
(والآبار التي يستقي منها الناس) زيلعي: يعني تلك التي لم تملك بالاستنباط والسعي،(6/756)
فلو أقطع هذه الظاهرة لم يكن لاقطاعها حكم، بل المقطع وغيره سواء، فلو منعهم المقطع كان بمنعه متعديا وكان لما أخذه مالكا لانه متعد بالمنع لا بالاخذ وكف عن المنع وصرف عن مداومة العمل لئلا يشتبه إقطاعه بالصحة أو يصير معه في خكم الاملاك المستقرة.
ذكر العلامة قاسم في رسالته (أحكام إجارة إقطاع الجندي) (وحريم بئر الناضح) وهي التي ينزع الماء منها بالبعير (كبئر العطن) وهي التي ينزع الماء منها باليد، والعطن: مناخ الابل حول البئر (أربعون ذراعا من كل جانب) وقالا: إن للناضح فستون، وفي الشرنبلالية عن شرح المجمع: لو عمق البئلا فوق أربعين يزاد عليها ا ه.
لكن نسبة القهستاني لمحمد، ثم قال: ويفتى بقول الامام وعزاه للتتمة.
ثم قال: وقيل التقدير في بئر وعين بما ذكر في أراضيهم لصلابتها، وفي أراضينا رخاوة فيزاد لئلا ينتقل الماء
إلى الثاني، وعزاه للهداية، وعزاه البرجندي للكافي فليحفظ (إذا حفرها في موات بإذن الامام)(6/757)
فلو في غير موات أو فيه بلا إذن الامام لم يكن الحكم كذلك، كذا ذكره المصنف.
وعبارة القهستاني: وفيه رمز إلى أنه لو حفر في ملك الغير لا يستحق الحريم، فلو حفر في ملكه فله من الحريم ما شاء، وإلى أن الماء لو غلب على أرض تركها الملاك أو ماتوا أو انقرضوا لم يجز إحياؤها، فلو تركها الماء بحيث لا يعود إليها ولم تكن حريما لعامر جاز إحياؤه، وعزاه للمضمرات (وحريم العين خمسمائة) ذراع (من كل جانب) كما في الحديث.
والذراع هو المكسرة وهو ست قبضات، وكان ذراع الملك: أي ملك الاكاسرة سبع قبضات فكسر منه قبضة (ويمنع غيره من الحفر وغيره فيه) لانه ملكه، فلو حفر فللاول ردمه أو تضمينه وتمامه في الدرر.
(ولو حفر الثاني بئرا في منتهى حريم البئر الاولى بإذن الامام، فذهب ماء البئر الاولى وتحول(6/758)
إلى الثانية فلا شئ عليه) لانه غير متعد والماء تحت الارض لا يملكد لا فلا مخاصمة (كمن بنى حانوتا بجنب حانوت غيره فكسدت) الحانوت (الاولى بسببه) فإنه لا شئ عليه.
درر وزيلعي.
وفيه: ولو هدم جدار فلصاحبه أن يؤاخذه بقيمته لا ببناء الجدار هو الصحيح (وللحافر الثاني الحريم من الجوانب الثلاثة دون جانب الاولى) لسبق ملك الاول فيه (وللقناة) هي مجرى الماء تحت الارض (حريم بقدر ما يصلحه) لالقاء الطين ونحوه.
وعن محمد: كالبئر، ولو ظهر الماء فكالعين، وفي الاختيار: فوضه لرأي الامام أي لو بإذنه، وإلا فلا شئ له.
ذكره البرجندي (وحريم شجر يغرس في الارض الموات أذرع من كل جانب) فليس لغيره أن يغرس فيه، ويلحق ما امتنع عود دجلة والفرات إليه بالموات (إذا لم يكن) ذلك (حريما) لعامر (فإن) كان حريما أو (جاز عوده لم يجز إحياؤه) لانه ليس بموات (والنهر في ملك الغير لا حريم(6/759)
إلا له برهان) وقالا: له مسناة النهر لمشيه وبقي طينه، وقدره محمد بقدر عرض النهر من كل
جانب، وهو أرفق، ملتقى.
وقدره أبو يوسف بنصف بطن النهر، وعليه الفتوى، قهستاني معزيا للكرماني، وفيه معزيا للاختيار والحوض على هذا الاختلاف، وفيه معزيا للكافي: ولو كان النهر صغيرا يحتاج إلى كريه في كل حين فله حريم الاتفاق، وفي معزيا للكرماني: إن الخلاف في نهر مملوك له مسناة فارغة بلزقها أرض لغير صاحب النهر فالمسناة له عندهما ولصاحب الارض عنده، وفيه معزيا للتتمة:(6/760)
الصحيح أن له حريما بالاتفاق بقدر ما يحتاج إليه لالقاء الطين ونحوه ا ه.
قلت: وممن نقل الاتفاق الشرنبلالي عن الاختيار وشرح المجمع.
فصل الشرب هو لغة: (نصيب الماء) وشرعا: نوبة الانتفاع بالماء سقيا للزراعة والدواب (والشفة: شرب بني آدم والبهائم) بالشفاء (ولكل حقها في كل ماء لم يحرز بإناء) أو حب (و) لكل سقي أرضه من بحر أو نهر عظيم كدجلة والفرات(6/761)
ونحوهما لان الملك بالاحراز، لان قهر الماء يمنع قهر غيره (و) لكل (شق نهر لسقي أرضه منها أو لنصب الرحى إن لم يضر بالعامة) لان الانتفاع بالمباح إنما يجوز إذا لم يضر بأحد كالانتفاع بشمس وقمر وهواء (لا سقي دوابه إن خيف تخريب النهر لكثرتها، ولا) سقي (أرضه وشجره وزرعه ونصب دولاب) ونحوها (من نهر غيره وقناته وبئره إلا بإذنه) لان الحق له فيتوقف على إذنه.
(وله سقي شجر أو خضر زرع في داره حملا إليه بجراره) وأوانيه (في الاصح) وقيل: لا إلا بإذنه (والمحرز في كوز وحب) بمهملة مضمومة الخابية (لا ينتفع به إلا بإذن صاحبه)(6/762)
لملكه بإحرازه.
(ولو كانت البئر أو الحوض أو النهر في ملك رجل فله أن يمنع مريد الشفة من الدخول في ملكه إذا كان يجد ماء بقربه، فإن لم يجد يقال له) أي لصاحب البئر ونحوه (إما أن تخرج الماء إليه أو تتركه) ليأخذ الماء (بشرط أن لا يكسر ضفته) أي جانب النهر ونحوه (لان له حينئذ حق الشفة) لحديث أحمد: المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء، والكلا،(6/763)
والنار، (وحكم الكلا كحكم الماء، فيقال للمالك: إما أن تقطع وتدفع إليه، وإلا تتركه ليأخذ قدر ما يريد) زيلعي.
(ولو منعه الماء وهو يخاف على نفسه ودابته العطش كان له أن يقاتله بالسلاح) لاثر عمر رضي الله عنه.
(وإن كان محرزا في الاواني قاتله بغير السلاح) كطعام المخمصة.
درر (إذا كان فيه فضل عن حاجته) لملكه بالاحراز فصار نظير الطعام، وقيل في البئر ونحوها(6/764)
فالاولى أن يقاتله بغير سلاح، لانه ارتكب معصية فكان التعزير، كافي.
(وكري نهر) أي حفره (غير مملوك من بيت المال، فإن لم يكن ثمة) أي في بيت المال (شئ بجبر الناس على كريه إن امتنعوا عنه دفعا للضرر) (وكري) النهر (المملوك على أهله ويجبر من أبى منهم) على ذلك (وقيل في الخاص لا يجبر) وهل يرجعون؟ إن بأمر القاضي نعم.
(ومؤنة كري النهر المشترك عليهم من أعلاه، فإذا جاوزوا أرض رجل) منهم (برئ) من مؤنة الكري وقالا: عليهم كريه من أوله إلى آخره بالحصص كما يستوون في استحقاق الشفعة(6/765)
ولا كري (وعلى أهل الشفعة تصح دعوى الشرب بغير أرض) استحسانا.
(وإذا كان لرجل أرض ولآخر فيها نهر وأراد رب الارض أن لا يجري النهر في أرضه لم يكن له ذلك ويتركه على حاله، وإن لم يكن في يده ولم يكن جاريا فيها) أي في الارض (فعليه البيان أن هذا لنهر له وأنه قد كان له مجراه في هذا النهر مسوق لسقي أراضيه،(6/766)
وعلى هذا المصب في نهر أو على سطح أو الميزاب أو الممشى كل ذلك في دار غيره فحكم الاختلاف فيه نظيره في الشرب)، زيلعي.
(نهر بين قوم اختصموا في الشرب فهو بينهم على قدر أراضيهم) لانه المقصود (بخلاف اختلافهم في الطريق فإنهم يستوون في ملك رقبته) بلا اعتبار سعة الدار وضيقها، لان المقصود الاستطراق (وليس لاحد من الشركاء) في النهر (أن سشق منه نهرا أو ينصب عليه رحى) إلا رحى وضع في ملكه ولا يضر بنهر ولا بماء، وقاية (أو دالية كناعورة أو جسر) أو قنطرة.
(أو يوسع فم النهر أو يقسم بالايام و) الحال أنه (قد كانت القسمة بالكوى) بكسر الكاف جمع كوة بفتحها الثقب، لان القديم يترك على قدمه لظهور الحق فيه(6/767)
(أو يسوق نصيبه إلى أرض له أخرى ليس له منه) أي من النهر (شرب بلا رضاهم) يتعلق بالجميع، ولهم نقضه بعد الاجارة ولورثتهم من بعدهم، وليس لاهل الاعلى سكر النهر بلا رضاهم، وإن لم تشرب أرضه بدونه، ملتقى.
(كطريق مشترك أراد أحدهم أن يفتح فيه بابا إلى دار الاخرى(6/768)
ساكنها غير ساكن هذه الدار التي مفتحها في هذا الطريق، بخلاف ما إذا كان ساكن الدارين واحدا حيث لا يمنع) لان المارة، لا تزداد (ويورث الشرب ويوصى بالانتفاع به) أما الايصاء ببيعه فباطل (ولا يباع) الشرب (ولا يوهب ولا يؤجر ولا يتصدق به) لانه ليس بمال متقوم في ظاهر(6/769)
الرواية وعليه الفتوى كما سيجئ (ولا يوصى بذلك) أي ببيعه وأخويه (ولا يصلح) الماء (بدل خلع وصلح عن دم عمه مهر ونكاح وإن صحت هذه العقود) لانها لا تبطل بالشرط الفاسد لان الشرب لا يملك بسبب ما حتى لو مات وعليه دين لم يبع الشرب بلا أرض فلو لم يكن له
أرض: قيل يجمع الماء في كل نوبة في حوض فيباع الماء إلى أن ينقضي دينه، وقيل: ينظر الامام لارض لا شرب لها فيضمه إليها فيبيعها برضا ربها فينظر لقيمة الارض بلا شرب ولقيمتها معه فيصرف تفاوت ما بينهما لدين الميت، وتمامه في الزيلعي (ولا يضمن من ملا أرضه ماء فنزت أرض جاره أو غرقت) لانه متسبب غير متعد، وهذا إذا سقاها سقيا معتادا تتحمله أرضه عادة، وإلا فيضمن، وعليه الفتوى.
وفي الذخيرة: وهذا إذا سقى في نوبته مقدار حقه، وأما إذا سقى في غير نوبته أو زاد على حقه يضمن على ما قال إسماعيل الزاهد.
قهستاني (ولا يضمن من سقى أرضه) أو زرعه (من شرب غيره بغير إذنه) في رواية الاصل، وعليه الفتوى، شرح وهبانية وابن الكمال عن(6/770)
الخلاصة، لما مر أنه غير متقوم.
ولو تصدق بنزله فحسن لبقاء الماء الحرام فيه، بخلاف العلف المغصوب فإن الدابة إذا سمنت به انعدام وصار شيئا آخر قهستاني (فإن تكرر ذلك منه) لا ضمان و (أدبه الامام بالضرب والحبس إن رأى) الامام (ذلك) خانية.
وتمامه في شرح الوهبانية.
وقال: وجوز بعض مشايخ بلخ بيع الشرب لتعامل أهل بلخ، والقياس يترك للتعامل، ونوقض بأنه تعامل أهل بلدة واحدة وأفتى الناصحي بضمانه، ذكره في جواهر الفتاوى قال: وينفذ الحكم بصحة بيعه، فليحفظ.
قلت: وفي الهداية وشروحها من البيع الفاسد أنه يضمن بالاتلاف، فلو سقى أرض نفسه بماء غيره ضمنه وبه جزم في النقاية هنا، فافهم.
قلت: وقد مر ما عليه الفتوى فتنبه.(6/771)
وفي الوهبانية: وساق بشرب الغير ليس بضامن * وضمنه بعض وما مر أظهر وما جوزوا أخذ التراب الذي على * جوانب نهر دون إذن يقرر
لارض لا شرب لها فيضمه إليها فيبيعها برضا ربها فينظر لقيمة الارض بلا شرب ولقيمتها معه فيصرف تفاوت ما بينهما لدين الميت، وتمامه في الزيلعي (ولا يضمن من ملا أرضه ماء فنزت أرض جاره أو غرقت) لانه متسبب غير متعد، وهذا إذا سقاها سقيا معتادا تتحمله أرضه عادة، وإلا فيضمن، وعليه الفتوى.
وفي الذخيرة: وهذا إذا سقى في نوبته مقدار حقه، وأما إذا سقى في غير نوبته أو زاد على حقه يضمن على ما قال إسماعيل الزاهد.
قهستاني (ولا يضمن من سقى أرضه) أو زرعه (من شرب غيره بغير إذنه) في رواية الاصل، وعليه الفتوى، شرح وهبانية وابن الكمال عن(6/772)
الخلاصة، لما مر أنه غير متقوم.
ولو تصدق بنزله فحسن لبقاء الماء الحرام فيه، بخلاف العلف المغصوب فإن الدابة إذا سمنت به انعدام وصار شيئا آخر قهستاني (فإن تكرر ذلك منه) لا ضمان و (أدبه الامام بالضرب والحبس إن رأى) الامام (ذلك) خانية.
وتمامه في شرح الوهبانية.
وقال: وجوز بعض مشايخ بلخ بيع الشرب لتعامل أهل بلخ، والقياس يترك للتعامل، ونوقض بأنه تعامل أهل بلدة واحدة وأفتى الناصحي بضمانه، ذكره في جواهر الفتاوى قال: وينفذ الحكم بصحة بيعه، فليحفظ.
قلت: وفي الهداية وشروحها من البيع الفاسد أنه يضمن بالاتلاف، فلو سقى أرض نفسه بماء غيره ضمنه وبه جزم في النقاية هنا، فافهم.
قلت: وقد مر ما عليه الفتوى فتنبه.(6/771)
وفي الوهبانية: وساق بشرب الغير ليس بضامن * وضمنه بعض وما مر أظهر وما جوزوا أخذ التراب الذي على * جوانب نهر دون إذن يقرر ولو حفروا نهرا وألقوا ترابه * فلو في حريم بالنقل يؤمر(6/772)
الدر المختار - الحصفكي ج 7
الدر المختار
الحصفكي ج 7(7/)
حاشية قرة عيون الاخيار تكملة رد المختار على الدر المختار في فقه مذهب الامام ابي حنيفة النعمان لسيدي محمد علاء الدين افندي نجل المؤلف طبعة جديدة منقحة مصححة اشراف طبعة جديدة منقحة مصححة اشراف مكتب البحوث والدراسات الجزء السابع دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع(7/1)
جميع حقوق اعادة الطبع محفوظة للناشر 1415 ه / 1995 م بيروت لبنان دار الفكر: حارة حريك - شارع عبد النور - برقيا: فكسي - تلكس: 41392 فكر ص.
ب 7061 / 11 - تلفون: 643681 - 838053 - 837898 - دولي: 860962 فاكس: 2124187875 - 001(7/2)
كتاب الاشربة هي جمع شراب و (الشراب) لغة: كل مائع يشرب، واصطلاحا: (ما يسكر والمحرم منها أربعة) أنواع: الاول: (الخمر وهي النئ) بكسر النون فتشديد الياء (من ماء العنب إذا إلى واشتد وقذف) أي رمى (بالزبد) أي الرغوة ولم يشترطا قذفه، وبه قالت الثلاثة، وبه أخذ أبو حفص الكبير، وهو الاظهر كما في الشرنبلالية عن المواهب ويأتي ما يفيده، وقد تطلق الخمر على غير ما ذكر مجازا.(7/3)
ثم شرع في أحكامها العشرة فقال: (وحرم قليلها وكثيرها) بالاجماع (لعينها) أي لذاتها، وفي قوله تعالى: * (إنما الخمر والميسر) * (المائدة: 09) الآية عشر دلائل على حرمتها مبسوطة في المجتبى وغيره (وهي نجسة نجاسة مغلظة كالبول ويكفر مستحلها وسقط تقومها) في حق المسلم (لا ماليتها) في الاصح (وحرم الانتفاع بها) ولو لسقي دواب أو لطين أو نظر للتلهي، أو في دواء أو دهن أو طعام أو غير ذلك إلا لتخليل أو لخوف عطش بقدر الضرورة،(7/4)
فلو زاد فسكر حد.
مجتبى (ولا يجوز بيعها) لحديث مسلم: إن الذي حرم شربها حرم بيعها (ويحد شاربها وإن لم يسكر منها، و) يحد شارب غيرها إن سكر ولا يؤثر فيها الطبخ) إلا أنه لا يحد فيه ما لم يسكر منه لاختصاص الحد بالنئ، ذكره الزيلعي.
واستظهره المصنف وضعف ما في القنية والمجتبى، ثم نقل عن ابن وهبان أنه لا يلتفت لما قاله صاحب القنية مخالفا للقواعد ما لم يعضده نقل من غيره ا ه.
وفيه كلام لابن الشحنة (ولا يجوز بها التداوي)(7/5)
على المعتمد، قاله المصنف.
قلت: ولو باحتقان أو إقطار في إحليل، نهاية (ولا يجوز تخليلها ولو بطرح شئ فيها) خلافا للشافعي.
(و) الثاني الطلاء) بالكسر (وهو العصير يطبخ حتى يذهب أقل من ثلثيه) ويصير مسكرا، وصوب المصنف أن هذا يسمى الباذق، وأما الطلاء فما ذكره بقوله: (وقيل ما طبخ من ماء العنب حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه) وصار مسكرا (وهو الصواب) كما جرى عليه صاحب المحيط وغيره: يعني في التسمية لا في الحكم، لان حل هذا المثلث المسمى بالطلاء على ما في المحيط ثابت(7/6)
لشرب كبار الصحابة رضي الله عنهم كما في الشرنبلالية.
قال: وسمي بالطلاء لقول عمر رضي الله عنه: ما أشبه هذا بطلاء البعير، وهو القطران الذي يطلى به البعير الجربان (ونجاسته) أي الطلاء على التفسير الاول، كذا قاله المصنف (كالخمر) به يفتي (و) الثالث (السكر) بفتحتين (وهو النئ ماء الرطب) إذا اشتد وقذف بالزبد (و) الرابع (نقيع الزبيب، وهو النئ من ماء الزبيب) بشرط أن يقذف بالزبد بعد الغليان (والكل) أي الثلاثة المذكورة (حرام إذا غلي واشتد) وإلا لم يحرم اتفاقا، وإن قذف حرم اتفاقا، وظاهر كلامه فبقية المتون أنه اختار ها هنا قولهما.
قاله البرجندي.
نعم قال القهستاني: وترك القيد هنا لانه اعتمد على السابق ا ه.
فتنبه.
ولم يبين حكم نجاسة السكر والنقيع، ومفاد كلامه أنها خفيفة وهو مختار السرخسي،(7/7)
واختار في الهداية أنها غليظة.
(وحرمتها دون حرمة الخمر فلا يكفر مستحلها) لان حرمتها بالاجتهاد.
(والحلال منها) أربعة أنواع: الاول (نبيذ التمر والزبيب طبخ أدنى طبخة) يحل شربه (وإن اشتد) وهذا (إذا شرب) منه (بلا لهو وطرب) فلو شرب للهو فقليله وكثيره حرام (وما لم(7/8)
يسكر) فلو شرب ما يغلب على ظنه أنه مسكر فيحرم، لان السكر حرام في كل شراب.
(و) الثاني (الخليطان) من الزبيب والتمر إذا طبخ أدنى طبخة، وإن اشتد يحل بلا لهو.
(و) الثالث نبيذ العسل والتين والبر والشعير والذرة يحل سواء (طبخ أو لا) بلا لهو وطرب.
(و) الرابع (المثلث) العنبي وإن اشتد، وهو ما طبخ من ماء العنب حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه إذا قصد به استمراء الطعام والتداوي والتقوي على طاعة الله تعالى، ولو للهو لا يحل إجماعا.(7/9)
حقائق.
(وصح بيع غير الخمر) مما مر، ومفاده صحة بيع الحشيشة والافيون.
قلت: وقد سئل ابن نجيم عن بيع الحشيشة هل يجوز؟ فكتب لا يجوز، فيحمل على أن مراده بعدم الجواز عدم الحل.
قال المصنف (وتضمين) هذه الاشربة (بالقيمة لا بالمثل) لمنعنا عن تملك عينه وإن جاز فعله، بخلاف الصليب حيث تضمن قيمته صليبا لانه مال متقوم في حقه، وقد أمرنا بتركهم وما يدينون.
زيلعي.
(وحرمها محمد) أي الاشربة المتخذة من العسل والتين ونحوهما.
قاله المصنف (مطلقا) قليها وكثيرها (وبه يفتى) ذكره الزيلعي وغيره، واختاره شارح الوهبانية(7/10)
وذكر أنه مروي عن الكل، نظمه فقال: وفي عصرنا فاختير حد وأوقعوا طلاقا لمن من مسكر الحب يسكر وعن كلهم يروى وأفتى محمد بتحريم ما قد قل وهو المحرر قلت: وفي طلاق البزازية، وقال محمد: ما أسكر كثيره فقليله حرام، وهو نجس أيضا، ولو سكر منها المختار في زماننا أنه يحد.(7/11)
زاد في الملتقى: ووقوع طلاق من سكر منها تابع للحرمة، والكل حرام عند محمد، وبه
يفتى، والخلاف إنما هو عند قصد التقوى، أما عند قصد التلهي فحرام إجماعا ا ه.
وتمامه فيما علقته عليه.
زاد القهستاني: إن لبن الابل إذا اشتد لم يحل عند محمد خلافا لهما، والسكر منه حرام بلا خلاف، والحد والطلاق على الخلاف، وكذا لبن الرماك: أي الفرسة إذا اشتد لم يحل، وصحح في الهداية حله، وفي الخزانة أنه يكره تحريما عند عامة المشايخ على قوله.(7/12)
(وحل الانتباذ) اتخاذ النبيد (في الدباء) جمع دباءة وهو القرع (والحنتم) جرة خضراء (والمزفت) المطلي بالزفت: أي القير (والنقير) الخشبة المنقورة، وما ورد من النهي نسخ.
(وكره شرب دردي الخمر) أي عكره (والامتشاط) بالدردي لان فيه أجزاء الخمر، وقليله ككثيره كما مر (و) لكن (لا يحد شاربه) عندنا (بلا سكر) وبه يحد إجماعا.
(ويحرم أكل البنج والحشيشة).(7/13)
هي ورق القنب (والافيون) لانه مفسد للعقل ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة (لكن دون حرمة الخمر، فإن أكل شيئا من ذكل لا حد عليه وإن سكر) منه (بل يعذر بما دون الحد) كذا في الجوهرة، وكذا تحرم جوزة الطيب لكن دون حرمة الحشيشة، قاله المصنف.(7/14)
ونقل عن الجامع وغيره أن من قال بحل البنج والحشيشة فهو زنديق مبتدع، بل قال نجم الدين الزصاهدي: إنه يكفر ويباح قتله.
قلت ونقل شيخنا النجم الغزي الشافعي في شرحه على منظومة أبيه البدر المتعلقة بالكبائر والصغائر عنابن حجر المكي أنه صرح بتحريم جوزة الطيب بإجماع الائمة الاربعة وأنها مسكرة، ثم قال شيخنا النجم: والتتن الذي حدث وكان حدوثه بدمشق في سنة خمسة عشر بعد الالف(7/15)
يدعي شاربه أنه لا يسكر وإن سلم له فإنه مفتر، وهو حرام لحديث أحمد عن أم سلمة قالت: نهى رسول الله (ص) عن كل مسكر وفتر قال: وليس من الكبائر تناوله المرة والمرتين، ومع نهي ولي الامر عنه حرم قطعا، على أن استعماله ربما أضر بالبدن، نعم الاصرار عليه كبيرة كسائر الصغائر ا ه بحروفه.(7/16)
وفي الاشباه في قاعدة: الاصل الاباحة أو التوقف، ويظهر أثره فيما أشكل حاله كالحيوان المشكل أمره والنبات المجهول سمته ا ه.
قلت: فيفهم منه حكم النبات الذي شاع في زماننا المسمى بالتتن فتنبه، وقد كرهه شيخنا العمادي في هديت إلحاقا له بالثوم والبصل بالاولى، فتدبر.
وممن جزم بحرمة الحشيشة شارح الوهبانية في الحظر، ونظمه فقال: وأفتوا بتحريم الحشيش وحرقه وتطليق محتش لزجر وقرروا لبائعه التأديب والفسق أثبتوا وزندقة للمستحل وحرروا(7/17)
كتاب الصيد لعل مناسبته أن كلا منهما مما يورث السرور (وهو مباح) بخمسة عشر شرطا مبسوطة في العناية وسنقرره في أثناء المسائب (إلا) لمحرم في غير الحرام أو (للتلهي) كما هو ظاهر (أو حرفة) على ما في الاشباه.
قال المصنف: وإنما زدته تبعا له، وإلا فالتحقيق عندي إباحة اتخاذه حرفة لانه نوع من الاكتساب، وكل أنواع الكسب في الاباحة سواء على المذهب الصحيح كما في البزازية وغيرها.(7/18)
(نصب شبكة للصيدملك ما تعقل بها، بخلاف ما إذا نصبها للجفاف) فإنه لا يملك ما تعقل بها وإن وجد) المقلش أو غيره (خاتما أو دينارا مضروبا) بضرب أهل الاسلام (لا) يملكه
ويجب تعريفه.
اعلم أن أسباب الملك الثلاثة: ناقل كبيع وهبة وخلافه كإرث أوصاله، وهو الاستيلاء حقيقة بوضع اليد أو حكما بالتهيئة كنصب شبكة لصيد لا لجفاف على المباح الخالي عن مالك، فلو استولى في مفازه على حطب غيره لم يملكه ولم يحل للمقلش ما يجده بلا تعريف، وتمام التفريع في المطولات.
(ويحل الصيد بكل ذي ناب ومخلب) تقدما في الذبائح(7/19)
(من كلب وباز ونحوهما بشرط قابلية التعليم و) بشرط (كونه ليس بنجس العين).
ثم فرع على ما مهد من الاصل بقوله (فلا يجوز الصيد بدب وأسد) لعدم قابليتهما التعليم فإنهما لا يعملان للغير.
الاسد لعلو همته، والدب لخساسته، وألحق بعضهم بالدب الحدأة لخساستها (ولا بخنزير) لنجاسة عينه، إلا أن يقال إن النص ورد فيه، فتنبه.
وبه يندفع قول القهستاني: إن الكلب نجس العين عند بعضهم، والخنزير ليس بنجس(7/20)
العين عند أبي حنيفة على ما في التجريد وغيره، فتأمل (بشرط علمهما) علم ذي ناب ومخلب (وذا بترك الاكل) أما الشرب من دم الصيد فلا يضر.
قهستاني ويأتي (ثلاثا في الكلب) ونحوه(7/21)
(وبالرجوع إذا دعوته في البازي) ونحوه (و) بشرط (جرحهما في أي موضع منه) على الظاهر وبه يفتى، وعن الثاني يحل بلا جرح، وبه قال الشافعي (و) بشرط (إرسال أو كتابي و) بشرط (التسمية عند الارسال) ولو حكما، فالشرط عدم تركها عمدا (على حيوان ممتنع) أي قادر على الامتناع بقوائمه أو بجناحيه (متوحش)(7/22)
فالذي وقع في الشبكة أو سقط في البئر أو استأنس لا يتحقق فيه الحكم المذكور، ولذا قال: (يؤكل) لان الكلام في صيد الاكل وإن حل صيد غيره كما سيجئ، أو أعم لحل الانتفاع بالجلد مثلا كما يأتي، فتأمل (و) بشرط (أن لا يشرك الكلب المعلم كلب لا يحل صيده ككلب) غير معلم وكلب (مجوسي) أو لم يرسل أو لم يسم عليه (و) بشرط أن (لا تطول وقفته بعد إرساله) ليكون الاصطياد مضافا للارسال (بخلاف ما إذا كمن) واستخفى (كالفهد) أي كما يكمن الفهد على وجه الحيلة لا للاستراحة، وللفهد خصال حسنة ينبغي لكل عاقل العمل بها كما بسطه(7/23)
المصنف، فإن أكل منه البازي أكل لان تعليمه ليس بترك أكله.
(وإن أكل الكلب) ونحوه (لا) يؤكل مطلقا عندنا (كأكله منه) أي كما لا يؤكل الصيد الذي أكل الكلب منه (بعد تركه) للاكل (ثلاث مرات) لانه علامة الجهل (وكذا) لا يأكل (ما صاد بعده حتى يتعلم) ثانيا بترك الاكل ثلاثا (أو) ما صاده (قبله لو بقي في ملكه) فإن ما أتلفه من الصيد لا تظهر فيه الحرمة اتفاقا لفوات المحل، وفيه إشكال ذكره القهستاني(7/24)
(كصقر فر من صاحبه فمكث حينا ثم رجع إليه فأرسله) فصاد لم يؤكل لتركه ما صار به معلما فيكون كالكلب إذا أكل.
(ولو أخذ) الصياد (الصيد من الكلب وقطع منه بضعة وألقاها إليه فأكلها أو خطف الكلب منه وأكله أكل ما بقي، كما لو شرب الكلب من دمه) لانه من غاية علمه.
(ولو نهش الصيد فقطع منه بضعة فأكلها ثم أدركته فقتله ولم يأكل منه لا يؤكل) لاكله حالة الاصطياد.
(ولو ألقى ما نهشه واتبع الصيد فقتله ولم يأكل منه حتى أخذه صاحبه ثم أكل ما ألقى) لانه حينئذ لو أكل من نفس الصيد لم يضر كما مر.
(وإذا أدرك) المرسل أو الرامي (الصيد حيا) بحياة فوق ما في المذبوح (ذكاه) وجوبا
(وشرط لحله بالرمي التسمية) ولو حكما كما مر (و) شرط (الجرح) ليتحقق معنى الذكاة (و) شرط (أن لا يقعد عن طلبه لو غاب) الصيد (متحملا بسهمه) فما دام في طلبه يحل، وأن قعد عن طلبه ثم أصابه ميتا لا، لاحتمال موته بسبب آخر.
وشرط في الخانية لحله أن لا يتوارى عن بصره، وفيه كلام مبسوط في الزيلعي وغيره.(7/25)
(فإن أدركه الرامي أو المرسل حيا ذكاه) وجوبا فلو تركها حرم سيجئ (والحياة المعتبرة هنا ما) يكون (فوق ذكاة المذبوح) بأن يعيش يوما، وروى أكثره مجمع.(7/26)
أما مقدارها وهو ما لا يتوهم بقاؤه كما في الملتقى يعتبر هنا هنا، حتى لو وقع في ماء لم يحرم.
(و) المعتبر (في المتردية وأخواتها) كنطيحة وموقوذة وما أكل السبع (والمريضة) مطلق (الحياة(7/27)
وإن قلت) كما أشرنا إليه.
(وعليه الفتوى) وتقدم في الذبائح (فإن تركها) أي الذكاة (عمدا) مع القدرة عليها (فمات) حرم، كذا يحرم لو عجز عن التذكية في ظاهر الرواية.
وعن أبي حنيفة وأبي يوسف يحل، وهو قول الشافعي.
قال المصنف: وفي متني ومتن الوقاية إشارة إلى حله، والظاهر ما سمعته ا ه.
قلت: ووجه الظاهر أن العجز عن التذكية في مثل هذا لا يحل الحرام (أو أرسل مجوسي كلبا فزجره مسلم فانزجر أو قتله معراض بعرضه)(7/28)
وهو سهم لا ريش له، سمي به لاصابته بعرضه، ولو لرأسه حدة فأصاب بحده حل (أو بندقة ثقيلة ذات حدة) لقتلها بالثقل لا بالحد، ولو كانت خفيفة بها حدة حل لقتلها بالجرح، ولو لم يجرحه لا يؤكل مطلقا.
وشرط في الجرح الادماء، وقيل: لا.
ملتقى.
وتمامه فيما علقته عليه (أو رمى صيدا فوقع في ماء) لاحتمال قتله بالماء فتحرم، ولو الطير مائيا فوقع فيه، فإن انغمس
جرحه فيه حرم وإلا حل.
ملتقى (أوقع على سطح أو جبل(7/29)
فتردى منه إلى الارض حرم) في المسائل كلها، لان الاحتراز عن مثل هذا ممكن (فإن وقع على الارض ابتداء) إذ الاحتراز عنه غير ممكن فيحل (أو أرسل مسلم كلبه فزجره) أي أغراه بصياحه (مجوسي فانزجر) إذ الزجر دون الارسال والفعل يرفع بما هو فوقه أو مثله كنسخ الحديث (أو لم يرسله أحد فزجره مسلم فانزجر) إذ الزجر إرسال حكما (أو أخذ غير ما أرسل إليه) لان غرضه أخذ كل صيد يتمكن منه، حتى لو أرسله على صيود كثيرة بتسمية واحدة فقتل الكل أكل الكل (أكل) في الوجوه المذكورة لما ذكرنا (كصيد رمي فقطع عضو منه) فإنه يؤكل (لا العضو) خلافا للشافعي.
ولنا قوله عليه الصلاة والسلام: ما أبين من الحي فهو ميتة ولو قطعه ولم يبنه، فإن اشتمل التئامه أكل العضو أيضا وإلا لا.
ملتقى (وإن قطعه) الرامي (أثلاثا وأكثره مع عجزه أو قطع نصف رأسه أو أكثره أو قده نصفين أكل كله) لان في هذه الصور لا يمكن حياة فوق حياة(7/30)
المذبوح فلم يتناوله الحديث المذكور، بخلاف مالو كان أكثر معرأسه للامكان المذكور.
(وحرم صيد مجوسي ووثني ومرتد) ومحرم لانهليسوا من أهل الذكاة، بخلاف كتابي لان ذكاة الاختيار (وإن رمى صيدا فلم يثخنه فرماه آخر فقتله فهو للثاني، وحل، وإن أثخنه) الاول بأن أخرجه عن حيز الامتناع وفيه من الحياة ما يعيش (ف) الصيد (للاول وحرم) لقدرته على ذكاة الاختيار فصار قاتلا له فيحرم (وضمن الثاني للاول قيمته كلها وقت إتلافه(7/31)
(غير ما نقصته جراحته وحل اصطياد ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل) لحمع لنفعة جلده أو شعره أو ريشه أو لدفع شره، وكله مشحروع لاطلاق النص.
وفي القنية يجوز ذبح الهرة والكلب لنفع ما (والاولى ذبح الكلب إذا أخذته حرارة الموت،
وبه يطهر لحم غير نجس العين) كخنزير فلا يطهر أصحلا (وجلده) وقيل: يطهر جلده لا لحمه، وهذا أصح ما يفتى به كما في الشرنبلالية عن المواهب هنا ومر في الطهارة (أخذ الطير ليلا مباح والاولى عدم فعله) خانية.
(يكره تعليم البازي بالطير الحي) لتعذيبه (سمع) الصائد (حس إنسان، أو غيره من الاهليات) كفرس وشاة (فرمى إليه فأصاب صيدا لم يحل،(7/32)
بخلاف ما إذا سمع حس أسد) أو خنزير.
(فرمى إليه) وأرسل كلبه (فإذا هو صيد حلال الاكل حل) ولو لم يعلم أن الحس حسن الصيد أو غيره لم يحل.
جوهرة، لانه إذا اجتمع المبيح والمحرم غلب المحرم.
(رمى ظبيا فأصاب قرنه أو ظلفه فمات، وإن أدماه أكل) لوجود الجرح (وإلا لا، والعبرة بحالة الرمي فحل الصيد بردته) إذا رمى مسلما (لا بإسلامه ووجب الجزاء بحله) إذا رمى مجرما (لا بإحرامه) وسيجئ قبيل كتاب الديات.
فرع: لو أن بازيا معلما أخذ صيدا فقتله ولا يدري أرسله إنسان أو لا، لا يؤكل لوقوع الشك في الارسال ولا إباحة بدونه، وإن كان مرسلا فهو مال الغير فلا يجوز تناوله إلا بإذن صاحبه، زيلعي.(7/33)
قلت: وقد وقع في عصرناحادثة الفتوى، وهي أن رجلا وجد شاته مذبوحة ببستانه هل يحل له أكلها أم لا؟ ومقتضى ما ذكرناه أنه لا يحل لوقوع الشك في أن الذابح ممن تحل ذكاته أم لا، وهل سمى عليه أم لا؟.
لكن في الخلاصة من اللقطة: قوم أصابوا بعيرا مذبوحا في طريق البادية، إن لم يكن قريبا من الماء ووقع في القلب أن صاحبه فعل ذلك إباحة للناس لا بأس بالاخذ والاكل لان الثابت بالدلالة كالثابت بالصريح ا ه.
فقد أباح أكلها بالشرط المذكور، فعلم أن العلم بكون الذابح أهلا
للذكاة ليس بشرط.
قاله المصنف.
قلت: قد يفرق بين حادثة الفتوى واللقطة بأن الذابح في الاول غير المالك قطعا، وفي الثاني يحتمل.
ورأيت بخط ثقة: سرق شاة فذبحها بتسمية فوجد صاحبها هل تؤكل؟ الاصح لا لكفره بتسميته على الحرام القطعي بلا تملك ولا إذن شرعي ا ه فليحرر.
وفي الوهبانية:(7/34)
وما مات لا تطعمه كلبا فإنه خبيث حرام نفعه متعذر وتمليك عصفور لواجده أجز وإعتاقه بعض الائمة ينكر وإن يلقه مع غيره جاز أخذه كقشر لرمان رماه المقشر وفي معاياتها: وأي حلال لا يحل اصطياده صيودا وما صيدت ولا هي تنفر(7/35)
كتاب الرهن مناسبته أن كلا من الرهن والصيد سبب لتحصيل المال.
(هو) لغة: حبس الشئ.
وشرعا: (حبس الشئ مالي) أي جعله محبوسا لان الحابس هو المرتهن (بحق يمكن استيفاؤه) أي أخذه (منه) كلا أو بعضا كأن كان قيمة المرهون أقل من الدين (كالدين) كاف الاستقصاء لان العين لا يمكن استيفاؤها من الرهن إلا إذا صار دينا حكما كما سيجئ (حقيقة) وهو دين واجب ظاهرا وباطنا أو ظاهرا فقط كثمن عبد أو خل وجد حرا أو(7/36)
خمرا (أو حكما) كالاعيان المضمونة بالمثل أو القيمة (كما سيجئ) كونه.
(وينعقد بإيجاب وقبول) حال (غير لازم) وحينئذ فللرهن تسليمه والرجوع عنه كما في
الهبة (فإذا سلمه وقبضه المرتهن) حال كونه (محوزا) لا متفرقا كثمر على شجر (مفرغا) لا مشغولا بحق الراهن كشجر بدون الثمر (مميزا)(7/37)
لا مشاعا ولو حكما بأن اتصل المرهون بغير المرهون خلقة كالشجر وسيتضح (لزم) أفاد أن القبض شرط اللزوم كما في الهبة، وصحح في المجتبى أنه شرط الجواز (والتخلية) بين الرهن والمرتهن (قبض) حكما على الظاهر (كالبيع) فإنها فيه أيضا قبض (وهو مضمون إذا هلك(7/38)
بالاقل من قيمته ومن الدين).
وعند الشافعي هو أمانة (والمعتبر قيمته يوم القبض) لا يوم الهلاك كما توهمه في الاشباه لمخلفته للمنقول كما حرره المصنف.
(المقبوض على سوم الرهن إذا لم يبين المقدار) أي مقدار ما يريد أخذه من الدين (ليس بمضمون في الاصح) كذا في القنية والاشباه (فإن) هلك و (ساوت قيمته الدين صار مستوفيا)(7/39)
دينه (حكما، أو زادت كان الفضل أمانة) فيضمن بالتعدي (أو نقصت سقط بقدره ورجع) المرتهن (بالفضل) لان الاستيفاء بقدر المالية (وضمن) المرتهن (بدعوى الهلاك بلا برهان مطلقا) سواء كان من أموال ظاهرة أو باطنة، وخصه مالك بالباطنة (وله طلب دينه من راهنه، وله حبسه به وإن كان الرهن في يده، لان) الحبس جزاء مطله (وله حبس وهنه بعد الفسخ) للعقد (حتى يقبض دينه أو يبرئه) لان الرهن لا يبطل بمجرد الفسخ بل يبقى هنا ما بقي القبض والدين معا، فإذا فات أحدهما لم يبق رهنا.
زيلعي ودرر وغيرهما (لا انتفاع به مطلقا) لا باستخدام ولا سكنى ولا لبس ولا إجارة ولا إعارة،(7/40)
سواء كان من مرتهن أو راهن (إلا بإذن) كل للآخر، وقيل: لا يحل للمرتهن لانه ربا، وقيل: إن شرطه كان ربا، وإلا لا.
وفي الاشباه والجواهر: أباح الراهن للمرتهن أكل الثمار أو سكنى الدار أو لبن الشاة المرهونة فأكلها لم يضمن له منعه، ثم أفاد الاشباه أنه يكره للمرتهن الانتفاع بذلك،(7/41)
وسيجئ آخر الرهن.
(ماتت الشاة في يد المرتهن قسم الدين على قيمة الشاة ولبنها الذي شربه فحظ الشاة يسقط وحظ اللبن يأخذه المرتهن، فلو فعب) الانتفاع قبل إذنه (صار متعديا ولم يبطل) الرهن (به.
وإذا طلب) المرتهن (دينه أمر بإحضار رهنه) لئلا يصير مستوفيا مرتين إلا إذا كان له حمل أو عند العدل لانه لم يأتمنه.
شرح مجمع (فإن أحضر سلم) له (كل دينه أولا ثم) سلم المرتهن (رهنه) تحقيقا للتسوية (وإن طلب) دينه (في غير بلد العقد) للرهن (فكذلك) الحكم (إن لم يكن للرهن مؤنة، وإن كان) لحمله مؤنة (سلم دينه وإن لم يحضره) لان الواجب عليه التسليم بمعنى التخلية لا النقل من مكان إلى مكان.
ونقل القهستاني عن الذخيرة أنه لو لم يقدر على إحضاره أصلا مع قيامه لم يؤمر به ا ه، فليحفظ.(7/42)
(و) لكن (للراهن أن يحلفه بالله ما هلك) وهذا كله إذا ادعى الراهن هلاكه، أما إذا لم يدع فلا فائدة في احضاره، وكذا الحكم عند كل نجم حل كما حرره ابن الشحنة، وقال نظما: ولا دفع ما لم يحضر الرهن أو يكن بغير مكان العقد والحمل يعسر(7/43)
كذا النجم أو لا دون دعوى مدينه هلاكا وهذا في النهاية يذكر (ولا يكلف مرتهن) قد (طلب دينه إحضار رهقد وضع عند العدل بأمر الراهن ولا) إحضار (ثمن رهن باعه المرتهن بأمره) أي بأمر الراهن (حتى يقبضه) لاذنه بذلك (و) حينئذ ف (إذا قبضه) أي الثمن (يكلف إحضاره) لقيام البدل مقام المبدل (ولا) يكلف (مرتهن معه رهنه تمكين الراهن من بيعه ليقضي دينه) بثمنه لان حكم الرهن الحبس الدائم حتى يقبض دينه (ولا) يكلف
(من قضى بعض دينه) أو أبرأ بعضه (تسليم بعض رهنه حتى يقبض البقية من الدين) أو يبرئها اعتبارا بحبس المبيع.
(ويجب) على المرتهن (أن يحفظه بنفسه وعياله) كما في الوديعة (وضمن إن حفظ بغيرهم)(7/44)
كما مر فيها (وضمن (بإيداعه) وإعارته وإجارته واستخدامه (وتعديه كل قيمته) فيسقط الدين بقدره (وكذا) يضمن (كل قيمته بجعل خاتم الرهن في خنصره) سواء جعل فصه لبطن كفه أو لا.
وبه يفتى.
برجندي (اليسرى أو اليمنى) على ما اختاره الرضي، لكن قدمنا في الحظر عن البرجندي هنا أنه شعار الروافض وأنه يجب التحرز عنه، فتنبه.
قلت: ولكن جرت العادة في زماننا بلبسه، كذلك فينبغي لزوم الضمان قياس على مسألة السيف الآتية فليحرر.
لا يجعله في أصبع أخرى إلا إذا كان المرتهن امرأة فتضمن لان النساء(7/45)
يلبسن كذلك فيكون استعمالا لا حفظا، ابن كمال معزيا للزيلعي (و) مثله (تقلد سيفي الرهن لا الثلاثة) فإن الشجعان يتقلدون في العادة بسيفين لا الثلاثة (و) في (لبس خاتمه) أي خاتم الرهن (فوق آخر يرجع إلى العادة) فإن كان ممن يتجمل بلبس خاتمين ضمن، وإلا كان حافظا فلا يضمن (ثم إن قضى بها) أي بالقيمة المذكورة (من جنس الدين يلتقيان قصاصا بمجرده) أي بمجرد القضاء بالقيمة (إذا كان الدين حالا وطالب) المرتهن (الراهن بالفضل إن كان ثمة) فضل (وإن) كان الدين مؤجلا يضمن المرتهن قيمته وتكون رهنا عنده، فإذا حل الاجل أخذه بدينه، وإن قضى بالقيمة من خلاف جنسه كان الضمان رهنا إلى قضاء دينه لانه بدل الرهن فأخذ حكمه.
(وأجرة بيت حفظه وحافظه) ومأوى الغنم (على المرتهن وأجرة راعيه) لو حيوانا (ونفقة الرهن والخراج) والعشر (على الراهن) والاصل فيه أن كل ما يحتاج إليه لمصلحة الرهن بنفسه وتبقيته فعلى الراهن لانه ملكه، وكل ما كان لحفظه فعلى المرتهن لان حبسه له.
واعلم أنه لا يلزم شئ منه لو اشترط على الراهن.
قهستاني عن الذخيرة.
وأما مؤنة رده(7/46)
كجعل آبق (أو رد جزء منه كمداواة جريح (إلى يده) أي إلى يد المرتهن (فتنقسم على المضمون والامانة، فالمضمون على المرتهن والامانة مضمونة على الراهن) لو قيمته أكثر من الدين وإلا فعلى المرتهن، وكذا معالجة أمراض وقروح وفداء جناية (وكل ما وجب على أحدهما فأداه الآخر كان متبرعا إلا أن يأمره القاضي به ويجعله دينا على الآخر) فحينئذ يرجع عليه، وبمجرد أمر القاضي بلا تصريح بجعله دينا عليه لا يرجع كما في الملتقط.
وعن الامام: لا يرجع لو صاحبه حاضرا مطلقا خلافا للثاني، وهي فرع مسألة الحجر.
زيلعي.
(قال الراهن غير هذا، وقال المرتهن بل هذا هو الذي رهنته عندي فالقول للمرتهن) لانه القابض، بخلاف ما لو ادعى المرتهن رده على الراهن بعد قبضه فإن القول للراهن لانه المنكر، فإن برهنا فللراهن أيضا ويسقط الدين لاثباته الزيادة،(7/47)
ولو قبل قبضه فالقول للمرتهن لانكاره دخوله في ضمانه، وإن برهنا فللراهن لاثباته الضمان، بزازية.(7/48)
(ويجوز له السفر به) بالرهن (إذا كان الطريق أمنا) كما في الوديعة (وإن كان له حمل ومؤنة) وكذا الانتقال عن البلد، وكذا العدل الذي الرهن في يده كما في العمادية معزيا للعدة على خلاف ما في فتاوى القاضيين، ولعل ما في العدة قول الامام، وما في الفتاوى قولهما كما يفيده كلام القنية.
(فائدة): في الحديث: إذا عمي الرهن فهو بما فيه قالوا: معناه إذا اشتبهت قيمته بعد هلاكه بأن قال كل لا أدري كم كانت قيمته ضمن بما فيه من الدين كذا ذكره المصنف أول الباب.
باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز
(لا يصح رهن مشاع) لعدم كونه مميزا كما مر (مطلقا) مقارنا أو طارئا من شريكه أو غيره(7/49)
يقسم أولا، ثم الصحيح أنه فاسد يضمن بالقبض، وجوزه الشافعي.
وفي الاشباه: ما قبل البيع قبل الرهن إلا في أربعة: المشاع والمشغول والمتصل بغيره والمعلق عتقه بشرط قبل وجوده غير المدبر فيجوز بيعها لا رهنها.
وفيها: الحيلة في جواز رهن المشاع أن يبيعه النصف بالخيار، ثم يرهنه النصف ثم يفسخ البيع.
قال المصنف: وفيه نظر،(7/50)
ولعله مفرع على الضعيف في الشيوع الطارئ.
قلت: بل ولا عليه، لانه بالخيار لا يخلو إما أن يبقى في ملكه أو يعود لملكه.
وعلى كل يكون رهن المشاع ابتداء كما بسطه في تنوير البصائر، فتنبه.
قلت: والحيلة الصحيحة ما في حيل منية المفتي: أراد رهن نصف داره مشاعا ببيع نصفها من طالب الرهن ويقبض منه الثمن، على أن المشتري بالخيار ويقبض الدار وثم ينقض بحكم الخيار فتبقى في يده بمنزلة الرهن بالثمن، واعتمده ابن المصنف في زواهر الجوهر، وفيها الشيوع الثابت ضرورة لا يضر، لما في الولوالجية: ولو جاء بثوبين وقال: خذ أحدهما رهنا والآخر بضاعة عندك، فإن نصف كل منهما يصير رهنا بالدين، لان أحدهما ليس بأولى من الآخر فيشيع الرهن فيهما بالضرورة فلا يضر (و) لا رهن (ثمرة على نخل دونه و) لا (زرع أرض أو نخل) أو بناء (بدنها وكذا عكسها) كرهن الشجر لا الثمر والارض لا النخل.
والاصل أن المرهون متى(7/51)
اتصل بغير المرهون خلقة لا يجوز لامتناع قبض المرهون وحده.
درر.
وعن الامام جواز رهن الارض بلا شجر، ولو رهن الشجر بمواضعها أو الدار بما فيها جاز، ملتقى.
لانه اتصال مجاورة.
وفي القنية: رهن دارا والحيطان مشتركة بينه وبين الجيران صح في العرصة، ولا يضر اتصال السقف بالحيطان المشتركة لكونه تبعا (و) لا (رهن الحر والمدبر والمكاتب وأم الولد) والوقف.
ثم لما ذكر ما لا يجوز رهنه ذكر ما لا يجوز الرهن به فقال (و) لا (بالامانات) كوديعة وأمانة.
(و) لا (بالدرك) خوف استحقاق المبيع فالرهن به باطل، بخلاف الكفالة(7/52)
كما مر (و) لا بعين مضمونة بغيرها: أي بغير مثل أو قيمة مثل (المبيع في بد البائع) فإنه مضمون بالثمن، فإذا هلك ذهب بالثمن (و) لا (بالكفالة بالنفس و) لا (بالقصاص مطلقا) في نفس وما دونها (بخلاف الجناية خطأ) لامكان استيفاء الارش من الرهن (ولا بالشفعة وبأجرة النائحة والمغنية وبالعبد الجاني أو المديون) وإذا لم يصح الرهن في هذه الصور فللراهن أخذه، فلو هلك عند المرتهن قبل الطلب هلك مجانا، إذ لا حكم للباطل فبقي القبض بإذن المالك.
صدر الشريعة وابن كمال (و) لا (رهن خمر) وارتهانها من مسلم (أو ذمي للمسلم) أي لا يجوز للمسلم أن يرهن خمرا أو يرتهنها من مسلم أو ذمي (ولا يضمن له) أي للمسلم (مرتهنها) حال كونه (ذميا، وفي عكسه الضمان) لتقومها عندهم، ولا عندنا.(7/53)
(وصح) الرهن (بغير مضمونة بنفسها) أي بالمثل أو بالقيمة (كالمغصوب وبدل الخلع والمهر وبدل الصلح عن عمد) اعلم أن الاعيان ثلاثة: عين غير مضمونة أصلا كالامانات.
وعين غير مضمونة لكنها تشبه المضمونة كمبيع في يد البائع.
عين مضمونة بنفسها كالمغصوب ونحوه.
وتمامه في الدرر.
(و) صح (بالدين ولو موعودا بأن رهن ليقرضه كذا) كألف مثلا، فلو دفع له البعض وامتنع لا جبر.
أشباه (فإذا هلك) هذا الرهن (في يد المرتهن كان مضمونا عليه بما وعد) من الدين فيسلم الالف للراهن جبرا (إذا كان الذين مساويا للقيمة أو أقل، ما إذا كان أكثر فهو مضمون بالقيمة) هذا إذا سمى قدر الدين، فإن لم يسمه بأن رهنه على أن يعطيه شيئا فهلك في يده هل يضمن؟ خلاف بين الامامين مذكور في البزازية وغيرها، والاصح أنه غير مضمون، وقد تقدم أن المقبوض على سوم الرهن إذ لم يبين المقدار غير مضمون في الاصح.
(و) صح (برأس مال السلم وممن الصرف والمسلم فيه(7/54)
فإن هلك) الرهن في (المجلس) ثم الصرف والسلم و (صار) المرتهن (مستوفيا) حكما خلافا للثلاثة (وإن افترقا قنقد وهلاك بطلا) أي السلم والصرف، وأما المسلم فيه فيصح مطلقا، فإن هلك الرهن ثم العقد وصار عوضا للمسلم فيه (ولو) لم يهلك ولكن (تفاسخا السلم) وبالمسلم فيه رهن فهو رهن برأس المال استحسانا لانه بدله فقام مقامه (وإن هلك) الرهن (بعد الفسخ) المذكور (هلك به) أي بالمسلم فيه فيلزم رب السلم دفع مثل المسلم فيه لبقاء الرهن حكما إلى أن يهلك.
(وللاب أن يرهن بدين) كائن(7/55)
(عليه عبدا لطفله) لان له إيداعه، فهذا أولى لهلاكه مضمونا والوديعة أمانة (والوصي كذلك) وقالابو يوسف: لا يملكان ذلك، ثم إذا هلك ضمنا قدر الديللصغير لا الفضل لانه أمانة.
وقال التمرتاشي: يضمن الوصي القيمة لان للاب أن ينتفع بمال الصبي، بخلاف الوصي، لكن جزم في الذخيرة وغيرها بالتسوية بينهما (وله) أي للاب (رهن ماله عند ولده الصغير بدين له) أي اللصغير (عليه) أي على الاب (ويحبسه لاجله) أي لاجل الصغير (بخلاف الوصي) فإنه لا يملك ذلك، سراجية (وكذا عكسه) فللاب رهن متاع طفله من نفسه، لانه لوفور شفقته جعل كشخصين وعبارتين كشرائه مال طفله، بخلاف الوصي لانه وكيل محض فلا يتولى طرف العقد في رهن ولا بيع.
وتمامه في الزيلعي.
(و) صح (بثمن عبد أو خل أو ذكية إن ظهر العبد حرا والخل خمرا والذكية ميتة، و) صح (ببدل صلح عن إنكار إن أقر) بعد ذلك (أن لا دين عليه) والاصل ما مر أن وجوب الدين ظاهرا يكفي لصحة الرهن والكفيل(7/56)
(و) صح (رهن الحجرين والمكيل والموزون فإن رهن) المذكور بخلاف جنسه هلك بقيمته وهو
ظاهر، وإن (بجنسه وهلك هلك بمثله) وزنا أو كيلا لا قيمة خلافا لهما (من الدين، ولا عبرة بالجودة) عند المقابلة بالجنس.
ثم إن تساويا فظاهر، وأن الدين أزيد فالزائد في ذمة الراهن، وإن الرهن أزيد فالزائد أمانة.
درر وصدر شريعة.
(باع عبدا على أن يرهن المشتري بالثمن شيئا بعينه أو يعطي كفيلا كذلك) بعينه (صح، ولا يجبر) المشتري (على الوفاء) لما مر أنه غير لازم (وللبائع فسخه) لفوات الوصف المرغوب (إلا أن يدفع المشتري الثمن حالا) أو يدفع (قيمة الرهن) المشروط (رهنا) لحصول المقصود (وإن قال)(7/57)
المشتري (لبائعه) وقد أعطاه شيئا غير مبيعه (أمسك هذا حتى أعطيك الثمن فهو رهن) لتلفظه بما يفيد الرهن، والعبرة للمعاني خلافا للثاني والثلاثة، و (لو كان) ذلك الشئ الذي قال له المشتري أمسكه هو (المبيع) الذي اشتراه بعينه لو (بعد قبضه) لانه حينئذ يصلح أن يكون رهنا بثمنه (ولو قبله لا) يكون رهنا لانه محبوس بالثمن كما مر.
بقي لو كان المبيع مما يفسد بمكثه كلحم وجمد فأبطأ المشتري وخاف البائع تلفه جاز بيعه وشراؤه، ولو باعه بأزيد تصدق به لان فيه شبهة.
(رهن) رجل (عينا عند رجلين بدين لكل منهما صحص وكله رهن من كل منهما) ولو غير شريكين (فإن تهايأ فكل واحد منهما في نوبته كالعدل في حق الآخر) هذا لو مما لا يتجزأ، وإن(7/58)
مما يتجزأ فعلى كل حبس النصف، فلو دفع له كله ضمن عنده خلافا لهما، وأصله مسألة الوديعة.
زيلعي.
(ولو هلك ضمن كل حصته) لتجزئ الاستيفاء (فإن قضى دين أحدهما فكله رهن الآخر) لما مر أن كل العين رهن في يد كل منهما بلا تفرق (وإن رهنا رجلا رهنا) واحدا (بدين عليهما صح بكل الدين ويمسكه إلى استيفاء كل الدين) إذ لا شيوع.
(ولو رهن عبدين بألف لا يأخذ أحدهما بقضاء حصته) لحبس الكل بكل الدين كالمبيع في
يد البائع (فإن سمى لكل واحد منهما شيئا من الدين له أن يقبض أحدهما إذا أدى ما سمى له، بخلاف البيع) لتعدد العقد بتفصيل الثمن(7/59)
في الرهن لا البيع هو الاصح (وبطل بينه كل منهما) أي من رجلين (على رجل أنه) أي أن كل واحد (رهنه هذا الشئ) كعبد مثلا عنده (وقبضه) لاستحالة كون كله رهنا لهذا كله رهنا لذاك في آن واحد ولا يمكن تنصيفه للزوم الشيوع فتهاترتا وحينئد فتهلك أمانة إذ الباطل لا حكم له، هذا (إن لم يؤرخا، فإن أرخا كان صاحب التاريخ الاقدم أولى وكذا(7/60)
إذا كان) الرهن (في يد أحدهما كان) ذو اليد (أحق) لقرينة سبقه.
(ولو مات راهنه) أي راهن العبد مثلا (و) الحال أن (الرهن معهما) أي في أيديهما (أولا) أي أو ليس العبد معهما فإن الحكم واحد.
زيلعي.
(فبرهن كل كذلك) كما وصفنا (كان في يد كل واحد منهما نصفه) أي العبد (رهنا بحقه) استحسانا لانقلابه بالموت استيفاء والشائع يقبله.
(أخذ عمامة المديون لتكون رهنا عنده لم تكن رهنا) وإذا هلكت تهلك هلاك المرهون.
قال: وهذا ظاهر إذا رضي المطلوب بتركه رهنا.
عمادية.
ومفاده أنه إن رضي بتركه كان رهنا وإلا لا، وعليه يحمل إطلاق السراجية وغيرها كما أفاده المصنف.
وفي المجتبى: لرب المال مسك مال المديون(7/61)
رهنا بلا إذنه، وقيل إذا أيس فله أخذه مكان حقه قضاء عن دينه وأقره المصنف.
(دفع ثوبين فقال: خذ أيهما شئت رهنا بكذا فأخذهما لم يكن واحد منهما رهنا قبل أن يختار أحدهما) سراجية.
فروع: غصب الرهن كهلاكه إلا إذا غصب في حال انتفاع مرتهن بإذن راهن أمره بدفعه
للدلال فدفع فهلك لم يضمن.(7/62)
حمامي وضع المصحف الرهن في صندوقه ووضع عليه قصعة ماء للشرب فانصب الماء على المصحف فهلك ضمن ضمان الرهن لا الزيادة، والمودع لا يضمن شيئا.
قنية.
الاجل في الرهن يفسده.
سلطة ببيع الرهن ومات للمرتهن بيعه بلا محضر وارثه.
غاب الراهن غيبة منقطعة فرفع المرتهن أمره للقاضي ليبيعه بدينه ينبغي أن يجوز.
ولو مات ولم يعلم له وارث فباع القاضي داره جاز.
كذا في متفرقات بيوع النهر.
وفي الذخيرة: ليس للمرتهن بيع ثمرة الرهن وإن خاف تلفها، لان له ولاية الحبس لا البيع ويمكن رفعه إلى القاضي، حتى لو كان في موضع لا يمكنه الرفع للقاضي، أو كان بحال يفسد قبل أن يرفع جاز له أن يبيعه، والله تعالى أعلم.
باب الرهن يوضع على يد عدل (سمى به لعدالته في زعم الراهن والمرتهن)(7/63)
(إذا وضعا الرهن على يد عدل صح ويتم بقبضه ولا يأخذه أحدهما منه، وضمن لو دفع إلى أحدهما) لتعلق حقهما به، فلو دفعه فتلف ضمن لتعديه وأخذا منه قيمته وجعلها عنده أو عند غيره، وليس للعدل جعلها رهنا في يده لئلا يصير قاضيا ومقضيا، وهل للعدل الرجوع؟ مبسوط في المطولات.
(وإذا هلك يهلك من ضمان المرتهن، فإن وكل) الراهن (المرتهن أو) وكل العدل أو غيرهما ببيعه عند حلول الاجل صح توكيله (لو) الوكيل (أهلا لذلك) أي للبيع (عند التوكيل وإلا) يكن(7/64)
أهلا لذلك عند التوكيل (لا) تصح الوكالة وحينئد (فلو وكل بيعه صغيرا) لا يعقل (فباعه بعد
بلوغه لم يصح) خلافا لهما (فإن شرطت) الوكالة (في عقد الرهن لم ينعزل بعزله و) لا (بموت الراهن و) لا (المرتهن) للزومها بلزوم العقد، فهي تخالف الوكالة المفردة من وجوه: أحدها هذا.
(و) الثاني أن الوكيل هنا (يجبر على البيع عند الامتناع) وكذا لو شرطن بعد الرهن في الاصح، زيلعي، على خلاف ظاهر الرواية وإن صححها قاضيخان وغيره على ما نقله القهستاني وغيره فتنبه، بخلاف الوكالة المفردة.
(و) والثالث أنه (يملك بيع الولد والارش.
و) الرابع (إذا باع(7/65)
بخلاف جنس الدين كان له أن يصرفه إلى جنسه) أي الدين، بخلاف الوكالة المفردة.
(و) الخامس (إذا كان عبدا وقتله عبد خطى فدفع بالجناية كان له بيعه، بخلاف المفردة) متعلق بالجميع (وله بيعه في غيبة ورثته) أي ورثة الراهن (كما كان له حال حياته البيع بغير حضرته) أي حضرة الراهن وتبطل الوكالة (بموت الوكيل مطلقا) وعن الثاني أن وصيه يخلفه لكنه خلاف جواب الاصل.
(ولو أوصى إلى آخر ببيعه لم يصح) إلا إذا كان مشروطا له ذلك في الوكالة (ولا يملك راهن ولا مرتهن بيعه بغير رضا الآخر، فإن حل الاجل وغاب الراهن أجبر الوكيل على بيعه(7/66)
كما هو) الحكم (في الوكيل بالخصومة) إذا غاب موكله وأباها فإنه يجبر عليها بأن يحبسه أياما ليبيع، فإن لح بعد ذلك باع القاضي دفعا للضرر (وإن باعه العدل فالثمن رهن) كالثمن (فيهلك كهلكه، فإن أوفى ثمنه) بعد بيعه (المرتهن فاستحق الرهن) وضمن (فإن) كان المبيع (هالكا في يد المشتري ضمن المستحق الراهن قيمته) إن شاء لانه غاصب (و) حينئذ (صح البيع والقبض) لتملكه بضمانه (أو) ضمن المستحق (العدل) لتعديه بالبيع (ثم هو) أي العدل (ويضمن الراهن وصحا) أيضا (أو) ضمن (المرتهن ثمنه الذي) أداه إليه (وهو) أي الثمن (له) أي العدل لانه بدل ملكه (ويرجع المرتهن على راهنه بدينه) ضرورة بطلان قبضه (وإن) كان الرهن (قائما) في يد(7/67)
مشتريه (أخذه المستحق من مشتريه ورجع هو) أي المشتري على العدل بثمنه) لانه العاقد (ثم) يرجع (هو) أي العدل (على الراهن به) أي بثمنه (و) إذا رجع عليه (صح القبض) وسلم الثمن للمرتهن (أو) رجع العدل (على المرتهن بثمنه ثم) رجع (هو) أي المرتهن (على الراهن به) أي بدينه، زاد سواء في الدرر والوقاية: وأن شرطت الوكالة بعد الرهن رجع العدل عن الراهن فقط سواء قبض المرتهن ثمنه أو لا (فإن هلك الرهن عند المرتهن فاستحق) الرهن (وضمن الراهن(7/68)
قيمته هلك) الرهن (بدينه، وإن ضمن المرتهن) القيمة (يرجع على الراهن بقيمته) التي ضمنها لضرره (وبدينه) لانتقاض قبضه.
فرع: في الولوالجية: ذهبت عين داية المرتهن يسقط ربع الدين، وسيجئ.
باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته أي الرهن على غيره (توقف بيع الراهن وهنه على إجارة مرتهنه أو قضاء دينه، فإن وجد أحدهما نفذ(7/69)
وصار ثمنه رهنا) في صورة الاجازة (وإن لم يجز) المرتهن البيع (وفسخ) بيعه (لا ينفسخ) بفسخه في الاصح (و) إذا بقي موقوفا ف (المشتري) بالخيار (إن شاء صبر إلى فكاك الرهن أو رفع الامر إلى القاضي ليفسخ البيع) وهذا إذا اشتراه ولم يعلم أنه رهن.
ابن كمال.
(ولو باعه الراهن من رجل ثم باعه) الراهن أيضا (من) رجل (آخر قبل أن يجيز المرتهن) البيع (فالثاني موقوف أيضا على إجازته) إذ الموقوف لا يمنع توقف الثاني (فأيهما أجاز لزم ذلك وبطل الآخر ولو باعه) الراهن (ثم أجره أو رهنه أو وهبه من غيره فأجاز المرتهن الاجارة أو الرهن أو الهبة جاز البيع الاول) لحصول النفع بتحول حقه للثمن على ما تقرر وفي محله تحرر(7/70)
(دون غيره من هذه العقود) إذلا منفعة للمرتهن فيها فكانت إجازته إسقاطا لحقه فزال المانع فينفذ
البيع.
والاشباه: باع الراهن الرهن من زيد ثم باعه من المرتهن انفسخ الاول (وصح إعتاقه وتدبيره واستيلاده) أي نفذ إعتاق الراهن (رهنه فإن) كان (غنيا و) كان (دينه) أي المرتهن (حالا أخذ) المرتهن (دينه من الراهن، وإن مؤجلا أخذ قيمته للرهن بدله إلى) زمان (حلوله) فإن حل استوفى حقه لو من جنسه ورد الفضل (وإن) كان الرهن (معسرا) ففي العتق سعى العبد في الاقل من قيمته ومن الدين ويرجع على سيده غنيا، وفي التدبير والاستيلاد (سعى كل في كل الدين) بلا رجوع لان كسب المدبر وأم الولد ملك المولى (فإذا أتلف) الراهن (الرهن فحكمه حكم ما إذا أعتقه غنيا) كما مر (و) الرهن (إن أتلفه أجنبي) أي غير الراهن(7/71)
(فالمرتهن يضمنه) أي المتلف (قيمته يوم هلك وتكون) القيمة (رهنا عنده) كما مر.
وأما ضمانه على المرتهن فتعتبر قيمته يوم القبض لانه مضمون بالقبض السابق.
زيلعي (وبإعارته أي المرتهن الرهن (من راهنه يخرج من ضمانه) تسميتها عارية مجاز.
(فلو هلك) الرهن (في يد الراهن هلك مجانا) حتى لو كان أعطاه به كفيلا لم يلزم الكفيل شئلخروجه من الرهن، نعم لو كان الراهن أخذه بغير رضا المرتهن(7/72)
جاز ضمان الكفيل، تاترخانية.
(فإن عاد) قبضه (عاد ضمانه وللمرتهن استرداده منه إلى يده، فلو مات الراهن قبل ذلك) أي قبل الاسترداد (فالمرتهن أحق من سائر الغرماء) لبقاء حكم الرهن.
(ولو أعاره) أو أودعه (أحدهما أجنبيا بإذن الآخر سقط ضمانه ولكل منهما أن يعيده رهنا) كما كان (بخلاف الاجارة والبيع والهبة) والرهن (من المرتهن أو من أجنبي إذا باشرها أحدهما(7/73)
بإذن الآخر) حيث يخرج عن الرهن ثم لا يعود إلا بعقد مبتدإ لانها عقود لازمة، بخلاف العارية
وبخلاف بيع المرتهن من الراهن لعدم لزومها بقي لو مات قبل رهنه ثانيا فالمرتهن أسوة الغرماء.
(ولو أذن الراهن للمرتهن في استعماله أو إعارته للعمل فهلك) الرهن (قبل أن يشرع في العمل أو بعد الفراغ منه هلك) بالدين لبقاء عقد الرهن.
(ولو هلك في حالة العمل) والاستعمال (هلك أمانة) لثبوت يد العارية حينئذ.
(لو اختلفا في وقته) أي وقت هلاكه فقال المرتهن: هلك في وقت العمل وقال الراهن في غيره (فالقول للمرتهن) لانه منكر (والبينة للراهن) لانهما اتفقا على زوال يد الرهن فلا يصدق الراهن في عدوه إلا بحجة.
بزازية.
وفيها: أذن للمرتهن في لبس ثوب الرهن يوما فجاء به المرتهن متخرقا وقال تخرق في لبس ذلك اليوم وقال الراهن ما لبسته فيه ولا تخرق فيه فالقول للراهن، وإن أقر الراهن باللبس فيه ولكن قال تخرق قبل لبسه أو بعده فالقول للمرتهن في قدر ما عاد من الضمان.(7/74)
فروع: رهن الاب من مال طفله شيئا بدين على نفسه جاز، فلو الرهن قيمته أكثر من الدين فهلك ضمن الاب قدر الدين دون الزيادة، بخلاف الوصي فإنه يضمن قيمته، والفرق أن للاب أن ينتفع بمال الصغير عند الحاجة ولا كذلك الوصي.
ولو أدرك الابن ومات الابن ليس للابن أخذه قبل قضاء الدين، ويرجع الابن في مال الاب إن كان رهنه لنفسه لانه مضطر كمعير الرهن.
ولو رهن شيئا ثم أقر بالرهن لغيره لا يصدق في حق المرتهن ويؤمر بقضاء الدين ورده إلى المقر له.
ولو رهن دار غيره فأجاز صاحبها جاز، وبينة الراه على قيمة الرهن أولى.
وزوائد الرهن كولد وثمرة رهن لا غلة دار وأرض وعبد فلا يصير رهنا، والرهن الفاسد كالصحيح في ضمانه.
(وصح استعارة شئ ليرهنه فيرهن بما شاء) إذا أطلق ولم يقيد بشئ (وإن قيده بقدر أو جنس أو مرتهن أو بلد تقيد به) وحينئذ (فإن خالف) ما قيده به المعير(7/75)
(ضمن) المعير (المستعير أو المرتهن) لتعدي كل منهما (إلا إذا خالف إلى خير بأن عين له أكثر من قيمته فرهنه بأقل من ذلك) لم يضمن لمخالفته إلى خير (فإن ضمن) المعير (المستعير ثم عقد الرهن) لتملكه بالضمان (وإن ضمن المرتهن يرجع بما ضمن وبالدين على الراهن) كما مر في الاستحقاق (فإن وافق هلك عند المرتهن صار) المرتهن (مستوفيا لدينه ووجب مثله) أي مثل الدين (للمعير على المستعير وهو الراهن لقضاء دينه به (إن كان كله مضمونا،(7/76)
وإلا) يكن كله مضمونا (ضمن قدر المضمون والباقي أمانة) وكذا لن تعيب فيذهب من الدين بحسابه ويجب مثله للمعير.
(ولو افتكه) أي الرهن (المعير أجبر المرتهن على القبول ثم يرجع) المعير (على الراهن) لانه غير متبرع لتخليص ملكه، بخلاف الاجنبي (بما أدى) بأن ساوى الدين القيمة، وإن الدين أزيد فالزائد تبرع، وإن أقل فلا جبر.
درر ولكن استشكله الزيلعي وغيره، وأقره المصنف فلذا لم يعرج عليه في متنه مع متابعته للدر، فتدبر.
(ولو هلك الرهن المستعار مع الراهن قبل رهنه أو بعد فكه لم يضمن، وإن استخدمه أو ركبه) ونحو ذلك (من قبل) لانه خالف ثم عاد إلى الوفاق فلا يضمن خلافا للشافعي، لكن في الشرنبلالية عن العمادية، المستأجر أو المستعير(7/77)
إذا خالفا ثم عاد إلى الوفاق لا يبرأ عن الضمان على ما عليه الفتوى ا ه.
بقي لو اختلفا فالقول للراهن لانه ينكر الايفاء بماله، ولو اختلفا في قدر ما أمره بالرهن به فالقول للمعير.
هداية.
اختلفا في الدين والقيمة بعد الهلاك فالقول للمرتهن في قدر الدين وقيمة الرهن، شرح تكملة.
(ولو مات مستعيره مفلسا) مديونا (فالرهن) باق (على حاله فلا يباع إلا برضا المعير) لانه ملكه (ولو أراد المعير بيعه وأبى الراهن) البيع (بيع بغير رضاه إن كان به) أي بالرهن (وفاء وإلا لا) يباع (إلا برضاه) أي المرتهن (ولو مات المعير مفلسا وعليه دين أمر الراهن بقضاء دين نفسه ويرد الرهن) ليصل كل ذي حق حقه (وإن عجز لفقره فالرهن على حاله) كما لو كان المعير حيا (ولورثته) أي ورثة المعير (أخذه) أي الرهن (بعد قضاء دينه)(7/78)
كمورث (فإن طلب غرماء المعير من ورثته بيعه، فإن به وفاء بيع وإلا فلا) يباع (إلا برضا المرتهن) كما مر لما مر.
(و) اعلم أن (جناية الراهن على الرهن) كلا أو بعضا (مضمونلا كجناية المرتهن عليه ويسقط من دينه) أي دين المرتهن (بقدرها) أي الجناية لانه أتلف ملك غيره فلزمه ضمانه، وإذا لزمه وقد حل الدين سقط بقدرة ولزمه الباقي بالاتلاف لا بالرهن، وهذا لو الدين من جنس الضمان وإلا لم يسقط منه شئ.
والجناية على المرتهن وللمرتهن أن يستوفي دينه، لكن لو اعور عينه يسقط نصف دينه عنه، قهستاني وبرجندي.
(وجناية الرهن عليهما) أي على الراهن أو المرتهن (وعلى ما لهما هدر) أي باطل (إذا(7/79)
كانت) الجناية (غير موجبة للقصاص) في النفس دون الاطراف، إذ لا قود بين طرف عبد وحر (وإن كانت موجبة للقصاص فمعتبرة) فيقتص منه ويبطل الدين.
خانية.
وعبارة القهستاني وشرح المجمع: يبطل الرهن (كجنايته) أي الرهن (على ابن الراهن أو على ابن المرتهن) فإنها معتبرة في الصحيح حتى يدفع بها أو يفدي وإن كانت على المال فيباع كما لو جنى على الاجنبي إذ هو(7/80)
أجنبي لتباين الاملاك.
زيلعي.
(ولو رهن عبدا يساوي ألفا بألف مؤجل فرجعت قيمته إلى مائة فقتله رجل وغرم مائة الاجل فالمرتهن يقبضها) أي المائة قضاء لحقه (ولا يرجع على الراهن بشئ) كموته بلا قتل، والاصل أن نقصان السعر لا يوجب سقوط الدين، بخلاف نقصان العين، فإذا كان الدين باقيا ويد المرتهن يد استيفاء فيصير مستوفيا للكل في الاتبداء.
(ولو باعه) أي العبد المذكور (بمائة بأمر الراهن قبض المائة قضاء لحقه ورجع بتسعمائة) لانه لما كان الدين باقيا وقد أذن ببيعه بمائة كان الباقي في ذمته كأنه استرده وباعه لنفسه.
(ولو قتله عبد قيمته مائة فدفع به افتكه) الراهن وجوبا (بكل الدين وهو الالف) لقيام الثاني مقام الاول لحما ودما.
وقال محمد: إن شاء افتكه بكل دينه أو تركه على المرتهن بدينه وهو المختار كما في الشرنبلالية عن المواهب، لكن عامة المتون والشروح على الاول (فإن جنى) ترك التفريع أولى (الرهن خطأ فداه المرتهن) لانه ملكه (ولم يرجع) على الراهن بشئ (ولا) يملك أن(7/81)
(يدفعه إلى ولي الجناية) لانه لا يملك التمليك (فإن أبى) المرتهن من الفداء (دفعه الراهن) إن شاء (أو فداه ويسقط الدين) بكل منهما (لو أقل من قيمة الرهن أو مساويا ولو أكثر يسقط قدر قيمة العبد) فقط، و (لا) يسقط (الباقي) من الدين، ولو استهلك ما لا يستغرق رقبته فداه المرتهن، فإن أبى باعه الراهن أو فداه.
ولو قتل ولد الرهن إنسانا أو استهلك مالا دفعه الراهن وخرج عن الرهن أو فداه وبقي رهنا مع أمه.
وأما الجناية الدابة فهدر ويصير كأنه هلك بآفة سماوية، وتمامه في الخانية.
(مات الراهن باع وصيه رهنه بإذن مرتهنه وقضى دينه) لقيامه مقامه (فإن لم يكن له وصي نصب القاضي له وصيا وأمره ببيعه) لان نظره عام، وهذا لو ورثته صغارا، فلو كبارا خلفوا الميت في المال فكان عليهم تخليصه.
جوهرة.
فروع: رهن الوصي بعض التركة لدين على الميت عند غريم من غرمائه توقف على رضا البقية ولهم رده، فإن قضى دينهم قبل الرد نفذ، لو اتحد الغريم جاز وبيع في دينه.
وإذا ارتهن
بدين للميت على آخر جاز.
درر.
وفي معين المفتي للمصنف: لا يبطل الرهن بموت الراهن ولا بموت المرتهن ولا بموتهما ويبقى الرهن رهنا عند الورثة.(7/82)
فصل في مسائل متفرقة (رهن عصيرا قيمته عشر بعشرة فتخمر ثم تخلل وهو يساوي العشرة فهو رهن بعشرة) كما كان، ثمص المعتبر فيه الزيادة والنقصان القدر لا القيمة على ما أفاده ابن الكمال، وعليه الفتوى، فإن انتقص شئ من قدره سقط بقدره، وإلا فلا.
(ولو رهن شاة قيمتها عشرة بعشرة) هذا قيد لا بد منه، لانه لو كان قيمتها أكثر من الدين يكون الجلد أيضا بعضه أمانة بحسابه، فتنبه (فماتت) بلا ذبح (فدبغ جلدها بما لا قيمة له) فلو له قيمة ثبت للمرتهن حق حبسه بما زاد دباغه، وهل يبطل الرهن؟ قولان: (وهو) أي الجلد(7/83)
(يساوي درهما فهو رهن به، بخلاف ما إذا ماتت الشاة المبيعة قبل القبض فدبغ جلدها) حيث لا يعود البيع بقدره على المشهور والفرق أن الرهن يتقرر بالهلاك والبيع قبل القبض يفسخ به.
(ولو أبق عبد الرعن وجعل) العبد (بالدين ثم عاد يعود الدين والرهن) خلافا لزفر (ونماء الرهن) كالولد والثمر واللبن والصوف والوبر والارش ونحو ذلك (للراهن) لتولده من ملكه (وهو رهن مع الاصل) تبعا له (بخلاف ما هو بدل عن المنفعة كالكسب والاجرة) وكذا الهبة والصدقة (فإنها غير داخلة في الرهن وتكون اللراهن) الاصل أن كل ما يتولد من عين الرهن يسري إليه حكم الرهن، وما لا فلا مجمع الفتاوى.
(وإذا هلك النماء) المذكور (هلك مجانا) لانه لم يدخل تحت العقد مقصود (وإذا بقي) النماء: أي ولو حكما بأن أكمل بالاذن فإنه لا يسقط حصة ما أكل منه فيرجع به على الراهن، كما إذا هلك الاصل بعد الاكل فإنه يقسم الدين على قيمتهما.
قهستاني.(7/84)
ذكره بقوله (بعد هلاك الاصل فك بحصته) من الدين لانه صار مقصودا بالفكاك والتبع يقابله شئ إذا كان مقصودا (و) حينئذ (يقسم الدين على قيمته يوم الفكاك وقيمة الاصل يوم القبض، ويسقط من الدين حصة الاصل وفك النماء بحصته) كما لو كان الدين عشرة وقيمة الاصل يوم القبض عشرة وقيمة النماء يوم الفك خمسة، فثلثا العشرة حصة الاصل فيسقط وثلث العشرة حصة النماء فيفك به (ولو أذن الراهن للمرتهن في أكل الزوائد) أي أكل زوائد الرهن بأن قال له مهما زاد فكله (فأكلها) ظاهره يعم أكل ثمنها، وبه أفتى المصنف، قال: إلا أن يوجد نقل يخصص حقيقة الاكل فيتبع (فلا ضمان عليه) أي على المرتهن، لانه أتلفه بإذن المالك، والاطلاق يجوز تعليقه بالشرط والحظر، بخلاف التمليك (ولا يسقط شئ من الدين) قال في الجواهر: رجل رهن دارا وأباح السكنى للمرتهن فوقع بسكناه خلل وخرب البعض لا يسقط شئ من الدين، لانه لما أباح له السكنى أخذ حكم العارية، حتى لو أراد منعه كان له ذلك، وفي المضمرات: ولو رهن شاة فقال له الراهن كل ولدها واشرب لبنها فلا ضمان عليه، وكذا لو أذن له في ثمرة البستان فصار أكله كأكل الراهن، ثم نقل عن التهذيب أنه يكره للمرتهن أن ينتفع بالرهن وإن أذن له الراهن.
قال المصنف: وعليه يحمل(7/85)
ما عن محمد بن أسلم من أنه لا يحل للمرتهن ذلك ولو بالاذن لانه ربا.
قلت: وتعليله يفيد أنها تحريمية، فتأمله (وإن لم يفتك) الراهن (الرهن) بل بقي عند المرتهن على خاله (حتى لو هلك) الرهن كما في يد المرتهن (قسم الدين على قيمة النماء) أي الزيادة (التي أكلها المرتهن وعلى قيمة الاصل، فما أصاب الاصل سقط وما أصاب الزيادة أخذه المرتهن من الراهن) كما في الهداية والكافي والخانية وغيرها.
وفي الجواهر: الاصل أن الاتلاف بإذن الراهن كإتلاف الراهن بنفسه لتسليطه، وفيها أباح
للمرتهن نفعه هل للمرتهن أن يؤجره؟ قال: لا، قيل: فلو أجره ومضت المدة فالاجرة له أم للراهن؟ قال له: إن أجره بلا إذن، وإن بإذن فللمالك وبطل الرهن.
وفيها: رهن كرما وتسلمه المرتهن ثم دفعه للراهن ليسقيه ويقوم بمصالحه لا يبطل الرهن.
رهن كرما وأباح ثمره ثم باع الكرم فقبض المرتهن الثمن، إن ثمره حصل بعد البيع فللمشتري، وإن قبله فللراهن إن قضى دين المرتهن، وإلا يكون رهنا ويجعل البيع رجوعا عن الاباحة فإنها تقبل الرجوع كما مر.
وفيها: زرع المرتهن أرض الرهن، إن أبيح له الانتفاع لا يجب شئ، وإن لم يبح لزمه نقصان الارض وضمان الماء لو من قناة مملوكة فليحفظ.
زرعها الراهن أو غرسها بإذن المرتهن ينبغي أن تبقى رهنا ولا يبطل الرهن، فتنبه.
استحق الرهن ليس للمرتهن غيره مقامه.
استحق بعضه إن شائعا يبطل الرهن فيما بقي، وإن مفروزا(7/86)
بقي فيما بقي ويحبس بكل الدين لكن هلكه بحصته.
آجر داره لغيره ثم رهنها منه صح وبطلت الاجارة، ولو ارتهن ثم آجره من راهنه فالاجارة باطلة.
أبق الرهن سقط الدين كهلاكه، فإن عاد سقط بحساب نقصه لان الاباق عيب حدث فيه.
ثم لما فرغ من الزيادة الضمنية ذكر الزيادة القصدية (والزيادة في الرهن تصح) وتعتبر قيمتها يوم القبض أيضا (وفي الدين لا) تصح خلافا للثاني، والاصل أن الالحاق بأصل العقد إنما يتصور إذا كانت الزيادة في معقود به أو عليه، والزيادة في الدين ليست منهما (فإن رهن)(7/87)
نسخ المتن والشرح بالفاء مع أنه نبه في شرحه على أنه إنما عطفها بالواو لا بالفاء ليفيد أنها مسألة مستقلة لا فرع للاولى، فتنبه (عبدا بألف فدفع عبدا آخر رهنا مكان الاول وقيمة كل) من العبدين
(ألف فالاول رهن حتى يرده إلى الراهن والمرتهن في الآخر أمين حتى يجعل مكان الاول) بأن يرد الاول إلى الراهن فحينئذ يصير الثاني مضمونا.
(أبرأ المرتهن الراهن عن الدين أو وهبه منه ثم هلك الرهن في بد المرتهن هلك بغير شئ) استحسانا لسقوط الدين إلا إذا منعه من صاحبه فيصير غاصبا بالمنع.
(ولو قبض المرتهن دينه) كله (أو بعضه من راهنه أو غيره) كمتطوع (أو شرى) المتهم (بالدين عينا أو صالح عنه) أي عن دينه (على شئ) لانه استيفاء (أو أحال الراهن مرتهنه بدينه على آخر ثم هلك رهنه معه) أي في يد المرتهن.
(هلك بالدين ورد ما قبض إلى من أدى) في صورة إيفاء راهن أو متطوع أو شراء أو صلح.(7/88)
(وبطلت الحوالة وهلك الرهن بالدين) لانه في معنى الابراء بطريق الاداء.
هداية.
ومفاده عدم بطلان الصلح وأن الدين ليس بأكثر من قيمة الرهن، وإلا فينبغي أن لا تبطل الحوالة في قدر الزيادة.
قهستاني (وكذا) أي كما يهلك الرهن بالدين في الصور المذكورة يهلك به أيضا (لو تصادقا على أن لا دين) عليه (ثم هلك) الرهن بالدين لتوهم وجوب الدين بتصادقهما على قيامه فتكون المطالبة به باقية، بخلاف الابراء فإنه يسقط الدين أصلا.
(كل حكم) عرف (في الرهن الصحيح فهو الحكم في الرهن الفاسد) كما في العمادية.
قال: وذكر الكرخي أن المقبوض بحكم الرهن الفاسد يتعلق به الضمان.
وفيها أيضا (وفي كل(7/89)
موضع كان الرهن مالا والمقابل مضمونا إلا أنه فقد بعض شرائط الجواز) كرهن المشاع ينعقد الرهن لوجود شرط الانعقاد لكن بصفة الفساد كالفاسد من البيوع (وفي كل موضع لم يكن) الرهن (كذلك) أي لم يكن مالا ولم يكن المقابل به مضمونا (لا ينعقد الرهن أصلا) وحينئذ (فإذا هلك هلك بغير شئ) بخلاف الفاسد فإنه يهلك بالاقل من قيمته ومن الدين.
ومن مات وله غرماء فالمرتهن أحق به كما في الرهن الصحيح.
فروع: رهن الرهن باطل كما حررناه في العارية معزيا للوهبانية: وفي معاياتها قال: وأي رهين يرام انفكاكه ومجنيه لو مات بالموت يشطر هذا تفسير كل نفس بما كسبت رهين والمعنى: كا نفس ترتهن بكسبها عند الله تعالى ا ه.(7/90)
كتاب الجنايات مناسبته أن الرهن لصيانة المال وحكم الجناية لصيانة الانفس والمال وسيلة للنفس فقدم.
ثم الجناية لغة: اسم لما يكتسب من الشر.
وشرعا: اسم لفعل محرم حل بمال أو نفس، وخص الفقهاء الغصب والسرقة بما حل بمال، والجناية بما حل بنفس وأطراف.
(القتل) الذي يتعلق به الاحكام الآتية من قود ودية وكفارة وإثم حرمان إث (خمسة) وإلا فأنواعه كثيرة كرجم وصلب وقتل حربي، والاول (عمد وهو أن يتعمد ضربه) أي ضرب الآدمي في أي موضع من جسده (ب) آلة تفرق الاجزاء مثل (سلاح) ومثقل لو من حديد، جوهرة(7/91)
(ومحدد من خشب) وزجاج (وحجر) وإبرة في مقتل برهان (وليطة) وقوله (ونار) عطف على محدد.
لانها تشق الجلد وتعمل عمل الذكاة، حتى لو وضعت في المذبح فأحرقت العروق أكل: يعني إن سال بها الدم، وإلا لا كما في الكفاية.
قلت في شرح الوهبانية: كل ما به الذكاة به القوة، وإلا فلا ا ه.
وفي البرهان: وفي حديد غير محدد كالسنجة روايتان، أظهرهما أنها عمد.
وفي المجتبى: وإحماء التنور يكفي للقود وإن لم يكن فيه نار.
وفي معين المفتي للمصنف: الابرة إذا أصابت المقتل ففيه القود، وإلا فلا ا ه.
فيحفظ.
وقالا: والثلاثة، ضربه قصدا بما لا تطيقه البنية كخشب عظيم عمد (وموجبه الاثم) فإن حرمته(7/92)
أشد من حرمة إجراء كلمة الكفر لجوازه لمكره، بخلاف القتل.
(و) موجبه (القود عينا) فلا يصير مالا إلا بالتراضي فيصح صلحا ولو بمثل الدية أو أكثر.
ابن كمال عن الحقائق (لا الكفارة) لانه كبيرة محضة، في الكفارة معنى العبادة فلا يناط بها.
قلت: لكن في الخانية: لو قتل مملوكه أو ولده المملوك لغيره عمدا كان عليه الكفارة (و) الثاني (شبهه وهو أن يقصد بغير ما ذكر) أي بما لا يفرق الاجزاء ولو بحجر وخشب(7/93)
كبيرين عنده خلافا لغيره (وموجبه الاثم والكفارة ودية مغلظة على العاقلة) سيجئ تفسير ذلك (لا القود) لشبهة بالخطأ نظرا لآلته إلا أن يتكرر منه فللامام قتله سياسة.
اختيار (وهو) أي شبه العمد (فيما دون النفس من الاطراف (عمد) موجب للقصاص، فليس فيما دون النفس شبه عمد (و) الثالث (خطأ وهو) نوعان: لانه إما خطأ في ظن الفاعل ك (أن يرمي شخصا ظنه صيدا(7/94)
أو حربيا) أو مرتدا (فإذا هو مسلم أو) خطأ في نفس الفعل كأن يرمي (غرضا) أو صيدا (فأصاب آدميا) أو رمى غرضا فأصابه ثم رجع عنه أو تجاوز عنه إلى ما وراءه فأصاب رجلا أو قصد رجلا فأصاب غيره أو أراد يد رجل فأصاب عنق غيره، ولو عنقه فعمد قطعا أو أراد رجلا فأصاب حائطا ثم رجع السهم فأصاب الرجل فهخطأ، لانه أخطأ في إصابة الحائط ورجوعه سبب آخر، والحكم يضاف لآخر أسبابه، ابن كمال عن المحيط.
قال: وكذا لو سقط من يده خشبة أو لبنة فقتل رجلا يتحقق الخطأ في الفعل ولا قصد فيه، فكلام صدر الشريعة فيه ما فيه.
وفي الوهبانية: وقاصد شخص إن أصاب خلافه فذا خطأ والقتل فيه معذر وقاصد شخص حالة النوم إن يمن فيقتص إن أبقى دما منه ينهر (و) الرابع (ما جرى مجراه) مجرى الخطأ (كناء انقلب على رجل فقتله) لانه معذور كالمخطئ (وموجبه) أي موجب هذا النوع من الفعل وهو الخطأ وما جرى مجراه (الكفارة والدية
على العاقلة) والاثم دون إثم القتل، إذا الكفارة تؤذن بالاثم لترك العزيمة (و) الخامس (قتل بسبب كحافر البئر(7/95)
وواضع حجر في غير ملكه) بغير إذن من السلطان.
ابن كمال.
وكذا وضع خشبة على قارعة الطريق ونحو ذلك إلا إذا مشى على البئر ونحوه بعد علمه بالحفر ونحوه.
درر (وموجبه الدية على العاقلة لا الكفارة) ولا إثم القتل بل إثم الحفر والوضع في غير ملكه.
درر (وكل ذلك يوجب حرمان الارث) لو الجاني مكلفا.
ابن كمال (إلا هذا) أي القتل بسبب لعدم قتله، وألحقه الشافعي بالخطأ في أحكامه.
فصل فيما يوجب القود وما لا يوجبه (يجب القود) أي القصاص (بقتل كل محقون الدم) بالنظر لقاتله.
درر وسيتضح عند قوله وقتل القاتل أجنبي (على التأبيد عمدا) وهو المسلم والذمي لا المستأمن والحربي (بشرط كون(7/96)
القاتل مكلفا) لما تقرر أنه لصبي ومجنون عمد، في البزازية: حكم عليه بقول فجن قبل دفعه للولي انقلب دية.
ومن يجن ويفيق قتل في إفاقته قتل، فإن جن بعده: إن مطبقا سقط، وإن غير مطبق قتل.
قتل عبد مولاه عمدا لا رواية فيه.
وقال أبو جعفر: يقتل قتل عبد الوقف عمدا لا قود فيه.
قتل ختنه عمحدا وبنته في نكاحه سقط القود ا ه (و) بشرط (انتفاء الشبهة) كولاد أو ملك أو أعم كقوله اقتلني فقتله (بينهما) كما سيجئ (فيقتل الحر بالحر وبالعبد) غير الوقف كما مر خلافا للشافعي.
ولنا إطلاق قوله تعالى:(7/97)
* (أن النفس بالنفس) * (المائدة: 54) فإنه ناسخ لقوله تعالى: * (الحر بالحر) * (البقرة: 871) الآية كما رواه السيوطي في الدر المنثور عن النحاس عن ابن عباس: على أنه تخصيص بالذكر فلا ينفي ما عداه.
كيف ولو دل لوجب أن لا يقتل الذكر بالاثنى ولا قائل به.
وقيل ولا الحر بالعبد ورد بدخوله بالاولى: ولابي الفتح البستي نظما قوله: خذو بدمي هذا الغزال فإنه رماني بسهمي مقلتيه على عمد ولا تقتلوه إنني أنا عبده ولم أر حرا قط يقتل بالعبد فأجابه بعد الحنفية رادا عليه بقوله: خذوا بدمي من رام قتلي بلحظه ولم يخش بطش الله في قاتل العمد وقودوا به جبرا وإن كنت عبده ليعلم أن الحر يقتل بالعبد (والمسلم بالذمي)(7/98)
خلافا له (لا هما بمستأمن بل هو بمثله قياسا) للمساواة لا استحسانا لقيام المبيح هداية ومجتبى ودرر وغيرها.
قال المصنف: وينبغي أن يعول على الاستحسان لتصريحهم بالعمل به إلا في مسائل مضبوطة ليست هذه منها، وقد اقتصر منلا خسرو في متنه على القياس ا ه: يعني فتبعه المصنف رحمه الله تعالى على عادته.
قلت: ويعضده عامة المتون حتى الملتقى (و) يقتل (العاقل بالمجنون والبالغ بالصبي والصحيح بالاعمى والزمن وناقص الاطراف والرجل بامرأة) بلاجماع.
(والفرع بأصله وإن علا لا بعكسه) خلافا لمالك فيما إذا ذبح ابنه ذبحا: أي لا يتقص الاصول وإن علوا مطلقا، ولو إناثا من قبل الام في نفس أو أطراف بفروعهم وإن سفلوا لقوله عليه الصلاة والسلام: لا يقاد الوالد بولده وهو وصف معلل بالجزئية فيتعدى لمن علا لانهم أسباب في إحيائه فلا يكون سببا لافنائهم، وحينئذ فتجب الدية في مال الاب في ثلاث سنين،
لان هذا عمد والعاقلة لا تعقل العمد.(7/99)
وقال الشافعي: تجب حالة كبدل الصلح.
زيلعي وجوهرة.
وسيجئ في المعاقل.
وفي الملتقى: ولا قصاص على شريك الاب أو المولى أو المخطئ أو الصبي أو المجنون، وكل من لا يجب القصاص بقتله مما لما تقرر من عدم تجزئ القصاص فلا يقتل العامد عندنا خلافا للشافعي.
برهان (ولا سيد بعبده) أي بعبد نفسه (ومدبره ومكاتبه وعبد ولده) هذا داخل تحت قولهم: ومن ملك قصاصا على أبيه سقط كمسيجئ (ولا بعيد يملك بعضه) لان القصاص لا يتجزأ (ولا بعبد الرهن حتى يجتمع العاقدان) وقال محمد: لا قود وإن اجتمعا.
جوهرة.
وعليه يحمل ما في الدرر معزيا للكافي كما في المنح، لكن في الشرنبلالية عن الظهيرية أنه أقرب إلى الفقه.
بقي لو اختلفا فلهما القيمة تكون رهنا مكانه، ولو قتل عبد الاجارة فالقود للمؤجر، وأما المبيع إذا قتل في يد بائعه قبل القبض: فإن أجاز المشتري البيع فالقود له، وإن رده فللبائع القود، وقيل: القيمة.
جوهرة (ولا بمكاتب)(7/100)
وكذا ابنه وعبده.
شرنبلالية (قتل عمدا) لا حاجة لقيد العمد لانه شرط في كل قود (عن وفاء ووارث وسيد إذا اجتمعا) لاختلاف الصحابة في موته حرا أو رقيقا فاشتبه الولي فارتفع القود (فإن لم يدع وارثا غير سيده سواء ترك وفاء أو لا ترك وارثا ولا وفاء أقاد سيده) لتعينه، وفي أولى الصور الاربع خلاف محمد.
(ويسقط قود) قد (ورثه على أبيه) أي أصله، لان الفرع لا يتسوجب العقوبة على أصله.
وصورة المسألة فيما إذا قتل الاب أب امرأته مثلا ولا وارث له غيرها ثم ماتت المرأة: فإن ابنها منه يرث القود الواجب على أبيه فسقط لما ذكرنا وأما تصوير صدر الشريعة(7/101)
فثبوته فيه للابن ابتداء لا إرثا عند أبي حنيفة وإن اتحد الحكم كما لا يخفى.
وفي الجوهرة: لو عفا المجروح أو وارثه قبل موته صح استحسانا لانعقاد السبب لهما.
(لا قود بقتل مسلم مسلما ظنه مشركا بين الصفين) لما مر أنه من الخطأ، وإنما أعاده ليبين موجبه بقوله (بل) القاتل (عليه كفارة ودية) قالوا: هذا إذا اختلطوا، فإن كان في صف المشركين لا يجب شئ لسقوط عصمته.
قال عليه الصلاة والسلام: من كثر سواد قوم فهو منهم.
قلت: فإذا كان مكثر سوادهم منهم وإن لم يتزي بزيهم فكيف بمن تزيا.
قاله الزاهدي.
قال المصنف: حتى لو تشكل جني بما يباح قتله كحية فينبغي الاقدام على قتله، ثم إذا تبين أنه جني فلا شئ على القاتل، والله أعلم (ولا يقاد إلا بالسيف) وإن قتله بغيره خلافا للشافعي.(7/102)
وفي الدرر عن الكافي: المراد بالسيف: السلاح.
قلت: وبه صرح في حج المضمرات حيث قال: والتخصيص باسم العدد لا يمنع إلحاق غيره به، ألا ترى أنا ألحقنا الرمح والخنجر بالسيف في قوله عليه الصلاة والسلام: لا قود إلا بالسيف فما في السراجية من له قود قاد بالسيف، فلو ألقاه في بئر أو قتله بحجر أو بنوع آخر عزر وكان مستوفيا يحمل على أن مراده بالسيف السلاح، والله أعلم.
(ولابي المعتوه القود) تشفيا للصدر (و) إذا ملكه ملك (الصلح) بالاولى (لا بالعفو) مجانا (بقطع يده) أي في يد المعتوه (وقتل قريبه) لانه إبطال حقه لا يملكه (وتقيد صلحه بقدر الدية أو أكثر منه، وإن وقع بأقل منه لم يصح) الصلح (وتجب الدية كاملة)(7/103)
لانه أنظر للمعتوه (والقاضي كالاب) في جميع ما ذكرنا في الاصح كمن قتل ولا ولي له للحاكم قتله والصلح لا العفو لانه ضرر للعامة (والوصي) كالاخ (يصالح) عن القتل (فقط) بقدر الدية، وله القود في الاطراف استحسانا لانه يسلك بها مسلك الاموال (والصبي كالمعتوه) فيما ذكر (وللكبار القود قبل كبر الصغار)(7/104)
خلافا لهما، والاصل أن كل ما لا يتجزأ إذا وجد سببه كاملا ثبت لكل على الكمال كولاية إنكاح وأمان (إلا إذا كان الكبير أجنبيا (ولو عن الصغير فلا) يملك القود (حتى يبلغ الصغير) إجماعا.
زيلعي.
فليحفظ.
قتل القاتل أجنبي وجب القصاص عليه في) القتل (العمد) لانه محقون الدم بالنظر لقاتله كما مر (والدية على عاقلته) أي للقاتل (في الخطأ، ولو قال ولي القتيل بعد القتل)(7/105)
أي بعد قتل الاجنبي (كنت أمرته بقتله ولا بينة له) على مقالته (لا يصدق) ويقتل الاجنبي.
درر.
بخلاف من حفر بئرا في دار رجل فمات فيها شخص فقال رب الدار أمرته بالحفر صدق.
مجتبى: يعني لانه يملك استئنافه للحال فيصدق، بخلاف الاول لفوات المحل بالقتل كما هو القاعدة، وظاهره أن حق الولي يسقط رأسا كما لو مات القاتل حتف أنفه.
(ولو استوفاه بعض الاولياء لم يضمن شيئا) وفي المجتبى والدرر: دم بين اثنين فعفا أحدهما وقتله الآخر: إن علم أن عفو بعضهم يسقط حقه يقاد، وإلا فلا والدية في ماله، بخلاف ممسك رجل ليقتل عمدا فقتل ولي القتيل الممسك فعليه القود لانه مما لا يشكل على الناس.
(جرح إنسانا ومات) المجروح (فأقام أولياء المقتول بينة أنه مات بسبب الجرح وأقام الضارب بينة أنه برئ) من الجرح (ومات بعد مدة(7/106)
فبينولي المقتول أولى) كذا في معين الحكام معزيا الحاوي.
(أقام أولياء المقتول البينة على أنه جرحه زيد وقتله وأقام زيد البينة على أن المقتول قال: إن زيدا لم يجرحني ولم يقتلني فبينة زيد أولى) كذا في المشتمل معزيا لمجمع الفتاوى.
(قال المجروح لم يجرحني فلان ثم مات) المجروح (ليس لورثته الدعوى على الجارح بهذا
السبب) مطلقا، وقيل: إن الجرح معروفا عند القاضي أو الناس قبلت.
قنية.
وفي الدرر عن المسعودية: لو عفا المجروح أو الاولياء بعد الجرح قبل الموت جاز العفو استحسانا، وفي الوهبانية: جريح قال قتلني فلان ومات فبرهن وارثه على آخر أنه قتله لم تسمع لان حق المورث وقد أكذبهم، ولو قال: جرحني فلان ومات فبرهن ابنه على ابن آخر أنه جرحه خطأ قبلت لقيامها على حرمانه الارث.
(سقاه سما حتى مات: إن دفعه إليه حتى أكله ولم يعلم به فمات لا قصاص ولا دية لكنه(7/107)
يجبس ويعزر، ولو أوجره) السم (إيجارا تجب الدية) على عاقلته (وإن دفعه له في شربة فشربه ومات) منه (فكالاول) لانه شرب منه باختياره، إلا أن الدفع خدعة فلا يلزم إلا التعزيز والاستغفار.
خانية (وإن قتله بمر) بفتح الميم: ما يعمل في الطين (يقتص إن أصابه حد الحديد) أو ظهره وجرحه إجماعا كما نقله المصنف عن المجتبى (وإلا) يصبه حده بل قتله بظهره ولم يجرحه (لا) يقتص في رواية الطحاوي، ظاهر الرواية أنه يقتص بلا جرح في حديد ونحاس وذهب ونحوها، وعزاه في الدرر لقاضيخان، لكن نقل المصنف عن الخلاصة أن الاصح اعتبار الجرح عند الامام لوجوب القود، وعليه جرى ابن الكمال.
وفي المجتبى: ضرب بسيف في غمده فخرق السيف الغمد وقتله فلا قود عند أبي حنيفة(7/108)
(كالخنق والتغريق) خلافا لهما والشافعي.
ولو أدخله بيتا فمات فيه جوعا لم يضمن شيئا، وقالا: تجب الدية ولو دفنه حيا فمات، عن محمد: يقاد به.
مجتبى.
بخلاف قتله بموالاة ضرب السوط كما سيجئ.
وفيه: لو اعتاد الخنق قتل سياسة ولا تقبل توبته لو بعد مسكه كالساحر.
وفيه (قمط رجلا وطرحه قدام أسد أو سبع فقتله فلا قود فيه ولا دية ويعزر ويضرب(7/109)
ويحبس إلى أن يموت) زاد في البزازية: وعن الامام عليه الدية، ولو قمط صبيا وألقاه في الشمس أو البرد حتى مات فعلى عاقلته الدية.
وفي الخانية: قمط رجلا في البحر فرسب وغرق كما ألقاه فعلى عاقلته الدية عند أبي حنيفة، ولو سبح ساعة ثم غرق فلا دية، لانه غرق بعجزه، وفي الاولى غرق بطرحه في الماء.
(قطع عنقه وبقي من الحلقوم قليل وفيه الروح فقتله آخر فلا قود فيه) عليه لانه في حكم الميت.
(ولو قتله وهو في) حالة (النزع قتل به) إلا إذا كان يعلم أنه لا يعيش منه.
كذا في الخانية.
وفي البزازية: شق بطنه بحديدة وقطع آخر عنقه، وإن توهم بقاءه حيا بعد الشق قتل قاطع العنق، وإلا قتل الشاق وعزر القاطع.(7/110)
(ومن جرح رجلا عمدا فصار ذا فراش ومات يقتص) إلا إذا وجد ما يقطعه كحز الرقبة والبرء منه، وقدمنا أنه لو عفا المجروح أو الاولياء قبل موته صح استحسانا (وإن مات) شخص (بفعل نفسه وزيد وأسد وحية ضمن زيد ثلث الدية في ماله إن) كان القتل (عمدا وإلا فعلى عاقلته) لان فعل الاسد والحية جنس واحد لانه هدر في الدارين، وفعل زيد معتبر في الدارين، وفعل نفسه هدر في الدنيا لا عقبى حتى يأثم بالاجماع، فصارت ثلاثة أجناس، ومفاده أن يعتبر في المقتول التكليف ليصير فعله جنسا آخر غير جنس فعل الاسد والحية، وأن لا يزيد على الثلث لو تعدد قاتله لان فعل كل جنس واحد.
ابن كمال.
(ويجب قتل من شهر سيفا على المسلمين) يعني في الحال.
كما نص عليه ابن الكمال حيث غير عبارة الوقاية فقال: ويجب من شهر سيفا على المسلمين لو بقتله إن لم يكن دفع ضرره(7/111)
إلا به.
صرح به في الكفاية: أي لانه من باب دفع الصائل، صرح به الشمني وغيره، ويأتي ما
يؤيده (ولا شئ بقتله) بخلاف الحمل الصائل.
(ولا) يقتل (من شهر سلاحا على رجل ليلا أو نهارا في مصر أو غيره أو شهر عليه عصا ليلا في مصر أو نهارا في غيره فقتله المشهور عليه) وإن شهر المجنون على غيره سلاحا فقتله المشهور عليه (عمدا تجب الدية) في ماله (ومثله الصبي والدابة) الصائلة.
وقال الشافعي: لا ضمان في الكل لانه لدفع الشر.
(ولو ضربه الشاهر فانصرف) وكف عنه على وجه لا يريد ضربه ثانيا (فقتله الآخر) أي المشهور عليه أو غيره، كذا عممه ابن الكمال تبعا للكافي والكفاية (قتل القاتل) لانه بالانصراف عادة عصمته.
قلت: فتحرر أنه ما دام شاهر السيف ضربه، وإلا لا، فليحفظ.
(ومن دخل عليه غيره ليلا فأخرج السرقة) من بيته (فاتبعه) رب البيت (فقتله فلا شئ(7/112)
عليه) لقوله عليه الصلاة والسلام: قاتل دون مالك وكذا لو قتله قبل الاخذ إذا قصد أخذ ماله ولم يتمكن من دفعه إلا بالقتل.
صدر الشريعة.
وفي الصغرى: قصد ماله: إن عشرة أو أكثر له قتله، وإن أقل قاتله ولم يقتله، وهل يقبل قوله أنه كابره؟ إن ببينة نعم، وإلا قإن المقتول معروفا بالسرقة والشر لم يقتص استحسانا، والدية في ماله لورثة المقتول.
بزازية.
هذا (إذا لم يعلم أنه لو صاح عليه طرح ماله، وإن علم) ذلك (فقتله مع ذلك وجب عليه القصاص) لقتله بغير حق (كالمغصوب منه إذا قتل الغاصب) فإنه يجب القود لقدرته على دفعه بالاستغاثة بالمسلمين والقاضي.
(مباح الدم التجأ إلى الحرم لم يقتل فيه) خلافا للشافعي (ولم يخرج عنه للقتل لكن يمنع عنه الطعام والشراب حتى يضطر فيخرج من الحرم فحينئذ يقتل خارجه) وأما فيما دون النفس فيقتص منه في الحرم إجماعا.
(ولو أنشأ القتل في الحرم قتل فيه) إجماعا.
سراجية، ولو قتل في البيت لا يقتل فيه، ذكره
المصنف في الحج.(7/113)
(ولو قال اقتلني فقتله) بسيف (فلا قصاص وتجب الدية) في ماله في الصحيح لان الاباحة لا تجري في النفس وسقط القود لشبهة الاذن، وكذا لو قال: اقتل أخي أو ابني أو أبي فتلزمه الدية استحسانا كما في البزازية عن الكفاية.
وفيها عن الواقعات: لو ابنه صغيرا يقتص.
وفي الخانية: بعتك دمي بفلس أو بألف فقتله يقتص.
وفي اقتل أبي عليه دينه لابنه.
وفي اقطع يده فقطع يده يقتص.
وفي: شج ابني فشجه لا شئ عليه، فإن مات فعليه الدية (وقيل: لا) تجب الدبة أيضا، وصححه ركن الاسلام كما في العمادية، واستظهره الطرسوسي لكن رده ابن وهبان.
(كما لو قال: اقتل عبدي أو اقطع يده ففعل فلاضمان عليه) إجماعا كقوله: اقطع يدي أو رجلي وإن سرى لنفسه ومات لان الاطراف كالاموال فصح الامر.
ولو قال: اقطعه على أن تعطيني هذا الثوب أو هذه الدراهم فقطع يجب أرش اليد لا القود وبطل الصلح.
بزازية.(7/114)
فروع: هبة القصاص لغير القاتل لا تجوز لانه يجري فيه التمليك.
عفو الولي عن القاتل أفضل من الصلح، والصلح أفضل من القصاص، وكذا عفو المجروح.
لا تصح توبة القاتل حتى يسلم نفسه للقود.
وهبانية.
الامام شرط استيفاء القصاص كالحدود عند الاصوليين.
وفرق الفقهاء.
أشباه.
وفيها في قاعدة: الحدود تدرأ بالشبهات كالحدود القصاص إلا في سبع.(7/115)
يجوز القضاء بعلمه في القصاص دون الحدود.
القصاص يورث والحد لا.
يصح عفو القصاص لا الحد.
التقادم لا يمنع الشهادة بالقتل، بخلاف الحد سوى حد القذف.
ويثبت بإشارة أخرس كتابته، بخلاف الحد.
تجوز الشفاعة في القصاص لا الحد.
السابعة: لا بد في القصاص من الدعوى، بخلاف الحد سوى حد القذف ا ه.
وفي القنية: نظر في باب دار رجل ففقأ الرجل عينه لا يضمن إن لم يمكنه تنحيته من غير فقئها، وإن أمكنه ضمن، قال الشافعي: لا يضمن فيهما.
ولو أدخل رأسه فرماه بحجر ففقأها لا يضمن إجماعا، إنما الخلاف فيمن نظر من(7/116)
خارجها، والله تعالى أعلم.
باب القود فيما دون النفس (وهو في كل ما يمكن فيه رعاية حفظ المماثلة) وحينئذ (فيقاد قاطع اليد عمدا من المفصل) فلو القطع من نصف ساعد أو ساق أو من قصبة أنف لم يقد لامتناع حفظ المماثلة وهي الاصل في جريان القصاص (وإن كانت يده أكبر منها) لاتحاد المنفعة (وكذا) الحكم في (الرجل والمارن(7/117)
والاذن و) كذا (عين ضربت فزال ضوءها وهي قائمة) غير مستحقة (فيجعل على وجهه قطن رطب وتقابل عينه بمرآة محماة، ولو قلعت لا) قصاص لتعذر المماثلة.
وفي المجتبى: فقأ اليمنى ويسرى الفاقئ ذاهبة اقتص منه وترك أعمى، وعن الثاني: لا قود في فق عين حولاء (و) كذا هو أيضا (في كل شجة يراعى) ويتحقق (فيها المماثلة) كموضحة.
(ولا قود في عظم إلا السن وإن تفاوتا) طولا أو كبرا(7/118)
لما مر (فتقلع إن قلعت، وقيل تبرد إلى) اللحم (موضع أصل السن) ويسقط ما سواه لتعذر المماثلة إذ ربما تفسد لهاته، وبه أخذ صاحب الكافي.
قال المصنف: وفي المجتبى: وبه يفتى (كما تبرد) إلى أن يتساويا إن كسرت.
وفي المجحبى: يؤجل حولا،(7/119)
فإن لم تثبت يقتص.
وقيل: يؤجل الصبي لا البالغ، فلو مات الصبي في الحول برئ، وقال أبو يوسف: فيه حكومة عدل.
وكذا الخلاف إذا أجل في تحريكه فلم يسقط، فعند أبي يوسف: تجب حكومة عدل الالم: أي أجر القلاع والطيب ا ه.
وسنحققه.
(وتأخذ الثنية بالثنية والناب بالناب، ولا يؤخذ الاعلى بالاسفل ولا الاسفل بالاعلى) مجتبى.
والحاصل: أنه لا يؤخذ عضو إلا بمثله.
(و) لا قود عندنا في (طرفي رجل وامرأة وطرفي (حر وعبد و) طرفي (عبدين) لتعذر(7/120)
المماثلة بدليل اختلاف دينهم وقيمتهم والاطراف كالاموال.
قلت: هذا هو المشهور، لكن في الواقعات: لو قطعت المرأة يد رجل كان له القود، لان الناقص يستوفي بالكامل إذا رضي صاحب الحق، فلا فرق بين حر وعبد ولا بين عبدين.
وأقره القهستاني والبرجندي.
(وطرف المسلم والكافر سيان) للتساوي في الارش، وقال الشافعي: كل من يقتل به يقطع به، وما لا فلا (و) لا في (قطع يد من نصف الساعد) لما مر (و) لا في (جائفة برشت) فلو لم تبرأ، فإن سارية يقتص وإلا ينتظر البرء أو السراية.
ابن كمال (ولسان وذكر) ولو من أصلهما، به يفتى.
شرح وهبانية.
وأقره المصنف لانه ينقبض وينبسط.(7/121)
قلت: لكن جزم قاضيخان بلزوم القصاص، وجعله في المحيط قول الامام ونصه: قال أبو حنيفة: إن قطع الذكر ذكره من أصله أو من الحشفة اقتص منه إذ له حد معلو وأقره في الشرنبلالية فليحفظ (إلا أن يقطع) كل (الحشفة) فيقتص، ولو بعضها لا، وسيجئ ما لو قطع بعض اللسان.
(ويجب القصاص في الشفة إن استقصاها بالقطع) لامكان المماثلة (وإلا) يستقصها (لا) يقتص، مجتبى وجوهرة وفي لسان أخرس وصبي لا يتكلم حكومة عدل (فإن كان القاطع أشل أو ناقص الاصابع أو كان رأس الشاج أكبر) من المشجوج (خبر المجني عليه بين القود و) أخذ(7/122)
(الارش) وعلى هذا في السوسائر الاطراف التي تقاد إذا كان طرف الضارب والقاطع معيبا يتخير المجني عليه بين أخذ المعيب والارش كاملا.
قال برهان الدين: هذا لو الشلاء ينتفع بها لم تكن محلا للقود، فله دية كاملة بلا خيار، وعليه الفتوى.
مجتبى.
وفيه: لا تقطع الصحيحة بالشلاء.
(ويسقط القود بموت القاتل) لفوات المحل (ويعفو الاولياء ويصلحهم على مال ولو قليلا ويجب حالا) عند الاطلاق (وبصلح أحدهم وعفوه، ولمن بقي) من الورثة (حصته من الدية) في ثلاث سنين على القاتل هو الصحيح، وقيل: على العاقل.
ملتقى.
(أمر الحر القاتل وسيد) العبد (القاتل رجلا بالصلح عن دمهما) الذي اشتركا فيه (على ألف ففعل المأمور) الصلح عن دمهما (فالالف على) الحر والسيد (الآمرين نصفان) لانه مقابل بالقود وهو عليهما سوية فبدله كذلك.
(ويقتل جمع بمفرد إن جرح كل واحد جرحا مهلكا) لان زهوق الروح يتحقق بالمشاركة(7/123)
لانه غير متجزئ، بخلاف الاطراف كما سيجئ (وإلا لا) كما في تصحيح العلامة قاسم.
وفي المجتبى: إنما يقتلون إذا وجد من كل جرح يصلح لزهوق الروح، فأما إذا كانوا نظارة أو مغرين
أو معنيين بإمساك واحد فلا قود عليهم، والاولى أن يعرف الجمع بلام العهد، فإنه لو قتل فرد جمع أحدهم أبوه أو مجنون سقط القود.
قهستاني.
(و) يقتل (فرد بجمع اكتفاء) به للباقين خلافا للشافعي (إن حضر وليهم فإن حضر) ولي (واحد قتل به وسقط) عندنا (حق البقية كموت القاتل) حتف أنفه لفوات المحل كما مر.
(قطع رجلان) فأكثر (يد رجل) أو رجله أو قلعا سنه ونحو ذلك مما دون النفس، جوهرة (بأن أخذا سكينا وأمراها على يده حتى انفصلت فلا قصاص)(7/124)
عندنا (على واحد منهما) أو منهم لانعدام المماثلة لان الشرط في الاطراف المساواة في المنفعة والقيمة، بخلاف النفس فإن الشرط فيها المساواة في العصمة فقط.
درر (وضمنا) أو ضمنوا (ديتها) على عددهم بالسوية (وإن قطع واحد يميني رجلين فلهما قطع يمينه ودية يد) بينهما إن حضرا معا (وإن أحضرا أحدهما قطع له فللآخر عليه) أي على القاطع (نصف الدية) لما مر أن الاطراف ليست كالنفوس.
(ولو قضى بالقصاص بينهما، ثم عفا أحدهما قبل استيفاء الدية فللآخر القود) وعند محمد: الارش (ويقاد عبد أقر بقتل عمدا) خلافا لزفر (ولو أقر بخطأ) أو بمال (لم ينفذ إقراره) على مولاه، بل يكون في رقبته إلى أن يعتق كما نقله المصنف عن الجوهرة.
قال: وظاهر كلام(7/125)
الزيلعي بطلان إقراره بالخطأ أصلا: يعني لافي حقه ولا في حق سيده، ونحوه في أحكام العبيد من الاشباه معللا بأن موجبه الدفع أو الفدا ا ه فتأمله، ولكن علله القهستاني بأنه إقرار بالدية على العاقلة ا ه.
فتدبره، إذا قد أجمع العلماء على العمل بنقتضى قوله عليه الصلاة والسلام: لا تعقل العواقل عبدا ولا عمدا ولا صلحا ولا اعترافا حتى لو أقر الحر بالقتل خطأ لم يكن إقراره إقرارا على العاقلة: أي إلا أن يصدقوه، وكذا قرره القهستاني في المعاقل.
فتنبه.
(رمى رجلا عمدا فنفذ السهم منه إلى آخر فماتا يقتص للاول) لانه عمد (وللثاني الدية
على عاقلته) لانه خطأ.
(وقعت حية عليه فدفعها عن نفسه فسقط ت على آخر فدفعها عن نفسه فوقعت على ثالث فلسعته) أي الثالث (فهلك) فعلى من الدية؟ هكذا سئل أبو حنيفة بحضرة جماعة، فقال: لا(7/126)
يضمن الاول لان الحية لم تضر الثاني، وكذلك لا يضمن الثاني والثالث لو كثروا، وأما الاخير (فإن لسعته مع سقوطها) فورا (من غير مهلة فعلى الدافع الدية) لورثة الهالك (وإلا) تلسعه فورا (لا) يضمن دافعها عليه أيضا، فاستصوبوه جميعا، وهذه من مناقبه رضي الله عنه.
صيرفية ومجمع الفتاوى.
قال المصنف: وبهذا التفصيل أجبت في حادثة الفتوى، وهي أن كلبا عقورا وقع على آخر فألقاه على الثاني والثاني على الثالث، والله أعلم.
فروع: ألقى حية أو عقربا في الطريق فلدغت رجلا ضمن، إلا إذا تحولت ثم لدغته.
وضع سيفا في الطريق فعثر به إنسان ومات وكسر السيف فديته على رب السيف وقيمته على العاثر.
ثور نطوح سيره للمرعى فنطح ثور غيره فمات، إن أشهد عليه ضمن، وإلا لا، وقال في البدائع: لا ضمان، لان الاشهاد إنما يكون في الحائط لا في الحيوان.
ناجية.
واعلم أنه إذا (اشترك قاتل العمد مع من لا يجب عليه القود كأجنبي شارك الاب في قتل ابنه) وكأجنبي شارك الزوج في قتل زوجته وله منها ولد،(7/127)
وكعامد مع مخطئ وعاقل مع مجنون وبالغ مع صغير وشريك حية وسبع كما في الخانية (فلا قود على أحدهما) أي لا قصاص على واحد منهما فيما ذكر.
دخل رجل بيته فرأى رجلا مع امرأته أو جاريته فقتله حل) له ذلك (ولا قصاص) عليه، هذا ساقط من نسخ المتن ثابت في نسخ الشرح معزيا لشرح شرح الوهبانية، وقد حققناه في باب التعزير.
فروع: صبي محجور قال له رجل شد فرسي فأراد شدها فرفسته فمات فديته على عاقلة الآمر، وكذا لو أعطى صبيا عصا أو سلاحا وأمره بحمل شئ أو كسر حطب ونحو ذلك بلا إذن وليه فمات، ولو أعطاه السلاح ولم يقل أمسكه فقولان.
صبي على حائط صاح به فوقع فمات: إن صاح به فقال: لا تقع فوقع لا يضمن، ولو قال: قع فوقع ضمن، به يفتى، وقيل: لا يضمن مطلقا.
ناجية، والله أعلم.
فصل في الفعلين (قطع يد رجل ثم قتله أخذ بالامرين) أي بالقطع والقتل.
(ولو كانا عمدين أو) كانا (خطأين أو) كانا (مختلفين) أي أحدهما عمد والآخر خطأ تخلل(7/128)
بينهما برء أو لا، فيؤخذ بالامرين في الكل بلا تداخل (إلا في الخطأين لم يتخلل بينهما برء) فإنهما يتداخلان (فيجب فيهما دية واحدة) وإن تخلل برء لم يتداخلا كما علمت.
فالحاصل: أن القطع إما عند أو خطأ والقتل كذلك صار أربعة ثم إما أن يكون بينهما برء أو لا صار ثمانية، وقد علم حكم كل منها (كمن ضربه مائة سوط قبرأ من تسعين ولم يبق أثرها) أي أثر الجراحة (ومات من عشرة) ففيه دية واحدة، لانه لما برأ من تسعين لم تبق معتبرة إلا في حق التعزير، وكذلك كل جراحة اندملت ولم يبق لها أثر عند أبي حنيفة.
وعن أبي يوسف في مثله: حكومة عدل.
وعن محمد: تجب أجرة الطبيب وثمن الادوية.
درر وصدر شريعة وهداية وغيرها.
(وتجب حكومة) عدل مع دية النفس (في مائة سوط جرحته وبقي أثرها) بالاجماع لبقاء الاثر ووجوب الارش باعتبار الاثر.
هداية وغيرها.
وفي جواهر الفتاوى: رجل جرح رجلا فعجز المجروح عن الكسب يجب على الجارح النفقة والمداواة.(7/129)
وفيها: رجل جاء بعوان إلى رجل فضربه العوان فعجز عن الكسب فمداواة المضروب ونفقته على الذي جاء بالعوان ا ه.
قال المصنف: والظاهر أنه مفرع على قول محمد.
قلت: وقدمناه معزيا للمجتبى عن أبي يوسف نحوه، وسنحققه في الشجاج، (ومن قطع) أي عمدا أو خطأ بدليل ما يأتي، وبه صرح في البرهان كما في الشرنبلالية، لكن في القهستاني عن شرح الطحاوي أن الدية على العاقلة في الخطأ، ومن ظن أنها على القاطع في الخطأ فقد أخطأ، وكذا لو شج ألا جرح (فعفا عن قطعه) أو شجته أو جراحته (فمات منه ضمن قاطعه الدية) في ماله خلافا لهما.
قلنا: إنه عفا عن القطع(7/130)
وهو غير القتل.
(ولو عفا عن الجناية أو عن القطع وما يحدث منه فهو عفوعن النفس) فلا يضمن شيئا وحينئذ (فالخطأ يعتبر من ثلث ماله) فإن خرج من الثلث فيها وإلا فعلى العاقلة ثلثا الدية كما في شرح الطحاوي، فمن ظن أنها على القاطع فقد أخطأ قطعا، ومفاده أن عفو الصحيح لا يعتبر من الثلث.
ذكره القهستاني (والعمد من كله) لتعلق حق الورثة بالدية لا بالقود لانه ليس بمال (والشجة مثله) أي مثل القطع حكما وخلافا.
(قطعت امرأة يد رجل عمدا) أي أو خطأ لما يأتي، فلو أطلق كما سبق وكالملتقى وغيره كان أولى، فتأمل (فنكحها) المقطوع يده (على يده ثم مات) فلو لم يمت من السراية فمهرها(7/131)
الارش، ولو عمدا إجماعا (يجب).
عند أبي حنيفة (مهر مثلها والدية في مالها إن تعمدت وتقع المقاصة بين المهر والدية إن تساويا، وإلا ترادا الفضل (وعلى عاقلتها إن أخطأت) في قطع يده، ولا يتقاصان لان الدية على العاقلة في الخطأ، بخلاف العمد فإن الدية عليها، والمهر على الزوج فيتقاصان.
قلت: وقال صاحب الدرر: ينبغي أن تقع المقاصة في الخطأ أيضا لانها عليها دون العاقلة
على القول المختار في الدية، لكنه ليس على إطلاقه بل في العجم، ولعله أطلقه لاحالته لمحله.
فليحفظ(7/132)
(وإن نكحها على اليد وما يحدث منها أو على الجناية ثم مات منه وجب لها في العمد مهر المثل ولا شئ عليها) لرضاه بالسقوط (ولو أخطى رفع عن العاقلة مهر مثلها والباقي وصية لهم) أي للعاقلة (فإن خرج من الثلث سقط وإلا سقط ثلث المال) فقط.
(ولو قطعت يده فاقتص له فمات) المقطوع (الاول قبل الثاني قتل) الثاني (به) لسرايته.
وعن أبي يوسف: لا قود لانه لما أقدم على القطع فقد أبرأه عما وراءه وظاهر إشكال ابن الكمال يفيد تقوية قول أبي يوسف.
قال المصنف: (ولو مات المقتص منه فديته على عاقلة المقتص له) خلافا لهما،(7/133)
قلت هذا إذا ستوفاه بنفسه بلا حكم وأما الحاكم والحجام والختان والفصاد والبزاغ فلا يتقيد فعلهم بشرط السلامة كالاجير، وتمامه في الدرر.
والاصل أن الواجب لا يتقيد بوصف السلامة والمباح يتقيد به، ومنه ضرب الاب ابنه تأديبا أو الام أو الوصي، ومن الاول ضرب الاب أو الوصي، أو المعلم بإذن الاب تعليما فمات لا ضمان، فضرب التأديب مقيد لانه مباح، وضرب التعليم لا لانه واجب ومحله في الضرب المعتاد، وأما غيره فموجب للضمان في الكل.
وتمامه في الاشباه (وإن قطع) ولي القتيل (يد القاتل و) بعد ذلك (عفا) عن القتل (ضمن القاطع دية اليد) لانه استوفى غير حقه، لكن لا يقتص للشبهة، وقالا: لا شئ عليه (وضمان الصبي إذا مات من ضرب أبيه أو وصيه تأديبا) أي للتأديب (عليهما) أي على الاب والوصي لان التأديب يحصل بالزجر والتعريك، وقالا: لا يضمن لو معتادا، وأما غير المعتاد ففيه الضمان اتفاقا (كضرب معلم صبيا أو عبدا بغير إذن أبيه ومولاه) لف ونشر، فالضمان على المعلم إجماعا (وإن) الضرب (بإذنهما لا) ضمان على المعلم(7/134)
إجماعا، قيل: هذا رجوع من أبي حنيفة إلى قولهما (وكذا يضمن زوج امرأة ضربها تأديبا) لان تأديبها للولي، كذا عزاه المصنف لشرح المجمع للعيني.
قلت: وهو في الاشباه وغيرها كما قدمناه.
وفي ديات المجتبى: للزوج والوصي كالاب تفصيلا وخلافا فعليهم الدية والكفارة، وقيل: رجع الامام إلى قولهما، وتمامه ثمة.
فروع: ضرب امرأة فأفضاها: فإن كانت تستمسك بولها ففيه ثلث الدية، وإلا فكل(7/135)
الدية، وإن افتض بكرا بالزنا فأفضاها: فإن مطاوعة حدا ولا غرم، وإن مكرهة فعليه الحد وأرش الافضاء لا العقر.
حاوي القدسي.
قطع الحجام لحما من عينه وكان غير حاذق فعميت فعليه نصف الدية.
أشباه.
وفي القنية: سئل محمد نجم الدين عن صبية سقطت من سطح فانفتح رأسها فقال كثير من الجراحين إن شققتم رأسها تموت، وقال واحد منهم إن لم تشقوه اليوم تموت وأنا أشقه وأبرئها، فشقه فماتت بعد يوم أو يومسن هل يضمن؟ فتأمل مليا، ثم قال: لا إذا كان الشق بإذن وكان الشق معتادا ولم يكن فاحشا خارج الرسم، قيل له: فلو قال إن ماتت فأنا ضامن هل يضمن؟ قال: لا ا ه.
قلت: إنما لم يعتبر شرط الضمان لما تقرر أن شرطه على الامين باطل على ما عليه الفتوى ا ه.
والله أعلم.
باب الشهادة في القتل واعتبار حالته(7/136)
أي حالة القتل (القود يثبت للورثة ابتداء بطريق الخلافة) من غير سبق ملك المورث، لان شرعية القود لتشفي الصدور ودرك الثأر والميت ليس بأهل له، وقوله تعالى: * (فقد جعلنا لوليه سلطانا) * (الاسراء: 33) نص فيه (وقالا بطريق الارث) كما لو انقلب مالا وثمرة الخلاف ما أفاده بقوله (فلا
يصير أحدهم) أي أحد الورثة (خصما عن البقية) في استيفاء القصاص، خلافا لهما، والاصل أن كل ما يملكه الورثة بطريق الوراثة فأحدهم خصم عن الباقين.
وقائم مقام الكل في الخصومة، وما يملكه الورثة لا بطريق الوراثة لا يصير أحدهم خصما عن الباقين.
ثم فرع عليه بقوله (فلو أقام حجة بقتل أبيه عمدا مع غيبة أخيه) يريد القود (لا يقيد) إجماعا حتى يحضر الغائب لكنه يحبس، لانه صار متهما (فإن حضر) الغائب (يعيدها) ثانيا (ليقتلا) القاتل وقالا: لا يعيد (وفي) القتل (الخطأ والدين لا يحتاج إلى إعادة البيئة) بالاجماع لما مر (فلو برهن القاتل على عفو الغائب فالحاضر خصم) لانقلابه مالا وسقط القود (وكذا لو قتل(7/137)
عبدهما عمدا أو خطأ و) الحال أن السيدين (أحدهما غائب) فهو على التفصيل السابق (ولو أخبر وليا قود بعفو أخيهما) الثالث (فهو) أي إخبارهما (عفو للقصاص منهما) عملا بزعمهما وهي رباعية، فالاول (إن صدقهما) أي المخبرين (القاتل والاخ) الشريك (فلا شئ له) أي للشريك عملا بتصديقه (ولهما ثلثا الدية و) الثالث (إن صدقهما القاتل وحده فلكل منهما ثلثها، و) الرابع (إن صدقهما الاخ فقط فله ثلثها) لان إقراره ارتد بتكذيب القاتل إياه فوجب له ثلث الدية (و) لكنه (يصرف ذلك إلى المخبرين) استحسانا وهو الاصح.
زيلعي.
لانه صار مقرا لهما بما أقر له به القاتل (وإن شهد أنه(7/138)
ضربه بشئ جارح فلم يزل صاحب فراش حتى مات يقتص) لان الثابت بالبينة كالثابت معاينة، ولا يحتاج الشاهد أن يقول إنه مات من جراحته.
بزازية (وإن اختلف شاهدا قتل في الزمان أو في المكان أو في آلته، أو قال أحدهما قتله بعصا وقال الآخر لم أدر بماذا قتله، أو شهد أحدهما على معاينة القتل والآخر على إقرار القاتل به بطلت) لان القتل لا يتكرر (وكذا) تبطل الشهادة (لو كمل النصاب في كل واحد منهما) لتيقن القاضي بكذب أحد الفريقين ولا أولوية(7/139)
(ولو كمل أحد الفريقين دون الآخر قبل الكامل منهما) لعدم المعارض (ولو شهدا) بقتله (وقالا:
جهلنا آلته تجب الدية في ماله) في ثلاث سنين.
شرنبلالية.
استحسانا حملا على الادنى وهو الدية وكانت في ماله، لان الاصل في الفعل العمد (وإن أقر كل واحد منهما) أي من الرجلين (أنه قتله وقال الولي قتلتماه جميعا له قتلهما) عملا بإقرارهما (ولو كان مكان الاقرار) والمسألة بحالها (شهادة لغت) الشهادتان، لان التكذيب تفسيق وفسق الشاهد يبطل شهادته، أما فسق المقر لا يبطل الاقرار (ولو قال) الولي (في) صورة (الاقرار) السابقة صدقتما (ليس له أن يقتل واحدا منهما) لان تصديقه بانفراد كل بقتله وحده إقرار بأن الآخر لم يقتله، بخلاف قوله قتلتماه، لانه دعوى القتل بلا تصديق فيقتلهما بإقرارهما، زيلعي (ولو أقر) رجل بأنه قتله وقامت البينة على آخر أنه قتله وقال الولي قتله كلاهما كان له للولي (قتل المقر دون المشهود عليه) لان فيه تكذيبا لبعض موجبه كما مر، ولو قال الولي لاحد المقرين صدقت أنت قتلته كان له قتله لتصادقهما على وجوب القتل عليه وحده (كما لو قال ذلك لاحد المشهود عليهما) كان له قتله لعدم تكذيبه شهوده عليه وإنما كذب الآخرين، وكذا حكم الخطأ في كل ما ذكر.
ذكره الزيلعي.
(شهدا على رجل بقتله خطأ وحكم بالدية) على العاقلة (فجاء المشهود بقتله حيا(7/140)
ضمن العاقلة الولي) لقبضه الدية بلا حق (أو الشهود ورجعوا) أي الشهود (عليه) على الولي لتملكهم المضمون الذي يد الولي (و) الشهادة على القتل (العمد) في هذا الحكم (كالخطأ) فإذا جاء حيا يخير الورثة بين تضمين الولي الدية أو الشهود (إلا في الرجوع) فلا رجوع للشهود على الولي لانهم أوجبوا له القود، وهو ليس بمال، وقالا: يرجعون كالخطأ (ولو شهدا على إقراره) أي إقرار القاتل بالخطأ أو العمد ثم جاء حيا (أو شهدا على شهادة غيرهما في الخطأ) وقضى بالدية على العاقلة ثم جاء حيا (لم يضمنا) إذ لم يظهر كذبهما في شهادتهما (وضمن الولي الدية) في الصورتين (للعاقلة) إذ ظهر أنه أخذها منهم بغير حق.
(والمعتبر حالة الرمي) في حق الحل والضمان (لا الوصول) وحينئذ (فتجب الدية) في ماله، وسقط القود للشبهة (بردة المرمى إليه قبل الوصول) وقالا: لا شئ عليه (لا) تجب دية المرمى إليه (بإسلامه) بالاجماع (و) تجب (القيمة(7/141)
بعتقه بعد الرمي قبل الاصابة (و) يجب (الجزاء على محرم رمى صيدا فحل) فوصل لا على حلال رماه فأحرم فوصل ولا يضمن من رممقضيا عليه برجم فرجع شاهده فوصل وحل صيد رماه مسلم فتمجس فوصل.
لا يحل (مرماه مجوسي فأسلم فوصل) لما عرفت أن المعتبر حالة الرمي.
(لغز): أي جان مات مجنيه فعليه نصف الدية ولو عاش فالدية؟ فقتل ختان قطع الحشفة بإذن أبيه.
أي إنسان بقطع أذنه يجب نصف الدية، وبقطع رأسه نصف عشرها؟ فكل جنين خرج رأسه فقطعه ففيه الغرة.
أي شئ يجب بإتلافه دية وثلاثة أخماسها؟ فقل دية لاسنانه.
أشباه، والله تعالى أعلم بالصواب.(7/142)
كتاب الديات الدية في الشرع: اسم للمال الذي هو بدل للنفس، لا تسميه للمفعول بالمصدر، لانه من المنقولات الشرعية.
والارش: اسم للواجب فيما دون النفس (دية شبه العمد مائة من الابل أرباعا من بنت مخاض وبنت لبون وحقه إلى جذعة بإدخال الغاية (وهي) الدية (المغلظة لا غير و) الدية (في الخطأ أخماس منها ومن ابن مخاض أو ألف دينار من الذهب أو عشرة آلاف درهم من الورق) وقال الشافعي: اثنا عشر ألفا،(7/143)
وقالا: منها ومن البقر مائتا بقرة، ومن الغنم ألفاشاة ومن الحلل مائتا حلة كل حلة ثوبان إزار ورداء هو المختار (وكفارتهما) أي الخطأ وشبه العمد (عتق قن مؤمن، فإن عجز عنه صام شهرين ولاء ولا إطعام فيهما) إذ لم يرد به النص والمقادير توقيفية (وصح) إعتاق (رضيع أحد أبويه
مسلم) لانه مسلم تبعا (لا الجنين ودية المرأة على النصف من دية الرجل في دية النفس وما دونها) روي ذلك عن علي رضي الله عنه موقوفا ومرفوعا (والذمي والمستأمن والمسلم) في الدية (سواء) خلافا للشافعي.
وصحح في الجوهرة: أنه لا دية في المستأمن(7/144)
وأقره في الشرنبلالية، لكن بالتسوية جزم في الاختيار وصححه الزيلعي (وفي النفس) خبر المبتدأ وهو قوله الآتي الدية (والانف) ومارنه وأرنبته، وقيل: في أرنبته حكومة عدل على الصحيح (والذكر والحشفة والعقل والشم والذوق والسمع والبصر واللسان إن منع النطق) أفاد في لسان الاخرس حكومة عدل.
جوهرة.(7/145)
وهذا ساقط من نسخ الشارح، فتنبه (أو منع أداء أكثر الحروف) وإلا قسمت الدية على عدد حروف الهجاء الثمانيژ وعشرين أو حروف اللسان الستة عشر تصحيحان، فما أصاب الغائب يلزمه.
وتمامه في شرح الوهبانية وغيرها (ولحية خلقت لم تنبت) ويؤجل سنة، فإن مات فيها برئ، وفي نصفها نصف الدية، وفيما دونها حكومة عدل كشارب ولحية عبد(7/146)
في الصحيح، ولا شئ في لحية كوسج على ذقنه شعرات معدودة، ولو على خذه أيضا ولكنه غير متصل فحكومة عدل، ولو متصلا فكل الدية (وشعر الرأس كذلك) أي إذا حلق ولم ينبت.
كذا روي عن علي وعند الشافعي: فيهما حكومة عدل.
واعلم أنه لا قصاص في الشعر مطلقا، ولو مات قبل تمام السنة ولم ينبت فلا شئ عليه كشعر صدر وساعد وساق (والعينين والشفتين والحاجبين والرجلين والاذنين والانثيين) أي الخصيتين (وثديي المرأة) وحلمتيهما والاليتين إذا استأصلهما وإلا فحكومة عدل، وكذا فرج المرأة من الجانبين (الدية).
وفي ثدي الرجل حكومة عدل (وفي كل واحد من هذه الاشباه) المزدوجة (نصف الدية وفي أشفار العينين الاربعة)(7/147)
جمع شفرة بضم الشين وتفتح: الجفن أو الهدب إذا قلعها ولم تنبت (وفي أحدها ربعها) ولو قطع جفون أشفارها فدية واحدة لانهما كشئ واحد، وفي جفن لا شعر عليه حكومة عدل، لكن المعتمد أن في كل دية كاملة جفنا أو شعرا (وفي كل أصبع من أصابع اليدين أو الرجلين عشرها، وما فيها مفاصل ففي أحدها ثلث دية الاصبع ونصفها) أي نصف دية الاصبع (لو فيها مفصلان) كالابهام (وفي كل سن) يعني من الرجل، إذ دية سن المرأة نصف دية الرجل.
جوهرة (خمس من الابل) أو خمسون دينارا (أو خمسمائة درهم) لقوله عليه الصلاة والسلام: في كل سن خمس من الابل يعني نصف عشر ديته لو حرا ونصف عشر قيمته لو عبدا.(7/148)
فإن قلت: تزيد حينئذ دية الاسنان كلها على دية النفس بثلاثة أخماسها.
قلت: نعم ولا بأس فيه لانه ثابت بالنص على خلاف القياس كما في الغاية وغيرها.
وفي العناية: وليس في البدن ما يجب بتفويته أكثر من قدر الدية سوى الاسنان، وقد توجد نواجذ أربعة فتكون أسنانه ستا وثلاثين.
ذكره القهستاني.
قلت: وحينئذ فللكوسج دية وخمسا دية، ولغيره إما دية ونصف أو ثلاثة أخماس أو أربعة أخماس، وعلمت أن المرأة على النصف فتبصر (وتجب دية كاملة في كل عضو ذهب نفعه) بضرب ضارب (كيد شلت وعين ذهب ضوءها وصلب انقطع ماؤه) وكذا لو سلس بوله أو أحدبه ولو(7/149)
زالت الحدوبة فلا شئ عليه، ولو بقي أثر الضربة فحكومة عدل (ويجب حكومة عدل بإتلاف عضو ذهب نفعه إن لم يكن فيه جمال كاليد الشلاء أو أرشه كاملا إن كان فيه جمال كالاذن الشاخصة) هو الطرش وسيجئ ما لو ألصقه فالتحم في أواخر هذا الفصل.
فصل في الشجاج (وتختص) الشجة (بما يكون بالوجه والرأس) لغة (وما يكون بغيرهما فجراحة) أي تسمى
جراحة وفيها حكومة عدل.
مجتبى ومسكين.
(وهي) أي الشجاج (عشرة الحارصة) بمهملات وهي التي تحرص الجلد: أي تخدشه (والدامعة) بمهملات التي تظهر الدم كالدمع ولا تسيله (والدامية) التي تسيله (والباضعة) التي تبضع الجلد: أي تقطعه (والمتلاحمة) التي تأخذ في اللحم(7/150)
(والسمحاق) التي تصل إلى السمحاق: أي جلدة رقيقة بين اللحم وعظم الرأس (والموضحة) التي توضح العظم: أي تظهره (والهاشمة التي تهشم العظم) أي تكسره (والمنقلة) التي تنقله بعد الكسر (والآمة التي) تصل إلى أم الدماغ وهي الجلدة التي فيها الدماغ، وبعدها الدامغة بغين معجمة وهي التي تخرج الدماغ ولم يذكرها محمد للموت بعدها عادة فتكون قتلا لا شجا، فعلم بالاستقراء بحسب الآثار أنها لا تزيد على العشرة (ويجب في الموضحة نصف عشر الدية) أي لو غير أصلع وإلا ففيها حكومة، لان جلدها أنقص زينة من غيره.
قهستاني عن الذخيرة (وفي الهاشمة عشرها، وفي المنقلة عشر ونصف عشر، وفي الآمة والجائفة ثلثها، فإن نفذت الجائفة فثلثاها) لانها نفذت صارت جائفتين فيجب في كل ثلثها (وفي الحارصة والدامعة والدامية(7/151)
والباضعة والمتلاحمة والسمحاق حكومة عدل) إذ ليس فيه أرش مقدر من جهة السمع، ولا يمكن إهدارها فوجب فيها حكومة العدل (أن ينظركم مقدار هذا الشجة من الموضحة فيجب بقدر ذلك من نصف عشر الدية) قاله الكرخي وصححه شيخ الاسلام (وقيل) قائله الطحاوي (يقوم) المسجوج (عبدا بلا هذا الاثر ثم معه فقدر التفاوت بين القيمتين) في الحر (من الدية) وفي العبد من القيمة، فإن نقص الحر عشر قيمته أخذ عشر ديته، وكذا في النصف والثلث (هو) إي هذا التفاوت (هي) أي حكومة العدل (به يفتى) كما في الوقاية والنقاية والملتقى، والدرر والخانية وغيرها، وجزم به في المجمع.
وفي الخلاصة: إنما يستقيم قول الكرخي: ولو الجناية في وجه ورأس فحينئذ يفتى به، ولو
في غيرهما أو تعسر على المفتي يفتى بقول الطحاوي مطلقا لانه أيسر انتهى.
ونحوه في الجوهرة بزيادة: وقيل تفسير الحكومة: هو ما يحتاج إليه من النفقة، وأجرة الطبيب والادوية إلى أن يبرأ (ولا قصاص) في جميع الشجاج(7/152)
(إلا في الموضحة عمدا) وما لا قود فيه يستوي العمد والخطأ فيه، لكن ظاهر المذهب وجوب القصاص فيما قبل الموضحة أيضا.
ذكر محمد في الاصل، وهو الاصح، درر ومجتبى وابن الكمال وغيرها لامكان المساواة، بأن يسبر غورها بمسبار ثم يتخذ حديدة بقدره فيقطع، واستثنى في الشرنبلالية السمحاق فلا يقاد إجماعا، كما لا قود فيما بعدها كالهاشمة والمنقلة بالاجماع، وعزاه للجوهرة، فليحفظ.
قال في المجتبى: ولا قود في جلد رأس وبدن ولحم وبطن وظهر، ولا في لطمة ووكزة ووجاءة، وفي سلخ جلد الوجه كمال الدية (وفي) كل أصابع اليد الواحدة نصف دية ولو مع الكف (لانه تبع للاصابع) ومع نصف ساعد نصف دية (للكف) وحكومة عدل لنصف الساعد، وكذا الساق (وفي) قطع (كف وفيها أصبع أو أصبعان عشرها أو خمسها) لف ونشر(7/153)
مرتب (ولا شئ في الكف) عند أبي حنيفة، كما لو كان في الكف ثلاث أصابع فإنه لا شئ في الكف إجماعا، إذ للاكثر حكم الكل.
وفي جواهر الفتاوى: ضرب يد رجل وبرئ إلا أنه لا تصل يده إلى قفاه فبقدر النقصان يؤخذ من جملة الدية، إن نقص الثلثان فثلثا الدية وهكذا، وأقره المصنف، ولو قطع مفصلا من أصبع فشل الباقي أو قطع الاصابع فشل الكف لزم دية المقطوع فقط وسقط القصاص، فافهمه وإن خالف الدرر.
ذكره الشرنبلالي وسيجئ متنا (وفي الاصبع الزائدة وعين الصبي وذكره ولسانه إن لم تعلم صحته ينظر) في العين (وحركة) في الذكر (وكلام) في اللسان (وحكومة عدل) فإن علمت الصحة فمبالغ في خطأ أو عمد إذا ثبت ببينة أو بإقرار الجاني، وإن أنكر أو قال: لا(7/154)
أعرف صحته فحكومة العدل.
جوهرة (ودخل أرش موضحة أذهبت عقله أو شعر رأسه في الدية) لدخول الجزء في الكل كمن قطع أصبعا فشلت اليد (وإن ذهب سمعه أو بصره أو نطقه لا) تدخل لانه كأعضاء مختلفة، بخلاف العقل لعود نفعه للكل (ولا قود إن ذهبت عيناه، بل الدية فيهما) خلافا لهما (ولا يقطع أصبع شل جاره) خلافا لهما (و) لا (أصبع قطع مفصله الاعلى فشل ما بقي) من الاصابع (بل دية المفصل والحكومة فيما بقي، ولا) قود (بكسر نصف سن أسود) أو أصفر أو أحمر (باقيها بل كل دية السن) إذا فات منفعة المضغ، وإلا فلو مما يرى(7/155)
حال التكلم فالدية أيضا، وإلا فحكومة عدل.
فقول الدرر: وإلا فلا شئ فيه، فيه ما فيه، ثم الاصل أن الجناية متى وقعت على محلين متباينين حقيقة فأرش أحدهما لا يمنع قود الآخر، ومتى وقعت على محل وأتلفت شيئين فأرش أحدهما يمنع القود (ويجب الارش على من أفاد سنه) بعد مضي حول (ثم نبت) بعد ذلك لتبيين الخطأ حينئذ وسقط القود للشبهة.
وفي الملتقى: ويستأني في اقتصاص السن والموضحة حولا.
وكذا لو ضرب سنه فتحركت، لكن في الخلاصة الكبير: الذي لا يرجى نباته لا يؤجل، به يفتى.
قلت: وقد يوفق بما نقله المصنف وغيره عن النهاية: الصحيح تأجيل البالغ ليبرأ لا سنة لان نباته نادر (أو قلعها فردت) أي ردها صاحبها (إلى مكانها ونبت عليها اللحم) لعدم عود العروق كما كانت في النهاية.
قال شيخ الاسلام: إن عادت إلى حالتها الاولى في المنفعة والجمال لا شئ عليه كما لو تبتت (وكذا الاذن) إذا ألصقها فالتحمت يجب الارش لانها لا تعود إلى ما كانت عليه.
درر (إلا إن قلعت) السن (فنبتت أخرى فإنه يسقط الارش عنده كسن صغير) خلافا لهما، ولو نبتت معوجة فحكومة عدل، ولو نبتت إلى النصف فعليه نصف الارش،(7/156)
ولا شئ في ظفر نبت كما كان (أو التحم شجه أو) التحم (جرح) حاصل ذلك (بضرب ولم
يبق) له (أثر) فإنه لا شئ فيه.
وقال أبو يوسف: عليه أرش الالم وهي حكومة عدل.
وقال محمد: قدر ما لحقه من النفقة إلى أن يبرأ من أجرة الطبيب وثمن دواءه.
وفي شرح الطحاوي فسر قول أبي يوسف أرش بالالم بأجرة الطبيب والمداواة، فعليه لا خلاف بينهما، قاله المصنف وغيره.
قلت: وقد قدمنا نحوه عن المجتبى وذكر هنا عنه روايتين، فتنبه (لا يقاد جرح إلا بعد برئه) خلافا للشافعي (وعمد الصبي والمجنون) والمعتوه (خطأ) بخلاف السكران والمغمى عليه(7/157)
(وعلى عاقلته الدية) إن بلغ نصف العشر فأكثر ولم يكن من العجم وإلا ففي ماله.
درر (ولا كفارة ولا حرمان إرث) خلافا للشافعي، ولو جن بعد القتل قتل، وقيل: لا.
وتمامه فيما علقته على الملتقى (صبي ضرب سن صبي فانتزعها ينتظر بلوغ المضروب) إن بلغ ولم ينبت فعلى عاقلته الدية، ولو من العجم ففي ماله، درر.
وسنحققه في المعاقل.
مهمة: حكومة العدل لا تتحملها العاقلة مطلقا على الصحيح كما في تنوير البصائر معزيا للتاترخانية، والله أعلم.
فصل في الجنين (ضرب بطن امرأة حرة) حامل(7/158)
خرج الامة والبهيمة، وسيجئ حكمهما.
قلت: بل الشرط حرية الجنين دون أمه، كأمة علقت من سيدها أو من المغرور، ففيه الغرة على العاقلة.
درر عن الزيلعي.
فالعجب من المصنف كيف لم يذكره (ولو) كانت (المرأة كتابية أو مجوسية) أو زوجته (فألقت جنينا ميتا) حرا (وجب) على العاقلة (غرة) غرة الشهر أوله وهذه أول مقادير الدية (نصف عشر الدية) أي دية الرجل لو كان الجنين ذكرا، وعشر دية المرأة لو أنثى، وكل منهما خمسمائة درهم (في سنة) وقال الشافعي: في ثلاث سنين كالدية.
وقال مالك:
في ما له ولنا فعله عليه الصلاة والسلام(7/159)
(فإن ألقته حيا فمات فدية كاملة، وإن ألقته ميتا فماتت الام فدية) في الام (وغرة) في الجنين لما تقرر أن الفعل يتعدد بتعدد أثره، وصرح في الذخيرة بتعدد الغرة لوميتين فأكثر ا ه.
قلت: وظاهره تعدد الدية ولم أره، فليراجع (وإن ماتت فألقته ميتا فدية فقط) وقال الشافعي: غرة ودية (وإن ألقته حيا يجب عليه ديتان كما إذا ألقته حيا وماتا، وما يجب فيه) من غرة أو دية (يورث عنه وترث) منه (أمخ ولا يرث ضاربه) منها (فلو ضرب بطن امرأته فألقت ابنه ميتا فعلى عاقلة الاب، غرة، ولا يرث منها) لانه قاتل (وفي جنين الامة) الرقيق الذكر (نصف عشر قيمته لو حيا، وعشر قيمته لو أنثى) لما تقرر أن دية الرقيق قيمته، ولا يلزم زيادة الانثى لزيادة قيمة الذكر غالبا، وفيه إشارة إلى أنه إذا لم يمكن الوقوف على كونه ذكرا أو أنثى فلا شئ عليه،(7/160)
كما إذا ألقى بلا رأس، لانه إنما تجب القيمة إذا نفخ فيه الروح ولا تنفخ من غير رأس.
ذخيرة (في مال الضارب) للامة (مالا) ولو ألقته حيا وقد نقصتها الولادة فعليه قيمة الجنين لا نقصانها لو بقيمته وفاء به، وإلا فعليه إتمام ذلك.
مجتبى.
وقال أبو يوسف: فيه نقصانها كالبهيمة.
وقال الشافعي: فيه عشر قيمة الام.
صدر الشريعة.
ولا يخفى للمولى (فإن حرره) أي الجنين (سيده بعد ضربه) ضرب بطن الامة (فألقته) حيا (فمات ففيه قيمته حيا) للمولى لا ديته وإن مات بعد العتق لان المعتبر حالة الضرب، وعند الثلاثة: تجب دية، وهو رواية عنا.
(ولا كفارة في الجنين) عندنا وجوبا بل ندبا.
زيلعي (إن وقع ميتا، وإن خرج حيا ثم مات ففيه الكفارة) كذا صرح به في الحاوي القدسي،(7/161)
وهو مفهوم من كلامهم لتصريحهم بوجوب الدية حينئذ فتجب الكفارة فيه كما لا يخفى، فليحفظ (وما استبان بعض خلقه (كظفروشعر (كتام فيما ذكر) من الاحكام وعدة ونفاس كما مر في بابه (وضمن الغرة عاقلة امرأة) حرة في سنة واحدة، وإن لم تكن لها عاقلة ففي مالها في سنة أيضا.
صدر الشريعة.
ولا تأثم ما لم يستبن بعض خلقه، ومر في الحظر نظما.
(أسقطته ميتا) عمدا (بدواء أو فعل) كضربها بطنها (بلا إذن زوجها، فإن أذن) أو لم يتعمد(7/162)
(لا) غرة لعدم التعدي، ولو أمرت أمرأة ففعلت لا تضمن المأمورة، وأما أم الولد إذا فعلته بنفسها حتى أسفطته فلا شئ عليها لاستحالة الدين على مملوكه ما لم تستحق، فحينئذ تجب للمولى الغرة لانه مغرور.
وفي الواقعات: شربت داء لتسقطه عمدا: فإن ألقته حيا فمات فعليها الدية والكفارة، وإن ميتا فالغرة، ولا ترث في الحالين (ويجب في جنين البهيمة ما نقصت الام) إن نقصت (وإن لم ينقص) الام (لا يجب) فيه (شئ) سراجية.
فرع: في البزازية: ضرب بطن امرأته بالسيف فقطع البطن ووقع أحد الولدين حيا مجروحا بالسيف والآخر ميتا وبه جراحة السيف وماتت أيضا يقتص لاجل الزوجة لانه عمد، وعلى عاقلته دية الولد الحي إذا مات، وتجب غرة الولد الميت، لانه لما ضرب ولم يعلم بالولدين في بطنها كان الضرب خطأ.(7/163)
باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره لما ذكر القتل مباشرة شرع فيه تسببا فقال: (أخرج إلى طريق العامة كنيفا) هو بيت الخلاء (أو ميزابا أو جرصنا كبرج وجذع وممر علو وحوض طاقة ونحوها، عيني، أو دكانا جاز) إحداثه (إن لم يضر بالعامة) ولم يمنع منه، فإن ضر لم يحل كما سيجئ (ولكل أحد من أهل الخصومة) ولو ذميا (منعه) ابتداء (ومطالبته بنقضه) ورفعه (بعده) أي بعد البناء، سواء كان فيه ضرر أو لا،
وقيل: إنما ينقص بخصومته إذا لم يكن له مثل ذلك وإلا كان تعنتا.
زيلعي (هذا) كله (إذا بنى لنفسه إذن الامام) زاد الصفار: ولم يكن للمطالب مثله(7/164)
(وإن بنى للمسلمين كمسجد ونحوه) أو بنى بإذن الامام (لا) ينقض (وإن كان يضر بالعامة لا يجوز إحداثه) لقوله عليه الصلاة والسلام: لا ضرر ولا ضرار في الاسلام (والقعود في الطريق لبيع وشراء) يجوز إن لم يضر بأحد، وإلا لا (على هذا التفصيل) السابق، وهذا في النافذ (وفي غير النافذلا يجوز أن يتصرف بإحداث مطلقا) أضر بهم أو لا (إلا بإذنهم)(7/165)
لانه كالملك الخاص بهم، ثم الاصل فيما جهل حاله أن يجعل حديثا لو في طريق العامة، وقديما لو في طريق الخاصة.
برجندي فإن مات أحد من الناس (بسقوطها عليه فديته على عاقلته) أي عاقلة المخرج لتسببه (كما) تدي العاقلة.
(لو حفر بئرا في طريق أو وضع حجرا) أو ترابا أو طينا.
ملتقى (فتلف به إنسان) لانه سبب (فإن تلف به) أي بواحد من المذكورات (بهيمة ضمن) في ماله (إن لم يأذن به الامام، فإن أذن) الامام (في ذلك أو مات واقع في بئر طريق جوعا أو عطشا أو غما لا) ضمان، وبه يفتى.
خلاصة.
خلافا لمحمد (ولو سقط الميزاب فأصاب ما كان في الداخل رجلا فقتله فلا ضمان) أصلا لكونه في ملكه فلم يكن تعديا (وإن أصاب الخارج) أو وسطه.
بزازية (فالضمان على(7/166)
واضعه) لتعديه ولو مستأجرا أو مستعيرا وغاصبا ولا يبطل الضمان بالبيع لبقاء فعله وهو الموجب للضمان، بخلاف الحائط المائل كما بسطه الزيلعي (ولو أصابه الطرفان) من الميزاب (وعلم ذلك وجب) على واضعه (النصف وهدر لنصف، ولو لم يعلم أي طرف) منهما (أصابه ضمن النصف استحسانا) زيلعي (ومن نحى حجرا وضعه آخر فعطب به رجل ضمن) لان فعل الاول نسخ بفعل الثاني (كمن حمل على رأسه) أو ظهره (شيئا في الطريق فسقط منه على آخر أو دخل بحصير
أو قنديل أو حصاة في مسجد غيره) أي جعل فيه حصى أو بواري، ابن كمال (أو جلس فيه لا للصلاة) ولو لقرآن أو تعليم (فعطب به أحد) كأعمى ضمن خلافا لهما (لا) يضمن (من سقط(7/167)
منه رداء لبسه) عليه (أو أدخل هذه) الاشياء المذكورات (في مسجد حيه) أي محلته، لان تدبير المسجد لاهله دون غيرهم ففعل الغير مباح فيتقيد بالسلامة (أو جلس فيه للصلاة).
والحاصل: أن الجالس للصلاة في مسجد حيه أو غيره لا يضمن، ولعير الصلاة يضمن مطلقا خلافا لهما، واستظهر في الشرنبلالية معزيا للزيلعي وغيره قولهما، وقد حققته في شرح الملتقى.
وفيه: لو استأجره ليبني أو ليحفر له في فناء حانوته أو داره فتلف به الاجير وإن بعده(7/168)
فعلى شئ إن قبل فراغه فعلى الآمر، كما لو كان في غير فنائه ولم يعلم به الاجير، فإن علمه فعليه كما لو أمره بالبناء في وسط الطريق لفساد الامر، ولو قال الآمر هو فنائي وليس لي حق الحفر فعلى الاجير قياسا: أي لعلمه بفساد الامر فما أغره، وعلى المستأجر استحسانا ا ه.
قلت: وقد قدم هو وغيره القياس هنا، وظاهره ترجيحه سيما على دأب صاحب الملتقى من تقديمه الاقوى، فتأمل (ومن حفر بالوعة في طريق بأمر السلطان أو في ملكه أو وضع خشبة فيها) أي الطريق (أو قنطرة بلا إذن الامام) وكذا كل ما فعل في طريق العامة (فتعمد رجل المرور عليها لم يضمن) لان الاضافة للمباشر أولى من المتسبب، وبهذا تبين أن المتسبب إنما يضمن في حفر البئر ووضع الحجر إذا لم يتعمد الواقع المرور، كذا في المجتبى.
وفيه: حفر في طريق مكة أو غيره من الفيافي لم يضمن، بخلاف الامصار.
قلت: وبهذا عرف أن المراد بالطريق في الكتب الطريق في الامصار دون الفيافي(7/169)
والصحاري لانه لا يمكن العدول عنه في الامصار غالبا دون الصحاري (ولو استأجر) رجل
(أربعة لحفر بئر له فوقعت البئر عليهم) جميعا (من حفرهم فمات أحدهم فعلى كل واحد من الثلاثة الباقية ربع الدية ويسقط ربعها) لان البشر وقع عليهم بفعلهم فقد مات من جنايته وجناية أصحابه فيسقط ما قابل فعله.
خانية وغيرها.
زاد في الجوهرة: وهذا لو البئر في الطريق، فلو في ملك المستأجر فينبغي أن لا يجب شئ لان الفعل مباح فما يحدث غير مضمون ا ه.
قلت: ويؤخذ منه جواب حادثة: هي أن رجلا له كرم وأرضه تارة تكون مملوكة وعليها الخراج كأراضي بيت المال وتارة تكون للوقف وتارة تكون في يده مدة طويلة ويؤدي خراجها ويملك الانتفاع بها بغرس أو غيره فيستأجر هذا الرجل جماعة يحفرون له بئرا ليغرس فيه أشجار العنب وغيره فيسقط على أحدهم، هل لورثته مطالبته بديته؟ قال المصنف: والحكم فيها أو شبهها عدم وجوب شئ على المستأجر، وكذا على الاجراء كما يفيده كلام الجوهرة، ويحمل إطلاق الفتاوى على ما وقع مقيدا لاتحاد الحكم والحادثة، والله أعلم.(7/170)
فروع: لو استأجر رب الدار الفعلة لاخراج جناح أو ظلة فوقع فقتل إنسانا: إن قبل فراغهم من عمله فالضمان عليهم، لانه حينئذ لم يكن مسلما لرب الدار، ويضمن لو رش الماء بحيث يزلق واستوعب الطريق، ولو رش فناء حانوت بإذن صاحبه فالضمان على الآمر استحسانا، وتمامه في الملتقى، والتعالى أعلم.
فصل في الحائط المائل (مال حائط إلى طريق العامة ضمن ربه) أي صاحبه (وما تلف) به من نفس إنسان أو حيوان أو مال (أن طالب ربه) حقيقة أحكما كالواقف والقيم ولو حائط المسجد فتضمن عاقلة الواقف، وكالقيم الولي والراهن والمكاتب(7/171)
والعبد والتاجر وكذا أحد الشركاء، ولو الورثة استحسانا نعم.
وفي الظهيرية: لو مات ربه عن
ابن فقط ودين مستغرق صح الاشهاد على الابن وإن لم يملك الدار.
برجندي وغيره (بنقضه مكلف مسلم أو ذمي) يعني من أهل الطلب فيشترط في الصبي والعبد إذن وليه ومولاه بالخصومة.
زيلعي (حر أو مكاتب وإن لم يشهد) ولا يصح قبل الميل لعدم التعدي (و) الحال أنه (لم ينقضه) وهو يملك نقضه في مدة يقدر على نقضه فيها، لان دفع الضرر العام واجب، ثم ما تلف به من النفوس فعلى العاقلة، ومن الاموال فعليه لان العاقلة لا تعقل المال، ولا ضمان إلا بالاشهاد على ثلاثة أشياء: على التقدم إليه، وعلى الهلاك بالسقوط عليه، وعلى كون الجدار ملكا له من وقت الاشهاد إلى وقت السقوط.(7/172)
ولذا قال: (ولو تقدم إلي من) لا يملك نقضه ممن (يسكنها بإجارة أو إعارة أو إلى المرتهن أو إلى المودع لا يعتد به) لعدم قدرتهم على التصرف، وحينئذ فلو سقط بعد التقدم لمن ذكر (وأتلف شيئا فلا ضمان أصلا) لا على ساكن ولا مالك (كما لو خرج) الحائط (عن ملكه ببيع) أو غيره كهبة.
حاوي قدسي.
وكذا لو جن مطبقا أو أرتد ولحق وحكم بلحاقه ثم عاد أو أفاق.
خانية (بعد الاشهاد ولو قبل القبض) لزوال ولايته بالبيع ونحوه، وإن عاد ملكه بعده.
حاوي وخانية.
بخلاف الجناح لبقاء فعله كما مر (وإن مال إلى دار إنسان) من مالك أو ساكن بإجارة أو غيرها فالاضافة لادنى ملابسة.
قهستاني (فالطلب إليه) لان الحق له (فيصح تأجيله وإبراءه منها) أي من الجناية (وإن مال إلى الطريق فأجله القاضي أو من طلب) النقض (لا) يبرأ لانه بحق العامة وتصرف القاضي في حق العامة نافذ فيما ينفعهم لا فينا يضرهم.
ذخيرة.
بخلاف تأجيل من بالدار.
ولو مال بعضه للطريق وبعضه للدار فأي طلب صح الطلب، لانه إذا صح الاشهاد في(7/173)
البعض صح في الكل.
برجندي (فإن بنى مائلا ابتداء ضمن بلا طلب كما في إشراع الجناح ونحوه) كميزاب لتعديه به (حائط بين خمسة أشهد على أحدهم فسقط على رجل ضمن) عاقلته
(خمس الدية) أي خمس ما تلف به من مال أو نفس لتمكنه من إصلاحه بمرافعته للحاكم.
(دار بين ثلاثة، حفر أحدهم فيها بئرا أو بنى حائطا فعطب به رجل ضمن ثلثي الدية) لتعديه في الثلثين، وقد حصل التلف بعلة واحدة فيقسم بالحصة وقالا: أنصافا، لان التلف قسمان: معتبر، وهدر.
(الاشهاد على الحائط إشهاد على النقض) بالكسر ما ينقض من الجدار وحينئذ (فلو وقع الحائط على الطريق بعد الاشهاد فعثر إنسان بنقضه فمات ضمن) لان النقض ملكه فتفريغه عليه (وإن عثر) رجل (بقتيل مات بسقوطها) أي الحائط (لا يضمنه) لان تفريغه للاولياء لا إليه، بخلاف الجناح حيث يضمن ربه القتيل الثاني أيضا لبقاء جنايته فيلزمه تفريغ الطريق عن القتيل أيضا، يؤيده أنه لو باع الحائط أو النقض برئ ولو باع الجناح لا.
زيلعي (ولا يصح الاشهاد قبل أن يهي الحائط) لانعدام التعدي ابتداء وانتهاء (وتقبل فيه شهادة رجل وامرأتين) لانه شهادة(7/174)
على التقدم لا على القتل.
فروع: حائط بعضه صحيح وبعضه واه فأشهد عليه فسقط كله وقتل إنسانا ضمنه، إلا أن يكون الحائط طويلا فيضمن ما أصاب الواهي فقط لانه حينئذ كحائطين، فالاشهاد يصح في الواهي لا في الصحيح.
حائطان أحدهما مائل والآخر صحيح، فأشهد على المائل فسقط الصحيح فأتلف شيئا كان هدرا.
خانية.
مسجد مال حائطه فالاشهاد على من بناه والدية على عاقلة من بناه، وحائط الوقف على المساكين على عاقلة الوقف، وحائط العبد التاجر على عاقله مولاه ولو مستغرقا استحسانا.
وقال ولي القتيل: إذا جاء غد عفوت عن القصاص، لا يصحح لانه تمليك دل عليه مسألة الاصل.
جارية قتلت رجلا عمدا فزنى بها ولي القتيل قبل أن يقتص لا يحد لانها صارت مملوكة،
ولوالجية، والله تعالى أعلم.
باب جناية البهيمة عليها الاصل أن المرور في طريق المسلمين مباح(7/175)
بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه.
(ضمن الراكب في طريق العامة ما وطئت دابته وما أصابت بيدها أو رجلها أو رأسها أو كدمت) بفمها (أو خبطت) بيدها أو صدمت (فلو حدثت) المذكورات (في السير في ملكه لم يضمن ربها إلا في الوطئ وهو راكبها) لانه مباشر لقتله بثقله فيحرم الميراث.
(ولو حدثت في ملك غيره بإذنه فهو كملكه) فلا يضمن كما إذا لم يكن صاحبها معها.
قهستاني (وإلا) يكن بإذنه ضمن ما تلف مطلقا لتعديه (لا) يضمن الراكب (ما نفحت برجلها) أو ذنبها سائرة، خلافا للشافعي (أو عطب إنسان لما راثت أو بالت في الطريق سائرة(7/176)
أو واقفة لاجل ذلك) لان بعض الدواب لا يفعله إلا واقفا (فلو) أوقفها (لغيره) فبالت (ضمن) لتعديه بإيقافها إلا في موضع أذن الامام بإيقافها فلا يضمن، ومنه سوق الدواب، وأما باب المسجد فكالطريق إلا إذا أعد الامام لها موضعا (فإن أصابت بيدها أو رجلها حصاة أو نواة وأثارت غبارا أو حجرا ففقأ عينا) أو أفسد ثوبا (لم يضمن) لعدم إمكان الاحتراز عنه (ولو) الحجر (كبيرا ضمن) لامكانه (وضمن السائق والقائد ما ضمنه الراكب) وصحح في الدرر أنه مطرود منعكس (و) الراكب (عليه الكفارة) في الوطئ كما مر (لا عليهما) أي لا على سائق(7/177)
وقائد، ولو كان سائق وراكب لم يضمن السائق على الصحيح خلافا لما جزم به القهستاني وغيره، لان الاضافة إلى المباشر أولى من المتسبب كما مر: أي إذا كان سببا لا يعمل بانفراده إتلافا كما هنا، أما في سبب يعمل بانفراده فيشتركان كما يأتي في مسألة نخس الدابة بإذن راكبها، فليحفظ
(وضمن عاقلة كل فارس) أو راجل (دية الآخر إن اصطدما وماتا منه) فوقعا على القفا (لو) كانا (حرين) ليسا من العجم ولا عامدين ولا وقعا على وجوههما (ولو) كانا (عبدين) أو وقعا على الوجه.
ابن كمال (ويهدر دمهما) في العمد والخطأ شرنبلالية وغيرها، ولو كان من العجم فالدية(7/178)
في مالهم كما مر مرارا، ولو كانت عامدين فعلى كل نصف الدية، ولو وقع أحدهما على وجهه هدر دمه فقط، ولو أحدهما حرا والآخر عبدا فعلى عاقلة الحر قيمة العبد في الخطأ ونصفها في العمد (كما لو تجاذب رجلان حبلا فانقطع الحبل فسقطا وماتا على القفا) هدر دمهما لموت كل بقوة نفسه (فإن وقعا على الوجه وجب دية كل واحد منهما على عاقلة الآخر) لموته بقوة صاحبه (فإن تعاكسا) بأن وقع أحدهما على القفا والآخر على الوجه (فدية الواقع على الوجه على عاقلة الآخر) لموته بقوة صاحبه (وهدر) دم (من وقع على القفا) لموته بقوة نفسه (ولو قطع إنسان الحبل بينهما فوقع كل منهما على القفا فمات فديتهما على عاقلة القاطع) لتسببه بالقطع (وعلى سائق دابة(7/179)
وقع أداتها) أي آلاتها كسرج ونحوه (على رجل فمات وقائد قطار) بالكسر قطار الابل (وطئ بعير مرجلا الدية، وإن كان معه سائق ضمنا) لاستوائهما في التسبب، لكن ضمان النفس على العاقلة وضمان المال في ماله، هذا لو السائق من جانب من الابل، فلو توسطها وأخد بزمام واحد ضمن ما خلفه وضمنا ما قدامه وراكب وسطها يضمنه فقط ما لم يأخذ بزمام ما خلفه (فإن قتل بعير ربط على قطار سائر بلا علم قائده رجلا) مفعول قتل (ضمن عاقلة القائد الدية رجعوا بها على عاقلة الرابط) لان دية لا خسران كما توهمه صدر الشريعة، فلو ربط والقطار واقف ضمنها عاقلة القائد بلا رجوع لقوده بلا إذن.(7/180)
(ومن أرسل بهيمة) أو كلبا ملتقى (وكان خلفها سائقا لها فأصابت في فورها ضمن) لانه الحامل لها، وإن لم يمش خلفا فما دامت في دورها فسائق حكما، وإن تراخى انقطع السوق،
فالمراد بالسوق المشي خلفها والمراد بالدابة الكلب.
زيلعي (وإن أرسل طيرا) ساقه أو لا أو دابة (أو كلبا ولم يكن سائقا) له (أو انفلتت دابة) بنفسها (فأصابت مالا أو آدميا نهارا أو ليلا لا ضمان) في الكل لقوله (ص): العجماء جبار.
أي المنفلتة هدر (كما لو حجمت) الدابة (به) أي بالراكب ولو سكران (ولم يقدر) الراكب (على ردها) فإنه لا يضمن كالمنفلتة، لانه حينئذ ليس بمسير لها فلا يضاف سيرها إليه حتى لو أتلفت إنسانا فدمه هدر.(7/181)
عمادية.
(ومن ضرب دابة عليها راكب أو نخسها) بعود بلا إذن الراكب (فنفحت أو ضربت بيدها) شخصا (آخر) غير الطاعن (أو نفرت فصدمته وقتلته ضمن هو) أي الناخس (لا الراكب) وقال أبو يوسف: يضمنان نصفين كما لو كان موقفا دابته على الطريق لتعديه في الايقاف أيضا، وكما لو كان بإذنه ووطئت أحدا في فورها فدمه عليهما ولو نفحت الناخس فدمه هدر، ولو ألقت(7/182)
الراكب فقتلته فديته على عاقلة الناخس، ثم الناخس إنما يضمن لو الوطئ فور النخس، وإلا فالضمان على الراكب لانقطاع أثر النخس.
درر وبزازية (و) ضمن (في فق ء عين دجاجة أو شاة قصاب) أو غبره (ما نقصها) لانها اللحم، وفي عينيها: يخير ربها إن شاء تركها على الفاقي وضمنه قيمتهما أو أمسكها وضمنه النقصان.
زيلعي (وفي عين بقرة جزار وجزوره) أي إبله فائدة الاضافة عدم اعتبار الاعداد للحم في الحكم الآتي.
ابن كمال (وحمار وبغل وفرس ربع القيمة) لان إقامة العمل إنما يمكن بأربع أعين عيناها وعينا مستعملها فصار كأنها ذات أعين أربع.(7/183)
وقال الشافعي رضي الله عنه: كالشاة، والفرق ما قدمناه، لكن يرد عليه أنه لو فقأ عيني حمار مثلا أنه يضمن نصف قيمته، وليس كذلك كما مر.
فالاولى التمسك بما روي: أنه (ص) قضى في عين الدابة بربع القيمة
والتقييد بالعين لانه لو قطع أذنها أو ذنبها يضمن نقصانها، وكذا لسان الثور والحمار، وقيل: جميع القيمة كما لو قطع إحدى قوائمها فإنه يضمن قيمتها، وعليه الفتوى: أي لو غير مأكول، وإن مأكولا خير كما مر في العينين، لكن في العيون: إن أمسكه لا يضمنه شيئا عند أبي حنيفة، وعليه الفتوى.
وعرجها كقطعها.(7/184)
فروع: نقل المصنف عن الدرر: له كلب يأكل عنب الكرم فأشهد عليه فيه فلم يحفظه حتى أكل العنب لم يضمن، وإنما يضمن فيها أشهد عليه فيما يخاف تلف بني آدم كالحائط المائل ونطح الثور وعقر كلب عقور فيضمن إذا لم يحفظه ا ه.
قال المصنف: ويمكن حمل المتلف في قول الزيلعي: وإن أتلف الكلب فعلى صاحبه الضمان إن كان تقدم عليه قبل الاتلاف، وإلا فلا كالحائط المائل على الآدمي ا ه.
فيحصل التوفيق.
قلت: وقد وقع الاستفتاء عمن له نحل يضعه في بستانه فيخرج فيأكل العنب الناس وفواكههم، هل يضمن رب النحل ما أتلفه النحل من العنب ونحوه أم لا، وهل يؤمر بتحويله عنهم إلى مكان آخر أم لا؟ وجوابه: أنه لا يضمن ربه شيئا مطلقا، أشهدوا عليه أم لا، أخذا من مسألة الكلب بل أولى، وكذا ذكره المصنف في معينه.
لكن رأيت في فتواه أنه أفتى بالضمان في مسألة النحل، فراجعه عند الفتوى، وأما تحويله عن ملكه فلا يؤمر لذلك على ما هو ظاهر المذهب.
وأما جواب المشايخ فينبغي أن يؤمر بتحويله إذا كان الضرر بينا على ما عليه الفتوى(7/185)
وفي الصيرفية جمار يأكل حنطة انسان فلم يمنعه حتى أكل الصحيح ضمانه أدخل غنما أو ثورا أو فرسا أو حمارا في زرع أو كرم: إن سائقا ضمن ما أتلف، وإلا لا.
وقيل: يضمن.
وتمامه في البزازية ا ه.
باب جناية المملوك والجناية عليه اعلم أجنايات المملوك لا توجب إلا دفعا واحدا لو محلا، وإلا فقيمة واحدة، ولو فدى القن ثم جني فكالاول ثم وثم، بخلاف المدبر وأختيه فإنها لا توجب إلا قيمة واحدة وسيتضح (جنى عبد خطأ) التقييد بالخطأ هنا إنما يفيد(7/186)
في النفس لان بعمده يقتص، وأما فيما دونها فلا يفيد لاستواء خطئه وعمده فيها دونها، ثم إنما يثبت الخطأ بالبينة أو إقرار مولاه، أو علم القاضي لا بإقراره أصلا.
بدائع.
قلت: لكن قوله أو علم القاضي على غير المفتى به، فإنه لا يعمل بعلم القاضي في زماننا، شرنبلالية عن الاشباه وتقدم (دفعه مولاه) إن شاء (بها فيملكه وليها أو) إن شاء (فداه بأرشها حالا) لكن الواجب الاصل هو الدفع على الصحيح ولذا سقط الواجب بموته، بخلاف موت الحر كما ذكره المصنف وغيره.(7/187)
لكن في الشرنبلالية عن (السراج) والجوهرة للبزدوي أن الصحيح أنه الفداء، حتى لو اختاره ولم يقدر عليه أداه متى وجد، ولم يبرأ بهلاك العبد، وعلله الزيلعي وغيره بأنه اختار أصل حقهم، فبطل حقهم في العبد عند أبي حنيفة ا ه.
ومفاده: أن الاصل عنده الفداء لا الدفع.
وأفاد شارح المجمع في تعليل الامام أن الواجب أحدهما، وأنه متى اختار أحدهما تعين، لكنه قدم أن الدفع هو الاصل وأنه ليس في لفظ الكتاب دلالة عليه (فإن فداه فجنى بعده فهي كالاولى) حكما (فإن جنى جنايتين دفعه بهما إلى وليهما أو فداه بأرشهما، وإن وهبه) أو أعتقه أو دبره أو استولدها المولى (أو باعه غير عالم بها) بالجناية (ضمن الاقل من قيمته و) الاقل (من(7/188)
الارش، وإن علم بها غرم الارش) فقط إجماعا (كبيعه) عالما بها (وكتعليق عتقه بقتل زيد أو رميه
أو شجه ففعل) العبد ذلك كما يصير فارا بقوله إن مرضت فأنت طالق ثلاثا.
(وإن قطع عبد يد حر عمدا ودفع إليه فأعتقه فمات من السراية فالعبد صلح بها) أي بالجناية، لان عتقه دليل تصحيح الصلح (وإن لم يعتقه) وقد سرى (يرد على سيده فيقتل أو يعفى) لبطلان الصلح.
(فإن جنى مأذون له مديون خطأ فأعتقه سيده بلا علم بها غرم لرب الدين الاقل من قيمته ومن دينه و) غرم (لوليها الاقل منها) أي القيمة (ومن الارش، ولو أتلفه) أي العبد الجاني (أجنبي فقيمة واحدة لمولاه) لا غير (فإن ولدت مأذونة مديونة بيعت مع ولدها في الدين) إن كانت(7/189)
الولادة بعد لحوق الدين، فلو ولدت ثم لحقها دين لم يتعلق حق الغرماء بالولد، بخلاف أكسابها فإن جنت فولدت لم يدفع الولد له) أي لولي الجناية لتعلقها بذمة المولى لا ذمتها، بخلاف الدين (عبد) لرجل.
(زعم رجل أن سيده حرره فقتل) العبد المعتق (وليه) أي ولي الزاعم عتقه (خطأ فلا شئ للحر عليه) لانه بزعمه عتقه أقر أنه لا يستحق العبد، بل الدية، لكنه لا يصدق على العاقلة إلا بحجة (فإن قال معتق) رقه معروف لرجل (قتلت أخاك) يخاطب به مولاه الذي أعتقه (خطأ قبل عتقي فقال الاخ) الذي هو المولى (لا بل بعده صدق الاول) لانه منكر للضمان وإن قال لها قطعت يدك وأنت أمتي وقالت) هي لا بل (فعلت بعد العتق فالقول لها) لانه أقر بسبب الضمان ثم ادعى ما يبرئه فلا يكون القول له (وكذا القول لها في كل ما أخذه) المولى (منها) من المال لما ذكرنا استحسانا (إلا الجماع والغلة) فالقول له لاسناده لحالة معهودة منافية للضمان.(7/190)
عبد محجور أو صبي أمر صبيا بقتل رجل فقتله فديته على (عاقلة القاتل) لان عمد الصبي خطأ، (ورجعوا على العبد بعد عتقه) وقيل: لا (لا على الصبي الآمر أبدا) لقصور أهليته (وإن كان
مأمور العبد) عبدا (مثله دفع سيد القاتل أو فداه في الخطأ، ولا رجوع له على الآمر في الحال، ويرجع بعد العتق بالاقل من الفداء وقيمة العبد) لانه مختار في دفع الزيادة لا مضطر (وكذا) الحكم في العمد (إن كان العبد القاتل صغيرا) لان عمده خطأ (فإن كبيرا اقتص) منه.
(عبد حفر بئرا فأعتقه مولاه ثم وقع فيها إنسان أو أكثر فهلك فلا شئ عليه) لان جناية العبد لا توجب عليه شيئا(7/191)
(ويجب على المولى قيمة واحدة) ولو الواقع ألفا.
زيلعي (فإن قتل) عبد (عمدا) رجلين (حرين لكل) منهما (وليان فعفا أحد ولي كل منهما دفع السيد نصفه إلى الحرين) اللذين لم يعفوا (أو فداه بدية) كاملة، لانه بذلك العفو سقط القود وانقلب مالا، وهو ديتان، وسقط دية نصيب العافيين وبقي دية نصيب الساكتين، أو يدفع نصفه لهما.
(فإن قتل) العبد أحدهما عمدا والآخر خطأ وعفا أحد ولي العمد فدى بدية لولي الخطأ ونصفها لاحد ولي العمد الذي لم يعف (أو دفع إليهما وقسم أثلاثا عولا) عنده وأرباعا منازعة عندهما (فإن قتل عبدهما قريبهما وإن عفا أحدهما بطل كله)، وقالا: يدفع الذي عفا نصف نصيبه للآخر أو يفديه بربع الدية، وقيل: محمد مع الامام، ووجهه: أنه انقلب بالعفو مالا والمولى لا يستوجب على عبده دينا(7/192)
فلا تخلفه الورثة فيه.
والله أعلم.
فصل في الجناية على العبد (دية العبد قيمته، فإن بلغت هي دية الحر و) بلغت قيمة الامة دية الحرة (نقص من كل) من دية عبد وأمة (عشرة) دراهم إظهارا لانحطاط رتبة الرقيق عن الحر، وتعيين العشرة بأثر ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، وعنه من الامة خمسة، ويكون حينئذ على العاقلة في ثلاث سنين خلافا لابي يوسف (وفي الغصب تجب القيمة بالغة ما بلغت) بالاجماع (وما قدر من دية الحر قدر
من قيمته) وحينئذ (ففي يده نصف قيمته) بالغة ما بلغت في الصحيح.
درر.
وقيل: لا يزاد على خمسة آلاف إلا خمسة،(7/193)
جزم به في الملتقى وتجب حكومة عدل في لحيته في الصحيح، وقيل: كل قيمته.
(قطع يد عبد فحرره سيده فسر فمات منه) وله (للعبد ورثة غيره) غير المولى (لا ينقص) لاشتباه من له الحق (وإلا) يكن له غير المولى (اقتص منه) خلافا لمحمد (قال) لعبديه (أحدهما حر فشجا فبين المولى العتق في أحدهما) بعد الشج (فأرسهما للسيد) لان البيان كالانشاء، ولو قتلا فدية حر وقيمة عبد لو القاتل واحدا معا(7/194)
وقيمتهما سواء، وإن قتل كلا واحد معا أو على التعاقب ولم يدر الاول فقيمة العبدين.
زيلعي.
(فقأ رجل (عيني عبد) خير مولاه: إن شاء (دفع مولاه عبده) المفقوء للفاقئ (وأخذ) منه (قيمته) كاملة (أو أمسكنه ولا يأخذ منه النقصان، وقالا: له أخذ النقصان.
وقال الشافعي) ضمنه القيمة وأمسك الجثة العمياء (ولو جنى مدبر أو أم ولد ضمن السيد الاقل من القيمة ومن الارش) لقيام فيمتهما مقامهما (فإن دفع القيمة بقضاء فجنى المدبر أو أم الولد جناية أخرى يشارك الثاني الاول) إذ ليس في جناياته كلها إلا قيمة واحدة، ولا شئ على المولى لانه مجبور على الدفع (ولو)(7/195)
دفع القيمة لولي الاولى (بغير قضاء اتبع السيد) بحصته من القيمة ورجع بها على الاول لانه قبضه بغير حق، لان المولى لا يجب عليه إلا قيمة واحدة (أو) اتبع (ولي الجناية) الاولى، وقالا: لا شئ على المولى (وإن أعتق) المولى (المدبر وقد جنى جنايات لم تلزمه) أي المولى (إلا قيمة واحدة علم بالجناية) قبل العتق (أولا) لان حق الولي لم يتعلق بالعبد، فلم يكن مفوتا بالاعتاق (وأم الولد كالمدبر) فيما مر.
(أقر المدبر أو أم الولد بجناية توجب المال لم يجز إقراره) لانه إقرار على المولى (بخلاف ما إذا
أقر بالقتل عمدا فإنه يصح إقراره) على نفسه (فيقتل به) ولو جنى المدبر خطأ فمات لم تسقط قيمته عن مولاه، ولو قتل المدبر مولاده خطى سعى في قيمته، ولو عمدا قتله الوارث أو استسعاه في قيمته ثم قتله.
درر.
والله أعلم.(7/196)
فصل في غصب القن وغيره (قطع يد عبده فغصبه رجل) وسرى فمات (منه ضمن) الغاصب (قيمته أقطع، وإن قطع يده وهو في يد غاصب فمات منه برئ) الغاصب لصيرورته متلفا فيصير مستردا.
(غصب عبد محجور مثله فمات في يده ضمن) لان المحجور مؤاخذ بأفعاله لا بأقواله إلا بعد عتقه.
(مدبر جنى عند غاصبه) فرد (ثم جنى عند سيده) أخرى (ضمن السيد قيمته لهما) نصفين (ورجع) المولى (بنصف قيمته على الغاصب ودفعه: أي دفع المولى نصف قيمته (إلى) ولي الجناية (الاول) لان حقه لم يجب إلا والمزاحم قائم(7/197)
(ثم رجع) المولى (به على الغاصب) لانه أخذ منه بسبب كان عند الغاصب (وبعكسه) بأن جنى عند مولاه ثم عند غاصبه (لا يرجع) المولى على الغاصب (به ثانيا) لان الجناية الاولى كانت في يد مالكه (والقن) في الفصلين (كالمدبر غير أن المولى يدفع العبد) نفسه (هنا وثمة) أي في المدبر (القيمة) كما مر (مدبر جنى عند غاصبه فرده فغصب) ثانيا (فجنى عنده) كان (على سيده قيمته لهما ورجع بقيمته على الغاصب) لكونهما عنده (ودفع) المولى (نصفها) أي القيمة المأخوذة ثانيا (إلى) ولي الجناية (الاول ورجع) المولى (بذلك النصف على الغاصب) وأم الولد في كلها كمدبر.
(غصب) رجل (صبيا حرا) لا يعبر عن نفسه، والمراد بغصبه الذهاب به بلا إذن وليه (فمات) هذا الحر (في يده فجأة أو بحمى لم يضمن، وإن مات بصاعقة أو نهش حية فديته على عاقلة الغاصب) استحسانا لتسببه بنقله لمكان الصواعق أو الحيات، حتى لو نقله(7/198)
لموضع يغلب فيه الحمى والامراض ضمن، فتجب فيه الدية على العاقلة لكونه قتلا تسببا، هداية وغيرها.
قلت: بقي لو نقل الحر للكبير لهذه الاماكن تعديا: إن مقيدا ولم يمكنه التحرز عنه ضمن، وإن لم يمنعه من حفظ نفسه لا لانه بتقصيره، فحكم صغير ككبير مقيد.
عناية (ولو غصب صبيا فغاب عن يده حبس) الغاصب (حتى يجئ به أو يعلم موته) خانية، كما لو خدع امرأة رجل حتى وقعت الفرقة بينهما فإنه يحبس حتى يردها أو تموت.
خلاصة.
(أمر ختانا ليختن صبيا ففعل) الختان ذلك (فقطع حشفته ومات الصبي) من ذلك (فعلى عاقلة الختان نصف ديته، وإن لم يمت فعلى عاقلته كلها) وقد تقدمت في باب ضمان الاجير وفي(7/199)
معاياة الوهبانية نظما: ومن ذا الذي إن مات مجنيه فما عليه إذا مات بالموت يشطر (كمن حمل صبيا على دابة وقال: امسكها لي فسقط الصبي ولم يكن منه تسيير فمات كان على عاقلة من حمله ديته) أي دية الصبي (كان الصبي ممن يركب مثله أولا) يركب.
وتمامه في الخانية (كصبي أودع عبدا فقتله) أي قتل الصبي العبد المودع ضمن عاقلة الصبي قيمته (فإن أودع طعاما) بلا إذن وليه، وليس مأذونا له في التجارة (فأكله لم يضمن) لانه سلطه عليه.
وقال أبو يوسف والشافعي: يضمن.
وكذا لو أودع عبد محجور مالا فاستهلكه ضمنه بعد عتقه.
وعند أبي يوسف والشافعي: في الحال، وكذا الخلاف لو أعيرا أو أقرضا، ولو كان بإن أو مأذونا ضمن الاجماع كما لو استهلك الصبي مال الغير بلا وديعة ضمنه للحال.
قلت: وهذا كله لو الصبي عاقلا: وإلا فلا يضمن بالاجماع.
وتمامه في العناية والشرنبلالية عن الشلبي ومسكين، على خلاف ما في الملتقى والهداية والزيلعي، فليحفظ.(7/200)
باب القسامة هي لغة: بمعنى القسم وهو اليمين مطلقا: وشرعا: اليمين بالله تعالى بسبب مخصوص وعدد مخصوص على شخص مخصوص على وجه مخصوص، وسيأتي بيانه (ميت) حر ولو ذميا أو مجنونا.
شرنبلالية (به جرح أو أثر ضرب أو خنق أو خروج دم من أذنه أو عينه وجد في محله أو) وجد (بدنه أو أكثره) من أي جانب كان (أو نصفه مع رأسه) والنص وإن ورد في البدن لكن(7/201)
للاكثر حكم الكل، حتى لو وجد أقل من نصفه ولو مع رأسه لا لئلا يؤدي لتكرار القسامة في قتيل واحد وهو غير مشروع (ولم يعلم قاتله) إذ لو علم كان هو الخصم وسقط القسامة (وادعى وليه القتل على أهلها) أي المحلة كلهم (أو) ادعى على (بعضهم حلف خمسون رجلا منهم يختارهم الولي بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا) بأن يحلف كل منهم بالله ما قتلت ولا علمت له قاتلا (لا يحلف الولي) وقال الشافعي: إن كان ثمة لوث استحلف الاولياء خمسين يمينا أن أهل المحلة قتلوه(7/202)
ثم يقضي بالدية على المدعى عليه، وقضى مالك بالقود لو الدعوى بالعمد (ثم قضى على أهلها بالدية) لا مطلقا بل (إن وقعت الدعوى بقتل عمد وإن) وقعت الدعوى (بخطأ فعلى) أي فيقضي بالدية على (عواقلهم) كما في شرح المجمع معزيا للذخيرة والخانية.
ونقل ابن الكمال عن المبسوط أن في ظاهر الرواية القسامة على أهل المحلة والدية على عواقلهم: أي في ثلاث سنين، وكذا قيمة القن تؤخذ في ثلاث سنين.
شرنبلالية (وإن لم يتم العدد كرر الحلف عليهم ليتم خمسين يمينا، وإن تم) العدد (وأراد الولي تكراره لا، ومن نكل منهم حبس حتى يحلف(7/203)
على الوجه المذكور هنا) هذا في دعوى القتل العمد، أما في الخطأ فيقضي بالدية على عاقلتهم ولا يحبسون.
ابن كمال معزيا للخانية.
ولو أقر على نفسه أو عبده قبل إقراره، ولو على غيره فصدقه الولي سقط التحليف عن أهل المحلة (ولا قسامة علصبي ومجنون وامرأة وعبد، ولا قسامة ولا دية في ميت لا أثر به) لانه ليس بقتيل، لان القتيل عرفا هو فائت الحياة بسبب مباشرة الحي، وأنه مات حتف أنفه والغرامة تتبع فعل العبد (أو يسيل دم من فمه أو أنفه أو دبره أو ذكره) لان الدم يخرج منها عادة بلا فعل أحد، بخلاف الاذن والعين(7/204)
(أو نصف منه) أي لا قسامة فنصف ميت (شق طولا أو أقل منه) أي من نصفه (ولو معه الرأس) لما مر (أو على رقبته) أي الميت (حية ملتوية) لان الظاهر أنه مات بها.
بزازية (وما تم خلقه ككبير) أي وجد سقط تام الخلقة به أثر الضرب وجبت القسامة والدية.
وفي الظهيرية ما يخالفه (فإن ادعى الولي على واحد من غيرهم) كان إبراء منه لاهل المحلة و (سقطت) القسامة عنهم (و) إن ادعى الولي (على معين منهم لا) تسقط، وقيل: تسقط (قتيل على دابة معها سائق أو قائد أو راكب فديته على عاقلته) دون أهل المحلة لانه في يده فصار كأنه في داره (ولو اجتمع) فيها (سائق وقائد وراكب فالدية عليهم جميعا وإن لم تكن ملكا لهم)(7/205)
عملا بيدهم.
وقيل: القسامة والدية على مالك الدابة كالدار.
وقيل: لا يجب على السائق إلا إذا كان يسوقها مختفيا، وبه جزم في الجوهرة وإن لم يكن معها أحد فالدية والقسامة على أهل المحلة التي فيها القتيل على الدابة (وإن مرت دابة عليها قتيل بين قريتين) أو قبيلتين (فعلى أقربهما) لما روي: أنه (ص) أمر في قتيل وجد بين قريتين بأن يذرع، فوجد إلى أحدهما أقرب بشبر فقضى عليها بالقسامة ولو استويا فعليهما، وقيد الدابة اتفاقي.
قهستاني بشرط سماع الصوت منهم هكذا عبارة الزيلعي.
وعبارة الدرر وغيرها منه عبارة البرجندي نقلا عن الكافي يسمعون صوته لانه حينئذ يلحقه الغوث فينسبون إلى التقصير في النصرة (وإلا) بأن كان في موضع لا يسمع منه الصوت
(لا) تلزمهم نصرته فلا ينسبون إلى التقصير فلا يجعلون قاتلين تقديرا (ويراعى حال المكان الذي(7/206)
وجد فيه القتيل فإن كان مملوكا تجب القسامة على الملاك والدية على عاقلتهم) وكذا لو موقوفا على أرباب معلومين، لان العبرة للملك والولاية كما أفاده المصنف مستندا للولوالجية والبزازية.
قلت: وسيجئ التصريح به في المتن تبعا للدرر وغيرها وحينئذ، فلا عبرة للقرب إلا إذا وجد في مكان مباح لا ملك لاحد ولا يد، وإلا فعلى ذي الملك واليد، والمراد بالولاية واليد الخصوص ولو لجماعة يحصون، فلو لعامة المسلمين فلا قسامة ولا دية على أحد.
بدائع.
لكن سيجئ وجوبا في بيت المال، فتأمل، والمراد باليد أيضا المحقة.
وأما الاراضي التي لها مالك أخذها وال ظلما فينبغي أن يكون القتيل فيها هدرا لانه ليس على الغاصب دية.
قهستاني عن الكرماني، فليحرر(7/207)
(وإن مباحا لكنه في أيدي المسلمين تجب الدية في بيت المال) لما ذكرنا أنه إذا كان بحال يسمع منه الصوت يجب عليه الغوث.
كذا في الولوالجية.
وفيها (ولو وجد) قتيل (في أرض رجل إلى جانب قرية ليس صاحب الارض منها) أي من أهل القرية (فهي عليه) على رب الارض (لا على أهلها) أي القرية لان العبرة للملك والولاية ا ه.
قلت: فهذا صريح في أن القرب إنما يعبر إذا وجد في أرض مباحة لا مملوكة ولا موقوفة، لان تدبيره لاربابه، وسيجئ متنا فتنبه (وإن وجد في دار إنسان فعليه القسامة) لو عاقلته حضورا دخلوا في القسامة أيضا خلافا لابي يوسف.
ملتقى (والدية على عاقلته) إن ثبت أنها لها بالحجة كما سيجئ وكان له عاقلة وإلا فعليه (وهي) أي الدية والقسامة (على أهل الخطة) الذين حط لهم الامام أول الفتح، ولو بقي منهم واحد (دون السكان والمشترين) وقال أبو يوسف: كلهم مشتركون (فإن باع كلهم فعلى المشترين) بالاجماع (وإن وجد في دار بين قوم(7/208)
لبعض أكثر فهي على) عدد (الرؤوس) كالشفعة (وإن بيعت ولم تقبض) حتى وجد فيها قتيل (فعلى عاقلة البائع، وفي البيع بخيار على عاقلة ذي اليد) خلافا لهما (ولا تعقل عاقلة حتى يشهد الشهود أنها) أي الدار التي فيها قتيل (لذي اليد) ولو هو القتيل كما سيجئ، ولا يكفي مجرد اليد حتى لو كان به لم تلد عاقلته ولا نفسه درر.
معللا بأنه لا يمكن الايجاب على الورثة للورثة.
لكن فيه بحث لما تقرر أن الدية للمقتول حتى يقضي منه ديونه، وإن لم يبق للورثة شئ ثم الورثة يخلفون فيكون الايجاب على الورثة للميت لا للورثة.
كذا قيل.(7/209)
قلت: وقد يقال: لما كان هو لا يدي لنفسه فغيره بالاولى لقوة الشبهة، فتأمل (وإن) وجد (في الفلك فالقسامة) والدية ضرر (على من فيها من الركاب والملاحين) اتفاقا لانه في أيديهم كالدابة (وكذا العجلة) حكمها كفلك (وفي مسجد محلة وشارعها) الخاص بأهلها كما أفاده ابن كمال مستندا للبدائع، وقد حققه منلا خسرو وأقره المصنف (على أهلها وسوق مملوك على الملاك) وعند أبي يوسف: على السكان.
ملتقى (وفي غيره) أي غير المملوك (والشارع الاعظم) هو النافذ (والسجن والجامع) وكل مكان يكون التصرف فيه لعامة المسلمين لا لواحد منهم ولا لجماعة يحصون(7/210)
(لا قسامة) ولا دية على أحد.
ابن كمال (و) إنما (الدية على بيت المال) لان الغزم بالغنم، ثم إنما تجب الدية فيما لو ذكر على بيت المال (إن كان نائيا) أي بعيدا (عن المحلات وإلا) يكن نائيا بل قريبا منها (فعلى أقرب المحلات إليه) الدية والقسامة لانه محفوظ بحفظ أهل المحلة، فتكون القسامة والدية على أهل المحلة، وكذا في السوق النائي إذ كان من يسكنها في الليالي، أو كان لاحد فيها دار مملوكة تكون القسامة والدية عليه لانها يلزمه صيانة ذلك الموضع، فيوصف بالتقصير، فيجب عليه موجب التقصير كما في العناية معزيا للنهاية.
قلت: وبه أفتى المرحوم أبو السعود أفندي مفتي الروم، واعتمده المصنف وإن خلا عنه
المتون، لانه مصرح به في غالب الفتاوى والشروح، فليحفظ (ويهدر لو) وجد (في برية أو وسط الفرات) إذا كان يمر به الماء لا محتبسا كما سيجئ، إذ لا يد لاحد.
وقيل: إذا كان موضع انبعاث مائة في دار الاسلام تجب الدية في بيت المال، لانه في أيدي المسلمين، ابن كمال (وفي(7/211)
نهر صغير) هو ما يستحق به الشفعة (على أهله) لاختصاصهم به (ولو كانت البرية مملوكة) أو وقفا (لاحد) كما مر وسيجئ (أو كانت قريبة من القرية) أو الاخبية أو الفسطاط بحيث يسمع منه الصوت (تجب على المالك) أو ذي اليد (أو على أهل القرية) أو أقرب الاخبية.
زيلعي (ولو محتبسا بالشط) أو بالجزيرة أو مربوطا أو ملقى على الشط (فعلى أقرب) المواضع إليه في من القرى والامصار.
زاد في الخانية: والاراضي، وأقره المصنف (إذا كان يصل صوت أهل الارض والقرى إليه وإلا لا) كما مر (وإن التقى قوم بالسيوف فأجلوا) أي تفرقوا (عن قتيل فعلى أهل المحلة) لان حفظها عليهم (إلا أن يدعي الولي على أولئك أو) يدعي (على) بعض (معين منهم) فلم يكن على أهل المحلة شئ ولا على أولئك حتى يبرهن، لان بمجرد الدعوى لا يثبت الحق، وبرئ أهل المحلة لان قوله حجة عليه (ومستحلف) على صيغة اسم المفعول.
قال قتله زيد حلف بالله ما قتلت ولا عرفت له قاتلا غير زيد) ولا يقبل قوله في حق من يزعم أنه قتله (وبطل شهادة بعض أهل المحلة بقتل غيرهم) خلافا لهما (أو) بقتل (واحد منهم)(7/212)
بعينه للتهمة (ومن خرج في حي فنقل) منه (فبقي ذا فراش حتى مات فالدية والقسامة على) ذلك (الحي) خلافا لابي يوسف، فلو معه جريح به رمق فحمله آخر لاهله مدة فمات لم يضمن عند أبي يوسف، وفي قياس قول أبي حنيفة يضمن(7/213)
(وفي رجلين بلا ثالث وجد أحدهما قتيلا ضمن الآخر) لان الظاهر أن الانسان لا يقتل نفسه (ديته) عند أبي حنيفة خلافا لمحمد (وفي قتيل قرية لامرأة كرر الحلف عليها وتدي عاقلتها)
وعند أبي يوسف: القسامة على العاقلة أيضا.
قال المتأخرون: والمرأة تدخل في التحمل مع العاقلة في هذه المسألة، كذا في الملتقى، وهو الاصح ذكره الزيلعي (وإن وجد) قتيل (في دار(7/214)
نفسه فالدية على عاقلة ورثته) عند أبي حنيفة (وعندهما وزفر: لا شئ فيه) أي في القتيل المذكور (وبه يفتى) كذا ذكره منلا خسرو تبعا لما رجحه صدر الشريعة وتبعهما المصنف، وخالفهم ابن الكمال فقال لهما: إن الدار في يده حين وجه الجرح فيجعل كأنه قتل نفسه فيكون هدرا، وله أن القسامة إنما تجب بظهور القتيل، وحال ظهوره الدار لورثته فديته على عاقلتهم، لا يقال العاقلة إنما يتحملون ما يجب على الورثة تخفيفا لهم، ولا يمكن الايجاب على الورثة للورثة، لان الايجاب ليس للورثة بل للقتيل حتى تقضى منه ديونه وتنفذ وصاياه ثم يخلفه الوارث فيه، وهو نظير الصبي والمعتوه إن قتل أباه تجب الدية على عاقلته وتكون له ميراثا، فتنبه (ولو وجد في أرض موقوفة أو دار كذلك) يعني موقوفة (على أرباب معلومة فالقسامة والدية على أربابها) لان تدبيره إليهم (وإن كانت) الارض أو الدار (موقوفة على المسجد فهو كما لو وجد فيه) أي في(7/215)
المسجد.
زيلعي ودرر وسراجية وغيرها.
وقد قدمناه.
قلت: والتقييد بكون الارباب الموقوف عليهم معلومين ليخرج غير المعلومين، كما لو كان وقفا على الفقراء والمساكين، فإن الظاهر أن الدية تكون في بيت المال، لانه حينئذ يكون من جملة ما أعد لمصالح المسلمين فأشبه الجامع، قاله المصنف بحثا (ولو وجد في معسكر في فلاة غير مملوكة ففي الخيمة والفسطاط على من يسكنهما وفي خارجهما) أي الخيمة والفسطاط (إن كانوا) أي ساكنوا خارجها (قبائل فعلى قبيلة وجد القتيل فيها، ولو بين قبيلتين كان) حكمه (كما) مر (بين القريتين) ولو نزلوا جملة مختلفين فعلى كل العسكر، ولو كانوا قد قاتلوا عدوا فلا قسامة ولا دية، ملتقى (ولو) كانت الارض التي نزل فيها العسكر (مملوكة فعلى المالك) بالاجماع لانهم سكان، ولا يزاحمون المالك في القسامة والدية، درر.
لكن في الملتقى خلافا لابي يوسف، فتنبه
(و) فيها (لو وجد في قرية لايتام لم يكن على الايتام قسامة وهي على عاقلتهم) لانهم ليسوا من أهل اليمين (وإن كان فيهم مدرك فعليه) لانه من أهل اليمين، ولوالجية.(7/216)
فروع: لو وجد في دار صبي أو معتوه فعلى عاقلتهما، ولو في دار ذمي حلف خمسين ويدي من ماله، ولو تعاقلوا فعلى العاقلة، ولو مر رجل في محله فأصابه سهم أو حجر ولم يدر من أين ومات منه فعلى أهل المحلة القسامة والدية، سراجية.
وفي الخانية: وجد بهيمة أو دابة مقتولة فلا شئ فيها، وإن وجد مكاتب أو مدبر أو أم ولد قتيلا في محله فالقسامة والقيمة على عواقلهم في ثلاث سنين، ولو وجد العبد قتيلا في دار مولاه فهدر، إلا مديونا فقيمته على مولاه لغرمائه حالة، وإلا مكاتبا فقيمته على مولاه مؤجلة، ولو وجد المولى قتيلا في دار مأذونه مديونا أو لا فعلى عاقلة المولى، ولو وجد الحر قتيلا في دار أبيه أو إماء أو المرأة في دار زوجها فالقسامة والدية على العاقلة ولا يحرم من الميراث ا ه.(7/217)
كتاب المعاقل (هي جمع معقل) بفتح فسكون فضم (وهي الدية) وتسمى عقلا لانها تعقل الدماء من أن تسفك: أي تمسكه، ومنه العقل لانه يمنع القبائح (والعاقلة أهل الديوان) وهم العسكر، وعند الشافعي: أهل العشيرة وهم العصبات (لمن هو منهم فيجب عليهم كل دية وجبت بنفس القتل)(7/218)
خرج ما انقلب ما لا يصلح أو بشبهة كقتل الاب ابنه عمدا فديته في ماله كما مر في الجنايات (فتؤخذ من عطاياهم) أو من أرزاقهم، والفرق بين العطية والرزق أن الرزق ما يفرض في بيت المال بقدر الحاجة والكفاية مشاهرة أو مياومة، والعطاء ما يفرض في كل سنة لا بقدر الحاجة بل بصبره وعنائه في أمر الدين (في ثلاث سنين) من وقت القضاء، وكذا ما يجب في مال القاتل عمدا بأن قتل الاب ابنه يؤخذ في ثلاث سنين عندنا، وعند الشافعي تجب حالا (فإن خرجت
العطايا في أكثر من ثلاث أو أقل تؤخذ منه) لحصول المقصود (وإن لم يكن) القاتل (من أهل الديوان فعاقلته قبيلته) وأقاربه وكل من يتناصر هو به.
تنوير البصائر.(7/219)
(وتقسم) الدية (عليهم في ثلاث سنين لا يؤخذ في كل سنة إلا درهم أو درهم وثلث، ولم تزد على كل واحد من كل الدية في ثلاث سنين على أربعة) على الاصح، ثم السنين بمعنى العطيات.
قهستاني.
فليحفظ (فإن لم تسع القبيلة لذلك ضم إليهم أقرب القبائل نسبا على ترتيب العصبات والقاتل) عندنا (كأحدهم ولو) القاتل (امرأة أو صبيا أو مجنونا) فيشاركهم على الصحيح.
زيلعي (وعاقلة المعتق قبيلة سيده ويعقل عن مولى الموالاة مولاه) وقبيلة مولاه.(7/220)
(و) اعلم أنه (لا تعقل عاقلة جناية عبد ولا عمد) وأن سقط قوده بشبهة أو قتله ابنه عمدا كما مر (ولا ما لزم بصلح أو اعتراف) وما ما دون نصف عشر الدية لقوله عليه الصلاة والسلام: لا تعقل العواقل عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا ولا ما دون أرش الموضحة بل الجاني (إلا أن يصدقوه في إقراره(7/221)
أو تقوم حجة) وإنما قبلت بالبينة هنا مع الاقرار مع أنها تعتبر معه، لانها تثبت ما ليس بثابت بإقرار المدعى علي وهو الوجوب على العاقلة (ولو تصادق القاتل وأولياء المقتول على أن قاضي بلد كذا قضى بالدية على عاقلته بالبينة وكذبهما العاقلة فلا شئ عليها) أي على العاقلة، لان تصادقهما ليس بحجة عليهم ولا عليه في ماله إلا حصته، لان تصادقهما حجة في حقهما.
زيلعي.
واعلم أن الخصم في ذلك هو الجاني، لان الحق عليه، ولو كان صبيا فالخصم أبوه.
خانية.
قلت: يؤخذ من قوله الخصم هو الجاني لا العاقلة جواب حادثة الفتوى، وهي أن صبيا
فقأ عين صبية فماتت فأراد وليها تحليف العاقلة على نفي فعل الصبي.
والجواب أنه لا تحليف لان ذلك فرع صحة الدعوى وهي غير متوجهة على العاقلة، وبقي هنا شئ وهو أن العاقلة لو(7/222)
أقروا بفعل الجاني هل يصح إقرارها بالنسبة إليهم حتى يقضى عليهم بالدية أم لا؟ فإن قلنا: نعم ينبغي أن يجري الحلف في حقهم لظهور فائدته قاله المصنف بحثا فليحرر (وإن جنى حر على نفس عبد خطأ فهي على عاقلته) يعني إذ قتله، لان العاقلة لا تتحمل أطراف العبد.
وقال الشافعي: لا تتحمل النفس أيضا (ولا يدخل صبي وامرأة ومجنون في العاقلة إذا لم يتناصروا) يعني لو القاتل غيرهم وإلا فيدخلون على الصحيح كما مر (ولا يعقل كافر عن مسلم ولا بعكسه) لعدم التناصر (والكفار يتعاقلون فيما بينهم وإن اختلفت مللهم) لان الكفر كله ملة واحدة: يعني إن تناصروا، وإلا ففي ماله في ثلاث سنين كالمسلم كما بسطه في المجتبى، وإذا لم يكن للقاتل عاقلة كلقيط وحربي أسلم (فالدية في بيت المال) في ظاهر الرواية، وعليه الفتوى: درر وبزازية: وجعل الزيلعي رواية وجوابها في ماله رواية شاذة.(7/223)
قلت: وظاهر في ما المجتبى عن خوارزم من أن تناصرهم قد انعدم وبيت المال قد انهدم يرجح وجوبها في ماله، فيؤدي في كل سنة ثلاثة دراهم أو أربعة كما نقله في المجتبى عن الناطفي.
قال: وهذا حسن لا بد من حفظه، وأقره المصنف فليحفظ، فقد وقع في كثير من المواضع أنها في ثلاث سنين، فافهم، وهذا (إذا كان القاتل (مسلما) فلو ذميا ففي ماله إجماعا.
بزازية (ومن له وارث معروف مطلقا) ولو بعيدا أو محروما برق أو كفر (لا يعقله بيت المال) وهو الصحيح كما بسطه في الخانية (ولا عاقلة للعجم) وبه جزم في الدرر، قاله المصنف لعدم تناصرهم، وقيل لهم عواقل لانهم يتناصرون كالاساكفة والصيادين والصرافين والسراجين، فأهل محلة القاتل وصنعته عاقلته، وكذلك طلبة العلم..قلت: وبه أفتى الحلواني وغيره.
خانية.
زاد في المجتبى: والحاصل أن التناصر أصل في
هذا الباب ومعنى التناصر أنه إذا حز به أمر قاموا معه في كفايته.
وتمامه فيه.
وفي تنوير البصائر معزيا للحافظية: والحق أن التناصر فيهم بالحرف فهم(7/224)
عاقلته إلى آخره فليحفظ، وأقره القهستاني، لكن حرر شيخ مشايخنا الحانوتي إن التناصر منتف الآن لغلبة الحسد والبغض وتمني كل واحد المكروه لصاحبه، فتنبه.
قلت: وحيث لا قبيلة ولا تناصر فالدية في ماله أو بيت المال.(7/225)
كتاب الوصايا يعم الوصية والايصاء، يقال: أوصى إلى فلان: أي جعله وصيا، والاسم منه الوصاية وسيجئ في باب مستقل، وأوصى لفلان بمعنى ملكه بطريق الوصية، فحينئذ (هي تمليك مضاف إلى ما بعد الموت) عينا كان أو دينا.
قلت: يعني بطريق التبرع ليخرج نحو الاقرار بالدين فإنه نافذ من كل المال(7/226)
كما سيجئ، ولا ينافيه وجوبها لحقه تعالى، فتأمله (وهي) على ما في المجتبى أربعة أقسام: (واجبة بالزكاة) والكفارة (و) فدية (والصيام والصلاة التي فرط فيها) ومباحة لغني ومكروهة لاهل فسوق (وإلا فمستحبة) ولا تجب للوالدين والاقربين، لان آية البقرة منسوخة بآية النساء.(7/227)
(سببها) ما هو (سبب التبرعات، وشرائطها كون الموصي أهلا للتمليك) فلم تجز من صغير أو مجنون ومكاتب، إلا إذا أضاف لعتقه كما سيجئ (وعدم استغراقه بالدين) لتقدمه على الوصية كما سيجئ (و) كون (الموصى له حيا وقتها) تحقيقا أو تقديرا ليشمل الحمل الموصى له فافهمه، فإن به يسقط إيراد الشرنبلالية (و) كونه (غير وارث) وقت الموت (ولا قاتل) وهل يشترط كونه معلوما.
قلت: نعم كما ذكره ابن سلطان وغيره في الباب الآتي (و) كون (الموصى به قابلا للتمليك بعد موت الموصي) بعقد من العقود مالا أو نفعا موجودا للحال أو معدوما،(7/228)
وأن يكون بمقدار الثلث.
(وركنها قوله: أوصيت بكذا لفلان وما يجري مجراه من الالفاظ المستعملة فيها).
وفي البدائع: ركنها الايجاب والقبول.
وقال زفر: الايجاب فقط.
قلت: والمراد بالقبول ما يعم الصريح والدلالة بأن يموت الموصى له بعد موت الموصي بلا قبول كما سيجئ (وحكمها كون الموصى به ملكا جديدا للموصى له) كما في الهبة فليلزمه(7/229)
استبراء الجارية الموصى بها (وتجوز بالثلث للاجنبي) عند عدم المانع (وإن لم يجز الوارث ذلك لا الزيادة عليه إلا أن تجيز ورثته بعد موته) ولا تعتبر إجازتهم حال حياته أصلا بل بعد وفاته (وهم كبار) يعني يعتبر كونه وارثا أو غير وارث وقت الموت لا وقت الوصية، على عكس إقرار المريض للوارث (وندبت بأقل منه)(7/230)
ولو (عند غني ورثته أو استغنائهم بحصتهم كتركها) أي كما ندب تركها (بلا أحدهما) أي غنى واستغناء لانه حينئذ صلة وصدقة (وتؤخر عن الدين) لتقدم حق العبد (وصحت بالكل عند عدم ورثته) لو حكما كمستأمن لعدم المزاحم (ولمملوكه بثلث ماله) اتفاقا وتكون وصية بالعتق، فإن خرج من الثلث فيها وإلا سعى بقية قيمته وإن فضل من الثلث شئ فهو له(7/231)
(وبدارهم أو بدنانير مرسلة لا) تصح في الاصح، كما لا تصح بعين من أعيان ماله له (وصحت لمكاتب نفسه أو لمدبره أو لام ولده) استحسانا لمكاتب وارثه (و) صحت (للحمل وبه) كقوله: (أوصيت بحمل جاريتي أو دابتي هذه لفلان ثمص إنما تصح إن ولد) الحمل (لاقل من ستة أشهر)
لو زوج الحامل حيا أو ميتا وهي معتدة حين الوصية(7/232)
فلاقل من سنتين بدليل ثبوت نسبه.
اختيار وجوهرة، ولا فرق بين الآدمي وغيره من الحيوانات، فلو أوصى لما في بطن دابة فلان لينفق عليه صح ومدة الحمل للآدمي ستة أشهر وللفيل إحدى عشرة سنة وللابل والخيل والحمار سنة وللبقر تسعة أشهر وللشاة خمسة أشهر، وللسنور شهران، وللكلب أربعون يوما وللطير أحد وعشرون يوما.
قهستاني معزيا للاستيفاء (من وقتها) أي من وقت الوصية وعليه المتون.
وفي النهاية من وقت موت الموصي وفي الكافي ما يفيد أنه من الاول إن كان له ومن الثاني إن كان به زاد في الكنز: ولا تصح الهبة للحمل لعدم قبضه ولا ولاية لاحد عليه ليقبض عنه زيلعي وغيره فل صالح أبو الحمل عنه بما أوصى له لم يجز لانه لا ولاية للاب على الجنين، ولوالجية.
قلت: وبه علم جواب حادثة الفتوى وهي أنه ليس للوصي ولو مختارا التصرف فيما وقف(7/233)
للحمل بل قالوا: الحمل لا يلي ولا يولى عليه (وصحت بالامة إلا حملها) لما تقرر أن كل ما صح إفراده بالعقد صج استثناؤه منه، وما لا فلا (ومن المسلم للذمي وبالعكس لا حربي في داره) قيد(7/234)
بداره لان المستأمن كالذمي كما أفاده المنلا بحثا.
قلت: وبه صرح الحدادي والزيلعي وغيرهما، وسيجئ متنا في وصايا الذمي (ولا لوارثه وقاتله مباشرة) لا تسبيبا كما مر (إلا بإجازة ورثته) لقوله عليه الصلاة والسلام: لا وصية لوارث إلا أن يجيزها الورثة يعني عند وجود وارث آخر كما يفيده آخر الحديث وسنحققه (وهم كبار) عقلاء فلم تجز إجازة صغير ومجنون وإجازة المريض كابتداء وصية، ولو أجاز البعض ورد البعض جاز على المجيز بقدر حصته (أو يكون(7/235)
القاتل صبيا أو مجنونا) فتجوز بلا إجازة لانهما ليسا أهلا للعقوبة (أو لم يكن له وارث سواه) كما في الخانية: أي سوى الموصى له القاتل أو الوارث، حتى لو أوصى لزوجته أو هي له ولم يكن ثمة وارث آخر تصح الوصية، ابن كمال.
زاد في المحبية: فلو أوصت لزوجها بالنصف كان له الكل.
قلت: وإنما قيدوا بالزوجين لان غيرهما لا يحتاج إلى الوصية لانه يرث الكل برد أو رحم، وقد قدمناه في الاقرار معزيا للشرنبلالية، وفي فتاوى النوازل: أوصى لرجل بكل ماله ومات ولم يترك وارثا إلا امرأته، فإن لم تجز فلها السدس والباقي للموصى له، لان له الثلث بلا إجازة فيبقى الثلثان فلها ربعهما وهو سدس الكل، ولو كان مكانها زوج فإن لم يجز فله الثلث والباقي للموصى له (ولا من صبي غير مميز أصلا) ولو في وجوه الخير خلافا للشافعي (وكذا) لا تصح (من مميز إلا في تجهيزه وأمر دفنه) فتجوز استحسانا وعليه تحمل إجارة عمر رضي الله عنه لوصية(7/236)
يافع: يعني المراهق (وإن) وصيلة (مات بعد الادراك أو أضافها إليه) كأن أدركت فثلثي لفلان لم يجز لقصور ولايته فلا يملك تنجيزا أو تعليقا كما في الطلاق بخلاف العبد كما أفاده بقوله (ولا من عبد ومكاتب وإن ترك) المكاتب (وفاء) وقيل: عندهما تصح في صورة ترك الوفاء.
درر (إلا إذا أضافها) كل منهما، وعبارة الدرر: أضافاها (إلى العتق) فتصح لزوال المانع وهو حق المولى (ولا من معتقل للسان بالاشارة إلا إذا امتدت عقلته حتى صارت له إشارة معهودة فهو كأخرس) وقدر الامتداد سنة، وقيل: إن امتدت لموته جاز إقراره بالاشارة والاشهاد عليه وكان كأخرس.
قالوا: وعليه الفتوى.
درر.
وسيجئ في مسائل شتى.
(وإنما يصح قبولها بعد موته) لان أوان ثبوت حكمها بعد الموت (فبطل قبولها وردها قبله) وإنما تملك بالقبول (إلا إذا مات موصيه ثم هو بلا قبولها فهو) أي المال الموصى به (لورثته) بلا قبول استحسانا كما مر، وكذا لو أوصى للجنين يدخل في ملكه بلا قبول استحسانا لعدم من يلي(7/237)
عليه ليقبل عنه كما مر (وله) أي للموصي (الرجوع عنها بقول صريح) أو فعل يقطع حق المالك عن الغصب (بأن يزيل اسمه) وأعظم منافعه كما عرف في الغصب (أو) فعل (يزيد في الموصى به ما يمنع تسليمه إلا به كلت السويق) الموصى به (بسمن والبناء) في الدار الموصى بها، بخلاف تجصيصها وهدم بنائها لانه تصرف في التابع (وتصرف) عطف على بقول صريح، وعطف ابن كمال تبعا للدرر بأو، وعليه فهو أصل ثالث في كون فعله يفيد رجوعه عنها كما يفيده متن الدرر، فتدبر (يزيل ملكه) فإنه رجوع(7/238)
عاد لملكه ثانيا أم لا (كالبيع والهبة) وكذا إذا خلطه بغيره بحيث لا يمكن تميزه (لا) يكون راجعا (بغسل ثوب أوصى به) لانه تصرف في التبع.
واعلم أن التغير بعد موت الموصي لا يضر أصلا (ولا بحجودها) درر وكنز ووقاية.
وفي المجمع: به يفتى، ومثله في العيني.
ثم نقل عن العيون: أن الفتوى على أنه رجوع.
وفي السراجية: وعليه الفتوى، وأقره المصنف (وكذا) لا يكون راجعا (بقوله كل وصية أوصيت بها فحرام أو رياء أو أخرتها بخلاف) قوله: تركتها، وبخلاف قوله: (كل وصية أوصيتها فهي باطلة أو الذي أوصيت به لزيد فهو لعمرو أو لفلان وارثي) فكل ذلك رجوع عن الاول وتكون لوارثه بالاجارة كما مر (ولو كان فلان) لآخر (ميتا وقتها فالاولى من الوصيتين بحالها) لبطلان الثانية، ولو حيا وقتها فمات قبل الموصي بطلتا الاولى وبالرجوع والثانية بالموت (وتبطل هبة المريض ووصيته لمن نكحها بعدهما) أي بعد الهبة والوصية، لما تقرر أنه يعتبر لجواز الوصية كون الموصى(7/239)
له وارثا أو غير وارث وقت الموت لا وقت الوصية، بخلاف الاقرار، لانه يعتبر كون المقر له وارثا أو غير وارث يوم الاقرار، فلو أقر لها فنكحها فمات جاز (ويبطل إقراره ووصيته وهبته لابنه) كافرا أو عبدا أو مكاتبا (إن أسلم أو أعتق بعد ذلك) لقيام البنوة وقت الاقرار فيورث تهمة الايثار (وهبة مقعد ومفلوج وأشل ومسلول) به علة السل وهو قرح في الرئة (من كل ماله إن
طالت مدته) سنة (ولم يحف موته منه وإلا) تطل وخيف موته (فمن ثلثه)(7/240)
لانها أمراض مزمنة لا قاتلة قبل مرض الموت أن لا يخرج لحوائج نفسه، وعليه اعتمد في التجريد.
بزازية.
والمختار أنه ما كان الغالب منه الموت وإن لم يكن صاحب فراش، قهستاني عن هبة الذخيرة (وإذا اجتمع الوصايا قدم الفرض وإن أخره الموصي(7/241)
وإن تساوت) قوة (قدم ما قدم إذا ضاق الثلث عنها) قال الزيلعي: كفارة قتل وظهار ويمين مقدمة على الفطرة لوجوبها بالكتاب دون الفطرة، والفطرة على الاضحية لوجوبها إجماعا دون الاضحية.
وفي القهستاني عن الظهيرية عن الامام الطواويسي: يبدأ بكفارة قتل ثم يمين ثم ظهار ثم إفطار ثم النذر ثم الفطرة ثم الاضحية،(7/242)
وقدم العشر على الخراج وفي البرجندي مذهب أبي حنيفة آخر أن حج النفل أفضل من الصدقة (أوصى بحج) أي حجة الاسلام (أحج عنه راكبا) فلو لن تبلغ النفقة من بلدة فقال رجل: أنا أحج عنه بهذا المال ماشيا لا يجزيه.
قهستاني معزيا للتتمة (من بلده إن كفى نفقته ذلك، وإلا فمن حيث تكفي، وإن مات حاج في طريقه وأوصى بالحج عنه يحج من بلده) راكبا، وقال: ومن حيث مات، استحسانا، هداية ومجتبى وملتقى.
قلت: ومفاده أقوله قياس وعليه المتون، فكان القياس هنا هو المعتمد فافهم (إن بلغ نفقته لك وإلا فمن حيث تبلغ) ومن لا وطن له فمن حيث مات إجماعا (أوصى بأن يشتري بكل ماله عبد فيعتق عنه) عن الموصي (لم تجز الورثة بطلت، كذا إذا أوصى بأن يشتري له عبد بألف درهم وزاد الالف على الثلث) وقالا: يشتري بكل الثلث في المسألتين.
مجمع.
(مريض أوصى وصايا ثم برئ من مرضه ذلك وعاش سنين ثم مرش فوصاياه باقية إن لم يقل إن مت من مرضي هذا فقد أوصيت بكذا) كذا في الخانية (أوصى بوصية ثم جن، إن أطبق(7/243)
الجنون) حتى بلغ ستة أشهر (بطلت، وإلا لا) وكذا لو أوصى ثم أخذ بالوسواس فصار معتوها حتى مات بطلت.
خانية.
(أوصى بأن يعاربيته من فلان أو بأن يسقى عنه الماء شهرا في الموسم أو في سبيل الله فهو باطل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
خانية (كما لو أوصى بهذا التبن لدواب فلان) فإن الوصية باطلة، ولو قا ليعلف بها دواب فلان جاز، ولو أوصى بأن ينفق على فرس فلان كل شهر كذا جاز وتبطل ببيعها، ولو أوصى بسكنى داره لرجل ولا مال له سواها جاز وله سكناها ما دام حيا وليس للوارث بيع ثلثيها.
وقال أبو يوسف: له ذلك، وله أن يقاسم الورثة أيضا(7/244)
ويفرز الثلث للوصية.
خانية (ولو أوصى بقطنه لرجل وبحبه لآخر وأوصى بلحم شاة معينة لرجل وبجلدها لآخر وأوصى بحنطة في سنبلها لرجل والتبن لآخر جازت الوصية لهما) وعلى الموصى أن يدوس ويسلخ الشاة.
(أوصى بثلث ماله لبيت المقدس جاز ذلك وينفق في عمارة بيت المقدس وفي سراجه ونحوه) قالوا: وهذا يفيد جواز النفقة من وقف المسجد على قناديله وسراجه، وأن يشتري بذلك الزيت والنفط وللقناديل في رمضان.
خانية.
وفي المجتبى: أوصى بثلث ماله للكعبة جاز وتصرف لفقراء الكعبة لا غير، وكذا للمسجد وللقدس.
وفي الوصية لفقراء الكوفة جاز لغيرهم.
وفي الخانية: أوصى بعبد يخدم المسجد ويؤذن فيه جاز ويكون كسبه لوارث الموصي، ولو(7/245)
أوصى بثلث ماله لاعمال البر لا يصرف ثلثه لبناء السجن، لان إصلاحه على السلطان، أوصى (بأن يتخذ الطعام بعد موته للناس ثلاثة أيام فالوصية باطلة) كما في الخانية عن أبي بكر البلخي.
وفيها عن أبي جعفر: أوصى باتخاذ الطعام بعد موته ويطعم الدين يحضرون التعزية جاز من
الثلث، ويحل لمن طال مقامه ومسافته لا لمن لم يطل، ولو فضل طعام: إن كثيرا يضمن، وإلا لا ا ه.
قلت: وحمل المصنف الاول على طعام يجتمع له النائحات بقيد ثلاثة أيام فتكون وصية لهن فبطلت، والثاني على ما كان لغيرهن.
فرع: أوصى بأن يصلي عليه فلان أو يحمل بعد موته إلى بلد آخر أو يكفن في ثوب كذا أو يطين قبره أو يضرب على قبره قبة أو لمن يقرأ عند قبره شيئا معينا فهي باطلة.
سراجية.
وسنحققه.(7/246)
أوصى بثلث لله تعالى فهي باطلة.
وقال محمد: تصرف لوجوه البر.
قال: أوصيت لفلان بألف وهو عشر مالي، لم يكن له إلا الالف.
وفي أوصيت له بجميع ما في هذا الكيس وهو ألف فإذا فيه ألفان ودنانير وجواهر، فكله له إن خرج من الثلث.
مجتبى.
قال لمديونه: إذا مت فأنت برئ من ديني الذي عليك صحت وصيته، ولو قال: إن مت لا يبرأ للمخاطرة.
يدخل المجنون في الوصية للمرضى، وفي الوصية للعلماء يدخل المتكلمون في بلاد خوارزم دون بلادنا، ولو أوصى للعقلاء يصرف للعلماء الزاهدين لانهم هم العقلاء في الحقيقة، فتنبه.
واعلم أن الوصية في يد الموصي أو ورثته بمنزلة الوديعة.
سراج.(7/247)
باب الوصية بثلث المال (إذا أو صب ثلث ماله لزيد والآخر بثلث ماله ولم تجز) الورثة فثلثه لهما نصفين اتفاقا وإن أوصى) بثلث ماله لزيد و (لآخر بسدس ماله فالثلث بينهما) أثلاثا اتفاقا (وإن أوصى لاحدهما بجميع ماله ولآخر بثلث ماله ولم تجز) الورثة ذلك (فثلثه بينهما نصفان) لان الوصية بأكثر من
الثلث إذا لم تجز تقع باطلة، فيجعل كأنه أوصى لكل بالثلث فينصف، وقالا: أرباعا لان الباطل ما زاد على الثلث،(7/248)
فاضرب الكل في الثلثين يحصل أربعة تجعل ثلث المال (ولا يضرب الموصى له بأكثر من الثلث عند أبي حنيفة) المراد بالضرب المصطلح بين الحساب، فعنده سهام الوصية اثنان، فاضرب نصف كل في الثلث يكن سدسا فلكل سدس المال.
وعندهما أربعة كما قدمنا (إلا في ثلاث مسائل) وهي (المحاباة(7/249)
والسعاية والدراهم المرسلة) أي المطلقة غير المقيدة بثلث أو نصف أو نحوهما.
ومن صور ذلك: أن يوصي لرجل بألف درهم مثلا أو يحابيه في بيع بألف درهم أو يوصي بعتق عبد قيمته ألف درهم وهي ثلثا ماله، ولآخر بثلث ماله ولم تجز، فالثلث بينهما أثلاثا إجماعا (وبمثل نصيب ابنه صحت) له ابن أو لا (وبنصيب ابنه لا) لو له ابن موجود، وإن لم يكن له ابن صحت، عناية وجوهرة.
زاد في شرح التكملة: وصار كما لو أوصى بنصيب ابن لو كان.
انتهى.(7/250)
وفي المجتبى: ولو أوصى يمثل نصيب ابن لو كان فله النصف ا ه.
ونقل المصنف عن السراج ما يخالفه، فتنبه (وله) في الصورة الاولى (ثلث إن أوصى مع ابنين) ونصف مع ابن واحد إن أجاز ومثلهم البنات، والاصل أنه متى أوصى بمثل نصيب بعض الورثة يزاد مثله على سهام الورثة.
مجتبى (وبجزء أو سهم من ماله فالبيان إلى الورثة) يقال لهم أعطوه ما شئتم ثم التسوية بين الجزء والسهم(7/251)
عرفنا.
وأما أصل الرواية فبخلافه (وإن قال سدس مالي له ثم قال ثلث له وأجازوا له ثلث) أي حقه الثلث فقط، وإن أجازت الورثة لدخول السدس في الثلث مقدما كان أو مؤخرا أخذا بالمتيقن، وبهذا اندفع سؤال صدر الشريعة وإشكال ابن الكمال(7/252)
(وفي سدس مالي مكررا له سدس) لان المعرفة قد أعيدت معرفة (وبثلث دراهمه وغنمه أو ثيابه) متفاوتة، فلو متحدة فكالدراهم (أو عبيدة إن هلك ثلثاه فله) جميع (ما بقي في الاولين) أي الدراهم والغنم إن خرج من ثلث باقي جميع أصناف ماله.
أخي جلبي (وثلث الباقي في الآخرين) أي الثياب والعبيد وإن خرج الباقي من ثلث كل المال (وكالاول كل متحد الجنس كمكيل وموزون) وثياب متحدة وضابطه ما يقسم جبرا، وكالثاني كل مختلف الجنس وبضابطه ما لا يقسم جبرا، وكالثاني كل مختلف الجنس وضابطه ما لا يقسم جبرا (وبألف وله دين) من جنس الالف (وعين فإن خرج) الالف (من ثلث العين دفع إليه وإلا) يخرج (فثلث العين) يدفع له (وكلما خرج) شئ (من الدين دفع إليه ثلث حتى يستوفي(7/253)
حقه) وهو الالف (وبثلثه لزيد وعمرو وهو) أي عمرو (ميت لزيد كله) أي كل الثلث.
والاصل أن الميت أو المعدوم لا يستحق شيئا فلا يزاحم غيره وصار (كما لو أوصى لزيد وجدار هذا إذا خرج المزاحم من الاصل، أما إذا خرج) المزاحم (بعد صحة الايجاب يخرج بحصته) ولا يسلم للآخر كل الثلث لثوبت الشركة (كما لو قال ثلثمالي لفلان وفلان ابن عبد الله إن مت وهو فقير، فمات الموصي وفلان ابن عبد الله غني كان لفلان نصف الثلث) وكذا لو مات أحدهما قبل الموصي، وفروعه كثيرة.
(وأصله المعول عليه أنه متى دخل في الوصية ثم خرج لفقد شرط لا يوجب الزيادة في حق الآخر، ومتى لم يدخل في الوصية لفقد الاهلية كان الكل للآخر) ذكره الزيلعي (وقيل: العبرة لوقت موت الموصي) وإليه يشير كلام الدرر تبعا للكافي حيث قال: أو له ولولد بكر فمات ولده
قبل موت الموصي إلى آخره.
لكن قول الزيلعي فيما مر: إذا خرج المزاحم بعد صحة الايجاب(7/254)
الخ صريح في اعتبار حالة الايجاب.
وقيل: فيه روايتان (ولو قال بين زيد وعمرو هو ميت لزيد نصفه) لان كلمة بين توجب التنصيف، حتى لو قال ثلثه بين زيد وسكت فله نصفه أيضا (وبثلثه وهو) أي الموصي (فقير) وقت وصيته (له ثلث ماله عند موته) سواء (اكتسبه بعد الوصية أو قبلها) لما تقرر أن الوصية إيجاب بعد الموت (إذا لم يكن الموصى به عينا أو نوعا معينا، أما إذا أوصى بعين أو نوع من ماله كثلث غنمه فهلكت قبل موته بطلت) لتعلقها بالعين فبطل بفواتها (وإن اكتسبت غيرها ولو لم يكن له غنم عند الوصية فاستفادها) أي الغنم (ثم صحت) في الصحيح، لان تعلقها بالنوع كتعلقها بالمال (ولو قال له شاة من مالي وليس له غنم يعطى قيمة الشاة، بخلاف) قوله (له شاة من غنمي ولا غنم له) يعني لا شاة له فإنها تبطل،(7/255)
وكذا لو لم يضفها لماله ولا غنم له، وقيل: تصح (وكذا) الحكم (في كل نوع من أنواع المال كالبقر والثوب ونحوهما) زيلعي (وبثلثه لامهان أولاده وهن ثلاثة وللفقراء والمساكين لهن) أي أمهات الاولاد ثلاثة أسهم من خمسة (ومنهم للفقراء وسهم للمساكين) وعند محمد: يقسم أسباعا، لان لفظ الفقراء والمساكين جمع وأقله اثنان.
قلنا: أل الجنسية تبطل الجمعية (بثلثه لزيد وللمساكين لزيد نصفه) ولهم نصفه، وعند محمد أثلاثا كما مر.
ولو أوصى بثلثه لزيد وللفقراء والمساكين قسم أثلاثا عند الامام أنصافا عند أبي يوسف وأخماسا عند محمد.
اختيار (ولو أصى للمساكين كان له صرفه إلى مسكين واحد) وقال محمد: لاثنين على ما مر فلا يجوز صرف ما للمساكين لاقل من اثنين عنده، والخلاف فيما إذا لم يشر لمساكين، فلو أشار إلى جماعة وقال: ثلث مالي لهذه المساكين لم يجز صرفه لواحد اتفاقا، ولو أوصى لفقراء بلخ فاعحطى غيرهم جاز عند أبي يوسف، وعليه الفتوى.
خلاصة وشرنبلالية (وبمائة لرجل وبمائة لآخر فقال لآخر أشركتك معهما له ثلث كل مائة) لتساوي نصيبهما
فأمكنت المساواة فلكل ثلثا المائة (و) لو (بأربعمائة) مثلا (له وبمائتين لآخر فقال لآخر أشركتك معهما له نصف ما لكل منهما) لتفاوت نصيبهما فيساوى كلا منهما (وبثلث ماله لرجل ثم قال(7/256)
لآخر أشركتك أو أدخلتك معه فالثلث بينهما) لما ذكرنا (وإن قال لورثته لفلان علي دين فصدقوه فإن يصدق) وجوبا (إلى الثلث) استحسانا، بخلاف قوله: (كل من ادعى علي شيئا فأعطوه) لانه خلاف الشرع (إلا أو يقول: إن رأى الوصي أن يعطيه فيجوز من الثلث) ويصير وصية.
ولو قال ما ادعى فلان من مالي فهو صادق: فإن سبق منه دعوى في شئ معلوم فهو له، وإلا لا.
مجتبى (فإن أوصى بوصايا مع ذلك) أي مع قوله لورثته لفلان علي دين فصدقوه (عزل الثلث لاصحاب الوصايا والثلثان للورثة، وقيل: لكل) من أصحاب الوصايا والورثة (صدقوه فيما شئتم وما بقي من الثلث فللوصايا) والدين وإن كان مقدما على الحقين إلا أنه مجهول، وطريق تعينه ما ذكر فيؤخذ الورثة بثلثي ما أقروا به والموصى لهم بثلث ما أقروا به وما بقي فلهم، ويحلف كل على العلم لو ادعى الزيادة.(7/257)
قلت: بقي لو كانت الوصايا دون الثلث، هل يعزل الثلث كله أو بقدر الوصايا؟ لم أره.
وبقي أيضا هل يلزمهم أن يصدقوه في أكثر من الثلث؟ يراجع ابن الكمال به (ولاجنبي ووراثة أو قاتله نصف الوصية وبطل للوارث والقاتل) لانهما من أهل الوصية على ما مر، ولذا تصح بإجارة الوارث (بخلاف ما إذا أقر بعين أو دين لوارثه ولاجنبي) حيث (لا يصح في حق الاجنبي أيضا) لانه إقرار بعقد سابق بينهما، فإذا لغا بعضه لغا باقيه ضرورة.
قيل: هذا إذا(7/258)
تصادقا، فإن أنكر أحدهما شركة الآخر صح إقراره في حصة الاجنبي عند محمد، وعندهما: تبطل في الكل لما قلنا.
زيلعي.
(ولو) أوصى (بثياب متفاوتة) جيد ووسط وردئ (لثلاثة) أنفس لكل منهم بثوب (فضاع)
منها (ثوب ولم يدر) أي هو (والوارث يقول لكل منهم هلك حقك بطلت) الوصية لجهالة المستحق كوصية لاحد هذين الرجلين (إلا أن يتسامحوا ويسلموا مبقي منها) فتعود صحيحة لزوال المانع وهو الجحود فتقسم (لذي الجيد ثلثاه) ولذي الردئ ثلثاه ولذي الوسط ثلث كل واحد منهما لان التسوية بقدر الامكان.
ولو أوصى أحد الشريكين (ببيت معين من دار مشتركة وقسم ووقع في حظه فهو للموصى له، وإلا) يقع في حظه (فله مثل ذرعه) صرح صدر الشريعة وغيره بوجوب القسمة، فلو قال قسم فإن وقع الخ(7/259)
لكان أولى.
(والاقرار ببيت معين من دار مشتركة مثلها) أي مثل الوصية في الحكم المذكور (وبألف عين) أي معين بأن كانت وديعة عند الموصي (من مال آخر فأجاز رب المال الوصية بعد موت الموصي ودفعه) إليه (وصح وله المنع بعد الاجارة) لان إجازته تبرع فله أن يمتنع من التسليم وأما بعد الدفع فلا رجوع له.
شرح تكملة (بخلاف ما إذا أوصى بالزيادة على الثلث أو لقاتله أو لوراثه فأجازتها الورثة) حيث لا يكون المنع بعد الاجارة، بل يجبروا على التسليم لما تقرر أن المجاز له بتملكه من قبل الموصي عندنا، وعند الشافعي من قبل المجيز.
(ولو أقر أحد الابنين بعد القسمة بوصية أبيه) بالثلث (صح) إقراره (في ثلث نصيبه) لا نصفه استحسانا لانه أقر له بثلث شائع في كل التركة وهي معهما فيكون مقرا بثلث ما معه وبثلث ما مع أخيه، بخلاف ما لو أقر أحدهما بدين على أبيهما(7/260)
حيث يلزمه كله لتقدم الدين على الميراث (وبأمة فولدت بعد موت الموصي ولدا وكلاهما يخرجان من الثلث فهما للموصى له وإلا) يخرجا (أخذ الثلث منها ثم منه) لان التبع لا يزاحم الاصل وقالا: يأخذ منهما على السواء، هذا إذا ولدت قبل القسمة، وقبول الموصى له، فلو بعدهما فهو للموصى له لانه نماء ملكه، وكذا لو بعد القبول وقبل القسمة على ما ذكره القدوري، ولو قبل
موت الموصي فللورثة والكسب كالولد فيما ذكر.
باب العتق في المرض (يعتبر حال العقد في تصرف منجز) هو الذي أوجب حكمه في الحال (فإن كان في الصحة فمن كل ماله وإلا فمن ثلثه) والمراد التصرف الذي هو إنشاء ويكون فيه معنى التبرع، حتى أن الاقرار بالدين في المرض ينفذ من كل المال والنكاح فيه ينفذ بقدر مهر المثل من كل المال (والمضاف إلى موته) وهو ما أوجب حكمه بعد موته كأنت حر بعد موتي أو هذا لزيد بعد موتي (من الثلث(7/261)
وإن كان في الصحة) ومرض صح منه كالصحة، والمقعد والمفلوج والمسلول إذا تطاول ولم يقعده في الفراش كالصحيح.
مجتبى.
ثم رمز حد التطاول سنة، وفي المرض المعتبر المبيح لصلاته قاعدا (إعتاقه ومحاباته وهبته ووقفه وضمانه) كل ذلك(7/262)
حكمه (ك) حكم (وصية فيعتبر من الثلث) كما قدمنا في الوقف أن وقف المريض المديون بمحيط باطل، فليحفظ (ويزاحم أصحاب الوصايا في الضرب ولم يسع العبد إن أجيز) عتقه، لان المنع لحقهم فيسقط بالاجازة (فإن حابى فحرر) وضاق الثلث عنهما (فهي) أي المحاباة (أحق وبعكسه) بأن حرر فحابى (استويا) وقالا: عتقه أولى فيهما (ووصيته بأن يعتق عنه بهذه المائة عبد لا تنفذ) الوصية (بما بقي إن هلك درهم) لان القربة تتفاوت بتفاوت قيمة العبد (بخلاف الحج)(7/263)
وقالا: هما سواء.
(وتبطل الوصية بعتق عبده) بأن أوصى بأن يعتق الورثة عبده بعد موته (إن جنى بعد موته فدفع) بالجناية، كما لو بيع بعد موته بالدين (وإن فدى) الورثة العبد (لا) تبطل وكان الفداء في أموالهم بالتزامهم (و) لو أصوى (بثلثه) أي ثلث ماله (لبكر وترك عبدا) فأقر كل من الوارث
وبكر أن الميت أعتق هذا العبد (فادعى بكر عتقه في الصحة) لينفذ من كل المال (و) ادعى (الوارث) عتقه (في المرض) لينفذ من الثلث ويقدم على بكر (فالقول للوارث مع اليمين) لانه ينكر استحقاق بكر (ولا شئ لزيد) كذا في نسخ المتن والشرح.
قلت: صوابه لكبر لانه المذكور أولا، غاية الامر أن القوم مثلوا بزيد فغيره المصنف أولا ونسيه ثانيا.
والله أعلم (إلا أن يفضل من ثلثه شئ) من قيمة العبد (أو تقوم حجة على دعواه، فإن الموصى له خصم) لانه يثبت حقه، وكذا العبد.
(ولو ادعى رجل دينا على الميت) وادعى (العبد عتقا في الصحة ولا ماله غيره فصدقهما الوارث يسعى في قيمته وتدفع إلى الغريم) وقالا: يعتق ولا يسعى في شئ، وعلى هذا الخلاف(7/264)
لو ترك ابنا وألف درهم فادعاها رجل دينا وآخر وديعة صدقهما الابن فالالف بينهما نصفان عنده.
وقالا: الوديعة أقوى.
قلت: وعكس في الهداية فقال: عنده الوديعة أقوى، وعندهما سواء، والاصح ما ذكرنا كما في الكفاية، وتمامه في الشرنبلالية، فليحفظ.
باب الوصية للاقارب وغيرهم (جاره من لصق به) وقالا: من يسكن في محلته ويجمعهم مسجد المحلة وهو استحسان: وقال الشافعي: الجار إلى أربعين دارا من كل جانب.
(وصهره كل ذي رحم محرم من عرسه) كآبائها وأعمامها وأخوالها وأخواتها وغيرهم (بشرط موته وهي منكوحته أو معتدته من رجعى) فلو بائن من لا يستحقها وإن ورثت منه.
قال الحلواني: هذا في عرفهم، أما في زماننا فيختص بأبويها عناية وغيرها، وأقره القهستاني.(7/265)
قلت: لكن جزم في البرهان وغيره بالاول وأقره في الشرنبلالية، ثم نقل عن العيني أن قول الهداية وغيرها أنه (ص) لما تزوج صفية بنت الحارث، صوابه جويرية، قلت: فلتحفظ هذه
الفائدة.
(وختنه زوج كل ذي) كذا النسخ قلت الموافق لعامة الكتب ذات (رحم محرم منه) كأزواج بناته وعماته كذا كل ذي رحم من أزواجهن.
قيل: هذا في عرفهم وفي عرفنا: الصهر أبو المرأة وأمها، والختن زوج المحرم فقط.
زيلعي وغيره: زاد القهستاني وينبغي في ديارنا أن يختص الصهر بأبي الزوجة، والختن بزوج البنت لانه المشهور (وأهله زوجته) وقالا: كل من في عياله ونفقته غير مماليكه، وقولهما استحسان.
شرح تكملة.
قال ابن الكمال: وهو مؤيد بالنص، قال تعالى: * (فنجيناه وأهله إلا امرأته) * (الاعراف: 38) ا ه.(7/266)
قلت: وجوابه في المطولات.
(وآله أهل بيته) وقبيلته التي ينسب إليها (و) حينئذ (يدخل فيه كل من ينسب إليه من قبل آبائه إلى أقصى أب له في الاسلام) سوى الاب الاقصى لانه مضاف إليه.
قهستاني عن الكرماني (الاقرب والابعد والذكر والانثى والمسلم والكافر والصغير والكبير فيه سواء) ويدخل فيه الغني والفقير إن كانوا لا يحصون كما في الاختيار ويدخل فيه أبوه وجده وابنه وزوجته كما في شرح التكملة: يعني إذا كانوا لا يرثونه (ولا يدخل فيه أولاد البنات) وأولاد الاخوات ولا أحد من قرابة أمه، لان الولد إنما ينسب لابيه لا لامه.
(وجنسه أهل بيت أبيه) لان الانسان يتجنس بأبيه لا بإمه (وكذا أهل بيته وأهل نسبه) كآله(7/267)
وجنسه فحكمه كحكمه.
(ولو أوصيت المرأة لجنسها أو لاهل بيتها لا يدخل ولدها) أي ولد المرأة لانه ينسب إلى أبيه لا إليها (إلا أن يكون أبوه) أي الولد (من قوم أبيها) فحينئذ يدخل لانه من جنسها.
درر وكافي وغيرها.
قلت: ومفاده أن الشرف من الام فقط غير معتبر كما في أواخر فتاوى ابن نجيم، وبه أفتى شيخنا الرملي.
نعم له مزية في الجملة (وإن أوصى لاقاربه أو لذي قرابته) كذا النسخ.
قلت: صوابه لذوي (أو لارحامه أو لانسابه،(7/268)
فهي للاقرب فالاقرب من كل ذي رحم محرم منه، ولا يدخل الوالدان) قيل: من قال للوالد قريب فهو عاق (والولد) ولو ممنوعين بكفر أو رق كما يفيده عموم قوله (والوارث) وأما الجد وولد الولد فيدخل في ظاهر الرواية وقيل: لا، واختاره في الاختيار(7/269)
(ويكون للاثنين فصاعدا) يعني أقل الجمع في الوصية اثنان كما في الميراث (فإن كان له) للموصي (عمان وخالان فهي لعميه) كالارث، وقالا أرباعا.
(ولو له عم وخالان كان له النصف ولهما النصف) وقالا: أثلاثا (ولو عم واحد لا غير فله نصفها ويرد النصف) الآخر (إلى الورثة) لعدم من يستحقه (ولو عم وعمة استويا) لاستواء قرابتهما (ولو انعدم المحرم بطلت) خلافا لهما (ولولد فلان) فهي (للذكر والانثى سواء) لان اسم الولد يعم الكل حتى الحمل.
ولا يدخل ولد ابن مع صلب، فلو له بنات لصلبه وبنو ابن فهي للبنات عملا بالحقيقة، فلو تعذرت صرف إلى المجاز تحرزا عن التعطيل، ولا يدخل أولاد البنات.
وعن محمد: يدخلون.
اختيار (ولورثة فلان للذكر مثل حظ الانثيين) لانه اعتبار الوراثة (وشرط صحتها) أي الوصية (هنا) أي في الوصية لورثة فلان وما في معناها كعقب فلان (موت الموصي لورثته) أو لعقبه (قبل موت الموصي) لان الورثة والعقب إنما يكون بعد الموت، ثم إن كان معهم موصى له آخر قسم بينهم وبينه(7/270)
على عدد الرؤوس، ثم ما أصاب الورثة يقسم بينهم للذكر كالانثيين كما مر، فلو مات الموصي قبل موته: أي موت الموصي لورثته أو عقبه بطلت الوصية لورثته أو عقبه.
ثم إن كان معهم موصى له آخر كقوله أوصيت لفلان ولورثته وعقبه كانت الوصية كلها لفلان الموصى له دون ورثته وعقبه، لان الاسم لا يتناولهم إلا بعد الموت.
وتمامه في السراج.
وفيه عقبه ولده من
الذكور والاناث، فإن ماتوا فولد ولده كذلك، ولا يدخل أولاد الانا ث لانهم عقب آبائهم لا له.
(وفي أيتام بنيه) أي بني فلان، واليتيم اسم لمن مات أبوه قبل الحلم.
قال (ص): لا يتم بعد البلوغ (وعميانهم وزمناهم وأراملهم) الارامل: الذي لا يقدر على شئ رجلا كان أو أمرأة، ويؤيده قوله (دخل) في الوصية (فقيرهم وغنيهم وذكرهم وأنثاهم) وقسم سوية (إن أحصوا) بغير كتاب أو حساب فإنه حينئذ يكون تمليكا لهم،(7/271)
وإلا لفقرائهم يعطى الوصي من شاء منهم.
شرح التكملة، لتعذر التمليك حينئذ فيراد به القربة.
(وفي بني فلان يختص بذكورهم) ولو أغنياء (إلا إذا كان) فلان عبارة عن (اسم قبيلة أو) اسم (فخذ، فيتناول الاناث) لان المراد حينئذ مجرد الانتساب كما في بني آدم، ولهذا يدخل فيه أيضا (مولى العتاقة و) مولى (الموالاة وحلفاؤهم) يعني وهم يحصون، وإلا فالوصية باطلة، والاصل أن الوصية متى وقعت باسم ينبئ عن الحاجة كأيتام بني فلان تصح، وإن لم يحصوا على ما مر لوقوعها لله تعالى وهو معلوم وإن كان لا ينبئ عن الحاجة، فإن أحصوا صحت ويجعل تمليكا، وإلا بطلت.
وتمامه في الاختيار.
(أوصى من له معتقون ومعتقون لمواليه بطلت) لان اللفظ مشترك، ولا عموم له عندنا، ولا قرينة تدل على أحدهما، ولا فرق في ذلك عند عاملا أصحابنا بين النفي والاثبات.
واختار شمس الائمة وصاحب الهداية أنه يعم إذا وقع في حيز النفي، وحينئذ فقولهم لو حلف لا يكلم(7/272)
موالي فلان يعم الاعلى والاسفل، لا لوقوعه في النفي بل لان الحامل على اليمين بغضه وهو غير مختلف.
عناية.
وأقره المصنف (إلا إذا عينه) أي الاعلى والاسفل قبل موته فحينئذ تصح لزوال المانع.
(ويدخل فيه) أي في الموالي (من أعتقه في صحته ومرضه، لا) يدخل فيه (مدبروه وأمهات
أولاده) وعن أبي يوسف: يدخلون.
أوصى بثلث ماله إلى الفقهاء دخل فيه من يدقق النظر في المسائل الشرعية وإن علم ثلاث مسائل مع أدلتها) كذا في القنية.
قال: حتى قيل: من حفظ ألوفا من المسائل لم يدخل تحت الوصية.(7/273)
(أوصى بأن يطين قبره أو يضرب عليه قبة فهي باطلة) كما في الخانية وغيرها، وقدمناه عن السراجية وغيرها، لكن قدمنا فيها في الكراهية أنه لا يكره تطيين القبور في المختار، فينبغي أن يكون القول ببطلان الوصية بالتطيين مبينا على القول بالكراهة لانها حينئذ وصية بالمكروه.
قاله المصنف.
قلت: وكذا ينبغي أن يكون القول ببطلان الوصية لمن يقرأ عند قبره بناء على القول بكراهة القراءة على القبور، أو بعدم جواز الاجارة على الطاعات.
أما على المفتى به من جوازهما فينبغي جوازها مطلقا وتمامه في حواشي الاشباه من الوقف.
وحرر في تنوير البصائر أن يتعين المكان(7/274)
الذي عينه الواقف لقراء القرآن أللتدريس، فلو لم يباشر فيه لا يستحق المشروط لما في شارح المنظومة: يجب اتباع شرط الواقف، وبالمباشرة في غير المكان الذي عينه الواقف يفوت غرضه من إحياء تلك البقعة.
قال: وتحقيقه في الدرة السنية في مسألة استحقاق الجامكية ا ه.
باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة (صحت الوصية بخدمة عبده وسكنى داره مدة معلومة وأبدا) ويكون محبوسا على ملك الميت في حق المنفعة كما في الوقف كما بسط في الدرر (وبغلتهما، فإن خرجت الرقبة من الثلث سلمت إليه) أي إلى الموصى له (لها) أي لاجل الوصية (وإلا) تخرج من الثلث (تقسم الدار ثلاثا) أي في مسألة الوصية بالسكنى، أما الوصية بالغلة(7/275)
فلا تقسم على الظاهر (وتهايا العبد فيخدمهم أثلاثا) هذا إذا لم يكن له مال غير العبد والدار، وإلا فخدمة العبد وقسمة الدار بقدر ثلث جميع المال كما أفاده صدر الشريعة (وليس للورثة بيع ما في أيديهم من ثلثهم) على الظاهر لثبوت حقه في سكنى كلها بظهور مال آخر أو بخراب ما في يده فحينئذ يزاحمهم في باقيها والبيع ينافيه فمنعوا عنه، وعن أبي يوسف: لهم ذلك.
(وليس للموصى له بالخدمة أو السكنى أو يؤجر العبد أو الدار) لان المنفعة ليس بمال على أصلنا، فإذا ملكها بعوض كان مملكا أكثر مما ملكه: يعني وهو لا يجوز (ولا للمرضى له بالغلة استخدامه) أي العبد (أو سكناها) أي الدار (في الاصح) ومثله الدار الموقوفة عليه، وعليه الفتوى.
شرح الوهبانية.(7/276)
لان حقهم في المنفعة لا العين، وقد علمت الفرق بينهما.
(ولا يخرج) الموصى له (العبد) تلموصي بخدمته (من الكوفة) مثلا (إلا إذا كان ذلك مكانه) وأهله في موضع آخر (إن خرج من الثلث) وإلا فلا يخرجه (إلا بإذن الورثة) لبقاء حقهم فيه (وبموته) أي الموصى له (في حياة الموصى بطلت) الوصية (وبعد موته يعود) العبد والدار (إلى الورثة) أي ورثة الموصي بحكم الملك، ولو أتلفه الورثة ضمنوا قيمته ليشتري بها عبد يقوم مقام الاول، ولهذا يمنع المريض من التبرع بأكثر من الثلث.
كذا ذكره المصنف في الرهن.(7/277)
ولو أوصى بهذا العبد لفلان بخدمته لآخر وهو يخرج من الثلث صح.
وتمامه في الدرر.
وفي الشرنبلالية: ونفقته إذا لم يطق الخدمة على الموصى له بالرقبة إلى أن يدرك الخدمة فيصير كالكبير، ونفقة الكبير على من له الخدمة، وإن أبى الانفاق عليه رده إلى من له الرقبة كالمستعير مع المعير، فإن جنى فالفداء على من له الخدمة، ولو أبى فداه صاحب الرقبة أو دفعه وبطلت الوصية (وبثمرة بستانه فمات و) الحال أن فيه ثمرة له (هذه الثمرة) فقط (وإن زاد ابداله هذه الثمرة وما يستقبل كما) في الوصية (بغلة بستانه) فإن له هذا، وما يحدث ضم أبدا أو لا (وإن لم
يكن فيه) أي البستان بحالها (ثمرة) حين الوصية (فهي) كالوصية (بالغلة) في تناولها الثمرة المعدومة ما عاش الموصى له.
زيلعي.(7/278)
وفي العناية: السقي والخراج وما فيه إصلاح البستان على صاحب الغلة لانه هو المنتفع به فصار كالنفقة في فصل الخدمة.
تنبيه: الغلة كل ما يحصل من ريع الارض وكرائها وأجرة الغلام ونحو ذلك.
كذا في جامع اللغة.
قلت: وظاهره دخول ثمن الحور ونحوه في الغلة فيحرر (وبصوف غنمه وولدها ولبنها له ما) بقي (في وقت موته سواء قال أبدا أو لا) لان المعدوم منهالا يستحق بشئ من العقود فكذا بالوصية بخلاف الثمرة بدليل صحة المساقاة.
(أوصبجعل داره مسجدا ولم تخرج من الثلث، وأجازوا تجعل مسجدا) لزوال المانع بإجازتهم وإن لم يجيزوا يجعل ثلثها مسجدا لرعاية الوارث والوصية (ويظهر مركبه في سبيل الله بطلت) لان وقف المنقول باطل عنده، فكذا الوصية.
وعندهما: يجوزان.
درر.
وقال(7/279)
المصنف: وفيه نظر لان الوصية اصح حيث لا يصح الوقف في مواضع كثيرة، كالوصية بالغلة والصوف ونحو ذلك كما مر.
(أوصى بشئ للمسجد لم تجز الوصية) لانه لا يملك، وجوزها محمد، قال المصنف: وبقول محمد أفتى مولانا صاحب البحر (إلا أن يقول) الموصي (ينفق عليه) فيجوز اتفاقا.
(قال: أوصيت بثلثي لفلان أو فلان بطلت) عند أبي حنيفة لجهالة الموصى له وعند أبي يوسف لهما أن يصطلحا على أخد الثلث.
وعند محمد: يخير الورثة فأيهما شاؤوا أعطوا.
فصل في وصايا الذمي وغيره (ذمي جعل داره بيعة أو كنيسة) أو بيت نار (في صحته فمات فهي ميراث)(7/280)
لانه كوقف لم يسجل، وأما عندهما فلانه معصية، وليس هو كالمسجد لانهم يسكنون ويدفنون فيه موتاهم، حتى لو كان المسجد كذلك يورث قطعا، قاله المصنف وغيره لانه حينئذ لم يصر محررا خالصا لله تعالى.
(وإن أوصى الذمي أن يبني داره بيعة أو كنيسة لمعينين فهو جائز من الثلث ويجعل تمليكا، وإن أوصى (بداره أن تبنى كنيسة) أو بيعة (في القرى) فلو في المصر لم يجز اتفاقا (لقوم غير مسمين صحت) عنده لا عندهما لما مر أنه معصية.
وله أنهم يتركون وما يدينون فتصح.
(كوصية حربي مستأمن) لا وارث له هنا (بكل ماله لمسلم أو ذمي) كذا في الوقاية، ولا عبرة بمن ثمة لانهم أموات في حقنا.
ولو أوصى بنصفه مثلا نفذورد باقيخ لورثته لا إرثا، بل لانه لا مستحق له في دارنا،(7/281)
وكذا لو أوصى لمستأمن مثله.
ولو أعتق عبده عند الموت أو دبر نفذ من الكل لما قلنا.
ولو أوصى له مسلم أو ذمي جاز على الاظهر.
زيلعي.
(وصاحب الهوى إذا كان لا يكفر فهو بمنزلة المسلم في الوصية) لانا أمرنا ببناء الاحكام على ظاهر الاسلام (وإن كان يكفر فهو بمنزلة المرتد) فتكون موقوفة عنده نافذة عندهما.
شرح المجمع.
(والمرتد في الوصية كذمية) في الاصح لانها لا تقتل (الوصية المطلقة) كقوله هذا القدر من مالي أو ثلث مالي وصية (لا تحل للغني) لانها صدقة، وهي على الغني حرام (وإن عممت) كقوله يأكل منها الغني والفقير، لان أكل الغني منها إنما يصح بطريق التمليك، والتمليك إنما يصح لمعين والغني لا معين ولا يحصى.
(ولو خصت) الوصية (به) أي بالغني كقوله هذا القدر من مالي وصية لزيد وهو غني (أو لقوم) أغنياء (محصورين حلت لهم) لصحة تمليكهم (وكذا) الحكم (في الوقف) كما حرره منلا(7/282)
خسرو.
وفي جامع الفصولين: المتولي على الوقف كالوصي.
فروع: أوصى بثلث ماله للصلوات جاز للوصي صرفه للورثة لو محتاجين: يعني لغير قرابة الولاد ممن يجوز صرف الكفارة إليهم، بخلاف مطلق الوصية للمساكين فأنها تجوز لكل ورثته لاحدهم: يعني لو محتاجين حاضرين بالغين راضين، فلو منهم صغير أو غائب أو حاضر غير راض لم يجز.
أوصى بكفارة صلاته لرجل معين لم تجز لغيره، وله يفتى الفساد الزمان أوصى لصلواته وثلث ماله ديون على المعسرين فتركها الوصي لهم عن الفدية لم تجزه ولا بد من القبض ثم التصدق عليهم.
ولو أمر أن يتصدق بالثلث فمات فغصب غاصب ثلثها مثلاف واستهلكها فتركه صدقة عليه وهو معسر يجزيه لحصول قبضه بعد الموت، بخلاف الدين الكل من القنية.
وفي الجواهر: أوصى لرجل بعقار ومات فقسمت التركة والموصى له في البلد وقد علم بالقسمة ولم يطلب ثم بعد سنين ادعى تسمع، ولا تبطل بالتأخير إن لم يكن رد الوصية.
أوصى له بدار فباعها بعد موته قبل قبض صح لجواز التصرف في لموصى به قبل قبضه.
وقفت ضيعتها على ولدها وجعلت عم الولد متوليا وللولد أب(7/283)
فالمتولي أولى من الاب.
شرى دارا وأوصى بها لرجل فأخذها الشفيع من يد الموصى له يؤخذ الثمن، ولو استحق الدار لا يرجع الموصى له على الورثة بشئ: لانه ظهر أنه أوصى بمال الغير انتهى، والله أعلم.
باب الوصي وهو الموصى إليه (أوصى إلى زيد) أي جعله وصيا (وقبل عنده صح، فإن رد عنده) أي بعلمه (يرتد، وإلا لا يصح) الرد بغيبته(7/284)
لئلا يصير مغرورا من جهته، ويصح إخراجه عنها ولو في غيبته عند الامام، خلافا للثاني.
بزازية (فإن سكت) الموصى إليه (فمات) موصيه (فله الرد والقبول ولزم) عقد الوصية (ببيع شئ من التركة وإن جهل به) أي بكونه وصيا، فإن علم الوصي بالوصاية ليس بشرط في صحة تصرفه (بخلاف الوكيل) فإن علمه بالوكالة شرط (فإن سكت ثم رد بعد موته ثم قبل صح إلا إذا نفذ قاض رده) فلا يصح قبوله بعد ذلك.
(ولو) أوصى (إلى صبي وعبد غيره وكافر وفاسق بدل) أي بدلهم القاضي (بغيرهم) إتماما(7/285)
للنظر، ولفظ بدل يفيد صحة الوصية، فلو تصرفوا قبل الاخراج جاز.
سراجية (فلو بلغ الصبي وعتق العبد وأسلم الكافر) أو المرتد وتاب الفاسق.
مجتبى.
وفيه: فوض ولاية الوقف لصبي صح استحسانا (لم يخرجهم القاضي عنها) أي عن الوصايا لزوال الموجب للعزل إلا أن يكون غير أمين.
اختيار (وإلى عبده و) الحال (أن ورثته صغار صح) كإيصائه إلى مكاتبه أو مكاتب غيره، ثم إن رد في الرق فكالعبد (وإلا لا) وقالا: لا يصح مطلقا.
درر.
(ومن عجز عن القيام بها) حقيقة لا بمجرد إخباره (ضم) القاضي (إليه غيره)(7/286)
عارية لحق الموصي والورثة.
(ولو ظهر للقاضي عجزه أصلا استبدل غيره ولو عزله) أي الموصي المختار (القاضي مع أهليته لها نفذ عزله وإن جار) القاضي (وأثم) في الاشباه اختلفوا في صحة عزله، والاكثر على الصحة كما في شرح الوهبانية، لكن يجب الافتاء بعدم الصحة كما في الفصولين.
وأما عزل الخائن فواجب انتهى.
قلت: وعبارة جامع الفصولين من الفصل السابع والعشرين: الوصي من الميت لو عدلا كافيا لا ينبغي للقاضي أن يعزله، فلو عزله قيل: ينعزل.
أقول: الصحيح عندي أنه لا ينعزل، لان الموصي أشفق بنفسه من القاضي فكيف ينعزل،
وينبغي أن يفتى به لفساد قضاة الزمان ا ه.
قال المصنف: قال شيخنا: فقد ترجح عدم صحة العزل للوصي فكيف بالوضائف في الاوقاف(7/287)
(وبطل فعل أحد الوصيين كالمتوليين) فإنهما في الحكم كالوصيين.
أشباه ووقف القنية.
ومفاده أنه لو أجر أحدهما أرض الوقف لم تجز بلا رأي الآخر، وقد صارت واقعة الفتوى (ولو) وصيلة (كان إيصاؤه لكل منهما على الانفراد) وقيل: ينفرد.
قال أبو الليث: وهو الاصح وبه نأخذ، لكن الاول صححه في المبسوط وجزم في الدرر.
وفي القهستاني أنه أقرب إلى الصواب.
قلت: وهذا إذا كانا وصيين أو متوليين من جهة الميت أو الوقف أو قاض واحد، أما لو كانا من جهة قاضيين من بلدتين فينفرد أحدهما بالتصرف، لان كلا من القاضيين لو تصرف جاز تصرفه فكذا نائبه.
ولو أراد كل من القاضيين عزل منصوب القاضي الآخر جاز إن رأى فيه المصلحة، وإلا لا.(7/288)
تمامه في وكالة تنوير البصائر معزيا للملتقطات وغيرها، فليحفظ.
وفي وصايا السراج: لو لم يعلم القاضي أن للميت وصيا فنصب له وصيا ثم حضر الوصي فأراد الدخول في الوصية فله ذلك، ونصب القاضي الآخر لا يخرج الاول (إلا بشراء كفنه وتجهيزه والخصومة في حقوقه وشراء حاجة الطفل والاتهاب له وإعتاق عبد معين ورد وديعة وتنفيد وصية معينتين)(7/289)
زاد في شرح الوهبانية عشرة أخرى: منها رد المغصوب، ومشترى شراء فاسدا، وقسمة كيلي أو وزني، وطلب دين، وقضاء دين بجنس حقه (وبيع ما يخاف تلفه، وأموال ضائعة) قال أبو يوسف: ينفرد كل بالتصرف في جميع الامور، ولو نص على الانفراد أو الاجتماع اتبع اتفاقا.
شرح الوهبانية.
(وإن مات أحدهما: فإن أوصى إلى الحي أو إلى آخر فله التصرف في التركة وحده) ولا(7/290)
يحتاج إلى نصب القاضي وصيا (وإلا يوص) ضم القاضي (إليه غيره).
درر.
وفي الاشباه: مات أحدهما أقام القاضي الآخر مقامه أو ضم إليه آخر، ولا تبطل الوصية إلا إذا أوصى لهما أن يتصدقا بثلثه حيث شاءا ا ه.
وتمامه في شرح الوهبانية.
وهل فيه خلاف؟ أبي يوسف قولان.
وعنه أن المشرف ينفرد دون الوصي كما حررته فيما علقته على الملتقى ويأتي.(7/291)
(ووصى الوصي) سواء أوصى إليه في ماله أو مال موصيه.
وقاية (وصى في التركتين) خلافا للشافعي (وتصح قسمته) أي الوصي حال كونه (نائبا عن ورثة) كبار (غيب أو صغار مع الموصى له) بالثلث (ولا رجوع) للورثة (عليه) أي الموصى له (إن ضاع قسطهم معه) أي الوصي لصحة قسمته حينئذ (و) أما (قسمته عن الموصى له) الغائب أو الحاضر بلا إذنه (معهم) أي الورثة ولو صغارا.
زيلعي (فلا) تصح، وحينئذ، (فيرجع(7/292)
الموصى له بثلث ما بقي) من المال (إذا ضاع قسطه) لانه كالشريك (معه) أي مع الوصي، ولا يضمن الوصي لانه أمين.
(وصح قسمة القاضي وأخذه قسط الموصى له إن غاب) الموصى له فلا شئ له إن هلك في يد القاضي أو أمينه، وهذا (في المكيل والموزون) لانه إفراز (وفي غيرهما) تجوز لان مبادلة كالبيع، وبيع مال الغير لا يجوز، فكذا القسمة (وإن قاسمهم الوصي في الوصية بحج حج) عن الميت (بثلث ما بقي إن هلك) المال (في يده أو) في يد (من دفع إليه ليحج) خلافا لهما، وقد تقرر في المناسك (ولو أفرز الميت شيئا من ماله للحج فضاع بعد موته لا) يحج عنه بثلث ما بقي لانه عينه، فإذا هلك بطلت.
(وصح بيع الوصي عبدا من التركة بغيبة الغرماء) لتعلق حقهم بالمالية (وضمن وصي باع ما أوصى ببيعه وتصدق بثمنه فاستحق العبد بعد هلاك ثمنه) أي ضياعه (عنده) لانه العاقد فالعهدة عليه (ورجع) الوصي (في التركة) كلها.
وقال محمد: في الثلث.
قلنا: إنه مغرور فكان دينا، حتى لو هلكت التركة أو لم تف فلا رجوع.
وفي المنتقى أنه يرجع على من تصدق عليهم لان غنمه لهم فغزمه عليهم (كما يرجع في مال الطفل وصي باع ما أصابه) أي الطفل (من التركة وهلك ثمنه معه فاستحق) المال المبيع، والطفل يرجع على الورثة بحصته لانتقاض(7/293)
القسمة باستحقاق ما أصابه (وصح احتياله بمال اليتيم لو خيرا) بأن يكون الثاني أملا، ولو مثله لم يجز.
منية.
(وصح بيعه وشراؤه من أجنبي بما يتغابن الناس) لا بما لا يتغابن وهو الفاحش لان ولايته نظرية، فلو باع به كان فاسدا حتى يملكه المشتري بالقبض.
قهستاني.
وهذا إذا تبايع الوصي للصغير مع الاجنبي.
(وإن باع) الوصي (أو استرى) مال اليتيم (من نفسه، فإن كان وصي(7/294)
القاضي لا يجوز ذلك مطلقا) لانه وكيله (وإن كان وصي الاب جاز بشرط منفعة ظاهرة للصغير) وهي قدر النصف زيادة أو نقصا.
وقالا: لا يجوز مطلقا.
(وبيع الاب مال صغير من نفسه جائز بمثل القيمة وبما يتغابن فيه) وهو اليسير، وإلا لا، وهذا كله في المنقول، أما في العقار فسيجئ.
(ولو زاد الوصي على كفن مثله في العدد ضمن الزيادة، وفي القيمة وقع الشراء له، و) حينئذ (ضمن ما دفعه من مال اليتيم) ولوالجية.
(و) فيها (لو دفع المال إلى اليتيم(7/295)
قبل ظهور رشده بعد الادراك فضاع ضمن) لانه دفعه إلى من ليس له أن يدفع إليه (وجاز بيعه) أي الوصي (على الكبير) الغائب (في غير العقار) إلا الدين أو خوف هلاكه، ذكره عزمي زادة
معزيا للخانية.
قلت: وفي الزيلعي والقهستاني الاصح لا لانه نادر، وجاز بيعه عقار صغير من أجنبي لا من نفسه بضعف قيمته،(7/296)
أو لنفقة الصغير، أو دين الميت، أو وصية مرسلة، لا نفاذ لها إلا منه، أو لكون غلاته لا تزيد على مؤنته، أو خوف خرابه أو نقصانه، أو كونه في يد متغلب.
درر وأشباه مخلصا.
قلت: وهذا لو البائع وصيا لا من قبل أم أو أخ فإنهما لا يملكان بيع العقار مطلقا ولا شراء غير طعام وكسوة، ولو البائع أبا فإن محمودا عند الناس أو مستور الحال يجوز، ابن كمال (ولا يتجر) الوصي (في ماله) أي اليتيم لنفسه فإن فعل تصدق بالربح(7/297)
(وجاز) لو اتجر من مال اليتيم (لليتيم) وتمامه في الدرر.
قلت: وفي الاشباه: لا يملك الوصي بيع شئ بأقل من ثم المثل لا في مسألة الوصية ببيع عبده من فلان وفيها في الكلام في أجر المثل: للمتولي أجر مثل عمله، فلو لم يعمل الا أجر له، وأما وصي الميت فلا أجر له على الصحيح،(7/298)
وهذا إذا عين القاضي للمتولي أجرا، فإن لم يعين وسعى فيه سنة فلا شئ له، وعزاه للقنية ثم ذكر ما يخالفه فافهم، وقد مر في الوقف.
وأما وصي القاضي، فإن نصبه بأجر مثله جاز ا ه.
وفي القهستاني معزيا للذخيرة: ولو كانوا صغارا وكبارا باع حصة الصغار كما مر، وكذا الكبار على ما مر من التفصيل.
ونقل عن العمادية أن في بيعه للعقار وفاء اختلاف المشايخ، وجوزه صاحب الهداية لان فيه استبقاء ملكه مع دفع الحاجة، وإن لغير الوصي التصرف لخوف متغلب، وعليه الفتوى، وتمامه فيما علقته على الملتقى(7/299)
(ولا يجوز إقراره بدين على الميت وبشئ من تركته أنه لفلان إلا أن يكون المقر وارثا فيصح في
حصته ولو أقر) الوصي (بعين لآخر ثم ادعى أنه للصغير لا يسمع) درر.
(ووصي أبي الطفل أحق بماله من جده،(7/300)
وإن لم يكن وصيه فالجد) كما تقرر في الحجر في المنية ليس للجد بيع العقار والعروض لقضاء الدين وتنفيذ الوصايا، بخلاف الوصي فإن له ذلك انتهى، والله أعلم.
فصل في شهادة الاوصياء (وبطلت شهادة الوصيين لوارث صغير بمال) مطلقا (أو كبيرا بمال الميت وصحت) شهادتهما (بغيره) أي بغير مال الميت لانقطاع ولايتهما عنه فلا تهمة حينئذ (كشهادة رجلين لآخرين بدين ألف على ميت و) شهادة (الآخرين للاولين بمثله، بخلاف شهادة كل فريق بوصية ألف) وقال أبو يوسف: لا تقبل في الدين أيضا، وقد تقدم في الشهادات (أو) شهادة (الاولين(7/301)
بعبد والآخرين بثلث ماله) أو الدراهم المرسلة لاثباتها للشركة فتبطل (وتصح لو شهد رجلان لرجلين بالوصية بعين) كالعبد (وشهد المشهود لهما للشاهدين بالوصية بعين أخرى) لانه لا شركة فلا تهمة زيلعي.
(شهد الوصيان أن الميت أوصى لزيد معهما لغت) لاثباتهما لانفسهما معينا وحينئذ فيضم القاضي لهما ثالثا وجوبا لاقرارهما بآخر فيمتنع تصرفهما بدونه كما تقرر (إلا أن يدعي زيد ذلك) أي يدعي أنه وصي معهما فحينئذ تقبل شهادتهما استحسانا لانهما أسقطا مؤنة التعيين عنه (وكذا ابنا الميت إذا شهدا أن أباهما أوصى إلى رجل) لجرهما نفعا لنصب حافظ للتركة (و) هذا لو (هو منكر) ولو يدعي تقبل استحسانا (بخلاف شهادتهما بأن أباهما وكل زيدا بقبض ديونه بالكوفة حيث لا تقبل مطلقا) ادعى الوكالة أم لا، لان القاضي لا يملك نصب الوكيل عن الحي بطلبهما ذلك، بخلاف الوصية، وشهادة الوصي تصح على الميت لا له ولو بعد العزل وإن لم يخاصم، ملتقى.
(وصي أنفذ الوصية من مال نفسه رجع مطلقا) وعليه الفتوى.
درر (كوكيل أدى الثمن من(7/302)
ماله فإن له أن يرجع، وكذلك الوصي إذا اشترى كسوة للصغير أو) اشترى (ما ينفق عليه من مال نفسه) فإنه يرجع إذا أشهد على ذلك.
وفي البزازية: إنما شرط الاشهاد لان قول الوصي في الانفاق يقبل لا في حق الرجوع بلا إشهاد انتهى، فليحفظ.
قلت: لكن في القنية والخلاصة والخانية: له أن يرجع بالثمن وإن لم يشهد، بخلاف الابوين، وسيجئ ما يفيده، فتنبه (أو قضى دين الميت) الثابت شرعا(7/303)
(أو كفنه) أو أدى خراج اليتيم أو عشرة (من مال نفس أو اشترى الوارث الكبير طعاما أو كسوة للصغير) أو كفن الوارث الميت أو قضى دينه (من مال نفسه) فإنه يرجع ولا يكون متطوعا.
(ولو كفن الوصي الميت من مال نفسه قبل قوله فيه) قيل: هو مستدرك بقوله أو كفنه.(7/304)
(ولو باع) الوصي (شيئا من مال اليتيم ثم طلب منه بأكثر) مما باعه (رجع القاضي فيه إلى أهل البصيرة) والامانة (إن أخبره اثنان منهم أنه باع بقيمته، وإن قيمته ذلك لا يلتفت) القاضي (إلى من يزيد، وإن كان في المزايدة يشتري بأكثر وفي لسوق بأقل لا ينتقض بيع الوصي لذلك) أي لاجل تلك الزيادة (بل يرجع إلى أهل البصيرة، فإن اجتمع رجلان منهم على شئ يؤخذ بقولهما) عند محمد (وكفى قول واحد في ذلك) عندهما كما في التزكية، وعلى هذا قيم الوقف إذا أجر مستغل الوقف ثم جاء آخر يزيد في الاجر، الكل في الدرر معزيا للخانية.
فروع: يقبل قول الوصي فيما يدعيه من الانفاق بلا بينة، إلا في ثنتي عشرة مسألة على ما(7/305)
في الاشباه.
ادعى قضاء دين الميت، وادعى قضاءه من ماله بعد بيع التركة قبل قبض ثمنها، أو أن اليتيم استهلك مالا آخر فدفع ضمانه، أو أذن له بتجارة فركبه ديون فقضاها عنه، أو أدى
خراج أرضه في وقت لا يصلح للزراعة، أو جعل عبده الآبق أفداء عبده الجاني أو الانفاق على محرمه(7/306)
أو على رقيقه الذين ماتوا أو الانفاق عليه مما في ذمته وكذا من مال نفسه حال غيبة ماله وأراد الرجوع، أو أنه زوج اليتيم امرأة ودفع مهرها من ماله وهي ميتة.
الثانية عشرة: اتجر وربح ثم ادعى أنه كان مضاربا والاصل أن كل شئ كان مسلطا عليه فإنه يصدق فيه، وما لا فر ينصب القاضي وصيا في سبعة مواضع مبسوطة في الاشباه: منها: إذا كان له دين أو عليه أو لتنفيذ وصيته.
وزاد في الزواهر موضعين آخرين: اشترى الاب من طفله شيئا فوجده معيبا ينصب القاضي وصيا ليرده عليه، وإذا احتيج لاثبات حق صغير أبوه غائب(7/307)
غيبة منقطعة ينصب، وإلا فلا، وعزاهما لمجمع الفتاوى.(7/308)
وصي القاضي كوصي الميت إلا في ثمان: ليس لوصي القاضي الشراء لنفسه، ولا أن يبيع ممن لا تقبل شهادته له، ولا أن يقبض إلا بإذن مبتدإ من القاضي، ولا أن يؤجر الصغير لعمل ما، ولا أن يجعل وصيا عند عدمه، ولو خصصه القاضي تخصص،(7/309)
ولو نهاه عن بعض التصرفات صح نهيه، وله عزله ولو عدلا بخلاف وصي الميت في ذلك كله.
وفي الخزانة: وصي وصي القاضي كوصيه لو الوصية عامة انتهى، وبه يحصل التوفيق.
وفي الفتاوى الصغرى: تبرعه في مرضه إنما ينفذ من الثلث عند عدم الاجازة، إلا في تبرعه في المنافع فينفذ من الكل بأن أجر المثل لانها تبطل بموته(7/310)
فلا إضرار على الورثة وفي حياته لا ملك لهم، لكن في العمادية أنها من الثلث فلعله روايتان.
باع مال اليتيم أو ضيعته والمشتري مفلس يؤجل ثلاثة أيام، فإن نقد وإلا فسخ، فإن أنكر الشراء وقد قبض يرفع الوصي الامر للحاكم فيقول: إن كان بينكما بيع فقد فسخته قبل الوصية، ثم أراد عزل نفسه(7/311)
لم يجز ألا عند الحاكم.
دفع لليتيم ماله بعد بلوغه وأشهد اليتيم على نفسه أنه لم يبق له من تركة والده لا قليل ولا كثير ثم ادعى شيئا في يد الوصي أنه من تركة أبي وبرهن تسمع.
للوصي الاكل والركوب بقدر الحاجة.
قال تعالى: * (ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) * (النساء: 6) له أن ينفق في تعليم القرآن والادب إن تأهل لذلك، وإلا فلينفق عليه بقدر ما يتعلم القراءة الواجبة(7/312)
في الصلاة.
مجتبى.
وفيه: جعل للوصي مشرفا لم يتصرف بدونه، وقيل للمشرف أن يتصرف وفيه للاب إعارة طفله اتفاقا لا ماله على الاكثر.
وفيه: يملك الاب لا الجد عند عدم الوصي ما يملكه الوصي.
يملك الاب لا الجد قسمة مال مشترك بينه وبين الصغير، بخلاف الوصي.
يملك الاب والجد بيع مال أحد طفليه للآخر، بخلاف الوصي.
ولو باع الاب أو الجد مال الصغير من الاجنبي بمثل قيمته جاز إذا لم يكن فاسد الرأي،(7/313)
ولو فاسد، فإن باع عقاره لم يجز، وفي المنقول روايتان.
ولو اشترى لطفله ثوبا أو طعاما وأشهد أنه يرجع به عليه يرجع لو له مال، وإلا لا لوجوبهما عليه حينئذ، وبمثله لو اشترى له دارا أو عبدا يرجع سواء كان له مال أو لا، وإن لم
يشهد لا يرجع، كذا عن أبي يوسف وهو حسن يجب حفظه انتهى.(7/314)
كتاب الخنثى لما ذكر من غلب وجوده ذكر نادر الوجود (وهو ذو فرج وذكر أو من عري عن الاثنين جميعا، فإن بال من الذكر فغلام، وإن بال من الفرج فأنثى، وإن بال منهما فالحكم للاسبق، وإن استويا فمشكل ولا تعتبر الكثرة) خلافا لهما، هذا قبل البلوغ (فإن بلغ وخرجت لحيته أو وصل إلى امرأة أو احتلم) كما يحتلم الرجل (فرجل، وإن ظهر له ثدي أو لبن أو حاض(7/315)
أو حبل أو أمكن وطؤه فامرأة، وإن لم تظهر له علامة أصلا أو تعارضت العلاما ت فمشكل) لعدم المرجح، وعن الحسن أنه تعد أضلاعه، فإن ضلع الرجل يزيد على ضلع المرأة بواحد، ذكره الزيلعي، وحينئذ (فيؤخذ في أمره بما هو الاحوط) في كل الاحكام.
قلت: لكن قدمنا أنه لا يجب الغسل بالايلاج فيه، وأنه لا يتعلق التحريم بلبنه فتنبه (فيقف بين صف الرجال والنساء، و) إذا بلغ حد الشهوة (تبتاع له أمة تختنه من ماله) لتكون أمته أو مثله (ويكره أن يختنه رجل أو امرأة) احتياطا ولا ضرورة، لان الختان عندنا سنة (وإن لم يكن له مال فمن بيت المال(7/316)
ثم تباع) أو يزوج امرأة ختانة لتختنه، لانه إن كان ذكرا صح النكاح، وإن أنثى فنظر الجنس أخف، ثم يطلقها وتعتد إن خلا بها احتياطا (ويكره له لبس الحرير والحلي، ولا يخلو به غير محرم) وإن قبله رجل ثبتت حرمة المصاهرة (ولا يسافر بغير محرم) لاحتمال أنه امرأة (وإن قال: أنا رجل أو امرأة لا عبرة به) في الصحيح لانه دعوى بلا دليل (وقيل: يعتبر) لانه لا يقف عليه غيره، لكن في الملتقى بعد تقر إشكاله لا يقبل، وقيل: يقبل.
قلت: وبه يحصل التوفيق، ويضعف ما نقله القهستاني عن شرح الفرائض اللسيد وغيره إلا
أن يحمل على هذا، فتنبه.(7/317)
(ولو مات قبل ظهور حاله لم يغسل ويمم بالصعيد) لتعذر الغسل (ولا يحضر) حال كونه مراهقا (غسل ميت ذكر أو أنثى، وندب تسجية قبره، ويوضع الرجل بقرب الامام ثم هو ثم المرأة إذا صلى عليهم) رعاية لحق الترتيب، وتمام فروعه في أحكامه من الاشباه، بل عندي تأليف مجلد منيف (وله) في الميراث (أقل النصيبين) يعني أسوأ الحالين، به يفتى كما سنحققه.
وقالا: نصف النصيبين، فلو مات أبوه وترك معه (ابنا) واحدا (له سهمان وللخنثى سهم) وعند أبي يوسف: له ثلاثة من سبعة، وعند محمد: له خمسة من اثني عشر.
وعند أبي حنيفة: له سهم من(7/318)
ثلاثة (لانه لاقل) وهو متيقن به فيقتصر عليه لان المال لا يجب بالشك، حتى لو كان الاقل تقديره ذكرا قدر ابنا كزوج وأم وشقيقة هي خنثى مشكل، فله السدس على أنه عصبة، لانه الاقل ولو قدر أنثى كان له النصف وعالت إلى ثمانية، ولو كان محروما على أحد التقديرين فلا شئ له، كزوج وأم وولديها وشقيق خنثى فلا شئ له لانه عصبة، ولو قدر أنثى كان له النصف وعالت إلى تسعة، ولو مات عن عمه وولد أخيه خنثى قدر أنثى وكان المال للعم، والله تعالى أعلم.
مسائل شتى جمع شتيت بمعنى متفرقة، وهمن دأب المصنفين لتدارك(7/319)
ما لا يذكر فيما كان يحق ذكره فيه.
قلت: وقد ألحقت غالبها بمحالها، ولله الحمد.
(عرق مدمن الخمر خارج نجس) هذه مقدمة صغرى في تسليمها كلام قد وعدتك به في أوائل نواقض الوضوء (وكل خارج نجس ينقض الوضوء) هذه مقدمة كبرى وهي مسلمة عندنا (فينتج) أن (عرق مدهن الخمر ينقض الوضوء لكنه يحتاج لاثبات الصغرى.
وحاصله ما في الذخائر الاشرافية لابن الشحنة معزيا للمجتبى: عرق الدجاجة الجلالة نجس.
قال: وعليه فعرق مدمن الخمر نجس بل أولى.
ثم قال: وما أسمج من كان عرقه كعرق الكلب والخنزير.
قال ابن العز: فحينئذ ينقض الوضوء، وهو فرع غريب وتخريج ظاهر.
قال المصنف: ولظهوره عولنا عليه.
قلت: قال شيخنا الرملي حفظه الله تعالى: كيف يعول عليه وهو مع غرابته لا يشهد له رواية ولا دراية، أما الاولى فظاهر إذا لم يرو عن أحد ممن يعتمد عليه، وأما الثانية فلعدم تسليم المقدمة الاولى ويشهد لبطلانها مسألة الجدي إذا غذي بلبن الخنزير فقد عللوا حل أكله بصيرورته مستهلكا لا يبقى له أثر، فكذلك نقول في عرق مدمن الخمر، ويكفينا في ضعفه غرابته(7/320)
وخروجه عن الجادة فيجب طرحه عن السرح من متن وشرح.
(خبر وجد في خلاله خرء فأرة، فإن كان) الخرء (صلبا رمى به وأكل الخبز، ولا يفسد) خرء الفأرة (الدهن والماء والحنطة) للضرورة (إلا إذا ظهر طعمه أو لونه) في الدهن ونحوه لفحشه وإمكان التحرز عنه حينئذ.
خانية.
(في السنن الرواتب لا يصلي ولا يستفتح) تقدم في باب الوتر (الدعوة المستجابة في الجمعة عندنا وقت العصر) على قول عامة مشايخنا.
أشباه.
وقدمناه في الجمعة عن التارخانية.
(الخروج من الصلاة لا يتوقف على) قوله (عليكم) وحينئذ (فلو دخل رجل في صلاته بعده لا يصير داخلا فيها) قدمناه في صفة الصلاة.
(لف ثوب نجس رطب في ثوب طاهر يابس فظهرت رطوبته على ثوب طاهر) كذا النسخ.
وعبارة الكنز: على الثوب الطاهر (لكن لا يسيل لو عصر لا يتنجس) قدمناه قبيل كتاب الصلاة(7/321)
(كما لو نشر الثوب المبلول على حبل نجس يابس) أو غسل رجله ومشى على أرض نجسة أو نام على فراش نجس فعرق ولم يظهر أثره لا يتنجس.
خانية.
(نوى الزكاة إلا أنه سماه قرضا جاز) في الاصح، لان العبرة للقلب لا للسان.
(من له حظفي بيت المال) كالعلماء (ظفر بما هو وجه لبيت المال فله أخذه ديانة) قدمناه قبيل باب المصرف.
(أفطر في رمضان في يوم ولم يكفر حتى أفطر في يوم آخر فعليه كفارة واحدة)(7/322)
ولو في رمضانين على الصحيح، وقدمناه في الصوم.
(ولو نوى قضاء رمضان ولم يعين اليوم صح) ولو عن رمضانين كقضاء الصلاة صح أيضا (وإن لم ينو) في الصلاة (أول صلاة عليه أوآخر صلاة عليه) كذا في الكنز.
قال المصنف: قال الزيلعي: والاصح اشتراط التعيين في الصلاة وفي رمضانين الخ.
قلت: وهكذا قدمته في باب قضاء الفوائت تبعا للدرر وغيرها.
ثم رأيت في البحر قبيل باب اللعان ما نصه: ونية التعيين لم تشترط باعتبار أن الواحب(7/323)
مختلف متعدد بل باعتبار أن مراعاة الترتيب واجبة عليه ولا يمكنه مراعاته إلا بنية التعيين، حتى لو سقط الترتيب بكثرة الفوائت يكفيه نية الظهر لا غير.
كذا في المحيط.
وهو تفصيل حسن في الصلوات ينبغي حفظه انتهى بلفظه.
ثم رأيته نقله عنه في الاشباه في بحث تعيين المنوي، ثم قال: وهذا مشكل، وما ذكره أصحابنا كقاضيخان وغيره خلافه وهو المعتمد.
كذا في التبيين ا ه بحروفه، فلينتبه لذلك.
(رأس شاة متلطخ بدم أحرق) رأسه وزال عنه الدم فاتخذ منه مرقة (جاز استعمالها) والحرق (كالغسل، وقدمنا أنه من المطهرات سلطان جعل الخراج لرب الارض جاز، وإن جعل له العشر لا) لانه زكاة.
قلت: وقد قدمه في الجهاد، وقدمته في الذكاة أيضا.
(عجز أصحا ب الخراج عن زراعة الارض وأداء الخراج ودفع الامام الارض إلى غيرهم) بالاجرة (ليعطوا الخراج) من أجرتها المستحقة (جاز) فإن فضل شئ من أجرتها دفعه لمالكها رعاية
للحقين، فإن لم يجد الامام من يستأجرها باعها لقادر وأخد الخراج الماضي من الثمن لو عليهم(7/324)
خراج ورد الفضل لاربابها.
زيلعي.
قلت: وقدمنا في الجهاد ترجيح سقوطه بالتداخل، فيحمل على المرجوح أو على أن مراده أخذ خراج السنة الماضية فقط.
(غنم مذبوحة وميتة، فإن كانت المذبوحة أكثر تحرى وأكل وإلا) بأن كانت الميتة أكثر أو استويا (لا) يتحرى لو في حالة الاختيار بأن يجد ذكية وإلا تحرى وأكل مطلقا(7/325)
ومر في الحظر.
(إيماء الاخرس وكتابته كالبيان) باللسان (بخلاف معتقل اللسان) وقال الشافعي: هما سواء في وصية ونكاح وطلاق وبيع وشراء وقوو غيرها من الاحكام: أي إيماء الاخرس فيما يذكر(7/326)
معتبر، ومثله معتقل اللسان إن علمت إشارته وامتدت عقلته إلى موته، به يفتى.
قلت: ومر في الوصايا، وذكرهنا الاكمل وابن الكمال والزيلعي وغيرهم.
ثم مفاد كلامهم أنه لو أقر بالاشارة أأطلق مثلا توقف، فإن مات على عقلته نفذ مستندا، وإلا لا، وعليه فلو تزوج بالاشارة لا يحل له وطؤها لعدم نفاذه، لكنه إذا مات بحالة كان لها المهر عن تركته، قاله المصنف.
لكن ذكر ابنه في الزواهر عند ذكر الاشباه الاحكام الاربعة أن قولهم والضابط للمقتصر والمستند أن ما صح تعليقه بالشرط يقع مقتصرا وما لا يصح تعليقه يقع مستندا كما في البحر من باب التعليق يخالف ذلك، إذ مقتضاه وقوع الطلاق والعتاق ونحوهما مما يصح تعليقه بالشرط(7/327)
مقتصرا، فتنبه (لا) تكون إشارته وكتابته كالبيان (في حد) لانها تدرأ الشبهة لكونها حق الله تعالى
ولا في شهادة ما.
منية.
وهل يصح إسلامه بالاشارة؟ ظاهر كلامهم نعم، ولم أره صريحا.
أشباه.
(ابتلع الصائم بصاق محبوبه) يقضي و (يكفر وإلا) يكن محبوبه (لا) يكفر، ومر في الصوم.
(قتل بعض الحجاج عذر في ترك الحج) مر في الحج.
(منعها زوجها من الدخول عليها وهو يسكن معها في بيتها نشوز) حكما كما حررناه في باب النفقة (ولو) كان (المنع لينقلها إلى منزله) فليست ناشزة لوجول السكنى عليه (أو كان يسكن في بيت الغصب فامتنعت منه لا) تكون ناشزة لانها محقة، إذ السكنى فيه حرام، بخلاف ما لو كان فيه (شبهة قالت: لا أسكن مع أمتك وأريد بيتا على حدة(7/328)
ليس لها ذلك) وكذا مع أم ولده وكله مر في النفقة.
(قال لعبده: يا مالكي أوقال لامته: أنا عبدك لا تعتق لانه ليس بصريح ولا كناية بخلاف قوله لعبده يا مولاي) لانه كناية على ما مر في محله.
(العقار المتنازع فيه لا يخرج من يد ذي اليد ما لم يبرهن المدعي) على وفق دعواه، بخلاف المنقول (أو يعلم به القاضي) ولا يكفي تصديق المدعى عليه أنه في يده في الصحيح لاحتمال المواضعة.
قلت: قدمنا غير مرة آخرها في باب جناية المملوك أن المفتى به في زماننا أنه لا يعمل بعلم القاضي، فتأمل، وهذا إذا دعاه ملكا مطلقا، أما إذا ادعى الشراء من ذي اليد وإقراره بأنه في يده فأنكر الشراء وأقر بكونه في يده لم يحتج لبرهان على كونه في يده، لان دعوى الفعل كما تصح على ذي اليد تصح على غيره أيضا كما بسط في البزازية.
(عقار لا في ولاية القاضي يصح قضاؤه فيه) كمنقول(7/329)
هو الصحيح، وتقدم في القضاء أن المصر ليس بشرط فيه، به يفتى ويكتب بالحكم لقاضي تلك
الناحية ليأمره بالتسليم (وقيل: لا يصح) ومشى عليه في الكنز والملتقى).
(قضى القاضي ببينة في حادثة ثم قال: رجعت عن قضائي أو بدا لي غير ذلك أو وقعت في تلبيس الشهود أو أبطلت حكمي أو نحو ذلك لا يعتبر) قول القاضي في كل ذلك لتعلق حق الغير به وهو المدعي (والقضاء ماض إن كان بعد دعوى صحيحة وشهادة مستقيمة) إلا في ثلاث مرت في القضاء: لو بعلمه أو بخلاف مذهبه، أو ظهر خطؤه (إذا قال الشهود قضيت وأنكر القاضي فالقول له) به يفتى، قاله ابن الغرس في الفواكه البدرية، زاد في البزازية خلافا لمحمد: زاد في البحر (ما لم ينفذه قاض آخر) فحينئذ لا يكون القول قوله في أنه لم يقض لوجود قضاء الثاني به.
قال المصنف: وهو قيد حسن لم أقف عليه لغير صاحب البحر.
(شرط نفاذ القضاء في المجتهدات)(7/330)
من حقوق العبا (أن يصير الحكم في حادثة) بأن يتقدمه دعوى صحيحة من خصم على خصم حاضر مناز شرعي، فلو برهن بحق على آخر عند قاض فقضى به ببرهانه بدون منازعة ومخاصمة شرعية وتداع بينهما لم ينفط قضاؤه لفقد شرطه، وهو التداعي بخصومة شرعية، وكان إفتاء فيحكم بمذهبه لا غير كما قدمناه في القضاء، وأفاده بقوله (فلو رفع إليه) أي إلى الحنفي (قضاء مالكي بلا دعوى لم بلتفت إليه وعمل الحنفي بمقتضى مذهبه) لعدم تقدم ما يمنعه من ذلك لخروج قضاء المالكي مخرج الفتوى، لعدم تقدم الخصومة الشرعية التي هي شرط انعقاد القضاء في حق العباد.
(إذا ارتاب) القاضي (في حكم) القاضي (الاول له طلب شهود الاصل) مر في القضاء قيد بارتيابه في حكم الاول، فأفاد أنه إذا لم يرتب فيه لا يتعرض له، قال في الفواكه البدرية: قالوا في قضاء العدل العالم لا ينقض، ويحمل على السداد، بخلاف قضاء غيره: يعني إذا تبين وجه فساده بطريقه فللثاني نقضه.
(إذا ترتب بيع التعاطي على بيع باطل أو فاسد لا ينعقد) مر في أول البيوع عن الخلاصة
والبزازية والبحر (خبأ قوما ثم سأل رجلا عن شئ فأقر به وهم يرونه ويسمعون كلامه وهو لا يراهم جازت شهادتهم عليه) بذلك الاقرار (وإن سمعوا كلامه ولم يروه لا تجوز) شهادتهم عليه لان النغمة تشتبه عليه فتقع الشبهة، إلا إذا علموا أنه ليس فيه غيره بأن دخلوا البيت ثم خرجوا(7/331)
وجلسوا على بابه ولا مسلك له يغره ثم دخل رجل فسمعوا إقراره ولم يروه وقته.
(باع عقارا) أو حيوانا أو ثوبا (وابنه أو امرأته) أو غيرهما من أقاربه (حاضر يعلم به ثم ادعى الابن) مثلا(7/332)
(أنه ملكه لا تسمع دعواه) كذا أطلقه في الكنز والملتقى، وجعل سكوته كالافصاح قطعا للتزوير والحيل، وكذا لو ضمن الدرك أو تقاضى الثمن، وقالوا فيمن زوجوه بلا جهاز أن سكوته عن طلب الجهاز عند الزفا ف رضا فلا يملك طلب الجهاز بعد سكوته كما مر في باب المهر (بخلاف الاجنبي) فإن سكوته و (لو جارا) لا يكون رضا (إلا إذا) سكت الجار وقت البيع والتسليم و (تصرف المشتري فيه زرعا وبناء) فحينئذ (لا تسمع دعواه) على ما عليه الفتوى قطعا للاطماع الفاسدة، وبخلاف ما إذا باع الفصولي ملك رجل والمالك ساكت حيث ألا يكون سكوته رضا عندنا خلافا لابن أبي ليلى.
بزازية(7/333)
آخر الفصل الخامس عشروغيره.
(باع ضيعة ثم ادعى أنها وقف عليه) أو على مسجد كذا أو كنت وقفتها وأراد تحليف المدعى عليه ليس له ذلك) اتفاقا للتناقض (وإن أقام بينة تقبل) على الاصح لا لصحة الدعوى بل لقبول البينة في الوقف بلا دعوى، خلافا لما صوبه الزيلعي، وقد حققناه في الوقف وباب الاستحقاق.
(وهبت مهرها لزوجها فماتت وطالبت ورثتها بمهرها وقالوا كانت الهبة في مرض موتها
وقال: بل في الصحفالقول للورثة) هذا ما اعتمده في الخانية تبعا لرواية الجامع الصغير بعد نقله لما في فتاوى النسفي أن القول للزوج، فقال: والاعتماد على تلك الرواية لانهم تصادقوا على وجوب المهر.
واختلفوا في السقوط فالقول لمنكره الخ.
قلت: وأقره في تنوير البصائر واعتمده شيخنا على خلاف ما جزم به في الملتقى كالكنز من أن القول للزوج، وإن جزم به شراحه كالزيلعي وابن سلطان بأنه الاستحسان، فتنبه.
قلت: واستظهره ابن الهمام في آخر النهر فقال: وجه الظاهر أن الورثة لم يكن لهم حق بل لها وهم يدعونه لانفسهم، والزوج ينكر فالقول له.
(وكلها بطلاقها لا يملك عزلها) لانه يمين من جهته (وكلتك بكذا على أني متى عزلتك(7/334)
فأنت وكيلي) فطريقه أن (يقول في عزله عزلتك ثم عزلتك) لان متى لعموم الاوقات، واما كلما فلعموم الافعال (فلو قال كلما عزلتك فأنت وكيلي يقول) في عزله (رجعت عن الوكالة العلقة وعزلتك عن الوكالة المنجزة) الحاصلة من لفظ كلما فحينئذ ينعزل.
(قبض بدل الصلح شرط إن) كان (دينا بدين) بأن صالح على دراهم عن دنانير أو عن شئ آخر في الذمة (وإلا) يكن دينا بدين (لا) يشترط قبضه، لان الصلح إذا وقع على عين تتعين لا تبقى دينا في الذمة، فجاز الافتراق عنه.
(قال) المدعي (لا بينة لي فبرهن) ولو بعد حلف خصمه.
جواهر الفتاوى.
وكذا لو قال عند طلبه ليمينه إذا حلفت فأنت برئ عن المال الذي لي عليك وحلف وثم برهن على الحق قبل وقضى له بالمال.
خانية (أو قال) الشاهد (لا شهادة لي) فشهد تقبل لامكان التوفيق بالنسيان، ثم التذكر (كما لو قال ليس لي عند فلان شهادة ثم جاء به فشهد أو قال: لا حجة لي على فلان ثم أتى بها) بالحجة فإنها تقبل لما قلنا، بخلاف ما إذا قال: ليس لي حق، ثم ادعى حقا(7/335)
لم تسمع للتناقض (للامام الذي ولاه الخليفة أن يقطع) من الاقطاع (إنسانا من طريق الجادة إن لم يضر بالمارة) لان للامام ولاية ذلك فكذا نائبه.
(صادره السلطان ولم يعين بيع ماله فلو عينه فمكر، إلا أن يأخذ الثمن طوعا فباع ماله) بسبب المصادرة (صح) بيعه لانه غير مكركما مر في الاكراه (كالدائن إذا حبس بالدين فباع ماله لقضائه صح) إجماعا.
(خوفها) زوجها أو غيره (بالضرب حتى وهبت مهرها لم يصح إن قدر على الضرب) لانها مكرهة عليه (وإن أكرهها على الخلع وقع الطلاق ولم يسقط المال) لان طلاق المكره واقع لا يلزم المال به لما قلنا (ولو أحالت إنسانا على الزوج ثم وهبت المهر الزوج لم يصح) قالوا: وهو الحيلة.
قلت: وإنما تتم بقبوله فيعلم حيلتها، إلا أن يقال: إنه يتمكن المحال من مطالبته(7/336)
برفعه إلى من لا يشترط قبوله.
(اتخذ بئرا في ملكه أو بالوعة فنز منها حائط جاره وطلب جاره تحويله لم يجبر) عليه ومفاده أنه يؤمر بالرفق دفعا للايذاء (وإن سقط الحائط منه لم يضمن) لعدم تعديه إذا حفره في ملكه فكان تسببا، ومر في آخر الاجارة أنه لو سقى أرضه سقيا لا تحتمله فتعدى لجاره ضمن.
(عمر دار زوجته بماله بإذنها فالعمارة لها والنفقة دين عليها) لصحة أمرها (ولو) عمر (لنفسه بلا إذنها(7/337)
فالعمارة له) ويكون غاصبا للعرصة فيؤمر بالتفريغ بطلبها ذلك (ولها بلا إذنها فالعمارة لها وهو متطوع) في البناء فلا رجوع له، ولو اختلفا في الاذن وعدمه ولا بينه فالقول لمنكره بيمينه، وفي أن العمارة لها أو له فالقوله له، لانه هو المتملك كما أفاده شيخنا وتقدم في الغصب.
(قال: هذه رضيعتي ثم اعترف) بالخطأ (وصدقته) في خطئه (فله أن يتزوجها إذا لم يثبت عليه بأن قال) أفاد بأنه لا يثبت إلا بالقول كقوله: (هو حق أو صدق أو كما قلت أو أشهد عليه بذلك شهودا أو ما في معنى ذلك) من الثبات اللفظي الدال على الثبات النفسي، وهل يكون تكرار إقراره بذلك ثباتا؟ خلاف مبسوط في المبسوط.
وحاصله: أن التكرار لا يثبت به الاقرار (ولو أخذ) رجل (غريمه فنزعه إنسان من يده لم يضمن) لانه تسبب (وكذا إذا دل السارق على مال غيره أو أمسك هاربا من عدوه حتى قتله) عدوه لما قلنا (في يده مال إنسان فقاله سلطن: ادفع إلي هذا المال وإلا) تدفعه إلي (أقطع يدك أو(7/338)
أضربك خمسين فدفعه لم يضمن) الدافع لانه مكره.
(قال تركت دعواي على فلان وفوضت أمري إلى الآخرة لا تسمع دعواه بعده) أي بعد هذا القول، ذكره في القنية (الاجازة تلحق الافعال) على الصحيح (فلو غصب عينا لانسان فأجاز المالك غصبه صح) إجازته، وحينئذ (فيبرأ الغاصب عن الضمان) ولو انتفع به فأمره بالحفظ لا يبرأ عن الضمان ما لم يحفظ.
وتمامه في العمادية.
(وضع منجلا في الصحراء ليصيد به حمار وحش وسمى عليه فجاء في اليوم الثاني) قيد اتفاقي، إذ لو وجده ميتا من ساعته لم يحل، زيلعي (ووجد الحمار مجروحا ميتا لم يؤكل) لان الشرط أن يذبحه إنسان أو يجرحه، وإلا فهو كالنطيحة (كره تحريما)(7/339)
وقيل: تنزيها، والاول أوجه (من الشاة سبع: الحياء والخصية والغدة والمثانة والمرارة والدم المسفوح والذكر) للاثر الوارد في كراهة ذلك، وجمعها بعضهم في بيت واحد فقال: فقل ذكر والاثنيان مثانة كذاك دثم المرارة والغدد وقال غيره: إذا ما ذكيت شاة فكلها سوى سبع ففيهن الوبال فحاء ثم خاء ثم غين ودال ثم ميمان وذال (للقاضي إقراض مال الغائب والطفل واللقطة) بشروط تقدمت في القضاء (بخلاف الاب والوصي والملتقط) إلا إذا أنشدها حتى ساغ تصدقه(7/340)
فإقراضه أولى.
زيلعي.
(قال إن كان الله يعذب المشركين فامرأته طالق، قالوا: لا تطلق امرأته لان من المشركين من لا يعذب) كذا في الخانية وظاهر توجيهه أن المراد بهذا البعض من يصدق عليه المشرك في الجملة بأن يكون مشركا في عمره ثم يختم له بالحسنى، أو أطفال المشركين فإنهم مشركون شرعا، وإذا ثبت أن البعض لا يعذب، وهي سالبة حزئية لم تصدق الموجبة الكلية القائلة: كل مشرك يعذب.
قاله المصنف.
وقد أورد هذا اللغز على غير هذا الوجه ابن وهبان فقال: وهل قائل لا يدخل النار كافرولكنها بالمؤمنين تعمر قال: ومعناه أن الكفار لما يرون النار يؤمنون بالله تعالى ورسوله ولا ينفعهم، قال تعالى: * (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) * (غافر: 58) ولعجز البيت معنى آخر وهو أن عمرها خزنتها القائمون بأمرنا وهم مؤمنون.
ففي البيت سؤالان.
قال ابن الشحنة: وعندي أن هذا مما ينكر ذكره والتلفظ به، ولا ينبغي أن يدون ويسطر ولا يقبل تأويل قائله انتهى.
قلت: هذا مع وضوح وجهه تكلم فيه، فيكف الاول فلا تغفل، ثم رأيت شيخنا قال: قد قضى بنقله على نفسه بالانكار، أنصه ما كان له أن يدونه، وبالله التوفيق.
(صبي حشفته ظاهرة بحيث لو رآه إنسان ظنه مختونا ولا تقطع جلدة ذكره إلا بتشديد آلمه ترك على حاله كشيخ أسلم، وقال أهل النظر: لا يطيق الختان) ترك أيضا (ولو ختن ولم تقطع(7/341)
الجلدة كلها ينظر: فإن قطع بأكثر من النصف كان ختانا، وإن قطع النصف فما دونه لا) يكون ختانا يعتد به لعدم الختان حقيقة وحكما.
(و) الاصل أن (الختان سنة) كما جار في الخبر (وهو من شعائر الاسلام) وخصائصه (فلو اجتمع أهل بلدة على تركه حاربهم) الامام، فلا يترك إلا لعذر وعذر شيخ لا يطيقه ظاهر (ووقته) غير معلوم، وقيل: (سبع) سنين.
كذا في الملتقى.
وقيل: عشر، وقيل: أقصاه اثنتا عشرة سنة، وقيل: العبرة بطاقته وهو الاشبه.
وقال أبو حنيفة: لا علم لي بوقته، ولم يرد عنهما فيه شئ فلذا
اختلف المشايخ فيه.
وختان المرأة ليس سنة بل مكرمة للرجال، وقيل: سنة.
وقد جمع السيوطي من ولد مختونا من الانبياء عليهم الصلاة والسلام فقال: وفي الرسل مختون لعمرك خلقة ثمان وتسع طيبون أكارم وهم زكريا شيث إدريس يوسف وحنظلة عيسى وموسى وآدم(7/342)
ونوح شعيب سام لوط وصالح سليمان يحيى هود يس خاتم (ويجوز كي الصغير وبط قرحته وغيره من المداواة للمصلحة و) يجوز (فصد البهائم وكيها وكل علاج فيه منفعة لها، وجاز قتل ما يضر منها ككلب عقور وهرة) تضر (ويذبحها) أي الهرة (ذبحا) ولا يضربها لانه لا يفيد ولا يحرقها.
وفي المبتغى: يكره حراق جراد وقمل وعقرب، ولا بأس بإحراق حطب فيما نمل، وإلقاء القملة ليس بأدب (وجازت المسابقة بالفرس والابل والارجل والرمي) ليرتاض للجهاد (وحرم شرط الجعل من الجانبين) إلا إذا أدخل محللا بشروطه كما مر في الحظر (لا) يحرم (من أحد الجانبين) استحسانا، ولا يجوز الاستباق في غير هذه الاربعة كالبغل بالجعل، وأما بلا جعل فيجوز في كل شئ.
وتمامه في الزيلعي(7/343)
(ولا يصلى على غير الانبياء ولا غير الملائكة إلا بطريق التبع) وهل يجوز الترحم على النبي؟ قولان: زيلعي.(7/344)
قلت: وفي الذخيرة أنه يكره، وجوزه السيوطي تبعا لا استقلالا فليكن التوفيق، وبالله التوفيق.
(ويستحب الترضي للصحابة) وكذا من اختلف في نبوته كذي القرنين ولقمان، وقيل: يقال صلى الله على الانبياء وعليه وسلم كما في شرح المقدمة للقرماني.
(الترحم للتابعين ومن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الاخيار، وكذا يجوز عكسه)
الترحم للصحابة والترضي للتابعين ومن بعدهم (على الراجح) ذكره القرماني.
وقال الزيلعي: الاولى أن يدعو للصحابة بالرتضي وللتابعين بالرحمة ولمن بعدهم بالمغفرة والتجاوز (والاعطاء باسم النيروز والمهرجان لا يجوز) أي الهدايا باسم هذين اليومين حرام (وإن قصد تعظيمه) كما(7/345)
يعظمه المشركون (يكفر) قال أبو حفص الكبير: لو أن رجلا عبد الله خمسين سنة ثم أهدى لمشرك يوم النيروز بيضة يريد تعظيم اليوم فقد كفر وحبط عمله ا ه.
ولو أهدى لمسلم ولم يرد تعظيم اليوم بل جرى على عادة الناس لا يكفر، وينبغي أن يفعله قبله أو بعده نفيا للشبهة، ولو شرى فيه ما لم يشتره قبل إن أراد تعظيمه كفر، وإن أراد الاكل كالشرب والتنعيم لا يكفر.
زيلعي (ولا بأس بلبس القلانس) غير حرير وكرباس عليه إبريسم فوق أربع أصابع.
سراجية، وصح أنه حرم لبسها (وندب لبس السواد وإرسال ذنب العمامة بين كتفيه إلى وسط الظهر) وقيل لموضع الجلوس وقيل: شبر.
(ويكره) أي للرجال كما مر في باب الكراهية (لبس المعصفر والمزعفر) لقول ابن عمر رضي الله عنهما: ونهانا رسول الله (ص) عن لبس المعصفر وقال: إياكم والاحمر فإنه زي الشيطان ويستحب التجمل، وأباح الله الزينة بقوله تعالى: * (قل من حرم زينة الله التي(7/346)
أخرج لعباده) * (الاعراف: 23) الآية، وخرج (ص) وعليه رداء قيمته ألف دينار، زيلعي.
(وللشاب العالم أن يتقدم على الشيخ الجاهل) ولو قرشيا، قال تعالى: * (والذين أوتوا العلم درجات) * (المجادلة: 11) فالرافع هو الله، فمن يضعه يضعه الله في جهنم، وهم أولوا الامر على الاصح وورثة الانبياء بلا خلاف.
(اختضب لاجل التزين للنساء والجواري جاز) في الاصح، ويكره بالسواد، وقيل: لا ومر في الحظر (كما يجوز أن يأكل متكئا) في الصحيح لما روي: أنه (ص) أكل متكئا مجمع الفتاوى.(7/347)
(أخذته الزلزلة في بيته ففر إلى الفضاء لا يكره) بل يستحق لفرار النبي (ص) عن الحائط المائل (وإذا خرج من بلدة بها الطاعون: فإن علم أن كل شئ بقدر الله تعالى فلا بأس بأن يخرج ويدخل، وإن كان عنده أنه لو خرج نجا ولو دخل ابتلي به كره له ذلك) فلا يدخل ولا يخرج صيانة لاعتقاده، وعليه حمل النهي في الحديث الشريف.
مجمع الفتاوى.
(ففيه في بلدة ليس فيها غيره أفقه منه يريد أن يغزو ليس له ذلك) بزازية وغيرها (قضى المديون الدين المؤجل قبل الحلول أو مات) فحل بموته (فأخذ من تركته لا يأخذ من المرابحة التي جرت بينهما إلا بقدر ما مضى من الايام، وهو جواب المتأخرين) قنية.
وبه أفتى المرحوم أبو السعود أفندى مفتي الروم، وعلله بالرفق للجانبين، وقد قدمته قبل فصل القرض، والله أعلم.
فرع: في آخر الكنز: ينبغي لحافظ القرآن في كل أربعين يوما أن يختم مرة، والله أعلم.(7/348)
كتاب الفرائض هي علم بأصول من فقه وحساب تعرف حق كل من التركة، والحقوق ها هنا خمسة بالاستقراء، لان الحق إما للميت أو عليه أو لا ولا.
الاول التجهيز.
والثاني: إما أن يتعلق بالذمة وهو الدين المطلق أو لا وهو المتعلق بالعين.
والثالث إما اختياري وهو الوصية أو اضطراري وهو الميراث، وسمي فرائض لان الله تعالى قسمه بنفسه وأوضحه وضوح النهار بشمسه ولذا سماه (ص) نصف العلم لثبوته بالنص لا غير.
وأما غيره(7/349)
فبالنص تارة وبالقياس أخرى.
وقيل: لتعلقه بالموت وغيره بالحياة، أو بالضروري وغيره بالاختياري.
وهل إرث الحي من الحي أم من الميت؟ المعتمد الثاني.
شرح وهبانية (يبدأ من تركة الميت الخالية عن تعلق الغير بعينها كالرهن والعبد والجاني) والمأذون المديون والمبيع المحبوس بالثمن(7/350)
والدار المستأجرة، وإنما قدمت على التكفين لتعلقها بالمال قبل صيرورته تركة (بتجهيزه) يعم التكفين (من غير تقتير ولا تبذير) ككفن السنة أو قدر ما كان يلبسه في حياته، ولو هلك كفنه:(7/351)
فلو قبل تفسخه كفن مرة بعد أخرى وكله من كل ماله (ثم) تقدم (ديونه التي لها مطالب من جهة العباد) ويقدم دين الصحة على دين المرض إن جهل سببه، وإلا فسيان كما بسطه السيد.
وأما دين الله تعالى فإن أوصى به وجب تنفيذه من ثلث الباقي، وإلا لا (ثم) تقدم (وصيته) ولو مطلقة على الصحيح(7/352)
خلافا لما اختاره في الاختيار (من ثلث ما بقي) بعد تجهيزه وديونه.
وإنما قدمت في الآية اهتماما لكونها مظنة التفريط (ثم) رابعا بل خامسا (يقسم الباقي) بعد ذلك (بين ورثته) أي الذين ثبت إرثهم بالكتاب أو السنة كقوله عليه الصلاة والسلام: أطعموا الجدات السدس أو الاجماع(7/353)
فجعل الجد كالاب وابن الابن كالابن (ويستحق الارث) ولو لمصحف، به يفتى.
وقيل: لا يورث، إنما هو للقارئ مولديه.
صيرفية، بأحد ثلاثة (برحم ونكاح) صحيح.
فلا توارث بفاسد ولا باطل إجماعا (وولاء) والمستحقون للتركة عشرة أصناف مرتبة كما أفاده بقوله: (فيبدأ بذوي الفروض) أي السهام المقدرة وهم اثنا عشر من النسب:(7/354)
ثلاثة من الرجال، وسبعة من النساء، واثنان من التسبب وهما الزوجان (ثم بالعصبات) أل للجنس فيستوي فيه الواحد وجمعه للازدواج (النسبية) لانها أقوى (ثم بالمعتق) لو أنثى وهو العصبة السببية (ثم عصبته الذكور) لانه ليس للنساء من الولاء إلا ما اعتقن(7/355)
(ثم الرد) على ذوي الفروض النسبية بقدر حقوقهم (ثم ذوي الارحام ثم بعدهم مولى الموالاة) كما مر في كتاب الولاء، وله الباقي بعد فرض أحد الزوجين.
ذكره السيد (ثم المقر له بنسب) على غيره(7/356)
(لم يثبت) فلو ثبت بأن صدقه المقر عليه أو أقر بمثل إقراره أو شهد رجل آخر ثبت نسبه حقيقة وزاحم الورثة وإن رجع المقر، وكذا لو صدقه المقر له قبل رجوعه، وتمامه في شروح السراجية سيما روح الشروح، وقد لخصته فيما علقته عليها (ثم) بعدهم (الموصى له بما زاد على الثلث) ولو(7/357)
بالكل، وإنما قدم عليه المقر له لانه نوع قرابة، بخلاف الموصى له (ثم) يوضع (في بيت المال) لا إرثا بل فيئا للمسلمين.
(وموانعه) على ماهنا أربعة: (الرق) ولو ناقصا كمكاتب، وكذا مبعض عند أبي حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى، وقالا: حر فيرث ويحجب.
وقال الشافعي: لا يرث بل يورث.
وقال أحمد: يرث ويورث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية.
قلت: وقد ذكر الشافعية مسألة يورث فيها الرقيق مع رق كله.
صورتها: مستأمن جنى عليه فلحق بدار الحرب فاسترق ومات رقيقا بسراية تلك الجناية فديته لورثته، ولم أره لائمتنا فيحرر (والقتل)(7/358)
الموجب للقود أو الكفارة وإن سقطا بحرمة الابوة على ما مر، وعند الشافعي: لا يرث القاتل مطلقا، ولو مات القاتل قبل المقتول ورثه المقتول إجماعا (واختلاف الدين) وإسلاما وكفرا.
وقال أحمد: إذا أسلم الكافر قبل قسمة التركة ورث، وأما المرتد فيورث عندنا خلافا للشافعي.
قلت: ذكر الشافعية مسألة يورث فيها الكافر.
صورتها: كافر مات عن زوجته حاملا ووقفنا ميراث الحمل فأسلمت ثم ولدت ورث
الولد، ولم أره لائمتنا صريحا(7/359)
(و) الرابع (اختلاف الدارين) فيما بين الكفار عندنا خلافا للشافعي (حقيقة) كحربي وذمي (أو حكما) كمستأمن وذمي وكحربيين من دارين مختلفين كتركي وهندي لانقطاع العصمة فيما بينهم بحلاف المسلمين.
قلت: وبقي من الموانع جهالة تاريخ الموتى كالغرقى والحرقى والهدمي والقتلى(7/360)
كما سيجئ.
ومنها: جهالة الوارث، وذلك في خمس مسائل أو أكثر في المجتبى.
منها: أرضعت صبيا مع ولدها وماتت وجهل ولدها فلا توارث، وكذا لو اشتبه ولد مسلم من ولد نصراني عند الظئر وكبرا فهما مسلمان ولا يرثان من أبويهما.
زاد في المنية: إلا أن يصطلحا فلهما أن يأخذا الميراث(7/361)
بينهما ثم بين ذوي الفرض مقدما للزوجة لانها أصحل الولاد إذ منها تتولد الاولاد، فقال (فيفرض للزوجة فصاعدا الثمن مع ولد أو ولد ابن) وأما مع ولد البنت فيفرض لها الربع (وإن سفل، والربع لها عند عدمهما) فللزوجات حالتان الربع بلا ولد والثمن مع الولد (والربع للزوج) فأكثر، كما لو ادعى رجلان فأكثر نكاح ميتة وبرهنا ولم تكن في بيت واحد منهما ولا دخل بها فإنهم يقسمون ميراث زوج واحد لعدم الاولوية (مع أحدهما) أي الولد أو ولد الابن (والنصف له عند عدمهما) فللزوج حالتان: النصف، والربع (وللاب والجد) ثلاث أحوال:(7/362)
الفرض المطلق وهو (السدس) وذلك (مع ولد أو ولد ابن) والتعصيب المطلق عند عدمهما، والفرض، والتعصيب مع البنت أو بنت الابن.
قلت: وفي الاشباه: الجد كالاب، وإلا ثلاثة عشر مسألة، خمس في الفرائض، وباقيها في غيرها.(7/363)
زاد ابن المصنف في زواهره أخرى من الفصولين: ضمن الاب مهر صبيه فأدى رجع لو شرط.
وإلا لا، ولو وليا غيره أو وصيا رجع مطلقا انتهى.
فقوله: لو وليا غيره يعم الجد فيرجع كالوصي بخلاف الاب (وللام) ثلاثة أحوال (السدس مع أحدهما أو مع اثنين من الاخوة أو) من (الاخوات) فصاعدا من أي جهة كانا ولو مختلطين والثلث عند عدمهم وثلث الباقي مع الاب وأحد الزوجين (و) السدس (للجدة مطلقا) كأم أم وأم أب (فصاعدا) يشتركن فيه (إذ كن ثابتات) أي صحيحات كالمذكورتين، فإن الفاسدة من ذوي الارحام كما سيجئ متحاذيات في درجة لان القربى تحجب البعدى مطلقا كما سيجئ و) السدس (لبنت الابن) فأكثر (من البنت) الواحدة تكملة للثلثين (و) السدس (للاخت) لاب فأكثر (مع الاخت) الواحدة (لابوين) تكملة للثلثين (و) السدس (للواحد من ولد الام والثلث لاثنين فصاعدا من ولد الام) ذكورهم كإناثهم (و) الثلث (للام عند عدم من لها معه السدس) كما مر(7/364)
(ولها ثلث الباقي بعد فرض أحد الزوجين) كما قدمنا وذلك (وفي زوجة وأبوين) وأم فلها حينئذ الربع (أو زوج وأبوين) وأم فلها حينئذ السدس ويسمى تأدبا مع قوله تعالى: * (وورثه أبواه فلامه الثلث) * (النساء: 11) (والثلثان لكل اثنين فصاعدا ممن فرضه النصف) وهو خمسة البنت بنت الابن والاخت لابوين والاخت لاب والزوج (إلا لزوج)(7/365)
لانه لا يتعدد، والله تعالى أعلم.
فصل في العصبات العصبات النسبية ثلاثة: عصبة بنفسه، وعصبة بغيره، وعصبة مع غيره (ويجوز العصبة بنفسه وهو كل ذكر) فالانثى لا تكن عصبة بنفسها بل بغيرها أو مع غيرها (لم يدخل في نسبته إلى الميت أنثى) فإن دخلت لم يكن عصبة كولد الام(7/366)
فإنه ذو فرض، وكأبي الام وابن البنت فإنهما من ذوي الارحام (ما أبقت الفرائض) أي جنسها (وعند الانفراد يجوز جميع المال) بجهة واحدة.
ثم العصبات بأنفسهم أربعة أصناف: جزء الميت، ثم أصله، ثم جزى أبيه، ثم جز جده (ويقدم الاقرب فالاقرب منهم) بهذا الترتيب فيقدم جزء الميت (كالابن ثم ابنه وإن سفل، ثم أصله الاب ويكون مع البنت) بأكثر (عصبة وذا سهم) كما مر (ثم الجد الصحيح) وهو أبو الأب (وإن علا) وأما أبو الأم ففاسد من ذوي الارحام (ثم جزء أبيه الاخ) لابوين (ثم) لاب ثم (ابنه) لابوين ثم لاب (وإن سفل) تأخير الاخوة عن الجد وإن علا قول أبي حنيفة، وهو المختار للفتوى خلافا لهما وللشافعي.
قيل: وعليه الفتوى (ثم جزء جده العم) لابوين ثم لاب ثم ابنه لابوين ثم لاب (وإن سفل ثم عم الاب ثم ابنه ثم عم الجد ثم ابنه) كذلك وإن سفلا، فأسبابها أربعة: بنوه.
ثم أبوه، ثم أخوه، ثم عمومة (و) بعد ترجيحهم بقرب الدرجة (يرجحون) عند التفاوت بأبوين وأب(7/367)
كما مر (بقوة القرابة، فمن كان لابوين) من العصبات ولو أنثى كالشقيقة مع البنت تقدم على الاخ لاب (مقدم على من كان لاب) لقوله (ص): إن أعيان بني الام يتوارثون دون بني العلات.
والحاصل: أنه عند الاستواء في الدرجة يقدم ذو القرابتين، وعند التفاوت فيها يقدم الاعلى.
ثم شرع في العصبة بغيره فقال: (ويصير عصبة بغيره البنات بالابن وبنات الابن بابن الابن) وإن سفلوا (والاخوات لابوين أو لاب) (بأخيهن) فهن أربع ذوات النصف والثلثين يصرن(7/368)
عصبة بإخوتهن، ولو حكما كابن ابن ابن يعصب من مثله أو فوقه.
ثم شرع في العصبة مع غيره فقال: (ومع غيره الاخوات مع البنات) أو بنات الابن لقول الفرضيين اجعلوا الاخوات مع البنات عصبة، والمراد من الجمعين هنا الجنس (وعصبة ولد الزنا
و) ولد (الملاعنة مولى الام) المراد بالمولى ما يعم المعتق والعصبة ليعم ما لو كانت الام حرة الاصل كما بسطه العلامة قاسم،(7/369)
لانه لا أبا لهما، ويفترقان في مسألة واحدة وهي: أن ولد الزنا يرث من توأمه ميراث أخ لام، وولد الملاعنة يرث من توأمه ميراث أخ لابوين (وتختم العصبات ب) العصبة السببية: أي (المعتق ثم عصبته) بنفسه(7/370)
على الترتيب المتقدم بقوله (ص): الولاء لحمة كلحمة النسب (وإذا ترك) المعتق (أب مولاه وابن مولاه فالكل للابن) وقال أبو يوسف: للاب السدس (أو) ترك (جده) أي جد مولاه (وأخاه فهو للجد) على الترتيب المتقدم (وقالا بينهما) كالميراث، وليس هنا عصبة بغيره ولا مع غيره لقوله (ص): ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن الحديث وهو وإن(7/371)
كان فيه شذوذ لكنه تأيد بكلام كبار الصحابة(7/372)
فصار بمنزلة المشهور كما بسطه السيد وأقره المصنف.
ثم شرع في الحجب فقال: (ولا يحرم ستة) من الورثة (بحال) البتة (الاب والام والابن والبنت) أي الابوان والولدان (والزوجان) وفريق يرثون بحال، ويحجبون حجب الحرمان بحال أخرى وهم غير هؤلاء الستة سواء مانوا عصبات أو ذوس فروض، وهو مبني على أصلين أحدهما: (أنه يحجب الاقرب ممن سواهم الابعد) لما مر أنه يقدم الاقرب فالاقرب اتحدا في السبب أم لا.
(و) الثاني (أن من أدلى بشخص لا يرث معه) كابن الابن لا يرث مع الابن (إلا ولد الام)(7/373)
فيرث معها لعدم استغرقها للرتكة بجهة واحدة (والمحروم) كابن كافر أو قاتل (لا يحجب) عندنا
أصلا (ويحجب المحجوب) اتفاقا كأم الاب تحجب بالاب وتحجب أم أم الام (كالاخوة والاخوات) فإنهم يحجبون بالاب حجب حرمان (ويحجبون الام من الثلث إلى السدس) حجب نقصان، ويختص حجب النقصان بخمسة بالام وبنت الابن والاخت لاب والزوجين (ويسقط بنو الاعيان) وهم الاخوة والاخوات لاب وأم بثلاثة (بالابن) وابنه وإن سفل (وبالاب) اتفاقا (وبالجد) عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى (وقالا: يقاسمهم على أصول زيد، ويفتى بالاول) وهو السقوط كما هو مذهب أبي حنيفة وأصول زيد مبسوطة في المطولات.
وفي الوهبانية: وما أسقطا أولاد عين وعلة وقد أسقط النعمان وهو المحرر(7/374)
وعليه الفتوى كما في الملتقى والسراجية، وإن قال مصنفها في شرحها: وعلى قولهما الفتوى (و) يسقط بنو العلات) وهم الاخوة والاخوات لاب (بهم) أي ببني الاعيان أيضا (وبهؤلاء) أي بالابن وابنه وبالاب والجد وكذا بالاخت لابوين إذا صارت عصبة كما علمته (ويسقط بنو الاخياف) وهم الاخوة والاخوات لام (بالولد وولد الابن) وإن سفل (وبالاب والجد) بالاجماع لانهم من قبيل الكلالة كما بسطه السيد(7/375)
(و) تسقط (الجدات مطلقا) أبويات أم أميات بالام والابويات بالاب وكذا بالجد، إلا أم الاب وإن علت فإنها ترث مع الجد لانها ليست من قبله بل هي زوجته فكانا كالابوين (وتحجب القربى) من أي جهة كانت (البعدي) كذلك (وارثة كانت القربى أو محجوبة) كما قدمناه (وإذا اجتمعا وكانت إحداهما ذات قرابة واحدة كأم الاب) كذا في نسخ المتن والشرح والصواب الموافق للسراجية وغيرها كأم أم الاب، وقد قدم أن القربى تحجب البعدي مطلقا، فافهم (والاخرى ذات قرابتين أو أكثر كأم أم الام وهي أيضا أم أبي الاب) بهذه الصورة:...وتوضيحها: أن امرأة زوجت ابن ابنها بنت بنتها فولد بينهما ولد فهذه المرأة جدته لابويه(7/376)
(قسم محمد السدس بينهما أثلاثا) باعتبار الجهات (وهما) أي أبو حنيفة وأبو يوسف (أنصافا) باعتبار الابدان، وبه قال مالك والشافعي: وبه جزم في الكنز فقال: ذات جهتين كذات جهة (وإذا استكمل البنات والاخوات لابوين فرضهن) وهو الثلثان (سقط بنات الابن) وسقط (الاخوات لاب) أيضا (إلا بتعصيب ابن ابن) في الصورة الاولى (أو أخ) في الثانية (مواز) أي ماو أو نازل: أي سافل، فحينئذ يعصبهن ويكون الباقي للذكر كالانثيين.
قاله المصنف في شرحه.
قلت: وفي إطلاقه نظر ظاهر لتصريحهم بأن ابن الاخ لا يعصب أخته، كالعم لا يعصب أخته وابن العم لا يعصب أخته وابن المعتق لا يعصب أخته، بل المال للذكر دون الانثى لانها من ذوي الارحام.
قال في الرحبية: وليس ابن الاخ بالمعصب من مثله أو فوقه في النسب بخلاف ابن الابن وإن سفل فإنه يعصب من مثله أو فوقه ممن لم تكن ذات سهم ويسقط من دونه، فلو ترك ثلاث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض وثلاث بنات ابن ابن آخر كذلك وثلاث بنات ابن ابن ابن كذلك بهذه الصورة: ميت ابن ابن ابن ابن بنت ابن ابن ابن بنت ابن بنت ابن ابن بنت..ابن بنت ابن بنت ابن بنت ابن بنت ابن بنت...(7/377)
فالعليا من الفريق الاول لا يوازيها أحد فلها النصف، والوسطى من الفريق الاول توازيها العليا من الفريق الثاني فيكون لهما السدس تكملة للثلثين، ولا شئ للسفليات إلا أن يكون مع واحدة منهن غلام فيعصبها، ومن يحاذيها ومن فوقها ممن لا تكون صاحبة فرض وسقط السفليات (ويأخذ ابن عم) كذا في نسخ المتن والشرح وعبارة السيد وغيره: ويأخذ أحد ابني عم هو أخ (لام السدس) بالفرض، وكذا لو كان الآخر زوجا فله النصف(7/378)
(ويقتسمان الباقي) بينهما نصفين بالعصوبة حيث لا مانع من إرثه بهما فيرث بجهتي فرض وتعصيب، وأما بفرض وتعصيب معا بجهة واحدة فليس إلا الاب وأبوه.
قلت: وقد يجتمع جهتا تعصيب كابن هو ابن ابن عم بأن تنكح ابن عمها فتلد ابنا وكابن هو معتق وقد يجتمع جهتا فرض، وإنما يتصور في المجوس لنكاحهم المحارم ويتوارثون بهما جميعا عندنا وعند الشافعي بأقوى الجهتين في كتب الفرائض وتأتي الاشارة إليه في الغرقى (ولو تركت زوجا وأما أو جدة وإخوة لابوين أخذ الزوج النصف والام) أو الجدة (السدس وولد الام الثلث ولا شئ للاخوة لابوين) لانهم عصبة ولم يبق لهم شئ.
وعند مالك والشافعي: يشرك بين الصنفين الاخيرين كأن الكل اولاد أم، وكذلك يفرض مالك والشافعي للاخت لابوين أو لاب النصف وللجد السدس مع زوج وأم فتعول إلى تسعة، وعند أبي حنيفة(7/379)
وأحمد: تسقط الاخت.
قلت: وحاصلة أنه ليس عند الحنفية مسألة المشركة اتفاقا ولا مسألة الاكدرية على المفتى به كما مر.
باب العول وضده الرد كما سيجئ (هو زيادة السهام) إذا كثرت الفروض (على مخرج الفريضة) ليدخل النقص على كل منهم بقدر فرضه كنقص أرباب الديون بالمحاصة، وأول من حكم بالعول عمر رضي الله تعالى عنه ثم المخارج سبعة:(7/380)
أربعة لا تعول الاثنان والثلاثة والاربعة والثمانية، وثلاثة قد تعول بالاختلاط كما سيجئ في با ب المخارج (فستة تعول) أربع عولات (إلى عشرة وترا وشفعا) فتعول لسبعة كزوج وشقيقتين، ولثمانية كهم وأم، ولتسعة كهم وأخ لام، ولعشرة كهم وأخ آخر لام (واثنا عشره تعول ثلاثا إلى سبعة عشر وترا لا شفعا) فتعول لثلاثة عشر كزوجة وشقيقتين وأم، ولخمسة عشر كهم وأخ
لام، ولسبعة عشر كهم وآخر لام (وأربعة وعشرون تعول إلى سبعة وعشرين) فقط (كامرأة وبنتين وأبوين) وتسمى منبرية (والرد ضده) كما مر، وحينئذ (فإن فضل عنها) أي عن الفروض (و) الحال أنه لا (عصبة) ثمة (يرد) الفاضل (عليهم بقدر مهامهم) إجماعا لفساد بيت المال (إلا على الزوجين) فلا يريد عليهما.
وقال عثمان رضي الله عنه: يرد عليهما أيضا.
قاله المصنف وغيره.
قلت: وجزم في الاختيار بأن هذا وهم من الراوي، فراجعه.(7/381)
قلت: وفي الاشباه أنه يرد عليهما في زماننا لفساد بيت المال، وقدمناه في الولاء ثم مسائل الرد أربعة أقسام، لان المردود عليه إما صنف أو أكثر، وعلى كل إما أن يكون من لا يرد عليه أو لا يكون.
(ف) الاول (إن اتحد جنس المردود عليهم) كبنتين أو أختين أو جدتين (قسمت المسألة من عدد رؤوسهم) ابتداء(7/382)
قطعة للتطويل.
(و) الثاني (إن كان) المردود عليه (جنسين) أو ثلاثة لا أكثر بالاستقراء (فمن عدد سهامهم) فمن اثنين لو سدسان وثلاثة لو ثلث وسدس وأربعة لو نصف وسدس وخمسة كثلثين وسدس تقصيرا للمسافة.
(و) الثلث (إن كان مع الاول) أي الجنس الواحد (من لا يرد عليه) وهو الزوجان (أعطى) من لا يرد عليه (فرضه من أقمخارجه وقسم الباقي على) رؤوس (من يرد عليه كزوج وثلاث بنات) فهي من أربعة للزوج واحد وبقي ثلاثة وهي تستقيم عليهم فلا حاجة إلى الضرب(7/383)
(وإن لم يستقم فإن وافق رؤوسهم) أي رؤوس من يرد عليهم (كزوج وست بنات ضرب وفقها) وهو هنا اثنان (في مخرج فرض من لا يرد عليه) وهو هنا أربعة تبلغ ثمانية فللزوج اثنان وللبنات
ستة (وإلا) يوافق بل باين (ضرب كل) عدد رؤوسهم (فيه) أي المخرج المذكور (كزوج وخمس بنات) فالمخرج هنا أربعة، للزوج واحد، بقي ثلاثة تباين الخمسة فاضرب الاربعة في الخمسة تبلغ عشرين كان للزوج واحدا ضربه في المضروب يكن خمسة فهي له، والباقي ثلاثة اضربها في المضروب تبلغ خمسة عشر فلكل بنت ثلاثة.
(و) الرابع (لو كان مع الثاني) أي الجنين فقط لا أكثر هنا بحكم الاستقراء، إذ لا يرد مع أربع طوائف أصلا بالاستقراء، ولعل هذا نكتة اقتصاره فيما مر متنا على الجنين، وإلا فيراد بالثاني بعضه لا كله فتأمل (من لا يرد عليه فأقسم الباقي) من مخرج فرض من لا يرد عليه (على مسألة من يرد عليه)(7/384)
إن استقام (كزوجة وأربع جدات وست أخوات لام) فمخرج من لا يرد عليه أربعة، للزوجة واحد، بقي ثلاثة تستقيم على سهم الجدات وسهمي الاخوات لكنه منكسر على آحاد كل فريق كما سيجئ (وإن لم يستقم ضرب جميع مسألة من يرد عليه في مخرج من لا يرد عليه) فالمبلغ الحاصل بهذا الضرب مخرج فروض الفريقين كأربع زوجات وتسع بنات وست جدات فمخرج من لا يرد عليه ثمانية للزوجات الثمن واحد بقي سبعة لا تستقيم على مسألة من يرد عليه وهي هنا خمسة، لاأ الفرضين ثلثان وسدس فاضرب الخمسة في الثمانية تبلغ أربعين فهي مخرج فروض الفريقين (ثم ضربت سهام من لا يرد عليه) وهو سهم للزوجات (في) خمسة (مسألة من يرد عليه) يكن خمسة فهي حق للزوجات الاربع من الاربعين واضرب سهام كل فريق ممن يرد عليه وهي أربع للبنات وسهم للجدات (فيما بقي) أي في السبعة الباقية (من مخرج فرض من لا يرد عليه) يكن للبنات ثمانية وعشرون وللجدات سبعة، فاستقام فرض كل فريق لكنه منكسر على آحاد كل فريق، فصححه بالاصول السبعة الآتية في باب المخارج تصح من ألف وأربعمائة(7/385)
وأربعين وتصح الاولى من ثمانية وأربعين، ولولا خشية الاطالة لاوسعت الكلام هنا.
باب توريث ذوي الارحام (هو كل قريب ليس بذي سهم ولا عصبة) فهو قسم ثالث حينئذ (ولا يرث مع ذي سهم ولا عصبة سوى الزوجين) لعدم الرد عليهما (فيؤخذ المنفرد جميع المال) بالقرابة (ويحجب أقربهم الابعد) كترتيب العصبات، فهم أربعة أصناف: جزء الميت، ثم أصله، ثم جزء أبويه، ثم جزء جديه أو جدتيه (و) حينئذ (يقدم) جزء الميت.(7/386)
وهم: (أولاد البنات وأولاد بنات الابن) وإم سفلوا: بهذه الصورة: بنت بنت بنت بنت بنت ابن بنت ابن بنت ابني بنت بنتي 6، 6، 61(7/387)
بهذه الصورة: بنت بنت بنت بنت ابن بنت بنتي ابن 22، 6 (ثم) أصله وهم (الجد الفاسد والجدات الفاسدات) وإن علوا(7/388)
(ثم) جزء أبويه وهم (أولاد الاخوات لابوين أو لاب وأولاد الاخوة والاخوات لام وبنات الاخوة لابوين أولاب وإن نزلوا، ويقدم الجد عليهم خلافا لهما بهذه الصورة):
أخ لاب أخت لاب أخت لابوين أخت لام بنت ابن بنت ابن ابن بنتي بنت 2، 18، 4(7/389)
(ثم) جزء جدته أوجدتيه وهم: (الاخوال والخالات والاعمام لام والعمات وبنات الاعمام وأولاد هؤلاء(7/390)
ثم عمات الآباء والامهات وأخوالهم وخالاتهم وأعمام الآباء لام وأعمام الامهات كلهم وأولاد(7/391)
هؤلاء) وإن بعدوا بالعلو أو السفول ويقدم الاقرب في كل صنف (وإذا استووا في درجة) واتحدت الجهة (قدم ولد الوارث) فلو اختلف فلقرابة الاب الثلثان ولقرابة الام الثلث، وعند الاستواء: فإن اتفقت صفة الاصول في الذكورة أو الانوثة اعتبر أبدان الفروع اتفاقا (و) أما (إذا اختلفت الفروع والاصول) كبنت ابن بنت وابن بنت بنت (اعتبر محمد في ذلك الاصول وقسم) المال على أول بطن اختلف بالذكورة والانوثة وهو هنا لبطن الثاني وهو ابن بنت وبنت بنت، فمحمد اعتبر صفة الاصول في البطن الثاني في مسألتنا فقسم (عليهم أثلاثا وأعطى كلا من الفروع نصيب أصله) فحينئذ يكون ثلثاه لبنت ابن البنت نصيب ابنها وثلثه لابن بنت البنت لانه نصيب أمه، وتمامه في السراجية وشروحها (وهما اعتبرا الفروع) فقط، لكن قول محمد أشهر الروايتين عن أبي حنيفة في جميع ذوي الارحام، وعليه الفتوى.
كذا في شرح السراجية لمصنفها.
وفي الملتقى: وبقول محمد يفتى.
سئلت عمن ترك بنت شقيقه وابن بنت شقيقته كيف تقسم؟(7/392)
فأجبت بأنهم قد شرطوا عد الفروع في الاصول فحينئذ تصير الشقيقة كشقيقتين فيقسم المال
بينهما نصفين ثم يقسنصف الشقيقة بين أولادها أثلاثا، والله تعالى أعلم.
فصل في الغرقى والحرقى وغيرهم (لا توارث بين الغرقى والحرقى إلا إذا علم ترتيب الموتى) فيرث المتأخر، فلو جهل عينه أعطي كل باليقين ووقف المشكوك فيه حتى يتبين أو يصطلحوا.
شرح مجمع.
قلت: وأقره المصنف، لكن نقل شيخنا عن ضوء السراج معزيا لمحمد(7/393)
أنه لو مات أحدهما ولا يدر أيهما هو يجعل كأنهما ماتا معا لتحقق التعارض بينهما وهو مخالف لما مر، فتدبر (و) إذا لم يعلم ترتيبهم (يقسم مال كل منهم على ورثته الاحياء) إذ لا توارث بالشك (والكافر يرث بالنسب والسبب كالمسلم، ولو) اجتمع (له قرابتان) لو تفرقتا (في شخصين حجب أحدهما الآخر فإنه يرث بالحاجب، وإن لم يحجب أحدهما الآخر يرث بالقرابتين) (عندنا كما قدمنا) للبنتين الثلثين.
قلت: (لا يرثون بأنكحة مستحلة عندهم) أي يستحلونها(7/394)
كتزوج مجوسي أمه، لان النكاح الفاسد لا يوجب التوارث بين المسلمين فلا يوجبه بين المجوس.
كذا في الجوهرة.
قال: وكل نكاح لو أسلما يقران عليه يتوارثان، وما لا فلا انتهى.
وصححه في الظهيرية (ويرث ولد الزنا واللعان بجهة الام فقط) لما قدمناه في العصبات أنه لا أب لهما (ووقف للحمل حظ ابن واحد) أو بنت واحدة أيهما كان أكثر وعليه الفتوى لانه الغالب ويكفنون احتياطا كما لو ترك أبوين وبنتا وزوجة حبلى فإن المسألة من أربعة وعشرين إن فرض(7/395)
الحمل ذكرا وتعول لسبعة وعشرين إن فرض أنثى، لان هذا على كون الحمل من الميت، وإلا فمثله كثيرة، كما لو تركت زوجا وأما حبلى فللزوج النصف وللام الثلث والحمل إن قدر ذكرا السدس لانه عصبة فيقدر أنثى ليفرض له النصف وتعول لثمانية كما لا يخفى.
قلت: ولم أر ما لو كان على أحد التقديرين يرث وعلى الآخر لا كهم وأخوين لام.
فإن
قدر ذكرا لم يبق له شئ فينبغي أن يقدر أنثى وتعود لتسعة احتياطا.
وفي الوهبانية: وحاملة أن(7/396)
تأت بابن فلم يرث وإن ولدت بنتا لها الثلث يقدر.
فصل في المناسخة (مات بعض الورثة قبل القسمة للتركة صححت المسألة الاولى) وأعطيت سهام كل وارث (ثم الثانية) إلا إذا اتحدوا كأن مات عن عسرة بنين، ثم مات أحدهم عنهم (فإن استقام نصيب الميت الثاني على تركته فيه) ونعمت، وإن لم يستقم، فإن كان بين سهامه ومسألته موافقة ضربت وفق التصحيح في كل التصحيح الاول، وإلا يكن بينهما موافقة بل مباينة (ضربت كل الثاني في كل الاول يحصل مخرج المسألتين فتضرب سهام ورثة الميت الاول في المضروب) أي في(7/397)
التصحيح الثاني أو في وفقه (وسهام ورثة الميت الثاني في كل ما في يده أو وفقه من) التصحيح (الاول) وإن كان فيهم من يرث من الميتين ضربت نصيبه من الاول في الثاني أو وفقه ونصيبه من الثاني فيما في يد الميت أو وفقه (ولو مات ثالث) قبل القسمة (جعل المبلغ) الثاني (مقام الاولى و) جعل (الثالثة مقام الثانية) في العمل، وهكذا كلما مات واحد تقيمه مقام الثانية والمبلغ الذي قبله مقام الاولى إلى ما لا يتناهى، وهذا علم العمل فلا تغفل، والله تعالى أعلم.(7/398)
باب المخارج (الفروض) المذكورة في القرآن (نوعان: الاول والنصف) ومخرج كل كسر سميه كالربع من أربعة النصف فإنه من اثنين والربع من أربعة والثمن من ثمانية.
(والثاني) الثلث و (الثلثان) كلاهما (من ثلاثة والسدس من ستة) على التضعيف والتنصيف، فتقول مثلا الثمن وضعفه وضعف ضعفه، أو تقول النصف ونصفه ونصف نصفه.
قلت: وأحضر الكل أن تقول الربع والثلث ونصف كل وضعفه، فإذا جاء في المسألة من هذه الفروض أحاد فمخرج كل فرد منفرد
سميه إلا النصف كما مر، وإذا جاء مثنى أو ثلاث وهما من نوع واحد فكل عدد يكون مخرجا لجزء فذلك العدد أيضا يكون مخرجا(7/399)
لضعفه وأضعافه كالستة هي مخرج للسدس وضعف وضعف ضعفه (فإذا اختلط النصف) من النوع الاول (بكل) النوع (الثاني) أي الثلاثة الاخر (أو ببعضه) فإذا كان في المسألة نصف وثلثان وثلث وسدس كزوج وشقيقتين وأختين لام وأم (فمن ستة) لتركبها من شرب اثنين في ثلاثة (أو) اختلط (الربع) من النوع الاول (بكل الثاني أو ببعضه) فإذا كان في المسألة زوجة ومن ذكر (فمن اثني عشر) لتركبها من ضرب الاربعة في ثلاثة لموافقة الستة بالنصف (أو) اختلط (الثمن) من النوع الاول ببعض الثاني، وأما بكله فغير متصور إلا على رأي ابن مسعود أو في الوصايا، فليحفظ (فمن اربعة وعشرين) كزوجة وبنتين وأم لتركبها من ضرب(7/400)
الثمانية في ثلاثة لما قدمنا مموافقة الستة بالنصف، ولا يجتمع أكثر من أربع فروض في مسألة واحدة، ولا يجتمع من أصحابها أكثر من خمس طوائف، ولا ينكسر على أكثر من أربع فرق (وإذا انكسر سهام فريق عليهم ضربت عددهم في أصل المسألة) وعولها إن كانت عائلة (كامرأة وأخوين) للمرأة الربع يبقى لهما ثلاثة لا تستقيم ولا توافق فاضرب اثنين في أربعة فتصح من(7/401)
ثمانية (وإن وافق سهامهم عددهم ضربت وفق عددهم في أصل المسألة) وعولها (كامرأة وست إخوة) فلهم ثلاثة توافقهم بالثلث فاضرب اثنين في أربعة فتصح من ثمانية أيضا (فإن انكسر سهام فريقين أو أكثر وعدد رؤوسهم متماثلة ضربت أحد الاعداد في أصل المسألة) وعولها (كثلاث بنات وثلاثة أعمام فتكتفي بأحد المتماثلين فاضرب ثلاثة في أصل المسألة) تكن تسعة منها تصح، وإن انكسر على ثلاث فرق أو أربع(7/402)
فاطلب المشاركة أولا بين السهام والاعداد ثم بين الاعداد والاعداد ثم افعل كما فعلت في
الفريقين في المداخلة والمماثلة والموافقة والمباينة فما حصل يسمى جزء السهم فاضربه في أصل المسألة، أشار إليه بقوله: (وإن دخل بعد الاعداد في بعض كأربع زوجات وثلاث جدات واثني عشر عما ضربت أكثر الاعداد) لتداخلها (في أصل المسألة) وهو اثنا عشر تكن مائة وأربعة وأربعين منها تصح (وإن وافق بعضها بعضا) كأربع زوجات وخمسة عشر جدة وثمان عشرة بنتا وستة أعمام وضربت وفق أحدهما أي أحد الاعداد (في جميع الآخر والخارج في وفق الثالث إن وافق وإلا في جميعه، ثم الرابع كذلك) ثم المجتمع وهو جزء السهم وهو في مسألتنا مائة وثمانون في أصل المسألة وهو هنا أربعة وعشرون يحصل أربعة آلاف وثلاثمائة وعشرون منها تصح (وإن تباينت) أعداد رؤوس من انكسر عليهم سهامهم (كامرأتين وعشر بنات وست جدات وسبعة أعمام ضربت أحدها) أي أحد الاعداد (في جميع الثاني والحاصل في جميع الثالث والحاصل في جميع الرابع) يحصل جزء السهم وهو هنا مائتان وعشرة لتوافق رؤوس البنات والجدات لسهامهم بالنصف فاضربها في أصل المسألة وهو هنا أربعة وعشرون يحصل خمسة آلاف وأربعون ومنها تستقيم (وإذا أردت معرفة التماثل والتوافق والتداخل والتباين بين العددين)(7/403)
هذه مقدمة يحتاج إليها في تقسيم التركة (فتماثل العددين كون أحدهما مساويا للآخر) كثلاثة وثلاثة (وتداخل العددين المختلفين) بأحد أمرين على ما هنا: إما (بأن يعد أقلهما الاكثر) أي يفنيه (أو يكون أكثر العددين منقسما على الاقل قسمة صحيحة) بلا كسر كقسمة الستة على ثلاثة أو اثنين (وتوافق العددين أن لا يعد) أي لا يفنى أقلهما الاكثر لكن يعدهما (عدد ثالث) كالثمانية مع العشرين يعدهما أربعة فيتوافقان بالربع (وتباين العددين) أن لا يعد العددين المختلفين (عدد ثالث) أصلا كالتسعة مع العشرة (وإذا أردت معرفة التوافق والتباين بين العددين المختلفين أسقط الاقل من الاكثر من الجانبين) مرارا حتى إذا اتفقا في درجة واحدة (فإن توافقا في واحد تباينا) الاوفق (وإن توافقا في اثنين(7/404)
فبالنصف أو ثلاثة فبالثلث) هكذا (إلى العشرة) وتسمى الكسور المنطقة (أو أحد عشر فيجزء من أحد عشر وهكذا) ويسمى الاصم (وإذا أردت معرفة نصيب كل فريق) كالبنات والجدات والاعمام وغيرهم (من التصحيح) الذي استقام على الكل (فاضرب ما كان له) أي لكل فريق (من أصل المسألة فيما) أي في جزء السهم الذي ضربته (في أصل المسألة يخرج نصيبه) أي ذلك الفريق (ثم إذا) أردت معرفة نصيب كل واحد من آحاد ذلك الفريق (ضربت سهام كل وارث في) جزء السهم (المضروب يخرج نصيبه(7/405)
والاوضح طريق النسبة وهو أن تنسب سهام كل فريق من أصل المسألة إلى عدد رؤوسهم وحدهم ثم تعطي بمثل تلك النسبة من المضروب لكل واحد من آحاذ ذلك الفريق (وإذا أردت قسمة التركة بين الورثة والغرماء) يعني أن كلا وحده لا معا لتقدم الغرماء على قسمة المواريث كما في شرح السراجية لحيدر (فإن كان بين التركة والتصحيح مماثلة) فظاهر أو (موافقة ضربت سهام كل وارث من التصحيح في جميع التركة) كذا في نسخ المتن والشرح، والمرافق للسراجية وغيرها في(7/406)
وفق التركة فإنما يضرب في جميع التركة عند المباينة وهذا لمعرفة نصيب كل فرد (وتعمل كذلك في معرفة نصيب كل فريق) منهم، وأما قضاء الديون فإن وفى فبها (و) إن لم يوف وتعدد الغرماء (ينزل مجموع الديون) كالتصحيح للمسألة (و) ينزل (كل دين) غريم (كسهام وارث) ويعمل كما مر، صم شرع في مسألة التخارج فقال: (ومن صالح من الورثة) والغرماء على شئ معلوم منها (طرح) أي أطرح سهمه من التصحيح وجعل كأنه استوفى نصيبه (ثم قسم الباقي من التصحيح) أو الديون (على سهام من بقي منهم) فتصح منه كزوج وأم وعم فصالح الزوج على ما في ذمته من المهر وخرج من بين الورثة فاطرح سهامه من التصحيح وهي ثلاثة واقسم باقي التركة وهي ما عدا المهر بين الام والعم أثلاثا بقدر سهامهما من التصحيح قبل التخارج،(7/407)
وحينئذ يكون سهمان للام وسهم للعم، ولا يجوز أن يجعل الزوج كأن لم يكن لئلا ينقلب فرض الام من ثلث أصل المال إلى ثلث أصل الباقي، لانه حينئذ يكون للام سهم وللعم سهمان وهو خلاف الاجماع.
قاله السيد وغيره.
قلت: وهذا هو الصواب، ولقد غلطفي قسمة هذه المسألة صاحب المختار وصاحب مجمع البحرين وغيرهما على ما عندي من النسخ، فإنهما قسما الباقي للام سهم وللعم سهمان، وقد علمت أنه خلاف الاجماع - قال السيد العلامة قطب الدين محمد بن سلطان في شرحه للكنز: قوله: واجعله كأن لم يكن فيه نظر ثم ذكر نحو ما تحرر فتدبر.
[ قال مؤلفه ] العبد الفقير الحقير محمد علاء الدين ابن الشيخ علي الحصني الحنفي الحصني العباسي الامام بجامع بني أمية ثم المفتي بدمشق المحمية قد فرغت من تأليفه أواخر شهر محرم الحرام سنة إحدي وسبعين وألف هجرية، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية، وقد بالغت(7/408)
في تلخيصه وتحريره وتنقيحه، وتبعت المصنف رحمه الله في تغييره لمواضع كثيرة من متنه وتصحيحه ونبهت عليها وعلى مواضع سهو آخر.
وبالجملة فالسلامة من هذا الخطر، أمر يعز على البشر، فستر الله على من ستر وغفر لمن غفر: وإن تجر عيبا فسد الخللا * جل من لا فيه عيب وعلا كيف لا وقد بيضته وفي قلبي من نار البعاد عن البلاد والاولاد والاخوان والاحفاد ما يفتت(7/409)
الاكباد.
فرحم الله التفتازاني حيث اعتذر وأجاد، حيث قال نظما: يوما بحزوى ويوما بالعقيق * وبالعذيب يوما ويوما بالخليصا لكن لله الحمد أولا وآخرا ظاهرا وباطنا فلقد من بابتداء تبيضه تجاه وجه صاحب الرسالة والقدر المنيف، وبختمه تجاه قبر صاحب هذا المتن الشريف، فلعله علامة القبول منهم والتشريف.
قال مؤلفه:
فيا شرفي إن كنت ربي قبلته * وإن كان كل الناس ردوه عن حسد(7/410)
فتقبلني من ماتن وأساتذ * وتحشرنا جمعا مع المصطفى أحمد وإخواننا المسدي لنا الخير دائما * ووالدنا داع لنا طالب الرشد وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(7/411)
كتاب الهبة (ادعى) على آخر (هبة) مع قبض (في وقت فسئل) المدعي (بينة فقال) قد (جحدنيها) أي الهبة (فاشتريتها منه أو لم يقل ذلك) أي جحدنيها ومفاده الاكتفاء بإمكان التوفيق،(7/426)
وهو مختار شيخ الاسلام من أقوال أربعة.
واختار الخجندي أنه يكفي من المدعى عليه لا من(7/427)
المدعي لانه مستحق وذاك دافع.
والظاهر يكفي للدفع لا للاستحقاق.
بزازية (فأقام بينة على الشراء بعد وقتها) أي وقت الهبة (تقبل) في الصورتين (وقبله لا) لوضوح التوفيق في الوجه الاول وظهور التناقض في الثاني، ولو لم يذكر لهما تاريخا أو ذكر لاحدهما تقبل لامكان التوفيق بتأخير الشراء، وهل يشترط كون الكلامين عند القاضي أو الثاني فقط؟ خلاف وينبغي ترجيح الثاني.
بحر.
لان به التناقض والتناقض(7/428)
يرتفع بتصديق الخصم وبقول المتناقض تركت الاول وادعى بكذا أو بتكذيب الحاكم،(7/429)
وتمامه في البحر، وأقره المصنف (كما لو ادعى أولا أنها) أي الدار مثلا (وقف عليه ثم ادعاها
لنفسه أو ادعاها لغيره) ثم ادعاها (لنفسه) لم تقبل للتناقض.
وقيل تقبل إن وفق بأن قال كان لفلان ثم اشتريته.
درر في أواخر الدعوى.
قال (ولو ادعى الملك) لنفسه (أولا ثم) ادعى (الوقف) عليه (تقبل كما لو ادعاها لنفسه ثم(7/430)
لغيره) فإنه يقبل.
(ومن قال لآخر اشتريت مني هذه الجارية وأنكر) الآخر الشراء جاز (للبائع أن يطأها إن ترك) البائع (الخصومة) واقتران تركه بفعل يدل على الرضا بالفسخ كإمساكها ونقلها لمنزله، لما تقرر أن (جحود) جميع العقود (ما عدا النكاح فسخ) فللبائع ردها بعيب قديم لتمام الفسخ(7/431)
بالتراضي.
عيني.
أما النكاح فلا يقبل الفسخ أصلا (فلذا) (لو جحد أنه تزوجها ثم ادعاه وبرهن) على النكاح (يقبل) برهانه (بخلاف البيع) فإنه إذا أنكره ثم ادعاه لا يقبل لانفساخه بالانكار بخلاف النكاح.
(أقر بقبض عشرة) دراهم(7/432)
(ثم ادعى أنها زيوف) أو بنهرجة (صدق) بيمينه، لان اسم الدراهم يعمها،(7/434)
بخلاف الستوقة لغلبة غشها (و) لذا (لو ادعى أنها ستوقة لا) يصدق (إن) كان البيان (مفصولا وصدق لو) بين (موصولا) نهاية، فالتفصيل في المفصول لا في الموصول.
(ولو أقر بقبض الجياد لم يصدق مطلقا) ولو موصولا للتناقض (ولو أقر أنه قبض حقه أو)(7/435)
قبض (الثمن أو استوفى) حقه (صدق في دعواه الزيافة لو) بين (موصولا وإلا لا) لان قوله جياد مفسر فلا يحتمل التأويل، بخلاف غيره لانه ظاهر أو نص فيحتمل التأويل.
أني كمال.
(أقر بدين ثم ادعى أن بعضه أنه بعض قرض وبعضه ربا) وبرهن عليه (قبل) برهانه، قنية عن علاء الدين، وسيجئ في الاقرار (قال لآخر لك علي ألف) درهم(7/436)
(فرده) المقر له (ثم صدقه) في مجلسه(7/437)
(فلا شئ عليه) للمقر له إلا بحجة أو إقرار ثانيا، وكذا الحكم في كل ما فيه الحق لواحد.(7/438)
(ومن ادعى على آخر مالا فقال) المدعى عليه (ما كان لك علي شئ قط فبرهن المدعي على) أن له عليه (ألف وبرهن) المدعى عليه (على القضاء) أي الايفاء (أو الابراء ولو بعد القضاء) أي الحكم بالمال، إذ الدفع بعد قضاء القاضي صحيح إلا في المسألة المخمسة(7/439)
كما سيجئ (قبل) برهانه لامكان التوفيق، لان غير الحق قد يقضي ويبرأ منه دفعا للخصومة،(7/440)
وسيجئ في الاقرار أنه لو برهن على قول المدعي أنا مبطل في الدعوى أو شهودي كذبة أو ليس لي عليه شئ صح الدفع إلى آخره، وذكره في الدرر قبيل الاقرار في فصل الاستشراء (كما) يقبل (لو ادعى القصاص على آخر فأنكر المدعى عليه (فبرهن المدعي) على القصاص (ثم برهن المدعى عليه على العفو أو) على (الصلح عنه على مال وكذا في دعوى الرق) بأن ادعى عبودية شخص فأنكر فبرهن المدعي ثم برهن العبد أن المدعي أعتقه يقبل إن لم يصالحه، ولو ادعى(7/441)
الايفاء ثم صالحه قبل برهانه على الايفاء ا ه.
بحر.
وفيه برهن أن له أربعمائة ثم أقر أن عليه للمنكر ثلاثمائة سقط على المنكر ثلاثمائة، وقيل لا، وعليه الفتوى.
ملتقط.
وكأنه لانه لما كان المدعى عليه جاحدا فذمته غير مشغولة في زعمه
فأين تقع المقاصة، والله تعالى أعلم (وإن زاد) كلمة (ولا أعرفك ونحوه) كما رأيتك (لا) يقبل لتعذر التوفيق، وقيل يقبل لان المحتجب أو المخدرة قد يتأذى بالشغب على بابه فيأمر بإرضاء(7/442)
الخصم ولا يعرفه ثم يعرفه، حتى لو كان ممن يعمل بنفسه لا يقبل.
نعم لو ادعى إقرار المدعى عليه بالوصول أو الايصال صح.
درر في آخر الدعوى، لان التناقض لا يمنع صحة الاقرار.
(أقر ببيع عبده) من فلان (ثم جحد صح) لان الاقرار بالبيع بلا ثمن باطل إقرار.
بزازية.(7/443)
(ادعى على آخر أنه باعه أمته) منه (فقال) الآخر (لم أبعها منك قط فبرهن) المدعي (على الشراء منه وجد) المدعي (بها عيبا) وأراد ردها (فبرهن) البائع أنه أي المشتري (برئ إليه من كل عيب بها لم تقبل) بينة البائع للتناقض.
وعن الثاني تقبل(7/444)
لامكان التوفيق ببيع وكيله وإبرائه عن العيب، ومنه واقعة سمرقند.(7/445)
ادعت أنه نكحها بكذا وطالبته بالمهر فأنكر فبرهنت فادعى أنه خلعها على المهر تقبل لاحتمال أنه زوجه أبوه وهو صغير ولم يعلم.
خلاصة.
(يبطل) جميع (صك) أي مكتوب (كتب إن شاء الله في آخره) وقالا: آخره فقط، وهو استحسان راجح على قوله.
فتح.
واتفقوا أن الفرجة كفاصل السكوت وعلى انصرافه للكل في جمل عطفت بواو(7/446)
وأعقبت بشرط.
وأما الاستثناء بإلا وأخواتها فللاخير إلا لقرينة كله مائة درهم وخمسون دينارا إلا درهما فللاول استحسانا.
وأما الاستثناء بإن شاء الله بعد جملتين إيقاعيتين فإليهما اتفاقا.
وبعد طلاقين معلقين أو طلاق معلق وعتق معلق فإليهما عند الثالث، وللاخير عند الثاني، ولو بلا
عطف(7/447)
أو به بعد سكوت فللاخير اتفاقا، وعطفه بعد سكوته لغو إلا بما فيه تشديد على نفسه، وتمامه في البحر.
(مات ذمي فقالت عرسه أسلمت بعد موته قالت ورثته قبله صدقوا) تحكيما للحال (كما) يحكم الحال (في مسألة) جريان (ماء الطاحونة) ثم الحال إنما تصلح حجة للدفع لا للاستحقاق(7/448)
(كما في مسلم مات فقالت عرسه) الذمية (أسلمت قبل موته) فإرثه (وقالوا بعده) فالقول لهم، لان الحادث يضاف لاقرب أوقاته.
فرع: وقع الاختلاف في كفر الميت وإسلامه فالقول لمدعي الاسلام.
بحر (قول المودع) بالفتح (هذا ابن مودعي) بالكسر (الميت لا وارث له غيره(7/449)
دفعها إليه) وجوبا كقوله هذا ابن دائني، قيد بالوارث لانه لو أقر أنه وصيه أو وكيله أو المشتري منه لم يدفعها (فإن أقر) ثانيا (بابن آخر له لم يفد) إقراره (إذا كذبه) الابن (الاول) لانه إقرار على الغير، ويضمن للثاني حظه إن دفع للاول بلا قضاء.
زيلعي.
(تركة قسمت بين الورثة أو الغرماء بشهود لم يقولوا نعلم)(7/450)
كذا نسخ المتن والشرح.
وعبارة الدرر وغيرها: لا نعلم (له وارثا أو غريما لم يكفلوا)(7/451)
خلافا لهما لجهالة المكفول له ويتلوم القاضي مدة ثم يقضي، ولو ثبت بالاقرار كفلوا اتفاقا، ولو قال الشهود ذلك اتفاقا.
(ادعى) على آخر (دارا لنفسه ولاخيه الغائب) إرثا (وبرهن عليه) على ما ادعاه (أخذ)
المدعي (نصف المدعى) مشاعا (وترك باقيه في يد ذي اليد بلا كفيل جحد) ذو اليد (دعواه أو لم(7/452)
يجحد) خلافا لهما وقولهما استحسان نهاية، ولا تعاد البينة ولا القضاء إذا حضر الغائب في الاصح لانتصاب أحد الورثة خصما للميت حتى تقضي منها ديونه، ثم إنما يكون خصما بشروط تسعة مبسوطة في البحر.(7/453)
والحق الفرق بين الدين والعين (ومثله) أي العقار (المنقول) فيما ذكر (في الاصح) درر لكن(7/454)
اعتمد في الملتقى أنه يؤخذ منه اتفاقا، ومثله في البحر.
قال: وأجمعوا على أنه لا يؤخذ لو مقرا (أوصى له بثلث ماله يقع) ذلك (على كل شئ)(7/455)
لانها أخت الميراث (ولو قال مالي أو ما أملكه شيئا صدقة فهو على) جنس (مال الزكاة) استحسانا (وإن لم يجد غيره أمسك منه) قدر (قوته فإذا ملك) غيره(7/456)
(تصدق بقدره).
في البحر: قال إن فعلت كذا فما أملكه صدقة فحيلته أن يبيع ملكه من رجل بثوب في منديل ويقبضه ولم يره ثم يفعل ذلك ثم يرده بخيار الرؤية فلا يلزمه شئ.
ولو قال ألف درهم من مالي صدقة إن فعلت كذا ففعله وهو يملك أقل لزمه بقدر ما يملك، ولو لم يكن له شئ لا يجب شئ.(7/457)
(وصح الايصاء بلا علم الوصي) فصح تصرفه (لا) يصح (التوكيل بلا علم وكيل) والفرق أن تصرف الوصي خلافة(7/458)
والوكيل نيابة.(7/459)
(فلو) الوكيل بالتوكيل (ولو من) مميز أو (فاسق صح تصرفه(7/460)
ولا يثبت عزله إلا ب) إخبار (عدل) أو فاسق إن صدقه عناية (أو مستورين أو فاسقين) في الاصح (كإخبار السيد بجناية عبده) فلو باعه كان مختارا للفداء (والشفيع) بالبيع (والبكر) بالنكاح (والمسلم الذي لم يهاجر) بالشرائع،(7/461)
وكذا الاخبار بعيب لمريد شراء وحجر مأذون وفسخ شركة وعزل قاض ومتولي وقف، فهي عشرة يشترط فيها أحد شطري الشهادة لا لفظها (ويشترط سائر الشروط في الشاهد) وقيده في البحر بالعزل القصدي، وبما إذا لم يصدقه ويكون المخبر غير المرسل ورسوله فإنه يعمل بخبره مطلقا كما سيجئ في بابه.
(باع قاض أو أمينه) وإن لم يقل جعلتك أمينا في بيعه على الصحيح.
ولوالجية(7/462)
(عبدا ل) دين (الغرماء وأخذ المال فضاع) ثمنه عند القاضي (واستحق العبد) أو ضاع قبل تسليمه (لم يضمن) لان أمين القاضي كالقاضي والقاضي كالامام، وكل منهم لا يضمن، بل ولا يخلف(7/463)
بخلاف نائب الناظر (ورجع المشتري على الغرماء) لتعذر الرجوع على العاقد.
(ولو باعه الموصى لهم) أي لاجل الغرماء بأمر القاضي) أو بلا أمره (فاستحق) العبد (أو مات قبل القبض) للعبد من الوصي (وضاع) الثمن (رجع المشتري على الوصي) لانه وإن نصبه القاضي عاقدا نيابة عن الميت فترجع الحقوق إليه (وهو يرجع على الغرماء) لانه عامل لهم، ولو
ظهر بعده للميت مال رجع الغريم فيه بدينه هو الاصح.(7/464)
(أخرج القاضي الثلث للفقراء ولم يعطهم إياه حتى هلك كان) الهالك (من مالهم) أي الفقراء (والثلثان للورثة) لما مر.
(أمرك قاض) عدل (برجم أو قطع) في سرقة (أو ضرب) في حد (قضى به) بما ذكر (وسعك فعله)(7/465)
لوجوب طاعة ولي الامر ومنعه محمد حتى يعاين الحجة واستحسنوه في زماننا.
وفي العيون: وبه يفتى(7/466)
إلا في كتاب القاضي للضرورة، وقيل يقبل لو عدلا عالما (وإن عدلا جاهلا، إن استفسر فأحسن) تفسير (الشرائط صدق وإلا لا وكذا) لا يقبل قوله (لو) كان (فاسقا) عالما كان أو جاهلا للتهمة فالقضاة أربعة (إلا أن يعاين الحجة) أي سببا شرعيا.
(صب دهنا لانسان عند الشهود) فادعى مالكه ضمانه (وقال) الصاب (كانت) الدهن (نجسة وأنكره المالك فالقول للصاب) لانكاره الضمان والشهود يشهدون على الصب لا على عدم(7/467)
النجاسة (لو قتل رجلا وقال قتلته لردته أو لقتله أبي لم يسمع) قوله لئلا يؤدي إلى فتح باب العدوان، فإنه يقتل ويقول كان القتل لذلك، وأمر الدم عظيفلا يهمل، بخلاف المال إقرار.
بزازية.
(صدق) قاض (معزول) بلا يمين (قال لزيد أخذت منك ألفا قضيت به) أي بالالف (لبكر ودفعته إليه، أو قال قضيت بقطع يدك على حق وادعى زيد أخذه) الالف (وقطعه) اليد (ظلما وأقر بكونهما) أي الاخذ والقطع (في) وقت (قضائه، وكذا لو زعم) فعله قبل التقليد أو بعد
العزل في الاصح لانه أسند فعله إلى حالة معهودة(7/468)
منافية للضمان فيصدق، إلا أن يبرهن زيد على كونهما في غير قضائه فالقاضي يكون مبطلا.
صدر الشريعة.
فرع: نقل في الاشباه عن بعض الشافعية: إذا لم يكن للقاضي شئ في بيت المال فله أخذ عشر ما يتولى من أموال اليتامى والاوقاف.
وفي الخانية: للمتولي العشر في مسألة الطاحونة.(7/470)
قلت: لكن في البزازية: كل ما يجب على القاضي والمفتي لا يحل لهما أخذ الاجر به كإنكاح صغير لانه واجب عليه، وكجواب المفتي بالقول.
وأما بالكتابة فيجوز لهما على قدر(7/471)
كتبهما لان الكتابة لا تلزمهما، وتمامه في شرح الوهبانية.
وفيها:(7/472)
وليس له أجر وإن كان قاسما وإن لم يكن من بيت مال مقر ورخص بعض لانعدام مقرر وفي عصرنا فالقول الاول ينصر وجوز للمفتي على كتب خطه على قدره إذ ليس في الكتب يحصر(7/473)
كتاب الشهادات أخرها عن القضاء لانها كالوسيلة، وهو المقصود.
(هي) لغة: خبر قاطع.
وشرعا: (أخبار صدق لاثبات حق) فتح.
قلت: فإطلاقها على الزور مجاز كإطلاق اليمين على الغموس (بلفظ الشهادة في مجلس(7/474)
القاضي) ولو بلا دعوى كما في عتق الامة.
وسبب وجوبها طلب ذي الحق أو خوف فوت حقه
بأن لم يعلم بها ذو الحق وخاف فوته لزمه أن يشهد بلا طلب.
فتح.
(شرطها) أحد وعشرون شرطا: شرائط مكانها واحد، وشرائط التحمل ثلاثة (العقل الكامل) وقت التحمل(7/475)
والبصر ومعاينة المشهود به إلا فيما يثبت بالتسامع.
(و) شرائط الاداء سبعة عشرة: عشرة عامة، وسبعة خاصة:(7/476)
منها (الضبط والولاية) فيشترط الاسلام لو المدعى عليه مسلما (والقدرة على التمييز) بالسمع والبصر (بين المدعي والمدعى عليه) ومن الشرائط عدم قرابة ولاد أو زوجية أو عداوة دنيوية أو دفع مغرم أو جر مغنم كما سيجئ.
(وركنها: لفظ أشهد) لا غير لتضمنه معنى مشاهدة، وقسم وإخبار للحال، فكأنه يقول: أقسم بالله لقد اطلعت على ذلك وأنا أخبر به، وهذه المعاني مفقودة في غيره فتعين، حتى لو زاد فيما أعلم بطل للشك.(7/477)
(وحكمها: وجوب الحكم على القاضي بموجبها بعد التزكية) بمعنى افترضه فورا، إلا في ثلاث قدمناها (فلو امتنع) بعد وجود شرائطها (أثم) لتركه الفرض (واستحق العزل) لفسقه (وعزر) لارتكابه ما لا يجوز شرعا.
زيلعي (وكفر إن لم ير الوجوب) أي إن لم يعتقد افتراضه عليه.
ابن ملك.
وأطلق الكافيجي كفره واستظهر المصنف الاول.
(ويجب) أداؤها (بالطلب) ولو حكما كما مر، ولكن وجوبه بشروط سبعة مبسوطة في(7/478)
البحر وغيره، منها: عدالة قاض وقرب مكانه وعلمه بقبوله، أو بكونه أسرع قبولا وطلب المدعي (لو في حق للعبد إن لم يوجد بدله) أي بدل الشاهد لانها فرض كفاية تتعين لو لم يكن إلا
شاهدان لتحمل أو أداء،(7/479)
وكذا الكاتب إذا تعين، لكن له أخذ الاجرة لا للشاهد حتى لو أركبه بلا عذر لم تقبل، وبه تقبل لحديث أكرموا الشهود وجوز الثاني الاكل مطلقا، وبه يفتى.
بحر.
وأقره المصنف(7/480)
(و) يجب الاداء (بلا طلب لو) الشهادة (في حقوق الله تعالى) وهي كثيرة، عد منها في الاشباه أربعة عشر.
قال: ومتى أخر شاهد الحسبة شهادته(7/481)
بلا عذر فسق فترد (كطلاق امرأة) أي بائنا (وعتق أمة) وتدبيرها، وكذا عتق عبد(7/482)
وتدبيره.
شرح وهبانية.
وكذا الرضاع كما مر في بابه وهل يقبل جرح الشاهد حسبة؟ الظاهر نعم لكونه حقا لله تعالى.
أشباه.
فبلغت ثمانية عشر، وليس لنا مدعي حسبة إلا في الوقف على المرجوح، فليحفظ (وسترها في الحدود أبر)(7/483)
لحديث من ستر ستر فالاولى الكتمان إلا لمتهتك.
بحر (و) الاولى أن (يقول) الشاهد (في السرقة أخذ إحياء للحق (لا سرق) رعاية للستر.(7/484)
(ونصابها للزنا: أربعة رجال) ليس منهم ابن زوجها، ولو علق عتقه بالزنا وقع برجلين ولا حد، ولو شهدا بعتقه ثم أربعة بزناه محصنا فأعتقه القاضي ثم رجمه ثم رجع الكل ضمن الاولان قيمته لمولاه والاربعة(7/485)
ديته له أيضا لو وارثه (ولبقية الحدود والقود) ومنه (إسلام كافر ذكر) لمآلها لقتله بخلاف الانثى.
بحر (و) مثله (ردة مسلم رجلان) إلا(7/486)
المعلق فيقع ولا يحد كما مر.
(وللولادة واستهلال الصبي للصلا عليه) وللارث عندهما والشافعي وأحمد، وهو أرجح.
فتح (والبكارة وعيوب النساء(7/487)
فيما لا يطلع عليه الرجال امرأة) حرة مسلمة، والثنتان أحوط، والاصح قبول رجل واحد.
خلاصة.
وفي البرجندي عن الملتقط: أن المعلم إذا شهد منفردا في حوادث الصبيان تقبل شهادته(7/488)
ا ه.
فليحفظ.
(و) نصابها (لغيرها من الحقوق سواء كان) الحق (مالا أو غيره كنكاح وطلاق ووكالة ووصية واستهلال صبي) ولو للارث (رجلان) إلا في حوادث صبيان المكتب فإنه يقبل فيها شهادة المعلم منفردا.
قهستاني عن التجنيس (أو رجل وامرأتان)(7/489)
ولا يفرق بينهما لقوله تعالى: * (فتذكر إحداهما الاخرى) * (البقرة: 282) ولم تقبل شهادة أربع بلا رجل لئلا يكثر خروجهن، وخصهن الائمة الثلاثة بالاموال وتوابعها (ولزم في الكل) من المراتب الاربع(7/490)
(لفظ أشهد) بلفظ المضارع بالاجماع وكل ما لا يشترط فيه هذا اللفظ كطهارة ماء ورؤية هلال، فهو إخبار لا شهادة (لقبولها والعدالة لوجوبه) في الينابيع: العدل من لم يطعن عليه في بطن ولا فرج، ومنه الكذب لخروجه من البطن (لا لصحته) خلافا للشافعي رضي الله تعالى عنه (فلو قضى بشهادة فاسق نفذ) وأثم.
فتح (إلا أن يمنع منه) أي من القضاء بشهادة الفاسق (الامام(7/491)
فلا) ينفذ لما مر أنه يتأقت ويتقيد بزمان ومكان وحادثة وقول معتمد حتى لا ينفذ قضاؤه بأقوال ضعيفة وما في القنية والمجتبى من قبول ذي المروءة الصادقة فقول الثاني.
بحر.
وضعفه الكمال بأنه تعليل في مقابلة النص فلا يقبل، وأقره المصنف (وهي) إن (على حاضر يحتاج) الشاهد (إلى الاشارة إلى) ثلاثة مواضع: أعني (الخصمين والشهود به لو عينا) لا دينا (وإن على غائب) كما في نقل الشهادة (أو ميت فلا بد) لقبولها (من نسبته إلى حده، فلا يكفي ذكر اسمه واسم أبيه(7/492)
وصناعته إلا إذا كان يعرف بها) أي بالصناعة (لا محالة) بأن لا يشاركه في المصر غيره (فلو قضى بلا ذكر الجد نفذ) فالمعتبر التعريف لا تكثير الحروف.
حتى لو عرف باسمه فقط أو بلقبه وحده كفى جامع الفصولين وملتقط.
(ولا يسأل عن شاهد بلا طعن من الخصم إلا في حد وقود، وعندهما: يسأل في الكل) إن جهل بحالهم بحر(7/493)
(سرا(7/494)
به يفتى) وهو اختلاف زمان(7/495)
لانهما كانا في القرن الرابع، ولو اكتفى بالسر جاز.
مجمع.
وبه يفتى، سراجية وكفى في التزكية قول المزكي (هو عدل في الاصح) لثبوت الحرية بالدار.
درر: يعني الاصل فيمن كان في دار الاسلام الحرية فهو بعبارته جواب عن النقض بالعبد،(7/496)
وبدلالته جواب عن النقض بالمحدود.
ابن كمال (والتعديل من الخصم الذي لم يرجع إليه في
التعديل لم يصح) فلو كان مميرجع إليه في التعديل صح.
بزازية.
والمراد بتعديله تزكيته بقوله هم عدول، زا: لكنهم أخطؤوا أو نسوا أو لم يزد (و) أما (قوله صدقوا أو هم عدول صدقة) فإنه (اعتراف بالحق) فيقضي بإقراره لا بالبينة عند الجحود.
اختيار.
وفي البحر عن التهذيب: يحلف الشهود في زماننا لتعذر التزكية، إذ المجهول لا يعرف المجهول، وأقره المصنف ثم نقل عنه عن الصيرفية تفويضه للقاضي.(7/497)
قلت: ولا ننس ما مر عن الاشباه (و) الشاهد(7/498)
(له أن يشهد بما سمع) أو رأى في (مثل البيع ولو بالتعاطي فيكون من المرئي (والاقرار) ولو بالكتابة فيكون مرئيا(7/499)
(وحكم الحاكم والغصب والقتل وإن لم يشهد عليه) ولو مختفيا يرى وجه المقر ويفهمه (ولا يشهد على محجب بسماعه منه إلا إذا تبين القائل) بأن لم يكن في البيت غيره، لكن لو فسر لا تقبل.
درر (أو يرى شخصها) أي القائلة (مع شهادة اثنين بأنها فلانة بنت فلان ابن فلان) ويكفي هذا(7/500)
للشهادة على الاسم والنسب، وعليه الفتوى.
جامع الفصولين.
فرع: في الجواهر عن محمد: لا ينبغي للفقهاء كتب الشهادة، لا عند الاداء يبغضهم(7/501)
المدعى عليه فيضره (وإن كان بين الخطين) بأن أخرج المدعي خط إقرار المدعى عليه فأنكر كونه خطه فاستكتب فكتب وبين الخطين (مشابهة ظاهرة) على أنهما كخط كاتب واحد (لا يحكم عليه بالمال) هو الصحيح خانية، وإن أفتى قارئ الهداية بخلافه فلا يعول عليه، وإنما يعول على هذا التصحيح، لان قاضيخان من أجل من يعتمد على تصحيحاته.
كذا ذكره المصنف هنا.
وفي
كتاب الاقرار: واعتمده في الاشباه، لكن في شرح الوهبانية: لو قال هذا خطي لكن ليس علي هذا المال: إن كان الخط على وجه الرسالة مصدرا معنونا لا يصدق، ويلزم بالمال ونحوه في الملتقط وفتاوى قارئ الهداية(7/502)
فراجع ذلك(7/503)
(ولا يشهد على شهادة غيره ما لم يشهد عليه) وقيده في النهاية بما إذا سمعه في غير مجلس القاضي، فلو فيه جاز وإن لم يشهده.
شرنبلالية عن الجوهرة.
ويخالفه تصوير صدر الشريعة وغيره، وقولهم،(7/504)
لا بد من التحميل وقبول التحميل وعدم النهي بعد التحميل على الاظهر.
نعم الشهادة بقضاء القاضي صحيحة وإن لم يشهدهما القاضي عليه، وقيده أبو يوسف بمجلس القضاء وهو الاحوط.
ذكره في الخلاصة كفى عدل (واحد) في اثنتي عشرة مسألة على ما في الاشباه: منها إخبار القاضي بإفلاس المحبوس بعد المدة و (للتزكية)(7/505)
أي تزكية السر.
وأما تزكية العلانية فشهادة إجماعا (وترجمة الشاهد) والخصم (والرسالة) من القاضي إلى المزكي والاثنان أحوط.
وجاء تزكية عبد وصبي ووالد.
وقد نظم ابن وهبان منها أحد عشر فقال:(7/506)
ويقبل عدل واحد في تقوم وجرح وتعديل وأرش يقدر وترجمة والسلم هل هو جيد وإفلاسه الارسال والعيب يظهر وصوم على ما مر أو عند علة وموت إذا للشاهدين يخير
(والتزكية للذمي) تكون (بالامانة في دينه ولسانه ويد وأنه صاحب يقظة) فإن لم يعرفه المسلمون سألوا عنه عدول المشركين.
اختيار.
وفي الملتقط: عدل نصراني ثم أسلم قبلت شهادته، ولو سكر الذمي لا تقبل.
(ولا يشهد من رأى خطه ولم يذكرها) أي الحادثة (كذا القاضي والراوي) لمشابهة الخط(7/507)
للخط وجوازه لو في حوزه، وبه نأخذ.
بحر عن المبتغى.
(ولا) يشهد أحد (بما لم يعاينه) بالاجماع (إلا في) عشرة على ما في شرح الوهبانية:(7/508)
منها العتق والولاء عند الثاني والمهر على الاصح.
بزازية و (النسب)(7/509)
والموت والنكاح(7/511)
والدخول بزوجته (وولاية القاضي وأصل الوقف) قيل وشرائطه على المختار كما مر(7/512)
في بابه (و) أصله (هو كل ما تعلق به صحته وتوقف عليه)(7/513)
وإلا فمن شرائطه (فله الشهادة بذلك إذا خبره بها) بهذه الاشياء (من يثق) الشاهد (به) من خبر جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب بلا شرط عدالة(7/514)
أو شهادة عدلين، إلا في الموت فيكفي العدل ولو أنثى وهو المختار.
ملتقى وفتح.
وقيده شارح الوهبانية بأن لا يكون المخبر منهما كوارث وموصى له.
(ومن يده شئ سوى رقيق) علم رقه(7/515)
و (يعبر عن نفسه) وإلا فهو كمتاع ف (لك أن تشهد) به (أنه له إن وقع في قلبك ذلك) أي أنه(7/516)
ملكه (وإلا لا) ولو عاين القاضي ذلك جاز له القضاء به.
بزازية: أي إذا ادعاه المالك، وإلا لا (وإن فسر) الشاهد (للقاضي أن شهادته(7/517)
بالتسامع أو بمعاينة اليد ردت) على الصحيح (إلا في الوقف والموت إذا) فسرا و (قالا فيه أخبرنا من نثق به) تقبل (على الاصح) خلاصة.
بل في العزمية عن الخانية: معنى التفسير أن يقولا شهدنا لانا سمعنا من الناس، أما لو قالا لم نعاين ذلك ولكنه اشتهر عندنا(7/518)
جازت في الكل، وصححه شارح الوهبانية وغيره ا ه.(7/519)
باب القبول وعدمه أي من يجب على القاضي قبول شهادته ومن لا يجب، لا من يصح قبولها أو لا يصح لصحة الفاسق(7/520)
مثلا كما حققه المصنف تبعا ليعقوب باشا وغيره.
(تقبل من أهل الاهواء) أي أصحاب بدع لا تكفر كجبر(7/521)
وقدر ورفض وخروج وتشبيه وتعطيل، وكل منهم اثنتا عشرة فرقة فصاروا اثنتين وسبعين (إلا الخطابية) صنف من الروافض(7/522)
يرون الشهادة لشيعتهم ولكل من حلف أنه محق، فردهم لا لبدعتهم بل لتهمة الكذب، ولم يبق لمذهبهم ذكر.
بحر (و) من (الذمي)(7/523)
لو عدلا في دينهم.
جوهرة (على مثله)(7/524)
إلا في خمس مسائل على ما في الاشباه.
وتبطل بإسلامه قبل القضاء، وكذا بعده لو بعقوبة كقود.
بحر (وإن اختلفا ملة) كاليهود والنصارى (و) الذمي (على المستأمن لا عكسه) ولا مرتد على مثله في الاصح، (وتقبل منه على) مستأمن (مثله مع اتحاد الدار)(7/525)
لان اختلاف داريهما يقطع الولاية كما يمنع التوارث.
(و) تقبل (من عدو بسبب الدين) لانها من التدين، بخلاف الدنيوية فإنه لا يؤمن من(7/526)
التقول عليه كما سيجئ.
وأما الصديق لصديقه فتقبل(7/527)
إلا إذا كانت الصداقة متناهية بحيث يتصرف كل في مال الآخر.
فتاوى المصنف معزيا لمعين الحكام (و) من (مرتكب صغيرة) بلا إصرار (إن اجتنب الكبائر) كلها وغلب صوابه على صغائره.
درر وغيرها.
قال: وهو معنى العدالة.
وفي الخلاصة: كل فعل يرفض المروءة والكرم فهو كبيرة، وأقره ابن الكمال، قال:(7/528)
ومتى ارتكب كبيرة سقطت عدالته(7/529)
(و) من (أقلف) لو لعذر، وإلا لا، وبه نأخذ.(7/530)
بحر.
والاستهزاء بشئ من الشرائع كفر ابن كمال.
(وخصي) وأقطع (وولد الزنا) ولو بالزنا خلافا لمالك (وخنثى) كأنثى لو مشكلا، وإلا فلا إشكال (وعتيق لمعتقه وعكسه) إلا لتهمة، لما(7/531)
في الخلاصة: شهدا بعد عتقهما أن الثمن كذا عند اختلاف بائع ومشتر لم تقبل لجر النفع بإثبات العتق (ولاخيه وعمه ومن محرم رضاعا أو مصاهرة) إلا إذا امتدت الخصومة وخاصم معه على ما في القنية.
وفي الخزانة: تخاصم الشهود والمدعى عليه تقبل لو عدولا (ومن كافر على عبد كافر مولاه مسلم أو) على وكيل (حر كافر موكله مسلم لا) يجوز (عكسه) لقيامها على مسلم قصدا وفي الاول ضمنا.(7/532)
(و) تقبل (على ذمي ميت وصيه مسلم إن لم يكن عليه دين لمسلم) بحر.(7/533)
وفي الاشباه: لا تقبل شهادة كافر على مسلم إلا تبعا كما مر، أو ضرورة في مسألتين.
وفي الايصاء: شهد كافران على كافر أنه أوصى إلى كافر وأحضر مسلما عليه حق للميت.
وفي النسب: شهدا أن النصراني ابن الميت فادعى على مسلم بحق، وهذا استحسان ووجهه في الدرر.
(والعمال) للسلطان (إلا إذا كانوا أعوانا على الظلم) فلا تقبل شهادتهم لغلبة ظلمهم كرئيس القرية(7/534)
والجابي والصراف والمعرفون في المراكب والعرفاء في جميع الاصناف ومحضر قضاة العهد والوكلاء المفتعلة والصكاك وضمان الجهات كمقاطعة سوق النخاسين(7/535)
حتى حل لعن الشاهد لشهادته على باطل.
فتح وبحر.
وفي الوهبانية: أمير كبير ادعى فشهد له عماله ونوابه ورعاياهم لا تقبل كشهادة المزارع لرب الارض.(7/536)
وقيل أراد بالعمال المحترفين: أي بحرفة لائقة به وهي حرفة آبائه وأجداده، وإلا فلا مروءة له لو دنيئة، فلا شهادة له لما عرف في حد العدالة.
فتح.
وأقره المصنف.(7/537)
(لا) تقبل (من أعمى) أي لا يقضي بها، ولو قضى صح وعم قوله (مطلقا) ما لو عمي الاداء قبل القضاء وما جاز بالسماع، خلافا للثاني، وأفاد عدم قبول الاخرس(7/538)
مطلقا بالاولى (ومرتد ومملوك) ولو مكاتبا أو مبعضا(7/539)
(وصبي) ومغفل ومجنون (إلا) في حال صحته إلا (أن يتحملا في الرق والتمييز وأديا بعد الحرية) ولو لمعتقه كما مر (و) بعد (البلوغ) وكذا بعد إبصار وإسلام(7/540)
وتوبة فسق وطلاق زوجة، لان المعتبر حال الاداء شرح تكملة.
وفي البحر متى حكم برده لعلة ثم زالت فشهد بها لم تقبل إلا أربعة عبد وصبي وأعمى وكافر على مسلم وإدخال الكمال أحد الزوجين مع الاربعة سهو(7/541)
(ومحدود في قذف) تمام الحد، وقيل بالاكثر (وإن تاب) بتكذيبه نفسه.
فتح.
لان الرد من تمام الحد بالنص،(7/542)
والاستثناء منصرف لما يليه وهو * (وأولئك هم الفاسقون) * (النور: 4) (إلا أن يحد كافرا) في القذف (فيسلم)
فتقبل وإن ضرب أكثره بعد الاسلام(7/543)
على الظاهر، بخلاف عبد حد فعتق لم تقبل (أو يقيم) المحدود (بينة على صدقة) إما أربعة على زناه أو اثنين على إقراره به كما لو برهن قبل الحد.
بحر.
وفيه: الفاسق إذا تاب تقبل شهادته إلا المحدود بقذف، والمعروف بالكذب، وشاهد الزور لو عدلا لا تقبل أبدا.
ملتقط.(7/544)
لكن سيجئ ترجيح قبولها (ومسجون في حادثة) تقع (في السجن) وكذا لا تقبل شهادة الصبيان فيما يقع في الملاعب، ولا شهادة النساء فيما يقع في الحمامات وإن مست الحاجات لمنع الشرع عما يستحق به السجن، وملاعب الصبيان وحمامات النساء، فكان التقصير مضافا إليهم لا إلى الشرع.
بزازية وصغرى وشرنبلالية.
لكن في الحاوي: تقبل شهادة النساء وحدهن في القتل في الحمام بحكم الدية كي لا يهدر الدم ا ه.
فليتنبه عند الفتوى.
وقدمنا قبول شهادة المعلم في حوادث الصبيان (والزوجة لزوجها وهو لها)(7/545)
وجاز عليها إلا في مسألتين في الاشباه (ولو في عدة ثلاث) لما في القنية طلقها ثلاثا وهي في العدة لم تجز شهادته لها ولا شهادتها له، ولو شهد لها ثم تزوجها بطلت خانية، فعلم منع الزوجية عند القضاء لا تحمل أو أداء(7/546)
(والفرع لاصله)(7/547)
وإن علا، إلا إذا شهد الجد لابن ابنه على أبيه.
أشباه: قال: وجاز على أصله، إلا إذا شهد على أبيه لامه(7/548)
ولو بطلاق ضرتها والام في نكاحه.
وفيما بعد ثمان ورقات:(7/549)
لاتقبل شهادة الانسان لنفسه إلا في مسألة القاتل إذا شهد يعفو ولي المقتول(7/550)
فراجعها (وبالعكس) للتهمة (وسيد لعبده ومكاتبه والشريك لشريكه(7/551)
فيما هو من شركتهما) لانها لنفسه من وجه.
في الاشباه: للخصم أن يطعن بثلاثة برق(7/552)
وحد وشركة.
وفي فتاوى النسفي: لو شهد بعض أهل القرية على بعض منهم بزيادة الخراج لا تقبل ما لم يكن خراج كل أرض معينا أو لا خراج للشاهد، وكذا أهل قرية شهدوا على ضيعة أنها من(7/553)
قريتهم لا تقبل، وكذا أهل سكة يشهدون بشئ من مصالحه لو غير نافذة.
وفي النافذة إن طلب حقا لنفسه لا تقبل، وإن قال لا آخذ شيئا تقبل، وكذا في وقف المدرسة انتهى.
فليحفظ (والاجير الخاص لمستأجره) مسانهة(7/554)
أو مشاهرة أو الخادم أو التابع أو التلميذ الخاص الذي يعد ضرر أستاذه ضرر نفسه ونفعه نفع نفسه.
درر.
وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام: لا شهادة للقانع بأهل البيت أي الطالب معاشه منهم من القنوع لا من القناعة،(7/555)
ومفاده قبول شهادة المستأجر والاستاذ له (ومحنث) بالفتح (من يفعل الردئ) ويؤتى، وأما
بالكسر: فالمتكسر المتلين في أعضائه وكلامه خلقة فيقبل.
بحر (ومغنية) ولو لنفسها لحرمة رفع صوتها.
درر.
وينبغي تقييده بمداومتها عليه ليظهر عند القاضي كما في مدن الشرب على اللهو.
ذكره الواني (ونائحة في مصيبة غيرها)(7/556)
بأجر.
درر وفتح.
زاد العيني: فلو في مصيبتها تقبل، وعلله الواني بزيادة اضطرارها وانسلاب صبرها واختيارها، فكان كالشراب للتداوي (وعدو بسبب الدنيا) جعله ابن الكمال (عكس الفرع(7/558)
لاصله) فتقبل له لا عليه، واعتمد في الوهبانية والمحبية قبولها ما لم يفسق بسببها.
قالوا: والحقد فسق للنهي عنه.(7/560)
وفي الاشباه في تتمة قاعدة: إذا اجتمع الحرام والحلال ولو العداوة للدنيا لا تقبل سواء شهد على عدوه أو غيره، لانها فسق وهو لا يتجزأ.
وفي فتاوى المصنف: لا تقبل شهادة الجاهل على العالم لفسقه بترك ما يجب تعلمه شرعا، فحينئذ لا تقبل شهادته على مثله ولا على غيره، وللحاكم تعزيره على تركه ذلك.
ثم قال: والعالم من يستخرج المعنى من التركيب كما يحق وينبغي (ومجازف في كلامه)(7/561)
أو يحلف فيه كثيرا أو اعتاد شتم أولاده أو غيرهم لانه معصية كبيرة كترك زكاة أو حج على رواية فوريته(7/562)
أو ترك جماعة أو جمعة أو أكل فوق شبع بلا عذر، وخروج لفرجة قدوم أمير،(7/563)
وركوب بحر، ولبس حرير، وبول في فسوق أو إلى قبلة أو شمس أو قمر، وطفيلي ومسخرة،
ورقاص وشتام للدابة، وفي بلادنا يشتمون بائع الدابة.
فتح وغيره.
وفي شرح الوهبانية: لا تقبل شهادة البخيل، لانه لبخله يستقصي فيما يتقرض من الناس فيأخذ زيادة على حقه فلا يكون عدلا،(7/564)
ولا شهادة الاشراف من أهل العراق لتعصبهم، ونقل المصنف عن جواهر الفتاوى: ولا من انتقل من مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه.
قال: وكذا بائع الاكفان والحنطو لتمنيه الموت، وكذا الدلال(7/565)
والوكيل لو بإثبات النكاح.
أما لو شهد أنها امرأته تقبل، والحيلة أنه يشهد بالنكاح ولا يذكر الوكالة.
بزازوتسهيل، واعتمده قدري أفندي في واقعاته، وذكره المصنف في إجارة معينه معزيا للبزازية.
وملخصه: أنه لا تقبل شهادة الدلالين والصكاكين والمحضرين والوكلاء المفتعلة على أبوابهم، ونحوه في فتاوى مؤيد زاده.
وفيها: وصي أحرج من الوصاية بعد قبولها لم تجز شهادته للميت أبدا، وكذا الوكيل بعد ما أخرج من الوكالة إذا خاصم اتفاقا،(7/566)
وإلا فكذلك عند أبي يوسف (ومدمن الشرب) لغير الخمر لان بقطرة منها يرتكب الكبيرة فترد شهادته، وما ذكره ابن الكمال غلط كما حرره في البحر.
قال: وفي غير الخمر يشترط الادمان(7/567)
لان شربه صغيرة، وإنما قال (على اللهو) ليخرج الشرب للتداوي فلا يسقط العدالة لشبهة الاختلاف.
صدر الشريعة وابن كمال(7/568)
(ومن يلعب بالصبيان) لعدم مروءته وكذبه غالبا.
كافي (والطيور) إلا إذا أمسكها للاستئناس فيباح إلا أن يجر حمام غيره فلا لاكله للحرام.
عيني وعناية (والطنبور) ولكل لهو شنيع بين الناس(7/569)
كالطنابير والمزامير، وإن لم يكن شنيعا نحو الحداء(7/570)
وضرب القصب فلا،(7/571)
إلا إذا فحش بأن يرقصوا به.
خانية.
لدخوله في حد الكبائر.
بحر (ومن يغني للناس) لانه يجمعهم على كبيرة.
هداية وغيرها.
وكلام سعدي أفندي يفيد تقييده بالاجرة،(7/572)
فتأمل.
وأما المغني لنفسه لدفع وحشته فلا بأس به عند العامة.
عناية، وصححه العيني وغيره.
قال: ولو فيه وعظ وحكمة فجائز اتفاقا ومنهم من أجازه في العرس كما جاز ضرب الدف فيه، ومنهم من أباحه مطلقا ومنهم من كرهه مطلقا ا ه.
وفي البحر: والمذهب حرمته مطلقا، فانقطع الاختلاف بل ظاهر الهداية أنه كبيرة ولو لنفسه، وأقره المصنف.(7/573)
قال: ولا تقبل شهادة من يسمع الغناء، لانه جعل الغناء الذي جمع الناس عليه كبيرة ا ه.(7/574)
أو يجلس مجلس الغناء.
زاد العيني: أو مجلس الفجور والشرب وإن لم يسكر، لان اختلاطه بهم وتركه الامر بالمعروف يسقط عدالته (أو يرتكب ما يحد به) للفسق، ومراده من يرتكب كبيرة.
قاله المصنف وغيره (أو يدخل الحمام بغير إزار) لانه حرام (أو يلعب بنرد) أو طاب مطلقا، قامر أو لا.(7/575)
أما الشطرنج فلشبهة الاختلاف(7/576)
شرط واحد من ست، فلذا قال (أو يقامر بشطرنج أو يترك به الصلاة) حتى يفوت وقتها (أو يحلف عليه) كثيرا (أو يلعب به على الطريق، أو يذكر عليه فسقا) أشباه.
أو يداوم عليه.
ذكره(7/577)
سعدي أفندي معزيا للكافي والمعراج (أو يأكل الربا) قيدوه بالشهرة، ولا يخفى أن الفسق يمنعها شرعا، إلا أن القاضي لا يثبت ذلك إلا بعد ظهوره له، فالكل سواء.
بحر فليحفظ (أو يبول أو يأكل على الطريق)(7/578)
وكذا كل ميخل المروءة، ومنه كشف عورته ليستنجي من جانب البركة والناس حضور، وقد كثر في زماننا.
فتح (أو يظهر سب السلف) لظهور فسقه، بخلاف من يخفيه لانه فاسق مستور.
عيني.
قال المصنف: وإنما قيدنا بالسلف تبعا لكلامهم، وإلا فالاولى أن يقال: سب المسلم لسقوط العدالة بسبب المسلم وإن لم يكن من السلف كما في السراج والنهاية.(7/579)
وفيها: الفرق بين السلف والخلف أن السلف الصالح الصدر الاول من التابعين، منهم أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه.
والخلف بالفتح: من بعدهم في الخير، وبالسكون في الشر مجرد فيه عن العناية.
عن أبي يوسف: لا أقشهادة من سب الصحابة وأقبلها(7/580)
ممن تبرأ منهم لانه يعتقد دينا وإن كان على باطل فلم يظهر فسقه بخلاف الساب.
(شهدا أن أباهما أوصى إليه، فإن ادعاه صحت) شهادتهما استحسانا(7/581)
كشهادة دائني الميت ومديونيه والموصى لهما ووصية لثالث على الايصاء (وإن أنكر لا) لان القاضي لا يملك إجبار أحد على قبول الوصية.
عيني(7/582)
(كما) لا يقبل (لو شهدا أن أباهما) الغائب (وكله بقبض ديونه وادعى الوكيل أو أنكر والفرق أن(7/583)
القاضي لا يملك نصب الوكيل عن الغائب، بخلاف الوصي.
(شهد الوصي) أي وصي الميت (بحق للميت) بعدما عزله القاضي عن الوصاية ونصب غيره أو بعد ما أدركت الورثة (لا تقبل) شهادته للميت في ماله أو غيره (خاصم أو لا) لحلول الوصي محل الميت، ولذا لا يملك عزل نفسه بلا عزل قاض فكان كالميت نفسه فاستوى خصامه وعدمه، بخلاف الوكيل فلذا قال (ولو شهد الوكيل بعد عزله للموكل إن خاصم) في مجلس(7/584)
القاضي ثم شهد له بعد عزله (لا تقبل) اتفاقا للتهمة (وإلا قبلت) لعدمها، خلافا للثاني فجعله كالوصي.
سراج.
وفي قسامه الزيلعي: كل من صار خصما في حادثة لا تقبل شهادته فيها، ومن كان بعرضية أن يصير خصما ولم ينتصب خصما بعد تقبل، وهذان الاصلان متفق عليهما.(7/585)
وتمامه فيه.
قيدنا بمجلس القاضي، لانه لو خاصم في غيره ثم عزله قبلت عندهما، كما لو شهد في غير ما وكل فيه أو عليه.
جامع الفتاوى.
وفي البزازية: وكله بالخصومة عند القاضي فخاصم المطلوب بألف درهم عند القاضي ثم عزله فشهد أن لموكله على المطلوب مائة دينار تقبل، بخلاف ما لو وكله عند غير القاضي وخاصم، وتمامه فيها(7/586)
(ك) ما قبلت عندهما خلافا للثاني (شهادة اثنين بدين على الميت لرجلين ثم شهد المشهود لهما للشاهدين بدين على الميت) لان كل فريق يشهد بالدين في الذمة وهي تقبل حقوقا شتى فلم تقع الشركة له(7/587)
في ذلك، بخلاف الوصية بغير عين كما في وصايا المجمع وشرحه، وسيجئ ثمة (و) ك (شهادة وصيين لوارث كبير) على أجنبي (في غير مال الميت) فإنها مقبولة في ظاهر الرواية، كما لو شهد الوصيان على إقرار الميت بشئ معين لوارث بالغ تقبل.
بزازية.
(ولو) شهدا (في ماله) أي الميت (لا) خلافا لهما ولو لصغير لم تجز اتفاقا، وسيجئ في الوصايا (ك) ما لا تقبل (الشهادة على جرح) بالفتح (أي مجرد فسق) عن إثبات (حق لله تعالى أو(7/588)
للعبد)، فإن تضمنته قبلت، وإلا لا تقبل (بعد التعديل)(7/589)
و (لو قبله قبلت) أي الشهادة، بل الاخبار ولو من واحد على الجرح المجرد.
كذا اعتمده المصنف تبعا لما قرره صدر الشريعة.
وأقره منلا خسرو وأدخله تحت قولهم الدفع أسهل من الرفع وذكر وجهه.(7/590)
وأطلق ابن الكمال ردها تبعا لعامة الكتب وذكر وجهه، وظاهر كلام الواني وعزمي زاده الميل إليه، وكذا القهستاني حيث قال: وفيه أن القاضي لم يلتف لهذه الشهادة، ولكن يزكي الشهود سرا وعلنا، فإن عدلوا قبلها وعزاه للمضمرات، وجعله البرجندي على قولهما لا قوله، فتنبه(7/591)
(مثل أن يشهدوا على شهود المدعي) على الجرح المجرد (بأنهم فسقة أو زناة أو أكلة الربا أو شربة(7/592)
الخمر، أو على إقرارهم أنهم شهدوا بزور، أو أنهم أجراء في هذه الشهادة، أو أن المدعي مبطل في هذه الدعوى، أو أنه لا شهادة لهم على المدعى عليه في هذه الحادثة) فلا تقبل بعد التعديل بل قبله.
درر.
واعتمده المصنف.
(وتقبل لو شهدوا على) الجرح المركب ك (إقرار المدعي بفسقهم أو إقراره بشهادتهم بزور أو(7/593)
بأنه استأجرهم على هذه الشهادة) أو على إقرارهم أنهم لم يحضروا المجلس الذي كان فيه الحق.
عيني (أو أنهم عبيد أو محدودون في قذف) أو أنه ابن المدعي أو أبوه.
عناية.
أو قاذف والمقذوف يدعيه (وأنهم زنوا ووصفوه أو سرقوا مني كذا) وبينه (أو شربوا الخمر ولم يتقادم العهد) كما مر في بابه، أو قتلوا النفس عمدا.(7/594)
عيني (أو شركاء المدعي) أي والمدعى مال (أو أنه استأجرهم بكذا لها) للشهادة (وأعطاهم ذلك مما كان لي عنده) من المال، ولو لم يقله لم تقبل لدعواه الاستئجار لغيره ولا ولاية له عليه (أو أني صالحتهم على كذا ودفعته إليهم) أي رشوة، وإلا فلا صلح بالمعنى الشرعي، ولو قال ولم أدفعه لم تقبل (على أن لا يشهدوا علي زورا) و (قد شهدوا زورا وأنا أطلب ما أعطيتهم) وإنما قبلت في هذه الصور لانها حق الله تعالى أو العبد فمست الحاجة لاحيائها.
(شهد عدل فلم يبرح) عن مجلس القاضي ولم يطل المجلس ولم يكذبه المشهود له (حتى قال أوهمت)(7/595)
أخطأت (بعض شهادتي ولا مناقضة قبلت) شهادته بجميع ما شهد به لو عدلا ولو بعد القضاء، وعليه الفتوى.
خانية وبحر.
قلت: لكن عبارة الملتقى تقتضي قبول قوله أوهمت وأنه يقضي بما بقي، وهو مختار السرخسي وغيره، وظاهر كلام الاكمل وسعدي ترجيحه،(7/596)
فتنبه وتبصر (وإن) قاله الشاهد (بعد قيامه عن المجلس لا) تقبل على الظاهر احتياطا، وكذا لو وقع الغلط في بعض الحدود أو النسب.
هداية (بينه أنه) أي المجروح(7/597)
(مات من الجرح أولى من بينة الموت بعد البرء).
ولو (أقام أولياء مقتول بينة أن زيدا جرحه وقتله وأقام زيد بينة على أن المقتول قال إن زيدا لم يجرحني وليقتلني فبينة زيد أولى من بينة أولياء المقتول) مجمع الفتاوى (وبينة الغبن) من يتيم بلغ (أولى من بينة كون القيمة) أي قيمة ما اشتراه من وصيه في ذلك الوقت (مثل الثمن) لانها تثبت أمرا زائدا، ولان بينة الفساد أرجح من بينة الصحة.
درر.
خلافا لما في الوهبانية،(7/598)
أما بدون البينة فالقول لمدعي الصحة.
منية (وبينة كون المتصرف) في نحو تدبير أو خلع أو(7/599)
خصومة (ذا عقل أولى من بينة) الوارثة مثلا (كونه مخلوط العقل أو مجنون) ولو قال الشهود لا ندري كان في صحة أو مرض فهو على المرض،(7/600)
ولو قال الوارث كان يهذي يصدق حتى يشهد أنه كان صحيح العقل.
بزازية.
(وبينة الاكراه) في إقراره (أولى من بينة التطوع إن أرخا واتحد تاريخهما، فإن اختلفا أو لم يؤرخا فبينة التطوع أولى) ملتقط وغيره،(7/601)
واعتمده المصنف وابنه وعزمي زاده.
فروع: بينة الفساد أولى من بينة الصحة.
شرح وهبانية.
وفي الاشباه: اختلف المتبايعان في الصحة والبطلان فالقول لمدعي البطلان، وفي الصحة
والفساد لمدعي الصحة، إلا في مسألة الاقالة.(7/602)
وفي الملتقط: اختلفا في البيع والرهن فالبيع أولى.
اختلفا في البتات والوفاء فالوفاء أولى استحسانا شهادة قاصرة يتمها غيرهم تقبل، كأن شهد بالدار بلا ذكر أنها في يد الخصم فشهد به آخران أو شهدا بالملك بالمحدود وآخران بالحدود(7/603)
أو شهد على الاسم والنسب ولم يعرفا الرجل بعينه.
فشهد آخران أنه المسمى به.
درر.
شهد واحد فقال الباقون نحن نشهد كشهادته لم تقبل حتى يتكلم كل شاهد بشهادته، وعليه الفتوى.
شهادة النفي المتواتر مقبولة.(7/604)
الشهادة إذا بطلت في البعض بطلت في الكل، إلا في عبد بين مسلم ونصراني فشهد نصرانيان عليها بالعتق قبلت في حق النصراني فقط.
أشباه.
قلت: وزاد محشيها خمسة أخرى معزية للبزازية.(7/605)
باب الاختلاف في الشهادة مبنى هذا الباب على أصول مقرها: منها: أن الشهادة على حقوق العباد لاتقبل بلا دعوى بخلاف حقوقه تعالى.
ومنها: أن الشهادة بأكثر من المدعى باطلة بخلاف الاقل للاتفاق فيه.(7/616)
ومنها: أن الملك المطلق أزيد من المقيد لثبوته من الاصل والملك بالسبب مقتصر على وقت
السبب.
ومنها: موافقة الشهادتين لفظا ومعنى، وموافقة الشهادة الدعوى معنى فقط، وسيتضح.(7/619)
(تقدم الدعوى في حقوق العباد شرط قبولها) لتوقفها على مطالبتهم ولو بالتوكيل، بخلاف حقوق الله تعالى لوجوب إقامتها على كل أحد فكل أحد خصم، فكأن الدعوى موجودة (فإذا وافقتها) أي وافقت الشهادة الدعوى(7/620)
(قبلت وإلا) توافقها (لا) تقبل،(7/621)
وهذا أحد الاصول المتقدمة (فلو ادعى ملكا مطلقا فشهد به بسبب) كشراء أو إرث (قبلت) لكونها بالاقل مما ادعى فتطابقا معنى كما مر (وعكسه)(7/622)
لا بأن ادعى بسبب وشهدا بمطلق (لا) تقبل لكونها بالاكثر كما مر.
قلت: وهذا في غير دعوى إرث ونتاج(7/623)
وشراء من مجهول كما بسطه الكمال، واستثنى في البحر ثلاث وعشرين،(7/624)
وكذا تجب مطابقة الشهادتين لفظا ومعنى، إلا في اثنين وأربعين مسألة مبسوطة في البحر،(7/625)
وزاد ابن المصنف في حاشيته على الاشباه ثلاثة عشر أخر تركتها خشية التطويل (بطريق الوضع)(7/630)
لا التضمن واكتفيا بالموافقة المعنوية، وبه قالت الائمة الثلاثة.
(ولو شهد أحدهما بالنكاح والآخر بالتزويج قبلت) لاتحاد معناهما (وكذا الهبة والعطية ونحوهما) ولو شهد أحدهما بألف والآخر بألفين أو مائة مائتين أو طلقة أو طلقتين أو ثلاث (ردت) لاختلاف المعنيين.
(كما لو ادعى غصبا أو قتلا فشهد أحدهما به والآخر بالاقرار به) لم تقبل.(7/631)
ولو شهدا بالاقرار به قبلت (وكذا) لا تقبل (في كل قول جمع مع فعل) بأن ادعى ألفا فشهد أحدهما بالدفع والآخر بالاقرار بها لا تسمع للجمع بين قول وفعل.
قنية.
إلا إذا اتحدا لفظا كشهادة أحدهما ببيع أو قرض أو طلاق أو عتاق والآخر بالاقرار به(7/632)
فتقبل لاتحاد صيغة الانشاء والاقرار فإنه يقول في الانشاء بعت واقترضت وفي الاقرار كنت بعت واقترضت فلم يمنع القبول، بخلاف شهادة أحدهما بقتله عمدا بسيف والآخر به بسكين لم تقبل لعدم تكرر الفعل بتكرر الآلة.
محيط وشرنبلالية.
(وتقبل على ألف في) شهادة أحدهما (بألف) والآخر (بألف ومائة إن ادعى) المدعي (الاكثر) لا الاقل إلا أن يوفق باستيفاء أو إبراء.
ابن كمال.
وهذا في الدين.
(وفي العين تقبل على الواحد، كما لو شهد واحد أن هذين العبدين له وآخر أن هذا له(7/633)
قبلت على) العبد (الواحد) الذي اتفقا عليه اتفاقا) درر (وفي العقد لا) تقبل (مطلقا) سواء كان المدعى أقل المالين أو أكثرهما.
عزمي زاده.
ثم فرع على هذا الاصل بقوله (فلو شهد واحد بشراء عبد أو كتابته على ألف وآخر بألف وخمسمائة ردت) لان المقصود إثبات العقد وهو يختلف باختلاف البدل،(7/634)
فلم يتم العدد على كل واحد (ومثله العتق بمال والصلح عن قود والرهن والخلع إن ادعى العبد
والقاتل والراهن والمرأة) لف ونشر مرتب، إذ مقصودهم إثبات العقد كما مر (وإن ادعى الآخر) كالمولى مثلا (فكدعوى الدين)(7/635)
إذ مقصودهم المال فتقبل على الاقل إن ادعى الاكثر كما مر (والاجارة كالبيع) لو (في أول المدة) للحاجة لاثبات العقد (وكالدين بعدها) لو المدعي المؤجر، المستأجر فدعوى عقد اتفاقا (وصح النكاح) بالاقل أي (بألف) مطلقا (استحسانا)(7/636)
خلافا لهما (ولزم) في صحة الشهادة (الجر(7/637)
بشهادة إرث) بأن يقولا مات وتركه ميراثا للمدعي (إلا أن يشهدا بملكه) عند موته (أو يده أو يد من يقوم مقامه) كمستأجر ومستعير وغاصب ومودع فيغني ذلك عن الجر، لان الايدي عند الموت تنقلب يد ملك(7/638)
بواسطة الضمان، فإذا ثبت الملك ثبت الجر ضرورة (ولا بد مع الجر) المذكور (من بيان سبب الوراثة) وبيان (أنه أخوه لابيه وأمه أو لاحدهما) ونحو ذلك.
ظهيرية.(7/639)
وبقي شرط ثالث (و) هو (قول الشاهد لا وارث) أو لا أعلم (له) وارثا (غيره) ورابع وهو أن يدرك الشاهد الميت، وإلا فباطلة لعدم معاينة السبب ذكرهما البزازي وذكر اسم الميت ليس بشرط وإن شهدا بيد حي(7/640)
سواء قالا (مذشهر) أو لا (ردت) لقيامها بمجهول لتنوع يد الحي (بخلاف ما لو شهد أنها كانت ملكه أو أقر المدعى عليه بذلك أو شهد شاهدان أنه أقر أنه أقر أنه كان في يد المدعي) دفع للمدعي
لمعلومية الاقرار وجهالة المقر به لا تبطل الاقرار، والاصل أن الشهادة بالملك المنقضي مقبولة لا باليد؟ المنقضية لتنوع اليد لا الملك.
بزازية.
ولو أقر أنه كان بيد المدعى بغير حق هل يكون(7/641)
إقرارا له باليد؟ المفتى به نعم.
جامع الفصولين.
فروع: شهدا بألف وقال أحدهما قضى خمسمائة قبلت بألف إلا إذا شهد معه آخر ولا يشهد من علمه حتى يقر المدعى به، لهذا بسرقة بقرة واختلفا في لونها قطع خلافا لهما،(7/642)
واستظهر صدر الشريعة قولهما، وهذا إذا لم يذكر المدعي لونها.
ذكره الزيلعي.
ادعى المديون الايصال متفرقا وشهدا به مطلقا أو جملة لم تقبل.
وهبانية.
شهدا في دين(7/643)
الحي بأنه كان عليه كذا تقبل، إلا إذا سألهما الخصم عن بقائه الآن فقالا لا ندري، وفي دين الميت لا تقبل مطلقا حتى يقولامات وهو عليه.
بحر.(7/644)
قلت: ويخالفه ما في معين الحكام من ثبوته بمجرد بيان سببه وإن لم يقولا مات وعليه دين ا ه.
والاحتياط لا يخفى.
ادعى ملكا في الماضي وشهدا به في الحال لم تقبل في الاصح كما لو شهدا بالماضي أيضا.
جامع الفصولين.(7/645)
باب الشهادة على الشهادة (هي مقبولة)(7/646)
وإن كثرت استحسانا في كل حق على الصحيح (إلا في حد وقود) لسقوطهما بالشبهة وجاز
الاشهاد مطلقا، لكن لا تقبل إلا (بشرط تعذر حضور الاصل بموت) أي موت الاصل،(7/647)
وما نقله القهستاني عن قضاء النهاية فيه كلام، فإنه نقله عن الخانية عنها وهو خطأ، والصواب ما هنا (أو مرض أو سفر)(7/648)
واكتفى الثاني بغيبته بحيث يتعذر أن يبيت بأهله واستحسنه غير واحد، وفي القهستاني والسراجية عليه الفتوى، وأقره المصنف (أو كون المرأة مخدرة) لا تخالط الرجال وإن خرجت لحاجة وحمام.
قنية.
وفيها: لا يجوز الاشهاد لسلطان وأمير، وهل يجوز لمحبوس؟ إن من غير حاكم الخصومة(7/649)
نعم.
ذكره المصنف في الوكالة.
وقوله (عند الشهادة) عند القاضي قيد للكل لاطلاق جواز الاشهاد لا لاداء كما مر (و) بشرط (شهادة عدد) نصاب ولو رجلا وامرأتين،(7/650)
وما في الحاوي غلط.
بحر (عن كل أصل) ولو امرأة (لا تغاير فرعي هذا وذاك) خلافا للشافعي.
(و) كيفيتها (أن يقول الاصل مخاطبا للفرع) ولو ابنه.
بحر (اشهد علي شهادتي أني أشهد بكذا)(7/651)
ويكفي سكوت الفرع ولو رده ارتد.
قنية.
ولا ينبغي أن يشهد على شهادة من ليس بعدل عنده، حاوي (ويقول الفرع أشهد أن فلانا أشهدني على شهادته بكذا وقال لي اشهد علي شهادتي بذلك) هذا أوسط العبارات، وفيه خمس شينات، والاقصر أن يقول: أشهد على شهادتي بكذا،(7/652)
ويقول الفرع: أشهد على شهادته بكذا، وعليه فتوى السرخسي وغيره.
ابن كمال.
وهو الاصح
كما في القهستاني عن الزاهدي (ويكفي تعديل الفرع لاصله) إن عرف الفروع بالعدالة، وإلا لزم تعديل الكل (ك) يكفي تعديل (أحد الشاهدين صاحبه) في الاصح،(7/653)
لان العدل لا يتهم بمثله (وإن سكت) الفرع (عنه نظر) القاضي(7/654)
في حالة وكذا لو قال: لا أعرف حاله على الصحيح شر نبلالية وشر المجمع وكذا لو قال ليس على ماضي القهستاني عن المحيط فتنبه وتبطل تشهادة الفرع بأمور بنهيهم عن الشهادة على الاظهر خلاصة وسيجئ متنا ما لخالفة وبخروج أصله عن أهليتها كفسق وحرس وعمى (وبإنكار أصله الشهادة) كقولهم(7/655)
ما لنا شهادة أو لم نشهدهم أو أشهدناهم وغلطنا، ولو سئلوا فسكتوا قبلت.
خلاصة.
(شهدا على شهادة اثنين على فلانة بنت فلان الفلانية وقالا أخبرانا بمعرفتها وجاء المدعي بامرأة لم يعرفا أنها هي قيل له هات شاهدين أنها هي فلانة) ولو مقرة (ومثله الكتاب الحكمي) وهو كتاب الفاضي إلى القاضي لانه كالشهادة على الشهادة، فلو جاء المدعي برجل لم يعرفاه كلف إثبات أنه هو ولو مقرا لاحتمال التزوير.
بحر.
ويلزم مدعي الاشتراك البيان كما بسطه قاضيخان(7/657)
(ولو قالا فيهما التميمية لم تجز حتى ينسباها إلى فخذها)؟(7/658)
كجدها ويكفي نسبتها لزوجها،(7/659)
والمقصود الاعلام.
(أشهد على شهادته ثم نهاه عنها لم يصح) أي نهيه فله أن يشهد على ذلك.
درر.
وأقره
المصنف هنا لكنه قدم ترجيح خلافه عن الخلاصة.
(كافران شهدا على شهادة مسلمين لكافر على كافر لم تقبل، كذا شهادتهما على القضاء لكافر على كافر، وتقبل شهادة رجل على شهادة أبيه وعلى قضاء أبيه) في الصحيح.
درر خلافا للملتقط: (من ظهر أنه شهد بزور) بأن أقر على نفسه(7/660)
ولم يدع سهوا ولا غلطا كما حرره ابن الكمال، ولا يمكن إثباته بالبينة لانه من باب النفي (عزر(7/661)
بالتشهير) وعليه الفتوى.
سراجية.
وزاد: ضربه وحبسه.
مجمع وفي البحر: وظاهر كلامهم أن القاضي أن يسحم وجهه إذا رآه سياسة.(7/662)
وقيل إن رجع مصرا ضرب إجماعا، وإن تائبا لم يعزر إجماعا، وتفويض مدة توبته لرأي القاضي على الصحيح لو فاسقا ولو عدلا أو مستورا لا تقبل شهادته أبدا.
قلت: وعن الثاني تقبل، وبه يفتى.
عيني وغيره.
والله أعلم.
باب الرجوع عن الشهادة (هو أن يقول رجعت(7/663)
عما شهدت به ونحوه، فلو أنكرها لا) يكون رجوعا (و) الرجوع (شرط مجلس القاضي) ولو غير الاول أنه فسخ أو توبة وهي بحسب الجناية كما قال عليه الصلاة والسلام السر بالسر والعلانية بالعلانية (فلو ادعى) المشهود عليه (رجوعهما عند غيره وبرهن) أو أراد يمينهما (لا يقبل) لفساد الدعوى، بخلاف ما لو ادعى وقوعه(7/665)
عند قاض وتضمينه إياهما ملتقى أو برهاني أنهما أقرا برجوعهما عند غير القاضي قبل، وجعل إنشاء للحال ابن ملك (فإن رجعا قبل الحكم بها سقطت ولا ضمان) وعزر ولو عن بعضها لانها فسق نفسه.
جامع الفصولين (وبعده لم يفسخ) الحكم (مطلقا) لترجحه بالقضاء بخلاف ظهور(7/666)
الشاهد عبدا (أو محدودا في قذف) فإن القضاء يبطل ويرد ما أخذ وتلزم الدية لو قصاصا، ولا ي الشهود لما مر أن الحاكم إذا أخطأ فالعزم على المقضي له.
شرح تكملة (وضمنا ما أتلفا للمشهود عليه)(7/667)
لتسببها تعديا مع تعذر تضمين المباشر لانه كالملجأ إلى القضاء(7/668)
(قبض المدعي المال أو لا به يفتى) بحر وبزازية وخلاصة وخزانة المفتين وقيده في الوقاية والكنز والدرر والملتقى بما إذا قبض المال لعدم الاتلاف قبله وقيل إن المال عينا فكالاول،(7/669)
وإن دينا فكالثاني، وأقره القهستاني(7/670)
(والعبرة فيه لمن بقي) من الشهود (لا لمن رجع)(7/672)
فإن رجع أحدهما ضمنا النصف، وإن رجع أحد ثلاثة لم يضمن، وإن رجع آخر ضمن النصف(7/673)
وإن رجعت امرأة من رجل وامرأتين ضمنت الربع، وإن رجعتا فالنصف (وإن رجع ثمان نسوة من رجل وعشر نسوة لم يضمن، فإن رجعت أخرى ضمن) التسع (ربعه) لبقاء ثلاثة أرباع النصاب(7/674)
(فإن رجعوا فالغرم بالاسداس) وقالا عليهن النصف كما لو رجعن فقط(7/675)
(ولا يضمن راجع في النكاح شهد بمهر مثلها) أو أقل(7/676)
إذ الاتلاف يعوض كلا إتلاف (وإن زاد عليه ضمناها) لو هي المدعية وهو المنكر.
عزمي زاده.
(ولو شهدا بأصل النكاح بأقل من مهر مثلها فلا ضمان) على المعتمد(7/677)
لتعذر المماثلة بين البضع والمال (بخلاف ما لو شهدا عليها بقبض المهر أو بعضه ثم رجعا) ضمنا لها لاتلافهما المهر (وضمنا في البيع والشراء ما نقص عن قيمة المبيع(7/678)
لو الشهادة على البائع أو زاد) لو الشهادة على المشتري للاتلاف بلا عوض، ولو شهدا بالبيع وبنقد الثمن فلو في شهادة واحدة ضمنا القيمة،(7/679)
ولو في شهادتين ضمنا الثمن.
عيني (ولو شهدا على البائع بالبيع بألفين إلى سنة وقيمته ألف: فإن شاء ضمن الشود قيمته حالا، وإن شاء أخذ المشتري إلى سنة وأيا ما اختار برئ الآخر) وتمامه في خزانة المفتين، وفي الطلاق قبل وطئ وخلوة: ضمنا نصف المال المسمى (أو المتعة) إن(7/680)
لم يسم.
(ولو شهدا أنه طلقها ثلاثا وآخران أنه طلقها واحدة قبل الدخول ثم رجعوا فضمان نصف المهر على شهود الثلاث لا غير) للحرمة الغليظة (ولو بعد وطئ أو خلوة فلا ضمان) ولو شهدا(7/681)
بالطلاق قبل الدخول وآخران بالدخول وآخران بالدخول ثم رجعوا ضمن شهود الدخول ثلاثة أرباع المهر وشهود الطلاق ربعه.
اختيار.
(ولو شهدا بعتق فرجعا ضمنا القيمة) لمولاه (مطلقا) ولو معسرين لانه ضمان إتلاف (والولاء للمعتق) لعدم تحول العتق إليهما بالضمان فلا يتحول الولاء.
هداية(7/682)
(وفي التدبير ضمنا ما نقصه) وهو ثلث قيمته، ولو مات المولى عتق من الثلث ولزمهما بقية قيمته.
وتمامه في البحر (وفي الكتاب يضمنان قيمته) كلها(7/683)
وإن شاء اتبع المكاتب (ولا يعتق حتى يؤدي ما عليه إليهما) وتصدقا بالفضل والولاء لمولاه، ولو عجز عاد لمولاه ورد قيمته على الشهود (وفي الاستيلاد يضمنان نقصان قيمتها) بأن تقوم قنة وأم(7/684)
ولد لو جاز بيعها فيضمنان ما بينهما (فإن مات المولى عتقت وضمنا) بقية (قيمتها) أمة (للورثة) وتمامه في العيني (وفي القصاص الدية)(7/685)
في مال الشاهدين وورثاه (ولم يقتصا) لعدم المباشرة، ولو شهدا بالعفو لم يضمنا لان القصاص ليس بمال.
اختيار (وضمن شهود الفرع برجوعهم) لاضافة التلف إليهم(7/686)
(لا شهود الاصل بقولهم) بعد القضاء (لم نشهد الفروع على شهادتنا أو أشهدناهم وغلطنا) وكذا لو قالوا رجعنا عنها لعدم إتلافهم، ولا الفروع لعدم رجوعهم (ولا اعتبار بقول الفروع) بعد الحكم (كذب الاصول أو غلطوا) فلا ضمان، ولو رجع الكل ضمن الفروع فقط(7/687)
(وضمن المزكون ولو الدية) بالرجوع عن التزكية (مع علمهم بكونهم عبيدا) خلافا لهما (أما مع
الخطأ فلا) فلا إجماعا.
بحر (وضمن شهود التعليق) قيمة القن ونصف المهر لو قبل الدخول (لا شهود الاحصان)(7/688)
لانه شرط، بخلاف التزكية لانها علة (والشرط) ولو وحدهم على الصحيح.
عيني.
قال: وضمن شاهدا الايقاع لا التفويض(7/689)
لانه علة والتفويض سبب ا ه.(7/690)
كتاب الوكالة(7/691)
مناسبته أن كلا من الشاهد والوكيل ساع في تحصيل مراد غيره،(7/695)
(التوكيل صحيح) بالكتاب والسنة، قال تعالى: * (فابعثوا أحدكم بورقكم) * (الكهف: 91) ووكل عليه الصلاة والسلام حكيم بن حزام بشراء أضحية، وعليه الاجماع، وهو خاص وعام، كأنت وكيلي في كل شئ عم الكل حتى الطلاق.
قال الشهيد: وبه يفتى.
وخصه أبو الليث بغير طلاق وعتاق ووقف، واعتمده في الاشباه، وخصه قاضيخان بالمعاوضات فلا يلي العتق والتبرعات، وهو(7/696)
المذهب كما في تنوير البصائر وزواهر الجواهر، وسيجئ أن به يفتى، واعتمده في الملتقط فقال: وأما الهبات والعتاق فلا يكون وكيلاف عند أبي حنيفة خلافا محمد.
وفي الشرنبلالية: ولو لم يكن للموكل صناعة معروفة فالوكالة باطلة (وهو إقامة الغير مقام) نفسه ترفها أو عجزا (في تصرف(7/697)
جائز معلوم) فلو جهل ثبت الادنى وهو الحفظ (ممن يملكه) أي التصرف نظرا إلى أصل التصرف
وإن امتنع في بعض الاشياء بعارض النهي.
ابن كمال(7/698)
(فلا يصح توكيل مجنون وصبي لا يعقل مطلقا وصبي يعقل ب) تصرف ضار (نحو طلاق وعتاق وهبة وصدقة وصح بما ينفعه) بلا إذن وليه (كقبول هبة) وصح بما تردد بين ضرر ونفع كبيع وإجارة إن مأذونا، وإلا توقف على إجازة وليه كما لو باشره بنفسه (ولا يصح توكيل عبد محجور وصح لو مأذونا أو مكاتبا توقف توكيل مرتد، فإن أسلم نفذ، وإن مات أو لحق أو قتل لا)(7/699)
خلافا لهما (و) صح (توكيل مسلم ذميا ببيع خمر أو خنزير) وشرائهما كما مر في البيع الفاسد (ومحرم حلالا ببيع صيد) و (إن امتنع عنه الموكل) لعارض النهي كما قدمنا، فتنبه.
ثم ذكر شرط الوكيل فقال (إذا كان الوكيل يعقل العقد ولو صبيا أو عبدا(7/700)
محجورا) لا يخفى أن الكلام الآن في صحة الوكالة لا في صحة بيع الوكيل فلذا لم يقل ويقصده تبعا للكنز، ثم ذكر ضابط الموكل فيه فقال(7/702)
(بكل ما يباشره) الموكل (بنفسه) لنفسه(7/703)
فشمل الخصومة فلذا قال (فصح بخصومة في حقوق العباد برضا الخصم وجوازه بلا رضاه) وبه(7/704)
قالت الثلاثة، وعليه فتوى أبي الليث وغيره.
واختاره العتابي وصححه في النهاية، والمختار للفتوى تفويضه للحاكم.
درر(7/705)
(إلا أن يكون) الموكل (مريضا) لا يمكنه حضور مجلس الحكم بقدميه.
ابن كمال (أو غائبا مدة
سفر أو مريدا له) ويكفي قوله أنا أريد السفر.
ابن كمال (أو مخدرة)(7/706)
لم تخالط الرجال كما مر (أو حائضا) أو نفساء (والحاكم بالمسجد) إذا لم يرض الطالب بالتأخير.
بحر (أو محبوسا من غير حاكم) هذه (الخصومة) فلو منه فليس بعذر.
بزازية بحثا(7/707)
(أو لا يحسن الدعوى) خانية (لا) يكون من الاعذار (إن كان الموكل شريفا خاصم من دونه) بل الشريف وغيره سواء.
بحر (وله الرجوع عن الرضا قبل سماع الحاكم الدعوى) لا بعده.
قنية(7/708)
(ولو اختلفا في كونها مخدرة: إن من بنات الاشراف فالقول لها مطلقا) ولو ثيبا فيرسل أمينه ليحلفها مع شاهدين: بحر، وأقره المصنف (وإن من الاوساط فالقول لها لو بكرا وإن) هي (من الاسافل فلا في الوجهين) عملا بالظاهر.
بزازية (و) صح (بإيفائها) وكذا ب (استيفائها)(7/709)
إلا في حد وقود(7/711)
بغيبة موكله عن المجلس.
ملتقى (وحقوق عقد لا بد من إضافته) أي ذلك العقد(7/712)
(إلى الوكيل كبيع وإجارة وصلح عن إقرار(7/714)
يتعلق به) ما دام حيا ولو غائبا.
ابن ملك (إن لم يكن محجورا كتسليم مبيع)(7/715)
وقبضه وقبض ثمن ورجوع به عند استحقاقه (وخصومة في عيب(7/717)
فلا فصل بين حضور موكله وغيبته) لانه العاقد حقيقة وحكما، لكن في الجوهرة: لو حضرا فالعهدة على آخذ الثمن لا العاقد في أصح الاقاويل، ولو أضاف العقد إلى الموكل تتعلق الحقوق بالموكل اتفاقا.
ابن ملك.
فليحفظ.
فقوله لا بد فيه ما فيه، ولذا قال ابن الكمال: يكتفي بالاضافة إلى نفسه، فافهم.
(وشرط) الموكل (عدم تعلق الحقوق به) أي بالوكيل (لغو) باطل جوهرة (والملك يثبت للموكل ابتداء)(7/718)
في الاصح (فلا يعتق قريب الوكيل بشرائه ولا يفسد نكاح زوجه به) ولكن (هما) ثابتان (على الموكل لو اشترى وكيله قريب موكله وزوجته) لان الموجب للعتق والفساد الملك المستقر (وفي كل عقد لا بد من إضافته إلى موكله) يعني لا يستغني عن الاضافة إلى موكله حتى لو أضافه إلى نفسه لا يصح ابن كمال(7/719)
(كنكاح وخلع وصلح عن دم عمد أو عن إنكار وعتق عن مال وكتابة(7/721)
وهبة وتصدق وإعارة وإيداع ورهن وإقراض) وشركة ومضاربة.
عيني (تتعلق بموكله) لا به لكونه فيها سفيرا محضا، حتى لو أضافه لنفسه وقع النكاح له فكان كالرسول (فلا مطالبة عليه) في النكاح (بمهر وتسليم) للزوجة (وللمشتري الاباء عن دفع الثمن للموكل وإن دفع له صح ولو مع نهي الوكيل) استحسانا (ولا يطالبه الوكيل ثانيا) لعدم الفائدة.
نعم تقع المقاصة بدين(7/722)
الوكيل لو وحده ويضمنه لموكله، بخلاف وكيل يتيم وصرف.
عيني (ومثله) أي مثل الوكيل عبد (مأذون لا دين عليه مع مولاه) فلا يملك قبض ديونه ولو قبض صح استحسانا ما لم يكن عليه دين لانه للغرماء.
بزازية.
فرع: التوكيل بالاستقراض باطل لا الراسلة.
درر.
والتوكيل بقبض القرض صحيح، فتنبه.(7/723)
باب الوكالة بالبيع والشراء الاصل أنها إن عمت أو علمت أو جهلت جهالة يسيرة وهي جهالة النوع المحض كفرس صحت، وإن فاحشة وهي جهالة الجنس كدابة بطلت،(7/724)
وإن متوسطة كعبد،(7/726)
فإن بين الثمن أو الصفة كتركي صحت، وإلا لا (وكله بشراء ثوب هروي أو فرس أو بغل صح) بما يتحمله حال الآمر.
زيلعي.
فراجعه (وإن لم يسم ثمنا) لانه من القسم الاول (وبشراء(7/727)
دار أو عبد جاز إن سمى) الموكل (ثمنا يخصص نوعا أو لا.
بحر (أو نوعا) كحبشي زاد في البزازية: أو قدرا ككذا قفيزا (وإلا) يسم ذلك (لا) يصح وألحق بجهالة الجنس (و) هي ما لو وكله (بشراء ثوب أو دابة لا) يصح (وإن سمى ثمنا)(7/728)
للجهالة الفاحشة (وبشراء طعاوبين قدره أو دفع ثمنه وقع) في عرفنا (على المعتاد) المهيأ (للاكل) من كل مطعوم يمكن أكله بلا إدام (كلحم مطبوخ أو مشوي) وبه قالت الثلاثة (وبه يفتى) عيني.
وغيره اعتبارا للعرف(7/729)
كما في اليمين (وفي الوصية له) أي لشخص (بطعام يدخل كل مطعوم) ولو دواء به حلاوة كسكنجبين: بزازية.
(وللوكيل الرد بالعيب ما دام المبيع في يده) لتعلق الحقوق به (ولوارثه أو وصيه ذلك بعد
موته) أي موت الوكيل (فإن لم يكونا فلموكله ذلك) أي الرد بالعيب، وكذا الوكيل بالبيع،(7/730)
وهذا إذا لم يسلمه (فلو سلمه إلى موكله امتنع رده إلا بأمره) لانتهاء الوكالة بالتسليم، بخلاف وكيل باع فاسدا فله الفسخ مطلقا لحق الشرع: قنية (و) للوكيل (حبس المبيع بثمن دفعه) الوكيل (من ماله أو لا) بالاولى(7/731)
لانه كالبائع (ولو اشتراه) الوكيل (بنقد ثم أجله البائع كان للوكيل المطالبة به حالا) وهي الحيلة، خلاصة.
ولو وهبه كل الثمن رجع بكله ولو بعضه رجع بالباقي لانه حط بحر.
(هلك المبيع من يده قبل حبسه هلك من مال موكله(7/732)
ولم يسقط الثمن) لان يده كيده (ولو) هلك (بعد حبسه فهو كمبيع) فيهلك بالثمن، وعند الثاني كرهن (ولا اعتبار بمفارقة الموكل) ولو حاضرا كما اعتمده المصنف تبعا للبحر خلافا للعيني وابن ملك (بل بمفارقة الوكيل)(7/733)
ولو صبيا (في صرف وسلم فيبطل العقد بمفارقة صاحبه قبل القبض) لانه العاقد، والمراد بالسلم والاسلام لا قبول السلم لانه لا يجوز.
ابن كمال (والرسول فيهما)(7/734)
أي الصرف والسلم (لا تعتبر مفارقته بل مفارقة مرسله) لان الرسالة في العقد لا القبض، واستفيد صحة التوكيل بهما.
(وكله بشراء عشرة أرطال لحم بدرهم فاشترى ضعفه بدرهم(7/735)
مما يباع به عشرة بدرهم لزم الموكل منه عشرة بنصف درهم) خلافا لهما
والثلاثة قلنا إنه مأمور بأرطال مقدرة فينفذ الزائد على الوكيل ولو شرى ما لا يساوي ذلك وقع للوكيل إجماعا كغير موزون (ولو وكله بشراء شئ بعينه)(7/736)
بخلاف الوكيل بالنكاح إذا تزوجها لنفسه صح.
منية.
والفرق في الواني(7/737)
(غير الموكل لا يشتريه لنفسه) ولا لموكل آخر بالاولى(7/738)
(عند غيبته حيث لم يكن مخالفا) دفعا للغرر (فلو اشتراه بغير النقود أو بخلاف ما سمى الموكل له(7/739)
من الثمن وقع الشراء للوكيل) لمخالفة أمره وينعزل في ضمن المخالة.(7/740)
عيني (وإن) بشراء شئ (بغير عينه) فالشراء للوكيل.(7/741)
إلا إذا نواه للموكل وقت الشراء (أو شراه بماله) أي بمال الموكل، ولو تكاذبا في النية حكم بالنقد إجماعا، ولو توافقا أنها لم تحضره فروايتان.
(زعم أنه اشترى عبدا لموكله(7/743)
فهلك وقال موكله بل شريته لنفسك، فإن) كان العبد (معينا وهو حي قائم فالقول للمأمور) إجماعا (مطلقا) نقد الثمن أو لا لاخباره عن أمر يملك استئنافه (وإن ميتا) والحال أن (الثمن منقود فكذلك) الحكم(7/744)
(وإلا) يكن منقودا (فالقول للموكل) لانه ينكر الرجوع عليه (وإن) العبد (غير معين) وهو حي
أو ميت فكذا) أي يكون للمأمور (إن الثمن منقود) لانه أمين (وإلا فللآمر) للتهمة خلافا لهما (قال بعني هذا لعمرو فباعه ثم أنكر الآمر) أي أنكر المشتري أن عمرا أمره بالشراء (أخذه عمرو ولغا إنكاره) الامر لمناقضته لاقراره بتوكيله بقوله بعني لعمرو (إلا أن يقول عمرو لم آمره به) أي بالشراء (فلا) يأخذه عمرو لان إقرار المشتري ارتد برده (إلا أن يسلمه المشتري إليه) أي إلى عمرو لان التسليم على وجه البيع بيع بالتعاطي وإن لم يوجد نقد الثمن للعرف.
(أمره بشئ شيئين معينين) أو غيره معينين(7/745)
إذا نواه للموكل كما مر بحر (و) الحال أنه (لم يسم ثمنا فاشترى له أحدهما بقدر قيمته أو بزيادة) يسيرة (يتغابن الناس فيها صح) عن الآمر (وإلا لا) إذ ليس لوكيل الشراء الشراء بغبن فاحش إجماعا بخلاف وكيل البيع كما سيجئ (و) كذا (بشرائهما بألف وقيمتها سواء فاشترى أحدهما بنصفه أو أقل(7/746)
صح) ولو (بالاكثر) ولو يسيرا (لا) يلزم الآمر (إلا أن يشتري الثاني) من المعينين مثلا (بما بقي) من الالف (قبل الخصومة) لحصول المقصود، وجوزاه إبقي ما يشتري بمثله الآخر (و) لو آمر رجل مديونه (بشراء شئ) معين (بدين له عليه وعينه أو) عين (البائع صح) وجعل البائع وكيلا بالقبض دلالة فيبرأ الغريم بالتسليم إليه بخلاف غير المعين، لان توكيل المجهول باطل ولذا قال (وإلا) يعين (فلا) يلزم الآمر (ونفذ على المأمور) فهلاكه عليه خلافا لهما، وكذا الخلاف لو أمره أن يسلم عليه(7/747)
أو يصرفه بناء على تعين النقود في الوكالات عنده وعدم تعينها في المعاوضات عندهما.(7/748)
(ولو أمره) أي أمر رجل مديونه (بالتصدق بما عليه صح) أمره بجعله المال لله تعالى وهو
معلوم (كما) صح أمره (لو أمر) الآجر (المستأجر بمرمة ما استأجره مما عليه من الاجرة) وكذا لو(7/749)
أمره بشراء عبد يسوق الدابة وينفق عليها صح اتفاقا للضرورة، لانه لا يجد الآجر كل وقت فجعل المؤجر كالمؤجر في القبض.
قلت: وفي شرح الجامع الصغير لقاضيخان: إن كان ذلك قبل وجوب الاجرة لا يجوز، وبعد الوجوب قيل على الخلاف الخ فراجعه.
(ولو) أمره (بشرائه بألف ودفع) الالف (فاشترى وقيمته كذلك فقال الآمر اشتريت بنصفه وقال المأمور) بل (بكله صدق) لانه أمين (وإن) كان (قيمته نصفه) فالقول (للآمر) بلا يمين.
درر وابن كمال تبعا لصدر الشريعة حيث قال: صدق في الكل بغير الحلف، وتبعهم المصنف، لكن جزم الواني بأنه تحريف وصوابه: بعد الحلف (وإن لم يدفع) الالف (وقيمته نصفه) فالقول (للآمر)(7/750)
بلا يمين.
قاله المصنف تبعا للدرر كما مر.
قلت: لكن في الاشباه القول للوكيل بيمينه إلا في أربع فبالبينة، فتنبه(7/751)
(وإن) كان (قيمته ألفا فيتحالفان ثم يفسخ العقد) بينهما (فيلزم) المبيع (المأمور)، كذا لو أمره (بشراء معين من غير بيان ثمن فقال المأمور اشتريته بكذا)، إن (صدقه بائعه) على الاظهر (وقال(7/754)
الآمر بنصفه تحالفا) فوقوع الاختلاف في الثمن يوجب التحالف.
(ولو اختلفا في مقداره) أي الثمن (فقال الآمر أمرتك بشرائه بمائة وقال المأمور بألف(7/755)
فالقول للآمر) بيمينه (فإن برهنا قدم برهان المأمور) لانها أكثر إثباتا (و) لو أمره (بشراء أخيه فاشترى الوكيل فقال الآمر ليس هذا) المشتري (بأخي فالقول له) بيمينه (ويكون الوكيل مشتريا
لنفسه) والاصل أن الشراء متى لم ينفذ على الآمر ينفذ على المأمور بخلاف البيع كما مر في خيار الشرط (وعتق العبد عليه) أي على الوكيل لزعمه عتقه على موكله فيؤاخذ به.
خانية (و) لو أمره عبد (بشراء نفس الامر من مولاه بكذا ودفع) المبلغ (فقال) الوكيل (لسيده اشتريته) لنفسه فباعه على هذا لوجه (عتق) على المالك (وولاؤه لسيده) وكان الوكيل سفيرا (وإن قال) الوكيل (اشتريته) ولم يقل لنفسه (فالعبد) ملك (للمشتري والالف للسيد فيهما) لانه كسب عبده (وعلى العبد ألف أخرى في) الصورة (الاولى) بدل الاعتاق (كما على المشتري) ألف (مثلها في الثانية) لان الاول مال المولى فلا يصلح بدلا(7/756)
(وشراء العبد من سيده إعتاق) فتلغو أحكام الشراء، فلذا قال (فلو شرى) العبد (نفسه إلى العطاء صح) الشراء.
بحر (كما صح في حصته إذا اشترى نفسه من مولاه ومعه رجل) آخر (وبطل) الشراء (في حصة شريكه) بخلاف ما لو شرى الاب ولده مع رجل آخر فإنه يصح فيهما.
بيوع الخانية من بحث الاستحقاق.
والفرق انعقاد البيع في الثاني لا الاول لان الشرع جعله إعتاقا، ولذا بطل في حصة شريكه للزوم الجمع بين الحقيقة والمجاز.(7/757)
(قال لعبد اشتر لي نفسك من مولاك فقال لمولاه بعني نفسي لفلان ففعل) أي باعه على هذا الوجه (فهو للآمر) فلو وجد به عيبا: إن علم به العبد فلا رد لان علم الوكيل كعلم الموكل، وإن لم يعلم فالرد للعبد.
اختيار (وإن لم يقل لفلان عتق) لانه أتى بتصرف آخر فنفذ عليه وعليه الثمن فيهما لزوال حجره بعقد باشره مقترنا بإذن المولى.
درر.
فرع: الوكيل إذا خالف، إن خلافا إلى خير في الجنس كبع بألف درهم فباع بألف(7/758)
ومائة نفذ، ولو بمائة دينار لا ولو خيرا.
خلاصة ودرر.
فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء والاجارة والصرف والسلم ونحوها (مع من ترد شهادته له)(7/759)
للتهمة، وجوازه بمثل القيمة إلا من عبده ومكاتبه (إلا إذا أطلق له الموكل) كبع ممن شئت (فيجوز بيعه لهم بمثل القيمة) اتفاقا (كما يجوز عقده معهم بأكثر من القيمة) اتفاقا: أي بيعه لا شراؤه بأكثر منها اتفاقا كما لو باع بأقل منها(7/760)
بغبن فاحش لا يجوز اتفاقا، وكذا بيسير عنده خلافا لهما.
ابن ملك وغيره.
وفي السراج: لو صرح بهم جاز إجماعا، إلا من نفسه وطفله(7/761)
وعبده غير المديون.
(وصح بيعه بما قل أو كثر وبالعرض)(7/762)
وخصاه بالقيمة وبالنقود، وبه يفتى.
بزازية.
ولا يجوز في الصرف كدينار بدرهم بغبن فاحش إجماعا لانه بيع من وجه شراء من وجه.
صيرفية (و) صح (بالنسيئة إن) التوكيل (بالبيع) للتجارة (وإن) كان (للحاجة لا) يجوز (كالمرأة إذا دفعت غزلا إلى رجل ليبيعه لها ويتعين النقد) به يفتى.
خلاصة.
وكذا في كل موضع قامت الدلالة على الحاجة كما أفاده المصنف، وهذا أيضا إن باع بما يبيع الناس نسيئة، فإن طول المدة لم يجز، به يفتى، ابن ملك.(7/763)
ومتى عين الآمر شيئا تعين، إلا في بعه بالنسيئة بألف(7/764)
فباع بالنقد بألف جاز.
بحر.
قلت: وقدمنا أنه إن خالف إلى خير في ذلك الجنس جاز، وإلا لا، وأنها تتقيد بزمان ومكان، لكن في البزازية: الوكيل إلى عشرة أيام وكيل في العشرة وبعدها في الاصح، وكذا الكفيل، لكنه لا يطالب إلا بعد الاجل كما في تنوير البصائر.
وفي زواهر الجواهر: قال(7/765)
بعه بشهود أو برأي فلان أو علمه أو معرفته وباع بدونهم جاز.
بخلاف لا تبع إلا بشهود أو إلا بمحضر فلان.
به يفتى.
قلت: وبه علم حكم واقعة الفتوى: دفع له مالا وقال اشتر لي زيتا بمعرفة فلان فذهب واشترى بلا معرفته فهلك الزيت لم يضمن، بخلاف لا تشتر إلا بمعرفة فلان، فليحفظ (و) صح (أخذه رهنا وكفيلا بالثمن(7/766)
فلا ضمان عليه إن ضاع) الرهن (في يده أو توى) المال (على الكفيل) لان الجواز الشرعي ينافي الضمان (وتقيد شراءه بمثل القيمة وغبن يسير) وهو ما يقوم به مقوم، وهذا (إذا لم يكن سعره(7/767)
معروفا، وإن كان) سعره (معروفا) بين الناس (كخبز ولحم) وموز وجبن (لا ينفذ على الموكل وإن قلت الزيادة) ولو فلسا واحدا، به يفتى.
بحر وبناية.
(وكله ببيع عبد فباع نصفه صح) لاطلاق التوكيل.
وقالا: إن باع الباقي قبل الخصومة جاز، وإلا لا، وقولهما استحسان ملتقى وهداية.
وظاهره ترجيح قولهما، والمفتى به خلافه بحر.(7/768)
وقيد ابن الكمال الخلاف بما يتعب بالشركة وإلا جاز اتفاقا، فليراجع (وفي الشراء يتوقف على شراء باقيه قبل الخصومة) اتفاقا.
(ولو رد مبيع(7/769)
بعيب على وكيله) بالبيع (ببينة أو نكوله أو إقراره فيما لا يحدث) مثله في هذه المدة(7/770)
رده) الوكيل (على الآمر) ولو (بإقراره فيما يحدث لا) يرده ولزم الوكيل(7/771)
(الاصل في الوكالة الخصوص، وفي المضاربة العموم) وفرع عليه بقوله (فإن باع) الوكيل (نسيئة فقال أمرتك بنقد وقال أطلقت صدق الآمر، وفي) الاختلاف في (المضاربة) صدق (المضارب) عملا بالاصل.(7/772)
(لا ينفذ تصرف أحد الوكيلين) معا كوكلتكما بكذا (وحده) ولو الآخر عبدا أو صبيا أو(7/773)
مات أو جن (إلا) فيما إوكلهما على التعاقب، بخلاف الوصيين(7/774)
كما سيجئ في بابه، (وفي خصومة) بشرط رأي الآخر لا حضرته على الصحيح إلا إذا انتهيا إلى القبض فحتى يجتمعا.
جوهرة (وعتق معين وطلاق معينة لم يعوضا) بخلاف معوض(7/775)
وغير معين (وتعليق بمشيئتهما) أي الوكيلين فإنه يلزم اجتماعهما عملا بالتعليق قاله المنصف.
قلت: وظاهره عطفه على لم يعوضا كما يعلم من العيني والدرر، فحق العبارة ولا علقا بمشيئتهما فتدبر (و) في (تدبير ورد عين) كوديعة وعارية ومغصوب ومبيع فاسد.
خلاصة.
بخلاف استردادها.(7/776)
فلو قبض أحدهما ضمن كله لعدم أمره بقبض شئ منه وحده.
سراج (و) في (تسليم هبة) بخلاف قبضها.
ولوالجية (وقضاء دين) بخلاف اقتضائه.
عينو) بخلاف (الوصاية) لاثنين (و) كذا (المضاربة والقضاء) والتحكيم(7/777)
(والتولية على الوقف) فإن هذه الستة (كالوكالة فليس لاحدهما الانفراد) بحر إلا في مسألة ما إذا شرط الواقف النظر له أو الاستبدال مع فلان فإن للواقف الانفراد دون فلان أشباه.
(والوكيل بقضاء الدين) من ماله أو مال موكله (لا يجبر عليه)(7/778)
إذا لم يكن للموكل على الوكيل دين، وهي واقعة الفتوى كما بسطه العمادي، واعتمده المصنف.
قال: ومفاده أن الوكيل ببيع عين مال الموكل لوفاء دينه لا يجبر عليه، كما لا يجبر الوكيل بنحو طرق ولو بطلبها على المعتمد وعتق وهبة من فلان وبيع منه لكون متبرعا، إلا في مسائل: إذا وكله بدفع عين ثم غاب، أو ببيع رهن(7/779)
شرط فيه أو بعده في الاصح، أو بخصومة بطلب المدعي وغاب المدعى عليه.
أشباه.
خلافا لما أفتى به قارئ الهداية.
قلت: وظاهر الاشباه أن الوكيل بالاجر يجبر(7/780)
فتدبر، ولا تنس مسألة واقعة الفتوى، وراجع تنوير البصائر فعله أوفى.(7/781)
وفي فروق الاشباه: التوكيل بغير رضا الخصم لا يجوز عند الامام، إلا أن يكون الموكل حاضرا لنفسه أو مسافرا أو مريضا أو مخدرة.
(الوكيل لا يوكل إلا بإذن آمره) لوجود الرضا (إلا) إذا وكله (في دفع زكاة) فوكل آخر ثم
وثم، فدفع الاخير جاز ولا يتوقف، بخلاف شراء الاضحية.
أضحية الخانية وإلا الوكيل (في قبض الدين) إذا وكل من في عياله صح.
ابن ملك(7/782)
(وإلا عند تقدير الثمن) من الموكل الاول (له) أي لوكيله فيجوز بلا إجازته لحصول المقصود.
درر.(7/783)
(والتفويض إلى رأيه) كاعمل برأيك (كالاذن) في التوكيل (إلا في طلاق وعتاق) لانهما مما يحلف به فلا يقوم غير مقامه.
قنية (فإن وكل) الوكيل غيره (بدونهما) بدون إذن وتفويض(7/784)
(فعل الثاني) بحضرته أو غيبته (فأجازه) الوكيل (الاول صح) وتتعلق حقوقه بالعاقد على الصحيح (إلا في) ما ليس بعقد نحو (طلاق وعتاق) لتعلقهما بالشرط، فكأن الموكل علقه بلفظ الاول(7/785)
دون الثاني (وإبراء) عن الدين.
قنية (وخصومة وقضاء دين) فلا تكفي الحضرة.
ابن ملك خلافا للخانية (وإن فعل أجنبي فأجاز الوكيل) الاول (جاز إلا في شراء) فإنه ينفذ عليه، ولا يتوقف متى وجد نفاذا (وإن وكل به) أي بالامر أو التفويض (فهو) أي الثاني(7/786)
(وكيل الآمر) وحينئذ (فلا ينعزل بعزل موكله أو موته وينعزلان بموت الاول) كما مر في القضاء.
وفي البحر عن الخلاصة والخانية: له عزله في قوله اصنع ما شئت لرضاه بصنعه وعزله من صنعه، بخلاف اعمل برأيك، قال المصنف: فعليه لو قيل للقاضي اصنع ما شئت فله عزل نائبه بلا تفويض العزل صريحا لان النائب كوكيل الوكيل.
واعلم أن الوكيل وكالة عامة مطلقة مفوضة إنما يملك المعاوضات لا الطلاق والعتاق أو
التبرعات، به يفتى.
زواهر الجواهر وتنوير البصائر.(7/787)
(قال) لرجل (فوضت إليك أمر امرأتي صار وكيلا بالطلاق وتقيد) طلاقه (بالمجلس، بخلاف قوله وكلتك) في أمر امرأتي فلا يتقيد به.
درر.
من لا ولاية له على غيره لم يجز تصرفه في حقه وحينئذ (فإذا باع عبد أو مكاتب أو ذمي) أو حربي.
عيني (مال صغيره الحر المسلم أو شرى واحد منهم به أو زوج صغيرة كذلك) أي حرة مسلمة (لم يجز) لعدم الولاية.
(والولاية في مال الصغير إلى الاب ثم وصيه ثم وصي وصيه) إذ الوصي يملك الايصاء(7/788)
(ثم إلى) الجد (أبي الاب ثم إلى وصيه) ثم وصي وصيه (ثم إلى القاضي) ثم إلى من نصبه القاضي ثم وصي وصيه.
(وليس لوصي الام) ووصي الاخ (ولاية التصرف في تركة الام مع حضرة الاب أو وصيه أو وصي وصيه أو الجد) أبي الاب (وإن لم يكن واحد مما ذكر فله) أي لوصي الام (الحفظ، و) له (بيع المنقول لا العقار) ولا يشتري إلا الطعام والكسوة لانهما من جملة حفظ الصغير، خانية...(7/789)
فروع: وصي القاضي كوصي الاب، إلا إذا قيد القاضي بنوع تقيد به، وفي الاب يعم الكل.
عمادية.
وفي متفرقات البحر: القاضي أو أمينه لا ترجع حقوق عقد باشراه لليتيم إليهما بخلاف وكيل ووصي وأب، فلو ضمن القاضي أو أمينه ثمن ما باعه لليتيم بعد بلوغه صح بخلافهم.
وفي الاشباه: جاز التوكيل بكل ما يعقده الوكيل لنفسه،(7/790)
إلا للوصي فله أن يشتري مال اليتيم لنفسه لا لغيره بوكالة وجاز التوكيل بالتوكيل.
باب الوكالة بالخصومة والقبض
(وكيل الخصومة والتقاضي) أي أخذ الدين (لا يملك القبض)(7/791)
عند زفر، وبه يفتى لفساد الزمان، واعتمد في البحر العرف (و) لا (الصلح) إجماعا.
بحر (ورسول التقاضي يملك القبض لا الخصومة) إجماعا.
بحر.
أرسلتك أو كن رسولا عني إرسال، وأمرتك بقبضه توكيل، خلافا للزيلعي (ولا يملكهما) أي الخصومة والقبض (وكيل الملازمة، كما لا يملك الخصومة وكيل الصلح) بحر(7/792)
(ووكيل قبض الدين يملكها) أي الخصومة، خلافا لهما، لو وكيل الدائن ولو وكيل القاضي لا يملكها اتفاقا كوكيل قبض العين اتفاقا.
وأما وكيل القسمة وأخذ شفعة ورجوع هبة ورد بعيب(7/793)
فيملكها مع القبض اتفاقا.
ابن ملك.
(أمره بقبض دينه وأن لا يقبضه إلا جميعا فقبضه إلا درهما لم يجز قبضه) المذكور (على الآمر) لمخالفته له فلم يصر وكيلا (و) الآمر (له الرجوع على الغريم بكله) وكذا لا يقبض درهما دون(7/794)
درهم.
بحر (فلو لم يكن للغريم بينة) على الايفاء فقضى عليه بالدين (وقبضه الوكيل فضاع منه ثم برهن المطلوب على الايفاء) للموكل (فلا سبيل له) للمديون (على الوكيل، وإنما لا يرجع على الموكل) لان يده كيده: ذخيرة.
(الوكيل بالخصومة إذا أبى) الخصومة (لا يجبر عليها) في الاشباه: لا يجبر الوكل إذا امتنع عن فعل ما وكل فيه لتبرعه إلا في ثلاث كما مر (بخلاف الكفيل) فإنه يجبر عليها للالتزام.
(وكله بخصوماته وأخذ حقوقه من الناس على أن لا يكون وكيلا فيما يدعي على الموكل جاز) هذا التوكيل (فلو أثبت) الوكيل (المال له) أي لموكله (ثم أراد الخصم الدفع لا يسمع على الوكيل) لانه ليس بوكيل فيه.
درر.(7/795)
(وصح إقرار الوكيل بالخصومة) لا بغيرها مطلقا (بغير الحدود والقصاص) على موكله (عند القاضي دون غيره) استحسانا (وإن انعزل) الوكيل (به) أي بهذا الاقرار حتى لا يدفع إليه المال وإن برهن بعده على الوكالة للتناقض.
درر (وكذا إذا استثنى) الموكل (إقراره) بأن قال: وكلتك بالخصومة غير جائز الاقرار صح التوكيل والاستثناء على الظاهر، بزازية (فلو أقر عنده) أي(7/796)
القاضي (لا) يصح (وخرج) به (عن الوكالة) فلا تسمع خصومته.
درر.
(وصح التوكيل بالاقرار ولا يصير به) أي بالتوكيل (مقرا) بحر (وبطل توكيل الكفيل بالمال) لئلا يصير عاملا لنفسه (كما) لا يصح (لو وكله بقبضه) أي الدين (من نفسه أو عبده)(7/797)
لان الوكيل متى عمل لنفسه بطلت إلا إذا وكل المديون بإبراء نفسه فيصح، ويصح عزله قبل إبرائه نفسه.
أشباه.
(أو وكل المحتال المحيل بقبضه من المحال عليه) أو وكل المديون وكيل الطالب بالقبض لم يصح لاستحالة كونه قاضيا ومقتضيا.(7/798)
قنية (بخلاف كفيل النفس والرسول ووكيل الامام ببيع الغنائم والوكيل بالتزويج) حيث يصح ضمانهم لان كمنهم سفير (الوكيل بقبض الدين إذا كفل صح وتبطل الوكالة) لان الكفالة أقوى للزومها فتصبح ناسخة (بخلاف العكس، وكذا كلما صحت كفالة الوكيل بالقبض بطلت وكالته(7/799)
تقدمت الكفالة أو تأخرت) لما قلنا.
(وكيل البيع إذا ضمن الثمن للبائع عن المشتري لم يجز) لما مر أنه يصير عاملا لنفسه (فإن أدى بحكم الضمان رجع) لبطلانه (وبدونه لا) لتبرعه.
(ادعى أنه وكيل الغائب بقبض دينه فصدقه الغريم أمر بدفعه إليه) عملا بإقراره، ولا يصدق لو ادعى الايفاء (فإن حضر الغائب فصدقه) في التوكيل (فيها) ونعمت(7/800)
(وإلا أمر الغريم بدفع الدين إليه) أي الغائب (ثانيا) لفساد الاداء بإنكاره مع يمينه (ورجع) الغريم (به على الوكيل إن باقيا في يده، ولو حكما) بأن استهلكه فإنه يضمن مثله.
خلاصة (وإن ضاع لا) عملا بتصديقه (إلا إذا) كان قد (ضمنه عند الدفع).
لقدر ما يأخذ الدائن ثانيا،(7/801)
لا ما أخذه الوكيل لانه أمانة لا تجوز بها الكفالة.
زيلعي وغيره (أو قال له قبضت منك على أني أبرأتك من الدين) فهو كما لو قال الاب للختن عند أخذ مهر بنته آخذ منك على أني أبرأتك من مهر بنتي، فإن أخذته البنت ثانيا رجع الختن على الاب، فكذا هذا.
بزازية.
(وكذا) يضمنه (إذا لم يصدقه على الوكالة) يعم صورتي السكوت والتكذيب (ودفع له ذلك على زعمه) الوكالة، فهذه أسباب للرجوع عند الهلاك (فإن ادعى الوكيل هلاكه أو دفعه لموكله صدق) الوكيل (بحلفه، وفي الوجوه) المذكورة (كلها) الغريم (ليس له الاسترداد حتى يحضر الغائب) وإن برهن أنه ليس بوكيل أو على إقراره بذلك أو أراد استحلافه(7/802)
لم يقض لسعيه في نقض ما أوجبه للغائب، نعم لو برهن أن الطالب جحد الوكالة وأخذ مني المال تقبل.
بحر.
ولو مات الموكل وورثه غريمه أو وهبه له أخذه قائما، ولو هالكا ضمنه إلا إذا صدقه على الوكالة، ولو أقر بالدين وأنكر الوكالة حلف ما يعلم أن الدائن وكله.
عيني.
(قال إني وكيل بقبض الوديعة فصدقه المودع لم يؤمر بالدفع إليه) على المشهور(7/803)
خلافا لابن الشحنة، ولو دفع لم يملك الاسترداد مطلقا لما مر (وكذا) الحكم (لو ادعى شراءها من المالك وصدقه) المودع لم يؤمر بالدفع لانه إقرار على الغير.
(ولو ادعى انتقالها بالارث أو الوصية منه وصدقه أمر بالدفع إليه) لاتفاقهما على ملك الوارث (إذا لم يكن على الميت دين مستغرق) ولا بد من التلوم فيهما لاحتمال ظهور وارث آخر.
(ولو أنكر موته أو قال لا أدري لا) يؤمر به(7/804)
ما لم يبرهن، ودعوى الايصاء كوكالة فليس لمودع ميت ومديونه الدفع قبل ثبوت أنه وصي، ولو لا وصي فدفع إلى بعض الورثة برئ عن حصته فقط.
(ولو وكله بقبض مال فادعى الغريم ما يسقط حق موكله) كأداء أو إبراء أو إقراره بأنه ملكي (دفع) الغريم (المال) ولو عقارا (إليه) أي الوكيل(7/805)
لان جوابه تسليم ما لم يبرهن، وله تحليف الموكل لا الوكيل، لان النيابة لا تجري في اليمين(7/806)
خلافا لزفر.
(ولو وكله بعيب في أمة وادعى البائع أن المشتري رضي بالعيب لم يرد عليه حتى يحلف المشتري) والفرق أن القضاء هنا فسخ لا يقبل النقض،(7/807)
بخلاف ما مر خلافا لهما (فلو ردها الوكيل على البائع بالعيب فحضر الموكل وصدقه على الرضا كانت له لا للبائع) اتفاقا في الاصح، لان القضاء لا عن دليل بل للجهل بالرضا ثم ظهر خلافه فلا ينفذ باطنا.
نهاية (والمأمور بالانفاق على أهل أو بناء) أو القضاء لدين أو الشراء أو التصدق عن زكاة (إذ أمسك ما دفع إليه ونقد من ماله)(7/808)
ناويا الرجوع.
كذا قيد الخامسة في الاشباه (حال قيامه لم يكن متبرعا) بل يقع التقاص استحسانا (إذا لم يضف إلى غيره) فلو كانت وقت إنفاقه مستهلكة ولو بصرفها الدين نفسه أو أضاف العقد
إلى دراهم نفسه ضمن وصار مشتريا لنفسه متبرعا بالانفاق،(7/809)
لان الدراهم تتعين في الوكالة.
نهاية وبزازية.
نعم في الملتقى: لو أمره أن يقبض من مديونه ألفا ويتصدق فتصدق بألف ليرجع على المديون جاز استحسانا.
(وصي أنفق من ماله) والحال أن (مالي اليتيم غائب فهو) أي الوصي كالاب (متطوع، إلا أن يشهد أنه قرض عليه أو أنه يرجع) عليه.
جامع الفصولين وغيره.
وعلله في الخلاصة بأن(7/810)
قول الوصي وإن اعتبر في الانفاق لكن لا يقبل في الرجوع في مال اليتيم إلا بالبينة.
فروع: الوكالة المجردة لا تدخل تحت الحكم، وبيانه في الدرر.(7/811)
صح التوكيل بالسلم لا بقبول عقد السلم، فللناظر أن يسلم من ريعه في زيته وحصره:(7/812)
وليس له أن يوكل به من يجعله بجعل أمينا على القرية فيأمره بعقد السلم ويستلم منه على ما قرر له باطنا لانه وكيل الواقف والوكالة أمانة لا يصح بيعها.
وتمامه في شرح الوهبانية.
باب عزل الوكيل (الوكالة من العقود الغير اللازمة) كالعارية (فلا يدخلها خيار شرط، ولا يصح الحكم بها مقصودا وإنما يصح في ضمن دعوى صحيحة عى غريم) وبيانه في الدرر.
(فللموكل العزل متى شاء من لم يتعلق به حق الغير) كوكيل خصومة يطلب الخصم(7/813)
كما سيجئ، ولو الوكالة دورية(7/814)
في طلاق وعتاق على ما صححه البزازي، وسيجئ عن العيني خلافه، فتنبه (بشرط علم
الوكيل) أي في القصدي: أما الحكمي فيثبت وينعزل قبل العلم كالرسول (ولو) عزله (قبل وجود الشرط في المعلق به) أي بالشرط، به يفتى.
شرح وهبانية (ويثبت ذلك) أي العزل (بمشافهة به وبكتابة) مكتوب بعزله(7/815)
(وإرساله رسولا) مميزا (عدلا أو غيره) اتفاقا (حرا أو (إذا عبدا صغيرا أو كبيرا) صدقه أو كذبه، ذكره المصنف في متفرقات القضاء (إذا قال) الرسول (الموكل أرسلني إليك لابلغك عزله إياك عن وكالته، ولو أخبره فضولي) بالعزل (فلا بد من أحد شطري الشهادة) عدد أو عدالة (كأخواتها) المتقدمة في المتفرقات، وقدمنا أنه متى صدقه قبل ولو فاسقا اتفاقا.
ابن ملك.
وفرع على عدم لزومها من الجانبين بقوله (فللوكيل) أي بالخصومة وبشراء لمعين(7/816)
لا الوكيل بنكاح وطلاق وعتاق وببيع ماله وبشراء شئ بغير عينه كما في الاشباه (عزل نفسه بشرط علم موكله) وكذا يشترط علم السلطان بعزل قاض وإمام نفسهما، وإلا لا كما بسطه في الجواهر.
(وكله بقبض الدين ملك عزله إن بغير حضرة المديون، وإن) وكله (بحضرته لا) لتعلق(7/817)
حقه به كما مر (إلا إذ علم به) بالعزل (المديون) فحينئذ ينعزل، ثم فرع عليه بقوله (فلو دفع المديون دينه إليه) أي الوكيل (قبل علمه) أي المديون (بعزله يبرأ) وبعده لا لدفعه لغير وكيل.
(ولو عزل العدل) الموكل ببيع الرهن (نفسه بحضرة المرتهن، إن رضي به) بالعزل (صح وإلا لا) لتعلق حقه به، وكذا الوكالة بالخصومة بطلب المدعي عند غيبته كما مر، وليس منه توكيله بطلاقها بطلبها على الصحيح لانه لا حق لها فيه،(7/818)
ولا قوله كلما عزلتك فأنت وكيلي لعزله بكلما وكلتك فأنت معزول.
عيني.
(وقول الوكيل بعد القبول بحضرة الموكل ألغيت توكيلي أو أنا برئ من الوكالة ليس بعزل كجحود الموكل) بقوله لم أوكلك لا يكون عزلا (إلا أن يقول) الموكل للوكيل (والله لا أوكلك بشئ فقد عرفت تهاونك فعزل) زيلعي.
لكنه ذكر في الوصايا أن جحوده عزل، وحمله المصنف على ما إذا وافقه الوكيل على الترك، لكن أثبت القهستاني اختلاف الرواية، وقدم الثاني وعلله بأن جحود ما عدا النكاح فسخ.
ثم قال: وفي رواية لم ينعزل بالجحود ا ه.
فلحيفظ.
(وينعزل الوكيل) بلا عزل (بنهاية) الشئ (الموكل فيه، كما لو وكله بقبض دين فقبضه)(7/819)
بنفسه (أو) وكله (بنكاح فزوجه) الوكيل.
بزازية.
ولو باع الموكل والوكيل معا أو لم يعلم السابق فبيع الموكل أولى عند محمد.
وعند أبي يوسف: يشتركان ويخيران كما في الاختيار وغيره (و) ينعزل (بموت أحدهما وجنونه مطبقا) بالكسر: أي مستوعبا(7/820)
سنة على الصحيح.
درر وغيرها.
لكن في الشرنبلالية عن المضمرات شهر، وبه يفتى.
وكذا في القهستاني والباقاني.
وجعله قاضيخان في فصل فيما يقضى بالمجتهدات قول أبي حنيفة وأن عليه الفتوى، فليحفظ (و) بالحكم (بلحوقه مرتدا)(7/821)
ثم لا تعود بعوده مسلما على المذهب ولا بإباقته.
بحر.
وفي شرح المجمع: واعلم أن الوكالة إذا كانت لازمة لا تبطل بهذه العوارض فلذا قال (إلا) الوكالة اللازمة (إذا وكل الراهن العدل أو المرتهن ببيع الرهن عند حلول الاجل فلا ينعزل) بالعزل ولا (بموت الموكل وجنونه كالوكيل بالامر باليد والوكيل ببيع الوفاء)(7/822)
لا ينعزلان بموت الموكل، بخلاف الوكيل بالخصومة أو الطلاق.
بزازية.
قلت: والحاصل كما في البحر أن الوكالة ببيع الرهن لا تبطل بالعزل حقيقيا أو حكميا، ولا بالخروج عن الاهلية بجنون وردة، وفيما عداها من اللازمة لا تبطل بالحقيقي بل بالحكمي وبالخروج عن الاهلية.
قلت: فإطلاق الدرر منه نظر (و) ينعزل (بافتراق أحد الشريكين)(7/823)
ولو بتوكيل ثالث بالتصرف (وإن لم يعلم الوكيل) لانه عزل حكمي (و) ينعزل (بعجز موكله لو مكاتبا وحجره) أي موكله (لو مأذونا كذلك) أي علم أو لا، لانه عزل حكمي كما مر، وهذا (إذا كان وكيلا في العقود والخصومة.
أما إذا كان وكيلا في قضاء دين واقتضائه وقبض وديعة(7/824)
فلا) ينعزل بعجز وحجر، ولو عزل المولى وكيل عبده المأذون ولم ينعزل (و) ينعزل (بتصرفه) أي الموكل (بنفسه فيما وكل فيه تصرفا بعجز الوكيل عن التصرف معه وإلا لا، كما لو طلقها واحدة والعدة باقية) فللوكيل تطليقها أخرى لبقاء المل، ولو ارتد الزوج أو لحق وقع طلاق وكيله ما بقيت العدة (وتعود الوكالة إذا عاد إليه) أي الموكل قديم ملكه كأن وكله ببيع فباع موكله ثم رد عليه بما هو فسخ(7/825)
بقي على وكالته (أو بقي أثره) أي أثر ملكه كمسألة العدة،(7/826)
بخلاف ما لو تجدد الملك.
فروع: في الملتقط عزل وكتب لا ينعزل ما لم يصله الكتاب.
وكل غائبا ثم عزله قبل قبوله صح وبعده لا.
دفع إليه قمقمة ليدفعها إلى إنسان يصلحها فدفعها ونسي لا يضمن الوكيل بالدفع.
أبرأه مما له عليه برئ من الكل قضاء، وأما في الآخرة فلا إلا بقدر ما يتوهم أن له عليه.
والعدة باقية) فللوكيل تطليقها أخرى لبقاء المل، ولو ارتد الزوج أو لحق وقع طلاق وكيله ما بقيت العدة (وتعود الوكالة إذا عاد إليه) أي الموكل قديم ملكه كأن وكله ببيع فباع موكله ثم رد عليه بما هو فسخ(7/827)
بقي على وكالته (أو بقي أثره) أي أثر ملكه كمسألة العدة،(7/826)
بخلاف ما لو تجدد الملك.
فروع: في الملتقط عزل وكتب لا ينعزل ما لم يصله الكتاب.
وكل غائبا ثم عزله قبل قبوله صح وبعده لا.
دفع إليه قمقمة ليدفعها إلى إنسان يصلحها فدفعها ونسي لا يضمن الوكيل بالدفع.
أبرأه مما له عليه برئ من الكل قضاء، وأما في الآخرة فلا إلا بقدر ما يتوهم أن له عليه.
وفي الاشباه: قال لمديونه من جاءك بعلامة كذا أو من أخذ أصبعك أو قال لك كذا فادفع إليه لم يصح، لانه توكيل مجهول فلا يبرأ بالدفع إليه.(7/827)
وفي الوهبانية: ومن قال أعط المال قابض خنصر فأعطاه لم يبرأ وبالمال يخسر وبعه وبع بالنقد أو بع لخالد...(7/828)
...فخاله قالوا يجوز التغير وفي الدفع قل قول الوكيل مقدم كذا قول رب الدين والخصم يجبر(7/829)
ولو قبض الدلال مال المبيع كي يسلمه منه وضاع يشطر(7/830)
الدر المختار - الحصفكي ج 8
الدر المختار
الحصفكي ج 8(8/)
حاشية قرة عيون الاخيار تكملة رد المختار على الدر المختار في فقه مذهب للامام أبي حنيفة النعمان لسيدي محمد علاء الدين أفندى نجل المؤلف طبعة جديدة منقحة مصححة إشراف مكتبة البحوث والدراسات الجزء الثامن دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع(8/1)
جميع حقوق اعدة الطبع محفوظة للناشر 1415 ه / 1995 م بيروت لبنان دار الفكر: حارة حريك - شارع عبد النور - برقيا: فكسي - تلكس: 41392 فكر ص.
ب 7061 / 11 - تلفون: 643681 - 838053 - 837898 - دولي: 860962 فاكس: 2124187875 - 001(8/2)
كتاب الدعوى
لا يخفى مناسبتها للوكالة بالخصومة (هي) لغة: قول يقصد به الانسان إيجاب حق على غيره، وألفها للتأنيث فلا تنون، وجمعها دعاوى بفتح الواو كفتوى وفتاوى.
درر.
لكن جزم في المصباح بكسرها أيضا فيهما محافظة على ألف التأنيث.
وشرعا: (قول مقبول) عند القاضي(8/3)
(يقصد به طلب حق قبل غيره) خرج الشهادة والاقرار (أو دفعه) أي دفع الخصم (عن حق نفسه) دخل دعوى دفع التعرض فتسمع به يفتى.
بزازية.(8/4)
بخلاف دعوى قطع النزاع فلا تسمع.
سراجية.
وهذا إذا أريد بالحق في التعريف الامر الوجودي، فلو أريد ما يعم الوجودي والعدمي لم يحتج لهذا القيد (والمدعي(8/5)
من إذا ترك) دعواه (ترك) أي لا يجبر عليها (والمدعى عليه بخلافه) أي يجبر عليها، فلو في البلدة قاضيان كل في محلة فالخيار للمدعى عليه، عند محمد: به يفتى.
بزازية.
ولو القضاة في المذاهب(8/6)
الاربعة على الظاهر(8/7)
وبه أفتيت مرارا.
بحر.
قال المصنف: ولو الولاية لقاضيين فأكثر على السواء فالعبرة للمدعي.
نعم لو أمر السلطان بإجابة المدعى عليه لزم اعتباره لعزله بالنسبة إليها كما مر مرارا.
قلت: وهذا الخلاف فيما إذا كان كل قاض على محلة على حدة، أما إذا كان في المصر حنفي وشافعي ومالكي وحنبلي في مجلس واحد والولاية واحدة فلا ينبغي أن يقع الخلاف في إجابة المدعي، لما أنه صاحب الحق، كذا بخط المصنف على هامش البزازية، فليحفظ.
(وركنها إضافة الحق إلى نفسه) لو أصيلا كلي عليه كذا (أو) إضافته (إلى من ناب) المدعي(8/8)
(منابه) كوكيل وصي (عند النزاع) متعلق بإضافة الحق (وأهلها العاقل المميز) ولو وصيا لو مأذونا في الخصومة وإلا لا أشباه.(8/9)
(وشرطها)(8/10)
أي شرط جواز الدعوى (مجلس القضاء وحضور خصمه)(8/11)
فلا يقضى على غائب وهل يحضره بمجرد الدعوى إن بالمصر أو بحيث يبيت بمنزله؟ نعم، وإلا فحتى يبرهن أو يحلف(8/12)
منية (ومعلومية) المال (المدعي)(8/14)
إذ لا يقضى بمجهول،(8/15)
ولا يقال مدعى فيه وبه إلا أن يتضمن الاخبار.
(و) شرطها أيضا (كونها ملزمة) شيئا على الخصم بعد ثبوتها وإلا كان عبثا (وكون المدعي مما يحتمل الثبوت، فدعوى ما يستحيل وجوده) عقلا أو عادة (باطلة) لتيقن الكذب في المستحيل العقلي، كقوله لمعروف النسب أو لمن لا يولد مثله لمثله هذا ابني، وظهوره في المستحيل العادي كدعوى معروف بالفقر أموالا عظيمة على آخر أنه أقرضه إياها دفعة واحدة أو غصبها منه فالظاهر عدم سماعها.
بحر.
وبه جزم ابن الغرس في الفواكه البدرية.
(وحكمها وجوب الجواب على الخصم) وهو المدعى عليه بلا أو بنعم، حتى لو سكت كان(8/16)
إنكارا فتسمع البينة عليه إلا أن يكون أخرس.
اخيتار.
وسنحققه.
وسببها تعلق البقاء المقدر بتعاطي المعاملات (فلو كان ما يدعيه منقولا في يد الخصم وذكر) المدعي (أنه في يده بغير حق) لاحتمال كونه مرهونا في يده أو(8/17)
محبوسا بالثمن في يده (وطلب) المدعي (إحضاره(8/18)
إن أمكن) فعلى الغريم إحضاره (ليشار إليه في الدعوى والشهادة) والاستخلاف (وذكر المدعي (قيمته إن تعذر) إحضار العين بأن كان في نقلها مؤنة وإن قلت.
ابن كمال معزيا للخزانة(8/19)
(بهلاكها أو غيبتها) لانه مثله معني (وإن تعذر) إحضارها (مع بقائها كوحي وصبرة طعام) وقطيع غنم (بعث القاضي أمينه) ليشار إليها (وإلا) تكن باقية (اكتفى) في الدعوى(8/20)
(بذكر القيمة) وقالوا: لو ادعى أنه غصب منه عين كذا ولم يذكر قيمتها تسمع فيحلف خصمه أو يجبر على البيان.
درر وابن مالك.
ولهذا لو(8/21)
(ادعى أعيانا مختلفة الجنس والنوع والصفة وذكر قيمة الكل جملة كفى ذلك) الاجمال على الصحيح، وتقبل بينته أو يحلف خصمه على الكل مرة (وإن لم يذكر قيمة كل عين على حدة) لانه لما صح دعوى الغصب بلا بيان فلان يصح إذا بين قيمة الكل جملة بالاولى: وقيل في دعوى السرقة: يشترط ذكر القيمة ليعلم كونهما نصابا، فأما في غيرها فلا يشترط.
عمادية.
وهذا كله في دعوى العين لا الدين، فلو (ادعى قيمة شئ مستهلك اشترط بيان جنسه ونوعه) في الدعوى
والشهادة ليعلم القاضي بماذا يقضي.(8/22)
(واختلف في بيان الذكورة والانوثة في الدابة) فشرطه أبو الليث أيضا واختاره في الاختيار وشرط الشهيد بيان السن أيضا.
وتمامه في العمادية (وفي دعوى الايداع لا بد من بيان مكانه)(8/23)
أي مكان الايداع (سواء كان له حمل أو لا، وفي الغصب أن له حمل ومؤنة فلا بد) لصحة الدعوى (من بيانه وإلا) حمل له (لا) وفي غصب غير المثلي يبين قيمته يوم غصبه على الظاهر.
عمادية (ويشترط التحديد في دعوى العقار(8/24)
كما) يشترط (في الشهادة عليه ولو) كان العقار (مشهورا) خلافا لهما (إلا إذا عرف الشهود الدار بعينها فلا يحتاج إلى ذكر حدودها) كما لو ادعى ثمن العقار لانه دعوى الدين حقيقة.
بحر (ولا بد من ذكر بلدة بها الدار ثم المحلة ثم السكة) فيبدأ بالاعم ثم الاخص فالاخص(8/27)
كما في النسب (ويكتفي بذكر ثلاثة) فلو ترك الرابع صح، وإن ذكره وغلط فيه لا ملتقى لان المدعي يختلف به، ثم إنما يثبت الغلط(8/28)
بإقرار الشاهد.
فصولين (وذكر أسماء أصحابها) أي الحدود(8/29)
(وأسماء أنسابهم ولا بد من ذكر الجد) لكل منهم (إن لم يكن) الرجل مشهورا وإلا اكتفى باسمه لحصول المقصود.(8/30)
(و) ذكر (أنه) أي العقار (في يده) ليصير خصما (ويزيد) عليه (بغير حق(8/31)
إن كان) المدعي (منقولا) لما مر (ولا تثبت يده في العقار بتصادقهما، بل لا بد من بينة أو علم قاض) لاحتمال تزويرهما، بخلاف المنقول(8/32)
لمعاينة يده هذا ليس على إطلاقه بل (إذا ادعى) العقار (ملكا مطلقا أما في دعوى الغصب و) دعوى (الشراء) من ذي اليد (فلا) يفتقر لبينة أيضا.
بزازية: (و) ذكر أنه يطالبه به) لتوقفه على طلبه ولاحتمال رهنه أو حبسه بالثمن، وبه استغنى عن زيادة بغير حق(8/33)
فافهم (ولو كان) ما يدعيه (دينا) مكيلا أو موزونا نقدا أو غيره (ذكر وصفه) لانه لا يعرف إلا به (ولا بد في دعوى المثليات من ذكر الجنس والنوع والصفة والقدر وسبب الوجوب) فلو ادعى كر بر دينا عليه ولم يذكر سببا لم تسمع، وإذا ذكر ففي السلم إنما له المطالبة في مكان عيناه(8/34)
وفي نحو قرض وغصب واستهلاك في مكان القرض ونحوه.
بحر.
فليحفظ.(8/35)
(ويسأل القاضي المدعى عليه) عن الدعوى فيقول: إنه ادعى عليك كذا فماذا تقول (بعد صحتها وإلا) تصدر صحيحة (لا) يسأل لعدم وجوب جوابه (فإن أقر) فبها، لان دعوى الفعل كما تصح على ذي اليد تصح على غيره (أو أنكر فبرهن المدعي قضى عليه)(8/37)
بلا طلب المدعي (وإلا) يبرهن (حلفه) الحاكم (بعد طلبه)(8/38)
إذ لا بد من طلبه اليمين في جميع الدعاوى إلا عند الثاني في أربع على ما في البزازية.
قال: وأجمعوا على التحليف بلا طلب في دعوى الدين على الميت (وإذا قال) المدعى عليه (لا أقر ولا(8/39)
أنكر لا يستحلف بل يحبس ليقر أو ينكر) درر.
وكذا لو لزم السكوت بلا آفة عند الثاني:(8/40)
خلاصة.
قال في البحر: وبه أفتيت لما أن الفتوى على قول الثاني فيما يتعلق بالقضاء ا ه.
ثم نقل عن البدائع: الاشبه أنه إنكار فيستحلف قيدنا بتحليف الحاكم، لانهما لو (اصطلحا على أن يحلف عند غير قاضي ويكون بريئا فهو باطل) لان اليمين حق القاضي مع طلب الخصم ولا عبرة ليمين ولا نكول عند غير القاضي (فلو برهن عليه) أي على حقه (يقبل وإلا(8/41)
يحلف ثانيا عند قاض) بزازية.
إلا إذا كان حلفه الاول عنده فيكفي: درر.
ونقل المصنف عن القنية أن التحليف حق القاضي فما لم يكن باستحلافه لم يعتبر (وكذا لو اصطلحا أن المدعي لو حلف فالخصم ضامن) للمال (وحلف) أي المدعي (لم يضمن) الخصم لان فيه تغيير الشرع (واليمير لا ترد على مدع) لحديث البينة على المدعي وحديث الشاهد واليمين ضعيف، بل رده ابن معين بل أنكره الراوي.
عيني.(8/42)
(برهن) المدعي (على دعواه وطلب من القاضي أن يحلف المدعي أنه محق في الدعوى أو على أن الشهود صادقون أو محققون في الشهادة لا يجيبه) القاضي إلى طلبته، لان الخصم لا يحلف مرتين فكيف الشاهد، لان لفظ أشهد عندنا يمين، ولا يكرر اليمين لانا أمرنا بإكرام الشهود، ولذا لو (علم الشاهد أن القاضي يحلفه) ويعمل بالمنسوخ (له الامتناع عن أداء الشهادة) لانه لا يلزمه: بزازية (وبينة الخارج في الملك المطلق) وهو الذي لم يذكر له سبب (أحق من بينة ذي اليد)
لانه المدعي والبينة له بالحديث، بخلاف المقيد بسبب كنتاج ونكاح، فالبينة لذي اليد إجماعا كما(8/43)
سيجئ (وقضى) القاضي (عليه بنكوله مرة) لو نكوله (في مجلس القاضي) حقيقة (بقوله لا أحلف أو) حكما كأن (سكت) وعلم أنه (من غير آفة) كخرس وطرش في الصحيح سراج.
وعرض اليمين ثلاثا، ثم القضاء أحوط (وهلي يشترط القضاء على فور النكول؟ خلاف) درر ولم(8/44)
أر فيه ترجيحا قاله المصنف.
قلت: قدمنا أنه يفترض القضاء فورا إلا في ثلاث (قضى عليه بالنكول ثم أراد أن يحلف لا يلتفت إليه والقضاء على حاله) ماض.
درر.
فبلغت طرق القضاء ثلاثا وعدها في الاشباه سبعا: بينة، وإقرار، ويمين، ونكول عنه، وقسامة وعلم قاض على المرجوح، والسابع قرينة(8/45)
قاطعة كأن ظهر من دار خالية إنسان خائف بسكين متلوث بدم فدخلوها فورا فرأوا مذبوحا لحينه أخذ به إذ لا يمتري أحد أنه قاتله.
(شك فيما يدعى عليه ينبغي أن يرضي خصمه ولا يحلف) تحرزا عن الوقوع في الحرام (وإن أبى خصمه إلا حلفه أن أكبر رأيه أن المدعى مبطل حلف، وإلا) بأن غلب على ظنه أنه محق (لا) يحلف.
بزازية (وتقبل البينة لو أقامها) المدعي وإن قال قبل اليمين لا بينة لي.
سراج.
خلافا لما في شرح المجمع عن المحيط (بعد يمين) المدعي عليه(8/46)
كما تقبل البينة بعد القضاء بالنكول.
خانية (عند العامة) وهو الصحيح لقول شريح: اليمين الفاجرة أحق أن ترد من البينة العادلة، ولان اليمين كالخلف عن البينة فإذا جاء الاصل.
ا ه.
حكم الخلف كأنه لم يوجد أصلا.
بحر.
(ويظهر كذبه بإقامتها) أي البينة (لو ادعاه) أي المال(8/47)
(بلا سبب فحلف) أي المدعى عليه ثم أقامها حتى يحنث في يمينه، وعليه الفتوى.
طلاق الخانية خلافا لاطلاق الدرر (وإن) ادعاه (بسبب فحلف) أنه لا دين عليه (ثم أقامها المدعي على السبب لا) يظهر كذبه لجواز أنه وجد العرض ثم وجد الابراء أو الايفاء، وعليه الفتوى،(8/48)
فصولين وسراج وشمني وغيرهم (ولا تحليف في نكاح)(8/49)
أنكره هو أو هي (ورجعة) جحدها هو أو هي بعد عدة (وفئ) إيلاء أنكره أحدهما بعد المدة (واستيلاد) تدعيه الامة، ولا يتأتى عكسه لثبوته بإقراره(8/50)
(ورق ونسب بأن ادعى مجهول أنه على قنه أو ابنه) وبالعكس (وولاء عتاقة وموالاة ادعاه الاعلى أو الاسفل (وحد ولعان والفتوى على أنه يحلف) المنكر(8/51)
(في الاشياء السبعة) ومن عدها ستة ألحق أمومية الولد بالنسب أو الرق.
والحاصل: أن المفتى به التحليف في الكل إلا في الحدود، ومنها حد قذف ولعان، فلا يمين إجماعا إلا إذا تضمن حقا بأن علق عتق عبده بزنا نفسه فللعبد تحليفه، فإن نكل ثبت العتق لا الزنا (و) كذا (يستحلف السارق)(8/52)
لاجل المال (فإن نكل ضمن ولم يقطع) وإن أقر بها قطع، وقالوا: يستحلف في التعزير كما بسطه في الدرر.
وفي الفصول: ادعى نكاحها فحيلة دفع يمينها أن تتزوج فلا تحلف.
وفي الخانية: لا استحلاف في إحدى وثلاثين مسألة.(8/53)
(النيابة تجري في الاستحلاف لا الحلف) وفرع على الاول بقوله (فالوكيل والوصي والمتولي وأبو الصغير يملك الاستحلاف فله طلب يمين خصمه ولا يحلف) أحد منهم (إلا إذا) ادعى عليه العقد أو (صح إقراره) على الاصيل فيستحلف حينئذ، كالوكيل بالبيع(8/54)
فإن إقراره صحيح على الموكل، فكذا نكوله.
وفي الخلاصة: كل موضع لو أقر لزمه، فإذا أنكره يستحلف إلا في ثلاث ذكرها، والصواب في أربع وثلاثين لما مر عن الخانية، وزاد ستة أخرى في البحر وزاد أربعة عشر في تنوير البصائر حاشية الاشباه والنظائر لابن المصنف، ولولا خشية التطويل لاوردتها كلها.
(التحليف على فعل نفسه يكون على البتات) أي القطع بأنه ليس كذلك (و) التحليف (على فعل غيره) يكون (على العلم) أي أنه لا يعلم أنه كذلك لعدم علمه بما فعل فغيره ظاهرا، اللهم (إلا إذا كان) فعل الغير (شيئا يتصل به) أي بالحاف، وفرع عليه بقوله (فإن ادعى) مشتري العبد (سرقة العبد أو إباقه)(8/55)
وأثبت ذلك (يحلف) البائع (على البتات) مع أنه فعل الغير، وإنما صح باعتبار وجوب تسليمه سليما فرجع إلى فعل نفسه فحلف على البتات لانها آكد، ولذا تعتبر مطلقا، بخلاف العكس، درر عن الزيلعي.(8/56)
وفي شرح المجمع عنه: هذا إذا قال المنكر لا علم لي بذلك، ولو ادعى العلم حلف على البتات كمودع ادعى قبض ربها وفرع على قوله وفعل غيره على العلم بقوله (وإذا ادعى) بكر (سبق الشراء) على شراء زيد ولا بينة (يحلف خصمه) وهو بكر (على العلم) أي أنه لا يعلم أنه اشتراه قبله لما مر (كذا إذا ادعى دينا(8/57)
أو عينا وارث إذا علم القاضي كونه ميراثا أو أقر به المدعي أو برهن الخصم عليه) فيحلف على العلم.
(ولو ادعاهما) أي الدين والعين (الوارث) على غيره (يحلف) المدعى عليه (على البتات) كموهوب وشراء.
درر(8/58)
(و) يحلف (جاحد القود) إجماعا (فإن نكل: فإن كان في النفس حبس حتى يقر أو يحلف، وفيما دونه يقتص) لان الاطراف خلقت وقاية للنفس كالمال فيجري فيها الابتذال خلافا لهما.
(قال المدعي لي بينة حاضرة) في المصر (وطلب يمين خصمه لم يخلف) خلافا لهما، ولو(8/59)
حاضرة في مجلس الحكم لم يحلف اتفاقا، ولو غائبة عن المصر حلف اتفاقا.
ابن ملك.
وقدر في المجتبى الغيبة بمدة السفر (ويأخذ القاضي) في مسألة المتن فيما لا يسقط بشبهة (كفيلا ثقة)(8/60)
يؤمن هروبه.
بحر فليحفظ (من خصمه) ولو وجيها والمال حقيرا في ظاهر المذهب.
عيني (بنفسه ثلاثة أيام) في الصحيح، وعن الثاني إلى مجلسه الثاني وصحح، فإن امتنع من إعطاء(8/61)
(ذلك) الكفيل (لازمه) بنفسه أو أمينه مقدار (مدة التكفيل) لئلا يغيب (إلا أن يكون) الخصم (غريبا) أي مسافرا (ف) يلازم أو يكفل (إلى انتهاء مجلس القاضي) دفعا للضرر حتى لو علم وقت سفره يكفله(8/62)
إليه وينظر في زيه أو يستخير رفقاءه لو أنكر المدعي.
بزازية (قال لا بينة لي وطلب يمينه فحلفه القاضي ثم برهن) على دعواه بعد اليمين (قبل ذلك) البرهان عند الامام (منه) وكذا لو قال المدعي: كل بينة آتي بها فهي شهود زور أو قال: إذا
حلفت فأنت برئ من المال فحلف ثم برهن على الحق قبل.
خانية.
وبه جزم في السراج كما مر (وقيل لا) يقبل قائله محمد كما في العمادية، وعكسه ابن ملك.
وكذا الخلاف لو قال: لو دفع لي ثم أتى بدفع أو قال الشاهد لا شهادة لي ثم شهدوا الاصح القبول لجواز النسيان ثم التذكر كما في الدرر، وأقره المصنف.
(ادعى المديون الايصال فأنكر المدعي) ذلك (ولا بينة له) على مدعاه (فطلب يمينه فقال المدعي: اجعل حقي في الختم ثم استحلفني له ذلك) قنية (واليمين بالله تعالى) لحديث من كان حالفا فليحلف بالله تعالى أو ليذر وهو قول الله.
خزانة وظاهره أنه لو حلفه(8/63)
بغيره لم يكن يمينا ولم أره صريحا.
بحر (لا بطلاق وعتاق) وإن ألح الخصم، وعليه الفتوى.
تتارخانية.
لان التحليف بهما حرام.
خانية (وقيل إن مست الضرورة فوض إلى القاضي) اتباعا(8/64)
للبعض (فلو حلفه) القاضي (به فنكل فقضى عليه) بالمال (لم ينفذ) قضاؤه (على) قول (الاكثر) كذا في خزانة المفتين، وظاهره أنه مفرع على قول الاكثر، أما على القول بالتحليف بهما فيعتبر نكوله ويقضى به، وإلا فلا فائدة، واعتمده المصنف.
قلت: ولو حلف بالطلاق أنه لا مال عليه ثم برهن المدعي على المال إن شهدوا على السبب كالاقراض لا يفرق، وإن شهدوا على قيام الدين يفرق لان السبب لا يستلزم قيام الدين.
وقال محمد في الشهادة على قيام المال: لا يحنث لاحتمال صدقه، خلافا لابي يوسف.
كذا في شرح الوهبانية للشرنبلالي، وقد تقدم(8/65)
(ويغلظ بذكر أوصافه تعالى) وقيده بعضهم بفاسق ومال خطير (والاختيار) فيه (وفي صفته(8/66)
إلى القاضي) ويجتنب العطف كي لا تتكرر اليمين (فلو حلفه بالله ونكل عن التغليظ لا يقضى
عليه به) أي بالنكول، لان المقصود الحلف بالله وقد حصل.
زيلعي (لا) يستحب التغليظ على المسلم (بزمان ولا بمكان) وكذا في الحاوي، وظاهره أنه مباح (ويستحلف اليهودي بالله الذي أنزل التوراة على موسى(8/67)
والنصراني بالله الذي أنزل الانجيل على عيسى، والمجوسي بالله الذي خلق النار) فيغلظ على كل بمعتقده، فلو اكتفى بالله كالمسلم كفى.
اختيار (والوثني بالله تعالى) لانه يقربه وإن عبد غيره، وجزم ابن الكمال بأن الدهرية لا يعتقدونه تعالى.
قلت: وعليه فبماذا يحلفون؟ وبقي تحليف الاخرس(8/68)
أن يقول له القاضي: عليك عهد الله وميثاقه إن كان كذا وكذا، فإذا أومأ برأسه أي نعم صار حالفا، ولو أصم أيضا كتب له ليجيب بخطه إن عرفه، وإلا فإشاراته، ولو أعمى أيضا فأبوه أو وصيه أو من نصبه القاضي.
شرح وهبانية (ولا يحلفون في بيوت عباداتهم) لكراهة دخولها.
بحر (ويحلف القاضي) في دعوى سبب(8/69)
يرتفع (على الحاصل) أي على صورة إنكار المنكر فسره بقوله (أي بالله ما بينكما نكاح قائم و)(8/70)
ما بينكما (بيع قائم وما يجب عليك رده) لو قائما أو بدله لو هالكا (وما هي بائن منك) وقوله (الآن) متعلق بالجميع مسكين (في دعوى نكاح وبيع وغصب وطلاق) فيه لف ونشر لا على السبب: أي بالله ما نكحت وما بعت(8/71)
خلافا للثاني نظرا للمدعى عليه أيضا لاحتمال طلاقه وإقالته (إلا إذ لزم) من الحلف على الحاصل (ترك النظر للمدعي فيحلف) بالاجماع (على السبب) أي على صورته دعوى المدعي (كدعوى
شفعة بالجوار ونفقة مبتوتة والخصم لا يراهما) لكونه شافعيا لصدق حلفه على الحاصل في معتقده(8/73)
فيضرر المدعي.
قلت: ومفاده أنه لا اعتبار بمذهب المدعى عليه، وأما مذهب المدعي ففيه خلاف، والاوجه أن يسأله القاضي هل تعتقد وجوب شفعة الجوار أو لا؟ واعتمده المصنف (وكذا) أي يحلف على السبب إجماعا (في سبب لا يرتفع) برافع بعد ثبوته (كعبد مسلم يدعي) على مولاه (عتقه) لعدم تكرر رقه (و) أما (في الامة) ولو مسلمة (والعبد الكافر) فلتكرر رقهما باللحاق حلف مولاهما (على الحاصل) والحاصل: اعتبار الحاصل إلا لضرر مدع وسبب غير متكرر (وصح فداء اليمين(8/74)
والصلح منه) لحديث ذبوا عن أعراضكم بأموالكم وقال الشهيد: الاحتراز عن اليمين الصادقة واجب.
قال في البحر: أي ثابت بدليل جواز الحلف صادقا (ولا يحلف) المنكر (بعده) أبدا لانه أسقط حقه (و) قيد بالفداء والصلح لان المدعي (لو أسقطه) أي اليمين (قصدا بأن قال: برئت من الحلف أو تركته عليه أو وهبته لا يصح، وله التحليف) بخلاف البراءة عن المال لان التحليف للحاكم.
بزازية.
وكذا إذا اشترى يمينه لم يجز لعدم ركن البيع.
درر.
فرع: استكلف خصمه فقال: حلفتني مرة أن عند حاكم أو محكم وبرهن قبل، وإلا فله(8/75)
تحليفه.
درر.
قلت: ولم أر ما لو قال: إني قد حلفت بالطلاق أني لا أحلف، فليحرر.
باب التحالف(8/76)
لما قدم يمين الواحد ذكر يمين الاثنين (اختلفا) أي المتبايعان (في قدر ثمن) أو وصفه أو
جنسه (أو) في قدر (مبيع حكم لمن برهن) لانه نور دعواه بالحجة (وإن برهنا فلمثبت الزيادة) إذ البينات للاثبات (وإن اختلفا فيهما) أي الثمن والبيع جميعا (قدم برهان البائع(8/77)
لو) الاختلاف (في الثمن وبرهان المشتري لو في المبيع) نظرا لاثبات الزيادة (وإن عجزا) في الصور الثلاث عن البينة فإن رضي كل بمقالة الآخر فبها (و) إن (لم يرض واحد منهما بدعوى الآخر تحالفا) ما لم يكن فيه خيار فيفسخ من له الخيار (وبدأ) بيمين (المشتري) لانه البادئ(8/78)
بالانكار، وهذا (لو) كان (بيع عين بدين وإلا) بأن كان مقايضة أو صرفا (فهو مخير) وقيل يقرع.
ابن ملك.
ويقتصر على النفي في الاصح (وفسخ القاضي) البيع بطلب أحدهما أو بطلبهما ولا ينفسخ بالتحالف(8/79)
ولا يفسخ أحدهما بل بفسخهما.
بحر.
(ومن نكل) منهما (لزمه دعوى الآخر) بالقضاء، وأصله قوله (ص) إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة بعينها تحالفا وترادا وهذا كله لو الاختلاف في البدل مقصودا، فلو في ضمن شئ كاختلافهما في الزق فالقول للمشتري في أنه الزق ولا تحالف، كما لو اختلفا في وصف المبيع كقوله اشتريته على أنه كاتب أو خباز وقال البائع لم أشترط فالقول للبائع ولا تحالف.
ظهيرية (و) قيد باختلافهما في ثمن ومبيع لانه (لا تحالف في غيرهما لكونه لا يختل به قوام العقد نحو (أجل(8/80)
وشرط) رهن أو خيار أو ضمان (وقبض بعض ثمن والقول للمنكر) بيمينه.(8/81)
وقال زفر والشافعي: يتحالفان (ولا) تحالف إذا اختلفا (بعد هلاك المبيع) أو خروجه عن
ملكه أو تعيبه بما لا يرد به(8/82)
(وحلف المشتري) إلا إذا استهلكه في يد البائع غير المشتري، وقال محمد والشافعي: يتحالفان ويفسخ على قيمة الهالك، وهذا لو الثمن دينا، فلو مقايضة تحالفا إجماعا لان المبيع كل منهما ويرد مثل الهالك أو قيمته، كما لو اختلفا في جنس الثمن بعد هلاك السلعة بأن قال أحدهما(8/83)
دراهم والآخر دنانير تحالفا ولزم المشتري رد القيمة.
سراج (ولا) تحالف (بعد هلاك بعضه) أو خروجه عن ملكه كعبدين مات أحدهما عند المشتري بعد قبضهما ثم اختلفا في قدر الثمن لم يتحالفا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى (إلا أن يرضى البائع بترك حصة الهالك) أصلا فحينئذ يتحالفان، هذا على تخريج الجمهور، وصرف مشايخ بلخ الاستثناء إلى يمين المشتري(8/84)
(ولا في) قدر (بدل كتابة) لعدم لزومها (و) قدر (رأس مال بعد إقالة) عقد (السلم) بل القول للعبد والمسلم إليه ولا يعود السلم.
(وإن اختلفا) أي المتعاقدان (في مقدار الثمن بعد الاقالة) ولا بينة (تحالفا)(8/85)
وعاد البيع (لو كان كل من المبيع والثمن مقبوضا ولم يرده المشتري إلى بائعه) بحكم الاقالة (فإن رده إليه بحكم الاقالة لا) تحالف خلافا لمحمد (وإن اختلفا) أي الزوجان (في) قدر (المهر) أو جنسه (قضى لمن أقام البرهان، وإن برهنا فللمرأة إذا كان مهر المثل شاهدا للزوج) بأن كان كمقالته أو أقل (وإن كان شاهدا لها) بأن كان كمقالتها أو أكثر (فبينته أولى) لاثباتها خلاف(8/86)
الظاهر (وإن كان غير شاهد لكل منهما) بأن كان بينهما (فالتهاتر) للاستواء (ويجب مهل المثل) على الصحيح (وإن عجزا) عن البرهان (تحالفا ولم يفسخ النكاح) لتبعية المهر، بخلاف البيع (ويبدأ
بيمينه) لان أول التسليمين عليه فيكون أول اليمينين عليه.
ظهيرية (ويحكم) بالتشديد: أي يجعل(8/87)
(مهر مثلها) حكما لسقوط اعتبار التسمية بالتحالف (فيقضى بقوله لو كان كمقالته أو أقل وبقولها لو كمقالتها أو أكثر وبه لو بينهما) أي بين ما تدعيه ويدعيه.
(ولو اختلفا) أي المؤجر والمستأجر (في) بدل (الاجارة) أو في قدر المدة (قبل الاستيفاء) للمنفعة (تحالفا وترادا) وبدئ بيمين المستأجر لو اختلفا في البدل والمؤجر لو في المدة ولو برهنا فالبينة للمؤجر في البدل وللمستأجر في المدة (وبعده لا والقول للمستأجر) لانه منكر للزيادة (ولو) اختلفا (بعد) التمكن من (استيفاء البعض) من المنفعة (تحالفا وفسخ العقد في الباقي،(8/88)
والقول في الماضي للمتسأجر) لانعقادها ساعة فساعة فكل جزء كعقد بخلاف البيع.
(وإن اختلف الزوجان) ولو مملوكين أو مكاتبين أو صغيرين(8/89)
والصغير يجامع أو ذمية مع مسلم قام النكاح أو لا في بيت لهما أو لاحدهما.
خزانة الاكمل.
لان العبرة لليد لا للملك (في متاع) هو هنا ما كان في (البيت) ولو ذهبا أو فضة (فالقول لكل واحد منهما فيما صلح له مع يمينه) إلا إذا كان كل منهما يفعل أو يبيع ما يصلح للآخر(8/90)
فالقول له لتعارض الظاهرين.
درر وغيرها(8/91)
(والقول له في الصالح لهما) لانها وما في يدها في يده والقول لذي اليد، بخلاف ما يختص بها، لان ظاهرها أظهر من ظاهره وهو يد الاستعمال (ولو أقاما بينة يقضى ببينتها) لانها خارجة.
خانية.
والبيت للزوج إلا أن يكون لها بينة.
بحر.
وهذا لو حيين (وإن مات أحدهما واختلف(8/92)
وارثه مع الحي في المشكل) الصالح لهما (فالقول) فيه (للحي) ولو رقيقا.
وقال الشافعي ومالك: الكل بينهما.
وقال ابن أبي ليلى: الكل له.
وقال الحسن البصري: الكل لها وهي المسبعة.
وعد في الخانية تسعة أقوال (ولو أحدهما مملوكا) ولو مأذونا أو مكاتبا، وقالا والشافعي هما كالحر (فالقول للحر في الحياة وللحي في الموت) لان يد الحر أقوى ولا يد للميت.
(أعتقت الامة) أو المكاتبة أو المدبرة ((8/93)
واختارت نفسها، فما في البيت قبل العتق فهو للرجل، وما بعده قبل أن تختار نفسها فهو على ما وصفناه في الطلاق) بحر وفيه: طلقها ومضت العدة فالمشكل للزوج ولورثته بعده لانها صارت أجنبية لا يد لها ولما ذكرنا أن المشكل للزوج في الطلاق فكذا لوارثه أما لو مات، وهي(8/94)
في العدة فالمشكل لها فكأنه لم يطلقها بدليل إرثها ولو اختلف المؤجر والمستأجر في متاع البيت فالقول للمستأجر بيمينه وليس للمؤجر إلا ما عليه من ثياب بدنه، ولو اختلف إسكافي وعطار في آلات الاساكفة، وآلات العطارين وهي في أيديهما فهي بينهما بلا نظر لما يصلح لكل منهما.
وتمامه في السراج.
(رجل معروف بالفقر والحاجة صار بيده غلام وعلى عنقه بدرة وذلك بداره فادعاه رجل عرف باليسار وادعاه صاحب الدار فهو للمعروف باليسار، وكذا كناس في منزل رجل(8/95)
وعلى عنقه قطيفة يقول) الذي هي على عنقه (هي لي وادعاها صاحب المنزل فيه لصاحب المنزل).
رجلان في سفينة بها دقيق فادعى كل واحد السفينة وما فيها وأحدهما يعرف ببيع الدقيق والآخر يعرف بأنه ملاح، فالدقيق للذي يعرف ببيعه والسفينة لمن يعرف بأنه ملاح عملا
بالظاهر، ولو فيها راكب وآخر ممسك وآخر يجذب وآخر يمدها وكلهم يدعونها فهي بين الثلاثة أثلاثا ولا شئ للماد.
رجل يقود قطارا بل وآخر راكب أن على الكل متاع الراكب فكلها له والقائد أجيره وأن لا شئ عليها فللراكب ما هو راكبه والباقي للقائد، بخلاف البقر والغنم، وتمامه في خزانة الاكمل.(8/96)
فصل في دفع الدعاوى لما قدم من يكون خصما ذكر من لا يكون خصما (قال ذو اليد هذا الشئ) المدعى به منقولا كان أو عقارا (أودعنيه أو أعارنيه أو آجرنيه(8/101)
أو رهننيه زيد الغائب(8/102)
أو غصبته منه) من الغائب (وبرهن عليه) على ما ذكر(8/103)
والعين قائمة لا هالكة وقال الشهود نعرفه باسمه ونسبه أو بوجهه، وشرط محمد معرفته، بوجهه أيضا، فلو حلف لا يعرف فلانا وهو لا يعرفه إلا بوجهه لا يحنث.
ذكره الزيلعي.(8/104)
وفي الشرنبلالية عن خط العلامة المقدسي عن البزازية أن تعويل الائمة على قول محمد ا ه.
فليحفظ.
(دفعت خصومة المدعي) للملك المطلق، لان يد هؤلاء ليست يد خصومة.(8/105)
وقال أبو يوسف: إن عرف ذو اليد بالحيل لا تندفع وبه يؤخذ.
ملتقى.
واختاره في المختار،
وهذه مخمسة كتاب الدعوى لان فيها أقوال خمسة علماء كما بسط في الدرر، أو لان صورها خمس.
عيني وغيره.
قلت: وفيه نظر، إذ الحكم كذلك لو قال وكلني صاحبه بحفظه أو أسكنني فيها زيد الغائب(8/106)
أو سرقته منه أو انتزعته منه أو ضل منه فوجدته.
بحر.
أو هي في يدي مزارعة.
بزازية.
فالصور إحدى عشرة.
قلت: لكن ألحق في البزازية المزارعة بالاجارة أو الوديعة قال فلا يزاد على الخمس، وقد حررته في شرح الملتقى(8/107)
(وإن) كان هالكا أو قال الشهود: أودعه من لا نعرفه أو أقر ذو اليد بيد الخصومة كأن (قال) ذو اليد (اشتريته) أو اتهبته (من الغائب أو) لم يدع الملك المطلق(8/108)
بل ادعى عليه الفعل بأن (قال المدعي غصبته) مني (أو) قال (سرق مني) وبناه للمفعول للستر عليه فكأنه قال سرقته مني بخلاف غصب مني أو غصبه مني فلان الغائب كما سيجئ حيث تندفع وهل تندفع بالمصدر؟ الصحيح لا.
بزازية (وقال ذو اليد) في الدفع (أودعنيه فلان وبرهن عليه لا) تندفع في الكل لما قلنا.(8/109)
(قال في غير مجلس الحكم إنه ملكي ثم قال في مجلسه إنه وديعة عندي) أو رهن (من فلان تندفع مع البرهان على ما ذكر ولو برهن المدعي على مقالته الاولى يجعله خصما ويحكم عليه) لسبق إقرار بمنع الدفع بزازية (وإن قال المدعي اشتريته من فلان) الغائب (وقال ذو اليد أودعنيه فلان ذلك) أي بنفسه فلو بوكيله لم تندفع بلا بينة.
(دفعت الخصومة وإن لم يبرهن) لتوافقهما أن أصل الملك للغائب إلا إذا قال اشتريته ووكلني بقبضه وبرهن، ولو صدقه في الشراء لم يؤمر بالتسليم لئلا يكون قضاء على الغائب بإقراره، وهي عجيبة.
ثم اقتصار الدرر وغيرها على دعوى الشراء قيد اتفاقي، فلذا قال(8/110)
(ولو ادعى أنه له غصبه منه فلان الغائب وبرهن عليه وزعم ذو اليد أن هذا الغائب أودعه عنده اندفعت) لتوافقهما أن اليد لذلك الرجل (ولو كان مكان دعوى الغصب دعوى سرقة لا) تندفع بزعم ذي اليد إيداع ذلك الغائب استحسانا.
بزازية.
وفي شرح الوهبانية للشرنبلالي: لو اتفقا على الملك لزيد وكان يدعي الاجارة منه لم يكن الثاني خصما للاول على الصحيح(8/111)
ولا لمدعي رهن أو شراء، أما المشتري فخصم للكل.
فروع: قال المدعى عليه لي دفع يمهل إلى المجلس الثاني.
صغرى.
للمدعي تحليف مدعي الايداع على البتات.
درر.
وله تحليف المدعي على العلم،(8/112)
وتمامه في البزازية.
وكل بنقل أمته فبرهنت أنه أعتقها قبل للدفع لا للعتق ما لم يحضر المولى.
ابن ملك.(8/113)
باب دعوى الرجلين (تقدم حجة خارج في ملك مطلق)،(8/118)
أي لم يذكر له سبب كما مر (على حجة ذي اليد وإن وقت أحدهما فقط) وقال أبو يوسف: ذو الوقت أحق، وثمرته فيما لو (قال) في دعواه (هذا العبد لي غاب عني(8/119)
منذ شهر وقال ذو اليد لي منذ سنة قضي للمدعي) لان ما ذكره تاريخ غيبة لا ملك فلم يجد التاريخ من الطرفين فقضى ببينة الخارج.
وقال أبو يوسف: يقضي للمؤرخ ولو حالة الانفراد، وينبغي أن يفتى لانه أوفق وأظهر.
كذا في جامع الفصولين وأقره المصنف (ولو برهن خارجان(8/120)
على شئ قضى به لهما، فإن برهنا في) دعوى نكاح سقطا لتعذر الجمع(8/121)
لو حية، ولو ميتة قضى به بينهما، وعلى كل نصف المهر، ويرثان ميراث زوج واحد ولو ولدت يثبت النسب منهما.
وتمامه في الخلاصة (وهي لمن صدقته(8/122)
إذا لم تكن في يد من كذبته ولم يكن دخل) من كذبته (بها) هذا إذا لم يؤرخا (فإن أرخا فالسابق أحق بها) فلو أرخ أحدهما فهي لمن صدقته أو لذي اليد.
بزازية.
قلت: وعلى ما مر عن الثاني ينبغي اعتبار تاريخ أحدهما، ولم أر من نبه على هذا فتأمل(8/123)
(وإن أقرت لمن لا حجة له فهي له، وإن برهن الآخر قضى له، ولو برهن أحدهما وقضى له ثم برهن الآخر لم يقض له إلا إذا ثبت سبقه) لان البرهان مع التاريخ أقوى منه بدونه (كما لم يقض(8/124)
ببرهان خارج على ذي يد ظهر نكاحه، إلا إذ ثبت سبقه) أي إن نكاحه أسبق.
(وإن) ذكرا سبب الملك بأن (برهنا على شراء شئ من ذي يد فلكل(8/125)
نصفه بنصف الثمن) إن شاء (أو تركه) إنما خير لتفريق الصفقة عليه (وإن ترك أحدهما بعدما قضي
لهما لم يأخذ الآخر كله) لانفساخه بالقضاء، فلو قبله فله (وهو) أي ما ادعيا شراءه (للسابق) تاريخا (إن أرخا) فيرد البائع ما قبضه من الآخر إليه.
سراج (و)(8/126)
هو (لذي يد إن لم يؤرخا أو أرخ أحدهما) أو استوى تاريخهما (و) هو (لذي وقت إن وقت أحدهما فقط و) الحال أنه (لا يد لهما) وإن لم يوقتا فقد مر أن لكل نصفه بنصف الثمن (والشراء أحق من هبة(8/127)
وصدقة) ورهن ولو مع قبض وهذا (إن لم يؤرخا، فلو أرخا واتحد المملك فالاسبق أحق) لقوته (ولو أرخت إحداهما فقط فالمؤرخة أولى) ولو اختلف المملك استويا، وهذا فيما لا يقسم اتفاقا.(8/128)
واختلف التصحيح فيما يقسم كالدار، والاصح أن الكل لمدعي الشراء، لان الاستحقاق من قبيل الشيوع المقارن لا الطارئ هبة.
الدرر (والشراء والمهر سواء) فينصف وترجع هي بنصف القيمة، وهو بنصف الثمن أو يفسخ لما مر (هذا إذا لم يؤرخا أو أرخا واستوى تاريخهما، فإن سبق تاريخ أحدهما كان أحق) فيد بالشراء لان النكاح أحق من هبة أو رهن أو صدقة.
عمادية.
والمراد من النكاح(8/129)
المهر كما حرره في البحر مغلطا للجامع.
نعم يستوي النكاح والشراء لو تنازعا في الامة من رجل واحد ولا مرجع فتكون ملكا له منكوحة للآخر، فتدبر.
(ورهن مع قبض أحق من هبة بلا عوض معه) استحسانا، ولو به فهي أحق لانها بيع انتهاء والبيع ولو بوجه أقوى من الرهن، ولو العين معهما استويا ما لم يؤرخا وأحدهما أسبق(8/130)
(وإن برهن خارجان) على ملك مؤرخ(8/131)
(أو شراء مؤرخ من واحد) غير ذي يد (أو) برهن، (خارج على ملك مؤرخ وذو يد على ملك(8/148)
مؤرخ أقدم فالسابق أحق، وإن برهنا على شراء متفق تاريخهما) أو مختلف.
عيني.
وكل يدعي الشراء (من) رجل (آخر أو وقت أحدهما فقط استويا) إن تعدد البائع، وإن اتحد فذو الوقت(8/149)
أحق، ثم لا بد من ذكر المدعى وشهود ما يفيد ملك بائعه إن لم يكن المبيع في يد البائع ولو شهدوا بيده فقولان بزازية (فإن برهن خارج على الملك وذو اليد على الشراء منه)(8/150)
أو برهنا على سبب ملك لا يتكرر (كالنتاج)(8/151)
وما في معناه كنسج لا يعاد وغزل قطن (وحلب لبن وجز صوف) ونحوها، ولو عند بائعه.
درر (فذو اليد أحق) من الخارج إجماعا، إلا إذا ادعى الخارج عليه(8/152)
فعلا كغصب أو وديعة أو إجارة ونحوها في رواية.(8/153)
درر أو كان سببا يتكرر كبناء وغرس ونسج خز وزرع بر ونحوه، أو أشكل على أهل الخبرة فهو للخارج لانه الاصل،(8/154)
وإنما عدلنا عنه بحديث النتاج (وإن برهن كل) من الخارجين أو ذوي الايدي أو الخارج وذي اليد.
عيني (على الشراء من الآخر بلا قوت سقطا وترك المال) المدعى به (في يد من معه) وقال محمد: يقضى للخارج.
قلنا: الاقدام على الشراء، إقرار منه بالملك له، ولو أثبتا قبضا تهاترتا اتفاقا.
درر.(8/155)
(ولا ترجح بزيادة عدد الشهود) فإن الترجيح عندنا بقوة الدليل.
لا بكثرته ثم فرع على هذا الاصل.
بقوله: (فلو أقام أحد المدعيين شاهدين والآخر أربعة فهما سواء)(8/156)
في ذلك (وكذا لا ترجيح بزيادة العدالة) لان المعتبر أصل العدالة ولا حد للاعدلية.
(دار في يد آخر ادعى رجل نصفها وآخر كلها وبرهنا فللاول ربعها والباقي للآخر بطريق المنازعة) وهو أن النصف سالم لمدعي الكل بلا منازعة ثم استوت منازعتهما في النصف الآخر فينصب (وقالا الثلث له والباقي للثاني بطريق العول) لان المسألة كلا ونصفا، فالمسألة من اثنين وتعول إلى ثلاثة.(8/157)
واعلم أن أنواع القسمة أربعة، ما يقسم بطريق العول إجماعا وهو ثمان: ميراث، وديون، ووصية، ومحاباة، ودراهم مرسلة، وسعاية، وجناية رقيق.
وبطريق المنازعة إجماعا: وهو مسألة الفضوليين.(8/158)
وبطريق المنازعة عنده والعول عندهما، وهو ثلاث مسائل: مسألة الكتاب وإذا أوصى لرجل بكل ماله أو بعبد بعينه ولآخر بنصف ذلك.
وبطريق العول عنده والمنازعة عندهما وهو خمس كما بسطه الزيلعي والعيني وتمامه في البحر.(8/159)
والاصل عنده أن القسمة متى وجبت لحق ثابت في عين أو ذمة شائعا فعولية، أو مميزا أو
لاحدهما شائعا وللآخر في الكل فمنازعة.
وعندهما: متى ثبتا معا على الشيوع فعولية وإلا فمنازعة، فليحفظ، ولو (الدار في أيهما فهي للثاني) نصف لا بالقضاء ونصف به لانه خارج،(8/163)
ولو في يد ثلاثة وادعى أحدهم كلها وآخر نصفها وآخر ثلثها وبرهنوا قسمت عنده بالمنازعة وعندهما بالعول، وبيانه في الكافي.(8/164)
ولو برهنا على نتاج دابة) في أيديهما أو أحدهما أو غيرهما (وأرخا قضى لمن وافق سنها تاريخه) بشهادة الظاهر (فلو لم يؤرخا قضى بها لذي اليد(8/165)
ولهما إن في أيديهما أو في يد ثالث، وإن لم يوافقهما) بأن خالف أو أشكل (فلهما إن كانت في أيديهما أو كانا خارجين، فإن في يد أحدهما قضي بها له) هو الاصح.
قلت: وهذا أولى مما وقع في الكنز والدرر والملتقى، فتبصر.(8/166)
(برهن أحد الخارجين على الغصب) من زيد (والآخر على الوديعة) منه (استويا) لانها بالجحد تصير غصبا.
(الناس أحرار) بلا بيان (إلا في) أربع: (الشهادة،(8/167)
والحدود، والقصاص، والقتل) كذا في نسخة المصنف، وفي نسخة: والعقل.
وعبارة الاشباه والدية: وحينئذ (فلو ادعي على مجهول الحال) أحر أم لا (أنه عبده فأنكر وقال: أنا حر الاصل فالقول له) لتمسكه بالاصل (واللابس) للثوب (أحق من آخذ الكم والراكب) أحق (من آخذ(8/168)
اللجام، ومن في السرج من رديفه، وذو حملها ممن علق كوزه بها) لانه أكثر تصرفا.
(والجالس على البساط والمتعلق به سواء) كجالسيه وراكبي سرج (كمن معه ثوب وطرفه مع آخر لا هدبته) أي طرته الغير منسوجة لانها ليست بثوب (بخلاف جالسي دار تنازعا فيها)(8/169)
حيث لا يقضى لهما لاحتمال أنها في يد غيرهما، وهنا علم أنه ليس في يد غيرهما عيني.
(الحائط لمن جذوعه عليه(8/170)
أو متصل به اتصال تربيع) بأن تتداخل أنصاف لبناته في لبنات الآخر،(8/172)
ولو من خشب فبأن تكون الخشبة مركبة في الاخرى لدلالته على أنهما بنيا معا ولذا سمي بذلك لانه حينئذ يبنى مربعا (لا لمن له) اتصال ملازقة أو نقب وإدخال أو (هرادي) كقصب وطبق يوضع على الجذوع (بل) يكون (بين الجارين) لو تنازعا، ولا يخص به صاحب الهرادي بل صاحب الجذع الواحد أحق منه.
خانية.
ولو لاحدهما جذوع وللآخر اتصال فلذي الاتصال(8/173)
وللآخر حق الوضع، وقيل لذي الجذوع.
ملتقى وتمامه في العيني وغيره.(8/174)
وأما حق المطالبة برفع جذوع وضعت تعديا فلا يسقط بإبراء ولا صلح وعفو وبيع وإجارة.
أشباه، من أحكام الساقط لا يعود، فليحفظ.(8/183)
(وذو بيت من دار) فيها بيوت كثيرة (كذي بيوت) منها (في حق ساحتها فهي بينهما نصفين) كالطريق (بخلاف الشرب) إذا تنازعا فيه (فإنه يقدر بالارض) بقدر سقيها.(8/184)
(برهنا) أي الخارجان (على يد) لكل منهما (في أرض قضي بيدهما) فتنصف (ولو برهن
عليه) أي على اليد (أحدهما أو كان تصرف فيها) بأن لبن أو بنى (قضي بيده) لوجود تصرفه.
(ادعى الملك في الحال وشهد الشهود أن هذا العين كان ملكه تقبل) لان ما ثبت في زمان يحكم ببقائه ما لم يوجد المزيل درر.
(صبي يعبر عن نفسه) أي يعقل ما يقول (قال أنا حر فالقول له) لانه في يد نفسه كالبالغ (فإن قال أنا عبد لفلان) لغير ذي اليد (قضي) به (لذي اليد)(8/185)
كمن لا يعبر عن نفسه لاقراره بعدم يده (فلو كبر وادعى الحرية تسمع مع البرهان) لما تقرر أن التناقض في دعوى الحرية لا يمنع صحة الدعوى.(8/186)
باب دعوى النسب الدعوة نوعان: دعوة استيلاد، وهو أن يكون أصل العلوق في ملك المدعي.
ودعوة تحرير، وهو بخلافه.
والاول أقوى لسبقه واستنادها لوقت العلوق واقتصار دعوة التحرير على الحال، وسيتضح.
(مبيعة ولدت لاقل من ستة أشهر منذ بيعت فادعاه) البائع (ثبت نسبه) منه استحسانا(8/188)
لعلوقها في ملكه ومبنى النسب على الخفاء فيعفى فيه التناقض (و) إذا صحت استندت ف (صارت أم ولده فيفسخ البيع ويرد الثمن، و) لكن (إذا ادعاه المشتري(8/189)
قبله ثبت) نسبه (منه) لوجود ملكه وأميتها بإقراره، وقيل يحمل على أنه نكحها ثم استولدها ثم اشتراها.
(ولو ادعاه معه) أي ادعاء البائع (أو بعده لا) لان دعوته تحرير والبائع استيلاد فكان أقوى كما مر (وكذا) يثبت من البائع (لو ادعاه بعد موت الام، بخلاف موت الولد) لفوات الاصل
(ويأخذه) البائع بعد موت أمه(8/190)
(ويسترد المشتري كل الثمن) وقالا حصته (وإعتاقهما) أي إعتاق المشتري الام والولد (كموتهما) في الحكم (والتدبير كالاعتاق) لانه أيضا لا يحتمل الابطال ويرد حصته اتفاقا.
ملتقى وغيره،(8/191)
وكذا حصتها أيضا على الصحيح من مذهب الامام كما في القهستاني والبرهان، ونقله في الدرر والمنح عن الهداية على خلاف ما في الكافي عن المبسوط.
وعبارة المواهب: وإن ادعاه بعد عتقها أو موتها ثبت منه وعليه رد الثمن واكتفيا برد حصته، وقيل: لا يرد حصتها في الاعتاق بالاتفاق ا ه فليحفظ.
(ولو ولدت) الامة المذكورة (لاكثر من حولين من وقت البيع وصدقه المشتري ثبت النسب) بتصديقه (وهي أم ولده) على المعنى اللغوي (نكاحا)(8/192)
حملا لامره على الصلاح.
بقي لو ولدت فيما بين الاقل والاكثر، إن صدقه فحكمه كالاول لاحتمال العلوق قبل بيعه وإلا لا.
ملتقى.
ولو تنازعا(8/193)
فالقول للمشتري اتفاقا، وكذا البينة له عند الثاني خلافا للثالث.
شرنبلالية وشرح مجمع.
وفيه: لو ولدت عند المشتري ولدين أحدهما لدون ستة أشهر والآخر لاكثر ثم ادعى البائع الاول ثبت نسبهما بلا تصديق المشتري.
(من باع ولد عنده ادعاه بعد بيع مشتريه ثبت نسبه) لكون العلوق في ملكه (ورد بيعه) لان البيع يحتمل النقض (وكذا) الحكم (ولو كاتب للولد أو رهنه منه أو آجره(8/194)
أو كاتب الام أو رهنها أو آجرها أو زوجها ثم ادعاه) فيثبت نسبه وترد هذه التصرفات، بخلاف الاعتاق كما مر.
(باع أحد التوأمين المولودين) يعني علقا وولدا (عنده وأعتقه المشتري ثم ادعى البائع) الولد (الآخر ثبت نسبهما وبطل عتق المشتري) بأمر فوقه وهو حرية الاصل لانهما علقا في ملكه،(8/195)
حتى لو اشتراها حبلى لم يبطل عتقه لانها دعوة تحرير فتقتصر عيني وغيره.
وجزم به المصنف.
ثم قال: وحيلة إسقاط دعوى البائع أن يقر البائع أنه ابن عبده فلان فلا تصح دعواه أبدا مجتبى.(8/196)
وقد أفاده بقوله: (قال) عمرو (لصبي معه) أو مع غيره.
عيني (هو ابن زيد) الغائب (ثم قال هو ابني لم يكن ابنه) أبدا (وإن) وصليه (جحد زيد بنوته) خلافا لهما، لان النسب لا يحتمل النقض بعد ثبوته، حتى لو صدقه بعد تكذيبه صح، ولذا لو قال لصبي هذا الولد مني ثم قال ليس مني لا يصح نفيه، لانه بعد الاقرار به لا ينتفي بالنفي فلا حاجة إلى الاقرار به ثانيا،(8/197)
ولا سهو في عبارة العمادي كما زعمه منلا خسرو كما أفاده الشرنبلالي، وهذا إذا صدقه الابن،(8/198)
وأما بدونه فلا إلا إذا عاد الابن إلى التصديق لبقاء إقرار الاب.
(ولو أنكر الاب الاقرار فبرهن عليه الابن قبل وأما الاقرار بأنه أخوه فلا يقبل لانه إقرار على الغير) فروع لو قال لست وارثه ثم ادعى أنه وارثه وبين جهة الارث صح، إذ التناقض في النسب عفو، ولو ادعى بنوة العم لم يصح(8/199)
ما لم يذكر اسم الجد.
ولو برهن أنه أقر أني ابنه تقبل لثبوت النسب بإقراره: ولا تسمع إلا على خصم(8/200)
هو وارث أو دائن أو مديون أو موصي وله لو أحضر رجلا ليدعي عليه حقا لابيه وهو مقر به أولا فله إثبات نسبه بالبينة عند القاضي بحضرة ذلك الرجل.
ولو ادعى إرثا عن أبيه، فلو أقر به أمر بالدفع إليه ولا يكون قضاء على الاب، حتى لو جاء حيا يأخذه من الدافع والدافع على الابن، ولو أنكر قيل للابن برهن على موت أبيك وأنك وارثه ولا يمين، والصحيح تحليفه على العلم بأنه ابن فلان وأنه مات ثم يكلف الابن البينة بذلك.
وتمامه في جامع الفصولين من الفصل السابع والعشرين.
(ولو كان) للصبي (مع مسلم وكافر فقال المسلم هو عبدي وقال الكافر هو ابني فهو حر ابن الكافر) لنيله الحرية حالا والاسلام مآلا،(8/201)
لكن جزم ابن الكمال بأنه يكون مسلما لان حكمه حكم دار الاسلام، وعزاه للتحفة، فليحفظ.
(قال زوج امرأة لصبي معهما هو ابني من غيرها وقالت هو ابني من غيره فهو ابنهما) إن ادعيا معا وإلا ففيه تفصيل ابن كمال.(8/202)
وهذا (ولو غير معبر وإلا) بأن كان معبرا (فهو لمن صدقه) لان قيام أيديهما وفراشهما يفيد أنه منهما.
(ولو ولدت أمة اشتراها فاستحقت غرم الاب قيمة الولد) يوم الخصومة لانه يوم المنع (وهو حر)(8/203)
لانه مغرور، والمغرور من يطأ امرأة معتمدا على ملك يمين أو نكاح فتلد منه ثم تستحق فلذا
قال: (وكذا) الحكم (ولو ملكها بسبب آخر) أي سبب كان.
عيني.
(كما لو تزوجها على أنها حرة فولدت له ثم استحقت) غرم قيمة ولده (فإن مات الولد قبل الخصومة فلا شئ على أبيه) لعدم المنع كما مر (وإرثه له) لانه حر الاصل في حقه فيرثه(8/204)
(فإن قتله أبوه أبو غيره) وقبض الاب من ديته قدر قيمته (غرم الاب قيمته) للمستحق كما لو كان حيا، ولو لم يقبض شيئا لا شئ عليه، وإن قبض أقل لزمه بقدره.
عيني (ورجع بها) أي بالقيمة في الصورتين (ك) - ما يرجع ب (- ثمنها) ولو هالكة (على بائعها) وكذا لو استولدها المشتري الثاني، لكن إنما يرجع المشتري الاول على البائع الاول بالثمن فقط(8/205)
كما في المواهب وغيرها (لا بعقرها) الذي أخذه منه المستحق للزومه باستيفاء منافعها كما مر في بابي المرابحة والاستحقاق مع مسائل التناقض، وغالبها مر في متفرقات القضاء، ويجئ في الاقرار.
فروع: الناقض في موضع الخفاء عفو.(8/206)
لا تسمع الدعوى على غريم ميت(8/208)
إلا إذا وهب جميع ماله لاجنبي وسلمه له فإنها تسمع عليه لكونه زائدا.
لا يجوز للمدعى عليه الانكار مع علمه بالحق إلا في دعوى العيب(8/209)
ليبرهن فيتمكن من الرد، وفي الوصي إذا علم بالدين.
لا تحليف مع البرهان إلا في ثلاث: دعوى دين على ميت واستحقاق مبيع، ودعوى آبق.
الاقرار لا يجامع البينة.(8/210)
إلا في أربع: وكالة ووصاية، وإثبات دين على ميت، واستحقاق عين من مشتر، ودعوى الآبق.(8/211)
لا تحليف على حق مجهول إلا في ست: إذا اتهم القاضي وصي يتيم، ومتولي وقف، وفي رهن مجهول، ودعوى سرقة، وغصب، وخيانة مودع.(8/212)
لا يحلف المدعي إذا حلف المدعى عليه إلا في مسألة في دعوى البحر قال: وهي غريبة يجب حفظها.
أشباه.
قلت: وهي ما لو قال المغصوب منه كانت قيمة ثوبي مائة وقال الغاصب لم أدر ولكنها لا تبلغ مائة صدق بيمينه وألزم ببيانه، فلو لم يبين يحلف على الزيادة ثم يحلف المغصوب منه أيضا أن قيمته مائة، ولو ظهر خبر الغاصب بين أخذه أو قيمته فليحفظ، والله تعالى أعلم.(8/213)
كتاب الاقرار مناسبته أن المدعى عليه(8/216)
إما منكر أو مقر وهو أقرب لغلبة الصدق.
(هو) لغة: الاثبات، يقال قر الشئ: إذا ثبت وشرعا (إخبار(8/217)
بحق عليه) الغير (من وجه إنشاء من وجه) قيد بعليه،(8/218)
لانه لو كان لنفسه يكون دعوى لا إقرار.
ثم فرع على كل من الشبهين فقال: (فا) لموجه (الاول) وهو الاخبار (صح إقراره بمال(8/219)
مملوك للغير) ومتى قر بملك الغير (يلزمه تسليمه إلى المقر له إذا ملكه) برهة من الزمان لنفاده على نفسه، ولو كان إنشاء لما صح لعدم وجود الملك.
وفي الاشباه: أقر بحرية عبد ثم شراه عتق عليه ولا يرجع بالثمن أو بوقفية دار ثم شراها أو ورثها صارت وقفا مؤاخذة له بزعمه (ولا يصح إقراره بطلاق وعتاق مكرها) ولو كان إنشاء لصح لعدم التخلف.(8/220)
(وصح إقرار العبد المأذون بعين في يده والمسلم بخمر وبنصف داره مشاعا والمرأة بالزوجية من غير شهود) ولو كان إنشاء لما صح (ولا تسمع دعواه عليه) بأنه أقر له (بشئ) معين (بناء على الاقرار) له بذلك، به يفتى، لانه إخبار يحتمل الكذب، حتى لو أقر كاذبا لم يحل له لان الاقرار ليس سببا للملك.
نعم لو سلمه برضاه كان ابتداء هبة وهو الاوجه.
بزازية (إلا أن يقول) في دعواه (هو ملكي) وأقر لي به أو يقول لي عليه كذا وهكذا أقر به فتسمع إجماعا، لانه لم(8/221)
يجعل الاقرار سببا للوجوب، ثم لو أنكر الاقرار هل يحلف؟ الفتوى أنه لا يحلف على الاقرار بل على المال، وأما دعو الاقرار في الدفع فتسمع عند العامة (ول) وجه (الثاني) وهو الانشاء (لو رد) المقر له (إقراره ثم قبل لا يصح) ولو كان إخبار لصح وأما بعد القبول فلا يرتد بالرد، ولو أعاد المقر إقراره فصدقه لزمه(8/222)
لانه إقرار آخر، ثم لو أنكر إقراره الثاني لا يحلف ولا تقبل عليه بينة.
قال البديع: والاشبه قبولها، واعتمده ابن الشحنة وأقره الشرنبلالي (والملك الثابت به) بالاقرار (لا يظهر في حق الزوائد المستهلكة فلا يملكها المقر له) ولو إخبارا لملكها.(8/223)
(أقر حر مكلف) يقظان طائعا (أو عبد) أو صبي معتوه (مأذون) لهم إن أقروا بتجارة كإقرار محجور بحد وقود وإلا فبعد عتقه ونائم ومغمى عليه كمجنون، وسيجئ السكران ومر المكره (بحق معلوم أو مجهول صح) لان جهالة المقر به لا تضر إلا إذا بين سببا تضره الجهالة كبيع وإجارة.(8/224)
وأما جهالة المقر فتضر كقوله لك على أحدنا ألف درهم لجهالة المقضي عليه، إلا إذا جمع بين نفسه وعبده فيصح، وكذا تضر جهالة المقر له إن فحشت كالواحد من الناس علي كذا وإلا لا، كلاحد هذين علي كذا فيصح ولا يجبر على البيان(8/225)
لجهالة المدعي.
بحر.
ونقله في الدرر لكن باختصار مخل كما بينه عزمي زاده(8/226)
(ولزمه بيان ما جهل)(8/227)
كشئ وحق (بذي قيمة) كفلس وجوزة لا بما لا قيمة له كحبة حنطة وجلد ميتة وصبي حر لانه رجوع فلا يصح (والقول المقر مع حلفه) لانه المنكر (إن ادعى المقر له أكثر منه) ولا بينة (ولا يصدق في أقل من درهم في علي مال ومن النصاب) أي نصاب الزكاة في الاصح اختيار.
وقيل: إن المقر فقيرا فنصاب السرقة وصحح (في مال عظيم)(8/228)
لو بينه (من الذهب أو الفضة ومن خمس وعشرين من الابل) لانها أدنى نصاب يؤخذ من جنسه (ومن قدر النصاب قيمة في غير مال الزكاة ومن ثلاثة نصب في أموال عظام) ولو فسره بغير مال الزكاة اعتبر قيمتها كما مر (وفي دراهم ثلاثة و) في (دراهم) أو دنانير أو ثياب (كثيرة عشرة) لانها نهاية اسم الجمع (وكذا درهما درهما)(8/229)
على المعتمد ولو خفضه لزمه مائة درهم، وفي دريهم أو درهم عظيم درهم، والمعتبر الوزن المعتاد إلا بحجة.
زيلعي.
وكذا كذا درهما (أحد عشر وكذا وكذا أحد وعشرون) لان نظيره بالواو أحد وعشرون(8/230)
(ولو ثلث بلا واو فأحد عشر) إذ لا نظير له فحمل على التكرار (ومعها فمائة وأحد وعشرون وإن ربع) مع الواو (زيد ألف) ولو خمس زيد عشرة آلاف ولو سدس زيد مائة ألف ولو سبع زيد ألف ألف وهكذا يعتبر نظيره أبدا.
(و) لو قال له (علي أو) له (قبلي) فهو (إقرار بدين) لان على للايجاب وقبلي للضمان غالبا (وصدق وإن وصل به هو وديعة)(8/231)
لانه يحتمله مجازا (وإن فصل لا) يصدق لتقرره بالسكوت (عندي أو معي أو في بيتي أو) في (كيسي أو) في (صندوقي) إقرار بال (أمانة) عملا بالعرف (جميع ما) لي أو ما (أملكه له) أو له من ما لي أو دراهمي كذا فهو (هبة لا إقرار) ولو عبر بفي مالي أو بفي دراهمي كان إقرارا بالشركة (فلا بد) لصحة الهبة (من التسليم) بخلاف الاقرار، والاصل أنه متى أضاف المقر به إلى ملكه كان هبة(8/232)
ولا يرد ما في بيتي لانها إضافة نسبة لا ملك، ولا الارض التي حدودها كذا لطفلي فلان فإنه(8/233)
هبة وإن لم يقبضه لانه في يده إلا أن يكون مما يحتمل القسمة فيشترط قبضه مفرزا ا ه.
للاضافة تقديرا بدليل قول المصنف أقر لآخر بمعين ولم يضفه، لكن من المعلوم لكثير من الناس أنه ملكه فهل يكون إقرارا أو تمليكا؟ ينبغي الثاني فيراعى فيه شرائط التمليك، فراجعه.(8/234)
(قال لي عليك ألف فقال اتزنه أو انتقده أو أجلني به أو قضيتك إياه أو أبرأتني منه أو تصدقت به علي أو وهبته لي أو أحلتك به على زيد) ونحو ذلك (فهو إقرار له بها) لرجوع الضمير إليها في كل ذلك عزمي زاده فكان جوابا، وهذا إذا لم يكن على سبيل الاستهزاء، فإن كان وشهد الشهود بذلك لم يلزمه شئ، أما لو ادعى الاستهزاء لم يصدق (وبلا(8/235)
ضمير) مثل اتزان الخ، وكذا نتحاسب أو ما استقرضت من أحد سواك أو غيرك أو قبلك أو بعدك (لا) يكون إقرار لعدم انصرافه إلى المذكور فكان كلاما مبتدأ.
والاصل أن كل ما يصلح جوابا لا ابتداء يجعل جوابا، وما يصلح للابتداء لا للبناء أو يصلح لهما يجعل ايتداء لئلا يلزمه المال بالشك اختيار.
وهذا إذا كان الجواب مستقلا، فلو غير مستقل كقوله نعم كان إقرارا مطلقا، حتى لو قال(8/236)
أعطني ثوب عبدي هذا أو افتح لي باب داري هذه أو جصص لي داري هذه أو أسرج دابتي هذه أو أعطني سرجها أو لجامها فقال نعم كان إقرارا منه بالعبد والدار والدابة.
كافي.
(قال أليس لي عليك ألف فقال بلى فهو إقرار له بها، وإن قال نعم لا) وقيل نعم لان الاقرار يحمل على العرف لا على دقائق العربية.
كذا في الجوهرة.
والفرق أن بلى جواب الاستفهام المنفي بالاثبات، ونعم جوابه بالنفي (والايماء بالرأس) من الناطق (ليس بإقرار بمال(8/237)
وعتق وطلاق وبيع ونكاح وإجارة وهبة، بخلاف إفتاء ونسب وإسلام وكفر) وأمام كافر وإشارة محرم لصيد والشيخ برأسه في رواية الحديث ولطلاق في أنت طالق هكذا وأشار بثلاث(8/238)
إشارة، الاشباه.
اليمين كحلفه لا يستخدم فلانا أو لا يظهر سره أو لا يدل عليه وأشار حنث.
عمادية.
فتحرر بطلان إشارة الناطق إلا في تسع فليحفظ.(8/239)
(وإن أقر بدين مؤجل وادعى المقر له حلوله لزمه) الدين (حالا) وعند الشافعي رضي الله عنه مؤجلا بيمينه (كإقراره بعبد في يده أنه لرجل وإنه استأجره منه) فلا يصدق في تأجيل وإجارة لانه دعوى بلا حجة (و) حينئذ (يستحلف المقر له فيهما، بخلاف ما لو أقر بالدراهم السود فكذبه في صفتها) حيث (يلزمه ما أقر به فقط) لان السود نوع والاجل عارض لثبوته بالشرط والقول للمقر في النوع وللمنكر في العوارض (كإقرار الكفيل بدين مؤجل) فإن القول(8/243)
له في الاجل لثبوته في كفالة المؤجل بلا شرط (وشراؤه) أمة (متنقبة إقرار بالملك للبائع كثوب في جراب وكذا الاستيام والاستيداع) وقبول الوديعة.
بحر.
(والاعارة والاستيهاب والاستئجار)(8/244)
ولو من وكيل، فكل ذلك إقرار بملك ذي اليد(8/245)
فيمنع دعواه لنفسه ولغيره بوكالة أو وصاية للتناقض، بخلاف إبرائه عن جميع الدعاوى ثم الدعوى بهما لعدم التناقض.
ذكره في الدرر قبيل الاقرار، وصححه في الجامع(8/246)
خلافا لتصحيح الوهبانية، ووفق شارحها الشرنبلالي بأنه إن قال بعني هذا كان إقرار، وإن قال أتبيع هذا لا يؤيده مسألة كتابته وختمه على صك البيع فإنه ليس بإقرار بعدم ملكه(8/247)
(و) له علي (مائة ودرهم كلها دراهم) وكذا المكيل والموزون(8/248)
استحسانا (وفي مائة وثوب ومائة وثوبان يفسر المائة) لانها مبهمة (وفي مائة وثلاثة أثواب كلها ثياب) خلافا للشافعي رضي الله عنه.
قلنا: الاثواب لم تذكر بحرف العطف فانصرف التفسير إليهما لاستوائهما في الحاجة إليه (والاقرار بدابة في اصطبل تلزمه) الدابة (فقط) والاصل أن ما يصلح ظرفا إن(8/249)
لزماه أمكن نقله وإلا لزمه المظروف فقط خلافا لمحمد، وإن لم يصلح لزم الاول فقط كقوله درهم في درهم درر.
قلت: ومفاده أنه لو قال دابة في خيمة لزماه، ولو قال ثوب في درهم لزمه الثوب، ولم أره فليحرر (وبخاتم) تلزمه (حلقته وفصه) جميعا (وبسيف جفنه)(8/250)
وحمائلة ونصله (وبحجلة) بحاء فجيم بيت مزين بستور وسرر (للعيدان والكسوة) وبتمر في قوصرة أو بطعام (في جوالق أو) في (سفينة أو ثوب في منديل أو) في (ثوب يلزمه الظرف كالمظروف) لما قدمناه (ومن قوصرة) مثلا (لا) تلزمه القوصرة ونحوها (كثوب في عشرة وطعام في بيت)(8/251)
فيلزمه المظروف فقط لما مر، إذ العشرة لا تكون ظرفا لواحد عادة (وبخمسة في خمسة وعنى) معنى على أو (الضرب خمسة) لما مر وألزمه زفر بخمسة وعشرين (وعشرة إن عنى مع) كما مر في الطلاق (ومن درهم إلى عشرة أو ما بين درهم إلى عشرة(8/252)
تسعة) لدخول الغاية الاولى ضرورة، إذ لا وجود لما فوق الواحد بدونه بخلاف الثانية وما بين الحائطين.
فلذا قال (و) في له (كر حنطة إلى كر شعير لزماه) جميعا (إلا قفيزا) لانه الغاية الثانية (ولو(8/253)
قال له علي عشرة دراهم إلى عشرة دنانير يلزمه الدراهم وتسعة دنانير) عند أبي حنيفة رضي الله عنه لما مر.
نهاية (وفي) له (من داري ما بين هذا الحائط إلى هذا الحائط له ما بينهما) فقط لما مر (وصح الاقرار بالحمل المحتمل وجوده وقته) أي وقت الاقرار(8/254)
بأن تلد لدون نصف حول لو مزوجة أو لدون حولين لو معتدة لثبوت نسبه (ولو) الحمل (غير آدمي) ويقدر بأدنى مدة يتصور ذلك عند أهل الخبرة.
زيلعي.
لكن في الجوهرة: أقل مدة حمل الشاة أربعة أشهر، وأقلها لبقية الدواب ستة أشهر (و) صح (له إن بين) المقر (سببا صالحا) يتصور للحمل (كالارث والوصية) كقوله مات أبوه فورثه أو أوصى له به فلان فيجوز، وإلا فلا كما يأتي (فإن ولدته حيا لاقل من نصف حول) مذ أقر (فله ما أقر وإن ولدت حيين فلهما) نصفين ولو أحدهما ذكرا والآخر أنثى فكذلك في الوصية، بخلاف الميراث (وإن ولدت ميتا ف) - يرد(8/255)
(لورثة) ذلك (الموصى والمورث) لعدم أهلية الجنين (وإن فسره به) - ما لا يتصور كهبة أو (بيع أو إقراض أو أبهم الاقرار) ولم يبين سببا (لغا) وحمل محمد المبهم على السبب الصالح، وبه قال الثلاثة.(8/256)
(و) أما (الاقرار للرضيع) فإنه (صحيح وإن بين) المقر (سببا غير صالح منه حقيقة كالاقراض) أو ثمن مبيع (لان) هذا (المقر محل لثبوت الدين) للصغير في الجملة أشباه.
(أقر بشئ على أنه بالخيار) ثلاثة أيام (لزمه بلا خيار) لان الاقرار إخبار فلا يقبل الخيار(8/257)
(وإن) وصلية (صدقه المقر له) في الخيار لم يعتبر تصديقه (إلا إذا أقر بعقد) بيع (وقع بالخيار له) فيصح باعتبار العقد إذا صدقه أو برهن، فلذا قال (إلا أن يكذبه المقر له) فلا يصح لانه منكر والقول له (كإقراره بدين بسبب كفالة على أنه بالخيار في مدة ولو) المدة (طويلة) أو قصيرة فإنه يصح إذا صدقه،(8/258)
لان الكفالة عقد أيضا بخلاف ما مر لانه أفعال لا تقبل الخيار زيلعي.
(الامر بكتابة الاقرار إقرار حكما) فإنه كما يكون باللسان يكون بالبنان، فلو قال للصكاك اكتب خط إقراري بألف علي أو اكتب بيع داري أو طلاق امرأتي(8/259)
صح كتب أم لم يكتب، وحل الصكاك أن يشهد إلا في حد وقود.
خانية.
وقدمنا في الشهادات عدم اعتبار مشابهة الخطين.
(أحد الورثة أقر بالدين) المدعى به على مورثه وجحده الباقون(8/260)
(يلزمه) الدين (كله) يعني إن وفى ما ورثه به.
برهان وشرح مجمع (وقيل حصته) واختاره أبو الليث دفعا للضرر، ولو شهد هذا المقر مع آخر أن الدين كان على الميت قبلت، وبهذا علم أنه لا يحل الدين في نصيبه بمجرد إقراره بل بقضاء القاضي عليه بإقراره، فلتحفظ هذه الزيادة درر.(8/261)
(أشهد على ألف في مجلس وأشهد رجلين آخرين في مجلس آخر) بلا بيان السبب (لزم) المالان.(8/262)
(الفان) كما لو اختلف السبب، بخلاف ما لو اتحد السبب أو الشهود أو أشهد على صك واحد أو أقرعند الشهود ثم عند القاضي أو بعكسه ابن ملك والاصل أن المعرف أو المنكر إذا أعيد
معرفا كان الثاني عين الاول، أو منكرا فغيره،(8/263)
ولو نسي الشهود أفي موطن أم موطنين فهما مالان ما لم يعلم اتحاده، وقيل واحد.
وتمامه في الخانية.(8/264)
(أقر ثم ادعى) المقر (أنه كاذب في الاقرار يحلف المقر له أن المقر لم يكن كاذبا في إقراره) عند الثاني، وبه يفتى: درر (وكذا) الحكم يجري (لو ادعى وارث المقر)(8/265)
فيحلف (وإن كانت الدعوى على ورثة المقر له فاليمين عليهم بالعلم أنا لا نعلم أنه كان كاذبا) صدر الشريعة.
باب الاستثناء وما في معناه في كونه مغيرا كالشرط ونحوه(8/266)
(هو) عندنا (تكلم بالباقي بعد الثنيا باعتبار الحاصل من مجموع التركيب ونفى إثبات(8/267)
باعتبار الاجزاء) فالقائل له علي عشرة إلا ثلاثة له عبارتان مطولة، وهي ما ذكرناه، ومختصرة وهي أن يقول ابتداء: له علي سبعة، وهذا معنى قولهم تكلم بالباقي بعد الثنيا: أي بعد الاستثناء.
(وشرط فيه الاتصال بالمستثنى منه) إلا لضرورة (كنفس أو سعال أو أخذ فم) به يفتى (والنداء بينهما لا يضر) لانه للتنبيه والتأكيد (كقوله لك علي ألف درهم) يا فلان إلا عشرة،(8/268)
بخلاف لك علي ألف فاشهدوا (إلا كذا ونحوه) مما يعد فاصلا لان الاشهاد يكون بعد تمام
الاقرار فلم يصح الاستثناء (فمن استثنى بعض ما أقر به صح) استثناؤه ولو الاكثر عند الاكثر (ولزمه الباقي) ولو مما لا يقسم كهذا العبد لفلان إلا ثلثه أو صح على المذهب.
(و) الاستثناء (المستغرق باطل ولو فيما يقبل الرجوع كوصية) لان استثناء الكل ليس برجوع بل هو استثناء فاسد(8/269)
هو الصحيح.
جوهرة وهذا (إن كان) الاستثناء (ب) - عين (لفظ لصدر أو مساوية) كما يأتي (وإن بغيرهما كعبيدي أحرار إلا هؤلاء، أو إلا سالما وغانما وراشدا) ومثله نسائي طوالق إلا هؤلاء، أو إلا زينب وعمرة وهند (وهم الكل صح) الاستثناء، وكذا ثلث مالي لزيد إلا ألفا والثلث ألف صح فلا يستحق شيئا، إذ الشرط إيهام البقاء لا حقيقة حتى لو طلقها ستا إلا أربعا صح ووقع ثنتان (كما صح استثناء الكيلي والوزني والمعدود الذي لا تتفاوت آحاده كالفلوس والجوز من(8/270)
الدارهم والدنانير ويكون المستثنى القيمة) استحسانا لثبوتها في الذمة فكانت كالثمنين.
(وإن استغرقت) القيمة (جميع ما أقر به) لاستغراقه بغير المساوي (بخلاف) له علي (دينار إلا مائة درهم لاستغراقه بالمساوي) فيبطل لانه استثنى الكل.
بحر.
لكن في الجوهرة وغيرها: علي مائة درهم إلا عشرة دنانير وقيمتها مائة أو أكثر لا يلزمه(8/271)
شئ، فيحرر (وإذا استثنى عددين بينهما حرف الشك كان الاقل مخرجا نحو له علي ألف درهم إلا مائة) دهرم (أو خمسين) درهما فيلزمه تسعمائة وخمسون على الاصح.
بحر (وإذا كان المستثنى مجهولا ثبت الاكثر نحو له علي مائة درهم إلا شيئا أو) إلا (قليلا أو) إلا (بعضا لزمه أحد(8/272)
وخمسون) لوقوع الشك في المخرج فيحكم بخروج الاقل.
(ولو وصل إقراره بإن شاء الله تعالى) أو فلان أو علقه بشرط على خطر لا بكإن،(8/273)
كإن مت فإنه ينجز (بطل إقراره) بقي لو ادعى المشيئة هل يصدق؟ لم أره، وقدمنا في الطلاق أن المعتمد لا، فليكن الاقرار كذلك لتعلق حق العبد.
قاله المصنف.(8/274)
(وصح استثناء البيت من الدار لا استثناء البناء) منهما لدخوله تبعا فكان وصفا، واستثناء الوصف لا يجوز (وإن قال بناؤها لي وعرصتها لك فكما قال) لان العرصة هي البقعة لا البناء، حتى لو قال وأرضها لك كان له البناء أيضا لدخوله تبعا، إلا إذا قال بناؤها لزيد والارض لعمرو فكما قال.(8/275)
(و) استثناء (فص الخاتم ونخلة البستان(8/276)
وطوق الجارية كالبناء) فيما مر (وإن قال) مكلف (له علي ألف من ثمن عبد ما قبضته) الجملة صفة عبد وقوله (موصولا) بإقراره حال منها ذكره في الحاوي، فليحفظ (وعينه) أي عين العبد وهو في يد المقر له (فإن سلمه إلى المقر لزمه الالف وإلا لا) عملا بالصفة (وإن لم يعين) العبد (لزمه) الالف (مطلقا) وصل أم فصل، وقوله ما قبضته لغو لانه رجوع(8/277)
(كقوله من ثمن خمر أو خنزير أو مال قمار أو حر أو ميتة أو دم) فيلزمه مطلقا (وإن وصل) لانه رجوع (إلا إذا صدقه أو أقام بينة) فلا يلزمه (ولو قال له علي ألف درهم حرام أو ربا فهي لازمة مطلقا) وصل أم فصل لاحتمال حله عنده غيره (ولو قال علي زورا أو باطلا لزمه إن كذبه المقر له وإلا) بأن صدقه (لا) يلزمه.
(والاقرار بالبيع تلجئة) هي أن يلجئك إلى أن تأتي أمرا باطنه على خلاف ظاهره فإنه (علي هذا التفصيل) إن كذبه لزم البيع، وإلا لا (ولو قال له علي ألف درهم زيوف) ولم يذكر السبب (فهي كما قال على الاصح) بحر (ولو قال له علي ألف) من ثمن متاع أو قرض وهي زيوف مثلا(8/278)
لم يصدق مطلقا لانه رجوع، ولو قال (من غصب أو وديعة إلا أنها زيوف أو نبهرجة صدق مطلقا) وصل أم فصل (وإن قال ستوقة أو رصاص فإن وصل صدق وإن فصل لا) لانها دراهم مجازا (وصدق بيمينه (في غصبته) أو أودعني (ثوبا إذا جاء بمعيب) ولا بينة (و) صدق (في له علي ألف) ولو من ثمن متاع مثلا (إلا أنه ينقص كذا) أي الدراهم وزن خمسة لا وزن سبعة (متصلا وإن فصل) بلا ضرورة (لا) يصدق لصحة استثناء القدر لا الوصف كالزيافة (ولو قال) لآخر (أخذت منك ألفا وديعة فهلكت) في يدي بلا تعد (وقال الآخر بل) أخذتها مني (غصبا ضمن) المقر لاقراره بالاخذ(8/279)
وهو سبب الضمان (وفي) قوله أنت (أعطيتنيه وديعة وقال الآخر) بل (غصبته) مني (لا) يضمن بل القول له لانكاره الضمان (وفي هذا كان وديعة) أو قرضا لي (عندك فأخذته) منك (فقال) المقر له (بل هو لي أخذه المقر له) لو قائما، وإلا فقيمته لاقراره باليد له ثم بالاخذ منه وهو سبب الضمان (وصدق من قال آجرت) فلانا (فرسي) هذه (أو ثوبي هذا فركبه أو لبسه) أو أعرته ثوبي أو أسكنته بيتي (ورده أو خاط) فلان (ثوبي هذا بكذا فقبضته) منه وقال فلان بل ذلك لي(8/280)
(فالقول للمقر) استحسانا لان اليد لا في إجارة ضرورية.
بخلاف الوديعة (هذا الالف وديعة فلان لا بل وديعة فلان فالاول للاول وعلى المقر) ألف (مثله للثاني(8/281)
بخلاف هي لفلان لا بل لفلان) بلا ذكر إيداع (حيث لا يجب عليه للثاني شئ) لانه لم يقر بإيداعه، وهذا (إن كانت معينة، وإن كانت غير معينة لزمه أيضا كقوله غصبت فلانا مائة درهم ومائة دينار وكر حنطة لا بل فلانا لزمه لكل واحد منهما كله، وإن كانت بعينها فهي للاول وعليه للثاني مثلها، ولو كان المقر له واحدا يلزمه أكثرهما قدرا وأفضلهما وصفا) نحو له ألف
درهم لا بل ألفان أو ألف درهم جياد لا بل زيو ف أو عكسه (ولو قال الدين الذي لي على فلان) لفلان (أو الوديعة التي عنه فلان) هي (لفلان(8/282)
فهو إقرار له وحق القبض للمقر و) لكن (لو سلم إلى المقر له برئ) خلاصة.
لكنه مخالف لما مر أنه إن أضاف لنفسه كان هبة فيلزم التسليم.
ولذا قال في الحاوي القدسي: ولو لم يسلطه على القبض، فإن قال واسمي في كتاب الدين عارية صح، وإن لم يقله لم يصح.
قال المصنف: وهو المذكور في عامة المعتبرات خلافا للخلاصة، فتأمل عند الفتوى.(8/283)
باب إقرار المريض يعني مرض الموت وحده مر في طلاق المريض، وسيجئ في الوصايا(8/284)
(إقراره بدين لاجنبي نافذ من كل ماله) بأثر عمر ولو بعين فكذلك إلا إذا علم تملكه لها في(8/285)
مرضه فيتقيد بالثلث.
ذكره المصنف في معينه أخر، فليحفظ (والارث عنه ودين الصحة) مطلقا (وما لزمه في مرضه بسبب معروف)(8/287)
ببينة أو بمعاينة قاض (قدم على ما أقر به في مرض موته) ولو المقر به (وديعة) وعند الشافعي الكل سواء (والسبب المعروف) ما ليس بتبرع (كنكاح مشاهد) إن بمهر المثل، أما الزيادة فباطلة وإن جاز النكاح عناية (وبيع مشاهد وإتلاف كذلك) أي مشاهد (و) المريض (ليس له أن يقضي دين بعض الغرماء دون بعض ولو) كان ذلك (إعطاء مهر وإيفاء أجرة)(8/288)
فلا يسلم لهما (إلا) في مسألتين (إذا قضى ما استقرض في مرضه أو نقد ثمن ما اشترى فيه) لو
بمثل القيمة كما في البرهان (وقد علم ذلك) أي ثبت كل منهما (بالبرهان) لا بإقراره للتهمة (بخلاف) إعطاء المهر ونحوه و (ما إذا لم يؤد حتى مات، فإن البائع أسوة للغرماء) في الثمن (إذا لم تكن العين) المبيعة (في يده) أي يد البائع، فإن كانت كان أولى (وإذا أقر) المريض (بدين ثم) أقر (بدين تحاصا وصل أو فصل) للاستواء، ولو أقر بدين ثم وديعة تحاصا،(8/289)
وبعكسه الوديعة أولى (وإبراؤه مديونه وهو مديون غير جائز) أي لا يجوز (إن كان أجنبيا وإن) كان (وارثا فلا) يجوز (مطلقا) سواء كان المريض مديونا أو لا للتهمة، وحيلة صحته أن يقول لا حق لي عليه كما أفاده بقوله (وقوله لم يكن لي على هذا المطلوب شئ) يشمل الوارث وغيره(8/290)
(صحيح قضاء لا ديانة) فترتفع به مطالبة لا مطالبة الآخرة.
حاوي.
إلا المهر فلا يصح على الصحيح.
بزازية: أي لظهور أنه عليه غالبا، بخلاف إقرار البنت في مرضها بأن الشئ الفلاني ملك أبي أو أمي لا حق لي فيه أو أنه كان عندي عارية فإنه يصح لا وتسمع دعوى زوجها فيه(8/291)
كما بسطه في الاشباه قائلا: فاغتنم هذا التحرير فإنه من مفردات كتابي.
(وإن أقر المريض لوارثه) بمفرده أو مع أجنبي(8/294)
بعين أو دين (بطل) خلافا للشافعي رضي الله تعالى عنه ولنا حديث لا وصية لوارث ولا إقرار له بدين (إلا أن يصدقه) بقية (الورثة) فلو لم يكن وارث آخر أو أوصي لزوجته أو هي له صحت الوصية،(8/295)
وأما غيرهما فيرث الكل فرضا وردا فلا يحتاج لوصية شرنبلالية.
وفي شرحه للوهبانية: أقر بوقف لا وارث له فلو على جهة عامة صح تصديق السلطان أو
نائبه، وكذا لو وقف خلافا لما زعمه الطرسوسي فليحفظ (ولو) كان ذلك (إقرارا بقبض دينه) أو غصبه أو رهنه،(8/296)
ونحو ذلك (عليه) أي على وارثه أو عبد وارثه أو مكاتبه لا يصح لوقوعه لمولاه،(8/297)
ولو فعله ثم برئ ثم مات جاز كل ذلك لعدم مرض الموت اختيار، ولو مات المقر له ثم المريض وورثه المقر له من ورثة المريض جاز إقراره كإقراره للاجنبي.
بحر.
وسيجئ عن الصيرفية (بخلاف إقراره له) أي لوارثه (بوديعة مستهلكة) فإنه جائز.
وصورته أن يقول: كانت عندي وديعة لهذا الوارث فاستهلكتها جوهرة.(8/298)
والحاصل: أن الاقرار للوارث موقوف إلا في ثلاث مذكورة في الاشباه منها: إقراره بالامانات كلها.(8/299)
ومنها النفي: كلا حق لي قبل أبي أو أمي، وهي الحلية في إبراء المريض وارثه، ومنه هذا الشئ الفلاني ملك أبي أو أمي كان عندي عارية، وهذا حيث لا قرينة، وتمامه فيها فليحفظ فإنه مهم.(8/300)
(أقر فيه) أي في مرض موته (لوارثه يؤمر في الحال بتسليمه إلى الوارث فإذا مات يرده) بزازية.
وفي القنية: تصرفات المريض نافذة، وإنما ينتقض بعد الموت (والعبرة لكونه وارثا وقت(8/301)
الموت لا وقت الاقرار) فلو أقر لاخيه مثلا ثم ولد له صح الاقرار لعدم إرثه، إلا إذا صار وارثا وقت الموت (بسبب جديد كالتزويج وعقد الموالاة) فيجوز كما ذكره بقوله: (فلو أقر لها) أي لاجنبية (ثم تزوجها صح بخلاف إقراره لاخيه المحجوب) بكفر أو ابن (إذا زال حجبه) بإسلامه أو بموت الابن فلا يصح، لان إرثه بسبب قديم لا جديد (وبخلاف الهبة) لها في مرضه (والوصية لها) ثم تزوجها فلا تصح لان الوصية تمليك بعد الموت وهي حينئذ وارثة.
(أقر فيه أنه كان له على ابنته الميتة عشرة دراهم قد استوفيتها وله) أي للمقر (أن ينكر ذلك(8/302)
صح إقراره) لان الميت ليس بوارث (كما لو أقر لامرأته في مرض موته بدين ثم مات قبله وترك) منها (وارثا) صح الاقرار (وقيل لا) قائله بديع الدين.
صيرفية.
ولو أقر فيه لوارثه ولاجنبي بدين لم يصح خلافا لمحمد.
عمادية (وإن أقر لاجنبي) مجهول نسبه (ثم أقر ببنوته) وصدقه وهو من أهل التصديق (ثبت نسبه) مستندا لوقت العلوق (و) إذا ثبت (بطل إقراره) لما مر(8/303)
ولو لم يثبت بأن كذبه أو عرف نسبه صح الاقرار لعدم ثبوت النسب.
شرنبلالية معزيا للينابيع.
(ولو أقر لمن طلقها ثلاثا) يعني بائنا (فيه) أي في مرض موته (فلها الاقل من الارث والدين) ويدفع لها ذلك بحكم الاقرار لا بحكم الارث، حتى لا تصير شريكة في أعيان التركة شرنبلالية (وهذا إذا) كانت في العدة و (طلقها بسؤالها) فإذا مضت العدة جاز لعدم التهمة.
عزمية (وإن طلقها بلا سؤالها فلها الميراث بالغا ما بلغ، ولا يصح الاقرار لها) لانها وارثة، إذا هو فار، وأهمله أكثر المشايخ لظهوره من كتاب الطلاق (وإن أقر لغلام مجهول النسب) في مولده(8/304)
أو في بلد هو فيها وهما في السن بحيث (يولد مثله لمثله أنه ابنه وصدقه الغلام) لو مميزا وإلا يحتج لتصديقه كما مر، وحينئذ (ثبت نسبه ولو) المقر (مريضا و) إذا ثبت (شارك) الغلام (الورثة) فإن انتفت هذه الشروط يؤاخذ المقر من حيث استحقاق المال، كما لو أقر بأخوة غيره(8/305)
كما مر عن الينابيع.
كذا في الشرنبلالية، فيحرر عند الفتوى (و) الرجل (صح إقراره) أي المريض (بالولد والوالدين) قال في البرهان وإن عليا.
قال المقدسي: وفيه نظر لقول الزيلعي: لو أقر بالجد أو ابن الابن لا يصح، لان فيه حمل النسب على الغير (بالشروط) الثلاثة (المتقدمة) في الابن (و) صح (بالزوجة بشرط خلوها عن زوج وعدته وخلوه) أي المقر (عن أختها) مثلا أو أربع سواها(8/306)
(و) صح (بالمولى) من جهة العتاقة (وإن لم يكن ولاؤه ثابتا من جهة غيره) أي غير المقر (و) المرأة صح (إقرارها بالوالدين والزوج والمولى) الاصل أن إقرار الانسان على نفسه حجة لا على غيره.
قلت: وما ذكره من صحة الاقرار بالام كالاب هو المشهور الذي عليه الجمهور.
وقد ذكر الامام العتابي في فرائضه: أن الاقرار بالام لا يصح، وكذا في ضوء السراج لان النسب للآباء لا للامهات، وفيه حمل الزوجية على الغير فلا يصح ا ه.
ولكن ألحق صحته بجامع الاصالة فكانت كالاب، فليحفظ (و) كذا صح (بالولدان شهدت) امرأة ولو (قابلة)(8/307)
بتعيين الولد، أما النسب فبالفراش شمني.
ولو معتدة جحدت ولادتها فبحجة تامة كما مر في باب ثبوت النسب (أو صدقها الزوج إن كان) لها زوج (أو كانت معتدة) منه (و) صح (مطلقا إن لم تكن كذلك) أي مزوجة(8/308)
ولا معتدة (أو كانت) مزوجة (وادعت أنه من غيره) فصار كما لو ادعاه منها لم يصدق في حقها إلا بتصديقها.
قلت: بقي لو لم يعرف لها زوج غيره لم أره، فيحرر.
(ولا بد من تصديق هؤلاء إلا في الولد إذا كان لا يعبر عن نفسه) لما مر أنه حينئذ كالمتاع (ولو كان المقر عبد الغير اشترط تصديق مولاه) لان الحق له (وصح التصديق) من المقر له (بعد
موت المقر) لبقاء النسب والعدة بعد الموت (إلا تصديق الزوج بعد موتها) مقرة لانقطاع النكاح بموته، ولهذا ليس له غسلها، بخلاف عكسه.(8/309)
(ولو أقر) رجل (بنسب) فيه تحميل (على غيره) لم يقل من غير ولاد كما في الدرر لفساده بالجد وابن الابن كما قال (كالاخ والعلم والجد وابن الابن لا يصح) الاقرار (في حق غيره) إلا ببرهان، ومنه إقرار اثنين كما مر في باب ثبوت النسب فليحفظ.(8/310)
وكذا لو صدقه المقر عليه أو الورثة، وهم من أهل التصديق (ويصح في حق نفسه حتى تلزمه) أي المقر (الاحكام من النفقة والحضانة والارث إذا تصادقا عليه) أي على ذلك الاقرار، لان إقرارهما حجة عليهما (فإن لم يكن له) أي لهذا المقر (وارث غيره مطلقا) لا قريبا كذوي الارحام، ولا بعيدا كمولى الموالاة.
عيني وغيره (ورثه وإلا لا) لان نسبه لم يثبت فلا يزاحم الوارث المعروف، والمراد غير الزوجين لان وجودهما غير مانع.
قاله ابن الكمال.
ثم للمقر أن يرجع عن إقراره لانه وصية من وجه.
زيلعي أي وإن صدقه المقر كما في البدائع،(8/311)
لكن نقل المصنف عن شروح السراجية أن بالتصديق يثبت النسب فلا ينفع الرجوع(8/312)
فليحرر عند الفتوى (ومن مات أبوه فأقر بأخ شاركه في الارث) فيستحق نصف المقر (ولم يثبت نسبه) لما تقرر أن إقراره مقبول في حق نفسه فقط.
قلت: بقي لو أقر الاخ(8/313)
بابن هل يصح؟ قال الشافعية: لا لان ما أدى وجوده إلى نفيه انتفى من أصله ولم أره وئمتنا صريحا، وظاهر كلامهم نعم، فليراجع.(8/314)
(وإن ترك) شخص (ابنين وله على آخر مائة فأقر أحدهما بقبض أبيه خمسين منها فلا شئ للمقر) لان إقراره ينصرف إلى نصيبه (وللآخر خمسون) بعد حلفه أنه لا يعلم أن أباه قبض شطر المائة.
قاله الاكمل.
قلت: وكذا الحكم لو أقر أن أباه قبض كل الدين لكنه هنا يحلف لحق الغريم زيلعي.(8/315)
فصل في مسائل شتى (أقرت الحرة المكلفة بدين) لآخر (فكذبها زوجها صح) إقرارها (في حقه أيضا) عند أبي حنيفة (فتحبس) المقرة (وتلازم) وإن تضرر الزوج، وهذه إحدى المسائل الست الخارجة من قاعدة(8/316)
الاقرار حجة قاصرة على المقر، ولا يتعدى إلى غيره وهي في الاشباه.
وينبغي أن يخرج أيضا من كان في إجارة غيره فأقر لآخر بدين فإن له حبسه وإن تضرر المستأجر، وهي واقعة الفتوى ولم نرها صريحة (وعندهما لا) تصدق في حق الزوج فلا تحبس ولا تلازم درر.
قلت: وينبغي أن يعول على قولهما إفتاء وقضاء، لان الغالب أن الاب يعلمها الاقرار له أو لبعض أقاربها ليتوصل بذلك إلى منعها بالحبس عنده عن زوجها كما وقفت عليه مرارا حين ابتليت بالقضاء.
كذا ذكره المصنف.
(مجهولة النسب أقرت بالرق لانسان) وصدقها المقر له (ولها زوج وأولاد منه) أي الزوج (وكذبها) زوجها (صح في حقها خاصة) فولد علق بعد الاقرار(8/317)
رقيق خلافا لمحمد (لا في حقه) يرد عليه انتقاص صلاقها كما حققه في الشرنبلالية (وحق الاولاد).
وفرع على حقه بقوله: (فلا يبطل النكاح) وعلى حق الاولاد.
بقوله: (وأولاد حصلت قبل
الاقرار وما في بطنها وقته أحرار) لحصولهم قبل إقرارها بالرق (مجهول النسب حرر عبده ثم أقر بالرق لانسان وصدقه) المقر له (صح) إقراره (في حقه) فقط (دون إبطال العتق فإن مات العتيق(8/318)
يرثه وارثه إن كان) له وارث يستغرق التركة (وإلا فيرث) الكل أو الباقي.
كافي وشرنبلالية.
(المقر له قال مات المقر ثم العتيق فإرثه لعصبة المقر) ولو جنى هذا العتيق سعى في جنايته لانه لا عاقلة له، ولو جتى عليه يجب أرش البعد وهو كالمملوك في الشهادة لان حريته بالظاهر، وهو يصلح للدفع لا للاستحقاق.
(قال) رجل لآخر (لي عليك ألف فقال) في جوابه (الصدق أو الحق أو اليقين أو نكر).(8/319)
كقوله: (حقا ونحوه) (أو كرر لفظ الحق أو الصدق) كقوله: الحق الحق أو حقا حقا (ونحوه أو قرن بها البر).
كقوله: البر حق أو الحق بر الخ (فإقرار، ولو قال الحق حق أو الصدق صدق أو اليقين يقين لا) يكون إقرارا لانه كلام تام، بخلاف ما مر لانه لا يصلح للابتداء فجعل جوابا، فكأنه قال ادعيت الحق الخ.
(قال لامته يا سارقة يا زانية يا مجنونة يا آبقة أو قال هذا السارقة فعلت كذا وباعها فوجد بها واحد منها) أي من هذه العيوب (لا ترد به) لانه نداء أو شتمة لا إخبار (بخلاف هذه سارقة أو هذه آبقة أو هذه زانية أو هذه مجنونة) حيث ترد بأحدهما لانه إخبار وهو لتحقيق الوصف (وبخلاف يا طالق) أو هذه المطلقة فعلت كذا حيث تطلق امرأته لتمكنه من إثباته شرعا فجعل إيجابا ليكون صادقا، بخلاف الاول درر.
(إقرار السكران بطريق محظور) أي ممنوع محرم(8/320)
(صحيح) في كل حق، فلو أقر بقود أقيم عليه الحد في سكره، وفي السرقة يضمن المسروق كما بسطه سعدي أفندي في باب حد الشرب (إلا في) - ما يقبل الرجوع كالردة و (حد الزنا وشرب
الخمر وإن) سكر (بطريق مباح) كشربه مكرها (لا) يعبر بل هو كالاغماء إلا في سقوط القضاء.(8/321)
وتمامه في أحكامات الاشباه.(8/322)
(المقر له إذا كذب المقر بطل إقراره) لما تقرر أنه يرتد بالرد (إلا) في ست على ما هنا تبعا للاشباه.
(الاقرار بالحرية والنسب وولاء العتاقة والوقف) في الاسعاف: لو وقف على رجل فقبله ثم رده لم يرتد، وإن رده قبل القبول ارتد(8/325)
(والطلاق والرق) فكلها لا ترتد ويزاد الميراث.
بزازية والنكاح كما في متفرقات قضاء البحر، وتمامه ثمة.
واستثنى ثمة مسألتين من الابراء وهما: إبراء الكفيل لا يرتد، وإبراء المديون بعد قوله أبرئني فأبرأه لا يرتد، فالمستثنى عشرة فلتحفظ.
وفي وكالة الوهبانية.
ومتى صدقه فيها ثم رده(8/326)
لا يرتد بالرد، وهل يشترط لصحة الرد مجلس الابراء؟ خلاف، والضابط أن ما فيه تمليك مال من وجه يقبل الرد، وإلا فلا كإبطال شفعة وطلاق وعتاق لا يقبل الرد، وهذا ضابط جيد فليحفظ.
(صالح أحد الورثة وأبرأ إبراء عاما)(8/327)
أو قال لم يبق لي حق من تركة أبي عند الوصي أو قبضت الجميع ونحو ذلك (ثم ظهر في) يد وصيه من (التركة شئ لم يكن وقت الصلح) وتحققه (تسمع دعوى حصته منه على الاصح)(8/328)
صلح البزازية ولا تناقض لحمل قوله لم يبق لي حق: أي مما قبضته.
على أن الابراء عن الاعيان
باطل، وحينئذ فالوجه عدم صحة البراءة،(8/329)
كما أفاده ابن الشحنة واعتمده الشرنبلالي،(8/330)
وسنحققه في الصلح.
(أقر) رجل (بمال في صك وأشهد عليه) به (ثم ادعى أن بعض هذا المال) المقر به (قرض وبعضه ربا عليه، فإن أقام على ذلك بينة تقبل) وإن كان متناقضا لانا نعلم أنه مضطر إلى هذا لاقرار.
شرح وهبانية.
قلت: وحرر شارحها الشرنبلالي أنه لا يفتى بهذا الفرع لانه لا عذر لمن أقر، غايته أن يقال: بأنه يحلف المقر له على قول أبي يوسف المختار للفتوى في هذه ونحوها.
ا ه قلت: وبه(8/333)
جزم المصنف فيمن أقر، فتدبر.
(أقر بعد الدخول) من هنا إلى كتاب الصلح ثالث في نسخ المتن ساقط من نسخ الشرح (أنه طلقها قبل الدخول لزمه مهر) بالدخول (ونصف) بالاقرار.
(أقر المشروط له الريع) أو بعضه (أنه) أي ريع الوقف (يستحقه فلان دونه صح) وسقط حقه(8/334)
ولو كتاب الوقف بخلافه(8/335)
(ولو جعله لغيره) أو أسقطه لا لاحد (لم يصح(8/336)
وكذا المشروط له النظر على هذا) كما مر في الوقف، وذكره في الاشباه ثمة (وهنا، وفي الساقط
لا يعود افراجعه.
القصص المرفوعة إلى القاضي لا يؤاخذ وهنا، وفي الساقط لا يعود فراجعه رافعها بما كان فيها من إقرار وتناقض) لما قدمنا في القضاء أنه لا يؤاخذ بما فيها (إلا إذا أقر) بلفظه صريحا.
(قال له علي ألف في علمي أو فيما أعلم أو أحسب أو أظن لا شئ عليه) خلافا للثاني في الاول.
قلنا: هي للشك عرفا.
نعم لو قال قد علمت لزمه اتفاقا.(8/337)
(قال غصبنا ألفا) من فلان (ثم قال كنا عشرة أنفس) مثلا (وادعى الغاصب) كذا في نسخ المتن، وقد علمت سقوط ذلك من نسخ الشرح، وصوابه: وادعى الطالب كما عبر به في المجمع وقال شراحه: أي المغصوب منه (إنه هو وحده) غصبها (لزمه الالف كلها) وألزمه زفر بعشرها.
قلنا: هذا الضمير.
يستعمل في الواحد، والظاهر أنه يخبر بفعله دون غيره، فيكون.
قوله: كنا عشرة رجوعا فلا يصح نعم لو قال غصبناه كلنا صح اتفاقا لانه لا يستعمل في الواحد.
(قال) رجل (أوصى أبي بثلث ماله لزيد بل لعمرو بل لبكر، فالثالث للاول وليس لغيره شئ) وقال زفر: لكل ثلثه وليس للابن شئ.
قلنا: نفاذ الوصية في الثلث وقد أقر به للاول فاستحقه فلم يصح رجوعه بعد ذلك للثاني بها، بخلاف الدين لنفاذه من الكل.
الكل من المجمع.
فروع: أقر بشئ ثم ادعى الخطأ لم يقبل، إلا إذا أقر بالطلاق بناء على إفتاء المفتي ثم تبين(8/338)
عدم الوقوع لم يقع: يعني ديانة قنية.
إقرار المكره باطل إلا إذا أقر السارق مكرها فأفتى بعضهم بصحته.
ظهيرية.
الاقرار بشئ محال(8/339)
وبالدين بعد الابراء منه باطل ولو بمهر بعد هبتها له على الاشبه، نعم لو ادعى دينا بسبب(8/340)
حادث بعد الابراء العام وأنه أقر به يلزمه.
ذكره المصنف في فتاويه.
قلت: ومفاده أنه لو أقر ببقاء الدين أيضا فحكمه كالاول وهي واقعة الفتوى، فتأمل الفعل في المرض أحط من فعل الصحة، إلا مسألة إسناد الناظر النظر لغيره بلا شرط فإنه صحيح في المرض لا في الصحة تتمة.(8/341)
وتمامه في الاشباه وفي الوهبانية: أقر بمهر المثل في ضعف موته فبينة الايهاب من قبل تهدر وإسناد بيع فيه للصحة اقبلن(8/342)
وفي القبض من ثلث التراب يقدر وليس بلا تشهد مقرا نعده ولو قال لا تخبر فخلف يسطر ومن قال ملكي ذا لذا كان منشئاومن قال هذا ملك ذا فهو مظهر(8/343)
ومن قال لا دعوى لي اليوم عند ذافما يدعى من بعد منها فمنكر(8/344)
كتاب الصلح مناسبته أن إنكار المقر سبب للخصومة المستدعية للصلح.
(هو) لغة: اسم من المصالحة.
وشرعا: (عقد يرفع النزاع) ويقطع الخصومة.
(وركنه: الايجاب) مطلقا (والقبول) فيما يتعين، أما فيما لا يتعين كالدراهم فيتم بلا قبول.
عناية وسيجئ.
(وشرطه العقل لا البلوغ والحرية(8/345)
فصح من صبي مأذون إن عري) صلحه (عن ضرر بين و) صح (من عبد مأذون ومكاتب) لو فيه نفع (و) شرطه أيضا (كون المصالح عليه معلوما(8/346)
إن كان يحتاج إلى قبضه و) كون (المصالح عنه حقا يجوز الاعتياض عنه ولو) كان غير مال كالقصاص والتعزير (معلوما كان) المصالح عنه (أو مجهولا لا) يصح (لو) المصالح عنه (مما لا(8/347)
يجوز الاعتياض عنه) وبينه.
بقوله: (كحق شفعة وحد قذف(8/348)
وكفالة بنفس) ويبطل به الاول والثالث، وكذا الثاني لو قبل الرفع للحاكم لا حد زنا وشرب مطلقا.(8/349)
(وطلب الصلح كاف عن القبول من المدعى عليه إن كان المدعى به مما لا يتعين بالتعيين) كالدراهم والدنانير وطلب الصلح على ذلك لانه إسقاط للبعض وهو يتم بالمسقط (وإن كان مما يتعين) بالتعيين (فلا بد من قبول المدعى عليه) لانه كالبيع.
(وحكمه وقوع البراءة عن الدعوى) ووقوع الملك في مصالح وعنه لو مقرا(8/350)
(وهو صحيح مع إقرار أو سكوت أو إنكار، فالاول) حكمه (كبيع) إن وقع عن مال بمال وحينئذ (فتجري فيه) أحكام البيع (كالشفعة(8/351)
والرد بعيب وخيار رؤية وشرط، ويفسده جهالة البدل) المصالح عليه لا جهالة المصالح عنه لانه يسقط وتشترط القدرة على تسليم البدل.
(وما استحق من المدعي) أي المصالح عنه (يرد المدعي حصته من العوض) أي البدل إن كلا فكلا أو بعضا فبعضا.(8/352)
(وما استحق من البدل يرجع) المدعي (بحصته من المدعى) كما ذكرنا لانه معاوضة وهذا حكمها (و) حكمه (كإجارة إن وقع) الصلح (عن مال بمنفعة) كخدمة عبد وسكنى دار(8/353)
(فشرط التوقيت فيه) إن احتيج إليه، وإلا لا كصبغ ثوب.
(ويبطل بموت أحدهما وبهلاك المحل في المدة)(8/354)
وكذا لو وقع عن منفعة بمال أو بمنفعة عن جنس آخر، ابن كمال لانه حكم إجارة.
(والاخيران) أي الصلح بسكوت وإنكار (معاوضة في حق المدعي وفداء يمين وقطع نزاع في حق الآخر) وحينئذ (فلا شفعة في صلح عن دار مع أحدهما) أي مع سكوت أو إنكار، لكن للشفيع أن يقوم مقام المدعي فيدلي بحجته، فإن كان للمدعي بينة أقامها الشفيع عليه وأخذ الدار بالشفعة، لان بإقامة البينة تبين أن الصلح كان في معنى البيع، وكذا لو لم يكن له بينة فحلف(8/355)
المدعى عليه فنكل.
شرنبلالية (وتجب في صلح) وقع (عليها بأحدهما) أو بإقرار، لان المدعي يأخذها عن المال فيؤاخذ بزعمه.
(وما استحق من المدعي رد المدعي حصته من العوض ورجع بالخصومة فيه) فيخاصم المستحق لخلو العوض عن الغرض (وما استحق من البدل رجع إلى الدعوى في كله أو بعضه)(8/356)
هذا إذا لم يقع الصلح بلفظ البيع، فإن وقع به رجع بالمدعي نفسه لا بالدعوى، لان إقدامه على المبايعة إقرار بالملكية عيني وغيره.
(وهلاك البدل) كلا أو بعضا (قبل التسليم له) أي للمدعي (كاستحقاقه) كذلك (في الفصلين) أي مع إقرار أو مع سكوت أو إنكار، وهذا لو البدل مما يتعين وإلا لم يبطل بل يرجع
بمثله عيني.
((8/357)
صالح عن) كذا في نسخ المتن والشرح، وصوابه على (بعض ما يدعيه) أي عين يدعيها لجوازه في الدين كما سيجئ فلو ادعى عليه دارا فصالحه على بيت معلوم منها فلو من غيرها صح.
قهستاني (لم يصح) لان ما قبضه من عين حقه وإبراء عن الباقي، والابراء عن الاعيان باطل.
قهستاني.
وحيلة صحته ما ذكره.
بقوله: (إلا بزيادة شئ) آخر كثوب ودرهم (في البدل) فيصير ذلك عوضا عن حقه فيما بقي (أو) يلحق به (الابراء عن دعوى الباقي) لكن ظاهر(8/358)
الرواية الصحة مطلقا.
شرنبلالية.
ومشى عليه في الاختيار، وعزاه(8/359)
في العزمية للبزازية.
وفي الجلالية لشيخ الاسلام: وجعل ما في المتن رواية ابن سماعة، وقولهم الابراء عن الاعيان باطل، معناه بطل الابراء عن دعوى الاعيان ولم يصر ملكا للمدعى عليه، ولذا لو ظفر بتلك الاعيان حل له أخذها لكن لا تسمع دعواه في الحكم.(8/360)
وأما الصلح على بعض الدين فيصح ويبرأ عن دعوى الباقي أي قضاء لا ديانة، فلذا لو ظفر به أخذه قهستاني وتمامه في أحكام الدين من الاشباه،(8/361)
وقد حققته في شرح الملتقى (و) صح الصلح (عن دعوى المال مطلقا) ولو بإقرار أو بمنفعة (و)(8/362)
عن دعوى (المنفعة) ولو بمنفعة عن جنس آخر (و) عن دعوى (الرق وكان عتقا على مال) ويثبت الولاء لو بإقرار وإلا لا إلا ببينة درر.
قلت: ولا يعود بالبينة رقيقا، وكذا في كل موضع أقام بينة بعد الصلح لا يستحق المدعي لانه يأخذ البدل باختياره نزل بائعا فليحفظ (و) عن دعوى الزوج (النكاح) على غير مزوجة(8/363)
(وكان خلعا) ولا يطيب لو مبطلا ويحل لها التزوج لعدم الدخول، ولو ادعته المرأة فصالحها لم يصح.
وقاية ونقاية ودر وملتقى، وصححه في المجتبى والاختيار، وصحح الصحة في درر البحار.
(وإن قتل العبد المأذون له رجلا عمدا لم يجز صلحه عن نفسه) لانه ليس من تجارته(8/364)
فلم يلزم المولى، لكن يسقط به القود ويؤاخذ بالبدل بعد عتقه (وإن قتل عبد له) أي للمأذون (رجلا عمدا وصالحه) المأذون (عنه جاز) لانه من تجارته والمكاتب كالحر.
(والصلح عن المغصوب الهالك على أكثر من قيمته(8/365)
قبل القضاء بالقيمة جائز) كصلحه بعرض (فلا تقبل بينة الغاصب بعده) أي الصلح على (أن قيمته أقل مما صالح عليه ولا رجوع للغاصب) على المغصوب منه بشئ (لو تصادقا بعد وأنها أقل) بحر.(8/366)
(ولو أعتق موسر عبدا مشتركا فصالح) الموسر (الشريك على أكثر من نصف قيمته لا يجوز) لانه مقدر شرعا فبطل الفضل اتفاقا (كالصلح في) المسألة (الاولى على أكثر من قيمة المغصوب) بعد القضاء (بالقيمة) فإنه لا يجوز، لان تقدير القاضي كالشارع (وكذا لو صالح بعرض صح، وإن كانت القيمة أكثر من قيمة مغصوب تلف) لعدم الربا (و) صح (في) الجناية (العمد) مطلقا ولو في نفس مع إقرار (بأكثر من الدية والارش) أو بأقل لعدم الربا (وفي الخطأ) كذلك (لا) تصح الزيادة، لان الدية، في الخطأ مقدرة، حتى لو صالح(8/367)
بغير مقاديرها صح كيفما كان بشرط المجلس، لئلا يكون دينا بدين، وتعيين القاضي أحدهما يصير غيره كجنس آخر ولو صالح على خمر فسد فتلزم الدية في الخطأ ويسقط القود لعدم ما يرجع إليه اختيار.
(وكل) زيد (عمرا بالصلح عن دم عمد أو على بعض دين يدعيه) على آخر(8/368)
من مكيل وموزون (لزم بدله الموكل) لانه إسقاط فكان الوكيل سفيرا (إلا أن يضمنه الوكيل) فيؤاخذ بضمانه (كما لو وقع الصلح) من الوكيل (عن مال بمال عن إقرار) فيلزم الوكيل لانه حينئذ كبيع (أما إذا كان عن إنكار لا) يلزم الوكيل مطلقا.
بحر ودرر.
(صالح عنه) فضولي(8/369)
(بلا أمر صح إن ضمن المال أو أضاف) الصلح (إلى ماله أو قال علي) هذا أو (كذا وسلم) المال صح وصار متبرعا في الكل، إلا إذ ضمن بأمره.
عزمي زاده (وإلا) يسلم في الصورة الرابعة(8/370)
(فهو موقوف فإن أجازه المدعى عليه جاز ولزمه) البدل (وإلا بطل والخلع في جميع ما ذكرنا من الاحكام) الخمسة (كالصلح ادعى وقفية أرض ولا بينة له فصالحه المنكر لقطع الخصومة جاز وطاب له) البدل (لو صادقا في دعواه، وقيل) قائله صاحب الاجناس (لا) يطيب لانه بيع معنى(8/371)
وبيع الوقف لا يصح.
(كل صلح بعد صلح فالثاني باطل، وكذا) النكاح بعد النكاح والحوالة بعد الحوالة و(8/372)
(الصلح بعد الشراء) والاصل أن كل عقد أعيد فالثاني باطل، إلا في ثلاث مذكورة في بيوع الاشباه الكفالة والشراء والاجارة، فلتراجع.
(أقام) المدعى عليه (بينة بعد الصلح عن إنكار، إن المدعي قال قبله) قبل الصلح (ليس لي قبل فلان حق فالصلح ماض) على الصحة (ولو قال) المدعي (بعده ما كان لي قبله) قبل المدعى(8/373)
عليه (حق بطل) الصلح.
بحر.
قال المصنف: وهو مقيد لاطلاق العمادية، ثم نقل عن دعوى البزازية أنه لو ادعى الملك(8/374)
بجهة أخرى لم يبطل، فيحرر.
(الصلح عن الدعوى الفاسدة يصح وعن الباطلة لا) والفاسدة ما يمكن تصحيحها بحر.(8/375)
وحرر في الاشباه أن الصلح عن إنكار بعد دعوى فاسدة فاسد، إلا في دعوى بمجهول فجائز، فليحفظ (وقيل اشتراط صحة الدعوى لصحة الصلح غير صحيح مطلقا) فيصح الصلح مع بطلان الدعوى كما اعتمده صدر الشريعة آخر الباب، وأقره ابن الكمال وغيره في باب الاستحقاق كما مر، فراجعه.(8/376)
(وصح الصلح عن دعوى حق الشرب وحق الشفعة وحق وضع الجذوع على الاصح) الاصل أنه متى توجهت اليمين نحو الشخص في أي حق كان فافتدى اليمين بدراهم جاز حتى في دعوى التعزير مجتبى.(8/377)
بخلاف دعوى حد ونسب درر.
(الصلح إن كان بمعنى المعاوضة) بأن كان دينا بعين (ينتقض بنقضهما) أي بفسخ المتصالحين (وإن كان لا بمعناها) أي المفاوضة بل بمعنى استيفاء البعض وإسقاط البعض (فلا) تصح إقالته ولا نقضه لان الساقط لا يعود.
قنية وصيرفية، فليحفظ.(8/378)
(ولو صالح عن دعوى دار على سكنى بيت منها أبدا أو صالح على دراهم إلى الحصاد أو صالح مع المودع بغير دعوى الهلاك لم يصح الصلح) في الصور الثلاث.
سراجية قيد بعدم دعوى الهلاك لانه لو ادعاه وصالحه قبل اليمين صح، به يفتى خانية.(8/379)
(ويصح) الصلح (بعد حلف المدعى عليه دفعا للنزاع) بإقامة البينة، ولو برهن المدعي بعده على أصل الدعوى لم تقبل إلا في الوصي عن مال اليتيم على إنكار إذا صالح على بعضه ثم وجد البينة فإنها تقبل، ولو بلغ الصبي فأقامها تقبل،(8/380)
ولو طلب يمينه لا يحلف.
أشباه (وقيل لا) جزم بالاول في الاشباه وبالثاني في السراجية، وحكاهما في القنية مقدما للاول.
(طلب الصلح والابراء عن الدعوى لا يكون إقرارا) بالدعوى عند المتقدمين، وخالفهم المتأخرون والاول أصح.
بزازية (بخلاف طلب الصلح) عن المال (والابراء عن المال فإنه) إقرار أشباه.
(صالح عن عيب) أو دين وظهر عدمه(8/381)
(أو زوال) العيب (بطل الصلح) ويرد ما أخذه أشباه درر.
فصل في دعوى الدين (الصلح الواقع على بعض جنس ما له عليه)(8/382)
من دين أو غصب (أخذ لبعض حقه وحط لباقيه لا معاوضة) للربا، وحينئذ (فصح الصلح بلا
اشتراط قبض بدله عن ألف حال علي مائة حالة أو علي ألف مؤجل وعن ألف جياد على مائة زيوف، ولا يصح عن دراهم على دنانير مؤجلة)(8/383)
لعدم الجنس فكان صرفا فلم يجز نسيئة (أو عن ألف مؤجل على نصفه حالا) إلا في صلح المولى مكاتبه فيجوز.
زيلعي (أو عن ألف سود على نصفه بيضا) والاصل(8/384)
أن الاحسان إن وجد من الدائن فإسقاط وإن منهما فمعاوضة.
(قال) لغريمه (أد إلي خمسمائة غدا من ألف لي عليك على أنك برئ من) النصف (الباقي فقبل) وأدى فيه برئ، وإن لم يؤد ذلك في الغد (عاد دينه) كما كان لفوات التقييد بالشرط.
ووجوهها خمسة: أحدها: هذا (و) الثاني: (إن لم يوقت) بالغد (لم يعد) لانه إبراءه مطلق، والثالث: (وكذا لو صالحه من دينه على نصفه يدفعه إليه غدا وهو برئ مما فضل على أنه إن لم يدفعه غدا فالكل عليه كان الامر) كالوجه الاول (كما قال) لانه صرح بالتقييد.
والرابع: (فإن أبرأه عن نصفه على أن يعطيه ما بقي غدا فهو برئ أدى الباقي) في الغد (أو لا) لبداءته بالابراء بالاداء.
(و) الخامس: (لو علق بصريح الشرط كإن أديت إلي) كذا أو إذا أو متى (لا يصح)(8/385)
الابراء لما تقرر أن تعليقه بالشرط صريحا باطل لانه تمليك من وجه.
(وإن قال) المديون (لآخر سرا لا أقر لك بمالك حتى تؤخره عني أو تحط) عني (ففعل) الدائن التأخير أو الحط (صح) لانه ليس بمكره عليه.(8/386)
(ولو أعلن ما قاله سرا أخذ منه الكل للحال) ولو ادعى ألفا وجحد فقال أقرر لي بها على أن أحط منها مائة جاز، بخلاف على أن أعطيك مائة لانه رشوة.
ولو قال إن أقررت لي حططت لك منها مائة فأقر صح الاقرار لا الحط مجتبى.
(الدين المشترك) بسبب متحد كثمن مبيع بيع صفقة واحدة(8/387)
أو دين موروث أو قيمة مستهلك مشترك (إذا قبض أحدهما شيئا منه شاركه الآخر فيه) إن شاء أو اتبع الغريم كما يأتي، وحينئذ (فلو صالح أحدهما عن نصيبه على ثوب)(8/388)
أي على خلاف جنس الدين (أخذ الشريك الآخر نصفه إلا إن ضمن) له (ربع) أصل (الدين) فلا حق له في الثوب.
(ولو لم يصالح بل اشترى بنصفه شيئا ضمنه) الشريك (الرابع) لقبضه النصف بالمقاصة(8/389)
(أو اتبع غريمه) في جميع ما مر لبقاء حقه في ذمته.
(وإذا أبرأ أحد الشريكين الغريم عن نصيبه لا يرجع) لانه إتلاف لا قبض (وكذا) الحكم (إن) كان للمديون على أحدهما دين قبل وجوب دينهما عليه حتى (وقعت المقاصة بدينه السابق) لانه قاض لا قابض.
(ولو أبرأ) الشريك المديون (عن البعض قسم الباقي على سهامه) ومثله المقاصة، ولو أجل نصيبه صح عند الثاني،(8/390)
والغصب والاستئجار بنصيبه قبض لا التزوج، والصلح عن جناية عمد.
وحيلة اختصاصه بما قبض أن يهبه الغريم قدر دينه ثم يبرئه أو يبيعه(8/391)
به كفا من تمر مثلا ثم يبرئه.
ملتقط وغيره، ومرت في الشركة.
(صالح أحد ربي السلم عن نصيبه على ما دفع من رأس المال: فإن أجازه الشريك) الآخر (نفذ عليهما، وإن رده رد) لان فيه قسمة الدين قبل قبضه وإنه باطل.
نعم لو كانا شريكي
مفاوضة جاز مطلقا.
بحر.
فصل في التخارج (أخرجت الورثة أحدهم عن) التركة وهي (عرض أو) هي (عقار بمال) أعطوه له (أو)(8/392)
أخرجوه (عن) تركة هي (ذهب بفضة) دفعوها له (أو) على (العكس) أو عن نقدين بهما (صح) في الكل صرفا للجنس، بخلاف جنسه (قل) ما أعطوه (أو كثر) لكن بشرط التقابض فيما هو صرف (و) في إخراجه عن(8/393)
(نقدين وغيرهما بأحد النقدين لا) يصح (إلا أن يكون ما أعطى له أكثر من حصته من ذلك الجنس) تحرزا عن الربا، ولا بد من حضور النقدين عند الصلح وعلمه بقدر نصيبه.
شرنبلالية(8/394)
وجلالية.
ولو بعرض جاز مطلقا لعدم الربا وكذا لو أنكروا إرثه لانه حينئذ ليس ببدل بل لقطع المنازعة (وبطل الصلح إن أخرج أحد الورثة(8/395)
وفي التركة ديون بشرط أن تكون الديون لبقيتهم) لان تملك الدين من غير من عليه الدين باطل.
ثم ذكر لصحته حيلا فقال (وصح لو شرطوا إبراء الغرماء(8/396)
منه) أي من حصته لانه تمليك الدين ممن عليه فيسقط قدر نصيبه عن الغرماء (أو قضوا نصيب المصالح منه) أي الدين (تبرعا) (منهم وأحالهم بحصته أو أقرضوه قدر حصته منه وصالحوه عن غيره) بما يصلح بدلا (وأحالهم بالقرض على الغرماء) وقبلوا الحوالة، وهذه أحسن الحيل.
ابن كمال.
والاوجه أن يبيعوه كفا من تمر أو نحوه بقدر الدين ثم يحيلهم على الغرماء ابن ملك.
(وفي صحة صلح عن تركة مجهولة) أعيانها ولا دين فيها (على مكيل أو موزون) متعلق
بصلح (اختلاف) والصحيح الصحة زيلعي لعدم اعتبار شبهة الشبهة.
وقال ابن الكمال: إن في التركة جنس بدل الصلح لم يجز(8/397)
وإلا جاز، وإن لم يدر فعلى الاختلاف.
(ولو) التركة (مجهولة وهي غير مكيل أو موزون في يد البقية) من الورثة (صح في الاصح) لانها لا تفضي إلى المنازعة لقيامها في يدهم، حتى لو كانت في يد المصالح أو بعضها لم يجز ما لم يعلم جميع ما في يده للحاجة إلى التسليم.
ابن ملك(8/398)
(وبطل الصلح والقسمة مع إحاطة الدين بالتركة) إلا أن يضمن الوارث الدين بلا رجوع أو يضمن أجنبي بشرط براءة الميت أو يوفي من مال آخر (ولا) ينبغي أن (يصالح) ولا يقسم (قبل القضاء) للدين (في غير دين محيط، ولو فعل الصلح) والقسمة (صح) لان التركة لا تخلو عن قليل دين، فلو وقف الكل تضرر الورثة فيوقف قدر الدين استحسانا.
وقاية.
لئلا يحتاجوا إلى نقص القسمة.
بحر.(8/399)
(ولو أخرجوا واحدا) من الورثة فحصته تقسم بين الباقي على السواء إن كان ما أعطوه من مالهم غير الميراث وإن كان المعطى (مما ورثوه فعلى قدر ميراثهم) يقسم بينهم، وقيده الخصاف بكونه عن إنكار، فلو عن إقرار فعلى السواء، وصلح أحدهم(8/400)
عن بعض الاعيان صحيح ولو لم يذكر في صك التخارج أفي التركة دين أم لا فالصك صحيح وكذا لو لم يذكره في الفتوى فيفتي بالصحة ويحمل على وجود شرائطها.
مجمع الفتاوى.
(والموصى له) بمبلغ من التركة (كوارث فيما قدمناه) من مسألة التخارج (صالحوا) أي(8/401)
الورثة (أحدهم) وخرج من بينهم (ثم ظهر للميت دين أو عين لم يعلموها هل يكون ذلك داخلا في الصلح) المذكور (قولان أشهرهما لا) بل بين الكل، والقولان حكاهما في الخانية مقدما لعدم الدخول، وقد ذكر في أول فتاواه أنه يقدم ما هو الاشهر فكان هو المعتمد كذا في البحر.
قلت: وفي البزازية أنه الاصح ولا يبطل الصلح، وفي الوهبانية: وفي مال طفل بالشهود فلم يجز وما يدعي خصم ولا يتنور(8/402)
وصح على الابراء من كل عائب ولو زال عيب عنه صالح يهدر ومن قال إن تحلف فتبرأ فلم يجز ولو مدع كالاجنبي يصور(8/403)
كتاب المضاربة (هي) لغة مفاعلة من الضرب في الارض وهو السير فيها.
وشرعا (عقد شركه في الربح بمال من جانب) رب المال(8/409)
(وعمل من جانب) المضارب.
(وركنها: الايجاب والقبول وحكمها): أنواع لانها (إيداع ابتداء).(8/410)
ومن حيل الضمان أن يقرضه المال إلا درهما ثم يعقد شركة عنان بالدرهم وبما أقرضه على أن يعملا والربح بينهما ثم يعمل المستقرض فقط، فإن هلك فالقرض عليه (وتوكيل مع العمل)(8/411)
لتصرفه بأمره (وشركة إن ربح، وغصب إن خالف وإن أجاز) رب المال (بعده) لصيرورته غاصبا بالمخالفة (وإجارة فاسدة إن فسدت فلا ربح) للمضارب (حينئذ بل له أجر مثل عمله مطلقا) ربح أو لا (بلا زيادة على المشروط)(8/412)
خلافا لمحمد والثلاثة (إلا في وصي أخذ مال يتيم مضاربة فاسدة) كشرطه لنفسه عشرة دراهم
(فلا شئ له) في مال اليتيم (إذا عمل) أشباه.
فهو استثناء من أجر عمله (و) الفاسدة (لا ضمان فيها) أيضا (كصحيحة) لانه أمين (ودفع المال إلى آخر مع شرط الربح)(8/413)
كله (للمالك بضاعة) فيكون وكيلا متبرعا (ومع شرطه للعامل قرض) لقلة ضرره.
(وشرطها): أمور سبعة (كون رأس المال من الاثمان)(8/414)
كما مر في الشركة (وهو معلوم) للعاقدين (وكفت فيه الاشارة) والقول في قدره وصفته للمضارب بيمينه، والبينة للمالك.(8/415)
(وأما المضاربة بدين فإن على المضارب لم يجز، وإن على ثالث جاز وكره) ولو قال اشتر لي عبدا نسيئة ثم بعه وضارب بثمنه ففعل جاز، كقوله لغاصب أو مستودع أو مستبضع اعمل بما في يدك مضاربة بالنصف جاز.
مجتبى (كون رأس المال عينا لا دينا) كما بسط في الدرر(8/416)
(وكونه مسلما إلى المضارب) ليمكنه التصرف (بخلاف الشركة) لان العمل فيها من الجانبين (صح الربح بينهما شائعا) فلو عين قدرا فسدت(8/417)
(وكون نصيب كل منهما معلوما) عند العقد.
ومن شرطها كون نصيب المضارب من الربح، حتى لو شرط له من رأس المال أو منه ومن الربح فسدت.
وفي الجلالية: كل شرط يوجب جهالة في الربح أو يقطع الشركة فيه(8/418)
يفسدها، وإلا بطل الشرط(8/419)
وصح العقد اعتبارا بالوكالة.
(ولو ادعى المضارب فسادها فالقول لرب المال وبعكسه فللمضارب) الاصل أن القول لمدعي الصحة في العقود، إلا إذا قال رب المال شرطت لك ثلث الربح إلا عشرة وقال المضارب(8/420)
الثلث فالقول لرب المال ولو فيه فسادها لانه ينكر زيادة يدعيها المضارب.
خانية.
وما في الاشباه فيه اشتباه، فافهم.
(ويملك المضارب في المطلقة) التي لم تتقيد بمكان أو زمان أو نوع (البيع) ولو فاسدا (بنقد(8/421)
ونسيئة متعارفة والشراء والتوكيل بهما والسفر برا وبحرا) ولو دفع له المال في بلده على الظاهر (والابضاع) أي دفع المال بضاعة ولو لرب المال(8/422)
(ولا تفسد به) المضاربة كما يملك (و) يجئ (الايداع والرهن والارتهان والاجارة والاستئجار) فلو استأجر أرضا بيضاء ليزرعها أو يغرسها جاز: ظهيرية (والاحتيال) أي قبول الحوالة (بالثمن مطلقا) على الايسر والاعسر لان كل ذلك من صنيع التجار (لا) يملك (المضاربة)(8/423)
والشركة والخلط بمال نفسه (إلا بإذن أو اعمل برأيك) إذ الشئ لا يتضمن مثله (و) لا (الاقراض والاستدانة وإن قيل له ذلك)(8/424)
أي اعمل برأيك لانهما ليسا من صنيع التجار فلم يدخلا في التعميم (ما لم ينص) المالك (عليهما) فيملكهما، وإذا استدان كانت شركة وجوه وحينئذ (فلو اشترى بمال المضاربة ثوبا(8/425)
وقصر بالمال أو حمل) متاع المضاربة (بماله و) قد (قيل له ذلك فهو متطوع) لانه لا يملك
الاستدانة بهذه المقالة، وإنما قال بالمال لانه لو قصر بالنشاء فحكمه كصبغ (وإن صبغه أحمر فشريك بما زاد) الصبغ في اعمل برأيك كالخلط (و) كان (له حصة) قيمة (صبغه إن بيع وحصة الثوب) أبيض (في مالها) ولو لم يقل اعمل برأيك لم يكن شريكا بل غاصبا، وإنما قول أحمر لما مر أن السواد نقص عند الامام فلا يدخل في اعمل برأيك.
بحر (ولا) يملك أيضا (تجاوز بلد أو(8/426)
سلعة أو وقت أو شخص عينه المالك) لان المضاربة تقبل التقييد المفيد(8/427)
ولو بعد العقد ما لم يصر المال عرضا، لانه حينئذ لا يملك عزله فلا يملك تخصيصه كما سيجئ، قيدنا بالمفيد لان غير المفيد لا يعتبر أصلا كنهيه عن بيع الحال.
وأما المفيد في الجملة كسوق من مصر، فإن صرح بالنهي صح، وإلا لا.
(فإن فعل ضمن) بالمخالفة (وكان ذلك الشراء له)(8/428)
ولو لم يتصرف فيه حتى عاد للوفاق عادت المضاربة، وكذا لو عاد في البعض اعتبارا للجزء بالكل (ولا) يملك (تزويج قن من مالها ولا شراء من يعتق على رب المال(8/429)
بقرابة أو يمين، بخلاف الوكيل بالشراء) فإنه يملك ذلك (عند عدم القرينة) المفيدة للوكالة كاشتر لي عبدا أبيعه أو أستخدمه أو جارية أطؤها (ولا من يعتق عليه) أي المضارب (إذا كان في المال ربح) هو هنا أن تكون قيمة هذا العبد أكثر من كل رأس المال كما بسطه العيني، فليحفظ.
(فإن فعل) شراء من يعتق على واحد منهما (وقع الشراء لنفسه(8/430)
وإن لم يكن) ربح كما ذكرنا (صح) للمضاربة (فإن ظهر) الربح (بزيادة قيمته بعد الشراء عتق حظه ولم يضمن نصيب المالك) لعتقه لا بصنعه (وسعى) العبد (المعتق في قيمة نصيب رب المال،
ولو اشترى الشريك من يعتق على شريكه أو الاب أو الوصي من يعتق على الصغير نفذ على العاقد) إذ لا نظر فيه للصغير (والمأذون إذا اشترى من يعتق على المولى صح وعتق عليه إن لم يكن مستغرقا بالدين وإلا لا) خلافا لهما.
زيلعي.
(مضارب معه ألف بالنصف اشترى أمة فولدت ولدا مساويا له) أي للالف (فادعاه موسرا(8/431)
فصارت قيمته) أي الولد وحده كما ذكرنا (ألفا ونصفه أي خمسمائة) نفذت دعوته لوجود الملك بظهور الربح المذكور فعتق.
(سعى لرب المال في الالف وربعه) إن شاء المالك(8/432)
(أو أعتقه) إن شاء (ولرب المال بعد قبضه ألفه) من الولد (تضمين المدعي) ولو معسرا لانه ضمان تملك (نصف قيمتها) أي الامة لظهور نفوذ دعوته فيها ويحمل على أنه تزوجها ثم اشتراها حبلى منه، ولو صارت قيمتها ألفا ونصفه صارت أم ولد وضمن للمالك ألفا وربعه(8/433)
لو موسرا، فلو معسرا فلا سعاية عليها لان أم الولد لا تسعى، وتمامه في البحر.
والله أعلم.
باب المضارب يضارب لا ما وجب لما قدم المفردة شرع في المركبة فقال (ضارب المضارب) آخر (بلا إذن) المالك (لم يضمن بالدفع ما لم يعمل الثاني ربح) الثاني (أو لا) على الظاهر، لان الدفع إيداع وهو يملكه،(8/434)
فإذا عمل تبين أنه مضاربة فيضمن إلا إذا كانت الثانية فاسدة فلا ضمان وإن ربح، بل للثاني أجر مثله على المضارب الاول، وللاول الربح المشروط (فإن ضاع) المال (من يده) أي يد الثاني (قبل العمل) الموجب للضمان (فلا ضمان) على أحد (وكذا) لا ضمان (لو غصب المال من الثاني و) إنما (الضمان على الغاصب فقط) ولو استهلكه الثاني أو وهبه فالضمان عليه خاصة(8/435)
(فإن عمل) حتى ضمنه (خير رب المال: إن شاء ضمن المضارب الاول رأس ماله، وإن شاء ضمن الثاني) وإن اختار أخذ الربح ولا يضمن ليس له ذلك.
بحر (فإن أذن) المالك (بالدفع ودفع بالثلث وقد قيل) للاول (ما رزق الله فبيننا نصفان، فللمالك النصف) عملا بشرطه (وللاول السدس الباقي وللثاني الثلث) المشروط.
(ولو قيل ما رزقك الله بكاف الخطاب) والمسألة بحالها (فللثاني ثلثه والباقي بين الاول والمالك نصفان)(8/436)
باعتبار الكاف فيكون لكل ثلث (ومثله ما ربحت من شئ أو ما كان لك فيه من ربح ونحو ذلك) وكذا لو شرط للثاني أكثر من الثلث أو أقل فالباقي بين المالك والاول.
(ولو قال له ما ربحت بيننا نصفان ودفع بالنصف فللثاني النصف واستويا فيما بقي) لانه لم يربح سواه.
(ولو قيل ما رزق الله فلي نصفه أو ما كان من فضل الله فبيننا نصفان فدفع بالنصف فللمالك النصف وللثاني كذلك ولا شئ للاول) لجعله ماله للثاني.
(ولو شرط) الاول (للثاني ثلثيه) والمسألة بحالها (ضمن الاول للثاني سدسا) بالتسمية لانه التزم سلامة الثلثين (وإن شرط) المضارب (للمالك ثلثه و) شرط (لعبد المالك ثلثه).
وقوله: (على(8/437)
أن يعمل معه) عادي وليس بقيد (و) شرط (لنفسه ثلثه صح) وصار كأنه اشترط للمولى ثلثي الربح.
كذا في عامة الكتب وفي نسخ المتن والشرح هنا خلط، فاجتنبه.
(ولو عقدها المأذون مع أجنبي وشرط) المأذون (عمل مولاه لم يصح إن لم يكن) المأذون (عليه دين) لانه كاشتراط العمل على المالك (والاصح) لانه حينئذ لا يملك كسبه (واشتراط عمل رب المال مع المضارب مفسد) للعقد لانه يمنع التخلية فيمنع الصحة (وكذا اشتراط عمل المضارب(8/438)
مع مضاربه أو عمل رب المال مع) المضارب (الثاني) بخلاف مكاتب شرط عمل مولاه كما لو ضارب مولاه.
(ولو شرط بعض الربح للمساكين أو للحج أو في الرقاب) أو لامرأة المضارب أو مكاتبه صح العقد (ولم يصح الشرط ويكون) المشروط (لرب المال ولو شرط البعض لمن شاء المضارب، فإن شاءه لنفسه أو لرب المال صح) الشرط (وإلا) بأن شاءه لاجنبي (لا) يصح.
ومتى شرط البعض لاجنبي إن شرط عليه عمله صح الشرط، وإلا لا،(8/439)
لكن في القهستاني أنه يصح مطلقا.
والمشروط للاجنبي إن شرط عمله وإلا فللمالك أيضا، وعزاه للذخيرة خلافا للبرجندي وغيره، فتنبه.
ولو شرط البعض لقضاء دين المضارب أو دين المالك جاز ويكون للمشروط له قضاء دينه، ولا يلزم بدفعه لغرمائه: بحر.
(وتبطل) المضاربة (بموت أحدهما) لكونها وكالة، وكذا بقتله وحجر يطرأ على أحدهما وبجنون أحدهما مطبقا قهستاني.
وفي البزازية: مات المضارب والمال عروض باعها وصيه.
ولو مات رب المال والمال نقد(8/440)
تبطل في حق التصرف، ولو عرضا تبطل في حق المسافرة لا التصرف فله بيعه بعرض ونقد بالحكم (و) بالحكم (بلحوق المالك مرتدا(8/441)
فإن عاد بعد لحوقه مسلما فالمضاربة على حالها) حكم بلحاقه أم لا.
عناية (بخلاف الوكيل) لانه لا حق له بخلاف المضارب، ولو ارتد المضارب فهي على حالها (فإن مات أو قتل أو لحق بدار الحرب وحكم بلحاقه بطلت) وما تصرف نافذ، وعهدته على المالك عند الامام بحر.
(ولو ارتد المالك فقط)(8/442)
أي ولم يلحق (فتصرفه) أي المضارب (موقوف وردة المرأة) لانها لا تقبل فلم ينعقد بسبب التلف في حقها (غير مؤثرة، وينعزل بعزله) لانه وكيل (وإن علم به) بخبر رجلين مطلقا أو فضولي عدل أو رسول مميز (وإلا) يعلم (لا) ينعزل (فإن علم) بالعزل ولو حكما كموت المالك ولو حكما (والمال عروض) هو هنا ما كان خلاف جنس رأس المال، فالدراهم والدنانير هنا جنسان(8/443)
(باعها) ولو نسيئة وإن نهاه عنها (ثم لا يتصرف في ثمنها) ولا في نقد من جنس رأس ماله ويبدل خلافه به استحسانا لوجوب رد جنسه وليظهر الربح (ولا يملك المالك فسخها في هذه(8/444)
الحالة) بل ولا تخصيص الاذن لانه عزل من وجه نهاية (بخلاف أحد الشريكين إذا فسخ الشركة وما لها أمتعة) صح.
(افترقا وفي المال ديون وربح يجبر المضارب على اقتضاء الديون) إذ حينئذ يعمل بالاجرة (وإلا) ربح (لا) جبر لانه حينئذ متبرع (و) يؤمر بأن (يوكل المالك عليه) لانه غير العاقد (وحينئذ فالوكيل بالبيع والمستبضع كالمضارب) يؤمران بالتوكيل (والسمسار يجبر على التقاضي) وكذا الدلال لانهما يعملان بالاجرة.
فرع استؤجر على أن يبيع ويشتري لم يجز لعدم قدرته عليه.
والحيلة أن يستأجره مدة(8/445)
للخدمة ويستعمله في البيع.
زيلعي (وما هلك من مال المضاربة يصرف إلى الربح) لانه تبع (فإن زاد الهالك على الربح لم يضمن) ولو فاسدة من عمله لانه أمين (وإن قسم الربح وبقيت المضاربة ثم هلك المال أو بعضه ترادا الربح(8/446)
ليأخذ المالك رأس ماله وما فضل فهو بينهما، وإن نقص لم يضمن) لما مر.
ثم ذكر مفهوم قوله وبقيت المضاربة فقال: (وإن قسم الربح وفسخت المضاربة والمال في يد المضارب ثم عقداها فهلك المال لم يترادا وبقيت المضاربة) لانه عقد جديد، وهذه هي الحيلة النافعة للمضارب.
فصل في المتفرقات (المضاربة لا تفسد بدفع كل المال أو بعضه) تقييد الهداية بالبعض اتفاقي.
عناية (إلى المالك) بضاعة(8/447)
لا مضاربة لما مر (وإن أخذه) أي المالك المال بغير أمر المضارب وباع واشترى بطلت إن كان رأس المال نقدا) لانه عامل لنفسه (وإن صار عروضا لا) لان النقد الصريح حينئذ لا يعمل، فهذا أولى عناية.
ثم إن باع بعرض بقيت وإن بنقد بطلت لما مر.
(وإذا سافر)(8/448)
ولو يوما فطعامه وشرابه وكسوته وركوبه بفتح الراء ما يركب ولو بكراء (وكل ما يحتاجه عادة) أي في عادة التجار بالمعروف (في مالها) لو صحيحة(8/449)
لا فاسدة لانه أجير فلا نفقة له كمستبضع ووكيل وشريك كافي وفي الاخير خلاف (وإن عمل في المصر) سواء ولد فيه أو اتخذه دارا (فنفقته في ماله) كدوائه على الظاهر أما إذا نوى الاقامة بمصر ولم يتخذه دارا فله النفقة ابن ملك.
ما لم يأخذ مالا لانه لم يحتبس بمالها، ولو(8/450)
سافر بماله ومالها أو خلط بإذن أو بمالين لرجلين أنفق بالحصة وإذا قدم رد ما بقي.
مجمع.
ويضمن الزائد على المعروف، ولو أنفق من ماله ليرجع في مالها له ذلك ولو هلك لم يرجع على المالك (ويأخذ المالك قدر ما أنفقه المضارب من رأس المال(8/451)
إن كان ثمة ربح، فإن استوفاه وفضل شئ) من الربح (اقتسماه) على الشرط لان ما أنفقه يجعل كالهالك والهالك يصرف إلى الربح كما مر (وإن لم يظهر ربح فلا شئ عليه) أي المضارب (وإن باع المتاع مرابحة حسب ما أنفق على المتاع من الحملان وأجرة السمسار والقصار والصباغ ونحوه) مما اعتيد ضمه (ويقول) البائع (قام علي بكذا وكذا يضم إلى رأس المال ما يوجب زيادة فيه حقيقة أو حكما أو اعتاده التجار) كأجرة السمسار هذا هو الاصل.
نهاية (لا) يضم (ما أنفقه على نفسه) لعدم الزيادة والعادة.
(مضارب بالنصف شرى بألفها بزا) أي ثيابا (وباعه بألفين وشرى بهما عبدا فضاعا في يده)(8/452)
قبل نقدهما لبائع العبد (غرم المضارب) نصف الربح (ربعهما و) غرم (المالك الباقي و) يصير (ربع العبد) ملكا (للمضارب) خارجا عن المضاربة لكونه مضمونا عليه ومال المضاربة أمانة وبينهما تناف (وباقيه لها ورأس المال) جميع ما دفع المالك وهو (ألفان وخمسمائة) ولكن (ربح) المضارب في بيع العبد (على ألفين) فقط لانه شراه بهما.
(ولو بيع) العبد (بضعفهما) بأربعة آلاف (فحصتها ثلاثة آلاف) لان ربعه للمضارب (والربح منها نصف الالف بينهما) لان رأس المال ألفان وخمسمائة.
(ولو شرى من رب المال بألف عبدا شراه) رب المال (بنصفه رابح(8/453)
بنصفه) وكذا عكسه لانه وكيله، ومنه علم جواز شراء المالك من المضارب وعكسه.
(ولو شرى بألفها عبدا قيمته ألفان فقتل العبد رجلا خطأ فثلاثة أرباع الفداء على المالك وربعه على المضارب) على قدر ملكهما.
(والعبد يخدم المالك ثلاثة أيام والمضارب يوما) لخروجه عن المضاربة بالفداء للتنافي كما مر.
ولو اختار المالك الدفع والمضارب الفداء فله ذلك لتوهم الربح حينئذ.(8/454)
(اشترى بألفها عبدا وهلك الثمن قبل النقد) للبائع لم يضمن لانه أمين، بل (دفع المالك) للمضارب (ألفا أخرى ثم وثم) أي كلما هلك دفع أخرى إلى غير نهاية (ورأس المال جميع ما دفع) بخلاف الوكيل، لان يده ثانيا يد استيفاء لا أمانة.(8/455)
(معه ألفان فقال) للمالك (دفعت إلي ألفا وربحت ألفا وقال المالك دفعت ألفين فالقول للمضارب) لان القول في مقدار المقبوض للقابض أمينا أو ضمينا، كما لو أنكره أصلا.
(ولو كان الاختلاف مع ذلك في مقدار الربح فالقول لرب المال في مقدار الربح فقط) لانه يستفاد من جهته (وأيهما أقام بينة تقبل) وإن أقاماها فالبينة بينة رب المال في دعواه الزيادة في رأس المال، (و) بينة (المضارب في دعواه الزيادة في الربح) قيد الاختلاف بكونه في المقدار، لانه لو كان في الصفة فالقول لرب المال فلذا قال(8/456)
(معه ألف فقال هو مضاربة بالنصف وقد ربح ألفا وقال المالك هو بضاعة فالقول للمالك) لانه منكر (وكذا لو قال المضارب هي قرض رب المال هي بضاعة أو وديعة أو مضاربة فالقول لرب المال والبينة بينة المضارب) لانه يدعي عليه التمليك والمالك ينكر.
(وأما لو ادعى المالك القرض والمضارب المضاربة فالقول للمضارب) لانه ينكر الضمان، وأيهما أقام البينة قبلت (وإن أقاما) بينة (فبينة رب المال أولى) لانها أكثر إثباتا.
وأما الاختلاف في النوع:(8/457)
فإن ادعى المضارب العموم أو الاطلاق وادعى المالك الخصوص فالقول للمضارب لتمسكه بالاصل.
ولو ادعى كل نوعا فالقول للمالك والبينة للمضارب فيقيمها على صحة تصرفه ويلزمها نفي الضمان.
ولو وقتت البينتان قضى بالمتأخرة، وإلا فبينة المالك مال الصغير إلى نفسه.(8/458)
فروع: دفع الوصي مضاربة جاز، وقيده الطرسوسي بأن لا يجعل الوصي لنفسه من الربح أكثر مما يجعل لامثاله.
وتمامه في شرح الوهبانية.(8/459)
وفيها: مات المضارب ولم يوجد مال المضاربة فيما خلف عاد دينا في تركته.
وفي الاختيار: دفع المضارب شيئا للعاشر ليكف عنه ضمن لانه ليس من أمور التجارة، لكن صرح في مجمع الفتاوى بعدم الضمان في زماننا.
قال: وكذا الوصي لانهما يقصدان الصلاح، وسيجئ آخر الوديعة.
وفيه: لو شرى بمالها متاعا فقال أنا أمسكه حتى أجد ربحا كثيرا وأراد المالك بيعه، فإن(8/460)
في المال ربح أجبر على بيعه لعمله بأجر كما مر، إلا أن يقول للمالك أعطيك رأس المال وحصتك من الربح فيجبر المالك على قبول ذلك.
وفي البزازية: دفع إليه ألفا نصفها هبة ونصفها مضاربة فهلكت يضمن حصة الهبة ا ه.
قلت: والمفتى به أنه لا ضمان مطلقا، لا في المضاربة لانها أمانة، ولا في الهبة لانها فاسدة وهي تملك بالقبض على المعتمد المفتى به كما سيجئ فلا ضمان فيها، وبه يضعف قول الوهبانية: وأودعه عشرا على أن خمسة له هبة فاستهلك الخمس يخسر(8/461)
كتاب الايداع لاخفاء في اشتراكه مع ما قبله في الحكم وهو الامانة (هو) لغة من الودع: أي الترك.
وشرعا (تسليط الغير على حفظ ماله صريحا أو دلالة)(8/464)
كأن انفتق زق رجل فأخذه رجل بغيبة مالكه ثم تركه ضمن، لانه بهذا الاخذ التزم حفظه دلالة بحر.
(والوديعة ما تترك عند الامين) ويه أخص من الامانة كما حققه المصنف وغيره.(8/465)
(وركنها الايجاب صريحا) كأودعتك (أو كناية).
كقوله: لرجل أعطني ألف درهم أو أعطني هذا الثوب مثلا فقال أعطيتك كان وديعة.
بحر لان الاعطاء يحتمل الهبة، لكن الوديعة أدنى وهو متيقن فصار كناية (أو فعلا) كما لو وضع ثوبه بين يدي رجل ولم يقل شيئا،(8/466)
فهو إيداع (والقبول من المودع صريحا) كقبلت (أو دلالة) كما لو سكت عند وضعه فإنه قبول دلالة كوضع ثيابه في حمام بمرأى من الثياب.
وكقوله: لرب الخان أين أربطها فقال هناك،(8/467)
كان إيداعا.
خانية وهذا في حق وجوب الحفظ، وأما في حق الامانة فتتم بالايجاب وحده، حتى لو قال للغاصب أودعتك المغصوب برئ عن الضمان وإن لم يقبل اختيار.
(وشرطها كون المال قابلا لاثبات اليد عليه) فلو أودع الآبق أو الطير في الهواء(8/468)
لم يضمن (وكون المودع مكلفا شرط لوجوب الحفظ عليه) فلو أودع صبيا فاستهلكها لم يضمن، ولو عبدا محجورا ضمن بعد عتقه (وهي أمانة) هذا حكمها مع وجوب الحفظ(8/469)
والاداء عند الطلب واستحباب قبولها (فلا تضمن بالهلاك) إلا إذا كانت الوديعة بأجر أشباه(8/470)
معزيا للزيلعي (مطلقا) سواء أمكن التحرز عنه أم لا، هلك معها شئ أم لا، لحديث الدارقطني ليس على المستودع غير المغل ضمان (واشتراط الضمان على الامين) كالحمامي والخاني (باطل به
يفتى) خلاصة وصدر الشريعة.(8/471)
(وللمودع حفظها بنفسه وعياله) كما له (وهم من يسكن معه حقيقة،(8/472)
أو حكما لا من يمونه) فلو دفعها لولده المميز أو زوجته ولا يسكن معهما ولا ينفق عليهما لم يضمن.
خلاصة وكذا لو دفعتها لزوجها لان العبرة للمساكنة لا للنفقة، وقيل يعتبران معا.
عيني (وشرط كونه) أي من في عياله (أمينا) فلو علم خيانته ضمن خلاصة.
(و) جاز (لمن في عياله الدفع لمن في عياله، ولو نهاه عن الدفع إلى بعض من في عياله(8/473)
فدفع إن وجد بدا منه)، بأن كان له عيال غيره، ابن مالك (ضمن وإلا لا وإن حفظها بغيرهم ضمن)، وعن محمد: إن حفظها بمن يحفظ ماله(8/474)
كوكيله ومأذونه وشريكه مفاوضة وعنانا جاز وعليه الفتوى: ابن مالك واعتمده ابن الكمال وغيره، وأقره المصنف (إلا إذا خاف الحرق أو الغرق وكان غالبا محيطا) فلو غير محيط ضمن (فسلمها إلى جاره أو) إلى (فلك آخر)،(8/475)
إلا إذا أمكنه دفعها لمن في عياله أو ألقاها فوقعت في البحر ابتداء أو بالتدحرج ضمن زيلعي (فإن ادعاه) أي الدفع لجاره أو فلك آخر (صدق إن علم وقوعه) أي الحرق (ببيته) أي بدار المودع (وإلا يعلم، وقوع الحرق في داره (لا) يصدق (إلا ببينة) فحصل بين كلامي الخلاصة والهداية التوفيق، وبالله التوفيق.(8/476)
(ولو منعه الوديعة ظلما بعد طلبه) لرد وديعته فلو لحملها إليه لم يضمن.
ابن ملك (بنفسه) ولو حكما كوكيله بخلاف رسوله،(8/477)
ولو بعلامة منه على الظاهر (قادرا على تسليمها ضمن، وإلا) بأن كان عاجزا(8/479)
أو خاف على نفسه أو ماله بأن كان مدفونا معها ابن مالك (لا) يضمن كطلب الظالم (فلو كانت الوديعة سيفا أراده صاحبه أن يأخذ ليضرب به رجلا ظلما فله المنع من الدفع) إلى أن يعلم به ترك الرأي الاول وأنه ينتفع به على وجه مباح جواهر (كما لو أودعت) امرأة (كتابا فيه إقرار منها للزوج بمال أو بقبض مهرها منه) فله منعه منها لئلا يذهب حق الزوج خانية (ومنه) أي من المنع ظلما (موته) أي موت المودع (مجهلا فإنه يضمن) فتصير دينا في تركته،(8/480)
إلا إذا علم أن وارثه يعلمها فلا ضمان.(8/481)
ولو قال الوارث أنا علمتها وأنكر الطالب، إن فسرها وقال هي كذا وأنا علمتها وهلكت، صدق هذا وما لو كانت عنده سواء، إلا في مسألة وهي أن الوارث إذا دل السارق على الوديعة لا يضمن والمودع إذا دل ضمن خلاصة إلا إذا منعه من الاخذ حال الاخذ (كما في سائر الامانات) فإنها تنقلب مضمونة بالموت عن تجهيل كشريك ومفاوض (إلا في) عشر على ما في الاشباه، منها(8/482)
(ناظر أودع غلات الوقف ثم مات مجهلا) فلا يضمن قيد بالغلة،(8/483)
لان الناظر لو مات مجهلا لمال البدل ضمنه أشباه: أي لثمن الارض المستبدلة.
قلت: فلعين الوقف بالاولى كالدراهم الموقوفة على القول بجوازه قاله المصنف وأقره ابنه في الزواهر وقيد موته بحثا بالفجأة، فلو بمرض ونحو ضمن لتمكنه من بيانها فكان مانعا لها
ظلما فيضمن، ورد ما بحثه في أنفع الوسائل، فتنبه،(8/484)
(و) منها: (قاض مات مجهلا لاموال اليتامى) زاد في الاشباه: عند من أودعها، ولا بد منه، لانه لو وضعها في بيته ومات مجهلا ضمن لانه مودع، بخلاف ما لو أودع غيره لان للقاضي ولاية(8/485)
إيداع مال اليتيم على المعتمد كما في تنوير البصائر، فليحفظ، (و) منها (سلطان أودع بعض الغنيمة عند غاز ثم مات مجهلا) وليس منها مسألة أحد المتفاوضين على المعتمد(8/486)
لما نقله المصنف هنا.
وفي الشركة عن وقف الخانية أن الصواب أنه يضمن نصيب شريكه بموته مجهلا وخلافه غلط.
قلت: وأقره محشوها، فبقي المستثنى تسعة فليحفظ.
وزاد الشرنبلالي في شرحه للوهبانية على العشرة تسعة: الجد ووصيه ووصي القاضي وستة من المحجورين، لان الحجر يشمل سبعة، فإنه لصغر ورق وجنون وغفلة ودين وسفه وعته، والمعتوه كصبي، وإن بلغ ثم مات لا يضمن إلا أن يشهدوا أنها كانت في يده بعد بلوغه لزوال المانع وهو الصبا، فإن كان الصبي والمعتوه(8/487)
مأذونا لهما، ثم ماتا قبل البلوغ والافاقة ضمنا.
كذا في شرح الجامع الوجيز قال: فبلغ تسعة عشر، ونظم عاطفا على بيتي الوهبانية بيتين وهي: وكل أمين مات والعين يحصروما وجدت عينا فدينا تصير سوى متولي الوقف ثم مفاوض ومودع مال الغنم وهو المؤمر وصاحب ذو ألقت الريح مثل مالو ألقاه ملاك بها ليس يشعر كذا والد جد وقاض وصيهم جميعا ومحجور فوارث يسطر(8/488)
(وكذا لو خلطها المودع)
بجنسها أو بغيره (بماله) أو مال آخر.
ابن كمال(8/489)
(بغير إذن) المالك (بحيث لا تتميز) إلا بكلفة كحنطة بشعير ودراهم جياد بزيوف.
مجتبى (ضمنها) لاستهلاكه بالخلط، لكن لا يباح تناولها قبل أداء الضمان وصح الابراء، ولو خلطه(8/490)
بردئ ضمنه لانه عيبة وبعكسه شريك لعدمه.
مجتبى (وإن بإذنه اشتركا) شركة أملاك كما لو اختلطت بغير صنعه كأن انشق الكيس لتعدم التعدي ولو خلطها غير المودع ضمن الخالط ولو صغيرا، ولا يضمن أبوه.
خلاصة.
(ولو أنفق بعضها فرد مثله فخلطه بالباقي) خلطا لا يتميز معه (ضمن) الكل لخلط ماله بها، فلو تأتي التمييز أو أنفق ولم يرد أو أودع وديعتين فأنفق إحداهما ضمن ما أنفق فقط.
مجتبى وهذا إذا لم يضره التبعيض.(8/491)
(وإذا تعدى عليها) فلبس ثوبها، أو ركب دابتها أو أخذ بعضها (ثم رد) عينه إلى يده (حتى زال التعدي زال) ما يؤدي إلى (الضمان) إذا لم يكن من نيته العود إليه أشباه من شروط النية(8/492)
بخلاف المستعير والمستأجر، فلو أزالاه لم يبرا لعملهما لانفسهما، بخلاف مودع ووكيل بيع أو حفظ أو إجارة أو استئجار ومضارب ومستبضع وشريك عنانا أو مفاوضة(8/493)
ومستعير رهن أشباه.
والحاصل أن الامين إذا تعدى ثم أزاله لا يزول الضمان إلا في هذه العشرة لان يده كيد المالك، ولو كذبه في عوده للوفاق فالقول له، وقيل للمودع.
عمادية (و) بخلاف (إقراره بعد جحوده) أي جحود الايداع، حتى لو ادعى هبة أو بيعا لم يضمن خلاصة وقيد بقوله: (بعد(8/494)
طلب) ربها (ردها) فلو سأله عن حالها فجحدها فهلكت لم يضمن بحر وقيد بقوله: (ونقلها من مكانها وقت الانكار) أي حال جحوده، لانه لو لم ينقلها وقته فهلكت لم يضمن خلاصة: وقيد قوله: (وكانت) الوديعة (منقولا) لان العقار، لا يضمن بالجحود عندهما(8/495)
خلافا لمحمد في الاصح غصب الزيلعي.
وقيد بقوله: (ولم يكن هناك من يخاف منه عليها) فلو كان لم يضمن لانه من باب الحفظ.
وقيد بقوله: (ولم يحضرها بعد جحودها) لانه لو جحدها ثم أحضرها فقال له ربها دعها وديعة، فإن أمكنه أخذها لم يضمن لانه إيداع جديد وإلا ضمنها لانه لم يتم الرد.
اختيار.
وقيد بقوله: (لمالكها) لانه لو جحدها لغيره لم يضمن لانه من الحفظ، فإذا تمت هذه الشروط لم يبرأ بإقراره إلا بعقد جديد ولم يوجد.
ولو جحدها ثم ادعى ردها بعد ذلك وبرهن عليه قبل وبرئ (وكما لو ردها قبل(8/496)
الجحود، وقال غلطت في الجحود أو نسيت أو ظننت أني دفعتها) قبل برهانه.
ولو ادعى هلاكها قبل جحودها حلف المالك ما يعلم ذلك، فإن حلف ضمنه، وإن نكل برئ، وكذا العارية.
منهاج ويضمن قيمتها يوم الجحود إن علم،(8/497)
وإلا فيوم الايداع عمادية.
بخلاف مضارب جحد ثم اشترى لم يضمن.
خانية (و) المودع (له السفر بها)،(8/498)
ولو لها حمل.
درر (عند عدم نهي المالك و) عدم (الخوف عليها) بالاخراج، فلو نهاه أو خاف، فإن له بد من السفر ضمن، وإلا(8/499)
فإن سافر بنفسه ضمن وبأهله لا.
اختيار.
(ولو أودعا شيئا) مثليا أو قيميا (لم) يجز أن (يدفع المودع إلى أحدهما حظه في غيبة صاحبه) ولو دفع هل يضمن؟(8/500)
في الدرر نعم.
وفي البحر: الاستحسان لا فكان هو المختار.
(فإن أودع رجل عند رجلين ما يقسم اقتسماه وحفظ كل نصفه) كمهرتهنين ومستبضعين ووصيين وعدلي رهن ووكيلي شراء (ولو دفعه) أحدهما (إلى صاحبه ضمن) الدافع (بخلاف ما لا(8/501)
يقسم) لجواز حفظ أحدهما بإذن الآخر.
(ولو قال لا تدفع إلى عيالك أو احفظ في هذا البيت فدفعها إلى ما لا بد منه أو حفظها في بيت آخر، من الدار، فإن كانت بيوت الدار مستوية في الحفظ) أو أحرز (لم يضمن)(8/502)
وإلا ضمن لان التقييد مفيد.(8/503)
(ولا يضمن مودع المودع) فيضمن الاول فقط إن هلكت بعد مفارقته، وإن قبلها لا ضمان.
ولو قال المالك هلكت عند الثاني وقال بل ردها وهلكت عندي لم يصدق، وفي الغصب منه يصدق(8/504)
لانه أمين.
سراجية.
وفي المجتبى: القصار إذا غلط فدفع ثوب رجل لغيره فقطعه فكلاهما ضامن.
وعن محمد: أصاب الوديعة شئ فأمر المودع رجلا ليعالجها فعطبت من ذلك، فلربها تضمين من شاء، لكن إن ضمن المعالج رجع على الاول إن لم يعلم أنها لغيره، وإلا لم يرجع ا ه
(بخلاف مودع الغاصب)(8/505)
فيضمن أيا شاء، وإذا ضمن المودع رجع على الغاصب وإن علم على الظاهر درر خلافا لما نقله القهستاني والباقاني والبرجندي وغيرهم.(8/506)
فتنبه.
(معه ألف ادعى رجلان كل منهما أنه له أودعه إياه فنكل) عن الحلف (لهما، فهو لهما وعليه ألف آخر بينهما) ولو حلف لاحدهما ونكل للآخر فالالف لمن نكل له.
(دفع إلى رجل ألفا وقال ادفعها اليوم إلى فلان فلم يدفعها حتى ضاعت لم يضمن) إذ لا(8/507)
يلزمه ذلك (كما لو قال له احمل إلي الوديعة فقال افعل ولم يفعل حتى مضى اليوم) وهلكت لم يضمن، لان الواجب عليه التخلية: عمادية.
(قال) رب الوديعة (للمودع ادفع الوديعة إلى فلان فقال دفعت وكذبه) في الدفع (فلان وضاعت) الوديعة (صدق المودع مع يمينه) لانه أمين.
سراجية.
(قال) المودع ابتداء (لا أدري كيف ذهبت لا يضمن على الاصح، كما لو قال ذهبت ولا أدري كيف ذهبت) فإن القول قوله، بخلاف قوله لا أدري أضاعت أم لم تضع أو لا أدري وضعتها أو دفنتها في داري أو موضع آخر فإنه يضمن، ولو لم يبين مكان الدفع لكنه قال سرقت من المكان المدفون فيه لا يضمن وتمامه في العمادية.(8/508)
فروع: هدد المودع أو الوصي على دفع بعض المال:(8/509)
إن خاف تلف نفسه أو عضوه فدفع لم يضمن، وإن خاف الحبس أو القيد ضمن، وإن خشي
أخذ ماله كله فهو عذر كما لو كان الجائر هو الآخذ بنفسه فلا ضمان عمادية.
خيف على الوديعة الفساد رفع الامر للحاكم ليبيعه ولو لم يرفع حتى فسد فلا ضمان.
ولو أنفق عليها بلا أمر قاض فهو متبرع.
قرأ من مصحف الوديعة أو الرهن فهلك حالة القراءة لا ضمان، لان له ولاية هذا التصرف.
صيرفية.
قال: وكذا لو وضع السراج على المنارة.(8/510)
وفيها: أودع صكا وعرف أداء بعض الحق ومات الطالب وأنكر الوارث الاداء حبس المودع الصك أبدا.
وفي الاشباه: لا يبرأ مديون الميت بدفع الدين إلى الوارث وعلى الميت دين.
ليس للسيد أخذ وديعة العبد.
العامل لغيره أمانة لا أجر له إلا الوصي والناظر(8/511)
إذا عملا.
قلت: فعلم منه أن لا أجر للناظر في المسقف إذا أحيل عليه المستحقون، فليحفظ، وفي الوهبانية: ودافع ألف مقرضا ومقارضا وربح القراض الشرط جاز ويحذر(8/512)
وإن يدعي ذو المال قرضا وخصمه قراضا فرب المال قد قيل أجدر وفي العكس بعد الربح فالقول قوله كذلك في الابضاع ما يتغير وإن قال قد ضاعت من البيت وحدها يصح ويستحلف فقد يتصور وتارك في قوم لامر صحيفة فراحوا وراحت يضمن المتأخر(8/513)
وتارك نشر الصوف صيفا فعث لم يضمن وقرض الفار بالعكس يؤثر
إذا لم يسد الثقب من بعد علمه ولم يعلم الملاك ما هي تنعر قلت: بقي لو سده مرة ففتحه الفأر وأفسده لم يذكر، وينبغي تفصيله كما مر، فتدبر.(8/514)
كتاب العارية أخرها عن الوديعة لان فيها تمليكا وإن اشتركا في الامانة.
ومحاسنها: النيابة عن الله تعالى في إجابة المضطر، لانها لا تكون إلا لمحتاج كالقرض، فلذا كانت الصدقة بعشرة، والقرض بثمانية عشر.
(هي) لغة مشددة(8/522)
وتخفف: إعارة الشئ قاموس.
وشرعا (تمليك المنافع، مجانا) أفاد بالتمليك لزوم الايجاب والقبول ولو فعلا.
وحكمها: كونها أمانة وشرطها: قابلية المستعار للانتفاع وخلوها عن شرط(8/523)
العوض، لانها تصير إجارة، وصرح في العمادية بجواز إعارة المشاع وإيداعه وبيعه: يعني لان جهالة العين لا تفضي للجهالة(8/524)
لعدم لزومها.
وقالوا: علف الدابة على المستعير وكذا نفقة العبد، أما كسوته فعلى المعير، وهذا إذا طلب الاستعارة، فلو قال المولى خذه واستخدمه من غير أن يستعيره فنفقته على المولى أيضا لانه وديعة.
(وتصح بأعرتك) لانه صريح (وأطعمتك أرضي) أي غلتها لانه صريح مجازا من إطلاق اسم المحل على الحال (ومنحتك) بمعنى أعطيتك(8/525)
(ثوبي أو جاريتي هذه وحملتك على دابتي هذه إذا لم يرد به) بمنحتك وحملتك (الهبة) لانه صريح
فيفيد العارية بلا نية والهبة بها: أي مجازا (وأخدمتك عبدي) وأجرتك داري شهرا مجانا (وداري)(8/526)
مبتدأ (لك) خبر (سكنى) تمييز، أي بطريق السكنى (و) داري لك (عمري) مفعول مطلق: أي أعمرتها لك عمري (سكنى) تمييزه يعني جعلت سكناها لك مدة عمرك (و) لعدم لزومها (يرجع المعير متى شاء) ولو مؤقتة.(8/527)
أو فيه ضرر فتبطل وتبقى العين بأجر المثل، كمن استعار أمة لترضع ولده وصار لا يأخذ إلا ثديها فله أجر المثل إلى الفطام.
وتمامه في الاشباه.(8/528)
وفيها معزيا للقنية: تلزم العارية فيما إذا استعار جدار غيره لوضع جذوعه فوضعها ثم باع المعير الجدار ليس للمشتري رفعها، وقيل نعم إلا إذا شرطه وقت البيع.
قلت: وبالقيل جزم في الخلاصة والبزازية وغيرهما، واعتمده محشيها في تنوير البصائر،(8/529)
ولم يتعقبه ابن المصنف فكأنه ارتضاه، فليحفظ.
(ولا تضمن بالهلاك من غير تعد)، وشرط الضمان باطل كشرط عدمه في الرهن خلافا للجوهرة (ولا تؤجر ولا ترهن) لان الشئ لا يتضمن ما فوقه (كالوديعة) فإنها لا تؤجر ولا(8/530)
ترهن، بل ولا تودع ولا تعار، بخلاف العارية على المختار.
وأما المستأجر فيؤجر(8/531)
ويودع ويعار ولا يرهن.
وأما الرهن فكالوديعة، وفي الوهبانية نظم تسع مسائل لا يملك فيها تمليكا لغيره بدون إذن سواء قبض أو لا، فقال: ومالك أمر لا يملكه(8/532)
بدون أمر وكيل مستعير ومؤجر
ركوبا ولبسا فيهما ومضارب ومرتهن أيضا وقاض يؤمر ومستودع مستبضع ومزارع إذا لم يكن من عنده البذر يبذر(8/533)
قلت: والعاشرة وما للمساقي أن يساقي غيره وإن أذن المولى له ليس ينكر (فإن آجر) المستعير (أو رهن فهلكت ضمنه المعير) للتعدي (ولا رجوع له) للمستعير (على أحد) لانه بالضمان ظهر أنه آجر ملك نفسه، ويتصدق بالاجرة، خلافا للثاني (أو) ضمن (المستأجر) سكت عن المرتهن.
وفي شرح الوهبانية:(8/534)
الخامسة لا يملك المرتهن أن يرهن فيضمن، وللمالك الخيار ويرجع الثاني على الاول (ورجع) المستأجر (على المستعير إذا لم يعلم بأنه عارية في يده) دفعا لضرر الغرر.
(وله أن يعير ما اختلف استعماله أولا إن لم يعين) المعير (منتفعا، و) يعير، (ما لا يختلف إن عين) وإن اختلف لا للتفاوت، وعزاه في زواهر الجواهر للاختيار(8/535)
(ومثله) أي كالمعار (المؤجر) وهذا عند عدم النهي، فلو قال لا تدفع لغيرك فدفع فهلك ضمن مطلقا.
خلاصة.
(فمن استعار دابة أو استأجرها مطلقا) بلا تقييد (يحمل) ما شاء (ويعيرله) للحمل (ويركب) عملا بالاطلاق (وأيا فعل) أو لا (تعين) مرادا (وضمن بغيره) إن عطبت حتى لو ألبس أو أركب غيره لم يركب بنفسه بعده هو الصحيح كافي.(8/536)
(وإن أطلق) المعير أو المؤجر (الانتفاع في الوقت والنوع انتفع ما شاء أي وقت شاء) لما مر
(وإن قيده) بوقت أو نوع، أو بهما (ضمن بالخلاف إلى شر فقط) لا إلى مثل أو خير (وكذا تقييد(8/537)
الاجارة بنوع أو قدر) مثل العارية (عارية الثمنين والمكيل والموزون والمعدود المتقارب) عند الاطلاق (قرض) ضرورة استهلاك عينها، (فيضمن) المستعير (بهلاكها قبل الانتفاع) لانه قرض، حتى لو استعارها ليعبر الميزان أو يزين الدكان كان عارية، ولو أعاره قصعة ثريد فقرض، ولو بينهما مباسطة فإباحة،(8/538)
وتصح عارية السهم ولا يضمن لان الرمي يجري مجرى الهلا ك صيرفية.
(ولو أعار أرضا للبناء والغرس صح) للعلم بالمنفعة (وله أن يرجع متشاء) لما تقرر أنها غير لازمة (ويكلفه قلعهما إلا إذا كان فيه مضرة بالارض فيتركان بالقيمة مقلوعين) لئلا تتلف أرضه (وإن وقت) العارية (فرجع قبله) كلفه قلعهما(8/539)
و (ضمن) المعير للمستعير (ما نقص) البناء والغرس (بالقلع)، بأن يقوم قائما(8/540)
إلى المدة المضروبة، وتعتبر القيمة يوم الاسترداد بحر.
(وإذا استعارها ليزرعها لم تؤخذ منه قبل أن يحصد الزرع وقتها أو لا) فتترك بأجر المثل، مراعاة للحقين، فلو قال المعير أعطيك البذر وكلفتك إن كان لم يثبت لم يجز بيع الزرع قبل نباته باطل وبعد نباته فيه كلام أشار إلى الجواز في المغني نهاية.
(ومؤنة الرد على المستعير، فلو كانت مؤقتة فأمسكها بعده فهلكت ضمنها)،(8/541)
لان مؤنة الرد عليه نهاية (إلا إذا استعارها ليرهنها) فتكون كالاجارة رهن الخانية (وكذا الموصى له بالخدمة مؤنة الرد عليه، وكذا المؤجر والغاصب والمرتهن) مؤنة الرد عليهم لحصول المنفعة لهم،(8/542)
هذا لو الاخراج بإذن رب المال، وإلا فمؤنة رد مستأجر ومستعار على الذي أخرجه إجارة البزازية.
بخلاف شركة ومضاربة هبة قضى بالرجوع مجتبى(8/543)
(وإن رد المستعير الدابة مع عبده، أو أجيره مشاهرة) لا مياومة (أو مع عبد ربها مطلقا) يقوم عليها أولا في الاصح (أو أجيره) أي مشاهرة كما مر فهلكت قبل قبضها (برئ) لانه أتى بالتسليم المتعارف (بخلاف نفيس) كجوهرة (وبخلاف الرد مع الاجنبي) أي (بأن كانت العارية مؤقتة فمضت مدتها ثم بعثها مع الاجنبي) لتعديه بالامساك بعد المدة(8/544)
(وإلا فالمستعير يملك الايداع)، فيما يملك الاعارة (من الاجنبي)(8/545)
به يفتى زيلعي فتعين حمل كلامهم على هذا، وبخلاف رد وديعة ومغصوب، إلى دار المالك فإنه ليس بتسليم.
(وإذا استعار أرضا) بيضاء (للزراعة يكتب المستعير) إنك أطعمتني أرضك لازرعها فيخصص لئلا يعم البناء ونحوه (العبد المأذون يملك الاعارة،(8/546)
والمحجور إذا استعار واستهلكه يضمن بعد العتق ولو أعار) عبد محجور عبدا محجورا (مثله فاستهلكها، ضمن) الثاني (للحال، ولو استعار ذهبا فقلده صبيا فسرق) الذهب (منه) أي من الصبي (فإذا كان الصبي يضبط) حفظ (ما عليه) من اللباس (لم يضمن) وإلا ضمن لانه إعارة والمستعير يملكها (وضعها) أي العارية (بين يديه فنام فضاعت لم يضمن لو نام جالسا) لانه لا يعد مضيعا لها (وضمن لو نام مضطجعا) لتركه الحفظ.(8/547)
(ليس للاب إعارة مال طفله) لعدم البدل، وكذا القاضي والوصي.
(طلب) شخص (من رجل ثورا عارية فقال أعطيك غدا فلما كان الغد ذهب الطالب وأخذه بغير إذنه واستعمله فمات) الثور (لا ضمان عليه) خانية عن إبراهيم بن يوسف، لكن في المجتبى وغيره أنه يضمن.
(جهز ابنته بما يجهز به مثلها ثم قال كنت أعرتها الامتعة إن العرف مستمرا) بين الناس (أن الاب يدفع ذلك) الجهاز (ملكا لا إعارة، لا يقبل قوله) إنه إعارة لان الظاهر يكذبه (وإن لم يكن) العرف (كذلك) أو تارة وتارة (فالقول له) به يفتى، كما لو كان أكثر مما يجهز به مثلها فإن القول(8/548)
له اتفاقا (والام) وولي الصغيرة (كالاب) فيما ذكر وفيما يدعيه الاجنبي بعد الموت لا يقبل إلا(8/549)
ببينة شرح وهبانية، وتقدم في باب المهر.
وفي الاشباه (كل أمين ادعى إيصال الامانة إلى مستحقها قبل قوله) بيمينه (كالمودع إذا ادعى الرد والوكيل والناظر) إذا ادعى الصرف إلى الموقوف عليهم،(8/550)
يعني من الاولاد والفقراء وأمثالهما.
وأما إذا ادعى الصرف إلى وظائف المرتزقة فلا يقبل قوله(8/551)
في حق أرباب الوظائف، لكن لا يضمن ما أنكروه له بل يدفعه ثانيا من مال الوقف كما بسطه في حاشية أخي زاده.
قلت: وقد مر في الوقف عن المولى أبي السعود، واستحسنه المصنف وأقره ابنه، فليحفظ (وسواء كان في حياة مستحقها أو بعد موته)، إلا في الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه قبضه ودفعه له في حياته لم يقبل قوله إلا ببينة(8/552)
(بخلاف الوكيل بقبض العين) كوديعة قال قبضتها في حياته، وهلكت وأنكرت الورثة أو قال دفعتها إليه فإنه يصدق لانه ينفي الضمان عن نفسه، بخلاف الوكيل بقبض الدين لانه يوجب الضمان على الميت وهو ضمان مثل المقبوض فلا يصدق وكالة الولوالجية.
قلت: وظاهره أنه لا يصدق لا في حق نفسه ولا في حق الموكل، وقد أفتى بعضهم(8/553)
، أنه يصدق في حق نفسه لا في حق الموكل، وحمل عليه كلام الولوالجية، فيتأمل عند الفتوى.
فروع: أوصى بالعارية ليس للورثة الرجوع.
العارية كالاجارة تنفسخ بموت أحدهما.
مات وعليه دين وعنده وديعة بغير عينها فالتركة بينهم بالحصص.
استأجر بعيرا إلى مكة فعلى الذهاب، وفي العارية على الذهاب والمجئ(8/555)
لان ردها عليه.
استعار دابة للذهاب فأمسكها في بيته فهلكت ضمن لانه أعارها للذهاب لا للامساك.
استقرض ثورا فأغار عليه الاتراك لم يضمن لانه عارية عرفا.
استعار أرضا ليبني ويسكن وإذا خرج فالبناء للمالك فللمالك أجر مثلها مقدار السكنى والبناء للمستعير، لان الاعارة تمليك بلا عوض فكانت إجارة معنى، وفسدت بجهالة المدة، وكذا لو شرط الخراج على المستعير لجهالة البدل.
والحيلة أن يؤجره الارض سنين معلومة ببدل معلوم ثم يأمره بأداء الخراج منه.(8/556)
استعار كتابا فوجد به خطأ أصلحه إن علم رضا صاحبه.
قلت: ولا يأثم بتركه إلا في القرآن لان إصلاحه واجب بخط مناسب ففي الوهبانية:
وسفر رأى إصلاحه مستعيره يجوز إذا مولاه لا يتأثر وفي معاياتها: وأي معير ليس يملك أخذ ما أعار وفي غير الرهان التصور(8/557)
وهل واهب لابن يجوز رجوعه وهل مودع ما ضيع المال يخسر(8/558)
كتاب الهبة وجه المناسبة ظاهر (هي) لغة التفضل على الغير ولو غير مال.
وشرعا (تمليك العين مجانا) أي بلا عوض، لا أن عدم العوض شرط فيه.(8/562)
وأما تمليك الدين من غير من عليه الدين،(8/563)
فإن أمره بقبضه صحت لرجوعها إلى هبة العين.
(وسببها إرادة الخير للواهب) دنيوي: كعوض ومحبة وحسن ثناء وأخروي.
قال الامام أبو منصور: يجب على المؤمن أن يعلم ولده الجود والاحسان، كما يجب عليه أن يعلمه التوحيد(8/564)
والايمان، إذ حب الدنيا رأس كل خطيئة.
نهاية وهي مندوبة وقبولها سنة، قال (ص): تهادوا تحابوا.
وشرائط صحتها في الواهب(8/565)
(العقل والبلوغ والملك) فلا تصح هبة صغير ورقيق ولو مكاتبا.
(و) شرائط صحتها (في الموهوب: أن يكون مقبوضا، غير مشاع،(8/566)
مميزا غير مشغول) كما سيتضح (وركنها) هو (الايجاب والقبول) كما سيجئ.(8/568)
(وحكمها: ثبوت الملك للموهوب له غير لازم) فله الرجوع والفسخ (وعدم صحة خيار الشرط فيها) فلو شرطه صحت إن اختارها قبل تفرقهما، وكذا لو أبرأه صح الابراء وبطل(8/569)
الشرط.
خلاصة، (و) حكمها أنها (لا تبطل بالشروط الفاسدة) فهبة عبد على أن يعتقه تصح ويبطل الشرط.
(وتصح بإيجاب كوهبت،(8/570)
ونحلت وأطعمتك هذا الطعام ولو) ذلك (على وجه المزاح)،(8/571)
بخلاف أطعمتك أرضي فإنه عارية لرقبتها وإطعام لغلتها.
بحر (أو الاضافة إلى ما) أي إلى جزء (يعبر به عن الكل كوهبت لك فرجها وجعلته لك) لان اللام للتمليك، بخلاف جعلته باسمك،(8/572)
فإنه ليس بهبة، وكذا هي لك حلال، إلا أن يكون قبله كلام يفيد الهبة.
خلاصة (وأعمرتك هذا الشئ(8/573)
وحملتك على هذه الدابة) ناويا بالحمل الهبة، كما مر (وكسوتك هذا الثوب وداري لك هبة) أو عمري (تسكنها) لان قوله تسكنها مشورة لا تفسير لان الفعل لا يصلح تفسيرا للاسم فقد أشار عليه في ملكه بأن يسكنه، فإن شاء قبل مشورته، وإن شاء لم يقبل (لا) لو قال (هبة سكنى أو سكنى هبة) بل تكون عارية أخذا بالمتيقن.
وحاصله: أن اللفظ إن أنبأ عن تمليك الرقبة فهبة أو المنافع فعارية أو احتمل اعتبر النية.
نوازل.(8/574)
وفي البحر اغرسه باسم ابني الاقرب الصحة (و) تصح (بقبول) أي في حق الموهوب(8/575)
له، أما في حق الواهب فتصح بالايجاب وحده، لانه تبرع حتى لو حلف أن يهب عبده لفلان فوهب ولم يقبل بر وبعكسه حنث بخلاف البيع (و) تصح (بقبض بلا إذن في المجلس) فإنه هنا كالقبول فاختص بالمجلس (وبعده به) أي بعد المجلس بالاذن.
وفي المحيط: لو كان أمره بالقبض حين وهبه لا يتقيد بالمجلس، ويجوز القبض بعده،(8/576)
(والتمكن من القبض كالقبض، فلو وهب لرجل ثيابا في صندوق مقفل ودفع إليه الصندوق لم يكن قبضا) لعدم تمكنه من القبض (وإن مفتوحا كان قبضا لتمكنه منه) فإنه كالتخلية في البيع اختيار.
وفي الدرر: والمختار صحته بالتخلية في صحيح الهبة لافاسدها،(8/577)
وفي النتف: ثلاثة عشر عقدا لا تصح بلا قبض.
(ولو نهاه عن القبض لم يصح) قبضه (مطلقا) ولو في المجلس لان الصريح أقوى من الدلالة (وتتم) الهبة (بالقبض) الكامل(8/578)
(ولو الموهوب شاغلا لملك الواهب لا مشغولا به)، والاصل أن الموهوب إن مشغولا بملك(8/579)
الواهب، منع تمامها، وإن شاغلا لا فلو وهب جرابا فيه طعام الواهب أو دارا فيها متاعه أو دابة عليها سرجه وسلمها كذلك لا تصح، وبعكسه(8/580)
تصح في الطعام والمتاع والسرج فقط لان كلا منها شاغل لملك الواهب لا مشغول به، لان شغله بغير ملك واهبه لا يمنع تمامها كرهن وصدقة لان القبض شرط تمامها، وتمامه في وفي الاشباه: هبة المشغول لا تجوز إلا إذا وهب الاب لطفله.(8/581)
قلت: العمادية وكذا الدار المعارة والتي وهبتها لزوجها على المذهب، لان المرأة ومتاعها في يد الزوج فصح التسليم، وقد غيرت بيت الوهبانية فقلت: ومن وهبت للزوج دارا لها بها متاع وهم فيها تصح المحرر وفي الجوهرة: وحيلة هبة المشغول أن يودع الشاغل أولا عند الموهوب له ثم يسلمه الدار(8/582)
مثلا فتصح لشغلها بالمتاع (في يده) في متعلق بتتم (محوز) مفرغ (مقسوم ومشاع(8/583)
، لا) يبقى، منتفعا به بعد أن (يقسم)(8/585)
كبيت وحمام صغيرين، لانها (لا) تتم بالقبض (فيما يقسم ولو) هبة (لشريكه) أو لاجنبي لعدم تصور القبض الكامل كما في عامة الكتب فكان هو المذهب.
وفي الصيرفية عن العتابي: وقيل يجوز لشريكه وهو المختار(8/586)
(فإن قسمه وسلمه صح) لزوال المانع (ولو سلمه شائعا لا يملكه فلا ينفذ تصرفه فيه) فيضمنه وينفذ تصرف الواهب.
درر لكن فيها عن الفصولين: الهبة الفاسدة تفيد الملك(8/587)
بالقبض، وبه يفتى.
ومثله في البزازية، على خلاف ما صححه في العمادية، لكن لفظ الفتوى
آكد من لفظ الصحيح كما بسطه المصنف مع بقية أحكام المشاع.
وهل للقريب الرجوع في الهبة الفاسدة؟ قال في الدرر: نعم.
وتعقبه في الشرنبلالية بأنه غير ظاهر على القول المفتى به من(8/588)
إفادتها الملك بالقبض، فليحفظ (المانع) من تمام القبض (شيوع مقارن) للعقد (لا طارئ) كأن يرجع في بعضها شائعا فإنه لا يفسدها اتفاقا (والاستحقاق) شيوع (مقارن) لا طارئ فيفسد الكل، حتى لو وهب أرضا وزرعها وسلمهما فاستحق الزرع بطلت في الارض لاستحقاق البعض الشائع فيما يحتمل القسمة والاستحقاق إذا ظهر بالبينة كان مستندا إلى ما قبل الهبة فيكون مقارنا لها لا طارئا كما زعمه صدر الشريعة وإن تبعه ابن الكمال.
فتنبه.(8/589)
(ولا تصح هبة لبن في ضرع وصوف على غنم ونخل في أرض وتمر في نخل) لانه كمشاع(8/590)
(ولو فصله) وسلمه (جاز) لزوال المانع وهل يكفي فصل الموهوب له بإذن الواهب؟ ظاهر الدرر نعم (بخلاف دقيق في بر ودهن في سمسم وسمن في لبن)، حيث لا يصح أصلا لانه معدوم فلا يملك إلا بعقد جديد (وملك) بالقبول(8/591)
(بلا قبض جديد) لو الموهوب في يد الموهوب له ولو بغصب أو أمانة، لانه حينئذ عامل لنفسه، والاصل أن القبضين إذا تجانسا ناب أحدهما عن الآخر، وإذا تغايرا ناب الاعلى عن الادنى لا عكسه،(8/592)
وهبة من له ولاية على الطفل (في الجملة) وهو كل من يعوله فدخل الاخ والعم عند عدم الاب لو في عيالهم (تتم بالعقد) لو الموهوب معلوما(8/593)
وكان في يده أو يد مودعه لان قبض الولي ينوب عنه، والاصل أن كل عقد يتولاه الواحد يكتفي فيه بالايجاب (وإن وهب له أجنبي تتم بقبض وليه) وهو أحد أربعة: الاب ثم وصيه، وإن لم يكن في حجرهم وعند عدمهم تتم بقبض من يعوله كعمه (وأمه وأجنبي) ولو ملتقطا (لو في حجرهما) وإلا لا لفوات الولاية (وبقبضه لو مميزا) يعقل التحصيل (ولو مع وجود أبيه) مجتبى.
لانه في النافع المحض كالبالغ حتى لو وهب له أعمى لا نفع له، وتلحقه مؤنته لم يصح قبوله.
أشباه.(8/594)
قلت: لكن في البرجندي: اختلف فيما لو قبض من يعوله والاب حاضر، فقيل: لا يجوز، والصحيح هو الجواز ا ه.
وظاهر القهستاني ترجيحه، وعزاه لفخر الاسلام وغيره، على(8/595)
خلاف، ما اعتمده المصنف في شرحه وعزاه للخلاصة، لكن متنه يحتمله بوصل ولو بأمه والاجنبي أيضا، فتأمل (وصح رده، لها كقبوله) سراجية.
وفيها: حسنات الصبي له ولابويه أجر التعليم ونحوه، ويباح لوالديه أن يأكلا من مأكول وهب له(8/596)
، وقيل لا انتهى.
فأفاد أن غير المأكول لا يباح لهما إلا لحاجة.
وضعوا هدايا الختان بين يدي الصبي، فما يصلح له كثياب الصبيان، فالهداية له وإلا فإن المهدي من أقرباء الاب أو معارفه فللاب أو من معارف الام فللام قال هذا للصبي أو لا، ولو قال أهديت للاب أو للام فالقول له،(8/597)
وكذا زفاف البنت.
خلاصة وفيها اتخذ لولده أو لتلميذه ثيابا ثم أراد دفعها لغيره، ليس له ذلك ما لم يبين وقت الاتخاذ أنها عارية.
وفي المبتغى ثياب البدن يملكها بلبسها،(8/598)
بخلاف نحو ملحفة ووسادة.
وفي الخانية: لا بأس بتفضيل بعض الاولاد في المحبة لانها عمل القلب، وكذا في العطايا إذا لم يقصد به الاضرار، وإن قصده يسوي بينهم، يعطي البنت كالابن عند الثاني، وعليه الفتوى.
ولو وهب في صحته كل المال للولد جاز وأثم.
وفيها: لا يجوز أن يهب شيئا من مال طفله ولو بعوض لانها تبرع ابتداء.
وفيها:(8/599)
ويبيع القاضي ما وهب للصغير حتى لا يرجع الواهب في هبته.
(ولو قبض زوج الصغيرة) أما البالغة فالقبض لها (بعد الزفاف ما وهب لها صح) قبضه ولو بحضرة الاب الصحيح لنيابته عنه فصح قبض الاب كقبضها مميزة (وقبله) أي الزفاف (لا) يصح لعدم الولاية.(8/600)
(وهب اثنان دارا لواحد صح) لعدم الشيوع (وبقلبه) لكبيرين (لا) عنده للشيوع فيما يحتمل القسمة، أما ما لا يحتملها كالبيت فيصح اتفاقا.
قيدنا بكبيرين لانه لو وهب لكبير(8/601)
وصغير في عيال الكبير أو لابنيه صغير وكبير، لم يجز اتفاقا.
وقيدنا بالهبة لجواز الرهن والاجارة من اثنين اتفاقا(8/602)
(وإذا تصدق بعشرة) دراهم (أو وهبها لفقيرين صح) لان الهبة للفقير صدقة، والصدقة يراد بها وجه الله تعالى وهو واحد فلا شيوع.
(لا لغنيين) لان الصدقة على الغني هبة فلا تصح للشيوع: أي لا تملك حتى لو قسمها وسلمها صح.
فروع: وهب لرجلين درهما:(8/603)
إن صحيحا صح، وإن مغشوشا لا لانه مما يقسم لكونه في حكم العروض.
معه درهمان فقال
لرجل: وهبت لك أحدهما أو نصفهما: إن استويا لم يجز، وإن اختلفا جاز، لانه شاع لا يقسم، ولذا لو وهب ثلثهما جاز مطلقا.
تجوز هبة حائط بين داره ودار جاره لجاره وهبة البيت من الدار فهذا يدل على كون سقف الواهب على الحائط واختلاط البيت بحيطان الدار لا يمنع صحة الهبة.
مجتبى.(8/604)
باب الرجوع في الهبة(8/605)
(صح الرجوع فيها بعد القبض)، أما قبله فلم تتم الهبة (مع انتفاء مانعه) الآتي (وإن كره) الرجوع تحريما،(8/606)
وقيل تنزيها نهاية ولو مع إسقاط حقه من الرجوع فلا يسقط بإسقاطه.
خانية.
وفي الجواهر: لا يصح الابراء عن الرجوع، ولو صالحه من حق الرجوع على شئ صح وكان عوضا عن الهبة، لكن سيجئ،(8/607)
اشتراطه في العقد (ويمنع الرجوع فيها) حروف (دمع خزقة) يعني الموانع السبعة الآتية (فالدال الزيادة) في نفس العين،(8/608)
الموجبة لزيادة القيمة (المتصلة) وإن زالت قبل الرجوع كأن شب ثم(8/609)
شاخ لكن في الخانية ما يخالفه، واعتمده القهستاني، فليتنبه له لان الساقط لا يعود (كبناء وغرس) إن عدا زيادة في كل الارض(8/610)
وإلا رجع، ولو عدا في قطعة منها امتنع فيها فقط.
زيلعي (وسمن) وجمال وخياطة وصبغ وقصر ثوب وكبر صغير وسماع أصم وإبصار أعمى وإسلام عبد ومداواته وعفو جناية(8/611)
وتعليم قرآن أو كتابة أو قراءة ونقط مصحف، بإعرابه وحمل تمر من بغداد إلى بلخ مثلا ونحوها.
وفي البزازية: والحبل إن زاد خيرا منع الرجوع، وإن نقص لا.
ولو اختلفا في الزيادة ففي المتولدة ككبر(8/612)
القول للواهب وفي نحو بناء وخياطة وصبغ للموهوب له.
خانية حاوي.
ومثله في المحيط لكنه استثنى ما لو كان لا يبني في مثل تلك المدة، (لا) يمنع الزيادة (المنفصلة)(8/613)
كولد وأرش وعقر وثمرة فيرجع في الاصل لا الزيادة، لكن لا يرجع بالام حتى يستغني الولد، عنها كذا نقله القهستاني.
لكن نقل البرجندي وغيره أنه قول أبي يوسف فليتنبه له.
ولو حبلت ولم تلد هل للواهب الرجوع؟ قال في السراج: لا، وقال الزيلعي: نعم.
وفي الجوهرة.
مريض مديون بمستغرق وهب أمة فمات وقد وطئت ردها مع عقرها هو المختار،(8/614)
(والميم موت أحد العاقدين) بعد التسليم، فلو قبله(8/615)
بطل، ولو اختلفا والعين في يد الوارث، فالقول للوارث، وقد نظم المصنف ما يسقط بالموت فقال: وكفارة ديه خراج ورابع ضمان لعتق هكذا نفقات(8/616)
كذا هبة حكم الجميع سقوطها بموت لما أن الجميع صلات (والعين العوض) بشرط أن يذكر لفظا يعلم الواهب أنه عوض كل هبته (فإن قال خذه
عوض هبتك أو بدلها) أو في مقابلتها ونحو ذلك (فقبضه الواهب سقط الرجوع) ولو لم يذكر أنه عوض رجع كل بهبته،(8/617)
(و) لذا (يشترط فيه شرائط الهبة) كقبض وإفراز وعدم شيوع، ولو العوض مجانسا أو يسيرا.
وفي بعض نسخ المتن بدل الهبة: العقد وهو تحريف (ولا يجوز للاب أن يعوض عما وهب(8/618)
للصغير من ماله) ولو وهب العبد التاجر ثم عوض فلكل منهما الرجوع بحر (ولا يصح تعويض مسلم من نصراني عن هبته خمرا أو خنزيرا) إذ لم يصح تمليكا من المسلم بحر (ويشترط أن لا يكون العوض بعض الموهوب، فلو عوضه البعض عن الباقي) لا يصح (فله الرجوع في الباقي) ولو الموهوب شيئين فعوضه أحدهما عن الآخر إن كانا في عقدين صح، وإلا لا لان اختلاف العقد كاختلاف العين والدراهم تتعين في هبة ورجوع.
مجتبى (ودقيق الحنطة يصلح عوضا عنها) لحدوثه بالطحن وكذا لو صبغ بعض الثياب أو لت بعض السويق(8/619)
ثم عوضه صح.
خانية (ولو عوضه ولد إحدى جاريتين موهوبتين وجد) ذلك الولد (بعد الهبة امتنع الرجوع وصح) العوض (من أجنبي، ويسقط حق الواهب في الرجوع إذا قبضه) كبدل الخلع (ولو) التعويض (بغير إذن الموهوب له) ولا رجوع ولو بأمره إلا إذا قال عوض عني على أني ضامن لعدم وجوب التعويض بخلاف قضاء الدين (و) الاصل أن (كل ما يطالب به الانسان بالحبس والملازمة يكون الامر بأدائه مثبتا للرجوع من غير اشتراط الضمان، وما لا فلا) إلا إذا شرط الضمان.
ظهيرية.
وحينئذ (فلو أمر المديون رجلا بقضاء دينه رجع عليه) وإن لم يضمن لوجوبه عليه لكن يخرج عن الاصل ما لو قال أنفق على بناء داري أو قال الاسير اشترني فإنه يرجع فيها بلا شرط رجوع كفالة.
خانية(8/620)
مع أنه لا يطالب بهما لا بحبس ولا بملازمة فتأمل، (وإن استحق نصف الهبة رجع بنصف العوض(8/622)
وعكسه لا ما لم يرد ما بقي) لانه يصلح عوضا ابتداء فكذا بقاء، لكنه يجبر ليسلم العوض، ومراده العوض الغير المشروط، أما المشروط فمبادلة كما سيجئ فيوزع البدل على المبدل.
نهاية (كما لو استحق كل العوض حيث يرجع في كلها إن كانت قائمة لا إن كانت هالكة) كما لو استحق العوض وقد ازدادت الهبة لم يرجع.
خلاصة (وإن استحق جميع الهبة كان له أن يرجع في جميع العوض إن كان قائما، وبمثله إن) العوض (هالكا وهو مثلي وبقيمته إن قيميا) غاية (ولو عوض النصف رجع بما لم يعوض) ولا يضر الشيوع لانه طارئ.
تنبيه: نقل في المجتبى: أنه يشترط في العوض أن يكون مشروطا في عقد الهبة، أما إذا عوضه بعده فلا، ولم أر من صرح به غيره،(8/623)
وفروع المذهب مطلقة كما مر، فتدبر (والخاء خروج الهبة عن ملك الموهوب له) ولو بهبة، إلا إذا رجع الثاني فللاول الرجوع سواء كان بقضاء أو رضا، لما سيجئ أن الرجوع فسخ حتى لو عادت بسبب جديد بأن تصدق بها الثالث على الثاني أو باعه منه لم يرجع الاول، ولو باع نصفه رجع في الباقي لعدم المانع.
وقيد الخروج بقوله: (بالكلية) بأن يكون خروجا عن ملكه من كل وجه.
ثم فرع عليه بقوله:(8/624)
(فلو ضحى الموهوب له بالشاة الموهوبة أو نذر التصدق بها وصارت لحما لا يمنع الرجوع)، ومثله المتعة والقرآن والنذر مجتبى.
وفي المنهاج: وإن وهب له ثوبا فجعله صدقة لله تعالى فله الرجوع خلافا للثاني (كما لو
ذبحها من غير تضحية) فله الرجوع اتفاقا.
فرع: عبد عليه دين أو جناية خطأ فوهبه مولاه لغريمه أو لولي الجناية سقط الدين والجناية، ثم لو رجع صح(8/625)
استحسانا، ولا يعود الدين والجناية عند محمد ورواية عن الامام، كما لا يعود النكاح لو وهبها لزوجها ثم رجع.
خانية (والزاي الزوجية وقت الهبة فلو وهب لامرأة ثم نكحها رجع ولو وهب لامرأته لا) كعكسه.(8/626)
فرع: لا تصح هبة المولى لام ولده ولو في مرضه، ولا تنقلب وصية إذ لا بد للمحجور، أما لو أوصى لها بعد موته يصح لعتقها بموته فيسلم لها كافي (والقاف القرابة، فلو وهب لذي رحم محرم منه) نسبا(8/627)
(ولو ذميا أو مستأمنا لا يرجع) شمني (ولو، وهب لمحرم بلا رحم كأخيه رضاعا) ولو ابن عمه (ولمحرم بالمصاهرة كأمهات النساء والربائب وأخيه وهو عبد لاجنبي أو لعبد أخيه رجع، ولو كانا) أي العبد ومولاه (ذا رحم محرم من الواهب فلا رجوع فيها اتفاقا على الاصح) لان الهبة لايهما وقعت تمنع الرجوع.
بحر.
فرع: وهب لاخيه وأجنبي ما لا يقسم فقبضاه(8/628)
له الرجوع في حظ الاجنبي لعدم المانع.
درر (والهاء هلاك العين الموهوبة ولو ادعاه) أي الهلاك (صدق بلا حلف)، لانه ينكر الرد (فإن قال الواهب هي هذه) العين (حلف) المنكر (أنها ليست هذه) خلاصة (كما يحلف) الواهب (أن الموهوب له ليس بأخيه إذا ادعى) الاخ (ذلك) لانه يدعي
مسبب النسب لا النسب.
خانية(8/629)
(ولا يصح الرجوع إلا بتراضيهما أو بحكم الحاكم)، للاختلاف فيه فيضمن بمنعه بعد القضاء لا قبله (وإذا رجع أحدهما) بقضاء أو رضا (كان فسخا) لعقد الهبة (من الاصل وإعادة لملكه) القديم لا هبة للواهب (ف) لهذا (لا يشترط فيه قبض الواهب وصح) للرجوع (في الشائع) ولو كان هبة لما صح فيه (وللواهب رده على بائعه(8/630)
مطلقا) بقضاء أو رضا (بخلاف الرد بالعيب بعد القبض بغير قضاء)، لان حق المشتري في وصف السلامة لا في الفسخ فافترقا، ثم مرادهم بالفسخ من الاصل أن لا يترتب على العقد أثر في المستقبل لا بطلان أثره أصلا وإلا لعاد المنفصل إلى ملك الواهب برجوعه.
فصولين (اتفقا) الواهب والموهوب له (على الرجوع في موضع لا يصح) رجوعه من المواضع السبعة السابقة (كالهبة لقرابته(8/631)
جاز) هذا الاتفاق منهما.
جوهرة.
وفي المجتبى: لا تجوز الاقالة في الهبة والصدقة، في المحارم إلا بالقبض لانها هبة ثم قال: وكل شئ يفسخه الحاكم إذا اختصما إليه فهذا حكمه ولو وهب الدين لطفل المديون لم يجز لانه غير مقبوض.
وفي الدرر قضى ببطلان الرجوع لمانع ثم زال المانع عاد الرجوع (تلفت) العين (الموهوبة،(8/632)
واستحقها مستحق وضمن) المستحق (الموهوب له لم يرجع على الواهب بما ضمن) لانها عقد تبرع فلا يستحق فيه السلامة (والاعارة كالهبة) هنا لان قبض المستعير كان لنفسه ولا غرور لعدم العقد، وتمامه في العمادية (وإذا وقعت الهبة بشرط العوض المعين فهي هبة ابتداء فيشترط التقابض في العوضين ويبطل) العوض (بالشيوع) فيما يقسم (بيع انتهاء،(8/633)
فترد بالعيب وخيار الرؤية ويؤخذ بالشفعة) هذا إذا قال: وهبتك على أن تعوضني كذا، أما لو قال وهبتك بكذا فهو بيع ابتداء وانتهاء، وقيد العوض بكونه معينا لانه لو كان مجهولا بطل اشتراطه فيكون هبة ابتداء وانتهاء.
فرع: وهب الواقف أرضا بشرط استبداله بلا شرط عوض لم يجز، وإن شرط كان كبيع ذكره الناصحي.
وفي المجمع: وأجاز محمد هبة مال طفله بشرط عوض مساو ومعناه.
قلت: فيحتاج على قولهما إلى الفرق بين الوقف(8/634)
ومال الصغير انتهى والله أعلم.
فصل في مسائل متفرقة إ (وهب أمة إلا حملها أو على أن يردها عليه أو يعتقها أو يستولدها أو) وهب (دارا على أن يرد عليه شيئا منها) ولو معينا كثلث الدار أو ربعها (أو على أن يعوض في الهبة والصدقة شيئا منها صحت) الهبة(8/635)
(وبطل الاستثناء) في الصور الاولى، (و) بطل (الشرط) في الصور الباقية لانه بعض أو مجهول والهبة لا تبطل بالشروط، ولا تنس ما مر من اشتراط معلومية العوض.(8/636)
(أعتق حمل أمة ثم وهبها صح ولو دبره ثم وهبها لم يصح) لبقاء الحمل على ملكه فكان(8/637)
مشغولا به، بخلاف الاول (كما لا يصح) تعليق (الابراء عن الدين) بشرط محض كقوله لمديونه: إذا جاء غد أو إن مت بفتح التاء فأنت برئ من الدين أو إن مت من مرضك هذا أو إن مت من مرضي هذا فأنت في حل من مهري فهو باطل، لانه مخاطرة وتعليق (إلا بشرط كائن) وليكون تنجيزا كقوله لمديونه إن كان لي عليك دين أبرأتك عنه صح، كذا إن مت بضم التاء
فأنت برئ منه أو في حل جاز وكان وصية.
خانية(8/638)
(جاز العمري) للمعمر له ولورثته بعده، لبطلان الشرط (لا) تجوز (الرقبى) لانها تعليق بالخطر، وإذا لم تصح تكون عارية شمني لحديث أحمد وغيره من أعمر عمري فهي لمعمره في حياته وموته.
لا ترقبوا فمن أرقب شيئا فهو سبيل الميراث.(8/639)
(بعث إلى امرأته متاعا)، هدايا إليها (وبعث له أيضا) هدايا عوضا للهبة صرحت بالعوض أولا (ثم افترقا بعد الزفاف وادعى) الزوج (أنه عارية) لا هبة وحلف (فأراد الاسترداد وأرادت) هي (الاسترداد أيضا يسترد كل) منهما (ما أعطى) إذ لا هبة فلا عوض، ولو استهلك أحدهما ما بعثه الآخر ضمنه لان من استهلك العارية ضمنها خانية.
(هبة الدين ممن عليه الدين وإبراؤه عنه يتم من غير قبول) إذا لم يوجب انفساخ عقد صرف(8/640)
أو سلم لكنه يرتد بالرد في المجلس وغيره، لما فيه من معنى الاسقاط.
وقيل يتقيد بالمجلس.
كذا في العناية.
لكن في الصيرفية: لو لم يقبل ولم يرد حتى افترقا ثم بعد أيام رد لا يرتد في الصحيح، لكن في المجتبى الاصح أن الهبة تمليك والابراء إسقاط.
(تمليك الدين ممن ليس عليه الدين باطل إلا) في ثلاث حوالة ووصية و(8/641)
(إذا سلطه) أي سلط المملك غير المديون (على قبضه) أي الدين، (فيصح) حينئذ، ومنه ما لو وهبت من ابنها ما على أبيه فالمعتمد الصحة للتسليط، ويتفرع على هذا الاصل لو قضى دين غيره على أن يكون له لم يجز، ولو كان وكيلا بالبيع فصولين (و) ليس منه ما (إذا أقر الدائن أن الدين لفلان وأن اسمه) في كتاب الدين (عارية) حيث (صح) إقراره لكونه إخبارا لا تمليكا فللمقر له
قبضه بزازية.(8/642)
وتمامه في الاشباه من أحكام الدين.
وكذا لو قال الدين الذي لي على فلان لفلان.
بزازية وغيرها.
قلت: وهو مشكل لانه مع الاضافة إلى نفسه يكون تمليكا وتمليك الدين ممن ليس عليه باطل، فتأمله.
وفي الاشباه في قاعدة تصرف الامام معزيا لصلح البزازية: اصطلحا أن يكتب اسم(8/643)
أحدهما في الديوان فالعطاء لمن كتب اسمه الخ، (والصدقة كالهبة) بجامع التبرع وحينئذ (لا تصح غير مقبوضة ولا في مشاع يقسم ولا رجوع فيها) ولو على غني، لان المقصود فيها الثواب لا العوض، ولو اختلفا فقال الواهب هبة والآخر صدقة فالقول للواهب خانية.(8/644)
فروع: كتب قصة إلى السلطان يسأله تمليك أرض محدودة فأمر السلطان بالتوقيع فكتب كاتبه جعلتها ملكا له هل يحتاج إلى القبول في المجلس؟ القياس نعم، لكن لما تعذر الوصول إليه أقيم السؤال بالقصة مقام حضوره.
أعطت زوجها مالا بسؤاله ليتوسع فظفر به بعض غرمائه إن كانت وهبته أو أقرضته ليس لها أن تسترد من الغريم وإن أعطته ليتصرف فيه على ملكها فلها ذلك لا له.(8/645)
دفع لابنه مالا ليتصرف فيه ففعل وكثر ذلك فمات الاب إن أعطاه هبة فالكل له، وإلا فميراث.
وتمامه في جواهر الفتاوى.
بعث إليه بهدية في إناء هل يباح أكلها فيه، إن كان ثريدا ونحوه مما لو حوله اإلى إناء آخر ذهبت لذته يباح، فإن كان بينهما انبساط يباح أيضا، وإلا فلا.
دفع لابنه مالا ليتصرف فيه ففعل وكثر ذلك فمات الاب إن أعطاه هبة فالكل له، وإلا فميراث.
وتمامه في جواهر الفتاوى.
بعث إليه بهدية في إناء هل يباح أكلها فيه، إن كان ثريدا ونحوه مما لو حوله اإلى إناء آخر ذهبت لذته يباح، فإن كان بينهما انبساط يباح أيضا، وإلا فلا.
دعا قوما إلى طعام وفرقهم على أخوته ليس لاهل خوان مناولة أهل خوان آخر ولا إعطاء سائل(8/646)
وخادم، وهرة لغير رب المنزل ولا كلب ولو لرب المنزل إلا أن يناوله الخبز المحترق للاذن عادة.
وتمامه في الجوهرة.
وفي الاشباه: لا جبر على الصلاة إلا في أربع: شفعة، ونفقة زوجته، وعين موصى بها،(8/647)
ومال وقف، وقد حررت أبيات الوهبانية على وفق ما في شرحها للشرنبلالي فقلت: وواهب دين ليس يرجع مطلقا وإبراء ذي نصف يصح المحرر على حجها أو تركه ظلمة لها إذا وهبت مهرا ولم يوف يخسر(8/648)
معلق تطليق بإبراء مهرها وإنكاح أخرى لو يرد فيظفر وإن قبض الانسان مال مبيعه فأبرأ يؤخذ منه كالدين أظهر(8/649)
ومن دون أرض في البناء صحيحة وعندي فيه وقفة فيحرر قلت: وجه توقفي تصريحهم في كتاب الرهن بأن رهن البناء دون الارض وعكسه لا يصح لانه كالشائع فتأمله، وأشرت بأظهر لما في العمادية عن خواهر زاده لا يرجع، واختاره بعض المشايخ، وفيظفر: أي بنكاح ضرتها لانه برده بالابراء أبطله فلا حنث، فليحفظ انتهى.(8/650)