الدر المختار - الحصفكي ج 1
الدر المختار
الحصفكي ج 1(1/)
حاشية على الدر المختار شرح تنوير الابصار في فقه مذهب الامام ابي حنيفة النعمان لخاتمة المحققين محمد امين الشهير بابن عابدين ويليه تكملة ابن عابدين لنجل المؤلف طبعة جديدة منقحة مصححة اشراف مكتب البحوث والدراسات الجزء الاول دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع(1/1)
جميع حقوق اعادة الطبع محفوظة للناشر بيروت - لبنان دار الفكر: حارة حريك - شارع عبد النور - برقيا: فكسي - تلكس: 41392 فكر ص.
ب 7061 / 11 - تلفون: 643681 - 838053 - 837898 - دولي: 860962 فاكس: 2124187875 - 001(1/2)
بسم الله الرحمن الرحيم(1/6)
حمدا(1/7)
لك يا من شرحت(1/10)
شريعتك المطهرة بحرا رائقا، وأغدقت لدينا من بحار منحك الموفرة نهرا فائقا، وأتممت نعمتك علينا حيث يسرت ابتداء تبييض هذا الشرح(1/12)
المختصر تجاه وجه منبع الشريعة والدرر، وضجيعيه الجليلين أبي بكر وعمر، بعد الاذن(1/13)
منه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، الذين حازوا من منح فتح كشف فيض فضلك الواقي حقائقا.(1/14)
وبعد: فيقول فقير ذي اللطف الخفي، محمد علاء الدين(1/15)
الحصكفي، ابن الشيخ علي الامام بجامع بني أمية،(1/16)
ثم المفتي بدمشق المحمية الحنفي: لما بيضت الجزء الاول من خزائن الاسرار، وبدائع الافكار، في شرح تنوير الابصار، وجامع البحار، قدرته في عشرة مجلدات كبار،(1/17)
فصرفت عنان العناية نحو الاختصار، وسميته بالدر المختار، في شرح تنوير الابصار، الذي فاق كتب هذا الفن في الضبط والتصحيح والاختصار، ولعمري(1/18)
لقد أضحت روضة هذا العلم به مفتحة الازهار، مسلسلة الانهار، من عجائبه ثمرات التحقيق تختار، ومن غرائبه ذخائر تدقيق تحير الافكار، لشيخ شيخنا(1/19)
شيخ الاسلام محمد بن عبد الله التمرتاشي الحنفي الغزي، عمدة المتأخرين الاخيار، فإني أرويه عن شيخنا الشيخ عبد النبي الخليلي، عن المصنف عن ابن نجيم المصري، بسنده الى(1/20)
صاحب المذهب أبي حنيفة، بسنده الى النبي صلى الله عليه وسلم المصطفى المختار، عن جبريل، عن الله الواحد القهار، كما هو مبسوط في إجازاتنا بطرق عديدة، عن المشايخ المتبحرين الكبار.
وما كان في الدرر والغرر لم أعزه الى ما ندر، وما زاد وعز نقله عزوته لقائله، وما للاختصار، ومأمولي من الناظر فيه أن ينظر بعين الرضا والاستبصار، وأن يتلافى تلافه(1/21)
بقدر الامكان، أو يصفح ليصفح عنه عالم الاسرار والاضمار، ولعمري إن السلامة من هذا الخطر لامر يعز على البشر.
ولا غزو فان النسيان من خصائص الانسانية،(1/22)
والخطأ والزلل من شعائر الادمية، وأستغفر الله مستعيذا به من حسد يسد باب الانصاف، ويرد(1/23)
عن جميل الاوصاف.
ألا وإن الحسد حسك، من تعلق به هلك، وكفى للحاسد ذما آخر سورة الفلق، في اضطرابه بالقلق، لله در الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله.(1/24)
وما أنا من كيد الحسود بآمن ولا جاهل يزري ولا يتدبر ولله در القائل: هم يحسدوني وشر الناس كلهم من عاش في الناس يوما غير محسود إذ لا يسود سيد بدون ودود يمدح،(1/25)
وحسود يقدح، لان من زرع الاحن، فاللئيم يفضح، والكريم يصلح، لكن يا أخي بعد الوقوف على حقيقة الحال، والاطلاع على ما حرره المتأخرون كصاحب البحر
والنهر والقيض،(1/26)
والمصنف وجدنا المرحوم وعزمي زاده وسعدي أفندي والزيلعي والاكمل والكمال(1/27)
وابن الكمال مع تحقيقات سنح بها البال، وتلقيتها عن فحول الرجال، ويأبى الله العصمة أكتاب(1/28)
غير كتابه والمصنف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه، ومع هذا فمن أتقن كتابي فإذا فهو الفقيه الماهر، ومن ظفر بما فيه، فسيقول بمل فيه: * كم ترك الاول للاخر *.(1/29)
ومن حصله فقد حصل له الحظ الوافر، لانه هو البحر لكن بلا ساحل، ووابل القطر، غير أنه متواصل، بحسن عبارات، ورمز إشارات، وتنقيح معاني، وتحرير مباني، وليس الخبر كالعيان،(1/30)
وستقر به بعد التأمل العيان، فخذ ما نظرت من حسن روضه الاسمى، ودع ما سمعت عن الحسن وسلمى: خذ ما نظرت ودع شيئا سمعت به في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل(1/31)
هذا، وقد أضحت أعراض المصنفين أغراض سهام ألسنة الحساد، ونفائس تصانيفهم معرضة بأيديهم تنتهب فوائدها ثم ترميها بالكساد: أخا العلم لا تعجل بعيب مصنف ولم تتيقن زلة منه تعرف فكم أفسد الراوي كلاما بعقله وكم حرف الاقوال قوم وصحفوا وكم ناسخ أضحى لمعنى مغيرا وجاء بشئ لم يرده المصنف وما كان قصدي من هذا أن يدرج ذكري بين المحررين، من المصنفين والمؤلفين، بل،(1/32)
القصد رياض القريحة وحفظ الفروع الصحيحة، مع رجاء الغفران، ودعاء الاخوان، وما علي من إعراض الحاسدين عنه حال حياتي فسيتلقونه بالقبول إن شاء الله تعالى بعد وفاتي، كما قيل: ترى الفتى ينكر فضل الفتى لؤما وخبثا فإذا ما ذهب لج به الحرص على نكتة يكتبها عنه بماء الذهب فهاك مؤلفا مهذبا لمهمات هذا الفن، مظهرا لدقائق استعملت الفكر فيها إذا ما الليل(1/33)
متحريا أرجح الاقوال وأوجز العبارة، معتمدا في دفع الايراد ألف الاشارة، فربما خالفت في حكم أو دليل، فحسبه من لا اطلاع له ولا فهم عدولا عن السبيل، وربما غيرت تبعا لما شرح عليه الصصنف كلمة أو حرفا، وما درى أن ذلك لنكته تدق عن نظره وتخفي.
وقد أنشدني شيخي الحبر السامي والبحر الطامي، واحد زمانه وحسنه أوانه، أوانه، شيخ الاسلام الشيخ خير الدين الرملي أطال الله بقاءه:(1/34)
قل لمن لم ير المعاصر شيئا ويرى للاوائل التقديما إن ذلك القديم كان حديثا وسيبقى هذا الحديث قديما على أن المقصود والمراد، ما أنشدنيه شيخي رأس المحققين النقاد، محمد أفندي المحاسني، وقد أجاد:(1/35)
لكل بني الدنيا مراد ومقصد وإن مرادي صحة وفراغ لابلغ في علم الشريعة مبلغا يكون به لي في الجنان بلاغ ففي مثل هذا فليتنافس أولو النهى وحسبي من الدنيا الغرور بلاغ فما الفوز الا في نغيم مؤبد به العيش رغد والشراب يساغ(1/36)
مقدمة حق على من حاول علما أن يتصوره بحده أو رسمه،(1/37)
ويعرف موضوعه وغايته واستمداده: فالفقه لغة: العلم بالشئ، ثم خص بعلم الشريعة، وفقه بالكسر فقها: علم، وفقه بالضم فقاهة: صار فقيها واصلاحا عند الاصوليين: العلم بالاحكام الشرعية الفرعية(1/38)
المكتسب من أدلتها التفصيلية وعند الفقهاء وآقله يثلاث.(1/39)
وعند أهل الحقيقة: الجمع بين العلم والعمل لقول الحسن البصري: إنما الفقيه، المعرض عن الدنيا الزاهد في الاخرة، البصير بعيوب نفسه وموضوعه: فعل المكلف ثبوتا أو سلبا، واستمداده(1/40)
من الكتاب والسنة والاجماع والقياس وغايته الفوز بسعادة الدارين.
وأما فضله فكثير شهير، ومنه ما في الخلاصة وغيرها: النظر في كتب أصحابنا من غير سماع أفضل من قيام الليل، وتعلم الفقه أفضل من تعلم باقي القرآن، وجمع الفقه لا بد منه.
وفي الملتقط وغيره عن محمد: لا ينبغي للرجل أن يعرف بالشعر والنحو، لان آخر أمره الى المسألة وتعليم الصبيان، ولا بالحساب، لان آخر أمره الى مساحة الارضين، ولا بالتفسير، لان آخر أمره التذكير والقصص،(1/41)
بل يكون علمه في الحلال والحرام وما لا بدمنه من الاحكام، كما قيل: إذا ما اعتز ذو عليم بعلم فعلم الفقه أولى باعتزاز فكم طيب يفوح ولا كمسك وكم طير يطير ولا كبازي
وقد مدحه الله تعالى بتسميته خيرا بقوله تعالى (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) (البقرة: 269) وقد فسر الحكمة زمرة أرباب التفسير بعلم الفروع الذي هو علم الفقه، ومن هنا قيل: وخير علوم علم فقه لانه يكون الى كل العلوم توسلا فإن فقيها واحدا متورعا على ألف ذي زهد تفضل واعتلى وهما مأخوذان مما قيل للامام محمد الفقيه: تفقه فإن الفقه أفضل قائد الى البر والتقوى وأعدل قاصد(1/42)
وكن مستفيدا كل يوم زيادة من الفقه واسبح في بحور الفوائد فإن فقيها واحدا متورعا أشد على الشيطان من ألف عابد ومن كلام علي رضي الله عنه: ما الفضل الا لاهل العلم أنهم على الهدى لمن استهدى أدلاء ووزن كل امرئ ما كان يحسنه والجاهلون لاهل العلم أعداء ففز بعلم ولا تجهل به أبدا الناس موتى وأهل العلم أحياء(1/43)
وقد قيل: العلم وسيلة الى كل فضيلة.
العلم يرفع المملوك الى مجالس الملوك.
لولا العلماء لهلك الامراء.
وإنما العلم لاربابه ولاية ليس لها عزل إن الامير هو الذي يضحي أميرا عند عزله إن زال سلطان الولاية كان في سلطان فضله واعلم أن تعلم العلم يكون فرض عين، وهو بقدر ما يحتاج لدينه.(1/44)
وفرض كفاية، وهو ما زاد عليه لنفع غيره ومندوبا، وهو التبحر في الفقه وعلم القلب.(1/45)
وحراما، وهو علم الفسلفة والشعبذة، والتنجيم(1/46)
والرمل وعلوم الطبائعيين والسحر،(1/47)
والكهانة، ودخل في الفلسفة المنطق، ومن هذا القسم علم الحرف(1/48)
وعلم الموسيقى.
ومكروها وهو أشعار المولدين من الغزل والبطالة.
ومناحا(1/49)
كأشعارهم التي لا يستخف فيها، كذا في فوائد شتى من الاشباه والنظائر ثم نقل مسأله الرباعيات، ومحطها أن الفقه هو ثمرة الحديث وليس ثواب الفقيه أقل من ثواب المحدث، وفيها: كل إنسان غير الانبياء لا يعلم ما أراد الله تعالى له وبه، لان إرادته تعالى غيب، الا الفقهاء فإنهم علموا إرادته تعالى بهم بحديث الصادق المصدوق: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) وفيها: كل شئ يسأل عنه العبد يوم القيامة إلا العلم، لانه طلب من نبيه أن يطلب(1/50)
الزيادة منه - وقل رب زدني علما - فكيف يسأل عنه وفيها إذا سئلنا عن مذهبنا ومذهب مخالفنا قلنا وجوبا: مذهبنا صواب يحتمل الخطأ، ومذهب مخالفنا خطأ يحتمل الصواب، وإذا سئلنا عن(1/51)
معتقدنا ومعتقد خصومنا قلنا وجوبا: الحق ما نحن عليه، والباطل ما عليه خصومنا وفيها: العلوم ثلاثة: علم نضج وما احترق، وهو علم النحو والاصول، وعلم لا نضج ولا احترق، وهو علم البيان والتفسير وعلم نضج واحترق، وهو علم الحديث والفقه.
وقد قالوا: الفقه زرعه عبد الله من مسعود رضي الله عنه، وسقاه علقمة،(1/52)
وحصده إبراهيم النخعي، وداسه حماد، وطحنه أبو حنيفة، وعجنه أبو يوسف، وخبزه محمد، فسائر الناس يأكلون من خبزه، وقد نظم بعضهم فقال: الفقه زرع ابن مسعود، وعلقمة حصاده ثم إبراهيم دواس نعمان طاحنه، يعقوب عاجنه محمد خابزه، والاكل الناس وقد ظهر علمه بتصانفيه كالجامعين والمبسوط والزيادات والنوادر، حتى قيل: إنه صنف في العلوم الدينية تسعمائة وتسعين كتابا ومن تلامذته الشافعي رضي الله عنه وتزوج(1/53)
بأم الشافعي وفوض إليه كتبه وماله، فبسببه صار الشافعي فقيها.
ولقد أنصف الشافعي حيث قال: من أراد الفقه فليزم أصحاب أبي حنيفة، فإن المعاني قد تيسرت لهم، والله ما صرت فقيها الا بكتب محمد بن الحسن.
وقال إسماعيل بن أبي رجاء: رأيت محمدا في المنام فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، ثم قال: لو أردت أن أعذبك ما جعلت هذا العلم فيك، فقلت له: فأين أبو يوسف؟ قال: فوقنا بدرجتين قلت: فأبو حنيفة؟ قال: هيهات، ذلك ي أعلى عليين.
كيف وقد صلى(1/54)
الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة، وحج خمسا وخمسين حجة، ورأى ربه في المنام مائة مرة، ولها قصة مشهورة وفي حجته الاخيرة استأذن حجبة الكعبة بالدخول ليلا، فقام بين العمودين على رجله اليمنى ووضع اليسرى على ظهرها حتى ختم القرآن، فلما سلم بكى وناجى ربه وقال: إلهي ما عبدك هذا العبد الضعيف حق عبادتك، لكن عرفك حق معرفتك فهب نقصان خدمته لكمال معرفته، فهتف هاتف من جانب البيت: يا أبا حنيفة قد عرفتنا حق المعرفة وخدمتنا فأحسنت الخدمة، قد غفرنا لك ولمن اتبعك ممن كان على مذهبك الى يوم القيامة.(1/55)
وقد استنكفت عن الاستفادة قال مسافر بن كرام: من جعل أبا حنيفة بينه وبين الله رجوت أن لا يخاف وقال فيه: حسبي من الخيرات ما أعددته يوم القيامة في رضا الرحمن دين النبي محمد خير الورى ثم اعتقادي مذهب النعمان وعنه عليه الصلاة والسلام (إن آدم افتخر بي وأنا أفتخر برجل من أمتي اسمه نعمان وكنيته أبو حنيفة، هو سراج امتي) وعنه عليه الصلاة والسلام (إن ساير الانبياء يفتخرون بي، وأنا أفتخر بأبي حنيفة، من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني) كذا في التقدمة شرح مقدمة أبي الليث قال في الضياء المعنوي: وقول ابن الجوزي: إنه موضوع، تعصب، لانه روي بطرق مختلفة.(1/56)
وروى الجرجاني في مناقبه بسنده لسهل بن عبد الله التستري أنه قال (لو كان في أمة موسى وعيسى مثل أبي حنيفة لما تهودوا ولما تنصرا) ومناقبه أكثر من أن تحصى، وصنف فيها سبط ابن الجوزي مجلدين كبيرين، وسماه (الانتصار لامام أئمة الامصار).(1/57)
وصنف غيره أكثر من ذلك.
والحاصل أن أبا حنيفة النعمان من أعظم معجزات المصطفى(1/59)
بعد القرآن، وحسبك من مناقبه اشتهار مذهبه، ما قال قولا الا أخذ به إمام من الائمة الاعلام، وقد جعل الله الحكم لاصحابه وأتباعه من زمنه الى هذه الايام، الى أن يحكم بمذهبه عيسى عليه السلام،(1/60)
وهذا يدل على أمر عظيم اختص به من بين سائر العلماء العظام، كيف لا وهو كالصديق رضي الله عنه، له أجره من دون الفقه وألفه وفرع أحكامه على أصوله العظام،(1/61)
الى يوم الحشر والقيام.
وقد تبعه على مذهبه كثير من الاولياء الكرام، ممن اتصف بثبات المجاهدة، وركض في
ميدان المشاهدة، كابراهيم بن أدهم، وشقيق البلخي، ومعروف الكرخي، وأبي يزيد(1/62)
البسطامي، وفضيل بن عياض، وداود الطائي، وأبي حامد اللفاف، وخلف بن أيوب، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، وأبي بكر الوراق، وغيرهم ممن لا يحصى لبعده أن(1/63)
يستقصي، فلو وجدوا فيه شبهة ما اتبعوه، ولا اقتدوا به ولا وافقوه.
وقد قال الاستاذ أبو القاسم القشيري في رسالته مع صلابته في مذهبه وتقدمه في هذه الطريقة: سمعت الاستاذ أبا علي الدقاق يقول: أنا أخذت هذه الطريقة من أبي القاسم النصراباذي، وقال أبو القاسم: أنا أخذتها من الشبلي، وهو أخذها من السري السقطي، وهو من معروف الكرخي، وهو من داود الطائي.
وهو أخذ العلم والطريقة من أبي حنيفة، وكل منهم أثنى عليه وأقر بفضله فعجبا لك يا أخي:(1/64)
ألم يكن لك أسوة حسنة في هؤلاء السادات الكبار؟ أكانوا متهمين في هذا الاقرار والافتخار، وهم أئمة هذه الطريقة، وأرباب الشريعة والحقيقة، ومن بعدهم في هذا الامر فلهم تبع، وكل ما خالف ما اعتمدوه مردود ومبتدع.
وبالجملة، فليس أبو حنيفة في زهده وورعه وعبادته وعلمه وفهمه بمشارك.
ومما قال فيه ابن المبارك رضي الله عنه: لقد زان البلاد ومن عليها إمام المسلمين أنو حنيفة(1/65)
بأحكام وآثار وفقه كآيات الزبور على صحيفه فما في المشرقين له نظير ولا في المغربين ولا بكوفه
يبيت مشمرا سهر الليالي وصام نهاره لله خيفه(1/66)
فمن كأبي حنيفة في علاه إمام للخليقة والخليفة رأيت العائبين له سفاها خلاف الحق مع حجج ضعيفة وكيف يحل أن يؤذي فقيه له في الارض آثار شريفة وقد قال ابن إدريس مقالا صحيح النقل في حكم لطيفة بأن الناس في فقه عيال على فقه الامام أبي حنيفة(1/67)
فلعنة ربنا أعداد رمل على من رد قول أبي حفيفة وقد ثبت أن ثابتا والد الامام أدرك الامام علي بن أبي طالب فدعا له ولذريته بالبركة.
وصح أن أبا حنيفة سمع الحديث من سبعة من الصحابة كما بسط في أواخر منية(1/68)
المفتي، وأدرك بالسن نحو عشرين صحابيا كما بسط في أوائل الضياء وقد ذكر العلامة شمس الدين محمد أبو النصر بن عرب شاه الانصاري الحنفي في منظومته الالفيه المسماة بجواهر العقائد ودرر القلائد ثمانية من الصحابة ممن روى عنهم الامام الاعظم أبو حنيفة رضي الله عنهم أجمعين حيث قال: معتقدا مذهب عظيم الشأن أبي حنيفة الفتى النعمان التابعي سابق الائمة بالعلم والدين سراج الامة جمعا من أصحاب النبي أدركا إثرهم قد اقتضى وسلكا ضريقة واضحة المنهاج سالمة من الضلال الداجي وقد روى عن أنس وجابر وابن أبي أوفى كذا عن عامر(1/69)
أعني أبا الطفيل ذا ابن واثله وابن أنيس الفتى وواثله عن ابن جزء قد روى الامام وبنت عجرد هي التمام رضي الله الكريم دائما عنهم وعن كل الصحاب العظما وتوفي ببغداد، قيل: في السجن ليلي القضاء(1/70)
وله سبعون سنة بتاريخ خمسين ومائة، قيل ويوم توفي ولد الامام الشافعي رضي الله عنه، فعد من مناقبه وقد قيل: الحكمة في مخالفة تلامذته له أنه رأي صبيا يلعب في الطين فحذره من السقوط، فاجابه بأن: احذر أنت السقوط، فإن في سقوط العالم سقوط العالم، فحينئذ قال(1/71)
لاصحابه: إن توجه لكم دليل فقولوا به، فكان كل يأخذ برواية عنه ويرجحها، وهذا من غاية(1/72)
احتياطه وورعه، وعلم بأن الاختلاف من آثار الرحمة، فمهما كان الاختلاف أكثر كانت الرحمة أوفر، لما قالوا: رسم المفتي أن ما اتفق عليه أصحابنا(1/73)
في الروايات الظاهرة يفتى به قطعا.
واختلف فيما اختلفوا فيه،(1/74)
والاصح كما في السراجية وغيرها أنه يفتى بقول الامام على الاطلاق، ثم بقول الثاني، ثم بقول الثالث، ثم بقول زفر والحسن بن زياد، وصحح في الحاوي القدسي قوة المدرك.(1/76)
وفي وقف البحر وغيره: متى كان في المسألة قولان مصححان جاز القضاء والافتاء بأحدهما.
وفي أول المضمرات: أما العلامات للافتاء فقوله:(1/77)
وعليه الفتوى، وبه يفتى، وبه نأخذ، وعليه الاعتماد، وعليه عمل اليوم، عليه عمل الامة، وهو الصحيح، أو الاصح، أو الاظهر، أو الاشبه، أو الاوجه، أو المختار، ونحوها مما ذكر في حاشية البزدوي اه.
وقال شيخنا الرملي في فتاويه: وبعض الالفاظ آكد من بعض، فلفظ الفتوى آكد من لفظ الصحيح، والاصح والاشبه وغيرها، ولفظ وبه يفتى آكد من الفتوى عليه، والاصح آكد من الصحيح، والاحوط آكد من الاحتياط انتهى.
قلت: لكن في شرح المنية للحلبي عند قوله: ولا يجوز مس مصحف الا بعلافه إذا(1/78)
تعارض إمامان معتبران عبر أحدهما بالصحيح والاخر بالاصح، فالاخذ بالصحيح أولى لانهما اتفقا على أنه صحيح، والاخذ بالمتفق أوفق فليحفظ.
في رأيت في رساله آداب المفتي: أذا ذيلت رواية في كتاب معتمد بالاصح أو الاولى، أو الاوفق أو نحوها، فله أن يفتي بها وبمخالفها أيضا أيا شاء، وإذا ذيلت بالصحيح أو المأخوذ به، أو وبه يفتى، أو عليه الفتوى لم يفت بمخالفه الا إذا كان في الهداية مثلا هو الصحيح.
وفي الكافي بمخالفه هو الصحيح، فيخير فيختار الاقوى عنده والاليق والاصلح ا ه فليحفظ.(1/79)
وحاصل ما ذكره الشيخ قاسم في تصحيحه: أنه لا فرق بين المفتي والقاضي، الا أن المفتي مخبر عن الحكم، والقاضي ملزم به، وأن الحكم والفتيا بالقول المرجوح جهل وخرق للاجماع، وأن الحكم الملفق باطل بالاجماع، وأن الرجوع عن التقليد بعد العمل باطل اتفاقا،(1/80)
وهو المختار في المذهب، وأن الخلاف خاص بالقاضي المجتهد، وأما المقلد فلا ينفذ قضاؤه، بخلاف مذهبه أصلا كما في القنية.
قلت: ولا سيما في زماننا، فإن السلطان ينص في منشوره على نهيه عن القضاء بالاقوال الضعيفة، فكيف بخلاف مذهبه فيكون معزولا بالنسبة لغير المعتمد من مذهبه، فلا ينفذ قضاؤه(1/81)
فيه وينقض كما بسط في قضاء الفتح والبحر والنهر وغيرها.
قال في البرهان: وهذا صريح الحق الذي يعض عليه بالنواجذ، نعم أمر الامير متى صادف فصلا مجتهدا فيه نفذ أمره، كما في سير التاتر خانية وشرح السير الكبير فليحفظ.
وقد ذكروا أن المجتهد المطلق قد فقد.
وأما المقيد فعلى سبع مراتب مشهورة.(1/82)
وأما نحن فعلينا اتباع ما رجحوه وما صححوه كما لو أفتوا في حياتهم.
فإن قلت: قد يحكون أقوالا بلا ترجيح، وقد يختلفون في الصحيح.
قلت: يعمل بمثل ما عملوا من اعتبار تغير العرف وأحوال الناس، وما هو الاوفق وما ظهر عليه التعامل وما قوي(1/83)
وجهه، ولا يخلو الوجود عمن يميز هذا حقيقة لا ظنا، وعلى من لم يميز أن يرجع لمن يميز لبراءة ذمته، فنسأل الله تعالى التوفيق والقبول، بجاه الرسول، كيف لا وقد يسر الله تعالى ابتداء تبييضه في الروضة المحروسة، والبقعة المأنوسة، تجاه وجه صاحب الرسالة، وحائز الكمال والبسالة، وضجيعيه الجليلين الضرغامين الكاملين رضي الله عنهما، وعن سائر الصحابة أجمعين، ووالدينا ومقلديهم بإحسان الى يوم الدين، ثم تجاه الكعبة الشريفة تحت الميزاب، وفي الحطيم والمقام، والله المسير للتمام.
الدر المختار شرح تنوير الابصار في فقه مذهب الامام ابى حنيفة النعمان لخاتمة المحققين محمد امين الشهير بابن عابدين(1/84)
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الطهارة قدمت العبادات على غيرها اهتماما بشأنها، والصلاة تالية للايمان، والطهارة مفتاحها بالنص، وشرط بها مختص، لازم لها في كل الاركان، وما قيل قدمت لكونها شرطا لا يسقط أصلا، ولذا فاقد الطهورين(1/85)
يؤخر الصلاة، وما أورد من أن النية كذلك مردود كل ذلك.
أما النية ففي القنية وغيرها: من توالت عليه الهموم تكفيه النية بلسانه.
وأما الطهارة، ففي الظهيرية وغيرها: من قطعت يداه ورجلاه وبوجهه جراحة يصلي بلا وضوء ولا تيمم ولا(1/86)
يعيد، قال بعض الافاضل في الاصح: وأما فاقد الطهورين، ففي الفيض وغيره أنه يتشبه عندهما، وإليه صح رجوع الامام، وعليه الفتوى.
قلت: وبه ظهر أن تعمد الصلاة بلا طهر غير مكفر، كصلاته لغير القبلة أو مع ثوب نجس، وهو ظاهر المذهب كما في الخانية، وفي سير الوهبانية: وفي كفر من صلى بغير طهارة * * مع العمد خلف في الروايات يسطر ثم هو مركب إضافي مبتدأ أو خبر أو مفعول(1/87)
لفعل محذوف، فإن أريد التعداد بني على السكون وكسر تخلصا من الساكنين، وإضافته لامية لا ميمية.
وهل يتوقف حده لقبا على معرفة مفرديه؟ الراجح نعم،(1/88)
فالكتاب مصدر بمعنى الجمع لغة، جعل شرعا عنوانا لمسائل مستقلة بمعنى المكتوب.(1/89)
والطهارة مصدر طهر بالفتح ويضم: بمعنى النظافة لغة، ولذا أفردها.
وشرعا: النظافة عن حدث أو خبث ومن جمع نظر لانواعها وهي كثيرة، وحكمها شهيرة.
وحكمها استباحة ما لا يحل بدونها (وسببها) أي سبب وجوبها (ما لا يحل) فعله فرضا كان أو غيره كالصلاة ومس(1/90)
المصحف (إلا بها) أي بالطهارة، صاحب البحر قال بعد سرد الاقوال ونقل كلام الكمال: الظاهر أن السبب هو الارادة في الفرض والنفل، لكن بترك إرادة النفل يسقط الوجوب.
ذكره الزيلعي في الظهار.
وقال العلامة قاسم في نكته: الصحيح أن سبب وجوب الطهارة وجوب الصلاة أو إرادة ما لا يحل إلا بها.
(وقيل) سببها (الحدث) في الحكمية، وهو وصف شرعي يحل في الاعضاء يزيل الطهارة، وما قيل إنه مانعية(1/91)
شرعية قائمة بالاعضاء إلى غاية استعمال المزيل فتعريف بالحكم (والخبث) في الحقيقة وهو عين مستقذرة شرعا، وقيل سببها القيام إلى الصلاة، ونسبا إلى أهل الظاهر وفسادهما ظاهر.
واعلم أن أثر الخلاف إنما يظهر في نحو التعاليق، نحو: إن وجب عليك طهارة فأنت طالق، دون الاثم للاجماع على عدمه بالتأخير عن الحدث، ذكره في التوشيح، وبه اندفع ما في السراج من إثبات الثمرة من جهة الاثم،(1/92)
بل وجوبها موسع بدخول الوقت كالصلاة، فإذا ضاق الوقت صار الوجوب فيهما مضيقا.
وشرائطها ثلاثة عشر على ما في الاشباه: شرائط وجوبها تسعة، وشرائط صحتها أربعة، ونظمها شيخ شيخنا العلامة علي المقدسي شارح نظم الكنز فقال: شرط الوجوب العقل والاسلام وقدرة ماء والاحتلام وحدث ونفي حيض وعدم نفاسها وضيق وقت قد هجم وشرط صحة عموم البشره بمائه الطهور ثم في المنزه
فقد نفاسها وحيضها وأن يزول كل مانع عن البدن(1/93)
وجعلها بعضهم أربعة: شرط وجودها الحسي: وجود المزيل والمزال عنه.
والقدرة على الازالة.
وشرط وجودها الشرعي: كون المزيل مشروع الاستعمال في مثله.
وشرط وجوبها: التكليف والحدث.
وشرط صحتها: صدور الطهر من أهله في محله مع فقد مانعه،(1/94)
ونظمها فقال: تعلم شروطا للوضوء مهمة مقسمة في أربع وثمان فشرط وجود الحس منها ثلاثة سلامة أعضاء وقدرة إمكان لمستعمل الماء القراح هو معا وشرط وجود الشرع خذها بإمعان فمطلق ماء مع طهارته ومع طهورية أيضا ففز ببيان وشرط وجوب وهو إسلام بالغ مع الحدث التمييز بالعقل يا عاني وشرط لتصحيح الوضوء زوال ما يبعد إيصال المياه من أدران كشمع ورمص ثم لم يتخلل الوضوء مناف يا عظيم ذوي الشأن وزيد على هذين أيضا تقاطر مع الغسلات ليس هذا لدى الثاني وصفتها: فرض(1/95)
للصلاة، وواجب للطواف، قيل ومس المصحف للقول بأن المطهرين الملائكة، وسنة للنوم، ومندوب في نيف وثلاثين موضعا ذكرتها في الخزائن: منها بعد كذب وغيبة وقهقهة وشعر وأكل جزور(1/96)
وبعد كل خطيئة، وللخروج من خلاف العلماء.
وركنها: غسل ومسح وزوال نجس.
وآلتها: ماء وتراب ونحوهما.
ودليلها: آية * (إذا قمتم إلى الصلاة) * وهي مدنية إجماعا.
وأجمع أهل السير أن الوضوء والغسل فرضا بمكة مع فرض الصلاة بتعليم جبريل عليه السلام، وأنه عليه الصلاة والسلام لم يصل قط إلا بوضوء، بل هو شريعة من قبلنا، بدليل(1/97)
هذا ضوئي ووضوء الانبياء من قبلي.
وقد تقرر في الاصول أن شرع من قبلنا لنا شرع إذا قصه الله تعالى ورسوله من غير إنكار ولم يظهر نسخه، ففائدة نزول الآية تقرير الحكم الثابت، وتأتي اختلاف العلماء الذي هو رحمة.
كيف وقد اشتملت على نيف وسبعين حكما مبسوطة في تيمم الضياء عن فوائد الهداية وعلى ثمانية أمور كلها مثنى طهارتين: الوضوء والغسل، ومطهرين: الماء والصعيد، وحكمين: الغسل والمسح، وموجبين: الحدث(1/98)
والجنابة، ومبيحين: المرض والسفر، ودليلين: التفصيلي في الوضوء، والاجمالي في الغسل، وكنايتين: الغائط والملامسة، وكرامتين: تطهير الذنوب وإتمام النعمة: أي بموته شهيدا، لحديث من داوم على الوضوء مات شهيدا ذكره في الجوهرة.
وإنما قال آمنوا بالغيبة دون آمنتم ليعم كل من آمن إلى يوم القيامة.
قاله في الضياء، وكأنه مبني على أن في الآية التفاتا، والتحقيق خلافه.(1/99)
وأتى في الوضوء بإذا التحقيقية، وفي الجنابة بأن التشككية للاشارة إلى أن الصلاة من الامور اللازمة والجنابة من الامور العارضة، وصرح بذكر الحدث في الغسل والتيمم دون الوضوء ليعلم أن الوضوء سنة وفرض والحدث شرط للثاني لا للاول، فيكون الغسل على الغسل والتيمم على التيمم عبثا، والوضوء على الوضوء نور على نور.
أركان الوضوء أربعة
عبر بالاركان، لانه(1/100)
أفيد مع سلامته عما يقال: إن أريد بالفرض القطعي يرد تقدير الممسوح بالربع وإن أريد العملي يرد المغسول، وإن أجيب عنه بما لخصناه في شرح الملتقى.
ثم الركن ما يكون فرضا داخل الماهية، وأما الشرط فما يكون خارجها، فالفرض أعم منهما، وهو ما قطع بلزومه(1/101)
حتى يكفر جاحده كأصل مسح الرأس.
وقد يطلق على العملي وهو ما تفوت الصحة بفواته، كالمقدار الاجتهادي في الفروض فلا يكفر جاحده،(1/102)
(غسل الوجه) أي إسالة الماء مع التقاطر ولو قطرة.
وفي الفيض: أقله قطرتان في الاصح (مرة) لان الامر لا يقتضي التكرار (وهو) مشتق من المواجهة، واشتقاق الثلاثي من(1/103)
المزيد إذا كان أشهر في المعنى شائع، كاشتقاق الرعد من الارتعاد واليم من التيمم (من مبدأ سطح جبهته) أي المتوضئ بقرينة المقام (إلى أسفل ذقنه) أي منبت أسنانه السفلى (طولا) كان عليه شعر أو لا، عدل من قولهم من قصاص شعره الجاري على الغالب، إلى المطرد ليعم الاغم والاصلع والانزع (وما بين شحمتي الاذنين عرضا) وحينئذ (فيجب غسل المياقي)(1/104)
وما يظهر من الشفة عند انضمامها (وما بين العذار والاذن) لدخوله في الحد، وبه يفتى (لا غسل باطن العينين) والانف والفم وأصول شعر الحاجبين واللحية والشار وونيم ذباب للجرح (وغسل اليدين) أسقط لفظ فرادى لعدم تقييد الفرض بالانفراد (والرجلين) الباديتين السليمتين، فإن المجروحتين والمستورتين بالخف وظيفتهما المسح (مرة) لما مر (مع المرفقين(1/105)
والكعبين) على المذهب، وما ذكروا أن الثابت بعبارة النص غسل يد ورجل والاخرى بدلالته.
ومن البحث في إلى وفي القراءتين في - أرجلكم - قال في البحر: لا طائل تحته بعد انعقاد الاجماع على ذلك (ومسح ربع الرأس مرة)(1/106)
فوق الاذنين ولو بإصابة مطر أو بلل باق بعد غسل على المشهور لا بعد مسح إلا أن يتقاطر، ولو مد أصبعا أو أصبعين لم يجز إلا أن يكون مع الكف أو بالابهام والسبابة مع ما بينهما أو بمياه، ولو أدخل رأسه الاناء أو خفه أو جبيرته وهو محدث(1/107)
أجزأه، ولم يصر الماء مستعملا وإن نوى اتفاقا على الصحيح كما في البحر عن البدائع.
(وغسل جميع اللحية فرض) يعني عمليا (أيضا) على المذهب الصحيح المفتى به المرجوع إليه، وما عدا هذه الرواية مرجوع عنه كما في البدائع.
ثم لا خلاف أن المسترسل لا يجب غسله ولا مسحه(1/108)
بل يسن، وأن الخفيفة التي ترى بشرتها يجب غسل ما تحتها، كذا في النهر.
وفي البرهان: يجب غسل بشرة لم يسترها الشعر كحاجب وشارب وعنفقة في المختار (ولا يعاد الوضوء) بل ولا بل المحل (بحلق رأسه ولحيته كما لا يعاد) الغسل للمحل ولا الوضوء (بحلق شاربه وحاجبه وقلم ظفره) وكشط جلده (وكذا لو كان على أعضاء وضوئه قرحة) كالدملة (وعليها جلدة رقيقة فتوضأ وأمر الماء عليها ثم نزعها، لا يلزمه إعادة غسل على ما تحتها) وإن تألم بالنزع على(1/109)
الاشبه لعدم البدلية، بخلاف نزع الخف، فصار كما لو مسح خفه ثم حته أو قشره.
فروع: في أعضائه شقاق غسله إن قدر، وإلا مسحه وإلا تركه ولو بيده، ولا يقدر على الماء تيمم، ولو قطع من المرفق غسل محل القطع.
ولو خلق له يدان ورجلان، فلو يبطش بهما غسلهما، ولو بإحداهما فهي الاصلية فيغسلها، وكذا الزائدة إن نبتت من محل افرض، كأصبع وكف زائدين، وإلا فما حاذى منهما محل الفرض غسله، وما لا فلا، لكن يندب.
مجتبى.
وسننه:(1/110)
أفاد أنه لا واجب للوضوء ولا للغسل وإلا لقدمه، وجمعها، لان كل سنة مستقلة بدليل وحكم.(1/111)
وحكمها ما يؤجر على فعله ويلام على تركه، وكثيرا ما يعرفون به لانه محط مواقع أنظارهم.
وعرفها الشمني بما ثبت بقوله عليه الصلاة والسلام أو بفعله، وليس بواجب ولا مستحب، لكنه تعريف لمطلقها، والشرط في المؤكدة المواظبة مع ترك، ولو حكما، لكن شأن الشروط(1/112)
أن لا تذكر في التعاريف.
وأورد عليه في البحر المباح، بناء على ما هو المنصور من أن الاصل في الاشياء التوقف، إلا أن الفقهاء كثيرا ما يلهجون بأن الاصل الاباحة فالتعريف عليه(1/113)
(البداية بالنية) أي نية عبادة لا تصح إلا بالطهارة.
كوضوء أو رفع حدث أو امتثال أمر،(1/114)
وصرحوا بأنها بدونها ليس بعبادة،(1/115)
ويأثم بتركها، وبأنها فرض في الوضوء المأمور به، وفي التوضؤ بسؤر حمار ونبيذ تمر كالتيمم، وبأن وقتها عند غسل الوجه.
وفي الاشباه: ينبغي أن تكون عند غسل اليدين للرسغين لينال ثواب السنن.
قلت: لكن في القهستاني: ومحلها قبل سائر السنن كما في التحفة، فلا تسن عندنا قبيل غسل الوجه، كما تفرض عند الشافعي ا ه.
وفيها سبع سؤالات مشهورة، نظمها العراقي فقال:(1/116)
سبع سؤالات لذي الفهم أتت تحكى لكل عالم في النية حقيقة حكم محل زمن وشرطها والقصد والكيفية (و) البداءة (بالتسمية) قولا، وتحصل بكل ذكر، لكن الوارد عنه عليه الصلاة والسلام باسم الله العظيم، والحمد لله على دين الاسلام (قبل الاستنجاء(1/117)
وبعده) إلا حال انكشاف وفي محل نجاسة فيسمي بقلبه، ولو نسيها فسمى في خلاله لا تحصل السنة، بل المندوب، وأما الاكل فتحصل السنة في باقيه لا فيما فات، وليقل: بسم الله أوله وآخره (و) البداءة (بغسل اليدين) الطاهرتين ثلاثا قبل الاستنجاء وبعده،(1/118)
وقيد الاستيقاظ اتفاقي، ولذا لم يقل قبل إدخالهما الاناء لئلا يتوهم اختصاص السنة بوقت الحاجة، لان مفاهيم الكتب حجة، بخلاف أكثر مفاهيم النصوص كذا في النهر، وفيه من الحد المفهوم معتبر في الروايات اتفاقا(1/119)
ومنه أقوال الصحابة.
قال: وينبغي تقييده بما يدرك بالرأي لا ما لا يدرك به ا ه.
وفي القهستاني عن حدود النهاية: المفهوم معتبر في نص العقوبة كما في قوله تعالى: * (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) * (المطففين: 51) وأما اعتباره في الرواية فأكثري لا كلي (إلى الرسغين) بضم مفصل الكف بين الكوع والكرسوع، وأما البوع ففي الرجل.
قال: وعظم يلي الابهام كوع وما يلي لخنصره الكرسوع والرسغ في الوسط وعظم يلي إبهام رجل ملقب ببوع فخذ بالعلم واحذر من الغلط
ثم إن لم يمكن رفع الاناء أدخل أصابغ يسراه مضمومة(1/120)
وصب على اليمنى لاجل التيامن.
ولو أدخل الكف إن أراد الغسل صار الماء مستعملا، وإن أراد الاغتراف: لا، ولو لم يمكنه الاغتراف بشئ ويداه نجستان تيمم وصلى ولم يعد.
(وهو) سنة كما أن الفاتحة واجبة (ينوب عن الفرض)(1/121)
ويسن غسلها أيضا مع الذراعين.
(والسواك) سنة مؤكدة كما في الجوهرة عن المضمضة، وقيل قبلها، وهو للوضوء عندنا إلا إذا نسيه فيندب للصلاة كما يندب لاصفرار سن وتغير رائحة وقراءة قرآن،(1/122)
وأقله ثلاث في الاعالي وثلاث في الاسافل (بمياه) ثلاثة.
(و) ندب إمساكه (بيمناه) وكونه لينا، مستويا بلا عقد، في غلظ الخنصر وطول شبر.
ويستاك عرضا لا طولا،(1/123)
ولا مضطجعا فإنه يورث كبر الطحال، ولا يقبضه فإنه يورث الباسور، ولا يمصه فإنه يورث العمى، ثم يغسله، وإلا فيستاك الشيطان به، ولا يزاد على الشبر، وإلا فالشيطان يركب عليه، ولا يضعه بل ينصبه وإلا فخطر الجنون.
قهستاني، ويكره بمؤذ، ويحرم بذي سم.
ومن منافعه: أنه شفاء لم دون الموت، ومذكر للشهادة عنده.
وعند فقده أو فقد أسنانه تقوم الخرقة الخشنة أو الاصبع مقامه، كما يقوم العلك مقامه للمرأة مع القدرة عليه.(1/124)
(وغسل الفم) أي استيعابه، ولذا عبر بالغسل أو للاختصار (بمياه) ثلاثة (والانف) ببلوغ الماء.
المارن (بمياه) وهما سنتان مؤكدتان مشتملتان على سنن خمس: الترتيب، والتثليث،
وتجديد الماء، وفعلهما باليمنى (والمبالغة فيهما) بالغرغرة، ومجاوزة المارن 2 > (لغير الصائم) لاحتمال الفساد، وسر تقديمهما اعتبار أوصاف الماء، لان لونه يدرك بالبصر، وطعمه بالفم، وريحه بالانف.(1/125)
ولو عنده ماء يكفي للغسل مرة معهما وثلاثا بدونهما غسل مرة.
ولو أخذ ماء فمضمض بعضه واستنشق بباقيه أجزأه، وعكسه لا.
وهل يدخل أصبعه في فمه وأنفه؟ الاولى نعم.
قهستاني.
(وتخليل اللحية) لغير المحرم بعد التثليث، ويجعل ظهر كفه إلى عنقه (و) تخليل (الاصابع)(1/126)
اليدين بالتشبيك والرجلين بخنصر يده اليسرى بادئا بخنصر رجله اليمنى وهذا بعد دخول الماء خلالها، فلو منضمة فرض (وتثليث الغسل) المستوعب، ولا عبرة للغرفات،(1/127)
ولو اكتفى بمرة إن اعتاده أثم، وإلا لا، ولو زاد لطمأنينة القلب أو لقصد الوضوء على الوضوء(1/128)
لا بأس به، وحديث فقد تعدى محمول على الاعتقاد، ولعل كراهة تكراره في مجلس تنزيهه،(1/129)
بل في القهستاني معزيا للجواهر الاسراف في الماء الجاري جائز، لانه غير مضيع، فتأمل (ومسح كل رأسه مرة) مستوعبة، فلو تركه وداوم عليه أثم،(1/130)
(وأذنيه) معا ولو (بمائه) لكن لو مس عمامته فلا بد من ماء جديد (والترتيب) المذكور في النص، وعند الشافعي رضي الله عنه: فرض(1/131)
وهو مطالب بالدليل (والولاء) بكسر الواو: غسل المتأخر أو مسحه قبل جفاف الاول بلا عذر: حتى لو فني ماؤه فمضى لطلبه لا بأس به، ومثله الغسل والتيمم، وعند مالك فرض، ومن السنن:(1/132)
الدلك، وترك الاسراف، وترك لطم الوجه بالماء، وغسل فرجها الخارج.
(ومستحبه) ويسمى مندوبا وأدبا وفضيلة، وهو ما فعله النبي (ص) مرة وتركه أخرى وما أحبه السلف(1/133)
(التيامن) في اليدين والرجلين ولو مسحا، لا الاذنين والخدين، فيلغز أي عضوين لا يستحب التيامن فيهما؟ (ومسح الرقبة) بظهر يديه (لا الحلقوم) لانه بدعة.
(ومن آدابه) عبر بمن لان له آدبا أخر أوصلها في الفتح إلى نيف وعشرين، وأوصلتها في الخزائن إلى نيف وستين (استقبال القبلة(1/134)
ودلك أعضائه) في المرة الاولى (وإدخال خنصره) المبلولة (صماخ أذنيه) عند مسحهما (وتقديمه على الوقت لغير المعذور) وهذه إحدى المسائل الثلاث المستثناة من قاعدة الفرض أفضل من النفل(1/135)
لان الوضوء قبل الوقت مندوب وبعده فرض.
الثانية: إبراء المعسر مندوب أفضل من إنظاره الواجب.
الثالثة: الابتداء بالسلام سنة أفضل من رده، وهو فرض، ونظمه من قال: الفرض أفضل من تطوع عابد حتى ولو قد جاء منه بأكثر إلا التطهر قبل وقت وابتداء للسلام كذاك إبرا معسر (وتحريك خاتمه الواسع) ومثله القرط، وكذا الضيق إن علم وصول الماء وإلا فرض(1/136)
(وعدم الاستعانة بغيره) إلا لعذر، وأما استعانته عليه الصلاة والسلام بالمغيرة فلتعليم الجواز (و) عدم (التكلم بكلام الناس) إلا لحاجة تفوته (والجلوس في مكان مرتفع) تحرزا عن الماء المستعمل.
وعبارة الكمال: وحفظ ثيابه من التقاطر، وهي أشمل (والجمع بين نية القلب وفعل اللسان) هذه رتبة وسطى بين من سن التلفظ بالنية ومن كرهه لعدم نقله عن السلف (والتسمية) كما مر (عند غسل كل عضو) وكذا الممسوح (والدعاء بالوارد عنده) أي عند كل عضو، وقد رواه ابن حبان وغيره عنه عليه الصلاة والسلام من طرق،(1/137)
قال محقق الشافعية الرملي: فيعمل به في فضائل الاعمال وإن أنكره النووي.
فائدة: شرط العمل بالحديث الضعيف عدم شدة ضعفه، وأن يدخل تحت أصل عام، وأن لا يعتقد سنية ذلك الحديث.
وأما الموضوع فلا يجوز العمل به بحال، ولا روايته إلا إذا قرن ببيانه (والصلاة والسلام على النبي بعده) أي بعد الوضوء، لكن في الزيلعي أي بعد كل عضو (وأن يقول بعده) أي(1/138)
الوضوء (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، وأن يشرب بعده من فضل وضوئه) كماء زمزم (مستقبل القبلة قائما) أو قاعدا، وفيما عداهما يكره قائما تنزيها،(1/139)
وعن ابن عمر كنا نأكل على عهد النبي (ص) ونحن نمشي، ونشرب ونحن قيام ورخص للمسافر شربه ماشيا.
ومن الآداب تعاهد موقيه وكعبيه وعرقوبيه وأخمصيه، وإطالة غرته وتحجيله،(1/140)
وغسل رجليه بيساره، وبلهما عند ابتداء الوضوء في الشتاء والتمسح بمنديل وعدم نفض يده،
وقراءة سورة القدر وصلاة ركعتين، في غير وقت كراهة.(1/141)
(ومكروهة: لطم الوجه) أو غيره (بالماء) تنزيها، والتقتير (والاسراف) ومنه الزيادة على الثلاث (فيه) تحريما لو بماء النهر والمملوك له.(1/142)
وأما الموقوف على من يتطهر به، ومنه ماء المدارس، فحرام (وتثليث المسح بماء جديد) أما بماء واحد فمندوب أو مسنون.
ومن منهياته التوضؤ بفضل ماء المرأة وفي موضع نجس، لان لماء الوضوء حرمة، أو(1/143)
في المسجد إلا في إناء أو في موضع أعد لذلك، وإلقاء النخامة، والامتخاط في الماء.
(وينقضه خروج) كل خارج (نجس) بالفتح ويكسر (منه) أي من المتوضئ الحي معتادا أو لا، من السبيلين(1/144)
أو لا (إلى ما يطهر) بالبناء للمفعول: أي يلحقه حكم التطهير.
ثم المراد بالخروج من السبيلين مجرد الظهور، وفي غيرهما عين السيلان ولو بالقوة لما قالوا، لو مسح الدم كلما خرج ولو تركه لسال نقض، وإلا لا،(1/145)
كما لو سال في باطن عين أو جرح أو ذكر ولم يخرج، وكدمع وعرق إلا عرق مدمن الخمر فناقض على ما سيذكره المصنف، ولنا فيه كلام (و) خروج غير نجس مثل (ريح أو دودة أو حصاة من دبر لا) خروج ذلك من جرح، ولا خروج (ريح من قبل) غير مفضاة،(1/146)
أما هي فيندب لها الوضوء وقيل يجب، وقيل لو منتنة (وذكر) لانه اختلاج، حتى لو خرج ريح من الدبر وهو يعلم أنه لم يكن من الاعلى، فهو اختلاج فلا ينقض، وإنما قيد بالريح لان
خروج الدودة والحصاة منهما ناقض إجماعا كما في الجوهرة (ولا) خروج (دودة من جرح أو أذن أو أنف) أو فم (وكذا لحم سقط منه) لطهارتهما وعدم السيلان فيما عليهما وهو مناط النقض (والمخرج) بعصر.
والخارج) بنفسه (سيان) في حكم النقض على المختار كما في البزازية، قال: لان في الاخراج خروجا فصار كالفصد.
وفي الفتح عن الكافي أنه الاصح،(1/147)
واعتمده القهستاني.
وفي القنية وجامع الفتاوي: إنه الاشبه، ومعناه أنه الاشبه بالمنصوص رواية والراجح دراية، فيكون الفتوى عليه.
(و) ينقضه (قئ ملا فاه) بأن يضبط بتكلف (من مرة) بالكسر: أي صفراء (أو علق) أي سوداء، وأما العلق النازل من الرأس فغير ناقض (أو طعام أو ماء) إذا وصل إلى معدته وإن لم يستقر، وهو نجس مغلظ ولو من صبي ساعة ارتضاعه(1/148)
هو الصحيح لمخالطة النجاسة.
ذكره الحلبي.
ولو هو في المرئ فلا نقض اتفاقا كقئ حية أو دود كثير لطهارته في نفسه، كماء فم النائم فإنه طاهر مطلقا به يفتى، بخلاف ماء فم الميت فإنه نجس كقئ عين خمر أو بول وإن لم ينقض لقلته لنجاسته بالاصالة إلا بالمجاورة (لا) ينقضه قئ من (بلغم) على المعتمد (أصلا) إلا المخلوط بطعام فيعتبر الغالب، ولو استويا فكل على حدة.
(و) ينقضه (دم) مائع من جوف أو فم(1/149)
(غلب على بزاق) حكما للغالب (أو ساواه) احتياطا (لا) ينقضه (المغلوب بالبزاق) والقيح كالدم والاختلاط بالمخاط كالبزاق.
(وكذا ينقضه علقه مصت عضوا وامتلات من الدم، ومثلها القراد إن) كان (كبيرا) لانه
حينئذ (يخرج منه دم مسفوح) سائل (وإلا) تكن العلقة والقراد كذلك (لا) ينقض (كبعوض وذباب) كما في الخانية لعدم الدم المسفوح، وفي القهستاني: لا نقض ما لم يتجاوز الورم، ولو شد بالرباط إن نفذ البلل للخارج نقض(1/150)
(ويجمع متفرق القئ) ويجعل كقئ واحد (لاتحاد السبب) الغثيان عند محمد وهو الاصح، لان الاصل إضافة الاحكام إلى أسبابها إلا لمانع، كما بسط في الكافي.
(و) كل (ما ليس بحدث) أصلا بقرينة زيادة الباء كقئ قليل ودم لو ترك لم يسل (ليس بنجس) عند الثاني،(1/151)
وهو الصحيح رفقا بأصحاب القروح، خلافا لمحمد.
وفي الجوهرة: يفتى بقول محمد: لو المصاب مائعا.
(و) ينقضه حكما (نوم يزيل مسكته) أي قوته الماسكة بحيث تزول مقعدته ومن الارض، وهو النوم على أحد جنبيه أو وركيه أو قفاه أو وجهه (وإلا) يزل مسكتة (لا) ينقض، وإن تعمده في الصلاة أو غيرها على المختار(1/152)
كالنوم قاعدا ولو مستندا إلى ما لو أزيل لسقط على المذهب وساجدا على الهيئة المسنونة ولو في غير الصلاة على المعتمد.
ذكره الحلبي، أو متوركا أو محتبيا ورأسه على ركبتيه(1/153)
أو شبه المنكب أو في محمل أو سرج أو إكاف ولو الدابة عريانا، فإن حال الهبوط نقض وإلا لا.
ولو نام قاعدا يتمايل فسقط، إن انتبه حين سقط فلا نقض، به يفتى، كناعس يفهم أكثر ما قيل عنده.
والعته لا ينقض كنوم الانبياء عليهم الصلاة والسلام، وهل ينقض إغماؤهم(1/154)
وغشيهم؟ ظاهر كلام المبسوط نعم.
(و) ينقضه (إغماء) ومنه الغشي (وجنون وسكر) بأن يدخل في مشيه تمايل ولو بأكل الحشيشة(1/155)
(وقهقهة) هي ما يسمع جيرانه (بالغ) ولو امرأة سهوا (يقظان) فلا يبطل وضوء صبي ونائم بل صلاتهما، به يفتى (يصلي) ولو حكما كالباني (بطهارة صغرى) ولو تيمما(1/156)
(مستقلة) فلا يبطل وضوء في ضمن الغسل، لكن رجح في الخانية والفتح والنهر النقض عقوبة له، وعليه الجمهور كما في الذخائر الاشرفية (صلاة كاملة) ولو عند السلام عمدا فإنها تبطل الوضوء لا الصلاة، خلافا لزفر كما حرره في الشرنبلالية.
ولو قهقه إمامه أو أحدث عمدا ثم قهقه المؤتم ولو مسبوقا فلا نقض، بخلافهما بعد كلامه عمدا في الاصح.
ومن مسائل الامتحان - ولو نسي الباني المسح فقهقه قبل قيامه للصلاة(1/157)
انتقض لا بعده لبطلانها بالقيام إليها (ومباشرة فاحشة) بتماس الفرجين ولو بين المرأتين والرجلين مع الانتشار (للجانبين) المباشر والمباشر ولو بلا بلل على المعتمد.
(لا) ينقضه (مس ذكر) لكن يغسل يده ندبا (وامرأة) وأمرد،(1/158)
لكن يندب للخروج من الخلاف لا سيما للامام، لكن بشرط عدم لزوم ارتكاب مكروه مذهبه.
(كما) لا ينقض (لو خرج من أذنه) ونحوها كعينه وثديه (قيح) ونحوه كصديد وماء سرة وعين (لا بوجع وإن) خرج (به) أي بوجع (نقض) لانه دليل الجرح، فدمع من بعينه رمد أو عمش ناقض، فإن استمر صار ذا عذر.(1/159)
مجتبى، والناس عنه غافلون.
(كما) ينقض (لو حشا إحليله بقطنة وابتل الطرف الظاهر) هذا لو القطنة عالية أو محاذية لرأس الاحليل وإن متسفلة عنه لا ينقض، وكذا الحكم في الدبر والفرج الداخل (وإن ابتل) الطرف (الداخل لا) ينقض ولو سقطت، فإن رطبة انتقض وإلا لا، وكذا لو أدخل أصبعه في(1/160)
دبره ولم يغيبها، فإن غيبها أو أدخلها عند الاستنجاء بطل وضوءه وصومه.
فروع: يستحب للرجل أن يحتشي إن رابه الشيطان، ويجب إن كان لا ينقطع إلا به أقدر ما يصلي.
باسوري خرج من دبره، إن أدخله بيده انتقض وضوءه، وإن دخل بنفسه لا، وكذا لو(1/161)
خرج بعض الدودة فدخلت.
من لذكره رأسان، فالذي لا يخرج منه البول المعتاد بمنزلة الجرح.
الخنثى غير المشكل فرجه الآخر كالجرح، والمشكل ينتقض وضوءه بكل.
منكر الوضوء هل يكفر إن أنكر الوضوء للصلاة؟ نعم، ولغيرها لا شك في بعض وضوئه، أعاد ما شك فيه لو في خلاله ولم يكن الشك عادة له، وإلا لا.
ولو علم أنه لم يغسل عضوا وشك في تعيينه غسل رجله اليسرى لانه آخر العمل.
ولو أيقن بالطهارة وشك بالحدث أو بالعكس أخذ باليقين، ولو تيقنهما وشك في السابق فهو متطهر، ومثله المتيمم.(1/162)
ولو شك في نجاسة ماء أو ثوب أو طلاق أو عتق لم يعتبر، وتمامه في الاشباه.
(وفرض الغسل) أراد به ما يعم العملي كما مر، وبالغسل المفروض كما في الجوهرة، وظاهره عدم شرطية غسل فمه وأنفه في المسنون، كذا في البحر: يعني عدم فرضيتها فيه،
وإلا فهما شرطان في تحصيل السنة (غسل) كل (فمه).
ويكفي الشرب عبا،(1/163)
لان المج ليس بشرط في الاصح (وأنفه) حتى ما تحت الدرن (و) باقي (بدنه) لكن في المغرب وغيره: البدن من المنكب إلى الالية، وحينئذ فالرأس والعنق واليد والرجل خارجة لغة، داخلة تبعا شرعا (لا دلكه) لانه متمم، فيكون مستحبا لا شرطا، خلافا لمالك.
(ويجب) أي يفرض (غسل) كل ما يمكن من البدن بلا حرج مرة كأذن و (سرة وشارب وحاجب و) أثناء (لحية) وشعر رأس ولو متلبدا لما في - فاطهروا - من المبالغة (وفرج خارج) لانه كالفم لا داخل لانه باطن، ولا تدخل أصبعها في قبلها، به يفتى (لا) يجب (غسل ما فيه حرج كعين) وإن اكتحل بكحل نجس(1/164)
(وثقب انضم و)، لا (داخل قلفة) بل يندب هو الاصح قاله الكمال، وعلله بالحرج فسقط الاشكال.
وفي المسعودي: إن أمكن فسخ القلفة بلا مشقة يجب وإلا لا (وكفى، بل أصل ضفيرتها) أي شعر المرأة المضفور للحرج، أما المنقوض فيفرض غسل كله اتفاقا، ولو لم يبتل أصلها يجب نقضها مطلقا هو الصحيح، ولو ضرها غسل رأسها تركته، وقيل تمسحه ولا(1/165)
تمنع نفسها عن زوجها، وسيجئ في التيمم (لا) يكفي بل (ضفيرته) فينقضها وجوبا (ولو علويا أو تركيا) لامكان حلقه.
(ولا يمنع) الطهارة (ونيم) أي خرء ذباب وبرغوث لم يصل الماء تحته (وحناء) ولو جرمه، به يفتى (ودرن ووسخ) عطف تفسير، وكذا دهن ودسومة (وتراب) وطين ولو (في ظفر مطلقا) أي قرويا أو مدنيا في الاصح بخلاف نحو عجين.(1/166)
(و) لا يمنع (ما على ظفر صباغ و) لا (طعام بين أسنانه) أو في سنه المجوف.
به يفتى.
وقيل إن صلبا منع، وهو الاصح.
(ولو) كان (خاتمه ضيقا نزعه أو حركه) وجوبا (كقرط، ولو لم يكن بثقب أذنه قرط فدخل الماء فيه) أي الثقب (عند مروره) على أذنه (أجزأه كسرة وأذن دخلهما الماء، وإلا) يدخل (أدخله) ولو بأصبعه، ولا يتكلف بخشب ونحوه، والمعتبر غلبة ظنه بالوصول.
فروع: نسي المضمضة أو جزءا من بدنه فصلى ثم تذكر، فلو نفلا لم يعد لعدم صحة شروعه.
عليه غسل وثمة رجال لا يدعه وإن رأوه، والمرأة بين رجال أو رجال ونساء تؤخره لا بين نساء فقط، واختلف في الرجل بين رجال ونساء أو نساء فقط كما بسطه ابن الشحنة.
وينبغي لها(1/167)
أن تتيمم وتصلي لعجزها شرعا عن الماء، وأما الاستنجاء فيترك مطلقا، والفرق لا يخفى.
(وسننه) كسنن الوضوء سوى الترتيب.
وآدابه كآدابه سوى استقبال القبلة لانه يكون غالبا(1/168)
مع كشف عورة.
وقالوا: لو مكث في ماء جار أو حوض كبير أو مطر قدر الوضوء والغسل فقد أكمل السنة (البداءة بغسل يديه وفرجه) وإن لم يكن به خبث اتباعا للحديث (وخبث بدنه إن كان) عليه خبث لئلا يشيع (ثم توضأ) أطلقه فانصرف إلى الكامل، فلا يؤخر قدميه(1/169)
ولو في مجمع الماء، لما أن المعتمد طهارة الماء المستعمل، على أنه لا يوصف بالاستعمال إلا بعد انفصاله عن كل البدن لانه في الغسل كعضو واحد، فحينئذ لا حاجة إلى غسلهما ثانيا إلا إذا كان ببدنه خبث، ولعل القائلين بتأخير غسلهما إنما استحبوه ليكون البدء والختم بأعضاء الوضوء، وقالوا: لو توضأ أولا لا يأتي به ثانيا لانه لا يستحب وضوءان للغسل اتفاقا، أما لو توضأ بعد الغسل واختلف المجلس على مذهبنا أو فصل بينهما بصلاة كقول الشافعية فيستحب (ثم يفيض الماء)(1/170)
على كل بدنه ثلاثا مستوعبا من الماء المعهود في الشرع للوضوء والغسل، وهو ثمانية أرطال، وقيل: المقصود عدم الاسراف.
وفي الجواهر: لا إسراف في الماء الجاري، لانه غير مضيع، وقد قدمناه عن القهستاني (بادئا بمنكبه الايمن ثم الايسر ثم برأسه ثم) على (بقية بدنه مع دلكه) ندبا، وقيل يثني بالرأس، وقيل يبدأ بالرأس وهو الاصح، وظاهر الرواية والاحاديث قال في البحر: وبه(1/171)
يضعف تصحيح الدرر.
(وصح نقل بلة عضو إلى) عضو (آخر فيه) بشرط التقاطر (لا في الوضوء) لما مر أن البدن كله كعضو واحد.
(وفرض) الغسل (عند) خروج (مني) من العضو، وإلا فلا يفرض اتفاقا لانه في حكم الباطن (منفصل عن مقره) هو صلب الرجل وترائب المرأة، ومنيه أبيض ومنيها أصفر، فلو اغتسلت فخرج منها مني، إن منيها أعادت الغسل لا الصلاة وإلا لا (بشهوة) أي لذة ولو حكما كمحتلم، ولم يذكر الدفق ليشمل مني المرأة، لان الدفق فيه(1/172)
غير ظاهر، وأما إسناده إليه أيضا في قوله تعالى: * (خلق من ماء دافق) * (الطارق: 6) الآية فيحتمل التغليب فالمستدل بها كالقهستاني تبعا لاخي جلبي غير مصيب.
تأمل، ولانه ليس بشرط عندهما خلافا للثاني ولذا قال: (وإن لم يخرج) من رأس الذكر (بها) وشرطه أبو يوسف، وبقوله يفتى في ضيف خاف ريبة واستحى كما في المستصفى.
وفي القهستاني والتاترخانية معزيا للنوازل: وبقول أبي يوسف نأخذ، لانه أيسر على المسلمين، قلت: ولا سيما في الشتاء والسفر.
وفي الخانية خرج مني بعد البول وذكره منتشر لزمه الغسل.
قال في البحر ومحله إن(1/173)
وجد الشهوة، وهو تقييد قولهم بعدم الغسل بخروجه بعد البول (و) عند (إيلاج حشفة) هي ما فوق الختان (آدمي) احتراز عن الجني: يعني إذا لم تنزل وإذا لم يظهر لها في صورة الآدمي كما في البحر (أو) إيلاج (قدرها من مقطوعها) ولو لم يبق منه قدرها.
قال في الاشباه: لم(1/174)
يتعلق به حكم، ولم أره (في أحد سبيلي آدمي) حي (يجامع مثله) سجئ محترزه (عليهما) أي الفاعل والمفعول (لو) كان (مكلفين) ولو أحدهما مكلفا فعليه فقط دون المراهق، لكن يمنع من الصلاة حتى يغتسل ويؤمر به ابن عشر تأديبا (وإن) وصلية (لم ينزل) منيا بالاجماع، يعني لو في دبر غيره، أما في دبر نفسه فرجح في النهر عدم الوجوب إلا بالانزال: ولا يرد الخنثى المشكل فإنه لا غسل عليه بإيلاجه في قبل أو دبر ولا على من جامعه إلا بالانزال، لان الكلام في حشفة وسبيلين محققين(1/175)
(و) عند (رؤية مستيقظ) خرج رؤية السكران والمغمى عليه المذي، منيا أو مذيا (وإن لم يتذكر الاحتلام) إلا إذا علم أنه مذي أو شك أو ودي أو كان ذكره منتشرا قبيل النوم(1/176)
فلا غسل اتفاقا كالودي، لكن في الجواهر إلا إذا نام مضطجعا، أو تيقن أنه مني أو تذكر حلما فعليه الغسل والناس عنه غافلون (لا) يفترض (إن تذكر ولو مع اللذة) والانزال (ولم ير) على رأس الذكر (بللا) إجماعا (وكذا المرأة) مثل الرجل على المذهب.
ولو وجد بين الزوجين ماء ولا مميز ولا تذكر ولا نام قبلهما غيرهما اغتسلا (أولج حشفته)(1/177)
أو قدرها (ملفوفة بخرقة، إن وجد لذة) الجماع (وجب) الغسل (وإلا لا) على الاصح، والاحوط الوجوب (و) عند (انقطاع حيض ونفاس) هذا وما قبله من إضافة الحكم إلى الشرط: أي يجب عنده لا به، بل بوجوب الصلاة، أو إرادة ما لا يحل كما مر (لا) عند (مذي أو ودي)
بل الوضوء منه ومن البول جميعا(1/178)
على الظاهر (و) لا عند (إدخال أصبع ونحوه) كذكر غير آدمي وذكر خنثى وميت وصبي لا يشتهي وما يصنع من نحو خشب (في الدبر أو القبل) على المختار (و) لا عند (وطئ بهيمة أو ميتة أو صغيرة غير مشتهاة) بأن تصير مفضاة بالوطئ وإن غابت الحشفة ولا ينتقض الوضوء، فلا يلزم إلا غسل الذكر.
قهستاني عن النظم، وسيجئ أن رطوبة(1/179)
الفرج طاهرة عنده فتنبه (بلا إنزال) لقصور الشهوة أما به فيحال عليه.
(كما) لا غسل (لو أتى عذراء ولم يزل عذرتها) بضم فسكون البكارة، فإنها تمنع التقاء الختانين إلا إذا حبلت لانزالها، وتعيد ما صلت قبل الغسل كذا قالوا، وفيه نظر، لان خروج منيها من فرجها الداخل شرط لوجوب الغسل على المفتى به ولم يوجد.
قاله الحلبي.
(ويجب) أي يفرض (على الاحياء) المسلمين (كفاية) إجماعا (أن يغسلوا) بالتخفيف(1/180)
(الميت) المسلم إلا الخنثى المشكل فييمم (كما يجب على من أسلم جنبا أو حائضا) أو نفساء ولو بعد الانقطاع على الاصح كما في الشرنبلالية عن البرهان، وعلله ابن الكمال ببقاء الحدث الحكمي (أو بلغ لا بسن) بل بإنزال أو حيض، أو ولدت ولم تر دما، أو أصاب كل بدنه نجاسة أو بعضه وخفي مكانها (في الاصح) راجع للجميع.(1/181)
وفي التاترخانية معزيا للعتابية، والمختار وجوبه على مجنون أفاق.
قلت: وهو يخالف ما يأتي متنا، إلا أن يحمل أنه رأى منيا، وهل السكران والمغمى عليه كذلك؟ يراجع (وإلا) بأن أسلم طاهرا أو بلغ بالسن (فمندوب).
وسن لصلاة جمعة (و) لصلاة (عيد) هو الصحيح(1/182)
كما في غرر الاذكار وغيره.
وفي الخانية: لو اغتسل بعد صلاة الجمعة لا يعتبر إجماعا، ويكفي غسل واحد لعيد وجمعة اجتمعا مع جنابة كما لفرضي جنابة وحيض (و) لاجل (إحرام و) في جبل (عرفة) بعد الزوال.
(وندب لمجنون أفاق) وكذا المغمى عليه، كذا في غرر الاذكار، وهل السكران كذلك؟ لم أره (وعند حجامة، وفي ليلة براءة) وعرفة (وقدر) إذا رآها (وعند الوقوف بمزدلفة غداة يوم النحر) للوقوف (وعند دخول منى يوم النحر) لرمي الجمر (و) كذا لبقية الرمي،(1/183)
و (عند دخول مكة لطواف الزيارة، ولصلاة كسوف) وخسوف (واستسقاء وفزع وظلمة وريح شديد) وكذا لدخول المدينة، ولحضور مجمع الناس، ولمن لبس ثوبا جديدا أو غسل ميتا أو يراد قتله، ولتائب من ذنب، ولقادم من سفر، ولمستحاضة انقطع دمها (ثمن ماء اغتسالها ووضوئها عليه) أي الزوج ولو غنية كما في الفتح، لانه لا بد لها منه فصار كالشرب، فأجرة الحمام عليه.
ولو كان الاغتسال لا عن جنابة وحيض بل لازالة الشعث، والتفث، قال شيخنا: الظاهر لا يلزمه.(1/184)
(ويحرم ب) الحدث (الاكبر دخول مسجد) لا مصلى عيد وجنازة ورباط ومدرسة، ذكره المصنف وغيره في الحيض وقبيل الوتر، لكن في وقف القنية: المدرسة إذا لم يمنع أهلها الناس من الصلاة فيها فهي مسجد (ولو للعبور) خلافا للشافعي (إلا لضرورة)، حيث لا يمكنه غيره.
ولو احتلم فيه، إن خرج مسرعا تيمم ندبا، وإن مكث لخوف فوجوبا،(1/185)
ولا يصلي ولا يقرأ.
(و) يحرم به (تلاوة قرآن) ولو دون آية المختار (بقصده) فلو قصد الدعاء أو الثناء أو افتتاح أمر أو التعليم ولقن كلمة كلمة حل في الاصح،(1/186)
حتى لو قصد بالفاتحة الثناء في الجنازة لم يكره إلا إذا قرأ المصلي قاصدا الثناء فإنها تجزيه لانها في محلها، فلا يتغير حكمها بقصده (ومسه) مستدرك بما بعده، وهو وما قبله ساقط من نسخ الشرح، وكأنه لانه ذكره في الحيض.
(و) يحرم به (طواف) لوجوب الطهارة فيه (و) يحرم (به) أي بالاكبر (وبالاصغر) مس مصحف: أي ما فيه آية كدرهم وجدار، وهل مس نحو التوراة كذلك؟ ظاهر كلامهم لا (إلا(1/187)
بغلاف متجاف) غير مشرز أو بصرة، به يفتى، وحل قلبه بعود.
واختلفوا في مسه بغير أعضاء الطهارة وبما غسل منها وفي القراءة بعد المضمضة، والمنع أصح.
(ولا يكره النظر إليه) أي القرآن (لجنب وحائض ونفساء) لان الجنابة لا تحل العين (ك) - ما لا تكره (أدعية) أي تحريما، وإلا فالوضوء لمطلق الذكر مندوب، وتركه خلاف الاولى، وهو مرجع كراهة التنزيه.
(ولا) يكره (مس صبي لمصحف ولوح)(1/188)
ولا بأس بدفعه إليه وطلبه منه للضرورة، إذ الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر.
(و) لا تكره (كتابة قرآن والصحيفة أو اللوح على الارض عند الثاني) خلافا لمحمد.
وينبغي أن يقال: إن وضع على الصحيفة ما يحول بينها وبين يده يؤخذ بقول الثاني، وإلا فبقول
الثالث.
قاله الحلبي.
(ويكره له قراءة توراة وإنجيل وزبور) لان الكل كلام الله، وما بدل منها غير معين.(1/189)
وجزم العيني في شرح المجمع بالحرمة، وخصها في النهر بما لم يبدل (لا) قراءة (قنوت) ولا أكله وشربه بعد غسل يد وفم، ولا معاودة أهله قبل اغتساله إلا إذا احتلم لم يأت أهله.
قال الحلبي: ظاهر الاحاديث إنما يفيد الندب لا نفي الجواز المفاد من كلامه.
(والتفسير كمصحف(1/190)
لا الكتب الشرعية) فإنه رخص مسها باليد لا التفسير كما في الدرر عن مجمع الفتاوي.
وفي السراج: المستحب أن لا يأخذ الكتب الشرعية بالكم أيضا تعظيما، لكن في الاشباه من قاعدة: إذا اجتمع الحلال والحرام رجح الحرام.
وقد جوز أصحابنا مس كتب التفسير للمحدث، ولم يفصلوا بين كون الاكثر تفسيرا أو قرآنا، ولو قيل به اعتبارا للغالب لكان حسنا.
قلت: لكنه يخالف ما مر فتدبر.
فروع: المصحف إذا صار بحال لا يقرأ فيه يدفن(1/191)
كالمسلم، ويمنع النصراني من مسه، وجوزه محمد إذا اغتسل، ولا بأس بتعليمه القرآن والفقه عسى يهتدي.
ويكره وضع المصحف تحت رأسه إلا للحفظ والملمة على الكتاب إلا للكتابة.
ويوضع النحو ثم التعبير ثم الكلام ثم الفقه ثم الاخبار والمواعظ ثم التفسير.
تكره إذاية درهم عليه آية إلا إذا كسره.
رقية في غلاف متجاف لم يكره دخول الخلاء به، والاحتراز أفضل.
يجوز رمي براية القلم الجديد، ولا ترمى براية القلم المستعمل لاحترامه، كحشيش(1/192)
المسجد وكناسته لا يلقى في موضع يخل بالتعظيم.
ولا يجوز لف شئ في كاغد فيه فقه، وفي كتب الطب يجوز، ولو فيه اسم الله أو الرسول فيجوز محوه ليلف فيه شئ، ومحو بعض الكتابة بالريق يجوز، وقد ورد النهي في محو اسم الله بالبزاق، وعنه عليه الصلاة والسلام القرآن أحب إلى الله تعالى من السموات والارض ومن فيهن.
يجوز قربان المرأة في بيت فيه مصحف مستور.
بساط أو غيره كتب عليه الملك لله يكره بسطه واستعماله لا تعليقه للزينة.
وينبغي أن لا يكره كلام الناس مطلقا، وقيل: يكره مجرد الحروف والاول أوسع، وتمامه في البحر وكراهية القنية.
قلت: وظاهره انتفاء الكراهة بمجرد تعظيمه وحفظه علق أو لا، زين به أو لا، وهل ما يكتب على المراوح وجدر الجوامع كذا؟ يحرر.
باب المياه جمع ماء بالمد، ويقصر، أصله موه قلبت الواو ألفا(1/193)
والهاء همزة، وهو جسم لطيف سيال به حياة كل نام (يرفع الحدث) مطلقا (بماء مطلق) هو ما يتبادر عند الاطلاق (كماء سماء وأودية وعيون وآبار وبحار وثلج مذاب) بحيث يتقاطر، وبرد وجمد وندا، هذا تقسيم باعتبار ما يشاهد وإلا فالكل من السماء لقوله تعالى: * (ألم تر أن الله نزل من السماء ماء) * (الحج: 36) الآية، والنكرة ولو مثبتة في مقام الامتنان تعم (وماء زمزم) بلا كراهة، وعن أحمد يكره (بماء قصد تشميسه بلا كراهة) وكراهته عند الشافعي طبية، وكره أحمد المسخن بالنجاسة.(1/194)
(و) يرفع (بماء ينعقد به ملح لا بماء) حاصل بذوبان (ملح) لبقاء الاول على طبيعته الاصلية، وانقلاب الثاني إلى طبيعة الملحية، (و) لا (بعصير نبات) أي معتصر من شجر أو ثمر لانه مقيد (بخلاف ما يقطر من الكرم) أو الفواكه (بنفسه) فإنه يرفع الحدث، وقيل لا وهو
الاظهر كما في الشرنبلالية عن البرهان، واعتمده القهستاني فقال: والاعتصار يعم الحقيقي والحكمي كماء الكرم، وكذا ماء الدابوغة والبطيخ بلا استخراج،(1/195)
وكذا نبيذ التمر، (و) لا بماء (مغلوب ب) شئ (طاهر) الغلبة، إما بكمال الامتزاج بتشرب نبات أو بطبخ بما لا يقصد به التنظيف، وإما بغلبة المخالط، فلو جامدا فبثخانة ما لم يزل الاسم كنبيذ تمر ولو مائعا، فلو مباينا لاوصافه فبتغير أكثرها، أو موافقا كلبن فبأحدها، أو ممثالا كمستعمل فبالاجزاء فإن المطلق أكثر من النصف جاز التطهير بالكل،(1/196)
وإلا لا، وهذا يعم الملقى والملاقي، ففي الفساقي يجوز التوضؤ ما لم يعلم تساوي المستعمل على ما حققه في البحر والنهر: المنح.
قلت: لكن الشرنبلالي في شرحه للوهبانية فرق بينهما، فراجعه متأملا.(1/197)
(ويجوز) رفع الحدث (بما ذكر وإن مات فيه) أي الماء ولو قليلا (غير دموي كزنبور) وعقرب وبق: أي بعوض، وقيل: بق الخشب.
وفي المجتبى: الاصح في علق مص الدم أنه(1/198)
يفسد، ومنه يعلم حكم بق وقراد وعلق.
وفي الوهبانية: دود القز وماؤه وبزره وخرؤه طاهر كدودة متولدة من نجاسة (ومائي مولد) ولو كلب الماء وخنزيره (كسمك وسرطان) وضفدع إلا بريا له دم سائل، وهو ما لا(1/199)
سترة له بين أصابعه فيفسد في الاصح كحية برية، إن لها دم وإلا لا (وكذا) الحكم (لو مات) ما ذكر (خارجه وبقي فيه) في الاصح، فلو تفتت فيه نحو ضفدع جاز الوضوء به لا شربه لحرمة لحمه.
(وينجس) الماء القليل (بموت مائي معاش بري مولد) في الاصح (كبط وإوز).
وحكم سائر المعائعات في الاصح، حتى لو وقع بول في عصير عشر في عشر لم يفسد، ولو سال دم رجله مع العصير.
لا ينجس خلافا لمحمد، ذكره الشمني وغيره (وبتغير أحد أوصافه) من لون أو طعم أو ريح (بنجس) الكثير ولو جاريا إجماعا، أما القليل فينجس(1/200)
وإن لم يتغير خلافا لمالك (لا لو تغير ب) - طول (مكث) فلو علم نتنه بنجاسة لم يجز، ولو شك فالاصل الطهارة والتوضؤ من الحوض أفضل من النهر رغما للمعتزلة.(1/201)
وكذا يجوز بماء خالطه طاهر جامد مطلقا (كأشنان وزعفران) لكن في البحر عن القنية: إن أمكن الصبغ به لم يجز كنبيذ تمر (وفاكهة وورق شجر) وإن غير كل أوصافه (الاصح إن بقيت رقته) أي واسمه لما مر.
(و) يجوز (بجار وقعت فيه نجاسة، و) الجاري (هو ما يعد جاريا) عرفا، وقيل ما يذهب بتبنة، والاول أظهر، والثاني أشهر (وإن) وصلية (لم يكن جريانه بمدد) في الاصح،(1/202)
فلو سد النهر من فوق فتوضأ رجل بما يجري بلا مدد جاز لانه جاز لانه جار، وكذا لو حفر نهرا من حوض صغير أو صب رفيقه الماء في طرف ميزاب وتوضأ فيه وعند طرفه الآخر إناء يجتمع فيه الماء جاز توضؤه به ثانيا وثم وثم وتمامه في البحر (إن لم ير) أي بعلم (أثره) فلو فيه جيفة أو بال فيه رجال فتوضأ آخر من أسفله جاز لم ير في الجرية أثره (وهو) إما (طعم أو لون أو ريح) ظاهره يعم الجيفة وغيرها وهو ما رجحه الكمال.
وقال تلميذه قاسم: إنه المختار، وقواه في النهر، وأقره المصنف، وفي القهستاني عن المضمرات عن النصاب: وعليه الفتوى، وقيل إن جرى عليها نصفه فأكثر لم يجز وهو أحوط.(1/204)
وألحقوا بالجاري حوض الحمام لو الماء نازلا والغرف متدارك، كحوض صغير يدخله الماء من جانب ويخرج من آخر يجوز التوضي من كل الجوانب مطلقا، به يفتى،(1/205)
وكعين هي خمس في خمس ينبع الماء منه، به يفتى.
قهستاني معزيا للتتمة.
(وكذا) يجوز (براكد) كثير (كذلك) أي وقع فيه نجس لم ير أثره ولو في موضع وقوع المرئية، به يفتى، بحر.(1/206)
(والمعتبر) في مقدار الراكد (أكبر رأي المبتلي به فيه، فإن غلب على ظنه عدم خلوص) أي وصول (النجاسة إلى الجانب الآخر جاز وإلا لا) هذا ظاهر الرواية عن الامام، وإليه رجع محمد، وهو الاصح كما في الغاية وغيرها، وحقق في البحر أنه المذهب، وبه يعمل، وأن التقدير بعشر في عشر لا يرجع إلى أصل يعتمد عليه، ورد ما أجاب به صدر الشريعة.(1/207)
لكن في النهر وأنت خبير بأن اعتبار العشر أضبط ولا سيما في حق من لا رأي له من العوام، فلذا أفتى به المتأخرون الاعلام: أي في المربع بأربعين، وفي المدور بستة وثلاثين، وفي المثلث من كل جانب خمسة عشر وربعا وخمسا(1/208)
بذراع الكرباس، ولو له طول لا عرض لكنه يبلغ عشرا في عشر جاز تيسيرا، ولو أعلاه عشرا وأسفله أقل جاز حتى يبلغ الاقل،(1/209)
ولو بعكسه فوقع فيه نجس لم يجز حتى يبلغ العشر، ولو جمد ماؤه فثقب، إن الماء منفصلا عن الجمد جاز لانه كالمسقف وإن متصلا لا، لان كالقصعة، حتى لو ولغ فيه كلب تنجس لا لو وقع فيه فمات لتسفله.
ثم المختار طهارة المتنجس بمجرد جريانه،(1/210)
وكذا البئر وحوض الحمام.(1/211)
هذا، وفي القهستاني: والمختار ذراع الكرباس وهو سبع قبضات فقط، فيكون ثمانيا في ثمان بذراع زماننا قبضات وثلاث أصابغ على القول المفتى به بالمعشر: أي ولو حكما ليعم ما له طول بلا عرض في الاصح، وكذا بئر عمقها عشر في الاصح،(1/212)
وحينئذ فلو ماؤها بقدر العشر لم ينجس كما في المنية، وحينئذ فعمق خمس أصابع تقريبا ثلاثة آلاف وثلاثمائة واثنا عشر منا من الماء الصافي، ويسعه غدير كل ضلع منه طولا وعرضا وعمقا ذراعان وثلاثة أرباع ذراع ونصف أصبع تقريبا، كل ذراع أربع وعشرون أصبعا.
ا ه.
قلت: وفيه كلام، إذ المعتمد عدم اعتبار العمق، أو حده، فتبصر.
(ولا يجوز بماء) بالمد (زال طبعه) وهو السيلان والارواء والانبات (ب) - سبب (طبخ كمرق) وماء باقلاء إلا بما قصد به التنظيف كأشنان وصابون فيجوز إن بقي رقته (أو) بما (استعمل ل) أجل (قربة) أي ثواب.(1/213)
ولو مع رفع حدث أو من مميز أو حائض لعادة عبادة أو غسل ميت أو يد لاكل أو منه، بنية السنة (أو) لاجل (رفع حدث) ولو مع قربة كوضوء محدث ولو للتبرد، فلو توضأ متوضئ لتبرد(1/214)
أو تعليم أو لطين بيده لم يصر مستعملا اتفاقا، كزيادة على الثلاث بلا نية قربة، وكغسل نحو فخذ أو ثوب طاهر أو دابة تؤكل (أو) لاجل (إسقاط فرض)، هو الاصل في الاستعمال كما نبه(1/215)
عليه الكمال، بأن يغسل بعض أعضائه أو يدخل يده أو رجله في حب لغير اغتراف ونحوه فإنه
يصير مستعملا لسقوط الفرض اتفاقا وإن لم يزل حدث عضوه أو جنابته ما لم يتم لعدم تجزيهما زوالا وثبوتا على المعتمد.
قلت: وينبغي أن يزاد أو سنة ليعم المضمضة والاستنشاق، فتأمل (إذا انفصل عن عضو وإن لم يستقر) في شئ على المذهب، وقيل إذا استقر، ورجح للحرج.(1/216)
ورد بأن ما يصيب منديل المتوضئ وثيابه عفو اتفاقا وإن كثر (وهو طاهر) ولو من جنب وهو الظاهر، لكن يكره شربه والعجن به تنزيها للاستقذار، وعلى رواية نجاسته تحريما (و) حكمه أنه (ليس بطهور) لحدث بل لخبث على الراجح المعتمد.
فرع: اختلف في محدث انغمس(1/217)
في بئر لدلو أو تبرد مستنجيا بالماء ولا نجس عليه ولم ينو ولم يتدلك، والاصح أنه طاهر، والماء مستعمل لاشتراط الانفصال للاستعمال، والمراد أن ما اتصل بأعضائه وانفصل عنها(1/218)
مستعمل، لا كل الماء على ما مر.
(وكل إهاب) ومثله المثانة والكرش.
قال القهستاني: فالاولى وما (دبغ) ولو بشمس (وهو يحتملها طهر) فيصلي به ويتوضأ منه (وما لا) يحتملها (فلا)(1/219)
وعليه (فلا يطهر جلد حية) صغيرة.
ذكره الزيلعي، أما قميصها فطاهر (وفأرة) كما أنه لا يطهر بذكاة لتقيدهما بما يحتمله (خلا) جلد (خنزير) فلا يطهر، وقدم لان المقام للاهانة (وآدمي) فلا يدبغ لكرامته، ولو دبغ طهر وإن حرم استعماله، حتى لو طحن عظمه في دقيق لم يؤكل في الاصح احتراما.
وأفاد كلامه طهارة جلد كلب وفيل وهو المعتمد.(1/220)
(وما) أي إهاب (طهر به) بدباغ (طهر بذكاة) على المذهب (لا) يطهر (لحمه على) قول
(الاكثر إن) كان (غير مأكول) هذا أصح ما يفتى به، وإن قال في الفيض: الفتوى على طهارته (وهل يشترط) لطهارة جلده (كون ذكاته شرعية) بأن تكون من الاهل في المحل بالتسمية (قيل نعم، وقيل لا، والاول أظهر) لان ذبح المجوسي وتارك التسمية عمدا كلا ذبح (وإن صح الثاني)(1/221)
صححه الزاهدي في القنية والمجتبى، وأقره في البحر.
فرع: ما يخرج من دار الحرب كسنجاب إن علم دبغه بطاهر فطاهر، أو بنجس فنجس، وإن شك فغسله أفضل.
(وشعر الميتة) غير الخنزير على المذهب (وعظمها وعصبها) على المشهور (وحافرها وقرنها) الخالية عن الدسومة، وكذا كل ما لا تحله الحياة حتى الانفحة واللبن(1/222)
على الراجح (وشعر الانسان) غير المنتوف (وعظمه) وسنه مطلقا على المذهب.
واختلف في أذنه، ففي البدائع نسجة، وفي الخانية لا، وفي الاشباه:(1/223)
المنفصل من الحي كميتته، إلا في حق صاحبه فطاهر وإن كثر.
ويفسد الماء بوقوع قدر الظفر من جلده لا بالظفر (ودم سمك طاهر).
واعلم أنه (ليس الكلب بنجس العين) عند الامام، وعليه الفتوى، وإن رجح بعضهم النجاسة كما بسطه ابن الشحنة، فيباع ويؤجر ويضمن، ويتخذ جلده مصلى ودلوا، ولو أخرج حيا ولم يصب فمه الماء لا يفسد ماء البئر ولا الثوب بإنتفاضه ولا بعضه ما لم ير ريقه ولا صلاة حامله ولو كبيرا،(1/224)
وشرط الحلواني شد فمه، ولا خلاف في نجاسة لحمه وطهارة شعره.
(والمسك طاهر حلال) فيؤكل بكل حال(1/225)
(وكذا نافجته) طاهرة (مطلقا على الاصح) فتح، وكذا الزباد أشباه لاستحالته إلى الطيبية.
(وبول مأكول) اللحم (نجس) نجاسة مخففة، وطهره محمد (ولا يشرب) بوله (أصلا) لا للتداوي ولا لغيره عند أبي حنيفة.
فروع: اختلف في التداوي بالمحرم،(1/226)
وظاهر المذهب المنع كما في رضاع البحر، لكن نقل المصنف ثمة وهنا عن الحاوي: وقيل يرخص إذا علم فيه الشفاء ولم يعلم دواء آخر كما رخص الخمر للعطشان، وعليه الفتوى.
فصل في البئر (إذا وقعت نجاسة) ليست بحيوان ولو مخففة أو قطرة بول أو دم أو ذنب فأرة لم يشمع،(1/227)
فلو شمع ففيه ما في الفأرة (في بئر دون القدر الكثير) على ما مر، ولا عبرة للعمق على المعتمد (أو مات فيها) أو خارجها وألقي فيها ولو فأرة يابسة على المعتمد إلا الشهيد النظيف والمسلم المغسول، أما الكافر فينجسها مطلقا، كسقط، (حيوان دموي) غير مائي لما مر (وانتفخ) أو تمعط (أو تفسخ) ولو تفسخه خارجها ثم وقع فيها.
ذكره الوالي(1/228)
(ينزح كل مائها) الذي كان فيها وقت الوقوع.
ذكره ابن الكمال (بعد إخراجه) لا إذا تعذر كخشبة أو خرقة متنجسة فينزح الماء إلى حد لا يملا نصف الدلو يطهر الكل تبعا - ولو نزح بعضه ثم زاد في الغد نزح قدر الباقي في الصحيح خلاصة، قيد بالموت لانه لو أخرج حيا وليس بنجس العين، ولا به حدث أو خبث لم ينزح شئ إلا أن يدخل فمه الماء فيعتبر بسؤره، فإن نجسا نزح الكل وإلا لا، هو الصحيح، نعم يندب عشرة في المشكوك لاجل(1/229)
الطهورية كذا في الخانية، زاد في التاترخانية: وعشرين في الفأرة، وأربعين في سنور - ودجاجة مخلاة كآدمي محدث، ثم هذا إن لم تكن الفأرة هاربة من هر، ولا الهر هاربا من(1/230)
كلب، ولا الشاة من سبع، فإن كان نزح كله مطلقا، كما في الجوهرة، لكن في النهر عن المجتبى: الفتوى على خلافه لان في بولها شكا.
(وإن تعذر) نزح كلها لكونها معينا (فبقدر ما فيها) وقت ابتداء النزح.
قاله الحلبي (يؤخذ ذلك بقول رجلين عدلين لهما بصارة بالماء) به يفتى، وقيل يفتى بمائة إلى ثلاثمائة وهذا(1/231)
أيسر، وذاك أحوط.
(فإن أخرج الحيوان غير منتفخ ولا متفسخ) ولا متمعط (فإن) كان (كآدمي) وكذا سقط(1/232)
وسخلة وجدي وإوز كبير (نزح كله، وإن) كان (كحمامة) وهرة (نزح أربعون من الدلاء) وجوبا إلى ستين ندبا (وإن) كان (كعصفور) وفأرة (فعشرون) إلى ثلاثين كما مر، وهذا يعم المعين وغيرها، بخلاف نحو صهريج وحب حيث يهراق الماء كله لتخصيص الآبار بالآثار، بحر ونهر.
قال المصنف في حواشيه على الكنز: ونحوه في النتف، ونقل عن القنية أن حكم الركية كالبئر.
وعن الفوائد أن الحب المطمور أكثره في الارض كالبئر،(1/233)
وعليه فالصهريج والزير الكبير، ينزح منه كالبئر فاغتنم هذا التحرير ا ه (بدلو وسط) وهو دلو تلك البئر، فإن لم يكن فما يسع صاعا وغيره تحتسب به، ويكفي مل ء أكثر الدلو ونزح ما وجد وإن قل وجريان بعضه وغوران قدر الواجب: (وما بين حمامة وفأرة) في الجثة (كفأرة) في الحكم (كما أن ما بين دجاجة وشاة كدجاجة) فألحق بطريق الدلالة بالاصغر، كما أدخل الاقل في الاكثر(1/234)
كفأرة مع هرة، ونحو الهرتين كشاة اتفاقا، ونحو الفأرتين كفأرة، والثلاث إلى الخمس كهرة، والست كشاة على الظاهر.
(ويحكم بنجاستها) مغلظة (من وقت الوقوع إن علم، وإلا فمذ يوم وليلة إن لم ينتفخ(1/235)
ولم يتفسخ) وهذا (في حق الوضوء) والغسل، وما عجن به فيطعم للكلاب، وقيل يباع من شافعي، أما في حق غيره كغسل ثوب فيحكم بنجاسته في الحال وهذا لو تطهر عن حدث أو غسل عن خبث، وإلا لم يلزم شئ إجماعا.
جوهرة.
(ومذ ثلاثة أيام) بلياليها (إن انتفخ أو تفسخ) استحسانا.(1/236)
وقالا: من وقت العلم فلا يلزمهم شئ قبله، قيل وبه يفتى.
فرع: وجد في ثوبه منيا أو بولا أو دما أعاد من آخر احتلام وبول ورعاف.
ولو وجد في جبته فأرة ميتة، فإن لا ثقب فيها أعاد مذ وضع القطن، وإلا فثلاثة أيام لو منتفخة أو ناشفة، وإلا فيوم وليلة.
(ولا نزح) في بول فأرة في الاصح.
فيض، ولا (بخرء حمام وعصفور) وكذا سباع طير في الاصح لتعذر صونها عنه(1/237)
(و) لا (بتقاطر بول كرؤوس إبر وغبار نجس) للعفو عنهما، (وبعرتي إبل وغنم، كما) يعفى (لو وقعتا في محلب) وقت الحلب (فرميتا) فورا قبل تفتت وتلون، والتعبير بالبعرتين اتفاقي، لان ما(1/238)
فوق ذلك كذلك، ذكره في الفيض وغيره، ولذا قال: (قيل القليل المعفو عنه ما يستقله الناظر والكثير بعكسه وعليه الاعتماد) كما في الهداية وغيرها، لان أبا حنيفة لا يقدر شيئا بالرأي.
فرع: البعد، بين البئر والبالوعة بقدر ما لا يظهر للنجس أثر (ويعتبر سؤر بمسئر) اسم فاعل من أسأر: أي أبقى لاختلاطه بلعابه (فسؤر آدمي مطلقا) ولو جنبا أو كافرا أو امرأة، نعم يكره سؤرها للرجل كعكسه(1/239)
للاستلذاذ واستعمال ريق الغير، وهو لا يجوز.
مجتبى (ومأكول لحم) ومنه الفرس في الاصح ومثله ما لا دم له (طاهر الفم) قيد للكل (طاهر) طهور بلا كراهة.
(و) سؤر (خنزير وكلب وسباع بهائم) ومنه الهرة البرية (وشارب خمر فور شربها) ولو شاربه طويلا لا يستوعبه اللسان فنجس ولو بعد زمان (وهرة فور أكل فأرة نجس)(1/240)
مغلظ (و) سؤر هرة (ودجاجة مخلاة) وإبل وبقر جلالة، فالاحسن ترك دجاجة ليعم الابل والبقر والغنم.
قهستاني (وسباع طير) لم يعلم ربها طهارة منقارها (وسواكن بيوت) طاهر للضرورة(1/241)
(مكروه) تنزيها في الاصح إن وجد غيره، وإلا لم يكره أصلا كأكله لفقير (و) سؤر (حمار)(1/242)
أهلي ولو ذاكرا في الاصح (وبغل) أمه حمارة، فلو فرسا أو بقرة فطاهر كمتولد من حمار وحشي وبقرة، ولا عبرة بغلبة الشبه لتصريحهم بحل أكل ذئب ولدته شاة اعتبارا للام، وجواز الاكل يستلزم طهارة السؤر كما لا يخفى، وما نقله المصنف عن الاشباه من تصحيح عدم الحل قال شيخنا: إنه غريب (مشكوك في طهوريته(1/243)
لا في طهارته) حتى لو وقع في ماء قليل اعتبر بالاجزاء، وهل يطهر النجس؟ قولان: (فيتوضأ به) أو يغتسل (ويتيمم) أي يجمع بينهما احتياطا في صلاة واحدة لا في حالة واحدة(1/244)
(إن فقد ماء) مطلقا (وصح تقديم أيهما شاء) في الاصح.
ولو تيمم وصلى ثم أراقه لزمه إعادة التيمم والصلاة لاحتمال طهوريته.
(ويقدم التيمم على نبيذ التمر على المذهب) المصحح المفتى به، لان المجتهد إذا رجع عن قول لا يجوز الاخذ به.
(و) حكم (عرق كسؤر) فعرق الحمار إذا وقع في الماء(1/245)
صار مشكلا على المذهب كما في المستصفى.
وفي المحيط: عرق الجلالة عفو في الثوب والبدن.
وفي الخانية أنه طاهر على الظاهر.
باب التيمم ثلث به تأسيا بالكتاب وهو من خصائص هذه الامة بلا ارتياب.(1/246)
(هو) لغة: القصد.
وشرعا (قصد صعيد) شرط القصد لانه النية (مطهر) خرج الارض المتنجسة إذا جفت فإنها كالماء المستعمل (واستعماله) حقيقة أو حكما ليعم التيمم بالحجر الاملس (بصفة مخصوصة) هذا يفيد أن الضربتين ركن،(1/247)
وهو الاصح الاحوط (ل) أجل (إقامة القربة) خرج التيمم للتعليم فإنه لا يصلى به.
وركنه شيئان: الضربتان، والاستيعاب.
وشرطه ستة: النية، والمسح، وكونه بثلاث أصابع فأكثر، والصعيد، وكونه مطهرا، وفقد الماء.
وسننه ثمانية: الضرب بباطن كفيه،(1/248)
وإقبالهما، وإدبارهما، ونفضهما، وتفريج أصابعه، وتسمية، وترتيب وولاء.
وزاد ابن وهبان
في الشروط الاسلام.
فزدته وضممت سننها لثمانية في بيت آخر، وغيرت شطر بيته الاول فقلت: والاسلام شرط عذر ضرب ونية * ومسح وتعميم صعيد مطهر وسننه سمي وبطن وفرجن * ونفض ورتب وال أقبل وتدبر(1/249)
(من عجز) مبتدأ خبره تيمم (عن استعمال الماء) المطلق الكافي لطهارته لصلاة تفوت(1/250)
إلى خلف (البعده) ولو مقيما في المصر (ميلا) أربعة الاف ذراع، وهو أربع وعشرون أصبعا، وهي ست شعيرات ظهر لبطن وهي ست شعرات بغل (أو لمرض) يشتد أو يمتد بغلبة ظن أو قول حاذق مسلم ولو بتحرك،(1/251)
أو لم يجد من توضئه، فإن وجد ولو بأجرة مثل، وله ذلك لا يتيمم في ظاهر المذهب كما في البحر.
وفيه: لا يجب على أحد الزوجين توضئ صاحبه وتعهده، وفي مملوكه يجب (أو برد) يهلك الجنب أو يمرضه ولو في المصر إذا لم تكن له أجرة حمام(1/252)
ولا ما يدفئه، وما قيل إنه في زماننا يتحيل بالعدة فمما لم يأذن به الشرع.
نعم إن كان له مال غائب يلزمه الشراء نسيئة وإلا لا (أو خوف عدو) كحية أو نار على نفسه ولو من فاسق أو حبس غريم أو ماله ولو أمانة.
ثم إن نشأ الخوف بسبب وعيد عبد أعاد الصلاة، وإلا لا لانه سماوي (أو عطش) ولو لكلبه أو رفيق القافلة(1/253)
حالا أو مآلا، وكذا العجين، أو إزالة نجس كما سيجئ.
وقيد ابن الكمال عطش دوابه بتعذر
حفظ الغسالة بعدم الاناء.
وفي السراج للمضطر: أخذه قهرا وقتاله، فإن قتل رب الماء فهدر، وإن المضطر ضمن بقود أو دية (أو عدم آلة) طاهرة يستخرج بها الماء ولو شاشا وإن نقص بإدلائه(1/254)
أو شقه نصفين قدر قيمة الماء، كما لو وجد من ينزل إليه بأجر (تيمم) لهذه الاعذار كلها، حتى لو تيمم لعدم الماء ثم مرض مرضا يبيح التيمم لم يصل بذلك التيمم، لان اختلاف أسباب الرخصة يمنع الاحتساب بالرخصة الاولى، وتصير الاولى كأن لم تكن.
جامع الفصولين فليحفظ (مستوعبا وجهه) حتى لو ترك شعرة أو وترة منخره لم يجز (ويديه)(1/255)
فينزع الخاتم والسوار أو يحرك، به يفتى (مع مرفقيه) فيمسحه الاقطع (بضربتين) ولو من غيره أو ما يقوم مقامهما، لما في الخلاصة وغيرها: لو حرك رأسه أو أدخله في موضع الغبار بنية التيمم جاز، والشرط وجود الفعل منه (ولو جنبا أو حائضا) طهرت لعادتها(1/256)
(أو نفساء بمطهر من جنس الارض وإن لم يكن عليه نقع) أي غبار، فلو لم يدخل بين أصابعه لم يحتج إلى ضربة ثالثة للتخلل.(1/257)
وعن محمد: يحتاج إليها، نعم لو يمم غيره يضرب ثلاثا للوجه واليمنى واليسرى.
قهستاني (وبه مطلقا) عجز عن التراب أو لا، لانه تراب رقيق.
(فلا يجوز) لؤلؤ ولو مسحوقا لتولده من حيوان البحر، ولا بمرجان لشبهه بالنبات لكونه أشجارا نابتة في قعر البحر على ما حرره(1/258)
المصنف، ولا (بمنطبع) كفضة وزجاج (ومترمد) بالاحتراق إلا رماد الحجر فيجوز كحجر مدقوق أو مغسول، وحائط مطين أو مجصص، وأوان من طين غير مدهونة، وطين غير مغلوب
بماء، لكن لا ينبغي التيمم به قبل خوف فوات وقت لئلا يصير مثلة بلا ضرورة (ومعادن) في محالها فيجوز التراب عليها، وقيده الاسبيجابي بأن يستبين أثر التراب بمد يده عليه، وإن لم يستبن لم يجز، وكذا كل ما لا يجوز التيمم عليه كحنطة وجوخة فليحفظ.(1/259)
(والحكم للغالب) لو اختلط تراب بغيره كذهب وفضة ولو مسبوكين وأرض محترقة، فلو الغلبة لتراب جاز، وإلا لا.
خانية، ومنه علم حكم التساوي (وجاز قبل الوقت ولاكثر من فرض، و) جاز (لغيره) كالنفل لانه بدل مطلق عندنا، لا ضروري.
(و) جاز (لخوف فوت صلاة جنازة) أي كل تكبيراتها ولو جنبا أو حائضا، ولو جئ بأخرى إن أمكنه التوضي بينهما ثم زال تمكنه أعاد التيمم، وإلا لا، به يفتى (أو) فوت (عيد)(1/260)
بفراغ إمام أو زوال شمس (ولو) كان يبني (بناء) بعد شروعه متوضئا وسبق حدثه (بلا فرق بين كونه إماما أو لا) في الاصح، لان المناط خوف الفوت لا إلى بدل، فجاز لكسوف وسنن رواتب ولو سنة فجر خاف فوتها وحدها،(1/261)
ولنوم، وسلام ورده وإن لم تجز الصلاة به.
قال في البحر: وكذا لكل ما لا تشترط له الطهارة لما في المبتغى.
وجاز لدخول مسجد مع وجود الماء وللنوم فيه وأقره المصنف، لكن في النهر: الظاهر أن مراد المبتغى للجنب فسقط الدليل.
قلت: وفي المنية وشرحها: تيممه لدخول مسجد ومس مصحف مع وجود الماء ليس(1/262)
بشئ، بل هو عدم، لانه ليس لعبادة يخاف فوتها، لكن في القهستاني عن المختار: المختار جوازه مع الماء لسجدة التلاوة، لكن سيجئ تقييده بالسفر لا الحضر.
ثم رأيت في الشرعة وشروحها ما يؤيد كلام البحر، قال: فظاهر البزازية جوازه لتسع مع وجود الماء وإن لم تجز
الصلاة به.
قلت: بل لعشر بل أكثر، لما مر من الضابط،(1/263)
أنه يجوز لكل ما لا تشترط الطهارة له ولو مع وجود الماء، وأما ما تشترط له فيشترط فقد الماء كتيمم لمس مصحف فلا يجوز لواجد الماء.
وأما للقراءة، فإن محدثا فكالاول أو جنبا فكالثاني.
وقالوا: لو تيمم لدخول مسجد أو لقراءة ولو من مصحف أو مسه أو كتابته أو تعليمه أو لزيارة قبور أو عيادة مريض أو دفن ميت أو أذان أو إقامة أو إسلام أو سلام أو رده لم تجز الصلاة به عند العامة، بحلاف صلاة جنازة أو سجدة تلاوة.
فتاوي شخينا خير الدين الرملي.
قلت: وظاهره أنه يجوز فعل ذلك، فتأمل.(1/264)
(لا) يتيمم (لفوت جمعة ووقت) ولو وترا لفواتها إلى بدل، وقيل يتيمم لفوات الوقت.
قال الحلبي: فالاحوط أن يتيمم ويصلي ثم يعيده.
(ويجب) أي يفترض (طلبه) ولو برسوله (قدر غلوة) ثلاثمائة ذراع من كل جانب، ذكره الحلبي.(1/265)
وفي البدائع الاصح طلبه قدر ما لا يضر بنفسه ورفقته بالانتظار (إن ظن) ظنا قويا (قربة) دون ميل بأمارة أو إخبار عدل (وألا) يغلب على ظنه قربة (لا) يجب بل يندب إن رجا وإلا لا، ولو صلى بتيمم وثمة من يسأله ثم أخبره بالماء أعاد وإلا لا.
(وشرط له) أي للتيمم في حق جواز الصلاة به (نية عبادة)(1/266)
ولو صلاة جنازة، أو سجدة تلاوة لا شكر في الاصح (مقصودة) خرج دخول مسجد ومس مصحف (لا تصح) أي لا تحل ليعم قراءة القرآن للجنب (بدون طهارة) خرج السلام ورده (فلغا تيمم كافر لا وضوءه) لانه ليس بأهل للنية، فما يفتقر إليها لا يصح منه.
وصح تيمم جنب
بنية الوضوء،(1/267)
به يفتى.
(وندب لراجيه) رجاء قويا، (آخر الوقت) المستحب، ولو لم يئخر وتيمم وصلى جاز إن كان بينه وبين الماء ميل، وإلا لا.(1/268)
(صلى) من ليس في العمران بالتيمم (ونسي الماء في رحله) وهو مما ينسى عادة (لا إعادة عليه) ولو ظن فناء الماء أعاد اتفاقا، كما لو نسيه في عنقه أو ظهره أو في مقدمه راكبا أو مؤخره سائقا أو نسي ثوبه وصلى عريانا أو في ثوب نجس أو مع نجس ومعه ما تزيله أو توضأ بماء نجس أو صلى محدثا ثم ذكر أعاد إجماعا (ويطلبه) وجوبا على الظاهر(1/269)
من رفيقه (ممن هو معه، فإن منعه) ولو دلالة بأن استهلكه (تيمم) لتحقق عجزه.
(وإن لم يعطه إلا بثمن مثله) أو بغبن يسير (وله ذلك) فاضلا عن حاجته (لا يتيمم ولو أعطاه بأكثر) يعني بغبن فاحش وهو ضعف قيمته في ذلك المكان (أو ليس له) ثمن (ذلك تيمم).
وأما للعطش فيجب على القادر شراؤه بأضعاف قيمته إحياء لنفسه، وإنما يعتبر المثل في(1/270)
تسعة عشر موضعا مذكورة في الاشباه وقبل طلبه الماء (لا يتيمم على الظاهر) أي ظاهر الرواية عن أصحابنا، لانه مبذول عادة كما في البحر عن المبسوط، وعليه الفتوى، فيجب طلب الدلو والرشا، وكذا الانتظار لو قال له حتى أستقي، وإن خرج الوقت ولو كان في(1/271)
الصلاة إن ظن الاعطاء قطع، وإلا لا، لكن في القهستاني عن المحيط: إن ظن إعطاء الماء أو الآلة وجب الطلب وإلا لا.
(والمحصور فاقد) الماء والتراب (الطهورين) بأن حبس في مكان نجس ولا يمكنه إخراج تراب مطهر، وكذا العاجز عنهما لمرض (يؤخرها عنده.
وقالا: يتشبه) بالمصلين وجوبا، فيركع ويسجد، إن وجد مكانا يابسا وإلا يومئ قائما ثم يعيد كالصوم (به يفتى وإليه صح رجوعه) أي الامام كما في الفيض، وفيه أيضا (مقطوع اليدين والرجلين إذا كان بوجهه جراحة يصلي بغير طهارة) ولا يتيمم (ولا يعيد على الاصح)(1/272)
وبهذا ظهر أن تعمد الصلاة بلا طهر غير مكفر، فليحفظ وقد مر، وسيجئ في صلاة المريض.
فروع: صلى المحبوس بالتيمم، إن في المصر أعاد وإلا لا.
هل يتيمم لسجدة؟ إن في السفر نعم وإلا لا.
الماء المسبل في الفلاة لا يمنع التيمم ما لم يكن كثيرا، فيعلم أنه للوضوء أيضا ويشرب ما للوضوء.
الجنب أولى بمباح من حائض أو محدث وميت، ولو لاحدهم فهو أولى ولو مشتركا ينبغي صرفه للميت.
جاز تيمم جماعة من محل واحد.
حيلة جواز تيمم من معه ماء زمزم(1/273)
ولا يخاف العطش أن يخلطه بما يغلبه أو يهبه على وجه يمنع الرجوع.
(وناقضه ناقض الاصل) ولو غسلا، فلو تيمم للجنابة ثم أحدث صار محدثا لا جنبا، فيتوضأ وينزع خفيه ثم بعده يمسح عليه ما لم يمر بالماء،(1/274)
ف مع في عبارة صدر الشريعة بمعنى بعد كما في - إن مع العسر يسرا - فافهم.
(وقدرة ماءة) ولو إباحة في صلاة (كاف لطهره) ولو مرة مرة (فضل عن حاجته) كعطش وعجن وغسل نجس مانع ولمعة جنابة،(1/275)
لان المشغول بالحاجة وغير الكافي كالمعدوم (لا) تنقصه (ردة، وكذا) ينقضه (كل ما يمنع وجوده التيمم إذا وجد بعده) لان ما جاز بعذر بطل بزواله، فلو تيمم لمرض بطل ببرئه أو لبرد بطل بزواله.
والحاصل أن كل ما يمنع وجوده التيمم نقض وجوده التيمم (وما لا) يمنع وجوده التيمم في الابتداء (فلا) ينقض وجوده بعد ذلك التيمم، ولو قال: وكذا زوال ما أباحه: أي التيمم لكان أظهر وأخصر، وعليه فلو تيمم لبعد ميل فسار(1/276)
فانتقص انتقض فليحفظ.
(ومرور ناعس) متيمم عن حدث أو نائم غير متمكن متيمم عن جنابة (على ماء) كاف (كمستيقظ) فينتقض، وأبقيا تيممه، وهو الرواية المصححة عنه المختارة للفتوى، كما لو تيمم وبقربه ماء لا يعلم به كما في البحر وغيره، وأقره المصنف (تيمم لو) كان (أكثره) أي أكثر أعضاء الوضوء عددا وفي الغسل مساحة (مجروحا) أو به جدري اعتبارا للاكثر (وبعكسه يغسل)(1/277)
الصحيح ويمسح الجريح (و) كذا (إن استويا غسل الصحيح) من أعضاء الوضوء، ولا رواية في الغسل (ومسح الباقي) منها (وهو) الاصح لانه (أحوط) فكان أولى، وصحح في الفيض وغيره التيمم، كما يتيمم لو الجرح بيديه وإن وجد من يوضيه خلافا لهما.
(ولا يجمع بينهما) أي تيمم وغسل، كما لا يجمع بين حيض وحبل أو استحاضة أو نفاس،(1/278)
ولا بين نفاس واستحاضة أو حيض، ولا زكاة وعشر أو خراج أو فطرة.
ولا عشر مع خراج، ولا فدية وصوم أو قصاص، ولا ضمان وقطع أو أجر، ولا جلد مع رجم أو نفي، ولا مهر ومتعة وحد، أو ضمان إفضائها أو موتها من جماعة،(1/279)
ولا مهر مثل وتسمية، ولا وصية وميراث وغيرها مما سيجئ في محله إن شاء الله تعالى.
(ومن به وجع رأس لا يستطيع معه مسحه) محدثا ولا غسله جنبا ففي الفيض عن غريب(1/280)
الرواية يتيمم، وأفتى قارئ الهداية أنه (يسقط) عنه (فرض مسحه) ولو عليه جبيرة، ففي مسحها قولان، وكذا يسقط غسله فيمسحه ولو على جبيرة إن لم يضره وإلا سقط أصلا وجعل عادما لذلك العضو حكما كما في المعدوم حقيقة.
باب المسح على الخفين أخره لثبوته بالسنة.
وهو لغة: إمرار اليد على الشئ.
وشرعا: إصابة البلة، لخف مخصوص في زمن مخصوص، والخف شرعا: الساتر للكعبين(1/281)
فأكثر من جلد ونحوه.
(شرط مسحه) ثلاثة أمور: الاول (كونه ساتر) محل فرض الغسل (القدم مع الكعب) أو يكون نقصانه أقل من الخرق المانع، فيجوز على الزربول لو مشدودا إلا أن يظهر قدر ثلاثة أصابع، وجوز مشايخ سمرقند(1/282)
ستر الكعبين باللفافة.
(و) الثاني (كونه مشغولا بالرجل) ليمنع سراية الحدث، فلو واسعا فمسح على الزائد(1/283)
ولم يقدم قدمه إليه لم يجز، ولا يضر رؤية رجله من أعلاه.
(و) الثالث (كونه مما يمكن متابعة المشي) المعتاد (فيه) فرسخا فأكثر، فلم يجز على(1/284)
متخذ من زجاج وخشب أو حديد (وهو جائز) فالغسل أفضل إلا لتهمة فهو أفضل، بل ينبغي
وجوبه على من ليس معه إلا ما يكفيه، أو خاف فوت وقت أو وقوف عرفه.
بحر.
وفي القهستاني أنه رخصة مسقطة للعزيمة، ولهذا لو صب الماء في خفه بنية الغسل ينبغي أن يصير آثما(1/285)
(بسنة مشهورة) فمنكره مبتدع، وعلى رأي الثاني كافر.
وفي التحفة ثبوته بالاجماع، بل بالتواتر، رواته أكثر من ثمانين منهم العشرة.
قهستاني.
وقيل بالكتاب، ورد بأنه غير مغيا(1/286)
بالكعبين إجماعا، فالجر بالجوار (لمحدث) ظاهره عدم جوازه لمجدد الوضوء، إلا أن يقال: لما حصل له القربة بذلك صار كأنه محدث (لا لجنب) وحائض، والمنفي لا يلزم تصويره، وفيه أن النفي الشرعي يفتقر إلى إثبات عقلي،(1/287)
ثم ظاهرة جواز مسح مغتسل جمعة ونحوه، وليس كذلك على ما في المبسوط، ولا يبعد أن يجعل في حكمه، فالاحسن لمتوضئ لا لمغتسل.
والسنة أن يخطه (خطوطا بأصابع) يد (مفرجة) قليلا (يبدأ من) قبل (أصابع رجله) متوجها (إلى أصل الساق) ومحله (على ظاهر خفيه) من رؤوس أصابعه(1/288)
إلى معقد الشراك، ويستحب الجمع بين ظاهر وباطن طاهر، (أو جرموقيه)(1/289)
ولو فوق خف أو لفافة، ولا اعتبار بما في فتاوي الشاذي، لانه رجل مجهول لا يقلد فيما خالف النقول، (أو جوربيه) ولو من غزل أو شعر (الثخينين)(1/290)
بحيث يمشي فرسخا ويثبت على الساق بنفسه ولا يرى ما تحته ولا يشف إلا أن ينفذ إلى الخف
قدر الغرض.
ولو نزع موقيه أعاد مسح خفيه، ولو نزع أحدهما مسح الخف والموق الباقي.
ولو أدخل يده تحتهما ومسح خفيه لم يجز.
(والمنعلين) بسكون النون: ما جعل على أسفله جلدة (والمجلدين(1/291)
مرة ولو امرأة) أو خنثى (ملبوسين على طهر) فلو أحدث ومسح بخفيه أو لم يمسح فلبس موقه لا يمسح عليه (تام) خرج الناقص حقيقة كلمعة، أو معنى كتيمم ومعذور، فإنه يمسح في الوقت فقط، إلا إذا توضأ ولبس على الانقطاع الصحيح (عند الحدث).
فلو تخفف المحدث ثم خاض الماء فابتل قدماه ثم تمم وضوءه ثم أحدث(1/292)
جاز أن يمسح (يوما وليلة لمقيم، وثلاثة أيام ولياليها لمسافر).
وابتداء المدة (من وقت الحدث) فقد يمسح المقيم ستا، وقد لا يتمكن إلا من أربع، كمن توضأ وتخفف قبل الفجر، فلما طلع صلى فلما تشهد أحدث.
(لا) يجوز (على عمامة وقلنسوة وبرقع وقفازين)، لعدم الحرج.
(وفرضه) عملا (قدر ثلاث أصابع اليد) أصغرها(1/293)
طولا وعرضا من كل رجل لا من الخف فمنعوا فيه مد الاصبع، فلو مسح برؤوس أصابعه وجافى أصولها لم يجز، إلا أن يبتل من الخف عند الوضع قدر الفرض، قاله المصنف.
ثم قال: وفي الذخيرة: إن الماء متقاطرا جاز وإلا لا، ولو قطع قدمه، إن بقي من ظهره قدر الفرض مسح وإلا غسل كمن قطع من كعبه ولو له رجل واحدة مسحها.
وجاز مسح خف مغصوب خلافا للحنابلة، كما جاز غسل رجل مغصوبة إجماعا.
(والخرق الكبير) بموحدة أو مثلثة(1/294)
(وهو قدر ثلاث أصابع القدم الاصاغر) بكمالها ومقطوعها يعتبر بأصابع مماثلة (يمنعه) إلا أن يكون فوقه خف آخر أو جرموق فيمسح عليه، وهذا لو الخرق على غير أصابعه وعقبه ويرى ما تحته، فلو اعتبر الثلاث ولو كبارا، ولو عليه اعتبر بدو أكثره، ولو لم ير القدر المانع عند المشي لصلابته لم يمنع وإن كثر، كما لو انفتقت الظهارة دون البطانة (وتجمع الخروق في(1/295)
خف) واحد (لا فيهما) بشرط أن يقع فرضه على الخف نفسه لا على ما ظهر من خرق يسير.
(وأقل خرق يجمع ليمنع) المسح الحالي والاستقبالي كما ينقض الماضوي.
قهستاني.
قلت: ومر أن ناقض التيمم يمنع ويرفع كنجاسة وانكشاف حتى انعقادها كما سجئ، فليحفظ (ما تدخل فيه المسلة لا ما دونه) إلحاقا بمواضع الخرز (بخلاف نجاسة) متفرقة (وانكشاف عورة) وطيب محرم (وأعلام ثوب من حرير) فإنها تجمع مطلقا.(1/296)
(واختلف في) جمع خروق (أذني أضحية) وينبغي ترجيح الجمع احتياطا (وناقضه ناقض الوضوء) لانه بعضه (ونزع خف) ولو واحدا (ومضي) المدة وإن لم يمسح (إن لم يخش) بغلبة(1/297)
الظن (ذهاب رجله من برد) للضرورة.
فيصير كالجبيرة فيستوعبه بالمسح ولا يتوقف، ولذا قالوا: لو تمت المدة وهو في صلاته ولا ماء مضى في الاصح، وقيل تفسد ويتيمم وهو الاشبه (وبعدهما) أي النزع والمضي (غسل المتوضى رجليه لا غير) لحلول الحدث السابق قدميه إلا لمانع كبرد فيتيمم حينئذ (وخروج أكثر قدميه) من الخف الشرعي، وكذا إخراجه(1/298)
(نزع) في الاصح اعتبارا للاكثر، ولا عبرة بخروج عقبه ودخوله، وما روي من النقض بزوال عقبه فمقيد بما إذا كان بنية نزع الخف، أما إذا لم يكن: أي زوال عقبه بنيته بل لسعة أو
غيرها فلا ينقض بالاجماع، كما يعلم من البرجندي معزيا للنهاية، وكذا القهستاني.
لكن باختصار، حتى زعم بعضهم أنه خرق الاجماع.
فتنبه.
(وينتقض) أيضا (بغسل أكثر الرجل فيه) لو دخل الماء خفه، وصححه غير واحد.
(وقيل لا) ينتقض وإن بلغ الماء الركبة (وهو الاظهر) كما في البحر عن السراج، لان استتار القدم بالخف يمنع سراية الحدث إلى الرجل، فلا يقع هذا غسلا معتبرا، فلا يوجب(1/299)
بطلان المسح.
نهر، فيغسلهما ثانيا بعد المدة أو النزع كما مر.
وبقي من نواقضه: الخرق، وخروج الوقت للمعذور.
(مسح مقيم) بعد حدثه (فسافر قبل تمام يوم وليلة) فلو بعده نزع (مسح ثلاثا، ولو أقام مسافر بعض مضي مدة مقيم نزع وإلا أتمها) لانه صار مقيما.
(وحكم مسح جبيرة) هي عيدان يجبر بها الكسر (وخرقة قرحة وموضع فصد) وكي (ونحو(1/300)
ذلك) كعصابة جراحة ولو برأسه (كغسل لما تحتها) فيكون فرضا: يعني عمليا لثبوته بظني، وهذا قولهما، وإليه رجع الامام.
خلاصة.
وعليه الفتوى.
شرح مجمع.(1/301)
وقدمنا أن لفظ الفتوى آكد في التصحيح من المختار والاصح والصحيح.
ثم إنه يخالف مسخ الخف من وجوه.
ذكر منها ثلاثة عشر، فقال (فلا يتوقف) لانه كالغسل حتى يؤم الاصحاء، ولو بدلها بأخرى أو سقطت العليا لم يجب إعادة المسح، بل يندب (ويجمع) مسح جبيرة رجل (معه) أي مع غسل الاخرى لا مسح خفها بل خفيه.
(ويجوز) أي يصح مسحها (ولو شدت بلا وضوء) وغسل دفعا للحرج (ويترك) المسح كالغسل (إن ضر وإلا لا) يترك (وهو) أي مسحها (مشروط بالعجز عن مسح) نفس(1/302)
الموضع (فإن قدر عليه فلا مسح) عليها.
والحاصل لزم غسل المحل ولو بماء حار، فإن ضر مسحه، فإن ضر مسحها، فإن ضر سقط أصلا.
(ويمسح) نحو (مفتصد وجريح على كل عصابة) مع فرجتها في الاصح (إن ضره) الماء (أو حلها) ومنه أنه لا يمكنه ربطها بنفسه ولا يجد من يربطها.
(انكسر ظفره فجعل عليه دواء أو وضعه على شقوق رجله(1/303)
أجرى الماء عليه) إن قدر وإلا مسحه وإلا تركه.
(و) المسح (يبطله سقوطها عن برء) وإلا لا (فإن) سقطت (في الصلاة استأنفها، وكذا) الحكم (لو) سقط الدواء أو (برأ موضعها ولم تسقط) مجتبى.
وينبغي تقييده بما إذا لم يضر إزالتها، فإن ضره فلا.
بحر.
(والرجل والمرأة والمحدث والجنب في المسح عليها وعلى توابعهما سواء) اتفاقا.
(ولا يشترط) في مسحها (استيعاب وتكرار في الاصح، فيكفي مسح أكثرها) مرة، به يفتى (وكذا لا يشترط) فيها (نية) اتفاقا بخلاف الخف في قول، وما في نسخ المتن رجع عنه المصنف في شرحه.(1/304)
باب الحيض عنون به لكثرته(1/305)
وأصالته، وإلا فهي ثلاثة: حيض، ونفاس، واستحاضة.
(هو) لغة: السيلان.
وشرعا: على القول بأنه من الاحداث: مانعية شرعية بسبب الدم المذكور.
وعلى القول بأنه من الانجاس (دم من رحم) خرج الاستحاضة، ومنه ما تراه صغيرة
وآيسة ومشكل (لا لولادة) خرج النفاس.
وسببه: ابتداء ابتلاء الله لحواء لاكل الشجرة.
وركنه: بروز الدم من الرحم.
وشرطه:(1/306)
تقدم نصاب الطهر ولو حكما، وعدم نقصه عن أقله، وأوانه بعد التسع.
ووقت ثبوته بالبروز، فبه ترك الصلاة ولو مبتدأة في الاصح، لان الاصل الصحة، والحيض دم صحة.
شمني.
و (أقله ثلاثة أيام بلياليها) الثلاث، فالاضافة لبيان العدد المقدر بالساعات الفلكية لا للاختصاص، فلا يلزم كونها ليالي تلك الايام، وكذا قوله: (وأكثره عشرة) بعشر ليال، كذا رواه الدارقطني وغيره.
(والناقص) عن أقله (والزائد) على أكثره أو أكثر النفاس أو على العادة وجاوز أكثرهما.(1/307)
(وما تراه) صغيرة دون تسع على المعتمد وآيسة على ظاهر المذهب و (حامل) ولو قبل خروج أكثر الولد (استحاضة.
وأقل الطهر) بين الحيضتين أو النفاس والحيض (خمسة عشر يوما) ولياليها إجماعا (ولا حد لاكثره) وإن استغرق العمر (إلا عند) الاحتياج إلى (نصب عادة لها إذا استمر) بها (الدم) فيحد لاجل العدة بشهرين، به يفتى،(1/308)
وعم كلامه المبتدأة والمعتادة.
ومن نسيت عادتها وتسمى المحيرة والمضلة، وإضلالها إما بعدد أو بمكان(1/309)
أو بهما، كما بسط في البحر والحاوي.
وحاصله أنها تتحرى، ومتى ترددت بين حيض ودخول فيه وطهر تتوضأ لكل صلاة، وإن بينهما والدخول فيه تغتسل لكل صلاة(1/310)
وتترك غير مؤكدة ومسجدا وجماعا وتصوم رمضان، ثم تقضي عشرين يوما إن علمت بدايته ليلا، وإلا فاثنين وعشرين، وتطوف لركن، ثم تعيده بعد عشرة ولصدر ولا تعيده، وتعتد(1/311)
لطلاق بسبعة أشهر على المفتى به (وما تراه) من لون ككدرة وترابية (في مدته) المعتادة (سوى بياض خالص) قيل هو شئ يشبه الخيط الابيض (ولو) المرئي (طهرا متخللا) بين الدمين(1/312)
(فيها حيض) لان العبرة لاوله وآخره وعليه المتون فليحفظ.(1/313)
ثم ذكر أحكامه بقوله (يمنع صلاة) مطلقا ولو سجدة شكر (وصوما) وجماعا (وتقضيه) لزوما دونها للحرج.
ولو شرعت تطوعا فيهما فحاضت قضتهما خلافا لما زعمه صدر الشريعة.
بحر.
وفي الفيض: لو نامت طاهرة وقامت حائضة حكم بحيضها مذ قامت وبعكسه مذ نامت احتياطا.(1/314)
(و) يمنع حل (دخول مسجد و) حل (الطواف) ولو بعد دخولها المسجد وشروعها فيه (وقربان ما تحت إزار) يعني ما بين سرة وركبة ولو بلا شهوة، وحل ما عداه مطلقا وهل يحل النظر(1/315)
ومباشرتها؟ له فيه تردد (وقراءة قرآن) بقصده (ومسه) ولو مكتوبا بالفارسية في الاصح (إلا بغلافه) المنفصل كما مر (وكذا) يمنع (حمله) كلوح وورق(1/316)
فيه آية.
(ولا بأس) لحائض وجنب (بقراءة أدعية ومسها وحملها، وذكر الله تعالى، وتسبيح)
وزيارة قبور، ودخول مصلى عيد (وأكل وشرب بعد مضمضة، وغسل يد) وأما قبلهما فيكره لجنب لا حائض ما لم تخاطب بغسل، ذكر الحلبي.
(ولا يكره) تحريما (مس قرآن بكم) عند الجمهور تيسيرا، وصحح في الهداية الكراهة، وهو أحوط.
(ويحل وطؤها إذا انقطع حيضها لاكثره) بلا غسل وجوبا(1/317)
بل ندبا.
(وإن) انقطع لدون أقله تتوضأ وتصلي في آخر الوقت، وإن (لاقله) فإن لدون عادتها لم يحل، وتغتسل وتصلي وتصوم احتياطا، وإن لعادتها، فإن كتابية حل في الحال وإلا (لا) يحل (حتى تغتسل) أو تتيمم بشرطه(1/318)
(أو يمضي عليها زمن يسع الغسل) ولبس الثياب (والتحريمة) يعني من آخر وقت الصلاة لتعليلهم بوجوبها في ذمتها، حتى لو طهرت في وقت العيد لا بد أن يمضي وقت الظهر كما(1/319)
في السراج، وهل تعتبر التحريمة في الصوم؟ الاصح لا، وهي من الطهر مطلقا، وكذا الغسل لو لاكثره، وإلا فمن الحيض، فتقضي إن بقي بعد الغسل والتحريمة ولو لعشرة فقدر التحريمة فقط لئلا فقط لئلا تزيد أيامه على عشرة، فليحفظ(1/320)
(و) وطؤها (يكفر مستحله) كما جزم به غير واحد، وكذا مستحل وطئ الدبر عند الجمهور.
مجتبى (وقيل لا) يكفر في المسألتين، وهو الصحيح خلاصة (وعليه المعول) لانه حرام لغيره، ولما يجئ في المرتد أنه لا يفتى بتكفير مسلم كان في كفره خلاف ولو رواية ضعيفة، ثم هو كبيرة لو عامدا مختارا عالما بالحرمة لا جاهلا أو مكرها أو ناسيا فتلزمه التوبة، ويندب تصدقه(1/321)
بدينار أو نصفه، ومصرفه كزكاة، وهل على المرأة تصدق؟ قال في الضياء: الظاهر لا.
(ودم استحاضة) حكمه (كرعاف دائم) وقتا كاملا (لا يمنع صوما وصلاة) ولو نفلا (وجماعا) لحديث توضئي وصلي وإن قطر الدم على الحصير(1/322)
(والنفاس لغة): ولادة المرأة.
وشرعا (دم) فلو لم تره هل تكون نفساء؟ المعتمد نعم، (ويخرج) من رحم، فلو ولدته من سرتها إن سال الدم من الرحم فنفساء، وإلا فذات جرح وإن ثبت له أحكام الولد (عقب ولد) أو أكثره ولو متقطعا عضوا عضوا لا أقله، فتتوضأ إن قدرت أو تتيمم وتومئ بصلاة ولا تؤخر، فما عذر الصحيح القادر؟ وحكمه كالحيض في كل شئ إلا في سبعة ذكرتها في الخزائن وشرحي للملتقى.
منها أنه (لا حد لاقله) إلا إذا احتيج إليه لعدة كقوله: إذا ولدت فأنت طالق، فقالت: مضت عدتي، فقدره الامام بخمسة وعشرين(1/323)
مع ثلاث حيض والثاني بأحد عشر والثالث بساعة.
(وأكثره أربعون يوما) كذا رواه الترمذي وغيره، ولان أكثره أربعة أمثال أكثر الحيض.
(والزائد) على أكثره (استحاضة) لو مبتدأة، أما المعتادة فترد لعاداتها وكذا الحيض،(1/324)
فإن انقطع على أكثرهما أو قبله فالكل نفاس، وكذا حيض إن وليه طهر تام وإلا فعادتها وهي تثبت وتنتقل بمرة، به يفتى، وتمامه فيما علقناه على الملتقى.
(والنفاس لام توأمين من الاول) هما ولدان بينهما دون نصف حول، وكذا الثلاثة ولو بين(1/325)
الاول والثالث أكثر منه في الاصح.
(و) انقضاء (العدة من الاخير وفاقا) لتعلقه بالفراغ (وسقط) مثلث السين: أي مسقوط (ظهر بعض خلقه كيد أو رجل) أو أصبع أو ظفر أو شعر، ولا يستبين خلقه إلا بعد مائة وعشرين يوما(1/326)
(ولد) حكما (فتصير) المرأة (به نفساء والامة أم ولد ويحنث به) في تعليقه وتنقضي به العدة، فإن لم يظهر له شئ فليس بشئ، والمرئي حيض إن دام ثلاثا وتقدمه طهر تام وإلا استحاضة، ولو لم يدر حاله ولا عدد أيام حملها ودام الدم تدع الصلاة أيام حيضها بيقين ثم تغتسل ثم تصلي كمعذور.(1/327)
ولا يحد إياس بمدة، بل هو أن تبلغ من السن ما لا تحيض مثلها فيه فإذا بلغته وانقطع دمها حكم بإياسها (فما رأته بعد الانقطاع حيض) فيبطل الاعتداد بالاشهر وتفسد الانكحة.
(وقيل يحد بخمسين سنة وعليه المعول) والفتوى في زماننا، مجتبى وغيره (تيسيرا) وحده في العدة بخمس وخمسين.
قال في الضياء: وعليه الاعتماد (وما رأته بعدها) أي المدة المذكورة (فليس بحيض في ظاهر المذهب) إلا إذا كان دما خالصا فحيض حتى يبطل به الاعتداد بالاشهر، لكن قبل تمامها لا بعد حتى لا تفسد الانكحة، وهو المختار للفتوى، جوهرة وغيرها، وسنحققه في العدة.(1/328)
(وصاحب عذر من به سلس) بول لا يمكنه إمساكه (أو استطلاق بطن أو انفلات ريح أو استحاضة) أو بعينه رمد أو عمش أو غرب، وكذا كل ما يخرج بوجع ولو من أذن وثدي وسرة (إن استوعب عذره تمام وقت صلاة مفروضة) بأن لا يجد في جميع وقتها زمنا يتوضأ ويصلي فيه خاليا عن الحدث (ولو حكما) لان الانقطاع اليسير ملحق بالعدم (وهذا شرط) العذر (في حق الابتداء، وفي) حق (البقاء كفي وجوده في جزء من الوقت) ولو مرة(1/329)
(وفي) حق الزوال يشترط (استيعاب الانقطاع) تمام الوقت (حقيقة) لانه الانقطاع الكامل.
(وحكمه الوضوء) لا غسل ثوبه ونحو (لكل فرض) اللام للوقت كما في - لدلوك الشمس.
(الاسراء: 81) (ثم يصلي) به (فيه فرضا ونفلا) فدخل الواجب بالاولى (فإذا خرج الوقت بطل) أي ظهر حدثه السابق، حتى لو توضأ على الانقطاع ودام إلى خروجه لم يبطل بالخروج ما لم يطرأ حدث آخر أو يسيل كمسألة مسح خفه.(1/330)
وأفاد أنه لو توضأ بعد الطلوع ولو لعيد أو ضحى لم يبطل إلا بخروج وقت الظهر.
(وإن سال على ثوبه) فوق الدرهم (جاز له أن لا يغسله إن كان لو غسله تنجس قبل الفراغ منها) أي الصلاة (وإلا) يتنجس قبل فراغه (فلا) يجوز ترك غسله، هو المختار للفتوى، وكذا مريض لا يبسط ثوبا إلا تنجس فورا له تركه (و) المعذور (إنما تبقى طهارته في الوقت) بشرطين (إذا) توضأ لعذره و (لم يطرأ عليه حدث آخر، أما إذا) توضأ لحدث آخر وعذره منقطع(1/331)
ثم سال أو توضأ لعذره ثم (طرأ) عليه حدث آخر، بأن سال أحد منخريه أو جرحيه أو قرحتيه ولو من جدري ثم سال الآخر (فلا) تبقى طهارته.
فروع: يجب رد عذره أو تقليله بقدر قدرته ولو بصلاته موميا، وبرده لا يبقى ذا عذر، بخلاف الحائض.
ولا يصلي من به انفلات ريح خلف من به سلس بول، لان معه حدثا ونجسا.(1/332)
باب الانجاس جمع نجس بفتحتين.
وهو لغة: يعم الحقيقي والحكمي.
وعرفا يختص بالاول.
(يجوز رفع نجاسة حقيقية عن محلها) ولو إناء أو مأكولا علم محلها أو لا (بماء ولو مستعملا) به يفتى (وبكل مائع(1/333)
طاهر قالع) للنجاسة ينعصر بالعصر (كخل وماء ورد) حتى الريق، فتطهر أصبع وثدي تنجس بلحس ثلاثا (بخلاف نحو لبن) كزيت لانه غير قالع، وما قيل: إن اللبن وبول ما يؤكل مزيل، فخلاف المختار.
(ويطهر خف ونحوه) كنعل (تنجس بذي جرم) هو كل ما يرى بعد الجفاف ولو من غيرها كخمر وبول أصابه تراب، به يفتى(1/334)
بذلك يزول به أثرها (وإلا) جرم لها كبول (فيغسل، و) يطهر (صقيل) لا مسام له (كمرآة) وظفر وعظم وزجاج وآنية مدهونة أو خراطي وصفائح فضة غير منقوشة بمسح يزول به أثرها مطلقا، به يفتى.
(و) تطهر (أرض) بخلاف نحو بساط (بيبسها)(1/335)
أي جفافها ولو بريح (وذهاب أثرها كلون) وريح (ل) أجل (صلاة) عليها (لا لتيمم) بها، لان المشروط لها الطهارة وله الطهورية.
(و) حكم (آجر) ونحوه كلبن (مفروش وخص) بالخاء تحجيرة سطح (وشجر وكلا قائمين في أرض كذلك) أي كأرض، فيطهر بجفاف، وكذا كل ما كان ثابتا فيها لاخذه حكمها باتصاله بها فالمنفصل يغسل لا غير، إلا حجرا خشنا كرحى فكأرض.(1/336)
(ويطهر مني) أي محله (يابس بفرك) ولا يضر بقاء أثره (إن طهر رأس حشفة) كأن كان مستنجيا بماء.
وفي المجتبى: أولج فنزع فأنزل لم يطهر إلا بغسله لتلوثه بالنجس انتهى: أي برطوبة الفرج،(1/337)
فيكون مفرعا على قولهما بنجاستها، أما عنده فهي طاهرة كسائر رطوبات البدن.
جوهرة (وإلا) يكن يابسا أو لا رأسها طاهرا (فيغسل) كسائر النجاسات ولو دما عبيطا على المشهور (بلا فرق بين
منيه) ولو رقيقا لمرض به (ومنيها) ولا بين مني آدمي وغيره كما بحثه الباقاني (ولا بين ثوب) ولو جديدا أو مبطنا في الاصح (وبدن على الظاهر) من المذهب، ثم هل يعود نجسا ببله بعد فركه؟(1/338)
المعتمد لا، وكذا كل ما حكم بطهارته بغير مائع.
وقد أنهيت في الخزائن المطهرات إلى نيف وثلاثين،(1/339)
وغيرت نظم ابن وهبان فقلت: وغسل ومسح والجفاف مطهرونحت وقلب العين والحفر يذكر ودبغ وتخليل ذكاة تخلل وفرك ودلك والدخول التغور تصرفه في البعض ندف ونزحهاونار وغلي غسل بعض تقور(1/340)
(و) يطهر (زيت) تنجس (بجعله صابونا) به يفتى للبلوى، كتنور رش بماء نجس لا بأس بالخبز فيه (كطين تنجس فجعل منه كوز بعد جعله على النار) يطهر إن لم يظهر فيه أثر النجس بعد الطبخ.
ذكره الحلبي.(1/341)
(وعفا) الشارع (عن قدر درهم) وإن كره تحريما، فيجب غسله، وما دونه تنزيها فيسن، وفوقه مبطل فيفرض، والعبرة لوقت الصلاة لا الاصابة على الاكثر.
نهر(1/342)
(وهو مثقال) عشرون قيراطا (في) نجس (كثيف) له جرم (وعرض مقعر الكف) وهو داخل مفاصل أصابع اليد (في رقيق من مغلظة كعذرة) آدمي،(1/343)
وكذا كل ما خرج منه موجبا لوضوء أو غسل مغلظ (وبول غير مأكول ولو من صغير لم يطعم) إلا بول الخفاش وخرأه فطاهر، وكذا بول الفأرة لتعذر التحرز عنه، وعليه الفتوى كما في
التاترخانية، وسيجئ آخر الكتاب أن خرأها لا يفسد ما لم يظهر أثره.
وفي الاشباه: بول السنور في غير أواني الماء عفو، وعليه الفتوى (ودم) مسفوح من سائر(1/344)
الحيوانات إلا دم شهيد ما دام عليه، وما بقي في لحم مهزول وعروق وكبد وطحال وقلب وما لم يسل، ودم سمك وقمل وبرغوث وبق، زاد في السراج: وكتان.
وهي كما في القاموس: كرمان: دويبة حمراء لساعة، فالمستثنى اثنا عشر (وخمر) وفي باقي الاشربة روايات التغليظ والتخفيف والطهارة.
ورجح في البحر الاول.
وفي النهر الاوسط.(1/345)
(وخرء) كل طير لا يذرق في الهواء كبط أهلي (ودجاج) أم ما يذرق فيه، فإن مأكولا فطاهر، وإلا فمخفف (وروث وخثي) أفاد بهما نجاسة خرء كل حيوان غير الطيور، وقالا: مخففة.
وفي الشرنبلالية قولهما أظهر، وطهرهما محمد آخرا للبلوى، وبه قال مالك.
(ولو أصابه من) نجاسة (غليظة و) نجاسة (خفيفة جعلت الخفيفة تبعا للغليظة) احتياطا كما في الظهيرية،(1/346)
ثم متى أطلقوا النجاسة فظاهره التغليظ.
(وعفي دون ربع) جميع بدن و (ثوب) ولو كبيرا هو المختار، ذكره الحلبي، ورجحه في النهر على التقدير بربع المصاب كيد وكم وإن قال في الحقائق وعليه الفتوى (من) نجاسة (مخففة كبول مأكول) ومنه الفرس، وطهره محمد (وخرء طير) من السباع أو غيرها (غير مأكول) وقيل طاهر وصحح،(1/347)
ثم الخفة إنما تظهر في غير الماء فليحفظ (و) عفي (دم سمك ولعاب بغل وحمار) والمذهب طهارتها (وبول انتضح كرؤوس إبر) وكذا جانبها الآخر وإن كثر بإصابة الماء للضرورة، لكن لو(1/348)
وقع في ماء قليل نجسه في الاصح لان طهارة الماء آكد جوهرة.
وفي القنية: لو اتصل وانبسط وزاد على قدر الدرهم ينبغي أن يكون كالدهن النجس إذا(1/349)
انبسط، وطين شارع(1/350)
وبخار نجس، وغبار سرقين، ومحل كلاب، وانتضاح غسالة لا تظهر مواقع قطرها في الاناء عفو (وماء) بالمد (ورد) أي جرى (على نجس: نجس) إذا ورد كله أو أكثره ولو أقله، لا(1/351)
كجيفة في نهر أو نجاسة على سطح، لكن قدمنا أن العبرة للابر (كعكسه) أي إذا وردت النجاسة على الماء تنجس الماء إجماعا، لكن لا يحكم بنجاسته إذا لاقى المتنجس ما لم ينفصل فليحفظ (لا) يكون نجسا (رماد قذر)(1/352)
وإلا لزم نجاسة الخبز في سائر الامصار (و) لا (ملح كان حمارا) أو خنزيرا ولا قذر وقع في بئر فصار حمأة لانقلاب العين، به يفتى (وغسل طرف ثوب) أو بدن (أصابت نجاسة محلا منه ونسي) المحل (مطهر له وإن) وقع الغسل (بغير تحر) وهو المختار.(1/353)
ثم لو ظهر وأنها في طرف آخر هل يعيد؟ في الخلاصة: نعم، وفي الظهيرية: المختار أنه لا يعيد إلا الصلاة التي هو فيها (كما لو بال حمر) خصها لتغليظ بولها اتفاقا (على) نحو (حنطة تدوسها فقسم أو غسل بعضه) أو ذهب بهبة أو أكل أو بيع كما مر (حيث يطهر الباقي) وكذا الذاهب لاحتمال وقوع النجس في كل طرف كمسألة الثوب (وكذا يطهر محل نجاسة) أما عينها فلا تقبل الطهارة (مرئية) بعد جفاف كدم (بقلعها) أي بزوال عينها(1/354)
وأثرها ولو بمرة أو بما فوق ثلاث في الاصح ولم يقل بغسلها ليعم نحو دلك وفرك.
(ولا يضر بقاء أثر) كلون وريح (لازم) فلا يكلف في إزالته إلى ماء حار أو صابون ونحوه، بل يطهر ما صبغ أو خصب بنجس بغسله ثلاثا والاولى غسله إلى أن يصفو الماء، ولا(1/356)
يضر أثر دهن إلا دهن ودك ميتة لانه عين النجاسة حتى لا يدبغ به جلد بل يستصبح به في غير مسجد.
(و) يطهر محل (غيرها) أي غير مرئية (بغلبة ظن غاسل) لو مكلفا وإلا فمستعمل (طهارة محلها) بلا عدد، به يفتى.(1/357)
(وقدر) ذلك لموسوس (بغسل وعصر ثلاثا) أو سبعا (فيما ينعصر) مبالغا بحيث لا يقطر، ولو كان لو عصره غير قطر طهر بالنسبة إليه دون ذلك الغير، ولو لم يبالغ لرقته هل يطهر؟ الاظهر نعم للضرورة.
(و) قدر (بتثليث جفاف)(1/358)
أي انقطاع تقاطر (في غيره) أي غير منعصر مما يتشرب النجاسة وإلا فبقلعها كما مر، وهذا كله إذا غسل في إجانة،(1/359)
أما لو غسل في غدير أو صب عليه ماء كثير، أو جرى عليه الماء طهر مطلقا بلا شرط عصر وتجفيف وتكرار غمس هو المختار.(1/360)
ويطهر لبن وعسل ودبس ودهن يغلي ثلاثا، ولحم طبخ بخمر يغلي وتبريد ثلاثا، وكذا
دجاجة ملقاة حاله على الماء للنتف قبل شقها فتح.
وفي التجنيس: حنطة طبخت في خمر لا(1/361)
تطهر أبدا، به يفتى.
ولو انتفخت من بول نقعت وجففت ثلاثا، ولو عجن خبز بخمر صب فيه خل حتى يذهب أثره فيطهر.
فصل الاستنجاء إزالة نجس عن سبيل، فلا يسن من ريح وحصاة ونوم وفصد (وهو سنة) مؤكدة مطلقا، وما قيل من افتراضه لنحو حيض ومجاوزة مخرج فتسامح.(1/362)
(وأركانه) أربعة شخص (مستنج، و) شئ (مستنجي به) كماء وحجر، (و) نجس (خارج) من أحد السبيلين، وكذا لو أصابه من خارج(1/363)
وإن قام من موضعه على المعتمد (ومخرج) دبر أو قبل (بنحو حجر) مما هو عين طاهرة قالعة لا قيمة لها كمدر (منق) لانه المقصود، فيختار الابلغ والاسلم عن التلويث، ولا يتقيد بإقبال وإدبار شتاء وصيفا (وليس العدد) ثلاثا (بمسنون فيه)(1/364)
بل مستحب (والغسل) بالماء إلى أنه يقع في قلبه أنه طهر ما لم يكن موسوسا فيقدر بثلاث كما مر (بعده) أي الحجر (بلا كشف عورة) عند أحد، أما معه فيتركه كما مر، فلو كشف له صار فاسقا، لا لو كشف لاغتسال أو تغوط كما بحثه ابن الشحنة (سنة) مطلقا، به يفتى، سراج.(1/365)
(ويجب) أي يفرض غسله (إن جاوز المخرج نجس) مائع، ويعتبر القدر المانع لصلاة (فيما وراء موضع الاستنجاء) لان ما على المخرج ساقط شرعا وإن كثر، ولهذا لا تكره الصلاة معه.(1/366)
(وكره) تحريما (بعظم وطعام وروث) يابس كعذرة يابسة وحجر استنجي به، إلا بحرف آخر (وآجر وخزف وزجاج و) شئ محترم (كخرقة ديباج ويمين) ولا عذر بيسراه، فلو مشلولة(1/367)
ولم يجد ماء جاريا ولا صابا ترك الماء، ولو شلتا سقط أصلا كمريض ومريضة لم يجدا من يحل جماعه (وفحم وعلف حيوان) وحق غير وكل ما ينتفع به (فلو فعل أجزأه) مع الكراهة لحصول الانقاء، وفيه نظر لما مر أنه سنة لا غير، فينبغي أن لا يكون مقيما لها بالمنهي عنه (كما كره)(1/368)
تحريما (استقبال قبلة واستدبارها ل) لاجل (بول أو غائط) فلو للاستنجاء لم يكره (ولو في بنيان) لاطلاق النهي (فإن جلس مستقبلا لها) غافلا (ثم ذكره انحرف) ندبا لحديث الطبري من جلس يبول قبالة القبلة فذكرها فانحرف عنها إجلالا لها لم يقم من مجلسه حتى يغفر له (إن أمكنه وإلا فلا) بأس (وكذا يكره) هذه تعم التحريمية والتنزيهية (للمرأة(1/369)
إمساك صغير لبول أو غائط نحو القبلة) وكذا مد رجله إليها (واستقبال شمس وقمر لهما) أي لاجل بول أو غائط (وبول وغائط في ماء، ولو جاريا) في الاصح، وفي البحر: أنها في الراكد تحريمية، وفي الجاري تنزيهية (وعلى طرف نهر أو بئر أو حوض أو عين أو تحت شجرة مثمرة أو في زرع أو في(1/370)
ظل) ينتفع بالجلوس فيه وبجنب مسجد ومصلى عيد، وفي مقابر وبين دواب، وفي طريق الناس (و) في (مهب ريح، وجحر فأرة أو حية أو نملة وثقب) زاد العيني: وفي موضع يعبر عليه أحد أو يقعد عليه، وبجنب طريق أو قافلة أو خيمة، وفي أسفل الارض إلى أعلاها والتكلم عليهما (وأن يبول(1/371)
قائما أو مضطجعا أو مجردا من ثوبه بلا عذر أو) يبول (في موضع يتوضأ) هو (أو يغتسل فيه) لحديث لا يبولن أحدكم في مستحمه، فإن عامة الوسواس منه.
فروع: يجب الاستبراء بمشي أو تنحنح أو نوم على شقه الايسر، ويختلف بطباع الناس.
ومع طهارة المغسول تطهر اليد،(1/372)
ويشترط إزالة الرائحة وعن المخرج، إلا إذا عجز، والناس عنه غافلون.
استنجى المتوضئ، إن على وجه السنة بأن أرخى انتقض، وإلا لا.
نام أو مشى على نجاسة، إن ظهر عينها(1/373)
تنجس، وإلا لا.
ولو وقعت في نهر فأصاب ثوبه، إن ظهر أثرها تنجس، وإلا لا.
لف طاهر(1/374)
في نجس بمتل بماء إن بحيث لو عصر قطر تنجس وإلا لا.
ولو لف في مبتل بنحو بول، إن ظهر نداوته أو أثره تنجس وإلا لا.
فأرة وجدت في خمر فرميت فتخلل، إن متفسخة تنجس وإلا لا.
وقع خمر في خل، إن قطرة لم يحل إلا بعد ساعة، وإن كوزا حل في الحال إن لم يظهر أثره.
فأرة وجدت في قمقمة ولم يدر هل ماتت فيها أو في جرة أو في بئر يحمل على القمقمة.(1/375)
ثلاث قرب من سمن وعسل ودبس أخذ من كل حصة وخلط فوجد فيه فأرة نضعها في الشمس، فإن خرج منها الدهن فسمن، وإلا فإن بقي بحال الجمد فالعسل، أو متلطخا فالدبس.
يعمل بخبر الحرمة في الذبيحة، وبخبر الحل في ماء وطعام.
يتحرى في ثياب أقلها طاهر وفي أوان أكثرها طاهر لا أقلها، بل يحكم بالاغلب إلا لضرورة شرب.
يحرم أكل لحم أنتن، لا نحو سمن ولبن.(1/376)
شعير في بعر أو روث صلب يؤكل، بعد غسله، وفي خثي لا.
مرارة كل حيوان كبوله
وجرته كزبله.
حكم العصير حكم الماء: رطوبة الفرج طاهرة خلافا لهما، العبرة للطاهر من تراب أو ماء(1/377)
اختلطا، به يفتى.
مشى في حمام ونحوه لا ينجس ما لم يعلم أنه غسالة نجس.
لا ينبغي أخذ الماء من الانبوبة لانه يصير الماء راكدا.
التبكير إلى الحمام ليس من المروءة، لان فيها إظهار مقلوب الكناية.
ثياب الفسقة وأهل الذمة طاهرة.
ديباج أهل فارس نجس، لجعلهم فيه البول لبريقه.
رأى في ثوب غيره نجسا مانعا، إن غلب على ظنه أنه لو أخبره أزالها وجب وإلا لا، فالامر بالمعروف على هذا.
حمل السجادة في زماننا أولى احتياطا، لما ورد أول ما يسأل عنه في القبر الطهارة وفي الموقف الصلاة.(1/378)
كتاب الصلاة شروع في المقصود بعد، بيان الوسيلة، ولم تخل عنها شريعة مرسل.
ولما صارت قربة بواسطة الكعبة كانت دون الايمان لا منه، بل من فروعه.
وهي لغة: الدعاء، فنقلت شرعا إلى الافعال المعلومة وهو الظاهر، لوجودها بدون الدعاء في الامي والاخرس.
(هي فرض عين على كل مكلف) بالاجماع.
فرضت في الاسراء ليلة السبت سابع عشر رمضان(1/379)
قبل الهجرة بسنة ونصف، وكانت قبله صلاتين قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.
شمني (وإن وجب ضرب ابن عشر عليها بيد لا بخشبة) لحديث مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء تسع، واضربوهم عليها وهم أبناء تسع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر قلت: والصوم كالصلاة على الصحيح كما في صوم.
القهستاني معزيا للزاهدي.
وفي حظر الاختيار أنه يؤمر بالصوم والصلاة وينهى عن شرب الخمر ليألف الخير ويترك
الشر (ويكفر جاحدها) لثبوتها بدليل قطعي (وتاركها عمدا مجانة) أي تكاسلا فاسق (يحبس حتى يصلي) لانه يحبس لحق العبد فحق الحق أحق، وقيل يضرب حتى يسيل منه الدم.
وعند الشافعي: يقتل(1/380)
بصلاة واحدة حدا، وقيل كفرا (ويحكم بإسلام فاعلها) بشروط أربعة أن يصلي في الوقت (مع جماعة) مؤتما متمما، وكذا لو أذن في الوقت(1/381)
أو سجد للتلاوة أو زكى السائمة صار مسلما، لا لو صلى في غير الوقت أو منفردا أو إماما، أو أفسدها أو فعل بقية العبادات لانها لا تختص بشريعتنا، ونظمها صاحب النهر فقال: وكافر في الوقت صلى باقتدامتمما صلاته لا مفسدا وأذن أيضا معلنا أو زكى سوائما كأن سجد(1/382)
تزكى فمسلم لا بالصلاة منفردولا الزكاة والصيام الحج زد (وهي عبادة بدنية محضة، فلا نيابة فيها أصلا) أي لا بالنفس كما صحت في الصوم بالفدية للفاني،(1/383)
لانها إنما تجوز بإذن الشرع ولم يوجد (سببها) ترادف النعم ثم الخطاب ثم الوقت: أي ال (جزء) ال (أول) منه إن (اتصل به الاداء وإلا فما) أي جزء من الوقت (يتصل به) الاداء (وإلا) يتصل الاداء بجزء (ف) السبب) هو (الجزء الاخير) ولو ناقصا،(1/384)
حتى تجب على مجنون ومغمى عليه أفاقا، وحائض ونفساء طهرتا وصبي بلغ، ومرتد أسلم، وإن صليا في أول الوقت (وبعد خروجه يضاف) السبب (إلى جملته) ليثبت الواجب بصفة الكمال وأنه الاصل حتى يلزمهم القضاء في كامل هو الصحيح (وقت) صلاة (الفجر) قدمه
لانه لا خلاف في طرفيه،(1/385)
وأول من صلاه آدم وأول الخمس وجوبا، وقدم محمد الظهر لانه أولها ظهورا وبيانا، ولا يخفى توقف وجوب الاداء على العلم بالكيفية فلذا لم يقض نبينا (ص) الفجر صبيحة ليلة الاسراء، ثم(1/386)
هل كان قبل البعثة متعبدا بشرع أحد؟ المختار عندنا لا، بل كان يعمل بما ظهر له من الكشف الصادق من شريعة إبراهيم وغيره، وصح تعبده في حراء.
بحر (من) أول (طلوع الفجر الثاني) وهو البياض المنتشر المستطير لا المستطيل (إلى) قبيل (طلوع ذكاء) بالضم غير منصرف اسم الشمس (ووقت الظهر من زواله) أي ميل ذكاء عن كبد السماء (إلى بلوغ الظل(1/387)
مثليه) وعنه مثله، وهو قولهما وزفر والائمة الثلاثة.
قال الامام الطحاوي: وبه نأخذ، وفي غرر الاذكار: وهو المأخوذ به.
وفي البرهان: وهو الاظهر، لبيان جبريل، وهو نص في الباب.
وفي الفيض: وعليه عمل الناس اليوم، وبه يفتى (سوى فئ) يكون للاشياء قبيل (الزوال) ويختلف باختلاف الزمان والمكان، ولو لم يجد ما يغرز اعتبر بقامته وهي ستة أقدام(1/388)
ونصف بقدمه من طرفه إبهامه (ووقت العصر منه إلى) قبيل (الغروب) فلو غربت ثم عادت هل يعود الوقت، الظاهر؟ نعم(1/389)
وهي الوسطى على المذهب (و) وقت (المغرب منه إلى) غروب (الشفق وهو الحمرة) عندهما، وبه قالت الثلاثة وإليه رجع الامام كما في شروح المجمع وغيرها، فكان هو المذهب (و) وقت (العشاء والوتر منه إلى الصبح و) لكن (لا) يصح أن (يقدم عليه الوتر) إلا ناسيا (لوجوب الترتيب) لانهما فرضان عند الامام (وفاقد وقتهما) كبلغار، فإن فيها يطلع الفجر قبل غروب(1/390)
الشفق في أربعينية الشتاء (مكلف بهما فيقدر لهما)(1/391)
ولا ينوي القضاء لفقد وقت الاداء، به أفتى البرهان الكبير، واختار الكمال، وتبعه ابن الشحنة في ألغازه فصححه، فزعم المصنف أنه المذهب (وقيل لا) يكلف بهما لعدم سببهما، وبه جزم في الكنز والدرر والملتقى، وبه أفتى البقالي، ووافقه الحلواني والمرغيناني، ورجحه الشرنبلالي والحلبي، وأوسعا المقال ومنعا ما ذكره الكمال قلت:(1/393)
ولا يساعده حديث الدجال لانه وإن وجب أكثر من ثلاثمائة ظهر مثلا قبل الزوال ليس كمسألتنا، لان المفقود فيه العلامة لا الزمان، وأما فيها(1/394)
فقد فقد الامران.
(والمستحب) للرجل (الابتداء) في الفجر (بإسفار والختم به) هو المختار بحيث يرتل أربعين آية ثم يعيده بطهارة لو فسد.
وقيل يؤخر جدا لان الفساد موهوم (إلا لحاج بمزدلفة) فالتغليس أفضل كمرأة مطلقا، وفي غير الفجر الافضل لها انتظار فراغ الجماعة (وتأخير ظهر الصيف) بحيث يمشي في الظل (مطلقا) كذا في المجمع وغيره: أي بلا اشتراط شدة حر(1/395)
وحرارة بلد وقصد جماعة، وما في الجوهرة وغيرها من اشتراط ذلك منظور فيه (وجمعة كظهر أصلا واستحبابا) في الزمانين لانها خلفه (و) تأخير (عصر) صيفا وشتاء توسعة للنوافل (ما لم يتغير ذكاء) بأن لا تحار العين فيها(1/396)
في الاصح (و) تأخير (عشاء إلى ثلث الليل) قيده في الخانية وغيرها بالشتاء، أما الصيف
فيندب تعجيلها (فإن أخرها إلى ما زاد على النصف) كره لتقليل الجماعة، أما إليه فمباح (و) أخر (العصر إلى اصفرار ذكاء) فلو شرع فيه قبل التغير فمده إليه لا يكره (و) أخر (المغرب(1/397)
إلى اشتباك النجوم) أي كثرتها (كره) أي التأخير لا الفعل، لانه مأمور به (تحريما) إلا بعذر كسفر، وكونه على أكل (و) تأخير (الوتر إلى آخر الليل لواثق بالانتباه) وإلا فقبل النوم، فإن أفاق وصلى نوافل والحال أنه صلى الوتر أول الليل فإنه الافضل.
(والمستحب تعجيل ظهر شتاء) يلحق به الربيع، وبالصيف الخريف (و) تعجيل (عصر(1/398)
وعشاء يوم غيم، و) تعجيل (مغرب مطلقا) وتأخيره قدر ركعتين يكره تنزيها (وتأخير غيرهما فيه) هذا في ديار يكثر شتاؤها ويقل رعاية أوقاتها، أما في ديارنا فيراعى الحكم الاول(1/399)
وحكم الاذان كالصلاة تعجيلا وتأخيرا (وكره) تحريما، وكل ما لا يجوز مكروه (صلاة) مطلقا (ولو) قضاء أو واجبة أو نفلا أو (على جنازة وسجدة تلاوة وسهو) لا شكر.
قنية (مع شروق) إلا العوام فلا يمنعون من فعلها لانهم يتركونها.
والاداء الجائز عند البعض أولى من الترك كما في القنية وغيرها (واستواء)(1/400)
إلا يوم الجمعة على قول الثاني المصحح المعتمد، كذا في الاشباه ونقل الحلبي عن الحاوي أن عليه الفتوى (وغروب، إلا عصر يومه) فلا يكره فعله(1/401)
لادائه كما وجب بخلاف الفجر، والاحاديث تعارضت فتساقطت كما بسطه صدر الشريعة.
(وينعقد نفل بشروع فيها) بكراهة التحريم(1/402)
(لا) ينعقد (الفرض) وما هو ملحق به كواجب لعينه كوتر (وسجدة تلاوة، وصلاة جنازة تليت) الآية (في كامل وحضرت) الجنازة (قبل) لوجوبه كاملا فلا يتأدى ناقصا، فلو وجبتا فيها لم يكره فعلهما: أي تحريما.
وفي التحفة: الافضل أن لا تؤخر الجنازة.(1/403)
(وصح) مع الكراهة (تطوع بدأ به فيها ونذر أداء فيها) وقد نذره فيها (وقضاء تطوع بدأ به فيها فأفسده لوجوبه ناقصا) ثم ظاهر الرواية وجوب القطع والقضاء في كامل كما في البحر.
وفيه عن البغية: الصلاة فيها على النبي (ص) أفضل من قراءة القرآن وكأنه لانها من أركان الصلاة، فالاولى ترك ما كان ركنا لها.
(وكره نفل) قصدا ولو تحية مسجد (وكل ما كان واجبا) لا لعينه بل (لغيره) وهو ما يتوقف وجوبه على فعله (كمنذور وركعتي طواف)(1/404)
وسجدتي سهو (والذي شرع فيه) في وقت مستحب أو مكروه (ثم أفسده و) لو سنة الفجر (بعد صلاة فجر و) صلاة (عصر) ولو المجموعة بعرفة (لا) يكره (قضاء فائتة و) لو وترا أو (سجدة تلاوة وصلاة جنازة وكذا) الحكم من كراهة نفل وواجب لغيره لا فرض وواجب لعينه (بعد طلوع فجر سوى سنته) لشغل الوقت به تقديرا، حتى لو نوى تطوعا كان سنة الفجر بلا تعيين(1/405)
(وقبل) صلاة (مغرب) لكراهة تأخيره إلا يسيرا (وعند خروج إمام) من الحجرة أو قيامه للصعود إن لم يكن له حجرة (لخطبة) ما، وسيجئ أنها عشر (إلى تمام صلاته) بخلاف فائتة فإنها لا(1/406)
تكره، وقيدها المصنف في الجمعة بواجبة الترتيب، وإلا فيكره، وبه يحصل التوفيق بين كلامي النهاية والصدر (وكذا يكره تطوع عند إقامة صلاة مكتوبة) أي إقامة إمام مذهبه لحديث إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (إلا سنة فجر إن لم يخف فوت جماعتها) ولو بإدراك تشهدها،(1/407)
فإن خاف تركها أصلا، وما ذكر من الحيل مردود، وكذا يكره غير المكتوبة عند ضيق الوقت (وقبل صلاة العيدين مطلقا، وبعدها بمسجد لا ببيت) في الاصح (وبين صلاتي الجمع بعرفة ومزدلفة) كذا بعدهما كما مر (وعند مدافعة الاخبثين) أو أحدهما أو الريح، ووقت حضور طعام تاقت نفسه إليه، (و) كذا كل (ما يشغل باله عن أفعالها ويخل بخشوعها)(1/408)
كائنا ما كان.
فهذه نيف وثلاثون وقتا، وكذا تكره في أماكن كفوق كعبة وفي طريق ومزبلة ومجزرة ومقبرة(1/409)
ومغتسل وحمام وبطن واد ومعاطن إبل وغنم(1/410)
وبقر.
زاد في الكافي: ومرابط دواب، وإصطبل، وطاحون، وكنيف وسطوحها، ومسيل واد، وأرض مغصوبة أو للغير لو مزروعة أو مكروبة، وصحراء فلا سترة لمار: ويكره النوم قبل العشاء والكلام المباح بعدها وبعد طلوع الفجر إلى أدائه، ثم لا بأس بمشيه لحاجته، وقيل يكره إلى طلوع ذكاء، وقيل إلى ارتفاعها، فيض (ولا جمع بين فرضين في وقت بعذر) سفر ومطر خلافا للشافعي، وما رواه(1/411)
محمول على الجمع فعلا، لا وقتا (فإن جمع فسد لو قدم) الفرض على وقته (وحرم لو عكس) أي أخره عنه (وإن صح) بطريق القضاء (إلا لحاج بعرفة ومزدلفة) كما سيجئ.
ولا بأس بالتقليد عن الضرورة لكن بشرط أن يلتزم جميع ما يوجبه ذلك الامام، لما قدمنا أن الحكم(1/412)
الملفق باطل بالاجماع.
باب الآذان (هو) لغة الاعلام.
وشرعا: (إعلام مخصوص) لم يقل بدخول الوقت ليعم الفائتة وبين يدي الخطيب (على وجه مخصوص بألفاظ كذلك) أي مخصوصة (سببه ابتداء أذان جبريل) ليلة الاسراء، وإقامته حين إمامته عليه الصلاة والسلام، ثم رؤيا عبد الله بن زيد أذان الملك النازل(1/413)
من السماء في السنة الاول من الهجرة، وهل هو جبريل؟ قيل وقيل (و) سببه (بقاء دخول الوقت.
وهو سنة) للرجال في مكان عال (مؤكدة) هي كالواجب في لحوق الاثم (للفرائض)(1/414)
الخمس (في وقتها ولو قضاء) لانه سنة للصلاة حتى يبرد به لا للوقت (لا) يسن (لغيرها) كعيد(1/415)
(فيعاد أذان وقع) بعضه (قبله) كالاقامة خلافا للثاني في الفجر (بتربيع تكبير في ابتدائه) وعن الثاني ثنتين وبفتح راء أكبر والعوام يضمونها.
روضة، لكن في الطلبة معنى قوله عليه الصلاة والسلام الاذان جزم أي مقطوع المد، فلا تقول: الله أكبر، لانه استفهام وإنه لحن شرعي،(1/416)
أو مقطوع حركة الآخر للوقف، فلا يقف بالرفع لانه لحن لغوي.
فتاوى الصيرفية من الباب السادس والثلاثين.
ولا ترجيع) فإنه مكروه.
ملتقى (ولا لحن فيه) أي تغني بغير كلماته، فإنه لا يحل فعله وسماعه كالتغني بالقرآن وبلا تغيير حسن، وقيل لا بأس به في الحيعلتين (ويترسل فيه) بسكتة بين كل كلمتين.
ويكره تركه، وتندب إعادته (ويلتفت فيه) وكذا فيها مطلقا، وقيل إن المحل متسعا (يمنا ويسارا) فقط، لئلا يستدبر القبلة (بصلاة وفلاح)(1/417)
ولو وحده أو لمولود، لانه سنة الاذان مطلقا (ويستدير في المنارة) لو متسعة ويخرج رأسه منها (ويقول) ندبا (بعد فلاح أذان الفجر: الصلاة خير من النوم مرتين) لانه وقت نوم (ويجعل) ندبا
(أصبعيه في) صماخ (أذنيه) فأذانه بدونه حسن، وبه أحسن (والاقامة كالاذان) فيما مر (لكن هي)(1/418)
أي الاقامة وكذا الامامة (أفضل منه) فتح (ولا يضع) المقيم (أصبعيه في أذنيه) لانها أخفض (ويحدر) بضم الدال: أي يسرع فيها، فلو ترسل لم يعدها في الاصح (ويزيد: قد قامت الصلاة بعد فلاحها مرتين) وعند الثلاثة هي فرادى (ويستقبل) غير الراكب (القبلة بهما) ويكره تركه تنزيها، ولو قدم فيهما مؤخرا أعاد ما قدم فقط (ولا يتكلم فيهما) أصلا ولو رد سلام، فإن تكلم استأنفه (ويثوب)(1/419)
بين الاذان والاقامة في الكل للكل بما تعارفوه (ويجلس بينهما) بقدر ما يحضر الملازمون مراعيا لوقت الندب (إلا في المغرب) فيسكت قائما قدر ثلاثة آيات قصار، ويكره الوصل إجماعا.
فائدة: التسليم بعد الاذان حدث في ربيع الآخر سنة سبعمائة وإحدى وثمانين في عشاء ليلة الاثنين، ثم يوم الجمعة، ثم بعد عشر سنين حدث في الكل إلا المغرب (ثم فيها مرتين، وهو بدعة حسنة).(1/420)
(و) يسن أن (يؤذن ويقيم لفائتة) رافعا صوته لو بجماعة أو صحراء لا ببيته منفردا (وكذا) يسنان (لاولى الفوائت) لا لفاسدة (ويخير فيه للباقي) لو في مجلس، وفعله أولى، ويقيم للكل (ولا يسن) ذلك (فيما تصليه النساء أداء وقضاء) ولو جماعة كجماعة صبيان وعبيد، ولا يسنان(1/421)
أيضا لظهر يوم الجمعة في مصر (ولا فيما يقضى من الفوائت في مسجد) فيما لان فيه تشويشا وتغليظا (ويكره قضاؤها فيه) لان التأخير معصية فلا يظهرها.
بزازية.
(ويجوز) بلا كراهة (أذان صبي مراهق وعبد) ولا يحل إلا بإذن كأجير خاص (وأعمى وولد زنى وأعرابي) وإنما يستحق ثواب المؤذنين إذا كان عالما بالسنة والاوقات ولو غير محتسب.
بحر.(1/422)
(ويكره أذان جنب وإقامته وإقامة محدث لا أذانه) على المذهب (و) أذان (امرأة) وخنثى (وفاسق) ولو عالما، لكنه أولى بإمامة وأذان من جاهل تقي (وسكران) ولو بمباح كمعتوه وصبي لا يعقل (وقاعد إلا إذا أذن لنفسه) وراكب إلا لمسافر (ويعاد أذان جنب) ندبا، وقيل وجوبا (لا إقامته) لمشروعية تكراره في الجمعة دون تكرارها (وكذا) يعاد (أذان امرأة ومجنون ومعتوه وسكران وصبي لا يعقل) لا إقامتهم لما مر، ويجب استقبالهما لموت مؤذن وغشيه وخرسه وحصره، ولا ملقن وذهابه للوضوء لسبق حدث.
خلاصة، لكن عبر في السراج(1/423)
بيندب، وجزم المصنف بعدم صحة أذان مجنون ومعتوه وصبي لا يعقل.
قلت، وكافر وفاسق لعدم قبول قوله في الديانات.(1/424)
(وكره تركهما) معا (لمسافر) ولو منفردا (وكذا تركها) لا تركه لحضور الرفقة (بخلاف مصل) ولو بجماعة (في بيته بمصر) أو قرية لها مسجد، فلا يكره تركهما إذ أذان الحي يكفيه(1/425)
(أو) مصل (في مسجد بعد صلاة جماعة فيه) بل يكره فعلهما وتكرار الجماعة إلا في مسجد على طريق فلا بأس بذلك، جوهرة (أقام غير من أذن بغيبته) أي المؤذن (لا يكره مطلقا) وإن بحضوره كره إن لحقه وحشة، كما كره مشيه في إقامته (ويجيب) وجوبا، وقال الحلواني ندبا، والواجب(1/426)
الاجابة بالقدم (من سمع الاذان) ولو جنبا لا حائضا ونفساء وسامع خطبة وفي صلاة جنازة وجماع، ومستراح وأكل وتعليم علم وتعلمه، بخلاف قرآن (بأن يقول) بلسانه (كمقالته) إن سمع المسنون(1/427)
منه، وهو ما كان عربيا لا لحن فيه، ولو تكرر أجاب الاول (إلا في الحيعلتين) فيحوقل (وفي: الصلاة خير من النوم) فيقول: صدقت وبررت.
ويندب القيام عند سماع الاذان.
بزازية.
ولم يذكر
هل يستمر إلى فراغه أو يجلس ولو لم يجبه حتى فرغ(1/428)
لم أره.
وينبغي تداركه إن قصر الفصل، ويدعو عند فراغه بالوسيلة لرسول لله (ص) (ولو كان في المسجد حين سمعه ليس عليه الاجابة، ولو كان خارجه أجاب) بالمشئ إليه (بالقدم، ولو أجاب باللسان لا به لا يكون مجيئا) وهذا (بناء على أن الاجابة المطلوبة بقدمه لا بلسانه) كما هو قول الحلواني، وعليه (فيقطع قراءة القرآن لو) كان يقرأ (بمنزله،(1/429)
ويجيب) لو أذان مسجده كما يأتي (ولو بمسجد لا) لانه أجاب بالحضور، وهذا متفرع على قول الحلواني، وأما عندنا فيقطع ويجيب بلسانه مطلقا، والظاهر وجوبها باللسان لظاهر الامر في حديث: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول كما بسط في البحر، وأقره المصنف، وقواه في النهر ناقلا عن المحيط وغيره، بأنه على الاول لا يرد السلام ولا يسلم ولا يقرأ بل(1/430)
يقطعها ويجيب، ولا يشتغل بغير الاجابة.
قال: وينبغي أن لا يجيب بلسانه اتفاقا في الاذان بين يدي الخطيب، وأن يجيب بقدمه اتفاقا في الاذان الاول يوم الجمعة لوجوب السعي بالنص.
وفي التاترخانية إنما يجيب أذان مسجده.
وسئل ظهير الدين عمن سمعه في آن من جهات ماذا يجب عليه؟ قال: إجابة أذان مسجده بالفعل (ويجيب الاقامة) ندبا إجماعا (كالاذان) ويقول عند: قد قامت الصلاة: أقامها الله وأدامها (وقيل لا) يجيبها، وبه جزم الشمني.
فروع: صلى السنة بعد الاقامة أو حضر الامام بعدها لا يعيدها.
بزازية.
وينبغي إن طال الفصل أو وجد ما يعد قاطعا كأكل أن تعاد.
دخل المسجد والمؤذن يقيم قعد إلى قيام الامام في مصلاه.
رئيس المحلة لا ينتظر ما لم يكن شريرا والوقت متسع.
يكره له أن يأذن في مسجدين.
ولاية الاذان والاقامة لباني(1/431)
المسجد مطلقا، وكذا الامامة لو عدلا.
الافضل كون الامام هو المؤذن.
وفي الضياء أنه عليه الصلاة والسلام أذن في سفر بنفسه وأقام وصلى الظهر وقد حققناه في الخزائن.
باب شروط الصلاة هي ثلاثة أنواع: شرط انعقاد كنية، وتحريمة، ووقت، وخطبة.
وشرط دوام، كطهارة وستر عورة،(1/432)
واستقبال قبلة.
وشرط بقاء، فلا يشترط فيه تقدم ولا مقارنة بابتداء الصلاة وهو القراءة، فإنه ركن في نفسه شرط في غيره لوجوده في كل الاركان تقديرا، ولذا لم يجز استخلاف الامي: ثم الشرط لغة: العلامة اللازمة.
وشرعا: ما يتوقف عليه الشئ ولا يدخل فيه (هي) ستة (طهارة بدنه) أي جسده لدخول الاطراف في الجسد دون البدن فليحفظ (من حدث) بنوعيه، وقدمه لانه أغلظ (وخبث) مانع كذلك (وثوبه) وكذا ما يتحرك بحركته أو يعد حاملا له(1/433)
كصبي عليه نجس إن لم يستمسك بنفسه منع، وإلا لا، كجنب وكلب إن شد فمه في الاصح (ومكانه) أي موضع قدميه أو إحداهما إن رفع الاخرى، وموضع سجوده اتفاقا في الاصح، لا(1/434)
موضع يديه وركتبيه على الظاهر إلا إذا سجد على كفه كما سيجئ (من الثاني) أي الخبث، لقوله تعالى: * (وثيابك فطهر) * (المدثر: 4) فبدنه ومكانه أولى لانهما ألزم (و) الرابع (ستر عورته) ووجوبه عام ولو في الخلوة على الصحيح، إلا لغرض صحيح، وله لبس ثوب نجس في غير صلاة (وهي للرجل ما تحت سرته إلى ما تحت ركبته)(1/435)
وشرط أحمد ستر أحد منكبيه أيضا.
وعن مالك: هي القبل والدبر فقط (وما هو عورة منه عورة
من الامة) ولو خنثى أو مدبرة أو مكاتبة أو أم ولد (مع ظهرها وبطنها، و) أما (جنبها) فتبع لهما، ولو أعتقها مصلية، إن استترت كما قدرت صحت، وإلا لاعلمت بعتقه أولا على المذهب.
قال: إن صليت صلاة صحيحة فأنت حرة قبلها فصلت بلا قناع ينبغي إلغاء القبلية ووقوع العتق كما رجحوه في الطلاق الدوري (وللحرة) ولو خنثى (جميع بدنها)(1/436)
حتى شعرها النازل في الاصح (خلا الوجه والكفين) فظهر الكف عورة على المذهب (والقدمين) على المعتمد، وصوتها على الراجح،(1/437)
وذراعيها على المرجوح (وتمنع) المرأة الشابة (من كشف الوجه بين الرجال) لا لانه عورة بل (لخوف الفتنة) كمسه وإن أمن الشهوة، لانه أغلظ، ولذا ثبت به حرمة المصاهرة كما يأتي في الحظر (ولا يجوز النظر إليه بشهوة كوجه أمرد)(1/438)
فإنه يحرم النظر إلى وجهها ووجه الامرد إذا شك في الشهوة، أما بدونها فيباح ولو جميلا كما اعتمده الكمال، قال: فحل النظر منوط بعدم خشية الشهوة مع عدم العورة.
وفي السراج: لا عورة للصغير جدا، ثم ما دام لم يشته فقبل ودبر، ثم تغلظ إلى عشر سنين، ثم كبالغ، وفي الاشباه: يدخل على النساء إلى خمس عشر سنة حسب(1/439)
(ويمنع) حتى انعقادها (كشف ربع عضو) قدر أداء ركن بلا صنعه (من عورة غليظة أو خفيفة) على المعتمد (والغليظة قبل ودبر وما حولهما، والخفيفة ما عدا ذلك) من الرجل والمرأة،(1/440)
وتجمع بالاجزاء لو في عضو واحد، وإلا فبالقدر، فإن بلغ ربع أدناها كأذن منع (والشرط سترها عن غيره) ولو حكما كمكان مظلم (لا) سترها (عن نفسه) به يفتى، فلو رآها من زيقه لم تفسد
وإن كره (وعادم ساتر) لا يصف ما تحته، ولا يضر التصاقه وتشكله(1/441)
ولو حريرا أو طينا يبقى إلى تمام صلاة، أو ماء كدرا لا صافيا إن وجد غيره وهل تكفيه الظلمة؟ في مجمع الانهر بحثا، نعم في الاضطرار لا الاختيار (يصلي قاعدا) كما في الصلاة، وقيل مادا رجليه (موميا بركوع وسجود، وهو أفضل من صلاته) قاعدا يركع ويسجد(1/442)
و (قائما) بإيماء أو (بركوع وسجود) لان الستر أهم من أداء الاركان (ولو أبيح له ثوب) ولو بإعارة (ثبتت قدرته) هو الاصح، ولو وعد به ينتظر ما لم يخف فوت الوقت هو الاظهر كراجي ماء وطهارة مكان، وهل يلزمه الشراء بثمن مثله؟ ينبغي ذلك (ولو وجد ما) أي سارتا (كله(1/443)
نجس) ليس بأصلي كجلد ميتة لم يدبغ (فإنه لا يستر به فيها) اتفاقا، بل خارجها.
ذكره الحلواني (أو أقل من ربعه طاهر ندب صلاته فيه) وجاز الايماء كما مر، وحتم محمد لبسه، واستحسنه في الاسرار وبه قالت الثلاثة (ولو) كان (ربعه طاهرا صلى فيه حتما) إذ الربع كالكل، وهذا إذا لم يجد ما يزيل به النجاسة أو يقللها، فيتحتم لبس أقل ثوبيه نجاسة.
والضابط أن من ابتلي ببليتين: فإن تساويا خير، وإن اختلفا اختار الاخف.
(ولو وجدت) الحرة البالغة (ساترا يستر بدنها مع ربع رأسها يجب سترهما) فلو تركت ستر رأسها أعادت بخلاف المراهقة، لانه لما سقط بعذر الرق فبعذر الصبا أولى (ولو) كان يستر(1/444)
(أقل من ربع الرأس لا) يجب بل يندب، لكن قوله (ولو وجد) المكلف (ما يستر به بعض العورة وجب استعماله) ذكره الكمال.
زاد الحلبي: وإن قل يقتضي وجوبه مطلقا، فتأمل (ويستر القبل والدبر) أولا (فإن وجد ما يستر أحدهما) قيل (يستر الدبر) لانه أفحش في الركوع والسجود وقيل القبل، حكاهما في البحر بلا ترجيح.
وفي النهر: الظاهر أن الخلاف في
الاولوية والتعليل يفيد أنه لو صلى بالايماء تعين ستر القبل ثم فخذه ثم بطن المرأة وظهرها ثم الركبة ثم الباقي على السواء.(1/445)
(وإذا لم يجد) المكلف المسافر (ما يزيل به نجاسته) أو يقللها لبعده ميلا أو لعطش (صلى معها) أو عاريا (ولا إعادة عليه) وينبغي لزومها لو العجز عن مزيل وعن ساتر بفعل العباد كما مر في التيمم، ثم هذا للمسافر: لان للمقيم يشترط طهارة الساتر وإن لم يملكه.
قهستاني (و) الخامس (النية) بالاجماع (وهي الارادة) المرجحة لاحد المتساويين: أي إرادة الصلاة لله(1/446)
تعالى على الخلوص (لا) مطلق (العلم) في الاصح، ألا ترى أن من علم الكفر لا يكفر، ولو نواه يكفر (والمعتبر فيها عمل القلب اللازم للارادة) فلا عبرة للذكر باللسان إن خالف القلب لانه كلام لا نية، إلا إذا عجز عن إحضاره لهموم أصابته فيكيفيه اللسان.
مجتبى (وهو)(1/447)
أي عمل القلب (أن يعلم) عند الارادة (بداهة) بلا تأمل (أي صلاة يصلي) فلو لم يعلم إلا بتأمل لم يجز (والتلفظ) عند الارادة (بها مستحب) هو المختار، وتكون بلفظ الماضي ولو فارسيا لانه الاغلب في الانشاءات، وتصح بالحال.
قهستاني (وقيل سنة) يعني أحبه السلف أو سنه علماؤنا إذ لم ينقل عن المصطفى ولا الصحابة ولا التابعين، بل قيل بدعة، وفي المحيط يقول: اللهم إني أريد أن أصلي صلاة كذا فيسرها لي وتقبلها مني، وسيجئ في الحج (وجاز تقديمها على التكبيرة) ولو قبل الوقت.
وفي البدائع: خرج من منزله يريد الجماعة، فلما(1/448)
انتهى إلى الامام كبر ولم تحضره النية جاز، ومفاده جواز تقديم الاقتداء أيضا، فليحفظ (ما يوجد) بينهما (قاطعها من عمل غير لائق بصلاة) وهو كل ما يمنع البناء، وشرط الشافعي قرانها فيندب عندنا (ولا عبرة بنية متأخرة عنها) على المذهب، وجوزه الكرخي إلى الركوع(1/449)
(وكفى مطلق نية الصلاة) وإن لم يقل لله (لنقل وسنة) راتبة (وتراويح) على المعتمد، إذ تعيينها بوقوعها وقت الشروع، والتعيين أحوط (ولا بد من التعيين عند النية) فلو جهل الفرضية لم يجز، ولو علم ولم يميز الفرض من غيره، إن نوى الفرض في الكل جاز، وكذا لو أم غيره فيما لا سنة قبلها (لفرض) أنه ظهر أو عصر قرنه باليوم أو الوقت أو لا(1/450)
هو الاصح (ولو) الفرض (قضاء) لكنه يعين ظهر يوم كذا على المعتمد، والاسهل نية أول ظهر عليه أو آخر ظهر.
وفي القهستاني عن المنية: لا يشترط ذلك في الاصح، وسيجئ آخر الكتاب (وواجب)(1/451)
أنه وتر أو نذر أو سجود تلاوة وكذا شكر، بخلاف سهو (دون) تعيين (عدد ركعاته) لحصولها ضمنا، فلا يضر الخطأ في عددها(1/452)
(وينوي) المقتدي (المتابعة) لم يقل أيضا، لانه لو نوى الاقتداء بالامام أو الشروع في صلاة الامام ولم يعين الصلاة صح في الاصح، وإن لم يعلم بها لجعله نفسه تبعا لصلاة الامام، بخلاف ما لو نوى صلاة الامام وإن انتظر تكبيره في الاصح لعدم نية الاقتداء إلا في جمعة وجنازة وعيد على المختار، لاختصاصها بالجماعة.
(ولو نوى فرض الوقت) مع بقائه (جاز إلا في الجمعة)(1/453)
لانها بدل (إلا أن يكون عنده) في اعتقاده (أنها فرض الوقت) كما هو رأي البعض فتصح.
(ولو نوى ظهر الوقت فلو مع بقائه) أي الوقت (جاز) ولو في الجمعة (ولو مع عدمه) بأن كان قد خرج (وهو لا يعلمه لا) يصح في الاصح ومثله فرض الوقت، فالاولى نية ظهر
اليوم لجوازه مطلقا(1/454)
لصحة القضاء بنية الاداء كعكسه هو المختار (ومصلي الجنازة(1/455)
ينوي الصلاة لله تعالى، و) ينوي أيضا (الدعاء للميت) لانه الواجب عليه فيقول: أصلي لله داعيا للميت (وإن اشتبه عليه الميت) ذكر أم أنثى (يقول: نويت أصلي مع الامام على من يصلي عليه) الامام، وأفاد في الاشباه بحثا أنه لو نوى الميت الذكر فبان أنه أنثى أو عكسه لم يجز، وأنه لا يضر تعيين عدد الموتى(1/456)
إلا إذا بان أنهم أكثر لعدم نية الزائد (والامام ينوي صلاته فقط) و (لا) يشترط لصحة الاقداء نية (إمامة المقتدي) بل لنيل الثواب عند اقتداء أحد به قبله، كما بحثه في الاشباه (لو أم رجالا) فلا يحنث في لا يؤم أحدا ما لم ينو الامامة (وإن أم نساء، فإن اقتدت به) المرأة (محاذية لرجل(1/457)
في غير صلاة جنازة، فلا بد) لصحة صلاتها (من نية إماميتها) لئلا يلزم الفساد بالمحاذاة بلا التزام (وإن لم تقتد محاذية اختلف فيه) فقيل يشترط، وقيل لا كجنازة إجماعا، وكجمعة وعيد على الاصح، خلاصة وأشباه.
وعليه إن لم تحاذ أحدا تمت صلاتها وإلا لا (ونية استقبال القبلة ليست بشرط مطلقا) على الراجح، فما قيل: لو نوى بناء الكعبة أو المقام أو محراب مسجده لم يجز مفرع على المرجوح (كنية تعيين الامام في صحة الاقتداء) فإنها ليست بشرط، فلو ائتم به يظنه زيدا فإذا هو بكر صح، إلا إذا عينه باسمه فبان غيره،(1/458)
إلا إذا عرفه بمكان كالقائم في المحراب أو إشارة كهذا الامام الذي هو زيد، إلا إذا أشار بصفة مختصة كهذا الشاب فإذا هو شيخ فلا يصح، وبعكسه يصح لان الشاب يدعى شيخا لعلمه.
وفي المجتبى: نوى أن لا يصلي إلا خلف من هو على مذهبه فإذا هو غيره لم يجز.(1/459)
فائدة: لما كان الاعتبار للتسمية عندنا لم يختص ثواب الصلاة في مسجده عليه الصلاة والسلام بما كان في زمنه فليحفظ (و) السادس (استقبال القبلة) حقيقة أو حكما كعاجز، والشرط حصوله لا طلبه، وهو شرط زائد للابتلاء يسقط للعجز،(1/460)
حتى لو سجد للكعبة نفسها كفر (فللمكي) وكذا المدني لثبوت قبلتها بالوحي (إصابة عينها) يعم المعاين وغيره لكن في البحر أنه ضعيف.
والاصح أن من بينه وبينها حائل كالغائب، وأقره المصنف قائلا: والمراد بقولي فللمكي مكي يعاين الكعبة (ولغيره) أي غير معاينها (إصابة جهتها) بأن يبقى شئ من سطح(1/461)
الوجه مسامتا للكعبة أو لهوائها، بأن يفرض من تلقاء وجه مستقبلها حقيقة في بعض البلاد خط على زاوية قائمة إلى الافق مارا على الكعبة، وخط آخر يقطعه على زاويتين قائمتين يمنة ويسرة.
منح،(1/462)
قلت: فهذا معنى التيامن والتياسر في عبارة الدرر، فتبصر وتعرف بالدليل، وهو في القرى والامصار محاريب الصحابة والتابعين، وفي المفاوز والبحار النجوم(1/463)
كالقطب، وإلا فمن الاهل العالم بها ممن لو صاح به سمعت(1/464)
(والمعتبر) في القبلة (العرصة لا البناء)(1/465)
فهي من الارض السابعة إلى العرش (وقبلة العاجز عنها) لمرض وإن وجد موجها عند الامام أو خوف مال، وكذا كل من سقط عنه الاركان (جهة قدرته) ولو مضطجعا بإيماء لخوف رؤية عدو ولم يعد، لان الطاعة بحسب الطاقة (ويتحرى)(1/466)
هو بذل المجهود لنيل المقصود (عاجز عن معرفة القبلة) بما مر (فإن ظهر خطؤه لم يعد) لما مر (وإن علم به في صلاته أو تحول رأيه) ولو في سجود سهو (استدار وبنى) حتى لو صلى كل ركعة لجهة جاز، ولو بمكة أو مسجد مظلم، ولا يلزمه قرع أبواب ومس جدران ولو أعمى،(1/467)
فسواه رجل بنى ولم يقتد الرجل به ولا بمتحر تحرى، ولو ائتم بمتحر بلا تحر لم يجز إن أخطأ الامام، ولو سلم فتحول رأي مسبوق ولا حق استدار المسبوق واستأنف اللاحق، ومن لم يقع تحريه على شئ صلى لكل جهة مرة احتياطا، ومن تحول رأيه لجهته الاولى(1/468)
استدار، ومن تذكر ترك سجدة من الاولى استأنف (وإن شرع بلا تحر لم يجز وإن أصاب) لتركه فرض التحري، إلا إذا علم إصابته بعد فراغه فلا يعيد اتفاقا، بخلاف مخالف جهة تحريه فإنه(1/469)
يستأنف مطلقا كمصل على أنه محدث أو ثوبه نجس أو الوقت لم يدخل فبان بخلافه لم يجز.
(صلى جماعة عند اشتباه القبلة) فلو لم تشتبه إن أصاب جاز (بالتحري) مع إمام (وتبين أنهم صلوا إلى جهات مختلفة، فمن تيقن) منهم (مخالفة إمامه في الجهة) أو تقدم عليه (حالة الاداء) أما بعده فلا يضر (لم تجز صلاته) لاعتقاده خطأ إمامه ولتركه فرض المقام (ومن لم يعلم ذلك فصلاته صحيحة) كما لو لم يتعين الامام، بأن رأى رجلين يصليان فائتم بواحد لا بعينه.(1/470)
فروع: النية عندنا شرط مطلقا ولو عقبها بمشيئة، فلو مما يتعلق بأقوال كطلاق وعتاق
بطل وإلا لا.
ليس لنا من ينوي خلاف ما يؤدي إلا على قول محمد في الجمعة وهو ضعيف.(1/471)
المعتمد أن العبادة ذات الافعال تنسحب نيتها على كلها.
افتتح خالصا ثم خالطه الرياء اعتبر السابق، والرياء أنه لو خلا عن الناس لا يصلي فلو معهم يحسنها ووحده لا فله ثواب أصل الصلاة، ولا يترك لخوف دخول الرياء لانه أمر موهوم، لا رياء في الفرائض في حق سقوط الواجب.(1/472)
قيل لشخص: صل الظهر ولك دينار، فصلى بهذه النية ينبغي أن تجزئه ولا يستحق الدينار.
الصلاة لارضاء الخصوم لا تفيد، بل يصلي لله، فإن لم يعف خصمه أخذ من حسناته.
جاء أنه يأخذ لدانق ثواب سبعمائة صلاة بالجماعة ولو أدرك القوم في الصلاة ولم يدر أفرض أم تراويح؟ ينوي الفرض، فإن هم فيه صح وإلا تقع نفلا، ولو نوى فرضين كمكتوبة وجنازة فللمكتوبة، ولو مكتوبتين فللوقتية،(1/473)
ولو فائتتين فللاولى لو من أهل الترتيب وإلا لغا فليحفظ ولو فائتة ووقتية فللفائتة لو الوقت متسعا، ولو فرضا ونفلا(1/474)
فللفرض، ولو نافلتين كسنة فجر وتحية مسجد فعنهما، ولو نافلة وجنازة فنافلة، ولا تبطل بنية التطلع ما لم يكبر بنية مغايرة، ولو نوى في صلاته الصوم صح.
باب صفة الصلاة شروع في المشروط بعد بيان الشرط: هي لغة: مصدر.(1/475)
وعرفا: كيفية مشتملة على فرض وواجب وسنة ومندوب (من فرائضها) التي لا تصح بدونها (التحريمة)(1/476)
قائما (وهي شرط) في غير جنازة على القادر، به يفتى، فيجوز بناء النفل على النفل وعلى الفرض، وإن كره لا فرض على فرض أو نفل على الظاهر، ولاتصالها بالاركان روعي لها الشروط وقد منعه الزيلعي(1/477)
ثم رجع إليه بقوله: ولئن سلم: نعم في التلويح تقديم المنع على التسليم أولى، لكن نقول الاحتياط خلافه وعبارة البرهان، وإنما اشترط لها ما اشترط للصلاة لا باعتبار ركنيتها، بل(1/478)
باعتبار اتصالها بالقيام الذي هو ركنها (ومنها القيام) بحيث لو مد يديه لا ينال ركبتيه، ومفروضه وواجبه ومسنونه ومندوبه بقدر القراءة فيه، فلو كبر قائما(1/479)
فركع ولم يقف صح، لان ما أتى به من القيام إلى أن يبلغ الركوع يكفيه.
قنية (في فرض) وملحق به كنذر وسنة فجر في الاصح (لقادر عليه) وعلى السجود، فلو قدر عليه دون السجود ندب إيماؤه قاعدا، وكذا من يسيل جرحه لو سجد.
وقد يتحتم القعود كمن يسيل جرحه إذا(1/480)
قام أو يسلس بقوله أو يبدو ربع عورته أو يضعف عن القراءة أصلا أو عن صوم رمضان، ولو أضعفه عن القيام الخروج لجماعة صلى في بيته قائما، به يفتى خلافا للاشباه (ومنها القراءة) لقادر عليها كما سيجئ، وهو ركن زائد عند الاكثر لسقوطه بالاقتداء بلا خلف (ومنها الركوع)(1/481)
بحيث لو مد يديه نال ركبتيه (ومنها السجود) بجبهته وقدميه، ووضع أصبع واحدة منهما شرط، وتكراره تعبد(1/482)
ثابت بالسنة كعدد الركعات (ومنها القعود الاخير) والذي يظهر أنه شرط لانه شرع للخروج كالتحريمة للشروع، وصحح في البدائع أنه ركن زائد لحنث من حلف لا يصلي بالرفع من(1/483)
السجود، وفي السراجية: لا يكفر منكره (قدر) أدنى قراءة (التشهد) إلى عبده ورسوله بلا شرط موالاة وعدم فاصل، لما في الولوالجية: صلى أربعا وجلس لحظة فظنها ثلاثة فقام ثم تذكر فجلس، ثم تكلم، فإن كلا الجلستين قدر التشهد صحت، وإلا لا (ومنها الخروج بصنعه) كفعله المنافي لها بعد تمامها وإن كره تحريما.
والصحيح أنه ليس بفرض اتفاقا، قاله الزيلعي(1/484)
وغيره وأقره المصنف، وفي المجتبى وعليه المحققون: وبقي من الفروض تمييز المفروض، وترتيب القيام على الركوع، والركوع على السجود، والقعود الاخير على ما قبله، وإتمام الصلاة، والانتقال من ركن إلى ركن،(1/485)
ومتابعته لامامه في الفروض، وصحة صلاة إمامه في رأيه، وعدم تقدمه عليه، وعدم مخالفته في الجهة، وعدم تذكر فائتة، وعدم محاذاة امرأة بشرطهما، وتعديل الاركان عند الثاني والائمة الثلاثة.
قال العيني: وهو المختار وأقره المصنف وبسطناه في الخزائن.(1/486)
(وشرط في أدائها) أي هذه الفرائض، قلت: وبه بلغت نيفا وعشرين.
وقد نظم الشرنبلالي في شرحه للوهبانية للتحريمة عشرين شرطا ولغيرها ثلاثة عشر فقال: شروط لتحريم حظيت بجمعها مهذبة حسنا مدى الدهر تزهر(1/487)
دخول لوقت واعتقاد دخوله وستر وطهر والقيام المحرر ونية اتباع الامام ونطقه وتعيين فرض أو وجوب فيذكر بجملة ذكر خالص عن مراده وبسملة عرباء إن هو يقدر وعن ترك هاو أو لهاء جلالة وعن مد همزات وباء بأكبر وعن فاصل فعل كلام مباين وعن سبق تكبير ومثلك يعذر(1/488)
فدونك هذي مستقيما لقبلة لعلك تحظى بالقبول وتشكر فجملتها العشرون بل زيد غيرها وناظمها يرجو الجواد فيغفر وأزكى صلاة مع سلام لمصطفى ذخيرة خلق الله للدين ينصر وألحقتها من بعد ذاك لغيرها ثلاثة عشر للمصلين تظهر قيامك في المفروض مقدار آية وتقرأ في ثنتين منه تخير وفي ركعات النفل والوتر فرضه اومن كان مؤتما فعن تلك يحظر وشرط سجود فالقرار لجبهة وقرب قعود حد فصل محرر(1/489)
وبعد قيام فالركوع فسجدة وثانية قد صح عنها تؤخر على ظهر كف أو على فضل ثوبه إذا تطهر الارض الجواز مقرر سجودك في عال فظهر مشارك لسجدتها عند ازدحامك يغفر أداؤك أفعال الصلاة بيقظة وتمييز مفروض عليك مقرر ويختم أفعال الصلاة قعوده وفي صنعه عنها الخروج محرر(1/490)
(الاختيار) أي الاستيقاظ، أما أو لو ركع أو سجد ذاهلا كل الذهول أجزأه (فإن أتى بها) أو
بأحدها بأن قام أو قرأ أو ركع أو سجد أو قعد الاخير (نائما لا يعتد) بما أتى (به) بل يعيده ولو القراءة أو القعدة على الاصح، وإن لم يعده تفسد لصدوره لا عن اختيار، فكان وجوده كعدمه والناس عنه غافلون، فلو أتى النائم بركعة تامة تفسد صلاته لانه زاد ركعة وهي لا تقبل الرفض، ولو ركع أو سجد فنام فيه أجزأه لحصول الرفع (منه) والوضع بالاختيار(1/491)
(ولها واجبات) لا تفسد بتركها وتعاد وجوبا في العمد والسهو إن لم يسجد له، وإن لم يعدها يكون فاسقا آثما،(1/492)
وكذا كل صلاة أديت مع كراهة التحريم تجب إعادتها.
والمختار أنه جابر للاول.
لان الفرض(1/493)
لا يتكرر (وهي) على ما ذكره أربعة عشر (قراءة فاتحة الكتاب) فيسجد للسهو بترك أكثرها لا أقلها، لكن في المجتبى: يسجد بترك آية منها، وهو أولى.
قلت: وعليه فكل آية واجبة ككل تكبيرة عيد وتعديل ركن وإتيان كل وترك تكرير كل كما يأتي فليحفظ (وضم) أقصر (سورة) كالكوثر أو ما قام مقامها، وهو ثلاثة آيات قصار، نحو * (ثم نظر) * (المدثر: 12) * (ثم عبس وبسر) * (المدثر: 22) * (ثم أدبر واستكبر) * (المدثر: 32) وكذا لو كانت الآية أو الآيتان تعدل ثلاثا قصارا.
ذكره الحلبي(1/494)
(في الاولين من الفرض) وهل يكره في الاخريين؟ المختار لا (و) في (جميع) ركعات (النفل) لان كل شفع منه صلاة (و) كل (الوتر) احتياطا وتعيين القراءة (في الاوليين) من الفرض على المذهب (وتقديم الفاتحة(1/495)
على كل السورة)(1/496)
وكذا ترك تكريرها قبل سورة الاوليين (ورعاية الترتيب) بين القراءة والركوع و (فيما يتكرر) أما فيما لا يتكرر فرض كما مر(1/497)
(في كل ركعة كالسجدة) أو في كل الصلاة كعدد ركعاتها،(1/499)
حتى لو نسي سجدة من الاولى قضاها ولو بعد السلام قبل الكلام، لكنه يتشهد ثم يسجد للسهو ثم يتشهد، لانه يبطل بالعود الصلبية والتلاوية، أما السهوية فترفع التشهد لا القعدة، حتى لو سلم بمجرد رفعه منها لم تفسد، بخلاف تلك السجدتين (وتعديل الاركان) أي تسكين الجوارح قدر تسبيحة في الركوع والسجود، وكذا في الرفع منهما على ما اختاره الكمال،(1/500)
لكن المشهور أن مكمل الفرض واجب ومكمل الواجب سنة،(1/501)
وعند الثاني الاربعة فرض (والقعود الاول) ولو في نفل في الاصح، وكذا ترك الزيادة فيه على التشهد، وأراد بالاول غير الاخير، لكن يرد عليه لو استخلف مسافر سبقه الحدث مقيما فإن القعود الاول فرض عليه، وقد يجاب بأنه عارض (والتشهدان) ويسجد للسهو بترك بعضه ككله، وكذا في كل قعدة في الاصح إذ قد يتكرر عشرا، كمن أدرك الامام(1/502)
في تشهدي المغرب وعليه سهو فسجد معه وتشهد ثم تذكر سجود تلاوة فسجد معه وتشهد ثم سجد للسهو وتشهد معه ثم قضى الركعتين بتشهدين ووقع له كذلك.
قلت: ومثل التلاوية تذكر الصلبية، فلو فرضنا تذكرها أيضا لهما زيد أربع أخر لما مر، ولو فرضنا تعمد التلاوة والصلبية لهما أيضا زيد ست أيضا، ولو فرضنا إدراكه للامام ساجدا(1/503)
ولم يسجدهما معه فمقتضى القواعد أنه يقضيهما فيزاد أربع أخر فتدبر، ولم أر من نبه على ذلك، والله أعلم (ولفظ السلام) مرتين، فالثاني واجب(1/504)
على الاصح.
برهان، دون عليكم، وتنقضي قدوة بالاول قبل عليكم على المشهور عندنا وعليه الشافعية خلافا للتكملة (و) قراءة (قنوت الوتر) وهو مطلق الدعاء، وكذا تكبير قنوته وتكبيرة ركوع الثالثة.
زيلعي (وتكبيرات العيدين) وكذا أحدها، وتكبير ركوع ركعته الثانية كلفظ التكبير في افتتاحه، لكن الاشبه وجوبه في كل صلاة.
بحر، فليحفظ (والجهر) للامام (والاسرار) للكل (فيما يجهر) فيه (ويسر) وبقي من الواجبات إتيان كل واجب أو فرض في(1/505)
محله، فلو أتم القراءة فمكث متفكرا سهوا ثم ركع أو تذكر السورة راكعا فضمها قائما أعاد الركوع وسجد للسهو وترك تكرير ركوع وتثليث سجود وترك قعود قبل ثانية أو رباعة، وكل زيادة تتخلل(1/506)
بين الفرضين وإنصات المقتدي ومتابعة الامام:(1/507)
يعني في المجتهد فيه(1/508)
لا في المقطوع بنسخه وبعدم سنيته كقنوت فجر، وإنما تفسد بمخالفته في الفروض كما بسطناه في الخزائن.
قلت: فبلغت أصولها نيفا وأربعين، وبالبسط أكثر من مائة ألف، إذ أحدها(1/509)
ينتج 390 من ضرب خمسة قعدة المغرب بتشهدها وترك نقص منه أو زيادة فيه أو عليه في 78 كما مر، التتبع ينفي الحصر فتبصر، فيلغز أي واجب يستوجب 390 واجبا.
(وسننها) ترك السنة لا يوجب فسادا ولا سهوا بل إساءة لو عامدا غير مستخف.(1/510)
وقالوا: الاساءة أدون من الكراهة، ثم هي على ما ذكره ثلاثة وعشرون (رفع اليدين للتحريمة) في الخلاصة: إن اعتاد تركه أثم (ونشر الاصابع) أي تركها بحالها(1/511)
(وأن لا يطأطئ رأسه عند التكبير) فإنه بدعة (وجهر الامام بالتكبير) بقدر حاجته للاعلام بالدخول والانتقال، وكذا بالتسميع والسلام.
وأما المؤتم والمنفرد فيسمع نفسه (والثناء والتعوذ والتسمية(1/512)
والتأمين) وكونهن (سرا، ووضع يمينه على يساره) وكونه (تحت السرة) للرجال، لقول علي رضي الله عنه: من السنة وضعهما تحت السرة، ولخوف اجتماع الدم في رؤوس الاصابع (وتكبير الركوع و) كذا (الرفع منه) بحيث يستوي قائما (والتسبيح فيه ثلاثا) وإلصاق كعبيه (وأخذ ركبتيه بيديه) في الركوع (وتفريج أصابعه) للرجل، ولا يندب التفريج إلا هنا، ولا الضم إلا في السجود (وتكبير السجود و) كذا نفس (الرفع منه) بحيث يستوي جالسا (و) كذا (تكبيره، والتسبيح فيه ثلاثا، ووضع يديه وركبتيه) في السجود،(1/513)
فلا تلزم طهارة مكانهما عندنا مجمع، إلا إذا سجد على كفه كما مر (وافتراش رجله اليسرى) في تشهد الرجل (والجلسة) بين السجدتين، ووضع يديه فيها على فخذيه كالتشهد للتوارث، وهذا مما أغفله أهل المتون والشروح كما في إمداد الفتاح للشرنبلالي.
قلت: ويأتي معزيا للمنية، فافهم (والصلاة على النبي) في القعدة الاخيرة.
وفرض الشافعي قول: اللهم صل على محمد ونسبوه إلى الشذوذ ومخالفة الاجماع (والدعاء) بما يستحيل سؤاله من العباد، وبقي بقية تكبيرات الانتقالات حتى تكبيرات القنوت على قول، والتسميع للامام، والتحميد لغيره، وتحويل الوجه
يمنة ويسرة للسلام.(1/514)
(ولها آداب) تركه لا يوجب إساءة ولا عتابا كترك سنة الزوائد، لكن فعله أفضل (نظره إلى موضع سجوده حال قيامه، وإلى ظهر قدميه حال ركوعه، وإلى أرنبة أنفه حال سجوده، وإلى حجره حال قعوده، وإلى منكبه الايمن والايسر عند التسليمة الاولى والثانية) لتحصيل الخشوع (وإمساك فمه عند التثاؤب) فائدة لدفع التثاؤب مجربة: ولو بأخذ شفتيه بسنه (فإن لم يقدر غطاه ب) - ظهر (يده) اليسرى، وقيل باليمنى لو قائما، وإلا فيسراه.
مجتبى (أو كمه) لان(1/515)
التغطية بلا ضرورة مكروهة (وإخراج كفيه من كميه عند التكبير) للرجل إلا لضرورة كبرد (ودفع السعال ما استطاع) لانه بلا عذر مفسد فيجتنبه (والقيام) لامام ومؤتم (حين قيل حي على الفلاح) خلافا لزفر، فعنده عند حي على الصلاة.
ابن كمال (إن كان الامام بقرب المحراب وإلا فيقوم كل صنف ينتهي إليه الامام على الاظهر) وإن دخل من قدام قاموا حين يقع بصرهم عليه، إلا إذا قام الامام بنفسه في مسجد فلا يقفوا حتى يتم إقامته.
ظهيرية.
وإن خارجه قام كل صف ينتهي إليه، بحر (وشروع الامام) في الصلاة (مذ قيل قد قامت الصلاة) ولو أخر حتى أتمها لا بأس به إجماعا، وهو قول الثاني والثلاثة، وهو أعدل المذاهب كما في(1/516)
شرح المجمع لمصنفه.
وفي القهستاني معزيا للخلاصة أنه الاصح.
فرع لو لم يعلم ما في الصلاة من فرائض وسنن أجزأه.
قنية.
فصل (وإذا أراد الشروع في الصلاة كبر) لو قادرا (للافتتاح) أي قال وجوبا الله أكبر ولا يصير شارعا بالمبتدأ فقط كالله، ولا بأكبر فقط هو المختار، فلو قال: الله مع الامام وأكبر قبله، أو أدرك الامام راكعا فقال: لله قائما وأكبر راكعا، لم يصح في الاصح، كما لو فرغ من الله قبل
الامام، ولو ذكر الاسم بلا صفة صح عند الامام خلافا لمحمد (بالحذف) إذ مد إحدى الهمزتين مفسد،(1/517)
وتعمده كفر، وكذا الباء في الاصح.
ويشترط كونه (قائما) فلو وجد الامام راكعا فكبر منحنيا، إن إلى القيام أقرب صح ولغت نية تكبيرة الركوع.
فروع كبر غير عالم بتكبير إمامه، إن أكبر رأيه أنه كبر قبله لم يجز وإلا جاز.
محيط، ولو أراد بتكبيره التعجب أو متابعة المؤذن لم يصر(1/518)
شارعا، ويجزم الراء لقوله (ص) الاذان جزم، والاقامة جزم، والتكبير جزم منح، ومر في الاذان (و) إنما (يصير شارعا بالنية عند التكبير لا به) وحده ولا بها وحدها بل بهما (ولا يلزم العاجز عن النطق) كأخرس وأمي (تحريك لسانه) وكذا في حق القراءة هو الصحيح لتعذر الواجب، فلا يلزم غيره إلا بدليل فتكفي النية، لكن ينبغي أن يشترط فيها القيام وعدم تقديمها(1/519)
لقيامها مقام التحريمة، ولم أره ثم في الاشباه في قاعدة التابع تابع، فالمفتي به لزومه في تكبيرة وتلبية لا قراءة (ورفع يديه) قبل التكبير، وقيل معه (ماسا بإبهاميه شحمتي أذنيه) هو المراد بالمحاذاة لانها لا تتيقن إلا بذلك، ويستقبل بكفيه القبلة، وقيل خديه (والمرأة) ولو أمة كما في البحر، لكن في النهر عن السراج أنها هنا كالرجل وفي غيره كالحرة (ترفع) بحيث يكون رؤوس أصابعها (حذاء منكبيها) وقيل كالرجل (وصح شروعه) أيضا مع كراهة التحريم (بتسبيح وتهليل) وتحميد وسائر كلم التعظيم الخالصة له تعالى،(1/520)
ولو مشتركة كرحيم وكريم في الاصح، وخصه الثاني بأكبر وكبير منكرا ومعرفا.
زاد في الخلاصة: والكبار مخففا ومثقلا (كما صح لو شرع بغير عربية) أي لسان كان، وخصه البردعي
بالفارسية لمزيتها بحديث لسان أهل الجنة العربية والفارسية الدرية بتشديد الراء.
قهستاني.
وشرطا عجزه، وعلى هذا الخلاف الخطبة وجميع أذكار الصلاة، وأما ما ذكره بقوله أو آمن لو لبى أو سلم أو سمى عند ذبح أو شهد عند حاكم أو رد سلاما،(1/521)
ولم أر لو شمت عاطسا (أو قرأ بها عاجزا) فجائز إجماعا: قيد القراءة بالعجز لان الاصح رجوعه إلى قولهما: وعليه الفتوى.
قلت: وجعل العيني الشروع كالقراءة لا سلف له فيه ولا سند له يقويه، بل جعله في التاترخانية كالتلبية يجوز اتفاقا، فظاهره كالمتن رجوعهما إليه لا هو إليهما فاحفظه، فقد اشتبه على كثير من القاصرين حتى الشرنبلالي في كل كتبه، فتنبه (لا)(1/522)
يصح (إن أذن بها على الاصح) وإن علم أنه أذان.
ذكره الحدادي، واعتبر الزيلعي التعارف.
فروع قرأ بالفارسية أو التوراة أو الانجيل، إن قصة: تفسد، وإن ذكرا لا، وألحق به في البحر الشاذ، لكن في النهر: الاوجه أنه لا يفسد ولا يجزئ كالتهجي.(1/523)
وتجوز كتابة آية أو آيتين بالفارسية لا أكثر، ويكره كتب تفسيره تحته بها (ولو شرع ب) مشوب بحاجته كتعوذ وبسملة وحوقلة و (اللهم اغفر لي أو ذكرها عند الذبح لم يجز، بخلاف اللهم) فقط فإنه يجوز فيهما في الاصح كيا ألله (ووضع) الرجل (يمينه على يساره تحت سرته آخذا رسغها بخنصره وإبهامه) وهو المختار وتضع المرأة والخنثى الكف على(1/524)
الكف تحت ثديها (كما فرغ من التكبير) بلا إرسال في الاصح (وهو سنة قيام) ظاهره أن القاعد لا يضع ولم أره.
ثم رأيت في مجمع الانهر: المراد من القيام ما هو الاعم، لان القاعد يفعل كذلك (له قرار فيه ذكر مسنون فيضع حالة الثناء، وفي القنوت وتكبيرات الجنازة لا) يسن (في قيام بين ركوع وسجود) لعدم القرار (و) لا بين (تكبيرات العيد) لعدم(1/525)
الذكر ما لم يطل القيام فيضع.
سراجية (وقرأ) كما كبر (سبحانك اللهم تاركا) وجل ثناؤك إلا في الجنازة (مقتصرا عليه) فلا يضم وجهت وجهي إلا في النافلة، ولا تفسد بقوله.
(وأنا أول المسلمين).
(الانعام: (14) في الاصح (إلا إذا) شرع الامام في القراءة، سواء (كان مسبوقا) أو مدركا (و) سواء كان (إمامه يجهر بالقراءة) أو لا (فإنه) (لا يأتي به) لما في النهر عن الصغرى: أدرك الامام في القيام يثني ما لم يبدأ بالقراءة، وقيل في المخافتة: يثني، ولو أدركه راكعا أو ساجدا، إن أكبر(1/526)
رأيه أنه يدركه أتى به (و) كما استفتح (نعوذ) بلفظ أعوذ على المذهب (سرا) قيد للاسفتاح أيضا، فهو كالتنازع (لقراءة) فلو تذكره بعد الفاتحة تركه، ولو قبل إكمالها تعوذ، وينبغي أن يستأنفها، ذكره الحلبي: ولا يتعوذ التلميذ إذا قرأ على أستاذه.
ذخيرة: أي لا يسن، فليحفظ (فيأتي به المسبوق(1/527)
عند قيامه لقضاء ما فاته) لقراءته (لا المقتدي) لعدمها (ويؤخر) الامام التعوذ (عن تكبيرات العيد) لقراءته بعدها (و) كما تعوذ (سمى) غير المؤتم بلفظ البسلمة، لا مطلق الذكر كما في ذبيحة ووضوء (سرا في) أول (كل ركعة) ولو جهرية (لا) تسن (بين الفاتحة والسورة مطلقا) ولو سرية، ولا تكره اتفاقا، وما صححه الزاهدي من وجوبها(1/528)
ضعفه في البحر (وهي آية) واحدة (من القرآن) كله (أنزلت للفصل بين السور) فما في النمل بعض آية إجماعا (وليست من الفاتحة ولا من كل سورة) في الاصح، فتحرم على الجنب (ولم تجز الصلاة بها) احتياطا (ولم يكفر جاحدها لشبهة) اختلاف مالك (فيها، و) كما سمى (قرأ(1/529)
المصلي لو إماما أو منفردا الفاتحة، و) قرأ بعدها وجوبا (سورة أو ثلاث آيات) ولو كانت الآية
أو الآيتان تعدل ثلاث آيات قصار انتفت كراهة التحريم.
ذكره الحلبي.
ولا تنتفي التنزيهية إلا بالمسنون (وأمن) بمد وقصر وإمالة، ولا تفسد بمد مع تشديد أو حذف ياء بل بقصر مع أحدهما أو بمد معهما، وهذا مما تفردت بتحريره(1/530)
(الامام سرا كمأموم ومنفرد) ولو في السرية إذا سمعه ولو من مثله في نحو جمعة وعيد.
وأما حديث إذا أمن الامام فأمنوا فمن التعليق بمعلوم الوجود فلا يتوقف على سماعه منه، بل يحصل بتمام الفاتحة بدليل إذا قال الامام ولا الضالين فقولوا آمين (ثم) كما فرغ (يكبر) مع الانحطاط (للركوع).
ولا يكره وصل القراءة بتكبيره، ولو بقي حرف أو كلمة فأتمه حال الانحناء(1/531)
لا بأس به عند البعض.
منية المصلي (ويضع يديه) معتمدا بهما (على ركبتيه ويفرج أصابعه) للتمكن، ويسن أن يصلق كعبيه وينصب ساقيه (ويبسط ظهره) ويسوي ظهره بعجزه (غير رافع ولا منكس رأسه وسبح فيه) وأقله (ثلاثا) فلو تركه أو نقصه كره تنزيها،(1/532)
وكره تحريما إطالة ركوع أو قراءة لادراك الجائي: أي إن عرفه وإلا فلا بأس به، ولو أراد التقرب إلى الله تعالى لم يكره اتفاقا، لكنه نادر وتسمى مسألة الرياء، فينبغي التحرز عنها.(1/533)
(و) اعلم أنه مما يبتني على لزوم المتابعة في الاركان أنه (لو رفع الامام رأسه) من الركوع أو السجود (قبل أن يتم المأموم التسبيحات) الثلاث (وجب متابعته) وكذا عكسه فيعود ولا يصير ذلك ركوعين (بخلاف سلامه) أو قيامه لثالثة (قبل تمام المؤتم التشهد) فإنه لا يتابعه بل يتمه لوجوبه، ولو لم يتم جاز، ولو سلم والمؤتم في أدعية التشهد تابعه لانها سنة والناس عنه(1/534)
غافلون (ثم يرفع رأسه من ركوعه مسمعا) في الولوالجية: لو أبدل النون لاما تفسد، وهل يقف بجزم أو تحريك؟ قولان (ويكتفي به الامام) وقالا: يضم التحميد سرا (و) يكتفي (بالتحميد(1/535)
المؤتم) وأفضله: اللهم ربنا ولك الحمد، ثم حذف الواو، ثم حذف اللهم فقط (ويجمع بينهما لو منفردا) على المعتمد يسمع رافعا ويحمد مستويا (ويقوم مستويا) لما مر من أنه سنة أو واجب أو فرض (ثم يكبر) مع الخرور (ويسجد واضعا ركبتيه) أولا لقربهما من الارض (ثم يديه) إلا لعذر (ثم وجهه) مقدما أنفه لما مر (بين كفيه) اعتبارا لآخر الركعة بأولها ضاما أصابع يديه(1/536)
لتتوجه للقبلة (ويعكس نهوضه وسجد بأنفه) أي على ما صلب منه (وجبهته) حدها طولا من الصدغ إلى الصدغ، وعرضا من أسفل الحاجبين إلى القحف ووضع أكثرها واجب، وقيل فرض كبعضها وإن قل.
(وكره اقتصاره) في السجود (على أحدهما) ومنعا الاكتفاء بالانف بلا عذر وإليه صح رجوعه وعليه الفتوى كما حررناه في شرح الملتقى وفيه يفترض وضع أصابع القدم(1/537)
ولو واحدة نحو القبلة وإلا لم تجز، والناس عنه غافلون (كما يكره(1/538)
تنزيها بكور عمامته) إلا بعذر (وإن صح) عندنا بشرط كونه على جبهته) كلها أو بعضها كما مر (أما إذا كان) الكور (على رأسه فقط وسجد عليه مقتصرا) أي ولم تصب الارض جبهته ولا أنفه على القول به (لا) يصح لعدم السجود على محله، وبشرط طهارة المكان، وأن يجد حجم الارض والناس عنه غافلون (ولو سجد على كمه أو فاضل ثوبه صح لو المكان) المبسوط عليه ذلك (طاهرا)(1/539)
وإلا لا، ما لم يعد سجوده على طاهر، فيصح اتفاقا، وكذا حكم كل متصل ولو بعضه ككفه في الاصح وفخذه لو بعذر،(1/540)
لا ركبته، لكن صحح الحلبي أنها كفخذه (وكره) بسط ذلك (إن لم يكن ثمة تراب أو حصاة) أو حر أو برد، لانه ترفع (وإلا) يكن ترفعا، فإذا لم يخف أذى (لا) بأس به فيكره تنزيها، وإن خافه كان مباحا.
وفي الزيلعي: إن لدفع تراب عن وجهه كره، وعن عمامته لا، وصحح الحلبي عدم كراهة بسط الخرقة ولو بسط القباء جعل كتفه تحت قدميه وسجد على ذيله لانه أقرب للتواضع (وإن سجد للزحام على ظهر) هل هو قيد احترازي لم أره (مصل صلاته) التي هو فيها (جاز) للضرورة (وإن لم يصلها) بل صلى غيرها، أو لم يصل أصلا أو كان فرجة (لا) يصح،(1/541)
وشرط في الكفاية كون ركبتي الساجد على الارض وشرط في المجتبى سجود المسجود عليه على الارض، فالشروط خمسة، لكن نقل القهستاني الجواز ولو الثاني على ظهر الثالث وعلى ظهر غير المصلي، بل على ظهر كل مأكول بل على غير الظهر كالفخذين للعذر (ولو كان موضع سجوده أرفع من موضع القدمين بمقدار لبنتين منصوبتين جاز) سجوده (وإن أكثر لا) إلا لزحمة كما مر، والمراد لبنة بخارى، وهي ربع ذراع عرض ستة أصابع، فمقدار ارتفاعهما نصف ذراع ثنتا عشرة أصبعا، ذكره الحلبي (ويظهر عضديه) في غير زحمة (ويباعد بطنه عن(1/542)
فخذيه) ليظهر كل عضو بنفسه، بخلاف الصفوف، فإن المقصود اتحادهم حتى كأنهم جسد واحد (ويستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، ويكره إن لم يفعل) ذلك، كما يكره لو وضع قدما ورفع أخرى بلا عذر (ويسبح فيه ثلاثا) كما مر (والمرأة تنخفض) فلا تبدي عضديها (وتلصق بطنها بفخذيها) لانه أستر، وحررنا في الخزائن أنها تخالف الرجل في خمسة وعشرين(1/543)
(ثم يرفع رأسه مكبرا ويكفي فيه) مع الكراهة (أدنى ما يطلق عليه اسم الرفع) كما صححه في المحيط لتعلق الركنية بالادنى كسائر الاركان، بل لو سجد على لوح فنزع فسجد بلا رفع أصلا صح، وصحح في الهداية أنه إن كان إلى القعود أقرب صح وإلا لا، ورجحه في النهر والشرنبلالية، ثم السجدة الصلاتية تتم بالرفع عند محمد وعليه الفتوى كالتلاوية اتفاقا مجمع (ويجلس بين السجدتين مطمئنا) لما مر، ويضع يديه على فخذيه كالتشهد.
منية المصلي (وليس بينهما ذكر مسنون، وكذا) ليس (بعد رفعه من الركوع) دعاء، وكذا لا يأتي في ركوعه(1/544)
وسجوده بغير التسبيح (على المذهب)، وما ورد محمول على النفل (ويكبر ويسجد) ثانية (مطمئنا ويكبر للنهوض) على صدور قدميه (بلا اعتماد وقعود) استراحة ولو فعل لا بأس.
ويكره تقديم إحدى رجليه عند النهوض (والركعة الثانية كالاولى) فيما مر (غير أنه لا يأتي بثناء ولا تعوذ فيها) إذ لم يشرعا إلا مرة.
(ولا يسن) مؤكدا (رفع يديه إلا في) سبعة مواطن كما ورد، بناء على أن الصفا والمروة واحد(1/545)
نظرا للسعي ثلاثة في الصلاة (تكبيرة افتتاح وقنوت وعيد، و) خمسة في الحج (استلام) الحجر (والصفا، والمروة، وعرفات، والجمرات) ويجمعها على هذا الترتيب بالنثر فقعس صمعج وبالنظم لابن الفصيح: فتح، قنوت، عيد استلم، الصفامع مروة، عرفات، والجمرات والرفع بحذاء أذنيه) كالتحريمة (في الثلاثة الاول، و) أما (في الاستلام) والرمي (عند الجمرتين) الاولى والوسطى، فإنه (يرفع حذاء منكبيه ويجعل باطنهما نحو) الحجر و (الكعبة، و) أما (عند الصفا والمروة وعرفات) ف (- يرفعهما كالدعاء) والرفع فيه، وفي الاستسقاء مستحب (فيبسط يديه) حذاء صدره (نحو السماء) لانها قبلة الدعاء ويكون بينهما فرجة، والاشارة(1/546)
بمسبحته لعذر كبرد يكفي، والمسح بعده على وجهه سنة في الاصح.
شرنبلالية.
وفي وتر البحر: الدعاء أربعة: دعاء رغبة يفعل كما مر.
ودعاء رهبة يجعل كفيه لوجهه كالمستغيث من الشئ، ودعاء تضرع يعقد الخنصر والبنصر ويحلق ويشير بمسبحته.
ودعاء الخفية ما يفعله في نفسه.
(وبعد فراغه من سجدتي الركعة الثانية يفترش) الرجل (رجله اليسرى) فيجعلها بين أليتيه (ويجلس عليها وينصب رجله اليمنى ويوجه أصابعه) في المنصوبة (نحو القبلة) هو السنة في الفرض والنفل (ويضع يمناه على فخذه اليمنى ويسراه على اليسرى، ويبسط أصابعه) مفرجة قليلا (جاعلا أطرافها عند ركبتيه) ولا يأخذ الركبة، هو الاصح لتتوجه للقبلة (ولا يشير بسبابته عند الشهادة وعليه الفتوى) كما في الولوالجية والتجنيس وعمدة المفتي وعامة الفتاوى، لكن المعتمد ما صححه الشراح، ولا سيما المتأخرون كالكمال والحلبي والبهنسي والباقاني وشيخ(1/547)
الاسلام الجد وغيرهم أنه يشير لفعله عليه الصلاة والسلام، ونسبوه لمحمد والامام بل في متن درر البحار وشرحه غرر الاذكار: المفتى به عندنا أنه يشير باسطا أصابعه كلها، وفي الشرنبلالية(1/548)
عن البرهان: الصحيح أنه يشير بمسبحته وحدها، يرفعها عند النفي ويضعها عند الاثبات.
واحترز بالصحيح عما قيل لا يشير لانه خلاف الدراية والرواية، وبقولنا بالمسبحة عما قيل يعقد عند الاشارة ا ه.
وفي العيني عن التحفة: الاصح أنها مستحبة.
وفي المحيط سنة (ويقرأ تشهد ابن مسعود) وجوبا كما بحثه في البحر، لكن كلام غيره يفيد ندبه، وجزم شيخ الاسلام الجد بأن الخلاف في الافضلية ونحوه في مجمع الانهر (ويقصد بألفاظ التشهد) معانيها مرادة له على وجه (الانشاء) كأنه يحيي الله تعالى ويسلم على نبيه وعلى نفسه وأوليائه (لا الاخبار) عن ذلك، ذكره في المجتبى، وظاهره أن ضمير علينا للحاضرين لا حكاية سلام الله تعالى، وكان(1/549)
عليه الصلاة والسلام يقول فيه إني رسول الله (ولا يزيد) في الفرض (على التشهد في القعدة الاولى) إجماعا (فإن زاد عامدا كره) فتجب الاعادة (أو ساهيا وجب عليه سجودا السهو إذا قال: اللهم صل على محمد) فقط (على المذهب) المفتى به لا خصوص الصلاة بل لتأخير القيام.
ولو فرغ المؤتم قبل إمامه سكت اتفاقا، وأما المسبوق فيترسل ليفرغ عند سلام إمامه، وقيل يتم، وقد يكرر كلمة الشهادة (واكتفى) المفترض (فيما بعد الاوليين بالفاتحة) فإنها سنة على الظاهر،(1/550)
ولو زاد لا بأس به (وهو مخير بين قراءة) الفاتحة، وصحح العيني وجوبها (وتسبيح ثلاثا) وسكوت قدرها، وفي النهاية قدر تسبيحة، فلا يكون مسيئا بالسكوت (على المذهب) لثبوت التخيير عن(1/551)
علي وابن مسعود، وهو الصارف للمواظبة عن الوجوب (ويفعل في القعود الثاني) الافتراش (كالاول وتشهد) أيضا (وصلى على النبي (ص)) وصح زيادة في العالمين وتكرار إنك حميد مجيد وعدم كراهة الترحم(1/552)
ولو ابتداء.
وندب السيادة، لان زيادة الاخبار بالواقع عين سلوك الادب، فهو أفضل من تركه، ذكره الرملي الشافعي وغيره، وما نقل: لا تسودوني في الصلاة فكذب، وقولهم لا تسيدوني بالياء لحن أيضا والصواب بالواو، وخص إبراهيم لسلامه علينا، أو لانه سمانا المسلمين، أو(1/553)
لان المطلوب صلاة يتخذه بها خليلا، وعلى الاخير فالتشبيه ظاهر أو راجع لآل محمد، أو المشبه به قد يكون أدنى مثل - مثل نوره كمشكاة - (وهي فرض) عملا بالامر في شعبان ثاني الهجرة (مرة واحدة) اتفاقا (في العمر) فلو بلغ في صلاته نابت عن الفرض.
نهر(1/554)
بحثا.
وفي المجتبى: لا يجب على النبي (ص) أن يصلي على نفسه (واختلف) الطحاوي والكرخي (في وجوبها) على السامع الذاكر (كلما ذكر) صلى الله عليه وسلم (والمختار) عند الطحاوي (تكراره) أي الوجوب (كلما ذكر) ولو اتحد المجلس في الاصح(1/555)
لا، لان الامر يقتضي التكرار، بل لانه تعلق وجوبها بسبب متكرر وهو الذكر، فيتكرر بتكرره وتصير دينا بالترك، فتقضى لانها حق عبد كالتشميت،(1/556)
بخلاف ذكره تعالى (والمذهب استحبابه) أي التكرار وعليه الفتوى، والمعتمد من المذهب قول الطحاوي، كذا ذكره الباقاني تبعا لما صححه الحلبي وغيره، ورجحه في البحر بأحاديث الوعيد: كرغم وإبعاد وشقاء وبخل وجفاء، ثم قال: فتكون فرضا في العمر وواجبا كلما ذكر على الصحيح، وحراما عند فتح التاجر متاعه ونحوه،(1/557)
وسنة في الصلاة، ومستحبة في كل أوقات الامكان، ومكروهة في صلاة غير تشهد أخير، فلذا استثنى في النهر من قول الطحاوي ما في تشهد أول وضمن صلاة عليه لئلا يتسلسل بل خصه(1/558)
في درر البحار بغير الذاكر لحديث من ذكرت عنده فليحفظ وإزعاج الاعضاء برفع الصوت جهل، وإنما هي دعاء له، والدعاء يكون بين الجهر والمخافتة، كذا اعتمده الباجي في كنز العفاة، وحرر أنها قد تردد ككلمة التوحيد مع أنها أعظم منها وأفضل، لحديث الاصبهاني وغيره عن أنس قال: قال رسول الله (ص): من صلى علي مرة واحدة فتقبلت منه محا(1/559)
الله عنه ذنوب ثمانين سنة فقيد المأمول بالقبول (ودعاء) بالعربية(1/560)
وحرم بغيرها.
نهر، لنفسه وأبويه وأستاذه والمؤمنين.
ويحرم سؤال العافية مدى الدهر، أو خير الدارين ودفع شرهما، أو المستحيلات العادية(1/561)
كنزول المائدة، قيل والشرعية.
والحق حرمة الدعاء بالمغفرة للكافر لا لكل المؤمنين كل ذنوبهم.
بحر(1/562)
ودعا (بالادعية المذكورة في القرآن والسنة، لا بما يشبه كلام الناس) اضطرب فيه كلامهم ولا سيما المصنف، والمختار كما قاله الحلبي أن ما هو في القرآن أو في الحديث لا يفسد، وما(1/563)
ليس في أحدهما إن استحال طلبه من الخلق لا يفسد، وإلا يفسد لو قبل قدر التشهد، وإلا تتم به ما لم يتذكر سجدة فلا تفسد بسؤال المغفرة مطلقا ولو لعمي أو لعمرو، وكذا الرزق ما لم يقيده بمال ونحوه لاستعماله في العباد مجازا (ثم يسلم عن يمينه ويساره) حتى يرى بياض خده،(1/564)
ولو عكس سلم عن يمينه فقط، ولو تلقاء وجهه سلم عن يساره أخرى، ولو نسي اليسار أتى به ما لم يستدبر القبلة في الاصح، وتنقطع به ا التحريمة بتسليمة وا حدة، برهان، وقد مر.
وفي التاترخانية، ما شرع في الصلاة مثنى فللواحد حكم المثنى، فيحصل التحليل بسلام واحد كما يحصل بالمثنى، وتتقيد الركعة بسجدة واحدة كما تتقيد بسجدتين (مع الامام) إن أتم التشهد كما مر.
ولا يخرج المؤتم بنحو سلام الامام بل بقهقهته وحدثه عمدا لانتفاء حرمتها فلا يسلم، ولو أتمه قبل إمامه فتكلم جاز وكره، فلو عرض مناف(1/565)
تفسد صلاة الامام فقط (كالتحريمة) مع الامام.
وقالا: الافضل فيهما بعده (قائلا السلام عليكم
ورحمة الله) هو السنة، وصرح الحدادي بكراهة: عليكم السلام (و) أنه (لا يقول) هنا (وبركاته) وجعله النووي بدعة، ورده الحلبي.
وفي الحاوي أنه حسن.
(وسن جعل الثاني أخفض من الاول) خصه في المنية بالامام وأقره المصنف(1/566)
(وينوي) الامام بخطابه (السلام على من في يمينه ويساره) ممن معه في صلاته، ولو جنا أو نساء، أما سلام التشهد فيعم لعدم الخطاب (والحفظة فيهما) بلا نية عدد كالايمان بالانبياء، وقدم القوم لان المختار أن خواص بني آدم وهم الانبياء أفضل من كل الملائكة، عوام بني آدم وهم الاتقياء أفضل من عوام الملائكة، والمراد بالاتقياء من اتقى الشرك فقط كالفسقة كما(1/567)
في البحر عن الروضة، وأقره المصنف.
قلت: وفي مجمع الانهر تبعا للقهستاني: خواص البشر وأوساطه أفضل من خواص الملائكة وأوساطه عند أكثر المشايخ.
وهل تتغير الحفظة؟ قولان، ويفارقه كتاب السيئات عند(1/568)
جماع أو خلاء وصلاة.
والمختار أن كيفية الكتابة والمكتوب فيه مما استأثر الله بعلمه، نعم في حاشية الاشباه تكتب في رق بلا حرف كثبوتها في العقل، وهو أحد ما قيل في قوله تعالى - * (والطور وكتاب مسطور في رق منشور) * (الطور: 1 - - 3) - وصحح النيسابوري في تفسيره أنهما يكتبان كل شئ حتى أنينه.
قلت: وفي تفسير الدمياطي يكتب المباح كاتب السيئات ويمحى يوم القيامة، وفي تفسير(1/569)
الكازروني المعروف بالاخوين: الاصح أن الكافر أيضا تكتب أعماله، إلا أن كاتب اليمين كالشاهد على كاتب اليسار.
وفي البرهان أن ملائكة الليل غير ملائكة النهار.
وأن إبليس مع
ابن آدم بالنهار وولده بالليل.
وفي صحيح مسلم ما منكم من أحد إلا قد وكل الله به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وإياي ولكن الله أعانني عليه فأسلم روي بفتح الميم وضمها (ويزيد) المؤتم (السلام على إمامه في التسليمة الاولى إن كان) الامام (فيها وإلا ففي الثانية، ونواه فيهما لو محاذيا، وينوي المنفرد الحفظة فقط) لم يقل الكتبة ليعم المميز، إذ لا كتبة معه، ولعمري لقد صار هذا كالشريعة المنسوخة لا يكاد ينوي أحد شيئا إلا الفقهاء وفيهم نظر.
ويكره تأخير السنة إلا بقدر: اللهم أنت السلام الخ.
قال الحلواني: لا بأس بالفصل(1/570)
بالاوراد، واختاره الكمال، قال الحلبي: إن أريد بالكراهة التنزيهية ارتفع الخلاف.
قلت: وفي حفظي حمله على القليلة، ويستحب أن يستغفر ثلاثا ويقرأ آية الكرسي والمعوذات ويسبح ويحمد ويكبر ثلاثا وثلاثين، ويهلل تمام المائة ويدعو ويختم بسبحان ربك.
وفي الجوهرة: ويكره للامام التنفل في(1/571)
مكانه لا للمؤتم، وقيل يستحب كسر الصفوف.
وفي الخانية: يستحب للامام التحول ليمين القبلة: يعني يسار المصلي لتنفل أو ورد، وخيره في المنية بين تحويله يمينا وشمالا وأماما وخلفا وذهابه لبيته، واستقباله الناس بوجهه ولو دون عشرة، ما لم يكن بحذائه مصل ولو بعيدا على المذهب.(1/572)
فصل (ويجهر الامام) وجوبا بحسب الجماعة، فإن زاد عليه أساء، ولو ائتم به بعد الفاتحة أو بعضها سرا أعادها جهرا، بحر.
لكن في آخر شرح المنية: ائتم به بعد الفاتحة، يجهر بالسورة إن قصد الامامة، وإلا فلا يلزمه الجهر(1/573)
(في الفجر وأوليي العشاءين أداء وقضاء وجمعة وعيدين وتراويح ووتر بعدها) أي في رمضان فقط للتوارث.
قلت: في تقييده ببعدها نظر لجهره فيه وإن لم يصل التراويح على الصحيح كما في مجمع الانهر، نعم في القهستاني تبعا للقاعدي: لا سهو بالمخافتة في غير الفرائض كعيد ووتر، نعم الجهر أفضل (ويسر في غيرها) وكان عليه الصلاة والسلام يجهر في الكل، ثم تركه في الظهر والعصر لدفع أذى الكفار كافي (كمتنفل بالنهار) فإنه يسر (ويخير المنفرد في الجهر) وهو أفضل ويكتفي بأدناه (إن أدى) وفي السرية يخافت حتما على المذهب كمتنفل بالليل منفردا، فلو أم جهر لتبعية النفل للفرض.
زيلعي ((1/574)
ويخافت) المنفرد (حتما) أو وجوبا (إن قضى) الجهرية في وقت المخافتة، كأن صلى العشاء بعد طلوع الشمس، كذا ذكره المصنف بعد عد الواجبات.
قلت: وهكذا ذكره ابن الملك في شرح المنار من بحث القضاء (على الاصح) كما في الهداية، لكن تعقبه غير واحد ورجحوا تخييره كمن سبق بركعة من الجمعة فقام يقضيها يخير (و) أدنى (الجهر إسماع غيره، و) أدنى (المخافتة إسماع نفسه) ومن بقربه، فلو سمع رجل أو(1/575)
رجلان فليس بجهر، والجهر أن يسمع الكل.
خلاصة (ويجري ذلك) المذكور (في كل ما يتعلق بنطق، كتسمية على ذبيحة ووجوب سجدة تلاوة وعتاق وطلاق واستثناء) وغيرها فلو طلق أو استثنى ولم يسمع نفسه لم يصح في الاصح، وقيل في نحو البيع: يشترط سماع المشتري.
(ولو ترك سورة أوليي العشاء) مثلا(1/576)
ولو عمدا (قرأها وجوبا) وقيل ندبا (مع الفاتحة جهرا في الاخريين) لان الجمع بين جهر ومخافتة
في ركعة شنيع، ولو تذكرها في ركوعه قرأها وأعاد الركوع (ولو ترك الفاتحة) في الاوليين (لا)(1/577)
يقضيها في الاخريين للزوم تكرارها، ولو تذكرها قبل الركوع قرأها وأعاد السورة (وفرض القراءة آية على المذهب) هي لغة العلامة.
وعرفا: طائفة من القرآن مترجمة، أقلها ستة أحرف ولو تقديرا، ك - لم يلد - (الاخلاص: 3)(1/578)
إلا إذا كان كلمة فالاصح عدم الصحة وإن كررها مرارا إلا إذا حكم حاكم فيجوز، ذكره القهستاني.
ولو قرأ آية طويلة في الركعتين فالاصح الصحة اتفاقا، لانه يزيد على ثلاث آيات قصار، قاله الحلبي.
(وحفظها فرض عين) متعين على كل مكلف(1/579)
(وحفظ جميع القرآن فرض كفاية) وسنة عين أفضل من التنفل وتعلم الفقه أفضل منهما (وحفظ فاتحة الكتاب وسورة واجب على كل مسلم) ويكره نقص شئ من الواجب (ويسن في السفر مطلقا) أي حالة قرار أو فرار، كذا أطلق في الجامع الصغير، ورجحه في البحر.
ورد ما في الهداية وغيرها من التفصيل، ورده في النهر، وحرر أن ما في الهداية هو المحرر (الفاتحة)(1/580)
وجوبا (وأي سورة شاء) وفي الضرورة بقدر الحال (و) يسن (في الحضر) لامام ومنفرد، ذكره الحلبي،(1/581)
والناس عنه غافلون (طوال المفصل) من الحجرات إلى آخر البروج (في الفجر والظهر، و) منها إلى آخر - لم يكن - (البينة: 1) (أوساطه في العصر والعشاء، و) باقيه (قصاره في المغرب) أي في كل ركعة سورة مما ذكر، ذكره الحلبي،(1/582)
واختار في البدائع عدم التقدير، وأنه يختلف بالوقت والقوم والامام.
وفي الحجة: يقرأ في الفرض بالترسل حرفا حرفا، وفي التراويح بين بين، وفي النفل ليلا له أن يسرع بعد أن يقرأ كما يفهم، ويجوز بالروايات السبع، لكن الاولى أن لا يقرأ بالغريبة عند العوام صيانة لدينهم (وتطال أولى الفجر على ثانيتها)(1/583)
بقدر الثلث، وقيل النصف ندبا، فلو فحش لا بأس به (فقط) وقال محمد: ولي الكل حتى التراويح، قيل وعليه الفتوى (وإطالة الثانية على الاولى يكره) تنزيها (إجماعا إن بثلاث آيات) إن تقاربت طولا وقصرا، وإلا اعتبر الحروف والكلمات،(1/584)
واعتبر الحلبي فحش الطول لا عدد الآيات.
واستثنى في البحر ما وردت به السنة، واستظهر في النفل عدم الكراهة مطلقا (وإن بأقل لا) يكره، لانه عليه الصلاة والسلام(1/585)
صلى بالمعوذتين (ولا يتعين شئ من القرآن لصلاة على طريق الفرضية) بل تعين الفاتحة على وجه الوجوب (ويكره التعيين) كالسجدة و - هل أتى - لفجر كل جمعة، بل يندب قراءتهما أحيانا (والمؤتم لا يقرأ مطلقا) ولا الفاتحة في السرية اتفاقا، وما نسب لمحمد ضعيف(1/586)
كما بسطه الكمال (فإن قرأ كره تحريما) وتصح في الاصح، وفي درر البحار عن مبسوط خواهر زاده أنها تفسد ويكون فاسقا، وهو مروي عن عدة من الصحابة فالمنع أحوط (بل يستمع) إذا جهر (وينصت) إذا أسر لقول أبي هريرة رضي الله عنه كنا نقرأ خلف الامام فنزل - وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا - (الاعراف: 204) (وإن) وصلية (قرأ الامام آية ترغيب أو ترهيب) وكذا الامام لا يشتغل بغير القرآن، وما ورد حمل على النفل منفردا كما مر (كذا
الخطبة) فلا يأتي بما يفوت الاستماع ولو كتابة أو رد سلام (وإن صلى الخطيب على النبي (ص) إذا قرأ آية - صلوا عليه - (الاحزاب: 56) فيصلي المستمع سرا) بنفسه وينصت بلسانه عملا بأمري(1/587)
- صلوا - وأنصتوا - (والبعيد) عن الخطيب (والقريب سيان) في افتراض الانصات.
فروع: يجب الاستماع للقراءة مطلقا، لان العبرة لعموم اللفظ.
لا بأس أن يقرأ سورة ويعيدها في الثانية، وأن يقرأ في الاولى من محل وفي الثانية من آخر ولو من سورة إن كان بينهما آيتان فأكثر.
ويكره الفصل بسورة قصيرة(1/588)
وأن يقرأ منكوسا إلا إذا ختم فيقرأ من البقرة.
وفي القنية: قرأ في الاولى الكافرون وفي الثانية - ألم تر (الفيل: 1) - أو - تبت (المسد: 1) - ثم ذكر يتم، وقيل يقطع ويبدأ، ولا يكره في النفل شئ من ذلك، وثلاث تبلغ قدر أقصر سورة أفضل من آية طويلة، وفي سورة وبعض سورة العبرة للاكثر، وبسطناه في الخزائن.
باب الامامة(1/589)
هي صغرى وكبرى، فالكبرى استحقاق تصرف عام على الانام، وتحقيقه في علم الكلام، ونصبه أهم الواجبات، فلذا قدموه على دفن صاحب المعجزات.
ويشترط كونه مسلما حرا ذكرا عاقلا بالغا قادرا، قرشيا، لا هاشميا علويا معصوما،(1/590)
ويكره تقليد الفاسق ويعزل به، إلا لفتنة.
ويجب أن يدعى له بالصلاح، وتصح سلطنة متغلب للضرورة، وكذا صبي.
وينبغي أن يفوض أمور التقليد على وال تابع له، والسلطان في الرسم هو الولد، وفي الحقيقة هو الوالي لعدم صحة إذنه بقضاء وجمعة كما(1/591)
في الاشباه عن البزازية، وفيها لو بلغ السلطان أو الوالي يحتاج إلى تقليد جديد.
والصغرى ربط صلاة المؤتم بالامام بشروط عشرة:(1/592)
نية المؤتم الاقتداء، واتحاد مكانهما وصلاتهما، وصحة صلاة إمامه، وعدم محاذاة امرأة، وعدم تقدمه عليه بعقبه، وعلمه بانتقالاته وبحاله من إقامة وسفر، ومشاركته في الاركان،(1/593)
وكونه مثله أو دونه فيها، وفي الشرائط كما بسط في البحر: قيل وثبوتها ب - اركعوا مع الراكعين (البقرة: 43) - ومن حكمها نظام الالفة وتعلم الجاهل من العالم (هي أفضل من الاذان) عندنا خلافا للشافعي، قاله العيني.
وقول عمر: لولا الخلافة لاذنت: أي مع الامامة، إذ الجمع أفضل.
وقال بعضهم: أخاف إن تركت الفاتحة أن يعاتبني الشافعي، أو قرأتها يعاتبني أبو حنيفة، فاخترت الامامة.
(والجماعة سنة مؤكدة للرجال) قال الزاهدي: أرادوا بالتأكيد الوجوب، إلا في جمعة(1/594)
وعيد، فشرط، وفي التراويح سنة كفاية، وفي وتر رمضان مستحبة على قول، وفي وتر غيره وتطوع على سبيل التداعي مكروهة، وسنحققه، ويكره تكرار الجماعة بأذان وإقامة في مسجد(1/595)
محلة لا في مسجد طريق أو مسجد لا إمام له ولا مؤذن (وأقلها اثنان) واحد مع الامام ولو مميزا أو ملكا أو جنيا في مسجد أو غيره، وتصح إمامة الجني، أشباه (وقيل واجبة وعليه العامة) أي(1/596)
عامة مشايخنا، وبه جزم في التحفة وغيرها، قال في البحر: وهو الراجح عند أهل المذهب (فتسن أو تجب) ثمرته تظهر في الاثم بتركها مرة (على الرجال العقلاء البالغين الاحرار القادرين
على الصلاة بالجماعة من غير حرج) ولو فاتته ندب طلبها في مسجد آخر إلا المسجد الحرام(1/597)
ونحوه (فلا تجب على مريض.
ومقعد وزمن ومقطوع يد ورجل من خلاف) أو رجل فقط، ذكره الحدادي (ومفلوج وشيخ كبير عاجز وأعمى) وإن وجد قائدا (ولا على من حال بينه وبينها مطر وطين وبرد شديد وظلمة كذلك)(1/598)
وريح ليلا لا نهارا، وخوف على ماله، أو من غريم أو ظالم، أو مدافعة أحد الاخبثين، وإرادة سفر، وقيامه بمريض، وحضور طعام تتوقه نفسه.
ذكره الحدادي، وكذا اشتغاله بالفقه لا بغيره، كذا جزم به الباقاني تبعا للبهنسي: أي إلا إذا واظب تكاسلا فلا يعذر، ويعزر ولو بأخذ المال، يعني بحبسه عنه مدة ولا تقبل شهادته إلا بتأويل بدعة الامام أو عدم مراعاته.
(والاحق بالامامة) تقديما بل نصبا.
مجمع الانهر (الاعلم بأحكام الصلاة) فقط صحة(1/599)
وفسادا بشرط اجتنابه للفواحش الظاهرة، وحفظه قدر فرض، وقيل واجب، وقيل سنة (ثم الاحسن تلاوة) وتجويدا (للقراءة، ثم الاورع) أي الاكثر اتقاء للشبهات.
والتقوى: اتقاء المحرمات (ثم الاسن) أي الاقدم إسلاما، فيقدم شاب على شيخ أسلم، وقالوا: يقدم الاقدم ورعا، وفي النهر عن الزاد: وعليه يقاس سائر الخصال، فيقال يقدم أقدمهم علما ونحوه، وحينئذ فقلما يحتاج للقرعة (ثم الاحسن خلقا) بالضم ألفة بالناس (ثم الاحسن وجها) أي أكثرهم تهجدا، زاد في الزاد: ثم أصبحهم: أي أسمحهم وجها،(1/600)
ثم أكثرهم حسبا (ثم الاشرف نسبا) زاد في البرهان: ثم الاحسن صوتا، وفي الاشباه قبيل ثمن المثل، ثم الاحسن زوجة، ثم الاكثر مالا، ثم الاكثر جاها، ثم الانظف ثوبا، ثم الاكبر رأسا والاصغر عضوا، ثم المقيم على المسافر، ثم الحر الاصلي على العتيق، ثم المتيمم عن
حدث على المتيمم عن جنابة.
فائدة: لا يقدم أحد في التزاحم إلا بمرجح، ومنه السبق إلى الدرس والافتاء والدعوى، فإن استووا في المجئ أقرع بينهم ا ه.
كلام الاشباه.
وفي الفصل الثاني والثلاثين من حظر التاترخانية: وفي طلبة العلم يقدم السابق، فإن اختلفوا وثمة بينة فيها، وإلا أقرع كمجيئهم معا كما في الحرقى والغرقى إذا لم يعرف الاول ويجعل كأنهم ماتوا معا ا ه.
وفي محاسن القراء لابن وهبان: وقيل إن لم يكن للشيخ معلوم جاز أن يقدم من شاء، وأكثر مشايخنا على تقديم الاسبق، وأول من سنه ابن كثير (فإن استووا يقرع) بين المستويين (أو الخيار إلى القوم) فإن(1/601)
اختلفوا اعتبر أكثرهم، ولو قدموا غير الاولى أساؤوا بلا إثم.
(و) أعلم أن (صاحب البيت) ومثله إمام المسجد الراتب (أولى بالامامة من غيره) مطلقا (إلا أن يكون معه سلطان أو قاض فيقدم عليه) لعموم ولايتهما، وصرح الحدادي بتقديم الوالي على الراتب (والمستعير والمستأجر أحق من المالك) لما مر.
(ولو أم قوما وهم له كارهون، إن) الكراهة (لفساد فيه أو لانهم أحق بالامامة منه كره) له ذلك تحريما لحديث أبي داود لا يقبل الله صلاة من تقدم قوما وهم له كارهون (وإن هو أحق لا) والكراهة عليهم.
(ويكره) تنزيها (إمامة عبد) ولو معتقا قهستاني.
عن الخلاصة،(1/602)
ولعله لما قدمناه من تقدم الحر الاصلي، إذ الكراهة تنزيهية فتنبه (وأعرابي) ومثله تركمان وأكراد وعامي (وفاسق وأعمى) ونحوه الاعشى.
نهر (إلا أن يكون) أي غير الفاسق (أعلم القوم) فهو أولى (ومبتدع) أي صاحب بدعة،(1/603)
وهي اعتقاد خلاف المعروف عن الرسول لا بمعاندة بل بنوع شبهة، وكل من كان من قبلتنا (لا
يكفر بها) حتى الخوارج الذين يستحلون دماءنا وأموالنا وسب الرسول، وينكرون صفاته تعالى وجواز رؤيته لكونه عن تأويل وشبهة بدليل قبول شهادتهم، إلا الخطابية ومنا من كفرهم (وإن)(1/604)
أنكر بعض ما علم من الدين ضرورة (كفر بها) كقوله: إن الله تعالى جسم كالاجسام، وإنكاره صحبة الصديق (فلا يصح الاقتداء به أصلا) فليحفظ (ووالد الزنا) هذا إن وجد غيرهم وإلا فلا كراهة، بحر بحثا.
وفي النهر عن المحيط: صلى خلف فاسق أو مبتدع نال فضل الجماعة، وكذا تكره خلف أمرد(1/605)
وسفيه ومفلوج، وأبرص شاع برصه، وشارب الخمر وآكل الربا ونمام، ومراء ومتصنع، ومن أم بأجرة.
قهستاني.
زاد ابن ملك: ومخالف كشافعي؟ لكن في وتر البحر إن تيقن المراعاة لم يكره،(1/607)
أو عدمها لم يصح، إن شك كره (و) يكره تحريما (تطويل الصلاة) على القوم زائدا على قدر السنة في قراءة وأذكار رضي القوم أو لا لاطلاق الامر بالتخفيف.
نهر.
وفي الشرنبلالية: ظاهر حديث معاذ أنه لا يزيد على صلاة أضعفهم مطلقا، ولذا قال الكمال: إلا لضرورة، وصح أنه عليه الصلاة والسلام قرأ بالمعوذتين في الفجر حين سمع بكاء صبي(1/608)
(و) يكره تحريما (جماعة النساء) ولو في التراويح في غير صلاة جنازة (لانها لم تشرع مكررة) فلو انفردن تفوتهن بفراغ إحداهن، ولو أمت فيها رجالا لا تعاد لسقوط الفرض بصلاتها إلا إذا استخلفها الامام وخلفه رجال ونساء فتفسد صلاة الكل (فإن فعلن تقف الامام وسطهن) فلو(1/609)
قدمت أثمت إلا الخنثى فيتقدمهن (كالعراة) فيتوسطهم إمامهم.
ويكره جماعتهم تحريما فتح
(ويكره حضورهن الجماعة) ولو لجمعة وعيد ووعظ (مطلقا) ولو عجوزا ليلا (على المذهب) المفتى به لفساد الزمان واستثنى الكمال بحثا العجائز المتفانية (كما تكره إمامة الرجل لهن في بيت ليس معهن رجل غيره ولا محرم منه) كأخته (أو زوجته أو أمته، أما إذا كان معهن واحد ممن ذكر أو أمهن في المسجد لا) يكره.
بحر (ويقف الواحد) ولو صبيا، أما الواحدة فتتأخر (محاذيا) أي مساويا (ليمين إمامه) على المذهب، ولا عبرة بالرأس بل بالقدم، فلو صغيرا(1/610)
فالاصح ما لم يتقدم أكثر قدم المؤتم لا تفسد فلو وقف عن يساره كره (اتفاقا) وكذا يكره (خلفه على الاصح) لمخالفة السنة (والزائد) يقف (خلفه) فلو توسط اثنين كره تنزيها وتحريما لو أكثر،(1/611)
ولو قام واحد بجنب الامام وخلفه صف كره إجماعا (ويصف) أي يصفهم الامام بأن يأمرهم بذلك، قال الشمني: وينبغي أن يأمرهم بأن يتراصوا ويسدوا الخلل ويسووا مناكبهم ويقف وسطا،(1/612)
وخير صفوف الرجال أولها(1/613)
في غير جنازة، ثم، وثم: ولو صلى على رفوف المسجد إن وجد في صحنه مكانا كره كقيامه في صف خلف صف فيه فرجة.
قلت: وبالكراهة أيضا صرح الشافعية.
قال السيوطي في (بسط الكف في إتمام الصف)، وهذا الفعل مفوت لفضيلة الجماعة الذي هو التضعيف لا لاصل بركة الجماعة، فتضعيفها غير بركتها، وبركتها هي عود بركة الكامل منهم على الناقص ا ه.
ولو وجد فرجة في الاول لا الثاني له خرق الثاني لتقصيرهم، وفي الحديث من سد(1/614)
فرجة غفر له وصح خياركم ألينكم مناكب في الصلاة وبهذا يعلم جهل من يستمسك عند دخول داخل بجنبه في الصف ويظن أنه رياء كما بسط في البحر، لكن نقل المصنف
وغيره عن القنية وغيرها ما يخالفه، ثم نقل تصحيح عدم الفساد في مسألة من جذب من الصف فتأخر، فهل ثم فرق؟ فليحرر (الرجال) ظاهره يعم العبد (ثم الصبيان) ظاهره تعددهم، فلو واحدا دخل الصف(1/615)
(ثم الخناثى، ثم النساء) قالوا: الصفوف الممكنة اثنا عشر، لكن لا يلزم صحة كلها لمعاملة الخناثى بالاضر (وإذا حاذته) ولو بعضو واحد، وخصه الزيلعي بالساق(1/616)
والكعب (امرأة) ولو أمة (مشتهاة) حالا كبنت تسع مطلقا وثمان وسبع لو ضخمة، أو ماضيا كعجوز (ولا حائل بينهما) أقله قدر ذراع في غلظ أصبع، أو فرجة تسع رجلا(1/617)
(في صلاة) وإن لم تتحد كنيتها ظهرا بمصلى عصر على الصحيح.
سراج.
فإنه يصح نفلا على المذهب، بحر، وسيجئ (مطلقة) خرج الجنازة (مشتركة) فمحاذاة المصلية لمصل ليس في صلاتها مكروهة(1/618)
لا مفسد فتح (تحريمة) وإن سبقت ببعضها (وأداء) ولو حكما كلاحقين بعد فراغ الامام.
بخلاف المسبوقين والمحاذاة في الطريق (واتحدت الجهة) فلو اختلفت(1/619)
كما في جوف الكعبة وليلة مظلمة فلا فساد (فسدت صلاته) لو مكلفا، وإلا لا (إن نوى) الامام وقت شروعه لا بعده (إمامتها) وإن لم تكن حاضرة على الظاهر، ولو نوى امرأة معينة أو النساء إلا هذه عملت نيته (وإلا) ينوها (فسدت صلاتها) كما لو أشار إليها بالتأخير فلم تتأخر(1/620)
لتركها فرض المقام.
فتح.
وشرطوا كونها عاقلة، وكونهما في مكان واحد في ركن كامل،
فالشروط عشرة (ومحاذاة الامرد الصبيح) المشتهى (لا يفسدها على المذهب) تضعيف لما في جامع المحبوبي ودرر البحار من الفساد، لانه في المرأة غير معلول بالشهوة، بل بترك فرض المقام كما حققه ابن الهمام.
(ولا يصح اقتداء رجل بامرأة) وخنثى (وصبي مطلقا)(1/621)
ولو في جنازة ونفل على الاصح (وكذا لا يصح الاقتداء(1/622)
بمجنون مطبق، أو متقطع في غير حالة إفاقته، وسكران) أو معتوه، ذكره الحلبي (ولا طاهر بمعذور) هذا (إن قارن الوضوء الحدث أو طرأ عليه) بعده (وصح لو توضأ على الانقطاع وصلى كذلك) كاقتداء بمفتصد أمن خروج الدم، وكاقتداء امرأة بمثلها، وصبي بمثله، ومعذور بمثله، وذي عذرين بذي عذر، لا عكسه كذي انفلات ريح بذي سلس، لان مع الامام حدثا ونجاسة، وما في المجتبى: الاقتداء بالمماثل صحيح إلا ثلاثة: الخنثى المشكل، والضالة، والمستحاضة: أي لاحتمال الحيض،(1/623)
فلو انتفى صح (و) لا (حافظ آية من القرآن بغير حافظ لها) وهو الامي، ولا أمي بأخرس لقدرة الامي على التحريمة فصح عكسه (و) لا (مستور عورة بعار) فلو أم العاري عريانا ولابسين فصلاة الامام ومماثلة جائزة اتفاقا، وكذا ذو جرح بمثله وبصحيح (و) لا (قادر على ركوع وسجود بعاجز عنهما) لبناء القوي على الضعيف (و) لا (مفترض بمتنفل وبمفترض فرضا آخر) لان اتحاد الصلاتين شرط عندنا.
وصح أن معاذا كان يصلي مع النبي (ص) نفلا وبقومه فرضا (و)(1/624)
لا (ناذر) بمتنفل، ولا بمفترض، ولا (بناذر) لان كلا منهما كمفترض فرضا آخر، إلا إذا نذر أحدهما عين منذور الآخر للاتحاد (و) لا (ناذر بحالف) لان المنذورة أقوى فصح، عكسه،
وبحالف وبمتنفل، ومصليا ركعتي طواف كناذرين، ولو اشتركا في نافلة فأفسادها صح الاقتداء، لا إن أفسداها منفردين، ولو صليا الظهر ونوى كل إمامة الآخر صحت، لا إن نويا الاقتداء، والفرق لا يخفى (و) لا (لاحق و) لا(1/625)
(مسبوق بمثلهما) لما تقرر أن الاقتداء في موضع الانفراد مفسد كعكسه (و) لا (مسافر بمقيم بعد الوقت فيما يتغير بالسفر) كالظهر، سواء أحرم المقيم بعد الوقت أو فيه، فخرج فاقتدى المسافر (بل) إن أحرم (في الوقت) فخرج صح (وأتم) تبعا لامامه، أما بعد الوقت فلا يتغير فرضه فيكون اقتداء بمتنفل في حق قعدة أو قراءة باقتدائه في شفع أول أو ثان (و) لا (نازل براكب)(1/626)
ولا راكب براكب دابة أخرى، فلو معه صح (و) لا (غير الالثغ به) أي بالالثغ (على الاصح) كما في البحر عن المجتبى، وحرر الحلبي وابن الشحنة أنه بعد بذل جهده دائما حتما كالامي، فلا يؤم إلا مثله، ولا تصح صلاته إذا أمكنه الاقتداء بمن يحسنه أو ترك جهده أو وجد قدر الفرض مما لا لثغ فيه، هذا هو الصحيح المختار في حكم الالثغ،(1/627)
وكذا من لا يقدر على التلفظ بحرف من الحروف أو لا يقدر على إخراج الفاء إلا بتكرار (و) اعلم أنه (إذا فسد الاقتداء) بأي وجه كان (لا يصح شروعه في صلاة نفسه) لانه قصد المشاركة وهي غير صلاة الانفراد (على) الصحيح، محيط، وادعى في البحر أنه (المذهب) قال المصنف: لكن كلام الخلاصة يفيد أن هذا قول محمد خاصة.
قلت: وقد ادعى فيما مر بعد تصحيح السراج بخلافه أن المذهب انقلابها نفلا، فتأمل.
وحينئذ بالاشبه ما في الزيلعي أنه(1/628)
متى فسد لفقد شرط كطاهر بمعذور لم تنعقد أصلا، وأن لاختلاف الصلاتين تنعقد نفلا غير مضمون وثمرته الانتقاض بالقهقهة (ويمنع من الاقتداء) صف من النساء بلا حائل قدر ذراع أو(1/629)
ارتفاعهن قدر قامة الرجل، مفتاح السعادة أو (طريق تجري فيه عجلة) آلة يجرها الثور (أو نهر تجري فيه السفن) ولو زورقا ولو في المسجد (أو خلاء) أي فضاء (في الصحراء) أو في مسجد كبير جدا(1/630)
كمسجد القدس (يسع صفين) فأكثر إلا إذا اتصلت الصفوف فيصح مطلقا، كأن قام في الطريق ثلاثة، وكذا اثنان عند الثاني لا واحد اتفاقا، لانه لكراهة صلاته صار وجوده كعدمه في حق من خلفه.(1/631)
(والحائل لا يمنع) الاقتداء (إن لم يشتبه حال إمامه) بسماع أو رؤية، ولو من باب مشبك يمنع الوصول في الاصح (ولم يختلف المكان) حقيقة كمسجد وبيت في الاصح، قنية.
ولا حكما عند اتصال الصفوف، ولو اقتدى من سطح داره المتصلة بالمسجد لم يجز لاختلاف المكان، درر وبحر وغيرهما، وأقره المصنف لكن تعقبه في الشرنبلالية، ونقل عن البرهان(1/632)
وغيره أن الصحيح اعتبار الاشتباه فقط.
قلت: وفي الاشباه وزواهر الجواهر ومفتاح السعادة أنه(1/633)
الاصح.
وفي النهر عن الزاد أنه اختيار جماعة من المتأخرين.
(وصح اقتداء متوضئ) لا ماء معه (بمتيمم) لو مع متوضئ بسؤر حمار.
مجتبى (وغاسل بماسح) ولو على جبيرة (وقائم بقاعد) يركع ويسجد، لانه (ص) صلى آخر صلاته قاعدا وهم قيام وأبو بكر يبلغهم تكبيرة، وبه علم جواز رفع المؤذنين أصواتهم في جمعة وغيرها: يعني أصل الرفع، أما ما تعارفوه في زماننا فلا يبعد أنه مفسد، إذ الصياح ملحق بالكلام.
فتح(1/634)
(وقائم بأحدب) وإن بلغ حدبه الركوع على المعتمد، وكذا بأعرج، وغيره أولى (وموم بمثله)(1/635)
إلا أن يومي الامام مضطجعا والمؤتم قاعدا أو قائما، هو المختار ومتنفل بمفترض في غير التراويح في الصحيح.
خانية، وكأنه لانها سنة على هيئة مخصوصة، فيراعى وضعها الخاص للخروج عن العهدة.
فروع: صح اقتداء متنفل بمتنفل.
ومن يرى الوتر واجبا بمن يراه سنة، ومن اقتدى في(1/636)
العصر وهو مقيم بعد الغروب بمن أحرم قبله للاتحاد (وإذا ظهر حدث إمامه) وكذا كل مفسد في رأي مقتد (بطلت فيلزم إعادتها) لتضمنه صلاة المؤتم صحة وفسادا (كما يلزم الامام إخبار القوم إذا أمهم وهو محدث أو جنب) أو فاقد شرط أو ركن.(1/637)
وهل عليهم إعادتها إن عدلا؟ نعم، وإلا ندبت، وقيل لا لفسقه باعترافه، ولو زعم أنه كافر لم يقبل منه لان الصلاة دليل الاسلام وأجبر عليه (بالقدر الممكن) بلسانه أو (بكتاب أو رسول على الاصح) لو معينين وإلا لا يلزمه، بحر عن المعراج.
وصحح في مجمع الفتاوى عدمه مطلقا لكونه عن خطإ معفو عنه، لكن الشروح مرجحة على الفتاوى.
(وإذا اقتدى أمي وقارئ بأمي) تفسد صلاة الكل للقدرة على القراءة بالاقتداء بالقارئ سواء علم به أو لا، نواه أو لا، على المذهب (أو استخلف الامام أميا(1/638)
في الاخريين) ولو في التشهد، أما بعده فتصح لخروجه بصنعه (تفسد صلاتهم) لان كل ركعة صلاة، فلا تخلو عن القراءة ولو تقديرا (وصحت لو صلى كل من الامي والقارئ وحده) في الصحيح (بخلاف حضور الامي بعد افتتاح القارئ إذا لم يقتد به وصلى منفردا، فإنها تفسد في(1/639)
الاصح) لما مر (و) أعلم أن (المدرك من صلاها كاملة مع الامام، واللاحق من فاتته) الركعات (كلها أو بعضها) لكن (بعد اقتدائه) بعذر كغفلة وزحمة وسبق حدث وصلاة خوف ومقيم ائتم(1/640)
بمسافر، وكذا بلا عذر، بأن سبق إمامه في ركوع وسجود فإنه يقضي ركعة، وحكمه كمؤتم فلا يأتي بقراءة ولا سهو، ولا يتغير فرضه بنية إقامة، ويبدأ بقضاء ما فاته عكس المسبوق، ثم يتابع إمامه إن أمكنه وإدراكه، وإلا تابعه، ثم صلى ما نام فيه بلا(1/641)
قراءة، ثم ما سبق به بها: إن كان مسبوقا أيضا، ولو عكس صح وأثم، لترك الترتيب (والمسبوق من سبقه الامام بها أو ببعضها وهو منفرد) حتى يثني ويتعوذ ويقرأ، وإن قرأ مع الامام لعدم الاعتداد بها لكراهتها.
مفتاح السعادة (فيما يقضيه) أي بعد متابعته لامامه، فلو(1/642)
قبلها فالاظهر الفساد، ويقضي أول صلاته في حق قراءة، وآخرها في حق تشهد، فمدرك ركعة من غير فجر يأتي بركعتين بفاتحة وسورة وتشهد بينهما، وبرابعة الرباعي بفاتحة فقط ولا يقعد قبلها (إلا في أربع) فكمقتد أخذها (لا يجوز الاقتداء به) وإن صح استخلافه في حد ذاته لاحالة القضاء، فلا استثناء أصلا كما زعم في الاشباه، نعم لو نسي أحد المسبوقين يقضي ملاحظا للآخر بلا اقتداء صح (و) ثانيها (يأتي بتكبيرات التشريق إجماعا.
و) ثالثها (لو كبر ينوي استئناف صلاته وقطعها يصير مستأنفا وقاطعا) للاولى، بخلاف المنفرد كما سيجئ (و) رابعها(1/643)
(لو قام إلى قضاء ما سبق به وعلى الامام سجدتا سهو) ولو قبل اقتدائه (فعليه أن يعود) وينبغي أن يصبر حتى يفهم أنه لا سهو على الامام، ولو قام قبل السلام هل يعتد بأدائه، إن قبل قعود الامام قدر التشهد لا، وإن بعده نعم، وكره تحريما إلا لعذر: كخوف حدث، وخروج وقت فجر وجمعة وعيد ومعذور، وتمام مدة مسح، ومرور مار بين يديه: فإن فرغ قبل سلام إمامه ثم تابعه
فيه صحت (ولو لم يعد كان عليه أن يسجد) للسهو (في آخر صلاته) استحسانا، قيد بالسهو،(1/644)
لان الامام لو تذكر سجدة صلبية أو تلاوية فرضت المتابعة، وهذا كله قبل تقييد ما قام إليه بسجدة، أما بعده فتفسد في صلبية مطلقا، وكذا في تلاوية، وسهو إن تابع، وإلا لا.
ولو سلم ساهيا إن بعد إمامه لزمه السهو وإلا لا.
ولو قام إمامه لخامسة فتابعه، إن بعد القعود تفسد، وإلا لا حتى يقيد الخامسة بسجدة.
ولو ظن الامام السهو فسجد له فتابعه فبان أن لا سهو فالاشبه الفساد، لاقتدائه في موضع الانفراد.(1/645)
باب الاستخلاف أعلم أن لجواز البناء ثلاثة عشر شرطا: كون الحدث سماويا من بدنه.
غير موجب لغسل، ولا نادر وجوده ولم يؤد ركنا مع حدث أو مشي، ولم يفعل منافيا أو فعلا له منه بد ولم يتراخ بلا عذر كزحمة، ولم يظهر حدثه السابق كمضي مدة مسحه، ولم يتذكر فائتة وهو ذو ترتيب، ولم يتم المؤتم في غير مكانه، ولم يستخلف الامام غير صالح لها (سبق الامام حدث) سماوي، لا اختيار للعبد فيه ولا في سببه(1/646)
كسفر جلة من شجرة، وكحدثه من نحو عطاس على الصحيح (غير مانع للبناء) كما قدمناه (ولو بعد التشهد) ليأتي بالسلام (استخلف) أي جاز له ذلك ولو في جنازة بإشارة أو جر لمحراب،(1/647)
ولو لمسبوق، ويشير بأصبع لبقاء ركعة، وبأصبعين لركعتين ويضع يده على ركبته لترك ركوع، وعلى جبهته لسجود، وعلى فمه لقراءة، وعلى جبهته ولسانه لسجود تلاوة أو صدره لسهو (ما لم يجاوز الصفوف لو في الصحراء) ما لم يتقدم، فحده السترة أو موضع السجود على المعتمد كالمنفرد (وما لم يخرج من المسجد) أو الجبانة أو الدار (لو كان يصلي فيه) لانه على إمامته ما
لم يجاوز هذا الحد ولم يتقدم أحد ولو بنفسه مقامه(1/648)
ناويا الامامة، وإن لم يجاوزه، حتى لو تذكر فائتة أو تكلم لم تفسد صلاة القوم لانه صار مقتديا، ولو كان الماء في المسجد لم يحتج للاستخلاف(1/649)
(واستئنافه أفضل) تحرزا عن الخلاف (ويتعين) الاستئناف إن لم يكن تشهد (لجنون أو حدث عمدا) أو خروجه من مسجد بظن حدث (أو احتلام) بنوم أو تفكر أو نظر أو مس بشهوة (أو إغماء أو قهقهة) لندرتها (وكذا) يجوز له أن (يستخلف إذا حصر عن قراءة قدر المفروض)(1/650)
لحديث أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، فإنه لما أحس بالنبي (ص) حصر عن القراءة فتأخر، فتقدم النبي (ص) وأتم الصلاة، فلو لم يكن جائزا لما فعله.
بدائع.
وقالا: تفسد، وبعكس الخلاف لو حصر ببول أو غائط، ولو عجز عن ركوع وسجود هل يستخلف كالقراءة؟ لم أره (لخجل) أي لاجل خجل أو خوف اعتراه (ولا) يستخلف إجماعا (لو نسي القراءة أصلا) لانه صار أميا (أو أصابه) عطف على المنفي (بول كثير) أي نجس مانع من غير سبق حدثه، فلو منه فقط بنى (أو كشف عورته في الاستنجاء) أو المرأة ذراعها للوضوء (إذا لم يضطر له)(1/651)
فلو اضطر لم تفسد (أو قرأ في حالة الذهاب أو الرجوع) لادائه ركنا مع حدث أو مشي، بخلاف تسبيح في الاصح (أو طلب الماء بالاشارة، أو شراء بالمعاطاة) للمنافاة، أو جاوز ماء إلى آخر إلا قدر صفين، أو لنسيان، أو زحمة، أو كونه بئرا، لان الاستقاء يمنع البناء المختار (أو مكث قدر أداء ركن) وإن لم ينو الاداء (بعد سبق الحدث) إلا لعذر كنوم ورعاف (وإذا ساغ له البناء توضأ)(1/652)
فورا بكل سنة (وبنى على ما مضى) بلا كراهة (ويتم صلاته ثمة) وهو أولى تقليلا للمشي (أو يعود إلى مكانه) ليتحد مكانها (كمنفرد) فإنه مخير، وهذا كله (إن فرغ خليفته وإلا عاد إلى مكانه) حتما لو بينهما ما يمنع الاقتداء (كالمقتدي إذا سبقه الحدث.
و) أعلم أنه (إن تعمد عملا ينافيها بعد جلوسه قدر التشهد) ولو بعد سبق حدثه (تمت) لتمام فرائضها، نعم تعاد لترك واجب السلام (ولو) وجد المنافي (بلا صنعه) قبل القعود بطلت اتفاقا، ولو (بعده بطلت) في المسائل الاثني عشرية عنده.
وقالا: صحت،(1/653)
ورجحه الكمال.
وفي الشرنبلالية: والاظهر قولهما بالصحة في الاثني عشرية، وهي ما ذكره بقوله (كما تبطل) لو فرع بالفاء كما في الدرر لكان أولى (بقدرة المتيمم على الماء) وأما مسألة رؤية المتوضئ المؤتم بمتيمم الماء ففيها خلاف زفر فقط.
وتنقلب نفلا (ومضي مدة مسحه إن وجد ماء) ولم يخف تلف رجله من برد، وإلا فيمضي (على الاصح) كما مر في بابه (وتعلم أمي آية) أي تذكره أو حفظه بلا صنع(1/654)
(ولو كان) الامي (مقتديا بقارئ على ما عليه الاكثر) لكن في الظهيرية: صحح الصحة.
قال الفقيه: وبه نأخذ (ووجود العاري ساترا) تصح به الصلاة، ومثله لو صلى بنجاسة فوجد ما يزيلها، أو أعتقت الامة ولم تتقنع فورا (ونزع الماسح خفه) الواحد (بعمل يسير) فلو بكثير تتم اتفاقا (وقدرة موم على الاركان،(1/655)
وتذكر فائتة عليه أو على إمامه وهو صاحب ترتيب) والوقت متسع (وتقديم القارئ أميا مطلقا، وقيل لا فساد لو كان) استخلافه (بعد التشهد بالاجماع، وهو الاصح) كما في الكافي لانه عمل كثير، (وطلوع الشمس في الفجر) وزوالها في العيد، ودخول وقت من الثلاثة على مصلي القضاء (ودخول وقت العصر) بأن بقي في قعدته إلى أن صار الظل مثليه (في الجمعة)
بخلاف الظهر فإنها لا تبطل (وزوال عذر المعذور) بأن لم يعد في الوقت الثاني، وكذا خروج وقته (وسقوط جبيرة عن برء، و) اعلم أنه (لا تنقلب الصلاة في هذه المواضع) العشرين (نفلا(1/656)
إذا بطلت إلا) في ثلاث: (فيما إذا تذكر فائتة، أو طلعت الشمس، أو خرج وقت الظهر في الجمعة) كما في الجوهرة.
زاد في الحاوي: والمومي إذا قدر على الاركان، ويزاد مسألة المؤتم بمتيمم كما قدمنا.
والظاهر أن زوالها في العيد ودخول الاوقات المكروهة في القضاء كذلك ولم أره (ولو استخلف الامام لو مسبوقا) أو لاحقا أو مقيما وهو مسافر (صح) والمدرك أولى، ولو جهل الكمية قعد في كل ركعة(1/657)
احتياطا ولو مسبوقا بركعتين، فرضنا القعدتين، ولو أشار له أنه لم يقرأ في الاوليين فرضت القراءة في الاربع (فلو أتم) المسبوق (صلاة قدم مدركا للسلام، ثم) لو (أتى بما ينافيها) كضحك (تفسد صلاته دون القوم المدركين) لتمام أركانها (وكذا تفسد صلاة من حاله كحاله) للمنافي في خلالها (وكذا) تفسد (صلاة الامام) الاول (المحدث إن لم يفرغ، فإن فرغ) بأن توضأ ولم يفته شئ لا تفسد في الاصح، لما مر أنه كمؤتم (وتفسد صلاة مسبوق) عند الامام (بقهقهة إمامه وحدثه العمد في) أي بعد (قعوده قدر التشهد) إلا إذا قيد ركعته بسجدة لتأكد انفراده.(1/658)
(ولو تكلم) إمامه (أو خرج من مسجده، لا) تفسد اتفاقا لانهما منهيان لا مفسدان، ولذا يلزم المدركين السلام، ويقومون في القهقهة بلا سلام (بخلاف المدرك) فإنه كالامام اتفاقا (ولو لاحقا، ففي فساد صلاته تصحيحان) صحح في السراج الفساد.
وفي الظهيرية عدمه.
وظاهر البحر والنهر تأييد الاول.
(ولو أحدث الامام) لا خصوصية له في هذا المقام (في ركوعه أو سجوده توضأ وبنى وأعادهما) في البناء على سبيل الفرض (ما لم يرفع رأسه) منهما
مريدا للاداء، أما إذا رفع رأسه (مريدا به أداء ركن فلا) يبني بل تفسد،(1/659)
ولو لم يرد الاداء فروايتان كما في الكافي.
وفي المجتبى: ويتأخر محدودبا ولا يرفع مستويا فتفسد (ولو تذكر) المصلي (في ركوعه أو سجوده) أنه ترك (سجدة) صلبية أو تلاوية فانحط من ركوعه بلا رفع، أو رفع من سجوده (فسجدها) عقب التذكر (أعادهما) أي الركوع والسجود (ندبا) لسقوطه بالنسيان، وسجد للسهو، ولو لآخرها لآخر صلاته قضاها فقط (ولو أم واحدا) فقط (فأحدث الامام) أي وخرج من المسجد وإلا فهو على إمامته كما مر (تعين المأموم للامامة لو صلح لها) أي لامامة الامام (بلا نية) لعدم المزاحم (وإلا) يصلح كصبي (فسدت صلاة(1/660)
المقتدي) اتفاقا (دون الامام على الاصح) لبقاء الامام إماما والمؤتم بلا إمام (هذا إذا لم يستخلفه، فإن استخلفه فصلاة الامام والمستخلف) كليهما (باطلة) اتفاقا (ولو أم) رجل (رجلا فأحدثا وخرجا من المسجد تمت صلاة الامام وبنى على صلاته، وفسدت صلاة المقتدي) لما مر.
(أخذه رعاف يمكث إلى انقطاعه ثم يتوضأ ويبني) لما مر.
باب ما يفسد الصلاة، وما يكره فيها عقب العارض الاضطراري بالاختياري (يفسدها التكلم) هو النطق بحرفين أو حرف مفهم: كع وق أمرا ولو استعطف كلبا أو هرة أو ساق حمارا لا تفسد لانه صوت لا هجاء له(1/661)
(عمده وسهوه قبل قعوده قدر التشهد سيان) وسواء كان ناسيا أو نائما أو جاهلا أو مخطئا أو مكرها هو المختار، وحديث رفع عن أمتي الخطأ محمول على رفع الاثم،(1/662)
وحديث ذي اليدين منسوخ بحديث مسلم إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الناس (إلا السلام ساهيا) للتحليل: أي للخروج من الصلاة (قبل إتمامها على ظن إكمالها)
فلا يفسد (بخلاف السلام على إنسان) للتحية، أو على ظن أنها ترويحة مثلا، أو سلم قائما في غير جنازة (فإنه يفسدها) مطلقا، وإن لم يقل عليكم (ولو ساهيا) فسلام التحية مفسد مطلقا، وسلام التحليل إن عمدا (ورد السلام) ولو سهوا (بلسانه) لا بيده، بل يكره على المعتمد، نعم(1/663)
لو صافح بنية السلام قالوا تفسد، كأنه لانه عمل كثير.
وفي النهر عن صدر الدين الغزي: سلامك مكروه على من ستسمع ومن بعد ما أبدى يسن ويشرع مصل وتال ذاكر ومحدث خطيب ومن يصغي إليهم وتسمع مكرر فقه جالس لقضائه ومن بحثوا في الفقه دعهم لينفعوا مؤذن أيضا أو مقيم مدرس كذا الاجنبيات الفتات أمنع ولعاب شطرنج وشبه بخلقهم ومن هو مع أهل له يتمتع(1/664)
ودع كافرا أيضا.
ومكشوف عورة ومن هو في حال التغوط أشنع ودع آكلا إلا إذا كنت جائعا وتعلم منه أنه ليس يمنع وقد زدت عليه: المتفقه على أستاذه كما في القنية، والمغني، ومطير الحمام، وألحقته فقلت: كذلك أستاذ مغن مطير فهذا ختام والزيادة تنفع وصرح في الضياء بوجوب الرد في بعضها وبعدمه في قوله: سلام عليكم،(1/665)
بجزم الميم (والتنحنح) بحرفين (بلا عذر) أما به بأن نشأ من طبعه فلا (أو) بلا (غرض صحيح) فلو لتحسين صوته أو ليهتدي إمامه أو للاعلام أنه في الصلاة فلا فساد على الصحيح(1/666)
(والدعاء بما يشبه كلامنا) خلافا للشافعي (والانين) هو قوله أه بالقصر (والتأوه) هو قوله آه بالمد (والتأفيف) أف أو تف (والبكاء بصوت) يحصل به حروف (لوجع أو مصيبة) قيد للاربعة إلا لمريض لا يملك نفسه عن أنين وتأوه، لانه حينئذ كعطاس وسعال وجشاء وتثاؤب، وإن حصل حروف للضرورة (لا لذكر جنة أو نار) فلو أعجبته قراءة الامام فجعل يبكي ويقول بلى أو نعم أو آرى لا تفسد.
سراجية(1/667)
لدلالته على الخشوع (و) يفسدها (تشميت عاطس) لغيره (بيرحمك الله، ولو من العاطس لنفسه لا) وبعكسه التأمين بعد التشميت (وجواب خبر) سوء (بالاسترجاع على المذهب)(1/668)
لانه بقصد الجواب صار ككلام الناس (وكذا) يفسدها (كل ما قصد به الجواب) كأن قيل: أمع الله إله؟ فقال: لا إله إلا الله، أو ما مالك؟ فقال - الخيل والبغال والحمير (النحل: 8) - أو من أين جئت؟ فقال - وبئر معطلة وقصر مشيد - (الحج: 54) (أو الخطاب ك) قوله لمن اسمه يحيى أو موسى (يا يحيى خذ الكتاب بقوة) (مريم: 12) أو - وما تلك بيمينك يا موسى (طه: 17) - (مخاطبا لمن اسمه ذلك) أو لمن بالباب - ومن دخله كان آمنا.
(آل عمران: 97).
فروع سمع اسم الله تعالى فقال جل جلاله، أو النبي (ص) فصلى عليه، أو قراءة الامام فقال: صدق الله ورسوله، تفسد إن قصد جوابه، لو سمع ذكر الشيطان فلعنه تفسد،(1/669)
وقيل لا، ولو حوقل لدفع الوسوسة: إن لامور الدنيا تفسد، لا لامور الآخرة، ولو سقط شئ من السطح فبسمل أو دعا لاحد أو عليه فقال: آمين، تفسد، ولا يفسد الكل عند الثاني.
والصحيح قولهما عملا بقصد المتكلم حتى لو امتثل أمر غيره فقيل له تقدم فتقدم، أو دخل فرجة الصف أحد فوسع له فسدت، بل يمكث ساعة ثم يتقدم برأيه.
قهستاني معزيا للزاهدي ومروياتي قنية.
وقيد بقصد الجواب، لانه لو لم يرد جوابه بل أراد إعلامه بأنه في الصلاة لا
تفسد اتفاقا، ابن ملك وملتقى (وفتحه على غير إمامه) إلا إذا أراد التلاوة وكذا الاخذ إلا إذا تذكر فتلا قبل تمام الفتح (بخلاف فتحه على إمامه) فإنه لا يفسد (مطلقا) لفاتح وآخذ بكل حال(1/670)
إلا إذا سمعه المؤتم من غير مصل ففتح به تفسد صلاة الكل، وينوي الفتح لا القراءة.
(ولو جرى على لسانه نعم) أو آرى (إن كان يعتادها في كلامه تفسد) لانه من كلامه (وإلا لا) لانه قرآن (وأكله وشربه مطلقا) ولو سمسمة ناسيا (إلا إذا كان بين أسنانه مأكول) دون الحمصة كما في الصوم هو الصحيح، قاله الباقاني (فابتلعه) أما المضغ فمفسد كسكر في فيه يبتلع ذوبه (و) يفسدها (انتقاله من صلاة إلى مغايرتها) ولو من وجه، حتى لو كان منفردا فكبر(1/671)
ينوي الاقتداء أو عكسه صار مستأنفا بخلاف نية الظهر بعد ركعة الظهر إلا إذا تلفظ بالنية فيصير مستأنفا مطلقا (وقراءته من مصحف) أي ما فيه قرآن (مطلقا) لانه تعلم، إلا إذا كان حافظا لما قرأه وقرأ بلا حمل، وقيل لا تفسد إلا بآية.
واستظهره الحلبي وجوزه الشافعي بلا كراهة وهما بها للتشبه بأهل الكتاب: أي إن قصده فإن التشبه بهم لا يكره في كل شئ، بل في المذموم(1/672)
وفيما يقصد به التشبه، كما في البحر.
(و) يفسدها (كل عمل كثير) ليس من أعمالها ولا لاصلاحها، وفيه أقوال خمسة، أصحها (ما لا يشك) بسببه (الناظر) من بعيد (في فاعله أنه ليس فيها) وإن شك أنه فيها أم لا فقليل، لكنه يشكل بمسألة المس والتقبيل، فتأمل(1/673)
(فلا تفسد برفع يديه في تكبيرات الزوائد على المذهب) وما روي من الفساد فشاذ (و) يفسدها (سجوده على نجس) وإن أعاده على طاهر في الاصح، بخلاف يديه وركبتيه على الظاهر (و) يفسدها (أداء ركن) حقيقة اتفاقا (أو تمكنه) منه بسنة، وهو قدر ثلاث تسبيحات (مع كشف
عورة أو نجاسة) مانعة أو وقوع لزحمة في صف نساء أو أمام إمام (عند الثاني) وهو المختار في الكل لانه أحوط، قاله الحلبي (وصلاته على مصلى مضرب نجس البطانة) بخلاف غير مضرب(1/674)
ومبسوط على نجس إن لم يظهر لون أو ريح (وتحويل صدره عن القبلة) اتفاقا (بغير عذر) فلو ظن حدثه فاستدبر القبلة ثم علم عدمه إن قبل خروجه من المسجد لا تفسد وبعده فسدت.
فروع مشى مستقبل القبلة، هل تفسد إن قدر صف ثم وقف قدر ركن ثم مشى ووقف(1/675)
كذلك وهكذا لا تفسد، وإن كثر ما لم يختلف المكان، وقيل لا تفسد حالة العذر ما لم يستدبر القبلة استحسانا، ذكره القهستاني.
وهل يشترط في المفسد الاختبار في الخبازية: نعم.
وقال(1/676)
الحلبي: لا، فإن من دفع أو جذبته الدابة خطوات أو وضع عليها أو أخرج من مكان الصلاة أو مص ثديها ثلاثا أو مرة ونزل لبنها أو مسها بشهوة أو قبلها بدونها فسدت، لا لو قبلته ولم يشتهها، والفرق أن في تقبيله معنى الجماع.
معه حجر فرمى به طائرا لم تفسد، ولو إنسانا تفسد كضرب ولو مرة، لانه مخاصمة أو تأديب أو ملاعبة، وهو عمل كثير، ذكره الحلبي.(1/677)
بقي من المفسدات: ارتداد بقلبه، وموت وجنون وإغماء، وكل موجب لوضوء أو غسل، وترك ركن بلا قضاء وشرط بلا عذر، ومسابقة المؤتم بركن لم يشاركه فيه إمامه، كأن ركع ورفع رأسه قبل إمامه ولم يعده معه أو بعده(1/678)
وسلم مع الامام، ومتابعة المسبوق إمامه في سجود السهو بعد تأكد انفراده، أما قبله فتجب متابعته وعدم إعادته الجلوس الاخير بعد أداء سجده صلبية أو تلاوية تذكرها بعد الجلوس،
وعدم إعادة ركن أداه نائما، وقهقهة إمام المسبوق بعد الجلوس الاخير.
ومنها مد الهمز في التكبير كما مر، ومنها القراءة بالالحان إن غير المعنى وإلا لا، إلا في حرف مد ولين إذا فحش وإلا لا.
بزازية.
ومنها زلة القارئ(1/679)
فلو في إعراب أو تخفيف مشدد وعكسه،(1/680)
أو بزيادة حرف فأكثر نحو: الصراط الذين، أو بوصل حرف بكلمة نحو: إيا كنعبد، أو بوقف وابتداء لم تفسد وإن غير المعنى، به يفتى.
بزازية.
إلا تشديد رب العالمين، وإياك نعبد فبتركه تفسد، ولو زاد كلمة أو نقص كلمة(1/681)
أو نقص حرفا، أو قدمه أو بدله بآخر نحو: من ثمره إذا أثمر واستحصد - تعالى جد ربنا - انفرجت - بدل - انفجرت - أياب بدل - أواب - لم تفسد ما لم يتغير المعنى إلا ما يشق تمييزه كالضاد والظاء فأكثرهم لم يفسدها، وكذا لو كرر كلمة، وصحح الباقاني الفساد إن غير المعنى(1/682)
نحو: رب رب العالمين للاضافة، كما لو بدل كلمة بكلمة وغير المعنى نحو: إن الفجار لفي جنات، وتمامه في المطولات.
(ولا يفسدها نظره إلى مكتوب وفهمه) ولو مستفهما وإن كره (ومرور مار في الصحراء أو في مسجد كبير بموضع سجوده) في الاصح (أو) مروره (بين يديه) إلى حائط القبلة(1/683)
(في) بيت و (مسجد) صغير، فإنه كبقعة واحدة (مطلقا) ولو امرأة أو كلبا (أو) مروره (أسفل من الدكان أمام المصلي لو كان يصلي عليها) أي الدكان (بشرط محاذاة بعض أعضاء المار بعض أعضائه، وكذا سطح وسرير وكل مرتفع) دون قامة المار، وقيل دون السترة كما في غرر
الاذكار (وإن أثم المار)(1/684)
لحديث البزار لو يعلم المار ماذا عليه من الوزر لوقف أربعين خريفا (في ذلك) المرور لو بلا حائل ولو ستارة ترتفع إذا سجد وتعود إذا قام، ولو كان فرجة فللداخل أن يمر على رقبة(1/685)
من لم يسدها، لانه أسقط حرمة نفسه، فتنبه (ويغرز) ندبا.
بدائع (الامام) وكذا المنفرد (في الصحراء) ونحوها (سترة بقدر ذراع) طولا (وغلظ أصبع) لتبدو للناظر (بقربه) دون ثلاثة أذرع (على) حذاء (أحد حاجبيه) لا بين عينيه والايمن أفضل (ولا يكفي الوضع ولا الخط) وقيل(1/686)
يكفي فيخط طولا، وقيل كالمحراب (ويدفعه) هو رخصة، فتركه أفضل بدائع.
قال الباقاني: فلو ضربه فمات لا شئ عليه عند الشافعي رضي الله عنه، خلافا لنا على ما يفهم من كتبنا (بتسبيح) أو جهر بقراءة (أو إشارة) ولا يزاد عليها عندنا.
قهستاني (لا بهما) فإنه يكره،(1/687)
والمرأة تصفق لا ببطن على بطن، ولو صفق أو سبحت لم تفسد وقد تركا السنة.
تاترخانية (وكفت سترة الامام) للكل (ولو عدم المرور والطريق جاز تركها) وفعلها أولى (وكره) هذه تعم التنزيهية التي مرجعها خلاف الاولى فالفارق الدليل، فإن نهيا ظني الثبوت ولا صارف(1/688)
فتحريمية، وإلا فتنزيهية (سدل) تحريما للنهي (ثوبه) أي إرساله بلا لبس معتاد، وكذا القباء بكم إلى وراء، ذكره الحلبي، كشد ومنديل يرسله من كتفيه، فلو من أحدهما لم يكره كحالة عذر وخارج صلاته في الاصح.
وفي الخلاصة: إذا لم يدخل يده في كم الفرجي المختار أنه لا يكره.
وهل يرسل الكم أو يمسك؟ خلاف، والاحوط الثاني.
قهستاني (و) كره (كفه) أي(1/689)
رفعه ولو لتراب كمشمر كم أو ذيل (وعبثه به) أي بثوبه (وبجسده) للنهي إلا لحاجة، ولا بأس به خارج صلاة (وصلاته في ثياب بذلة) يلبسها في بيته (ومهنة) أي خدمة، إن له غيرها وإلا لا (وأخذ درهم) ونحوه (في فيه لم يمنعه من القراءة)(1/690)
فلو منعه تفسد (وصلاته حاسرا) أي كاشفا (رأسه للتكاسل) ولا بأس به للتذلل، وأما للاهانة بها فكفر، ولو سقطت قلنسوته فإعادتها أفضل، إلا إذا احتاجت لتكوير أو عمل كثير (وصلاته مع مدافعة الاخبثين) أو أحدهما (أو لريح) للنهي (وعقص شعره) للنهي عن كفه ولو بجمعه أو(1/691)
إدخال أطرافه في أصوله قبل الصلاة، أما فيها فيفسد (وقلب الحصى) للنهي (إلا لسجوده) التام فيرخص (مرة) وتركها أولى (وفرقعة الاصابع) وتشبيكها ولو منتظرا لصلاة أو ماشيا إليها للنهي، ولا يكره خارجها لحاجة (والتخصر) وضع اليد على الخاصرة للنهي (ويكره خارجها) تنزيها (والالتفات بوجهه) كله (أو بعضه) للنهي(1/692)
وببصره يكره تنزيها، وبصدره تفسد كما مر (وقيل) قائله قاضيخان (تفسد بتحويله، والمعتمد لا، وإقعاؤه) كالكلب للنهي (وافتراش الرجل ذراعيه) للنهي (وصلاته إلى وجه إنسان)(1/693)
ككراهة استقباله فالاستقبال لو من المصلي فالكراهة عليه، وإلا فعلى المستقبل ولو بعيدا ولا حائل (ورد السلام بيده) أو برأسه كما مر.
فرع: لا بأس بتكليم المصلي وإجابته برأسه كما لو طلب منه شئ، أو أري درهما وقيل أجيد؟ فأومأ بنعم أو لا، أو قيل كم صليتم؟ فأشار بيده أنهم صلوا ركعتين، أما لو قيل له تقدم فتقدم أو دخل أحد الصف (و) كره فوسع له فورا فسدت.
ذكره الحلبي وغيره، خلافا لما مر عن البحر (و) كره (التربع) تنزيها لترك الجلسة المسنونة (بغير عذر) ولا يكره خارجا، لانه عليه الصلاة والسلام كان جل جلوسه مع أصحابه التربع وكذا عمر رضي الله تعالى عنه (والتثاؤب)(1/694)
ولو خارجها.
ذكره مسكين لانه من الشيطان، والانبياء محفوظون منه (وتغميض عينيه) للنهي إلا لكمال الخشوع (وقيام الامام في المحراب، لا سجوده فيه) وقدماه خارجه لان العبرة للقدم (مطلقا) وإن لم يتشبه حال الامام إن علل بالتشبه وإن بالاشتباه ولا اشتباه، فلا اشتباه في(1/695)
نفي الكراهة (وانفراد الامام على الدكان) للنهي، وقدر الارتفاع بذراع، ولا بأس بما دونه، وقيل ما يقع به الامتياز وهو الاوجه.
ذكره الكمال وغيره (وكره عكسه) في الاصح، وهذا كله (عند عدم العذر) كجمعة وعيد، فلو قاموا على الرفوف والامام على الارض أو في المحراب(1/696)
لضيق المكان، لم يكره لو كان معه بعض القوم في الاصح، وبه جرت العادة في جوامع المسلمين، ومن العذر إرادة التعليم أو التبليغ كما بسط في البحر، وقدمنا كراهة القيام في صف خلف صف فيه فرجة للنهي، وكذا القيام منفردا، وإن لم يجد فرجة، بل يجذب أحدا من الصف.
ذكره ابن الكمال، لكن قالوا: في زماننا: تركه أولى، فلذا قال في البحر: يكره وحده إلا إذا لم يجد فرجة (ولبس ثوب فيه تماثيل) ذي روح، وأن يكون(1/697)
فوق رأسه أو بين يديه أو (بحذائه) يمنة أو يسرة أو محل سجوده (تمثال) ولو في وسادة منصوبة لا مفروشة.
(واختلف فيما إذا كان) التمثال (خلفه، والاظهر الكراهة) (و) لا يكره (لو كانت تحت قدميه) أو محل جلوسه لانها مهانة (وفي يده) عبارة الشمني بدنه لانها مستورة بثيابه (أو على خاتمه) بنقش غير مستبين.
قال في البحر: ومفاده كراهة المستبين لا المستتر بكيس أو(1/698)
صرة أو ثوب آخر، وأقره المصنف (أو كانت صغيرة) لا تتبين تفاصيل أعضائها للناظر قائما،
وهي على الارض، ذكره الحلبي (أو مقطوعة الرأس أو الوجه) أو ممحوة عضو لا تعيش بدونه (أو لغير ذي روح لا) يكره، لانها لا تعبد، وخبر جبريل مخصوص بغير المهانة كما بسطه ابن الكمال.(1/699)
واختلف المحدثون في امتناع ملائكة الرحمة بما على النقدين، فنفاه عياض، وأثبته النووي.
(و) كره تنزيها (عد الآي والسور والتسبيح باليد في الصلاة مطلقا)(1/700)
ولو نفلا.
أما خارجها فلا يكره، كعده بقلبه أو بغمزه أنامله، وعليه يحمل ما جاء من صلاة التسبيح.
فرع لا بأس باتخاذ المسبحة لغير رياء، كما بسط في البحر.
(لا) يكره (قتل حية أو عقرب) إن خاف الاذى، إذ الامر للاباحة، لانه منفعة لنا، فالاولى ترك الحية البيضاء لخوف(1/701)
الاذى (مطلقا) ولو بعمل كثير على الاظهر، لكن صحح الحلبي الفساد.
(و) لا يكره (صلاة إلى ظهر قاعد) أو قائم ولو (يتحدث) إلا إذا خيف الغلط بحديثه (و) لا إلى (مصحف أو سيف مطلقا أو شمع أو سراج) أو نار توقد، لان المجوس إنما تعبد الجمر، لا النار الموقدة - قنية(1/702)
(أو على بساط فيه تماثيل إن لم يسجد عليها) لما مر.
فروع يكره اشتمال الصماء والاعتجار والتلثم والتنخم وكل عمل قليل بلا عذر، كتعرض لقملة قبل الاذى، وترك كل سنة ومستحب،(1/703)
وحمل الطفل، وما ورد نسخ بحديث إن في الصلاة لشغلا.(1/704)
ويباح قطعها لنحو قتل حية، وند دابة، وفور قدر، وضياع ما قيمته درهم، له أو لغيره.
ويستحب لمدافعة الاخبثين، وللخروج من الخلاف إن لم يخف فوت وقت أو جماعة.
ويجب لاغاثة ملهوف وغريق وحريق، لا لنداء أحد أبويه بلا استغاثة إلا في النفل، فإن علم أنه يصلي لا بأس أن لا يجيبه، وإن لم يعلم أجابه.(1/705)
(ويكره) تحريما (استقبال القبلة بالفرج) ولو (في الخلاء) بالمد: بيت التغوط، وكذا استدبارها (في الاصح كما كره) لبالغ (إمساك صبي) ليبول (نحوها، و) كما كره (مد رجليه في نوم أو غيره إليها) أي عمدا لانه إساءة أدب، قاله منلا ناكير (أو إلى مصف أو شئ من الكتب الشرعية، إلا أن يكون على موضع مرتفع عن المحاذاة) فلا يكره، قاله الكمال (و) كما(1/706)
كره (غلق باب المسجد) إلا لخوف على متاعه، به يفتى.
(و) كرهه تحريما (الوطئ فوقه، والبول والتغوط) لانه مسجد إلى عنان السماء (واتخاذه طريقا بغير عذر) وصرح في القنية بفسقه باعتياده (وإدخال نجاسة فيه) وعليه (فلا يجوز الاستصباح بدهن نجس فيه) ولا تطيينه بنجس (ولا البول) والفصد (فيه ولو في إناء) ويحرم إدخال صبيان ومجانين حيث غلب تنجيسهم، وإلا فيكره.(1/707)
وينبغي لداخله تعاهد نعله وخفه، وصلاته فيهما أفضل (لا) يكره ما ذكر (فوق بيت) جعل (فيه مسجد) بل ولا فيه، لانه ليس بمسجد شرعا.
(و) أما (المتخذ لصلاة جنازة أو عيد) فهو (مسجد في حق جواز الاقتداء) وإن انفصل الصفوف رفقا بالناس (لا في حق غيره) به يفتى.
نهاية (فحل دخوله لجنب وحائض) كفناء
مسجد ورباط ومدرسة ومساجد حياض وأسواق لا قوارع.(1/708)
(ولا بأس بنقشه خلا محرابه) فإنه يكره، لانه يلهي المصلي.
ويكره التكلف بدقائق النقوش ونحوها خصوصا في جدار القبلة.
قاله الحلبي.
وفي حظر المجتبى: وقيل يكره في المحراب دون السقف والمؤخر انتهى.
وظاهره أن المراد بالمحراب جدار القبلة، فليحفظ (بجص وماء ذهب) لو (بماله) الحلال (لا من مال الوقف) فإنه حرام (وضمن متوليه لو فعل) النقش أو البياض، إلا إذا خيف طمع الظلمة فلا بأس به.
كافي، وإلا إذا كان لاحكام البناء، أو الواقف فعل مثله لقولهم: إنه يعمر الوقف كما كان، وتمامه في البحر.
فروع: أفضل المساجد مكة، ثم المدينة،(1/709)
ثم القدس، ثم قبا، ثم الاقدم، ثم الاعظم، ثم الاقرب، ومسجد أستاذه لدرسه أو لسماع الاخبار.
أفضل اتفاقا، ومسجد حيه أفضل من الجامع.(1/710)
والصحيح أن ما ألحق بمسجد المدينة ملحق به في الفضيلة، نعم تحري الاول أولى، وهو مائة في مائة ذراع، ذكره منلا على شرح لباب المناسك.
ويحرم فيه السؤال، ويكره الاعطاء مطلقا، وقيل: إن تخطى، وإنشاد ضالة، أو شعر إلا ما فيه ذكر، ورفع صوت بذكر، إلا للمتفقهة،(1/711)
والوضوء فيما أعد لذلك، وغرس الاشجار إلا لنفع كتقليل نز، وتكون للمسجد، وأكل ونوم، إلا لمعتكف وغريب، وأكل نحو ثوم، ويمنع منه، وكذا كل مؤذ ولو بلسانه،(1/712)
وكل عقد إلا لمعتكف بشرطه، والكلام المباح، وقيده في الظهيرية بأن يجلس لاجله، لكن
النقش أو البياض، إلا إذا خيف طمع الظلمة فلا بأس به.
كافي، وإلا إذا كان لاحكام البناء، أو الواقف فعل مثله لقولهم: إنه يعمر الوقف كما كان، وتمامه في البحر.
فروع: أفضل المساجد مكة، ثم المدينة،(1/713)
ثم القدس، ثم قبا، ثم الاقدم، ثم الاعظم، ثم الاقرب، ومسجد أستاذه لدرسه أو لسماع الاخبار.
أفضل اتفاقا، ومسجد حيه أفضل من الجامع.(1/710)
والصحيح أن ما ألحق بمسجد المدينة ملحق به في الفضيلة، نعم تحري الاول أولى، وهو مائة في مائة ذراع، ذكره منلا على شرح لباب المناسك.
ويحرم فيه السؤال، ويكره الاعطاء مطلقا، وقيل: إن تخطى، وإنشاد ضالة، أو شعر إلا ما فيه ذكر، ورفع صوت بذكر، إلا للمتفقهة،(1/711)
والوضوء فيما أعد لذلك، وغرس الاشجار إلا لنفع كتقليل نز، وتكون للمسجد، وأكل ونوم، إلا لمعتكف وغريب، وأكل نحو ثوم، ويمنع منه، وكذا كل مؤذ ولو بلسانه،(1/712)
وكل عقد إلا لمعتكف بشرطه، والكلام المباح، وقيده في الظهيرية بأن يجلس لاجله، لكن في النهر الاطلاق أوجه، وتخصيص مكان لنفسه، وليس له إزعاج غيره منه ولو مدرسا،(1/713)
وإذا ضاق فللمصلي إزعاج القاعد ولو مشتغلا بقراءة أو درس، بل ولاهل المحلة منع من ليس منهم عن الصلاة فيه، ولهم نصب متول وجعل المسجدين واحدا وعكسه لصلاة لا لدرس، أو ذكر في المسجد عظة وقرآن، فاستماع العظة أولى، ولا ينبغي الكتاب على جدرانه، ولا بأس برمي عش خفاش وحمام لتنقيته.(1/714)
الدر المختار - الحصفكي ج 2
الدر المختار
الحصفكي ج 2(2/)
الدر المختار شرح تنوير الابصار في فقه مذهب الامام ابي حنيفة النعمان لخاتمة المحققين محمد امين الشهير بابن عابدين طبعة جديدة منفحه مصححة اشراف مكتبة البحوث والدراسات الجزء الثاني دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع(2/1)
جميع حقوق اعدة الطبع محفوظة للناشر 1415 ه / 1995 م بيروت لبنان دار الفكر: حارة حريك - شارع عبد النور - برقيا: فكسي - تلكس: 41392 فكر ص.
ب 7061 / 11 - تلفون: 643681 - 838053 - 837898 - دولي: 860962 فاكس: 2124187875 - 001(2/2)
بسم الله الرحمن الرحيم " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ".
" حديث شريف " باب الوتر والنوافل كل سنة نافلة، ولا عكس (هو فرض عملا وواجب اعتقادا(2/3)
وسنة ثوبتا) بهذا وفقوا بين الروايات، وعليه (فلا يكفر) بضم فسكون: أي لا ينسب إلى الكفر(2/4)
(جاحده وتذكره في الفجر مفسد له، كعكسه) بشرطه خلافا لهما (و) لكنه (يقضي) ولا يصح قاعدا ولا راكبا اتفاقا (وهو ثلاث ركعات بتسليمة) كالمغرب، حتى لو نسي القعود لا يعود، ولو عاد ينبغي الفساد كما سيجئ (و) لكنه (يقرأ في كل ركعة منه فاتحة الكتاب وسورة)(2/5)
احتياطا، والسنة السور الثلاث، وزيادة المعوذتين لم يخترها الجمهور (ويكبر قبل ركوع ثالثته رافعا يديه) كما مر، ثم يعتمد، وقيل كالداعي (وقنت فيه) ويسن الدعاء المشهور، ويصلي(2/6)
على النبي (ص)، به يفتى، وصح الجد بالكسر بمعنى الحق، ملحق بمعنى لاحق، ونحفد بدال مهملة بمعنى نسرع، فإن قرأ بذال معجمة فسدت.
خانية.
كأنه لانه كلمة مهملة (مخافتا على الاصح مطلقا) ولو إماما، لحديث خير الدعاء الخفي (وصح الاقتداء فيه) ففي غيره أولى إن لم يتحقق منه ما يفسدها في اعتقاده في الاصح،(2/7)
كما بسطه في البحر (بشافعي) مثلا (لم يفصله بسلام) لا إن فصله (على الاصح) فيهما للاتحاد، وإن اختلف الاعتقاد (و) لذا (ينوي الوتر(2/8)
لا الوتر الواجب كما في العيدين) للاختلاف (ويأتي المأموم بقنوت الوتر) ولو بشافعي، يقنت بعد الركوع لانه مجتهد فيه (لا الفجر) لانه منسوخ (بل يقف ساكتا على الاظهر) مرسلا يديه.
(ولو نسيه) أي القنوت (ثم تذكره في الركوع لا يقنت) فيه لفوات محله.(2/9)
(ولا يعود إلى القيام) في الاصح، لان فيه رفض الفرض للواجب (فإن عاد إليه وقنت ولم يعد الركوع لم تفسد صلاته) لكون ركوعه بعد قراءة تامة (وسجد للسهو) قنت أو لا لزواله عن محله (ركع الامام قبل فراغ المقتدي) من القنوت قطعه و (تابعه) ولو لم يقرأ منه شيئا تركه إن خاف فوت الركوع معه، بخلاف التشهد لان المخالفة فيما هو من الاركان أو الشرائط مفسدة، لا في(2/10)
غيرها.
درر (قنت في أولى الوتر أو ثانيته سهوا لم يقنت في ثالثته) أما لو شك أنه في ثانيته أو ثالثته كرره مع القعود في الاصح.
والفرق أن الساهي قنت على أنه موضع القنوت فلا يتكرر، بخلاف الشاك، ورجح الحلبي تكراره لهما، وأما المسبوق فيقنت مع إمامه فقط، ويصير مدركا بإدراك ركوع الثالثة (ولا يقنت لغيره) إلا لنازلة فيقنت الامام في الجهرية،(2/11)
وقيل في الكل.
فائدة: خمس يتبع فيها الامام: قنوت، وقعود أول، وتكبير عيد، وسجدة تلاوة، وسهو.
وأربعة لا يتبع فيها: زيادة تكبيرة عيد، أو جنازة، وركن، وقيام لخامسة،(2/12)
وثمانية تفعل مطلقا: الرفع لتحريمة، والثناء، وتكبير انتقال، وتسميع، وتسبيح، وتشهد، وسلام، وتكبير تشريق.
(وسن) مؤكدا (أربع قبل الظهر و) أربع قبل (الجمعة و) أربع (بعدها بتسليمة) فلو بتسليمتين لم تنب عن السنة، ولذا لو نذرها لا يخرج عنه بستليمتين وبعكسه يخرج (وركعتان(2/13)
قبل الصبح وبعد الظهر والمغرب والعشاء) شرعت البعدية لجبر النقصان، والقبلية لقطع طمع الشيطان (ويستحب أربع قبل العصر، وقبل العشاء وبعدها بتسليمة) وإن شاء ركعتين وكذا بعد الظهر لحديث الترمذي (من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار)
(وست بعد المغرب) ليكتب من الاوابين (بتسليمة) أو اثنتين أو ثلاث، والاول أدوم وأشق، وهل تحسب المؤكدة من المستحب ويؤدي الكل بتسليمة واحدة؟ اختار الكمال: نعم،(2/14)
وحرر إباحة ركعتين خفيفتين قبل المغرب، وأقره في البحر والمصنف.
(و) السنن (آكدها سنة الفجر) اتفاقا، ثم الاربع قبل الظهر في الاصح، لحديث من تركها لم تنله شفاعتي ثم الكل سواء (وقيل بوجوبها، فلا تجوز صلاتها قاعدا) ولا راكبا اتفاقا (بلا عذر) على الاصح، ولا يجوز تركها لعالم صار مرجعا في الفتاوى (بخلاف باقي السنن)(2/15)
فله تركها لحاجة الناس إلى فتواه (ويخشى الكفر على منكرها وتقضى) إذا فاتت معه، بخلاف الباقي.
(ولو صلى ركعتين تطوعا مع ظن أن الفجر لم يطلع فإذا هو طالع) أو صلى أربعا فوقع ركعتان بعد طلوعه (لا تجزيه عن ركعتيها على الاصح) تجنيس.
لان السنة ما واظب عليه الرسول بتحريمة مبتدأة.
(وتكره الزيادة على أربع في نفل النهار، وعلى ثمان ليلا بتسليمة) لانه لم يرد(2/16)
(والافضل فيهما الرباع بتسليمة) وقالا: في الليل المثنى أفضل، قيل وبه يفتى (ولا يصلي على النبي (ص) في القعدة الاولى في الاربع قبل الظهر والجمعة وبعدها) ولو صلى ناسيا فعليه السهو، وقيل لا.
شمني (ولا يستفتح إذا قام إلى الثالثة منها) أشبهت الفريضة (وفي البواقي من ذوات الاربع يصلي على النبي) (ص) (ويستفتح) ويتعوذ ولو نذرا، لان كل شفع صلاة (وقيل) لا يأتي في الكل وصححه في القنية.(2/17)
(وكثرة الركوع والسجود أحب من طول القيام) كما في المجتبى، ورجحه في البحر،
لكن نظر فيه في النهر من ثلاثة أوجه.
ونقل عن المعراج أن هذا قول محمد، وأن مذهب الامام أفضلية القيام، وصححه في البدائع.
قلت: وهكذا رأيته بنسختي المجتبى معزيا لمحمد فقط، فتنبه.(2/18)
وهل طول قيام الاخرس أفضل كالقارئ؟ لم أره.
(ويسن تحية) رب (المسجد، وهي ركعتان، وأداء الفرض) أو غيره، وكذا دخوله بنية فرض أو اقتداء (ينوب عنها) بلا نية،(2/19)
وتكفيه لكل يوم مرة، ولا تسقط بالجلوس عندنا.
بحر.
قلت: وفي الضياء عن القوت: من لم يتمكن منها لحدث أو غيره يقول ندبا كلمات(2/20)
التسبيح الاربع أربعا.
(ولو تكلم بين السنة والفرض لا يسقطها ولكن ينقص ثوابها) وقيل تسقط (وكذا كل عمل ينافي التحريمة على الاصح) قنية.
وفي الخلاصة: لو اشتغل ببيع أو شراء أو أكل أعادها وبلقمة أو شربة لا تبطل، ولو جئ بطعام، إن خاف ذهاب حلاوته أو بعضها تناوله ثم سنن، إلا إذا خاف فوت الوقت، ولو أخرها لآخر الوقت لا تكون سنة، وقيل تكون.
فروع: الاسفار بسنة الفجر أفضل، وقيل لا.
نذر السنن وأتى بالمنذور(2/21)
فهو السنة، وقيل لا.
أراد النوافل ينذرها ثم يصليها، وقيل لا.
ترك السنن إن رآها حقا أتم،(2/22)
وإلا كفر.
والافضل في النفل غير التراويح المنزل إلا لخوف شغل عنها، والاصح أفضلية ما
كان أخشع وأخلص.
(وندب ركعتان بعد الوضوء) يعني قبل الجفاف كما في الشرنبلالية عن المواهب (و)(2/23)
ندب (أربع فصاعدا في الضحى) على الصحيح من بعد الطلوع إلى الزوال، ووقتها المختار بعد ربع النهار.
وفي المنية: أقلها ركعتان، وأكثرها اثنتا عشرة، وأوسطها ثمان، وهو أفضلها كما في الذخائر الاشرفية، لثبوته بفعله وقوله عليه الصلاة والسلام.
وأما أكثرها فبقوله فقط، وهذا لو صلى الاكثر بسلام واحد، أما لو فصل فكل ما زاد أفضل كما أفاده ابن حجر في شرح البخاري.(2/24)
ومن المندوبات ركعتا السفر والقدوم منه وصلاة الليل،(2/25)
وأقلها على ما في الجوهرة ثمان، ولو جعله أثلاثا فالاوسط أفضل، ولو أنصافا فالاخير(2/26)
أفضل.
وإحياء ليلة العيدين، والنصف من شعبان، والعشر الاخير من رمضان، والاول من ذي الحجة، ويكون بكل عبادة تعم الليل أو أكثره.
ومنها ركعتا الاستخارة(2/27)
وأربع صلاة التسبيح بثلاثمائة تسبيحة، وفضلها عظيم.(2/28)
وأربع صلاة الحاجة، قيل وركعتان.
وفي الحاوي أنها اثنا عشرة بسلام واحد، وبسطناه في الخزائن.(2/29)
(وتفرض القراءة) عملا (في ركعتي الفرض) مطلقا أو تعيين الاوليين فواجب على
المشهور (وكل النفل) للمنفرد لان كل شفع صلاة، لكنه لا يعم المؤكدة، فتأمل (و) كل(2/30)
(الوتر) احتياطا (ولزم نفل شرع فيه) بتكبيرة الاحرام أو بقيام الثالثة شروعا صحيحا (قصدا) إلا إذا شرع متنفلا خلف مفترض ثم قطعه واقتدى ناويا ذلك الفرض بعد تذكره، أو تطوعا آخر، أو في صلاة ظان، أو أمي، أو امرأة، أو محدث:(2/31)
يعني وأفسده في الحال، أما لو اختار المضي ثم أفسده لزمه القضاء (ولو عند غروب وطلوع واستواء) على الظاهر (فإن أفسده حرم) لقوله تعالى: * (ولا تبطلوا أعمالكم) * (إلا بعذر، ووجب قضاؤه) ولو فساده بغير فعله، كمتيمم رأى ماء، ومصلي أو صائمة حاضت.
واعلم أن ما يجب على العبد بالتزامه نوعان: ما يجب بالقول وهو النذر وسيجئ.
وما يجب بالفعل، وهو الشروع في النوافل، ويجمعها قوله:(2/32)
من النوافل سبع تلزم الشارع أخذا لذلك مما قاله الشارع صوم صلاة طواف حجه رابع عكوفه عمرة إحرامه السابع (وقضى ركعتين لو نوى أربعا) غير مؤكدة على اختيار الحلبي وغيره (ونقض في) خلال (الشفع الاول أو الثاني)(2/33)
أي وتشهد للاول، وإلا يفسد الكل اتفاقا، والاصل أن كل شفع صلاة إلا بعارض اقتداء أو نذر أو ترك قعود أول (كما) يقضي ركعتين (لو ترك القراءة في شفعيه أو تركها(2/34)
في الاول) فقط (أو الثاني أو إحدى) ركعتي (الثاني أو إحدى) ركعتي (الاول أو الاول وإحدى الثاني لا غير) لان الاول لما بطل لم يصح بناء الثاني عليه، فهذه تسع صور للزوم ركعتين (و)(2/35)
قضى (أربعا) في ست صور (لو ترك القراءة في إحدى كل شفع أو في الثاني وإحدى الاول) وبصورة القراءة في الكل تبلغ ستة عشر، لكن بقي ما إذا لم يقعد، أو قعد ولم يقم لثالثة، أو قام ولم يقيدها بسجدة أو قيدها،(2/36)
فتنبه، وميز المتداخل، وحكم مؤتم ولو في تشهد كإمام.
(ولا قضاء لو) نوى أربعا و (قعد قدر التشهد ثم نقض) لان لم يشرع في الثاني.
(أو شرع) في فرض (ظانا أنه عليه) فذكر أداءه انقلب نفلا غير مضمون لانه شرع مسقطا لا ملتزما (أو) صلى أربعا فأكثر و (لم يقعد بينهما) استحسانا، لانه بقيامه جعلها صلاة واحدة فتبقى واجبة، والخاتمة هي الفريضة.
وفي التشريح: صلى ألف ركعة ولم يقعد إلا في آخرها صح،(2/37)
خلافا لمحمد، ويسجد للسهو، ولا يثني ولا يتعوذ، فليحفظ (ويتنفل مع قدرته على القيام قاعدا) لا مضطجعا إلا بعذر (ابتداء، و) كذا (بناء) بناء الشروع بلا كراهة في الاصح كعكسه.
بحر.
وفيه أجر غير النبي (ص)(2/38)
على النصف إلا بعذر (ولا يصلي بعد صلاة) مفروضة (مثلها) في القراءة أو في الجماعة، أو لا تعاد عند توهم الفساد للنهي: وما نقل أن الامام قضى صلاة عمره، فإن صح نقول: كان(2/39)
يصلي المغرب والوتر أربعا بثلاث قعدات (ويقعد) في كل نفله (كما في التشهد على المختار، و) يتنفل المقيم (راكبا خارج المصر) محل القصر (مومئا) فلو سجد اعتبر إيماء لانها إنما شرعت بالايماء(2/40)
(إلى أي جهة توجهت دابته) ولو ابتداء عندنا أو على سرجه نجس كثير عند الاكثر، ولو سيرها بعمل قليل لا بأس به (ولو افتتح) النفل (راكبا ثم نزل بنى، وفي عكسه لا) لان الاول أدى أكمل مما وجب، والثاني بعكسه (ولو افتتحها خارج المصر ثم دخل المصر أتم على الدابة) بإيماء (وقيل لا) بل ينزل وعليه الاكثر، قاله الحلبي.
وقيل يتم راكبا ما لم يبلغ منزله.
قهستاني.
ويبني قائما إلى القبلة أو قاعدا، ولو ركب تفسد لانه عمل كثير، بخلاف النزول(2/41)
(ولو صلى على دابة في) شق (محمل وهو يقدر على النزول) بنفسه (لا تجوز الصلاة عليها إذا كانت واقفة، إلا أن تكون عيدان المحمل على الارض) بأن ركز تحته خشبة (وأما الصلاة على العجلة إن كان طرف العجلة على الدابة وهي تسير أو لا) تسير (فهي صلاة على الدابة، فتجوز في حالة العذر) المذكور في التيمم (لا في غيرها) ومن العذر المطر، وطين يغيب فيه الوجه(2/42)
وذهاب الرفقاء، ودابة لا تركب إلا بعناء أو بمعين ولو محرما، لان قدرة الغير لا تعتبر(2/43)
حتى لو كان مع أمه مثلا في شقي محمل، وإذا نزل لم تقدر تركب وحدها جاز له أيضا كما أفاده في البحر، فليحفظ (وإن لم يكن طرف العجلة على الدابة جاز) لو واقفة لتعليلهم بأنها كالسرير (هذا) كله (في الفرض) والواجب بأنواعه وسنة الفجر بشرط إيقافها للقبلة إن أمكنه، وإلا فبقدر الامكان لئلا يختلف بسيرها المكان (وأما في النفل فتجوز على المحمل والعجلة(2/44)
مطلقا) فرادى لا بجماعة إلا على دابة واحدة، ولو جمع بين نية فرض ونفل ولو تحية (رجح الفرض) لقوته.
وأبطلها محمد والائمة الثلاثة (ولو نذر ركعتين بغير طهر لزماه به عنده) أي أبي يوسف، كما لو نذر بغير قراءة أو عريانا أ ركعة، وكذا نصف ركعة عند أبي يوسف، وهو المختار (وأهدره الثالث) أي محمد (أو) نذر عبادة (في مكان كذا فأداه في أقل من شرفه جاز)
لان المقصود القربة خلافا لزفر والثلاثة (ولو نذرت عبادة) كصوم وصلاة (في غد فحاضت فيه يلزمها قضاؤها) لانه يمنع الاداء لا الوجوب (ولو) نذرتها (يوم حيضها لا) لانه نذر بمعصية.(2/45)
(التراويح سنة) مؤكدة لمواظبة الخلفاء الراشدين (للرجال والنساء) إجماعا (ووقتها بعد صلاة العشاء) إلى الفجر (قبل الوتر وبعده) في الاصح،(2/46)
فلو فاته بعضها وقام الامام إلى الوتر أوتر معه ثم صلى ما فاته.
(ويستحب تأخيرها إلى ثلث الليل) أو نصفه، ولا تكره بعده في الاصح (ولا تقضى إذا فاتت أصلا) ولا وحده في الاصح (فإن قضاها كانت نفلا مستحبا وليس بتراويح) كسنة مغرب وعشاء (والجماعة فيها سنة على الكفاية) في الاصح، فلو تركها أهل مسجد أثموا، إلا لو ترك بعضهم، وكل ما شرع بجماعة فالمسجد فيه أفضل، قاله الحلبي (وهي عشرون ركعة) حكمته(2/47)
مساواة المكمل للمكمل (بعشر تسليمات) فلو فعلها بتسليمة: فإن قعد لكل شفع صحت بكراهة، وإلا نبات عن شفع واحد، به يفتى (يجلس) ندبا (بين كل أربعة بقدرها، وكذا بين الخامسة والوتر) ويخيرون بين تسبيح وقراءة وسكوت(2/48)
وصلاة فرادى، نعم تكره صلاة ركعتين بعد كل ركعتين (والختم) مر سنة، ومرتين فضيلة، وثلاثا أفضل (ولا يترك) الختم (لكسل القوم) لكن في الاختيار: الافضل في زماننا قدر ما لا يثقل عليهم، وأقره المصنف وغيره وفي المجتبى عن الامام: لو قرأ ثلاثا قصارا أو آية طويلة في الفرض فقد أحسن ولم يسئ، فما ظنك بالتراويح؟ وفي فضائل رمضان للزاهدي: أفتى أبو الفضل الكرماني والوبري أنه إذا قرأ في التراويح الفاتحة(2/49)
وآية أو آيتين لا يكره، ومن لم يكن عالما بأهل زمانه فهو جاهل (ويأتي الامام والقوم بالثناء في كل شفع، ويزيد) الامام (على التشهد، إلا أن يمل القوم فيأتي بالصلوات) ويكتفي باللهم صل على محمد، لانه الفرض عند الشافعي (ويترك الدعوات) ويجتنب المنكرات هذرمة القراءة، وترك تعوذ وتسمية، وطمأنينة، وتسبيح، واستراحة (وتكره قاعدا) لزيادة تأكدها، حتى قيل لا تصح (مع القدرة على القيام) كما يكره تأخير القيام إلى ركوع الامام للتشبه بالمنافقين.(2/50)
(ولو تركوا الجماعة في الفرض لم يصلوا التراويح جماعة) لانها تبع، فمصليه وحده يصليها معه (ولو لم يصلها) أي التراويح (بالامام) أو صلاها مع غيره (له أن يصلي الوتر معه) بقي لو تركها الكل هل يصلون الوتر بجماعة؟ فليراجع (ولا يصلي الوتر و) لا (التطوع بجماعة خارج رمضان) أي يكره ذلك لو على سبيل التداعي، بأن يقتدي أربعة بواحد كما في الدرر،(2/51)
ولا خلاف في صحة الاقتداء، إذ لا مانع.
نهر.
وفي الاشباه عن البزازية: يكره الاقتداء في صلاة رغائب وبراءة وقدر، إلا إذ قال: نذرت كذا ركعة بهذا الامام جماعة ا ه.
قلت: وتتمة عبارة البزازية من الامامة، ولا ينبغي أن يتكلف كل هذا التكلف لامر مكروه.
وفي التاترخانية: لو لم ينو الامامة لا كراهة على الامام فليحفظ (وفيه) أي رمضان (يصلي الوتر وقيامه بها) وهل الافضل في الوتر الجماعة أم المنزل؟ تصحيحان، لكن نقل شارح الوهبانية ما يقتضي أن المذهب الثاني، وأقره المصنف وغيره.(2/52)
باب: إدراك الفريضة (شرع فيها أداء) خرج النافلة والمنذورة والقضاء فإنه لا يقطعها (منفردا ثم أقيمت) أي شرع في الفريضة في مصلاه،(2/53)
لا إقامة المؤذن، ولا الشروع في مكان وهو في غيره (يقطعها) لعذر إحرازا لجماعة كما لو ندت دابته أو فار قدرها، أو خاف ضياع درهم من ماله، أو كان في النفل فجئ بجنازة وخاف فوتها قطعه لامكان قضائه.
ويجب القطع لنحو إنجاء غريق أو حريق.
ولو دعاه أحد أبويه في الفرض لا يجيبه إلا أن يستغيث به.
وفي النفل إن علم أنه في الصلاة فدعاه(2/54)
لا يجيبه وإلا أجابه (قائما) لان القعود للتحلل، وهذا قطع لا تحلل ويكتفي (بتسليمة واحدة) هو الاصح غاية (ويقتدي بالامام) وهذا (إن لم يقيد الركعة الاولى بسجدة أو قيدها) بها (في غير رباعية أو فيها و) لكن (ضم إليها) ركعة (أخرى) وجوبا، ثم يأثم إحرازا للنفل والجماعة(2/55)
(وإن صلى ثلاثا منها) أي الرباعية (أتم) منفردا (ثم اقتدى) بالامام (متنفلا، ويدرك) بذلك (فضيلة الجماعة) حاوي (إلا في العصر) فلا يقتدي لكراهة النفل بعده (والشارع في نفل لا يقطع مطلقا) ويتمه ركعتين (وكذا سنة الظهر و) سنة (الجمعة إذا أقيمت أو خطب الامام) يتمها أربعا (على) القول (الراجح) لانها صلاة واحدة، وليس القطع للاكمال بل للابطال، خلافا لما رجحه الكمال(2/56)
(وكره) تحريما للنهي (خروج من لم يصل من مسجد أذن فيه) جرى على الغالب، والمراد دخول الوقت أذن فيه أو لا (إلا لمن ينتظم به أمر جماعة أخرى)(2/57)
أو كان الخروج لمسجد حيه ولم يصلوا فيه، أو لاستاذه لدرسه، أو لسماع الوعظ، أو لحاجة ومن عزمه أن يعود.
نهر (و) إلا (لمن صلى الظهر والعشاء) وحده (مرة) فلا يكره خروجه بل
تركه للجماعة (إلا عند) الشروع في (الاقامة) فيكره لمخالفته الجماعة بلا عذر، بل يقتدي متنفلا لما مر (و) إلا (لمن صلى الفجر والعصر والمغرب مرة) فيخرج مطلقا (وإن أقيمت)(2/58)
لكراهة النفل بعد الاوليين، وفي المغرب أحد المحظورين البتيراء، أو مخالفة الامام بالاتمام.
وفي النهر: ينبغي أن يجب خروجه، لان كراهة مكثه بلا صلاة أشد.
قلت: أفاد القهستاني أن كراهة التنفل بالثلاث تنزيهية.
وفي المضمرات: لو اقتدى فيه لاساء (وإذا خاف فوت) ركعتي (الفجر لاشتغاله بسنتها تركها) لكون الجماعة أكمل (وإلا) بأن رجا إدراك ركعة في ظاهر المذهب.
وقيل التشهد، واعتمده المصنف والشرنبلالي تبعا للبحر،(2/59)
لكن ضعفه في النهر (لا) يتركها بل يصليها عند باب المسجد إن وجد مكانا، وإلا تركها، لان ترك المكروه مقدم على فعل السنة.
ثم ما قيل: يشرع فيها ثم يكبر للفريضة، أو ثم يقطها(2/60)
ويقضيها، مردود بأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة (ولا يقضيها إلا بطريق التبعية ل) - قضاء (فرضها قبل الزوال لا بعده في الاصح) لورود الخبر بقضائها في الوقت المهمل، بخلاف القياس، فغيره عليه لا يقاس (بخلاف سنة الظهر) وكذا الجمعة(2/61)
(فإنه) إن خاف فوت ركعة (يتركها) ويقتدي (ثم يأتي بها) على أنها سنة (في وقته) أي الظهر (قبل شفعه) عند محمد، وبه يفتى.
جوهرة.
وأما ما قبل العشاء فمندوب لا يقضى أصلا (ولا(2/62)
يكون مصليا جماعة) اتفاقا (من أدرك ركعة من ذوات الاربع) لانه منفرد ببعضها (لكنه أدرك فضلها) ولو بإدراك التشهد اتفاقا، لكن ثوابه دون المدرك لفوات التكبيرة الاولى، واللاحق كالمدرك، لكونه مؤتما حكما (وكذا مدرك الثلاث) لا يكون مصليا بجماعة (على الاظهر).
وقال السرخسي: للاكثر حكم الكل، وضعفه في البحر.
(وإذا أمن فوت الوقت تطوع) ما شاء (قبل الفرض وإلا لا) بل يحرم التطوع لتفويته الفرض (ويأتي بالسنة) مطلقا (ولو صلى منفردا على الاصح) لكونها مكملات، وأما في حقه(2/63)
عليه الصلاة والسلام فلزيادة الدرجات، ثم قول الدرر: وإن فاتته الجماعة، مشكل بما مر، فتدبر.
(ولو اقتدى بإمام راكع فوقف حتى رفع الامام رأسه لم يدرك) المؤتم (الركعة) لان المشاركة في جزء من الركن شرط، ولم توجد فيكون مسبوقا فيأتي بها بعد فراغ الامام، بخلاف ما لو أدركه في القيام ولم يركع معه فإنه يصير مدركا لها فيكون لاحقا فيأتي بها قبل(2/64)
الفراغ، ومتى لم يدرك الركوع معه تجب المتابعة في السجدتين وإن لم تحسبا له، ولا تفسد بتركهما، فلو لم يدرك الركعة ولم يتابعه، لكنه إذا سلم الامام فقام وأتى بركعة فصلاته تامة وقد ترك واجبا.
نهر عن التجنيس.
(ولو ركع) قبل الامام (فلحقه إمامه فيه صح) ركوعه، وكره تحريما، إن قرأ الامام قدر الفرض (وإلا لا) يجزيه، ولو سجد المؤتم مرتين والامام في الاولى لم تجزه سجدته عن الثانية، وتمامه في الخلاصة.(2/65)
باب: قضاء الفوائت لم يقل المتروكات ظنا بالمسلم خيرا، إذ التأخير بلا عذر كبيرة لا تزول بالقضاء، بل بالتوبة أو الحج، ومن العذر العدو، وخوف القابلة موت الولد، لانه عليه الصلاة والسلام أخرها يوم الخندق، ثم الاداء فعل الواجب(2/66)
في وقته، وبالتحريمة فقط بالوقت يكون أداء عندنا، وبركعة عند الشافعي والاعادة فعل مثله(2/67)
وفي وقته لخلل غير الفساد لقولهم: كل صلاة أديت مع كراهة التحريم تعاد: أي وجوبا في الوقت، وأما بعده فندبا،(2/68)
والقضاء فعل الواجب بعد وقته، وإطلاقه على غير الواجب كالتي قبل الظهر مجاز (الترتيب(2/69)
بين الفروض الخمسة والوتر أداء وقضاء لازم) يفوت الجواز بفوته، للخبر المشهور من نام عن صلاة وبه يثبت الفرض العملي وقضاء الفرض والواجب، (والسنة فرض وواجب وسنة) لف ونشر مرتب، وجميع أوقات العمر وقت القضاء إلا الثلاثة المنهية كما مر (فلم يجز) تفريع على اللزوم (فجر من تذكر أنه لم يوتر) لوجوبه عنده (إلا) استثناء من اللزوم فلا يلزم الترتيب(2/70)
(إذا ضاق الوقت المستحب) حقيقة، إذ ليس من الحكمة تفويت الوقتية لتدارك الفائتة، ولو لم(2/71)
يسمع الوقت كل الفوائت فالاصح جواز الوقتية.
مجتبى.
وفيه ظن من عليه العشاء ضيق وقت الفجر فصلاها وفيه سعة يكررها إلى الطلوع وفرضه الاخير (أو نسيت الفائتة) لانه عذر (أو فاتت ست اعتقادية)(2/72)
لدخولها في حد التكرار المقتضي للحرج (بخروج وقت السادسة) على الاصح ولو متفرقة أو قديمة على المعتمد، لانه متى اختلف الترجيح رجح إطلاق المتون.
بحر (أو ظن ظنا معتبرا) أي يسقط لزوم الترتيب أيضا بالظن المعتبر، كمن صلى الظهر ذاكرا لتركه الفجر فسد ظهره،(2/73)
فإذا قضى الفجر ثم صلى العصر ذاكرا للظهر جاز العصر، إذ لا فائتة عليه في ظنه حال أداء العصر، وهو ظن معتبر لانه مجتهد فيه.
وفي المجتبى: من جهل فرضية الترتيب يلحق بالناسي، واختاره جماعة من أئمة بخارى، وعليه يخرج ما في القنية: صبي بلغ وقت الفجر وصلى الظهر مع تذكره جاز، ولا يلزم الترتيب بهذا العذر (ولا يعود) لزوم الترتيب (بعد سقوطه بكثرتها) أي الفوائت (بعود الفوائت إلى القلة) ب (سبب القضاء) لبعضها على المعتمد،(2/74)
لان الساقط لا يعود (وكذا لا يعود) الترتيب (بعد سقوطه بباقي المسقطات) السابقة من النسيان والضيق، حتى لو خرج الوقت في خلال الوقتية لا تفسد وهو مؤد، هو الاصح.
مجتبى.
لكن في النهر والسراج عن الدراية: لو سقط للنسيان والضيق ثم تذكر واتسع الوقت يعود اتفاقا، ونحوه في الاشباه في بيان الساقط لا يعود، فليحرر.
(وفساد) أصل (الصلاة بترك الترتيب موقوف) عند أبي حنيفة سواء ظن وجوب الترتيب أو لا (فإن كثرت(2/75)
وصارت الفوائت مع الفائتة ستا ظهر صحتها) بخروج وقت الخامسة التي هي سادسة الفوائت، لان دخول وقت السادسة غير شرط، لانه لو ترك فجر يوم وأدى باقي صلواته انقلبت صحيحة بعد طلوع الشمس (وإلا) بأن لم تصر سنا (لا) تظهر صحتها بل تصير نفلا، وفيها يقال، صلاة تصحح خمسا وأخرى تفسد خمسا.(2/76)
(ولو مات وعليه صلوات فائتة وأوصى بالكفارة يعطى لكل صلاة نصف صاع من بر) كالفطرة (وكذا حكم الوتر) والصوم، وإنما يعطى (من ثلث ماله)(2/77)
ولو لم يترك مالا يستقرض وارثه نصف صاع مثلا ويدفعه لفقير ثم يدفعه الفقير للوارث، ثم
وثم حتى يتم.
(ولو قضاها ورثته بأمره لم يجز) لانها عبادة بدنية (بخلاف الحج)(2/78)
لانه يقبل النيابة، ولو أدى للفقير أقل من نصف صاع لم يجز، ولو أعطاه الكل جاز، ولو فدى عن صلاته في مرضه لا يصح، بخلاف الصوم.
(ويجوز تأخير الفوائت) وإن وجبت على الفور (لعذر السعي على العيال، وفي الحوائج على الاصح) وسجدة التلاوة والنذر المطلق وقضاء(2/79)
رمضان موسع.
وضيق الحلواني، كذا في المجتبى (ويعذر بالجهل حربي أسلم ثمة وم كث مدة فلا قضاء عليه) لان الخطاب إنما يلزم بالعلم أو دليله ولم يوجدا (كما لا يقضي مرتد ما فاته زمنها) ولا ما قبلها إلا الحج، لانه بالردة يصير كالكافر الاصلي (و) لذا (يلزم بإعادة فرض) أداءه ثم (ارتد عقبه وتاب) أي أسلم (في الوقت) لانه حبط بالردة.
قال تعالى: * (ومن يكفر بالايمان فقط حبط عمله) * وخالف الشافعي بدليل - فيمت وهو كافر - قلنا: أفادت(2/80)
عملين وجزاءين: إحباط العمل، والخلود في النار، فالاحباط بالردة، والخلود بالموت عليها، فليحفظ.
فروع: صبي احتلم بعد صلاة العشاء واستيقظ بعد الفجر لزمه قضاؤها.
صلى في مرضه بالتيمم والايماء ما فاته في صحته صح، ولا يعيد لو صح.
كثرة الفوائت نوى أول ظهر عليه(2/81)
أو آخره، وكذا الصوم لو من رمضانين هو الاصح.
وينبغي أن لا يطلع غيره على قضائه لان التأخير معصية فلا يظهرها.
باب: سجود السهو من إضافة الحكم إلى سببه وأولاه بالفوائت، لانه لاصلاح ما فات وهو والنسيان والشك واحد عند الفقهاء، والظن الطرف الراجح، والوهم الطرف المرجوح(2/82)
(يجب بعد سلام واحد عن يمينه فقط) لانه المعهود، وبه يحصل التحليل، وهو الاصح.
بحر عن المجتبى.
وعليه لو أتى بتسليمتين سقط عنه السجود، ولو سجد قبل السلام(2/83)
جاز وكره تنزيها.
وعند مالك: قبله في النقصان، وبعده في الزيادة، فيعتبر القاف بالقاف والدال بالدال (سجدتان.
و) يجب أيضا (تشهد وسلام) لان سجود السهو يرفع التشهد دون القعدة لقوتها، بخلاف الصلبية فإنها ترفعهما، وكذا التلاوية على المختار ويأتي بالصلاة على النبي (ص) والدعاء في القعود الاخير في المختار، وقيل فيهما احتياطا (إذا كان الوقت صالحا) فلو طلعت الشمس في الفجر، أو احمرت في القضاء، أو وجد منه ما يقطع البناء بعد السلام، سقط عنه.
فتح.
وفي القنية: لو بنى النفل على فرض سها فيه لم يسجد(2/84)
(بترك) متعلق بيجب (واجب) مما مر في صفة الصلاة (سهوا) فلا سجود في العمد، قيل إلا في أربع: ترك القعدة الاولى، وصلاته فيه على النبي (ص)، وتفكره عمدا حتى شغله عن ركن، وتأخير سجدة الركعة الاولى إلى آخر الصلاة.
نهر (وإن تكرر) لان تكراره غير مشروع (كركوع) متعلق بترك واجب (قبل قراءة) الواجب لوجوب تقديمها،(2/85)
ثم إنما يتحقق الترك با لسجود، فلو تذكر ولو بعد الرفع من الركوع عاد ثم أعاد الركوع أنه في تذكر الفاتحة يعيد السورة أيضا (وتأخير قيام إلى الثالثة بزيادة على التشهد بقدر ركن) وقيل بحرف.
وفي الزيلعي: الاصح وجوبه باللهم صل على محمد (والجهر فيما يخافت فيه) للامام(2/86)
(وعكسه) لكل مصل في الاصح، والاصح تقديره (بقدر ما تجوز به الصلاة في الفصلين.
وقيل) قائله قاضيخان، يجب السهو (بهما) أي بالجهر والمخافتة (مطلقا) أي قل أو كثر (وهو
ظاهر الرواية) واعتمده الحلواني (على منفردة) متعلق بيجب (ومقتد بسهو إمامه إن سجد إمامه)(2/87)
لوجوب المتابعة (لا سهوه) أصلا (والمسبوق يسجد مع إمامه مطلقا) سواء كان السهو قبل الاقتداء أو بعده (ثم يقضي ما فاته) ولو سها فيه سجد ثانيا (كذا اللاحق) لكنه يسجد في آخر صلاته، ولو سجد مع إمامه أعاده،(2/88)
والمقيم خلف المسافر كالمسبوق، وقيل كاللاحق.
(سها عن القعود الاول من الفرض) ولو عمليا، أما النفل فيعود ما لم يقيد بالسجدة (ثم تذكره عاد إليه) وتشهد، ولا سهو عليه في الاصح (ما لم يستقم قائما) في ظاهر المذهب، وهو الاصح.
فتح (وإلا) أي وإن استقام قائما (لا) يعود لاشتغاله بفرض القيام (وسجد للسهو) لترك الواجب (فلو عاد إلى القعود) بعد ذلك (تفسد صلاته) لرفض الفرض لما ليس بفرض،(2/89)
وصححه الزيلعي (وقيل لا) تفسد، لكنه يكون مسيئا، ويسجد لتأخير الواجب (وهو الاشبه) كما حققه الكمال وهو الحق.
بحر.
وهذا في غير المؤتم، أما المؤتم فيعود حتما وإن خاف فوت الركعة، لان القعود فرض عليه بحكم المتابعة.
سراج.
وظاهره أنه لو لم يعد بطلت.
بحر.
قلت: وفيه كلام.
والظاهر أنها واجبة في الواجب فرض في الفرض.
نهر(2/90)
ولنا فيها رسالة حافلة فراجعها.
(ولو سها عن القعود الاخير) كله أو بعضه (عاد) ويكفي كون كلا الجلستين قدر التشهد (ما لم يقيدها بسجدة) لان ما دون الركعة محل الرفض وسجد للسهو لتأخير القعود (وإن قيدها) بسجدة عامدا أو ناسيا أو ساهيا أو مخطئا (تحول فرضه نفلا برفعه) الجبهة عند محمد، به يفتى، لان تمام الشئ بآخره، فلو سبقه الحدث قبل رفعه توضأ وبنى،(2/91)
خلافا لابي يوسف، حتى قال: صلاة فسدت أصلحها الحدث والعبرة للامام، حتى لو عاد ولم يعلم به القوم حتى سجدوا لم تفسد صلاتهم ما لم يتعمدوا السجود.
وفيه يلغز: أي مصل ترك القعود الاخير وقيد الخامسة بسجدة ولم يبطل فرضه؟ (وضم سادسة) ولو في العصر والفجر (إن شاء) لاختصاص الكراهة والاتمام بالقصد (ولا يسجد للسهو على الاصح)(2/92)
لان النقصان بالفساد لا ينجبر (وإن قعد في الرباعة) مثلا قدر التشهد (ثم قام عاد وسلم) ولو سلم قائما صح، ثم الاصح أن القوم ينتظرونه، فإن عاد تبعوه (وإن سجد للخامسة سلموا) لانه تم فرضه، إذ لم يبق عليه إلا السلام (وضم إليها سادسة) لو في العصر، وخامسة في المغرب، ورابعة في الفجر، به يفتى (لتصير الركعتان له نفلا) والضم هنا آكد، ولا عهدة لو قطع، ولا بأس بإتمامه في وقت كراهة على المعتمد (وسجد للسهو) في الصورتين، لنقصان(2/93)
فرضه بتأخير السلام في الاولى وتركه في الثانية (و) الركعتان (لا ينوبان عن السنة الراتبة) بعد الفرض في الاصح، لان المواظبة عليهما إنما كانت بتحريمة مبتدأة، ولو اقتدى به فيهما صلاهما أيضا، وإن أفسد قضاهما، به يفتى، نقاية.
(ولو ترك القعود الاول في النفل سهوا سجد ولم تفسد استحسانا) لانه كما شرع ركعتين شرع أربع أيضا، وقدمنا أنه يعود ما لم يقيد الثالثة بسجدة، وقيل لا (وإذا صلى ركعتين) فرضا أو نفلا (وسها فيهما فسجد له بعد السلام ثم أراد بناء شفع عليه لم يكن له ذلك البناء) أي يكره له(2/94)
تحريما، أراد بناء لئلا يبطل سجوده بلا ضرورة (بخلاف المسافر) إذا نوى الاقامة، لانه لو لم يبن بطلت (ولو فعل ما ليس له) من البناء (صح) بناؤه (لبقاء التحريمة، ويعيد) هو والمسافر (سجود السهو على المختار) لبطلان بوقوعه في خلال الصلاة (سلام من عليه سجود سهو يخرجه) من الصلاة خروجا (موقوفا) إن سجد عاد إليها، وإلا لا، وعلى هذا (فيصح) الاقتداء
به ويبطل وضوءه بالقهقهة، ويصير فرضه أربعا بنية الاقامة (إن سجد) للسهو في المسائل الثلاث (وإلا) يسجد (لا) تثبت الاحكام المذكورة، كذا في عامة الكتب،(2/95)
وهو غلط في الاخيرتين والصواب أنه لا يبطل وضوءه ولا يتغير فرضه سجد أو لا، لسقوط السجود بالقهقهة وكذا بالنية، لئلا يقع في خلال الصلاة، وتمامه في البحر والنهر(2/96)
(ويسجد للسهو ولو مع سلامه) ناويا (للقطع) لان نية تغيير المشروع لغو (ما لم يتحول عن القبلة أو يتكلم) لبطلان التحريمة، ولو نسي السهو أو سجدة صلبية أو تلاوية يلزمه ذلك ما دام في المسجد.(2/97)
(سلم مصلي الظهر) مثلا (على) رأس (الركعتين توهما) إتمامها (أتمها) أربعا (وسجد للسهو) لان السلام ساهيا لا يبطل، لانه دعاء من وجه (بخلاف ما لو سلم على ظن) أن فرض الظهر ركعتان، بأن ظن (أنه مسافر أو أنها الجمعة أو كان قريب عهد بالاسلام فظن أن فرض الظهر ركعتان، أو كان في صلاة العشاء فظن أنها التراويح فسلم) أو سلم ذاكرا أن عليه ركنا حيث تبطل لانه سلام عمد.
وقيل لا تبطل حتى يقصد به خطاب آدمي (والسهو في صلاة العيد والجمعة والمكتوبة والتطوع سواء) والمختار عند المتأخرين عدمه في الاوليين لدفع الفتنة كما في جمعة البحر، وأقره المصنف، وبه جزم في الدرر.
(وإذا شك)(2/98)
في صلاته (من لم يكن ذلك) أي الشك (عادة له) وقيل من لم يشك في صلاة قط بعد بلوغه، وعليه أكثر المشايخ.
بحر عن الخلاصة (كما صلى استأنف) بعمل مناف وبالسلام قاعدا أولى لانه المحلل (وإن كثر) شكه (عمل بغالب ظنه إن كان) له ظن للحرج (وإلا أخذ بالاقل) لتيقنه
(وقعد في كل موضع توهمه موضع قعوده) ولو واجبا لئلا يصير تاركا فرض القعود أو واجبه(2/99)
(و) اعلم أنه (إذا شغله ذلك) الشك فتفكر (قدر أداء ركن ولم يشتغل حالة الشك بقراءة ولا تسبيح) ذكره في الذخيرة (وجب عليه سجود السهو في) جميع (صور الشك) سواء عمل بالتحري أو بنى على الاقل.
فتح.
لتأخير الركن، لكن في السراج أنه يسجد للسهو في أخذ(2/100)
الاقل مطلقا، وفي غلبة الظن إن تفكر قدر ركن.
فروع: أخبره عدل بأنه ما صلى أربعا وشك في صدقه وكذبه أعاد احتياطا.
ولو اختلف الامام والقوم، فلو الامام على يقين لم يعد، وإلا أعاد بقولهم.
شك أنها ثانية الوتر أو ثالثته قنت وقعد ثم صلى أخرى وقنت أيضا في الاصح.
شك هل كبر للافتتاح أو لا، أو أحدث أو لا، أو أصابه نجاسة أو لا، أو مسح رأسه أو لا: استقبل إن كان أو لا مرة، وإلا لا.
واختلف ولو شك في أركان الحج، وظاهر الرواية البناء على الاقل، وعليك بالاشباه في قاعدة: اليقين لا يزول بالشك.(2/101)
باب: صلاة المريض من إضافة الفعل لفاعله أو محله، ومناسبته كونه عارضا سماويا فتأخر سجود التلاوة و ضرورة (من تعذر عليه القيام) أي كله (لمرض) حقيقي وحده أن يلحقه بالقيام ضرر، وبه يفتى (قبلها أو فيها)(2/102)
أي الفريضة (أو) حكمي بأن (خاف زيادته، أو بطء برئه بقيامه، أو دوران رأسه، أو وجد لقيامه ألما شديدا) أو كان لو صلى قائما سلسل بوله، أو تعذر عليه الصوم كما مر (صلى(2/103)
قاعدا) ولو مستندا إلى وسادة أو إنسان فإنه يلزمه ذلك على المختار (كيف شاء) على المذهب، لان المرض أسقط عنه الاركان فالهيئات أولى.
وقال زفر: كالمتشهد، قيل وبه يفتى (بركوع وسجود وإن قدر على بعض القيام) ولو متكئا على عصا أو حائط (قام) لزوما بقدر ما يقدر ولو قدر آية أو تكبيرة على المذهب، لان البعض معتبر بالكل (وإن تعذرا) ليس تعذرهما شرطا بل تعذر السجود كاف (لا القيام أومأ) بالهمز (قاعدا)(2/104)
وهو أفضل من الايماء قائما لقربه من الارض (ويجعل سجوده أخفض من ركوعه) لزوما (ولا يرفع إلى وجهه شيئا يسجد عليه) فإنه يكره تحريما (فإن فعل) بالبناء للمجهول، ذكره العيني (وهو يخفض برأسه لسجوده أكثر من ركوعه صح) على أنه إيماء لا سجود، إلا أن يجد قوة الارض(2/105)
(وإلا) يخفض (لا) يصح لعدم الايماء (وإن تعذر القعود) ولو حكما (أومأ مستلقيا) على ظهره (ورجلاه نحو القبلة) غير أنه ينصب ركبتيه لكراهة مد الرجل إلى القبلة ويرفع رأسه يسيرا ليصير وجهه إليها (أو على جنبه الايمن) أو الايسر ووجهه إليها (والاول أفضل) على المعتمد (وإن تعذر الايماء) برأسه (وكثرت الفوائت) بأن زادت على يوم وليلة (سقط القضاء عنه) وإن(2/106)
كان يفهم في ظاهر الرواية (وعليه الفتوى) كما في الظهيرية، لان مجرد العقل لا يكفي لتوجه الخطاب، وأفاد بسقوط الاركان سقوط الشرائط عند العجز بالاولى، ولا يعيد في ظاهر الرواية.
بدائع.
(ولو اشتبه على مريض أعداد الركعات والسجدات لنعاس لحقه لا يلزمه الاداء) ولو أداها بتلقين غيره ينبغي أن يجزيه، كذا في القنية (ولم يوم بعينه وقلبه وحاجبه) خلافا لزفر (ولو عرض له مرض في صلاته يتم بما قدر) على المعتمد (ولو صلى قاعدا)(2/107)
بركوع وسجود فصح بنى، ولو كان يصلي (بالايماء) فصح لا يبني، إلا إذا صح قبل أن يومئ بالركوع والسجود كما لو كان يومئ مضطجعا ثم قدر على القعود، (ولم يقدر على الركوع والسجود) فإنه يستأنف (على المختار) لان حالة القعود أقوى فلم يجز بناؤه على الضعيف (وللمتطوع الاتكاء على شئ) كعصا وجدار (مع الاعياء) أي التعب بلا كراهة وبدونه يكره (و) له (القعود) بلا كراهة مطلقا هو الاصح.
ذكره الكمال وغيره.
(صلى الفرض في فلك) جار (قاعدا بلا عذر صح) لغلبة العجز (وأساء) وقالا: لا يصح إلا بعذر وهو الاظهر(2/108)
برهان.
(والمربوطة في الشط كالشط) في الاصح (والمربوطة بلجة البحر إن كان الريح يحركها شديدا فكالسائرة، وإلا فكالواقفة) ويلزم استقبال القبلة عند الافتتاح وكلما دارت، ولو أم قوما في فلكين مربوطتين صح، وإلا لا (ومن جن أو أغمي عليه) ولو بفزع من سبع أو آدمي (يوما وليلة قضى الخمس، وإن زادت وقت صلاة) سادسة (لا) للحرج.
ولو أفاق في المدة، فإن لافاقته وقت معلوم قضى، وإلا لا (زال عقله ببنج أو خمر) أو دواء (لزمه القضاء وإن طالت) لانه بصنع العباد(2/109)
كالنوم.
(ولو قطعت يداه ورجلاه من المرفق والكعب وبوجهه جراحة صلى بغير طهارة ولا تيمم، ولا يعيد هو الاصح) وقد مر في التيمم، وقيل لا صلاة عليه، وقيل يلزمه غسل موضع القطع.
فروع: أمكن الغريق الصلاة بالايماء بلا عمل كثير لزمه الاداء، وإلا لا.
أمره الطبيب بالاستلقاء لبزغ الماء من عينه صلى بالايماء، لان حرمة الاعضاء كحرمة النفس.
مريض تحته ثياب نجسة، وكلما بسط شيئا تنجس من ساعته صلى على حاله، وكذا لو لم يتنجس إلا أنه يلحقه مشقة بتحريكه.
باب: سجود التلاوة من إضافة الحكم إلى سببه (يجب(2/110)
ب) - سبب (تلاوة آية) أي أكثرها مع حرف السجدة (من أربع عشرة آية) أربع في النصف الاول وعشر في الثاني (منها أولى الحج) أما ثانيته فصلاتية لاقترانها بالركوع (وص) خلافا للشافعي(2/111)
وأحمد.
ونفى مالك سجود المفصل (بشرط سماعها) فالسبب التلاوة وإن لم يوجد السماع، كتلاوة الاصم، والسماع شرط في حق غير التالي ولو بالفارسية إذا أخبر (أو) بشرط (الائتمام) أي الاقتداء (بمن تلاها) فإنه سبب لوجوبها أيضا، وإن لم يسمعها(2/112)
ولم يحضرها للمتابعة (ولو تلاها المؤتم لم يسجد) المصلي (أصلا) لا في الصلاة ولا بعدها (بخلاف الخارج) لان الحجر ثبت لمعينين فلا يعدوهم، حتى لو دخل معهم سقطت، ولا تجب على من تلا في ركوعه أو سجوده، أو تشهده للحجر فيها عن القراءة(2/113)
(بشروط الصلاة) المتقدمة (خلا التحريمة) ونية التعيين، يفسدها ما يفسدها.
وركنها: السجود أو بدله كركوع مصل وإيماء مريض وراكب (وهي سجدة بين تكبيرتين) مسنونتين جهرا وبين قيامين مستحبين (بلا رفع يد وتشهد وسلام، وفيها تسبيح السجود)(2/114)
في الاصح (على من كان) متعلق بيجب (أهلا لوجوب الصلاة) لانها من أجزائها (أداء) كالاصم إذا تلا (أو قضاء) كالجنب والسكران والنائم (فلا تجب على كافر وصبي ومجنون وحائض ونفساء: قرؤوا أو سمعوا) لانهم ليسوا أهلا لها (وتجب بتلاوتهم) يعني المذكورين (خلا المجنون المطبق)(2/115)
فلا تجب بتلاوته لعدم أهليته، ولو قصر جنونه فكان يوما وليلة أو أقل تلزمه: تلا أو سمع،
وإن أكثر لا تلزمه.
، بل تلزم من سمعه على ما حرره منلا خسرو، لكن جزم الشرنبلالي باختلاف الرواية، ونقل الوجوب بالسماع من المجنون، عن الفتاوي الصغرى والجوهرة.
قلت: وبه جزم القهستاني (لا) تجب (بسماعه من الصدى والطير) ومن كل تال حرفا، ولا(2/116)
بالتهجي أشباه (و) لا (من المؤتم لو) كان السامع (في صلاته) أي صلاة المؤتم، بخلاف الخارج كما مر (وهي على التراخي) على المختار، ويكره تأخيرها تنزيها، ويكفيه أن يسجد عدد ما عليه بلا تعيين ويكون مؤديا، وتسقط بالحيض والردة (إن لم تكن صلوية) فعلى الفور(2/117)
لصيرورتها جزءا منها ويأثم بتأخيرها ويقضيها ما دام في حرمة الصلاة ولو بعد السلام.
فتح.
ثم هذه النسبة هي الصواب، وقولهم صلاتية خطأ قاله المصنف.
لكن في الغاية أنه خطأ مستعمل، وهو عند الفقهاء خير من صواب نادر (ومن سمعها من إمام) ولو باقتدائه به (فائتم به قبل أن يسجد (الامام لها سجد معه، و) لو ائتم (بعده لا) يسجد أصلا، كذا أطلق في الكنز تبعا للاصل (وإن لم يقتد به) أصلا (سجدها) وكذا لو اقتدى به في ركعة أخرى على ما اختاره البزدوي وغيره، وهو ظاهر الهداية (ولو تلاها في الصلاة سجدها فيها لا خارجها) لما مر.
وفي البدائع:(2/118)
وإذا لم يسجد أثم فتلزمه التوبة (إلا إذا فسدت الصلاة بغير الحيض) فلو به تسقط عنها السجدة، ذكره في الخلاصة (فيسجدها خارجها) لانها لما فسدت لم يبق إلا مجرد التلاوة فلم تكن صلوية ولو بعد ما سجدها لم يعدها، ذكره في القنية، ويخالفه ما في الخانية: تلاها في نفل فأفسده قضاه دون السجدة، إلا أن يحمل على ما إذا كان بعد سجودها (وتؤدى بركوع وسجود) غير ركوع الصلاة وسجودها (في الصلاة، وكذا في خارجها ينوب عنها الركوع) في ظاهر المروي.
بزازية (لها) أي للتلاوة (و) تؤدى (بركوع صلاة) إذا كان الركوع (على الفور
من قراءة آية) أو آيتين، وكذا الثلاث على الظاهر كما في البحر.
(إن نواه)(2/119)
أي كون الركوع (لسجود) التلاوة على الراجح (و) تؤدى (بسجودها كذلك) أي على الفور (وإن لم ينو) بالاجماع، ولو نواها في ركوعه ولم ينوها المؤتم لم تجزه، ويسجد إذا سلم الامام ويعيد القعدة، ولو تركها فسدت صلاته، كذا في القنية، وينبغي حمله على الجهرية.
نعم لو ركع وسجد لها فورا ناب بلا نية،(2/120)
ولو سجد لها فظن القوم أنه ركع، فمن ركع رفضه، وسجد لها، ومن ركع وسجد سجدة أجزأته عنها، ومن ركع وسجد سجدتين فسدت صلاته لانه انفرد بركعة تامة (ولو سمع المصلي) السجدة (من غيره لم يسجد فيها) لانها غير صلاتية (بل) يسجد (بعدها) لسماعها من غير محجور (ولو سجد فيها لم تجزه) لانها ناقصة للنهي فلا يتأذى بها الكامل (وأعاده) أي السجود لما مر،(2/121)
إلا إذا تلاها المصلي غير المؤتم ولو بعد سماعها.
سراج (دونها) أي الصلاة، لان زيادة ما دون الركعة لا يفسد، إلا إذا تابع المصلي التالي فتفسد لمتابعته غير إمامه ولا تجزئه عما سمع.
تجنيس وغيره (وإن تلاها في غير الصلاة فسجد ثم دخل الصلاة فتلاها) فيها (سجد أخرى) ولو لم يسجد أولا كفته واحدة، لان الصلاتية أقوى من غيرها فتستتبع غيرها وإن اختلف المجلس، ولو لم يسجد في الصلاة سقطتا في الاصح وأثم كما مر(2/122)
(ولو كررها في مجلسين تكررت، وفي مجلس) واحد (لا) تتكرر بل كفته واحدة، وفعلها بعد الاولى اولى.
قنية.
وفي البحر: التأخير أحوط، والاصل أن مبناها على التداخل دفعا للحرج بشرط اتحاد الآية والمجلس (وهو تداخل في السبب) بأن يجعل الكل كتلاوة واحدة فتكون الواحدة سببا والباقي تبعا لها، وهو أليق بالعبادة، لان تركها مع وجود سببها شنيع (لا) تداخل
(في الحكم) بأن تجعل كل تلاوة سببا لسجدة فتداخلت السجدات فاكتفى بواحدة لانه أليق(2/123)
بالعقوبة لانها للزجر وهو ينزجر بواحدة فيحصل المقصود، والكريم يعفو مع قيام سبب العقوبة، وأفاد الفرق بقوله (فتنوب الواحدة) في تداخل السبب (عما قبلها وعما بعدها) ولا تنوب في تداخل الحكم إلا عما قبلها، حتى لو زنى فحد ثم زنى في المجلس حد ثانيا (و) إسداء (الثوب) ذاهبا وآيبا (وانتقاله من غصن) شجرة (إلى آخر وسبحه في نهر أو حوض تبديل) للمجلس أو الآية (فتجب) سجدة أو سجدات (أخرى) بخلاف زوايا مسجد وبيت وسفينة(2/124)
سائرة وفعل قليل كأكل لقمتين وقيام ورد سلام، وكذا دابة يصلي عليها لان الصلاة تجمع الاماكن ولو لم يصل تتكرر (كما) تتكرر (لو تبدل مجلس سامع دون تال) حتى لو كررها راكبا(2/125)
يصلي وغلامه يمشي تتكرر على الغلام لا الراكب (لا) تتكرر (في عكسه) وهو تبدل مجلس التالي دون السامع على المفتى به، وهذا يفيد ترجيح سببية السماع.
وأما الصلاة على الرسول (ص) فكذلك عند المتقدمين.
وقال المتأخرون: تتكرر، إذ لا تداخل في حقوق العباد.
وأما العطاس فالاصح أنه إن زاد على الثلاث لا يشمته.
خلاصة.
(وكره ترك آية سجدة وقراءة باقي السورة) لان فيه قطع نظم القرآن وتغيير تأليفه، واتباع النظم والتأليف مأمور به.
بدائع.
ومفاده أن الكراهة تحريمية (لا) يكره (عكسه و) لكن (ندب(2/126)
ضم آية أو آيتين إليها) قبلها أو بعدها لدفع وهم التفضيل، إذ الكل من حيث إنه كلام الله في رتبة، وإن كان لبعضها زيادة فضيلة باشتماله على صفاته تعالى، واستحسن إخفاؤها عن سامع غير متهيئ للسجود.
واختلف التصحيح في وجوبها على متشاغل بعمل ولا يسمعها، والراجح الوجوب زجرا
له عن تشاغله عن كلام الله فنزل سامعا لانه بعرضية أن يسمع (ولو سمع آية سجدة) من قوم (من كل واحد) منهم (حرفا لم يسجد) لانه لم يسمعها من تال.
خانية.
فقد أفاد أن اتحاد التالي شرط.
(مهمة لكل مهمة) في الكافي: قيل من قرأ(2/127)
آية السجدة كلها في مجلس وسجد لكل منها كفاه الله ما أهمه، وظاهره أنه يقرؤها ولاء ثم يسجد، ويحتمل أن يسجد لكل بعد قراءتها، وهو غير مكروه كما مر.
وسجدة الشكر: مستحبة، به يفتى،(2/128)
لكنها تكره بعد الصلاة، لان الجهلة يعتقدونها سنة أو واجبة، وكل مباح يؤدي إليه فمكروه.
ويكره للامام أن يقرأها في مخافتة، ونحو جمعة وعيد، إلا أن تكون بحيث تؤدى بركوع الصلاة أو سجودها ولو تلا على المنبر سجد وسجد السامعون.
باب: صلاة المسافر من إضافة الشئ إلى شرطه(2/129)
أو محله، ولا يخفى أن التلاوة عارض هو عبادة، والسفر عارض مباح إلا بعارض، فلذا أخر، وسمي به لانه يسفر عن أخلاق الرجال.
من (من خرج من عمارة موضع إقامته) من جانب خروجه وإن لم يجاوز من الجانب الآخر.(2/130)
وفي الخانية: إن كان بين الفناء والمصر أقل من غلوة وليس بينهما مزرعة يشترط مجاوزته، وإلا فلا (قاصدا) ولو كافرا، ومن طاف الدنيا بلا قصد لم يقصر (مسيرة ثلاثة أيام ولياليها) من(2/131)
أقصر أيام السنة، ولا يشترط سفر كل يوم إلى الليل بل إلى الزوال، ولا اعتبار بالفراسخ على المذهب(2/132)
(بالسير الوسط مع الاستراحات المعتادة) حتى لو أسرع فوصل في يومين قصر، ولو لموضع طريقان أحدهما مدة السفر والآخر أقل قصر في الاول لا الثاني.
(صلى الفرض الرباعي ركعتين) وجوبا لقول ابن عباس: إن الله فرض على لسان نبيكم صلاة المقيم أربعا والمسافر ركعتين، ولذا عدل المصنف عن قولهم قصر، لان الركعتين ليستا قصرا حقيقة عندنا بل هما تمام فرضه، والاكمال ليس رخصة في حقه بل إساءة.
قلت: وفي شروح البخاري أن الصلوات فرضت ليلة الاسراء ركعتين سفرا وحضرا، إلا(2/133)
المغرب، فلما هاجر عليه الصلاة والسلام واطمأن بالمدينة زيدت إلا الفجر لطول القراءة فيها والمغرب لانها وتر النهار، فلما استقر فرض الرباعية خفف فيها في السفر عند نزول قوله تعالى: * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) * (النساء: 101) وكان قصرها في السنة الرابعة من الهجرة، وبهذا تجتمع الادلة ا ه كلامهم فليحفظ (ولو) كان (عاصيا بسفره) لان القبح المجاور لا يعدم المشروعية (حتى يدخل موضع مقامه) إن سار مدة السفر، وإلا فيتم بمجرد نية العود(2/134)
لعدم استحكام السفر (أو ينوي) ولو في الصلاة إذا لم يخرج وقتها ولم يك لاحقا (إقامة نصف شهر) حقيقة أو حكما لما في البزازية وغيرها: لو دخل الحاج الشام وعلم أنه لا يخرج إلا مع القافلة في نصف شوال أتم، لانه كناوي الاقامة (بموضع) واحد (صالح لها) من مصر أو قرية أو صحراء دارنا وهو من أهل الاخبية (فيقصر إن نوى) الاقامة (في أقل منه) أي في نصف شهر (أو) نوى (فيه لكن في غير صالح) أو كنحو جزيرة أو نوى فيه لكن (بموضعين مستقلين كمكة ومنى) فلو دخل الحاج مكة أيام العشر لم تصح نيته لانه يخرج إلى منى وعرفة فصار(2/135)
كنية الاقامة في غير موضعها، وبعد عوده من منى تصح كما لو نوى مبيته بأحدهما أو كان أحدهما تبعا للآخر بحيث تجب الجمعة على ساكنه للاتحاد حكما (أو لم يكن مستقلا برأيه) كعبد وامرأة (أو دخل بلدة ولم ينوها) أي مدة الاقامة (بل ترقب السفر) غدا أو بعده (ولو بقي) على ذلك (سنين) إلا أن يعلم تأخر القافلة نصف شهر كما مر (وكذا) يصلي ركعتين (عسكر دخل أرض حرب أو حاصر حصنا فيها) بخلاف من دخلها بأمان فإنه يتم (أو) حاصر (أهل(2/136)
البغي في دارنا في غير مصر مع نية الاقامة مدتها) للتردد بين القرار والفرار (بخلاف أهل الاخبية) كعرب وتركمان (نووها) في المفازة فإنها تصح (في الاصح) وبه يفتى إذا كان عندهم من الماء والكلا ما يكفيهم مدتها، لان الاقامة أصل إلا إذا قصدوا موضعا بينهما مدة السفر(2/137)
فيقصرون إن نووا سفرا، وإلا لا، ولو نوى غيرهم الاقامة معهم لم يصح في الاصح.
والحاصل أن شروط الاتمام ستة: النية، والمدة، واستقلال الرأي، وترك السير، واتحاد الموضع، وصلاحيته.
قهستاني.
(فلو أتم مسافر إن قعد في) القعدة (الاولى تم فرضه و) لكنه (أساء) لو عامدا لتأخير السلام وترك واجب القصر وواجب تكبيرة افتتاح لنقل وخلط النفل بالفرض، وهذا لا يحل كما حرره القهستاني بعد أن فسر أساء ب أثم(2/138)
واستحق النار (وما زاد نفل) كمصلي الفجر أربعا (وإن لم يقعد بطل فرضه) وصار الكل نفلا لترك القعدة المفروضة، إلا إذا نوى الاقامة قبل أن يقيد الثالثة بسجدة، لكنه يعيد القيام والركوع لوقوعه نفلا فلا ينوب عن الفرض، ولو نوى في السجدة صار نفلا (وصح اقتداء(2/139)
المقيم بالمسافر في الوقت وبعده فإذا قام) المقيم (إلى الاتمام لا يقرأ) ولا يسجد للسهو (في
الاصح) لانه كاللاحق والقعدتان فرض عليه، وقيل لا.
قنية (وندب للامام) هذا يخالف الخانية وغيرها أن العلم بحال الامام شرط، لكن في حاشية الهداية للهندي: الشرط العلم بحاله في الجملة لا في حال الابتداء.
وفي شرح الارشاد: ينبغي أن يخبرهم قبل شروعه، وإلا فبعد سلامه (أن يقول) بعد التسليمتين في الاصح (أتموا صلاتكم فإني مسافر) لدفع توهم أنه سها، ولو نوى الاقامة لا لتحقيقها بل ليتم صلاة المقيمين لم يصر مقيما، وأما اقتداء المسافر بالمقيم فيصح في الوقت ويتم لا بعده فيما يتغير، لانه اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القعدة لو اقتدى في الاوليين أو القراءة لو في الاخريين(2/140)
(ويأتي) المسافر (بالسنن) إن كان (في حال أمن وقرار وإلا) بأن كان في خوف وفرار (لا) يأتي بها هو المختار لانه ترك لعذر.
تجنيس، قيل إلا سنة الفجر (والمعتبر في تغيير الفرض آخر الوقت) وهو قدر ما يسع التحريمة (فإن كان) المكلف (في آخره مسافرا وجب ركعتان وإلا فأربع) لانه المعتبر في السببية عند عدم الاداء قبله (الوطن الاصلي) هو موطن ولادته أو تأهله أو توطنه (يبطل بمثله) إذا لم يبق له بالاول أهل، فلو بقي لم يبطل بل يتم فيهما (لا غير، و)(2/141)
يبطل (وطن الاقامة بمثله و) بالوطن (الاصلي و) بإنشاء (السفر)(2/142)
والاصل أن الشئ يبطل بمثله، وبما فوقه لا بما دونه، ولم يذكر وطن السكنى، وهو ما نوى فيه أقل من نصف شهر لعدم فائدته، وما صوره الزيلعي رده في البحر (والمعتبر نية المتبوع)(2/143)
لانه الاصل (لا التابع كامرأة) وفاها مهرها المعجل (وعبد) غير مكاتب (وجندي) إذا كان يرتزق من الامير أو بيت المال (وأجير) وأسير وغريم(2/144)
وتلميذ (مع زوج ومولى وأمير ومستأجر) لف ونشر مرتب.
قلت: فقيد المعية ملاحظ في تحقق التبعية مع ملاحظة شرط آخر محقق لذلك، وهو الارتزاق في مسألة الجندي، ووفاء المهر في المرأة، وعدم كتابة العبد، وبه بان جواب حادثة جزيرة كريد سنة ثمانين وألف (ولا بد من علم التابع بنية المتبوع، فلو نوى المتبوع الاقامة ولم يعلم التابع فهو مسافر حتى يعلم على الاصح) وفي الفيض: وبه يفتى كما في المحيط وغيره دفعا للضرر عنه، فما في الخلاصة عبد أم مولاه فنوى المولى الاقامة، إن أتم صحت صلاتهما وإلا لا، مبني على خلاف الاصح (والقضاء يحكي) أي يشابه (الاداء سفرا وحضرا) لانه بعد ما تقرر لا يتغير، غير أن المريض يقضي فائتة الصحة في مرضه بما قدر.(2/145)
فروع: سافر السلطان قصر.
تزوج المسافر ببلد صار مقيما على الاوجه.
طهرت الحائض وبقي لمقصدها يومان تتم في الصحيح كصبي بلغ، بخلاف كافر أسلم.
عبد مشترك بين مقيم ومسافر إن تهايأ قصر في نوبة المسافر وإلا يفرض عليه القعود الاول ويتم احتياطا ولا يأتم بمقيم أصلا،(2/146)
وهو مما يلغز.
قال لنسائه: من لم تدر منكن كم ركعة فرض يوم وليلة فهي طالق، فقالت إحداهن عشرون، والثانية سبعة عشر، والثالثة خمسة عشر، والرابعة إحدى عشر، لم يطلقن، لان الاولى ضمت الوتر، والثانية تركته، والثالثة ليوم الجمعة، والرابعة للمسافر، والله أعلم.
باب: الجمعة بتثليث الميم وسكونها (هي فرض) عين (يكفر جاحدها) لثوبتها بالدليل القطعي كما حققه
الكمال وهي فرض مستقل آكد من الظهر وليست بدلا عنه كما حرره الباقاني معزيا لسري(2/147)
الدين بن الشحنة، وفي البحر: وقد أفتيت مرارا بعدم صلاة الاربع بعدها بنية آخر ظهر خوف اعتقاد عدم فرضية الجمعة وهو الاحتياط في زماننا، وأما من لا يخاف عليه مفسدة منها فالاولى أن تكون في بيته خفية.
(ويشترط لصحتها) سبعة أشياء: الاول: (المصر وهو ما لا يسع أكبر مساجده أهله المكلفين بها) وعليه فتوى أكثر الفقهاء.
مجتبى لظهور التواني في الاحكام، وظاهر المذهب أنه كل موضع له أمير وقاض يقدر(2/148)
على إقامة الحدود كما حررناه فيما علقناه على الملتقى.
وفي القهستاني: إذن الحاكم ببناء الجامع في الرستاق إذن بالجمعة اتفاقا على ما قاله السرخسي، وإذا اتصل به الحكم صار(2/149)
مجمعا عليه، فليحفظ (أو فناؤه) بكسر الفاء (وهو ما) حوله (اتصل به) أولا، كما حرره ابن الكمال وغيره (لاجل مصالحه) كدفن الموتى وركض الخيل، والمختار للفتوى تقديره بفرسخ، ذكره الولوالجي.
(و) الثاني: (السلطان) ولو مغلبا أو امرأة فيجوز أمرها بإقامتها لا إقامتها (أو مأمورة(2/150)
بإقامتها) ولو عبدا ولي عمل ناحية وإن لم تجز أنكحته وأقضيته.
(واختلف في الخطيب المقرر من جهة الامام الاعظم أو) من جهة (نائبه هل يملك الاستنابة في الخطبة؟ فقيل لا مطلقا) أي لضرورة أو لا، إلا أن يفوض إليه ذلك (وقيل إن لضرورة جاز) وإلا لا (وقيل نعم) يجوز (مطلقا) بلا ضرورة لانه على شرف الفوات لتوقته،(2/151)
فكان الامر به إذنا بالاستخلاف دلالة ولا كذلك القضاء (وهو الظاهر) من عباراتهم، ففي
البدائع: كل من ملك الجمعة ملك إقامة غيره، وفي النجعة في تعداد الجمعة لابن جرباش: إنما يشترط الاذن لاقامتها عند بناء المسجد، ثم لا يشترط بعد ذلك، بل الاذن مستصحب لكل خطيب، وتمامه في البحر، وما قيده الزيلعي لا دليل له،(2/152)
وما ذكره منلاخسرو وغيره رده ابن الكمال في رسالته خاصة، برهن فيها على الجواز بلا شرط، وأطنب فيها وأبدع ولكثير من الفوائد أودع.
وفي مجمع الانهر: أنه جائز مطلقا في زماننا لانه وقع في تاريخ خمس وأربعين وتسعمائة إذن عام، وعليه الفتوى.
وفي السراجية: لو صلى أحد بغير إذن الخطيب لا يجوز، إلا إذا(2/153)
اقتدى به من له ولاية الجمعة، ويؤيد ذلك أنه يلزم أداء النفل بجماعة، وأقره شيخ الاسلام.
(مات والي مصر فجمع خليفته أو صاحب الشرط) بفتحتين حاكم السياسة (أو القاضي المأذون له في ذلك جاز) لان تفويض أمر العامة إليهم إذن بذلك دلالة، فلقاضي القضاة بالشام أن(2/154)
يقيمها، وأن يولي الخطباء بلا إذن صريح ولا تقرير الباشا، وقالوا: يقيمها أمير البلد، ثم الشرطي ثم القاضي ثم من ولاه قاضي القضاة (ونصب العامة) الخطيب (غير معتبر مع وجود من ذكر، أما مع عدمهم فيجوز) للضرورة (وجازت) الجمعة (بمنى في الموسم) فقط (ل) - وجود(2/155)
(الخليفة) أو أمير الحجاز أو العراق أو مكة، ووجود الاسواق والسكك، وكذا كل أبنية نزل بها الخليفة، وعدم التعبيد بمنى للتخفيف (لا) تجوز (لامير الموسم) لقصور ولايته على أمور الحج حتى لو أذن له جاز (ولا بعرفات) لانها مفازة (وتؤدى في مصر واحد بمواضع كثيرة) مطلقا على المذهب، وعليه الفتوى.
شرح المجمع للعيني وإمامة فتح القدير دفعا للحرج،(2/156)
وعلى المرجوح فالجمعة لمن سبق تحريمة، وتفسد بالمعية والاشتباه، فيصلي بعدما آخر ظهر، وكل ذلك خلاف المذهب، فلا يعول عليه كما حرره في البحر.
وفي مجمع الانهر معزيا(2/157)
للمطلب، والاحوط نية آخر ظهر أدركت وقته لان وجوبه عليه بآخر الوقت(2/158)
فتنبه (و) الثالث: (وقت الظهر فتبطل) الجمعة (بخروجه) مطلقا ولو لاحقا بعذر نوم أو زحمة على المذهب، لان الوقت شرط الاداء لا شرط الافتتاح.
(و) الرابع: (الخطبة فيه) فلو خطب قبله وصلى فيه لم تصح.
(و) الخامس: (كونها قبلها) لان شرط الشئ سابق عليه (بحضرة جماعة تنعقد) الجمعة (بهم ولو) كانوا (صما أو نياما، فلو خطب وحده لم يجز على الاصح) كما في البحر عن(2/159)
الظهيرية، لان الامر بالسعي للذكر ليس إلا لاستماعه، والمأمور به جمع.
وجزم في الخلاصة بأنه يكفي حضور واحد (وكفت تحميدة أو تهليلة أو تسبيحة) للخطبة المفروضة مع الكراهة، وقالا: لا بد من ذكر طويل، وأقله قدر التشهد الواجب (بنيتها، فلو حمد لعطاسه) أو تعجبا (لم ينب عنها على المذهب) كما في التسمية على الذبيحة، لكنه ذكر في الذبائح أنه ينوب، فتأمل (ويسن خطبتان) خفيفتان وتكره زيادتهما على قدر سورة من طوال المفصل (بجلسة بينهما) بقدر ثلاث آيات على المذهب، وتاركها مسئ على الاصح، كتركه قراءة قدر ثلاث(2/160)
آيات، ويجهر بالثانية لا كالاولى، ويبدأ بالتعوذ سرا.
ويندب ذكر الخلفاء الراشدين والعمين لا الدعاء للسلطان، وجوزه القهستاني، ويكره تحريما وصفه بما ليس فيه، ويكره تكلمه فيها إلا(2/161)
لامر بمعروف لانه منها، ومن السنة جلوسه في مخدعه عن يمين المنبر، ولبس السواد، وترك
السلام من خروجه إلى دخوله في الصلاة وقال الشافعي إذا استوى على المنبر سلم.
مجتبى (وطهارة وستر) عورة (قائما) وهل هي قائمة مقام ركعتين(2/162)
الاصح لا.
ذكره الزيلعي، بل كشطرها في الثواب - ولو خطب جنبا ثم اغتسل وصلى جاز، ولو فصل بأجنبي فإن طال بأن رجع لبيته فتغذى أو جامع واغتسل استقبل.
خلاصة: أي لزوما لبطلان الخطبة.
سراج، لكن سيجئ أنه لا يشترط اتحاد الامام والخطيب.
(و) السادس: (الجماعة) وأقلها ثلاثة رجال (ولو غير الثلاثة الذين حضروا) الخطبة (سوى الامام) بالنص لانه لا بد من الذاكر وهو الخطيب، وثلاثة سواه بنص - فاسعوا إلى ذكر الله - (فإن نفروا قبل سجوده) وقالا قبل التحريمة (بطلت وإن بقي ثلاثة) رجال(2/163)
ولذا أتى بالتاء (أو نفروا بعد سجوده) أو عادوا وأدركوه راكعا، أو نفروا بعد الخطبة وصلى بآخرين (لا) تبطل (وأتمها) جمعة.
(و) السابع: (الاذن العام) من الامام، وهو يحصل بفتح أبواب الجامع للواردين، كافي.
فلا يضر غلق باب القلعة لعدو أو لعادة قديمة، لان الاذن العام مقرر لاهله وغلقه لمنع العدو لا المصلي، نعم لو لم يغلق لكان أحسن كما في مجمع الانهر معزيا لشرح عيون المذاهب،(2/164)
قال: وهذا أولى مما في البحر والمنح، فليحفظ (فلو دخل أمير حصنا) أو قصره (وأغلق بابه) وصلى بأصحابه (لم تنعقد) ولو فتحه وأذن للناس بالدخول جاز وكره، فالامام في دينه ودنياه إلى العامة محتاج، فسبحان من تنزه عن الاحتياج.
(وشرط لافتراضها) تسعة تختص بها: (إقامة بمصر) وأما المنفصل عنه فإن كان يسمع النداء تجب عليه عند محمد، وبه يفتى، كذا في الملتقى.
وقدمنا عن الولوالجية تقدير بفرسخ،(2/165)
ورجح في البحر اعتبار عوده لبيته بلا كلفة: (وصحة) وألحق بالمريض الممرض والشيخ الفاني.
(وحرية) والاصح وجوبها على مكاتب ومبعض وأجير، ويسقط من الاجر بحسابه ولو بعيدا، وإلا لا، ولو أذن له مولاه وجبت، وقيل يخير.
جوهرة.
ورجح في البحر التخيير.(2/166)
(وذكورة) محققة.
(وبلوغ وعقل) ذكره الزيلعي وغيره، وليسا خاصين.
(ووجود بصر) فتجب على الاعور (قدرته على المشي) جزم في البحر بأن سلامة أحدهما له كاف في الوجوب، لكن قال الشمني وغيره: لا تجب على مفلوج الرجل ومقطوعها.
(وعدم حبس.
و) عدم (خوف.
و) وعدم (مطر شديد) ووحل وثلج ونحوهما (وفاقدها) أي هذه الشروط أو بعضها (إن) اختار العزيمة و (صلاها وهو مكلف) بالغ عاقل (وقعت فرضا) عن الوقت(2/167)
لئلا يعود على موضوعه بالنقض.
وفي البحر: هي أفضل إلا للمرأة (ويصلح للامامة فيها من صلح لغيرها، فجازت لمسافر وعبد ومريض، وتنعقد) الجمعة (بهم) أي بحضورهم بالطريق الاولى (وحرم لمن لا عذر له صلاة الظهر قبلها) أما بعدها فلا يكره غاية (في يومها بمصر) لكونه سببا لتفويت الجمعة، وهو حرام (فإن فعل ثم) ندم و (سعى) عبر به اتباعا للآية، ولو(2/168)
كان في المسجد لم يبطل إلا بالشروع، قيد بقوله (إليها) لانه لو خرج لحاجة أو مع فراغ الامام أو لم يقمها أصلا لم تبطل في الاصح، فالبطلان به مقيد بإمكان إدراكها بأن انفصل عن باب (داره) والامام فيها، ولو لم يدركها لبعد المسافة فالاصح أنه لا يبطل.
سراج (بطل) ظهره لا أصل الصلاة، ولا ظهر من اقتدى به ولم يسع (أدركها أو لا) بلا فرق بين معذور وغيره على(2/169)
المذهب (وكره) تحريما (لمعذور ومسجون) ومسافر (أداء ظهر بجماعة في مصر) قبل الجمعة وبعدها لتقليل الجماعة وصورة المعارضة، وأفاد أن المساجد تغلق يوم الجمعة إلا الجامع
(وكذا أهل مصر فاتتهم الجمعة) فإنهم يصلون الظهر بغير أذان ولا إقامة ولا جماعة.
ويستحب للمريض تأخيرها إلى فراغ الامام، وكره إن لم يؤخر هو الصحيح(2/170)
(ومن أدركها في تشهد أو سجود سهو) على القول به فيها (يتمها جمعة) خلافا لمحمد (كما) يتم (في العيد) اتفاقا كما في عيد الفتح، لكن في السراج أنه عند محمد لم يصر مدركا له (وينوي جمعة لا ظهرا) اتفاقا، فلو نوى الظهر لم يصح اقتداؤه، ثم الظاهر أنه لا فرق بين المسافر وغيره.
نهر بحثا (إذا خرج الامام) من الحجرة إن كان وإلا فقيامه للصعود.
شرح المجمع (فلا صلاة(2/171)
ولا كلام إلى تمامها) وإن كان فيها ذكر الظلمة في الاصح (خلا قضاء فائتة لم يسقط الترتيب بينها وبين الوقتية) فإنها لا تكره.
سراج وغيره.
لضرورة صحة الجمعة، وإلا لا، ولو خرج وهو في السنة أو بعد قيامه لثالثة النفل يتم في الاصح ويخفف القراءة.
(وكل ما حرم في الصلاة حرم فيها) أي في الخطبة.
خلاصة وغيرها.
فيحرم أكل وشرب وكلام ولو تسبيحا، أو رد سلام أو أمر بمعروف بل يجب عليه أن يستمع ويسكت (بلا فرق بين قريب وبعيد) في الاصح.
محيط.
ولا يرد تحذير من خيف هلاكه لانه يجب لحق آدمي(2/172)
وهو محتاج إليه، والانصات لحق الله تعالى ومبناه على المسامحة، وكان أبو يوسف ينظر في كتابه ويصححه، والاصح أنه لا بأس بأن يشير برأسه أو يده عند رؤية منكر، والصواب أنه يصلي على النبي (ص) عند سماع اسمه في نفسه، ولا يجب تشميت ولا رد سلام، به يفتى، وكذا يجب الاستماع لسائر الخطب كخطبة نكاح وخطبة عيد وختم على المعتمد.
وقالا: لا بأس بالكلام قبل الخطبة وبعدها وإذا جلس عند الثاني والخلاف في كلام يتعلق بالآخرة، أما غيره فيكره إجماعا، وعلى هذا فالترقية المتعارفة في زماننا تكره عنده لا عندهما.(2/173)
وأما ما يفعله المؤذنون حال الخطبة من الترضي ونحوه فمكروه اتفاقا وتمامه في البحر.
والعجب أن المرقي ينهى عن الامر بالمعروف بمقتضى حديثه ثم يقول: انصتوا رحمكم الله.
قلت: إلا أن يحمل على قولهما فتنبه (ووجب سعي إليها وترك البيع) ولو مع السعي، وفي المسجد أعظم وزرا (بالاذان الاول) في الاصح وإن لم يكن في زمن الرسول بل في زمن عثمان.
وأفاد في البحر صحة إطلاق الحرمة على المكروه تحريما(2/174)
(ويؤذن) ثانيا (بين يديه) أي الخطيب.
أفاد بوحدة الفعل أن المؤذن إذا كان أكثر من واحد أذنوا واحدا بعد واحد، ولا يجتمعون كما في الجلابي والتمرتاشي.
ذكره القهستاني (إذا جلس على المنبر) فإذا أتم أقيمت، ويكره الفصل بأمر الدنيا.
ذكره العيني (لا ينبغي أن يصلي غير الخطيب) لانهما كشئ واحد (فإن فعل بأن خطب صبي بإذن السلطان صلى بالغ جاز) هو المختار(2/175)
(لا بأس بالسفر يومها إذا خرج من عمران المصر قبل خروج وقت الظهر) كذا في الخانية، لكن عبارة الظهيرية وغيرها بلفظ (دخول) بدل (خروج).
وقال في شرح المنية: والصحيح أنه يكره السفر بعد الزوال قبل أن يصليها، ولا يكره قبل الزوال.
(القروي إذا دخل المصر يومها إن نوى المكث ثمة ذلك اليوم لزمته) الجمعة (وإن نوى الخروج من ذلك اليوم قبل وقتها أو بعده لا تلزمه) لكن في النهر: إن نوى الخروج بعده لزمته، وإلا لا.
وفي شرح المنية: إن نوى المكث إلى وقتها لزمته، وقيل لا (كما) لا تلزم (لو قدم مسافر يومها) على عزم أن لا يخرج يومها (ولم ينو الاقامة) نصف شهر (يخطب) الامام (بسيف في بلدة فتحت به) كمكمة (وإلا لا) كالمدينة.
وفي الحاوي القدسي: إذا فرغ المؤذنون قام الامام والسيف في يساره وهو متكئ عليه.
وفي الخلاصة: ويكره أن يتكئ على قوس
أو عصا.(2/176)
فروع: سمع النداء وهو يأكل تركه إن خاف فوات جمعة أو مكتوبة لا جماعة.
رستاقي.
سعي يريد الجمعة وحوائجه أن معظم مقصوده الجمعة نال ثواب السعي إليها، وبهذا تعلم أن من شرك في عبادته فالعبرة للاغلب، الافضل حلق الشعر وقلم الظفر بعدها، لا بأس بالتخطي ما لم يأخذ الامام في الخطبة ولم يؤذ أحدا إلا أن لا يجد إلا فرجة أمامه فيتخطى إليها للضرورة ويكره التخطي للسؤال بكل حال(2/177)
وسئل عليه الصلاة والسلام عن ساعة الاجابة فقال: ما بين جلوس الامام إلى أن يتم الصلاة وهو الصحيح.
وقيل وقت العصر، وإليه ذهب المشايخ كما في التاترخانية.
وفيها سئل بعض المشايخ: ليلة الجمعة أفضل أم يومها؟ فقال: يومها.
ذكر في أحكامات الاشباه مما اختص به يومها قراءة الكهف فيه، ومن فهم عطفه على قوله: ويكره إفراده بالصوم وإفراد ليلته بالقيام، فقد وهم،(2/178)
وفيه تجتمع الارواح وتزار القبور ويأمن الميت من عذاب القبر، ومن مات فيه أو في ليلته أمن من عذاب القبر ولا تسجر فيه جهنم، وفيه يزور أهل الجنة ربهم تعالى.
باب العيدين سمي به لان لله فيه عوائد الاحسان، ولعوده بالسرور غالبا أو تفاؤلا، ويستعمل في كل يوم مسرة، ولذا قيل: عيد وعيد وعيد صرن مجتمعه وجه الحبيب ويوم العيد والجمعه(2/179)
فلو اجتمعا لم يلزم إلا صلاة أحدهما، وقيل الاولى صلاة الجمعة، وقيل صلاة العيد، كذا في القهستاني عن التمرتاشي.
قلت: قد راجعت التمرتاشي فرأيته حكاه عن مذهب الغير وبصورة التمريض فتنبه.
وشرع في الاولى من الهجرة (تجب صلاتهما) في الاصح (على من تجب عليه الجمعة بشرائطها) المتقدمة (سوى الخطبة) فإنها سنة بعدها، وفي القنية: صلاة العيد في القرى تكره تحريما: أي لانه اشتغال بما لا يصح، لان المصر شرط الصحة (وتقدم) صلاتها (على صلاة(2/180)
الجنازة إذا اجتمعا) لانه واجب عينا والجنازة كفاية (و) تقدم (صلاة الجنازة على الخطبة) وعلى سنة المغرب وغيرها والعيد على الكسوف، لكن في البحر قبيل الاذان عن الحلبي الفتوى على تأخير الجنازة عن السنة، وأقره المصنف كأنه إلحاق لها بالصلاة، لكن في آخر أحكام دين الاشباه ينبغي تقديم الجنازة والكسوف حتى على الفرض ما لم يضق وقته، فتأمل.(2/181)
(وندب يوم الفطر أكله) حلوا وترا ولو قرويا (قبل) خروجه إلى (صلاتها واستياكه واغتساله وتطيبه) بما له ريح لا لون (ولبسه أحسن ثيابه) ولو غير أبيض (وأداء فطرته) صح عطفه على أكله، لان الكلام كله قبل الخروج، ومن ثم أتى بكلمة (ثم خروجه) ليفيد تراخيه عن جميع ما(2/182)
مر (ماشيا إلى الجبانة) وهي المصلى العام، والواجب مطلق التوجه (والخروج إليها) أي الجبانة لصلاة العيد (سنة وإن وسعهم المسجد الجامع) هو الصحيح (ولا بأس بإخراج منبر إليها) لكن في الخلاصة: لا بأس ببنائه دون إخراجه، ولا بأس بعوده راكبا، وندب كونه من طريق آخر وإظهار البشاشة وإكثار الصدقة والتختم والتهنئة بتقبيل الله منا ومنكم لا تنكر (ولا يكبر في طريقها ولا يتنفل قبلها مطلقا)(2/183)
يتعلق بالتكبير والتنفل، كذا قرره المصنف تبعا للبحر، لكن تعقبه في النهر ورجح تقييده
بالجهر، زاد في البرهان: وقالا: الجهر به سنة كالاضحى وهي رواية عنه، ووجهها ظاهر قوله(2/184)
تعالى: * (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) * ووجه الاول أن رفع الصوت بالذكر بدعة فيقتصر على مورد الشرع اه.
(وكذا) لا يتنفل (بعدها في مصلاها) فإنه مكروه عند العامة (وإن) تنفل بعدها (في البيت جاز) بل يندب تنفل بأربع، وهذا للخواص، أما العوام فلا يمنعون من تكبير ولا تنفل أصلا لقلة رغبتهم في الخيرات.
بحر.
وفي هامشه بخط ثقة: وكذا صلاة رغائب وبراءة وقدر، لان عليا رضي الله عنه رأى يصلي بعد العيد فقيل: أما تمنعه يا أمير المؤمنين؟ فقال: أخاف أن أدخل تحت الوعيد، قال الله تعالى: * (أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى) * (ووقتها من(2/185)
الارتفاع) قدر رمح فلا تصح قبله بل تكون نفلا محرما (إلى الزوال) بإسقاط الغاية (فلو زالت الشمس وهو في أثنائها فسدت) كما في الجمعة، كذا في السراج، وقدمناه في الاثني عشرية (ويصلي الامام بهم ركعتين مثنيا قبل الزوائد وهي ثلاث تكبيرات في كل ركعة)(2/186)
ولو زاد تابعه إلى ستة عشر لانه مأثور، لا أن يسمع من المكبرين فيأتي بالكل (ويوالي) ندبا (بين القراءتين)(2/187)
ويقرأ كالجمعة (ولو أدرك) المؤتم (الامام في القيام) بعد ما كبر (كبر) في الحال برأي نفسه لانه مسبوق ولو سبق بركعة يقرأ ثم يكبر لئلا يتوالى التكبير (فلو لم يكبر حتى ركع الامام قبل(2/188)
أن يكبر) المؤتم (لا يكبر) في القيام (و) لكن (يركع ويكبر في الركوع) على الصحيح، لان للركوع حكم القيام، فالاتيان بالواجب أولى من المسنون (كما لو ركع
الامام قبل أن يكبر فإن الامام يكبر في الركوع ولا يعود إلى القيام ليكبر) في ظاهر الرواية: فلو عاد ينبغي الفساد (ويرفع يديه في الزوائد) وإن لم ير إمامه ذلك (إلا إذا كبر راكعا) كما مر فلا يرفع يديه على المختار، لان أخذ الركبتين سنة في محله (وليس بين تكبيراته ذكر مسنون) ولذا يرسل يديه (ويسكت بين كل تكبيرتين مقدار ثلاث تسبيحات) هذا يختلف بكثرة الزحام وقلته (ويخطب بعدها خطبتين) وهما سنة (فلو خطب قبلها صح وأساء) لترك السنة، وما يسن في الجمعة ويكره يسن فيها ويكره (و) الخطب ثمان بل عشر(2/189)
(يبدأ بالتحميد في) ثلاث: (خطبة) جمعة (واستسقاء، ونكاح) وينبغي أن تكون خطبة الكسوف وختم القرآن كذلك، ولم أره (ويبدأ بالتكبير في) خمس: (خطبة العيدين) وثلاث خطب الحج، إلا أن التي بمكة وعرفة يبدأ فيها بالتكبير ثم بالتلبية ثم بالخطبة، كذا في خزانة أبي الليث (ويستحب أن يستفتح الاولى بتسع تكبيرات تترى) أي متتابعات (والثانية بسبع) هو السنة (و) أن (يكبر قبل نزوله من المنبر أربع عشرة) وإذا صعد عليه لا يجلس عندنا.
معراج (و) أن (يعلم الناس فيها أحكام) صدقة (الفطر) ليؤديها من لم يؤدها، وينبغي تعليمهم في الجمعة التي قبلها ليخرجوها في محلها ولم أره، وهكذا كل حكم احتيج إليه، لان الخطبة شرعت للتعليم (ولا يصليها وحده إن فاتت مع الامام) ولو بالافساد اتفاقا في الاصح كما في تيمم البحر، وفيها يلغز: أي رجل أفسد صلاة واجبة عليه ولا قضاء (و) لو أمكنه الذهاب إلى إمام آخر فعل لانها (تؤدى بمصر) واحد (بمواضع) كثيرة (اتفاقا) فإن عجز صلى أربعا كالضحى (وتؤخر بعذر) كمطر (إلى الزوال من الغد(2/190)
فقط) فوقتها من الثاني كالاول، وتكون قضاء لا أداء كما سيجئ في الاضحية، وحكى القهستاني قولين (وأحكامها أحكام الاضحى، لكن هنا يجوز تأخيرها إلى آخر ثالث أيام النحر بلا عذر مع الكراهة، وبه) أي بالعذر (بدونها) بالعذر هنا لنفي الكراهة وفي الفطر للصحة
(ويكبر جهرا) اتفاقا (في الطريق) قيل وفي المصلى، وعليه عمل الناس اليوم لا في البيت (ويندب تأخير أكله عنها) وإن لم يصح في الاصح، ولو أكل لم يكره: أي تحريما (ويعلم الاضحية وتكبر التشريق) في الخطبة (ووقوف الناس(2/191)
يوم عرفة في غيرها تشبيها بالواقفين ليس بشئ) هو نكرة في موضع النفي، فتعم أنواع العبادة من فرض وواجب ومستحب فيفيد الاباحة، وقيل يستحب ذلك، كذا في مسكين.
وقال الباقاني: لو اجتمعوا لشرف ذلك اليوم ولسماع الوعظ بلا وقوف وكشف رأس جاز بلا كراهة اتفاقا (ويجب تكبير التشريق) في الاصح(2/192)
للامر به (مرة) وإن زاد عليها يكون فضلا.
قاله العيني.
صفته (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد) هو المأثور عن الخليل.
والمختار أن الذبيح إسماعيل.
وفي(2/193)
القاموس أنه الاصح، قال: ومعناه مطيع الله (عقب كل فرض) عيني بلا فصل يمنع البناء (أدى بجماعة) أو قضى فيها منها من عامة لقيام وقته كالاضحية (مستحبة) خرج جماعة النساء والعراة لا العبيد في الاصح.
جوهرة.
أوله (من فجر عرفة) وآخره (إلى عصر العيد) بإدخال الغاية فهي ثمان صلوات، ووجوبه (على إمام مقيم) بمصر (و) على مقتد (مسافر أو قروي أو امرأة) بالتبعية، لكن المرأة تخافت، ويجب على مقيم اقتدى بمسافر (وقالا بوجوبه فور كل فرض(2/194)
مطلقا) ولو منفردا أو مسافرا أو امرأة لانه تبع للمكتوبة (إلى) عصر اليوم الخامس (آخر أيام التشريق، وعليه الاعتماد) والعمل والفتوى في عامة الامصار وكافة الاعصار.
ولا بأس به عقب العيد لان المسلمين توارثوه فوجب اتباعهم، وعليه البلخيون، ولا يمنع العامة من التكبير في الاسواق في الايام العشر، وبه نأخذ.
بحر ومجتبى وغيره (ويأتي المؤتم به) وجوبا
(وإن تركه إمامه) لادائه بعد الصلاة قال أبو يوسف: صليت بهم المغرب يوم عرفة فسهوت أن أكبر فكبر بهم أبو حنيفة (والمسبوق يكبر) وجوبا كاللاحق لكن (عقب القضاء) لما فاته، ولو كبر مع الامام لا تفسد، ولو لبى فسدت (ويبدأ الامام بسجود السهو) لوجوبه في تحريمتها (ثم(2/195)
بالتكبير) لوجوبه في حرمتها (ثم بالتلبية لو محرما) لعدمهما.
خلاصة.
وفي الولوالجية: لو بدأ بالتلبية سقط السجود والتكبير.
باب: الكسوف مناسبته إما من حيث الاتحاد أو التضاد، ثم الجمهور أنه بالكاف، والخاء للشمس والقمر (يصلي بالناس من يملك إقامة الجمعة) بيان للمستحب،(2/196)
وما في السراج لا بد من شرائط الجمعة إلا الخطبة، رده في البحر عند الكسوف (ركعتين) بيان لاقلها، وإن شاء أربعا أو أكثر، كل ركعتين بتسليمة أو كل أربع، مجتبى.
وصفتها (كالنفل) أي بركوع واحد في غير وقت مكروه (بلا أذان و) لا (إقامة) لا (جهرو) لا (خطبة) وينادي الصلاة جامعة ليجتمعوا (ويطيل فيها الركوع) والسجود (والقراءة) والادعية والاذكار(2/197)
الذي هو من خصائص النافلة، ثم يدعو بعدها جالسا مستقبل القبلة أو قائما مستقبل الناس والقوم يؤمنون (حتى تنجلي الشمس كلها، وإن لم يحضر الامام) للجمعة (صلى الناس فرادى) في منازلهم تحرزا عن الفتنة (كالخسوف) للقمر (والريح) الشديدة (والظلمة) القوية نهارا، والضوء القوي ليلا (والفزع) الغالب، ونحو ذلك من الآيات المخفوفة كالزلازل والصواعق والثلج والمطر الدائمين، وعموم الامراض، ومنه الدعاء برفع الطاعون.
وقول ابن حجر: بدعة: أي حسنة، وكل طاعون وباء ولا عكس، وتمامه في الاشباه.(2/198)
وفي العيني: صلاة الكسوف سنة.
واختار في الاسرار وجوبها، وصلاة الخسوف حسنة، وكذا البقية.
وفي الفتح: واختلف في استنان صلاة الاستسقاء، فلذا أخرها.
باب: الاستسقاء (هو دعاء واستغفار) لانه السبب لارسال الامطار (بلا جماعة) مسنونة بل هي جائزة (و)(2/199)
بلا (خطبة) وقالا: تفعل كالعيد، وهل يكبر للزوائد؟ خلاف (و) بلا (قلب رداء) خلافا لمحمد (و) بلا (حضور ذمي) وإن كان الراجح أن دعاء الكافر قد يستجاب استدراجا، وأما قوله تعالى: * (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) * ففي الآخرة.
شروح.
مجمع (وإن صلوا فرادى جاز) فهي مشروعة للمنفرد، وقول التحفة وغيرها: ظاهر الرواية لا صلاة: أي بجماعة (ويخرجون ثلاثة أيام) لانه لم ينقل أكثر منها (متتابعات) ويستحب للامام أن يأمرهم بصيام ثلاثة أيام قبل الخروج وبالتوبة، ثم يخرج بهم في الرابع (مشاة في ثياب غسيلة أو مرقعة متذللين(2/200)
متواضعين خاشعين لله ناكسين رؤوسهم ويقدمون الصدقة في كل يوم قبل خروجهم ويجددون التوبة ويتسغفرون للمسلمين، ويستسقون بالضعفة والشيوخ) والعجائز والصبيان، ويبعدون الاطفال عن أمهاتهم.
ويستحب إخراج الدواب، والاولى خروج الامام معهم، وإن خرجوا بإذنه أو بغير إذنه جاز (ويجتمعون في المسجد بمكة وبيت المقدس) ولم يذكر المدينة كأنه لضيقه وإن دام المطر حتى أضر فلا بأس بالدعاء بحبسه وصرفه حيث ينفع، وإن سقوا قبل خروجهم ندب أن يخرجوا شكرا لله تعالى.
باب: صلاة الخوف من إضافة الشئ لشرطه (هي جائزة بعده عليه الصلاة والسلام عندهما) أي عند أبي حنيفة(2/201)
ومحمد رحمهما الله تعالى خلافا للثاني (بشرط حضور عدو) يقينا، فلو صلوا على ظنه فبان خلافه أعادوا (أو سبع) أو حية عظيمة ونحوها وحان خروج الوقت كما في مجمع الانهر، ولم أره لغيره فليحفظ.
قلت: ثم رأيت في شرح البخاري للعيني أنه ليس بشرط إلا عند البعض حال التحام الحرب (فيجعل الامام طائفة بإزاء العدو) إرهابا له (ويصلي بأخرى ركعة في الثنائي) ومنه الجمعة والعيد (وركعتين في غيره) لزوما (وذهبت إليه وجاءت الاخرى فصلى بهم(2/202)
ما بقي وسلم وحده وذهبت إليه) ندبا (وجاءت الطائفة الاولى وأتموا صلاتهم بلا قراءة) لانهم لاحقون (وسلموا ثم جاءت الطائفة الاخرى وأتموا صلاتهم بقراءة) لانهم مسبوقون، وهذا إن تنازعوا في الصلاة خلف واحد، وإلا فالافضل أن يصلي بكل طائفة إمام (وإن اشتد خوفهم) وعجزوا عن النزول (صلوا ركبانا فرادى) إلا إذا كان رديفا للامام، فيصح الاقتداء (بالايماء إلى جهة قدرتهم) للضرورة (وفسدت بمشي) لغير اصطفاف وسبق حدث (وركوب) مطلقا (وقتال(2/203)
كثير) لا بقليل، كرمية سهم.
(والسابح في البحر إن أمكنه أن يرسل أعضاءه ساعة صلى بالايماء، وإلا لا) تصح كصلاة الماشي والسائف وهو يضرب بالسيف.
فروع: الراكب إن كان مطلوبا تصح صلاته، وإن كان طالبا لا، لعدم خوفه.
شرعوا ثم ذهب العدو لم يجز انحرافهم، وبعكسه جاز.
لا تشرع صلاة الخوف للعاصي في سفره كما في الظهيرية، وعليه فلا تصح من البغاة.
صح أنه عليه الصلاة والسلام صلاها في أربع: ذات الرقاع، وبطن نخل، وعسفان، وذي قرد.
باب: صلاة الجنازة من إضافة الشئ(2/204)
لسببه، وهي بالفتح الميت، وبالكسر السرير، وقيل لغتان.
والموت صفة وجودية خلقت ضد
الحياة، وقيل عدمية (يوجه المحتضر) وعلامته استرخاء قدميه واعوجاج منخره وانخساف صدغيه (القبلة) على يمينه هو السنة (وجاز الاستلقاء) على ظهره (وقدماه إليها) وهو المعتاد في زماننا (و) لكن (يرفع رأسه قليلا) ليتوجه للقبلة (وقيل يوضع كما تيسر على الاصح) صححه في المبتغى (وإن شق عليه ترك على حاله) والمرجوم لا يوجه.
معراج (ويلقن) ندبا، وقيل وجوبا (بذكر الشهادتين) لان الاولى لا تقبل بدون الثانية(2/205)
(عنده) قبل الغرغرة.
واختلف في قبول توبة اليأس، والمختار قبول توبته لا إيمانه، والفرق في البزازية وغيرها (من غير أمره بها) لئلا يضجر، وإذا قالها مرة كفاه، ولا يكرر عليه ما لم يتكلم(2/206)
ليكون، آخر كلامه لا إله إلا الله، ويندب قراءة يس والرعد (ولا يلقن بعد تلحيده) وإن فعل لا ينهى عنه.
وفي الجوهرة إنه مشروع عند أهل السنة، ويكفي قوله: يا فلان يا ابن فلان اذكر ما كنت عليه، وقل رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبييا، قيل يا رسول الله فإن لم يعرف اسمه؟ قال: ينسب إلى آدم وحواء.
ومن لا يسأل ينبغي أن لا يلقن.(2/207)
والاصح أن الانبياء لا يسألون ولا أطفال المؤمنين.
وتوقف الامام في أطفال المشركين، وقيل هم خدم أهل الجنة.
ويكره تمني الموت، وتمامه في النهر، وسيجي في الحظر (وما ظهر منه من كلمات كفرية يغتفر في حقه ويعامل معاملة موتى المسلمين) حملا على أنه في حال زوال عقله، ولذا اختار بعضهم زوال عقله قبل موته.
ذكره الكمال (وإذا مات تشد لحياه وتغمض عيناه) تحسينا له، ويقول منمضه: بسم الله وعلى ملة رسول الله اللهم يسر عليه أمره، وسهل عليه ما بعده، وأسعده بلقائك، واجعل ما خرج إليه خيرا مما خرج عنه،(2/208)
ثم تمد أعضاؤه، ويوضع على بطنه سيف أو حديد لئلا ينتفخ، ويحضر عنده الطيب، ويخرج من عنده الحائض والنفساء، والجنب، ويعلم به جيرانه وأقرباؤه، ويسرع في جهازه ويقرأ عنده القرآن إلى أن يرفع إلى الغسل، كما في القهستاني معزيا للنتف.
قلت: وليس في النتف إلى الغسل، بل إلى أن يرفع فقط، وفسره في البحر برفع الروح.
وعبارة الزيلعي، وغيره: تكره القراءة عنده حتى يغسل، وعلله الشرنبلالي في أمداد الفتاح تنزيها للقرآن عن نجاسة الميت لتنجسه بالموت، قيل نجاسة خبث(2/209)
وقيل حدث، وعليه فينبغي جوازها كقراءة المحدث (ويوضع)(2/210)
كما مات (كما تيسر) في الاصح (على سرير مجمر وترا) إلى سبع فقط.
فتح.
(ككفنه) وعند موته فهي ثلاث: لا خلفه ولا في القبر (وكره قراءة القرآن عنده إلى تمام غسله) عبارة الزيلعي: حتى يغسل، وعبارة النهر: قبل غسله (وتستر عورته الغليظة فقط على الظاهر) من الرواية (وقيل مطلقا) الغليظة والخفيفة (وصحح) صححه الزيلعي وغيره (ويغسلها تحت خرقة) السترة (بعد لف) خرقة (مثلها على يديه) لحرمة اللمس كالنظر (ويجرد) من ثيابه (كما مات) وغسله عليه الصلاة والسلام في قميصه من خواصه (ويوضأ) من يؤمر بالصلاة (بلا مضمضة واستنشاق)(2/211)
للحرج، وقيل يفعلان بخرقة، وعليه العمل اليوم، ولو كان جنبا أو حائضا أو نفساء فعلا اتفاقا تتميما للطهارة كما في إمداد الفتاح مستمدا من شرح المقدسي ويبدأ بوجهه ويمسح رأسه (ويصب عليه ماء مغلي بسدر) ورق النبق (أو حرض) بضم فسكون الاشنان (إن تيسر، وإلا فماء خالص) مغلي (ويغسل رأسه ولحيته بالخطمي) نبت بالعراق (إن وجد، وإلا فبالصابون ونحوه) هذا لو كان بهما شعر، حتى لو كان أمرد أو أجرد لا يفعل (ويضجع على يساره) ليبدأ(2/212)
بيمينه (فيغسل حتى يصل الماء إلى ما يلي التخت منه، ثم على يمينه كذلك، ثم يجلس مسندا) بالبناء للمفعول (إليه ويمسح بطنه رفيقا وما خرج منه يغسله ثم) بعد إقعاده (يضجعه على شقه الايسر ويغسله) وهذه غسلة (ثالثة) ليحصل المسنون (ويصب عليه الماء عند كل اضطجاع ثلاث مرات) لما مر (وإن زاد عليها أو نقص جاز) إذ الواجب مرة (ولا يعاد غسله ولا وضؤه بالخارج منه) لان غسله ما وجب لرفع الحدث لبقائه بالموت(2/213)
بل لتنجسه بالموت كسائر الحيوانات الدموية، إلا أن المسلم يطهر بالغسل كرامة له، وقد حصل.
بحر وشرح مجمع.
(وينشف في ثوب ويجعل الحنوط) وهو بفتح الحاء (العطر المركب من الاشياء الطيبة غير زعفران وورس) لكراهتهما للرجال، وجعلهما في الكفن جهل (على رأسه ولحيته) ندبا (والكافور على مساجده) كرامة لها (ولا يسرح شعره) أي يكره تحريما (ولا يقص ظفره) إلا المكسور (ولا شعره) ولا يختن، ولا بأس بجعل القطن على وجهه وفي مخارقه كدبر وقبل وأذن وفم، ويوضع يداه في جانبيه لا على صدره لانه من عمل الكفار.
ابن ملك (ويمنع زوجها من غسلها ومسها لا من النظر إليها على الاصح) منية.
وقالت الائمة الثلاثة: يجوز، لان عليا غسل فاطمة رضي الله عنهما.
قلنا: هذا محمول على بقاء الزوجية لقوله عليه الصلاة والسلام: كل سبب ونسب ينقطع(2/214)
بالموت، إلا سببي ونسبي مع أن بعض الصحابة أنكر عليه.
شرح المجمع للعيني (وهي لا تمنع من ذلك) ولو ذمية بشرط بقاء الزوجية (بخلاف أم الولد) والمدبرة والمكاتبة فلا يغسلونه ولا يغسلهن على المشهور.
مجتبى.
(والمعتبر) في الزوجية (صلاحيتها لغسله حالة الغسل لا) حالة (الموت فتمنع من غسله لو) بانت قبل موته أو(2/215)
(ارتدت بعده) ثم أسلمت (أو مست ابنه بشهوة) لزوال النكاح (وجاز لها) غسله (لو أسلم) زوج المجوسية (فمات فأسلمت) بعده لحل مسها حينئذ اعتبارا بحالة الحياة.
(وجد رأس آدمي) أو أحد شقيه (لا يغسل ولا يصلى عليه) بل يدفن، إلا أن يوجد أكثر من نصفه ولو بلا رأس.
(والافضل أن يغسل) الميت (مجانا، فإن ابتغى الغاسل الاجر جاز إن كان ثمة غيره، وإلا لا) لتعينه عليه وينبغي أن يكون حكم الحمال والحفار كذلك.
سرح (وإن غسل) الميت (بغير نية أجزأ) أي لطهارته لا لاسقاط الفرض عن ذمة المكلفين (و) لذا قال (لو وجد ميت في الماء فلا بد من غسله ثلاثا) لانا أمرنا بالغسل فيحركه في الماء بنية الغسل ثلاثا.
فتح.
وتعليله يفيد أنهم لو صلوا عليه بلا إعادة غسله صح وإن لم يسقط وجوبه عنهم، فتدبر.(2/216)
وفي الاختيار: الاصل فيه تغسيل الملائكة لآدم عليه السلام وقالوا لولده: هذه سنة موتاكم.
فروع: لو لم يدرأ مسلم أم كافر، ولا علامة، فإن في دارنا غسل وصلي عليه، وإلا لا.
اختلط موتانا بكفار، ولا علامة اعتبر الاكثر، فإن استووا غسلوا، واختلف في الصلاة(2/217)
عليهم وحل دفنهم كدفن ذمية حبلى من مسلم، قالوا: والاحوط دفنها على حدة ويجعل ظهرها إلى القبلة، لان وجه الولد لظهرها.
ماتت بين رجال أو هو بين نساء يممه المحرم، فإن لم يكن فالاجنبي بخرقة، وييمم الخنثى المشكل لو مراهقا، وإلا فكغيره فيغسله الرجال والنساء.
يمم لفقد ماء وصلي عليه ثم وجدوه: غسلوه وصلوا ثانيا، وقيل لا(2/218)
(ويسن في الكفن له إزار وقميص ولفاقة، وتكره العمامة) للميت (في الاصح) مجتبى واستحسنها المتأخرون للعلماء والاشراف، ولا بأس بالزيادة على الثلاثة، ويحسن الكفن لحديث حسنوا أكفان الموتى فإنهم يتزاورون فيما بينهم يتفاخرون بحسن أكفانهم ظهيرية
(ولها درع) أي قميص (وإزار(2/219)
وخمار ولفافة وخرقة تربط بها ثدياها) وبطنها (وكفاية له إزار ولفاقة) في الاصح (ولها ثوبان(2/220)
وخمار) ويكره أقل من ذلك (وكفن الضرورة لهما ما يوجد) وأقله ما يعم البدن وعند الشافعي ما يستر العورة كالحي (تبسط اللفافة) أولا (ثم يبسط الازار عليها ويقمص ويوضع على الازار ويلف يساره ثم يمينه، ثم اللفافة كذلك) ليكون الايمن على الايسر (وهي تلبس الدرع ويجعل شعرها ضفيرتين على صدرهما فوقه) أي الدرع (والخمار فوقه) أي الشعر (تحت اللفافة) ثم يفعل كما مر (ويعقد الكفن إن خيف انتشاره، وخنثى مشكل كامرأة فيه) أي الكفن، والمحرم كالحلال والمراهق كالبالغ، ومن لم يراهق إن كفن في واحد جاز،(2/221)
والسقط يلف ولا يكفن كالعضو من الميت (و) آدمي (منبوش طري) لم يتفسخ (يكفن كالذي لم يدفن) مرة بعد أخرى (وإن تفسخ كفن في ثوب واحد) وإلى هنا صار المكفنون أحد عشر.
والثاني عشر: الشهيد.
ذكرها في المجتبى (ولا بأس في الكفن ببرود وكتان، وفي النساء بحرير ومزعفر ومعصفر) لجوازه بكل ما يجوز لبسه حال الحياة، وأحبه البياض أو ما كان يصلي فيه (وكفن من لا مال له على من تجب عليه نفقته) فإن تعددوا فعلى قدر ميراثهم.(2/222)
(واختلف في الزوج، والفتوى على وجوب كفنها عليه) عند الثاني (وإن تركت مالا) خانية.
ورجحه في البحر بأنه الظاهر لانه ككسوتها (وإن لم يكن ثمة من تجب عليه نفقته ففي بيت المال، فإن لم يكن) بيت المال معمورا أو منتظما (فعلى المسلمين تكفينه) فإن لم يقدروا(2/223)
سألوا الناس له ثوبا، فإن فضل شئ رد للمصدق إن علم، وإلا كفن به مثله وإلا تصدق به،
مجتبى.
وظاهره أنه لا يجب عليهم إلا سؤال كفن الضرورة لا الكفاية، ولو كان في مكان ليس فيه إلا واحد، وذلك الواحد ليس له إلا ثوب لا يلزمه تكفينه به ولا يخرج الكفن عن ملك المتبرع (والصلاة عليه) صفتها (فرض كفاية) بالاجماع فيكفر منكرها لانه أنكر الاجماع.
قنية (كدفنه) وغسله وتجهيزه فإنها فرض كفاية.
(وشرطها)(2/224)
ستة (إسلام الميت وطهارته) ما لم يهل عليه التراب فيصلى على قبره بلا غسل، وإن صلي عليه أو لا استحسانا.
وفي القنية: الطهارة من النجاسة في ثوب وبدن ومكان وستر العورة شرط في حق الميت والامام جميعا، فلو أم بلا طهارة والقوم بها أعيدت، وبعكسه لا، كما لو أمت امرأة ولو أمة لسقوط فرضها بواحد وبقي من الشروط بلوغ الامام.
تأمل.
وشرطها أيضا(2/225)
حضوره (ووضعه) وكونه هو أو أكثر (أمام المصلي) وكونه للقبلة فلا تصح على غائب ومحمول على نحو دابة وموضوع خلفه، لانه كالامام من وجه دون وجه لصحتها على الصبي، وصلاة النبي (ص) على النجاشي لغوية أو خصوصية.
وصحت لو وضعوا الرأس موضع الرجلين(2/226)
وأساؤوا إن تعمدوا، ولو أخطؤوا القبلة صحت إن تحروا وإلا لا.
مفتاح السعادة.
(وركنها) شيئان: (التكبيرات) الاربع، فالاولى ركن أيضا لا شرط، فلذا لم يجز بناء أخرى عليها (والقيام) فلم تجز قاعدا بلا عذر.
(وسنتها) ثلاثة: (التحميد، والثناء، والدعاء فيها) ذكره الزاهدي.
وما فهمه الكمال من أن الدعاء ركن والتكبيرة الاولى شرط رده في البحر بتصريحهم بخلافه(2/227)
(وهي فرض على كل مسلم مات، خلا) أربعة: (بغاة، وقطاع طريق) فلا يغسلوا، ولا يصلى
عليهم (إذا قتلوا في الحرب) ولو بعده صلي عليهم لانه حد أو قصاص، (وكذا) أهل عصبة، و (مكابر في مصر ليلا وخناق)(2/228)
خنق غير مرة فحكمهم كالبغاة.
(من قتل نفسه) ولو (عمدا يغسل ويصلى عليه) به يفتى، وإن كان أعظم وزرا من قاتل غيره.
ورجح الكمال قول الثاني بما في مسلم أنه عليه الصلاة والسلام أتي برجل قتل نفسه فلم يصل علي.
(لا) يصلى على (قاتل أحد أبويه) إهانة له، وألحقه في النهر بالبغاة.(2/229)
(وهي أربع تكبيرات) كل تكبيرة قائمة مقام ركعة (يرفع يديه في الاولى فقط) وقال أئمة بلخ: في كلها (ويثني بعدها) وهو سبحانك اللهم وبحمدك (ويصلي على النبي (ص)) كما في التشهد (بعد الثانية) لان تقديمها سنة الدعاء (ويدعو بعد الثالثة) بأمور الآخرة والمأثور أولى،(2/230)
وقدم فيه الاسلام مع أنه الايمان لانه منبئ عن الانقياد، فكأنه دعاء في حال الحياة بالايمان والانقياد، وأما في حال الوفاة فالانقياد وهو العمل غير موجود (ويسلم) بلا دعاء (بعد الرابعة) تسليمتين ناويا الميت مع القوم، ويسر الكل إلا التكبير.
زيلعي وغيره.
لكن في البدائع: العمل في زماننا على الجهر بالتسليم.
وفي جواهر الفتاوى: يجهر بواحدة (ولا قراءة ولا تشهد(2/231)
فيها) وعين الشافعي الفاتحة في الاولى.
وعندنا تجوز بنية الدعاء، وتكره بنية القراءة لعدم ثبوتها فيها عن عليه الصلاة والسلام.
وأفضل صفوفها آخرها إظهارا للتواضح (ولو كبر إمامه خمسا لم يتبع) لانه منسوخ (فيمكث المؤتم حتى يسلم معه إذا سلم) به يفتى، هذا إذا سمع من الامام، ولو من المبلغ تابعه، وينوي الافتتاح بكل تكبيرة، وكذا في العيد (ولا يستغفر فيها لصبي ومجنون) ومعتوه لعدم تكليفهم(2/232)
(بل يقول بعد دعاء البالغين: اللهم اجعله لنا فرطا) بفتحتين: أي سابقا إلى الحوض ليهيئ الماء، وهو دعاء له أيضا بتقدمه في الخير، لا سيما وقد قالوا: حسنات الصبي له لا لابويه، بل لهما ثواب التعليم (واجعله ذخرا) بضم الذال المعجمة.
ذخيرة (وشافعا مشفعا) مقبول الشفاعة.
(ويقوم الامام) ندبا (بحذاء الصدر مطلقا)(2/233)
للرجل والمرأة، لانه محل الايمان والشفاعة لاجله (والمسبوق) ببعض التكبيرات لا يكبر في الحال بل (ينتظر) تكبير (الامام ليكبر معه) للافتتاح لما مر أن كل تكبيرة كركعة، والمسبوق لا يبدأ بما فاته.
قال أبو يوسف: يكبر حين يحضر (كما لا ينتظر الحاضر) في (حال التحريمة)(2/234)
بل يكبر اتفاقا للتحريمة، لانه كالمدرك، ثم يكبران ما فاتهما بعد الفراغ نسقا (بلا دعاء إن خشيا رفع الميت على الاعناق).
وما في المجتبى من أن المدرك يكبر الكل للحال شاذ.
نهر (فلو جاء) المسبوق (بعد تكبيرة الامام لرابعة فاتته الصلاة) لتعذر الدخول في تكبيرة الامام.
وعند أبي يوسف: يدخل لبقاء التحريمة، فإذا سلم الامام كبر ثلاثا كما في الحاضر،(2/235)
وعليه الفتوى، ذكره الحلبي وغيره.(2/236)
(وإذا اجتمعت الجنائز فإفراد الصلاة) على كل واحدة (أولى) من الجمع وتقديم الافضل أفضل (وإن جمع) جاز، ثم إن شاء جعل الجنائز صفا واحدا وقام عند أفضلهم، وإن شاء (جعلها صفا مما يلي القبلة) واحدا خلف واحد (بحيث يكون صدر كل) جنازة (مما يلي الامام) ليقوم بحذاء صدر الكل، وإن جعلها درجا فحسن لحصول المقصود (وراعى الترتيب) المعهود خلفه حالة الحياة، فيقرب منه الافضل فالافضل: الرجل مما يليه، فالصبي فالخنثى فالبالغة
فالمراهقة والصبي الحر يقدم على العبد، والعبد على المرأة، وأما ترتيبهم في قبر واحد لضرورة فبعكس هذا، فيجعل الافضل مما يلي القبلة.
فتح.
(ويقدم في الصلاة عليه السلطان) إن(2/237)
حضر (أو نائبه) وهو أمير المصر (ثم القاضي) ثم صاحب الشرط ثم خليفته القاضي (ثم إمام الحي) فيه إيهام، وذلك أن تقديم الولاة واجب وتقديم إمام الحي مندوب فقط بشرط أن يكون أفضل من الولي، وإلا فالولي أولى كما في المجتبى وشرح المجمع للمصنف.
وفي الدراية: إمام المسجد الجامع أولى من إمام الحي: أي مسجد محلته.
نهر(2/238)
(ثم الولي) بترتيب عصوبة الانكاح، إلا الاب فيقدم على الابن اتفاقا، إلا أن يكون عالما والاب جاهلا فالابن أولى، فإن لم يكن له ولي فالزوج ثم الجيران، ومولى العبد أولى من(2/239)
ابنه الحر لبقاء ملكه، والفتوى على بطلان الوصية بغسله والصلاة عليه، (وله) أي للولي، ومثله كل من يقدم عليه من باب أولى (الاذن لغيره فيها) لانه حقه فيملك إبطاله (إلا) أنه (إن كان هناك من يساويه فله) أي لذلك المساوي ولو أصغر سنا (المنع) لمشاركته في الحق أما البعيد فليس له المنع(2/240)
(فإن صلى غيره) أي الولي (ممن ليس له حق التقدم) على الولي (ولم يتابعه) الولي (أعاد الولي) ولو على قبره إن شاء لاجل حقه لا لاسقاط الفرض، ولذا قلنا: ليس لمن صلى عليها(2/241)
أن يعيد مع الولي لان تكرارها غير مشروع (وإلا) أي وإن صلى من له حق التقدم كقاض أو نائبه أو إمام الحي أو من ليس له حق التقدم وتابعه الولي (لا) يعيد لانهم أولى بالصلاة منه.
(وإن صلى هو) أي الولي (بحق) بأن لم يحضر من يقدم عليه (لا يصلي غيره بعده) وإن
حضر من له التقدم لكونها بحق.
أما لو صلى الولي بحضرة السلطان مثلا أعاد السلطان، لما في المجتبى وغيره، وفيه حكم صلاة من لا ولاية له كعدم الصلاة أصلا فيصلى على قبره ما لم يتمزق.
(وإن دفن) وأهيل عليه التراب (بغير صلاة) أو بها بلا غسل أو(2/242)
ممن لا ولاية له (صلي على قبره) استحسانا (ما لم يغلب على الظن تفسخه) من غير تقدير هو الاصح.
وظاهره أنه لو شك في تفسخه صلي عليه.
لكن في النهر عن محمد: لا كأنه تقديما للمانع (ولم تجز) الصلاة (عليها راكبا) ولا قاعدا (بغير عذر) استحسانا.
(وكرهت تحريما) وقيل (تنزيها في مسجد جماعة هو) أي الميت (فيه) وحده أو مع القوم.
(واختلف في الخارجة) عن المسجد وحده أو مع بعض القوم (والمختار الكراهة) مطلقا.(2/243)
خلاصة.
بناء على أن المسجد إنما بني للمكتوبة وتوابعها كنافلة وذكر وتدريس علم، وهو الموافق(2/244)
لاطلاق حديث أبي داود من صلى على ميت في المسجد فلا صلاة له.(2/245)
(ومن ولد فمات يغسل ويصلى عليه) ويرث ويورث ويسمى (إن استهل) بالبناء للفاعل: أي وجد منه ما يدل على حياته بعد خروج أكثره، حتى لو خرج رأسه فقط وهو يصيح فذبحه رجل فعليه الغرة، وإن قطع أذنه فخرج حيا فمات(2/246)
فعليه الدية (وإلا) يستهل (غسل وسمى) عند الثاني وهو الاصح، فيفتى به على خلاف ظاهر الرواية إكراما لبني آدم كما في ملتقى البحار.
وفي النهر عن الظهيرية: وإذا استبان بعض خلقه
غسل وحشر وهو المختار (وأدرج في خرقة ودفن(2/247)
ولم يصل عليه) وكذا لا يرث إن انفصل بنفسه (كصبي سبي مع أحد أبويه) لا يصلى عليه لانه تبع له: أي في أحكام الدنيا لا العقبى، لما مر أنهم خدم أهل الجنة.
(ولو سبي بدونه) فهو(2/248)
مسلم تبعا للدار أو للسبي (أو به فأسلم هو أو) أسلم (الصبي وهو عاقل) أي ابن سبع سنين (صلي عليه) لصيرورته مسلما.
قالوا: ولا ينبغي أن يسأل العامي عن الاسلام بل يذكر عنده حقيقته وما يجب الايمان به، ثم يقال له: هل أنت مصدق بهذا؟ فإذا قال نعم اكتفى به.(2/249)
ولا يضر توقفه في جواب ما الايمان؟ ما الاسلام؟ فتح.
(ويغسل المسلم ويكفن ويدفن قريبه) كخاله (الكافر الاصلي) أما المرتد فيلقى في حفرة كالكلب (عند الاحتياج) فلو له قريب فالاولى تركه لهم (من غير مراعاة السنة) فيغسله غسل الثوب النجس ويلفه في خرقة ويلقيه في حفرة، وليس للكافر غسل قريبه المسلم.
(وإذا حمل الجنازة وضع) ندبا (مقدمها) بكسر الدال وتفتح، وكذا المؤخر (على يمينه) عشر خطوات لحديث من حمل جنازة أربعين خطوة كفرت عنه أربعون كبيرة (ثم) وضع (مؤخرها) على يمينه كذلك، ثم مقدمها على يساره ثم مؤخرها كذلك، فيقع الفراغ خلف(2/250)
الجنازة فيمشي خلفها، وصح أنه عليه الصلاة والسلام حمل جنازة سعد بن معاذ ويكره عندنا حمله بين عمودي السرير، بل يرفع كل رجل قائمة باليد لا على العنق كالامتعة، ولذاكره حمله على ظهر ودابة (والصبي الرضيع أو الفطيم أو فوق ذلك قليلا يحمله واحد على يديه) ولو راكبا (وإن كان كبيرا حمل على الجنازة ويسرع بها بلا خبب) أي عدو سريع، ولو به كره (وكره تأخير صلاته ودفنه ليصلي عليه جمع عظيم بعد صلاة الجمعة) إلا إذا خيف فوتها بسبب دفنه.
قنية (كما كره) لمتبعها (جلوس قبل وضعها) وقيام بعده (ولا يقوم من في المصلى لها إذا رآها) قبل وضعها ولا من مرت عليه هو المختار، وما ورد فيه(2/251)
منسوخ.
زيلعي (وندب المشي خلفها) لانها متبوعة، إلا أن يكون خلفها نساء فالمشي أمامها أحسن.
اختيار.
ويكره خروجهن تحريما، وتزجر النائحة، ولا يترك اتباعها لاجلها، ولا يمشي عن يمينها ويسارها (ولو مشى أمامها جاز) وفيه فضيلة أيضا (و) لكن (إن تباعد عنها أو تقدم الكل) أو ركب أمامها (كره) كما كره فيها رفع صوت بذكر أو قراءة.(2/252)
فتح (وحفر قبره) في غير دار (مقدار نصف قامة) وإن زاد فحسن (ويلحد(2/253)
ولا يشق) إلا في أرض رخوة (ولا) يجوز أن (يوضع فيه مضربة) وما روي عن علي فغير مشهور لا يؤخذ به.
ظهيرية (ولا بأس باتخاذ تابوت) ولو من حجر أو حديد (له عند الحاجة) كرخاوة الارض.
(و) يسن أن (يفرش فيه التراب.
مات في سفينة غسل وكفن وصلي عليه وألقي في(2/254)
البحر إن لم يكن قريبا من البر ولا ينبغي أن يدفن) الميت (في الدار ولو) كان (صغيرا) لاختصاص هذه السنة بالانبياء.
واقعات.
(و) يستحب أن (يدخل من قبل القبلة) بأن يوضع من جهتها ثم يحمل فيلحد (و) أن (يقول واضعه: بسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله (ص)، ويوجه إليها) وجوبا، وينبغي كونه على شقة الايمن ولا ينبش ليوجه إليها (وتحل العقدة)(2/255)
للاستغناء عنها (ويسوي اللبن عليه والقصب لا الآجر) المطبوخ والخشب لو حوله، أما فوقه فلا يكره.
ابن ملك.
فائدة: عند لبنات لحد النبي عليه الصلاة والسلام تسع.
بهنسي (وجاز) ذلك حوله (بأرض رخوة) كالتابوت (ويسجى) أي يغطى (قبرها) ولو خنثى (لا قبره) إلا لعذر كمطر (ويهال التراب عليه، وتكره الزيادة عليه) من التراب لانه بمنزلة البناء، ويستحب حثيه من قبل رأسه ثلاثا،(2/256)
وجلوس ساعة بعد دفنه لدعاء وقراءة بقدر ما ينحر الجزور ويفرق لحمه.
(ولا بأس برش الماء عليه) حفظا لترابه على الاندراس (ولا يربع) للنهي (ويسنم) ندبا.
وفي الظهيرية: وجوبا قدر شبر (ولا يجصص) للنهي عنه (ولا يطين، ولا يرفع عليه بناء.
وقيل لا بأس به وهو المختار) كما في كراهة السراجية.
وفي جنائزها: لا بأس بالكتابة إن احتيج(2/257)
إليها حتى لا يذهب الاثر ولا يمتهن (ولا يخرج منه) بعد إهالة التراب (إلا) لحق آدمي، ك (- أن تكون الارض مغصوبة أو أخذت بشفعة) ويخير المالك بين إخراجه ومساواته بالارض كما جاز زرعه والبناء عليه إذا بلي وصار ترابا.
زيلعي.
(حامل ماتت وولدها حي) يضطرب (شق بطنها) من الايسر (ويخرج ولدها) ولو بالعكس وخيف على الام قطع وأخرج لو ميتا، وإلا لا، كما في كراهة الاختيار.(2/258)
ولو بلع مال غيره ومات هل يشق؟ قولان: والاولى نعم.
فتح.
فروع: الاتباع أفضل من النوافل لو لقرابة أو جوار أو فيه صلاح معروف.
يندب دفنه في جهة موته وتعجيله وستر موضع غسله فلا يراه إلا غاسله ومن يعينه، وإن رأى به ما يكره لم يجز ذكره، لحديث اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم.
ولا بأس بنقله قبل دفنه وبالاعلام بموته وبإرثائه بشعر أو غيره، ولكن يكره الافراط في(2/259)
مدحه، لا سيما عند جنازته، لحديث من تعزى بعزاء الجاهلية وبتعزية أهله وترغيبهم في الصبر وباتخاذ طعام لهم(2/260)
وبالجلوس لها في غير مسجد ثلاثة أيام، وأولها أفضل.(2/261)
وتكره بعدها إلا لغائب.
وتكره التعزية ثانيا، وعند القبر، وعند باب الدار، ويقول: عظم الله أجرك وأحسن عزاءك، وغفر لميتك، وبزيارة القبور ولو للنساء لحديث كنت نهيتكم عن زيارة(2/262)
القبور ألا فزوروها ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لا حقون ويقرأ يس، وفي الحديث من قرأ الاخلاص أحد عشر مرة، ثم وهب أجرها للاموات، أعطي من(2/264)
الاجر بعدد الاموات.
ويحفر قبرا لنفسه، وقيل يكره، والذي ينبغي أن لا يكره تهيئة نحو الكفن، بخلاف القبر.
ويكره المشي في طريق ظن أنه محدث حتى إذا لم يصل إلى قبره إلا بوطئ قبر تركه.(2/265)
لا يكره الدفن ليلا ولا إجلاس القارئين عند القبر وهو المختار.
عظم الذمي محترم.
إنما يعذب الميت ببكاء أهله إذا أوصى بذلك.
كتب على جبهة الميت أو عمامته أو كفنه(2/266)
عهد نامه ترجى أن يغفر الله للميت.
أوصى بعضهم أن يكتب في جبهته وصدره.
بسم الله الرحمن الرحيم - ففعل، ثم رئي في
المنام فسئل فقال: لما وضعت في القبر جاءتني ملائكة العذاب، فلما رأوا مكتوبا على جبهتي بسم الله الرحمن الرحيم قالوا: أمنت من عذاب الله.(2/267)
باب: الشهيد فعيل بمعنى مفعول، لانه مشهود له بالجنة، أو فاعل لانه حي عند ربه فهو شاهد.
(هو كل مكلف مسلم طاهر) فالحائض إن رأت ثلاثة أيام غسلت، وإلا لا لعدم كونها حائضا، ولم يعد عليه السلام غسل حنظلة لحصوله بفعل الملائكة، بدليل قصة آدم(2/268)
(قتل ظلما) بغير حق (بجارحة) أي بما يوجب القصاص (ولم يجب بنفس القتل مال) بل قصاص، حتى لو وجب المال بعارض كالصلح،(2/269)
أو قتل الاب ابنه لا تسقط الشهادة (ولم يرتث) فلو ارتث غسل كما سيجئ (وكذا) يكون شهيدا (لو قتله باغ أو حربي أو قاطع طريق، ولو) تسببا أو (بغير آلة جارحة) فإن مقتولهم شهيد بأي آلة قتلوه، لان الاصل فيه شهداء أحد ولم يكن كلهم قتيل سلاح (أو وجد جريحا ميتا في معركتهم) المراد بالجراحة علامة القتل، كخروج الدم من عينه أو من أذنه أو حلقه(2/270)
صافيا، لا من أنفه أو ذكره أو دبره أو حلقه جامدا (فينزع عنه ما لا يصلح للكفن، ويزاد) إن نقص ما عليه عن كفن السنة (وينقص) إن زاد (ل) - أجل أن (يتم كفنه) المسنون (ويصلى عليه بلا غسل ويدفن بدمه وثيابه) لحديث زملوهم بكلومهم (ويغسل من وجد قتيلا في مصر) أو قرية (فيما) أي في موضع (يجب فيه الدية) ولو في بيت المال كالمقتول في جامع أو شارع (ولم يعلم قاتله) أو علم ولم يجب القصاص، فإن وجب كان شهيدا، كمن قتله اللصوص ليلا في المصر، فإنه لا قسامة ولا ديه فيه للعلم بأن قاتله اللصوص، غاية الامر أن عينه لم تعلم(2/271)
فليحفظ، فإن الناس عنه غافلون (أو قتل بحد أو قصاص) أي يغسل، وكذا بتعزيز أو افتراس سبع (أو جرح وارتث) وذلك (بأن أكل أو شرب أو نام أو تداوى) ولو قليلا (أو أوى خيمة أو مضى عليه وقت صلاة وهو يعقل) ويقدر على أدائها (أو نقل من المعركة) وهو يعقل، سواء وصل حيا أو مات على الايدي، وكذا لو قام من مكانه إلى مكان آخر، بدائع (لا لخوف وطئ الخيل، أو أوصى بأمور الدنيا، وإن بأمور الآخرة لا) يصير مرتثا (عند محمد وهو الاصح)(2/272)
جوهرة.
لانه من أحكام الاموات (أو باع أو اشترى أو تكلم بكلام كثير) وإلا فلا، وهذا كله إذا كان (بعد انقضاء الحرب ولو فيها) أي في الحرب (لا) يصير مرتثا مما ذكر، وكل ذلك في الشهيد الكامل، وإلا فالمرتث شهيد الآخرة، وكذا الجنب ونحوه، ومن قصد العدو فأصاب نفسه، والغريق والحريق والغريب والمهدوم عليه والمبطون والمطعون والنفساء والميت ليلة الجمعة وصاحب ذات الجنب ومن مات وهو يطلب العلم، وقد عدهم السيوطي نحو الثلاثين.(2/274)
باب: الصلاة في الكعبة في الباب زيادة على الترجمة، وهو حسن.
(يصح فرض ونفل فيها وفوقها) ولو بلا سترة، لان القبلة عندنا هي العرصة والهواء إلى عنان السماء (وإن كره الثاني) للنهي، وترك التعظيم (منفردا أو بجماعة وإن) وصلية (اختلف وجوههم)(2/275)
في التوجه إلى الكعبة (إلا إذا جعل قفاه إلى وجه إمامه) فلا يصح اقتداؤه (لتقدمه عليه) ويكره جعل وجهه لوجهه بلا حائل، ولو لجنبه لم يكره، فهي أربع (ويصح لو تحلقوا حولها، ولو كان بعضهم أقرب إليها من إمامة إن لم يكن في جانبه) لتأخره حكما، ولو وقف مسامتا لركن في جانب الامام وكان أقرب: لم أره، وينبغي الفساد احتياطا.
لترجيح جهة الامام، وهذه صورته:(2/276)
(وكذا لو اقتدوا من خارجها بإمام فيها، والباب مفتوح صح) لانه كقيامه في المحراب.(2/277)
كتاب الزكاة قرنها بالصلاة في اثنين وثمانين موضعا في التنزيل دليل على كمال الاتصال بينهما.
وفرضت في السنة الثانية قبل فرض رمضان، ولا تجب على الانبياء إجماعا.
(هي) لغة: الطهارة والنماء، وشرعا: (تمليك)(2/278)
خرج الاباحة، فلو أطعم يتيما ناويا الزكاة لا يجزيه إلا إذا دفع إليه المطعوم، كما لو كساه بشرط أن يعقل القبض إلا إذا حكم عليه بنفقتهم (جزء مال) خرج المنفعة، فلو أسكن فقيرا داره سنة ناويا لا يجزيه (عينه الشارع) وهو ربع عشر نصاب حولي خرج النافلة والفطرة(2/279)
(من مسلم فقير) ولو معتوها (غير هاشمي ولا مولاه) أي معتقه، وهذا معنى قول الكنز: تمليك المال: أي المعهود إخراجه شرعا (من قطع المنفعة عن الملك من كل وجه) فلا يدفع لاصله وفرعه (لله تعالى) بيان لاشتراط النية.
(وشرط افتراضها: عقل، وبلوغ،(2/280)
وإسلام، وحرية) والعلم به ولو حكما ككونه في دارنا.
(وسببه) أي سبب افتراضها (ملك نصاب حولي) نسبه للحول لحولانه عليه (تام) بالرفع صفة ملك، خرج مال المكاتب.(2/281)
أقول: إنه خرج باشتراط الحرية، على أن المطلق ينصرف للكامل، ودخل ما ملك
بسبب خبيث كمغصوب خلطه إذا كان له غيره منفصل عنه يوفي دينه (فارغ عن دين له مطالب من جهة العباد) سواء كان لله كزكاة(2/282)
وخراج، أو للعبد ولو كفالة أو مؤجلا، ولو صداق زوجته المؤجل للفراق ونفقة لزمته بقضاء أو رضا، بخلاف دين نذر وكفارة وحج لعدم المطالب،(2/283)
ولا يمنع الدين وجوب عشر وخراج وكفارة (و) فارغ (عن حاجته الاصلية) لان المشغول بها كالمعدوم.
وفسره ابن ملك بما يدفع عنه الهلاك تحقيقا كثيابه، أو تقديرا كدينه(2/284)
(نام لو تقديرا) بالقدر على الاستنماء ولو بنائبه.
ثم فرع على سببه بقوله (فلا زكاة على مكاتب) لعدم الملك التام، ولا في كسب مأذون، ولا في مرهون بعد قبضه، ولا فيما اشتراه لتجارة(2/285)
قبل قبضه (ومديون للعبد بقدر دينه) فيزكي الزائد إن بلغ نصابا، وعروض الدين كالهلاك عنه محمد، ورجحه في البحر، ولو له نصب صرف الدين لا يسرها قضاء، ولو أجناسا صرف(2/286)
لاقلها زكاة، فإن استويا كأربعين شاة وخمس إبل خير (ولا في ثياب البدن) المحتاج إليها لدفع الحر والبرد، ابن ملك (وأثاث المنزل ودور السكنى ونحوها) وكذا الكتب وإن لم تكن لاهلها إذا لم تنو للتجارة، غير أن الاهل له أخذ الزكاة وإن ساوت نصبا، إلا أن تكون غير فقه(2/287)
وحديث وتفسير، أو تزيد على نسختين منها هو المختار: وكذلك آلات المحترفين إلا ما يبقى أثر عينه كالعصفر لدبغ الجلد ففيه الزكاة، بخلاف ما لا يبقى كصابون يساوي نصبا وإن حال
الحول.
وفي الاشباه لفقيه لا يكون غنيا بكتبه المحتاج إليها إلا في دين العباد فتباع له (ولا في مال مفقود) وجده بعد سنين؟ (وساقط في بحر) استخرجه بعدها (ومغصوب لا بينة عليه) فلو له بينة تجب لما مضى إلا في غصب السائمة(2/288)
فلا تجب وإن كان الغاصب مقرا كما في الخانية (ومدفون ببرية نسي مكانه) ثم تذكره، وكذا الوديعة عند غير معارفه، بخلاف المدفون في حرز.
واختلف في المدفون في كرم وأرض مملوكة (ودين) كان (جحده المديون سنين) ولا بينة له عليه (ثم) صارت له بأن (أقر بعدها عند قوم) وقيده في مصرف الخانية بما إذا حلف عليه عند القاضي، أما قبله فتجب لما مضى (وما أخذ مصادرة) أي ظلما (ثم وصل إليه بعد سنين) لعدم النمو.
والاصل فيه حديث علي لا زكاة في مال الضمار وهو ما لا يمكن الانتفاع به مع بقاء الملك (ولو كان الدين على مقر ملئ أو) على (معسر أو مفلس) أي محكوم بإفلاسه (أو) على (جاحد عليه بينة).
وعن محمد لا زكاة، وهو الصحيح، ذكره ابن مالك وغيره(2/289)
لان البينة قد لا تقبل (أو علم به قاض) سيجئ أن المفتى به عدم القضاء بعلم القاضي (فوصل إلى ملكه لزم زكاة ما مضى) وسنفصل الدين في زكاة المال.
(وسبب لزوم أدائها توجه الخطاب) يعني قوله تعالى: * (آتوا الزكاة) * (وشرطه) أي شرط افتراض أدائها (حولان الحول) وهو في ملكه (وثمنية المال كالدراهم والدنانير) لتعينهما للتجارة بأصل الخلقة فتلزم الزكاة كيفما أمسكهما ولو للنفقة (أو السوم) بقيدها الآتي (أو نية التجارة) في العروض، إما صريحا ولا بد من مقارنتها لعقد التجارة كما سيجئ، أو دلالة بأن يشتري عينا بعرض التجارة، أو يؤاجر داره التي للتجارة بعرض فتصير للتجارة بلا نية صريحا،(2/290)
واستثنوا من اشتراط النية ما يشتريه المضارب، فإنه يكون للتجارة مطلقا لانه لا يملك بمالها
غيرها.
ولا تصح نية التجارة فيما خرج من أرضه العشرية أو الخراجية أو المستأجرة أو المستعارة لئلا يجتمع الحقان.
(وشرط صحة أدائها نية مقارنة له) أي للاداء (ولو) كانت المقارنة (حكما) كما لو دفع(2/291)
بلا نية ثم نوى والمال قائم في يد الفقير، أو نوى عند الدفع للوكيل ثم دفع الوكيل بلا نية، أو دفعها لذمي ليدفعها، لان المعتبر للفقراء جاز نية الآمر، ولذا لو قال: هذا تطوع أو عن كفارتي، ثم نواه عن الزكاة قبل دفع الوكيل صح، ولو خلط زكاة موكليه ضمن وكان متبرعا، إلا إذا وكله الفقراء، وللوكيل أن يدفع لولده الفقير(2/292)
وزوجته لا لنفسه إلا إذا قال ربها: ضعها حيث شئت، ولا تصدق بدراهم نفسه أجزأ إن كان على نية الرجوع وكان دراهم الموكل قائمة (أو مقارنة بعزل ما وجب) كله أو بعضه ولا يخرج عن العهدة بالعزل، بل بالاداء للفقراء (أو تصدق بكله) إلا إذا نوى نذرا أو واجبا آخر فيصح ويضمن الزكاة، ولو تصدق ببعضه لا تسقط حصته عند الثاني خلافا للثالث وأطلقه، نعم: العين والدين، حتى لو أبرأ الفقير عن النصاب صح (وسقط عنه).(2/293)
واعلم أن أداء الدين عن الدين والعين عن العين وعن الدين يجوز، وأداء الدين عن العين، وعن دين سيقبض لا يجوز.
وحيلة الجواز أن يعطي مديونه الفقير زكاته ثم يأخذها عن دينه، ولو امتنع المديون مد يده وأخذها لكونه ظفر بجنس حقه، فإن مانعه رفعه للقاضي وحيلة التكفين بها التصدق على الفقير ثم هو يكفن(2/294)
فيكون الثواب لهما، وكذا في تعمير المسجد، وتمامه في حيل الاشباه (وافتراضها عمري) أي على التراخي، وصححه الباقاني وغيره (وقيل فوري) أي واجب على الفور (وعليه الفتوى)
كما في شرح الوهبانية (فيأثم بتأخيرها) بلا عذر (وترد شهادته) لان الامر بالصرف إلى الفقير معه قرينة الفور، وهي أنه لدفع حاجته وهي معجلة، فمتى لم تجب على الفور لم يحصل المقصود من الايجاب على وجه التمام، وتمامه في الفتح (لا يبقى للتجارة ما)(2/295)
أي عبد مثلا (اشتراه لها فنوى) بعد ذلك (خدمته ثم) ما نواه للخدمة (لا يصير للتجارة) وإن نواه لها ما لم يبعه بجنس ما فيه الزكاة.
والفرق أن التجارة عمل، فلا تتم بمجرد النية، بخلاف الاول فإنه ترك العمل فيتم بها (وما اشتراه لها) أي للتجارة (كان لها) لمقارنة النية لعقد التجارة (لا ما ورثه ونواه لها) لعدم العقد إلا إذا تصرف فيه: أي ناويا فتجب الزكاة لاقتران النية بالعمل (إلا الذهب والفضة) والسائمة، لما في الخانية: لو ورث سائمة لزمه زكاتها بعد حول نواه أولا (وما ملكه بصنعة كهبة أو وصية(2/296)
أو نكاح أو خلع أو صلح عن قود) قيد بالقود، لان العبد للتجارة إذا قتله عبد خطأ ودفع به كان المدفوع للتجارة.
خانية.
وكذا كل ما قوبض به مال التجارة فإنه يكون لها بلا نية كما مر (ونواه لها كان له عند الثاني، والاصح) أنه (لا) يكون لها.
بحر عن البدائع.
وفي أول الاشباه: ولو قارنت النية ما ليس بدل مال بمال لا تصح على الصحيح (لا زكاة في اللآلئ والجواهر) وإن ساوت ألفا اتفاقا (إلا أن يكون التجارة) والاصل أن ما عدا الحجرين والسوائم إنما يزكى بنية التجارة بشرط عدم المانع المؤدي إلى الثني، وشرط مقارنتها لعقد التجارة وهو كسب المال بالمال بعقد شراء أو إجارة أو استقراض.(2/297)
ولو نوى التجارة بعد العقد أو اشترى شيئا للقنية ناويا أنه إن وجد ربحا باعه لا زكاة عليه، كما لو نوى التجارة فيما خرج من أرضه كما مر، وكما لو شرى أرضا خراجية ناويا التجارة أو عشرية وزرعها أو بذرا للتجارة وزرعه لا يكون للتجارة لقيام المانع.(2/298)
باب السائمة (هي) الراعية، وشرعا (المكتفية بالرعي) المباح، ذكره الشمني (في أكثر العام لقصد الدر والنسل) ذكره الزيلعي، وزاد في المحيط (والزيادة والسمن) ليعم الذكور فقط، لكن في(2/299)
البدائع: لو أسامها للحم فلا زكاة فيها، كما لو أسامها للحمل والركوب ولو للتجارة ففيها زكاة التجارة، ولعلهم تركوا ذلك لتصريحهم بالحكمين (فلو علفها نصفه لا تكون سائمة) فلا زكاة فيها للشك في الموجب (ويبطل حول زكاة التجارة بجعلها للسوم) لان زكاة السوائم وزكاة التجارة مختلفان قدرا وسببا، فلا يبنى حول أحدهما على الآخر(2/300)
(فلو اشترى لها) أي للتجارة (ثم جعلها سائمة اعتبر) أول (الحول من وقت الجعل) للسوم، كما لو باع السائمة في وسط الحول أو قبله بيوم، بجنسها أو بغير جنسها، أو بنقد، ولا نقد عنده، أو بعروض ونوى بها التجارة فإنه يستقبل حولا آخر.
جوهرة، وفيها ليس في سوائم الوقف والخيل المسبلة زكاة لعدم المالك، ولا في المواشي العمي، ولا مقطوعة القوائم، لانها ليست سائمة.
باب نصاب الابل بكسر الباء وتسكن مؤنثة، لا واحد لها من لفظها، والنسبة إليها إبلي(2/301)
بفتح الباء، سميت به لانها تبول على أفخادها (خمس، فيؤخذ من كل خمس) منها (إلى خمس وعشرين بخت) جمع بختي: وهو ما له سنامان، منسوب إلى بختنصر لانه أول من جمع بين العربي والعجمي فولد منهما ولد فسمي بختيا (أو عراب شاة) وما بين النصابين عفو (وفيها) أي الخمس وعشرين (بنت مخاض، وهي التي طعنت في) السنة (الثانية) سميت به لان أمها
غالبا تكون مخاضا: أي حاملا بأخرى (وفي ست وثلاثين) إلى خمس وأربعين (بنت لبون وهي التي طعنت في الثالثة) لان أمها تكون ذات لبن لاخرى غالبا (وفي ست وأربعين) إلى الستين (حقة) بالكسر (وهي التي طعنت في الرابعة) وحق ركوبها (وفي إحدى وستين) إلى خمس وسبعين (جذعة) بفتح الذال المعجمة (وهي التي طعنت في الخامسة) لانها تجذع: أي تقلع أسنان اللبن (وفي ست وسبعين) إلى تسعين (بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين) كذا كتب رسول الله (ص) وأبي بكر رضي الله عنه (ثم تستأنف الفريضة)(2/302)
عندنا (فيؤخذ في كل خمس شاة) مع الحقتين ثم في كل مائة وخمس وأربعين بنت مخاض وحقتان، ثم في كل مائة وخمسين ثلاث حقاق، (ثم تستأنف الفريضة) بعد المائة والخمسين (ففي كل خمس شاة) مع الثلاث حقاق (ثم في كل خمس وعشرين بنت مخاض) مع القاق (ثم في ست وثلاثين بنت لبون) معهن (ثم في مائة وست وتسعين أربع حقاق إلى مائتين، ثم تسأتنف الفريضة) بعد المائتين (أبدا، كما تستأنف في الخمسين التي بعد المائة والخمسين)(2/303)
حتى يجب في كل خمسين حقة.
ولا تجزئ ذكور الابل إلا بالقيمة للاناث، بخلاف البقر والغنم، فإن المالك مخير.
باب زكاة البقر من البقر بالسكون: وهو الشق.
سمي به، لانه يشق الارض كالثور، لانه يثير الارض.
ومفرده بقرة، والتاء للوحدة.
(نصاب البقر والجاموس) ولو توالدا من وحش وأهلية، بخلاف عكسه ووحشي بقر وغنم وغيرهما فإنه لا يعد في النصاب (ثلاثون سائمة) غير مشتركة (وفيها تبيع) لانه يتبع أمه (ذو سنة) كاملة (أو تبيعة) أنثاه (وفي أربعين مسن ذو سنتين أو مسنة، وفيما زاد) على الاربعين (بحسابه) في ظاهر الرواية عن الامام.
وعنه: لا شئ فيما زاد (إلى ستين ففيها ضعف ما في(2/304)
ثلاثين) وهو قولهما والثلاثة وعليه الفتوى.
بحر.
عن الينابيع وتصحيح القدوري (ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة) إلا إذا تداخلا كمائة وعشرين فيخير بين أربع أتبعه وثلاث مسنات، وهكذا.
باب زكاة الغنم مشتق من الغنيمة، لانه ليس له آلة الدفاع فكانت غنيمة لكل طالب (نصاب الغنم ضأنا أو معزا) فإنهما سواء في تكميل النصاب والاضحية والربا لا في أداء الواجب والايمان (أربعون(2/305)
وفيها شاة) تعم الذكور والاناث.
(وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان، وفي مائتين وواحدة ثلاث شياه، وفي أربعمائة أربع شياه) وما بينهما عفو (ثم) بعد بلوغها أربعمائة (في كل مائة شاة) إلى غير نهاية (ويؤخذ في زكاتها) أي الغنم (الثني) من الضأن والمعز (وهو ما تمت له سنة لا الجذع بالقيمة) وهو ما أتى عليه أكثرها على الظاهر.
وعنه جواز الجذع من الضأن، وهو قولهما، والدليل يرجحه، ذكره الكمال.
والثني من البقر ابن سنتين، ومن الابل ابن خمس.
والجذع من البقر ابن سنة ومن الابل ابن أربع (ولا شئ في خيل) سائمة عندهما وعليه الفتوى.
خانية وغيرها.
ثم عند(2/306)
الامام هل لها نصاب مقدر؟ الاصح لا، لعدم النقل بالتقدير (و) لا في (بغال وحمير) سائمة إجماعا (ليست للتجارة) فلو لها فلا كلام، لانها من العروض (و) لا في (عوامل وعلوفة) ما لم تكن العلوفة للتجارة (و) لا في (حمل) بفتحتين: ولد الشاة (وفصيل) ولد الناقة (وعجول) بوزن سنور: ولد البقرة، وصورته أن يموت كل الكبار ويتم الحول على أولادها الصغار (إلا تبعا لكبير) ولو واحدا، ويجب ذلك الواحد ولو ناقصا، فلو جيدا يلزم الوسط وهلاكه يسقطها، ولو(2/307)
تعدد الواجب وجب الكبار فقد ولا يكمل من الصغار، خلافا للثاني (و) لا في (عفو وهو ما بين النصب) في كل الاموال وخصاه بالسوائم (و) لا في (هالك بعد وجوبها) ومنع الساعي في الاصح لتعلقها بالعين لا بالذمة، وإن هلك بعضه سقط حظه، ويصرف الهالك إلى العفو أولا، ثم إلى نصاب يليه، ثم وثم (بخلاف المستهلك)(2/308)
بعد الحول لوجود التعدي، ومنه ما لو حبسها عن العلف أو الماء حتى هلكت فيضمن.
بدائع.
والتوي بعد القرض والاعارة واستبدال مال التجارة بمال التجارة(2/309)
هلاك وبغير مال التجارة والسائمة بالسائمة استهلاك.
(وجاز دفع القيمة(2/310)
في زكاة وعشر وخراج وفطرة ونذر وكفارة غين الاعتاق) وتعتبر القيمة يوم الوجوب، وقالا يوم الاداء.
وفي السوائم يوم الاداء إجماعا، وهو الاصح، ويقوم في البلد الذي المال فيه، ولو في مفازة ففي أقرب الامصار إليه، فتح.
(والمصدق) لا (يأخذ) إلا (الوسط) وهو أعلى الادنى، وأدنى الاعلى(2/311)
ولو كله جيدا فجيد (وإن لم يجد) المصدق، وكذا إن وجد فالقيد اتفاقي (ما وجب من) ذات (سن دفع) المالك (الادنى(2/312)
مع الفضل) جبرا على الساعي لانه دفع بالقيمة (أو) دفع (الاعلى ورد الفضل) بلا جبر لانه شراء فيشترط فيه الرضا، وهو الصحيح.
سراج (أو) دفع (القيمة) ولو دفع ثلاث شياه سمان عن أربع وسط جاز (والمستفاد) ولو بهبة أو إرث (وسط الحول يضم إلى نصاب من جنسه) فيزكيه
بحول الاصل، ولو أدى زكاة نقده ثم اشترى به سائمة لا تضم، ولو له نصابان مما لم يصم أحدهما كثمن سائمة مزكاة وألف درهم وورث ألفا ضمت إلى أقربهما حولا(2/313)
وربح كل يضم إلى أصله.
(أخذ البغاة) والسلاطين الجائرة (زكاة) الاموال الظاهرة ك (السوائم والعشر والخراج لا إعادة على أربابها إن صرف) المأخوذ (في محله) الآتي ذكره (وإلا) يصرف (فيه فعليهم) فيما بينهم وبين الله (إعادة غير الخراج) لانهم مصارفه.
واختلف في الاموال الباطنة، ففي الولوالجية وشرح الوهبانية: المفتى به عدم الاجزاء.(2/314)
وفي المبسوط: الاصح الصحة إذا نوى بالدفع لظلمة زماننا الصدقة عليهم لانهم بما عليهم من التبعات فقراء، حتى أفتى أمير بلخ بالصيام لكفارة عن يمينه، ولو أخذها الساعي جبرا(2/315)
لم تقع زكاة لكونها بلا اختيار، ولكن يجبر بالحبس ليؤدي بنفسه لان الاكراه لا ينافي الاختيار.
وفي التجنيس: المفتى به سقوطها في الاموال الظاهرة لا الباطنة.
(ولو خلط السلطان المال المغصوب بماله ملكه فتجب الزكاة فيه ويورث عنه) لان الخلط استهلاك إذا لم يمكن تمييزه عند أبي حنيفة، وقوله أرفق إذ قلما يخلو مال عن غصب، وهذا إذا كان له مال غير ما استهلكه بالخلط منفصل عنه يوفي دينه، وإلا فلا زكاة، كما لو كان الكل خبيثا كما في النهر عن الحواشي السعدية.(2/316)
وفي شرح الوهبانية عن البزازية: إنما يكفر إذا تصدق بالحرام القطعي، أما إذا أخذ من إنسان مائة ومن آخر مائة وخلطهما ثم تصدق لا يكفر،(2/317)
لانه ليس بحرام بعينه بالقطع لاستهلاكه بالخلط (ولو عجل ذو نصاب) زكاته (لسنين أو لنصب صح)(2/318)
لوجود السبب، وكذا لو عجل عشر زرعه أو ثمره بعد الخروج قبل الادراك، واختلف فيه قبل النبات وخروج الثمرة والاظهر الجواز، وكذا لو عجل خراج رأسه،(2/319)
وتمامه في النهر (وإن) وصلية (أيسر الفقير قبل تمام الحول أو مات أو ارتد، و) ذلك لان (المعتبر كونه مصرفا وقت الصرف إليه) لا بعده، ولو غرس في أرض الخراج كرما فما لم يتم الكرم كان عليه خراج الزرع.
مجمع الفتاوى.
(ولا شئ في مال صبي تغلبي) بفتح اللام وتكسر نسبة لبني تغلب بكسرها، قوم من نصارى العرب (وعلى المرأة ما على الرجل منهم) لان الصلح وقع منهم كذلك.
(ويؤخذ) في زكاة السائمة (الوسط) لا الهرم ولا الكرائم (ولا تؤخذ من تركته بغير وصية) لفقد شرطها وهو النية (وإن أوصى بها اعتبر من الثلث) إلا أن يجيز الورثة (وحولها) أي(2/320)
الزكاة (قمري) بحر عن القنية (لا شمسي) وسيجئ الفرق في العنين.
(شك أنه أدى الزكاة أو لا يؤديها) لان وقتها العمر.
أشباه.
باب زكاة المال أل فيه للمعهود في حديث هاتوا ربع عشر أموالكم فإن المراد به غير السائمة، لان زكاتها غير مقدرة به.
(نصاب الذهب عشرون مثقالا والفضة مائتا درهم كل عشرة) دراهم (وزن سبعة مثاقيل)(2/321)
والدينار عشرون قيراطا، والدرهم أربعة عشر قيراطا، والقيراط خمس شعيرات، فيكون الدرهم
الشرعي سبعين شعيرة، والمثقال مائة شعيرة، فهو درهم وثلاث أسباع درهم،(2/322)
وقيل يفتى في كل بلد بوزنهم، وسنحققه في متفرقات البيوع (والمعتبر وزنها أداء(2/323)
وجوبا) ولا قيمتهما (واللازم) مبتدأ (في مضروب كل) منهما (ومعموله ولو تبرا أو حليا مطلقا) مباح الاستعمال أو لا ولو للتجمل والنفقة، لانهما خلقا أثمانا فيزكيهما كيف كانا (أو) في (عرض تجارة قيمته نصاب) الجملة صفة، عرض، وهو هنا ما ليس بنقد.
وأما عدم صحة النية في نحو الارض الخراجية فلقيام المانع كما قدمنا، لا لان الارض ليست من العرض فتنبه(2/324)
(من ذهب أو ورق) أي فضة مضروبة، فأفاد أن التقويم إنما يكون بالمسكوك عملا بالعرف (مقوما بأحدهما) إن استويا، فلو أحدهما أروج تعين التقويم به، ولو بلغ بأحدهما نصابا دون الآخر تعين ما يبلغ به، ولو بلغ بأحدهما نصابا وخمسا وبالآخر أقل قومه بالانفع للفقير.
سراج (ربع عشر) خبر قوله اللازم.
(وفي كل خمس) بضم الخاء (بحسابه) ففي كل أربعين درهما درهم، وفي كل أربعة مثاقيل قيراطان، وما بين الخمس إلى الخمس عفو.
وقالا: ما زاد بحسابه(2/325)
وهي مسألة الكسور (وغالب الفضة والذهب فضة وذهب، وما غلب عشه) منهما (يقوم) كالعروض، ويشترط فيه النية إلا إذا كان يخلص منه ما يبلغ نصابا أو أقل.
وعنده ما يتم به أو كانت أثمانا رائجة وبلغت نصابا من أدنى فقد تجب زكاته فتجب، وإلا فلا.(2/326)
(واختلف في) الغش (المساوي والمختار لزومها احتياطا) خانية.
ولذا لاتباع إلا وزنا.
وأما الذهب المخلوط بفضة: فإن غلب الذهب فذهب، وإلا فإن بلغ الذهب أو الفضة نصابه(2/328)
وجبت (وشرط كمال النصاب) ولو سائمة (في طرفي الحول) في الابتداء للانعقاد وفي الانتهاء للوجوب (فلا يضر نقصانه بينهما) فلو هلك كله بطل الحول، وأما الدين فلا يقطع ولو مستغرقا (وقيمة العرض) للتجارة (تضم إلى الثمنين) لان الكل للتجارة وضعا وجعلا (و) يضم(2/329)
(الذهب إلى الفضة) وعكسه بجامع الثمنية (قيمة) وقالا بالاجزاء: فلو له مائة درهم وعشرة دنانير قيمتها مائة وأربعون تجب ستة عنده وخمسة عندهما، فافهم.
(ولا تجب) الزكاة عندنا (في(2/330)
نصاب) مشترك (من سائمة) ومال تجارة (وإن صحت الخلطة فيه) باتحاد أسباب الاسامة التسعة التي يجمعها أوص من يشفع وبيانه في شروح المجمع، وإن تعدد النصاب تجب إجماعا، ويتراجعان بالحصص، وبيانه في الحاوي، فإن بلغ نصيب أحدهما نصابا زكاه دون الآخر، ولو بينه وبين ثمانين رجلا ثمانون شاة لا شئ عليه لانه مما لا يقسم، خلافا للثاني.
سراج.
(و) اعلم أن الديون عند الامام ثلاثة: قوي، ومتوسط، وضعيف، ف (- تجب) زكاتها إذا تم نصابا(2/331)
وحال الحول، لكن لا فورا بل (عند قبض أربعين درهما من الدين) القوي كقرض (وبدل مال تجارة) فكلما قبض أربعين درهما يلزمه درهم (و) عند قبض (مائتين منه لغيرها) أي من بدل مال لغير تجارة وهو المتوسط، كثمن سائمة وعبيد خدمة ونحوهما مما هو مشغول بحوائجه الاصلية كطعام وشراب وأملاك.
ويعتبر ما مضى من الحول قبل القبض(2/332)
في الاصح، ومثله ما لو ورث دينا على رجل (و) عند قبض (مائتين مع حولان الحول بعده) أي بعد القبض (من) دين ضعيف وهو (بدل غير مال) كمهر ودية، وبدل كتابة وخلع،(2/333)
إلا إذا كان عنده يضم إلى الدين الضعيف كما مر، ولو أبرأ رب الدين المديون بعد الحول فلا زكاة، سواء كان الدين قويا أو لا.
خانية، وقيده في المحيط بالمعسر، أما الموسر فهو استهلاك فليحفظ بحر.
قال في النهر: وهذا ظاهر في أنه تقييد للاطلاق، وهو غير صحيح(2/334)
في الضعيف كما لا يخفى (ويجب عليها) أي المرأة (زكاة نصف مهر) من نقد (مردود بعد) مضي (الحول من ألف) كانت (قبضته مهرا) ثم ردت النصف (لطلاق قبل الدخول بها) فتزكي الكل، لما تقرر أن النقود لا تتعين في العقود والفسوخ (وتسقط) الزكاة (عن موهوب له في) نصاب (مرجوع فيه مطلقا) سواء رجع بقضاء أو غيره (بعد الحول) لورود الاستحقاق على عين(2/335)
الموهوب.
ولذا لا رجوع بعد هلاكه، قيد به، لانه لا زكاة على الواهب اتفاقا لعدم الملك وهي من الحيل، ومنها أن يهبه لطفله قبل التمام بيوم.
باب العاشر قيل هذا من تسمية الشئ باسم بعض أحواله ولا حاجة إليه، بل العشر علم لما يأخذه(2/336)
العاشر مطلقا.
وذكر سعدي: أي علم جنس (هو حر مسلم) بهذا يعلم حرمة تولية اليهود على الاعمال (غير هاشمي) لما فيه من شبهة الزكاة (قادر على الحماية) من اللصوص والقطاع، لان الجباية بالحماية (نصبه الامام على الطريق) للمسافرين خرج الساعي فإنه الذي يسعى في القبائل ليأخذ صدقة المواشي في أماكنها (ليأخذ الصدقات)(2/337)
تغليبا على غيرها (من التجار) بوزن فجار (المارين بأموالهم) الظاهرة والباطنة (عليه) وما ورد من ذم العشار محمول على الاخذ ظلما(2/338)
(فمن أنكر تمام الحول أو قال) لم أنو التجارة أو (علي دين محيط) أو منقص للنصاب، لان ما يأخذه زكاة.
معراج.
وهو الحق.
بحر.
ولذا أطلقه المصنف (أو) قال (أديت إلى عاشر آخر وكان) عاشر آخر محقق (أو) قال (أديت إلى الفقراء في المصر) لا بعد الخروج لما يأتي (وحلف صدق) في الكل بلا إخراج براءة في الاصح لاشتباه الخط، حتى لو أتى بها على خلاف اسم ذلك العاشر وحلف صدق(2/339)
وعدت عدما ولو ظهر كذبه بعد سنين أخذت منه (إلا في السوائم والاموال الباطنة بعد إخراجها من البلد) لانها بالاخراج التحقت بالاموال الظاهرة، فكان الاخذ فيها للامام، فيكون هو الزكاة، والاول ينقلب نفلا ويأخذها منه بقوله، لقول عمر: لا تنبشوا على الناس متاعهم لكنه إذا اتهم (وكل ما صدق فيه مسلم) مما مر (صدق في ذمي) لان لهم ما لنا (إلا في قوله أديت) أنا (إلى الفقير) لعدم ولاية ذلك(2/340)
(لا) يصدق (حربي) في شئ (إلا أم ولده، وقوله لغلام يولد مثله لمثله وهذا ولدي) لفقد المالية، فإن لم يولد عتق عليه وعشر، لانه أقر بالعتق فلا يصدق في حق غيره (و) إلا في (قوله أديت إلى عاشر آخر وثمة عاشر آخر) لئلا يؤدي إلى استئصال المال.
جزم به منلا خسرو.
ذكره الزيلعي تبعا للسروجي بلفظ: ينبغي، كذا نقله المصنف عن البحر، لكن(2/341)
جزم في العناية والغاية بعدم تصديقه، ورجحه في النهر (وأخذ منا ربع عشر، ومن الذمي) سواء كان تغلبيا أو لم يكن كما في البرجندي عن الظهيرية (ضعفه، ومن الحربي عشر) بذلك أمر عمر (بشرط كون المال لكل واحد (نصابا) لان ما دونه عفو (و) بشرط (جهلنا) قدر (ما أخذوا منا، فإن علم أخذ مثله)(2/342)
مجازاة، إلا إذا أخذوا الكل فلا نأخذه، بل نترك له ما يبلغه مأمنه إبقاء للامان (ولا نأخذه منهم شيئا إذا لم يبلغ ما لهم نصابا) وإن أخذوا منا في الاصح لانه ظلم ولا متابعة عليه (أو لم يأخذوا منا) ليستمروا عليه، ولانا أحق بالمكارم (ولا يؤخذ) العشر (من مال صبي حربي إلا أن يكونوا يأخذون من أموال صبياننا) أشياء كما في كافي الحاكم (أخذ من الحربي مرة لا يؤخذ منه ثانيا في تلك السنة، إلا إذا عاد إلى دار الحرب) لعدم جواز الاخذ بلا تجدد حول أو عهد (ولو مر الحربي بعاشر ولم يعلم به) العاشر (حتى دخل) دار الحرب (ثم خرج) ثانيا (لم يعشره لما مضى) لسقوطه بانقطاع الولاية (بخلاف المسلم والذمي) لعدم المسقط، ذكره الزيلعي (ويؤخذ نصف عشر من قيمة خمر)(2/343)
وجلود ميتة (كافر) كذا أقر المصنف متنه في شرحه لو (للتجارة) وبلغ نصابا، ويؤخذ عشر القيمة من حربي بلا نية تجارة، ولا يؤخذ من المسلم شئ اتفاقا (لا) يؤخذ (من خنزيره) مطلقا لانه قيمي،(2/344)
فأخذ قيمته كعينه بخلاف الشفعة، لانه لو لم يأخذ الشفيع بقيمة الخنزير يبطل حقه أصلا فيتضرر، ومواضع الضرورة مستثناة.
ذكر سعدي (و) لا يؤخذ أيضا من (مال في بيته) مطلقا (و) لا من مال (بضاعة) إلا أن تكون لحربي (و) لا من (مال مضاربة) إلا أن يربح المضارب فيعشر نصيبه إن بلغ نصابا (و) لا من (كسب مأذون مديون ب) - دين (محيط) بماله ورقبته (أو) مأذون غير مديون لكن (ليس معه مولاه)(2/345)
على الصحيح في الثلاثة لعدم ملكهم، ولذا لا يوجد العشر من الوصي إذا قال: هذا مال اليتيم، ولا من عبد ومكاتب (مر على عاشر الخوارج فعشروه، ثم مر على عاشر أهل العدل
أخذ منه ثانيا) لتقصيره بمروره بهم، بخلاف ما لو غلبوا على بلد.
فرع: مر بنصاب رطاب للتجارة كبطيخ ونحوه لا يعشره عند الامام، إلا إذا كان عند العاشر فقراء، فيأخذ ليدفع لهم.
نهر بحثا.
باب الركاز ألقحوه بالزكاة لكونه من الوظائف المالية.(2/346)
(هو) لغة: من الركز: أي الاثبات بمعنى المركوز.
وشرعا: (مال) مركوز (تحت أرض) أعم (من) كون راكزه الخالق أو المخلوق، فلذا قال (معدن خلقي) خلقه الله تعالى (و) من (كنز) أي مال (مدفون) دفنه الكفار لانه الذي يخمس (وجد مسلم أو ذمي) ولو قنا صغيرا أنثى (معدن نقد و) نحو (حديد) وهو كل جامد ينطبع بالنار ومنه الزيبق، فخرج المائع(2/347)
كنفط وقار، وغير المنطبع كمعادن الاحجار (في أرض خراجية أو عشرية)(2/348)
خرج الدار لا المفازة لدخولهما بالاولى (خمس) مخففا: أي أخذ خمسه لحديث وفي الركاز(2/349)
الخمس وهو يعم المعدن كما مر (وباقيه لمالكها إن ملكت وإلا) كجبل ومفازة (فللواجد، و) المعدن (لا شئ فيه إن وجده في داره) وحانوته (وأرضه) في رواية الاصل،(2/350)
واختارها في الكنز (ولا شئ في ياقوت وزمرد وفيروزج) ونحوها (وجدت في جبل) أي في معادنها (ولو) وجدت (دفين الجاهلية) أي كنزا (خمس) لكونه غنيمة.
والحاصل: أن الكنز يخمس كيف كان، والمعدن إن كان ينطبع (و) لا في (لؤلؤ) هو
مطر الربيع (وعنبر) حشيش يطلع في البحر أو خثي دابة (وكذا جميع ما يستخرج من البحر من حلية) ولو ذهبا كان كنزا في قعر البحر لانه لم يرد عليه القهر فلم يكن غنيمة (وما عليه سمة الاسلام من الكنوز) نقدا أو غيره(2/351)
(فلقطة) سيجئ حكمها وما عليه سمة الكفر خمس، وباقيه للمالك.
(أول الفتح) ولوارثه لو حيا وإلا فلبيت المال على الاوجه، وهذا (إن ملكت أرضه وإلا فللواجد) ولو ذميا قنا صغيرا أنثى لانهم من أهل الغنيمة (خلا حربي مستأمن) فإنه يسترد منه ما أخذ (إلا إذا عمل) في المفاوز (بإذن الامام على شرط فله المشروط) ولو عمل رجلان في طلب الركاز فهو للواجد، وإن كانا أجيرين(2/352)
فهو للمستأجر (وإن خلا عنها) أي العلامة (أو اشتبه الضرب فهو جاهلي على) ظاهر (المذهب) ذكره الزيلعي لانه الغالب، وقيل كاللقطة (ولا يخمس ركاز) معدنا كان أو كنزا (وجد في) صحراء (دار الحرب) بل كله للواجد ولو مستأمنا لانه كالمتلصص (و) لذا (لو دخله جماعة ذوو منعة وظفروا بشئ من كنوزهم) ومعدنهم (خمس) لكونه غنيمة (وإن وجده) أي الركاز مستأمن (في أرض مملوكة) لبعضهم (رده إلى مالكه) تحرزا عن الغدر (فإن) لم يرده و (أخرجه منها ملكه ملكا خبيثا) فسبيله التصدق به، فلو باعه صح لقيام ملكه لكن لا يطيب للمشتري (ولو(2/353)
وجده) أي الركاز (غيره) أي غير مستأمن (فيها) أي في أرض مملوكة لهم حل له (فلا يرد ولا يخمس) لما مر بلا فرق بين متاع وغيره، وما في النقاية من أن ركاز متاع أرض لم تملك بخمس سهو، إلا أن يحمل على متاعهم الموجود في أرضنا.
فرع: للواجد صرف الخمس لنفسه وأصله وفرعه وأجنبي بشرط فقرهم.(2/354)
باب العشر (يجب) العشر (في عسل) وإن قل (أرض غير الخراج) ولو غير عشرية كجبل ومفازة، بخلاف الخراجية لئلا يجتمع العشر والخراج (وكذا) يجب العشر (في ثمرة جبل أو مفازة إن حماه الامام)(2/355)
لانه مال مقصود، لا إن لم يحمه لانه كالصيد (و) تجب في (مسقى سماء) أي مطر (وسيح) كنهر (بلا شرط نصاب) راجع للكل (و) بلا شرط (بقاء) وحولان حول، لان فيه معنى المؤنة، ولذا كان للامام أخذه جبرا، ويؤخذ من التركة ويجب مع الدين وفي أرض صغير ومجنون ومكاتب ومأذون ووقف، وتسميته زكاة مجاز(2/356)
(إلا في) - ما لا يقصد به استغلال الارض (نحو حطب وقصب) فارسي (وحشيش) وتبن وسعف وصمغ وقطران(2/357)
وخطمي وأشنان وشجر وقطن وباذنجان وبزر وبطيخ وقثاء، وأدوية كحلبة وشونيز حتى لو أشغل أرضه بها يجب العشر (و) يجب (نصفه في مسقي غرب) أي دلو كبير (ودالية) أي دولاب لكثرة المؤنة، وفي كتب الشافعية: أو سقاه بماء اشتراه وقواعدنا لا تأباه، ولو سقى سيحا وبآلة اعتبر(2/358)
الغالب ولو استويا فنصفه وقيل ثلاثة أرباعه (بلا رفع مؤن) أي كلف (الزرع) وبلا إخراج البذر لتصريحهم بالعشر في كل الخارج (و) يجب (ضعفه في أرض عشرية لتغلبي مطلقا وإن) كان طفلا أو أنثى أو (أسلم أو ابتاعها) من مسلم(2/359)
أو ابتاعها (منه مسلم أو ذمي) لان التضعيف كالخراج فلا يتبدل (وأخذ الخراج من ذمي) غير تغلبي (اشترى) أرضا (عشرية من مسلم) وقبضها منه للتنافي (و) أخذ (العشر من مسلم أخذها منه) من الذمي (بشفعة) لتحول الصفقة إليه (أو ردت عليه لفساد البيع) وبخيار شرط(2/360)
أو رؤية مطلقا أو عيب بقضاء ولو بغيره بقيت خراجية، لانه إقالة لا فسخ (وأخذ خراج من دار جعلت بستانا) أو مزرعة (إن) كانت (لذمي) مطلقا (أو مسلم) وقد (سقاها بمائه) لرضاه به (و) أخذ (عشر إن سقاها) المسلم (بمائه) أو بهما لانه أليق به (ولا شئ) في عين (دار) و (مقبرة)(2/361)
ولو لذمي (و) لا في عين قير: أي زفت و (نفط) دهن يعلو الماء (مطلقا) أي في أرض عشر أو خراج (و) لكن (في حريمها الصالح للزراعة من أرض الخراج خراج) لا فيها لتعلق الخراج بالتمكن من الزراعة.
وأما العشر فيجب في حريمها العشري إن زرعه، وإلا لا لتعلقه بالخارج (ويؤخذ) العشر عند الامام (عند ظهور الثمرة) وبدو صلاحها.
برهان، وشرط في النهر أمن فسادها (ولا يحل لصاحب أرض) خراجية (أكل غلتها قبل أداء خراجها)(2/362)
ولا يأكل من طعام العشر حتى يؤدي العشر، وإن أكل ضمن عشره.
مجمع الفتاوى.
وللامام حبس الخارج للخراج، ومن منع الخراج سنين لا يؤخذ لما مضى عند أبي حنيفة.
خانية.(2/363)
وفيها (من عليه عشر أو خراج ومات أخذ من تركته، وفي رواية لا) بل يسقط بالموت، والاول ظاهر الرواية.
فروع: تمكن ولم يزرع وجب الخراج دون العشر، ويسقطان بهلاك الخارج، والخراج على الغاصب إن زرعها وكان جاحدا ولا بينة بها.
والخراج في بيع الوفاء على البائع إن بقي
في يده.(2/364)
ولو باع الزرع إن قبل إدراكه فالعشر على المشتري، ولو بعده فعلى البائع والعشر على المؤجر كخراج موظف، وقالا: على المستأجر كمستعير مسلم.
وفي الحاوي: وبقولهما نأخذ(2/365)
وفي المزارعة: إن كان البذر من رب الارض فعليه، ولو من العامل فعليهما بالحصة.(2/366)
ومن له حظ في بيت المال وظفر، بما هو موجه له، له أخذه ديانة.
وللمودع صرف وديعة مات ربها، ولا وارث لنفسه أو غيره من المصارف.
دفع النائبة والظلم عن نفسه أولى، إلا إذا تحمل(2/367)
حصته باقيهم، وتصح الكفالة بها، ويؤجر من قام بتوزيعها بالعدل وإن كان الاحد باطلا، وهذا يعرف ولا يعرف كفا لمادة الظلم يجوز ترك الخراج للمالك لا العسر، وسيجئ تمامه مع بيان(2/368)
بيوت المال ومصارفها في الجهاد، ونظمها ابن الشحنة فقال: بيوت المال أربعة لكل مصارف بينتها العالمونا فأولها الغنائم والكنوزركاز بعدها المتصدقون وثالثها خراج مع عشوروجالية يليها العاملون ورابعها الضوائع مثل مالا يكون له أناس وارثون فمصرف الاولين أتى بنص وثالثها حواه مقاتلون(2/369)
ورابعها فمصرفه جهات تساوى النفع فيها المسلمون(2/370)
باب المصرف أي مصرف الزكاة والعشر، وأما خمس المعدن فمصرفه كالغنائم (هو فقير، وهو من له أدنى شئ) أي دون نصاب أو قدر نصاب غير تام مستغرق في الحاجة (ومسكين من شئ له) على المذهب، لقوله تعالى: * (أو مسكينا ذا متربة) * (البلد: 13) وآية السفينة للترحم (وعامل)(2/371)
يعم الساعي والعاشر (فيعطي) ولو غنيا لا هاشميا، لانه فرغ نفسه لهذا العمل فيحتاج إلى الكفاية، والغني لا يمنع من تناولها عند الحاجة كابن السبيل.
بحر عن البدائع.
وبهذا التعليل يقوى ما نسب للواقعات من أن طالب العلم يجوز له أخذ الزكاة ولو غنيا إذا فرغ نفسه لافادة العلم واستفادته لعجزه عن الكسب، والحاجة داعية إلى ما لا بد منه، كذا(2/372)
ذكره المصنف (بقدر عمله) ما يكفيه وأعوانه بالوسط، لكن لا يزاد على نصف ما يقبضه (ومكاتب)(2/373)
لغير هاشمي، ولو عجز حل لمولاه ولو غنيا كفقير استغنى وابن سبيل وصل لماله، وسكت عن المؤلفة قلوبهم لسقوطهم: إما بزوال العلة،(2/374)
أو نسخ بقوله (ص) لمعاذ في آخر الامر: خذها من أغنائهم وردها في فقرائهم (ومديون لا يملك نصابا فاضلا عن دينه) وفي الظهيرية: الدفع للمديون أولى منه للفقير (وفي سبيل الله وهو منقطع الغزاة) وقيل الحاج،(2/375)
وقيل طلبه العلم، وفسره في البدائع بجميع القرب وثمرة الاختلاف في نحو الاوقاف (وابن
السبيل، وهو) كل (من له مال لا معه) ومنه ما لو كان ماله مؤجلا أو على غائب أو معسر أو(2/376)
جاحد ولو له بينة في الاصح (يصرف) المزكي (إلى كلهم أو إلى بعضهم) ولو واحدا من أي صنف كان، لان أل الجنسية تبطل الجمعية، وشرط الشافعي ثلاثة من كل صنف.
ويشترط أن يكون الصرف (تمليكا) لا إباحة كما مر (لا) يصرف (إلى بناء) نحو (مسجد و) لا إلى (كفن ميت وقضاء دينه) أما دين الحي الفقير فيجوز لو بأمره، ولو أذن فمات(2/377)
فإطلاق الكتاب يفيد عدم الجواز وهو الوجه.
نهر (و) لا إلى (ثمن ما) أي قن (يعتق) لعدم التمليك وهو الركن.
وقدمنا أن الحيلة أن يتصدق على الفقير ثم يأمره بفعل هذه الاشياء، وهل له أن يخالف أمره؟ لم أره، والظاهر: نعم (و) لا(2/378)
إلى (من بينهما ولاد) ولو مملوكا لفقير (أو) بينهما (زوجية) ولو مبانة، وقالا: تدفع هي لزوجها (و) لا إلى (مملوك المزكي) ولو مكاتبا أو مدبرا (و) لا إلى(2/379)
(عبد أعتق المزكي بعضه) سواء كان كله له أو بينه وبين ابنه فأعتق الاب حظه معسرا لا يدفع له، لانه مكاتبه أو مكاتب ابنه، وأما المشترك بينه وبين أجنبي فحكمه علم مما مر، لانه إما مكاتب نفسه أو غيره.
وقالا: يجوز مطلقا لانه حر كله أو حر مديون،(2/380)
فافهم (و) لا إلى (غني) يملك قدر نصاب فارغ عن حاجته الاصلية من أي مال كان، كمن له نصاب سائمة لا تساوي مائتي درهم كما جزم به في البحر والنهر.
وأقره المصنف قائلا: وبه(2/381)
يظهر ضعف ما في الوهبانية وشرحها من أنه تحل له الزكاة وتلزمه الزكاة اه.
لكن اعتمد في الشرنبلالية ما في الوهبانية وحرر وجزم بأن ما في البحر وهم (و) لا إلى (مملوكه) أي الغني ولو مدبرا، أو زمنا ليس في عيال مولاه، أو كان مولاه غائبا على المذهب، لان المانع وقوع(2/382)
الملك لمولاه (غير المكاتب) والمأذون المديون بمحيط فيجوز (و) لا إلى (طفله) بخلاف ولده الكبير وأبيه وامرأته الفقراء وطفل الغنية فيجوز لانتفاء المانع (و) لا إلى (بني هاشم) إلا من أبطل النص قرابته وهم بنو لهب(2/383)
فتحل لمن أسلم منهم كما تحل لبني المطلب، ثم ظاهر المذهب إطلاق المنع، وقول العيني والهاشمي: يجوز له دفع زكاته لمثله صوابه لا يجوز.
نهر (و) لا إلى (مواليهم) أي عتقائهم فأرقاؤهم أولى، لحديث مولى القوم منهم وهل كانت تحل لسائر الانبياء؟ خلاف، واعتمد في النهر حلها لاقربائهم، لا لهم (وجازت التطوعات من الصدقات و) غلة (الاوقاف لهم) أي لبني هاشم، سواء سماهم الواقف أو لا على ما هو الحق كما حققه في الفتح،(2/384)
لكن في السراج وغيره: إن سماهم جاز، وإلا لا.
قلت: وجعله محشي الاشباه.
محمل القولين، ثم نقل صاحب البحر عن المبسوط: وهل تحل الصدقة لسائر الانبياء؟ قيل نعم، وهذه خصوصية لنبينا (ص)، وقيل لا، بل تحل لقرابتهم، فهي خصوصية لقرابة نبينا إكراما وإظهارا لفضيلته (ص) فليحفظ (ولا) تدفع (إلى ذمي) لحديث معاذ (وجاز) دفع (غيرها وغير العشر) والخراج (إليه) أي الذمي ولو واجبا كنذر وكفارة وفطرة خلافا للثاني، وبقوله يفتى.
حاوي القدسي.
وأما الحربي ولو مستأمنا فجميع الصدقات لا تجوز له اتفاقا.
بحر عن الغاية وغيرها.
لكن جزم الزيلعي بجواز التطوع له(2/385)
(دفع بتحر) لمن يظنه مصرفا (فبان أنه عبده أو مكاتبه أو حربي، ولو مستأمنا أعادها) لما مر (وإن بان غناه أو كونه ذميا أو أنه أبوه أو ابنه أو امرأته أو هاشمي لا) يعيد، لانه أتى بما في وسعه،(2/386)
حتى لو دفع بلا تحر لم يجز إن أخطأ (وكره إعطاء فقير نصابا) أو أكثر (إلا إذا كان) المدفوع إليه (مديونا و) كان (صاحب عيال) بحيث (لو فرقه عليهم لا يخص كلا) أو لا يفضل بعد دينه (نصاب) فلا يكره فتح (و) كره (نقلها إلا إلى قرابة) بل في الظهيرية: لا تقبل صدقة الرجل وقرابته محاويج حتى يبدأ بهم فيسد حاجتهم (أو أحوج) أو أصلح أو أورع أو أنفع للمسلمين(2/387)
(أو من دار الحرب إلى دار الاسلام أو إلى طالب علم) وفي المعراج: التصدق على العالم الفقير أفضل (أو إلى الزهاد أو كانت معجلة) قبل تمام الحول فلا يكره خلاصة (ولا يجوز صرفها لاهل البدع) كالكرامية لانهم مشبهة في ذات الله، وكذا المشبهة في الصفات (في المختار) لان مفوت المعرفة من جهة الذات يلحق بمفوت المعرفة من جهة الصفات.
مجمع الفتاوى (كما لا يجوز دفع زكاة الزاني لولده منه) أي من الزاني، وكذا الذي نفاه احتياطا (إلا إذا كان) الولد (من ذوات زوج معروف) فصولين،(2/388)
والكل في الاشباه، (ولا) يحل أن (يسأل) شيئا من القوت (من له قوت يومه) بالفعل أو بالقوة كالصحيح المكتسب، ويأثم معطيه إن علم بحاله لاعانته على المحرم (ولو سأل للكسوة) أو لاشتغاله عن الكسب بالجهاد أو طلب العلم (جاز) لو محتاجا.
فروع: يندب دفع ما يغنيه يومه عن السؤال، واعتبار حاله من حاجة وعيال، والمعتبر في الزكاة فقراء مكان المال،(2/389)
وفي الوصية مكان الموصي، وفي الفطرة مكان المؤدي عن محمد، وهو الاصح، لان رؤوسهم تبع لرأسه.
دفع الزكاة إلى صبيان أقاربه برسم عيد أو إلى مبشر أو مهدي الباكورة جاز، إلا إذا نص على التعويض، ولو دفعها لاخته ولها على زوجها مهر يبلغ نصابا وهو ملئ مقر، ولو طلبت لا يمتنع عن الاداء لا تجوز، وإلا جاز، ولو دفعها المعلم لخليفته إن كان بحيث يعمل له لو لم يعطه صح، وإلا لا، ولو وضعها على كفه فانتهبها الفقراء(2/390)
جاز، ولو سقط مال فرفعه فقير فرضي به جاز إن كان يعرفه والمال قائم خلاصة.
باب صدقة الفطر من إضافة الحكم لشرطه،(2/391)
والفطر لفظ إسلامي والفطرة مولد، بل قيل لحن، وأمر بها في السنة التي فرض فيها رمضان قبل الزكاة، وكان عليه الصلاة والسلام يخطب قبل الفطر بيومين يأمر بإخراجها.
ذكره الشمني(2/392)
(تجب) وحديث فرض رسول الله عليه الصلاة والسلام زكاة الفطر معناه قدر للاجماع على أن منكرها لا يكفر (موسعا في العمر) عند أصحابنا وهو الصحيح.
بحر عن البدائع معللا بأن الامر بأدائها مطلق الزكاة على قول كما مر، ولو مات فأداها وارثه جاز (وقيل مضيفا في يوم(2/393)
الفطر عينا) فبعده يكون قضاء، واختاره الكمال في تحريره ورجحه في تنوير البصائر (على كل) حر (مسلم) ولو صغيرا مجنونا، حتى لو لم يخرجها وليهما وجب الاداء بعد البلوغ (ذي نصاب فاضل عن حاجته الاصلية) كدينه وحوائج عياله (وإن لم ينم) كما مر (وبه) أي بهذا النصاب
(تحرم الصدقة)(2/394)
كما مر، وتجب الاضحية ونفقة المحارم على الراجح (و) إنما لم يشترط النمو لان (وجوبها بقدرة ممكنة) هي ما يجب بمجرد التمكن من الفعل فلا يشترط بقاؤها لبقاء الوجوب لانها شرط محض (لا) بقدرة (ميسرة) هي ما يجب بعد التمكن بصفة اليسر، فغيرته من العسر إلى اليسر فيشترط بقاؤها لانها شرط في معنى العلة، وقد حررناه فيما علقناه على المنار ثم فرع عليه(2/395)
(فلا تسقط) الفطرة وكذا الحج (بهلاك المال بعد الوجوب) كما لا يبطل النكاح بموت الشهود (بخلاف الزكاة) والعشر والخراج لاشتراط بقاء الميسرة (عن نفسه) متعلق بيجب وإن لم يصم لعذر (وطفله الفقير) والكبير المجنون، ولو تعدد الآباء فعلى كل فطرة، ولو زوج طفلته الصالحة لخدمة الزوج(2/396)
فلا فطرة، والجد كالاب عند فقده أو فقره كما اختاره في الاختيار (وعبده لخدمته) ولو مديونا أو مستأجرا أو مرهونا إذا كان عنده وفاء بالدين.
وأما الموصي بخدمته لواحد وبرقبته لآخر ففطرته على مالك رقبته، كالعبد العارية والوديعة والجاني.
وقول الزيلعي: لا تجب،(2/397)
سبق قلم.
فتح (ومدبره وأم ولده ولو) كان عبده (كافرا) لتحقق السبب وهو رأس يمونه ويلي عليه (لا عن زوجته) وولده الكبير العاقل، ولو أدى عنهما بلا إذن أجزأ استحسانا للاذن عادة: أي لو في عياله وإلا فلا.
قهستاني عن المحيط فليحفظ (وعبده الآبق) والمأسور والمغصوب المجحود إن لم تكن عليه بينة.
خلاصة.
إلا بعد عوده فيجب لما مضى (و) لا عن (مكاتبه(2/398)
ولا تجب عليه) لان ما في يده لمولاه (وعبيد مشتركة) إلا إذا كان عبد بين اثنين وتهاياه ووجد الوقت في نوبة أحدهما فتجب في قول (وتوقف) الوجوب (لو) كان المملوك (مبيعا بخيار) فإذا مر يوم الفطر والخيار باق تلزم على من يصير له.
(نصف صاع) فاعل يجب (من بر أو دقيقه أو سويقه أو زبيب) وجعلاه كالتمر، وهو رواية عن الامام وصححه البهنسي وغيره.
وفي الحقائق(2/399)
والشرنبلالية عن البرهان: وبه يفتى (أو صاع تمر أو شعير) ولو رديئا، وما لم ينص عليه كذرة وخبز يعتبر فيه القيمة (وهو) أي الصاع المعتبر (ما يسع ألفا وأربعين درهما من ماش أو عدس)(2/400)
إنما قدر بهما لتساويهما كيلا ووزنا(2/401)
(ودفع القيمة) أي الدراهم (أفضل من دفع العين على المذهب) المفتى به.
جوهرة وبحر عن الظهيرية وهذا في السعة، أما في الشدة فدفع العين أفضل كما لا يخفى (بطلوع فجر الفطر) متعلق بيجب (فمن مات قبله) أي الفجر (أو ولد بعده أو أسلم لا تجب عليه.
ويستحب إخراجها قبل الخروج إلى المصلى بعد طلوع فجر الفطر) عملا بأمره وفعله عليه الصلاة والسلام وصح أداؤها إذا قدمه على يوم الفطر أو أخره اعتبارا بالزكاة، والسبب موجود إذ هو الرأس (بشرط دخول رمضان في الاول) أي مسألة التقديم (هو الصحيح) وبه يفتى.
جوهرة وبحر عن الظهيرية.
لكن عامة المتون والشروح على صحة التقديم مطلقا وصححه غير واحد،(2/402)
ورجحه في النهر، ونقل عن الولوالجية أنه ظاهر الرواية.
قلت: فكان هو المذهب (وجاز دفع كل شخص فطرته إلى) مسكين أو (مسكين على) ما عليه الاكثر، وبه جزم في الولوالجية والخانية والبدائع والمحيط وتبعهم الزيلعي في الظهار من غير ذكر خلاف وصححه في البرهان فكان هو (المذهب) كتفريق الزكاة، والامر في حديث اغنوهم للندب فيفيد الاولوية، ولذا
قال في الظهيرية: لا يكره التأخير: أي تحريما (كما جاز دفع صدقة جماعة إلى مسكين واحد بلا خلاف) يعتد به (خلطت) امرأة(2/403)
أمرها زوجها بأداء فطرته (حنطته بحنطتها بغير إذن الزوج ودفعت إلى فقير جاز عنها لا عنه) لما مر أن الانخلاط عند الامام استهلاك يقطع حق صاحبه، وعندهما لا يقطع، فيجوز إن أجاز الزوج.
ولو بالعكس.
قال في النهر: لم أره، ومقتضى ما مر جوازه عنهما بلا إجازتها (ولا يبعث الامام على صدقة الفطر ساعيا) لانه عليه الصلاة والسلام لم يفعله.
بدائع.(2/404)
(وصدقة الفطر كالزكاة في المصارف) وفي كل حال (إلا في) جواز (الدفع إلى الذمي) وعدم سقوطها بهلاك المال وقد مر (ولو دفع صدقة فطره إلى زوجة عبده جاز) وإن كانت نفقتها عليه، عمدة الفتاوى للشهيد.
خاتمة: واجبات الاسلام سبعة: الفطرة، ونفقة ذي رحم، ووتر، وأضحية، وعمرة، وخدمة أبويه، والمرأة لزوجها.
حدادي.(2/405)
كتاب الصوم قيل لو قال الصيام لكان أولى لما في الظهيرية لو قال: لله علي صوم لزمه يوم، ولو قال: صيام لزمه ثلاثة أيام كما في قوله تعالى: * (ففدية من صيام) * وتعقب بأن الصوم له أنواع، على أن أل تبطل معنى الجمع، والاصح أنه لا يكره قول رمضان.
وفرض بعد صرف(2/406)
القبلة إلى الكعبة لعشر في شعبان بعد الهجرة بسنة ونصف (وهو) لغة إمساك مطلقا شرعا (إمساك عن المفطرات) الآتية (حقيقة أو حكما) كمن أكل ناسيا فإنه ممسك حكما (في وقت مخصوص) وهو اليوم (من شخص مخصوص) مسلم كائن في دارنا أو عالم بالوجوب طاهر عن حيض أو نفاس (مع النية)(2/407)
المعهودة.
وأما البلوغ والافاقة فليسا من شرط الصحة، لصحة صوم الصبي، ومن جن أو أغمي عليه بعد النية، وإنما لم يصح صومهما في اليوم الثاني لعدم النية.
وحكمه نيل الثواب ولم منهيا عنه كما في الصلاة في أرض مغصوبة (وسبب صوم) المنذور النذر، ولذا لو عين شهرا وصام شهرا قبله عنه أجزأه لوجود السبب، ويلغو التعيين والكفارات الحنث والقتل و (رمضان شهود جزء من الشهر) من ليل أو نهار(2/408)
على المختار كما في الخبازية، واختار فخر الاسلام وغيره أنه الجزء الذي يمكن إنشاء الصوم فيه من كل يوم، حتى لو أفاق المجنون في ليلة أو في آخر أيامه بعد الزوال لا قضاء عليه، وعليه الفتوى كما في المجتبى والنهر عن الدراية، وصححه غير واحد، وهو الحق كما في الغاية.(2/409)
(وهو) أقسام ثمانية: (فرض) وهو نوعان: معين (كصوم رمضان أداء و) غير معين كصومه (قضاء و) صوم (الكفارات) لكنه فرض عملا لا اعتقادا ولذا لا يكفر جاحده.
قال البهنسي تبعا لابن الكمال.
(وواجب) وهو نوعان: معين (كالنذر المعين، و) غير معين كالنذر (المطلق) وأما قوله تعالى: * (وليوفوا نذورهم) * فدخله الخصوص كالنذر بمعصية فلم يبق قطعيا (وقيل) قائله الاكمل وغيره، واعتمده الشرنبلالي، لكن تعقبه سعدي بالفرق بأن المنذورة لا تؤدى بعد صلاة العصر، بخلاف الفائتة (هو فرض على الاظهر) كالكفارات: يعني عملا، لان مطلق(2/410)
الاجماع لا يفيد الفرض القطعي كما بسطه خسرو (ونفل كغيرهما) يعم السنة كصوم عاشوراء مع التاسع.
والمندوب(2/411)
كأيام البيض من كل شهر، ويوم الجمعة ولو منفردا، وعرفة ولو لحاج لم يضعفه.
والمكروه تحريما كالعيدين.
وتنزيها كعاشوراء وحده.
وسبت وحده،(2/412)
ونيروز ومهرجان إن تعمده، وصوم دهره، وصوم صمت، ووصال وإن أفطر إلا أيام الخمسة وهذا عند أبي يوسف كما في المحيط فهي خمسة عشر.
وأنواعه ثلاثة عشر: سبعة متتابعة: رمضان وكفارة ظهار وقتل ويمين وإفطار رمضان ونذر(2/413)
معين واعتكاف واجب.
وستة يخير فيها: نفل وقضاء رمضان وصوم متعة وفدية حلق وجزاء صيد ونذر مطلق.
إذا تقرر هذا (فيصح) أداء (صوم رمضان والنذر المعين والنفل بنية من الليل) فلا تصح قبل الغروب ولا عنده (إلى الضحوة الكبرى لا) بعدها، ولا (عندها) اعتبارا(2/414)
لاكثر اليوم (وبمطلق النية) أي نية الصوم فأل بدل عن المضاف إليه (وبنية نفل) لعدم المزاحم (وبخطأ في وصف) كنية واجب آخر (في أداء رمضان) فقد لتعينه بتعيين الشارع (إلا) إذا وقعت النية (من مريض، أو مسافر) حيث يحتاج إلى التعيين لعدم تعينه في حقهما فلا يقع عن رمضان (بل يقع عما نوى) من نفل أو واجب (على ما عليه الاكثر) بحر.
وهو الاصح.(2/415)
سراج.
وقيل بأنه ظاهر الرواية فلذا اختاره المصنف تبعا للدرر، لكن في أوائل الاشباه: الصحيح وقوع الكل عن رمضان سوى مسافر نوى واجبا آخر، واختار ابن الكمال، وفي
الشرنبلالية عن البرهان أنه الاصح (والنذر المعين) ولا يصح بنية واجب آخر بل ((2/416)
يقع عن واجب نواه) مطلقا فرقا بين تعيين الشارع والعبد (ولو صام مقيم عن غير رمضان) ولو (لجهله به) أي برمضان (فهو عنه) لا عما نوى لحديث إذا جاء رمضان فلا صوم إلا عن رمضان (ويحتاج صوم كل يوم من رمضان إلى نية) ولو صحيحا مقيما تمييزا للعبادة عن العادة.
وقال زفر ومالك: تكفي نية واحدة كالصلاة.
قلنا: فساد البعض لا يوجب فساد الكل بخلاف الصلاة (والشرط للباقي) من الصيام قران النية للفجر ولو حكما وهو (تبييت النية) للضرورة (وتعيينها) لعدم تعين الوقت.
والشرط فيها: أن يعلم بقلبه أي صوم بصومه.
قال الحدادي:(2/417)
والسنة أن يتلفظ بها، ولا تبطل بالمشيئة بل بالرجوع عنها بأن يعزم ليلا على الفطر، ونية الصائم الفطر لغو، ونية الصوم في الصلاة صحيحة، ولا تفسدها بلا تلفظ، ولو نوى القضاء نهارا صار نفلا فيقضيه لو أفسده، لان الجهل في دارنا غير معتبر فلم يكن كالمظنون.
بحر (ولا يصام يوم الشك) هو يوم الثلاثين من شعبان وإن لم يكن علة: أي على القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع(2/418)
لجواز تحقق الرؤية في بلدة أخرى، وأما على مقابله فليس بشك، ولا يصام أصلا.
شرح المجمع للعيني عن الزاهدي (إلا نفلا) ويكره غيره (ولو صامه لواجب آخر كره) تنزيها، ولو جزم أن يكون عن رمضان كره تحريما (ويقع عنه في الاصح إن لم تظهر رمضانيته وإلا) بأن ظهرت (فعنه) لو مقيما (والتنفل فيه أحب) أي أفضل اتفاقا (إن وافق صوما يعتاده) أو صام من آخر شعبان ثلاثة فأكثر لا أقل لحديث: لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين.
وأما حديث:(2/419)
من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم فلا أصل له (وإلا يصومه الخواص ويفطر غيرهم بعد الزوال) به يفتى نفيا لتهمة النهي (وكل من علم كيفية صوم الشك فهو من الخواص، وإلا(2/420)
فمن العوام.
والنية) المعتبرة هنا (أي ينوي التطوع) على سبيل الجزم (من لا يعتاد صوم ذلك اليوم)، أما المعتاد فحكمه مر (ولا يخطر بباله أنه إن كان من رمضان فعنه) ذكره أخي زاده (وليس بصائم لو) ردد في أصل النية بأن (نوى أن يصوم غدا إن كان من رمضان، وإلا فلا) أصوم لعدم الجزم (كما) أنه ليس بصائم (لو نوى أنه إن لم يجد غداء فهو صائم وإلا فمفطر، ويصير صائما مع الكراهة لو) ردد في وصفها بأن (نوى إن كان من رمضان فعنه، وإلا فعن واجب آخر، وكذا) يكره (لو قال أنا صائم إن كان من رمضان، وإلا فعن نفل) للتردد بين مكروهين أو مكروه أو غير مكروه (فإن ظهر رمضانيته فعنه، وإلا فنفل فيهما) أي الواجب والنفل (غير مضمون بالقضاء) لعدم التنفل قصدا.
أكل المتلوم ناسيا قبل النية كأكله بعدها وهو(2/421)
الصحيح.
شرح وهبانية.
(رأى) مكلف (هلال رمضان أو الفطر ورد قوله) بدليل شرعي (صام) مطلقا وجوبا، وقيل ندبا (فإن أفطر قضى فقط) فيهما لشبهة الرد.
(واختلف) المشايخ لعدم الرواية عن المتقدمين (فيما إذا أفطر قبل الرد) لشهادته (والراجح عدم وجوب الكفارة) وصححه غير واحد، لان ما رآه يحتمل أن يكون خيالا لا(2/422)
هلالا، وأما بعد قبوله فتجب الكفارة ولو فاسقا في الاصح (وقبل بلا دعوى و) بلا (لفظ أشهد) وبلا حكم ومجلس قضاء، لانه خبر لا شهادة (للصوم مع علة كغيم) وغبار (خبر عدل) أو مستور على ما صححه البرزي على خلاف ظاهر الرواية لا فاسق اتفاقا، وهل له أن يشهد مع علمه بفسقه؟ قال البزاري: نعم لان القاضي ربما قبله (ولو) كان العدل (قنا أو أنثى أو
محدودا قذف تاب) بين كيفية الرؤية أو لا على المذهب،(2/423)
وتقبل شهادة واحدة على آخر كعبد وأنثى ولو على مثلهما، ويجب على الجارية المخدرة أن تخرج في ليلتها بلا إذن مولاها وتشهد كما في الحافظية.
(وشرط للفطر) مع العلة والعدالة (نصاب الشهادة ولفظ أشهد) وعدم الحد في قذف لتعلق نفع العبد لكن (لا) تشترط (الدعوى) كما لا تشترط في عتق الامة وطلاق الحرة (ولو كانوا ببلدة لا حاكم فيها صاموا بقول ثقة، وأفطروا بإخبار عدلين)(2/424)
مع العلة (للضرورة) ولو رآه الحاكم وحده خير في الصوم بين نصب شاهد وبين أمرهم بالصوم، فخلاف العيد كما في الجوهرة ولا عبرة بقول المؤقتين، ولو عدولا على المذهب(2/425)
قال في الوهبانية: وقول أولى التوقيت ليس بموجب، وقيل نعم، وللبعض إن كان يكثر (و) قبل (بلا علة جمع عظيم يقع العلم) الشرعي وهو غلبة الظن بخبرهم وهو مفوض إلى رأي الامام (من غير تقدير بعدد) على المذهب، وعن الامام أنه يكتفى بشاهدين، واختار في البحر،(2/426)
وصحح في الاقضية الاكتفاء بواحد إن جاء من خارج البلد أو كان على مكان مرتفع، واختاره ظهير الدين.
قالوا: وطريق إثبات رمضان والعيد أن يدعي وكالة معلقة بدخوله يقبض دين على الحاضر فيقر بالدين والوكالة وينكر الدخول فيشهد الشهود برؤية الهلال(2/427)
فيقضى عليه به ويثبت دخول الشهر ضمنا لعدم دخوله تحت الحكم.
(شهدوا أنه شهد عند قاضي مصر كذا شاهدان برؤية الهلال) في ليلة كذا (وقضى) القاضي (به ووجد استجماع شرائط الدعوى قضى) أي جاز لهذا (القاضي) أن يحكم (بشهادتهما)
لان قضاء القاضي حجة وقد شهدوا به، لا لو شهدوا برؤية غيرهم لانه حكاية، نعم لو(2/428)
استفاض الخبر في البلد الاخرى لزمهم على الصحيح من المذهب.
مجتبى وغيره (وبعد صوم ثلاثين بقول عدلين حل الفطر) الباء متعلقة بصوم وبعد متعلقة بحل لوجود نصاب الشهادة (و) لو صاموا (بقول عدل) حيث يجوز وغم هلال الفطر (لا) يحل على المذهب خلافا لمحمد، كذا ذكره المصنف، لكن نقل ابن الكمال عن الذخيرة أنه إن غم هلال الفطر حل اتفاقا.(2/429)
وفي الزيلعي: الاشبه إن عم حل، وإلا لا (و) هلال (الاضحى) وبقية الاشهر التسعة (كالفطر على المدهب) ورؤيته بالنهار لليلة الآتية مطلقا على المذهب.
ذكره الحدادي(2/431)
(واختلاف المطالع) ورؤيته نهارا قبل الزوال وبعده (غير معتبر على) ظاهر (المذهب) وعليه(2/432)
أكثر المشايخ، وعليه الفتوى.
بحر عن الخلاصة (فيلزم أهل المشرق برؤية أهل المغرب) إذا ثبت عندهم رؤية أولئك بطريق موجب كما مر، وقال الزيلعي: الاشبه أنه يعتبر، لكن قال الكمال: الاخذ بظاهر الرواية أحوط.
فرع: إذا رأوا الهلال يكره أن يشيروا إليه لانه من عمل الجاهلية كما في السراجية وكراهة البزازية.
باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده الفساد والبطلان في العبادات سيان (إذا أكل الصائم أو شرب أو جامع) حال كونه (ناسيا) في الفرض والنفل قبل النية أو بعدها على الصحيح.
بحر عن القنية.(2/433)
إلا أن يذكر فلم يتذكر ويذكره لو قويا وإلا لا، وليس عذرا في حقوق العباد (أو دخل حلقه
غبار أو ذباب أو دخان) ولو ذاكرا استحسانا لعدم إمكان التحرز عنه، ومفاده أنه لو أدخل حلقه الدخان أفطر، أي دخان كان ولو عودا أو عنبرا لو ذاكرا لامكان التحرز عنه، فليتنبه له كما(2/434)
بسطه الشرنبلالي (أو ادهن أو اكتحل أو احتجم) وإن وجد طعمه في حلقه (أو قبل) ولم ينزل (أو احتلم أو أنزل بنظر) ولو إلى فرجها مرارا (أو بفكر) وإن طال مجمع (أو بقي بلل في فيه بعد المضمضة وابتلعه مع الريق) كطعم أدوية ومص إهليلج، بخلاف نحو سكر (أو دخل الماء في أذنه وإن كان بفعله) على المختار كما لو حك أذنه بعود ثم أخرجه وعليه درن ثم أدخله ولو مرارا (أو ابتلع ما بين أسنانه وهو دون الحمصة) لانه تبع لريقه، ولو قدرها أفطر كما سيجئ (أو خرج الدم من بين أسنانه ودخل حلقه) يعني ولم يصل إلى جوفه، أما إذا وصل(2/435)
فإن غلب الدم أو تساويا فسد، وإلا لا، إلا إذا وجد طعمه.
بزازية.
واستحسنه المصنف وهو ما عليه الاكثر، وسيجئ (أو طعن برمح فوصل إلى جوفه) وإن بقي في جوفه كما لو ألقي حجر في الجائفة أو نفذ السهم من الجانب الآخر، ولو بقي النصل في جوفه فسد (أو أدخل عودا) ونحوه (في مقعدته وطرفه خارج) وإن غيبه فسد، وكذا لو ابتلع خشية أو خيطا ولو فيه لقمة مربوطة إلا أن ينفصل منها شئ.
ومفاده أن استقرار الداخل في الجوف شرط للفساد.
بدائع (أو أدخل أصبعه اليابسة فيه) أي دبره أو فرجها ولو مبتلة فسد.
ولو أدخلت قطنة إن غابت فسد، وإن بقي طرفها في فرجها الخارج لا، ولو بالغ في الاستنجاء(2/436)
حتى بلغ موضع الحقنة فسد، وهذا قلما يكون، ولو كان فيورث داء عظيما (أو نزع المجامع) حال كونه (ناسيا في الحال عند ذكره) وكذا عند طلوع الفجر، وإن أمنى بعد النزع لانه كالاحتلام، ولو مكث حتى أمنى ولم يتحرك قضى فقط، وإن حرك نفسه قضى وكفر كما لو نزع ثم أولج (أو رمى اللقمة من فيه) عند ذكره أو طلوع الفجر، ولو ابتلعها إن قبل إخراجها
كفر، وبعده لا (أو جامع فيما دون الفرج(2/437)
ولم ينزل) يعني في غير السبيلين كسرة وفخذ، وكذا الاستمناء بالكف وإن كره تحريما لحديث ناكح اليد ملعون ولو خاف الزنا يرجى أن لا وبال عليه (أو أدخل ذكره في بهيمة) أو ميتة(2/438)
(من غير إنزال) أو مس فرج بهيمة أو قبلها فأنزل أو أقطر في إحليله ماء أو دهنا وإن وصل إلى المثانة على المذهب، وأما في قبلها فمفسد إجماعا لانه كالحقنة (أو أصبح جنبا و) إن بقي كل اليوم (أو اغتاب) من الغيبة (أو دخل أنفه مخاط فاستشمه فدحل حلقه) وإن نزل لرأس أنفه كما لو ترطب شفتاه بالبزاق عند الكلام ونحوه فابتلعه أو سال ريقه إلى ذقنه كالخيط ولم ينقطع فاستنشقه (ولو عمدا) خلافا للشافعي في القادر على مج النخامة(2/439)
فينبغي الاحتياط (أو ذاق شيئا بفمه) وإن كره (لم يفطر) جواب الشرط، وكذا لو فتل الخيط ببزاقه مرارا وإن بقي فيه عقد البزاق إلا أن يكون مصبوغا وظهر لونه في ريقه وابتلعه ذاكرا، ونظمه ابن الشحنة فقال: مكرر بل الخيط بالريق فاتلابإدخاله في فيه لا يتضرر وعن بعضهم: إن يبلع الريق بعد ذا يضركصبغ لونه فيه يظهر (وإن أفطر خطأ) كأن تمضمض فسبقه الماء أو شرب نائما(2/440)
أو تسحر أو جامع على ظن عدم الفجر (أو) أو جر (مكرها) أو نائما وأما حديث رفع الخطأ فالمراد رفع الاثم، وفي التحرير: المؤاخذة بالخطأ جائزة عندنا، خلافا للمعتزلة (أو أكل) أو جامع (ناسيا) أو احتلم أو أنزل بنظر أو ذرعه القئ (فظن أنه أفطر فأكل عمدا) للشبهة ولو
علم عدم فطره لزمته كفارة(2/441)
إلا في مسألة المتن فلا كفارة مطلقا على المذهب لشبهة خلاف مالك خلافا لهما كما في المجمع وشروحه، فقيد الظن إنما هو لبيان الاتفاق (أو احتقن أو استعط) في أنفه شيئا (أو أقطر في أذنه دهنا أو داوى جائفة أو آمة) فوصل الدواء حقيقة إلى جوفه ودماغه (أو ابتلع(2/442)
حصاة) ونحوها مما لا يأكله الانسان أو يعافه أو يستقذره، ونظمه ابن الشحنة فقال: ومستقذر مع مأكول مثلنا ففي أكله التكفير يلغى ويهجر (أو لم ينو في رمضان كله صوما ولا فطرا) مع الامساك لشبهة خلاف زفر (أو أصبح غير ناو للصوم فأكل عمدا) ولو بعد النية قبل الزوال لشبهة خلاف الشافعي: ومفاده أن الصوم(2/443)
بمطلق النية كذلك (أو دخل حلقه مطر أو ثلج) بنفسه لامكان التحرز عنه بضم فمه، بخلاف نحو الغبار والقطرتين من دموعه أو عرقه، وأما في الاكثر فإن وجد الملوحة في جميع فمه واجتمع شئ كثير وابتلعه أفطر وإلا لا، خلاصة (أو وطئ امرأة ميتة) أو صغيرة لا تشتهى.
نهر (أو بهيمة أو فخذا أو بطنا أو قبل) ولو قبلة فاحشة بأن يدغدغ أو يمص شفتيها (أو لمس) ولو بحائل لا يمنع الحرارة أو استمنى بكفه أو بمباشرة فاحشة ولو بين المرأتين (فأنزل) قيد(2/444)
للكل حتى لو لم ينزل لم يفطر كما مر (أو أفسد غير صوم رمضان أداء) لاختصاصها بهتك رمضان (أو وطئت نائمة أو مجنونة) بأن أصبحت صائمة فجنت (أو تسحر أو أفطر يظن اليوم) أي الوقت الذي أكل فيه (ليلا و) الحال أن (الفجر طالع والشمس لم تغرب) لف ونشر، ويكفي الشك في الاول دون الثاني(2/445)
عملا بالاصل فيهما ولو لم يتبين الحال لم يقض في ظاهر الرواية، والمسألة تتفرع إلى ستة وثلاثين، محلها المطولات (قضى)(2/446)
في الصور كلها (فقط) كما لو شهدا على الغروب وآخران على عدمه فأفطر فظهر عدمه، ولو كان ذلك في طلوع الفجر قضى وكفر، لان شهادة النفي لا تعارض شهادة الاثبات.(2/447)
واعلم أن كل ما انتفى فيه الكفارة محله ما إذا لم يقع منه ذلك مرة بعد أخرى لاجل قصد المعصية، فإن فعله وجبت زجرا له، بذلك أفتى أئمة الامصار، وعليه الفتوى.
قنية، وهذا حسن، نهر (والاخيران يمسكان بقية يومهما وجوبا على الاصح) لان الفطر قبيح وترك القبيح شرعا واجب (كمسافر أقام وحائض ونفساء(2/448)
طهرتا ومجنون أفاق ومريض صح) ومفطر ولو مكرها أو خطأ (وصبي بلغ وكافر أسلم وكلهم يقضون) ما فاتهم (إلا الاخيرين) وإن أفطرا لعدم أهليتهما في الجزء الاول من اليوم وهو السبب في الصوم لكن لو نويا قبل الزوال كان نفلا، فيقضى بالافساد كما في الشرنبلالية عن الخانية.
ولو نوى المسافر والمجنون والمريض قبل الزوال صح عن الفرض، ولو نوى الحائض والنفساء لم يصح أصلا للمنافي أول الوقت وهو لا يتجزى(2/449)
ويؤمر الصبي بالصوم إذا أطاقه ويضرب عليه ابن عشر، كالصلاة في الاصح (وإن جامع) المكلف آدميا مشتهى (في رمضان أداء) لما مر (أو جومع) أو توارث الحشفة (في أحد السبيلين) أنزل أو لا (أو أكل أو شرب غذاء) بكسر الغين والذال المعجمتين والمد ما يتغذى به (أو دواء) ما يتداوى به، والضابط وصول ما فيه صلاح بدنه لجوفه ومنه ريق حبيبه فيكفر
لوجود معنى صلاح البدن فيه.
دراية وغيرها.
وما نقله الشلانبلالي عن الحدادي رده في النهر(2/450)
(عمدا)(2/451)
راجع للكل (أو احتجم) أي فعل ما لا يظن الفطر به كفصد وكحل ولمس وجماع بهيمة بلا إنزال أو إدخال أصبع في دبر ونحو ذلك (فظن فطره به فأكل عمدا قضى) في الصور كلها (وكفر) لانه ظن في غير محله، حتى لو أفتاه مفت يعتمد على قوله أو سمع حديثا ولم يعلم تأويله لم يكفر للشبهة وإن أخطأ المفتي، ولم يثبت الاثر(2/452)
إلا في الادهان، وكذا الغيبة عنه العامة.
زيلعي.
لكن جعلها في الملتقى كالحجامة ورجحه في البحر.
للشبهة (ككفارة المظاهر) الثابتة بالكتاب، وأما هذه فبالسنة ومن ثم شبهوها بها ثم(2/453)
إنما يكفر إن نوى ليلا، ولم يكن مكرها ولم يطرأ مسقط كمرض وحيض، واختلف فيما لو مرض بجرح نفسه أو سوفر به مكرها والمعتمد لزومها وفي المعتاد حمى وحيضا والمتيقن قتال عدو لو أفطر، ولم يحصل العذر والمعتمد سقوطها ولو تكرر فطره(2/454)
ولم يكفر للاول يكفيه واحدة ولو في رمضانين عند محمد، وعليه الاعتماد.
بزازية ومجتبى وغيرهما.
واختار بعضهم للفتوى أن الفطر بغير الجماع تداخل، وإلا لا، ولو أكل عمدا شهرة بلا عذر يقتل، وتمامه في شرح الوهبانية (وإن ذرعه القئ وخرج) ولم يعد (لا يفطر مطلقا) ملا أو لا (فإن عاد) بلا صنعه (و) لو (هو مل ء الفم مع تذكره للصوم لا يفسد) خلافا للثاني(2/455)
(وإن أعاده) أو قدر حمصة منه فأكثر حدادي (أفطر إجماعا) ولا كفارة
(إن ملا الفم وإلا لا) هو المختار (وإن استقاء) أي طلب القئ (عامدا) أي متذكرا لصومه (إن كان مل ء الفم فسد بالاجماع) مطلقا (وإن أقل لا) عند الثاني وهو الصحيح، لكن ظاهر الرواية كقول محمد إنه يفسد كما في الفتح عن الكافي (فإن عاد بنفسه لم يفطر وإن أعاده ففيه روايتان) أصحهما لا يفسد محيط (وهذا) كله (في قئ طعام أو ماء أو مرة) أو دم(2/456)
(فإن كان بلغما فغير مفسد) مطلقا خلافا للثاني، واستحسنه الكمال وغيره (ولو) أكل لحما بين أسنانه (إن مثل حمصة) فأكثر (قضى فقط، وفي أقل منها لا) يفطر (إلا إذا أخرجه) من فمه (فأكله) ولا كفارة لان النفس تعافه (وأكل مثل سمسمة) من خارج (يقطع) ويكفر في الاصح (إلا إذا مضغ بحيث تلاشت في فمه) إلا أن يجد الطعم في حلقه كما مر، واستحسنه الكمال قائلا: وهو الاصل في كل قليل مضغه (وكره) له (ذوق شئ و) كذا (مضغه بلا عذر) قيد فيهما.
قاله العيني ككون زوجها أو سيدها سئ الخلق فذاقت.
وفي كراهة الذوق عند الشراء قولان، ووفق في النهر بأنه إن وجد بدا، ولم يخف غبنا(2/457)
كره، وإلا لا، وهذا في الفرض لا النفل كذا قالوا، وفيه لحرمة الفطر فيه بلا عذر على المذهب فتبقى الكراهة (و) كره (مضغ علك) أبيض ممضوغ ملتئم، وإلا فيفطر، وكره للمفطرين إلا في الخلوة بعذر، وقيل يباح ويستحب للنساء لانه سواكهن.
فتح (و) كره (قبلة)(2/458)
ومس ومعانقة ومباشرة فاحشة (إن لم يأمن) المفسد وإن أمن لا بأس (لا) يكره (دهن شارب و) لا (كحل) إذا لم يقصد الزينة أو تطويل اللحية إذا كانت بقدر المسنون وهو القبضة، وصرح في النهاية بوجوب قطع ما زاد على القبضة بالضم، ومقتضاه الاثم بتركه إلا أن يحمل الوجوب على الثبوت،(2/459)
وأما الاخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغاربة، ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد، وأخذ كلها فعل يهود الهند ومجوس الاعاجم.
فتح.
وحديث التوسعة على العيال يوم عاشوراء صحيح، وحديث الاكتحال فيه ضعيفة لا موضوعة كما زعمه ابن عبد العزير (و) لا (سواك ولو(2/460)
عشيا) أو رطبا بالماء على المذهب، وكرهه الشافعي بعد الزوال، وكذا لا تكره حجامة وتلفف بثوب مبتل ومضمضة أو استنشاق أو اغتسال للتبرد عند الثاني، وبه يفتى.
شرنبلالية عن البرهان.
ويستحب السحور وتأخيره وتعجيل الفطر لحديث: ثلاث من أخلاق المرسلين:(2/461)
تعجيل الافطار، وتأخير السحور، والسواك.
فروع: لا يجوز أن يعمل عملا يصل به إلى الضعف، فيخبز نصف النهار ويستريح الباقي، فإن قال: لا يكفيني كذب بأقصر أيام الشتاء، فإن أجهد الحر نفسه بالعمل حتى مرض فأفطر ففي كفارته قولان: قنية.
وفي البزازية: لو صام عجز عن القيام صام وصلى قاعدا جمعا بين العبادتين.(2/462)
فصل في العوارض المبيحة لعدم الصوم وقد ذكر المصنف منها خمسة، وبقي الاكراه وخوف هلاك أو نقصان عقل ولو بعطش أو جوع شديد ولسعة حية (لمسافر) سفرا شرعيا ولو بمعصية(2/463)
(أو حامل أو مرضع) أما كانت أو ظئرا على الظاهر (خافت بغلبة الظن على نفسها أو ولدها) وقيده البهنسي تبعا لابن الكمال بما إذا تعينت للارضاع (أو مريض خاف الزيادة) لمرضه، وصحيح خاف المرض، وخادمة خافت الضعف بغلبة الظن بأمارة أو تجربة أو بإخبار طبيب حاذق مسلم مستور.(2/464)
وأفاد في النهر تبعا للبحر جواز التطبيب بالكافر فيما ليس فيه إبطال عبادة.
قلت: وفيه كلام لان عندهم نصح المسلم كفر فإنى يتطبب بهم، وفي البحر عن الظهيرية: للامة أن تمتنع من امتثال أمر المولى إذا كان يعجزها عن إقامة الفرائض لانها مبقاة على أصل الحرية في الفرائض (الفطر) يوم العذر إلا السفر كما سيجئ (وقضوا) لزوما (ما قدروا بلا فدية و) بلا (ولاء) لانه على التراخي، ولذا جاز التطوع قبله، بخلاف قضاء الصلاة (و) لو جاء رمضان الثاني (قدم الاداء على القضاء) ولا فدية لما مر خلافا للشافعي (ويندب لمسافر الصوم) لآية: * (وإن تصوموا) * والخير بمعنى البر لا أفعل تفضيل (إن لم يضره)(2/465)
فإن شق عليه أو على رفيقه فالفطر أفضل لموافقته الجماعة (فإن ماتوا فيه) أي في ذلك العذر (فلا تجب) عليهم (الوصية بالفدية) لعدم إدراكهم عدة من أيام أخر (ولو ماتوا بعد زوال العذر وجبت) الوصية بقدر إدراكهم عدة من أيام أخر، وأما من أفطر عمدا فوجوبها عليه بالاولى (وفدى) لزوما (عنه) أي عن الميت (وليه) الذي يتصرف في ماله (كالفطرة) قدرا (بعد قدرته(2/466)
عليه) أي على قضاء الصوم (وفوته) أي فوت القضاء بالموت، فلو فاته عشرة أيام فقدر على خمسة فداها فقط (بوصيته من الثلث) متعلق بفدى، وهذا لو له وارث وإلا فمن الكل.
قهستاني (وإن) لم يوص و (تبرع وليه به جاز) إن شاء الله ويكون الثواب للولي.
اختيار (وإن صام أو(2/467)
صلى عنه) الولي (لا) لحديث النسائي لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد، ولكن يطعم عنه وليه (وكذا) يجوز (لو تبرع عنه) وليه (بكفارة يمين أو قتل) بإطعام كسوة (بغير(2/468)
إعتاق) لما فيه من إلزام الولاء للميت بلا رضاه (وفدية كل صلاة ولو وترا) كما مر في قضاء
الفوائت (كصوم يوم) على المذهب، وكذا الفطرة والاعتكاف الواجب يطعم عنه لكل يوم كالفطرة.
ولوالجية.
والحاصل أن ما كان عبادة بدنية فإن الوصي يطعم عنه بعد موته عن كل واجب كالفطرة والمالية كالزكاة، يخرج عنه القدر الواجب والمركب كالحج يحج عنه رجلا من مال الميت.
بحر (وللشيخ الفاني العاجز عن الصوم الفطر ويفدي) وجوبا ولو في أول الشهر وبلا تعدد فقير(2/469)
كالفطرة لو موسرا وإلا فيستغفر الله، هذا إذا كان الصوم أصلا بنفسه وخوطب بأدائه، حتى لو لزمه الصوم لكفارة يمين أو قتل ثم عجز لم تجز الفدية، لان الصوم هنا بدل عن غيره، ولو كان مسافرا فمات قبل الاقامة لم يجب الايصاء، ومتى قدر قضى لان استمرار العجز شرط الخليفة.
وهل تكفي الاباحة في الفدية؟ قولان: المشهور نعم، واعتمده الكمال (ولزم نفل شرع فيه قصدا) كما في الصلاة، فلو شرع ظنا فأفطر: أي فورا فلا قضاء، أما لو مضى ساعة لزمه القضاء.
لانه بمضيها صار كأنه نوى المضي عليه في هذه الساعة.
تجنيس ومجتبى (أداء(2/470)
وقضاء) أي يجب إتمامه، فإن فسد ولو بعروض حيض في الاصح وجب القضاء (إلا في العيدين وأيام التشريق) فلا يلزم لصيرورته صائما بنفس الشروع فيصير مرتكبا للنهي، أما بالصلاة فلا يكون مصليا ما لم يسجد بدليل مسألة اليمين (ولا يفطر) الشارع في نفل (بلا عذر في رواية) وهي الصحيحة، وفي أخرى يحل بشرط أن يكون من نيته القضاء،(2/471)
واختارها الكمال وتاج الشريعة وصدرها في الوقاية وشرحها (والضيافة عذر) للضيف والمضيف (إن كان صاحبها ممن لا يرضى بمجرد حضوره ويتأذى بترك الافطار) فيفطر (وإلا لا) هو الصحيح من المذهب.
ظهيريه.
(ولو حلف) رجل على الصائم (بطلاق امرأته إن لم يفطر أفطر ولو) كان صائما (قضاء)(2/472)
ولا يحنثه (على المعتمد) بزازية.
وفي النهر عن الذخيرة وغيرها: هذا إذا كان قبل الزوال، أما بعده فلا، إلا لاحد أبويه إلى العصر لا بعده.
وفي الاشباه: دعاه أحد إخوانه لا يكره فطره لو صائما غير قضاء رمضان، ولا تصوم المرأة نفلا إلا بإذن الزوج إلا عند عدم الضرر به(2/473)
ولو فطرها وجب القضاء بإذنه أو بعد البينونة، ولو صام العبد وما في حكمه بلا إذن المولى لم يجز، وإن فطره قضى بإذنه أو بعد العتق (ولو نوى مسافر الفطر) أو لم ينو (فأقام ونوى الصوم في وقتها) قبل الزوال (صح) مطلقا (ويجب عليه) الصوم (لو) كان (في رمضان) لزوال المرخص (كما يجب على مقيم إتمام) صوم (يوم منه) أي رمضان (سافر فيه) أي في ذلك اليوم (و) لكن (لا كفارة عليه لو أفطر فيهما)(2/474)
للشبهة في أوله وآخره، إلا إذا دخل مصره لشئ نسيه فأفطر فإنه يكفر، ولو نوى الصائم الفطر لم يكن مفطرا كما مر (كما لو نوى التكلم في صلاته ولم يتكلم) شرح الوهبانية.
قال: وفيه خلاف الشافعي (وقضى أيام إغمائه ولو) كان الاغماء (مستغرقا للشهر) لندرة امتداده (سوى يوم حدث الاغماء فيه أو في ليلته) فلا يقضيه(2/475)
إلا إذا علم أنه لم ينوه (وفي الجنون إن لم يستوعب) الشهر (قضى) ما مضى (وإن استوعب) لجميع ما يمكنه إنشاء الصوم فيه على ما مر (لا) يقضي مطلقا للحرج (ولو نذر صوم الايام المنهية أو) صوم هذه (السنة صح) مطلقا على المختار، وفرقوا بين النذر والشروع فيها(2/476)
بأن نفس الشروع معصية، ونفس النذر طاعة فصح (و) لكنه (أفطر) الايام المنهية (وجوبا) تحاميا عن المعصية (وقضاها) إسقاطا للواجب (وإن صامها خرج عن العهدة) مع الحرمة، وهذا
إذا نذر قبل الايام المنهية، فلو بعدها لم ينقض شيئا، وإنما يلزمه باقي السنة على ما هو الصواب، وكذا الحكم لو نكر السنة أو شرط التتابع فيفطرها لكنه يقضيها هنا متتابعة، ويعيد لو أفطر يوما، بخلاف المعينة،(2/477)
ولو لم يشترط التتابع يقضي خمسة وثلاثين، ولا يجزيه صوم الخمسة في هذه الصورة.
واعلم أن صيغة النذر تحتمل اليمين فلذا كانت ست صور ذكرها بقوله (فإن لم ينو) بنذره الصوم (شيئا أو نوى النذر فقط) دون اليمين (أو نوى) النذر (ونوى أن لا يكون يمينا كان) في هذه الثلاث صور (نذرا فقط) إجماعا عملا بالصيغة (وإن نوى اليمين وأن لا يكون نذرا كان) في هذه الصورة (يمينا) فقط إجماعا عملا بتعيينه (وعليه كفارة) يمين (إن أفطر) لحنثه (وإن نواهما أو) نوى (اليمين) بلا نفي النذر (كان) في الصورتين (نذرا ويمينا، حتى لو أفطر يجب القضاء للنذر والكفارة لليمين) عملا بعموم المجاز خلافا للثاني (وندب تفريق صوم الست من شوال) ولا يكره التتابع على المختار خلافا للثاني.
حاوي.(2/478)
والاتباع المكروه أن يصوم الفطر وخمسة بعده، فلو أفطر لم يكره بل يستحب ويسن.
ابن كمال (ولو نذر صوم شهر غير معين متتابعا فأفطر يوما) ولو من الايام المنهية (استقبل) لانه أخل بالوصف مع خلو شهر عن أيام نهي.
نهر.
بخلاف السنة (لا) يستقبل (في نذر) شهر (معين) لئلا يقع كله في غير الوقت (والنذر) من اعتكاف أو حج أو صلاة أو صيام أو غيرها (غير المعلق) ولو معينا (لا يختص بزمان ومكان ودرهم وفقير) فلو نذر التصدق يوم الجمعة بمكة(2/479)
بهذا الدرهم على فلان فخالف جاز، وكذا لو عجل قبله، فلو عين شهر للاعتكاف أو صوم فعجل قبله عنه صح، وكذا لو نذر أن يحج سنة كذا فحج سنة قبلها صح أو صلاة يوم كذا فصلاها قبله لانه تعجيل بعد وجوب السبب وهو النذر فيلغو التعيين شرنبلالية.
فليحفظ
(بخلاف) النذر (المعلق) فإنه لا يجوز تعجيله قبل وجود الشرط كما سيجئ في الايمان (ولو(2/480)
قال مريض: لله علي أن أصوم شهرا فمات قبل أن يصح لا شئ عليه، وإن صح) ولو (يوما) ولم يصمه (لزمه الوصية بجميعه) على الصحيح كالصحيح إذا نذر ذلك ومات قبل تمام الشهر لزمه الوصية بالجميع بالاجماع كما في الخبازية، بخلاف القضاء فإن سببه إدراك العدة.(2/481)
فرع: قال: والله أصوم، لا صوم عليه، بل إن صام حنث كما سيجئ في الايمان.
نذر صوم رجب فدخل وهو مريض أفقر وقضى كرمضان، أو صوم الابد فضعف لاشتغاله بالمعيشة أفطر وكفر كما مر، أو يوم يقدم فلان فقدم بعد الاكل أو الزوال أو حيضها قضى عند الثاني خلافا للثالث، ولو قدم في رمضان فلا قضاء اتفاقا، ولو عنى به اليمين كفر فقد إلا إذا قدم قبل نيته فنواه عنه بر بالنية، ووقع عن رمضان ولو نذر شهرا لزمه كاملا، أو الشهر فبقيته أو صوم جمعة فالاسبوع إلا أن ينوي اليوم، ولو نذر يوم السبت صوم ثمانية أيام(2/482)
صام سبتين، ولو قال سبعة فسبعة أسبت، والفرق أن السبت لا يتكرر في السبعة فحمل على العدد، بخلاف الاول.
واعلم أن النذر الذي يقع للاموات من أكثر العوام وما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت ونحوها إلى ضرائح الاولياء الكرام تقربا إليهم فهو بالاجماع باطل وحرام ما لم يقصدوا صرفها لفقراء الانام، وقد ابتلى الناس بذلك، ولا سيما في هذه الاعصار، وقد بسطه العلامة قاسم في شر درر البحار، ولقد قال الامام محمد: لو كانت العوام عبيدي لاعتقتهم وأسقطت(2/483)
ولائي، وذلك لانهم لا يهتدون، فالكل بهم يتعيرون.
باب الاعتكاف
وجه المناسبة له والتأخير اشتراط الصوم في بعضه والطلب الآكد في العشر الاخير.
(هو) لغة: اللبث وشرعا: (لبث) بفتح اللام وتضم المكث (ذكر) ولو مميزا في (مسجد جماعة) هو ما له إمام ومؤذن أديت فيه الخمس أولا.
وعن الامام اشتراط أداء الخمس فيه، وصححه بعضهم قال: لا يصح في كل مسجد، وصححه السروجي، وأما الجامع فيصح فيه مطلقا اتفاقا (أو) لبث(2/484)
(امرأة في مسجد بيتها) ويكره في المسجد، ولا يصح في غير موضع صلاتها من بيتها كما إذا لم يكن في مسجد ولا تخرج من بيتها إذا اعتكفت فيه، وهل يصح من الخنثى في بيته؟ لم أره، والظاهر لا، لاحتمال ذكوريته (بنية) فاللبث: هو الركن، والكون في المسجد، والنية من مسلم عاقل طاهر من جنابة، وحيض ونفاس شرطان.
(وهو) ثلاثة أقسام (واجب بالنذر) بلسانه وبالشروع(2/485)
وبالتعليق ذكره ابن الكمال (وسنة مؤكدة في العشر الاخير من رمضان) أي سنة كفاية كما في البرهان وغيره لاقترانها بعدم الانكار على من لم يفعله من الصحابة (مستحب في غيره من الازمنة) هو بمعنى غير المؤكدة.
(وشرط الصوم) لصحة (الاول) اتفاقا (فقط) على المذهب (فلو نذر اعتكاف ليلة لم يصح) وإن نوى معها اليوم لعدم محليتها للصوم، أما لو نوى بها اليوم صح والفرق لا يخفى(2/486)
(بخلاف ما لو قال) في نذره ليلا ونهارا (فإنه يصح و) إن لم يكن الليل محلا للصوم لانه (يدخل الليل تبعا، و).
اعلم أن (الشرط) في الصوم مراعاة (وجوده لا إيجاده) للمشروط قصدا (فلو نذر اعتكاف شهر رمضان لزمه وأجزأه) صوم رمضان (عن صوم الاعتكاف) لكن قالوا: لو صام تطوعا ثم
نذر اعتكاف ذلك اليوم لم يصح لانعقاده من أوله تطوعا فتعذر جعله واجبا (وإن لم يعتكف) رمضان المعين (قضى شهرا) غيره (بصوم مقصود) لعود شرطه إلى الكمال الاصلي فلم يجز في(2/487)
رمضان آخر ولا في واجب سوى قضاء رمضان الاول لانه خلف عنه، وتحقيقه في الاصول في بحث الامر (وأقله نفلا ساعة) من ليل أو نهار عند محمد، وهو ظاهر الرواية عن الامام لبناء النفل على المسامحة، وبه يفتى.
والساعة في عرف الفقهاء جزء من الزمان لا جزء من أربعة وعشرين كما يقوله المنجمون، كذا في غرر الاذكار وغيره (فلو شرع في نفله ثم قطعه لا يلزمه قضاؤه) لانه لا يشترط له الصوم (على الظاهر) من المذهب وما في بعض المعتبرات أنه يلزم بالشروع مفرع على الضعيف، قاله المصنف وغيره(2/488)
(وحرم عليه) أي على المعتكف اعتكافا واجبا أما النفل فله الخروج لانه منه له لا مبطل كما مر (الخروج إلا لحاجة الانسان) طبيعية كبول وغائط وغسل لو احتلم(2/489)
ولا يمكنه الاغتسال في المسجد، كذا في النهر (أو) شرعية كعيد وأذان لو مؤذنا وباب المنارة خارج المسجد و (الجمعة وقت الزوال ومن بعد منزله) أي معتكفه (خرج في وقت يدركها) مع سنتها يحكم في ذلك رأيه، ويستن بعدها أربعا أو ستا على الخلاف،(2/490)
ولو مكث أكثر لم يفسد لانه محل له، وكره تنزيها لمخالفة ما التزمه بلا ضرورة (فلو خرج) ولو ناسيا (ساعة) زمانية لا رملية كما مر (بلا عذر فسد) فيقضيه إلا أفسده بالردة واعتبر أكثر(2/491)
النهار، قالوا: وهو الاستحسان وبحث فيه الكمال (و) إن خرج (بعذر يغلب وقوعه) وهو ما مر لا غير (لا) يفسد.
وأما لا يغلب كإنجاء غريق وانهدام مسجد فمسقط للاثم لا للبطلان،
وإلا لكان النسيان أولى بعدم الفساد كما حققه الكمال خلافا لما فصله الزيلعي وغيره، لكن في النهر وغيره جعل عدم الفساد لانهدامه وبطلان جماعته وإخراجه كرها استحسانا.
وفي(2/492)
التاترخانية عن الحجة: لو شرط وقت النذر أن يخرج لعيادة مريض وصلاة جنازة وحضور مجلس علم جاز ذلك، فلحيفظ (وخص) المعتكف (بكل وشرب وعقد احتاج إليه) أو عياله فلو لتجارة كره (كبيع ونكاح ورجعة) فلو خرج لاجلها فسد لعدم الضرورة (وكره) أي تحريما لانها محل إطلاقهم.
بحر (إحضار مبيع فيه) كما كره فيه مبايعة غير المعتكف(2/493)
مطلقا للنهي، وكذا أكله ونومه إلا لغريب.
أشباه، وقد قدمناه قبيل الوتر، لكن قال ابن كمال: لا يكره الاكل والشرب والنوم فيه مطلقا، ونحوه في المجتبى (و) يكره تحريما (صمت) إن اعتقده قربة وإلا لا، لحديث: من صمت نجا ويجب: أي الصمت كما في غرر الاذكار عن شر لحديث: رحم الله امرأ تكلم فغنم، أو سكت فسلم (وتكلم إلا بخير) وهو ما إثم فيه،(2/494)
ومنه المباح عند الحاجة إليه لا عند عدمها، وهو محمل ما في الفتح أنه مكروه في المسجد، يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب كما حققه في النهر (كقراءة قرآن وحديث وعلم) وتدريس في سير الرسول عليه الصلاة والسلام وقصص الانبياء عليهم السلام وحكايات الصالحين وكتابة أمور الدين (وبطل بوطئ في فرج) أنزل أم لا (ولو) كان وطؤه خارج المسجد (ليلا) أو نهارا عامدا (أو ناسيا) في الاصح لان حالته مذكرة (و) بطل (بإنزال بقبلة أو لمس) أو تفخيذ، ولو لم ينزل لم يبطل وإن حرم الكل لعدم الحرج، ولا يبطل بإنزال بفكر أو نظر، ولا بسكر ليلا، ولا بأكل ناسيا لبقاء الصوم، بخلاف أكله عمدا وردته، وكذا إغماؤه وجنونه(2/495)
إن داما أياما، فإن دام جنونه سنة قضاه استحسانا (ولزمه الليالي بنذره) بلسانه (اعتكاف أيام
ولاء) أي متتابعة وإن لم يشترط التتابع (كعكسه) لان ذكر أحد العددين بلفظ الجمع، وكذا التثنية يتناول الآخر (فلو نوى في) نذر (الايام النهار خاصة صحت نيته) لنيته الحقيقة (وإن(2/496)
نوى بها) أي بالايام (الليالي لا) بل يلزمه كلاهما (كما لو نذر اعتكاف شهر ونوى النهر خاصة أو) نوى (عكسه) أي الليالي خاصة فإنه لا تصح نيته، لان الشهر اسم لمقدر يشمل الايام والليالي فلا يحتمل ما دونه، إلا أن يستثني الليالي فيختص بالنهر، ولو استثنى الايام صح ولا شئ عليه لما مر.
واعلم أن الليالي تابعة للايام إلا ليلة عرفة وليالي النحر فتبع للنهر الماضية رفقا بالناس، كما في أضحية الولوالجية.(2/497)
هذا، وليلة القدر دائرة في رمضان اتفاقا، إلا أنها تتقدم وتتأخر خلافا لهما، وثمرته فيمن قال بعد ليلة منه أنت حر أو أنت طالق ليلة القدر فعنده لا يقع حتى ينسلخ شهر رمضان الآتي لجواز كونها في الاول في الاولى وفي الآتي في الاخيرة، وقالا: يقع إذا مضى مثل تلك الليلة في الآتي، ولا خلاف أنه لو قال: قبل دخول رمضان وقع بمضيه.
قال في المحيط: والفتوى على قول الامام، لكن قيده بكون الحالف فقيها يعرف الاختلاف، وإلا فهي ليلة السابع والعشرين، والله أعلم.(2/498)
كتاب الحج (هو) بفتح الحاء وكسرها لغة: القصد إلى معظم لا مطلق القصد كما ظنه بعضهم.
وشرعا (زيارة) أي طواف ووقوف (مكان مخصوص) أي الكعبة وعرفة (في زمن مخصوص) في(2/499)
الطواف من فجر النحر إلى آخر العمر، وفي الوقوف من زوال شمس عرفة لفجر النحر (بفعل مخصوص) بأن يكون محرما بنية الحج سابقا كما سيجئ لم يقل لاداء ركن من أركان الدين
ليعم حج النفل (فرض) سنة تسع، وإنما، أخره عليه الصلاة والسلام لعشر لعذر مع علمه ببقاء(2/500)
حياته ليكمل التبليغ (مرة) لان سببه البيت وهو واحد والزيادة تطوع، وقد تجب كما إذا جاوز الميقات بلا إحرام، فإنه كما سيجئ يجب عليه أحد النسكين، فإن اختار الحج اتصف(2/501)
بالوجوب، وقد يتصف بالحرمة كالحج بمال حرام، وبالكراهة كالحج بلا إذن ممن يجب استئذانه.
وفي النوازل: لو كان الابن صبيا فللاب منعه حتى يلتحي (على الفور) في العام الاول عند الثاني، وأصح الروايتين عن الامام ومالك وأحمد: فيفسق وترد شهادته بتأخيره: أي سنينا لان تأخيره صغيرة، وبارتكابه مرة لا يفسق إلا بالاضرار.
بحر.
ووجهه أن الفورية ظنية(2/502)
لان دليل الاحتياط ظني، ولذا أجمعوا أنه لو تراخى كان أداء وإن أثم بموته قبله، وقالوا: لو لم يحج حتى أتلف ماله وسعه أن يستقرض ويحج ولو غير قادر على وفائه ويرجى أن لا يؤاخذه الله بذلك: أي لو ناويا وفاء إذا قدر كما قيده في الظهيرية (على مسلم) لان الكافر غير مخاطب(2/503)
بفروع الايمان في حق الاداء، وقد حققناه فيما علقناه على المنار (حر مكلف) عالم بفرضيته، إما بالكون بدارنا، وإما بإخبار عدل(2/504)
أو مستورين (صحيح) البدن (بصير) غير محبوس وخائف من سلطان يمنع منه (ذي زاد) يصح به بدنه، فالمعتاد اللحم ونحوه إذا قدر على خبز وجبن لا يعد قادرا (وراحلة) مختصة به وهو المسمى بالمقتب إن قدر، وإلا فتشترط القدرة على المحارة(2/505)
للآفاقي لا لمكي يستطيع المشي لشبهه بالسعي للجمعة، وأفاد أنه لو قدر على غير الراحلة من(2/506)
بغل أو حمار لم يجب.
قال في البحر: ولم أره صريحا، وإنما صرحوا بالكراهة.
وفي السراجية: الحج راكبا أفضل منه ماشيا، به يفتى.
والمقتب أفضل من المحارة.
وفي إجازة الخلاصة: حمل الجمل مائتان وأربعون منا، والحمار مائة وخمسون فظاهره أن البغل كالحمار، ولو وهب الاب لابنه مالا يحج به لم يجب قبوله، لان شرائط الوجوب لا يجب تحصيلها، وهذا منها باتفاق الفقهاء خلافا للاصوليين (فضلا عما لا بد منه) كما مر في الزكاة،(2/507)
ومنه المسكن ومرمته ولو كبيرا يمكنه الاستغناء ببعضه والحج بالفاضل فإنه لا يلزمه بيع الزائد، نعم هو الافضل، وعلم به عدم لزوم بيع الكل والاكتفاء بسكنى الاجارة بالاولى، وكذا لو كان عنده ما اشترى به مسكنا وخادما لا يبقى بعده يكفي للحج لا يلزمه خلاصة.
وحرر في النهر أنه يشترط بقاء رأس مال لحرفته إن احتاجت لذلك، وإلا لا.
وفي الاشباه.
معه ألف وخاف العزوبة إن كان قبل خروج أهل بلده فله التزوج، ولو وقته لزمه الحج (و) فضلا عن (نفقة عياله) ممن تلزمه نفقته(2/508)
لتقدم حق العبد (إلى) حين (عوده) وقيل بعده بيوم وقيل بشهر (مع أمن الطريق) بغلبة السلامة ولو بالرشوة على ما حققه الكمال، وسيجئ آخر الكتاب(2/509)
أن قتل بعض الحجاج عذر، وهل ما يؤخذ من المكس والخفارة عذر؟ قولان، والمعتمد لا كما في القنية والمجتبى، وعليه فيحتسب في الفاضل عما لا بد منه القدرة على المكس ونحوه كما في مناسك الطرابلسي (و) مع (زوج أو محرم) ولو عبدا أو ذميا أو برضاع (بالغ) قيد لهما كما في النهر بحثا (عاقل والمراهق كبالغ) جوهرة (غير مجوسي ولا فاسق)(2/510)
لعدم حفظهما (مع) وجوب النفقة لمحرمها (عليها) لان محبوس (عليها) لامرأة حرة ولو عجوزا في سفر، وهل يلزمها التزوج؟ قولان، وليس عبدها بمحرم لها وليس لزوجها منعها عن حجة(2/511)
الاسلام، ولو حجت بلا محرم جاز مع الكراهة (و) مع (عدم عدة عليها مطلقا) أية عدة كانت ابن ملك (والعبرة لوجوبها) أي العدة المانعة من سفرها (وقت خروج أهل بلدها) وكذا سائر الشروط.
بحر (فلو أحرم صبي عاقل أو أحرم عنه أبوه صار محرما) فينبغي أن يجرده قبله ويلبسه إزارا ورداء مبسوطين، وظاهره أن إحرامه عنه مع عقله صحيح فمع عدمه أولى (فبلغ أو عبد فعتق) قبل الوقوف (فمضى) كل على إحرامه (لم يسقط فرضهما) لانعقاده نفلا،(2/512)
فلو جدد الابي الاحرام قبل وقوفه بعرفة ونوى حجة الاسلام أجزأه (ولو فعل) العبد (المعتق ذلك) التجديد المذكور (لم تجزه) لانعقاده لازما، بخلاف الصبي والكافر والمجنون.
(و) الحج (فرضه) ثلاثة (الاحرام) وهو شرط ابتداء، وله حكم الركن انتهاء حتى لم يجز لفائت الحج استدامه ليقضي به من قابل (والوقوف بعرفة)(2/513)
في أوانه سميت به لان آدم وحواء تعارفا فيها (و) معظم (طواف الزيارة) وهما ركنان (وواجبه) نيف وعشرون (وقوف جمع) وهو المزدلفة سميت بذلك لان آدم اجتمع بحواء وازدلف إليها: أي دنا (والسعي) وعند الائمة الثلاثة: هو ركن (بين الصفا) سمي به لانه جلس عليه آدم صفوة الله (والمروة) لانه جلس عليها امرأة وهي حواء ولذا أنثت (ورمي الجمار) لكل من حج (وطواف الصدر) أي الوداع(2/514)
(للآفاقي) غير الحائض (والحلق أو التقصير وإنشاء الاحرام من الميقات ومد الوقوف بعرفة إلى الغروب) إن وقف نهارا (والبداءة بالطواف من الحجر الاسود) على الاشبه لمواظبته عليه
الصلاة والسلام وقيل فرض، وقيل سنة (والتيامن فيه) أي في الطواف في الاصح (والمشي فيه لمن ليس له عذر) يمنعه منه، ولو نذر طوافا زحفا لزمه ماشيا، ولو شرع متنفلا زحفا فمشيه أفضل (والطهارة فيه)(2/515)
من النجاسة الحكمية على المذهب، قيل والحقيقية من ثوب وبدن ومكان طواف والاكثر على أنه سنة مؤكدة كما في شرح لباب المناسك (وستر العورة) فيه، وبكشف ربع العضو فأكثر كما في الصلاة يجب الدم (وبداءة السعي بين الصفا والمروة من الصفا) ولو بدأ بالمروة لا يعتد بالشوط الاول في الاصح (والمشي فيه) في السعي (لمن ليس له عذر) كما مر (وذبح الشاة للقارن والمتمتع وصلاة ركعتين لكل أسبوع) من أي طواف كان فلو تركها هل عليه دم،(2/516)
قيل نعم فيوصي به (والترتيب الآتي) بيانه (بين الرمي والحلق والذبح يوم النحر) وأما الترتيب بين الطواف وبين الرمي والحلق فسنة، فلو طاف قبل الرمي والحلق لا شئ عليه، ويكره.
لباب.
وسيجئ أن المفرد لا ذبح عليه وسنحققه (وفعل طواف الافاضة) أي الزيارة (في) يوم من (أيام النحر) ومن الواجبات كون الطواف وراء الحطيم، وكون السعي بعد طواف معتد به، وتوقيت الحلق بالمكان والزمان وترك المحظور كالجماع بعد الوقوف، ولبس المخيط، وتغطية الرأس والوجه، والضابط أن كل ما يجب بتركه دم فهو واجب، صرح به في الملتقى(2/517)
وسيتضح في الجنايات (وغيرها سنن وآداب) كأن يتوسع في النفقة ويحافظ على الطهارة وعلى صون لسانه، ويستأذن أبويه ودائنه وكفيله، ويودع المسجد بركعتين، ومعارفه ويستحلهم ويلتمس دعاءهم، ويتصدق بشئ عند خروجه ويخرج يوم الخميس، ففيه خرج عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع أو الاثنين أو الجمعة بعد التوبة والاستخارة أي في أنه هل يشتري أو يكتري، وهل يسافر برا أو بحرا، وهل يرافق فلانا أو لا، لان الاستخارة في الواجب والمكروه
لا محل لها، وتمامه في النهر (وأشهره شوال وذو القعدة) بفتح القاف وتكسر (وعشر ذي الحجة) بكسر الحاء وتفتح، وعند الشافعي: ليس منها يوم النحر، وعند مالك: ذو الحجة كله عملا بالآية.
قلنا: اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد، وفائدة التأقيت أنه لو فعل شيئا من أفعال(2/518)
الحج خارجها لا يجزيه (و) أنه (يكره الاحرام) له (قبلها) ون أمن على نفسه من المحظور لشبهه بالركن كما مر، وإطلاقها يفيد التحريم (والعمرة) في العمر (مرة سنة مؤكدة) على المذهب، وصحح في الجوهرة وجوبها.(2/519)
قلنا: المأمور به في الآية الاتمام، وذلك بعد الشروع وبه نقول (وهي إحرام وطواف وسعي) وحلق أو تقصير، فالاحرام شرط، ومعظم الطواف ركن، وغيرهما واجب هو المختار، ويفعل فيها كفعل الحاج (وجازت في كل السنة) وندبت في رمضان (وكرهت) تحريما (يوم عرفة(2/520)
وأربعة بعدها) أي كره إنشاؤها بالاحرام حتى يلزمه دم، وإن رفضها، لا أداؤها فيها بالاحرام السابق كقارن فاته الحج فاعتمر فيها لم يكره.
سراج.
وعليه فاستثناء الخانية القارن منقطع فلا يختص بيوم عرفة كما توهمه في البحر (والمواقيت) أي المواضع التي لا يجاوزها(2/521)
مريد مكة إلا محرما خمسة (ذو الحليفة) بضم ففتح: مكان على ستة أميال من المدينة وعشر مراحل من مكة، تسميها العوام أبيار علي رضي الله عنه، يزعمون أنه قاتل الجن في بعضها، وهو كذب (وذات عرق) بكسر فسكون: على مرحلتين من مكة (وجحفة) على ثلاث مراحل بقرب رابغ (وقرن) على مرحلتين، وفتح الراء خطأ، ونسبة أويس إليه خطأ آخر(2/522)
(ويلملم) جبل على مرحلتين أيضا (للمدني والعراقي والشامي) الغير المار بالمدينة بقرينة ما يأتي (والنجدي واليمني) لف ونشر مرتب، ويجمعها قوله: عرق العراق يلملم اليمن * * وبذي الحليفة يحرم المدني للشام جحفة إن مررت بها * * ولاهل نجد قرن فاستبن (وكذا هي لمن مر بها من غير أهلها) كالشامي يمر بميقات أهل المدينة فهو ميقاته.
قاله النووي الشافعي وغيره: وقالوا: ولو مر بميقاتين فإحرامه من الابعد أفضل، ولو أخره إلى(2/523)
الثاني لا شئ عليه على المذهب.
وعبارة اللباب: سقط عنه الدم ولو لم يمر بها تحرى وأحرم إذا حاذى أحدها وأبعدها أفضل، فإن لم يكن بحيث يحاذي فعلى مرحلتين (وحرم تأخير الاحرام عنها) كلها (لمن) أي لآفاقي (قصد دخول مكة) يعني الحرم (ولو لحاجة)(2/524)
غير الحج، أما لو قصد موضعا من الحل كخليص وجدة حل له مجاوزته بلا إحرام، فإذا حل به التحق بأهله فله دخول مكة بلا إحرام، وهو الحيلة لمريد ذلك إلا لمأمور بالحج للمخالفة (لا) يحرم (التقديم) للاحرام (عليها) بل هو الافضل(2/525)
إن في أشهر الحج وأمن على نفسه (وحل لاهل داخلها) يعني لك لمن وجد في داخل المواقيت (دخول مكة غير محرم) ما لم يرد نسكا للحرج كما لو جاوزها حطابو مكة فهذا (ميقاته الحل) الذي بين المواقيت والحرم (و) الميقات (لمن بمكة) يعني من بداخل الحرم (للحج الحرم وللعمر الحل) ليتحقق نوع سفر،(2/526)
والتنعيم أفضل، ونظم حدود الحرم ابن الملقن فقال: وللحرم التحديد من أرض طيبة ثلاثة أميال إذا رمت إتقانه
وسبعة أميال عراقا وطائف وجدة عشر ثم تسع جعرانة(2/527)
(فصل) في الاحرام وصفة المفرد بالحج (ومن شاء الاحرام) وهو شرط صحبة النسك كتكبيرة الافتتاح، فالصلاة والحج لهما تحريم وتحليل، بخلاف الصوم والزكاة، ثم الحج أقوى من وجهين: الاول أنه يقضى مطلقا ولو مظنونا بخلاف الصلاة.
الثاني أنه إذا أتم الاحرام بحج أو عمرة لا يخرج عنه إلا بعمل ما أحرم به وإن أفسده إلا في الفوات فبعمل العمرة وإلا الاحصار فبذبح الهدي (توضأ وغسله أحب وهو للنظافة) لا للطهارة (فيحب) بحاء مهملة (في حق حائض ونفساء) وصبي (والتيمم له عند العجز) عن الماء (ليس بمشروع) لانه ملوث،(2/528)
بخلاف جمعة وعيد.
ذكره الزيلعي وغيره، لكن سوى في الكافي بينهما وبين الاحرام، ورجحه في النهر، وشرط لنيل السنة أن يحرم وهو على طهارته (وكذا يستحب) لمريد الاحرام إزالة ظفره وشاربه وعانته وحلق رأسه إن اعتاده، وإلا فيسرحه و (وجماع زوجته أو جاريته لو معه ولا مانع منه) كحيض (ولبس إزار) من السرة إلى الركبة (ورداء) على ظهره، ويسن أن يدخله تحت يمينه ويلقيه على كتفه الايسر، فإن زرره أو خلله أو عقده أساء، ولا دم عليه (جديدين أو(2/529)
غسيلين طاهرين) أبيضين ككفن الكفاية، وهذا بيان السنة، وإلا فستر العورة كاف (وطيب بدنه) إن كان عنده لا ثوبه بما تبقى عينه هو الاصح (وصلى ندبا) بعد ذلك (شفعا) يعني ركعتين في غير وقت مكروه وتجزيه المكتوبة (وقال المفرد بالحج) بلسانه مطابقا لجنانه (اللهم إني أريد الحج فيسره لي) لمشقته وطول مدته (وتقبله مني) لقول إبراهيم وإسماعيل - ربنا تقبل منا - وكذا المعتمر والقارن، بخلاف الصلاة لان مدتها يسيرة، كذا في الهداية، وقيل يقول كذلك في الصلاة، وعممه الزيلعي في كل عبادة، وما في الهداية أولى (ثم لبى دبر صلاته ناويا بها) بالتلبية (الحج)(2/530)
بيان للاكمل، وإلا فيصح الحج بمطلق النية ولو بقلبه، لكن بشرط مقارنتها بذكر يقصد به التعظيم كتسبيح وتهليل ولو بالفارسية(2/531)
وإن أحسن العربية والتلبية على المذهب (وهي: لبيك اللهم لبيك لا شريك له لبيك إن الحمد) بكسر الهمزة وتفتح (والنعمة لك) بالفتح أو مبتدأ وخبر (والملك لا شريك لك، وزد)(2/532)
ندبا (فيها) أي عليها لا في خلالها (ولا تنقص) منها فإنه مكروه: أي تحريما لقولهم إنها مرة شرط والزيادة سنة، ويكون مسيئا بتركها وبترك رفع الصوت بها (وإذا لبى ناويا) نسكا (أو ساق(2/533)
الهدي أو قلد) أي ربط قلادة على عنق (بدنة نفل أو جزاء صيد) قتله في الحرم أو في إحرام سابق: ونحوه كجناية ونذر ومتعة وقران (وتوجه معها) والحال أنه (يريد الحج) وهل العمرة كذلك؟ ينبغي: (نعم أو بعثها ثم توجه ولحقها) قبل الميقات، فلو بعده لزمه الاحرام بالتلبية من الميقات (أو بعثها لمتعة) أو لقران وكان التقليد والتوجه (في أشهره) وإلا لم يصر محرما حتى يلحقها (وتوجه بنية الاحرام وإن لم يلحقها) استحسانا (فقد أحرم) لان الاجابة كما تكون بكل ذكر تعظيمي تكون بكل فعل مختص بالاحرام، ثم صحة الاحرام لا تتوقف على نية نسك، لانه(2/534)
لو أبهم الاحرام حتى طاف شوطا واحدا صرف للعمرة.
ولو أطلق نية الحج صرف للفرض ولو عين نفلا فنفل، وإن لم يكن حج الفرض.
شرنبلالية عن الفتح (ولو أشعر) بجرح سنامها الايسر (أو جللها) بوضع الجل (أو بعثها لا لمتعة) وقران (ولم يلحقها) كما مر (أو قلد شاة لا) يكون محرما لعدم اختصاصه بالنسك (وبعده) أي الاحرام بلا مهلة (يتقي الرفث) أي الجماع أو ذكره بحضرة النساء (والفسوق)(2/535)
أي الخروج عن طاعة الله (والجدال) فإنه من المحرم أشنع (وقتل صيد البر لا) البحر (والاشارة إليه) في الحاضر (والدلالة عليه في الغائب) ومحل تحريمهما إذا لم يعلم المحرم، أما إذا علم فلا في الاصح (والتطيب) وإن لم يقصده وكره شمه (وقلم الظفر وستر الوجه) كله أو بعضه(2/536)
كفمه وذقنه، نعم في الخانية: لا بأس بوضع يده على أنفه (والرأس) بخلاف الميت وبقية البدن، ولو حمل على رأسه ثيابا كان تغطية لا حمل عدل وطبق ما لم يمتد يوما وليلة فتلزمه صدقة، وقالوا: لو دخل تحت ستر الكعبة فأصاب رأسه أو وجهه كره، وإلا فلا بأس به (وغسل(2/537)
رأسه ولحيته بخطمي) لانه طيب أو يقتل الهوام، بخلاف صابون ودلوك وأشنان اتفاقا زاد في الجوهرة وسدر وهو مشكل (وقصها) أي اللحية (وحلق رأسه و) إزالة (شعر بدنه) إلا الشعر النابت في العين فلا شئ فيه عندنا (ولبس قميص وسراويل) أي كل معمول على قدر بدن أو بعضه كزردية وبرنس (وقباء) ولو لم يدخل يديه في كميه جاز عندنا إلا أن يزرره أو يخلله،(2/538)
ويجوز أن يرتدي بقميص وجبة ويلتحف به في نوم أو غيره اتفاقا (وعمامة) وقلنسوة (وخفين إلا أن لا يجد نعلين فيقطعهما أسفل من الكعبين) عند معقد الشراك فيجوز لبس الزرموزة لا الجوربين (وثوب صبغ بما له طيب) كورس وهو الكركم، وعصفر وهو زهر القرطم (إلا بعد(2/539)
زواله) بحيث لا يفوح في الاصح (لا) يتقي (الاستحمام) لحديث البيهقي: أنه عليه الصلاة والسلام دخل الحمام في الجحفة (والاستظلال ببيت ومحمل لم يصب رأسه أو وجهه، فلو أصاب أحدهما كره) كما مر (وشد هميان) بكسر الهاء (في وسطه ومنطقة وسيف وسلاح وتختم) زيلعي.
لعدم التغطية واللبس (واكتحال بغير مطيب) فلو اكتحل بمطيب مرة أو مرتين فعليه
صدقة ولو كثيرا فعليه دم.
سراجية (و) لا يتقي (ختانا وفصدا وحجامة وقلع ضرسه وجبر كسر وحك رأسه وبدنه) لكن برفق إن خاف سقوط شعره أو قمله فإن في الواحدة يتصدق بشئ، وفي الثلاث كف من طعام.
غرر أذكار (وأكثر) المحرم (التلبية) ندبا (متى صلى) ولو نفلا (أو علا شرفا أو هبط واديا أو لقي ركبا) جمع راكب أو جميعا مشاة، وكذا لو لقي بعضهم بعضا (أو أسحر) دخل في السحر إذ التلبية في الاحرام كالتكبير في الصلاة(2/540)
(رافعا) استنانا (صوته بلا جهد) كما يفعله العوام (وإذا دخل مكة بدأ بالمسجد) الحرام بعدما يأمن على أمتعته داخلا من باب السلام نهارا ندبا ملبيا متواضعا خاشعا ملاحظا جلالة البقعة، ويسن الغسل لدخولها وهو للنظافة فيجب لحائض ونفساء (وحين شاهد البيت كبر) ثلاثا ومعناه الله أكبر من الكعبة (وهلل) لئلا يقع نوع شرك (ثم)(2/541)
ابتدأ بالطواف لانه تحية البيت ما لم يخف فوت المكتوبة أو جماعتها أو الوتر أو سنة راتبة فاستقبل (الحجر مكبرا مهللا(2/542)
رافعا يديه) كالصلاة (واستلمه) بكفيه وقبله بلا صوت، وهل يسجد عليه؟ قيل نعم (بلا إيذاء) لانه سنة وترك الايذاء واجب، فإن لم يقدر يضعهما ثم يقبلهما أو إحداهما (وإلا) يمكنه ذلك (يمس) بالحجر (شيئا في يده) ولو عصا (ثم قبله) أي الشئ (وإن عجز عنهما) أي الاستلام(2/543)
والامساس (استقبله) مشيرا إليه بباطن كفيه كأنه واضعهما عليه (وكبر وهلل وحمد الله تعالى وصلى على النبي (ص)) ثم يقبل كفيه، وفي بقية الرفع في الحج يجعل كفيه للسماء إلا عند الجمرتين فللكعبة (وطاف بالبيت طواف القدوم، ويسن) هذا الطواف (للآفاقي) لانه القادم (وأخذ) الطائف (عن يمينه مما يلي الباب) فتصير الكعبة عن يساره لان الطائف كالمؤتم بها
والواحد يقف عن يمين الامام، ولو عكس أعاد ما دام بمكة، فلو رجع فعليه دم، وكذا لو ابتدأ من غير الحجر كما مر، قالوا: ويمر بجميع بدنه على جميع الحجر (جاعلا)(2/544)
قبل شروعه (رداءه تحت إبطه اليمنى ملقيا طرفه على كتفه الايسر) استنانا (وراء الحطيم) وجوبا، لان منه ستة أذرع من البيت، فلو طاف من الفرجة لم يجز كاستقباله احتياطا،(2/545)
وبه قبر إسماعيل وهاجر (سبعة أشواط) فقط (فلو طاف ثامنا مع علمه به) فالصحيح أن (يلزمه إتمام الاسبوع للشروع) أي لانه شرع فيه ملتزما، بخلاف ما لو ظن أنه سابع لشروعه مسقطا لا مستلزما، بخلاف الحج.(2/546)
واعلم أن مكان الطواف داخل المسجد ولو وراء زمزم لا خارجه لصيرورته طائفا بالمسجد لا بالبيت، ولو خرج منه أو من السعي إلى جنازة أو مكتوبة أو تجديد وضوء ثم عاد بنى وجاز فيهما أكل وبيع وإفتاء وقراءة لكن الذكر أفضل منها.
وفي منسك النووي: الذكر المأثور أفضل، وأما غير المأثور فالقراءة أفضل، فليراجع (ورمل) أي مشى بسرعة مع تقارب(2/547)
الخطا وهز كتفيه (في الثلاث الاول) استنانا (فقط) فلو تركه أو نسيه ولو في الثلاثة لم يرمل في الباقي، ولو زحمه الناس وقف حتى يجد فرجة فيرمل، بخلاف الاستلام لان له بدلا (من الحجر إلى الحجر) في كل شوط (وكلما مر بالحجر فعل ما ذكر) من الاستلام (واستلم الركن) اليماني (وهو مندوب) لكن بلا تقبيل.
وقال محمد: هو سنة ويقبله،(2/548)
والدلائل تؤيده، ويكره استلام غيرهما (وختم الطواف باستلام الحجر استنانا ثم صلى شفعا) في وقت مباح (يجب) بالجيم على الصحيح (بعد كل أسبوع عند المقام) حجارة ظهر أثر(2/549)
قدمي الخليل (أو غيره من المسجد) وهل يتعين المسجد؟ قولان (ثم) التزم الملتزم وشرب من ماء زمزم و (عاد) إن أراد السعي (واستلم الحجر وكبر وهلل وخرج) من باب الصفا ندبا (فصعد الصفا) بحيث يرى الكعبة من الباب(2/550)
(واستقبل البيت وكبر وهلل وصلى على النبي (ص)) بصوت مرتفع.
خانية (ورفع يديه) نحو السماء (ودعا) لختمه العبادة (بما شاء) لان محمدا لم يعين شيئا لانه يذهب برقة القلب، وإن تبرك بالمأثور فحسن (ثم مشى نحو المروة ساعيا بين الميلين الاخضرين) المتخذين في جدار(2/551)
المسجد (وصعد عليها وفعل ما فعله على الصفا يفعل هكذا سبعا، يبدأ بالصفا ويختم) الشوط السابع (بالمروة) فلو بدأ بالمروة لم يعتد بالاول هو الاصح، وندب ختمه بركعتين في المسجد كختم الطواف (ثم سكن بمكة محرما) بالحج، ولا يجوز فسخ الحج بالعمرة عندنا (وطاف بالبيت نفلا ماشيا) بلا رمل وسعي،(2/552)
وهو أفضل من الصلاة نافلة للآفاقي وقلبه للمكي.
وفي البحر: ينبغي تقييده بزمن الموسم وإلا فالطواف أفضل من الصلاة مطلقا (وخطب الامام) أولى خطب الحج الثلاث (سابع ذي الحجة بعد الزوال و) بعد (صلاة الظهر) وكره قبله (وعلم فيها المناسك فإذا صلى بمكة الفجر)(2/553)
يوم التروية (ثامن الشهر خرج إلى منى) قرية من الحرم على فرسخ من مكة (ومكث بها إلى فجر عرفة ثم) بعد طلوع الشمس (راح إلى عرفات) على طريق ضب (و) عرفات (كلها موقف إلا بطن عرنة) بفتح الراء وضمها: واد من الحرم غربي مسجد عرفة (فبعد الزوال قبل) صلاة(2/554)
(الظهر خطب الامام) في المسجد (خطبتين كالجمعة وعلم فيها المناسك و) بعد الخطبة (صلى بهم الظهر والعصر بأذان وإقامتين) وقراءة سرية، ولم يصل بينهما شيئا على المذهب ولا بعد العصر في وقت الظهر.
(وشرط) لصحة هذا الجمع(2/555)
الامام الاعظم أو نائبه وإلا صلوا وحدانا (والاحرام) بالحج (فيهما) أي الصلاتين (فلا تجوز العصر للمنفرد في إحداهما) فلو صلى وحده لم يصل العصر مع الامام (ولا) تجوز العصر (لمن صلى الظهر بجماعة) قبل إحرام الحج (ثم أحرم إلا في وقته) وقالا: لا يشترط لصحة العصر إلا الاحرام، وبه قالت الثلاثة،(2/556)
وهو الاظهر.
شرنبلالية عن البرهان (ثم ذهب إلى الموقف بغسل سن ووقف الامام على ناقته بقرب جبل الرحمة) عند الصخرات الكبار (مستقبلا) القبلة (والقيام والنية فيه) أي الوقوف (ليست بشرط ولا واجب، فلو كان جالسا جاز حجة و) ذلك لان (الشرط الكينونة فيه) فصح(2/557)
وقوف مجتاز وهارب وطالب غريم ونائك ومجنون وسكران (ودعا جهرا) بجهد (وعلم المناسك ووقف الناس خلفه بقربه مستقبلين القبلة سامعين لقوله) خاشعين باكين، وهو من مواضع الاجابة، وهي بمكة خمسة عشر نظمها صاحب النهر فقال: دعاء البرايا يستجاب بكعبة وملتزم والموقفين كذا الحجر(2/558)
طواف وسعي مروتين وزمزم مقام وميزاب جمارك تعتبر زاد في اللباب: وعند رؤية الكعبة وعند السدرة والركن اليماني، وفي الحجر، وفي منى
في نصف ليلة البدر (وإذا غربت الشمس أتى) على طريق المأزمين (مزدلفة) وحدها من مأزمي عرفة إلى مأزمي محسر (ويستحب أن يأتيها ماشيا وأن يكبر ويهلل ويحمد ويلبي ساعة فساعة، و) المزدلفة (كلها موقف إلا وادي محسر) هو واد بين منى ومزدلفة، فلو وقف به(2/559)
أو ببطن عرفة لم يجز على المشهور (ونزل عند جبل قزح) بضم ففتح لا ينصرف للعلمية والعدل من قازح بمعنى مرتفع، والاصح أنه المشعر الحرام وعليه ميقدة، قيل كانون آدم (وصلى العشاءين بأذان وإقامة) لان العشاء في وقتها لم تحتج للاعلام كما الاحتياج هنا للامام (ولو صلى المغرب) والعشاء (في الطريق أو) في (عرفات أعاده) للحديث:(2/560)
الصلاة أمامك فتوقتتا بالزمان والمكان والوقت، فالزمان ليلة النحر، والمكان مزدلفة، والوقت وقت العشاء، حتى لو وصل إلى مزدلفة قبل العشاء لم يصل المغرب حتى يدخل وقت العشاء فتصلح لغزا من وجوه (ما لم يطلع الفجر فيعود إلى الجواز) وهذا إذا لم يخف طلوع الفجر في الطريق، فإن خافه صلاهما (ولو صلى العشاء قبل المغرب بمزدلفة صلى المغرب ثم أعاد العشاء، فإن لم يعدها حتى ظهر الفجر عاد العشاء إلى الجواز)(2/561)
وينوي المغرب أداء ويترك سنتها ويحييها، فإنها أشرف من ليلة القدر كما أفتى به صاحب النهر وغيره، وجزم شارح البخاري سيما القسطلاني بأن عشر ذي الحجة أفضل من العشر الاخير من(2/562)
رمضان (وصلى الفجر بغلس) لاجل الوقوف (ثم وقف) بمزدلفة، ووقته من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، مارا كما في عرفة، لكن لو تركه بعذر كزحمة بمزدلفة لا شئ عليه (وكبر(2/563)
وهلل ولبى وصلى) على المصطفى (ودعا، وإذا أسفر) جدا (أتى منى) مهللا مصليا، فإذا بلغ
بطن محسر أسرع قدر رمية حجر لانه موقف النصارى (ورمى جمرة العقبة من بطن الوادي) ويكره تنزيها من فوق (سبعا حذفا) بمعمتين: أي برؤوس الاصابع ويكون بينهما(2/564)
خمسة أذرع، ولو وقعت على ظهر رجل أو جمل إن وقعت بنفسها بقرب الجمرة جاز، وإلا لا، وثلاثة أذرع بعيد وما دونه قريب.
جوهرة (وكبر بكل حصاة) أي مع كل (منها وقطع التلبية بأولها، فلو رمى بأكثر منها) أي السبع (جاز، لا لو رمى بالاقل) فالتقييد بالسبع لمنع النقص لا لزيادة (وجاز الرمي بكل ما كان من جنس الارض كالحجر(2/565)
والمدر) والطين والمغرة (و) كل ما (يجوز التيمم به ولو كفا من تراب) فيقوم مقام حصاة واحدة (لا) يجوز (بخشب وعنبر ولؤلؤ) كبار (وجواهر) لانه إعزاز لا إهانة، وقيل يجوز (وذهب وفضة) لانه يسمى نثارا لا رميا (وبعر) لانه ليس من جنس الارض، وما في فروق الاشباه من جوازه بالبعر خلاف المذهب (ويكره) أخذها (من عند الجمرة) لانها مردود(2/566)
لحديث) من قبلت حجته رفعت جمرته (و) يكره (أن يلتقط حجرا واحدا فيكسره سبعين حجرا صغيرا) وأن يرمي بمتنجسة بيقين، ووقته من الفجر إلى الفجر، ويسن من طلوع ذكاء لزوالها، ويباح لغروبها، ويكره للفجر (ثم) بعد الرمي (ذبح إن شاء) لانه مفرد (ثم قصر) بأن يأخذ من(2/567)
كل شعرة قدر الانملة وجوبا، وتقصير الكل مندوب، والربع واجب، ويجب إجراء الموسى على الاقرع وذي قروح إن أمكن وإلا سقط، ومتى تعذر أحدهما لعارض تعين الآخر، فلو لبده بمصمغ بحيث تعذر التقصير تعين الحلق.
بحر (وحلقه) لكل (أفضل) ولو أزاله بنحو نورة جاز(2/568)
(وحل له كل شئ إلا النساء) قيل والطيب والصيد (ثم طاف للزيارة يوما من أيام النحر) الثلاثة(2/569)
بيان لوقته الواجب (سبعة) بيان للاكمل وإلا فالركن أربعة (بلا رمل و) لا (سعي إن كان سعى قبل) هذا الطواف (وإلا فعلهما) لان تكرارهما لم يشرع (و) طواف الزيارة (أول وقته بعد طلوع الفجر يوم النحر وهو فيه) أي الطواف في يوم النحر الاول (أفضل، ويمتد) وقته إلى آخر العمر (وحل له النساء) بالحلق السابق، حتى لو طاف قبل الحلق لم يحل له شئ، فلو قلم ظفره مثلا كان جناية لانه لا يخرج من الاحرام إلا بالحلق (فإن أخره عنها) أي أيام النحر(2/570)
ولياليها منها (كره) تحريما (ووجب دم) لترك الواجب وهذا عند الامكان، فلو طهرت الحائض إن قدر أربعة أشواط ولم تفعل لزوم دم، وإلا لا (ثم أتى منى)(2/571)
فيبيت بها للرمي (وبعد الزوال ثاني النحر رمي الجمار الثلاث يبدأ) استنانا(2/572)
(بما يلي مسجد الخيف ثم بما يليه) الوسطى (ثم بالعقبة سبعا سبعا ووقف) حامدا مهللا مكبرا مصليا قدر قراءة البقرة (بعد تمام كل رمي بعده رمي فقط) فلا يقف بعد الثالثة و (لا بعد رمي يوم النحر) لانه ليس بعده رمي (ودعا) لنفسه وغيره رافعا كفيه نحو السماء أو القبلة (ثم) رمى (غدا كذلك، ثم بعده كذلك إن مكث وهو أحب، وإن قدم الرمي فيه) أي في اليوم الرابع (على الزوال جاز) فإن وقت الرمي فيه من الفجر للغروب وأما في الثاني والثالث فمن الزوال(2/573)
لطلوع ذكاء (وله النفر) من منى (قبل طلوع فجر الرابع لا بعده) لدخول وقت الرمي (وجاز الرمي) كله (راكبا، و) لكنه (في الاولين) أي الاولى والوسطى (ماشيا أفضل) لانه يقف (إلا في الاخيرة) أي العقبة لانه ينصرف والراكب أقدر عليه، وأطلق أفضلية المشي في الظهيرية،(2/574)
ورجحه الكمال وغيره (ولو قدم ثقله) بفتحتين متاعه وخدمه (إلى مكة وأقام بمنى) أو ذهب لعرفة (كره) إن لم يأمن لا إن أمن، وكذا يكره للمصلي جعل نحو نعله خلفه لشغل قلبه.
(وإذا نفر) الحاج (إلى مكة نزل) استنانا ولو ساعة (بالمحصب) بضم ففتحتين: الابطح، وليست المقبرة منه (ثم) إذا أراد السفر (طاف للصدر)(2/575)
أي الوداع (سبعة أشواط بلا رمل وسعي، وهو واجب إلا على أهل مكة) ومن في حكمهم، فلا يجب بل يندب كمن مكث بعده، ثم النية للطواف شرط، فلو طاف هاربا أو طالبا لم يجز لكن يكفي أصلها، فلو طاف بعد إرادة السفر ونوى التطوع أجزأه عن الصدر، كما لو طاف بنية التطوع في أيام النحر وقع عن الفرض (ثم) بعد ركعتيه(2/576)
(شرب من ماء زمزم قبل العتبة) تعظيما للكعبة (ووضع صدره ووجهه على الملتزم وتشبث بالاستار ساعة) كالمستشفع بها، ولو لم ينلها يضع يديه على رأسه مبسوطتين على الجدار قائمتين والتصق بالجدار (ودعا مجتهدا ويبكي) أو يتباكى (ويرجع قهقرى) أي إلى خلف (حتى يخرج من المسجد) وبصره ملاحظ للبيت(2/577)
(وسقط طواف القدوم عمن وقف بعرفة ساعة قبل دخول مكة، ولا شئ عليه بتركه) لانه سنة وأساء (ومن وقف بعرفة ساعة) عرفية وهو اليسير من الزمان، وهو المحمل عند إطلاق الفقهاء (من زوال يومها) أي عرفة (إلى طلوع فجر يوم النحر، أو اجتاز) مسرعا أو (نائما أو مغمى(2/578)
عليه، و) كذا لو (أهل عنه رفيقه) وكذا غير رفيقه.
فتح (به) أي الحج مع إحرامه عن نفسه، فإذا انتبه أو أفاق وأتى بأفعال الحج جاز، ولو بقي الاغماء، إن الاغماء بعد إحرامه طيف به المناسك، وإن أحرموا عنه اكتفى بمباشرتهم، ولم أر ما لو جن فأحرموا عنه وطافوا به(2/579)
المناسك، وكلام الفتح يفيد الجواز (أو جهل أنها عرفة صح حجه) لان الشرط الكينونة لا النية.
(ومن لم يقف فيها فات حجه) لحديث: الحج عرفة (فطاف وسعى وتحلل) أي بأفعال العمرة (وقضى) ولو حجه نذرا أو تطوعا (من قابل) ولا دم عليه (والمرأة) فيما مر (كالرجل) لعموم الخطاب ما لم يقم دليل الخصوص (لكنها تكشف وجهها لا رأسها، ولو سدلت شيئا(2/580)
عليه وجافته عنه جاز) بل يندب (ولا تلبي جهرا) بل تسمع نفسها دفعا للفتنة، وما قيل: إن صوتها عورة ضعيف (ولا ترمل) ولا تضطبع (ولا تسعى بين الميلين ولا تحلق بل تقصر) من ربع شعرها كما مر (وتلبس المخيط) والخفين والحلي (ولا تقرب الحجر في الزحام) لمنعها من مماسة الرجال (والخنثى المشكل كالمرأة فيما ذكر) احتياطا (وحيضها لا يمنع) نسكا (إلا الطواف) ولا شئ عليها بتأخيره إذا لم تطهر إلا بعد أيام النحر،(2/581)
فلو طهرت فيها بقدر أكثر الطواف لزمها الدم بتأخيره لباب (وهو بعد حصول ركنيه يسقط طواف الصدر) ومثله النفاس (والبدن) جمع بدنة (من إبل وبقر والهدي منهما ومن الغنم) كما سيجئ.
باب القران هو أفضل(2/582)
لحديث أتاني الليلة آت من ربي وأنا بالعقيق فقال: يا آل محمد أهلوا بحجة وعمرة معا ولانه أشق والصواب أنه عليه الصلاة والسلام أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لبيان الجواز فصار قارنا (ثم التمتع ثم الافراد والقران) لغة الجمع بين شيئين وشرعا (أن يهل) أي يرفع صوته بالتلبية (بحجة وعمرة معا) حقيقة أو حكما بأن يحرم بالعمرة أولا، ثم بالحج(2/583)
قبل أن يطوف لها أربعة أشواط، أو عكسه بأن يدخل إحرام العمرة على الحج قبل أن يطوف للقدوم وإن أساء، أو بعده وإن لزمه دم (من الميقات) إذ القارن لا يكون إلا آفاقيا (أو قبله في(2/584)
أشهر الحج أو قبلها ويقول) إما بالنصب والمراد به النية، أو مستأنف والمراد به بيان السنة، إذ النية بقلبه تكفي كالصلاة.
مجتبى (بعد الصلاة: اللهم إني أريد الحج والعمرة فيسرهما لي وتقبلهما مني) ويستحب تقدم العمرة في الذكر لتقدمها في الفعل (وطاف للعمرة) أولا وجوبا، حتى لو نواه للحج لا يقع إلا لها (سبعة أشواط، يرمل في الثلاثة الاول ويسعى بلا حلق) فلو حلق لا يحل من عمرته، ولزمه دمان (ثم يحج كما مر) فيطوف للقدوم ويسعى بعده إن شاء(2/585)
(فإن أتى بطوافين) متواليين (ثم سعيين لهما جاز وأساء) ولا دم عليه (وذبح للقران) وهو دم شكر فيأكل منه (بعد رمي يوم النحر) لوجوب الترتيب (وإن عجز صام ثلاثة أيام) ولو متفرقة (آخرها يوم عرفة) ندبا رجاء(2/586)
القدرة على الاصل، فبعده لا يجزيه، فقول المنح كالبحر بيان للافضل فيه كلام (وسبعة بعد) تمام أيام (حجه) فرضا أو واجبا، وهو بمعنى أيام التشريق (أين شاء) لكن أيام التشريق لا تجزيه لقوله تعالى: * (وسبعة إذا رجعتم) * أي فرغتم من أفعال الحج، فعم من وطنه منى أو(2/587)
اتخذها موطنا (فإن فاتت الثلاثة تعين الدم) فلو لم يقدر تحلل وعليه دمان، ولو قدر عليه في أيام النحر قبل الحلق بطل صومه (فإن وقف) القارن بعرفة (قبل) أكثر طواف (العمرة بطلت) عمرته، فلو أتى بأربعة أشواط ولو بقصد القدوم أو التطوع(2/588)
لم تبطل، ويتمها يوم النحر.
والاصل أن المأتي به من جنس ما هو متلبس به في وقت يصلح له ينصرف للمتلبس به (وقضيت) بشروعه فيها (ووجب دم الرفض) للعمرة، وسقط دم القران لانه لم يوفق للنسكين.
باب التمتع (هو) لغة من المتاع والمتعة.
وشرعا (أن يفعل العمرة أو أكثر أشواطها في أشهر الحج)(2/589)
فلو طاف الاقل في رمضان مثلا ثم طاف الباقي في شوال ثم حج من عامه كان متمتعا.
فتح.
قال المصنف: فلتغير النسخ إلى هذا التعريف(2/590)
(ويطوف ويسعى) كما مر (ويحلق أو يقصر) إن شاء (ويقطع التلبية في أول طوافه) للعمرة وأقام بمكة حلالا (ثم يحرم للحج) في سفر واحد حقيقة أو حكما بأن يلم بأهله إلماما غير صحيح(2/591)
(يوم التروية وقبله أفضل، ويحج كالمفرد) لكنه يرمل في طواف الزيارة ويسعى بعده إن لم يكن قدمهما بعد الاحرام (وذبح) كالقارن (ولم تنب الاضحية عنه، فإن عجز) عن دم (صام كالقران، وجاز صوم الثلاثة بعد إحرامها) أي العمرة، لكن في أشهر الحج (لا قبله) أي الاحرام (وتأخيره أفضل) رجاء وجود الهدي كما مر(2/592)
وإن أراد المتمتع (السوق) للهدي (وهو أفضل) أحرم ثم (ساق هديه) معه (وهو أولى من قوده إلا إذا كانت لا تنساق) فيقودها (وقلد بدنته، وهو أولى من التجليل.
وكره الاشعار، وهو شق سنامها من الايسر) أو الايمن لان كل أحد لا يحسنه، فأما من أحسنه بأن قطع الجلد فقط فلا بأس به (واعتمر، ولا يتحلل منها) حتى ينحر (ثم أحرم للحج كما مر) فيمن لم يسق (وحلق يوم النحر، و) إذا حلق (حل من إحراميه) على الظاهر (والمكي ومن في حكمه يفرد فقط) ولو(2/594)
قرن أو تمتع جاز وأساء، وعليه دم جبر، ولا يجزئه الصوم لو معسرا.
(ومن اعتمر بلا سوق) هدي (ثم) بعد عمرته (عاد إلى بلده) وحلق (فقد ألم) إلماما صحيحا فبطل(2/595)
تمتعه (ومع سوقه تمتع) كالقارن (وإن طاف لها أقل من أربعة قبل أشهر الحج وأتمها فيها وحج فقد تمتع، ولو طاف أربعة قبلها لا) اعتبارا للاكثر (كوفي) أي آفاقي (حل من عمرته فيها) أي الاشهر (وسكن بمكة) أي داخل المواقيت (أو بصرة) أي غير بلده (وحج) من عامه (متمتع) لبقاء سفره.
(ولو أفسدها ورجع من البصرة) إلى مكة (وقضاها وحج لا) يكون متمتعا(2/596)
لانه كالمكي (إلا إذا ألم بأهله ثم) رجع و (أتى بهما) لانه سفر آخر، ولا يضر كون العمرة قضاء عما أفسده (وأي) النسكين (أفسده) المتمتع (أتمه بلا دم) للتمتع بل للفساد.
باب الجنايات الجناية: هنا ما تكون حرمته بسبب الاحرام أو الحرم، وقد يجب بها دماء أو دم أو صوم(2/597)
أو صدقة، ففصلها بقوله (الواجب دم على محرم بالغ) فلا شئ على الصبي خلافا للشافعي (ولو ناسيا) أو جاهلا أو مكرها،(2/598)
فيجب على نائم غطى رأسه (إن طيب عضوا) كاملا ولو فمه(2/599)
بأكل طيب كثير أو ما يبلغ عضوا لو جمع والبدن كله كعضو واحد إن اتحد المجلس، وإلا فلكل
طيب كفارة، ولو ذبح ولم يزله لزمه دم آخر لتركه، وأما الثوب المطيب أكثره فيشترط للزوم الدم دوام لبسه يوما (أو خضب رأسه(2/600)
بحناء) رقيق، أما المتلبد ففيه دمان (أو ادهن بزيت أو خل) بفتح المهملة الشيرج (ولو) كانا (خالصين) لانهما أصل الطيب، بخلاف بقية الادهان (فلو أكله) أو استعطه (أو داوى به) جراحة أو (شقوق رجليه أو أقطر في أذنيه لا يجب دم ولا صدقة) اتفاقا (بخلاف المسك والعنبر والغالية والكافور ونحوها) مما هو طيب بنفسه (فإنه يلزمه الجزاء بالاستعمال) ولو (على وجه التداوي) ولو جعله في طعام قد طبخ فلا شئ فيه، وإن لم يطبخ وكان مغلوبا(2/601)
كره أكله كشم طيب وتفاح (أو لبس مخيطا) لبسا معتادا، ولو اتزره أو وضعه على كتفيه لا شئ عليه (أو ستر رأسه) بمعتاد إما بحمل إجانة أو عدل فلا شئ عليه (يوما كاملا) أو ليلة كاملة، وفي الاقل صدقة (والزائد) على اليوم (كاليوم)(2/602)
وإن نزعه ليلا وأعاده نهارا ولو جميع ما يلبس (ما لم يعزم على الترك) للبسه (عند النزع، فإن عزم عليه) أي الترك (ثم لبس تعدد الجزاء كفر للاول أولا، وكذا) يتعدد دما للبسه (ثم دام على الجزاء لو لبس يوما فارق لبسه يوما آخر فعليه الجزاء) أيضا لانه محظور فكان لدوامه حكم الابتداء، ودوام اللبس بعد ما أحرم وهو لا بسه كإنشائه بعده ولو مكرها أو نائما، ولو تعدد سبب اللبس تعدد الجزاء، ولو اضطر إلى قميص فلبس قميصين أو إلى قلنسوة فلبسها مع عمامته لزمه دم وأثم،(2/603)
ولو تيقن زوال الضرورة فاستمر كفر أخرى، وتغطية ربع الرأس أو الوجه كالكل ولا بأس بتغطية أذنيه وقفاه ووضع يديه على أنفه بلا ثوب (أو حلق) أي أزال (ربع رأسه) أو ربع لحيته
(أو) حلق (محاجمه) يعني واحتجم، وإلا فصدقة كما في البحر عن االفتح (أو) حلق (إحدى إبطيه أو عانته أو رقبته) كلها (أو قص أظفار يديه أو رجليه) أو الكل (في مجلس واحد) فلو تعدد(2/604)
المجلس تعدد الدم إلا إذا اتحد المحل كحلق إبطيه في مجلسين(2/605)
أو رأسه في أربعة (أو يد أو رجل) إذ الربع كالكل (أو طاف للقدوم) لوجوبه بالشروع (أو للصدر جنبا) أو حائضا (أو للفرض محدثا ولو جنبا فبدنة إن) لم يعده.
والاصح وجوبها في(2/606)
الجنابة وندبها في الحدث، وأن المعتبر الاول والثاني جابر له، فلا تجب إعادة السعي.
جوهرة.
وفي الفتح: لو طاف للعمرة جنبا أو محدثا فعليه دم، وكذا لو ترك من طوافها شوطا لانه لا مدخل للصدقة في العمرة (أو أفاض من عرفة) ولو بند بعيره قبل الامام والغروب، ويسقط الدم بالعود ولو بعده في الاصح.(2/607)
غاية (أو ترك أقل سبع الفرض) يعني ولم يطف غيره، حتى لو طاف للصدر انتقل إلى الفرض ما يكمله، ثم إن بقي أقل الصدر فصدقة وإلا فدم (وبترك أكثره بقي محرما) أبدا في حق النساء (حتى يطوف) فكلما جامع لزمه دم إذا تعدد المجلس، إلا أن يقصد الرفض.
فتح (أو) ترك(2/608)
(طواف الصدر أو أربعة منه) ولا يتحقق الترك إلا بالخروج من مكة (أو) ترك (السعي) أو أكثره أو ركب فيه بلا عذر (أو الوقوف بجمع) يعني مزدلفة أو الرمي كله، أو في يوم واحد، أو الرمي الاول، وأكثره: أي أكثر رمي يوم (أو حلق في حل بحج) في أيام النحر، فلو بعدها(2/609)
فدمان (أو عمرة) لاختصاص الحلق بالحرم (لا) دم (في معتمر) خرج (ثم رجع من حل) إلى الحرم (ثم قصر) وكذا الحاج إن رجع في أيام النحر، وإلا فدم للتأخير (أو قبل) عطف على حلق (أو لمس بشهوة أنزل أو لا) في الاصح، أو استمنى بكفه، أو جامع بهيمة وأنزل (أو(2/610)
أخر) الحاج (الحلق أو طواف الفرض عن أيام النحر) لتوقتهما بها (أو قدم نسكا على آخر) فيجب في يوم النحر أربعة أشياء: الرمي، ثم الذبح لغير المفرد، ثم الحلق، ثم الطواف، لكن لا شئ على من طاف قبل الرمي والحلق، نعم يكره.
لباب وقد تقدم، كما لا شئ على المفرد إلا إذا حلق قبل الرمي، لان ذبحه لا يجب.
(ويجب دمان على قارن حلق قبل ذبحه) دم للتأخير، ودم للقران على المذهب كما حرره المصنف.
قال: وبه اندفع ما توهمه بعضهم من جعل الدمين للجناية (وإن طيب) جوابه قوله(2/611)
الآتي تصدق (أقل من عضو وستر رأسه أو لبس أقل من يوم) في الخزانة في الساعة نصف صاع، وفيما دونها قبضة، وظاهره أن الساعة فلكية (أو حلق) شاربه أو (أقل من ربع رأسه) أو لحيته أو بعض رقبته (أو قص أقل من خمسة أظافيره أو خمسة) إلى ستة عشر (متفرقة) من كل عضو أربعة، وقد استقر أن لكل ظفر نصف صاع، إلا أن يبلغ دما فينقص ما شاء (أو طاف للقدوم أو للصدر محدثا وترك ثلاث من سبع الصدر) ويجب لكل شوط منه ومن السعي نصف صاع (أو إحدى الجمار الثلاث) ويجب لكل حصاة صدقة، إلا أن يبلغ دما فكما مر وأفاد الحدادي أنه ينقص نصف صاع(2/612)
(أو حلق رأس) محرم أو حلال (غيره) أو رقبته أو قلم ظفره بخلاف ما لو طيب عضو غيره أو ألبسه مخيطا فإنه لا شئ عليه إجماعا.
ظهيرية (تصدق بنصف صاع من بر) كالفطرة (وإن طيب أو حلق) أو لبس (بعذر) خير(2/613)
إن شاء (ذبح) في الحرم (أو تصدق بثلاثة أصوع طعام على ستة مساكين) أين شاء (أو صام ثلاثة أيام) ولو متفرقة (ووطؤه في إحدى السبيلين) من آدمي (ولو ناسيا) أو مكرها أو نائمة أو صبيا أو مجنونا.
ذكره الحدادي: لكن لا دم ولا قضاء عليه (قبل وقوف فرض(2/614)
يفسد حجه) وكذا لو استدخلت ذكر حمار أو ذكرا مقطوعا فسد حجها إجماعا (ويمضي) وجوبا في فاسده كجائزة (ويذبح ويقضي) ولو نفلا، ولو أفسد القضاء: هل يجب قضاؤه؟ لم أره، والذي يظهر أن المراد بالقضاء الاعادة(2/615)
(ولم يتفرقا) وجوبا بل ندبا إن خامر الوقاع (و) وطؤه (بعد وقوفه لم يفسد حجه وتجب بدنة، وبعد الحلق) قبل الطواف (شاة) لخفة الجناية(2/616)
(و) وطؤه (في عمرته قبل طوافه أربعة مفسد لها فمضى وذبح وقضى) وجوبا (و) وطؤه (بعد أربعة ذبح ولم يفسد) خلافا للشافعي (فإن قتل محرم صيدا) أي حيوانا بريا متوحشا باصل خلقته (أو دل عليه قاتله)(2/617)
مصدقا له غير عالم واتصل القتل بالدلالة أو الاشارة والدال والمشير باق على إحرامه وأخذه قبل أن ينفلت عن مكانه (بدءا أو عودا سهوا أو عمدا) مباحا أو مملوكا ((2/618)
فعليه جزاؤه ولو سبعا غير صائل) أو مستأنسا (أو حماما) ولو (مسرولا) بفتح الواو: ما في رجليه ريش كالسراويل (أو هو مضطر إلى أكله) كما يلزمه القصاص لو قتل إنسانا وأكل لحمه، ويقدم الميتة على الصيد، والصيد على مال الغير ولحم الانسان، قيل والخنزير ولو
الميت نبيا لم يحل بحال، كما لا يأكل طعام مضطر آخر.
وفي البزازية: الصيد المذبوح أولى اتفاقا أشباه ويغرم أيضا ما أكله لو بعد الجزاء (و) الجزاء(2/619)
(هو ما قومه عدلان) وقيل الواحد ولو القاتل يكفي (في مقتله أو في أقرب مكان منه) إن لم يكن في مقتله قيمة، فأو للتوزيع لا للتخيير (و) الجزاء في (سبع) أي حيوان لا يؤكل ولو خنزيرا أو فيلا (لا يزاد على) قيمة (شاة وإن كان) السبع (أكبر منها) لان الفساد في غير المأكول ليس إلا بإراقة الدم، فلا يجب فيه إلا دم، وكذا لو قتل معلما ضمنه، لحق الله غير معلم ولمالكه معلما(2/620)
(ثم له) أي للقاتل (أن يشتري به هديا ويذبحه بمكة أو طعاما ويتصدق) أين شاء (على كل مسكين) ولو ذميا (نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير) كالفطرة (لا) يجزئه (أقل) أو أكثر (منه) بل يكون تطوعا (أو صام عن طعام كل مسكين يوما وإن فضل عن طعام مسكين) أو كان الواجب ابتداء أقل منه (تصدق به أو صام يوما) بدله (ولا يجوز أن يفرق نصف صاع على مساكين) قال المصنف تبعا للبحر: هكذا ذكروه هنا، وقدم في الفطرة الجواز فينبغي كذلك هنا، وتكفي الاباحة هنا(2/621)
كدفع القيمة (ولا) أن (يدفع) كل الطعام (إلى مسكين واحد هنا) بخلاف الفطرة لان العدد منصوص عليه (كما لا يجوز دفعه) أي الجزاء (إلى) من لا تقبل شهادته له ك (- أصله وإن علا، وفرعه وإن سفل، وزوجته وزوجها، و) هذا (هو الحكم في كل صدقة واجبة) كما مر في المصرف (ووجب بجرحه ونتف شعره وقطع عضوه ما نقص) إن لم يقصد الاصلاح، فإن قصده كتخليص حمامة من سنور أو شبكة فلا شئ عليه، وإن ماتت (و) وجب (بنتف ريشه(2/622)
وقطع قوائمه) حتى خرج عن حيز الامتناع (وكسر بيضه) غير المذر (وخروج فرخ ميت به) أي بالكسر (وذبح حلال صيد الحرم وحلبه) لبنه (وقطع حشيشه وشجره) حال كونه (غير مملوك) يعني النابت بنفسه سواء كان مملوكا أو لا، حتى قالوا: لو نبت في ملكه أم غيلان(2/623)
فقطعها إنسان فعليه قيمة لمالكها وأخرى لحق الشرع، بناء على قولهما المفتى به من تملك أرض الحرم (ولا منبت) أي ليس من جنس ما ينبته الناس، فلو من جنسه فلا شئ عليه كمقلوع وورق لم يضر بالشجر، ولذا حل قطع الشجر المثمر، لان إثماره أقيم مقام الانبات (قيمته) في كل ما ذكر (إلا ما جف) أو انكسر لعدم النماء، أو ذهب بحفر كانون أو ضرب فسطاط لعدم إمكان الاحتراز عنه لانه تبع (والعبرة للاصل لا لغصنه وبعضه) أي الاصل (كهو) ترجيحا للحرمة (والعبرة لمكان الطائر، فإن كان) على غصن(2/624)
بحيث (لو وقع) الصيد (وقع في الحرم فهو صيد الحرم وإلا لا، ولو كان قوائم الصيد) القائم (في الحرم ورأسه في الحل فالعبرة لقوائمه) وبعضها ككلها (لا لرأسه) وهذا في القائم، ولو كان نائما فالعبرة لرأسه لسقوط اعتبار قوائمه حينئذ، فاجتمع المبيح والمحرم، والعبرة لحالة الرمي إلا إذا رماه من الحل ومر السهم في الحرم يجب الجزاء استحسانا.
بدائع (ولو شوى(2/625)
بيضا أو جرادا) أو حلب لبن صيد (فضمنه لم يحرم أكله) وجاز بيعه ويكره، ويجعل ثمنه في الفداء إن شاء لعدم الذكاة، بخلاف ذبح الحرم أو صيد فإنه ميتة (ولا يرعى حشيشه) بداية (ولا يقطع) بمنجل (إلا الاذخر، ولا بأس بأخذ كمأته) لانها كالجاف (وبقتل قملة) من بدنه أو إلقائها أو إلقاء ثوبه في الشمس لتموت (تصدق بما شاء كجرادة، ويجب الجزاء فيها)(2/626)
أي القملة (بالدلالة كما في الصيد، و) يجب (في الكثير منه نصف صاع، و) الكثير (هو الزائد
على ثلاثة) والجراد كالقمل.
بحر (ولا شئ بقتل غراب) إلا العقعق على الظاهر.
ظهيريه.
وتعميم البحر رده في النهر (وحدأة) بكسر ففتحتين وجوز البرجندي فتح الحاء (وذئب وعقرب وحية وفأرة) بالهمزة وجوز البرجندي التسهيل (وكلب عقور) أو وحشي، أما غيره فليس بصيد أصلا (وبعوض ونمل) لكن لا يحل قتل ما لا يؤذي، ولذا قالوا: لم يحل قتل الكلب الاهلي إذا لم يؤذ، والامر بقتل الكلاب منسوخ كما في الفتح: أي إذا لم تضر (وبرغوث وقراد وسلحفاة) بضم ففتح فسكون (وفراش) وذباب ووزغ وزنبور وقنفذ وصرصر وصياح ليل وابن(2/627)
عرس وأم حبين وأم أربعة وأربعين، وكذا جميع هوام الارض لانها ليست بصيود ولا متولدة من البدن (وسبع) أي حيوان (صائل) لا يمكن دفعه إلا بالقتل، فلو أمكن بغيره فقتله لزمه الجزاء كما تلزمه قيمته لو مملوكا.
(وله ذبح شاة ولو أبوها ظبيا) لان الام هي الاصل (وبقر وبعير ودجاج وبط أهلي، وأكل ما صاده حلال) ولو لمحرم (وذبحه) في الحل (بلا دلالة محرم و) لا (أمره به) ولا إعانته عليه،(2/628)
فلو وجد أحدهما حل للحلال لا للمحرم على المختار (وتجب قيمته بذبح حلال صيد الحرم وتصدق بها.
ولا يجزئه الصوم) لانها غرامة لا كفارة حتى لو كان الذابح محرما أجزأه الصوم، وقيد بالذبح لانه لا شئ في دلالته إلا الاثم (ومن دخل الحرم) ولو حلالا (أو أحرم) ولو في الحل (وفي يديه حقيقة) يعني الجارحة(2/629)
(صيد وجب إرساله) أي إطارته أو إرساله للحل وديعة.
قهستاني (على وجه غير مضيع له) لان تسييب الدابة حرام.
وفي كراهة جامع الفتاوى: شرى عصافير من الصياد وأعتقها جاز إن قال: من أخذها(2/630)
فهي له ولا تخرج عن ملكه بإعتاقه، وقيل لا لانه تضييع للمال اه.
قلت: وحينئذ فتقييد الاطارة بالاباحة، فتأمل اه.
وفي كراهة مختارات النوازل: سيب دابته فأخذها آخر وأصلحها فلا سبيل للمالك عليها إن قال في تسييبها: هي لمن أخذها، وإن قال: لا حاجة لي بها فله أخذها، والقول له(2/631)
بيمينه اه (لا) يجب (إن كان) الصيد (في بيته) لجريان العادة الفاشية بذلك، وهي من إحدى الحجج (أو قفصه) ولو القفص في يده بدليل أخذ المصحف بغلافه للمحدث (ولا يخرج) الصيد (عن ملكه بهذا الارسال فله إمساكه في الحل و) له (أخذه من إنسان أخذه منه) لانه لم يخرج عن ملكه لانه ملكه وهو حلال، بخلاف ما لو أخذه وهو محرم لما يأتي، لانه لم يرسله عن اختيار (فلو) كان (جارحا) كباز (فقتل حمام الحرم فلا شئ عليه) لفعله ما وجب عليه (فلو باعه رد المبيع إن بقي(2/632)
وإلا فعليه الجزاء) لان حرمة الحرم والاحرام تمنع بيع الصيد.
(ولو أخذ حلال صيدا أحرم ضمن مرسله) من يده الحكمية اتفاقا، ومن الحقيقية عنده خلافا لهما، وقولهما استحسان كما في البرهان.
(ولو أخذه محرم لا) يضمن مرسله اتفاقا، لان المحرم لم يملكه، وحينئذ فلا يأخذ ممن أخذه (والصيد لا يملكه المحرم بسبب اختياري) كشراء وهبة (بل) بسبب (جبري) والسبب الجبري في إحدى عشر مسألة مبسوطة في الاشباه،(2/633)
فلذا قال تبعا للبحر عن المحيط (كالارث) وجعله في الاشباه بالاتفاق، لكن في النهر عن السراج أنه لا يملكه بالميراث، وهو الظاهر (فإن قتله محرم آخر) بالغ مسلم (ضمنا) جزاءين الآخذ بالاخذ والقاتل بالقتل (ورجح أخذه على قاتله) لانه قرر عليه ما كان بمعرض السقوط،
وهذا (إن كفر بمال وإن) كفر (بصوم فلا) على ما اختاره الكمال لانه لم يغرم شيئا (ولو كان القاتل) بهيمة لم يرجع على ربها ولو (صبيا أو نصرانيا فلا جزاء عليه) لله تعالى (و) لكن (رجع الآخذ عليه بالقيمة) لانه يلزم حقوق العباد دون حقوق الله تعالى (وكل ما على المفرد به(2/634)
دم بسبب جنايته على إحرامه) يعني بفعل شئ من محظوراته لا مطلقا، إذ لو ترك واجبا من واجبات الحج أو قطع نبات الحرم لم يتعدد الجزاء لانه ليس جناية على الاحرام (فعلى القارن) ومثله متمتع ساق الهدي (دمان، وكذا الحكم في الصدقة) فتثنى أيضا لجنايته على إحراميه (إلا بمجاوزة الميقات غير محرم) استثناء منقطع (فعليه دم واحد) لانه حينئذ ليس بقارن.(2/635)
(ولو قتل محرمان صيدا تعدد الجزاء) لتعدد الفعل (ولو حلالان) صيد الحرم (لا) لاتحاد المحل (وبطل بيع محرم صيدا) وكذا كل تصرف (وشراؤه) إن اصطاده وهو محرم وإلا فالبيع فاسد (فلو قبض) المشتري (فعطب في يده فعليه وعلى البائع الجزاء) وفي الفاسد يضمن قيمته أيضا كما مر (ولدت ظبية) بعد ما (أخرجت من الحرم(2/636)
وماتا غرمهما، وإن أذى جزاءها) أي الام لم يجزه أ الولد لعدم سراية الامن حينئذ، وهل يجب ردها بعد أداء الجزاء؟ الظاهر نعم (آفاقي) مسلم بالغ (يريد الحج) ولو نفلا (أو العمرة)(2/637)
فلو لم يرد واحدا منهما لا يجب عليه دم بمجاوزة الميقات، وإن وجب حج أو عمرة إن أراد دخول مكة أو الحرم على ما سيأتي في المتن قريبا (وجاوز وقته) ظاهر ما في النهر عن البدائع، اعتبار الارادة عند المجاوزة، (ثم أحرم لزمه دم، كما إذا لم يحرم، فإن عاد) إلى
ميقات ما (ثم أحرم أو) عاد إليه حال كونه (محرما لم يشرع في نسك) صفة محرما كطواف ولو شوطا، وإنما قال (ولبى) لان الشرط عند الامام تجديد التلبية عند الميقات بعد العود إليه(2/638)
خلافا لهما (سقط دمه) والافضل عوده، إلا إذا خاف فوت الحج (وإلا) أي وإن لم يعد أو عاد بعد شروعه (لا) يسقط الدم (كمكي يريد الحج ومتمتع فرغ من عمرته) وصار مكيا (وخرجا من الحرم وأحرما بالحج) من الحل، فإن عليهما دما لمجاوزة ميقات المكي بلا إحرام، وكذا لو أحرما بعمرة من الحرم وبالعود(2/639)
كما مر يسقط الدم.
(دخل كوفي) أي آفاقي (البستان) أي مكانا من الحل داخل الميقات (لحاجة) قصدها ولو عند المجاوزة على ما مر، ونية مدة الاقامة ليست بشرط(2/640)
على المذهب (له دخول مكة غير محرم ووقته البستان، ولا شئ عليه) لانه التحق بأهله كما مر، وهذه حيلة لآفاقي يريد دخول مكة بلا إحرام.(2/641)
(و) يجب (على من دخل مكة بلا إحرام) لكل مرة (حجة أو عمرة) فلو عاد فأحرم بنسك أجزأه عن آخر دخوله، وتمامه في الفتح (وصح منه) أي أجزأه عما لزمه بالدخول (لو أحرم عما عليه) من حجة الاسلام أو نذر أو عمرة منذور لكن (في عامه ذلك) لتداركه المتروك في وقته (لا بعده) لصيرورته دينا بتحويل السنة (جاوز الميقات) بلا إحرام(2/642)
(فأحرم بعمرة ثم أفسدها مضى وقضى ولا دم عليه (لترك الوقت لجبره بالاحرام منه في القضاء) مكي ومن بحكمه (طاف لعمرته ولو شرطا) أي أقل أشواطها (فأحرم بالحج رفضه) وجوبا
بالحلق لنهي المكي عن الجمع بينهما (وعليه دم) لاجل (الرفض وحج وعمرة)(2/643)
لانه كفائت الحج، حتى لو حج في سنته سقطت العمرة، ولو رفضها قضاها فقط (فلو أتمها صح) وأساء (وذبح) وهو دم جبر، وفي الآفاقي دم شكر.
(ومن أحرم بحج) وحج(2/644)
(ثم أحرم يوم النحر بآخر، فإن) كان قد (حلق للاول) لزمه الآخر في العام القابل (بلا دم) لانتهاء الاول (وإلا) يحلق للاول (فمع دم قصر) عبر به ليعم المرأة (أولا) لجنايته على إحرامه بالتقصير أو التأخير.
(ومن أتى بعمرة إلا الحلق فأحرم بأخرى ذبح) الاصل أن الجمع بين إحرامين لعمرتين(2/645)
مكروه تحريما، فيلزم الدم لا لحجتين في ظاهر الرواية فلا يلزم.
(آفاقي أحرم بحج ثم) أحرم (بعمرة لزماه)(2/646)
وصار قارنا مسيئا (و) لذا (بطلت) عمرته (بالوقوف قبل أفعالها) لانها لم تشرع مرتبة على الحج (لا بالتوجه) إلى عرفة (فإن طاف له) طواف القدوم (ثم أحرم بها فمضى عليهما ذبح) وهو دم جبر (ونذب رفضها) لتأكده بطوافه (فإن رفض قضى) لصحة الشروع فيهما (وأراق دما) لرفضها.
(حج فأهل بعمرة يوم النحر أو في ثلاثة) أيام (بعده لزمته)(2/647)
بالشروع، لكن مع كراهة التحريم (ورفضت) وجوبا تخلصا من الاثم (وقضيت مع دم) للرفض (وإن مضى) عليها (صح وعليه دم) لارتكاب الكراهة فهو دم جبر (فائت الحج إذا أحرم به أو بها وجب الرفض) لان الجمع بقي إحرامين لحجتين أو لعمرتين غير مشروع (و) لما فاته الحج
بقي في إحرامه فيلزمه (أن) (يتحلل) عن إحرام الحج (بأفعال العمرة ثم)(2/648)
بعده (يقضي) ما أحرم به لصحة الشروع (ويذبح) للتحلل قبل أوانه بالرفض.
باب الاحصار هو لغة: المنع.
وشرعا: منع عن ركن (إذا أحصر بعدو أو مرض) أو موت محرم أو هلاك نفقة(2/649)
حل له التحلل فحينئذ (بعث المفرد دما) أو قيمته، فإن لم يجد بقي محرما حتى يجد أو يتحلل بطواف، وعن الثاني أنه يقوم الدم بالطعام، ويتصدق به، فإن لم يجد صام عن كل نصف صاع يوما (والقارن دمين) فلو بعث واحدا لم يتحلل عنه(2/650)
(وعين يوم الذبح) ليعلم متى يتحلل ويذبحه (في الحرم ولو قبل يوم النحر) خلافا لهما ولو لم يفعل ورجع إلى أهله بغير تحلل وصبر) محرما (حتى زال الخوف جاز، فإن أدرك الحج فيها) ونعمت (وإلا تحلل بالعمرة) لان التحلل بالذبح إنما هو للضرورة حتى لا يمتد إحرامه فيشق عليه زيلعي (وبذبحه يحل) ولو (بلا حلق وتقصير) هذا فائدة التعيين، فلو ظن ذبحه ففعل كالحلال فظهر أنه لم يذبح أو ذبح في حل لزمه جزاء ما جنى (و)(2/651)
يجب (عليه إن حل من حجه) ولو نفلا (حجة) بالشروع (وعمرة) للتحلل إن لم يحج من عامه (وعلى المعتمر عمرة) وعلي (القارن حجة وعمرتان) إحداهما للتحلل (فإن بعث ثم زال الاحصار وقدر على) إدراك (الهدي والحج) معا (توجه) وجوبا (وإلا) يقدر عليهما (لا يلزمه)(2/652)
التوجه وهي رباعية (ولا إحصار بعد ما وقف بعرفة) للامن من الفوات والممنوع لو (بمكة عن
الركنين محصر) على الاصح (والقادر على أحدهما لا) أما على الوقوف فلتمام حجه به، وأما على الطواف(2/653)
فلتحلله به كما مر.
باب الحج عن الغير الاصل أن كل من أتى بعبادة ما(2/654)
له جعل ثوابها لغيره وإن نواها عند الفعل لنفسه لظاهر الادلة.
وأما قوله تعالى: * (وأن ليس للانسان إلا ما سعى) * أي إلا إذا وهبه له(2/655)
كما حققه الكمال، أو اللام بمعنى على كما في ولهم اللعنة(2/656)
ولقد أفصح الزاهري عن اعتزاله هنا، والله الموفق.
(العبادة المالية) كزكاة وكفارة (تقبل النيابة) عن المكلف (مطلقا) عند القدرة والعجز ولو النائب ذميا، لان العبرة لنية الموكل ولو عند دفع الوكيل (والبدنية) كصلاة(2/657)
وصوم (لا) تقبلها (مطلقا، والمركبة منهما) كحج الفرض (تقبل النيابة عند العجز فقط) لكن (بشرط دوام العجز إلى الموت) لانه فرض العمر حتى تلزم الاعادة بزوال العذر (و) بشرط (نية الحج عنه) أي عن الآمر فيقول: أحرمت عن فلان ولبيت عن فلان، ولو نسي اسمه فنوى عن الآمر صح، وتكفي نية القلب (هذا) أي اشتراط دوام العجز إلى الموت (إذا كان) العجز كالحبس و (المرض يرجى زواله) أي يمكن) وإن لم يكن كذلك كالعمى والزمانة سقط(2/658)
الفرض) بحج الغير (عنه) فلا إعادة مطلقا، سواء (استمر به ذلك العذر أم لا) ولو أحج عنه وهو صحيح ثم عجز واستمر لم يجزه لفقد شرطه (وبشرط الامر به) أي بالحج عنه (فلا يجوز حج الغير بغير إذنه إلا إذا حج) أو أحج (الوارث عن مورثه)(2/659)
لوجود الامر دلالة.
وبقي من الشرائط النفقة من مال الآمر كلها أو أكثرها، وحج المأمور بنفسه وتعينه إن عينه، فلو قال: يحج عني فلان لا غيره لم يجز حج غيره، ولو لم يقل لا غيره جاز وأوصلها في اللباب إلى عشرين شرطا منها عدم اشتراط الاجرة، فلو استأجر رجلا، بأن قال(2/660)
استأجرتك على أن تحج عني بكذا لم يجز حجه، وإنما يقول أمرتك أن تحج عني، بلا ذكر(2/661)
إجارة ولو أنفق من مال نفسه أو خلط النفقة بماله وحج وأنفق كله أو أكثره جاز وبرئ من الضمان (وشرط العجز) المذكور (للحج الفرض لا النفل) لاتساع بابه.(2/662)
(ويقع الحج) المفروض (عن الآمر على الظاهر) من المذهب، وقيل عن المأمور نفلا، وللآمر ثواب النفقة كالنفل (لكنه يشترط) لصحة النيابة (أهلية المأمور لصحة الافعال) ثم فرع عليه بقوله (فجاز حج الصرورة) بمهملة: من لم يحج (والمرأة) ولو أمة (والعبد وغيره) كالمراهق، وغيرهم أولى لعدم الخلاف (ولو أمر ذميا) أو مجنونا(2/663)
(لا) يصح.
(وإذا مرض المأمور) بالحج (في الطريق ليس له دفع المال إلى غيره ليحج) ذلك الغير (عن الميت لا إذا) أذن له بذلك، بأم (قيل له وقت الدفع اصنع ما شئت فيجوز له) ذلك (مرض أو لا) لانه صار وكيلا مطلقا (خرج) المكلف(2/664)
(إلى الحج ومات في الطريق وأوصى بالحج عنه) إنما تجب الوصية به إذا أخره بعد وجوبه، أما لو حج من عامه فلا (فإن فسر المال) أو المكان (فالامر عليه) أي على ما فسره (وإلا فيحج) عنه (من بلده) قياسا لا استحسانا فليحفظ، فلو أحج الوصي عنه من غيره لم يصح (إن وفى به) أي بالحج من بلده (ثلثه)(2/665)
وإن لم يف فمن حيث يبلغ استحسانا، ولوصي الميت ووارثه أن يسترد المال من المأمور ما لم يحرم، ثم إن رده لخيانة منه فنفقة الرجوع في ماله، وإلا ففي مال الميت.
(أوصى بحج فتطوع عنه رجل لم يجزه) وإن أمره الميت، لانه لم يحصل مقصوده وهو ثواب الانفاق، لكن لو حج عنه ابنه ليرجع في التركة جاز(2/666)
إن لم يقل من مالي، وكذا لو أحج لا ليرجع كالدين إذا قضاه من مال نفسه.
) (ومن حج عن) كل من (آمريه وقع عنه وضمن مالهما) لانه خالفهما (ولا يقدر على جعله عن أحدهما) لعدم الاولوية، وينبغي صحة التعيين لو أطلق الاحرام.(2/667)
ولو أبهمه، فإن عين أحدهما قبل الطواف والوقوف جاز،(2/668)
بخلاف ما لو أهل بحج عن أبويه أو غيرهما من الاجانب حال كونه (متبرعا فعين بعد ذلك جاز)(2/669)
لانه متبرع بالثواب، فله جعله لاحدهما أو لهما،(2/670)
وفي الحديث من حج عن أبويه فقد قضى عنه حجته وكان له فضل عشر حجج، وبعث من
الابرار.
(ودم الاحصار) لا غير (على الآمر في ماله ولو ميتا) قبل من الثلث، وقيل من الكل، ثم إن فاته لتقصير منه ضمن، وإن بآفة سماوية لا.(2/671)
(ودم القران) والتمتع (والجناية على الحاج) إن أذن له الآمر بالقران والتمتع وإلا فيصير مخالفا فيضمن (وضمن النفقة إن جامع قبل وقوفه) فيعيد بمال نفسه (وإن بعده فلا) لحصول المقصود (وإن مات) المأمور (أو سرقت نفقته في الطريق) قبل وقوفه (حج من منزل آمره بثلث ما بقي) من ماله، فإن لم يف فمن حيث يبلغ، فإن مات أو سرقت ثانيا حج من ثلث الباقي(2/672)
بعدها، هكذا مرة بعد أخرى، إلى أن لا يبقى من ثلثه ما يبلغ الحج، فتبطل الوصية.
قلت: وظاهره أنه لا رجوع في تركة المأمور، فليراجع (لا من حيث مات) خلافا لهما، وقولهما استحسان.
فروع: يصير مخالفا بالقران أو التمتع كما مر، لا بالتأخير عن السنة الاولى وإن عينت لانه للاستعجال لا للتقييد،(2/673)
والافضل أن يعود إليه وعليه رد ما فضل من النفقة وإن شرطه له فالشرط باطل، إلا أن يوكله بهبة الفضل من نفسه أو يوصي الميت به لمعين، ولوارثه أن يسترد المال من المأمور ما لم يحرم، وكذا إن أحرم وقد دفع إليه ليحج عنه وصيه فأحرم ثم مات الامر.
وللوصي أن يحج بنفسه إلا أن يأمره بالدفع أو يكون وارثا ولم تجز البقية.
ولو قال: منعت وكذبوه لم يصدق، إلا أن يكون أمرا ظاهرا، ولو قال: حججت وكذبوه صدق بيمينه،(2/674)
إلا إذا كان مديون الميت وقد أمر بالانفاق، ولا تقبل بينتهم أنه كان يوم النحر بالبلد إلا إذا
برهنا على إقراره أنه لم يحج.
باب الهدي (هو) في اللغة والشرع (ما يهدي إلى الحرم) من النعم (ليتقرب به) فيه (أدناه شاة، وهو(2/675)
إيل) ابن خمس سنين (وبقر) ابن سنتين (وغنم) ابن سنة (ولا يجب تعريفه) بل يندب في دم الشكر.
(ولا يجوز في الهدايا إلا ما جاز في الضحايا) كما سيجئ، فصح اشتراك ستة في بدنة شريت لقربة(2/676)
وإن اختلفت أجناسها.
(وتجوز الشاة) في الحج في كل شئ (إلا في طواف الركن جنبا) أو حائضا (ووطئ بعد الوقوف) قبل الحلق كما مر) ويجوز أكله) بل يندب كالاضحية (من هدي التطوع) إذا بلغ الحرم (والمتعة والقران فقط) ولو أكل من غيرها ضمن ما أكل (ويتعين يوم النحر)(2/677)
أي وقته وهو الايام الثلاثة (لذبح المتعة والقران) فقط، فلم يجز قبله بل بعده وعليه دم.
(و) يتعين (الحرم) لا منى (للكل لا لفقره) لكنه أفضل (ويتصدق بجلاله وخطامه) أي زمامه (ولم يعط أجر الجزار) أي الذابح (منه) فإن أعطاه ضمنه، أما لو تصدق عليه جاز (ولا يركبه) مطلقا (بلا ضرورة) فإن اضطر إلى الركوب ضمن ما نقص لركوبه وحمل متاعه وتصدق به على الفقراء.
شرنبلالية.(2/678)
فإن أطعم منه غنيا ضمن قيمته.
مبسوط.
ولا يحلبه (وينضح ضرعها بالماء البارد) لو المذبح قريبا وإلا حليه وتصدق به (ى ويقيم بدل هدي وجب: عطب أو تعيب بما يمنع) الاضحية
(وصنع بالمعيب ما شاء، ولو) كان المعيب (تطوعا نحره وصبغ قلادته) بدمه (وضرب به صفحة سنامه) ليعلم أنه هدي للفقراء ولا يطعم (ولا يطعم منه غنيا) لعدم بلوغه محله.
(ويقلد) ندبا بدنة (التطوع) ومنه النذر (والمتعة والقران فقط) لان الاشتهار بالعبادة أليق(2/679)
والستر بغيرها أحق.
(شهدوا) بعد الوقوف (بوقوفهم بعد وقته لا تقبل) شهادتهم، والوقوف صحيح استحسانا حتى الشهود للحرج الشديد (وقبله) أي قبل وقته (قبلت إن أمكن التدارك) ليلا مع أكثرهم،(2/680)
وإلا لا (رمى في اليوم الثاني) أو الثالث أو الرابع (الوسطى والثالثة ولم يرم الاولى، فعند القضاء إن رمى الكل) بالترتيب (حسن، وإن قضى الاولى جاز) لسنية الترتيب.
(نذر) المكلف (حجا ماشيا مشى) من منزله وجوبا في الاصح (حتى يطوف الفرض)(2/681)
لانتهاء الاركان، ولو ركب في كله أو أكثره لزمه دم، وفي أقله بحسابه، ولو نذر المشي إلى المسجد الحرام أو مسجد المدينة أو غيرهما لا شئ عليه.
(اشترى محرمة) ولو (بالاذن له أن يحللها) بلا كراهة لعدم خلف وعده (بقص شعرها أو بقلم ظفرها) أو بمس طيب (ثم يجامع، وهو أولى من التحليل بجماع) وكذا لو نكح حرة محرمة بنفل، بخلاف الفرض إن لها محرم، وإلا فهي محصرة فلا تتحلل إلا بالهدي.
ولو أذن لامرأته بنفل ليس له الرجوع لملكها منافعها، وكذا المكاتبة.
بخلاف الامة إلا إذا أذن لامته فليس لزوجها منعها.(2/682)
فروع: حج الغني إفضل من حج الفقير.
حج الفرض أولى من طاعة الوالدين، بخلاف النفل.
بناء الرباط أفضل من حج النفل.
واختلف في الصدقة، ورجح في البزازية أفضلية الحج.
لمشقته في المال والبدن جميعا، قال: وبه أفتى أبو حنيفة حين حج وعرف المشقة.
لوقفة الجمعة مزية سبعين حجة، ويغفر فيها لكل فرد(2/683)
بلا واسطة.
ضاق وقت العشاء والوقوف يدع الصلاة ويذهب لعرفة للحرج.
هل الحج يكفر الكبائر؟ قيل نعم كحربي أسلم، وقيل غير المتعلقة بالآدمي كذمي(2/684)
أسلم.
وقال عياض: أجمع أهل السنة أن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة، ولا قائل بسقوط الدين ولو حقا لله تعالى كدين صلاة وزكاة، نعم إثم المطل وتأخير الصلاة ونحوها يسقط، وهذا معنى التكفير على القول به، وحديث ابن ماجه أنه عليه الصلاة والسلام استجيب هل حتى في(2/685)
الدماء والمظالم ضعيف.
يندب دخول البيت إذا لم يشتمل على إيذاء نفسه أو غيره، وما يقوله العوام من العروة(2/686)
الوثقى والمسمار الذي في وسطه أنه سرة الدنيا لا أصل له.
ولا يجوز شراء الكسوة من بني شيبة بل من الامام أو نائبة، وله لبسها ولو جنبا أو حائضا.
لا يقتل في الحرم إلا إذا قتل فيه.
ولو قتل في البيت لا يقتل فيه.(2/687)
يكره الاستنجاء بماء زمزم لا الاغتسال.
لا حرم للمدينة عندنا، ومكة أفضل منها على الراجح، إلا ما ضم أعضاءه عليه الصلاة و(2/688)
السلام فإنه أفضل مطلقا حتى من الكعبة والعرش والكرسي.
وزيارة قبره مندوبة، بل قيل
بلا واسطة.
ضاق وقت العشاء والوقوف يدع الصلاة ويذهب لعرفة للحرج.
هل الحج يكفر الكبائر؟ قيل نعم كحربي أسلم، وقيل غير المتعلقة بالآدمي كذمي(2/689)
أسلم.
وقال عياض: أجمع أهل السنة أن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة، ولا قائل بسقوط الدين ولو حقا لله تعالى كدين صلاة وزكاة، نعم إثم المطل وتأخير الصلاة ونحوها يسقط، وهذا معنى التكفير على القول به، وحديث ابن ماجه أنه عليه الصلاة والسلام استجيب هل حتى في(2/685)
الدماء والمظالم ضعيف.
يندب دخول البيت إذا لم يشتمل على إيذاء نفسه أو غيره، وما يقوله العوام من العروة(2/686)
الوثقى والمسمار الذي في وسطه أنه سرة الدنيا لا أصل له.
ولا يجوز شراء الكسوة من بني شيبة بل من الامام أو نائبة، وله لبسها ولو جنبا أو حائضا.
لا يقتل في الحرم إلا إذا قتل فيه.
ولو قتل في البيت لا يقتل فيه.(2/687)
يكره الاستنجاء بماء زمزم لا الاغتسال.
لا حرم للمدينة عندنا، ومكة أفضل منها على الراجح، إلا ما ضم أعضاءه عليه الصلاة و(2/688)
السلام فإنه أفضل مطلقا حتى من الكعبة والعرش والكرسي.
وزيارة قبره مندوبة، بل قيل واجبة لمن له سعة.
ويبدأ بالحج لو فرضا، ويخير لو نفلا ما لم يمر به فيبدأ بزيادته لا محالة ولينو معه زيارة مسجده، فقد أخبر " أن صلاة فيه خير من ألف في غيره إلا المسجد الحرام "(2/689)
وكذا بقية القرب.
ولا تكره المجاورة بالمدينة، وكذا بمكة لمن يثق بنفسه.(2/690)
الدر المختار - الحصفكي ج 3
الدر المختار
الحصفكي ج 3(3/)
الدر المختار شرح تنوير الابصار في فقه مذهب الامام ابي حنيفة النعمان لخاتمة المحققين محمد امين الشهير بابن عابدين طبعة جديدة منفحه مصححة اشراف مكتبة البحوث والدراسات الجزء الثالث دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع(3/1)
جميع حقوق اعدة الطبع محفوظة للناشر 1415 ه / 1995 م بيروت لبنان دار الفكر: حارة حريك - شارع عبد النور - برقيا: فكسي - تلكس: 41392 فكر ص.
ب 7061 / 11 - تلفون: 643681 - 838053 - 837898 - دولي: 860962 فاكس: 2124187875 - 001(3/2)
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب النكاح ليس لنا عبادة شرعت من عهد آدم إلى الآن ثم تستمر في الجنة إلا النكاح والايمان.
(هو) عند الفقهاء (عقد يفيد ملك المتعة) أي حل استمتاع الرجل(3/3)
من امرأة لم يمنع من نكاحها مانع شرعي، فخرج الذكر والخنثى المشكل والوثنية لجواز
ذكورته، والمحارم، والجنية، وإنسان الماء لاختلاف الجنس،(3/4)
وأجاز الحسن نكاح الجنية بشهود.
قنية (قصدا) خرج ما يفيد الحل ضمنا، كشراء أمة للتسري (و) عند أهل الاصول واللغة (هو حقيقة في الوطئ مجاز في العقد) فحيث جاء في الكتاب أو السنة مجردا عن القرائن يراد به الوطئ كما في: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) * (النساء: 22) فتحرم مزنية الاب على الابن، بخلاف * (حتى تنكح زوجا غيره) * (النساء: 230)(3/5)
لاسناده إليها، والمتصور منها العقد لا الوطئ إلا مجازا (ويكون واجبا عند التوقان) فإن تيقن الزنا إلا به فرض.
نهاية.
وهذا إن ملك المهر والنفقة، وإلا فلا إثم بتركه.
بدائع (و) يكون(3/6)
(سنة) مؤكدة في الاصح، فيأثم بتركه ويثاب إن نوى تحصينا وولدا (حال الاعتدال) أي القدرة على وطئ ومهر ونفقة، ورجح في النهر وجوبه للمواظبة عليه والانكار على من رغب عنه (ومكروها لخوف الجور) فإن تيقنه حرم ذلك(3/7)
ويندب إعلانه وتقديم خطبة وكونه في مسجد يوم جمعة بعاقد رشيد وشهود عدول، والاستدانة(3/8)
له والنظر إليها قبله، وكونها دونه سنا وحسبا وعزا ومالا، وفوقه خلقا وأدبا وورعا وجمالا.
وهل يكره الزفاف؟ المختار لا إذا لم يشتمل على مفسدة دينية (وينعقد)(3/9)
ملتبسا (بإيجاب) من أحدهما (وقبول) من الآخر (وضعا للمضي) لان الماضي أدل على التحقيق (كزوجت) نفسي أو بنتي أو موكلتي منك (و) يقول الآخر (تزوجت و) ينعقد أيضا (بما) أي بلفظين (وضع أحدهما له) للمضي (والآخر للاستقبال) أو للحال، فالاول الامر (كزوجني) أو
زوجيني نفسك، أو كوني امرأتي، فإنه ليس بإيجاب، بل هو توكيل ضمني(3/10)
(فإذا قال) في المجلس (زوجت) أو قبلت أو بالسمع والطاعة.
بزازية.
قام مقام الطرفين.
وقيل هو إيجاب، ورجحه في البحر: والثاني المضارع(3/11)
المبدوء بهمزة أو نون أو تاء كتزوجيني نفسك إذا لم ينو الاستقبال، وكذا أنا متزوجك، أو جئتك خاطبا لعدم جريان المساومة في النكاح، أو هل أعطيتنيها أن المجلس للنكاح وإن(3/12)
للوعد فوعد، ولو قال لها: يا عرسي، فقالت: لبيك، انعقد على المذهب (فلا ينعقد) بقبول بالفعل كقبض مهر، ولابتعاط، ولا بكتابة حاضر بل غائب بشرط إعلام الشهود بما في الكتاب ما لم يكن بلفظ الامر فيتولى الطرفين.
فتح.(3/13)
ولا (بالاقرار على المختار) خلاصة كقوله: هي امرأتي، لان الاقرار إظهار لما هو ثابت وليس بإنشاء (وقيل إن) كان (بمحضر من الشهود صح) كما يصح بلفظ الجعل (وجعل) الاقرار (إنشاء وهو الاصح) ذخيرة (ولا يعقد بتزوجت نصفك على الاصح) احتياطا.
خانية.
بل لا بد أن يضيفه إلى كلها أو ما يعبر به عن الكل ومنه الظهر والبطن على الاشبه.
ذخيرة.
ورجحوا في الطلاق خلافه(3/14)
فيحتاج للفرق (وإذا وصل الايجاب بالتسمية) للمهر (كان من تمامه) أي الايجاب (فلو قبل الآخر قبله لم يصح) لتوقف أول الكلام على آخره لو فيه ما يغير أوله.
ومن شرائط الايجاب القبول: اتحاد المجلس لو حاضرين وإن طال كمخيرة، وأن لا يخالف الايجاب القبول كقبلت النكاح المهر،(3/15)
نعم يصح كزيادة قبلتها في المجلس، وأن لا يكون مضافا ولا معلقا كما سيجئ، ولا المنكوحة مجهولة ولا يشترط العلم بمعنى الايجاب والقبول فيما يستوي فيه الجد والهزل(3/16)
إذ لم يحتج لنية، له يفتى (وإنما يصح بلفظ تزويج ونكاح) لانهما صريح (وما) عداهما كناية هو كل لفظ (وضع لتمليك عين) كاملة فلا يصح بالشركة (في الحال) خرج الوصية غير المقيدة(3/17)
بالحال (كهبة وتمليك وصدقة) وعطية وقرض(3/18)
وسلم واستئجار وصلح وصرف، وكل ما تملك به الرقاب بشرط نية أو قرينة وفهم الشهود المقصود (لا) يصح (بلفظ إجارة) براء أو بزاي (وإعارة ووصية) ورهن ووديعة ونحوها مما لا يفيد الملك، لكن تثبت به الشبهة فلا يحد، ولها الاقل من المسى ومهر المثل،(3/19)
وكذا تثبت بكل لفظ لا ينعقد به النكاح فليحفظ.
(وألفاظ مصحفة كتجوزت) لصدوره، لا عن قصد صحيح، بل عن تحريف وتصحيف، فلم تكن حقيقة ولا مجازا لعدم العلاقة بل غلطا، فلا اعتبار به أصلا.
تلويح، نعم لو اتفق قوم على النطق بهذه الغلطة وصدرت عن قصد كان ذلك وضعا جديدا فيصح، به أفتى أبو السعود.(3/20)
وأما الطلاق فيقع بها قضاء كما في أوائل الاشباه (ولا بتعاط)(3/21)
احتراما للفروج (وشرط سماع كل من العاقدين لفظ الآخر) ليتحقق رضاهما(3/22)
(و) شرط (حضور) شاهدين(3/23)
(حرين) أو حر وحرتين (مكلفين سامعين قولهما معا)(3/24)
على الاصح (فاهمين) أنه نكاح على المذهب.
بحر (مسلمين لنكاح مسلمة ولو فاسقين أو محدودين في قذف أو أعميين أو ابني الزوجين أو ابني أحدهما(3/25)
وإن لم يثبت النكاح بهما) بالاثنين (إن ادعى القريب، كما صح نكاح مسلم ذمية عند ذميين) ولو مخالفين لدينها (وإن لم يثبت) النكاح (بهما مع إنكاره) والاصل عندنا أن كل من ملك قبول النكاح بولاية نفسه انعقد بحضرته.
(أمر) الاب (رجلا أن يزوج صغيرته فزوجها عند رجل أو امرأتين و) الحال أن (الاب حاضر صح) لان يجعل عاقدا حكما (وإلا لا، ولو زوج بنته البالغة) العاقلة (بمحضر شاهد(3/26)
واحد جاز إن) كانت ابنته (حاضرة) لانها تجعل عاقدة (وإلا لا) الاصل أن الآمر متى حضر جعل مباشرا، ثم إنما تقبل شهادة المأمور إذا لم يذكر أنه عقده لئلا يشهد على فعل نفسه، ولو زوج المولى عبده البالغ بحضرته وواحد لم يجز على الظاهر، ولو أذن له فعقد بحضرة المولى ورجل صح، والفرق لا يخفى (ولو قال) رجل لآخر (زوجتني ابنتك، فقال) الآخر (زوجت، أو) قال (نعم) مجيبا له (لم يكن نكاحا ما لم يقل) الموجب بعده (قبلت) لان زوجتني استخبار(3/27)
وليس بعقد، بخلاف زوجني لانه توكيل (غلط وكيلها بالنكاح في اسم أبيها بغير حضورها لم يصح) للجهالة، وكذا لو غلط في اسم بنته إلا إذا كانت حاضرة وأشار إليها فيصح، ولو له بنتان أراد تزويج الكبرى فغلط فسماها باسم الصغرى(3/28)
صح للصغرى.
خانية (ولو بعث) مريد النكاح (أقواما للخطبة فزوجها الاب) أو الولي (بحضرتهم صح) فيجعل المتكلم فقط خاطبا والباقي شهودا، به يفتى.
فتح.
فروع: قال زوجني ابنتك على أن أمرها بيدك، لم يكن له الامر لانه تفويض قبل النكاح.
وكله بأن يزوجه فلانة بكذا فزاد الوكيل في المهر لم ينفذ، فلو لم يعلم حتى دخل بقي(3/29)
الخيار بين إجازته وفسخه ولها الاقل من المسمى ومهر المثل لان الموقوف كالفاسد.
تزوج بشهادة الله ورسوله لم يجز، بل قيل يكفر، والله أعلم.
فصل في المحرمات أسباب التحريم أنواع: قرابة، مصاهرة، رضاع، جمع، ملك، شرك، إدخال أمة على(3/30)
حرة، فهي سبعة ذكرها المصنف بهذا الترتيب، وبقي التطليق ثلاثا، وتعلق حق الغير بنكاح أو عدة، ذكرهما في الرجعة.
(حرم) على المتزوج ذكرا كان أو أنثى نكاح (أصله وفروعه) علا أو نزل (وبنت أخيه(3/31)
وأخته وبنتها) ولو من زنى (وعمته وخالته) فهذه السبعة مذكورة في آية: * (حرمت عليكم أمهاتكم) * (النساء: 23) ويدخل عمة جده وجدته وخالتهما الاشقاء وغيرهن وأما عمة عمة أمه(3/32)
وخالة خالة أبيه حلال كبنت عمه وعمته وخاله وخالته، لقوله تعالى: * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) * (النساء: 24) (و) حرم المصاهرة (بنت زوجته الموطوءة وأم زوجته) وجداتها مطلقا بمجرد العقد الصحيح (وإن لم توطأ) الزوجة لما تقرر أن وطئ الامهات يحرم البنات، ونكاح
البنات يحرم الامهات، ويدخل بنات الربيبة والربيب.
وفي الكشاف: واللمس ونحوه كالدخول عند أبي حنيفة، وأقره المصنف (وزوجة أصله وفرعه مطلقا)(3/33)
ولو بعيدا دخل بها أو لا، وأما بنت زوجة أبيه أو ابنه فحلال (و) حرم (الكل) مما مر تحريمه نسبا ومصاهرة (رضاعا) إلا ما استثني في بابه.
فروع: تقع مغلطة فيقال: طلق امرأته تطليقتين، ولها منه لبن فاعتدت، فنكحت صغيرا فأرضعته، فحرمت عليه فنكحت آخر فدخل بها فأبانها فهل تعود للاول بواحدة أم بثلاث؟ الجواب: لا تعود إليه أبدا لصيرورتها حليلة ابنه رضاعا.(3/34)
شرى أمة أبيه لم تحل له إن علم أنه وطئها.
تزوج بكرا فوجدها ثيبا وقالت أبوك فضني، إن صدقها بانت بلا مهر، وإلا لا.
شمني (و) حرم أيضا بالصهرية (أصل مزنيته) أراد بالزنى الوطئ الحرام (و) أصل (ممسوسته بشهوة) ولو لشعر على الرأس بحائل لا يمنع الحرارة (وأصل ماسته وناظرة إلى ذكره(3/35)
والمنظور إلى فرجها) المدور (الداخل) ولو نظره من زجاج أو ماء هي فيه (وفروعهن) مطلقا، والعبرة للشهوة عند المس والنظر لا بعدهما وحدها فيهما تحرك آلته أو زيادته، به يفتى.
وفي امرأة ونحو شيخ كبير تحرك قلبه أو زيادته.
وفي الجوهرة.
لا يشترط في النظر للفرج تحريك آلته.
به يفتى هذا إذا لم ينزل، فلو أنزل مع مس أو نظر فلا حرمة، به بفتى.
ابن كمال(3/36)
وغيره.
وفي الخلاصة: وطئ أخت امرأته لا تحرم عليه امرأته (لا) تحرم (المنظور إلى فرجها الداخل) إذا رآه (من مرآة أو ماء) لان المرئي مثاله (بالانعكاس) لا هو (هذا إذا كانت حية مشتهاة)(3/37)
ولو ماضيا (أما غيرها) يعني الميتة وصغيرة لم تشته (فلا) تثبت الحرمة بها أصلا كوطئ دبر مطلقا، وكما لو أفضاها لعدم تيقن كونه في الفرج ما لم تحبل منه بلا فرق بين زنا ونكاح (فلو تزوج صغيرة لا تشتهى، فدخل بها فطلقها وانقضت عدتها وتزوجت بآخر جاز للاول (التزوج ببنتها) لعدم الاشتهاء، وكذا تشترط الشهوة في الذكر، فلو جامع غير مراهق زوجة أبيه لم(3/38)
تحرم.
فتح (ولا فرق) فيما ذكر (بين اللمس والنظر بشهوة بين عمد ونسيان) وخطأ وإكراه، فلو أيقظ زوجته أو أيقظته هي لجماعها فمست يده بنتها المشتهاه أو يدها ابنه حرمت الام أبدا.
فتح (قبل أم امرأته) في أي موضع كان على الصحيح.
جوهرة (حرمت) عليه (امرأته ما لم يظهر عدم الشهوة) ولو على الفم(3/39)
كما فهمه في الذخيرة (وفي المس لا) تحرم (ما لم تعلم الشهوة) لان الاصل في التقبيل الشهوة بخلاف المس (والمعانقة كالتقبيل) وكذا القرص والعض بشهوة، ولو لاجنبية، وتكفي الشهوة من أحدهما ومراهق ومجنون وسكران كبالغ.
بزازية.
وفي القنية: قبل السكران بنته تحرم الام، وبحرمة المصاهرة لا يرتفع النكاح حتى لا يحل لها التزوج بآخر إلا بعد المتاركة وانقضاء العدة، والوطئ بها لا يكون زنا.
وفي الخانية: إن النظر إلى فرج ابنته بشهوة يوجب حرمة امرأته، وكذا لو فزعت(3/40)
فدخلت فراش أبيها عريانة فانتشر لها أبوها تحرم عليه أمها (وبنت) سنها (دون تسع ليست بمشتهاة) به يفتى (وإن ادعت الشهوة) في تقبيله أو تقبيلها ابنه (وأنكرها الرجل فهو مصدق) لا هي (إلا أن يقول إليها منتشرا) آلته (فيعانقها) لقرينة كذبه أو يأخذ ثديها أو يركب معها أو يمسها على الفرج أو يقبلها على الفم.
قال الحدادي.
وفي الفتح يتراءى إلحاقه الخدين بالفم.
وفي
الخلاصة: قيل له ما فعلت بأم امرأتك فقال جامعتها، تثبت الحرمة ولا يصدق أنه كذب ولو هازلا (وتقبل الشهادة على الاقرار باللمس والتقبيل عن شهوة، وكذا) تقبل (على نفس اللمس والتقبيل) والنظر إلى ذكره أو فرجها (عن شهوة في المختار) تجنيس: لان الشهوة مما يوقف(3/41)
عليها في الجملة بانتشار أو آثار (و) حرم (الجمع) بين المحارم (نكاحا) أي عقدا صحيحا (وعدة ولو من طلاق بائن، و) حرم الجمع (وطأ بملك يمين بين امرأتين أيتهما فرضت ذكرا لم تحل للاخرى) أبدا لحديث مسلم: لا تنكح المرأة على عمتها(3/42)
وهو مشهور يصلح مخصصا للكتاب فجاز الجمع بين امرأة وبنت زوجها أو امرأة ابنها، أو أمة ثم سيدتها، لانه لو فرضت المرأة أو امرأة الابن أو السيدة ذكرا لم يحرم، بخلاف عكسه (وإن تزوج) بنكاح صحيح (أخت أمة) قد (وطئها صح) النكاح لكن (لا يطأ واحدة منهما حتى يحرم)(3/43)
حل استمتاع (إحداهما عليه بسبب ما) لان للعقد حكم الوطئ حتى لو نكح مشرقي مغربية يثبت نسب أولادها منه لثبوت الوطئ حكما ولو لم يكن وطئ الامة له وطئ المنكوحة، ودواعي الوطئ كالوطئ.
ابن كمال (وإن تزوجهما معا) أي الاختين أو من بمعناهما (أو بعقدين ونسي)(3/44)
النكاح (الاول فرق) القاضي (بينه وبينهما) ويكون طلاقا (ولهما نصف المهر) يعني في مسألة النسيان، إذ الحكم في تزوجهما معا البطلان وعدم وجوب المهر إلا بالوطئ كما في عامة الكتب، فتنبه، وهذا إن (كان مهراهما متساويين) قدرا وجنسا (وهو مسمى في العقد وكانت الفرقة قبل الدخول) وادعى كل منهما أنها الاولى(3/45)
ولا بينة لهما، فإن اختلف مهراهما: فإن علما فلكل ربع مهرها، إلا فلكل نصف أقل
المسمين (وإن لم يكن مسمى فالواجب متعة واحدة لهما) بدل نصف المهر (وإن كانت الفرقة بعد الدخول وجب لكل واحدة مهر كامل) لتقرره بالدخول، ومنه يعلم حكم دخوله بواحدة(3/46)
(وكذا الحكم فيما جمعهما من المحارم) في نكاح (و) حرم (نكاح) المولى (أمته، و) العبد (سيدته) لان المملوكية تنافي المالكية، نعم لو فعله المولى احتياطا كان حسنا،(3/48)
وفيه ما لا يخفى في عدم عدها خامسة ونحوه من عدم الاحتياط (و) حرم نكاح (الوثنية) بالاجماع (وصح نكاح كتابية) وإن كره تنزيها(3/49)
(مؤمنة بنبي) مرسل (مقرة بكتاب) منزل وإن اعتقدوا المسيح إلها، وكذا حل ذبيحتهم على المذهب.
بحر.
وفي النهر: تجوز مناكحة المعتزلة، لانا لا نكفر أحدا من أهل القبلة إن وقع(3/50)
إلزاما في المباحث (لا) يصح نكاح (عابدة كوكب لا كتاب لها) ولا وطؤها بملك يمين (والمجوسية والوثنية) هذا ساقط من نسخ الشرح ثابت في نسخ المتن، وهو عطف على عابدة كوكب، وقوله (والمحرمة) بحج أو عمرة (ولو بمحرم) عطف على كتابية فتنبه (والامة ولو) كانت (كتابية أو مع طول الحرة) الاصل عندنا أن كل وطئ يحل بملك يمين يحل بنكاح، وما لا فلا (وإن كره) تحريما في المحرمة وتنزيها في الامة(3/51)
(وحرة على أمة لا) يصح (عكسه ولو) أم ولد (وفي عدة حرة) ولو من بائن (وصح لو راجعها) أي الامة (على حرة) لبقاء الملك (ولو تزوج أربعا من الاماء وخمسا من الحرائر في عقد) واحد (صح نكاح الاماء) لبطلان الخمس (و) صح (نكاح أربع من الحرائر والاماء فقط للحر) لا أكثر (وله التسري بما شاء من الاماء) فلو له أربع وألف سرية وأراد شراء أخرى فلامه رجل(3/52)
خيف عليه الكفر، ولو أراد فقالت امرأته أقتل نفسي، لا يمتنع لانه مشروع، لكن لو ترك لئلا يغمها يؤجر لحديث من رق لامتي رق الله له بزازية (ونصفها للعبد) ولو مدبرا (ويمتنع عليه غير ذلك) فلا يحل له التسري أصلا، لانه لا يملك إلا الطلاق (و) صح نكاح (حبلى من زنى لا) حبلى (من غيره) أي الزنى لثبوت نسبه.
ولو من حربي أو سيدها المقر به (وإن حرم وطؤها) ودواعيه (حتى تضع)(3/53)
متصل بالمسألة الاولى لئلا يسقي ماؤه زرع غيره إذ الشعر ينبت منه.
فروع: لو نكحها الزاني حل له وطؤها اتفاقا، والولد له ولزمه النفقة، ولو زوج أمته أو أم ولده الحامل بعد علمه قبل إقراره به جاز وكان نفيا دلالة.
نهر عن التوشيح (و) صح نكاح (الموطوءة بملك) يمين، ولا يستبرئها زوجها(3/54)
بل سيدها وجوبا على الصحيح.
ذخيرة (أو) الموطوءة (بزنى) أي جاز نكاح من رآها تزني، وله وطؤها بلا استبراء، وأما قوله تعالى: * (والزانية لا ينكحها إلا زان) * فمنسوخ بآية * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) * وفي آخر حظر المجتبى: لا يجب على الزوج تطليق الفاجرة ولا عليها تسريح الفاجر إلا إذا خافا أن لا يقيما حدود الله فلا بأس أن يتفرقا، فما في الوهبانية ضعيف كما بسطه المصنف (و) صح نكاح (المضمومة إلى محرمة(3/55)
والمسمى) كله (لها) ولو دخل بالمحرمة فلها مهر المثل (وبطل نكاح متعة ومؤقت) وإن جهلت المدة أو طالت في الاصح،(3/56)
وليس منه ما لو نكحها على أن يطلقها بعد شهر أو نوى مكثه معها مدة معينة، ولا بأس بتزوج
النهارات.
عيني (و) يحل (له وطئ امرأة ادعت عليه) عند قاض (أنه تزوجها) بنكاح صحيح (وهي) أي والحال أنها (محل للانشاء) أي لانشاء النكاح خالية عن الموانع (وقضى القاضي بنكاحها بينة) أقامتها (ولم يكن في (نفس الامر تزوجها، وكذا) تحل له (لو ادعى هو نكاحها) خلافا لهما، وفي الشرنبلالية عن المواهب، وبقولهما يفتى (ولو قضى بطلاقها بشهادة الزور مع(3/57)
علمها) بذلك نفذ و (حل لها التزوج بآخر بعد العدة وحل للشاهد) زورا (تزوجها وحرمت على الاول) وعند الثاني: لا تحل لهما، وعند محمد: تحل للاول ما لم يدخل الثاني، وهي من فروع القضاء بشهادة الزور كما سيجئ (والنكاح لا يصح تعليقه بالشرط) كتزوجتك إن رضي أبي لم ينعقد النكاح لتعليقه بالخطر كما في العمادية وغيرها، فما في الدرر فيه نظر (ولا إضافته إلى المستقبل) كتزوجتك غدا أو بعد غد لم يصح (ولكن لا يبطل) النكاح (بالشرط الفاسد و) إنما (يبطل الشرط دونه) يعني لو عقد مع شرط فاسد لم يبطل النكاح، بل الشرط بخلاف ما لو علقه بالشرط (إلا أن يعلقه بشرط) ماض (كائن) لا محالة (فيكون تحقيقا) فينعقد في الحال،(3/58)
كأن خطب بنتا لابنه فقال أبوها زوجتها قبلك من فلان فكذبه فقال: إن لم أكن زوجتها لفلان فقد زوجتها لابنك فقبل، ثم علم كذبه انعقد لتعليقه بموجود، وكذا إذا وجد المعلق عليه في المجلس، كذا ذكره جواهر زاده وعممه المصنف بحثا لكن في النهر قبيل كتاب الصرف في مسألة التعليق برضا الاب، والحق الاطلاق فليتأمل المفتي.
باب الولي (هو) لغة: خلاف العدو.
وعرفا: العارف بالله تعالى.
وشرعا: (البالغ العاقل الوارث) ولو فاسقا على المذهب ما لم يكن متهتكا،(3/59)
وخرج نحو صبي ووصي مطلقا على المذهب (والولاية تنفيذ القول على الغير) تثبت بأربع:
قرابة، وملك، وولاء، وإمامة (شاء أو أبى) وهي هنا نوعان: ولاية ندب على المكلفة ولو بكرا، وولاية إجبار على الصغيرة(3/60)
ولو ثيبا ومعتوهة ومرقوقة، كما أفاده بقوله (وهو) أي الولي (شرط) صحة (نكاح صغير ومجنون ورقيق) لا مكلفة (فنفذ نكاح حرة مكلفة بلا) رضا (ولي) والاصل أن كل من تصرف في ماله تصرف في نفسه، وما لا فلا (وله) أي للولي (إذا كان عصبة) ولو غير محرم كابن عم في الاصح.
خانية.
وخرج ذوو الارحام والام، وللقاضي (الاعتراض في غير الكف ء) فيفسخه القاضي(3/61)
ويتجدد بتجدد النكاح (ما لم) يسكت حتى (تلد منه) لئلا يضيع الولد، وينبغي إلحاق الحبل الظاهر به (ويفتى) في غير الكف ء) بعدم جوازه أصلا) وهو المختار للفتوى (لفساد الزمان) فلا تحل مطلقة ثلاثا نكحت غير كف ء بلا رضا ولي بعد معرفته إياه(3/62)
فليحفظ (و) بناء (على الاول) وهو ظاهر الرواية (فرضا البعض) من الاولياء قبل العقد أو بعده (كالكل) لثبوته لكل كملا كولاية أمان وقود، وسنحققه في الوقف (لو استووا في الدرجة، وإلا فللاقرب) منهم (حق الفسخ، وإن لم يكن لها ولي فهو) أي العقد (صحيح) نافذ (مطلقا) اتفاقا(3/63)
(وقبضه) أي ولي له حق الاعتراض (المهر ونحوه) مما يدل على الرضا (رضا) دلالة إن كان عدم الكفاءة ثابتا عند القاضي قبل مخاصمته، وإلا لم يكن رضا كما (لا) يكون (سكوته) رضا ما لم تلد، وأما تصديقه بأنه كف ء، فلا يسقط حق الباقين.
مبسوط (ولا تجبر البالغة البكر على النكاح) لانقطاع الولاية بالبلوغ (فإن استأذنها هو) أي الولي وهو السنة (أو وكيله أو رسوله أو زوجها) وليها وأخبرها رسوله(3/64)
أو فضولي عدل (فسكتت) عن رده مختارة (أو ضحكت غير مستهزئة أو تبسمت أو بكت بلا صوت) فلو بصوت لم يكن إذنا ولا ردا حتى لو رضيت بعده انعقد.
معراج وغيره، فما في الوقاية والملتقى فيه نظر (فهو إذن) أي توكيل في الاول إن اتحد الولي، فلو تعدد الزوج لم يكن سكوتها إذنا وإجازة في الثاني إن بقي النكاح(3/65)
لا لو بطل بموته، ولو قالت بعد موته: زوجني أبي بأمري وأنكرت الورثة فالقول لها فترث وتعتد، ولو قالت: بغير أمري لكنه بلغني فرضيت فالقول لهم وقولها غيره أولى منه رد قبل العقد لا بعده.
ولو زوجها لنفسه فسكوتها رد بعد العقد لا قبله، ولو استأذنها في معين فردت ثم زوجها منه فسكتت صح في الاصح، بخلاف ما لو بلغها فردت ثم قالت: رضيت لم يجز لبطلانه بالرد، ولذا استحسنوا التجديد عند الزفاف، لان الغالب إظهار النفرة عند فجأة السماع، ولو استأذنها فسكتت فوكل من يزوجها ممن سماه جاز إن عرف الزوج(3/66)
والمهر كما في القنية واستشكله في البحر بأنه ليس للوكيل أن يوكل بلا إذن، فمقتضاه عدم الجواز أو أنها مستثناة (إن علمت بالزوج) أنه من هو لتظهر الرغبة فيه أو عنه، ولو في ضمن العام كجيراني أو بني عمي لو يحصون وإلا لا ما لم تفوض له الامر (لا) العلم (بالمهر) وقيل يشترط، وهو قول المتأخرين، بحر عن الذخيرة وأصقره المصنف، وما صححه في الدرر عن الكافي رده الكمال (وكذا إذا زوجها الولي عندها) أي بحضرتها (فسكتت) صح (في الاصح)(3/67)
إن علمته كما مر، والسكوت كالنطق في سبع وثلاثين مسألة مذكورة في الاشباه (فإن استأذنها غير الاقرب) كأجنبي أو ولي بعيد (فلا) عبرة لسكوتها (بل لا بد من القول كالثيب) البالغة لا فرق بينهما إلا في السكوت، لان رضاهما يكون بالدلالة كما ذكره بقوله أو ما هو في معناه)(3/68)
من فعل يدل على الرضا (كطلب مهرها) ونفقتها (وتمكينها من الوطئ) ودخوله بها برضاها.
ظهيرية (وقبول التهنئة) والضحك سرورا ونحو ذلك، بخلاف خدمته أو قبول هديته (من زالت بكارتها بوثبة) أي نطة (أو) درور (حيض أو) حصول (جراحة أو تعنيس) أي كبر بكر حقيقة كتفريق بجب أو عنة أو طلاق أو موت بعد خلوة قبل وطئ (أو زنى) وهذه فقط (بكر حكما) إن لم يتكرر ولم تحد به،(3/69)
وإلا فثيب كموطوءة بشبهة أو نكاح فاسد (قال) الزوج للبكر البالغة (بلغك النكاح فسكت وقالت رددت) النكاح (ولا بينة لهما) على ذلك (ولم يكن دخل بها طوعا) في الاصح (فالقول قولها) بيمينها(3/70)
على المفتى به وتقبيل بينته على سكوتها، لانه وجودي بضم الشفتين ولو برهنا فبينتها أولى، إلا أن يبرهن على رضاها أو إجازتها (كما لو زوجها أبوها) مثلا زاعما عدم بلوغها (فقالت أنا بالغة والنكاح لم يصح وهي مراهقة وقال الاب) أو الزوج (بل هي صغيرة) فإن القول لها إن ثبت أن سنها تسع، وكذا لو ادعى المراهق بلوغه ولو برهنا فبينة البلوغ أولى(3/71)
على الاصح، بخلاف قول الصغيرة رددت حين بلغت وكذبها الزوج فالقول له لانكاره زوال ملكه، هذا لو اختلفا بعد زمان البلوغ، ولو حالة البلوغ فالقول لها، شرح وهبانية فليحفظ (وللولي) الآتي بيانه (إنكاح الصغير والصغيرة) جبرا (ولو ثيبا) كمعتوه ومجنون شهرا (ولزم النكاح ولو بغبن فاحش) بنقص مهرها وزيادة مهره (أو) زوجها (بغير كف ء إن كان الولي)(3/72)
المزوج بنفسه بغبن (أبا أو جدا) وكذا المولى وابن المجنونة (لم يعرف منهما سوء الاختيار)
مجانة وفسقا (وإن عرف لا) يصح النكاح اتفاقا، وكذا لو كان سكران(3/73)
فزوجها من فاسق أو شرير أو فقير أو ذي حرفة دنيئة لظهور سوء اختياره فلا تعارضه شفقته المظنونة.
بحر (وإن كان المزوج غيرهما) أي غير الاب وأبيه ولو الام أو القاضي أو وكيل الاب، لكن في النهر بحثا لو عين لوكيله القدر صح (لا يصح) النكاح (من غير كف ء أو بغبن(3/74)
فاحش) أصلا) وما في صدر الشريعة صح ولهما فسخه وهم (وإن كان من كف ء وبمهر المثل صح، و) لكن (لهما) أي لصغير وصغيرة وملحق بهما (خيار الفسخ) ولو بعد الدخول (بالبلوغ أو العلم بالنكاح بعده)(3/75)
لقصور الشفقة ويغني عنه خيار اعتق، ولو بلغت وهو صغير فرق بحضرة أبيه أو وصيه (بشرط القضاء) للفسخ (فيتوارثان فيه) ويلزم كل المهر، ثم الفرقة(3/76)
إن من قبلها ففسخ لا ينقص عدد طلاق ولا يلحقها طلاق إا في الردة، وإن من قبله فطلاق(3/77)
إلا بملك أو ردة أو خيار عتق، وليس لنا فرقة منه ولا مهر عليه إلا إذا اختار نفسه بخيار عتق وشرط للكل القضاء إلا ثمانية، ونظم صاحب النهر فقال: فرق النكاح أتتك جمعا نافعا فسخ طلاق وهذا الدر يحكيها(3/78)
تباين الدار مع نقصان مهر كذا فساد عقد وفقد الكف ء ينعيها تقبيل سبي وإسلام المحارب أو إرضاع ضرتها قد عد ذا فيها خيار عتق بلوغ ردة وكذا ملك لبعض وتلك الفسخ يحصيها(3/79)
أما الطلاق فجب عنة وكذا إيلاؤه ولعان ذاك يتلوها قضاء قاض أتى شرط الجمع خلاملك وعتق وإسلام أتى فيها تقبيل سبي مع الايلاء يا أملي تباين مع فساد العقد يدنيها (وبطل خيار البكر بالسكوت) لو مختارة (عالمة ب) أصل (النكاح) فلو سألت عن قدر المهر قبل الخلوة، أو عن الزوج، أو سلمت على الشهود لم يبطل خيارها.
نهر بحثا(3/80)
(ولا يمتد إلى آخر المجلس) لانه كالشفعة، ولو اجتمعت معه تقول أطلب الحقين ثم تبدأ بخيار البلوغ لانه ديني، وتشهد قائلة بلغت الآن ضرورة إحياء الحق(3/81)
(وإن جهلت به) لتفرغها للعلم (بخلاف) خيار (المعتقة) فإنه يمتد لشغلها بالمولى (وخيار الصغير والثيب إذا بلغا لا يبطل) بالسكوت (بلا صريح) رضا (أو دلالة) عليه (كقبلة ولمس) ودفع مهر (لا) يبطل (بقيامهما عن المجلس)(3/82)
لان وقته العمر فيبقى حتى يوجد الرضا، ولو ادعت التمكين كرها صدقت، ومفاده أن القول لمدعي الاكراه لو في حبس الوالي فليحفظ (الوالي في النكاح) لا المال (العصبة بنفسه) وهو من يتصل بالميت حتى المعتقة (بلا توسطة أنثى) بيان لما قبله (على ترتيب الارث والحجب)(3/83)
فيقدم ابن المجنونة على أبيها، لانه يحجبه حجب نقصان (بشرط حرية وتكليف وإسلام في حق مسلمة) تريد التزوج (وولد مسلم)(3/84)
لعدم الولاية (وكذا لا ولاية) في نكاح ولا في مال (لمسلم على كافرة إلا) بالسبب العام (بأن
يكون) المسلم (سيد أمة كافرة أو سلطانا) أو نائبه أو شاهدا (وللكافر ولاية على كافر مثله) اتفاقا (فإن لم يكن عصبة فالولاية للام، ثم لام الاب، وفي القنية عكسه،(3/85)
ثم للبنت، ثم لبنت الابن، ثم لبنت البنت، ثم لبنت ابن الابن، ثم لبنت بنت البنت، وهكذا، ثم للجد الفاسد (ثم للاخت لاب وأم، ثم للاخت لاب ثم لولد الام) الذكر والانثى سواء، ثم لاولادهم (ثم لذوي الارحام) العمات، ثم الاخوال، ثم الخالات، ثم بنات الاعمام.
وبهذا الترتيب أولادهم.
شمني.
ثم مولى الموالاة (ثم للسلطان ثم لقاض نص له عليه في منشوره)(3/86)
ثم لنوابه إن فوض له ذلك، وإلا لا (وليس للوصي) من حيث هو وصي (أن يزوج) اليتيم (مطلقا) وإن أوصى إليه الاب بذلك على المذهب، نعم لو كان قريبا أو حاكما يملكه بالولاية كما لا يخفى.
فروع: وليس للقاضي تزويج الصغيرة من نفسه ولا ممن لا تقبل شهادته له كما في معين الحكام، وأقره المصنف، وبه علم أن فعله حكم وإن عري عن الدعوى.(3/87)
صغيرة زوجت نفسها ولا ولي ولا حاكم ثمة توقف، ونفذ بإجازتها بعد بلوغها لانه له مجيزا وهو السلطان ولو زوجها وليان مستويان قدم السابق، فإن لم يدر أو وقعا معا بطلا (وللولي الابعد التزويج بغيبة الاقرب) فلو زوج الابعد(3/88)
حال قيام الاقرب توقف على إجازته، ولو تحولت الولاية إليه لم يجز إلا بإجازته بعد التحول.
قهستاني وظهيرية (مسافة القصر) واختار في الملتقى ما لم ينتظر الكف ء الخاطب جوابه، واعتمده الباقاني، ونقل ابن الكمال أن عليه الفتوى، وثمرة الخلاف فيمن اختفى في المدينة هل تكون غيبة منقطعة (ولو زوجها الاقرب حيث هو جاز) النكاح (على) القول (الظاهر)(3/89)
ظهيرية (ويثبت للابعد) من أولياء النسب.
شرح وهبانية.
لكن في القهتساني عن الغيائي: لو لم يزوج الاقرب زوج القاضي عند فوت الكف ء (التزويج بعضل الاقرب) أي بامتناعه عن التزويج إجماعا.
خلاصة(3/90)
(ولا يبطل تزويجه) السابق (بعود الاقرب) لحصوله بولاية تامة (وولي المجنونة) والمجنون ولو عارضا (في النكاح) أما التصرف في المال فللاب اتفاقا (ابنها) وإن سفل (دون أبيها) كما مر.
والاولى أن يأمر الاب به ليصح اتفاقا (ولو أقر ولي صغير أو صغيرة أو) أقر (وكيل رجل أو امرأة أو مولى لعبد النكاح لم ينفذ) لانه إقرار على الغير، بخلاف مولى الامة حيث ينفذ إجماعا، لان منافع بضعها ملكه (إلا أن يشهد الشهود على النكاح) بأن ينصب القاضي خصما عن الصغير، حتى ينكر فتقام البينة عليه (أو يدرك الصغير أو الصغيرة فيصدقه) أي الولي المقر (أو يصدق الموكل أو العبد) عند أبي حنيفة، وقالا: يصدق في ذلك،(3/91)
وهذه المسألة مخرجة من قولهم: من ملك الانشاء ملك الاقرار به، ولها نظائر.
فرع: هل لولي مجنون ومعتوه تزويجه أكثر من واحدة؟ لم أره، ومنعه الشافعي وجوزه في الصبي للحاجة.
باب الكفاءة من كافأه: إذا ساواه، والمراد هنا مساواة مخصوصة أو كون المرأة أدنى (الكفاءة معتبرة) في ابتداء النكاح للزومه أو لصحته (من جانبه) أي الرجل، لان الشريفة تأبى أن تكون فراشا للدنئ، ولذا (لا) تعتبر (من جانبها) لان الزوج مستفرش فلا تغيظه دناءة الفراش، وهذا عند(3/92)
الكل في الصحيح، كما في الخبازية.
لكن في الظهيرية وغيرها: هذا عنده وعندهما تعتبر في
جانبها أيضا (و) الكفاءة (هي حق الولي لا حقها) فلو نكحت رجلا ولم تعلم حاله فإذا هو عبد(3/93)
لا خيار لها بل للاولياء، ولو زوجوها برضاها ولم يعلموا بعدم الكفاءة ثم علموا لا خيار لاحد، لا إذا شرطوا الكفارة أو أخبرهم بها وقت العقد فزوجوها على ذلك ثم ظهر أنه غير كف ء كان لهم الخيار.
ولواجبة فليحفظ.
(وتعتبر) الكفاءة للزوم النكاح خلافا لمالك (نسبا فقريش)(3/94)
بعضهم (أكفاء) بعض (و) بقية (العرب) بعضهم (أكفاء) بعض، واستثنى في الملتفى تبعا للهداية بني باهلة لخستهم، والحق الاطلاق.
قاله المصنف كالبحر والنهر والفتح والشرنبلالية، ويعضده إطلاق المصنفين كالكنز والدرر،(3/95)
وهذا في العرب (و) أما في العجم فتعتبر (حرية وإسلاما) فمسلم بنفسه أو معتق غير كف ء لمن أبوها مسلم أو حر أو معتق وأمها حرة الاصل، ومن أبوه مسلم أو حر غير كف ء لذات أبوين (وأبوان فيهما كالآباء) لتمام النسب بالجد، وفي الفتح: ولا يبعد مكافأة مسلم بنفسه لمعتق بنفسه، وأما معتق الوضيع فلا يكافئ معتقه الشريف(3/96)
وأما مرتد أسلم فكف ء لمن لم يرتد، وأما الكفاءة بين الذميين فلا تعتبر إلا لفتنة (و) تعتبر في العرب والعجم (ديانة) أي تقوى، فليس فاسق كفؤا لصالحة أو فاسقة(3/97)
بنت صالح معلنا كان أو لا على الظاهر.
نهر (ومالا) بأن يقدر على المعجل(3/98)
ونفقة شهر لو غير محترف، وإلا فإن كان يكتسب كل يوم كنفايتها لو تطيق الجماع (وحرفة)
فمثل حائك غير كف ء لمثل خياط ولا خياط لبزاز وتاجر ولا هما لعالم وقاض، وأما أتباع(3/99)
الظلمة فأخس من الكل، وأما الوظائف فمن الحرف فصاحبها كف ء التاجر لو غير دنيئة كبوابة وذو تدريس أو نظر كف ء لبنت الامير بمصر.
بحر (و) الكفاءة (اعتبارها عند) ابتداء (العقد فلا(3/100)
يضر زوالها بعده) فلو كان وقته كفؤا ثم فجر لم يفسخ، وأما لو كان دباغا فصار تاجرا فإن بقي عارها لم يكن كفؤا، وإلا لا.
نهر بحثا (العجمي لا يكون كفؤا للعربية ولو) كان العجمي (عالما) أو سلطانا (وهو الاصح) فتح عن الينابيع.
وادعى في البحر أنه ظاهر الرواية، وأقره المصنف، لكن في النهر: إن فسر الحسيب بذي المنصب والجاه فغير كف ء للعلوية كما في(3/101)
الينابيع، وإن بالعالم فكف ء لان شرف العلم فوق شرف النسي والمال، كما جزم به البزازي وارتضاه الكمال ويغره، والوجه فيه ظاهر ولذا قيل: إن عائشة أفضل من فاطمة رضي الله عنهما.
ذكره القهستاني.
والحنفي كف ء لبنت الشافعي، ومتى سألنا عن مذهبه أجبنا بمذهبنا كما بسطه المصنف معزيا لجواهر الفتاوى (القروي كف ء للمدني) فلا عبرة بالبلد كما لا عبرة بالجمال.
خانية.
ولا بالعقل ولا بعيوب يفسخ بها البيع خلافا للشافعي، لكن في النهر عن(3/102)
المرغيناني: المجنون ليس بكف ء للعاقلة (وكذا الصبي كف ء بغنى أبيه) أو أمه أو جده.
نهر عن المحيط (بالنسبة إلى المهر) يعني المعجل كما مر (لا) بالنسبة إلى (النفقة) لان العادة أن الآباء يتحملون عن الابناء المهر لا النفقة.
ذخيرة (ولو نكحت بأقل من مهرها فللولي) العصبة (الاعتراض حتى يتم) مهر مثلها (أو يفرق) القاضي بينهما دفعا للعار (ولو طلقها) الزوج (قبل تفريق الولي قبل الدخول فلها نصف المسمى) فلو فرق الولي بينهما قبل الدخول فلا مهر لها،(3/103)
وإن بعده فلها المسمى، وكذا لو مات أحدهما قبل التفريق فليس للولي المطالبة بالاتمام لانتهاء النكاح بالموت.
جواهر الفتاوى.
(أمره بتزويج امرأة فزوجه أمة جاز، وقالا: لا يصح) وهو استحسان.
ملتقى تبعا للهداية.
وفي شرح الطحاوي: قولهما أحسن للفتوى، واختاره أبو الليث، وأقره المصنف، وأجمعوا أنه لو زوجه بنته الصغيرة أو موليته لم يجز، كما لو أمره بمعينة أو بحرة أو أمة،(3/104)
فخالف أو أمرته بتزويجها ولم تعين فزوجها غير كف ء لم يجز اتفاقا (ولو) زوجه المأمور بنكاح امرأة (امرأتين في عقد واحد لا) ينفذ للمخالفة، وله أن يجيزهما أو إحداهما ولو في عقدين لزم الاول وتوقف الثاني، ولو أمره بامرأتين في عقدة فزوجه واحدة أو ثنتين في عقدتين جاز، إلا إذا قال: لا تزوجني إلا امرأتين في عقدة أو عقدتين لم تجز المخالفة (ولا يتوقف الايجاب على قبول غائب عن المجلس(3/105)
في سائر العقود) من نكاح وبيع وغيرهما، بل يبطل الايجاب، ولا تلحقه الاجازة اتفاقا (ويتولى طرفي النكاح واحد) بإيجاب يقوم مقام القبول في خمس صور: كأن كان وليا، أو وكيلا من الجانبين، أو أصلا من جانب ووكيلا، أو وليا من آخر، أو وليا من جانب وكيلا من آخر: كزوجت بنتي مو موكلي (ليس) ذلك الواحد (بفضولي) ولو (من جانب) وإن تكلم بكلامين على الراجح، لان قبوله غير معتبر شرعا لما تقرر أن الايجاب لا يتوقف على قبول غائب(3/106)
(ونكاح عبد وأمة بغير إذن السيد موقوف) على الاجازة (كنكاح الفضولي) سيجئ في البيوع توقف عقوده كلها إن لها مجيز حالة العقد ولا تبطل (ولابن العم أن يزوج بنت عمه الصغيرة) فلو كبيرة فلا بد من الاستئذان، حتى لو تزوجها بلا استئذان فسكتت أو أفصحت بالرضا لا يجوز(3/107)
عندهما.
وقال أبو يوسف: يجوز، وكذا المولى المعتق والحاكم والسلطان.
جوهرة به يفتى.
بخلاف الصغيرة كما مر فليحرر (من نفسه) فيكون أصيلا من جانب وليا من آخر (كما للوكيل) الذي وكلته أن يزوجها من نفسه، فإن له (ذلك) فيكون أصيلا من جانب وكيلا من آخر (بخلاف(3/108)
ما لو وكلته بتزويجها من رجل فزوجها من نفسه) لانها نصبته مزوجا لا متزوجا (أو وكلته أن يتصرف في أمرها، أو قالت له زوج نفسي ممن شئت) لم يصح تزويجها من نفسه كما في الخانية.
والاصل أن الوكيل معرفة بالخطاب فلا يدخل تحت النكرة (ولو أجاز) من له الاجازة (نكاح الفضولي بعد موته صح) لان الشرط قيام المعقود له وأحد العاقدين لنفسه فقط (بخلاف إجازة بيعه) فإنه يشترط قيام أربعة أشياء كما سيجئ.
فروع: الفضولي قبل الاجازة لا يملك نقض النكاح،(3/109)
بخلاف البيع يشترط للزوم عقد الوكيل موافقته في المهر المسمى، وحكم رسول كوكيل.
باب المهر ومن أسمائه: الصداق، والصدقة، والنحلة، والعطية، والعقر.
وفي استيلاد الجوهرة: العقر في الحرائر مهر المثل، وفي الاماء عشر قيمة البكر ونصف عشر قيمة الثيب (أقله عشرة(3/110)
دراهم) لحديث البيهقي وغيره لا مهر أقل من عشرة دراهم ورواية الاقل تحمل على المعجل (فضة وزن سبعة) مثاقيل كما في الزكاة (مضروبة كانت أو لا) ولو دينا أو عرضا(3/111)
قيمته عشرة وقت العقد، أما في ضمانها بطلاق قبل الوطئ فيوم القبض (وتجب) العشرة (إن سماها أو دونها، و) يجب (الاكثر منها إن سمى) الاكثر ويتأكد (عند وطئ أو خلوة صحت) من الزوج (أو موت أحدهما) أو تزوج ثانيا في العدة(3/112)
أو إزالة بكارتها بنحو حجر، بخلاف إزالتها بدفعة فإنه يجب النصف بطلاق قبل وطئ، ولو الدفع من أجنبي، فعلى الاجنبي أيضا نصف مهر مثلها إن طلقت قبل الدخول، وإلا فكله.
نهر بحثا(3/113)
(و) يجب نصفه بطلاق قبل وطئ أو خلوة) فلو كان نكحها على ما قيمته خمسة كان لها نصفه(3/114)
ودرهمان ونصف (وعاد النصف إلى ملك الزوج بمجرد الطلاق إذا لم يكن مسلما لها، وإن) كان (مسلما) لها لم يبطل ملكها منه بل (توقف) عوده إلى ملكه (على القضاء أو الرضا) فلهذا (لا نفاذ لعتقه) أي الزوج (عبدا لمهر بعد طلاقها قبله) أي قبل القضاء ونحوه لعدم ملكه قبله (ونفذ تصرف المرأة) قبله (في الكل لبقاء ملكها) وعليها نصف قيمة الاصل يوم القبض، لان زيادة المهر المنفصلة تتنصف(3/115)
قبل القبض لا بعده (ووجب مهر المثل في الشغار) هو أن يزوجه بنته على أن يزوجه الآخر بنته أو أخته معاوضة بالعقدين، وهو منهي عنه لخلوه عن المهر، فأوجبنا فيه مهر المثل فلم يبق شغارا (و) في (خدمة حر)(3/116)
سنة (للامهار) الحرة أو أمة، لان فيه قلب الموضوع، كذا قالوا: ومفاده صحة تزوجها على أن يخدم سيدها أو وليها كقصة شعيب مع موسى، كصحته على خدمة عبده أو أمته أو عبد الغير برضا مولاه أو حر آخر برضاه(3/117)
(و) في (تعليم القرآن) للنص بالابتغاء بالمال، وباء زوجتك بما معك من القرآن للسببية أو
للتعليل، لكن في النهر: ينبغي أن يصح على قول المتأخرين(3/118)
(ولها خدمته لو) كان لزوج (عبدا) مأذونا في ذلك، أما الحر فخدمته حرام لما فيه من الاهانة والاذلال وكذا استخدامه.
نهر في البدائع.
(وكذا يجب) مهر المثل (فيما إذا لم يسم) مهرا (أو نفى إن وطئ) الزوج (أو مات عنها(3/119)
إذا لم يتراضيا على شئ) يصلح مهرا (وإلا فذلك) الشئ (هو الواجب، أو سمى خمرا أو خنزيرا، أو هذا الخل وهو خمر، أو هذا العبد وهو حر) لتعذر التسليم (أو دابة) أو ثوبا أو دارا و (لم يبين جنسها) لفحش الجهل (و) تجب (متعة لمفوضة) وهي من زوجت بلا مهر(3/120)
(طلقت قبل الوطئ، وهي درع وخمار وملحفة لا تزيد على نصفه) أي نصف مهر المثل لو الزوج غنيا (ولا تنقص عن خمسة دراهم) لو فقيرا (وتعتبر) المتعة (بحالهما) كالنفقة، به يفتى(3/121)
(وتستحب المتعة لمن سواها) أي المفوضة (إلا من سمى لها مهر وطلقت قبل وطئ) فلا تستحب لها بل للموطوءة، سمى لها مهرا أو لا، فالمطلقات أربع (وما فرض) بتراضيهما أو بفرض قاض مهر المثل (بعد العقد) الخالي عن المهر (أو زيد) على ما سمى فإنها تلزمه بشرط قبولها في المجلس، أو قبول ولي الصغيرة(3/122)
ومعرفة قدرها وبقاء الزوجية على الظاهر.
نهر.
وفي الكافي: جدد النكاح بزيادة ألف لزمه ألفان على الظاهر.(3/123)
وفي الخانية: ولو وهبته مهرها ثم أقر بكذا من المهر وقبلت صح، ويحمل على الزيادة.
وفي البزازية: الاشبه أنه لا يصح بلا قصد الزيادة (لا ينصف) لاختصاص التنصيف بالمفروض في العقد بالنص، بل تجب المتعة في الاول ونصف الاصل في الثاني.
(وصح حطها) لكله أو بعضه (عنه) قبل أو لا ويرتد بالرد كما في البحر.(3/124)
(والخلوة) مبتدأ خبره قوله الآتي: كالوطئ (بلا مانع حسي) كمرض لاحدهما يمنع الوطئ (وطبعي) كوجود ثالث عاقل.
ذكره ابن الكمال، وجعله في الاسرار من الحسي، وعليه فليس للطبعي مثال مستقل (وشرعي) كإحرام لفرض أو نفل.
(و) من الحسي (رتق) بفتحتين: التلاحم (وقرن) بالسكون عظم (وعفل) بفتحتين غدة(3/125)
(وصغر) ولو بزوج (لا يطاق معه الجماع و) بلا وجود ثالث معهما ولو نائما أو أعمى (إلا أن يكون) الثالث (صغيرا) لا يعقل بأن لا يعبر عما يكون بينهما (أو مجنونا أو مغمى عليه) لكن في البزازية: إن في الليل صحت لا في النهار، وكذا الاعمى في الاصح (أو جارية أحدهما) فلا تمنع، به يفتى.
مبتغى(3/126)
(والكلب يمنع إن) كان (عقورا) مطلقا.
وفي الفتح: وعندي أن كلبه لا يمنع مطلقا (أو) كان (للزوجة وإلا) يكن عقورا وكان له (لا) يمنع، وبقي منه عدم صلاحية الماكن كمسجد وطريق وحمام وصحراء وسطح(3/127)
وبيت بابه مفتوح، وما إذا لم يعرفها.
(وصوم التطوع والمنذور والكفارات والقضاء غير مانع لصحتها) في الاصح، إذ لا كفارة بالافساد ومفاده أنه لو أكل ناسيا فأمسك فخلا بها أن تصح، وكذا كل ما أسقط الكفارة.
نهر (بل المانع صوم رمضان) أداء وصلاة الفرض فقط (كالوطئ)(3/128)
فيما يجئ.
(ولو) كان الزوج (مجبوبا أو عنينا أو خصيا) أو خنثى، إن ظهر حاله، وإلا فنكاحه موقوف، وما في البحر والاشباه ليس على ظاهره كما بسطه في النهر.
وفيه عن شرح الوهبانية أن العنة قد تكون لمرض أو ضعف خلقة أو كبر سن(3/129)
(في ثبوت النسب) ولو من المجبوب (و) في (تأكد المهر) المسمى (و) مهر المثل بلا تسمية و (النفقة والسكنى والعدة وحرمة نكاح أختها وأربع سواها) في عدتها (وحرمة نكاح الامة ومراعاة وقت الطلاق في حقها) وكذا في وقوع طلاق بائن آخر على المختار (لا) تكون(3/130)
كالوطئ (في حق) بقية الاحكام كالغسل و (الاحصان وحرمة البنات، وحلها للاول والرجعة والميراث) وتزويجها كالابكار على المختار وغير ذلك،(3/131)
كما نظمه صاحب النهر فقال: وخلوة الزوج مثل الوطء في صور وغيره وبهذا العقد تحصيل تكميل مهر وأعداد كذا نسب إنفاق سكمى ومنع الاخت مقبول وأربع وكذا قالوا الاما ولقد راعوا زمان فراق فيه ترحيل وأوقعوا فيه تطليقا إذا لجقاوقيل لا والصواب الأول القيل أما المعاير فالاحصان يا أملي ورجعة وكذا التوريث معقول سقوط وطئ وإحلال لها وكذا تحريم بنت نكاح البكر مبذول كذلك الفئ والتكفير ما فسدت عبادة وكذا بالغسل تكميل(3/132)
(ولو افترقا فقالت بعد الدخول وقال الزوج قبل الدخول فالقول لها) لانكارها سقوط نصف المهر، وإن أنكر الوطئ ولو لم تمكنه في الخلوة، فإن بكرا صحت وإلا لا، لان البكر إنما توطأ كرها كما بحثه الطرسوسي وأقره المصنف.
(ولو قال: إن خلوت بك فأنت طالق فخلا بها، طلقت)(3/133)
بائنا لوجود الشرط (ووجب نصف المهر) ولا عدة عليها.
بزازية (وتجب العدة في الكل) أي كل أنواع الخلوة ولو فاسدة (احتياطا) أي استحسانا لتوهم الشغل (وقيل) قائله القدوري، واختاره التمرتاشي وقاضيخان (إن كان المانع شرعيا) كصوم (تجب) العدة (وإن) كان (حسيا) كصغر ومرض مدنف (لا) تجب، والمذهب الاول لانه نص محمد.(3/134)
قاله المصنف.
وفي المجتبى: الموت أيضا كالوطئ في حق العدة والمهر فقط، حتى لو ماتت الام قبل دخوله بها حلت بنتها.
(قبضت ألف المهر فوهبته له وطلقت قبل وطئ رجع) عليها (بنصفه) لعدم تعين النقود في العقود (وإن لم تقبضه أو قبضت نصفه فوهبته الكل) في الصورة الاولى (أو ما بقي) وهو النصف في الثانية (أو) وهبت (عرض المهر) كثوب معين أو في الذمة (قبل القبض أو بعده لا) رجوع لحصول المقصود.(3/135)
(نكحها بألف على أن يخرجها من البلد أو لا يتزوج عليها أو) نكحها (على ألف إن أقام بها وعلى ألفين إن إخراجها، فإن وفى) بما شرطه في الصورة الاولى (وأقام) بها في الثانية (فلها الالف) لرضاها به فهنا صورتان: الاولى تسمية المهر مع ذكر ينفعها،(3/136)
والثانية تسمية مهر على تقدير وغيره على تقدير (وإلا) يوف ولم يقم (فمهر المثل) لفوت رضاها بفوات النفع (و) لكن (لا يزاد) المهر في المسألة الاخيرة (على ألفين ولا ينقص عن ألف) لاتفاقهما على ذلك، ولو طلقها قبل الدخول تنصف المسمى في المسألتين لسقوط الشرط.
وقالا: الشرطان صحيحان (بخلاف ما لو تزوجها على ألف إن كانت قبيحة، وعلى ألفين إن كانت جميلة فإنه يصح الشرطان) اتفاقا في الاصح لقلة الجهالة،(3/137)
بخلاف ما لو ردد في المهر بين القلة والكثرة للثيوبة والبكارة، فإنها إن ثيبا لزمه الاقل، وإلا فمهر المثل لا يزاد على الاكثر ولا ينقص على الاقل.
فتح.
ولو شرط البكارة فوجدها ثيبا لزمه الكل.
درر.
ورجحه في البزازية.
(ولو تزوجها على هذا العبد أو على هذا الالف) أو الالفين (أو على هذا(3/138)
العبد وهذا العبد) أو على أحد هذين (وأحدهما أوكس حكم) القاضي (مهر المثل) فإن مثل الا رفع أو فوقه فلها الا رفع، وإن مثل الاوكس أو دونه فلها الاوكس، وإلا فمه المثل.
(وفي الطلاق قبل الدخول يحكم متعة المثل) لانها الاصل، حتى لو كان نصف الاوكس أقل من المتعة وجبت المتعة.
فتح.
(ولو تزوجها على فرس) أو عبد أو ثوب هروي أو فراش بيت أو عدد معلوم من نحو(3/139)
إبل (فالواجب) في كل جنس له وسط (الوسط أو قيمته) وكل ما لم يجز السلم فيه فالخيار للزوج، وإلا فللمرأة (وكذا الحكم) وهو لزوم الوسط (في كل حيوان ذكر جنسه) هو عند الفقهاء المقول على كثيرين مختلفين في الاحكام (دون نوعه) هو المقول على كثيرين متفقين(3/140)
فيها، بخلاف مجهول الجنس كثوب ودابة لانه لا وسط له(3/141)
ووسط العبيد في زماننا الحبشي(3/143)
(وإن أمهرها العبدين و) الحال أن (أحدهما حر فمهرها العبد) عند الامام (إن ساوى أقله) أي عشرة دراهم (وإلا كمل لها العشرة) لان وجوب المسمى وإن قل يمنع مهر المثل.
وعند الثاني لها قيمة الحر لو عبدا ورجحه الكمال، كما لو استحق أحدهما.
(ويجب مهر المثل في نكاح فاسد) وهو الذي فقد شرطا من شرائط الصحة كشهود(3/144)
(بالوطئ) في القبل (لا بغيره) كالخلوة لحرمة وطئها (ولم يزد) مهر المثل (على المسمى) لرضاها بالحط، ولو كان دون المسمى لزم مهر المثل لفساد التسمية بفساد العقد، ولو لم يسم أو جهل لزم بالغا ما بلغ (و) يثبت (لكل واحد منهما فسخه ولو بغير محضر عن صاحبه، ودخل بها أو لا) في الاصح خروجا عن المعصية فلا ينافي وجوبه،(3/145)
بل يجب على القاضي التفريق بينهما (وتجب العدة بعد الوطئ) لا الخلوة للطلاق لا للموت (من وقت التفريق) أو متاركة الزوج وإن لم تعلم المرأة بالمتاركة(3/146)
في الاصح (ويثبت النسب) احتياطا بلا دعوة (وتعتبر مدته) وهي ستة أشهر (من الوطئ، فإن كانت منه إلى الوضع أقل مدة الحمل) يعني ستة أشهر فأكثر (يثبت) النسب (وإلا) بأن ولدته لاقل من ستة أشهر (لا) يثبت، وهذا قول محمد، وبه يفتى.
وقالا: ابتداء المدة من وقت العقد كالصحيح، ورجحه في النهر بأنه أحوط، وذكر من التصرفات الفاسدة إحدى وعشرين، ونظم منها العشرة التي في الخلاصة فقال: وفاسد من العقود عشر إجارة وحكم هذا الاجر(3/147)
وجوب أدنى مثل أو مسمى أو كله مع فقدك المسمى والواجب الاكثر في الكتابة من الذي سماه أو من قيمه وفي النكاح المثل إن يكن دخل وخارج البذر لمالك أجل والصلح والرهن لكل نقضه أمامة أو كالصحيح حكمه ثم الهبة مضمونة يوم قبض وصح بيعه لعبد اقترض مضاربه وحكمها الامانه والمهثل في البيع وإلا القيمه(3/148)
(و) الحرة (مهر مثلها) الشرعي (مهر مثلها) اللغوي: أي مهر امرأة تماثلها (من قوم أبيها) لا أمها إن لم تكن من قومه كبنت عمه.
وفي الخلاصة: ويعتبر بأخواتها وعماتها، فإن لم يكن فبنت الشقيقة وبنت العم انتهى.
ومفاده اعتبار الترتيب فليحفظ.(3/150)
وتعتبر المماثلة في الاوصاف.
(وقت العقد سما وجمالا ومالا وبلدا وعصرا وعقلا ودينا وبكارة وثيوبة وعفة وعلما وأدبا وكمال خلق) وعدم ولد.
ويعتبر حال الزوج أيضا، ذكره الكمال قال:(3/151)
ومهر الامة بقدر الرغبة فيها (ويشترط فيه) أي في ثبوت مهر المثل لما ذكر (إخبار رجلين أو رجل وامرأتين ولفظ الشهادة) فإن لم يوجد شهود عدول فالقول للزوج بيمينه، وما في المحيط(3/152)
من أن للقاضي فرض المهر حملة في النهر على ما إذا رضيا بذلك (فإن لم يوجد من قبيلة أبيها فمن الاجانب) أي فمن قبيلة تماثل قبيلة أبيها (فإن لم يوجد فالقول له) أي للزوج في ذلك
بيمينه كما مر.
(وصح ضمان الولي مهرها ولو) المرأة (صغيرة)(3/153)
ولو عاقدا لانه سفير، لكن لشرط صحته، فلو في مرض موته وهو وارثه لم يصح، وإلا صح من الثلث، وقبول المرأة أو غيرها في مجلس الضمان (وتطالب أيا شاءت) من زوجها البالغ، أو الولي الضامن (فإن أدى رجع على الزوج إن أمر) كما هو حكم الكفالة (ولا يطالب الاب(3/154)
بمهر ابنه الصغير الفقير) أما الغني فيطالب أبوه بالدفع من مال ابنه لا من مال نفسه (إذا زوجه امرأة إلا إذا ضمنه) على المعتمد (كما في النفقة) فإنه لا يؤخذ بها إلا إذا ضمن، ولا رجوع للاب إلا(3/155)
إذا أشهد على الرجوع عند الاداء (ولها منعه من الوطئ) دواعيه.
شرح مجمع (والسفر بها ولو بعد وطئ وخلوة رضيتهما) لان كل وطأة معقود عليها، فتسليم البعض لا يوجب تسليم الباقي (لاخذ ما بين تعجيله) من المهر كله أو بعضه (أو) أخذ (قدر ما يعجل لمثلها عرفا) به يفتى،(3/157)
لان المعروف كالمشروط (إن لم يؤجل) أو يعجل (كله) فكما شرط، لان الصريح يفوق الدلالة إلا إذا جهل الاجل جهالة فاحشة فيجب حالا غاية، إلا التأجيل لطلاق أو موت فيصح للعرف.
بزازية.
وعن الثاني لها منعه إن أجله كله، وبه يفتى استحسانا.
ولوالجية.
وفي النهر: لو تزوجها على مائة على حكم الحلول على أن يعجل أربعين(3/158)
لها منعه حتى تقبضه.
(و) لها (النفقة) بعد المنع (و) لها (السفر والخروج من بيت زوجها للحاجة، و) لها (زيارة أهلها بلا إذنه ما لم تقبضه) أي المعجل، فلا تخرج إلا لحق لها أو عليها أو لزيارة أبويها كل جمعة مرة أو المحارم كل سنة، ولكونها قابلة أو غاسلة لا فيما عدا ذلك، وإن أذن كانا عاصيين، والمعتمد جواز الحمام بلا تزين.
أشباه.
وسيجئ في النفقة (ويسافر بها بعد أداء(3/159)
كله) مؤجلا ومعجلا (إذا كان مأمونا عليها وإلا) يؤد كله، أو لم يكن مأمونا (لا) يسافر بها، وبه يفتى كما في شروح المجمع، واختاره في ملتقى الابحر ومجمع الفتاوى، واعتمده المصنف، وبه أفتى شيخنا الرملي، لكن في النهر: والذي عليه العمل في ديارنا أنه لا يسافر بها جبرا عليها، وجزم به البزازي وغيره.
وفي المختار: وعليه الفتوى.(3/160)
وفي الفصول: يفتي بما يقع عنده من المصلحة (وينقلها فيما دون مدته) أي السفر (من المصر إلى القرية وبالعكس) ومن قرية إلى قرية، لانه ليس بغربة، وقيده في التاترخانية بقرية يمكنه الرجوع قبل الليل إلى وطنه، وأطلقه في الكافي قائلا: وعليه الفتوى (وإن اختلفا) في المهر(3/161)
(ففي أصله) حلف منكر التسمية، فإن نكل ثبت، وإن حلف (يجب مهر المثل) وفي المهر يحلف (إجماعا، و) إن اختلفا (في قدره حال قيام النكاح فالقول لمن شهد له مهر المثل) بيمينه (وأي أقام بينة قبلت) سواء (شهد مهر المثل له أو لها أو لا ولا، وإن أقاما البينة فبينتها) مقدمة (إن شهد مهر المثل له، وبينته) مقدمة (إن شهد) مهر المثل (لها) لان البينات(3/162)
لاثبات خلاف الظاهر (وإن كان مهر المثل بينهما تحالفا، فإن حلفا أو برهنا قضى به، وإن برهن أحدهما قبل برهانه، لانه نور دعواه.
(وفي الطلاق قبل الوطئ حكم متعة المثل) لو المسمى دينا وإن عينا كمسألة العبد(3/163)
والجارية فلها المتعة بلا تحكيم، إلا أن يرضى الزوج بنصف الجارية (وأي أقام بينة قبلت، فإن أقاما فبينتها) أولى (إن شهدت له) المتعة (وبينته إن شهدت لها، وإن كانت) المتعة (بينهما تحالفا، وإن حلف وجب متعة المثل، وموت أحدهما كحياتهما في الحكم) أصلا وقدرا لعدم سقوطه بموت أحدهما (وبعد موتهما ففي القدر القول لورثته، و) في الاختلاف (في أصله) القول لمنكر التسمية (لم يقض بشئ) ما لم يبرهن على التسمية (وقالا: يقضى بمهر المثل) كحال حياة وبه يفتى وهذا كله (إذا لم تسلم نفسها، فإن سلمت ووقع الاختلاف في الحالين)(3/164)
الحياة وبعدها (ولا يحكم بمهر المثل) لانها لا تسلمه نفسها إلا بعد تعجيل شئ عادة (بل يقال لها: لا بد أن تقري بما تعجلت وإلا قضينا عليك بالمتعارف) تعجيله (ثم يعمل في الباقي بما ذكرنا وهذا إذا ادعى الزوج إيصال شئ إليها.
بحر.
(ولو بعث إلى امرأته شيئا ولم يذكر جهة عند الدفع غير) جهة (المهر) كقوله لشمع أو حناء ثم قال إنه من المهر لم يقبل.
قنية لوقوعه هدية فلا ينقلب مهرا (فقالت هو) أي المبعوث(3/165)
(هدية وقال هو من المهر) أو من الكسوة أو عارية (فالقول له) بيمينه والبينة لها، فإن حلف والمبعوث قائم فلها أن ترده وترجع بباقي المهر.
ذكره ابن الكمال.
ولو عوضته ثم ادعاه عارية فلها أن تسترد العوض(3/166)
من جنسه.
زيلعي (في غير المهيأ للاكل) كثياب وشاة حية وسمن وعسل وما يبقى شهرا.
أخي زاده (و) القول (لها) بيمينها (في المهيأ له) كخبز ولحم مشوي، لان الظاهر يكذبه، ولذا قال الفقيه: المختار أنه يصدق فيما لا يجب عليه كخف وملاءة، لا فيما يجب كخمار ودرع: يعني ما يم يدع أنه كسوة، لان الظاهر معه.
(خطب بنت رجل وبعث إليها أشياء ولم يزوجها أبوها، فما بعث للمهر يسترد عينه قائما) فقط وإن تغير بالاستعمال(3/167)
(أو قيمته هالكا) لانه معاوضة ولم تتم فجاز الاسترداد (وكذا) يسترد (ما بعث هدية وهو قائم دون الهالك والمستهلك) لانه في معنى الهبة.
(ولو ادعت أنه) أي المبعوث (من المهر وقال هو وديعة، فإن كان من جنس المهر فالقول لها، وإن كان من خلافه فالقول له) بشهادة الظاهر.
(أنفق) رجل (على معتدة الغير(3/168)
بشرط أن يتزوجها) بعد عدتها (إن تزوجته لا رجوع مطلقا، وإن أبت فله الرجوع إن كان دفع لها، وإن أكلت معه فلا مطلقا) بحر عن العمادية.(3/169)
وفيه عن المبتغى (جهز ابنته بجهاز وسلمها ذلك ليس له الاسترداد منها ولا لورثته بعده إن سلمها ذلك في صحته) بل تختص به (وبه يفتى) وكذا لو اشتراه لها في صغرها.
ولوالجية.
والحيلة أن يشهد عند التسليم إليها أنه إنما سلمه عارية، والاحوط أن يشتريه منها ثم تبرئه.
درر.
(أخذ أهل المرأة شيئا عند التسليم فللزوج أن يسترده) لانه رشوة.
(جهز ابنته ثم ادعى أن ما دفعه لها عارية وقالت هو تمليك أو قال الزوج ذلك بعد موتها ليرث منه وقال الاب) أو ورثته بعد موته (عارية ف) - المعتمد أن (القول للزوج، ولها إذا كان(3/170)
العرف مستمرا أن الاب يدفع مثله جهازا لا عارية، و) أما (إن مشتركا) كمصر والشام (فالقول للاب)(3/171)
كما لو كان أكثر مما يجهز به مثلها (والام كالاب في تجهيزها) وكذا ولي الصغيرة.
شرح وهبانية.
واستحسن في النهر تبعا لقاضيخان أن الاب إن كان من الاشراف لم يقبل قوله أنه عارية.
(ولو دفعت في تجهيزها لابنتها أشياء من أمتعة الاب بحضرته وعلمه وكان ساكتا وزفت إلى الزوج فليس للاب أن يسترد ذلك من ابنته) لجريان العرف به (وكذا لو أنفقت الام في جهازها ما هو معتاد والاب ساكت لا تضمن) الام، وهما من المسائل السبع والثلاثين بل الثمان والاربعين على ما في زواهر الجواهر التي السكوت فيها كالنطق.
فرع: لو زفت إليه بلا جهاز يليق به فله مطالبة الاب بالنقد.
قنية.
زاد في البحر عن المبتغى: إلا إذا سكت طويلا فلا خصومة له،(3/172)
لكن في النهر عن البزازية: الصحيح أنه لا يرجع على الاب بشئ، لان المال في النكاح غير مقصود (نكح ذمي) أو مستأمن (ذمية أو حربي حربية ثمة بميتة أو بلا مهر بأن سكتا عنه أو نفياه و) الحال أن (ذا جائز عندهم فوطئت أو خلقت(3/173)
قبله أو مات عنها فلا مهر لها) لو أسلما أو ترافعا إلينا لانا أمرنا بتركهم وما يدينون (وتثبت) بقية (أحكام النكاح في حقهم كالمسلمين من وجوب النفقة في النكاح ووقوع الطلاق ونحوهما) كعدة ونسب وخيار بلوغ وتوارث بنكاح صحيح وحرمة مطلقة ثلاثا ونكاح محارم.
(وإن نكحها بخمر أو خنزير عين) أي مشار إليه ثم أسلما أو أسلم أحدهما قبل القبض فلها ذلك فتخلل الخمر وتسيب الخنزير، ولو طلقها قبل الدخول فلها نصفه (و) لها (في غير عين) قيمة الخمر ومهر المثل في الخنزير، إذ أخذ قيمة القيمي كأخذ عينه.(3/174)
فروع: الوطئ في دار الاسلام لا يخلو عن حد أو مهر إلا في مسألتين: صبي نكح بلا إذن وطاوعته، وبائع أمته قبل تعليم، ويسقط من الثمن ما قابل البكارة، وإلا فلا.
تدافعت جارية مع أخرى فأزالت بكارتها لزمها مهر المثل.(3/175)
لابي الصغيرة المطالبة بالمهر، وللزوج المطالبة بتسليمها إن تحملت الرجل.
قال البزازي: ولا يعتبر السن، فلو تسلمها فهربت لم يلزمه طلبها.
خدع امرأة وأخذها حبس إلى أن يأتي بها ويعلم موتها.
المهر مهر السر، وقيل العلانية.(3/176)
المؤجل إلى الطلاق يتعجل بالرجعي ولا يتأجل بمراجعتها، ولو وهبته المهر على أن يتزوجها فأبى فالمهر باق، نكحها أو لا.
ولو وهبته لاحد ووكلته بقبضه صح.
ولو أحالت به إنسانا ثم وهبته للزوج لم تصح، وهذه حيلة من يريد أن يهب ولا تصح.
باب نكاح الرقيق هو المملوك كلا أو بعضا،(3/177)
والقن المملوك كلا.
(توقف نكاح قن وأمة ومكاتب ومدبر وأم ولد على إجازة المولى، فإن أجاز نفذ، وإن رد بطل) فلا مهر ما لم يدخل فيطالب بمهر المثل بعد عتقه، ثم المراد بالمولى من له ولاية تزويج الامة كأب وجد وقاض ووصي ومكاتب(3/178)
ومفاوض ومتول وأما العبد فلا يملك تزويجه إلا من يملك إعتاقه.
درر.
(فإن نكحوا بالاذن فالمهر والنفقة عليهم) أي على القن وغيره لوجود سبب الوجوب منه (ويسقطان بموتهم) لفوات محل الاستيفاء (وبيع قن فيهما لا) يباع (غيره) كمدبر بل يسعى، ولو مات مولاه لزمه جملة إن قدر.
نهر وقنية (ولكنه يباع في النفقة مرارا)(3/179)
إن تجددت (وفي المهر مرة) ويطالب بالباقي بعد عتقه(3/180)
إلا إذا باعه منها.
خانية.
(ولو زوج) المولى (أمته من عبده لا يجب المهر) في الاصح.
ولوالجية.
وقال البزازي: بل يسقط ومحل الخلاف إذا لم تكن الامة مأذونة مديونة، فإن كانت بيع أيضا لانه يثبت لها ثم(3/181)
ينتقل للمولى.
نهر (فلو باعه سيده بعد ما زوجه امرأة فالمهر برقبته يدور معه أينما دار كدين الاستهلاك) لكن للمرأة فسخ البيع لو المهر عليه لانه دين فكانت كالغرماء.
منح (وقوله لعبده طلقها رجعية إجازة) للنكاح (الموقوف، لا طلقها أو فارقها) لانه يستعمل للمتاركة،(3/182)
حتى لو أجازه بعد ذلك لا ينفذ، بخلاف الفضولي (وإذنه لعبده في النكاح ينتظم جائزه وفاسده، فيباع العبد لمهر من نكحها فاسدا بعد إذنه فوطئها) خلافا لهما، ولو نوى المولى الصحيح فقط تقيد به، كما لو نص عليه، ولو نص على الفاسد صح وصح الصحيح أيضا.
نهر.
(ولو نكحها ثانيا) صحيحا (أو) نكح أخرى (بعدها صحيحا وقف على الاجازة) لانتهاء الاذن بمرة(3/183)
وإن نوى مرارا، ولو مرتين صح لانهما كل نكاح العبد، وكذا التوكيل بالنكاح (بخلاف التوكيل به) فإنه لا يتناول الفاسد فلا ينتهي، به يفتى.
والوكيل بنكاح فاسد لا يملك الصحيح، بخلاف
البيع.
ابن ملك.
وفي الاشباه: من قاعدة الاصل في الكلام الحقيقة الاذن في النكاح والبيع والتوكيل بالبيع يتناول الفاسد،(3/184)
وبالنكاح لا، واليمين على نكاح وصلاة وصوم وحج وبيع، إن كانت على الماضي يتناوله، وإن على المستقبل لا.
(ولو زوج عبدا له مأذونا مديونا صح، وساوت) المرأة (الغرماء في مهر مثلها) والاقل (والزائد عليه) تطالب به) بعد استيفاء الغرماء (كدين الصحة مع) دين (المرض) إلا إذا باعه منها(3/185)
كما مر.
(ولو زوج بنته مكاتبه ثم مات لا يفسد النكاح) لانها لم تملك المكاتب بموت أبيها (إلا إذا عجز فرد في الرق) فحينئذ يفسد للتنافي.
(زوج أمته) أو أم ولده (لا تجب) عليه (تبوئتها) وإن شرطها في العقد، أما لو شرط الحر(3/186)
حرية أولادها فيه صح وعتق كل من ولدته في هذا النكاح، لان قبول المولى الشرط والتزويج على اعتباره هو معنى تعليق الحرية بالولادة فيصح.
فتح.
ومفاده أنه لو باعها أو مات عنها قبل الوضع فلا حرية.
ولو ادعى الزوج الشرط ولا بينة له حلف المولى.
نهر(3/187)
(لكن لا نفقة ولا سكنى لها إلا بها) بأن يدفعها إليه ولا يستخدمها (وتخدم المولى ويطأ الزوج إن ظفر بها فارغة) عن خدمة المولى، ويكفي في تسليمها قوله متى ظفرت بها وطئتها.
نهر
(فإن بوأها ثم رجع) عنها (صح) رجوعه لبقاء حقه (وسقطت) النفقة.
(ولو خدمته) أي السيد بعد التبوئة (بلا استخدامه) أو استخدامها نهارا وأعادها لبيت زوجها ليلا (لا) تسقط لبقاء التبوئة.
(وله) أي المولى (السفر بها) أي بأمته (وإن أبى الزوج) ظهيرية (وله إجبار قنه وأمته) ولو أم ولد، ولا يلزمه الاستبراء بل يندب، فلو ولدت لاقل من نصف حول فهو من المولى والنكاح فاسد.
بحر من الاستيلاد وثبوت النسب (على النكاح) وإن لم يرضيا لا مكاتبه(3/188)
ومكاتبته، بل يتوقف على إجازتهما ولو صغيرين إلحاقا بالبالغ، فلو أديا وعتقا عاد موقوفا على إجازة المولى لا على إجازتهما لعدم أهليتهما إن لم يكن عصبة غيره، ولو عجزا توقف نكاح المكاتب على رضا المولى ثانيا لعود مؤن النكاح عليه، وبطل نكاح المكاتبة لانه طرأ حل بات على موقوف فأبطله، والدليل يعمل العجائب، وبحث الكمال هنا غير صائب.(3/189)
(ولو قتل) المولى (أمته قبل الوطئ) ولو خطأ.
فتح (وهو مكلف) فلو صبيا لم يسقط على الراجح (سقط المهر) لمنعه المبدل كحرة ارتدت ولو صغيرة (لا لو فعلت ذلك) القتل (امرأة)(3/190)
ولو أمة على الصحيح.
خانية (بنفسها) أو قتلها وارثها أو ارتدت الامة أو قبلت ابن زوجها كما رجحه في النهر، إذ لا تفويت من المولى (أو فعله بعده) أي الوطئ لتقرره به، ولو فعله بعبده أو مكاتبته أو مأذونته المديونة لم يسقط اتفاقا.
(والاذن في العزل) وهو الانزال خارج الفرج (لمولى الامة لا لها) لان الولد حقه،(3/191)
وهو يفيد التقييد بالبالغة وكذا الحرة.
نهر.
(ويعزل عن الحرة) وكذا الكاتبة.
نهر.
بحثا (بإذنها) لكن في الخانية أنه يباح في زماننا
لفساده.
قال الكمال: فليعتبر عذرا مسقطا لاذنها، وقالوا: يباح إسقاط الولد قبل أربعة أشهر(3/192)
ولو بلا إذن الزوج (وعن أمته بغير إذنها) بلا كراهة، فإن ظهر بها حبل حل نفيه إن لم يعد قبول بول (وخيرت أمة).
ولو أم ولد (ومكاتبة) ولو حكما كمعتقة بعض (عتقت تحت حر أو عبد ولو كان النكاح برضاها) دفعا لزيادة الملك عليها بطلقة ثالثة، فإن اختارت نفسها فلا مهر لها(3/193)
أو زوجها فالمهر لسيدها، ولو صغيرة تؤخر لبلوغها، وليس لها خيار بلوغ في الاصح (أو كانت) الامة (عند النكاح حرة صارت أمة) بأن ارتدا ولحقا بدار الحرب ثم سبيا معا فأعتقت خيرت عند الثاني، خلافا للثالث.
مبسوط (والجهل بهذا الخيار) خيار العتق (عذر) فلو لم تعلم به حتى ارتدا ولحقا فعلمت ففسخت صح، إلا إذا قضى باللحاق،(3/194)
وليس هذا حكما بل فتوى.
كافي (ولا يتوقف على القضاء) ولا يبطل بسكوت ولا يثبت لغلام ويقتصر على مجلس كخيار مخيرة، بخلاف خيار البلوغ في الكل.
خانية.
(نكح عبد بلا إذن فعتق) أو باعه فأجاز المشتري (نفذ) لزوال المانع (وكذا) حكم (الامة ولا خيار لها)(3/195)
لكون النفوذ بعد العتق فلم تتحقق زيادة الملك، وكذا لو اقترنا بأن زوجها فضولي وأعتقها فضولي وأجازهما المولى، وكذا مدبرة عتقت بموته، وكذا أم الولد إن دخل بها الزوج، وإلا لم ينفذ، لان عدتها من المولى تمنع نفاذ النكاح (فلو وطئ) الزوج الامة (قبله) أي العتق (فالمهر المسمى له) أي للمولى (أو بعده فلها) لمقابلته بمنفعة ملكتها.
(ومن وطئ قنة ابنه فولدت) فلو لم تلد لزم عقرها(3/196)
وارتكب محرما، ولا يحد قاذفه (فادعاه الاب) وهو حر مسلم عاقل (ثبت نسبه) بشرط بقاء ملك(3/197)
ابنه من (وقت الوطئ إلى الدعوة، وبيعها لاخيه مثلا لا يضر.
نهر بحثا (وصارت أم ولده) لاستناد الملك لوقت العلوق (وعليه قيمتها) ولو فقيرا لقصور حاجة بقاء نسله عن بقاء نفسه، ولذا يحل له عند الحاجة الطعام لا الوطئ، ويجبر على نفقة أبيه لا على دفع جارية لتسريه (لا عقرها وقيمة ولدها) ما لم تكن مشتركة فتجب حصة الشريك، وهذا إذا ادعاه وحده، فلو مع الابن، فإن شريكين قدم الاب(3/198)
وإلا فالابن، ولو ادعى ولد أم ولده المنفي أو مدبرته أو مكاتبته شرط تصديق الابن (وجد صحيح كأب بعد زوال ولايته بموت وكفر وجنون ورق فيه) أي في الحكم المذكور (لا) يكون كالاب (قبله) أي قبل زوال المذكور، ويشترط ثبوت ولايته من الوطئ إلى الدعوة.
(ولو تزوجها) ولو فاسدا (أبوه) ولو بالولاية (فولدت لم تصر أم ولده) لتولده من نكاح (ويجب المهر لا القيمة وولدها حر) بملك أخيه له،(3/199)
ومن الحيل أن يملك أمته لطفله ثم يتزوجها.
(ولو وطئ جارية امرأته أو والده أو جده فولدت وادعاه لا يثبت النسب إلا بتصديق المولى) فلو كذبه ثم ملك الجارية وقتا ما ثبت النسب، وسيجئ في الاستيلاد (حرة) متزوجة برقيق (قالت لمولى زوجها) الحر المكلف (أعتقه عني بألف) أو زادت ورطل من خمر، إذ الفاسد هنا كالصحيح (ففعل فسد النكاح) لتقدم الملك اقتضاء، كأنه قال: بعته منك وأعتقته(3/200)
عنك، لكن لو قال كذلك وقع العتق عن المأمور لعدم القبول كما في الحواشي السعدية، ومفاده أنه لو قال قبلت وقع عن الآمر (والولاء لها) ولزمها الالف وسقط المهر (ويقع) العتق
(عن كفارتها إن نوته) عنها (ولو لم تقل بألف لا) يفسد لعدم الملك (والولاء له) لانه المعتق، والله أعلم.
باب نكاح الكافر يشمل المشرك والكتابي.
وها هنا ثلاثة أصول: الاول أن (كل نكاح صحيح بين المسلمين فهو صحيح بين أهل الكفر) خلافا لمالك، ويرده قوله تعالى: * (وامرأته حمالة(3/201)
الحطب) * (سورة المسد: الآية 4) وقوله عليه الصلاة والسلام ولدت من نكاح لا من سفاح (و) الثاني أن (كل نكاح حرم بين المسلمين لفقد شرطه) لعدم شهود (يجوز في حقهم إذا اعتقدوه) عند الامام (ويقرون(3/202)
عليه بعد الاسلام.
و) الثالث (أن كل نكاح حرم لحرمة المحل) كمحارم (يقع جائزا.
وقال مشايخ العراق: لا) بل فاسدا، والاول، أصح، وعليه فتجب النفقة ويحد قاذفه.
وأجمعوا على أنهم لا يتوارثون لان الارث ثبت بالنص على خلاف القياس في النكاح الصحيح مطلقا فيقتصر عليه.
ابن ملك.
(أسلم المتزوجان بلا) سماع(3/203)
(شهود أو في عدة كافر معتقدين ذلك أقرا عليه) لانه أمرنا بتركهم وما يعتقدون (لو كانا) أي المتزوجان اللذان أسلما (محرمين أو أسلم أحد المحرمين أو ترافعا إلينا وهما على الكفر فرق) القاضي أو الذي حكماه (بينهما) لعدم المحلية (وبمرافقة أحدهما لا) يفرق لبقاء حق الآخر، بخلاف أسلامه، لان الاسلام يعلو ولا يعلى (إلا إذا طلقها ثلاثا وطلبت التفريق(3/204)
فإنه يفرق بينهما) إجماعا (كما لو خالعها ثم أقام معها من غير عقد، أو تزوج كتابية في عدة مسلم) أو تزوجها قبل زوج آخر وقد طلقها ثلاثا، فإنه في هذه الثلاثة يفرق من غير مرافعة.(3/205)
بحر عن المحيط، خلافا للزيلعي والحاوي من اشتراط المرافعة.
(وإذا أسلم أحد الزوجين المجوسين أو امرأة الكتابي عرض الاسلام على الآخر، فإن أسلم) فيها (وإلا) بأن أبى أو سكت (فرق بينهما، ولو كان) الزوج(3/206)
(صبيا مميزا) اتفاقا على الاصح (والصبية كالصبي) فيما ذكر، والاصل أن كل من صح منه الاسلام إذا أتى به صح منه الاباء إذا عرض عليه (وينتظر عقل) أي تمييز (غير المميز، ولو) كان (مجنونا) لا ينتظر لعدم نهايته بل (يعرض) الاسلام (على أبويه) فأيهما أسلم تبعه فيبقى النكاح، فإن لم يكن له أب نصب القاضي عنه وصيا فيقضي عليه بالفرقة.
باقاني عن البهنسي عن روضة العلماء للزاهدي.
(ولو أسلم الزوج وهي مجوسية فتهودت أو تنصرت بقي نكاحها كما لو كانت في الابتداء كذلك) لانها كتابية مآلا (والتفريق) بينهما (طلاق) ينقص العدد (لو أبى لا لو أبت)(3/207)
لان الطلاق لا يكون من النساء.
(وإباء المميز وأحد أبوي المجنون طلاق) في الاصح، وهو من أغرب المسائل حيث يقع الطلاق من صغير ومجنون.
زيلعي، وفيه نظر، إذ الطلاق من القاضي وهو عليهما لا منهما فليسا بأهل للايقاع بل للوقوع،(3/208)
كما لو ورث قريبه.
ولو قال: إن جننت فأنت طالق فجن لم يقع، بخلاف إن دخلت الدار فدخلها مجنونا وقع.
(ولو أسلم أحدهما) أي أحد المجوسيين أو امرأة الكتابي (ثمة) أي في دار الحرب
وملحق بها كالبحر الملح(3/209)
(لم تبن حتى تحيض ثلاثا) أو تمضي ثلاثة أشهر (قبل إسلام الآخر) إقامة لشرط الفرقة مقام السبب، وليست بعدة لدخول غير المدخول بها.
(ولو أسلم زوج الكتابية) ولو مالا كما مر (فهي له، و) المرأة (تبين بتباين الدارين) حقيقة وحكما (لا) ب (- السبي، فلو خرج) أحدهما (إلينا مسلما) أو ذميا أو أسلم أو صار ذا ذمة في دارنا (أو أخرج مسبيا) وأدخل في دارنا (بانت) بتباين الدار، إذ أهل الحرب كالموتى.
ولا(3/210)
نكاح بين حي وميت (وإن سبيا) أو خرجا إلينا (معا) ذميين أو مسلمين أو ثم أسلما أو صارا ذميين (لا) تبين لعدم التباين، حتى لو كانت المسبية منكوحة مسلم أو ذمي لم تبن، ولو نكحها ثمة ثم خرج قبلها بانت وإن خرجت قبله لا، وما في في الفتح عن المحيط تحريف.
نهر.
(ومن هاجرت إلينا) مسلمة أو ذمية (حائلا بانت بلا عدة) فيحصل تزوجها، أما الحامل(3/211)
فحتى تضع على الاظهر، لا للعدة بل لشغل الرحم بحق الغير (وارتداد أحدهما) أي الزوجين (فسخ) فلا ينقص عددا (عاجل) بلا قضاء (فللموطوءة) ولو حكما (كل مهرها) لتأكده به (ولغيرها نصفه) لو مسمى أو المتعة (لو ارتد) وعليه نفقة العدة (ولا شئ من المهر والنفقة سوى السكنى).
به يفتى(3/212)
(لو ارتدت) لمجئ الفرقة منها قبل تأكده، ولو ماتت في العدة ورثها زوجها المسلم استحسانا، وصرحوا بتعزيرها خمسة وسبعين وتجبر على الاسلام وعلى تجديد النكاح زجرا لها بمهر يسير كدينار، وعليه الفتوى.
ولوالجية.
وأفتى مشايخ بلخ بعدم الفرقة بردتها زجرا وتيسيرا، لا سيما التي تقع في المكفر ثم تنكر.
قال في النهر: والافتاء بهذا أولى من الافتاء
بما في النوادر، لكن قال المصنف: ومن تصفح أحوال نساء زماننا وما يقع منهن من موجبات الردة مكررا في كل يوم لم يتوقف في الافتاء برواية النوادر.
قلت: وقد بسطت في القنية والمجتبى والفتح والبحر.
وحاصلها أنها بالردة تسترق(3/213)
وتكون فيئا للمسلمين عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى، ويشتريها الزوج من الامام أو يصرفها إليه لو مصرفا.
ولو استولى عليها الزوج بعد الردة ملكها، وله بيعها ما لم تكن ولدت منه فتكون كأم الولد.
ونقل المصنف في كتاب الغصب أن عمر رضي الله عنه هجم على نائحة فضربها بالدرة حتى سقط خمارها، فقيل له: يا أمير المؤمنين قد سقط خمارها، فقال: إنها لا حرمة لها، ومن هنا قال الفقيه أبو بكر البلخي حين مر بنساء على شط نهر كاشفات الرؤوس والذراع، فقيل له: كيف تمر؟ فقال: لا حرمة لهن، إنما الشك في إيمانهن كأنهن حربيات(3/214)
(وبقي النكاح إن ارتدا معا) بأن لم يعلم السبق فيجعل كالغرقى (ثم أسلما كذلك) استحسانا (وفسد إن أسلم أحدهما قبل الآخر) ولا مهر قبل الدخول لو المتأخر هي، ولو هو فنصفه أو متعة.
(والولد يتبع خبر الابوين دينا) إن اتحدت الدار(3/215)
ولو حكما، بأن كان الصغير في دارنا والاب ثمة، بخلاف العكس (والمجوسي، ومثله) كوثني(3/216)
وسائر أهل الشرك (شر من الكتابي) والنصراني شر من اليهودي في الدارين، لانه لا ذبيحة له بل يخنق كمجوسي وفي الآخرة أشد عذابا.
وفي جامع الفصولين: لو قال النصرانية خير من اليهودية أو المجوسية كفر لاثباته الخير لما قبح بالقطعي(3/217)
لكن ورد في السنة أن المجوس أسعد حالة من المعتزلة لاثبات المجوس خالقين فقط وهؤلاء خالقا لا عدد له.
بزازية ونهر (ولو تمجس أبو صغيرة نصرانية تحت مسلم) بانت بلا مهر ولو كان (قد ماتت الام نصرانية) مثلا وكذا عكسه (لم تبن) لتناهي التبعية بموت أحدهما ذميا أو مسلما أو مرتدا فلم تبطل بكفر الآخر.(3/218)
وفي المحيط: لو ارتدا لم تبن ما لم يلحقا، ولو بلغت عاقلة مسلمة ثم جنت فارتدا لم تبن مطلقا.
) مسلم تحته نصرانية فتمجسا أو تنصرا بانت.
(ولا) يصلح (أن ينكح مرتد أو مرتدة أحدا) من الناس مطلقا.
(أسلم) الكافر (وتحته خمس نسوة فصاعدا أو أختان أو أم وبنتها بطل نكاحهن إن تزوجهن بعقد واحد، فإن رتب فالآخر) باطل.
وخيره محمد والشافعي عملا بحديث فيروز.(3/219)
قلنا: كان تخييره في التزوج بعد الفرقة بلغت المسلمة المنكوحة ولم تصف الاسلام بانت ولا مهر قبل الدخول، وينبغي أن يذكر الله تعالى بجميع صفاته عندها وتقر بذلك، وتمامه في الكافي.(3/220)
باب القسم بفتح القاف: القسمة، وبالكسر: النصيب.
(يجب) وظاهر الآية أنه فرض.
نهر (أن يعدل) أي أن لا يجوز (فيه) أي في القسم بالتسوية في البيتوتة (وفي الملبوس والمأكول)(3/221)
والصحبة (لا في المجامعة) كالمحبة بل يستحب.
ويسقط حقها بمرة ويجب ديانة أحيانا ولا يبلغ مدة الايلاء إلا برضاها،(3/222)
ويؤمر المعتبد بصحبتها أحيانا، وقدره الطحاوي بيوم وليلة من كل أربع لحرة وسبع لامة.
ولو تضررت من كثرة جماعه لم تجز الزيادة على قدر طاقتها، والرأي في تعيين المقدار للقاضي بما يظن طاقتها.
نهر بحثا(3/223)
(بلا فرق بين فحل وخصي وعنين ومجبوب ومريض وصحيح) وصبي دخل بامرأته وبالغ لم يدخل.
بحر بحثا، وأقره المصنف، ومريضة وصحيحة (وحائض وذات نفاس ومجنونة لا يخاف ورتقاء وقرناء) وصغيرة يمكن وطؤها ومحرمة ومظاهر ومولى منها(3/224)
ومقابلاتهن، وكذا مطلقة رجعية إن قصد رجعتها، وإلا لا.
بحر.
(ولو أقام عند واحدة شهرا في غير سفر ثم خاصمته الاخرى) في ذلك (يؤمر بالعدل بينهما في المستقبل وهدر ما مضى وإن أثم به) لان القسمة تكون بعد الطلب (وإن عاد إلى الجور بعد نهي القاضي إياه عزر) بغير حبس.
جوهرة.
لتفويته الحق، وهذا إذا لم يقل إنما فعلت ذلك، لان خيار الدور إلي، فحينئذ يقضي القاضي بقدره.
نهر بحثا(3/225)
(والبكر والثيب والجديدة والقديمة والمسلمة والكتابية سواء) لاطلاق الآية.
(وللامة والمكاتبة وأم الولد والمدبرة) والمبعضة (نصف ما للحرة) أي من البيتوتة والسكنى معها، أما النفقة فبحالهما.
(ولا قسم في السفر) دفعا للحرج (فله السفر بمن شاء منهن والقرعة أحب) تطييبا لقلوبهن.
(ولو تركت قسمها) بالكسر: أي نوبتها (لضرتها صح، ولها الرجوع في ذلك) في(3/226)
المستقبل، لانه ما وجب فما سقط، ولو جعلته لمعينة هل له جعله لغيرها؟ ذكر الشافعي لا.
وفي البحر بحثا: نعم، ونازعه في النهر.
(ويقيم عند كل واحدة منهن يوما وليلة) لكن إنما تلزمه التسوية في الليل، حتى لو جاء للاولى بعد الغروب وللثانية بعد العشاء فقد ترك القسم، ولا يجامعها في غير نوبتها، وكذا لا يدخل عليها إلا لعيادتها ولو اشتد.
ففي الجوهرة: لا بأس أن تقيم عندها حتى تشفى أو تموت انتهى: يعني إذا لم يكن عندها من يؤنسها.
ولو مرض هو في بيته دعا كلا في نوبتها، لانه لو كان صحيحا وأراد ذلك ينبغي أن يقبل منه.
نهر (وإن شاء ثلاثا) أي ثلاثة أيام ولياليها (ولا يقيم عند إحداهما أكثر إلا بإذن(3/227)
الاخرى) خاصة زاد في الخانية (والرأي في البداءة (في القسم إليه) وكذا في مقدار الدور.
هداية وتبيين.
وقيده في الفتح بحثا بمدة الايلاء أو جمعة، وعممه في البحر، ونظر فيه في النهر.
قال المصنف: وظاهر بحثهما أنهما لم يطلعا على ما في الخلاصة من التقييد بالثلاثة أيام كما عولنا عليه في المختصر، والله أعلم.
فروع: لو كان عمله ليلا كالحارس ذكر الشافعية أنه يقسم نهارا وهو حسن، وحقه عليها أن تطيعه في كل مباح يأمرها به، وله منعها من الغزل ومن كل ما يتأذى من رائحته، بل ومن الحناء والنقش إن تأذى برائحته.
نهر.
وتمامه فيما علقته على الملتقى.(3/228)
باب الرضاع (هو) لغة بفتح وكسر: مص الثدي.
وشرعا: (مص من ثدي آدمية) ولو بكرا أو ميتة أو آيسة، وألحق بالمص الوجور والسعوط(3/229)
(في وقت مخصوص) هو (حولان ونصف عنده وحولان) فقط (عندهما وهو الاصح) فتح، وبه يفتى كما في تصحيح القدوري عن العون، لكن في الجوهرة أنه في الحولين ونصف، ولو بعد الفطام محرم، وعليه الفتوى.
واستدلوا لقول الامام بقوله تعالى: * (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) * (سورة الاحقاف: الآية 51) أي مدة كل منهما ثلاثون غير أن النقص في الاول قام بقول عائشة: لا يبقى الولد أكثر من سنتين، ومثله لا يعرف إلا سماعا، والآية مؤولة لتوزيعهم الاجل على الاقل والاكثر، فلم تكن دلالتها قطعية، على أن الواجب على المقلد العمل بقول المجتهد وإن لم يظهر دليله(3/230)
كما أفاده في رسم المفتي، لكن في آخر الحاوي: فإن خالفا: قيل يخير المفتي، والاصح أن العبرة لقوة الدليل، ثم الخلاف في التحريم، أما لزوم أجر الرضاع للمطلقة فمقدر بحولين بالاجماع (ويثبت التحريم) في المدة فقط ولو (بعد الفطام والاستغناء بالطعام على) ظاهر (المذهب) وعليه الفتوى.
فتح وغيره.
قال في المصنف كالبحر: فما في الزيلعي خلاف المعتمد، لان الفتوى متى اختلفت رجح ظاهر الرواية (ولم يبح الارضاع بعد مدته) لانه جزء(3/231)
آدمي والانتفاع به لغير ضرورة حرام على الصحيح.
شرح الوهبانية.
وفي البحر: لا يجوز التداوي بالمحرم في ظاهر المذهب، أصله بول المأكول كما مر.
(وللاب إجبار أمته على فطام ولدها منه قبل الحولين إن لم يضره) أي الولد (الفطام، كما له) أيضا (إجبارها) أي أمته (على الارضاع، وليس له ذلك) يعني الاجبار بنوعيه (مع زوجته الحرة) ولو (قبلهما) لان حق التربية لها.
جوهرة (ويثبت به) ولو بين الحربيين.
بزازية (وإن قل) إن علم وصوله لجوفه من فمه أو أنفه(3/232)
لا غير، فلو التقم الحلمة ولم يدر أدخل اللبن في حلقه أم لا لم يحرم، لان في المانع شكا.
ولوالجية.
ولو أرضعها أكثر أهل قرية ثم لم يدر من أرضعها فأراد أحدهم تزوجها، إن لم تظهر علامة ولم يشهد بذلك جاز.
خانية (أمومية المرضعة للرضيع، و) يثبت (أبوة زوج مرضعة) إذا(3/233)
كان (لبنها منه له) وإلا لا كما سيجئ (فيحرم منه) أي بسببه (ما يحرم من النسب) رواه الشيخان.
واستثنى بعضهم إحدى وعشرين صورة، وجمعها في قوله: يفارق النسب الارضاع في صوركأم نافلة أو جدة الولد وأم أخت وأخت ابن(3/234)
وأم أخ وأم خال وعمة ابن اعتمد (إلا أم أخيه وأخته) استثناء منقطع، لان حرمة من ذكر بالمصاهرة لا بالنسب فلم يكن(3/235)
الحديث متنا، ولا لما استثناه الفقهاء فلا تخصيص بالعقل كما قيل، فإن حرمة أم أخته نسبا لكونها أمة أو موطوءة أبيه، وهذا المعنى مفقود في الرضاع (و) قس عليه (أخت ابنه)(3/236)
وبنته (وجدة ابنه) وبنته (وأم عمه) وعمته وأم خاله وخالته، وكذا عمة ولده وبنت عمته وبنت أخت ولده وأم أولاد أولاده فهؤلاء من الرضاع حلال للرجل، وكذا أخو ابن المرأة لها، فهذه عشر صور تصل باعتبار الذكورة والانوثة إلى عشرين، وباعتبار ما يحل له أو لها إلى أربعين، مثلا: يجوز تزوجه بأم أخيه وتزوجها بأبي أخيها،(3/237)
وكل منها يجوز أن يتعلق الجار والمجرور: أعني من الرضاع تعلقا معنويا بالمضاف كالام،
كأن تكون له أخت نسبية لها أم رضاعية، أو بالمضاف إليه كالاخ كأن يكون له أخ نسبي له أم رضاعية، أو بهما كأن يجتمع مع آخر على ثدي أجنبية ولاخيه رضاعا أم أخرى رضاعية فهي مائة وعشرون، وهذا من خواص كتابنا.
(وتحل أخت أخيه رضاعا) يصح اتصاله بالمضاف كأن يكون له أخ نسبي له أخت رضاعية وبالمضاف إليه كأن يكون لاخيه رضاعا أخت نسبا وبهما، وهو ظاهر (و) كذا (نسبا) بأن يكون لاخيه لابيه أخت لام، فهو متصل بهما لا بأحدهما للزوم التكرار كما لا يخفى؟ (ولا حل بين رضيعي امرأة) لكونهما أخوين وإن اختلف الزمن والاب (ولا) حل (بين الرضيعة وولد مرضعتها)(3/238)
أي التي أرضعتها (وولد ولدها) لانه ولد الاخ (ولبن بكر بنت تسع سنين) فأكثر (محرم) وإلا لا.
جوهرة (وكذا) يحرم (لبن ميتة) ولو محلوبا، فيصير ناكحها محرما للميتة فييممها ويدفنها بخلاف وطئها، وفرق بوجود التغذي لا اللذة (ومخلوط بماء أو دواء أو لبن شاة إذا غلب لبن المرأة، وكذا إذا استويا) إجماعا لعدم الاولوية.
جوهرة.(3/239)
وعلق محمد الحرمة بالمرأتين مطلقا، قيل وهو الاصح (لا) يحرم (المخلوط بطعام) مطلقا وإن حساه حسوا وكذا لو جبنه، لان اسم الرضاع لا يقع عليه.
بحر (و) لا (الاحتقان(3/240)
والاقطار في الاذن) وإحليل (وجائفة وآمة، و) لا (لبن رجل) ومشكل إلا إذا قال النساء: إنه لا يكون على غزارته إلا للمرأة وإلا لا.
جوهرة (و) لا لبن (شاة) وغيرها لعدم الكراهة.
(ولو أرضعت الكبيرة) ولو مبانة (ضرتها) الصغيرة، وكذا لو أوجره رجل في فيها (حرمتا) أبدا إن دخل بالام(3/241)
أو اللبن منه وإلا جاز تزوج الصغيرة ثانيا (ولا مهر للكبيرة إن لم توطأ) لمجئ الفرقة منها (وللصغيرة نصفه) لعدم الدخول (ورجع) الزوج (به على الكبيرة) وكذا على المؤجر (إن(3/242)
تعمدت الفساد) بأن تكون عاقلة طائعة متيقظة عالمة بالنكاح وبإفساد الارضاع ولم تقصد دفع جوع أو هلاك (وإلا لا)، لان التسبب يشترط فيه التعدي، والقول لها إن لم يظهر منها تعمد الفساد.
معراج.
(طلق ذات لبن فاعتدت وتزوجت) بآخر (فحبلت وأرضعت فحكمه من الاول) لانه منه بيقين فلا يزول بالشك ويكون ربيبا للثاني (حتى تلد) فيكون اللبن من الثاني، والوطئ بشبهة كالحلال، قيل وكذا الزنى، والاوجه لا.
فتح.(3/243)
(قال) لزوجته (هذه رضيعتي ثم رجع) عن قوله (صدق) لان الرضاع مما يخفى فلا يمنع التناقض فيه (ولو ثبت عليه، بأن قال) بعده (هو حق كما قلت ونحوه) هكذا فسر الثبات في الهداية وغيرها(3/244)
(فرق بينهما وإن أقرت) المرأة بذلك (ثم أكذبت نفسها وقالت أخطأت وتزوجها جاز، كما لو تزوجها قبل أن تكذب نفسها) وإن أصرت عليه لان الحرمة ليست إليها.
قالوا: وبه يفتى في جميع الوجوه.
بزازية.
ومفاده أنها لو أقرت بالثلاث من رجل حل لها تزوجه(3/245)
(أو أقرا بذلك جميعا ثم أكذبا أنفسهما وقالا) جميعا (أخطأنا ثم تزوجها) جاز (وكذا) الاقرار (في النسب ليس يلزمه إلا ما ثبت عليه) فلو قال: هذه أختي أو أمي وليس نسبها معروفا ثم قال وهمت صدق، وإن ثبت عليه فرق بينهما (و) الرضاع (حجته حجة المال) وهي شهادة عدلين
أو عدل وعدلتين لكن لا تقع الفرقة إلا بتفريق القاضي(3/246)
لتضمنها حق العبد (وهل يتوقف ثبوته دعوى المرأة؟ الظاهر لا) لتضمنها حرمة الفرج وهي من حقوقه تعالى: (كما في الشهادة بطلاقها) ولو شهد عندها عدلان على الرضاع بينهما أو طلاقها ثلاثا وهو يجحد ثم ماتا أو غابا قبل الشهادة عند القاضي لا يسعها المقام معه ولا قتله.
به يفتى، ولا التزوج بآخر.
وقيل لها التزوج ديانة.
شرح وهبانية.
فروع: قضى القاضي بالتفريق برضاع بشهادة امرأتين لم ينفذ.
مص رجل ثدي زوجته لم تحرم.
تزوج صغيرتين فأرضعت كلا امرأة ولبنهما من رجل لم يضمنا وإن تعمدنا لعروضه الفساد لعروضه بالاختية.
(قبل الابن زوجة أبيه وقال تعمدت الفساد: غرم المهر.
ولو وطئها(3/247)
وقال ذلك للزوم الحد فلم يلزم المهر.(3/248)
كتاب الطلاق (وهو) لغة: رفع القيد، لكن جعلوه في المرأة طلاقا وفي غيرها إطلاقا، فلذا كان أنت مطلقة بالسكون كناية.
وشرعا: (رفع قيد النكاح(3/249)
في الحال) بالبائن (أو المآل) بالرجعي (بلفظ مخصوص) هو ما اشتمل على الطلاق، فخرج الفسوخ كخيار عتق وبلوغ وردة، فإنه فسخ لا طلاق، وبهذا علم أن عبارة الكنز والملتقى منقوضة طردا وعكسا.
بحر (وإيقاعه مباح) عند العامة لاطلاق الآيات أكمل (وقيل) قائله
الكمال (الاصح حظره) أي منعه (إلا لحاجة) كريبة وكبر، والمذهب الاول كما في البحر(3/250)
وقولهم الاصل فيه الحظر معناه أن الشارع ترك هذا الاصل فأباحه،(3/251)
بل يستحب لو مؤذية أو تاركة صلاة.
غاية.
ومفاده أن لا أثم بمعاشرة من لا تصلي، ويجب لو فات الامساك بالمعروف، ويحرم لو بدعيا.
ومن محاسنه التخلص به من المكاره، وبه يعلم أن طلاق الدور بنحو: إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثصا واقع إجماعا، كما حرره المصنف معزيا لجواهر الفتاوي، حتى لو حكم بصحة(3/252)
الدور حاكم لا ينفذ أصلا.
(وأقسامه ثلاثة: حسن، وأحسن، وبدعي يأثم به) وألفاظه: صريح، وملحق به، وكناية (ومحله المنكوحة) وأهله زوج عاقل بالغ مستيقظ،(3/253)
وركنه لفظ مخصوص خال عن الاستثناء (طلقة) رجعية (فقط في طهر لا وطئ فيه) وتركها حتى تمضي عدتها (أحسن) بالنسبة إلى البعض الآخر(3/254)
(وطلقة لغير موطوءة ولو في حيض ولموطوءة تفريق الثلاث في ثلاثة أطهار لا وطئ فيها ولا في حيض قبلها ولا طلاق فيه فيمن تحيض، و) في ثلاثة (أشهر في) حق (غيرها) حسن وسني، فعلم أن الاول سني بالاولى (وحل طلاقهن)(3/255)
أي الآيسة والصغيرة والحامل (عقب وطئ) لان الكراهة فيمن تحيض لتوهم الحبل وهو مفقود هنا.
(والبدعي ثلاث متفرقة) أو اثنتان بمرة أو مرتين.(3/256)
في طهر واحد (لا رجعة فيه، أو واحدة في طهر وطئت فيه، أو) واحدة في (حيض موطوءة) لو قال: والبدعي ما خالفهما لكان أوجز وأفود (وتجب رجعتها) على الاصح (فيه) أي في الحيض.
رفعا للمعصية (فإذا طهرت) طلقها (إن شاء) أو أمسكها،(3/257)
قيد بالطلاق لان التخيير والاختيار والخلع في الحيض لا يكره.
مجتبى.
والنفاس كالحيض.
جوهرة.
(قال لموطوءة وهي) حال كونها ممن تحيض (أنت طالق ثلاثا) أو ثنتين (للسنة وقع عند كل طهر طلقة) وتقع أولاها في طهر لا وطئ فيه، فلو كانت غير موطوءة أو لا تحيض تقع واحدة للحال،(3/258)
ثم كلما نكحها أو مضى شهر تقع.
(وإن نوى أن تقع الثلاث الساعة أو) أن تقع عند رأس (كل شهر واحدة صحت نيته) لانه محتمل كلامه.
(ويقع طلاق كل زوج بالغ عاقل) ولو تقديرا.
بدائع، ليدخل السكران (ولو عبدا أو مكرها) فإن طلاقه صحيح لا إقراره بالطلاق، وقد نظم في النهر ما يصح مع الاكراه فقال:(3/259)
طلاق وإيلاء ظهار ورجعة نكاح مع استيلاد عفو عن العمد رضاع وأيمان وفئ ونذره قبول لايداع(3/260)
كذا الصلح عن عمد
طلاق على جعل يمين به أتت كذا العتق والاسلام تدبير للعبد وإيجاب إحسان وعتق فهده تصح مع الاكراه عشرين في العد(3/261)
(أو هازلا) لا يقصد حقيقة كلامه (أو سفيها)(3/262)
خفيف العقل (أو سكران) ولو بنبيذ أو حشيش(3/263)
أو أفيون أو بنج زجرا به يفتى.
تصحيح القدوري.
واختلف التصحيح فيمن سكر مكرها أو مضطرا، نعم لو زال عقله بالصداع أو بمباح لم يقع.
وفي القهستاني معزيا للزاهدي أنه لو لم يميز ما يقوم به الخطاب كان تصرفه باطلا اه.
واستثنى في الاشباه من تصرفات السكران سبع مسائل: منها الوكيل بالطلاق صاحيا،(3/264)
لكن قيده البزازي بكونه على مال وإلا وقع مطلقا، ولم يوقع الشافعي طلاق السكران، واختاره الطحاوي والكرخي، في التاترخانية عن التفريق: والفتوى عليه (أو أخرس) ولو طارئا إن دام للموت به يفتى، وعليه فتصرفاته موقوفة.
واستحسن الكمال اشترط كتابته (بإشارته) المعهودة، فإنها تكون كعبارة الناطق استحسانا (أو مخطئا) بأن أراد التكلم بغير الطلاق فجرى(3/265)
على لسانه الطلاق أو تلفظ به غير عالم بمعناه أو غافلا أو ساهيا أو بألفاظ مصحفة يقع قضاء فقط، بخلاف الهازل واللاعب فإنه يقع قضاء وديانة، لان الشارع جعل هزله به جدا.
فتح (أو مريضا أو كافرا) لوجود التكليف.
وأما طلاق الفضولي والاجازة قولا وفعلا فكالنكاح.
بزازية (و) بناء على اعتبار الزوج المذكور (لا يقع طلاق المولى على امرأة عبده) لحديث ابن ماجه الطلاق لمن أخذ بالساق إلا إذا قال زوجتها منك على أن أمرها بيدي أطلقها كما شئت فقال(3/266)
العبد قبلت، وكذا إذا قال العبد: إذا تزوجتها فأمرها بيدك أبدا كان كذلك.
خانية (والمجنون) إلا إذا علق عاقلا ثم جن فوجد الشرط، أو كان عنينا أو مجبوبا أو أسلمت وهو كافر وأبى أبواه الاسلام وقع الطلاق.
أشباه (والصبي) ولو مراهقا أو أجازه بعد البلوغ، أما لو قال أوقعته وقع لانه ابتداء إيقاع، وجوزه الامام أحمد (والمعتوه) من العته، وهو اختلال في العقل (والمبرسم)(3/267)
من البرسام بالكسر علة كالجنون (والمغمى عليه) هو لغة المغشي (والمدهوش) فتح.
وفي القاموس: دهش الرجل: تحير، ودهش بالبناء للمفعول فهو مدهوش وأدهشه الله (والنائم)(3/268)
لانتفاء الارادة، ولذا لا يتصف بصدق ولا كذب ولا خبر ولا إنشاء، ولو قال: أجزته أو أوقعته لا يقع، لانه أعاد الضمير إلى غير معتبر.
جوهرة.
ولو قال: أوقعت ذلك الطلاق أو جعلته طلاقا وقع.
بحر(3/269)
(وإذا ملك أحدهما الآخر) كله (أو بعضه بطل النكاح، ولو حررته حين ملكته فطلقها في العدة أو خرجت الحربية) إلينا (مسلمة ثم خرج زوجها كذلك) مسلما فطلقها في العدة ألغاه الثاني في المسألتين (وأوقعه الثالث) فيهما (واعتبار عدده بالنساء) وعند الشافعي بالرجال (فطلاق حرة ثلاث، وطلاق أمة ثنتان) مطلقا.
(ويقع الطلاق بلفظ العتق بنية) أو دلالة حال (لا عكسه) لان إزالة الملك أقوى من إزالة(3/270)
القيد.
فروع: كتب الطلاق، إن مستبينا على نحو لوح وقع إن نوى، وقيل مطلقا، ولو على نحو الماء فلا مطلقا.
ولو كتب على وجه الرسالة والخطاب، كأن يكتب: يا فلانة، إذا أتاك كتابي هذا فأنت طالق، طلقت بوصول الكتاب.
جوهرة.
وفي البحر: كتب لامرأته: كل امرأة لي غيرك وغير فلانة طالق ثم محا اسم الاخيرة وبعثه(3/271)
لم تطلق، وهذه حيلة عجيبة، وسيجئ ما لو استثنى بالكتابة.
باب الصريح (صريحه ما لم يستعمل إلا فيه) ولو بالفارسة (كطلقتك وأنت طالق ومطلقة) بالتشديد قيد بخطابها لانه لو قال: إن خرجت يقع الطلاق أو لا تخرجي إلا بإذني فإني حلفت بالطلاق فخرجت لم يقع لتركه الاضافة إليها (ويقع بها) أي بهذه الالفاظ(3/272)
وما بمعناها من الصريح،(3/273)
ويدخل نحو طلاغ وتلاغ وطلاك وتلاك أو ط ل ق.
أو طلاق باش بلا فرق بين عالم وجاهل، وإن قال تعمدته تخويفا لم يصدق قضاء، إلا إذا أشهد عليه قبله، به يفتى، ولو قيل له طلقت امرأتك فقال نعم أو بلى بالهجاء طلقت.
بحر (واحدة رجعية،(3/274)
وإن نوى خلافها) من البائن أو أكثر خلافا للشافعي (أو لم ينو شيئا) ولو نوى به الطلاق(3/275)
عن وثاق دين إن لم يقرنه بعدد، ولو مكرها صدق قضاء أيضا كما لو صرح بالوثاق أو القيد، وكذا لو نوى طلاقها من زوجها الاول على الصحيح.
خانية.
ولو نوى عن العمل لم يصدق أصلا، ولو صرح به دين فقط.
(وفي أنت الطلاق) أو طلاق (أو أنت طالق الطلاق أو أنت طالق طلاقا، يقع واحدة(3/276)
رجعية إن لم ينو شيئا أو نوى) يعني بالصدر، لانه لو نوى بطالق واحدة وبالطلاق أخرى وقعتا رجعيتين لو مدخولا بها كقوله: أنت طالق أنت طالق.
زيلعي (واحدة أو ثنتين) لانه صريح مصدر لا يحتمل العدد (فإن نوى ثلاثا فثلاث) لانه فرد حكمي (ولذا) كان (الثنتان في الامة) وكذا في حرة تقدمها واحدة.
جوهرة.
لكن جزم في البحر أنه سهو (بمنزلة الثلاث في الحرة).
ومن الالفاظ المستعملة، الطلاق يلزمني، والحرام يلزمني، وعلي الطلاق، وعلي الحرام فيقع بلا نية للعرف، فلو لم يكن له امرأة(3/277)
يكون يمينا فيكفر بالحنث.
تصحيح القدوري، وكذا على الطلاق من ذراعي.
بحر.
ولو قال طلاقك علي لم يقع،(3/279)
ولو زاد واجب أو لازم أو ثابت أو فرض هل يقع؟ قال البزازي: المختار لا.
وقال القاضي الخاصي: المختار نعم.
ولو قال: طلقك الله هل يفتقر لنية؟ قال الكمال: الحق نعم ولو قال لها: كوني طالقا أو اطلقي أو يا مطلقة بالتشديد وقع، وكذا يا طال بكسر اللام وضمها(3/280)
لانه ترخيم أو أنت طال بالكسر، وإلا توقف على النية، كما لو تهجى به أو بالعتق.
وفي النهر عن التصحيح: الصحيح عدم الوقوع برهنتك طلاقك ونحوه.
(وإذا أضاف الطلاق إليها) كأنت طالق (أو) إلى (ما يعبر به عنها(3/281)
كالرقبة والعنق والروح والبدن والجسد) الاطراف داخلة في الجسد دون البدن (والفرج والوجه والرأس) وكذا الاست، بخلاف البضع والدبر(3/282)
والدم على المختار.
خلاصة (أو) أضافه (إلى جزء شائع منها) كنصفها وثلثها إلى عشرها (وقع) لعدم تجزيه.
ولو قال نصفك الاعلى طالق واحدة ونصفك الاسفل ثنتين وقعت ببخارى، فأفتى بعضهم بطلقة، وبعضهم بثلاث عملا بالاضافتين.
خلاصة.
(وإذا قال الرقبة منك أو الوجه أو وضع يده على الرأس والعنق) أو الوجه (وقال هذا العضو طالق لم يقع في الاصح) لانه لم يجعله عبارة عن الكل، بل عن البعض، حتى لو لم يضع يده بل قال هذا الرأس طالق وأشار إلى رأسها(3/283)
وقع في الاصح، ولو نوى تخصيص العضو ينبغي أن يدين فتح (كما) لا يقع (لو أضافه إلى اليد) إلا بنية المجاز (والرجل والدبر والشعر والانف والساق والفخذ والظهر والبطن واللسان والاذن والفم والصدر والذقن والسن والريق والعرق) وكذا الثدي والدم.
جوهرة.
لانه لا يعبر عن الجملة، فلو عبر به قوم عنها وقع، وكذا كل ما كان من أسباب الحرمة لا الحل اتفاقا(3/284)
(وجزء الطلقة) ولو من ألف جزء (تطليقة) لعدم التجزئ، فلو زادت الاجزاء وقع أخرى، وهكذا ما لم يقل نصف طلقة وثلث طلقة ولو قال طلقة ونصفها فثنتان على وسدس طلقة فيقع الثلاث، ولو بلا واو فواحدة المختار، جوهرة.
وكذا لو كان مكان السدس ربعا(3/285)
فثنتان على المختار وقيل واحدة.
قهستاني، وسيجئ إن استثناء بعض التطليق لغو بخلاف إيقاعه (و) يقع بقوله (من واحدة إلى ثنتين أو ما بين واحدة إلى ثنتين، واحدة) بقوله من واحدة أو ما بين واحدة (إلى ثلاث ثنتان) الاصل فيما أصله الحظر دخول الغاية الاولى فقط عند الامام، وفيما مرجعه الاباحة كخذ من مالي من مائة إلى ألف الغايتين اتفاقا (و) يقع (بثلاثة
أنصاف طلقتين ثلاثة) وقيل ثنتان (وبثلاثة أنصاف طلقة أو نصفي طلقتين(3/286)
طلقتان، وقيل يقع ثلاث) والاول أصح (وبواحدة في ثنتين واحدة إن لم ينو أو نوى الضرب) لانه يكثر الاجزاء لا الافراد (وإن نوى واحدة وثنتين فثلاث) لو مدخولا بها.
(وفي غير الموطوءة واحدة ك) - قوله لها (واحدة وثنتين) لانه لم يبق للثنتين محل (وإن نوى مع الثنتين فثلاث) مطلقا (و) يقع (بثنتين) في ثنتين ولو (بنية الضرب ثنتان) لما مر، ولو نوى معنى الواو أو مع فكما مر (و) بقوله (من هنا إلى الشام واحدة رجعية) ما لم يصفها بطول(3/287)
أو كبر فبائنة (و) أنت طالق (بمكة أو في مكة أو في الدار أو الظل أو الشمس أو ثوب كذا تنجيز) يقع للحال (كقوله أنت طالق مريضة أو مصلية) أو وأنت مريضة أو وأنت تصلين (ويصدق) في الكل (ديانة) لا قضاء (لو قال عنيت إذا) دخلت أو إذا (لبست أو إذا مرضت) ونحو ذلك، فيتعلق به كقوله: إلى سنة أو إلى رأس الشهر أو الشتاء.
(وإذا دخلت مكة تعليق) وكذا في دخولك الدار أو في لبسك ثوب كذا أو في صلاتك ونحو ذلك، لان الظرف يشبه الشرط، ولو قال لدخولك أو لحيضك تنجيز، ولو بالباء تعلق، وفي حيضك وهي حائض فحتى تحيض أخرى، وفي حيضتك فحتى تحيض وتطهر،(3/288)
وفي ثلاثة أيام تنجيز، وفي مجئ ثلاثة أيام تعليق بمجئ الثالث سوى يوم حلفه، لان الشروط تعتبر في المستقبل، ويوم القيامة لغو، وقبله تنجيز.
وفي طالق تطليقة حسنة في دخولك الدار: إن رفع حسنة تنجز، وإن نصبها تعلق.
وسأل الكسائي محمد عمن قال لامرأته:(3/289)
فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم
فأنت طلاق والطلاق عزيمة ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم كم يقع؟ فقال: إن رفع ثلاثا فواحدة، وإن نصبها فثلاث، وتمامه في المعنى وفيما(3/290)
علقناه على الملتقى (وب) - قوله (أنت طالق غدا أو في غد يقع عند) طلوع (الصبح، وصح في الثاني نية العصر) أي آخر النهار (قضاء وصدق فيهما ديانة) ومثله أنت طالق شعبان أو في شعبان (وفي أنت طالق اليوم غدا أو غدا اليوم اعتبر اللفظ الاول) ولو عطف بالواو يقع في الاول واحدة وفي الثاني ثنتان، كقوله أنت طالق بالليل والنهار، أو أول النهار وآخره وعكسه، أو اليوم ورأس الشهر، والاصل أنه متى أضاف الطلاق لوقتين(3/291)
كائن ومستقبل بحرف عطف، فإن بدأ بالكائن اتحد، أو بالمستقبل تعدد، وفي أنت طالق اليوم وإذا جاء غدا أو أنت طالق لا بل غدا طلقت واحدة للحال وأخرى في الغد (أنت طالق وادحة أولا أو مع موتي أو مع موتك لغو) أما الاول فلحرف الشك، وأما الثاني فلاضافته لحالة منافية للايقاع أو الوقوع (كذا أنت طالق قبل أن أتزوجك أو أمس و) قد (نكحها اليوم) ولو نكحا قبل أمس وقع الآن،(3/292)
لان الانشاء في الماضي إنشاء في الحال، ولو قال أمس واليوم تعدد، وبعكسه اتحد، وقيل بعكسه (أو أنت طالق قبل أن أطلق أو قبل أن تخلقي أو طلقتك وأنا صبي أو نائم) أو مجنون وكان معهودا كان لغوا (بخلاف) قوله (أنت حر قبل أن أشتريك أو أنت حر أمس وقد اشتراه اليوم فإنه يعتق، كما) يعتق (لو أقر لعبد ثم اشتراه) لاقراره بحريته (أنت طالق قبل موتي بشهرين أو أكثر ومات قبل مضي شهرين لم تطلق) لانتفاء الشرط (وإن مات بعده طلقت مستندا) لاول المدة لا عند الموت (و) فائدته أنه (لا ميراث لها) لان العدة قد تنقضي(3/293)
بشهرين بثلاث حيض.
(قال لها أنت طالق كل يوم) أو كل جمعة أو رأس كل شهر (ولا نية له تقع واحدة) فإن نوى كل يوم أو قال في كل يوم أو مع أو عند أو كلما مضى يوم، يقع ثلاث في أيام ثلاثة، والاصل أنه متى ترك كلمة الطرف اتحد، وإلا تعدد.
وفي الخلاصة: أنت طالق مع كل يوم تطليقة وقع ثلاث للحال (قال: أطولكما عمرا طالق الآن، لا تطلق حتى تموت إحداهما فتطلق الاخرى)(3/294)
لوجود شرطه حينئذ.
(قال أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر فقدم بعد شهر وقع الطلاق مقتصرا).
اعلم أن طريق ثبوت الاحكام أربعة: الانقلاب، والاقتصار، والاستناد، والتبيين.
فالانقلاب: صيرورة ما ليس بعلة كالتعليق.
والاقتصار:(3/295)
ثبوت الحكم في الحال.
والاستناد: ثبوته في الحال مستندا إلى ما قبله بشرط بقاء المحل كل المدة، كلزوم الزكاة حين الحول مستندا لوجود النصاب.
والتبيين: أن يظهر في الحال تقدم الحكم كقوله إن كان زيد في الدار فأنت طالق وتبين في الغد وجوده فيها تطلق من حين القول فتعتد منه (أنت طالق ما لم أطلقك، أو متى لم أطلقك، أو متى ما لم أطلقك وسكت طلقت) للحال بسكوته (وفي إن لم أطلقك لا) تطلق بالسكوت بل يمتد النكاح (حتى يموت أحدهما(3/296)
قبله) أي قبل تطليقه فتطلق قبيل الموت لتحقق الشرط ويكون فارا.
(وإذا ما، وإذا بلا نية مثل إن عنده، و) مثل (متى عندهما) وقد مر حكمها.
(وإن نوى الوقت أو الشرط اعتبرت) نيته اتفاقا ما لم تقم قرينة الفور فعلى الفور.
(وفي) قوله (أنت طالق ما لم أطلقك أنت طالق مع الوصل) بقوله ما لم أطلقك (طلقت
ب) - المنجزة (الاخيرة) فقط(3/297)
استحسانا.
فرع: قال: إن لم أطلقك اليوم ثلاثا فأنت طالق ثلاثا، فحيلته أن يطلقها على ألف ولا تقبل المرأة، فإن مضى اليوم لا تطلق.
به يفتى.
خانية، لان التطليق المقيد يدخل تحت المطلق (أنت طالق يوم أتزوجك فنكحها ليلا حنث، بخلاف الامر باليد) أي أمرك بيدك يوم يقدم زيد فقدم ليلا لم تتخير، ولو نهارا بقي للغروب، والاصل أن اليوم متى قرن بفعل ممتد يستوعب(3/298)
المدة يراد به النهار، كالامر باليد فإنه يصح جعله بيدها يوما أو شهرا، ومتى قرن بفعل لا يستوعبها يراد به مطلق الوقت كإيقاع الطلاق، فإنه لو قال طلقتك شهرا كان ذكر المدة لغوا وتطلق للحال (أنا منك طالق) أو برئ (ليس بشئ ولو نوى) به الطلاق (وتبين في البائن والحرام) أي أنا منك بائن أو أنا عليك حرام (إن نوى) لان الابانة لازالة الوصلة والتحريم(3/299)
لازالة الحل وهما مشتركان فتصح الاضافة إليه، حتى لو لم يقل منك أو عليك لم يقع، بخلاف أنت بائن أو حرام حيث يقع إذا نوى وإن لم يقل منى، نعم لو جعل أمرها بيدها شرط قولها بائن مني، ويقع بأبرأتك عن الزوجية بلا نية (أنت طالق ثنتين مع عتق مولاك إياك فأعتق) سيدها طلقت ثنتين) وله الرجعة) لوجود التطليق بعد الاعتاق لانه شرط.
ونقل ابن الكمال أن كلمة مع إذا أقحم بين جنسين مختلفين يحل محل الشرط.
(ولو علق) بالبناء للمجهول (عتقها وطلاقها بمجئ الغد فجاء) الغد (لا رجعة له)(3/300)
لتعلقهما بشرط واحد (وعدتها) في المسألتين (ثلاث حيض) احتياطا.
(ولو) كان الزوج (مريضا لا ترث منه) لوقوعه وهي أمة فلا ترث.
مبسوط (أنت طالق
هكذا مشيرا بالاصابع) المنشورة (وقع بعدده) بخلاف مثل هذا، فإنه إن نوى ثلاثا وقعن، وإلا فواحدة لان الكاف للتشبيه في الذات، ومثل للتشبيه في الصفات، ولذا قال أبو حنيفة: إيماني(3/301)
كإيمان جبريل، لا مثل إيمان جبريل.
بحر.
(وتعتبر المنشورة) لا المضمومة، إلا ديانة ككف، والمعتمد في الاشارة في الكف نشر كل الاصابع.(3/302)
ونقل القهستاني أنه يصدق قضاء بنية الاشارة بالكف وهي واحدة، ولو لم يقل هكذا يقع واحدة لفقد التشبيه، ولو قال أنت هكذا مشيرا ولم يقل طالق لم أره.
(ولو أشار بظهورها فالمضمومة) للعرف، ولو كان رؤوسها نحو المخاطب فإن نشرا عن(3/303)
ضم فالعبرة للنشر، وإن ضما عن نشر فالضم.
ابن كمال.
(و) يقع (ب) - قوله (أنت طالق بائن أو البتة) وقال الشافعي: يقع رجعيا لو موطوءة (أو أفحش الطلاق، أو طلاق الشيطان أو البدعة، أو أشر الطلاق، أو كالجبل أو كألف، أو مل ء البيت،(3/304)
أو تطليقة شديدة، أو طويلة، أو عريضة، أو أسوأه، أو أشده، أو أخبثه) أو أخشنه (أو أكبره، أو أعرضه أو أطوله، أو أغلظه أو أعظمه: واحدة بائنة) في الكل، لانه وصف الطلاق بما يحتمله (إن لم ينو ثلاثا) في الحرة وثنتين في الامة، فيصح لما مر، كما لو نوى بطالق واحدة وبنحو بائن أخرى فيقع ثنتان بائنتان، ولو عطف وقال وبائن أو ثم بائن ولم ينو شيئا فرجعية،(3/305)
ولو بالفاء فبائنة.
ذخيرة.
(كما) يقع البائن (لو قال: أنت طالق طلقة تملكي بها نفسك) لانها لا تملك نفسها إلا
بالبائن.
ولو قال أنت طالق على أن لا رجعة لي عليك له الرجعة، وقيل لا.
جوهرة.
ورجح في البحر الثاني، وخطأ من أفتى بالرجعي في التعاليق، وقول الموثقين تكون طالقا طلقة(3/306)
تملك بها نفسها الخ، لكن في البزازية وغيرها قال للمدخولة: إن طلقتك واحدة فهي بائنة أو ثلاث ثم طلقها يقع رجعيا، لان الوصف لا يسبق الموصوف، وكذا لو قال: إن دخلت الدار فكذا ثم قبل دخولها الدار قال جعلته بائنا أو ثلاثا لا يصح لعدم وقوع الطلاق عليها انتهى.
ومفاده وقوع الطلاق الرجعي في: متى تزوجت عليك فأنت طالق طلقة تملكين بها نفسك، إذ غايته مساواته لانت بائن، والوصف لا يسبق الموصوف، كذا حرره المصنف هنا وفي الكنايات.(3/307)
(بخلاف) أنت طالق (أكثره) أي الطلاق (بالتاء المثناة من فوق فإنه يقع به الثلاث، ولا يدين في) إرادة (الواحدة) كما لو قال أكثر الطلاق أو أنت طالق مرارا أو ألوفا أو لا قليل ولا كثير فثلاث هو المختار كما في الجوهرة.(3/308)
ولو قال: أقل الطلاق فواحدة، ولو قال عامة الطلاق أو أجله أو لونين منه أو أكثر الثلاث أو كبير الطلاق فثنتان، وكذا لا كثير ولا قليل على الاشبه مضمرات.
وفي القنية: طلقتك آخر الثلاث تطليقات فثلاث، وطالق آخر ثلاث تطليقات فواحدة.
والفرق دقيق حسن.(3/309)
فروع: يقع بأنت طالق كل التطليقة واحدة، وكل تطليقة ثلاث، وعدد التراب واحدة، وعدد الرمل ثلاث، وعدد شعر إبليس أو عدد شعر باطن كفي واحدة، وعدد شعر ظهر كفي أو
ساقي أو ساقك أو فرجك أو عدد ما في هذا الحوض من السمك وقع بعدده إن وجد، وإلا لا، لست لك بزوج أو لست لي بامرأة أو قالت له لست لي بزوج فقال صدقت(3/310)
طلاق إن نواه خلافا لهما، ولو أكد بالقسم أو سئل ألك امرأة؟ فقال لا، تطلق اتفاقا، وإن نوى، لان اليمين والسؤال قرينتا إرادة النفي فيهما.
وفي الخلاصة: قيل له ألست طلقتها؟ تطلق ببلى لا بنعم.
وفي الفتح: ينبغي عدم الفرق للعرف.
وفي البزازية: قالت له أنا امرأتك، فقال لها أنت طالق كان إقرارا بالنكاح، وتطلق لاقتضاء الطلاق النكاح وضعا.(3/311)
علم أنه حلف ولم يدر بطلاق أو غيره لغا، كما لو شك أطلق أم لا، ولو شك أطلق واحدة أو أكثر بنى على الاقل.
وفي الجوهرة طلق المنكوحة فاسدا ثلاثا له تزوجها بلا محلل، ولم يحك خلافا.
باب طلاق غير المدخول بها (قال لزوجته غير المدخول بها أنت طالق) يا زانية (ثلاثا) فلا حد ولا لعان لوقوع الثلاث عليها وهي زوجته ثم بانت بعده، وكذا أنت طالق ثلاثا يا زانية إن شاء الله تعلق الاستثناء(3/312)
بالوصف بزازية (وقعن) لما تقرر أنه متى ذكر العدد كان الوقوع به، وما قيل من أنه لا يقع(3/313)
لنزول الآية في الموطوءة باطل محض منشؤه الغفلة عما تقرر أن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب.
وحمله في غرر الاذكار على كونها متفرقة، فلا يقع إلا الاولى فقط.
(وإن فرق) بوصف أو خبر أو جمل بعطف أو غيره (بانت بالاولى) لا إلى عدة (و) لذا (لم تقع الثانية) بخلاف الموطوءة حيث يقع الكل، وعم التفريق قوله (وكذا أنت طالق ثلاثا
متفرقات) أو ثنتين مع طلاقي إياك (ف) - طلقها واحدة وقع (واحدة) كما لو قال نصفا وواحدة(3/314)
على الصحيح.
جوهرة.
ولو قال: واحدة وعشرين أو وثلاثين فثلاث لما مر.
(والطلاق يقع بعدد قرن به لا به) نفسه(3/315)
عند ذكر العدد، وعند عدمه الوقوع بالصيغة.
(فلو ماتت) يعم الموطوءة وغيرها (بعد الايقاع قبل) تمام (العدد لغا) لما تقرر.
(ولو مات) الزوج أو أخذ أحد فمه قبل ذكر العدد (وقع واحدة) عملا بالصيغة، لان الوقوع بلفظه لا بقصده.
(ولو قال) لغير الموطوءة (أنت طالق واحدة وواحدة) بالعطف (أو قبل واحدة أو بعدها(3/316)
واحدة يقع واحدة) بائنة، ولا تلحقها الثانية لعدم العدة.
(وفي) أنت طالق واحدة (بعد واحدة أو قبلها واحدة أو مع واحدة أو معها واحد ثنتان) الاصل أنه متى أوقع بالاول لغا الثاني، أو بالثاني اقترنا، لان الايقاع في الماضي إيقاع في الحال.(3/317)
(و) يقع (بأنت طالق واحدة وواحدة إن دخلت الدار ثنتان لو دخلت) لتعلقهما بالشرط دفعة.
(و) تقع (واحدة إن قدم الشرط) لان المعلق كالمنجز.
(و) يقع (في الموطوءة ثنتان في كلها) لوجود العدة، ومن مسائل قبل وبعد ما قيل: ما يقول الفقيه أيده الله ولا زال عنده الاحسان
في فتى علق الطلاق بشهر قبل ما بعد قبله رمضان وينشد على ثمانية أوجه، فيقع بمحض قبل في ذي الحجة، وبمحض بعد في جمادى الآخرة، وبقبل أولا أو وسطا أو آخرا في شوال، وببعد كذلك في شعبان لالغاء الطرفين فيبقى قبله أو بعده رمضان.(3/318)
(ولو قال امرأتي طالق وله امرأتان أو ثلاث تطلق واحدة منهن، وله خيار التعيين) اتفاقا.
وأما تصحيح الزيلعي فإنما هو في غير الصريح كامرأتي حرام كما حرره المصنف، وسيجئ(3/319)
في الايلاء(3/320)
(قال لنسائه الاربع بينكن تطليقة طلقت كل واحدة تطليقة، وكذا لو قال بينكن تطليقتان أو ثلاث أو أربع، إلا أن ينوي قسمة كل واحدة بينهن فتطلق كل واحدة ثلاثا: ولو قال بينكن خمس تطليقات يقع على كل واحدة طلاقان هكذا إلى ثمان تطليقات فإن زاد عليها طلقت كل واحدة ثلاثا) ومثله قوله أشركتكن في تطليقة.
خانية.
وفيها (قال لامرأتين لم يدخل بواحدة منهما امرأتي طالق امرأتي طالق ثم قال أردت واحدة منهما لا يصدق، ولو مدخولتين فله إيقاع الطلاق على إحداهما) لصحة تفريق الطلاق على المدخولة لا على غيرها.
(قال: امرأته طالق ولم يسم وله امرأة) معروفة طلقت امرأته(3/321)
استحسانا، فإن قال: لي امرأة أخرى إياها عنيت لا يقبل قوله إلا ببينة، ولو كان (له امرأتان كلتاهما، معروفة، له صرفه إلى أيهما شاء) خانية.
ولم يحك خلافا.
فروع: كرر لفظ الطلاق وقع الكل، وإن نوى التأكيد دين.
كان اسمها طالقا أو حرة فناداها إن نوى الطلاق أو العتاق وقعا، وإلا لا.
قال لامرأته: هذه الكلبة طالق طلقت، أو لعبده هذا الحمار حر عتق.
قال: أنت طالق أو أنت حر وعنى الاخبار كذبا وقع قضاء، إلا إذا أشهد على ذلك، وكذا المظلوم إذا أشهد عند استحلاف الظالم بالطلاق الثلاث(3/322)
أنه يحلف كاذبا صدق قضاء وديانة.
شرح وهبانية.
وفي النهر قال: فلانة طالق واسمها كذلك وقال عنيت غيرها دين، ولو غيره صدق قضاء.
وعلى هذا لو حلف لدائنه بطلاق امرأته فلانة واسمها غيره لا تطلق.
وقد كثر في زماننا قول الرجل: أنت طالق على الاربعة مذاهب.
قال المصنف: ينبغي الجزم بوقوعه قضاء وديانة.
ولو قال: أنت طالق في قول الفقهاء أو فلان القاضي أو المفتي دين.
قال: نساء الدنيا أو نساء العالم طوالق لم تطلق امرأته، بخلاف نساء المحلة والدار والبيت: وفي نساء القرية والبلدة خلاف الثاني، وكذا العتق.(3/323)
وقالت لزوجها: طلقني فقال فعلت طلقت، فإن قالت زدني فقال فعلت طلقت أخرى.
ولو قالت: طلقني طلقني طلقني، فقال طلقت فواحدة إن لم ينو الثلاث، ولو عطفت بالواو فثلاث.
ولو قالت: طلقت نفسي فأجاز طلقت اعتبارا بالانشاء، كذا أبنت نفسي إذا نوى ولو ثلاثا، بخلاف الاول.
وفي اخترت لا يقع لانه لم يوضع إلا جوابا.
وفي البزازية: قال بين أصحابه: من كانت امرأته عليه حرام فليفعل هذا الامر ففعله واحد منهم فهو إقرار منه بحرمتها،(3/324)
وقيل لا انتهى.
وسئل أبو الليث عمن قال لجماعة: كل من له امرأة مطلقة فليصفق بيده فصفقوا فقال
طلقن، وقيل ليس هو بإقرار.
جماعة يتحدثون في مجلس فقال رجال منهم: من تكلم بعد هذا فامرأته طالق، ثم تكلم الحالف طلقت امرأته لان كلمة من للتعميم والحالف لا يخرج نفسه عن اليمين فيحنث.
باب الكنايات (كنايته) عند الفقهاء (ما لم يوضع له) أي الطلاق (واحتمله) وغيره (ف) - الكنايات (لا(3/325)
تطلق بها)(3/326)
قضاء (إلا بنية أو دلالة الحال) وهي حالة مذاكرة الطلاق أو الغضب، فالحالات ثلاث: رضا وغضب ومذاكرة، والكنايات ثلاث: ما يحتمل الرد، أو ما يصلح للسب، أو لا ولا(3/327)
(فنحو اخرجي واذهبي وقومي) تقنعي تخمري استتري انتقلي انطلقي اغربي اعزبي من الغربة أو من العزوبة (يحتمل ردا، ونحو خلية برية حرام(3/328)
بائن) ومرادفها كبتة بتلة (يصلح سبا، ونحو اعتدي واستبرئي رحمك،(3/329)
أنت واحدة، أنت حرة، اختاري، أمرك بيدك، سرحتك فارقتك، لا يحتمل السب والرد، ففي حالة الرضا) أي غير الغضب والمذاكرة (تتوقف الاقسام) الثلاثة تأثيرا (على نية) للاحتمال، والقول له بيمينه في عدم النية، ويكفي تحليفها له في منزله، فإن أبى رفعته للحاكم،(3/330)
فإن نكل فرق بينهما.
مجتبى.
(وفي الغضب) توقف (الاولان) إن نوى وقع وإلا لا (وفي مذاكرة الطلاق) يتوقف
(الاول فقط) ويقع بالاخيرين وإن لم ينو،(3/331)
لان مع الدلالة لا يصدق قضاء في نفي النية لانها أقوى لكونها ظاهرة، والنية باطنة، ولذا تقبل بينتها على الدلالة لا على النية إلا أن تقام على إقراره بها.
عمادية.
ثم في كل موضع تشترط النية، فلو السؤال بها يقع بقول نعم إن نويت، ولو يكم يقع بقول واحدة، ولا يتعرض لاشتراط النية.
بزازية.
فليحفظ.
(وتقع رجعية بقوله اعتدي واستبرئي رحمك وأنت واحدة) وإن نوى أكثر، ولا عبرة بإعراب واحدة في الاصح (و) يقع (بباقيها) أي باقي ألفاظ الكنايات المذكورة، فلا يرد وقوع الرجعي ببعض الكنايات أيضا، نحو: أنا برئ من طلاقك، وخليت سبيل طلاقك، وأنت مطلقة بالتخفيف،(3/332)
وأنت أطلق من امرأة فلان، وهي مطلقة، وأنت ط ل ق وغير ذلك مما صرحوا به (خلا اختاري) فإن نية الثلاث لا تصح فيه أيضا ولا تقع به، ولا بأمرك بيدك ما لم تطلق المرأة نفسها كما يأتي (البائن إن نواها أو الثنتين) لما تقرر أن الطلاق مصدر لا يحتمل محض العدد(3/333)
(وثلاث إن نواه) للواحدة الجنسية، ولذا صح في الامة نية الثنتين (قال اعتدي ثلاثا ونوى بالاول طلاقا وبالباقي حيضا صدق) قضاء لنيته حقيقة كلامه (وإن لم ينو به) أي بالباقي (شيئا فثلاث) لدلالة الحال بنية الاول، حتى لو نوى بالثاني فقط فثنتان، أو بالثالث فواحدة، ولو لم ينو بالكل لم يقع، وأقسامها أربعة وعشرون ذكرها الكمال، ويزاد لو نوى بالكل واحدة(3/334)
فواحدة ديانة وثلاث قضاء، ولو قال: أنت طالق اعتدي أو عطفه بالواو أو الفاء، فإن نوى واحدة فواحدة، أو اثنتين وقعتا، وإن لم ينو ففي الواو اثنتان، وفي الفاء قبل واحدة وقيل
اثنتان.
(طلقها واحدة) بعد الدخول (فجعلها ثلاثا صح، كما لو طلقها رجعيا فجعله) قبل الرجعة(3/335)
(بائنا) أو ثلاثا، وكذا لو قال في العدة: ألزمت امرأتي ثلاث تطليقات بتلك التطليقة أو ألزمتها بتطليقتين بتلك التطليقة فهو كما قال، ولو قال إن طلقتك فهي بائن أو ثلاث ثم طلقها يقع رجعيا، لان الوصف لا يسبق الموصوف كما مر فتذكر (الصريح يلحق الصريح و) يلحق (البائن) بشرط العدة (والبائن يلحق الصريح) الصريح: ما لا يحتاج إلى نية(3/336)
بائنا كان الواقع به أو رجعيا.
فتح، فمنه الطلاق الثلاث فيلحقهما، وكذا الطلاق على مال فيلحق الرجعي ويجب المال والبائن ولا يلزم المال كما في الخلاصة، فالمعتبر فيه اللفظ لا المعنى على المشهور(3/337)
(لا) يلحق البائن (البائن)(3/338)
إذا أمكن جعله إخبارا عن الاول: كأنت بائن بائن، أو أبنتك بتطليقة فلا يقع لانه إخبار فلا ضرورة في جعله إنشاء، بخلاف أبنتك بأخرى أو أنت طالق بائن،(3/340)
أو قال نويت البينونة الكبرى لتعذر حمله على الاخبار فيجعل إنشاء، ولذا وقع المعلق كما قال (إلا إذا كان) البائن (معلقا بشرط) أو مضافا (قبل) إيجاد (المنجز البائن) كقوله: إن دخلت الدار فأنت بائن ناويا ثم أبانها ثم دخلت وبانت بأخرى لانه لا يصلح إخبارا، ومثله المضاف كأنت بائن غدا ثم أبانها ثم جاء الغد يقع أخرى.
وفي البحر عن الوهبانية: أنت بائن كناية معلقا كان أو منجزا فيغتفر للنية، ولو قال: إن
دخلت الدار فأنت بائن، ثم قال إن كلمت زيدا فأنت بائن ثم دخلت وبانت ثم كلمت يقع أخرى.
ذخيرة.(3/341)
وفي البزازية: إن فعلت كذا فحلال الله علي حرام ثم قال كذلك لامر آخر ففعل أحدهما بانت، وكذا لو فعل الثاني على الاشبه فليحفظ، قيد بالقبلية لانه لو أبانها أولا ثم أضاف البائن أو علقه لم يصح كتنجيزه بدائع.
ويستثنى ما في البزازية: كل امرأة له طالق لم يقع على المختلعة، ولو قال إن فعلت كذا فامرأته كذا لم يقع على معتدة البائن، ويضبط الكل ما قيل: كلا أجز لا بائنا مع مثله إلا إذا علقته من قبله(3/342)
إلا بكل امرأة وقد خلع والحق الصريح بعد لم يقع (كل فرقة هي فسخ من كل وجه) كإسلام وردة مع لحاق(3/343)
وخيار بلوغ وعتق (لا يقع الطلاق في عدتها) مطلقا (وكل فرقة هي طلاق يقع) الطلاق (في عدتها) على نحو ما بينا.
فروع: إنما يلحق الطلاق لمعتدة الطلاق، أما المعتدة للوطئ فلا يلحقها خلاصة.
وفي القنية: زوج امرأته من غيره لم يكن طلاقا ثم رقم، إن نوى طلقت اذهبي وتزوجي(3/344)
تقع واحدة بلا نية، اذهبي إلى جهنم يقع إن نوى.
خلاصة.
وكذا اذهبي عني وافلحي وفسخت النكاح، وأنت علي كالميتة أو كلحم الخنزير أو حرام كالماء لانه تشبيه بالسرعة، ولا يقع بأربعة طرق عليك مفتوحة وإن نوى ما لم يقل خذي أي طريق شئت.
باب تفويض الطلاق لما ذكر ما يوقعه بنفسه بنوعية ذكر ما يوقعه غيره بإذنه.
وأنواعه ثلاثة: تفويض،
وتوكيل،(3/345)
ورسالة.
وألفاظ التفويض ثلاثة: تخيير، وأمر بيد، ومشيئة.
(قال لها اختاري أو أمرك بيدك ينوي) تفويض (الطلاق) لانها كناية فلا يعملان بلا نية (أو طلقي نفسك فلها أن تطلق في مجلس علمها به) مشافهة أو إخبارا (وإن طال) يوما أو أكثر ما لم يوقته ويمضي الوقت(3/346)
قبل علمها (ما لم تقم) لتبدل مجلسها حقيقة (أو) حكما بأن (تعمل ما يقطعه) مما يدل على الاعراض، لانه تمليك فيتوقف على قبولها في المجلس لا توكيل، فلم يصح رجوعه،(3/347)
حتى لو خيرها ثم حلف أن لا يطلقها فطلقت لم يحنث في الاصح (لا) تطلق (بعده) أي المجلس (إلا إذا زاد) على قوله طلقي نفسك وأخواته (متى شئت أو متى ما شئت أو إذا شئت أو إذا ما شئت) فلا يتقيد بالمجلس (ولم يصح رجوعه) لما مر.
((و) أما في (طلقي ضرتك أو) قوله لاجنبي (طلق امرأتي) ف (يصح رجوعه) منه ولم(3/348)
يقيد بالمجلس لانه توكيل محض، وفي طلقي نفسك وضرتك كان تمليكا في حقها توكيل في حق ضرتها، جوهرة (إلا إذا علقه بالمشيئة) فيصير تمليكا لا توكيلا.
والفرق بينهما في خمسة أحكام: ففي التمليك لا يرجع ولا يعزل ولا يبطل بجنون الزوج ويتقيد بمجلس لا بعقل، فيصح تفويضه لمجنون وصبي لا يعقل، بخلاف التوكيل بحر، نعم لو جن بعد التفويض لم يقع.
فهنا تسومح ابتداء لا بقاء عكس القاعدة، فليحفظ (وجلوس القائمة واتكاء القاعدة وقعود المتكئة ودعاء الاب) أو غيره (للمشورة) بفتح فضم المشاورة (و)
دعاء (شهود للاشهاد) على اختيارها الطلاق إذا لم يكن عندها من يدعوهم، سواء تحولت عن مكانها أو لا في الاصح.
خلاصة (وإيقاف دابة هي راكبتها لا يقع) المجلس، ولو أقامها أو جامعها مكرهة بطل لتمكنها من الاختيار(3/349)
(والفلك لها كالبيت وسير دابتها كسيرها) حتى لا يتبدل المجلس بجري الفلك، ويتبدل بسير الدابة لاضافته إليه، إلا أن تجيب مع سكوته أو يكون في محل يقودهما الجمال فإنه كالسفينة.
(وفي اختاري نفسك لا تصح نية الثلاث) لعدم تنوع الاختيار، بخلاف أنت بائن أو أمرك بيدك (بل تبين) بواحدة (إن قالت اخترت) نفسي (أو) أنا (أختار نفسي) استحسانا، بخلاف قوله(3/350)
طلقي نفسك فقالت أنا طالق أو أنا أطلق نفسي لم يقع لانه وعد.
جوهرة.
ما لم يتعارف أو تنو الانشاء.
فتح (وذكر النفس أو الاختيارة في أحد كلاميهما شرط) صحة الوقوع بالاجماع (ويشترط ذكرها متصلا، فإن كان منفصلا فإن في المجلس صح) لانها تملك فيه الانشاء (وإلا لا) إلا أن يتصادقا على اختيار النفس فيصح وإن خلا كلامهما عن ذكر النفس.
درر والتاجية.
وأقره البهنسي والباقاني، لكن رده الكمال ونقله الاكمل بقيل، والحق ضعفه.
نهر.
(فلو قال اختاري اختيارة أو طلقة) أو أمك (وقع لو قالت اخترت) فإن ذكر الاختيارة كذكر النفس إذ التاء فيه للوحدة،(3/351)
وكذا ذكر التطليقة وتكرار لفظ اختاري وقولها اخترت أبي أو أمي أو أهلي أو الازواج يقوم مقام ذكر النفس والشرط، ذكر ذلك في كلام أحدهما كما مثلنا، فلم يختص اختياره بكلام الزوج كما ظن، ولو قالت اخترت نفسي وزوجي أو نفسي لا بل زوجي وقع، وما في الاختيار من عدم الوقوع سهو، نعم لو عكست لم يقع اعتبار للمقدم وبطل أمرها كما لو عطفت بأو، أو أرشاها لتختاره فاختارته(3/352)
أو قالت ألحقت نفسي بأهلي.
(ولو كررها) أي لفظة اختاري (ثلاثا) بعطف أو غيره (فقالت) اخترت أو (اخترت اختيارة أو اخترت الاولى أو الوسطى أو الاخيرة يقع بلا نية) من الزوج لدلالة التكرار(3/353)
(ثلاثا) وقالا: يقع في اخترت الاولى إلى آخره واحدة بائنة، واختاره الطحاوي.
بحر.
وأقره الشيخ علي المقدسي.
وفي الحاوي القدسي: وبه نأخذ انتهى، فقد أفاد أن قولهما هو المفتى به، لان قولهم وبه نأخذ من الالفاظ المعلم بها على الافتاء، كذا بخط الشرف الغزي.
محشي الاشباه.
(ولو قالت) في جواب التخيير المذكور (طلقت نفسي أو اخترت نفسي بتطليقة) أو اخترت الطلقة الاولى (بانت بواحدة في الاصح) لتفويضه بالبائن فلا تملك غيره (أمرك بيدك في تطليقة أو اختاري تطليقة فاختارت نفسها طلقت رجعية) لتفويضه إليها بالصريح، والمفيد للبينونة إذا قرن بالصريح صار رجعيا(3/354)
كعكسه قيد بفي ومثلها الباء، بخلاف لتطلقي نفسك أو حتى تطلقي فهي بائنة، كما لو جعل أمرها بيدها: ولم تصل نفقتي إليك فطلقي نفسك متى شئت فلم تصل فطلقت كان بائنا، لان لفظة الطلاق لم تكن في نفس الامر.
فروع: قال الرجل خير امرأتي فلم تختر ما لم يخرها، بخلاف أخبرها بالخيار لاقراره به.
قال لها: أنت طالق إن شئت واختاري فقالت شئت واخترت وقع ثنتان.
قال اختاري اليوم وغدا اتحد، ولو واختاري غدا تعدد.
قال اختاري اليوم أو أمرك بيدك هذا الشهر خيرت في بقيتهما، وإن قال يوما أو شهرا فمن ساعة تكلم إلى مثلها من الغد وإلى تمام ثلاثين يوما، ولو جعله لها رأس الشهر خيرت(3/355)
في الليلة الاولى ويومها، ولا يبطل المؤقت بالاعراض بل بمضي الوقت علمت أو لا.
باب: الامر باليد هو كالاختيار إلا في نية الثلاث لا غير (إذا قال لها) ولو صغيرة لانه كالتعليق.
بزازية (أمرك بيدك) أو بشمالك أو أنفك أو لسانك (ينوي ثلاثا) أي تفويضها (فقالت) في مجلسها (اخترت نفسي بواحدة) أو قبلت نفسي، أو اخترت أمري، أو أنت علي حرام، أو مني بائن، أو أنا منك بائن أو طالق (وقعن) وكذا لو قال أبوها قبلتها.
خلاصة.(3/356)
وينبغي أن يقيد بالصغيرة (وأعرتك طلاقك) وأمرك بيد الله ويدك وأمري بيدك على المختار.
خلاصة (كأمرك بيدك) وذكر اسمه تعالى للتبرك، وإن لم ينو ثلاثا فواحدة، ولو طلقت ثلاثا فقال نويت واحدة ولا دلالة حلف وتقبل بينتها على الدلالة كما مر (واتحاد المجلس وعلمها) وذكر النفس أو ما يقوم مقامها (شرط، فلو جعل أمرها بيدها ولم تعلم) بذلك (وطلقت نفسها لم تطلق) لعدم شرطه.
خانية.
(وكل لفظ يصلح للايقاع منه يصلح للجواب منها، وما لا) يصلح للايقاع منه (فلا)(3/357)
يصلح للجواب منها، فلو قالت: أنا طالق أو طلقت نفسي وقع، بخلاف طلقتك لان المرأة توصف بالطلاق دون الرجل اختيار (إلا لفظ الاختيار خاصة) فإنه ليس من ألفاظ الطلاق ويصلح جوابا منها.
بدائع.
لكن يرد عليه صحته بقبولها وقبول أبيها كما مر فتدبر، وفي قولها في جوابه (طلقت نفسي واحدة أو اخترت نفسي بتطليقة بانت بواحدة) لما تقرر أن المعتبر تفويض الزوج لا إيقاعها.
(ولا يدخل الليل في) قوله (أمرك بيدك اليوم وبعد غد) لانهما تمليكان (فإن ردت الامر(3/358)
في يومها بطل الامر في ذلك اليوم فكان أمرها بيدها بعد غد) ولو طلقت ليلا لم يصح ولا تطلق إلا مرة (ويدخل) الليل في أمرك بيدك اليوم وغدا، وإن ردته في يومها لم يبق في الغد) لانه تفويض واحد.
(ولو قال أمرك بيدك اليوم وأمرك بيدك غدا فهما أمران) خانية.
ولم يذكر خلافا، ولا يدخل الليل كما لا يخفى.(3/359)
تنبيه: ظاهر ما مر أنه يرتد بردها، لكن في العمادية أنه يرتد قبل قبوله لا بعده كالابراء، وأنه في المتحد لا يبقى في الغد، لكن في الولوالجية: أمرك بيدك إلى رأس الشهر، فقالت اخترت زوجي بطل خيارها في اليوم، ولها أن تختار نفسها في الغد عند الامام.
ووجهه في(3/360)
الدراية بأنه متى ذكر الوقت اعتبر تعليقا وإلا فتمليكا.
بقي لو طلقها بائنا هل يبطل أمرها؟ إن كان التفويض منجزا نعم، وإن معلقا كإن دخلت الدار فأمرك بيدك أو مؤقتا لا.
عمادية، لكن في البحر عن القنية: ظاهر الرواية أن المعلق كالمنجز.(3/361)
فروع: نكحها على أن أمرها بيدها صح، ولو ادعت جعله أمرها بيدها لم تسمع إلا إذا طلقت نفسها بحكم الامر ثم ادعته فتسمع.
قالت: طلقت نفسي في المجلس بلا تبدل وأنكر فالقول لها.(3/362)
جعل أمرها بيدها، إن ضربها بغير جناية فضربها ثم اختلفا فالقول له لانه منكر، وتقبل بينتها على الشرط المنفي كما سيجئ.
طلب أولياؤها طلاقها فقال الزوج لابيها ما تريد مني؟ افعل ما تريد وخرج فطلقها أبوها
لم تطلق إن لم يرد الزوج التفويض والقول له فيه.
خلاصة.
لا يدخل نكاح الفضولي ما لم يقل إن دخلت امرأة في نكاحي.
جعل أمرها بين رجلين فطلقها أحدهما لم يقع.
فصل في المشيئة (قال لها طلقي نفسك ولم ينو أو نوى واحدة) أو اثنتين في الحرة (فطلقت وقعت(3/363)
رجعية، وإن طلقت ثلاثا ونواه وقعن) قيد بخطابها: لانه لو قال طلقي أي نسائي شئت لم تدخل تحت عموم خطابه (وبقولها) في جوابه (أبنت نفسي طلقت) رجعية إن أجازه لانه كناية (لا باخترت) نفسي وإن أجازه، لان الاختيار ليس بصريح ولا كناية (ولا يملك) الزوج(3/364)
(الرجوع عنه) أي عن التفويض بأنواعه الثلاثة، لما فيه من معنى التعليق (وتقيد بالمجلس) لانه تمليك (إلا إذا زاد متى شئت) ونحوه مما يفيد عموم الوقت فتطلق مطلقا، وإذا قال لرجل ذلك أو قال لها طلقي ضرتك (لم يتقيد بالمجلس) لانه توكيل فله الرجوع، إلا إذا زاد وكلما عزلتك(3/365)
فأنت وكيل (إلا إذا زاد إن شئت) فيتقيد به (ولا يرجع) لصيرورته تمليكا في الخانية.
طلقها إن شاءت لم يصر وكيلا ما لم تشأ، فإن شاءت في مجلس علمها طلقها في مجلسه لا غير والوكلاء عنه غافلون.
(قال لها طلقي نفسك ثلاثا) أو اثنتين (وطلقت واحدة وقعت) لانها بعض ما فوضه، وكذا الوكيل ما لم يقل بألف (لا) يقع شئ (في عكسه) وقالا واحدة(3/366)
طلقي نفسك ثلاثا إن شئت فطلقت واحدة (و) كذا (عكسه لا) يقع فيهما لاشتراط الموافقة لفظا لما في تعليق الخانية: أمرها بعشر فطلقت ثلاثا أو بواحدة فطلقت نصفا لم يقع.
(أمرها ببائن أو رجعي فعكست في الجواب وقع ما أمر) الزوج (به) ويلغو وصفها،(3/367)
والاصل أن المخالفة في الوصف لا تبطل الجواب بخلاف الاصل، وهذا إذا لم يكن معلقا بمشيئتها، فإن علقه فعكست لم يقع شئ لانها ما أتت بمشيئة ما فوض إليها.
خانية بحر.
(قال لها أنت طالق إن شئت فقالت شئت إن شئت أنت، فقال شئت ينوي الطلاق أو قالت شئت إن كان كذا لمعدوم) أي لم يوجد بعد كإن شاء أبي أو إن جاء الليل وهي في النهار (بطل) الامر لفقد الشرط.
(وإن قالت شئت إن كان الامر قد مضى) أراد بالماضي المحقق وجوده، كإن كان أبي في الدار وهو فيها، أو إن كان هذا ليلا وهي فيه مثلا (طلقت) لانه تنجيز (قال لها أنت طالق متى شئت أو متى ما شئت أو إذا شئت أو إذا ما شئت فردت الامر لا يرتد،(3/368)
ولا يتقيد بالمجلس ولا تطلق) نفسها (إلا واحدة) لانها تعم الازمان لا الافعال، فتملك التطليق في كل زمان لا تطليق بعد تطلق (ولها تفريق الثلاث في كلما شئت، ولا تجمع) ولا تثنى(3/369)
لانها لعموم الافراد.
(ولو طلقت بعد زوج آخر لا يقع) إن كانت طلقت نفسها ثلاثا متفرقة وإلا فلها تفريقها بعد زوج آخر، وهي مسألة الهدم الآتية (أنت طالق حيث شئت أو أين شئت لا تطلق إلا إذا(3/370)
شاءت في المجلس وإن قامت من مجلسها قبل مشيئتها لا) مشيئة لها لانهما للمكان ولا تعلق للطلاق به فجعلا مجازا عن إن لانها أم الباب.
(وفي كيف شئت يقع) في الحال (رجعية، فإن شاءت بائنة أو ثلاثا وقع) ما شاءته (مع نيته) وإلا فرجعية(3/371)
لو موطوءة وإلا بانت وبطل الامر، وقول الزيلعي والعيني قبل الدخول صوابه بعده، فتنبه.
(وفي كم شئت أو ما شئت لها أن تطلق ما شاءت) في مجلسها ولم يكن بدعيا للضرورة (وإن ردت) أو أتت بما يفيد الاعراض (ارتد) لانه تمليك في الحال، فجوابه كذلك.
(قال لها طلقي) نفسك (من ثلاث ما شئت تطلق ما دون الثلاث، ومثله اختاري من الثلاث ما شئت) لان من تبعيضية.
وقالا: بيانية، فتطلق الثلاث، والاول أظهر.(3/372)
فروع: قال: أنت طالق إن شئت وإن لم تشائي طلقت للحال.
ولو قال: إن كنت تحبين الطلاق فأنت طالق، وإن كنت تبغضينه فأنت طالق لم تطلق، لانه يجوز أن لا تحبه ولا تبغضه، ويجوز أن تشاء ولا تشاء، ولو قال لهما: أشدكما حبا للطلاق أو أشدكما بغضا له طالق فقالت كل أنا أشد حبا له لم يقع لدعوى كل أن صاحبتها أقل حبا منها فلم يتم الشرط،(3/373)
ثم التعليق بالمشيئة أو الارادة أو الرضا أو الهوى أو المحبة يكون تمليكا فيه معنى التعليق، فيتقيد بالمجلس كأمرك بيدك، بخلاف التعليق بغيرها.
باب التعليق (هو) لغة من علقه تعليقا.
قاموس جعله معلقا.
واصطلاحا (ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة أخرى) ويسمى يمينا مجازا،(3/374)
وشرط صحته كون الشرط معدوما على خطر الوجود، فالمحقق كإن كان السماء فوقنا تنجيز، والمستحيل كإن دخل الجمل في سم الخياط لغو(3/376)
وكونه متصلا إلا لعذر وأن لا يقصد به المجازاة، فلو قالت يا سفلة فقال: إن كنت كما قلت فأنت كذا تنجيز كان كذلك أولا وذكر المشروط، فنحو أنت طالق إن لغو، به يفتى.
ووجود رابط حيث تأخر الجزاء كما يأتي (شرط الملك)(3/377)
حقيقة كقوله لقنه: إن فعلت كذا فأنت حر أو حكما، ولو حكما (كقوله لمنكوحته) أو معتدته (إن ذهبت فأنت طالق، أو الاضافة إليه) أي الملك الحقيقي عاما أو خاصا، كإن ملكت عبدا أو إن ملكتك لمعين فكذا أو الحكمي كذلك (كإن) نكحت امرأة أو إن (نكحتك فأنت طالق) وكذا كل امرأة، ويكفي معنى الشرط إلا في المعينة(3/378)
باسم أو نسب أو إشارة، فلو قال: المرأة التي أتزوجها طالق تطلق بتزوجها ولو قال هذه المرأة الخ لا لتعريفها بالاشارة، فلغا الوصف (فلغا قوله الاجنبية إن زرت زيدا فأنت طالق فنكحها فزارت) وكذا كل امرأة اجتمع معها في فراش فهي طالق فتزوجها لم تطلق، وكل جارية أطؤها حرة، فاشترى جارية فوطئها لم تعتق لعدم الملك والاضافة إليه.
وأفاد في البحر أن زيارة المرأة في عرفنا لا تكون إلا بطعام معها يطبخ عند المزور فليحفظ.
(كما لغا إيقاعه) الطلاق (مقارنا لثبوت ملك) كأنت طالق مع نكاحك، ويصح مع(3/379)
تزوجي إياك لتمام الكلام بفاعله ومفعوله (أو زواله) كمع موتي أو موتك.
فائدة: في المجتبى عن محمد في المضافة لا يقع، وبه أفتى أئمة خوارزم انتهى.
وهو قول الشافعي.
وللحنفي تقليده بفسخ قاض(3/380)
بل محكم بل إفتاء عدل(3/381)
وبفتوتين في حادثتين، وهذا يعلم ولا يفتى به.
بزازية.
(ويبطل تنجيز الثلاث) للحرة والثنتين للامة (تعليقه) للثلاث، وما دونها إلا المضافة إلى الملك كما مر (لا تنجيز ما دونها).
اعلم أن التعليق يبطل بزوال الحل لا بزوال الملك، فلو علق الثلاث أو ما دونها بدخول الدار ثم نجز الثلاث ثم نكحها بعد التحليل بطل التعليق فلا يقع بدخولها شئ، ولو كان نجز ما دونها لم يبطل(3/382)
فيقع المعلق كله، وأوقع محمد بقية الاول وهي مسألة الهدم الآتية، وثمرته فيمن علق واحدة ثم نجز ثنتين ثم نكحها بعد زوج آخر فدخلت له رجعتها خلافا لمحمد، وكذا يبطل بلحاقه مرتدا بدار الحرب خلافا لهما، وبفوت محل البر كإن كلمت فلانا أو دخلت هذه الدار فمات أو جعلت بستانا كما بسطناه فيما علقناه، وستجئ مسألة الكوز بفروعها.(3/383)
فرع: قال لزوجته الامة: إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا فعتقت فدخلت له رجعتها.
قنية.
(وألفاظ الشرط) أي علامات وجود الجزاء (إن) المكسورة، فلو فتحها وقع للحال ما لم ينو التعليق فيدين، وكذا لو حذف الفاء من الجواب(3/384)
في نحو: طلبية واسمية وبجامد وبما وقد وبلن وبالتنفيس(3/385)
كما لخصناه في شرح الملتقى (وإذا وإذا ما وكل و) لم تسمع (كلما) إلا منصوبة ولو
مبتدأ لاضافتها لمبنى (ومتى متى ما) ونحو ذلك كلو كأنت طالق لو دخلت الدار تعلق بدخولها، ومن نحو من دخل منكن الدار فهي طالق، فلو دخلت واحدة مرارا طلقت بكل(3/386)
مرة، لان الدخول أضيف إلى جماعة فازداد عموما، كذا في الغاية وهي غريبة، وجعله في البحر أحد القولين (وفيها) كلها (تنحل) أي تبطل (اليمين) ببطلان التعليق (إذا وجد الشرط مرة، إلا في كلما فإنه ينحل بعد الثلاث) لاقتضائها عموم الافعال كاقتضاء كل عموم الاسماء(3/387)
(فلا يقع إن نكحها بعد زوح آخر إلا إذا دخلت) كلما (على التزوج نحو: كلما تزوجت فأنت كذا) لدخولها على سبب الملك وهو غير متناه، ومن لطيف مسائلها: لو قال لموطوءته كلما طلقتك فأنت طالق فطلقها واحدة تقع ثنتان، وفي: كأما وقع عليك طلاقي يقع ثلاث لتكرار الوقوع، لكنه لا يزيد على الثلاث(3/388)
(وزوال الملك)(3/389)
من نكاح أو يمين (لا يبطل اليمين) فلو أبانها أو باعه ثم نكحها أو اشتراه فوجد الشرط طلقت وعتق لبقاء التعليق ببقاء محله (وتنحل) اليمين (بعد) وجود (الشرط مطلقا) لكن إن وجد في الملك طلقت وعتق، وإلا لا، فحيلة من علق الثلاث بدخول الدار أن يطلقها واحدة ثم بعد العدة تدخلها فتنحل اليمين فينكحها.
(فإن اختلفا في وجود الشرط) أي ثبوته ليعم العدمي(3/390)
(فالقول له مع اليمين) لانكاره الطلاق، ومفاده أنه لو علق طلاقها بعدم وصول نفقتها أياما فادعى الوصول وأنكرت أن القول له، وبه جزم في القنية، لكن صحح في الخلاصة والبزازية
أن القول لها، وأقره في البحر والنهر، وهو يقتضي تخيصي المتون، لكن قال المصنف: وجزم شيخنا في فتواه بما تفيده المتون والشروح لانها الموضوعة لنقل المذهب كما لا يخفى(3/391)
(إلا إذا برهنت) فإن البينة تقبل على الشرط وإن كان نفيا كإن لم تجئ صهرتي الليلة فامرأتي كذا فشهد أنها لم تجئه قبلت وطلقت.
منح.
وفي التبيين: إن لم أجامعك في حيضتك فأنت طالق للسنة، ثم قال: جامعتك إن حائضا فالقول له، لانه يملك الانشاء.
وإلا لا.(3/392)
قلت: فالمسألة السابقة والآتية ليستا على إطلاقهما (وما لا يعلم) وجوده (إلا منها صدقت في حق نفسها خاصة) استحسانا بلا يمين.
نهر بحثا،(3/393)
ومراهقة كبالغة واحتلام كحيض في الاصح (كقوله إن حضت فأنت طالق وفلانة، أو إن كنت(3/394)
تحبين عذاب الله فأنت كذا أو عبده حر، فلو قالت حضت) والحيض قائم، فإن انقطع لم يقبل قولها.
زيلعي وحدادي (أو أحب طلقت هي فقط) إن كذبها الزوج، فإن صدقها أو علم وجود الحيض منها طلقتا جميعا.
حدادي.
(وفي إن حضت لا يقع برؤية الدم) لاحتمال الاستحاضة (فإن استمر ثلاثا وقع من حين رأت)(3/395)
وكان بدعيا، فإن غير مدخولة فتزوجت بآخر في ثلاثة أيام صح، فلو ماتت فيها فإرثها للزوج الاول دون الثاني، وتصدق في حقها دون ضرتها.
(و) في (إن حضت حيضة) أو نصفها أو ثلثها أو سدسها لعدم تجزيها (لا يقع حتى تطهر
منها) لان الحيضة اسم للكامل، ثم إنما يقبل قولها ما لم تر حيضة أخرى.
جوهرة.(3/396)
(وفي إن صمت يوما فأنت طالق تطلق حين غربت) الشمس (من يوم صومها، بخلاف إن صمت) فإنه يصدق بساعته.
(قال لها أن ولدت غلاما فأنت طالق واحدة، وإن ولدت جارية فأنت طالق ثنتين فولدتهما ولم يدر الاول تلزمه طلقة واحدة قضاء واثنتان تنزها) أي احتياطا لاحتمال تقدم الجاري (ومضت العدة) بالثاني فلذا لم يقع به شئ، لان الطلاق المقارن لانقضاء العدة لا يقع، فإن علم الاول فلا كلام، وإن اختلفا فالقول للزوج لانه منكر، وإن تحقق ولادتهما معا وقع الثلاث وتعتد بالاقراء.
(وإن ولدت غلاما وجاريتين ولا يدري الاول(3/397)
يقع ثنتان قضاء وثلاث تنزها) وإن ولدت غلامين وجارية فواحدة قضاء وثلاث تنزها (و) هذا بخلاف ما (لو قال: إن كان حملك غلاما فأنت طالق واحدة، وإن كان جارية فثنتين فولدت غلاما وجارية لم تطلق) لان الحمل اسم للكل، فما لم يكن الكل غلاما أو جارية لم تطلق (وكذا) لو قال (إن كان ما في بطنك غلاما) والمسألة بحالها لعموم ما (بخلاف إن كان في بطنك) والمسألة بحالها (فإنه يقع الثلاث) لعدم اللفظ العام.
فروع: علق طلاقها بحبلها لم تطلق حتى تلد لاكثر من سنتين من وقت اليمين.
قال: إن ولدت ولدا فأنت طالق أو حرة فولدت ولدا ميتا طلقت وعتقت.
قالت لام ولده: إن ولدت فأنت حرة تنقضي به العدة.
جوهرة.
(علق) العتاق أو الطلاق(3/398)
ولو (الثلاث بشيئين حقيقة بتكرر الشرط أولا) كإن جاء زيد وبكر فأنت كذا (يقع) المعلق(3/399)
(إن وجد) الشرط (الثاني في الملك وإلا لا) لاشتراط الملك حالة الحنث، والمسألة رباعية.
(علق الثلاث أو العتق) لامته (بالوطئ) حنث بالتقاء الختانين و (لم يجب) عليه (العقر) في المسألتين (باللبث) بعد الايلاج، لان اللبث ليس بوطئ (و) لذا (لم يصر به مراجعا في) الطلاق (الرجعي إلا إذا أخرج ثم أولج ثانيا) حقيقة أو حكما بأن حرك نفسه فيصير مراجعا بالحركة الثانية، ويجب العقر لا الحد لاتحاد المجلس.(3/400)
(لا تطلق) الجديدة (في) قوله للقديمة (إن نكحتها) أي فلانة (عليك فهي طالق إذا نكح) فلانة (عليها في عدة البائن) لان الشرط مشاركتها في القسم ولم يوجد.
(فلو) نكح (في عدة الرجعي) أو لم يقل عليك (طلقت) الجديدة.
ذكره مسكين، وقيده في النهر بحثا بما إذا أراد رجعتها، وإلا فلا قسم لها كما مر.
(قال لها أنت طالق إن شاء الله(3/401)
متصلا) إلا لتنفس أو سعال أو جشاء أو عطاس أو ثقل لسان أو إمساك فم أو فاصل مفيد لتأكيد أو تكميل أو حد أو طلاق، أو نداء كأنت طالق يا زانية أو يا طالق إن شاء الله صح الاستثناء.(3/402)
بزازية وخانية بخلاف الفاصل اللغو كأنت طالق رجعيا إن شاء الله وقع وبائنا لا يقع، ولو قال: رجعيا أو بائنا يقع بنية البائن لا الرجعي.
قنية، وقواه في النهر (مسموعا) بحيث لو قرب(3/403)
شخص أذنه إلى فيه يسمع فصح استثناء الاصم.
خانية.
(لا يقع) للشك (وإن ماتت قبل قوله إن شاء الله) وإن مات يقع (ولا يشترط) فيه (القصد ولا التلفظ) بهما، فلو تلفظ بالطلاق وكتب الاستثناء موصولا أو عكس أو أزال الاستثناء بعد الكتابة لم يقع.
عمادية (ولا العلم بمعناه) حتى لو أتى بالمشيئة من غير قصد جاهلا لم يقع
خلافا للشافعي.
وأفتى الشيخ الرملي الشافعي فيمن حلف على شئ بالطلاق فأنشأ له الغير ظانا صحته بعدم الوقوع اه.
قلت: ولم أره لاحد من علمائنا، والله أعلم.(3/404)
ولو شهدا بها وهو لا يذكرها، إن كان بحال لا يدري ما يجري على لسانه لغضب جاز له الاعتماد عليهما، وإلا لا.
بحر.
(ويقبل قوله إن ادعاه) وأنكرته (في ظاهر المروي) عن صاحب المذهب (وقيل لا) يقبل إلا ببينة (وعليه الاعتماد) والفتوى احتياطا لغلبة الفساد.(3/405)
خانية.
وقيل إن عرف بالصلاح فالقول له (وحكم ما لم يوقف على مشيئته) فيما ذكر (كالانس والجن) والملائكة والجدار والحمار (كذلك) وكذا إن شرك كإن شاء الله وشاء زيد لم يقع أصلا، ومثل إن: إلا، وإن لم، وإذا، وما،(3/406)
وما لم يشأ، ومن الاستثناء: أنت طالق لولا أبوك، أو لولا حسنك، أو لولا أني أحبك لم يقع.
خانية.
ومنه: سبحان الله ذكره ابن الهمام في فتواه.
(قال أنت طالق ثلاثا وثلاثا إن شاء الله، وأنت حر وحر إن شاء الله) طلقت ثلاثا وعتق العبد (عند الامام) لان اللفظ الثاني لغو، ولا وجه لكونه توكيدا للفصل بالواو، بخلاف قوله حر حر، أو حر وعتيق، لانه توكيد وعطف تفسير فيصح الاستثناء (وكذا) يقع الطلاق بقوله (إن شاء الله أنت طالق) فإنه تطليق عندهما تعليق عند أبي يوسف(3/407)
لاتصال المبطل بالايجاب فلا يقع كما لو أخر، وقيل الخلاف بالعكس، وعلى كل فالمفتي به عدم الوقوع إذا قدم المشيئة ولم يأت بالفاء، فإن أتى بها لم يقع اتفاقا، كما في البحر(3/408)
والشرنبلالية ووالقهستاني وغيرها، فليحفظ.
وثمرته فيمن حلف لا يحلف بالطلاق وقاله حنث على التعليق لا الابطال (وبأنت طالق بمشيئة الله أو بإرادته أو بمحبته أو برضاه) لا تطلق، لان الباء للالصاق، فكانت كإلصاق الجزاء بالشرط (وإن أضافه) أي المذكور من المشيئة وغيرها (إلى العبد كان) ذلك (تمليكا فيقتصر على المجلس) كما مر.
(وإن قال بأمره أو بحكمه أو بقضائه أو بإذنه أو بعلمه أو بقدرته يقع في الحال أضيف إليه تعالى أو إلى العبد) إذ يراد بمثله التنجيز عرفا (كقوله) أنت طالق (يحكم القاضي، وإن) قال ذلك (باللام يقع في الوجوه كلها) لانه للتعليل (وإن) كان ذلك (بحرف في إن أضافه إلى الله تعالى لا يقع في الوجوه كلها) لان في بمعنى الشرط (إلا في العلم فإنه يقع في الحال) وكذا القدرة إن نوى بها ضد العجز لوجود قدرة الله تعالى قطعا كالعلم (وإن أضاف إلى(3/409)
العبد كان تمليكا في الاربع الاول) وما بمعناها كالهوى والرؤية (تعليقا في غيرها) وهي ستة، ثم العشرة إما أن تضاف لله أو للعبد، والعشرون إما أن تكون بباء أو لام أو في فهي ستون.
وفي البزازية، كتب الطلاق واستثنى بالكتابة صح، وعلى ما مر عن العمادية فهي مائة وثمانون، وفي كيف شاء الله تطلق رجعية (أنت طالق ثلاثا إلا واحدة يقع ثنتان،(3/410)
وفي إلا ثنتين واحدة، وفي إلا ثلاثا) يقع (ثلاث) لان استثناء الكل باطل إن كان بلفظ الصدر أو مساويه، وإن بغيرهما كنسائي طوالق إلا هؤلاء أو إلا زينب وعمرة وهند، وعبيدي أحرار إلا هؤلاء أو إلا سالما وغانما وراشدا وهم الكل صح كما سيجئ في الاقرار.
(ويعتبر) في (المستثنى كونه كلا أو بعضا من جملة الكلام إلا من جملة الكلام الذي يحكم بصحته) وهو الثلاث، ففي أنت طالق عشرا إلا تسعا تقع واحدة، وإلا ثمانية تقع ثنتان، وإلا(3/411)
سبعا تقع ثلاث، ومتى تعدد الاستثناء بلا واو كان كل إسقاطا مما يليه فيقع ثنتان بأنت طالق
عشرا إلا تسعا إلا ثمانية إلا سبعة، ويلزمه خمسة بله على عشرة إلا 9 إلا 8 إلا 7 إلا 6 إلا 5 إلا 4 إلا 3 إلا 2 إلا واحدة، وتقريبه أن تأخذ العدد الاول بيمينك والثاني بيسارك والثالث بيمينك والرابع بيسارك وهكذا، ثم تسقط ما بيسارك مما بيمينك، فما بقي فهو الواقع (إخراج بعض التطليق لغو، بخلاف إيقاعه، فلو قال أنت طالق ثلاثا إلا نصف تطليقة وقع الثلاث في المختار) وعن الثانية ثنتان.
فتح.(3/412)
وفي السراجية: أنت طالق إلا واحدة يقع ثنتان انتهى، فكأنه استثنى من ثلاث مقدر.
(سألت امرأة الثلاث فقال أنت طالق خمسين طلقة فقالت المرأة ثلاث تكفيني فقال ثلاث لك والبواقي لصواحبك وله ثلاث نسوة غيرها تطلق المخاطبة ثلاثا لا غيرها أصلا) هو المختار لصيرورة البواقي لغوا، فلم يقع بصرفه لصواحبها شئ.
فروع: في أيمان الفتح ما لفظه، وقد عرف في الطلاق أنه لو قال: إن دخلت الدار فأنت طالق، إن دخلت الدار فأنت طالق، إن دخلت الدار فأنت طالق وقع الثلاث، وأقره المصنف ثمة.
إن سكنت هذه البلدة فامرأته طالق وخرج فورا وخلع امرأته ثم سكنها قبل العدة لم تطلق، بخلاف فأنت طالق فليحفظ.
إن تزوجتك وإن تزوجتك فأنت كذا لم يقع حتى يتزوجها مرتين، بخلاف ما لو قدم الجزاء فليحفظ.(3/413)
إن غبت عنك أربعة أشهر فأمرك بيدك ثم طلقها فاعتدت فتزوجت ثم عادت للاول ثم غاب أربعة أشهر فلها أنم تطلق نفسها ولو اختلعت، لا لانه تنجيز، والاول تعليق.
دعاها للوقاع فأبت فقال متى يكون؟ فقالت غدا، فقال إن لم تفعلي هذا المراد غدا فأنت كذا ثم نسياه حتى مضى الغد لا يقع.
حلف أن لا يأتيها فاستلقى فجاءت فجامعت إن مستيقظا حنث.
إن لم أشبعك من الجماع فعلى إنزالها.
إن لم أجامعك ألف مرة فكذا فعلى المبالغة لا العدد.
وإن وطئتك فعلى جماع الفرج، وإن نوى الدوس بالقدم حنث به أيضا.
له امرأة جنب وحائض ونفساء فقال أخبثكن طالق طلقت النفساء، وفي أفحشكن طالق(3/414)
فعلى الحائض.
قال: لي إليك حاجة فقال امرأته طالق إن لم أقضها، فقال هي أن تطلق امرأتك فله أن لا يصدقه قال لاصحابه إن لم أذهب بكم الليلة إلى منزلي فامرأته كذا فذهب بهم بعض الطريق فأخذهم العسس فحبسهم لا يحنث.
إن خرجت من الدار إلا بإذني فخرجت لحريقها لا يحنث.
حلف لا يرجع الدار ثم رجع لشئ نسيه لا يحنث.(3/415)
حلف ليخرجن ساكن داره اليوم والساكن ظالم فإن لم يمكنه إخراجه فاليمين على التلفظ باللسان(3/416)
إن لم تجيئي بفلان أو إن لم تردي ثوبي الساعة فأنت طالق، فجاء فلان من جانب آخر بنفسه وأخذ الثوب قبل دفعها لا يحنث، كذا إن لم أدفع إليك الدينار الذي علي إلى رأس الشهر فكذا، فأبرأته قبل رأس الشهر بطل اليمين.
بقي ما يكتب في التعاليق متى نقلها أو تزوج عليها وأبرأته من كذا أو من باقي صادقها، فلو دفع لها الكل هل تبطل؟ الظاهر لا لتصريحهم بصحة براءة الاسقاط والرجوع بما دفعه.(3/417)
حلف بالله أنه لم يدخل هذه الدار اليوم ثم قال عبده حر إن لم يكن دخل لا كفارة ولا يعتق عبده، أما لصدقه أو لانها غموس، ولا مدخل للقضاء في اليمين بالله حتى لو كانت يمينه الاولى بعتق أو طلاق حنث في اليمين لدخولها في القضاء.
أخذت من ماله درهما فاشترت به لحما وخلطه اللحام بدراهمه وقال زوجها إن لم ترديه اليوم فأنت كذا، فحيلته أن تأخذ كيس اللحام وتسلمه للزوج قبل مضي اليوم وإلا حنث، ولو ضاع من اللحام فما لم يعلم أنه أذيب أو سقط في البحر لا يحنث.
حلف إن لم أكن اليوم في العالم أو في هذه الدنيا فكذا يحبس ولو في بيت حتى يمضي(3/418)
اليوم، ولو حلف إن لم يخرب بيت فلان غدا فقيد ومنع حتى مضى الغد حنث، وكذا إن لم أخرج من هذا المنزل فكذا فقيد أو إن لم أذهب بك إلى منزلي فأخذها فهربت منه، أو إن لم تحضري الليلة منزلي فكذا فمنعها أبوها حنث في المختار، بخلاف لا أسكن فأغلق الباب أو قيد لا يحنث في المختار.
قلت: قال ابن الشحنة: والاصل أنه متى عجز عن شرط الحنث حنث في العدمي لا(3/419)
الوجودي.
قال في النهر: ومفاده الحنث فيمن حلف ليؤدين اليوم دينه فعجز لفقره وفقد من يقرضه.
خلافا لما بحثه في البحر، فتدبر.
باب طلاق المريض عنون به لاصالته، ويقال له الفار(3/420)
لفراره من ارثها، فيرد عليه قصده الى تمام عدتها، وقد يكون الفرار منها كما سيجئ.
(من غلب حاله الهلاك بمرض أو غيره بان اضناه مرض عجز به عن اقامة مصالحه خارج
البيت) هو الاصح كعجز الفقيه عن الاتيان الى المسجد وعجز السوقي عن الاتيان الى دكانه.(3/421)
وفي حقها ان تعجز عن مصالحها داخله كما في البزازيه، ومفاده انها لو قدرت على نحو الطبخ دون صعود السطح لم تكن مريضه.
قال في النهر: وهو الظاهر.
قلت: وفي اخر وصايا المجتبى: المرض المعتبر المضني المبيح لصلاته قاعدا والمقعد والمفلوج والمسلول إذا تطاول ولم يقعده في الفراش كالصحيح، ثم رمز شح: حد التطاول سنة انتهى.
في القنية: المفلوج والمسلول والمقعد ما دام يزداد كالمريض(3/422)
(أو بارز رجلا اقوى) منه (أو قدم ليقتل من قصاص أو رجم) أو بقى على اوح من السفينة أو افترسه سبع وبقى في فيه (فار بالطلاق) خبر من، و (لا يصح تبرعه الامن الثلث فلو ابانها)(3/423)
وهي من اهل الميراث علم باهليتها ام لا، كان اسلمت أو اعتقت ولم يعلم (طائعا) بلا رضاها، فلو اكره أو رضيت لم ترث، ولو اكرهت على رضاها أو جامعها ابنه مكرهة ورثت (وهو كذلك) بذلك الحال (ومات) فيه، فلو صح ثم مات في عدتها لم ترث(3/424)
(بذلك السبب) موته (أو بغيره) كأن يقتل المريض أو يموت بجهة أخرى في العدة للمدخولة (ورثت هي) منه لا هو منها لرضاه بإسقاطه حقه.
وعند أحمد ترث بعد العدة ما لم تتزوج بآخر.
(وكذا) ترث (طالبة رجعية) أو طلاق فقط (طلقت) بائنا (أو ثلاثا) لان الرجعي لا يزيل النكاح حتى حل وطؤها، ويتوارثان في العدة مطلقا، وتكفي أهليتها للارث وقت الموت،(3/425)
بخلاف البائن (وكذا) ترث (مبانة قبلت) أو طاوعت (ابن زوجها) لمجئ الحرمة ببينونته.
(ومن لاعنها في مرضه أو آلى منها مريضا كذلك) أي ترثه لما مر.
(وإن آلى في صحته وبانت به) بالايلاء (في مرضه أو أبانها في مرضه فصح فمات أو أبانها فارتدت فأسلمت) فمات (لا) ترثه، لانه لابد أن يكون المرض الذي طلقها فيه مرض الموت، فإذا صح تبين أنه لم يكن مرض الموت، ولا بد في البائن أن تستمر أهليتها للارث من وقت الطلاق إلى وقت الموت، حتى لو كانت كتابية أو مملوكة وقت الطلاق ثم أسلمت أو أعتقت لم ترث.
(كما) لا ترث (لو طلقها رجعيا) أو لم يطلقها (فطاوعت) أو قبلت (ابنه) لمجئ الفرقة منها (أو أبانها بأمرها) قيد به لانها لو أبانت نفسها فأجاز ورثت(3/426)
عملا بإجازته.
قنية (أو اختلعت منه أو اختارت نفسها) ولو ببلوغ وعتق وجب وعنة لم ترث لرضاها.
(ولو) كان الزوج (محصورا) بحبس (أو في صف القتال) ومثله حال فشو الطاعون.
أشباه(3/427)
(أو قائما بمصالحه خارج البيت مشتكيا) من ألم (أو محموما أو محبوسا بقصاص أو رجم لا) ترث لغلبة السلامة.
(والحامل لا تكون فارة إلا بتلبسها بالمخاض) وهو الطلق، لانها حينئذ كالمريضة.
وعند مالك إذا تم لها ستة أشهر (إذ علق) المريض (طلاقها) البائن (بفعل أجنبي) أي غير الزوجين ولو ولدها منه (أو بمجئ الوقت و) الحال أن (التعليق والشرط في مرضه أو) علق طلاقها (بفعل نفسه وهما في المرض أو الشرط فقط) فيه (أو علق بفعلها ولا بد لها منه) طبعا أو شرعا كأكل وكلام أبوين(3/428)
(وهما في المرض أو الشرط) فيه فقط (ورثت) لفراره، ومنه ما في البدائع: إن لم أطلقك أو إن لم أتزوج عليك فإنت طالق ثلاثا فلم يفعل حتى مات ورثته، ولو ماتت هي لم يرثها.
(وفي غيرها لا ترث.
وهو ما إذا كانا في الصحة أو التعليق فقط بفعلها أو ولها منه بد) وحاصلها ستة عشر لان التعليق إما بمجئ وقت أو بفعل أجنبي أو بفعله أو بفعلها، وكل وجه(3/429)
على أربعة، لان التعليق والشرط إما في الصحة أو المرض أو أحدهما، وقد علم حكمها.
(قال لها في صحته: إن شئت) أنا (وفلان فأنت طالق ثلاثا ثم مرض فشاء الزوج والاجنبي الطلاق معا أو شاء الزوج ثم الاجنبي ثم مات الزوج لا ترث، وإن شاء الاجنبي أولا ثم الزوج ورثت) كذا في الخانية، والفرق لا يخفى إذ بمشيئة الاجنبي أولا صار الطلاق معلقا على فعله فقط.
(تصادقا) أي المريض مرض الموت والزوجة (على ثلاث في الصحة و) على (مضي العدة ثم أقر لها بدين) أو عين (أو أوصى لها بشئ فلها الاقل منه) أي مما أقر أو أوصى (ومن الميراث) للتهمة وتعتد من وقت إقراره به، يفتى.(3/430)
ولو مات بعد مضيها فلها جميع ما أقر أو أوصى.
عمادية، ولو لم يكن بمرض موته صح إقراره ووصيته ولو كذبته لم لم يصح إقراره.
شرح المجمع.(3/431)
وفي الفصول: ادعت عليه مريضا أنه أبانها فجحد وحلفه القاضي فحلف ثم صدقته ومات ترثه لو صدقته قبل موته لا لو بعده (كمن طلقت ثلاثا بأمرها في مرضه ثم أوصى لها أو أقر) فإن لها الاقل.
(قال صحيح لامرأته إحداكما طالق ثم بين) الطلاق (في مرضه) الذي مات في (إحداهما صار فارا بالبيان فترث منه) كما في، ومفاده أنه لو حلف صحيحا وحنث مريضا فبينه في إحداهما صار فارا ولم أره.
نهر (ولا يشترط علم) أي الزوج (بأهليتها) أي المرأة للميراث.
(فلو طلقها بائنا في مرضه وقد كان سيدها أعتقها قبله) أو كانتا كتابية فأسلمت (ولم
يعلم به كان فارا) فترثه.
ظهيرية.
بخلاف ما لو قال لامته أنت حرة غدا وقال الزوج أنت طالق(3/432)
ثلاثا بعد غد، إن علم بكلام المولى كان فارا، (وإلا) يعلم (لا) ترث.
خانية.
ولو علقه بعتقها أو بمرضه أو وكله به وهو صحيح فأوقعه حال مرضه قادرا على عزله كان فارا.(3/433)
(ولو باشرت) المرأة (سبب الفرقة وهي) أي والحال أنها (مريضة وماتت قبل انقضاء العدة ورثها) الزوج (كما إذا وقعت الفرقة) بينهما (باختيارها نفسها في خيار البلوغ والعتق أو بتقبيلها) أو مطاوعتها (ابن زوجها) وهي مريضة لانها من قبلها ولذا لم يكن طلاقا (بخلاف وقوع الفرقة) بينهما (بالجب والعنة اللعان) فإنه لا يرثها (على) ما في الخانية والفتح عن الجامع، وجزم به في الكافي.
قال في البحر: فكان هو (المذهب) لانها طلاق فكانت مضافة إليه (وقيل) قائله الزيلعي (هو كالاول) فيرثها.
(ولو ارتدت ثم ماتت أو لحقت بدار الحرب، فإن كانت الردة في المرض ورثها زوجها)(3/434)
استحسانا (وإلا) بأن ارتدت في الصحة (لا) يرثها، بخلاف ردته فإنها في معنى مرض موته فترثه مطلقا.
ولو ارتدا معا، فإن أسلمت هي ورثته، وإلا لا.
خانية.
(قال آخر: امرأة أتزوجها طالق ثلاثا فنكح امرأة ثم أخرى ثم مات الزوج) طلقت الاخرى (عند التزوج) و (لا يصير فارا) خلافا لهما، لان الموت معرف واتصافه بالآخرية من وقت الشرط فيثبت مستندا.
درر.
فروع: أبانها في مرضه ثم قال لها إذا تزوجتك فأنت طالق ثلاثا فتزوجها في العدة ومات في مرضه لم ترث لانها في عدة مستقبلة، وقد حصل التزوج بفعلها فلم يكن فرارا، خلافا
لمحمد، خانية.
كذبها الورثة بعد موته في الطلاق في مرضه فالقول لها كقولها طلقني وهو نائم.(3/435)
وقالوا في اليقظة ولوالجية: طلقها في المرض ومات بعد العدة فالمشكل من متاع البيت لوارث الزوج لصيرورتها أجنبية بخلافه في العدة.
جامع الفصولين.
باب الرجعة بالفتح وتكسر، يتعدى ولا يتعدى.
(هي استدامة الملك القائم) بلا عوض ما دامت (في العدة) أي عدة الدخول حقيقة، إذ لا رجعة في عدة الخلوة.(3/436)
ابن كمال.
وفي البزازية ادعى الوطئ بعد الدخول وأنكرت فله الرجعة لا في عكسه.
وتصح مع إكراه وهزل ولعب وخطأ (بنحو) متعلق باستدامة (راجعتك ورددتك ومسكتك) بلا نية لانه صريح (و) بالفعل مع الكراهة (بكل ما يوجب حرمة المصاهرة)(3/437)
كمس ولو منها اختلاسا أو نائما أو مكرها أو مجنونا أو معتوها إن صدقها هو أو ورثته بعد موته.
جوهرة.
ورجعة المجنون بالفعل.
بزازية (و) تصح (بتزوجها في العدة) به يفتى.
جوهرة (وطئها في الدبر على المعتمد) لانه لا يخلو عن مس بشهوة(3/438)
(إن لم يطلق بائنا) فإن أبانها فلا (وإن أبت) أو قال أبطلت رجعتي أو لا رجعة لي فله الرجعة بلا عوض، ولو سمي هل يجعل زيادة في المهر؟ قولان ويتعجل المؤجل بالرجعي ولا يتأجل برجعتها.
خلاصة.
وفي الصيرفية: لا يكون حالا حتى تنقضي العدة.(3/439)
(وندب إعلامها بها) لئلا تنكح غيره بعد العدة، فإن نكحت فرق بينهما وإن دخل.
شمني (وندب الاشهاد) بعدلين ولو بعد الرجعة بالفعل (و) ندب (عدم دخوله بلا إذنها عليها) لتتأهب وإن قصد رجعتها لكراهتها بالفعل كما مر.
(ادعاها بعد العدة فيها) بأن قال كنت راجعتك في عدتك(3/440)
(فصدقته صحح) بالمصادفة (وإلا لا) يصح إجماعا (و) كذا (لو أقام بينة بعد العدة أنه قال في عدتها قد راجعتها أو) أنه (قال قد جامعتها) وتقدم قبولها على نفس اللمس والتقبيل فليحفظ (كان رجعة) لان الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة، وهذا من أعجب المسائل حيث لا يثبت إقراره بإقراره بل بالبينة (كما لو قال فيها كنت راجعتك أمس) فإنها تصح (وإن كذبته) لملكه الانشاء في الحال (بخلاف) قوله لها (راجعتك) يريد الانشاء (فقالت) على الفور (مجيبة له قد مضت عدتي) فإنها لا تصح عند الامام لمقارنتها لانقضاء العدة، حتى لو سكتت ثم أجابت صحت اتفاقا،(3/441)
كما لو نكلت عن اليمين عن مضي العدة.
(قال زوج الامة بعدها) أي العدة (راجعتها فيها فصدقه السيد وكذبته) الامة ولا بينة (أو قالت مضت عدتي وأنكر) الزوج والمولى (فالقول لها) عند الامام لانها أمينة (فلو كذبه المولى وصدقته الامة فالقول له) أي للمولى على الصحيح لظهور ملكه في البضع فلا يمكنه إبطاله (قالت انقضت عدتي ثم قالت لم تنقض كان له الرجعة) لاخبارها بكذبها في حق عليها.
شمني.
ثم إنما تعتبر المدة لو بالحيض لا بالسقط، وله تحليفها أنه مستبين الخلق، ولو بالولادة لم يقبل إلا ببينة ولو حرة.
فتح (وتنقطع) الرجعة (إذا ظهرت من الحيض الاخير) يعم الامة (لعشرة) أيام(3/442)
مطلقا (وإن لم تغتسل ولاقل لا) تنقطع (حتى تغتسل) ولو بسؤر حمار لاحتمال طهارته مع وجود المطلق، لكن لا تصلي لاحتمال النجاسة ولا تتزوج احتياطا (أو بمضي) جميع (وقت صلاة) فتصير دينا في ذمتها، ولو عاودها ولم يجاوز العشرة فله الرجعة (أو) حتى (تتيمم) عند(3/443)
عدم الماء (وتصلي) ولو نفلا صلاة تامة في الاصح، وفي الكتابية بمجرد الانقطاع ملتقى لعدم خطابها.
قلت: ومفاده أن المجنونة والمعتوهة كذلك.
(ولو اغتسلت ونسيت أقل من عضو تنقطع) لتسارع الجفاف، فلو تيقنت عدم الوصول أو تركته عمدا لا تنقطع.
(ولو) نسيت (عضوا لا) تنقطع، وكل واحد من المضمضة والاستنشاق كالاقل لانهما عضو واحد على الصحيح.
بهنسي (طلق حاملا منكرا وطأها فراجعها) قبل الوضع (فجاءت بولد لاقل من ستة أشهر) من وقت الطلاق ولستة أشهر (فصاعدا) من وقت النكاح (صحت) رجعته السابقة،(3/444)
وتوقف ظهور صحتها على الوضع لا ينافي صحتها قبله، فلا مسامحة في كلام الوقاية (كما)(3/445)
صحت (لو طلق من ولدت قبل الطلاق) فلو ولدت بعده فلا رجعة لمضي المدة (منكرا وطأها) لان الشرع كذبه بجعل الولد للفراش، فبطل زعمه حيث لم يتعلق بإقراره حق الغير (ولو خلا بها ثم أنكره) أي الوطئ (ثم طلقها لا) يملك الرجعة(3/446)
لان الشرع لم يكذبه، ولو أقر به وأنكرته فله الرجعة، ولو لم يخل بها فلا رجعة له، لان الظاهر شاهد لها.
ولوالجية.
(فإن طلقها فراجعها) والمسألة بحالها (فجاءت بولد لاقل من حولين) من حين الطلاق (صحت) رجعته السابقة لصيرورته مكذبا كما مر.
(ولو قال: إن ولدت فأنت طالق فولدت) فطلقت فاعتدت (ثم) ولدت (آخر ببطنين) يعني بعد ستة أشهر ولو لاكثر من عشر سنين ما لم تقر بانقضاء العدة، لان امتداد الطهر لا غاية له إلا اليأس (فهو) أي الولد الثاني (رجعة) إذ يجعل العلوق بوطئ حادث في العدة، بخلاف ما لو كانا ببطن واحد.
(وفي كلما ولدت) فأنت طالق (فولدت ثلاث بطون تقع الثلاث والولد الثاني رجعة) في الطلاق الاول كما مر وتطلق به ثانيا (كالولد الثالث) فإنه رجعة في الثاني وطلق به(3/447)
ثلاثا عملا بكلما (وتعتد) الطلاق الثالث (بالحيض) لانها من ذوات الاقراء ما لم تدخل في سن اليأس فبالاشهر، ولو كانوا ببطن يقع ثنتان بالاولين لا بالثالث لانقضاء العدة به.
فتح.
(والمطلقة الرجعية تتزين) ويحرم ذلك في البائن والوفاة (لزوجها) الحاضر لا الغائب لفقد العلة (إذ كانت) الرجعة (مرجوة) وإلا فلا تفعل، ذكره مسكين (ولا يخرجها من بيتها) ولو لما دون السفر للنهي المطلق (ما لم يشهد على رجعتها) فتبطل العدة، وهذا إذا صرح بعدم رجعتها، فلو لم يصرح كان السفر رجعة دلالة.
فتح بحثا.
وأقره المصنف.(3/448)
(والطلاق الرجعي لا يحرم الوطئ) خلافا للشافعي رضي الله عنه (فلو وطئ لا عقر عليه) لانه مباح (لكن تكره الخلوة بها) تنزيها (إن لم يكن من قصده الرجعة وإلا لا) تكره (ويثبت القسم لها إن كان من قصده المراجعة وإلا لا) قسم لها.
بحر عن البدائع.
قال: وصرحوا بأن له ضرب امرأته على ترك الزينة وهو شامل للمطلقة رجعيا (وينكح) مبانته بما دون الثلاث في العدة وبعدها بالاجماع ومنع غيره فيها لاشتباه النسب (لا) ينكح (مطلقة) من نكاح صحيح نافذ(3/449)
كما سنحققه (بها) أي بالثلاث (لو حرة وثنتين لو أمة) ولو قبل الدخول وما في المشكلات باطل أو مؤول كما مر (حتى يطأها غيره(3/450)
ولو) الغير (مراهقا) يجامع مثله، وقدره شيخ الاسلام بعشر سنين أو خصيا، أو مجنونا، أو ذميا لذمية (بنكاح) نافذ خرج الفاسد والموقوف، فلو نكحها عبد بلا إذن سيده ووطئها قبل الاجازة لا يحلها حتى يطأها بعدها.
ومن لطيف الحيل: أن تزوج لمملوك مراهق بشاهدين، فإذا أولج يملكه لها فيبطل(3/451)
النكاح ثم تبعثه لبلد آخر فلا يظهر أمرها، لكن على رواية الحسن المفتى بها: أنه لا يحلها لعدم الكفاءة أن لها ولي وإلا فيحلها اتفاقا كما مر (وتمضي عدته) أي الثاني (لا بملك يمين) لاشتراط الزوج بالنص، فلا يحلها وطئ المولى ولا ملك أمة بعد طلقتين أو حرة بعد ثلاث وردة وسبي، نظيره(3/452)
من فرق بينهما بظهار أو لعان ثم ارتدت وسبيت ثم ملكها لم تحل له أبدا (والشرط التيقن بوقوع الوطئ في المحل) المتيقن به، فلو كانت صغيرة لا يوطأ مثلها لم تحل للاول وإلا حلت وإن أفضاها.
بزازية.
(فلو وطئ مفضاة لا تحل له إلا إذا حبلت) ليعلم أن الوطئ كان في قبلها (كما لو تزوجت بمجبوب) فإنها لا تحل حتى تحبل لوجود الدخول حكما حتى يثبت النسب.
فتح.
فالاقتصار على الوطئ قصور، إلا أن يعمم بالحقيقي والحكمي.(3/453)
(والايلاج في محل البكارة يحلها، والموت عنها لا) كما في القنية.
واستشكله المصنف.
في النهر: وكأنه ضعيف لما في التبيين: يشترط أن يكون الايلاج موجبا للغسل، وهو التقاء
الختانين بلا حائل يمنع الحرارة، وكونه عن قوة نفسه فلا يحلها من لا يقدر عليه إلا بمساعدة اليد إلا إذا انتعش وعمل ولو في حيض ونفاس وإحرام وإن كان حراما وإن لم ينزل، لان الشرط الذوق لا الشبع.
قلت: وفي المجتبى: الصواب حلها بدخول الحشفة مطلقا، لكن في شرح المشارق(3/454)
لابن ملك: لو وطئها وهي نائمة لا يحلها للاول لعدم ذوق العسيلة، وينبغي أن يكون الوطئ في حالة الاغماء كذلك.
(وكره) التزوج للثاني (تحريما) لحديث لعن المحلل والمحلل له (بشرط التحليل) كتزوجتك على أن أحللك (وإن حلت للاول) لصحة النكاح وبطلان الشرط فلا يجبر على الطلاق كما حققه الكمال، خلافا لما زعمه البزازي.
ومن لطيف الحيل قوله: إن تزوجتك وجامعتك أو أمسكتك فوق ثلاث مثلا فأنت(3/455)
بائن.
ولو خافت أن لا يطلقها تقول زوجتك نفسي على أن أمري بيدي: زيلعي، وتمامه في العمادية (أما إذا أضمرا ذلك لا) يكره (وكان) الرجل (مأجورا) لقصد الاصلاح وتأويل اللعن إذا(3/456)
شرط الاجر.
ذكره البزازي.
ثم هذا كله فرع صحة النكاح الاول، حتى لو كان بلا ولي بلا بعبارة المرأة أو بلفظ هبة أو بحضرة فاسقين ثم طلقها ثلاثا وأراد حلها بلا زوج يرفع الامر(3/457)
لشافعي فيقضي به وببطلان النكاح: أي في القائم والآتي لا في المنقضي.
بزازية، وفيها قال(3/458)
الزوج الثاني كان النكاح فاسدا، أو لم أدخل بها وكذبته فالقول لها، ولو قال الزوج الاول ذلك فالقول له: أي في حق نفسه.
(والزوج الثاني يهدم بالدخول) فلو لم يدخل لم يهدم اتفاقا.
قنية (ما دون الثلاث أيضا) أي كما يهدم الثلاث إجماعا، لانه إذا هدم الثلاث فما دونها أولى خلافا لمحمد، فمن طلقت دونها وعادت إليه بعد آخر عادت بثلاث لو حرة واثنتين لو أمة.
وعند محمد وباقي الائمة بما بقي وهو الحق.
فتح.
وأقره المصنف كغيره.
(ولو أخبرت مطلقة الثلاث بمضي عدته وعدة الزوج الثاني) بعد دخوله (والمدة تحتمله(3/459)
جاز له) أي للاول (أن يصدقها إن غلب على ظنه صدقها) وأقل مدة عدة عنده بحيض شهران، ولامة أربعون يوما ما لم تدع السقط كما مر.
ولو تزوجت بعد مدة تحتمله ثم قالت لم تنقض عدتي أو ما تزوجت بآخر لم تصدق،(3/460)
لان إقدامها على التزوج دليل الحل.
وعن السرخسي: لا يحل تزوجها حتى يستفسرها.
وفي البزازية: قالت طلقني ثلاثا ثم أرادت تزويج نفسها منه ليس لها ذلك، أصرت عليه أم أكذبت نفسها.(3/461)
(سمعت من زوجها أنه طلقها ولا تقدر على منعه من نفسها) إلا بقتله (لها قتله) بدواء خوف القصاص، ولا تقتل نفسها.
وقال الاوزجندي ترفع الامر للقاضي، فإن حلف ولا بينة فالاثم عليه، وإن قتلته فلا شئ عليها.
والبائن كالثلاث، بزازية.
وفيها شهدا أنه طلقها ثلاثا لها التزوج بآخر للتحليل لو غائبا انتهى.
قلت: يعني ديانة، والصحيح عدم الجواز.
قنية.
وفيها: لو لم يقدر هو أن يتخلص عنها ولو غاب سحرته وردته إليها لا يحل له قتلها، ويبعد عنها جهده (وقيل لا) تقتله، قائله الاسبيجابي (وبه يفتى) كما في التاترخانية وشرح الوهبانية عن الملتقط: أي والاثم عليه كما مر.
(قال بعد) أي بعد طلاقه ثلاثا (كان قبلها طلقة واحدة وانقضت عدتها وصدقته) المرأة(3/462)
(في ذلك لا يصدقان على المذهب المفتى به) كما لو لم تصدقه هي، وقيل يصدقان، ولو طلقها اثنتين قبل الدخول ثم قال كنت طلقتها قبلهما واحدة أخذ بالثلاث.
باب الايلاء مناسبته البينونة مآلا (هو) لغة: اليمين، شرعا: (الحلف على ترك قربانها) مدته ولو ذميا (والمولى هو الذي لا يمكنه قربان امرأته إلا بشئ) مشق (يلزمه)(3/463)
إلا لمانع كفر.
وركنه الحلف (وشرطه محلية المرأة بكونها منكوحة وقت تنجيز الايلاء) منه إن تزوجتك فوالله لا أقربك، ولو زاد: وأنت طالق ثم تزوجها لزمه كفارة بالقربان ووقع بائن بتركه (وأهلية الزوج للطلاق) وعندهما للكفارة(3/464)
(فصح إيلاء الذمي) بغير ما هو قربة.
وفائدته وقوع الطلاق.
ومن شرائطه عدم النقص عن المدة.
(وحكمه وقوع طلقة بائنة إن بر) ولم يطأ (و) لزم (الكفارة أو الجزاء) المعلق (إن حنث) بالقربان.
(و) المدة (أقلها للحرة أربعة أشهر،(3/465)
وللامة شهران) ولا حد لاكثرها، فلا إيلاء بحلفه على أقل من الاقلين.
وسببه كالسبب في الرجعي، وألفاظه صريح وكناية.
(ف) - من الصريح (لو قال والله) وكل ما ينعقد به اليمين (لا أقربك)(3/466)
لغير حائض.
ذكره سعدي، لعدم إضافة المنع حينئذ إلى اليمين (أو) والله (لا أقربك) لا أجامعك لا أطؤك لا أغتسل منك من جنابة (أربعة أشهر) ولو لحائض لتعيين المدة (أو إن(3/467)
قربتك فعلي حج أو نحوه) مما يشق، بخلاف فعلي صلاة ركعتين فليس بمول لعدم مشقتهما، بخلاف فعلي مائة ركعة، وقياسه أن يكون موليا بمائة ختمة أو اتباع مائة جنازة ولم أره (أو فأنت طالق أو عبده حر) ومن الكناية: لا أمسك، لا آتيك، لا أغشاك، لا أقرب فراشك، لا أدخل عليك، ومن المؤبد نحو: حتى تخرج الدابة أو الدجال، أو تطلع الشمس من مغربها (فإن قربها في المدة) ولو مجنونا (حنث) وحينئذ (ففي الحلف بالله وجبت الكفارة، وفي غيره وجب الجزاء(3/468)
وسقط الايلاء) لانتهاء اليمين (وإلا) يقربها (بانت بواحدة) بمضيها، ولو ادعاء بعد مضيها لم يقبل قوله إلا ببينة (وسقط الحلف لو) كان (مؤقتا) ولو بمدتين، إذ بمضي الثانية تبين بثانية وسقط الايلاء (لا لو كان مؤبدا) وكانت طاهرة كما مر وفرع عليه (فلو نكحها ثانيا وثالثا ومضت المدتان بلاء) أي قربان (بانت بأخريين) والمدة من وقت التزوج(3/469)
(فإن نكحها بعد زوج آخر لم تطلق) لانتهاء هذ الملك، بخلاف ما لو بانت بالايلاء بما دون ثلاث أو أبانها تنجيز الطلاق، ثم عادت بثلاث يقع بالايلاء، خلافا لمحمد كما مر في مسألة الهدم (وإن وطئها) بعد زوج آخر (كفر) لبقاء اليمين للحنث (والله لا أقربك شهرين وشهرين بعد هذين الشهرين) إيلاء (لتحقق) المدة(3/470)
(ولو مكث يوما) أراد به مطلق الزمان إذ الساعة كذلك.
بحر (ثم قال والله لا أقربك شهرين) لم يكن موليا (قال بعد الشهرين الاولين) أولا لنقص المدة، لكن إن قاله اتحدت لكفارة وإلا(3/471)
تعددت (أو قال، والله لا أقربك سنة إلا يوما) لم يكن موليا للحال، بل إن قربها وبقي من
السنة أربعة أشهر فأكثر صار موليا، وإلا لا، ولو حذف سنة لم يكن موليا حتى يقربها فيصير موليا، ولو زاد إلا يوما أقربك فيه لم يكن موليا أبدا، لانه استثنى كل يوم يقربها فيه، فلم يتصور منعه أبدا (أو قال وهو بالبصرة: والله لا أدخل مكة وهي بها لا) يكون موليا لانه يمكنه أن يخرجها منها فيطأها (آلي من المطلقة رجعيا صح)(3/472)
لبقاء الزوجية ويبطل بمضي العدة.
(ولو آلى من مبانته أو أجنبية نكحها بعده) أي بعد الايلاء ولم يضفه للملك كما مر (لا) يصح لفوات محله، ولو وطئها كفر لبقاء اليمين، ولو آلى فأبانها، إن مضت مدته وهي في العدة بانت بأخرى، وإلا لا، خانية (عجز) عجزا حقيقيا(3/473)
لا حكميا كإحرام لكونه باختياره (عن وطئها لمرض بأحدهما أو صغرها أو رتقها) أو جبه أو عنته (أو بمسافة لا يقدر على قطعها في مدة الايلاء أو لحبسه) إذا لم يقدر على وطئها في السجن كما في البحر عن الغاية، وقوله (لا بحق) لم أره لغيره فليراجع، وكذا حبسها ونشوزها(3/474)
ففيئه (نحو) قوله بلسانه (فئت إليها) أو راجعتك أو أبطلت الايلاء أو رجعت عما قلت ونحوه، لانه آذاها بالمنع فيرضيها بالوعد (فإن قدر على الجماع في المدة ففيؤه الوطئ في الفرج) لانه الاصل (فإن وطئ في غيره) كدبر (لا) يكون فيئا، ومفاده اشتراط دوام العجز من وقعت الايلاء(3/475)
إلى مضي مدته، وبه صرح في الملتقى.
وفي الحاوي: آلى وهو صحيح ثم مرض لم يكن فيؤه إلا الجماع.
وبقي شرط ثالث ذكره في البدائع، وهو قيام النكاح وقت الفئ باللسان، فلو أبانها ثم فاء بلسانه بقي الايلاء.
(قال لامرأته أنت علي حرام) ونحو ذلك كأنت معي في الحرام (إيلاء إن نوى التحريم
أو لم ينو شيئا، وظهار إن نواه، وهدر إن نوى الكذب) وذا ديانة،(3/476)
وأما قضاء فإيلاء، قهستاني (وتطليقة بائنة) إن نوى الطلاق وثلاث إن نواها، ويفتي بأنه طلاق بائن وإن لم ينوه، لغلبة العرف،(3/477)
ولذا لا يحلف به إلا الرجال، ولو لم تكن له امرأة.(3/478)
أو حلفت به المرأة كان يمينا، كما لو ماتت أو بانت لا إلى عدة ثم وجد الشرط لم تطلق امرأته المتزوجة، به يفتى لصيرورتها يمينا ولا تنقلب طلاقا، ومثله أنت معي في الحرام، والحرام يلزمني، وحرمتك علي، وأنت محرمة، أو حرام علي أو لم يقل علي، وأنا عليك حرام، أو محرم، أو حرمت نفسي عليك، أو أنت علي كالحمار أو كالخنزير.
بزازية.
(ولو كان له) أربع (نسوة) والمسألة بحالها (وقع على كل واحدة منهن طلقة) بائنة (وقيل تطلق واحدة منهن) وإليه البيان كما مر في الصريح (وهو الاظهر) والاشبه.(3/479)
ذكره الزيلعي والبزازي وغيرهما.
وقال الكمال: الاشبه عندي الاول، وبه جزم صاحب البحر في فتاواه، وصححه في جواهر الفتاوى، وأقره المصنف في شرحه لكن في النهر يجب أن يكون معنى قول الزيلعي والمسألة بحالها: يعني التحريم لا بقيد أنت علي حرام مخاطبا لواحدة كما في المتن، بل يجب فيه أن لا يقع إلا على المخاطبة ا ه.
قلت: يعني بخلاف حلال الله أو حلال المسلمين فإنه يعم، وبه يحصل التوفيق فليحفظ.(3/480)
فروع: أنت علي حرام ألف مرة: تقع واحدة.
طلقها واحدة ثم قال أنت حرام ناويا اثنتين: تقع واحدة.
كرره مرتين ونوى بالاول طلاقا وبالثاني يمينا: صح.
قال: ثلاث مرات: حلال الله علي حرام إن فعلت كذا ووجد الشرط: وقع الثلاث.
قال لهما: أنتما علي حرام ونوى في إحداهما ثلاثا وفي الاخرى واحدة فكما نوى به يفتى، وتمامه في البزازية.
قال: أنتما علي حرام: حنث بوطئ كل.(3/481)
ولو قال: والله لا أقربكما لم يحنث إلا بوطئهما، والفرق لا يخفى.
وفي الجوهرة كرر والله لا أقربك ثلاثا في مجلس: إن نوى التكرار اتحدا، وإلا فالايلاء واحد واليمين ثلاث، وإن تعدد المجلس تعدد الايلاء واليمين.
باب الخلع (هو) لغة: الازالة، واستعمل في إزالة الزوجية بالضم،(3/482)
وفي غيره بالفتح.
وشرعا كما في البحر (إزالة ملك النكاح) خرج به الخلع في النكاح الفاسد، وبعد البينونة والردة فإنه لغو كما في الفصول (المتوقفة على قبولها) خر ما لو قال خلعتك ناويا الطلاق فإنه يقع بائنا غير مسقط للحقوق لعدم توقفه عليه، بخلاف خالعتك بلفظ المفاعلة أو اختلعي بالامر ولم يسم شيئا فقبلت فإنه خلع مسقط، حتى لو كانت قبضت البدل ردته.(3/483)
خانية (بلفظ الخلع) خرج الطلاق على مال فإنه غير مسقط.
فتح.
وزاد قوله (أو في معناه) ليدخل لفظ المبارأة فإنه مسقط كما سيجئ، ولفظ البيع والشراء فإنه كذلك كما صححه في الصغرى خلافا للخانية، وأفاد التعريف صحة خلع المطلقة رجعيا.
(ولا بأس به عند الحاجة) للشقاق بعدم الوفاق (بما يصلح للمهر) بغير عكس كلي لصحة الخلع بدون العشرة وبما في يدها وبطن غنمها.
وجوز العيني انعكاسها.(3/484)
(و) شرطه كالطلاق، وصفته ما ذكره بقوله (هو يمين في جانبه) لانه تعليق الطلاق بقبول المال (فلا يصح رجوعه) عنه (قبل قبولها، ولا يصح شرط الخيار له، ولا يقتصر على المجلس) أي مجلسه، ويقتصر قبولها على مجلس علمها (وفي جانبها معاوضة) بمال (فصح رجوعها) قبل قبوله(3/485)
(و) صح (شرط الخيار لها) ولو أكثر من ثلاثة أيام.
بحر (ويقتصر على المجلس) كالبيع.
فائدة: يشترط في قبولها علمها بمعناه لانه معاوضة، بخلاف طلاق وعتاق وتدبير، لانه إسقاط والاسقاط يصح مع الجهل (وطرف العبد في العتاق) على مال(3/486)
(كطرفها في الطلاق.
و) الخلع (يكون بلفظ البيع والشراء والطلاق والمبارأة) كبعت نفسك أو طلاقك أو طلقتك على كذا أو بارأتك: أي فارقتك وقبلت المرأة.
(و) حكمه أن (الواقع به) ولو بلا مال (وبالطلاق) الصريح (على مال طلاق بائن) وثمرته(3/487)
فيما لو بطل البدل كما سيجئ (و) الخلع (هو من الكنايات فيعتبر فيه ما يعتبر فيها) من قرائن الطلاق، لكن لو قضي بكونه فسخا نفذ لانه مجتهد فيه، وقيل لا.
(خلعها ثم قال لم أنو به الطلاق، فإن ذكر بدلا لم يصدق) قضاء في الصور الاربع (وإلا صدق في) - ها إذا وقع بلفظ (الخلع والمبارأة) لانهما كنايتان ولا قرينة، بخلاف لفظ بيع وطلاق لانه خلاف الظاهر.
وفيه إشارة إلى اشتراط النية وهو ظاهر الرواية، إلا أن المشايخ قالوا: لا تشترط النية ها هنا لانه بحكم غلبة الاستعمال صار كالصريح، كما في القهستاني عن(3/488)
متفرقات طلاق المحيط.
(وكره) تحريما (أخذ شئ) ويلحق به الابراء عما لها عليه (إن نشز وإن نشزت لا) ولو منه نشوز أيضا ولو بأكثر مما أعطاها على الاوجه.
فتح.
وصحح الشمني كراهة الزيادة، وتعبير الملتقى لا بأس به يفيد أنها تنزيهية، وبه يحصل التوفيق (أكرهها) الزوج (عليه تطلق بلا مال) لان الرضا شرط للزوم المال وسقوطه.
(ولو هلك بدله في يدك) قبل الدفع (أو استحق فعليها قيمته لو) البدل (قيميا، ومثله لو(3/489)
مثليا) لان الخلع لا يقبل الفسخ.
(خلعها أو طلقها بخمر أو خنزير أو ميتة ونحوها) مما ليس بمال (وقع) طلاق (بائن في الخلع رجعي في غيره) وقوعا (مجانا) فيهما لبطلان البدل وهو الثمرة كما مر، ولو سمت حلالا كهذا الخل فإذا هو خمر رجع بالمهر إن لم بعلم، وإلا لا شئ له (كخالعني على ما في يدي) أي الحسية (ولا شئ في يدها) لعدم لعدم التسمية وكنا عكسته لكن لو كان في يده جوهرة لها فقبلت فهي له، علمت.
أو لا لاضرارها نفسها بقولها (وإن زادت من مال أو دراهم ردت) عليه في الاولى (مهرها) أن قبضته وإلا لا شئ عليها.
جوهرة (أو ثلاثة دراهم) في الثانية(3/490)
ولو في يدها أقل كملتها، ولو سمت دراهم فبان دنانير لم أره.
(والبيت والصندوق وبطن الجارية) إذا لم تلد لاقل المدة (و) بطن (الغنم) وثمر الشجر (كاليد) فذكر اليد مثال كما في البحر.
قال: وقيده في الخلاصة وغيرها بعدم العلم فقال: لو(3/491)
علم أنه لا متاع في البيت أو أنه لا مهر لها عليه في خلعها بمهرها لا يلزمها شئ لانها لم تطعمه فلم يصر مغرورا، ولو ظن أن عليه المهر ثم تذكر عدمه ردت المهر.
(خالعت على عبد آبق لها على براءتها من ضمانه لم تبرأ) وعليها تسليمه إن قدرت وإلا فقيمته لانه لا يبطل بالشرط الفاسد كالنكاح.
(قالت طلقني ثلاثا بألف أو على ألف فطلقها واحدة وقع في الاول بائنة بثلثه) أي بثلث الالف إن طلقها في مجلسه وإلا فمجانا، فتح.
وفي الخانية: لو كان طلقها اثنتين فله كل الالف (وفي الثانية رجعية مجانا) لان على للشرط، قالا كالباء (قال لها طلقي نفسك ثلاثا بألف) أو(3/492)
على ألف (فطلقت نفسها واحدة لم يقع شئ) لانه لم يرض بالبينونة إلا بكل الالف، بخلاف ما مر لرضاها بها بألف فببعضها أولى (وقوله لها أنت طالق بألف أو على ألف وقبلت) في مجلسها (لزم) إن لم تكن مكرهة كما مر، ولا سفيهة ولا مريضة كما يجئ (الالف) لانه تعويض أو تعليق.
وفي البحر عن التاترخانية: قال لامرأتيه إحداكما طالق بألف درهم والاخرى بمائة دينار فقبلتا طلقتا بغير شئ (أنت طالق وعليك ألف أو أنت حر وعليك ألف طلقت وعتق مجانا) وإن لم يقبلا، لان قوله وعليك ألف(3/493)
جملة تامة.
وقالا: إن قبلا صح ولزم المال عملا بأن الواو للحال، وفي الحاوي: وبقولهما يفتي.
(قال طلقتك أمس على ألف فلم تقبلي وقالت قبلت فالقول له بيمينه، بخلاف قوله بعتك طلاقك أمس على ألف فلم تقبلي وقالت قبلت فالقول لها) وكذا لو قال لعبده كذلك (كقوله) لغيره (بعت منك هذا العبد بألف أمس فلم تقبل وقال المشتري قبلت) فإن القول للمشتري.
والفرق أن الطلاق بمال يمين من جنبه وهي تدعي حنثه وهو ينكر، أما البيع فإقراره به إقرار بالقبول فإنكاره رجوع فلا يسمع ولو برهنا أخذ ببينتها.
تاترخانية.
(ولو ادعى الخلع على مال وهي تنكر يقع الطلاق) بإقراره (والدعوى في المال بحالها) فيكون القول لها لانها تنكر (وعكسه لا) يقع كيفما كان.
بزازية.(3/494)
فروع أنكر الخلع أو ادعى شرطا أو استثناء أو أن ما قبضه من دينه أو اختلفا في الطوع
والكره فالقول له.
ولو قالت كان بغير بدل فالقول لها.
ادعت المهر ونفقة العدة وأنه طلقها وادعى الخلع ولا بينة فالقول لها في المهر وله في النفقة.(3/495)
خلع امرأتيه على عبد قسمت قيمته على مسميهما.
خلعتك على عبدي وقف على قبولها ولم يجب شئ.
بحر (ويسقط الخلع) في نكاح صحيح ولو بلفظ بيع وشراء كما اعتمده العمادي وغيره.
(والمبارأة)(3/496)
أي الابراء من الجانبين (كل حق) ثابت وقتهما (لكل منهما على الآخر مما يتعلق بذلك النكاح) حتى لو أبانها ثم نكحها ثانيا بمهر آخر فاختلعت منه على مهرها برئ عن الثاني لا الاول، ومثله المتعة.
بزازية.
وفيها: اختلعت على أن لا دعوى لكل على صاحبه ثم ادعى أن له كذا(3/497)
من القطن صح لاختصاص البراءة بحقوق النكاح (إلا نفقة العدة) وسكناها فلا يسقطان (إلا إذا نص عليها) فتسقط النفقة لا السكنى(3/498)
لانها حق الشرع، إلا إذا أبرأته عن مؤنة السكنى فيصح.
فتح.
وهو مستغنى عنه بما ذكرنا، إذ(3/499)
النفقة والسكنى لم تجبا وقتهما بل بعدهما (وقيل الطلاق على مال) مسقط لمهر (كالخلع والمعتمد لا) ذكره البزازي، ولا يبرأ بأبرأك الله، ذكره البهنسي (شرط البراءة من نفقة الولد إن وقتا) كسنة (صح ولزم، وإلا لا) بحر، وفيه عن المنتقى وغيره: لو كان الولد رضيعا صح وإن لم يؤقتا وترضعه حولين، بخلاف الفطيم،(3/500)
ولو تزوجها أو هربت أو ماتت أو مات الولد رجع ببقية نفقة الولد والعدة، إلا إذا شرطت براءتها ولها مطالبته بكسوة الصبي إلا إذا اختلعت عليها أيضا، ولو فطيما فيصح كالظئر.
(ولو خالعته على نفقة ولده شهرا) مثلا (وهي معسرة فطالبته بالنفقة يجبر عليها) وعليه الاعتماد.
فتح.
وفيه لو اختلعت على أن تمسكه إلى البلوغ صح في الانثى لا الغلام، ولو(3/501)
تزوجت فللزوج أخذ الولد وإن اتفقا على تركه لانه حق الولد، وينظر إلى مثل إمساكه لتلك المدة فيرجع به عليها.
(خلع الاب صغيرته بمالها أو مهرها طلقت) في الاصح، كما لو قبلت هي وهي مميزة ولم يلزم المال لانه تبرع، وكذا الكبيرة إلا إذا قبلت فيلزمها المال، ولا يصح من الام ما لم(3/502)
تلزم البدل ولا على صغير أصلا (كما لو خالعت) المرأة (بذلك) أي بمالها أو بمهرها (وهي غير رشيدة) فإنها تطلق ولا يلزم، حتى لو كان بلفظ الطلاق يقع رجعيا فيهما.
شرح وهبانية (فإن خالعها) الاب على مال (ضامنا له) أي ملتزما لا كفيلا لعدم وجوب المال عليها (صح والمال عليه) كالخلع مع الاجنبي فالاب أولى (بلا سقوط مهر) لانه لم يدخل تحت ولاية الاب.
ومن حيل سقوطه(3/503)
أن يجعل بدل الخلع على أجنبي بقدر المهر ثم يحيل به الزوج عليه من له ولاية قبض ذلك منه.
بزازية (وإن شرطه) أي الزوج الضمان (عليها) أي الصغيرة (فإن قبلت وهي من أهله) بأن تعقل أن النكاح جالب والخلع سالب (طلقت بلا شئ) لعدم أهلية الغرامة، وإن لم تقبل أو لم تعقل لم تطلق وإن قبل الاب في الاصح.
زيلعي.
ولو بلغت وأجازت جاز.
فتح.
(قال) الزوج (خالعتك فقبلت) المرأة ولم يذكرا مالا (طلقت) لوجود الايجاب والقبول(3/504)
(وبرئ عن) المهر (المؤجل لو) كان (عليه وإلا) يكن عليه من المؤجل شئ (ردت) عليه (ما ساق إليها من المهر المعجل) لما مر أنه معاوضة فتعتبر بقدر الامكان.(3/505)
(خلع المريضة يعتبر من الثلث) لانه تبرع، فله الاقل من إرثه وبدل الخلع إن خرج من الثلث، وإلا فالاقل من إرثه، والثلث إن ماتت في العدة ولو بعدها أو قبل الدخول، فله البدل إن خرج من الثلث.
وتمامه في الفصولين.
(اختلعت المكاتبة لزمهما المال بعد العتق ولو بإذن المولى) لحجرها عن التبرع.
(والامة وأم الولد إن بإذن المولى لزمها المال للحال) فتباع الامة وتسعى أم الولد والمدبرة ولو بلا إذن فبعد العتق.
(خلع الامة مولاها على رقبتها، إن زوجها حرا صح الخلع مجانا، وإن) زوجها (مكاتبا أو عبدا أو مدبرا صح وصارت أمة للسيد) فلا يبطل النكاح، أما الحر فلو ملكها لبطل النكاح فبطل الخلع(3/506)
فكان في تصحيحه إبطاله اختيار.
فروع قال خالعتك على ألف قاله ثلاثا فقبلت طلقت بثلاثة آلاف لتعليقه بقبولها، في المنتقى: أنت طالق أربعا بألف فقبلت طلقت ثلاثا، وإن قبلت الثلاث لم تطلق لتعليقه بقبولها بإزاء الاربع.
أنت طالق على دخولك الدار توقف على القبول، وعلى أن تدخلي الدار توقف على الدخول.
قلت: فيطلب الفرق، فإن أن والفعل بمعنى المصدر، فتدبر.(3/507)
قال خالعتك واحدة بألف وقالت إنما سألتك الثلاث فلك ثلثها فالقول لها.
خلعها على أن صداقها لولدها أو لاجنبي، أو على أن يمسك الولد عنده صح الخلع وبطل الشرط.(3/508)
قالت: اختلعت منك فقال لها طلقتك بانت، وقيل رجعي.
ولا رواية لو قالت أبرأتك من المهر بشرط الطلاق الرجعي فطلقها رجعيا،(3/509)
لكن في الزيادات أنت طالق اليوم رجعيا وغدا أخرى رجعيا بألف فالبدل لهما وهما بائنتان، لكن يقع غدا بغير شئ إن لم يعد ملكه.
وفي الظهيرية: قال لصغيرة: إن غبت عنك أربعة أشهر فأمرك بيدك بعد أن تبرئيني من المهر فوجد الشرط فأبرأته وطلقت نفسها لا يسقط المهر ويقع الرجعي.
وفي البزازية: اختلعت بمهرها على أن يعطيها عشرين درهما أو كذا منا من الارز صح، ولا يشترط بيان مكان الايفاء لان الخلع أوسع من البيع.
قلت: ومفاده صحة إيجاب بدل الخلع عليه فليحفظ.(3/510)
وفي القنية: اختلعت بشرط الصك أو بشرط أن يرد إليها أقمشتها فقبل لم تحرم، ويشترط كتبه الصك ورد الاقمشة في المجلس، والله أعلم.
باب الظهار هو لغة: مصدر ظاهر من امرأته: إذا قال لها أنت علي كظهر أمي.
وشرعا (تشبيه المسلم)(3/511)
فلا ظهار لذمي عندنا (زوجته) ولو كتابية أو صغيرة أو مجنونة (أو) تشبيه ما يعبر عنها من
أعضائها، أو تشبيه (جزء شانع منها بمحرم عليه تأبيدا) بوصف لا يمكن زواله، فخرج تشبيه بأخت امرأته أو بمطلقته ثلاثا، وكذا بمجوسية لجواز إسلامها، وقوله بمحرم صفة لشخص(3/512)
المتناول للذكر والانثى، فلو شبهها بفرج أبيه أو قريبه كان مظاهرا.
قاله المصنف تبعا للبحر.
ورده في النهر بما في البدائع من شرائط الظهار، كون المظاهر به من جنس النساء، حتى لو شبهها بظهر أبيه أو ابنه لم يصح، لانه إنما عرف بالشرع، والشرع ورد في النساء، نعم يرد ما في الخانية: أنت علي كالدم والخمر والخنزير والغيبة والنميمة والزنا والربا والرشوة وقتل المسلم إن نوى طلاقا أو ظهارا، فكما نوى على الصحيح كأنت علي كأمي فإن التشبيه بالام تشبيه بظهرها وزيادة.
ذكره القهستاني معزيا للمحيط (وصح إضافته إلى ملك أو سببه) كإن نكحتك فكذا، حتى لو قال إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي مائة مرة فعليه مرة كفارة.
تاترخانية (وظهارها منه لغو) فلا حرمة عليها ولا كفارة، به يفتى.
جوهرة.
ورجح ابن الشحنة(3/513)
إيجاب كفارة يمين (وذا) أي الظهار (كأنت علي كظهر أمي) أو أمك، وكذ لو حذف علي كما في النهر (أو رأسك) كظهر أمي (ونحوه) كالرقبة مما يعبر به عن الكل (أو نصفك) ونحوه من الجزء الشائع (كظهر أمي أو كبطنها أو كفخذها أو كفرجها أو كظهر أختي أو عمتي أو فرج أمي أو فرج بنتي) كذا في نسخ الشرح، ولا يخفى ما فيه من التكرار، والذي في نسخ المتن: أو فرج أبي بالباء، أو قريبي، وقد علمت رده (يصير به مظاهرا) بلا نية لانه صريح (فيحرم وطؤها عليه ودواعيه) للمنع عن التماس الشامل للكل، وكذا يحرم عليها تمكينه ولا يحرم النظر.
وعن محمد: لو قدم من سفر له تقبيلها(3/514)
للشفقة (حتى يكفر) وإن عادت إليه بملك يمين أو بعد زوج آخر لبقاء حكم الظهار، وكذا اللعان (فإن وطئ قبله) تاب واستغفر وكفر للظهار فقط وقيل عليه أخرى للوطئ (ولا يعود)
لوطئها ثانيا (قبلها) قبل الكفارة (وعوده) المذكور في الآية (عزمه) عزما مؤكدا، فلو عزم ثم بدا له أن لا يطأها لا كفارة عليه (على) إستباحة (وطئها) أي يرجعون عما قالوا فيريدون الوطئ.
قال الفراء: العود: الرجوع، واللام بمعنى عن.(3/515)
(وللمرأة أن تطالبه بالوطئ) لتعلق حقها به (وعليها أن تمنعه من الاستمتاع حتى يكفر وعلى القاضي إلزامه به) بالتكفير دفعا للضرر عنها بحبس أو ضرب إلى أن يكفر أو يطلق، فإن قال كفرت صدق ما لم يعرف بالكذب، ولو قيده بوقت سقط بمضيه وتعليقه بمشيئة الله تبطله، بخلاف مشيئة فلان (وإن نوى بأنت علي مثل أمي) أو كأمي، وكذا لو حذف علي خانية (برا أو ظهارا أو طلاقا صحت نيته) ووقع ما نواه لانه كناية (وإلا) ينو شيئا أو حذف الكاف (لغا) وتعين الادنى: أي البر، يعني الكرامة.
ويكره قوله: أنت أمي ويا ابنتي ويا أختي(3/516)
ونحوه (وبأنت علي حرام كأمي صح ما نواه من ظهارا أو طلاق) وتمنع إرادة الكرامة لزيادة لفظ التحريم، وإن لم ينو ثبت الادنى وهو الظهار في الاصح (وبأنت علي حرام كظهر أمي ثبت الظهار لا غير) لانه صريح ولاظهار صحيح (من أمته ولا ممن نكحها بلا أمرها ثم ظاهر منها ثم أجازت) لعدم الزوجية (أنتن علي كظهر أمي ظهار منهن) إجماعا (وكفر لكل) وقال مالك وأحمد: يكفيه كفارة واحدة كالايلاء.
(ظاهر من امرأته مرارا في مجلس أو مجالس فعليه لكل ظهار كفارة، فإن عني التكرار) والتأكيد (فإن بمجلس صدق) قضاء (وإلا لا) على المعتمد،(3/517)
وكذا لو علقه بنكاحها كما مر عن التاترخانية.
فروع أنت علي كظهر أمي كل يوم اتحد، ولو أتى بفي تجدد وله قربانها ليلا، ولو قال كظهر أمي اليوم وكلما جاء يوم، فكلما جاء يوم صار مظاهرا ظهارا آخر مع بقاء الاول، ومتى
علق بشرط متكرر تكرر، ولو قال كظهر أمي رمضان كله ورجب كله اتحد استحسانا، ويصح تكفيره في رجب لا في شعبان كمن ظاهر، واستثنى يوم الجمعة مثلا، إن كفر في يوم الاستثناء لم يجز، وإلا جاز.
تاترخانية وبحر باب الكفارة اختلف في سببها.
والجمهور أنه الظهار والعود.(3/518)
(هي) لغة من كفر الله عنه الذنب: محاه.
وشرعا (تحرير رقبة) قبل الوطئ: أي إعتاقها بنية الكفارة، فلو ورث أباه ناويا الكفارة لم يجز (ولو صغيرا) رضيعا (أو كافرا)(3/519)
أو مباح الدم أو مرهونا أو مديونا أو آبقا علمت حياته أو مرتدة، وفي المرتد وحربي خلى سبيله خلاف (أو أصم) إن صيح به يسمع، وإلا لا (أو خصيا أو مجبوبا) أو رتقاء أو قرناء (أو مقطوع الاذنين) أو ذاهب الحاجبين وشعر لحية ورأس أو مقطوع أنف أو شفتين إن قدر على الاكل وإلا لا (أو أعور) أو أعمش (أو مقطوع إحدى يديه وإحدى رجليه من خلاف، أو مكاتبا لم يؤد شيئا) وأعتقه مولاه لا الوارث (وكذا) يقع عنها (شراء قريبه(3/520)
بنية الكفارة) لانه بصنعه، بخلاف الارث (وإعتاق نصف عبده ثم باقيه) عنها استحسانا بخلاف المشترك كما يجئ (لا) يجزئ (فائت جنس المنفعة) لانه هالك حكما (كالاعمى والمجنون) الذي (لا يعقل) فمن يفيق يجوز في حال إفاقته ومريض لا يرجى برؤه وساقط الاسنان (والمقطوع يداه أو إبهاماه) أو ثلاث أصابع من كل يد (أو رجلاه أو يد ورجل من جانب) ومعتوه ومغلوب.
كافي.
(ولا) يجزئ (مدبر وأم ولد ومكاتب أدى بعض بدله) ولم يعجز نفسه، فإن عجز فحرره جاز، وهي حيلة الجواز بعد أدائه شيئا (وإعتاق نصف عبد) مشترك (ثم باقيه بعد ضمانه)(3/521)
لتمكن النقصان (ونصف عبده عن تكفيره ثم باقيه بعد وطئ من ظاهر منها) الامر به قبل التماس (فإن لم يجد) المظاهر (ما يعتق) وإن احتاجه لخدمته أو لقضاء دينه لانه واجد حقيقة.
بدائع، فما في الجوهرة: له عبد للخدمة لم يجز الصوم إلا أن يكون زمنا انتهى: يعني العبد ليتوافق كلامهم، ويحتمل رجوعه للمولى، لكنه يحتاج إلى نقل، ولا يعتبر مسكنه.(3/522)
ولو له مال وعليه دين مثله، إن أدى الدين أجزأه الصوم، وإلا فقولان.
ولو له مال غائب انتظره.
ولو عليه كفارتان وفي ملكه رقبة فصام عن إحداهما ثم أعتق عن الاخرى لم يجز، وبعكسه جاز (صام شهرين ولو ثمانية وخمسين) بالهلال وإلا فستين يوما، ولو قدر على التحرير في آخر الاخير لزمه العتق وأتم يومه ندبا، ولا قضاء لو أفطر وإن صار نفلا (متتابعين قبل المسيس ليس فيهما رمضان وأيام نهي عن صومها)(3/523)
وكذا كل صوم شرط فيه التتابع (فأن أفطر بعذر) كسفر ونفاس، بخلاف الحيض إلا إذا أيست (أو بغيره أو وطئها) أي والمظاهر منها، وأما لو وطئ غيرها وطأ غير مفطر لم يضر اتفاقا كالوطئ في كفارة القتل (فيهما) أي الشهرين (مطلقا) ليلا أو نهارا عامدا أو ناسيا كما في المختار وغيره.
وتقييد ابن ملك الليل بالعمد غلط.
بحر.
لكن في القهستاني ما يخالفه.
قنية(3/524)
(استؤنف الصوم لا الاطعام، إن وطئها في خلاله) لاطلاق النص في الاطعام، وتقييده في تحرير وصيام (والعبد) ولو مكاتبا أو مستسعى وكذا الحر المحجور عليه بالسفه على المعتمد (لا يجزئه إلا الصوم) المذكور ولم يتنصف لما فيها من معنى العبادة، وليس للسيد منعه منه (ولو) وصلية (أعتق سيده عنه أو أطعم) ولو بأمره لعدم أهلية التملك إلا في الاحصار فيطعم عنه المولى، قيل ندبا، وقيل وجوبا (فإن عجز عن الصوم) لمرض لا يرجى برؤه أو كبر
(أطعم) أي ملك (ستين مسكينا)(3/525)
ولو حكما، ولا يجزئ غير المراهق.
بدائع (كالفطرة) قدرا ومصرفا (أو قيمة ذلك) من غير المنصوص، إذ العطف للمغايرة (وإن) أراد الاباحة ف (- غداهم وعشاهم)(3/526)
أو غداهم وأعطاهم قيمة العشاء أو عكسه، أو أطعمهم غداءين عشاءين أو عشاء وسحورا وأشبعهم (جاز) بشرط إدام في خبز شعير وذرة لا بر (كما) جاز (لو أطعم واحدا ستين يوما) لتجدد الحاجة (ولو أباحه كل الطعام في يوم واحد دفعة أجزأ عن يومه ذلك فقط) اتفاقا (وكذا إذا ملكه الطعام بدفعات في يوم واحد على الاصح) ذكره الزيلعي، لفقد التعدد حقيقة وحكما.
(أمر غيره أن يطعم عنه عن ظهاره ففعل) ذلك الغير (صح) وهل يرجع؟ إن قال على أن ترجع رجع، وإن أسكت ففي الدين يرجع اتفاقا،(3/527)
وفي الكفارة والزكاة لا يرجع على المذهب (كما صحت الاباحة) بشرط الشبع (في طعام الكفارات) سوى القتل (و) في (الفدية) لصوم وجناية حج، وجاز الجمع بين إباحة وتمليك (دون الصدقات والعشر) والضابط أن ما شرع بلفظ إطعام وطعام جاز فيه الاباحية، وما شرع بلفظ إيتاء وأداء شرط فيه التمليك.
(حرر عبدين عن ظهارين) من امرأة أو امرأتين (ولم يعين) واحدا بواحد (صح عنهما، ومثله) في الصحة (الصيام) أربعة أشهر (والاطعام) مائة وعشرين فقيرا لاتحاد الجنس، وبخلاف اختلافه، إلا أن ينوي بكل كلا فيصح (وإن حرر عنهما رقبة) واحد (أو صام) عنهما (شهرين صح عن واحد) بتعيينه.
وله وطئ التي كفر عنها دون الاخرى (وعن ظهار وقتل لا) يصح لما مر، ما لم يحرر كافرة فتصح عن الظهار استحسانا لعدم صلاحيتها للقتل.(3/528)
(أطعم ستين مسكينا كلا صاعدا) بدفعة واحدة (عن ظهارين) كما مر (صح عن واحد) كذا في نسخ الشرح، ونسخ المتن لم يصح أي عنهما، خلافا لمحمد، ورجحه الكمال (وعن إفطار وظهار صح) عنهما اتفاقا، والاصل أن نية التعيين في الجنس المتحد سببه لغو، وفي المختلف سببه مفيد.
فروع: المعتبر في اليسار والاعسار وقت التكفير،(3/529)
أطعم مائة وعشرين لم يجز إلا عن نصف الاطعام فيعيد على ستين منهم غداء أو عشاء ولو في يوم آخر للزوم العدد مع المقدار، ولم يجز إطعام فطيم ولا شبعان.
باب اللعان هو لغة: مصدر لاعن كقاتل، من اللعن: وهو الطرد والابعاد، سمي به لا بالغضب للعنه نفسه قبلها، والسبق من أسباب الترجيح.
وشرعا: (شهادات) أربعة كشهود الزنا (مؤكدات بالايمان مقرونة شهادته) باللعن وشهادتها بالغضب لانهن يكثر اللعن، فكان الغضب أردع لها (قائمة) شهاداته (مقام حد القذف في حقه وشهاداتها) (مقام حد الزنا في حقها) أي إذا تلاعنا سقط عنه حد القدف وعنها حد الزنا، لان الاستشهاد بالله مهلك كالحد بل أشد.
(وشرطه قيام الزوجية وكون النكاح صحيحا) لا فاسدا، (وسببه قذف الرجل زوجته قذفا(3/530)
يوجب الحد في الاجنبية) خصت بذلك لانها هي المقذوفة فتتم لها شروط الاحصان.
وركنه شهادات مؤكدات باليمين واللعن.
(وحكمه حرمة الوطئ والاستمتاع بعد التلاعن ولو قبل التفريق بينهما) لحديث المتلاعنان لا يجتمعان أبدا (وأهله من هو أهل للشهادة) على المسلم.
(فمن قذف) بصريح الزنا(3/531)
في دار الاسلام (زوجته) الحية بنكاح صحيح ولو في عدة الرجعي العفيفة عن فعل الزنا وتهمته، بأن لم توطأ حراما ولو مرة بشبهة ولا بنكاح فاسد ولا لها بلا أب (وصلحا لاداء الشهادة) على المسلم: فخرج نحو قن وصغير، ودخل الاعمى والفاسق لانهما من أهل الاداء (أو) من (نفي نسب الولد)(3/532)
منه أو من غيره (وطالبته) أو طالبه الولد المنفي (به) أي بموجب القذف وهو الحد عند القاضي، ولو بعد العفو أو التقادم، فإن تقادم الزمان لا يبطل الحق في قذف وقصاص وحقوق عباد.
جوهرة.
والافضل لها الستر وللحاكم أن يأمرها به (لا عن) خبر لمن: أي إن أقر بقذفه أو ثبت قذفه بالبينة، فلو أنكر ولا بينة لها لم يستحلف وسقط اللعان (فإن أبى حبس حتى يلاعن أو يكذب نفسه(3/533)
فيحد) للقذف (فإن لاعن لاعنت) بعده لانه المدعي، فلو بدأ بلعانها أعادت، فلو فرق قبل الاعادة صح لحصول المقود اختيار (وإلا حبست) حتى تلاعن أو تصدقه (فيندفع به اللعان، ولا تحد) وإن صدقته أربعا لانه ليس بإقرار قصدا، ولا ينتفي النسب لانه حق الولد فلا يصدقان في إبطاله، ولو امتنعا حبسا، وحمله في البحر على ما إذا لم تعف المرأة.
واستشكل في النهر حبسهما بعد امتناعه لعدم وجوبه عليها حينئذ.
(وإذا لم يصلح) الزوج (شاهدا) لرقه أو كفره (وكان أهلا للقذف) أي بالغا عاقلا ناطقا (حد) الاصل أن اللعان إذا سقط لمعنى من جهته فلو القذف صحيحا حد، وإلا فلا حد ولا(3/534)
لعان (فإن صلح) شاهدا (و) الحال أنها (هي) لم تصلح أو (ممن لا يحد قاذفها فلا حد) عليه، كما لو قذفها أجنبي (ولا لعان) لانه خلفه لكنه يعزر حسما لهذا الباب، وهذا تصريح بما
فهم.
(ويعتبر الاحسان عند القذف، فلو قذفها وهي أمة أو كافرة ثم أسلمت أو أعتقت فلا حد ولا لعان) زيلعي.(3/535)
(ويسقط) اللعان بعد وجوبه (بالطلاق البائن ثم لا يعود بتزوجها بعده) لان الساقط لا يعود (وكذا) يسقط (بزناها ووطئها بشبه وبردتها) ولا يعود لو أسلمت بعده (ويسقط بموت شاهد القذف وغيبته، لا) يسقط (لو عمي) الشاهد (أو فسق أو ارتد، ولو قال) لزوجته (زنيت وأنت صبية أو مجنونة وهو) أي الجنون (معهود فلا لعان) لاسناده لغير محله (بخلاف) زنيت (وأنت ذمية أو أمة أو منذ أربعين سنة وعمرها أقل) حيث يتلاعنا لاقتصاره.
فتح.
(وصفته ما نطق النص) الشرعي (به) من كتاب وسنة (فإن التعنا) ولو أكثره(3/536)
(بانت بتفريق الحاكم) فيتوارثان قبل تفريقه (الذي وقع اللعان عنده) ويفرق (وإن لم يرضيا) بالفرقة.
شمني، لو زالت أهلية اللعان، فإن بما يرجى زواله كجنون فرق.
وإلا لا، ولو تلاعنا فغاب أحدهما ووكل بالتفريق فرق تاترخانية.
ومفاده أنه لم يوكل ينتظر (فلو لم يفرق) الحاكم (حتى عزل أو مات استقبله الحاكم الثاني) خلافا لمحمد.
اختيار.
(ولو أخطأ الحاكم ففرق بينهما بعد وجود الاكثر من كل منهما صح ولو بعد الاقل) أبي مرة أو مرتين (لا) ولو بعد فرق بعد لعانه قبل لعانها نفذ لانه مجتهد فيه.
تاترخانية.
وقيده في البحر بغير القاضي الحنفي، أما هو فلا ينفذ (وحرم وطؤها بعد اللعان قبل التفريق) لما مر(3/537)
ولها نفقة العدة (وإن قذف) الزوج (بولد) حي (نفى) الحاكم (نسبه) عن أبيه (وألحقه بأمه) بشرط صحة النكاح، وكون العلوق في حال يجري فيه اللعان حتى لو علق وهي أمة أو كتابية فعتقت أو أسلمت لا ينتفي لعدم التلاعن، وأما شروط النفي فستة مبسوطة مذكورة في البدائع، وسيجئ
(وإن أكذب نفسه) ولو دلالة بأن مات الولد المنفي عن مال فادعى نسبه (حد) للقذف (وله) بعد ما كذب نفسه (أن ينكحها) حد أو لا (وكذا إذ قذف غيرها فحد أو) صدقته أو (زنت) وإن لم تحد(3/538)
لزوال العفة.
والحاصل أن له تزوجها إذا خرجا أو أحدهما عن أهلية اللعان.
(ولا لعان لو كانا أخرسين أو أحدهما، وكذا لو طرأ ذلك) الخرس (بعده) أي اللعان (قبل التفريق، فلا تفريق ولا حد) لدرئه بالشبهة مع فقد الركن وهو لفظ أشهد، ولذا لا تلاعن بالكتابة (كما لا لعان بنفي الحمل) لعدم تيقنه عند القذف، ولو تيقنا بولادتها لاقل المدة يصير كأنه قال: إن كنت حاملا فكذا، والقذف لا يصح تعليقه بالشرط (وتلاعنا) بقوله (زنيت وهذا الحمل منه) للقذف الصريح (ولم ينف) الحاكم (الحمل) لعدم الحكم عليه قبل ولادته، ونفيه عليه الصلاة والسلام ولد هلال لعلمه بالوحي (نفي الولد) الحي(3/539)
(عند التهنئة) ومدتها سبعة أيام عادة (و) عند (ابتياع آلة الولاد صح وبعده لا) لاقراره به دلالة، ولو غائبا فحالة علمه كحالة ولادتها (ولاعن فيهما) فيما إذا صح أولا لوجود القذف، فقد تحقق اللعان بنفي الولد ولم ينتف النسب، فقوله فيما مر ونفي نسبه ليس على إطلاقه.
(نفى أول التوأمين وأقر بالثاني حد) إن لم يرجع لتكذيبه نفسه (وإن عكس لاعن) إن لم يرجع لقذفها بنفيه (والنسب ثابت فيهما) لانهما من ماء واحد(3/540)
(ولو جائت بثلاثة في بطن واحد فنفى) الثاني وأقر بالاول والثالث لاعن وهم بنوه، ولو نفى الاول و (الثالث وأقر بالثاني يحد وهم بنوه) كموت أحدهم.
شمني.
(مات ولد اللعان وله ولد فادعاه الملاعن، إن ولد اللعان ذكرا يثبت نسبه) إجماعا (وإن) كان (أنثى لا) لاستغنائه بنسب أبيه خلافا لهما ابن ملك.
فروع: الاقرار بالولد الذي ليس منه حرام كالسكوت لاستلحاق نسب من ليس منه.
بحر.(3/541)
وفيه متى سقط اللعان بوجه ما أو ثبت النسب بالاقرار أو بطريق الحكم لم ينتف نسبه أبدا، فلو نفاه ولم يلاعن حتى قذفها أجنبي بالولد فحد فقد ثبت نسب الولد، ولا ينتفي بعد ذلك.
نفى نسب التوأمين ثم مات أحدهما عن توأميه وأمه وأخ لام فالارث أثلاثا فردا وردا للام السدس وللاخوين الثلث والباقي يرد عليهم، وبه علم أن نفيه يخرجه عن كونه عصبة، قالوا: وصرحوا ببقاء نسبه بعد القطع في كل الاحكام لقيام فراشها إلا في حكمين: الارث والنفقة فقط، حتى لا تصح دعوة غير النافي وإن صدقه الولد انتهى.
قلت: قال البهنسي: إلا أن يكون ممن يولد مثله لمثله، وادعاه بعد موت الملاعن فليحفظ.(3/542)
باب العنين وغيره (هو) لغة: من لا يقدر على الجماع، فعيل بمعنى مفعول جمعه عنن وشرعا: (من لا يقدر على جماع فرج زوجته) يعني لمانع منه ككبر سن أو سحر، إذ الرتقاء لا خيار لها للمانع منها.
خانية.
(إذا وجدت) المرأة (زوجها مجبوبا) أو مقطوع الذكر فقط أو صغيره جدا كالزر ولو قصيرا لا يمكنه إدخاله داخل الفرج فليس لها الفرقة.
بحر.
وفيه نظر.
وفيه: المجبوب كالعنين(3/543)
إلا في مسألتين التأجيل ومجئ الولد (فرق) الحاكم بطلبها لو حرة بالغة غير رتقاء وقرناء، وغير عالمة بحاله قبل النكاح وغير راضية به بعده (بينهما في الحال) ولو المجبوب صغيرا لعدم فائدة التأجيل (فلو جب بعد وصوله إليها) مرة (أو صار عنينا بعده) أي الوصول (لا) يفرق لحصول حقها بالوطئ مرة.(3/544)
(جاءت امرأة المجبوب بولد) ولم تعلم فادعاه ثبت نسبه ثم علمت لها الفرقة.
تاترخانية.
ولو ولدت (بعد التفريق إلى سنتين ثبت نسبه) لانزاله بالسحق (والتفريق) باق (بحاله) لبقاء جبه (ولو) كان (عنينا بطل التفريق) لزوال عنته بثبوت نسبه، كما يبطل التفريق بالبينة على إقرارها بالوصول قبل التفريق لا بعده للتهمة فسقط نظر الزيلعي.
(ولو وجدته عنينا) هو من لا يصل إلى النساء لمرض أو كبر أو سحر ويسمى المعقود.(3/545)
وهبانية (أو خصيا) لا ينتشر ذكره، فإن انتشر لم تخير.
بحر.
وعليه فهو من عطف الخاص على العام لخفائه وإن كان بأو لان الفقهاء يتسامحون في ذلك نهر (أجل سنة) لاشتمالها على الفصول الاربعة، ولا عبرة بتأجيل غير قاضي البلدة (قمرية) بالاهلة على المذهب وهي ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وبعض يوم،(3/546)
وقيل شمسية بالايام وهي أزيد بأحد عشر يوما، قيل به يفتى، ولو أجل في أثناء الشهر فبالايام إجماعا (ورمضان وأيام حيضها منها) وكذا حجه وغيبته (لا مدة) حجها وغيبتها و (مرضه ومرضها) مطلقا، به يفتى.
ولوالجية.
ويؤجل من وقت الخصومة ما لم يكن صبيا أو مريضا أو محرما، فبعد بلوغه وصحته وإحرامه، ولو مظاهرا لا يقدر على العتق أجل سنة وشهرين (فإن وطئ) مرة(3/547)
فبها (وإلا بانت بالتفريق) من القاضي إن أبى طلاقها (بطلبها) يتعلق بالجميع، فيعم امرأة المجبوب كما مر ولو مجنونة بطلب وليها أو من نصبه القاضي (ولو أمة فالخيار لمولاها) لان الولد له (وهو) أي هذا الخيار (على التراخي) لا الفور، (فلو وجدته عنينا) أو مجبوبا (ولم تخاصم زمانا لم يبطل حقها) وكذا لو خاصمته ثم تركت مدة فلها المطالبة ولو ضاجعته تلك الايام.
خانية (كما لو رفعته إلى قاض فأجله سنة ومضت) السنة (ولم تخاصم زمانا) زيلعي.
(ولو ادعى الوطئ وأنكرته، فإن قالت امرأة(3/548)
ثقة) والثنتان أحوط (هي بكر) بأن تبول على جدار يدخل في فرجها مح بيضة (خيرت) في مجلسها (وإن قالت هي ثيب)(3/549)
أو كانت ثيبا (صدق بحلفه) فإن نكل في الابتداء أجل، وفي الانتهاء خيرت (كما) يصدق (لو وجدت ثيبا وزعمت زوال عذرتها بسبب آخر غير وطئه كأصبعه مثلا) لانه ظاهر والاصل عدم أسباب أخر.
معراج (وإن اختارته) ولو دلالة (بطل حقها، كما لو) وجد منها دليل إعراض بأن (قامت من مجلسها أو أقامها أعوان القاضي) أو قام القاضي (قبل أن تختار شيئا) به يفتى.
واقعات.
لامكانه مع القيام، فإن اختارت طلق.
أو فرق القاضي (تزوج) الاولى أو امرأة (اخرى عالمة بحاله لا خيار لها على المذهب) المفتى به.
بحر عن المحيط خلافا لتصحيح الخانية.
(ولا يتخير أحدهما) أي الزوجين (بعيب الآخر) فاحشا كجنون وجذام وبرص ورتق(3/550)
وقرن، وخالف الائمة الثلاثة في الخمسة لو بالزوج، ولو قضي بالرد صح.
فتح.
(ولو تراضيا) أي العنين وزوجته (على النكاح) ثانيا (بعد التفريق صح) وله شق رتق أمته، وكذا زوجته، وهل تجبر؟ الظاهر: نعم، لان التسليم الواجب عليها لا يمكنه بدونه.
نهر.
قلت: وأفاد البهنسي أنها لو تزوجته على أنه حر أو سني أو قادر على المهر والنفقة فبان بخلافه، أو على أنه فلان ابن فلان فإذاا هو لقيط أو ابن زنا كان لها الخيار، فليحفظ.(3/551)
باب العدة (هي) لغة بالكسر: الاحصاء، وبالضم: الاستعداد للامر.
وشرعا: تربص يلزم المرأة أو الرجل عند وجود سببه، ومواضع تربصه(3/552)
عشرون مذكورة في الخزانة، حاصلها يرجع إلى أن من امتنع نكاحها عليه المانع لزم زواله كنكاح أختها وأربع سواها.
واصطلاحا: (تربص يلزم المرأة) أو ولي الصغيرة (عند زوال النكاح) فلا عدة لزنا (أو شبهته) كنكاح فاسد ومزفوفة لغير زوجها.
وينبغي(3/553)
زيادة أو شبهه ليشمل عدة أم الولد.
(وسبب وجوبها) عقد (النكاح المتأكد بالتسليم وما جرى مجراه) من موت أو خلوة: أي صحيحة، فلا عدة بخلوة الرتقاء.
وشرطها الفرقة.
وركنها حرمات ثابتة بها كحرمة تزوج وخروج (وصحة الطلاق فيها) أي في العدة وحكمها حرمة أختها.
وأنواعها: حيض، وأشهر.
ووضع حمل، كما أفاد بقوله (وهي في) حق (حرة) ولو كتابية تحت مسلم (تحيض(3/554)
لطلاق) ولو رجعيا (أو فسخ) بجميع أسبابه، ومنه الفرقة بتقبيل ابن الزوج.
نهر (بعد الدخول حقيقة أو حكما) أسقطه في الشرح، وجزم بأن قوله الآتي إن وطئت راجع للجميع (ثلاث حيض كوامل) لعدم تجزي الحيضة، فالاولى لتعرف براءة الرحم، والثانية لحرمة النكاح،(3/555)
والثالثة لفضيلة الحرية (كذا) عدة (أم ولد مات مولاها أو أعتقها) لان لها فراشا كالحرة، ما لم تكن حاملا أو آيسة أو محرمة عليه، ولو مات مولاها وزوجها ولم يدر الاول تعتد بأربعة أشهر وعشر أو بأبعد الاجلين.
بحر.
ولا ترث من زوجها لعدم تحقق حريتها يوم موته.
ولا عدة على(3/556)
أمة ومدبرة كان يطؤها لعدم الفراش.
جوهرة (و) كذا (موطوءة بشبهة) كمزفوفة لغير بعلها (أو نكاح فاسد) كمؤقت (في الموت والفرقة) يتعلق بالصورتين معا (و) العدة (في) حق (من لم
تحض) حرة أو أم ولد (لصغر) بأن لم تبلغ تسعا (أو كبر)(3/557)
بأن بلغت سن الاياس (أو بلغت بالسن) وخرج بقوله (ولم تحض) الشابة الممتدة بالطهر بأن حاضت ثم امتد طهرها، فتعتد بالحيض إلى أن تبلغ سن الاياس.
جوهرة وغيرها.
وما في شرح الوهبانية من انقضائها بتسعة أشهر، غريب مخالف لجميع الروايات فلا يفتى به.
كيف وفي نكاح الخلاصة: لو قيل لحنفي ما مذهب الامام الشافعي في كذا؟ وجب أن يقول: قال أبو حنيفة كذا، نعم لو قضى مالكي بذلك نفذ كما في البحر والنهر، وقد نظمه شيخنا الخير الرملي سالما من النقد فقال:(3/558)
لمعتدة طهرا بتسعة أشهروفا عدة إن مالكي يقدر ومن بعده لا وجه للنقض هكذا يقال بلا نقد عليه ينظر وأما ممتدة الحيض فالمفتي به كما في حيض الفتح تقدير طهرها بشهرين، فستة أشهر للاطهار وثلاث حيض بشهر احتياطا (ثلاثة أشهر) بالاهلة لو في الغرة وإلا فبالايام.
بحر وغيره (إن وطئت) في الكل ولو حكما كالخلوة ولو فاسدة كما مر،(3/559)
ولو رضيعا تجب العدة لا المهر.
قنية.
(و) العدة (للموت أربعة أشهر) بالاهلة لو في الغرة كما مر (وعشرة) من الايام بشرط بقاء النكاح صحيحا إلى الموت (مطلقا) وطئت أو لا ولو صغيرة أو كتابية تحت مسلم ولو عبدا فلم يخرج عنها إلا الحامل قلت:(3/560)
وعم كلامه ممتدة الطهر كالمرضع وهي واقعة الفتوى، ولم أرها للآن فراجعه.
وفي حق (أمة لم تحض) لطلاق أو فسخ (حيضتان) لعدم التجزي (و) في (أمة تحيض)
لطلاق أو فسخ (أو مات عنها زوجها نصف الحرة) لقبول التنصيف.
(و) في حق (الحامل) مطلقا ولو أمة أو كتابية أو من زنا(3/561)
بأن تزوج حبلى من زنا ودخل بها ثم مات أو طلقها تعتد بالوضع، جواهر الفتاوي (وضع) جميع (حملها) لان الحمل اسم لجميع ما في البطن.
وفي البحر: خروج أكثر الولد كالكل في جميع الاحكام إلا في محلها الازواج احتياطا، ولا عبرة بخروج الرأس ولو مع الاقل، فلا قصاص بقطعه ولا يثبت نسبه من المبانة لو لاقل من سنتين ثم باقيه لاكثر (ولو) كان (زوجها) الميت (صغيرا) غير مراهق وولدت لاقل من(3/562)
نصف حول من موته في الاصح لعموم آية: * (وأولات الاحمال) * (وفيمن حبلت بعد موت الصبي) بأن ولدت لنصف حول فكبر (عدة الموت) إجماعا لعدم الحمل عند الموت (ولا نسب في حاليه) إذ لا ماء للصبي، نعم ينبغي ثبوته من المراهق احتياطا، ولو مات في بطنها ينبغي بقاء عدتها إلى أن يقول أو تبلغ حد الاياس.
نهر.
(وفي) حق (امرأة الفار من) الطلاق (البائن) إن مات وهي في العدة (أبعد الاجلين من عدة الوفاة وعدة الطلاق) احتياطا، بأن تتربص أربعة(3/563)
أشهر وعشرا من وقت الموت فيها ثلاث حيض من وقت الطلاق.
شمني.
وفيه قصور لانها لو لم تر فيها حيضا نعتد بعدها بثلاث حيض، حتى لو امتد طهرها تبقى عدتها حتى تبلغ سن الاياس.
فتح (و) قيد البائن لان (لمطلقة الرجعي ما للموت) إجماعا (و) العدة (فيمن أعتقت في عدة رجعي لا) عدة (البائن و) لا (الموت) أو تتم (كعدة حرة، ولو) أعتقت (في أحدهما) أي البائن أو الموت (كعدة أمة) لبقاء النكاح في الرجعي دون الاخيرين، وقد تنتقل العدة ستا: كأمة صغيرة منكوحة طلقت رجعيا فتعتد بشهر ونصف، فحاضت تصير حيضتين، فاعتقت تصير ثلاثا، فامتد طهرها(3/564)
للاياس تصير بالاشهر، فعاد دمها تصير بالحيض، فمات زوجها تصير، أربعة أشهر وعشرا.
(آيسة اعتدت بالاشهر ثم عاد دمها) على جاري عادتها أو حبلت من زوج آخر بطلت عدتها وفسد نكاحها و (استأنفت بالحيض) لان شرط الخلفية تحقق الاياس عن الاصل وذلك بالعجز الدائم إلى الموت، وهو ظاهر الرواية كما في الغاية، واختاره في الهداية فتعين المصير إليه، قاله في البحر بعد حكاية ستة أقوال مصححة وأقره المصنف، لكن اختار البهنسي ما اختاره الشهيد: أنها إن رأته قبل تمام الاشهر استأنفت لا بعدها.
قلت: وهو ما اختاره صدر الشريعة ومنلا خسرو والباقاني، وأقره المصنف في باب الحيض، وعليه فالنكاح جائز، وتعتد في المستقبل بالحيض كما صححه في الخلاصة(3/565)
وغيرها.
وفي الجوهرة والمجتبى أنه الصحيح المختار، وعليه الفتوى.
وفي تصحيح القدوري: وهذا الصحيح أولى من تصحيح الهداية.
وفي النهر أنه أعدل الروايات، وتمامه فيما علقته على الملتقى.
(والصغيرة) لو حاضت بعد تمام الاشهر (لا) تستأنف (إلا إذا حاضت في أثنائها) فتستأنف بالحيض (كما تستأنف) العدة (بالشهور من حاضت حيضة) أو ثنتين (ثم أيست) تحرزا عن الجميع بين الاصل والبدل (و) الاياس (سنة) للرومية وغيرها (خمس وخمسون) عند الجمهور، وعليه الفتوى.
وقيل الفتوى على خمسين.
نهر.
وفي البحر عن الجامع: صغيرة بلغت ثلاثين سنة(3/566)
ولم تحض حكم بإياسها.
(وعدة المنكوحة نكاحا فاسدا) فلا عدة في باطل وكذا موقوف قبل الاجازة.
اختيار.
لكن الصواب ثبوت العدة والمنسب، بحر.
(والموطوءة بشبهة) ومنه تزوج امرأة(3/567)
الغير غير العالم بحالها كما سيجئ، والموطوءة بشبهة أو تقيم مع زوجها الاول وتخرج بإذنه في
العدة لقيام النكاح بينهما، إنما حرم الوطئ حتى تلزمه نفقتها وكسوتها.
بحر: يعني إذا لم تكن عالمة راضية كما سيجئ (وأم الولد) فلا عدة على مدبرة ومعتقة (غير الآيسة والحامل) فإن(3/568)
عدتهما بالاشهر والوضع (الحيض للموت) أي موت الواطئ (وغيره) كفرقة أو متاركة، لان عدة هؤلاء لتعرف براءة الرحم وهو بالحيض، ولم يكتف بحيضة احتياطا (ولا اعتداد بحيض طلقت فيه) إجماعا.
(وإذا وطئت المعتدة بشبهة) ولو من المطلق (وجبت عدة أخرى) لتجدد السبب(3/569)
(وتداخلتا، والمرئي) من الحيض (منهما و) عليها أن (تتم) العدة (الثانية إن تمت الاولى) وكذا لو بالاشهر أو بهما لو معتدة وفاة، فلو حذف قوله والمرئي منهما لعمهما وعم الحائل لو حبلت، فعدتها الوضع(3/570)
إلا معتدة الوفاة فلا تتغير بالحمل كما مر، وصححه في البدائع (ومبدأ العدة بعد الطلاق و) بعد (الموت) على الفور (وتنقضي العدة وإن جهلت) المرأة (بهما) أي بالطلاق والموت، لانها أجل فلا يشترط العلم بمضيه سواء اعترف بالطلاق أو أنكر.
(فلو طلق امرأته ثم أنكره وأقيمت عليه بينة وقضى القاضي بالفرقة) كأن ادعته عليه في شوال وقضي به في المحرم (فالعدة من وقت الطلاق لا من وقت القضاء) بزازية.
وفي الطلاق المبهم من وقت البيان.
ولو شهدا بطلاقها ثم بعد أيام عدلا فقضى بالفرقة فالعدة من وقت الشهادة لا القضاء، بخلاف ما (لو أقر بطلاقها منذ زمان) ماض(3/571)
فإن الفتوى أنها من وقت الاقرار مطلقا نفيا لتهمة المواضعة، لكن (إن كذبته) في الاسناد أو قالت لا أدري (وجبت) العدة (من وقت الاقرار ولها النفقة والسكنى، وإن صدقته فكذلك غير
أنه) إن وطئها لزمه مهر ثان.
اختيار، و (لا نفقة) ولا كسوة (ولا سكنى) لها لقبول قولها على نفسها.
خانية.
وفيها: أبانها ثم أقام معها زمانا، إن مقرا بطلاقها تنقضي عدتها لا إن منكرا.(3/572)
وفي أول طلاق جواهر الفتاوي: أبانها وأقام معها فإن اشتهر طلاقها فيما بين الناس تنقضي، وإلا لا، وكذا لو خالعها، فإن بين الناس وأشهد على ذلك تنقضي، وإلا لا هو الصحيح، وكذا لو كتم طلاقها لم تنقض زجرا ا ه.
وحينئذ فمبدؤها من وقت الثبوت والظهور (و) مبدؤها (في النكاح الفاسد(3/573)
بعد التفريق) من القاضي بينهما، ثم لو وطئها حد.
جوهرة وغيرها.
وقيده في البحر بحثا بكونه بعد العدة لعدم الحد بوطئ المعتدة (أو) المتاركة أي (إظهار العزم) من الزوج (على ترك وطئها) بأن يقول بلسانه: تركتك بلا وطئ ونحوه، ومنه الطلاق وإنكار النكاح لو بحضرتها، وإلا لا، لا مجرد العزم لو مدخولة، وألا فيكفي تفريق الابدان والخلوة في النكاح الفاسد(3/574)
لا توجب العدة، والطلاق فيه لا ينقص عدد الطلاق لانه فسخ، جوهرة، ولا تعتد في بيت الزوج، بزازية.
(قالت: مضت عدتي والمدة تحتمله وكذبها الزوج قبل قولها مع حلفها وإلا) تحتمله المدة (لا) لان الامين إنما يصدق فيما لا يخالفه الظاهر، ثم لو بالشهور فالمقدر المذكور، ولو بالحيض، فأقلها لحرة ستون يوما، ولامة أربعون، ما لم تدع السقط كما مر في الرجعة، وما(3/575)
لم يكن طلاقها معلقا بولادتها فيضم لذلك خمسة وعشرين للنفاس كما مر في الحيض.
(نكح) نكاحا صحيحا (معتدته) ولو من فاسد (وطلقها قبل الوطئ) ولو حكما (وجب عليه مهر تام و) عليها (عدة مبتدأة) لانها مقبوضة في يده بالوطئ الاول لبقاء أثره وهو العدة،
وهذه إحدى المسائل العشر المبنية(3/576)
على أن الدخول في النكاح الاول دخول في الثاني، وقول زفر: لا عدة عليها فتحل الازواج، أبطله المصنف بما يطول، وجزم بأن القاضي المقلد إذا خالف مشهور مذهبه لا ينفذ حكمه في الاصح، كما لو ارتشى، إلا أن نص السلطان على العمل بغير المشهور فيسوغ فيصير(3/577)
حنفيا زفريا، وهذا لم يقع بل الواقع خلافه فليحفظ.
(ذمية غير حامل طلقها ذمي أو مات عنها لم تعتد) عند أبي حنيفة (إذا اعتقدوا ذلك) لانا أمرنا بتركهم وما يعتقدون (ولو) كانت الذمية (حاملا تعتد بوضعه) اتفاقا، وقيد الولوالجي بما إذا اعتقدوها.
(و) الذمية (لو طلقها مسلم) أو مات عنها (تعتد) اتفاقا مطلقا لان المسلم يعتقده (وكذا لا تعتد مسبية افترقت بتباين الدارين) لان العدة حيث وجبت إنما وجبت حقا للعباد، والحربي ملحق بالجماد (إلا الحامل) فلا يصح تزوجها، لا لانها معتدة، بل لان في بطنها ولدا ثابت النسب (كحربية(3/578)
خرجت إلينا مسلمة أو ذمية أو مستأمنة ثم أسلمت وصارت ذمية) لما مر أنه ملحق بالجماد (إلا الحامل) لما مر (وكذا لا عدة لو تزوج امرأة الغير) ووطئها (عالما بذلك) وفي نسخ المتن (ودخل بها) ولا بد منه، وبه يفتى، ولهذا يحد مع العلم بالحرمة لانه زنا، والمزني بها لا تحرم على زوجها.
وفي شرح الوهبانية: لو زنت المرأة لا يقربها زوجها حتى تحيض لاحتمال علوقها من الزنا فلا يسقي ماؤه زرع غيره، فليحفظ لغرابته (بخلاف ما إذا لم يعلم) حيث تحرم على الاول، إلا أن تنقضي العدة، ولا
قلت: يعني لو عالمة راضية نفقة لعدتها على الاول إنها صارت ناشزة.
خانية كما مر، فتدبر.
فروع أدخلت منيه في فرجها هل تعتد؟ في البحر بحثا: نعم لاحتياجها لتعرف براءة(3/579)
الرحم، وفي النهر بحثا: إن ظهر حملها نعم، وإلا لا.
وفي القنية: ولدت ثم طلقها ومضى سبعة أشهر فنكحت آخر لم يصح إذا لم تحض فيها ثلاث حيض وإن لم تكن حاضت قبل الولادة، لان من لا تحيض لا تحبل.
وفيها: طلقها ثلاثا ويقول كنت طلقتها واحدة ومضت عدتها: فلو مضيها معلوما عند الناس لم يقع الثلاث، وإلا يقع، ولو حكم عليه بوقوع الثلاث بالبينة بعد إنكاره، فلو برهن أنه طلقها قبل ذلك بمدة طلقة(3/580)
لم يقبل.
بحر.
وفيه عن جوهرة: أخبرها ثقة أن زوجها الغائب مات أو طلقها ثلاثا أو أتاها منه كتاب على يد ثقة بالطلاق.
إن أكبر رأيها أنه حق فلا بأس أن تعتد وتتزوج، وكذا لو قالت امرأته لرجل طلقني زوجي وانقضت عدتي لا بأس أن ينكحها.
وفيه عن كافي الحاكم: لو شكت في وقت موته تعتد من وقت تستيقن به احتياطا.
وفيه عن المحيط: كذبته في مدة تحتمله لم نسقط نفقتها، وله نكاح أختها عملا بخبريهما(3/581)
بقدر الامكان، فلو ولدت لاكثر من نصف حول ثبت نسبه ولم يفسد نكاح أختها في الاصح، فترثه لو مات دون المعتدة.
فصل في الحداد جاء من باب أعد ومد وفر، وروي بالجيم، وهو لغة كما في القاموس: ترك الزينة للعدة.
وشرعا: ترك الزينة ونحوها لمعتدة بائن أو موت.
(تحد) بضم الحاء وكسرها كما مر (مكلفة مسلمة ولو أمة منكوحة) بنكاح صحيح ودخل(3/582)
بها، بدليل قوله (إذا كانت معتدة به أو موت) وإن أمرها المطلق أو الميت بتركه لانه حق الشرع، إظهارا للتأسف على فوات النكاح (بترك الزينة) بحلي أو حرير أو امتشاط بضيق الاسنان (والطيب) وإن لم يكن لها كسب إلا فيه (والدهن) ولو بلا طيب كزيت خالص (والكحل والحناء ولبس المعصفر والمزعفر) ومصبوغ بمغرة أو ورس (إلا بعذر)(3/583)
راجع للجميع، إذ الضرورات تبيح المحظورات، ولا بأس بأسود وأزرق ومعصفر خلق لا رائحة له (لا) حداد على سبعة: كافرة وصغيرة، ومجنونة، و (معتدة عتق) كموته عن أم ولده(3/584)
(و) معتدة (نكاح فاسد) أو وطئ بشبهة أو طلاق رجعي.
ويباح الحداد على قرابة ثلاثة أيام فقط، وللزوج منعها لان الزينة حقه.
فتح.
وينبغي حل الزيادة على الثلاثة إذا رضي الزوج أو لم تكن مزوجة.
نهر.
وفي التاتر خانية: ولا تعذر في لبس السواد وهي آثمة، إلا الزوجة في حق زوجها فتعذر إلى ثلاثة أيام.
قال في البحر: وظاهره منعها من السواد تأسفا على موت زوجها فوق الثلاثة.(3/585)
وفي النهر.
لو بلغت في العدة لزمها الحداد فيما بقي.
(والمعتدة) أي معتدة كانت.
عيني.
فتعم معتدة عتق ونكاح فاسد، وأما الخالية فتخطب إذا لم يخطبها غيره وترضى به، فلو سكتت فقولان (تحرم خطبتها) بالكسر وتضم (وصح التعريض) كأريد التزوج (لو معتدة الوفاة) لا المطلقة إجماعا لافضائه إلى عداوة المطلق،(3/586)
ومفاده جواز لمعتدة عتق ونكاح فاسد ووطئ شبهة.
نهر.
لكن في القهستاني عن المضمرات أن بناء التعريض على الخروج.
(ولا تخرج معتدة رجعي وبائن) بأي فرقة كانت على ما في الظهيرية ولو مختلعة على نفقة عدتها في الاصح.
اختيار.
أو على السكنى فيلزمها أن تكتري بيت الزوج.
معراج(3/587)
(لو حرة) أو أمة مبوأة ولو من فاسد (مكلفة من بيتها أصلا) لا ليلا ولا نهارا ولا إلى صحن دار فيها منازل لغيره ولو بإذنه لانه حق الله تعالى، بخلاف نحو أمة لتقدم حق العبد (ومعتدة موت تخرج في الجديدين، وتبيت) أكثر الليل (في منزلها) لان نفقتها عليها، فتحتاج(3/588)
للخروج، حتى لو كان عندها كفايتها صارت كالمطلقة فلا يحل لها الخروج.
فتح.
وجوز في القنية خروجها لاصلاح ما بد لها منه كزراعة، ولا وكيل لها (طلقت) أو مات وهي زائرة (في غير مسكنها عادت إليه فورا) لوجوبه عليها (وتعتدان) أي معتدة طلاق وموت (في بيت وجبت فيه) ولا يخرحان منه (إلا أن تخرج، أو يتهدم المنزل أو تخاف) انهدامه، أو (تلف مالها، أو لا تجد كراء البيت) ونحو ذلك من الضرورات، فتخرج لاقرب موضع إليه، وفي الطلاق إلى حيث شاء الزوج، ولو لم يكفها نصيبها من الدار اشترت من الاجانب.
مجتبى، وظاهره وجوب الشراء لو نادرة أو الكراء.
بحر.
وأقره أخوه والمصنف.
قلت: لكن الذي رأيته بنسختي المجتبى استترت من الاستتار، فليحرر(3/589)
(ولا بد من سترة بينهما في البائن) لئلا يختلي بالاجنبية، ومفاده إن الحائل يمنع الخلوة المحرمة (وإن ضاق المنزل عليهما أو كان الزوج فاسقا فخروجه أولى) لان مكثها واجب لا مكثه، ومفاده وجوب الحكم به.
ذكره الكمال (وحسن أن يجعل القاضي بينهما امرأة) ثقة ترزق من بيت المال.
بحر عن تلخيص الجامع (قادرة على الحيلولة بينهما) وفي المجتبى: الافضل الحيلولة بستر، ولو فاسقا بامرأته.
قال: ولهما أن يسكنا بعد الثلاث في بيت واحد إذا لم يلتقيا التقاء الازواج، ولم يكن فيه خوف فتنة انتهى.
وسئل شيخ الاسلام عن زوجين افترقا ولكل منهما ستون سنة وبينهما أولاد تتعذر عليهما(3/590)
مفارقتهم فيسكنان في بيتهم ولا يجتمعان في فراش ولا يلتقيان التقاء الازواج هل لهما ذلك؟ قال: نعم، وأقره المصنف.
(أبانها أو مات عنها في سفر) ولو في مصر (وليس بينها) وبين مصرها مدة سفر رجعت ولو بين مصرها مدته وبين مقصدها أقل مضت (وإن كانت تلك) أي مدة السفر (من كل جانب) منهما ولا يعتبر ما في ميمنة وميسرة، فإن كانت في مفازة (خيرت) بين رجوع ومضى (معها ولي أو لا في الصورتين والعود أحمد) لتعد في منزل الزوج (و) لكن (إن مرت) بما يصلح الاقامة كما في البحر وغيره.
زاد في النهر: وبينه وبين مقصدها سفر (أو كانت في مصر) أو قرية تصلح للاقامة (تعتد ثمة) إن لم تجد محرما اتفاقا، وكذا إن وجدت عند الامام (ثم تخرج بمحرم) إن كان (وتنتقل المعتدة) المطلقة بالبادية.
فتح (مع أهل الكلام) في محفة أو خيمة مع زوجها (أو تضررت بالمكث في المكان) الذي طلقها فيه فله أن يتحول بها، وإلا لا،(3/591)
وليس للزوج المسافرة بالمعتدة ولو عن رجعي.
بحر.
(ومطلقة الرجعي كالبائن) فيما مر (غير أنها تمنع من مفارقتة زوجها في) مدة (سفر) لقيام الزوجية، بخلاف المبانة كما مر.
فروع طلب من القاضي أن يسكنها بجواره لا يجيبه، وإنما نعتد في مسكن المفارقة.
ظهيرية.
قبلت ابن زوجها فلها السكنى لا النفقة.
التاترخانية.
لا تمنع معتدة نكاح فاسد من الخروج.
مجتبى.
قلت: مر عن البزازية خلافه، لكن في البدائع: لها منعها لتحصين مائه ككتابية ومجنونة وأم ولد أعتقها، فلتحفظ.
فصل في ثبوت النسب
(أكثر مدة الحمل سنتان) لخبر عائشة رضي الله عنها كما مر في الرضاع، وعن الائمة(3/592)
الثلاثة أربع سنين (وأقلها ستة أشهر) إجماعا (فيثبت نسب) ولد (معتدة الرجعي) ولو بالاشهر لاياسها.
بدائع.
وفاسد النكاح في ذلك كصحيحه.
قهستاني (وإن ولدت لاكثر من سنتين) ولو لعشرين سنة فأكثر لاحتمال امتداد طهرها وعلوقها في العدة (ما لم تقر بمضي العدة) والمدة تحتمله (وكانت) الولادة (رجعة) لو (في الاثر منهما) أو لتمامهما لعلوقهما في العدة (لا في(3/593)
الاقل) للشك وإن ثبت نسبه (كما) يثبت بلا دعوة احتياطا (في مبتوتة جاءت به لاقل منهما) من وقت الطلاق لجواز وجوده وقته ولم تقر بمضيها كما مر (ولو لتمامهما لا) يثبت النسب، وقيل يثبت لتصور العلق الطلاق، وزعم في الجوهرة أنه الصواب (إلا بدعوته) لانه التزمه، وهي شبهة عقد أيضا، وإلا إذا ولدت توأمين أحدهما لاقل من سنتين والآخر لآكثر،(3/594)
وإلا إذا ملكها فيثبت إن ولدته لاقل من سنة أشهر من يوم الشراء ولو لاكثر من سنتين من وقت الطلاق.
وكالطلاق سائر أسباب الفرقة.
بدائع.
لكن في القهستاني عن شرح الطحاوي أن الدعوة مشروطة في الولادة لاكثر منهما (وإن لم تصدقه) المرأة (لا في رواية) وهي الاوجه.
فتح.
(و) يثبت نسب ولد المطلقة ولو رجعيا (المراهقة والمدخول بها) وكذا غير المدخولة(3/595)
(إن ولدت لاقل) من الاقل غير المقرة بانقضاء عدتها، وكذا المقرة إن ولدت لذلك من وقت الاقرار إذا لم تدع حبلا، فلو ادعته فكبالغة لاقل من تسعة أشهر مذ طلقها، لكون العلوق في العدة (إلا لا) لكونه بعدها، لانها لصغرها يجعل سكوتها كالاقرار بمضي عدتها.
(فلو ادعت حبلا فهي ككبيرة) في بعض الاحكام (لاعترافها بالبلوغ، و) يثبت نسب ولد
معتدة (الموت لاقل منهما من وقته) أي الموت (إذا كانت كبيرة ولو غير مدخول بها) أما الصغيرة، فإن ولدت لاقل من عشرة أشهر وعشرة أيام ثبت، وإلا لا، ولو أقرت بمضيها بعد(3/596)
أربعة اشهر وعشر فولدته لستة أشهر لم يثبت.
وأما الآيسة فكحائض، لان عدة الموت بالاشهر للكل إلا الحامل.
زيلعي.
(وإن ولدته لاكثر منهما) من وقته (لا) يثبت، بدائع.
ولو لهما فكالاكثر.
بحر بحثا (و) كذا (المقرة بمضيها) لو (لاقل من أقل مدته من وقت الاقرار) ولاقل من أكثرها من وقت البت للتيقن بكذبها (وإلا لا) يثبت، لاحتمال حدوثه بعد الاقرار.
لكونه بعدها، لانها لصغرها يجعل سكوتها كالاقرار بمضي عدتها.(3/597)
(و) يثبت النسب ولد (المعتدة) بموت أو طلاق (إن جحدت ولادتها بحجة تامة) واكتفيا بالقابلة، قيل وبرجل (أو حبل ظاهر) وهل تكفي الشهادة بكونه كان ظاهرا في البحر بحثا؟ نعم (أو إقرار) الزوج (به) بالحبل ولو تعيينه تكفي شهادة القابلة إجماعا،(3/598)
كما تكفي في معتدة رجعي ولدت لاكثر من سنتين لا لاقل (أو تصديق) بعض (الورثة) فيثبت في حق المقرين (وإنما (يثبت النسب في حق غيرهم) حتى الناس كافة (إن نم نصاب الشهادة بهم) بأن شهد مع المقر رجل آخر، وكذا لو صدق المقر عليه وهم من أهل التصديق فيثبت النسب ولا ينفع الرجوع (وإلا) يتم نصابها(3/599)
(لا) يشارك المكذبين، وهل يشترط لفظ الشهادة ومجلس الحكم؟ الاصح لا نظرا لشبهة الاقرار، وشرطوا العدد نظرا لشبهة الشهادة.
ونقل المصنف عن الزيلعي ما يفيد اشتراط العدالة، ثم قال: فقول شيخنا: وينبغي أن لا تشترط العدالة، مما لا ينبغي.
قلت: وفيه أنه كيف تشترط العدالة في المقر، اللهم إلا أن يقال لاجل السراية، فتأمل،
وليراجع.
(ولو ولدت فاختلفا) في المدة (فقالت) المرأة (نكحتني منذ نصف حول وادعى الاقل فالقول لها بلا يمين) وقالا تحلف، وبه يفتى كما سيجئ في الدعوة (وهو) أي الولد (ابنه) بشهادة الظاهر لها بالولادة من نكاح حملا لها على الصلاح.
(قال إن نكحتها فهي طالق فنكحها فولدت لنصف حول مذ نكحها لزمه نسبه) احتياطا لتصور حالة العقد، ولو ولدت لاقل منه(3/600)
لم يثبت، وكذا الاكثر ولو بيوم، ولكن بحث فيه في الفتح وأقره في البحر (و) لزمه (مهرها) بجعله واطئا حكما(3/601)
ولا يكون به محصنا.
نهاية.
(علق طلاقها بولادتها لم تطلق بشهادة امرأة) بل بحجة تامة خلافا لهما كما مر.
و (لو أقر) المعلق (مع ذلك بالحبل) أو كان ظاهرا (طلقت) بالولادة (بلا شهادة) لاقراره بذلك.
وأما النسب ولوازمه كأمومة الولد فلا يثبت بدون شهادة القابلة اتفاقا.
بحر.
(قال لامته إن كان في بطنك ولد) أو إن كان بها حبل (فهو مني، فشهدت امرأة) ظاهرا يعم غير القابلة (بالولادة، فهي أم ولده) إجماعا (إن جاءت به لاقل من نصف حول من وقت مقالته وإن لاكثر منه لا) لاحتمال علوقه بعد مقالته، قيد بالتعليق لانه لو قال هذه حامل مني ثبت نسبه إلى سنتين حتى ينفيه، غاية.(3/602)
(قال لغلام هو ابني ومات) المقر (فقالت أمه) المعروفة بحرية الاصل والاسلام وبأنها أم الغلام (أنا أامرأته وهو ابنه ترثانه استحسانا، فإن جهلت حريتها) أو أمومتها لم تثبت، وقوله
(فقال وارثه أنت أم ولد أبي) قيد اتفاقي، إذ الحكم كذلك لو لم يقل شيئا، أو كان صغيرا كما في البحر (أو كنت نصرانية وقت موته ولم يعلم إسلامها) وقته (أو قال) وارثه (كانت زوجة له وهي أمة لا) ترث في الصور المذكورة، وهل لها مهر المثل؟ قيل نعم.(3/603)
(زوج أمته من عبده فجاءت بولد فادعاه المولى يثبت نسبه) للزوم فسخ النكاح وهو لا يقبل الفسخ (وعتق) الولد (وتصير) الامة (أو ولده) لاقراره ببنوته وأمومتها.
(ولدت أمته الموطوءة له ولدا توقف ثبوت نسبه على دعوته) لضعف فراشها (كأمة مشتركة بين اثنين استولدها واحد) عبارة الدرر: استولداها (ثم جاءت بولد لا يثبت النسب(3/604)
بدونها) لحرمة وطئها كأم ولد كاتبها مولاها، وسيجئ في الاستيلاد أن الفراش على أربع مراتب، وقد اكتفوا بقيام الفراش بلا دخول كتزوج المغربي بمشرقية بينهما سنة فولدت لستة أشهر مذ تزوجها لتصوره كرامة أو استخداما.
فتح، لكن في النهر: الاقتصار على الثاني أولى، لان طي المسافة ليس من الكرامة عندنا.
قلت: لكن في عقائد التفتازاني جزم بالاول تبعا لمفتي الثقلين النسفي، بل سئل عما يحكى أن الكعبة كانت تزور واحدا من الاولياء هل يجوز القفول به؟ فقال: خرق العادة على سبيل الكرامة لاهل الولاية جائز عند أهل السنة، ولا لبس بالمعجزة لانها أثر دعوى الرسالة، وبادعائها يكفر فورا فلا كرامة، وتمامه في شرح الوهبانية من السير عند قوله: ومن لولي قال طي مسافة يحوز جهول ثم بعض يكفر(3/605)
وإثباتها في كل ما كان خارقا عن النسفي النجم يروى وينصر أي ينصر هذا القول بنص محمد: إنا نؤمن بكرامات الاولياء.
(غاب عن امرأته فتزوجت بآخر وولدت أولادا) ثم جاء الزوج الاول (فالاولاد للثاني على المذهب) الذي رجع إليه الامام، وعليه الفتوى كما في الخانية والجوهرة والكافي وغيرها.
وفي حاشية شرح المنار لابن الحنبلي: وعليه الفتوى إن احتمله الحال، لكن في آخر دعوى المجمع حكي أربعة أقوال، ثم أفتى بما اعتمده المصنف، وعلله ابن مالك بأنه(3/606)
المستفرش حقيقة، فالولد للفراش الحقيقي وإن كان فاسدا، وتمامه فيه فراجعه.
فروع نكح أمة فطلبها فشراها فولدت لاقل من نصف حول منذ شراها لزمه، وإلا لا، إلا المطلقة قبل الدخول والمبانة بثنتين فمذ طلقها، لكن في الثانية يثبت لسنتين فأقل.(3/607)
وفي الرجعي لاكثر مطلقا بعد أن يكون الاقل من نصف جحول منذ شراها في المسألتين، وكذا لو أعتقها بعد الشراء.
ولو باعها فولدت لاكثر من الاقل مذ باعها فادعاه هل يفتقر لتصديق المشتري؟ قولان.
مات عن أم ولده أو أعتقها وولدت لدون سنتين لزمه، ولاكثر لا إلا أن يدعيه، ولو تزوجت في العدة فولدت لسنتين من عتقه أو موته ولنصف حول فأكثر تزوجت وادعاه معا كان للمولى اتفاقا لكونها معتدة، بخلاف ما لو تزوجت أم الولد بلا إذنه فإنه للزوج اتفاقا.(3/608)
ولو تزوجت معتدة بائن فولدت لاقل من سنتين مذ بانت، ولاقل من الاقل مذ تزوجت، فالولد الاول لفساد نكاح الآخر، ولو لاكثر منهما مذ بانت ولنصف حول مذ تزوجت، فالولد للثاني، ولو لاقل من نصفه لم يلزم الاول ولا الثاني والنكاح صحيح، ولو لاقل منهما ولنصفه ففي عدة البحر بحثا أنه للاول، لكنه نقل هنا عن البدائع أنه الثاني، معللا بأن إقدامها على التزوج دليل انقضاء عدتها، حتى لو علم بالعدة فالنكاح فاسد وولدها للاول إن أمكن إثباته منه بأن تلد لاقل من سنتين مذ طلق أو مات.
ولو نكح امرأة فجاءت بسقط مستبين الخلق، فإن لاربعة أشهر فنسبه للثاني، وإن لاربعة إلا يوما فنسبه للاول وفسد النكاح الكل في البحر.
قلت: وفي مجمع الفتاوي: نكح كافر مسلمة فولدت منه لا يثبت النسب منه ولا تجب العدة لانه نكاح باطل.(3/609)
باب الحضانة بفتح الحاء وكسرها: تربية الولد.
(تثبت للام) النسبية (ولو) كتابية أو مجوسية أو (بعد الفرقة إلا أن تكون مرتدة) فحتى تسلم لانها تحبس (أو فاجرة) فجورا يضيع الولد به، كزنا وغناء وسرقة ونياحة، كما في البحر والنهر بحثا.(3/610)
قال المصنف: والذي يظهر العمل بإطلاقهم كما هو مذهب الشافعي أن الفاسقة بترك الصلاة لا حضانة لها.
وفي القنية: الام أحق بالولد ولو سيئة السيرة معروفة بالفجور ما لم يعقل ذلك (أو غير مأمونة) ذكره في المجتبى بأن تخرج كل وقت وتترك الولد ضائعا (أو) تكون (أمة أو أم ولد أو مدبرة أو مكاتبة ولدت ذلك الولد قبل الكتابة) لاشتغالهن بخدمة المولى، لكن إن كان الولد(3/611)
رقيقا كن أحق به لانه للمولى.
مجتبى (أو متزوجة بغير محرم) الصغير (أو أبت أن تربيه مجانا و) الحال أن (الاب معسر والعمة تقبل ذلك) أي تربيته مجانا ولا تمنعه عن الام، قيل للام إما أن تمسكيه مجانا أو تدفعيه للعمة (على المذهب) وهل يرجع العم والعمة على الاب إذا أيسر؟ قيل نعم.
مجتبى.
والعمة ليست بقيد فيما يظهر.(3/612)
وفي المنية: تزوجت أم صغير توفي أبوه وأرادت تربيته بلا نفقة مقدرة وأراد وصية تربيته بها دفع إليها لا إليه إبقاء لما له.(3/613)
وفي الحاوي: تزوجت بأجنبي وطلبت تربيته والتزمه ابن عمه مجانا ولا حاضنة له فله ذلك (ولا تجبر) من لها الحضانة (عليها إلا إذا تعينت لها) بأن لم يأخذ ثدي غيرها أو لم يكن للاب ولا للصغير مال، به يفتى.
خانية.
وسيجئ في النفقة.
وإذا أسقطت الام حقها صارت كميته أو متزوجة فتنتقل للجدة.
بحر (ولا تقدر الحاضنة على إبطال حق الصغير فيهما) حتى لو اختلعت على أن تترك ولدها عند التزوج صح الخلع(3/614)
وبطل الشرط لانه حق الولد.
فليس لها أن تبطله بالشرط، ولو لم يوجد غيرها أجبرت بلا خلاف.
فتح.
وهذا يعم ما لو وجد وامتنع من القبول.
بحر.
وحينئذ فلا أجرة لها.
جوهرة (وتتسحق) الحاضنة (أجرة الحضانة إذا لم تكن منكوحة ولا معتدة لابيه)(3/615)
وهي غير أجرة إرضاعه ونفقته كما في البحر عن السراجية، خلافا لما نقله المصنف عن جواهر الفتاوي.
وفي شرح النقاية للباقاني عن البحر المحيط: سئل أبو حفص عمن لها إمساك الولد وليس لها مسكن مع الولد فقال: على الاب سكناهما جميعا؟(3/616)
وقال نجم الائمة: المختار أنه عليه السكنى في الحضانة، وكذا إن احتاج الصغير إلى خادم يلزم الاب به.
وفي كتب الشافعية: مؤنة الحضانة في مال المحضون لو له، وإلا فعلى من تلزمه نفقته.
قال شيخنا: وقواعدنا تقتضيه فيفتى به، ثم حرر أن الحضانة كالرضاعة، والله تعالى أعلم (ثم)(3/617)
أي بعد الام بأن ماتت أو لم تقبل أو أسقطت حقها أو تزوجت بأجنبي (أم الام) وإن علت عند عدم أهلية القربى (ثم أم الاب وإن علت) بالشرط المذكور، وأما أم أبي الام فتؤخر عن أم الاب بل عن الخالة أيضا.
بحر (ثم الاخت لاب وأم، ثم لام) لان هذا الحق لقرابة الام (ثم) الاخت (لاب) ثم بنت الاخت لابوين ثم لام، ثم لاب (ثم الخالات كذلك) أي لابوين، ثم لام ثم الاب، ثم بنت الاخت لاب، ثم بنات الاخ (ثم العمات كذلك) ثم خالة الام كذلك، ثم خالة الاب كذلك، ثم عمات الامهات والآباء بهذا الترتيب، ثم العصبات بترتيب الارث،(3/618)
فيقدم الاب ثم الجد ثم الاخ الشقيق، ثم لاب ثم بنوه كذلك، ثم العم ثم بنوه.
وإذا اجتمعوا فالاورع ثم الاسن.
اختيار.
سوى فاسق ومعتوه وابن عم لمتشهاة وهو غير مأمون، ثم لم يكن عصبة فلذوي الارحام، فتدفع لاخ لام، ثم لابنه، ثم للعم للام، ثم للخال لابوين، ثم لام، برهان عيني بحر.(3/619)
فإن تساووا فأصلحهم ثم أورعهم أكبرهم، ولا حق لولد عم وعمة وخال وخالة لعدم المحرمية (و) الحاضنة (الذمية) ولو مجوسية (كمسلمة ما لم يعقل دينا) ينبغي تقديره بسبع سنين لصحة إسلامه حينئذ.
نهر (أو) إلى أن (يخاف أن يألف الكفر) فينزع منها وإن لم يعقل دينا.
بحر.
(و) الحاضنة (يسقط حقها بنكاح غير محرمة) أي الصغير، وكذا بسكناها عند المبغضين له، لما في القنية: لو تزوجت الام بآخر فأمسكته أم الام في بيت الراب فللاب أخذه.
وفي البحر: قد ترددت فيما لو أمسكته الخالة ونحوها في بيت أجنبي عازبة.
والظاهر السقوط قياسا على ما مر، لكن في النهر: والظاهر عدمه للفرق البين بين زوج الام والاجنبي.(3/620)
قال: والرحم فقط كابن العم كالاجنبي (وتعود) الحضانة (بالفرقة) البائنة لزوال المانع، والقول لها في نفي الزوج وكذا في تطليقه إن أبهمته لا إن عينته (والحاضنة) أما أو غيرها (أحق به) أي بالغلام حتى يستغني عن النساء وقدر بسبع(3/621)
وبه يفتى لانه الغالب.
ولو اختلفا في سنه، فإن أكل وشرب ولبس واستنجى وحده دفع إليه ولو جبرا، وإلا لا (والام والجدة) لام أو لاب (أحق بها) بالصغيرة (حتى تحيض) أي تبلغ في ظاهر الرواية.
ولو اختلفا في حيضها فالقول للام.
بحر بحثا.
وأقول: ينبغي أن يحكم سنها ويعمل بالغالب.
وعند مالك: حتى يحتلم الغلام، وتتزوج الصغيرة ويدخل بها الزوج، عيني (وغيرهما أحق بها حتى تشتهي) وقدر بتسع، وبه يفتى، وبنت إحدى عشرة مشتهاة اتفاقا.
زيلعي (وعن محمد أن الحكم في الام والجدة كذلك) وبه يفتى لكثرة الفساد.
زيلعي.
وأفاد أنه لا تسقط الحضانة بتزوجها ما دامت لا تصلح للرجال إلا(3/622)
في رواية عن الثاني إذا كان يستأنس.
كما في القنية.
وفي الظهيرية: امرأة قالت: هذا ابنك من بنتي وقد ماتت أمه فأعطني نفقته، فقال: صدقت لكن أمه لم تمت وهي في منزلي وأراد أخذ الصبي، يمنع حتى يعلم القاضي أمه وتحضر عنده فتأخذه لانه أقر بأنها جدته وحاضنته ثم ادعى أحقية غيرها، وهذا محتمل، فإن (أحضر الاب امرأة فقال هذه ابنتك وهذا) ابني (منها وقالت الجدة لا) ما هذه ابنتي (وقد ماتت ابنتي أم هذا الولد فالقول للرجل والمرأة التي معه، ويدفع الصبي إليهما) لان الفراش لهما فيكون الولد لهما (كزوجين بينهما ولد فادعى) الزوج (أنه ابنه لا منها) بل من غيرها (وعكست) فقالت هو ابني لا منه (حكم بكونه ابنا لهما) لما قلنا، وكذا لو قالت الجدة هذا ابنك من بنتي الميتة فقال بل من غيرها، فالقول له ويأخذ الصبي منها، وكذا لو أحضر امرأة وقال ابني من هذه لا من بنتك وكذبته الجدة وصدقتها المرأة فالاب أولى به، لانه لما قال هذا ابني من هذه
المرأة فقد أنكر كونها جدته فيكون منكرا لحق حضانتها وهي أقرت له بالحق انتهى ملخصا.
(ولا خيار للولد عندنا مطلقا) ذكرا كان أم أنثى خلافا للشافعي.
قلت: وهذا قبل البلوغ، أما بعده فيخير بين أبويه، وإن أراد الانفراد فله ذلك.
مؤيد زاده معزيا للمنية، وأفاده بقوله (بلغت الجارية مبلغ النساء، إن بكرا ضمها الاب إلى نفسه)(3/623)
إلا إذا دخلت في السن واجتمع لها رأي فتسكن حيث أحبت حيث لا خوف عليها (وإن ثيبا لا) يضمها (إلا إذا لم تكن مأمونة على نفسها) فللاب والجد ولاية الضم لغيرهما كما في الابتداء، بحر عن الظهيرية.
والغلام إذا عقل واستغنى برأيه ليس للاب ضمه إلى نفسه إلا إذا لم يكن مأمونا على نفسه فله ضمه لدفع فتنة أو عار، وتأديبه إذا وقع منه شئ، ولا نفقة عليه إلا أن يتبرع.
بحر.(3/624)
(والجد بمنزلة الاب فيه) فيما ذكر (وإن لم يكن لها أب ولا جد، و) لكن (لها أخ أو عم فله ضمها إن لم يكن مفسدا، وإن كان) مفسدا (لا) يمكن من ذلك (وكذا الحكم في كل عصبة ذي رحم محرم منها، فإن لم يكن لها أب ولا جد ولا غيرهما من العصبات أو كان عصبة مفسد فالنظر فيها إلى الحاكم، فإن) كانت (مأمونة خلاها تنفرد بالسكنى، وإلا وضعها عند) امرأة (أمينة قادرة على الحفظ، بلا فرق في ذلك بين بكر وثيب) لانه جعل ناظرا للمسلمين، ذكره العيني وغيره.
وإذا بلغ الذكور حد الكسب يدفعهم الاب إلى عمل ليكتسبوا أو يؤجرهم وينفق عليهم من أجرتهم، بخلاف الاناث، ولو الاب مبذرا يدفع كسب الابن إلى أمين كما في سائر الاملاك.
مؤيد زاده معزيا للخلاصة (ليس للمطلقة) بائنا بعد عدتها (الخروج بالولد من بلدة إلى أخرى بينهما تفاوت) فلو بينهما تفاوت بحيث يمكنه أن يبصر ولده ثم يرجع في نهاره(3/625)
لم تمنع مطلقا، لانه كالانتقال من محلة إلى محلة.
شمني (إلا إذا انتقلت من القرية إلى المصر، وفي عكسه) لضرر الولد بتخلقه بأخلاق أهل السواد (إلا إذا كان) ما انتقلت إليه (وطنها وقد نكحها ثمة) أي عقد عليها في وطنها ولو قرية في الاصح إلا دار الحرب إلا أن يكونا مستأمنين (وهذا) الحكم (في الام) المطلقة فقط (أما غيرها) كجدة وأم ولد أعتقت (فلا تقدر على نقله) لعدم العقد بينهما (إلا بإذنه) كما يمنع الاب من إخراجه(3/626)
من بلد أمه بلا رضاها ما بقيت حضانتها، فلو (أخذ المطلق ولده منها لتزوجها) جاز (له أن يسافر به إلى أن يعود حق أمه) كما في السراجية.
وقيده المصنف في شرحه بما إذا لم يكن له من ينتقل الحق إليه بعدها، وهو ظاهر.
وفي الحاوي: له إخراجه إلى مكان يمكنها أن تبصر ولدها كل يوم كما في جانبها، فليحفظ.
قلت: وفي السراجية: إذا سقطت حضانة الام وأخذه الاب لا يجبر على أن يرسله لها، بل هي إذا أرادت أن تراه لا تمنع من ذلك.
وأفتى شيخنا الرملي بأنه يسافر به بعد تمام حضانتها، وبأن غير الاب من العصبات(3/627)
كالاب، وعزاه للخلاصة والتاتر خانية.
(فرع): خرج بالولد ثم طلقها فطالبته برده، إن أخرجه بإذنها لا يلزمه رده، وأن بغير إذنها لزمه، كما لو خرج به مع أمه ثم ردها ثم طلقها فعليه رده.
بحر.
والله تعالى أعلم.
باب النفقة هي لغة: ما ينفقه الانسان على عياله.
وشرعا، (هي الطعام والكسوة والسكنى) وعرفا: هي الطعام (ونفقة الغير تجب على الغير بأسباب ثلاثة: زوجية، وقرابة، وملك) بدأ بالاول لمناسبة ما مر أو لانها أصل الولد (فتجب للزوجة) بنكاح صحيح،(3/628)
فلو بان فساده أو بطلاقه رجع بما أخذته من النفقة.
بحر (على زوجها) لانها جزاء الاحتباس، وكل محبوس لمنفعة غيره يلزمه نفقته كمفت وقاض ووصي.
زيلعي.
وعامل ومقاتلة قاموا بدفع العدو ومضارب سافر بمال مضاربه، ولا يرد الرهن لحبسه لمنفعتهما (ولو صغيرا) جدا في ماله لا على أبيه إلا إذا كان ضمنها كما مر في المهر (لا يقدر على الوطئ)(3/629)
لان المانع من قبله (أو فقيرا ولو) كانت (مسلمة أو كافرة أو كبيرة أو صغيرة تطيق الوطئ) أو تشتهي للوطئ فيما دون الفرج، حتى لو لم تكن كذلك كان المانع منها فلا نفقة كما لو كانا صغيرين (فقيرة أو غنية موطوءة، أو لا) كأن كان الزوج صغيرا أو كانت رتقاء أو قرناء أو معتوهة أو كبيرة لا توطأ، وكذا صغيرة تصلح للخدمة أو الاستئناس(3/630)
(إن أمسكها في بيته عند الثاني، واختاره في التحفة، ولو منعت نفسها للمهر) دخل بها أو لا ولو كله مؤجلا عند الثاني، وعليه الفتوى كما في البحر والنهر، وارتضاه محشي الاشباه لانه منع بحق فتستحق النفقة (بقدر حالهما) به يفتى، يخاطب بقدر وسعه والباقي دين إلى الميسرة، ولو موسرا وهي فقيرة لا يلزمه أن يطعمها مما يأكل، بل يندب (ولو هي في بيت أبيها)(3/631)
إذا لم يطالبها الزوج بالنقلة به يفتى، وكذا إذا طالبها ولم تمتنع أو امتنعت (للمهر أو مرضت في بيت الزوج) فإن لها النفقة استحسانا لقيام الاحتباس، وكذا لو مرضت ثم إليه نقلت، أو في منزلها بقيت ولنفسها ما منعت، وعليه الفتوى كما حرره في الفتح.
وفي الخانية: مرضت عند الزوج فانتقلت لدار أبيها، إن لم يمكن نقلها بمحفة ونحوها فلها النفقة، وإلا لا، كما لا يلزمه مداواتها (لا) نفقة لاحد عشر: مرتدة، ومقبله ابنه، ومعتدة
موت، ومنكوحة فاسدا وعدته، وأمة لم تبوأ،(3/632)
وصغيرة لا توطأ، و (خارجة من بيته بغير حق) وهي الناشزة حتى تعود ولو بعد سفره، خلافا للشافعي، والقول لها في عدم النشوز بيمينها، وتسقط به المفروضة لا المستدانة في الاصح كالموت، قيد بالخروج لانها لو مانعته من الوطئ لم تكن ناشزة، وشمل الخروج الحكمي كأن كان المنزل لها فمنعته من الدخول عليها فهي كالخارجة ما لم تكن سألته النقلة، ولو كان فيه شبهة كبيت السلطان فامتنعت منه فهي ناشزة لعدم اعتبار الشبهة في زماننا،(3/633)
بخلاف ما إذا خرجت من بيت الغضب أو أبت الذهاب إليه أو السفر معه أو مع أجنبي بعثه لينقلها فلها النفقة، وكذا لو أجرت نفسها لارضاع صبي وزوجها شريف ولم تخرج، وقيل تكون ناشزة.
ولو سلمت نفسها بالليل دون النهار أو عكسه فلا نفقة انقص التسليم.
قال في المجتبى: وبه عرف جواب واقعة في زماننا أنه لو تزوج من المحترفات التي تكون بالنهار في مصالحها وبالليل عنده فلا نفقة لها انتهى، قال في النهر.
وفيه نظر (ومحبوسة) ولو ظلما إلا إذا(3/634)
حبسها هو بدين له فلها النفقة في الاصح.
جوهرة.
وكذا لو قدر على الوصول إليها في الحبس.
صيرفية.
كحبسه مطلقا، لكن في الصحيح القدوري: لو حبس في سجن السلطان فالصحيح سقوطها.
وفي البحر مآل الفتاوي: ولو خيف عليها الفساد تحبس معه عند المتأخرين (ومريضة لم تزف) أي لا يمكنها الانتقال معه أصلا فلا نفقة لها وإن لم تمنع نفسها لعدم التسليم تقديرا.(3/635)
بحر (ومغصوبة) كرها (وحاجة) ولو نفلا (لا معه ولو بمحرم) لفوات الاحتباس.
(ولو معه فعليه نفقة الحضر خاصة) لا نفقة السفر والكراء (امتنعت المرأة) من الطحن والخبز (إن كانت ممن لا تخدم) أو كان بها علة (فعليه أن يأتيها بطعام مهيأ وإلا) بأن كانت ممن تخدم نفسها وتقدر على ذلك (لا) يجب عليه ولا يجوز لها أخذ الاجرة على ذلك لوجوبه عليها ديانة ولو شريفة، لانه عليه الصلاة والسلام قسم الاعمال بين علي وفاطمة، فجعل أعمال الخارج على علي رضي الله تعالى عنه والداخل على فاطمة رضي الله تعالى عنها مع أنها سيدة نساء العالمين.
بحر.
(ويجب عليه آلة الطحن وخبز وآنية شراب وطبخ ككوز وجرة وقدر ومغرفة) وكذا سائر أدوات البيت كحصر(3/636)
ولبد وطنفسة، وما نتنطف به وتزيل الوسخ كمشط وأشنان وما يمنع الصنان، ومداس رجلها، وتمامه في الجوهرة والبحر.
وفيه أجرة القابلة على من أتأجرها من زوجة وزوج ولو جاءت بلا استئجار، قيل عليه وقيل عليها (وتفرض لها الكسوة في كل نصف حول مرة) لتجدد الحاجة حرا وبردا (وللزوج الانفاق عليها بنفسه) ولو بعد فرض القاضي.
خلاصة (إلا أن يظهر للقاضي عدم لانفاقه فيفرض) أي يقدر (لها) بطلبها مع حضرته ويأمره إن شكت مطله(3/637)
ولم يكن صاحب مائدة، لان لها أن تأكل من طعامه وتتخذ ثوبا من كرباسه بلا إذنه، فإن لم يعط حبسه وتسقط عنه النفقة.
خلاصة وغيرها.
وقوله (في كل شهر) أي كل مدة تناسبه كيوم للمحترف وسنة للدهقان، وله الدفع كل يوم،(3/638)
كما لها الطلب كل يوم عند المساء لليوم الآتي، ولها أخذ كفيل نفقة شهر فأكثر خوفا من غيبته عند الثاني، وبه يفتى، وقس سائر الديون عليه، وبه أفتى بعضهم.
جواهر الفتاوي من كفالة الباب الاول.
ولو كفل لها كل شهر كذا أبدا وقع على الابد، وكذا لو لم يقبل أبدا عند الثاني، وبه يفتى.
بحر.(3/639)
وفيه: عليها دين لزوجها لم يلتقيا قصاصا إلا برضاها لسقوطه بالموت.
بخلاف سائر الديون.(3/640)
وفيه: آجرت دارها من زوجها وهما يسكنان فيه لا أجر عليه.
ولو دخل بها في منزل كانت فيه بأجر فطولبت به بعد سنة فقالت له أخبرتك بأن المنزل بالكراء عليك الاجر فهو عليها لانها العاقدة.
بزازية.
ومفهومة أنها لو سكنت بغير إجارة في وقف أو مال يتيم أو معد للاستغلال فالاجرة عليه فليحفظ (ويقدرها بقبدر الغلاء والرخص ولا تقدر بدراهم) ودنانير كما في الاختيار.
وعزاه المصنف لشرح المجمع للمصنف، لكن في البحر عن المحيط ثم المجتبى: إن شاء القاضي فرضها أصنافا أو قومها بالدراهم ثم يقدر بالدراهم.
وفيه: لو قترت على نفسها فله أن يرفعها للقاضي لتأكل مما فرض لها خوفا عليها من الهزال فإنه يضره، كما له أن يرفعها للقاضي للبس الثوب لان الزينة حقه(3/641)
(وتزاد في الشتاء جبة) وسروالا وما يدفع به أذى حر وبرد (ولحافا وفراشا) وحدها لانها ربما تعتزل عنه أيام حيضها ومرضها (إن طلبته، يختلف ذلك يسارا وإعسارا وحالا وبلدا) اختيارا، وليس عليه خفها بل خف أمتها، مجتبى.
وفي البحر: قد استفيد من هذا أنه لو كان لها أمتعة من فرش ونحوها لا يسقط عن الزوج ذلك بل يجب عليه، وقد رأينا من يأمرها بفرش أمتعتها له ولاضيافه جبرا عليها، وذلك حرام كمنع كسوتها ا ه، لكن قدمنا في المهر عنه عن المبتغى: لو زفت إليه بلا جهاز يليق به(3/642)
فله مطالبة الاب بالنقد، إلا إذا سكت انتهى.
وعليه فلو زفت به إليه لا يحرم عليه الانتفاع به وفي عرفنا يلتزمون كثرة المهر لكثرة الجهاز وقلته لقلته ولا شك أن المعروف كالمشروط
فينبغي العمل بما مر، كذا في النهر.
وفيه عن قضاء البحر: هل تقدير القاضي للنفقة حكم منه؟ قلت: نعم، لان طلب التقدير بشرطه دعوى فلا تسقط بمضي المدة.
ولو فرض لها كل يوم أو كل شهر هل يكون قضاء ما دام النكاح؟ قلت: نعم إلا لمانع، ولذا قالوا: الابراء قبل الفرض باطل وبعده يصح مما مضى(3/643)
ومن شهر مستقبل، حتى لو شرط في العقد أن النفقة تكون من غير تقدير والكسوة كسوة الشتاء والصيف لم يلزم فلها بعد ذلك طلب التقدير فيهما.
ولو حكم بموجب العقد مالكي يرى ذلك فللحنفي تقديرها لعدم الدعوى والحادثة.(3/644)
بقي لو حكم الحنفي بفرضها دارهم هل للشافعي بعده أن يحكم بالتموين؟ قال الشيخ قاسم في موجبات الاحكام: لا، وعليه فلو حكم الشافعي بالتموين ليس للحنفي الحكم بخلافه فليحفظ، نعم لو اتفقا بعد لفرض على أن تأكل معه تموينا بطل الفرض السابق لرضاها بذلك.
وفي السراجية: قدر كسوتها دراهم ورضيت وقضى به هل لها أن ترجع وتطلب كسوة قماشا؟ أجاب نعم، وقالوا: ما بقي من النفقة لها فيقضي بأخرى، بخلاف إسراف وسرقة(3/645)
وهلاك ونفقة محرم وكسوة، إلا إذا تخرقت، بالاستعمال المعتاد أو استعملت معها أخرى فيفرض أخرى (و) تجب (لخادمها المملوك) لها على الظاهر ملكا تاما ولا شغل له غير خدمتها بالفعل، فلو لم يكن في ملكها أو لم يخدمها لا نفقة له، لان نفقة الخادم بإزاء الخدمة،(3/646)
ولو جاءها بخادم لم يقبل منه إلا برضاها فلا يملك إخراج خادمها، بل ما زاد عليه.
بحر بحثا (لو) حرة لا أمة.
جوهرة.
لعدم ملكها (موسرا) لا معسرا في الاصح والقول له في العسار،
ولو برهنا فبينتها أولى.
خانية (ولو له أولاد لا يكفيه خادم واحد فرض عليه) نفقة (لخادمين أو أكثر اتفاقا) فتح.(3/647)
وعن الثاني: غنية زفت إليه بخدم كثير استحقت الجميع.
ذكره المصنف.
ثم قال: وفي البحر عن الغاية: وبه نأخذ.
قال: وفي السراجية: ويفرض عليه نفقة خادمها.
وإن كانت من الاشراف فرض نفقة خادمين، وعليه الفتوى (ولا يفرق بينهما بعجزه عنها) بأنواعها الثلاثة (ولا بعدم إيفائه) لو غائبا (حقها ولو موسرا) وجوزه الشافعي بإعسار الزوج وبتضررها بغيبته، ولو قضى به حنفي لم ينفذ، نعم وأمر شافعيا فقضى به نفذ(3/648)
إذ لم يرتش الآمر والمأمور.
بحر (و) بعد الفرض (يأمرها القاضي بالاستدانة)(3/649)
لتحيل (عليه) وإن أبى الزوج، أما بدون الامر فيرجع عليها، وهي عليه، إن صرحت بأنها عليه أو نوت، ولو أنكر نيتها فالقول له.
مجتبى.
وتجب الادانة على من تجب عليه نفقتها ونفقة(3/650)
الصغار لولا الزوج كأخ وعم، ويحبس الاخ ونحوه إذا امتنع، لان هذا من المعروف.
زيلعي واختيار.
وسيتضح (قضى بنفقة الاعسار ثم أيسر فخاصمته تمم) القاضي نفقة يساره في المستقبل (وبالعكس وجب الوسط) كما مر.
(صالحت زوجها عن نفقة كل شهر على دراهم ثم) قالت لا تكفيني زيدت، ولو (قال الزوج لا أطيق ذلك فهو لازم) فلا التفات لمقالته(3/651)
بكل حال (إلا إذا تغير سعر الطعام وعلم) القاضي (أن ما دون ذلك) المصالح عليه (يكفيها) فحينئذ يفرض كفايتها، نقله المصنف عن الخانية، وفي البحر عن الذخيرة: إلا أن يتعرف
القاضي حالة بالسؤال من الناس فيوجب بقدر طاقته.
وفي الظهيرية: صالحها عن نفقة كل شهر على مائة درهم والزوج محتاج لم يلزمه إلا نفقة مثلها.
(والنفقة لا تصير دينا إلا بالقضاء أو الرضا) أي اصطلاحهما على قدر معين أصنافا أو(3/652)
دراهم، فقبل ذلك لا يلزمه شئ، وبعده ترجع بما انفقت ولو من مال نفسها بلا أمر قاض.
ولو اختلفا في المدة فالقول له والبينة عليها.
ولو أنكرت إنفاقه فالقول لها بيمينها.
ذخيرة (وبموت أحدهما وطلاقها) ولو رجعيا.
ظهيرية وخانية.
واعتمد في البحر بحثا عدم(3/653)
سقوطها بالطلاق، لكن اعتمد المصنف ما يف جزاهر الفتاوي، والفتوى عدم سقوطها بالرجعي كي لا يتخذ الناس ذلك حيلة، واستحسنه محشي الاشباه، وبالاول أفتى شيخنا الرملي، لكن صحح الشرنبلالي في شرحه للوهبانية ما بحثه في البحر من عدم السقوط ولو بائنا، قال: وهو الاصح، ورد ما ذكره ابن الشحنة، فليتأمل عند الفتوى (يسقط المفروض) لانها صلة (إلا إذا استدانت بأمر القاضي) فلا تسقط بموت أو طلاق في الصحيح لما مر أنها كاستدانته بنفسه،(3/654)
وعبارة ابن الكمال: إلا إذا استدانت بعد فرض قال آخر ولو بلا أمره، فليحرر.
(ولا ترد) النفقة والكسوة (المعجلة) بموت أو طلاق عجلها الزوج أو أبوه ولو قائما، به يفتى (يباع القن) ويسعى مدبر ومكاتب لم يعجز (المأذون في النكاح) وبدونه يطالب بعد عتقه (في نفقة زوجته) المفروضة(3/655)
(إذا اجتمع عليه ما يعجز عن أدائه ولم يفده) ذخيرة.
ولو بنت المولى، لا أمته ولا نفقة ولده ولو زوجته حرة، بل نفقته على أمه ولو مكاتبة لتبعيته للام ولو ما تبين سعى لامه ونفقته على
أبيه.
جوهرة (مرة بعد أخرى) أي لو اجتمع عليه نفقة أخرى بعد ما اشتراه من علم به أو لم يعلم ثم علم فرضي بيع ثانيا وكذا المشتري الثالث وهلم جرا لانه دين حادث، قاله الكمال(3/656)
وابن الكمال، فما في الدرر تبعا للصدر سهو.
(وتسقط بموته وقتله) في الاصح ويباع في دين غيرها مرة لعدم التجدد، وسيجئ في المأذون أن الغرماء استسعاءه، ومفاده أن لها استسعاءه لو لنفقة كل يوم.
بحر.
قا: وهل يباع في كفنها؟ ينبغي على قول الثاني المفتى به، نعم كما يباع في كسوتها.
(ونفقة الامة المنكوحة) ولو مدبرة أو أم ولد، أما المكاتبة فكالحرة (إنما تجب) على الزوج ولو عبدا (بالتبوئة) بأن يدفعها إليه ولا يستخدمها(3/657)
(فلو استخدمها المولى) أو أهله (بعدها أو بوأها بعد الطلاق لاجل انقضاء العدة لا قبله) أي ولم يكن بوأها قبل الطلاق (سقطت) بخلاف حرة نشزت فطلقت فعادت.
وفي البحر بحثا: فرضها قبل التبوئة باطل، ونفقات الزوجات المختلفة بحالهما(3/658)
(وكذا تجب لها السكنى في بيت خال عن أهله) سوى طفله الذي لا يفهم الجماع وأمته وأم ولده (وأهلها) ولو ولدها من غيره بقدر حالهما كطعام وكسوة وبيت منفرد من دار له غلق.
زاد في الاختيار والعيني: ومرافق،(3/659)
ومراده لزوم كنيف ومطبخ، وينبغي الافتاء به.
بحر (كفاها) لحصول المقصود.
هداية.
وفي البحر عن الخانية: يشترط أن لا يكون في الدار أحد من أحماء الزوج يؤذيها، ونقل المصنف عن الملتقط كفايته مع الاحماء لا مع الضرائر، فلكل من زوجتيه مطالبته ببيت من دار(3/660)
على حدة (ولا يلزمه إتيانها بمؤنسة) ويأمره بإسكانها بين جيران صالحين بحيث لا تستوحش.
سراجية.
وفاده أن البيت بلا جيران ليس مسكنا شرعيا.
بحر.
وفي النهر: وظاهره وجوبها لو البيت خاليا عن الجيران لا سيما إذا خشيت على عقلها من سعته.
قلت: لكن نظر فيه الشرنبلالي بما مر أن ما لا جيران له غير مسكن شرعي، فتنبه (ولا(3/661)
يمنعها من الخروج إلى الوالدين) في كل جمعة إن لم يقدرا على إتيانها على ما اختاره في الاختيار ولو أبوها زمنا مثلا فاحتاج فعليها تعاهده ولو كافرا وإن أبى الزوج.
فتح (ولا يمنعها من الدخول عليها في كل جمعة، وفي غيرهما من المحارم في كل سنة) لها الخروج ولهم الدخول زيلعي (ويمنعهم من الكينونة)(3/662)
وفي نسخة: من البيتوتة، لكن عبارة مثلا مسكين: من القرار (عندها) به يفتى.
خانية.
ويمنعها من زيارة الاجانب وعيادتهم والوليمة وإن أذنت كانا عاصيين كما مر في باب المهر.
وفي البحر: له منعها من الغزل وكل عمل ولو تبرعا لاجنبي ولو قابلة أو مغسلة لتقدم حقه على فرض الكفاية، ومن مجلس العلم إلا لنازلة وامتنع زوجها من سؤالها، ومن الحمام(3/663)
إلا النفساء، وإن جاز بلا تزين وكشف عورة أحد.
قال الباقاني: وعليه فلا خلاف في منعهن للعلم بكشف بعضهن، وكذا في الشرنبلالية معزيا للكمال.
(وتفرض) النفقة بأنواعها الثلاثة (لزوجة الغائب) مذة سفر.
صيرفية.
واستحسنه في البحر ولو مفقودا (وطفله) ومثله كبير من زمن وأنثى مطلقا (وأبويه) فقط، فلا تفرض لمملوك وأخيه، ولا يقضي عنه دينه(3/664)
لانه قضاء على الغائب (في مال له من جنس حقهم) كتبر أو طعام أما خلافه فيفتقر للبيع، ولا يباع مال الغائب اتفاقا (عند) أو على (من يقر به) عنده للامانة، وعلي للدين، ويبدأ بالاول، ويقبل قول المودع في الدفع للنفقة لا المديون إلا ببينة أو إقرار.
بحر.
وسيجئ، ولو أنفقا بلا فرض ضمنا بلا رجوع (وبالزوجية و) بقرابة (الولاد وكذا) الحكم ثابت (إذا علم قاض بذلك) أي بمال وزوجية ونسب، ولو علم بأحدهما احتيج الاقرار بالآخر، ولا يمين ولا الاصح هنا لعدم الخصم(3/665)
(وكفلها) أي أخذ منها كفيلا بما أخذته لا بنفسها وجوبا في الاصح (ويحلفها معه) أي مع الكفيل احتياطا، وكذا كل آخذ نفقته، فلو ذكر الضمير لكان أولى (أن الغائب لم(3/666)
يعطها النفقة) ولا كانت ناشزة ولا مطلقة مضت عدتها، فإن حضر الزوج وبرهن أنه أوفاها النفقة طولبت هي أو كفيلها برد ما أخذت، وكذا لو لم يبرهن ونكلت، ولو أقرت طولبت فقط (لا) تفرض على غائب (بإقامة) الزوجة (بينة على النكاح) أو النسب (ولا) تفرض أيضا (إن لم يخلف مالا فأقامت بينة ليفرض عليه ويأمرها بالاستدانة ولا يقضى به) لانه قضاء على الغائب (وقال زفر يقضي بها) أي النفقة (لا به) أي النكاح (وعمل القضاة اليوم على هذا للحاجة، فيفتى به) وهذا من الست التي يفتى بها بقول زفر.(3/667)
وعليه، لو غاب وله زوجة وصغار تقبل بينتها على النكاح إن لم يكن عالما به ثم يفرض لهم ثم يأمرها بلا نفاق أو الاستدانة لترجع.
بحر.
(و) تجب (لمطلقة الرجعي والبائن والفرقة بلا معصية كخيار عتق، وبلوغ وتفريق بعدم كفاءة(3/669)
النفقة والسكنى والكسوة) إن طالت المدة، ولا تسقط النفقة المفروضة بمضي العدة على المختار، بزازية، ولو ادعت امتداد الطهر فلها النفقة ما لم يحكم بانقضائها، كما لم تدع الحبل فلها النفقة إلى سنتين منذ طلقها، فلو مضتا ثم تبين أن لا حبل فلا رجوع عليها، وإن شرط لانه شرط باطل.
بحر، ولو صالحها عن نفقة العدة إن بالاشهر صح، وإن بالحيض لا للجهالة (لا) تجب النفقة بأنواعها (لمعتدة موت مطلقا) ولو حاملا (إلا إذا كانت أم ولد وهي حامل) من(3/670)
مولاها فلها النفقة من كل المال.
جوهرة.
(وتجب السكنى) فقط (لمعتدة فرقة بمعصيتها) إلا إذا خرجت من بيته فلا سكنى لها في هذه الفرقة.
قهستاني وكفاية (كردة) وتقبيل ابنه (لا غير) من طعام وكسوة، والفرق أن السكنى حق الله تعالى فلا تسقط بحال، والنفقة حقها فتسقط بالفرقة بمعصيتها (وتسقط النفقة بردتها بعد البت) أي إن خرجت من بيته، وإلا فواجبة.
قهستاني (لا بتمكين ابنه) لعدم حبسها، بخلاف المرتدة، حتى ولو لم تحبس فلها النفقة إلا إذا لحقت بدار الحرب ثم عادت وتابت لسقوط(3/671)
العدة باللحاق لانه كالموت.
بحر.
وهو مشير إلى أنه قد حكم بلحاقها وإلا فتعود نفقتها بعودها، فلحيفظ.
(وتجب) النفقة بأنواعها على الحر (لطفله) يعم الانثى والجمع (الفقير) الحر، فإن نفقة المملوك على مالكه والغني في ماله الحاضر، فلو غائبا فعلى الاب ثم يرجع إن أشهد(3/672)
لا إن نوى إلا ديانة، فلو كانا فقيرين فالاب يكتسب أو يتكفف وينفق عليهم، ولو لم يتيسر أنفق عليهم القريب ورجع على الاب إذا أيسر.
ذخيرة.
ولو خاصمته الام في نفقتهم فرضها القاضي وأمره بدفعها للام ما لم تثبت خيانتها فيدفع لها صباحا ومساء أو يأمر من ينفق عليهم،(3/673)
وصح صلحها عن نفقتهم ولو بزيادة يسيرة وإن لم تدخل طرحت، ولو على مالا يكفيهم زيدت.
بحر، ولو ضاعت رجعت بنفقتهم دون حصتها.
وفي المنية: أب معسر وأم موسرة تؤمر الام بالانفاق ويكون دينا على الاب، وهي أولى من الجد الموسر وفيها: لا نفقة على الحر لاولاده من الامة، ولا على العبد لاولاده ولو من حرة، وعلى الكافر نفقة ولده المسلم، وسيجئ.
بحر.
(وكذا) تجب (لولده الكبير العاجز عن الكسب) كأنثى مطلقا،(3/674)
وزمن، ومن يلحقه العار بالتكسب، وطالب علم لا يتفرغ لذلك، كذا في الزيلعي والعيني.
وأفتى أبو حامد بعدمها لطلبة زماننا كما بسطه في القنية، ولذا قيده في الخلاصة بذي رشد (لا يشاركه) أي الاب ولو فقيرا (أحد في ذلك كنفقة أبويه وعرسه) به يفتى، ما لم يكن معسرا(3/675)
فيلحق بالميت، فتجب على غيره بلا رجوع عليه على الصحيح من المذهب إلا لام موسرة.
بحر.
قال: وعليه فلا بد من إصلاح المتون.
جوهرة.
فروع: أو لم يقدر إلا على نفقة أحد والديه فالام أحق، ولو له أب وطفل فالطفل أحق(3/676)
به، وقيل يقسمها فيهما وعليه نفقة زوجة أبيه وأم ولده بل وتزويجه أو تسريه، ولو له زوجات فعليه نفقة واحدة يدفعها للاب ليوزعها عليهن.
وفي المختار والملتقى: ونفقة زوجة الابن على أبيه إن كان صغيرا فقيرا أو زمنا.
وفي واقعات المفتين القدري أفندي: ويجبر الاب على نفقة امرأة ابنه الغائب وولدها، وكذا الام على نفقة الولد لترجع بها على الاب،(3/677)
وكذا الابن على نفقة الام ليرجع على زوج أمه، وكذا الاخ عليه نفقة أولاد أخيه ليرجع بها
على الاب، وكذا الابعد إذا غاب الاقرب انتهى.
وفي الفصولين من الرابع والثلاثين: أجنبي أنفق على بعض الورثة فقال أنفقت بأمر الموصي وأقر به الوصي ولا يعلم بقول الوصي بعد ما أنفق يقبل قول الوصي لو المنفق عليه صغيرا ا ه.
وفيه قال: أنفق علي أو على عيالي أو على أولادي ففعل، قيل يرجع بلا شرطه، وقيل لا.
ولو قضى دينه بأمره رجع بلا شرطه، وكذا كل ما كان مطالبا به من جهة(3/678)
العباد كجناية ومؤن مالية.
ثم ذكر أن الاسير ومن أخذه السلطان ليصادره لو قال لرجل خلصني فدفع المأمور مالا فخلصه، قيل يرجع، وقيل لا في الصحيح به يفتى.
(وليس على أمة إرضاعه) قضاء بل ديانة (إلا إذا تعينت) فتجبر كما مر في الحضانة، وكذا الظئر تجبر على إبقاء الاجارة.
بزازية (ويستأجر الاب من ترضعه عندها) لان الحضانة لها والنفقة عليه، ولا يلزم الظئر المكث عند الام ما لم يشترط في العقد(3/679)
(لا) يستأجر الاب (أمه لو منكوحة) ولو من مال الصغير، خلافا للذخيرة والمجتبى (أو معتدة رجعي) وجاز في البائن في الاصح.
جوهرة، كاستئجار منكوحة لولده من غيرها(3/680)
(وهي أحق) بإرضاع ولدها بعد العدة (إذا لم تطلب زيادة على ما تأخذه الاجنبية) ولو دون أجر المثل، بل الاجنبية المتبرعة أحق منها.
زيلعي: أي في الارضاع، أما أجرة الحضانة فللام كما مر، وللرضيع النفقة والكسوة، وللام أجرة الارضاع بلا عقد إجارة، وحكم الصلح كالاستئجار.
وفي كل موضع جاز الاستئجاز ووجبت النفقة لا تسقط بموت الزوج بل تكون(3/681)
أسوة الغرماء لانها أجرة لا نفقة (و) تجب (على موسر) ولو صغيرا (يسار الفطرة) على الارجح، ورجح الزيلعي والكمال إنفاق فاضل كسبه.(3/682)
وفي الخلاصة: المختار أن الكسوب يدخل أبويه في نفقته وفي المبتغى: للفقير أن(3/683)
يسرق من ابنه الموسر ما يكفيه إن أبى ولا قاضي ثمة، وإلا أثم (النفقة لاصوله) ولو أب أمه.
ذخيرة (الفقراء) ولو قادرين على الكسب القول لمنكر اليسار والبينة لمدعيه (بالسوية) بين الابن والبنت، وقيل كالارث، وبه قال الشافعي.
(والمعتبر فيه القرب والجزئية) فلو له بنت وابن أو بنت بنت أخ(3/684)
النفقة على البنت أو بنتها لانه (لا) يعتبر (الارث) إلا إذا استويا كجد وابن ابن فكإرثهما، إلا لمرجح كوالد وولد (فعلى ولده لترجحه، بأنت ومالك لابيك) وفي الخانية: له أم وأبو أب(3/687)
فكإرثهما، وفي القنية: له أم وأبو أم فعلى الام، ولو له عم وأبو أم فعلى أبي الام.
واستشكله في البحر بقولهم: له أم وعم فكإرثهما.
قال: ولو له أم وعم وأبو أم هل تلزم الام فقط أم كالارث؟ احتماله.
(و) تجب أيضا(3/688)
(لكل ذي رحم محرم صغير أو أنثى) مطلقا (ولو) كانت الانثى (بالغة) صحيحة (أو) كان الذكر (بالغا) لكن (عاجزا) عن الكسب (بنحو زمانة) كعمي وعته وفلج، زاد في الملتقى والمختار: أو لا يحسن الكسب لحرفة(3/689)
أو لكونه من ذوي البيوتات أو طالب علم (فقيرا) حال من المجموع بحيث تحل له الصدقة ولو له منزل وخادم على الصواب.
بدائع (بقدر الارث) لقوله تعالى: * (وعلى الوارث مثل ذلك) *(3/690)
(و) لذا (يجبر عليه).
ثم فزع على اعتبار الارث بقوله (فنفقة من) أي فقير (له أخوات متفرقات) موسرات (عليهن أخماسا) ولو إخوة متفرقين فسدسها على الاخ لام والباقي على الشقيق (كإرثه) وكذا لو كان معهن أو معهم ابن معسر لانه جعل كالميت ليصيروا ورثة، ولو كان مكانه بنت فنفقة الاب على الاشقاء فقط لارثهم معها، وعند التعدد يعتبر المعسرون أحياء، فيما يلزم المعسرين(3/691)
ثم يلزمهم الكل، كذي أم وأخوات متفرقات والام والشقيقة موسرتان فالنفقة عليها أرباعا.
(والمعتبر فيه) أي الرحم المحرم (أهلية الارث لا حقيقته) إذ لا يتحقق إلا بعد الموت، فنفقة من له خال وابن عم على الخال لانه محرم، ولو استويا في المحرمية كعم وخال ورجح الوارث للحال ما لم يكن معسرا فيجعل كالميت.
وفي القنية: يجب الابعد إذا غاب الاقرب.
وفي السراج: معسر له زوجة ولزوجته أخ موسر أجبر أخوها على نفقتها ويرجع به على الزوج إذا أيسر ا ه.
وفيه النفقة إنما هي على من رحمه كامل، ولذا قال القهستاني: قولهم وابن العم فيه نظر لانه ليس بمحرم، والكلام في ذي(3/692)
الرحم المحرم، فافهم.
(ولا نفقة) بواجبة (مع الاختلاف دينا إلا للزوجة والاصول والفروع) علوا أو سفلوا (الذميين) لا الحربيين ولو مستأمنين لانقطاع الارث (يبيع الاب) لان له ولاية التصرف (لا الام) ولا بقية أقاربه ولا القاضي إجماعا (عرض ابنه) الكبير الغائب لا الحاضر إجماعا (لا عقاره)(3/693)
فيبيع عقار صغير ومجنون اتفاقا للنفقة له ولزوجته وأطفاله كما في النهر بحثا بقدر حاجته لا فوقها (ولا في دين له سواها) لمخالفة دين النفقة لسائر الديون (ضمن) قضاء لا ديانة (مودع الابن)
كمديونه (لو أنفق الوديعة على أبويه) وزوجته وأطفاله (بغير أمر) مالك (أو قاض) إن كان، وإلا فلا ضمان استحسانا كما لا رجوع، وكما لو انحصر إرثه في المدفوع إليه لانه وصل إليه عين حقه.(3/694)
(و) الابوان (لو أنفقا) ما عندهما لغائب (من ماله على أنفسهما وهو من جنسه) أي جنس النفقة (لا) يضمنان لوجوب نفقة الولاد والزوجية قبل القضاء، حتى لو ظفر بجنس حقه فله أخذه، ولذا فرضت من مال الغائب، بخلاف بقية الاقارب.
ولو قال الابن أنفقته وأنت موسر وكذبه الاب حكم الحاكمم يوم الخصومة، ولو برهنا فبينة الابن.
خلاصة.
(قضى بنفقة غير الزوجة) زاد الزيلعي والصغير (ومضت مدة) أي شهر فأكثر (سقطت)(3/695)
لحصول الاستغناء فيما مضى، وأما ما دون شهر ونفقة الزوجة والصغير فتصير دينا بالقضاء (إلا أن يستدين) غير الزوجة (بأمر قاض) فلو لم يستدن بالفعل فلا رجوع، بل في الذخيرة: لو أكل أطفاله من مسألة الناس فلا رجوع لامهم، ولو أعطوا شيئا واستدانت شيئا أو أنفقت من مالها(3/696)
رجعت بما زادت.
خانية (وينفق منها) عزاه في البحر للمبسوط، لكن نظر فيه في النهر أنه لا أثر لانفاقه بما استدانه حتى لو استدان وأنفق من غير ووفى بما استدانه لم تسقط أيضا ا ه (فلو مات الاب) أو من عليه النفقة (بعدها) أي لاتدانة المذكورة (فهي) أي النفقة (دين) ثابت (في(3/697)
تركته في الصحيح) بحر.
ثم نقل عن البزازية تصحيح ما يخالفه، ونقله المصنف عن الخلاصة قائلا: ولو لم ترجع حتى مات لم تأخذها من تركته هو الصحيح.
ا ه ملخصا، فتأمل.
وفي البدائع: الممتنع من نفقة القريب المحرم يضرب ولا يحبس لفواتها بمضي الزمن فيستدرك بالضرب وقيده في النهر بحثا بما فوق الشهر لعدم سقوط ما دونه كما مر، ولا يصح
الامر بالاستدانة ليرجع عليه بعد بلوغه.(3/698)
(و) تجب النفقة بأنواعها (للملوكة) منفعة، وإن لم يملكه رقبه كموصى بخدمته، وفي القنية نفقة لمبيع على البائع ما دام في يده هو الصحيح واستشكله في البحر بأنه لا ملك له رقبة ولا منفعة، فينبغي أن (تلزم المشتري فإن امتنع فهي في كسبه) إن قدر بأن كان صحيحا، ولو غير عارف بصناعة فيؤجر نفسه كمعين البناء.
بحر (وإلا) ككونه زمنا أو جارية (لا) يؤجر مثلها (أمره القاضي ببيعه) وقالا يبيعه القاضي، وبه يفتى (إن محلا له) وإلا كمدبر وأم ولد ألزم بالانفاق لا غير.(3/699)
(عبد لا ينفق عليه مولاه أكل) أو أخذ من مال مولاه (قدر كفايته بلا رضاه عاجزا عن الكسب) أو لم يأذن له فيه (وإلا لا) يأكل، كما لو قتر عليه مولاه لا يأكل منه بل يكتسب إن قدر.
مجتبى.
وفيه: تنازعا في عبد أو دابة في أيديهما يجبران على نفقته (نفقة البعد المغصوب على الغاصب إلى أن يرد إلى مالكه، فإن طلب) الغاصب (من القاضي الامر بالنفقة أو البيع لا يجيبه) لانه مضمون عليه (و) لكن (إن خاف) القاضي (على العبد الضياع باعه القاضي لا الغاصب، وأمسك) القاضي (ثمنه لمالكه.
طلب المودع) أو آخذ الآبق أو أحد شريكي عبد غاب أحدهما (من القاضي الامر بالنفقة على عبد الوديعة) ونحوها (لا يجيبه) لئلا تأكله النفقة (بل يؤجره وينفق منه أو يبيعه ويحفظ ثمنه لمولاه) دفعا للضرر والنفقة على الآجر والراهن والمستعير.
وأما كسوته فعلى المعير، وتسقط بعتقه ولو زمنا، وتلزم بيت المال.
خلاصة.(3/700)
(دابة مشتركة بين اثنين امتنع أحدهما من الانفاق أجبره القاضي) لئلا يتضرر شريكه.
جوهرة.
وفيها (يؤمر) إما بالبيع وإما (بالانفاق على بهائمه ديانة ولا قضاء على) ظاهر (المذهب) للنهي عن تعذيب الحيوان وإضاعة المال، وعن الثاني يجبر، ورجحه الطحاوي والكمال، وبه
قالت الائمة الثلاثة.
ولا يجبر في غير الحيوان وإن كره تضييع المال ما لم يكن شرك كما مر.
قلت: وفي الجوهرة: وإن كان العبد مشتركا فامتنع أحدهما أنفق الثاني ورجع عليه.
ونقل المصنف تبعا للبحر عن الخلاصة: أنفق الشريك على العبد في غيبة شريكه بلا إذن الشريك أو القاضي فهو متطوع، وكذا النخيل والزرع والوديعة واللقطة والدار المشتركة إذا استمرت، والله أعلم.(3/701)
كتاب العتق ميزت الاسقاطات بأسماء اختصارا، فإسقاط الحق عن القصاص عفو، وعما في الذمة إبراء، وعن البضع طلاق، وعن الرق عتق، وعنون به لا بالاعتاق ليعم نحو استيلاد وملك قريب.
(هو) لغة: الخروج عن المملوكة من باب ضرب، ومصدره عتق وعتاق.
وشرعا: (عبارة عن إسقاط المولى حقه عن مملوكه بوجه) مخصوص(3/702)
(يصير به المملوك) أي بالاسقاط المذكور (من الاحرار) وركنه اللفظ الدال عليه أو ما يقوم مقامه، كملك قريب ودخول حربي اشترى مسلما دار الحرب.
وصفته واجب لكفارة، ومباح بلا نية لانه ليس بعبادة، حتى صح من الكافر.
ومندوب لوجه الله تعالى لحديث عتق الاعضاء.
وهل يحصل ذلك بتدبير وشراء وقريب؟ الظاهر نعم، ومكروه لفلان، وحرام بل كفر للشيطان.(3/703)
(ويصح من حر مكلف) ولو سكران أو مكرها أو مخطئا أو مريضا أو لا يعلم بأنه مملوكه، كقول الغاصب للمالك أو البائع للمشتري أعتق عبدي هذا وأشار إلى المبيع عتق، لا من صبي ومعتوه ومدهوش ومبرسم ومغمى عليه ومجنون ونائم، كما لا يصح طلاقهم، ولو أسند لحالة
مما ذكر أو قال وأنا حربي في دار الحرب وقد علم ذلك فالقول له (في ملكه) ولو رقبة كمكاتب، وخرج عتق الحمل إذا ولدته لستة أشهر فأكثر (ولو لاقل صح ولو بإضافته إليه) كإن(3/704)
ملكتك، أو إلى سببه كإن اشتريتك فأنت حر، بخلاف إن مات مورثي فأنت حر فأنت حر لا يصح، لا الموت ليس سببا للملك.
ومن لطائف التعليق قوله لامته: إن مات أبي فأنت حرة، فباعها لابيه ثم نكحها فقال إن مات أبي فأنت طالق ثنتين، فمات الاب لم تطلق ولم تعتق.
ظهيرية.
كأنه لان الملك ثبت مقارنا لهما بالموت، فتأمل (بصريحه بلا نية) سواء وصفه به (كأنت حر(3/705)
أو) عتق أو (عتيق أو معتق أو محرر) لو ذكر الخبر فقط كان كناية (أو) أخبر نحو (حررتك أو أعتقتك أو أعتقك الله) في الاصح.
ظهيرة (أو هذا مولاي أو) نادى نحو (يا مولاي) أو يا مولاتي، بخلاف أنا عبدك في الاصح (أو يا حر أو يا عتيق).
ولو قال: أردت الكذب أو حريته من العمل دين(3/706)
(إلا إذا سماه به) وأشهد وقت سميته.
خانية.
فلا يعتق ما لم يرد الانشاء، وكذا في الطلاق (ثم) بعد تسميته بالحر (إذا ناداه) بمرادفة (بالعجمية) كيا أزاد (أو عكس) بأن سما بأزاد وناداه بالعربية بيا حر (عتق) لعدم العلمية (وكذا رأسك) حر (ووجهك) حر (ونحوهما مما يعبر به عن البدن) كما مر في الطلاق، ولو أضافه إلى جزء شائع كثلثه عتق ذلك لتجزيه عند الامام كما سيجئ.
ومن الصريح قوله لعبده: أنت حره وأمته أنت حر.
خانية.
ومنه وهبتك أو بعتك نفسك فيعتق مطلقا، ولو زاد بكذا توقف على القبول.
فتح.
ومنه المصدر ونحو العتاق عليك وعتقك علي فيعتق بلا نية، ولو زاد واجب لم يعتق لجواز وجوبه لكفارة.
ظهيرية.(3/707)
وفي البدائع قيل له أعتقت عبدك؟ فأومأ برأسه أن نعم لم يعتق، ولو زاد من هذا العمل عتق قضاء ولو قال: يا سالم فأجابه غانم فقال أنت حر ولا نية له عتق المجيب، ولو قال عنيت سالما عتقا قضاء.
وفي الجوهرة قال لمن لا يحسن العربية: قل أنت حر فقال له، عتق قضاء، ولو قال رأسك رأس حر بالاضافة لا يعتق، وبالتنوين عتق لانه وصف لا تشبيه (وبكنايته إن نوى) للاحتمال (كلا ملك لي عليك) ولا سبيل أو لا رق، أو خرجت من ملكي وخليت سبيلك، وكقوله (لامته قد أطلقتك) وأنت أعتق، أو لزوجته أطلق من فلانة وهي مطلقة تعتق(3/708)
وتطلق إن نوى كتهجيهما.
وفي الخلاصة: قال لعبده أنت غير مملوك لا يعتق، بل يثبت له أحكام الاحرار حتى يقر بأنه مملوكه ويصدقه فيملكه وكذا ليس هذا بعبدي لا يعتق، وقاس عليه في البحر: لا ملك لي عليك، لكن نازعه في النهر (و) يصح أيضا (بهذا ابني) أو ابنتي(3/709)
(للاصغر) سنا من المالك (والاكبر و) كذا (هذا أبي) أو جدي (أو) هذه (أمي وإن لم) يصلحوا لذلك ولم (ينو العتق) لانها صرائح لا كناية ولذا جاء بالباء، وآخرها لتفصيلها فإن صلحوا وجهل نسبهم في مولدهم وليس للقائل أب معروف ثبت النسب أيضا ما لم يقل ابني من الزنا فيعتق فقط، وهل يشترط تصديقه فيما سوى دعوى البنوة؟ قولان، ولا تصير أمه أم ولد.
ولو قال لعبده: هذه بنتي ولامته هذا ابني افتقر للنية، وفي هذا خالي أو عمي(3/710)
عتق، وأخي لا، ما لم ينو من النسب (لا) يعتق (بيا ابني ويا أخي) ويا اختي ويا أبي (ولا سلطان لي عليك ولا بألفاظ الطلاق) صريحه وكنايته، بخلاف عكسه كما مر (وإن نوى) قيد للاخيرة لتوقفه في النداء على النية كما نقله ابن الكمال، وكذا نفى السلطان(3/711)
كما رجحه الكمال وأقره في البحر (و) كذا (أنت مثل الحر) يعتق بالنية.
ذكره ابن الكمال
وغيره (وإلا في قوله) أطلقتك ولو لعبده.
فتح (أمرك بيدك أو اختاري فإنه عتق مع النية) فإنه من كنايات العتق أيضا، ولا بدع.
بدائع.
ويتوقف على القبول في المجلس، وكذا اختر العتق أو أمر عتقك بيدك وإن لم يحتج للنية لانه تمليك كالطلاق ولا عتق بنحو أنت علي حرام وإن نوى لكن يكفر بوطئها.
(و) يصح أيضا (بقوله عبدي أو حماري) أو جداري (حر) كما لو جمع بين امرأته وبهيمة أو حجر وقل إحداكما طالق طلقت امرأته، لا لو جمع بين امرأته أو أمته الحية والميتة.
جوهرة(3/712)
وزيلعي.
(و) يصح أيضا (بملك ذي رحم محرم) أي قريب حرم نكاحه أبدا، ولو سقصا فيعتق بقدره عنده أو حملا كشراء زوجة أبيه الحامل منه (ولو) المالك (صبيا أو مجنونا أو كافرا) في دارنا، حتى لو أعتق المسلم أو الحربي عبده في دار الحرب لا يعتق بعتقه بل بالتخلية فلا(3/713)
ولاء له خلافا للثاني، ولو عبده مسلما أو ذميا بالاتفاق لعدم محليته للاسترقاق.
زيلعي.
(و) يصح أيضا بتحرير (لوجه الله والشيطان والصنم وإن) ثم و (كفر به) أي بالاعتاق للصنم (المسلم عند قصد التعظيم) لان تعظيم الصنم كفر.
وعبارة الجوهرة: لو قال للشيطان أو الصنم كفر (و) يصح أيضا (بكره) أي إكراه ولو غير ملجئ (وسكر بسبب محظور)(3/714)
سيجئ أن كل مسكر حرام فلا يخرج إلا شرب المطر فإنه كالاغماء (و) يصح أيضا مع (هزل) هو عدم قصد حقيقة ولا مجاز (وإن علق) العتق (بشرط) كدخول دار (صح) وعتق إن دخل (والتعليق بأمر كائن تنجيز، فلو قال لعبده) وهو في ملكه (إن ملكتك فأنت حر عتق للحال، بخلاف قوله لمكاتبه إن أنت عبدي فأنت حر) فلا يعتق لقصور الاضافة.
ظهيرية.
وفيها تصبح حرا تعليق، وتقوم حرا وتقعد حرا تنجيز.
قال: إن سقيت حماري فذهب به للماء ولم يشرب عتق، لان المراد عرض الماء عليه.
قال عبدي الذي هو قديم الحة حر عنق منه صحبه سنة هو المختار ولو قال أنت(3/715)
عتق ونوى في الملك دين ولو زاد في السن لا يعتق (وعتق بما أنت إلا حر).
لا بما أنت إلا مثل الحر، وإن نوى ولا بكل مالي حر ولا بكل عبد في الارض أو كل عبيد الدنيا أو أهل بلخ عند الثاني، وبه يفتى، بخلاف هذه السكة أو الدار.
بحر.
(حرر حاملا عتقا) أصالة وقصدا (إذا ولدته بعد عتقها لاقل من نصف حول) ولاكثر عتق تبعا،(3/716)
وثمرته انجرار ولائه (ولو حرره) ولو بلفظ علقة أو مضغة أو إن حملت بولد فهو حر (عتق فقط) ولم يجز بيع الام وجاز هبتها، ولو دبرها لم تجز هبتها في الاصح لانه كمشاع وبطل شرط المال عليه، وكذا على أمه، لكن يشترط قبولها للعتق.
وفي الظهيرية: قال ما في بطنك متى أدى إلي ألفا تعليق.
وفيها: أوصى له ومات وأعتقه الورثة جاز وضمنوه يوم الولادة.
ولو قال أكبر(3/717)
ولد في بطنك حر فولدت ولدين فأولهما خروجا أكبر (والولد) ما دام جنينا (يتبع الام) ولو بهيمة فيكون لصاحب الانثى، ويؤكل ويضحى به لو أمه كذلك (في الملك) بسائر أسبابه (والرق) إلا ولد المغرور، وصورة الرق بلا ملك كالكفارة في دار الحرب، فإن كلهم أرقاء غير مملوكين لاحد، فأول ما يؤخذ الاسير يوصف بالرق لا المملوكية حتى يحرز بدارنا،(3/718)
فإذا أخذت ومعها ولد يتبعها في الرق.
قهستاني.
(والحرية والعتق وفروعه) ككتابة وتدبير مطلق واستيلاد إذا لم يشترط الزوج حرية الولد كما مر، وفي رهن ودين وحق أضحية واسترداد بيع وسريان ملك،(3/719)
فهي اثنا عشر، ولا يتبعها في كفالة وإجارة وجناية وحد وقود وزكاة سائمة ورجوع في هبة وإيصاء بخدمتها، ولا يتذكى بذكاة أمه فهي تسع كما بسط في بيوع الاشباه.(3/720)
وزاد في (البحر): ولا في نسب حتى لو نكح هاشمي أمة فولدها هاشمي كأبيه رقيق كأمه ولا يتبعها بعد الولادة ألا في مسألتين: إذا استحقت الام ببينة وإذا بيعت، والبهيمة ومعها ولدها وقته.
(ولد الامة من زوجها ملك لسيدها) تبعا لها (وولدها من مولاها حر) وقد يكون حرا من(3/721)
رقيقين بلا تحرير كأن نكح عبد أمة أبيه فولده حر لانه ولد ولد المولى.
ظهيرية.
وعليه فولدها من سيدها أو ابنه أو أبيه حر.
فرع حملت أمة كافرة لكافر من كافر فأسلم هل يؤمر مالكها الكافر ببيعها لاسلامه تبعا قال في الاشباه لم أره قلت: الظاهر أنه لا يجبر لانه قبل الوضع موهوم وبه لا يسقط حق المالك.
باب عتق البعض (أعتق بعض عبده) ولو مبهما (صح) ولزمه بيانه (ويسعى فيما بقي) وإن شاء حرره (وهو) أي معتق البعض (كمكاتب) حتى يؤدي إلا في ثلاث (بلا رد إلى الرق لو عجز) ولو جمع بينه وبين قن في البيع بل فيهما، ولو قتل ولم يترك وفاء فلا قود، بخلاف المكاتب (وقالا)(3/722)
من أعتق بعضه (عتق كله) والصحيح قول امام، قهستاني عن المضمرات.
والخلاف مبني على أن الاعتاق يوجب زوال الملك عنده وهو منجز، وعندهما زوال الرق وهو غير منجز، وعلى هذا الخلاف التدبير والاستيلاد، ولا خلاف في عدم تجزي العتق والرق.
ومن الغريب ما في البدائع من تجزيهما عند الامام، لان الامام لو ظهر على جماعة من(3/723)
الكفرة وضرب الرق على أنصافهم ومن على الانصاف جاز، ويكون حكمهم بقاء كالمبعض.
ولو (أعتق شريك نصيبه فلشريكه) ست خيارات بل سبع (إما أن يحرر) نصيبه منجزا، أو مضافا لمدة كمدة الاستسعاء فتح، أو يصالح، أو يكاتب لا على أكثر من قيمته لو من النقدين.
ولو عجز استسعى، فإن امتنع آجره جبرا (أو يدبر) وتلزمه السعاية للحال، فلو مات المولى فلا سعاية إن خرج من الثلث (أو يستسعى) العبد كما مر (والولاء لهما) لانهما المعتقان (أو يضمن) المعتق (لو موسرا) وقد أعتق بلا إذنه، فلو به استسعاه على المذهب (ويرجع) بما ضمن (على العبد والولاء) كله (له) لصدور العتق كله من جهته حيث ملكه بالضمان، وهل يجوز الجمع بين(3/724)
السعاية والضمان إن تعدد الشركاء؟ نعم وإلا لا، ومتى اختار أمرا تعين إلا السعاية فله الاعتاق، ولو باعه أو وهبه نصيبه لم يجز لانه كمكاتب (ويساره بكونه مالكا قدر قيمة نصيب الآخر) يوم الاعتاق سوى ملبوسه وقوت يومه في الاصح مجتبى.
ولو اختلفا في قيمته، إن قائما قوم للحال وإلا فالقول للمعتق لانكاره الزيادة، وكذا لو اختلفا في يساره وإعساره.
(ولو شهد) أي أخبر لعدم قبولها وإن تعددوا لجرهم مغنما.
بدائع(3/725)
(كل من الشريكين بعتق الآخر) حظه وأنكر كل (سعى لهما) ما لم يحلفهما القاضي فحينئذ يسترق أو يسعى (في حظهما) ولو نكل أحدهما صار معترفا فلا سعاية، ولو مات قبل أن يتفقا فلبيت المال.
بحر (مطلقا) ولو موسرين أو مختلفين والولاء لهما وقال يسعى للمعسرين لا للموسرين (ولو تخالفا يسارا يسعى للموسر لا لضده) وهو المعسر، والولاء موقوف في الكل حتى يتصادقا، كذا في البحر والملتقى وعامة الكتب.(3/726)
قلت: ففي المتن خلل لا يخفى فتنبه.
ثم رأيت شيخنا الرملي نبه على ذلك كذلك،
فلله الحمد.
فرع: قال أحد الشريكين للآخر: بعت منك نصيبي، وإن لم أكن بعته منك فهو حر.
قال الآخر: ما اشتريته وإن كنت اشتريته منك فهو حر، فالقول لمنكر الشراء بيمينه، فإن حلف ولا بينة للبائع عتق بلا سعاية لمدعي البيع، بل للآخر في حظه بكل حال، وكذا عندهما لو البائع معسرا، ولو موسرا لم يسع لاحد في الاصح.
ولو (علق أحدهما عتقه بفعل غدا) مثلا، كإن(3/727)
دخل فلان الدار غدا فأنت حر (وعكس) الشريك (الآخر) فقال: إن لم يدخل فمضى الغد (وجهل شرطه) أدخل أم لا (عتق نصفه) لحنث أحدهما بيقين (وسعى في نصفه لهما) مطلقا والولاء لهما (ولا عتق) والمسألة بحالها (لو حلفا على عبدين كل واحد منهما لاحدهما) لتفاحش الجهالة، حتى لو اتحد المالك كأن اشتراهما من علم بحلفهما عتق عليه أحدهما وأمر بالبيان.
فتح.
أو الحالف لان (قال عبده حر إن لم يكن فلان دخل هذه الدار اليوم، ثم قال امرأته طالق إن كان دخل اليوم عتق وطلقت) لانه بكل يمين زعم الحنث في الاخرى،(3/728)
بخلاف ما لو كانت الاولى بالله، إذ الغموس لا يدخل تحت الحكم ليكذب به، بخلاف الاخرى.
(ومن ملك قريبه) بسبب ما.
(مع) رجل (آخر عتق حظه بلا ضمان علم) الشريك (بقرابته أو لا) على الظاهر، لان الحكم يدار على السبب (ولشريكه أن يعتق أو يستسعى) أما لو ملك مستولدته بالنكاح مع الآخر فيضمن حظه شريكه لكونه ضمان تملك (وإن اشترى نصفه أجنبي ثم القريب باقيه فله أن يضمن المشتري) موسرا (أو يستسعى) العبد، هذه ساقطة من نسخ الشارح (وإن اشترى نصف قريبه ممن يملكه) كله (لا يضمن لبائعه مطلقا)(3/729)
لمشاركته في العلة، وقيد يملكه لانه (لو اشتراه من أحد الشريكين لزمه الضمان) إجماعا (للشريك الذي لم يبع لو) المشتري (موسرا.
عبد بين ثلاثة دبره واحد و) بعده (أعتقه آخر وهما موسران ضمن الساكت) الذي لم يدبر ولم يحرر (مدبره) إن شاء ثلث قيمته قنا ورجع بها على العبد (لا معتقه) لان التدبير ضمان معاوضة وهو الاصل (و) ضمن (المدبر معتقه ثلثه مدبرا لا ما ضمنه) المدبر من ثلثه قنا لنقصه بتدبيره،(3/730)
وسيجئ أن قيمة المدبر ثلثا قيمته قنا (والولاء بين المعتق والمدبر أثلاثا: ثلثاه للمدبر، وما بقي للمعتق) لعتقه هكذا على ملكهما.
(ولو قال هي أم ولد شريكي وأنكر) شريكه، ولا بينة (تخدمه يوما وتتوقف) بلا خدمة (يوما) عملا بإقراره، ونفقتها في كسبها، وإلا فعلى المنكر، وجنايتها موقوفة.
(ولا قيمة لام ولد) إلا لضرورة إسلام أم ولد النصراني وقوماها بثلث قيمتها قنة (فلا يضمن عني أعتقها مشتركة) بأن ولدت فادعياه وصارت أم ولد لهما(3/731)
فأعتقها أحدهما لم يضمن، وكذا لو ولدت فادعاه أحدهما ثبت نسبه ولا ضمان ولا سعاية، خلافا لهما (و) إنما (تضمن بالجناية) إجماعا (فلو قربها إلى سبع فافترسها ضمن) لانه ضمان جناية لا ضمان غصب، ولذا يضمن الصبي الحر بمثله.
زيلعي.
(ولو قال لعبدين عنده ثلاثة أعبد له أحدهما حر فخرج واحد ودخل آخر فأعاد) قوله أحدكما حر، فما دام حيا يؤمر بالببان.
(و) إن (مات بلا بيان(3/732)
عتق مما يثبت ثلاثة أرباعه) نصفه بالاول ونصف نصفه بالثاني (و) عتق (من كل من غيره نصفه) لثبوته بطريق التوزيع والضرورة فلم يتعد (وإن صدر ذلك) المذكور (منه في مرضه) وضاق
الثلث عنهم (ولم يجزه الورثة) وقيمتهم سواء (قسم الثلث بينهم كما مر، بأن جعل كل عبد سبعة) أسهم (كسهام العتق) لاحتياجنا إلى مخرج له نصف وربع وأقله أربعة، فتعول لسبعة وهي ثلث المال (وعتق ممن ثبت ثلاثة) من سبعة وسعى في أربعة (و) عتق (من كل من غيره سهمان) وسعى في خمسة، فبلغ سهام السعاية أربعة عشر وسهام الوصايا سبعة لنفاذها من الثلث.
(وإن طلق) نسوته الثلاث (كذلك) ومهرهن سواء (قبل الوطئ) ليفيد البينونة (سقط ربع(3/733)
مهر من خرجت وثلاثة أثمان من ثبتت وثمن من دخلت) لان بالايجاب الاول سقط نصف مهر الواحدة منصفا بين الخارجة والثابتة فيسقط ربع كل، ثم بالايجاب الثاني سقط الربع منصفا بين الثابتة والداخلة.
(وأما الميراث) لهن من ربع أو ثمن (فللداخلة نصفه) لانه لا يزاحمها إلا الثابتة (والنصف الآخر بين الخارجة والثابتة نصفان) لعدم المرجح (وعلى كل واحدة منهن عدة الوفاة احتياطا) لا الطلاق لعدم الدخول (والوطئ والموت بيان في طلاق) بائن (مبهم) كقوله لامرأتيه إحداكما بائن فوطئ إحداكهما أو ماتت كان بيانا للاخرى، قيل وكذا التقبيل لا الطلاق،(3/734)
وهل التهديد بالطلاق كالطلاق كالعرض على البيع كالبيع؟ لم أره (كبيع) ولو فاسدا (وموت) ولو بقتل العبد نفسه (وتحرير) ولو معلقا (وتدبير) ولو مقيدا (واستيلاد) وكذا كل تصرف لا يصح، إلا في الملك ككتابة وإجارة(3/735)
وإيصاء وتزويج.
ورهن (وهبة وصدقة) ولو غير (مسلمتين) ذكره ابن الكمال، لان المساومة بيان فهذه أولى بلا قبض.
بدائع (في) حق (عتق مبهم) كقوله أحدكما حر ففعل ما ذكر تعين الآخر، ولو قيل له إيهما نويت فقال لم أعن هذا عتق الآخر، ثم إن قال لم أعن هذا أعتق الاول أيضا، وكذا الطلاق، بخلاف الاقرار.
اختيار.
ولو جنى أحدهما تعين الجاني وعليه الدية دفعا
للضرر.
ولولوالجية (لا) يكون (الوطئ) ودواعيه بيانا (فيه) وقالا: هو بيان حبلت أو لا، وعليه الفتوى لعدم حله إلا في الملك (وكذا الموت لا يكون بيانا في الاخبار) اتفاقا (فلو قال لغلامين أحدكما ابني، أو) قال لجارتين (إحداكما أم ولدي فمات أحدكهما لا يتعين الباقي للعتق ولا الاستيلاد) لان الاخبار يصح في الحي والميت، بخلاف الانشاء.
(قال لامته إن كان أول ولد تلدينه ذكرا فأنت حرة فولدت ذكرا وأنثى ولم يدر الاول رق(3/736)
الذكر) بكل حال (وعتق نصف الام والانثى) لعتقهما بتقديم الذكر ورقهما بعكسه، فيعتق نصفهما ويستسعيان في نصف قيمتهما.
(شهدا بعتق أحد مملوكيه) ولو أمتيه (لغت) عند أبي حنيفة لكونها على عتق مبهم إلا أن تكون) شهادتهما (في وصية) ومنها التدبير في الصحة والعتق في المرض (أو طلاق مبهم) فتقبل إجماعا، والاصل أن الطلاق المبهم(3/737)
يحرم الفرج إجماعا فيكون حق الله فلا تشترط له الدعوى، بخلاف العتق المبهم فلا يحرمه عنده، لكن لم يجز أن يفتى به فليحفظ (كما) تقبل (لو شهدا بعد موته أنه) أي المولى (قال في صحته) لقنيه (إحداكما حر على الاصح) لشيوع العتق فيهما بالموت فصار كل خصما متعينا، وصححه ابن الكمال وغيره.
فروع: شهدا بعتق سالم ولا يعرفونه عتق، ولو له عبدان كل اسمه سالم وجحد فلا عتق، كشهادتهما بعتقه لمعينة سماها فنسيا اسمها أو بطلاق إحدى زوجتيه وسماها فنسياها لم تقبل للجهالة.
فتح.
والله تعالى أعلم.
باب الحلف بالعتق (قال إن دخلت الدار فكل مملوك لي يومئذ حر عتق من له حين دخوله) ولو ليلا، سواء (ملكه بعد حلفه أو قبله) لان المعنى يوم إذ دخلت(3/738)
فاعتبر ملكه وقت دخوله (و) لذا لو لم يقل يومئذ عتق من له وقت حلفه فقط كقوله (كل عبد لي أو أملكه حر بعد غد) أو بعد شهر اعتبر وقت حلفه، لان لي أو أملكه للحال فلا يتناول الاستقبال، حتى لو لم يملك شيئا يوم حلفه لغا يمينه (ودبر بكل عبد لي أو أملكه حر بعد موتي، من) كان (له مملوك) يوم قال هذا القول (لا) يكون مدبرا مطلقا بل مقيدا (من ملكه بعده، و) لكن (إن مات عتقا من الثلث) لتعليقه بالموت فيصير وصية والمملوك لا يتناول(3/739)
الحمل) لانه تبع لامه (فلا يعتق حمل جارية من قال كل مملوك لي ذكر فهو حر) ولو لم يقل ذكر لدخل الحامل فيعتق الحمل تبعا (وكذا) لفظ المملوك والعبد لا يتناول (المكاتب) المشترك، ويتناول المدبر والمرهون والمأذون على الصواب، ولو نوى الذكور أو لم ينو المدبر دين.
وفي: مماليكي كلهم أحرارا لم يدين، لدفع احتمال التخصيص بالتأكيد.
فروع: حلف لا يعتق عبده فكاتب أو اشترى قريبا أو اشترى العبد نفسه حنث.
إن بعتك فأنت حر فباعه فاسدا عتق، وصحيحا لا.(3/740)
إن دخلت دار فلان فأنت حر فشهد فلان وآخر أنه دخل عتق، وفي إن كلمته لا لانها على فعل نفسه، ولو شهد ابنا فلان أنه كلم أباهما جازت إن جحد، وكذا إن ادعاه عند محمد وأبطلها الثاني.
باب العتق على جعل بالضم، وبفتح: المال (اعتق عبده على مال) صحيح معلوم الجنس والقدر(3/741)
(فقبل العبد) كل المال (في المجلس) يعم مجلس علمه لو غائبا (عتق) وإن لم يؤد لانه معلق على القبول لا الاداء، حتى لو رد أو أعرض بطل (و) أما (لو علقه بأدائه) كإن أديت فأنت حر
(صار مأذونا) له دلالة، وهل يصح حجره؟ ردد فيه في البحر (لا مكاتبا) لانه صريح في تعليق العتق بالاداء، وهو يخالف المكاتب في عشرين مسألة ذكر منها تسعة فقال(3/742)
(فلا يتوقف) عتقه (على قبوله ولا يبطل برده، وللمولى بيعه قبل وجود شرطه وهو الاداء) ولو باعه ثم اشتراه هل يجب قبول ما يأتي به؟ خلاف (وعتق بالتخلية) بحيث لو مد يده للمال أخذه (ولو أدى عنه غيره تبرعا) أو أمر غيره بالاداء فأدى (لا) يعتق لان الشرط أداؤه ولم يوجد.(3/743)
(كما) لا يعتق (لو) قيد بدراهم فأدى دنانير أو بكيس أبيض فدفع في كيس أسود أو بهذا الشهر فدفع في غيره أو (حط عنه البعض بطلبه وأدى الباقي) وكذا لو أبرأه (أو مات المولى وأداه إلى الورثة) لعدم الشرط بل العبد بإكسابه للورثة، كما لو مات العبد قبل الاداء فتركته لمولاه، بل له أخذ ما طفر به أو ما فضل عنده من كسبه، ولو أدى من كسبه قبل التعليق عتق ورجع السيد بمثله عليه (وتعلق أداؤه بالمجلس) أن علق بإن وبإذا لا، ولا يتبعه أولاده، بخلاف المكاتب في الكل (وهو) أي المال (دين صحيح يصح التكفيل به) بخلاف بدل الكتابة(3/744)
فإنه لا تصح الكفالة به، وهذه الموفية عشرون.
ويزاد ما في الذخيرة: لو علقه بألف فاستقرضها فدفعها لمولاه عتق ورجع الغريم على المولى، لان غرماء المأذون أحق بماله حتى تتم ديونهم.
ولو استقرض ألفين فدفع أحدها وأكل الآخرى فللغريم مطالبة المولى بهما لمنعه بعتقه من بيعه بدينه.
(ولو قال أنت حر بعد موتي بألف إن قبل بعده) أي بعد موته (وأعتقه) مع ذلك (وارث أو وصي أو قاض عند امتناع الوارث) هو الاصح، لان الميت ليس بأهل للاعتاق (عتق)(3/745)
بالالف والولاء للميت (وإلا) يوجد كلا الامرين (لا) يعتق بذلك.
(ولو حرره على خدمته حولا) مثلا كأعتقتك على أن تخدمني سنة (فقبل عتق في الحال) وفي إن خدمتني سنة فأنت حر لا يعتق إلا بالشرط، فلو خدمه أقل منها أو عوضه عنها أو قال إن خدمتني وأولادي فمات بعض أولاده لا يعتق، لان إن للتعليق، وعلى للمعاوضة (وخدمه) الخدمة المعروفة بين الناس (مدته) أيا كانت (فإن جهلت أو مات هو) ولو حكما كعمي (أو مولاه قبلها) ولو خدم بعضها فبحسابه (تجب قيمته) فتؤخذ منه للورثة أو من تركته(3/746)
للمولى.
وعند محمد: تجب قيمة خدمته، وبه نأخذ.
حاوي.
وهل نفقة عياله لو فقيرا على مولاه في المدة كالموصى له بالخدمة أو يكتسب للانفاق حتى يستغني ثم يخدم المولى كالمعسر؟ بحث في البحر الثاني، والمصنف الاول (كبيع عبد منه بعين) كبعتك نفسك بهذا العين (فهلكت) أو استحقت (تجب قيمته) وعند محمد قيمتها.
(ولو قال) رجل لمولى أمة (أعتق أمتك بألف علي على أن تزوجنيها، إن فعل) العتق (وأبت) النكاح (عتقت مجانا ولا شئ له على آمره) لصحة اشتراط البدل على الغير(3/747)
في الطلاق لا في العتاق (ولو زاد) لفظ (عنى قسم الالف على قيمتها ومهرها) أي مهر مثلها لتضمنه الشراء اقتضاء، و (لذا تجب حصة ما سلم) أي القيمة وتسقط حصة المهر (فلو نكحت) القائل (فحصة مهر مثلها) من الالف (مهرها) فيكون لها (في وجهيه) ضم عنى وتركه (وما أصاب قيمتها) في الاولى هدر، و (الثانية لمولاها باعتبار تضمن الشراء وعدمه.
(أعتق) المولى (أمته على أن تزوجه نفسها فزوجته فلها مهر مثلها) وجوزه الثاني اقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام في صفية.
قلنا: كان عليه الصلاة والسلام مخصوصا بالنكاح بلا مهر (فإن أبت فعليها) السعاية (قيمتها) اتفاقا، وكذا لو اعتقت المرأة عبدا على أن ينكحها، فإن(3/748)
فعل فلها مهرها، وإن أبى فعليه قيمته (ولو كانت) المعتقة على ذلك (أم ولده) فقبلت عتقت (فإن أبت) نكاحه (فلا شئ عليها) خانية.
لعدم تقوم أم الولد.
فرع: قال أعتق عني عبدا وأنت حر فأعتق عبدا جيدا لا يعتق، وفي أد إلي يعتق لانه إدخال في ملكه فيكون راضيا بالزيادة، وأما العتق إخراج لان كسبه ملك للمولى.
باب التدبير (هو) لغة: الاعتاق من دبر، وهو ما بعد الموت.
شرعا: (تعليق بمطلق موته)(3/749)
ولو معنى كإن مت إلى مائة سنة، وخرج بقيد الاطلاق التدبير المقيد كما سيجئ، وبموته تعليقه بموت غيره فإنه ليس بتدبير أصلا بل تعليق بشرط (كإذا) أو متى أو إن (مت) أو هلكت أو حدث بي حادث (فأنت حر) أو عتيق أو معتق (أو أنت حر عن دبر مني، أو أنت مدبر أو دبرتك) زاد بعد موتي أو لا (أو أنت حر يوم أموت) أريد به مطلق الوقت لقرانه بما لا يمتد، فإن نوى النهار صح وكان مقيدا (أو إن مت إلى مائة سنة) مثلا (وغلب موته قبلها) هو المختار لانه كالكائن لا محالة، وأفاد بالكاف عدم الحصر حتى ولو أوصى لعبده بسهم من ماله عتق(3/750)
بموته، ولو بجزء لا، والفرق لا يخفى، وذكرناه في شرح الملتقي.
(دبر عبده ثم ذهب عقله فالتدبير على حاله) لما مر أنه تعليق، وهو لا يبطل بجنون ولا رجوع (بخلاف الوصية) برقبته لانسان ثم جن ثم مات بطلت (ولا يقبل) التدبير (الرجوع) عنه (ويصح مع الاكراه بخلافها) فالتدبير كوصية إلا في هذه الثلاثة أشباه، ويزاد مدبر السفية ومدبر قتل سيده(3/751)
(فلا يباع المدبر) المطلق خلافا للشافعي.
ولو قضى بصحة بيعه نفذ، وهل يبطل التدبير قيل نعم لو قضى ببطلان بيعه صار
كالحر (ولا يوهب ولا يرهن) فشرط واقف الكتب الرهن باطل، لان الوقف في يد مستعيره أمانة، فلا يتأتى الايفاء والاستيفاء بالرهن به.
البحر.(3/752)
(ولا يخرج من الملك إلا بالاعتاق والكتابة) تعجيلا للحرية، وسيتضح في بابه.
والحيلة لمريد التدبير على وجه يملك بيعه أن يدبره مقيدا كإن مت وأنت في ملكي، أو إن بقيت بعد موتي فأنت حر (ويستخدم المدبر ويستأجر) وينكح (والامة توطأ وتنكح) جبرا (والمولى أحق بكسبه وأرشه ومهر المدبرة) لبقاء ملكه في الجملة (وبموته) ولو حكما كلحاقه مرتدا (عتق) في آخر جزء من حياة المولى (من ثلثه) أي الثلث ماله(3/753)
يوم موته، إلا إذا قال في صحته أنت حر أو مدبر ومات مجهلا فيعتق نصفه من الكل ونصفه من الثلث.
حاوي (وسعى) بحسابه إن لم يخرج من الثلث و (في ثلثيه) لان عتقه من الثلث (إن لم يترك غيره وله وارث لم يجزه) أي التدبير (فإن لم يكن) وارث (أو كان وأجازه عتق كله) لانه وصية، ولذا لو قتل سيده سعى في قيمته كمدبر السفيه ولو قتلته أم الولد لا شئ عليها كما بسطه في الجوهرة (وسعى في كله) أي كل قيمته مدبرا.
مجتبى.
وهو حينئذ كمكاتب وقالا: حر مديون (لو) المولى (مديونا) بمحيط.
ولو دبر أحد الشريكين فللآخر خيارات العتق،(3/754)
فإن ضمن شريكه فمات سعى في نصفه.
مختار.
(وولد المدبرة) تدبيرا مطلقا (مدبر) أما المقيد فلا تبعها، وذكر المصنف في البيع الفاسد أو ولد المدبر كأبيه.
فتأمل.
وأما تدبير الحمل فكعتقه.
(ولو ولدت المدبرة من سيدها فهي أم ولده وبطل التدبير) لانه من الثلث والاستيلاد من الكل فكان أقوى (وبيع) ووهب ورهن المدبر المقيد (كأن قال له إن مت في سفري أو مرضي)
هذا (أو إلى عشرين سنة مثلا) مما يقع غالبا، أو إن مت أو غسلت(3/755)
وكفنت، أو إن مت أو قتلت خلافا لزفر ورجحه الكمال، أو أنت حر بعد موتي وموت فلان ما لم يمت فلان قبله فيصير مطلقا (أو أنت حر بعد موت فلان) كما في الدرر والكنز، ورده في البحر بما في المبسوط وغيره من أنه ليس تدبيرا بل تعليقا، حتى لو مات فلان والمولى حي عتق من كل المال.
ولو مات المولى أولا بطل التعليق (ويعتق) المقيد (إن وجد الشرط) بأن مات من سفره أو مرضه ذلك (كعتق المدبر) ممن الثلث لوجود الاضافة للموت (قال إن مت من مرضي هذا فهو حر فقتل لا يعتق، بخلاف) ما لو قال (في مرضي) ففرق بين من و(3/756)
في ولو له حمى فتحول صداعا أو بعكسه، قال محمد: هو مرض واحد.
مجتبى.
(وقيمة المدبر) المطلق (ثلثا قيمته قنا) به يفتى (و) المدبر (المقيد يقوم قنا) درر عن الخانية.
وفيها عنها: صحيح قال لعبده أنت حر قبل موتي بشهر فمات بعد شهر عتق من كل ماله.
زاد في المجتبى: ولمولاه بيعه في الاصح.
فرع: قال مريض: أعتقوا غلامي بعد موتي إن شاء الله صح الايصاء، وفي هو حر بعد موتي إن شاء الله لم يصح، لان الاول أمر والاستثناء فيه باطل والثاني إيجاب فيصح الاستثناء.(3/757)
باب الاستيلاد هو لغة: طلب الولد من زوجة أو أمة، وخصه الفقهاء بالثاني.
(وإذا ولدت) ولو سقطا (الامة) ولو مدبرة (من سيدها) ولو باستدخال منيه فرجها (بإقراره) وينبغي أن يشهد لئلا يسترق ولده بعد موته (ولو حاملا) كقوله: حملها(3/758)
وما في بطنها مني كما مر في ثبوت النسب، وهذا قضاء، أما ديانة فيثبت بلا دعوة كاستيلاد
معتوه ومجنون.
وهبانية (أو) ولدت من زوج تزوجها ولو فاسدا كوطئ بشبهة فولدت(3/759)
(فاشتراها الزوج) أي ملكها كلا أو بعضا (فهي أم ولد) من حين الملك، فلو ملك ولدها من غيره فله بيعه، وكذا لو استولدها بملك ثم استحقت أو لحقت ثم ملكها، فإن عتق أم الولد يتكرر بتكرر الملك كالمحارم، بخلاف المدبرة (حكمها) أي المستولدة (كالمدبرة) وقد مر(3/760)
(إلا) في ثلاثة عشر مذكورة في فروق الاشباه والبيع الفاسد من البحر: منها (أنها تعتق بموته من كل ماله) والمدبرة من ثلثه (من غير سعاية) والمدبرة تسعى، ولو قضى بجواز بيعها لم ينفذ بل(3/761)
يتوقف على قضاء قاض آخر إمضاء وإبطالا.
ذخيرة.
وينفذ في المدبرة كما مر (وإن ولدت بعده ولدا ثبت نسبه بلا دعوى) إذا لم تحرم عليه بنحو نكاح أو كتابة أو وطئ ابنه أو المولى أمها، فحينئذ لو ولدت لاكثر من ستة أشهر لا يثبت إلا بدعوة، إلا في المزوجة فلا يثبت، بل يعتق عليه بدعوته ولو لاقل من ستة أشهر ثبت بلا دعوة وفسد النكاح لندب استبرائها قبله.(3/762)
بحر.
وقدمناه في نكاح الرقيق وثبوت النسب (لكنه ينتفي من غير توقف على لعان) لان الفراش أربعة: ضعيف للامة، ومتوسط لام الولد، وعلم حكمهما، وقوي للمنكوحة فلا ينتفي إلا باللعان، وأقوى للمعتدة فلا ينتفي أصلا لعدم اللعان (إلا إذا قضى به قاض) غير حنفي يرى ذلك فيلزمه بالقضاء (أو تطاول الزمان) وهو ساكت كما مر في اللعان لانه دليل الرضا.
بحر (فلا) ينتفي بنفيه في هاتين الصورتين (إذا أسلمت أو ولد الذمي) يعني الكافر أو مدبرته مسكين (عرض عليه الاسلام، فإن أسلم فهي له، وإلا سعت) نظرا للجانبين، لان خصومة الذمي(3/763)
والدابة يوم القيامة أشد من خصومة المسلم (في) ثلث (قيمتها) قنة (وعتقت بعد أدائها) أي
القيمة التي قدرها القاضي (وهي مكاتبة في حال سعايتها) إلا في صورتين (بلا رد إلى الرق لو عجزت) إذ لو ردت لاعيدت.
(فلو مات قبل سعايتها) ولها ولد ولدته في سعايتها سعى فيما عليها وإلا (عتقت مجانا) لانها ولد، وكذا حكم المدبر فيسعى في ثلثي قيمته.
(ولو أسلم قن الذمي عرض الاسلام عليه، فإن أسلم فبها، وإلا أمر ببيعه) تخلصا من يد الكافر.
ذكره مسكين (فإن ادعى ولد أمة مشتركة) ولو مع ابنه (ثبت نسبه منه) ولو كافرا أو مريضا أو مكاتبا، لكنه إن عجز فله بيعها (وهي أم ولد وضمن)(3/764)
يوم العلوق (نصف قيمتها ونصف عقرها) ولو معسرا (لا قيمة ولدها) لانه علق حر الاصل (وإن ادعياه معا) أو جهل السابق (وقد استويا) وقت الدعوة لا العلوق (في الاوصاف فهو ابنهما) فلو لم يستويا قدم من العلوق في ملكه ولو بنكاح وأب مسلم وحر وذمي وكتابي على ابن وذمي وعبد ومرتد ومجوسي،(3/765)
ثم لا يثبت نسب ولد ثان بلا دعوة لحرمة الوطئ كما مر (وهي أم ولدهما) إن حبلت في ملكهما، لا لو اشترياها حبلى، لانها دعوة عتق فولاؤه لهما، وبادعاء أحدهما(3/766)
يضمن نصف قيمة الولد لا العقر (وعلى كل نصف عقرها وتقاصا، ألا إذا كان نصيب أحدهما أكثر فيأخذ منه الزيادة) لان المهر بقدر الملك (بخلاف البنوة والارث والولاء، فإن ذلك لهما سوية، وإن كان أحدهما أكثر نصيبا من الآخر) لعدم تجزي النسب فيكون سوية لعدم الاولوية ويتبعه الارث والولاء (وورث الابن منكل إرث ابن) كامل (وورثا منه إرث أب) واحد، وكذا الحكم عند الامام لو كثروا ولو نساء، وتمامه في البحر.
وفيه: لو مات أحدهما أو أعتقها عتقت بلا شئ.(3/767)
قلت: فالعتق إنما يتجزأ في القنة لا في أم الولد، بل يعتق بعضها بعتق كلها اتفاقا.
مجتبى.
فليحفظ.
(جارية بين رجلين ولدت فادعاه أحدهما وأعتقه الآخر وخرج الكلامان) منهما (معا فالدعوة أولى) لاستنادها للعلوق.
خانية.
(ادعى ولد أمة مكاتبة وصدقه المكاتب لزم النسب) لتصادقهما لدعوته ولد جارية الاجنبي، أما ولد مكاتبته فلا يشترط تصديقها كما سيجئ (و) لزم المدعي (العقر وقيمة الولد) يوم ولد (وسقوط الحد) عنه (للشبهة ولم تصر أم ولده) لعدم ملكه (وإن كذبه) المكاتب (لم يثبت النسب) لحجره على نفسه بالعقد.(3/768)
(ولدت منه جارية غيره وقال أحلها لي مولاها والولد ولدي وصدقه المولى في الاحلال وكذبه في الولد لم يثبت نسبه، فإن صدقه فيهما) جميعا (ثبت آلا لا) وقول الزيلعي: ولو صدقه في الولد يثبت: أي مع تصديقه في الاحلال فلا مخالفة كما لا يخفى.
(ولو ملكها) أو ملكه (بعد تكذيبه) أي المولى ولو مكاتبه (يوما) من الدهر (ثبت النسب)(3/769)
وتصير أم ولده إذا ملكها لبقاء إقراره.
(ولو استولد جارية أحد أبويه) أو جده (أو امرأته وقال ظننت حلها لي فلا حد) للشبهة (ولا نسب) إلا أن يصدقه فيهما (وإن ملكه يوما عتق عليه) وإن ملك أمة لا تصير أم ولده لعدم ثبوت النسب، كذا ذكره المصنف تبعا للزيلعي، لكنه نقل هنا وفي نكاح الرقيق عن الدرر(3/770)
والخانية أنه لو ملكها بعد تكذيبه يوما ثبت النسب لبقاء الاقرار، فتدبير.
نعم في الخانية: زنى بأمة فولدت فملكها لم تصر أم ولده، وإن ملك الولد عتق.
وفي الاشباه: لو ملك أخته لامه من الزنا عتقت، ولو أخته لابيه لا.
(ادعى ولد أمة مكاتبة وصدقه المكاتب لزم النسب) لتصادقهما لدعوته ولد جارية الاجنبي، أما ولد مكاتبته فلا يشترط تصديقها كما سيجئ (و) لزم المدعي (العقر وقيمة الولد) يوم ولد (وسقوط الحد) عنه (للشبهة ولم تصر أم ولده) لعدم ملكه (وإن كذبه) المكاتب (لم يثبت النسب) لحجره على نفسه بالعقد.(3/771)
(ولدت منه جارية غيره وقال أحلها لي مولاها والولد ولدي وصدقه المولى في الاحلال وكذبه في الولد لم يثبت نسبه، فإن صدقه فيهما) جميعا (ثبت آلا لا) وقول الزيلعي: ولو صدقه في الولد يثبت: أي مع تصديقه في الاحلال فلا مخالفة كما لا يخفى.
(ولو ملكها) أو ملكه (بعد تكذيبه) أي المولى ولو مكاتبه (يوما) من الدهر (ثبت النسب)(3/769)
وتصير أم ولده إذا ملكها لبقاء إقراره.
(ولو استولد جارية أحد أبويه) أو جده (أو امرأته وقال ظننت حلها لي فلا حد) للشبهة (ولا نسب) إلا أن يصدقه فيهما (وإن ملكه يوما عتق عليه) وإن ملك أمة لا تصير أم ولده لعدم ثبوت النسب، كذا ذكره المصنف تبعا للزيلعي، لكنه نقل هنا وفي نكاح الرقيق عن الدرر(3/770)
والخانية أنه لو ملكها بعد تكذيبه يوما ثبت النسب لبقاء الاقرار، فتدبير.
نعم في الخانية: زنى بأمة فولدت فملكها لم تصر أم ولده، وإن ملك الولد عتق.
وفي الاشباه: لو ملك أخته لامه من الزنا عتقت، ولو أخته لابيه لا.
فروع: أراد وطئ أمته ولا تصير أم ولده يملكها لطفله ثم يتزوجها.
أقر بأموميتها في مرضه أن هناك ولد أو حبل تعتق من الكل، وإلا فمن الثلث، وما في يدها للمولى إلا إذا أوصى لها به، نعم في المجتبى: استحسن محمد أن يترك لها ملحفة وقميص ومقنعة ولا شئ للمدبر، والله سبحانه وتعالى أعلم.(3/771)
الدر المختار - الحصفكي ج 4
الدر المختار
الحصفكي ج 4(4/)
الدر المختار شرح تنوير الابصار في فقه مذهب الامام ابي حنيفة النعمان لخاتمة المحققين محمد امين الشهير بابن عابدين طبعة جديدة منفحه مصححة اشراف مكتبة البحوث والدراسات الجزء الرابع دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع(4/1)
جميع حقوق اعدة الطبع محفوظة للناشر 1415 ه / 1995 م بيروت لبنان دار الفكر: حارة حريك - شارع عبد النور - برقيا: فكسي - تلكس: 41392 فكر ص.
ب 7061 / 11 - تلفون: 643681 - 838053 - 837898 - دولي: 860962 فاكس: 2124187875 - 001(4/2)
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الايمان مناسبته عدم تأثير الهزل والاكراه، وقدم العتاق لمشاركته الطلاق في الاسقاط والسراية.
(اليمين) لغة: القوة.
وشرعا: (عبارة عن عقد قوي به عزم الحالف(4/3)
على الفعل أو الترك) فدخل التعليق فإنه يمين شرعا، إلا في خمس مذكورة في الاشباه، فلو حلف لا يحلف حنث بطلاق وعتاق.(4/4)
وشرطها الاسلام والتكليف وإمكان البر.
وحكمها البر أو الكفارة.
وركنها اللفظ المستعمل فيها.
وهل يكره الحلف بغير الله تعالى؟ قيل نعم للنهي، وعامتهم لا، وبه أفتوا لا سيما في(4/5)
زماننا، وحملوا النهي على الحلف بغير الله لا على وجه الوثيقة كقولهم بأبيك ولعمرك ونحو ذلك.
عيني (وهي) أي اليمين بالله لعدم تصور الغموس واللغو في غيره تعالى فيقع بهما الطلاق ونحوه.
عيني، فليحفظ.
ولا يرد نحو هو يهودي لانه كناية عن اليمين باللهوإن لم يعقل وجه الكناية.
بدائع (غموس) تغمسه في الاثم ثم النار، وهي كبيرة مطلقا، لكن إثم الكبائر متفاوت.
نهر (إن حلف على كاذب عمدا) ولو غير فعل أو ترك كوالله إنه حجز الآن في ماض (كوالله ما فعلت) كذا (عالما بفعله أو) حال (كوالله ما له علي ألف عالما بخلافه(4/6)
ووالله إنه بكر عالما بأنه غيره) وتقييدهم بالفعل والماضي اتفاقي أو أكثري (ويأثم بها) فتلزمه التوبة.
(و) ثانيها (لغو) لا مؤاخذة فيها إلا في ثلاث: طلاق وعتاق ونذر أشباه، فيقع الطلاق على غالب الظن إذا تبين خلافه، وقد اشتهر عن الشافعية خلافه (إن حلف كاذبا يظنه صادقا) في ماض أو حال فالفارق بين الغموس واللغو تعمد الكذب، وأما في المستقبل فالمنعقدة.
وخصه الشافعي بما جرى على اللسان بلا قصد، مثل لا والله وبلى والله(4/7)
ولو لآت، فلذا قال (ويرجى عفوه) أو تواضعا وتأدبا، وكاللغو حلفه على ماض صادقا(4/8)
كوالله إني لقائم الآن في حال قيامه (و) ثالثها (منعقدة وهي حلفه على) مستقبل (آت) يمكنه،
فنحو: والله لا أموت ولا تطلع الشمس من الغموس (و) هذا القسم (فيه الكفارة) لاية: * (واحفظوا أيمانكم) * ولا يتصور حفظ إلا في مستقبل (فقط) وعند الشافعي: يكفر في الغموس أيضا (إن حنث، وهي) أي الكفارة (ترفع الاثم وإن لم توجد) منه (التوبة) عنها (معها) أي مع الكفارة.
سراجية (ولو) الحالف (مكرها) أو مخطئا(4/9)
أو ذاهلا أو ساهيا (أو ناسيا) بأن حلف أن لا يحلف ثم نسي وحلف، فيكفر مرتين: مرة لحنثه، وأخرى إذا فعل المحلوف عليه.
عيني لحديث ثلاث هزلهن جد منها اليمين (في اليمين أو الحنث)(4/10)
فيحنث بفعل المحلوف عليه مكرها خلافا للشافعي (وكذا) يحنث (لو فعله وهو مغمى عليه أو مجنون) فيكفر بالحنث كيف كان (والقسم بالله تعالى) ولو برفع الهاء أو نصبها أو حذفها كما يستعمله الاتراك، وكذا واسم الله كحلف النصارى، وكذا باسم الله لافعل كذا عند محمد، ورجحه في البحر، بخلاف بله بكسر اللام إلا إذا كسر الهاء وقصد اليمين (وباسم من أسمائه)(4/11)
ولو مشتركا تعورف الحلف به أولا على المذهب (كالرحمن والرحيم) والحليم والعليم ومالك يوم الدين والطلب الغالب (والحق) معرفا لا منكرا كما سيجئ.
وفي المجتبى: لو نوى بغير(4/12)
الله غير اليمين دين (أو بصفة) يحلف بها عرفا (من صفاته تعالى) صفة ذات لا يوصف بضدها (كعزة الله وجلاله وكبريائه) وملكوته وجبروته (وعظمته وقدرته) أو صفة فعل يوصف بها وبضدها كالغضب والرضا.
فإن الايمان مبنية على العرف، فما تعورف الحلف به فيمين وما لا فلا (لا) يقسم (بغير الله تعالى كالنبي والقرآن والكعبة) قال الكمال: ولا يخفى أن الحلف(4/13)
بالقرآن الآن متعارف فيكون يمينا.
وأما الحلف بكلام الله فيدور مع العرف.
وقال العيني: وعندي أن المصحف يمين لا سيما في زماننا.
وعند الثلاثة المصحف والقرآن وكلام الله يمين.
زاد أحمد: والنبي أيضا.
ولو تبرأ من أحدهما فيمين إجماعا إلا من المصحف إلا أن يتبرأ مما فيه بل لو تبرأ من دفتر فيه بسملة كان يمينا، ولو تبرأ من كل آية فيه أو من الكتب الاربعة(4/14)
فيمين واحدة، ولو كرر البراءة فأيمان بعددها، وبرئ من الله وبرئ من رسوله يمينان، ولو زاد: والله ورسوله بريئان منه فأربع، وبرئ من الله ألف مرة يمين واحدة، وبرئ من الاسلام أو القبلة أو صوم رمضان أو الصلاة أو من المؤمنين أو أعبد الصليب يمين، لانه كفر وتعليق الكفر بالشرط يمين، وسيجئ أنه إن أعتق الكفر به يكفر وإلا يكفر.
وفي البحر عن الخلاصة والتجريد: وتتعدد الكفارة لتعدد اليمين، والمجلس والمجالس سواء، ولو قال: عنيت بالثاني الاول ففي حلفه بالله لا يقبل.
وبحجة أو عمرة يقبل، وفيه معزيا للاصل: هو يهودي هو نصراني يمينان، وكذا والله والله أو والله والرحمن(4/15)
في الاصح.
واتفقوا أن الله والرحمن يمينان، وبلا عطف واحدة.
وفيه معزيا للفتح: قال الرازي: أخاف على من قال بحياتي وحياتك وحياة رأسك أنه يكفر، وإن اعتقد وجوب البر فيه يكفر، ولولا أن العامة يقولونه ولا يعلمونه لقلت أنه مشرك.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: لان أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا.
(ولا) يقسم (بصفة لم يتعارف الحلف بها من صفاته تعالى كرحمته وعلمه ورضائه وغضبه(4/16)
وسخطه وعذابه) ولعنته وشريعته ودينه وحدوده وصفته وسبحان الله ونحو ذلك لعدم العرف (و) القسم أيضا (بقوله لعمر الله) أي بقاؤه (وأيم الله) أي يمين الله (وعهد الله) ووجه الله(4/17)
وسلطان الله إن نوى به قدرته (وميثاقه) وذمته (و) القسم أيضا بقوله (أقسم أو أحلف أو أعزم أو أشهد) بلفظ المضارع، وكذا الماضي بالاولى كأقسمت وحلفت وعزمت وآليت وشهدت (وإن لم يقل بالله) إذا علقه بشرط (وعلي نذر) فإن نوى بلفظ النذر قربة لزمته، وإلا لزمته الكفارة،(4/18)
وسيتضح (و) علي (يمين أو عهد وإن لم يضف) إلى الله تعالى إذا علقه بشرط.
مجتبى (و) القسم أيضا بقوله (إن فعل كذا فهو) يهودي أو نصراني أو فاشهدوا علي بالنصرانية أو شريك للكفار أو (كافر) فيكفر بحنثه لو في المستقبل، أما الماضي عالما بخلافه فغموس.
واختلف في كفره (و) الاصح أن الحالف (لم يكفر) سواء (علقه بماض) أو آت إن كان عنده(4/19)
في اعتقاده أنه (يمين وإن كان) جاهلا.
و (عنده أنه يكفر في الحلف) بالغموس وبمباشرة الشرط في المستقبل (يكفر فيهما) لرضاه بالكفر، بخلاف الكافر، فلا يصير مسلما بالتعليق، لانه ترك كما بسطه المصنف في فتاويه، وهل يكفر بقوله الله يعلم أو يعلم الله أنه فعل كذا أو لم يفعل كذا كاذبا؟ قال الزاهدي: لاكثر نعم.
وقال الشمني: الاصح لا، لانه قصد ترويج(4/20)
الكذب دون الكفر، وكذا لو وطئ المصحف قائلا ذلك، لانه لترويج كذبه لا إهانة المصحف.
مجتبى.
وفيه: أشهد الله لا أفعل يستغفر الله ولا كفارة وكذا وأشهدك وأشهد ملائكتك لعدم العرف.
وفي الذخيرة: إن فعلت كذا فلا إله في السماء يكون يمينا ولا يكفر، وفي فأنا برئ من الشفاعة ليس بيمين لان منكرها مبتدع لا كافر، وكذا فصلاتي وصيامي لهذا الكافر، وأما فصومي لليهود فيمين إن أراد به القربة لا إن أراد به الثواب (وقوله) مبتدأ خبره(4/21)
قوله الآتي لا (وحقا) إلا إذا أراد به اسم الله تعالى (وحق الله) واختار في الاختيار أنه يمين للعرف، ولو بالباء فيمين اتفاقا.
بحر (وحرمته) وبحرمة.
شهد الله.
بحرمة.
لا إله إلا الله.
وبحق
الرسول أو الايمان أو الصلاة (وعذابه وثوابه ورضاه ولعنة الله وأمانته) لكن في الخانية: أمانة الله يمين.
وفي النهر: إن نوى العبادات فليس بيمين (وإن فعله فعليه غضبه أو سخطه أو لعنة الله، أو(4/22)
هو زان أو سارق أو شارب خمر أو آكل ربا لا) يكون قسما لعدم التعارف، فلو تعورف هل يكون يمينا؟ ظاهر كلامهم نعم، وظاهر كلام الكمال لا، وتمامه في النهر.
وفي البحر: ما يباح للضرورة لا يكفر مستحله كدم وخنزير (إلا إذا أراد) الحالف (بقوله حقا اسم الله تعالى فيمين على المذهب) كما صححه في الخانية.
(و) من (حروفه الواو والباء والتاء)(4/23)
ولام القسم وحرف التنبيه وهمزة الاستفهام وقطع ألف الوصل والميم المكسورة والمضمومة كقوله لله وها الله وم الله.
(وقد تضمر) حروفه إيجازا فيختص اسم الله بالحركات الثلاث وغيره بغير الجر، والتزم رفع أيمن ولعمر الله (كقوله لله) بنصبه بنزع الخافض،(4/24)
وجره الكوفيون.
مسكين (لافعلن كذا) أفاد أن إضمار حرف التأكيد في المقسم عليه لا يجوز، ثم صرح به بقوله (الحلف) بالعربية (في الاثبات لا يكون إلا بحرف التأكيد وهو اللام والنون(4/25)
كقوله والله لافعلن كذا)(4/26)
ووالله لقد فعلت كذا مقرونا بكلمة التوكيد، وفي النفي بحرف النفي، حتى لو قال والله أفعل كذا اليوم كانت يمينه على النفي وتكون لا مضمرة كأنه قال لا أفعل كذا لامتناع حذف حرف التوكيد في الاثبات لاضمار العرب في الكلام الكلمة لا بعض الكلمة.
من البحر عن المحيط
(وكفارته) هذه إضافة للشرط، لان السبب عندنا الحنث(4/27)
(تحرير رقبة أو إطعام عشرة مساكين) كما مر في الظهار (أو كسوتهم بما) يصلح للاوساط وينتفع به فوق ثلاثة أشهر، و (يستر عامة البدن) فلم يجز السراويل(4/28)
إلا باعتبار قيمة الاطعام.
(ولو أدى الكل) جملة أو مرتبا ولم ينو إلا بعد تمامها للزوم النية لصحة التكفير (وقع عنها واحد هو أعلاها قيمة، ولو ترك الكل عوقب بواحد هو أدناها قيمة) لسقوط الفرض بالادنى (وإن عجز عنها) كلها(4/29)
(وقت الاداء) عندنا، حتى لو وهب ماله وسلمه ثم صام ثم رجع بهبة أجزأه الصوم.
مجتبى.
قلت: وهذا يستثني من قولهم الرجوع في الهبة فسخ من الاصل (صام ثلاثة أيام ولاء) ويبطل بالحيض، بخلاف كفارة الفطر.
وجوز الشافعي التفريق، واعتبر العجز عند الحنث.
مسكين (والشرط استمرار العجز إلى الفراغ من الصوم، فلو صام المعسر يومين ثم) قبل فراغه ولو بساعة (أيسر) ولو بموت مورثه موسرا (لا يجوز له الصوم) ويستأنف بالمال.
خانية.
ولو صام ناسيا للمال لم يجز على الصحيح.
مجتبى.
ولو نسي كيف حلف بالله أو بطلاق أو بصوم لا شئ عليه إلا أن يتذكر.
خانية (ولم يجز) التكفير ولو بالمال خلافا للشافعي (قبل حنث) ولا يسترده من الفقير لوقوعه صدقة (ومصرفها مصرف الزكاة) فما لا فلا، قيل إلا الذمي خلافا للثاني، وبقوله يفتى كما مر في بابها (ولا كفارة بيمين كافر وإن حنث مسلما) بآية: * (إنهم لا أيمان لهم) * وأما * (وإن نكثوا أيمانهم) * فيعني الصوري كتحليف الحاكم (وهو) أي الكفر(4/30)
(يبطلها) إذا عرض بعدها.
(فلو حلف مسلما ثم ارتد) والعياذ بالله تعالى (ثم أسلم ثم حنث فلا كفارة) أصلا، لما تقرر أن الاوصاف الراجعة للمحل يستوي فيها الابتداء والبقاء كالمحرمية في النكاح، كذا ولو نذر الكافر بما هو قربة لا يلزمه شئ (ومن حلف على معصية كعدم الكلام مع أبويه أو قتل فلان) وإنما قال (اليوم) لان وجوب الحنث لا يتأتى إلا في اليمين المؤقتة.
أما المطلقة فحنثه في آخر حياته، فيوصي بالكفارة بموت الحالف ويكفر عن يمينه بهلاك المحلوف عليه.
غاية (وجب الحنث والتكفير) لانه أهون الامرين.
وحاصله أن المحلوف عليه إما فعل أو ترك، وكل منهما إما معصية وهي مسألة المتن، أو واجب كحلفه ليصلين الظهر اليوم وبره فرض، أو هو أولى من غيره أو غيره أولى منه كحلفه على ترك وطئ زوجته شهرا ونحوه وحنثه أولى، أو مستويان كحلفه لا يأكل هذا الخبز مثلا وبره أولى، وآية: * (واحفظوا أيمانكم) * (المائدة: 98) تفيد وجوبه.
فتح.(4/31)
فهي عشرة.
(ومن حرم) أي على نفسه، لانه لو قال إن أكلت هذا الطعام فهو علي حرام لا كفارة.
خلاصة.
واستشكله المصنف (شيئا) ولو حراما أو ملك غيره كقوله الخمر أو مال فلان علي حرام فيمين ما لم يرد الاخبار.
خانية (ثم فعله) بأكل أو نفقة، ولو تصدق أو وهب لم(4/32)
يحنث بحكم العرف.
زيلعي (كفر) ليمينه، لما تقرر أن تحريم الحلال يمين، ومنه قولها لزوجها أنت علي حرام أو حرمتك على نفسي، فلو طاوعته في الجماع أو أكرهها كفرت.
مجتبى.
وفيه قال لقوم: كلامكم علي حرام، أو كلام الفقراء، أو أهل بغداد، أو أكل هذا الرغيف علي حرام حنث بالبعض، وفي والله لا أكلمكم أو لا آكله لم يحنث إلا بالكل.
زاد في الاشباه: إلا(4/33)
إذا لم يمكن أكله في مجلس واحد أو حلف لا يكلم فلانا وفلانا ونوى أحدهما أو لا يكلم إخوة(4/34)
فلان وله أخ واحد، وتمامه فيها.
قلت: به علم جواب حادثة حلف بالطلاق على أن أولاد زوجته لا يطلعون بيه فطلع واحد منهم لم يحنث (كل حل) أو حلال الله أو حلال المسلمين (علي حرام)(4/35)
زاد الكمال: أو الحرام يلزمني ونحوه (فهو على الطعام والشراب، و) لكن (الفتوى) في زماننا (على أنه تبين امرأته) بطلقة، ولو له أكثر بن جميعا بلا نية، وإن نوى ثلاث فثلاث، وإن قال لم أنو طلاقا لم يصدق قضاء لغلبة الاستعمال ولذا لا يحلف به إلا الرجال ظهيرية (وإن لم تكن(4/36)
له امرأة) وقت اليمين سواء نكح بعده أو لا (فيمين) فيكفر بأكله أو شربه لو يمينه على آت، ولو بالله علي ماض فغموس أو لغو،(4/37)
ولو له امرأة وقتها فبانت بلا عدة فأكل فلا كفارة لانصرافها للطلاق، وقد مر في الايلاء.
(ومن نذر نذرا مطلقا أو معلقا بشرط وكان من جنسه واجب) أي فرض كما سيصرح به تبعا ل (البحر) و (الدرر) (وهو عبادة مقصودة) خرج الوضوء وتكفين الميت(4/38)
(ووجد الشرط) المعلق به (لزم الناذر) لحديث من نذر وسمى فعليه الوفاء بما سمى (كصوم وصلاة وصدقة) ووقف (واعتكاف) وإعتاق رقبة وحج ولو ماشيا فإنها عبادات مقصودة، ومن جنسها واجب لوجوب العتق في الكفارة والمشي للحج على القادر من أهل مكة والقعدة الاخيرة في الصلاة، وهي لبث كالاعتكاف، ووقف مسجد للمسلمين واجب على الامام من بيت المال، وإلا فعلى المسلمين (ولم يلزم) الناذر (ما ليس من جنسه فرض كعيادة مريض(4/39)
وتشييع جنازة ودخول مسجد) ولو مسجد الرسول (ص) أو الاقصى لانه ليس من جنسها فرض مقصود، وهذا هو الضابط كما في الدرر، وفي البحر شرائطه خمس فزاد: أن لا يكون معصية لذاته فصح نذر صوم يوم النحر لانه لغيره، وأن لا يكون واجبا عليه قبل النذر، فلو نذر حجة(4/40)
الاسلام لم يلزمه شئ غيرها، وأن لا يكون ما التزمه أكثر مما يملكه أو ملكا لغيره، فلو نذر التصدق بألف ولا يملك إلا مائة لزمه المائة فقط.
خلاصة انتهى.
قلت: ويزاد ما في زواهر الجواهر: وأن يكون مستحيل الكون، فلو نذر صوم أمس أو اعتكافه لم يصح نذره.
وفي القنية: نذر التصدق على الاغنياء لم يصح ما لم ينو أبناء السبيل ولو نذر التسبيحات دبر الصلاة(4/41)
لم يلزمه، ولو نذر أن يصلي على النبي (ص) كل يوم كذا لزمه، وقيل لا (ثم إن) المعلق فيه تفصيل فإن (علقه بشرط يريده كأن قدم غائبي) أو شفي مريضي (يوفى) وجوبا (إن جد) الشرط (و) إن علقه (بما لم يرده كإن زنيت بفلانة) مثلا فحنثت (وفى) بنذره (أو كفر) ليمينه (على المذهب) لانه نذر بظاهره يمين بمعناه(4/42)
فيخير ضرورة.
(نذر) مكلف (بعتق رقبة في ملكه وفى به وإلا) يف (أثم) بالترك (ولا يدخل تحت الحكم) فلا يجبره القاضي.
(نذر أن يذبح ولده فعليه شاة) لقصة الخليل عليه الصلاة والسلام وألغاه الثاني والشافعي كنذره بقتله (ولغا لو كان بذبح نفسه أو) عبده وأوجب محمد الشاة، ولو (بذبح أبيه أو جده أو أمه) لغا إجماعا لانهم ليسوا كسبه (ولو قال إن برئت من مرضي هذا ذبحت شاة أو علي شاة(4/43)
أذبحها فبرئ لا يلزمه شئ) لان الذبح ليس من جنسه فرض بل واجب كالاضحية (فلا يصح) (ألا إذا زاد وأتصدق بلحمها فيلزمه) لان الصدقة من جنسها فرض وهي الزكاة.
فتح وبحر.
ففي متن الدرر تناقض.
منح (ولو قال لله علي أن أذبح جزورا وأتصدق بلحمه فذبح مكانه سبع شياه جاز) كذا في مجموع النوازل ووجهه لا يخفى.
وفي القنية: إن ذهبت هذه العلة فعلي كذا فذهبت ثم عادت لا يلزمه شئ.
(نذر لفقراء مكة جاز الصرف لفقراء غيرها) لما تقرر في كتاب الصوم أن النذر غير(4/44)
المعلق لا يختص بشئ.
(نذر أن يتصدق بعشرة دراهم من الخبز فتصدق بغيره جاز إن ساوى العشرة) كتصدق بثمنه.
(نذر صوم شهر معين لزمه متتابعا لكن إن أفطر) فيه (يوما قضاه) وحده وإن قال متتابعا (بلا لزوم استقبال) لانه معين ولو نذر صوم الابد فأكل لعذر فدى.(4/45)
(نذر أن يتصدق بألف من ماله وهو يملك دونها لزمه) ما يملك منها (فقط) هو المختار لانه فيما لم يملك لم يوجد النذر في الملك ولا مضافا إلى سببه فلم يصح كما لو (قال مالي في المساكين صدقة ولا مال له لم يصح) اتفاقا.
(نذر التصدق بهذه المائة ومن كذا على زيد فتصدق بمائة أخرى قبله) أي قبل ذلك اليوم (على فقير آخر جاز) لما تقرر فيما مر (قال علي نذر ولم يزد عليه ولابنة له فعليه كفارة يمين) ولو نوى صياما بلا عدد لزمه ثلاثة أيام ولو صدقة فإطعام عشرة مساكين كالفطرة، ولو نذر ثلاثين حجة لزمه بقدر عمره (وصل بحلفه إن شاء لله بطل) يمينه (وكذا يبطل به) أي(4/46)
بالاستثناء المتصل (كل ما تعلق بالقول عبادة أو معاملة) لو بصيغة الاخبار ولو بالامر أو بالنهي
كأعتقوا عبدي بعد موتي إن شا الله لم يصح، وبع عبدي هذا إن شاء الله لم يصح الاستثناء (بخلاف المتعلق بالقلب) كالنية كما مر في الصوم.
باب: اليمين في الدخول والخروج والسكنى والاتيان والركوب وغير ذلك الاصل أن الايمان مبنية عند الشافعي على الحقيقة اللغوية، وعند مالك على الاستعمال القرآني، وعند أحمد على النية، وعندنا على العرف، ما لم ينو ما يحتمله اللفظ فلا حنث في لا(4/47)
يهدم إلا بالنية.
فتح.
(الايمان مبنية على الالفاظ لا على الاعراض، فلو) اغتاظ على غيره و (حلف أن لا(4/48)
يشتري له شيئا بفلس فاشترى له بدراهم أو أكثر (شيئا لم يحنث، كمن حلف لا يخرج من الباب أو لا يضربه أسواطا أو ليغدينه اليوم بألف فخرج من السطح وضرب بعضها وغدي برغيف).
اشتراه بألف.
أشباه (لم يحنث) لان العبرة لعموم اللفظ،(4/49)
إلا في مسائل حلف لا يشتريه بعشر حنث بأحد عشر، بخلاف البيع.
أشباه (لا يحنث بدخول الكعبة والمسجد والبيعة) للنصارى (والكنيسة) لليهود (والدهليز والظلة) التي على الباب إذا لم يصلحا للبيتوتة.
بحر (في حلفه لا يدخل بيتا) لانها لم تعد للبيتوتة (و) لذا (يحنث في الصفة) والايوان (على المذهب) لانه يبات فيه صيفا وإن لم يكن مسقفا فتح (وفي لا يدخل دارا) لم يحنث (بدخولها خربة) لا بناء بها أصلا (وفي هذه الدار يحنث وإن) صارت صحراء أو (بنيت دارا أخرى بعد الانهدام) لان الدار اسم للعرصة(4/50)
والبناء وصف، والصفة إنما تعتبر في المنكر لا المعين، إلا إذا كانت شرطا أو داعية لليمين كحلفه على هذا الرطب فيتقيد بالوصف (وإن جعلت) بعد الانهدام بستانا أو مسجدا أو حماما أو بيتا، أو غلب عليها الماء فصارت (نهرا لا) يحنث، وإن بنيت بعد ذلك، (كهذا البيت) وكذا بيتا بالاولى (فهدم أو بنى) بيتا (آخر ولو بنقص) الاول لزوال اسم البيت (ولو هدم السقف دون الحيطان فدخله حنث في المعين) لانه كالصفة (لا في المنكر) لان الصفة تعتبر فيه كما مر،(4/51)
وعزاه في البحر إلى البدائع، لكن نظر فيه في النهر بإنه لا فرق حيث صلح للبيتوتة قيد بهذه الدار، لانه لو أشار ولم يسم بأن قال: هذه حنث بدخولها على أي صفة كانت كهذا المسجد فخرب لبقائه مسجدا إلى يوم القيامة، به يفتى، ولو زيد فيه حصة فدخلها لم يحنث ما لم يقل مسجد بني فلان فيحنث، وكذلك الدار لانه عقد يمينه على الاضافة، وذلك موجود في الزيادة، بدائع بحر (ولو حلف لا يجلس إلى هذه الاسطوانة أو إلى هذا الحائط فهدما ثم بنيا) ولو (بنقضهما) أو لا يركب هذه السفينة فنقضت، ثم أعيدت بخشبها (لم يحنث كما لو حلف لا يكتب بهذا القلم فكسره ثم براه فكتب به) لان غير المبري لا يسمى قلما، بل أنبوبا، فإذا كسره فقد زال الاسم، ومتى زال بطلت اليمين (والواقف على السطح داخل) عند المتقدمين خلافا للمتأخرين، ووفق الكمال بحمل الحنث على سطح له ساتر وعدمه على مقابله.
وقال(4/52)
ابن الكمال: إن الحالف من بلاد العجم لا يحنث.
قال مسكين: وعليه الفتوى، وفي البحر: وأفاد أنه لو ارتقى شجرة أو حائطا حنث، وعلى قول المتأخرين لا، والظاهر قول المتأخرين في الكل، لانه لا يسمى داخلا عرفا كما لو حفر سردابا أو قناة لا ينتفع بها أهل الدار، قال: وعم إطلاقه المسجد، فلو فوقه مسكن فدخله لم يحنث لانه ليس بمسجد، بدائع.
ولو قيد(4/53)
الدخول بالباب حنث بالحادث ولو نقبا، إلا إذا عينه بالاشارة.
بدائع (و) الواقف بقدميه (في
طاق الباب) أي عتبته التي بحيث (لو أغلق الباب كان خارجا لا) يحنث (وإن كان بعكسه) بحيث لو أغلق كان داخلا (حنث) في حلفه لا يدخل (ولو كان المحلوف عليه الخروج انعكس الحكم) لكن في المحيط: حلف لا يخرج فرقي شجرة فصار بحال لو يسقط سقط في الطريق لم يحنث، لان الشجرة كبناء الدار (وهذا) الحكم المذكور (إذا كان) الحالف (واقفا بقدميه في طاق الباب فلو وقف بإحدى رجليه على العتبة وأدخل الاخرى، فإن استوى الجانبان، أو كان الجانب الخارج أسفل لم يحنث، وإن كان الجانب الداخل أسفل حنث) زيلعي (وقيل لا يحنث مطلقا هو الصحيح) ظهيرية.
لان الانفصال التام لا يكون إلا بالقدمين (ودوام الركوب واللبس والسكنى لانشاء) فيحنث بمكث ساعة (لا دوام الدخول والخروج(4/54)
والتزوج والتطهير) والضابط أن ما يمتد فلدوام حكم الابتداء، وإلا فلا، وهذا لو اليمين حال الدوام، أما قبله فلا، فلو قال: كلما ركبت فأنت طالق أو فعلي درهم ثم ركب ودام لزمه طلقة ودرهم، ولو كان راكبا لزمه في كل ساعة يمكنه التزوج طلقة ودرهم.
قلت: في عرفنا لا يحنث إلا في ابتداء الفعل في الفصول كلها وإن لم ينو، وإليه مال أستاذنا.
مجتبى (حلف لا يسكن هذه الدار أو البيت أو المحلة) يعني الحارة (فخرج وبقي متاعه وأهله) حتى لو بقي وتد (حنث) واعتبر محمد نقل ما تقوم به السكنى، وهو أرفق، وعليه(4/55)
الفتوى.
قاله العيني.
ولو إلى سكة أو مسجد على الاوجه.
قاله الكمال وأقره في النهر.
وهذا لو يمينه بالعربية ولو بالفارسية بر بخروجه بنفسه، كما لو كان سكناه تبعا، وكما لو أبت المرأة النقلة وغلبته، أو لم يمكنه الخروج(4/56)
ولو بدخول ليل، أو غلق باب، أو اشتغل بطلب دار أخرى أو دابة، وإن بقي أياما أو كان له أمتعة كثيرة فاشتغل بنقلها بنفسه، وإن أمكنه أن يستكري دابة لم يحنث، ولو نوى التحول ببدنه
دين وعند الشافعي يكفي خروجه بنية الانتقال (بخلاف المصر) والبلد (والقرية) فإنه يبر بنفسه فقط.
فروع: حلف لا يساكن فلانا فساكنه في عرصة دار أو هذا في حجرة وهذا في حجرة حنث،(4/57)
إلا أن تكون دارا كبيرة.
ولو تقاسماها بحائط بينهما إن عين الدار في يمينه حنث، وإن نكرها لا.
ولو دخلها فلان غضبا إن أقام معه حنث علم أو لا، وإن انتقل فورا، وكما لو نزل ضيفا، وكذا لو سافر الحالف فسكن فلان مع أهله.
به يفتى، لانه لم يساكنه حقيقة، ولو قيد المساكنة بشهر حنث بساعة لعدم امتدادها، بخلاف الاقامة.
بحر.(4/58)
وفي خزانة الفتاوي: حلف لا يشربها فضربها من غير قصد لا يحنث (وحنث في لا يخرج) من المسجد (إن حمل وأخرج) مختارا (بأمره وبدونه) بأن حمل مكرها (لا) يحنث (ولو راضيا(4/59)
بالخروج) في الاصح (ومثله لا يدخل أقساما وأحكاما وإذا لم يحنث) بدخوله بلا أمره بزلق أو بعثر أو هبوب ريح أو جمح دابة على الصحيح ظهيرية (لا تنحل يمينه) لعدم فعله (على المذهب) الصحيح.
فتح وغيره.
وفي البحر عن الظهيرية: به يفتى، لكنه خالف في فتاويه فأفتى بانحلالها أخذا بقول أبي شجاع، لانه أرفق لكنك علمت المعتمد (ولا يحنث في قوله لا يخرج إلا إلى جنازة إن خرج إليها) قاصدا عند انفصاله من باب داره مشى معها أم لا، لما في البدائع: إن خرجت إلا إلى المسجد فأنت طالق، فخرجت تريد المسجد ثم بدا لها فذهبت لغير المسجد لم تطلق (ثم أتى أمرا آخر) لان الشرط في الخروج(4/60)
والذهاب والرواح والعيادة والزيارة النية عند الانفصال لا الوصول، إلا في الاتيان.
فلو حلف (لا يخرج أو لا يذهب) أو لا يروح.
بحر بحثا (إلى مكة فخرج يريدها ثم رجع عنها)(4/61)
قصد غيرها أم لا.
(نهر).
(حنث إذا جاوز عمران مصره على قصدها) أن بينه وبينها مدة سفر، وإلا حنث بمجرد انفصاله.
فتح بحثا.
وفيه حلف ليخرجن مع فلان العالم إلى مكة فخرج معه حتى جاوز البيوت، وفي لا يخرج من بغداد فخرج مع جنازة والمقابر خارج بغداد حنث (وفي لا يأتيها لا) يحنث إلا بالوصول كما مر، والفرق لا يخفى (كما) لا يحنث (لو حلف أن لا تأتي امرأته(4/62)
عرس فلان فذهبت قبل العرس وكانت ثمة حتى مضى) العرس لانها ما أتت العرس بل العرس أتاها.
ذخيرة.
حلف (ليأتينه) فهو أن يأتي منزله أو حانوته لقيه أم لا (فلو لم يأته حتى مات) أحدهما (حنث في آخر حياته) وكذا كل يمين مطلقة، أما المؤقتة فيعتبر آخرها، فأن مات قبل مضيه فلا حنث.
وقوله حنث يفيد أنه لو ارتد ولحق لا يحنث لبطلان يمينه بالله تعالى بمجرد الردة كما مر، فتدبر.(4/63)
حلف (ليأتينه غدا إن استطاع فهي) استطاعة الصحة لانه المتعارف فتقع (على رفع الموانع) كمرض أو سلطان وكذا جنون أو نسيان.
بحر بحثا (وإن نوى) بها (القدرة) الحقيقية المقارنة للفعل (صدق ديانة) لا قضاء على الاوجه.
فتح، لانه خلاف الظاهر، وقد أظهر الزاهدي اعتزاله هنا في المجتبى، كما أظهره في القنية في موضعين من ألفاظ التكفير (لا تخرجي) بغير إذني أو (إلا بإذني) أو بأمري أو بعلمي أو برضاي (شرط) للبر (لكل خروج إذن)(4/64)
إلا لغرق أو حرق أو فرقة، ولو نوى الاذن مرة دين،(4/65)
وتنحل يمينه بخروجها مرة بلا إذن، ولو قال: كلما خرجت فقد أذنت لك سقط إذنه، ولو نهاها بعد ذلك صح عند محمد، وعليه الفتوى.
ولوالجية.
وفي الصيرفية: حلف بالطلاق لا ينقل أهله لبلد كذا فرفع الامر للحاكم فبعث رجلا بإذنه فنقل أهله لا يحنث (بخلاف) قوله (إلا إن أو حتى) آذن لك، لانه للغاية، ولو نوى التعدد صدق.
(حلف لا يدخل دار فلان يراد به نسبة السكنى إليه) عرفا ولو تبعا أو بإعارة باعتبار عموم المجاز، ومعناه كون محل الحقيقة فردا من أفراد المجاز (أو) حلف (لا يضع قدمه في دار فلان(4/66)
حنث بدخولها مطلقا) ولو حافيا أو راكبا لما تقرر أن الحقيقة متى كانت متعذرة أو مهجورة صير إلى المجاز، حتى لو اضطجع ووضع قدميه لم يحنث (وشرطه للحنث في) قوله (إن(4/67)
خرجت مثلا) فأنت طالق أو إن ضربت عبدك فعبدي حر (لمريد الخروج) والضرب (فعلة فورا) لان قصده المنع عن ذلك الفعل عرفا، ومدار الايمان عليه، وهذه تسمى يمين الفور تفرد أبو حنيفة رحمه الله بإظهارها ولم يخالفه أحد (و) كذا (في) حلفه (إن تغديت) فهكذا (بعد قول الطالب) تعال (تغد معي) شرط للحنث (تغديه معه) ذلك الطعام المدعو إليه (وإن ضم) إلى أن(4/68)
تغديت (اليوم أو معك) فعبدي حر (حنث بمطلق التغدي) لزيادة على الجواب فجعل مبتدئا.
وفي طلاق الاشباه: إن للتراخي إلا بقرينة الفور، ومنه طلب جماعها فأبت فقال: إن لم تدخلي(4/69)
معي البيت فدخلت بعد سكون شهوته حنث.
وفي البحر عن المحيط: طول التشاجر لا يقطع
الفور، وكذا لو خافت فوت الصلاة فصلت أو اشتغلت بالوضوء لصلاة المكتوبة أو اشتغلت بالصلاة المكتوبة، لانه عذر شرعا وكذا عرفا (مركب العبد المأذون) والمكاتب (ليس لمولاه(4/70)
في حق اليمين إلا) بشرطين (إذا لم يكن دينه مستغرقا) وقد (نواه) فحينئذ يحنث (حلف لا يركب فاليمين على ما يركبه الناس) عرفا من فرس وحمار (فلو ركب ظهر انسان) أو بعيرا أو بقرة أو فيلا (لا يحنث) استحسانا إلا بالنية.
ظهيرية.
قلت: وينبغي حنثه بالبعير في مصر والشام وبالفيل في الهند للتعارف.
قاله المصنف.
ولو حمل على الدابة مكرها فلا حنث، كحلفه لا يركب فرسا فركب برذونا أو بعكسه.
لان الفرس اسم للعربي والبرذون اسم للعجمي، والخيل يعم هذا لو يمينه بالعربية، ولو بالفارسية حنث بكل حال، ولو حلف لا يركب أو لا يركب مركبا حنث بكل مركب سفينة أو محملا أو دابة سوء الآدمي، وسيجئ ما لو حلف لا يركب حيوانا أو دابة.
باب اليمين في الاكل والشرب واللبس والكلام (ثم الاكل: إيصال ما يحتمل المضغ بفيه إلى الجوف) كخبز وفاكهة (مضغ أو لا) أي(4/71)
وإن ابتلعه بغير مضغ (والشرب: إيصال ما لا يحتمل الاكل من المائعات إلى الجوف) كماء وعسل، ففي حلفه لا يأكل بيضة حنث ببلعها، وفي لا يأكل عنبا مثلا لا يحنث بمصه لان المص نوع ثالث، ولو عصره(4/72)
وأكل قشرة حنث.
بدائع.
لكن في تهذيب القلاسني: حلف لا يأكل سكرا لا يحنث بمصه، وفي عرفنا يحنث، وأما الذوق: فعمل الفم لمجرد معرفة الطعم وصل إلى الجوف أم لا، فكل أكل وشرب ذوق ولا عكس، ولو تمضمض للصلاة لا يحنث، ولو عنى بالذوق الاكل لم يصدق(4/73)
إلا لدليل (حلف لا يأكل من هذه النخلة) أو الكرمة (تقيد حنثه بأكله من ثمرها) بالمثلثة: أي ما يخرج منها بلا تغير بصنعة جديدة فيحنث بالعصير لا بالدبس المطبوخ، ولا بوصل غصن(4/74)
منها بشجرة أخرى (وإن لم يكن) للشجرة ثمرة (تنصرف) يمينه (إلى ثمنها فيحنث إذا اشترى به مأكولا وأكله، ولو أكل من عين النخلة لا يحنث) وإن نواها، لان الحقيقة مهجورة.
ولوالجية.
وفي المحيط: لو نوى أكل عينها لم يحنث بأكل ما يخرج منها لانه نوى حقيقة كلامه.
قال المصنف تبعا لشيخه: وينبغي أن لا يصدق قضاء لتعين المجاز.
زاد في النهر: فإن قلت ورق الكرم مما يؤكل عرفا فينبغي صرف اليمين لعينه.
قلت: أهل العرف إنما يأكلونه مطبوخا (وفي الشاة يحنث باللحم خاصة) لا باللبن لانها مأكولة فتنعقد اليمين عليها (ولا يحنث في) حلفه (لا يأكل من هذا البسر أو الرطب أو اللبن بأكل رطبه وتمره وشيرازه) لان هذه صفات داعية إلى اليمين فتتقيد بها (بخلاف لا يكلم هذا الصبي أو(4/75)
هذا الشاب فكلمه بعد ما شاخ أو لا يأكل هذا الحمل) بفتحتين ولد الشاة (فأكله بعد ما صار كبشا) فإنه يحنث لانها غير داعي، والاصل في أن المحلوف عليه إذا كان بصفة داعية إلى اليمين تقيد به في المعرف والمنكر، فإذا زالت زالت اليمين، وما لا يصلح داعية اعتبر في المنكر دون المعرف.
وفي المجتبى: حلف لا يكلم هذا المجنون فبرأ أو هذا الكافر فأسلم لا يحنث، لانها صفة داعية، وفي لا يكلم رجلا فكلم صبيا حنث، وقيل لا كلا يكلم صبيا وكلم بالغا لانه(4/76)
بعد البلوغ يدعى شابا، وفتى إلى الثلاثين، فكهل إلى الخمسين، فشيخ (أو لا يأكل هذا العنب فصار زبيبا) هذا وما بعده معطوف على قوله من هذا البسر مما لا يحنث به (أو لا يأكل هذا
اللبن فصار جبنا، أو لا يأكل من هذه البيضة فأكل فراريجها) كذا في نسخ الشرح، وفي نسخ المتن فرخها (أو لا يذوق من هذا الخمر فصار خلا، أو من زهر هذه الشجرة فأكل بعد ما صار لوزا) أو مشمشا لم يحنث، بخلاف حلفه لا يأكل تمرا، فأكل حيسا فإنه يحنث، لانه تمر مفتت، وإن ضم إليه شئ من السمن أو غيره.
بحر.
وفيه الاصل فيما إذا حلف لا يأكل معينا فأكل بعضه أن كل شئ يأكله الرجل في مجلس أو يشربه في شربة فالحلف على كله، وإلا(4/77)
فعلى بعضه (وكذا) لا يحنث (لو حلف لا يأكل بسر فأكل رطبا أو لا يأكل عنبا فأكل زبيبا) بخلاف نحو لوز وجوز فإن الاسم يتناول الرطب أيضا (ولو حلف لا يأكل رطبا أو بسرا أو) حلف (لا يأكل رطبا ولا بسرا حنث ب) - أكل (المذنب) بكسر النون، لاكله المحلوف عليه وزيادة (ولا حنث في شراء كباسة) بكسر الكاف: أي عرجون ويقال عنقود (بسر فيها رطب في حلفه لا يشتري رطبا) لان الشراء يقع على الحملة والمغلوب تابع، بخلاف حلفه على الاكل لوقوعه شيئا فشيئا (ولا) حنث (في) حلفه (لا يأكل لحما بأكل) مرقه أو (سمك) إلا إذا(4/78)
نواهما (ولا في لا يركب دابة فركب كافرا ولا يجلس على وتد فجلس على جبل) مع تسميتها في القرآن لحما ودابة وأوتادا للعرف.
وما في التبيين من حنثه في لا يركب حيوانا بركوب الانسان رده في النهر بأن العرف العملي مخصص عندنا كالعرف القولي (ولحم الانسان والكبد والكرش) والرئة والقلب والطحال (والخنزير لحم) هذا في عرف أهل الكوفة، أما في(4/79)
عرفنا فلا كما في البحر عن الخلاصة وغيرها ومنه علم أن العجمي يعتبر عرفه قطعا.
وفي الخانية: الرأس والاكارع لحم في يمين الاكل لا في يمين الشراء، وفي لا يأكل من هذا الحمار يقع على كرائه، ومن هذا الكلب لا يقع على صيده، ولا يعم البقر الجاموس، ولا يحنث بأكل النئ هو الاصح (ولا) يحنث (بشحم الظهر) وهو اللحم السمين (في) حلفه (لا(4/80)
يأكل شحما) خلافا لهما، بل بشحم البطن والامعاء اتفاقا لا بما في العظم اتفاقا.
فتح (واليمين على شراء الشحم) وبيعه (كهي على أكله) حكما وخلافا.
زيلعي (ولا) يحنث (بألية في حلفه لا يأكل) أو لا يشتري (شحما أو لحما) لانها نوع ثالث (ولا) يحنث (بخبز أو دقيق أو سويق في) حلفه لا يأكل (هذا البر إلا بالقضم من عينها) لو مقلية كالبليلة في عرفنا، أما لو قضمها نيئة فلا حنث إلا بالنية.
فتح.
وفي النهر عن الكشف: المسألة على ثلاثة أوجه: أحدها: أن يقول هذه الحنطة ويشير لصبرة، وهي مسألة المختصر.(4/81)
الثانية: أن يقول هذه بلا ذكر حنطة فيحنث بأكلها كيف كان ولو نيئة أو خبزا.
الثالثة: أن يقول حنطة فيحنث بأكلها ولو نيئة ولا بنحو الخبز ولو زرعه لم يحنث بالخارج (وفي هذا الدقيق حنث بما يتخذ منه كالخبز ونحوه) كعصيدة وحلوى (لا بسفه) في الاصح كما مر في أكل عين النخلة (والخبز ما اعتاده أهل بلد الحالف) فالشامي بالبر واليمني بالذرة والطبري بخبز الارز، وبعض أهل القرى بالشعير، فلو دخل بلد البر واستمر لا يأكل إلا الشعير(4/82)
لم يحنث إلا بالشعير، لان العرف الخاص معتبر.
فتح (حلف لا يأكل من خبز فلانة انصرف إلى) الخابزة (التي تضربه في التنور لا لمن عجنته وهيأته للضرب) ظهيرية.
ومنه الرقاق لا الفطائر والثريد أو بعد ما دقه أو فته لانه لا يسمى خبزا،(4/83)
وحنث في لا يأكل طعاما من طعام فلان بأكل خله أو زيته أو ملحه ولو بطعام نفسه لا لو أخذ من نبيذه أو مائة فأكل به خبزا، وفي لا يأكل سمنا فأكل سويقا ولا نية له إن بحيث لو عصر سال السمن حنث، وإلا لا.
جوهرة.
وفي البدائع: لا يأكل طعاما فاضطر لميتة فأكل لم يحنث (والشواء والطبيخ) يقعان (على اللحم) المشوي والمطبوخ بالماء هذا في عرفهم، أما في
عرفنا فاسم الطبيخ يقع على كل مطبوخ بالماء ولو بودك أو زيت أو سمن، كما نقله المصنف عن المجتبى.
وفي النهر: الطعام يعم ما يؤكل على وجه التطعيم كجبن وفاكهة، لكن في عرفنا لا (والرأس ما يباع في مصره) أي مصر الحالف اعتبارا للعرف(4/84)
(والفاكهة والتفاح والبطيخ والمشمش) ونحوها (لا العنب والرمان والرطب) خلافا لهما خلاف عصره والعبرة للعرف، فيحنث بكل ما يعد فاكهة عرفا.
ذكره الشمني واقره المصنف (والحلوى ما ليس من جنسه حامض فيحنث بأكل خبيص وعسل وسكر) لكن المرجع فيه إلى عادات(4/85)
الناس، ففي بلادنا لا حنث في فانيذ وعسل وسكر كما نقله المصنف عن الظهيرية (والادام ما يصطبغ به الخبز) إذا اختلط به (كخل وزيت وملح) لذوبه في الفم (لا اللحم والبيض والجبن.
وقال محمد: هو ما يؤكل مع الخبز غالبا) به يفتى كما في البحر عن التهذيب.
وفيه: فما يؤكل وحده غالبا كتمر وزبيب وجوز وعنب وبطيخ وبقل وسائر الفواكه ليس إداما إلا في موضع يؤكل تبعا للخبز غالبا اعتبارا للعرف.
وفي البدائع: والجوز رصبه فاكهة ويابسة إدام.(4/86)
فروع: حلف لا يأكل لحما والآخر بصلا والآخر فلفلا فطبخ حشو فيه كل ذلك فأكلوا لم يحنثوا، إلا صاحب الفلفل لانه لا يؤكل إلا كذا، وهذا إن وجد طعمه، ويزاد في الزعفران رؤية عينه، وفي لا يأكل لبنا فطبخه بأرز أو لا ينظر إلى فلان فنظر إلى يده أو رجله أو أعلى رأسه لم يحنث، وإلى رأسه ظهره وبطنه حنث، وفي المس يحنث بمس اليد والرجل.
عرض عليه اليمين فقال: نعم كان حالفا في الصحيح، كذا في الصيرفية وغيرها.
قال المصنف: هذا هو المشهور، لكن في فوائد شيخنا عن التاتر خانية أنه بنعم لا يصير حالفا هو(4/87)
الصحيح، ثم فرع أنما يقع من التعاليق في المحاكم أن الشاهد يقول للزوج تعليقا فيقول نعم
لا يصح على الصحيح (التغذي الاكل المترادف الذي يقصد به الشبع) وكذا التعشي، ولا بد أن يأكل أكثر من نصف الشبع في غداء وعشاء وسحور (في وقت خاص وهو ما بعد طلوع الفجر) وفي البحر عن الخلاصة: عند طلوع الشمس، قال: وينبغي اعتماده للعرف، زاد في النهر: وأهل مصر يسمونه فطورا إلى ارتفاع الضحى الاكبر فيدخل وقت الغداء فيعمل بعرفهم.
قلت: وكذلك أهل الشام (إلى زوال الشمس) ثم لا بد من أن يكون (مما يتعدى به) أهل بلده عادة وغداء كل بلدة ما تعارفه أهلها، حتى لو شبع بشرب اللبن يحنث البدوي لا الحضري.
زيلعي (والتعشي منه) أي الزوال.
وفي البحر عن الاسبيجابي: وفي عرفنا وقت(4/88)
العشاء بعد صلاة العصر ا ه.
قلت: وهو عرف مصر والشام (إلى نصف الليل، والسحور هو الاكل بعد نصف الليل إلى طلوع الفجر، قال إن أكلت أو) قال إن (شربت أو لبست) أو نكحت ونحو ذلك فعبدي حر (ونوى معينا) أي خبزا أو لبنا أو قطنا مثلا (لم يصدق أصلا) فيحنث بأي شئ أكل أو شرب وقيل يدين، كما لو نوى كل الاطعمة أو كل مياه العالم حتى لا يحنث أصلا لنيته محتمل(4/89)
كلامه (ولو ضم) لان أكلت (طعاما أو) شربت (شرابا أو) لبست (ثوبا دين) إذا قال عنيت شيئا دون شئ لانه ذكر اللفظ العام القابل للتخصيص، لانه نكرة في سياق الشرط فتعم كالنكرة في النفي، والاصل أن النية إنما تصح في الملفوظ إلا في ثلاث فيدين في فعل الخروج(4/90)
والمساكنة وتخصيص الجنس كحبشية أو عربية لا الصفة ككوفية أو بصرية.
فتح (نية تخصيص(4/91)
العام تصح ديانة) إجماعا، فلو قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق ثم قال: نويت من بلد كذا (لا) يصدق (قضاء) وكذا من غصب دراهم إنسان فلما حلفه الخصم عاما نوى خاصا (به يفتى)
خلافا للخصاف.
وفي الولوالجية: متى حلف ظالم وأخذ بقول الخصاف، فلا بأس.(4/92)
وقالوا: النية للحالف لو بطلاق أو عتاق، وكذا بالله لو مظلوما وإن ظالما فللمستحلف، ولا تعلق للقضاء في اليمين بالله.(4/93)
حلف (لا يشرب من) شئ يمكن فيه الكرع نحو (دجلة ف) - يمينه (على الكرع) منه حتى لو شرب من نهر أخذ منه لم يحنث.
وفي البحر عن الظهيرية: الكرع لا يكون إلا بعد الخوض في الماء، لكن في القهستاني عن الكشف أنه ليس بشرط (بخلاف من ماء دجلة) فيحنث بغير الكرع أيضا (وفيما لا يتأتى فيه الكرع) كالبئر والحب يحنث (ب) - الشرب ب (الاناء مطلقا) سواء قال من البئر أو من ماء البئر لتعين المجاز (ولو تكلف الكرع فيما لا يتأتى فيه ذلك) أي الكرع (لا يحنث) في الاصح لعدم العرف (إمكان تصور البر(4/94)
في المستقبل شرط انعقاد اليمين) ولو بطلاق (وبقائها) إذ لا بد من تصور الاصل لتنعقد في حق الخلف وهو الكفارة ثم فرع عليه (ففي) حلفه (لاشربن ماء هذا الكوز اليوم ولا ماء فيه أو كان فيه) ماء (وصب) ولو بفعله أو بنفسه (في يومه) قبل الليل (إو أطلق) يمينه عن الوقت (ولا ماء فيه لا يحنث) سواء علم وقت الحلف فيه ماء أو لا في الاصح(4/95)
لعدم إمكان البر (وإن) أطلق و (كان) فيه ماء (فصب حنث) لوجوب البر في المطلقة كما فرغ وقد فات بصبه، أما المؤقتة ففي آخر الوقت، وهذا الاصل فروعه كثيرة.
منها: إن لم تصلي الصبح غدا فأنت كذا لا يحنث(4/96)
بحيضها بكرة في الاصح، ومنها: إن لم تردي الدينار الذي أخذتيه من كيسي فأنت طالق فإذا
الدينار في كيسه لم تطلق لعدم تصور البر.
ومنها: إن لم تهبيني صداقك اليوم فأنت طالق، وقال أبوها: إن وهبتيه فأمك طالق، فالحيلة أن تشتري منه بمهرها ثوبا ملفوفا وتقبضه، فإذا مشى اليوم لم يحنث أبوها لعدم الهبة ولا الزوج لعجزها عن الهبة عند الغروب لسقوط المهر بالبيع، ثم إذا أرادت الرجوع ردته بخيار الرؤية (وفي) حلفه والله (ليصدعن السماء وليقلبوا هذا الحجر ذهبا حنث للحال)(4/97)
لامكان البر حقيقة ثم يحنث للعجز عادة، ولو وقت اليمين لم يحنث ما لم يمض ذلك الوقت، وفي حيرة الفقهاء قال لامرأته: إن لم أعرج إلى السماء هذه الليلة فأنت كذا ينصب سلما ثم يعرج إلى سماء البيت لقوله تعالى: * (فليمدد بسبب إلى السماء) * أي سماء البيت قال الباقاني: والظاهر خروجها عن قاعدة مبنى الايمان(4/98)
(وكذا) الحكم لو حلف (ليقتلن فلانا عالما بموته) إذ يمكن قتله بعد إحياء الله تعالى فحنث (وإن لم يكن عالما) بموته (فلا) يحنث لانه عقد يمينه على حياة كانت فيه، ولا يتصور كمسألة الكوز وكقوله إن تركت مس السماء فعبدي حر، لان الترك لا يتصور في غير المقدور.
(حلف لا يكلمه فناداه وهو نائم فأيقظه) فلو لم يوقظه لم يحنث، وهو المختار، ولو مستيقظا حنث لو بحيث يسمع بشرط انفصاله عن اليمين، فلو قال موصلا: إن كلمتك فأنت طالق فاذهبي أو واذهبي لا تطلق ما لم يرد الاستئناف، ولو قال اذهبي طلقت لانه مستأنف، ولو قال: يا حائط اسمع أو اصنع كذا وكذا وقصد إسماع المحلوف، عليه لم يحنث.
زيلعي.(4/99)
وفي السراجية: سأل محمد حال صغره أبا حنيفة فيمن قال لآخر والله لا أكلمك ثلاث مرات؟ فقال أبو حنيفة ثم ماذا؟ تبسم محمد وقال: انظر حسنا يا شيخ، فنكس أبو حنيفة ثم قال: حنث مرتين، فقال محمد: أحسنت، فقال أبو حنيفة: لا أدري أي الكلمتين أوجع لي؟ قوله
حسنا أو أحسنت (أو) حلف لا يكلمه (إلا بإذنه فأذن له ولم يعلم) بالاذن فكلمه (حنث) لاشتقاق الاذن من الاذان فيشترط العلم، بخلاف لا يكلمه إلا برضاه فرضي ولم يعلم، لان الرضا من أعمال القلب فيتم به (الكلام) والتحديث لا يكون (إلا باللسان) فلا يحنث بإشارة وكتابة كما في النتف.
وفي الخانية: لا أقول له كذا فكتب إليه حنث ففرق بين القول والكلام، لكن نقل المصنف بعد مسألة شم الريحان عن الجامع أنه كالكلام، خلافا لابن(4/100)
سماعة (والاخبار والاقرار والبشارة تكون بالكتابة لا بالاشارة والايماء، والاظهار والانشاء والاعلام يكون) بالكتابة و (بالاشارة أيضا) ولو قال لم أنو الاشارة دين، وفي لا يدعوه أو لا يبشره يحنث بالكتابة (إن أخبرتني) أو أعلمتني (أن فلانا قدم ونحوه يحنث بالصدق والكذب، ولو قال بقدومه ونحوه ففي الصدق خاصة) لافادتها إلصاق الخبر بنفس القدوم كما حققناه ففي بحث الباء من الاصول، وكذا إن كتبت قدوم فلان كما سيجئ في الباب الآتي.
وسأل الرشيد محمدا عمن حلف لا يكتب إلى فلان، فأومأ بالكتابة هل يحنث؟ فقال: نعم(4/101)
يا أمير المؤمنين، إن كان مثلك (لا يكلمه شهرا، فمن حين حلفه) ولو عرفه فعلى باقيه (بخلاف لاعتكفن) أو لاصومن (شهرا فإن التعيين إليه) والفرق أن ذكر الوقت فيما يتناول الابد لاخراج ما وراءه وفيما لا يتناول للمد إليه.
زيلعي.
(حلف لا يتكلم فقرأ القرآن أو سبع في الصلاة لا يحنث) اتفاقا (وإن فعل ذلك خرجها حنث على الظاهر) كما رجحه في البحر ورجح في الفتح بحرمه مطلقا للعرف، وعليه الدرر والملتقى، بل في البحر عن التهذيب أنه لا يحنث بقراءة الكتب في عرفنا انتهى، وقواه في الشرنبلالية قائلا: ولا عليك من أكثرية التصحيح له مع مخالفته العرف، ويقاس عليه إلقاء درس(4/102)
ما، لكن يعكر عليه ما في الفتح، وأما الشعر فيحنث به لانه كلام منظوم انتهى، فغير المنظوم
أولى، فتأمل.
(حلف لا يقرأ القرآن اليوم يحنث بالقراءة في الصلاة أو خارجها ولو قرأ البسملة، فإن نوى ما في النمل حنث وإلا لا) لانهم لا يريدون به القرآن ولو حلف لا يقرأ سورة كذا أو كتاب فلان لا يحنث بالنظر فيه وفهمه.
به يفتى.
واقعات.
(حلف لا يكلم فلانا اليوم فعلى الجديدين) لقرانه اليوم بفعل لا يمتد فعم (فإن نوى النهار صدق) لانه الحقيقة (ولو قال ليلة) أكلم فلانا فكذا (فهو على الليل خاصة) لعدم استعماله فردا في مطلق الوقت، قال (إن كلمته) أي عمرا (إلا أن يقدم زيد أو حين أو إلا أن(4/103)
يأذن أو حتى يأذن فكذا فكلمه قبل قدومه أو) قبل (إذنه يحنث و) لو (بعدهما لا يحنث) لجعله القدوم والاذن غاية لعدم الكلام (وإن مات زيد قبلهما سقط الحلف) قيد بتأخير الجزاء، لانه لو قدمه فقال امرأته طالق إلا أن يقدم زيد لم يكن لغاية بل بشرط، لان الطلاق مما لا يحتمل التأقيت فلا تطلق بقدومه بل بموته (كما لو قال) لغيره (والله لا أكلمك حتى يأذن لي فلان أو قال لغريمه والله لا أفارقك حتى تقضي حقي) أو حلف ليوفينه اليوم (فمات فلان قبل الاذن أو برئ من الدين) فاليمين ساقطة.
والاصل أن الحالف إذا جعل ليمينه غاية وفاتت الغاية بطل اليمين خلافا للثاني (كلمة ما زال وما دام وما كان غاية تنتهي اليمين بها) فلو حلف لا يفعل كذا(4/104)
ما دام ببخارى، فخرج منها ثم رجع ففعل لا يحنث انتهاء اليمين، وكذا لا يأكل هذا الطعام ما دام في ملك فلان فباع فلان بعضه لا يحنث بأكل باقيه لانتهاء اليمين ببيع البعض، وكذا لا أفارقك حتى تقضيني حقي اليوم أو حتى أقدمك إلى السلطان اليوم لا يحنث بمضي اليوم بل بمفارقته بعده ولو قدم اليوم لا يحنث وإن فارقه بعده.
بحر.(4/105)
وكذا لو حلف أن يجره إلى باب القاضي ويحلفه فاعترف الخصم أو ظهر شهود سقط اليمين
لتقيده من جهة المعنى بحال إنكاره كما سيجئ في باب اليمين في الضرب (وفي) حلفه (لا يكلم عبده) أي عبد فلان (أو عرسه أو صديقه أو لا يدخل داره) أو لا يلبس ثوبه أو لا يأكل طعامه أو لا يركب دابته (إن زالت إضافته) ببيع أو طلاق أو عداوة (أو كلمه لم يحنث في العبد) ونحوه مما لا يملك كالدار(4/106)
(أشار إليه) بهذا (أولا) على المذهب، لان العبد ساقط الاعتبار عند الاحرار فكان كالثوب والدار (وفي غيره) أي في تكليم غير العبد من العرس والصديق لا الدار، لانها لا تكلم فتكون الدار مسكوتا عنها للعلم بأنها كالعبد بالطريق الاولى، فإنه (إن أشار) بهذا أو عين (حنث) لان الحر يهجر لذاته (وإلا) يشر ولم يعين (لا) يحنث (وحنث بالتجدد) بأن اشترى عبدا أو تزوج بعد اليمين(4/107)
(لا يكلم صاحب هذا الطيلسان) مثلا (فكلمه بعد ما باعه حنث) لان الاضافة للتعريف ولذا لو كلم المشتري لم يحنث (الحين والزمان ومنكرها ستة أشهر) من حين حلفه لانه الوسط (وبها) أي بالنية (ما نوى) فيهما على الصحيح.
بدائع(4/108)
(وغرة الشهر ورأس الشهر أو ليلة منه) وما يومها (وأوله إلى ما دون النصف وآخره إذا مشى خمسة عشر يوما) فلو حلف أن يصوم أول يوم من آخر الشهر وآخر يوم من أول الشهر صام الخامس عشر والسادس عشر، والصيف من حين إلقاء الحشو إلى لبسه ضد الشتاء.
بدائع (و) في حلفه لا يكلمه (الدهر أو الابد) هو (العمر) أي مدة حياة الحالف عند عدم النية (ودهر) منكر (لم يدر وقالا هو كالحين) وغير خاف أنه إذا لم يرد عن الامام شئ في مسألة وجب الافتاء بقولهما.
نهر.
وفي السراج: توقف الامام في أربع عشرة مسألة ونقل لا أدري عن(4/109)
الائمة بل عن النبي (ص) وعن جبريل أيضا (الايام وأيام كثيرة والشهور والسنون) والجمع والازمنة والاحايين والدهور (عشرة) من كل صنف(4/110)
لانه أكثر ما يذكر بلفظ الجمع، ففي لا يكلمه الازمنة خمس سنين (ومنكرها ثلاثة) لانه أقل الجمع ما لم وصف بالكثرة كما مر (حلف لا يكلم) عبيدا أو (عبيد فلان أو لا يركب دوابه أو لا يلبس ثيابه ففعل بثلاثة منها حنث إن كان له) أي لفلان (أكثر من ثلاثة) من كل صنف (وإلا) بأن كلم أقل من ثلاثة (لا) يحنث وتصح نية الكل (وإن كانت يمينه على زوجاته أو أصدقائه أو إخوته لا يحنث ما لم يكلم الكل مما سمى) لان المنع لمعنى في هؤلاء فتعلقت اليمين بأعيانهم، ولو لم يكن له إلا أخ واحد فإن كان يعلم به حنث وإلا لا كما في الواقعات وألحق في النهر الاصدقاء والزوجات.
قلت: وهي من المسائل الاربع التي يكون فيها الجمع لواحد كما في الاشباه.(4/111)
وأما الاطعمة والثياب والنساء فيقع على الواحد إجماعا لانصراف المعرف للعهد إن أمكن، وإلا فللجنس، ولو نوى الكل صح، والله تعالى أعلم.(4/112)
باب اليمين في الطلاق والعتاق الاصل فيه أن الولد الميت ولد في حق غيره لا في حق نفسه وأن الاول اسم لفرد سابق والاخير لفرد لاحق، والوسط لفرد بين العددين المتساويين، وأن المتصف بأحدهما لا يتصف بالاخر للتنافي، ولا كذلك الفعل لعدمه.
لان الفعل الثاني غير الاول.
فلو قال آخر تزوج أتزوج فالتي أتزوجها طالق، طلقت المتزوجة مرتين لانه جعل الآخر وصفا للفعل وهو العقد وعقدها هو الآخر (أول عبد أشتريه حر فاشترى عبدا عتق) لما مر أن الاول اسم لفرد سابق وقد وجد (ولو اشترى عبدين معا ثم آخر فلا) عتق (أصلا) لعدم الفردية(4/113)
(فإن زاد) كلمة (وحده) أو أسود أو بالدنانير (عتق الثالث) عملا بالوصف (ولو قال: أول عبد أشتريه واحدا فاشترى عبدين ثم اشترى واحدا لا يعتق الثالث) وأشار إلى الفرق بقوله (للاحتمال) أي لان قوله واحدة يحتمل أن يكون حالا من العبد والمولى فلا يعتق بالشك، وجوز في البحر جره صفة للعبد فهو كوحده، وفي النهر رفعه خبر مبتدأ محذوف فهو كواحد.
(ولو قال: أول عبد أملكه فهو حر فملك عبدا ونصف عبد عتق الكامل) وكذا الثياب، بخلاف المكيلات والموزونات للمزاحمة.
زيلعي.
(قال: آخر عبد أملكه فهو حر فملك عبدا فمات الحالف لم يعتق)(4/114)
إذ لا بد للآخر من الاول، بخلاف العكس كالبعد لا بد له من قبل، بخلاف القبل (فلو اشترى) الحالف المذكور (عبدا ثم عبدا ثم مات) الحالف (عتق) الثاني (مستندا إلى وقت الشراء) فيعتبر من كل المال لو الشراء في الصحة وإلا فمن الثلث، وعليه فلا يصير فارا لو علق البائن بالآخر خلافا لهما.
وأما الوسط ففي البدائع: أنه لا يكون إلا في وتر الثلاثة وسط وكذا ثالث(4/115)
الخمسة وهكذا (إو ولدت فأنت كذا حنث بالميت) ولو سقطا مستبين الخلق وإلا لا (بخلاف فهو حر فولدت ميتا ثم آخر حيا عتق الحي وحده) لبطلان الرق، بالموت، بخلاف الولد أو الولادة (البشارة عرفا اسم لخبر سار) خرج الضار، فليس ببشارة عرفا بل لغة ومنه * (فبشرهم بعذاب أليم) * (صدق) خرج الكذب فلا يعتبر (ليس للمبشر به علم) فيكون من الاول دون(4/116)
الباقين (فلو قال كل عبد بشرني بكذا فهو حر فبشره ثلاثة متفرقون عتق الاول فقط) لما قلنا، وتكون بكتابة ورسالة ما لم ينو المشافهة فتكون كالحديث، ولو أرسل بعض عبيده عبدا آخر إن ذكر الرسالة عتق المرسل وإلا الرسول (وأن بشروه معا عتقوا) لتحققها من الكل بدليل
* (فبشروه بغلام عليم) * (و) البشارة (لا فرق فيها بين) ذكر الباء وعدمها، بخلاف الخبر فإنه يختص بالصدق مع الباء كما مر في الباب قبله (والكتابة كالخبر) فيما ذكر (والاعلام) لا بد فيه من الصدق ولو بلا باء (كالبشارة) لان الاعلام إثبات العلم والكذب لا يفيده.
بدائع.
قاعدة (النية) إذا قارنت علة العتق الاختيارية كالشراء مثلا بخلاف الارث لانه جبري (و)(4/117)
الحال أن (رق المعتق كامل صح التكفير وإلا) بأن لم تقارن العلة أو قرنتها والرق غير كامل كأم الولد (لا) يصح التكفير.
ثم فرع عليها بقوله (فصح شراء أبيه للكفارة) للمقارنة (لا شراء من حلف بعتقه) لعدمها (ولا شراء مستولدة بنكاح علق عتقها عن كفارته بشرائها) لنقصان رقها (بخلاف ما إذا قال لقنة: إن اشتريتك فأنت حرة عن كفارة يميني فاشتراها) حيث تجزيه عنها للمقارنة كاتهاب ووصية ناويا عند القبول، بخلاف إرث لما مر.
زيلعي (وعتقت بقوله إن تسريت أمة فهي حرة من تسراها وهي ملكه حينئذ) أي حين حلفه لمصادفتها الملك (لا) يعتق (من شراها فتسراها) ويثبت التسري بالتحصين والوطئ،(4/118)
وشرط الثاني عدم العزل.
فتح (ولو قال إن تسريت أمة فأنت طالق أو عبدي حر فتسري بمن في ملكه أو من اشتراها بعد التعليق طلقت وعتق) وأفاد الفرق بقوله (لوجود الشرط) بلا مانع لصحة تعليق المنكوحة بأي شرط كان، فليحفظ (كل مملوك لي حرج عتق عبيده ومدبروه) ويدين في نية الذكور لا الاناث (وأمهات أولاده)(4/119)
لملكهم يدا ورقبة (لا مكاتبة إلا بالنية ومعتق البعض كالمكاتب) لعدم الملك يدا، وفي الفتح: ينبغي في كل مرقوق لي حر أن يعتق المكاتب لا أم الولد إلا بالنية (هذه طالق أو هذه وهذه طلقت الاخيرة وخير في الاولين، وكذا العتق والاقرار) لان أو لاحد المذكورين، وقد أدخلها
بين الاولين وعطف الثالث على الواقع منهما فكان كإحداكما طالق وهذه، ولا يصح عطف(4/120)
هذه على هذه الثانية للزوم الاخبار عن المثنى بالمفرد وهذا إذا لم يذكر للثاني والثالث خبر (فإن) ذكر بأن (قال هذه طالق أو هذه وهذه طالقتان، أو قال هذا حر أو هذا وهذا حران) فأنه (يعتق) أحد (ولا تطلق) بل يخير (إن اختار) الايجاب (الاول عتق) الاول (وحده وطلقت) الاولى (وحدها، وإن اختار الايجاب الثاني عتق الاخيران وطلقت الاخيرتان) حلف لا يساكن فلانا فسافر الحالف فسكن فلان مع أهل الحالف حنث عنده لا عند الثاني، وبه يفتى.
قال لعبده إن(4/121)
لم تأت الليلة حتى أضربك فأتى فلم يضربه حنث عند الثاني، لا عند الثالث، وبه يفتى.
أختلف في إلحاق الشرط باليمين المعقود بعد السكوت فصححه الثاني وأبطله الثالث، وبه يفتى، فلا حنث في إن كان كذا فكذا وسكت ثم قال ولا كذا ثم ظهر أنه كان كذا، خانية.
باب اليمين في البيع والشراء والصوم والصلاة وغيرها الاصل فيه أن كل فعل تتعلق حقوقه بالمباشر كبيع وإجارة لا حنث بفعل مأموره، وكل(4/122)
ما تتعلق حقوقه بالآمر كنكاح وصدقة وما لا حقوق له كإعارة وإبراء حنث بفعل وكيله أيضا لانه سفير ومعبر (يحنث بالمباشرة) بنفسه (لا بالامر إذا كان ممن يباشر بنفسه في البيع) ومنه الهبة بعوض.
ظهيرية (والشراء) ومنه السلم والاقالة، قيل والتعاطي.
شرح وهبانية (والاجارة والاستئجار) فلو حلف لا يؤجر وله مستغلات آجرتها امرأته وأعطته الاجرة لم يحنث، كتركها(4/123)
في أيدي الساكنين وكأخذه أجرة شهر قد سكنوا فيه، بخلاف شهر لم يسكنوا فيه.
ذخيرة (والصلح عن مال) وقيده بقوله (مع الاقرار) لانه مع الانكار سفير والقسمة (والخصومة وضرب الولد) أي الكبير، لان الصغير يملك ضربه فيملك التفويض فيحنث بفعل وكيله كالقاضي (وإن
كان) الحالف (ذا سلطان) كقاض وشريف (لا يباشر هذه الاشياء) بنفسه حنث بالمباشرة (وبالامر أيضا) لتقيد اليمين بالعرف وبمقصود الحالف (وإن كان يباشر مرة ويفوض أخرى اعتبر(4/124)
الاغلب) وقيل تعتبر السلعة، فلو مما يشتريها بنفسه لشرفها لا يحنث بوكيله، وإلا حنث (ويحنث بفعله وفعل مأموره) لم يقل وكيله، لان من هذا النوع الاستقراض والتوكيل به غير صحيح (في النكاح) لا الانكاح (والطلاق والعتاق) الواقعين بكلام وجد بعد اليمين لا قبله(4/125)
كتعليق بدخول دار.
زيلعي (والخلع والكتابة والصلح عن عدم العمد) أو إنكار كما مر (والهبة) ولو فاسدة أو بعوض (والصدقة والقرض والاستقراض) وإن لم يقبل(4/126)
(وضرب العبد) قيل والزوجة (والبناء والخياطة) وإن لم يحسن ذلك.
خانية (والذبح والايداع والاستيداع، و) كذا (الاعارة والاستعارة) أن أخرج الوكيل الكلام مخرج الرسالة وإلا فلا حنث.(4/127)
تتاتر خانية (وقضاء الدين وقبضه، والكسوة) وليس منها التكفين، إلا إذا أراد الستر دون التمليك.
سراجية (والحمل) وذكر منها في البحر نيفا وأربعين، وفي النهر عن شارح الوهبانية: نظم والدي مالا حنث فيه بفعل الوكيل لانه الاقل مشيرا إلى حنثه فيما بقي فقال: بفعل وكيل ليس يحنث حالف ببيع شراء صلح مال خصومة(4/128)
إجارة استئجار الضرب لابنه كذا قسمة والحنث في غيرها ثبت (ولام دخل) مبتدأ أخبره اقتضى الآتي (على فعل) أراد بدخولها عليه قربها منه.
ابن كمال (تجب فيه النيابة) للغير (كبيع وشراء وإجارة وخياطة وصياغة وبناء اقتضى) أي اللام (أمره) أي توكيله (ليخصه به) أي بالمحلوف عليه، إذ اللام للاختصاص، ولا يتحقق إلا بأمره(4/129)
المفيد للتوكيل (فلم يحنث في إن بعت لك ثوبا إن باعه بلا أمر) لانتفاء التوكيل سواء (ملكه) أي المخاطب ذلك الثوب (أو لا) بخلاف ما لو قال ثوبا لك فإنه يقتضي كونه ملكا له كما سيجئ (فإن دخل) اللام (على عين) أي ذات (أو) على (فعل لا يقع) ذلك الفعل (عن غيره) أي لا يقبل النيابة (كأكل وشرب ودخول وضرب الولد) بخلاف العبد فإنه يقبل النيابة (اقتضى) دخول اللام (ملكه) أي ملك المخاطب للمحلوف عليه لانه كمال الاختصاص (فحنث في إن بعت ثوبا لك إن باع ثوبه بلا أمره) هذا نظير الدخول على العين وهو الثوب لان تقديره إن بعت ثوبا هو مملوكك، وأما نظير دخوله على فعل لا يقع عن غيره فذكره بقوله (وكذا) أي مثل ما مر من اشتراط كون المحلوف عليه ملك المخاطب قوله(4/130)
(إن أكلت لك طعاما) أو شربت لك شرابا (اقتضى أن يكون الطعام) والشراب (ملك المخاطب) كما في إن أكلت طعاما لك لان اللام هنا أقرب إلى الاسم من الفعل، والقرب من أسباب الترجيج، وأما ضرب الولد فلا يتصور فيه حقيقة الملك بل يراد الاختصاص به (وإن نوى غيره) أي ما مر (صدق فيما) فيه تشديد (عليه) قضاء وديانة ودين فيما له، ثم الفرق بين الديانة والقضاء لا يتأتى في اليمين بالله، لان الكفارة لا مطالب لها كما مر (قال إن بعته أو ابتعته فهو حر فعقده) عليه بيعا (بالخيار لنفسه حنث لوجود الشرط ولو بالخيار لغيره لا)(4/131)
وإن أجيز بعد ذلك في الاصح كما لو قال إن ملكته فهو حر لعدم ملكه عند الامام (و) قيد بالخيار لانه (لو قال إن بعته فهو حر فباعه بيعا صحيحا بلا خيار لا يعتق) لزوال ملكه.
وتنحل اليمين لتحقق الشرط.
زيلعي (ويحنث) الحالف في المسألتين (ب) - البيع أو بالشراء (الفاسد والموقوف(4/132)
لا الباطل) لعدم الملك وإن قبضه، ولو اشترى مدبرا أو مكاتبا لم يحنث إلا بإجازة قاض أو مكاتب.
فرع: قال لامته: إن بعت منك شيئا فأنت حرة فباع نصفها من زوج ولدت منه أو من أبيها لم يقع عتق المولى، ولو من أجنبي وقع والفرق في الظهيرية (و) إنما قيد بالبيع لانه (في حلفه لا يتزوج) امرأة أو (هذه المرأة فهو على الصحيح دون الفاسد) في الصحيح (وكذا لو حلف لا يصلي أو لا يصوم) أو لا يحج، لان المقصود منها الثواب،، ومن النكاح الحل، ولا يثبت بالفاسد فلا تنحل به اليمين، بخلاف البيع، لان المقصود منه الملك(4/133)
وأنه يثبت بالفاسد والهبة والاجارة كبيع (ولو كان) ذلك كله (في الماضي) كإن تزوجت أو صمت (فهو عليهما) أي الصحيح والفاسد لانه إخبار (فإن عنى به الصحيح صدق) لانه النكاح المعنوي.
بدائع (إن لم أبع هذا الرقيق فكذا أعتق) المولى (أو دبر) رقيقه تدبيرا (مطلقا) فلا يحنث بالمقيد.
فتح (أو استولد) الامة (حنث) لتحقق الشرط بفوات محلية البيع، حتى لو قال: إن لم أبعك فأنت حر فدبر أو استولد عتق، ولا يعتبر تكرار الرق بالردة لانه موهوم (قالت له) امرأته (تزوجت علي فقال كل امرأة لي طالق طلقت المحلفة) بكسر اللام،(4/134)
وعن الثاني لا، وصححه السرخسي، وفي جامع القاضي خان: به أخذ عامة مشايخنا.
وفي الذخيرة: إن في حال غضب طلقت، وإلا لا (ولو قيل له ألك امرأة غير هذه المرأة فقال كل امرأة لي فهي كذا لا تطلق هذه المرأة) لان قوله غير هذه المرأة لا يحتمل هذه المرأة فلم تدخل تحت كل، بخلاف الاول.
فروع: يتفرع على الحنث لفوات المحل نحو: إن لم تصبي هذا في هذا الصحن فأنت كذا فكسرته، أو إن لم تذهبي فتأتي بهذا الحمام فأنت كذا كذا فطار الحمام طلقت.
قال لمحرمه: إن تزوجتك فعبدي حر فتزوجها حنث، لان يمينه تنصرف إلى ما يتصور.
حلف لا يتزوج بالكوفة عقد خارجها، لان المعتبر مكان العقد.
إن تزوجت ثيبا فهي كذا فطلق امرأته ثم تزوجها ثانيا لا تطلق(4/135)
اعتبارا للغرض، وقيل تطلق.
حلف لا يتزوج بنات فلان وليس لفلان بنت لا يحنث بمن ولدت له.
بحر (النكرة تدخل تحت النكرة والمعرفة لا) تدخل تحت النكرة، فلو قال: إن دخل هذه الدار أحد فكذا والدار له أو لغيره فدخلها الحالف حنث لتنكيره، ولو قال: داري أو دارك لا حنث بالخالف لتعريفه، وكذا لو قال: إن مس هذا الرأس أحد وأشار إلى رأسه لا يحنث الحالف بمسه، لانه(4/136)
متصل به خلقة، فكان معرفة أقوى من ياء الاضافة.
بحر.
وذكره المصنف قبيل باب اليمين في الطلاق معزيا للاشباه (إلا) بالنية و (في العلم) كإن كلم غلام محمد بن أحمد أحد، فكذا دخل الحالف لو هو كذلك لجواز استعمال العلم في موضع النكرة فلم يخرج الحالف من عموم النكرة.
بحر.
قلت: وفي الاشباه المعرفة لا تدخل تحت النكرة إلا المعرفة في الجزاء: أي فتدخل في النكرة التي هي في موضع الشرط كإن دخل داري هذه أحد فأنت طالق فدخلت هي طلقت ولو دخلها هو لم يحنث، لان المعرفة لا تدخل تحت النكرة، وتمامه في القسم الثالث من أيمان الظهيرية (يجب حج أو عمرة ماشيا)(4/137)
من بلده (في قوله علي المشي إلى بيت الله تعالى أو الكعبة وإراق دما إن ركب لادخاله النقص، ولو أراد ببيت الله بعض المساجد لم يلزمه شئ، ولا شئ بالخروج أو الذاب بعلي بيت الله أو المشي) ألى (الحرم أو) اإلى (المسجد الحرام) أو باب الكعبة أو ميزابها (أو الصفا أو المروة) أو مزدلفة أو عرفة لعدم العرف (لا يعتق عبد قيل له إن لم أحج العام فأنت حر) ثم
قال حججت وأنكر العبد وأتى بشاهدين (فشهدا بنحره) لاضحيته (بكوفة) لن تقبل لقيامها(4/138)
على نفي الحج، إذ التضحية لا تدخل تحت القضاء.
قال محمد: يعتق ورجحه الكمال.
(حلف لا يصوم حنث بصوم ساعة بنية) وإن أفطر لوجود شرطه (ولو قال) لا أصوم (صوما أو يوما حنث بيوم) لانه مطلق فيصرف إلى الكامل.
(حلف ليصومن هذا اليوم وكان بعد أكله أو بعد الزوال صحت) اليمين (وحث للحال) لان اليمين لا تعتمد الصحة بل التصور(4/139)
كتصورة في الناسي، وهو (كما لو قال لامرأته إن لم تصلي اليوم فأنت كذا فحاضت من ساعتها أو بعد ما صلت ركعة) فاليمين تصح وتطلق في الحال، لان درور الدم لا يمنع كما في الاستحاضة، بخلاف مسألة الكوز محل الفعل، وهو الماء غير قائم أصلا فلا يتصور بوجه (وحنث في لا يصلي بركعة) بنفس السجود، بخلاف إن صليت ركعة فأنت حر لا يعتق إلا(4/140)
بأولى شفع لتحقق الركعة (وفي) لا يصلي (صلاة بشفع) وإن لم يقعد، بخلاف لا يصلي الظهر مثلا فإنه يشترط التشهد (و) حنث (في لا يؤم أحدا باقتداء قوم به بعد شروعه وإن) وصلية (قصد أن لا يؤم أحدا) لانه أمهم (وصدق ديانة) فقط (إن نواه) أي أن لا يؤم أحدا (وإن أشهد قبل شروعه) أنه لا يؤم أحدا (لا يحنث مطلقا) لا ديانة ولا قضاء وصح الاقتداء ولو في الجمعة(4/141)
استحسانا (كما) لا حنث (لو أمهم في صلاة الجنازة أو سجدة التلاوة) لعدم كمالها (بخلاف النافلة) فإنه يحنث وإن كانت الامامة في النافلة منهيا عنها.
فروع: إن صليت فأنت حر فقال صليت وأنكر المولى لم يعتق لامكان الوقوف عليها بلا حرج.
قال: إن تركت الصلاة فطالق فصلتها قضاء فطلقت على الاظهر.
ظهيرية.
حلف ما أخر صلاة عن وقتها وقد نام فقضاها استظهر الباقاني عدم حنثه لحديث فإن ذلك وقتها.
اجتمع حدثان فالطهارة منهما.
حلف ليصلين هذا اليوم خمس صلوات بالجماعة ويجامع امرأته ولا يغتسل، يصلي الفجر والظهر والعصر بجماعة ثم يجامعها ثم يغتسل كما غربت ويصلي المغرب والعشاء بجماعة فلا يحنث.(4/142)
(حلف لا يحج فعلى الصحيح منه) فلا يحنث بالفاسد (ولا يحنث حتى يقف بعرفة عن الثالث) أي محمد (أو حتى يطوف أكثر الطواف) المفروض (عن الثاني) وبه جزم في المنهاج للعلامة عمر بن محمد العقيلي الانصاري كان من كبار فقهاء بخارى ومات بها سنة سبعين وخمسمائة، ولا يحنث في العمرة حتى يطوف أكثرها (إن لبست من مغزولك فهو هدي) أي صدقة أتصدق به بمكة (فملك) الزوج (قطنا)(4/143)
بعد الحلف (فغزلته) ونسج ولبس فهو هدي عند الامام، وله التصدق بقيمته بمكة لا غير، وشرطا ملكه يوم حلف، ويفتى بقولهما في ديارنا لانها إنما تغزل من كتان نفسها أو قطنها، وبقوله في الديار الرومية لغزلها من كتان الزوج.
نهر.
(حلف لا يلبس من غزلها فلبس تكة منه لا يحنث) عند الثاني، وبه يفتى، لانه لا يسمى(4/144)
لابسا عرفا (كلا يلبس ثوبا من نسج فلان فلبس من نسج غلامه) لا يحنث (إذا كان فلان يعمل بيده وإلا حنث) اتعين المجاز (كما حنث بلبس خاتم ذهب) ولو رجلا بلا فص (أو عقد لؤلؤ أو زبرجد أو زمرد) ولو غير مرصع عندهما، وبه يفتى (في حلفه لا يلبس حليا) للعرف (لا) يحنث (بخاتم فضة) بدليل حله للرجال (إلا إذا كان مصوغا على هيئة خاتم النساء) بأن كان له
فص فيحنث هو الصحيح.
زيلعي.
ولو كان مموها بذهب ينبغي حنثه به.
نهر.
كخلخال وسوار.(4/145)
(حلف لا يجلس على الارض فجلس على) حائل منفصل كخشب أو جلد أو (بساط أو حصير أو) حلف (لا ينام على هذا الفراش فجعل فوقه آخر فنام عليه أو لا يجلس على هذا السرير فجعل فوقه آخر لا يحنث) في الصور الثلاث كما لو أخرج من الحشو من الفراش للعرف، ولو نكر الاخيرين حنث مطلقا للعموم، وما في القدوري من تنكير السرير حمله في الجوهرة على المعرف (بخلاف ما لو حلف لا ينام على ألواح هذا السرير أو ألواح هذه السفينة ففرش على ذلك فراش) لم يحنث، لانه لم ينم على الالواح.
بحر.
كذا في نسخ الشرح.
لكن ينبغي التعبير بأداة التشبيه نحو كما لو إلى آخر الكلام أو تأخيره عن مقاله القرام(4/146)
ليصح المرام كما لا يخفى على ذوي الافهام، كما هو الموجود في غالب نسخ المتن بديارنا دمشق الشام، فتنبه (ولو جعل على الفراش قرام) بالكسر الملاءة (أو) جعل (على السرير بساط أو حصير حنث) لانه يعد نائما أو جالسا عليهما عرفا، بخلاف ما مر (بخلاف ما لو حلف لا ينام على ألواح هذا السرير أو ألواح هذه السفينة ففرش على ذلك فراش) فإنه لا يحنث لانه لم ينم على الالواح.
(حلف لا يمشي على الارض فمشى عليها بنعل أو خف أو مشى على أحجار) (حنث وإن) مشى (على بساط لا) يحنث.
فرع: إن نمت على ثوبك أو فراشك، فكذا اعتبر أكثر بدنه، والله أعلم.
باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك مما يناسب أن يترجم بمسائل شتى من الغسل والكسوة، الاصل هنا أن (ما شارك الميت فيه الحي يقع اليمين فيه على الحالتين) الموت والحياة (وما اختص بحالة الحياة) وهو كل
فعل يلذ ويؤلم ويغم ويسر كشتم وتقبيل (تقيد بها) ثم فرع عليه (فلو قال إن ضربتك أو كسوتك أو كلمتك أو دخلت عليك أو قبلتك تقيد) كل منها (بالحياة) حتى لو علق بها طلاقا(4/147)
أو عتقا لم يحنث بفعلها في ميت (بخلاف الغسل والحمل واللمس وإلباس الثوب) كحلفه لا يغسله أو لا يحمله لا يتقيد بالحياة (يحنث في حلفه) ولو بالفارسية (لا يضرب زوجته فمد شعرها أو خنقها أو عضها أو قرصها) ولو ممازحا خلافا لما صححه في الخلاصة (والقصد ليس(4/148)
بشرط فيه) أي في الضرب (وقيل شرط على الاظهر) والاشبه.
بحر.
وبه جزم في الخانية والسراجية.
وأما الايلام فشرط، به يفتى، ويكفي جمعها بشرط إصابة كل سوط، وأما قوله تعالى: * (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث) * أي حزمة ريحان فخصوصية لرحمة زوجة أيوب عليه الصلاة والسلام.
فتح.
(حلف ليضربن) أو ليقتلن (فلانا ألف مرة فهو على الكثرة) والمبالغة(4/149)
كحلفه ليضربنه حتى يموت، أو حتى يقتله أو حتى تركه لا حيا ولا ميتا، ولو قال حتى يغشى عليه أو حتى يستغيث أو يبكي فعلى الحقيقة (إن لم أقتل زيدا فكذا وهو) أي زيد (ميت إن علم) الحالف (بموته حنث وإلا لا) وقد قدمها ليصعدن السماء.
(حلف لا يقتل فلانا بالكوفة فضربه السواد ومات وبها حنث) كحلفه لا يقتله يوم الجمعة فجرحه يوم الخميس ومات الجمعة حنث (وبعكسه) أي ضربه بكوفة وموته بالسواد (لا) يحنث، لان المعتبر زمان الموت ومكانه بشرط كون الضرب والجرح بعد اليمين.
ظهيرية.
وفيها: إن لم تأتني حتى أضربك فهو على الاتيان ضربه أو لا.
إن رأيته لاضربنه فعلى التراخي ما لم ينو الفور.
إن رأيتك فلم أضربك فرآه الحالف وهو مريض لا يقدر على الضرب حنث.
إن لقيتك فلم أضربك فرآه من قدر ميل لم يحنث.
بحر (الشهر وما فوقه) ولو إلى الموت (بعيد وما دونه قريب) فيعتبر ذلك في ليقضين دينه أو لا يكلمه إلى بعيد أو إلى قريب (و) لفظ (العاجل والسريع كالقريب والآجل كالبعيد) وهذا بلا نية (وإن نوى) بقريب وبعيد (مدة) معينة (فيهما فعلى ما نوى)(4/150)
ويدين فيما فيه تخفيف عليه.
بحر.
(حلف لا يكلمه مليا أو طويلا وإن نوى شيئا فذاك وإلا فعلى شهر ويوم) كذا في البحر عن الظهيرية، وفي النهر عن السراج: على شهر كذا وكذا يوما أحد عشر، وبالواو أحد وعشرون وبضعة عشر ثلاثة عشر (يبر في حلفه ليقضين دينه اليوم لو قضاه نبهرجة) ما يرده التجار (أو زيوفا ما يرده) ما يرده بيت المال (أو مستحقة) للغير ويعتق المكاتب بدفعها (لا) يبر (لو(4/151)
قضاه رصاصا أو ستوقة) وسطها غش لانهما ليس من جنس الدراهم، ولذا لو تجوز بهما في صرف وسلم لم يجز.
ونقل مسكين أن النبهرجة إذا غلب غشها لم تؤخذ، وأما الستوقة فأخذها حرام لانها نحاس انتهى.
وهذه إحدى المسائل الخمس التي جعلوا الزيوف فيها كالجياد (يبر) المديون (في حلفه) لرب الدين (لاقضين مالك اليوم) فجاء به فلم يجده ودفع القاضي ولو في موضع لا قاضي له حنث، به يفتى.
منية المفتي.
وكذا يبر (لو) وجده ف (- أعطاه فلم يقبل فوصفه بحيث تناله يده لو أراد) قبضه (وإلا) يكن كذلك (لا) يبر.
ظهيرية.
وفيها حلف ليجهدن في قضاء ما عليه لفلان باع ما للقاضي بيعه لو رفع الامر إليه (وكذا يبر بالبيع)(4/152)
ونحوه مما يحصل المقاصة فيه (به) أي بالدين، لان الديون تقتضي بأمثالها (وهبة) الدائن (الدين منه) أي من المديون (ليس بقضاء) لان الهبة إسقاط لا مقاصة (و) حينئذ ف (- لا حنث لو كانت اليمين مؤقتة) لعدم إمكان البر مع هبة الدين، وإمكان البر شرط البقاء (كما) هو شرط الابتداء
كما هو في مسألة الكوز، وعليه (لو حلف ليقضين دينه غدا فقضاء اليوم أو حلف ليقتلن فلانا غدا فمات اليوم أو) حلف (ليأكلن هذا الرغيف غدا فأكله اليوم) لم يحنث.
زيلعي.
(حلف ليقضين دين فلان فأمر غيره بالاداء أو أحاله فقبض بر، وإن قضى عنه متبرع لا)(4/153)
يبر.
ظهيرية.
وفيها حلف لا يفارق غريمه حتى يستوفي فقعد بحيث يراه أو يحفظه فليس بمفارق ولو نام أو نحفل أو شغله إنسان بالكلام أو منعه عن الملازمة حتى هرب غريمه لم يحنث، ولو حلف بطلاقها أن يعطيها كل يوم درهما فربما يدفع إليها عند الغروب أو عند العشاء، قال: فإذا لم يخل يوما وليلة عن دفع درهم لم يحنث.
(حلف لا يقبض دينه) من غريمه (درهمان دون درهم فقبض بعضه لا يحنث حتى يقبض كله) قبضا (متفرقا) لوجود شرط الحنث وهو قبض الكل بصفة التفرق (لا) يحنث (إذ قبضه بتفريق ضروري) كأن يقبضه كله بوزنين، لانه لا يعد تفريقا عرفا ما دام في عمل الوزن (لا يأخذ ما له على فلان إلا جملة أو إلا جمعا فترك منه درهما ثم أخذ الباقي كيف شاء لا يحنث(4/154)
ظهيرية.
وهو الحيلة في عدم حنثه في المسألة الاولى (كما لا يحنث من قال إن كان لي إلا مائة أو غيره أو سوى) مائة (فكذا بملكها) أي المائة (أو بعضها) لان غرضه نفي الزيادة على المائة، وحنث بالزيادة لو مما فيه الزكاة وإلا لا، حتى لو قال (امرأته كذا إن كان له مال وله عروض) وضياع (ودور لغير التجارة يحنث) خزانة أكمل.
(حلف لا يفعل كذا وتركه على الابد)(4/155)
لان الفعل يقتضي مصدرا منكرا والنكرة في النفي تعم (فلو فعل) المحلوف عليه (مرة) حنث و (انحلت يمينه) وما في شرح المجمع من عدمه سهو (فلو فعله مرة أخرى لا يحنث) ألا في كلما (ولو قيدها بوقت) كوالله لا أفعل اليوم (فمضى) اليوم قبل (الفعل بر) لوجد ترك الفعل
في اليوم كله (وكذا إن هلك الحالف والمحلوف عليه) بر لتحقق العدم، ولو جن الحالف في يومه حنث عندنا، خلافا لاحمد.
فتح (ولو حلف ليفعلنه بر بمرة) لان النكرة في الاثبات تخص، والواحد هو المتيقن، ولو قيدها بوقت فمضى قبل الفعل حنث إن بقي الامكان، وإلا بأن وقع اليأس بموته أو بفوت المحل بطلت يمينه كما مر في مسألة الكوز.
زيلعي.(4/156)
(حلف وال ليعلمنه بكل داعر) بمهملتين أي مفسد (دخل البلدة تقيد) حلفه (بقيام ولايته) بيان لكون اليمين المطلقة تصير مقيدة بدلالة الحال وينبغي تقييد يمينه بفور علمه، وإذا سقطت لا تعود، ولو ترقى بلا عزل إلى منصب أعلى فاليمين باقية لزيادة تمكنه.
فتح.
ومن هذا الجنس مسائل منها: ما ذكره بقوله (كما لو حلف رب الدين غريمه أو الكفيل بأمر المكفول عنه أن لا يخرج من البلد إلا بإذنه تقيد بالخروج حال قيام الدين والكفالة) لان الاذن(4/157)
إنما يصح ممن له ولاية المنع وولاية المنع حال قيامه (و) منها: (لو كلف لا تخرج امرأته إلا بإذنه تقيد بحال قيام الزوجية) بخلاف لا تخرج امرأته من الدار لعدم دلالة التقييد.
زيلعي (حلف ليهبن فلانا فوهبه له فلم يقبل بر) وكذا كل عقد تبرع كعارية ووصية وإقرار (بخلاف البيع) ونحوه حيث لا يبر بلا قبول، وكذا في طرف النفي، والاصل أن عقود التبرعات بإزاء(4/158)
الايجاب فقط والمعاوضات بإزاء الايجاب والقبول معا (وحضرة الموهوب له شرط في الحنث) فلو وهب الحالف لغائب لم يحنث اتفاقا.
ابن ملك، فليحفظ (لا يحنث في حلفه لا يشم ريحانا بشم ورد وياسمين) والمعول عليه العرف.
فتح (و) يمين (الشم تقع على) الشم (المقصود فلا يحنث لو حلف لا يشم طيبا فوجد ريحه وإن دخلت الرائحة إلى دماغه) فتح.
(ويحنث في حلفه لا يشتري بنفسجا أو وردا بشراء ورقهما لا دهنهما) للعرف (حلف لا يتزوج فزوجه فضولي فأجاز بالقول حنث وبالفعل) ومنه الكتابة خلافا لابن سماعة (لا) يحنث، به يفتى.
خانية (ولو
زوجه فضولي ثم حلف لا يتزوج لا يحنث بالقول أيضا) اتفاقا لاستنادها لوقت العقد (كل امرأة تدخل في نكاحي) أو تصير حلالا لي (فكذا فأجار نكاح فضولي بالفعل لا يحنث) بخلاف كل(4/159)
عبد يدخل في ملكي فهو حر فأجازه بالفعل حنث اتفاقا لكثرة أسباب الملك.
عمادية.
وفيها: حلف لا يطلق فأجاز طلاق فضولي قولا أو فعلا فهو كالنكاح، غير أن سوق المهر ليس بإجازة لوجوبه قبل الطلاق، قال لامرأة الغير: إن دخلت دار فلان فأنت طالق فأجاز الزوج فدخلت طلقت (ومثله) في عدم حنثه بإجازته فعلا ما يكتبه الموثوقون في التعاليق من نحو قوله (إن تزوجت امرأة بنفسي أو بوكيلي أو بفضولي) أو دخلت في نكاحي بوجه ما تكن زوجته طالقا، لان قوله أو بفضولي إلى آخره عطف على قوله بنفسي، وعامله تزوجت وهو خاص بالقول إنمل ينسد باب الفضولي لو زاد أو أجزت نكاح فضولي ولو بالفعل فلا مخلص له، إلا إذا كان المعلق طلاق المزوجة فبرفع الامر إلى شافعي ليفسخ اليمين المضافة وقدمنا في(4/160)
التعاليق أن الافتاء كاف في ذلك، بحر (حلف لا يدخل دار فلان انتظم المملوكة والمستأجرة والمستعارة) لان المراد بها المسكن عرفا، ولا بد أن تكون سكناه لا بطريق التبعية فلو حلف لا يدخل دار فلانة فدخل دارها وزوجها ساكن بها لم يحنث، لان الدار إنما تنسب إلى الساكن وهو الزوج.
نهر عن الواقعات (لا يحنث في حلفه أنه لا مال له ولا دين على مفلس) بتشديد اللام: أي محكومة بإفلاسه (أو) على (ملئ) غني لان الدين ليس بمال بل وصف في الذمة لا يتصور قبضه حقيقة.
فروع: قال لغيره: والله لتفعلن كذا فهو حالف، فإن لم يفعله المخاطب حنث(4/161)
ما لم ينو الاستحلاف.
قال لغيره: أقسمت عليك بالله أو لم يقل عليك لتفعلن كذا فالحالف هو المبتدئ ما
لم ينو الاستفهام.
ولو قال عليك عهد الله إن فعلت كذا فقال نعم، فالحالف المجيب.(4/162)
لا يدخل فلان داره فيمينه على النهي إن لم يملك منعه، وإلا فعلى النهي والمنع جميعا.(4/163)
آجر داره ثم حلف أنه لا يتركه فيها بر بقوله اخرج.
لا يدع ما له اليوم على غريمه فقدمه للقاضي وحلفه بر.
قيل له إن كنت فعلت كذا فأمرأتك طالق فقال نعم وقد كان فعل طلقت.
وفي الاشباه: القاعدة الحادية عشرة السؤال معاد في الجواب، قال: امرأة زيد طالق أو عبده حر أو عليه المشي لبيت الله إن فعل كذا وقال زيد نعم كان حالفا إلى آخره.
ادعى عليه فحلف بالطلاق ما له عليه شئ فبرهن بالمال حنث، به يفتى.
حلف أن فلانا ثقيل وهو عند الناس غير ثقيل وعنده ثقيل لم يحنث، إلا أن ينوي ما عند الناس.
لا يعمل معه في القصارة مثلا فعمل مع شريكه حنث، ومع عبده المأذون لا.
لا يزرع أرض فلان فزرع أرضا بينه وبين غيره حنث، لان نصف الارض تمسى أرضا، بخلاف لا أدخل دار فلان فأدخل المشتركة إذا لم يكن ساكنا، والله سبحانه أعلم.(4/164)
كتاب الحدود (الحد) لغة: المنع.
وشرعا: (عقوبة مقدرة وجبت حقا لله تعالى) زجرا، فلا تجوز الشفاعة فيه.
بعد الوصول للحاكم، وليس مطهرا عندنا، بل المطهر التوبة.
وأجمعوا أنها لا(4/165)
تسقط الحد في الدنيا (فلا تعزير) حد لعدم تقديره (ولا قصاص حد) لانه حق المولى (والزنا) الموجب للحد (وطئ) وهو إدخال قدر حشفة من ذكر (مكلف) خرج الصبي والمعتوه (ناطق)
خرج وطئ الاخرس، فلا حد عليه مطلقا للشبهة.
وأما الاعمى فيحد للزنا بالاقرار(4/166)
لا بالبرهان.
شرح وهبانية (طائع في قبل مشتهاة) حالا أو ماضيا خرج المكره والدبر ونحو الصغيرة (خال عن ملكه) أي ملك الواطئ (وشبهته) أي في المحل لا في الفعل.
ذكره ابن الكمال، وزاد الكمال (في دار الاسلام) لانه لا حد بالزنا في دار الحرب (أو تمكينه من ذلك) بأن استلقى فقعدت على ذكره فإنهما يحدان لوجود التمكين (أو تمكينها) فن فعلها ليس وطأ(4/167)
بل تمكين، فتم التعريف، وزاد في المحيط: العلم بالتحريم، فلو لم يعلم لم يحد للشبهة.
ورده في فتح القدير بحرمته في كل ملة.
(ويثبت بشهادة أربعة)(4/168)
رجال (في مجلس واحد) فلو جاؤوا متفرقين حدوا (ب) لفظ (الزنا لا) مجرد لفظ (الوطئ والجماع) وظاهر الدرر أن ما يفيد معنى الزنا يقوم مقامه (ولو) كان (الزوج أحدهم إذا لم يكن) الزوج (قدفها) ولم يشهد بزناها بولده للتهمة، لانه يدفع اللعان عن نفسه في الاولى ويسقط نصف المهر لو قبل الدخول أو نفقة العدة لو بعده في الثانية.
ظهيرية (فيسألهم الامام عنه ما هو) أي عن ذاته وهو الايلاج.
عيني (وكيف هو وأين هو ومتى زنى وبمن زنى)(4/169)
لجواز كونه مكرها أو بدار الحرب أو في صباه أو بأمة ابنه، فيستقصي القاضي احتيالا للدرء (فإن بينوه وقالوا رأيناه وطئها في المكحلة) هو زيادة بيان احتيالا للدرء (وعدلوا سرا وعلنا) إذا لم يعلم بحالهم (حكم به) وجوبا، وترك الشهادة به أولى ما لم يكن(4/170)
متهتكا فالشهادة أولى.
نهر.
(ويثبت) أيضا (بإقراره) صريحا صاحيا، ولم يكذبه الآخر، ولا كذبه بجبه أو رتقها، ولا أقر بزناه بخرساء، أو هي بأخرس لجواز إبداء ما يسقط الحد، ولو أقر به أو بسرقة في حال سكره لا حد، ولو سرق أو زنى حد، لان الانشاء لا يحتمل التكذيب والاقرار يحتلمه.
نهر (أربعا في مجالسه)(4/171)
أي المقر (الاربعة كلما أقر رده) بحيث لا يراه (وسأله كما مر) حتى عن المزني بها لجواز بيانه بأمة ابنه.
نهر (فإن بينه) كما يحق (حد) فلا يثبت بعلم القاضي ولا بالبينة على الاقرار، ولو قضى بالبينة فأقر مرة لم يحد عند الثاني وهو الاصح، ولو أقر أربعا بطلت الشهادة إجماعا.
سراج.
(ويخلى سبيله إن رجع عن إقراره قبل الحد أو في وسطه ولو) رجوعه (بالفعل كهروبه) بخلاف الشهادة (وإنكار الاقرار رجوع، كما أن إنكار الردة توبة) كما سيجئ (وكذا يصح الرجوع عن الاقرار بالاحصان) لانه لما صار شرطا للحد صار حقا لله تعالى، فصح الرجوع عنه لعدم المكذب.
بحر (و) كذا عن (سائر الحدود الخالصة) لله،(4/172)
كحد شرب وسرقة وإن ضمن المال.
(وندب تلقينه) الرجوع ب (لعلك قبلت أو لمست أو وطئت بشبهة) لحديث ماعز.
(ادعى الزاني أنها زوجته سقط الحد عنه وإن) كانت (زوجة للغير) بلا بينة (ولو تزوجها بعده) أي بعد زناه (أو اشتراها لا) يسقط في الاصح لعدم الشبهة وقت الفعل.
بحر.
(ويرجم محصن في فضاء حتى يموت) ويصطفون كصفوف الصلاة لرجمه، كلما رجم قوم تنحوا ورجم آخرون.
(فلو قتله شخص أو فقأ عينه بعد القضاء به فهدر) وينبغي أن يعذر لافتياته على الامام.
نهر (و) لو (قبله) أي قبل القضاء به (يجب القصاص في العمد والدية في الخطأ) لان الشهادة
قبل الحكم بها لا حكم لها.
(والشرط بداءة الشهود به) ولو بحصاة صغيرة، إلا لعذر كمرض فيرجم القاضي بحضرتهم (فإن أبوا أو ماتوا أو غابوا) أو قطعوا بعد الشهادة (أو بعضهم سقط) الرجم لفوات الشرط.(4/173)
ولا يحدون في الاصح (كما لو خرج بعضهم عن الاهلية) للشهادة (بفسق أو عمى أو خرس) أو قذف ولو بعد القضاء، لان الامضاء من القضاء في الحدود وهذا لو محصنا، أما غيره فيحد في الموت والغيبة كما في الحاكم (ثم الامام) هذا ليس حتما، كيف وحضوره ليس بلازم.
قاله ابن الكمال.
وما نقله المصنف عن الكمال رده في النهر (ثم الناس) أفاد في النهر أن حضورهم ليس بشرط فرميهم كذلك، فلو امتنعوا لم يسقط.
(ويبدأ الامام لو مقرا) مقتضاه أنه لو امتنع لم يحل للقوم رجمه وإن أمرهم لفوت شرطه.(4/174)
فتح.
لكن سيجئ أنه لو قال قاض عدل: قضيت على هذا بالرجم وسعك رجمه وإن لم تعاين الحجة.
ويكره للمحرم الرجم، وإن فعل لا يحرم الميراث (وغسل وكفن وصلى عليه) وصح أنه عليه الصلاة والسلام صلى على الغامدية.
(وغير المحصن يجلد مائة إن حرا، ونصفها للعبد) بدلالة النص، والمراد بالمحصنات في الآية الحرائر.
ذكره البيضاوي وغيره.
وذكر الزيلعي أنه غلب الاناث على الذكور، لكنه عكس القاعدة.(4/175)
(و) العبد (لا يحده سيده بغير إذن الامام) ولو فعله هل يكفي؟ الظاهر لا، لقولهم: ركنه إقامة الامام، نهر (بسوط لا عقدة له).
في الصحاح: ثمرة السوط عقدة أطرافه (متوسطا) بين الجارج وغير المؤلم (ونزع ثيابه خلا إزار) ليستر عورته (وفرق) جلده (على بدنه خلا رأسه ووجهه وفرجه) قيل وصدره وبطنه، ولو جلده في يوم خمسين متوالية ومثلها في اليوم الثاني
أجزأه على الاصح.
جوهرة (و) قال علي رضي الله تعالى عنه (يضرب الرجل قائما) والمرأة قاعدة (في الحدود) والتعازير (غير ممدود) على الارض كما يفعل في زماننا فإنه لا يجوز.
نهر.
وكذا لا يمد السوط لان المشترك في النفي يعم.
ابن كمال (ولا تنزع ثيابها إلا الفرو والحشو،(4/176)
وتضرب جالسة) لما روينا (ويحفر لها) إلى صدرها (في الرجم) وجاز تركه لسترها بثيابها، و (لا) يجوز الحفر (له) ذكره الشمني.
ولا يربط ولا يمسك ولو هرب، فإن مقرا لا يتبع، وإلا اتبع حتى يموت كما مر (ولا جمع بين جلد ورجم) في المحصن (ولا بين جلد ونفي) أي تغريب في البكر، وفسره في النهاية بالحبس وهو أحسن وأسكن للفتنة من التغريب، لانه يعود على موضوعه بالنقض (إلا سياسة وتعزيرا) فيفوض للامام، وكذا في كل جناية.
نهر (ويرجم مريض زنى ولا يجلد) حتى(4/177)
يبرأ،(4/178)
إلا أن يقع اليأس من برئه فيقام عليه.
بحر.
(ويقام على الحامل بعد وضعها) لا قبله أصلا، بل تحبس لو زناها ببينة (فإن كان حدها الرجم رجمت حين وضعت) إلا إذا لم يكن للمولود من يريبه حتى يستغني، ولو ادعت الحبل يربها بالنساء، فإن قلن نعم حبسها سنتين ثم رجمها.
اختيار (وإن كان الجلد فبعد النفاس) لانه مرض.
(و) شرائط (إحصان الرجم) سبعة (الحرية، والتكليف) عقل وبلوغ (والاسلام، والوطئ) وكونه (بنكاح صحيح)(4/179)
حال الدخول (و) كونهما (بصفة الاحصان) المذكورة وقت الوطئ، فإحصان كل منهما شرط
لصيرورة الآخر محصنا، فلو نكح أمة أو الحرة عبد فلا إحصان، إلا أن يطأها بعد العتق فيحصل الاحصان به لا بما قبله، حتى لو زنى ذمي بمسلمة ثم أسلم لا يرجم بل يجلد.
وبقي شرط(4/180)
آخر ذكره ابن كمال، وهو أن لا يبطل إحصانهما بالارتداد، فلو ارتدا ثم أسلما لم يعد إلا بالدخول بعده، ولو بطل بجنون أو عنه عاد بالافاقة، وقيل بالوطئ بعده (و) اعلم أنه (لا يجب بقاء النكاح لبقائه) أي الاحصان، فلو نكح في عمره مرة ثم طلق وبقي مجردا وزنى: رجم، ونظم بعضهم الشروط فقال: شروط الاحصان أتت ستة فخذها عن النص مستفهما بلوغ وعقل وحرية ورابعها كونه مسلما وعقد صحيح ووطئ مباح متى اختل شرط فلا يرجما(4/181)
باب الوطئ الذي يوجب الحد، والذي لا يوجبه لقيام الشبهة لحديث ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم (الشبهة ما يشبه) الشئ (الثابت وليس بثابت) في نفس الامر (وهي ثلاثة أنواع: شبهة) حكمية (في المحل، وشبهة) اشتباه (في الفعل، وشبهة في العقد) والتحقيق دخول هذه في الاوليين وسنحققه (فإن ادعاها) أي الشبهة (وبرهن قبل) برهانه (وسقط الحد وكذا يسقط) أيضا (بمجرد دعواها إلا في) دعوى (الاكراه) خاصة (فلا بد من البرهان) لانه دعوى بفعل الغير فيلزم ثبوته.
بحر (لا حد) بلازم (بشبهة المحل)(4/182)
أي الملك، وتسمى شبهة حكمية: أي الثابت حكم الشرع بحله (وإن ظن حرمته كوطئ أمة ولده وولد ولده) وإن سفل ولو ولده حيا.
فتح، لحديث: أنت ومالك لابيك (ومعتدة الكنايات) ولو خلعا خلا عن مال وإن نوى بها ثلاثا.
نهر، لقول عمر رضي الله عنه: الكنايات
رواجع (و) وطئ (البائع) الامة (المبيعة والزوج) الامة (الممهورة قبل تسليمها) لمشتر وزوجة، وكذا بعده في الفاسد(4/183)
(ووطئ الشريك) أي أحد الشريكين (الجارية المشتركة و) وطئ (جارية مكاتبه وعبده المؤذون هل وعليه دين محيط بماله ورقبته) زيلعي.
(ووطئ جارية من الغنيمة بعد الاحراز) بدارنا (أو قبله) ووطئ جاريته قبل الاستبراء، والتي فيها خيار للمشتري، والتي هي أخته رضاعا، وزوجة حرمت بردتها أو مطاوعتها لابنه أو جماعه لامها أو بنتها، لان من الائمة من لم يحرم به وغير ذلك، كما لا يخفى على المتتبع، فدعوى الحصر في ستة مواضع ممنوعة.(4/184)
(و) لا حد أيضا (بشبهة الفعل) وتسمى شبهة اشتباه: أي شبهة في حق من حصل له اشتباه (وإن ظن حله) العبرة لدعوى الظن وإن لم يحصل له الظن، ولو ادعاه أحدهما فقط لم يحدا حتى يقرا جميعا بعلمهما بالحرمة.
نهر (كوطئ أمة أبويه) وأن عليا.
شمني (ومعتدة الثلاث) ولو جملة (وأمة امرأته وأمة سيده) ووطئ (المرتهن) الامة (المرهونة)(4/185)
في رواية كتاب الحدود، وهي المختار.
زيلعي.
وفي الهداية: المستعبر للرهن كالمرتهن.
وسيجئ حكم المستأجرة والمغصوبة، وينبغي أن الموقوفة عليه كالمرهونة.
نهر.
(و) معتدة (الطلاق على مال) وكذا المختلعة على الصحيح.
بدائع.
ومعتدة (الاعتاق) (و) الحال أنها (هي أم ولده، و) الواطئ (إن ادعى النسب يثبت في الاولى) شبهة المحل (لا في الثانية) أي شبهة الفعل لتمحضه زنا (إلا في المطلقة ثلاثا بشرطه) بأن تلد لاقل من سنتين لا لاكثر إلا بدعوة،(4/186)
كما مر في بابه، وكذا المختلعة والمطلقة بعوض بالاولى.
نهاية (و) إلا (في وطئ امرأة زفت) إليه (وقال النساء هي زوجتك ولم تكن كذلك) معتمدا خبرهن فيثبت نسبه بالدعوة.
بحر.
(و) لا حد أيضا (بشبهة العقد) أي عقد النكاح (عنده) أي الامام (كوطئ محرم نكحها)(4/187)
وقالا: إن علم الحرمة حد، وعليه الفتوى.
خلاصة.
لكن المرجح في جميع الشروح قول الامام، فكان الفتوى عليه أولى.
قاله قاسم في تصحيحه.
لكن في القهستاني عن المضمرات: على قولهما الفتوى: وحرر في الفتح أنها من شبهة المحل وفيها يثبت النسب كما مر (أو) وطئ في (نكاح بغير شهود) لا حد لشبهة العقد.
وفي المجتبى: تزوج بمحرمه أو منكوحة الغير أو معتدته ووطئها ظانا الحل لا يحد ويعزر، وإن ظانا الحرمة فكذلك عنده(4/188)
خلافا لهما.
فظهر أن تقسيمها ثلاثة أقسام: قول الامام (وحد بوطئ أمة أخيه وعمه) وسائر محارمه سوى الولاد لعدم البسوطة.
(و) بوطئ (امرأة وجدت على فراشه) فظنها زوجته.
(ولو هو أعمى) لتمييزه بالسؤال إلا إذا دعاها فأجابته قائلة أنا زوجتك أو أنا فلانة باسم زوجته فواقعها، لان الاخبار دليل شرعي، حتى لو أجابته بالفعل أو بنعم حد.
(وذمية) عطف على ضمير حد وجاز للفصل (زنى بها حربي) مستأمن (و) حد ذمي زنى بحربية مستأمنة (لا) يحد الحربي في الاولى (والحربية) في الثانية، والاصل عند الامام الحدود كلها لا تقام على(4/189)
مستأمن إلا حد القذف.
(و) لا يحد بوطئ (بهيمة) بل يعزر وتذبح ثم تحرق، ويكره الانتفاع بها حية وميتة.
مجتبى.
وفي النهر: الظاهر أنه يطالب ندبا، لقولهم تضمن بالقيمة (و) لا يحد (وطئ أجنبية زفت إليه، وقيل) خبر الواحد كاف في كل ما يعمل فيه بقول النساء.
بحر (هي عرسك وعليه(4/190)
مهرها) بذلك قضى عمر رضي الله عنه وبالعدة (أو) بوطئ (دبر) وقالا: إن فعل في الاجانب
حد، وإن في عبده أو أمته أو زوجته فلا حد إجماعا بل يعزر.
قال في الدرر بنحو الاحراق بالنار وهدم الجدار والتنكيس من محل مرتفع باتباع الاحجار.
وفي الحاوي: والجلد أصح.
وفي الفتح: يعزر ويسجن حتى يموت أو يتوب.
ولو اعتاد اللواطة قتله الامام سياسة.(4/191)
قلت: وفي النهر معزيا للبحر: التقييد بالامام يفهم أن القاضي ليس له الحكم بالسياسة.
فرع: في الجوهرة: الاستمناء حرام، وفيه التعزير، ولو مكن امرأته أو أمته من العبث بذكره فأنزل كره ولا شئ عليه (ولا تكون) اللواطة (في الجنة على الصحيح) لانه تعالى استقبحها وسماها خبيثة، والجنة منزهة عنها.
فتح.
وفي الاشباه: حرمتها عقلية فلا وجود لها في الجنة.
وقيل: سمعية فتوجد وقيل: يخلق الله تعالى طائفة صفهم الاعلى كالذكور والاسفل كالاناث.
والصحيح الاول.
وفي البحر حرمتها أشد من الزنا لحرمتها عقلا وشرعا وطبعا، والزنا ليس بحرام طبعا، ونزول حرمته بتزوج وشراء بخلافها، وعدم الحد عنده لا لخفتها بل(4/192)
للتغليظ لانه مطهر على قول.
وفي (المجتبى): يكفر مستحلها عند الجمهور (أو زى في دار الحرب أو البغي) إلا إذا زنى في عسكر لاميره ولاية الاقامة.
هداية.
(ولا) حد (بزنا غير مكلف بمكلفة مطلقا) لا عليه ولا عليها (وفي عكسه حد) فقط.
(ولا) حد (بالزنا بالمستأجرة له) أي للزنا.
والحق وجوب الحد كالمستأجرة للخدمة.
فتح (ولا بالزنا بإكراه و) لا (بإقرار إن أنكر الآخر) للشبهة،(4/193)
وكذا لو قال اشتريتها ولو حرة.
مجتبى.
(وفي قتل أمة بزناها الحد) بالزنا والقيمة بالقتل، ولو أذهب عينها لزمه قيمتها وسقط الحد لتملكه الجثة العمياء فأورث شبهة.
هداية.
وتفصيل ما لو أفضاها في الشرح.(4/194)
(ولو غصبها ثم زنى بها ثم ضمن قيمتها فلا حد عليه) اتفاقا (بخلاف ما لو زنى بها) ثم غصبها ثم ضمن قيمتها، كما لو زنى بحرة ثم نكحها لا يسقط الحد اتفاقا.
فتح.
(والخليفة) الذي لا والي فوقه (يؤخذ بالقصاص والاموال) لانهما من حقوق العباد، فيستوفيه ولي الحق، إما بتمكينه أو بمنعة المسلمين، وبه علم أن القضاء ليس بشرط لاستيفاء القصاص والاموال بل للتمكين.
فتح (ولا يحد) ولو لقذف لغلبة حق الله تعالى وإقامته إليه ولا ولاية لاحد عليه (بخلاف أمير البلدة) فإنه يحد بأمر الامام، والله أعلم.(4/195)
باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها (شهدوا بحد متقادم بلا عذر) كمرض أو بعد مسافة أو خوف أو خوف طريق (لم تقبل) للتهمة (إلا في حد القذف) إذ فيه حق العبد (ويضمن المال المسروق) لانه حق العبد فلا يسقط بالتقادم (ولو أقر به) أي بالحد (مع التقادم حد) لانتفاء التهمة (إلا في الشرب) كما سيجئ (وتقادمه بزوال الريح، ولغيره بمضي شهر) هو الاصح.(4/196)
(ولو شهدوا بزنا متقادم حد الشهود عند البعض، وقيل لا) كذا كذا في الخانية.
(شهدوا على زناه بغائبة حد، ولو على سرقة من غائب لا) لشرطية الدعوى في السرقة دون الزنا.
(أقر بالزنا بمجهولة حد، وإن شهدوا عليه بذلك لا) لاحتمال أنها امرأته أو أمته (لاختلافهم في طوعها أو في البلد، ولو) كان (على كل زنا أربعة) لكذب أحد الفريقين: يعني(4/197)
إن ذكروا وقتا واحد وتباعد المكانان وإلا قبلت.
فتح (ولو اختلفوا في) زاويتي (بيت واحد صغير جدا) أي الرجل والمرأة استحسانا لامكان التوفيق.
(ولو شهدوا على زناها و) لكن (هي بكر) أو رتقاء أو قرناء (أو هم فسقة أو شهدوا على
شهادة أربعة وإن) وصلية (شهد الاصول) بعد ذلك (لم يجد أحد) وكذا لو شهدوا على زناه فوجد مجبوبا.
(ولو شهدوا بالزنا و) لكن (ههم عميان أو محدودون في قذف أو ثلاثة أو أحدهم محدود أو عبد أو وجد أحدهم كذلك بعد إقامة الحد حدوا) للقذف إن طلبه المقذوف (وأرش جلده) وإن مات منه (هدر) خلافا لها (ودية رجمه في بيت المال اتفاقا) ويحد من رجع من الاربعة (بعد(4/198)
الرجم فقط) لانقلاب شهادته بالرجوع قذفا (وغرم ربع الدية، و) إن رجع (قبله) أي الرجم (حدوا) للقذف (ولا رجم) لان الامضاء من القضاء في باب الحدود.
(ولا شئ على خامس) رجع بعد الرجم (فإن رجع آخر حدا وغرما ربع الدية) ولو رجع الثالث ضمن الربع، ولو رجع الخمسة ضمنوها أخماسا.
حاوي.
(وضمن المزكي دية المرجوم إن ظهروا) غير أهل للشهادة (عبيدا أو كفارا) وهذا إذا(4/199)
أخبر المزكي بحرية الشهود وإسلامهم ثم رجع قائلا تعمدت الكذب، وإلا فالدية في بيت المال اتفاقا، ولا يحدون للقذف لانه لا يورث.
بحر (كما لو قتل من أمر برجمه) بعد التزكية (فظهروا كذلك غير أهل) فإن القاتل يضمن الدية استحسانا لشبهة صحة القضاء، فلو قتله قبل الامر أو بعده قبل التزكية اقتص منه كما يقتص بقتل المقضي بقتله قصاصا ظهر الشهود عبيدا أو لا، لان الاستفاء للولي.
زيلعي من الردة (وإن رجم ولم يزك) الشهود (فوجدوا عبيدا فديته في بيت المال) لامتثاله أمر الامام فنقل فعله إليه (وإن قال شهود الزنا تعمدنا النظر قبلت)(4/200)
لاباحته لتحمل الشهادة (إلا إذا قالوا) تعمدناه (للتلذذ فلا) تقبل لفسقهم فتح (وإن أكر الاحصان فشهد عليه رجل وامرأتان أو ولدت زوجته منه) قبل الزنا.
نهر (رجم.
ولو خلا بها ثم طلقها وقال وطئتها وأنكرت فهو محصن) بإقراره (دونها) لما تقرر أن الاقرار حجة قاصرة (كما لو قالت
بعد الطلاق كنت نصرانية وقال كانت مسلمة) فيرجم المحصن ويجلد غيره، وبه استغنى عما(4/201)
يوجد في بعض نسخ المتن من قوله: (إذا كان أحد الزانيين محصنا يحد كل منهما حده) فتأمل.
(تزوج بلا ولي فدخل بها لا يكون محصنا عند الثاني) لشبهة الخلاف.
نهر.
والله أعلم.
باب حد الشرب المحرم (يحد مسلم) فلو ارتد فسكر فأسلم لا يحد لانه لا يقام على الكفار.
ظهيرية.
لكن في منية المفتي: سكر الذمي من الحرام حد في الاصح لحرمة السكر في كل ملة (ناطق)(4/202)
فلا يحد أخرس للشبهة (مكلف) طائع غير مضطر (شرب الخمر ولو قطرة) بلا قيد سكر (أو سكر من نبيذ) ما، به يفتى (طوعا) عالما بالحرمة حقيقة أو حكما(4/203)
بكونه في دارنا، لما قالوا: لو دخل حربي دارنا فأسلم فشرب الخمر جاهلا بالحرمة لا يحد، بخلاف الزنا لحرمته في كل ملة.
قلت: يرد عليه حرمة السكر أيضا في كل ملة، فتأمل (بعد الافاقة) فول حد قبلها فظاهره أنه يعاد عيني.(4/204)
(إذا أخذ) الشارب (وريح ما شرب) من خمر أو نبيذ.
فتح.
فمن قصر الرائحة على الخمر فقد قصر (موجودة) خبر الريح وهو مؤنث سماعي.
غاية (إلا أن تنقطع) الرائحة (لبعد المسافة) وحينئذ فلا بد أن يشهدا بالشرب طائعا ويقولا أخذناه وريحها موجودة (ولا يثبت) الشرب (بها) بالرائحة (ولا بتقايئها، بل بشهادة رجلين يسألهما الامام عن ماهيتها وكيف شرب) لاحتمال(4/205)
الاكراه (ومتى شرب) لاحتمال التقادم (وأين شرب) لاحتمال شربه في دار الحرب، فإذا بينوا
ذلك حبسه حتى يسأل عن عدالتهم، ولا يقضي بظاهرها في حد ما.
خانية.
ولو اختلفا في الزمان أو شهد أحدهما بسكره من الخمر والآخر من السكر لم يجد.
ظهيرية (أو) يثبت (بإقراره مرة صاحيا ثمانين سوطا) متعلق بيحد (للحر، ونصفها للعبد، وفرق على بدنه كحد الزنا) كما مر.
(فلو أقر سكران أو شهدوا بعد زوال ريحها) لا لبعد المسافة (أو أقر كذلك أو رجع عن(4/206)
إقراره لا) يحد، لانه خالص حق الله تعالى فيعمل الرجوع فيه، ثم ثبوته بإجماع الصحابة ولا إجماع إلا برأي عمر وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين، وهما شرطا قيام الرائحة.
(والسكران من لا يفرق بين) الرجل والمرأة و (السماء والارض.
وقالا: من يختلط كلامه) غالبا، فلو نصفه مستقيما فليس بسكران.
بحر (ويختار للفتوى) لضعف دليل الامام.
فتح.
(ولو ارتد السكران) لم يصح ف (- لا تحرم عرسه) وهذه إحدى المسائل السبع المستثناة من أنه كالصاحي كما بسطه المصنف معزيا للاشباه وغيرها.(4/207)
ونقل في الاشربة عن الجوهرة حرمة أكل بنج وحشيشة وأفيون، لكن دون حرمة الخمر، ولو سكر بأكلها لا يحد بل يعزر انتهى.
وفي النهر: التحقيق ما في العناية أن البنج مباح لانه حشيش، أما السكر منه فحرام.
(أقيم عليه بعض الحد فهرب)(4/208)
ثم أخذ لعد التقادم لا يحد، لما مر أن الامضاء من القضاء في باب الحدود.
(و) لو (شرب) أو زنى (ثانيا يستأنف الحد) لتداخل المتحد كما سيجئ.
فرع: سكران أو صاح جمح به فرسه فصدم إنسانا فمات، إن قادرا على منعه ضمن، وإلا لا.
مصنف عمادية.
باب حد القذف هو لغة: الرمي.
وشرعا: الرمي بالزنا، وهو الكبائر بالاجماع.
فتح لكن في النهر:(4/209)
قذف غير المحصن كصغيرة مملوكة وحرة مهتكة من الصغائر.
(هو كحد الشرب كمية وثبوتا) فيثبت برجلين يسألهما الامام عن ماهيته وكيفيته(4/210)
إلا إذا شهدا بقوله يا زاني ثم يحبسه ليسأل عنهما كما يحبسه لشهود يمكن إحضارهم في ثلاثة أيام، وإلا لا.
ظهيرية.
ولا يكلفه خلافا للثاني.
نهر.
(ويحد الحر أو العبد) ولو ذميا أو امرأة (قاذف المسلم الحر) الثابتة حريته، وإلا ففيه التعزير (البالغ العاقل العفيف) عن فعل الزنا،(4/211)
فينقص عن إحصان الرجم بشيئين: النكاح، والدخول.
وبقي من الشروط أن لا يكون ولده أو ولد ولده أو أخرس أو مجبوبا أو خصيا أو وطئ أو بنكاح أو ملك فاسد أو هي رتقاء أو قرناء وأن يوجد الاحصان وقت الحد، حتى لو ارتد سقط حد القاذف ولو أسلم بعد ذلك.(4/212)
فتح (بصريح الزنا) ومنه: أنت أزنى من فلان أو مني.
على ما في الظهيرية، ومثله النيك.
كما نقله المصنف عن شرح المنار، ولو قال: يا زانئ بالهمز لم يحد.
شرح تكملة (أو) بقوله (زنأت في الجبل) بالهمز فإنه مشترك بين الفاحشة والصعود، وحالة الغضب تعين الفاحشة (أو لست لابيك) ولو زاد ولست لامك أو قال لست لابويك فلا حد (أو لست بابن فلان: لابيه) المعروف به (و) الحال أن (أمه محصنة)(4/213)
لانها المقذوفة في الصورتين، إذ المعتبر إحصان المقذوفة لا الطالب.
شمني (في غضب) يتعلق بالصور الثلاث (بطلب المقذوف) المحصن لانه حقه (ولو) المقذوف (غائبا) عن مجلس القاذف (حال القذف) وإن لم يسمعه أحد.
نهر.
بل وإن أمره المقذوف بذلك.
شرح تكملة(4/214)
(وينزع الفرو والحشو فقط) إظهارا للتخفيف باحتمال صدقه، بخلاف حد شرب وزنا (لا) يحد (بلست بابن فلان جده) لصدقه (وبنسبته إليه أو إلى خاله أو إلى عمه أو رابه) بتشديد الباء: مربيه ولو غير زوج أمه.
زيلعي.
لانهم آباء مجازا (ولا بقوله يا ابن ماء السماء) وفيه نظر.
ابن(4/215)
كمال (ولا) بقوله: (يا نبطي) لعربي في النهر متى نسبه لغير قبيلته أو نفاه عنها عزر، وفيه: يا فرح الزنا يا بيض الزنا يا حمل الزنا يا سخلة الزنا قذف، بخلاف: يا كبش الزنا أو يا حرام زاده قنية، وفيها: لو جحد أبوه نسبه فلا حد (ولا) حد (بقوله لامرأة زنيت ببعير أو بثور أو بحمار أو بفرس) لانه ليس بزنا شرعا (بخلاف زنيت ببقرة أو بشاة) أو بناقة أو بحمارة (أو بثوب أو بدراهم) فإنه يحد، لانها لا تصلح للايلاج فيراد زنيت وأخذت البدل، ولو قيل هذا لرجل فلا حد لعدم العرف بأخذه للمال (و) إنما (يطلبه بقذف الميت من يقع القدح في نسبه ب) سبب(4/216)
(قذفه) أي الميت (وهم الاصول والفروع وإن علوا أو سفلوا، ولو كان الطالب) محجوبا أو (محروما من الميراث) بقتل أو رق أو كفر (أو ولد بنت) ولو مع وجود الاقرب أو عفوه أو تصديقه للحوقهم العار بسبب الجزئية، قيد بالميت لعدم مطالبتهم في الغائب لجواز تصديقه إذا حضر.
(قال يا ابن الزانيين وقد مات أبواه فعليه حد واحد) للتداخل الآتي ثم موت أبويه ليس بقيد، بل فائدته في المطالبة.
ذكر في آخر المبسوط أن معتوهة قالت لرجل يا ابن الزانيين، فجاء بها إلى ابن أبي ليلى
فاعترفت فحدها حدين في المسجد، فبلغ أبا حنيفة فقال: أخطأ في سبعة مواضع: بنى(4/217)
الحكم على إقرار المعتوهة، وألزمها الحد، وحدها حدين، وأقامهما معا، وفي المسجد، وقائمة، وبلا حضرة وليها.
وقال في الدرر: ولم يتعرف أن أبويه حيان فتكون الخصومة لهما أو ميتان فتكون الخصومة للابن.
(اجتمعت عليه أجناس مختلفة) بأن قذف وشرب وسرق وزنى غير محصن (يقام عليه الكل) بخلاف المتحد (ولا يوالي بينها) خيفة الهلاك بل يحبس حتى يبرأ (فيبدأ بحد القذف) لحق العبد (ثم هو) أي الامام (مخير إن شاء بدأ بحد الزنا وإن شاء بالقطع) لثبوتهما بالكتاب (ويؤخر حد الشرب) لثبوته باجتهاد الصحابة، ولو فقأ أيضا بدأ بالفق ء ثم بالقذف ثم يرجم لو محصنا ولغا غيرها.
بحر.
وفي الحاوي القدسي: ولو قتل ضرب للقذف وضمن للسرقة ثم قتل وترك ما بقي.(4/218)
ويؤخذ ما سرقه من تركته لعدم قطعه.
نهر.
(ولا يطالب ولد) أي فرع وإن سفل (وعبد أباه) أي أصله وإن علا (وسيده) لف ونشر مرتب (بقذف أمه الحرة المسلمة) المحصنة (فلو كان لها ابن من غيره) أو أب أو نحوه (ملك الطلب) في النهر.
وإذا سقط عنه الحد عزر، بل بشتم ولده يعزر (ولا إرث) فيه خلافا للشافعي (ولا رجوع) بعد إقرار (ولا اعتياض) أي أخذ عوض ولا صلح(4/219)
ولا عفو (فيه.
وعنه) نعم لو عفا المقذوف فلا حد لا لصحة العفو بل لترك الطلب، حتى لو عاد وطلب حد.
شمني ولذا لا يتم الحد إلا بحضرته (قال لآخر يا زاني فقال الآخر) لا (بل أنت حدا) لغلبة حق الله تعالى فيه (بخلاف ما لو قال له مثلا يا خبيث فقال بل أنت) لم يعزرا لانه حقهما وقد تساويا ف (- تكافأ) بخلاف ما سيجئ لو تشاتما بين يدي القاضي أو تضاربا لم
يتكافا لهتك مجلس الشرع ولتفاوت الضرب(4/220)
(ولو قاله لعرسه) وهو من أهل الشهادة (فردت به حدث ولا لعان) الاصل أن الحدين إذا اجتمعا وفي تقديم أحدهما إسقاط الآخر وجب تقديمه احتيالا للدرء واللعان في معنى الحد، ولذا قالوا لو قال لها يا زانية بنت الزانية بدئ بالحد لينتفي اللعان (ولو قالت) في جوابه (زنيت بك) أو معك (هدرا) أي الحد واللعان للشك قيد بالخطاب لانها لو أجابته بأنت أزنى مني حد وحده.
خانية (ولو كان) ذلك (مع أجنبية حدت دونه) لتصديقها (أقر بولد ثم نفاه يلاعن وإن عكس حد) للكذب (والولد فيهما) لاقراره(4/221)
(ولو قال ليس بابني ولا بابنك فهدر) لانه أنكر الولادة.
(قال لامرأة يا زاني حد اتفاقا) لان الهاء تحذف للترخيم (ولرجل يا زانية لا) وقال محمد: يحد لان الهاء تدخل للمبالغة كعلامة.
قلنا الاصل في الكلام التذكير.
(ولا حد بقذف من لها ولد لا أب له) معروف (في بلد القذف) أو من لا عنت بولد (لانه أمارة الزنا أو) بقذف (رجل وطئ في غير ملكه بكل وجه) كأمة ابنه (أو بوجه) كأمة مشتركة (أو في ملكه المحرم أبدا كأمة هي أخته رضاعا) في الاصح لفوات العفة(4/222)
(أو) بقذف (من زنت في كفرها) لسقوط الاحصان (أو) بقذف (مكاتب مات عن وفاء) لاختلاف الصحابة في حريته فأورث شبهة.
(وحد قاذف واطئ عرسه حائضا وأمة مجوسية ومكاتبة ومسلم نكح محرمه في كفره) لثبوت ملكه فيهن، وفي الذخيرة خلافهما.
(و) حد (مستأمن قذف مسلما) لانه التزم إيفاء حقوق العباد (بخلاف حد الزنا والسرقة) لانهما من حقوق الله تعالى المحضة كحد الخمر.
وأما الذمي فيحد في الكل إلا الخمر.
غاية، لكن قدمنا عن المنية تصحيح حده بالسكر أيضا.
وفي السراجية: إذا اعتقدوا حرمة(4/223)
الخمر كانوا كالمسلمين، وفيها، لو سرق الذمي أو زنى فأسلم إن ثبت بإقراره أو بشهادة المسلمين حد، وإن بشهادة أهل الذمة لا (أقر القاذف بالقذف فإن أقام أربعة على زناه) ولو في كفره لسقوط إحصانه كما مر (أو أقر بالزنا) أربعا (كما مر) عبارة الدرر: أو إقراره بالزنا، فيكون معناه: أو أقام بينة على إقراره بالزنا، وقد حرر في البحر أن البينة على ذلك لا تعتبر أصلا ولا يعول عليها، لانه إن كان منكرا فقد رجع فتلغو البينة، وإن كان مقرا لا تسمع مع الاقرار إلا في سبع مذكورة في الاشباه ليست هذه منها، فلذا غير المصنف العبارة، فتنبه (حد المقذوف) يعني إذا لم تكن الشهادة بحد متقادم كما لا يخفى (وإن عجز) عن البينة للحال (واستأجل لاحضار شهوده في المصر يؤجل إلى قيام المجلس، فإن عجز حد، ولا يكفل(4/224)
ليذهب لطلبهم بل يحبس ويقال ابعث إليهم) من يحضرهم، ولو أقام أربعة فساقا أنه كما قال درئ الحد عن القاذف والمقذوف والشهود ملتقط.
(يكتفي بحد واحد لجنايات اتحد جنسها، بخلاف ما اختلف) جنسها كما بيناه، وعم إطلاقه ما إذا اتحد المقذوف أم تعدد بكلمة أم كلمات في يوم أم أيام طلب كلهم أم بعضهم، وما إذا حد للقذف إلا سوطا ثم قذف آخر في المجلس فإنه يتم الاول، ولا شئ للثاني للتداخل،(4/225)
وأما إذا قذف فعتق فقذف آخر حد العبد فإن آخذه الثاني كمل له ثمانون لوقوع الاربعين لهما.
فتح.
وفي سرقة الزيلعي قذفه فحد ثم قذفه لم يحد ثانيا، لان المقصود وهو إظهار كذبه ودفع العار حصل بالاول اه.
ومفاده أنه لو قال له يا ابن الزانية وأمه ميتة فخاصمه حد ثانيا كما لا يخفى وأفاد تقييده بالحد أن التعزير يتعدد ألفاظه لانه حق العبد.
فرع: عاين القاضي رجلا زنى أو شرب لم يحده استحسانا.
وعن محمد يحده قياسا على حد القذف والقود.
قلنا: الاستيفاء للقاضي وهو مندوب للدرء بالخبر فلحقه التهمة.
حواشي السعدية.(4/226)
باب التعزير (هو) لغة التأديب مطلقا، وقول القاموس: إنه يطلق على ضربه دون الحد غلط.
نهر.
وشرعا (تأديب دون الحد أكثره تسعة وثلاثون سوطا،(4/227)
وأقله ثلاثة) لو بالضرب.
وجعله في الدرر على أربع مراتب، وكله مبني على عدم تفويضه للحاكم مع أنها ليست على إطلاقها، فإن من كان من أشراف الاشراف لو ضرب غيره فأدماه لا يكفي تعزيره بالاعلام، وأرى أنه بالضرب صواب (ولا يفرق الضرب فيه)(4/228)
وقيل يفرق.
ووفق بأنه إن بلغ أقصاه يفرق وإلا لا.
شرح وهبانية (ويكون و) بالحبس و (بالصفع) على العتق (وفرك الاذن، وبالكلام العنيف، وبنظر القاضي له بوجه عبوس، وشتم غير القذف) مجتبى.
فيه عن السرخسى: لا يباح بالصفع لانه من اعلى ما يكون من الاستخفاف، فصيان عنه أهل القبلة (لا بأخذ مال في المذهب) بحر.
وفيه عن البزازية: وقيل يجوز، ومعناه أن يمسكه مدة لينزجر ثم يعيده له، فإن أيس من توبته صرفه إلى ما يرى، وفي المجتبى أنه كان في ابتداء الاسلام ثم نسخ.
(و) التعزير (ليس فيه تقدير، بل هو مفوض إلى رأي القاضي)(4/229)
وعليه مشايخنا.
زيلعي.
لان المقصود منه الزجر، وأحوال الناس فيه مختلفة.
بحر (ويكون) التعزير (بالقتل كمن)(4/230)
وجد رجلا مع امرأة لا تحل له، ولو أكرهها فلها قتله ودمه هدر، وكذا الغلام.
وهبانية (إن كان يعلم أنه لا ينزجر بصياح وضرب بما دون السلاح وإلا) بأن علم أنه ينزجر بما ذكر (لا) يكون بالقتل (وإن كانت المرأة مطاوعة قتلهما) كذا عزاه الزيلعي للهندواني.
ثم قال (و) في منية المفتي (لو كان مع امرأته وهو يزني بها أو مع محرمه وهما مطاوعان قتلهما جميعا) اه.
وأقره في الدرر.
وقال في البحر: ومفاده الفرق بين الاجنبية والزوجة والمحرم، فمع الاجنبية لا يحل القتل إلا بالشرط المذكور من عدم الانزجار المزبور، وفي غيرها يحل (مطلقا) اه.
ورده في النهر بما في البزازية وغيرها من التسوية بين الاجنبية وغيرها، ويدل عليه تنكير الهندواني للمرأة، نعم ما في المنية مطلق فيحمل على المقيد ليتفق كلامهم، ولذا جزم في الوهبانية بالشرط المذكور مطلقا وهو الحق(4/231)
بلا شرط إحصان، لانه ليس من الحد بل من الامر بالمعروف.
وفي المجتبى: الاصل أن كل شخص رأى مسلما يزني يحل له أن يقتله، وإنما يمتنع خوفا من أن لا يصدق أنه زنى (وعلى هذا) القياس (المكابر بالظلم وقطاع الطريق وصاحب المكس وجميع الظلمة بأدنى شئ له قيمة) وجميع الكبائر والاعونة والسعاة يباح قتل الكل ويثاب قاتلهم.
انتهى.
وأفتى الناصحي بوجوب قتل كل مؤذ.
وفي شرح الوهبانية: ويكون بالنفي عن البلد، وبالهجوم على بيت المفسدين، وبالاخراج من الدار، وبهدمها، وكسر دنان(4/232)
الخمر وإن ملحوها، ولم ينقل إحراق بيته (ويقيمه كل مسلم حال مباشرة المعصية) قنية (و) أما (بعده) ف (- ليس ذلك لغير الحاكم) والزوج والمولى كما سيجئ.
فرع: من عليه التعزير لو قال لرجل أقم علي التعزير ففعله ثم رفع للحاكم فإنه يحتسب به قنية.
وأقره المصنف، ومثله في دعوى الخانية، لكن في الفتح: ما يجب حقا للعبد لا(4/233)
يقيمه إلا الامام لتوقفه على الدعوى إلا أن يحكما فيه، فليحفظ.
(ضرب غيره بغير حق وضربه المضروب) أيضا (يعزران) كما لو تشاتما بين يدي القاضي ولم يتكافا كما مر (ويبدأ بإقامة التعزير بالبادئ) لانه أظلم.
قنية.
وفي مجمع الفتاوى: جاز المجازاة بمثله في غير موجب حد للاذن به * (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) *.
والعفو أفضل * (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) *.
(وصح حبسه) ولو في بيته بأن يمنعه من الخروج منه.
نهر (مع ضربه) إذا احتيج لزيادة تأديب (وضربه أشد) لانه خفف عددا فلا يخفف وصفا (ثم حد الزنا) لثبوته بالكتاب (ثم حد الشرب) لثبوته بإجماع الصحابة لا بالقياس لانه لا يجري في الحدود (ثم القذف) لضعف سببه باحتمال صدق القاذف.
(وعزر كل مرتكب منكر أو مؤذي مسلم بغير حق بقول أو فعل)(4/234)
إلا إذا كان الكذب ظاهرا كيا كلب.
بحر (ولو بغمز العين) أو إشارة اليد لانه غيبة كما يأتي في الحظر، فمرتكبه مرتكب محرم، وكل مرتكب معصية لا حد فيها، فيها التعزير.
أشباه (فيعزر) بشتم ولده وقذفه و (فيعزر) بشتم ولده وقذفه و (بقذف مملوك) ولو أم ولده (وكذا بقذف كافر) وكل من ليس بمحصن (بزنا) ويبلغ به غايته، كما لو أصاب من أجنبية محرما غير جماع، أو أخذ السارق بعد جمعه للمتاع قبل إخراجه، وفيما عداها لا يبلغ غايته، وبقذف: أي بشتم (مسلم) ما ب (- يا فاسق إلا(4/235)
أن يكون معلوم الفسق) كمكاس مثلا أو علم القاضي بفسقه: لان الشين قد ألحقه هو بنفسه قبل قول القائل.
فتح (فإن أراد القاذف) إثباته بالبينة (مجردا) بلا بيان سببه (لا تسمع.
ولو قال يا(4/236)
زاني وأراد إثباته تسمع) لثبوت الحد، بخلاف الاول، حتى لو بينوا فسقه بما فيه حق لله تعالى أو للعبد قبلت، وكذا في جرح الشاهد.
وينبغي أن يسأل القاضي عن سبب فسقه، فإن بين سببا شرعيا كتقبيل أجنبية وعناقها وخلوته بها طلب بينة ليعزره، ولو قال هو ترك واجب، سأل
القاضي المشتوم عما يجب عليه تعلمه من الفرائض، فإن لم يعرفها ثبت فسقه، لما في المجتبى: من ترك الاشتغال بالفقه لا تقبل شهادته، والمراد ما يجب تعلمه منه.
نهر.
(وعزر) الشاتم (بيا كافر) وهل يكفر إن اعتقد المسلم كافرا؟ نعم، وإلا لا، به يفتى.
شرح وهبانية.
ولو أجابه لبيك كفر.
خلاصة.
وفي التاترخانية: قيل لا يعزر ما لم يقل يا كافر بالله لانه كافر بالطاغوت فيكون محتملا (يا خبيث يا سارق يا فاجر(4/237)
يا مخنث يا خائن) يا سفيه يا بليد يا حميق يا مباحي يا عواني (يا لوطي) وقيل يسأل، فإن عنى أنه من قوم لوط عليه الصلاة والسلام لا يعزر.
وإن أراد به أنه يعمل عملهم عزر عنده، وحد عندهما.
والصحيح تعزيره لو في غضب أو هزل.
فتح (يا زنديق) يا منافق يا رافضي يا مبتدعي يا يهودي يا نصراني يابن النصراني نهر (يا لص إلا أن يكون لصا) لصدق القائل(4/238)
كما مر، والنداء ليس بقيد، إذ الاخبار كأنت أو فلان فاسق ومحوه كذلك ما لم يخرج مخرج الدعوى.
قنية (يا ديوث) هو من لا يغار على امرأته أو محرمه (يا قرطبان) مرادف ديوث بمعنى معرص (يا شارب الخمر، يا آكل الربا يابن القحبة) فيه إيماء إلى أنه إذا شتم أصله عزر بطلب الولد كيا ابن الفاسق يا ابن الكافر، وأنه يعزر بقوله يا قحبة.
لا يقال: القحبة عرفا أفحش من الزانية لكونها تجاهر به بالاجرة.
لانا نقول: لذلك المعنى لم يحد، فإن الزنا بالاجرة يسقط الحد عنده خلافا لهما.
ابن كمال، لكن صرح في المضمرات بوجوب الحد فيه.
قال المصنف: وهو ظاهر (يا ابن الفاجرة، أنت مأوى اللصوص، أنت مأوى الزواني، يا من يلعب بالصبيان، يا حرام زاده) معناه المتولد من الوطئ الحرام، فيعم حالة الحيض.
لا يقال: في العرف لا يراد ذلك بل يراد ولد الزنا.
لانا نقول: كثيرا ما يراد به الخداع(4/239)
اللئيم فلذا لا يحد.
فرع: أقر على نفسه بالدياثة أو عرف بها لا يقتل ما لم يستحل، ويبالغ في تعزيره أو يلاعن.
جواهر الفتاوى.
وفيها: فاسق تاب وقال إن رجعت إلى ذلك فاشهدوا عليه أنه رافضي، فرجع لا يكون رافضيا بل عاصيا، ولو قال: إن رجعت فهو كافر فرجع تلزمه كفارة يمين.
(لا) يعزر (بيا حمار يا خنزير، يا كلب، يا تيس، يا قرد) يا ثور يا بقر، يا حية لظهور كذبه.
واستحسن في الهداية التعزير، أو المخاطب من الاشراف، وتبعه الزيلعي وغيره (يا(4/240)
حجام يا أبله يا بن الحجام وأبوه ليس كذلك) وأوجب الزيلعي التعزير في يا ابن الحجام (يا مؤاجر) لانه عرفا بمعنى المؤجر (يا بغا) هو المأبون بالفارسية.
وفي الملتقط في عرفنا: يعزر فيهما وفي ولد الحرام نهر.
والضابط أنه متى نسبه إلى فعل اختياري محرم شرعا ويعد عارا(4/241)
عرفا يعزر، وإلا لا.
ابن كمال (يا ضحكة) بسكون الحاء: من يضحك عليه الناس، أما بفتحها: فهو من يضحك على الناس، وكذا (يا سخرة) واختار في الغاية التعزير فيهما وفي يا ساحر يا مقامر.
وفي الملتقى: واستحسنوا التعزير لو المقول له فقيها أو علويا.
(ادعى سرقة) على شخص (وعجز عن إثباتها لا يعزر، كما لو ادعى على آخر بدعوى توجب تكفيره وعجز) المدعي (عن إثبات ما ادعاه) فإنه لا شئ عليه إذا صدر الكلام على وجه الدعوى عند حاكم شرعي.
أما إذا صدر على وجه السب أو الانتقاص فإنه يعزر.
فتاوى قارئ الهداية (بخلاف دعوى الزنا) فإنه إذا لم يثبت يحد، لما مر (وهو) أي التعزير (حق العبد)(4/242)
غالب فيه (فجيوز فيه الابراء والعفو) والتكفيل.
زيلعي (واليمين) ويحلفه بالله ما له عليك هذا الحق الذي يدعي، لا بالله ما قلت.
خلاصة (والشهادة على الشهادة رجل وامرأتين) كما في حقوق العباد ويكون أيضا حقا لله تعالى فلا عفو فيه إلا إذا علم الامام انزجار الفاعل(4/243)
ولا يمين، كما لو ادعى عليه أنه قبل أخته مثلا، ويجوز إثباته بمدع شهد به فيكون مدعيا شاهدا لو معه آخر.
وما في القنية وغيرها: لو كان المدعى عليه ذا مروءة وكان أول ما فعل يوعظ استحسانا ولا يعزر يجب أن يكون في حقوق الله، فإن حقوق العباد ليس للقاضي إسقاطها فتح.
وما في كراهية الظهيرية: رجل يصلي ويضرب الناس بيده ولسانه فلا بأس بإعلام السلطان به لينزجر، يفيد أنه من باب الاخبار وأن إعلام القاضي بذلك يكفي لتعزيره.
نهر.(4/244)
قلت: وفيه من الكفالة معزيا للبحر وغيره: للقاضي تعزير المتهم قاصدا نسبته إليه فيقتضي التعزير في دعوى السرقة لا في دعوى الزنا، وهذا عكس الحكم اه منه.
وإن لم يثبت عليه، وكل تعزير لله تعالى يكفي فيه خبر العدل لانه في حقوقه تعالى يقضي فيها بعلمه اتفاقا، ويقبل فيه الجرح المجرد كما مر، وعليه فما يكتب من المحاضر في حق إنسان يعمل به في حقوق الله تعالى.
ومن أفتى لتعزير الكاتب فقد أخطأ اه ملخصا.(4/245)
وفي كفالة العيني عن الثاني: من يجمع الخمر ويشربه ويترك الصلاة أحبسه وأؤدبه ثم أخرجه، ومن يتهم بالقتل والسرقة وضرب الناس أحبسه وأخلده في السجن حتى يتوب، لان شر هذا على الناس، وشر الاول على نفسه.
(شتم مسلم ذميا عزر) لانه ارتكب معصية، وتقييد مسائل الشتم بالمسلم اتفاقي.
فتح.
وفي القنية: قاتل ليهودي أو مجوسي يا كافر يأثم إن شق عليه، ومقتضاه أنه يعزر لارتكابه الاثم.
بحر.
وأقره المصنف لكن نظر فيه في النهر.
قلت: ولعل وجهه ما مر في يا فاسق، فتأمل.
(يعزر المولى عبده والزوج زوجته) ولو صغيرة لما سيجئ (على تركها الزينة) الشرعية مع قدرتها عليها (و) تركها (غسل الجناية، و) على (الخروج من المنزل) لو بغير حق (وترك
الاجابة إلى الفراش) لو طاهرة من نحو حيض.
ويلحق بذلك ما لو ضربت ولدها الصغير عند(4/246)
بكائه أو ضربت جاريته غيرة ولا تتعظ بوعظه، أو شتمه ولو نحو يا حمار، أو ادعت عليه، أو مزقت ثيابه، أو كلمته ليسمعها أجنبي، أو كشفت وجهها لغير محرم، أو كلمته أو شتمته أو أعطت ما لم تجر العادة به بلا إذنه.
والضابط كل معصية لا حد فيها فللزوج والمولى التعزير، وليس منه ما لو طلبت نفقتها أو كسوتها وألحت لان لصاحب الحق مقالا.
بحر.
(لا على ترك الصلاة) لان المنفعة لا تعود عليه بل إليها، كذا اعتمده المصنف تبعا للدرر على خلاف ما في الكنز والملتقى، واستظهره في حظر المجتبى.
(والاب يعزر الابن عليه) وقدمنا أن للولي ضرب(4/247)
ابن سبع على الصلاة، ويلحق به الزوج.
نهر.
وفي القنية: له إكراه طفله على تعلم قرآن وأدب وعلم، لفريضته على الوالدين، وله ضرب اليتيم فيما يضرب ولده.
(الصغر لا يمنع وجوب التعزير) فيجري بين الصبيان (و) هذا لو كان حق عبد، أما (لو كان حق الله) تعالى بأن زنى أو سرق (منع) الصغر منه.
مجتبى (من حد أو عزر فهلك فدمه هدر، إلا امرأة عزرها زوجها) بمثل ما مر (فماتت) لان تأديبه مباح فيتقيد بشرط السلامة.
قال المصنف: وبهذا ظهر أنه لا يجب على الزوج ضرب زوجته أصلا.(4/248)
(ادعت على زوجها ضربا فاحشا وثبت ذلك عليه عزر، كما بو ضرب المعلم الصبي ضربا فاحشا) فإنه يعزره ويضمنه لو مات.
شمني.
وعن الثاني لو زاد القاضي على مائة فمات فنصف الدية في بيت المال لقتله بفعل مأذون فيه وغير مأذون، فيتنصف.
زيلعي.
فروع: ارتدت لتفارق زوجها تجبر على الاسلام، وتعزر خمسة وسبعين سوطا، ولا تتزوج بغيره.
به يفتى.
ملتقط.
ارتحل إلى مذهب الشافعي يعزر.
سراجية.(4/249)
قذف بالتعريض: يعزر.
حاوي.
زنى بامرأة ميتة: يعزر.
اختيار.
ادعى على آخر أنه وطئ أمته وحبلت فنقصت، فإن برهن فله قيمة النقصان، وإن حلف خصمه فله تعزير المدعي.
منية.
وفي الاشباه: خدع امرأة إنسان وأخرجها زوجها ويحبس حتى يتوب أو يموت لسعيه في الارض بالفساد.(4/250)
من له دعوى على آخر فلم يجده فأمسك أهله للظلمة فحبسوهم وغرموهم.
عزر.
يعزر على الورع البارد، كتعريف نحو تمر.
التعزير لا يسقط التوبة كالحد.
قال: واستثنى الشافعي ذوي الهيئات.
قلت: قد قدمناه لاصحابنا عن القنية وغيرها.
وزاد الناطفي في أجناسه: ما لم يتكرر فيضرب التعزير، وفي الحديث: تجافوا عن عقوبة ذوي المروءة، لا في الحد.
وفي شرح الجامع الصغير للمناوي الشافعي في حديث: اتق الله، لا تأتي يوم القيامة(4/251)
ببعير تحمله على رقبتك له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة لها ثؤاج قال يؤخذ منه تجريس السارق ونحوه فليحفظ، والله تعالى أعلم.(4/252)
كتاب السرقة (هي) لغة أخذ الشئ من الغير خفية، وتسمية المسروق سرقة مجاز.
وشرعا باعتبار الحرمة أخذه كذلك بغير حق، نصابا كان أم لا، وباعتبار القطع (أخذ مكلف)
ولو أنثى أو عبدا أو كافرا أو مجنونا حال إفاقته(4/253)
(ناطق بصير) فلا يقطع أخرس لاحتمال نطقه بشبهة، ولا أعمى لجهله بمال غيره (عشرة دراهم) لم يقل مضروبة لما في المغرب: الدراهم اسم للمضروبة (جياد أو مدارها) فلا قطع بنقرة وزنها عشرة لا تساوي عشرة مضروبة، ولا بدينار قيمته دون عشرة.
وتعتبر القيمة وقت السرقة ووقت القطع ومكانه بتقوي عدلين لهما معرفة بالقيمة، ولا قطع عند اختلاف المقومين.
ظهيرية (مقصودة) بالاخذ، فلا قطع بثوب قيمته دون عشرة وفيه دينار أو دراهم مصرورة إلا إذا كان وعاء لها عادة.
تجنيس (ظاهره الاخراج) فلو ابتلع دينارا في الحرز وخرج(4/254)
لم يقطع، ولا ينتظر تغوطه بل يضمن مثله لانه استهلكه وهو سبب الضمان للحال (خفية) ابتداء وانتهاء لو الاخذ نهارا، ومنه ما بين العشاءين، وابتداء فقط لو ليلا، وهل العبرة لزعم السارق أو لزعم أحدهما؟ خلاف (من صاحب يد صحيحة) فلا يقطع السارق من السارق.
فتح (مما لا يتسارع إليه الفساد) كلحم وفواكه.
مجتبى.
ولا بد من كون المسروق متقوما مطلقا، فلا قطع بسرقة خمر مسلم، مسلما كان السارق أو ذميا، وكذا الذمي إذا سرق من ذمي خمرا أو خنزيرا أو ميتة لا يقطع لعدم تقومها عندنا.
ذكره الباقاني (في دار العدل) فلا يقطع بسرقة في دار حرب أو بغي.
بدائع(4/255)
(من حرز بمرة واحدة) اتحد مالكه أم تعدد (لا شبهة ولا تأويل فيه) وثبت ذلك عند الامام، كما سيتضح (فيقطع إن أقر بها مرة) وإليه رجع الثاني (طائعا) فإقراره بها مكرها باطل.
ومن المتأخرين من أفتى بصحته ظهيرية.
زاد القهستاني معزيا لخزانة المفتين: ويحل ضربه ليقر،(4/256)
وسنحققه (أو شهد رجلان) ولو عبدا شرط حضرة مولاه، ولا تقبل على إقراره ولو بحضرته
(وسألهما الامام كيف هي؟ وأين هي؟ وكم هي؟) زاد في الدرر: وما هي؟ ومتى هي؟ (وممن سرق؟ وبيناها) احتيالا للدرء، ويحبسه حتى يسأل عن الشهود لعدم الكفالة في الحدود، ويسأل المقر عن الكل إلا الزمان، وما في الفتح إلا المكان تحريف.
نهر.
(وصح رجوعه عن إقراره بها) وإن ضمن المال، وكذا لو رجع أحدهم، أو قال هو مالي أو شهدا على إقراره بها وهو يجحد أو يسكت فلا قطع.
شرح وهبانية.(4/257)
(فإن أقر بها ثم هرب، فإن في فوره لا يتبع بخلاف الشهادة) كذا نقله المصنف عن الظهيرية ونقله شارح الوهبانية بلا قيد الفورية.
(ولا قطع بنكول وإقرار مولى على عبده بها وإن لزم المال) لاقراره على نفسه (و) السارق لا يفتي بعقوبته لانه جور تجنيس، وعزاه القهستاني للواقعات معللا بأنه خلاف الشرع، ومثله في السراجية.
ونقل عن التجنيس عن عصام أنه سئل عن سارق ينكر؟ فقال: عليه اليمين، فقال الامين: سارق ويمين؟ هاتوا بالسوط، فما ضربوه عشرة حتى أقر، فأتى بالسرقة فقال: سبحان الله ما رأيت جورا أشبه بالعدل من هذا.
وفي (إكراه البزازية): من المشايخ من أفتى بصحة إقراره بها مكرها.
وعن الحسن: يحل ضربه حتى يقر ما لم يظهر العظم.
ونقل(4/258)
المصنف عن ابن العز الحنفي: صح أنه عليه الصلاة والسلام أمر الزبير بن العوام بتعذيب بعض المعاهدين حين كتم كنز حيي بن أخطب ففعل فدلهم على المال قال: وهو الذي يسع الناس، وعليه العمل، وإلا فالشهادة على السرقات أندر الامور.
ثم نقل عن الزيلعي في آخر باب قطع الطريق جواز ذلك سياسة، وأقره المصنف تبعا للبحر وابن الكمال.
زاد في النهر: وينبغي التعويل عليه في زماننا لغلبة الفساد، ويحمل ما في التجنيس على زمانهم، ثم نقل المصنف قبله عن القنية: لو كسر سنه ويده ضمن الشاكي أرشه كالمال، لا لو حصل بتسوره(4/259)
الجدار أو مات بالضرب لندوره.
وعن الذخيرة: لو صعد السطح ليفر خوف التعذيب فسقط فمات ثم ظهرت السرقة على يد آخر كان للورثة أخذ الشاكي بدية أبيهم وبما غرمه للسلطان لتعديه في هذا التسبب، وسيجئ في الغصب.
(قضى بالقطع ببينة أو إقرار فقال المسروق منه هذا متاعه لم يسرقه مني) وإنما كنت أودعته (أو قال شهد شهودي بزور أو أقر هو بباطل وما أشبه ذلك فلا قطع) وندب تلقينه كي لا يقر بالسرقة (كما) لا قطع (لو شهد كافران على كافر ومسلم بها في حقهما) أي الكافر(4/260)
والمسلم.
ظهيرية.
(تشارك جمع وأصحاب كلا قدر نصاب قطعوا وإن أخذ المال بعضهم) استحسانا سدا لباب الفساد، ولو فيهم صغير أو مجنون أو معتوه أو محرم لم يقطع أحد.
(وشرط للقطع حضور شاهديها وقته) وقت القطع (كحضور المدعي) بنفسه (حتى لو غابا أو ماتا لا قطع) وهذا في كل حد سوى رجم وقود.
بحر.(4/261)
قلت: لكن نقل المصنف في الباب الآتي تصحيح خلافه، فتنبه.
(ويقطع بساج وقنا وأبنوس) بفتح الباء (وعود ومسك وأدهان وورس وزعفران وصندل وعنبر وفصوص خضر) أي زمرد (وياقوت وزبرجد ولؤلؤ، ولعل وفيروزج وإناء وباب) غير مركب ولو متخذين (من خشب، وكذا بكل ما هو من أعز الاموال وأنفسها ولا يوجد في دار العدل مباح الاصل غير مرغوب فيه) هذا هو الاصل (لا) يقطع (بتافه) أي حقير (يوجد مباحا(4/262)
في دارنا كخشب لا يحرز) عادة (وحشيش وقصب وسمك و) لو مليحا و (طير) ولو بطا أو دجاجا في الاصح غاية (وصيد وزرنيخ ومغرة ونورة) زاد في المجتبى: وأشنان وفحم وملح
وخزف وزجاج لسرعة كسره (ولا بما يتسارع فساده كلبن ولحم) ولو قديدا وكل مهيأ لاكل كخبز، وفي أيام قحط لا قطع بطعام مطلقا.
شمني (وفاكهة رطبة وثمر على شجر وبطيخ)(4/263)
وكل ما لا يبقى حولا (وزرع لم يحصد) لعدم الاحراز (وأشربة مطربة) ولو الاناء ذهبا (وآلات لهو) ولو طبل الغزاة في الاصح، لان صلاحيته للهو صارت شبهة.
غاية (وصليب ذهب أو فضة وشطرنج ونرد) لتأويل الكسر نهيا عن المنكر (وباب مسجد) ودار، لانه حرز لا محرز(4/264)
(ومصحف وصبي حر) ولو (محليين) لان الحلية تبع (وعبد كبير) يعبر عن نفسه، ولو نائما أو مجنونا أو أعمى، لانه إما غصب أو خداع (ودفاتر) غير الحساب، لانها لو شرعية ككتب تفسير وحديث وفقه: فكمصحف، وإلا فكطنبور (بخلاف) العبد (الصغير ودفاتر الحساب)(4/265)
الماضي حسابها، لان المقصود ورقها فيقطع إن بلغ نصابا: أما المعمول بها فالمقصود علم ما فيها، وهو ليس بمال فلا قطع، بلا فرق بين دفاتر تجار وديوان وأوقاف.
نهر.
(وكلب وفهد ولو عليه طوق من ذهب علم) السارق (به أو لا) لانه تبع (و) لا (بخيانة) في وديعة (ونهب) أي أخذ قهرا) (واختلاس) أي اختطاف لانتفاء الركن (ونبش) لقبور (ولو كان القبر في بيت مقفل) في الاصح (أو) كان (الثوب غير الكفن) وكذا لو سرقه من بيت فيه قبر أو ميت لتأوله بزيارة القبر أو التجهيز وللاذن بدخوله عادة، ولو اعتاده: قطع سياسة (ومال عامة أو مشترك) وحصر مسجد وأستار كعبة ومال وقف لعدم المالك.(4/266)
بحر.
(ومثل دينه ولو) دينه (مؤجلا أو زائدا عليه) أو أجود لصيرورته شريكا (إذا كان من جنسه ولو حكما) بأن كان له دراهم فسرق دنانير.
وبعكسه هو الاصح، لان النقدين جنس واحد حكما، خلاف العرض ومنه الحلي، فيقطع به ما لم يقل أخذته رهنا أو قضاء.
وأطلق الشافعي
أخذ خلاف الجنس للمجانسة في المالية.
قال في المجتبى: وهو أوسع فيعمل به عند(4/267)
الضرورة (بخلاف سرقته من غريم أبيه أو غريم ولده الكبير أو غريم مكاتبه أو غريم عبده المأذون المديون) فإنه يقطع لان حق الاخذ لغيره.
(ولو سرق من غريم ابنه الصغير لا كسرقة شئ قطع فيه ولم يتغير) أما لو تبدل العين أو السبب كالبيع قطع.
على ما في المجتبى (أو من ذي رحم محرم لا برضاع) فلو محرميته برضاع قطع كابن عم هو أخ فإنه رحم نسبا محرم رضاعا.
عيني فسقط كلام الزيلعي.
(ولو) المسروق (مال غيره) أي غير ذي الرحم (بخلاف ماله إذا سرق من بيت غيره) فإنه(4/268)
يقطع اعتبارا للحرز وعدمه (وبخلاف مرضعته): صوابه مرضعه بلا تاء.
ابن كمال (مطلقا) سواء سرق من بيتها أو من بيت غيرها فإنه يقطع لما مر (و) لا بسرقة (من زوجته) وإن تزوجها بعد القضاء.
جوهرة (وزوجها ولو كان) المسروق (من حرز خاص له، و) لا (عبد من سيده أو عرسه أو زوج سيدته) للاذن بالدخول عادة(4/269)
(و) لا (من مكاتبه وختنه وصهره و) من (مغنم) وإن لم يكن له حق فيه، لانه مباح الاصل فصار شبهة.
غاية بحثا (وحمام) في وقت جرت العادة بدخوله، وكذا حوانيت التجار والخانات، مجتبى (وبيت أذن في دخوله) ولو أذن المخصوصين فدخل غيرهم وسرق ينبغي أن يقطع.
واعلم أنه لا يعتبر الحرز بالحافظ مع وجود الحرز بالمكان لانه قوي، فلا يعتبر الحافظ(4/270)
في الحمام لانه حرز ويعتبر في المسجد لانه ليس بحرز، به يفتى.
شمني.
(وكل ما كان حرزا لنوع فهو حرز للانواع كلها) فيقطع بسرقة لؤلؤة من إصطبل (على
المذهب) وقيل حرز كل شئ معتبر بحرز مثله، والاول هو المذهب عندنا.
مجتبى.
لكن جزم القهستاني بأن الثاني هو المذهب، فتنبه (ولا يقطع قفاف) هو من يسرق الدراهم بين أصابعه (وفشاش) بالفاء: هو من يهيئ لغلق الباب ما يفتحه إذا (فش) حانوتا أو باب دار (نهارا وخلا البيت من أحد) فلو فهي أحد وهو لا يعلم به قطع.
شمني.
(ويقطع لو سرق من السطح) نصابا لانه حرز.
شرح وهبانية (أو من المسجد) أراد به كل(4/271)
مكان ليس بحرز فعم الطريق والصحراء (ورب المتاع عنده) أي بحيث يراه (ولو) الحافظ (نائما) في الاصح (لا) يقطع (لو سرق ضيف ممن أضافه) ولو من بعض بيوت الدار أو من صندوق مقفل لاختلال الحرز (أو سرق شيئا ولم يخرجه من الدار) لشبهة عدم الاخذ، بخلاف الغصب (وإن أخرجه من حجرة الدار) المتسعة جدا إلى صحنها (أو أغار من أهل الحجر على حجرة) أخرى، لان كل حجرة حرز (أو نقب فدخل أو ألقى) كذا رأيته في نسخ المتن والشرح(4/272)
ب " أو " وصوابه ب الواو كما في الكنز (شيئا في الطريق) يبلغ نصابا (ثم أخذه) قطع لان الرمي حيلة يعتاده السراق فاعتبر الكل فعلا واحدا، ولو لم يأخذه أو أخذه غيره فهو مضيع لا سارق (أو حمله على دابة فساقه وأخرجه) أو علق رسنه في عنق كلب وزجره لان سيره يضاف إليه (أو ألقاه في الماء فأخرجه بتحريك السارق) لما مر (أولا بتحريكه بل) أخرجه (قوة جريه على الاصح) لانه اخرجه (بسببه).
زيلعي (قطع) في الكل لما ذكرنا.
ويشكل على الاخير ما قالوا: لو علقه على طائر فطار إلى منزل السارق لم يقطع، فلذا والله أعلم جزم الحدادي وغيره بعدم القطع (وإن) نقب ثم (ناوله آخر من خارج) الدار (أو أدخل يده في بيت وأخذ) ويسمى اللص الظريف.
ولو وضعه في النقب ثم خرج وأخذه لم يقطع في الصحيح.(4/273)
شمني (أو طر) أي شق (صرة خارجة من ن) - فس (الكم) فلو داخله قطع، وفي الحل بعكسه (أو سرق) من مرعى أو (من قطار) بفتح القاف: الابل على نسق واحد (بعيرا أو حملا) عليه (لا) يقطع، لان السائق والقائد والراعي لم يقصدوا للحفظ (وإن كان معها حافظ أو شق الحمل(4/274)
فسرق منه أو سرق جوالقا) بضم الجيم (فيه صاع وربه يحفظه أو نائم عليه) أو بقربه (أو أدخل يده في صندوق غيره أو) في (جيبه أو كمه فأخذ المال قطع) في الكل.
والاصل أن الحرز إن أمكن دخوله فهتكه بدخوله، وإلا فبإدخال اليد فيه والاخذ منه.
فروع: (سرق فسطاطا منصوبا) لم يقطع ولو ملفوفا، أو في فسطاط آخر قطع.
فتح.
أخرج من حرز شاة لا تبلغ نصابا فتبعها أخرى لم يقطع.
سرق مالا من حرز فدخل آخر وحمل السارق بما معه قطع المحمول فقط.
سراج.(4/275)
(قال أنا سارق هذا الثوب قطع إن أضاف) لكونه إقرار بالسرقة (وإن نونه) ونصب الثوب (لا) يقطع، لكونه عدة لا إقرار.
درر.
وتوضيحه: إذا قيل هذا قاتل زيد، معناه أنه قتله، وإذا قيل هذا قاتل زيدا معناه أنه يقتله، والمضارع يحتمل الحال والاستقبال، فلا يقطع بالشك.
قلت: في شرح الوهبانية: ينبغي الفرق بين العالم والجاهل، لان العوام لا يفرقون، إلا أن يقال: يجعل شبهة لدرء الحد، وفيه بعد.
(للامام قتل السارق سياسة) لسعيه في الارض بالفساد.
درر، وهذا إن عاد، وأما قتله ابتداء فليس من السياسة في شئ.
نهر.(4/276)
قلت: وقدمنا عنه معزيا للبحر في باب الوطئ الموجب للحد أن التقييد بالامام يفهم أنه
ليس للقاضي الحكم بالسياسة، فليحفظ.
باب كيفية القطع وإثباته (تقطع يمين السارق من زنده) هو مفصل الرسغ (وتحسم) وجوبا، عند الشافعي ندبا.
فتح (إلا في حر وبرد شديدين) فلا تقطع، لان الحد زاجر لا متلف، ويحبس ليتوسط الامر (وتمن زيته ومؤنته) كأجرة حداد وكلفة حسم (على السارق) عندنا لتسببه، بخلاف أجرة المحضر للخصوم في بيت المال، وقيل على المتمرد.
شرح وهبانية.
قلت: وفي قضاء الخانية: هو الصحيح، لكن في قضاء البزازية: وقيل على المدعي و هو الاصح كالسارق (ورجله اليسرى من الكعب إن عاد، فإن عاد) ثالثا (لا، وحبس) وعزر أيضا(4/277)
بالضرب (حتى يتوب) أي تظهر أمارات التوبة.
شرح وهبانية.
وما روي يقطع ثالثا ورابعا إن صح حمل على السياسة أو نسخ (كمن سرق وإبهامه اليسرى مقطوعة أو شلاء أو أصبعان منها سواها) سوى الابهام (أو رجله اليمنى مقطوعة أو شلاء) لم يقطع لانه إهلاك، بل يحبس ليتوب.
(ولا يضمن قاطع) اليد (اليسرى) ولو عمدا(4/278)
في الصحيح.
نهر (إذا أمر بخلافه) لانه أتلف وأخلف من جنسه ما هو خير منه، وكذا لو قطعه غير الحداد في الاصح.
(ولو قطعه أحد قبل الامر والقضاء وجب القصاص في العمد والدية في الخطإ، وسقط القطع عن السارق) سواء قطع يمينه أو يساره (وقضاء القاضي بالقطع كالامر) على الصحيح (فلا ضمان) كافي.(4/279)
وفي السراج: سرق فلم يؤاخذ بها حتى قطعت يمينه قصاصا قطعت رجله اليسرى (وطلب المسروق منه) المال لا القطع على الظاهر.
بحر (شرط القطع مطلقا) في إقرار وشهادة
على المذهب، لان الخصومة شرط لظهور السرقة (وكذا حضوره) أي المسروق منه (عند الاداء) للشهادة (و) عند (القطع) لاحتمال أن يقر له بالملك فيسقط القطع لا حضور الشهود على الصحيح.
شرح المنظومة.
وأقره المصنف.
قلت: لكنه مخالف لما قدمه متنا وشرحا فليحرر، وقد حرره في الشرنبلالية بما يفيد ترجيح الاول، تأمل.
ثم فرع على قوله وطلب المسروق إلى آخره فقال: (فلو أقر أنه سرق مال الغائب توقف القطع على حضوره ومخاصمته، و) كذا (لو قال سرقت هذه الدراهم ولا أدري لمن هي أو لا أخبرك من صاحبها لا قطع) لانه يلزم من جهالته عدم طلبه (و) كل (من له يد صحيحة ملك الخصومة) ثم فرع عليه بقوله: (كمودع وغاصب) ومرتهن ومتول وأب ووصي وقابض على سوم(4/280)
الشراء (وصاحب ربا) بأن باع درهما بدرهمين وقبضهما فسرقا منه لان الشراء فاسدا بمنزلة المغصوب، بخلاف معطي الربا لانه بالتسليم لم يبق له ملك ولا يد.
شمني.
ولا قطع بسرقة اللقطة.
خانية.
(ومن لا) يد له صحيحة (فلا) يملك الخصومة، كسارق سرق منه بعد القطع لم يقطع بخصومة أحد ولو مالكا، لان يده غير صحيحة كما يأتي آنفا.(4/281)
(ويقطع بطلب المالك) أيضا (لو سرق منهم) أي من الثلاثة، وكذا بطلب الراهن مع غيبة المرتهن على الظاهر لانه هو المالك (لا بطلب المالك) للعين المسروقة (أو) بطلب (السارق لو سرق من سارق بعد القطع) لسقوط عصمته.
(بخلاف ما إذا سرق) الثاني من السارق الاول (قبل القطع) أو بعد ما درئ بشبهة (فإن له ولرب المال القطع) لان سقوط التقوم ضرورة القطع ولم توجد(4/282)
فصار كالغاصب، ثم بعد القطع: هل للاول استرداده؟ روايتان، واختار الكمال رده للمالك.
(سرق شيئا ورده قبل الخصومة) عند القاضي (إلى مالكه) ولو حكما كأصوله ولو في غير عياله (أو ملكه) أي المسروق (بعد القضاء) بالقطع ولو بهبة مع قبض (أو ادعى أنه ملكه) وإن لم يبرهن للشبهة (أو نقصت قيمته من النصاب) بنقصان السعر(4/283)
في بلد الخصومة (لم يقطع) في المسائل الاربع.
(أقرا بسرقة نصاب ثم ادعى أحدهما شبهة) مسقطة للقطع (لم يقطعا) قيد بإقرارهما، لانه لو أقر أنه سرق وفلان فأنكر فلان قطع المقر كقوله قتلت أنا وفلان.
(ولو سرقا وغاب أحدهما وشهد) أي شهد اثنان (على سرقتهما قطع الحاضر) لان شبهة الشبهة لا تعتبر.
(ولو أقر عبد) مكلف (بسرقة قطع وترد السرقة إلى المسروق منه) لو قائمة (كما لو قامت عليه بينة بذلك) لكن (بشرط حضرة مولاه عند إقامتها) خلافا للثاني، لا عند إقراره يحد اتفاقا.
(ولا غرم على السارق بعد ما قطعت يمينه) هذا لفظ الحديث، درر وغيرها، ورواه الكمال بعد قطع يمينه (وترد العين لو قائمة) وإن باعها أو وهبها لبقائها على ملك مالكها(4/284)
(ولا فرق) في عدم الضمان (بين هلاك العين واستهلاكها في الظاهر) من الرواية، لكنه يفتي بأداء قيمتها ديانة، وسواء كان الاستهلاك (قبل القطع أو بعده) مجتبى.
وفيه: لو استهلكه المشتري منه أو الموهوب له فللمالك تضمينه (ولو قطع لبعض السرقات لم يضمن شيئا) وقالا يضمن ما لم يقطع فيه.
(سرق ثوبا فشقه نصفين ثم أخرجه: قطع إن بلغت قيمته نصابا بعد شقه ما لم يكن إتلافا) بأن ينقص أكثر من نصف القيمة فله تضمين القيمة(4/285)
فيملكه مستندا إلى وقت الاخذ، فلا قطع.
زيلعي.
وهل يضمن نقصان الشق مع القطع؟ صحح الخبازي لا.
وقال الكمال: الحق نعم، ومتى اختار تضمين القيمة يسقط القطع لما مر.
(ولو سرق شاة فذبحها فأخرجها لا) لما مر أنه لا قطع في اللحم (وإن بلغ لحمها نصابا) بل يضمن قيمتها.
(ولو فعل ما سرق من الحجرين وهو قدر نصاب) وقت الاخذ (دراهم أو دنانير) أو آنية (قطع وردت) وقالا: لا ترد لتقوم الصنعة عندهما خلافا له.
وأما نحو النحاس لو جعله أواني، فإن كان يباع وزنا فكذلك، وإن عددا فهي للسارق اتفاقا.
اختيار.
(ولو صبغه أحمر أو طحن الحنطة) أو لت السويق (فقطع لا رد ولا ضمان) وكذا لو صبغه بعد القطع.
بحر.
خلافا لما في الاختيار (ولو) صبغه (أسود رده) لان السواد نقصان،(4/286)
خلافا للثاني وهو اختلاف زمان لا برهان.
(سرق في ولاية سلطان ليس لسلطان آخر قطعه) إذ لا ولاية له على من ليس تحت يده، فليحفظ هذا الاصل.
(إذا كان للسارق كفان في معصم واحد) قيل يقطعان، وقيل: (إن تميزت الاصلية وأمكن الاقتصار على قطعها لم يقطع الزائد) لانه غير مستحق للقطع (وإلا) تكن متميزة (قطعا هو المختار) لانه لا يتمكن من إقامة الواجب! لا بذلك.
سراج.
والله تعالى أعلم.
باب (قطع الطريق) وهو السرقة الكبرى (من قصده) ولو في المصر ليلا، به يفتى(4/287)
(وهو معصوم على) شخص (معصوم) ولو ذميا، فلو على المستأمنين فلا حد (فأخذ قبل أخذ شئ وقتل) نفس (حبس) وهو المراد بالنفي في الآية.
وظاهر أن المراد توزيع الا جزية على
الاحوال كما تقرر في الاصول(4/288)
(بعد التعزير) لمباشرة منكر التخويف (حتى يتوب) لا بالقول بل بظهور سيما الصلحاء (أو يموت، وإن أخذ مالا معصوما) بأن يكون لمسلم أو ذمي كما مر (وأصاب منه كلا نصاب: قطع يده ورجله من خلاف إن كان صحيح الاطراف) لئلا يفوت نفعه وهذه حالة ثانية.
(وإن قتل) معصوما (ولم يأخذ) مالا (قتل) وهذه حالة ثالثة (حدا) لا قصاصا (ف) - لذا (لا يعفوه ولي، ولا يشترط أن يكون) القتل (موجبا للقصاص) لوجوبه جزاء لمحاربته لله تعالى بمخالفة أمره وبهذا الحل يستغني عن تقدير مضاف، كما لا يخفى.
(و) الحالة الرابعة: (إن قتل وأخذ) المال خير الامام بين ستة أحوال:(4/289)
إن شاء (قطع) من خلاف (ثم قتل، أو) قطع ثم (صلب) أو فعل الثلاثة (أو قتل) وصلب، أو قتل فقط (وصلب فقط) كذا فصله الزيلعي ويصلب (حيا) في الاصح، وكيفيته في الجوهرة (ويبعج) بطنه (برمح) تشهيرا له ويخضخضه به (حتى يموت ويترك ثلاثة أيام) من موته، ثم يخلي بينه وبين أهله ليدفنوه و (لا أكثر منها) على الظاهر، وعن الثاني يترك حتى يتقطع (وبعد إقامة الحد عليه لا يضمن ما فعل) من أخذ مال وقتل وجرح.
زيلعي (وتجري الاحكام) المذكورة (على الكل بمباشرة بعضهم) الاخذ والقتل والاخافة (وحجر وعصا) لهم، كسيف.
(و) الحالة الخامسة: (إن انضم إلى الجرح أخذ قطع) من خلاف (وهدر جرحه) لعدم اجتماع قطع وضمان (وإن جرح فقط) أي لم يقتل ولم يأخذ نصابا.(4/290)
قال الزيلعي: ولو كان مع هذا الاخذ قتل فلا حد أيضا، لان المقصود هنا المال، وهي من الغرائب (أو قتل عمدا) وأخذ المال (فتاب) قبل مسكه، ومن تمام توبته رد المال ولو لم يرده قيل لا حد (أو كان منهم غير مكلف) أو أخرس (أو) كان (ذو رحم محرم من) أحد (المارة) أو(4/291)
شريك مفاوض (أو قطع بعض المارة على بعض أو قطع) شخص (الطريق ليلا أو نهارا في مصر أو بين مصرين) وعن الثاني إن قصده ليلا مطلقا أو نهارا بسلاح فهو قاطع وعليه الفتوى.
بحر ودرر، وأقره المصنف (فلا حد) جواب للمسائل الست (وللولي القود) في العمد (أو الارش) في غيره (أو العفو) فيهما.
(العبد في حكم قطع الطريق كغيره، وكذا المرأة في ظاهر الرواية) فتح.
لكنها لا تصلب: مجتبى.
وفي السراجية والدرر: فيهم امرأة فباشرت الاخذ والقتل: قتل الرجال دونها هو المختار.
عشر نسوة قطعن وأخذن وقتلن: قتلن وضمن المال (ويجوز أن يقاتل دون ماله وإن لم يبلغ نصابا ويقتل من يقاتله عليه) لاطلاق الحديث: من قتل(4/292)
دون ماله فهو شهيد فتح.
(ومن تكرر الخنق) بكسر النون (منه في المصر) أي خنق مرارا ذكره، مسكين (قتل به) سياسة لسعيه في الارض بالفساد، وكل من كان كذلك يدفع شره بالقتل (وإلا) بأن خنق مرة (لا لانه كالقتل بالمثقل) وفيه القود عند غير أبي حنيفة رحمه الله تعالى.(4/293)
كتاب الجهاد(4/295)
أورده بعد الحدود لاتحاد المقصود، ووجه الترقي غير خفي.
وهو لغة: مصدر جاهد في سبيل الله.
وشرعا: الدعاء إلى الدين الحق وقتال من لم يقبله.
شمني وعرفه ابن الكمال بأنه بذل الوسع في القتال في سبيل الله مباشرة، أو معاونة بمال أو رأي، أو تكثير سواد، أو غير ذلك اه.
ومن توابعه: الرباط وهو الاقامة في مكان ليس وراءه إسلام، هو المختار وصح أن(4/296)
صلاة المرابط بخمسمائة ودرهمه بسبعمائة، وإن مات فيه أجرى عليه عمله ورزقه، وأمن الفتان، وبعث شهيدا آمنا من الفزع الاكبر وتمامه في لفتح (هو فرض كفاية) كل ما فرض(4/297)
لغيره فهو فرض كفاية إذا حصل المقصود بالبعض، وإا ففرض عين، ولعله قدم الكفاية لكثرته (ابتداء) إن لم يبدؤونا، وأما قوله تعالى: * (فإن قاتلوكم فاقتلوهم) * وتحريمه في الاشهر الحرم فمنسوخ بالعمومات، كاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم (إن قام به البعض) ولو عبيدا(4/298)
أو نساء (سقط عن الكل، وإلا) يقم به أحد في زمن ما (أثموا بتركه) أي أثم الكل من المكلفين، وإياك أن تتوهم أن فرضيته تسقط عن أهل الهند بقيام أهل الروم مثلا، بل يفرض على الاقرب فالاقرب من العدو إلى أن تقع الكفاية، فلو لم تقع إلا بكل الناس فرض عينا(4/299)
كصلاة وصوم، ومثله الجنازة والتجهيز.
وتمامه في الدرر (لا) يفرض (على صبي) وبالغ له أبوان أو أحدهما لان طاعتهما فرض عين.
وقال عليه الصلاة والسلام للعباس بن مرداس لما أراد الجهاد الزم أمك فإن الجنة تحت رجل أمك سراج.
وفيه: لا يحل سفر فيه خطر إلا(4/300)
بإذنهما، وما لا خطر فيه يحل بلا إذن، ومنه السفر في طلب العلم (وعبد وامرأة) لحق المولى والزوج ومفاده وجوبه لو أمرها الزوج به.
فتح.
وعلى غير المزوجة.
نهر.
قلت: تعليل الشمني بضعف بنيتها يفيد خلافه، وفي البحر: إنما يلزمها أمره فيما يرجع إلى النكاح وتوابعه (وأعمى ومقعد) أي أعرج.
فتح (وأقطع) لعجز (ومديون بغير إذن غريمه) بل وكفيله أيضا لو بأمره، تجنيس، ولو بالنفس.
نهر.
وهذا في الحال، أما المؤجل فله الخروج(4/301)
إن علم برجوعه قبل حلوله.
ذخيرة (وعالم ليس في البلدة أفقه منه) فليس له الغزو خوف ضياعهم.
سراجية.
وعمم في البزازية السفر، ولا يخفى أن المقيد يفيد غيره بالاولى (وفرض عين إن هجم العدو فيخرج الكل ولو بلا إذن) ويأثم الزوج ونحوه بالمنع.
ذخيرة (ولا بد) لفرضيته (من) قيد آخر وهو (الاستطاعة) فلا يخرج المريض الدنف، أما من يقدر على الخروج، دون الدفع ينبغي أن يخرج لتكثير السواد إرهابا.
فتح.
وفي السراج: وشرط لوجوبه: القدرة على السلاح.
لا أمن الطريق، فإن علم أنه إذا(4/302)
حارب قتل وإن لم يحارب أسر لم يلزمه القتال (ويقبل خبر المستنفر ومنادي السلطان ولو) كان كل منهما (فاسقا) لانه خبر يشتهر في الحال.
ذخيرة (وكره الجعل) أي أخذ المال من الناس لاجل الغزاة (مع الفئ) أي مع وجود شئ في بيت المال.
درر.
وصدر الشريعة، ومفاده: أن الفئ هنا يعم الغنيمة فليحفظ (وإلا لا) لدفع الضرر الاعلى بالادنى (فإن حاصرناهم(4/303)
دعوناهم إلى الاسلام فإن أسلموا) فبها (وإلا فإلى الجزية) لو محلا لها كما سيجئ (فإن قبلوا ذلك فلهم ما لنا) من الانصاف (وعليهم ما علينا) من الانتصاف فخرج العبادات إذا الكفار لا يخاطبون بها عندنا، ويؤيده قول علي رضي الله عنه: إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا (ولا) يحل لنا أن (نقاتل من لا تبلغه الدعوة) بفتح الدال (إلى الاسلام) وهو(4/304)
وإن اشتهر في زماننا شرقا وغربا، لكن لا شك أن في بلاد الله من لا شعور له بذكل.
بقي لو بلغه الاسلام لا الجزية: ففي التاترخانية: لا ينبغي قتالهم حتى يدعوهم إلى الجزية.
نهر.
خلافا لما نقله المصنف (وندعو ندبا من بلغته إلا إذا تضمن ذلك ضررا) ولو بغلبة الظن، كأن يستعدون أو يتحصنون فلا يفعل.
فتح (وإلا) يقبلوا الجزية (نستعين بالله ونحاربهم بنصب المجانيق وحرقهم وغرقهم وقطع أشجارهم) ولو مثمرة وإفساد زروعهم، إلا إذا غلب على
الظن ظفرنا، فيكره.
فتح (ورميهم) بنبل ونحوه (وإن تترسوا ببعضنا) ولو تترسوا بنبي سئل ذلك النبي (ونقصدهم) أي الكفار (وما أصيب منهم) أي من المسلمين (لا دية فيه ولا كفارة) لان الفروض لا تقرن بالغرامات (ولو فتح الامام بلدة وفيها مسلم أو ذمي لا يحل قتل أحد منهم أصلا، ولو أخرج واحد) ما (حل) حينئذ (قتل الباقين)(4/305)
لجواز كون المخرج هو ذاك.
فتح (ونهينا عن إخراج ما يجب تعظيمه ويحرم الاستخفاف به كمصحف وكتب فقه وحديث وامرأة) ولو عجوزا لمداواة هو الاصح.
(ذخيرة).
وأراد بالنهي ما في مسلم لا تسافروا بالقرآن في أرض العدو (إلا في جيش يؤمن عليه) فلا كراهة، لكن إخراج العجائز والامام أولى (وإذا دخل مسلم إليهم بأمان جاز حمل المصحف معه إذا كانوا يوفون بالعهد) لان الظاهر عدم تعرضهم.
هداية (و) نهينا(4/306)
(عن غدر وغلول و) عن (مثله) بعد الظفر بهم، أما قبله فلا بأس بها.
اختيار (و) عن (قتل امرأة وغير مكلف وشيخ) خر (فإن) لا صياح ولا نسل له، فلا يقتل، ولا إذا ارتد (وأعمى ومقعد) وزمن ومعتوه(4/307)
وراهب وأهل كنائس لم يخالطوا الناس (إلا أن يكون أحدهم ملكا) أو مقاتلا (أو ذا رأي) أو مال (في الحرب، ولو قتل من لا يحل قتله) ممن ذكر (فعليه التوبة والاستغفار فقط) كسائر المعاصي، لان دم الكافر لا يتقوم إلا بالامان، ولم يوجد، ثم لا يتركونهم في دار الحرب، بل يحملونهم تكثيرا للفئ، وتمامه في السراج، وسيجئ (فرعان: الاول) لا بأس بحمل رأس المشرك لو فيه غيظهم وفيه فراغ قلبنا، وقد حمل ابن مسعود يوم بدر رأس أبي جهل وألقاها بين يديه عليه الصلاة والسلام، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: الله أكبر، هذا فرعوني وفرعون أمتي، كان شره علي وعلى أمتي أعظم من شر فرعون على موسى وأمته ظهيرية.
(الثاني) لا بأس بنبش قبورهم طلبا للمال.
تاترخانية.
وعبارة الخانية: قبور الكفار فعمت(4/308)
الذمي (ولا) يحل للفرع أن (يبدأ أصله المشرك بقتل) كما لا يبدأ قريبه الباغي (ويمتنع الفرع) عن قتله، بل يشغله (ل) - لاجل أن (يقتله غيره) فإن فقد.
قلته (ولو قتله فهدر) لعدم العاصم (ولو قصد الاصل قتله ولم يمكن دفعه إلا بقتله قتله) لجواز الدفع مطلقا (ويجوز الصلح) على ترك الجهاد (معهم بمال) منهم أو منا (لو خيرا) لقوله تعالى: * (وإن جنحوا للسلم فاجنح(4/309)
لها) * (وننبذ) أي نعلمهم بنقض الصلح تحرزا عن الغدر المحرم (لو خيرا) لفعله عليه الصلاة والسلام بأهل مكة.
(ونقاتلهم بلا نبذ مع خيانة ملكهم) ولو بقتال ذي منعة بإذنه ولو بدونه انتقض حقهم فقط (و) نصالح (المرتدين لو غلبوا على بلدة وصارت دارهم دار حرب) لو خيرا (بلا مال وإلا) يغلبوا على بلدة (لا) لان فيه تقرير المرتدين على الردة وذلك: لا يجوز.
فتح (وإن أخذ) المال (منهم لم يرد) لانه غير معصوم، بخلاف أخذه من بغاة فإنه يرد بعد وضع الحرب أوزارها.
فتح (ولم نبع) في الزيلعي: يحرم أن نبيع (منهم ما فيه تقويتهم على الحرب) كحديد وعبيد وخيل (ولا نحمله إليهم(4/310)
ولو بعد صلح) لانه عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك، وأمر بالميرة وهي الطعام والقماش، فجاز استحسانا (ولا نقتل من أمنه حر أو حرة ولو فاسقا) أو أعمى أو فانيا أو صبيا أو عبدا أذن لهما في القتال (بأي لغة كان) الامان (وإن كانوا لا يعرفونها بعد معرفة المسلمين) ذلك (بشرط سماعهم) ذلك من المسلمين فلا أمان لو كان بالبعد منهم، ويصح بالصريح كأمنت أو لا بأس عليكم، وبالكناية كتعال إذا ظنه أمانا، وبالاشارة بالاصبع إلى السماء، ولو نادى المشرك(4/311)
بالامان صح لو ممتنعا وصح طلبه لذراريه لا لاهله ويدخل في الاولاد أولاد الابناء لا أولاد(4/312)
البنات، ولو غار عليهم عسكر آخر تم بعد القسمة علموا بالامان فعلى القاتل الدية وعلى الواطئ المهر، والولد حر مسلم تبعا لابيه، وترد النسار والاولاد إلى أهلها: يعني بعد ثلاث حيض (وينقض الامام) الامان (لو) بقاؤه (شرا) ومباشره بلا بمصلحة يؤدب (وبطل أمان ذمي) إلا إذا أمره به مسلم.
شمني (وأسير وتاجر وصبي وعبد محجورين عن القتال) وصحح محمد أمان العبد.(4/313)
وفي الخانية: خدمة المسلم مولاه الحربي أمان له (ومجنون وشخص أسلم ثمة ولم يهاجر إلينا) لانهم لا يملكون القتال، والله أعلم.
باب المغنم وقسمته في المغرب: الغنيمة ما نيل من الكفار عنوة والحرب قائمة، فتخمس وباقيها للغانمين.
والفئ: ما نيل منهم بعد كخراج وهو لكافة المسلمين (إذا فتح الامام بلدة صلحا جرى على موجبه، وكذا من بعده) من الامراء (وأرضها تبقى مملوكة لهم ولو فتحها عنوة) بالفتح: أي قهرا(4/314)
(قسمها بين الجيش) إن شاء (أو أقر أهلها عليها بجزية) على رؤوسهم (وخراج) على أراضيهم والاول أولى عند حاجة الغانمين (أو أخرجهم منها وأنزل بها قوما غيرهم ووضع عليهم الخراج) والجزية (لو) كانوا (كفارا) فلو مسلمين وضع العشر لا غير (وقتل الاسارى) إن شاء إن لم يسلموا (أو استرقهم أو تركهم أحرارا ذمة لنا) إلا مشركي العرب والمرتدين كما سيجئ (وحرم منهم) أي إطلاقهم مجانا ولو بعد إسلامهم.
ابن كمال.
لتعلق حق الغانمين، وجوزه الشافعي لقوله تعالى: * (فإما منا بعد وإما فداء) * (سورة محمد: الآية 4) قلنا: نسخ بقوله تعالى: * (فاقتلوا المشركين حيث(4/315)
وجدتموهم) * (سورة التوبة: الآية 5) شرح مجمع (و) حرم (فداؤهم) بعد تمام الحرب، وأما قبله فيجوز بالمال لا
بالاسير المسلم.
درر وصدر الشريعة.
وقالا: يجوز، وهو أظهر الروايتين عن الامام، شمني.
واتفقوا أنه لا يفادى بنساء وصبيان وخيل وسلاح إلا لضرورة، ولا بأسير أسلم بمسلم أسير إلا إذا أمن على إسلامه (و) حرم(4/316)
(ردهم إلى دارهم) ثابت في نسخ الشرح تبعا للدرر دون المتن تبعا لابن الكمال، للعلم به من منع المن بالاولى (و) حرم (عقر دابة شق نقلها) إلى دارنا (فتذبح وتحرق) بعده، إذ لا يعذب بالنار إلاص ربها (كما تحرق أسلحة وايمتعة تعذر نقلها وما لا يحرق منها) كحديد (يدفن بموضع خفي) وتكسر أوانيهم وتراق أدهانهم مغايظة لهم (ويترك صبيان ونساء مهم شق إخراجها بأرض خربة حتى يموتوا جوعا) وعطشا للنهي عن قتلهم، ولا وجه إلى إبقائهم (وجد المسلمون حية أو عقربا في رحالهم ثمة) أي في دار الحرب (ينزعون ذنب العقرب وأنياب الحية) قطعا للضرر عنا (بلا قتل إبقاء للنسل).
تاترخانية، وفيها: مات نساء مسلمات ثمة وأهل الحرب يجامعون الاموات يحرقن بالنار (ولا تقسم غنيمة ثمة إلا إذا قسم) عن اجتهاد أو لحاجة الغزاة(4/317)
فتصح أو (للايداع) فتحل إذا لم يكن للامام حمولة، فإن أبوا أهل يجبرهم بأجر المثل؟ روايتان، فإذا تعذر فإن بحال لو قسمها قدر كل على حمله قسم بينهم، وإلا فهو مما شق نقله وسبق حكمه (ولم تبع) الغنيمة (قبلها) لا للامام ولا لغيره: يعني للتمول، أما لو باع شيئا كطعام جاز.
جوهرة (ورد) البيع (لو وقع) دفعا للفساد فإن لم يمكن رد ثمنه للغنمية.(4/318)
خانية (ومدد لحقهم ثمة كمقاتل لا سوقي) وحربي أو مرتد أسلم ثمة (بل قتال) فإن قاتلوا شاركوهم (ولا من مات ثمة قبل قسمة أو بيع، و) لو مات (بعد أحدهما ثمة أو بعد الاحراز بدارنا يورث نصيبه) لتأكد ملكه.
تاترخانية.
وفيها ادعى رجل شهود الوقعة وبرهن وقد قسمت لم تنقض استحسانا، ويعوض بقدر حظه من بيت المال، وما هي البحر من قياس الوقف على
الغنيمة رده في النهر، وحررناه في الوقف(4/319)
أي للغانمين لا غير (الانتفاع فيها) أي في دار الحرب(4/320)
(بعلف وطعام وحطب وسلاح ودهن بلا قسمة) أطلق الكل تبعا للكنز، وقيد في الوقاية السلاح بالحاجة، وهو الحق، وقيد الكل في الظهيرية بعدم نهي الامام عن أكله، فإن نهى لم يبح فينبغي تقييد المتون به (و) بلا (بيع وتمول) فلو باع رد ثمنه، فإن قسمت تصدق به لو غير فقير.
ومن وجد مالا يملكه أهل الحرب كصيد وعسل فهو مشترك فيتوقف بيعه على إجازة(4/321)
الامير، فإن هلك أو الثمن أنفع أجازه وإلا رده للغنمية.
بحر (وبعد الخروج منها لا) إلا برضاهم (ومن أسلم منهم) قبل مسكه (عصم نفسه وطفله وكل ما معه) فإن كانوا أخذوا أحرز نفسه فقط (أو أودعه معصوما) ولو ذميا، فلو عند حربي ففئ، كما لو أسلم ثم خرج إلينا ثم ظهرنا على الدار فما له ثمة فئ سوى طفله لتبعيته (لا ولده الكبير وزوجته وحملها وعقاره وعبده المقاتل) وأمته المقاتلة وحملها، لانه جزء الام.
(حربي دخل دارنا بغير أمان) فأخذه أحدنا (فهو) وما معه (فئ) لكل المسلمين سواء (أخذ قبل الاسلام أو بعده)(4/322)
وقالا لآخذه خاصة، وفي الخمس روايتان.
قنية.
وفيها استأجره لخدمة سفره، فغزا بفرس المستأجر وسلاحه فسهمه بينهما، إلاص إذا شرط في العقد أنه للمستأجر.
فضل في كيفية القسمة (المعتبر في الاستحقاق) لسهم فارس وراجل (وقت المجاوزة) أي الانفصال من دارنا، وعند الشافعي وقت القتال (فلو دخل دار الحرب فارسا فنفق) أي مات (فرسه استحق سهمين
ومن دخل راجلا فشرى فرسا استحق سهما، ولا يسهم لغير فرس واحد) صحيح كبير(4/323)
(صالح لقتال) فلو مريضا إن صح قبل الغنيمة استحقه استحسانا لا لو مهرا فكبر.
تاترخانية.
وكأن الفرق حصول الارهاب بكبير مريض لا بالمهر ولو غصب فرسه قبل دخوله أو ركبه آخر أو نفر ودخل راجلا ثم أخذه فله سهمان، لا لو باعه بعد تمام القتال فإنه يسقط في الاصح، لانه ظهر أن قصده التجارة.
فتح.
وأقره المصنف، لكن نقل في الشرنبلالية عن الجوهرة والتبيين ما يخالفه.
وفي القهستاني: لو باعه في وقت القتال فراجل على الاصح، ولو بعد تمام القتال فارس بالاتفاق انتهى.
فتنبه.(4/324)
ولتحفظ هذه القيود خوف الهخطأ في الافتاء والقضاء (ولا) يسهم (لعبد وصبي وامرأة وذمي) ومجنون ومعتوه ومكاتب (ورضخ لهم) قبل إخراج الخمس عندنا (إذا باشروا القتال أو كانت المرأة تقوم بما صالح المرضى) أو تداوي الجرحى (أو دل الذمي على الطريق) ومفاده جواز الاستعانة بالكافر عند الحاجة، وقد استعان عليه الصلاة والسلام باليهود.
على اليهود ورضخ(4/325)
لهم (ولا يبلغ به السهم إلا في الذمي) إذا دل فيزاد على السهم، لانه كالاجرة (والبراذين) خيل العجم (والعتاق) بكسر العين جمع عتيق: كرام خيل العرب، والهجين الذي أبوه عربي وأمه عجمية، والمقرف عكسه.
قاموس (سواء لا) يسهم (للراحلة والبغل) والحمار لعدم الارهاب (والخمس) الباقي يقسم أثلاثا عندنا (لليتيم والمسكين وابن السبيل) وجاز صرفه لصنف واحد.
فتح.
وفي المنية: لو صرفه للغانمين لحاجتهم جاز، وقد حققته في شرح الملتقى(4/326)
(وقدم فقراء ذوي القربى) من بني هاشم (منهم) أي من الاصناف الثلاثة (عليهم) لجواز الصدقات لغيرهم لا لهم، (ولا حق لاغنيائهم) عندنا،(4/327)
وما نقله المصنف عن البحر من أن ما في الحاوي يفيد ترجيح الصرف لاغنيائهم نظر فيه في النهر (وذكره تعالى للتبرك) باسمه في ابتداء الكلام، إذ الكل لله (وسهمه عليه الصلاة والسلام سقط بموته) لانه حكم علق بمشتق وهو الرسالة(4/328)
(كالصفي) الذي كان عليه الصلاة والسلام يصطفيه لنفسه (ومن دخل دارهم بإذن) الامام (أو منعة) أي قوة (فأغار خمس) ما أخذوا، لانه غنيمة (وإلا: لا) لانه اختلاس، وفي المنية لو دخل أربعة: خمس، ولو ثلاثة: لا.
قال الامام: ما أصبتم لا أخمسه، فلو لهم منعة لم يجز، وإلا جاز (وندب للامام أن ينفل وقت القتال حثا)(4/329)
وتحريضا فيقول: من قتل قتيلا فله سلبه، سماه قتيلا لقربه منه(4/330)
(أو يقول من أخذ شيئا فهو له) وقد يكون بدفع مال وترغيب مآل، فالتحريض نفسه واجب للامر به واختيار لا داعي للمقصود مندوب ولا يخالفه تعبير القدوري: أي بلا بأس لانه ليس مطردا لما تركه أولى، بل يستعمل في المندوب أيضا.
قاله المصنف.
ولذا عبر في المبسوط بالاستحباب (ويستحق الامام لو قال من قتل قتيلا فله سلبه إذا قتل هو) استحسانا (بخلاف) ما لو قال منكم أو قال (من قتلته أنا فلي سلبه) فلا يستحقه إلا إذا عمم بعده.
ظهيرية.
ويستحقه(4/331)
مستحق سهم أو رضخ فعم الذمي وغيره (وذا) أي التنفيل (إنما يكون في مباح القتل فلا يستحقه بقتل امرأة ومجنون ونحوهما ممن لم يقاتل، وسماع القاتل مقالة الامام ليس بشرط) في استحقاقه ما نفله، إذ ليس في الوسع إسماع الكل، ويعم كل قتال في تلك السنة ما لم
يرجعوا، وإن مات الوالي أو عزل ما لم يمنعه الثاني.
نهر.
وكذا يعم كل قتيل، لانه نكرة في سياق الشرط، وهو من، بخلاف إن قتلت قتيلا،(4/332)
ولو قال إن قتلت ذلك الفارس فلك كذا: لم يصح، وإن قطعت رأس أولئك القتلى فلك كذا: صح (ولو نفل السرية) هي قطعة من الجيش من أربعة إلى أربعمائة.
مأخوذة من السري وهو المشي ليلا.
درر (الربع وسمع العسكر دونها فلهم النفل) استحسانا.
ظهيرية.
وجاز التنفيل بالكل أو بقدر منه لسرية لا لعسكر، والفرق في الدرر(4/333)
(ولا ينفل بعد الاحراز هنا) أي بدارنا (إلا من الخمس) لجوازه لصنف واحد، كما مر (وسلبه ما معه من مركبه وثيابه وسلاحه) وكذا ما على مركبه، لا ما على دابة أخرى.
(و) التنفيل (حكمه قطع حق الباقين لا الملك قبل الاحراز بدار الاسلام، فلو قال الامام من أصاب جارية فهي له، فأصابها مسلم فاستبرأها لم يحل له وطؤها ولا بيعها) كما لو أخذها(4/335)
المتلصص ثمة واستبرأها: لم تحل له إجماعا.
(والسلب للكل إن لم ينفل) لحديث: ليس لك من سلب قتيلك إلا ما طابت به نفس إمامك فحملنا حديث السلب على التنفيل..قلت: وفي معروضات المفتي أبي السعود: هل يحل وطئ الامام المشتراة من الغزاة الآن حيث وقع الاشتباه في قسمتهم بالوجه المشروع؟ فأجاب: لا توجد في زماننا قسمة شرعية، لكن في سنة 948 وقع التنفيل الكلي فبعد إعطاء الخمس لا تبقى شبهة ابتداء.
انتهى.(4/336)
فليحفظ، والله أعلم.(4/337)
باب استيلاء الكفار على بعضهم بعضا، أو على أموالنا (إذا سبى كافر كافرا) آخر (بدار الحرب وأخذ ماله ملكه) لاستيلائه على مباح (ولو سبى(4/338)
أهل الحرب أهل الذمة من دارنا لا) يملكونهم لانهم أحرار (وملكنا ما نجده من ذلك) السبي للكافر (إن غلبنا عليهم) اعتبار لسائر أملاكهم (وإن غلبوا على أموالنا) ولو عبدا مؤمنا (وأحرزوها بدارهم ملكوها) لا للاستيلاء على مباح،(4/339)
لما أن الصحيح من مذهب أهل السنة: أن الاصل في الاشياء التوقف، والاباحة رأي المعتزلة، بل لان العصمة من جملة الاحكام المشروعة، وهم لم يخاطبوا بها، فبقي في حقهم مالا غير معصوم فيملكونه، كما حققه صاحب المجمع في شرحه، ويفترض علينا اتباعهم، فإن أسلموا تقرر ملكهم (وإن غلبنا عليهم) أي بعد ما أحرزوها بدارهم،(4/340)
أما قبله فهي لمالكها مجانا مطلقا (فمن وجد ملكه قبل القسمة) بين المسلمين لا بين الكفار، كما حققه في الدرر (فهو له مجانا بلا شئ (وإن وجده بعدها فهو له بالقيمة) جبرا للضررين بالقدر الممكن (ولو) كان ملكه (مثليا فلا سبيل له عليه بعدها) إذ لو أخذه: أخذه بمثله فلا يفيد ولو قبلها أخذه مجانا كما مر (وبالثمن) الذي اشتراه به (لو اشتراه منهم تاجر) أي من العدو وأخرجه إلى دارنا، وبقيمة العرض لو اشتراه به، وبالقيمة لو اتهبه منهم.
زاد في الدرر: أو ملكه بعقد فاسد، لكن في البحر: شراه بخمر أو خنزير ليس لمالكه أخذه باتفاق الروايات،(4/341)
وكذا لو شراه بمثله نسيئة أو بمثله قدرا ووصفا بعقد صحيح أو فاسد لعدم الفائدة، فلو بأقل قدرا وأردأ وصفا فله أخذه لانه يفيد، وليس بربا لانه فداء (وإن) وصلية (فقأ عينه) أو قطع يده
(وأخذ) مشتريه (أرشه) أو فقأها المشتري، فيأخذه بكل الثمن إن شاء، لان الاوصاف لا يقابلها شئ منه (والقول للمشتري في مقداره) أي الثمن (بيمينه عند عدم البرهان) لان البينة مبينة، ولو برهنا فبينة المالك أيضا خلافا للثانيه نهر (وإن تكرر الاسر والشراء) بأن أسر ثانيا وشراه آخر (أخذ) المشتري (الاول من الثاني بثمنه) جبرا لورود الاسر على ملكه، فكان الاخذ له (ثم يأخذ) المالك (القديم بالثمنين إن شاء) لقيامه عليه بهما، وقبل أخذ الاول لا يأخذه القديم كي لا يضيع الثمن(4/342)
(ولا يملكون حرنا ومدبرنا وأم ولدنا ومكاتبنا) لحريتهم من وجه، فيأخذه مالكه مجانا، لكن بعد القسمة تؤدى قيمته من بيت المال (ونملك عليهم جميع ذلك بالغلبة) لعدم العصمة (ولو ند إليهم دابة ملكوها) لتحقق الاستيلاء، إذ لا بد للعجماء (وإن أبق إليهم قن مسلم فأخذوه) قهرا (لا) خلافا لهما، لظهور يده على نفسه بالخروج من دارنا فلم يبق محلا للملك (بخلاف ما إذا أبق إليهم بعد ارتداده فأخذوه) ملكوه اتفاقا، ولو أبق ومعه فرس أو متاع فاشترى رجل ذلك (كله منهم أخذ) المالك (العبد مجانا) لما مر أنهم لا يملكونه وأخذ (غيره بالثمن) لانهم(4/343)
ملكوه (وعتق عبد مسلم) أو ذمي لانه يجبر على بيعه أيضا.
زيلعي (شراه مستأمن ههنا وأدخله دارهم) إقامة لتباين الدارين مقام الاعتاق كما لو استولوا عليه وأدخلوه دارهم فأبق منهم إلينا: قيد بالمستأمن لانه لو شاره حربي لا يعتق عليه اتفاقا لمانع حق استرداده.
نهر (كعبد لهم أسلم ثمة فجاءنا) إلى دارنا أو إلى عسكرنا ثمة، أو اشتراه مسلم أو ذمي أو حربي ثمة، أو عرضه على البيع وإن لم يقبل المشتري.
بحر (أو ظهرنا عليهم) ففي هذه التسع صور يعتق العبد بلا(4/344)
إعتاق، ولا ولاء لاحد عليه، لان هذا عتق حكمي.
درر.
وفي الزيلعي: لو قال الحربي لعبده آخذا بيده: أنت حر لا يعتق عند أبي حنيفة، لانه معتق ببيانه، مسترق ببنانه.
باب المستأمن أي الطالب للامان (هو من يدخل دار غيره بأمان) مسلما كان أو حربيا (دخل مسلم دار الحرب بأمان حرم تعرضه لشئ) من دم ومال وفرج (منهم) إذ المسلمون عند شروطهم (فلو أخرج) إلينا (شيئا ملكه) ملكا (حراما) للغدر (فيتصدق به) وجوبا،(4/345)
قيد بالاخراج لانه لو غصب منهم شيئا رده عليهم وجوبا (بخلاف الاسير) فيباح تعرضه (وإن أطلقوه طوعا) لانه غير مستأمن، فهو كالمتلصص (فإنه يجوز له أخذ المال وقتل النفس دون استباحة الفرج) لانه لا يباح إلا بالملك (إلا إذا وجد امرأته المأسورة أو أم ولده أو مدبرته) لانهم ما ملكوهن بخلاف الامة (ولم يطأهن أهل الحرب) إذ لو وطؤوهن تجب العدة للشبهة (فإن أدانه حربي دينا ببيع أو قرض وبعكسه أو غصب أحدهما صاحبه وخرجا إلينا لم نقض) لاحد (بشئ) لانه ما التزم حكم الاسلام فيما مضى بل فيما يستقبل (ويفتي المسلم برد المغصوب).
زيلعي، زاد الكمال (و) برد (الدين) أيضا (ديانة) لا قضاء،(4/346)
لانه غدر (وكذا الحكم) يجري (في حربيين فعلا ذلك) أي الادانة والغصب (ثم استأمنا) لما بينا (خرج حربي مع مسلم إلى العسكر فادعى المسلم أنه أسيره، وقال) الحربي (كنت مستأمنا فالقول للحربي إلا إذا قامت قرينة) ككونه مكتوفا أو مغلولا عملا بالظاهر.
بحر (وإن خرجا) أي الحربيان (مسلمين) وتحاكما (قضى بينهما بالدين) لوقوعه صحيحا للتراضي (و) أما (الغصب ف) - لا، لما مر أنه ملكه (قتل أحد المسلمين المستأمنين صاحبه) عمدا أو خطأ (تجب الدية) لسقوط القود ثمة، كالحد (في ماله) فيهما لتعذر الصيانة على العاقلة مع تباين الدارين (والكفارة) أيضا (في الخطأ) لاطلاق النص (وفي) قتل أحد (الاسيرين) الآخر (كفر فقط) لما مر بلا دية (في الخطأ) ولا شئ في العمد أصلا، لانه بالاسر صار تبعا لهم، فسقطت عصمته المقومة لا المؤثمة فلذا يكفر في الخطأ(4/347)
(كقتل مسلم) أسيرا أو (من أسلم ثمة) ولو ورثته مسلمون ثمة، فيكفر في الخطأ فقط لعدم الاحراز بدارنا.
فصل في استئمان الكافر لا يمكن حربي مستأمن فينا سنة لئلا يصير عينا لهم وعونا علينا (وقيل له) من قبل الامام (إن أقمت سنة) قيد اتفاقي لجواز توقيت ما دونه كشهر وشهرين.
درر.
لكن ينبغي أن لا يلحقه ضرر بتقصير المدة جدا.
فتح (وضعنا عليك الجزية فإن مكث سنة) بعد قوله: (فهو ذمي) ظاهر المتون أن قول الامام له ذلك شرط لكونه ذميا، فلو أقام سنة أو سنتين قبل القول، فليس بذمي، وبه صرح العتابي، وقيل نعم وبه جزم في الدر.
قال في الفتح: والاول أوجه(4/348)
(ولا جزية عليه في حول المكث إلا بشرط أخذها منه فيه، و) إذا صار ذميا (يجري القصاص(4/349)
بينه وبين المسلم) ويضمن المسلم قيمة خمره وخنزيره إذا أتلفه، وتجب الدية عليه إذا قتله خطأ،(4/350)
ويجب كف الاذى عنه (وتحرم غيبته كالمسلم) فتح.
وفيه: لو مات المستأمن في دارنا وورثته ثمة وقف ماله لهم، ويأخذوه ببينة ولو من أهل الذمة فبكفيل، ولا يقبل كتاب ملكهم (وإذا أراد الرجوع إلى دار الحرب بعد الحول) ولو لتجارة أو قضاء حاجة كما يفيد الاطلاق.
نهر (منع) لان عقد الذمة لا ينقض، ومفاده منع الذمي أيضا (كما) يمنع (لو وضع عليه الخراج) بأن ألزم به وأخذ منه عند حلول وقته، لان(4/351)
خراج الارض كخراج الرأس (أو صار لها) أي المستأمنة الكتابية (زوج مسلم أو ذمي) لتبعيتها له وإن لم يدخل بها (لا عكسه) لامكان طلاقها، ولو نكحها هنا فطالبته بمهرها فلها منعه من
الرجوع.
تاترخانية.
فلو لم يف حتى مضى حول ينبغي صيرورته ذميا على ما مر عن الدرر، ومنه علم حكم الدين الحادث في دارنا (فإن رجع) المستأمن (إليهم) ولو لغير داره (حل دمه) لبطلان أمانه (فإن ترك وديعة عند معصوم) مسلم أو ذمي (أو دينا) عليهما (فأسر أو ظهر) بالبناء للمجهول بمعنى غلب (عليهم فأخذوه أو قتلوه سقط دينه) وسلمه ما غصب منه وأجره عين أجرها لسبق يده(4/352)
(وصار ماله) كوديعته وما عند شريكه ومضاربه وما في بيته في دارنا (فيئا).
واختلف في الرهن، ورجح في النهر أنه للمرتهن بدينه.
وفي السراج: لو بعث من يأخذ الوديعة والقرض وجب التسليم إليه.
انتهى.
وعليه فيوفي منه دينه هنا ولو صارت وديعته فيئا (وإن قتل أو مات فقط) بلا غلبة عليه (فديته وقرضه ووديعته لورثته) لان نفسه لم تصر مغنومة، فكذا ماله، كما لو ظهر عليه فهرب، فماله له (حربي هنا له ثمة عرس وأولاد ووديعة مع(4/353)
معصوم وغيره فأسلم) هنا أو صار ذميا (ثم ظهرنا عليهم فكله فئ) لعدم يده وولايته، ولو سبى طفله إلينا فهو قن مسلم (وإن أسلم ثمة فجاء) هنا (فظهرنا عليهم فطفله حر مسلم) لاتحاد الدار (ووديعته مع معصوم له) لان يده كيده محترمة (وغيره فئ) ولو عينا غصبها مسلم لعدم النيابة.
فتح (وللامام) حق (أخذ دية مسلم لا ولي له) أصلا (و) دية (مستأمن أسلم هنا من عاقلة قاتله خطأ) لقتله نفسا معصومة (وفي العمد له القتل) قصاصا (أو الدية) صلحا (لا العفو)(4/354)
نظر الحق العامة (حربي أو مرتد، أو من وجب عليه قود التجأ بالحرم، لا يقتل، بل يحبس عند الغذاء ليخرج فيقتل) لان من دخله فهو آمن بالنص، وسيجئ في الجنايات (لا تصير دار الاسلام دار حرب إلا) بأمور ثلاثة: (بإجراء أحكام أهل الشرك، وباتصالها بدار الحرب، وبأن(4/355)
لا يبقى فيها مسلم أو ذمي آمنا بالامان الاول) على نفسه (ودار الحرب تصير دار الاسلام بإجراء أحكام أهل الاسلام فيها) كجمعة وعيد (وإن بقي فيها كافر أصلي وإن لم تتصل بدار الاسلام) درر.
وهذا ثابت في نسخ المتن.
ساقط من نسخ الشرح، فكأنه تركه لمجئ بعضه ووضوح باقيه.
باب العشر والخراج والجزية (أرض العرب) وهي من حد الشام والكوفة إلى أقصى اليمن (وما أسلم أهله) طوعا (أو فتح عنوة وقسم بين جيشنا(4/356)
والبصرة) أيضا بإجماع الصحابة (عشرية) لانه أليق بالمسلم، وكذا بستان مسلم أو كرمه كان داره.
درر.
ومر في باب العاشر بأتم من هذا، وحررناه في شرح الملتقى (وسواد) قرى (العراق وحده من العذيب) بضم ففتح: قرية من قرى الكوفة (إلى عقبة حلوان) بن عمران بضم فسكون قرية بين بغداد وهمذان (عرضا ومن الغلث) بفتح فسكون فمثلثة: قرية شرقي دجلة موقوفة على العلوية، وما قيل من الثعلبة بفتح فسكون(4/357)
غلط.
مصنف عن المغرب (إلى عبادان) بالتشديد: حصن صغير بشط البحر في المثل ليس وراء عبادان قرية مستصفى (طولا) وبالايام اثنان وعشرون يوما ونصف وعرضه عشرة أيام.
سراج (وما فتح عنوة و) لم يقسم بين جيشنا، إلا مكة سواء (أقر أهله عليه) أو نقل إليه كفار أخر (أو فتح صلحا خراجية) لانه أليق بالكافر (وأرض السواد مملوكة لاهلها يجوز بيعهم لها(4/358)
وتصرفهم فيها) هداية، وعند الائمة الثلاثة: هي موقوفة على المسلمين فلم يجز بيعهم.
فتح (ويجب الخراج في أرض الوقف) إلا المشتراة من بيت المال إذا وقفها مشتريها فلا عشر ولا خراج.
شرنبلالية معزيا للبحر.
وكذا لو لم يوقفها كما ذكرته في شرح الملتقى (والصبي
والمجنون لو) كانت الارض (خراجية والعشر لو عشرية) درر.
ومر في الزكاة، وقالوا: أراضي(4/359)
الشام ومصر خراجية.
وفي الفتح: المأخوذ الآن من أراضي مصر أجرة لا خراج،(4/360)
ألا ترى أنها ليست مملوكة للزراع، كأنه لموت المالكين شيئا فشيئا بلا وارث، فصارت لبيت(4/361)
المال وعلى هذا فلا يصح ييع الامام، ولا شراؤه من وكيل بيت المال لشئ منها، لانه كوكيل اليتيم فلا يجوز إلا لضرورة والعياذ بالله تعالى.
زاد في البحر: أو رغب في العقار بضعف(4/363)
قيمته على قول المتأخرين المفتى به.
قلت: وسيجئ في باب الوصي جواز بيع عقار الصبي في سبع مسائل، وأفتى مفتي دمشق (فضل الله الرومي) بأن غالب أراضينا سلطانية لانقراض ملاكها، فآلت لبيت المال فتكون في يد زراعها كالعارية اه.
وفي النهر عن الواقعات: لو أراد السلطان شراءها لنفسه يأمر غيره ببيعها ثم يشتريها منه لنفسه.
انتهى، وإذا لم يعرف الحال في الشراء من بيت المال فالاصل الصحة، وبه عرف صحة وقف المشتراة من بيت المال، وأن شروط الواقفين صحيحة وأنه لا(4/364)
خراج على أراضيها (وموات أحياء ذمي بإذن الامام) أو رضخ له كما مر(4/365)
(خراجي ولو أحياه مسلم اعتبر قربه) ما قارب الشئ يعطي حكمه (وكل منهما) أي العشرية والخراجية (إن سقي بماء العشر أخذ منه العشر إلا أرض كافر تسقى بماء العشر) إذ الكافر لا يبدأ بالعشر (وإن سقى بماء الخراج أخذ منه الخراج) لان النماء بالماء (وهو) أي الخراج (نوعان: خراج مقاسمة إن كان الواجب بعض الخارج كالخمس ونحوه، وخراج وظيفة إن كان(4/366)
الواجب شيئا في الذمة يتعلق بالتمكن من الانتفاع بالارض، كما وضع عمر رضي الله عنه على السواد لكل جريب) هو ستون ذراعا في ستين بذراع كسرى (سبع قبضان)، وقيل المعتبر في كل بلدة عرفهم، وعرف مصر التقدير بالفدان.
فتح.
وعلى الاول المعول.
بحر (يبلغه الماء صاعا من بر أو شعير(4/367)
ودرهما) عطف على صاع من أجود النقود.
زيلعي (ولجريب الرطبة خمسة دراهم، ولجريب الكرم أو النخل متصلة) قيد فيهما (ضعفهما ولما سواه) مما ليس فيه توظيف عمر (كزعفران وبستان) هو كل أرض يحوطها حائط وفيها أشجار متفرقة يمكن الزرع تحتها، فلو ملتفة: أي متصلة لا يمكن زراعة أرضها، فهو كرم (طاقته و) غاية الطاقة (نصف الخارج)(4/368)
لان التنصيف عين الانصاف (فلا يزد عليه) في إخراج المقاسمة ولا في الموظف على مقدار ما وظفه عمر رضي الله تعالى عنه، وإن أطاقت على الصحيح.
كافي (وينقص مما وظف) عليها (إن لم تطق) بأن لم يبلغ الخارج ضعف الخراج الموظف فينقص إلى نصف الخارج وجوبا وجوازا عند الاطاقة،(4/369)
وينبغي أن لا يزاد على النصف ولا ينقص عن الخمس.
حدادي.
وفيه لو غرس بأرض الخراج كرما أو شجرا فعليه خراج الارض إلى أن يطعم، وكذا لو قلع الكرم وزرع الحب فعليه خراج(4/370)
الكرم، وإذا أطعم فعليه قدر ما يطيق ولا يزيد على عشرة دراهم ولا ينقص عما كان، وكل ما يمكن الزرع تحت شجرة فبستان، وما لا يمكن فكرم، وأما الاشجار التي على المسناة فلا شئ فيها.
انتهى.
وفي زكاة الخانية: قوم شروا ضيعة فيها كرم وأرض فشرى أحدهما الكرم
والآخر الاراضي وأرادوا قسم الخراج، فلو معلوما فكما كان قبل الشراء، وإلا كأن كان جملة فإن لم تعرف الكروم إلا كروما قسم بقدر الحصص.
قرية خراجهم متفاوت، فطلبوا التسوية إن لم يعلم قدره ابتداء ترك على ما كان (ولا خراج إن غلب الماء على أرضه أو انقطع) الماء(4/371)
(أو أصاب الزرع آفة سماوية كغرق وحرق وشدة وبرد) إلا إذا بقي من السنة ما يمكن الزرع فيه ثانيا (إما إذا كانت الآفة غير سماوية) ويمكن الاحتراز عنها (كأكل قردة وسباع ونحوهما) كأنعام وفأر ودودة.
(بحر) (أو هلك) الخارج (بعد الحصاد لا) يسقط وقبله يسقط، ولو هلك بعضه إن فضل عما أنفق شئ أخذ منه مقدار ما بينا.
مصنف سراج.
وتمامه في الشرنبلالية معزيا للبحر.
قال: وكذا حكم الاجارة في الارض المستأجرة(4/372)
(فإن عطلها صاحبها وكان خراجها موظفا أو أسلم) صاحبها (أو اشترى مسلم) من ذمي (أرض خراج يجب) الخراج (ولو منعه إنسان من الزراعة أو كان الخارج) خراج (مقاسمة لا) يجب شئ.
سراج.
وقد علمت أن المأخوذ من أراضي مصر: أجرة لا خراج، فما يفعل الآن من(4/373)
الاخذ من الفلاح وإن لم يزرع ويسمى ذلك فلاحة وإجباره على السكنى في بلدة معينة يعمر داره ويزرع الارض: حرام بلا شبهة.
نهر.
ونحوه في الشرنبلالية معزيا للبحر حيث قال: وتقدم أن مصر الآن ليست خراجية بل بالاجرة، فلا شئ على من لم يزرع ولم يكن مستأجرا، ولا جبر عليه بتسييبها، فما يفعله الظلمة من الاضرار به: حرام، خصوصا إذا أراد الاشتغال بالعلم، وقالوا: لو زرع الاخس قادرا على الاعلى كزعفران فعليه خراج الاعلى، وهذا يعلم ولا يفتى به كي لا يتجرى الظلمة.
(باع أرضا خراجية: إن بقي من السنة مقدار ما يتمكن المشتري من الزراعة فعليه الخراج، وإلا فعلى البائع) عناية (ولا يؤخذ العشر من الخارج من أرض الخراج) لانهما لا
يجتمعان، خلافا للشافعي (ولا يتكرر الخراج بتكرر الخارج في سنة لو موظفا وإلا) بأن كان خراج مقاسمة (تكرار) لتعلقه بالخارج حقيقة (كالعشر) فإنه يتكرر (ترك السلطان) أو نائبه (الخراج لرب الارض) أو وهبه له ولو بشفاعة (جاز) عند الثاني وحل له لو مصرفا، وإلا(4/374)
تصدق به، به يفتى.
وما في الحاوي من ترجيح حله لغير المصرف خلاف المشهور (ولو ترك العشر لا) يجوز إجماعا ويخرجه بنفسه للفقراء.
سراج، خلافا لما في قاعدة تصرف الامام منوط بالمصلحة.
من الاشباه معزيا للبزازية فتنبه.
وفي النهر: يعلم من قول الثاني حكم الاقطاعات(4/375)
من أراضي بيت المال إذ حاصلها: أن الرقبة لبيت المال والخراج له وحينئذ فلا يصح بيعه ولا هبته، ولا وقفه، نعم له إجارته تخريجا على إجارة المستأجر، ومن الحوادث، لو أقطعها السلطان له والاولاد ونسله وعقبه، على أن من مات منهم انتقل نصيبه إلى أخيه ثم مات السلطان، وانتقل من أقطع له في زمن سلطان آخر، هل يكون لاولاده؟ لم أره، ومقتضى قواعدهم إلغاء التعليق بموت المعلق، فتدبره.(4/376)
ولو أقطعه السلطان أرضا مواتا أو ملكها السلطان، ثم أقطعها له جاز وقفه لها، والارضاد من السلطان ليس بإيقاف البتة.
وفي الاشباه قبيل القول في الدين: أفتى العلامة قاسم بصحة إجارة المقطع، وأن للامام أن يخرجه متى شاء، وقيده ابن نجيم بغير الموات، أما الموات فليس للامام إخراجه عنه، لانه تملكه بالاحياء، فليحفظ.
فصل في الجزية(4/377)
هي لغة: الجزاء، لانها جزت عن القتل، والجمع جزى كلحية ولحى، وهي نوعان (الموضوع من الجزية بصلح لا) يقدر ولا (يغير) تحرزا عن الغدر (وما وضع بعد ما قهروا
وأقروا على أملاكهم يقدر في كل سنة على فقير معتمل) يقدر على تحصيل النقدين بأي وجه كان.
ينابيع.
وتكفي صحته في أكثر السنة.
هداية (اثنا عشر درهما) في كل شهر درهم (وعلى وسط الحال ضعفه) في كل شهر درهمان (وعلى المكثر ضعفه) في كل شهر أربعة دراهم.
وهذا للتسهيل لا لبيان الوجوب، لانه بأول الحول بناية (ومن ملك عشرة آلاف درهم فصاعدا:(4/378)
غني، ومن ملك مائتي درهم فصاعدا متوسط، ومن ملك ما دون المائتين أو لا يملك شيئا فقير) قاله الكرخي وهو أحسن الاقوال، وعليه الاعتماد.
بحر.
واعتبر أبو جعفر العرف، وهو الاصح.
تاترخانية.
ويعتبر وجود هذه الصفات في آخر السنة.
فتح.
لانه وقت وجوب الاداء.(4/379)
نهر (وتوضع على كتابي) يدخل في اليهود السامرة لانهم يدينون بشريعة موسى عليه الصلاة والسلام، وفي النصارى الفرنج والارمن، وأما الصابئة ففي الخانية تؤخذ منهم عنده، خلافا لهما (ومجوسي) ولو عربيا لوضعه عليه الصلاة والسلام على مجوس هجر (ووثني عجمي) لجواز استرقاقه، فجاز ضرب الجزية عليه (لا) على وثني (عربي) لان المعجزة في حقه أظهر(4/380)
فلم يعذر (ومرتد) فلا يقبل منهما إلا الاسلام أو السيف، ولو ظهرنا عليهم فنساؤهم وصبيانهم فئ (وصبي وامرأة وعبد) ومكاتب ومدبر وابن أم ولد (وزمن) من زمن يزمن زمانة نقص بعض أعضائه أو تعطل قواه، فدخل المفلوج والشيخ العاجز (وأعمى وفقير غير معتمل وراهب لا يخالط) لانه لا يقتل والجزية لاسقاطه، وجزم الحدادي بوجوبها، ونقل ابن كمال أنه القياس(4/381)
ومفاده أن الاستحسان بخلافه، فتأمل (والمعتبر في الاهلية) للجزية (وعدمها وقت الوضع) فمن أفاق أو عتق أو بلغ أو برئ بعد وضع الامام: لم توضع عليه (بخلاف الفقير إذا أيسر بعد الوضع حيث توضع عليه) لان سقوطها لعجزه وقد زال.
اختيار (وهي) أي الجزية ليست
رضا منا بكفرهم كما طعن الملحدة، بل إنما هي (عقوبة) لهم على إقامتهم (على الكفر) فإذا جاز إمهالهم للاستدعاء إلى الايمان بدونها فبها أولى، وقال تعالى: * (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) * (سورة التوبة: الآية: 03) وأخذها عليه الصلاة والسلام من مجوس هجر ونصارى نجران وأقرهم على دينهم، ثم فرع عليه بقوله (فتسقط بالاسلام) ولو بعد تمام السنة،(4/382)
ويسقط المعجل لسنة لا لسنتين، فيرد عليه سنة.
خلاصة (والموت والتكرار) للتداخل كما سيجئ (و) ب (- العمى والزمانة وصيرورته) فقيرا أو (مقعدا أو شيخا كبيرا لا يستطيع العمل) ثم بين التكرار فقال: (وإذا اجتمع عليه حولان تداخلت، والاصح سقوط جزية السنة الاولى بدخول) السنة (الثانية) زيلعي.
لان الوجوب بأول الحول بعكس خراج الارض (ويسقط الخراج ب) - الموت في الاصح.
حاوي وب (- التداخل) كالجزية (وقيل لا) يسقط كالعشر، وينبغي ترجيح الاول لان الخراج عقوبة، بخلاف العشر.
بحر قال المصنف: وعزاه في الخانية لصاحب المذهب فكان هو المذهب،(4/383)
وفيها لا يحل أكل الغلة حتى يؤدي الخراج (ولا تقبل من الذمي لو بعثها على يد نائبه) في الاصح (بل يكلف أن يأتي بنفسه، فيعطيها قائما، والقابض منه قاعد) هداية.
ويقول: أعط يا عدو الله، ويصفعه في عنقه، لا يا كافر، ويأثم القائل إذا أذاه به.(4/384)
قنية (ولا) يجوز أن (يحدث بيعة، ولا كنيسة ولا صومعة، ولا بيت نار، ولا مقبرة) ولا صنما.
حاوي (في دار الاسلام) ولو قرية في المختار.
فتح.(4/385)
(ويعاد المنهدم) أي لا ما هدمه الامام، بل ما انهدم.
أشباه: في آخر الدعاء برفع الطاعون (من(4/386)
غير زيادة على البناء الاول) ولا يعدل(4/387)
عن النقص الاول إن كفى، وتمامه في شرح الوهبانية، وأما القديمة فتترك مسكنا في الفتحية: ومعبدا في الصلحية.
بحر.(4/388)
خلافا لما في القهستاني، فتنبه (ويميز الذمي عنا في زيه) بالكسر: لباسه وهيئته ومركبه وسرجه وسلاحه (فلا يركب خيلا) إلا إذا استعان بهم الامام لمحاربة وذب عنا.
ذخيرة.
وجاز بغل كحمار.
تاترخانية.
وفي الفتح: وهذا عند المتقدمين، واختار المتأخرون: أنه لا يركب أصلا إلا لضرورة.
وفي الاشباه: والمعتمد أن لا يركبوا(4/389)
مطلقا ولا يلبسوا العمائم، وإن ركب الحمار لضرورة نزل في المجامع (ويركب سرجا كالاكف كالبرذعة في مقدمة شبه الرمانة (ولا يعمل بسلاح ويظهر الكستيج) فارسي معرب: الزنار من صوف أو شعر، وهل يلزم تمييزهم بكل العلامات.
خلاف أشباه.
والصحيح ءن فتحها عنوة فله ذلك، وإلا فعلى الشرط، تاترخانية (ويمنع من لبس العمامة) ولو زرقاء أو صفراء على الصواب.
نهر.
ونحوه في البحر، واعتمده في الاشباه كما قدمناه،(4/390)
وإنما تكون طويلة سوداء (و) من (زنار الابريسم والثياب الفاخرة المختصة بأهل العلم والشرف) كصوف مربع وجوخ رفيع وأبراد رقيقة ومن استكتاب ومباشرة يكون بها معظما عند المسلمين، وتمامه في الفتح.
وفي الحاوي: وينبغي أن يلازم الصغار فيما يكون بينه وبين المسلم في كل شئ، وعليه فيمنع من القعود حال قيام المسلم عنده.
بحر.
ويحرم تعظيمه، وتكره مصافحته، ولا يبدأ بسلام إلا لحاجة ولا يزاد في الجواب علي وعليك ويضيق عليه في المرور، ويجعل على داره علامة، وتمامه في الاشباه من أحكام الذمي.
وفي شرح
الوهبانية للشرنبلالي: ويمنعون من استيطان مكة والمدينة لانهما من أرض العرب.
قال عليه(4/391)
الصلاة والسلام: لا يجتمع في أرض العرب دينان ولو دخل لتجارة جاز ولا يطيل.
وأما دخوله المسجد الحرام فذكر في السير الكبير المنع، وفي الجامع الصغير عدمه، والسير الكبير آخر تصنيف محمد رحمه الله تعالى فالظاهر أنه أورد فيه ما استقر عليه الحال.
انتهى.
وفي الخانية: تميز نساؤهم لا عبيدهم بالكستيج (الذمي إذا اشترى دارا) أي أراد شراءها في المصر لا ينبغي أن تباع منه، فلو اشترى يجبر على بيعها من المسلم وقيل يجبر على بيعها من المسلم(4/392)
وقيل لا يجبر إلا إذا كثر.
درر.
قلت: وفي معروضات المفتي أبي السعود من كتاب الصلاة سئل عن مسجد لم يبق في أطرافه بيت أحد من المسلمين وأحاط به الكفرة، فكان الامام والمؤذن فقط لاجل وظيفتهما يذهبان إليه فيؤذنان ويصليان به، فهل تحل لهم الوظيفة؟ فأجاب بقوله: تلك البيوت يأخذها المسلمون بقيمتها جبرا على الفور، وقد ورد الامر الشريف السلطاني بذلك، فالحاكم لا يؤخر هذا أصلا، وفيها من الجهاد، وبعد أن ورد الامر الشريف السلطاني بعدم استخدام الذميين للعبيد والجواري، لو استخدم ذمي عبدا أو جارية ماذا يلزمه؟ فأجاب: يلزمه التعزير الشديد والحبس.
ففي الخانية: ويؤمرون بما كان استخفافا لهم، وكذا تميز دورهم عن دورنا.
انتهى، فليحفظ ذلك (وإذا تكارى أهل الذمة دورا فيما بين المسلمين ليسكنوا فيها) في المصر (جاز) لعود نفعه إلينا وليروا تعاملنا فيسلموا (بشرط عدم تقليل الجماعات لسكناهم) شرحه الامام الحلواني (فإن لزم ذلك من سكناهم أمروا بالاعتزال عنهم والسكنى بناحية ليس فيها مسلمون) وهو محفوظ عن أبي يوسف.
بحر عن الذخيرة.
وفي الاشباه: واختلف في سكناهم بيننا في المصر، والمعتمد الجواز في محلة خاصة.
انتهى، وأقره المصنف وغيره،(4/393)
لكن رده شيخ الاسلام جوى زاده وجزم بأنه فهم خطأ، فكأنه فهم من الناحية الحلة، وليس كذلك، فقد صرح التمرتاشي في شرح الجامع الصغير بعد ما نقل عن الشافعي أنهم يؤمرون ببيع دورهم في أمصار المسلمين وبالخروج عنها، وبالسكنى خارجها لئلا يكون لهم محلة خاصة - نقلا عن النسفي، والمراد: أي بالمنع المذكور عن الامصار أن يكون لهم في المصر محلة خاصة يسكنونها، ولهم فيها منعة عارضة كمنعة المسلمين، فإما سكنا بينهم وهم مقهورون(4/394)
فلا كذلك كذا في فتاوى الاسكوبي فليحذر (وينتقص عهدهم بالغلبة على موضع للحرب) أو باللحاق بدار الحرب زاد في الفتح: أو بالامتناع عن قبول الجزية(4/395)
أو يجعل نفسه طليعة للمشركين بأن يبعث ليطلع على أخبار العدو فلو لو يبعثوه لذلك لم ينتقض عهده وعليه يحمل كلام المحيط وصار الذمي في هذه الاربع صور (كالمرتد) في كل احكامه (الا انه) لو اسر (يسترق) والمرتد يقتل (ولا يجبر على قبول الذمة) والمرتد يجبر على الاسلام لا ينتقض عهده بقوله نقضت العهد زيلعي (بخلاف الامان) للحربي، فإنه ينتقض بالقول.
بحر.
(ولا بالاباء عن) أداء (الجزية) بل عن قبولها كما مر،(4/396)
ونقل العيني عن الواقعات قتله بالاباء عن الاداء، قال: وهو قول الثلاثة، لكن ضعفه في البحر (و) لا (بالزنا بمسلمة وقتل مسلم) وإفتان مسلم عن دينه وقطع الطريق (وسب النبي (ص)) لان(4/397)
كفره المقارن له لا يمنعه، فالطارئ لا يرفعه، فلو من مسلم قبل كما سيجئ (ويؤدب الذمي ويعاقب على سبه دين الاسلام أو القرآن أو النبي (ص)) حاوي وغيره.(4/398)
قال العيني: واختياري في السب أن يقتل اه.
وتبعه ابن الهمام.
قلت: وبه أفتى شيخنا الخير الرملي وهو قول الشافعي، ثم رأيت في معروضات المفتي أبي السعود، أنه ورد أمر سلطاني بالعمل بقول أئمتنا القائلين بقتله: إذا ظهر أنه معتاده، وبه أفتى.
ثم أفتى في بكر اليهودي قال لبشر النصراني: نبيكم عيسى ولد زنا: بأنه يقتل لسبه(4/399)
للانبياء عليهم الصلاة والسلام اه.
قلت: ويؤيده أن ابن كمال باشا في أحاديثه الاربعينية في الحديث الرابع والثلاثين: يا عائشة لا تكوني فاحشة ما نصه: والحق أنه يقتل عندنا إذا أعلن بشتمه عليه الصلاة والسلام، صرح به في سير الذخيرة، حيث قال: واستدل محمد لبيان قتل المرأة إذا أعلنت بشتم الرسول بما روي أن عمر بن عدي لما سمع عصماء بنت مروان تؤذي الرسول فقتلها ليلا: مدحه (ص) على ذلك انتهى.
فليحفظ (ويؤخذ من مال بالغ تغلبي وتغلبية) لا من طفلهم إلا الخراج (ضعف زكاتنا) بأحكامها (مما تجب فهي الزكاة) المعهودة بيننا، لان الصلح وقع كذلك (و) يؤخذ (من مولاه) أي معتق التغلبي (في الجزية والخراج كمولى القرشي) وحديث مولى القوم(4/400)
منهم مخصوص بالاجماع (ومصرف الجزية والخراج ومال التغلبي وهديتهم للامام) وإنما يقبلها إذا وقع عندهم أن قتالنا للدين لا الدنيا.
جوهرة (وما أخذ منهم بلا حرب) ومنه تركة ذمي وما أخذه عاشر منهم.
ظهيرية (مصالحنا) خبر مصرف (كسد ثغور وبناء قنطرة وجسر وكفاية العلماء) والمتعلمين.
تجنيس، وبه يدخل طلبة العلم.
فتح (والقضاة والعمال) ككتبة قضاة وشهود قسمة ورقباء سواحل(4/401)
(ورزق المقاتلة وذراريهم) أي ذراري من ذكر.
مسكين.
واعتمده في البحر قائلا: وهل يعطون بعد موت آبائهم حالة الصغرة؟ لم أره، وإلى هنا تمت مصارف بيت المال ثلاثة،(4/402)
فهذا مصرف جزية وخراج، ومصرف زكاة وعشر مر في الزكاة، ومصرف خمس وركاز مر في السير، وبقي رابع وهو لقطة وتركة بلا وارث، ودية مقتول بلا ولي، ومصرفها لقيط فقير وفقير بلا ولي، وعلى الامام أن يجعل لكل نوع بيتا يخصه وله أن يستقرض من أحدها ليصرفه للآخر ويعطي بقدر الحاجة والفقه والفضل، فإن قصر كان الله عليه حسيبا.
زيلعي.
وفي(4/403)
الحاوي: المراد بالحافظ في حديث لحافظ القرآن مائتا دينار هو المفتي اليوم، ولا شئ لذمي في بيت المال إلا أن يهلك لضعفه فيعطيه ما يسد جوعته (ومن مات) من ذكر (في نصف الحول حرم من العطاء) لانه صلة فلا تملك إلا بالقبض، وأهل العطاء في زماننا القاضي والمفتي والمدرس.
صدر شريعة (ولو) مات (في آخره) أو بعد تمامه كما صححه أخي زاده (يستحب الصرف إلى قريبه) لانه أوفى تعبه فيندب الوفاء له، ومن تعجله ثم مات أو عزل قبل الحول يجب رد ما بقي، وقيل لا، كالنفقة المعجلة.
زيلعي (والمؤذن والامام إذا كان لهما وقف ولم يستوفيا حتى ماتا فإنه يسقط) لانه كالصلة(4/404)
(وكذلك القاضي وقيل لا) يسقط لانه كالاجرة وهذا ثابت في نسخ الشرح، ساقط من نسخ المتن هنا، وتمامه في الدرر وقد لخصناه في الوقف.
باب المرتد هو لغة: الراجع مطلقا، وشرعا: (الراجع عن دين الاسلام.
وركنها إجراء كلمة الكفر على اللسان بعد الايمان) وهو تصديق محمد (ص) في جميع ما جاء به عن الله تعالى مما علم مجيئه ضرورة، وهل هو فقط أو هو مع الاقرار؟ قولان، وأكثر الحنفية على الثاني، والمحققون على(4/405)
الاول، والاقرار شرط لاجراء الاحكام الدنيوية بعد الاتفاق على أنه يعتقد متى طولب به أتى به، فإن طولب به فلم يقر فهو كفر عناد.
قاله المصنف: وفي الفتح: من هزل بلفظ كفر ارتد،(4/406)
وإن لم يعتقده للاستخفاف فهو ككفر العناد.
والكخفر لغة: الستر.
وشرعا: تكذيبه (ص) في شئ(4/407)
مما جاء به من الدين ضرورة، وألفاظه تعرف في الفتاوى، بل أفردت بالتأليف، مع أنه لا يفتى بالكفر بشئ منها إلا فيما اتفق المشايخ عليه، كما سيجئ.
قال في البحر: وقد ألزمت نفسي أن لا أفتي بشئ منها.
(وشرائط صحتها العقل) والصحو (والطوع) فلا تصح ردة مجنون، ومعتوه(4/408)
وموسوس، وصبي لا يعقل، وسكران، ومكره عليها، وأما البلوغ والذكورة فليسا بشرط.
بدائع.
وفي الاشباه: لا تصح ردة السكران، إلا الردة بسب النبي (ص)، فإنه يقتل ولا يعفى عنه (من ارتد عرض) الحاكم (عليه الاسلام استحبابا) على المذهب لبلوغه الدعوة (وتكشف شبهته) بيان لثمرة العرض (ويحبس) وجوبا، وقيل ندبا (ثلاثة أيام) يعرض عليه الاسلام في كل يوم منها.
خانية (إن استمهل) أي طلب المهلة، وإلا قتله من ساعته، إلا إذا رجي إسلامه.
بدائع، وكذا لو ارتد ثانيا لكنه يضرب، وفي الثالث يحبس أيضا حتى تظهر عليه التوبة، فإن عاد(4/409)
فكذلك.
تاترخانية.
قلت: لكن نقل في الزواهر عن آخر حدود الخانية معزيا للبلخي ما يفيد قتله بلا توبة، فتنبه (فإن أسلم) فيها (وإلا قتل) لحديث: من بدل دينه فاقتلوه.
(وإسلامه أن يتبرأ عن الاديان) وى الاسلام (أو عما انتقل إليه) بعد نطقه بالشهادتين، وتمامه في الفتح، ولو أتى بهما على وجه العادة لم ينفعه ما لم يتبرأ..بزازية (وكره) تنزيها(4/410)
لما مر (قتله قبل العرض بلا ضمان) لان الكفر مبيح للدم، قيد بإسلام المرتد لان الكفار
أصناف خمسة: من ينكر الصانع كالدهرية، ومن ينكر الوحدانية كالثنوية، ومن يقربهما لكن ينكر بعثة الرسل كالفلاسفة، ومن ينكر الكل كالوثنية، ومن يقر بالكل، لكن ينكر عموم رسالة المصطفى (ص) كالعيسوية، فكيتفي في الاولين بقول لا إله إلا الله،(4/411)
وفي الثالث محمد رسول الله، وفي الرابع بأحدهما، وفي الخامس بهما مع التبري عن كل دين(4/412)
يخالف دين الاسلام، بدائع وآخر كراهية الدرر.
وحينئذ فيستفسر من جهل حاله، بل عمم في الدرر اشتراط التبري من كل يهودي ونصراني، ومثله في فتاوى المصنف وابن نجيم وغيرهما.(4/413)
وفي رهن فتاوى قارئ الهداية: كذا أفتى علماؤنا.
والذي أفتى به صحته بالشهادتين بلا تبري، لان التلفظ بها صار علامة على الاسلام فيقتل إن رجع ما لم يعد (و) اعلم أنه (لا يفتي بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن أو كان في كفره خلاف(4/414)
ولو) كان ذلك (رواية ضعيفة) كما حرره في البحر، وعزاه في الاشباه إلى الصغرى.
وفي الدرر وغيرها: إذا كان في المسألة وجوه توجب الكفر وواحد يمنعه، فعلى المفتي الميل لما يمنعه، ثم لو نيته ذلك فمسلم، وإلا لم ينفعه حمل المفتي على خلافه، وينبغي التعوذ بهذا الدعاء صباحا ومساء، فإنصه سبب العصمة من الكفر بوعد الصادق الامين (ص): اللهم إني أعوذ بك من أن أشرك بك شيئا وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم، إنك أنت علام الغيوب.
وتوبة اليأس مقبولة دون إيمان اليأس.
درر.(4/415)
وفيها أيضا شهد نصرانيان على نصراني أنه أسلم وهو ينكر لم تقبل شهادتهما، وكذا لو شهد رجل وامرأتان من المسلمين.
وفي النوازل: تقبل شهادة رجل وامرأتين على الاسلام وشهادة
نصرانيين على نصراني بأنه أسلم اه.
(وكل مسلم ارتد فتوبته مقبولة إلا) جماعة: من تكررت ردته على ما مر، و (الكافر بسب نبي) من الانبياء فإنه يقتل حدا ولا تقبل توبته(4/416)
مطلقا، ولو سب الله تعالى قبلت لانه حق الله تعالى، والاول حق عبد لا يزول بالتوبة، ومن شك في عذابه وكفره كفر، وتمامه في الدرر في فصل الجزية معزيا للبزازية، وكذا لو أبغضه بالقلب.
فتح وأشباه.
وفي فتاوى المصنف: ويجب إلحاق الاستهزاء والاستخفاف به لتعلق حقه أيضا.
وفيها سئل عمن قال لشريف: لعن الله والديك ووالدي الذين خلفوك.
فأجاب: الجمع المضاف يعم ما لم يتحقق عهد، خلافا لابي هاشم وإمام الحرمين كما في جمع الجوامع، وحينئذ فيعم حضرة الرسالة فينبغي القول بكفره، وإذا كفر بسبه لا توبة له على ما ذكره البزازي وتوارده الشارحون، نعم لو لوحظ قول أبي هاشم وإمام الحرمين باحتمال العهد فلا كفر، وهو اللائق بمذهبنا لتصريحهم بالميل إلى ما لا يكفر.
وفيها: من نقص مقام الرسالة بقوله، بأن سبه (ص)، أو بفعله بأن بغضه بقلبه: قتل حدا كما مر التصريح به، لكن صرح في آخر الشفاء بأن حكمه(4/417)
كالمرتد،(4/418)
ومفاده قبول التوبة كما لا يخفى، زاد المصنف في شرحه: وقد سمعت من مفتي الحنفية بمصر شيخ الاسلام ابن عبد العال أن الكمال وغيره تبعوا البزازي والبزازي تبع صاحب (السيف المسلول) عزاه إليه، ولم يعزه لاحد من علماء الحنفية، وقد صرح في النتف(4/419)
ومعين الحكام وشرح الطحاوي و (حاوي الزاهدي) وغيرها بأن حكمه كالمرتد ولفظ
النتف، من سب رسول الله (ص) فإنه مرتد، وحكمه حكم المرتد ويفعل به ما يفعل بالمرتد انتهى، وهو ظاهر في قبول توبته كما مر عن الشفاء اه.
فليحفظ.
قلت: وظاهر الشفاء أن قوله يا ابن ألف خنزير، أو يا ابن مائة كلب، وأن قوله لهاشمي لعن الله بني هاشم كذلك، وأن شتم الملائكة كالانبياء، فليحرر.
ومن حوادث الفتوى: ما لو حكم حنفي بكفره بسب نبي هل للشافعي أن يحكم بقبول توبته؟ الظاهر نعم، لانها حادثة أخرى، وإن حكم بموجبه.
نهر.(4/420)
قلت: ثم رأيت في معروضات المفتي أبي السعود سؤالا ملخصه: أن طالب علم ذكر عنده حديث نبوي فقال: أكل أحاديث النبي (ص) صدق يعمل بها؟ فأجاب بأنه يكفر، أولا: بسبب استفهامه الانكاري، وثانيا بإلحاقه الشين للنبي (ص)، ففي كفره الاول عن اعتقاده يؤمر بتجديد الايمان فلا يقتل، والثاني يفيد الزندقة، فبعد أخذه لا تقبل توبته اتفاقا فيقتل، وقبله اختلف في قبول توبته، فعند أبي حنيفة تقبل فلا يقتل، وعند بقية الائمة لا تقبل ويقتل حدا، فلذلك ورد أمر سلطاني في سنة 944 لقضاة الممالك المحمية برعاية رأي الجانبين بأنه إن ظهر صلاحه وحسن توبته وإسلامه لا يقتل، ويكتفى بتعزيره وحبسه عملا بقول الامام الاعظم: وإن لم يكن من أناس يفهم خبرهم يقتل عملا بقول الائمة، ثم في سنة 955 تقرر هذا الامر بآخر، فينظر القائل من أي الفريقين هو فيعمل بمقتضاه اه فليحفظ، وليكن التوفيق(4/421)
(أو) الكافر بسب (الشيخين أو) بسب (أحدهما) في البحر عن (الجوهرة) معزيا للشهيد من سب الشيخين أو طعن فيهما كفر ولا تقبل توبته، وبه أخذ الدبوسي وأبو الليث، وهو المختار للفتوى.
انتهى.
وجزم به في الاشباه وأقره المصنف قائلا: وهذا يقوي القول بعدم قبول توبة ساب الرسول (ص)، وهو الذي ينبغي التعويل عليه في الافتاء والقضاء: رعاية لجانب حضرة المصطفى (ص).
اه.
لكن في النهر وهذا لا وجود له في أصل الجوهرة، وإنما وجد على(4/422)
هامش بعض النسخ، فألحق بالاصل مع أنه لا ارتباط له بما قبله.
انتهى.
قلت: ويكفينا ما مر من الامر، فتدبر.
وفي المعروضات المذكورة ما معناه أن من قال عن فصوص الحكم للشيخ محيي الدين بن العربي: إنه خارج عن الشريعة وقد صنفه للاضلال ومن طالعه ملحد ماذا يلزمه؟ أجاب: نعم فيه كلمات تباين الشريعة، وتكلف بعض المتصلفين لارجاعها إلى الشرع، لكنا تيقنا أن بعض اليهود افتراها على الشيخ قدس الله سره(4/423)
فيجب الاحتياط بترك مطالعة تلك الكلمات، وقد صدر أمر سلطاني بالنهي فيجب الاجتناب من كل وجه.
انتهى، فليحفظ، وقد أثنى صاحب القاموس عليه في سؤال رفع إليه فيه، فكتب: اللهم نطقنا بما فيه رضاك، الذي أعتقده وأدين الله به: إنه كان رضي الله تعالى عنه شيخ الطريقة حالا وعلما،(4/424)
وإمام الحقيقة حقيقة ورسما، ومحيي رسوم المعارف فعلا واسما: إذا تغلغل فكر المرء في طرف من علمه غرقت فيه خواطره عباب لا تكدر الدلاء، وسحاب تتقاصى عنه الانواء، كانت دعوته تخرق السبع الطباق، وتفرق بركاته فتملا الآفاق.
وإني أصفه، وهو يقينا فوق ما وصفته، وناطق بما كتبته، وغالب ظني أني ما أنصفته: وما علي إذا ما قلت معتقدي دع الجهول يظن الجهل عدوانا والله، والله، والله العظيم ومن أقامه حجة لله برهانا إن الذي قلت بعض من مناقبه ما زدت، إلا لعلي زدت نقصانا(4/425)
إلى أن قال: ومن خواص كتبه أنه من واظب على مطالعتها انشرح صدره لفك
المعضلات وحل المشكلات، وقد أثنى عليه الشيخ العارف عبد الوهاب الشعراني سيما في كتابه (تنبيه الاغبياء على قطرة من بحر علوم الاولياء) فعليك به وبالله التوفيق (و) الكافر بسبب اعتقاد (الشحر) لا توبة له (ولو امرأة) في الاصح(4/426)
لسعيها في الارض بالفساد.
ذكره الزيلعي، ثم قال (و) كذا الكافر بسبب (الزندقة) لا توبة له وجعله في الفتح ظاهر المذهب، لكن في حظر الخانية الفتوى على أنه (إذا أخذ) الساحر أو الزنديق المعروف الداعي (قبل توبته) ثم تاب لم تقبل توبته ويقتل، ولو أخذ بعدها قبلت.(4/427)
وأفاد في السراج أن الخناق لا توبة له.
وفي الشمني: الكاهن قيل كالساحر.
وفي حاشية البيضاوي لمنلا خسرو: الداعي إلى الالحاد والاباحي كالزنديق: وفي الفتح: والمنافق الذي(4/428)
يبطن الكفر ويظهر الاسلام كالزنديق الذي لا يتدين بدين، وكذا من علم أنه ينكر في الباطن بعض الضروريات كحرمة الخمر ويظهر اعتقاد حرمته، وتمامه فيه.
وفيه: يكفر الساحر بتعلمه(4/429)
وفعله اعتقد تحريمه أو لا ويقتل انتهى، لكن في حظر الخانية: لو استعمله للتجربة والامتحان ولا يعتقده: لا يكفر، وحينئذ فالمستثنى أحد عشر.
(و) اعلم أن (كل مسلم ارتد فإنه يقتل إن لم يتب إلا) جماعة (المرأة والخنثى، ومن(4/430)
إسلامه تبعا، والصبي إذا أسلم، والمكره على الاسلام، ومن ثبت إسلامه بشهادة رجلين ثم رجعا) زاد في الاشباه: ومن ثبت إسلامه بشهادة رجل وامرأتين.
انتهى.
ولو شهد نصرانيان على نصراني: أنه أسلم وهو ينكر لم تقبل شهادتهما، وقيل تقبل، ولو على نصرانية قبلت اتفاقا، وتمامه في آخر كراهية الدرر.
ويلحق بالصبي من ولدته المرتدة
بيننا إذا بلغ مرتدا، والسكران إذا أسلم، وكذا اللقيط لان إسلامه حكمي لا حقيقي، وقيد في الخانية وغيرها المكره بالحربي.
أما الذمي المستأمن فلا يصح إسلامه.
انتهى، لكن حمله المصنف في كتاب الاكراه على جواب القياس.
وفي الاستحسان يصح، فليحفظ، وحينئذ(4/431)
فالمستثنى أربعة عشر.
(شهدوا على مسلم بالردة وهو منكر لا يتعرض له) لا لتكذيب الشهود العدول بل (لان إنكاره توبة ورجوع) يعني فيمتنع القتل فقط.
وتثبت بقية أحكام المرتد كحبط عمل وبطلان وقف وبينونة زوجة لو فيما تقبل توبته، وإلا قتل كالردة بسبه عليه الصلاة والسملا كما مر.
أشباه.
زاد في البحر: وقد رأيت من يغلط في هذا المحل وأقره المصنف، وحينئذ فالمستثنى أربعة عشر.
وفي شرح الوهبانية للشرنبلالي: ما يكون كفرا اتفاقا: يبطل العمل والنكاح وأولاده أولاد زنا، وما فيه خلاف يؤمر بالاستغفار(4/432)
والتوبة وتجديد النكاح (ولا يترك) المرتد (على ردته بإعطاء الجزية، ولا بأمان مؤقت، ولا بأمان مؤبد، ولا يجوز استرقاقه بعد اللحاق) بدار الحرب، بخلاف المرتدة.
خانية (والكفر) كله (ملة واحدة) خلافا للشافعي.
(فلو تنصر يهودي أو عكسه ترك على حاله) ولم يجبر على العود (ويزول ملك المرتد عن ماله زوالا موقوفا، فإن أسلم عاد ملكه، وإن مات أو قتل على ردته) أو حكم بلحاقه (ورث كسب إسلامه وارثه المسلم) ولو زوجته بشرط العدة.
زيلعي (بعد قضاء دين إسلامه،(4/433)
وكسب ردته فئ بعد قضاء دين ردته) وقالا: ميراث أيضا ككسب المرتدة (وإن حكم) القاضي (بلحاقه عتق مدبره) من ثلث ماله (وأم ولده) من كل ماله (وحل دينه) وقسم ماله ويؤدي مكاتبه إلى الورثة، والولاء للمرتد لانه المعتق.
بدائع.
وينبغي أن لا يصح القضاء به إلا في ضمن(4/434)
دعوى حق العبد.
نهر.
(و) اعلم أن تصرفات المرتد على أربعة أقسام، ف (- ينفذ منه) اتفاقا ما لا يعتمد تمام ولاية، وهي خمس: (الاستيلاد، والطلاق، وقبول الهبة، وتسليم الشفعة، والحجر على عبده) المأذون.
(ويبطل منه) اتفاقا ما يعتمد الملة وهي خمس: (النكاح، والذبيحة، والصيد، والشهادة،(4/435)
والارث، ويتوقف منه) اتفاقا ما يعتمد المساواة، وهو (المفاوضة) أو ولاية متعدية (و) هو (التصرف على ولده الصغير، و) يتوقف منه عند الامام وينفذ عندهما كل ما كان مبادلة مال بمال أو عقد تبرع ك (- المبالغة) والصرف والسلم (والعتق والتدبير والكتابة والهبة) والرهن (والاجارة) والصلح عن إقرار وقبض الدين، لانه مبادلة حكمية (والوصية) وبقي أمانه وعقله ولا شك في بطلانهما.
وأما إيداعها واستيداعه والتقاطه ولقطته فينبغي عدم جوازها.
نهر (إن أسلم نفذ، وإن هلك) بموت أو قتل (أو لحق بدار الحرب وحكم) بلحاقه (بطل) ذلك كله (فإن جاء مسلما قبله) قبل الحكم (فكأنه لم يرتد)(4/436)
وكما لو عاد بعد الموت الحقيقي.
ك وجب الايصاء (فإن جاء زيلعي (وإن) جاء مسلما (بعده وماله مع وارثه أخذه) بقضاء أو رضا، ولو في بيت المال لا، لانه فئ.
(نهر).
(وإن هلك) ماله (أو أزاله) الوارث (عن ملكه لا) يأخذه ولو قائما لصحة القضاء، وله ولاء مدبره وأم ولده، ومكاتبه له إن لم يؤد، وإن عجز عاد رقيقا له.
بدائع (ويقضي ما ترك من عبادة في الاسلام) ن ترك الصلاة والصيام معصية والمعصية تبقى بعد الردة(4/437)
(وما أدى منها فيه يبطل، ولا يقضى) من العبادات (إلا الحج) لانه بالردة صار كالكافر الاصلي، فإذا أسلم وهو غني فعليه الحج فقط.
(مسلم أصاب مالا أو شيئا يجب به القصاص أو حد السرقة) يعني المال المسروق لا الحد.
خانية.
وأصله(4/438)
أنه يؤاخذ بحق العبد، وأما غيره ففيه التفصيل (أو الدية ثم ارتد أو أصابه وهو مرتد في دار الاسلام ثم لحق) وحاربنا زمانا (ثم جاء مسلما يؤاخذ به كله، ولو أصابه بعدما لحق مرتدا فأسلم لا) يؤاخذ بشئ من ذلك، لان الحربي لا يؤاخذ بعد الاسلام بما كان أصابه حال كونه محاربا لنا.
(أخبرت بارتداد زوجها فلها التزوج بآخر بعد العدة) استحسانا (كما في الاخبار) من ثقة (بموته أو تطليقه) ثلاثا، وكذا لو لم يكن ثقة فأتاها بكتاب طلاقها وأكبر رأيها أنه حق لا بأس بأن تعتد وتتزوج مبسوط.
(والمرتدة) ولو صغيرة أو خنثى.
بحر (تحبس) أبدا، ولا تجالس ولا تؤاكل حقائق (حتى(4/439)
تسلم ولا تقتل) خلافا للشافعي (وإن قتلها أحد لا يضمن) شيئا ولو أمة في الاصح، وتحبس عند مولاها لخدمته سوى الوطئ، سواء طلب ذلك أم لا في الاصح، ويتولى ضربها جمعا بين الحقين.
وليس للمرتدة التزوج بغير زوجها به يفتى.
وعن الامام: تسترق ولو في دار الاسلام.
ولو أفتى به حسما لقصدها السيئ لا بأس به، وتكون قنة للزوج بالاستيلاء.
مجتبى.
وفي الفتح أنها فئ للمسلمين، فيشتريها من الامام أو يهبها له لو مصرفا (وصح تصرفها) لانها لا تقتل (وأكسابها) مطلقا (لورثتها) ويرثها زوجها المسلم لو مريضة وماتت في العدة كما مر في(4/440)
طلاق المريض.
قلت: وفي الزواهر أنه لا يرثها لو صحيحة لانها لا تقتل فلم تكن فارة، فتأمل.
(ولدت أمته ولدا فادعاه فهو ابنه حرا يرثه في) أمته (المسلمة مطلقا) ولدته لاقل من نصف حول أو أكثر لاسلامه تبعا لامه، والمسلم يرث المرتد (إن مات المرتد) أو لحق بدارهم، وكذا في (أمته النصرانية) أي الكتابية (إلا إذا جاءت به لاكثر من نصف حول منذ ارتد) وكذا لنصفه لعلوقه من ماء المرتد فيتبعه لقربه للاسلام بالجبر عليه، والمرتد لا يرث المرتد (وإن لحق بماله) أي مع ماله (وظهر عليه فهو) أي ماله (فئ) لا نفسه، لان المرتد لا يسترق (فإن رجع) أي بعدما لحق بلا مال سواء قضى بلحاقه أولا في ظاهر الرواية وهو الوجه.
فتح (فلحق) ثانيا (بماله وظهر عليه فهو لوارثه) لانه باللحاق انتقل لوارثه فكان مالكا قديما، وحكمه ما مر أنه له (قبل قسمته بلا شئ وبعدها بقيمته) إن شاء، ولا يأخذه لو مثليا لعدم الفائدة (وإن قضى بعبد) شخص (مرتد لحق) بدارهم (لابنه فكاتبه) الابن(4/441)
(فجاء) المرتد (مسلما فبدلها) والولاء كلاهما (للاب) الذي عاد مسلما لجعل الابن كالوكيل.
(مرتد قتل رجلا خطأ فلحق أو قتل فديته في كسب الاسلام) إن كان، وإلا ففي كسب الردة.
بحر عن الخانية.
وكذا لو أقر بغصب.
أما لو كان الغصب بالمعاينة أو بالبينة فإنه في الكسبين اتفاقا.
ظهيرية.
واعلم أن جناية العبد والامة والمكاتب والمدبر كجنايتهم في غير الردة (قطعت يده عمدا فارتد والعياذ بالله ومات منه أو لحق) فحكم به (فجاء مسلما فمات منه ضمن القاطع نصف الدية في ماله لوارثه في المسألتين لان السراية حلت محلا غير معصوم فأهدرت، قيد بالعمد لانه في الخطإ على العاقلة (و) قيدنا بالحكم بلحاقه لانه (إن) عاد قلبه(4/442)
أو (أسلم ها هنا) ولم يلحق (فمات منه) بالسراية (ضمن) الدية (كلها) لكونه معصوما وقت السراية أيضا، ارتد القاطع فقتل أو مات ثم سرى إلى النفس فهدر لو عمد الفوات محل القود ولو خطأ فالدية على العاقلة في ثلاث سنين من يوم القضاء عليهم خانية.
ولا عاقلة لمرتد.
(ولو ارتد مكاتب ولحق) واكتسب مالا (وأخذ بماله و) لم يسلم فقتل (فبدل مكاتبته
لمولاه، وما بقي) من ماله (لوارثه) لان الردة لا تؤثر في الكتابة.
(زوجان ارتدا ولحقا فولدت) المرتدة (ولدا وولد له) أي لذلك المولود (ولد فظهر عليهم) جميعا (فالولدان فئ) كأصلهما (و) الولد (الاول يجبر) بالضرب (على الاسلام) وإن حبلت به ثمة لتبعيته لابويه (لا الثاني)(4/443)
لعدم تبعية الجد على الظاهر فحكمه كحربي (و) قيد بردتهما، لانه (لو مات مسلم عن امرأة حامل فارتدت ولحقت فولدت هناك ثم ظهر عليهم) أي على أهل تلك الدار (فإنه لا يسترق ويرث أباه) لانه مسلم (ولو لم تكن ولدته حتى سبيت ثم ولدته في دار الاسلام فهو مسلم) تبعا لابيه (مرقوق) تبعا لامه (فلا يرث أباه) لرقه.
بدائع.
(وإذا ارتد صبي عاقل صح) خلافا للثاني، ولا خلاف في تخليده في النار لعدم العفو عن الكفر.
تلويح (كإسلامه) فإنه يصح اتفاقا (فلا يرث أبويه الكافرين) تفريع على الثاني (ويجبر عليه) بالضرب تفريع على الاول (والعاقل المميز) وهو ابن سبع فأكثر.
مجبتى وسراجية (وقيل الذي يعقل أن الاسلام سبب النجاة ويميز الخبيث من الطيب والحلو من المر) قائله(4/444)
الطرسوسي في أنفع الوسائل قائلا: ولم أر من قدره بالسن.
قلت: وقد رأيت نقله، ويؤيده أنه عليه الصلاة والسلام عرض الاسلام على علي رضي الله تعالى عنه وسنه سبع وكان يفتخر به، حتى قال: سبقتكم إلى الاسلام طراغلاما ما بلغت أوان حلمي وسقتكم إلى الاسلام قهرابصارم همتي وسنان عزمي ثم هل يقع فرضا قبل البلوغ؟ ظاهر كلامهم نعم اتفاقا.
وفي التحرير: المختار عند(4/445)
الماتريدي أنه مخاطب بأداء الايمان كالبالغ، حتى لو مات بعده بلا إيمان خلد في النار.
نهر.
وفي شرح الوهبانية: بدرويش درويشان كفر بعضهم وصحح أن لا كفر وهو المحرر كذا قول شئ لله قيل يكفرويا حاضر يا ناظر ليس يكفر ومن يستحل الرقص قالوا بكفره ولا سيما بالدف يلهو ويزمر(4/446)
ومن لولي قال طي مسافة يجوز جهول ثم بعض يكفر وإثباتها في كل ما كان خارقا عن النسفي النجم يروى وينصر باب البغاة(4/447)
البغي لغة: الطلب، ومنه * (ذلك ما كنا نبغي) * (سورة الكهف: الآية 46).
وعرفا: طلب ما لا يحل من جور وظلم.
فتح.
وشرعا: (هم الخارجون عن الامام الحق بغير حق) فلو بحق فليسوا ببغاة، وتمامه في جامع الفصولين.(4/448)
ثم الخارجون عن طاعة الامام ثلاثة: قطاع طريق وعلم حكمهم: وبغاة ويجئ حكمهم.
وخوارج وهم قوم لهم منعة خرجوا عليه بتأويل يرون أنه على باطل كفر أو معصية توجب قتاله بتأويلهم، ويستحلون دماءنا وأموالنا ويسبون نساءنا، ويكفرون أصحاب نبينا (ص)، وحكمهم حكم البغاة بإجماع الفقهاء كما حققه في الفتح وإنما لم نكفرهم لكونه عن تأويل وإن كان(4/449)
باطلا، بخلاف المستحل بلا تأويل كما مر في باب الامامة.
(والامام يصير إماما) بأمرين (بالمبايعة من الاشراف والاعيان، وبأن ينفذ حكمه في رعيته(4/450)
خوفا من قهره وجبروته، فإن بايع الناس) الامام (ولم ينفذ حكمه فيهم لعجزه) عن قهرهم (لا
يصير إماما، فإذا صار إمام فجاز لا ينعزل إن) كان (له قهر وغلبة) لعوده بالقهر فلا يفيد (وإلا ينعزل به) لانه مفيد.
خانية.
وتمامه في كتب الكلام (فإذا خرج جماعة مسلمون عن طاعته) أو طاعة نائبه الذي الناس به في أمان درر (وغلبوا على بلد دعاهم إليه) أي إلى طاعته (وكشف شبهتهم) استحبابا (فإن تحيزوا مجتمعين حل لنا قتالهم بدءا حتى نفرق جمعهم) إذ الحكم يدار(4/451)
على دليله وهو الاجتماع والامتناع (ومن دعاه الامام إلى ذلك) أي قتالهم (افترض عليه إجابته) لان طاعة الامام فيما ليس بمعصية فرض، فكيف فيما هو طاعة؟ بدائع (لو قادرا) وإلا لزم بيته.
درر.
وفي المبتغى: لو بغوا لاجل ظلم السلطان ولا يمتنع عنه لا ينبغي للناس معاونة السلطان ولا معاونتهم.
(ولو طلبوا الموادعة أجيبوا) إليها (إن خيرا للمسلمين) كما في أهل الحرب (وإلا لا) يجابوا.
بحر (ولا يؤخذ منهم شئ، فلو أخذنا منهم رهونا وأخذوا منا رهونا، ثم غدروا بنا وقتلوا رهوننا لا نقتل رهونهم، ولكنهم يحبسون إلى أن يهلك أهل البغي أو يتوبوا، وكذلك أهل الشرك) إذا فعلوا برهوننا ذلك لا نفعل برهونهم (و) لكن (يجبرون على الاسلام أو يصيروا ذمة) لنا.
(ولو لهم فئة أجهز على جريحهم) أي أتم قتله(4/452)
(واتبع موليهم وإلا لا) لعدم الخوف (والامام بالخيار في أسيرهم، إن شاء قتله، وإن شاء حبسه) حتى يتوب أهل البغي، فإن تابوا حبسه أيضا حتى يحدث توبة.
سراج (ونقاتلهم بالمنجنيق ولاغراق وغير ذلك كأهل الحرب، وما لا يجوز قتله من أهل الحرب) كنساء وشيوخ (لا يجوز قتله منهم) ما لم يقاتلوا، ولا يقتل عادل محرمه مباشرة ما لم يرد قتله (ولم تسب لهم ذرية، وتحبس أموالهم إلى ظهور توبتهم) فترد عليهم وبيع الكراع أولى لانه أنفع.
فتح.
ويقاس عليه العبيد.
نهر (ونقاتل بسلاحهم وحيلهم عند الحاجة، ولا ينتفع بغيرهما من
أموالهم مطلقا) ولو عند الحاجة.
سراج.
ولو قال الباغي: تبت وألقى السلاح من يده كف عنه، ولو قال: كف عني لانظر في أمري لعلي أتوب وألقي السلاح، كف عنه، ولو قال: أنا على دينك ومعه السلاح لا لان وجود السلاح معه قرينة بقاء بغيه، فمتى ألقاه كف عنه، وإلا لا.
فتح.
(ولو قتل باغ مثله فظهر عليهم فلا شئ فيه) لكونه مباح الدم.
فتح.(4/453)
فلا إثم أيضا، وقتلانا شهداء، ولا يصلى على بغاة بل يكفنون ويدفنون.
بدائع (ويكره نقل رؤوسهم إلى الآفاق) وكذلك رؤوس أهل الحرب لانها مثلة، وجوزه بعض المتأخرين لو فيه كسر شوكتهم أو فراغ قلبنا.
(فتح) ومر في الجهاد.
(ولو غلبوا على مصر فقتل مصري مثله عمدا فظهر على المصر قتل به إن لم يجر على أهله) أي المصر (أحكامهم) وإن جرى لا لانقطاع ولاية الامام عنهم (وإن قتل عادل باغيا ورثه) مطلقا وبالعكس (إذا قال) الباغي وقت قتله (أنا على باطل لا) يرثه اتفاقا لعدم الشبهة (وإن قال أنا على حق) في الخروج على الامام وأصر على دعواه (ورثه) أما لو رجع(4/454)
تبطل ديانته فلا إرث ابن كمال.
وفي الفتح: لو دخل باغ بأمان فقتله عادل عمدا لزمه الدية، كما في المستأمن لبقاء شبهة الاباحة.
(ويكره) تحريما (بيع السلاح من أهل الفتنة إن علم) لانه إعانة على المعصية (وبيع ما(4/455)
يتخذ منه كالحديد) ونحوه يكره لاهل الحرب (لا) لاهل البغي لعدم تفرغهم لعمله سلاحا لقرب زوالهم، بخلاف أهل الحرب زيلعي.
قلت: وأفاد كلامهم أن ما قامت المعصية بعينه يكره بيعه تحريما، وإلا فتنزيها.
نهر.
وفي الفتح: ينفذ حكم قاضيهم لو عادلا، وإلا لا، ولو كتب قاضيهم إلى قاضينا كتابا،
فإن علم أنه قضى بشهادة عدلين نفذه، وإلا لا.(4/456)
كتاب اللقيط عقبه مع اللقطة بالجهاد لعرضيتهما لفوات النفس والمال، وقدم اللقيط لتعلقه بالنفس، وهي مقدمة على المال.
(هو) لغة: ما يلقط، فعيل بمعتى مفعول، ثم غلب على الولد المنبوذ باعتبار المآل وشرعا (اسم لحي مولود طرحه أهله خوفا من العيلة أو فرارا من تهمة الريبة) مضيعه آثم محرزه غانم (التقاطه فرض كفاية إن غلب على ظنه هلاكه لو لم يرفعه) ولو لم يعلم به غيره ففرض عين، ومثله رؤية أعمى يقع في بئر.
شمني(4/457)
(وإلا فمندوب) لما فيه من الشفقة والاحياء و (هو حر) مسلم تبعا للدار (إلا بحجة رقه) على خصم وهو الملتقط لسبق يده (وما يحتاج إليه) من نفقة وكسوة وسكنى ودواء ومهر إذا زوجه السلطان (في بيت المال) إن برهن على التقاطه (وإن كان له مال) أو قرابة (ففي ماله) أو على قرابته (وارثه) ولو دية (في بيت المال كجنايته) لان الغرم بالغنم(4/458)
(وليس لاحد أخذه منه قهرا) وهل للامام الاعظم أخذه بالولاية العامة في الفتح لا، وأقره المصنف تبعا للبحر وحرر في النهر، نعم لكن لا ينبغي أخذه إلا بموجب (فلو أخذه أحد وخاصمه الاول رد إليه) إلا إذا دفعه باختياره لانه أبطل حقه (و) هذا إذا اتحد الملتقط، فلو تعدد وترجح أحدهما كما (لو وجده مسلم وكافر فتنازعا قضى به للمسلم) لانه أنفع للقيط خانية، ولو استويا فالرأي للقاضي.
بحر بحثا.
(ويثبت نسبه من واحد) بمجرد دعواه ولو غير الملتقط استحسانا لو حيا وإلا فالبينة.(4/459)
خانية (ومن اثنين) مستويين كولد أمة مشتركة.
وعبارة المنية: ادعاه أكثر من اثنين فعن الامام أنه إلى خمسة ظاهرة في عدم قبول دعوى الزائد.
ولا يشترط اتحاد الامام نهر، لكن في القهستاني عن النظم ما يفيد ثبوته من الاكثر فليحرر.
(ولو ادعته امرأة) واحدة (ذات زوج، فإذا صدقها زوجها أو شهدت لها القابلة أو قامت بينة) ولو رجلا وامرأتين على الولادة (صحت) دعوتها (وإلا لا) لما فيه من تحمل النسب على الغير (وإن لم يكن لها زوج فلا بد من شهادة رجلين، ولو ادعته امرأتان وأقامت إحداهما البينة فهي أولى به، وإن أقامتا جميعا فهو ابنهما)(4/460)
خلافا لهما.
الكل من الخانية (وإن) ادعاه خارجان و (وصف أحدهما علامة به) أي بجسده لا بثوبه (ووافق فهو أحق) إذا لم يعارضها أقوى منها، كبينة الآخر وحريته وسبقه وسنه إن أرخا، فإن اشتبه فبينهما وإسلامه، ولو ادعى أحدهما أنه ابنه والآخر أنه ابنته فإذا هو خنثى: فلو مشكلا قضى لهما، وإلا فلمن ادعى أنه ابنه، ولو شهد للمسلم ذميان وللذمي مسلمان قضى به للمسلم.
تاترخانية.
(و) يثبت نسبه (من ذمي و) لكن (هو مسلم) (استحسانا فينتزع من يده قبيل عقل الاديان ما لم يبرهن(4/461)
بمسلمين أنه ابنه فيكون كافرا.
نهر (إن لم يكن) أي يوجد (في مكان أهل الذمة) كقريتهم أو بيعة أو كنيسة والمسألة رباعية، لانه إما أن يجده مسلم في مكاننا فمسلم، أو كافر في مكانهم فكافر، أو كافر في مكاننا أو عكسه فظاهر الرواية اعتبار المكان لسبقه اختيار (و) يثبت (من عبد وهو حر) وإن ادعى أنه ابنه من زوجته الامة عند محمد.
وكلام الزيلعي ظاهر في اختياره.
(ولو ادعاه حران أحدهما أنه ابنه من هذه الحرة والآخر من الامة فالذي يدعيه من الحرة أولى) لثبوته من الجانبين، زيلعي (وإن وجد معه مال فهو له) عملا بالظاهر ولو فوقه أو تحته أو
دابة هو عليها، لا ما كان بقربه (فيصرفه الواجد) أو غيره (إليه بأمر القاضي) في ظاهر الرواية لانه مال ضائع.
(ولو قرر القاضي ولاءه للملتقط صح) ظهيرية.
لانه قضاء في فصل مجتهد فيه،(4/462)
نعم له بعد بلوغه أن يوالي من شاء ما لم يعقل عنه بيت المال، خانية (ويدفعه في حرفة ويقبض هبته) وصدقته (وليس له ختنه) فلو فعل فهلك ضمن، ولو علم الختان أنه ملتقط ضمن.
ذخيرة (وله نقله حيث شاء) وينبغي منعه من مصر إلى قرية.
بحر (ولا ينفذ للملتقط عليه نكاح وبيع و) كذا (إجارة) في الاصح، لان الولاية عليه في ماله ونفسه للسلطان، لحديث: السلطان ولي من لا ولي له.
فروع: لو باع أو كفل أو دبر أو كاتب أو أعتق أو وهب أو تصدق وسلم ثم أقر أنه عبد لزيد لا يصدق في إبطال شئ من ذلك لانه متهم، وتمامه في الخانية، ومجهول نسب كلقيط.(4/463)
كتاب اللقطة (هي) بالفتح وتسكن: اسم وضع للمال الملتقط.
عيني.
وشرعا: مال يوجد ضائعا ابن كمال.
وفي التاترخانية عن المضمرات: مال يوجد ولا يعرف مالكه، وليس بمباح كمال الحربي.
وفي المحيط: (رفع شئ ضائع للحفظ على الغير لا للتمليك) هذا يعم ما علم مالكه كالواقع نن السكران، وفيه أنه أمانة لا لقطة، لانه لا يعرف بل يدفع لمالكه(4/464)
(ندب رفعها لصاحبها) إن أمن على نفسه تعريفها وإلا فالترك أولى.
وفي البدائع: وإن أخذها لنفسه حرم لانها كالغصب (ووجب) أي فرض.
(فتح) وغيره (عند خوف ضياعها) كما مر، لان المال المسلم حرمة كما لنفسه، فلو تركها حتى ضاعت أثم، وهل يضمن؟ ظاهر كلام النهر لا، وظاهر كلام المصنف نعم(4/465)
لما في الصيرفية: حمار يأكل حنطة إنسان فلم يمنعه حتى أكل.
قال في البدائع: الصحيح أنه يضمن انتهى.
وفي الفتح وغيره: لو رفعها ثم ردها لمكانها لم يضمن في ظاهر الرواية: وصح التقاط صبي وعبد، لا مجنون ومدهوش ومعتوه وسكران لعدم الحفظ منهم (فإن أشهد عليه) بأنه أخذه ليرده على ربه ويكفيه أن يقول: من سمعتموه ينشد لقطة فدلوه علي (وعرف)(4/466)