بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلاته على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
وبعد فإن محمد بن الحسن ( رحمه الله ) وضع كتابا في الفقه وسماه الجامع الصغير قد جمع فيه اربعين كتابا من كتب الفقه ولم شرح المتن
قوله وسماه الجامع الصغير ذكر الصدر الشهيد في خطبة شرحه ان مشايخنا كانون يعظمون مسائل هذا الكتاب تعظيما ويقدمونه على سائر الكتب تقديما وكانوا يقولون لا ينبغي لأحد أن يتقلد القضاء والفتوى ما لم يحفظ مسائل هذا الكتاب فإن مسائله من أمهات المسائل فمن حوى معانيها وحفظ مبانيها صار من زمرة الفقهاء وصار اهلا للفتوى والقضاء وذكر فخر الإسلام البزدوي في أول شرحه كان ابو يوسف يتوقع من محمد أن يروي كتابا عنه فصنف محمد هذا الكتاب وأسنده عن أبي يوسف عن أبي حنيفة فلما عرض على أبي يوسف استحسنه وقال حفظ ابو عبدالله الا مسائل أخطأ في روايتها فلما بلغ ذلك محمدا قال حفظتها ونسي هو وذكر قاضيخان في شرحه إن الجامع الصغير قيل من تصنيف أبي يوسف وقال بعضهم من تصنيف محمد فإنه حين فرغ من تصنيف المبسوط أمره أبو يوسف أن يصنف كتابا ويروي عنه فصنف هذا
____________________
(1/67)
يبوب الأبواب لكل كتاب منها كما بوب كتب المبسوط ثم إن القاضي الإمام ابا طاهر الدباس بوبه ورتبه ليسهل على المتعلمين حفظه ودراسته شرح المتن الكتاب وذكرالأتقاني في ( باب الإذان ) من شرح الهداية المسمى بغاية البيان ذكر محمد في الجامع الصغيرفي رواية المسائل محمد عن يعقوب ( وهو اسم أبي يوسف ) عن أبي حنيفة حتى لا يكون وهم التسوية في التعظيم بين الشيخين لأن الكنية للتعظيم وكان محمد مأمورا من أبي يوسف أن يذكره باسمه حيث يذكر ابا حنيفة فعن هذا قال مشايخنا إن من الأدب ان لا يدعو الطلبة بعضهم لبعض بلفظ مولانا عند أستاذهم احترازا عن التسوية بين الأستاذ والتلميذ
قوله ولم يبوب الأبواب الخ أي جمع مسائل متفرقة في كتاب مثلا مسائل الصلاة في كتاب الصلاة ومسائل الصوم في كتاب الصوم ولم يفصل الأبواب تحت كل كتاب والفرق بين الكتاب والباب أن الكتاب عندهم عبارة عن طائفة من المسائل اعتبرت مستقلة شملت أنواعا أو لم تشتمل فقولهم طائفة كالجنس وقولهم اعتبرت مستقلة أي مع قطع النظر عن تبعيتها للغير أو تبعية غيرها اياها فيدخل فيه كتاب الطهارة وإن كان هو من توابع الصلاة وكذا كتاب الصلاة وإن كان مستتبعا للطهارة فاعتبار الاستقلال قد يكون لانقطاعه عن غيره ذاتا كانقطاع كتاب اللقطة عن كتاب المفقود مثلا وقد يكون بمعنى اعتباري يؤثر في ذلك كانقطاع كتاب الطهارة عن الصلاة وقولهم شملتت أنواعا ككتاب الصلاة والطهارة أو لم تشتمل ككتاب الآبق والمفقود مثلا فإن كان ما تحته أنواع فكل نوع مشتمل على الجزئيات يسمى بالباب كباب نواقض الوضوء ونحوه وإن قصد فصل طائفة من الجزئيات يسمى ذلك فصلا فعلم أن الفصل لا يوجد بدون الباب والباب لا يوجد بدون الكتاب والكتاب قد يوجد بدون الباب
____________________
(1/68)
70 ثم ان الفقيه احمد بن عبدالله بن محمود تلميذه كتبه عنه ببغداد في داره وقرأه عليه في شهور سنة اثنين وعشرين وثلاث مائة والله أعلم شرح المتن والباب قد يوجد بدون الفصل هذا هو المعروف عندهم وذكر بعضهم في تفسيرها وجوها أخر قد بسطناها في السعاية في كشف ما في شرح الوقاية وفقنا الله لاتمامه ويسر علينا اختتامه
____________________
(1/69)
____________________
(1/70)
كتاب الصلاة * باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقضه *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل قلس شرح المتن
قوله كتاب الصلاة قدمها على باقي الأركان لكونها عمدة الأركان فإنها عماد الدين وعمود الشرع المتين وهي الفارقة بين الكفر والإسلام وأول ما يسأل عنه يوم القيامة وأدرج فيه مسائل الطهارة لكونها من توابعها وهو أحسن من صنيع المتأخرين حيث يضعون للطهارة كتابا على حدة مع ذكرهم باقي شروط الصلاة في كتاب الصلاة وقدم مسائل الوضوء من بين مسائل الطهارة لكونه متكررا في كل يوم وليلة مرة بعد مرة بخلاف غيره من الطهارات فكان الاحتياج إلى معرفة ما يتعلق به أكثر والاهتمام به أوفر وقدم منهامسائل نواقض الوضوء لأن وجوب الوضوء لا يكون الا بالحدث فأراد أن يشير إلى ما ينقض الوضوء ويوجب الحدث أولا وجعل مسائل الاستحاضة بابا على حدة لأن نوع مستقل من اصناف النواقض فإفراده أولى ثم عقبه يذكر ما يتوضأ به لكونه آلة للوضوء والاحتياج اليها إنما يكون بعد الوجوب وهو بالنواقض ثم عقبه بذكر التيمم لأنه خلف عن الوضوء وليعلم أنه ليس في هذا الكتاب استيعاب جميع المسائل المتعلقة بالكتاب أو بالباب ولا ذكر اكثرها بل غرضه في كل باب انما هو ذكر ما وصل اليه بواسطة أبي يوسف فلذلك صار جامعا صغيرا * باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقضه *
قوله ما ينقض فيه إشارة إلى أن الناقض نفس لاخارج لكن من حيث
____________________
(1/71)
اقل من ملأ فيه قال لا ينقض وضوءه وإن قلس ملأ فيه مرة أو طعاما أو ماء نقض الوضوء وإن كان بلغما نقض في قول أبي يوسف ولم ينقض في قول أبي حنيفة ومحمد ( رحمهما الله )
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في نفطة قشرت فسال منها ماء أو دم أو غيره عن رأس الجراح نقض الوضوء وإن لم يسل لم ينقض دابة خرجت من رأس الجرح أو اللحم سقط لم ينقض الوضوء وإن خرجت من الدبر نقضت شرح المتن الخروج وقيل الناقض خروجه وقيل غير ذلك والكل مبسوط في السعاية
قوله أقل من ملأ فيه اختلفوا في حد ملأ الفم فقال بعضهم ان كان بحيث لو ضم شفتيه لم يعلم الناظر أنه في فمه فهو أقل والا فهو ملأ الفم وهذا مذهب اكثر المشايخ وهو الصحيح كذا في التاتار خانية
قوله لا ينقض وقال زفر ينقض واحتج بما روى مرفوعا القلس حدث ولم يفصل بين القليل والكثير واصحابنا احتجوا بما روى الطحاوي بإسناده عن عائشة مرفوعا من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم وما رواه زفر محمول على القيء ملأ الفم وقال الشافعي لا ينقض وإن كان ملأ الفم لما روى أنه عليه السلام قاء فلم يتوضأوهو محمول عندنا على القليل
قوله وإن كان الخ إن كان بلغما فإن نزل من الرأس لا ينقض الوضوء وإن صعد من الجوف فكذلك عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف إن كان ملأ الفم نقض لأنه شيء خارج هما يقولان إن البلغم شيء لزج فلا يحتمل النجاسة الا قليلا
____________________
(1/72)
* باب المستحاضة *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في مستحاضة توضأت لوقت صلاة أجزاها حتى يدخل وقت صلاة أخرى فإن توضأت لصلاة الصبح أجزاها حتى تطلع الشمس فإن توضأت حين تطلع الشمس أجزاها حتى يذهب وقت الظهر وكذلك المرأة يطلقها زوجها فينقطع الدم عنها حين تطلع الشمس فإن زوجها يملك الرجعة حتى يذهب وقت الظهر أو تغتسل قبل ذلك شرح المتن
قوله فسال منها أي خرج بنفسه واما إذا اخرجه ففيه خلاف ففي الهداية وشرح الوقاية انه لا ينقض ومختار صاحب فتح القدير وغاية البيان والكافي والقنية والبزازية وغيرها النقض كما بسطناه في السعاية
قوله نقض لما أخرج ابن عدي في الكامل عن زيد بن ثابت مرفوعا الوضوء من كل دم سائل وأخرج الدارقطني عن سليمان رآني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وقد سال من أنفي دم فقال أحدث وضوء وغير ذلك من الأخبار لكن اسانيدها ضعيفة كما بسطناها في السعاية
قوله لم ينقض الوضوء لأن النجس ما عليها وذلك قليل غير ان القليل في السبيلين حدث لوجود السيلان وليس بحدث في غير السبيلين لعدمه * باب المستحاضة *
قوله لوقت صلاة وقال الشافعي تتوضأ لكل مكتوبة لحديث المستحاضة تتوضأ لكل صلاة رواه ابن ماجة ولنا ما رواه ابو حنيفة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ان النبي عليه السلام قال لفاطمة بنت
____________________
(1/73)
* باب ما يجوز به الوضوء وما لا يجوز * محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في رجل لم يجد الا سؤر الكلب قال لا يتوضأ به ويتيمم فإن لم يجد الا سؤر الحمار توضأ وتيمم فإن لم يجد الا نبيذ التمر توضأ ولم يتيمم وقال ابو يوسف يتيمم ولا يتوضأ وقال محمد يتوضأ به ثم يتيمم ولا يتوضأ بشيء من الأشربة غير نبيذ التمر وإن توضأ بسؤر سباع الطير أو الفأرة أو الحية أو السنور كره وأجزاه شرح المتن حبيش توضيء لوقت كل صلاة
قوله حتى يذهب وقت الظهر هو قول أبي حنيفة ومحمد وقال ابو يوسف اجزاها حتى يدخل وقت الظهر وهو قول زفر وأصل هذا أن طهارتها تنتقض عند خروج الوقت عندهما وعند زفر بدخول الوقت وعند أبي يوسف بايهما كان والصحيح ما قاله ابو حنيفة ومحمد لأن الشرع أسقط اعتبار السيلان في الوقت باعتبار الحاجة وخروج الوقت يدل على زوال الحاجة
قوله حتى يذهب الخ هذا إذا كان حيضها أقل من عشرة ايام اما إذا كانت ايامها عشرة لا يبقى عدتها بمجرد انقطاع دمها من الحيضة عند طلوب الشمس * باب ما يجوز به الوضوء وما لا يجوز *
قوله ويتيمم لأنه نجس بدلالة الاجماع وهو وجوب غسل الإناء من ولوغه ثلاثا وعند الشافعي يغسل سبعا
قوله توضأ وتيمم لأنه مشكل لاختلاف الآثار فيه ولأن اعتباره بلحمه يوجب نجاسته واعتباره بعرقه يوجب طهارته فيجمع بينهما احتياطا وبأيهما بدأ جاز
قوله توضأ اعتماده على حديث ابن مسعود ليلة الجن أن النبي عليه السلام لما قضى حاجته قال له هل معك ماء فقال لا الا نبيذ التمر فقال
____________________
(1/74)
وإن توضأ بماء في إناء نظيف لم يجز لغيره أن يتوضأ منه والله أعلم شرح المتن تمرة طيبة وماء طهور فتوضأ به وأبو يوسف ادعى نسخه بآية التيمم لأنها مدنية والحديث كان بمكة ومحمد لما جهل التاريخ أحب الجمع بينهما احتياطا كذا ذكره الصدر الشهيد وذكر ايضا ان نوح بن أبي مريم حكى رجوع أبي حنيفة إلى قول أبي يوسف والحق أن دعوى النسخ لا يصح فإن ليلة الجن كانت ست مرات بعضها كان بالمدينة كما ذكره صاحب آكام المرجان في أحكام الجان وما ذهب اليه ابو حنيفة هو مذهب ابن عباس وعلي كما في طسنن الدارقطني والحديث الذي احتج به وإن خدش فيه المحدثون فيه بخدشات الا أنها مدفوعة بأسرها كما هو ظاهر على الماهر
قوله ولا يتوضأ الخ جريا على قضية القياس وعند الأوزاعي يجوز التوضئ بسائر الأنبذة بالقياس على نبيذ التمر
قوله غير نبيذ التمر النبيذ الذي اختلف فيه أصحابنا هو الذي صار حلوا ولم يشتد بأن تلقى في الماء تميرات حتى صار حلوا وأما إذا غلا واشتد وقذف بالزيد فقد صار مسكرا فلا يجوز التوضئ به بإجماع اصحابنا
قوله وإن توضأإلخ ان توضأ بسؤر سباع الطير كالصقر والبازي وما يسكن في البيوت مثل الفأرة والحية والوزغة والسنور يكره وقال ابو يوسف في الأمالي لا يكره في السنور خاصة بالأثر وهو ما روى أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصغي لها الإناء فيشرب فأخذه فتوضأ ولهما ما روى مرفوعا الهرة سبع ولم يرد به الحقيقة وانما اراد بيان الحكم ولا حكم ههنا سوى هذا والحديث محمول على ما قبل التحريم أو على أنها لم تكن تأكل الفارة عادة للماء فلا يكون معدنا
قوله لم يجز لغيره الخ لأنه صار مستعملا والماء المستعمل غير طهور بالاتفاق الا عند زفر واختلفوا في طهارته فعن أبي حنيفة ثلاث روايات قال
____________________
(1/75)
* باب فيمن تيمم ثم ارتد عن الإسلام *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في مسلم تيمم ثم ارتد عن الإسلام ثم أسلم فهو على تيممه نصراني تيمم ينوي بتيممه الإسلام ثم اسلم لم يكن متيمما وهو قول محمد وقال ابو يوسف هو متيمم نصراني توضأ لا يريد الوضوء ثم أسلم فهو متوضئ امام صلى في مصلى الكوفة فأحدث أو احدث رجل خلفه تيمم وبنى رجل في رحلة ماء قد نسيه فتيمم وصلى ثم ذكره في الوقت فقد تمت صلاته وهو قول محمد وقال ابو يوسف لا يجزيه شرح المتن محمد وهو رواية عنه انه طاهر غير طهور وقال ابو يوسف وهو رواية عنه نجس نجاسة خفيفة وقال الحسن بن زياد وهو رواية عنه نجس نجاسة غليظة * باب فيمن تيمم ثم ارتد عن الإسلام *
قوله فهو على تيممه وقال زفر يبطل لأنه عبادة فيبطل كسائر العبادات وإنا نقول الباقي بعد التيمم صفة كونه طاهرا واعتراض الكفر على هذه الصفة لا يبطلها كما لو اعترض على الوضوء والوضوء ليس بعبادة عندنا فكذلك التيمم لأنه شرط العبادة وشرط الشيء لا يكون حكمه حكم ذلك الشيء كغسل الثوب وستر العورة
قوله هو متيمم لأن شرط صحته أن ينوي به عبادة وقد وجد فصح وهما يقولان بلى ولكن عبادة لا صحة لها الا بالطهارة ولم يوجد ههنا لأن الإسلام يصح بدونها
قوله تيمم وبنى أصل هذا ان التيمم لصلاة العيد قبل الشروع فيها جائز
____________________
(1/76)
* باب في النجاسة تقع في الماء *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في عقرب أو نحوها مما لا دم له يموت في الماء فإنه لا يفسد الماء ضفدع أو نحوه مما يعيش في الماء شرح المتن عندنا لأن صلاة العيد لا تقضي خلافا للشافعي وكذلك التيمم لصلاة الجنازة جائز عندنا وأما بعد الشروع في صلاة العيد للبناء فكذلك عند أبي حنيفة وقال ابو يوسف ومحمد لا يتيمم لأن المبيح كان خشية الفوت وقد أمن بالشروع لأن اللاحق يقضي ما فاته بعد فراغ الإمام وأبو حنيفة يقول لا بل المبيح قائم لأنه يوم ازدحام فقلما يسلم المرء في ذلك عن أمر ينتقض به صلاته
قوله قد نسيه قيد بالنسيان لأن في الظن لا يجوز له التيمم بالإجماع ولو كان الماء في إناء في ظهره أو معلقا بعنقه أو موضوعا بين يديه ثم نسيه وتيمم لا يجزيه بالإجماع لأنه نسي ما لا ينسى فلا يعتبر كذا ذكره المحبوبي في شرح الجامع الصغير
قوله لا يجزيه له أنه فات شرطه وهو طلب الماء في معدنه فلا يجوز كما لو ترك الطلب في العمرانات وهما يقولان إن السفر موضع الحاجة الأصلية للماء فلا يكون معدنا * باب في النجاسة تقع في الماء *
قوله فانه لا يفسد الماء لما أخرجه الدارقطني في سننه من حديث بقية عن سلمان مرفوعا يا سلمان كل طعام وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فهو حلال أكله وشربه ووضوءه
قوله فإنه لا يفسده لأن هؤلاء ليس لها دم سائل ولذا يعيشون في الماء فلو كان لهؤلاء دم سائل لاختنقت في الماء
قوله بعرة الخ اشار إلى أن الثلاث كثير فإنه ذكر البعرة والبعرتين
____________________
(1/77)
يموت في الجب فإنه لا يفسده بعرة أو بعرتان تسقطان في بئر أوخرؤ حمام أوعصفور يقع في الماء لم يفسد الماء شاة بالت في بئر فإنها تنزح وقال محمد لا ينجسها ذلك عصفور أو فارة ماتت في بئر فأخرجت حين ماتت يستقى منها عشرون دلوا إلى ثلاثين وانها كانت دجاجة أو سنور فأربعون أو خمسون وإن كانت شاة نزحت حتى يغلب الماء وكذلك إن انتفخت شيء من ذلك أو تفسخ شرح المتن وسكت عن ذكر الثلاث والقياس ان يفسد لأن النجاسة إذا وقعت في الماء القليل تفسد الماء والاستحسان ان في القليل ضرورة وبلوى لأن الآبار التي في الفلوات ليست لها رؤوس حاجزة والمواشي تبعر حولها فتلقيها الريح فيها
قوله فانها تنزح اصل هذا ان بول ما يؤكل لحمه نجس عندهما وطاهر عند محمد
قوله عشرون دلوا ذكر الصدر الشهيد وصاحب الهداية وغيرهما في دليله حديث انس انه قال في الفأرة إذا ماتت في البئر وأخرجت ساعته ينزح عشرون دلواوذكروا في دليل حكم الدجاجة حديث أبي سعيد انه قال إذا ماتت الدجاجة في البئر ينزح اربعون دلوا وقال ابن الهمام فيفتح القدير اخفى هذين الحديثين قصور نظرنا وقال الشيخ علاؤ الدين رواه الطحاوي فليكن روايتهما في غيرشرح معاني الآثارانتهى
قوله فاربعون أو خمسون اخرج الطحاوي في شرح معاني الآثار بسنده عن الشعبي انه قال في الطير والسنور ونحوهما يقع في البئر ينزح اربعون دلوا وأخرج عنه انه قال في الدجاجة يموت في البئر ينزح منها سبعون دلواوأخرج عن ابراهيم انه قال في السنور اربعون دلوا وأخرج عن حماد بن أبي سليمان
____________________
(1/78)
* باب افي النجاسة تصيب الثوب أو الخف أو النعل *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في ثوب اصابه من دم السمك اكثر من قدر الدرهم لم ينجسه وان اصابه من الروث واخثاء البقر وخرء شرح المتن أن قال في الدجاجة ينزح اربعون دلوا أو خمسون دلوا
قوله شاة وكذلك إذا وقع آدمي فمات لما اخرج الدارقطني والبيهقي وابن أبي شيبة وغيرهم ان زنجيا وقع في بئر زمزم ومات فأمر ابن عباس بنزح كل مائها واخرج الطحاوي وابن أبي شيبة وغيرهما ان حبشيا وقع في زمزم ومات فامر ابن الزبير بنزح ماءها فجعل الماء لا ينقطع فنظر فإذا عين تجري من قبل الحجر الأسود فقال ابن الزبير حسبكم ولبعض المحدثين على هذه الروايات وجوه من الخدشات قد ذكرناها في السعاية في كشف ما في شرح الوقاية وبهذه الآثار وأمثالها استدل اصحابنا ( رحمهم الله ) لتنجس مياه الآبار بوقوع النجاسة وفيه نظر بعد قد تكفلنا بذكره في السعاية وفقنا الله لإتمامه
قوله حتى يغلب الماءأشار إلى ان ينزح الماء كله وهذا إذا أمكنه وإن لم يمكنه ينزح حتى يغلبهم الماء ولم يقدر المقدار لأن الآبار متفاوتة فينزح إلى ان يعجز وهو الصحيح وعن محمد روايتان في رواية مائتان وخمسون دلوا وفي رواية ثلاث مائة دلو وكذا عن أبي يوسف روايتان وعن أبي حنيفة انه يفوض إلى رأي المبتلي
قوله وكذلك أي ينزح الماء كله لأن النجاسة خلطت إلى كل الماء * باب في النجاسة تصيب الثوب أو الخف أو النعل *
قوله لم ينجسه لأن ذلك ليس بدم حقيقة ولهذا إذا شمس أبيض والدم إذا شمس اسود
قوله حتى يفحش هذا لعموم البلوى وحده عند محمد الربع من الشيء
____________________
(1/79)
الدجاج اكثر من قدر الدرهم لم يجز الصلاة فيه وكذلك الخف والنعل وقال أبو يوسف ومحمد يجزئ في الروث وأخثاء القر حتى يفحش ثوب اصابه بول فرس لم يفسده حتى يفحش وهو قول أي يوسف وبول الحمار إذا اصابه اكثر من قدر الدرهم أفسده وقال محمد بول الفرس لا يفسده وإن فحش خف أصابه روث أو عذرة أو دم أو مني فيبس فحكه اجزاه وفي الرطب لا يجزى حتى يغسل والثوب لا شرح المتن الذي أصابه نحو الدخريص والكم والذيل وعند أبي يوسف شبر في شبر وعنه ذراع في ذراع
قوله وهو قول أبي يوسف لأن نجاسته مختلف فيها فأورث الشبهة وقال محمد لا يمنع وإن فحش لأنه طاهر عنده
قوله أفسده الإجماع فأبو حنيفة سوى بين روثه وبوله وهما فرقا بين البول والروث في وصف النجاسة للضرورة تثبت في روثه دون البول فإن الروث يبقى على وجه الأرض دون البول
قوله اجزاه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يجوز حتى يغسل الا في المني خاصة وفي الرطب لا يجزئ الا الغسل عندهم جميعا في ظاهر الرواية وعن أبي يوسف أنه إذا مسحه التراب على سبيل المبالغة يطهر ومشايخنا اعتمدوا على هذه الرواية اعتبار الضرورة والفتوى عليه والثوب لا يجزئ فيه الا الغسل الا في المني فمحمد قاس الخف بالثوب في اليابس حتى
____________________
(1/80)
يجزى فيه الا الغسل وإن يبس الا في المني خاصة وقال محمد لا يجزى في الخف أيضا وإن يبس حتى يغسل الا المني خف اصابه بول فيبس لم يجزه حتى يغسله ثوب أصابه من خرء ما لا يؤكل لحمه من الطير أكثر من قدر الدرهم جازت الصلاة فيه وقال محمد لا يجزى ثوب أصابه من بول ما يؤكل لحمه أجزأت الصلاة فيه حتى يفحش وقال محمد يجزى وإن فحش ثوب أصابه من لعاب الحمار أو البغل اكثر من قدر الدرهم أجزأت الصلاة فيه ثوب انتضح عليه من البول مثل رؤوس الامر فذلك ليس بشيء شرح المتن أنه لا يجوز عنده الا بالغسل وهما فرقا وقالا إن الجلد شيء صلب فالظاهر انه لا يتشرب فيه النجاسة الا القليل ولا كذلك الثواب لأنه شيء رخو يتشرب فيه النجاسة ولا كذلك الرطب وهذا كله إذا كانت النجاسة متجسده فأما إذا لم يكن كالبول والخمر وغير ذلك إذا أصاب الثوب أو الخف فإنه لا يطهر الا بالغسل وإن يبس لأنه لا جاذب له فلا يكون معفوا
قوله جازت الصلاة فيه اختلفوا على قولهما أن جواز الصلاة كان بطهارته أو لكونه مقدرا بالكثير الفاحش والصحيح أنه نجس عندهم ولكنهم قدروه بالكثير الفاحش لا لطهارته حتى لو وقع في الماء القليل أفسده وقد قيل إنه لا يفسده لتعذر صون الأواني عنه لأنها تطير في الهواء وتذرق من الهوا
قوله وقال محمد لا يجزي لأن عين هؤلاء نجس فيكون خرؤهن نجسا قوله أجزأت الصلاة فيه لأنه مشكل فإن كان الإشكال في طهوريته كان طاهرا وإن كان الإشكال في طهارته كما قال البعض فلا ينجس به الطاهر بالشك
قوله فذلك ليس بشيء لأنه لا يمكن الاحتراز عنه فيسقط اعتباره
____________________
(1/81)
* باب في صلاة المرأة وربع ساقها مكشوف *
محمد يقعوب عن أبي حنيفة في امرأة صلت وربع ساقها مكشوف تعيد وإن كان أقل من الربع لم تعد والشعر والبطن والفخذ كذلك وهو قول محمد وقال أبو يوسف لا تعيد إذا كان أقل من النصف جنب أخذ صرة من الدراهم فيها سورة من القرآن أو المصحف بغلافه فلا بأس ولا يأخذها في غير صرة ولا المصحف في غير غلاف قال أبو يوسف ومحمد والذي على غير وضوء وكذلك ويكره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء والله أعلم شرح المتن لمكان الضرورة وما لا يمكن الاحتراز عنه يكون عفوا * باب في صلاة المرأة وربع ساقها مكشوف *
قوله تعيد أصل هذا أن قليل الانكشاف ليس بمانع لجواز الصلاة والكثير مانع فهما قدر الكثير بالربع لأن الربع قام مقام الكل في بعض المواضع وأريد بالربع ربع العضو الذي انكشف لا ربع جميع البدن حتى قالا في الثوب ربع الذيل وربع الدخريص وأبو يوسف قدره بالزيادة على النصف اعتبارا بالحقيقة لأنه إذا زاد على النصف فهو كثير
قوله والشعرأراد به ما على الرأس وأما المسترسل هل هو عورة فيه روايتان
قوله ولا يأخذها لأن الجنابة والحديث حلتا اليدين ولهذا فرض غسلهما في الحالين والجنب لا يقرأ القرآن والمحدث يقرء لأن الجنابة حلت في الفم دون الحديث
قوله ويكره لأن فيه ترك تعظيم الكعبة وفي الاستدبار روايتان ويكره
____________________
(1/82)
* باب الإذان *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة الأفضل للمؤذن أن يجعل إصبعيه في أذنيه وإن لم يفعل فحسن ويستقبل بالشهادتين القبلة ويحول رأسه يمينا وشمالا بالصلاة والفلاح وإن استدار في الصومعة فحسن ( والتثويب في الفجر حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين بين الإذان والإقامة حسن وكره في سائر الصلوات وقال أبو يوسف لا أرى بأسا أن يقول المؤذن السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته حي شرح المتن مد الرجلين إلى الكعبة في النوم وغيره عمدا من غير عذر
قوله في الخلاء سواء كان في الصحراء أو البنيان لأحاديث وردت في ذلك أخرجت في الصحاح كحديث لا تستقبلوا القبلة ببول ولا غائط ولا تستدبروها وغير ذلك وهو مذهب جمع من الصحابة منهم أبو أيوب الأنصاري كما روى في سنن أبي داؤد وغيره وذهب الشافعي وغيره إلى أنه يكره في الصحراء دون البنيان وهو مذهب ابن عمر وغيره أخذا مما روى إنه عليه الصلاه والسلام جلس لقضاء الحاجة مستدبر الكعبة والأحوط هو المذهب الأول لتقدم الأحاديث القولية * باب الإذان *
قوله وإن لم يفعل فحسن أي الإذان حسن لا ترك الفعل لأن ذلك وإن لم يكن من السنن الأصلية لكنه فعل أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بلالا فلا يليق أن يوصف
____________________
(1/83)
على الصلاة حي على الفلاح على الصلاة يرحمك الله مؤذن أذن على غير وضوء وأقام قال لا يعيد والجنب إلى أن يعيد وإن لم يعد أجزاه وكذلك المرأة تؤذن ويترسل في الإذان ويحدر في الإقامة ويجلس بين الإذان والإقامة إلا في المغرب قال يعقوب رأيت أبا حنيفة يؤذن في المغرب ويقيم ولا يجلس وقال أبو يوسف ومحمد يجلس أيضا شرح المتن تركه بالحسن كذا قال صاحب النهاية ولغيره من شراح الهداية توجيهات أخر ذكرتها في رسالتي سماحة الفكر في الجهر بالذكر وأحسنها ما قال العيني إن معناه إن لم يفعل وضع إصبعيه بل وضع أصابعه على الأذنين فحس لأنه قد روى أحمد عن أبي محذورة أنه جعل أصابعه الأربعة مضمومة ووضعها على أذنيه
قوله بالشهادتين قيل المراد به الإذان والإقامة والأوضح أن المراد به كلمتا الشهادة في الإذان والغرض أنه يستقبل من بدء الإذان إلى الشهادتين ويحول رأسه في الحيعلتين لأنه خطاب للقوم
قوله في الصومعة يريد إذا لم يستطع إقامة سنة الصلاة والفلاح وهو تحويل الرأس يمينا وشمالا مع ثبات قدميه لاتساع صومعته أما بغير حاجة فلا
قوله والتثويب إلخ هذا هو التثويب المحدث وإنما اختص بالفجر لاختصاصه بوقت يستحب فيه النوم فاستحب زيادة الإعلام ولم ير عامة مشايخنا اليوم بأسافي الصلوات كلها لتغير أحوال الناس
قوله والجنب أحب إلي إلخ جملته أن الإقامة يكره مع الحدثين لما فيه من الفصل بين الإقامة والشروع في الصلاة والأذان مع الجنابة يكره رواية واحدة ومع الحدث فيه رويتان ولا يجب إعادة الأذان والإقامة للحدث وبسبب الجنابة روايتان والأشبه أن يعاد الأذان دون الإقامة لأن تكرار الأذان مشروع دون الإقامة
____________________
(1/84)
في المغرب جلسة خفيفة رجل صلى في بيته أو صلى في سفر بغير أذان وإقامة كره وتجزيه رجل صلى في مسجد قد صلى فيه أهله فبغير أذان شرح المتن وإقامة
قوله أجزاه يعني الصلاة لأنه لو تركها أصلا لجازت الصلاة فهذا أولى
قوله وكذلك المرأة لأنها إن لم ترفع صوتها فكأنها لم تؤذن وإن رفعت صوتها فقد ارتكبت المحظور
قوله إلا في المغرب هذا عند أبي حنيفة وقالا يجلس في المغرب أيضا جلسة خفيفة هما يقولان إنه لا بد من الفصل والجلسة هي التي تحقق الفصل كالجلسة بين الخطبتين وأبو حنيفة يقول بقيام ساعة يحصل الفصل فلا حاجة إلى الجلسة عند الشافعي يفصل بركعتين
قوله رأيت إلخ هذا يفيد ما روى عنه من عدم جلوسه في أذان المغرب وأن المستحب أن يكون المؤذن عالما بأحكام الشرع لما رواه ابن ماجة مرفوعا ليؤذن لكم خياركم
قوله في بيته أراد بالبيت الذي ليس له مسجد لأنه كالمفازة أما إن كان له مسجد حي فالأفضل أن يكون بأذان وإقامة وإن تركهما لا يكره لأن أذان الحي والإقامة يكفيهم
قوله فبغير أذان وإقامة ظاهرة أنه أعم ما إذا صلى وحده أو صلى بجماعة وأصله ما رواه أبو داؤد وغيره عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر رجلا يصلي وحده فقال ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه وفي رواية فقام الرجل فصلى معه وقال الشراح الذي كان يصلي وحده كان
____________________
(1/85)
* باب في الإمام أين يستحب له أن يقوم وما يكره له أن يصلي إليه *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة لا بأس أن يكون مقام الإمام في المسجد وسجوده في الطاق ويكره أن يقوم في الطاق ولا بأس أن يصلي إلى ظهر رجل قاعد يتحدث وأن يصلي وبين يديه مصحف معلق أو سيف أو يصلي على بساط فيه تصاوير ولا يسجد على التصاوير وأن يكون سجوده دون وسادة فيها تصاوير ويكره أن يكون فوق رأسه في السقف أو شرح المتن علي بن أبي طالب والذي صلى معه أبو بكر رضي الله عنه ولم يرو أنه أذن أو أقام ووجهه ظاهر إذ لما اكتفى للمصلي في بيته بإذان مسجد الحي يكتفي به في المسجد بالطريق الأولى وبه قال بعض مشايخنا إنه لا يؤذن لكن يقيم وقال بعضهم يؤذن ويقيم لما روى عن أنس أنه دخل مسجد بني رفاعة قد صلى فيه فأذن وأقام وصلى جماعة ذكره البخاري في صحيحه تعليقا وأخرجه البيهقي وأبو يعلى وغيرهما * باب في الإمام أين يستحب له أن يقوم وما يكره له أن يصلي إليه *
ويكره لأنه يشبه اختلاف المكانين ألا ترى أن الإمام إذا كان فى الدكان منفردا يكره
قوله ولا بأس إلخ ومن الناس من كره ذلك لما روى أن رسول الله صل الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل وعندهم قوم يتحدثون أو نائمون وتأويله عندنا أنهم إذا رفعوا صوتهم على وجه يخاف منه وقوع الغلط
قوله ويكره أن يكون فوق رأسه إلخ هذا إذا كانت الصورة كبيرة يبدو للناظر وأما إذا كانت لا تبدو من بعيد لا يكره
قوله في الثوب لأنه إعزاز بها وفي البساط استهانة بها
قوله مقطوعا لأنه لا يعبد بدون الرأس وقطع الرأس أن يمحي رأسه بخيط يخاط عليه حتى لا يبقى للرأس أثر أصلا أما إذا خيط ما بين الرأس
____________________
(1/86)
بين يديه أو بحذائه تصاوير أو صورة معلقة ولا تفسد صلاته في الفصول كلها ويكره التصاوير في الثوب ولا تكره في البساط وإذا كان رأس الصورة مقطوعا فليس بتمثال وإن مرت امرأة بين يديه لم يقطع الصلاة ويدرؤها * باب في تكبير الركوع والسجود *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة يصلي ويكبر مع الانحطاط ويقول سمع الله لمن حمده مع الرفع ويحذف التكبير حذفا ويقول الإمام سمع الله لمن حمده ويقول من خلفه ربنا لك الحمد ولا شرح المتن والجسد فلا يعتبر ذلك لأن من الطيور ما هو مطوق كالصلصل ونحوه
قوله لم يقطع الصلاة لحديث أبي سعيد مرفوعا لا يقطع الصلاة شيء
قوله ويدرؤها في بعض النسخ بعد هذا وينبغي أن يستتر بحائط أو سارية أو شجرة أو عود أو عنزة ويقرب من السترة ويجعل السترة على حاجبه الأيمن أو على الأيسر ويدرء المار إذا مر بين يديه ولم يكن له سترة أو مر بينه وبين السترة وعليه شرح الصدر الشهيد * باب في تكبير الركوع والسجود *
قوله ويكبر للأنه ( عليه الصلاة والسلام ) كان يكبر مع كل خفض ورفع
قوله ويحذف التكبير لأن المد في أوله خطاء لكونه استفهاما وهو يقتضي أن لا يثبت عنده كبرياء الله وفي آخره لحن من حيث اللغة لأن أفعل التفضيل لا يحتمل المد في اللغة
قوله ولا يقولها هو لقوله ( عليه السلام ) إذا قال الإمام ولا الضالين
____________________
(1/87)
يقولها هو وقال أبو يوسف ومحمد يقولها هو وقال أبو يوسف سألت أبا حنيفة عن الرجل يرفع رأسه من الركوع في الفريضة أيقول اللهم اغفر لي قال يقول ربنا لك الحمد ويسكت وكذلك بين السجدتين يسكت رجل ركع قبل الإمام أو سجد فأدركه الإمام بالركوع والسجود أجزاه رجل انتهى إلى الإمام وهو راكع فكبر ووقف حتى رفع رأسه وأمكنه الركوع لم يعتد بها رجل أحدث في ركوعه أو سجوده توضأ وبنى ولا يعتد بالركعة التي أحدث فيها رجل ذكر وهو راكع أو ساجد أن عليه سجده فانحط من ركوعه فسجدها أو رفع من سجوده فسجدها فإنه يعيد الركعة والسجدة فإن لم يعد أجزاه شرح المتن فقولوا آمين وإذا قال سمع الله لمن حمده قولوا ربنا لك الحمد قسم بينهما والقسمة تنافي الشركة واما المنفرد ذكر في صلاة المبسوطأنه يجمع بين التسميع والتحميد عند أبي يوسف ومحمد وسكت عن ذكر أبي حنيفة
قوله يقولها هو هذا هو المعتمد وبه وردت الأحاديث واختلفوا في لفظ التحميد فمنهم من ذكر ربنا لك الحمد ومنهم من قال ربنا ولك الحمد ومنهم من قال اللهم ربنا لك الحمد ومنهم من قال اللهم ربنا ولك الحمد وبكل ذلك وردت الأخبار النبوية وأولاها الأخير كما بسطناها في السعاية واختلفوا في الدعاء والذكر في القومة وبين السجدتين والأحاديث متظاهرة على جواز ذلك كما بسطناها فيها
قوله وكذلك بين السجدتين إلخ هذا مخالف لما جاء في الأخبار الصحاح من زيادة الأدعية في القومة وبين السجدتين من ذلك ما روى أبو داؤد وغيره عن ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين اللهم اغفر لي وارحمني وارزقني وروى البخاري وغيره عن رفاعة كنا نصلي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال الرجل ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال من المتكلم بهذا قال رجل أنا قال رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها والأخبار في أمثال ذلك كثيرة وحمل أصحابنا الزيادات المروية على النوافل وهو وإن كان مستقيما في بعض الأخبار أشكل في بعضها
____________________
(1/88)
* باب الرجل يدرك الفريضة في جماعة وقد صلى بعض صلاته *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في رجل صلى من الظهر ركعة شرح المتن كحديث رفاعة وحمل كثير منهم كعلي القاري وغيره على أنها كانت في بعض الأحيان وعلى هذا لا بأس بالزيادة أحيانا اتباعا للأحاديث وذكر كثير منهم في وجه المنع أنه يؤدي إلى تنفير المؤمنين فيفهم منه أنه لو لم يكن ذلك فلا بأس به وقد صرح به ابن أمير حاج في شرح منية المصلي وقد حققنا المقام بما لا مزيد عليه في السعاية فعليك به
قوله أجزاه قال زفر لا يصح لأن ما اتى به وقع فاسدا وهذا بناء عليه فلا يصح لأنه بناء على الفاسد ولنا أن المشاركة في جزء كاف كذا قال الصدر الشهيد وأصله ما روى في الصحاح أن بعض أصحابه ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) كانوا يركعون ويسجدون قبل ركوعه وسجوده فزجرهم النبي ( عليه السلام ) ومنعهم ولم يروا أنه أمرهم بإعادة صلاتهم فعلم أن التقديم ليس بمفسد نعم هو مكروه أشد الكراهة
قوله لم يعتد بها أي لا يصير مدركا لتلك الركعة عندنا خلافا لزفر لأنه أدركه في ماله حكم القيام ولنا أن الاقتداء شركة وبناء والقيام ليس من جنس الركوع حقيقة فلا يتحقق الشركة
قوله ولا يعتد إلخ أي يعيد ما أحدث فيه ولو لم يعد لم يجزه لأن الانتقال من الركن إلى الركن مع الطهارة شرط ولم يوجد
قوله فإنه يعيدإلخ ليقع أفعال الصلاة مرتبة وإن لم يعد أجزاه لأن الترتيب في أفعال الصلاة ليس بفرض عندنا في ما شرع مكررا خلافا لزفر * باب الرجل يدرك الفريضة في جماعة وقد صلى بعض صلاة *
قوله ركعة وإن لم يقيد الأولى بالسجدة ويقطع يشرع مع الإمام وهو الصحيح وإليه مال فخر الإسلام
قوله ثم يدخل مع القوم إحرازا لفضيلة الجماعة لأن الصلاة بالجماعة
____________________
(1/89)
ثم أقيمت الصلاة فإنه يصلي أخرى ثم يدخل مع القوم والتي صلى وحده نافلة وإن كان قد صلى ثلاثا من الظهر اتمها اربعا ودخل مع القوم فى الصلاة متطوعا وإن صلى من الفجر ركعة ثم أقيمت قطع الصلاة ودخل معهم رجل دخل مسجدا قد أذن فيه كره له أن يخرج حتى يصلي فإن كان قد صلى وكانت الظهر أو العشاء فلا يأس بأن يخرج ما لم يأخذ في الإقامة فإن أخذ فيها لم يخرج حتى يصليها تطوعا وإن كانت العصر أو المغرب أو الفجر خرج ولم يصل رجل انتهى إلى الإمام في الفجر ولم يصل ركتي الفجر فخشي أن يفوته ركعة ويدرك الأخرى فإن يصلي ركعتي الفجر عند باب المسجد فإن خشي فوتهما دخل مع الإمام ولم يصل شرح المتن أفضل بخمس وعشرين درجة وصلاة المنفرد واحدة فإن كان قائما أو راكعا يقطعها ما لم يقيدها بالسجدة لأنه ليس له حكم فعل الصلاة ولذلك لو حلف أن لا يصلي لا يحنث بهذا القدر بخلاف النفل فإنه اذا شرع فيه وهو قائم في الركعة الأولى فإنه لا يقطعها لأن ذلك القطيع ليس للتكميل
قوله أتمها أربعا 0 لأنه ثبت شبهة الفراغ وبعد حقيقة الفراغ لا يحتمل النقض فكذلك بعد الشبهة وهو الجواب في العصر والعشاء إلا في الشروع مع صلاة الإمام في صلاة العصر لأن التنفل بعد العصر مكروه قوله قطع الصلاة لأنه إن أضاف ركعة أخرى يثبت حقيقة الفراغ فتعذر إحراز فضل الجماعة
قوله خرج ولم يصل لكراهية التطوع فيهما وكذا المغرب أما في الفجر والعصر فظاهر وأما المغرب فالتنفل بعدها مشروع لكن شفعا لا وترا فإن دخل فيها ينبغي أن يضيف ركعة أخرى لأنه يوافق السنة وإن كان مخالفا للجماعة
قوله عند باب المسجدأما أنه يصلي في المسجد وإن قامت الجماعة
____________________
(1/90)
ركعتي الفجر ولم يقضهما وهو قول أبي يوسف وقال محمد أحب إلي أن يقضيهما إذا ارتفعت الشمس رجل أدرك من الظهر ركعة ولم يدرك الثلاث فإنه لم يصل الظهر في جماعة وقال محمد قد أدرك فضل الجماعة رجل أتى مسجدا قد صلى فيه فلا بأس أن يتطوع قبل المكتوبة ما بدأ له ما دام في الوقت والله أعلم شرح المتن فلأن سنة الفجر آكدها قال النبي ( عليه الصلاة والسلام ) صلوهما وإن طردتكم الحيل وأما عند باب المسجد فإن الاشتغال بالنفل عند اشتغال الإمام مكروه
قوله ولم يقضهما لا قبل طلوع الشمس لأن حقيقة السنة قد فاتت بذهاب وقتها فأشبه مطلق التنفل وذلك مكروه بعد الصبح وكذلك لا يقضيهما بعد ارتفاع الشمس وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد أحب إلى أن يقضيهما بعد الطلوع لحديث ليلة التعريس وهما يقولان إن السنة جاءت بالقضاء تبعا لا غير
قوله فإنه لم يصل في جماعة أصل المسئلة في الجامع الكبير وهو أن الرجل إذا قال عبده حر إن صلى الظهر بجماعة مع الإمام فسبق ببعضها لم يحنث لأنه لم يصل الظهر مع الإمام فإنه منفرد ببعضها فلو قال عبده حر إن أدرك الظهر مع الإمام فسبق ببعضها حنث وإن أدرك في القعود لأن إدراك الشيء بإدراك آخره ومن المتاخرين من قال لا يصير مدركا لفضل أداء الصلاة بجماعة لكن يصير مدركا فضيلة إدراك الجماعة وهذا باطل بصلاة الخوف فإنه لم تقسم الا لينال كل واحد من الطائفتين ثواب الجماعة
قوله فلا بأس قال بعض مشايخنا أراد به أن يتطوع قبل العصر والعشاء دون الفجر والظهر لأن سنة الفجر واجبة وفي ترك سنة الظهر جاء وعيد من الشرع وبعضهم قالوا أرادوا بهل الكل والإنسان متى صلى المكتوبة وحده من
____________________
(1/91)
* باب ما يفسد الصلاة وما لايفسده *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في رجل أن في الصلاة أو تأوه أو بكى فارتفع بكاؤه قال إن كان من ذكر الجنة أو النار لم يقطعها وإن شرح المتن غير جماعة لا بأس بأن يتركهما لأن النبي ( عليه والسلام ) لم يأنهما إلا عند أداء المكتوبة بالجماعة والأول أصح والأخذ به أحوط * باب ما يفسد الصلاة وما لا يفسده *
قوله أن صوت الانين صوت المتوجع والمتحزن وهو ماض مشدد النون من الانين وتأوه فعل ماض من التأوه وهو أن يقول أوه والأنين ان يقول آه
قوله لم يقطعها لأنه يدل على زيادة الخشوع لأن في البكاء من ذكر الجنة والنار زيادة الرغبة والرهبة وفيه تعريض سؤال الجنة والتعوذ من النار ولو صرح به فقال اللهم إني أسئلك الجنة وأعوذ بك من النار لم يضره فكذا ههنا
قوله فقال له رجل إلخ لحديث معاوية بن الحكم السلمي قال إنه شمت العاطس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرماني القوم بأبصارهم فقلت ثكلت أماه ما لهم ينظرون إلي شرزا فجعلوا أيدهم على أفواههم فعلمت أنهم يسكتوني فلما فرغ من صلاته قال والله ما رأيت معلما أحسن تعليما منه والله ما ضربني ولا كرهني ولا شتمني ولكن دعاني وأمر بالإعادة وقال إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس وإنما هي التسبح والتحميد وقرأه القرآن
قوله أو استفتح يريد أن المستفتح ليس في الصلاة والفاتح في الصلاة فسدت صلاته لأنه جواب له فكان كلاما وذكر في كتاب الصلاة وشرط لفساد الصلاة الفتح مكررا ولم يشترط ههنا
قوله أو أجاب إلخ هو قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا تفسد صلاته وهذا إذا أراد جوابه فإن أراد إعلامه أنه في الصلاة لم تفسد صلاته
____________________
(1/92)
كان من وجع أو مصيبة قطعها رجل تنحنح في الصلاة لعذر به فحصل منه حروف فهو عفو وإن كان لغيره عذر ينبغي أن تفسد الصلاة عندهما رجل عطس فقال له رجل في الصلاة يرحمك الله أو استفتح ففتح عليه في صلاته أو أجاب رجلا في الصلاة بلا إله إلا الله فهذا كلام وإن فتح على الإمام لم يكن شرح المتن بلا خلاف أبو يوسف يقول إن هذا ثناء فلا يتغير بالعزيمة وهما يقولان إن هذا خرج مخرج الجواب في محله وهو يحتمل أن يكون جوابا فصار كلاما
قوله لم يكن كلاما أي مفسدا للصلاة لقوله ( عليه الصلاة والسلام ) إذا استطعمك الإمام فأطعموه ولكن هذا إذا كان فيه إصلاح صلاة
قوله ولم يشبه الحديث فسره بالاصل بأنه اذا دعاه ما يستحيل سؤاله من العباد كالمغفرة ونحوها فإنه لا يفسد ولو سأل شيئا مما لا يستحيل سؤاله من العباد مثل قوله اللهم زوجني فلانة فسدت
قوله وكذلك إن صلى أي الخطيب إلا اذا قرأ آية { يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } فيصلي السامع في نفسه وهذا إذا كان قريبا من الإمام وإن كان بعيدا اختلف المشايخ فيه والاحوط السكوت
قوله يتبعه لأنه مجتهد فيه وطاعة الإمام واجب في المجتهد فله أن يتابعه لأنه تبعه وهما قالا إنه منسوخ فلا يجب على المقتدي اتباعه واذا لم يتابعه قيل إنه يقف قائما فيتابعه من هذا الوجه لأن المتابعة في الأصل واجبة عليه وقيل يقعد تحقيقا للمخالفة ودلت المسئلة على أن المقتدي في الوتر من كلاما
____________________
(1/93)
وهو قول محمد وقال أبو يوسف إذا أجاب بلا إله إلا الله لم يكن كلاما وليدع في الصلاة بكل شيء في القرآن وما أشبه الدعا ولم يشبه الحديث إمام قرأ آية الترغيب أو الترهيب قال يستمع من خلفه ويسكت وكذلك الخطبة وكذلك إن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم رجل صلى الفجر خلف إمام يقنت قال يسكت وهو قول محمد وقال أبو يوسف يتبعه * باب في تكبيرة الافتتاح *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة في رجل افتتح الصلاة بالفارسية أو قرأ فيها بالفارسية أو ذبح وسمى بالفارسية وهو يحسن العربية أجزاه وقال ابو يوسف ومحمد لا يجزيه وإن لم يحسن العربية شرح المتن رمضان يدعو كما يدعو الإمام ولا يسكت كما هو قول بعضهم لأن الاختلاف في المتابعة ههنا وهو منسوخ يكون إجماعا ثمة بالطريق الأولى * باب في تكبيرة الافتتاح *
قوله لا يجزيه هذا تنصيص على أن من قرء القرآن بالفارسية لا تفسد صلاته إتفاقا وإنما الشأن في جواز الصلاة معها هما يقولان إنه مأمور بالنظم والمعنى جميعا فإذا ترك النظم يجب أن لا يجزيه وأبو حنيفة يقول بأنه مأمور بهما لكن النظم غير لازم في حق جواز الصلاة وذكر ابو بكر الرازي عن أبي حنيفة أنه رجع إلى قولهما وعليه الاعتماد
قوله إن كان يحسن التكبير زاد في كتاب الصلاة وهو يعلم أ الصلاة يفتتح بالتكبير والصحيح ما ذكره ههنا لأن الجهل ليس بعذر في دار الإسلام
قوله فقد نقض الظهر لأنه نوى لا تحصيل ما ليس بحاصل فصحت النية
____________________
(1/94)
أجزاه رجل افتتح الصلاة بلا إله إلا الله او بغيره من أسماء الله ( تعالى ) أجزاه وإن افتتح باللهم اغفر لي لم يجزه وهو قول محمد وقال أبو يوسف ( رحمة الله ) إن كان يحسن التكبير لم يجزه إلا الله اكبر والله الكبير رجل افتتح الظهر وصلى ركعة ثم افتتح العصر أو التطوع فقد نقض الظهر وإن افتتح الظهر بعدما صلى منها ركعة فهي هي ويجتزأ بتلك الركعة * باب في القراءة في الصلاة *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال في القراءة في الصلاة في السفر سواء تقرأ بفاتحة الكتاب وأي سورة شئت ويقرأ في شرح المتن ودخل فيه فبطل الأول ضرورة فصار كمن باع شئا بألف ثم بألفين ينتفض الأول وينعقد الثاني
قوله ويجتزأ لأن النية الثانية قد لغت فبقي فيها كما لم ينو أصلا ولم يبق إلا مجرد التكبير وذلك لا يوجب قطع الصلاة * باب في القراءة في الصلاة *
قوله وأي سورة شئت استدل على سنية التخيير بالمنقول والمعقول أما المنقول فما روى سويد قال وخرجنا حجاجا مع عمر فصلى بنا الفجر بألم تر كيف ولإيلاف وعن أبن ميمون قال صلى بنا عمر في السفر الفجر فقرأ قل يآيها الكافرون وقل هو الله أحد وعن الأعمش عن إبراهيم قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤن في السفر بالسور القصار وعن أبي وائل قال صلى بنا أبن مسعود في السفر في الفجر بآخر بني إسرائيل روى ذلك كله ابن أبي شيبة كذا في ( البناية ) والمشهور في الاستدلال ما روى أبو داؤد في سننه عن عقبة بن عامر قال كنت أقود برسول الله ناقته في السفر فقال لي يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئنا فعلمني قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فلما نزل لصلاة
____________________
(1/95)
الحضر في الفجر في الركعتين بأربعين أو خمسين آية سوى فاتحة الكتاب وكذلك في الظهر والعصر والعشاء سواء وفي المغرب دون ذلك ويطول الركعة الاولى من الفجر على الثانية وركعتا الظهر سواء وقال محمد ( رحمه الله ) أحب إلي أن يطول الركعة الأولى على الثانية في الصلوات كلها رجل قرأ في العشاء في الاوليين سورة ولم يقرأ بفاتحة الكتاب لم يعد في الآخرين وإن قرأ في الاوليين بفاتحة الكتاب ولم يزد عليها قرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب وسورة وجهر رجل فاتته العشاء فصلاها بعد طلوع شرح المتن الصبح صلى بهما صلاة الصبح فلما فرغ من الصلاة التفت إلي وقال يا عقبة كيف رأيت وأما المعقول فهو أن للسفر اثرا في إسقاط شطر الصلاة فلأن يؤثر في تخفيف القراءة أولى
واعلم أن محمدا في الجامع الصغير لم يقيد الحكم بالعجلة فإذا إطلاقه جريان هذا الحكم سواء كان في حالة العجلة أو غيرها واختار الاطلاق صاحب الكنز أيضا لكن قيد شراح الجامع الصغير ومنهم الصدر الشهيد حيث قال وهذا في حالة الضرورة وأما في حالة الاختيار وهو أن يكونوا آمنين في السفر فيقرء في الفجر نحو سورة البروج وانشق وفي الظهر مثل ذلك وفي العصر والعشاء دون ذلك وفي المغرب بالقصار جدا انتهى وتبعهم صاحب ( الهداية ) وقد رده صاحب ( البحر ) تبعا لصاحب ( الحلية )
قوله وفي المغرب دون ذلك لما روى عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى الاشعري أن أقرأ في صلاة الفجر والظهر بطوال المفصل وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل وفي المغرب بقصار المفصل والمقادر لا تعرف إلا سماعا
قوله أحب إلي لحديث قتادة أنه ( صلى الله عليه وسلم ) كان يطول
____________________
(1/96)
الشمس فإن أم فيها جهر وإن كان وحده خافت إمام قرأ في المصحف فصلاته فاسدة وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هي تامة ويكره ويكره أن يوقت شيئا من القرآن لشيء من الصلوات أمي صلي بقوم يقرؤن ويقوم أميين فصلاتهم فاسدة وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) صلاة الركعة الأولى على الثانية
قوله لم يعد لأنه محل للأداء فلا يكون محلا للقضاء وإن قرء في الأوليين الفاتحة دون السورة قرأها في الأخريين وجهر وذكر في الاصل أحب إلي أن يقرأهما في الآخريين وذكر ههنا ما يدل على الوجوب وزاد عليه أيضا قوله وجهر وقال أبو يوسف لا يقضي السورة أيضا وقوله جهر منصرف إلى السورة وحدها ليكون القضاء موافقا للأداء ومن مشايخنا من قال إنه منصرف إليهما جميعا حتى لا يؤدي إلى أمر غير مشروع وهو الجمع بين الجهر والمخافتة في ركعة واحدة وهو الصحيح
قوله خافت أي حتما وقال بعض المشايخ يتخير بين الجهر والمخافتة والجهر أفضل كما في الوقت والأول أصح لأن سبب الجهر أحد الشيئين إما الجماعة وإما الوقت لكن في حق الجماعة حتم وفي حق المنفرد في الوقت مخير وكلاهما فائتة ههنا فلا يجهر واختلفوا في حد الجهر والمخافتة فقال الكرخي أدنى الجهر أن يسمع نفسه وأقصاه أن يسمع غيره وأدنى المخافتة ان يحصل الحروف وقال الفقيه أبو جعفر الهندواني والشيخ الإمام ابو بكر محمد بن الفضل البخاري أدنى الجهر أن يسمع غيره وأدنى المخافتة أن يسمع نفسه إلا لمانع وما دون ذلك مجمجمة وليس بقرأة وهو المختار
قوله إمام إلخ لأبي حنيفة في حكم الفساد وجهان أحدهما أنه عمل
____________________
(1/97)
الإمام ومن لا يقرأ تامة إمام قرأ في الأوليين ثم قدم في الآخريين أميا فسدت صلاتهم وإن قدمه في التشهد وكذلك قال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إلا أن يقدمه بعد الفراغ من التشهد إمام حصر فقدم غيره أجزاهم وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يجزيهم رجل صلى أربع ركعات تطوعا لم يقرأ فيهن شيئا أعاد ركعتين وإن لم يقرأ في الثانية والرابعة شرح المتن كثيرا و هو حمل المصحف وتقليب الأوراق حتى لو كان موضوعا بين يديه وهو لا يقلب ولا يحمل يصح صلاته والثاني أنه تعلم من المصحف وهذا المعنى يوجب التسوية في الفصول كلها
قوله هي تامة ويكره لأنها عبادة انضافت إلى عبادة فكان أحق بالصحة وإنما يكره لأنه يشبه صنيع أهل الكتاب
قوله ( تامة ) لأنه معذور صلى بمعذورين وبمن لا عذر له فيجوز صلاته وصلاة من هو بمثل حاله كما في العاري اذا صلى بقوم كاسين وقوم عارين ووجه قول أبي حنيفة أن الإمام ترك القراءة مع القدرة عليها فلا يجوز صلاته أصلا ولا يجوز صلاتهم أيضا لأنه بناء عليه
قوله فسدت صلاتهم لأنه استخلف من لا يصلح إماما له ولهم فتفسد صلاته وإن قدمه بعدما قعد قدر التشهد فكذلك عند أبي حنيفة وعندهما لا تفسد وهي مسئلة من المسائل الإثنى عشرية
قوله لا يجزيهم لأنه نادر فأشبه الجنابة في الصلاة وله أن جواز الاستخلاف في باب الحدث للعجز عن المضي والعجز ههنا ألزم بخلاف الجنابة لأنها نادرة والعجز عن القرأة في الصلاة غير نادر
قوله وقال أبو يوسف إلخ فأبو يوسف جعل القرأة ركنا زائدا ففواته في الشفع الأول لا يمنع صحة الشروع في الشفع الثاني ومحمد جعلها ركنا أصليا
____________________
(1/98)
أعاد أربعا وإن لم يقرا في الاوليين أو في الآخريين أعاد اللتين لم يقرأ فيهما وهو قول محمد ( رحمه الله ) إلا اذا لم يقرأ في الثانية والرابعة فإنه يعيد ركعتين وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) يعيد أربعا وإن لم يقرأ فيهن جميعا وتفسير قوله صلى الله عليه وسلم لا يصلي بعد صلاة مثلها يعني ركعتين بقراءة وركعتين بغير قراءة شرح المتن فإذا فات في الشفع الأول أو في أحدهما لم يصح الشروع في الثاني وأبو حنيفة توسط بينهما فجعلها أصلا من وجه من حيث إنه لا يصح الصلاة بدونه وزائدا من وجه من حيث إنه يحتمل الإمام عن المقتدي فمن حيث أه اصلي ففواته في الشفع الأول يمنع الشروع في الشفع الثاني ومن حيث أنه زائد ففواته في احدهما لا يمنع الشروع في الشفع الثاني
قوله وتفسير قوله إلخ رفع هذا الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت وإنما هو موقوف على عمر وابن مسعود رواه ابن ابي شيبة وفي جامع الاسبيجابي هذا التفسير يروي عن أبي يوسف ولما ورد هذا الخبر عاما وقد خص منه البعض لأنه يصلي سنة الفجر ثم فرض الفجر وهما مثلان وكذا يصلي سنة الظهر أربعا ثم فرض الظهر أربعا هما مثلا وكذا يصلي الظهر ركعتين في السفر ثم السنة ركعتين فلما لم يكن العمل بعمومه قال محمد المراد به أنه لايصلي بعد الصلاة نافلة ركعتان بقراءة وركعتان بغير قراءة يعني لا يصلي النافلة كذلك حتى لا يكون مثلا للفرض بل يقرأ في جميع ركعات النفل فيكون الحديث بيانا لفرضية القرأة في جميع ركعات النفل وحمل بعضهم هذا الخبر على النهي عن إعادة الصلاة بسبب الوسوسة ذكره في ( الذخيرة ) وقيل كانوا يصلون الفريضة ثم يصلون بعدها أخرى فنهوا عن ذلك وحمله الشافعي على المماثلة في العدد وليس بشيء للإجماع في ركعتي الفجر مع الفجر
____________________
(1/99)
* باب ما يكره من العمل في الصلاة *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال لا باس بقتل الحية والعقرب في الصلاة ويكره عد آلاي والتسبيح فيها رجل ظن أنه أحدث فخرج من المسجد ثم علم أنه لم يحدث فإنه يستقبل وإن لم يكن خرج من المسجد صلى ما يقي رجل صلى تطوعا ركعة راكبا ثم نزل شرح المتن * باب ما يكره من العمل في الصلاة *
قوله لا بأس لحديث اقتلوا الاسودين ولو كنتم في الصلاة والمراد الحية والعقرب فدل الحديث على إباحة قتل الحيات كلها
قوله ويكره لأنه ليس من اعمال الصلاة وعن أبي يوسف ومحمد أنهما لم يريا به بأسا في الفرائض والنوافل
قوله فإنه يستقبل لأن اختلاف المكانين مبطل للتحريمة ألا بعذر وفي المفازه يعتبر مكان الصفوف في حق جواز البناء لان الصفوف بمنزلة المسجد ولو لم يخرج من المسجد لكن استخلف غيره على ظن انه احدث ثم تبين أنه لم يحدث فسدت صلاتهم جميعا لأن الاستخلاف عمل كثير لم يتحمل في الصلاة الا بعذر ولا عذر ههنا
قوله فإنه يبني إلخ فرق بعضهم بأن النزول عمل قليل والركوب عمل كثير وهذا الفرق يشكل بما لو رفع أو وضع على السرج وضعا لم يبن وإن لم يوجد منه العمل الكثير والفرق الصحيح هو أن احرام الراكب انعقد مجوزا للركوع والسجود ولا موجبا لأنه يؤمي مع القدرة على النزول فإن اومى صح وإن نزل وركع وسجد صح أيضا فأما إحرام النازل انعقد بوجوب الركوع والسجود لا مجوزا فحسب فلا يقدر على ترك ما وجب بغير عذر
____________________
(1/100)
فإنه يبني وإن صلى ركعة نازلا ثم ركب استقبل رجل صلى بقوم ركعة ثم دخل رجل معه في الصلاة فأحدث الإمام فقدمه فأتم صلاة الإمام ثم قهقه أو أحدث متعمدا أو تكلم أو خرج من المسجد فسدت صلاته وصلاة القوم تامة فإن لم يحدث الإمام وقعد قدر التشهد ثم قهقه أو احدث متعمدا فسدت صلاة الذي لم يدرك أول الصلاة وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا تفسد وإن تكلم الإمام أو خرج من المسجد لم تفسد في قولهم شرح المتن
قوله ثم قهقه الخ يعني ضحك بالقهقهة وهي أن يسمع صوته من بحذائه وهو مفسد للصلاة وكذلك الضحك وهو ان يسمع صوته نفسه وأما التبسم فلا يفسد واختلفوا في انتقاض الوضوء بالقهقهة مع اتفاقهم بأنه لا ينتقض بالاخيرين فقالت الأئمة الثلاثة ومن تبعهم إنها ليست بناقضة للوضوء وأصحابنا حكموا بانتقاض الوضوء بها اذا وقعت في الصلاة زجرا وتشديدا لأحاديث مسندة ومرسلة وردت بذلك وقد طال كلامهم في الأحاديث قدحا وجرحا والحق أنه ليس يضر شيئا فإن بعض أسانيدها صحيحة وبعضها وإن كانت ضعيفة لكنها تتقوى بالاعتضاد والشواهد كما حققنا كل ذلك في رسالتنا الهسهسة بنقض الوضوء بالقهقهة وزدنا على ما ذكرنا فيها في شرحنا شرح الوقاية فبطالع فإنه لتحقيق المسائل مبسوط كاف ولتفصيل الدلائل منتخب واف
قوله فسدت صلاته لأن ما يقطعها في حقه تحللها لا في حقهم لأنه وجد بعد الفراغ من الأركان والفرائض
قوله لا تفسد لهما أن هذا العارض لم يؤثر في حق فساد صلاة الإمام فلا يؤثر في حق فساد صلاة المسبوق لأنه بناء عليه وأبو حنيفة يقول إنه يؤثر في حق الإمام إلا أنه لا تفسد صلاته للغنية عن البناء ويؤثر في حق المسبوق لحاجته إلى البناء
____________________
(1/101)
* باب في سجدة التلاوة *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رحمهم الله ) في رجل قرأ سجدة خلف الامام قال لا يسجدها الإمام ولا هو ولا أحد من القوم ولا إذا فرغوا وقال محمد ( رحمه الله ) يسجدها من سمع بعد فراغه وإن سمعوها من رجل ليس معهم سجدوها في صلاتهم لم تجزهم ولم تفسد إذا فرغوا فإن سجدوها في صلاتهم وأعادوها وإن قرأها الامام فسمعها رجل ليس معه في الصلاة فدخل معه ب سجدها لم يكن عليه أن يسجدها هو وأن دخل فيها قبل ان يسجدها سجده معه إن لم يدخل معه شرح المتن * باب في سجدة التلاوة *
قوله ولا إذا فرغوا لأن سبب الوجوب حصل ممن هو محجور فلا يعتبر حكمة كطلاق الصبي والمجنون وتصرفاتهما بخلاف الحائض والجنب لانهما منهيان غير محجورين والمنهي له إذا اتى بما هو المنهي عنه يعتبر ويصح كالصلاة في الارض المغصوبة
قوله سجدوها اذا فرغوا الخ لأن السبب قد صح والمانع قد زال ولو سجدوها في الصلاة لم تجزهم ولم تفسد صلاتهم أما عدم الجواز فلأنهما ليست السجدة صلاتية فلا تؤدى في الصلوات وأما عدم الفساد فلأن السجدة من أفعال الصلاة كالسجدة الثالثة وأما وجوب الإعادة فلأنهما ليست بصلاتية وذكر المصنف في الكتاب أنه ذكر في النوادر أنه تفسد صلاتهم ومن مشايخنا من قال ذلك قياس وهو قول محمد وهذا استحسان وهو قول ابي حنيفة وأبي يوسف والصحيح ما ذكرنا
قوله لم يقض لأنها صلاتية فلا تؤدى خارج الصلاة
قوله واجبة لان آيات السجدة كلها دالة على الوجوب
____________________
(1/102)
سجدها وكل سجدة وجبت في الصلاة فلم يسجدها فيها لم يقض والسجدة واجبة رجل قرأ سجدة فسجدها ثم قرأها في مجلسه فليس عليه أن يسجدها فإن قرأها ولم يسجدها حتى قرأها ثانية في مجلسه فعليه سجدة واحدة وإن قرأها فسجدها ثم ذهب فرجع فقرأها سجدها ثانية وإن لم يسجد للاولى حتى رجع فقرأها سجد سجدتين ويكره أن يقرأ السورة في الصلاة أو غيرها ويدع السجدة وكان لا يرى باسا باختصار السجود في غير الصلاة وهو ان يقرأ السجدة من بين السورة قال أحب إلي أن يقرأ قبلها آية والله أعلم شرح المتن
قوله فعليه سجدة واحد لآن الشرع جعل التلاوة المكررة المتعددة حقيقة متحدة حكما عرف ذلك بحديث أبي عبد الرحمن السلمي معلم الحسن والحسين أنه كان لا المكررة يسجد في المجلس الا مرة واحدة وكان ذلك لا يخفى على علي رضي الله عنه ولم ينكر عليه لكن إنما جعل متحدا عند إمكان الإتحاد وإمكان الإتحاد باتحاد المجلس فإن تبدل المجلس فلا إمكان فلا يتحد وكذلك إن تبدل مجلس التالي دون السامع يتكرر الوجوب على السامع أيضا لأن الحكم يضاف إلى السبب والسبب هو التلاوة هكذا ذكره بعض مشايخنا من المتأخرين في شرح هذا الكتاب وذكر الإمام المنتسب اسبيجاب في شرح مختصر الطحاوي أن عليه سجدة واحدة لأن مجلس السامع متحد وسبب الوجوب في حقه هو السماع وعليه الفتوى ولو تبدل مجلس السامع دون التالي يتكرر الوجوب بالإتفاق اما على قول ذلك البعض فلأن الضرورة أبطلت العدد وأثبتت الإتحاد في حق التالي فلا يتبين ذلك في حق غيره وأما قول القاضي الإمام فلأن سبب الوجوب في حق السامع هو السماع وقد تبدل مجلس السامع فيتكرر الوجوب لأنه ليس مجلس التلاوة وفي تسدية الثوب يتكرر الوجوب لأن المجلس ليس بمتحد ولو قرأها في غصن شجرة ثم انتقل إلى غصن آخر
____________________
(1/103)
* باب السهو في الصلاه والتسليم فيها *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفه ( رحمهم الله ) في رجل صلى الظهر خمسا وقعد في الرابعه قدر التشهد قال يضيف اليها ركعه اخرى ثم يتشهد ثم يسلم ثم يسجد سجد السهو ثم يتشهد ثم يسلم رجل صلى شرح المتن اختلفت المشايخ فبه والصحيح هو الايجاب * باب السهو في الصلاه والتسليم فيها *
قوله يضيف الخ لانه لما قعد على راس الرابعه تمت صلاته ولم يبق عليه الا اصابه لفظ السلام وانها ليست بفريضه بل هي واجبه حتى وجبت سجود السهو بتاخيرها ساهيا بان شك فشغله تفكره حتى اخرها وانما يضيف الركعه الاخرى لأن التنقل بركعه عندنا ليس بمشروع قوله ثم يسلم اختلفت المشايخ فيه قال بعضهم يسلم تسليمه من تلقاء وجهه وقال بعضهم يسلم تسليمتين وهذا اصح
قوله لم يبن لوقوع سجده السهو في وسط الصلاه ولمو بنى جاز لأن التحريمه باقيه
قوله وقال محمد الخ اصله ان سلام من عليه السهو يخرجه من حرمه الصلاه خروجا موقوفا عند ابي حنيفه وابي يوسف لانه سلام عمد وانه محلل في نفسه لكن توقف ههنا لمكان الحاجه وقال محمد لا يخرجه لانه لو اخرجه لا يمكنه اقامه الواجب
قوله فعليه ان يسجد سجود للسهو لان نيه القطع باطله عندهم لانها حصلت مبدله للمشروع
قوله من الرجال قد قدم محمد في المبسوط ذكر الحفظه على ذكر البشر واخره في الجامع الصغير فظن منه بعض اصحابنا ان ما ذكره في المبسوط مبني على قول ابي حنيفه الاول في تفضيل الملائكه على البشر
____________________
(1/104)
وما ركعتين تطوعا فسهي فيها ثم سجد للسهو ثم اراد ان يصلي اخريين لم بين رجل سلم عليه سجده السهو فدخل رجل في صلاته بعد التسليم فان سجد الامام كان داخلا والا لم يكن داخلا وقال محمد داخل هو سجد الامام او لم يسجد رجل سلم يريد قطع الصلاه وعليه سهو فعليه ان يسجد للسهو وينوي بالتسليمه الاولى من عن يمينه من الرجال و النساء و الحفظه وكذلك في الثانيه وان كان الامام في الجانب الايمن او الايسر نواه شرح المتن ذكره في الجامع بناء على قوله الاخر في تفضيل البشر على الملائكه وليس كما ظنوا فان الواو لا يوجب الترتيب كذا في النهايه وفي البحر قال فخر الاسلام في شرح الجامع الصغير ان للبدايه اثرا في الاهتمام فدل ما ذكره في الجامع ( وهو اخر التصنيفين ) ان مؤمني البشر افضل من الملائكه وهو مذهب اهل السنه خلافا للمعتزله
قوله والنساء قال الصدر الشهيد في شرحه هذا في الزمن الاول فاما في زماننا فلا ينوي الاا الرجال و الحفضه لان جماعه النساء صارت منسوخه انتهى وذكر صاحب الهداية مثله و صححه و الحق ان الاختلاف ههنا فان ما ذكره في الجامع الصغير مبني على حضورهن وما ذكره المشايخ من انه لا ينوي مبني على عدم حضورهن فصار المدار في النيه وعدمها على حضورهن وعدمه حتى لو كان من المقتدين النساء والخناثي و الصبيان ينويهم اتفاقا كذا في البحر والحليه وفي النهر الفائق لاينوي النساء في زماننا لكراهه حضورهن حضرن ام لا وما في البحر من ان المدار على عدم حضورهن وحضورهن لا يتم الا على قول من علل العدم بالعدم انتهى قلت لايخفى عليك ما فيه فان كراهه حضورهن لا يقتضي عدم النيه مع ان الكراهه انما تختص بالشواب واما العجائز فيرخص لهن في زماننا ايضا في الحضور في المغرب و العشاء و الفجر نعم لو علل عدم النيه بما ذكره بعض محشي الهدايه من ان المصلي لو نواهن يتوجه خاطره اليهن بفساد الزمان لكان الحكم بعدم النيه ولو حضرن في موضعه لكن فيه ما فيه
____________________
(1/105)
* باب فيمن تفوته الصلاه *
محمد عن يقوب عن ابي حنيفه رحمهم الله في رجل فاتته صلاة يوم وليله او اقل فصلى صلاه دخل وقتها قبل ان يبدأ بما فاته لم يجز وان فاته اكثر من يوم وليله أجزته التي بدأ بها رجل صلى العصر وهو ذاكر انه لم يصل الظهر أو صلى الفجر وهو ذاكر أنه لم يوتر فهي فاسده الا أن يكون في أخر الوقت وقال ابو يوسف ومحمد رحمهما الله ترك الوتر لا يفسد الفجر شرح المتن * باب فيمن تفوته الصلاه *
قوله وان فاته اكثر الخ هذا مذهبنا بناء على ان الترتيب في الصلوات المكتوبه فرض عندنا وعند الشافعي سنة لان كل واحد من الفرضين اصل بنفسه فلا يكون شرطا لغيره ولنا الحديث المعروف انه ( عليه الصلاة والسلام ) قال من نام عن صلاة او نسيها فليصلها اذا ذكرها فان ذلك وقتها جعل وقت التذكر وقتا للفائنة فال يكون وقتا للوقتية ثم هذا الترتيب يسقط بعذر النسيان وضيق الوقت وكثرة الفوائت تحرزا عن فوات الوقتية عن الوقت وحد الكثرة ان تزيد على صلاة يوم وليلة فصاعدا تحرزا عن فوات الوقتية عن الوقت وحد الكثرة أن تزيد على صلاة يوم وليلة فصاعدا فيصير ستا لأن كثرة الشيء ما يدخل في حد التكرار
قوله فهي فاسدة لكن اذا فسدت الفرضية لا يبطل اصل الصلاة عند ابي حنيفة وابي يوسف وقال محمد يبطل اصلا ثم عند ابي حنيفة فرضية العصر فسدت فسادا موقوفا حتى لو صلى ستة صلوات او اكثر ولم يعد الظهر انقلبت كلها جائزة وقالا فسدت فسادا باتا
قوله ترك الوتر لا يفسد الفجر هذا بناء على ان الوتر واجب عن ابي
____________________
(1/106)
* باب في المريض يصلي قاعدا *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة قال لا يؤم القاعد الذى يؤمي القوم قياما يركعون ويسجدون ولا قوما قعودا يركعون ويسجدون ويؤم قوما يؤمون مثله رجل افتتح الصلاة تطوعا ثم اعيى قال لا باس ان يتوكأ على عصا او على حائط او يقعد وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يكره الا لمن به علة فان لم يكن به علة لم يجز رجل صلى في السفينة قاعدا شرح المتن حنيفة وعندهما سنة وعن ابي حنيفة ثلاث روايات في رواية قال سنة وفي رواية فرض وفي رواية واجب والصحيح انه واجب * باب في المريض يصلي قاعدا *
قوله ولا قوما الخ وقال زفر يصح ذلك كله لانه الصلاة واحدة ولنا ان الاقتداء حركة وبناء والبناء لا تحقق بالمعدوم
قوله قال لا بأس لانه عذر وبدون العذر اساءة ادب وقالا لا يجوز اعتبارا للشروع بالنذر وابو حنيفة يقول الشارع إنما يلزمه بالشروع ما شرع فيه وما لا ينفصل عما شرع فيه عنه والقيام في الاولى ينفصل عن القيام في الثانية فلا يلزمه
قوله الا من عذر وكذلك اذا صلى جالسا للعذر وهو قادر على الخروج إلى الارض جاز والافضل هو الخروج وقالا لا يجزيه لان القيام فرض فلا يترك الا بعذر وله ان العذر في السفينة غالب وهو دوران الرأس والغالب كالمتحقق
قوله ويوجه الخ ارادية المريض الذي قرب موته لانه في معنى الميت واختيار اهل بلادنا هو الاستلقاء لكونه ايسر لخروج الروح والاول هو السنة
قوله كما يوضع في اللحد وفي البرهان شرح مواهب الرحمن يوجه في القبر إلى القبلة على جنبه الايمن لما روى ابو داؤد والنسائي ان رجلا قال
____________________
(1/107)
من غير علة اجزاه والقيام افضل وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يجزيه الا من عذر قال ويوجه المريض إلى القبلة كما يوضح في اللحد واذا وجه للصلاة جعل وجهه قبل القبلة والله اعلم * باب في صلاة السفر *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رحمهم الله ) رجل خرج من شرح المتن يا رسول الله ما الكبائر قال تسع فذكر منها استحلال الحرام قبلتكم احياء وامواتا ورواه الحاكم في المستدرك وقال قد احتج الشيخان برواية هذا الحديث غير عبد الحميد بن سنان انتهى قلت اخرجه ابن ابي حاتم والطبراني وابن مردويه ايضا عن عمير الليثي واخرج علي بن الجعد في الجعديات عن ابن عمر قال سمعت رسول الله يقول الكبائر تسع الاشراك بالله وقذف المحصنة وقتل النفس المؤمنة والفرار من الزحف واكل الربا واكل مال اليتيم وعقوق الوالدين المسلمين والسحر والالحاد في الحرم قبلتكم احياء وامواتا وفي شرح الهداية للعيني قال السغناقي في النهاية الإضطجاع على ستة أنواع في حالة المرض على شقة الايمن عرضا للقبلة وفي حالة الصلاة وهو الاستلقاء وفي حالة النزع فانه يوضع كما يوضع حالة المرض وفي حالة الغسل بعدما مضى بجنبه فلا رواية فيه عن اصحابنا الا ان العرف فيه انه يضجع مستلقيا على قفاه طويلا نحو القبلة وفي حالة الصلاة عليه معترضا للقبلة على قفاه وفي حالة الوضع في اللحد فانه يوضع على شقة الايمن قلت هذا كله بالعرف والقياس ولم يذكر فيه اثرا ولا حديثا انتهى كلام العيني وفي غنية المستملي شرح منية المصلي يوجه الميت إلى القبلة في القبر على جنبه الايمن ولا يلقى على ظهره
قوله جعل وجهه قبل القبلة يعني مستلقيا على قفاه ورجلاه نحو القبلة وقال الشافعي السنة ان ينام على جانبه الايمن * باب في صلاة السفر * قوله ثلاثة ايام الخ لقوله ( عليه الصلاة والسلام ) يمسح المقيم يوما
____________________
(1/108)
الكوفة إلى المدائن قال قصر وافطر ويقصر في مسيرة ثلاثة ايام ولياليها سير الابل ومشي الاقدام قوم حاصروا في أرض الحرب مدينة او حاصروا اهل البغي في دار الاسلام في غير مصر او حاصروا في البحر فنووا اقامة خمسة عشر يوما فانهم يقصرون ويفطرون والله اعلم مسائل لم تدخل في الابواب
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل ام قوما في ليلة مظلمة فتحرى القبلة وصلى إلى المشرق وتحرى من خلفه فصلى شرح المتن وليلة والمسافر ثلاثة ايام ولياليها قدر به ادنى مدة سفر وروى عن ابي حنيفة انه اعتبر بثلاث مراحل وعن محمد انه اعتبر خمسة عشر فرسخا ويعتبر في الجبل بقدر ما يليق بحال الجبل وان كان في السهل يقطع بمدة يسيرة وفي البحر يعتبر ان يكون الرياح مستوية غير غالبة ولا ساكنة فينظركم تسير السفن فيجعل ذلك اصلا
قوله قوم حاصروا الخ وجه المسئلة ان حالهم مبطل لعزيمتهم لانهم انما يقيمون لغرض فاذا حصل الغرض انزعجوا فلم تلاق النية محلها فلغت مسائل لم تدخل في الابواب
قوله في ليلة مظلمة الخ اما لوصلوا منفردين صحت صلاة الكل ولا يتأتى فيه التفصيل واعترض عليه بان وضع هذه المسئلة مشكلة لان صلاة الليل جهرية فيعلم كل من المقتدين حال الامام بصوته واجيب عنه بوجوه الاول انه يحتمل ان يكون الجماعة في قضاء صلاة جهرية الثاني انه يجوز ان يترك الامام سهوا الثالث انه لا يلزم من سماع صوته معرفة جهته فلعلهم عرفوا انه ليس خلفهم ولكن لم يحصل لهم التمييز انه إلى أي جهة توجه كذا في البناية وغيرها
____________________
(1/109)
بعضهم إلى المغرب وبعضهم إلى القبلة وبعضهم إلى دبر القبلة وكلهم خلف الامام لا يعلمون ما صنع الامام اجزاهم رجل صلى ولم ينو ان يؤم النساء فدخلت امرأة في صلاته ثم قامت إلى جنبه لم تفسد عليه صلاته ولم تجزها صلاتها رجل ام رجلا واحدا فاحدث فخرج فالمأموم امام نوى او لم ينو وصلاة الليل ان شئت فصل بتكبيرة ركعتين وان شئتت شرح المتن
قوله اجزاهم لان القبلة هي الكعبة وعند العجز ينتقل عنها إلى جهتها ولكن من شرط الصحة ان لا يعلموا ما صنع الامام فان علموا فسدت صلاتهم لانهم علموا بخطأ الامام ومن شرطة ان لا يتقدموا امامهم فمن تقدم فسدت صلاته
قوله لم تفسد عليه صلاته انما تفسد صلاة الرجل بالمحاذاة لانه تارك مكان نفسه وهو المكان المتقدم على مكان المرأة ومقتضى الامر تاخير المرآة وهو قوله ( عليه السلام ) اخروهن من حيث اخرهن الله لانه عبارة في ايجاب التأخير ومن ضرورة تأخيرها كونه مقدما والمورد الجماعة المطلقة وهي بالشركة والكمال فاندفعت غير المنوي امامتها بقيد الشركة لان الشركة لا يكون بدون الاقتداء بالامام ولا يصح اقتداؤها اذا لم ينو الامام امامتها خلافا لزفر والفرق لنا انها بالاقتداء تلزم الامام فرض المقام فيتوقف على التزامه
قوله نوى او لم ينو لتعينه للخلافة كالخلافة الكبرى اذا لم يصلح للخلافة الا واحد يتعين للخلافة من غير اتفاق وان كان خلفه من لا يصلح للخلافة فالاصح انه تفسد صلاة المقتدي لانه بقي في المسجد بلا امام
قوله والاذنان من الرأس الخ كيفيته على ما نقل عن الحلواني انه يدخل الخنصر في صماخ الاذنين ويحركهما وفي الاصل يمسح داخلهما مع الوجه وفوقهما مع الرأس والمختار ان يمسح داخلهما بالسبابتين وخارجهما بالابهامين
____________________
(1/110)
اربعا وان شئت ستا وذكر في الاملاء ثماني ركعات وصلاة النهار ركعتان واربع ويكره ان تزيد وان فعلت لزمك وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) صلاة الليل مثنى مثنى والاذنان من الرأس يمسح مقدمهما ومؤخرهما مع الرأس * باب في صلاة الجمعة *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رحمهم الله ) في امام صلى الجمعة فنفر الناس عنه قبل ان يركع ويسجد الا النساء الصبيان استقبل شرح المتن كذا في المجتبى و والبناية وفي فتح القدير عن الحلواني وشيخ الاسلام انه يدخل الخنصر في اذنيه ويحركهما كذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي في سنن ابن ماجة باسناد صحيح عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح اذنيه فأدخل السبابتين وخالف ابهاميه إلى ظاهر اذنيه فمسح ظاهرهما وباطنهما انتهى واستدل اصحابنا على ان المسنون هو مسحهما بماء الرأس باحاديث قوليه وفعليه من ذلك حديث الاذنان من الرأس روي بطرق مختلفة وبعضها وان كان فيه ضعفا الا انه ينجبر بالكثرة * باب في صلاة الجمعة *
قوله باب في صلاة الجمعة لها شرائط وهي ستة ذكر محمد في النوادر منها ثلاثة بلا خلاف وهي الجماعة والخطبة والوقت واثنان فيها خلاف وهو الوالي والمصر شرط عندنا وعند الشافعي ليس بشرط والسادسة الأداء على سبيل الاشتهار شرط حتى لو أغلق الأمير أبوب الحصن وصلى بالناس وعسكره لا يجوز
قوله وقال ابو يوسف الخ هما يقولان انه شرط الانعقاد فال يشترط دوامها كالخطبة وتكبيرة الافتتاح وابو حنيفة يقول بلى انها شرط الانعقاد
____________________
(1/111)
الظهر وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) اذا افتتح الصلاة ثم نفر الناس عنه صلى الجمعة وان نفروا عنه بعدما ركع وسجد سجدة او نفروا الا المسافرين والعبيد او بقي من الرجال ثلاثة وذلك ادنى ما يكون بقي على الجمعة امر عبدا أو مسافرا يخطب ويصلي الجمعة اجزاهم رجل صلى الظهر يوم الجمعة ثم خرج يريد الجمعة انتقض الظهر وقالا لا ينتقض حتى يدخل فى الجمعة ويكره ان يصلي الظهر في جماعة يوم الجمعة في سجن وغير سجن فان صلى قوم اجزاهم في الجمعة بمنا ان كان الامام امير الحجاز او كان الخليفة مسافرا جمع وان كان غير الخليفة وغير امير الحجاز وهو مسافر فلا جمعة فيها وقال محمد ( رحمه الله ) لا جمعة بمنا ولا جمعة بعرفات في قولهم جميعا امام خطب يوم الجمعة بتسبيحة اجزته وقالا ( رحمهما الله ) لا تجزيه حتى يكن كلاما يسمى خطبة شرح المتن والانعقاد يتحقق بالشروع في الصلاة والشرع لا يتم الا بالسجدة هذا اذا نفر الناس كلهم او بقي من لا يصلح اماما كالنسوان والصبيان وان بقي ثلاثة ممن يصلح للامامة بني على الجمعة عندنا وعند الشافعي لا بد من اربعين رجلا وهم احرارا وكذلك ان بقي ثلاثة من العبيد والمسافرين بني على الجمعة عندنا وقال الشافعي يفتتخ الظهر لانه لا تلزمهم الجمعة فلا ينعقد بهم الجمعة كالنسوان والصبيان ولنا ان من صلح اماما صلح مقتديا وهما يصلحان اماما فيصلحان مقتديا
قوله اجزاهم لقوله ( عليه السلام ) اسمعوا واطيعوا امراءكم ولو امر عليكم عبد حبشي اجدع
قول حتى يدخل الجمعة لانه امر بنقض الظهر حكما بواسطة اداء الجمعة ولم يوجد وابو حنيفة يقول بلى الا ان السعي من خصائص الجمعة فقام مقام الاداء في موضع الاحتياط
____________________
(1/112)
* باب في العيدين والصلاة بعرفات والتكبير في ايام التشريق *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) عيدان اجتمعا في يوم واحد فالاول سنة والآخر فريضة ولا يترك واحد منهما ويجهر شرح المتن
قوله ويكره الخ لان في عقد الجماعة للظهر معارضة بالجمعة على سبيل المخالفة والمعارضة على سبيل الموافقة بدعة فهذا اولى
قوله في قولهم جميعا لانها مفازة واما منى فمحمد يقول انها قرية وليس بمصر والمصر شرطة وهما يقولان بلى في عامة السنة كذلك لكنها تمصرت ايام الموسم لوجود شرائط المصر وفي المصر الذي تقام فيه الجمعة اقوال ذكر الكرخي انه كل موضع فيه وال ومفت فهو مصر جامع وعن ابي يوسف كل موضع فيه امير وقاض تنفذ الاحكام ويقيم الحدود فهو مصر جامع وهو قريب من الاول وعن عبد الله الثلجي احسن ما سمعت انهم اذا اجتمعوا في اكبر مساجدهم لم يسعهم فيه فهو مصر جامع
قوله وقالا لا تجزيه الخ لان الواجب خطبة وليس كل كلام خطبة فينصرف إلى المعتاد وابو حنيفة يقول قال الله تعالى { فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } وهو امر مطلق من غير فصل بين ذكر وذكر فوجب العمل بالسنة في حق التكميل دون النسخ لان في النسخ الغاء وصف الاطلاق وانه خلاف الاصل ولان العمل بالكتاب اولى من العمل بالسنة * باب في العيدين والصلاة بعرفات والتكبير في ايام التشريق *
قوله فالاول سنة الخ فلا يترك واحدا منها اما فرضية الثانية فلأنها واجبة والاولى واجبة وانما سماه سنة لانه ثبت وجوبها بالسنة
قوله ويجهر كذلك رواه زيد بن ارقم ونعمان بن بشير ولا يجهر في الظهر والعصر وهو عندنا خلافا لمالك لانهما شرعتا في وقتهما فلا يتغيران عما شرعا عليه
____________________
(1/113)
بالقراءة في العيدين والجمعة ولا يجهر في الظهر والعصر يوم عرفة وان صلى الامام الظهر والعصر بعرفات بغير خطبة اجزاه محرم صلى الظهر يوم عرفة في منزله والعصر مع الامام لم تجزه العصر وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) تجزيه وتكبير التشريق من صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر وهو ان يقول الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله شرح المتن
قوله اجزاه لان الخطبة لم تشرع خلفا عن شيء من الاركان وانما الخطبة اعلام ما يفعله الحاج بخلاف الخطبة يوم الجمعة لانها شرعت خلفا عن الركعتين
قوله تجزيه لان تقديم العصر كان لحق الوقوف وكان نسكا في حق من له الوقوف والمنفرد والجماعة فيه سواء وله ان تقديمه كان لحق الجماعة فلم يكن نسكا في حق المنفرد ولانه محتاج إلى الجماعة لانهم اذا تفرقوا قل ما يجتمعون ثم عند ابي حنيفة الامام والجماعة شرط في حق الظهر والعصر لتقديم العصر لانه عرف مرتبا على ظهر كامل بالجماعة والامام فلا يتعدى إلى مادونه حتى لو صلى الظهر في منزله بجماعة ثم صلى العصر مع الامام لم يجزه العصر الا في وقتها ولهذا قلنا لو صلى الظهر بالجماعة وهو غير محرم او محرم باحرام العمرة ثم احرم للحج متمتعا لم يصل العصر الا في وقتها لأنا وجدنا العصر مرتبا على ظهر كامل بالاحرام في الحج ولذلك فضل كامل فلم يصح ترتيبه على غيره قياسا وقال زفر الامام ليس بشرط لان المغير عن السنن المشروع هو العصر فيجب مراعاة شرط المشروع في ذلك خاصة حتى لو صلى الظهر بجماعة في منزله ثم صلى العصر مع الإمام اجزاه
قوله إلى صلاة العصر من يوم النحر وهو ثمان صلوات وهو قول ابن مسعود وبه اخذ ابو حنيفة وقال علي إلى صلاة العصر من آخر ايام التشريق وذلك ثلاث وعشرون صلاة وبه اخذ ابو يوسف ومحمد لانه اكثر فكان الاخذ به احوط
قوله وهذا على المقيمين الخ لحديث علي لا جمعة ولا تشريق ولا
____________________
(1/114)
والله اكبر الله اكبر ولله الحمد مرة واحدة وهذا على المقيمين في الجماعات المكتوبة وليس على جماعات النساء اذا لم يكن معهن رجل وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمها الله ) التكبير من صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة العصر من اخر ايام التشريق على كل من صلى صلاة مكتوبة قال يعقوب صليت بهم المغرب فقمت فسهوت ان اكبر فكبر ابو حنيفة ( رضي الله عنه ) قال والتعريف الذي يصنعه الناس ليس بشيء والله اعلم * باب في حمل الجنازة والصلاة عليها *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة قال يقوم الذي يصلي على الرجل والمرأة بحذاء الصدر قوم صلوا على جنازة ركبانا اجزاهم في شرح المتن فطر ولا أضحى الا في مصر جامع واراد بالتشريق التكبير ولا يجب التشريق على جماعات النساء اذا لم يكن معهن رجل ولا على جماعة المسافرين اذا لم يكن معهم مقيم
قوله فكبر الخ فيه اشارة إلى ان الامام اذا سهى يكبر المقتدي لان التكبير مشروع في اثر الصلاة في حرمتها بخلاف سجود السهو اذا تركها الاما لا يسجد المقتدي
قوله والتعريف الخ هو ان يجتمع الناس يوم عرفة في موضع تشبيها بأهل عرفة لأن هذه الأشياء لم تعرف قربة الا في مكان مخصوص وزمان مخصوص * باب في حمل الجنازة والصلاة عليها *
قوله بحذاء الصدر وروى الحسن عن ابي حنيفة انه يقوم من الرجل بحذاء رأسه ومن المرأة بحذاء وسطها لان انسا رضي الله عنه هكذا فعل ووجه ظاهر الرواية ان الصدر محل اشرف الاعضاء وهو القلب فوجب تقديمه
____________________
(1/115)
في القياس ولا يجزيهم في الاستحسان ولا بأس بالإذن في صلاة الجنازة صبي سبى معه احد ابويه فمات لم يصل عليه حتى يقربا لاسلام وهو يعقل وان لم يسب معه ابويه صلى عليه ادنى ما تكفن المرأة في ثلاث شرح المتن موضع الشفاعة والحديث يحمل على ان جنازتها لم تكن منعوشة فأراد ان يحول بينهما وبين الرجال
قوله في الاستحسان لانه صلاة من وجه لوجود التحريمة ولهذا يشترط فيه الطهارة واستقبال القبلة فلا يجوز راكبا من غير عذر استحسانا
قوله ولا بأس بالإذن لان التقدم في الصلاة حق الولي فيملك ابطاله بالتقديم وفي بعض النسخ بالاذان وهو ان يعلم الناس بعضهم بعضا ولا ينادي في الاسواق لانه من عادات الجاهلية
قوله صلى عليه لان الاسلام يثبت بالتبعية مرة وبالأصالة اخرى والاصل في التبعية الابوان لان الحضانة لهما ثم لأهل الدار لان الحضانة عليهم فاذا كان مع الصبي المسبي احد ابويه لا يعتبر الدار
قوله والرجل في ثوبين هذا بيان الكفاية واما بيان الضرورة فهو ان يكفن في ما يوجد لان حمزة استشهد وعليه نمرة اذا غطى بها رأسه بدت قدماه واذا غطى بها قدماه بدت رأسه فغطى بها رأسه وجعل على قدميه الاذخر
قوله والسنة في الرجل الخ كيفية التكفين ان يجعل اللفافة بسطا اولا وهي ما يستر من الفرق إلى القدم ثم تبسط الازار ثم يقمص الميت ثم يوضع على الازار ويعطف الازار من قبل اليسار ثم من قبل اليمين ثم تعطف اللفافة كذلك هذا في حق الرجال واما المرأة فتلبس الدرع اولا وتجعل شعرها ضفرتين ويسترسل على صدرها فوق الدرع ثم يجعل الخمار فوق ذلك ثم يعطف الزار من قبل اليسار ثم من قبل اليمين ثم تعطف اللفافة ثم الخرقة تربط فوق ذلك على بطنها وثدييها
قوله وتضع الخ وعند الشافعي السنة ان يحملها رجلان ووضع السابق
____________________
(1/116)
اثواب ثوبين وخمار والرجل في ثوبين والسنة في المرأة خمسة اثواب درع وخمار وازار ولفافة وخرقة تربط على ثدييها والبطن والسنة في الرجل ازار وقميص ولفاقة وتضع مقدم الجنازة على يمينك ثم مؤخرها على يمينك ثم مقدمها على يسارك ثم مؤخرها على شرح المتن منهما مقدمها على اصل عنقه والآخر منهما وضع مؤخرها على صدره لان جنازة سعد بن معاذ هكذا حملت وانا نقول كان ذلك لازدحام الملائكة حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي على رؤوس الاصابع
قوله يصنع هذا يعني يحمل الجنازة مع ثلاثة نفر وكان ذلك دليل تواضع
قوله على اللحد هذا هو السنة دون الشق وعند الشافعي السنة الشق واستدل بتوارث اهل المدينة ولنا قوله ( عليه السلام ) اللحد لنا والشق لغيرنا قان تعذر اللحد فلا بأس بتابوت يتخذ للميت لكن السنة ان يفرش فيه التراب اولا ليصير في معنى اللحد
قوله ولا يسجى قبر الرجل به قال احمد ومالك والمشهور من مذهب الشافعي ان يسجى قبر الرجل والمرأة وتعلق بحديث ضعيف وهو ما رواه البيهقي من حديث ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر قبر سعد بثوب ثم قال لا احفظه الا من حديث يحيى بن عقبة وهو ضعيف وروى عن علي انه مر بقوم قد دفنوا ميتا وبسطوا على قبره ثوبا فجذبه وقال انما يصنع هذا بالنساء وروى عن انس انه شهد دفن ابي زيد الانصاري فخمر القبر بثوب فقال ارفعوا ثوبكم انما يخمر النساء
قوله الآجر ( ضم الجيم وتشديد الراء ) الذي يبنى به فارسي معرب وانما يكره لان بالآجر اثر النار فيكره تفاؤلا
____________________
(1/117)
يسارك قال محمد ( رحمه الله ) رأيت ابا حنيفة ( رضي الله عنه ) يصنع هذا ويقوله ويكره ان يوضع مقدم السرير او مؤخره على اصل العنق او على الصدر ويسجى قبر المرأة بثوب حتى يجعل اللبن على اللحد ولا يسجى قبر الرجل ويكره الآجر على القبر ويستحب اللبن والقصب كافر مات وله ولي مسلم فانه يغسله ويتبعه ويدفنه * باب الشهيد يغسل أم لا *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة في مسلم قتله اهل الحرب او شرح المتن
قوله ويستحب اللبن والقصب لأنه ( عليه الصلاة والسلام ) جعل على قبره طن من قصب اخرجه ابن ابي شيبة في مصنفة حدثنا مروان بن معاوية عن عثمان بن الحارث عن الشعبي مرسلا قال في المغرب الظن ( بالضم ) الحزمة من القصب قال شمس الائمة الحلواني ( رحمه الله ) هذا في قصب العمل وأما القصب المعمول ( يعني بوربا بافته ازفي ) فقد اختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يكره لانه قصب وقال بعضهم يكره لانه لم يرد السنة بالمعمول واما الحصير فإبقاؤه في القبر مكروه لانه لم ترد به السنة
قوله فإنه يغسله كذا امر علي رضي الله عنه لكن يغسل كغسل الثوب النجس ولا يراعي سنة اللحد وانما يحفر حفيرة له ولا يوضع فيه بل يلقي فيه فإن لم يكن له ولي مسلم دفع إلى اهل دينه ليفعلوا به ما شاؤوا * باب الشهيد يغسل ام لا *
قوله باب الشهيد اصل الباب ان شرط سقوط الغسل ان يكون القتل ظلما من كل وجه ولم يرتث ولا يقتاص عن دمه عوضا دنياويا لان الاصل فيه شهداء احد وقد قتلوا ظلما ولم يرتثوا ولم يقتاصوا عوضا دنياويا وقتيل اهل الحرب شهيد بأي وجه كان تسبيبا او مباشرة فكل من ينسب قتله إلى اهل الحرب
____________________
(1/118)
اهل البغي او قطاع الطريق فبأي شيء قتلوه لم يغسل ومن وجد في المعركة قتيلا لم يغسل ومن وجد جريحا فارتث فمات بعدما ارتث من الجراحة غسل وان مات في المعركة لم يغسل ودفن في ثيابه ونزع عنه الحشو والجلد والفرو والسلاح والقلنسوة وقال محمد ( رحمه الله ) في شرح المتن كان شهيدا واهل البغي وقطاع الطريق بمنزلة اهل الحرب لان الكل يحاربون الله ( تعالى )
قوله لم يغسل ويصلى عليه في قول اهل العراق ويقول اهل المدينة لا يغسل هم يقولون ان الصلاة على الميت استغفار له والسيف محاء للذنوب ونحن نقول الصلاة على الميت من حق المسلم على المسلم كرامة له والشهيد اولى بهذه الكرامة ومنهم من يقول ان الشهيد حي بالنص ولا يصلى على الحي وهذا ضعيف لانه حي في احكام الاخرة فأما في احكام الدنيا فهو ميت يقسم ميراثه ويجوز لزوجته ان تتزوج بعد انقضاء العدة والصلاة على الميت من احكام الدنيا الا انه لا يغسل ليكون ما عليه شاهدا على خصمه يوم القيامة ولهذا لا ينزع عنه جميع ثيابه ولكن ينزع عنه السلاح لانه كان لبسه لدفع البأس فقد انقطع ولان دفن القتلى مع الاسلحة من فعل اهل الجاهلية وكذلك ما ليس من جنس الكفن كالسراويل والقلنسوة والمنطقة والخاتم والسيف هكذا نقله محمد عن جماعة من التابعين
قوله ومن وجد في المعركة قتيلا وبه جراحة او الدم يخرج من العين او الاذن او به اثر الخرق لا يغسل لوجود الدلالة
قوله فارتث المرتث من صار خلقا في حكم الشهادة مأخوذ من ثوب رث أي خلق واذا حمل من مصرعه حيا فمات في ايدي الرجال او مرض في خيمة فهو مرتث لانه نال بعض الراحة فأما اذا جر برجله من بين صفين لكيلا تطأه الخيول فإنه يغسل لانه نقله من مصرعه لم يكن لايصال الراحة ولو اكل او شرب فانه يغسل لانه نال بعض الراحة
قوله غسل لان فيه الدية والقسامة الا ان يعلم انه قتل بحديدة ظلما
____________________
(1/119)
السير الكبير ينزع عنه السراويل ويزيدون وينقصون ما شاؤوا ومن وجد في المصر قتيلا غسل الا ان يعلم انه قتل بحديدة مظلوما جنب قتل شهيدا غسل وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يغسل * باب في حكم المسجد *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل جعل بيته مسجدا وتحته سرداب او فوقه بيت وجعل باب المسجد إلى الطريق وعزله فله ان يبيعه وان مات ورث عنه وكذلك ان اتخذ وسط داره مسجدا وأذن للناس بالصلاة فيه وقال محمد ( رحمه الله ) لا يباع ولا شرح المتن فإنه لا يغسل عندنا خلافا للشافعي لان الواجب فيه القصاص وهو احد بدلي الدم ولنا ان القصاص عقوبة وشهداء احد استوجبوا على قاتلهم العقوبة في الدنيا ان وجدوا وفي العقبى ان لم يوجدوا
قوله لا يغسل لان ما وجب بالخنابة سقط بالموت والثاني لم يجب بسبب الشهادة ولابي حنيفة ان حنظلة قتل جنبا فغسلته الملائكة للتعليم كما في قصة آدم ( صلوات الله عليه ) * باب في حكم المسجد *
قوله فله ان يبيعه لانه لم يخلص لله ( تعالى ) فلا يصير مسجدا فلا يثبت احكامه ولو كان السرداب لمصالح المسجد صح كما هو في مسجد بيت المقدس
قوله لم يكن له لانه لما صح وخلص لله ( تعالى ) صار محرزا عن التمليك والتملك وهذا اذا سلم إلى المتولي او صلى فيه بجماعة اما اذا لم يسلم ولم يصل بجماعة لم يصح عند ابي حنيفة ومحمد لان التسليم عندهما شرط ولم يوجد وعند ابي يوسف صح لان التسليم عند ابي يوسف ليس يورث
____________________
(1/120)
ولا يوهب رجل اتخذ ارضه مسجدا لم يكن له ان يرجع فيه ولا يبيعه ولا يورث عنه ويكره المجامعة فوق المسجد والبول والتخلي ولا بأس بالبول فوق بيت فيه مسجد ولا بأس بأن ينقش المسجد بالجص والساج وماء الذهب واذا كان التمثال مقطوع الرأس فليس بتمثال ويكره غلق باب المسجد والله اعلم شرح المتن بشرط ولو صلى فيه واحد لم يصح التسليم عند ابي حنيفة لان المسجد وضع لاداء الجماعة ولم يوجد وعند محمد صح لان حكم المسجد وضع للاداء مطلقا وقد وجد
قوله ويكره لان حكم المسجد ثابت في الهواء والعرصة جميعا ولهذا قلنا ان من قام على سطح المسجد وهو مقتدي بالامام وهو خلفه صح اقتداؤه وكذا اذا صعد اليه المعتكف لا يبطل اعتكافه ولا يحل للحائض والجنب والنفساء الوقوف على سطح المسجد وهذا كله دليل على انه لو حلف لا يدخل هذه الدار وهذا المنزل فقام على السطح حنث وقال الفقيه ابو الليث في الفتاوى هذا في بلادهم اما ان كان الحالف من بلاد العجم لا يحنث ما لم يدخل الدار لانهم لا يعرفون ذلك دخولا في الدار وعليه الفتوى
قوله ولا بأس الخ لانه سطح البيت ولا يخلوا بيوت المسلمين عن هذا
قوله ولا بأس بان ينقش الخ فيه دليل على ان المستحب غيره وهو الصرف إلى الفقراء وقال بعضهم انه يجوز ولا يستحب وهو الصحيح وعليه الفتوى وأما التجصيص فحسن لانه تحكيم البناء بأن جعل البياض فوق السواد وهذا ان كان من مال نفسه فلا بأس ومن مال الواقف لا يستحسن لما فيه من التضييع حتى قالوا يضمن المتولي
قوله ويكره لانه مصلى للناس فلا يصح منعه عن الناس لقوله تعالى { ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها } قال مشايخنا لا بأس بالغلق في غير أوان الصلاة لانه لا يؤمن على متاع المسجد
____________________
(1/121)
كتاب الزكاة * باب زكاة المال والخمس والصدقات *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل له على رجل الف درهم فجحده سنين ثم اقام بها بينة قال لم يكن عليه زكاة لما مضى رجل اشترى جارية للتجارية فنواها للخدمة بطلت الزكاة فان نواها بعد ذلك للتجارة حتى يبيعها فيكون في الثمن الزكاة مع ما له ويعطي الرجل الزكاة كل فقير الا امرأته وولده وولد الابن والابنة ووالده ووالدته ولا يعطي مكاتبه ولا مدبره ولا ام ولده ولا عبدا قد اعتق شرح المتن * باب زكاة المال والخمس والصدقات *
قوله لم يكن عليه زكاة لما مضى تأويله انه لم يكن له بينة فصارت له بينة بأن اقر عند رجلين واصل هذا ان الدين المجحود والمال المفقود والعبد الآبق والمغضوب والضال إذا لم يكن له بينة فليس بنصاب عندنا وقال زفر والشافعي هو نصاب لوجود السبب ولنا حديث علي لا زكاة في مال الضمار أي غير منتفع به فلو كان المال مدفونا في مفازة فنسي مكانه فهو على هذا الخلاف وإن كان مدفونا في البيت فهو نصاب بالإجماع لأن طلبه متيسر عليه وان كان في ارضه او كرمه فقد اختلف مشايخنا فيه وان كان الدين على مفلس وهو مقر به كان نصابا عند ابي حنيفة وابي يوسف وعند محمد لا ذكر الطحاوي هذا الاختلاف
____________________
(1/122)
بعضه ولا تعطي المرأة زوجها وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) تعطيها وكذلك عبدهما الذي اعتق بعضه ولا يعطي ذميا من الزكاة ويعطيه ما سوى الزكاة كصدقة الفطر وغيرها ولا يحل الزكاة لمن له مائتا درهم ولا بأس به لمن له اقل من مائتي درهم ويكره ان يعطي من الزكاة انسانا مائتي درهم او اكثر وان اعطيت اجزاك ولا بأس بأن يعطي اقل من مائتي شرح المتن
قوله لم يكن للتجارة الخ لان النية هناك اتصلت بالعمل وهو ترك التجارة فاعتبرت وههنا النية لم تتصل بالعمل فلا تعتبر ولو اشترى شيئا ونواه للتجارة كان لها لن النية اتصلت بالعمل وإن ورث شيئا ونواه للتجارة لم يكن لها لأن النية لم تتصل بالعمل وان وهب له او أوصى له او ملكته المرأة بنكاح او ملك الزوج بخلع او صلح عن قود او صدقة ونواه للتجارة لا يكون للتجارة
قوله الا امرأته الخ لانه لم ينقطع عن المؤدي حقه في هذه المواضع من كل وجه لان المنافع بينهم متصلة فلم يخلص لله ( تعالى )
قوله ولا عبدا قد اعتق بعضه وقال ابو يوسف ومحمد يعطيه لانه حر مديون عندهما
قوله وقال ابو يوسف ومحمد الخ لحديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود انها اتت النبي صلى الله عليه وسلم وقالت يا رسول الله اني اتصدق على زوجي أفتجزيني فقال ( عليه السلام ) نعم ولك اجران اجر الصلة واجر الصدقة والصدقة المطلقة هي الزكاة ولابي حنيفة ان المنافع بينهما متصلة والحديث محمول على صدقة التطوع
قوله ولا يعطي ذميا لحديث معاذ رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم
قوله ولا بأس به الخ لان الغناء للشرعي مقدر به الا ان النماء شرط لوجوب الزكاة تيسيرا وليس بشرط لجريانها حتى لو ملك مالا تبلغ قيمته مائتي درهم هو فاضل عن حاجته الاصلية غير معد للتجارة لا تجب عليه الزكاة وحرمت
____________________
(1/123)
درهم وان تغني بها انسانا احب الي ويقسم الخمس على ثلاثة اسهم لليتامى والمساكين وابن السبيل والصدقات على ثمانية الا ان المؤلفة قلوبهم قد ذهبوا ويعطي العامل عليها ما يسعه واعوانه وان كان اقل من الثمن او اكثر وان اعطيت الصدقة لصنف واحد اجزاك شرح المتن عليه الصدقة ووجبت عليه صدقة الفطر والاضحية
قوله اجزاك وقال زفر لا يجزيه لحصول الاداء إلى الغني وإنا نقول الغناء يحصل بعد الداء فيكون حكما للاداء فلا يمنع الاداء
قوله وان تغني بها يريد به الاغناء عن السؤال في يومه ذلك
قوله على ثلاثة اسهم ظاهر الاية وهو قوله تعالى { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } ان سهام الخمس تكون ستة وانما ذكروها ثلاثة لانه ذكر الله في الآية للتبرك كما اخرجه الطبراني عن ابن عباس والحاكم عن الحسن بن محمد بن علي وسهم الرسول صلى الله عليه وسلم سقط بموته لانه كان يستحقه برسالته ولا رسول بعد وسهم ذوي القربى كان بالنصرة فسقط بموته ولذا لم يعطهم الخلفاء الراشدون كما رواه ابو يوسف في كتاب الخراج عن ابن عباس كذا في حواشي الهداية
قوله على ثمانية وعند ابي يوسف الفقراء والمساكين صنف واحد حتى قال في من اوصى بثلث ماله لفلان وللفقراء والمساكين ان لفلان نصف الثلث وللفريقين نصف الثلث وقال ابو حنيفة لفلان ثلث ثلث المال وللفقراء والمساكين ثلثان فجعلهما صنفين مختلفين وهو الاصح والفقير الذي لا يسأل والمسكين الذي يسأل لانه لم يجد شيئا وقد قيل على العكس وهذا على طريق الندب اما على طريق الجواز فيجوز صرفها إلى صنف واحد وقال الشافعي يقسم الخمس على خمسة اسهم للخليفة وسهم لبني هاشم والصدقات على سبعة حتما من كل صنف ثلاثة ولنا ان الامر بالصرف اليهم كان على اعتبار انهم مصارف لانهم مستحقون
قوله ما يسعه واعوانه لانه ما يستحقه اجرة من وجه صدقة من وجه لانه
____________________
(1/124)
* باب زكاة السوائم *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال ليس في الفصلان والحملان والعجاجيل صدقة وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال ابو يوسف ( رحنه الله ) فهيا الزكاة منها خوارج ظهروا على ارض فأخذوا الصدقات منها من البقر والابل والغنم والخراج لا يثني عليهم امرأة او صبي من بني تغلب له سائمة فليس على الصبي شيء وعلى المرأة ما على الرجل والله اعلم شرح المتن عامل للمسلمين فيجب نفقته في بيت المال ولا تحل لبني هاشم وان كان عاملا ذكره الجصاص الكرخي لان الشبهة في حقهم ملحقة بالحقيقة كرامة لهم * باب زكاة السوائم *
قوله وقال ابو يوسف الخ هو يقول ان النص ورد باسم الابل والبقر والغنم وهو اسم جنس فيتناول الكل فتجب فيها الزكاة نظرا إلى الفقراء لكن وجبت واحدة منا دفعا للضرر عن المالك نظرا من الجانبين كما في العجاف وهما قالا ان مطلق اسم الجنس لا يتناول هؤلاء لنقصان فلا يجب اعتبارا لليسر ولأن الواجب هي المسنة بقوله ( عليه السلام ) وعد منها السخلة ولا تأخذها منهم وانها غير موجودة في النصاب الا اذا كان فيها واحدة مسنة فحينئذ يجب ويجعل الكل كبارا تبعا للمسنة
قوله لا يثني عليه لان الامام هو الذي ضيعهم حيث لم يحمهم لكن يفتي لارباب الصدقات ان يعيدوا الصدقات ثانيا في ما بينهم وبين الله لانا نعلم يقينا انهم لا يصرفون الصدقات بمصارفها بخلاف الخراج لانهم مصارف لانهم مقاتلة فوصل الحق إلى المستحقين وقد قيل انه ينوي عند اخذ الخوارج الصدقات الصدقة عليهم وكذلك عند اخذ كل سلطان جائر لانهم فقراء لان هؤلاء لو حوسبوا بما عليهم لكانوا فقراء والاول اصح والاخذ به احوط
____________________
(1/125)
* باب فيمن يمر على العاشر بمال *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل مر شرح المتن
قوله من بين تغلب قال اكمل الدين في العناية شرح للهداية هم نصارى تغلب من الروم قوم من العرب لما أراد عمر ( رضي الله عنهم ) ان يوظف عليه الجزية فأبوا وقالوا نحن من العرب نأنف من اداء الجزية فان وظفت علينا الجزية لحفنا بأعداءك من الروم وان رأيت ان تأخذ منا ما يأخذ بعضكم عن بعض فضعفه علينا فشاور الصحابة فصالحهم عمر ( رضي الله عنهم ) على ذلك وقال هذه جزية سموها ما شئتم فوقع الصلح على ان يؤخذ منهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين انتهى
وقال العيني في البناية شرح الهداية بنو تغلب ( بفتح التاء وسكون الغين وكسر اللام ) بن وائل بن قاسط ابن وهنب اختاروا في الجاهلية النصرانية فدعاهم عمر رضي الله عنه إلى الجزية فأبوا وقالوا نحن عرب خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض فقال لا نأخذ من مشرك صدقة فلحق بعضهم فقال النعمان يا امير المؤمنين إن القوم لهم بأس شديد فخذ منهم الجزية باسم الصدقة فبعث عمر في طلبهم وضعف عليهم واجمع الصحابة على ذلك انتهى هكذا في الكفاية وغاية البيان والكافي وغيرها وقال صدر الشريعة في شرح الوقاية تغلب ( بكسر اللام ) ابو قبيلة والنسبة اليها تغلبي ( بفتح اللام ) استيحاشا لتوالي الكسرتين وربما قالوا بالكسر هكذا في الصحاح وبنو تغلب قوم من مشركي العرب طالبهم عمر رضي الله عنه بالجزية فأبوا وقالوا نحن نعطي الصدقة مضاعفة فصولحوا على ذلك فقال عمر هذه جزيتكم فسموها ما شئتم انتهى وهكذا في المغرب وفيه نظر لا يخفى
قوله ما على الرجل يعني تضعيف الزكاة لان الواجب خراج في حق الآخذ زكاة في حق المأخوذ منه والزكاة على المرأة دون الصبي باب فيمن يمر على العاشر بمال
قوله او أديت زكاته يريد به أديت انا في المصر لأن هذا مال باطن في
____________________
(1/126)
على العاشر بمال فقال اصبت منذ شهر او على دين او قال اديت الزكاة إلى عاشر آخر او اديت زكاته انا وحلف قال صدق وكذلك صدقة السوئم الا إذا قال اديت زكاتها او اخذها مصدق آخر فإنه لا يصدق الا ان يعلم انه كان في تلك السنة مصدق آخر فيحلف ويصدق وان لم يكن معه براءة وما صدق فيه المسلم صدق فيه الذمي ولا يصدق فيه شرح المتن المصر ظاهر خارج المصر وله ولاية الاداء في المصر وللعاشر ولاية الاخذ خارج المصر
قوله الا اذا قال الخ وقال الشافعي يصدق لانه اوصل الحق إلى المستحقين ولنا ان ولاية الاخذ في الأموال الظاهرة حق السلطان ن فلا يملك ابطاله والزكاة هو الثاني والاول ينقلب نفلا هذا هو الصحيح
قوله الا ان يعلم الخ لانه اذا لم يكن في تلك السنة مصدق آخر ظهر الكذب بيقين وان كان في تلك السنة مصدق آخر ذكر محمد ههنا انه يصدق ان حلف على ذلك وذكر في الاصل وشرط ان يأتي بخط البراءة ولم يشترط ههنا والمذكور ههنا الاصح لان الساعي ربما لا يعطيه الخط وان أعطاه ولكن ربما يضيع ولان الخط يشبه الخط فلا يعتمد عليه
قوله ولا يصدق الخ لان الاخذ منه بطريق الحماية وما في يده يحتاج إلى الحماية لا محالة الا في الجواري لانهن صرن امهات الاولاد بقوله فلم يبقين مالا والاخذ من عين المال واجب
قوله الا ان يكونوا الخ انما نفعل هكذا زجرا لهم ليتركوا الاخذ من تجارنا في المال القليل لانهم لم يحموا تجارنا فعلينا ان لا نحمي تجارهم عند مرورهم عليه مرة بعد اخرى وحق الاخذ انما يثبت لاجل الحفظ والحماية
قوله أخذ منه العشر لحديث عمر رضي الله عنه قال في الحربي يؤخذ
____________________
(1/127)
الحربي الا في الجواري يقول هن امهات اولادي ويؤخذ من المسلم ربع العشر ومن الذمي نصف العشر ومن الحربي العشر فإن مر حربي بخمسين درهما لم يؤخذ منه شيء الا ان يكونوا يأخذون منا من مثلها وان مر حربي بمائتي درهم ولا يعلم كم يأخذون منا اخذ منه العشر وان لم يأخذوا منا شيئا لم يؤخذ منهم شيء امرأة وصبي من بني تغلب مرا على عاشر بمال التجارة قال ليس على الصبي شيء وعلى المرأة ما على الرجل حري مر على عاشر فعشرة ثم مر مرة اخرى لم يعشره حتى يحول الحول فإن عشره فرجع إلى دار الحرب ثم خرج من يومه عشرة ايضا رجل شرح المتن منه ما يأخذون منا فإن اياكم فالعشر فإن لم يأخذ ومنا شيئا لم نأخذ شيئا كيلا يأخذوا
قوله حتى يحول عليه الحول بوجهين احدهما انه يؤدي إلى افناء المال فيعوده الامر على موضعه بالنقض لان حق الاخذ للعاشر لاجل الحفظ والثاني ان ولاية الاخذ انما يثبت بازاء الامان والحربي ما دام في دار الاسلام فهو في حكم الامان الاول
قوله عشرة ايضا لانه لا يؤدي إلى افناء المال والامان متجدد واذا حال الحول تجدد الامان
قوله لم يزك هذه المائة أي التي مر بها لانه قليل وما في بيته لا يحتاج إلى حماية ليضم اليها
قوله بضاعة هي ان يدفع المالك ماله إلى رجل ليتجر فيه والربح كله للمالك وللعامل الاجرة والمضاربة عقد شركة في الربح بمال من رجل وعمل من اخر بأن يقول المالك دفعت اليك مالي على ان يكون الربح بيني وبينك نصفا او ثلثا او غير ذلك كذا في جامع الرموز وغيره
____________________
(1/128)
مر على عاشر بمائة درهم واخبر العاشر ان له في منزله مائة اخرى قد حال عليها الحول لم يزك هذه المائة رجل مر على عاشر الخوارج في ارض غلبوا عليها فعشرة فإنه يثني عليه الصدقة رجل مر على عاشر بمائتي درهم بضاعة لم يعشرها وكلك المضاربة وكان مرة يقول يعشرها ثم شرح المتن
قوله وكان مرة الخ أي كان ابو حنيفة ( رحمه الله ) يقول اولا يعشرها لانها بمنزلة المالك في حق اداء الزكاة ثم رجع وقال لا يعشرها لانه ليس بمالك في اداء الزكاة قوله وقال ابو يوسف الخ ذكر محمد في الاصل انه لا يؤخذ من هؤلاء كلهم في الفصول الثلاثة عندهم جميعا
قوله عشر الخمر أي من قيمتها وبأخذ نصف عشر قيمتها وقال الشافعي لا يعشرهما لفقد القيمة لهما لان الخمر لا قيمة له عنده وكذا الخنزير وقال زفر يعشرهما وقال ابو يوسف ان مر بكل واحد منهما بانفراده فالجواب كما قال ههنا انه يعشر الخمر دون الخنزير ان مر بهما جملة فكما قال زفر ولنا ان الفرق بين الخمر والخنزير من وجهين احدهما ان الخمر من ذوات الامثال واخذ القيمة في ما له مثل من جنسه لا يكون في معنى المثل شرعا وليس بمثل له حقيقة فيتمكن اخذ القيمة من الخمور فأما الخنزير فليس من ذوات الامثال وقيمة ما لا مثل له من جنسه مثل له شرعا وكان اخذ القيمة كأخذ العين وذلك حرام وثانيهما ان ولاية الاخذ للعاشر بسبب الحماية لان بسبب الحماية يستحق عليه الكفاية اذ الاصل في الولاية ولاية المرء على نفسه ثم تتعدى إلى غيره عند جود شرط التعدي والمسلم له ولاية حماية خمر نفسه ليخللها ويتخلل بنفسها فيكون له ولاية حماية على خمر غيره عند وجود شرط التعدي واما المسلم فليس له ولاية حماية خنزير نفسه حتى لو اسلم النصارى وله خنازير يجب عليه ان يسيبها ولم يحمها فلا يكون له ولاية الحماية على غيره واذا لم يكن له ولاية الحماية لم يكن له ولاية الأخذ لان ولاية الاخذ مسبب الحماية
____________________
(1/129)
رجع عبد مأذون له مائتا درهم وليس عليه دين مر بعاشر فإنها تعشر وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) لا اعلمه رجع عن هذا ام لا وقياس الثاني في المضاربة هو قول ابي يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) انها لا تعشر ذمي مر على عاشر بخمر وخنازير عشر الخمر ولم يعشر الخنازير باب في عشر الارضين وخراجها وخراج رؤوس اهل الذمة
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في كل شيء اخرجت الارض العشر الا الحطب والقصب والحشيش وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمها الله ) ليس في شيء مما اخرجت الارض العشر حتى شرح المتن باب في عشر الارضين وخراجها وخراج رؤوس اهل الذمة
قوله بصاع رسول الله صلى الله عليه وسلم كل صاع اربعة امناء وهذا عندنا هو صاع اهل العراق وعند اهل الحجاز خمسة ارطال وثلث رطل وروي عن ابي يوسف انه رجع إلى هذا القول لهما ان العشر في معنى الزكاة فلا يجب من غير نصاب ولأبي حنيفة النصاب يعتبر ليصير المالك به غنيا وههنا لا حاجة إلى الغناء لانه مؤونة الارض والمؤونة تجب على المرسر والمعسر ثم عندهما انا يشترط خمسة اوسق في ما يدخل تحت الوسق كالحنطة والشعير والذرة والزبيب ونحو ذلك واما في مالا يدخل تحت الوسق كالقطن ونحوه فقال ابو يوسف ( رحمه الله تعالى ) يعتبر فيه قيمة خمسة اوسق من ادنى الموسقات كالذرة ونحوها وقال محمد ( رحمه الله تعالى ) يعتبر خمسة من اعلى ما يقدر به الناس كالقطن بالاحمال اذا بلغ خمسة احمال كل حمل ثلاث مائة من والزعفران بالامناء والعسل بالافراق والفرق ستة وثلاثون رطلا
قوله وليس في الخضراوات الخ هذا عندهما ( رحمهما الله تعالى ) وعند ابي حنيفة ( رحمه الله تعالى ) فيها الشعر لهما قوله ( عليه السلام ) ليس في الخضراوات صدقة وله العمومات من غير فصل
____________________
(1/130)
يبلغ خمسة اوسق ( والوسق ستون صاعا بصاع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وهذا في التمر والزبيب والحنطة والشعير والسمسم والارز والذرة واشباه ذلك من الحبوب وليس في الخضراوات عشر ولا في فاكهة ليست لها ثمرة باقية مثل البطيخ ونحوه وكل شيء اخرجته الارض مما فيه العشر لا يحسب فيه اجر العمال ولا نفقة البقر تغلبي له ارض عليه العشر مضاعفا اشتراها منه مسلم او ذمي او اسلم التغلبي فهي على حالها مسلم له ارض عشر باعها من نصراني وقبضها فأخذها او كان النصراني اشتراها بيعا فاسدا فردت على شرح المتن
قوله لا يحسب فيه لان النبي ( عليه السلام ) قال ما سقته السماء ففيه العشر ومما سقي بغرب او بدانية او بسانية ففيه نصف العشر حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤونة فلو رفعت لصار المؤونه الواجب متفقا عليه
قوله فهي على حالها سواء كانت الارض اصلية في حكم التضعيف بأن ورثها من ابائه او تداولته الايدي بالشراء من التغلبي إلى التلغبي كذلك او كان تضعيف العشر فيها حادثا بأن اشتراها مسلم او ذمي وهذا قول ابي حنيفة وقال ابو يوسف ان اسلم التغلبي او اشتراها منه مسلم يسقط التضعيف ويعود إلى عشر واحد سواء كانت اصلية في في حكم التضعيف او كان التضعيف حادثا وقال محمد ان كانت اصلية بقيت على حالها كما قال ابو حنيفة وان كان حادثا لا يثبت التضعيف ويعود إلى عشر واحد والصحيح ان التضعيف الحادث لا يثبت عند محمد
قوله فأخذها أي مسلم بالشفعة فهو عشري لتحول الصفقة
قوله ففيه العشر يريد به اذا سقاه من ماء العشر لأن مؤونة الأرض تدور مع الماء وإن السقاء بماء الخراج فهي خراجية
قوله فعليه الخراج ويستوي فيها ماء العشر وماء الخراج لان العشر عبادة والكفر ينافيها وعلى قياس قولهما ينبغي ان يفصل في الجواب فيجب الخراج في الماء الخراجي والعشر في الماء العشري لكن عند ابي يوسف يضاعف عليه العشر
____________________
(1/131)
المسلم فهي ارض عشر مسلم له دار خطة فجعلها بستانا ففيه العشر وليس على المجوسي في داره شيء فإن جعلها بستانا فعليه الخراج وفي ارض الصبي والمرأة التغلبيين ما في ارض الرجال رجل له ارض خراج فعطلها فعليه الخراج فإن زرعها فاصطلمتها آفة بطل عنها الخراج ويوضع على الزعفران وعلى البستان في ارض الخراج من الخراج شرح المتن
قوله بطل عنها الخراج لانه بعد الزراعة تعلق بنماء حقيقي وقد ذهب بالآفة
قوله بقدر ما تطيق لانه لم يرو فيهما نص فاعتبرت الطاقة ونهاية الطاقة ان يكون الواجب نصف الخارج لا يزاد عليه والبستان كل ارض يحوطه حائط وفيها نخيل متفرقة واشجار مثمرة ومن اصحابنا من قال ان من له ارض الزعفران وزرعه فيها الحبوب وترك الزعفران من غير عذر يوضع عليه خراج اخر من غير عذر اذا انتقل إلى اخس الامرين بأن كان له ارض كرم مثلا فقلعها وزرع فيها الحبوب فعليه خراج الكرم لانه هو الذي ضيع الزيادة وهذا مما يعرف ولا يفتي به كيلا يطمع الظلمة في اموال الناس
قوله الخراج لتمكنه من الزراعة يريد به إذا كان ما وراء عين القير والنفط أرض فارغة تصلح للزراعة
قوله ففيه العشر لأن الخراج انمايجب بنماء حقيقي او تقديري والتقديري انما يكون بالتمكن وههنا لا يتحقق فيتعلق بحقيقة الربع والمتعلق بحقيقة الربع هو العشر بالنص
قوله المعتمل هو الذي قدر على عمل يكون سببا لملك الدرهم وان لم يحسن حرفة
____________________
(1/132)
بقدر ما تطيق وليس في عين القبر وفي عين النفط في ارض العشر شيء وعليه في ارض الخراج الخراج تحت في ارض خراج فليس فيه شيء وان كان في ارض العشر ففيه العشر وخراج رؤوس اهل الذمة ليس الا على الذمي المعتمل على المعسر اثنا عشر درهما وعلى المتوسط اربعة وعشرون درهما وعلى الغني ثمانية واربعون ويوضع على مولى التغلبي الخراج بمنزلة مولى القرشي * باب في المعدن والركاز *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في معدن ذهب او فضة او حديد او رصاص او صفر وحد في ارض خراج او شرح المتن
قوله ثمانية واربعون وقال الشافعي ( رحمه الله ) دينار او اثنا عشر درهما من غير تفاوت لقوله ( عليه السلام ) لمعاذ حين بعثه إلى اليمين خذ من كل حالم وحالمة دينارا أو عدلة معافير ولنا قضية عمر وحديث معاذ محمول على ما وقع عليه الصلح
قوله الخراج وقال زفر يضاعف عليه العشر اعتبارا بمولى الهاشمي في حق حرمان الصدقة ولنا ان لمولى لا يلحق بالاصل في حق التخفيف كمولى القرشي فإن الخراج لا يجب على القرشي ويجب على مولاه * باب في المعدن والركاز *
قوله في المعدن والركاز المعدن اسم خاص لما في باطن الارض الخلقة والكنز اسم خاص لما كان مدفونا من جهة العباد والركاز اسم مشتركة لهما وقيل الركاز الكنز حقيقة والمعدن مجاز وقيل الركاز الاثبات وهو المعدن حقيقة
____________________
(1/133)
عشر قال فيه الخمس وروى محمد ( رحمه الله ) في الامالي عن ابي يوسف ( رحمه الله ) عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه مثل قول ابي حنيفة رضي الله عنه رجل وجد في داره معدن ذهب فليس فيه شيء وقال ابو يوسف شرح المتن
قوله قال فيه الخمس لقوله ( عليه السلام ) في الركاز الخمس اراد به المعدن ولانه مال مغنوم كالكنز فيجب الخمس واربعة اخماس لمالك الرقبة هذا اذا وجده في ارض مملوكة لاحد وان وجده في ارض غير مملوكة لاحد وجب الخمس بالحديث واربعة اخماس للواجد كالكنز فان قيل لو كان هذا المال مغنوما وجب ان يكون اربعة اخماس للغانمين اذا وجده في ارض غير مملوكة قلنا ان هذا المال مغنوم في حق الخمس دون اربعة اخماسه للواجد وهذا لان المال كان مباحا قبل اخذ الغانمين والمال المباح انما يملك باثبات اليد كما في الصيد ويد الغانمين ثابتة على هذا المال حكما لا حقيقة فاعتبار الحكم وان اوجب الملك للغانمين فاعتبار الحقيقة لا يوجب الملك
قوله في داره وفي الارض روايتان في رواية هذا الكتاب فرق بين الارض والدار وفي رواية الاصل سوى بينهما وقال انهما لا يخمسان أي لا خمس فيهما وقال ابو يوسف ومحمد يجب الخمس واربعة اخماس للمالك لهما الاحاديث المطلقة ولابي حنيفة ان ما في الارض من المعدن من اجزاء الارض وقد ملك صاحب الدار والارض الدار والارض بجميع اجزائهما غير ان لا مؤونة في الدار وفي الارض المؤونة فكذا في اجزائه إذ الجزء لا يخالف الكل
قوله قوله ركازا يريد به الكنز وهو لا يخلوا اما ان كان على ضرب اهل الاسلام او على ضرب اهل الجاهلية عرف ذلك فان كان على ضرب اهل الاسلام فهو بمنزلة اللقطة وكل حكم عرفته في اللقطة ( من التعريف والتصدق على نفسه ان كان فقيرا او على غيره ان كان غنيا ) فهو الحكم فيه وان كان على اهل الجاهلية فها على وجهين ان وجده في ارض مباحة غير مملوكة لاحد ففيه الخمس واربعة اخماسه للواجد بلا خلاف كالمعدن وان و جده في دار نفسه
____________________
(1/134)
ومحمد ( رحمهما الله ) فيه الخمس رجل وجد في داره ركازا فهو للذي اختطها وفيه الخمس وهو قول محمد ( رحمه الله وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) هو لمن وجده رجل دخل دار الحرب بأمان فوجد ركازا في دار بعضهم رده عليهم وان وجده في صحراء فهو له ولا شيء عليه وليس في الفيروزج الذي يوجد في الجبال ولا في اللؤلؤ والعنبر وكل حلية تخرج من البحر الخمس متاع وجد ركازا فهو للذي وجده وفيه الخمس والله اعلم شرح المتن يجب الخمس بلا خلاف بخلاف المعدن في الدار عند ابي حنيفة لان الكنز ليس من اجزاء الارض بل هو موضوع فيها ولهذا لم يكن اربعة اخماسه لمالك الرقبة بالاجماع فلو وجبت فيه المؤونة وهو الخمس لم يصر الجزء مخالفا للكل ثم اربعة اخماسه عند ابي حنيفة ومحمد للمختط له وقال ابو يوسف هو للواجد لانه مباح سبقت يده اليها ولهما ان هذا المال مباح سبقت يد الخصوص اليه وهو يد المحتط له فيصير مالكا له كالمعدن الا ان المعدن ينتقل بالبيع إلى المشتري لانه من اجزاء المبيع والكنز لا ينتقل لانه ليس من اجزاء المبيع
قوله فهو للذي اختطها المختط له من خصة الامام بتمليك هه البقعة منه فإن لم يعرف المختط له يصرف إلى اقصى مالك له في الاسلام كذا ذكره شيخ الاسلام السرخسي
قوله رده عليهم لان ما يوجد في الدار فهو في يد صاحب الدار على الخصوص فيعد التعرض له عذرا ولا كذلك الذي وجده في الصحراء قوله ولا في اللؤلؤ الخ عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف فيها الخمس وكذلك كل حلية تستخرج من البحر فيه الخمس لأن عمر رضي الله عنه أخذ الخمس من العنبر ولهما أن باطن البحر ليس في أحد قوله وفيه الخمس يريد به اذا كان في ارضي غير مملوكة لاحد لان في كونه غنيمة هذا والذهب سواء
____________________
(1/135)
* باب صدقة الفطر *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في صدقة الفطر قال فيه نصف صاع من بر او دقيق او سويق او زبيب او صاع من تمر او صاع من شعير وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) الزبيب بمنزلة الشعير وروى الحسن بن زياد ( رحمه الله ) في المجرد عن ابي حنيفة رضي الله عنه انه قال صاع من زبيب مثل قولهما شرح المتن * باب صدقة الفطر *
قوله نصف صاع من بر الخ وقال الشافعي ( رحمه الله ) من الحنطة صاع لحديث ابي سعيد الخدري كنت اؤدي ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صاعا ولنا حديث عبد الله بن ثعلبة الخشني انه قال خطبنا رسول الله ( في اول يوم من رمضان فقال ادوا عن كل حر وعبد وصغير وكبير وذكر وانثى نصف صاع من بر او صاعا من تمر او صاعا من شعير والاخذ به احق لانه تعديل في المعاني وحجتهما في الزبيب أن الزبيب مثل التمر وانقص منه ولابي حنيفة انه يؤكل بجميع اجزائه فيشابه الحنطة
قوله او دقيق او سويق هذا دليل على ان الاداء باعتبار النص دون المعنى لان الاعتبار لو كان بالمعنى لتفاوت الدقيق مع الحنطة لاختلافهما فيه والاولى ان يراعي فيهما القدر والقيمة جميعا حتى لو كان منصوصا عليه يتأدى باعتبار القدر وان لم يكن منصوصا عليه يتأدى باعتبار القيمة وفي الكتاب لم يشترط ان يكون قيمة نصف صاع من دقيق او سويق قيمة نصف صاع من الحنطة بناء على الغالب
____________________
(1/136)
كتاب الصوم * باب صوم يوم الشك *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال لا يصام اليوم الذي يشك فيه انه من رمضان الا تطوعا رجل نوى الافطار في يوم الشك فتبين له انه في رمضان فنوى الصوم قبل نصف النهار اجزاه وان لم ينو حتى زالت الشمس لم يجزه ولا يأكل بقية يومه شرح المتن * باب صوم يوم الشك *
قوله الا تطوعا دل ما ذكره ان الوجوه كلها تكره الا هذا والجملة فيه انه لا يخلواما ان نوى الصوم او تردده واذا تردد لا يخلو ان تردد في الاصل او الوصف فان نوى صوم رمضان يكره فان ظهر انه من رمضان يجزيه واذا نوى عن واجب آخره يكره ايضا بدلالة عموم جواب الكتاب لكن هذا دون الاول في الكرهة فان ظهر انه من رمضان وقع الصوم من رمضان وان ظهر انه من شعبان اختلفوا فيه منهم من قال يكون تطوعا ولا ينوب عن ذلك الواجب ومنهم من قال ينوب عنه وهو الصحيح وان نوى التطوع كره بعضهم والصحيح انه لا يكره فان وافق صوما كان يصوم قبل ذلك فالأفضل الصوم بالإجماع أما إذا تردد في النية فإن كان التردد في اصل النية لا يصير صائما لانه وقع التردد في اصل النية وان كان التردد في الوصف ان ظهر انه من رمضان اجزاه وان كان غير رمضان لم يجزه عن واجب آخره نواه
____________________
(1/137)
* باب من اغمي عليه او جن والغلام يبلغ والنصراني يسلم والمسافر يقدم *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل جن رمضان كله قال ليس عليه قضاءه وان افاق شيئا منه قضاه كله وان اغمي عليه شهر رمضان كله قضاه وان اغمي عليه كله غير اول ليلة منه قضاه كله غير يوم تلك الليلة رجل لم ينو في رمضان كله الصوم ولا الفطر فعليه شرح المتن * باب من اغمي عليه او جن والغلام يبلغ والنصراني يسلم والمسافر يقدم *
قوله ليس عليه قضاءه الاعذار اربعة مالا يمتد يوما وليلة غالبا كالنوم فلا يسقط شيئا من العبادات لانه لا يوجب حرجا وما يمتد خلفه كالصبا فيسقط الكل دفعا للحرج وما يمتد وقت الصلاة لا الصوم غالبا كالاغماء فاذا امتد في الصلاة جعل عذرا ولم يجعل عذرا في الصوم وما يمتد وقت الصلاة والصوم وقد لا يمتد كالجنون فاذا امتد اسقطهما
قوله غير يوم تلك الليلة لانه لا بد من النية لكل يوم لانها عبادات متفرقة الا ترى إلى ان فساد البعض لا تمنع صحة الباقي
قوله فعليه قضاءه وقد ذكرنا ان من اغمي عليه بعدما دخل اول ليلة من رمضان انه يصير صائما في يوم تلك الليلة وان لم تعرف فيه نية الصوم ولا الفطر لكن حملنا امره على النية بناء على ظاهر امره فلم يكن بد من التأويل في هذه المسئلة وتأويلها ان يكون مريضا او مسافرا او متهتكا اعتاد الفطر في رمضان حتى لا يصلح حاله دليلا على العزيمة وهذا مذهبنا وقال زفر غير المريض والمسافر
____________________
(1/138)
قضاءه غلام بلغ في النصف من رمضان في نصف النهار او نصراني اسلم لم يأكل بقية يومه ولا قضاء عليه فيما مضى وان اكل في يومه ذلك لم يكن عليه قضاءه مسافر نوى الافطار ثم قدم المصر قبل الزوال فنوى الصوم اجزاه والله اعلم بالصواب * باب فيما يوجب القضاء والكفارة وفيما لا يوجبه *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل اكل شرح المتن يصير صائما في رمضان بغير نية لان المستحق هو الامساك وقد وجد وانا نقول بلى يجب الامساك ولا يصير الامساك لله ( تعالى ) الا بالنية ولم توجد
قوله ولا قضاء عليه في ما مضى لعدم الوجوب ويصوم ما بقي لقيام السبب في حق الاهل
قوله اجزاه وان كان في رمضان فعليه ان يصوم لانه زال المرخص وهو قادر عليه وان كان بعد الزوال لم يلزمه ولو نوى لم يجزه لانه وان زال المرخص لكن الامكان ليس بثابت * باب فيما يوجب القضاء والكفارة وفيما لا يوجبه *
قوله فلا شيء عليه هذا عندنا والقياس ان يقضي وبه اخذ مالك لوجود المنافي ووجه الاستحسان قوله ( عليه السلام ) لذلك الرجل الذي اكل او شرب ناسيا تم على صومك فإنما اطعمك الله وسقاك ابقاه صائما هذا اذا كان ناسيا وان كان مخطئا نحو ان يمضمض فسبق الماء في حلقه او مكرها فعليه القضاء عندنا خلافا للشافعي هو قاسه بالناسي وانا نقول بين الأمرين تفاوت لان في احد الامرين العذر جاء من قبل من لا حق له والعذر الآخر جاء من قبل من له الحق وبينها فرق بعيد كمن صلى وهو مريض قاعدا ثم زال المرض لا يلزمه القضاء ومن صلى وهو مقيد قاعدا يلزمه القضاء
____________________
(1/139)
ناسيا او شرب او جامع فلا شيء عليه وان فعل ذلك متعمدا فعليه القضاء والكفارة صائم دخل حلقة ذباب وهو ذاكر او نظر بشهوة فأمنى او قلس اقل من ملأ فيه فعاد بعضه وهو ذاكر او اكل لحما من بين اسنانه متعمدا فلا قضاء عليه ولا كفارة وقال محمد ( رحمه الله ) في النوادر ان شرح المتن
قوله فعليه القضاء والكفارة اما القضاء في الفصلين فبلا خلاف واما الكفارة في الفصلين فهو مذهبنا وقال الشافعي في الاكل والشرب لا كفارة عليه وفي المواقعة الكفارة
قوله دخل حلقة ذباب انما لم يكن فيه شيء لانه لم يوجد الفاطر صورة ولا معنى اما صورة فالمضغ والابتلاع واما معنى فإصلاح البدن ولم يوجد ولهذا قال مشايخنا من خاض في الماء فدخل الماء في اذنه لم يفطره وان دخل الدهن فطره وان صب الماء بنفسه في اذنه قال بعض مشايخنا لا يفسده وهو الصحيح
قوله فأمنى لا شيء فيه لانه ليس باستمتاع بالنساء فصار كالاستمتاع بالكف وذلك لا يوجب فساد الصوم عند بعضهم وان لمسها بشهوة فأنزل فعليه القضاء بالاجماع لانه استمتاع بالنساء فكان مواقع بالنساء معنى وان لمسها ولم ينزل لم يفسد صومه
قوله او قلس الخ ان قلس اقل من ملأ الفم فعاد بعضه وهو ذاكر لصومه لم يفسد وان اعاده فسد صومه عند محمد لوجود الفعل منه وعند ابي يوسف لا لانه ليس بخارج شرعا حتى لم يوجب انتقاض الطهارة وانما يتصور الادخال بعد الخروج والصحيح في هذه المسئلة قول ابي يوسف وان قلس ملأ الغم فعاد بعضه فسد صومه عند ابي يوسف لان ملأ الفم خارج وعوده بمنزلة صب الماء في جوفه وعند محمد لا لان فعل الفطر لم يوجد صورة ولا معنى ايضا والصحيح في هذه المسئلة قول محمد وان اعاده فسد صومه بالاجماع
قوله او اكل لحم الخ وقال زفر فيه القضاء لانه اكل لحما مبتدأ ولنا ان القليل تابع للاسنان فصار بمعنى الريق والكثير لا والحد الفاصل أنه إن كان
____________________
(1/140)
أعاده هو فعليه القضاء وان لمس بشهوة فأمنى فعليه القضاء ولا كفارة عليه نائمة او مجنونة جامعها زوجها وهي صائمة او رجل اكل في رمضان ناسيا فطن ان ذلك يفطره فأكل متعمدا او بلغ حصاة او حديدا وهو ذاكر للصوم او قاء متعمدا فعليه القضاء ولا كفارة عليه رجل خاف ان لم يفطر يزادا عينه وجعا او حماه شدة فإنه يفطر ولا بأس بالكحل ودهن الشارب والسواك الرطب بالغداة والعشي للصائم ويكره مضغ العلك للصائم * باب من يوجب الصيام على نفسه *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل قال شرح المتن اقل من الحمصة فقليل واذا كان مثله فصاعدا فهو كثير
قوله نائمة او مجنونة الخ وقال زفر والشافعي لا يجب عليهما القضاء لانهما اعذر من الناسي ولنا ان الحكم بعذر الناسي ثبت نصا غير معقول المعنى فلا يتعدى إلى غيره
قوله فاكل متعمدا سواء بلغه الحديث أو لم يبلغه لان اختلاف العلماء في قبول الحديث اورث شبهة
قوله بالغداة والعشي لان الآثار جاءت بالندب إلى السواك من غير فصل
قوله مضغ العلك فيه من الشتبه بالفطر ولم يفصل بين وجوه العلك وقيل هذا اذا علك مرة اما اذالم يعلك ينبغي ان يفسد الصوم لأنه لا يؤمن من ان يدخل جوفه ماؤه وقيل هذا اذا كان ابيض اما اذا كان اسود ينبغي ان يقضي الصوم وما ذكر ههنا اشارة إلى انه لا يكره مضغ العلك لغير الصائم لكن يستحب للرجل تركه الا من عذر بخلاف النساء * باب من يوجب الصيام على نفسه *
قوله يفطر ويقضي وقال زفر والشافعي لا يقضي لانه لم يصح نذره
____________________
(1/141)
لله على صوم يوم النحر قال يفطر ويقضي وان نوى يمينا فعليه يمين وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) اذا قال لله علي ان اصوم يوم النحر وأراد يمينا كان يمينا خاصا وان قال لله على صوم هذه السنة افطر يوم شرح المتن لان المنذر به منهي عنه وانا نقول بلى هو منهي ولكن لغيره فلا يمنع صحة النذر
قوله فعليه يمين هذه المسئلة على ستة اوجه ان نواهما وهو النذر واليمين جميعا كانا نذرا ويمينا عند ابي حنيفة ومحمد وقال ابو يوسف كان نذرا خاصة وان نوى اليمين لا غير كان نذرا ويمينا وعندهما وقال ابو يوسف كان يمينا خاصة وان نوى اليمين ونوى ان لا يكون نذرا كان يمينا خاصة بالاجماع وان نوى النذر لا غير او نوى النذر وان لا يكون يمينا او لم ينو شيئا كان نذرا خاصة فالحاصل ان ابا يوسف ابى الجمع بين النذر واليمين لان هذا الكلام للنذر حقيقة ولليمين مجاز والحقيقة مع المجاز لا يجتمعان تحت كلمة واحدة فإن نواهما فالحقيقة أولى بالاعتبار لأن الحقيقة معتبر في موضعه والمجاز معتبر في غير موضعه والشيء الواحد لا يكون في موضعه وفي غير موضه وإن نوى اليمين لا غير تعين المجاز فلا تبقى الحقيقة مرادة ولهما أن في النذر معنى اليمين فإنه فيه إيجاب الصوم على نفسه إلا أن في النذر إيجاب الصوم لنفسه وفي اليمين إيجاب الصوم لغيره وهو أن لا يصير هاتكا حرمة إسم الله ( تعالى ) وهذا المعنى لا ينافي النذر إلا أنه غير معتبر فإذا نواه فقد اعتبره فيلزمه الكفارة وهذا ليس جمعا بين الحقيقة والمجاز وإنما هذا عمل بالشبهين كالهبة بشرط العوض بيع انتهاء هبة ابتداء والإقالة فسخ في حق العاقدين وبيع جديد في حق الثالث وليس طريقهما طريق الجمع بين الحقيقة والمجاز وإنما طريقها العمل بالدليلين فكذا هذا
قوله فلا شيء عليه وروى عن أبي يوسف ومحمد أنه عليه القضاء
____________________
(1/142)
الفطر ويوم النحر وأيام التشريق وقضاها وعليه يمين إن أرادها رجل أصبح يوم النحر صائما ثم افطر فلا شيء عليه شرح المتن اعتبارا للشروع بالنذر كما في سائر الايام وجه ظاهر الرواية المؤدي لم يجب حفظة فلا يجب القضاء بتركه
____________________
(1/143)
كتاب الحج
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل توجه يريد حجة الاسلام فأغمي عليه فأهل عنه اصحابه قال اجزاه وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يجزيه صبي احرم بالحج فبلغ فمضى فيه او احرم به عبد فأعتق فمضى فيه لم يجزهما من حجة الاسلام والله اعلم بالصواب شرح المتن كتاب الحج
قوله لا يجزيه وجمعوا على ان الاحرام يتأدى بالنائب حتى اذا امر انسانا بأن يحرم عنه اذا نام او اغمي عليه فأحرم المأمور عنه صح حتى اذا افاق واستيقظ واتى بأفعال الحج جاز لان الاحرام في معنى الايجاب والايجاب ليس بعابدة فالو احرم انسان فأغمي عليه وطافوا به حول البيت على البعير او غيره واوقفوه بعرفات ومزدلفة ووضعوا الأحجار في يده ورموا بها وسعوا به بين الصفا والمروة جاز ايضا لان النية شرط لصحة الشروع في الإحرام لا لكل واحد من افعال الحج وافعال الحج يتحقق من المغمى عليه حسب تحققه من غيره فيصح الشروع ثم اختلفوا ان في الرفقة هل يكون اذنا وامرا بالاحرام من كل واحد منهما لصاحبه اذا عجز عنه دلالة قال ابو حنيفة يكون اذنا وامرا وقالا لا يكون اذنا وامرا لان الانابة انما يثبت دلالة اذا كان معلوما عند الناس والاذن بالاحرام عن غيره لا يعرفه كل فقيه فيكيف يعرفه العامي
____________________
(1/144)
* باب فيمن جاوز الميقات او دخل مكة بغير احرام *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في كوفي اتى بستان بني عامر فأحرم بعمرة فإن رجع إلى ذات عرق ولبى قال بل عنه دم الوقت وان رجع اليها فلم يلب حتى دخل مكة وطاف لعمرته فعليه دم وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) اذا رجع اليها فلا شيء عليه لبى او لم يلب مكي خرج من الحرم يريد الحج فأحرم فلم يعد إلى الحرم حتى وقف بعرفة فعليه شاة وان خرج لحاجة فاحرم بالحج ووقف بعرفة فلا شرح المتن
قوله لم يجزهما من حجة الاسلام لان الاحرام منهما انعقد نفلا فلا يتصور ان يكون ينقلب فرضا ولو حد الصبي الاحرام ولى قبل الوقوف بعرفة جاز عن حجة الاسلام والعبد لو فعل ذلك لم يجزه لان احرامه لازم فلا يرتفع * باب فيمن جازو الميقات او دخل مكة بغير احرام *
قوله وقال ابو يوسف ومحمد الخ وقال زفر لا يبطل عنه الدم بالرجوع إلى ذات عرق لبى او لم يلب وتأويل المسئلة اذا جاوز ذات عرق واتي بستان بني عامر على عزيمة العمرة او الحج زفر يقول ان جنايته حصلت بأن جاوز المقيات بغير احرام وبالعود لا يتبين انه لم يكن جانيا كمن افاض من عرفات قبل غروب الشمس ثم عاد اليه بعد غروبها لا يسقط عنه الدم كذا ههنا هما يقولان بأنه تارك قضاء حق الميقات لا جان فإن عاد اليها محرما فقد تدارك حق الميقات في اوانه لان حقه في مجاوزته محرما لا ملبيا بخلاف الافاضة فإنه لم يتدارك المتروك في وقته
قوله فعليه شاة لان ميقات المكي في الحج الحرم فإذا لم يلب من
____________________
(1/145)
شيء عليه متمتع فرغ من عمرته فخرج من الحرم فأحرم بالحج ووقف بعرفة فعليه دم وان رجع إلى الحرم فأهل فيه قبل الوقوف بعرفة فلا شيء عليه رجل دخل بستان بني عامر لحاجة فله ان يدخل مكة بغير احرام ووقته البسات وهو وصاحب المنزل سواء ان احرما من الحل ثم وقفا بعرفة لم شرح المتن الحرم فقد ترك حق الميقات الخراساني اذا جاوز ذات عرق وهو يريد الحج بغير احرام عليه دم كذا ههنا
قوله فلا شيء لانه كالآفاقي اذا جاوز الميقات وهو لا يريد دخول مكة فالفصلان سواء
قوله فعليه دم لانه لما اخرج من الحرم كان حكمه حكم المكي فاذا احرم خارج الحرم فقد ادخل نقصا في احرامه
قوله فله ان يدخل مكة بغير احرام لأنه صار منهم ولهم ان يدخلوا مكة بغير احرام فكذا له ووقتهم البستان فكذا وقته
قوله ووقته البستان وهذا هو الحيلة لمن اراد دخول مكة من اهل الافاق بغير احرام كذا في الكافي وهو مشكل لان من اراد دخول مكة من اهل الافاق لا يحل له التجاوز من الميقات بغير احرام
قوله رجل دخل الخ ليس للآفاقي ان يدخل مكة بغير احرام سواء اراد دخولها لحاجة أو لزيارة البيت بل يلزمه إما حج أو عمرة فلا يدخل إلا محرما بأحد هذين الأمرين وهذا مذهبنا وقال الشافعي إن دخلها لحاجة لا يلزمه الإحرام لأن الدخول دون السكنى وليس على ساكني مكة إحرام أبدا فلأن لا يلزم الداخل أولى وإنا نقول بأن هذه بقعة معظمة فلا يسقط تعظيمها بحال
____________________
(1/146)
يكن عليهما شيء رجل دخل مكة بغير احرام فخرج من عامة إلى الوقت فأحرم بحجة عليه اجزاه من دخوله مكة بغير احرام وان تحولت السنة فخرج فأحرم بحجة عليه لم يجزه من دخوله بغير احرام وعليه لدخول مكة شرح المتن فكان تعظيمها لازما واما اذا كان تعظيمها لازما كان تعظيم ما يقع به قضاء حقها لازما ايضا وذلك اما الحجة او العمرة بخلاف اهل مكة ومن منزلة ما وراء الميقات لانهم تبع للحرم فصار ذلك حظهم في التعظيم فصاروا كأنهم فيه اذا ثبت هذا فنقول اذا جاوز الافاقي الميقات ودخل مكة بغير احرام لزمه اما حج او عمرة لدخول مكة فإن خرج وعاد إلى الميقات فأحرم بحجة كانت عليه اجزته عما لزمه لدخول مكة عندنا وقال زفر لا يجزيه لانه لزمه احد النسكين فلا ينوب به حجة الاسلام عما لزمه كما لو تحولت السنة وجاءت سنة اخرى وانا نقول انه تلافى التفريط في وقته فيخرج عن حد التفريط بخلاف ما لو تحولت السنة لانه لم بتلاف التفريط في وقته
قوله اجزاه كما اذا نذر ان يعتكف شهر رمضان هذا فانه يتأدى بصوم رمضان هذه السنة واذا لم يعتكف في شهر رمضان الذي نذر فيه الاعتكاف حتى جاء رمضان العام الثاني فصامه فاعتكف فيه قضاء عما عليه لا يجوز اعتكافه لانه لما لم يعتكف في رمضان الاول صار الصوم مقصودا فلا يتأدى الا بصوم مقصود فكذا هذا
قوله وليس عليه دم لانه بالافساد لزمه دم القضاء فقام القضاء مقام الاداء وقد احرم في القضاء عن الميقات فصار اتيا بما عليه
قوله لترك الوقت توضحيه انه قد لزم على من جاوز الميقات دم لما تقرر انه اذا جاوز الافاقي ميقاته بغير احرام الحج او العمرة لزمه دم تعظيما لحق الحرام فإذا جاوز الميقات فأحرم بعمرة ما وراء الميقات فان كان يمضي فيها ولم يفسدها يبقى عليه الدم على حاله واما اذا افسدها فحكمه انه يمضي فيها كما اذا افسد الحج فإنه يقضيه في السنة الاخرى ويمضي في ذلك الحج فكذلك العمرة
____________________
(1/147)
بغير احرام حجة او عمرة رجل جاوز الوقت فأحرم بعمرة فأفسدها مضى فيها وقضاها وليس عليه دم لترك الوقت والله اعلم * باب في تقليد البدن *
محمد يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل قلد بدنة تطوعا او نذرا اوجزاء صيد او شيئا من الاشياء وتوجه معها يريد شرح المتن اذا افسدها لا بد له ان يمضي فيها ويقضيها من عام قابل او من تلك السنة فاذا اراد قضاءها واحرم بالقضاء من الميقات قام القضاء مقام الاداء ويسقط عنه الدم الواجب بالمجاوزة عن الميقات لانه اذا قضاها بإحرام الميقات ينجبر به ما نقص من حق المجاوزة بغير احرام فيسقط عنه الدم قان قلت ينبغي ان لا يسقط عن الدم لانه وجب بسبب المجاوزة بغير احرام وهو لم يسقط قلت هب لكن لما كان القضاء قائما مقام الاداء صار حكمه حكمه فكأنه لم يجاوز ونظيره من سهي في الصلاة ثم افسدها ثم قضاها سجد عنه ما وجب عليه بالسهو السابق * باب في تقليد البدن *
قوله قلد صفة التقليد ان يربط على عنق دابته قطعة نعل او لحاء شجرة ( أي القشر أو قطعة اديم او شراك نعل
قوله او جزاء صيد بأن قلته حتى وجبت عليه قيمته فاشترى بتلك القيمة بدنه في سنة اخرى وقلدها او قتل الحلال صيد الحرام فاشترى بقيمته بدنة
قوله فقد احرم لان التقليد محتمل فاذا توجه تبين انه من شعائر الحج كالتلبية فالنية اتصلت بفعل هو من خصائص الاحرام
قوله الا بدنة المتعة لان هذا الهدى نسك من مناسك الحج وضعا واصلا فجعل الاستقبال بمنزلة اللحوق به
____________________
(1/148)
الحج قال فقد احرم وان بعث بها ثم توجه لم يكو محرما حتى يلحقها الا بدنة المتعة فإنه محرم حين توجه وان جلل بدنة او اشعرها او قلد شاة وتوجه معها لم يكن محرما ويكره الاشعار وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هو حسن والبدن من الابل والبقر والهدى منهما ومن الغنم ولأجزي في الهدى والضحايا الا الجذع العظيم من الضأن او الثني من المعز الابل والبقر شرح المتن
قوله ويكره الاشعار لانه مثلة وهو منهى عنه وقال الشيخ ابو منصور الماتريدي يحتمل ان يكون انما كره ابو حنيفة الاشعار المحدث وهكذا روى الطحاوي ان ابا حنيفة انما كره اشعار اهل زمانه وهو المبالغة في البضع على وجه يخاف منه السراية بالتلف فسد الباب عليهم بالكراهية فان لم يجاوز عن حد الجرح فهو حسن او كره ايثاره على التقليد كما كره ايثار نكاح الكتابية على المسلمة فإنه مكروه كذا ههنا والاشعار لغة هو الادماء بالجرح وتفسيره عند ابي حنيفة الطعن بالرمح من اسفل السنام من قبل اليسار وقال الشافعي من قبل اليمين وكل ذلك مروي من رسول الله صلى الله عليه وسلم والاشبه من قبل اليسار
قوله ومن الغنم لقوله ( تعالى ) في دم الإحصار والمتعة فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي وهو في التفسير شاة وقال الشافعي البدن من الإبل خاصة ومذهبنا حديث ابن عباس حين سئل عن ذلك فأوقع الأمر عليهما قوله إلا الجذع العظم من الضأن لحديث أبي هريرة أن النبي ( عليه الصلاة والسلام ) جوز الأضحية بالجذع من الضان وهو إسم لما أتى عليه أكثر السنة والثني من الإبل الذي تم عليه خمس سنين ومن البقر ما أتى عليه سنتان وطعن في الثالثة ومن المعز ما أتى عليه سنة وطعن في الثانية والضأن إسم جنس يتناول الكبش والنعجة والمعز بتناول العنز والتيس
____________________
(1/149)
* باب من جزاء الصيد *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في محرم قتل صيدا قال عليه قيمته يحكم به ذوا عدل في المكان الذي اصابه فيه فإن شاء اهدى وان شاء صام وان شاء تصدق وان ذبح الهدى بالكوفة اجزاه من الطعام ولم يجزه من الهدى ولا يجزي من الطعام ان يطعم مسكينا اقل من نصف صاع او قيمته ولا يحل اكل ذلك الصيد فان اكل المحرم شرح المتن * باب في جزاء الصيد *
قوله فإن شاء اهدى الخ وعن محمد والشافعي الخيار في الجزاء إلى الحكمين وهما يقولان ان الاختيار شرع رفقا فوجب ان يتفرد به وانما التحكيم لمعرفة القيمة فان اختار التكفير بالهدى عندهما او اختار الحكمين عند محمد والشافعي واجمعوا ان المماثلة بين الصيد والهدى معتبر فبعد هذا فالمسألة على وجهين اما ان يكون الصيد له مثل النعم في المنظر والخلقة كالنعامة وحمار الوحش والظبي والارنب او لا يكون له مثل كالحمامة والعصفور فان كان مثل يعتبر المماثلة بين الصيد والنعم بالاجماع واختلفوا في كيفية المماثلة فقال ابو حنيفة وابو يوسف يعتبر المماثلة بينهما من حيث المعنى وهو القيمة لا من حيث المنظر والخلقة حتى اذا كان الهدى مثله في القيمة يجوز وان كان دونه في المنظر والخلقة حتى ولو كان على العكس لا يجوز وعند محمد والشافعي يعتبر المماثلة من حيث الخلقة والمنظر فيكون في النعامة بدنة وفي حمار الوحش بقرة وفي الضبع شاة وفي الارنب عناق فأما اذا لم يكن له مثل من النعم واختار التكفير بالهدى عندهما او الحكمين عند محمد يعتبر المماثلة بين الصيد والهدى من حيث لمعنى وهو القيمة بالاتفاق فيقوم الصيد في المكان والوقت الذي اصابه
قوله اجزاه من الطعام يريد به اذا تصدق باللحم وفيه وفاء بقيمة الطعام
____________________
(1/150)
الذابح منه شيئا فعليه جزاء ما اكل وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) ليس عليه جزاء ما اكل وان اكل منه محرم آخر فليس عليه في قولهم محرم قلع شجرة من الحرم او شوى بيض صيد في غير الحرم او حلب صيدا او شوى جرادة فعليه الجزاء ويكره له بيعه فإن باعه جاز وجعل ثمنه في الفداء ان شاء محرم قتل سبعا فعليه جزاؤه ولا يجاوز به دم وان كان قارنا فجزاءان لا يجاوز بهما دمان وان ابتداء السبع فلا شيء شرح المتن لان اداء الواجبات بالقيمة جائز عندنا وانما يم يجزه من الهدى لانه هذه الافعال لم تعرف قربة الا في مكان مخصوص او زمان مخصوص فاذا انعدم الزمان يتعين المكان وهو مكة
قوله ليس عليه الخ لانه ميتة وحرمة تناول الميتة ليس من محظورات الاحرام فصار بمنزلة ما لو شوى بيضا او جرادا او قلع شجرة من الحرم فضمنه ثم يتناول منه المحرم لم يلزمه شيء ولم يحرم عليه ايضا ولهذا لو اكل منه محرم آخر لا شيء عليه بالاتفاق فهذا كذلك لابي حنيفة انه تناول محظور احرامه فيضمنه كما لو قلع شجرة من الحرم
قوله فعليه الجزاء لان قلع الشجرة من محظورات الاحرام وأما البيض فلأن بيض الصيد اذا لم يكن مذرة فهو اصل الصيد فيكون حكمه حكم الصيد ما لم يفسد فيكون من محظورات الاحرام وهو إما تلطه فيلزمه الجزاء واما اللين فلأنه من جملة الصيد لانه يتولد من عين الصيد واما الجراد فإنه صيد أيضا ولذا لا يمكن اخذه الا بحيلة
قوله جاز لانه لم يصر حراما بما وضع لكن يكره بخلاف بيع الصيد بعد الذبح لانه صار بمعنى الميتة
قوله فعليه جزاؤه الخ اما الجزاء فلأنه صيد وقد حرم عليه قتل الصيد
____________________
(1/151)
عليه وان قتله محرمان فعلى كل واحد منهما جزاء لا يجاوز به دم حلال أصاب صيدا ثم أحرم فأرسله من يده انسان ضمنه له وان صاده محرم فأرسله من يده انسان لم يضمن وان قتله محرم آخر في يده فعلى كل واحد منهما جزاء والذي قتله له ضامن وهو قول أبي يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) الا إذا صاده حلال فأرسله انسان من يده فإنه لا يضمنه استحسانا ذكره في المناسك رجل أحرم ومعه قفص فيه صيد أو في بيته صيد فليس عليه ان يرسله وإن كان في يده ارسله محرم ذبح بطا من بط الناس أو دجاجة فلا شيء عليه وإن ذبح طيرا مسرولا فعليه جزاؤه محرم دل حلالا على صيد فذبحه فعلى الدال الجزاء رجل أخرج عنزا من شرح المتن بالاجماع وعدم المجاوزة مذهبنا وقال زفر يجب قيمته بالغا ما بلغ اعتبار بالصيد المأكول ومذهبنا مأخوذ من
قوله ( عليه السلام ) السبع صيد وفيه شاة
قوله فعلى كل واحد منهماالخ لان جزاء الفعل يتعدد بتعدد الفاعل فإن قتله حلالان فعليهما جزاء واحد لأنه ضمان محل والمحل لا يتعدد
قوله ضمنه له وقال ابو يوسف ومحمد لا يضمن لأنه اقام حسبة فلا يكون عليه عهدة كما لو اخذه حالة الاحرام فأرسله انسان من يده ولأبي حنيفة ان الارسال ليس بواجب عليه إنما الواجب ترك التعرض ويمكنه ترك التعرض بدون الارسال على وجه لا ينقطع يده على الصيد على وجه لا يؤد إلى تقوية ملكه بأن يخليه في بيته
قوله لم يضمن لأنه لم يملك لان صيد البر لم يجعل محل التملك في حق المحرم بالنص فبالارسال لم يكن متلفا ملكه فلا يضمن
قوله فعلى كل واحدالخ لان الأول فوت الأمن والثاني قرر الفوات ثم الاخذ يرجع على القاتل بما يضمن عندنا خلافا لزفر
____________________
(1/152)
الظباء من الحرم فولدت ثم ماتت هي وأولادها فعليه جزاءهن وإن ادى الجزاء ثم ولدت لم يكن عليه في الولد شيء محرم قتل برغوثا أو نملة أو بقا فلا شيء عليه وإن قملة اطعم شيئا والله اعلم شرح المتن
قوله فليس عليه ان يرسله لان الواجب ترك التعرض له وذلك بإزالة اليد الحقيقي لا بإزالة ملك الرقبة
قوله فلا شيء عليه لأنها من الدواجن وهي التي تعلف في البيوت فصار بمنزلة النعم والحرام هو الصيد
قوله فعلى الدال الجزاءهذا عندنا وعند الشافعي لا يجب عليه الجزاء لان الجزاء لا يجب الا بالقتل وهو كالحلال إذا دل حلالا على قتل صيد الحرم فإنه لا ضمان على الدال ووجه الفرق لأصحابنا ان صيد الحرم انما امن بالحرم وتر التعرض بناء عليه فكان ضمانه بمنزلة ضمان اموال الناس واموال الناس لا تضمن بمجرد الدلالة الا بعقد يعقده كالمودع إذا دل سارقا على سرقة الوديعة فإنه يضمن وأما الصيد في حق المحرم فإنما امن يعقده لأنه بالاحرام التزم الأمان ووجوب الضمان عند التعرض فإنما يلزمه وجوب الجناية عليه
قوله فعليه جزاؤهن لأن الفرع ساري الاصل في علة الضمان وهو اثبات اليد على الصيد الحرم فيساويه في الحكم
قوله لم يكن لأنه بأداء الضمان خرجت الام من ان يكون الأولاد صيد الحرم
قوله فلا شيء عليه لأن هذه الاشياء ليست بصيود ولا هو من قضاء النفث
قوله اطعم شيئالأنه من التفث وقال ههنا اطعم شيئا وقال في الاصل تصدق شيء ويثبت بما قال ههنا أنه يجزيه ان يطعم مسكينا شيئا يسيرا على سبيل الاباحة وان لا يشبع
____________________
(1/153)
* باب المحرم إذا قلم اظافيره أو حلق شعره *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في محرم حلق مواضع المحاجم أو ادهن بزيت قال عليه دم وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) عليه صدقة محرم قلم اطفار كف فعليه دم وان قم من كل كف ورجل اربعا فعليه الاطعام الا ان يبلغ دما فيطعم ما شاء وقال شرح المتن * باب المحرم إذا قلم اظافيره أو حلق شعره *
قوله في محرم حلق الخ وقال ابو يوسف ومحمد عليه في هذه الصورة صدقة لان مواضع المحاجم لا تحلق لازالة التفث إنما تحلق لاجل المحاجمة والحجامة ليست من محظورات الاحرام فلا يكون هذا الحلق من المحظورات ولكن مع هذا فيه ازالة شيء من التفث فيلزمه الصدقة وهو اطعام مسكين نصف صاع اعتبارا بحلق بعض الشعر الذي على الصدر ولأبي حنيفة ان هذا حلق مقصود لامر مقصود فشابه حلق الإبطين
قوله أو ادهن بزيت الخ لهما في هذا أنه جناية قاصرة فيضمن بالطعام وله ان يعمل عمل الطيب وأنه يؤكل فشابه الزعفران والمحرم إذا استعمل الزعفران يجب عليه الدم فكذا ههنا
قوله فعليه دم لوجود الربع صورة فصار بمنزلة ما إذا كان من يد واحدة ولهما ان الربع انما ألحق بالكل لكمال المعنى وهو الرفق ولا كمال عند الافتراق بل يتأذى به
قوله فعليه دم لأنه مرتفق من كل وجه لان حلق بعض الرأس وبعض اللحية هو المعتاد لان من عادة العرب أنهم يمسكون شعورهم وانما يحلقون النواصي والاتراك يحلقون الاجزاء المرتفعة التي ورد الشرع بالنهي عنه وكذا
____________________
(1/154)
محمد ( رحمه الله ) اذ قلم خمسة اطافر من يد واحدة أو يدين أو يد ورجل فعليه دم محرم اخذ من رأسه أو من لحيته ثلثا أو ربعا فعليه دم محرم اخذ من شاربه فعليه حكومة عدل وان حلق الابطين أو احدهما فعليه دم وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إذا حلق عضوا فعليه دم وان كان اقل فإطعام محرم اخذ من شارب حلال أو قلم اظافيره اطعم ما شاء شرح المتن الاخذ من اللحية معهود بالعراق وارض العرب وإنما يؤخذ منه الربع وما يشبهه فكان هذا امرا معهودا يتم به رفقهم فألحق بالكل وهذا مذهبنا وقال مالك لا يجب الا بحلق الكل وقال الشافعي يجب بالقليل وان اخذ ثلاث شعرات ومن مشايخنا من حمل على اختلافهم في مقدار المفروض في مسح الرأس في الوضوء وهذا غلط لان النص هناك لا يتناول الرأس وانما يتناول شيئا منه وهذا يتناول الكل لأنه ورد بحلق الرأس ولكن اختلفوا ان البعض هل يعمل عمل الكل ام لا
قوله حكومة عدل يريد به ان ينظر ان هذا المأخوذ كم يكون من ربع اللحية فيجب عليه بقدره من الصدقة حتى لو كان المأخوذ ربع اللحية يجب عليه فيمة ربع ربع الشاة ثم ذكر الاخذ ولم يذكر الحلق لان حلق الشارب بدعة عند بعض العلماء وذكر الطحاوي في شرح معاني الاثاران حلقه سنة
قوله وإن حلق الابطين الخ ذكر النتف في الابط في الاصل والحلق ههنا فدل على أنه لا حرمة في الحلق وان السنة هو النتف فالعمل بالسنة احق ذكره في الكتاب
قوله عضوا يريد بذلك الصدر والساق والعانة لان ذلك مقصود بالتنور
قوله اطعم ما شاءوقال الشافعي لا شيء عليه لأنه ليس بارتفاق ولنا ان المرء يتأذى برؤية تفث غيره كما يتأذى برؤية تفث نفسه فكان فيه اصل رفق وان لم يتكامل
____________________
(1/155)
محرم نظر إلى فرج امرأة بشهوة فأمنى فليس عليه شيء وان لمس بشهوة فأمنى فعليه دم رجل وامرأة افسدا حجهما فعادا يقضيان قال لا يفترقان محرم خضب رأسه بالحناء فعليه دم والله اعلم بالصواب * باب في الاحصار *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في محصر بعث شرح المتن
قوله فليس عليه شيء لان الجماع محظور احرامه والجماع قضاء الشهوة بالاجتماع ولم يوجد
قوله قال لا يفترقان وقال مالك إذ اخرج كل واحد منهما اخذ كل منهما طريقا آخر بحيث لا يرى احدهما صاحبه ما لم يفرغا من الحج وقال زفر عليهما ان يفترقا إذا أحرما وقال الشافعي إذا انتهيا إلى المكان الذي جامعا فيه اخذ كل واحد طريقا آخر حتى يجاوزا ذلك الموضع وهذا كله باطل لان كل ما لا يكون نسكا في الاداء لا يكون نسكا في القضاء
قوله رأسه وقال في الاصل خضبه رأسه ولحيته بالحناء وافرد الرأس ههنا فثبت ان كل واحد منهما مضمون ثم هذا كله على وجهين أما ان يخضب بالمائع منه حتى لم يصر ملبدا أو كان غير مائع حتى صار ملبدا فإن لم يكن ملبدا فعليه دم لأنه طيب كامل وإن كان ملبدا يجب عليه ان يكون دمان دم للطيب ودم لتغطية الرأس * باب في الاحصار *
قوله في الاحصار هو كما يكون بالعدو يكون بالمرض عندنا وعند الشافعي لا يكون الا بالعدو لان المراد بالاحصار في كتاب الله هو العدو الا ترى إلى قوله فإذا امنتم ولنا ان المراد بالآية المرض كذا قال اهل اللغة أن
____________________
(1/156)
بالهدى وواعد ان ينحر عنه في أول يوم من العشر ثم قدر على الذهاب وادرك الحج ولم يقدر ان يبلغ الهدي قبل ان ينحر أجزاه ان يتحلل وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا ينحر دون يوم ينحر ولا يتحلل دون يوم النحر محصر بعمرة ينحر هديه متى شاء ولا ينحر دون الحرم رجل وقف بعرفة ثم احصر لم يكن محصرا وهو محرم من النساء حى يطوف طواف الزيارة محصر بحجة أو عمرة قدر ان يدرك هديه فليس بمحصر * باب في التمتع *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في كوفي قدم شرح المتن الحصر بالعدو والاحصار بالمرض و قوله تعالى فإذا امنتم قلنا ذلك سائغ في المرض
قوله وقال ابو يوسف ومحمدالخ هذا بناء على ان اراقة الدم هل يتوقف بيوم النحر ام لا عند أبي حنيفة لا بل يجوز تقديمه على يوم النحر فيتصور ان يزول العذر فيدرك الحج ولا يدرك لهدى فإذا كان كذلك كان عذرا لأنه إذا نحر عنه تحلل ضرورة وعندهما يتوقف بيوم النحر فمتى ادرك الحج ادرك الهدي
قوله هديه الخ هذا الدم يتوقف على الحرم كدم المحصر بالحج ولا يتوقف بيوم النحر بالاجماع لعدم اختصاص العمرة بوقت ويكره اداءها في ايام الحج فكيف يتوقف على يوم النحر
قوله لم يكن محصرالان ما هو الركن الاصلي قد صار مؤدي وقد حل له كل شيء الا النساء فهذا دون امتداد اصل الاحرام فلم يصح التحلل بالدم عما بقي * باب في التمتع *
قوله فهو متمتع أما إذا اتخذ بمكة دارا فلأنه ترفق بنسكين في سفر واحد في اشهر الحج وأما إذا اتخذ البصرة دارا فكذلك وذكر الطحاوي ان هذاقول أبي حنيفة أما على قولهما لا يكون متمتعا لان صورة التمتع ان يكون عمرته
____________________
(1/157)
مكة بعمرة في اشهر الحج ففرغ منها وقصر ثم اتخذ مكة أو البصرة دارا ثم حج من عامه ذلك قال فهو متمتع وإن قدم بعموة فأفسدها ففرغ منها وقصر ثم اتخذ البصر دارا ثم اعتمر في اشهر الحج وحج من عامه لم يكن متمتعا وقالا هو متمتع وإن رجع إلى اهله ثم اعتمر في اشهر الحج وحج من عامه فهو متمتع في قولهم جميعا وإن قدم في اشهر الحج شرح المتن ميقايتة وحجه مكية وهذا قد أحرم لكل واحد منها من الميقات فلا يكون متمتعا وذكر الجصاص أنه لا خلاف فيه وهو قول الكل كما ذكرنا ههنا ووجهه امن شبهة السفر الأول قائمة ما لم يعد إلى وطنه فوجب الدم نسكا لان الاصل في العبادة هو الايجاب احتياطا
قوله وقالاهو متمتع لأنه ابتداء السفر وقد حصل له نسكان في هذا السفر فيكون متمتعا كما لو رجع إلى اهله ثم اعتمر في اشهر الحج وحج من عامه ذلك فهو متمتع بخلاف ما إذا اتخذ مكة دارا لأنه مكي ولا تمتع لاهل مكة ولأبي حنيفة ان السفر الثاني بناء على السفر الأول وبذلك إذا اتى بالعمرة والحج لا يكون متمتعا لان حكم السفر ينتهي بالعمرة الفاسدة وصارت مكة مصرا له فصار معتمرا من مكة ولا تمتع لاحد من مكة فكذا هذا
قوله ويسقط عنه دم المتعة لأنه ليس بمتمتع لأن المتمتع من حصل له حجة وعمرة في سفر واحد ولم يحصل فلم يكن عليه دم
قوله فليس بمتمتع لان التمتع لا يتحقق من اهل مكة لأنه بلم بأهله في ما بين ذلك المأما صحيحا وهو المفسد للتمتع
قوله والقرآن افضل هذا عندنا وقال الشافعي الافراد افضل وهذا بناء على اصل وهو ان القارن يطوف عندنا طوافين ويسعى سعيين وعنده طوافا واحدا وسعيا واحدا فعندنا القران عزيمة وعنده رخصة والدم واجب بالاجماع
____________________
(1/158)
بعمرة ولم يفسدها وحل منها ورجع إلى اهله ثم حج من عامه لم يكن متمتعا رجل اعتمر في أشهر الحج وحج من عامه ذلك فأيهما افسد مضى فيه ويسقط عن دم المتعة مكي قدم متمتعا وقد ساق الهدي وحج من عامه أو لم يسق وحج من عامه فليس بمتمتع والقرآن افضل فإن دخل بعمرة فما عجل من الاحرام بالحج فهو افضل رجل اراد التمتع فصام ثلاثة ايام من شوال ثم اعتمر لم يجزه الثلاثة وإن صامها بعدها أحرم بالعمرة شرح المتن لكن عندنا بطريق الشكر لحصول النسكين في سفر واحد وعنده لجبر النقصان المتمكن بسبب الجمع وجه قوله ان النبي ( عليه الصلاة السلام ) افرد بالحج عام حجة الوداع
قوله ولنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اختار القرآن فإنه اصح أنه كان قارنا وبذلك امر عليا رضي الله عنه كما قال ( عليه السلام ) أتاني آت من ربي وانا بعقيق فقال لي جبريل صل في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل لبيك بحجة وعمرة معا وما رواه ليس بحجة لأنه ( عليه السلام ) كان يلبي بهما تارة وبإحداهما أخرى وليس على المحرم ان يسمي في تلبيته ما احرم به لا محالة فمن سمعه يقول لبيك بحجة ظن مفردا ومن سمعه بحجة وعمرة عرف حاله حقيقة على سبيل التيقن فكان الاخذ باليقين أولى
قوله فما عجل الخ يعني به تعجيل الاحرام للحج بعدالفراغ من العمرة لان الوصل بينهما افضل فما كان اقرب إلى الوصل مان افضل
قوله لم يجزه الثلاثة لان المتمتع يلزمه الدم فإن لم يجد يلزم صومه عشرة ايام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع قال الله تعالى فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ولم يوجد الصوم في الحج
قوله أجزته لأنه صام في الحج لان العمرة قد صحت وهي الحجة الصغرى على ما قال النبي ( عليه الصلوة والسلام ) العمرة حجة صغرى
____________________
(1/159)
أجزته امرأة تمتعت فضحت بشاة لم تجزها من المتعة والله اعلم * باب في الطواف والسعي *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل طاف الطواف الواجب في جوف الحجر قال فإن كان بمكة اعاد وإن اعاد على الحجر أجزاه وإن رجع إلى اهله ولم يعد فعليه دم رجل طاف طواف الزيارة على غير وضوء وطواف الصدر طاهرا في آخر ايام التشريق فعليه شرح المتن
قوله لم تجزها من المتعة لأنه وجب عليها الدم بسبب التمتع والاضحية غير هذا الدم فلا يسقط بها عنها هذا الدم * باب في الطواف والسعي *
قوله في جوف الحجرهو ( بالكسر ) موضوع من البيت حجره قريش من البيت حين بنو الكعبة لما قصر بهم النفقة ولذا سمي بالحجر ويسمى بالحطيم ايضا وهو قدر خمسة أو ستة أو سبعة اذرع على اختلاف الروايات في صحيح مسلم وغيره وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة ( رضي الله عنها ) لولا حدثان قومك بالجاهلية لنقضت الكعبة وجعلت لها بابين وأدخلت الحجروقد بناه عبد الله بن الزبير رضي الله عنه كذلك في زمان خلافته أما سمع الحديث من عائشة ولما قتله الحجاج اعاد البناء السابق وبقي إلى الآن عليه فلما كان الحطيم من البيت يجب الطواف وراءه وإذا لم يفعل يجب عليه الاعادة وتفصيل هذه المباحث موكول إلى السعاية في كشف ما في شرح الوقاية
قوله فإن كان بمكة اعاد لأن الطواف يجب ان يكون وراء الحجر لان الطواف واجب بالبيت بالنص والحجر من البيت فيجب الطواف وراءه فإذا لم يكن وراءه فقد أدخل نقصانا في طوافه فيعيد كل الطواف حتى يصير آتيا بكمالها
قوله فعليه دم لأنه أدخل نقصانا في طوافه لأنه ترك شيئا قليلا منه وهو
____________________
(1/160)
دم وإن طاف طواف الزيارة جنبا وطواف الصدر طاهرا في آخر أيام التشريق فعليه دمان وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) عليه دم واحد وإن طاف طوافين لعمرته وحجته وسعي سعيين فقد أساء ويجزيه كوفي حج فاتخذ مكة دارا فليس عليه طواف الصدر رجل طاف لعمرته شرح المتن قريب من الربع ونقائص طواف الحج تجبر بالدم كما أن نقائص الصلاة تجبر بالسجدة
قوله فعليه دم لأن الطواف على غير وضوء جاز مع النقصان لان الطهارة في الطواف واجبة وبترك الواجب يتمكن النقصان لكن النقصان لما خف اشبه بترك شوط أو شوطين من الطواف الواجب
قوله عليه دم واحد وهذا بناء على ان طواف الجنب واجب الاعادة لأنه اقرب إلى العدم فوجب نقل طواف الصدر إلى طواف الزيارة لأن النية في الابتداء حصلت لاداء اركان الحج على الترتيب الذي شرعت فهو وان نوى الصدر بطلت نيته على خلاف الأول لأنها تعتبر عند الاداء فوجب صرفه إلى ما عليه وإذا صرفت إلى ما عليه صار مؤخرا طواف الزيارة عن ايام النحر فصار تاركا طواف الصدر فيجب دم بترك طواف الصدر بالاتفاق ويجب بتأخير الركن دم آخر عند أبي حنيفة وعندهما لا يجب للتأخير شيء لان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن من ذبح قبل الرمي فقال ارم ولا حرج وما سئل يومئذ عن شيء الا قال افعل ولا حرج وله أن التأخير عن المكان مضمون فكذا التأخير عن الزمان
قوله فقد أساءيريد به القارن لأنه ترك السنة المتوارثة لان السنة المتوارثة ان يرتب طواف الحج على سعي العمرة فإذ لم يرتب فقد ترك السنة ولكنه غير واجب فلا يلزمه الدم
قوله فليس عليه الخ لأنه وجب على الصادر وهو ليس بصادر وهذا
____________________
(1/161)
وسعى على غير وضوء وحل وهو بمكة فإنه يعيد الطواف والسعي ولا شيء عليه وان رجع إلى اهله ولم يعد فعليه دم رجل اهل بالحج في رمضان وطاف وسعى في رمضان لم يجزه ذلك السعي عن سعي يوم النحر * باب في الرجل يضيف إلى احرامه احراما *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في مكي أحرم لعمرة وطاف لها شوطا ثم أحرم بالحج قال يرفض الحج وعليه دم شرح المتن إذا اتخذ مكة دارا قبل النفر الأول بعد يوم النحر بيومين فأما إذا حل النفر الأول فقد لزمه طواف الصدر فلا يبطل باختياره السكنى
قوله ولا شيء عليه لان النقص يرتفع بالاعادة وإذا اعاد الطواف اعاد بالسعي وان لم يكن السعي محتاجا إلى الطهارة في الابتداء لأنه تبع للطواف فلا يكون له حكم نفسه فإذا اعاد الاصل لزمه اعادة التبع فإذا اعاد الطواف ولم يعد السعي كان عليه دم لان الاعادة يجعل المؤدي كأن لم بكن من وجه فيبقى السعي قبل الطواف فلو رجع إلى اهله ولم يعد فعليه دم وقد تحلل أما التحلل فلأنه لما قل النقصان لم يمنع الاعتداد بالطواف وأما الدم فلادخال النقص في طواف العمرة وليس عليه في السعي شيء وان كان لزمه اعادة السعي * باب في الرجل يضيف إلى احرامه احراما *
قوله وقال ابو يوسف ومحمدالخ هما يقولان لما لزمه رفض احدهما لما ان الجمع في حق المكي غير المشروع فالعمرة أولى بالرفض لأنها اخف مؤنة ولأبي حنيفة ان الاداء اتصل بالعمرة ولم يتصل بالحج فكان ررفض العمرة رفضا للمؤدي ورفض الحج امتناعا عن الاداء والامتناع ايسر وهذا إذا طاف شوطا
____________________
(1/162)
لرفضه وحجة عمرة وان مضى عليها اجزاه وعليه لجمعه بينهما دم وقال ابو يوسف ومحمد رحمهما الله احب الينا ان يرفض العمرة وعليه قضاؤها ودم محرم بالحج أحرم يوم النحر بحجة فإن كان حلق في الأولى لزمه الاخرى ولا شيء عليه وان لم يكن حلق في الأولى لزمته الاخرى وعليه شرح المتن واحدا وان طاف شوطين أو ثلاثة اشواط فما لم يطف اكثر الطواف فهو على هذا الاختلاف وان طاف اكثر الطواف للعمرة رفض الحج بالاجماع وان مضى فيهما اجزاه لأنه تحقق منه الأداء وان كان منهيا عنه وعليه دم بإدخال النقص بارتكاب المنهي عنه
قوله وعليه دم قصر أو لم يقصرالخ أما إذا قصر فلأنه لما لم يحلق في الأولى صار جامعا بين احرامي الحج فالبتقصير يتحلل عن الأولى وان لم يقصر فعند أبي حنيفة يلزمه ويجب الدم بسبب التأخير الحلق في حق الاحرام الأول وعلى قولها لا يجب بسبب التأخير شيء ومحمد ذكر التقصير مكان الحلق
قوله رجل فرغ الخ وجه لزوم الدم ان الجمع بين احرامي العمرة صار مدخلا للنقص منهما فصار ضامنا بالدم فذكر في الجمع بين احرامي العمرة رواية واحدة وفي الجمع بين احرامي الحج روايتين وجه رواية التي سوى فيها بين الحج والعمرة ان الجمع بين احرامي الحج غير مشروع كما ان الجمع بين احرامي العمرة غير مشروع ثم إذا جمع في العمرة صار مدخلا للنقص فيهما فكذا إذا جمع بين احرامي الحج وجه الرواية التي فرق ( وهو رواية هذا الكتاب ) ان في الحج لا يصير جامعا بين الاحرامين في الافعال لأنه يؤدي افعال الحجة الاخرى في هذه السنة وانما تؤدى في السنة الثانية فلا يصير جامعا بينهما في الفعل وأما في العمرة فيصير جامعا بينهما في العفل لأنه يؤدي العمرة الثانية في هذه السنة والحلق الواحد يكفي للخروج عن الاحرامين
قوله فهو رافض لان الجمع بينهما قد صح وصار قارنا ولكنه اساء واخطأ السنة هكذا ذكر في الاصل لأن السنة ادخال الحج على العمرة بالنص ولان في الاداء تقم افعال الحج على افعال العمرة فكذلك في الاحرام
____________________
(1/163)
دم قصر أو لم يقصر وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إن لم يقصر فلا شيء عليه رجل فرغ من عمرته الا التقصير فأحرم بأخرى فعليه دم لاحرامه قبل الحلق مهل بالحج أحرم بعمرة لزماه فان وقف بعرفات فهو رافض لعمرته وان توجه اليها لم يكن رافضا حتى يقف فإن طاف للحج ثم أحرم بعمرة فمضى عليهما اجزاه وعليه دم لجمعه بينهما ويستحب ان شرح المتن إلا ان ههنا لم يؤد افعال الحج فصح الالتزام لان الترتيب ان فات في حق الاحرام لم يفت في حق الافعال وكان يجب عليه تقديم افعال العمرة على افعال الحج فإذا وقف بعرفة بتعذر عليه اداء افعال العمرة فصار رافضا للعمرة فإن توجه إلى عرفات لم يكن رافضا حتى يقف الان القارن والمتمتع أم بتقديم افعال العمرة على افعال الحج والامكان باق ذكر الطحاوي ان القياس على قول أبي حنيفة ان يكون للعمرة رافضا بالتوجه إلى عرفات كمن صلى الظهر ثم سعى إلى الجمعة ولكنه استحسن ههنا وقال لا يصير رافضا والفرق هو ان مصلي الظهر مأمور بنقض الظهر بأداء الجمعة فلما صار ذلك مستحقا عليه وجب اتيانه بأدنى ما يمكن فأما المتمتع والقارن ممنوعان عن نقض العمرة بل امرا بتقديمها فإذا كان الشرع يمنع ذلك لم يجب ايتانه الا بأقصى ما يكون من نفس الوقوف لا بماله شبه بالوقوف وهوالتوجه
قوله لجمعه بينهمالأنه خالف السنة كقران المكي وإذا كان الدم واجبا عن كفارة لم يأكل منه
قوله وعليه دم لأنه فات الترتيب في الفعل وهو بدعة وفي الفصل الأول ( وهو ما إذا أحرم بالعمرة بعد احرام الحج ) قد فات الترتيب في الاحرام ولا ترتيب فيه
قوله وكذلك الخ لكن يلزمه الرفض ههنا لأنه ادى ركن الحج فصار هذا خطأ من كل وجه وان مضى عليهما أجزاء وعليه دم لجمعه بينهما
قوله فإنه يرفضهالان فائت الحج في احرام الحج يتحلل بأفعال العمرة كالمسبوق باق في حق التحريمة مقتديا حتى لا يجوز اقتداء غيره به وهو منفرد في
____________________
(1/164)
يرفض عمرته ويقضيها وعليه دم وكذلك ان اهل بعمرة بوم النحر في ايام التشريق محرم فاته الحج فأحرم أو حجة فأنه يرفضها * باب في الحلق والتقصير *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في معتمر طاف وسعى وخرج من الحرم وقصر قال فعليه دم وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) لا شيء عليه فإن لم يقصر حتى رجع فقصر فلا شيء عليه في قولهم جميعا قارن حلق قبل ان يذبح فعليه دمان وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) دم واحد حاج حلق في ايام النحر في غير المحرم فعليه دم والله اعلم بالصواب شرح المتن حق الافعال حنى لزمته القراءة فإذا أحرم بحجة رفع احرام الحج الحج وإذا أحرم بعمرة رفع افعال العمرة العمرة فأمر برفض كل منهما بعد صحة الالتزام لان الجمع بين الحجتين والعمرتين مكروه * باب في الحلق والتقصير *
قوله وقال ابو يوسفالخ له ان الحلق محلل من حيث أنه جناية فلا يتعلق ذلك بالمحرم وانما المناسك هي التي تتعلق بالحرم وإذا لم يتعلق به من حيث أنه جناية إذا لم يتعلق به من حيث أنه محلل وهما يقولان إن الحلق لما جعل محللا صار نسكا كالفعل الذي هو قربة بنفسه فأخص بالحرم كالذبح
قوله فعليه دمان لأنه يلزمه دم آخر لتأخير الذبح عن الحلق
قوله فعليه دم لم يذكر فيه قول أبي يوسف ومحمد فمنهم من قال ان هذا بلا خلاف لان السنة جرت في الحج بالحلق بمنا ومنا من الحرم ومنهم من قال هو على الاختلاف وهذا هو الاصح
____________________
(1/165)
* باب في الرجل يحج عن آخر *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجلين امرا رجلا ان يحج عن كل واحد منهما حجو فأهل بحجة عنهما فهو عن الحاج ويضمن النفقة رجل امر رجلا ان يقرن عنه فالدم على الذي أحرم وكذلك ان امره رجل ان يحج عنه وامره اخر ان يعتمر عنه واذنا له في القران فالدم عليه رجل أوصى ان يحج عنه فأحجوا عنه رجلا فأحصر شرح المتن * باب في الرجل يحج عن آخر *
قوله فهو عن الحاج الخ وهذا لأن الاستيجار على الحج وان كان لا يجوز عندنا ولكن إذا امر غيره بأن يحج عنه يجوز ويقع عن الآمر من وجه ومن المأمور من وجه بخلاف الصوم والصلاة فإنهما يقعان عن المأمور من كل وجه الا ان يصوم ويصلي ويتصدق فيجعل ثوابه لغيره وهذا جائز عند اهل السنة والجماعة بخلاف لبعض اهل القبلة لأنه جعل الثواب لغيره والثواب هو الجنة فقد جعل الجنة لغيره وليس له هذه الولاية قلنا ان النبي ( عليه السلام ) ضحى بكبشين املحين أحدهما عن نفسه والآخر عن امته ممن اقر بوحدانية الله تعالى وإذا صح اداء الحج عن الغير بالأمر فإذا امر رجلان ان يحج عنهما فلا شك أنه امر كل واحد منهما ان يخلص الحجة له من غير اشتراك فإذا أحرم عنهما صار مخالفا فيقع عن نفسه فيضمن النفقة ان انفق من مالهما لأنه خالف
قوله فالدم على الذي أحرم الدماء ثلاثة انواع منها ما يجب جزاء لجناية كدم الجماع وذلك على المأمور لأنه هو الجاني ومنها ما يجب نسكا كدم المتعة والقرآن وذلك على المأمور ايضا وما كان من المناسك فهو على المأمور لما وفقه الله على الجمع بين العبادتين ومنها ما يجب مؤونة كدم الاحصار فهذا على المحجوج عنه عند أبي حنيفة ومحمد لأنه هو الذي ادخله في العهدة وقال ابو يوسف يجب على الفاعل لأنه وجب بالتحلل كدم القران
قوله فعليهم أي على الأوصياء أو على الورثة ان يبعثوا بشاة أو بثمن
____________________
(1/166)
فعليهم ان يبعثوا الشاة من مال الميت فيحلوه بها وأما دم الجماع فعلى الحاج ويضمن النفقة رجل أوصى ان يحج عنه فأحجوا عنه رجلا فلما بلغ الكوفة مات أو سرقت نفقته وقد انفق النصف عن الميت من منزله بثلث ما بقي وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يحج عنه من حيث مات الأول رجل اهل بحجة عن ابويه اجزاه ان يجعله عن احدهما والله أعلم شرح المتن شاة لان نقل الشاة متعذر وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال مالك وابو يوسف يجب ذلك من مال الحاج لما قلنا أنه وجب بالتحلل
قوله من مال الميت قال بعضهم يريد به من الثلث لأنه صلة كالزكاة وغيرها وقال بعضهم من جميع المال لان ذلك وجب حقا المأمور فصار دينا
قوله وقال ابو يوسف ومحمدالخ واجمعوا على أنه لو كان في وطنه أو في غير وطنه لكنه خارج المصر إلى غير سفر الحج أنه يحج عنه من وطنه ولهما في الخلافية ان خروجه لم يبطل بموته قال اله تعالى ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع اجره على الله ولأبي حنيفة ان ما وقع من الخروج بطل لقوله ( عليه السلام ) كل عمل ابن آدم ينقطع بموته الا الثلاث ولد صالح يدعو له وعلم علمه الناس وصدقة جارية وإن سرقت نفقته وقد انفق النصف يحجج عن الميت بثلث ما بقي عند أبي حنيفة سواء اوصى بأن يحج عنه بثلث ماله او بأقل من ثلث ماله أو أوصى بأن يحج عنه ولم يقل شيئا لان الذي انفق أبي ان مات بمنزلة الضائع وعندهما يحج من الذي بقي من الثلث الأول ان أوصى ان يحج عنه بثلث ماله وإذا أوصى بأن يحج عنه من ثلث ماله أو أوصى بأن يحج عنه ولم يقل شيئا قال ابو يوسف كذلك وقال محمد مما بقي من المال المقدر للحج عنه ان بقي والا بطلت الوصية
قوله عن احدهمالان من حج عن غيره بغير امره لا يكون حاجا عنه لكن يكون جاعلا ثواب الحج له فإذا شرع عنهما لم يصح جعله لهما فيصح جعله بعد ذلك لاحدهما
____________________
(1/167)
* مسائل لم تدخل في الابواب *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في اهل عرفة وقفوا في يوم عرفة فشهد قوم أنهم وقفوا في يوم النحر اجزاهم رجل رمى في اليوم الثاني الجمرة الوسطى والثالثة ولم يرم الأولى واستفتى في يومه فإن رمى الأولى ثم الباقيتين فحسن وان رمى الأولى اجزاه رجل جعل لله عليه ان يحج ماشيا فأنه لا يركب حتى يطوف للزيارة رجل باع جارية محرمة أذن لها في ذلك فللمشتري ان يحللها ويجامعها رجل ذبح يوم النحر بعدما شرح المتن * مسائل لم تدخل في الابواب *
قوله اجزاهم بوجهين احدهما ان هذه شهادة قامت على النفي فلا يقبل الثاني ان الاحتراز عن الخطأ متعذر والتدارك غير ممكن فيسقط التكليف صيانة لجميع المسلمين عن الحرج وصورة الشهادة ان يشهدوا أنهم رأوا الهلال ليلة الثلاثين وكان اليوم الذي وقفوا فيه هو اليوم العاشر
قوله أجزاءعندنا خلافا للشافعي لأنه شرعت مرتبة كلها في اليوم الثاني ولنا ان رمي كل جمرة قربة فلا يتوقف الجواز على تقديم البعض على البعض
قوله فأنه لا يركب الخ خبره في الاصل بين الركوب والمشي اشار ههنا إلى الوجوب وهو الاصح هذا هو الاصل لأنه التزم القربة بصفة الكمال فلزمه بذلك الوصف
قوله وبجامعهاوفي بعض النسخ أو بجامعها فالمذكور ههنا يدل على أنه يحللها بغير الجماع بقص شعر أو بقلم ظفر ثم يواقعها بعد ذلك وتلك الرواية تدل على أنه يحللها بالمواقعة واختلف مشايخنا فيه فكره بضهم التحليل بالمجامعة تعطيما لامر الحج ولم ير بعضهم لان المجامعة لا يخلو من
____________________
(1/168)
صلى في احد المسجدين قبل الخطبة أجزاه والله اعلم شرح المتن تقديم مس يقع به التحليل فيصيبها بعد التحليل وانما كان للمشتري ان يحللها لأنه لم يأذن لها فلا يكون التحليل في حقه خلفا في الميعاد
قوله في احد المسجدين اطلقه ولم يقيده بالجباية فدل ذلك على أنه كله سواء لا يقع التفاوت بين ان يفرغ اهل الجباية دون اهل المسجد أو اهل المسجد دون اهل الجبانة أو اهل المسجدين فيجوز في الكل لان شرط جواز التضحية في المصر فراغ البعض ودلت المسئلة على ان اداءصلاة العيد في مصر واحد في موضعين على قول اصحابنا جائز خلافا في الجمعة
____________________
(1/169)
كتاب النكاح * باب في تزويج البكر والصغيرين *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في بكر قال لها وليها فلان يذكرك فسكتت فزوجها فقالت لا ارضى فالنكاح جائز وان فعل هذا غير ولي أو أولي غيره أولى منه لم يكن رضا حتى تتكلم رجل زوج ابنة اخيه ابن اخيه وهما صغيران جاز ولهما الخيار إذا بلغا شرح المتن * باب في تزويج البكر والصغيرين *
قوله في بكر قال لها وليها الخ ههنا مسئلتان سكت احداهما إذا مسكت عند الاستيعار من الولي والثانية إذا سكتت بعدما زوجها الولي حين بلغها الخبر والسكوت منها رضا في المسئلتين بالنص والمعقول
قوله غير ولي وهو الاجانب أو قريب ليس بولي كما لو كان عبدا أو كافرا أو مكاتبا أو كان واليا غيره أولى منه كالاخ مع الاب والعم مع الاخ ودلت الاحاديث على ان الاب لا يملك اجبار البكر البالغة على النكاح لان النبي عليه الصلاة والسلام ما اهدر رضاها لكن اقام السكوت مقام الرضا ولكن مع هذا إذا زوجها ينعقد النكاح ويتوقف على اجازتها فإذا بلغها الخبر فسكتت فقد رضيت وطريق وصول الخبر اليها ان يبعث الولي اليها رسولا عدلا كان أو غير
____________________
(1/170)
خلافا لأبي يوسف ( رحمه الله ) فإذا علمت بالنكاح فسكتت فهو رضا وان لم تعلم بالنكاح فلها الخيار حتى تعلم وللغلام الخيار ما لم يقل قد رضيت أو يجيء منه ما لم يعلم أنه رضا وكذلك الجارية إذا دخل بها الزوج قبل البلوغ وان مات احدهما قبل البلوغ ورثه الآخر وان زوج ابنته ابن اخيه فلا خنار لها ولابن الاخ الخيار وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) لا خيار لابن الاخ أيضا فإن رده لم يكن ردا حتى ينقصه القاضي رجل شرح المتن عدل فإن اخبرها الفضولي فلا بد من العدول والعدالة في قول أبي حنيفة ( رحمه الله ) وعندهما لا يشترط ذلك كما لا يشترط في الرسول
قوله جازه لان لغير الاب والجد ولاية تزويج الصغير والصغيرة عندنا خلافا للشافعي فإن كبرا فلهما الخيار عند أبي حنيفة ومحمد ( رحمهما الله ) خلافا لأبي يوسف فإن علمت بالنكاح وسكتت فهو رضا ويلزم العقد أما إذا لم تعلم بالنكاح فلها الخيار حتى تعلم أما إذا علمت وسكتت كان رضا اعتبارا بابتداء النكاح وأما إذا لم تعلم فالسكوت منها لا يكون لا يكون برضا لان الجهل بأصل النكاح عذر وإن علمت بالنكاح ولم يعلم بالخيار لم يعتبر هذا الجهل حتى لو سكتت كان رضا
قوله ورثه الآخر لأنه لما صح النكاح وجب الملك وهذا كاف للتوارث وأثبت خيار البلوغ للذكر والانثى جميعا لانم المعنى بجمعهما وهو مقصور الشفقة بخلاف خيار العتق حيث يثبت للانثى خاصة لان المعنى خاص فيها وهو زيادة الملك عليها فيثبت لها الخيار سواء كانت تحت عبد أو تحت حر
قوله حتى ينقضه القاضي على قول من يجعل له الخيار بخلاف خيار المخيرة والمعتقة فإن ثمة يرتقع النكاح بالرد لان النقض بخيار البلوغ كان للدفع عن ضرر خفي وهو قصور شفقة الولي فجعل الزأما في حق الخصم الاخر
____________________
(1/171)
زوج ابنته وهي صغيرة على عشرة دراهم ومهر مثلها الف أو زوج ابنا له وهو صغير بمائة الف ومهرمثلها عشرة آلاف جائز وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يجوز ان يحط من مهر الابنة ولا ان يزيد على الابن الا بما يتغابن الناس فيه رجل امر رجلا ان يزوج بنتا له صغيرة فزوجها والاب حاضر جازت شهادة المزوج وان كان الاب غائبا لم تجز نصراني له بنت صغيرة مسلمة فزوجها لم يجز رجل زوج بنته وهي صغيرة عبدا أو زوج شرح المتن والالزام يفتقر إلى القضاء وأما خيار العتق كان لدفع ضرر ظاهر وهو زيادة الملك عليها فكان دفعا والدفع لا يفتقر إلى القضاء
قوله وقال ابو يوسف ومحمدالخ لهما ان ولاية الاباء ما ثبتت الا بشرط النظر فلا يملك الاب كسائر الأولياء وهو الاخ والعم وغيرهما إذا فعلوا ذلك وكما في باب البيع ولأبي حنيفة ان النظر والضرر امران باطنان لا يمكن الوقوف عليهما فيبتني الحكم على السبب الداعى إلى النظر والحس هو قرب القرابة وبعدها وهذا في النكاح أما في البيع والتصرفات الواردة على المال لا يعتبر الا المالية حتى لو عرف سوء الاختيار من الاب مجانة أو فسقا كان عقده باطلا في هذا الباب
قوله والاب حاضر وإن كان غائبا لا يجوز أما إذا كان حاضرا فلأنه امكن جعل الاب مزوجا ومباشرا من كل وجه حكما لأنه يتصور حقيقة فكان العقد مضافا إلى الاب فبقي المزوج شاهدا ومعه رجل آخر واما إذا كان غائبا لم يجز لأنه لا يمكن جعله مزوجا ومباشرا من وجه حكما لأنه لا يتصور حقيقة فكان القول مضاف إلى المزوج فلا يصلح شاهدا وعلى هذا قالوا الاب إذا زوج بنته البكر البالغة بأمرها لحضرتها بشهادة رجل واحد جاز وان كانت غائبة لا يجوز
____________________
(1/172)
ابنه وهو صغير امة فهو جائز والله اعلم بالصواب * باب في الإكفاء *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهما ) قال قريش بعضهم اكفاء بعض والعرب بعضهم اكفاء لبعض ومن كان له ابوان في شرح المتن
قوله فهو جائزهذا قول أبي حنيفة وعلى قولهما لا يجوز وعلى هذا الخلاف التزويج من غير كفؤ وهو نظير الاختلاف في الترويج بالمهر بغبن فاحش كما مر * باب في الاكفاء *
قوله قريش الخ قال النبي صلى الله عليه وسلم قريش بعضهم اكفاء بعض بطن ببطن والعرب بعضهم اكفاء لبعض قبيلة بقبيلة والموالي بعضهم اكفاء لبعض رجل برجل وبهذا تبين ان الفضيله بين الهاشميين ساقطة في هذا الحكم ألا ترى ان النبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنته رقية ( رضي الله عنها ) من عثمان ( رضي الله عنه ) وكان امويا لا هاشميا وكذلك علي ( رضي الله عنه ) زوج ابنته ام كلثوم من عمر ( رضي الله عنه ) وكان عدويا لا هاشميا فثبت ان قريشا كلهم اكفاء وسواء في النكاح
قوله ومن كان له ألخ أي من كان له ابوان في الاسلام فصاعدا فهو كفؤ لمن كان له عشرة ابناء في الاسلام وكذلك من كان له ابوان في الحرية يكون كفؤا لمن كان عشرة ابناء في الحرية لان النسب يثبت بالاب وتمامه بالجد فلا يشترط الزيادة كما لا يشترط في باب السهادة ومن كان له اب واحد في الاسلام لا يكون كفؤا لمن كان له آباء في الاسلام أو ابوان وكذلك الحرية وروى عن أبي يوسف في غير رواية الاصول أنه يكون كفؤا
قوله إن لم يجد مهرا ولا نفقة حتى ولو وجد المهر ولم يجد النفقة أو على العكس لا يكون كفؤا وأراد بالمهر قدر ما تعارفوا تعجيله لان سواه مؤجل
____________________
(1/173)
الاسلام فصاعدا من الموالي فهم اكفاء ولا يكون كفوا في شيء ان لم يجد مهرا ولا نفقة والله اعلم * باب في الرجل يتزوج المرأة بغير وكالة والرجل يؤكل بالتزويج * محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل قال اشهدوا اني قد تزوجت فلانة فبلغها فأجازت قال فهو باطل وإن قال آخر اشهدوا اني قد زوجتها منه فبلغها فأجازت جاز وكذلك ان كانت المرأة هي التي قالت جميع ذلك وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) إذا شرح المتن عرفا وانما شرطت القدرة على المهر والنفقة فلأن المهر فلأنه يدل عما يملك عليها بالعقد البضع وأما النفقة فلا بد منها لأنها محبوسة لحقه * باب في الرجل يتزوج المرأة بغير وكالة والرجل يؤكل بالتزويج *
قوله جميع ذلك يعني قالت زوجت نفسي من فلان وهو غائب فبلغه الخبر فأجاز فهو باطل
قوله وقال ابو يوسف الخ وعلى هذا الخلاف إذا قال الفضولي أشهدوا اني قد زوجت فلانة من فلان فبلغها الخبر فأجاز لم يجز عند أبي حنيفة ومحمد وخلافا لأبي يوسف والحاصل ان الواحد يصلح وكيلا واصيلا من الجانبين أو اصيلا من جانب ووكيلا من جانب حتى نفذ العقد وأما الواحد هل يصلح فضوليا من الجانبين أو اصيلا من جانب فضوليا من جانب أو وكيلا من جانب فضواليا من جانب حتى يتوقف العقد وراء المجلس على اجازته فعند أبي حنيفة ومحمد ( رحمهما الله ) لا يصلح وعند أبي يوسف يصلح لأبي يوسف ان الواحد
____________________
(1/174)
زوجت نفسها غائبا فبلغه فأجازه جاز وكذلك ان زوجها وليها فبلغها فأجازت جاز رجل امر رجلا يزوجه امرأة فزوجه اثنين في عقدة لم تلزمه واحدة منهما امير امر رجلا ان يزوجه امرأة فزوجه امه لغيره جاز وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يجوز الا ان يزوجه كفؤا والله اعلم * باب في النكاح الفاسد * محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في امرأة شرح المتن يتولى العقد من الجانبين في باب النكاح فإذا كان فضوليا وجب ان يتوقف فصار هذا كالخلع والطلاق على مال حتى يتوقف على قبلها في غير المجلس فكذا هذا ولهما ان هذا شطر العقد وشطر العقد لا يتوقف على غير المجلس كالبيع فإذا كان غائبا كان شطرا وشطر العقد لا يتوقف ما وراء المجلس كالبيع الا إذا صار كل العقد موجودا حكما بحكم الولاية أو الامر لان كلامه بحكم الولاية والامر صار بمنزلة الكلامين فصار هو الشحصين فإذا انعدمت الولاية الأمر عاد الامر إلى حقيقته وهو كلام فرد حقيقة
قوله لم تلزمه واحدة منهما لأنه لا وجه إلى التزام كلتيهما لأنه خالف امره ولا وجه إلى التزام احداهما عينا لان احداهما ليست بأولى من الاخرى وفي المجهولة لا يفيد الملك
قوله وقال ابو يوسف ومحمد إلخ دلت المسئلة على ان عندهما الكفاءة معتبرة في النساء والرجال ايضا وذكر محمد في كتاب الوكالة ان اعتبار الكفاءة في النساء استحسان لهما ان النمطلق من كلام ينصرف إلى المتعارف والمتعارف التزوج بالاكفاء ولأبي حنيفة ان الكلام صدر مطلقا فيجري على اطلاقه في غير موضع التهمة والضرورة * باب في النكاح الفاسد *
قوله النكاح جائزوقال ابو يوسف فاسد لان هذا الحمل وإن كان من
____________________
(1/175)
تزوجت وبها حبل من الزنا قال النكاح جائز ولا يطأها حتى تضع وإن كان حملها ثابت النسب فالنكاح باطل وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) النكاح فاسد في الوجهين رجل تزوج امرأة من السبي وهي حامل فالنكاح فاسد رجل زوج ام ولده وهي حامل منه فالنكاح باطل رجل تزوج اختين في عقدتين لا يدري ايهما أول فرق بينهما ولهما نصف المهر رجل تزوج امة على حرة شرح المتن الزنا ولكنه محترم وامتناع النكاح على الحامل كان لحرمة الحمل وصيانته وقد وجد فصار كما لو كان الحمل ثابت النسب ولهما ان حرمة العقد كان لحق صاحب الماء وصيانته لا لمكان الحمل الا يرى أنه لو تزوجها من كان نسب الحمل ثابتا منه جاز وصاحب الماء لا حرمة له ههنا فلا تلزمه حرمة العقد
قوله فالنكاح فاسدلان في بطنها ولدا ثابت النسب من الحربي وان كان من زوج كافر
قوله فالنكاح باطل لأنها فراش لمولاها ولو صح النكاح حصل الجمع بين الفراشين وأنه يجوز بخلاف ما إذا لم تكن حاملا حيث يصح وإن كانت فراشا لمولاها حتى لو جاءت ولدا يثبت النسب منه من غير دعوة إلا أن فراشها ليس بفراش متأكد ولهذا ينتفي الولد بمجرد النفي من غير لعان فلا يعتبر هذا الفراش ما لم يتصل به الحمل
و قوله فرق بينهما ولهما نصف المهرلأنه وجب للأولى منهما وليست احدهما احق به فصار بينهما
قوله ولهما نصف المهرقال الفقيه ابو جعفر الهندواني معنى هذه المسئلة إذا ادعت كل واحدة منهما أنها الأولى ولا حجة لهما أما إذا قالتا لا ندري أي النكاحين أولا لم يقض القاضي لهما بشيء حتى يصطلحا على أخذ
____________________
(1/176)
في عدة من طلاق بائن لم يجز وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هو جائز رجل تزوج امرأة بشهادة الشهود عشرة أيام فهو باطل رجل تزوج صغيرة وكبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة ولم يدخل بالكبيرة وقد علمت الكبيرة ان الصغيرة امرأته فعليه للصغيرة نصف المهر ولا يرجع به على الكبيرة الا ان تكون تعمدت الفساد ولا شيء للكبيرة في الوجهين شرح المتن نصف المهر لان الحق وجب المجهولة فلا بد من الدعوى والاصطلاح ليقضي بينهما
قوله هو جائزوأجمعوا على ان العدة إذا كانت من طلاق رجعي لا يجوز لهما ان المحرم نكاح الامة على الحرة ولم يوجد قال النبي ( عليه السلام ) لا تنكح الامة على الحرة وتنكح الحرة على الامة فصار كما لو وطيء حرة بشبهة النكاح ثم تزوج امة في عدتها جاز كذا ههنا ولأبي حنيفة ( رحمه الله ) أ ن العدة من النكاح تعمل عمل النكاح في التحريم كتحريم نكاح الاخت في عدة الاخت
قوله فهو باطل لأن هذا عقد متعة وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا وقال زفر ( رحمه الله ) أنه صحيح لأنه اتى بالايجاب والقبول والشرط فصح الايجاب والقبول وبطل الشرط
قوله فعليه للصغيرة نصف المهر الخ وأما فساد النكاح فلأنهما صارتا أما وبنتاه وما بطلان مهر الكبيرة فلأن الفرقة جاءت من قبلها قال وهذا اصل وهو ان الفساد متى جاء نم قبل المرأة قبل الدخول بحيث لو ارتدت أو قبلت ابن زوجها له أو اختارت نفسها عند البلوغ إذا كان المزوج غير الاب والجد فأنه لا يجب المهر في هذه المواضع كلها ووجوب نصف المهر للصغيرة لان الفرقة جاءت من قبل غيرها فأما عدم الرجوع على الكبيرة فلأنها ما تعمدت الفساد فإن لم تعلم الكبيرة بنكاح الصغيرة أو علمت لكنها قصدت دفع الجوع دون الفساد لم يرجع عليها بشيء لأنها مسببة وضمان التسيب بتبني على التعدي ولم يوجد
____________________
(1/177)
رجل ادعى على امرأة أنه تزوجها وأقام بينة فجعلها القاضي امرأته ولم يكن تزوجها وسعها المقام معه وان تدعه يجامعها غلام لم يبلغ ومثله يجامع جامع امرأته وجب عليها الغسل وأحلها ذلك لزوج قد طلقها ثلاثا
امرأة مست رجلا بشهوة حرمت عليه امها وابنتها رجل تزوج اخت امة له وقد وطئها لم يطأ التي تزوج حتى يخرج التي وطأ عن ملكه ولا يطأ الامة وإن كان لم يطأ التي تزوج رجل تزوج امرأة فأغلق بابا وأرخى سترا شرح المتن
قوله وسعها المقام معه وهذا عند أبي حنيفة ( رحمه الله ) وهو قول أبي يوسف ( رحمه الله ) الأول وفي قوله الاخر وهو قول محمد والشافعي ( رحمهما الله ) لا يسعه ان يطأها وهي مسئلة معروفة بالخلافيات وهي ان قضاء القاضي في العقود والفسوخ ينفذ ظاهرا وباطنا عند أبي حنيفة ( رحمه الله ) وعندهما ينفذ ظاهرا لا باطنا
قوله واحلهاالخ لأنهما يتعلقان بالجماع وقد وجد فإن قيل الغسل انما يجب بسبب الجماع الذي هو سبب نزول الماء وجماع الغلام ليس بسبب لنزول الماء قيل له هو بسبب نزول الماء في حقها وحاجتنا إلى اثبات الحكم في جانبها
قوله لم يطأالخ لان الامة موطوءة حقيقة والمنكوحة بمنزلة الموطوءة حكما بواسطة حكم النكاح فأيتهما وطئت كان جمعا بينهما وطأ وهو حرام بالنص وهو قوله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمعن ماءه فيرحم الاختين إلا أن يزيل الامة عن ملكه فسقط اعتبار وطئها فيطأ المنكوحة وإن كان لم يطأ المملوكة يطأ التي تزوج لأنه لا يصير جامعا بينهما وطأ
قوله حتى تنقضي عدتهالان الخلوة الصحيحة قامت مقام الوطئ في حق تأكد المهر ووجوب العدة
____________________
(1/178)
ثم طلقها وقال لم اجامعها وصدقته أو كذبته لم يتزوج اختها حتى تنقضي عدتها
رجل رأى امرأة تزني فتزوجها فله ان يطأها ولا يستبرئها وكذلك رجل وطأ امته ثم زوجها رجلا والله اعلم * باب في المهور *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل تزوج امرأة ثم اختلفا في المهر قال القول قول المرأة إلى مهر مثلها والقول شرح المتن
قوله ولا يستبرئهاوقال محمد ( رحمه الله ) لا احب ان يطأها حتى يستبرئها لأنه لو تحقق الحمل حرم الوطئ لما فيه من سقي مائه وزرع غيره فإذا احتمل وجب التنزه ولهما ان الشرع ( ما شرع ) النكاح الا على رحم فارغ فقام جواز النكاح مقام الفراغ * باب في المهور *
قوله القول قوله ولا يجعل مهر المثل حكما لان تقويم البضع امر ضروري فلا يصار اليه ما أمكن ولان المرأة تدعي المهر عليه فيكون القول قوله الا إذا كذبه الظاهر فحينئذ لا يقبل قوله وهما يقولان أنهما اختلفا في ما له قيمة شرعا فوجب الرجوع إلى ما هو الاصل
قوله الا ان تأتي بشيء من قليلالمراد به ما لا يتعارف مهرلا مثل لانا جعلنا القول قوله بشهادة الظاهر وقد ادعى خلاف الظاهر فلا يصدق
قوله وقال محمد رحمه الله الخ هذه المسئلة تبتني على مسئلة اخرى وهي ان من تزوج امرأة على هذا العبد فإذا هو حر قال ابو حنيفة ومحمد لها مهر المثل وقال ابو يوسف لها قيمة الحر لو كان عبدا ولو تزوجها على هذا الدن من الخل فإذا هو خمر قال ابو حنيفة لها مهر المثل وقال ابو يوسف لها قيمة
____________________
(1/179)
قول الزوج فيما زاد وان طلقها قبل الدخول بها فالقول قوله في نصف المهر هو قول محمد ( رحمه الله ) وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) القول قوله بعد الطلاق وقبله الا ان يأتي بشيء قليل
رجل تزوج امرأة على هذين العبدين فإذا أحدهما حر فليس لها الا الباقي إذا ساوى عشرة دراهم ولها في قول أبي يوسف ( رحمه الله ) العبد وقيمة الحر عبدا وقال محمد ( رحمه الله ) لهما العبد الباقي وتمام مهر مثلها شرح المتن الخمر لو كان خلا وقال محمد لها مثل الدن من الخل فأبو حنيفة اعتبر الاشارة وابو يوسف اعتبر المسمى ومحمد توسط بينهما ولأبي حنيفة في مسئلة الكتاب أنه لما كان الواجب تسليم العبد فإذا وجد العبد حرا وجب مهر المثل وقد وجد في هذه المسئلة احد العبدين حرا وهو المسمى فلا يجب مهر المثل لأن وجوب المسمى وان قل يمنع وجوب مهر المثل كما لو تزوج المرأة على ثوب قيمته خمسة دراهم لا يجب مهر المثل وإنما يجب الثوب وخمسة دراهم حتى يتم العشرة وههنا العبد الباقي يساوي عشرة دراهم فاكتفى به وابو يوسف يقول اطعمها في سلامة العبدين وقد عجز عن تسليم احدهما فتجب قيمته ومحمد يقول لو كانا حرين يجب تمام مهر المصل فإذا كانت احدهما عبدا وجب العبد وتمام مهر المثل إذا لم يكن قيمة العبد مثل مهر المثل
قوله فلها ألأف فعند أبي حنيفة الشرط الأول جائز والثاني فاسد وقال زفر الشرطان فاسد أن والمسئلة تأتي في كتاب الاجارات من هذا الكتاب
قوله في ذلك كله لان الجهالة لا يمنع وجوب المهر فوجب المهر فإذا وجب المهر وجب ما هو المتيقن وهو الأوكس ولهذا لو طلقها قبل الدخول وجب نصف الأوكس بالاجماع ولأبي حنيفة ان مهر المثل الواجب الاصلي في باب النكاح الا إذا صحت التسمية ولم تصح التسمية فيجب مهر المثل ومهر
____________________
(1/180)
إن كان مهر مثلها اكثر من العبد كذلك إذا تزوجها على بيت وخادم والخادم حر رجل تزوج امرأة على ألأف درهم إن أقام بها وعلى الفين ان اخرجها فإن أقام بها فلها الف وان اخرجها فلها مهر مثلها لا يزاد على الفين ولا ينقص عن الف وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) الشرطان جميعا جائزان شرح المتن المثل لا يعتبر بالطلاق قبل الدخول بها فيجب ما هو المتيقن وهو نصف الأوكس وأنه فوق المتعة
قوله ان يبلغوا بها مهر مثلهاوقال ابو يوسف ومحمد ليس لهم ذلك قال بعض المشايخ الصحيح هو قول أبي يوسف لان النكاح بغير ولي صحيح عنده فأما عند محمد لا يصح فلا يكون نافذا اصلا فكيف يتصور الإختلاف عنه وتفسيره في مسئلة ذكرها في كتاب الاكراه أن ولي المرأة والمولى عليها إذا اكرها على النكاح ثم زال الاكراه بعد العقدفإن كان الزوج غير كفؤ والمهر وافرا كان للولي ان يرد النكاح وكذا لها ان ترد النكاح فإن رضي احدهما لم يبطل حق الاخر وان كان كفؤا والمهر قاصرا فللمرة ان ترده فكذا للولي فإن رضيت فللولي رده عند أبي حنيفة وقال ابو يوسف ومحمد ليس له رده وقال بعضهم لا حاجة إلى هذا التفسير بل يحمل على القول المرجوع عنه فأنه صح رجوعه عنه إلى قولهما وقد بينا هذا في مسئلة النكاح بغير ولي في شرح المختصر لهما ان المهر حق المرأة فيصح الحط لأنها تصرفت في خالص حقها ولأبي حنيفة أنها اضرت بالأولياء لأنهم يتفخرون بغلاء المهر ويتعيرون بضده
قوله فلها المتعة هذا قول أبي حنيفة ومحمد وهو قول أبي يوسف الاخير وكان ابو يوسف يقول أولا لها نصف العبد لأنه نصف المفروض وانا نقول الغرض تعيين مهر المثل لأنه مان واجبا قبله فنزل المعين منزلة مهر المثل ومهر المثل لا ينتصف فكذا ما نزل منزلته
____________________
(1/181)
رجل تزوج امرأة على هذا العبد أو هذا العبد فإن كان مهر مثلها اقل من أوكسهما فلها الأوكس وإن كان اكثر من ارفعهما فلها الارفع وان كان بينهما فلها مهر مثلها وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لها الأوكس في ذلك كله وإن طلقها قبل الدخول بها فلها نصف الاوكس في ذلك كله امرأة تزوجت تفؤا بأقل من مهر مثلها فللأولياء ان يبلغوا بها مهر مثلها رجل تزوج امرأة على غير مهر ثم جعل لها هذا العبد مهرا فهو شرح المتن
قوله فلها ان تمنع لأن الوطء تصرف في البضع المحترم فلا يجوز اخلاءه عن العوض فإذا منعت عن الوطئ فقد منعت عن الزواج بما يقابله ولهما ان المعقود عليه كله صار مسلما برضاها فبطل حقها في الحبس فإن منعت نفسها فلها النفقة والسكنى حتى تستوفي مهرها عند أبي حنيفة ( رحمه الله ) وقالا لا نفقة لها وكان الشيخ الأمام ابو القاسم الصفار البلخي يفتي في المنع بقول أبي يوسف ومحمد وفي السفر بقول أبي حنيفة وأنه حسن
قوله رجع عليهالان الموهوب مثل المهر حقيقة لا عينه حتى لا يلزمها رد عين ما قبضت وحق الزوج في سلامة نصف الصداق وإذا لم تقبض شيئا حتى وهبت الكل لا يرجع بشيء عندنا
قوله لم يرجع لأنه سلم له عين حقه فوجب له البراءة عن المطالبة في أوأنه لان عين حقه ما بقي في ذمته لان ما دفع إلى المرأة الظاهر أنه حقها فلا يرجع عليها بشيء ولو مان المهر عرضا فقبضت أو لم تقبض فوهبت له ثم طلقها قبل الدخول لم يرجع عليها بشيء بالاتفاق لان الموهوب عين المهر وقد سلم له حقه
____________________
(1/182)
جائز فإن طلقها قبل الدخول بها فلها المتعة امرأة قد دخل بها فلها ان تمنع نفسها حتى تأخذ المهر ولها ان تمنعه ان يخرجها للسفر وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إذا دخل بها فليس لها ان تمنع نفسها
رجل تزوج امرأة على الف درهم فقبضتها ووهبتها ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بخمس مائة فإن لم تقبض الالف وقبضت خمس مائة فوهبت له الالف ثم طلقها قبل الدخول لم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يرجع عليها بنصف ما قبضت وإن تزوجها على عرض فقبضت أو لم تقبض فوهبته له ثم طلقها قبل الدخول بها لم يرجع عليها بشيء في قولهم جميعا رجل تزوج امرأة شرح المتن
قوله فإن كان حراالخ اتفق اصحابنا على ان عين خدمة الحر لا يصير مستحقا بالنكاح للحرة وقال الشافعي ( رحمه الله ) لها خدمته سنة لان الخدمة مال عند العقد بالاجماع حتى لو تزوج امرأة على خدمة حر آخر برضاه جاز وصار مهرا ولو تزوج امرأة على رعي غنمها هذه السنة أو زراعة ارضها هذه السنة صح بالاجماع فكذا الخدمة فصار هذا كما لو كان الزوج عبدا وانا نقول بأن المسمى لا يصلح مهرا لأنه حرام على الزوج في الشرع لأنه مالكها وهو اقوم يليها بخلاف خدمة حر آخر فأنه ليس فيه المناقضة وبخلاف رعي الغنم لأنه ليس خدمة مناقضى اييضا لأنه لا بأس بالقيام بأمور الزوجات وإنما الحرام هو الخدمة وبخلاف ما لو كان الزوج عبدا فأنه خدمته تصلح مستحقة لها بالنكاح لان خدمته لها جائزة لأنه بمنزلة الاموال يباع في السوق وقد سلبت عنه جميع الكرامات فلم تحرم الخدمة وإنما تحرم خدمة الحر لشرف الحر كرامة وقال محمد ( ( رحمه الله ) ان المسمى مال متقوم فصحت التسمية الا أنه عجز عن التسليم فقامت القيمة مقامها كما لو تزوجها على خدمة عبد الغير ولم يرض به ذلك الغير فيجب قيمة الخدمة ولأبي حنيفة ( رحمه الله ) ان المسمى لا يصلح مستحقا لها بحال فلا تقوم القيمة بحال مقامها
قوله في الوجهين لأن مهر المثل وجب بالنكاح فيبقى بعد الموت
____________________
(1/183)
على خدمتها سنة فإن كان حرا فعليه مهر مثلها وان كان عبدا فلها خدمته وقال محمد ( رحمه الله ) لها في الحر قيمة الخدمة
رجل وامرأته قد ماتا وقد سمى لها مهرا فلورثتها ان يأخذوا ذلك من ميراث الزوج وإن لم يكن سمى لها مهرا فلا شيء لورثتها وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمه الله ) لورثتها المهر في الوجهين جميعا رجل تزوج امرأة على هذا العبد فإذا هو حر أو على هذا الدن من الخل فإذا هو خمر عند شرح المتن كالمسمى وصار هذا كما إذا مات احدهما ولأبي حنيفة ( رحمه الله ) ان القاضي عجز عن القضاء بمهر المثل لأنهما إذا ماتا فالظاهر موت اخراهما فبمهر مثل من يقدر ولا كذلك إذا مات احدهما
قوله قالقول قوله لأن المملك هو الزوج فيكون هو اعلم بجهة التمليك فوجب المصير إلى قوله الا في ما صار مكذبا عرفا
قوله نصراني الخ وكذا الحربي وهو قول أبي يوسف ومحمد ( رحمه الله ) في الحربيين وأما في الذمية فلها مهر المثل إن دخل بها أو مات عنها والمتعة إن طلقها قبل الدخول وقال زفر ( رحمه الله ) في الحربية لها مهر المثل أيضا فزفر سوى بينهما في الوجوب وابو حنيفة ( رحمه الله ) سوى بينهما في عدم الوجوب وهما فرقان وقالا في الذمية إن وجوب المهر إذا سكت عنه العاقد أو ونفى عنه حكم من احكام الاسلام واحكام الاسلام جارية على اهل الذمة في دار الاسلام غير جارية على اهل الحرب في دار الحرب ولأبي حنيفة ( رحمه الله ) ان العمل بديانتهم في ما يحتمل الصحة واجب كما قلنا في الخمور والخنازير وهذا الحكم من جنس ما ان يكون صحيحا وذكر في الكتاب تزوجها على غير مهر وذلك يحتمل النفي والسكوت عن ذكر المهر فالنفي على الاختلاف لا محالة وأما السكوت فإنه يرجع فيه إلى دينهم فإن دانوا أنه لا يجب الا بالنص عليه كان على الاختلاف وإن دانوا أنه يجب الا ان ينفى
____________________
(1/184)
أبي حنيفة رضي الله عنه يجب مهر المثل وعند أبي يوسف ( رحمه الله ) في العبد القيمة وفي الدن الخل ومحمد ( رحمه الله ) مع أبي حنيفة رضي الله عنه في الحر ومع أبي يوسف ( رحمه الله ) في الدن
رجل بعث إلى امرأته بشيء فقالت هو هدية فقال الزوج هو من المهر فالقول قوله أنه مهر الا في الطعام الذي يؤكل فإن القول قولها نصراني تزوج نصرانية على ميتة أو على غير مهر وذلك في دينهم جائز فدخل بها أو طلقها قبل الدخول أو مات عنها فليس لها مهر وكذلك شرح المتن
قوله فلها الخمر والخنزيرالخ لأنها وان اسلمت لكن هذا بقاء على ملك الخمر وابتداؤه كالمسلم يسترد الخمر المغصوب في حالة كفره
قوله وقال محمدالخ أما الكلام في العين فهما يقولان القبض مؤكد للملك فيمتنع الملك بسبب الاسلام كابتداء الملك ولأبي حنيفة الثابت بالقبض صورة اليد فلا بأس بها بعد الاسلام ثم قال ابو يوسف لما كان بالتسليم حكم الابتداء من وجه الحقناه بابتداء التسمية بعد الاسلام وهو باطل فوجب مهر المثل ومحمد يقول ان التسمية صحت الا أنه عجز عن التسليم شرعا بشبهة الابتداء فقامت القيمة مقامها وابو حنيفة يقول الامر كما قال محمد في الخمر أما في الخنزير فلا لأن قيمة الخنزير لها حكم الخنزير من فوجه فوب مهر المثل
قوله فلها نصف المهرلان الاحرام واجب فرضا كان أو نفلا فيمنع صحة الخلوة وكذلك صوم رمضان يمنع صحة الخلوة لأنه لا يحل له الابطال الا بعذر وأما صوم التطوع لا يمنع صحة الخلوة لأنه يحل له ابطاله ومنهم من قال يمنع صحة الخلوة لأنه لا يحل له الابطال الا بعذر والأول اصح لأنه نص في المنتقى ان من صام تطوع له ان يفطر بغير عذر هكذا قال الشيخ الإمام الاجل برهان الائمة وأما المرض فمرضها متنوع إن كان ال يؤثر في المواقعة ولا
____________________
(1/185)
الحربيان في دار الحرب وهو قول أبي يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) في الحربيين وأما الذميان فلها مهر مثلها والمتعة ان طلقها قبل الدخول بها
ذمي تزوج على خمر أو خنزير بعينه أو بغير عينه ثم اسلما أو اسلم احدهما فلها الخمر والخنزير ان كان بعينهما ولها في الخمر القيمة وفي الخنزير مهر مثلها إذا كان بغير عينه ولها في الوجهين مهرمثلها على قول أبي يوسف ( رحمه الله ) وقال ابو محمد ( رحمه الله ) لها القيمة في الوجهين
رجل خلا بامرأته واحدهما محرم بفرض أو تطوع أو صائم في رمضان أو مريض لا يقدر على الجماع أو هي حائض ثم طلقها فلها نصف المهر وإن كان احدهما صائما تطوعا فلها المهر كله محبوب خلا بامرأته ثم طلقها فلها المهر كاملا وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) شرح المتن يلحقها ضرر لا يمنع صحة الخلوة فإن كان يلحقها بذلك ضرر يمنع صحة الخلوة لان الاضرار بها حرام وأما مرضه فقد قيل بأنه متنوع ايضا ان كان لا يلحقه ضرر بذلك لا يمنع صحة الخلوة وإن كان يلحقه بذلك ضرر حينئذ يمنع صحة الخلوة لأنه يكون مانعا طبعا وقال بعضهم كل مرض من جانبه يمنع صحة الخلوة لأنه يلحقه بذلك لا محالة وأما الحيض والنفاس يمنع صحة الخلوة لأنه مانع طبعا وشرعا
قوله لها نصف المهرلان عجز المجبوب فوق عجز المريض وله ان الجب لا يمنع تسليم المبدل وهي منفعة المساس والسحق فيجب تسليم البدل
قوله وليس بقياس والقياس ان لا يجب لان هذا طلاق قبل الدخول فلا يجب به العدة كما لو كان قبل الخلوة وجه الاستحسان أنه يتوهم الدخول في
____________________
(1/186)
لها نصف المهروعليها العدة في هذه المسائل احتياطا وليس بقياس ذكره في كتاب الطلاق * باب تزويج العبد والأمة *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل له عبد فتزوج بغير اذن مولاه فقال المولى طلقها أو فارقها قال ليس هذا شرح المتن هذه المواضع كلها والعدة فيها خلق الله تعالى وحق الولد فيحتاط فيها إذا وقع الشك في وجوبها * باب في تزويج العبد والأمة *
قوله ليس هذه اجازة لأنه يحتمل الرد لان هذا العقد يسمى طلاقا
قوله فهذا اجازة لأنه لما قيدها بالرجعة لا يحتمل الا الإجازة
قوله فالاذن في العزل إلى المولى هذه المسئلة تبتنى على جواز على جواز العزل عند عامة العلماء خلافا لبعض الناس الا ان في الحرة لا يباح عزلها الا برضاها لان لها حقا في الولد فلا يجوز تنقيص حقها الا برضاها وأما في الامة المملوكة لا يشترط رضاها لأنه ليس لها حق في الولد وقضاء الشهوة وفي الامة المنكوحة اختلفوا قال ابو حنيفة ( رحمه الله ) الاذن في العزل إلى المولى وقالا إليها لان الوطئ حقها لأنها هي التي تقضي شهوتها دون مولاها ولأبي حنيفة ان العقد ورد على ملك المولى والولدحق المولى فيشترط الرضاء من المولى وان كان قضاء الشهوة حقها ولكن حقها في اصل الشهوة وهو الجماع لا في وصفه وهو انزال الماء في رحمها وما هو اصل حقها يحصل بالجماع
قوله القول قول المولى لان الاختلاف وقع في اثبات النكاح ابتداء لا في انقضاء عدتها ظاهرا وذلك إلى المولى ولهذا أبي ابو حنيفة القضاء بالنكول في هذه الصورة وشبهه بابتداء النكاح ولأبي حنيفة ان الرجعة امر يتبنى على العدة وفي ذلك القول قولها فكذلك في ما يبتنى على العدة
____________________
(1/187)
باجازة وإن قال طلقها تطليقة تملك الرجعة فهذا اجازة رجل تزوج امة بالاذن في العزل لابى المولى وان طلقها وقال قد راجعتك في العدة وانكرت وصدقة المولى فالقول قولها
وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) القول قول المولى وان قالت قد انقضت عدتي وقال الزوج أو المولى لم تنقض فالقول قولها رجل قال لعبده تزوج هذه الامة شرح المتن
قوله فالقول قولهالأنها عالمة بها فكان ما تقوله عن علم
قوله وقال ابو يوسف ومحمدالخ اصل المسئلة ان الاذن بالنكاح ينصرف إلى الجائز والفاسد جميعا عندا أبي حنيفة ( رحمه الله ) وقالا ينصرف إلى الجائز دون الفاسد وتبنى على هذا لو جدد العبد نكاح هذه المرأة على الصحة لا ينفذ عند أبي حنيفة لان الاذن بالنكاح قد انتهى وعندهما ينعقد لان الاذن بالنكاح باق بالنكاح المطلق لهما ان المقصود من النكاح في المستقبل الاعفاف وذلك انما يحصل بالجائز الذي يوجب الملك ولهذا لو حلف ان لا يتزوج لا يحنث بالنكاح الفاسد بخلاف البيع حيث ينصرف إلى الجائز والفاسد جميعا لان بعض المقاصد بحصل بالبيع الفاسد من ملك الاعتاق وملك التصرفات ولأبي حنيفة ( رحمه الله ) ان الحاجة إلى إذن المولى لتعلق المهر برقبته لأنه هو اهل في نفسه من حيث الادمية والفاسد فيه مثل الجائز بالدخول ولكن هذا التعليل لا يوافق اصل مذهبنا لان العبد كالوكيل في النكاح والمولى مالك الانكاح على العبد فوجب ان يتعرض باطلاق الاذن فنقول الاذن مطلق والمطلق يقع عليهما كما في البيع
قوله فلها المهرلان القتل موت في حقها والموت مؤكد للمهر فلا يسقط شيء من مهرها كما لو ماتت حتف نفسها وإما في الامة فهما سويا في الموضعين بعدم السقوط وابو حنيفة فرق ووجه الفرق ان القتل ليس موتا في حق القاتل بل هو قطع للبقاء في حقه ولهذا اخذ بالقصاص وحرمان الميراث والكفارة وان كان في حق الله تعالى ميتا بأجله واحكام القتل في قتل المولى امتة ثابتة ولكن لم يجب القود لعدم الفائدة ولا كذلك الحرة فإنها لا يضاف القتل اليها لا حقيقة ولا حكما
____________________
(1/188)
فتزوجها نكاحا فاسدا ودخل بها فإنه يباع في المهر وقال في المهر وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يؤخذ منه إذا اعتق
رجل زوج امته ثم قتلها قبل ان يدخل بها زوجها فلا مهر لها وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) عليه المهر لمولاها وان قتلت حرة نفسها قبل ان يدخل بها زوجها فلها المهر في قولهم امة تزوجت بغير اذن سيدها على الف ومهر مثلها الف فدخل بها الزوج ثم اعتقها مولاها فالنكاح جائز ولا خيار لها والمهر للمولى وان لم يدخل بها حتى اعتقها فلا خيار لها ولها الالف رجل زوج عبدا مأذونا له عليه دين فالمرأة شرح المتن
قوله فالنكاح جائزلأنها من اهل العبارة بدليل أنها تملك النكاح بالاذن لكن لم يجز النكاح ابتداء لقيام حق المولى فإذا زال بالاعتاق جاز ولا خيار لها لان النكاح انما جاز لها لان المانع قد زال بالعتق فصار جائزا عند العتق وبعد الجواز لم يزد عليه الملك والمهر للمولى لأنه استوفى منفعة مملوكة للمولى فيكون بدلها له
قوله فالمرأة أسوء الغرماء يريد به إذا كان النكاح بمهر المثل أو دونه لأنه لزمه بحكم لا مرد له وهو صحة النكاح فشابه بدين الاستهلاك
قوله فلها الخيارلان النبي صلى الله عليه وسلم خير بريرة وهي مكاتبة عائشة ( رضي الله عنه ) ولان ثبوت الخيار معلول بزيادة الملك وقد وجد ذلك في حق المكاتبة
قوله والا فلالان النفقة انما تجب عندنا جزاء للحبس ولا يستحق ذلك على الامة لان ملكه في الرقبة والمنافع باق فكان مقدما عليه فإذا بواها معه بيتا فقد ابطل حقه ووجب الحبس فوجب جزاءه
قوله لم تصر أم ولد له لعدم الملك له فيها وعدم الملك لعدم
____________________
(1/189)
أسوة الغرماء في حقها ومهرها مكاتبة تزوجت بإذن المولى فأعتقت فلها الخيار رجل تزوج أمة فإن بواها المولى معه بيتا فلها النفقة والسكنى وإلا فلا
رجل وطئ امة ابنه فولدت منه فهي ام ولد له وعليه قيمتها ولا مهر عليه فإن كان الابن زوجها اياه فولدت لم تصر ام ولد له ولا قيمة عليه وعليه المهر وولدها حر حرة تحت عبد قالت لمولاه اعتقه عني بألف ففعل فسد النكاح والولاء لها وإن قالت اعتقه عني ولم يسم مالا لم يفسد النكاح شرح المتن الحاجة وعدم الحاجة لاستغنائه بملك النكاح
قوله وولدها حر يريد أنه يعتق على الاخ بالقرابة لان الولد علق رقيقا لان الام مملوكة له والولد بتبع الام في الحرية والرقبة جميعا الا أنه يعتق على الاخ بالقرابة
قوله فسد النكاح الخ هذا عندنا خلافا لزفر لأنه يثبت الملك سابقا بطريق الإقتضاء وزفر لا يقول بالاقتضاء
قوله لم يفسد النكاح والولاء في هذه الصورة للمعتق وقال ابو يوسف يفسد للولاء لها زفر سوى بينهما في عدم الفساد وابو يوسف سوى بينهما في الفساد وهما فرقا بين طلب العتق بعوض وبغير عوض
____________________
(1/190)
كتاب الطلاق * باب طلاق السنة *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل قال لامرأته وهي من ذوات الحيض أنت طالق ثلاثا للسنة ولا نية له فهي طالق عند كل طهر تطليقة فإن نوى ان تقع الثلاث ساعات أو رأس كل شهر واحدة وقعن على ما نوى وإن كانت آيسة أو كانت من ذوات الشهور * باب طلاق السنة *
قوله عند كل طهرالخ الان السنة في الايقاع تفريقها على الاطهار
قوله وقعن على ما نوى لأنه نوى ما يحتمله اللفظ وقال زفر لا يصح لأنه نوى ضد السنة وإنا نقول بأنه لما نوى الثلاث فقد نوى السنة من طريق الوقوع دون الايقاع فكان المنوي من محتملات لفظه فيصح وكذلك إذا نوى ان يقع عند رأس كل شهر تطليقة واحدة لان ذلك يحتمل ان يقع في الطهر فيكون سنيا في الوقوع والايقاع وقد يحتمل ان يقع في الحيض فيكون سنيا في الوقوع دون الايقاع
قوله لا تطلق الا واحدة وذلك لان الاصل في الطلاق الخطر
لقوله ( عليه الصلاة والسلام ) ابغض الحلال إلى الله الطلاق وقد ورد الشرع بالتفريق
____________________
(1/191)
وقع الساعة الواحدة وبعد شهر اخرى وبعد شهر اخرى وان نوى الثلاث الساعه وقعن وتطلق الحامل للسنة واحدة وبعد شهر اخرى وبعد شهر اخرى وهو قول ابو يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) لا تطلق الا واحدة وهو قول زفر ( رحمه الله ) رجل قال كل امرأة اتزوجها فهي طالق فتزوج امرأة فطلقت ثم تزوجها لم تطلق وان قال كلما تزوجت شرح المتن على فصول العدة لقوله تعالى فطلقوهن لعدتهن ففي ذوات الاقراء فرق على الاطهار وفي الايسة والصغيرة على الاشهر لأنها في حقهن كالقرء في حق ذوات الحيض والشهر في حق الحاصل ليس من فصول العدة لان مدة الحامل وان صارت طويلة ليس من فصول العدة فإنه طهر واحد حقيقة وحكمان فلا تطلق الا واحدة ولهما ان اباحة الطلاق لعلة الحاجة والشهر دليلها فيقع الطلاق فيه كذا في شروح الهداية
قوله لم تطلق لأن كلمة كل أوجبت عموم النساء لا عموم التزوج
قوله فهو ابنه لأنها لما جاءت بولد لستة اشهر من حين تزوجها ظهر أنهنا جاءت بولد لاقل من ستة اشهر من وقت الطلاق والولد لا يحصل الاقل من ستة اشهر فكان العلوق قبله ويتصور ان يكون من الزوج فصارت المرأة فراشا له لان الطلاق واقع بعد النكاح لان الجزاء يوجد بعد الشرط وأما كمال المهر لانا لما اثبتنا النسب منه جعلناه واطئا بعد النكاح قبل الطلاق والطلاق بعد وطأ الزوج يوجب كمال المهر فإن قيل كيف يتصور جعله واطئا ولا يتصور منه الوطئ في تلك الساعة اللطيفة قيل له لما اقام الفراش مقام الوطئ حكما فإذا وجد الفراش وجد الوطئ حكما فإن قيل مع قيام الفراش احتمال نزول الماء حقيقة شرط ولم يوجد ولهذا لو جاءت امرأة الصبي بالولد لا يثبت منه ولا احتمال للماء ههنا لأنه لا بد للنكاح ثم الوطئ ثم الطلاق ثم مضي ستة اشهر لوضع الحمل وقد اعتبرت المدة بستة اشهر من حين التزوج قيل له النكاح تقوم مقام الماء في موضع الاحتمال والاحتمال ههنا موجود وهو أنه يخالط امرأة ودخل عليه رجال وهو تزوجها ويخالطها والداخلون يسمعون كلامهما ثم أنزل فيكون
____________________
(1/192)
امرأة فهي طالق طالقت في كل مرة يتزوجها فإن طلقها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج آخر طلقت وإن قال ان تزوجت فلانة فهي طالق فتزوجها فجاءت بولد لستة اشهر من يوم تزوجها فهو ابنه وعليه مهر واحد قال في الأمالي مهر ونصف مهر للدخول ومهر للتزويج رجل قال لامرأة إن تزوجت عليك فالتي اتزوجها طالق فتزوج عليها في عدتها من طلاق بائن لم تطلق التي تزوج * باب ايقاع الطلاق *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل قال لامرأته أنت طالق فأي شيء نوى لم تكن الا واحدة يملك الرجعة وإن شرح المتن وقت التكلم والوطئ واحدا والنسب مما يحتاط فيه لاثباته فوجب بناءه على هذا الاحتمال وان كان نادرا فيكون على هذا الوجه أنها جاءت بولد لاقل من ستة اشهر من وقت الطلاق ولستة اشهر من حين التزوج وان جاءت لاكثر من ستة اشهر لا يثبت النسب منه لأنها جاءت بالولد بعد الطلاق قبل الدخول ظاهرا لاكثر من ستة اشهر فلا يثبت النسب عندنا
قوله لم تطلق التي تزوج لفقد الشرط لان الشرط التزوج عليها والتزوج عليها ان يدخل عليها من ينازعها في الفراش ويزاحمها في القسم ولم يوجد * باب ايقاع الطلاق *
قوله لم تكن الا واحدة يملك الرجعة وكذلك لو قال طلقتك أو انت مطلق يقع واحدة يملك الرجعة أما إذا نوى الابانة لا يصح لأنه قصد تنجيز المعلق لان البينونة معلقة بانقضاء العدة فليس ذلك في وسعه ولو نوى ثلاثا أو ثنتين بطلت نيته عندنا وقال زفر والشافعي تصح واجمعوا على أنه لو قال لها انت الطلاق أو طالق طلاقا أو طلقي نفسكي ونوى ثلاثا تصح ولو نوى الثنتين
____________________
(1/193)
قال انت طالق طلاقا أو انت طالق الطلاق أو انت الطلاق ونوى واحدة أو اثنتين فهي واحدة يملك الرجعة وان نوى ثلاث فثلاث وان قال أنت طالق واحدة أولا فليس بشيء وان قال لها ولم يدخل بها انت طالق واحدة مع واحدة أو معها واحدة أو قبلها واحدة أو واحدة بعد واحدة شرح المتن فهو على هذا الاختلاف
قوله فليس بشيء وذكر في الاصل أن من قال لامرأته انمت طالق واحدة أولا على قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد تطلق امرأته وعلى قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف الآخر لا تطلق وجه قول محمد أنه ادخل الشك في الواحدة فبقي الايقاع بلا شك حتى لو قال انت طالق أولا لا يقع وجه قولهما ان الشك دخل في الايقاع فلا يقع الا ترى أنه لو قال لامرأته انت طالق واحدة ان شاء الله تعالى لا يقع
قوله فهي اثنتان أما في كلمة طلقت ثنتين سواء قال مع واحدة أو معها واحدة لان كلمة مع للقرآن فيتوقف الأولى على التكلم بالثانية تحقيقا لمراده فوقعا معا وفي مسئلة قبل إن قال قبلها واحدة طلقت ثنتين وإن قال قبل واحدة فطلقة واحدة وفي بعد العكس واصل ذلك أنه إذا قال انت طالق واحدة قبلها واحدة فقد جعل القبيلة صفة للثانية وليس في وسعه تقديم الثانية على الأولى بعدما أوجبها بل في وسعه القران فوقعا معا وأما إذا قال قبل واحدة فهي صفة الأولى ولو لم يقيد بهذه الصفة لكن قال واحدة واحدة وقعت الأولى سابقة ولا يقع الثانية فإذا قيد فهو أولى وإذا قال بعد واحدة فهي صفة للأولى فيقتضي تأخير الأولى وليس ذلك في وسعه وإذا قال بعدها واحدة فهي صفة للثانية
قوله فهي ثلاث لأن نصف التطليقتين واحدة فيكون جميعه الثلاث
قوله وقال ابو يوسف ومحمد الخ لهما ان الشيء متى جعل غاية لم يكن
____________________
(1/194)
فهي اثنتان وان قال واحدة بعدها واحدة أو واحدة واحدة أو واحدة قبل واحدة فهي واحدة وإن قال انت طالق ثلاثة انصاف تطليقتين فهي ثلاث وان قال انت طالق من واحدة إلى اثنتين أو ما بين واحدة إلى اثنتين فهي واحدة وإن قال من واحدة إلى ثلاث او ما بين واحدة إلى ثلاث فهي ثنتان وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمه الله ) إذا قال من واحدة إلى اثنتين فهي اثنتان وإن قال إلى ثلاث فهي ثلاث رجل قال لامرأته انت طالق واحدة في اثنتين ونوى الضرب والحساب أو لم تكن له شرح المتن بد من وجود ليصلح غاية والطلاق إذا صار موجودا يقع فلا يمكن رفضه ولأبي حنيفة ( رحمه الله ) الاحتجاج بالعادة فأنه متى ذكر هذا الكلام يراد به الاقل من الاكثر والاكثر من الاقل
قوله ونوى الضرب الخ وقال زفر في الأول إن نوى الضرب والحساب يقع ثنتان وفي الفصل الثاني يقع ثلاث هو اعتبر حساب الضرب ولنا ان ضرب العدد في العدد إذا استعمل في الممسوح والمذروع وفي ما له طول وعرض يراد به بيان المساحة وإذا استعمل في ما ليس بممسوح وليس له طول وعرض يراد به تكثير الاجزاء والطلاق غيرممسوج وليس له طول وعرض فإنما يراد به تكثير أجزائه والطلاق الذي هو الف جزء مثل الطلاق الذي هو جزء واحد
قوله لم يقع شيءلأنه يصلح اخبارا فلا يمكن جعله انشاء
قوله وقع الساعة لأنه لايصلح الا انشاء فيكون هذا ايقاع الطلاق في الماضي وايقاع الطلاق في الماضي لا يتصور لكن ايقاع الطلاق في الماضي يكون ايقاعا في الحال لان الطلاق متى وقع في زمان يبقى في الازمنة المستقبلية
قوله فأنه يؤخذالخ أما في الفصل الأول انما يقع الطلاق في اليوم لان قوله انت طالق اليوم ايقاع في الحال وقوله غدا اضافة إلى الغد أولواقع لا يصح اضافته فصار لغوا وأما في الثاني انما لا يقع في الحال لان قوله انت طالق غدا اضافة إلى الغد وقوله اليوم ايقاع في الحال والمضاف لا يصح
____________________
(1/195)
نية فهي واحدة وان نوى واحدة واثنتين فهي ثلاث وان قال اثنتين في اثنتين ونوى الضرب فهي اثنتان وان قال انت طالق امس وقد تزوجها اليوم لم يقع شيء وإن كان تزوجها أول من امس وقع الساعة وان قال انت طالق قبل ان اتزوجك لم يقع شيء وان قال انت طالق اليوم غدا أو غدا اليوم فإنه يؤخذ بأول الوقتين الذي تفوه به وان قال انت طالق متى لم اطلقك أو متى ما لم اطلقك وسكت طلقت ولو قال إذا لك اطلقك أو ان لم اطلقك لم تطلق حتى يموت وإن قال انت طالق متى لم اطلقك انت طالق فهي طالق هذه التطليقة وكذلك قال ابو يوسف ومحمد شرح المتن ايقاعه لأنه في معنى المعلق فصار لغوا
قوله وسكت الخ انما يقع في هذه الصورة في الحال لأمتى للوقت فكان الطلاق مضافا إلى وقت خال عن التطليق وقد وجد
قوله لم تطلق حتى يموت لأن كلمة ان للشرط فكان الطلاق معلقا بعدم التطليق والعدم لا يثبت الا باليأس عن الحياة فصار كما إذا قال إن لم أدخل الدار فأنت طالق أو قال إن لم آت البصرة فأنت طالق
قوله هذه التطليقة لأنه انعدم الوقت الخالي عن التطليقة فقد وجد الشرط للبر فلا يقع طلاق آخر
قوله حين يسكت لان كلمة إذ اللوقت مثل كلمة حتى ولأبي حنيفة ان كلمة إذا تستعمل للشرط خالصا مثل كلمة ان هذا قول اهل الكوفة فوقع الشك في وقوع الطلاق في الحال فلا يقع الحال بالشك
قوله لا يدين في القضاء خاصة لأنه نوى خلاف الظاهر لأنه وصفها بالطلاق في جميع الغد فلايصدق في تخصيص الغد كما اذا قال انت طالق غدا ولأبي حنيفة أنه نوى حقيقة كلامه فيصدق بيانه وهو أنه جعل الغد ظرفا
____________________
(1/196)
( رحمهما الله ) الا في قوله انت طالق إذا لم اطلقك فإنها تطلق حين يسكت
رجل قال لامرأته أنت طالق في الغد ولا نية له يقع في أول النهار وان قال نويت في آخر النهار صدق في القضاء وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يدين في القضاء خاصة وان قال انت طالق غدا لم يدين القضاء في قولهم ولو قال انت طالق وانت مريضة يعني إذا مرضت لم يدين في القضاء
قوله ولو قال انت طالق بائن أو البتة فهي طالق واحدة بائنة إن شرح المتن للتطليق والظرف يقتضي وجود المظروف فيه لااستيعابه الاأنه إذا لم يكن له نية يقع في أول الغد لأنه فيترجح بالسبق بخلاف ما إذا قال انت طالق غدا لأنه أوقع الطلاق في كل الغد فجعل جميع الغد وقتا للطلاق فلا يصدق إذا قال نويت اخر النهار
قوله لم يدين في القضاء لأن قوله وانت مريضة جملة تامة عطف على الأول فلا يتغير به حكم الأول
قوله واحدة بائنة سواء دخل بها أو لم يدخل وقال الشافعي يقع واحدة رجعية إن دخل بها لأن الزوج لا يملك الإبانة بعد الدخول عنده إلا بطريق الخلع أو بالثلاث
قوله فهي واحدة بائنة الخ أما قوله اشد الطلاق فأنه وصف الطلاق بالشدة وشدة الطلاق من حيث الحكم انما يكون إذا كان بائنا فإن حكمه لا يقبل الانتفاض وحكم الرجعي يحتمل ذلك وانما يحتمل نية الثلاث لان ذكر المصدر
____________________
(1/197)
لم يكن له نية وان قال رجل لامرأته انت طالق اشد الطلاق أو انت طالق كألف أو ملأ البيت فهي واحدة بائنة الا ان ينوى ثلاثا وإن قال أنت طالق تطليقة شديدية أو عريضة أو طويلة فهي واحدة بائنة
وإن قال انت طالق من ههنا إلى الشام ينوي واحدة فهي واحدة يملك الرجعة وان قال انت طالق مع موتي أو مع موتك قال ليس بشيء وإن قال لها وهي امة انت طالق اثنتين مع عتق مولاك فأعتقها فأنه يملك الرجعة
قوله وذا قال لها إذا جاء غد فأنت طالق اثنتين وقال لها مولاها شرح المتن من غير وصف الشدة يحتمل الثلاث وهذا احق وأولى وأما قوله كألف فأنه شبه الطلاق بالالف وقد يشبه به من حيث العدد وقد يشبه به من حيث العظم والقوة وعظم الطلاق وقوته بالبينونة فأيتهما نوى صحت نيته وعنتد عدم النية ثبت اقلهما وهي البينونة بالواحدة وروى عن محمد أنه يقع الثلاث لان الالف اسم العدد هذا هو الظاهر وأما قوله انت طالق ملأ البيت فلأنه وصف الطلاق بأنه ملأ البيت والشيء قد يشغل الوعاء تارة فيملأ الوعاء بعظمه في نفسه وقد يملأ الوعاء لكثرته فأي ذلك نوى صحت نيته وعند عدم النية ثبت اقلهما وهو البينونة
قوله فهي واحدة بائنه أما الشديدة فلما قلنا وأما الطويلة والعريضة فلأن الطول والعرض يحتمل الكمال والقوة يقال ليس لهذا الامر وهذا الطول وهذا العرض أي ليس له هذه القوة وذلك يكون في حكمه وهي والبينونة فإن الرجعي في مقابلته ضعيف وقصير وان نوى الثلاث في الفصول كلها صحت نيته
قوله يملك الرجعة وقال زفر بائنة لأنه اكد وصف الطلاق بالطول ولنا أنه وصف الطلاق بالقصر لأنه حيث وقع الطلاق في مكان وقع في الأماكن كلها وقصره من حيث الحكم هو الرجعي
قوله ليس بشيء لأنه اضاف الطلاق إلى حال زوال الملك
____________________
(1/198)
إذا جاء غد فأنت حرة فجاء غد عتقت وطلقت اثنتني ولا يجل للزوج حتى تنكح زوجا غيره وعدتها ثلاث حيض وقال محمد ( رحمه الله ) هما سواء ويملك الرجعة
رجل قال لامرأته ولم يدخل بها أنت طالق واحدة فماتت بعد قوله طالق قبل ان يقول واحدة أو قال انت طالق ثلاثا ان شاء الله فماتت بعد قوله ثلاثاقبل الاستثناء لم يقع شيء رجل قال لامرأته انت طالق هكذا يشير بالابهام والسبابة والوسطى فهي ثلاث رجل اشترى امرأته ثم طلقها لم يقع شيء شرح المتن
قوله فأنه يملك الرجعة لأنه علق الطلاق مع العتق لأنه كلمه مع متى دخلت بين مختلفي الجنس يقتضي التأخير كقوله ( تعالى ) { فإن مع العسر يسرا } ثم الطلاق صادفها وهي حرة والحرة لا تبين بالثنتين
قوله ولا تحل للزوج الخ لان التطليق يقارن الاعتاق والعتق ثم الاعتاق والعتق يصادفها وهي امة فكذا التطليق بخلاف قوله أنت طالق ثنتين مع عتق مولاك اياك لان هناك جعل العتق شرطا للتطليق فصار مع بمعنى إن لأنه جعل التطليق مقارنا للعتق ومقارنة لا يتصور الا بوجهين أحدهما ان يتعلق التطليق بالعتق حتى يوجدا معا لان الجزاء مع الشرط أو يتعلق التطليق بالعتق حتى يوجدا معا لان الجزاء مع الشرط أو يتعلق كلاهما بشرط واحد حتى ينزلا معا وفي هذه المسئلة لم يتعلقا بشرط واحد فتعين القرآن وفي مسئلتنا تعلقا بشرط واحد وهو مجيء الغد فلا حاجة إلى ان يتعلق احدهما بالآخر
قوله لم يقع شيء لأن الواقع صادف حالة الموت فلم يعمل والموت ينافي الايجاب ولا ينافي ما يبطل به الايجاب وهو الاستثناء
قوله فهي ثلاث يريد به الاشارة ببطون الأصابع لا بظهورها لان التكلم
____________________
(1/199)
رجل قال لامرأته أنا منك طالق فليس بشيء وان نوى طلاقا وان قال انا منك بائن أو عليك حرام ينوي الطلاق فهي طالق رجل قال لامرأة يوم اتزوجك فأنت طالق فتزوجها ليلا طلقت والله اعلم بالصواب واليه المرجع والمآب * باب الايمان في الطلاق *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل قال شرح المتن مع الاشارة ببطون الأصابع اقيم مقام التلفظ بالعدد عند الحاجة بالسنة قال ( عليه السلام ) الشهر هكذا وهكذا وهكذااشارة بأصابع يديه كله يريد به أنه ثلاثون وخنس ابهامه مرة اخرى في المرة الثالثة يريد به تسعة وعشرين كذا هذا
قوله لم يقع شيءلان الطلاق ينعقد لابطال الحل الثابت بالنكاح ولم يبق الحل لأنه صار فرعا لملك الرقبة
قوله طلقت لأن اليوم متى اضيف إلى فعل يصير عبارة عن مطلق الوقت * باب الايمان في الطلاق *
قوله باب الايمان في الطلاق اعلم ان تعليق الطلاق ونحوه يمين خلافا لداؤد الاصفهاني وهذا لورود الشرع والعرف به قال ( عليه الصلاة والسلام ) من حلف بالطلاق ويقال حلف فلان بالطلاق كما يقال حلف بالله وانما سمي التعليق يمينا لأنه يتقوى به وجود الفعل واليمين القوة لغة وينسب اليمين إلى الجزاء فيقال يمين بالطلاق كما يقال يمين بالله لأنه مقسم به كاسم الله ( تعالى ) لان المقسم به ما يقصد بذكره تأكيد البر مراعاة لحرمته وههنا كذلك لأنه يقصدد بذكر الجزاء من الطلاق والعتاق وغيره تأكيد البر رعاية لحرمة النكاح
____________________
(1/200)
لامرأته إذا ولدت غلاما فأنت طالق واحدة وإذا ولدت جارية فأنت طالق اثنتين فولدت غلاما وجارية لا يدري ايهما أول لزمه في القضاء تطليقة وفي التنزه تطليقتان وانقضت العدة بوضع الحمل
قوله رجل قال لامرأته إن كلمت ابا عمرو وابا يوسف فأنت طالق ثلاثا ثم طلقها واحدة فبانت وانقضت عدتها فكملت ابا عمرو ثم تزوجها فكلمت ابا يوسف فهي طالق ثلاثا مع الواحدة الأولى رجل قال لامرأته ان دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا فطلقها اثنتين وتزوجت غيره ودخل بها ثم رجعت إلى الأول فدخلت الدار طلقت ثلاثا شرح المتن والمال لما تعلق به من المصالح دينا ودنيا
قوله لزمه في القضاء تطليقة الخ لأنها لو ولدت الغلام أولا وقعت واحدة وتصير معتدة وإذ ولدت الجارية بعده تنقضي العدة بوضع الجارية فلا يقع شيء لأنه لو وقع وقع مع الانقضاء بالوضع والطلاق لا يقع مع انقضاء العدة ولو ولدت الجارية أولا وقعت تطليقتان وتنقضي العدة بوضع الغلام ولا يقع شيء فإذا في حال يقع تطليقتان وفي حال تطليقة وفي الواحدة يقين وفي الزيادة شك فلا تقع الثانية بالشك ولكن في التنزه يجب ان يأخذ بتطليقتين لاحتمال وقوعهما
قوله فكلمت ابا عمرو الخ هذه المسئلة على اربعة أوجه أمام ان وجد الشرطان في الملك بأن كلمت ابا عمرو وابا يوسف في الملك قبل الطلاق أو وجدا في غير الملك بأن كلمت ابا عمرو وابا يوسف بعد طلاقها وانقضاء عدتها أو وجد الأول في الملك والثاني في غير الملك أو وجد الأول في غير الملك والثاني في الملك فعلى الوجه الأول يقع الطلاق وفي الوجه الثاني والثالث لا يقع وفي الوجه الرابع اختلفوا فقال علماءنا الثلاثة يقع وقال زفر لا يقع هو اعتبر الشرط الأول بالثاني لأنهما سواء ثم الملك شرط عند وجود الشرط الثاني فكذا عند وجود الشرط الأول ولنا ان الملك انما يشترط حال انعقاد اليمين
____________________
(1/201)
وقال محمد ( رحمه الله ) هي طالق ما بقي من الطلاق وان طلقها ثلاثا فتزوجت غيره ودخل بها ثم رجعت إلى الأول فدخلت الدار لم يقع شيء
رجل قال لامرأته ان جامعتك فأنت طالق ثلاثا فجامعها فلما التقى الختانان لبث ساعة لم يجب عليه المهر وان اخرجه ثم ادخله وجب عليه المهر وكذلك ان قال لامته إن جامعتك فأنت حرة
رجل قال لامرأته إذا حضت فأنت طالق طلقت حين ترى الدم وإذا قال إذا حضت حيضه لم تطلق حتى تطهر وإذا قال انت طالق إذا صمت يوما طلقت حين تغيب الشمس من اليوم الذي تصوم ولو قال انت طالق شرح المتن ووجود الشرط الأول مستغنى عنه لأنه ليس وقت نزول الجزاء ولا وقت انعقاد اليمين فاستوى الوجود والعدم
قوله ما بقي من الطلاق أي الواحد إذا طلقت قبل ذلك ثنتين وثنتان لو طلقت واحدة لان بوطئ الزوج الثاني بعد الطلقات الثلاث ينتهي التحريم الحاصل بها ويثبت الحل الجديد على الاصل فيملك الطلقات الثلاث وأما وطئه بعد الطلقتين أو الطلقة فلا يثبت الحل الجديد فلا يملك الزوج الا ما بقي
ولأبي حنيفة ان وطئ الزوج الثاني يهدم الطلقات الثلاث فما دونها أولى فثبت الحل الجديد في جميع الصور وزيادة تحقيق هذه المسئلة في شروح اصول البزدوي وغيرها من كتب الاصول
قوله لم يجب عليه المهرلان الجماع ادخال الفرج في الفرج ولم يوجد ذلك بخلاف ما إذا خرج ثم ادخل لأنه وجد الجماع وهو ادخال الفرج
قوله حين ترى الدم ودم الحيض لا يعرف الا ان يمتد ثلاثة ايام فإذا وجد ذلك وقع الطلاق من حين رأت الدم لوجود الحيض
قوله لم تطلق حتى تطهرلأنه وصف الحيض بالكمال وكمال الحيض بانتهائها وذلك بالطهر إذا كان عشرة ايام أو بالطهر والغسل أو ما يقوم مقام الغسل
____________________
(1/202)
إذا صمت فشرعت في الصوم طلقت لوجود الشرط
رجل قال لامرأته ان كنت تحبين ان يعذبك الله بنارجهنم فأنت طالق ثلاثا وعبدي حر فقالت أحب أو قال إذا حضت فأنت طالق وهذه معك فقالت قد حضت أو قال ان كنت تحبيني فأنت طالق وهذه معك فقالت أحبك طلقت ولم يعتق العبد ولم تطلق صاحبتها وهذا محمول على ما إذا كذبها الزوج وان قال إن كنت تحبيني بقلبك فقالت احبك وكانت كاذبة وقع الطلاق وعند محمد ( رحمه الله ) لا يقع والله اعلم * باب الكنايات *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل قال شرح المتن إذا كان أيامها دون العشرة
قوله حين تغيب الشمس لأنه اسم لبياض النهار إذا قرن به ما يمتد والصوم مما يمتد
قوله ولم يعتق العبدالخ لأنها في حق نفسها امينته وفي حق الزوج شاهدة وشهادة الفرد مردودة
قوله وعند محمد لا يقع هو يقول بأن الطلاق علق بالمحبة والمحبة عمل القلب الاان اللسان جعل خلفا عند تيسيرا والتقييد بالقلب مما يبطل خلافه اللسان عنه وهما يقولان إن المحبة لما لم يكن الا بالقلب وكان الاطلاق والتقييد بالقلب سواء ولو اطلق تطلق فكذا إذا قيد بالقلب * باب الكنايات *
قوله رجل قال لامرأته الخ هذه المسئلة في ما إذا نوى الزوج بقوله
____________________
(1/203)
لامرأته اختاري ونوى الطلاق فقالت انا اختار نفسي فهي طالق وإن قال اختاري اختاري اختاري فقالت اخترت الاولى او الوسطى او الاخيرة طلقت في قول ابي حنيفة ( رضي الله عنه ) ثلاثا وواحدة في قول ابي يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) وإن قالت قد اخترت اختيارة فهي شرح المتن اختاري لانه يحتمل ان يختار نفسها او اياها وهذا استحسان والقياس ان لا تطلق لانه يحتمل الوعد فلا يصير جوابا مع الاحتمال كما إذا قال لها طلقي نفسك فقالت انا أطلق نفسي لا يقع كذا هذا وجه الاستحسان ان هذا جعل جوابا وايجابا في الشرع فإنه لما نزل قوله تعالى { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما } نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة ( رضي الله عنها ) فقال يا عائشة اني اخيرك في امر فلا تحيبيني حتى تستأمري ابويك فأخبره بنزول الاية فقالت افي هذا استأمر ابوي لا بل أختار الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وأرادت بهذا الاختيار الجواب في الحال وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكلام منها ايجابا للحال
قوله في قوله ابي حنيفة الخ ولا يحتاج عنده الى نية الزوج وانما لم يحتج لان هذا الكلام لا يذكر على وجه التكرار الا في حق الطلاق لان الاختيار في حق الطلاق يتكرر اما في حق امر آخر فلا لهما ان الاولى والوسطى والاخيرة غير مفيد في حق الترتيب لكن مفيد في حق الانفراد لان قصيده يحتمل الترتيب فيعتبر في ما يفيد ولابي حنيفة ان المرأة انما تتصرف بحكم الملك لان الزوج ملك التصرف ولا ترتيب في ما ملكته ولان المجتمع في الملك كالمجتمع في المكان وذلك لا يحتمل الترتيب فإن القوم المجتمعين في مكان لا يقال هذا جاء اولا وهذا جاء آخرا فيكون الترتيب في مجيئها لا في ذاتها فإذا لم يكن في المملوك لغا قولها الاولى او الوسطى او الاخيرة فبقي قولها اخترته ولو قالت اخترت وسكتت وقع الثلاث فكذا هذا
____________________
(1/204)
ثلاث في قولهم جميعا وان قالت قد طلقت نفسي واحدة او اخترت نفسي بتطليقة فهي واحدة لا يملك الرجعة وان قال امرك بيدك في تطليقة او اختاري تطليقة فاختارت نفسها فهي واحدة يملك الرجعة
وإن قال لها انت خلية او برية او بتة او بائن او حرام او شرح المتن
قوله ثلاثا اما مذهب ابي حنيفة فكما ذكر عن الحسن بن ابي مطيع انه احتج فقال الاختيار مذكر والمرأة اخرجت الكلام مخرج التأنيث حيث قالت الاولى ولم تقل الاول فبطل قولها الاولى وبقي قولها اخترت وذكر عن ابن سلام انه احتج لابي حنيفة فقال لان الزوج جمع الخيارات واتبع بعضها بعضا فصار قبول البعض بمنزلة قبول الكل الا يرى لو ردت البعض يرد الكل فكذلك اذا قبلت البعض
قوله في قولهم جميعا لان قولها اختيارة يذكر للمرة فيكون معناه اخترت بمرة والاختيار بمرة انما يتحقق اذا اختارت نفسها بالثلاث
قوله فهي واحدة لا يملك الرجعة لان الموجود من جانب الزوج ليس بصريح الطلاق وهي انما تملك بحسب ما يملك الزوج والزوج ملكها بلفظة الاختيار وهي لا تعقب الرجعة وان أتت بصريح الطلاق كذا ذكر في الجامع الكبير وذكر في بعض النسخ من هذا الكتاب أنه تقع واحدة رجعية وهذا غلط من الكاتب
قوله فهي واحدة يملك الرجعة لانه جعل لها ان يختار نفسها لكن بتطليقة والتطليقة معقبة للرجعة
قوله وان قال لها الخ الكنايات ثلاثة اقسام في هذا الباب منها ما يصلح جوابا لا غير وذلك ثلاث امرك بيدك واختاري واعتدي ومنها ما يصلح جوابا ردا لا غير فسبعة الفاظ اخرجي واذهبي واغربي وقومي وتقنعي واستتري وتخمري ومنها ما يصلح جوابا وردا وسبا وذلك خمسة خلية وبرية بائن بتة حرام وروي عن ابي يوسف انه الحق بالقسم الاول خمسة
____________________
(1/205)
اعتدي او امرك بيدك او اختاري فاختارت نفسها وقال لم انو الطلاق فالقول قوله وان كان في ذكر الطلاق لم يدين في شيء من ذلك وان كان في غضب لم يدين في قوله اعتدي وامرك بيدك واختاري ودين فيما بقي وان نوى في الخلية والبرية والبتة والبائن والحرام ثلاثا او واحدة بائنة فهو على ما نوى واعتدي لا يكون الا واحدة يملك الرجعة
وان قال لها اخرجي او اذهبي او اغربي او قومي او تقنعي او استتري او تخمري او انت حرة ينوي ثلاثا فهي ثلاث وان نوى اثنين فهي واحدة بائنة وإن نوى لم ينو عددا فواحدة بائنة وان قال لامته انت طالق او تخمري او بائن ينوي العتق لم تعتق وان قال لزوجته انت بائن شرح المتن اخرى وهو قوله خليت سبيلك وسرحتك ولا ملك لي عليك ولا سبيل لي عليك والحقي بأهلك
والاحول الثلاثة حالة مطلقة وهي حالة الرضا وحالة مذاكرة الطلاق وهي ان تسأل هي طلاقها او غيرها طلاقها وحالة الغضب اما في حالة المطلقة لا يعتبر شيء من الاقسام الثلاثة طلاقا الا بالنية والقول قول الزوج في ترك النية لانها محتملة للاشياء ولا دلالة على الحال وفي حال مذاكرة الطلاق لا يصدق في شيء من الاقسام الثلاثة قضاء الا في ما يصلح جوابا وردا لانه يحتمل الاجابة والرد فيثبت الادنى وهو الرد فأما في حالة الغضب يصدق في الاقسام الثلاثة الا في ما يصلح جوابا لا غير لانه يصلح الطلاق الذي يدل عليه الغضب فيجعل طلاقا
قوله لم تعتق والمسئلة معروفة وهي ان صريح الطلاق وكتايته اذا نوى بهما العتق عندنا لا تعتق وقال الشافعي تعتق
قوله دين في القضاء لان الانسان بعد الطلاق بأمر امرأته بالاعتداد
قوله فهي ثلاث لانهما ذكرنا بعد مذاكرة الطلاق فتعينتا بدلالة الحال
____________________
(1/206)
ينوي انثين لم يكن اثنين وان قال لها اعتدي اعتدي اعتدي وقال نويت بالاولى طلاقا وبالباقيتين الحيض دين القضاء وإن قال لم انو بالباقيتين شيئا فهي ثلاث وان قال امرك بيدك اليوم وبعد غد لم يدخل الليل في ذلك وان ردت الامر في يومها بطل امر ذلك اليوم وكان بيدها بعد غد وان قال امرك بيدك اليوم وغدا دخل الليل في ذلك ولو قال امرك بيدك اليوم كان الامر بيدها الى غروب الشمس ولو قال في اليوم يخرج الامر من يدها بقيامها من المجلس
ولو قال امرك بيدك يوم يقدم فلان فلم تعلم بقدومه حتى مضى ذلك اليوم وعلمت بقدومه بالليل فلا خيار لها ولو قال لامرأة يوم اتزوجك فانت طالق فتزوجها ليلا حنث وان جعل امرها بيدها فمكث يوما لم شرح المتن
قوله دخل الليل في ذلك حتى لو ردت الامر في يومها لم يبق الامر في يدها في الغد لان في الفصل الاول جعل الامر في يدها في وقتين منفصلين فلا يصح ان يجعلا كوقت واحد لتخلل ما يوجب الفصل وهو اليوم والليلة وعند اختلاف الوقت لا يمكن القول باتحاد الامر فابطال احدهما لا يتعدى الى الاخر ولا يدخل الليل في الامر لان كل واحد من الامرين ذكره منفردا وفي الفصل الثاني الامر متحد لان تخلل الليل في يومين لا يجعلهما مدتين لان القوم قد يجلسون للمشورة فيبقى المجلس الى الغد فإذا ردت الامر في اليوم الا يبقى الامر في يدها في الغد
قوله ولو قال في اليوم الخ هذا يوافق ما تقدم قوله انت طالق غدا او انت طالق في الغد
قوله حنث لان الشرع جعل اليوم في النكاح واقعا على الوقت المطلق وفي الامر باليد يقع على بياض النهار لان اليوم بطلق على مطلق الوقت ويستعمل لبياض النهار قال الله ( تعالى ) { ومن يولهم يومئذ دبره } واراد به مطلق الوقت وقال الله ( تعالى ) { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } وأراد به
____________________
(1/207)
تقم فالامر ما لم تأخذ في عمل آخر وان كانت قائمة فجلست او قاعدة فاتكأت او متكئة فقعدت او قالت ادع الى ابي استشيرة او شهودا اشهدهم فهي على خيارها وان كانت تسير على دابة او في محمل فوقفت فهي على خيارها وإن سارت بطل الخيار والسفينة بمنزلة البيت
وان قال لها امرك بيدك ينوي ثلاثا فقالت اخترت نفسي بواحدة شرح المتن بياض النهار والليل لا يستعمل الا للسواد خاصة والنهار لا يستعمل الا للبياض خاصة فإذا كان كذلك وجب العمل بما يوجب ترجيح احد الوجهين على الآخر فينظر فيه ان اضيف الى امر يمتد علم انه اراد به بما يوجب بياض النهار لانه ادنى ما يمتد ليجعل ذلك معيارا له وان اضيف الى فعل لا يمتد علم انه اراد به مطلق الوقت والتزوج مما لا يمتد فحمل على مطلق الوقت فدخل الليل في ذلك ففي أي وقت نزوج تطلق فإذا قدم فلان وهي لا تعلم بقدومه حتى مضى النهار فلا خيار لها لانها علمت بعد انقضاء الامر والجهل لا يكون عذرا في مثل هذا
قوله ما لم تأخذ في عمل آخر فان أخذت في عمل آخر خرج الأمر من يدها لان هذا تمليك الطلاق وليس بانابة لان المتصرف في الانابة عامل لغيره لا لنفسه وهي عاملة لنفسها لا لغيرها فدل ان هذا تمليك يتقصر على المجلس
قوله فهي على خيارها لان قعود القائم دليل على الاقبال دون الاعراض لان هذا عادة من يستجمع الرأي واما قعود المتكئ فلأنه دليل الاقبال دون الاعراض واتكاء القاعد كذلك وكذلك دعاء الشهود لانه دليل التأمل دون الاعراض وكذلك ان لبست ثيابها
قوله بمنزلة البيت لان سير السفينة لا يضاف الى راكبها لانها لا تساق ولكنها تجري بالماء والريح وليس الماء والريح في يد أحد
قوله فهي ثلاث لان الاختيار يصلح جوابا للأمر باليد لانه جعل جوابا للتمليك بالاجماع وهذا تمليك وقولها اخترت نفسي بواحدة أي بمرة واحدة
____________________
(1/208)
فهي ثلاث وان قالت قد طلقت نفسي واحدة او قد اخترت نفسي بتطليقة فهي واحدة بائنة وان قال لها اختاري فقالت قد اخترت فهو باطل وان قال اختاري نفسك او اختاري اختيارة فقالت قد اخترت فهي واحدة بائنة وان قال لها انت واحدة ينوي الطلاق فهي واحدة يملك الرجعة والله اعلم بالصواب * باب المشية *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل قال لامرأته طلقي نفسك ينوي ثلاثا فقالت قد طلقت نفسي ثلاثا فهي شرح المتن
قوله فهي واحدة بائنة لانه نعت فرد فيقتضي مصدرا محذوفا فوجب اثبات المصدر على موافقة الفعل
قوله فهي واحدة يملك الرجعة لانه نوى ما يحتمل كلامه لان واحدة يحتمل ان يكون نعتا لمصدر محذوف كما يصلح وصفا لشخصها لان حذف المنعوت واقامة النعت مقامه امر سائغ في اللغة حتى قال بعض اصحابنا اذا اعرب الواحدة بالرفع لم يقع شيء وان نوى لانها صفة شخصها وإن أعرب بالنصب يقع من غير نية لأنه نعت مصدر محذوف وان سكن ولم يتحرك باعراب فيحتاج الى النية وقال عامة مشايخنا لا بل الكل على الاختلاف لان العامة لا يميزون بين وجوه الاعراب فلا يصح عليه بناء حكم يرجع إليه الى العامة على هذا وهو الصحيح * باب المشية *
قوله فهي ثلاث لان نية الثلاث قد صحت من الزوج لان قوله طلقي نفسك مختصر من افعلي فعل التطليق وهو اسم جنس يقع على الاقل ويحتمل الكل فإذا نوى الكل يصح وان نوى الثنتين يقع واحدة لانه نوى العدد واللفظ
____________________
(1/209)
ثلاث وان طلقت نفسها واحدة ولا نية للزوج في العدد او نوى واحدة فهي واحدة يملك الرجعة وان قال لها طلقي نفسك فقالت ابنت نفسي طلقت وان قالت قد اخترت نفسي لم تطلق وان قال لها طلقي نفسك فليس له ان يرجع فيه وان قامت من مجلسها بطل الامر وكذلك اذا قال لرجل طلقها ان شئت وان قال لرجل طلقها فله ان يطلقها في المجلس وغيره ما لم ينهه
وان قال لها طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة فهي واحدة وان امر بواحدة فطلقت ثلاثا لم يقع شيء وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يقع واحدة وان امرها ان تطلق طلاقا بملك الرجعة فطلقت بائنة شرح المتن لا يحتمل العدد فلا تصح نية الثنتين الا اذا كانت تحته امة
قوله فهي واحدة يملك الرجعة اما الواحدة فلأنه ملكها التطليق وهو اسم لفعل واحد فملكت ذلك فإذا طلقت وقعت واحدة فتكون رجعية لان الطلاق بعد الدخول معقب للرجعة ولان المفوض اليها صريح الطلاق
قوله لم تطلق لان الابانة من ألفاظ الطلاق حقيقية وحكما فأما الاختيار ليس من الفاظ الطلاق وصعا وحكما
قوله فليس له ان يرجع فيه فإن قال طلقي ضرتك له ان يرجع عنه ولا يقتصر على المجلس وكذلك لو قال للأجنبي طلقها له ان يرجع عنه ولا بقتصر على المجلس لان قوله طلقي نفسك تمليك والتمليك يقتصر على المجلس بالاجماع ولا يقبل الرجوع وقوله طلقها انابة وهي لا تقتصر على المجلس ويقبل بالرجوع عنه
____________________
(1/210)
أو أمرها ان تطلق بائنة فطلقت رجعية وقع عليها ما أمر به الزوج وان قال لها طلقي نفسك ثلاثا ان شئت فطلقت واحدة لم يقع شيء وكذلك ان قال لها طلقي نفسك واحدة ان شئت فطلقت ثلاثا لم يقع شيء وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يقع في هذا الوجه واحدة
وان قال لها انت طالق ان شئت فقالت قد شئت ان شئت فقال قد شئت ينوي الطلاق لم يقع الا ان يقول مجيبا لها قد شئت طلاقك فيقع حينئذ ولو قال لزوجته أنت طالق إذا شئت فقال قد شئت ان شاء أبي لم تطلق ولو قالت قد شئت ان كان كذا لشيء قد مضى طلقت
ولو قال لها انت طالق اذا شئت او اذا ما شئت او متى شئت او شرح المتن
قوله وكذلك الخ لان هذا الكلام في حق الاجنبي يصلح للتوكيل ويصلح للتمليك فإن صرح بالتمليك جعل تمليكا ولا فلا وههنا صرح بالتمليك لانه علقه بالمشية فجعل تمليكا
قوله فهي واحدة لانها ملكت ايقاع الثلاث فيملك ايقاع الواحدة
قوله لم يقع شيء هذا بالإتفاق لأن وقوع الطلاق معلق بمشيتها الثلاث ولم يوجد
قوله لم يقع شيء لان وقوع الطلاق معلق بمشيتها الواحدة ولم يوجد
قوله واحدة لان مشية الثلاث مشية الواحدة وعنده ليس كذلك
قوله فقالت قد شئت ان شئت الخ لو قال لها انت طالق ان شئت فقالت شئت ان كان كذا لامر ماض طلقت لانه علق الطلاق بنتجيز المشية والتعليق بشرط كائن تنجيز وان قالت شئت ان كان كذا لامر لم يجيء بعد فهو
____________________
(1/211)
متى ما شئت فردت الامر لم يكن ردا فإن قامت او اخذت في عمل اخر او في كلام اخر فلها ان تطلق نفسها ولا تطلق الا واحدة وان قال لها انت طالق كلما شئت فلها ان تطلق نفسها واحدة بعد واحدة حتى تطلق نفسها ثلاثا وان تزوجها بعد زوج آخر فطلقت نفسها لم يقع شيء وليس لها ان تطلق نفسها ثلاثا بكلمة شرح المتن باطل لانه تعليق وخرج الامر من يدها لانها اشتغلت بما لا يعنيها ولو قالت قد شئت ان شئت فقال الزوج مجيبا لها قد شئت ينوي الطلاق لا يقع الطلاق الا ان يقول الزوج شئت طلاقك فحينئذ يكون هذا ايقاعا مبتدء فيقع وان قال اردت طلاقك لم يقع والفرق ان المشية مأخوذ من الشيء وانه اسم للموجود بخلاف اردت لانه مشتق من الرود وهو الطلب والطلب قد يكون فلا يوجد
قوله فيقع حينئذ لان المشية في الاصل مأخوذ من الشيء وخو اسم للشيء الموجود فكان قوله شئت بمعنى اوجدت وايجاد الطلاق بإيقاعه بخلاف الارادة فانها في اللغة عبارة عن الطلب قال النبي صلى الله عليه وسلم الحمى رائد الموت أي طالبه فإن قيل ذهب علماؤنا في اصول الدين الى ان الارادة والمشية واحدة فما هذه التفرقة فالجواب انه يجوز ان يكون بينهما تفرقة بالنسبة الى العباد وتسوية بالنسبة الى الله تعالى لان ما شاء الله كان لا محالة كذا ما يريده بخلاف العبد
قوله لم يكن ردا ولا يقتصر على المجلس ولها ان تطلق نفسها في كل زمان واحدة لان كلمة متى تعم الاوقات دون الافعال فتملك التطليق في كل زمان ولا تملك تطليقا بعد تطليق ولو قال اذا شئت او اذا ما شئت فكذلك عند الكل اما على أصلهما فظاهر واما على اصل ابي حنيفة فلأنه يستعمل للوقت وللشرط وقد صار في يدها في المجلس فلا يخرج من يدها بالقيام عن المجلس بالشك
____________________
(1/212)
وان قال لها انت طالق حيث شئت او اين شئت لم تطلق حتى تشاء فإن قامت من مجلسها فلا مشية لها وان قال لها انت طالق كيف شئت طلقت تطليقة يملك الرجعة فإن قالت قد شئت واحدة بائنة او ثلاثا وقال ذلك نويت فهو كما قال وان قال انت طالق كم شئت او ما شئت طلقت نفسها ما شاءت فإن قامت من مجلسها بطل الامر وان ردت شرح المتن
قوله ثلاثا لان كلمة كلما تعم الافعال كما تعم الازمان وإن قامت من المجلس بطل امرها في ذلك المجلس لكن لها مشية اخرى فإن شاءت الثلاث جملة لم يصح لانه لم يفوض اليها الثلاث جملة وانه فوض اليها الواحدة في كل مشية فإذا شاءت الثلاث جملة لم يقع الثلاث فهل يقع الواحدة فعلى الاختلاف الذي ذكرناه يعني عند ابي حنيفة لا تقع وعندهما تقع
قوله حتى تشاء لان كلمة اين من ظروف المكان و حيث من اسماء المكان ولا اتصال للطلاق بالمكان والطلاق لا يختلف باختلاف المكان فيلغو ذكر المكان ويبقى ذكر المشية في الطلاق بخلاف الزمان
قوله طلقت الخ لم يحك ههنا خلافا وذكر في الاصل ان هذا قول ابي حنيفة واما على قولهما فلا تقع ما لم توقع المرأة ولكن ان شاءت اوقعت تطليقة رجعية وان شاءت توقعت بائنة ان شاءت اوقعت الثلاث لهما ان هذا تفويض اصل الطلاق اليها على أي وصف شاءت فملكت ذلك ولابي حنيفة ان المشية دخلت على وصف الطلاق فبقي اصله بلا مشية فوقع
قوله فهو كما قال يريد به ان الزوج يقول نويت به ذلك
قوله ما شاءت لان كم و ما يستعملان للعدد ويقتصر على المجلس
قوله وقال ابو يوسف و محمد الخ فهما يجعلان كلمة من للتمييز لان ما محكم في التعميم وكلمة من يستعمل للتمييز فيحمل على تمييز الجنس كما اذا قال كل من طعامي ما شئت او طلق من نسائي من شئت وهو يجعل
____________________
(1/213)
كان ردا وان قال لها طلقي نفسك من ثلاث ما شئت فلها ان تطلق نفسها واحدة واثنتين ولا تطلق ثلاثا وقال ابو يوسف ومحمد رحمهما الله تطلق ثلاثا ان شاءت والله اعلم بالصواب * باب الخلع *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل خلع امرأته على خمر بينها او خنزير او ميتة فالخلع واقع ولا شيء له وان كاتب عبدا على ذلك فالكتابة فاسدة فإن اداء عتق وعليه القيمة رجل شرح المتن للتبعيض فإن طلقت ثلاثا لم يقع شيء عند ابي حنيفة لما عرف من اصله فان المأمور بالواحد او الثنيتن اذا اوقع الثلاث لا يقع شيء * باب الخلع *
قوله ولا شيء له لان الملك الذي يسقط عنه بالطلاق ليس بمال متقوم فلا يجب البدل الا باعتبار التسمية والمسمى ليس بمال متقوم
قوله وعليه القيمة لان الملك الذي يسقط عنه بالاعتاق مال متقوم فإذا لم يسلم له العوض المشروط لفساده يرجع عليه بقيمة المعقود عليه وكذلك لو اعتقه على ذلك فقبل عتق وعليه قيمته لما قلنا وكذلك لو تزوج امرأة على ذلك فقبلت جاز النكاح وعليه مهر المثل لان النكاح نظير الكتابة لان المعقود عليه عند الدخول في ملك الزوج مال متقوم فإذا لم يجب المسمى لفساد التسمية وجب قيمة البضع ولهذا لو تزوج بدون المهر يجب المهر المثل
قوله وهي صغيرة وان خلع الصغيرة على مهرها فإن لم يضمن الاب شيئا توقف على قبولها ان كانت من اهل القبول بأن كانت تعرف كون الخلع سالبا والنكاح جالبا فإن قبلت وقع ولم يبطل من مهرها شيء بل يبقى الكل إن دخل
____________________
(1/214)
خلع ابنته بمهرها وهي صغيرة لم يجز فان خلعها على الف على انه ضامن فالخلع واقع والالف عليه رجل قال لامرأته انت طالق على الف فقبلت طلقت وعليها الالف وهو كقوله انت طالق بألف وان قال لها انت طالق وعليك الف فقبلت او قال لعبده انت حر وعليك الف فقبل عتق العبد وطلقت المرآة للرجعة ولا شيء عليهما وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) على كل واحد منهما الف درهم ولو لم يقبلا طلقت شرح المتن بها والنصف ان لم يدخل بها وان لم يقبل هي وقبل الاب عنها فعلى هذا روايتان واما اذا ضمنه الاب فإن كان المهر الفا فالقياس ان يحب عليه الالف ولها على الزوج خمسمائة إن كان قبل الدخول بها وفي الاستحسان يجب خمسمائة عليه وعلى الزوج ايضا كذلك
قوله والالف عليه لان اشتراط بدل الخلع على الاجنبي صحيح لانه يسلم للعبد بالعتق شيء ولا يسلم ذلك للاجنبي فافترقا وفي الخلع يسقط فلا يسلم للمرأة شيء كما لا يسلم للاجنبي فاستويا
قوله على كل واحد منهما الف درهم لهما ان هذا الكلام يستعمل في موضع المعارضة والشرط الا ترى ان من قال احمل هذا المتاع الى منزلي ولك درهم كان مثل قوله بدرهم وهذا لان الواو يصلح للحال كما في قوله إن دخلت الدار وانت راكبة فانت طالق فيكون شرطا عند دلالة الشرط وعوضا عند دلالة المعاوضة ولابي حنيفة ان قوله وعليك الف درهم جملة تامة فلا يجعل متصلا بما قبله الا بدلالة ولم يوجد لان الطلاق شرع بمال وبغير مال بخلاف ما اذا استعمل في موضع المعاوضة لانه ما شرع الا معاوضة غالبا فيصلح دلالة
قوله طاب الفضل للزوج لقوله تعالى فلا جناح عليهما في ما افتدت به وفي رواية الاصل يكره لما روى ان امرأة ثابت بن قيس بن
____________________
(1/215)
المرأة وعتق العبد عند ابي حنيفة ( رضي الله عنه ) وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) اذا لم يقبلا لا تطلق المرأة ولا يعتق العبد
امرأة اختلعت على اكثر من مهرها والنشوز منها طاب الفضل للزوج وان كان النشوز منه كره له الفضل وجاز في القضاء امرأة قالت لزوجها اخلعني على ما في يدي من الدراهم ففعل ولم يكن في يدها شيء فإنها تعطيه ثلاثة دراهم رجل قال لامرأته طلقتك امس على الف فلم تقبلي فقالت فالقول قول الزوج وان قال لرجل بعتك هذا العبد بألف درهم امس فلم تقبل وقال المشتري قبلت فالقول قول المشتري رجل قال لامرأته انت طالق على الف درهم على اني بالخيار او على انك بالخيار شرح المتن شماس اتت رسول الله صلى الله عليه وسلم اني ابغض زوجي لا انا ولا ثابت فقال عليه السلام اتردين عليه حديقته ( والحديقة كانت مهرها ) قالت نعم مع زيادة فقال عليه السلام اما الزيادة فلا
قوله كره له الفضل ولا يكره اخذ مهرها الذي قبضت لما تلونا من الآية وفي رواية الاصل يكره لقوله ( تعالى ) { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج } الاية
قوله فالقول قول الزوج لان الطلاق بمال يمين من جانب الزوج حتى لا يصح الرجوع عنه واليمين يتم من غير قبول انما القبول شرط الحنث فلا يكون الاقرار به اقرارا بالقبول اما البيع ايجاب وقبول فلا يتم الا بالقبول فكان الاقرار منه للبيع إقرارا بالقبول فاذا أنكر فقد رجع عن بعض ما أقر به
قوله اذا كان الزوج لانه يمين من جانبه من حيث المعنى حتى لا يصح رجوعه عنه فلا يحتمل خيار الشرط
قوله فإن ردت الخيار الخ فان اختارت الطلاق في الثلاث فالطلاق واقع والالف لازم وعندهما الطلاق واقع والمال لازم والخيار باطل لان قبولها شرط اليمين فلا يحتمل الخيار كسائر الايمان ولابي حنيفة ان الخلع من جانبها
____________________
(1/216)
ثلاثة فقبلت فالخيار باطل اذا كان للزوج وهو جائز اذا كان للمرأة فإن ردت الخيار في الثلاث بطل الخيار وقال ابو يوسف ومحمد الطلاق واقع وعليها الف درهم رجل تزوج امرأة واحدهما بالخيار جاز النكاح وبطل الخيار في القولين جميعا امرأة قالت لزوجها طلقني ثلاثا على الف فقال انت طالق واحدة فهي واحدة يملك الرجعة بغير شيء وقال ابو يوسف ومحمد رحمهما الله له ثلث الالف وان قالت طلقني ثلاثا بألف فقال انت طالق واحدة فله ثلث الالف في قولهم جميعا امرأة شرح المتن يشبه البيع لانه تمليك مال بعوض ولهذا لو رجع صح رجوعها ولو قامت بطل كما في البيع ولا يتوقف على ما وراء المجلس والمبيع يحتمل الخيار وانما جعل ذلك شرطا في حق الزوج واما في حق نفسها تمليك مال بعوض
قوله وبطل الخيار فرق ابو حنيفة بين الخلع في جانبها وبين النكاح فان اشتراطه الخيار في النكاح لا يصح وان كان كلاهما تمليكا من جانبها حتى لو تزوج امرأة بشرط الخيار يبطل الخيار والفرق ان الخيار اثره في اثبات حق الفسخ بعد تمام الايجاب والنكاح بعدما تم لا يحتمل الفسخ ولهذا لا يحتمل الاقامة وايجاب المال فيه تابع ولهذا يصح بدون ذكر المال فلم يمكن افراده بحكمه اما المال في باب الخلع مقصود فامكن افراده بحكمه
قوله له ثلث الالف لان كلمة على في المعاوضات بمنزلة الباء في العادة فانه لا فرق بين قول الرجل احمل هذا المتاع الى منزلي بدرهم وبين قوله على درهم ولابي حنيفة ام كلمة على بمعنى الشرط لان اصلها اللزوم فاستعير للشرط لانه يلازم الجزاء والشرط لا ينقسم على الجزاء
قوله فله ثلث الالف لان الباء نصحت الاعواض والعوض ينقسم على
____________________
(1/217)
اختلعت على عبد لها آبق على انها بريئة من ضمانه لم تبرأ وعليها الوفاء بالعبد او بقيمته والله اعلم شرح المتن المعوض كرجل قال لرجل بع هؤلاء العبيد الثلاثة بألف درهم فباع الواحد بثلث الالف صح كذا هذا
قوله لم تبرأ لانه شرط فاسد لان الخلع معاوضة فتصير السلامة مستحقة به والتسليم واجب عليها فاذا فات كان عليها القيمة فكان اشتراط البراءة شرطا فاسدا فيلغو الشرط لكن لا يبطل الخلع لانه لا يبطل بالشروط الفاسدة
____________________
(1/218)
كتاب الايلاء محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل قال لامرأته والله لا أقربك شهرين وشهرين بعد هذين الشهرين فهو مول فإن مكث يوما ثم قال والله لا اقربك شهرين بعد الشهرين الأولين لم يكن موليا وان قال والله لا اقربك سنة الا يوما لم يكن موليا وان قال شرح المتن كتاب الايلاء
قوله في كتاب لايلاء الايلاء في الشرع عبارة عن منع النفس عن قربان المنكوحة اربعة اشهر فصاعدا منعا مؤكدا باليمين
قوله فهو مول لانه جمع بينهما بحرف الجمع والجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع ولو جمع كان موليا ههنا فصار هذا كمن قال بعت منك هذا العبد الى شهر وشهر يصير بمنزلة قوله بعت الى شهرين وذكر في الجامع الكبير والله لا اكلمك يوما ويومين يصيربمنزلة قوله الى ثلاثة ايام كذا هذا
قوله لم يكن موليا لانه لما مكث بينهما كان هذا ايجابا آخر واذا كان كذلك صار اجلين فتداخلا كما في اليمين فلم يثبت من كل واحدة من
____________________
(1/219)
لاجنبية والله لا اقربك وانت علي كظهرامي ثم تزوجها لم يكن موليا ولا مظاهرا وان قربها كفر في اليمين وان قال وهو بالبصرة والله لا ادخل الكوفة وامرأته بها لما يكن موليا وذا حلف بيمين بقدر ان يجامعها في الاربعة اشهر بغير حنث لم يكن موليا وان الى منها وهو مريض او شرح المتن اليمينين اربعة اشهر والايلاء لا ينعقد في اقل من اربعة اشهر هذا اذا قال في المرة الثانية والله لا اقربك شهرين وكذا لو قال بعدما مكث يوما والله لا اقربك شهرين بعد هذين الشهرين لان هذين الشهرين غير الاولين فكان هذا ايجابا اخر
قوله لم يكن موليا لان علامة المولى ان لا يمكنه القربان اربعة اشهر الا بحنث يلزمه ولم يوجد الا اذا قربها وقد بقي من السنة الابعة اشهر فحينئذ يصير موليا
قوله لم يكن موليا لان الايلاء يمين لغة واصطلاح الفقهاء على انهم يسمون اليمين التي فيها الطلاق لايلاء فصار تقدير الايلاء ان لم اقربك في اربعة اشهر فأنت طالق بائن فاذا قال ذلك لاجنبية فقد حلف بالطلاق في غير الملك وغير مضاف الى سبب الملك فبطل ايجاب الطلاق وبقيت يمينا مطلقا فاذا قربها لزمته كفارة
قوله لم يكن موليا لانه يمكنه قربانها من غير شيء يلزمه بالاخراج من الكوفة
قوله وهو مريض اي لو الى مريض لا يستطيع الجماع من امراته ففيه ان يقول بلسانه قد فثت اليك او راجعتك حتى يبطل الايلاء في حق الطلاق وان كان يبقى يمينا في حق الحنث وكذا اذا كانت المرأة مريضة او صغيرة لا يستطاع جماعها كذا في جامع خواهر زاده وذكر الطحاوي ان الفيء باللسان باطل
____________________
(1/220)
امرأته رتقاء او صغيرة لا تجامع او بينه وبينها مسيرة اربعة اشهر ففيئه ان يقول فئت اليها فان قدر على الجماع في الاربعة الاشهر بطل الفيء باللسان ولم يكن فيئه الا الجماع والله اعلم شرح المتن وهو قول الشافعي لانه الا اثر للفيء باللسان في الحنث حتى لا يرتفع به اليمين ولا يتعلق به وجوب الكفارة ولو قام مقام الوطئ في كونه فيئا لقام مقامه في كونه حنثا الا أنا نقول ان الايلاء انما يكون طلاقا بعد المدة للظلم لمنع حقها في المدة وظلم المريض العاجز عن مباشرتها انما يكون بالقول فكذا يكون توبته بالقول
قوله الا الجماع لانه قدر على الاصل قبل الفراغ عن الحكم بالخلف فبطل حكم الخلف فإن تمت المدة مع العجز فقد مضى حكم الخلف فلا يبطل بعد ذلك فإن قربها بعد ذلك فعليه كفارة
____________________
(1/221)
كتاب الظهار
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل قال لامرأته انت علي كظهر امي لم يكن الا ظهارا وان قال انت علي كفرجها ولا نية له فهو مظاهر وان قال انت علي مثل امي أو حرام كامي ونوى طهارا او طلاقا فهو على ما نوى وان قال علي حرام كظهر امي او حرام مثل ظهر امي نوى طلاقا او ايلاء لم يكن الا ظهارا وقال شرح المتن كتاب الظهارة
قوله كتاب الظههارة هو في اللغة قول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي وفي إصطلاح الفقهاء تشبيه المنكوحة بالمحرمة على سبيل التأيد قوله ( لم يكن الا ظهارا ) قوله فهو مظاهر لأن حرمة الفرج أشد من حرمة الظهر قوله فهو على ما نوى لأنه نوى ما يحتمله لفظه لأنه يحتمل أن قصده التحريم والكذب والكرامة وإن نوى طلاقا فهو على ما نوى أيضا لأنه نوى ما يحتمله لفظه لأنه يحتمل التشبيه في التحريم كما لو قال أنت علي حرام
____________________
(1/222)
ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هو على ما نوى وان ظاهر من امته لم يكن مظاهرا وان امر انسانا ان يطعم عنه من ظهاره ففعل اجزاه وان اعتق عبدا عن ظهاره من امرأتين اجزاه أن يجعله عن احدهما وان اعتقه عن ظهار وعن قتل لم يجز عن واحد منهما وان اعتق نصف عبده عن ظهاره ثم اعتق النصف الاخر ايضا عن ذلك الظهار اجزاه وإن اعتق نصف عبد بينه وبين اخر وهو ميسور فضمنه صاحبه نصف قيمته واعتق النصف الاخر ايضا عن شرح المتن فيكون ايجابا لا كذبا فتصح نية التحريم وان لم يكن له نية فعلى قول أبي حنيفة لا يلزمه شيء وعلى قول محمد هو ظهار لمكان التشبيه وعن أبي يوسف روايتان
قوله هو على ما نوى لوجود التصريح بلفظ الحرمة وانه يحتمل ما نوى ويكون قوله كظهر امي تأكيدا للحرمة لكن عند محمد اذا كان طلاقا لا يكون ظهارا وعند أبي يوسف يكون طلاقا وظهارا لانه تلفظ بلفظ الحرمة وشبهها بظهر الام فبلفظ الرحمة يقع الطلاق وبالتشبيه يكون ظهارا
قوله لم يكن مظاهرا يريد به انه لا يحرم وطئها لان الحل فيها تابع فلم يكن في كونه منكرا من القول وزورا مثل ما يكون في الزوجة
قوله اجزاه الان المسكين يتنصب نائبا عن الآمر في القبض اولا ثم يصير قابضا لنفسه
قوله اجزاه ان يجعله عن احدهما وقال زفر لا يجزيه لانه اوقع عن كل ظهار عتق نصف العبد وذلك غير كاف فاذا جعله عن احدهما فقد جعل بعدما خرج من الامر من يده فلا يملك كما لو اعتق عبدا عن ظهار وقتل ولنا ان نية الظهارين قد بطلت لان نية التعيين في الجنس المتحد لغو لانه غير محتاج اليه فصار ناويا عما عليه فبعد ذلك لم يبق عليهالا تكميل العدد بخلاف الكفارة عن
____________________
(1/223)
ذلك الظهار لم يجزه وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يجزيه وان اطعم عن ظهارين ستين مسكينا في كل يوم مسكينا صاعا لم يجزه الا عن احدهما وهو قول ابي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) يجزيه عنهما وان اطعم ذلك عن افطار وظهار أجزاه عنهما في قولهم جميعا والله اعلم * باب طلاق المريض *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في مريض طلق شرح المتن الظهار مع القتل لان الجنس قد اختلف فاعتبر نية التعيين فوقع عن كل واحد منهما نصف العبد
قوله اجزاه اما عند ابي يوسف ومحمد فلانه اعتق الكل عن الظهار بكلام واحد واما عند ابي حنيفة فلانه اعتق الكل عنه بكلامين
قوله بجزيه لانه لما اعتق النصف وهو موسر اعتق النصف وهو موسر اعتق الكل ولابي حنيفة ان الكفارة انما تسقط بصرف كل الرقبة المملوكة له ولم يوجد لانه حين اعتق النصف فقد اعتق الكل من وجه ولذا بطل حق الانتفاع واذا اعتق الكل من وجه سقط به بعض المملوك والرق ولم يكن ذلك على ملك من عليه الكفارة فحين اعتق النصف الباقي لم يصر صارفا كل الرقبة في حق الكفارة
قوله وقال محمد الخ لان المؤدي يصلح وفاء لما عليه والمصروف اليه يصلح محلا فوجب ان يجوز كما لو اختلف السبب وهما يقولان ان الجنس اذا اتحد بطلب نية الجمع حقيقة والمؤدي يصلح لكفارة واحدة لان الشرع انما ذكر المقدار وهو نصف صاع لأدنى الغايات لا باعتبار انه لا يحتمل الزيادة واذا احتمل صار الصاع المؤدى له بخلاف ما لو اختلف السبب لانه مختلف الجنس فيعتبر نية الجمع * باب طلاق المريض *
قوله لم ترث منه لانها رضيت بالعمل المبطل فظهر عمل المبطل في
____________________
(1/224)
امرأته ثلاثا بامرها او قال لها اختاري فاختارت نفسها او اختلعت منه ثم مات وهي في العدة لم ترث منه وإن قالت طلقني للرجعة فطلقها ثلاثا ورثته وان قال لها طلقتك ثلاثا في صحتي وانقضت عدتك فصدفته ثم أقر لها بدين او اوصى لها بوصية فلها الأقل من ذلك ومن الميراث وقال ابو يوسف ومحمد اقراره جائز ووصيته وان طلقها في مرضه ثلاثا بامرها ثم اقر لها بدين او اوصى لها فلها الاقل من ذلك ومن الميراث في قولهم رجل محصور او في صف القتال طلق امرأته ثلاثا لم شرح المتن
قوله وورثته لان الطلاق الرجعي ليس بمبطل للحل ولم ترض بعمل المبطل فلا يظهر عمله
قوله في قولهم خلافا لزفر هو يقول بأن الميراث لما بطل بسؤالها زال المانع عن صحة الاقرار والوصية فصح ولنا انه تمكنت التهمة في هذا الاقرار وتمكنت شبهة الظلم في هذه الوصية فيزداد حقها والنكاح سبب التهمة ولهذا منع قبول الشهادة بالتهمة فأثبتنا الاقل لانه لا تهمة فيه واما الكلام معهما فهما يقولان بان الاقرار والوصية وجدا وليس بينهما سبب يدور عليه حكم التهمة لا النكاح ولا العدة فوجب ان يصح بخلاف المسئلة الثانية لان السبب الذي يدور عليه حكم التهمة قائم وهي العدة وابو حنيفة يقول ان التهمة تمكنت في اقرار الزوج في المرض بالطلاق في الصحة فوجب اثبات الاقل
قوله لم ترثه لان الغالب من حالة السلامة فصار حكمه حكم الصحيح كمن به مرض لم يصر به صاحب فراش او نزل في ارض سبعة او
____________________
(1/225)
ترثه وان كان قد بار رجلا او قدم ليقتل في قصاص او رجم ورثت ان مات من ذلك الوجه
رجل صحيح قال لامرأته اذا جاء رأس الشهر او اذا دخلت الدار فأنت طالق او اذا صلى فلان الظهر او اذا دخل فلان الدار فأنت طالق فكانت هذه الاشياء والزوج مريض لم ترث وان كان القول في المرض ورثت الا في قوله ان دخلت الدار فإن قال لها وهو صحيح اذا صليت الظهر او اذا أصليت انا الظهر او اذا دخلت الدار انا فأنت طالق ثلاثا فكانت هذه الاشياء والزوج مريض ثم مات ورثت وقال محمد ( رحمه الله ) شرح المتن كان راكب سفينة او كان محبوسا لاجل قود او رجم لكن لما كان الغالب من حكمهم السلامة كان حكمهم حكم الصحيح كذا هذا
قوله ورثت لان الغالب من حال الهلاك فصار حكمه حكم المريض كمن انكسرت سفينته بقي على لوح او وقع في فم سبع لما كان الغالب منه الهلاك كان حكمها حكم المريض كذا وهذا
قوله رجل صحيح إلخ اعلم ان هذا على وجهين إما ان يكون التعليق في الصحة والشرط في المرض او كلاهما في المرض وكل واحد منهما على ثلاثة اقسام احدها ان يكون التعليق لفعل الاجنبي اولا بفعل واحد والثاني ان يكون بفعل الزوج والثالث ان يكون بفعل المرأة فأما اذا كان التعليق في الصحة والشرط في المرض فإن كان التعليق بفعل الاجنبي قال إن دخل فلان الدار فانت طالق اولا بفعل احد بأن قال اذا جاء رأس الشهر لا ترث لان الزوج لم يضيع شيئا وان كان التعليق بفعل نفسه صار فارا سواء كان له منذ بد او لم يكن وان كان التعليق بفعلها فإن كان لها منه بد ككلام زيد لم يصر فارا لانها رضيت
____________________
(1/226)
اذا صلف الظهر وهو مريض واليمين في الصحة لم ترث مريض طلق امرأته ثم صح ثم مات لم ترث وان طلقها ثلاثا في مرضه فارتدت ثم اسلمت ثم مات لم ترث فإن لم ترتد بل طاوعت ابن زوجها في الجماع ورثت رجل قذف وهو صحيح ولاعن في المرض ورثت وقال محمد ( رحمه الله ) لا ترث وان كان القذف ايضا في المرض ورثت في قول ابي حنيفة ( رضي الله عنه ) وقولهما فان آلى وهو صحيح فبانت في مدة الايلاء وهو مريض لم ترث وان كان الايلاء في المرض ايضا ورثت والطلاق الذي يملك الرجعة فيه ترث به في جميع الوجوه وكل ما ذكرنا انها ترث فإنما ترث اذا مات وهي في العدة والله اعلم بالصواب شرح المتن به وان لم يكن لها منه بد كصلاة الظهر وكلام الاب واستيفاء الدين صار الزوج فارا عندهما وقال زفر ومحمد لا يصير فارا فأما إذا كان التعليق والشرط في المرض فإن كان يفعل الاجنبي اولا بفعل احد او بفعله او بفعلها الذي لا بد لها منه يصير فارا وان كان بفعلهاالذي لها منه بد لا يصير فارا لانها بمباشرة الشرط تصير راضية بالطلاق
قوله لم ترث لان بالصحة تبين ان حقها لم يكن متعلقا بما له
قوله ثم مات لم ترث لانها بالردة خرجت عن اهلية الوراثة وبقاء الحق في غير الاهل ممتنع
قوله وورثت لان ما ينافيه المحرمية زال بالطلاق وما بقي لا ينافي المحرمية بخلاف الردة لانها تنافي الكل
قوله في قول ابي حنيفة الخ لان القذف تعليق الطلاق بفعلها الذي لا بد لها منه وهو اللعان دفعا للعار فكان هذا فرع ما تقدم
____________________
(1/227)
* باب في الرجعة *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل طلق امرأته فليس له ان يسافر بها حتى يشهد على رجعتها رجل طلق امرأته وهي شرح المتن * باب في الرجعة *
قوله فليس له ان يسافر بها الخ لان الله تعالى نهى الزوج عن اخراجها في العدة لقوله تعالى ولا تخرجوهن من بيوتهن وفي المسافر بها اخراجها فلا يباح الا ان يشهد على رجعتها فتبطل العدة فلا يكره المسافرة بها وهذا مذهب علمائنا الثلاثة وقال زفر ( رحمه الله ) المسافرة بها رجعة سواء اشهد او لم يشهد لان المسافرة بها دلالة الرجعة وانا نقول لا اعتبار للدلالة مع الصريح بخلافه وكلامنا في رجل ينادى انه يراجعها ولاعبرة للدلالة مع التصريح بخلافه كما لا يباح لها المسافرة لا يباح لها ان يخرج الى ما دون السفر لظاهر النص المحرم فإنه مطلق غير مقيد بقيد المسافرة
قوله فله عليها رجعة لانه لما ظهر بها الحبل في مدة يتصور الحبل منه شرعا جعل واطئا شرعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر فإذا جعل واطئا صار مكذبا شرعا في قوله لم اجامعها واذا ثبت الوطئ تأكد الملك في البضع والملك المتأكد لا يبطل بنفس الطلاق فثبت الرجعة وكذلك اذا ولدت منه وقال هو لم اجامعها تكون له عليها الرجعة ومعنى المسألة انها ولدت قبل الطلاق لانه اذا ولدت بعد الطلاق تنقضي العدة فلا تتصور الرجعة
قوله لم يملك الرجعة وان تأكد المهر بالخلوة لانه لم يوجد الوطئ فلا يتأكد ملك الزوج في البضع فلا يملك الرجعة فإن طلقها بعدما خلا بها ثم راجعها وقال لم اجامعها ثم جاءت بالولد لاقل من سنتين بيوم من وقت الطلاق صحت تلك الرجعة لانها جاءت بالولد الاقل من سنيتن من يوم الطلاق ولم تكن اقرب بانقضاء العدة فيثبت نسب الولد منه بوطئ كان قبل الطلاق لان الولد قد
____________________
(1/228)
حامل او قد ولدت منه وقال لم ادخل بها فله عليها رجعة فإن خلا بها واغلق بابا وارخى سترا وقال لم اجامعها لم يملك الرجعة فإن راجعها ثم جاءت بولد لاقل من سنتين فهي رجعة رجل قال لامرأته إذا ولدت فأنت طالق فولدت ثم اتت بولد آخر من سنتين ولم تقر بانقضاء العدة فهي رجعة وان قال كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ثلاثة اولاد في بطون مختلفة فالولد الثاني رجعة وكذلك الولد الثالث شرح المتن يبقى في البطن سنتين عندنا واذا ثبت نسب الولد منه تبين انه كان واطئا وقد تأكد الملك في البضع فتبين اذن ان الرجعة كانت صحيحة
قوله ثم اتت بولد آخر الخ وجه المسئلة ان الولد الثاني من علوق حادث وذكر في كتاب الدعوى ثم المطلقة طلاقا رجعيا اذا جاءت اذا جاءت بالولد لاكثر من سنتين كانت رجعة لأنها إذا جاءت به لأقل من سنين احتمل العلوق بعد الطلاق فتكون رجعة واحتمل العلوق بعد الطلاق فتكون رجعة فلا يكون رجعة فلا يثبت الرجعة بالشك واما في مسئلتنا هذه سقوط اعتبار هذا الاحتمال لانها ولدت ولدين فلو لم يجعل الولد الثاني من علوق حادث بعد الطلاق صار الولد الثاني مع الولد الاول بطنا واحدا وفي ثبوت اتحاد البطن شك اذا كان بين الولدين ستة اشهر فصاعدا فلا يثبت الاتحاد بالشك فصار الولد الثاني من علوق حادث بعد الطلاق فيكون رجعة
قوله رجعة لانها لما ولدت الولد الاول وقع الطلاق ووجبت العدة فلما ولدت الولد الثاني جعلنا واطئا قبل الولادة بعد الطلاق فصار به مراجعا ووقع به الطلاق الآخر فلما ولدت الولد الثالث صار مراجعا ايا بالوطئ بعد الطلاق ووقع آخر بالولادة ولا رجعة بعد ذلك لانه تم الثلاث ولانه لم توجد الرجعة
____________________
(1/229)
* باب العدة *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة الطلاق والعدة بالنساء عندنا امرأة قالت قد انقضت عدتي وقال الزوج لم تنقض فإنها تستخلف امرأة طلقت وقد اتت عليها ثلاثون سنة ولم تحض فعدتها الشهور صبي مات عن امرأته وهي حامل فعدتها ان تضع حملها وإن حبلت بعد موته شرح المتن * باب العدة *
قوله عندنا وقال الشافعي الطلاق بالرجال والعدة بالنساء
قوله تستخلف لانها أمينة اتهمت بالكذب فتستحلف كالمودع اذا قال هلكت الوديعة وكذبه المودع
قوله فعدتها الشهور لقوله تعالى واللاتي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن
قوله ان تضع حملها وقال الشافعي عدتها بالشهور في الوجهين لان هذا حمل لا يثبت نسبه منه بيقين فلا يتعلق به انقضاء العدة ولنا قوله ( تعالى ) واولات الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن من غير فصل بين ان يكون الحمل من الزوج او من غيره وبين ان يكون عدة الطلاق او عدة الوفات وهي قاضية على الاشهر لحديث ابن مسعود انه قال من شاء باهلته ان سورة النساء القصرى نزلت بعد الاية التي في سورة البقرة وهو قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا
قوله بعد موته انما يعرف قيام الحبل قبل الموت بأن تلد الاقل من ستة اشهر من يوم مات الصبي وانما يعرف حدوثه بعد الموت بأن تلد لستة اشهر فصاعدا من يوم الموت
____________________
(1/230)
فعدتها اربعة اشهر وعشرا ولا يثبت النسب في الوجهين جميعا وقال يعقوب ومحمد ( رحمهما الله ) في زوجة الكبير تأتي بولد بعد موته لاكثر من سنتين وقد تزوجت بعد مضي اربعة اشهر وعشر إن النكاح جائز جربية دخلت الينا مسلمة ولها زوج فلا عدة عليها وان تزوجت جاز ان لم تكن حاملا وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) عليها العدة ولا تخرج شرح المتن
قوله ان النكاح جائز لانها لو لم تتزوج حتى اتت بولد لأكثر من سنتين لم يثبت نسب الولد من الميت لان الولد لا يبقى في البطن اكثر ولو تزوجت بعد اربعة اشهر وعشر ثم اتت بالولد لستة اشهر فصاعدا بعد التزوج لم يثبت نسب الولد من الميت ولم يبطل النكاح فهذا اولى
قوله عليها العدة لانه لو وقعت الفرقة بسبب اخر وجبت العدة فكذا اذا وقعت الفرقة بسبب التباين ولابي حنيفة قوله تعالى لا جناح عليكم ان تنكحوهن نفى الجناح عمن تزوجها بعد الهجرة من غير فصل وهذا دليل على عدم وجوب العدة فإن تزوجت جاز ان لم تكن حاملا لانه ليس في بطنها ولد اما اذا كانت حاملا لا يجوز لان في بطنها ولدا ثابت النسب والمرأة اذا تزوجت وفي بطنها ولد ثابت النسب لا يجوز النكاح
قوله ولا تخرج المطلقة لان السكنى واجب في منزل الزوج والخروج حرام لقوله تعالى اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم وقوله تعالى ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن واذا كان السكنى في منزل الزوج فإن كان الطلاق بائنا او ثلاثا والزوج يختار السكنى في المنزل فلا بد من حال بين المطلق والمطلقة
____________________
(1/231)
المطلقة ليلا ولا نهارا والمتوفى عنها زوجها تخرج ولا تبيت امرأة خرجت مع زوجها الى مكة فطلقها ثلاثا او مات عنها فإن كان بينها وبين مصرها اقل من ثلاثة ايام رجعت الى مصرها وان كانت ثلاثة ايام ان شاءت رجعت وان شاءت مضت كان معها ولي او لم يكن الا ان يكون طلقها او مات عنها في مصر فإنها لا تخرج عنه حتى تعتد وتخرج ان كان معها شرح المتن
قوله تخرج أي من ذلك المسكن نهارا لانه لا نفقة للمتوفي عنها زوجها في مال الزوج فتضطر الى الخروج لمعاشها بخلاف المطلقة لان نفقتها دارة عليها من مال زوجها
قوله إن شاءت رجعت الخ سواء كانت في المصر او غير المصر بمحرم او بغيره لانه ليس في معنى ابتداء السفر فلا يمنع بسبب العدة والرجوع الى مصرها اولى ليكون العدة في منزل الزوج وان كان احد الوجهين مدة السفر والآخر دونه اختارت ما دون السفر وان كان منهما سفر فإن كانت في غير مصر فهي بالخيار إن شاءت رجعت وان شاءت مضت وان كانت في مصر لم تخرج في العدة بمحرم وبغير محرم عند ابي حنيفة وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) تخرج فحرم في العدة
قوله فلا بأس بأن تخرج لانها في غير منزلها فلها الخروج بمحرم كما اذا كانت في غير مصر ولابي حنيفة ان العدة المنع للخروج من عدم المحرم لان العدة تمنع الخروج قل او اكثر وعدم المحرم لا يمنع ما دون السفر وعدم المحرم ههنا مانع عن الخروج فالعدة اولى
قوله لا تدهنان اصل هذا ان المتوفى عنها زوجها يلزمها الحداد وهي ترك الزينة في العدة بالاجماع للسنة المشهورة وهي ما روي عن ام حبيبة بنت ابي سفيان انها دعت بالطيب بعد موت ابيها من ثلاثة ايام فقالت والله مالي الى
____________________
(1/232)
محرم بعد انقضاء العدة وقال ابو يوسف ( رحمهما الله ) إن كان معها محرم فلا بأس بأن تخرج من المصر قبل ان تعتد والمبتوتة والمتوفى عنها زوجها لا تدهنان بزيت مطيب ولا غير مطيب ولا بشيء من الادهان الا من وجع امة طلقت اثنتين فإنها تجتنب الحرة من الزينة والصغيرة والتي نكاحها فاسد لا تجتنبان شرح المتن الطيب حاجة ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر ان تحد على ميت فوق ثلاثة أيام الا على زوجها اربعة اشهر وعشرا واختلفوا في المبتوتة فقال علماؤنا بلزمها الحداد وقال الشافعي لا يلزمها
قوله ولا غير مطيب اما المطيب فلا يشكل وما غير المطيب فلأنه لا يخلو من الطيب وفيه زينة الشعر كاملة فلا تتزين الا من وجع لان فيه ضرورة فجاز على اعتبار انه دواء لان حق المولى مقدم على حق الله تعالى وحق الزوج
قوله ما تجتنب الحرة إلا الخروج لأن الحداد لزمها تعظيما لحق الزوج حقا للشرع وهي اهل لذلك وليس فيه بطلان حق المولى فتحرم إلا الخروج فإنه بطلان حق المولى فلا يحرم لأن حق المولى مقدم على حق الله تعالى وحق الزوج
قوله ولا تجحتنبان اما الصغيرة فلا تجب عليها الحداد ولا يحرم الخروج لانه لو حرم انما حرم لحق الزوج او لحق الشرع ولا وجه إلى الأول اذ لاحق للزوج لانه لا حل له عليها ولا ماء تصونه ولا وجه الى الثاني لانها غير مخاطبة وكذا الكتابة لا يجب عليها الحداد لكن يحرم الخروج لحق الزوج وكذلك المعتدة بنكاح فاسد لا يجب عليها الحداد لعدم العلة وهو فوت النعمة
____________________
(1/233)
* باب ثبوت النسب والشهادة في الولادة *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) امرأة جاءت بولد فقال الزوج تزوجتك منذ اربعة اشهر وقالت منذ سنة فالقول قولها وهو ابنه رجل تزوج امة فطلقها ثم اشتراها فإن جاءت بولد لاقل من ستة اشهر منذ اشتراها لزمه والا فلا امرأة اتت بولد بعد وفاة الزوج ما بينها وبين سنتين فصدقها الورثة ولم يشهد على الولادة احد فهو ابنه في شرح المتن * باب ثبوت النسب والشهادة في الولادة *
قوله فالقول قولها لان الظاهر شاهد لها لان الظاهر ان المرأة انما تلد من نكاح من سفاح وهي تدعي ذلك والقول من قول من يشهد له الظاهر ولم يذكر هل تستخلف ام لا ويجب ان يكون على الاختلاف عند ابي حنيفة لا تستخلف وعندهما تستحلف
قوله لزمه فانه اذا جاءت لاقل من ستة اشهر من وقت الشراء علم ان العلوق قبله وقبل الشراء كانت معتدة والمعتدة اذا جاءت بالولد يثبت النسب من غير دعوة وإذا دجاءت ستة اشهر من الشراء يقضي بالعلوق من وقت الشراء فتكون امة اتت بالولد فلا يثبت النسب من غير دعوة
قوله في قولهم لان الانسان يصدق في حق نفسه فيشاركهم في حق الارث واما في حق غيرهم قالوا ان كانوا بحال لو شهدوا تقبل شهادتهم بأن كانوا ذكورا وهم عدول يثبت النسب والا فلا
قوله الا ان يكون حبلا الخ فإن هناك يثبت النسب بفراش قائم قبل
____________________
(1/234)
قولهم وان لم تصدق الورثة لم يقبل الا بشهادة الرجلين أو رجل أو امرأتين الا ان يكون حبلا ظاهرا او يكون الزوج اقر بالحبل فتقبل شهادة امرأة عدلة وكذلك الطلاق البائن وان اقر الزوج بالحبل فجاءت بولد فنفاه وقد شهدت امرأة على الولادة فإن الزوج يلاعن
واذا قال الزوج لها اذا ولدت فأتت طالق فشهدت امرأة على الولادة لم تطلق وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) تطلق فإن كان الرجل قد اقر بالحبل فقالت قد ولدت طلقت وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) في جميع هذه الوجوه لا تصدق على الولادة حتى تشهد امرأة عدلة رجل شرح المتن الولادة فبعد ذلك وقعت الحاجة الى اثبات الولادة وتعيين الولد لان الخصم ربما يقول لعله خرج ميتا او مات بعد الخروج وقول القابلة حجة في اثبات الولادة وتعيين الولد
قوله يلاعن لان النسب بالنكاح القائم واللعان انما يجب بالقذف
قوله تطلق الن الطلاق تعلق بالولادة وهي تثبت بشهادة النساء حال قيام النكاح عند الكل فكذلك ما تعلق بها ولابي حنيفة ان القياس بابي جواز شهادة النساء وحدهن وانما جوزت حجة الولادة ضرورة انه لا يطلع عليها الرجال فلا يجعل حجة ما يقبل الفصل عن الولادة
قوله حتى تشهد الخ الان هذا حكم ما يتعلق بالولادة فلا يثبت عند المنازعة من غير حجة وله ان هذا طلاق معلق بأمر كائن فيثبت بخبر المرأة من غير حجة أي كالحيض
قوله فهي ام ولد له لان الحاجة الى اثبات الولادة وتعيين الولد وانه يثبت بشهادة القابلة بالاجماع
قوله ويرثانه هكذا ذكر ههنا وذكره في النوادر وجعله جواب الاستحسان والقياس ان لا يكون لها الميراث لانه يجوز ان يكون وطئها بشبهة او بنكاح فاسد فلو كان هكذا الا ترث وجه الاستحسان ان المسئلة مصور في ما
____________________
(1/235)
مات عن امرأة فأقرت بعد اربعة وعشر بانقضاء العدة ثم جاءت بعد الاقرار لستة اشهر لم يلزمه امرأة لم تبلغ ومثلها تجامع طلقت طلاقا بائنا فجاءت بولد بعد انقضاء العدة لم تلزمه حتى تأتي به لاقل رجل قال لامته ان كان في بطنك ولد فهو مني فشهدت على الولادة امرأة فهي ام ولد له رجل قال هذا ابني ثم مات فجاءت ام الغلام فقالت انا امرأته فهي امرأته ويرثانه ذكر في النوادر انه استحسان والقياس ان لا يكون لها الميراث لانه يجوز وطئها بشبهة واذا لم يعلم انها حرة وقال الورثة انت ام ولد فلا مثراث لها والله اعلم * باب الولد من احق به * 0
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) امرأة طلقت شرح المتن اذا كانت المرأة معروفة انها ام هذا الابن ومعروفة انها حرة فاذا اقر انه ابنه فقد اقر انه ابنه منها وابنه منها لا يكون الا بنكاح صحيح على ما عليه وضع الشرع
قوله فلا ميراث لها لان الامر محتمل للوجهين فلا يحكم بحريتها بظاهر الحال لان الحرية الثابتة بظاهر الحال يصلح للدفع لا للاستحقاق والحاجة ههنا الى استحقاق الميراث * باب الولد من أحق به *
قوله فالام احق به الاصل في هذ ا ان الفرقة متى وقعت بين الزوجين وبينهما ولد صغير ذكرا او انثى او أولا صغار فالام تريد ان يكون الولد عندها والزوج يريد ان يكون الولده عنده فالام احق به هكذا قضى ابو بكر
____________________
(1/236)
ولها ولد فقالت ارضعه بغير اجر او بدرهيمن فأبى الزوج ان ترضعه واراد ان ترضعه غيرها بدرهمين فالام احق به رجل تزوج امرأة من اهل الشام بالشام فقدم بها الكوفة وطلقها وقد ولدت منه فلها ان تخرج بالولد الى الشام وان كان تزوجها في غير الشام او بالكوفة وهي من اهل الشام لم يكن لها ان تخرج بالولد من الكوفة والام احق بالولد ثم الجدة التي من قبل الام ثم الجدة من قبل الاب ثم الخالة ثم العمة والام والجدتان شرح المتن الصديق رضي الله عنه ولم ينكر عليه من الصحابة فكان اجماعا ولانها على حضانة الولد اقدر فكان الدفع اليها انظر وان ابت الا تجبر على ذلك لانها عسى ان لا تقدر على الحضانة ولا يخير الولد عندنا خلافا للشافعي ( رحمه الله ) لان الصحابه ( رضي الله عنهم ) لم يخيروا الولد ولان الصبي يختار المقام مع من لا يبعثه الى المكتسب او يجعله الى اللعب فكان فسادا وقبيحا وهو سوء رائه وسوء اختياره فلا يخير نظرا له اذا ثبت هذا فنقول
ان كانت الام ترضع بدرهمين وغيرها كذلك فالام اولى ان ترضع بدرهمين ودفع اليها لان الحضانة لها وان كانت ترضع غيرها بدرهمين والام تريد اكثر من ذلك او غيرها ترضع بشيء والام تريد الأجر لم يدفع اليها لكن ترضع غيرها عنده ولا ينزع الولد عن الام لان الامة اجمعت على ان الحجر لها فترضع الظئر عند الام ولا يسجب عليها ان تمكث في بيت الام اذا لم يشترط عليها ذلك عد العقد لأن الولد نتال ود مستغني عنها في تلك الساعة بل لها ان ترضع الولد ثم تعود الى منزلها وان لم يشترط ان ترضع عند الام كان لها ان تحمل الصبي الى منزلها فترضعه او تقول اخرجوه الى فناء دار الام ثم يدخل الولد على الأم إلا أن يكون قد اشترط عند العقد أن يكون الظئر عند الأم فحينئذ يلزمها الوفاء بالشرط
قوله فإن لم تكن للولد ام او تزوجت بزوج اخر يدفع الولد الى الجدة التي من قبل الام وان بعدت لان هذا الحق للام وقومها هذا اذا كان الزوج
____________________
(1/237)
احق بالغلام حتى يستغني بأن يأكل وبشرب ويلبس وحده وبالجارية حتى تحيض والخالة والعمة احق بهما حتى يستغنيا ومن تزوجت فلا حق لها في الولد والذمية وام الولد يموت مولاها بمنزلة الحرة المسلمة ولا خيار شرح المتن اجنيبا فإن كان الزوج عم الصغير يبقى في حجر الأم وان لم تكن من جانب الام واحدة من الامهات يدفع الى الجدة التي من قبل الاب وان بعدت فإن لم تكن ذكره في الكتاب وقال يدفع الى الخالة ولم يذكر الاخت وفي بعض المواضع قال يدفع الى الأخذ لاب وام فإن لم تكن فإلى الاخت لام فإن لم تكن فإلى الاخت لاب وذكر في بعض المواضع أن الخالة اولى من الاخت لاب فصار في تقديم الخالة على الاخت لاب روايتان فإن لم تكن الخالة يدفع الى العمة
قوله لم يكن لها الخ اصل هذا ان المرأة اذا ارادت الانتقال بعد العدة مع اولاده الصغار لا يخلو ما ان تقصد الانتقال من قرية إلى قرية أو من قرية الى مصر او من مصر الى مصر او من مصر الى قرية اما الانتقال من القرية التي وقع فيها ويبيت العقد الى قرية ان كانت قريبة بحيث يمكن للاب ان يطلعهم ويبيت بأهله كان لها ذلك والا فلا وكذلك اذا ارادت ان تنتقل من القرية الى مصر واما اذا ارادت الانتقال من المصر الذي وقع فيه العقد إلى قرية ليس لها ذلك كان فيه مفسدة للصغار لانهم يتخلقون يتخلق اهل الرسناق واما اذا ارادت ان تنتقل من مصر الى مصر فإن لم يكن المصر الذي ينتقل اليها مصرها ولا يوجد اصل العقد فيه لم يكن لها ذلك لعدم دليل الالتزام عرفا وشرعا وان كان ذلك مصرها ولا يوجد اصل العقد فيه لم يكن لها ذلك لعدم دليل الالتزام عرفا وشرعا وان كان ذلك مصرها وكان العقد فيه فلها ذلك لان الزوج التزم الامساك في ذلك الموضع عادة وشرعا وان كان ذلك مصرها ولم يكن اصل العقد فيه لم يكن لها ذلك لان الزوج لم يلتزم الامساك فيه وإن لم يكن مصرها ولكن كان اصل العقد فيه فلها ذلك
قوله بأن يأكل ويشرب ويلبس هذا حد الاستغناء وذكر في السير الكبير و نوادر بن رشيد وزاد عليها ويستنجي وحده ولم يقدروا في ذلك
____________________
(1/238)
للغلام والجارية فإن كان خالات او عمات متفرقات فالتي من قبل الاب والام اولى بالولد * باب الاختلاف في متاع البيت *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل وامرأته مات احدجهما واختلف الورثة والباقي منهم في متاع البيت فما يكون للرجل فهو للرجل وما للنساء فهو للمرأة وما يكون لهما فهو للباقي وان كانا حيين وهي امرأته او مطلقته فهو كذلك الا فيما يكون لهما فهو للرجل وقال شرح المتن تقديرا من حيث السنة ههنا وفي الاصل ذكر الخصاف في كتاب النفقات وقال الام احق به حتى يبلغ سبع سنين
قوله حتى تحيض وذكر في نوادر هشام عن محمد انه قال حتى تبلغ حد الشهوة ولم يقدروا في هذا تقديرا بل قالوا اذا بلغت مبلغا تقع عليها الشهوة وتجامع مثلها
قوله بمنزلة الحرة المسلمة لان هذا امر يبتني على الشفقة والكل في ذلك سواء * باب الاختلاف في متاع البيت *
قوله باب الاختلاف في متاع البيت اذا اختلف الزوجان في متاع البيت والنكاح قائم بينهما او ليس بقائم فادعى كل واحد منهما ان المتاع كلها له فما بكون للرجال مثل العمامة والخفاف والقوس كان القول فيها قول الرجل لان الظاهر شاهد له وما يكون للنساء فالقول فيها قول المرأة وما كان لهما فالقول قولها في جهاز مثلها عند أبي يوسف رحمه الله وفي ما زاد القول قول الزوج مع اليمين وعند ابي حنيفة ومحمد القول قول الزوج في ذلك كله واما اذا مات احدهما ثم اختلف الحي مع ورثة الميت في متاع البيت قال ابو يوسف ومحمد والجواب في ما كان حيين وفي هذا سواء لان الورثة يقومون مقام الميت وعند
____________________
(1/239)
محمد ( رحمه الله ) في الموت والحياة ما كان لهما فهو للرجل وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) تعطي المرأة ما يجهز به مثلها وما بقي فللزوج وان كان احدهما مملوكا فالمتاع للحر في الحياة والموت وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) العبد المأذون له في التجارة والمكاتب بمنزلة الحر والله اعلم * باب الحيض والنفاس *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضى الله عنهم ) الكررة والصفرة والحمرة في ايام الحيض حيض وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) لا شرح المتن ابي حنيفة ( رحمه الله ) القول قول الباقي منهما في الامتعة المشكلة ان كان الباقي هو الزوج وان كانت الباقية المرأة فكذلك فرق ابو حنيفة بين الحياة والموت لانهما اذا كانا حيين فالمرأة وما في يدها في يد الزوج فالقول قول مع يمينه وما اذا مات الزوج فالمال في يدها وهعي ليست في يد الزوج فكان القول قولها مع اليمين لان الميت لا يد له فأما اذا كان احد الزوجين رقيقا فإن كان مأذونا له في التجارة او مكاتبا فعلى قولهما الجواب فيه كالجواب في الحرين على السواء وعلى قول ابو حنيفة ( رحمه الله تعالى ) اذا كانا حيين فالقول قول الحر منهما لان يده اقوى فأما اذا كان احدهما ميتا فالقول قول الحر * باب الحيض والنفاس *
قوله باب الحيض والنفاس اورد هذه المسائل ههنا مناسبة للمسئلة السابقة في حضانة البنت او حدها حيضها
قوله الا بعد الدم لان الكدرة الشيء ما يعقب ذلك الشيء فإذا تعقب الدم يكون حكمه حكم الدم فيكون حيضا فأما اذا تقدم يكون تابعا للطهر فيكون طهرا ومذهبهما مروي عن عائشة ( رضي الله عنها ) انها حكمت بما سوى البياض حيضا واما الحضرة فلم يذكره ههنا واختلف المشايخ فيه قال بعضهم هو حيض لحديث عائشة ( رضي الله عنها ) وقال بعضهم هو بمنزلة الكدرة
____________________
(1/240)
تكون الكدرة حيضا الا بعد الدم امرأة ايامها خمسة فرأت الدم عشرة ايام فهو حيض وان زاد فهي استحاضة الا في ايامها الخمسة حامل رأت الدم فليس بشيء وإن ولدت وفي بطنها ولد آخر فالنفاس من الولد الاول وكذلك ان كان بين الولدين اربعون يوما وتنقضي العدة بالولد الاخر وقال ابو محمد وزفر ( رحمهما الله ) النفاس من الولد الاخر وبه تنقضي العدة والله اعلم * مسائل من كتاب الطلاق لم تدخل في الابواب *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) عنين اجل سنة شرح المتن والاصح ان المرأة اذا كانت من ذوات الاقراء فهو حيض وان كانت كبيرة بحيث لا ترى غير الحضرة لا يكون حيضا ويحمل هذا على فساد المنبت والاول على فساد الغذاء واما التربية لم يذكره ايضا ههنا وهو بمنزلة الكدرة
قوله فهو حيض لانها رأت الدم في وقت الحيض
قوله الا في ايامه الخمسة لان الحيض عندنا لا يزيد على العشرة فإذا زاد كان استحاضة
قوله فليس بشيء لان الحيض دم رحم وخروج الدم من الرحم للحامل لا يتصور لانسداد فم الرحم بالحبل
قوله وقال محمد وزفر الخ هما يقولان ان دم الحامل ليس بحيض فلا يكون نفاسا لانهما سواء ولهما ان النفاس هو الدم الذي يعقب الولد بتنفس الرحم وقد وجد وتنفس الرحم بالولد الاول فيبطل انسداد فم الرحم بخلاف انقضاء العدة لانه متعين بالفراغ مسائل من كتاب الطلاق لم تدخل في الابواب
قوله عنين هو من لا يصل الى النساء او يصل الى الثيب دون الابكار
____________________
(1/241)
فقال قد جامعتها وانكرت نظر اليها النساء فان قلن هي بكر خيرت وان كان ثيبافي الاصل فالقول قول الزوج فإن قال بعد الحول لم اجامعها واختارت نفسها فهي تطليقة بائنة وان اختارته لم بكن لها بعد ذلك خيار رجل لاعن امرأته لم يقع فرقة حتى يفرق القاضي فإن فرق فهي تطليقة بائنة وهو خاطب اذا اكذب نفسه وهو قول محمد ( رحمه الله ) شرح المتن وذلك انما يكون لمرض او ضعف في خلقته او لكبر سه او اخذ من النساء بسحر
قوله خيرت لان البكارة اصل وعدم الوصول بناء عليها وان قلن هي ثيب فالقول قول الزوج لان قول النساء ليس بحجة فوجب تحليفه وانما يثبت الثيابة بقول النساء لا الوصول فإن حلف فلا حق لها وان نكل خيرت
قوله قول الزوج لأنه أنكر حق الفرقة فإن حلف فلا حق لها وإن نكل خيرت
قوله واختارت نفسها فحينئذ يقول له القاضي فارقها فإن فعل والا فرق القاصي بينهما وكانت الفرقة تطليقة بائنة عندنا وقال الشافعي هو فسخ
قوله لاعن امرأته اللعان شهادات مؤكدات بالايمان موثقاة باللعن والغضب وعند الشافعي ( رحمه الله ) ايمان مؤكدات بالشهادات صورته ان يقوم الرجل بين يدي القاضي فيقول اشهد بالله اني لصادق في ما رميتها به من الزنا اربع مرات ويقول الخامسة إن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين في ما رماها من الزنا ثم يقوم المرأة فيقول أربع مرات اشهد بالله انه لكاذب في ما رماني وفي الخامسة أن غضب الله عليها ان كان من الصادقين وهو قائم مقام حد القذف في جانب الزوج وحد الزنا في جانب المرأة
____________________
(1/242)
وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) لا يجتمعان نصراني له اخت مسلمة لا يجبر على نفقتها رجل اشترى امة فلم يقبضها حتى حاضت فعليه ان يستبرئها بحيضة اخرى والله اعلم شرح المتن
قوله لا يجتمعان اعتمد ابو يوسف على ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم المتلاعنان لا يجتمعان ابدا ولهما ان اللعان شهادة بطلب الرجوع والشهادة متى بطلت يجعل كأن لم يكن
قوله لا يجبر لان نفقة غير الوالدين والمولودين بناء على الوراثية بالنص ولا وراثة بين الكافر والمسلم فلا يستحق النفقة
قوله بحيضة اخرى لان الاستبراء يجب على مالك الجارية بملك اليمين اذا اراد الوطئ فكان سببه ارادة الوطئ بملك اليمين وذلك لا يتصور الا بعد القبض فلا ينوب الاول منابه
____________________
(1/243)
كتاب العتاق
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) عبد بين رجلين اعتقه احدهما وهو معسر فإن شاء الاخر اعتق االعبد وان شاء استسعى العبد في نصف قيمته والولاء بينهما في الوجهين وان كان موسرا فاختار العتق او السعاية فهو كذلك وان شاء ضمن المعتق ورجع المعتق شرح المتن كتاب العتق
قوله وقال ابو يوسف ومحمد الخ حقيقة الاختلاف يرجع الى حرفين احدهما ان الاعتاق يتجزى عند ابي حنيفة ( رحمه الله ) خلافا لهما والثاني أن يسار المعتق لا يمنع استعساء العبد عند ابي حنيفة خلافا لهما وهذا يرجع الى الحرف الاول وهي بدلائها تعرف في المختلف
قوله ولا يضمن الخ لان ضمان الاعتاق وضمان التدبير ضمان معاوضة في اصل الشرع لان الاصل في ضمان الغصب والاتلاف ضمان معاوضة ولهذا صح اقرار المأذون به حتى لو قال غضبت من فلان صح اقراره فإذا كان الاصل في ضمان الغصب معاوضة ( مع ان الغصب محظور ) ففي ضمان الاعتاق والتدبير ( وهما مشروعان ) بطريق الاولى فلا يترك هذا الاصل الى ضمان الجناية الا لضرورة العجز فحين دبره الاول كان نصيب الساكت محلا للتمليك فانعقد التدبير سببا للضمان في نصيبه بشرط ملك المضمون لان المدبر كان منتفعا في حقه والاعتاق انعقد سببا للضمان في نصيبه لا بشرط ملك المضمون لان
____________________
(1/244)
على العبد والولاء للمعتق وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) ام كان المعتق موسرا ضمن نصف قيمته وإن كان معسرا سعى العبد في ذلك ولا يرجع العبد على المعتق ولا المعتق على العبد والولاء للمعتق
عبد بين ثلاثة دبره احدهم وهو موسر ثم اعتقه الاخر وهو موسر وأرادوا الضمان فللذي لم يدبر ولم يعتق ان يضمن الذي دبر ولا يضمن شرح المتن نصيب الساكت يوم اعتق لم يكن محلا للتمليك وانه خالص ضمان العدوان وذلك باطل الا عند الضرورة فلا يضمن الساكت الذي اعتق
قوله ثلث قيمته مدبرا لان الاعتاق جناية على نصيبه بطريق الحيلولة لان المدبر كان منتفعا في حقه وبالاعتاق لم يبق منتفعا كالغضب
قوله ولا يضمنه الخ لان ملك المدبر لذلك الثلث لم يظهر في حق المعتق
قوله ويضمن ثلثي قيمته الخ لان ضمان التدبير ضمان التمليك عندهما كالاستيلاد فلا يختلف باليسار والاعسار بخلاف ضمان العتق
قوله فهي موقوفة يوما وفي اليوم الموقوف فيه نفقتها في كسبها وان لم يكن لها في بيت المال تخدم المنكر يوما لانه ليس له غير ذلك واختلف المشايخ في الخدمة للمنكر يوما هل هو ثابت على قولهما ام لا والاصح انه غير ثابت لهما ان المقر لما لم يصدق على الشريك انقلب الامر عليه فصار بمنزلة المستولد كالمشتري اذا زعم ان البائع اعتقه وانكر البائع جعل المشتري معتقا فكذا هذا ولابي حنيفة ( رحمه الله ) ان المقر ان صدق فالخدمة كلها للمنكر وان كذب فله نصف الخدمة فيثبت النصف بيقين
قوله فلا ضمان عليه وكذلك ام ولد بين اثنين ولدت ولدا فادعاه
____________________
(1/245)
الذي اعتق وللذي دبر ان يضمن الذي اعتق ثلث قيمته مدبرا ولا يضمنه الثلث الذي ضمن وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هو مدبر للذي دبره اول مرة ويضمن ثلثي قيمته لشريكه موسرا كان او معسرا جارية بين شريكين زعم احدهما انها ام ولد لصاحبه وانكر صاحبه فهي موقوفة يوما وتخدم المنكر يوما وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إن شاء المنكر استسعى الجارية في نصف قيمتها ثم تكون حرة لا سبيل عليها ام ولد بين رجلين اعتقها احدهما وهو موسر فلا ضمان عليه وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يضمن نصف قيمتها
يدخل فلان غدا هذا الدار فهو حر وقال الاخر ان دخل فهو حر شرح المتن احدهما يثبت نسبه منه ولا شيء عليه لشريكه من الضمان و لا سعاية وقالا يضمن نصف قيمتها ان كان معسرا وكذلك ام ولد بين اثنين مات احدهما حتى عتقت لم تسع للآخر وقالا سعت في نصف قيمتها وكذلك رجل غصب ام ولد لرجل فهلكت عنده وقالا يضمن ذكر بعد هذا في كتاب الغصب أن ام الولد عند أبي حنيفة غير متقومة وعندهما متقومة لان الدليل الموجب للتقوم بعد الاستيلاء قائم وهو الانتفاع بالاحراز فبقي المدلول وهو التقوم وابو حنيفة يقول ان تقوم الاحراز كما قلتم وهذه محرزة للنسب والاستمتاع فصار الاحراز في حق التقوم معا فلم يكن مضمونا ولا متقوما
قوله ويسعى لهما في النصف عند ابي حنيفة وابي يوسف وقال محمد يسعى في جميع قيمته بينهما نصفين ثم عند ابي حنيفة ( رحمه الله ) يسعى في نصف قيمته بينهما موسرين كانا او معسرين او احدهما موسرا والاخر معسرا وعند ابي يوسف يسعى في نصف قيمته بينهما ان كان معسرين وان كان موسرين فلا وان كان احدهما موسرا والاخر معسرا يسعى للموسر لا للمعسر اما الكلام
____________________
(1/246)
فمضى ولا يدري دخل ام لا عتق النصف منهما ويسعى لها في النصف وان حلفا على عبدين كل واحد منهما على حدة لم يعتق واحد منهما رجلان اشتريا ابن احدهما والاب موسر والشريك لا يعلم ان العبد ابن شريكه او يعلم فلا ضمان على الاب وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يضمن نصف قيمته ان كان موسرا وان كان معسرا سعى الابن لشريك شرح المتن مع محمد فهو انه يقول بأن المقضي عليه بسقوط السعاية مجهول فلا يصح القضاء على المجهول وهما يقولان إنا تيقنا بالبراءة عن نصف السعاية والقضاء بالسعاية مع العلم بالبراءة باطل والجهالة تزول بالتوزيع
قوله وان حلفا الخ أي لو قال كل واحد من الحالفين ذلك لعبده المملوك له بتمامه بأن قال احدهما إن لم يكن فلان دخل الدار فعبدي حر وقال الاخر ان كان فلان دخلها فعبدي حر ولا يعلم ان فلانا دخلها ام لا لم يعتق واحد منها لانكار كل واحد منهما حنث نفسه وفساد ملكة وزعم صاحبه لا يعتبر في حقه بخلاف ما مر لأن كل واحد يزعم عتق نصيب صاحبه ويعتق نصيب بفسد نصيب نفسه فكان مقرا بفساد ملكه فيه فإن قيل قد علم القاضي ان اخحد العبدين حر فكيف يمكنهما من التصرف فيهما واسترقاقهما قلنا لا يتوجه عليهما الخطاب بالمنع للتعذر الا يرى ان رجلين لكل واحد منهما امرأة واحداهما اخت زوجها من الرضاعة ولا يدري من هي لا يجوز ان يفرق بين واحد منهما وبين امرأته
قوله لم يعتق واحد منهما لان المقضي له والمقضى عليه مجهول فبطل القضاء اصلا
قوله وقال ابو يوسف ومحمد الخ وعلى هذا الخلاف اذا باع رجل نصف عبده من اب العبد لا يضمن الاب للبائع شيئا وان كان موسرا وعندهما يضمن
____________________
(1/247)
ابيه في نصف قيمته وان بدأ الاجنبي فاشترى نصفه ثم اشترى الاب النصف الاخر وهو موسر فالاجنبي بالخيار ان شاء ضمن الأب وان شاء استسعى الابن في نصف قيمته رجل اشترى نصف ابنه وهو موسر فلا ضمان عليه وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يضمن ان كان موسرا والله اعلم * باب الحلف بالعتق *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل قال اذا دخلت الدار فكل مملوك لي يومئذ حر وليس له مملوك فاشترى مملوكا ثم دخل عتق ولو لم يكن قال في يمينه يومئذ لم يعتق رجل قال كل مملوك لي ذكر فهو حر وله جارية حامل فولدت ذكرا لم يعتق رجل قال كل شرح المتن الاب نصف قيمته للبائع اذا كان موسرا وما اذا كان العبد بين رجلين فاشترى الاب نصيب احدهما يضمن نصف قيمته لشريك البائع ان كان موسرا ويسعى العبد في نصف قيمته لشريك البائع ان كان معسرا بالاجماع * باب الحلف بالعتق * قوله لان قوله يومئذ اسم ليوم الدخول أي حين الدخول فيعتق ما يملكه بعد اليمين اذا بقي على ملكه يوم الدخول وكذلك لو كان في ملكه في وقت الحلف حتى دخل الدار يعتق لما قلنا قوله لم يعتق لان قوله كل مملوك اسم للحال وانما دخل الشرط في الجزاء وهو قوله فهو حر فيتأخر الجزاء الى وقت دخول الدار ولكن الجزاء حرية ما يملكه في الحال وإذا كان هذا الحال لا يتناول ما يملك بعد قوله لم يعتق وان كان الولادة بعد اليمين لاقل من ستة اشهر لان الولد في البطن غير مملوك مطلقا لانه مملوك تبعا لا قصدا فصار مقيدا فلا يتناوله المطلق كما اذا قال كل مملوك لي فهو حر لا يتناول المكاتب لانه ليس
____________________
(1/248)
مملوك املكه حر بعد غد وله مملوك فاشترى اخر ثم جاء بعد غد عتق الذي ملكه يوم حلف * باب عتق احد العبدين *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل له ثلاثة عبد دخل عليه اثنان فقال احدكما حر فخرج احدهما ودخل الاخر فقال احدكما حر ثم مات ولم يبين قال يعتق من الذي اعيد عليه ثلاثة ارباعه ونصف كل واحد من الاخرين وهو قول ابي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد كذلك الا في العبد الاخير فإنه يعتق ربعه فإن كان القول شرح المتن بمملوك مطلقا كذا هذا
قوله عتق إلخ لانه اسم للحال خاصة فلا يقع على المملوك الاخر وكذا اذا قال كل مملوك يملكه فهو حر بعد غد لان قوله يملكه يستعمل للحال ويستعمل للاستقبال الا انه اغلب استعماله في الحال فانصرف اليه * باب عتق احد العبدين *
قوله قال محمد الخ اجمعوا على انه يعتق من الخارج نصفه لانه عتق في حال دون حال فينتصف ومن الثابت ثلاثة ارباعه نصفه بالايجاب الأول ونصف نصفه بالايجاب الثاني واما الداخل فقد اختلفوا فيه قال ابو حنيفة وابو يوسف يعتق نصفه وقال محمد يعتق ربعه لان الايجاب الثاني متحد دائر بين الثابت والداخل ثم الثابت اصاب منه الربع فكذا هذا وهما يقولان إن الايجاب الثاني في حق الداخل صحيح من كل وجه فأوجب عتق رقبته فأصاب الداخل نصفه وفي حق الثابت صحيح من وجه دون وجه فأوجب عتق النصف فأصاب الثابت ربعه
____________________
(1/249)
في المرض قسم الثلاث كذلك على هذا رجل قال لعبديه احدكما حر فباع احدهما او مات او قال انت حر بعد موتي عتق الاخر وكذلك ان قال لامرأتيه احداكما طالق ثم ماتت إحداهما وان قال لامتيه احداكما حرة ثم جامع احداهما لا تعتق الاخرى وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) تعتق رجل قال لامته إن كان اول ولد تلدينه غلاما فأنت حرة فولدت غلاما وجارية لا يدري ايهما أول عتق نصف الام ونصف الجارية والغلام عبد فإن قال المولى الجارية اول قفالقول قوله مع يمنيه على علمه وان نكل شرح المتن
قوله رجل قال لامرأته الخ هذا الفصل على وجوه الاول أن يتصادقوا انهم لا يدرون ايهما اول فالجواب انه عتق من الأم النصف ونصف الجارية لان كل واحد منهما تعتق في حال وترق في حال والغلام عبد لانه يرق بكل حال والثاني ان تدعي الام ان الغلام هو الاول وأنكر المولى وقال الجارية الاول فالجواب ان القول قول المولى مع يمينه لانه انكر وجود شرط العتق ثم اذا حلف يحلف على العلم فإذا حلف لم يعتق واحدة منهما وان نكل عتقت الام والبنت وانما صحت خصومة الام عن البنت ما دامت صغيرة وان كانت كبيرة لا تصح خصومتها والثالث اذا تصادقوا ان الجارية هي الاولى فالجواب انه لا يعتق احد والرابع اذا تصادقوا ان الجارية هي الاولى فالجواب انه لا يعتق أحد والخامس ان دعت الام ان الغلام اول ولم تدع الجارية شيئا وهي كبيرة حلف المولى فإن حلف لا يثبت شيء وان نكل عتقت الام دون البنت لان النكول صار حجة باعتبار الدعوى والدعوى وحدت في نصيب الام خاصة دون البنت
قوله رجلان الخ هذا الفصل على وجوه احدها ان يشهدا في حياته
____________________
(1/250)
عتقت الام والابنة والغلام عبد رجلان شهد على رجل انه اعتق عبديه فالشهادة باطلة الا ان يكون في وصية استحسان ذكره في العتاق وان شهدا انه طلق احدى امرأتيه جازت الشهادة ويجبر ان يطلق احداهما وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) الشهادة في العتق كذلك والله اعلم بالصواب واليه المرجع والمآب * باب العتق على جعل والكتابة *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل قال لعبده انت حر بعد موتي على الف درهم فالقبول بعد الموت رجل اعتق عبده شرح المتن وصحته انه اعتق احدهما فالشهادة باطلة عند ابي حنيفة ( رحمه الله ) وعندهما جائزة فإن شهدا في صحته وحياته انه طلق احدى نسائه جازت الشهادة بالاجماع ويجبر الزوج ان يطلق احداهن وهذا الاختلاف يرجع الى حرف وهو ان الدعوى يشترط فيعتق العبد عند ابي حنيفة وامتنع بسبب الجاهلة فبطلت الشهادة بدونه وعندهما الدعوى ليست بشرط والثاني اذا شهدا في مرض موته انه قال هذه المقالة في مرض موته او شهدا بعد موته انه دبر احدهما في صحته فالجواب في الكل واحد وهوان القياس على مذهب ابي حنيفة ان لا تقبل هذه الشهادة وفي الاستحسان تقبل لانه في معنى شرط الوصية في الوصية الدعوى ليست بشرط وحق موضوع المسئلة عتاق الاصل * باب العتق على جعل والكتابة * قوله فالقبول بعد الموت لانه ايجاب اضيف الى ما بعد الموت وقال بعض مشايخنا ان وجد القبول بعد الموت يجب ان لا يعتق ما لم يعتقه الورثة لان الاعتاق من الميت لا يتصور وهو الاصح والمذكور في الكتاب مسكوت عنه
____________________
(1/251)
على خدمته اربع سنين فقبل العبد فعتق ثم مات من ساعته فعليه قيمة نفسه في ماله وهو قول ابي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمة الله عليه ) قيمة خدمته اربع سنين رجل قال لاخر اعتق امتك على الف درهم على ان اتزوجها ففعل فأبت ان تتزوجه فالعتق جائز ولا شيء على الامر وان قال عني على الف والمسئلة بحالها قسمت الالف على شرح المتن
قوله وقال محمد الخ هذا فرع مسئلة من باع نفس العبد بجارية بعينها او اعتقه على جارية بعينها ثم استحقت الجارية يرجع المولى على العبد بقيمته عند ابي حنيفة وابي يوسف وعند محمد وزفر ( رحمهما الله ) يرجع بقيمة الجارية فهذا كذلك
قوله ولا شيء على الآمر لان من قال لاخر اعتق امتك على الف علي ففعل لا يلزمه شيء بخلاف ما اذا قال لاخر طلق امرأتك على الف درهم علي فطلقها يلزم الالف على الأمر والفرق ان التزام العوض من المرأة صحيح وان كان لا يحصل لها شيء لان الطلاق اسقاط الملك ورفع القيد فجاز لزومه على الاجنبي ولا كذلك العتق لان بالتزام العوض يحصل للعبد ملك نفسه فإذا لم يحصل ذلك لاجنبي لا يصح التزامه
قوله اداء الامر لانه قابل الالف بالرقبة والبضع فانقسم عليهما فلزمه حصة ما سلم له وسقط ما لم يسلم له
قوله رجل الخ اذا دبرعبده ثم كاتبه على مائة درهم وقيمته ثلاث مائة درهم وذلك في صحته ثم مات ولا مال له غيره قال ابو حنيفة إن شاء يسعى في ثلثي قيمته وان شاء يسعى في جميع الكتابة وقال ابو يوسف لا خيار له لكن يسعى في الاقل ثلثي القيمة وثلثي الكتابة ولو كانت التدبير بعد الكتابة هل
____________________
(1/252)
قيمتها ومهر مثلها فما صار القيمة اداه الامر وما اصاب المهر بطل عنه رجل دبر عبده ثم كاتبه على مائة وقيمته ثلاث مائة ثم مات فإن شاء سعى في الكتابة كلها وان شاء سعى في ثلثي القيمة وإن كان التدبير بعد الكتابة فإن شاء سعى في ثلثي القيمة وان شاء في ثلثي بدل الكتابة وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمها الله ) يسعى في الاقل * باب الولاء * محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة نبطي كافر تزوج بمعتقة قوم ثم اسلم النبطي ووالى رجلا ثم ولدت اولادا فمواليهم امهم وقال ابو شرح المتن يسقط الثلاث بدل الكتابة عندهما لا يسقط وعند محمد ( رحمه الله ) يسقط اما مسئلة الخيار ففرع ما سبق في مسئلة تجزي العتاق لان عند ابي حنيفة ( رحمه الله ) لما كان العتق يتجزى والاعتاق كذلك فقط وجد في حقه شيئان ضمان التدبير وضمان الكتابة فيختار ايهما شاء وعندهما لما كان لا يتجزى عتق كله فنعد ذلك لكل عاقل يختار الاقل واما مسئلة الحط اذا تأخرت الكتابة فطريق محمد ( رحمه الله ) أن ثلث الرقبة ومسلم للمدبر فيستحيل ان يجب عليه بدله ولهما ان المال كله بدل ثلثي الرقبة وقد سلم ذلك بالكتابة فستحيل ان لا يجب عليه بدله وتمام هذه المسئلة يعرف في المختلف * باب الولاء *
قوله موالي ابيهم لان الولاء في معنى النسب لقوله ( عليه السلام ) الولاء لحمة كلحمة النسب فيجب إلحاقه بالاب كما لو كانا معتقين ولهما ان ولاء العتق اقوى بالجماع فلا يظهر الاضعف في مقابلة الاقوى ولو لم يكن الاب من اهل الولاء بأن كان عبدا كان الولد مولى لموالي الام كذا ههنا
قوله احق بالميراث لانه صار بالمعاقدة ومعاقدتها لا يلزم غيرهما
قوله احق به لانه من العصبات وهما من جملة ذوي الارحام
____________________
(1/253)
يوسف موالى ابيهم والخالة والعمة احق بالميراث من موالى الموالاة ومولى العتاقة احق به من العمة والخالة معتقى ولدت من عبد فجنى الولد فعقل عنه مولى الأم ثم اعتق العبد جر ولاء الولد ولم يرجع عاقلة الام على عاقلة الاب والله اعلم شرح المتن
قوله فعقل عنه مولى الام لانه لا عاقلة للأب ولا له مولى فألحق ولاءهم بالام كنسب ولد الملاعنة يكون عقلهم عليهم فكذا ههنا
قوله جر الخ صار له ولاء وزال المانع فيجر عليهم الولاء كالملاعن اذا كذب نفسه عاد النسب اليه لزوال المانع وهو اللعان كذا ههنا لزوال المانع وهو الرق
قوله ولم يرجع كذا ذكر في كتاب المعاقل لان وقت الجناية كان عاقلتهم موالي الام وانما يثبت الولاء من قوم الاب مقصورا على حال عتق الاب فلا يظهر ان قوم الاب قضوا دينا على موالي الاب فلم يرجعوا
____________________
(1/254)
كتاب الأيمان
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل قال ان اكلت او لبست او شربت فامرأتي طالق وقال عنيت شيئا دون شيء لم يدين في القضاء ولا في غيره وان قال ان لبست ثوبا او اكلت شرح المتن كتاب الأيمان
قوله لم يدين الخ لانه نوى ما لا يحتمله لفطه لان النية انما تعمل في الملفوظ لانها وضعت لتعيين محتمل اللفظ والثوب ههنا غير مذكور لا نصا ولا دلالة ولا اقتضاء اما نصا ودلالة فظاهر واما اقتضاء فلان مقتضى اللفظ ما لا صحة للملفوظ بدونه وههنا الملفوظ صحيح بدونه لان المنع ينعقد لمنع الفعل ولا حاجة الى الثوب عند منع اللبس
قوله خاصة لان الثوب مذكور على سبيل النكرة في موضع النفي لانه مذكور في موضع الشرط والشرط منفي والنكرة في موضع النفي تعم فإذا نوى ثوبا دون ثوب فقد اراد الخصوص من العموم ووأنه محتمل لكنه خلاف الظاهر فلا يدين في القضاء
قوله لم يحنث استحسانا وفي القياس يحنث لان الله تعالى سماه
____________________
(1/255)
طعاما او شربت شرابا لم يدين في القضاء خاصة وان حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا طريا لم يحنث وان اكل لحم خنزير او لحم انسان او كبدا او كرشا حنث وان حلف لا يأكل او لا يشتري شحما لم يحنث الا في شحم البطن وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يحنث في شحم الظهر ايضا 0 وان حلف لا يشتري لحما او شحما فاشترى الية لم يحنث وان حلف لا يشتري رأسا فهو على رؤس البقر والعلم وقال ابو يوسف شرح المتن لحما بقوله لتأكلوا منه لحما طريا والمراد منه لحم السمك بالاجماع وجه الاستحسان ان السمك في صورة اللحم اما ليس اللحم حقيقة لان اللحم منشأه من الدم والسمك منشأه ليس من الدم
قوله في شحم الظهر ايضا لان الكل يسمى شحما قال الله تعالى ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومها الا ما حملت ظهورهما استثنى شحم الظهر من جلة الشحوم وحقيقة الاستثناء انما يكون من الجنس وله ان شحم الظهر من جملة اللحم بدليل انه اذا حلف لا يأكل لحما فأكل شحم الظهر حنث
قوله هو على رؤس الغنم خاصة قيل هذا اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان فإذا في زمان ابي حنيفة كان الناس يبيعون رؤس البقر والغنم في السوق ويعتادون اكلهما وقد افتى على وفق عادتهم وهما افتيا على وفق عادتهم في زمانهما حتى قالوا اذ كان الحلف خوار زميا فأكل رأس السمك يحنث
قوله حنث لانه عقد يمينه على عين لا يؤكل عادة فوقعت يمينه على ما يتخذ منه مجازا كالذي حلف لا يأكل هذه الشجرة فأكل من ثمرها حنث ولو اكل
____________________
(1/256)
ومحمد ( رحمهما الله ) هو على رؤس الغنم خاصة وان حلف لا يأكل هذا الدقيق فأكله خبزا حنث وان حلف لا يأكل هذه الحنطة لم يحنث حتى يقضمها وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إن أكلها خبزا حنث ايضا
وان حلف لا يأكل فاكهة فأكل عنبا او رمانا او رطبا او قثاء او خيارا لم يحنث وان اكل تفاحا او بطيخا او مشمشا حنث وقال ابو يوسف ومحمد رحمهما الله يحنث في الرمان والعنب والرطب ايضال وان حلف لا يأتدم فكل شيء اصطبغ به فهو ادام والشواء ليس بادام شرح المتن عين الدقيق لم يذكر في الكتاب واختلفوا فيه والصحيح انه لا يحنث لانه حقيقة مهجورة
قوله حنث ايضا لان اكل الخبز الذي من دقيق تلك الحنطة في العادة اكل ما في الحنطة كمن حلف لا يضع قدمه في دار فلان فدخلها متنعلا او ماشيا او راكبا يحنث لانه عبارة عن الدخول كذا ههنا وابو حنيفة يقول هذا كلام له حقيقة مستعملة وهو الاكل حبا وقضما بعد القلي وبعد الطبخ وله مجاز متعارف وهو اكل ما يتخذ منها فكانت الحقيقة اولى
قوله حنث لانها فاكهة بها بعد الطعام وقبله وكذلك اليابس من هذه الاشياء فاكهة الا البطيخ واما الرمان اولرطب والعنب فقالا يحنث لانها فاكهة وابو حنيفة يقول ان الكلام المطلق لا يتناول المقيد وهذه الاشياء فاكهة مقيدة لا مطلقة
قوله الشواء ادام عند محمد و هو احدى الروايتين عن ابي يوسف ذكره في الامالي كل شيء يؤكل مع الخبز غالبا ادام مثل البيض والجبن
____________________
(1/257)
والملح ادام وقال محمد رحمه الله الشواء ادام وان حلف لا يأكل بسرا ولا رطبا فأكل مذنبا حنش وان حلف لا يشتري رطبا فاشترى كباسة بسر فيها رطب لم يحنث ولو قال ان اكلت من هذا الرطب شيئا او من هذا البن شيئا فامرأتي طالق فصار تمرا او صار اللبن شيرازا فاكله لم يحنث وان قال ان لم اشرب الماء الذي في هذا الكوز اليوم فامرأتي طالق وليس في الكوز ماء لم يحنث وان كان فيه ماء فأهريق قبل الليل شرح المتن واللحم لانه مشتق من الموادمة وهي الموافقة وهذ الاشياء يوافق الخبز من كل وجه ولهما ان حقيقة الموافقة ان يصير شيئا واحد
قوله فأكل مذنبا حنث لان الرطب المذنب ان يكون ذنبه بسرا والبسر المذنب ان يكون ذنبه رطبا والاكل هو المضغ بتناول ذنبه مقصودا كما يتناول الباقي
قوله لم يحنث لان ذلك في حق الاكل مقصود دون الشراء
قوله لم يحنث لان اليمين عقدت على ذات موصوفة بصفة كقصودة ولهذه الصفة اثرلافي الدعاء الى اليمين فيتقيد اليمين بصفة بخلاف ما إذا حلف لا يكلم هذ الصبي وكلمه بعدما شاخ او حلف لا يأكل هذا الحمل فأكله بعدما صار كبشا حنث لان صفة الصبا والحملية ليستا داعيتين الى اليمين فقيدت اليمين بالذات
قوله وان قال الخ ههنا فصول اجمعوا على انه لو قال والله لامسن السماء ينقعد اليمين وكذا لاقلبن هذا الحجر ذهبا وكذا في لاطيرن في الهواء الا انه اطلق كما فرغ من اليمين حنث وان قيد باليوم لا يحنث ما لم يمض اليوم فإذا قال ان لم اشرب الماء الذي في هذا الكوز اليوم وليس في
____________________
(1/258)
لم يحنث وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) يحنث في هذا كله والله أعلم * باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والركوب *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل حلف لا يدخل هذه الدار فصارت صحراء فدخلها أو بنيت دارا أخرى فدخلها حنث وإن جعلت مسجدا أو بستانا أو حماما فدخل لم يحنث وإن شرح المتن الكوز ماء لم ينعقد اليمين عند أبي حنيفة ومحمد ( رحمهما الله ) لعدم تصور البر وانعقدت عند أبي يوسف * باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والركوب *
قوله حنث لأن إسم الدار باق بعد خراب البناء فإن الدار لغة هي العرصة واليمين إذا تعلقت بإسم يبقى ببقاء ذلك الإسم بخلاف ما إذا ذكر الدار منكرا بأن قال والله لا أدخل دارا فدخل دارا خربة لا يحنث لان الغائب يعرف بالوصف والغائب مالا يكون معينا يعني أن البناء وصف الدار وإسم الدار منكر والوصف في المنكر يكون للتعريف فكأنه قال لا أدخل عرصة موصوفة بالبناء فاعتبر وصف البناء في الحنث وفي العرف لا يحتاج إلى التعريف
قوله لم يحنث لأن العرصة وإن تعينت إلا أنه تبدل الإسم واليمين المتعلقة بالإسم تزول بزواله
قوله فدخله لم يحنث أي لو قال لا أدخل هذا البيت المشار إليه ثم خرب البيت فصارت عرصة صحراء فدخل لا يحنث لأن البيت إسم لما يبات فيه وإنما تصير العرصة صالحة للبيتوتة بالبناء فكان البناء من البيت فإذا خرب البناء لم يبق بيتا
____________________
(1/259)
حلف لا يدخل هذا البيت فصار صحراء او بنى بيتا اخر فدخله لم يحنث وان حلف لا يدخل بيتا فدخل الكعبة او مسجدا او بيعة او كنيسة او دهليزا او ظلة باب الدار لم يحنث وان دخل صفة حنث وان قال لامرأته إن دخلت الدار فانت طالق وهي داخلة لم يحنث حتى تخرج وتدخل استحسانا والقياس ان يحنث ذكره في كتاب الطلاق وان قال لها وهي راكبة ان ركبت فانت طالق فمكثت ساعة طلقت وان اخذت في النزول حين حلف لم يحنث وكذلك اللبس شرح المتن
قوله فدخل الكعبة إلخ انما لا يحنث لان البيت اسم لما بيات فيه عادة وبنى لذلك وهذه الاشياء ليست كذلك
قوله او ظلة هذا اذا كان بحال له بحال لو اغلق الباب بقي خارجا اما اذا بقي داخلا حنث
قوله وان دخل صفة هذا في عرفهم لان الصفة ذات حوائط اربع فيكون بيتا وما في عرفنا الصفة خارج عن البيت
قوله حتى تخرج وتدخل هذا استحسان وفي القياس يحنث لان للدوام حكم الابتداء ووجه الاستحسان ان الدخول انفصال من الخارج الى الداخل وذلك لا دوام له
قوله وان قال لها الخ وذلك لان الركوب عبارة عن العلو على الدابة فيكون للثبات عليه حكم الابتداء الا ان يعني به الابتداء الخالص فيصدق
قوله لم يحنث لان ما ليس في وسع العباد الامتناع عنه فهو مستثنى عن حكم الايمان
____________________
(1/260)
وان حلف لا يخرج من المسجد فأمر انسان فحمله واخرجه حنث وان اخرجه مكرها لم يحنث وان حلف لا يخرج من داره الا الى جنازة فخرج الى الجنازة ثم اتى منزله فتغذى لم يحنث وان حلف لا سكن هذه الدار فخرج ومتاعه واهله فيها ولم يرد الى حاجة اخرى لم يحنث ولو حلف لا يخرج الى مكة فخرج يريدها ثم رجع حنث حلف لا يأتيها لم يحنث حتى يدخلها وان ارادت المرأة الخروج فقال إن خرجت فأنت شرح المتن
قوله حنث لان فعله مضاف اليه وفيما اذا اخرجه مكرها لم يضف اليه وان حمل بغير امره ورضي به بقلبه اختلف المشايخ فيه والصحيح انه لا يحنث هكذا روي عن ابي حنيفة نصا
قوله ثم اتى الى حاجة اخرى لان الاتيان ليس بخروج لان الخروج هو الانفصال من الداخل الى الخارج فلا يكون خروجا
قوله لم يحنث حتى يدخلها لأن الاتيان يراد به الوصول الى المكان المحلوف عليه قال الله تعالى فأتياه فقولا انا رسولا ربك فأرسل معنا بني اسرائي والمراد به الوصول
قوله فتغدى لم يحنث اما مسئلة التغذي فلأن الكلام خرج جوابا له فيتقيد به واقتصر عليه فصار كالنص عليه كمن قال لامرأته طلقي نفسك فتقول قد فعلت انه يصير كقولها طلقت واما في الفصلين الآخرين فإنه يقيد به بدلالة الحال لأن قصده الزجر عما قصدت من الخروج وعما قصد من الضرب
قوله فخرج ومتاعه الخ هذه المسئلة على ثلاثة اوجه اما ان يكون المسئلة في المصر او في القرية او في الدار فإن كان في المصر فانتقل بنفسه بر في يمينه ولا يتوقف البر على انتقال المال والاهل هكذا روى عن ابي يوسف وان كان في القرية فحمل بعضهم هذه اليمين على الدار وبعضهم على المصر
____________________
(1/261)
طالق فجلست ثم خرجت لم يحنث وكذلك ان اراد رجل ضرب عبده فقال ان ضربته فعبدي حر فرجع الى منزله ثم ضربه
وان قال له رجل اجلس فتغد عندي فقال ان تغذيت عندك فعبدي حر فرجع الى الرجوع اليها حنث وان حلف لا يركب دابة لرجل فركب دابة عبد مأذون له في التجارة عليه دين او لا دين عليه لم يحنث وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يحنث وان قال لرجل إن لم آتك غدا ان استطعت شرح المتن وهو اختيار الشيخ الامام الاجل الزاهد برهان الامة وان كان في الدار فلا بدر من نقل المتاع والاهل لان المرأ يعد ساكنا في الدار باعتبار الاهل والمتاع يقال فلان يسكن هذه الدار وان كان عامة نهاره في السوق وفي المصر خلاف ذلك فإن رجل قد يكون ساكنا في المصر وله في مصر آخر اهل ومتاع لا ينسب اليه
قوله ثم اختلفوا في كيفية النقل فقال ابو حنيفة لابد من نقل كل المتاع والاهل حتى اذا بقي وتد مثلا لا يبر وقال ابو يوسف يعتبر نقل الاكثر وقال محمد يعتبر نقل ما يقوم به كد خدائيته متعذرا لأن ما وراء ذلك ليس من السكنى وهذا احسن وابو يوسف يقول نقل الكل متعذ 1 ر فيعتبر الاكثر وابو حنيفة يقول السكنى ثابت بالكل وهذا اختلاف في نقل المتاع واما الاهل فلا خلاف في نقلهم يعني يشترط نقل الكل حتى لو ترك عبدا او جارية مثلا لم يبر
قوله لم يحنث هذا اذا لم ينو اما إذا نوى ان كان مديونا مستغرقا لا يحنث لانه لا ملك له فيه وان لم يكن مديونا مستغراقا حنث لان في الاضافة اليه نوع قصور فيدخل في المطلق من حيث الاضافة اذا نوى وعند ابي يوسف في الوجهين جميعا ان نوى حنث وان لم ينو لا يحنث وعند محمد يحنث في الوجهين نوى او لم ينو لقيام الملك فيه
قوله فلم يأته حنث لان عند الناس استطاع الاتيان من حيث سلامة الالات
قوله دين لانه مما يقع اسم الاستطاعة بالنصوص لكنه خلاف
____________________
(1/262)
فامرأته طالق فلم يمرض ولم يمنعه سلطان ولا مجيء ام لا بقدر على اتيانه فلم يأته حنث وان عنى استطاعة القضاء دين فيما بينه وبين الله تعالى * باب اليمين في الكلام *
محمد عن يعقوب عن أي حنيفة رضي الله عنهم ) في رجل حلف لا يكلم فلانا شهرا فهو من حين حلف وان حلف لا يتكلم فقرأ القرآن في صلاته لم يحنث وان قرأ في غير صلاته حنث وان قال يوم اكلمك فامرأته طالق فهو على الليل والنهار وان عنى النهار خاصة دين في القضاء شرح المتن الظاهر وفيه تخفيف فلا يصدق قضاء وفي رواية يصدق لانه نوى حقيقة ما تكلم به فيصدق وان كان فيه تخفيف * باب اليمين في الكلام *
قوله فهو من حين حلف لان ذكر الشهر لاخراج ما وراءه عن مطلق اليمين فبقي الشهر تحته مرادا من حين حلف
قوله وان قرأ الخ وكذلك اذا سبح في الصلاة لم يحنث ولو سبح في غير الصلاة حنث هكذا ذكر في الكتاب وان عقد اليمين بالفارسية لا يحنث ومن اصحابنا من قال هذا في عرف ديارهم وأما في عرفنا ينبغي ان لا يحنث اذ قرء القرآن او سبح في غير الصلاة لانه لا يسمى متكلما عرفا
قوله فهو على الليل والنهار لان اليوم متى اضيف الى فعل لا يمتد يراد به مطلق الزمان
قوله خاصة لانه لم يستعمل لغيره كالنهار يقع على البياض خاصة
____________________
(1/263)
وقال ليلة اكملمك فهو على الليل خاصة وان قال ان كلمت فلانا الى ان يقدم فلان او قال حتى يقدم فلان او قال الا ان يأذن لي فلان او حتى يأذن لي فلان فامرأته طالق فكلمه قبل القدوم والاذن حنث وان مات فلان سقطت اليمين وقال ابو يوسف رحمه الله يحنث اذا مات فلان وان حلف لا يكلم عبد فلان ولم ينو عبدا بعينة او امرأة فلان او صديق شرح المتن لانه لم يستعمل لغيره انما التردد في اليوم
قوله حنث هذا لا يشكل في حتى لانها للغاية فينتهي مدة اليمين عندها فإذا تكلم قبل وجوده قفد وجد اشرط الحنث و اليمين باق فيحنث وان كلمه بعد وجوده فقد وجد شرط الحنث واليمين فلا يحنث واذا مات سقطت اليمين لأنه منع نفسه عن كلام فلان في تلك المدة وأما في قوله الا ان يقدم وإلا ان يأذن فكذلك ايضا لان كلمة الا ان بمعنى حتى
قوله وان حلف الخ المسئلة على وجهين اما ان يكون المسمى في الكلام مضافا اليه ملك او اضافة نسبة وكل ذلك على وجهين إما أن يكون مطلقا أو مشارا إليه أما إذا كان مضافا إضافة ملك نحو العبد والطعام والثوب فإن كان مطلقا لأن حلف لا يكلم عبد فلان أو لا يلبس ثوب فلان أو لا آكل طعام فلان يعتبر الملك يوم الحنث حتى لو فعل ذلك البيع لا يحنث لانه عقد يمينه على فعل واقع في ملك فلان وفي عين مضاف اليه فما لم يوجد ذلك الوصف لا يحنث فإن حلف لا اكلم عبد فلان هذا او لا ادخل دار فلان هذه فباع العبد او الدار ثم فعل ذلك لم يحنث عند ابي يوسف وابي حنيفة ( رحمهما الله ) وعند محمد ( رحمه الله ) يحنث لان الاشارة فوق النسبة في التعريف فلا يعتبر ولهما انه انما يصار الى الترجيح عند التعارض ولا تعارض
____________________
(1/264)
فلان فباع فلان عنده او طلق امرأته فبانت منه او عادى صديقه فكلمهم لم يحنث وان كانت يمينه على عبد بعينه او امرأة بعينها او صديق بعينه لم يحنث في العبد وحنث في الصديق والمرأة وقال محمد ( رحمه الله ) يحنث في العبد ايضا وان حلف لا يكلم صاحب هذا الطيلسان فباع الطيلسان فكلمه حنث * باب اليمين على الحين والزمان *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل حلف ليصومن حينا او زمانا فهو على ما نوى وان لم يكن له نية فهو على ستة شرح المتن ههنا لان الاشارة للتعريف والنسبة لهجران صاحبه لان المراد منه ان لا يكلم مع عبد فلان لاظهار معاداة صاحبة لان العبد لا يعادي بنفسه واما اذا كان الاضافة اضافة نسبة في غير الاموال مثل قوله والله لا اكلم زوجة فلان او زوج فلانة او صديق فلان فان كان مشارا اليه ثم بطلت الزوجية والصداقة ثم كلم حنث بالاجماع لأن هذا مما يعادى بنفسه فذكر النسبة ههنا للتعريف كالاشارة
قوله حنث لان ذكر النسبة لا يحتمل معنى آخر غير التعريف عندالناس * باب اليمين على الحين والزمان *
قوله على ستة اشهر لانه الحين فإن الوسط قد يستعمل للوقت كقوله تعالى فسبحان الله حين تمسون وقد يعني به ستة شهور قال الله تعالى تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها وقد يعني به اربعون سنة قال الله تعالى هل اتى على الانسان حين من الدهر
قوله ودهرا الخ يريد دهرا منكرا في ما اذا قال لا اكلم دهرا لان درك
____________________
(1/265)
أشهر ودهرا لا أدري ما هو وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هو مثل الزمان رجل قال لعبده إن خدمتني أياما كثيرة فأنت حر فأكثر الأيام عشرة أيام وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) هو سبعة أيام * باب اليمين في العتق *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل قال لامرأته إذا ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدا ميتا طلقت وكذلك إذا قال لأمته إذا ولدت فأنت حرة وإن قال لها إذا ولدت ولدا فهو حر فولدت ولدا ميتا ثم آخر حيا عتق الحي وحده وقال أبو يوسف ومحمد شرح المتن اللغات ليس من باب القياس والتوقف في مالا يدرك بالقياس عند عدم دليل ضرب من الفقه فكان هذا من أبي حنيفة نهاية في المعرفة لا جهالة وأما الدهر معرفا باللام يراد به الأبد عندهم جميعا وهو مذكور في الجامع الكبير قال الله ( تعالى ) ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر )
قوله رجل قال الخ هي فرع مسئلة أرى ذكرها في الجامع الكبير إذا حلف وقال إذا كلمت فلانا الأيام الكثيرة فعبدي حر فإن ذلك على عشرة أيام عند أبي حنيفة وعندهما على سبعة أيام وقد ذكرنا مع فروعها من شرح في شرح الجامع الكبير ومن المتأخرين من قال هذا في عرفهم وأما في عرفنا ينصرف إلى أيام الجمعة بلا خلاف * باب اليمين في العتق *
قوله طلقت لأن الميت ولد حقيقة وشرعا أما الحقيقة فلا شك وأما شرعا فلأن العدة تنقضي به
____________________
(1/266)
( رحمهما الله ) لا يعتق واحد منهما وإن قال أول عبد أشتريه فهو حر فاشترى عبدا عتق وإن اشترى عبدين معا ثم اشترى آخر لم يعتق وإن قال أول عبد اشتريه وحده فهو حر فاشترى عبدين ثم عبدا عتق الثالث وإن قال آخر عبد أشتريه فهو حر فاشترى عبدا ثم عبدا آخر ثم مات عنق الآخر يوم اشتراه وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يعتق يوم مات شرح المتن قوله لم يعتق أي لا يحنث في اليمين لا يملك العبدين حتى لم يعتقاه ولا يملك العبد حتى لم يعتق وذلك لأن الأول إسم لفرد سابق لا يشاركه غيره من جنسه في ما وصف به فيلزمه السبق والتفرد فإذا ملك عبدين لم يحنث لفقد التفرد في المثنى وإذا ملك عبدا بعدهما فكذلك لأنه وإن كان فردا لكنه غير سابق فلا يحنث
قوله عتق الثالث لأن كلمة وحدة للدلالة على التفرد في الحال لأنها لم تقع إلا حالا فلم يكن الشرط مطلق التفرد بل المراد به التفرد في حالة التملك
قوله يوم مات حتى يعتبر من ثلث المال لأن صفة الآخرية لا تثبت إلا بعدم شراء آخر بعده فصار العتق معلقا به وانه لايثبت إلا عند الموت فصار كأنه أعتقه في حالة المرض ولأبي حنيفة أن الآخر إسم لفرد لاحق لا يشاركه غيره من نفسه وقد اتصف به لكنه يبطل بشراء الآخر به فإذا لم يشتر حتى مات يثبت الوصف من وقت الشراء
قوله عتق الأول لأن البشارة في اللغة عبارة عن خبر بغير بشرة الوجه من الغم أو من الفرح إلا أنه كثر استعماله في خبر يتغير به بشرة الوجه من الفرح فصار الإسم حقيقة له وهذا حصل من الأول
قوله عتقوا لأنهم جميعا فعلوا فعل البشارة قال الله ( تعالى ) ( وبشروه بغلام حليم )
____________________
(1/267)
وان قال كل عبد بشرني بولادة فلانة فهو حر فبشره ثلاثة متفرقين عتق الاول فإن بشروه معا عتقوا وان قال ان اشتريت فلانا فهو حر فاشتراه ينويه عن كفارة يمينه لم يجزه وان اشترى اباه ينوي عن كفارة يمينه اجزاه وان اشترى ام ولده لم يجزه رجل قال ان تسريت جارية فهي حرة فتسري جارية كانت في ملكه عتقت وان اشترى جارية فتسراها لم تعتق * باب اليمين في البيع والشراء * محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم رجل قال لاخر ان بعت لك هذا الثوب فامرأتي طالق فدس المحلوف عليه ثوبه في شرح المتن
قوله لم يجزه لانه عتق بقوله فهو حر لا بالشراء ولم توجد النية وقت اليمين فلا يسقط به الكفارة
قوله وان اشترى ام ولده يريد انه قال لام ولده وهي ليست في ملكه بأن استولدها بالنكاح ان اشتريتك فأنت حرة فاشستراها تعتق ولا تسقط عنه الكفارة اذا نوى ذلك لانه تعتق بالاعتاق الحاصل باليمين السابقة فخلاف ما اذا قال ان اشتريتك فأنت حرة عن كفارة يميني قال ذلك لأمة حيث يجوز لانه تعتق كلها بالاعتاق
قوله لم تعتق وقال زفر تعتق في الحالين لان التسري تصرف لا يستغني عن الملك فيصير ذكره ذكر الملك ولنا ان الايجاب لم يحصل في ملك ولا مضاف الى سبب الملك فبطل * باب اليمين في البيع والشراء *
قوله ان بعت لك هذا الثوب الخ هذا الفصل على وجهين اما ان يكون اليمين معقودا على فعل يحتمل النيابة والوكالة كالبيع والخياطة والصياغة والبناء او على افعل لا يحتمل النيابة والوكالة كأكل الطعام وشرب الشراب وكل ذلك لا يخلو ماما ان دخل اللام على الفعل فيقول ان بعت لك هذا الثوب او
____________________
(1/268)
ثياب الحالف فباعه ولم يعلم لم يحنث وان قال ان بعت ثوبا لك والمسئلة بحالها حنث وان كان الفعل لا يقبل النيابة حنث قدم الفعل او اخر رجل قال هذا العبد حر ان بعته فباعه على انه بالخيار عتق وكذلك ان قال المشتري ان اشتريته فهو حر فاشتراه على انه بالخيار وان قال إن لم ابع هذا العبد او هذه الجارية فامرأتي طالق فأعتق او دبر طلقت والله اعلم شرح المتن دخل عن العين فيقول ان بعت ثوبا لك اما في ما يحتمل النيابة والتوكيل ان دخل اللام على الفعل فقال له بعت لك ثوبا او خطت لك ثوبا يقع اليمين على ذلك الفعل وهو ان يفعله بامره سواء كان العين في ملكه او لم يكن لان اللام جاورت الفعل فأوجب ملك الفعل لا ملك العين وأما في ما لا يحتمل النيابة يقع اليمين على ملك العين سواء قدم اللام بأن يقال ان اكلت لك طعاما او اخر بأن قال ان اكلت طعاما لك لان اللام دخلت على ما يملك وهوالعين وعلى ما لا يملك وهوالفعل فوجب صرفها الى ما يملك وهو العين
قوله عتق لان شرط الاعتاق قد وجد والعبد في ملكه
قوله وكذلك لأن شرط الاعتاق قد وجد فصار موجوبا تقديم الايجاب كما اذا اعتقه بعد الشراء صريحا
قوله طلقت لتحقيق العدم فصار كموت الحالف او موت العبد قبل البيع فإن قيل العدم لا يثبت في حق الامة بالعتق والتدبير لجوزا انها ترتد فتسبى بخلاف العبد فإنه متى ارتد يجبر على الاسلام بكل حال فإن قبل والا قتل قبل له اليمين انعقدت على البيع باعتبار هذا الملك وباعتبار هذا الملك تحقق العدم
____________________
(1/269)
* باب اليمين في الحج *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل قال وهو في الكعبة على المشي الى بيت الله تعالى او الى الكعبة فعليه حجة وعمرة ماشيا وان شاء ركب واهراق دما رجل قال علي الخروج او الذهاب الى بيت الله تعالى او قال علي المشي الى الحرم او الى الصفا والمروة فلا شيء عليه وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) شرح المتن * باب اليمين في الحج *
قوله فعليه الخ لان هذا في عرفهم ايجاب الحج والعمرة ماشيا فصار كما لو نص عليه وقال لله علي زيارة البيت ماشيا او الكعبة ماشيا ولو قال هكذا كان الجواب ما قلنا
قوله وقال ابو يوسف ومحمد لان قوله على المشي الى الحرم مثل قوله على المشي الى بيت الله وعلى هذا الخلاف لو قال على المشي الى المسجد الحرام ذكره محمد في الاصل وقالا لان الحرام شامل للبيت وكذلك المسجد الحرام فصار ذكره كذلك واما الصفا والمروة فينفصلان عن البيت ولابي حنيفة ان التزام الحج بهذه العبارة غير متعارف فوجب رده الى القياس والقياس ان لا يلزم شيء بهذه الالفاظ بخلاف قوله على المشي الى بيت الله او الى الكعبة او الى مكة لانه متعارف وفي النوادر الى مكة لان ذلك كله متعارف
قوله يعتق لانهما شهدا بإثبات امر معلوم ومن ضرورته ان لا يحج فعبده حر ولهما ان هذه شهادة قامت على النفي فلا تقبل كما اذا شهدا انه لم يحج وانما قلنا ذلك لأن الشهادة بالتضحية باطلة بتحقيقها لانه لا مطالب لها فبقي النفي مقصودا فإن قيبل الشهاد على النفي لا تقبل في ما لا علم للشاهد
____________________
(1/270)
عليه في قوله على المشي الى الحرم حجة او عمرة رجل قال عبدي حر ان لم احج العام فقال قد حججت فشهد شاهدان انه ضحى بالكوفة لم يعتق وقال محمد رحمه الله يعتق * باب اليمين في لبس الثياب والحلي *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة رضي الله عنهم رجل قال ان لبست من غزل فلانة ثوبا فهو هدى فاشترى قطنا فعزلته ونسج فلبسه قال فهو هدى وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) ليس بهدى حتى تغزله من قطن ملكه يوم حلف رجل حلف لا يلبس حليا فلبس خاتم فضة لم يحنث وان كان من ذهب حنث امرأة حلفت لا تلبس حليا شرح المتن بذلك فإن وقع له العلم بذلك وجب ان تقبل والدليل عليه ما ذكر في السيراذا شهد شاهدان على رجل انا سمعناه المسيح ابن الله ولم يصل بقوله قول النصارى بانت منه امرأته والرجل يقول لا بل وصلت بقول قول النصارى فالشهادة مقبولة على النفي لان ذلك مما يحاط به العلم قيل له الاصل ان الشهادة على النفي لا تقبل كما قال ثم بعد ذلك لا يتميز بين نفي ونفي تيسيرا للامر على الناس ودفعا للحرج اما مسئلة السير الكبير فذلك عبارة عن السكوت وهو امر معلوم * باب اليمين في لبس الثياب والحلي *
قوله ليس بهدى حتى تغزله الخ لان النذر انما يصح في الملك او مضافا الى سبب الملك والغزل واللبس ليسا من اسباب الملك ولم يوجدا في الملك فلا يصح ولابي حنيفة ان العادة الغالبة انها تغزل لزوجها من قطنه فاليمين مقيدة بالعادة في الملك دلالة كأنه قال من قطن ملكه
قوله حنث لأنه حتى بدلالة تحريم الشرع للرجال ولو لم يكن ذهبا
____________________
(1/271)
فليست لؤلؤ بلا ذهب لم تحنث وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) تحنث والله اعلم * باب اليمين في القتل والضرب *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل قال شرح المتن خالصا ولكن كان خاتما مما تلبسه النساء من الفضة او من الحجارة مثلا يجب ان يحنث اعتبارا بالعادة وقيل لا يحنث لا عبرة للعادة
قوله تحنث لانه حلي حقيقة قال الله ( تعالى ) { وتستخرجون حلية تلبسونها } وانما تستخرج من البحر اللؤلؤ ولابي حنيفة ان العادة لم تجر بالتحلي باللؤلؤ الا اذا كان مرصعا بذهب او فضة وقيل على قياس قوله لا بأس بأن يلبس الغلمان اللؤلؤ وكذلك الرجال يجوز لهم ذلك * باب اليمين في القتل والضرب *
قوله فهو على الحياة لأن معنى الضرب لا يتحقق بعد الموت لان معنى الضرب الايلام والايلام لا يتحقق بعد الموت ولا يلزم على هذا عذاب القبر اما من قال باصل العذاب وسكت عن الكيفية فقد تفصى لانه لا يعلم انه على القالب او على الروح واما من قال بالكيفية منهم من قال يعذب بعد وضع الحياة فيه لكن يوضع فيه الحياة بقدر ما يتألم لا الحياة المطلقة وهذا اقرب إلى الحقيقة ومنهم من قال بوضع الحياة من كل وجهة بخلاف قوله ان غسلتك حيث يقع على الحياة والممات جميعا لان الغسل بصورته ومعناه يتحقق بعد الموت اما الصورة فإسالة الماء على البدن واما المعنى فازالة الدرن
قوله وكذلك الخ فان قال ان كلمتك فهو على الحياة خاصة لان كلام الانسان مع غيره لا يكون الا بالافهام والاسماع وهذا لا يتحقق بعد الموت وكذلك الكسوة اذا اطلقت يراد بها التمليك عرفا والتميلك من الميت لا يتصور وكذلك الدخول عليه بأن قال ان دخلت عليك لان الدخول للزيارة يكون وبعد الموت يزار قبره لا عينه
____________________
(1/272)
لاخر ان ضربتك فعبدي حر فمات فضربه قال فهو على الحياة وكذلك الكسوة والكلام والدخول رجل حلف لا يضرب امرأته فمد شعرها او خنقها او عضها حنث رجل قال ان لم اقتل فلانا فامرأتي طالق وفلان ميت وهو يعلم حنث وان لم يعلم لا يحنث شرح المتن
قوله والكلام قد وجهه اكثر الشراح بان الكلام ما يخاطب به الافهام والاسماع وهو غير متصور في الميت وفهم منه بعض اصحاب الفتاوى انه مبنى على عدم سماع الموتى فنسبوه إلى القدماء ومن ثم اشتهر بين العوام ان عند الحنيفة لا سماع للموتى والحق انهم بريئون عن ذلك كما حققه ابن الهمام وغيره والمسئلة التي نحن فيها ليست مبنية عليه بل على ان الكلام والخطاب في العرف انما يطلق على الخطاب مع الحي ومع الميت لا يعرف كلاما والايمان مبنية على العرف فلذا لا يحنث بالكلام مع الميت اذا حلف لا يكلمه وكيف ينكر قدماء اصحابنا سماع الموتى مع ظهور النصوص الدالة عليه واجماع اكثر الصحابة عليه وقد انكرته عائشة ( رضي الله عنها ) لكن قد زارت قبر اخيه عبد الرحمن وخاطبت معه كما هو مروي في جامع الترمذي وغيره فعل انها ورجعت لا يفني بالموت وفناء البدن لا يقدح في ذلك ولعلمي قد ينكشف حقية هذا الامر لمنكري السماع فان السامع والفاهم انما هو الروح وهو لا يفني بالموت وفناء البدن لا يقدح في ذلك ولعلمي قد ينكشف حقية هذا الامر لمنكري السماع بعد موته وان طال انكراهم في حياتهم وعند ذلك يحصل معه التنبيه على خطأهم ولا يفيدهم ذلك
قوله حنث هذا اذا كان في حال الغضب واما اذا كان يلاعبها فأصاب رأسه انفها فادماها او آلمها لم يحنث
قوله حنث لانه عقد يمينه على قتله بحياة تحدث فيه بعد الموت وهذا متصور
قوله لا يحنث هذا عند ابي حنيفة ومحمد وعند ابي يوسف يحنث وهي فرع مسئلة شرب الماء في الكوز
____________________
(1/273)
مسائل من كتاب الايمان لم تدخل في الابواب
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم في رجل قال ان لم اقض دراهمك فعبدي حر فباعه بها عبدا وقبضه او قضاه زيوفا بر وان وهبها له او قضاه ستوقة لم يبر وان حلف لا يطلق او لا يعتق او لا يتزوج فأمر بذلك انسانا ففعل وقال عنيت ان لا اتكلم به لم يدين في القضاء خاصة وصدق ديانة رجل حلف لا يضرب عبده قال في الاصل اذا امر غيره فضربه حنث وان حلف الا يضرب ولده فأمر انسانا فضربه لم يحنث وجعل العلة فيه الملك فان كان المضروب ولده فأمر انسانا فضربه لم يحنث وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) اذا حلف لا يضرب عبده او لا يذبح شاته فأمر غيره ففعل وقال شرح المتن مسائل من كتاب الايمان لم تدخل في الابواب
قوله لم يبر لأن الزيوف دراهم فان تجوز بها فقد اقتضى وان ردها فقد انقض بعد صحته واما الستوقة فليست بدراهم فلا يصح اقتضاءها فوجب الحنث
قوله في القضاء الخ لانه نوى خلاف الظاهر لأن الطلاق فعل شرعي وذلك ان يوجد من المرأ كلام يثبت به وقوع الطلاق عليها والامر بذلك مثل التكلم بنفسه فإذا نوى التكلم بنفسه فقد نوى الخصوص فلم يصدق قضاء
قوله لم يحنث لان في مسئلة العبد منفعة ضربه تحصل للامر لأن العبد ياتمر بأمره اذا ضربه غيره فكان عمله كعمله في حق المنفعة ن فيحنث اما ولده فمنفعة ضربه يحصل للولد لا للوالد فلم يكن عمله كعمله في حق المنفعة فلا يعتبر عمله كعمله فلا يحنث
قوله دين في القضاء لان الضرب والذبح فعل حسي يعرف بأثره والنسبة اليه بحق التسبيب مجاز فاذا نوى حقيقة ما تكلم به صحت نيته
قوله بر لان الهبة تمليك من جانب واحد وقد وجد الا ان القبول
____________________
(1/274)
عنيت ان لا افعل ذلك بنفسي دين في القضاء رجل حلف ان يهب عبدة لفلان فوهبه ولم يتقبل بر
وان حلف لا يصوم فنوى الصوم وصام ساعة ثم أفطر في يومه حنث وان حلف ان لا يصوم يوما او صوما فصام ساعة ثم افطر في يومه لم يحنث وان حلف لا يصلي فقام وقرأ وركع لم يحنث وان سجد مع ذلك ثم قطع حنث رجل قال ان كان لي الا مائة درهم فامرأتي طالق فلا يملك الا خمسين درهما لم يحنث وكذلك ان قال غير مائة وأو سوى مائة وان حلف لاي شم ريحانا فشم وردا وياسمينا لم يحنث وان حلف لا يشتري بنفسجا ولا نية له فاليمين على دهنه وان حلف على الورد فاليمين على الورق امرأة قالت لزوجها تزوجت علي فقال كل امرأة لي طالق شرح المتن والقبض شرط ثبوت الملك وشرط البر الهبة المطلقة لا المقيدة لثبوت الملك وقد وجد
قوله حنث لا شرط الحنث فعل الصوم وقد وجد ولو قال مكانه لا يصوم صوما أو يوما لم يحنث لانعدام صوم اليوم
قوله لم يحنث لأن شرط الحنث فعل الصلاة والموجود بعض فعل الصلاة لان اكل الصلاة فعل القيام والركوع والسجود والقراءة وما وراء ذلك فهو تكرار
قوله لم يحنث لان قصده من هذا نفي ما وراء المائة فكان شرط حنثه ملك زيادة شيء على المائة
قوله فشم وردا الخ الخ لان في عرفهم الريحان اسم لما لا يقوم على الساق من البقول مما له رائحة طيبة وهو موضوع لذلك لغة والورد والياسمين لهما ساق
____________________
(1/275)
ثلاثا طلقت هذه في القضاء رجل قال كل مملوك لي فهو حر فانه يعتق امهات اولاده ومدبروه ولا يعتق مكاتبوه وعبد قد اعتق بعضه الا ان ينوي شرح المتن
قوله على الورق لتسمية الناس في عرفهم دهن البنفسج بنفسجا دون دهن الورد وردا
قوله هذه أي التي حلفته وقال ابو يوسف انها لا تطلق لانه خرج جوابا فيتقيد به وجواب ظاهر الرواية انه زاد على الجواب لانه كان يكفيه ان يقول أن فعلت فهي طالق ثلاثا فصار مبتدئا فوجب العمل بعمومه واطلاقه وان قال نويت تلك خاصة صدق ديانة لانه مع الزيادة يحتمل ان يكون جوابا
____________________
(1/276)
كتاب الحدود
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل شهد عليه الشهود بسرقة او بشرب خمر او زنا بعد حين لم يؤخذ به وضمن السرقة وان اقر بذلك اخذ به الا في شرب الخمر فانه لا يؤخذ شرح المتن كتاب الحدود
قوله لم يؤخذ به لان الشهادة بالحدود تبطل بتقادم العهد اما في كل حد لا يشترط فيه دعوى العباد فلأن الشهادة متى تمكنت فيه تهمة زائدة يمكن الاحتراز عنها تبطل ومتى عاين الشهود الفاحشة خيروا بين الحسبتين بين حسبة اداء الشهادة وبين الستر على المسلم فان اختارو الاداء لم يحل لهم التأخير لان تأخير الحد حرام فاذا اخروا حمل تأخيرهم على الوجه الاحسن الذي لم يوجب تفسيقهم وهو اختيارهم الستر فبعد ذلك اتهموا بان الاداء بضغينة حملتهم على ذلك فيبطل شهادتهم اما في كل حد يشترط فيه الدعوى كالسرقة فلانه بتقادم العهد تمكنت التهمة في الدعوى وان لم تتمكن في الشهادة وحد التقادم ستة اشهر وعن ابي يوسف انه لم يقدر بشيء وفوضه إلى رأي القضاة في كل عصر وعن محمد انه قدر بشهر وهو الادنى
____________________
(1/277)
به الا ان يقر وريحها يوجد أو جاؤا به سكران وهو قول ابي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) يؤخذ باقراره في الخمر ايضا قان شهد عليه الشهود بشرب الخمر وريحها يوجد منه او جاؤا به سكران حد وان شهدوا بعدما ذهب ريحها والسكر لم يحد وهو قول ابي يوسف ( رحه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) يحد فإن اخذه الشهود وريحها يوجد او هو سكران فذهبوا به من مصر إلى مصر فيه الامام فانقطع ذلك قبل ان ينتهوا به حد في قولهم جميعا والسكران الذي يحد هو الذي لا يعقل منطقا شرح المتن
قوله اخذ به حتى لو اقر بزنا متقادم او بسرقة متقادمة او بقطع طريق متقادم اخذ به لان التهمة التي حققناها في الشهادة لا يتحقق في الاقرر ولو تحقق فالاقرار لا يرد بالتهمة
قوله الا في شرب الخمر الخ حد الشرب ان ثبت بالبينة كان التقادم مبطلا بالاجماع لكن اختلفوا في حد التقادم فيه فعند ابي حنيفة وابي يوسف بانقطاع الرائحة وعند محمد بالزمان وهو الشهر كما في سائر الحدود واذا ثبت بالاقرار فعند محمد لا يبطل بالتقادم اعتبارا بسائر الحدود وهو القياس وقال ابو حنيفة وابو يوسف لا يقام الا بقيام الرائحة ايضالان حد الشرب انما ثبت باجماع الصحابة ولا اجماع الا برأي عبد الله بن مسعود وقد روى ان رجلا جاء باب اخ له اليه فادعى عليه شرب الخمر فقال ابن مسعود بئس ولي اليتيم انت لا ادبته صغيرا ولا سترت عليه كبيرا ان وجدتم رائحة الخمر فاجلدوه فاعتبر الرائحة
قوله حد في قولهم جميعا لان هذا موضع العذر فلا تبطل به الشهادة
قوله هو الذي الخ وقال ابو يوسف ومحمد ان يهذي ويختلط كلامه وقال بعضهم يستقرء بقل يا ايها الكافرون فإذا عجز فهو سكران فما قالا هو
____________________
(1/278)
قليلا ولا كثيرا ولا يعرف الرجل من المرأة ولا يحد السكران باقراره على نفسه والله اعلم باب الاحصان
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال لا يكون الاحصان الا بين الحرين المسلمين العاقلين البالغين قد جامعها بعد بلوغهما وهما على هذه الصفة قال اربعة شهدوا على رجل بالزنا فانكر الاحصان وله امراة قد ولدت منه فانه يرجم فان لم تكن ولدت منه وشهد عليه بالاحصان رجل وامرأتان رجم وان رجع شهود الاحصان فلا شيء عليهم والله اعلم شرح المتن المعتاد وما قال ابو حنيفة هو الاحتياط لانه سبب العقوبة فيشترط اقصاه
قوله باقراره على نفسه لان السكران الحق بالصاحي في جميع الحقوق غير حدود الله ( تعالى ) خالصا عقوبة له باجماع الصحابة باب الاحصان
قوله وهما على هذه الصفة حتى لو تزوج امه او صغير او مجنونة او كتابية فدخل بها زوجها لا يصير محصنا لانه لا يتكمل النعمة ولا يتم الاستغناء عن الحرام بوطئ هؤلاء وروي عن ابي يوسف انه يصير محصنا بوطئ الكتابية والمجنونة
قوله فانه يرجم لأنه يثبت دخوله شرعا ولهذا لو طلقها كان له حق الرجعة فان لم تكن ولدت وشهد على الاحصان رجل وامراتان يثبت الاحصان وقال زفر والشافعي لا يثبت ويتفرع من هذا ان شهود الاحصان اذا رجعوا لم بضمنوا عندنا وقال الشافعي يضمنون وهي تعرف في المختلف
____________________
(1/279)
* باب الوطئ الذي يوجب الحد وما لا يوجبه *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل طلق امرأته ثلاثا ثم وطئها في العدة وقال علمت انها على حرام فانه يحد وان قال ظننت انها تحل لي لا يجب عليه الحد وان قال لها انت خلية او برية او امرك بيدك فاختارت نفسها فوطئها في العدة وقال علمت انها على حرام لم يحد ورجل وطئ جارية أمه أو ابيه أو ولده شرح المتن * باب الوطيء الذي يوجب الحد وما لايوجبه *
قوله فانه يحد لان حد الوطيء منوط بالملك وقد زال بالثلاث أما اذا قال ظننت انها تحل لي لا يحد لانه وطيء بشبهة
قوله لم يحد لان باختلاف الصحابة في الفاظ الكنايات انها بوائن او رواجع تمكنت فيه شبهة ولا يثبت النسب اذا لم يدع
قوله فلا حد عليه لانه اشتبه عليه في موضعه لان قرب ما بين الاب والابن واحد وهذا القرب اوجب تأويلا في احد الطرفين فاشتبه على الطرف الاخر فيعذر ولا يحد قاذفه لانه ليس بزنا
قوله الا في جارية الولد الخ اذا وطيء امه ابنه وقال علمت انها حرام لا يحد ويثبت النسب اذا ادعى وتصير الجارية ام ولد له وعليه القيمة ولا عقر عليه خلافا لزفر والشافعي
قوله وفي قول محمد الخ اصل هذا شيئان احدهما ان الحربي المستأمن لا يقام عليه شيء من الحدود عند ابي حنيفة ومحمد الا حد القذف وقال ابو يوسف يقام عليه الحدود الا حد الشرب الخمر كالذمي وهذا قوله الاخر لابي يوسف انه التزام احكامنا مدة مقامه في دارنا ولهما انه لا يصير من اهل دارنا بدليل انه يترك حتى يعود إلى دار الحرب وانما دخل دارنا ليقضي حوائجه فيؤخذ بما يتصل لحوائجه او بما هو جزاء ايذاء المسلم والاصل الثاني أن الحد
____________________
(1/280)
او امرأته وقال ظنت انها تحل لي فلا حد عليه ولا على قاذفه وان قال علمت انها علي حرام حد ولم يثبت نسب الولد الا في جارية الولد فإنه لا يحد ويثبت نسب الولد وعليه قيمة الجارية
صبي او مجنون زنى بامرأة طاوعته فلا حد عليه ولا عليها وان زنى صحيح بمجنونة او بصغيرة تجامع مثلها حد الرجل خاصة حربي دخل دارنا بأمان فزنى بذمية او ذمي زنى بحربية فانه يحد الذمي والذمية وفي قول محمد ( رحمه الله ) لا تحد الذمية ويحد الذمي وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) يحدون كلهم رجل اكرهه سلطان حتى زنى فلا حد عليه وان شرح المتن متى لم يجب على المرأة او تعذر استيفاءه لا يمنع وجوب الحد على الرجل بالاجماع
اما او كان على العكس هل يمنع الوجوب على المرأة فعند ابي يوسف ومحمد يمنع نص على قوله ههنا واشار في الاصل إلى قول ابي يوسف فانه قال حربي مستأمن زنى بذمية او بمسلمة ان على قول ابي يوسف الاول لا يحدان وانما يتبين هذا الاختلاف في مكره زنى المطاوعة انه لا يحد المكره وتحد المطاوعة عند ابي حنيفة وعندهما لا تحد المرأة ايضا لهما ان فعل الرجل اصل فاذا لم يجب عليه الحد لا يجب عليها وابو حنيفة يقول ان حكم الفعل امتنع بمانع في حق الرجل والمرأة تابعة في نفس الفعل دون الحكم الا ترى إلى ان الرجل اذا لم يكن محصنا والمرأة محصنة يجلد الرجل وترجم المرأة فلا يصير ذلك شبهة في حقها
قوله فلا حد عليه وكان ابو حنيفة يقول اولا ان عليه الحد وهو قول زفر لان الزنا من الرجل لا يتصور الا بعد انتشار الآلة وهذا آية الطوع وجه قوله
____________________
(1/281)
اكرهه غير سلطان حد رجل اقر اربع مرات في مجالس مختلفة انه زنى بفلانه وقالت هي تزوجني او اقرت المرأة بالزنا وقال الرجل تزوجتها فلا حد في ذلك وعليه المهر رجل عمل عمل قوم لوط فانه يعزر ويودع في السجن وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يحد رجل زنى بجارية فقتلها فانه يحد ويضمن القيمة وكل شيء صنعه الامام الذي ليس عليه إمام فلا حد عليه الا في القصاص فإنه يؤخذ به وبالأموال الله اعلم * باب الشهادة في الزنى *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) اربعة شهدوا شرح المتن الآخر ان السبب الملجيء قائم ظاهرا والانتشار دليل محتمل لانه قد يكون من غير قصد كالنائم فلا يزول اليقين بالمحتمل
قوله حد وقالا لا يحد قالوا هذا اختلاف عصر وزمان لانه لم يكن في زمن ابي حنيفة لغير السلطان من القوة ما لا يمكن دفعها الا بالسلطان وفي زمنهما ظهرت القوة لكل متغلب فزماننا كذلك فيفتي بقولهما
قوله رجل اقر اربع مرات الخ وجه المسئلة ان النكاح اذا تحقق تحقق من الجانبين فاذا توهم كان من الجانبين واما وجوب المهر عليه فلأن الحد قد سقط فلا يسقط المهر
قوله ويضمن القيمة لانه جنى جنايتين فيأخذ بموجبهما ووجوب القيمة لا يمنع الحد
قوله فلا حد عليه لأن الحد انما يكلف باقامة امام المسلمين فلم يكن الايجاب مفيدا وعلى هذا ينبغي ان لا يجب حد القذف * باب الشهادة في الزنى *
قوله لم يقطع لان الدعوى شرط لثبوت السرقة دون الزنا
____________________
(1/282)
على رجل انه زنى بفلانة وفلانة غائبة فانه يحد وان شهدوا انه سرق من فلان وفلان غائب لم يقطع وان شهدوا انه زنى بامرأة لا يعرفونها لم يحد وان اقر بذلك حد وان شهدا انه زنى بفلانه واستكرهها وآخران انها طاوعته درئ الحد عنهما جميعا ولو شهد شاهدان انه زنى بامرأة بالكوفة واخران انه زنى بالبصرة دريء الحد عنهما وان اختلفوا في بيت شرح المتن
قوله حد لان الشهود اذا لم يعرفوها فالظاهر انها امرأته فأما اذا اقر فلا يخفى عليه امرأته فلا يوهم في اقراره
قوله درئ الحد الخ لان المشهود به مختلف في حق الرجل لان الذي شهدا بالإكراه اثبتا كل الفعل له والآخران انتسبا شطر الفعل له فصار المشهود به مختلفا وليس على احدهما حجة كاملة
قوله عنهما لانهم شهدوا على زنائين مختلفين وليس على كل واحد منهما اربعة قوله حد الرجل والمرأة يراد به ان كل اثنين شهدا انه زنى بها في ناحية من البيت وشهدا آخران انه زنى بها في ناحية اخرى من هذا البيت لانه اخلاف محتمل التوفيق لان ابتداء الفعل قد يكون في زاوية ثم يضطربان وينتقلان إلى زاوية اخرى من هذا البيت من غير ان يصير قولا آخر وهذا اذا كان البيت صغيرا بحيث يحتمل هذا التوفيق واما اذا عظم بحيث لا يحتمل هذا لا تقبل
قوله انه زنى بامرأة بالنخيلة الخ لانا تيقنا بكذب احد الفريقين ولا يحد واحد من الشهود لانه يحتمل ان يكونوا صدقة
قوله وهي بكر اراد به ان النساء نظرن اليها وقلن انها بكر لانه ثبتت بكارتها بشهادة النساء وهي حجة فيها ودرئ الحد عنهم لان قول النساء ليس بحجة في حق اقامة الحد
____________________
(1/283)
واحد حد الرجل والمرأة وان شهد اربعة انه زنى بامرأة بالنخيلة عند طلوع الشمس واربعة انه زنى بها عند طلوع الشمس بدير هند درئ الحد عنهم جميعا واربعة شهدوا على امرأة بالزنى وهي بكر درئ الحد عنهما ولا يحد الشهود شهد اربعة بالزنى وقالوا تعمدنا النظر قبلت شهادتهم شرح المتن
قوله اربعة عميان الخ اصل هذا ان الشهود ثلاثة اصناف صنف اهل الشهادة واهل الاداء وهم الاحرار العقلاء البالغون المسلمون العادلون وصنف اهل الشهادة وليسوا بأهل الاداء وهم العميان والمحددون في القذف اما كونهم اهل الشهادة فلاستجماع شرائط الاهلية نحو العقل والحرية والفهم واما ليسوا بأهل الاداء لانه الاعمى لا يقدر على الاداء لانه لا يقدر على التمييز بين المدعي والمدعى عليه والمحدود في القذف واما ليسوا باهل الاداء لانه الاعمى لا يقدر على الداء لانه لا يقدر على التمييز بين المدعي والمدعى عليه والمحدود في القذف ابطل الله ( تعالى ) شهادتة بنص الكتاب وصنف من اهل الشهادة واهل الاداء لكن في ادائهم نوع قصور وهم الفساق
اذا ثبت هذا فنقول اذا شهدا العميان والمجدودون في القذف فانهم يحدون لانه ما ثبت بشهادتهم في حق المشهود عليه شبهة الزنا لان الزنا انما يثبت بالاداء لا بالاهلية وليس لهم الاداء فصاروا قذفة فيحدون واذا شهد الفساق يثبت بشهادتهم شبهة الزنا وهو الزنا فكانوا صدقة من وجه لأنه من أهل الأداء فصاروا قذفه لإنسان يثبت في حقه شبهة الزنا فكانوا صدقة من وجه فلا يحدون
قوله فانهم يحدون لانه تبين ان الشهود ثلاثة والشهود متى كانوا اقل من اربعة تكون قذفه ووجب على العبد والمحدود في القذف ايضا حد لانهما قاذفان
____________________
(1/284)
اربعة عميان أو محدودون في القذف أو احدهم عبد او محدود شهدوا على رجل بالزنى فإنهم يحدون وان شهدوا وهم فسقة لم يحدوا اربعة شهدوا على رجل بالزنى فضرب بشهادتهم ثم وجد احدهم عبدا او محدودا في قذف فإنهم يحدون وليس عليهم ولا على بيت المال ارش الضرب وان رجم فديته على بيت المال وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) ارش الضرب على بيت المال ايضا اربعة شهدوا على شهادة اربعة على رجل بالزنى لم يحد فان جاء الأولون فشهدوا على المعاينة في ذلك المكان لم يحد ايضا شرح المتن
قوله على بيت المال ايضا لأن الجرح محال إلى شهادتهم فكان محالا إلى قضاء القاضي لانه هو الذي قضى بالضرب الا انه مخطيء في قضاءه وليس بقاصد والقاضي متى اخطأ في قضائه لا يجب عليه الضمان وانما يجب على ما وقع له القضاء وههنا القضاء وقع للعامة لان المنفعة من الحد يقع على العامة فيجب الضمان على العامة ومال بيت المال مال العامة فيجب في بيت المال كالرجم وله ان الحد ضرب مؤلم غير جارح ويتصور الضرب بلا جرح وانما حصل الجرح لخرق الضارب وقلة الاحتياط فيكون الجرح مقصورا على الضارب ولا يضمن الضارب لانه ما تعمد الجرح فلو اخذناه بالضمان لامتنع الناس عن اقامة الحدود
قوله لم يحد لانه تمكن تهمة الكذب في موضعين والاحتراز عنه ممكن في الجملة فاورث شبهة في باب الحدود
قوله لم يحد ايضا لان القاضي لما رد شهادة الفروع صار رادا لشهادة الاصول ايضا لان الفروع نائبون عنهم من وجه والشهادة متى ردت في حادثة لا تقبل
قوله غرم الخ اما غرم ربع الدية فلأنه اتلف ربع النفس واما ضرب حد
____________________
(1/285)
اربعة شهدوا على رجل بالزنى فرجم فكلما رجع واحد غرم ربع الدية وحد فان لم يحد المشهود عليه حتى رجع احدهم حدوا جميعا فان كانوا خمسة فرجع احدهم فلا شيء عليه وان رجع آخر حدا او غرما ربع الدية اربعة شهدوا على رجل بالزنى فزكوا فرجم فإذا الشهود مجوس او عبيد فالدية على المزكين وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) الدية على بيت المال اربعة شهدوا على رجل بالزنى فأمر الامام برجمه فضرب رجل عنقه ثم وجد الشهود عبيدا فعلى القاتل الدية وإن شرح المتن القذف عندنا خلافا لزفر لانه قذف حيا وقد بطل بالموت ولنا ان الشهادة انقبلت قذفا للحال فصار قاذف ميت
قوله حدوا جميعا لان هذا الكلام قذف في الاصل وانما يصير شهادة بقضاء القاضي فاذا رجع واحد منهم قبل القضاء لم يكن رجوعه نقضا للشهادة فبقي قاذفا ولو رجع واحد بعد القضاء قبل الامضاء فكذلك الجواب عند ابي حنيفة وابي يوسف وقال محمد يحد الرجع خاصة
قوله فلا شيء عليه لان قضاء القاضي بكونه زانيا باق
قوله وغرما لان الثابت ثلاثة ارباع الدية ببقاء الثلاث وعليهما الحد لان القضاء انفسخ في حقهما
قوله على المزكين هذا اذا رجعوا وقالوا علمنا انه مجوس ومع ذلك زكيناهم اما اذا قالوا زكيناهم واخطأنا لا يجب عليهم الضمان لان القاضي لان لو زكاهم في نفسه واخطأ لا يجب عليه الضمان فالمزكون اذا اخطأوا فلأن لا يجب عليهم الضمان اولى
قوله وقال ابو يوسف ومحمد الخ لهما ان المزكين ما اظهروا علة التلف وهي الزنا ولابي حنيفة بلى ولكنهم اظهروا علة الظهور وهي الشهادة
____________________
(1/286)
رجم ثم وجدوا عبيدا فالدية على بيت المال * باب الحد كيف يقام *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال لا يبلغ بالتعزير اربعين سوطا وهو اشد الضرب وضرب الزاني اشد من ضرب الشارب وضرب الشارب اشد من ضرب القاذف ويضرب في ذلك قائما مجردا غير ممدود القاذف فانه يضرب وعليه ثيابه وينزع عنه الفرو والحشو ويضرب في الحدود كلها الاعضاء كلها الا الفرج والرأس والوجه وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) يضرب شرح المتن فكانت التزكية علة علة ظهور الزنا والحكم كما يضاف ان العلة يضاف إلى علة العلة ايضا
قوله على بيت المال لان التلف اضيف إلى قضائه وهو عامل للعامة * باب الحد كيف يقام * قوله اربعين سوطا وقال ابو يوسف ثمانين سوطا والاصل فيه ما روي عنه ( عليه الصلاة والسلام ) انه قال من يبلغ حدا في غير حد فهو من المتعدين فلا يجوز تبليغ غير الحد الحد بالاجماع فأبو يوسف اعتبر حد الاحرار لانه هو الكامل وحد الاحرار ثمانون فلا يبلغ ثمانين سوطا وابو حنيفة ومحمد بناه على ادنى الحدود وادناها عددا حد القذف على العبيد
قوله اشد من ضرب القاذف لان سببه ثابت بيقين وسبب حد القذف متردد ولا يدري صادق او كاذب قصد اقامة الحسبة او هتك الستر
قوله غير ممدود اختلفوا في تفسيره قال بعضهم لا يمد السوط فيرفعه الضارب فوق رأسه وقال بعضهم لا يمد السوط على بدنه بعد الشرب حتى لا يكون زيادة على سنة الحد
قوله وعليه ثيابه لانه لما بنى على التخفيف لما يجب ان يجرد غير انه
____________________
(1/287)
الرأس ايضا والمرأة بمنزلة الرجل الا انها تضرب جالسة وعليها ثيابها الا الفرو والحشو ويحفر للمرجومة وان لم يحفر لها جاز ولا يحفر للرجل * باب في القذف *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل قذف امرأة معها ولدها لا يعرف له اب او قذف امرأة لا عنت بولد او قذف رجلا شرح المتن ينزع عنه الفرو والحشو لان ذلك يمنع اثر الضرب اصلا
قوله الا الفرج الخ اما الفرج فلأن الضرب عليه مهلك وأما الرأس فلانه يخاف منه على عقله وعامة حواسه واما الوجه فلأنه مجمع المحاسن فيخاف عليه ان يصير مثله * باب في القذف *
قوله لا يعرف له اب فان الاحصان في المقذوف شرط لوجوب الحد ومن شرائط الاحصان العفة عن الزنا وههنا وقعة الشبهة في العفة عن الزنا
قوله لاعنت بولد فان علامة الزنا موجودة وهو قيام ولد لا اب له
قوله وطئ جارية فانه زان من وجه
قوله في نصرانيتها لانها زانية من كل وجه لان زناها في تلك الحالة زنا فبطل احصانها
قوله مات وترك وفاء لاختلاف الصحابة في موته حرا او عبدا فأورث شبهة
____________________
(1/288)
وطئ جارية بينه وبين آخر او قذف مسلمة زنت في نصرانيتها او قذف مكاتبا مات وترك وفاء فلا حد عليه وان قذف رجلا وطئ امه له مجوسية او امرأته وهي حائض او مكاتبة له او قذف امرأة لاعنت بغير ولد او قذف مجوسيا تزوج بامه ثم اسلم فعليه الحد وكذلك قول ابي يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) الا في المجوسي الذي اسلم فانه يلاعن وان نفاه ثم اقربه حد والولد ولده في الوجهين وان قال ليس بابني ولا ابنك فلا حد ولا لعان رجل شرح المتن
قوله او مكاتبه له لان وطئه في هذه الصور الثلاثة ليس بزنا لان الزنا وطئ امرأة لم تلاق ملكه
قوله بغير ولد حد القاذف لان اللعان بلا ولد اقيم مقام حد القذف في جانب الرجل فكان مؤكدا للقذف
قوله فانه لا حد على قاذفه هذا بناء على ان ابا حنيفة جعل لهذا النكاح حكم الصحة وهما جعلا له حكم الفساد ويبتنى على هذا القضاء بالنفقة
قوله فإنه يلاعن لانه لما قال هو ابني فقد لزمه النسب فلما قال ليس بابني وجب اللعان لانه قذف امه الا ان النسب لا ينقطع لاقراره في الماضي وليس ضرورة اللعان قطع النسب الا ترى إلى ان اللعان مشروع بغير ولد
قوله ثم اقر به حد لانه لما قال ليس بابني وجب اللعان فلما قال هو ابني فقد اكذب نفسه واذا اكذب نفسه بطل اللعان واذا بطل اللعان وجب الحد لان اللعان حد ضروري صير الله عند التكاذب واذا بطل التكاذب بطل
____________________
(1/289)
قال لآخر يازاني فقال لا بل انت فانهما يحدان وان قال امرأته يا زانية فقالت لا بل انت حدت المرأة ولا لعان وان قالت زنيت بك فلا حد ولا لعن رجل قال في غضب لست بابن فلان لابيه الذي يد عالة فانه يحد وان قال انت ابن فلان لعمه او خاله او زوج امه او قال لست بابن فلان يعني حده لم يحد رجل قال لآخر زنأت في الجبل وقال عنيت صعودا حد وقال محمد ( رحمه الله ) لا يحد رجل قال لامة او ام ولد لرجل يا زانية او قال شرح المتن اللعان فصير إلى الحد الذي هو الأصل ولزم النسب لاقراره بذلك
قوله فلا حد ولا لعان لانه أنكر الولادة اصلا فلا يكون قاذفا
قوله فانهما يحدان لان كل واحد منهما قاذف صاحبه لان قوله لا بل انت أي بل انت زان لان لا بل كلمة عطف وكلمة العطف متى لم يذكر له الخبر يكون خبر الاول خبرا له كما اذا قال جائني زيد لا بل عمرو
قوله حدت المرأة ولا لعان لان كل واحد منهما قاذف صاحبه الا ان قذف الزوج امرأته موجب اللعان وقذف المرأة زوجها موجب للحد الا انه لا بد من ان يقدم احدهما على الآخر فلو قدمنا الحد على المرأة بطل اللعان لان اللعان لا يجري بين المحدودة في القذف وبين زوجها ولو قدمنا اللعان لم يسقط الحد عن المرأة لان حد القذف يقام على الملاعن والحدود يحتال لدرئها فبدأنا بالحد حتى يسقط اللعان
قوله فلا حد ولا لعان لان قولها زينت بك يحتمل الارادة قبل النكاح وبعده فان كان المارد قبل النكاح لا حد عليه لانها اقرت بالزنا وعليها الحد لانها قاذفته وان كان المراد بعد النكاح لا حد عليها لانها ما قذفته بالزنا لان الزنا معه بعد النكاح لا يتصور ويجب عليه اللعان لقذفه اياها فقد وقع الشك في
____________________
(1/290)
المسلم يا فاسق او يا خبيث او يا سارق فانه يعزر رجل قذف ام عبد او ام نصراني وقد ماتت حرة مسلمة فللابن ان يأخذه بحدها فان كان القاذف مولى العبد لم يأخذه رجل قذف ميتا محصنا يجب الحد ولا يأخذ بالحد الا الولد او الوالد رجل قذف رجلا فمات المقذوف بطل الحد شرح المتن وجوب كل واحد منهما فلا يجب بالشك
قوله لا يحد الان في حالة الغضب يراد به القذف وفي غير الغضب يراد به المعاتبة
قوله وقال محمد لا يحد لأن الزناء بالهمزة هو الصعود إلا إنه يقال صعد على الجبل ولا يقال صعد في الجبل لكن اقامة كلمة في مقام على جائزة كما في قوله ( تعالى ) { ولأصلبنكم في جذوع النخل } ) أي على جذوع النخل ولهما ان الزناء يحتمل الصعود ويحتمل الفاحشة وقوله في الجبل لا يحتمل الصعود لانه لا يقال زنا فيه وانما يقال على الجبل فصار المحتمل محمولا على المحكم
قوله يا زانية فانه قذف بالزنا لكن لم يوجب الحد لعدم الاحصان فيجب نهاية في التعزير
قوله ان يأخذه بحدها وقال زفر لا لان الحد لا يجب له بقذفه فبقذف غيره أولى ولنا انه غيره لقذف المحصنة فلزمه الحد
قوله لم يأخذه لان الحد لم يجب للميت حتى يورث عنه وانما يجب للحي ولا يجوز ان يجب للحي لانه لا يعاقب المولى بسبب عبده
قوله الا الولد او الوالد لان العار انما يتصل بمن ينسب إلى الميت او الميت ينسب اليه بالولادة ولهذا اقتصرت حرمة المصاهرة على هؤلاء بخلاف سائر الاقارب
____________________
(1/291)
حربي دخل بأمان فقذف مسلما حد اذا ضرب ذمي في قذف لم تجز شهادته على اهل الذمة فان اسلم جازت عليهم وعلى المسلمين وان ضرب سوطا في قذف فأسلم ثم ضرب ما بقي جازت شهادته والله اعلم بالصواب * باب فيه مسائل متفرقة *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل قذف او شرح المتن
قوله بطل الحد لانه لا يورث عندنا وقال الشافعي يورث فلا يبطل
قوله حد لان فيه حق العبد والمستأمن يؤخذ بحقوق العبد
قوله لم تجز شهادته لان بطلان شهادة القاذف من تمام الحد وهو من اهل الشهادة على اهل الذمة فاذا اسلم جازت شهادته لان هذه شهادة لم يلحقاها الرد وجازت على اهل الذمة تبعا للمسلمين لان هذه حدثت بالاسلام ولم تكن قبله قوله جازت شهادته لان الذي ضرب بعد الاسلام وحده ليس بحد تام لانه بعض الحد فلا يصلح ان يجعل الرد وصفا له * باب فيه مسائل متفرقة *
قوله فهو لذلك كله اما الزنا والشرب السرقة فلأن الحد انما يقام زجرا له فيتمكن فيما زاد على الوجه شبهة فوت المقصود لاحتمال الحصول بالاول والحدود تندرئ بالشبهات واما القذف فكذلك عندنا وقال الشافعي ان قذف غير الاول او قذف الاول لكن بزنا آخر لا يتداخل وهي تعرف في المختلف
قوله كلها لانه وجد من كل واحد من الملاك خصومة فيقع عن الكل
____________________
(1/292)
زنى او سرق او شرب غير مرة فحد فهو لذلك كله رجل سرق سرقات ن فقطع في احداها فهو للسرقات كلها ولا يضمن شيئا رجلان اقرأ بسرقة مائة درهم ثم قال احدهما هو مالي لم يقطعا فان سرقا ثم غاب احدهما قطع الحاضر وهو الآخر وهو قول ابي يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) رجل سرق ثوبا قد قطع فيه لم يقطع وان سرق ثوبا قد قطع في غزلة قطع حاكم قال للحداد اقطع يمين هذا في سرقة سرقها فقطع يساره عمدا فلا شيء عليه وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا شيء عليه شرح المتن وإن خاصم احدهم فقطع له قال ابو حنيفة القطع للسرقات كلها ولا يضمن شيئا وقالا يضمن للسرقات كلها الا التي قطع فيها لان القطع لا يجب ولا يستوفى الا بالخصومة وليس بعضهم نائيا عن البعض في الخصومة فلا تقطع عمن لا يخاصم فبقي ماله مضمومنا وله ان الحد واجب حق الله ( تعالى ) لا للعباد وانما شرطت الخصومة لظهور السبب عند القاضي فاذا قامت الحجة من واحد صح التكليف والحدود كلها واحدة فتداخلت
قوله لم يقطعا لانه بطل الحد عن الراجع فتثبت الشبهة في حق الآخر بحكم الشركة
قوله ويضمن في العمد لأن المجتهد لا يعذر في عمد الظلم وله انه اخلفه ما هو خير منه فلا يضمن
قوله لا اقطعه والعشرة للمولى لان المالك اصل وركن السرقة اخذ المال ولم يثبت فلا يثبت التبع وهو القطع ولابي حنيفة ان الاقرار بالشيء يلاقي بقاؤه والقطع في البقاء اصل والمال تبع ولهذا لو هلك المال او استهلكه لا يمنع القطع والاقرار من العبد المحجور بالقطع والحدود صحيح والقطع صار اصلا
____________________
(1/293)
في الخطأ ويضمن في العمد عبد محجور أقر بسرقة عشرة دراهم بعينها يقطع ويرد العشرة إلى المسروق منه وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) أقطعه والعشرة للمولى وقال محمد ( رحمه الله ) لا أقطعه والعشرة للمولى هو قول زفر ( رحمه الله ) رجل قضي عليه بالقطع في سرقة فوهبت له لم يقطع رجل سرق من أمه من الرضاعة قطع رجل خنق رجلا حتى قتله فالدية على عاقتله وإن خنق في المصر غير مرة قتل به والله أعلم شرح المتن والعبد أهل لما هو أصل فيثبت الأصل فيتبعه ما كان من ضروراته وهو كون المال لغير المولى وهذا الحرف حجة على أبي يوسف
قوله قطع لأنه لا شبهة في المال والحرز لأن الرضاع لا يتعلق به وجوب صلة ولا استحقاق حق في المال ولهذا لا يجب بالرضاع الميراث والعتق
قوله فالدية على عاقلته هذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يجب القصاص وهي مسئلة القتل بالمثقل
قوله قتل به هذا قتل سياسة بالإجماع لسعيه في الأرض بالفساد
____________________
(1/294)
كتاب السرقة * باب ما يقطع فيه وما لا يقطع *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل سرق صيدا أو فاكهة تفسد أو طيرا أو لحما أو خشبا غير الساج أو مصحفا مفضضا أو نورة أو مغرة أو زرنيخا أو أبواب المساجد أو بريطا أو طبلا لم يقطع وكذلك لو سرق شرابا وهو من خواص هذا الكتاب
وإن سرق من خشب الساج ما يساوي عشرة دراهم أو سرق بابا من أي شرح المتن * باب ما يقطع فيه وما لا يقطع *
قوله صيدا لقوله ( عليه الصلاة والسلام ) لا قطع في الصيد ولا في الطير ولان إحرازهما ناقص لأن الصيد يفر والطير يطير
قوله أو فاكهة تفسد أي فاكهة يتسارع إليها الفساد أو لحما لنقصان إحرازهما لأن الإحراز صيانة الشيء وإدخاره لوقت حاجة وهما لا يقبلان ذلك
قوله أو خشبا لأن إحرازه ناقص لأنه لا يحرز في البيوت بل يلقى على قوارع الطريق ولو أدخل في البيوت لا يدخل في الإحراز إنما يدخل لإصلاح البيت
قوله أو مصحفا مفضضا وعن أبي يوسف أنه يقطع لأنه مال متقوم يجوز بيعه ويحرز عادة وجه ظاهر الرواية ما أشار إليه في كتاب السرقة لأنه قرآن ومعنى هذا أن إحرازه وصيانته لأجل المكتوب فيه لا لأجل الجلد والأوراق
____________________
(1/295)
خشب كان أو سرق من الفصوص الخضر أو الياقوت أو الزبرجد قطع رجل له على رجل عشرة دراهم فسرق منه مثلها لم يقطع وإن سرق منه عروضا قطع رجل سرق سرقة فردها قبل الارتفاع إلى الحاكم لم يقطع ولا يقطع في أقل من عشرة دراهم فإن أقر سارق بسرقة مرة قطع وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) لا يقطع حتى يقر مرتين وإن سرق من ذي رحم لم يقطع وإن سرق وإبهامه اليسرى مقطوعة أو إصبعان منها سوى الإبهام لم يقطع وإن كانت إصبعا واحدة قطع شرح المتن
قوله أو نورة الخ لأنه لا يقصد إحرازها ولا يدخل في البيوت للإحراز بل يلقى على قوارع الطريق وإنما يدخل في البيت على وجه الاستعمال
قوله أو أبواب المساجد لأنها غير محرزة لأنه يباح لكل واحد الدخول فيها
قوله أو بربطا أو طبلا أو طنبورا لأنه لا يحرز للتمول وإنما يحرز للفسق
قوله لو سرق شرابا لأن الشراب لا يحرز للإدخار ولا يبقى
قوله ما يساوي الخ لأنه أعز الخشب بالعراق ويحرز إحراز الأموال النفسية
قوله من أي خشب كان لأنه صار بهذه الصنعة ملحقا بالذي يحرز على الكمال وبطلت الحالة الأولى وجعلت الصنعة غالبة على أصل الخشب
قوله لم يقطع لأن له ولاية لأخذ وحق التمليك
قوله قبل الارتفاع إلى الحاكم لم يقطع لفوات الخصومة
قوله في أقل الخ وقال الشافعي لا يقطع في أقل من ربع دينار وقال بعض الناس من أصحاب الظواهر لا يشترط النصاب واختلفت الأخبار في المقدار فأخذنا بالأكثر احتياطا في الحدود
قوله مرتين امتيازا من سائر الحوادث واستدلالا بالبينة في باب الزنا ولهما حديث صفوان أتى بسارق فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أسرقت قال نعم فقال
____________________
(1/296)
رجل سرق سرقة ولم يخرجها من الدار لم يقطع وإن كانت الدار فيها مقاصير وأخرجها من مقصورة إلى الدار قطع وإن أغار إنسان من أهل المقاصير على مقصورة فسرق منها قطع رجل سرق فرمى به خارجا ثم أتبعه فأخذه قطع وإن ناوله صاحبا له خارجا لم يقطع وإن سرق من القطار بعيرا أو حملا لم يقطع وإن شق جوالقا فسرق ما فيه قطع وإن سرق جوالقا فيه متاع وصاحبه يحفظه أو نائم عليه قطع وإن طر صرة خارجة من الكم لم يقطع وإن أدخل يده في الكم قطع وإن سرق قوم تولى أحدهم شرح المتن
قوله من ذي رحم محرم لم يقطع لنقص في الحرز لأنه مأذون في الدخول في الحرز
قوله أو إصبعان منها سوى الإبهام لأن الإصبعين منها تنزلان منزلة الإبهام في نقصان البطش
قوله ولم يخرجها من الدار لم يقطع لنقصان في ركن السرقة لأن المال في يد صاحب الدار إلا أن في الغصب يتحمل هذا النقصان عند بعضهم
قوله قطع لأن كل مقصورة بمنزلة دار على حدة
قوله فأخذه قطع لأنه معهود في فعل السرقة وإن لم يأخذه بعد ذلك لم يقطع لأنه إذا لم يأخذه علم أن القصد هو التضييع دون الأخذ للسرقة
قوله وإن ناوله صاحبا له لم يقطع وعن أبي يوسف أنه فسره فقال إن أدخل الخارج يده لم يقطع واحد منهما وإن أخرج الداخل يده قطع الداخل خاصة لكن ليس في ظاهر الرواية فصل وإنما لم يقطع واحد منهما لعدم كمال الهتك من كل واحد منهما
قوله فسرق ما فيه قطع لأن القطع إنما يجب بسرقة نصاب كامل إذا كان محرزا مقصودا أما إذا لم يكن محرزا مقصودا فلا والسائق القائد يقصدان بها قطع المسافة والسوق لا الحفظ فاعتبر الجوالق حرزا فإذا شق وأخذ منه قطع وإلا فلا
____________________
(1/297)
أخذ المتاع قطعوا استحسانا والقياس أن يقطع الحامل وحده ذكره في السرقة وإن سرق رجل ثوبه فشقه في الدار بنصفين ثم أخرجه وهو يساوي عشرة دراهم قطع وإن سرق شاة فذبحها ثم أخرجها لم يقطع وللمستودع والغاصب وصاحب الربا أن يقطعوا السارق منهم ولرب الوديعة والغصب أن يقطعه أيضا وإن قطع سارق بسرقة فسرقت منه لم يكن له ولا لرب السرقة أن يقطع السارق الثاني والله أعلم * باب ما يقطع فيه *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل سرق شرح المتن
قوله من الكم لم يقطع لأنه إذا طر أو كان الرباط من خارج والدراهم داخلا فلم يهتك الحرز فإذا كان الرباط داخلا والدراهم خارجا فأدخل يده وطرها فقد هتك الحرز بإدخال يده في الكم هذا جواب الكتاب في الطر وأما الحل بأن حل الرباط وأخذ الدراهم فإن مشايخنا قالوا إن كان الرباط خارجا والدراهم باطن الكم قطع لأنه يحتاج إلى أن يدخل يده في الكم لأخذ الدراهم وإن كان على العكس لا يقطع لأنه أدخل يده لحل الرباط لا لأخذ الدراهم فبقيت الدراهم خارجه
قوله وحده لوجود فعل السرقة منه حقيقة وجه الاستحسان أن هذه سرقة معهودة فوجب القطع كما لو تولى الكل
قوله لم يقطع لأنه تمت السرقة وهي لحم
قوله وصاحب الربا أراد به رجلا باع عشرة دراهم بعشرين وقبض العشرين ثم جاء إنسان وسرق العشرين منه يقطع بخصومة عندنا خلافا لزفر والمسئلة تعرف في المختلف * باب ما يقطع فيه *
قوله لا سبيل الخ بناء على أنه لو كان مكانه غصب لا ينقطع حق
____________________
(1/298)
فضة أو ذهبا فطبها دراهم أو دنانير فإنه يقطع ويرد الدراهم والدنانير إلى المسروق منه وقال أيو يوسف ومحمد ( رحمها الله ) لا سبيل للمسروق منه عليها فإن سرق ثوبا فصبغه أحمر فقطع لم يؤخذ منه الثوب ويعطى ما زاد الصبغ فيه وإن صبغة أسود أخذ منه الثوب في المذهبين رجل قطع في سرقة وهي قائمة ردت على صاحبها وإن كانت مستهلكة لم يضمن * باب في قطع الطريق *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل قطع شرح المتن المالك عنده خلافا لهما وإقامة الحد لا يشكل على قول أبي حنيفة لأنه لا يملك المسروق واختلف المشايخ على قولهما قال بعضهم لا يقام لأن السارق ملك المسروق وقال بعضهم يقام لأنه لا يملك المسروق عينه إنما يملك غيره
قوله ما زاد الصبغ فيه وليس له غير ذلك اعتبارا بالغا صب ولهما أن صنيع السارق في الثوب قائم صورة ومعنى حتى إذا أخذه صاحبه ضمنه ما زاد الصبغ وحق المالك فيه صورة قائم لا معنى حتى لو هلك أو استهلك في إحدى الروايتين لا يضمن فما استويا في الوجود فلا يترجح حق المالك بالبقاء ولا كذلك الغاصب لأن حق المالك في الثوب قائم صورة ومعنى فيرجح حق المالك
قوله في المذهبين لأن عند أبي حنيفة السواد نقصان والمسروق إذا انتقص في يد السارق لا ينقطع حق المالك وعند أبي يوسف هذا والأول سواء لأن عنده السواد زيادة كالحمرة وعند محمد السواد زيادة لكنه لا يقول بقطع حق الملك بمثل هذه الزيادة * باب في قطع الطريق * د
قوله أن يكون هو قاطع الطريق لوجوده حقيقة كما في المفازة إلا أنا
____________________
(1/299)
الطريق ليلا أو نهارا بالبصرة أو بين الكوفة والحيرة فليس بقاطع طريق استحسانا والقياس أن يكون هو قاطع الطريق ذكره في السرقة رجل قطع الطريق فأخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف وإن قتل ولم يأخذ المال قتله الإمام وإن قتل وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف ويقتل ويصلب وإن شاء الإمام لم يقطعه وقتله أو صلبه وقال محمد ( رحمه الله ) يصلب ولا يقطع وإذا قتل الإمام قاطع الطريق فلا ضمان عليه في مال أخذه ولا في النفس وإن ولي القتل رجل منهم قتلوا جميعا وإن كان في الذين قطع عليهم ذو رحم محرم من أحدهم لم يقم عليهم الحد شرح المتن استحسنا وقلنا ليس بقاطع لأن القطع إنما يكون بانقطاع المارة والناس لا يمتنعون من التطرق في هذا الموضع لوقوع هذه الحادثة فإذا كان لا ينقطع الطريق لم يتم السبب فلا يجب الحد أما في المفازة فالناس يمتنعون عن التطرق فيها بسبب هذه الحادثة مالم يظهر الأمر ينفي اللصوص وإزعاجهم في ذلك الموضع فيتحقق قطع الطريق
قوله ويقتل أو يصلب في ظاهر الرواية بتخير الإمام بين الصلب والقتل وروي عن أبي يوسف أنه قال لا يترك الصلب لأنه منصوص عليه بقوله ( تعالى ) ( أو يقتلوا أو يصلبوا ) أو قيل معناه ويصلبوا ولأن المقصود بذلك التشهير ليعبر به غيره والصحيح جواب ظاهر الرواية لأن معنى الزجر والتشهير يحصل بالقتل والصلب زيادة مبالغة فيه فكان الخيار فيه إلا الإمام ثم إذا أراد الصلب فقد ذكر الكرخي أنه يصلب حيا ثم يطعن تحت تندوته الأيسر حتى يموت وذكر الطحاوي أنه يقتل أولا ثم يصلب لأنه إذا صلب حيا ثم يطعن كان ذلك مثلمة وما ذكره الكرخي أصح لأن المقصود هو الإيلام والزجر وذلك إنما يحصل إذا صلب حيا ثم في ظاهر الرواية يترك على خشبة ثلاثة أيام ثم يخلى بينه وبين أهله ليدفنوه
____________________
(1/300)
وقتل الذي ولي القتل وذلك إلى الأولياء والقتل إن كان بحجر أو عصا أو سيف فهو سواء وإن لم يقتل ولم يأخذ المال حتى أخذ وقد جرح اقتص منه مما فيه القصاص وأخذ الأرش مما فيه الأرش وذلك إلى الأولياء وإن أخذ مالا ثم جرح قطعت يده ورجله من خلاف وبطلت الجراحات وإن لم يجرح ولم يأخذ المال طلب وأوجع ضربا ولم يبلغ به أربعين سوطا وأودع في السجن حتى يحدث توبة وإن أخذ بعدما تاب وقد قتل تحديدة شرح المتن
قوله ولا يقطع لأن الحد جزاء قطع الطريق وأنه جناية واحدة كيف ما قطع فلا يجمع بين الحدين ولكن يجب التغليظ ولأبي حنيفة أن قطع الطريق متفرق من وجه مجتمع من وجه بيانه أن قطع الطريق واحد في التقدير لكن الذي انقطع به الطريق متفرق فوجب التخيير وإن شاء جمع بين القتل والقطع لاعتبار جهة التفريق
قوله فلا ضمان عليه لأنه من جنس السرقة فإن وجب به الحد بطل حق العبد في النفس والمال جميعا حتى لا يضمن واحد منهما كما في السرقة
قوله جميعا لأنه شرط فيكتفي بوجوده من البعض
قوله لم يقم عليهم الحد كان أبو بكر الرازي يأول هذه المسئلة بأن كان المأخوذ مشتركا بينهم حتى لا يجب الحد باعتبار نصيب ذي الرحم المحرم فيصير شبهة في نصيب الباقين أما إذا لم يكن المال مشتركا فإن لم يكن أخذ إلا من ذي الرحم المحرم فكذلك وإن أخذوا منه ومن غيره يقام عليهم الحد باعتبار المال المأخوذ من الأجنبي والأصح أنه لا يقام عليهم الحد بكل حال لأن جنايتهم واحدة وهي قطع الطريق
____________________
(1/301)
عمدا فإن شاء الأولياء قتلوه وإن شاؤا عفوا عنه رجل شهر على رجل سلاحا ليلا أو نهارا أو شهر عليه عصا بالليل أو في غير المصر نهارا فقتله المشهور عليه فلا شيء عليه وإن شهر عليه عصا نهارا في مصر فقتله المشهور عليه قتل به والله أعلم شرح المتن
قوله فهو سواء في أنه يقتل به لأن هذا القتل لم يجب قصاصا يشترط التساوي
قوله وذلك إلى الأولياء لأنه متى لم يجب الحد ظهر حق العبد في النفس والمال جميعا
قوله فإن شاء الأولياء الخ لأن الحد بطل لقوله ( تعالى ) ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ) وظهر حق العبد فيه
قوله فلا شيء عليه الخ أما إذا شهر عليه السيف فلأن السيف لا يلبث فيحتاج إلى الدفع فيجعل هدرا وكذلك كل سلاح لايلبث وأما العصا فإنه يلبث فيمكنه أن يستغيث بغيره إلا في الليل فإنه وإن كان يلبث لكن لا يعينه غيره فيضطر إلى الدفع وإن كان عصا لا يلبث فيحتمل أن يكون مثل السلاح عندهما والطريق مثل الليل بكل حال ليلا أو نهارا وذلك ما روى أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إن الرجل يريد أخذ مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره قال فإن لم يتذكر قال استعن إلى السلطان قال إن كان السلطان يأبى عني قال استعن بالناس قال إن كانوا يأبون عني قال قاتل دون مالك فتقتل أو تقتل فتكون شهيدا
____________________
(1/302)
كتاب السير * باب الارتداد واللحاق بدار الحرب *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل وامرأته ارتدا ولحقا بدار الحرب فحملت في دار الحرب وولدت ولدا وولد لولدها ولد فظهر عليهم جميعا قال الولدان فيء ويجبر الولد الأول على الإسلام ولا يجبر ولد الولد قوم عرب من أهل الحرب من أهل الكتاب أرادوا أن يؤدوا الخراج ويكونوا ذمة فلا بأس بذلك وإن ظهر شرح المتن * باب الارتداد واللحاق بدار الحرب *
قوله الولدان فيء ولأن المرتدة تسبى والولد يتبع الأم في الرق والملك
قوله ويجبر لأنه قد كان أصل الإسلام لأبويه والولد تابع للأبوين في الإسلام ولو كان له أصل الإسلام بنفسه كان مجبرا على الإسلام إذا سبي فهذا مثله
قوله ولا يجبر لأن أصل الإسلام إنما كان لجده وقد بينا أن النافلة لا
____________________
(1/303)
عليهم قبل ذلك فهم ونساءهم وصبيانهم فيء وإن أراد مشركوا العرب أن يصيروا ذمة ويعطوا الخراج لم يفعل ذلك وإن ظهر عليهم فنساءهم وصبيانهم فيء ومن لم يسلم من رجالهم قتل ولم يكونوا فيئا وكذلك إن ارتد قوم ونساءهم فصاروا أهل حرب إلا أن نساءهم وصبيانهم يجبرون على الإسلام وإن رأى الإمام موادعة أهل الحرب وأن يأخذ على ذلك مالا فلا بأس وأما المرتدون فيوادعهم حتى ينظروا في أمرهم ولا يأخذ عليهم مالا فإن أخذه لم يرده
رجل ارتد ولحق بدار الحرب فإنه يقضي يعتق أمهات أولاده ويعتق مدبروه من الثلث ويحل ما عليه من الدين ويقضي عنه شرح المتن يكون مسلما بإسلام الجد فلهذا لا يجبر على الإسلام ويكون حكمه كحكم سائر الكفار
قوله فلا بأس لأن النبي صلى الله عليه وسلم صالح بني نجران على ألف ومائتي حلة وهم نصارى العرب
قوله فيء لأنه لما صح تقريرهم على الكفر بالجزية يصح تقريرهم بضرب الرق عليهم لأنهما سواء في المعنى
قوله لم يفعل ذلك لقوله ( عليه الصلاة والسلام ) لا يقبل من مشركي العرب إلا الإسلام أو السيف
قوله فنساؤهم وصبيانهم فيء لما وري أنه ( صلى الله عليه وسلم ) سبى ذرية أوطاس ولأن قتل هؤلاء حرام فصح استرقاقهم
____________________
(1/304)
ويقسم ماله بين ورثته فإن جاء مسلما بعد ذلك نفذ ذلك كله فإن وجد شيئا من ماله بعينه في يد ورثته أخذه وإن جاء مسلما قبل أن يقضي بذلك فكأنه لم يزل مسلما مرتد لحق بماله ثم ظهر على ذلك المال فهو فيء فإن لحق ثم رجع وأخذ مالا ثم ظهر على المال فوجدته الورثة قبل أن يقسم رد عليهم مرتد أعتق أو وهب أو باع أو اشترى ثم أسلم جاز ما صنع وإن لحق أو مات على ردته بطل ذلك كله وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يجوز ما صنع في الوجهين وقال محمد ( رحمه الله ) هو في ذلك بمنزلة المريض شرح المتن
قوله قتل لأنه لما لم يجز تقريرهم على الكفر بالجزية لم يجر تقريرهم عليه بالاسترقاق أيضا
قوله فلابأس لأنها ثابتة بالسنة لكن إنما يجوز ذلك عند الحاجة إلى استعداد القتال
قوله قتل لأنه لم يجز تقريرهم على الكفر بالجزية لم يجزي تقريرهم عليه بالاسترقاق أيضا
قوله فلا بأس لأنها ثابتة بالنسبة لكن إنما يجوز ذلك عند الحاجة إلى استعداد القتال
قوله حتى ينظروا الخ لأنه وقع منهم رجاء الإسلام لكن لا يأخذوا على ذلك مالا لأنه يشبه الجزية فإن أخذه لم يرده عليه لأنه مالا لا عصمة له
قوله فإنه يقضي الخ بعدما قضى القاضي بلحاق المرتد بدار الحرب يعتق أمهات أولاده ومدبروه والمؤجل من الديون عليه يصير حالا لأنه ذلك بمنزلة موته فما ثبت من الحكم إذا مات حقيقة يثبت ههنا
قوله أخذه أي إن جاء مسلما بعد ذلك فما كان قائما من ماله في يد ورثته له أن يأخذ منهم لأن الوارث خلف الميت لاستغنائه عنه فإذا جاء مسلما فقد
____________________
(1/305)
ويعرض على المرتد حرا أو عبدا الإسلام فإن أبى قتل وتجبر المرتدة على الإسلام ولا تقتل حرة أو أمه والأمة يجبرها مولاها
وارتداد الصبي الذي يعقل ارتداد عند أبي حنيفة ومحمد ( رحمهما الله ) ويجبر على الإسلام ولا يقتل وإسلامه إسلام ولا يرث أبويه إن كانا كافرين وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) ارتداده ليس بارتداد وإسلامه إسلام ذمي نقض العهد ولحق فهو بمنزلة المرتد مرتد لحق وله عبد فقضى به لإبنه فكاتبه ثم جاء المرتد مسلما فالكتابة جائزة والولاء للمرتد الذي أسلم شرح المتن أحتاج إليه وما أزاله الوارث عن ملكه لا سبيل له عليه لأنهم أزالوا في وقت كان لهم ولاية الإزالة ولا على امهات أولاده ومدبريه لأن القاضي قضى بعتقهن في وقت كان القضاء جائزا فيه فنفذ قضاؤه
قوله فكأنه لم يزل مسلما فالمرتد وإن لحق بدار الحرب لا يعتق أمهات أولاده مالم يقضي القاضي بلحاقه لأن ذلك لا يثبت بنفس الردة بل بالموت وإنما يكون للردة حكم الموت إذا اتصل بها قضاء القاضي
قوله فهو فيء ولا يكون للورثة لأن هذا مال حربي وحق الورثة إنما يثبت في المال الذي خلفه في دار الإسلام فأما ما لحق به بدار الحرب فلا يثبت فيه حق الوراثة وإن كان لحق بدار الحرب ثم رجع وأخذ مالا وأدخله في مال دار الحرب ثم ظهرنا على ذلك المال رددناه إلى الورثة في قول أبي حنيفة وقال محمد إن رجع قبل قضاء القاضي بلحاقه فلا سبيل للورثة على هذا المال وإن رجع بعد قضاء القاضي بلحاقه كان للورثة أن يأخذوه إذا وجدوه في الغنيمة قبل القسمة بغير شيء وبعدها بالقيمة ولا خلاف بينهما بالحقيقة لكن أطلق أبو
____________________
(1/306)
مرتد له مال اكتسبه في حال الإسلام ومال اكتسبه في حال الردة فأسلم فهو له وإن لحق بدار الحرب أو مات على ردته فما كان له حال الإسلام فهو لورثته وما كان في حال الردة فهو فيء وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) جميع ذلك لورثته مرتد وطئ جارية نصرانية كانت له في الإسلام فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر بعدما ارتد فادعاه فهي أم ولد له والولد حر وهو ابنه ولا يرثه وإن كانت الجارية مسلمة ورثت الإبن مات على ردته أو لحق شرح المتن حنيفة الجواب وقسم محمد وهو على التقسيم فإنه كان عودة قبل قضاء القاضي بلحاقه فاللحاق الأول في حكم الغنيمة وإنما المعتبر اللحاق الثاني والمال فيه معه وكأنه لحق بدار الحرب بماله وأما إذا قضى القاضي بلحاقه فقد صار المال ميراثا لورثته وهو حربي خرج فاستولى على مال الورثة وأحرزه ولو وقع غيره على هذا المال ثم وقع في الغنيمة كان لهم أن يأخذوه قبل القسمة بغير شيء وبعدها بالقيمة فهذا مثله
قوله جاز ما صنع تصرفات المرتد على أربعة أقسام نافذ بالإتفاق كالطلاق والاستيلاد ودعوة الولد وتسليم الشفعة وباطل بالإتفاق كالنكاح والذبيحة لأنهما يعتمدان لملة لا ملة له وموقوف بالاتفاق كالمفاوضة والإرث لأنهما يعتمدان المساواة ولا مساواة بين المسلم والمرتد مالم يسلم ومختلف فيه كالعتق والهبة والكتابة وقبض الديون والإجارة والبيع والشراء
قوله في الوجهين لأن الصحة تعتمد الأهلية والنفاذ يعتمد الملك وقد وجد فوجب أن ينفذ ولأبي حنيفة أن المرتدي حربي مقهور تحت أيدينا والحربي متى قهر توقف يده حتى توقف تصرفاته بالإجماع كذا ههنا
قوله فإن أبى قتل لقوله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه قوله وتجبر المرتدة إن كانت حرة وإن كانت أمة وأهلها يحتاجون إلى مرتد له مال اكتسبه في حال الإسلام ومال اكتسبه في حال الردة فأسلم فهو له وإن لحق بدار الحرب أو مات على ردته فما كان له حال الإسلام فهو لورثته وما كان في حال الردة فهو فيء وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) جميع ذلك لورثته مرتد وطئ جارية نصرانية كانت له في الإسلام فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر بعدما ارتد فادعاه فهي أم ولد له والولد حر وهو ابنه ولا يرثه وإن كانت الجارية مسلمة ورثت الإبن مات على ردته أو لحق شرح المتن
قوله دخل الليل في ذلك حتى لو ردت الامر في يومها لم يبق الامر في يدها في الغد لان في الفصل الاول جعل الامر في يدها في وقتين منفصلين فلا يصح ان يجعلا كوقت واحد لتخلل ما يوجب الفصل وهو اليوم والليلة وعند اختلاف الوقت لا يمكن القول باتحاد الامر فابطال احدهما لا يتعدى الى الاخر ولا يدخل الليل في الامر لان كل واحد من الامرين ذكره منفردا وفي الفصل الثاني الامر متحد لان تخلل الليل في يومين لا يجعلهما مدتين لان القوم قد يجلسون للمشورة فيبقى المجلس الى الغد فإذا ردت الامر في اليوم الا يبقى الامر في يدها في الغد
قوله ولو قال في اليوم الخ هذا يوافق ما تقدم قوله انت طالق غدا او انت طالق في الغد
قوله حنث لان الشرع جعل اليوم في النكاح واقعا على الوقت المطلق وفي الامر باليد يقع على بياض النهار لان اليوم بطلق على مطلق الوقت ويستعمل لبياض النهار قال الله ( تعالى ) { ومن يولهم يومئذ دبره } واراد به مطلق الوقت وقال الله ( تعالى ) { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } وأراد به
____________________
(1/307)
مرتدا قتل رجل خطأ ثم قتل على ردته أو لحق فالدية فيما اكتسبه في حال الإسلام خاصة وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) فيما اكتسبه في حال الإسلام والردة مسلم قطعت يده ثم ارتد فمات من ذلك على ردته أو لحق ثم جاء مسلما فمات من ذلك فعلى القاطع نصف الدية في ماله لورثته وإن لم يلحق فأسلم ثم مات فعليه الدية كاملة وقال شرح المتن خدمتها رفعت إليهم يستخدمونها ويجبرونها على الإسلام لان حبسها لحق الله ( تعالى ) وحق المولى في خدمتها يقدم على حق الله في حبسها
قوله بمنزلة المرتد إلا أنه إذا أسر صار فيئا بخلاف المرتد لان تقريره على الكفر جائز فجاز تقريره بضرب الرق لانه لم يلتزم الإسلام
قوله والولاء للمرتد لانه لما ثبت له حكم الأحياء فصار الإبن بمنزلة وكيله بحكم الخلافة فيما تصرف من ماله
قوله جميع ذلك لورثته لأنه لما صح تصرفه عندهما بلا توفق صح تملكه فوجب النقل إلى الوراث ولأبي حنيفة أن الإرث وقع مستندا إلى حالة الإسلام من أول زمان الردة لا بعد الردة ليكون فيه توريث المسلم من المسلم وهذا لا ينافي في ما اكتسبه بعد الردة
قوله ولايرثه لأن الأمة إذا كانت نصرانية كان الولد مرتدا تبعا لأبيه لانه أقرب إلى الإسلام لأنه يجبر على الإسلام والأم لا يجبر فالولد يتبع خير الأبوين دينا والأب كذلك لما ذكرنا فيتبعه والمرتد لا يرث وليس بأهل للإرث وإن كانت الجارية مسلمة كان الولد مسلما تبعا لها والمسلم أهل للإرث
قوله فيما اكتسبه لان العاقلة لا تعقل عن المرتد وإنما يجب الدية في ماله لكن عند أبي حنيفة ماله الذي كسب في الإسلام وعندهما الكسبان جميعا ماله
____________________
(1/308)
محمد وزفر ( رحمها الله ) عليه في جميع ذلك نصف الدية مكاتب ارتد ولحق وكسب مالا فأخذ مع المال فأبى أن يسلم فقتل فإنه يوفي مولاه كتابته وما بقي فللورثة
رجل وامرأته ارتدا معا وأسلما معا فهما على نكاحهما وإن ارتد أحدهما قبل الآخر فسد النكاح وإن ارتد الزوج وحده فهو فرقة بغير طلاق وإن أسلمت نصرانية وأبى زوجها أن يسلم فرق بينهما وهي تطليقة بائنة شرح المتن
قوله نصف الدية لأن اعتراض الردة أوجب إهدار الجناية لحصوله في محل غير معصوم فإذا أسلم وجب أن لا ينتقل ولأبي حنيفة وأبي يوسف أن الجناية وقعت في محل معصوم وتمت في محل معصوم فوجب الضمان كما لو لم يتحلل الردة في البين
قوله وما بقي فهو للورثة هذا لا يشكل على أصلهما لان عندهما أكساب الردة تكون ملكا للمرتد كأكساب الإسلام وإنما يشكل على أصل ابي حنيفة لان أكساب الردة عنده لا يكون للمرتد وههنا جعله ملكا للمكاتب وإنما كان كذلك لأن المكاتب إنما يملك أكسابه بسبب الكتابة والكتابة لا تتوقف بالردة فكذلك الملك لا يتوقف
قوله فهما على نكاحهما وقال زفر يبطل النكاح لأن المرتد ليس من أهل النكاح وبقاء الشيء بغير الأهل مستحيل ولنا إجماع الصحابة لما روى أن بني حنيفة ارتدوا ثم أسلموا ولم يأمرهم الصحابة أنهم يفرقون
قوله فسد النكاح وكذلك إن ارتد معا واسلم أحدهما قبل الآخر إلا أن في الردة يتعجل الفساد قبل الدخول وبعده وفي إسلام أحد الزوجين لا يتعجل قبل الدخول وبعده غير أنه إن كان في دار الإسلام يتوقف على قضاء القاضي أيهما أسلم وإن كان في دار الحرب يتوقف على مضي ثلاث حيض
قوله هي فرقة بغير طلاق الخ لأبي يوسف أن هذه فرقة بسبب يشترك فيه
____________________
(1/309)
وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) هي فرقة بغير طلاق وقال محمد ( رحمه الله ) هي فرقة بطلاق في الوجهين حربي أسلم وله امرأة فهي امرأته ما لم تحض ثلاث حيض فإذا حاضتها بانت والله أعلم * باب الأرض يسلم عليها أهلها أو تفتح عنوة *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) جيش ظهروا شرح المتن الزوجان فلا يكون طلاقا كما إذا ملك أحدهما صاحبه ولمحمد أن هذه فرقة من جهة الزوج فصار طلاقا ولأبي حنيفة أن الفرقة بالردة تقع بمعنى التنافي لا يصلح أن يكون مستفادا بالملك ليكون طلاقا وفي الباء وقعت بسبب فوات ثمرات النكاح وذلك مضاف إلى الزوج فشابه الفرقة بسبب الجب والعنة وذلك فرقة بطلاق كذا ههنا
قوله وقال محمد الخ إن ارتدا معا ثم أسلم الزوج بعد ذلك بانت المرأة منه بغير طلاق ولا يتوارثان لانه حال الفرقة على إصرارها على الكفر بعد إسلام الزوج وهي ليست بمشرفة على الهلاك حتى يرث الزوج منها بسبب القرابة وهي لا ترث إن مات وإن كانت المرأة هي التي أسلمت فالفرقة تكون أيضا بغير طلاق إلا في قول محمد وهي ترثه إذا مات قبل انقضاء العدة * باب الأرض يسلم عليها أهلها أوتفتح عنوة *
قوله فإن شاء الخ لأن الأول فعله عمر رضي الله عنه بأهل سواد العراق والثاني فعله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بأهل خيبر فكان كل منها مأثورا
قوله فهي ارض خراج سواء قسمت بين الغانمين أو أقر عليها أهلها لأنه إذا وصل إليها ماء الأنهار التي تكون تحت ولاية السلطان ( وهي الأنهار التي شقها الأعاجم ) أخذ حكم الحراج بخلاف ما إذا لم يصل إليها ماء الأنهار بل ماء العيون فإنه يأخذ محكم العشر لان ماء السماء والآبار والعيون عشري والوظيفة تتعلق بالنامي فيعتبر بالماء وأما إذا أسلم أهل بلدة وأقروا عليها فالأرض
____________________
(1/310)
على مدينة من الروم فإن شاء الإمام جعلهم ذمة ووضع عليهم وعلى أراضيهم الخراج وإن شاء خمسهم وقسم ما بقي بين الذين أصابوه وكل أرض فتحت عنوة فوصل إليها ماء الأنهار فهي أرض خراج وما لم يصل إليها ماء الأنهار فاستخرج منها عين فهي أرض عشر وما أسلم عليها أهلها فهي أرض عشر ومن أحبى أرضا بغير إذا الإمام لم تكن له حتى يجعلها الإمام له وقال يعقوب ومحمد ( رحمهما الله ) هي له وإن لم يجعلها الإمام والله أعلم بالصواب * باب فيما يحرزه العدو من عبيد المسلمين ومتاعهم *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) عبد أسره شرح المتن عشرية لا الوظيفة على المسلم هو العشر لا الخراج
قوله حتى يجعلها الخ كان أبو حنيفة يقول كل من أحبى أرضا مواتا فهي له إذا أجازه الإمام ومن أحبى أرضا مواتا بغر إذن الإمام فليست له مالم يأذن وللإمام أن يخرجها من يده ويصنع فيها ما رأى وحجته في ذلك أن يقول الإحياء لا يكون إلا بإذن الإمام أرأيت رجلين أراد كل واحدا منهما أن يختار موضعا واحدا فكل واحد يمنع صاحبه أيهما أحق به قال أبو يوسف وأما أنا أرى إذا لم يكن فيه ضرر لأحد ولا لأحد فيه خصومة فهي له أن أذن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) جائز إلى يوم القيامة فإذا جاء الضرر فهو على هذا الحديث ليس لعرق ظالم حق حدثني هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من أحبى أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق * باب فيما يحرزه العدو من عبيد المسلمين ومتاعهم *
قوله بالثمن الذي أخذه الخ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للمالك القديم حق
____________________
(1/311)
العدو فاشتراه رجل فأخرجه ففقئت عينه فأخذ أرشها فإن المولى يأخذه بالثمن الذي أخذه به من العدو ولا يأخذ الأرش عبد أبق إلى دار الحرب وذهب معه بفرس ومتاع فأخذ المشركون كله فاشترى رجل ذلك كله وأخرجه فإن المولى يأخذ العبد بغير شيء والفرس والمتاع بالثمن وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يأخذ العبد وما معه بالثمن بعيرند فدخل دار الحرب فأخذه المشركون فاشتراه رجل أخذه صاحبه بالثمن
عبد أسره المشركون فاشتراه رجل بألف درهم فأسروه ثانيا فاشتراه آخر بألف فليس للمولى الأول أن يأخذه من الثاني وللمشتري الأول أن يأخذه من الثاني بالثمن ثم يأخذه المولى بألفين إن شاء حربي دخل شرح المتن الأخذ بالثمن الذي أخذه إن شاء ولا يأخذ الأرش لأنه لو ثبت لثبت ابتداء بالدراهم والدراهم لا تؤخذ بمثلها لانه لا يفيد وبالزيادة والنقصان ربا
قوله بالثمن اعترض عليه بأنه على قوله ينبغي أن يأخذ المالك المتاع أيضا بغير شيء لانه لما ظهرت يد العبد على نفسه ظهرت على المال أيضا لانقاطع يد المولى عنه وأجيب عنه بأن يد العبد ظهر على نفسه مع المنافي وهو الرق فكانت ظاهرة من وجه غير ظاهرة من وجه فجعلناها ظاهرة في حق نفسه غير ظاهرة في حق المال
قوله من الثاني بالثمن الخ لأن الأسر الثاني حصل في يد المشتري الأول فيأخذ منه ثم يأخذه المالك القديم بألفين إن شاء لأن العبد إنما قام عليه بألفين
قوله لا يعتق لأن استحقاق الإزالة كان بطريق البيع وانتهى ذلك بالرجوع إلى دار الحرب يعجز الإمام عن التنفيذ ولأبي حنيفة أن تعين البيع كان
____________________
(1/312)
درانا بأمان فاشترى عبدا وأدخله دار الحرب عتق وقال يعقوب ومحمد ( رحمهما الله ) لا يعتق عبد حربي أسلم ثم خرج إلينا أو ظهر على الدار فهو حر * باب من الديون والغصوب وغيرها من الأحكام *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) مسلم دخل دار الحرب بأمان فأدانه حربي أو أدان هو حربيا أو غصب أحدهما صاحبه ثم خرج إلينا واستأمن الحربي لم يقض لواحد منهما على صاحبه بشيء شرح المتن لقيام الأمان فإذا انتهى أمانه تعين العتق مخلصا للعبد وطريقه أن يقام تباين الدارين الذي هو شرط الزوال فالجملة مقام الإزالة كما ذكرنا أنه إذا ارتد الزوجان ثم اسلم أحدهما ولحق الآخر بدار الحرب أنه تقع الفرقة بعد مضي ثلاث حيض لأن مضي ثلاث حيض شرط في الجملة
قوله فهو حر لأن إحرازه لنفسه أسبق فكان أولى بنفسه * باب من الديون والغصوب وغيرها من الأحكام *
قوله بشيء لأنه لا ولاية لنا على الحربي إلا في ما التزم وإنما التزم لقضاء الحوائج في المستقبل لا في ما مضى فلم يكن لنا عليه ولاية الحال
قوله ففعلا ذلك أي أدان أحدهما صاحبه ثم خرجا من دار الحرب مستأمنين
قوله بالدين الخ لأن تلك المداينة كانت صحيحة إلا أنا لا نتعرض لهما لانقطاع الولاية فإذا أسلما وجب القضاء لقيام الولاية للحال مطلقا ولو اغتصب أحدهما من صاحبه في المسئلتين يعني في مسئلة الحربي مع المسلم اغتصب أحدهما من صاحبه أو الحربيين ثم خرجا إلى دار الإسلام مسلمين لم
____________________
(1/313)
وكذلك لو كان حربيين ففعلا ذلك ثم استأمنا فإن خرجا مسلمين قضيت بالدين بينهما ولم أقض بالغصب مسلم دخل دار الحرب بأمان فغصب خربيا ثم خرجا إلينا مسلمين أمر برد الغصب ولم أقض عليه حربي أسلم في دار الحرب فقتله مسلم عمدا أو خطأ وله ورثة مسلمون في دار الحرب فلا شيء عليه إلا الكفارة في الخطأ
رجل قتل مسلما لا ولي له خطأ أو حربيا دخل دارنا بأمان فأسلم شرح المتن يقض بشيء لأن الغصب صادف ملكا مباحا فصار ملكا له
قوله ولم أقض عليه لان الملك ثبت له لما قلنا لكنه فاسد لما فيه مني نقض العهد فأشبه المشتري بشراء فاسد
قوله إلا الكفارة في الخطأ أما وجوب الكفارة فلإطلاق قوله ( تعالى ) ( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ) الآية وأما عدم وجوب القصاص فلأنه لا يمكن استيفاءه إلا بمنعه وإمام وهو مفقود في دار الحرب وأما عدم وجوب للدية في الخطأ فلعدم ثبوت العصمة للحربي بخلاف ما إذا دخل مسلمان في دار الحرب بأمان فقتل أحدهما صاحبه خطأ حيث يجب الدية على القاتل لأن العصمة الثابتة بدار الإسلام لا تبطل بدخولهما في دار الحرب
قوله فالدية على عاقلته الخ أما الوجوب فللعصمة والوضع في بيت المال لعدم الورثة وإن كان عمدا يجب القصاص لأن المقتول معصوم والولي معلوم وهم العامة
قوله وإذا قتل اللقيط هو لغة ما يلقط أي يرفع من الأرض فعيل بمعنى مفعول سمي به الولد المطروح في الطريق خوفا من العيلة وتهمة الزنا به باعتبار مآله إليه
قوله لا قصاص الخ لأنه احتمل وجود الولي وهي الأم وغيرها فلو أوجبنا للعامة لأوجبنا لغير من وجب له الحق من حيث الشبهة وهي كالحقيقة في ما
____________________
(1/314)
فالدية على عاقلته للإمام وعليه الكفارة في الخطأ وإذا قتل اللقيط قال أبو يوسف ( رحمه الله ) لا قصاص على قاتله وقال أبو حنيفة ومحمد ( رحمهما الله ) عليه القصاص إن كان عمدا فإن شاء الإمام قتله وإن شاء أخذ الدية وليس له أن يعفو
مسلمان دخلا دار الحرب بأمان فقتل أحدهما صاحبه عمدا أو خطأ شرح المتن يسقط بالشبهات ولهما أن المجهول لا يصلح وليا حقيقة فلا يصلح وليا من حيث الشبهة لأن الشبهة إنما تعتبر في موضع يتصور فيه الحقيقة فإذا لم يتصور الإيجاب للمجهول صار المجهول كالمعدوم ولو انعدم الولي أصلا كان القود للعامة فكذا هذا
قوله الدية في العمد والخطأ لان هذا أمر عارضي وليس بأصلي فلا يبطل به العصمة كالدخول بأمان ولا قصاص في العمد لان القتل وجد في دار الحرب ودار الحرب يورث الشبهة ولأبي حينفة أن الأسير مقهور في دار الحرب فصار تابعا لهم فبطل الإحراز عنهم بخلاف المستأمن لأنه يمكنه القود إلى دار الإسلام فصار محرزا حكما فصار معصوما ثم في المسائل كلها وجب الدية على القاتل دون العاقلة أما إذا كان عمدا فلأن العاقلة لا تعقل العمد وإن كان خطأ فلأن الوجوب على العامة إنما كان لتركهم الصيانة عن الجناية فإن الصيانة عن الجناية كانت واجبة عليهم فإذا لم يفعلوا صاروا كالشركاء في الجناية وههنا لا يجب على عاقلته صيانته لأنهم لا يقدرون على ذلك فلا يثبت الشركة
قوله فالوديعة فيء لأنها في يده التقدير لقيام يد المودع مقامه فإذا صار هو مغنوما صار ماله الذي هو في يده مغنوما أيضا ضرورة
قوله وبطل القرض لانه لا يحتمل إثبات اليد على القرض إلا بواسطة المطالبة وقد بطلت مطالبته ههنا فاختص من عليه الدين بإثبات اليد عليه فيملكه
____________________
(1/315)
فعلى القاتل الدية في ماله وعليه الكفارة في الخطأ وان كانا سيرين فلا شيء على القاتل الا الكفارة في الخطأ وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) في الاسرين ايضا الدية في العمد والخطأ حربي دخل إلينا بأمان شرح المتن
قوله لورثته لانه لم يصر مغنوما فكذلك ماله
قوله فهو فيء كله اما الاولاد الكبار والمرأة فلا شك لانهم في ايد انفسهم وهم كفار وكذلك الاولاد الصغار لانه لم يصيروا مسلمين بإسلام ابيهم لان الولد انما يصير مسلما باسلام ابيه اذا كان تحت ولاية ابيه والاولاد الذين في دار الحرب ليسوا تحت ولاية ابيهم ليصيروا في معنى نفسه وأما الاموال فلأنها ليست بمعصومة وإن صارت نفسه معصومة فإن قيل يد المودع كيد المودع ايضا فكان تلك الاموال في ديه تقديرا فيجب ان يكون معصوما قيل له نعم لكن في موضع الامكان اذا كان بحال لو اراد اثبات اليد امكنه ذلك فلنا له ذلك
قولنا احرار مسلمون لانهم صاروا مسلمين تبعا لابيهم لان الدار واحدة فلا يملكون بالاستيلاء وأما الأولاد الكبار والمراة تكونون فيئا لانهم بين اهل الحرب فكانوا محلا للاستيلاء وكذلك الاموال التي اودع اهل الحرب لانها لم تصر معصومة لما قلنا وما كان وديعة عند مسلم او ذمي فهو له لانه في يد من يده كيده فيصبر كأنه في يد صاحب المال
قوله فهو له لان يده سبقت على ايدي المسلمين فيكون له
قوله فإنه فيء لانه تابع لدار الحرب محفوظ بيد سلطانهم والتابع لا يوازي الاصل وما ليس في يده ان كان في يد المسلم ان الذمي وديعة فهو له ايضا لان يدهما كيده فيكون ما في ايديهما كأنه في يده وإن كان في يد الحربي يكون فيئا لما قلنا وإن كان في يد المسلم غصبا او في يد الذمي فهو فيء عند ابي حنيفة وعندهما لا يكون فيئا لانه مال المسلم في يد المسلم او الذمي فلا يكون فيئا كما لو كانت وديعة عندهما ولأبي حنيفة ان يد الغاصب يد مانعة متعدية فلا يكون يد المالك فصارت كأنها ليست في احد
____________________
(1/316)
فأودع رجلا او اقراضه ثم لحق بدار الحرب فأخذ اسيرا او ظهر على الدار فقتل فالوديعة فيء وبطل القرض وإن قتل ولم يظهر على الدار فالقرض والوديعة لورثته
حربي دخل الينا بأمان وله امرأة في دار الحرب وأولاد صغار وكبار ومال اودع بعضه حربيا وبعضه ذميا وبعضه مسلما فأسلم ههنا ثم ظهر على الدار فهو فيء كله وان اسلم في دار الحرب ثم جاء فظهر على الدار فأولاده الصغار احرار مسلمون وما كان من مال اودعه ذميا او مسلما فهو له وما سوى ذلك فهو فيء وإن اسلم في دار الحرب وظهر شرح المتن
قوله وما في بطنها فيء اما اولاده الكبار فلأنه كافر حربي وأما المرأة فلأنها كافرة حربية واما الجنين ففي مذهبنا فيء وقال الشافعي لا يكون فيئا لان الولد مسلما تبعا لابيه قلنا بلى لكنه رقيق تبعا لأمه والمسلم محل التمليك في الجملة اذا كانت امه رقيقا
قوله ومن قاتل من عبيده فيء لانه لما تمرد على مولاه صار تبعا لهم
قوله فليس عليه شيء لانه حين قتل لم يكونوا تحت يد امام اهل العدل
قوله وان غلبوا الخ يريد به انهم غلبوا على مدينة ولم يجر فيها احكامهم حتى ازعجهم اما عدل واذا كان الامر بهذه الصفة لم تنقطع ولاية امام لاهل العدل عنهم
قوله فإنه يرثه لانه قتله بحق القصاص بحق فلا يثبت منه الحرمان
قوله لا يرث الباغي لان تأويله فاسد والتأويل الفاسد لا ينزل منزلة
____________________
(1/317)
على الدار فما كان في يده من مال فهو له الا العقار فإنه فيء وما ليس في يده فيء وما في يد مودعه الحربي فهو فيء وأولاده الكبار وامرأته وما في بطنها فيء ومن قاتل من عبيده فيء وأولاده الصغار احرار مسلمون
رجل قتل رجلا وهما من عسكر اهل البغي ثم ظهر عليهم فليس عليه شيء وإن غلبوا على مصر فقتل رجل من اهل المصر رجلا من اهل المصر عمدا ثم ظهر على المصر فإنه يقتص منه له رجل من اهل العدل قتل باغيا فإنه يرثه وان قتله الباغي فقال كنت على حق وانا الآن على شرح المتن الصحيح في حق الاستحقاق ولهما ان هذا القتل يساوي القتل بحق في حق احكام الدنيا حتى لا يجب به الضمان فلا يجب به الحرمان ايضا
قوله بأس لانه محمول على الجهاد لان الظاهر من حال المدني شراء السلاح للجهاد
قوله ويكره ان يبتدي لانه امر بالمعروف في مصاحبته بنص الكتاب قال الله ( تعالى ) { وصاحبهما في الدنيا معروفا }
قوله اباه وكذلك جده من قبل ابيه او امه وان بعد الا انه يضطره إلى ذلك لقوله ( تعالى ) { وصاحبهما في الدنيا معروفا } والمراد الابوان وان كانا مشركين وليس من المصاحبة بالمعروف البداية بالقتل واما اذا اضطره إلى ذلك فهو يدفع عن نفسه ثم الاب كان سببا لايجاد الولد ولا يجوز للولد ان يجعل نفسه سببا لاعدامه بالقصد إلى قتله ن الا ان يضطره إلى ذلك فحينئذ يكون الاب هو المكتسب لذلك السبب بمنزلة الجاني على نفسه
قوله حتى يقتله غيره استدل محمد في الكتاب أي السير الكبير بما روى ان حنظلة بن عامر وعبد الله بن عبد الله بن ابي سلول استاذنا رسول الله
____________________
(1/318)
حق ورثه وإن قال قتلت وأنا اعلم اني على باطل ولم يرثه وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) لا يرث الباغي في الوجهين جميعا ويكره بيع السلاح ويكره بيع السلاح من اهل الفتنة في عساكرهم وليس ببيعه بالكوفة ممن لم يعرفه من اهل الفتنة بأس ويكره ان يبتدئ الرجل اباه من المشركين فيقتله وإن ادركه امتنع عنه حتى يقتله غيره ولا بأس ان يسافر بالقرآن إلى ارض العدو * باب الاسهام للخيل *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل جاوز شرح المتن ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) في قتل ابويهما فلم يأذنهما وعن عمر بن مالك قال قال رجل لرسول الله ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) اني لقيت ابي في العدو فسمعت منه مقالة لك سيئة فقتلته فسكت رسول الله ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) وفي هذا دليل على انه لا يستوجب بقتله شيئا اذا قتله لان النبي ( لم يأمره بشيء والسكوت بعد تحقيق الحاجة اليه لا يجوز وأولى الوجوه ان لا يقصده بالقتل ولا يمكنه من الرجوع اذا تمكن منه في الصف ولا يلجئه إلى موضع ويتمسك به حتى يجيء غيره فيقتله روى محمد في الكتاب حديثا بهذه الصفة قال فهو احب الينا فأما اباحة قتل غير الوالدين والمولودين من ذي الحرم المحرم من المشركين فقد بيناه في الجامع الصغير
قوله ولا بأس الخ قال الطحاوي نهى النبي ( عن ذلك في ابتداء الاسلام انما كان عند قلة المصاحف وفي زماننا كثرت المصاحف * باب الاسهام للخيل *
قوله جاوز الدرب قال الخلل الدرب الواسع على السكة وعلى كل مدخل من مداخل الروم درب والمراد ههنا الحد الذي بين دار الحرب ودار الاسلام
____________________
(1/319)
الدرب فارسا فنفق فرسه او عقر فله سهم فارس وان دخل ارض العدو راجلا ثم اشترى فرسا فله سهم راجل رجل مات قبل الخروج إلى دار السلام فلا شيء له في الغنيمة وإن مات بعد الخروج فله سهمه رجل مات في نصف السنة فلا شيء له في العطاء ويكره الجعل ما كان للمسلمين فيء فإذا لم يكن فلا بأس بأن يقوي المسلمون بعضهم بعضا * باب الحربي يدخل بأمان متى يصير ذميا *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفية ( رضي الله عنهم ) في حربي دخل بأمان فتقدم اليه الامام في ان يخرج او يكون ذميا فمكث بعد شرح المتن ذلك
قوله فله سهم فارس عند ابي حنيفة يسهم لفرس واحد ولا يسهم لأكثر من ذلك وقال ابو يوسف يسهم لفرسين اذا كان له فرسان ولا يسهم لأكثر من ذلك
قوله فلا شيء له في العطاء ولأنه تبرع فلا يملك قبل القبض وأهله من يعمل لعامة المسلمين كالقاضي والمدرس والمفتي وهذا في زماننا وفي الابتداء كان يعطي لمن له مزية حرمة في الاسلام مثل ازواج النبي ( صلى الله عليه وعلى آليه وسلم واولاد المهاجرين والانصار أو كان عاجزا يحتاج إلى معونة
قوله ويكره الجعل المراد به ان يضرب الامام بالجعل على الناس للغزوة وإنما كره لما فيه شبهة الاجرة وأخذ الاجرة على لجهاد حرام فما يشبه يكون مكروها فإذا لم يكن للمسلمين شيء لا بأس بذلك لوقوع الحاجة إلى الجهاد * باب الحربي يدخل بأمان متى يصير ذميما *
قوله فهو ذمي اصل هذا ان الحربي لا يمكن ان يطيل المكث في دارنا ليصير عونا للكفر علينا وانما يمكن بقدر ما يقضي به حوائجه ثم يرجع فاذا
____________________
(1/320)
دخل سنة فهو ذمي وعليه الخراج حربي دخل بأمان فاشترى ارض خراج فإذا وضع عليه الخراج فهو ذمي حربية دخلت بأمان فتزوجت ذميا صارت ذمية وان دخل حربي فتزوج ذمية لم يكن ذميا والله اعلم شرح المتن ينبغي للامام ان يتقدم اليه في اول ما دخل ويضرب له مدة معلومة على قدر ما يقتضي رأيه ويقول له ان جازوت المدة جعلتك من اهل الذمة فإذا جازوه صار ذميا لانه التزم واستأنف الجزية بحول الحول بعده عليه الا ان يكون شرط عليه انه ان مكث سنة اخذ منه الجزية فيه اخذها حينئذ
قوله فهو ذمي لأنه لما وظف عليه الخراج فقد لزمه حكم يتعلق بالمقام في دارنا
قوله صارت ذمية لانها لزمت المقام معه بخلاف ما لو دخل حربي وتزوج ذمية لم يصر ذميا لانه لا يلزمه المقام معها لانها تبع للزوج وليس هو تبعا لها
____________________
(1/321)
كتاب البيوع * باب السلم *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل اسلم إلى رجل عشرة دراهم في كرحنطة فقال المسلم اليه شرطت لك رديا وقال رب السلم بل لم تشترط شيئا فالقول قول المسلم اليه وإن قال شرح المتن * باب السلم *
قوله فالقول قول رب السلم الاصل فيه انهما اذا اختلفا في الصحة والفساد فإن خرج كلام احدهما مخرج التعنت والعناد كان باطلا وكان القول قول من يدعي الصحة لان قول المتعنت مردود فبقي قول صاحبه بلا معارض وإن خرج مخرج الخصومة قال ابو حنيفة القول قول من يدعي الصحة ايضا اذا اتفقا على عقد واحد وإن كان خصمه هو المنكر وقال ابو يوسف ومحمد القول قول المنكر وإن انكر الخصومة بيانه انه اذا ادعى رب السلم الاجل وأنكر المسلم اليه فالقول قول رب السلم بالاجماع لان كلام المسلم اليه خرج مخرج التعنت لانه ينكر ما ينفعه فتعين الفاسد غرضا له فصار باطلا وان ادعى المسلم اليه الاجل وانكر رب السلم فعند ابي حنيفة القول قول المسلم اليه وعندهما قول رب السلم وان ادعى المسلم اليه شرط الردى وانكر رب السلم الشرط اصلا
____________________
(1/322)
المسلم اليه لم يكن فيه اجل وقال رب السلم ك بل كان فيه اجل فالقول قول رب السلم رجل اسلم إلى رجل مائتي درهم في كرحنطة مائة منها دين على المسلم اليه ومائة نقد فالسلم في حصة الدين باطل رجل اسلم إلى رجل في حنطة بقفيز لا يعلم معياره فلا خير فيه وان باعه بهذا القفيز جاز وكل شيء اسلم فيه له حمل ومؤنه ولم يشرط مكان الايفاء فهو فاسد وما لم يكن له حمل ومؤنة فهو جائز ويوفيه في المكان الذي اسلم فيه وهذا قول ابي حنيفة ( رضي الله عنه ) وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) وكذلك ماله حمل ومؤنة فهو جائز وان يشرط مكان الايفاء شرح المتن فكلام رب السلم خرج مخرج التعنت فبطل قوله وان ادعى رب السلم شرط الردى وأنكر المسلم اليه الشرط اصلا يجب ان يكون على الاختلاف فعنده القول قول رب المسلم وعندهما القول قول المسلم اليها
قوله باطل اما اذا اطلق السلام بمائتي درهم في كرحنطة ثم قاص المائة بما عليه وادى المائة فلا يشكل لان الفساد ههنا بسبب علم القبض وذلك طار واما اذا اضاف العقد إلى الدين فكذلك لان الدين فكذلك لان الدين لا يتعين اذا كان ثمنا فصار الاضافة والاطلاق سواء
قوله فال خير فيه لان السلم يتأخر التسليم فربما يهلك القفيز فيؤدي إلى المنازعة
قوله في المكان الذي اسلم فيه ما ليس له حمل ومؤنة لا يشترط بيان مكان الايفاء فيه لصحة العقد بالاجماع لكن هل يتعين مكان العقد مكانا للايفاء ذكر ههنا انه يتعين وذلك في كتاب الاجارات انه لا يتعين فإنه قال يوفيه في أي مكان شاء وبه اخذ بعض مشايخنا
قوله فهو جائز هذا الاختلاف مبني على ان مكان العقد هل يتعين مكانا
____________________
(1/323)
ولا بأس بالسلم في البيض والجوز والفلوس عددا وفي السمك المالك وزنا وضربا معلوما وصغير البيض وكبيره سواء ولا خير في السمك الطري الا في حينه وزمانه وزنا وضربا معلوما ولا خير في السلم في اللحم وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) اذا وصف من اللحم موضعا معلوما بصفة معلومة جاز ولا بأس بالسلم في طشت او قمقم او خفين او نحو ذلك ان كان يعرف وان كان لا يعرف فلا خير فيه وان استصنع رجل شيئا من ذلك بغير اجل فهو بالخيار ان شاء اخذه وان شاء تركه شرح المتن للايفاء عند ابي حنيفة لا يتعين وعندهما يتعين وعلى هذا الخلاف الاجرة في الاجارات اذا كانت دينا ولها حمل ومؤنة نص عليه في كتاب الاجارات وعلى هذا الخلاف القسمة اذا وقع في احد النصيبين بناء او شيء آخر فزادوا في نصيبب الآخر مكيلا او موزونا دينا مؤجلا وله حمل ومؤنه فإنه بيان مكان ايفاء على هذا الخلاف لهما ان سبب وجود التسليم وجد في هذا المكان فوجب ان يتعين هذا المكان مكان الايفاء كما في بيع العين وكما في الغصب والقرض وكما اذا لم يكن له حمل ومؤنه ولابي حنيفة ان التعيين موجب التعين او ضرورة موجب التسليم ولم يوجد فلا يتعين مكان العقد
قوله والجوز وان اسلم في الجوز كيلا لا بأس به ايضا عندنا خلافا لزفر لانه مما يعلم بالكيل ولا يتفاوت الا باعتبار الصغير والكبير الذي هو هدر بالاصطلاح
قوله والفلوس لان ثمنيتها بطلت باصطلاح المتعاقدين وهذا قول ابي حنيفة وابي يوسف وقال محمد لا يبطل فلا يجوز السلم لان ثمنيته ثبت باصطلاح الناس فلا يبطل باصطلاحها فيه
____________________
(1/324)
رجل اسلم في كرحنطة فلما حل اجل اشترى المسلم اليه من رجل كرا فأمر رب السلم بقبضه لم يكن قبضا وان امره ان يقبضه له ثم يقبضه لنفسه فاكتاله له ثم اكتاله لنفسه جاز وان لم يكن سلما وكان قرضا فأمره بقبض الكرجاز رجل اسلم فر كر فأمر رب السلم المسلم اليه ان يكيله في غرائر رب السلم ففعل ذلك ورب السلم غائب لم يكن ذلك قبضا ولو اشترى الكر معينا فكاله في غرائر المشتري والمسئلة لحالها كان قبضا شرح المتن
قوله وفي السمك المالح لاستجماع الشرائط فيه وان اسلم فيه عدد لم يجز لانه متفاوت
قوله سواء لاصطلاح الناس على اهدار التفاوت
قوله الا في حينه لانه قد ينقطع في زمان الشتاء فإن كان لا ينقطع يجوز
قوله جاز لانه اسلم في موزون معلوم ألا يرى انه يضمن بالمثل ضمان العدوان ولأبي حنيفة ان المسلم فيه مجهول لتفاوت يقع باختلاف العظم فاذا كان مخلوع العظم فعن ابي حنيفة فيه روايتان
قوله فلا خير فيه لأنه يباع دينا والدين لا يعرف إلا بالوصف وإذا عرف يجوز إذا استجمع سائر شرائط الجواز
قوله فهو بالخيار الخ الاستصناع جائز بإجماع المسلمين وهو بيع عند عامة المشايخ وقال بعضهم هو عدة والصحيح ما قاله عامة المشايخ فإذا صار بيعا فإذا رأه فهو بالخيار ان شاء اخذه وان شاء ترك لانه اشترى شيئا لم يره
قوله فأمره بقبض الكرجاز اصل هذا ان من اترى الحنطة او مكيلا آخر
____________________
(1/325)
رجل دفع إلى الصائغ دينارا وأمره ان يزيد من عنده نصف دينار فزاد جاز رجل اسلم جارية في كر وقبضها المسلم اليه ثم تقايلا فماتت في يد المسلم اليه فعليه قيمتها يوم قبضها وكذلك لو تقايلا بعد موتها فعليه القيمة أيضا وإن اشتراها بألف درهم فقبضها ثم تقايلا ايضا فماتت في يد شرح المتن المشتري بشرط الكيل بأن اشترى الحنطة على انها عشرة اقفزة او اشترى عشرة اقفزة من هذه الصبرة او اشترى كرا من هذه الصبرة ( والكراسم الأربعين قفيزا ) وقبض ما اشترى لم يكن له ان يتصرف فيه ولا أن يأكله حتى يكيله لانه لو زاد لا يكون له الزيادة بل يكون للبائع ولو انتقص يرجع على البائع بحصة من الثمن فلو جاز البيع او الأكل قبل الكيل ربما يصير بائعا أو آكلا بمال غيره فإن اشترى بشرط الكيل وكالة ثم باعه من غيره بشرط الكيل لا يكتفي بذلك الكيل بل على المشتري الثاني ان يكيليه ثانيا وليس له ان يتصرف قبل الكيل لانه اذا كيل ثانيا عسى ان يزدتاد شيئا فلا يسل له واذا ثبت هذا فنقول
اذا امر المسلم اليه رب السلم ان يأخذ ذلك الكر من البائع اقتضاء لحقه الذي له عليه لا يكون له اخذه حتى يكيل مرتين مرة للمسلم اليه ومرة لنفسه لاجتماع الصفقتين بشرط الكيل بخلاف ما اذا كان قرضا لان القرض اعادة فيكون المقبوض عين حقه في التقدير فيصح القبض من غير كيل فوجب كيل واحد للمشتري قوله لم يكن ذلك قبضا لان الامر يتناول عينا مملوكا للمسلم اليه مستعيرا للغرائر لا مودعا فانقطع يد رب المسلم عن الغرائز فلم يصر قابضا
كان قبضا لأن الأمر يتناول ملك الآمر فيصح وإذا صار البائع وكيلا في امساك الغرائز فبقيت في يد المشتري ببقاء بيد الوكيل عليها ولو كان الغرائر للبائع روي عن محمد انه لا يصير قابضا لان المشتري صار مستعيرا ولم يقبض فلم يصح العارية فلا تصير الغرائر واقعا في يده فلم يصر الوقاع فيها واقعا في يد المشتري
قوله فزاد جاز لانه يصير قرضا ويصير بالاتصال بملكه قابضا
____________________
(1/326)
بطلت الاقالة وان تقايلا بعد موتها فالاقالة باطلة رجل اسلم إلى رجل عرة دراهم في كرحنطة ثم تقايلا لم يكن له اين يشتري من المسلم اليه برأس المال شيئا حتى يقبضه رجل باع دينارا بعشرة دراهم فباعه الذي عليه العشرة دينارا بعشرة دراهم ودفع الدينار وتقاصا بالعشرة فهو جائز والله اعلم بالصواب شرح المتن
قوله فعليه القيمة ايضا لان الإقالة فسخ البيع فيصلح اضافته إلى محل البيع والمسلم فيه محل البيع لان المسلم فيه مبيع كالجارية فيصح اضافة الاقالة اليه بعد هلاك الجارية ابتداء وبقي العقد عليه بعد هلاك الجارية فيفسخ المسلم فيه ويجب عليه ردها فيفسخ في الجارية ضرورة وهو عاجز عن ردها فيجب رد قيمتها
قوله بطلت الإقالة لان محل العقد هي الجارية دون الدراهم فإذا ماتت لم يبق محلا للعقد فلا يصح الفسخ لفوات المحل
قوله لم يكن له الخ لما روى عن ابي سعيد الخدري عن النبي ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) انه قال لرب السلم لا تأخذ الا سلمك او رأس مالك وإنما اراد به السلم حال بقاء العقد او رأس المال حال انفساخ العقد ولان رأس المال اخذه شبيها بالبيع فيثبت حرمة الاستبدال
قوله فاسد لان القبض المعين واجب في بدل الصرف والاستبدال يبطل القبض المعين
قوله فهو جائز لانه اذا اطلق البيع وجب به ثمن يجب تعيينه ووجب بالعقد قبض معين احترازا عن الربا والدين لا يصلح وفاء به فلذلك لم يصر قصاصا وإن تقاصا صح استحسانا عند علمائنا الثلاثة ولم يصح عند زفر
____________________
(1/327)
* باب ما يجوز بيعه وما لا يجوز *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال لا يجوز بيع المراعي ولا اجارتها ولا بيع سمك في حظيرة لا يستطيع الخروج منها ولا يؤخذ الا بصيد فإن قدر عليه بغير صيد جاز بيعه ولا يجوز بيع النحل ولا بيع الآبق ولا يجوز بيع لين امرأة في قدح حرة كانت او امة ولا شعر الخنزير ويجوز الانتفاع به للخرز ولا يجوز بيع شعر الانسان شرح المتن * باب ما يجوز بيعه وما لا يجوز *
قوله لا يجوز الخ اما البيع فلأنه ورد على ما ليس بملك للبائع ولا هو احق به من المشتري الا اذا احرزه فيملكه فيجوز بيعه وأما الإجارة فلأنها وقعت على استهلاك العين وهو غير مملوك للآجر ولو وقعت على استهلاك العين المملوك للأجر بطلت كمن استأجر بقرة ليشرب لبنها فهذا اولى
قوله ولا بيع سمك الخ سئلت يا امير المؤمنين عن بيع السمك في الاجام ومواضع مستنقع الماء فلا يجوز بيع السمك في الماء لانه غرر وهو الذي يصيده فإن كان يؤخذ باليد من غير ان يصاد فلا بأس ببيعه ومثله اذا كان يؤخذ بغير صيد كمثل سمك في جب فإن كان لا يؤخذ الا بصيد فمثله كمثل طبي في البر او طير في السماء فلا يجوز بيعه لانه غرر وقد رخص بيع السمك في الآجام اقوام وكان الصواب عندنا قول من كرهه حدثنا العلاء العكلي عن عمر رضي الله عنه انه قال لا تبايعوا السمك في الماء فإنه غرر
قوله ولا يجوز بيع النحل لانه من الهوام فلا يجوز بيعه كالزنابير وهذا لان النحل غير منتفع به لكنه منتفع بما يحدث منه وما يصير به منتفعا معدوم
____________________
(1/328)
والانتفاع به ولا بيع جلود الميتة قبل ان تدبغ فاذا دبغت فلا بأس ببيعها والانتفاع بها ولا بأس ببيع عظام الميتة وعصبها وعقبها وصوفها وشعرها وقرنها ووبرها والانتفاع بذلك كله عبد ابق فباعه مولاه من رجل زعم انه عنده فهو جائز فإن قال هو عند فلان فبعني وصدقه فلان فباعه منه لم يجز
رجل باع جارية فإذا هو غلام فلا بيع بينهما ولو اشترى بهيمة على انها ذكر فإذا ذكر فاذا هي انثى صح البيع وله الخيار شرح المتن
قوله حرة كانت او امه وروي عن ابي يوسف انه اجاز بيع لبن الامة قوله للخرز للضرورة لان ذلك العمل لا يأتى بغيره ولا ضرورة إلى تجويز البيع
قوله ولا يجوز بيع شعر الانسان الخ لان الانسان مكرم فلا يجوز ان يكون منه شيء مبتذل وهو طاهر عندنا على الصحيح
قوله قبل ان تدبغ لانه محرم الانتفاع لا لكرامته لقوله ( عليه الصلاة والسلم ) لا تنتفعوا من لميتة بإهاب وهو اسم لغير المدبوغ
قوله ولا بأس الخ الدليل عليه ما اخرجه الدارقطني عن ابن عباس انما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الميتة لحمها فأما الجلد والشعر الصوف فلا بأس واخرج عن ابن عباس سمعت رسول الله يقول قال الله قل لا اجد في ما اوحى إلى محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة الخ ان كل شيء من الميتة حلال الا ما اكل فاما الجلد والشعر والقرن والصوف والسن والعظم فكله حلال لانه لا يذكى وفي اسنادهما ضعف والسر في هذه على ما ذكره الشرنبلالي وغيره ان نجاسة الميتة ليست لعينها بل لما اختلط به من الدم والرطوبات النجسة فما
____________________
(1/329)
رجل باع إلى النيروز او إلى المهرجان او إلى الحصاد والدياس او إلى الجزاز فالبيع فاسد فإن كفل إلى هذه الاوقات جاز سفل وعلو بين رجلين انهدما فباع صاحب العلو علوه لم يجز وبيع الطريق وهبته جائز وبيع مسيل الماء وهبته باطل اذا اشترى عبدا بخمر او خنزير شرح المتن اختلطت به كاللحم والشحم يكون نجسا وما لم يختلط به كالعظم والشعر يكون طاهرا وذكر صاحب الهداية غيره ان هذه الاشياء ليست بميتة لانها عبارة عما حل فيه الموت بغير وجه شرعي والموت لا يحل الا في ما يحل فيه الحياة وهذه الاشياء لا حياة فيها بدليل انها لا تتألم بقطعها الا بما يتصل به فلا يحلها الموت وفي الدليلين انظار وأفكار قد فرغنا عنها في السعاية في كشف ما في شرح الوقاية
قوله فهو جائز لان النهي ورد عن بيع الأبق مطلقا وهو ان يكون آبقا في حق المتعاقدين والمأخوذ ليس بأبق في حق احد المتعاقدين وهو المشتري
قوله فلا بيع بينهما لان الذكر والانثى من بنى آدم جنسان مختلفان لتفوات المعاني فتعلق العقد بالمسمى وهو معدوم
قوله صح البيع لان الذكر والانثى في غير بني آدم جنس واحد لتوافق المعنى فيتعلق العقد بالمشار اليه وهو موجود فيصح العقد ويثبت الخيار له ان كان الموجود انقص
قوله جاز لان الاجل صفة الدين والاصل في البيع هو الثمن وذلك لا يحتمل شيئا من الجهالة فكذا ما جعل وصفا له والدين في الكفالة يحتمل جهالة مستدركة فكذا ما جعل وصفا له والدين في الكفالة يحتمل جهالة مستدركة جهالة مستدركة فكذا ما جعل وصفا له
____________________
(1/330)
فقبضه واعتقه او وهبه فهو جائز وعليه القيمة مسلم امر نصرانيا ببيع خمر او شرائها فهو جائز وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يجوز على المسلم
رجل اشترى جارية بيعا فاسدا وتقابضا فليس للبائع ان يأخذها حتى يرد الثمن وان مات البائع فالمشتري احق بها حتى يستوفي الثمن رجل باع دارا بيعا فاسدا فبناها المشتري فعليه قيمتها شك يعقوب ( رحمه الله ) في الرواية وقال يعقوب ومحمد ( رحمهما الله ) ينقض البناء ويرد الدار رجل شرح المتن
قوله لم يجز لان البيع انما يرد على عين هو مال او شبه مال ولم يوجد ذلك ههنا لان الهواء ليس بعين مال عند الناس لان عين المال يتصور قبضه واحرازه وهذا لا يتصور احرازه وقبضه
قوله باطل اما اذا كان المراد بالطريق والمسيل الرقبة فإنما فرقا لمكان الجهالة لان الطريق معلوم الطول والعرض فيكون معلوما غائبا فجاز البيع والتملك والمسيل مجهول غالبا لان مقدار ما يشغله الماء مجهول وإن كان المراد بالطريق حق المرور ففي ذلك روايتان ذكر في كتاب القسمة ان ليحق المرور قسطا من الثمن فهذا دليل جواز بيعه وفي رواية لا يجوز بيعه وهو في الزيادات واما حق المسيل فلا يجوز بيعه اما اذا كان المسيل على السطح فانه نظير حق التعلي على السفل وان كان على الارض فإنما يفارق حق المرور بسبب الجهالة
قوله فهو جائز لان البيع الفاسد ينعقد مفيدا للملك عند اتصال القبض به
قوله حتى يستوفي الثمن لان المبيع مقابل بالثمن فصار محبوسا به
____________________
(1/331)
اشترى دارا فباعها قبل القبض فهو جائز وهو قول ابي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) لا يجوز
سلطان اكره رجلا حتى باع عبد اله او وهب لم يجز وان اكرهه على طلاق او عتاق او نكاح فهو جائز رجل اشترى جارية بألف درهم ولم ينقد الثمن ثم باعها من البائع بخمسمائة درهم قال البيع الثاني باطل رجل اشترى جارية جارية بخمسمائة وقبضها ثم باعها واخرى معها من البائع قبل كالرهن في الدين فصار احق بالعين من البائع حتى يسلم له ماله ودل ذكر قبض المشتري مطلقا على ان المشتري شراء فاسدا اذ اخذ الثمن منه صح قبض المبيع بعد الافتراق بغير اذن البائع لان كل بائع راض بقبض المبيع عند قبض الثمن
قوله وقال يعقوب ومحمد الخ ذكر في كتاب الشفعة ان الشفيع يأخذها بالشفعة بقيمتها عند ابي حنيفة وقال ابو يوسف ومحمد لا شفعة فيها ولم يذكر الشك هناك كفي الرواية وكذلك الغرس على هذا الخلاف لهما ان حق البائع فوق الشفيع الا ترى ان هذا يصح بلا رضاء ولا قضاء وذلك لا يصح الا بقضاء او برضاء ثم ذلك الحق لا ينقض بالبناء والغرس فهذا اولى وله ان هذا امر حصل بتسليط البائع وهو من جنس ما يدوم فينقطع حق الاسترداد ولا كذلك الشفيع وأما شك يعقوب في الرواية يريد به انه سمع منه ام لا وحتى ابطل مشايخنا الاختلاف لكن ذكر في كتاب الشفعة في غير موضع من غير شك
قوله لم يجز فاذا اتصل به قبض افاد الملك عند علمائنا الثلاثة كسائر البيعات الفاسدة وقال زفر لا يفيد كالبيع بشرط الخيار
قوله البيع الثاني باطل لما روى ان زيد ابن ارقم رضي الله عنه باع جارية من امرأة بثمان مائة درهم ثم اشتراها منها بستمائة فبلغ ذلك عائشة ( رضي الله عنها )
____________________
(1/332)
ان ينقده الثمن بخمسائة فالبيع بخمسمائة فالبيع جائز في التي لم يشترها من البائع ويبطل في الاخرى
رجل اشترى جارية شراء فاسدا وتقابضا فباع الجارية وربح فيها تصدق بالربح ويطيب للبائع ما ربح في الثمن وكذلك رجل ادعى على آخر مالا فقضاه اياه وتصادقا انه لم يكن عليه شيء وقد ربح المدعي في الدراهم رجل اشترى جارية في عنقها طوق قيمته الف مثقال وقيمة الجارية شرح المتن الله عنها ) فقالت ان الله ابطل حجة وجهاده ان لم يتب وفي رواية دخلت ام ولد زيد على عائشة فقالت اني بعت من زيد غلاما بثماني مائة درهم نسيئة واشتريته بستمائة نقدا فقرأت عائشة آية الربا فقالت المرأة لعائشة ارأيت لو اخذت رأس مالي ورددت عليه الفضل فقال عائشة فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف دل قول عائشة هذا على حرمة مثل هذه المعاملة لا سيما وقول الصحابي في ما لا دخل للاجتهاد فيه محمول على التوقيف عن النبي ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم )
قوله ويبطل في الاخرى لان الفساد في التي اشتراها كان لاجل الربا من حيث الشبهة على ما عرف فلم يظهر ذلك في ما ضم اليها
قوله ويطيب الخ جملته ان الخبث نوعان خبث لعدم الملك ظاهرا وخبث في الملك لفساد المال نوعان ما يتعين وما لا يتعين فإن كان الخبث لعدم الملك يعمل في النوعين جميعا حتى لا يطيب الربح كالمودع والغاصب اذا تصرفا في العرض والنقد وربما لا يطيب بهما الربح الا ان الخبث في الارض حقيقة لتعلق العقد بمال غيره ظاهرا استحقاقا والخبث في النقد شبهة لتعلق العقد به جوازا وسلامة المبيع به وان كان الخبث لفساد يعمل في ما
____________________
(1/333)
الف مثقال بألفي مثقال فضة ونقده من الثمن الف مقال ثم افترقا فالذي نقد ثمن الفضة وكذلك لو اشتراها بالفي مثقال الف نسئية والف نقد فالنقد ثمن الطوق وجل باع ام ولده او مدبرته فماتا في يد المشتري فلا ضمان عليه وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) عليه قيمتها * باب البيع فيما يكال او يوزن *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل شرح المتن باع يتعين ولا يعمل في ما لا يتعين حتى يطيب الربح فيه
قوله وكذلك الخ لان هذا ملك فاسد لانه بمنزلة بدل المستحق لان وجود الدين بالتسمية فإن تصادقا بعد التسمية صار بمنزلة موجود مستحق ففسد به الملك ولم يبطل
قوله ثمن الفضة لان قبض حصة الفضة واجب في المجلس شرعا وقبض الباقي ليس بواجب والتسليم مطلق ولا تعارض بين الواجب وغيره والظن بالمسلم ان يؤدي ما اوجب عليه الشرع قوله ثمن الطوق لان الشرع حرم التأجيل في الصرف وأطلقه في غيره والظن بالمسلم ان لا يفعل بالباطل
قوله عليه قيمتها لان هذا مقبوض بجهة البيع فكان هذا مضمونا ملحاق بالمقبوض من الاموال ولأبي حنيفة ( رحمة الله ) ان جهة البيع ملحق بحقيقة البيعه لكن فيما يحتمل حكم الحقيقة خلفا عن ذلك بالقيمة اما فيما لا يحتمل فلا كما في المكاتبة * باب البيع فيما بكال او يوزن *
قوله او باع الخ أي لا بأس بذلك لان الشحم واللحم والالية اجناس
____________________
(1/334)
رطلين من شجم البطن برطل من اليه او باع رطلين من لحم برطل من شحم البطن او بيضة ببيضتين او جوزة بجوزتين او فلسا بفلسين او تمرة بتمرتين يدا بيد بأعيانها يجوز وهو قول ابي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) لا يجوز فلس بفلسين ويجوز تمرة بتمرتين وكل شيء ينسب إلى الرطل فهو وزني رجل اشتى شيئا مما يكال او يوزن او يعد فباعه قبل ان يكله او يزنه او يعده فالبيع فاسد فيما يكال او يوزن وإن اشترى شيئا مذارعة فباعه قبل الذرع جاز شرح المتن مختلفة لاختلاف الصور والمعاني اختلافا فاحشا كل واحد لا يصلح لما يصلح له الآخر
قوله او بيضة الخ لان ربا الفضل انما يظهر عند وجود الجنس والقدر بالكيل الوزن ولم يوجد القدر حتى لو كان احدهما نسئية لم يجز لان الجنس بإنفراده يحرم النسأ
قوله لا يجوز الخ لو باع فلسا بفلسين فالمسالة على اربعة اوجه اما ان يكون الكل ديونا او احد العوضين دينا او كان الكل اعيانا فإن كان الكل ديونا لم يجز بوجهين احدهما ان الجنس بانفراده يحرم النسأ والثاني ان بيع الدين بالدين باطل وكذلك اذا كان احد العوضين دينا لم يجز لاحد الوجهين وان كان الكل اعيانا جاز عند ابي حنيفة وابي يوسف استحسانا وقال محمد لا يجوز وحاصل الخلاف راجع إلى حرف وهو ان التعيين هل يصح عندهما يصح عند محمد لا يصح
قوله فهو وزني حتى اذا بيع كيلا بكيل في غير الاواقي سواء بسواء بطل البيع لان الاواقي قدرت بطريق الوزن فصار وزنيا فأما سائر المكائيل ما قدرت بالوزن فان باع الموزون بعضها ببعض بذلك الكيل الذي لم يقدر بالوزن كان مجازفة فيبطل
قوله فالبيع فاسد أي اشتراه على انه كذا قفيزا او موازنة بأن اشتراه
____________________
(1/335)
رجل اشترى شيئا مما يكال او يوزن ن فوجد ببعضه عيبا رده كله او اخذه كله وان استحق بعضه فلا خيار له في رد ما بقي وان كان ثوبا فله الخيار رجل اشترى زيتا على ان يزنه بظرفه فيطرح عنه مكان كل ظرف خمسين رطلا فهو فاسد وان اشترى على ان يطرح عنه بوزن الظرف جاز رجل اشترى عشرة اذرع من مائة ذراع من دار او حمام فالبيع فاسد وقال ابو يوسف ومحمد 0 رحمهما الله ) هو جائز وان اشترى عشرة اسهم من سهم جاز في قولهم جميعا شرح المتن على انه كذا منا ان لم يقبض لم يجز التصرف فيه وان قبض لم يجز التصرف له الا بعد الكيل والوزن لنهى النبي ( صلى الله عله وعلى آله وسلم ) عن بيع الطعام حتى يجري فيها صاعان صاع البائع وصاع المشتري وههنا لم يجر صاع المشتري
قوله جاز لان الذرع صفة الا ترى إلى انه اذا ذرع فازداد لم يلزمه الزيادة ولو انتقص لم يرجع بشيء فلم يكن في ذلك جهالة واما العدديات فلم يذكر جوابه في الكتاب وروى عن ابي حنيفة انه ابطل البيع قبل العدد وروى عنهما انهما أجازا لهما ان العهد نظير الذرع حتى لا يجري الربا بين المعدودين وابو حنيفة يقول ان المعدود ان لم يكن مال الربا لكنه ساوى المكيل والموزون في المعنى الذي تعلق به الفساد وهو جهالة المبيع لاحتمال الزيادة والنقصان فإن من اشترى جوزة على انه الف فوجده الفين يلزمه رد الزيادة وان انتقص رجع بحصته من الثمن
قوله او اخذه كله تأويله انه اذا كان في وعاء واحد لان تمييز المعيب من غير المعيب يوجب زيادة عيب فيصير ردا بعيب حادث
____________________
(1/336)
رجل اشترى دارا على انها الف ذراع فوجدها اكثر فهي كلها له ولو اشتراها على انها الف كل ذراع بدرهم فزادت فهو بالخيار ان شاء اخذها وزاد في الثمن بحساب ذلك وان شاء تركها وان نقصت اخذها بحصتها ان شاء وقال يعقوب ومحمد ( رحمهما الله ) الثوب بمنزلة الدار رجل باع ذراعا من ثوب من اوله على ان يقطعه البائع او المشتري او لم يذكرا قطعا فالبيع باطل شرح المتن
قوله فلا خيار له لان الشركة فيه لا يعد عيبا حتى لو كان ثوبا كان له الخيار
قوله فهو فاسد لان هذا شرط يخالف مقتضى العقد لان مقتضى العقد ان يطرح عنه مقدار وزن الظرف أي مقدار كان فإذا شرط ان يطرح عنه مكان كل ظرف خمسين رطلا كان هذا شرطا يخالف مقتضى العقد فيكون مفسدا للعقد
قوله هو جائز لان عشرة اذرع من مائة ذراع من الدار يكون عشرة الدار فصار كما لو اشترى عشرة اسهم من مائة سهم وله ان الذراع اسم لما يذرع به الممسوح وقد استعير لما يحله ويجاوره وهو العين الذي يحله الذراع وأنه مجهول لان الشائع لا يحله الذراع فلم يصح ان يستعار للشائع ولا كذلك السهام الا ترى ان ذراعا من مائة اذرع وذراعا من عشرة سواء وسهم من عشرة اسهم لا يوازيه سهم من مائة اسهم
قوله رجل اشترى الخ اصله أن لذراع في ما يذرع بمنزلة الصفة في الاعيان لانه طول الدار وطول الشيء صفته والصفة تابعة فيستحق باستحقاق المتبوع لكنه يحتمل ان يكون اصلا مقصودا الأن وجوده مزيد في قدر الاصل وفي قيمته وهو منتفع به فإذا قابل كل ذراع بكذا صار اصلا واذا لم يقابل كل ذراع بكذا بقي تبعا فان زاد في الذرعان سلم المشترى من غير خيار وان انتقص خير المشتري من غير حط شيء وبمنزلة من اشترى عبدا على انه معيب فوجده سليما لم يخير فان استحقه سليما فوجده معيبا خير وان قابل كل ذراع بكذا حتى صار اصلا مقصودا فإن ازداد خير المشتري لانه نفع يشعر به ضرر وان انتقص خير
____________________
(1/337)
رجل اشترى ثوبا كل ذارع بدرهم ولا يعلم عدد الذرعان فالبيع فاسد فإذا علم فهو بالخيار ان شاء اخذ وان شاء ترك وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يلزمه الثوب كل ذراع بدرهم علم او لم يعلم رجل اشترى طعاما كل قفيز بدرهم فالبيع وقع على قفيز فإن كاله ودفع اليه كل شرح المتن ايضا لانه وإن قل الثمن فقد انتقص الجميع وكذلك الثوب والخشب وسائر ما يذرع
قوله رجل باع الخ لان البائع لا يقدر على التسليم الا بضرر فإن القطع لا ينفك عن الضرر بالباقي وذلك مما لا يلزم البائع لأن الضرر لا يلحق بالعقد فإذا لم يلزم الضرر صار التسليم كبيع الجذع في السقف والفص في الخاتم الا ان يقطعه البائع برضاه فيسلم قبل نقض البيع لانه الآن ينقلب صحيحا
قوله من أوله فائدته أنه أراد به ذرعا من ثوب صحيح يعد قطعة نقصانا بالباقي في العادات فإن كان لا يعد قطع بعضها ضررا بالباقي يجب أن يصح بيعه
قوله يلزمه الخ لان طريق المعرفة قائم ولابي حنيفة ان الثمن كله مجهول فهما اعتبرا طريق المعرفة وطريق المعرفة بمنزلة قيام المعرفة في حق جواز البيع وأبو حنيفة اعتبر حقيقة المعرفة ولم يوجد فصار كبيع الشيء برقمه واذا علم جملة الذرعان صح ولم يقد ذلك بالمجلس والصحيح انه اذا علم في مجلس العقد صح اما بعد الافتراق قفلا لان الفساد داخل في صلب العقد وهو جهالة الثمن ولساعات المجلس حكم ساعة واحدة
قوله رجل اشترى طعاما الخ هذا على وجهين اما ان يقول بعت منك هذا الطعام كل قفيز بدرهم او يقول بعت كل قفيز من هذا الطعام بدرهم والجواب فيهما واحد ان البيع في الكل لا يجوز عند ابي حنفية لما سبق ذكره ان جملة الثمن مجهول لكن يجوز في قفيز واحد الا ان يكيله ويعلمه في المجلس فيجوز في الكل لانه لما لم يصح البيع في الكل صرفه إلى الادنى الا ان البيع
____________________
(1/338)
قفيز بدرهم جاز وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) البيع جائز على جميع الطعام كل قفيز بدرهم رجل اشترى سمنا في زق فرد الظرف وهو عشرة ارطال فقال البائع الزق غير هذا وهو خمسة ارطال فالقول قول المشتري * باب اختلاف البائع والمشتري في الثمن *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل اشترى عبدين وقبضهما فمات احدهما فاختلفا في الثمن فالقول قول شرح المتن المشتري في ذارع من الثوب لا يصح وفي قفيز من الطعام يصح
قوله فالقول قول المشتري لانه ان وقع الخلاف في مقدار الثمن فقال البائع وهو خمسة وتسعون وقال المشتري تسعون كل القول قول المشتري لانه منكر الزيادة وان وقع الاختلاف في عين الزق كان القول قوله ايضا لان الاختلاف وقع في تعيين المقبوض فكان القول قول القابض كالمودع والغاصب * باب اختلاف البائع والمشتري في الثمن *
قوله وقال محمد الخ محمد مر على اصله لان عنده الهلاك لا يمنع التحالف ولابي يوسف ان المانع هو الهلاك فيتقدر الامتناع بقدره ولابي حنيفة ان التحالف بعد القبض ثبت نصا عند قيام السلعة وهو اسم لجميع اجزائه ولم يوجد فلا يجري التحالف ثم قال في الكتاب الا ان يشاء البائع ان يأخذ الحي ولا شيء له أي لا يأخذ من ثمن الميت شيئا واختلف المشايخ فيه منهم من قال اراد انه لا يأخذ شيئا من ثمن الميت اصلا ومنهم من قال اراد ان لا يأخذ شيئا من الزيادة التي يدعيها البائع من الثمن في حق الميت بل يأخذ ما يقربه المشتري وهو الصحيح لان البائع لا يترك من ثمن الميت ما اقر به المشتري وإنما يترك دعوى الزيادة
____________________
(1/339)
إلا ان يشاء البائع ان يأخذ الحي ولا شيء له وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) القول قول المشتري في الهالك ويتحالفان على الباقي ويترادان وقال محمد ( رحمه الله ) يتحالفان عليهما وعلى المشتري قيمة الهالك ز رجل اشترى جارية وقبضها ثم تقابلا ثم اختلفان في الثمن فإنهما يتحالفان ويترادان ويعود البيع الاول رجل اشترى عبدين وقبضهما ثم رد احدهما بالعيب وهلك الآخر عند المشتري فعليه ثمن الهالك ويسقط ثمن الذي رد اذا لم يؤد وينقسم الثمن على قيمتهما رجل اسلم عشرة دراهم شرح المتن في
قوله ثم اختلفوا في الاستثناء من المشايخ قال من انه منصرف إلى التحالف ومنم من قال إلى يمين المشتري وهو الصحيح لان المذكور يمين لمشتري لا ترك التحالف فمن مال إلى القول الاول في قوله لا شيء له قال ههنا الاستثناء منصرف إلى التحالف يعني ان البائع اذا رضي ان لا يأخذ شيئا سوى الحي يتحالفان لانه حينئذ صار الحي كل المبيع ومن مال إلى القول الثاني ( وهو الصحيح ) لا بد ان يقول هذا الاستثناء منصرف إلى يمين المشتري
قوله فانهما يتخالفان لان التحالف وان كان ثابتا بالسنة في البيع ن والاقالة فسخ في حق المتعاقدين الا ان التحالف قبل قبض المبيع ثبت استحسانا بمعنى معقول وهو ان البائع يدعي الزيادة في الثمن والمشتري ينكره والمشتري ينكر وجوب تسليم المبيع اذا ادى قدر ما اقربه من الثمن والبائع ينكره فوجب تحليف كل واحد منهما فإذا تحالفا وقع التعارض فوجب رد كل واحد منهما إلى رأس ماله وهذا المعنى موجود ههنا لان وضع المسئلة في ما اذا لم يقبض الجارية بحكم الاقالة فصار التحالف معقولا
قوله وينقسم الثمن على قيمتهما فإن اختلف البائع والمشتري فادعى المشتري الاقل والبائع الاكثر فالقول قول البائع وان اقاما البينة فالبينة بينته ايضا
____________________
(1/340)
كر حنطة ثم تقابلا ثم اختلفا في الثمن فالقول قول المسلم اليه ولا يعود السلم * باب في خيار الرؤية وخيار الشرط *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل اشترى طعاما لم يره وقال قد رضيته ثم رآه فلم يرضه فله ان يرده فإن وكل وكيلا بقبضه فقبضه ونظر اليه لم يكن له ان يرده الا من عيب وان ارسل رسولا وقبضه فله ان يرده وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمها الله ) الوكيل شرح المتن
قوله ولا يعود السلم لأن الاقالة في السلم لا يحتمل الفسخ لان المعقود عليه دين قد يسقط فلا يحتمل العود الا ترى انه لو كان رأس المال عوضا فرده بالعيب وهلك قبل التسليم إلى رب السلم لا يعود وفي بيع العين يعود * باب في خيارة الرؤية وخيار الشرط *
قوله فله ان يرده لان الرضا بالشيء قبل العلم بأوصافه لا يتحقق فلم يعتبر فلم يلزمه لانه بناء عليه ولو فسخه قبل الرؤية صح الفسخ لان العقد غير لازم مخل في الرضا لا للخيار فيملك الفسخ قبل الرؤية لعدم لزومه
قوله وقال ابو يوسف ومحمد الخ اصل المسئلة ان الوكيل بالقبض يملك ابطال خيار الرؤية عند ابي حنيفة بأن يقبض وهو ينظر اليه فإذا قبضه مستورا ثم اراد بعد ذلك ابطال الخيار فليس له ذلك وقالا لا يملك ابطال الخيار بوجه ما لانه وكيل بالقبض وابطال الخيار ليس من القبض الا يرى انه لا يبطل خيار العيب ولا خيار الشرط ولابي حنيفة انه مالك للقبض فيملك اتمامه واتمام القبض ههنا بإبطال الخيار لانه يمنع تمام القبض قبل الرؤية فكأنه غير مقبوض ولما كان كذلك ملك القبض التام والناقص جميعا فإذا قبض وهو ينظر اليه صلح القبض دلالة على الرضا بخلاف خيار العيب لانه لا يملك القبض وأما الرسول فنائب عن المرسل في نفس القبض فانتسب إلى المرسل فيكون إلى المرسل اتمامه
____________________
(1/341)
بمنزلة الرسول وله ان يرده وابطال الخيار ليس من القبض رجل اشترى عدل زطي ولم يره فباع منه ثوبا او وهبه وسلمه ولم يرده شيئا منها الا من عيب وكذلك خيار الشرط رجل اعمى اشترى فنظره جسه ان كان مما يجس وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) ان كان الأعمى في موضع لو كان بصيرا لرآه فقال قد رضيته لم يكن له ان يرده شرح المتن
قوله لم يرد شيئا منها الخ لان خيار الرؤية والشرط يمنعان تمام الصفقة من قبل ان الرضا لا يتكامل ولا كذلك خيار العيب
قوله فنظره جسه فيما يجس والشم فيما يشم والذوق فيما يذاق لان هذه الاشياء تعمل عمل العيان في حقه لانه يفيد العلم بالمعقود عليه فقام مقام المعاينة وإن كان شيئا لا يتأتى فيه هذه الاشياء كالعقار بوكل بصيرا بالقبض عند ابي حنيفة
قوله لم يكن له ان يرده لانه اذا قام في مكان لو كان بصيرا لرآه فقد تشبه بالرائي فيقوم التشبه مقام الرؤية باعتبار الحاجة الا انهما يقولان ان هذه الاسباب دليل المعرفة الا انها دون العيان ن فكان اعبتار الحقيقة القاصرة اولى من اعتبار التشبه
قوله وأيهما نقض انتقض وان اجازه احدهما ونقضه الآخر فالسابق اولى وان خرج كلاهما معا قال محمد في كتاب البيوع ان تصرف الموكل اولى نقضا كان او اجازة وقال في الماذون ان النقض اولى
قوله فعلى المشتري قيمته لان العقد وان لم يوجب الملك للمشتري فلا ينزل من المقبوض بسوم الشراء
____________________
(1/342)
رجل اشترى عبدا واشترط الخيار لغيره فأيهما اجاز جاز وأيهما نقض انتقض رجل باع عبدا على انه بالخيار ثلاثة ايام فقال في الثلاث قد رددته بغير محضر من المشتري لم يكن ذلك نقضا وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال ابو يوسف ( رحمه الله ) هو نقض فإن مات في الثلاث بعد القبض فعلى المشتري قيمته وان مات بعد الثلاث فعليه الثمن وان كان الخيار للمشتري فمات في الثلاث او مضت الثلاث ولم يقل شيئا او اجاز في الثلاث فعيله الثمن وان اشترط الخيار اربعة ايام فالبيع فاسد وان اجاز في الثلاث جاز وكذلك ان كان الخيار للبائع وقال ابو يوسف ومحمد شرح المتن
قوله فعليه الثمن لانه قد تم العقد بمضي الايام الثلاثة فيجب المسمى
قوله وان كان لخيار للمشتري الخ اصله ان تعيب المبيع يبطل خيار المشتري ولا يبطل خيار البائع والموت لا يخلوا من مقدمة عيب
قوله لم يفسد النكاح هذا بناء على ان خيار المشتري يمنع دخول السلعة في ملكه عند ابي حنيفة وعندهما لا يمنع وثمرة الخلاف يظهر في مسائل منها ان المشتري اذا كان ذا رحم محرم منه لم يعتق عليه عند ابي حنيفة وخياره على حاله وعندهما يتعق ويبطل خياره ومنها ان المشتري اذا كان جارية قد ولدت منه بالنكاح لم تصر ام ولده عند ابي حنيفة وخياره على حاله وعندهما تصير ام ولده ويبطل خياره ومنها ما ذكر في الكتاب ان المشتري اذا كانت امرأته لم يفسد النكاح عد ابي حنيفة خياره على حاله وعندهما يفسد النكاح والخيار على حاله فإن وطئها في مدة الخيار قبل الاختيار ينظر ان كانت بكرا فنقصها الوطء صار مختارا بالاجماع اما عند ابي حنيفة ( رحمه الله ) فلأجل النقصان وعندهما للنقصان والموطئ جميعا وان كانت ثيبا لم ينقصها الوطء لا يصير مختارا عند ابي حنيفة ( رحمه الله ) لأنه النكاح لأن النكاح عنده +
____________________
1-
(1/343)
رحمها الله ) ان اشترط الخيار عشرة ايام او اكثر جاز فلو اسقط هذا الخيار قبل مضي الثلاث عن ابي حنيفة ( رضي الله عنه ) ينقلب جائزا
رجل اشترى امرأته على انه بالخيار ثلاثة ايام لم يفسد النكاح وإن وطئها فله ان يردها وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يفسد النكاح وإن وطئها لم يردها رجل باع عبدين بألف على انه بالخيار في احدهما ثلاثة ايام فالبيع فاسد وإن باع كل واحد منها بخمس مائة على أنه بالخيار في أحدهما بعينه جاز رجل باع عبدا واحدهما بالخيار فصدقة الفطر على الذي العبد له رجل اشترى احد ثوبين على ان يأخذ ايهما شاء بعشرة هو بالخيار شرح المتن قائم وعندهما يصير مختارا لانه وطئها بملك اليمين لان النكاح مرتفع عندهما
قوله رجل باع الخ المسئلة على اربعة اوجه احدها ان لا يعين الذي فيه الخيار ولا يفصل الثمن الثاني ان يعين الذي فيه الخيار ولا يفصل الثمن والثالث ان لا يعين الذي فيه الخيار ويفصل الثمن والرابع ان يعين الذي فيه الخيار ويفصل الثمن والبيع في الوجوه كلها فاسد الا في الوجه الاخير اما الاولى فلجهالة المبيع والثمن لان الخيار يمنع العقد حكمه ولا يمنع وقوع العقد فصار الذي فيه الخيار غير داخل في الحكم فبقي الآخر وحده في الحكم وهو مجهول وثمنه مجهول وأما الثاني فلأن الذي فيه الخيار غير داخل في الحكم وثمنه مجهول لأنه يثبت بطريق الحصة بالتقسيم وأما الثالث فلأن الذي فيه الخيار غير داخل وهو مجهول واما الرابع فلأن المبيع والثمن معلوم فلا يفسد
قوله على الذي العبد له معناه انه يبقى اذا كان الخيار للبائع لعدم خروجه عن ملكه فكان لفظه الصيرورة في حقة مجازا عن البقاء
قوله وكذلك الثالثة هذا استحسان والقياس ان يفسد في الثوبين والثلاثة لان المبيع مجهول ذلك مفسد وجه الاستحسان ان هذا بمعنى ما
____________________
(1/344)
ثلاثة ايام فهو جائز وكذلك الثلاثة وان كانت اربعة اثواب فالبيع فاسد
رجل اشترى دارا على انه بالخيرا فبيعت دار بجنبها فأخذ بالشفعة فهو رضا رجلان اشتريا غلاما على انهما بالخيار فرضي احدهما فليس للآخر ان يرده وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) له ان يرده رجل اشترى جارية على انه ان لم ينقده الثمن إلى ثلاثة ايام فلا بيع بينهما فهو جائز وان اشترط اربعة ايام فالبيع فاسد عن أبي حنيفة وأبي يوسف ( رحمهما شرح المتن جاءت به السنة وهو شرط الخيار ثلاثة ايام فإن ذلك يخالف موجب العقد شرعا لكنه لما كان مستدركا جوز لحاجة العباد إلى دفع الغبن فكذلك الحاجة ههنا موجودة والجهالة غير مفضية للمنازعة والحاجة تندفع بالثلاث لان الاشياء ثلاثة انواع جيد ن وردي ووسط ورغائب الناس فيه مختلفة فيحتاج إلى الثلاثة ثم هل يشترط ان يكون في هذا العقد خيرا الشرط مع خيار التعيين اختلف المشايخ فيه منهم من قال يشترط وهو المذكور في هذا لكتاب ومنهم من قال لا وهو المذكور في الجامع الكبير
قوله فهو رضا لان طلب الشفعة دليل الملك فإذا صار مختارا وقع له الملك
قوله فهو جائز لانه اتي بتفسير خيار الشرط
قوله عند ابي حنيفة وأبي يوسف اما عند ابي حنيفة اعتبارا بالملحق به وهو خيار الشرط فإن نقد في الثلاث فالبيع جائز استحسانا اعتبارا بالملحق به ايضا وقال محمد ( رحمه الله ) يجوز اربعة ايام او اكثر اعتبارا بأصله وأبو يوسف ( رحمه الله ) اتبع السنة وفي الاصل وردت السنة بالزيادة على ثلاثة ايام وهو
____________________
(1/345)
الله ) فإن نقد الثمن في الثلاث فالبيع جائز وقال محمد رحمه الله ) يجوز اربعة ايام واكثر منه * باب في المرابحة والتولية *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل اشتر ثوبا فباعه بربح ثم اشتراه فإن باعه بربح طرح عنه كل ربح ربح فيه قبل ذلك وان كان استغرق الثمن لم يبعه مرابحة وقال ابو يوسف ومحمد شرح المتن حديث عبد الله بن عمر ( رضي الله عنهما ) وفي الفرع وردت السنة بثلاثة ايام وهو المروي عن ابن عمر انه اجاز البيع بهذا الشرط * باب في المرابحة والتولية *
قوله رجل اشترى الخ صورة المسئلة اذا اشترى ثوبا بعشرة وقبضه ثم باعه من غيره مرابحة بخمسة عشرة وسلم المبيع ونقد الثمن ثم اشتراه بعشرة فإن اراد ان يبيعه مرابحة يحط الربح الذي ربح قبل ذلك وهو خمسة وبيعيه مرابحة على خمسة لكن لا يقول اشتريته بخمسة فإنه يكون كاذبا لكن يقول قام علي بخمسة والان ابيعه بربح كذا وعندهما يبيعه مرابحة على عشرة لهما ان هذا شراء جديد فوجب ان تبتني عليه المرابحة لان المرابحة بيع ما اشترى بمثل ما اشترى وزيادة وله ان بيع المرابحة يمتنع بالشبهات كما يمتنع بالحقيقة الا ترى ان من اشترى شيئا بثمن مؤجل لم يجز له ان يبيعه حالا مرابحة على ذلك الثمن لان الاجل له حق يزاد به في الثمن لأجله فصار لبعض الثمن شبهة المقابلة به فالحق بحقيقة المقابلة فصار كأنه اشترى شيئين فباع احدهما بثمنين مرابحة
قوله وكذلك لان العقد الذي جرى بين العبد والمولى صحيح له شبهة العدم وإنما صح لقيام الدين مع قيام المانع من الصحة فاورثت شبهة فإذا صار كالعدم صار العبد بالعقد الاول مشتريا للمولى فكأنه اشتراه له بالوكالة في الفصل الاول وفي الفصل الثاني بائعا للمولى كأنه يبيعه للمولى فاعتبر العقد الاول
____________________
(1/346)
( رحمهما الله ) يبيعه مرابحة على الثمن الآخر عبد مأذن عليه دين يحيط برقته اشترى ثوبا بعشرة دراهم فباعه من المولى بخمسة عشرة فإن المولى يبيعه مرابحة على عشرة وكذلك ان كان المولى اشتراه فباعه من العبد مضارب معه عشرة دراهم بالنصف اشترى بها ثوبا فباعه من رب المال بخمسة عشر فإنه يبيعه مرابحة على اثني عشرة نصف وقال زفر ( رحمه الله ) لا يجوز بيع المضار من رب المال ولا بيع رب المال من المضارب
رجل اشترى جارية فاعورت او وطئها وهي ثيب فإنه يبعها مرابحة شرح المتن والثمن الاول
قوله على اثني عشر ونصف لان المضارب وكيل رب المال من وجه فصار بيعه مع رب المال بخمسة عشرة في حق نصف الربح باطلا
قوله ولا يبين لانه لم يفت شيء يقابله الثمن لانه تبع الا ترى انه لو كان بعد البيع قبل التسليم لا يسقط به شيء من الثمن
قوله حتى يبين لانه صار مقصودا فصار مما يقابله الثمن الا يرى انه لو فقأها البائع بعد البيع قبل القبض يسقط بحصته من الثمن وكذا اذا اشترى ثوبا فأصابه قرض فار او حرق نار لم يلزمه البيان وإن تكسره بنشره او طيه فانتقص لزمه البيان ولو اشترى جارية ثيبا فوطئها لم ينقصها باعها مرابحة ولم يبين وان كانت بكرا لم يبعها مرابحة حتى يبين لان وطىء الثيب لا يوجب شيئا يقابله الثمن ولا كذلك البكر لانه قد حبس العذرة وهي جزء من العين
قوله وان شاء رده لان للاجل شبها بالمبيع لان الثمن يزاد لمكان الاجل فالحق بحقيقته فإذا منع الاجل فقد مع بعض المبيع وذكر المرابحة دلالة السلامة على مثله فإذا ظهر الخلاف كان في حكم العيب فوجب الخيار
____________________
(1/347)
ولا يبين وان فقأ عينها او فقأها اجنبي فأخذ أرشها او وطئها وهي بكر لم يكن له ان يبيعها مرابحة حتى يبين رجل اشترى غلاما بألف درهم نسئة فباعه بربح مائة درهم ولم يبين فعلم المشتري فإن شاء اخذه وان شاء رده وان استهلكه ثم علم لزمه الف ومائة وان ولاه اياه ولم يبين وان شاءه رده وان شاء اخذه فان استهلكه ثم علم لزمه الف حالة رجل ولى رجلا شيئا ولا يعلم المشتري بكم يقوم عليه فالبيع فاسد وان اعلمه ان شاء اخذه وان شاء تركه والله اعلم شرح المتن
قوله الف ومائة ولا يرجع بشيء لان الممنوع هو الاجل ولا حصة له من الثمن على طريق الحقيقة
قوله ان شاء رده الخ لان التوليه بيع ما اشترى بمثل ما اشترى فصار الخيار فيها مثلها في المرابحة
قوله الف حالة ولا يرجع بشيء لما قلنا وروى عن ابي يوسف في النوادر يرد قيمة العين ويسترد الثمن وهذا نظير من كان له على آخر عشرة دراهم جياد فاستوفى مكانها زيوفا ولم يعلم فأنفقها والمسئلة يأتي في آخر كتاب البيوع من هذا الكتاب ( ان شاء الله تعالى ) وكان الفقيه ابو جعفر يقول يختار للفتوى ان يقوم المبيع بثمن حال وثمن مؤجل فيرجع المشتري على البائع فضل ما بينهما عملا بعادة الناس
قوله وان اعلمه الخ فحينئذ يصح البيع فيخير ان شاء اخذه وان شاء تركه لان جهالة الثمن فساد في صلب العقد الا انه غير مستقر لان ساعات المجلس في حكم ساعة واحدة فيصير التأخير إلى آخر المجلس عفوا كتأخير القبول فيصح على تقدير الابتداء فيصير كأنهما انشأ البيع الآن اما بعد الافتراق فاصلاح وليس بابتداء وهذا فاسد لا يحتمل الاصلاح ونظيره البيع بالرقم فإنه فاسد فإن اعلمه في المجلس صح والا فلا
____________________
(1/348)
* باب في العيوب *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) جارية بالغة لا تحيض او هي مستحاضة او زانية او ذمية قال هو عيب وان كان عبدا لا يرده بالزنا والجنون في الصغير عيب ابدا والاباق والبول عيب ما دام صغيرا فإن اشتراه وقد ابق وهو صغير او بال ثم ابق عنده او بال بعد البلوغ لم يكن له ان يرده رجل اشترى عبدا وقبضه فادعى عيبا لم يجبر المشتري على دفع الثمر حتى يحلف البائع او يقيم المشتري البينة لانه شرح المتن * باب في العيوب *
قوله لا تحيض فإن دلالة داء في الباطن والمعتبر في هذا الباب اقصى ما ينتهي اليه ابتداء حيض النساء وذلك سبعة عشرة سنة عند ابي حنيفة وكذلك اذا كانت مستحاضة لانه أية المرض
قوله لا يرده لان الزنا يفسد الفراش وذلك انما يتصور من الاماء دون العبيد ويرد بالكفر لأن يعد عيبا في الغلام ايضا لإن المسلم قلما يرغب في صحبته
قوله عيب ابدا من مشايخنا من قال معنى هذا انه اذا ثبت الجنون عند البائع وجب الرد وإن لم يعاود عند المشتري وهذا غلط فإنه نص محمد ( رحمه الله ) في بيوع الاصول وفي الجامع الكبير وغير ذلك أن الرد ليس يثبت بعيب الجنون الا ان يعاوده عند المشتري لان الله ( تعالى ) قادر على ان يزيله
قوله عيب ما دام صغيرا معناه انه متى حدث ذلك عند البائع في صغره ثم زال فإن حديث ذلك عند المشتري في صغر رده بالعيب وإن حدث ذلك بعدما بلغ لم يرده لان الباق والسرقة في حالة الصغر لمادة الجهل وبعد البلوغ لمادة الخبث والبول في الصغر لضعف المثانة وبعد البلوغ داء فيه فكان الثاني غير الاول
____________________
(1/349)
بدعوى العيب انكر وجوب دفع الثمن ولو قال شهودي بالشام استحلف البائع ودفع المشتري الثمن
رجل اشترى عبدا فادعى اباقا لم يحلف البائع حتى يقيم المشتري البينة انه ابق عنده فإذا اقامها حلف بالله لقد باعه وقبضه وما ابق قط رجل اشترى جارية وتقابضا فوجد بها عيبا فقال البائع بعتك هذه وأخرى معها وقال المشتري بعتني هذه وحدها فالقول قول المشتري رجل اشترى شرح المتن
قوله لانه بدعوى العيب الخ ولانه لو الزم القاضي المشتري اداء الثمن كان اشتغلا ما لا يفيد لان العيب اذا ظهر بالحجة وجب رد الثمن المقبوض فلا يجب على القاضي ذلك بل يلزم ان يصون نفسه وقضاءه عن مثله
قوله استحلف البائع فإن حلف يجب عليه دفع الثمن ولا ينتظر حضور الشهود لان في الانتظار ضررا بالبائع ولا ضرر على المشتري في الدفع
قوله حتى يقيم الخ لانه لا يعتبر انكار البائع لاباق ما لم يثبت الاباق عند المشتري قوله وما ابق قط ولا يحلف بالله لقد باعه وما به هذا العيب لانه لو حلف بالله لقد باعه وما به هذا العيب كان فيه ترك النظر للمشتري لانه عسى ان يكون ابق بعد البيع قبل التسليم
قوله فالقول قوله المشتري لان الاختلاف وقع في مقدار المقبوض فيكون اقول قول القابض لكونه اعرف بالقبض
قوله فإن لم ينتفع به الخ هذا اذا وجد الكل فاسدا اما اذا وجد البعض فاسدا لا ينتتفع به فإن كان ذلك كثيرا فهو كالخمر والميتة والحر يضم إلى ما هو مال على التفاصيل المعلومة وهو ما اذا اشترى عبدين فإذا احدهما حر او اشترى
____________________
(1/350)
جوازا او بطيخا او خيارا او قثاء او بيضا فسكره فوجده فاسدا فإن له ينتفع به رجع بالثمن كله وان انتفع به رجع بنقصان العيب
رجل اشترى عبدين صفقة فقبض احدهما ووجد بالآخر عيبا فإنه يأخذهما او يدعهما رجل اشترى جارية فوجد بها قرحا فداواها او دابة فركبها في حاجته فهو رضا وان ركبها ليردها او ليسقيها او ليشتري لها علفا فليس برضا رجل اشترى ثوبا فقطعه ولم يخطه فوجد به عيبا رجع شرح المتن مذبوحين فإذا احدهما ميتة أو اشترى دنين من الخل فإذا احدهما خمر لا يجوز البيع عند ابي حنيفة وعندهما يجوز إذا سمي لكل واحد منهما ثمنا معلوما وله الخيار وان كان قليلا ففي القياس كذلك وفي الاستحسان يجعل هذا المكان الضرورة عفوا
قوله رجع بنقصان العيب ولا يرده لان الكسر عيب حادث فيكون مانعا من الرد وقال الشافعي ( رجمه الله ) يرده
قوله فإنه يأخذهما او يدعهما كيلا يكون تفريقا للصفقة قبل تمامها وإن وجد بالمقبوض عيبا اختلف المشايخ ( رحمهم الله ) فيه والصحيح انه لا يرد خاصة وقد نص ههنا انه لا يرد المعيب خاصة
قوله فهو رضا لانه دليل الامساك
قوله فليس برضا والجواب في الركوب للرد يجري على اطلاقه وفيهما محمول على ما اذا لم يجد منه بدا اما في الركوب للسقي ان لم يجد بدا لصعوبتها او لعجزه فكان ذلك من اسباب الرد وأما في الكوب لحمل العلف ان لم يجد بدا منه بان كان العلف في وعاء واحد فأما اذا كان في وعائين فلا حاجة إلى الركوب فصار راضيا
قوله رجع بالعيب وليس له ان يرده لان القطع عيب حادث فيمنع الرد
قوله كان له ذلك لان حق الرد قائم بقيام المبيع لكن امتنع
____________________
(1/351)
لحق بالعيب فإن قال الباع ان اقبله كذلك كان له ذلك وإن باعه المشتري لم يرجع بشيء علم او لم يعلم وان اشترى ثوبا فصبغه احمر ثم وجد به عيبا رجع بنقصان العيب وليس للبائع ان يقول انا اقبله كذلك وان باع بعدما رأى العيب رجع بالنقصان
رجل اشترى عبدا قد سرق ولم يعلم فقع في يد المشتري له ان يرده ويأخذ الثمن وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) ليس له ذلك ويرجع بما بين قيمته سارقا إلى غير سارق رجل رد عليه عبده بعيب بقضاء شرح المتن البائع فإذا رضي زال المانع
قوله لم يرجع بشيء لأنه صار ممسكا لقيام حق المشتري مقامه فصار مبطلا للرد وهو الحق الاصلي
قوله وليس للبائع الخ لان الرد كان ممتنعا حكما لهذه الزيادة فصار بمنزلة الهلاك
قوله رجع بالنقصان لان الرد كان ممتنعا قبل البيع فلا يصير بالبيع ممسكا
قوله قد سرق ولم يعلم فإن كان عاملا بذلك فعندهما بطل حقه لانه بمنزلة العيب والعلم بالعيب يمنع الرجوع وقد قيل عند ابي حنيفة كذلك والصحيح ان العلم والجهل عنده سواء لانه بمنزلة الاستحقاق والعلم بالاسحقاق لا يمنع الرجوع
قوله وقال ابو يوسف ومحمد الخ الحاصل ان ابا حنيفة ( رحمه الله تعالى ) اجرى هذا مجرى الاستحقاق واستحقاق البعض يكون عيبا في الباقي لانه يتضمن فوات المالية بسبب وجد في لضمان البائع فكان عيبا في الباقي مضافا إلى البائع وعندهما هذا بمنزلة العيب الحادث هن وانما يضاف إلى ضمان البائع وجوب القطع لا غير هذا اذا سرق عند البائع لا غير وان سرق عند المشتري ايضا فقطع في ذلك كله فالجواب عندهما لا يختلف وعند ابي حنيفة ( رحمه الله ) لا
____________________
(1/352)
قاض بإقراره او بإباء يمين او ببينة فله ان يخاصم الذي باعه وان رد عليه بغير قضاء بعيب لا يحدث مثله لم يكن له ان يخاصم الذي باعه وان رد عليه بغير قضاء بعيب لا يحدث مثله لم يكن له ان يخاصم الذي باعه رجل اشترى عبدا فأعتقه على مال فوجد به عيبا لم يرجع به والله اعلم * باب الوكالة بالشراء والبيع *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل دفع إلى آخر دراهم فقال اشتر لي بها طعاما فهو على الحنطة ودقيقها رجل امر رجلا ببيع دار فباع نصفاها فهو جائز وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يجوز حتى يبيع النصف الآخر وان امره بشراء دار فاشترى نصفها شرح المتن يرد بغير رضا البائع لان وجوب القطع مستند إلى السبب الذي وجد في ضمان المشتري وانه يمنزلة العيب وهو السرقة الثانية ويرجع بربع الثمن لان اليد في الآدمي نصفه وقد فات بسببين احدهما وجد في ضمان المشتري والثاني وحد ضمان البائع فيقسم عليهما
قوله فله ان يخاصم الخ لان البيع الثاني انفسخ بحكم القاضي فصار كأن لم يكن والبيع الاول لم ينفسخ بالثاني فيملك الخصومة ويستوي الجواب في مسئلة الكتاب في ما يحتمل الحدوث وفي مالا يحتمل كالأصابع الزائدة والسن الشاغية
قوله لم يرجع به لانه صار حابسا بدله ولو حبس عليه لم يرجع بشيء فكذا اذا حبس بدله * باب الوكالة بالشراء والبيع *
قوله فهو على الحنطة ودقيقها لانه هو المتعارف من الطام في باب البيع والشراء فوجب التقيد به ولو عرف في حق الاكل فيعمل اسم الطعام
قوله لم يجز اصل ذلك ان ابا حنيفة يعتبر العموم والاطلاق في التوكيل
____________________
(1/353)
لم يجز وإن اشترى شقصا شقصا جاز رجل امر رجلا بشرى عبد بألف درهم فقال قد فعلت ومات عندي وقال الآمر اشتريته لنفسك فالقول قول المأمور
رجل قال لآخر يعني هذا العبد لفلان فباعه ثم انكر ان يكون فلان امره فان فلانا يأخذ فان قال فلان لم امره لم يكن له الا ان يسلمه المشتري له فيكون بيعا ويكون العهدة عليه رجل امر رجلا ببيع عبده فباعه وقبض الثمن او لم يقبضه فرده المشتري عليه بعيب لا يحدث مثله ببينه او بإباء يمين او بإقرار فإنه يرده على الآمر وكذلك ان رده عليه بعيب يحدث مثله ببينة او بإباء يمين فإن رده بإقرار لزم المأمور
رجل قال لعبد اشتر لي نفسك من مولاك فقال نعم فقال للموالي شرح المتن بالبيع ويعتبر التعارف الذي لا ضرر فيه في التوكيل بالشراء وقال هما سواء والحجج من الجانبين تعرف في المختلف
قوله جاز يريد به قبل ان يرده إلى الموكل وإنما جاز لأنه قد لا يقدر الشراء من الباعة الا شيئا فشيئا
قوله وقال الآمر الخ فإن لم يكن الثمن منقودا فالقول قول الآمر لا نعرضه الرجوع بالثمن والآمر منكر وإن كان الثمن منقودا فالقول قول المأمور لانه ادعى الخروج عن الامانة قوله فإن فلانا يأخذه لأن قوله لفلان إقرارا منه بالوكالة
قوله ويكون العهدة عليه لأن المشتري له لما جحد الامر اول مرة فقد بطل اقرار المقرة فلزم الشراء للمشتري فاذا سمله اليه وأخذه كان بيعا بالتعاطي
قوله على الآمر لان الرد غير مستند إلى هذه الحجج لعلم القاضي يقينا بكون العيب عند البائع ومعنى شرط البينة والاباء والقرار في الكتاب انه علم القاضي انه لا يحدث مثله في مدة شهر مثلا لكن اشتبه عليه تاريخ البيع فاحتيج إلى هذه الحجج حتى لو عاين القاضي تاريخ البيع والعيب ظاهر لا يحتاج الوكيل
____________________
(1/354)
بعني نفسي لفلان بكذا فهو للآمر فان قال بعني نفسي ولم يقل لفلان فهو حر رجل وكل رجلا بقبض مال فادعى الغريم ان صاحب المال استوفاه فإنه يدفع المال إلى الوكيل ويتبع رب المال فيستحلفه جمعا بينها وإن وكله بعيب في جارية ليردها فادعى البائع رضا المشتري لم ترد عليه حتى يحلف المشتري والله اعلم شرح المتن إلى رد وخصومة فأما اذا كان العيب يحدث مثله ان رده عليه ببينه او بإباء يمين فهو لازم للموكل لانه البينة حجة في حق الناس كافة والوكيل مضطر في النكول وإن رده عليه بإقراره لزم المأمور لانعدام العلتين لكن له ان يخاصم الموكل ويلزمه ببينة او بنكوله هذا اذا كان الرد بقضاء وان كان الرد بغير قضاء بإقرار الوكيل والمسئلة بحالها ليس للوكيل ان يخاصم الموكل بحال
قوله وإن قال الخ الاصل ان العبد يصلح وكيلا في شراء نفسه لأنه اجنبي عن نفسه في حكم المالية في يده لكن عقده لنفسه لا يصلح لامتثال ما امر به لانه اعتاق فلم يصر مستحقا عليه فبقيت ولايته لنفسه ولا يعمل النية في ذلك فإذا اطلق فالمطلق يصلح لهذا ولهذا فلا يصلح لامتثال فبقي لنفسه بخلاف ما اذا اضاف لانه لما اضاف فقد عقد للموكل وهذا يصلح لامتثال بما امر به
قوله حتى يحلف المشتري لان التدارك هنا ممكن لو دفع باسترداد ما قبضه الوكيل وهو غير ممكن هنا لان القاضي لو فسخ البيع ثم ظهر الخطأ في القضاء بالفسخ ماضيا عند ابي حنيفة ( رحمه الله ) حتى ان عند محمد يجب ان يكون على السواء لان التدارك ممكن لان القضاء لا ينفذ عنده اذا ظهر الخطأ فيه اما عند ابي يوسف ( رحمه الله ) المشتري لو كان حاضرا وهو الذي يرد بالعيب يستحلف بالله ما رضي به ادعى البائع ذلك او لم يدع نظرا له وإذا كان المشتري غائبا وقد ادعى البائع رضا المشتري او لم يدع فيحتمل ان يرده عنده لامكان التدارك كما قال محمد ( رحمه الله ) والاصح انه يعتبر طريق النظر فيه ان لا يرده عليه حتى يحضر المشتري على قياس قوله في مسئلة الدين
____________________
(1/355)
* باب لحقوق التي تتبع الدار والمنزل *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل اشترى منزلا فوقه منزل فليس له الاعلى الا ان يشتريه بكل حق هو له او بمرافقه او بكل قليل وكثير هو له فيه او منه وان اشترى بيتا فوقه بيت بكل حق لا يكون له الاعلى وإن اشترى دارا بحدودها فله العلو والكنيف وليس له الظلة الا ان يقول بكل حق هو لها او بمرافقها او بكل قليل وكثير هو فيها او منها فيكون له الظلة وقال ابو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) له الظلة وان لم يشترط شيئا من ذلك وان اشترى بيتا في دار او منزلا او مسكنا لم يكن له الطريق الا ان يشتريه بكل حق او بمرافقه او بكل شرح المتن * باب الحقوق التي تتبع الدار والمنزل *
قوله فليس له الاعلى هذا كله في عرفهم وأما في عرفنا العلوم يدخل من غير ذكر في الفصول الثلاثة واسم المنزل يقع على كل مسكن صغيرا او عظيما مسقفا بسقف او بسقفين لان الكل يسمى خانة
قوله وإن اشترى دارا الخ اما الدار فلأنه اسم لما يدار عليه الحوائط والعلو من توابع الاصل وأجزائه وأما البيت فاسم لما يبات فيه والعلوم مثقله فلم يكن من توابعه وأجزائه فلا يدخل باسم التبع وعلوا المنزل يشبه السف من وجه لكن لا يعدالة لاحتمال السكنى فصار تبعا من وجه فان ذكر باسم الاتباع دخل وان سكت عنه لم يدخل
قوله الا ان يقول الخ لان الظلة خارجة من المحدود فاشبه طريق الخارج فلا يدخل الا بذكر التبع
قوله الا ان يشتريه الخ لانه خارج عن المحدود ولكنه تبع من التوابع فلا يدخل الا بذكر التوابع وكذا الثوب والمسيل وهذا بخلاف الاجارة حيث يدخل هذه الجملة من غير ذكر لان الاجارة تعقد الانتفاع ولا يمكن الانتفاع الا بالطريق والمستأجر لا يشتري الطريق عادة وإن استاجر الطريق الذي لصاحب
____________________
(1/356)
قليل وكثير والله اعلم بالصواب * باب الاستحقاق *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل اشترى جارية فولدت عنده فستحقها رجل ببينة فانه يأخذها وولدها وان اقربها لم يتبعها الولد رجل اشترى غلاما فشهد رجل على ذلك وختم فليس ذلك بتسليم وهو على دعواه رجل اشترى عبدا فإذا هو حر وقد قال للمشتري اشتريني فإني عبد قال ان كان البائع حاضرا او غائبا غيبة معروفة لم يكن له على العبد شيء وإن كان البائع لا يدري اين هو رجع المشتري شرح المتن الدار لا يجوز فدخل الطريق بطريق الضرورة اما البيع لا يعقد للانتفاع من حيث السكنى ولا يعقد للانتفاع في الجملة * باب الاستحقاق *
قوله فإنه يأخذها الخ وهل يشترط القضاء بالولد او يكتفي القضاء بالأم قال بعضهم لا يشترط لا تتابع فيدخل في الحكم تبعا وقال محمد ما يدل على خلاف ذلك فإنه قال اذا قضى بالأصل ولم يعرف الزوائد لم يدخل تحت الحكم فكذلك الولد لو كان في ملك انسان آخر لم يدخل تحت الحكم ايضا وهذا لأن الولد يوم القضاء منفصل عن الام فلم يكن بد من الحكم به
قوله لم يتبعها الولد لا البينة حجة مطلقة فيثبت بها ان الجارية ملك المستحق من الاصل والولد متصل به فيثبت الاستحقاق فيهما فأما الاقرار فليس ببيان وضعا بل هو اخباره الا ان صحة الاخبار ثبت بثبوت المخبر به والخبر به هو ملك الام دون ملك الولد
قوله وهو على دعواه يريد انه اذا شهد على الشراء وختم الصك ثم ادعى انه ملكه يصح دعواه ولا يكون نفس الشهادة على الصك اقرارا منه بملك البائع وهذا لان الانسان قد يبيع مال غيره كما يبيع مال نفسه فلا يكون شهادته
____________________
(1/357)
على العبد ورجع هو على البائع وإن ارتهن عبدا مقرا بالعبودية فوجد حرا لم يرجع عليه على كل حال
رجل ادعى حقا في دار فصالحه الذي هي في يده على مائة فاستحقت الدار إلا ذراعا منها لم يرجع بشيء وإن ادعاها كلها فصالحه على مائة فاستحق منها شيء رجع بحسابه رجل باع عبدا ولد عنده شرح المتن على البيع إقرارا بأن العين ملك البائع والشهادة بوجود البيع لا يكون دلالة على صحته ونفاذه وقال بعض مشايخنا إن ذكر في الشهادة على البيع ما يوجب صحته ونفاذه بأن كتب في الصك أنه باع وهو يملكه وهو كتب على الصك وشهد بذلك فإنه يبطل دعواه إلا أن يكون كتب الشهادة على إقرارهما بذلك كله فحين إذن لايبطل دعواه
قوله رجع المشتري على العبد الخ وعن أبي يوسف أنه لا يرجع لكل حال لأن ضمان الثمن إنما يجب بالمبايعة أو بالكفالة ولم يوجد من العبد شيء من ذلك فلا يرجع كما لو وجد هذا من الأجنبي وكما لو قال العبد ارتهني فإني عبد والمسألة بحالها وجه الظاهر الرواية أن العبد ضمن للمشتري سلامة الثمن من نفسه فمتى تعذر استيفاءه من البائع وجب الرجوع عليه عند ظهور أهليه الضمان والفرق بينه وبين الرهن أن البيع عقد معاوضة فيستحق به السلامة فجعل الأمر به ضمانا للسلامة على ما هو موجبه ولا كذلك الرهن لأنه شرع لملك الحبس من غير معوض يقابله ويصير بعاقبته استيفاء العين حقه من غير عوض
قوله لم يرجع بشيء لأن هذا الاستحقاق غير مناقض للصلح لأن المصالح يقول إنما عنيت بهذه الدعوة هذا الباقي فلا يجب الرجوع إلا أن يستحق الكل
قوله رجع بحسابه لأن التوفيق غير ممكن فوجب الرجوع
قوله ويبطل البيع أجمع لأن العلوق اتصل بملكه واتصال العلوق بملكه ينزل منزلة البينة العادلة على صدق الدعوة لأن ولادة الجارية في ملك المولى
____________________
(1/358)
وباعة المشتري من آخر ثم ادعى البائع الأول أنه ابنه فهو جائز ويبطل البيع أجمع * باب في الرجل يغصب شيئا فيبيعه أو يبيع عبدا لغيره بغير أمره *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل غصب عبدا فباعه فأعتقه المشتري ثم أجاز المولى البيع فالعتق جائز استحسانا وقال محمد ( رحمه الله ) لا يجوز وإن قطعت يد العبد فأخذ أرشها ثم أجاز البيع فالأرش للمشتري ويتصدق بما زاد على نصف الثمن وإن باع المشتري من آخر ثم أجاز المولى البيع لم يجز البيع الثاني وإن لم يبعه المشتري ومات في يده أو قتله ثم أجاز البيع لم يجز
رجل باع عبد رجل بغير أمره فأقام المشتري بينه على إقرار شرح المتن دليل ظاهر أن الولد من صاحب الملك لأن الظاهر منها عدم الزنا فيجب تصديقه * باب في الرجل يغصب شيئا فيبيعه أو يبيع عبدا لغيره بغير أمره *
قول لم تقبل بينته لبطلان الدعوى بالناقض لأن الاقدام على الشراء منه اقرار بصحته
قوله بطل البيع لأن التناقض لا يمنع صحة الإقرار فصح فكان للخصم أن يساعده على ذلك فنفذ النقض عليهما باتفاقهما فلذلك شرط للنقض طلب المشتري حتى يصيرا متفقين على ذلك فيكون نقضا وتمامهما في الزيادات
____________________
(1/359)
البائع أو رب العبد أنه لم يأمره بالبيع وأراد رد البيع لم تقبل بينته وإن أقر البائع بذلك بطل البيع إن طلب المشتري ذلك رجل غصب أم ولد أو مدبرة فماتتا في يده ضمن قيمة المدبرة ولم يضمن قيمة أم الولد وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يضمن قيمتها رجل باع داراص لرجل فأدخلها المشتري في بنائه لم يضمن البائع وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يضمن قيمتها ثم رجع أبو يوسف ومحمد ( رحمه الله ) إلى قول أبي حنيفة رضي الله عنه والله أعلم * باب الشفعة *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) خمسة اشتروا من رجل دارا فللشفيع أن يأخذ نصيب أحدهم وإن اشتراها رجل من شرح المتن
قوله يضمن قيمتها هل هي متقومة عند أبي حنيفة ( رحمه الله ) غير متقومة وعندهما متقومة لأن الدليل الموجب للتقوم بعد الاستيلاد قائم وهو الانتفاع بالإحراز فبقي المدلول وهو التقوم كما في المدبر وأبو حنيفة ( رحمه الله ) يقول إن التقوم بالإحراز كما قلتم وهذه محرزة للنسب والاستمتاع فصار الإحراز في حق التقوم تبعا فلم يكن مضمونا ولا متقوما * باب الشفعة *
قوله أن يأخذ نصيب أحدهم لأن الشفيع يقدم على الدخيل من غير ضرر بالبائع ولا بالدخيل فإذا أخذ نصيب أحدهم قام مقامه فلا ضرر على أحد ولا يملك الشفيع أو أحدهم قبض شيء حتى ينقد المشترون جميع الثمن
قوله أخذها كلها أوتركها لأن في أخذ نصيب أحدهم تفريق الصفقة على المشتري فلا يجوز
____________________
(1/360)
خمسة أخذها كلها أوتركها رجل اشترى أرضا ونخلا فيها ثمر أخذ الشفيع جميع ذلك وكذلك إن اشتراها وليس في النخل ثمر فأثمرت في يد المشتري ولم يقطعها فإن كان قد قطعها أخذها الشفيع بالثمن سوى الثمر رجل اشترى نصف دار غير مقسوم فقاسمه البائع أخذ الشفيع النصف الذي صار للمشتري أو يدع
رجل اشترى دارا فقال الشفيع اشتريتها بألف وقال المشتري بألفين فأقاما البينة فالبينة الشفيع رجل باع دارا وله عبد مأذون عليه دين فله الشفعة وكذلك إن كان العبد هو البائع فللمولى الشفعة ولا يكون شرح المتن
قوله فيها ثمر ثم القياس ثم ثمر الشجر أن يدخل في البيع من غير شرط لأنه متصل بالشجر وجزء منه خلقة والمركب يدخل من غير شرط وهو الشجر فالذي هو منه خلقة أولى وفي الاستحسان لا يدخل إلا بالشرط لأن الثمر معه للفصل فاعتبر فيه العاقبة فلم يدخل من غير شرط فإذا شرط حتى دخل ثم جاء الشفيع أخذ الكل لأن الثمر كان متصلا وتابعا للعقار فإن قطعه المشتري أخذ الشفيع جميع ذلك سوى الثمر ويسقط حصة الثمر المحذوذ من الثمن أما عدم الأخذ فلأنه صار أصلا بالانفصال وأما سقوط الثمن لأن ذلك كان موجودا وقت البيع فكان له حصة من الثمن
قول وكذلك أي أخذ جميع ذلك فإن قطعه أخذ جميع ذلك سوى الثمر بجميع الثمن أما عدم الأخذ فلما قلنا وأما عدم سقوط شيء من الثمن فلأنه زيادة بعد القبض فلم يكن له قسط من الثمن
قوله أخذ الشفيع الخ لأن القسمة من تمام القبض والشفيع لا ينقض ليعيد العهدة على البائع
قوله وقال المشتري بألفين فالقول قول المشتري مع يمينه لأن الشفيع
____________________
(1/361)
الرجل بالجذوع في الحائط شفيع شركة ولكنه شفيع جوار ولا شفعة في قسمة ولا خيرا رؤية وتسليم الأب والوصي الشفعة على الصغير جائز وهو قول أبي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد وزفر ( رحمهما الله ) هو على شفعته إذا بلغ والشريك في الطريق أحق بالشفعة من الجار فأما الشريك في الخشبة تكون على حائط الدار فهو جار والله أعلم شرح المتن يدعي استحقاق الشفعة بألف وخصمه منكر فإن أقام البينة يعتبر بينة الشفيع هذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف البينة بينة المشتري لأنه يثبت الزيادة ولهما أن الجمع أصل عند التعارض وعند التعذر يصار إلى الترجيح وههنا الجمع ممكن كأنه اشتراها بألف بألفين
قوله وكذلك الخ لأن أخذ الدار بالشفعة في معنى الشراء ولكل واحد منهما أن يشتري من الآخر
قوله ولا يكونا لرجل الخ لأن العلة هي الشركة في العقار ولم يوجد
قوله في قسمة لأنها ليست ببيع محض ألا ترى أن الممتنع عنها يجبر عليه
قوله ولا خيار رؤية إن كان الرواية بكسر الراء فمعناه لا شفعة في خيار الرؤية إذا رد به لأنه فسخ محض فلا يثبت له شبهة العقد بخلاف الإقالة وإن كان الرواية بالفتح فمعناه لا يثبت خيار الرؤية وخيار الشرط في القسمة وهذا غير صحيح لأنه بين في كتاب القسمة أن يثبت خيار الرؤية والشرط
قوله إذا بلغ لأنه إبطال حق ثابت فشابه الإعتاق ولهما أن هذا ترك التجارة فيصح ممن يملك التجارة
قوله أحق بالشفعة لأن سبب استحقاق الشفعة هو الاتصال وحكمه دفع الضرر والاتصال بالشركة أقوى
____________________
(1/362)
* باب المأذون يبيعه مولاه أو يعتقه *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) عبد المأذون عليه دين يحيط برقبته باعه مولاه وقبضه المشتري فغيبه فإن شاء الغرماء ضمنوا البائع قيمته وإن شاؤا ضمنوا المشتري وإن شاؤا أجازوا البيع وأخذوا الثمن فإن ضمنوا البائع القيمة ثم رد على المولى بعيب فللمولى أن يرجع بالقيمة ويكون حق الغرماء في العبد عبد مأذون له قيمته ألف وله عبد قيمته ألف وعليه دين ألف فأعتق المولى عبد المأذون جاز عتقه وإن كان الدين مثل قيمتها لم يجز عتقه وقال أبو يوسف ومحمد شرح المتن * باب المأذون يبيعه مولاه أو يعتقه *
قوله فإن شاء الغرماء الخ لأن هذا العبد تعلق حقهم به لتعلق ديونهم برقبته ولهذا كان لهم أن يبيعوه إلا أن يقضي المولى ديونهم فإذا كان حقهم فهو بهذا البيع والتسليم أبطل حقهم فيكون لهم ولاية أن يضمنوه قيمته إن شاؤا وإن شاؤا ضمنوا المشتري لأنه أبطل حقهم بالشراء والقبض وإن شاؤا أجاز البيع وأخذوا الثمن لأن هذا العبد حقهم وهو في معنى المرهون
قوله فللمولي أن يرجع الخ لأن سبب الضمان البيع والتسليم وقد زال
قوله وقال الخ الحاصل أن الدين إذا لم يكن مستغرقا لرقبة المأذون وكسبه لم يمنع ثبوت الملك للمولى في كسبه بلا خلاف فإذا كان مستغرقا لرقبته وكسبه يمنع عند أبي حنيفة ( رحمه الله ) خلافا لهما هما يقولان ما هو علة الملك لم يختل وهو ملك الرقبة ولهذا ملك إعتاقه ووطئها إن كانت جارية ولأبي حنيفة ( رحمه الله ) أن ملك الرقبة علته يشرط الفراغ عن حاجة العبد وقد عدم الشرط
____________________
(1/363)
( رحمهما الله ) يجوز عتقه في الوجهين وعليه قيمته والله أعلم مسائل من كتاب البيوع لم تشاكل الأبواب
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل قال لآخر بع عبدك من فلان بألف على أني ضامن لك من الثمن خمسمائة سوى الألف فهو جائز ويأخذ الألف من المشتري والخمسمائة من الضامن وإن قال على أني ضامن لك خمسمائة سوى الألف ولم يقل من الثمن شرح المتن فلم يصر علة فكان ينبغي أن يكون القليل مانعا إلا أنا لو قلنا بهذا يؤدي إلى أمر محال مسائل من كتاب البيوع لم تشاكل الأبوب
قوله رجل قال الخ صورة المسئلة أن يطلب إنسان من آخر شراء عبده بألف درهم وهو لايبيع إلا بألف وخمسمائة والمشتري لا يرغب فيه إلا بالألف فيجيء الآخر ويقول لصاحب العبد بع هذا من هذا الرجل بألف درهم على أني ضامن لك خمسمائة من الثمن سوى الألف
قوله ولا شيء على الضامن لأنه زيادة في الثمن والمثمن فلا يستحق من غير مال يقابله تسمية وصورة ولم يوجد
قوله فالإقالة بالثمن الأول الحاصل أن الإقالة فسخ عند أبي حنيفة ( رحمه الله ) إلا إذا تعذر بأن حدث بالمبيع ما يمنع الفسخ فيبطل وقال محمد هو فسخ إلا أن لا يمكن فيجعل بيعا جديدا إلا أن لا يمكن بأن كان المبيع غير مقبوض فيبطل وقال أبو يوسف بيع جديد إلا أن لا يمكن فيجعل فسخا بأن يكون المبيع غير مقبوض وكان منقولا فيبطل لمحمد أن لفظة الإقالة موضوعة للفسخ فوجب الجري على ذلك إلا أن يتعذر فينتقل إلى البيع لأنه محتمل
____________________
(1/364)
جاز البيع بالألف ولا شيء على الضامن رجل اشترى جارية بألف وقبضهان ثم أقال البائع بخمس مائة أو بألف وخمس مائة فالإقالة بالثمن الأول فإن كان قد حدث بالجارية عيب جازت الإقالة بأقل الثمن ولم تجز بأكثر من الثمن فإن أقاله بأكثر من الثمن فهو بالثمن الأول رجل في يده دار أقام البينة أنه اشتراها من فلان بألف ونقده الثمن وأقام فلان البينة أنه اشتراها منه بألف ونقد الثمن فهي للذي في يده في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ( رحمهما الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) هي للمدعي والألف بالألف قصاص شرح المتن للبيع ألا ترى أنه جعل بيعا في حق الثالث فكذا ههنا ولأبي يوسف أن الإقالة تمليك المال بالمال بالتراضي وذلك جد البيع فوجب الجري على ذلك إلا إذا تعذر فينتقل إلى الفسخ لأنه يحتمله ولأبي حنيفة أن الإقالة رفع وإسقاط يقال في الدعاء اللهم أقلني عثرتي والرفع والإسقاط لا يحتمل معنى الابتداء بحال إذا ثبت هذا فنقول إذا أقال بألف وخمسمائة صحت الإقالة عندهما بأي طريق كان وعند أبي حنيفة بألف وإن أقال بخمسمائة إن لم يكن بالمبيع عيب فالإقالة بألف ويلغو ذكر خمسمائة وإن كان بالمبيع عيب فالإقامة بخمسمائة ويصير المحطوط بإزاء النقصان وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف الإقالة بخمسمائة في الوجهين
قوله هي للمدعي الخ لأن الأصل عن تعارض الحجج الجمع إن أمكن فإن تعذر فالترجيح فإن تعذر فالتهاتر وقد أمكن الجمع لأنه قامت دلالة البيعين وهي البينة وقد علمنا أن البيعين لا يوجدان معا فلا بد من الترتيب وقد قام دلالة الترتيب لأنا إذا بدأنا بشراء المدعي الخارج لم يصح بيعه لعدم اليد ولو بدأنا بشراء صاحب اليد صح بيعه وكان الجمع ممكنا من هذا الوجه وفيه تصحيح العقدين فتعين هذا الوجه ولهما أن الخصمين اتفقا على أنه لم يجر بينهما إلا عقد واحد فيكون القضاء بالعقدين قضاء من غير دعوى وذلك لا يجوز فتعذر الجمع والترجيح فتعين التهاتر وما قال في الكتاب الألف بالألف
____________________
(1/365)
رجل اشترى جارية بألف فلم يقبضها حتى زوجها فوطئها الزوج فالنكاح جائز وهذا قبض وإن لم يطأها فليس بقبض رجل اشترى عبدا فغاب قبل إبقاء الثمن فأقام البائع البينة أنه باعه إياه فإن كانت غيبته معروفة لم يبع في دين البائع وإن لم يدر أين هو بيع وأوفى الثمن رجلان اشتريا عبدا فغاب أحدهما فللحاضر أن يدفع الثمن كله ويقبضهن فإذا حضر الآخر لم يأخذ نصيبه حتى ينقد شريكه الثمن وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) إذا دفع الحاضر الثمن كله لم يقبض إلا نصيبه وكان متطوعا فيما أدى عن صاحبه شرح المتن قصاص بعد قول محمد فهو قولهما لأنه لما لم يصح البيعان عندها بقي قبض المالين فيجب على كل واحد منهما رده إن كان قائمين وإن كانا هالكين يتقاصان فأما عند محمد البيعان قد ثبتا وثبت قضاء الثمنين فكيف يتصور المقاصة فإن لم يذكر في الشهادة نقد الثمن صحت المقاصة عند محمد ولا مقاصة عندهما
قوله وهذا قبض لأن الوطئ استيلاء وقد فعل الزوج باستيلاء المشتري فصار كفعل المشتري بنفسه وإن لم يطأها فليس يقبض استحسانا والقياس أن يكون النكاح قبضا ذكره في الأصل لأنه تعيب وجه الاستحسان أن التعيب إنما جعل قبضا لمعنى الاستيلاء على المبيع والنكاح أمر حكمي لا استيلاء فيه
قوله وأوفى الثمن لأن موضوع المسئلة أن العبد في يد البائع حتى لو قال إن العبد لي كان القول قوله فإذا أقر به لغيره وادعى أنه مشغول بحقه كان القول قوله أيضا فيظهر الملك لغيره مشغولا بحقه ولا يمكن إيصاله به إلا ببيعه
قوله وكان متطوعا الخ لأنه متطوع في أداء دين غيره بغير أمره ولهما
____________________
(1/366)
رجل تزوج امرأة بغير أمرها ثم ظاهر منها ثم أجازت النكاح فالظهار باطل ورجل اشترى جارية بالف مثقال ذهب وفضة فهما نصفان رجل له على آخر عشرة دراهم فقضاه زيوفا وهو لا يعلم فأنفقها أو هلكت فهو قضاء وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) يرد مثل زيوفه ويرجع بدراهمه طير فرخ في أرض رجل فهو لمن أخذه وكذلك إن تكنس فيها طبي عبد بين رجلين اشترى أب العبد نصيب أحدهما وهو موسر فللشريك الذي شرح المتن أن الحاضر مضطر في اداء نصيب شريكه من الثمن ليتمكن من قبض نصيبه من البيع لأن الصفقة واحدة فثبت له ولاية الأداء بطريق الضرورة فلا يكون في الأداء متبرعا فيصير في معنى الوكيل بالشراء والوكيل بالشراء إذا أدى الثمن من مال نفسه لا يكون متبرعا كذلك ههنا
قوله فالظهار باطل فرق بين هذا وبين ما تقدم من توقف العتق على إجازة المالك عند أبي حنيفة وأبي يوسف ( رحمهما الله ) والفرق لهما أن الإعتاق حق من حقوق المالك لأنه نهاية فيتوف عليه ونفذ فيه وأما الظهار فليس بحق من حقوق الملك ليتوقف وينفذ فيه
قوله فهما نصفان لأن العقد أضيف إليهما سواء فيكون بينهما سواء
قوله ويرجع بدراهمه لأن المقبوض غير حقه ورد مثل الشيء كرده ولهما أن الزيوف جنس حقه فوقع به الاستيفاء وإنما بقي حقه في الجودة ولا يمكن تداركها إلا بضمان الأصل والقضاء بالضمان على القابض حقا له ممتنع
قوله لمن أخذه لأنه مباح سبقت يده إليه فيكون هو أحق به ولا يكون لصاحب الأرض لأن صاحب الأرض ما أعد أرضه لذلك فصار كمن نصب شبكة للجفاف أو نصب فسطاطا فتعلق به صيد لم يملكه ولهذا قالوا في نشر الدراهم
____________________
(1/367)
لم يبع أن يضمن الأب ولا بأس ببيع من يزيد في السلعة رجل اشترى دارا فرأى خارجها أو اشترى ثيابا فرأى ظهورها ومواضع الطي منها فلا خيار له رجل اشترى من رجل جارية بألف وقبضها ثم باعها منه قبل أن ينقده الألف بخمس مائة فإنه لا يجوز والله أعلم شرح المتن والسكر إذا وقعت في ثوب رجل لم يملك إلا أن يضم ذلك في نفسه أو كان قصد ذلك فتهيأ له بخلاف ما إذا عسل النحل في أرض رجل فإن العسل يكون لصاحب الأرض لأن العسل ليس بصيد وقد صار متصلا قائما بأرضه فيكون تابعا كالشجر وأما البيض صيد فإنه أصل الصيد إلا أنه يمكن أخذه من غير حيلة فبهذا لا يبطل معنى الصيدية وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم الصيد لمن أخذه لا لمن اثاره
قوله ولا بأس ببيع من يزيد هو بيع الفقراء على سوم الشراء وإنما أريد بالنهي إذا سكن قلب كل واجد منهما وتأكد الأمر فظهر الرغبة فأما قبل ذلك فلا بأس ومسئلتنا في ما إذا لم يوجد سكون القلب واتفاقهما على ذلك
قوله فلا خيار له لأن الرؤية لا تستوعب لإستحالة ذلك أو تعذره فيعتبر عيان ما يعرف به حال سائر الأجزاء ألا ترى أنه إذا رأى وجه الجارية كفى ذلك لأنه يعرف ما وراءه وبرؤية مقدم الدابة ومؤخرها يعرف ما وراء ذلك والنظر إلى مواضع الطي من الثياب إذا كانت مستوية يقع على كل جزء
____________________
(1/368)
كتاب الكفالة * باب الكفالة بالنفس *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل أخذ من رجل كفيلا بنفسه ثم ذهب فأخذ منه كفيلا آخر فهما كفيلان رجل كفل نفس رجل ولم يقل إذا دفعت إليك فأنا بريء فدفع إليه فهو بريء ولا كفالة في الحدود والقصاص ولا يحبس فيها حتى يشهد شاهدان أو شاهد عدل يعرفه القاضي والرهن والكفيل جائز في الخراج رجل له على آخر شرح المتن * باب الكفالة بالنفس *
قوله وفيهما كفيلان لأن حكمها التزام المطالبة وأنه يحتمل ذلك فالالتزام الأول لا ينافي الالتزام الثاني
قوله فهو بريء لأن ذلك موجبه فيثبت البراءة ثبت النص أم لا
قوله ولاكفالة في الحدود والقصاص وقال أبو يوسف محمد ( رحمهما الله ) لا بأس بذلك لأن موجبه التزام تسليم النفس وهو ههنا أوجب ولأبي حنيفة أنها شرعت استيثاقا محضا فلا يلزم القاضي في ما بنى على الدرء بخلاف سائر الحقوق والخلاف في جبر القاضي على إعطاء الكفيل وأما لو سامحت به نفسه بذلك فهو جائز
____________________
(1/369)
مائة درهم فكفل رجل بنفسه على أنه لم يواف به غدا فعليه المائة فهو جائز فإن لم يواف به فعليه المال
رجل كفل بنفس رجل على أنه إن لم يواف به فعليه المال فإن مات المكفول عنه ضمن الكفيل رجل ادعى على آخر مائة دينار وبينها أو شرح المتن
قوله فهو جائز وقال الشافعي ( رحمه الله ) لا تجوز الكفالة الثانية وهي الكفالة بالمال لأنها في النفس لا يتصور عنده لعدم ولايته فكذا ما هو بناء عليه ولنا أن الكفالة يشبه النذر من وجه ويشبه البيع من وجه من حيث أنه معاوضه فلشبهها بالنذر صح تعليقها بما هو المتعارف وتعليق الضمان لعدم الموافاة متعارف
قوله ضمن الكفيل لتحقيق الشرط وهو عدم الموافاة
قوله رجل ادعى الخ رجل ادعى على رجل مائة دينار سوداء أو بيضاء أو ادعى عليه درهما وبين قدرها أو لم يبين أو ادعى حقا مطلقا أو مالا مطلقا فقال له رجل دعه فأنا كفيل بنفسه إلى غد وإن لم أوافك به غدا فعلي مائة دينار فرضي به ولم يواف غدا فعليه مائة دينار غدا في الوجهين جميعا إذا ادعى صاحب الحق أنه له وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد ( رحمه الله ) إن ادعاها ولم يسمها حتى كفل له رجل بمائة دينار ثم ادعى بعد ذلك لم يلتفت إلى دعواه لمحمد طريقان أحدهما ما اختاره الشيخ الإمام أبو منصور الماتريدي ( رحمه الله ) وهو يقول إن هذا تعليق المال بالخطر فكان باطلا بيانه أنه لما قال إن لم أوافك غدا فإنه ضامن لك مائة درهم من غير نسبة إلى ما عليه كان هذا تعليق المال بالخطر وأنه في حكم الرشوة فكان باطلا وهذا يوجب أن لا يصح وإن كان المال مقدرا عند الدعوى والثاني هو ما اختاره الكرخي وهو أن الكفالة بالنفس باطلة لأنه لم
____________________
(1/370)
لم يبينها وكفل رجل به إن لم يواف به غدا فعليه المائة فلم يواف به غدا فعليه المائة وهو قول يعقوب ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) إن لم يبينها حتى كفل له لم يلتفت إلى دعواه * باب الكفالة بالمال *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل كفل عن رجل بمال فأخره صاحب المال فهو تأخير عن كفيله وإن أخر عن الكفيل لم يكن تأخيرا عن الذي عليه الأصل رجل كفل عن رجل بألف شرح المتن يدع شيئا معلوما فلم يصح الكفالة بالنفس فلا يصح الكفالة بالمال لأنهما خلف عن الأولى فهذا يوجب أن لا يصح حين كان المال مقدرا عند الدعوى
ولهما أن هذه الكفالة أمكن تصحيحها وكل عقد أمكن تصحيحه وجب تصحيحه وذلك لأنه إذا كان المال مقدرا عند الدعوى فلأن الكفالة بالنفس قد صحت والكفالة بالمال جعلت بناء عليه فصار البناء دالا على تقييد العقد بالمال المدعي به وهو المتعارف في ما بين الناس أن ييهم الكفيل الكلام عند ذلك ويريد ما تناوله الدعوى وأما إذا لم يكن مقدارا فقد صحت الملازمة وصحت الدعوى فإن هذا متعارف أن يحمل الدعوى في غير مجلس القاضي هونا لكلامه إلى وقت الحاجة فصح ذلك على احتمال البيان من جهته فإذا بين ذلك انصرف بيانه إلى ابتداء الدعوى فيظهر به صحة الكفالة بالنفس وصحة الثانية خلفا عن الأول * باب الكفالة بالمال *
قوله فليس له الخ صار حقا للقابض على احتمال أن يؤدي الدين بنفسه فما لم ينتف هذا الاحتمال بأداء الأصيل بنفسه ليس للأصيل أن يرجع
قوله فهو له لأن ملك المقبوض يوم قبض كان ثابتا له والريح حصل على ملك صحيح
____________________
(1/371)
عليه بأمره فقضاه الألف قبل أن يعطي هو صاحب المالي فليس له أن يأخذها منه فإن ربح ربحا فهو له ولا يتصدق به فإن كانت الكفالة بكر حنطة فقبضها وباعها فربح فيها فالربح له في الحكم ويستحب أن يرده على الذي قضاه الكر ولا يجب عليه في الحكم وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هو له ولا يرده على الذي قضاه
رجل قال لكفيل ضمن له مالا برئت إلي من المال رجع الكفيل شرح المتن
قوله ويستحب هذا رواية هذا الكتاب وقال في كتاب الكفالة من الأصل يتصدق به وقال في كتاب البيوع يطيب له وفي قولهما يطيب له لأن ملك المقبوض يوم قبض كان ثابتا ولأبي حنيفة ( رحمه الله ) أن اقتضاءه قاصر غير خال من شبهة لأن المكفول عنه بسبيل من أن يقتضيه بنفسه ويسترد منه عين ما أعطى فتمكنت شبهة عدم الملك فوجب الخبث إلا أن هذا الخبث يثبت لحق الأصيل فسبيله أن يرده عليه وإن كان فقيرا طاب له وإن كان غنيا فييه روايتان والأشبه أن يطيب له
قوله رجع الخ البراءة ابتدائها من الكفيل وانتهاءها عن الطالب ولا يكون ذلك إلا بالأداء فيكون هذا إقرارا بالقبض قوله لم يرجع لأن البراءة التي ثبتت من جهة صاحب الدين لا يكون إلا بالإسقاط فلا يكون إقرارا بالقبض
قوله لا يرجع لأن البراءة قد يكون بالأداء وقد تكون بالإسقاط فلا يثبت حق الرجوع بالشك ولأبي يوسف أنه أضاف ضمان الفعل إلى الكفيل حيث قال برئت فيجب أن يتحقق من جهة الفعل ولا يتحقق من جهة الفعل إلا بالأداء فيكون إقرارا بالأداء وهذا كله إذا كان الطالب غائبا فأما إذا كان حاضرا يرجع إليه
____________________
(1/372)
على المكفول عنه وإن قال قد أبرأتك لم يرجع على المكفول عنه ولو قال برئت فعند أبي يوسف ( رحمه الله ) يرجع وعند محمد ( رحمه الله ) لا يرجع رجل كفل عن رجل بأمره فأمره أن يتعين عليه حريرا فالشرى للكفيل والربح الذي ربحه البائع فهو عليه رجل كفل عن رجل بما ذاب له عليه أو ما قضى له عليه فغاب المكفول عنه فأقام المدعي بينة على الكفيل بألف لم تقبل رجل أقام البينة أن له على فلان كذا وأن هذا كفل عنه بأمره فإنه يقضي على الكفيل وعلى المكفول شرح المتن
قوله فأمره أن يتعين الخ تفسير هذا أن المكفول عنه أمر الكفيل بالعين والعينة أن يأتي الرجل إلى آخر فيستقرضه عشرة فلا يرغب المقرض في الإقراض طمعا في الفضل الذي لا يناله بالقرض فيقول ليس يتيسر لي القرض ولكن أبيعك ها الثوب إن شئت باثنى عشر نسيئة وقيمته عشرة لتبيعه بعشرة ففعلا كذلك فيحصل لرب الثوب درهمان بطريق البيع فيسمى عينة لأنه أعرض عن الدين إلى العين إذا ثبت هذا فنقول المكفول عنه لما أمر الكفيل بالعينة كان الشراء للكفيل لأنه هو المشتري والربح للبائع عليه ولم يصح التوكيل لجهالة العين والثمن جميعا
قوله لم تقبل حتى يحضر المكفول عنه فيقضي عليه لأنه ضمن بهذه الكفالة ما يقضي للطالب عليه بعد عقد الكفالة ولم يوجد القضاء
قوله فإنه يقضي الخ ولم يكن قضاء على الغائب لأنه لما ادعى الكفالة بأمره لم يصح القضاء بغير أمره ومن ضرورة صحة القضاء بهذا السبب التعدي إلى الغائب لأن هذا الأمر إقرار بالمال وفي الفصل الثاني لم يكن من ضرورة صحتها التعدي إلى الغائب
____________________
(1/373)
عنه وإن كانت الكفالة بغيره أمره قضى على الكفيل خاصة كفيل صالح رب المال من ألف على خمسمائة فقد بريء الكفيل والذي عليه الأصل رجل باع دارا وكفل رجل بالدرك فهو تسليم وإن لم يكفل ولكنه أشهد فختم لم يكن تسليما * باب الرجلين يكون بينهما المال فيقبضه أحدهما *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في متفاوضين افترقا فلأصحاب الديون أن يأخذوا أيهما شاؤا بجميع الدين ولا يرجع أحدهما على صاحبه حتى يؤدي أكثر من النصف رجلان كفلا عن رجل بمال على أن كل واحد منهما كفيل عن صاحبه شرح المتن
قوله فقد بريء الكفيل الخ لأن إضافة الصلح إلى الألف إضافة إلى ما على الأصيل فبريء الأصيل عن خمسمائة بالإضافة وبريء الكفيل ثم بريا بإيفاء خمسمائة ويرجع الكفيل به على الأصيل
قوله فهو تسليم لأنه لو صح منه الدعوى بعد ذلك كان للمشتري أن يرجع عليه بحق الضمان * باب الرجلين يكون بينهما المال فيقبضه أحدهما *
قوله حتى يؤدي الخ لأنه لا تعارض بين ما عليه بحكم الأصالة وبين ما عليه بحكم الكفالة فيقع الأداء عما عليه بحكم الأصالة وإذا زاد على النصف فليس له في الفضل على النصف معارضة فيقع ذلك عن صاحبه
قوله عن صاحبه يريد إذا كفل كل واحد منهما بالمال كله عن الأصيل ثم عن صاحبه أيضا
قوله رجع على شريكه الخ لأن المؤدي وقع شائعا عن الدينين إذ
____________________
(1/374)
فكل شيء أداه أحدهما رجع على شريكه بنصفه وإن شاء رجع بالجميع على المكفول عنه وإن أبرأ رب المال أحدهما أخذ الآخر بالجميع رجلان اشتريا عبدا بألف وكفل كل واحد منهما عن صاحبه لم يرجع واحد منهما على صاحبه حتى يؤدي أكثر من النصف مكاتبان كتابة واحدة كل واحد منهما كفيل عن صاحبه فكل شيء أداه أحدهما رجع شرح المتن ليس بعضه فوق بعض بل هو كفالة كله بخلاف ما سبق
قوله بنصفه لأن المؤدي شائع عن الدين لأن كل واحد منهما أصيل في الكل كفيل عن صاحبه بالكل فإذا أدى أحدهما شيئا وقع عن الجميع لا محالة فيقع عن صاحبه نصف ذلك لاستواء الحقين
قوله جاز العتق وبريء عن النصف لأن المال في الحقيقة مقابل برقبتهما وإنما جعل كل واحد منهما كفيلا عن صاحبه في حق صاحبه في الكل احتيالا لتصحيح الضمان فإذا جاء العتق فقد استغني عنه
قوله أيهما شاء أما المعتق فحق الكفالة وأما الآخر فبحكم الأصالة
قوله باطل لأنه شرط فيه كفالة المكاتب والكفالة ببدل الكتابة وكل واحد منهما بانفراده باطل فعند الاجتماع أولى أن يكون باطلا أما بطلان كفالة المكاتب فلأن الكفالة تبرع والمكاتب لا يملكه وأما بطلان الكفالة ببدل الكتابة فلأنها تقتضي دينا صحيحا وبدل الكتابة ليس كذلك
قوله متفاوضان الخ المفاوضة شركة متساويين مالا وحرية وعقلا ودينا ويتضمن الوكالة فكل واحد منهما كفيل للآخر ووكيله ولما كان كل واحد منهما يفوض التصرف إلى صاحبه على الإطلاق سميت مفاوضة مشتقة من التفويض
____________________
(1/375)
على صاحبه بنصفه وإن لم يؤديا شيئا حتى أعتق المولى أحدهما جاز العتق وللمولى أن يأخذ بحصة الذي لم يعتق أيهما شاء قال في العتاق القياس أن الضمان باطل ويصير بعد عتقه لأحدهما كحر ضمن ما على المكاتب ولكني أستحسن في المكاتبين كتابة واحدة فإن أخذ الذي أعتق رجع على صاحبه بما يؤدي وإن أخذ عن الآخر لم يرجع بشيء متفاوضان كفل أحدهما بمال لزم صاحبه وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يلزم صاحبه * باب كفالة العبد والكفالة عنه *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل ادعى على عبد مالا فكفل عنه رجل بنفسه فمات العبد قال بريء الكفيل شرح المتن
قوله لا يلزم صاحبه لأنه دين وجب بما ليس بتجارة فشابه أرش الجناية ومهر المرأة ولأبي حنيفة أن الكفالة تقع تبرعا وتبقى معاوضة بدليل الحقيقة والحكم أما الحقيقة فلأن الأداء لا ينفك عن العوض وأما الحكم فلأن المريض إذا أنشأ كفالة بمال في مرض الموت كانت وصية وإذا أقر بها في مرض كان معتبرا من رأس المال لأن الإقرار يلاقي بقاء الكفالة فكان في معنى التجارة فيؤخذ صاحبه * باب كفالة العبد والكفالة عنه *
قوله بريء الكفيل لأنه برئ الأصيل عن تسليم نفسه فبرئ الكفيل
قوله ضمن الخ لأنه غرم الأصيل وهو مولى العبد قيمة المكفول
____________________
(1/376)
وإن ادعى رقبة العبد فكفل عنه رجل فمات العبد فأقام المدعي البينة أنه كان له ضمن الكفيل قيمته عبد كفل عن مولاه بأمره فعتق فأدى أو كان المولى كفل عنه فأداه بعد العتق لم يرجع واحد منهما على صاحبه والله أعلم شرح المتن فغرم الكفيل لأنه قائم مقامه
قوله لم يرجع وقال زفر رجع كل واحد منهما على صاحبه لأن الموجب قد وجد والمانع قد زال ولنا أن الكفالة وقعت غير موجبة للرجوع فلا يثبت فيها الرجوع أبدا كمن كفل عن رجل بدين بغير أمره ثم بلغه فأجاز فإنه لا يرجع عليه لما قلنا
____________________
(1/377)
كتاب الحوالة
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل أحال رجلا على رجل بألف درهم فقال المحيل هو مالي وقال المحتال هو مالي فالقول قول المحيل رجل أودع رجلا ألفا وأحال بها عليه آخر فهو جائز فإن هلكت بريء المودع والله أعلم شرح المتن كتاب الحوالة
قوله فقال المحيل هو مالي معناه أن المحيل يقول لا شيء لك علي وإنما أنت وكيلي في قبض مالي على فلان وقال المحتال لا بل ديني عليك أحلتني به على فلان ( ولك على فلان دين مثله ) على أن يؤديه إلي وإنما جعل القول قول المحيل لأن الحوالة قد تستعمل في نقل التصرف على سبيل التوكيل أشار إليه في كتاب المضاربة وقد تستعمل في نقل الديون فلم يكن حجة للمحتال على المحيل على كونه معترفا بالدين ولو اختلفت المحيل والمحتال بعدما أدى المحتال عليه وأراد الرجوع على المحيل فقال له المحيل إنما أحلته بمال لي عليك فليس لك على رجوع وقال المحتال عليه لا بل أديت دينك بأمرك وعلي أن أرجع عليك فالقول قول المحتال عليه نص عليه في كتاب الكفالة في باب الحوالة من الأصل لأنه قضى دينه عنه بأمه فله أن يرجع إلا أن يثبت ما يبطل حقه
قوله برئ المودع لأن المودع التزم الأداء من عين ذلك المال فبرأ بهلاكه
____________________
(1/378)
كتاب الضمان
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل باع لرجل ثوبا وضمن له الثمن أو مضارب ضمن ثمن ما باع أو رجلان باعا عبدا صفقة واحدة وضمن أحدهما لصاحبه حصته من الثمن فالضمان باطل رجل ضمن عن عبد مالا لا يجب عليه حتى يعتق ولم يسم حالا ولا غيره فهو حال رجل ضمن عن آخر خراجه ونوائبه وقسمته فهو جائز رجل قال لآخر لك علي مائة إلى شهر فقال المدعي هي حالة شرح المتن كتاب الضمان
قوله فالضمان باطل لأن حق القبض للوكيل والمضارب فلو صح الضمان صار ضامنا لنفسه وأنه باطل بخلاف الوكيل بالنكاح إذا ضمن المهر عن الزوج لأن حق القبض ليس له وكذلك رجلان باعا عبدا صفقة واحدة وضمن أحدهما للآخر حصته من الثمن فالضمان باطل لأنه لا وجه إلى تصحيح الضمان مع الشركة حتى لا يصير ضامنا لنفسه ولا وجه إلى تصحيح الضمان مع الشركة حتى لا يصير ضامنا لنفسه ولا وجه إلى تقديم القسمة لأن قسمة الدين قبل القبض باطل
قوله فهو حال لأن الدين على العهد غير مؤجل لكن لا يطالبه بعسرته ولعدم ظهروه في حق المولي ولا عسرة على في حق الكفيل
قوله فهو جائز أما الخراج فلأنه دين كسائر الديون وأما النوائب إن
____________________
(1/379)
فالقول قول المدعي وإن قال ضمنت لك عن فلان مائة إلى شهر فالقول قول الضامن رجل اشترى جارية وكفل له رجل بالدرك فاستحقت لم يأخذ الكفيل حتى يقضي له على البائع رجل اشترى عبدا فضمن له رجل العهدة فهو باطل مسلم كسر لمسلم بربطا أو دفا أو أهراق له سكرا أو منصفا فهو ضامن وبيع هذه الأشياء جائز شرح المتن كان بحق ككرى الأنهار المشتركة وأجر الحارس فهو دين كسائر الديون وإن لم يكن لحق كالجبايا اختلف المشايخ فيه وأما القسمة يريد بها ما وظف عليه من النوائب الراتبة ويريد من النوائب المذكورة أولا ما ينوبه في ما هو غير متعارف وأنه يحتمل أن يقع
قوله فالقول قول المدعي لأن الأجل في الديون عارض ولذلك لا يثبت بغير شرط فمن ادعى العارض فقد ادعى شرطا زائدا والآخر منكر فكان القول قوله ولا كذلك دين الكفالة لأن الأجل في الكفالة نوع ولذلك يثبت الأجل فيها بغير شرط حتى لو ضمن دينا مؤجلا كان مؤجلا في حقه من غير شرط
قوله لم يأخذ الكفيل يعني لا يفسخ اليبع بنفس الاستحقاق ما لم يقض القاضي بالفسخ لأنه ما لم يقض به على البائع لا ينقض فلا يلزم البائع رد الثمن فلا يحل ذلك على الكفيل
قوله فهو باطل لأنه مجهول بخلاف الدرك فإنه صار مستعملا في ضمان الاستحقاق خاصة
____________________
(1/380)
وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يضمن كاسره ولا يجوز البيع شرح المتن
قوله ولا يجوز البيع لأن هذه الأشياء إنما أعدت للمعصية فسقطت ماليتها كالخمر وله أنها إنما أعدت للمعصية لكن مع صلاحيتها لغيرها فصار كالأمة المغنية والحمامة الطيارة
____________________
(1/381)
كتاب القضاء * باب الدعوى *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل أودع رجلا ألف درهم فخلطها المودع بألف له فالألف دين عليه لا سبيل للمودع عليها وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إن شاء صار شريكا له رجل في ديه صبي يعبر عن نفسه فقال أنا حر فالقول قوله له وإن قال أنا عبد لفلان فهو عبد للذي هو في يده حائط لرجل عليه جذوع شرح المتن * باب الدعوى *
قوله فخلطها المودع الخ الخلط على أربعة أوجه أحدها الخلط بطريق المجاورة مع تيسير التمييز كخلط الدراهم البيض بالسود والجوز باللوز وذلك لا يقطع حق المالك بالاجماع والثاني خلط بطريق المجاورة مع تعذر التمييز كخلط الحنطة بالشعير وذلك يقطع حق المالك لأن الحنطة لا تخلو عن حبات شعير فتعذر التمييز حقيقة والثالث خلط بطريق الممازجة مع خلاف الجنس كخلط الدخن بالخل وذلك يقطع حق المالك بالاجماع والرابع خلط بالممازجة للجنس بالجنس كخلط دهن الجوز بدهن الجوز وهي مسئلة الكتاب فعند أبي حنيفة ينقطع حق المالك وقال أبو يوسف ومحمد يتخير إن شاء ضمنه مثله وإن شاء شاركه في المخلوط لأن دليل الهلاك لا ينفك عن دليل الوصول فيمنع به الهلاك
____________________
(1/382)
أو متصل ببنائه ولآخر عليه هرادى فهو لصاحب الجدوع أو الاتصال وصاحب الهرادى ليس بشيء
نهر لرجل إلى جانبه مسناة وخلف المسناة أرض لرجل ملاصقة لها وليست المسناة في يد واحد منهما فهي لصاحب الأرض ولا يحفرها حتى يسيل الماء وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هي لصاحب النهر حريما لملقى طينه وغير ذلك دار في يد رجل منها عشرة أبيات وفي يد آخر بيت فالساحة بينهما نصفان أرض ادعاها رجلان شرح المتن بيانه أن التمييز إن تعذر من حيث الحقيقة لم يتعذر من حيث الحكم والقسمة والقسمة في ما يكال ويوزن إفراز وتعيين بالإجماع لعدم التفاوت فلم يتحقق الهلاك لكن المغايرة قائمة فخبرناه سدا لباب التعدي وله أن الخلط في مالا يحتمل التمييز استهلاك فينقطع الحق إلى الضمان كالخلط بخلاف الجنس من المائعات وما قال لا يصلح مانعا من الهلاك لأن القسمة يستحق بالشركة فلا يصح علة لوجب الشركة
قوله فالقول قوله لأنه إذا كان يعبر عن نفسه فهو في يده فلا ينتقض يده من غير حجة وإذا لم يعبر عن نفسه شابه البهيمة
قوله فهو لصاحب الجذوع أو الاتصال أما صاحب الجذوع فلأن صاحب الجذوع مستعمل للحائط بما وضع له وهو حمل الجذوع وصاحب الهرادى صاحب تعلق لا استعمال له ولأن الهرادى لاي بني لأجله الحائط فكان صاحب الاستعمال أولى كذابة تنازع فيها رجلان ولأحدهما عليه حمل وللآخر عليه كوز معلق فصاحب الحمل أولى كذا ههنا وأما صاحب الاتصال فكذلك أولى من صاحب الهرادى لأنه مستعمل للحائط أيضا لأن الاتصال بالبناء لا يكون بعض بنائه على بعض بناء الحائط فكان مستعملا بعض بناء
____________________
(1/383)
لم نقض أنها في يد أحدهما حتى يقيما البينة أنها في أيديهما فإن أقام أحدهما البينة ولم يقمها الآخر فقضى أنها في يد الذي أقام البينة وإن أراد القسمة لم تقسم حتى يقيما البينة أنها لهما وكل شيء في أيديهما سوى العقار فإنه يقسم وإن كان أحدهما قد لبن في الأرض أو بنى أو حفر فهي في يده
ثوب في يد رجل وطرف منه في يد آخر فهو بينهما نصفان وإن كان في يد أحدهما أكثر علو لرجل وسفل لآخر فليس لصاحب السفل أن يتد فيه وتدا ولا أن يثقب كوة وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يصنع ما لا يضر بالعلو زائغة مستطيلة ينشعب منها زائغة مستطيلة وهي شرح المتن ذلك الحائط فكان الظاهر أشهد له وقوله وصاحب الهرادى ليس بشيء دليل على أنه لو كان لأحدهما عليه هرادى وليس للآخر عليه شيء أنه بينهما وليس يختص به صاحب الهرادى
قوله في يد واحد منهما يريد أن لم يكن لصاحب الأرض غرس عليها ولا لصاحب النهر عليه تراب ملقى على شطة
قوله فهي لصاحب الأرض لأن الحريم أشبه بالأرض صورة ومعنى أما صورة فلأنهما مستويان وأما معنى فلأن كل واحد منهما يصلح للغرس والزراعة فكان الظاهر أشهد له
قوله نصفان لأن استعمالهما الساحة على السواء وهو المرور وغير ذلك
قوله أرض ادعاها رجلان يريد أن كل واحد يدعي أنها في يده
قوله حتى يقيما البينة الخ لأن اليد حق مقصود يدعيه كل منهما ولعل ذلك في يد غيرهما
____________________
(1/384)
غير نافذة فليس لأهل الزائغة الأولى أن يفتحوا بابا في الزائغة القصوى فإن كانت مستديرة قد لصق طرفاها فلهم أن يفتحوا عبد في يد رجل أقام رجلان عليه البينة أحدهما يغصب والآخر بوديعة فهو بينهما
رجل ادعى في دار دعوى فأنكرها الذي هي في يده ثم صالحه منها فهو جائز رجل ادعى دارا في يد رجل أنه وهبها له في وقت فسئل البينة فقال جحد الهبة فاشتريتها منه فأقام بينة على الشراء قبل الوقت الذي ادعى فيه الهبة لم يقبل بينته رجل في يده دار ادعى رجل أنه اشتراها من فلان وأقام بينة وقال الذي هي في يده فلان ذلك شرح المتن
قوله سوى العقار قال بعضهم إن هذا قول أبي حنيفة أما عندهم يقسم العقار أيضا من غير بينة على الملك وجعل هذه المسئلة فرعا لمسئلة ذكرها في كتاب القسمة وهو أن الورثة إذا طلبوا من القاضي قسمة العقار وقالوا هذه ورثتنا من أبينا لم يقسم حتى يقيموا البينة على الملك عند أبي حنيفة وعندهما يقسم من غير بينة ولو كانت الدار مشتراة وقالوا اشترينا هذه قسم من غير بينة بالإجماع وهذا لأن العقار يحتمل أن يكون موروثا ويحتمل أن يكون غير مورث فوجب الاحتياط عند أبي حنيفة وعندهما لما كان الجواب متفقا لم يجب الاحتياط ومنهم من قال إن هذا بالاجماع ولا يقسم عند الكل لأن القسمة نوعان قسمة بحق الملك تكميلا للمنفعة وبحق اليد تكميلا للحفظ ولم يثبت الملك حتى يكون لتكميل المنفعة ولا حاجة إلى الحفظ لأن العقار يحفظ بنفسها بخلاف المنقول فإنه يجب قسمته للحفظ
قوله وإن كان في يد أحدهما الخ لأن الزيادة من جنس الحجة لا توجب زيادة في الاستحقاق
قوله لا يضر بالعلو قال بعضهم ما حكي عنهما تفسير لما حكي عنه أنه
____________________
(1/385)
أودعينها فلا خصومة بينهما رجل قال لآخر اشتريت مني هذه الجارية فأنكر فأجمع على ترك خصومته وسعه أن يطأها رجل أقر أنه قبض من فلان عشرة دارهم ثم ادعى أنها زيوف صدق رجل قال لآخر لك علي ألف درهم فقال ليس لي عليك شيء ثم قال في مكانه بل لي عليك ألف فليس عليه شيء شرح المتن إنما منع لما فيه من ضرر ظاهر لصاحب العلو أما إذا كانت بحال لا يضر صاحب العلو لا يمنع عنده فكان أصلا مجمعا عليه لأن التصرف حصل في ملكه وقال بعضهم لا بل الخطر أصل عنده والإطلاق يعارض عدم الضرر فإذا أشكل وجب المنع عن ذلك والإطلاق أصل عندهما والخطر يعارض الضرر فإذا أشكل لم يمنع الشك
قوله فليس لأهل الزائغة الخ لأنه ليس لهم حق المرور فيها فإذا أرادوا أن يفتحوا بابا فقد أرادوا أن يتخذوا طريقا في ملك غيرهم فمنعوا عن ذلك ومن مشايخنا من قال لهم أن يفتحوا بابا لكن يمنعون عن المرور وهذا ليس بصواب فإنه نص في الكتاب على أنه ليس لهم أن يفتحوا بابا
قوله فلهم أن يفتحوا لأن صحنها مشترك بينهم ولهم حق المرور في كل الزائغة فإذا فتح بابا لم يحدث لنفسه حقا لم يكن
قوله فهو بينهما لاستوائهما في الدعوى والحجة
قوله فلا خصومة بينهما لأنهما أقرا أن الدار ملك الغير وأنها وصلت إليه بحق أو بغير حق فيكون يده يد غصب أو أمانة والغاصب والمودع لا يكون خصما لمدعي الملك المطلق قوله وسعة أن يطأها الخ لأن المشتري لما جحد الشراء جعل ذلك فسخا في حقه ألا ترى لو تجاحدا جميعا جعل ذلك فسخا في حقه فإذا أعزم البائع على ترك الخصومة فقد وجد منه ما يدل على الفسخ فإذا اتصل ذلك بفعله وهو إمساك الجارية ونقلها وما أشبه ذلك تم الفسخ
____________________
(1/386)
رجل ادعى على آخر مالا فقال ما كان لك علي شيء قط فأقام المدعي البينة وأقام هو بينه على القضاء قبلت بينته وإن قال ما كان لك علي شيء قط ولا أعرفك لم تقبل بينته على القضاء رجل ادعى على آخر أنه باعه جاريته فقال لم أبعها منك قط فأقام بينة على الشراء فوجد بها إصبعا زائدة فأقام البائع البينة أنه برئ إليه من كل عيب لم تقبل بينة البائع والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب شرح المتن
قوله صدق لأن اسم الدراهم يقع على الجياد والزيوف والقبض لا اختصاص له بالجياد فلم يوجد ما ينافي الدعوى فقبل قوله لأنه منكر به قبض حقه فإذا زاد على الاقتضاء بأن أقر بقبض حقه أو أقر بقبض الجياد أو بالاستفاء ثم ادعى الزيافة لم يقبل لأنه وجد ما ينافي دعواه فلا يصدق
قوله فليس عليه شيء لأن رد الإقرار يتفرد به المقر له فيبطل بتكذيبه
قوله قبلت بينته لأنه لا منافاة بينهما لوضوح التوفيق لعله قضاه دفعا لخصومة مع أنه لم يكن عليه شيء فيوجد صورة القضاء ألا ترى أنه يقال قضى بحق وقضى بباطل أو لعله صالحه على مال دفعا لخصومة فثبت عليه المال ثم قضاه بعد ذلك فكان التوفيق ممكنا من هذا الوجه
قوله لم تقبل بينته لأنه لا يتصور أن يكون بين رجلين خصومة قضا أو مصالحة ولا يعرف أحدهما صاحبه فيبطل التوفيق وذكر القدوري عن أصحابنا أن بينة القضاء في هذه المسئلة أيضا تقبل لأن التوفيق ممكن بأن الرجل يدعي على رجل محتجب أو امرأة محتجبة فيؤذيه بالشغب على باب الدار فيأمر بعض وكلائه أن يعطيه ما يرضيه فيكون قد قضاه وهو لا يعلم ثم علم بذلك
قوله لم يقبل بينة البائع لأن التوفيق غير ممكن لأن البراءة من العيب تغيير لصفقة العقد فإذا بطل التوفيق لزم التناقض وذكر الخصاف مسئلة البيع في آخر باب أدب القاضي وذكر فيه خلافا قال على قول أبي حنيفة لا تقبل على هذا الدفع كما هو المذكور ههنا وعلى قول أبي يوسف تقبل فأبو يوسف سوى بينه وبين الدين وأبو حنيفة فرق
____________________
(1/387)
* باب القضاء في الأيمان *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال لا يمين في حد إلا أن السارق يستحلف فإن نكل عن اليمين ضمن ولم يقطع ولا يمين في نكاح ولا رجعة ولا في ادعاء نسب ولا في الاستيلاد ولا فيء الإيلاء ولا في اللعان وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) في ذلك كله يمين إلا اللعان امرأة ادعت طلاقا قبل الدخول استخلف شرح المتن * باب القضاء في الأيمان *
قوله ضمن ولم يقطع لأن الاستحلاف شرع للنكول وأنه يصلح حجة في الأموال دون الحدود
قوله ولا يمين في نكاح بأن ادعى رجل على امرأة أنه تزوجها وأنكرت المرأة أو بالعكس ولا رجعة بأن ادعى الرجل بعد الطلاق وانقضاء العدة أنه راجعها في العدة وأنكرت أو بالعكس ولا في ادعاء نسب بأن ادعى على مجهول النسب أنه ابنه وأنكر هو أو ادعى المجهول أنه والده وأنكر هو ولا في الاستيلاد بأن ادعت الجارية أنا أم ولد مولاي وهذا ابني منه وأنكر المولى ولا في فيء الإيلاء بأن ادعى بعد مضي مدة الإيلاء ( وهي أربعة أشهر ) أنه فاء إليها في المدة وأنكرت أو بالعكس ولا في اللعان بأن ادعت على زوجها أنه قذفها قذفا يوجب اللعان وأنكر هو
ووجه الخلاف في هذه المسائل وأمثالها أن اليمين يكون للنكول وهو إقرار عند أبي يوسف ومحمد والإقرار يجري في هذه الأشياء فيجري اليمين فيها وعند أبي حنيفة هو بذل أي ترك منازعة كأنه ترك منازعة وخصومة وإن لم يكن حقه عليه في الواقع والبذل لا يجري فيها فإن هذه الأشياء لا يثبت بهذا وزيادة تفصيل هذا المقام في حواشي الهداية
____________________
(1/388)
الزوج فإن نكل ضمن نصف المهر في قولهم وكل شيء ادعى على رجل من عمد دون النفس فنكل اقتص منه فإن نكل في النفس حبس حتى يقر أو يحلف وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) في النفس وغيرها يقضي عليه بالأش ولم يقتص منه رجل ورث عبدا فادعاه آخر استحلف على عمله وإن وهب له عبد افقبضه أو اشتراه فاليمين على البتات رجل ادعى على آخر مالا فاقتدى يمينه أو صالحه منها على عشرة دراهم فهو جائز وليس له أن يستحلف على تلك اليمين أبدا * باب القضاء في الشهادة *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل في شرح المتن
قوله استحلف الزوج لأن المقصود به المال والنكول حجة فيه
قوله ولم يقتص منه لأن النكول إقرار فيه شبهة لأنه يحتمل أن يكون امتنع منه تورعا فلا يثبت به القصاص بل المال ولأبي حنيفة أن الأطراف يجري الأموال لكونها مخلوقة لوقاية النفس كالأموال فيجري فيها الفذل فيجب القصاص فيها بخلاف النفس فإنه لا يجري فيها البذل
قوله على البتات لأن المشتري والموهوب له مالك بسبب شرعي وضع وهذا يفيد علما بأنه ملكه فيصح تحليفه فأما الوارث فلا علم له بما صنع الوارث فطولب بعلم ما كان
قوله فهو جائز الخ أما الاقتداء والصلح فهو مروي عن عثمان رضي الله عنه على ما في شرح أدب القاضي المنسوب إلى الخصاف وأما عدم الاستحلاف فلأنه أبطل حقه في خصومه * باب القضاء في الشهادة *
قوله فإنه يسعك الخ لأنه أقصى ما يستدل به على الملك لقيام يد
____________________
(1/389)
يده شيء سوى العبد والأمة فإنه يسعك أن تشهد أنه له رجلان شهدا أن أباهما أوصى إلى فلان والوصي يدعي فهو جائز استحسانا ذكره في الوصايا وإن أنكر الوصي لم يجز وإن شهدا أن أباهما وكله بقبض ديونه بالكوفة وادعى الوكيل أو أنكر لم يجز شهادتهما رجل أقام البينة أن المدعي استأجر الشهود لم تقبل وشهادة العمال جائزة ورجل شهد ولم يبرح حتى قال أوهمت بعض شهادتي فإن كان عدلا جازت شهادته ومن رآى أن يسأل عن الشهود لم يقبل قول الخصم إنه عدل حتى يسأل عن الشهود شرح المتن التصرف بلا منازعة والعبد والأمة إن كان يعف أنه رقيق فكذلك لأن الرقيق لا يكون في يد نفسه
قوله استحسانا والقياس أن لا تقبل شهادتهما في الإيصاء أيضا كما لا تقبل في الوكالة وعلى هذا مسائل منهما مسئلة الوكالة والثاني إذا شهد الموصى لهما أن الميت أوصى إلى هذا والثالث إذا شهد غريمان لهما على الميت دين بهذا والرابع إذا شهد غريمان عليهما للميت دين بهذا وجه القياس أن هذه شهادة قامت للشاهد أو لأبيه فتمكنت التهمة وجه الاستحسان أن القاضي يملك نصب الوصي إذا كان طالبا والموت معروفا فلا يثبت للقاضي بهذه الشهادة ولاية لم تكن ثابتة قبل ذلك وإنما أسقط عنه مؤنة التعيين بخلاف التوكيل لأنه لم يملك نصب الوكيل على الغائب فلو ثبت إنما يثبت بهذه الحجة وهذا إذا كان الوصي طالبا والموت معروفا أما إذا لم يكن الوصي طالبا والموت غير معروف لا يملك القاضي نصب الوصي إلا بهذه البينة فيصير هي موجبة فيبطل لمعنى التهمة إلا في غريمين عليهما للميت ديون لأن اعترافهما على نفسهما بموت رب الدين جائز
____________________
(1/390)
رجلان شهدا على رجل بقرض ألف درهم وشهد أحدهما أنه قضاها فالشهادة جائزة على القرض شاهدان شهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمس مائة والمدعي يقول لم يكن لي إلا الألف فشهادة الذي شهد بألف وخمس مائة باطلة شاهدان أقرا أنهما شهدا يزور لم يضربا وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يضربان شاهدان شهدا على رجل أنه سرق بقرة واختلفا في لونها قطع وإن قال أحدهما بقرة والآخر ثور لم يقطع وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يقطع في الوجهين جميعا شرح المتن
قوله لم تقبل لأن البينة إنما تقبل على ما يدخل تحت القضاء والجرح المجرد لا يدخل تحته لأن الجرح حرام إلا إذا تضمن حقا للشرع والعبادة ولم يوجد فإن تضمن صح بأن قال المدعي عليه إني صالحت هؤلاء الشهود بكذا من المال ودفعت إليهم على أن لا يشهدوا علي بهذا الباطل فإذا شهدوا فعليهم أن يردوا علي ما أخذوا مني
قوله جائزة لأن نفس العمل للسلطان ليس بفسق فإن عمر رضي الله عنه كان عامل النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقات وكذلك علي وابن مسعود كانا خازني عمر وكثير من الصحابة كانوا عمالا
قوله جازت شهادته لأن العذر ظاهر وهو مهابة مجلس القاضي فلو رددنا لذلك لما صحت شهادتنا أبدا فإنبرح عن مكانه ثم عاد لم تقبل لأنه توهم الزيادة على المدعي بتلبيس
قوله ومن رأى الخ يريد به أن أبا يوسف ومحمدا لا يقبلان قول الخصم إنه عدل يريد به تعديله حتى يسأل عن الشهود غير الخصم لأن من
____________________
(1/391)
وشهادة الرجال مع النساء والشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي جائز إلى في الحدود والقصاص ولا يجوز الشهادة على الشهادة حتى يكون المشهود على شهادته على مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن أو يكون مريضا بالمصر رجل قال أشهدني فلان على نفسه بكذا لم يشهد السامع على شهادته حتى يقول اشهد على شهادتي ولو قال الرجل اشهد على شهادتي فسمع رجل آخر لم يشهد على شهادته
ولا يسأل القاضي عن الشهود حتى يطعن المشهود عليه فإن طعن سأل شرح المتن زعم المدعي وشهوده أن المدعي عليه كاذب بالجحود فلا يصلح للتزكية وهذا إذا قال هم عدول لكنهم أخطؤا أو نسو أما إذا قال هم عدول صدقوا في شهادتهم فقد اعترف بالحق
قوله جائزة لأنهما اتفقا عليها وذكر الطحاوي عن أصحابنا أنها لا تقبل لأن الذي شهد بالقضاء لم يشهد بالمال الواجب والصحيح ما فيك الكتاب
قوله باطلة لأن المجعي كذبه في بعض ما شهد به وهذا مبطل لشهادته
قوله يضربان لحديث عمر رضي الله عنه أنه ضرب شاهد الزور وسخم وجهه ولأبي حنيفة أن شريحا كان يشهر ولا يضرب
قوله في الوجهين جميعا لأن هذا الخلاف يمنع الحكم به أعني الغصب فلأن يمنع الحكم بالحد أولى كالاختلاف في الذكورة والأنوثة ولأبي حنيفة أن البقرة قد يجتمع فيها لونان فيكون أحد طرفيها اسود وأحدهما من هذا الجانب فوقع نظره والآخر أبيض والآخر من هذا الجانب فوقع بصره عليه فيصح التوفيق والداعي إليه موجود وهو التحمل في ظلم الليالي من بعيد ولا
____________________
(1/392)
عنهما في السر وزكاهما في العلانية إلا شهود الحدود والقصاص فإنه يسأل عنهما في السر ويزكيها في العلانية وإن لم يطعن الخصم وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يسأل في ذلك كله طعن الخصم أو لم يطعن
رجل شهد لرجل أنه اشترى عبد فلان بألف وشهد الآخر أنه اشتراه بألف وخمس مائة والمدعي يدعي شراه بألف وخمس مائة فالشهادة باطلة شرح المتن كذلك الغصب لانعدام الداعي لأنه يوجد نهارا جهارا غالبا ولا كذلك الذكورة والأنوثة لان الحيوان الواحد لا يشتمل عليهما
قوله إلا في الحدود والقصاص قال الشافعي الشهادة على الشهادة جائز في الحدود والقصاص ولنا أن هذه حجة فيها شبهة زائدة وهو أنها هل أخذت من الأصول أم لا فلا يثبت بها شيء من العقوبات كشهادة رجل وامرأتين
قوله حتى يكون المشهود ليتحقق العجز الذي هو شرط جواز الشهادة على اشهادة وعن أبي يوسف أنه إن كان مسافته بحيث لو غدا عند القاضي للشهادة لم يستطع أن يبيت بأهله صح الإشهاد إحياء لحق المسلمين وعليه الفتوى
قوله حتى يقول الخ لأن الشهادة على الشهادة تحميل وتوكيل أما عند أبي حنيفة وأبي يوسف فلأن الحكم يضاف إلى الفروع حتى أن عند الرجوع يجب الضمان عليهم دون الأصول وإذا كان الحكم مضافا إليهم فإنما يصح تحملهم إذا عاينوا ما هو الحجة والشهادة في غير مجلس القاضي ليست بحجة ويجب عليهم النقل بالأمر ليصير حجة ويتبين أنهم تحملوا فإذا لم يكن بد من النقل لم يكن بد من التحميل وأما عند محمد الحكم يقع بشهادة الكل حتى أن عند الرجوع يشتركون في الضمان فلا بد من نقل الشهادة إلى مجلس القاضي فلا بد من التحميل
قوله طعن الخصم أو لم يطعن لأن الظاهر لا يصلح للإثبات فوجب إثبات العدالة بدليل ولأبي حنيفة قول عمر رضي الله عنه المسلمون عدول
____________________
(1/393)
وكذلك الكتابة والعتق على مال والخلع فأما النكاح فإن الشهادة تجوز بألف وذكر في الدعوى في الأمالي قول أبي يوسف ( رحمه الله ) مثل قول أبي حنيفة رضي الله عنه وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) الشهادة في النكاح أيضا باطلة
رجلان شهدا على شهادة رجلين على فلانة بنت فلان الفلانية بألف درهم وقالا أخبرانا أنهما يعرفانها فجيء بامرأة فقالا لا ندري هي هذه أم لا فإنه يقال للمدعي هات شاهدين أنها فلانة وكذلك كتاب شرح المتن بعضهم على بعض ولأن العدالة ثابتة ظاهرا وأنها حجة تامة في هذا الباب فإذا طعن فالطعن عارض دليل الظاهر فوجب الترجيح بالسؤال بخلاف الحدود والقصاص لأنها تندرئ بالشبهات وفي هذا شبهة وقيل هذا اختلاف عصر وزما لا اختلاف حجة وبرهان فإن أبا حنيفة أفتى في القرن الثالث الذي شهد لهم رسول الله ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) بالصدق ووصفهم بالخيرية وهما أفتيا بالقرن الذي شاع فيه الكذب فكان هذا اختلاف عصر وزمان
قوله وكذلك الكتاب الخ يعني إذا ادعى العبد الكتابة أو العتق على مال وأنكر المولى أو ادعت المرأة الخلع وأنكر الزوج لأن المقصود بهذه الدعاوي كلها إثبات السبب وهو مختلف فلا يمكن إثباته لقصور الحجة عن كمال العدد على ما يدعيه المدعي وإن كان الدعوى من المولى إن كان في الكتابة فكذلك أيضا وإن كان في العتق على مال أو من الزوج تقبل الشهادة على ألف لأن العتق والطلاق يثبت باعترافهما فبقي الدعوى في نفس المال فصار المسئلة نظير مسئلة الدعوى في الدين المطلق بخلاف الكتابة لأن العتق لم يثبت فكان المقصود إثبات السبب وهو مختلف فيه
قوله تجوز بألف لأن المال في النكاح تابع والازدواج والملك أصل والشاهدان اتفقا على الأصل واختلفا بالتبع فوجب القضاء بالمتفق عليه
____________________
(1/394)
القاضي فإن قالا في هذين البابين فلانة التميمية لم يجز حتى ينسباها إلى فخذها رجل كتب على نفسه ذكر حق وكتب في أسفله ومن قام بهذا الذكر فهو ولي ما فيه إن شاء الله أو كتب في شرى فعلى فلان خلاص ذلك وتسليمه إن شاء الله بطل ذلك كله وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إن شاء الله هو على الخلاص وعلى من قام بذكر الحق وقولهما هذا استحسان ذكره في كتاب الإقرار شرح المتن
قوله هات شاهدين الخ حتى يثبت لهما المعرفة بالشهادة على الحاضر لأن الشهادة على الحاضر لا تصح إلا بالإشارة إليه
قوله وكذلك كتاب القاضي لأنه شهادة على الشهادة إلا أن القاضي بولايته يتفرد بالنقل
قوله لم يجز لأن بني تميم لا يحصون فيكثر الأعيان بهذه الصفة والنسبة فلا يحصل التعريف ما لم ينضم إليه الفخذ
قوله إلى فخذها هو آخر القبائل الست وفي الكشاف قوله ( تعالى ) ( وجعلناكم شعوبا وقبائل ) هي الطبقات الست الشعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة فالشعب يجمع القبائل والقبيلة تجمع العمارة والعمارة تجمع البطون والبطن تجمع الأفخاذ والفخذ تجمع الفصائل مثلا خزيمة شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصي بطن وهاشم فخذ والعباس فصيلة
قوله رجل كتب على نفسه معناه أن رجلا أقر بمال وكتب الكاتب كتاب الإقرار وكتب في أسفله من طلب هذا المال وجاء بهذا الكتاب فله ولاية المطالبة إنشاء الله أو كتب الشراء وكتب فعلى فلان تسليم ذلك إنشاء الله ( تعالى ) فعندهما الشراء جائز والدين لازم وقوله إنشاء الله تعالى يحمل على من قام بذكر الحق وعلى الخلاص لأن الصك للاستيثاق فصار ذلك دلالة الصرف إليه والقصر عليه ولأبي حنيفة أن الصك بمنزلة شيء واحد فإذا لحقه الاستثناء يعمل به في الكل
____________________
(1/395)
* باب القضاء في المواريث والوصايا *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) في نصراني مات فجاءت امرأته مسلمة فقالت أسلمت بعد موته وقالت الورثة أسلمت قبل موته فالقول قول الورثة رجل مات وله في يد رجل ألف درهم وديعة فقال المستودع هذا ابن الميت لا وارث له غيره فإنه يدفع المال إليه وإن قال لآخر هذا أيضا ابنه وقال الأول ليس له ابن غيري قضي بالمال للأول ميراث قسم بين الغرماء فإنه لا يؤخذ منهم كفيل ولا من وارث وهذا شيء احتاط به بعض القضاة وهو ظلم شرح المتن * باب القضاء في الموارث والوصايا *
قوله فالقول قول الورثة لأن سبب الحرمان ثابت في الحال فيثبت في ما مضى تمسكا بالحال في معرفة الماضي في حكم الدفع كالمستأجر مع رب الطاحونة إذا اختلفا في جريان الماء وانقطاعه كان القول قول من شهد له الحال بخلاف المسلم إذا مات وله امرأة نصرانية وهي مسلمة يوم الخصومة فقالت أسلمت قبل موته وقال الورثة بعد موته فالقول قول الورثة ولا يحكم للحال لأن الحال ظاهر في دلالته على الماضي فصح التمسك به في معرفة الماضي في حكم الدفع لا في الإثبات
قوله فإنه يدفع الخ لأنه يقر على نفسه بتسليم عين ماله إليه بخلاف ما لو أقر أنه وكيله بقبض الوديعة فإنه لا يؤمر بالدفع إليه لأنه معترف بقيام المودع وقيام حقه فلا يملك التصرف عليه
قوله للأول لأنه شهادة على الأول بعد انقطاع يده عن المال فلا يصح قوله ميراث قسم الخ معنى المسئلة أن الدين إذا ثبت للغرماء وقضى
____________________
(1/396)
دار في يد رجل أقام آخر البينة أن أباه مات وتركها ميراثا بينه وبين أخيه فلان قضى له بالنصف وترك النصف في يد الذي هو في يده ولا يستوثق منه وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إن كان الذي في يده جاحدا أخذ منه وجعل في يد أمين وإن لم يجحد ترك في يده
رجل أقام البينة على دار أنها كانت لأبيه أعارها أو أودعها الذي هي في يده فإنه يأخذها منه ولا يكلف البينة أنه مات وتركها ميراثا وإن شهدوا أنها كانت في يد أبيه فلان مات وهي في يده جازت الشهادة وإن قالوا شرح المتن القاضي بديونهم واحتمل أن يكون على الميت دين غيره أو قامت البينة على المواريث ولم يشهدوا أنهم لا يعلمون له وارثا غيره فإن القاضي يتأتى في هذا المكان فإن فعل ولم يظهر له آخر فقضى ذلك هل يأخذ كفيلا أم لا عند أبي حنيفة لا وعندهما يأخذ لهما أن الموت قد يقع بغتة ولا يخلو من الغرماء والورثة عن غائب فكان هذا موضع الاحتياط وله أن الحق ظهر للحاضر فلا يجوز تعطيله صيانة لحق موهوم
قوله أخذ منه الخ لأن الجاحد متعد بالجحود منه فوجب الأخذ منه كما في العروض وله أن القضاء وقع للميت وقد ثبت احتمال الائتمان من الميت وبطل جحوده بقضاء القاضي ولا ضرورة إلى الأخذ لأن العقار محفوظة بنفسها ولا كذلك العروض
قوله ولا يكلف الخ الأصل أن ملك المورث متى ثبت لا يقضي للوارث حتى يقيم الشهود على الانتقال فيقولون إنها كانت لأبيه ومات وتركها ميراثا له وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف هو كاف لأن ملك المورث ملك الوارث فصارت الشهادة بالملك للمورث شهادة بالملك للوارث إذا ثبت هذا فلا يشكل أن هذه الشهادة عند أبي يوسف تقبل أما عندهما يجب القبول أيضا لأن
____________________
(1/397)
الرجل حي أنها كانت في يد المدعي لم تقبل وإن أقر بذلك المدعي عليه دفعت إلى المدعي وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إن شهد شاهدان أنه أقر أنها كانت في يد المدعي دفعت إليه
رجل قال ما لي في المساكين صدقة فهو على ما فيه الزكاة وإن أوصى بثلث ماله فهو على كل شيء رجل أوصى إليه ولم يعلم حتى باع شيئا من التركة فهو وصي والبيع جائز ولا يجوز بيع الوكيل حتى يعلم شرح المتن الشهادة على الإعارة والإجارة والإيداع إثبات اليد من جهة الميت فيصير إثباتا لليد للميت عند الموت فيصير كالتنصيص على الانتقال إلى الوارث
قوله جازت الشهادة لأنهم لما شهدوا باليد له وقت الموت فقد شهدوا بالملك له فيثبت النقل إلى الورثة بطريق الضرورة
قوله لم تقبل لان الشهادة قامت على مجهول لأن اليد منقطعة للحال ويحتمل أنها كانت يد ملك أو غصب أو أمانة وأما اليد عند الموت فهو إن كان يد ملك فلا شك وإن كان يد غصب يصير يد الملك بالضمان وإن كان يد أمانة يصير يد غصب بالتجهيل
قوله دفعت إليه الخ لأن الشهادة قامت على معلوم وهو الإقرار
قوله فهو على ما فيه الزكاة لأن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله ( تعالى ) وما أوجب الله من الصدقة مضافة إلى مال مطلق يتناول مال الزكاة لا جميع المال فكذا إيجاب العبد
قوله جائز لأن الوصية خلافه عن الميت لكونها مضافة إلى زمان لا يمكن فيه الإنابة فلا يتوقف على العلم كما إذا باع الوارث شيئا من التركة بعد موت الموروث من غير علم به جاز أما الوكالة فهو إنابة فتكون متوقفة على العلم ويكفي فيه إخبار الواحد لأنه ليس فيه إلزام بل هو إثبات محض فلا يشترط فيه العدد بخلاف عزل الوكيل فإنه يتضمن الإلزام فيكون شهادة من وجه فيشترط أحد شطريها إما العدد أو العدالة وكذلك إذا أخبر المولى بجناية عبده فإن
____________________
(1/398)
وإن أعلمه إنسان جاز ولا يجوز النهي عن الوكالة حتى يشهد عنده عدل أو شاهدان وكذلك المولى يخبر بجناية عبده فيعتقه * باب من القضاء *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) كل شيء قضى به القاضي في الظاهر بتحريم فهو في الباطن كذلك ويقرض القاضي أموال اليتامى ويكتب فيها ذكر الحقوق وإن أقرض الوصي ضمن ولا يجوز للقاضي أن يأمر إنسانا يقضي بين اثنين إلا أن يكون الخليفة جعل إليه أن يولي القضاء وما اختلف فيه الفقهاء فقضى به القاضي ثم جاء قاض خر غير ذلك أمضاه أب أو وصي سلم شفعة الصغير جاز وهو قول شرح المتن أخبره اثنان أو واحد عدل به ثم أعتقه كان ذلك اختيارا منه للفداء وإلا لا والتفصيل في الهداية وحواشيها * باب من القضاء *
قوله كل شيء الخ أصل المسئلة أن قضاء القاضي في العقود والفسوخ ينفذ ظاهرا وباطنا عند أبي حنيفة وأبي يوسف في قوله الأول وعنده في الآخر وعند محمد والشافعي ينفذ ظاهرا لا باطنا وهي تعوف في المختلف
قوله ضمن الفرق أن القرض تبرع حالا ومعاوضة مآلا فاعتبر تبرعا في حق الوصي معاوضة في حق القاضي لتمكنه من الاستخراج نظرا لليتيم والأب في هذا الحكم بمنزلة الوصي
قوله إلا أن يكون الخ وذلك لأن القاضي جعل رسولا عن جماعة من
____________________
(1/399)
أبي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد وزفر ( رحمهما الله ) لا يجوز والصغير على الشفعة إذا بلغ
وإذا قال القاضي قضيت على هذا بالرجم فارجمه أو بالقطع فاقطعه أو بالضرب فاضربه وسعك أن تفعل قاض عزل فقال لرجل أخذت منك ألفا ودفعت إلا فلان قضيت له بها عليك فقال الرجل أخذتها بغير حق فالقول قول القاضي وكذلك إن قال قضيت بقطع يدك شرح المتن المسلمين ألا ترى أنه لا عهدة عليه وأن الخليفة إذا هلك لم ينعزل القضاة فالوكيل لا يملك التوكيل لا يملك التوكيل إلا بإطلاق الموكل فالرسول به أولى فإن ولاه الخليفة صح وصار الثاني من جهة الخليفة لا من جهة هذا القاضي حتى إنه لا يملك عزله إلا أن يقول الخليفة له ول من شئت واستبدل من شئت
قوله أمضاه لأن اجتهاد الأول اتصل به العمل فلا ينقضه ما لم يتصل له العمل لأن خطأ القاضي الأول لم يظهر بيقين وإنما ظهر بالاجتهاد والاجتهاد لا يبطل بالاجتهاد
قوله أب أو وصي الخ هكذا وجد في النسخة المنقول عنها وليس هذا موضع هذه المسئلة وليس لها أثر في نسخة شرح الصدر وقد مرت المسئلة بوجوهها في باب الشفعة فلعل إيراد هذه المسئلة ههنا من صنيع النساخ
قوله وسعك أن تفعل لأنا أمرنا بالطاعة ومن الطاعة تصديقه فصار قوله بحق الولاية مثل قول الجماعة فجاز الاعتماد على قوله في كل باب ولذلك صار كتاب القاضي إلى القاضي حجة لأن شهادة القاضي وإخباره مثل شهادة شاهدين وعن محمد أنه رجع عن هذا القول وقال لا يقبل قول القاضي ولا يحل العمل به إلا أن يعاين الحجة وبهذه الرواية أخذ علماءنا وقالوا ما أحسن هذا في زماننا لان القضاة قد فسدوا فلا يؤتمنون إلا أنهم لم يأخذوا بهذه الرواية
____________________
(1/400)
في حق إن كان الذي قطعت يده أو الذي أخذه منه الألف مقرا بأنه فعل ذلك وهو قاض وإذا كان رسول القاضي الذي يسأل عن الشهود واحدا جاز والإثنان أفضل وهو قول أبي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) لا يجوز
رجل أقر عند قاض بدين فإنه يحبسه به ثم يسأل عنه فإن كان معسرا خلى سبيله وإن كان له دراهم أو دنانير باعها وأوفى صاحب الدين حقه وإن كان له عروض لم يبعها وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما شرح المتن في كتاب القاضي إلى القاضي وأخذوا بظاهر الرواية للضرورة
قوله قول القاضي لأن المأخوذ منه لما أقر أنه فعل ذلك في حالة القضاء صار معترفا بشهادة ظاهر الحال للقاضي فكان القول قوله ولا ضمان على الآخذ أيضا لأن قول القاضي حجة
قوله وقال محمد أراد برسول القاضي المزكى وعلى هذا الخلاف المترجم عن الشاهد والرسول إلى المزكى لمحمد أن التزكية بمعنى الشهادة فيشترط فيها ما يشترط فيها ولهما أن التزكية ليست بشهادة محضة ولهذا لم يشترط فيها لفظ الشهادة ولا مجلس القاضي وشرط العدد زائد في الشهادة بالنص فلا تصح تعديته إليه
قوله فإنه يحبسه معناه إذا ظهر للقاضي جحوده عند غيره ومماطلته بعدما أقر مرة عنده فحينئذ يحبس أما إذا أقر مرة ففي المرة الأولى لا يحبس لكن يأمره بقضاء الدين فإذا ظهر تعنته يحبسه
قوله يبيع العروض أيضا أصله بطلان الحجر على الحر عند أبي حنيفة وجوازه عندهما
____________________
(1/401)
الله ) يبيع العروض أيضا قاض أو أمينه باع عبدا للغرماء وأخذ المال فضاع واستحق العبد لم يضمن ويرجع المشتري على الغرماء وإن أمر القاضي الوصي ببيعه للغرماء ثم استحق أو مات قبل القبض أو ضاع المال رجع المشتري على الوصي ويرجع الوصي على الغرماء ويكره تلقين الشاهد والله أعلم مسائل من كتاب القضاء لم تدخل في الأبواب
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) يجبر ذو الرحم شرح المتن
قوله على الوصي الخ لأن الوصي عاقد بحكم النيابة عن الميت وحقوق العقد كانت ترجع إليه لو باشر بنفسه فكذلك من قام مقامه ثم يرجع هو على الغرماء لأنه تصرف لهم فأما أمين القاضي فهو نائب القاضي والقاضي نائب عن الإمام والإمام نائب عن العامة لكن في معنى الرسول لا في معنى الوكيل فلا ترجع الحقوق إليه بل إلى من وقع له العقد فلم يضمن الإمام ولا القاضي ولا نائبه
قوله تلقين الشاهد وهو أن يقول القاضي للشاهد إشهد هكذاوكذا لان المدعي لو أراد تلقين الشهادة لا يمكن القاضي من ذلك فلأن لا يكون يلقنه بنفسه كان أولى وهو جواب القياس على قول أبي حنيفة ومحمد وبالاستحسان أخذ أبو يوسف فقال لا بأس به في غير موضع التهمة مسائل من كتاب القضاء لم تدخل في الأبواب
قوله على قدر مواريثهم لأن نفقة المحارم ما عدا الوالدين والمولودين تعلق بالإرث لقوله ( تعالى ) ( وعلى الوارث مثل ذلك ) ن فتقدرت بقدر الإرث حتى لو كان للصغر أو الزمن أم وجد يجب النفقة عليها أثلاثا ثلث على الأم وثلثان على الجد بخلاف الوالد في حق الصغار فإنه يجب كل النفقة عليه دون الأم
____________________
(1/402)
المحرم على النفقة على قدر مواريثهم رجل اشترى جارية فولدت منه فاستحقها رجل غرم الأب قيمة الولد فإن جاء المولى وقد مات الولد وترك عشرة ألآف درهم فليس على الأب قيمته وإن جاء وقد قتل الولد وأخذ ديته غرم الأب قيمة الولد
رجل ادعى أن فلانا وكله بقبض ماله على فلان فصدقه الغريم دفع المال إليه فإن ضاع في يده فجاء صاحب المال وأنكر الوكالة أخذ المال من الغريم ولم يرجع الغريم على الوكيل إلا أن يكون قد ضمنه عند الدفع شرح المتن
قوله غرم الأب لأنه ولد المغرور لأن المغرور أن يشتري رجل جارية وتملكها بسبب من أباب الملك ظاهرا فاستولدها ثم تستحق الجارية أو يتزوج امرأة على أنها حرة ثم يظهر بالبينة أنها أمة وإذا ثبت أنه ولد المغرور فهو حر بالقيمة كذا روى عن عمر وعلي
قوله فليس على الأدب الخ لأن الوالد جعل عبدا أمانة في حق المستحق حرا في حق الأب وقد حصل في يده من غير صنعه فلا يضمن إلا بالمنع لما في ولد المغصوب وإنما يصير المنع والغصب حاصلا يوم الخصومة فإذا مات قبل ذلك لم يجب شيء ولو خلف مالا كان ذلك لأبيه لأنه علق حرا في حقه
قوله دفع المال إليه لأن إقرار المديون يتناول خالص حقه لأنه إنما يقضي الديون من عين هو خالص ملكه فيصح الإقرار وأما إقرار المودع فإنما يتناول مال غيره فلم يصح
قوله ولم يرجع الغريم الخ لأن في زعمه أن القابض صادق والطالب ظالم وإذا ظلمني فلا يحل لي أن أظلم غيري
____________________
(1/403)
ولو كان الغريم لم يصدقه على الوكالة ودفعه إليه على ادعائه فإن رجع صاحب المال على الغريم رجع الغريم على الوكيل
متفاوضان أذن أحدهما لصاحبه أن يشتري جارية فيطأها ففعل فهي له بغير شيء وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يرجع عليه بنصف الثمن رجل أودع رجلا ألفا فخلطها بألف أخرى له فلا سبيل للمودع عليها وهي دين على المستودع وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يشركه إن شاء والله أعلم شرح المتن
قوله قد ضمنه عند الدفع لأن معنى التضمين أن يقول إنك وكيل وقبضك جائز لكن لا آمن أن يحضرني الغائب فينكر الوكالة فهل أنت كفيل عنه لي بما بما يجب عليه فكفل له بذلك صح ذلك بمنزلة الكفالة بالدرك فإذا ضمنه فحلت الكفالة يرجع عليه
قوله يرجع عليه لأن العقد وقع للمأمور خاصة بدليل حل الوطئ له والثمن قضي من مال الشركة فيرجع عليه صاحبه ولأبي حينفة أن العقد وقع بعقد الشركة والثمن من مال الشركة فلا يثبت الرجوع وحل الوطئ يحتمل ثبوته بعقد الهبة وقد جعلها له لما أحل الوطئ ولم يذكر عوضا
____________________
(1/404)
كتاب الوكالة * باب الوكالة بقبض مال أو عبد *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) رجل وكل رجلا بقبض عبد له فأقام الذي هو في يده البينة أن الموكل باعه إياه وقف الأمر حتى يحضر الغائب وكذلك الطلاق والعتاق وغير ذلك إلا الدين فإن وكله بقبض دين فأقام المدعى عليه بينة أنه قد أوفاه قبلت بينته وبرئ وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هذا والأول سواء شرح المتن * باب الوكالة بقبض مال أو عبد *
قوله هذا والأول سواء ولايثبت البراءة كما لا يثبت الشراء لأن التوكيل حصل بالقبض لا بالخصومة والخصومة ليست من القبض فلا يملكها كما في العين وكما لو كان بصيغة الامر دون التوكيل لكن وقف الأمر احتياطا حتى لا يثبت له ولاية القبض ما لم يحضر الغائب كما في الفصل الأول ولأبي حنيفة أن هذا وكيل بالتمليك والتملك فصار خصما كالوكيل بالشراء والوكيل بأخذ الدار بالشفعة إذا قامت عليه البينة بأن الموكل سلم الشفعة صحت وقضى بذلك وإنما قلنا ذلك لأن المقبوض عين والعين غير ومسألتنا الدين فيصير القبض في حكم المبادلة وإن كان قبض الأصل من وجهه ومسئاتنا أشبه بمسألة الأخذ بالشفعة منها بمسألة الشراء لأنه كالوكيل بطلب الشفعة خصم قبل القبض فأما الوكيل بالشراء فإنما يصير خصمه بعد المباشرة
قوله ولم يكن وكيلا لأن الوكيل من يعمل لغيره ولو صح التوكيل صار
____________________
(1/405)
406 رجل وكل بخصومه في مال فأقر عند القاضي أن الموكل قد قبضه فقضى على الموكل بذلك وإن أقر عند غير قاض لم يقض عليه استحسانا والقياس أن يكون إقراره عند القاضي وعند غير القاضي سواء مثل قول أبي يوسف ( رحمه الله ) قاله في الشفعة إلا أنه لا يقضي للوكيل بدفع المال وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) إقراره عند القاضي وغير القاضي سواء رجل كفل عن رجل بمال فوكله صاحب المال بقبضه من الغريم لم يكن وكيلا في ذلك أبدا والوكيل بالخصومة وكيل بقبض الدين الوكيل عاملا لنفسه فلا يصلح وكيلا
قوله وكيل بقبض الدين لكن لا يفتي به في زماننا لأنه لايؤتمن على المال من يؤتمن على الخصومة
قوله فلأحدهما الخ خلافا لزفر هو يقول بأن الخصومة تصرف يفتقر إلى الرأي فلا يحتمل الانفراد كالتوكيل بالبيع والشراء والتوكيل بالقبض ولنا أن المعهود في ما بين الناس الاجتماع في تسوية الأمر والانفراد بالتكلم مجلس القضاء تحرزا عن التشويش فصار الانفراد بالتكلم مرادا بدلالة العقد ولا كذلك القبض لأنه مختلف بالرأي ولا ضرورة إلا الانفراد فلا يصح الانفراد
قوله فالعشرة بعشرته لأن الإتفاق لا يكون إلا بالشراء والوكيل بالشراء يملك أن يقضي الثمن من مال نفسه ثم يرجع في مال الموكل لأن حقوق العقد راجع إليه وهذا استحسان ذكره في الوكالة وأما في القياس يكون متبرعا ويرد مال الموكل لأن الأمر بالانفاق مقصور على المدفوع إليه
قوله ولا يجوز لأن القاضي مأمور بدرء الحدود والقصاص وفي
____________________
(1/406)
رجلان وكلا بالخصومة في دين وفي قبضه فلأحدهما أن يخاصم ولا يقبضان إلا مع رجل دفع إلى رجل عشرة دراهم ينفقها على أهله فأنفق عليهم عشرة من عنده فالعشرة بعشرته ولا يجوز وكالة باستيفاء حد أو قصاص إلا في إقامة الشهود وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) لا تجوز في إقامة الشهود أيضا والله أعلم بالصواب * باب الوكالة بالبيع والشراء *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) رجل أمر رجلا شرح المتن الاستيفاء بحضرة صاحب الحق احتمال الدرء لأنه إذا حضر وعاين العقوبة ربما يلحقه الرحمة والرأفة على الجاني فيعفو إن كان للعفو فيه مجال
قوله وقال أبو يوسف الخ وقوله محمد مضطرب والأظهر أنه مع أبي حنيفة له أن الوكيل بمنزلة البدل من الأصل ولا مدخل للبدل في هذا كالبدل في الحجة وهي الشهادة على الشهادة وشهادة النساء مع الرجال وإشارة الأخرس في الإقرار ولهما أن التوكيل تناول ما ليس بحد ولا قصاص ولا يضاف إليه الحد والقصاص ولأن الوجوب يضاف إلى علة الوجوب وهو الجناية والظهور يضاف إلى علة الظهور فأما الخصومة شرط محض لاحظ لها في الوجوب فاشبهت سائر الحقوق * باب الوكالة بالبيع والشراء *
قوله أحدهما جاز لأنه قد لا يتفق الجمع والتوكيل حصل مطلقا فوجب إجراءه على إطلاقه بعد أن يشتري بمثل قيمته أو بزيادة يتغابن الناس بمثله
قوله بمثله الباقي جاز لأن التوكيل حصل مطلقا فيحتمل على إطلاقه
____________________
(1/407)
أن يشتري له عبدين بأعيانهما ولم يسم له ثمنا فاشترى له أحدهما جاز وإن أمره أن يشتريهما بألف وقيمتهما سواء فاشترى أحدهما بخمس مائة أو أقل جاز وإن اشترى بأكثر من خمس مائة لم يلزم الآمر إلا أن يشتري والباقب ببقية الألف وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إن اشترى أحدهما بأكثر من نصف الألف بما يتغابن الناس فيه وقد بقي من الألف ما يشتري بمثله الباقي جاز رجل أمر رجلا أن يبيع عبدا له فباعه شرح المتن كما قلنا ولأبي حنيفة أن هذا بالمقابلة أوجب النصف دلالة والتنصيص على الخمسمائة لكل منهما حجر عن الزيادة قلت الزيادة أو كثر فكذا هذا إلا أن يشتري الباقي قبل أن يختصما لأن العمل بالصريح أحق من العمل بالدلالة والموكل صرح بتحصيل العبدين بألف
قوله فهو عبد للمشتري الخ فرق بين هذا وبين ما إذا وكل غير العبد ليشتريه له فأعلم الوكيل البائع أنه اشتراه لغيره أو لم يعلمه يصير مشتريا للآمر وههنا ما لم يعلم أنه اشترى للعبد لا يصير مشتريا للعبد والفرق بينهما أن بيع نفس العبد من العبد إعتاق وشراء العبد لنفسه قبول الإعتاق فكان بين الشرائين تفاوت فلا بد من البيان والتمييز لأنه إذا اشترى للعبد صار البائع معتقا ولزمه الولاء وإذا اشتراه لغيره لا يصير معتقا ولا يلزمه الولاء وعسى أن يرضى بأحدهما دون الآخر فلم يستغن عن البيان أما إذا كان وكيلا من جهة غير العبد فلا فرق بين الشرائين فإن العهدة في حق البائع يكون عليه على كل حال فلا حاجة إلى البيان فإذا أطلق ههنا وقع العقد للوكيل عملا بحقيقته وهو المعاوضة فيه إلا أن الألف يكون للمولى لأنه كسب عبده وعليه ألف أخرى ثمنا للعبد وإن اشتراه للعبد هل يلزم للعبد ألف أخرى أم لا لم يذكره في الكتاب وينبغي أن يلزمه لما قلنا
____________________
(1/408)
بقليل أو كثير أو بعرض أو باع نصفه جاز وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يبيعه إلا بدراهم أو دنانير بما يتغابن الناس فيه ولا يجوز أن يبيع نصفه إلا أن يبيع النصف الآخر منه قبل أن يختصما
رجل أمر عبدا محجورا عليه أو صبيا ببيع عبد فباعه جاز والعهدة على الآمر عبد قال لرجل اشتر لي نفسي من مولاي بألف ودفعها إليه فإن قال الرجل للمولى اشتريته لنفسه فباعه على هذا فهو حر والولاء للمولى وإن لم لم يبين للمولى فهو عبد للمشتري والألف للمولى وعلى المشتري ألف مثلها رجل قال لآخر أمرتك ببيع عبدي بالنقد فبعته بالنسئة وقال المأمور أمرتني ببيعه ولم تقل شيئا فالقول قول الآمر وإن اختلف في شرح المتن
قوله قول الآمر لأن الأمر قد يكون مطلقا وقد يكون مقيدا والأمر يستفاد من جهته
قوله قول المضارب لأن الإطلاق فيها أصل ألا ترى أنه لو سمي المضاربة مطلقا صحت فالقول قول من يدعي الأصل
قوله وإن أمره الخ أصل هذا أن التوكيل بالشراء إذا أضيف إلى دين على الوكيل فإن كان البائع متعينا بأن قال اشتر لي من فلان أو يكون المبيع بعينه ليكون البائع متعينا صح بالإجماع وإن كان غير متعين لم يصح عند أبي حنيفة خلالفا لهما لهما أن عقد الشراء لا يتعلق بعين الدراهم عينا كان أو دينا ألا ترى أن من اشترى شيئا بالدراهم على البائع ثم تصادقا أن الدين لم يكن لم يبطل الشراء ووجب مثلها فيصير التقييد بها والإطلاق سواء كما لو عين البائع ولأبي حنيفة أن الدراهم تتعين في الوكالات إذا كان عينا ألا ترى أنه لو وكله بشراء عبد
____________________
(1/409)
ذلك مضارب ورب المال فالقول قول المضارب
رجل له على رجل ألف فأمره أن يشتري له بها هذا العبد فاشتراه جاز وإن أمره أن يشتري بها عبدا بغير عينة فاشتراه فمات في يده قبل أن يقبضه الآمر مات من مال المشتري وإذا قبضه الآمر فهو له وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هو لازم للآمر إذ قبضه المأمور رجل دفع إلى رجل ألفا وأمره أن يشتري بها جارية فاشتراها فقال الآمر اشتريتها بخمس مائة وقال المأمور اشتريتها بألف فالقول قول المأمور هذا إذا كانت الجارية تساوي ألفا وإن كانت تساوي خمس مائة فالقول قول الآمر وإن لم يكن دفع ثمن الجارية للمامور فهو مشتر لنفسه
رجل قال لرجل اشتر لي ثوبا أو دابة أو دارا فاشتراه فالوكالة شرح المتن بهذا الألف فهلكت الألف عند الوكيل بطلت الوكالة فإذا لم يتعين كان هذا تمليك الدين من غير من عليه الدين وهو باطل وأما إذا عين انتصب البائع وكيلا بالقبض ثم الشراء والقبض بحكم الشراء واقع بعده فيصير كالتوكيل بالشراء مضافا إلى عين
قوله قول المأمور لأن الآمر يدعي عليه ضمان خمسمائة وهو منكر
قوله وإن لم يكن الخ إن لم يكن دفع إليه الألف والمسألة بحالها فالقول قول الآمر وتلزم الجارية المأمور على كل حال أما إذا كانت تساوي خمسمائة فلا يشكل لأنه خالف الشراء وإن كانت تساوي ألفا فالقول قول الآمر أيضا أي يتحالفان وتلزم الجارية المأمور هكذا ذكره فإنه أطلق الجواب ولم يفصل بينهما وكان ينبغي أن تلزم الجارية الآمر في هذا الفصل لأنه اشتراها بألف فتلزم الآمر فإن من وكل رجلا أن يشتري له جارية بألف فاشترى جارية تساوي ألفا بخمسمائة تلزم الآمر ومع هذا قال تلزم المأمور وإنما كان هكذا لأن الوكيل الشراء مع الموكل ينزل منزلة البائع مع المشتري فالاختلاف بينهما يوجب التحالف فإذا تحالفا وجب فسخ العقد فتلزم الجارية المأمور
____________________
(1/410)
باطلة وإن سمى ثمن الدار ووصف جنس الدابة والثوب جاز رجل أمر آخر أن يشتري له هذا العبد بألف درهم أو لم يسم الثمن فاشتراه فقال الآمر اشتريته بخمسمائة وقال المأمور بالف وصدق البائع المأمور فالقول قول المأمور رجل وكل رجلا ببيع عبد فأمر الوكيل رجلا ليبيعه فباعه والوكيل حاضر أو باعه رجل فبلغ الوكيل فأجاز فهو جائز وإن وكله بشراء ثوب هروي فأمر الوكيل رجلا فاشتراه والوكيل حاضر فهو جائز وإن كان غائبا لم يجز شرح المتن
قوله باطلة أصله أن الوكالة تتحمل الجهالة اليسيرة ولا تتحمل الجهالة الفاحشة
قوله رجل أمر آخر الخ قال الفقيه أبو جعفر إنما فارقت هذه المسألة ما سبق حتى أوجب التحالف ثمة وألزم الجارية للمأمور وههنا لم يوجب التحالف وألزمه للآمر لأن البائع ههنا حاضر مصدق للمأمور فصار كإنشاء البيع فبطل الاختلاف وثمة البائع غائب
قوله لم يجز لأن المقصود من التوكيل الانتفاع برأي الوكيل لا بعبارته إذ الناس يتفاوتون في الرأي في العبارة فإذا وكل غيره فقد فات رأيه وإن لم يغب فقد حضر رأيه وإنما فات عبارته
قوله وقال إنما خص قولهما بالذكر مع أنه حكم مجمع عليه لان الشبهة إنما ترد على قولهما لأن تصرفات المرتد بالبيع والشراء نافذه عندهما وإن قتل على ردته ولكن تصرفاته على ولده موقوفه بالإجماع
قوله كذلك أي لا يجوز بيع واحد منهما ولا شراءه ولانكاحه لأنه لا ولاية للحربي على المسلم لأنه أبعد من الذمي فإذا لم يثبت للذمي ولاية على
____________________
(1/411)
مكاتب أو عبد أو ذمي زوج ابنته وهي صغيره حرة مسلمة أو باع لها أو اشترى لم يجز وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) المرتد إذا قتل على ردته والحربي كذلك وصي احتال بمال اليتيم فإن كان ذلك خيرا لليتيم جاز رجل أمر رجلا ببيع عبده فباعه وأخذ بالثمن رهنا فضاع في يده أو أخذ به كفيلا جاز ولا ضمان عليه رجل وكل رجلين ببيع عبد بألف فباع أحدهما بذلك لم يجز وكذلك الخلع والله اعلم بالصواب شرح المتن ابنته المسلمة الصغيرة فالحربي أولى وكذلك المرتد لأن الولاية تبتني على معنى النظر واتفاق الملة يدل إليه وهو ههنا متردد
قوله خيرا لليتيم جاز لأن المشروع في حق الصبي هو النظر والمقصود من الحوالة هو التوثيق وأنه لا يحصل إلا أن يكون المحتال عليه أملأ من المحيل فلا يجوز من الوصي بدون خيرية الثاني
قوله ولا ضمان عليه لأن الاستيفاء حق الوكيل والرهن والكفالة يؤكدان الاستيفاء فلم يصح الحجر عنه فإذا ضاع الرهن في يده فقد هلك استيفاءه
قوله وكذلك الخلع وإن قدر الثمن وبدل الخلع لأن الخلع والبيع يحتاجان إلى الرأي والتدبير وهو رضي برائهما فإذا تفرد واحد بطل غرضه
____________________
(1/412)
كتاب الدعوى
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) جارية حملت في ملك رجل فباعها فولدت في يد المشتري فادعى البائع الولد وقد أعتق المشتري الأم فهو ابنه يرد عليه بجميع الثمن وعندهما يرد عليه بحصته من الثمن وإن كان المشتري أعتق الولد فدعواه باطل صبي في يد رجل قال هو ابن عبدي فلان الغائب ثم قال هو ابني لم يكن ابنه أبدا وإن جحد العبد أن يكون ابنهز وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إذا جحد العبد أن يكون ابنه فهو ابن المولى رجل في يده غلامان توأمان ولد عنده فباع أحدهما فأعتقه المشتري ثم ادعى البائع الغلام الذي هو في يده شرح المتن كتاب الدعوى
قوله فهو ابنه هذا إذا جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر من وقت الشراء فإن جاءت به لستة أشهر فصاعدا أو لأقل من سنتين من وقت البيع لم يصح دعوة البائع ما لم يصدقة المشتري
قوله بحصته من الصمن يريد أنه يقسم الثمن على قيمة الجارية وعلى قيمة الولد فما أصاب الأم يسقط وما أصاب الولد يرد البائع على المشتري
قوله قال هو ابن عبدي الخ تفسير المسئلة صبي في يد رجل ولد في يده وهو يبيعه ولا يأمن المشتري أن يدعيه البائع يوما فينتقض البيع فيقر بالنسب لعبده الغائب خوفا من انتقاض البيع
____________________
(1/413)
فهما ابناه وبطل عتق المشتري والبيع أيضا
صبي في يد مسلم ونصراني قال النصراني هذا ابني وقال المسلم هو عبدي فهو ابن النصراني امرأة ادعت صبيا أنه ابنها لم يجز دعواها حتى تشهد امرأة على الولادة فإن كان لها زوج فزعمت أنه ابنها منه وصدقها فهو ابنهما وإن لم تشهد امرأة وإن كان الصبي في أيديهما فزعم الزوج أنه ابنه من غيرها وزعمت أنه ابنها من غيره فهو ابنهما جارية قال أنا أم ولد لمولاي وهذا ابني منه وأنكر المولى فلا يمين عليه شرح المتن
قوله لم يكن ابنه أبدا لأن هذا إقرار بما لا يحتمل النقض فلا يبطل برد المقر له كمن شهد على رجل بنسب فردت شهادته لمعنى ثم ادعى الشاهد أنه ابنه لم يصح وعندهما إذا صدقه الغائب ولم يعرف منه تصديق ولا تكذيب لا يصح دعوة المقر أما إذا كذبه الغائب يصح دعوة المقر لأن الإقرار قد بطل الجحود والتكذيب فصار كأن لم يكن
قوله وبطل عتق المشتري لانه لما صحت الدعوة في هذا القيام الملك وقت العلوق والدعوة جميعا يتبعه الآخر لأن أحدهما لاينفصل عن الآخر في حكم النسب والحرية
قوله فهو ابن النصراني لأنه لا تعارض بين دعوى الرق وبين دعوى النسب ليترجح بالإسلام لأن إثبات النسب أقوى
قوله حتى تشهد الخ يريد امرأة لها زوج لأنها قصدت إلزام النسب على الغير وسبب لزوم النسب قائم وهو النكاح لكن الحاجة إلى إثبات الولادة وتعيين الولد وفي إثبات الولادة وتعيين الولد إلزام عليه فوجب إثباته بحجة وحجة إثبات الولد شهادة القابلة هذا إذا كانت منكوحة فإن لم تكن منكوحة لكنها معتدة وادعت النسب على الزوج احتاجت إلى حجة تامة عند أبي حنيفة هذا إذا
____________________
(1/414)
في قول أبي حنيفة ( رضي الله عنه ) ويستحلف في قول أبي يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) والله أعلم شرح المتن ادعت إلزام النسب على أحد أما إذا لم تدع إلزام النسب على أحد بأن لم تكن معتدة ولا منكوحة بأن ولدت من الزنا كان القول قولها من غير حجة
قوله وإن لم تشهد امرأة لأن الخصم قد اعترف
قوله فهو ابنهما لأن كل واحد منهما قصد إبطال حق الآخر فلا يقدران والفقه فيه أن أيديهما تثبت عليه على السواء فلا يملك أحدهما إبطال حق صاحبه كثوب في يد اثنين يزعم كل واحد منهما أنه بيني وبين فلان لا يصدقان ويكون الثوب بينهما كذا هذا
____________________
(1/415)
كتاب الإقرار
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) في رجل قال لآخر أخذت منك ألفا وديعة فهلكت فقال أخذتها غصبا فهو ضامن وإن قال أعطيتنيها وديعة فقال غصبتهالم يضمن رجل قال هذه الألف كانت وديعة لي عند فلان فأخذتها وقال فلان هذه لي فإن فلانا يأخذها وإن قال أعرت دابتي هذه فلانا فركبها ورده أو ثوبي هذه فلبسه ورده علي فالقول قوله وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) القول قول الذي أخذ منه الثوب والدابة
رجل قال لفلان علي ألف درهم من ثمن متاع أو قرض ثم قال شرح المتن كتاب الإقرار
قوله فهو ضامن لأنه إقرار بسبب الضمان و الأخذ وادعى ما يوجب البراءة وهو المنكر فالقوال قوله مع اليمين ووجب الضمان على المقر إلا أن ينكل الخصم عن اليمين فحينئذ لا يلزمه
قوله لم يضمن لأنه ما أقر بسبب الضمان بل أنكره حيث أضاف الفعل إلى صاحب المال فكان القول قوله مع يمينه
قوله وقال أبو يوسف ومحمد الخ لهما أن المقر أقر باليد له ثم ادعى عليه الاستحقاق فوجب الرد وإثبات قوله بالحجة كما في الوديعة واستحسن أبو
____________________
(1/416)
هي زيوف أو نبهرجة لم يصدق وذلك إن قال أقرضني ألفا زيوفا أو قال علي ألف زيوف ثمن متاع وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إذا وصل صدق فإن قال أغتصبت منه ألفا أو قال أودعني ألفا ثم قال هي زيوف صدق وإن قال في هذا كله ألفا ثم قال ينقص كذا لم يصدق وإن وصل صدق
رجل مات وله على رجل مائة درهم وله ابنان فقال أحدهما قبض أبي منها خمسين فلا شيء للمقر وللآخر خمسون رجل قال لفلان علي ما بين درهم إلى عشرة دراهم فعليه تسعة دراهم وإن قال ما بين شرح المتن حنيفة الفرق بينهما وذكر العمي الفرق بينهما فقال في مسئلة الوديعة قال فأخذتها منه فوجب جزاؤه وجزاء الأخذ الرد وفي مسئلة العارية قال فردها علي فافترقا لافتراقهما في الوضع لكن هذا غير صحيح لأنه ذكر الأخذ في كتاب الإقرار وكذا ذكر عن أبي يوسف ومحمد الأخذ ههنا وإنما الفرق لأبي حنيفة أن اليد في باب العارية والإجارة ضرورية فيكون عدما في ما وراءه فلا يكون هذا إقرارا باليد له مطلقا بخلاف الوديعة لأن اليد حق مقصود في عقد الوديعة فيكون الإقرار منه بأن العين كان في يده إقرارا بالملك له
قوله إذا وصل صدق لأن ظاهر كلام المرأ منصرف إلى الجياد ويحتمل الزيوف فكان هذا بيانا فيه معنى التغيير فيصح متصلا ولا يصح منفصلا وكذلك الستوقة لأنها دراهم مجازا ولأبي حنيفة أن الزيافة عيب ومطلق العقد يقتضي السلامة عن العيوب فكان دعوى الزيافة رجوعا عن بعض ما أقر به فلا يصح
قوله صدق لأنه ليس لهما مقتضى في الجودة والزيافة فإن كال واحد منها يرد على السليم والمعيب فكان بيانا محضا فيصدق وصل أم فصل
____________________
(1/417)
عشرة إلى عشرين فعليه تسعة عشر وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يلزمه جميع ما أقر به رجل قال لفلان من داري ما بين هذا الحائط إلى هذا الحائط فله ما بينهما وليس له من الحائط شيء شرح المتن
قوله وإن وصل صدق لأنه استثناء والاستثناء إنما يعمل إذا كان موصولا ولا يعمل إذا كان مفصولا ولو فصل بينهما بفصل يقع بطريق الضرورة بأن انقطع عليه الكلام ثم وصل له روي عن أبي يوسف أنه قال يعمل هذا وعليه الفتوى فإن هذا وصل من حيث الحقيقة
قوله وللآخر خمسون لأن إقراره على الميت لا ينفذ فجعل كالمستوفي بنفسه
____________________
(1/418)
كتاب الصلح
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) في رجل له على آخر ألف درهم فقال له أد إلي غدا خمس مائة على أنك بريء من الباقي ففعل فهو بريء وإن لم يدفع إليه غدا خمس مائة عاد عليه الألف وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) لا يعود عليه عبد مأذون له قتل رجلا عمدا لم يجز له أن يصالح عن نفسه وإن قتل عبده رجلا عمدا فصالح عنه جاز شرح المتن كتاب الصلح
قوله لا يعود عليه لأن الإبراء ثبت مطلقا فيثبت البراءة مطلقا وإنما قلنا ذلك لأن أداء خمسمائة لما لم يصلح عوضا لم يوجب تعلق الإبراء به فيحصل الإبراء مطلقا ولهما أن الإبراء حصل بشرط مرغوب فيتعلق بسلامتها كما إذا أبرأه على عوض مسماة وإنما قلنا ذلك لأنه لما أبرأ بتعجيل خمسمائة وأدائها غدا فلعل له رغبة في ذلك وقوله على أنك بريء لم يخرج إلى مخرج الأعواض فلم يثبت إلا مقابلا والمقابل يصلح أن يكون شرطا لكونه مرغوبا ولا يصلح عوضا محضا
قوله لم يجز له لأن رقبته ليست من التجارة وإنما هي للخدمة ألا ترى أنه لا يبيع رقبته ولا زكاة على مولاه
قوله جاز لأنه عبده من التجارة ففوض التصرف في ذلك إليه وقد صار
____________________
(1/419)
غصب ثوبا يهوديا قيمته أقل من مائة درهم فاستهلكه فصالح منه على مائة درهم جاز وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يبطل الفضل على قيمته بما لا يتغابن الناس فيه عبد بين رجلين أعتقه أحدهما وهو موسى فصالحه الآخر على أكثر من نصف قيمته فالفضل باطل وإن صالحه على عرض جاز رجل قال لآخر لا أقر لك بما لك حتى تؤخره عني أو تحط عني ففعل ذلك جاز شرح المتن بمنزلة المستحق فإذا صالح فكأنه اشتراه
قوله يبطل الفضل لأن حقه من القيمة مقدر فلا يحتمل الزيادة لأنه يصير ربا كما في مسئلة العتق بخلاف الغبن اليسير لأنه ما يدخل تحت التقويم فلم يكن من باب الفضل ولأبي حنيفة أن هذا اعتياض عن حقه فيصح بالغا ما بلغ وإنما قلنا ذلك لأن الهالك فيحكم الصالح بمنزلة القائم والدليل عليه أن الصلح لو وقع على كر شعير بغير عينه وقبض في المجلس صح ولو كان عن القيمة لبطل لكونه سلما حالا دل على أن الهالك في حكم الصلح بمنزلة القائم وهذا المال يصلح عوضا كما يصلح استيفاء فالظاهر الاستيفاء إلا أنه قام دليل على جهة الاعتياض وهو طلب الزيادة بخلاف العتق لأنه استيفاء
قوله حاز لأنه ليس بمكره فيه وهذا إنما يكون في السر أما إذا كان في العلانية يؤخذ
____________________
(1/420)
كتاب المضاربة
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) مضارب أدان وفي المضاربة فضل فإنه يجبر على التقاضي وإن لم يكن فضل لم يجبر ويحيل رب المال مضارب معه ألف بالنصف اشترى بها جارية قيمتها ألف فوطئها فجاءت بولد يساوي ألفا فادعاه ثم بلغت قيمة الغلام وخمس مائة والمدعي موسر فإن شاء رب المال استسعى الغلام في ألف ومئتين وخمسين وإن شاء أعتق وإذا قبض ألفا ضمن المدعي نصف قيمة الأم شرح المتن كتاب المضاربة
قوله لم يجبر لانه وكيل والوكيل متبرع والمتبرع لا يجبر على تسليم ما تبرع به فإذا امتنع الجبر قيل له أحل رب المال على التقاضي أي وكله لأن الحوالة تستعمل في موضع الوكالة بمعنى النقل وإنما أمر بالتوكيل لأن العهدة على العاقد والآمر ليس بعاقد فأمر بالتوكيل ليصلح مطالبة رب المال وكذلك على هذا كل وكيل بالبيع فأما الذي يبيع بالأجرة كالبياع والسمسار فلا بد من أن يجبر على الاستيفاء ويجعل بمنزلة الإجارة الصحيحة بحكم العادة
____________________
(1/421)
مضارب في يده ألف بالنصف اشترى بها بزا فباعه بألفين فاشترى بهما عبدا فلم ينقدهما حتى ضاعا فإنه يغرم رب المال ألفا وخمس مائة والمضارب خمس مائة ويكون ربع العبد للمضارب وثلاثة أرباعه على المضاربة ورأس المال فيها ألفان وخمس مائة ولا يبيعه مرابحة إلا على ألفين مضارب معه ألف بالنصف اشترى بها عبدا قيمته ألفان فقتل العبد رجلا خطأ فثلاثة أرباع الفداء على رب المال وربعه على المضارب فإذا فديا فثلاثة أرباعه لرب المال وربعه للمضارب يخدم رب المال ثلاثة أيام والمضارب يوما شرح المتن
قوله فإن شاء رب المال الخ لأن الدعوة انعقدت صحيحة في الظاهر حملا على وجه الصحة وهو فراش النكاح لكن لم ينفذ لفقد الشرط هو الملك له فيهما ألا ترى أن كلاهما مشغولان برأس المال فلا يظهر الربح كالمضارب إذا اشترى عبدين بمال المضاربة وليس في كل واحد منهما فضل فالربح لا يظهر عندنا خلافا لزفر فإذا وجد الملك في الأم نفذت الدعوة بخلاف ما إذا أعتق المضارب الولد ثم ظهرت الزيادة حيث لا يصح الإعتاق لأن الإعتاق إنشاء فإذا بطل لعدم الملك لا ينفذ بعد ذلك أما هذا إخبار عن علوق سابق فينفذ إذا حدث الملك فإذا نفذت الدعوة ثبت النسب وعتق الولد إلا أنه لا يضمن نصيب رب المال في الولد لأن العتق ثبت بالنسب والملك فأضيف إلى آخرهما وجودا وهو الملك وأنه ثبت بالزيادة بغير صنعه فوجبت السعاية على الولد في نصيب رب المال وهو ألف ومائتان وخمسون ألف رأس المال والباقي نصف الربح فإذا استوفى رأس المال ظهر أن الأم كلها ربح فصار النصف منها للمضارب وقد صحت الدعوة فإذا ملك شيئا ههنا صار أم ولد له وضمن نصف قيمتها لرب المال موسرا كان أو معسرا لأنه ضمان ملك فلا يختلف باليسار والإعسار ولا يفتقر إلى الصنع
____________________
(1/422)
مضارب معه ألف بالنصف اشترى بها عبدا من رب المال كان رب المال اشتراه بخمس مائة فإنه يبيعه مرابحة على خمس مائة وإن اشترى بها المضارب عبدا فباعه من رب المال بألف ومائتين باعه رب المال بألف ومائة مضارب دفع من مال المضاربة شيئا إلى رب المال بضاعه فاشترى به رب المال وباع فهو على المضاربة
مضارب عمل في المصر فليست نفقته في المال وإن سافر فطعامه وشرابه وكسوته وزكاته في المال وأما الدواء ففي ماله فإذا ربح أخذ رب شرح المتن
قوله فإنه يغرم الخ لأن المضارب عجز عن أداء الثمن من المضاربة وأداء الثمن واجب عليه لأنه هو المشتري وربع العبد ملكه وثلاثة أرباعه ملك رب المال فيجب عليه أداء الثمن ما هو ملكه من ماله وأداء ثمن ما هو ملك رب المال عليه أيضا لكن له حق الرجوع على رب المال ويخرج ربع العبد من أن يكون مال المضاربة لان مال المضاربة أمانة في يد المضارب وربعه صار مضمونا عليه بالثمن وضمان المضارب ينافي المضاربة فخرج ذلك الربع من أن يكون مضاربة والباقي بقي على المضاربة ورأس المال ألفان وخمسائة لكن لا يبيعه مرابحة إلى على ألفين لأنه اشتنرى بألفين
قوله وربعه على المضارب لان الفداء مؤنة الملك والملك مشترك فكذلك الفداء وإذا فديا يخرج العبد من أن يكون كله من مال المضاربة أمانصيب المضارب فلما مر أن الضمان ينافي المضاربة وأما نصيب رب المال فكذلك لأنه صار كالزائل عن ملكهما بالجناية ثم اشتريا لأنفسهما فيكون ثلاثة أرباعه لرب المال وربعه للمضارب ويخدم للمضارب يوما ولرب المال ثلاثة أيام
قوله فهو على المضاربة لان الإيضاع توكيل بالتصرف والتصرف حق المضارب فيصح التوكيل به فلم يكن أخذه استردادا منه فلم ينقض المضاربة بخلاف ما إذا اشترط في العقد على رب المال العلم حيث لا يصح المضاربة لأن
____________________
(1/423)
المال ما أنفق من رأس ماله وإن باع المتاع مرابحة حسب ما أنفق على المتاع من الحملان وغيره ولا يحسب عليه ما أنفق على نفسه مضارب معه ألف اشترى بها ثيابا فقصرها أو حملها بمائة من عنده وقد قيل له اعمل برائك فهو متطوع وإن صبغها حمراء فهو شريك بما زاد الصبغ في الثياب ولا يضمن
مضارب اشترط نصف الربح وزيادة عشرة دراهم فله أجر مثله شرح المتن ذلك يمنع التخلية والتخلية شرط صحة المضاربة وهذا بخلاف ما إذا دفع المضارب إلى رب المال المضاربة حيث لا يصح لأن الشركة تنعقد على مال رب المال وعمل المضارب وههنا لا مال للمضارب فلا تصح هذه الشركة فبقي عمل رب المال بأمر المضارب فلم يبطل المضاربة الأولى
قوله فليست نفقته الخ لأن النفقة إنما تجب بالاحتباس كالمرأة تستوجب النقفة باحتباسها في منزل الزوج والقاضي يستوجب الكفاية إذا ثبت هذا قلنا إن المضارب في مصره ساكن بالسكنى الأصلي لا للمضاربة وإذا سافر يجب النفقة لأنه صار محبوسا بالعمل للمضاربة فأشبه المرأة في بيت الزوج والقاضي في اعمال المسلمين هذا إذا خرج للسفر وإن كان خروجه دون السفر بطرف من أطراف المصر ينظر إن كان يغدو ثم يروح إلى منزله فليس له حكم الخروج لأن هذا بمنزلة المصر فإن أهل المصر يتجرون في السوق ثم يبيتون في منازلهم وإن كان لا يبيت بأهله كانت نفقته في مال المضاربة لأن خروجه قد صار للمضاربة
قوله ففي ماله وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يدخل في النفقة لأن
____________________
(1/424)
والمضاربة فاسدة مضارب اشترط عليه أن يبيع بالكوفة فخرج إلى البصرة فاشترى بالمال ضمن ليفيد التقييد والضمان يتعلق بالإخراج والتقرر يتعلق بالشراء فكنى بالضمان عن التقرر مضار قيل له اعمل برائك فما ربحت من شيء فبيني وبينك نصفان فدفع إلى آخر مضاربة بالنصف فربح الآخر فله نصف الربح والنصف بين رب المال وبين الأول نصفان ولو قال رب المال للأول ما كان من فضل فبيني وبينك نصفان والمسئلة بحالها فنصف الربح للآخر ونصفه لرب المال شرح المتن الدواء لإصلاح بدنه وتمكنه من إقامة العلم كالنقطة وجه ظاهر الرواية أن الحاجة إلى النفقة معلوم وقوعها بخلاف الدواء ألا ترى إلى أن نفقة المرأة على الزوج ودواءها في مالها ونفقة المرهون على الراهن ودواءه على المرتهن
قوله فهو متطوع أصله أن التصرف في المضاربة على ثلاثة أقسام قسم من باب المضاربة وتوابعها فيملكها بمطلق الإيجاب وهو الإيداع والإبضاع والإجارة والاستيجار والرهن والارتهان وما أشبه ذلك وقسم آخر ليس من المضاربة المطلقة لكن يحتمل أن يلحق بها عند وجود الدلالة وهو إثبات الشركة في المضاربة بأن يدفع إلى غيره مضاربة أو يختلط المضاربة بماله أو بمال غيره فإنه لا يملك هذا لمطلق المضاربة لأن رب المال لم يرض بشركة غيره وهذا أمر زائد على ما يتناوله التجارة فلا يتناوله مطلق المضاربة لكن يحتمل أن يلحق به فإذا قيل له اعمل برائك فقد ملك ذلك وقسم آخر ليس من المضاربة ولا يحتمل أن يلحق بها وهو الإقراض والاستدانة على رب المال لأنه ليس بتجارة إلا أن ينص عليه فإذا نص عليه اعتبر بنفسه حتى يصير بمنزلة شركة الوجوه لا مضاربة إذا ثبت هذا قلنا إذا حملها بمائة من عنده فقد استدان على المضاربة بعد استغراق
____________________
(1/425)
ولا تكون المفاوضة إلا بين حرين كبيرين مسلمين أو ذميين ولا تكون بين المسلم والذمي ولا تكون مفاوضة حتى يستوي مالهما فإن ورث أحدهما عروضا وهبت له فهي له ولا تفسد المفاوضة وإن ورث دراهم أو دنانير أو وهبت له فسدت المفاوضة ولا تكون مضاربة إلا بدراهم أو دنانير ولا تكون بمثاقيل ذهب أو فضة شرح المتن رأس المال فلم ينفذ على رب المال فصار متبرعا به وكذلك إذ قصرها بمائة
قوله فهو شريك بما زاد حتى لو بيع الثوب كان ما يختص قيمة الصبغ للمضارب وإذا صار شريكا لا يضمن الثياب لأن قوله اعمل برائك أفاد له ولاية الخلط والشركة ولولا ذلك لكان لرب المال أن يضمنه بخلاف الاستدانة لأنه لايستفاد ولايته إلا بالتصريح
قوله فله أجر مثله لأنه ابتغى عن منافعه عوضا ولم ينل ذلك لمكان الفساد فيجب أجر المثل واما فساد المضاربة فلأنها جوزت بطريق الشركة وهذا الشرط يقطع الشركة لأنه ربما لا يربح إلى عشرة
قوله ضمن ليفيد التقييد وهذا يدل على وجوب الضمان ههنا بالشراء بالمال والضمان يتعلق بالإخراج نص عليه في كتاب المضاربة والتقرر يتعلق بالشراء فكنى بالضمان ههنا عن التقرر
قوله نصفان لأنه شرط لنفسه نصف ما ينسب إلى المضارب وقد ربح نصف الربح فيكون بينهما
قوله ونصفه لرب المال ولا شيء للمضارب الأول لأنه شرط لنفسه نصف الفضل مطلقا ولم يسلم له ذلك إلا أن يصرف ما شرطه المضارب الأول إلى نصيبه خاصة
قوله ولا تكون المفاوضة الخ أصله أن المفاوضة جائزة عندنا خلافا
____________________
(1/426)
مضارب معه ألفان فقال لرب المال دفعت إلي ألفا وربحت ألفا وقال رب المال دفعت ألفين فالقول قول المضارب رجل معه ألف درهم قال هي مضاربة لفلان بالنصف وقد ربحت ألفا وقال رب المال هي بضاعة فالقول قول رب المال مضارب معه ألف درهم مضاربة فاشترى بها عبدا فلم ينقدها حتى هلكت فإنه يدفع إليه رب المال ألفا شرح المتن للشافعي فإذا جازت اقتضت ثلاثة أشياء الوكالة في أعمال التجارة وتوابعها والكفالة بضمان التجارة ولواحقها والاستواء في رأس المال ابتداء وانتهاء إذا ثبت هذا قلنا لا يصح المفاوضة بين الحر والعبد لأنهما ليسا بسواء لأن الكفالة من العبد لا يصح وكذلك مفاوضة الحر والمكاتب وكذلك مفاوضة العبدين والمكاتبين وكذلك مفاوضة الصبي التاجر والبالغ ومفاوضة الحرين الكبيرين المسلمين أو الذميين صحيح لوجود شرائط المفاوضة وأما بين المسلم والذمي لا يصح عند أبي حنيفة ومحمد خلافا لأبي يوسف
قوله ولا تفسد المفاوضة لان التساوي في غير جنس المال ليس بشرط حتى لو ملك دراهم أو دنانير أو وهبت له فسدت
قوله إلا بدراهم أو دنانير لأن غير المضروب يتعين بالتعيين فيؤدي إلى ربح مالم يضمن يعني إذا تعين فإذا هلك قبل التسليم لا يكون على المضارب شيء بخلاف ما لا يتعين
قوله بمثاقيل ذهب أو فضة لأنها سلعة في هذه الرواية فتتعين بالتعيين فيؤدي إلى ربح مالم يضمن وقال في كتاب الصرف النقرة لا تتعين بالتعيين فعلى قياس تلك الرواية تصح المضاربة والشركة بها
قوله قول المضارب لم يذكر ههنا قول أبي حنيفة أولا وذكر في المضاربة من المبسوط وقال كان يقول أولا القول قول رب المال لأن
____________________
(1/427)
أخرى أبدا ورأس المال جميع ما يدفع رب المال والربح يقتسمانه
مضارب اشترط لرب المال ثلث الربح ولعبد رب المال ثلث الربح على أن يعمل العبد معه ولنفسه ثلث الربح فإنه جائز وللمضارب أن ويودع ويبضع ولا يدفع مضاربة إلا أن يقول له اعمل برائك رجل دفع إليه شرح المتن المضارب يدعى الشركة ورب المال ينكر ثم رجع وقال القول قول المضارب لأن حاصل اختلافهما وقع في مقدار المقبوض والقابض أحق بمعرفة مقدار المقبوض ألا ترى إلا أن القول قول الغاصب في مقدار المغصوب فهذا أولى
قوله قول رب المال لان العامل يدعي تقويم العمل ورب المال ينكر
قوله فإنه يدفع الخ فرق بين المضارب وبين الوكيل بالشراء إذا كان الثمن منقودا إليه فإنه إذا اشترى شيئا وهلك الثمن المنقود ورجع الوكيل به على الموكل ثم هلك من بعد فإنه لا يرجع عليه بعد ذلك والمضارب يرجع مرة بعد مرة أخرى وفرق في الوكالة بين ما إذا كان الثمن منقودا وبين ما إذا لم يكن فإنه إذا اشترى الوكيل ولم يكن الثمن منقودا وقبض من الموكل وهلك عنده غرم من ماله ولم يرجع به على الموكل وإن كان الثمن منقودا وهلك بعد الشراء رجع الوكيل على الموكل وإنما افترق الفصلان في الوكالة لأن قبض الوكيل قبل الشراء بحق الأمانة دون الاستيفاء فإذا هلك بعد الشراء فهو دائم على الأمانة ورجع به على الموكل فصار مستوفيا ثم لا يرجع به أما إذا لم يكن الثمن منقودا حتى اشترى ثم قبض فقد استوفى فلا يرجع وأما الفرق بين المضاربة والوكالة أن الضمان لا ينافي الوكالة وبالشراء وجب على الوكيل للبائع الثمن ووجب للوكيل على الموكيل مثل ذلك فيرجع عليه بخلاف الكفيل فإنه لا يطالب الأصيل مالم يطالب ولم يرجع عليه مالم يؤد الدين فإذا استوفى حقه من الموكل حمل قبضه
____________________
(1/428)
ألف درهم مضاربة فاشترى رب المال عبدا بخمس مائة درهم فباعه إياه بألف فإنه يبيعه مرابحة على خمس مائة والله أعلم بالصواب شرح المتن على جهة الاستيفاء لا على جهة الأمانة فإذا استوفاه مرة لم يبق الحق أصلا أما المضارب لا يصلح أن يكون ضامنا بكل حال فإذا حمل قبضه على الاستيفاء لصار ضامنا فحمل قبضه على جهة الأمانة
قوله فإنه جائز لأن اشتراط العمل عليه لا يمنع التخلية لأن للعبد يد ألا ترى أنه ليس للمولى أن يسترد ما أودع لعبد من يد المودع
____________________
(1/429)
كتاب الوديعة
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) في رجل في يده ألف ادعاها رجلان كل واحد منهما أنها له أودعها إياه فأبى أن يحلف لهما فالألف بينهما وعليه ألف أخرى وللمستودع أن يخرج بالوديعة حيث شاء ويضعها حيث شاء ويدفعها إلى من شاء من عياله فإن نهاه المودع أن يخرج بها فخرج بها ضمن وإن نهاه أن يدفعها إلى أحد من عياله فدفعها شرح المتن كتاب الوديعة
قوله فأبى الخ المسئلة على أربعة أوجه إما أن يحلف لكل واحد منهما أو حلف للأول ونكل للثاني أو على العكس أو نكل لهما جميعا فإن حلف لكل واحد منهما فلا شيء لهما وإن حلف للأول ونكل للثاني فالألف له ولا شيء للأول وإن نكل للأول وحلف للثاني فالألف للأول وإن نكل للثاني أيضا فالألف بينهما نصفان وعليه ألف أخرى لأنه أوجب الحق لكل واحد منهما ببذله أو بإقراره وينبغي أن لا يقضي القاضي بالنكول للأول حتى يحلفه للثاني ليظهر وجه الحكم فإذانكل لهما قضى لها جملة
قوله حيث شاء أجمع أصحابنا أن له أن يخرج بالوديعة إذا لم يكن له حمل ومؤنة فإذا فعل لا يضمن طال الخروج أو قصر وأما إذا كان له حمل ومؤنة اختلفوا فيه فقال أبو حنيفة له ذلك في الوجهين ولا يضمن طال الخروج أم قصر وقال محمد ليس له ذلك إذا فعل ضمن طال الخروج أو قصر قال
____________________
(1/430)
إلى من لا بد له منه لم يضمن وإن كان له منه بد ضمن وإن نهاه أن بجعلها في دار فجعلها فيها ضمن وإن كان بيتان فنهاه أن يجعلها في أحدهما فجعلها فيه لم يضمن
ثلاثة استودعوا رجلا ألفا فغاب اثنان فليس للحاضر ان يأخذ نصيبه وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمها الله ) له ذلك رجل أودع رجلا ألفا شرح المتن أبو يوسف إن طال فكما قال محمد وإن قصر فكما قال أبو حنيفة
قوله ويدفها إلى من شاء لأن الأمر مطلق فانصرف إلى الحفظ المعهود وإنما يحفظ الإنسان ماله في العادة بيده أو بيد من في عياله
قوله إلى من لا بد له منه بأن كان الوديعة دابة وقال لا تدفعها إلى غلامك أو ما يحتاج في حفظها إلى امرأته لا محالة وقال لا تدفعها إليها
قوله لم يضمن لأنه إن كان النهي مفيدا فالعمل به غير ممكن
قوله ضمن لأن النهي مفيد لأن من العيال من لا يؤتمن على المال والعلم به ممكن
قوله لم يضمن لأن البيتين في دار واحد فلما يتفاوتان فلم يفد الشرط فلم يصح حتى لو كان الشرط مفيدا صح بأن كانت الدار عظيمة والبيت الذي نهاه عنه عورة ظاهرة
قوله له ذلك لأنه طلب منه تسليم نصيبه فصح كما لو كان دينا ولأبي حنيفة أن الحاضر يطلب حق غيره فلا يلزم تسليمه بيانه أن حقه شائع وهو يطلبه بتسليم مال معين وذلك لا يصلح حقا له إلا بالقسمة والقسمة لا تصح بالإجماع بخلاف الدين لأن المديون يسلم له ما له فصح الطلب
____________________
(1/431)
فأودعها آخر فهلكت فلرب المال أن يضمن الأول وليس له أن يضمن الأخر وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) له أن يضمن أيهما شاء فإن ضمن الآخر رجع على الأول والله أعلم شرح المتن
قوله أيهما شاء لأن الثاني قبض المال من يد ضمين فصار ضامنا كمودع الغاصب ولأبي حنيفة أن نفس الإيداع الذي لا يقطع رأي الأول مطلق له بدليل أن الأول لو لم يفارق الثاني وأمره أن يحفظه لحضرته فهلك لم يضمن فإذا فارق الأول الثاني فإنما يضمن الأول بالتضييع لترك الحفظ والثاني صار أمينا ولم يضيع
____________________
(1/432)
كتاب العارية
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) في رجل استعار دابة فله أن يعيرها وليس له أن يؤاجرها فإن آجرها فعطبت ضمن استعار دابة ليركبها فردها مع عبده أو أجيره أو عبد رب الدابة أو أجيره فلا ضمان عليه وإن ردها مع اجنبي ضمن رجل أعار أرضا شرح المتن كتاب العارية
قوله فله أن يعيرها العارية على أربعة أوجه إما أن يكون مطلقة في الوقت والانتفاع جميعا أو يكون مقيدة في حق الوقت والانتفاع جميعا أن قيدها بيوم ونص على ضرب منفعة أو يكون مقيدة في حق الوقت مطلقة في حق الانتفاع أو بالعكس ففي الوجه الأول للمستعير أن ينتفع به أي نوع شاء في أي وقت شاء عملا بإطلاق العقد وفي الوجه الثاني ليس له أن يعدو عن ذلك عملا بالتقييد إلا أن يكون خلافا إلى خير أو إلى مثل السمي فحينئذ لا يضمن وفي الوجه الثالث والرابع يعمل بذلك أيضا إذا ثبت هذا قلنا في مسئلة الكتاب إذا أطلق العقد في حق الوقت والانتفاع جميعا له أن يركب إن شاء وأن يحمل إن شاء ولو أعار غيره للحمل جاز لأن الناس لا يتفاوتون في الحمل والمستعير
____________________
(1/433)
بيضاء فإنه يكتب إنك أطعمتني وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يكتب إنك أعرتني والله أعلم شرح المتن عندنا يعير في مالا يتفاوتون فيه خلافا للشافعي
قوله مع أجنبي ضمن لأن المستعير في حق العين مودع يملك الدفع إلى يد من في عياله وعبيده وعبده في عياله وكذا أجيره إذا كانت مسانهة أو مشاهرة فأما إذا كانت مياومة فلا ولا كذلك الأجنبي
قوله يكتب إنك أعرتني لأنه هو الموضع للعقد وكان أحق من الإطعام وله أن الإعارة إنما وقعت للزراعة وذلك يحتاج فيه إلى مدة مديدة ومطلق الإعارة لا يدل عليه ولفظ الإطعام يدل على الزراعة فكان هو أولى
____________________
(1/434)
كتاب الهبة
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) في رجل وهب لرجل عبدا على أن يهب له عبدا فليس بشيء حتى يتقابضا ثم هو كالبيع يردان بالعيب رجل وهب لرجل دارا فعوضه عن نصفها عبدا فله أن يرجع في النصف الذي لم يعوضه رجل وهب لرجل دارا أو تصدق عليه بدار على أن يرد عليه شيئا منها أو يعوضه شيئا منها أو وهب له جارية على أن شرح المتن كتاب الهبة
قوله حتى يتقابضا أصله أن الهبة بشرط العوض ينعقد تبرعا عندنا حتى لا يتم إلا بالتقابض وتبطل بالشيوع ولا يجب به الشفعة في العقار وإذا أتصل القبض صاربيعا فحينئذ يجب به الشفعة في العقار ويرد بالعيب
قوله فله أن يرجع الخ لأن المانع عن الرجوع خاص فامتنع فيه دون غيره وتفسير التعويض أن يأتي الموهوب له بلفظ يعلم الواهب أنه عوض هبته بأن يقول هذا عوض هبتك أو مكافآت هبتك أو ثواب هبتك أو بدل هبتك أو جزاء هبتك أما إذا وهب الواهب شيئا وهو لم يعلم بأن هذا عوض هبته فلكل واحد أن يرجع في هبته
قوله والشرط باطل لأنه يخالف موجب العقد والهبة لا تفسد بالشروط الفاسدة
____________________
(1/435)
يردها عليه أو على أن يعتقها أو على أن يتخذها أم ولد فالهبة جائزة والشرط باطل رجل وهب لرجل ارضا بيضاء فأنبت في ناحية منها نخلا أو بنى بيتا أو دكانا أو أريا وكان ذلك زيادة فيها فليس له أن يرجع في شيء منها وإن باع نصفها غير مقسوم فله أن يرجع في الباقي وإن لم يبع شيئا منها فله أن يرجع في نصفها
رجل قال لآخر داري لك هبة سكني أو سكني هبة فهو شرح المتن
قوله فليس له أن يرجع في شيء منها لأن الزيادة المتصلة في الموهوب يمنع الرجوع والشجر والبناء في بعض الناحية يعد زيادة في الكل وكذلك الدكان ولآرى يعد في زيادة في لكل وهذا إذا كان الدكان كبيرا بحيث يعد زيادة أما إذا كان صغيرا حقيرا بحيث لا يعد زيادة فلا عبرة ولو كانت الأرض كبيرة لا يعد في الكل وإنما يعد زيادة في تلك القطعة فيرجع في غيرها
قوله فله أن يرجع في نصفها لأنه صح الرجوع في الكل ففي النصف أحق
قوله فهو سكني لأن قوله داري لك هبة ظاهرة لتمليك الرقبة وهو يحتمل تمليك المنفعة لأن الإضافة بلام التمليك يحتمل الإجارة والعارية ولهذا حمل عليه في باب اليمين إذا حلف لا يدخل دار فلان فدخلها وهو ساكن فيها بإجارة أو بإعارة فإنه يحنث فثبت أن لام التمليك يحتمل ملك السكني وإن كان أصله ملك الرقبة فصار ذلك كلاما مختملا وقوله سكني محكم لملك المنفعة فجعل المحكم قاضيا عليه كما قلنا في الرجل يقول لامرأة تزوجتك شهرا إن التزوج محتمل للمتعة والشهر محكم في حق المتعة فجعل المحكم
____________________
(1/436)
سكني وإن قال هبة تسكنها فهي هبة رجل تصدق على محتاجين بعشرة دراهم أو وهبها لهما جاز وإن تصدق بها على غنيين أو وهبها لهما لم يجز وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يجوز للغنيين أيضا رجل له على آخر ألف درهم قال إذا جاء غد فهي لك أو أنت منها بريء أو قال إذا أديت إلى نصفها أو أنت بريء من نصفها فهو باطل والله أعلم شرح المتن قاضيا على المحتمل حتى صارت متعة فصار ذلك بمنزلة قوله لفلان علي ألف درهم وديعة إن ذلك أمانة
قوله فهي هبة لأن قوله تسكنها لا يصلح مغيرا لصدر الكلام لأنه فعل وليس بصفة فبقى مشورة أو شرطا فاسدا فوجب العمل بظاهر الكلام الأول كأنه قال داري لك هبة فسكت
قوله لم يجز فالحاصل أن أبا حنيفة أجاز الصدقة على اثنين ولم يجز الهبة لكن جعل الهبة عبارة عن الصدقة إذا صادفت الفقير والصدقة عبارة عن الهبة إذا صادفت الغني وذكر في كتاب الهبة أن الصدقة على اثنين باطل عند أبي حنيفة كالهبة فصار عن أبي حنيفة في جواز الصدقة على اثنين روايتان في رواية هذا الكتاب يجوز وفي رواية كتاب الهبة لا يجوز والحجج تعرف في المختلف
قوله فهو باطل لأن تمليك الدين فيه معنى الإسقاط من وجه وإبراء الدين إسقاط فيه معنى التمليك فصار التصرف في دين تمليكا من وجه وإسقاطا من وجه ولهذا تم الإبراء من غير قبول وارتد بالرد والتعليق بالشرط مشروع في الإسقاط المحض أما فيما فيه شبهة التمليك فليس بمشروع
____________________
(1/437)
كتاب الإجارات * باب ما ينقض بعذر وما لا ينقض *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) في رجل اكترى إبلا فأراد أن يقعدن فهو عذر وإن أراد الجمال ذلك فليس بعذر رجل آخر عبده ثم باع فليس بعذر خياط استأجر غلاما ليخيط معه شرح المتن * باب ماينقض بعذر وما لا ينقض *
قوله فهو عذر لأن السفر قد يتعذر بهلاك أسبابه فلو لم ينقض لزمه الضرر
قوله ذلك فليس بعذر لأنه قادر على المضيء بأن يبعث تلميذه يقوم على الإبل فلا عذر له
قوله ثم باعه فليس بعذر لانه قادر على المضي في موجب العقد لأنه لا ضرر في نفسه بأن يصير حتى ينتهي مدة الإجارة
قوله وترك العمل فهو عذر لأنه عجز عن المضي عن موجب العقد لأن تجارته تنقطع عند الإفلاس فلو لم ينقض لزمه ضرر في مالم يستحق بالعقد
قوله في الصرف فليس بعذر لأنه ليس بعاجز لأنه يمكنه أن يستعمل الغلام للخياطة وهو في ناحية من الحانوت يعمل على الصرف فأفلس وترك العمل فهو عذر وإن أراد ترك الخياطة وأن يعمل في الصرف
____________________
(1/438)
فليس بعذر رجل استأجر غلاما يخدمه في المصر ثم سافر فهو عذر وكل ما ذكرنا أنه عذر فإن الإجارة فيه تنتقض والله أعلم بالصواب * باب الإجارة الفاسدة *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) في رجل دفع غزلا شرح المتن
قوله ثم سافر فهو عذر لأنه لا يمكنه أن يسافر به لأن خدمة السفر أعظم من الحضر والحجر من السفر غير ممكن لأن في الحجر ضررا غير مستحق بالعقد فصار بمعنى العيب ولو كان الاستيجار ليخدمه مطلقا فكذلك الجواب لان المستأجر لا يملك أن يسافر به وإن كان العقد مطلقا لتفاوت في الخدمة
قوله تنتقض وهل يكون قضاء القاضي أوالتراضي شرطا للنقص ذكر ههنا أن شيئا من ذلك ليس بشرط بل يتفرد العاقد بالفسخ لأنه فى معنى العيب قبل القبض والعيب قبل القبض يثبت ولاية الفسخ من غير قضاء في باب البيع فكذا ههنا وذكر في الزيادات وجعل قضاء القاضي شرطا فصار في المسئله روايتان والصحيح ما ذكر هنا وإنما يحتاج إلي القضاء إذا كان العذريحتمل الاشتباه * باب الإجارة الفاسدة *
قوله فالإجارة فاسدة الخ أما فساد الإجاره في هذه الصور فلأنه جعل الأجر بعض ما يخرج من عمله فكان في معنى قفيز الطحان وهو أن جر ثورا من إنسان ليطحن بها الحنطة على أن يكون له قفيز من ذلك فتلك الإجاره فاسدة لأن هذا شرط منهى عنه فكذا هذا وأما وجوب أجر المثل فلأنه يسلم له المعقود عليه إذ لا فساد في جانب المعقود عليه
قوله فهو فاسد وقال أبو يوسف ومحمد في الإجارات من المبسوط إنه جائز لأن تصحيح العقود واجب ما أمكن وقد أمكن بأن يجعل المعقود عليه نفس العمل وذكر الوقت للتعجيل فإذا لم يحل وفرغ من العمل يستحق الأجر كله
____________________
(1/439)
إلى حائك ينسجه بالنصف قال فللحائك أجر مثله وكذلك إن استأجر رجلا ليحمل له طعاما بقفيز منه وكذلك إن استأجر من رجل حمارا يحمل له طعاما بقفيز منه فالإجارة فاسدة ولا يجاوز بالأجر قفيز رجل استأجر رجلا يخبز له هذه العشرة المخاتيم هذا اليوم بدرهم فهو فاسد رجل استأجر أرضا على أن يكربها ويزرعها ويسقيها فهو جائز فإن اشترط أن شرح المتن ولأبي حنيفه أن ذكر العمل يدل على استحقاق العمل وذكر الوقت يدل على ذكر استحقاق المنفعه والجمع بينهما غير ممكن فكان المستحق مجهولا والجهاله مانعه لجواز العقد
قوله فهو جائز لأنه شرط ما يقتضيه العقد لأن الزراعه مستحقه به ولا ينتفع بالأرض من حيث الزراعه إلا بالكراب والسقي فكان الكراب والسقي مما يقتضيه العقد
قوله فهو فاسد أما التثنية وهو أن يردها مكروبة عند البعض وأن يكربها مرتين عند البعض ( وهو الصحيح ) فلأنه شرط ما لا يقتضيه العقد ولأحد العاقدين فيه منفعة فكان مفسدا وأما السرقنة فإن منفعتها يبقى إلى العام الثاني فيكون هذا مثله
قوله فلا أجر له لا المعقود عليه جعل نصيب شريكه محمولا شائعا وأنه مستحيل لأن الحمل فعل حقيقي وكل فعل حقيقي يعاين لا وجود له في الشائع فالعقد ورد على ما لا يحتمل الوجود فيبطل
قوله لا يجوز لأن الأجر مجهول فلا يجوز فصار كما إذا استأجر امرأة بطعامها وكسوتها للخبز وله بلى لكن هذه جهالة لا توجب المنازعة لأن العادة بين الناس التوسعة على الآظار والجري على موجب شهواتهن لحب الولد
قوله فلا خير فيه وكذا إجارة السكني بالسكني والركوب بالركوب واللبس
____________________
(1/440)
يثنيها أو يكري أنهارها أو يسرقنها فهو فاسد
رجلان بينهما طعام استأجر أحدهما صاحبه أو حمار صاحبه على أن يحمل نصيبه فحمل الطعام كله فلا أجر له رجل استأجر ظئرا بطعامها وكسوتها فهو جائز استحسانا وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يجوز فإن سمى الطعام وزنا ووصف جنس الكسوة وأجلها وزرعها فهو جائز رجل استأجر أرضا ليزرع بزراعة أرض أخرى فلا خير فيه رجل آخر نصف داره مشاعا لم يجز وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هو جائز رجل استأجر أرضا ولم يذكر أنه يزرعها فالإجارة فاسدة فإن زرعها شرح المتن باللبس لأن المجاز لهذا العقد الحاجة والحاجة لا يتحقق عند اتحاد الجنس
قوله هو جائز ولو آجر أحد الشريكين نصيبه من أجنبي فهو على هذا الخلاف وحكى عن ابي طاهر الدباس أنه قال يجوز هذا بالإجماع والصحيح هو الأول ولو آجر من شريكه جاز بالإجماع في ظاهر الرواية وروى عن أبي حنيفة أنه لا يجوز
قوله فاسدة لأن الأرض تستأجر للزراعة وتستأجر لغير الزراعة وهو البناء والغرس فما لم يبين لا يصير المعقود عليه معلوما وكذا إذا لم يذكر أي شيء يزرعها لأن الأرض تستأجر لزراعة الحنطة وتستأجر لزراعة الشعير والتفاوت بينهما فاحش
قوله فله ما سمى لأن المعقود عليه صار معلوما قبل تمام العقد فيصير ارتفاع الجهالة في هذه الحالة كارتفاعها حالة العقد
قوله نقضت الإجارة لأن العقد فاسد مالم يحمل عليه
قوله فهو جائز لأن البيت وضع للسكنى والناس لا يتفاوتون في السكنى فصار المعقود عليه معلوما عادة فاستغنى عن بيانه صريحا بخلاف ما
____________________
(1/441)
ومضى الأجل فله ما سمى رجل استأجر دابة إلى بغداد بدراهم ولم يسم ما يحمل عليها فحمل ما يحمل الناس فنفقت في بعض الطريق فلا ضمان عليه وإن بلغ بغداد فله الأجر المسمى في الاستحسان وإن اختصما قبل أن يحمل عليها نقضت الإجارة رجل استأجر بيتا ولم يسم شيئا فهو جائز وليس له أن يجعل فيه حدادا ولا قصارا ولا طحانا رجل استأجر أرضا ليزرعها فله الشرب والطريق وإن لم يشترط إجارة انتقضت وفي الأرض رطبة فإنها تقلع والله أعلم * باب الإجارة على شرطين *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) في رجل شرح المتن إذا استأجر دابة إلى بغداد ولم يسم ما حمل عليه حيث يفسد الإجارة لأن الانتفاع بالدابة مختلف متفاوت عادة فإذا صح العقد في مسألتنا فليس له أن يسكن فيه حدادا أو قصارا أو طحانا لأن العقد إذا صح انصرف إلى المعهود وصار المعهود كالملفوظ ولو نص على السكنى لا يملك ذلك فكذا هذا
قوله وإن لم يشترط وهذا استحسان فرق بين هذا و بين الشراء فإنه إذا اشترى أرضا لم يدخل الشرب والطريق إلا أن يقول بمرافقها أو بكل قليل وكثير وبكل حق هو لها لأن الإجارة للانتفاع والبيع للملك
قوله فإنها تقلع لأن الرطبة ليست لنهايتها غاية معلومة بخلاف ما إذا انتهت مدة الإجارة وفي الأرض زرع لم يدرك بعد فإنه يترك لأن له غاية معلومة إلا أنها يترك بأجر حتى يكون مراعاة لكل العاقدين * باب الإجارة على شرطين *
قوله لاينقص الخ وروى ابن سماعة عن أبي حنيفة في أجر المثل إنه
____________________
(1/442)
أعطى خياطا ثوبا فقال إن خطته اليوم فلك درهم وإن خطه غدا فلك نصف درهم فإن خاطه اليوم فله درهم وإن خاطه غدا فله أجر مثله لا ينقص من نصف درهم ولا يزاد على درهم وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) الشرطان جائزان رجل استأجر بيتا على أنه إن سكن فيه فبدرهم وإن أسكن فيه حدادا فبدرهمين فهو جائز وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يجوز رجل استأجر دابة إلى الحيرة بدرهم وإلى القادسية بدرهمين فهو جائز وإن استأجر دابة إلى الحيرة على أنه إن حمل شرح المتن لايزاد على نصف درهم وينقص من نصف درهم وروى عنه رواية أخرى في النوادر إنه لا يزاد على درهم وينقص عن نصف درهم فصار عنه ثلاث روايات
قوله الشرطان جائزان وقال زفر الشرطان فاسدان لأن ذكر اليوم جعل للتعجيل والإضافة إلى الغد للترقية فيجتمع في كل يوم تسميتان درهم ونصف درهم فيفسد العقد وهما جعلا ذكر اليوم للتاقيت والإضافة إلى الغد للتعليق فيجتمع في الغد تسميتان وأبو حنيفة وجعل ذكر اليوم للتعجيل والإضافة الي الغد للتعليق فيجتمع في الغد تسميتان لا يجوز لأن المعقود عليه أحد الشيئين فكان مجهولا ولا يشترط الانتفاع لاستحقاق البدل ليرتفع الجهالة عند العمل بخلاف ما إذا قال للخياط إن خطته رومية فلك درهم وإن خطته فارسية فلك نصف درهم حيث يصح لانه لا يجب الأجر هناك إلا بالعمل ولا يبقى الجهالة عند العمل ولأبي حنيفة أن هذا تخيير من عقدين مختلفين صحيحين فوجب القول بصحته كما في الرومية والفارسية وإنما قلنا ذلك لأن السكنى وعمل الحداد مختلفان وكل منهما عند الانفراد صحيح فكذا عند الجمع والغالب في الإجارة الانتفاع فإذا جاء الانتفاع لم يثبت الجهالة
____________________
(1/443)
عليها شعيرا فبنصف درهم وإن حمل حنطة فبدرهم فهو جائز في قوله الآخر وقال يعقوب ومحمد ( رحمهما الله ) لا يجوز
رجل استأجر رجلا ليذهب إلى البصرة فيجيء بعياله فذهب فوجد بعضهم قد مات فجاءت بمن بقي فله من الأجر بحسابه وإن استأجره ليذهب بكتابه إلى فلان بالبصرة ويجيء بجوابه فذهب فوجد فلانا ميتا فرد الكتاب فلا أجر له وقال محمد ( رحمه الله ) له الأجر في الذهب وإن استأجر رجلا ليذهب بطعام إلى فلان بالبصرة فوجد فلانا ميتا فرده فلا أجر له في قولهم جميعا * باب إجارة العبد *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) في رجل شرح المتن
قوله فله من الأجر بحسابه يريد به إذا كانوا مسلمين لأنه أوفى بعض المعقود عليه
قوله في قولهم جميعا والفرق لمحمد أن نقل الطعام عمل يقابل به الأجر وقد نقضه فيبطل الأجر وأما حمل الكتاب فليس بعمل يقابل به الأجر ليسره وخفة مؤنته وإنما يقابل به الأجر لقطع المسافة وقد قطعها له في الذهاب ولهما أنه قابل الأجر بنقل جواب الكتاب وهو الغرض وقد نقضه فيبطل الأجر كما في مسئلة الطعام * باب إجارة العبد *
قوله وليس للمستأجر الخ وهذا استحسان ذكره في الأصل والقياس أن لا يجوز وللمستأجر أن يأخذ منه الأجر لأن عقد المحجور باطل فلا يستحق شيئا كما إذا هلك العبد من العمل وجه الاستحسان أن العبد محجور عما يضر بالمولى مأذون في ما ينتفع به ألا ترى أنه إذا قبل الهبة يجوز من غير إذن المولى والجواز في الابتداء يضر به المولى والجواز في الانتهاء ينتفع به
____________________
(1/444)
استأجر عبدا محجورا عليه شهرا فعمل فأعطاه الأجر فهو جائز وليس للمستأجر أن يأخذه منه رجل غصب عبدا فآجر العبد نفسه فأخذ الغاصب الأجر فأكله فلا ضمان عليه وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هو ضامن وإن وجد المولى الأجر قائما أخذه ويجوز قبض العبد الآجر في قولهم جميعا
رجل استأجر عبدا هذين الشهرين شهرا بأربعة وشهرا بخمسة فهو جائز والأول منهما بأربعة رجل استأجر عبدا شهرا بدرهمين فقبضه في أول الشهر ثم جاء آخر الشهر وهو آبق أو مريض فقال أبق أو مرض حين أخذته وقال المولى لم يكن ذلك إلا قبل أن تأتيني بساعة فالقول قول المستأجر وإن جاء وهو صحيح فالقول قول الآجر والله أعلم شرح المتن المولي فوجب القول له وإذا جاز لم يكن للمستأجر أن يأخذ منه
قوله هو ضامن لأنه أتلف ملك المالك من غير إذنه فيجب الضمان ولأبي حنيفة أن الأجر غير محرز في حق الغاصب لأن العبد ليس بمحرز بنفسه فلا يكون العبد محرزا لما في يده فلا يكون متقوما فلا يكون مضمونا
قوله بأربعة حتى لو عمل الأول دون الثاني لزمه أربعة دراهم ولولا عمل الثاني دون الأول لزمه خمس دراهم لأنه لما قال شهرا بأربعة انصرف إلى ما يلي الإيجاب فتعين الثاني للذي يلي ذلك الشهر
قوله فالقول قول المستأجر الخ لأنهما اختلفا في أمر احتمل احتمالا سواء لأن تسليم المؤجرالعهد إلى المستأجر لا يوجب تسليم المعقود عليه إلا بدوام العبد إلى آخر المدة وذلك محتمل فإذا اختلفا فيه وجب الترجيح بالحال لأنه يدل على الدوام ظاهرا وهو نظير ما قال في كتاب الإجارات من المبسوط في المستأجر للرحا إذا ادعى بعد المدة إن الماء كان منقطعا وأنكر رب الرحا فإن كان الماء منقطعا في الحال فالقول قول المستأجر وإن كان الماء جاريا فالقول قول
____________________
(1/445)
* باب ما يضمن فيه المستأجر وما لا يضمن مما يخالف *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) في رجل استأجر دابة إلى الحيرة فجاوز بها إلى القادسية ثم ردها إلى الحيرة فنفقت فهو ضامن والعارية كذلك رجل اكترى حمارا بسرج فنزع السرج شرح المتن رب الرحا لأن الحال وإن لم يصلح حجة يصلح مرجحا لأن الترجيح أبدا يقع بما ليس بحجة كذا ههنا * باب ما يضمن فيه المستأجر وما يضمن مما يخالف *
قوله والعارية كذلك وفي الوديعة يبرء عن الضمان حين عاد إلى الوفاق وجه الفرق أن في الإجازة والعارية غير مأمور بالحفظ مقصودا لم يكن نائبا في الحفظ لكن لم يجب عليه الضمان لانعدام أسباب الضمان فبعد الخلاف لا يصير رادا إلى من هو نائب عن المالك في القبض فيضمن وأما المودع مأمور بالحفظ فيصير بالعودة إلى الوفاق رادا إلى من هو نائب عن الملك في القبض
قوله فلا ضمان عليه لأنه لا فرق بينهما فيكون الإذن بالإسراج إذنا بذلك دلالة
قوله يضمن بحساب ذلك لأن الإكاف إذا كان يوكف بمثله الحمر لا يكون بين الإكاف والسرج تفاوت فيكون الإذن بذلك إذنا بهذا دلالة إلا أنه إذا كان أثقل منه لا يكون إذنا بتلك الزيادة ولأبي حنيفة أن الإكاف يستعمل لما لا يستعمل له السرج فصار في الحق الدابة مخالفا إلى جنس غير المسمى فلم يكن مستوفيا شيئا من المسمى فيضمن الكل كما إذا أبدل الحديد مكان الحنطة
قوله فلا ضمان عليه هذا إذا لم يكن بين الطريقين تفاوت لأنه حينئذ لا يصح التعيين لعدم الفائدة لكن أطلق في الكتاب لأن الطريقين إذا كان يسلك فيهما الناس فلما يكون بين الطريقين تفاوت
قوله ضمن لأن بينهما تفاوتا فاحشا لكن إن بلغه فله الأجر لأنه إذا
____________________
(1/446)
وأسرجه بسرج مثله فلا ضمان عليه وإن كان لا يسرج مثله به ضمن وإن أوكفه بإكاف يوكف بمثله ضمن وقال أبو يوسف و محمد ( رحمهما الله ) يضمن بحساب ذلك
رجل استأجر رجلا يحمل له متاعا في طريق كذا فأخذ في طريق غيره يسلكه الناس فهلك المتاع فلا ضمان عليه وإن بلغ فله الأجر وإن حمله في البحر فيما يحمله الناس ضمن وإن بلغ فله الأجر رجل استأجر أرضا ليزرعها حنطة فزرعها رطبة ضمن ما نقصها ولا أجر عليه رجل دفع إلى خياط ثوبا ليخيطه قميصا بدرهم فخاطه قباء فإن شاء ضمنه قيمة الثوب وإن شاء أخذ القباء وأعطاه أجر مثله ولا يجاوز به درهما والله أعلم بالصواب شرح المتن أسلم بقي التفاوت صورة فلا يمنع وجوب المسمى
قوله ضمن مانقصها لأن الرطبة لا تعرف نهايتها واستعمال الأرض بالرطبة جنس غير جنس الاستعمال بالحنطة فصار غاصبا ضامنا بكل حال فلا يجب الأجر
قوله فخاطه قباء يريد به القرطق الذي هو ذو طاق واحد
قوله فإن شاء الخ لأن هذا القباء يشبه القميص من وجه لأن بعض الناس يستعملونها استعمال القميص فكان مخالفا له من وجه موافقا له من وجه فإن شاء مال إلى جهة الخلاف وإن شاء مال إلى جهة الوفاق لكن لا يلزمه المسمى وإنما يجب أجر المثل لأن العمل متفاوت لكن لا يزاد على المسمى كما هو الأصل في الإجارات الفاسدة وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يضمن قيمته ولا سبيل له على الثوب لأن هذا غاصب خاط ثوب غيره بغير أمره لأن القباء جنس آخر غير جنس القميص فلا يتناوله الأمر أصلا فيضمن قيمته ويملكه
____________________
(1/447)
* باب جناية المستأجر *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنهم ) في رجل استأجر رجلا ليحمل له دنا من الفرات فوقع في بعض الطريق فانكسر فإن شاء ضمنه قيمته في المكان الذي حمله ولا أجر له وإن شاء ضمنه في الموضع الذي انكسر وأعطاه أجره بحساب ذلك وكل أجير مشترك ضامن لما جنت يده خالف أو لم يخالف وما هلك في يده من غير صنعه فلا ضمان عليه ولا أجر له وقال يعقوب ومحمد ( رحمهما الله ) يضمن ما هلك أيضا شرح المتن * باب جناية المستأجر *
قوله من الفرات إنما وضع المسئلة في الفرات لأن الدنان تباع هنالك
قوله في بعض الطريق قيد به لأنه لو انكسر بعدما انتهى إلى المكان المشروط من جناية يده فلا ضمان عليه وله الأجر
قوله فإن شاء الخ وقال زفر والشافعي لا يضمن وفقه المسئلة أن الأجير المشترك يضمن ما تلف بصنعه عندنا خلافا لهما
قوله وكل أجير مشترك هو الذي يعمل لعامة الناس كالقصار والصباغ
قوله يضمن ما هلك أيضا إن كان بسبب يمكن التحرز عنه كالسرقة والغضب حجتها فعل علي رضي الله عنه ولأبي حنيفة ان المقبوض أمانة عنده بدلالة أن الهلاك لو كانت بسبب لا يمكن التحرز عنه كالحريق الغالب لا يضمن لأنه أمين والأمين لا يجب عليه الضمان بهلاك الأمانة
قوله فله ذلك وقال زفر ليس له ذلك وعلى هذا الخلاف كل عامل لعلمه أثر في العين له حق الحبس وأجمعوا على أنه إذا لم يكن لعمله أثر في العين نحو الغسل والحمل لا يملك الحبس
____________________
(1/448)
قصار حبس ثوبا لأجر فله ذلك فإن ضاع فلا ضمان عليه ولا أجر له وإن دق الثوب فخرقه فهو ضامن رجل استأجر رجلا يخبز له فلما أخرج الخبز من التنور احترق من غير فعله فله الأجر ولا ضمان عليه بيطار بزغ دابة رجل بدانق بأمره فنفقت أو حجام حجم عبدا بأمر مولاه فمات فلا ضمان عليه مسائل من كتاب الإجارات لم تدخل في الأبواب
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل شرح المتن
قوله فلا ضمان عليه لأن قبل حبس العين كانت أمانة في يده عند أبي حنيفة فكذا بعده ولا أجر له كهلاك المبيع قبل القبض وعنهما العين كان مضمونا قبل الحبس فكذا بعد الحبس ولصاحبه الخيار إن شاء ضمنه غير معمول ولا أجر له وإنشاء ضمنه معمولا وأعطاه الأجر لأن الوصف تبع للأصل فإذا صار الأصل مضمونا بالعقد صار التبع ايضا مضمونا تبعا وإن كان المبيع لا يصير مضمونا بالقيمة على البائع قصدا ألا ترى أنه إن أتلفه الصباغ والقصار بخير رب الثوب في ما قلنا بالإجماع فكذا ههنا
قوله فله الأجر ولا ضمان عليه يريد به إذا خبز في بيت المستأجر وهكذا العادة لأنه ملما أخرج الخبز من التنور فقد صار الخبز منتفعا به فصح التسليم لقيام يده على الخبز بواسطة قيامها على منزله بخلاف ما إذا لم يخرجه بعد من التنور لأن العلم غير منتفع به وكأنه لم يوجد فلا يصح تسليمه بخلاف الخياط يخيط في منزل رب الثوب فهلك الثوب بعدما خاط بعضه حيث يستحق الأجر بحصته لأنه قدر ما خاطه متنفع به فصح التسليم مسائل من كتاب الإجارات لم تدخل في الأبواب
قوله فلا ضمان عليه لأن تحصيل شرط التلف إذا كان بغير تعد لا يحال
____________________
(1/449)
استأجر أرضا أو استعارها فأحرق الحصائد فاحترق شيء في أرض أخرى فلا ضمان عليه رجل استأجررحا فانقضت الإجارة فردها على المؤاجر وإن كانت عارية فردها على المستعير يعني حجر الرحا لأن في حمل ذلك مؤنة خياط أو صائغ أقعد في الحنوت من يطرح عليه العمل بالنصف فهو جائز
رجل استأجر بيتا شهرا بدرهم فكلما سكن يوما فعليه الأجر بحسابه وكذا إكراء الإبل إلى مكة وإجارة الأرض رجل اكترى من رجل إبلا بغير شرح المتن التلف إليه ألا ترى أنه لو حفر بيرا في داره فوقع فيها إنسان ومات حيث لا يضمن لأنه ليس بمتعد بخلاف ما إذا حفر على قارعة الطريق فوقع فيها إنسان ومات حيث يضمن لأنه تعدى
قوله على المؤاجر يريد به مؤنة الرد لان منفعته تعود إليه في الحقيقة لأنه يحصل له بدل المنفعة وأنه عين والذي يحصل للمستأجر منفعة والعين خير من المنفعة فيكون ضرر الرد عليه
قوله فهو جائز وإن كانت الأجرة مجهولة لأنها شركة لا إجاوة وهو شركة التقبل ورأس المال هو العمل
قوله وكذا إكراء الخ وكان أبو حنيفة أولا يقول في الكراء إلى مكة كل من يحمل حمولة على ظهره أو دابته أنه لايستحق الأجر حتى يستوفي تسليمه مفروغا وكذلك في سكني البيت لا يستحق حتى يستوفي المستأجر المنفعة كلها ثم رجع وقال في الكراء كلما صار مرحلة استوجب الأجر وفي السكنى كلما سكن يوما استوجب الأجر وهو قول أبي يوسف ومحمد فأما الخياط وكل صانع لعمله أثر في العين يحبس به فإنه لا يستوجب الأجر حتى يسلمه مفروغا بالإجماع وإنما كان كذلك لأن المعاوضة مبناها على المساوات وقد صار أحد العوضين
____________________
(1/450)
أعيانها إلى مكة فكفل له رجل بالحملان فهو جائز وله أن يأخذ أيهما شاء بالحملان رجل استأجر عبدا يخدمه فكفل له رجل بالخدمة فهو باطل والله أعلم شرح المتن مسلما منتفعا به فيجب أن يكون الأجر كذلك أيضا إلا في موضع الضرورة
قوله فهو جائز إنما تجوز هذه الكفالة إذا كانت الإبل بغير أعيانها فأما إذا كانت بأعيانها فلا يجوز لأنه لا يمكن استيفاء حملها من غيرها فلم يجز وهذا إذا كفل بالحمل أما إذا كفل بالإبل جاز في الوجهين جميعا لأنه يمكن استيفاؤها من الكفيل مثله وهو مثل الكفالة بالنفس بخلاف الأولى لأنه كفيل بالحمل وإنما يقدر على تسليمه إذا كانت الإبل بغير أعيانها
قوله فهو باطل لما قلنا إنه لا يمكن استيفاؤه من غيره ولو كفل بعين العبد جاز لما قلنا
____________________
(1/451)
كتاب المكاتب * باب في الكتابة الفاسدة *
محمد عن بعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل كاتب عبدا له على مائة دينار على أن يرده المولى عبدا بغير عينه فالكتابة فاسدة وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) يقسم المائة دينار على قيمة المكاتب وعلى قيمة عبد وسط فيبطل منها حصة العبد ويكون مكاتبا بما بقي رجل كاتب عبده على قيمته أو كاتبه على شرح المتن * باب في الكتابة الفاسدة *
قوله ويكون مكاتبا بما بقي لأن العبد يصلح أن يكون بدل الكتابة وينصرف إلى الوسط أيضا فيصل أيضا أن يكون مستثنى من بدل الكتابة وكذا في بدل كل عقد ولهما أن العبد لا يمكن استثناءه من الدنانير لأن صحة الاستثناء تبتني على المجانسة وإنما استثنى من قيمته والقيمة لا يصلح أن يكون بدل الكتابة لأنها مجهولة فكذا لا يصلح أن يكون مستثنى من بدل الكتابة
قوله لم يجز أما الأول فلأن القيمة مجهولة الجنس والقدر والوصف لأن القيمة قد تكون من الدراهم وقد تكون من الدنانير وهما جنسان مختلفان ومثل هذه الجهالة يمنع صحة الكتابة كما لو كاتبه على ثوب بغير عينه وأما الثاني
____________________
(1/452)
شيء بعينه لم يجز نصاني كاتب عبده على خمر فهو جائز أيهما أسلم فللمولى قيمة الخمر وإذا قبضها عتق * باب في الحر يكاتب العبد والعبد يكاتب عن نفسه وغيره *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في حر كاتب عن عبد فإن أدى عنه عتق وإن بلغ العبد فقبل فهو مكاتب عبد كاتب عن نفسه وعن عبد آخر لمولاه غائب فإن أدى الشاهدة عتقا وأيهما أدى لم يرجع شرح المتن فلان الغائب جعل نفسه أصلا والغائب تبعا لنفسه فلا يكون عليه من البدل فلأنه لا يفيد مقصوده وهو صيرورته أحق مكسبه لأنه لا يجب عليه أداء بدل الكتابة من مكاسبه إذا وقعت الكتابة على شيء بعينه لغيره فلا يصير أحق بمكاسبه لأنه يجوز أن لا يبيع العين له فلا يكون أحق بمكاسبه وإن أجاز صاحب العين ففيه روايتان ذكرناهما في كتاب المكاتب في شرح المختصر
قوله فهو جائز يريد به إذا كان مقدارا معلوما
قوله قيمة الخمر لأنه وقع العجز عن تسليم عين الخمر لأن المسلم منهى عن تسليم الخمر وتسلمها وفي تسليم عين الخمر تمليكها أو تملكها للمسلم وذلك باطل فالعجز شيء وقع عن تسليم بدل الكتابة فيجب تسليم قيمته لتقوم القيمة مقامه فإذا أقبض القيمة يعتق لأن الكتابة في معنى المعاوضة * باب الحر يكاتب عن العبد والعبد بكاتب عن نفسه وغيره *
قوله في حر الخ صورة المسألة أن يقول رجل لمولى العبد كاتب عبدك على ألف درهم على أني إن أديت إليك ألفا فهو حر فكاتبه على هذا فإن أدى عتق بحكم الشرط لأنه علق عتقه بأدائه وإن بلغ العبد فقبل يصير مكاتبا لأن الكتابة كانت موقوفة على إجازته
قوله بشيء لان معنى المسئلة أن يقول كاتبني بألف على نفسي وعلى
____________________
(1/453)
على صاحبه ولا يأخذ المولى الغائب بشيء وإن قبل الغائب أو لم يقبل فليس بشيء والكتابة لازمة للشاهد أمة كاتبت عن نفسها وعن ابنين صغيرين لها فهو جائز وأيهم أدى لم يرجع على صاحبه * باب في العبد بين رجلين يكاتبانه أو يكاتبه أحدهما * محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) عبد بين رجلين أذن أحدهم لصاحبه أن يكاتب نصيبه بألف ويقبض فكاتب وقبض شرح المتن شيء وللمولى أن يأخذ الحاضر بكل بدل الكتابة ولأن البدل عليه فأيهما أدى عتقا أما الحاضر فلأن البدل عليه وأما الغائب فلأنه محتاج إليه ليصل إلى العتق ولا يرجع أحدهما على صاحبه أما الحاضر فلأن البدل عليه وأما الغائب فلأنه متبرع في ذلك فليس له ولاية الرجوع
قوله لازمة للشاهد لأن الكتابة نفذت كذلك من غير قبوله فلا يتغير بقوله * باب في العبد بين رجلين يكاتبانه أو يكاتبه أحدهما *
قوله فالمال للذين قبض عند أبي حنيفة الكتابة تتجزى فاقتصر على نصيبه وليس للآخر حق نقض الكتابة لوجود الأذن منه بها فإذا قبض شيئا من بذل الكتابة بإذن شريكه يكون كله له لأن الاذن بقبض بدل الكتابة إذن للمكاتب بالآداء فصار متبرعا على الكتابة بنصيبه من الكسب وعندهما الكتابة لا تتجزى فكان الإذن بكتابة نصيبه إذنا بكتابة الكل فإذا كاتب يكون مكاتبا نصيب نفسه بحكم الملك ونصيب شريكه بحكم التوكيل فيكون مكاتبا لهما ويكون بدل الكتابة بينهما فإذا قبض من الكاتب شيئا يكون ينهما وإذا عجز يبقى بينهما كما كان
____________________
(1/454)
بعض الألف ثم عجز فالمال للذي قبض وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) هو مكاتب بينهما وما أدى فهو بينهما
جارية بين رجلين كاتباها فوطئها أحدهما فجاءت بولد فادعاه ثم وطئها الآخر فجاءت بولد فادعاه ثم عجزت فهي أم ولد للأول ويضمن هو لشريكه نصف عقرها ونصف قيمتها ويضمن شريكه عقرها وقيمة الولد ويكون ابنه وأيهما دفع العقر إلى المكاتب جاز وإن كان الثاني لم يطأها لكن دبرها ثم عجزت بطل التدبير وهي أم ولد للأول ويضمن لشريكه نصف عقرها ونصف قيمتها والولد ولد الأول وقال أبو يوسف شرح المتن
قوله فهي أم ولد للأول الخ هذا قول أبي حنيفة بناء على أنه لما ادعى أحدهما ولد المكاتبة صح فصار نصيبه أم ولد لا غير لأن الاستيلاد يقبل التجزي إذا وقع في مالا يقبل النقل فإذا ادعاه الآخر صح لأن له فيها ملكا من حيث الظاهر فإذا عجزت المكاتبة بعد ذلك صار الكتابة كأن لم تكن فتبين أن الجارية كلها أم ولد للأول وولد الثاني ولد مغرور لوجود حده وقال أبو يوسف ومحمد الجارية أم ولد للأول فيضمن لشريكه في قول أبي يوسف نصف قيمتها وفي قول محمد الأقل من نصف ما بقي من بدل الكتابة ونصف قيمتها ولا يثبت نسب الولد من الثاني ويغرم لها العقر بناء على أنه لما ادعى أحدهما صارت الجارية كلها أم ولد له وتفسخ الكتابة في حق التمليك لا في ما وراء
قوله والولد ولد الأول الخ هذا بالإجماع أما عند أبي حنيفة فلأنه تبين بالعجز أنه لم يكن له فيها ملك والملك شرط لصحة التدبير بخلاف دعوى الولد لأن فيه شبهة الملك وأما عندهما فلما قلنا
قوله لا يرجع عليها لأنها لما عجزت بطلب الكتابة فصارت كأنها لم
____________________
(1/455)
ومحمد ( رحمهما الله ) إن وطئها أحدهما فجاءت بولد فاداعه فهي أم ولد له ويضمن لشريكه في قياس قول أبي يوسف ( رحمه الله ) نصف قيمتها وفي قول محمد ( رحمه الله ) الأقل من نصف قيمتها ومن نصف ما بقي من بدل الكتابة ولا يجوز وطيء الآخر ولا يثبت نسب الولد ولا يكون الولد له بالقيمة ويغرم لها العقر في قولهما
جارية بين رجلين كاتباها ثم أعتقها أحدهما وهو موسر ثم عجزت ضمن المعتق لشريكه نصف قيمتها ويرجع بذلك عليها وقال أبو يوسف شرح المتن تكن فهذه جارية بين اثنين أعتقها أحدهما وهو موسر فالجواب هناك على هذا الاختلاف فكذا هذا وأما قبل العجز فعند أبي حنيفة لا يضمن شيئا لشريكه لأن هذا العتق لم يوجب تغيرا في حق نصيب شريكه فإنه يوجب عليها السعاية في نصيب شريكه بالعتق والسعاية كانت واجبة عليها قبل العتق فأما عند أبي يوسف ومحمد عتق كلها فيضمن نصف قيمتها وهي مكاتبه لشريكه وهو قول أبي يوسف وأما عند محمد يضمن الأقل من نصف قيمتها ونصف ما بقي من بدل الكتابة كما ذكرنا في المسئلة المتقدمة لمحمد أن ما للمولى على المكاتبة أحد الشيئين إما بدل الرقة وإما بدل الكتابة فمن المحال أن يغرم له ألف درهم وهو نصف قيمتها وقد بقي عليه من مكاتبة درهم
قوله إن شاء الذي دبره الخ وجه هذه المسئلة أن التدبير يتجزى عند أبي حنيفة كالعتق فإذا دبر أحدهما نصيبه اقتصر على نصيبه إلا أنه فسد بتدبيره نصيب الشريك الآخر فيثبت له الاختيار في أن يعتق نصيبه أو يضمن الشريك الذي دبره أو يستسعى العهد فإذا أعتق الآخر اختار واحدا من الأمور الثلاثة التي كانت له ولم يبق له خيار التضمين والاستسعاء ثم إعتاقه يقتصر على نصيبه لكون العتق متجزيا لكنه فسد به نصيب الآخر وهو الذي دبره لأنه كان قبل إعتاقه يملك الاستخدام وقد بطل ذلك الآن فبناءا عليه جاز له أن يأخذ من المعتق قيمة
____________________
(1/456)
ومحمد ( رحمهماالله ) لايرجع عليها عبد بين رجلين دبره أحدهما ثم أعتقه الآخر وهو موسر فإن شاء الذي دبره ضمن المعتق نصف قيمته وإن شاء استعسى العبد وإن شاء أعتق فإن أعتقه أحدهما ثم دبره الآخر لم يكن له أني ضمن المعتق ويستسعى العبد في نصف قيمته أو يعتق وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إذا دبره أحدهما فعتق الآخر باطل ويضمن نصف قيمته موسرا كان أو معسرا وإن أعتقه أحدهما فهو حر كله من قبله وتدبير الآخر باطل فإن كان المعتق موسرا ضمن نصف قيمته وإن كان معسرا سعى العبد في ذلك * باب في المكاتب يعجز أو يموت فيترك وفاء أو لا يترك * محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في مكاتب شرح المتن نصيبه أو يعتق نصيبه أو يستسعى العبد فإن اختار التضمين بأخذ قيمته مدبرا لأنه أعتق حين أعتق وهو مدبر
وإن أعتقه أحدهما أولا كان للآخر خيار العتق والضمان والاستسعاء لما مر فإذا دبره الآخر بعد ذلك لم يبق له خيار التضمين لأن الغرض من التضمين أن يملك وهو غير ممكن ههنا لأن المدبر لا يملك ويبقى له خيرا العتق والاستسعاء وأما عند أبي يوسف ومحمد فلما كان العتق والتدبير غير متجزين فإذا دبره أحدهما صار الكل مدبرا فلم يصح إعتاق الآخر وضمن الذي دبر لشريكه نصف قيمته لأنه ملك نصيبه بالتدبير وهذا ضمان الملك فلا يختلف باليسار والإعسار وكذا إذا أعتقه أحدهما أولا فتدبير الآخر باطل ويضمن المعتق لشريكه نصف قيمته إن كان موسرا لأنه ضمان الإعتاق فلا يجب في الإعسار كذا في الهداية * باب في المكاتب يعجز أو يموت فيترك وفاء أو لا يترك *
قوله وهو قول محمد الخ أصله أن السنة في الكتابة التأجيل والتنجيم
____________________
(1/457)
عجز فقال أخروني قال إن كان له مال حاضر أو غائب يرجى قدومه أخر يومين أو ثلاثة لا يزاد على ذلك وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) لا يرد رقيقا حتى يتوالى عليه نجمان مكاتب أجل بنجم عند غير سلطان فعجز فرده مولاه برضاه فهو جائز مكاتب اشترى ابنه ثم مات وترك وفاء ورثه ابنه وكذلك إن كان هو وابنه مكاتبين كتابة واحدة شرح المتن والتيسير فإذا أجل بنجم ولم يؤد حصته كان للمولى حق الفسخ في قولهما إلا أن يكون له مال حاضر أو غائب يرجى وجوده فيؤخر يوما أو يومين أو ثلاثة أيام لأنه لما مضى النجم صار كأنه كوتب على ذلك القدر حالا ولو كان كذلك لا يؤخر زيادة على ما قلنا فكذا هذا وقال أبو يوسف لايفسخ حتى يتوالى عليه نجمان لقول علي ( رضي الله عنه ) إذا توالى على المكاتب نجمان رد في الرق
قوله فهو جائز لأن الكتابة محتمل للفسخ بالتراضي من غير عذر فعند العذر أحق
قوله ورثه ابنه لأنه لما أدى بدل الكتابة حكم بعتق المكاتب في آخر جزء من أجزاء حياته فحكم بعتق ابنه في ذلك الوقت لأنه تابع له فهذا حرمات عن ابن حر فيرثه
قوله وكذلك لأن كل واحد منهما كشخص واحد لكون العقد واحدا فإذا حكم بعتق أحدهما في وقت حكم بعتق الآخر في ذلك الوقت
قوله لم يكن ذلك قضاء الخ لأن القاضي قرره حكم الكتابه لأن من قضية قيام الكتابة أن يكون الولد ملحقا بموالي الأم والعقل عليهم مع احتمال أن يعتق الأب فيجر الولاء إلى نفسه
قوله فهو قضاء بالعجز لأن الاختلاف في تعيين نفس الولاء راجع إلى
____________________
(1/458)
مكاتب مات وله ولد من حرة وترك دينا فيه وفاء بكتابته فجنى الولد فقضى به على عاقلة الأم لم يكن ذلك قضاء بعجز المكاتب وإن اختصم موالي الأم وموالي الأب في ولائه فقضي به لموالي الأم فهو قضاء بالعجز مكاتب أدى إلى مولاه من الصدقات ثم عجز فهو طيب للمولى عبد جنى فكاتبه المولى ولم يعلم بالجناية ثم عجز فإنه يدفع أو يفدي وكذلك مكاتب جنى فلم يقض به حتى عجز وإن قضى به عليه في كتابته فهو دين يباع فيه رجع أبو يوسف ( رحمه الله ) إليه والله أعلم * باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز * محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) مكاتب اشترط شرح المتن قيام الكتابة وانتقاضها لأن الولاء لا يستقر إلا بناء على ذلك يعني الحرية وهذا فصل مجتهد فيه فإذا قضى بالولاء لموالي الأم كان هذا قضاء في فصل مجتهد فيه فينفذ قضاؤه
قوله فهو طيب للمولي لأنه تبدل ملكه فإن الصدقة كانت ملكا للمكاتب ثم صارت ملكا للمولى بالأداء وبعد تبدل الملك يحل الصدقة للغني والهاشمي هذا إذا عجر بعد الأداء وإن عجز قبل الأداء لم يذكر ههنا وذكر في موضعآخر أنه طيب للمولى أيضا
قوله رجع أبو يوسف إليه وكان يقول أولا إذا عجز قبل القضاء بيع فيه أيضا وهو قول زفر لأن المانع عن الدفع قائم عند الجناية وهي الكتابة فصار لازما بنفس الوقوع كجناية المدبر ولنا أن المانع للدفع قابل للزوال فلما تردد لم يثبت الانتقال إلا بقضاء أو رضاء ولا كذلك التدبير * باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز *
قوله فله أن يخرج الخ هذا الشرط باطل والكتابة جائزة أما بطلان الشرط فلأنه يخالف موجب العقد هو استحقاق يده فيبطل وأما صحة العقد
____________________
(1/459)
عليه أن يخرج من الكوفة إلا بإذن سيده فله أن يخرج استحسانا مكاتب كاتب عبده جاز وإن أعتقه على مال أو باعه نفسه منه لم يجز وإن زوج أمته جاز وإن زوج عبده لم يجز وكذلك الأب والوصي في رقيق الصغير فأما المأذون فليس له شيء من ذلك وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) للمأذون أن يزوج أمته مكاتب تزوج بإذن مولاه امرأة زعمت أنها حرة فولدت منه ثم استحقت فأولادها عبيد ولا يأخذهم بالقيمة وكذلك العبد يأذن له المولى في التزويج شرح المتن فلأن الكتابة في جانب العبد تشبه العتق لأنه إسقاط وفك الحجر فكل شرط في جانبه كان إهدارا لأنه بمنزلة الداخل على العتق وهذا الشرط يختص بجانبه فكان هدرا والهدر لا أثر له
قوله جاز لأنه من جملة الأكساب فيملك المكاتب
قوله فليس له شيء من ذلك لأن المأذون يملك ما هو من توابع التجارة وهذا ليس من التجارة بخلاف المكاتب لأنه مأذون في الأكساب
قوله فأولادها عبيد هذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد أولاد أحرار بالقيمة يؤديها إليه إذا أعتق ذكر قوله في الأصل له أن العبد شارك الحر في سبب هذا الحق وهو الغرور فيشاركه في الحكم ولهما أن هذا ولد ولد بين رقيقين فيكون عبدا كما لو كان عالما بحالها وحكم الشرع يثبت في الأصل نظرا للمغرور بإبقاء مائه على الحرية فيترجح ماءه على ماء المرأة أما ههنا لو وجب العتق لوجب إثباته ابتداء لأنه لا تعارض بين المائين فيجب الترجيح
____________________
(1/460)
مكاتب وطئ أمة على وجه الملك بغير إذن المولى ثم استحقت فعليه العقر ويؤخذ به في الكتابة وإن وطئها على وجه النكاح لم يؤخذ به حتى يعتق وكذلك المأذون له مكاتب اشترى جارية بيعا فاسدا فوطئها ثم ردها أخذ بالعقر في الكتابة وكذلك العبد المأذون مسائل من كتاب المكاتب لم تشاكل ما في الأبواب محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) أم ولدت كاتبها مولاها ثم مات عتقت وبطلت الكتابة أم ولد النصراني أسلمت فعليها أن تسعى في قيمتها رجل قال لعبده قد جعلت عليك ألفا تؤديها إلى نجوما شرح المتن
قوله ويؤخذ به في الكتابه لأن هذا المهر وجب بسبب الشراء لأنه لولا الشراء لوجب الحد فصار هذا المال من توابع التجارة فيلحق بها
قوله حتى يعتق لانه ليس من توافع التجارة وليس من باب الكسب فلم يكن التزامه داخلا في ولاية المكاتب بغير إذن المولى فصار كدين الكفالة مسائل من كتاب المكاتب لم تشاكل ما في الأبواب
قوله وبطلت الكتابة وسقط بدل الكتابة لأن بدل الكتابة إنما يجب عليها إذا عتقت بالكتابة وهذه عتقت بسبب الاستيلاد فلا يجب عليها بدل الكتابة
قوله فعليها أن تسعى أي يقضي عليها بأن تسعى في قيمتها فتعتق وقال زفر تعتق في الحال وعليها الساعية وهي حرة تسعى لان الإسلام أوجب إزالة الرقية عن ملكه في الحال فقام الإعتاق مقامه ههنا فوجب تعجيله ولنا أن الإزالة وجبت بطريق النظر وههنا النظر في السعاية
قوله فهو جائز لأن الاعتياض عن الأجل ربا من وجه وشراؤه من المكاتب شراء من وجه والربا يجري في الشراء فإذا لم يكن هذا شراء من وجه
____________________
(1/461)
أول النجم كذا وآخره كذا فإذا أديتها فأنت حر وإن عجزت فأنت رقيق قال هذه مكاتبه رجل كاتب عبده على ألف إلى سنة ثم صالحه على خمس مائة معجلة فهو جائز
مريض كاتب عبده على ألفين إلى سنة وقيمته الف ثم مات فلم يجز الوثة فإنه يؤدي ثلثي الألفين حالا والثلث إلى الأجل أو يرد رقيقا وهو قول أبي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) يؤدي ثلثي القيمة حالا والباقي إلى الأجل وإلا رد رقيقا وإن كاتبه على ألف إلى سنة وقيمته ألفان أدى ثلثي القيمة حالا أو يرد رقيقا في قولهم جميعا والله أعلم شرح المتن لم يكن ربا من وجه فلم يعتبر
قوله فإنه يؤدي الخ لأن البدل كله بدل الرقبة فصار كأن الرقبة قيمتها ألفا درهم فإذا أجل تصح في ثلثه وقال محمد يؤدي ثلثي الألف حالا والباقي إلى أجله أو يرد رقيقا لأن للمكاتب أن يكاتب على ألف ولا يوجب ما زاد عليه فإذا كان له أن يترك ما زاد عليه كان له أن يؤخره بالطريق الأولى
قوله في قولهم جميعا لأنه تبرع بالألف الآخر وهو في معنى التبرع فيصح في الثلث
____________________
(1/462)
كتاب المأذون محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال ليس للمأذون ولا للمكاتب أن يقرضا فإن فعلا فهو باطل رجل قدم مصرا فقال أنا عبد فلان فاشترى وباع لزمه كل شيء من التجارة إلا أنه لا يباع حتى يحضر مولاه فإن حضر وقال هو مأذون بيع في الدين جارية أذن لها مولاها في التجارة فاستدانت أكثر من قيمتها ثم دبرها المولى فهي مأذون لها على حالها والمولى ضامن قيمتها للغرماء وإن وطئها المولى فجاءت بولد فادعاه ولم يدبرها فهذا حجر عليها ويضمن المولى قيمتها شرح المتن كتاب المأذون
قوله فهو باطل لأنه متبرع والوصي والأب كذلك بخلاف القاضي فإنه بملك إقراض مال اليتيم وقد تقدم ذكر الفرق في كتاب القضاء
قوله فقال أنا عبد الخ المسئلة على وجهين إما أن يخبر أنه مأذون من جهة المولى أو لا يخبر بشيء ويبيع ويشتري أما إذا أخبر يجب قبوله عدلا كان أو غير عدل وهكذا خبر كل مخبر عدلا كان أو غير عدل في حق ملك التجارة باعتبار الحاجة فإن الناس يبعثون العبد والأحرار للتجارة فلو لم يقبل قولهم يؤدي إلى إلحاق الضرر بالناس وعليه إجماع الأمة إلا أنه لا يعتبر قوله في بيع رقبته بالدين لان رقبته ملك المولى وليست بحق له فلا يقبل قوله فيه بخلاف كسبه لأنه حقه أما إذا لم يخبر لكنه باع واشترى فكذلك لأن الظاهر أنه مأذون وفي
____________________
(1/463)
مأذون باع عبدا بألف ثم حط من الثمن شيئا يحط التجار مثله في العيب فهو جائز مأذون عليه دين باعه المولى من رجل وأعمله بالدين فللغرماء أن يردوا البيع يريد به إذا لم يصلوا إلى الثمن فإن كان البائع غائبا فلا خصومة بينهم وبين المشتري وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) المشتري خصم ويقضي لهم بدينهم والله أعلم شرح المتن الأحكام يعتبر ما هو الظاهر لكن لا يباع رقبته في الدين حتى يحضر مولاه لما قلنا
قوله على حالها لأنه ليس بحجر دلالة فبقيت مأذونه
قوله والمولى ضامن لأنه أتلف حقهم بالتدبير
قوله شيئا يحط التجار يعني إن كان يحط عن عن عيب وقد حط ما يحط التجار مثله في العيب فهو جائز لأن هذا من فعل التجارة وإن كان من غير عيب لا يجوز لأنه متبرع لا يحتاج إليه التجار
قوله فللغرماء أن يردوا البيع تأويله إذا كانوا لا يصلون إلى الثمن أما إذا وصلوا إلى الثمن وليس في البيع نقصان فليس لهم أن يردوا البيع
قوله المشتري خصم لأنه يدعي الملك لنفسه في هذا العبد فيكون خصما ينازعه فيه كما في دعوى العين ولهما أنه لا فائدة في جعله خصما لأنا إذا جعلناه خصما لهم ونقضوا البيع يعود العبد إلى ملك البائع فلا يمكن بيعه في ديونهم لأن البائع غائب وفي بيعه قضاء على الغائب وأنه باطل فلا يجعل خصما
____________________
(1/464)
كتاب الغضب محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل غصب عبدا فباعه فضمنه المولى قيمته جاز بيعه وإن أعتقه الغاصب ثم ضمن القيمة لم يجز عتقه وإن غصب عبدا فباعه فأعتقه المشتري ثم أجاز المولى بالبيع جاز العتق في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ( رحمهما الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) لا يجوز عتقه وكل شيء من مكيل أو موزون شرح المتن كتاب الغضب
قوله لم يجز عتقه لأن الملك الثابت بالغصب ناقص فيكفي لجواز البيع دون العتق كملك المكاتب إذا اشترى عبدا فباعه جاز ولو أعتقه لا يجوز
قوله يوم يختصمون هذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف قيمة يوم الغصب وقال محمد يوم الانقطاع لأبي يوسف أن الضمان يجب الغضب فيجب اعتبار القيمة يوم الغصب كغير المثلى ولمحمد أن الغصب إنما يخرج من أن يكون موجبا للمثل ويصير موجبا للقيمة يوم الانقطاع فيعتبر قيمة يومئذ ولأبي حنيفة أن وهم الوجود كفى لبقائه موجها للمثل وإنما ينقطع حقه عن المثل يوم القضاء فيعتبر قيمته يوم القضاء
____________________
(1/465)
____________________
(1/466)
____________________
(1/467)
مسلم غصب مسلما خمرا فخللها أو جلد ميتة فدبغه جاز لصاحب الخمر أن يأخذ الخل بغير شيء ويأخذ جلد الميتة ويرد عليه ما زاد الدباغ فيه وإن استهلكها ضمن الخل ولم يضمن قيمة الجلد وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يضمن قيمة الجلد مدبوغا ويعطي ما زاد الدباغ فيه شرح المتن الملح فيها صار ملكا للغاصب ولا شيء عليه لأنه إتلاف الخمر بالخلط وعندهما أخذه المالك وأعطى الغاصب ما زاد الملح وإن خللها بإلقاء الخل فعن محمد أنه صار خلا من ساعته بأن صب خلا كثيرا يعتبر ملكها للغاصب ولا ضمان عليه وإن صب فيه خلا قليلا فلم يصر خلا إلا بعد زمان فهو بينهما على مقدار خليهما وعلى قياس قول أبي حنيفة للغاصب في الوجهين
قوله ويأخذ جلد الميتة الخ هذا على وجهين إما يدبغه بشيء لا قيمة له أو يدبغه بشيء له قيمة ففي الوجه الأول لصاحب الجلد أن يأخذ الجلد ولا شيء عليه لأنه ليس فيه مال متقوم للغاصب وفي الوجه الثاني لصاحب الجلد أن يأخذ الجلد ويرد ما زاد الدبغ فيه لأن الدباغة لما جعلت إظهارا للمالية والتقوم صارت بمنزلة الذي في حق الزيادة
قوله ضمن الخ أما مسئلة الخل فمحمول على الأول وهو ما إذا خلل من غير خلط شيء لأنه في هذا لم يوجد الخلط فيكون مستهلكا مالا خالصا للمغصوب منه فيضمن وأما مسئلة الجلد ففي الوجه الأول يضمن قيمته مدبوغا لما قلنا وفي الوجه الثاني عند أبي حنيفة لا يضمن شيئا وعندهما ما زاد الدبغ
____________________
(1/468)
كتاب المزارعة
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال المزارعة فاسدة فإن سقى الأرض وكربها ولم تخرج شيئا فله أجر مثله وفي قياس قول من أجازا لمزارعة لا تجوز حتى تكون الأشياء يعني الآلات من الذي أخذ الأرض أو من صاحب الأرض والله أعلم شرح المتن كتاب المزارعة
قوله كتاب المزارعة في بعض النسخ يوجد ههنا كتاب الشفعة قبل المزارعة وفيه مسئلة واحدة قد مرت في كتاب البيوع كذا ذكره الصدر الشهيد
قوله من الذي أخذ الخ حتى أن الكل إذا كان مشروطا من جانب رب الأرض أو من المزارع يجوز وهذه المسئلة على ستة أوجه وجهان ما مر بيانها والثالث أن يكون البذر على العامل والبقر على صاحب الأرض فهذا لا يجوز والرابع إذا كان البذر على صاحب الأرض وشرط البقر على العامل فهذا يجوز والخامس إذا كان من أحدهما بذر والعمل والبقر والأرض من الآخر فهذا لا يجوز والسادس أن يجمع بين البقر والبذر وهو أيضا لا يجوز
____________________
(1/469)
____________________
(1/470)
____________________
(1/471)
منزوع أو قرن أو عظم أو سن منزوعة ذبح به فأنهر الدم وأفرى الأوداج لم يكن بأكله بأس وأكره هذا الذبح وإن ذبح بظفر أو بسن غير منزوعة فهي ميتة
شاة ذبحت فقطع منها نصف الحلقوم ونصف الأوداج لم تؤكل وإن قطع أكثر من النصف من الأوداج والحلقوم قبل أن تموت أكلت وإن ماتت قبل ذلك لم تؤكل شرح المتن بما شئت ولأنه آلة جارحة فحل به المذبوح كالسيف والسكين لكن فيه إعسار عليه بخلاف غير المنزوع لأنه يقتله بالفعل والقوة فيدخل تحت قوله ( تعالى ) ( والمنخنقة )
قوله لم تؤكل لأنه ليس للنصف حكم الكل في موضع الاحتياط كالثلث والربع وإنما للأكثر حكم الكل وفي الذبح أربعة أشياء المريء والحلقوم والودجان فإن قطع الأكثر من ذلك جاز وإلا فلا واختلفوا في الأكثر قال أبو حنيفة إذا قطع الثلاث أي ثلاث كانت وترك الواحد جاز وقال محمد إن قطع من كل واحد أكثره جاز وإلا فلا وقال أبو يوسف إذا قطع الحلقوم والمريء وأحد الودجين جاز وإلا فلا ثم إذا قطع النصف حتى لم يجز لم ينص محمد على أنه ميته وقد نص في مسئلة السن التي هي غير منزوع على أنها ميته لأنه وجد ثمة نصا من النبي ( صلى الله عليه وعلى آلة وسلم ) فأطلق جوابها ولم يجد ههنا نصا وهذه طريقة محمد في المنصوص عليه في التحريم والتحليل أنه يثبت القول وفي غير المنصوص عليه يقول في الحل لا بأس وفي الحرمة يكره أو لم يؤكل وكل كراهة فهي تحريم وكذلك روى عن محمد
قوله أجزاهم لأن الورثة لما أجازوا صار ذلك قربة في حقهم وفي حق الميت لأن التضحية عن الغير مشروع بصفة القربة
قوله لم يجز عن أحد منهم لأن ذلك القدر لم يصر قربة والباقي لا تصلح للتضحية لأن الإراقة لا تتجزى
____________________
(1/472)
سبعة اشتروا بقرة ليضحوا بها فمات أحدهم قبل يوم النحر فقالت الورثة اذبحوها عنه وعنكم أجزاهم وإن كان شريك الستة نصرانيا أو رجلا يريد اللحم لم يجز عن أحد منهم
وتجزى الثولاء والعرجاء إذا مشت على رجلها إلى المنسك وإن قطع من الذنب أو الأذن أو الألية الثلث أو أقل أجزاه وإن كان أكثر لم يجز شرح المتن
قوله وتجزى الثولاء وهي المجنونة لأن العقل غير مقصود وإنما المقصود اللحم وإنما يجوز إذا كانت سمينة ولم يكن بها ما يمنع الرعي وإن كانت بخلاف ذلك لا يجزيه
قوله والعرجاء الخ وإنما تجوز لأن الشرع جعل العيب البين مانعا ولم يوجد
قوله الثلث أو أقل هكذا ذكره في أضاحي الزعفراني وروى الطحاوي أن الثلث فصاعدا يمنع وما دونه لا يمنع وروى أبو عبد الله التلجي الربع فصاعدا يمنع وما دونه لا يمنع
قوله قولي كذلك أراد به قوله في ظاهر الرواية وتأويله قريب من قولك وإلا فقد ثبت عن ابي حنيفة أربع روايات في رواية أبي عبد الله جعل الربع مانعا وفي الرواية الطاحوي جعل الثلث مانعا وفي رواية هذا الكتاب جعل ما زاد على الثلث مانعا وفي رواية التي رجع إلى قول أبي يوسف جعل النصف وما زاد عليه مانعا وهو قولهما في هذا الكتاب وبه أخذ الفقيه أبو الليث لهما أن القليل في الصور أن يكون ما يقابله أكثر فلهذا يجعل ما دون النصف قليلا وفي النصف عنهما روايتان ولأبي حنيفة أن ما فوق الثلث ملحق بالكثير كما جاءت السنة في الوصية
قوله ويكره الخ هذه المسئلة على ثلاثة أوجه في وجه يحرم وفي وجه يكره وفي وجه لابأس أما الوجه الأول فهو أن يذكر مع إسم الله إسم غيره على سبيل العطف واشركة بأن يقول بسم الله وباسم فلان أو يقول بسم الله
____________________
(1/473)
____________________
(1/474)
____________________
(1/475)
ومحمد ( رحمهما الله ) لا بأس بأبوال الإبل ولحم الفرس محرم ذبح سلحفاة فلا شيء عليه رجل أرسل أجيرا له مجوسيا أو خادما فاشترى لحما فقال اشتريته من يهودي أو نصراني أو مسلم وسعه أن يأكل * باب الكراهية في اللبس *
محمد عن يعقوب عن ابي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال يكره لبس الحرير ولا بأس بتوسده والنوم عليه في قول أبي حنيفة ( رضي الله عنه ) شرح المتن إناء الفضة والذهب إما يجرجر في بطنه نار جهنم والأكل والأدهان وكل استعمال نظير الشرب فألحق به
قوله ولا بأس بالإناء المفضض أي لا بأس بالأكل والشرب فيه إذا لم يكن موضع الفم في موضع الفضة وكره أبو يوسف ذلك وكذلك الاختلاف في المضبب من كل الأواني وكذلك الاختلاف في الكرسي المضبب من المذهب والفضة إذا لم يجلس على وضع الذهب والفضة
قوله فلا شيء عليه لأنها من المؤذيات والخبائث فلا يستوجب الأمان كالفارة والوزغة بحل للمحرم قتلهما
قوله وسعه أني أكل لأن قول المجوسي والفاسق مقبول في المعاملات لحاجة الناس إليه * باب الكراهية في اللبس *
قوله يكره ذلك كله وقال أبو يوسف مثل قول محمد لهما العمومات ولأن التنعم بالتوسد والنوم عليها مثل اللبس وذلك عادة المسرفين ولأبي حنيفة ما روى عن ابن عباس أنه كان على بساطة مرفقة حرير ولأن القليل من اللبس
____________________
(1/476)
وقال محمد ( رحمه الله ) يكره ذلك كله ولا بأس بلبس ما سداه حرير ولحمته غير ذلك ويكره ما لحمته حرير في غير الحرب ولا بأس به في الحرب ويكره في الحرب ما هو حرير كله وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا بأس بلبس الحرير والديباج في الحرب ولا يتختم إلا بالفضة ولا بأس بمسمار الذهب يجعل في حجر الفص ولا تسد الأسنان بالذهب وتشد بالفضة وقال محمد ( رحمه الله ) لا بأس بالذهب أيضا شرح المتن حلال وهو الأعلام فكذا القليل من الاستعمال
قوله لا بأس بلبس الحرير الخ لأن النبي ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) رخص في لبس الحرير والديباج في الحرب ولأن الحاجة ماسة إليه لأن ما خلص منه أهيب في قلوب الأعادي ولأبي حنيفة عموم النهي ولأن الحرام لا يحل إلا عند الضرورة وقد اندفعت الضرورة بالمخلوط
قوله ولا يتختم إلا بالفضة هذا نص على أن التختم بالحجر الذي يقال له يشم حرام لعموم النهي ومن الناس من أطلق ذلك وأما التختم بالحديد والصفر حرام بالإجماع وأما التختم بالذهب للرجال فحرام أيضا ومن الناس من لم ير به بأسا وهذا غير صحيح لما روى عن علي أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) نهى عن ذلك ولأن ضرورة النموذج زالت بالفضة فبقي الذهب على أصل التحريم
قوله ولا بأس بمسمار الذهب الخ لأنه قليل فصار كالقليل من الحرير
قوله وقال محمد الخ وقيل قول أبي يوسف مثل قول محمد ذكره في الأصل وذكره الكرخي في مختصره قول أبي يوسف مثفل قول أبي حنيفة فصار عن أبي يوسف روايتان لهما أن عرفجة بن سعد أصيب أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من فضة فأنتن فأمره رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يتخذ أنفا من ذهب ولأبي حنيفة أن الحاجة تندفع بالفضة فأما الأنف فما اندفعت الحاجة لأنه أنتن
قوله ويكره الخ هذه من الخواص وإنما يكره لأنها بدعة محدثة فيكره
____________________
(1/477)
____________________
(1/478)
____________________
(1/479)
بالمصافحة ولا بأس بأن تسافر الأمة وأم الولد بغير محرم * باب الكراهية في البيع *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) لا بأس ببيع السرقين ويكره بيع العذرة رجل علم جارية أنها لرجل فرأى آخر يبيعها فقال صاحبها وكلني ببيعها فإنه يسعه أن يبتاعها ويطأها مسلم باع خمرا وأخذ ثمنا وعليه دين فإنه يكره لصاحب الدين أن يأخذ منه ذلك وإن شرح المتن النظر للأجنبي إلى بطن الأمة البالغة وظهرها وإنما يباح النظر إلى مواضع الزينة الباطنة والظاهرة لا غير
قوله ويكره أن يقبل الخ ذكر الطحاوي أن هذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لابأس بالتقبيل والمعانقة لأنه ( عليه السلام ) عانق جعفرا حين قدم من الحبشة باب الكراهية في البيع
قوله بيع السرقين لأنه منتفع به فيجوز بيعه كالثوب النجس لأن الناس يلقونه في الأراضي لاستكثار الريع وما كان منتفعا به كان مالا فيجوز بيعه بخلاف العذرة الخالصة لأن الناس لا ينتفعون بها ولا يحرزونها وإنما ينتفعون بالمخلوط بالتراب وذلك مال عندنا يجوز بيعه ونجاسة العين تمنع الأكل لكن لا تمنع الانتفاع
قوله فإنه يسعه الخ لأن قول الواحد في المعاملات مقبول عدلا كان أو كافرا حرا كان أو عبدا
قوله فإنه يكره لأن البيع باطل فيبقى ملكا للمشتري
قوله فلا بأس به لأنه صح البيع فكان ملكا للبائع
____________________
(1/480)
كان البائع نصرانيا فلا بأس وإذا كان الاحتكار والتلقي في بلد لا يضر فلا بأس وإذا أضر فهو مكروه ولا بأس ببيع بناء بيوت مكة ويكره بيع أرضها والله أعلم مسائل من كتاب الكراهية لم تشاكل ما في الأبواب
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في جارية قالت لرجل بعثني مولاي إليك هدية وسعه أن يأخذها رجل دعى إلى وليمة أو طعام فوجد هناك لعبا أو غناء فلا بأس بأن يقعد ويأكل قال أبو شرح المتن
قوله فهو مكروه لأنه إذا أضر تعلق به حق العامة بما جلب إلى مصر فهما يريدان قطع حقهم فلا يطلق لهما ذلك فأما من جلب شيئا من أرضه وحبسه فليس باحتكار بالإجماع لأن ذلك خالص حقه فلم يكن بالحبس مبطلا حق غيره أما التلقي إن كان يضر بأهل البلدة فهو مكروه وإن كان لا يضر فهو غير مكروه وهذا إذا كان لا يلبس على هؤلاء التجار سعر أهل البلدة أما إذا كان يلبس فهو مكروه في الوجهين جميعا والتلقي الاستقبال إلى فناء المصر للشراء
قوله ويكره بيع أرضها هذا عنه أبي حنيفة وعندهما لا بأس ببيع أرضها أيضا لأنها مملوكة لهم كالبناء ولأبي حنيفة أن مكة حرة محرمة بالنص فلا يجوز بيعها لأن بيع الحرائر حرام مسائل من كتاب الكراهية لم تشاكل ما في الأبواب
قوله وسعه أن يأخذها لأن قول الواحد مقبول في المعاملات على أي صفة كان
قوله فلا بأس بأن يقعد الخ لأن التناول من الوليمة سنة واللعب بدعة فلا يجوز ترك السنة ما اقترنت به البدعة كالصلاة على الجنازة واجبة الإقامة وإن
____________________
(1/481)
حنيفة رضي الله عنه ابتليت بهذا مرة ولا بأس بعيادة اليهودي والنصراني ويكره أن يقول الرجل في دعائه أسألك بمعقد العز من عرشك وتكره الصلاة على الجنازة في المسجد ويكره اللعب بالنرد والشطرنج والأربعة عشر وكل لهو ولا بأس بأن يدخل أهل الذمة شرح المتن حضرتها النياحة هذا إذا كان على اللعب والغناء في المنزل وأما إذا كان المائدة فلا ينبغي أن يقعد وهذا إذا كان الرجل خامل الذكر لا يشين في الدين قعوده فأما لو كان مقتدى به فليخرج إن لم يقدر على النهي في الوجهين جميعا لأن فيه شين الدين وفتح باب المعصية على المسلمين وقول أبي حنيفة ابتليت كان قبل ان يصير مقتدى به هذا إذا حضر الرجل ثم علم أما إذا علم قبل الحضور لا يحضر في الوجهين لأن حق الوليمة لم يلزمه ههنا
قوله ويكره الخ للمسئلة عبارتان بمقعد من القعود وبمعقد من العقد فالأول لا يشكل أنه يكره لأنه وصف الله ( تعالى ) بما هو باطل وهو القعود على العرش وهو قول المجسمة والثاني ( هو المعروف في الدعاء ) يكره أيضا لأن يوهم تعلق عزه بالعرش فيوهم أن عزه حادث إذا تعلق بحادث وروى عن أبي يوسف ( رحمه الله ) أنه لم يرد به بأسا لأنه ورد به الحديث
قوله وتكره الصلاة الخ لقوله ( عليه السلام ) من صلى صلاة الجنازة في المسجد فلا شيء له أخرجه ابن ماجة وأبو داؤد وغيرهما وسنده ضعيف وذهب الشافعي ( رحمه الله ) وغيره إلى جوازه وهو رواية عن أبي يوسف ( رحمه الله ) لما روى أنه صلى الله عليه وسلم صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد أخرجه مسلم وروى عبد الرزاق أنهم فعلوا على أبي بكر ( رضي الله عنه ) في المسجد وروى مالك أنهم صلوا على عمر في المسجد
____________________
(1/482)
المسجد الحرام ولا بأس بقبول هدية العبد التاجر وإجابة دعوته واستعارة دابته ويكره كسوته الثوب وهديته الدراهم والدنانير ردل في يده لقيط فإنه يجوز قبض الهبة والصدقة له ولا يجوز أن يؤاجره ويجوز للأم أن تؤاجر ابنها ويكره أن يجعل الرجل في عنق عبده الراية ولا يكره أن يقيده شرح المتن
قوله ويكره اللعب بالنرد هذا بالاتفاق لقوله صلى الله عليه وسلم من لعب بالنرد شبر فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه وأما الشطرنج فعندنا مكروه لما روى أبو هريرة أنه صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلعبون الشطرنج فقال لعن الله من لعب بها أخرجه العقيلي في الضعفاء وروى عن واثلة مرفوعا إن لله في كل يوم ثلاث مائة وستين نظرة لا ينظر فيها إلى صاحب الشاه يعين الشطرنج أخرجه ابن حبان وكلاهما ضعيفا السند وذهب الشافعي ( رحمه الله ) إلى جوازه ما لم يقاع ولم يود إلى فوق صلاة أو جماعة
قوله وكل لهو لأنه قال ( عليه السلام ) كل لهو ابن آدم باطل إلا ملاعبة العبد مع أهله وتأديبه بفرسه ومناضلته بقوسه
قوله ولا بأس بقبول هدية الخ لأن التاجر إذا فتح دكانه لم يخل أمره عن طالب تجارة يحتاج إلى شربة ماء أو رغيف وما أشبه ذلك فلو منع من ذلك أعرض الناس عنه وكذلك يحتاج إلى الضيافة اليسيرة وكذلك يحتاج إلى العارية بخلاف هبة الثوب والدراهم والدنانير فإنه لا ضرورة في ذلك
قوله فإنه يجوز إلخ أصله أن الولايات على الصغار أنواع نوع لا يملكه إلا من هو ولي كالإنكاح والبيع والشراء ونوع آخر ما كان من ضرورة الصغار كشراء مالا بد للصغير منه وبيعه وذلك جائز ممن يعوله وينفق عليه كالأم والعم والأخ والملتقط إذا كان في حجرهم ونوع آخر هو نفع محض فيملكه الصبي العاقل ومن يعوله وقبول الهبة والصدقة ونحو ذلك نفع محض له فيملكه الملتقط
قوله ويجوز للأم لأنها ملكت إتلاف منافعه بغير عوض بالاستخدام فأن تملك إتلاف منافعه بالعوض أولى بخلاف الملتقط
____________________
(1/483)
رجل حمل لذمي خمرا فإنه يطيب الأجر ويكره له ذلك في قول أبي يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) ولا بأس بالحقنة ولا بأس برزق القاضي من بيت المال والله أعلم بالصواب * باب العتق *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل قال كل مملوك أملكه أو قال كل مملوك لي حر بعد موتي وله مملوك فاشترى آخر فالذي كان عنده مدبر والذي اشتراه ليس بمدبر وإن مات عتقا من الثلث وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) في النوادر يعتق ما كان في ملكه يوم حلف ولا يعتق ما استفاد بعد يمينه والله أعلم شرح المتن
قوله الراية أي الطوق من الحديد الذي يمنعه من أن يتحرك رأسه لأنه عقوبة أهل النار
قوله ويكره له ذلك لأن إعانة على المعصية وله أن المعصية إنما يحصل بفعل فاعل محتار وليس ذلك من ضرورات الحمل
قوله ولا بأس برزق القاضي إلخ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عتاب بن أسيد إلى مكة قاضيا وفرض له رزقا ولأنه محبوس بحق المسلمين والحبس من أسباب النفقة كما في النكاح * باب العتق *
قوله ولا يعتق الخ لأنه لم يدخل في الإيجاب لأن قوله كل مملوك أملكه أو كل مملوك لي ينصرف إلى ما يملكه في الحال لا إلى ما يملكه في الاستقبال ووجه ظاهر الرواية أن هذا الكلام وصية من الوصايا وفيها يعتبر الحال وحالة الموت فيدخل ما في ملكه في الحال باعتبار الحالة الراهنة فيصير مدبرا ويدخل ما بعد ذلك عند الموت تحت كلامه عند الموت فيصير كأنه قال عند الموت فيعتق بعد الموت لكن لا يصير مدبرا
____________________
(1/484)
كتاب الأشربة
محمد عن يعقوب عن أبي حينفة ( رضي الله عنهم ) قال الخمر حرام قليلها وكثيرها والسكر وهو التي من ماء التمر ونقيع الزبيب إذا اشتد حرام مكروه والطلا وهو الذي ذهب أقل من ثلثيه من ماء العنب وما سوى ذلك من الأشربة فلا بأس به وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) ما كان من الأشربة يبقى بعد عشرة أيام فإني أكرهه وهو قول محمد ( رحمه الله ) وأما الأوعية فلا تحل شيئا ولا تحرمه في قولهم جميعا وقال محمد ( رحمه شرح المتن كتاب الأشربة
قوله مكروه ومن الناس من أباه ذلك لقوله ( تعالى ) ( أتتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ) ولنا ما روى عن ابن مسعود أنه سئل عن التداوي بالسكر فقال إن الله لم يجعل شفاءكم في ما حرم عليكم
قوله والطلا الخ والمنصف ( وهو ما ذهب نصفه ) وبقي نصفه في الحكم مثل الطلا وأحكام هذه الأشربة يساوي أحكام الخمر في بعض الوجوه ويفارقها في بعض الوجوه أما في حق الحرمة يفترقان فإن حرمة الخمر كاملة وهي قاصرة
____________________
(1/485)
الله ) رجع أبو يوسف ( رحمه الله ) عن ذلك إلى قول أبي حنيفة رضي الله عنه ويكره شرب دردى الخمر والامتشاط به ولا يحد شاربه إن لم يسكر غلام أحد أبويه مجوسي والآخر من أهل الكتاب فهو من أهل الكتاب وإن كان مسلما فهو مسلم شرح المتن حتى يكفر مستحل الخمر ولا يكفر مستحلها لكن يضلل ويحد شارب قطرة الخمر ولا يحد شارب هذه الأشربة حتى يسكر وهل هي مثل الخمر في النجاسة فيه روايتان
قوله وما سوى ذلك إلخ هذا الجواب على العموم لا يوجد في غير هذا الكتاب وهذا نص على أن ما يتخذ من الحنطة والشعير والذرة حلال في قول أبي حنيفة ولا يجب الحد وإن سكر منه وروى عن محمد أن شرب ذلك حرام ويحد شاربه إذا سكر
قوله عن ذلك إلخ كان أبو يوسف يقول أولا مثل قول محمد إن كل مسكر حرام لكن يقول بشرط أن لا يفسد بعد عشرة أيام ثم رجع إلى قول أبي حنيفة ( رحمه الله تعالى ) وهما مسئلتان أدرج أحدهما في الأخرى أحدهما أن كل مسكر حرام عندهما وعند أبي حنيفة ( رحمه الله تعالى ) لا ثم رجع أبو يوسف إلى قول أبي حينفة والثاني أن الأشربة نحو السكر ونقيع الزبيب إذا غلا واشتد حرام مكروه عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف كذلك لكن بشرط أن يبقى بعد عشرة أيام ولا يفسد يعني لا يحمض ثم رجع إلى قولهما
قوله ولا يحد شاربه إن لم يسكر لأنه شراب ناقص لا يدعو قليله إلى كثيره
قوله فهو من أهل الكتاب لأنه أقرب إلى دين الإسلام
قوله فهو مسلم لأنه اجتمع فيه الإسلام وغيره فيغلب الإسلام بكل
____________________
(1/486)
كتاب الصيد
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) مسلم أرسل كلبه فزجره مجوسي فانزجر فلا بأس بصيده وإن أرسله مجوسي فزجره مسلم فانزجر فأخذ الصيد لم يؤكل وإن لم يرسله أحد فزجره مسلم فانزجر فأخذ الصيد فلا بأس بأكله والله أعلم شرح المتن كتاب الصيد
قوله فلا بأس بصيده لأن الانزجار عقيب الزجر طاعة دلالة وقد وجد ما هو في حكم الصريح وهو طاعته عقيب الإرسال والدلالة عند الصريح لغو فلم يعتبر
قوله لم يؤكل لأن الشبهة لما لم يعتبر في حق التحريم ففي حق التحليل أولى
قوله فلا بأس بأكله لأن الدلالة وجدت ههنا منفردة فوجب العمل بها
____________________
(1/487)
كتاب الرهن
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال الرهن بالدرك باطل وكل شيء رهن فليس برهن حتى يقبض رجل رهن رجلا عصيرا قيمته عشرة بعشرة دراهم للمرتهن عليه فصار خمرا ثم صار خلا فهو رهن بالعشرة ولو رهن شاة قيمتها عشرة فماتت فدبغ جلدها فصار يساوي درهما فهو رهن بدرهم أمة رهنت بألف وقيمتها ألف فماتت لم شرح المتن كتاب الرهن
قوله باطل بخلاف الكفالة بالدرك والفرق أن الرهن شرع للاستيفاء ولا استيفاء إلا في الواجب فلا يحتمل الإضافة إلى زمان المستقبل فأما الكفالة شرعت لالتزام التسليم لا التزام أصل الدين حتى لو أبراء الكفيل لا يسقط أصل الدين على ما عرف فصح إضافتها إلى زمان المستقبل كالتزام الصدقات والصيامات
قوله فهو رهن بالعشرة لأن التخمر لا يبطل عقد الدين كما لا يبطل عقد البيع وإذا صار خلا فقد زال العارض قبل قرار الحكم فجعل كأن لم يكن
قوله فهو رهن بدرهم لأن موت الشاة يؤكد عقد الرهن لأن المرتهن
____________________
(1/488)
يضمن المرتهن ولكن الدين يبطل بموتها وكذلك الرهن بالمسلم فيه يبطل المسلم فيه بهلاكه رجل رهن رجلا عبدا يساوي ألفا بألف ثم أعطاه عبدا آخر قيمته ألف رهنا مكان الأول فالأول رهن حتى يرده إلى الراهن والمرتهن في الآخر أمين حتى يجعله رهنا مكان الأول
رجل رهن رجلا عبدا يساوي ألفا بألف ثم زاده عبدا يساوي ألفا فكل واحد منهما رهن بخمسمائة والزيادة في الدين باطل وهو قول محمد شرح المتن صار مستوفيا بالهلاك عنده فإذا عادت المالية بالدباغ صارت عقدا قائما فثبت حكمه بقدره
قوله ولكن الدين يبطل ثم إذا بطل يبطل بطريق الاستيفاء عند علمائنا الثلاثة وعند زفر ( رحمه الله ) يبطل بطريق البراءة في قوله الأول وبطريق الاستبدال في قوله الآخر
قوله حتى يجعله رهنا مكان الأول لأنه لما جعل الثاني رهنا مكان الأول فقد قصد نقض الرهن الأول وأقام هذا مقامه
قوله هي جائزة لان عقد الرهن لا يكون إلا بالمرهون كما أن البيع لا يكون إلا بالمبيع والثمن وثمه لما جازت الزيادة في المبيع جازت في الثمن فكذا في الرهن لما جازت الزيادة في المرهون يجوز في الدين ولأبي حنيفة ومحمد أن الزيادة في أحد البدلين تغيير العقد من وصف إلى وصف وإنما يملك التغيير بالتصرف في ما وجب بالعقد والدين لم يجب بالعقد فلا يملك التغيير بالتصرف فيه ولا كذلك الزيادة في الرهن والزيادة في الثمن في باب البيع
قوله فقد مات العبد بالدين لأن الراهن غاصب فإذا ضمنه فقد ملكه من وقت الغصب فصح الرهن بعده فهلك مضمونا بالدين
قوله رجع الخ لأن المرتهن في حق العين بمنزلة المودع فكان إقرار الضمان على المودع
قوله فهو باطل كله لأن كل واحد منهما أثبت أنه رهنه كل العبد ولا
____________________
(1/489)
( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) هي جائزة رجل رهن رجلا عبدا قيمته ألف بألف فمات ثم استحقه رجل وضمن الراهن القيمة فقد مات العبد بالدين وإن ضمن المرتهن القيمة رجع بالقيمة التي ضمن وبالدين رجلان أقام كل واحد منهما البينة على رجل أنه رهنه عبده الذي في يده وقبضه فهو باطل كله وإن مات الراهن والعبد في أيديهما فأقاما بينة على ما وصفنا كان في يد كل واحد منهما نصفه رهنا استحسانا
رجل وضع على يده رهن وأمر ببيعه إذا حل الأجل فحل وأبى أن شرح المتن يمكن أن يجعل كل الرهن رهنا في حق هذا وهذا ولا يمكن أن يجعل النصف رهنا في حق هذا والنصف رهنا في حق هذا
قوله نصفه رهنا لأن العقد مطلوب بحكمه والحكم بعد موت الراهن استيفاء الدين من المرهون لا الحبس والشيوع لا يمنع صحة الاستيفاء بالعقد الذي هو سببه
قوله فإنه يجبر على بيعه بوجهين أحدهما أنه لما شرط ذلك في عقد الرهن صار من أوصافه فأخذ حكمه وصار لازما بلزومه فوجب إيفاء حكمه جبرا والثاني أن الوكالة صارت حقا للمرتهن يصل ذلك إلى حقه في استيفاء الدين وما كان وسيلة إلى الواجب واجب وأما الديل بالخصومة فيجبر للوجه الثاني هذا إذا كان الوضع على يد العدل وشرطه البيع في الرهن فإن لم يكن ذلك بل شرط ذلك بعد عقد الرهن فقد اختلف المشايخ فيه الوجه الثاني يدل على أنه يجبر وهو الصحيح
قوله فالثوب رهن لأن هذا اللفظ يؤدي معنى الرهن حقيقة
قوله فهو جائز لأنه جعله مضمونا على الحافظ ولو جعله محفوظا غير مضمون بالإيداع صح وهذا أحق فيبقى بعد هذا صارفا إلى دين نفسه وذلك جائز لأنه لو كان لابنه الصغير دراهم فقضى بها الأب دين نفسه جاز
قوله فالوكيل على وكالته لأن التوكيل بالبيع متى حصل شرطا في عقد
____________________
(1/490)
يبيع والراهن غائب فإنه يجبر على بيعه وكذلك رجل وكل رجلا بخصومة المدعي فغاب الموكل فأبى الوكيل أن يخاصم أجبر على الخصومة رجل اشترى شيئا بدرهم فقال للبائع أمسك هذا الثوب حتى أعطيك الثمن فالثوب رهن رجل رهن عبدا لابن صغير له بمال على الأب فهو جائز رجل رهن جارية قيمته ألف بألف ووكل المرتهن بيعها إنسانا فمات الراهن أو المرتهن فالوكيل على وكالته ولو مات الوكيل انقضت الوكالة وليس للمرتهن أن يبيعها إلا برضا الراهن
رجل رهن عبدا يساوي ألفا بألف فنقض في السعر فرجعت قيمته إلى مائة فقتله رجل فغرم قيمته مائة فإن المرتهن يقبض المائة قضاء من حقه شرح المتن الرهن صار لازما تبعا للمرتهن فلا ينعزل بموته
قوله انتقضت الوكالة لأن الموكل لم يرض برأي غيره فلم يقم غيره مقامه
قوله ولا يرجع الخ لأن الفضل على المائة توى في ضمان المرتهن فصار هالكا بالدين ولو أمر الراهن المرتهن ببيعه ثم باعه بمائة والمسئلة بحالها فإنه يقبضه بحقه ويرجع على الراهن بتسعمائة لان المرتهن وكيل الراهن بالبيع فصار بيعه كبيعه ويده كيده فصار كأنه أخذه بإذنه وباعه بإذنه فكان الفضل تلويا على الرهن
قوله بالخيار لأنه تغير الأصل في ضمانه فأوجب الخيار كالغصب ولهما أن العبد الثاني قائم مقام الأول ولو كان الأول قائما وقد تراجع السعر لم يكن له خيار كذا هذا
قوله فهو بما فيه يريد أن يكون قيمته مثل وزنه أو أكثر من وزنه فإن كان أقل فعلى الاختلاف عند أبي حنيفة ( رحمه الله تعالى ) يملك بما فيه وعندهما ( رحمهما الله تعالى ) يضمن قيمته من خلاف جنسه لأن في الاستيفاء ضررا بالمرتهن
____________________
(1/491)
ولا يرجع على الراهن بشيء فإن قتله عبد قيمته مائة فدفع مكانه افتكه بجميع الدين وهو قول أبي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) إذا قتله عبد فالراهن بالخيار إن شاء افتكه بالدين وإن شاء سلم العبد المدفوع للمرتهن بماله وإن أمره الراهن أن يبيعه فباعه بمائة قبض المائة قضاء من حقه ورجع بتسع مائة
رجل رهن رجلا إبريق فضة وزنه عشرة بعشرة فضاع فهو بما فيه رجل سلط المرتهن على بيع الرهن ثم مات الراهن فله ان يبيعه بغير محضر الورثة عدل باع الرهن وأوفى المرتهن الثمن ثم استحق الرهن فضمن المستحق العدل فإن شاء العدل ضمن الراهن القيمة وإن شاء المرتهن الثمن الذي أعطاه والله أعلم شرح المتن
قوله فله أن يبيعه الخ لأن المرتهن صار وكيلا عن الراهن فلم ينعزل بموته لأنه لزمه هذه الوكالة حتى ملك البيع بغير محضر الموكل فكذا بعد موته لا يشترط حضرة ورثته ورضاهم
قوله فإن شاء الخ حاصله أن المستحق بالخيار إن شاء ضمن العدل وإن شاء ضمن الراهن فإن ضمن الراهن صح الرهن وصح البيع وصح القضاء وإن ضمن العدل القيمة كان العدل بالخيار إن شاء رجع بتلك القيمة على الراهن وإن شاء ضمن المرتهن الثمن أما على الراهن فلأنه وكيله فيرجع عليه بما لحقه بعد البيع وينفذ البيع وصح الاقتضاء وأما المرتهن فلأنه لما استحق ظهر أنه أخذ الثمن بغير حق فكان له أن يرجع على المرتهن ويرجع المرتهن على الراهن بدينه
____________________
(1/492)
كتاب الجنايات * باب ما يجب فيه القصاص وما لا يجب وتجب الدية *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل شج نفسه وشجه رجل وعقره أسد وأصابته حية فمات من ذلك كله فعلى الأجنبي ثلث الدية رجل ضرب رجلا بمر فقتله فإن أصابه بالحديدة قتل به وإن أصابه بالعود فعليه الدية رجل أحمى تنورا فألقى فيه إنسانا أو ألقاه في نار لا يستطيع الخروج منها فعليه القصاص رجل غرق صبيا أو شرح المتن * باب ما يجب فيه القصاص وما لا يجب وتجب الدية *
قوله ثلث الدية لأن فعل الإنسان في نفسه ليس بهدر حتى أنه يأثم بالإجماع وإنما يهدر حكمه للتنافي وفعل البهائم هدر والهدر في مقابلة ما ليس بهدر جنس واحد فصار كأنه تلف ثلثه لا بفعل أحد وثلثه بفعل نفسه وثلثه بفعل الأجنبي فلزم على الأجنبي ثلث الدية لكنه في ماله لأنه فعل عمدا وما يجب بالعمد لا يتحمله العاقلة
قوله بالحديدة أطلق الجواب في الكتاب وهو محمول على أنه أصابه حدة الحديد أما إذا أصابه ظهره ولم يجرج وجب القصاص عندهما واختلفوا في قول أبي حنيفة فمن اعتبر نفس الحديد أوجب القصاص ومن أوجب الجرج وهو رواية الطحاوي لم يوجب
____________________
(1/493)
رجلا في البحر فلا قصاص عليه وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يقتص منه رجل ذبح رجلا بليطة قصب فعليه القصاص
صفان من المسلمين والمشركين التقيا فقتل مسلم مسلما ظن أنه مشرك فلا قود عليه وعليه الكفارة مسلم دخل أرض الحرب فقتل حربيا قد أسلم خطأ قال عليه الكفارة ولا دية عليه وإن قتله عمدا فلا كفارة ولا دية ولا قود شرح المتن
قوله فعليه القصاص لأن النار تجرح وتبضع كالسيف
قوله يقتص منه وكذلك العصا الكبير والحجر العظيم على هذا الخلاف وإذا ضربه بسوط ووالى في الضربات حتى مات لا يجب القصاص عندنا وعند الشافعي إذا ضربه بالثقل يجب القصاص
قوله فعليه القصاص لوجود القتل بصفة الكمال
قوله فلا قود عليه لأنه وقع خطأ منه ويجب عليه الكفارة لأنه أراق دما معصوما ويجب الدية وهو مذكور في السير الصغير
قوله عليه الكفارة وفي الإملاء عن أبي حنيفة أنه لا كفارة عليه أيضا لأن وجوبها باعتبار تقوم الدم لا باعتبار حرمة القتل وتقوم الدم يكون بالإحراز بدار الإسلام والدليل على وجوب الكفارة قوله ( تعالى ) ( وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ) جاء في التفسير عن عطاء ومجاهد أنه الرجل يسلم فيقتل خطاء قبل أن يأتي المسلمين وقيل نزول الآية في رجل يقال له مرداس كان أسلم فقتله أسامة بن زيد قبل أن يأتي المسلمين وهو لا يعلم بإسلامه فأوجب الله ( تعالى ) فيه الكفارة دون الدية ثم الدية يجب حقا لله ( تعالى ) والإحراز بالدين يثبت في حق الله ( تعالى ) وإنما الحاجة إلى الإحراز بالدار في ما يجب من الضمان لحق العباد وقد قررنا هذا في السير الصغير
____________________
(1/494)
رجل قتل ابنه عمدا فعليه الدية في ماله في ثلاث سنين وكذلك إذا أقر رجل بالقتل خطأ معتوه قتل وليه فلأبيه أن يقتل بالمقتول ويصالح وليس له أن يعفو وكذلك إن قطعت يد المعتوه عمدا والوصي بمنزلة الأب إلا أنه لا يقتل رجل قتل وله أولياء صغار وكبار فللكبار أن يقتلوا القاتل وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) ليس لهم ذلك حتى يدرك الصغار * باب الشهادة في القتل *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل قتل وله شرح المتن
قوله فعليه الدية في ماله لأن القصاص لو وجب وجب للمقتول أولا ثم يرثه سوى أبيه القاتل من ورثته ويصير استيفاء الورثة كاستيفاء الإبن وليس للإبن ذلك وإذا لم يجب القود يجب الدية في ماله لأن عمد ولا يتحمله العاقلة في العمد كما لا تعقل الواجب بالخطأ إذا كان الوجوب عن إقرار
قوله فلأبيه الخ لأنه شرع للتشفي وذلك راجع إلى النفس وللأب ولاية على نفسه وله أن يصالح لأنه أنفع وليس له أن يعفو لأنه إبطال حقه
قوله إلا أنه لا يقتل لأنه من باب الولاية على النفس وليس له هذه الولاية بخلاف الطرف لأنه ألحق بالمال وله هذه الولاية وذكر في كتاب الصلح أنه لا يملك الصلح في النفس لأنه بمنزلة الاستيفاء وذكر ههنا أنه يملك وهو رواية كتاب الديات لأن المقصود من الصلح منفعة المال وذلك حاصل
قوله ليس لهم ذلك لأنه مشتركة فلا يتفرد به البعض * باب الشهادة في القتل *
قوله فإنه يعيد البينة وقالا لا يعيد لأن القصاص يصير مملوكا للمقتول ثم يصير موروثا كالدين ولهذا يكون للمرأة نصيب في القصاص والمرأة
____________________
(1/495)
ابنان أحدهما غائب فأقام الحاضر البينة على القتل ثم قدم الغائب فإنه يعيد البينة وإن كان خطأ لم يعدها وكذلك الدين يكون لأبيهما على رجل رجل قتل وله ابنان وأحدهما غائب فأقام القاتل البينة أن الغائب قد عفا فالشاهد خصم وكذلك عبد بين رجلين وإذ أشهد الشهود أنه ضربه فلم يزل صاحب فراش حتى مات ففيه القود وإن اختلف الشاهدان في الأيام أو شرح المتن لا تملك شيئا من حق الزوج إلا بطريق الوراثة ثم في الدين لا تعاد البينة فكذا إذا كانت فيه شبهة الدين ولأبي حنيفة أن القصاص وجب للوارث من وجه ابتداء من حيث إن المنتفع به هو الوارث دون الميت فلا ينتصب عن الغائب خصما
قوله فالشاهد خصم ويسقط القصاص لأنه ادعى على الحاضر سقوط حقه في القصاص ولا يصح دعواه إلا بثبوت عفو الغائب فينتصب الحاضر خصما عن الغائب بطريق الضرورة
قوله ففيه القود إن كان عمدا لأن هذه شهادة منهم على أنه قتله عمدا لكن إنما يجب القود إذا شهدوا أنه ضربه بشيء جارح
قوله وإن اختلف الخ إذا اختلف الشاهدان في الأيام أو البلدان لم تقبل شهادتهما لأن القتل لا يتكرر فكان كل واحد منهما شاهدا بقتل على حدة فلا يثبت أحدهما وكذلك إذا اختلفا في الآلة لأن القتل يختلف حكمه باختلاف الآلة وكذلك لو قال قتله بعصا وقال الآخر لا أدري لان الذي شهد أنه قتله بالعصا شهد على قتل مقيد والآخر شهد على قتل مطلق والمطلق غير المقيد
قوله ففيه الدية هكذا ذكر ههنا وذكر في كتاب الديات أن هذا استحسان والقياس أن لا تقبل شهادتهم لأنهم شهدوا بقتل مجهول لأنه إذا جهلت الآلة فقد جهل القتل لأن القتل يختلف باختلاف الآلات وجه الاستحسان أنهم شهدوا بقتل مطلق وأقل موجبه الدية والمطلق لا يكون مجهولا
____________________
(1/496)
في البلدان أو في الذي كان القتل به فقال أحدهما قتله بعصا وقال الآخر لا أدري بأي شيء قتله فهو باطل وإن شهدا أنه قتله وقالا لا ندري بأي شيء قتله ففيه الدية رجلان أقر كل واحد منهما أنه قتل فلانا فقال الولي قتلتماه جميعا فله أن يقتلهما وإن شهدوا على رجل أنه قتل فلانا وشهد آخرون على آخر بقتله وقال الولي قتلتماه جميعا بطل ذلك كله رجل قتل رجلا عمدا وللمقتول ثلاثة أولياء فشهد اثنان على الآخر أنه عفى فشهادتهما باطلة فإن صدقهما القاتل فالدية بينهم أثلاثا وإن كذبهما فلا شيء لهما وللآخر ثلث الدية والله أعلم شرح المتن
قوله فله أن يقتلهما لأن كل واحد منهما أقر بكل القتل فوجب القصاص عليه والمقر له صدق في أحدهما وكذب في الآخر وتكذيب المقر له المقر في بعض ما أقر به لا يبطل إقراره
قوله بطل لأن تكذيب المشهود له الشهود في بعض ما شهدوا يبطل الشهادة لأنه يوجب تفسيقه وتفسيق الشاهد يوجب رد الشهادة
قوله فإن صدقهما الخ المسئلة على أربعة أوجه إما أن يصدقها القاتل وحده أو يصدقها المشهود عليه أو يصدقاهما أو يكذباهما أما إن صدقاهما جميعا صار الثابت بالبينة كالثابت معاينة ولو عاينا ذلك بطل نصيب العافي وانقلب نصيبهما مالا كذا ههنا وإن كذباهما فلا شيء للشاهدين لأنهما لما شهدا بالعفو فقد أقرا ببطلان حقهما في القصاص فصح إقرارهما وادعيا بعد ذلك انقلاب نصيبهما مالا فلم يصدقا ونصيب المشهود عليه يصير مالا لأن شهادتهما للعفو بمنزلة ابتداء العفو منهما في حق المشهود عليه وإن صدقهما القاتل وحده غرم الدية بينهم أثلاثا لأنه لما صدقهما فقد أقر لهما بثلثي الدية فلزمه وادعى بطلان حق المشهود عليه فلم يصدقا وإن صدقهما المشهود عليه دون القاتل غرم القاتل ثلث الدية وهو نصيب المشهود عليه
____________________
(1/497)
* باب في اعتبار حالة القتل *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل رمى مسلما فارتد المرمى إليه ثم وقع به السهم فعلى الرامي الدية وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا شيء عليه وإن رمى وهو مرتد فأسلم ثم وقع به السهم فلا شيء عليه في قولهم وكذلك إن رمى حربيا فأسلم وإن رمى عبدا فأعتقه مولاه ثم وقع به السهم فعليه قيمته للمولى وقال محمد ( رحمه الله ) عليه فضل ما بين قيمته مرميا إلى غير مرمى
رجل قضى عليه بالرجم فرماه رجل ثم رجع أحد الشهود ثم وقع به شرح المتن * باب في اعتبار حالة القتل *
قوله لا شيء عليه لأن المقتول غير متقوم ولأبي حنيفة أن الرامي إنما يصير قاتلا بالرمي لأنه إنما يصير قاتلا بفعله وفعله الرمي ولهذا لو رمي إلى الصيد وهو مسلم فارتد وأصابه السهم وهو مرتد فجرح الصيد ومات حل أكله فدل ذلك على أن المعتبر حالة الرمي
قوله في قولهم لأن هذا الرمي غير متقوم فلا يجب به الضمان وإن صار متقوما بعد ذلك
قوله عليه فضل الخ لأن العتق أبطل سراية الجناية ألا ترى أن من قطع يد عبد خطأ ثم أعتقه مولاه ثم مات لم يجب عليه قيمة النفس وإنما يجب عليه أرش اليد مع النقصان الذي نقصه القطع إلى أن أعتق كله وأبو حنيفة يقول إن الرامي إنما يصير قاتلا من وقت الرمي ووقت الرمي المرمى إليه عبد فيلزمه قيمته للمولى كما قلنا في ارتداد المرمى إليه وفرق أبو يوسف بين هذه المسئلة وبين مسئلة الرمي بأن بالارتداد خرج من أن يكون مضمونا فصار مبريا له عن الجناية ولا كذلك العبد إذا أعتق
قوله فلا شيء على الرامي لأنه حين رمى كان المرمى إليه مباح القتل
____________________
(1/498)
الحجر فلا شيء على الرامي مجوسي رمى صيدا ثم أسلم ثم وقعت الرمية بالصيد لم يؤكل وإن رماه وهو مسلم ثم تمجس أكل محرم رمى صيدا ثم حل فوقعت الرمية بالصيد فعليه الجزاء وإن رمى حلال ثم أحرم فلا شيء عليه والله أعلم * باب الرجل يقطع يد إنسان ثم يقتله *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل قطع يد رجل خطأ ثم قتله عمدا قبل أن تبرأ يده أو قطع يده عمدا ثم قتله خطأ أو شرح المتن فلم ينعقد رميه موجبا للضمان وبعد ذلك لم يوجد فعل آخر حتى يجب به الضمان
قوله أكل لأن هذا الحكم يتعلق بأهلية الفاعل فيعتبر حالة الفعل
قوله فلا شيء عليه لأن هذا الضمان يتعلق بإجرام الرامي فيعتبر حالة الفعل * باب الرجل يقطع يد إنسان ثم يقتله *
قوله يؤخذ بالأمرين لأن الجمع بين الجراحات واجب ما أمكن ويجعل الآخر تتميما للأول لأن القتل في الأعم يكون بضربات متعاقبات إلا أن لا يمكن الجمع وهو أن يختلف حكم الفعلين كما في الفصلين الأولين أو يتخلل البرء كما في الفصلين الأخيرين ومتى لم يتخلل البرء وتجانس الفعلان إن كان خطاء يجمع بالإجماع واكتفى بديه واحدة وإن كان عمدا عند أبي حنيفة بالخيار إن شاء اعتبر جهة التعدد فقطع ثم قتل وإن شاء مال إلى جهة الاتحاد فقتل لا غير وعندهما لا يجوز له إلا القتل والحجج تعرف في المختلف
قوله ففيه دية واحدة لأنه لما برأ من الأسواط فكأنها لم توجد في حق الضمان دون التعزير وإنما يحصل القتل بما بقي فلا يجب إلا دية واحدة ويجب التعزيز بتلك الأسواط التي اندملت
____________________
(1/499)
قطع يده عمدا فبرأت ثم قتله عمدا أو قطع يده خطأ فبرأت يده ثم قتله خطأ فإنه يؤخذ بالأمرين جميعا وإن قطع يده عمدا ثم قتله عمدا قبل أن يبرأ يده فإن شاء الإمام قال اقطعوا يده ثم اقتلوه وإن شاء قال اقتلوه وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يقتل ولا يقطع يده
رجل ضرب رجلا مائة سوط فبرأ من تسعين ومات من عشرة ففيه دية واحدة رجل قطع يد رجل فعفا المقطوع عن القطع ثم مات من ذلك شرح المتن
قوله رجل قطع الخ إذا قطع يد رجل عمدا فعفى المقطوع يده عن القطع ومات من ذلك فعلى القاطع الدية وإن عفا عن القطع وما يحدث منه ومن الجناية ثم مات من ذلك فهو عفو عن النفس وقال أبو يوسف ومحمد إن عفا عن القطع فهو عفو عن النفس فإن كان القطع خطأ وعفا عن القطع ثم سرى إلى النفس فهو على هذا الاختلاف وإن عفا عن القطع وما يحدث منه أو عن الجناية صح العفو عن الكل كالعمد إلا أن في العمد يصح من جميع المال وفي الخطأ من ثلث المال وهذا يكون وصية العاقلة
وهذا لا يشكل عند من لم يجعل القاتل من العاقلة وأما من جعله واحدا من العاقلة فقد أبطل حصته من الوصية من الدية لأنها للقاتل وهذا غير صحيح والصحيح أنها صحيحة وإن حصلت للقاتل لأنه وإن لم يصح في الابتداء صح في الانتهاء لأنا لو أبطلنا ذلك رجعت إلى العاقلة لان من أوصى لمن يصح له الوصية ولمن لا يصح له الوصية صار كلها لمن يصح له الوصية كمن أوصى بثلث ماله لحي وميت ففهنا إذا لم يصح للقاتل يعود إلى العاقلة في الانتهاء فيصح من الابتداء
ثم بنى محمد على هذه المسئلة مسئلة وصورتها امرأة قطعت يد رجل عمدا وتزوجها الرجل على القطع وما يحدث منه أو عن الجناية ثم مات من ذلك فلها مهر مثلها ولا شيء عليها أما وجوب مهر المثل فلأن التزوج عليها تزوج على موجبها وموجبها ليس بمال لأن موجبها القطع وأما سقوط القصاص
____________________
(1/500)
فعلى القاطع الدية في ماله استحسانا والقياس أن يقتل ذكرها في كتاب الزيادات وإن عفا عن القطع وما يحدث منه أو عن الجناية ثم مات من ذلك فهو عفو عن النفس استحسانا والقياس أن لا يكون عفوا كالولي يعفو قبل موت المجروح فإن كان خطأ فمن الثلث وإن كان عمدا فمن جميع المال وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إذا عفا عن القطع فهو عفو عن النفس
امراة قطعت يد رجل فتزوجها على يده ثم مات منها فلها مهر مثلها وعلى عاقتلها الدية إن كان خطأ وإن كان عمدا ففي مالها وإن تزوجها على شرح المتن فلأنه لما جعل مهرا فقد رضي بسقوط القصاص وإن كان القتل خطأ والمسئلة بحالها صار متزوجا على موجبها وموجبها الدية وهذا يصلح مهرا غير أنه إنما يصح بمقدار مهر المثل لأنه مريض وما زاد على ذلك وصية فيكون الواجب لها بقدر مهر مثلها من الدية فإن كان مهر مثلها والدية سواء فالعاقلة لا يغرمون شيئا من ذلك لها لأنهم إنما يتحملون جنايتها فإذا لم يبق شيء فلا يغرمون لها وإن كان مهر مثلها أقل يرفع عن العاقلة مهر مثلها وما زاد عن ذلك إن كان يخرج من ثلث مالها فإنه يرفع عنهم لأنه وصية لهم وهم أجانب فيصح وإن كان لا يخرج فلهم ما زاد على مهر المثل قدر الثلث ويردون الفضل إلى الورثة هذا إذا تزوجها على القطع وما يحدث منه أو على الجناية فإن تزوجها على القطع لا غير في حالة الخطأ والعمد فجوابهما كالجواب الذي مر في ما إذا تزوجها على القطع وما يحدث منه أو على الجناية وعند أبي حنيفة إذا سرى بطلب التسمية فوجب مهر المثل لها على الحالين ووجب الدية في مالها عند العمد فيتقاصان إن كانا سواء ويرجع صاحب الفضل عند الزيادة وإن كان خطاء فالدية على العاقلة
قوله فإنه يقتل المقتص منه وقطع يده لا يمنع وجوب القصاص عليه
____________________
(1/501)
اليد وما يحدث منها أو على الجناية ثم مات من ذلك والقطع عمد فلها مهر مثلها ولا شيء عليها وإن كان خطأ رفع عن العاقلة مهر مثلها ولهم ثلث ما ترك الميت وصية وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) وكذلك إذا تزوجها على اليد رجل قطعت يده فاقتص له من اليد ثم مات فإنه يقتل المقتص منه والله أعلم * باب في القتيل يوجد في الدار والمحلة *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل اشترى دارا فلم يقبضها حتى وجد فيها قتيل فهو على عاقلة البائع وإن كان في البيع خيار لأحدهما فهو على عاقلة الذي الدار في يده وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إذا لم يكن خيار فعلى عاقلة المشتري وإن كان خيار فعلى عاقلة الذي تصير الدار له قوم باعوا دورهم إلا رجلا بقي له شرح المتن وعن أبي يوسف أنه لا يقتل لأن الإقدام على القطع يكون إبراء عما وراءه والجواب عنه أنه إنما يصير إبراء لو كان الموجب معلوما وعند القطع في زعمه أن حقه في القصاص في الطرف فيستوفي لهذا أما أن يبرأ أحد عن شيء مجهول فلا * باب في القتيل يوجد في الدار والمحلة *
قوله فهو على عاقلة البائع فأبو حنيفة اعتبر اليد لأن القدرة على الحفظ حقيقة إنما يكون باليد لا غير غير أن الملك سبب اليد فأقيم مقام اليد فإذا وجد الملك لأحدهما واليد للآخر كان اعتبار اليد أولى وهما اعتبرا الملك لأن الحفظ إنما يملك به
قوله وهو على أهل الخطة الخ لأن ولاية حفظ المحلة في العادات لأصحاب الخطة فيكون هم المقصرون في حفظ المحلة ويختار صالحو أهل
____________________
(1/502)
شقص فوجد في المحلة قتيل فهو على أهل الخطة الذين صاحب الشقص منهم وإن باعوا كلهم فهو على المشتري
دار نصفها لرجل وعشرها لآخر ولآخر ما بقي وجد فيها قتيل فهو على رؤس الرجال قتيل مر في الفرات بين قريتين فلا شيء على أحد وإن مرت دابة بين قريتين عليها قتيل فهو على أقربهما قوم التقوا بالسيوف فأجلوا عن قتيل فهو على أهل المحلة إلا أن يدعي أولياؤه على أولئك أو على رجل بعينه فلا يكون على أهل المحلة ولا على أولئك شيء حتى يقيموا البينة رجل في يده دار وجد فيها قتيل لم تعقله العاقلة حتى يشهد الشهود أنها للذي في يده والله أعلم شرح المتن المحلة وأما في حق الدية كل من أصحاب الخطة الصالح والطالح سواء هذا حكم منقول عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في القتيل الموجود بخيبر
قوله فهو على المشتري لأنهم نزلوا منزلة أصحاب الخطة في ولاية الحفظ
قوله فهو على رؤس الرجال لأنهم في ولاية الحفظ سواء فكانوا في التقصير سواء
قوله فلا شيء على أحد لأن وجوب الدية والقسامة لأجل التقصير في الحفظ بعد وجوب الحفظ والفرات ليس في يد أحد ولا في ملك أحد حتى يجب عليه الحفظ ليصير جانيا بترك الحفظ
قوله فهو على أقربهما يريد به القسامة والدية لأن القدرة على حفظ الموضع ثابتة لأقربهما
قوله حتى يشهد الشهود الخ أي إذا أنكرت العاقلة أن الدار ملك ذي
____________________
(1/503)
* باب الجراحات التي هي دون النفس *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل نزع سن رجل فانتزع المنزوعة سنه سن النازع فنبتت سن الأول فعلى الأول لصاحبه خمس مائة رجل قتل وليه فقطع يد قاتله ثم عفا عنه وقد قضى له بالقصاص أو لم يقض فعلى قاطع اليد دية اليد في ماله وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا شيء عليه رجل شج رجلا موضحة فذهبت عيناه فلا قصاص في شيء من ذلك ويجب أرش الموضحة وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) في الموضحة القصاص رجل قطع إصبع رجل من المفصل الأعلى فشل ما بقي من الإصابع أو اليد كله فلا قصاص في ذلك وكذلك إن كسر نصف سن فاسود ما بقي شرح المتن اليد لأن اليد المحتملة فلا يكتفى للاستحقاق * باب الجراحات التي هي دون النفس *
قوله فعلى الأول الخ لأنه لما نبت سن الأول تبين أن القصاص لم يكن واجبا
قوله وكذلك إن كسر الخ لهما أن الفعل وقع في محلين فأخذ حكم الفعلين وكل منهما مبتدأ فلم يعتبر شبهة وله أن الفعل واحد صورة لوقوعه محلا واحدا والفعل الواحد لا يكون موجبا للقصاص والدية
قوله فعليه أرش الضرب هذا إذا بقي أثر الضرب وإن لم يبق لها أثر لا يجب شيء عند أبي حنيفة ( رحمه الله ) وعن أبي يوسف ( رحمه الله ) أنه يجب حكومة عدل وعن محمد ( رحمه الله ) يجب أجرة الطبيب وثمن الأدوية وهذا إذا
____________________
(1/504)
رجل ضرب رجلا مائة سوط فجرحته وبرأ منها وعليه أرش الضرب رجل قطع ذكر مولود فإن كان الذكر قد تحرك فعليه القصاص في العمد والدية في الخطأ وإن لم يتحرك فيه حكومة عدل وفي لسانه إن كان قد استهل حكومة عدل وإن تكلم فالدية في الخطأ وفي بصره حكومة عدل إلا أن يكون قد أبصر
رجل كسر سن رجل وسنه أكبر من سن المجني عليه فإنه يقتص منه وكذلك اليد إذا كانت يده أكبر من يده رجل قطع كف رجل من المفصل وليس في الكف إلا إصبع ففيه عشر الدية وإن كانت إصبعان فالخمس ولا شيء في الكف وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) ينظر إلى أرش الإصبع والكف فيكون الأكثر عليه ويدخل القليل في الكثير والله أعلم بالصواب شرح المتن جرح ثم برأ فأما إذا لم يجرح في الابتداء لا يجب شيء بالاتفاق
قوله فعليه القصاص يريد به إذا قطع من الحشفة عمدا أو من أصله لأن في هذا الموضعين اعتبار المساواة ممكن
قوله وفي لسانه الخ لم يذكر القود وعلم أنه لا قود استوعب الكل أو قطع بعضه وعن أبي يوسف أنه يجب حكومة عدل
قوله وفي بصره الخ أي في بصر المولود إنما يضمن بكماله الدية والقود عند ظهور السلامة البصر فإذا لم يظهر يجب حكومة العدل
قوله فإنه يقتص منه لأن اعتبار المساواة ممكن وهو أن يبرد بالمبرد
قوله وقال أبو يوسف ومحمد الخ هما يرجحان بالكثرة وأبو حنيفة ( رحمه الله تعالى ) رجح بالذات فقال الأصابع أصل في حق المنفعة فيكون أصلا في الضمان فما بقي شيء من الأصل لا يظهر حكم التبع
____________________
(1/505)
* باب في جنابة العبد المكاتب *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل قال لعبده إن قتلت فلانا أو رميته أو شججته فأنت حر ففعل فهو مختار للفداء رجل قطع يد عبد عمدا فأعتقه المولى ثم مات من ذلك فإن كان له ورثة غير المولى فلا قصاص فيه وإلا اقتص منه وهو قول أبي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) لا قصاص في ذلك وعلى القاطع أرش اليد وما نقصه ذلك إلى أن أعتقه ويبطل الفضل رجل قتل مكاتبا عمدا فإن ترك ورثة أحرارا أو ترك وفاء فلا قصاص فيه وإن لم يترك وفاء وله ورثة أحرارا اقتص منه في قولهم جميعا وإن لم يترك وارثا غير المولى شرح المتن * باب في جناية العبد والمكاتب *
قوله فهو مختار للفداء لأنه بهذا الكلام أعتقه بعد الجناية وهو عالم به
قوله فلا قصاص فيه لاشتباه الولي ولا يرتفع الاشتباه بالاجتماع لأنه لا يمكن القضاء للمجهول
قوله لا قصاص في ذلك لأنه اشتبه سبب الحق فألحق باشتباه الولي وصار كما لو كان القتل خطأ والمسألة بحالها لا يجب قيمة النفس وإنما يجب أرش اليد وما نقصه القطع إلى أن أعتقه كذلك ههنا ولهما أن المستوفي معلوم وهو المولى وجهالة السبب لا يمنع لأنه لا يفضي إلى المنازعة بخلاف ما إذا كان القطع خطأ لأن العتق يمنع سراية الجناية إذا كانت خطأ لتبدل المستحق حال ابتداء جناية المولى وحالة السراية العبد وتبدل المستحق يمنع السراية أما إذا كان عمدا فالعتق لا يمنع السراية لأن المستحق في الحالين هو العبد لأنه في استحقاق القصاص يبقى على أصل الحرية وإنما يستوفي المولى بطريقة النيابة ونظيره ما ذكر بعد هذا أن المكاتب إذا قتل من وفاء إن كان له ورثة آخر فلا قصاص فيه وإن لم يكن إلا المولى فعلى الاختلاف وإن لم يترك وفاء وله ورثة أحرار اقتص منه المولى بالإجماع
____________________
(1/506)
وترك وفاء اقتص منه في قول أبي حنيفة ( رضي الله عنه ) وأبي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) لا أرى في هذا قصاصا أمة أذن لها في التجارة فاستدانت ثم ولدت فإنه يباع الولد معها في الدين وإن جنت جناية لم يدفع الولد معها
مكاتب جنى ثم عجز فإنه يدفع أو يفدي فإن قضا بالجناية قبل العجز بيع فيها عبد لرجل زعم رجل أن مولاه أعتقه فقتل العبد وليا لذلك الرجل خطأ فلا شيء عليه رجل قال لعبديه أحدكما حر ثم شجا فأوقع العتق على أحدهما فأرشهما للمولى عبد أعتق فقال لرجل قتلت أخاك خطأ وأنا عبد فقال ذلك الرجل قتلته وأنت حر فالقول قول العبد شرح المتن
قوله فإنه يباع الولد الخ لأن الدين وصف حكمي تعلق برقبتها فيسري إلى ولدها
قوله لم يدفع الخ لأن وجوب الدفع الذي هو حكم شرعي يلزم المولي فيكون وصفا له دونها فلا يسري إلى ولدها
قوله بيع فيها وقال أبو يوسف أولا وهو قول زفر يباع في المسئلتين جميعا وقد مرت المسئلة في كتاب المكاتب من هذا الكتاب
قوله فلا شيء عليه لأن المقر بالعتق ادعى موجب الجناية على عاقلته وهم ينكرون ذلك
قوله فأرشهما للمولى لأن العتق في العين نزل مقصودا على الحال
قوله قول العهد لأنه ينكر وجوب الضمان حيث نسبه إلى حالة معهودة فكان القول قوله
قوله وقال محمد هو يقول إن المولى لما أضاف الفعل إلى حالة معهودة تنافي الضمان كان منكرا للضمان فكان القول قوله كما في الوطئ والغلة بخلاف القائم في يده بعينه لأنه يدعي التملك عليها وهي تنكر فالقول قولها وهما
____________________
(1/507)
رجل أعتق جارية ثم قال لها قطعت يدك وأنت أمتي وقالت الجارية قطعت يدي وأنا حرة فالقول قولها وكذلك كل ما أخذ منها إلا الجماع والغلة وهو قول أبي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) لا يضمن إلا شيئا قائما بعينه فيؤمر برده عليها عبد قطع يد رجل عمدا فدفع إليه بقضاء أو بغير قضاء فأعتقه ثم مات من اليد فالعبد صلح بالجناية وإن كان لم يعتقه أمر برده على المولى وقيل للأولياء اقتلوه أو اعفوا عنه
مكاتب قتل عبدا فلا قود عليه عبد محجور عليه أمر صبيا حرا فقتل رجلا فعلى عاقلة الصبي الدية ولا شيء على الآمر وكذلك إن أمر عبد عبدا عبد مأذون له عليه ألف درهم جنى جناية خطأ فأعتقه المولى ولم شرح المتن يقولان إنه ما أضاف فعله إلى حالة تنافي الضمان لأن قطع المولى يد أمته وهي مديونة يوجب الضمان ولا كذلك الوطئ وأخذ الغلة لأنهما لا يوجبان الضمان وإن كانت مديونة
قوله فالعبد صلح بالجناية أي يملكه بالجناية لأنه لما أقدم على العتق فقد قصد تصحيحه ولا صحة له إلا أن يجعله دفعا عن القطع وما يحدث منه
قوله أمر برده على المولى لأن الدفع تسليم الواجب وبالسراية بطل التسليم ايضا فلا يبقى شبهة
قوله وكذلك إن أمر عبد الخ لأنهما يؤاخذان بأفعالهما دون أقوالهما إلا أن الصبي لا يؤاخذ أبدا والعبد المأمور يؤاخذ بعد العتق لأن قوله في حقه معتبر
قوله فعليه قيمتان قيمة لأولياء الجناية وقيمة لصاحب الدين لأنه أتلف حقين حق البيع للغرماء وحق الدفع للأولياءوتوفير الحقين كان ممكنا بدفع
____________________
(1/508)
يعلم بالجناية فعليه قيمتان عبد قتل رجلين لكل واحد منهما وليان فعفى أحد وليي كل واحد منهما فإن المولى يدفع نصفه إلى الآخرين أو يفديه بعشرة آلاف درهم
رجل فقأ عيني عبد فإن شاء المولى دفع عبده وأخذ قيمه وإن شاء أمسكه ولا شيء له من النقصان وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) إن شاء أخذ ما نقصه به عبد قتل رجلا خطأ وآخر عمدا فعفى أحد وليي العمد فإن فداه المولى فداه بخمسة عشر ألفا خمسة آلاف للذي لم يعف من ولي العمد وعشرة آلاف لولي الخطأ وإن دفعه دفعه إليهم أثلاثا ثلثاه لولي الخطأ وثلثه للولي الذي لم يعف وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) يدفعه أرباعا ثلاثة أرباعه لولي الخطأ وربعه لولي العمد شرح المتن المولى إلى ولي الجناية ثم يأخذ الغرماء من يد ولي الجناية فإذا أتلفهما ضمن لكل منهما
قوله فإن المولى يدفع نصفه إلى الآخرين الخ لأن بالعفو بطل القصاص كله وانقلب نصيب الآخرين مالا فصار كما لو وجب المال من الابتداء وسقط نصف الكل
قوله فداه بخمسة عشر ألفا الخ لأن حق الآخر لما انقلب مالا صار حقه في نصف الدية
قوله وقال أبو يوسف ومحمد يدفع الخ وذكر في بعض النسخ قول محمد مع قول أبي حنيفة وذكر في الزيادات أن عبدا لو قتل مولاه عمدا وله وليان فعفا أحدهما بطل الجميع عند أبي حنيفة ومحمد ولم يختلف الرواية فيه وقال أبو يوسف في هذه المسئلة مثل قوله في الكتاب وذكر في أكثر نسخ الكتاب قول محمد مع أبي يوسف لهما أن نصيب الذي لم يعف لما انقلب مالا لعفو صاحبه صار نصفه في ملك صاحبه فما أصاب ملك نفسه سقط وما أصاب ملك صاحبه لم يسقط وهو الربع وله أن القصاص واجب لكل واحد منهما في النصف
____________________
(1/509)
عبد بين رجلين قتل مولى لهما فعفى أحدهما بطل الجميع وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يدفع الذي عفى عنه نصف نصيبه إلى الآخر أو يفديه بربع الدية رجل قتل عبدا أو جارية قيمته عشرون ألفا خطأ فعلى عاقلته في العبد عشرة آلاف درهم إلا عشرة وفي الجارية خمسة آلاف درهم إلا عشرة روى ذلك عن عبد الله وابراهيم ( رضي الله عنهما ) في الديات وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) عليه القيمة بالغة ما بلغت وإن غصب جارية قيمتها عشرون فماتت في يده فعليه عشرون ألفا * باب في غصب المدبر والعبد والجناية في ذلك *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) عبد قطعت شرح المتن من غير تعين فإذا انقلب مالا احتمل بطلان الكل وهو أن يعبر بتعلقه بنصيب الآخر واحتمل أن يعتبر متعلقا بنصيب نفسه واحتملا التنصيف بأن يعتبر شائعا فلا يجب المال بالشك
قوله بالغة ما بلغت لأن الضمان بدل المالية فيجب بحسبها كما في الغصب حيث يجب قيمة المغصوب بالغة ما بلغت ولأبي حنيفة ومحمد أنه ( تعالى ) أوجب الدية مطلقا بقوله ودية مسلمة إلى أهله وهي اسم للواجب بمقابلة الآدمية فيجب اعتبارها ولا يجوز الزيادة عليها ولما كانت قيمة الحر مقدرة بعشرة آلاف درهم نقصنا منها في العبد بعشرة إظهارا لانحطاط مرتبته وهو مروي عن عبد الله بن مسعود حيث قال لا يبلغ بقيمة العبد دية الحر وينقص منه عشرة دراهم رواه القدوري في شرح مختصر الكرخي وروى عبد الرزاق مثله عن ابراهيم النخعي والشعبي بخلاف قليل القيمة فإنه لا أثر فيه فقدرنا بقيمته * باب في غصب المدبر والعبد والجناية في ذلك *
قوله فعليه قيمته أقطع لأن الغصب مبطل لسراية الجناية فصار كأنه
____________________
(1/510)
يده ثم غصبه رجل فمات في يده من القطع فعليه قيمته أقطع وإن غصبه وهو صحيح فقطع المولى يده في يد الغاصب فمات من ذلك في يد الغاصب فلا شيء عليه عبد محجور عليه غصب عبدا محجورا عليه فمات في يده فهو ضامن رجل غصب مدبرا فجنى عنده جناية ثم رده على المولى فجنى عنده جناية أخرى فعلى المولى قيمته بينهما نصفان ويرجع بنصف القيمة على الغاصب فيدفعه إلى ولي الجناية الأولى ثم يرجع بذلك على الغاصب رجل غصب عبدا فجنى في يده ثم رده فجنى جناية أخرى فإن المولى يدفعه إلى ولي الجنايتين ثم يرجع على الغاصب بنصف القيمة فيدفعه إلى الأول ويرجع به على الغاصب وقال محمد ( رحمه الله ) يرجع بنصف القيمة فيسلم له وإن جنى عند المولى فغصبه شرح المتن هلك لا بالقطع فيضمن قيمته أقطع
قوله فلا شيء عليه لأنه لم يعترض على القطع ما يمنع السراية فصار المولى متلفا له في يد الغاصب وبالإتلاف صار مستردا للعبد
قوله فهو ضامن لأنه مأخوذ بأفعاله بالاستهلاك ولا يؤخذ بأقواله من الإقرار
قوله نصفان لأنه صار مبطلا حقهم في العبد على وجه لا يصير مختارا للفداء لأن المولى بالتدبير السابق صار معجزا نفسه عن دفع العبد
قوله فيدفعه هذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا يدفع إلى ولي الجناية الأولى بل يسلم له لأن المولى إنما يرجع على الغاصب بنصف القيمة التي أخذها ولي الجناية الأولى ولهما أن حق ولي الجناية الأولى في كل القيمة وقد منع النصف لمزاحمة ولي الجناية الثانية فإذا وصل إلى المولى من قيمة المدبر شيء وجب التسليم إلى ولي الجناية الأولى
قوله ويرجع بذلك النصف الخ لأنه استحق هذا النصف بسبب كان في
____________________
(1/511)
رجل ثم جنى في يده رجع المولى بنصف قيمته فيدفعه إلى الأول ولا يرجع به
رجل غصب مدبرا فجنى عنده جناية ثم رده على المولى ثم غصبه أيضا فجنى عنده جناية ثم رده على المولى فعلى المولى قيمته بينهما نصفان ثم يرجع بقيمته على الغاصب فيدفع نصفها إلى الأول ويرجع بذلك النصف على الغاصب رجل غصب صبيا حرا فمات في يده فجأة أو بحمى فليس عليه شيء وإن مات من صاعقة أو نهسته حية فعلى عاقلة الغاصب الدية صبي يعقل أودع عبدا فقتله فعلى عاقلته القيمة وإن أودع طعاما فأكله لم يضمن وإن استهلك مالا ضمن شرح المتن ضمان الغاصب فيرجع بذلك عليه
قوله فعلى عاقلة الغاصب الدية لأن الإتلاف وجد نسبيا بالنقل إلى المسبعة ومكان الصواعق لأنهما لا يكونان في كل مكان فهو متعد فيه فيضمن كالحفر في الطريق بخلاف الحمى والفجاءة لأنه لا يختلف باختلاف المكان حتى لو كان موضعا يغلب فيه الحمى والأمراض ينبغي أن يضمن
قوله لم يضمن وقال أبو يوسف يضمن لانه أتلف مالا معصوما حقا لله ( تعالى ) فيجب عليه الضمان كما إذا كانت الوديعة عبدا ولهما أنه أتلف مالا غير معصوم لان العصمة تثبت حقا للمالك وقد فوتها بنفسه فإنه لا ولاية للصبي عليه ولا على نفسه ولم يقم هو من يقوم مقامه للحفظ فلا يجب الضمان بخلاف إيداع العبد فإن عصمته لحق نفسه لأنه مبقي على أصل الحرية في الدم فلا يحتاج فيه إلى ولاية أحد فيجب ضمانه وبخلاف ما إذا استهلك الصبي شيئا من غير إيداع فإن الصبي يؤخذ بأفعاله والتقييد بالعاقل يدل أن غير العاقل يضمن اتفاقا لأن التسليط من المودع غير معتبر وفعل الصبي معتبر كذا ذكره فخر الإسلام ( رحمه الله ) وذكر قاضيخان ( رحمه الله ) وغيره أن غير العاقل لا يضمن في قولهم جميعا كذا في العناية
____________________
(1/512)
* باب في الرجل شهر سلاحا واللص يدخل دارا *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل شهر سيفا على المسلمين فلهم أن يقتلوه ولا شيء عليهم رجل دخل على رجل ليلا فأخرج السرقة ليلا فاتبعه الرجل فقتله فلا شيء عليه رجل شهر على رجل سلاحا فضربه فقتله الآخر بعد ذلك فعلى القاتل القصاص * باب في جناية الحائط والجناح *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل أخرج إلى الطريق الأعظم كنيفا أو ميزابا أو جرصنا أو بنى دكانا فللرجل من عرض الناس أن ينزع ذلك ويسع الذي عمل ذلك أن ينتفع به ما لم يضر شرح المتن * باب في الرجل شهر سلاحا واللص يدخل دارا *
قوله ولا شيء عليهم لأنه صار محاربا فسقطت عصمته كما سقطت عصمة أهل البغي بالمحاربة
قوله فلا شيء عليه لقوله ( عليه السلام ) قاتل دون مالك وأنت شهيد
قوله فعلى القاتل القصاص يريد به أنه ضربه وتركه وانصرف ومتى كان كذلك خرج من أن يكون محاربا * باب في جناية الحائط والجناح *
قوله أو جرصنا البرج الذي يكون في الحائط كذا قال الصدر وقيل مجرى ماء يركب في الحائط وقيل جذع يخرجه الإنسان من الحائط ليبني عليه وقيل غير ذلك
____________________
(1/513)
بالمسلمين فإذا ضر بالمسلمين كره ذلك وكذلك البالوعة يحفرها في الطريق فإن كان السلطان أمره بحفرها أو أجبره على ذلك فلا ضمان عليه وإن حفر بغير أمره ضمن وليس لأحد من أهل الدرب الذي ليس بنافذ أن يشرع كنيفا أو ميزابا إلا بإذن جميع أهل الدرب حائط مائل بين خمسة رجال أشهد على أحدهم ثم سقط فقتل إنسانا ضمن خمس الدية
دار بين ثلاثة نفر حفر أحدهم فيها بئرا أو بنى حائطا بغير إذن صاحبه فعطب به إنسان فهو ضامن له رجل حمل شيئا في الطريق شرح المتن
قوله ما لم يضر بالمسلمين لأن له حق الانتفاع بالمرور فإذا لم يضر أشبه المرور
قوله ضمن لأنه مباح مقيد بشرط السلامة وهكذا الجواب في جميع ما مر
قوله من أهل الدرب الدرب الباب الواسع على السكة والمراد به السكة ههنا
قوله إلا بإذن الخ لأن السكة مملوكة لهم والطريق الأعظم حقهم لا ملكهم
قوله فهو ضامن له أي ثلث الدية وقال محمد وأبو يوسف عليه نصف الدية في المسئلتين جميعا لانه ما تلف بنصيب من لم يشهد عليه هدر فلما هدر البعض واعتبر البعض يجعل الهدر جنسا واحدا والمعتبر شيئا واحدا ولأبي حنيفة ( رحمه الله ) أن العلة قدر الثقل وهي علة واحدة للحكم فيضاف الحكم إليها ثم تنقسم الحكم على أربابها على قدر الملك
قوله فهو ضامن لأن الحامل قاصد للحفظ فلو قيد بشرط السلامة لا يحرج
____________________
(1/514)
فسقط فعطب به إنسان فهو ضامن وإن كان رداء قد لبسه فسقط لم يضمن رجل جعل قنطرة على نهر بغير إذن الإمام فتعمد رجل المرور عليها فعطب فلا ضمان على الذي قنطر وكذلك إن وضع خشبة على الطريق فتعمد رجل المرور عليها مسجد لعشيرة علق رجل منهم قنديلا أو جعل فيه بواري أو حصا فعطب به رجل لم يضمن وإن كان الذي فعل ذلك من غير العشيرة ضمن وإن جلس رجل من العشيرة في المسجد فعطب به رجل لم يضمن إن كان في الصلاة وإن كان في غير الصلاة ضمن سواء كان جلوسه للصلاة أو لغيرها وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يضمن على كل حال والله أعلم * باب في جناية البهيمة والجناية عليها *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل ساق شرح المتن
قوله لم يضمن لأنه غير أقاصد للحفظ فالتقييد بالحفظ يوقعه في الحرج
قوله وكذلك الخ لأنهما استويا في صفة العدوانية حال تعمد المرور عليها فكانت الإضافة إلى المباشر أولى
قوله ضمن لأن ولاية التصرف لأهل المحلة فكان فعلهم مباحا وفعل غيرهم تعديا
قوله لا يضمن على كل حال لأن الجلوس للصلاة من ضرورات الصلاة فألحق بالصلاة ولو جلس مصليا لا يضمن فكذا هذا وأبو حنيفة ( رحمه الله ) يقول بلى لكن الجلوس لأجل الصلاة مباح مقيد بشرط السلامة والجلوس في الصلاة مباح غير مقيد يقع التفاوت بينهما * باب في جناية البهيمة والجناية عيها *
قوله ضمن السائق لأنه قاصد للحفظ فيشترط بقيد السلامة
____________________
(1/515)
دابة فوقع السرج على رجل فقتله ضمن السائق رجل سار على دابته فوقف لروث أو لبول فعطب إنسان بروثها أو بولها لم يضمن وإن أوقفها لغير ذلك فعطب بروثها أو بولها إنسان يضمن رجل سار على دابة فأصابت بيدها أو رجلها حصاة أو نواة أو أثارت غبارا أو حجرا صغيرا ففقأ عين إنسان لم يضمن وإن كان حجرا كبيرا ضمن ويضمن كل شيء أصابت بيدها أو رجلها أو رأسها وكذلك إن كدمت أو خبطت إلا النفحة بالرجل والذنب وإن وقفها في الطريق ضمن النفحة أيضا وكل شيء ضمنه الراكب ضمنه السائق والقائد وعلى الراكب الكفارة وليست عليهما شرح المتن
قوله لم يضمن لان صاحب الدابة لم يباشر الإتلاف وإنما يضمن بالتسبيب والمسبب إنما يضمن إذا كان متعديا ووقف الدابة لذلك ليس بتعد لانه لا بد من ذلك
قوله يضمن لأن الوقف لأمر آخر تعد أو مباح مقيد بشرط السلامة
قوله لم يضمن لأن الصيانة عن المرور على الحجر الصغير غير ممكن فلا يصير متعنتا بترك الصيانة ولا كذلك المرور على الحجر الكبير
قوله أو خبطت أي ضربت بيدها لأنه يمكن صيانة الدواب من هذه المعاني
قوله إلا النفحة بالرجل والذنب فإنه لا يضمن لانه لا يمكن صيانة الدواب عن هذه المعاني لانه يغيب عن بصره
قوله ضمن النفحة أيضا لأن الصيانة عن الوقف ممكن وعن النفحة غير ممكن فصار الوقف تعديا أو مباحا مقيدا بشرط السلامة
قوله وعلى الراكب الكفارة يريد في ما إذا أوطأت الدابة ولا تجب الكفارة على القائد والسائق لان القتل من الراكب حصل بثقله وثقل الدابة تبع له فجعل مباشرا وعلى المباشر الكفارة وهما مسببان والمسبب لا كفارة عليه
____________________
(1/516)
رجل أرسل بهيمة يريد به كلبا وكان لها سائقا فأصابت في فورها ضمن وإن أرسل طيرا أي بازيا لم يضمن وكذلك إن أرسل كلبا ولم يكن سائقا رجل قاد قطارا فأوطأ بعير إنسانا فقتله فعلى عاقلته الدية وإن ربط إنسان بعيرا بالقطار فوطئ المربوط إنسانا فقتله فعلى عاقلة القائد الدية وترجع بها على عاقلة الرابط شاة لقصاب فقئت عينها ففيها ما نقصها وفي عين بقرة الجزار وعين جزورها ربع قيمتها وكذلك عين الحمار والبغل والفرس مسائل من كتاب الجنايات لم تدخل في الأبواب
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) رجل وجب شرح المتن
قوله ضمن لأن الكلب محتمل السوق كسائر الدواب فأضيف إليه فأما البازي لا يحتمل السوق فهدر سوقه ذكر هذا الفرق في الزيادات
قوله وكذلك إن أرسل كلبا ولم يكن سائقا يريد به لم يكن خلفه فأصاب على فوره لم يضمن لأن الكلب عامل باختياره وعمل البهيمة هدر إلا أنه نسب إلى المرسل في حق إباحة الصيد للحاجة ولا حاجة في حق التعدي
قوله رجل قاد قطارا الخ قائد القطار كالسائق لأن عليه الحفظ ولو أصاب نفسا وجب الضمان على عاقلته
قوله فعلى عاقلة القائد الدية وإن كان لا يشعر بالربط لأن عليه صيانة القطار فكان مسببا لكن عاقلته يرجعون على عاقلة الرابط لأنه هو الذي أوقعهم في ذلك
قوله ففيها ما نقصها لان الشاة لا يمسكه إلا للأكل فكان في معنى اللحم فلا يعتبر إلا النقصان وهذه الدواب لها منافع آخر سوى الأكل فصار شبيها بالآدمي لكن لا ينتفع بها إلا بأربعة أعين فصار كما لو كان لها أربعة أعين فيجب في العين الواحدة ربع القيمة مسائل من كتاب الجنايات لم تدخل في الأبواب
قوله فإنه يجزيه الخ لأن السلامة ثابتة في الرضيع ظاهرا على ما عليه الغالب
____________________
(1/517)
عليه حد أو قصاص ثم دخل الحرم لا يقام ذلك كله عليه ولا يكلم ولا يبايع ولا يشاري حتى يخرج من الحرم فيقام عليه ذلك كله وإن أصاب ذلك في الحرم أقيم ذلك كله عليه رجل وجب عليه رقبة مؤمنة فإنه يجزيه رضيع أحد أبويه مسلم ولا يجزيه عتق ما في البطن رجل صالح من دم عمد ولم يذكر مؤجلا ولا حالا فهو حال حر وعبد قتلا رجلا فأمر مولى العبد والحر رجلا أن يصالح من دمهما على ألف فالألف على المولى والحر نصفان
رجل ضرب بطن امرأته فألقت ابنه ميتا فعلى عاقلة الأب غرة لا يرث شرح المتن
قوله ولا يجزيه لأنه عضو من وجه وإن كان نفسا من وجه فلم يدخل تحت مطلق اسم الرقبة
قوله فهو حال لأن المال الواجب بالعقد أصله الحلول لا المؤجل بخلاف الدية لأنها لا تجب بالعقد
قوله نصفان لأنه أضيف العقد إلى دمهما على السواء فينقسم كذلك
قوله غرة الغرة عبد أو فرس قيمته خمسمائة درهم وإنما وجبت لأن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قضى في جنين الأجنبية الغرة على عاقلة القاتل فكذا في الجنين الذي هو ابنه
قوله ولا يرث منها أي الأب لأنه قاتل مباشر بغير حق
قوله ففيه قيمته حيا لأنه قتله بالضرب السابق ووقت الضرب كان رقيقا فيضمن القيمة لأنه صار قاتلا إياه
قوله ولا شيء في الإفضاء لوجود الإذن كمن قال اقطع يدي
قوله فثلث الدية لأنه بمنزلة الجائفة
____________________
(1/518)
منها ولا كفارة عليه رجل ضرب بطن أمة فأعتق المولى ما في بطنها ثم ألقته حيا ثم مات ففيه قيمته حيا رجل افتض بكرا بطريق الزنا فأفضاها فإن كانت مطاوعة من غير دعوى الشبهة فعليهما الحد ولا عقر ولا شيء في الإفضاء وإن كانت مكرهة من غير دعوى الشبهة وجب عليه الحد دونها ولا عقر ويجب أرش الإفضاء إن كانت تستمسك فثلث الدية وإن كانت لا تستمسك فكل الدية والله أعلم شرح المتن
قوله فكل الدية لانه أتلف منفعة لا نظير لها في البدن ولم يوجد منها إذن يبطل به الأرض فلا يبطل وإن كان مع ذلك دعوى الشبهة فالجواب أن يستوي في المطاوعة والكرة في حق سقوط الحد ويختلف في الأرش فلا يجب الأرش في المطاوعة وفي الكره يجب ثلث الدية مرة وكل الدية مرة
____________________
(1/519)
كتاب الوصايا * باب الوصية بثلث المال *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل أوصى لأمهات أولاده بثلث ماله ( وهن ثلاث ) وللفقراء والمساكين فلهن ثلاثة أسهم من خمسة أسهم وللفقراء سهم وللمساكين سهم وإن أوصى بثلثه لفلان وللمساكين فنصفه لفلان ونصفه للمساكين رجل أوصى لرجل بمائة ولآخر بمائة ثم قال لآخر قد أشركتك معهما فله ثلث كل مائة شرح المتن * باب الوصية بثلث المال *
قوله فلهن ثلاثة أسهم لان الصيغة وإن كانت للجمع إلا أنها صارت مجازا عن الجنس لتعذر العلم بالعموم واسم الجنس يقع على الأدنى ويحتمل الكل
قوله فله ثلث كل مائة لأن مطلق الشركة تقتضي التسوية وذلك في ما قلنا
قوله فله نصف ما لكل الخ لأن مطلق الشركة تقتضي التسوية لكن بقدر الإمكان ففي الفصل الأول أمكن التسوية من كل وجه بينهم جميعا وفي الفصل الثاني لم يمكن التسوية بينهم على اعتبار الجملة فوجب الاستواء على طريق الانفراد فانصرف إلى التسوية مع كل منهما
____________________
(1/520)
وقال يعقوب ومحمد ( رحمها الله ) إن أوصى بأربعمائة لرجل ولآخر بمائتين ثم قال لآخر قد أشركتك معهما فله نصف ما لكل واحد منهما رجل قال سدس مالي لفلان ثم قال في ذلك المجلس أو في مجلس آخر له ثلث مالي وأجازت الورثة فله ثلث المال ولو قال سدس مالي لفلان ثم قال في ذلك المجلس أو في مجلس آخر سدس مالي لفلان فليس له إلا سدس واحد
رجل أوصى لرجل بجزء من ماله فإن الورثة يعطونه ما شاؤوا وإن أوصى بسهم من ماله فله مثل نصيب أحد الورثة ولا يزاد على السدس شرح المتن
قوله فله ثلث المال لأن الثلث يتضمن السدس فجعلناه مخبرا عن السدس الأول منشأ للسدس الآخر لأنه مهما أمكن جعله إخبارا لا يجعل إنشاء لأن فيه شكا والإخبار متيقن
قوله إلا سدس واحد لأنه ذكر السدس معرفا بالإضافة مرتين لأنها من أسباب التعريف والمعرفة إذا أعيدت معرفة أو النكرة إذا أعيدت على سبيل التعريف كان الثاني عين الأول
قوله لا يزاد على الثلث لأنها وصية بأقل الأنصباء فإذا زاد لا يجاوز عن الثلث ولأبي حنيفة ( رحمه الله ) أن السهم اسم للسدس وهو اسم لنصيب واحد من الورثة أيضا فينظر أيهما كان أقل فله ذلك وهذا في عرفهم فأما في عرفنا فالسهم والجزء سواء لأنه ليس باسم لنصيب أحد الورثة ولا للسدس
قوله يصدق إلى الثلث يعني إذا ادعى أكثر من الثلث فكذبته الورثة لا يعطى إلا ثلث المال لأن قوله على دين إقرار بمجهول لا يصح الحكم به
____________________
(1/521)
وقال يعقوب ومحمد ( رحمهما الله ) مثل نصيب أحدهم لا يزاد على الثلث إلا أن يجيزه الورثة رجل قال لفلان علي دين فصدقوه فإنه يصدق إلى الثلث فإن أوصى بوصايا غير ذلك عزلت الثلث لأصحاب الوصايا والثلثين للورثة فإذا أفرزنا وقد علمنا أن في التركة دينا شائعا أمروا بالبيان فقيل لأصحاب الوصايا صدقوه فيما شئتم وللورثة صدقوه فيما شئتم وما بقي من الثلث فأصحاب الوصايا أحق به
رجل أوصى لوارث ولأجنبي فإنه للأجنبي نصف الوصية وتبطل وصية الوارث رجل له ثلاثة أثواب جيد ووسط وردي فأوصى بكل شرح المتن وقوله فصدقوه مخالف لحكم الشرع لأن المدعي لا يصدق من غير حجة فبطل لكن قصده من هذا تقديمه على الورثة وفي الوصية ذلك فكان وصية فلا يزاد على الثلث
قوله نصف الوصية لأن الوصية ابتداء إيجاب وقد أضيف إلى ما يملك وإلى ما لا يملك فبطل في ما لا يملك
قوله والورثة تجحد يريد أن الورثة يجحدون بقاء حق كل واحد منهم بعينه ويقولون حق كل واحد منكم بطل ولا يدري من بطل حقه ومن بقي فلا نسلم إليك شيئا فالوصية باطلة لأن المستحق مجهول وجهالة المستحق يمنع القضاء
قوله فإن سلموا وقالوا اقتسموها بينكم على قدر وصاياكم فالآن يقسم بينهم لصاحب الجيد ثلثا الثوب الأجود لأنه لا حق له في الردي بيقين ولصاحب الردي ثلثا الثوب الردي لأنه لا حق له في الجيد بيقين ولصاحب الوسط ثلث الأجود وثلث الأدون لأن حقه دائر فيهما تحقيقا للتسوية بينهم
قوله له مثل ذرع نصف البيت لأن الوصية أضيفت إلى المملوك وغير المملوك فصح في المملوك دون الآخر ولهما أن القسمة إفراز النصيب والتعيين فإذا وقع البيت في سهمه صار البيت عين حقه فينفذ إيجابه في ذلك
____________________
(1/522)
واحد لرجل فضاع ثوب لا يدري أيها هو والورثة تجحد فالوصية باطلة إلا أن تسلم لهم الورثة الثوبين الباقيين فإن سلموا فلصاحب الجيد ثلثا الثوب الأجود ولصاحب الوسط ثلث الأجود وثلث الأدون ولصاحب الأدون ثلثا الثوب الأدون دار بين رجلين أوصى أحدهما ببيت منها بعينه لرجل فإنها تقسم فإن وقع البيت في نصيب الموصي فهو للموصى له وإن وقع في نصيب الآخر فلموصى له مثل ذرع البيت وهو قول أبي يوسف ( رحمه الله ) وقال محمد ( رحمه الله ) له مثل ذرع نصف البيت
رجل أوصى في مال رجل لرجل بألف درهم فأجاز صاحب المال بعد موت الموصي فإن دفعه فهو جائز وله أن يمنع ابنان اقتسما تركة الأب شرح المتن
قوله وله أن يمنع لأن تبرع الموصي يتوقف على إجازة صاحب المال فإذا أجاز فكأنه تبرع والتبرع لا يفيد الملك قبل التسليم فله أن يمنع
قوله ثلث ما في يده لأن الموصى له شريك الورثة وليس بمقدم عليه فصار مقرا أنه شريكه
قوله فله الدرهم كله لأن الوصية بثلث ثلاثة دراهم والوصية بالدرهم سواء ولو كانت بصيغة الدرهم بقيت الوصية بكمالها فكذا هذا
قوله باطل لأن الإيصاء في الحكم لا ينزل إلا عند الموت فيكون كأنه عقد عند الموت
قوله وتجوز الوصية لما في البطن لأن الإيصاء استخلاف فإن الموصي يستخلف الموصى له في بعض ماله ويلحقه بالوارث وخلافة الجنين صحيحة شرعا في الميراث إذا علم حياته ولا كذلك الهبة لانه تمليك محض ولا ولاية لأحد على ما في البطن
____________________
(1/523)
ألفا ثم أقر أحدهما لرجل أن الأب أوصى له بثلث ماله فإن المقر يعطيه ثلث ما في يده رجل أوصى بثلث ثلاثة دراهم لرجل فهلك درهمان وبقي درهم وهو يخرج من الثلث فله الدرهم كله وكذلك الثياب من صنف واحد رجل أوصى بثلث ثلاثة من رقيقه فمات اثنان لم يكن له إلا ثلث الباقي وكذلك الدور المختلفة
رجل أوصى لرجل فقبوله ورده في حياة الموصي باطل وتجوز الوصية لما في البطن ولا تجوز له الهبة والوصية لأهل الحرب باطلة فإن دخل حربي دار الإسلام بأمان فأوصى لمسلم أو ذمي جاز رجل له ستمائة درهم وأمة تساوي ثلاث مائة فأوصى بالجارية لرجل ثم مات فولدت ولدا يساوي ثلاث مائة قبل القسمة فللموصى له الأم وثلث الولد وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) له ثلثا كل واحد منهما وإن ولدت بعد القسمة فهو للموصى له والله أعلم شرح المتن
قوله باطلة لأنها نهينا بالبر إليهم
قوله جاز لأن امتناع الوصية بكل المال لحق الورثة حتى جاز بإجازتهم وحق ورثة الحربي غير مراعى
قوله له ثلثا كل واحد منهما لأنها لما حبلت صار الولد موصى به تبعا للأم فيدخل الولد تحت الوصية كما يدخل تحت العتق والبيع فبقي كل واحد منهما موصى به وهما أكثر من الثلث فيعطي له ثلثا كل منهما وله أن الوصية قد صحت بالأم فلو جعل الولد شريكا لها انتقض بعض الوصية في الأم فلا يجوز نقض الأصل بالتبع
قوله فهو للموصى له لأن التركة بالقسمة خرجت عن حكم ملك الميت فحدث الزيادة على خالص ملك الموصى له
____________________
(1/524)
* باب العتق في المرض والوصية بالعتق *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) مريض أقر بدين لامرأة أو أوصى لها بشيء أو وهبها ثم تزوجها جاز الإقرار وبطلت الوصية مريض أقر لابنه بدين وابنه نصراني أو وهب له أو أوصى له فأسلم الابن قبل موت الأب يبطل ذلك وكذلك لو كان الإبن عبدا فأعتق قال والمفلوج والمقعد والأشل والمسلول إذا تطاول فلم يخف فهبته من جميع المال فإن وهب عندما أصابه ذلك ومات من أيامه فهو من الثلث
رجل أوصى أن يعتق عنه بهذه المائة درهم عبد فهلك منها درهم لم يعتق عنه وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) يعتق عنه بما بقي وإن كانت الوصية بحجة يحج عنه بما بقي من حيث بلغ في قولهم وإن لم شرح المتن * باب العتق في المرض والوصية بالعتق *
قوله جاز الإقرار لأنها أجنبية في الحال وبطل ما سوى ذلك أما الهبة فلأنها وصية مضافة إلى ما بعد الموت معنى وإن كانت منجزة صورة وكذلك الوصية وهي امرأة وقت الموت والوصية للوارث باطلة
قوله يبطل ذلك أما الوصية والهبة فلما قلنا وأما الإقرار فلأن سبب استحقاق الإرث قائم وهو البنوة والحالة ليست حالة الاستحقاق فيعتبر نفس السبب فيبطل الإقرار لأن الإقرار لا يكون واقعا للإبن كما إذا كان مسلما
قوله من جميع المال لأنه إذا تقادم العهد صار بمنزلة طبع من طباعه
قوله يعتق عنه بما بقي لأن المستحق لم يتبدل لأن المستحق للعتق هو الله ( تعالى ) فوجب التنفيذ كما في الحج وله أن المستحق للعتق قد تبدل لأن المستحق هو العبد وقد أوصى بالعتق بعبد يشترى بمائة فلو أعتق عبد يشترى بما
____________________
(1/525)
يهلك منها شيء حج بها فإن فضل شيء رد على الورثة رجل ترك ابنين وترك مائة دينار وعبدا قيمته مائة دينار وقد كان أعتقه في مرضه فأجاز الوارثان ذلك لم يسع في شيء
رجل أوصى بعتق عبده ثم مات فجنى العبد فدفع بالجناية بطلت الوصية وإن فداه الورثة كان الفداء في أموالهم ونفذت الوصية رجل أوصى بثلث ماله لرجل فأقر الموصى له والوارث أن الميت أعتق هذا العبد فقال الموصى له أعتقه في الصحة وقال الوارث أعتقه في المرض فالقول قول الوراث ولا شيء له إلا أن يفضل من الثلث شيء أو يقيم الموصى له بينة أن العتق في الصحة رجل ترك عبدا وابنا فقال للوارث أعتقني أبوك في الصحة وقال رجل لي على أبيك ألف مثقال فقال صدقتما فإن العبد يسعى في قيمته وقالا لا يعتق ولا يسعى في شيء شرح المتن دونها كان تنفيذا للوصية بغير المستحق
قوله لم يسع في شيء لأنه وصية والوصية بأكثر من الثلث يجوز بإجازة الورثة
قوله بطلت الوصية لأن الدفع يبطل الملك فيبطل الوصية
قوله في أموالهم لإلتزامهم إجازة الوصية لأن العبد فرغ من الجناية فبقي على ملكه فسلم للوصية والوارث متبرع في الفداء ويجب إعتاقه
قوله قول الوارث لأن من زعم الوراث أن الإعتاق كان وصية وأنه مقدم على وصية ولا شيء له إلا أن يفضل على قيمة العبد من الثلث ومن زعم الموصى له أن الإعتاق لم يكن وصية فهو يدعي حقا في التركة والوارث منكر فيكون القول قوله مع اليمين وإن أقام الموصى له بينة على ما قال ثبت أن العتق لم تكن وصية فله ثلث سائر الأموال
قوله وقالا لا يعتق لأن العتق والدين ثبتا معا فيثبت الدين والعبد قد عتق فلا يتعلق الدين برقبته وله أن الإقرار بالدين أقوى من إقرار العتق
____________________
(1/526)
* باب الوصية بثمرة البستان وغلته *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في رجل أوصى لآخر بثمرة بستانه ثم مات وفيه ثمرة فله هذه الثمرة وحدها وإن قال له ثمرة بستاني أبدا فله هذه الثمرة وثمرته فيما يستقبل ما عاش وإن أوصى له بغلة بستانه كان له هذه الغلة القائمة وغلته فيما يستقبل رجل أوصى بصوف غنمه أبدا وبأولادها أو باللبن ثم مات فله ما في بطونها من الولد وما في ضروعها من اللبن وما على ظهورها من الصوف يوم يموت الموصي * باب الوصية الذمي ببيعة أو كنيسة *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) في يهودي أو شرح المتن * باب الوصية بثمرة البستان وغلته *
قوله وحدها لأن الثمرة حين أطلقت يراد بها الموجودة عرفا
قوله ما عاش لأن الوصية استخلاف للموصى له وإقامته مقام الوارث والوارث يستحق الثمرة الموجودة وما سيوجد فإذا جعل له ثمرة بستانه أبدا جعل له الثمرة الموجودة وما يوجد
قوله وغلته في ما يستقبل لأن الغلة إسم للمصدر والمصدر كما يتناول الموجود يتناول ما هو بعرضة الموجود
قوله يوم يموت الموصي بخلاف الغلة والثمرة لأن الغلة والثمرة يستحق بالعقود في الجملة فإذا كانت تستحق بالعقود في الجملة أمكننا أن نجعلها مستحقة بعقد الوصية فأما الصوف واللبن والولد الذي هو معدوم لا يستحق بالعقد فلا نقدر أن نجعلها مستحقة بعقد الوصية * باب وصية الذمي ببيعة أو كنيسة *
قوله فهو ميراث أما عند أبي حنيفة فلأن حكمه حكم الوقف ووقف المسلم يورث عنده فكذا وقف اليهودي والنصراني وأما عندهما فكذلك لأنه لا
____________________
(1/527)
نصراني صنع بيعة أو كنيسة في صحته فهو ميراث و إذا أوصى بذلك لقوم مسمين فهو من الثلث وإذا أوصى بداره كنيسة لقوم غير مسمين جازت الوصية وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يجوز والله أعلم * باب بيع الأوصياء والوصية إليهم *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) مقاسمة الوصي للموصى له عن الورثة جائزة والمقاسمة للورثة عن الموصى له باطلة فإن قاسم الورثة وأخذ نصيب الموصى له فضاع رجع الموصى له بثلث ما بقي شرح المتن يجوز من أهل الذمة ما هو قربة
قوله فهو من الثلث لأن هذا باعتبار الاستخلاف وصح استخلافهم فيه وله ولاية الاستخلاف * باب بيع الأوصياء والوصية إليهم *
قوله جائزة لأن الوصي خليفة الميت والورثة خلفاء الميت فيكون هو خليفة لهم
قوله بثلث ما بقي لأن الوصي ليس بخليفة عن الميت من كل وجه حتى يكون خليفة الميت خليفة للموصى له فلم ينفذ قسمة الوصي عليه فإذا لم ينفذ وقبضه كان ذلك أمانة في يده
قوله فقسمته جائزة لأن الوصية قد صحت وإن كان الموصى له غائبا وإذا صحت فللقاضي ولاية النظر
قوله فقد لزمته وأورد بعد موته لم يصح لأن الموصى هلك معتمدا على قبوله فلو صح رده بعد موته لبطلت حقوق الميت
قوله لم يكن ردا لأنه لو كان ردا وقع الموصي في ضرر وغرر
____________________
(1/528)
وإن أوصى بحجة فقاسم الوصي الورثة فهلك ما في يده حج عن الميت من ثلث ما يبقى وكذلك إن دفعه إلى رجل ليحج به فضاع من يده وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) إن كان ذلك مستغرقا للثلث لم يرجع بشيء وإلا رجع بتمام الثلث وقال محمد ( رحمه الله ) لا يرجع بشيء لأن مقاسمة الوصي الورثة جائزة
رجل أوصى بثلث ألف درهم فدفعها الورثة إلى القاضي فقسمها القاضي والموصى له غائب فقسمته جائزة رجل أوصى إلى رجل فقبل في حياة الموصي فقد لزمته وإن ردها في حياته في غير وجهه لم يكن ردا وإن رد في وجهه فهو رد وإن لم يقبل حتى مات الموصي فقال لا أقبل ثم شرح المتن
قوله وإن لم يقبل الخ إن لم يقبل ولم يرد حتى مات الموصي فله الخيار إن شاء قبل وإن شاء رد لأن الموصي لا يملك الإلزام فإن باع شيئا من تركته فقد لزمته لأنه وجدت دلالة القبول وإن لم يقبل ولم يرد حتى مات فقال لا أقبل ثم قال أقبل لم يبطل لانه لو بطل لوقع الموصي في الضرر والضرر واجب الدفع إلا أن يكون القاضي أخرجه عن الإيصاء حين قال لا أقبل فإن قبل بعد ذلك لا يصح لأنه صح إخراجه لأن الموضع موضع الاجتهاد
قوله فهو جائز لانه قائم مقام الموصي ولو فعل الموصي صح
قوله وهو قول محمد الخ الحاصل أن أحد الوصيين لا يتفرد بالتصرف في ما يبتني على الولاية عند أبي حنيفة ومحمد ( رحمهما الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) يتفرد أجمعوا على ما لا يتبنى على الولاية يتفرد به أحدهما كشراء الكفن للميت وشراء ما لا بد للصغير منه وقضاء الديون ورد الودائع
قوله كفعلهما لأن الإيصاء نقل الولاية والولاية إذا ثبت لاثنين شرعا ثبت لكل منهما على الانفراد مثل الأخوين في ولاية الإنكاح ولهما أن الموصي أثبت الولاية لهما جميعا فصارت الولاية مقيدة بشرط اجتماع فوجب اعتباره
قوله ضمن الوصي لأنه عاقد ملتزم للعهدة ويرجع في جميع ما تركه
____________________
(1/529)
قال أقبل فله ذلك إن لم يكن القاضي أخرجه حين قال لا أقبل وصي باع عبدا من التركة بغير محضر الغرماء فهو جائز وليس لأحد الوصيين أن يشتري للصغار شيئا إلا الكسوة والطعام وهو قول محمد ( رحمه الله ) وقال أبو يوسف ( رحمه الله ) فعل أحدهما كفعلهما فإن اشترى أحدهما أو أحد الورثة كفنا للميت فهو جائز
رجل أوصى أن يباع عبده ويتصدق بثمنه على المساكين فباع الوصي وقبض الثمن فضاع من يده واستحق العبد ضمن الوصي ويرجع فيما ترك الميت وإن قسم الوصي الميراث فأصاب صغيرا من الورثة عبد فباعه وقبض الثمن فهلك واستحق العبد رجع في مال الصغير ورجع الصغير بحصته على الورثة وصي احتال بمال اليتيم فإن كان ذلك خيرا له جاز شرح المتن الميت وهذا قول أبي حنيفة الآخر وفي قوله الأول لا يرجع بشيء
قوله إلا في ما يتغابن الناس لأن ولايته مقيدة بشرط الأحسن والغبن الفاحش ليس من الأحسن بخلاف الغبن اليسير لأن الاحتراز عنه غير ممكن
قوله وإذا كتب الخ أي إذا كتب القاضي كتاب الشراء على وصي كتب كتاب الشراء على حدة وكتاب الوصية على حدة لأنه لو كتب كتابا واحدا وأشهد عليه قوما وفيهم من لم يشهد على الإيصار فعسى أن يشهد بالملك فيصير شاهدا بلا إشهاد
قوله ولا يتجر لأنه قائم مقام الموصي وهو الأب وهو لا يملك بيع مال الكبير الغائب إلا بطريق الحفظ نظرا له فكذا الوصي وبيع المنقول من باب الحفظ
قوله بمنزلة وصي الأب الخ لأن للموصي ولاية الحفظ فكذا للوصي حتى ملكوا شراء الطعام والكسوة
____________________
(1/530)
ولا يجوز بيع الوصي ولا شراءه إلا فيما يتغابن الناس فيه ويجوز بيع المكاتب والمأذون له بما لا يتغابن الناس فيه وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يجوز بيع المكاتب وشراءه والعبد المأذون له إلا فيما يتغابن الناس فيه وإذا كتب شرى على وصي كتب كتاب الوصية علي حدة وبيع الوصي على الكبير الغائب جائز في كل شيء إلا العقار ولا يتجر في المال وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) وصي الأخ في الصغير والكبير الغائب منزلة وصي الأب في الكبير الغائب
ويقسم كل شيء بين رجلين من صنف واحد ولا يقسم الرقيق والدور المختلفة وقال يعقوب ومحمد ( رحمهما الله ) يقسم الرقيق وينظر في الدور فإن كان أفضل الأمرين أن يقسم كل دار علي حدة قسمت كذلك شرح المتن
قوله يقسم الرقيق فيجمع حق كل منهما في عبد واحد ويستوي بينهما باعتبار القيمة
قوله من الجد لأنه قائم مقام الأب فوجب تقديمه على الجد كما قدم الأب
قوله باطلة لأنهما شهدا لأنفسهما لأنهما أثبتا معنى لأنفسهما هذا إذا أنكر الوصي وأما إذا ادعى الوصي ذلك فالقياس أن لا يقبل وفي الاستحسان يقبل
قوله في الوجهين لأنهما أجنبيان عن المشهود له كما في غير مال الميت ولأبي حنيفة ( رحمه الله ) أنهما يوجبان لأنفسهما حق الحفظ لأن حفظ مال الميت إليهما في حق الكبير إذا غاب فكانا متهمين
قوله جازت شهادتهم عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف وذكر
____________________
(1/531)
وإن كان الأفضل أن يجمع نصيب كل واحد في دار واحدة قسمت كذلك والوصي أحق بمال الصغير من الجد وإن لم يوص الأب إلى أحد فالجد بمنزلة الأب وصيان شهدا أن الميت أوصى إلى فلان فالشهادة باطلة إلا أن يدعيها المشهود له وكذلك الإبنان
وصيان شهدا لوارث صغير بشيء من مال الميت أو غيره فشهادتهما باطلة وإن شهدا لوارث كبير في مال الميت لم يجز شهادتهما وإن كان في غير مال الميت جاز وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) شهادتهما للوارث الكبير جائزة في الوجهين جميعا رجلان شهدا لرجلين على ميت بألف وشهد الآخران للأولين بمثل ذلك جازت شهادتهم وإن كانت شهادة كل فريق منهم للآخر بوصية الألف لم يجز المسلم إذا أوصى إلى ذمي أو عبد فالوصية باطلة وذكر في كتاب القسمة ما يدل على صحة الإيصاء إلى الذمي والعبد شرح المتن الخصاف في أدب القاضي أن على قول أبي حنيفة ( رحمه الله ) لا تجوز شهادتهم فحصل عن أبي حنيفة ( رحمه الله ) روايتان في هذه المسئلة ووجه رواية الخصاف أن الدين بعد الموت يتعلق بالتركة على سبيل الشركة فصار بمنزلة الوصية المشتركة ولو كانت وصية والمسئلة بحالها لا تقبل فكذا هذا ووجه رواية هذا الكتاب أن الدين إنما يحل في الذمة ولا شركة في ذلك أصلا وإنما الاستيفاء من ثمراته فوقعت الشهادة لغير الشاهد بخلاف الوصية لأن حق الوصية لا يثبت في الذمة وإنما يثبت في العين فصار العين مشتركا بينهم
قوله فالوصية باطلة وذكر في كتاب القسمة أن المسلم إذا أوصى إلى ذمي فقاسم الذمي قبل أن يخرجه القاضي من الوصية إن ذلك جائز فثبت أن الإيصاء إلى الذمي صحيح وكذا إلى عبد الغير لكن يخرجهما القاضي منهما أما صحة الإيصاء فلأنهما من أهل التصرف وأما الإخراج فلأن الذمي لا يؤتمن على المسلم وعبد غيره مشغول فلا يؤتمن عليه أن يتصرف فلا يستوفي حقوق الميت فكان للقاضي أن يخرجه
____________________
(1/532)
* باب البازي *
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال لا بأس بصيد البازي وإن أكل منه والكلب والفهد إن أكلا منه لم يؤكل وكل شيء علمته من ذي ناب من السباع أو ذي مخلب من الطير فلا بأس بصيده ولا خير فيما سوى ذلك إلا أن تدرك ذكاته مسائل متفرقة ليست لها أبواب
محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ( رضي الله عنهم ) قال إذا احتقن للصبي باللبن فلا يحرم شيئا أخرس قريء عليه كتاب وصية فقيل له نشهد عليك فأومى برأسه أي نعم فإذا جاء من ذلك ما يعرف أنه إقرار فهو جائز ولا يجوز ذلك في الذي يعتقل لسانه أخرس يكتب كتابا أو يؤمي برأسه إيماء يعرف فإنه يجوز نكاحه وطلاقه وعتقه وبيعه شرح المتن * باب البازي *
قوله لم يؤكل لقوله ( تعالى ) ( فكلوا مما أمسكن عليكم ) الإباحة مقيدة بشرط الإمساك لصاحبه ولم يوجد لأنه إذا أكل منه فإنما أمسكه لنفسه
قوله فيما سوى ذلك يريد به إذا أخذ كلب غير معلم صيدا فلا خير فيه إذا قتله إلا أن يدرك ذكاته لقوله ( تعالى ) ( إلا ما ذكيتم ) مسائل متفرقة ليست لها أبواب
قوله فلا يحرم شيئا لأن حرمة الرضاع إنما يثبت باللبن الذي يشربه الصغار لمعنى النمو
____________________
(1/533)
وشراءه ويقتص منه وله ولا يحد له وإن صمت رجل يوما إلى الليل لم يجز شيء من ذلك غنم مذبوحة وفيها ميتة فإن كانت المذبوحة أكثر تحرى فيها وأكل وإن كانت الميتة أكثر أو نصفين لم تؤكل
ويكره أن يلبس الذكور من الصبيان الحرير والذهب رجل استأجر بيتا ليتخذ فيه بيت نار أو بيعة أو كنيسة أو يباع فيه الخمر بالسواد فلا بأس به وقال أبو يوسف ومحمد ( رحمهما الله ) لا يكرى لشيء من ذلك ولا يعق عن الغلام ولا عن الجارية ويكره التعشير والنقط في المصحف سلطان قال لرجل لتكفرن بالله أو لأقتلنك فإنه يسعه ذلك ويؤخذ أهل الذمة بإظهار الكستيجات والركوب على السروج التي كهيئة الأكف والجهاد واجب إلا ان المسلمين في عذر حتى يحتاج إليهم والله أعلم شرح المتن
قوله ولا يجوز ذلك في الذي يعتقل لسانه لأن الإشارة إنما تقوم مقام العبارة إذا صارت معهودة وإنما يتحقق ذلك في ما إذا كان العارض أصليا كالخرس وما سواها على شرف الزوال
قوله لم يجز لأن الإشارة لا تقوم مقام العبارة لقدرته على الكلام
قوله ويكره لأن ما حرم استعماله على الرجال حرم عليهم أن يجعلوا صبيانهم مستعملين له
____________________
(1/534)