قلت: لا تجلد الأمة حتّى تقرّ أربع مرات؟
قال: نعم. والحرّ والعبد سواء في السرقة، لا يقطع حتّى يقرّ مرّتين. 1
__________
1 قال ابن قدامة: الاعتراف فيشترط فيه أن يعترف مرّتين.
انظر: المغني 8/279، المقنع 3/497، الشرح الكبير 10/285، الفروع 6/122، المبدع 9/138، المحرّر 2/159 الهداية للكلوذاني 2/105، التنقيح المشبع ص281، كشاف القناع 6/144 والإنصاف 10/284.
وقال المرداوي تعليقاً: ووصف السرقة، بخلاف إقراره بالزنى، فإنّ في اعتبار التفصيل وجهين. قاله في الترغيب، بخلاف القذف لحصول التعبير، وهذا المذهب.
أعني أنه يشترط إقراره مرّتين، ويكتفى بذلك. وعليه الأصحاب، وهو من مفردات المذهب.
وعنه: في إقرار عبد أربع مرات -نقله مهنا- لا يكون المتاع عنده. نص عليه.
روى عبد الرزّاق عن الثوري عن جابر والأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال: جاء رجل إلى علي فقال: إنّي سرقت، فرده، فقال: إنّي سرقت، فقال: شهدت على نفسك مرّتين، فقطعه. قال: فرأيت يده في عنقه معلقة.
مصنّف عبد الرزّاق 10/191، رقم 18783، ومصنّف ابن أبي شيبة 9/494، رقم 8239 من طريق أبي الأحوص عن الأعمش بنحوه، والسنن الكبرى للبيهقي 8/275 من طريق حفص عن الأعمش، ومن حديث المسعودي عن القاسم، والمحلى لابن حزم 11/340، ومن طريق عبد الرزّاق، وشرح معاني الآثار 3/170 من طريق أبي معاوية عن الأعمش.
قال الألباني: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. إرواء الغليل 8/78.(7/3267)
قال إسحاق: كما قال] . 1
[2359-] [قلت: رجل ضرب رجلاً بالسيف، أو وجاه بالسكّين ما
__________
1 حكاه عنه الترمذي في جامعه 4/37، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/208، 490، 2/714، [] [] والخطابي في معالم السنن 4/574، والبغوي في شرح السنة 10/281-291، والبروي في اختلاف الصحابة 1/130، 2/127، وابن عبد البرّ في الاستذكار 5/184، وابن التركماني في الجوهر النقي 8/227، [] وابن المرتضى في البحر الزخار 5/152-186، والشوكاني في نيل الأوطار 7/309 وسبل السلام 4/30.(7/3268)
عليه؟
قال: عليه القود. 1 في الجراحة يجرحه الحجّام، يقيسه، ثمّ يقتصّ منه. 2
__________
1 هذا إذا قتله لقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} سورة البقرة، آية 179.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين، إمّا يؤدّي وإمّا يقاد".
أخرجه البخاري في الديات، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين 8/38.
ومسلم في الحجّ، باب تحريم مكّة، وصيدها وخلاها 1/988، رقم 1355.
وأبو داود في الديات، باب ولي العمد يرضى بالدية 4/645، رقم 4505.
والترمذي في الديات، باب ما جاء في حكم ولي القتيل في القصاص والعفو 4/21، رقم 1405.
وكذا روي عن أبي شريح الخزاعي نحوه.
2 قال ابن مفلح رحمه الله: وأجمعوا على جريان القصاص فيما دون النفس إذا أمكن، لأنّ ما دون النفس كالنفس في الحاجة إلى حفظه بالقصاص، فكان كالنفس في وجوبه. المبدع 8/306.
ويعتبر قصاص جرح طولاً وعرضاً، دون كثافة اللحم، لأنّ حده العظم فيعمد المقتص إلى موضع الشجة من المشجوج، فيعلم طولها وعرضها، بنحو خيط يضعها على الشاج، ويعلم طرفيه بنحو سواء، ويأخذ حديدة عرضها كعرض الشجة فيضعها في أوّل الشجة ونحوها إلى آخرها، فيأخذ مثل الشجة طولاً وعرضاً، ولا يراعى العمق، لأنّ حده العظم، ولو روعي لتعذّر الاستيفاء.
[] حاشية الروض المربع 7/224-225.
وقياس الشجاج في عصرنا أيسر، نظراً لوجود آلات مستحدثة دقيقة، وخبرة طبية متقدمة.(7/3269)
قال إسحاق: كما قال] .
[2360-] 1 قلت لأحمد: 2 حديث عمر رضي الله عنه: "ذاك 3 قتيل الله لايُؤْدَى". 4
__________
1 هذه المسألة الأولى من النسخة الظاهرية.
2 في النسخة العمرية بحذف لفظ "لأحمد".
3 في النسخة العمرية بلفظ "ذلك".
4 لما روى عبد الرزّاق، عن معمّر عن الزهري عن القاسم بن محمّد -قال أحسبه- عن عبيد بن عمير قال: استضاف رجل ناساً من هذيل فأرسلوا جارية لهم تحتطب، فأعجبت الضيف فتبعها، فأرادها على نفسها فامتنعت، فعاركها ساعة، فانفلتت منه انفلاتة فرمته بحجر ففضت كبده فمات، ثمّ جاءت إلى أهلها فأخبرتهم، فذهب أهلها إلى عمر فأخبروه، فأرسل عمر فوجد آثارهما فقال: قتيل الله، والله لا يؤدى أبداً.
مصنّف عبد الرزّاق 9/435، رقم 17919، الأمّ للشافعي 6/123، المحلّى 8/251، سنن البيهقي 8/337، كنز العمال 7/301.
قال ابن كثير بعد أن ذكر السند: إسناد جيّد، وفيه انقطاع.(7/3270)
قال إذا قامت البينة 1 لم يكن 2 [عليه] 3 شيء. 4
قال إسحاق: كما قال، وكذلك إذا 5 علم ذاك 6 حتّى يستيقن [به] 7 ولم يك 8 بينة.
__________
1 البينة: اسم لما يبين الحقّ بحيث يظهر المحقّ من المبطل، ويبين ذلك للناس.
الطرق الحكمية ص289.
من البينة ما يأتي:
[1-] أن يعترف به المقتول قبل موته، كما لو أقرّ بقتله قصاصاً.
[2-] اعتراف ولي الدم بذلك، فلا قصاص عليه ولا دية.
المغني 7/649.
إذا كان هناك شهود، كما في المسألة، رقم (2361) .
2 في النسخة العمرية بلفظ "يكون".
3 ما بين المعقونين أثبته من النسخة العمرية، وفي النسخة الظاهرية بلفظ "عليها".
4 قال محمّد أبو زهرة: يظهر أنّ الفقهاء متّفقون على أنّ قتل المرأة من يحاول الاعتداء عليها بالزنى، إن لم تستطع دفعه إلاّ بالقتل واجب، لأنّها إن سكتت مع القدرة على دفعه قد مكنته من نفسها، فشاركته في إثم الفاحشة، وذلك حرام بالاتّفاق، فالسكوت الذي يؤدّي إليه حرام لا محالة، ودفع الحرام واجب. العقوبة ص454.
5 في النسخة العمرية بلفظ "إن".
6 في النسخة العمرية بلفظ "ذلك".
7 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية.
8 في النسخة العمرية بلفظ "يكن".(7/3271)
[2361-] قلت: رجل وجد مع امرأته رجلاً فقتله؟
قال: إذا جاء بشهود 1 أنه وجده 2 مع امرأته في بيته هُدِرَ 3 دمه وإن 4 كان شاهدين. 5
قال إسحاق: كما قال، وإذا 6 لم تكن بينة فعلم ذلك 7
__________
1 في العمرية بلفظ "بالشهود".
2 في العمرية بلفظ "وجد".
3 في العمرية بلفظ "يهدر".
4 في العمرية بلفظ "فإن".
5 قال القاضي أبو يعلى: نقل ابن منصور عنه في رجل وجد مع امرأته رجلاً فقتله فقال: إذا جاء بشهود أنّه وجده مع امرأته في بيته هدر دمه وإن كان شاهدين، فظاهر هذا أنه يجزئ في ذلك شاهدان.
ونقل أبو طالب فيمن وجد مع امرأته رجلاً فقتله: يقيم البينة أربعة لأنّه قذفها، فإن شهد أربعة رجمت، وإن شهد اثنان جلدوا. فظاهر هذا أنه لا يجزئ في ذلك أقلّ من أربعة يثبتون الزنا، فإن شهد اثنان، لم يسقط القود عنه لأنّه مدّع أنّه قتله بسبب يستحقّ القتل وهو الزنا، فيجب أن يثبت السبب الذي يسقط به القود عنه وذلك لا يثبت بأقلّ من أربعة. الروايتين والوجهين 2/347.
وقال المرداوي: فائدة: لو ادّعى القاتل أنّ المقتول زنى، وهو محصن - بشاهدين، نقله ابن منصور واختاره أبو بكر وغيره. الإنصاف 9/476.
6 في العمرية بلفظ "وإن".
7 في العمرية بلفظ "ذاك".(7/3272)
فهو واحد.
[2362-] قلت: إذا قال الرجل لامرأته: لم أجدك عذراء. 1
قال: لا يكن هذا 2 رميا 3 ليس عليه شيء. 4
__________
1 العذراء: البكر، وهي الجارية التي لم يمسها الرجل. والعذرة: ما للبكر من الالتحام قبل الافتضاض. النهاية 3/196.
2 في العمرية بحذف لفظ "هذا".
3 في العمرية بلفظ "راميا".
4 قال ابن مفلح: وفي الرعاية: لم أجدك عذراء كناية.
الفروع 6/91، والإنصاف 10/217.
ومذهب الإمام أحمد في الكناية: أنه لا حد عليه، إن فسره بغير القذف.
وعنه: بقرينة ظاهرة قبل.
وعنه يحد. اختاره القاضي وجماعة، وذكره في التبصرة عن الخرقي.
وعنه: لا يحد إلا ببينة، اختاره أبو بكر، وغيره.
وقال في رواية حنبل: لا أرى الحد إلا على من صرح بالقذف والشتيمة.
[] المغني 8/222، والفروع 6/90، والأحكام السلطانية 270-271، والإنصاف 10/215.
وقال المرداوي تعليقاً في الكناية: إن فسره بما يحتمله غير القذف قبل قوله في أحد الوجهين. وهما روايتان، وهو المذهب.(7/3273)
قال إسحاق: كما قال. لأن العذرة تذهب 1 بالحيضة 2. 3
[2363-] قلت: رجل قتل رجلاً بحجر 4 رضخ 5 رأسه؟
قال: يقتل كما قتل، 6 لأنّ الجروح
__________
1 في العمرية بلفظ "تذهبها".
2 في العمرية بلفظ "الحيضة".
3 روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن في الرجل يقول لامرأته: لم أجدك عذراء، قال: لا شيء عليه، العذرة تذهبها الحيضة، والوثبة.
مصنف عبد الرزاق 7/106، رقم 12402.
4 في العمرية بحذف لفظ "بحجر".
5 الرضخ: بالفتح الشدخ، أي الدق والكسر.
النهاية 2/229، واللسان 3/495.
6 قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الرجل يخنق الرجل؟ قال إذا غمه حتى يقتله يقتل به. مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود ص224.
قال ابن مفلح: ونقل ابن منصور: إذا قتله بعصاً، أو خنقه أو شدخ رأسه بحجر، يقتل بمثل الذي قتل به، لأن الجروح قصاص.
[] الفروع 5/650، المغني 7/685، المقنع 3/358، المبدع 8/292، المحرر 2/132، الإنصاف 8/490-491 وقال المرداوي تعليقاً: اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله. فقال: هذا أشبه بالكتاب والسنة والعدل.
وقال الزركشي: وهي أوضح دليلاً. =(7/3274)
..................................................................................
__________
= فعليها: لو قطع يديه ثمّ قتله: فعل به ذلك، وإن قتله بحجر أو أغرقه، أو غير ذلك فعل به مثل فعله، لقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ... } سورة النحل آية 126.
وقوله تعالى: {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ..} سورة البقرة، آية 194.
وقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا …} سورة الشورى، آية 40.
ولأنّه صلى الله عليه وسلم - رضّ رأس يهودي، الخبر.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "من حرق حرقناه، ومن غرق غرقناه" رواه البيهقي 8/43 من حديث البراء بن عازب، وفي إسناده مقال.
الرواية الثانية عنه: أنه لا يستوفى إلا بالسيف في العنق، وإن كان القتل بغيره.
وقال المرداوي تعليقاً: وهو المذهب. جزم به في الوجيز والمنور، ومنتخب الأدمي وغيرهم، واختاره ابن عبدوس في تذكرته، وغيره، وقدمه في الفروع وقال: نصّ عليه الأصحاب.
قال الزركشي: هو المشهور، واختيار الأكثرين.
الرواية الثالثة عنه: إن كان فعله موجباً جاز أن يفعل به مثله، وإن لم يكن موجباً قتل بالسيف فقط.
الرواية الرابعة عنه: جواز ذلك إن كان موجباً، أو موجباً لقود الطرف لو انفرد، وإلاّ فلا، إلاّ أن يكون قد قتله بمحرم في نفسه، كتحريم الخمر واللواط ونحوه، فيقتل بالسيف من غير زيادة، على الروايات كلّها.
[] انظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص424، وبرواية ابنه صالح ص9، المحرّر 2/123-133، [] المغني 7/685، الفروع 5/663، المبدع 8/291-293، والإنصاف 8/490.(7/3275)
قصاص. 1
قال إسحاق: كما قال، 2 لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم: أقاد [من] 3 اليهودي الذي أرضخ رأسه بحجر كذلك. 4
[2364-] قلت: كم في شبه 5 العمد؟
__________
1 قال تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ…} سورة المائدة، آية 45.
2 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/128، والترمذي في السنن 4/15.
3 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية.
4 عن أنس بن مالك: أنّ يهودياً رضّ رأس جارية بين حجرين، فقيل لها: من فعل بك هذا؟ أفلان، أفلان؟ حتّى سمّى اليهودي فأومأت برأسها، فجيء باليهودي فاعترف، فأمر به النبيّ صلى الله عليه وسلم فرض رأسه بالحجارة.
[] أخرجه البخاري في الديات، باب إذا أقرّ بالقتل مرّة قتل به 8/39-40. ومسلم في القسامة، باب ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره 2/1299، رقم 1672.
5 شبه العمد: هو أن يقصد ضربه بما لا يقتل غالباً، إمّا لقصد العدوان عليه، أو لقصد التأديب له فيسرف فيه، ويسمّى عمد الخطأ، وخطأ العمد لاجتماع العمد والخطأ فيه، فإنه عمد الفعل، وأخطأ في القتل. المغني 7/750.(7/3276)
قال: شبه العمد [أربعة] 1 أرباع.
قلت: ماذا [أربعة] 2 أرباع؟
قال: ربع بنات لبون، وربع حقاق، وربع جذاع، 3 [ع-99/أ] وربع بنات مخاض. 4
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 الجذع من الإبل: ما دخل في السنة الخامسة، والذكر جذع، والأنثى جذعة.
النهاية 1/250، القاموس 3/12، اللسان 8/43.
4 قال ابن قدامة: ودية العمد المحض، وشبه العمد، أرباع، خمس وعشرون جذعة، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون بنت مخاض في إحدى الروايتين.
[] الكافي 4/72، المقنع 3/339-388، الهداية للكلوذاني 2/93، الفروع 6/16، والمحرر 2/144.
وقال ابن مفلح: بعد ذكر هذه الرواية: قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز، وذكره الخرقي، وهو قول أكثر العلماء.
[] المبدع 8/346-347، وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. منهم: أبو بكر، والقاضي والشريف، وأبو الخطاب، وابن عقيل، والشيرازي، وابن البنا وغيرهم.
قال الزركشي: هذا أشهر الروايتين. الإنصاف 10/60.
الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله: أن دية العمد وشبه العمد: ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة (الخَلفة: بفتح أوله وكسر ثانيه: الناقة الحامل، والجمع خلف، وخلفات) .
انظر: المطلع ص 364، والمصادر السابقة.(7/3277)
قال إسحاق: 1 هذا الذي قال في شبه العمد، وهو في الخطأ قائم.
حدّثنا (إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا) 2 النضر بن شميل قال: حدّثنا شعبة عن منصور 3 عن إبراهيم 4 عن عبد الله
__________
1 نقل ابن المنذر قال: قال إسحاق: هذا الذي قال في شبه العمد هو في الخطأ قائم.
الأوسط، كتاب الديات 2/212، وكذا انظر: معالم السنن للخطابي 4/683.
2 في العمرية بحذف ما بين المعقوفين وهو: "إسحاق بن منصور قال: أخبرنا".
3 هو الإمام منصور بن زاذان الواسطي، أبو المغيرة الثقفي مولاهم، أحد الأعلام، روى عن أنس بن مالك، وأبي العالية الرياحي والحسن، وخلق، وعنه شعبة وهشيم، وأبو عوانة وآخرون. وكان ثقة حجّة صالحاً متعبّداً، كبير الشأن، سريع القراءة جدّاً. توفي رحمه الله سنة 131 هـ، وقيل غير ذلك.
[] انظر ترجمته في: ط خليفة ص 217، 325، والمعرفة والتاريخ 3/77، وتذكرة الحفّاظ 1/141-142، [] [] الكاشف 3/175، حلية الأولياء 3/57-62، التهذيب 339-306-307، الجرح والتعديل 8/172، التقريب [] ص347، سير أعلام النبلاء 5/136-137.
4 هو النخعي.(7/3278)
-رضي الله عنه- كما قال أحمد في شبه العمد 1 وفي الخطأ. 2
[2365-] قلت: دية الخطأ؟ 3
__________
1 لم أجد الأثر بالسند الذي أورده إسحاق بن منصور، وإنّما روى عبد الرزّاق عن الثوري عن منصور عن إبراهيم أنّ ابن مسعود قال: في شبه العمد خمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة، وخمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون.
مصنف عبد الرزّاق 9/284، رقم 17223، وكذا عبد الرزّاق عن الثوري عن ابن التيمي عن أبيه عن أبي مجلز عن أبي عبيدة عن عبد الله مثله برقم 17224، والبيهقي في السنن الكبرى من حديث علقمة، والأسود عن ابن مسعود 8/69.
وقال البيهقي: كلّها منقطعةٌ، أبو إسحاق لم يسمع من علقمة شيئاً، وكذلك أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، وإبراهيم عن عبد الله منقطع بلا شكّ. انتهى 8/76، وأبو داود في السنن من طريق علقمة والأسود عن ابن مسعود، في كتاب الديات، باب في دية الخطأ شبه العمد 4/686، رقم 455.
ومصنف ابن أبي شيبة من طريق أبي إسحاق عن علقمة والأسود عن عبد الله 9/135، رقم 6806، ونصب الراية 4/356.
2 الأثر المروي عن ابن مسعود في الخطأ يأتي بعد هذا السؤال.
3 الخطأ لغة: نقيض الصواب، وفي الاصطلاح يطلق على نوعين:
[1-] أن يفعل فعلاً لا يريد به إصابة المقتول فيصيبه ويقتله، مثل: أن يرمي صيداً، أو هدفاً، فيصيب إنساناً فيقتله.
[2-] أن يقتل في أرض الحرب من يظنه كافراً، ويكون مسلماً.
المغني 7/651.(7/3279)
قال: في الخطأ أخماس 1 على حديث ابن مسعود 2 رضي الله عنه، خمس
__________
1 وهذا قول ابن مسعود، والنخعي، والنعمان، ومحمد بن الحسن، ويعقوب، وابن المنذر، ورواية عن إسحاق.
[] سنن الترمذي 4/11، الأوسط، كتاب الديات 2/214-219، المغني 7/769، معالم السنن للخطابي 4/678.
[] وكذا راجع قول الإمام أحمد في مختصر الخرقي ص179، المقنع 3/388-389، الفروع 6/16، المبدع 8/348 وقال فيها: لا يختلف المذهب في ذلك، والإنصاف 10/61 وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب بلا نزاع.
2 حديث ابن مسعود هو ما روى أصحاب السنن عن حجاج بن أرطأة عن زيد بن جبير عن خشف بن مالك عن ابن مسعود قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دية الخطأ عشرين بنت مخاض، وعشرين ابن مخاض، وعشرين ابنة لبون وعشرين حقة، وعشرين جذعة".
مسند الإمام أحمد 1/384، 450، وسنن أبي داود في الديات، باب الدية كم هي 4/680، رقم 4545، سنن الترمذي في الديات-، باب ما جاء في الدية كم هي من الإبل 4/10، رقم 1386، قال الترمذي: حديث ابن مسعود لا نعرفه مرفوعاً إلاّ من هذا الوجه، وقد روي عن عبد الله موقوفاً.
[] سنن النسائي في القسامة، باب ذكر أسنان دية الخطأ 8/43-44، سنن ابن ماجة في الديات، باب دية الخطأ [2/879،] رقم 2631، السنن الكبرى للبيهقي 8/339-76، وقال البيهقي: الحجاج بن أرطأة غير محتج به، وخشف بن مالك الطائي مجهول، والصحيح أنه موقوف على عبد الله بن مسعود.
قلت: وخشف بن مالك الطائي، وثقه النسائي، وذكره ابن حبّان في الثقات. والحجاج بن أرطأة قد صرح بالتحديث عنه ابن ماجه، فانتفت شبهة تدليسه. وللحديث طرق أخرى فيها انقطاع- راجعها في السنن الكبرى للبيهقي [8/74-76،] ونصب الراية للزيلعي 4/339-361.(7/3280)
بني مخاض، وخمس بنات مخاض، وخمس بنات لبون، وخمس حقاق، وخمس جذاع.
قال أحمد: يختلفون عن ابن مسعود رضي الله عنه على هذا [ظ-75/أ] . 1
حدثنا إسحاق 2 قال: أخبرنا أحمد عن هشيم 3 عن إسماعيل 4
__________
1 قلت: المراد يختلفون عن ابن مسعود رضي الله عنه في تحديد الأخماس، كما سيأتي في كلام البيهقي.
2 القائل هو راوي المسائل عن إسحاق بن منصور.
3 هشيم: بالتصغير ابن بشير الواسطي.
4 هو الإمام الحافظ أبو عبد الله إسماعيل بن أبي خالد البجلي الأحمسي مولاهم الكوفي، أحد الأعلام، وكان حجة متقناً مكثراً عالماً، وكان طحاناً.
قال الثوري: حفاظ الناس ثلاثة، فذكر منهم إسماعيل. وقال أحمد: أصح الناس حديثاً عن الشعبي ابن أبي خالد. وتوفي رحمه الله سنة 146?، وقيل غير ذلك.
[] انظر ترجمته في: المعارف ص480، طبقات خليفة ص167، تذكرة الحفاظ 1/153، تهذيب الكمال [3/339-76،] تاريخ الإسلام للذهبي 5/174-39، التهذيب 1/291-292، الجرح والتعديل 2/175-176، [] شذرات الذهب 1/216، سير أعلام النبلاء 6/176-178.(7/3281)
عن الشعبي عن عبد الله رضي الله 1 عنه.
والتيمي 2 عن أبي مجلز 3 عن أبي
__________
1 لم أجد الأثر بهذا السند.
2 هو الإمام الحافظ شيخ الإسلام سليمان التيمي، وهو ابن طرخان أبو المعتمر البصري، كان ينزل في بني تيم، وهو مولى بني مرة، كان من عباد أهل البصرة وصالحيهم ثقة، وإتقاناً وحفظاً وسنة.
قال شعبة: لم أر أحداً أصدق من سليمان التيمي، وكان إذا حدث بأحاديث يرفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم تغير وجهه.
وقال خالد بن الحارث: قال سليمان التيمي: لو أخذت برخصة كل عالم أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشرّ كله. توفي-رحمه الله- في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين ومائة.
[] انظر ترجمته في: المعارف ص 476، وط خليفة ص219، الجرح والتعديل 4/124-125، تذكرة الحفاظ [1/150-152،] التهذيب 4/201-203، شذرات الذهب 1/212.
3 هو لاحق بن حميد بن سعيد بن سدوس، أبو مجلز البصري السدوسي الأعور، من التابعين المشهورين، ومن رواة الستة. روى عن أبي موسى الأشعري، والحسن بن علي، ومعاوية، وعمران بن حصين، وابن عباس وغيرهم، وروى عنه قتادة، وأنس، وابن سيرين، وسليمان التيمي وغيرهم.
وقال ابن عبد البر: هو ثقة عند جميعهم، توفي رحمه الله سنة 106 هـ، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 7/216، ط خليفة ص209، المعارف ص466، الميزان 4/356، الحلية [2/112،] التهذيب 11/171-172، التقريب 372.(7/3282)
عبيدة 1 عن عبد الله رضي الله عنه في دية الخطأ 2 [على ما قال
__________
1 هو عامر بن عبد الله بن مسعود الهذلي، أبو عبيدة الكوفي، ويقال: اسمه كنيته، من رواة الستة، روى عن أبيه ولم يسمع منه، وأبي موسى الأشعري، وعمرو بن الحارث ابن المصطلق، وعنه إبراهيم النخعي، وأبو إسحاق السبيعي وغيرهم. ذكره ابن حبان من الثقات، قتل -رحمه الله- مع ابن الأشعث ليلة دجيل سنة 81 هـ، وقيل غير ذلك.
[] انظر ترجمته في: طبقات خليفة ص153، الحلية 4/204-210، شذرات الذهب 1/90.
2 روى البيهقي وغيره من طريق سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أبي عبيدة عن عبد الله: في دية الخطأ أخماس، خمس بنو مخاض، وخمس بنات مخاض، وخمس بنات لبون، وخمس حقاق، وخمس جذاع.
السنن الكبرى للبيهقي 8/75، وقال البيهقي: هذا هو المعروف عن عبد الله بن مسعود بهذه الأسانيد، وقد روى بعض حفاظنا وهو الشيخ أبو الحسن الدارقطني هذه الأسانيد عن عبد الله، وجعل مكان بني المخاض بني اللبون، وهو غلط منه.
وسنن الدارقطني 3/172، رقم 263 من طريق سليمان التيمي عن أبي مجلز. وكذا من طريق قتادة عن أبي مجلز، وفي الحديثين جعل مكان بني المخاض بني اللبون، وقال: إسناده حسن ورواته ثقات، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 5/319، من طريق الدارقطني، ونصب الراية 4/360 من طريق الدارقطني.(7/3283)
أحمد] . 1
قال إسحاق: هذا الذي قال في الخطأ لا نعرفه إلاّ أرباعاً كما وصف 2 في شبه العمد. 3
[2366-] قلت: 4 الموضحة
قال: خمس من الإبل. قال: الموضحة توضح العظم وتشق اللحم
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 في العمرية بإضافة لفظ "هو" بعد وصف.
3 وهذا قول علي والحسن والشعبي والحارث العكلي وإسحاق.
الأوسط لابن المنذر، كتاب الديات 2/212، 217، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/319، معالم السنن للخطابي 4/678، المغني لابن قدامة 7/770، وحاشية المقنع 3/389.
4 المسألة في العمرية مبتورة وهي هكذا: "قلت: الموضحة خمس من الإبل. وهي على ما وصف أن يتضح اللحم من العظم".(7/3284)
ويبلغ العظم. 1
قال إسحاق: 2 فيه خمس من الإبل، وهي على ما وصف أن يتضح اللحم من العظم.
__________
1 قال عبد الله: سمعت أبي يقول: والموضحة في الرأس التي تشق الجلد وتوضح العظم، وفي الموضحة خمس من الإبل.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص415، وكذا انظر: المغني 8/55، والفروع 6/34، والمبدع 9/4، والمحرر 2/142.
[] قال المرداوي: هذا المذهب مطلقاً، وعليه الأصحاب. الإنصاف 10/107-108.
قال ابن المنذر: وأجمع أهل العلم على القول به. الأوسط، كتاب الديات 2/258، الإجماع ص116.
روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "في الموضحة خمس من الإبل".
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/217 من طريق ابن إسحاق.
وهو في مصنف عبد الرزّاق 9/306، رقم 17314. وسنن أبي داود في الديات، باب ديات الأعضاء 4/695، رقم 4566. وسنن الترمذي في الديات، باب ما جاء في الموضحة 4/13، رقم 1390 وقال: هذا حديث حسن. [] وسنن النسائي في القسامة، باب المواضح 8/57-58. وسنن ابن ماجة في الديات، باب الموضحة 2/886، رقم 2655. وسنن الدارمي في الديات، باب في الموضحة 1/590.
2 حكاه عنه الترمذي في السنن 4/13، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/260.(7/3285)
[2367-] قلت: الموضحة في الوجه والرأس.
قال: [في] 1 الوجه أحرى أن يكون يزاد في ديته، 2 ولا
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 حكى عنه ابن المنذر أنه قال: في موضحة الوجه: هو أحرى أن يزاد في ديته.
الأوسط، كتاب الديات 2/263.
وقال ابن قدامة: وقد روي عن أحمد -رحمه الله- أنه قال: موضحة الوجه أحرى أن يزاد في ديتها.
وقال ابن قدامة تعليقاً: وليس معنى هذا أنه يجب فيها أكثر، والله أعلم. وإنما معناه: أنها أولى بإيجاب الدية، فإنه إذا وجب في موضحة الرأس مع قلة شينها واستتارها بالشعر، وغطاء الرأس خمس من الإبل، فلأن يجب ذلك في الوجه الظاهر الذي هو مجمع المحاسن، وعنوان الجمال أولى، وحمل كلام أحمد على هذا أولى من حمله على ما يخالف الخبر والأثر وقول أكثر أهل العلم، ومصيره إلى التقدير بغير توقيف ولا قياس صحيح.
انظر: المغني 8/43، الفروع 6/34، المبدع 9/5، المحرر 2/142، الإنصاف 10/107.
والرواية الثانية للإمام أحمد كقول إسحاق رحمهما الله.
وقال ابن قدامة وأكثر أهل العلم: على أن الموضحة في الرأس والوجه سواء، روي ذلك عن أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، وبه قال شريح ومكحول والشعبي، والنخعي، والزهري، وربيعة، وعبيد الله بن الحسن، وأبو حنيفة، والشافعي، وإسحاق.
المغني 8/43 وكذا انظر: الإقناع 4/229، والكافي 4/89.
وقال في المبدع: وهو المذهب 9/5، المحرر 2/142، الإنصاف 10/107.(7/3286)
تكون 1 الموضحة إلا في 2 الوجه والرأس. 3
قال إسحاق: كما قال، وهما 4 سواء، لا يزاد أحدهما على الآخر. 5
[2368-] قلت: في 6 السمحاق 7 أربع من الإبل؟
__________
1 في النسخة العمرية بإضافة لفظ "في" قبل لفظ "الموضحة".
2 في النسخة العمرية بحذف لفظ "في".
3 قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن الموضحة تكون في الرأس والوجه، الإجماع ص117، والأوسط، كتاب الديات 2/261.
4 الضمير في قوله: "وهما" راجع إلى الوجه والرأس.
5 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/262، وابن قدامة في المغني 8/43.
روى ابن أبي شيبة وغيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أنّ أبا بكر وعمر قالا: الموضحة في الوجه والرأس سواء.
مصنف ابن أبي شيبة 9/150 من طريق عباد بن عوام، والسنن الكبرى للبيهقي 8/82، والأوسط، كتاب الديات 2/261.
6 في العمرية بحذف لفظ "في".
7 في العمرية بلفظ "استمحاق" في الموضعين من المسألة.
والسمحاق لغة أهل الحجاز، ويسميها أهل المدينة: الملطا والملطاة، وهي قشرة رقيقة فوق عظم الرأس، فإذا انتهت الشجة إليها سميت سمحاقاً.
انظر: النهاية 2/ 398، 4/356، القاموس 3/255.(7/3287)
قال: أربع كثير، 1 والسمحاق 2 دون الموضحة.
__________
1 قال ابن قدامة: فلا توقيت فيها في الصحيح من مذهب أحمد، وإنّما فيها حكومة، وهو قول أكثر الفقهاء، يروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز، وأصحاب الرأي، والأوزاعي، ومالك، والشافعي.
المغني 8/55، المقنع 3/414، الفروع 6/34، المبدع 9/3، كشف القناع 6/52 والإنصاف 10/107.
وقال المرداوي تعليقاً: وهو المذهب، وعليه الأصحاب، قال الزركشي: هذا المشهور، والمختار للأصحاب من الروايتين.
قلت: وهو رواية عن الإمام إسحاق، كما حكاه عنه ابن المنذر أنه وافق أحمد، فقال: ليس فيما دون الموضحة من الشجاج عقل. الأوسط، كتاب الديات 2/254.
والرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله أنّ في السمحاق أربعة أبعرة، المغني 8/55، المقنع 3/414، الفروع 6/34، المبدع 9/4، الإنصاف 10/107.
وروى عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج عن سليمان بن موسى قال: كتب عمر إلى الأجناد: ولا نعلم "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيما دون الموضحة بشيء". مصنف عبد الرزاق 9/306، رقم 17317.
2 في العمرية بإضافة لفظ "قال".(7/3288)
قال إسحاق: فيه أربع من الإبل، 1 وهو أن يكون يبقى بينه وبين اللحم جليدة. 2
[2369-] قلت: المتلاحمة 3 ثلاث من الإبل؟
قال: فيه اجتهاد. 4
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/254.
2 في العمرية بلفظ "جلدة ".
3 المتلاحمة: وهي التي دخلت في اللحم دخولاً كثيراً يزيد على الباضعة، ولم تبلغ السمحاق.
النهاية 4/240، القاموس 4/176، المغني 8/55.
4 أي أن الواجب فيها شيء غير مقدر، وإنما هو موكول إلى اجتهاد أهل العلم، ويعرف بالحكومة. وهو أن يقوم المجني عليه قبل الجناية كأنه كان عبداً، ويقال كم قيمته قبل الجناية؟ وكم قيمته بعدها؟ فيكون بقدر التفاوت من ديته، فإذا كانت قيمته عبداً سليماً عشرة، وقيمته بالجناية مندملة تسع، ففيه عشر ديته، إلاّ أن تكون الحكومة في محل له مقدر، فلا يجاوز بها المقدر للمحل.
[] انظر: المغني 8/56-57، المحرر 2/144، الإنصاف 10/116، حاشية الروض المربع 7/269.
والمتلاحمة لا مقدر فيها، بل فيها حكومة في الصحيح من مذهب أحمد.
انظر: المغني 8/55، الفروع 6/34، الإقناع 4/229، المحرر 2/142.
وقال المرداوي تعليقاً: وهو المذهب، وعليه الأصحاب. قال عبد الله: قال أبي: وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة، مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص 418، رقم 1499، وكذا انظر: المراجع السابقة.
روى البيهقي بسنده إلى إبراهيم بن أبي عيلة، أن معاذاً وعمر -رضي الله عنهما- جعلا فيما دون الموضحة أجر الطبيب.
انظر: السنن الكبرى للبيهقي 8/83، والمطالب العالية 2/129(7/3289)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2370-] قلت: الباضعة بعيران؟
قال: فيه اجتهاد.
قلت: 2 الدامية بعير؟
قال: فيه اجتهاد. 3 وما دون الموضحة ففيه
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/254.
2 في العمرية بإضافة الجملة الآتية عما في النسخة الظاهرية، وهي "قلت: الدامية بعير بعيران؟ قال: فيه اجتهاد".
3 في الباضعة والدامية لا توقيت فيها في الصحيح من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وإنما فيها حكومة.
انظر: المغني 8/55، الكافي 4/88، المقنع 3/414، الفروع 6/34، المبدع 9/3، الإقناع 4/229، الإنصاف 10/107.
قال المرداوي تعليقاً: وهو المذهب، وعليه الأصحاب.
قال الزركشي: وهذا المشهور والمختار للأصحاب من الروايتين، والرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله: أن في الدامية بعيراً وفي الباضعة بعيرين.
انظر: المراجع السابقة.(7/3290)
اجتهاد. 1
قال أحمد: الباضعة تبضع اللحم.
قال: والدامية دون كلّ هذا.
قال إسحاق: الدامية ما يدمي، وما دون الواضحة ففيها حكومة، 2 إلاّ السمحاق.
[2371-] قلت: المأمومة؟ 3
__________
1 قال ابن رشد: اتّفق العلماء على أن العقل واقع في عمد الموضحة وما دون الموضحة خطأ، واتّفقوا على أنه ليس فيما دون الموضحة خطأ عقل، وإنما فيها حكومة، وذلك أن الأصل في الجراح الحكومة إلا ما وقتت فيه السنة حداً. بداية المجتهد 2/314.
[2] حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/246-250.
3 المأمومة أو الآمة: هي الشجة في الرأس، التي تصل إلى أم الدماغ أو أم الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ.
النهاية 1/68، القاموس 4/77، المصباح 1/23.(7/3291)
قال: ثلث الدية، 1 والمأمومة: التي تؤم الرأس، ولا تخرق
__________
1 قال عبد الله: سمعت أبي يقول: وفي الآمة ثلث الدية.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص415، رقم 1488، وكذا انظر: المغني 8/47، الفروع 6/35، الإقناع 4/230، المحرر 2/142، الكافي 4/91، وقال المرداوي تعليقاً: بلا نزاع (أي في المأمومة ثلث الدية) ، الإنصاف 10/111.
قال ابن المنذر: وأجمعوا أن في المأمومة ثلث الدية، وانفرد مكحول، فقال: إذا كانت عمداً، ففيها ثلثا الدية، وإن كانت خطأ ففيها ثلث الدية. الإجماع ص117، الأوسط الديات 2/273.
روى أبو داود وغيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً وفيها: "وفي المأمومة ثلث العقل: ثلاث وثلاثون من الإبل وثلث، أو قيمتها من الذهب، أو الورق، أو البقر، أو الشاء".
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/217 من طريق يعقوب حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق.
[] وهو في سنن أبي داود في الديات، باب ديات الأعضاء 4/691-694، رقم 4564، والسنن الكبرى للبيهقي 8/83.
قال أحمد عبد الرحمن البنا: رجاله عند أحمد كلّهم ثقات، إلاّ أن محمد بن إسحاق مدلس، ولم يصرح فيه بالتحديث. بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني 16/48.
وروى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتاباً فيه الفرائض والسنن والديات - وفيه -: "وفي المأمومة ثلث الدية".
رواه الإمام مالك في الموطأ في العقول، باب ذكر العقول 2/849 مرسلاً، من طريق عبد الله بن أبي بكر بن [] [] محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه، والنسائي في سننه في القسامة، باب المواضح 8/57-58، والدارمي في سننه في الديات، باب كم الدية من الإبل 1/589، والبيهقي في السنن الكبرى 8/81 متصلاً ومرسلاً.
وقال الزيلعي: رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك، وقال: إسناده صحيح، وهو قاعدة من قواعد الإسلام.
[] نصب الراية 4/370، وكذا انظر: التلخيص الحبير 4/21-22.
قال الشوكاني: وقد صحح هذا الحديث ابن حبان، والحاكم، والبيهقي ونقل عن أحمد أنه قال: أرجو أن يكون صحيحاً. وصححه أيضاً من حيث الشهرة، لا من حيث الإسناد جماعة من الأئمة منهم الشافعي، فإنه قال في رسالته: لم يقبلوا هذا الحديث حتّى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. نيل الأوطار 7/163.
قال الألباني: إسناده متصلاً ضعيف، والصواب في الحديث الإرسال، وإسناده مرسلاً صحيح. إرواء الغليل 7/268، 313.(7/3292)
جلدة 1 الدماغ.
قال إسحاق: كما قال. 2
[2372-] قلت: ما المنقّلة؟ 3
__________
1 في العمرية بلفظ "جلد".
2 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/374.
3 المنقّلة: بتشديد القاف وكسرها: هي التي تخرج منها صغار العظام وتنتقل عن أماكنها، وقيل: التي تنقل العظم، أي: تكسره. النهاية 5/110.(7/3293)
قال: التي 1 تهشم العظام حتى تنقل منها العظام، 2 وفيها خمس عشرة من الإبل. 3
قال إسحاق: كما قال 4 تنقله من موضع إلى موضع.
[2373-] قلت: العين القائمة؟ 5
__________
1 في العمرية بلفظ "الذي".
2 في العمرية بحذف لفظ "منها العظام".
3 قال عبد الله: سمعت أبي يقول: وفي المنقّلة خمسة عشر من الإبل، والمنقّلة: التي تكسر العظام، وتنقل العظام منها.
[] مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص 418-419، رقم 1503، المغني 8/49، المبدع 9/8، الفروع 6/35، المحرر 2/142، الهداية لكلوذاني 2/92، كشاف القناع 6/53.
قال ابن المنذر: وأجمع أهل العلم أن في المنقّلة خمس عشرة من الإبل، الإجماع ص117، الأوسط، كتاب الديات 2/269.
عن عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتاباً وفيه: "وفي المنقّلة خمس عشرة من الإبل".
وتقدم تخريج هذا الحديث في المسألة قبلها.
4 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/270.
5 هي العين التي تشبه السليمة، وإنما ذهب نظرها وإبصارها، وقد عرفها الإمام أحمد في المتن.
انظر: النهاية 4/126، القاموس 4/170، المغني 8/39.(7/3294)
قال: ثلث ديتها. 1
قلت: ما القائمة؟
قال: التي لا يبصر بها صاحبها وهي قائمة.
__________
1 في العمرية بلفظ "ديته".
قال عبد الله: سمعت أبي يقول: في العين القائمة ثلث ديتها. مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص412، رقم 1473.
ورجحه ابن قدامة في المغني 8/39، وكذا انظر: الفروع 6/26، المبدع 8/376، المقنع 3/404، المحرر 2/139، الإنصاف 10/89، قال المرداوي: من مفردات المذهب.
والرواية الثانية عنه: أن في العين القائمة حكومة.
المغني 8/39، المقنع 3/404، المحرر 2/139، الفروع 6/26، المبدع 8/376، الإنصاف 10/88، وقال المرداوي تعليقاً: وهذا المذهب في ذلك، وعليه أكثر الأصحاب.
عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب قضى في اليد الشلاء، والعين القائمة العوراء، والسن السوداء، في كل واحدة منهن ثلث ديتها.
مصنف عبد الرزاق 9/334، رقم 17441.
[] ومصنف ابن أبي شيبة 9/208، رقم 7115، والسنن الكبرى للبيهقي 8/98، والمحلى 10/421-422. وقال ابن حزم: هذا ثابت عنهما.(7/3295)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2374-] قلت: السمع؟
قال: في السمع الدية. 2
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/299، وابن قدامة في المغني 8/39، والخطابي في معالم السنن 4/696، والبغوي في شرح السنة 10/201.
2 في العمرية بلفظ "دية".
قال عبد الله: سمعت أبي يقول: وفي السمع الدية، إذا ضربه فذهب سمعه.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص417، رقم 1498.
قال ابن قدامة: لا خلاف في هذا، وقال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم: على أن في السمع الدية، روي ذلك عن عمر، وبه قال مجاهد وقتادة والثوري والأوزاعي، وأهل الشام، وأصحاب الرأي ومالك، والشافعي، وابن المنذر.
المغني 8/9، والأوسط، كتاب الديات 2/383، والأم 6/68، والمدونة الكبرى 6/313، والفتاوى الهندية 6/25، وكذا انظر: الفروع 6/28، والمبدع 8/379.
وقال المرداوي: في كل واحد من السمع، والبصر، والشم دية كاملة بلا نزاع. الإنصاف 10/92.
روى عبد الرزاق وغيره من طريق أبي المهلب عم أبي قلابة، فسمعته يقول: رمى رجل رجلاً بحجرٍ في رأسه في زمان عمر بن الخطاب، فذهب سمعه، وعقله، ولسانه، وذكره، فقضى فيها عمر بأربع ديات، وهو حي.
[] مصنف عبد الرزاق 10/11-12، رقم 18183، ومصنف ابن أبي شيبة 9/167، رقم 6943، والسنن الكبرى للبيهقي 8/98، والمحلي لابن حزم 10/449، والتلخيص الحبير 4/46، ونيل الأوطار 7/219.(7/3296)
قال إسحاق: كما قال.
[2375-] قلت: في 1 الروثة 2 الثلث؟
قال: كل شيء في الأنف من اللحم دون العظم ففيه الدية، 3
__________
1 في العمرية بحذف لفظ "في".
2 الروثة: مقدم الأنف، وقيل طرف الأنف حيث يقطر الرعاف وغيره.
انظر: لسان الميزان 2/463، لسان العرب 2/157.
3 قال عبد الله: سمعت أبي يقول: في الرجل - يعني يقطع أنفه - ففيه الدية.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص421، رقم 1521.
وقال ابن قدامة: وفي الأنف الدية، إذا كان قطع مارنه بغير خلاف بينهم.
المغني 8/12، الفروع 6/24، المبدع 8/368، المحرر 2/138، كشاف القناع 6/34، الهداية لكلوذاني 2/88، وقال المرداوي تعليقاً: بلا نزاع أعلمه.
لكن لو قطع مع قصبته: ففي الجميع الدية على الصحيح من المذهب، قدمه في المغني والشرح، ويحتمل أن يلزم من استوعب الأنف جدعاً دية، وحكومة في القصبة. الإنصاف 10/86.
في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول، وفيه: "وفي الأنف إذا أوعي جدعاً مائة من الإبل".
تقدم تخريج الحديث فيما مضى برقم (2371) .
أوعى جدعه واستوعاه: إذا استوعبه - أي أخذه كله -. اللسان 15/396.(7/3297)
وفي الوترة 1 الثلث، وفي الخرمة 2 في كل واحد [ة] 3 منهما 4 الثلث، وفي الثلاث الدية. 5
__________
1 الوترة: صلة ما بين المنخرين، وقيل: الحاجز بين المنخرين من مقدم الأنف دون الغضروف.
انظر: النهاية 5/149، واللسان 7/139.
2 الخرمة: موضع الخرم من الأنف، وهي الحجب الثلاثة: اثنان خارجان عن اليمين واليسار، والثالث الوترة، وتخرمت وترة أنفه، وقطعت وهي ما بين منخريه.
انظر: النهاية 2/27، واللسان 12/170.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية وهو أصح، لأن لفظ الخرمة مؤنث.
4 في العمرية بلفظ "منهم"، وفي الظاهرية بلفظ "منهما"، والأظهر منهن - أو - منها لعوده إلى الخرمات الثلاث التي هي موضع الحجب الثلاثة والله أعلم.
5 قال عبد الله: سمعت أبي يقول: وفي الخرمات الثلاثة الدية. يروى عن مكحول، عن زيد بن ثابت.
وفيما قرأت على أبي: في كلّ واحدة من الخرمات ثلث الدية.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص416، رقم 1493.
في الأصل الحرمات في كل موضع من المسألة، والصواب الخرمات، ربما وقع الخطأ من الناسخ.
قال ابن قدامة: وإن قطع أحد المنخرين ففيه ثلث الدية، وفي المنخرين ثلثاها، وفي الحاجز بينهما الثلث، قال أحمد: في الوترة الثلث، وفي الخرمة في كلّ واحد منهما الثلث. المغني 8/12.
قال الكلوذاني: وفي المنخرين ثلثا الدية، وفي كل واحد منهما ثلثها، وفي الحاجز بينهما ثلث الدية.
الهداية 2/88، المقنع 3/400، الفروع 6/25، المبدع 8/370، الشرح الكبير 9/564.
قال المرداوي معلقاً: هذا المذهب، صححه المصنف، والشارح وغيرهما، الإنصاف 10/84.
والرواية الثانية عنه: في المنخرين الدية، وفي الحاجز حكومة.
[] المقنع 3/400-401، الفروع 6/25، المبدع 8/370، الإنصاف 10/84.
وقال المرداوي: قال الزركشي: هذه المشهورة من الروايتين.
روى ابن أبي شيبة قال: حدثنا عباد بن العوام، عن حجاج وعمر بن عامر عن مكحول، عن زيد بن ثابت، قال: في الخرمات الثلاثة في الأنف الدية، وفي كل واحدة ثلث الدية.
مصنف ابن أبي شيبة 9/158، رقم 6906، مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص416، رقم 1493، السنن الكبرى للبيهقي 8/88 من طريق أحمد بن حنبل أنبأ عباد بن عوام حدثنا عمر بن عامر، عن مكحول عن زيد بن ثابت.(7/3298)
قال إسحاق: كما قال. 1
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/312، 318 وابن حزم في المحلى 10/432، والخطابي في معالم السنن 4/692، وابن قدامة في المغني 8/12، وانظر: الشرح الكبير 9/564، وحاشية المقنع 3/400.(7/3299)
[2376-] قلت: من قال الشعر بالميزان؟
قال: لا أقول، ولكن [يحكم 1 بقدر ما يرى الحاكم. 2
قال إسحاق: كما قال. كما يرى] الحاكم. 3
وقد سبق شريح 4 الحكم 5 في ذلك، 6 فإن أخذ به الحاكم
__________
1 ما بين المعقوفين سقط من العمرية.
2 الرواية الأولى: في كل الشعر حكومة كالشارب، نص عليه، وهي شعر الرأس واللحية، والحاجبين، وأهداب العينين.
الإنصاف 10/101، المحرر 2/141، الفروع 6/32، المبدع 8/389، وحاشية المقنع 3/411.
الرواية الثانية: في كل واحد من الشعور الأربعة، إذا لم تنبت الدية. المقنع 3/411، الفروع 6/32، المحرر 2/141، المبدع 8/389.
وقال المرداوي تعليقاً: وهذا المذهب نص عليه، وعليه الأصحاب. الإنصاف 10/101.
وهناك رواية ثانية عن الإمام إسحاق كما في المسألة (2402) .
3 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/287.
4 هو شريح بن الحارث بن القيس الكندي، أبو أمية القاضي.
5 هكذا في الأصل، والمعنى وقد سبق أن حكم شريح في ذلك.
6 روى عبد الرزّاق عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن شريح في رجل نتف من لحية رجل. فقال: يقتص منه بالميزان، فما لم يفِ أكمل من شعر الرأس.
مصنف عبد الرزّاق 9/320، رقم 17375، وكذا راجع، رقم 17373.(7/3300)
جاز، وإن اجتهد [ع-99/ب] بغير ما حكم به شريح جاز.
[2377-] قلت: ما في الأسنان؟
قال: الأسنان سواء، في كلّ سن خمس من الإبل. 1
__________
1 قال عبد الله: سمعت أبي يقول: الأسنان كلّها سواء.
قلت لأبي: فالضواحك تفضلها؟ قال: لا، وكذلك أقول: في السن خمس من الإبل.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص411، رقم 1469.
قال ابن قدامة: لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أن دية الأسنان خمس خمس في كل سن. المغني 8/21.
وقال الكلوذاني: في كل سن خمس من الإبل - إذا كان كاملاً سواء قلعه من سنخه - أو كسر ما ظهر منه.
الهداية 2/89، المحرر 2/139، الفروع 6/25، المبدع 8/371، كشاف القناع 6/43. وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب. الإنصاف 10/84.
وعنه: إن لم يكن ثغر فحكومة، اختاره القاضي. وعنه: في الكل دية، ففي كل ضرس بعيران.
الفروع 6/25، المبدع 8/372، الإنصاف 10/85.
روى أبو داود وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الأصابع سواء، والأسنان سواء، الثنية والضرس سواء، هذه وهذه سواء".
سنن أبي داود في الديات، باب ديات الأعضاء 4/690، رقم 4559، وسنن ابن ماجة في الديات، باب دية الأسنان 2/855، رقم 2650.
وقال الألباني: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، وأصله في صحيحه.
إرواء الغليل 7/321.(7/3301)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2378-] قلت: 2 اللسان إذا بين 3 بعض الكلام، ولم يبين بعضاً؟
قال: يقدر [الحروف على هجاء] 4 ألف-ب-ت-ث. 5
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/327، وابن حزم في المحلّى 10/414، وابن قدامة في المغني 8/21.
2 في العمرية بحذف لفظ "قلت".
3 في العمرية بإضافة لفظ "نقص"قبل لفظ"بعض".
4 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية، وفي النسخة الظاهرية بلفظ "يقدر على الحروف".
5 قال عبد الله: سمعت أبي يقول: في اللسان الدية، وإن قطع من اللسان شيء، قال: تقدر الحروف. قال: يهجي، فما نقص حسب بقدر ذلك من الدية، إذا أراد أن يقول: "ث" قال: "ت".
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص 414، رقم 1479.
قال ابن قدامة: وإن ذهب بعض الكلام، وجب من الدية بقدر ما ذهب، يعتبر ذلك بحروف المعجم، وهي ثمانية وعشرون حرفاً، سوى "لا"، فإن مخرجها مخرج اللام والألف، فما نقص من الحروف وجب من الدية بقدره، لأن الكلام يتم بجميعها، فالذاهب يجب أن يكون عوضه من الدية كقدره من الكلام، ففي الحرف الواحد ربع سبع الدية، وفي الحرفين نصف سبعها، وفي الأربعة سبعها.
المغني 8/17، المقنع 3/408، المحرر 2/140، الفروع 6/29، المبدع 8/382، الإقناع 4/221، كشاف القناع 6/40.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. الإنصاف10/94.
روى عبد الرزاق عن الثوري عن رجل عن مجاهد قال: إنّ اللسان إذا أصيب منه شيء حسب على الحروف، على ثمانية وعشرين حرفاً.
مصنف عبد الرزّاق 9/357، رقم 17556 وكذا راجع، رقم 17557.(7/3302)
قال إسحاق: كما قال.
[2379-] قلت: 1 في ذكر الخصي 2 ثلث الدية؟
قال: فيه حكم. 3
__________
1 بين النسختين تقديم وتأخير في ترتيب المسائل.
2 الخصي: فعيل بمعنى مفعول، مثل: جريح وقتيل، والجمع خصيان، وهو الذي قطعت خصيتاه. انظر: المصباح المنير 1/171.
3 قال أبو يعلى: ونقل ابن منصور عنه في ذكر الخصي حكومة. قيل له: ثلث الدية. قال: فيه حكم. الروايتين والوجهين 2/280.
وكذا انظر: المغني 8/34، المحرر2/139، الفروع 6/27، المبدع 8/376.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب. الإنصاف 10/88.
وعنه: فيه ثلث الدية. وعنه: فيه دية كاملة.
مسائل الإمام أحمد لابنه عبد الله ص413، رقم 1477، المغني 8/33، المحرر 2/139، الفروع 6/27، المبدع 8/376، الإنصاف 10/89.
روى عبد الرزّاق عن أبي حنيفة عن حماد، عن إبراهيم قال: في ذكر الخصي حكم.
مصنف عبد الرزّاق 9/373، رقم 17645، المحلّى 10/450.(7/3303)
[1 قال إسحاق: كما قال. فيه ثلث الدية] . 2
[2380-] قلت: الترقوة 3 بعير؟ 4
قال: في الترقوة بعير، وفي الضلع بعير. 5
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 انظر: المغني 8/33.
3 الترقوة: وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق. النهاية 1/187، مختار الصحاح ص77.
4 في العمرية بحذف لفظ "بعير".
5 قال أبو يعلى: نقل أبو طالب عنه: في الضلع بعير، وفي الترقوة بعير. وقال: فقد نص على أن في الضلع بعيراً، وفي الترقوة بعيراً، يعني في كلّ واحد منهما، وفيهما بعيران، لأنّ الترقوة: وهو العظم الممتدّ من عند نقرة النحر إلى المنكب، ولكل واحد ترقوتان، ففي كل واحدة بعير، وقد قال الخرقي: في الترقوة بعيران، يعني فيهما جميعاً.
[] الروايتين والوجهين 2/281، المغني 8/52-53، المحرر 2/143، الفروع 6/37، المبدع 9/11-12.
قال في الإنصاف: وفي الضلع بعير، قال المرداوي معلّقاً: وهذا المذهب وعليه الأصحاب، ونص عليه، وهو من مفردات المذهب.
وذكر ابن عقيل رواية: فيه حكومة.
قوله: "في الترقوتين بعيران". قال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب 10/114.
روى أسلم، مولى عمر بن الخطاب، أن عمر بن الخطاب: "قضى في الضرس بجمل، وفي الترقوة بجمل، وفي الضلع بجمل".
رواه مالك في الموطأ في العقول، باب جامع عقل الإنسان 2/861، وهو في مصنف عبد الرزّاق 9/362، رقم [17578،] ورقم 17607، ومصنف ابن أبي شيبة 9/184، رقم 7006، والمحلّى 10/452-453، وقال ابن حزم: هذا إسناد في غاية الصحة عن عمر بن الخطاب يخطب به على المنبر بحضرة الصحابة رضي الله عنهم، لا يوجد له مخالف.(7/3304)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2381-] قلت: 2 لسان العجم 3 ثلث الدية؟
__________
1 حكاه عنه ابن حزم في المحلّى 10/453، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/358، وابن قدامة في المغني 8/53، وانظر: الشرح الكبير 9/635، حاشية المقنع 3/420.
2 السؤال في العمرية بلفظ "قلت: فاللسان الأعجمي ثلث الدية فقط؟ ".
3 الأعجم: هو الأخرس، وكلّ من لا يقدر على الكلام أصلاً فهو أعجم.
الصحاح 5/1980، اللسان 12/389.(7/3305)
قال: فيه حكم. 1
قال إسحاق: فيه ثلث الدية.
[2382-] قلت: تعاقل المرأة إلى ثلث دية الرجل؟
قال أحمد: قال 2 علي رضي الله عنه: دية المرأة على النصف من دية الرجل في كلّ شيء. 3
__________
1 قال ابن قدامة: وفي لسان الأخرس روايتان كالروايتين في اليد الشلاء، وكذلك كل عضو ذهبت منفعته، وبقيت صورته، كالرجل الشلاء.. هذا كله يخرج على الروايتين:
إحداهما: فيه ثلث ديته، والأخرى: حكومة.
المغني: 8/41، وكذا انظر: المقنع 3/404، المحرر 2/139، الفروع 6/26، والمبدع 8/376.
قال ابن هانئ: سئل عن الأخرس يقطع لسانه؟ قال: في لسان الأخرس ثلث الدية - دية لسان الذي يتكلّم -.
مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/87.
قال المرداوي: إن المذهب في لسان الأخرس الحكومة، وعليه أكثر الأصحاب. الإنصاف 10/88.
2 في العمرية بحذف "قال علي رضي الله عنه".
3 روى البيهقي من طريق سعيد بن منصور، ثنا هشيم عن الشيباني وابن أبي ليلى وزكريا عن الشعبي أن علياً رضي الله عنه كان يقول: جراحات النساء على النصف من دية الرجل فيما قلّ أو كثر. السنن الكبرى للبيهقي [8/95-96.
] وروى عبد الرزّاق عن الثوري عن حماد عن إبراهيم عن علي قال: "جراحات المرأة على النصف من جراحات الرجل".
مصنف عبد الرزّاق 9/397، رقم 17760، وفي السنن الكبرى للبيهقي 8/96 من طريق الشافعي عن محمد بن الحسن أنبأ أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: عقل المرأة على النصف من عقل الرجل في النفس، وفيما دون النفس. قال البيهقي: حديث إبراهيم منقطع، إلاّ أنّه يؤكد رواية الشعبي.(7/3306)
وقال عمر 1 وابن مسعود 2 رضي الله عنهما: يستويان في
__________
1 روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير عن مغيرة، عن إبراهيم، عن شريح قال: أتاني عروة البارقي من عند عمر أنّ جراحات الرجال والنساء تستوي في السن والموضحة، وما فوق ذلك فدية المرأة على النصف من دية الرجل.
مصنف ابن أبي شيبة 9/300، رقم 7546، والسنن الكبرى للبيهقي 8/97 من طريق سعيد بن منصور، ثنا هشيم، أنبأ مغيرة، وأخرجه ابن التركماني في هامش السنن الكبرى 8/96 من طريق ابن أبي شيبة. وبعد ما ذكر البيهقي الأثر بسنده قال: وفي هذا انقطاع.
2 روى ابن أبي شيبة قال: ثنا جرير عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الله قال: تستوي جراحات الرجال والنساء في السن والموضحة. مصنف ابن أبي شيبة 9/299، رقم 7545.
وعبد الرزّاق في مصنفه 9/397، من طريق الثوري عن حماد عن إبراهيم قال ابن مسعود: يستويان في السن، والموضحة، وفيما سوى ذلك على النصف.
وكذا روى ابن أبي شيبة قال: حدثنا علي بن مسهر، عن هشام، عن الشعبي، عن شريح، أنّ هشام بن هبيرة كتب إليه يسأله، فكتب إليه، وفيه: وكان ابن مسعود يقول: في دية المرأة في الخطأ على النصف من دية الرجل إلاّ السن، والموضحة، فهما فيه سواء.
مصنف ابن أبي شيبة 9/300، رقم 7547، والسنن الكبرى للبيهقي 8/96 من طريق شعبة عن الحكم عن الشعبي. وقال البيهقي: فيه انقطاع.(7/3307)
السن، والموضحة سنها كسنه، وموضحتها كموضحته، فإذا زاد على الموضحة صارت ديتها على النصف من دية الرجل، لأنّ في منقّلة الرجل خمسة عشر 1 ويكون في منقّلتها سبعة ونصف، فصار جرحها على النصف من جرح الرجل.
وقال زيد 2 رضي الله عنه: يستوي جرحها وجرح الرجل إلى الثلث، 3
__________
1 في العمرية بلفظ "خمس عشرة".
2 هو زيد بن ثابت الصحابي رضي الله عنه.
3 روى ابن أبي شيبة قال: حدثنا علي بن مسهر عن هشام عن الشعبي عن شريح أن هشام بن هبيرة كتب إليه يسأله - وفيه -:
وكان زيد بن ثابت يقول: دية المرأة في الخطأ مثل دية الرجل حتّى تبلغ ثلث الدية، فما زاد فهو على النصف.
مصنف ابن أبي شيبة 9/300، رقم 7547، والبيهقي في السنن الكبرى 8/96 من طريق الحكم عن الشعبي.(7/3308)
ومن الناس من يروي عن زيد بن ثابت 1 رضي الله عنه ثلث ديتها هي. ومنهم من يقول عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: ثلث دية الرجل. 2
قال: والذي أختاره: 3 ما قال سعيد بن المسيّب، وهو ثلث دية الرجل، ففي 4 أصبع المرأة عشر من الإبل، وكذلك أصبع الرجل، وفي أصبعين عشرون، وفي ثلاث أصابع ثلاثون، فإذا صارت أربعاً ففيها عشرون، رجعت إلى النصف. 5
__________
1 في العمرية بحذف لفظ "بن ثابت".
2 لم أجد هذين الأثرين عن زيد بن ثابت رضي الله عنه.
3 في العمرية بلفظ "نختار".
4 في النسخة العمرية بلفظ "وفي".
5 روى الإمام مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أنّه قال: سألت سعيد بن المسيّب: كم في أصبع المرأة؟ فقال: عشر من الإبل. فقلت: كم في أصبعين؟ قال: عشرون من الإبل. فقلت: كم في ثلاث؟ فقال: ثلاثون من الإبل. فقلت: كم في أربع؟ قال: عشرون من الإبل. فقلت: حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها؟ فقال سعيد: أعراقي أنت؟ فقلت: بل عالم متثبّت، أو جاهل متعلّم. فقال سعيد: هي السنة يا ابن أخي.
رواه الإمام مالك في الموطأ في العقول، باب ما جاء في عقل الأصابع 2/860، وعبد الرزّاق في مصنفه 9/394، رقم 17749 من طريق الثوري عن ربيعة، راجع، رقم 17750، 17751، وابن أبي شيبة في مصنفه 9/302، رقم 7554 من طريق وكيع قال: حدثنا سفيان عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن. والبيهقي في السنن الكبرى 8/96 من طريق مالك.
قال عبد الله: سمعت أبي يقول: دية المرأة على النصف من دية الرجل، المرأة تعادل الرجل بجراحها كجراحته، إلى ثلث الدية، ثمّ هي على النصف. قال أبي: إذا زاد على ذلك إلى حديث ربيعة عن سعيد بن المسيّب. مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص419، رقم 1508.
قال ابن قدامة: ويساوي جراحها جراحه إلى ثلث الدية، فإذا زادت صارت على النصف.
المقنع 3/390، المغني 7/797، المحرر 2/145، الفروع 6/17، المبدع 8/350، كشاف القناع 6/20، وقال المرداوي معلقاً: وهذا المذهب، وعليه الأصحاب، وهو من مفردات المذهب. الإنصاف 10/63.
وعنه: المرأة في الجراح على النصف من جراح الرجل مطلقاً، كالزائد على الثلث. الإنصاف 10/63، الفروع 6/17، المبدع 7/351.(7/3309)
قال إسحاق: حكمها في كلّ الجراحة على النصف، شبيهاً 1 بديتها، فإذا كان القتل عمداً يقتل بها. 2
وليس على أهل المرأة شيء، 3 لأنّ "النفس بالنفس" [ظ-75
__________
1 في العمرية بلفظ "تشبيهاً".
2 تقدم فيما مضى في المسألة، رقم (2363) .
3 في هذا ردّ على من يرى أنّ على أهل المرأة أن يدفعوا نصف الدية إلى أولياء القاتل الذي اقتص منه.(7/3310)
/ب] . 1
[2383-] قلت: إذا قطعت يد المرأة عمداً أو رجلها؟
قال: في العمد القصاص، 2 وفي الخطأ ثلث الدية، 3 دية الرجل، يعني دية النفس. 4
__________
1 إشارة إلى قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآية، سورة المائدة، آية 45.
2 قال ابن قدامة: كلّ من أقيد بغيره في النفس أقيد به فيما دونها، ومن لا فلا، ولا يجب إلاّ بمثل الموجب في [] [] النفس، وهو العمد المحض. المقنع 3/365، المغني 7/679-680، الفروع 6/646، المبدع 8/306، الهداية للكلوذاني 2/79.
وقال المرداوي تعليقاً: ومن لا يقاد بغيره في النفس لا يقاد به فيما دونها، وهذا المذهب، وعليه الأصحاب. الإنصاف 10/14.
3 في العمرية سقط لفظ "الدية".
4 قال أبو يعلى: إذا جني على المرأة جناية يزيد على ثلث دية الرجل، فهل يكون على النصف من ديته، أم يرد إلى ثلث ديته؟
على روايتين: نقل الجماعة: صالح وعبد الله، وأبو الحارث: أنّه يكون على النصف من ديته، وهو اختيار الخرقي.
ونقل ابن منصور: إذا قطعت يد المرأة عمداً، أو رجلها، ففيه ثلث دية الرجل، يعني دية النفس.
قال: ويفيد الخلاف أنه إذا قطع يدها وجب فيها على الرواية الأولى نصف ديتها، وهو ربع دية الرجل، وعلى ما نقل ابن منصور يكون فيها ثلث دية الرجل، وعلى هذا الحساب. الروايتين والوجهين 2/277.(7/3311)
قال إسحاق: كما قال، إلاّ أنّ الخطأ على النصف من دية الرجل. 1
[2384-] قلت: إذا كسر الصلب فذهب ماؤه؟
قال: الدية. 2
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/32، 2/226، وابن نصر المروزي في اختلاف العلماء 64/أ، وابن قدامة في المغني 7/680.
2 قال عبد الله: سمعت أبي يقول: في الصلب الدية إذا ضربه فذهب نكاحه، أو حتّى يمشي وهو أحدب.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 417، رقم 1494.
قال في المبدع: إذا كسر صلبه فجبر وعاد إلى حاله فحكومة للكسر، وإن احدودب فحكومة لهما، وإن ذهب ماؤه أو أحباله فالدية. 8/386، الفروع 6/30، المحرر 2/140، الإقناع 4/226، الهداية للكلوذاني 2/90.
وقال في الإنصاف: وإن كسر صلبه، فذهب مشيه، ونكاحه ففيه ديتان.
وقال المرداوي معلقاً: هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقال: يحتمل أن تجب دية واحدة. وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله كبقية الأعضاء. الإنصاف 10/97.
روى البيهقي بسند صحيح عن سعيد بن المسيّب "أنّ السنة مضت في العقل بأن في الصلب الدية". السنن الكبرى 8/95.
وقال ابن قدامة: بعد قول سعيد بن المسيّب، وهذا ينصرف إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم. المغني 8/32.(7/3312)
قال إسحاق: أجاد أصاب. 1
[2385-] قلت: في الجائفة؟
قال: ثلث الدية. 2
__________
1 قال ابن المنذر: وقال أحمد وإسحاق: في كسر الصلب فذهب ماؤه فالدية.
الأوسط، كتاب الديات 2/391.
وكذا حكاه عنه ابن حزم في المحلّى 10/451.
2 قال ابن قدامة: وفي الجائفة ثلث الدية، وهي التي تصل إلى باطن الجوف من بطن، أو ظهر، أو صدر، أو نحر.
المقنع 3/418، الكافي 4/91، المغني 8/47، المحرر 2/143، الفروع 6/36، المبدع 9/9، الإقناع 4/231، الهداية للكلوذاني 2/92.
وقال المرداوي: بلا نزاع. الإنصاف 10/111.
لما روى عمرو ابن حزم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن: "في الجائفة ثلث الدية".
وتقدّم تخريج الحديث فيما مضى برقم (2371) .(7/3313)
1 [قلت: فإذا نفذت 2؟
قال: هي ثنتان، ففيهما ثلثا الدية] 3. 4
قال إسحاق: كما قال. 5
__________
1 في الظاهرية زيادة: "قال إذا نفذت ففيها ثلثا الدية" والصواب حذفها لأنه تكرار لما يأتي.
2 نفذ السهم: خرق الرمية، وخرج منها، وقال ابن منظور: خالط جوفها ثمّ خرج طرفه من الشقّ الآخر، وسائره فيه.
القاموس 1/373، مصباح المنير 2/616، اللسان 4/514.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 وقال ابن قدامة: فإن خرقه من جانب، فخرج من جانب آخر، فهي جائفتان.
المقنع 3/418، المغني 8/49، المحرر 2/143، الفروع 6/36، المبدع 9/10، الإقناع 4/231.
قال المرداوي معلّقاً: هذا المذهب نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب. الإنصاف 10/111.
روى ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيّب: أن قوماً كانوا يرمون، فرمى رجل منهم بسهم خطأ، فأصاب بطن رجل فأنفذه إلى ظهره، فدوي فبرأ فرفع إلى أبي بكر فقضى فيه بجائفتين.
مصنف ابن أبي شيبة 9/211، رقم 7128، وأخرجه عبد الرزّاق في مصنفه 9/369، رقم 17623، والبيهقي في السنن الكبرى 8/85.
5 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/396.(7/3314)
قال: والجائفة [هي] 1 التي تنفذ إلى الجوف.
قال إسحاق: كما قال.
[2386-] قلت: في 2 الحشفة الدية 3 كاملة؟
قال أحمد: الدية كاملة. 4
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 في العمرية بحذف لفظ "في".
3 في العمرية بإضافة لفظ "كله"، بعد كلمة "الدية".
4 قال عبد الله: سمعت أبي يقول: وفي الحشفة الدية. مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 422، رقم 1524.
وقال في المبدع: وفي حشفة الذكر الدية بغير خلاف نعلمه، لأنّ منفعته تكمل بالحشفة، كما تكمل منافع اليد بالأصابع.
المبدع 8/368، وكذا انظر: الكافي 4/113، المقنع 3/402، المحرر 2/139، الفروع 6/25، الهداية للكلوذاني 2/90.
روى عبد الرزّاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي أنه قضى في الحشفة بالدية كاملة.
مصنف عبد الرزّاق 9/371، رقم 17634، وكذا راجع: رقم 17637، ورقم 17638، وأخرجه: البيهقي في السنن الكبرى 8/97، وابن حزم في المحلّى 10/449.(7/3315)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2387-] قلت: البيضتان؟
قال: الدية كاملة. 2
قلت: في اليسرى ثلثا الدية؟
قال: يقولون 3 ثلثا الدية
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/400.
2 قال عبد الله سمعت أبي يقول: وفي الأنثيين الدية.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص421، رقم 1520 وكذا انظر: الفروع 6/24، المبدع 8/370، الإقناع 4/227، الهداية للكلوذاني 2/90.
وقال ابن قدامة: لا نعلم في هذا خلافاً. المغني 8/34.
وقال المرداوي معلقاً: فيهما الدية فقط. وهو المذهب، وعليه الأصحاب، وذكر في الانتصار احتمالاً: يجب فيهما الدية، وحكومة لنقصان الذكر بقطعهما، وما هو ببعيد. الإنصاف 10/83.
روى عمرو بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتاباً وفيه "وفي البيضتين الدية". تقدم تخريج الحديث بمسألة، رقم (2371) .
3 روى عبد الرزاّق عن معمر عن قتادة عن ابن المسيب قال: في اليسرى من البيضتين الثلثان.
مصنف عبد الرزاق 9/374، رقم 17653 وابن أبي شيبة في مصنفه 9/226، رقم 7198، والبيهقي في السنن الكبرى 8/97، وابن حزم في المحلى 10/450.(7/3316)
وأقول: 1 النصف في كل واحد [ة] 2 منهما. 3
قال إسحاق: كما قال النصف. 4
[2388-] [قلت: 5 أصابع اليدين والرجلين سواء؟
قال أحمد: سواء في كلّ أصبع عشر. 6
__________
1 في العمرية بإضافة لفظ "أنا".
2 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية، وهو الصواب، وكذا في النسخة العمرية سقط لفظ "منهما".
3 قال ابن قدامة: وفي إحداهما (أي الأنثيين) نصف الدية في قول أكثر أهل العلم.
المغني 8/34، وكذا انظر: الكافي 4/114، الفروع 6/24، المبدع 8/370، الإقناع 4/227، الهداية للكلوذاني 2/90.
روى ابن أبي شيبة عن علي قال: "في إحدى البيضتين نصف الدية".
مصنف ابن أبي شيبة 9/224، رقم 7192، وأخرجه عبد الرزّاق في مصنفه 9/373، رقم 17646، والبيهقي في السنن الكبرى 8/97، وابن حزم في المحلّى 10/449.
4 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/403.
5 هذه المسألة من العمرية زيادة عمّا في النسخة الظاهرية.
6 قال الخرقي: وفي كلّ أصبع، من اليد والرجل، عشر من الإبل.
مختصر الخرقي ص182.
وكذا انظر: المقنع 3/401، الفروع 6/25، المحرر 2/138، المبدع 8/371، الهداية للكلوذاني 2/90، كشاف القناع 6/49.
قال ابن قدامة: هذا قول عامّة أهل العلم منهم عمر، وعلي، وابن عبّاس، وبه قال مسروق، وعروة، ومكحول، والشعبي، وعبد الله ابن مغفل، والثوري، والأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وأصحاب الحديث، ولا نعلم فيه مخالفاً. المغني 8/35.
لما روى الترمذي وغيره: عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في دية الأصابع، اليدين والرجلين سواء، عشر من الإبل لكلّ أصبع".
سنن الترمذي في الديات، باب ما جاء في دية الأصابع 4/13، رقم 1391، وقال: حديث ابن عبّاس، حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.
وهو في سنن أبي داود في الديات، باب ديات الأعضاء 4/691، رقم 4561.
والسنن الكبرى للبيهقي 8/92. قال الألباني: إسناده صحيحٌ، رجاله ثقاتٌ، رجال الصحيح غير يزيد، وهو ابن أبي سعيد النحوي، وهو ثقةٌ.
إرواء الغليل 7/317.(7/3317)
قال إسحاق: كما قال] . 1
[2389-] قلت: [في] 2 الأصابع 3 الشلاء؟
__________
1 قول الإمام إسحاق -رحمه الله- حكاه عنه الترمذي في سننه 4/14، وابن حجر في الفتح 12/326.
2 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية.
3 في ظ "الأصبع". ولعله أصوب.(7/3318)
قال: ثلث ديتها. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2390-] قلت: 3 القود بين الحرّ والمملوك؟
قال: لا يقاد الحرّ من المملوك، 4 عليه
__________
1 قال ابن المنذر: قال أحمد: في الأصبع الشلاء ثلث ديتها.
الأوسط، كتاب الديات 2/374، وكذا انظر: الكافي 4/116، والفروع 6/26، وانظر: ما تقدّم في التعليق على مسألة، رقم (2381) .
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله: حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/ 374.
3 في النسخة العمرية بزيادة لفظ "في".
4 قال ابن هانئ: سمعت أبا عبد الله يقول: لا يقتل الحرّ بالعبد.
مسائل الإمام أحمد لابن هانئ 2/87، رقم 1549، وكذا برواية ابنه عبد الله 409، رقم 1462.
وقال ابن قدامة: روي هذا عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وزيد، وابن الزبير رضي الله عنهم. وبه قال الحسن، وعطاء، وعمر بن عبد العزيز، وعكرمة، وعمرو بن دينار، ومالك، والشافعي، وإسحاق وأبو ثور.
المغني 7/658، وكذا انظر: المقنع 3/346، والفروع 5/638، والمبدع 8/269 والمذهب الأحمد ص172.
وقال المرداوي معلّقاً: هذا المذهب، وعليه الأصحاب.
وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله: ليس في العبد نصوص صريحة صحيحة تمنع قتل الحرّ به، وقوى أنه يقتل به.
وقال: هذا الراجح، وأقوى على قول الإمام أحمد -رحمه الله-.
الإنصاف 9/469.
روى الدارقطني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقتل حرّ بعبد".
سنن الدارقطني 3/133، ورواه البيهقي في السنن الكبرى 8/35، وقال: في هذا الإسناد ضعف.(7/3319)
ثمنه. 1
قال إسحاق: [ع-100/أ] أصاب، 2 وكذلك إذا كان خطأ فعليه ثمنه بالغاً ما بلغ، لأنّه مال.
[2391-] قلت لأحمد: 3 من استعان عبداً، أو صبياً بغير إذن أهله فقد ضمنه؟
__________
1 تأتي مسألة مستقلة. راجع، رقم 2468.
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله: حكاه عنه الترمذي في سننه 4/26، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/36، وابن قدامة في المغني 7/658، وابن عبد البرّ في الاستذكار 6/90، والخطابي في معالم السنن 4/653. وانظر: حاشية المقنع 3/346.
3 في العمرية بحذف لفظ "لأحمد".(7/3320)
قال أحمد: نعم ضمنه. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2392-] قلت لأحمد: 3 عمر رضي الله عنه ضمن رجلاً كان يختن 4 الصبيان فقطع [من] 5 ذكر
__________
1 قال ابن قدامة: إذا استأجر عبداً بغير إذن سيده، أو صبياً بغير إذن وليه فيضمنه، لأنه متعدّ باستعماله، متسبّب إلى إتلاف حقّ غيره.
المغني 7/827، وكذا انظر: الأوسط، كتاب الديات 2/468 والفروع 6/5.
قال ابن المنذر: وأجمع كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم على أنّ من حمل صبياً، أو مملوكاً بغير إذن وليه على دابة فتلف، أنه ضامن. الإجماع ص119 والأوسط، كتاب الديات 2/368.
روى ابن أبي شيبة عن علي -رضي الله عنه- قال: من استعان صغيراً حرّاً أو عبداً فعنت فهو ضامن، ومن استعان كبيراً لم يضمن.
مصنف ابن أبي شيبة 9/277، رقم 745.
2 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/268، وابن قدامة في المغني 7/822.
3 في العمرية بحذف لفظ "لأحمد".
4 الختن: موضع القطع من ذكر الغلام، وفرج الجارية.
انظر: النهاية 2/10، ومختار الصحاح ص169.
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3321)
الصبي؟ 1
قال: يضمن. 2
__________
1 روى عبد الرزّاق عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة عن أبي مليح ابن أسامة: أن عمر بن الخطاب ضمن رجلاً كان يختن الصبيان فقطع من ذكر الصبي فضمنه.
مصنف عبد الرزّاق 9/470، رقم 18045، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه 9/323، رقم 7650 من طريق الثقفي عن أيوب.
2 وقد فصل القول في هذه المسألة في المغني.
فقال الخرقي: ولا ضمان على حجّام، ولا ختان، ولا متطبّب، إذا عرف منهم حذق الصنعة، ولم تجن أيديهم. مختصر الخرقي ص106.
وقال ابن قدامة في شرحه وجملته: إنّ هؤلاء إذا فعلوا ما أمروا به لم يضمنوا بشرطين:
أحدهما: أن يكونوا ذوي حذق في صناعتهم، ولهم بها بصارة، ومعرفة.
الثاني: أن لا تجني أيديهم فيتجاوزوا ما ينبغي أن يقطع، فإذا وجد هذان الشرطان لم يضمنوا، لأنّهم قطعوا قطعاً مأذوناً فيه، فلم يضمنوا سرايته كقطع الإمام يد السارق.
فأما إن كان حاذقاً، وجنت يده مثل أن تجاوز قطع الختان إلى الحشفة أو إلى بعضها، أو قطع في غير محلّ القطع، أو يقطع السلعة من إنسان فيتجاوزها، وأشباه هذا ضمن فيه كلّه، لأنّه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ، فأشبه إتلاف المال، ولأنّ هذا فعل محرّم فيضمن سرايته كالقطع ابتداءً، ولا نعلم فيه خلافاً.
المغني 5/538.
قال ابن المنذر: وأجمعوا على أنّ قطع الخاتن إذا أخطأ فقطع الذكر، والحشفة، أو بعضها فعليه ما أخطأ به، يعقله عنه العاقلة. الإجماع ص119.(7/3322)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2393-] قلت: الذي يموت من القصاص؟
قال: لا دية له، 2
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله: حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/442.
2 قال ابن هانئ: سألت أبا عبد الله عن رجل اقتصّ منه فمات؟ قال: ليس على من اقتصّ منه فمات شيء. مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/85.
قال ابن قدامة: وسراية القود غير مضمونة، ومعناه أنه إذا قطع طرفاً يجب القود فيه، فاستوفى منه المجني عليه، ثمّ مات الجاني بسراية الاستيفاء، لم يلزم المستوفي شيء.
[] المغني 7/727، وكذا انظر: المقنع 3/375، والفروع 6/57، والمبدع 8/324-325.
وقال المرداوي: بلا نزاع.
ولكن لو اقتضى قهراً مع حرّ أو برد، أو بآلة كالة، أو مسمومة، ونحوه: لزمه بقية الدية، على الصحيح من المذهب. الإنصاف 10/30.
روى ابن حزم وغيره: أن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما أنّهما قالا جميعاً: من مات في قصاص، أو حدّ فلا دية له.
مصنف عبد الرزّاق 9/457، رقم 18006، وكذا، رقم 18009، من طريق معمر عن قتادة.
والسنن الكبرى للبيهقي 8/68 من طريق سعيد عن مطر عن عطاء، عن عبيد بن عمير.
والمحلّى لابن حزم 11/22 من طريق الحجّاج بن المنهال، نا حماد بن سلمة، نا قتادة عن خلاس بن عمرو.(7/3323)
وإذا حد في الخمر 1
__________
1 الخمر في اللغة: تذكر وتؤنّث، فيقال: هو الخمر، وهي الخمر، ويجوز دخول الهاء، فيقال: الخمرة، على أنّها قطعة من الخمر، والتخمير التغطية. يقال: خمر وجهه وخمر إناءه، أي غطاهما، والمخامرة أيضاً المخالطة.
قال ابن الأعرابي: سميت الخمر خمراً، لأنها تركت فاختمرت، واختمارها تغير ريحها. وقيل: سميت بذلك لمخامرتها العقل.
[] الصحاح للجوهري 2/649-650، واللسان 4/254-259.
تعريف الخمر شرعاً:
عند الجمهور: أن كل ما من شأنه أن يسكر يعتبر خمراً يستوى في ذلك ما كان من العنب، أو التمر، أو العسل، أو الحنطة، أو الشعير، أو ما كان من غير هذه الأشياء.
وعند الإمام أبي حنيفة: أن الخمر اسم للنسيء من ماء العنب إذا غلا واشتد، وقذف بالزبد.
وعند أبي يوسف، ومحمد صاحبي أبي حنيفة: الخمر هي عصير العنب النسيء إذا غلى واشتد، فقط، قذف بالزبد، أولم يقذف به، سكن عن الغليان أم لا، لأن معنى الإسكار يتحقق بدون القذف بالزبد.
انظر: الأم للشافعي 6/180، والمغني 8/304، والمهذب للشيرازي 2/366، والمنتقى للباجي 3/151، وفتح القدير 10/9، وبدائع الصنائع للكاساني 5/112، والهداية شرح بداية المبتدئ 4/108، والفتاوى الهندية 5/409.(7/3324)
فمات فلا دية له. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2394-] قلت: [إنّ رجلاً] 3 أقعد أمة له على مقلاة 4 فاحترق عجزها، فأعتقها عمر رضي الله عنه، وأوجعه ضرباً؟ 5
__________
1 قال الخرقي: فإن مات في جلده، فالحق قتله، يعني ليس على أحد ضمانه. مختصر الخرقي ص196، وكذا المغني 8/310.
قال ابن قدامة: ولا نعلم بين أهل العلم خلافاً في سائر الحدود أنه إذا أتى بها على الوجه المشروع في غير زيادة أنه لا يضمن من تلف بها، وذلك بأنه فعلها بأمر الله، وأمر رسوله فلا يؤخذ به، ولأنه نائب عن الله تعالى، فكان التلف منسوباً إلى الله تعالى، المغني 8/311، الإنصاف 10/159.
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله، حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/132، وابن قدامة في المغني 7/727، وسليمان في حاشية المقنع 3/375.
3 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية.
4 في النسخة العمرية سقط لفظ "مقلاة".
5 روى البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: جاءت جارية إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت: إنّ سيّدي اتّهمني، فأقعدني على النار حتّى احترق فرجي. فقال عمر رضي الله عنه: هل رأى ذلك عليك؟ قالت: لا، قال: فهل اعترفت له بشيء؟ قالت: لا، فقال عمر رضي الله عنه: علي به. فلمّا رأى عمر الرجل قال: أتعذّب بعذاب الله؟ قال: يا أمير المؤمنين اتّهمتها في نفسها، قال: أرأيت ذلك عليها؟ قال الرجل: لا، قال: فاعترفت لك به؟ فقال: لا، قال: والذي نفسي بيده لو لم أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقاد مملوك من مالكه، ولا ولد من والده لأقدتها منك، فبرزه وضربه مائة سوط، وقال للجارية: اذهبي، فأنت حرّة لوجه الله، وأنت مولاة الله ورسوله. سنن البيهقي 8/36.
وفي السند عمر بن عيسى، قال البخاري: إنّه منكر الحديث. الدراية 2/265.
وقال البيهقي: قال أبو صالح والليث: وهذا القول معمول به.(7/3325)
قال: كذاك أقول. 1
__________
1 قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فقد ثبت بالسنة والآثار أنّه إذا مثل بعبده عتق عليه، وهذا مذهب مالك وأحمد وغيرهما. مجموع فتاوى ابن تيمية 14/86، وقال الترمذي: ليس بين الحرّ والعبد قصاص في النفس، ولا فيما دون النفس، وهو قول أحمد وإسحاق. سنن الترمذي 4/26.
وقال ابن قدامة: ولا يقتل السيد بعبده في قول أكثر أهل العلم … ولا يقطع طرف الحرّ بطرف العبد بغير خلاف علمناه بينهم. المغني 7/659، كشاف القناع 5/525، الإنصاف 9/469.
روى البيهقي من حيث عبد الله بن عمرو بن العاص في قصة: زنباع لما جب عبده، وجدع أنفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مثل بعبده، أو أحرقه بالنار، فهو حرّ، وهو مولى الله ورسوله"، فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أوص بي. فقال: "أوصي بك كلّ مسلم"، ولم يقتصّ من سيّده".
السنن الكبرى للبيهقي 8/36.
إسناده ضعيف لأنّ فيه المثنى بن الصباح، وهو ضعيف، لا يحتج به، وله طريق أخرى فيها الحجاج بن أرطأة، وهو ضعيف، وله طريق ثالثة روي عن سوار أبي حمزة، وليس بالقوي. انظر: نيل الأوطار 7/158.(7/3326)
قال إسحاق: أصاب كما قال، على الحاكم ذلك يعرض على مولاه أن يعتقه، فإن أبى أعتق عليه.
[2395-] قلت: يقاد من العامل؟
قال: إن أقاد هو من نفسه 1 كما فعل عمر رضي الله عنه، 2 وإلاّ
__________
1 قال ابن المنذر: وممن قال بأن على العمال القود: الشافعي، وأحمد، وإسحاق. الأوسط، كتاب الديات 1/119.
قال ابن قدامة: ويجري القصاص بين الولاة، والعمال، وبين رعيتهم لعموم الآيات، والأخبار، ولأنّ المؤمنين تتكافأ دماؤهم، ولا نعلم في هذا خلافاً.
المغني 7/663، والشرح الكبير 9/382.
قال المرداوي: يجب القصاص على الحاكم، وهذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. الإنصاف 9/442.
2 روى عبد الرزّاق عن قيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن حبيب بن صهبان، قال: سمعت عمر يقول: ظهور المسلمين حمى الله لا تحل لأحد، إلا أن يخرجها حدّ، قال: ولقد رأيت بياض إبطه قائماً يقيد من نفسه.
مصنف عبد الرزّاق 9/465، رقم 18036، كنز العمال 7/289، رقم 3448.(7/3327)
فحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه كأنه لم يقده [منه] 1 ولكن غرمه. 2
قلت: ما حديث عمرو رضي الله عنه؟
قال: لا أحفظه الساعة.
قال إسحاق: كما قال، 3 ولكن على العامل أن يمكن من 4 نفسه حتّى يقتصّ، أو يعفو، ثمّ يرضيه حينئذ حتّى يترك القصاص فإن 5 فعله عامل
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "هو".
2 روى عبد الرزاق من معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن المغيرة بن سليمان أن عاملا لعمر ضرب رجلاً فأقاده منه، فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين أتقيد من عمالك؟ قال: نعم. قال: إذا لا نعمل لك، قال: وإن لم تعملوا، قال: أو ترضيه؟ قال: أو أرضيه.
[] مصنف عبد الرزاق 9/464-465، رقم 18035، ورقم 18040، وهو في السنن الكبرى للبيهقي 8/48.
3 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/119.
4 في النسخة العمرية بلفظ "يحكم على" بدل الموجود في النسخة الظاهرية بلفظ "يمكن من".
5 في النسخة العمرية بلفظ "وإن".(7/3328)
فرفع 1 إلى الخليفة اقتصّ صاحبه منه، إلاّ أن يعفو. 2
__________
1 في النسخة العمرية بلفظ "فرجع".
2 كما روى البيهقي من طريق عطاء بن السائب، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جرير أن رجلاً كان ذا صوت ونكاية على العدو مع أبي موسى، فغنموا مغنماً فأعطاه أبو موسى نصيبه ولم يوفه فأبى أن يأخذه إلاّ جميعاً، فضربه عشرين سوطاً، وحلق رأسه، فجمع شعره وذهب به إلى عمر رضي الله عنه، قال جرير: وأنا أقرب الناس منه، وقد قال حماد: وأنا أقرب القوم منه، فأخرج شعراً من جيبه فضرب به صدر عمر رضي الله عنه قال ما لك؟ فذكر قصته. قال فكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى: سلام عليك، أما بعد: فإن فلان بن فلان أخبرني بكذا وكذا وإنّي أقسم عليك إن كنت فعلت ما فعلت في ملأ من الناس جلست له في ملأ من الناس فاقتص منك، وإن كنت فعلت ما فعلت في خلاء فاقعد له في خلاء فليقتص منك، قال له الناس: اعف عنه، قال: لا والله لا أدعه لأحد من الناس. فلما دفع إليه الكتاب قعد للقصاص رفع رأسه إلى السماء قال: قد عفوت عنه لله.
السنن الكبرى 8/50، وكنز العمال 7/296، رقم 3464.
قلت: الإقادة قد ثبت بالسنة، وأعطى النبيّ صلى الله عليه وسلم القود من نفسه الشريف في مواضع عدة منها:
روى عبد الله بن جبير الخزاعي قال: "طعن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً في بطنه إما بقضيب، وإما بسواك. فقال: أوجعتني فأقدني، فأعطاه العود الذي كان معه. فكشف عن بطنه فقال: استقد، فاعتنقه، وقبّل بطنه ثم قال: بل أعفو، لعلك أن تشفع لي بها يوم القيامة".
مجمع الزوائد 6/289، وقال الهيثمي رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
وذكر الحافظ ابن حجر نحو هذه القصة لسواد بن غزية من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن جعفر بن محمد [] عن أبيه. الإصابة 2/95-96.
قال الدكتور أحمد العليمي: وهو إسناد حسن، لكنه مرسل، والمرسل محتج به عند بعض العلماء وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما في طائفة.
قال ابن جرير: أجمع التابعون بأسرهم على قبول المرسل، ولم يأت عنهم إنكاره، ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين.
تدريب الراوي ص120, والكفاية في علم الرواية ص555، ومقدمة ابن الصلاح, ومحاسن الاصطلاح ص [141,] وكذا راجع مرويات غزوة بدر ص182-183، رسالة ماجستير للدكتور أحمد بن محمد العليمى.(7/3329)
[2396-] قلت: رجل قذف ابنه؟
قال: لا يحدّ. 1
قلت: وإن 2 قذف أباه؟
__________
1 قال ابن قدامة: وإذا قذف ولده، وإن نزل لم يجب الحدّ عليه، سواء كان القاذف رجلاً، أو امرأة.
المغني 8/219، والكافي 4/217، والإقناع 4/259، وكشاف القناع 6/104 والمحرّر 2/94.
وقال المرداوي: لا يحدّ والد لولده على الصحيح من المذهب، ونصّ عليه في الولد في رواية ابن منصور، وأبي طالب. الإنصاف 10/202.
2 في النسخة العمرية سقط لفظ "و".(7/3330)
قال: يحدّ، ويقاد منه. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2397-] قلت: عبد قتل حراّ، أو حرّ قتل عبداً؟
قال: أما العبد فيقتل بالحر، وإن اعتقه المقتول لا يكون عتيقاً، إنما له العفو، فإذا عفا عنه رجع إلى سيّده. 3
__________
1 قال البهوتي: ويحدّ الابن بقذف كل واحد من آبائه وأمّهاته وإن علوا لعموم الآية، وكما يقاد بهم. كشاف القناع 6/105، والاقناع 4/259.
قال المرداوي: ويحدّ الابن بقذف كل واحد منهم على الصحيح من المذهب،
الإنصاف 10/202.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا قذف أباه أو جده، أو أحداً من أجداده أو جداته بالزنى أن عليه الحد.
الاجماع ص113، الأوسط، كتاب الحدود 2/800.
2 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/800، وابن حزم في المحلى 11/295، وابن قدامة في المغني 8/ 219.
3 قال ابن قدامة: ويقتل العبد بالحرّ، ويقتل بسيده، لأنه إذا قتل بمثله فبمن هو أكمل منه أولى، مع عموم النصوص الواردة في ذلك. ومتى وجب القصاص على العبد فعفا ولي الجناية إلى المال، فله ذلك ويتعلق أرشها برقبته.
المغني 7/659، وكذا انظر: الكافي 4/5، الشرح الكبير 9/363، المقنع 3/345، المبدع 8/268.(7/3331)
قال إسحاق: كما قال، فإن أعتقه لم يجز عتقه، لأنّ له القود.
قال أحمد: والحرّ لا يقتل بالعبد.
قال إسحاق: كما قال. 1
[2398-] قلت: حرّ وعبد قتلا حرّاً؟
قال: يقتلان جميعاً. 2
[2399-] قلت: رجل قتل عبده؟
قال: لا يقتل به. 3
__________
1 تقدم تحقيق ذلك فيما مضى بمسألة، رقم (2390) .
2 قال ابن قدامة: إنّ الجماعة إذا قتلوا واحداً فعلى كلّ واحد منهم القصاص إذا كان كلّ واحد منهم لو انفرد بفعله وجب عليه القصاص.
المغني 7/671.
3 قال ابن المنذر: وممن قال: إن الرجل لا يقتل بعبده مالك والشافعي وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور والنعمان. الأوسط، كتاب الديات 1/58.
قال ابن قدامة: ولا يقتل السيّد بعبده في قول أكثر أهل العلم. المغني 7/659، والشرح الكبير 9/362، وكشاف القناع 5/525، وقال في الإنصاف: ولا يقتل حرّ بعبده، وقال المرداوي: هذا المذهب بلا ريب، وعليه الأصحاب. 9/469.(7/3332)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2400-] قلت: رجل وصبي قتلا كبيراً؟
قال: يقتل الكبير، ويكون نصف الدية على عاقلة الصغير. 2
قال إسحاق: لا، بل يصير 3 دية، على الصبي نصفه على عاقلته
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/58، والخطابي في معالم السنن 4/653.
2 قال ابن المنذر: كان أحمد بن حنبل يقول: في البالغ والصبي يقتلان الرجل قال: على الرجل القتل، وعلى عاقلة الصبي نصف الدية.
الأوسط، كتاب الديات 1/76، وكذا انظر: المغني 7/678، والفروع 5/634، والمبدع 8/260، والإنصاف 9/458.
والرواية الثانية عنه قال ابن هانئ: وسئل عن رجل وصبي قتلا رجلاً.
قال أبو عبد الله: عليهما الدية، ولا قود عليهما، يؤدّي الرجل نصف الدية، وعلى عاقلة الصبي نصف الدية.
مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/86، رقم 1542، وكذا برواية ابنه عبد الله ص410، رقم 1464، [] [] وبرواية أبي داود ص224، وصحح ابن قدامة هذه الرواية. المغني 7/677-678، وكذا انظر: الفروع 5/634، والمبدع 8/260، والإنصاف 9/458.
3 في النسخة العمرية بحذف لفظ "دية".(7/3333)
لأن عمده خطأ، وعلى الكبير النصف في ماله. 1
[2401-] قلت: قوم اجتمعوا على رجل، فأمسكه بعضهم، ففقأ بعضهم عينه؟
قال: هؤلاء شركاء تفقأ أعينهم، 2 وإذا كان في القتل يقتلون به. 3
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/77، وابن قدامة في المغني 7/677.
2 قال ابن قدامة: إن الجماعة إذا اشتركوا في جرح موجب للقصاص وجب القصاص على جميعهم.
المغني 7/674، والفروع 5/632، والمحرر 2/130، والإنصاف 10/29، وقال المرداوي: وهو المذهب قال المصنف والشارح: هذا أشهر الروايتين. وعنه: لا قصاص عليهم. المراجع السابقة.
3 قال أبو يعلى: إذا أمسك رجلاً، فجاء آخر فقتله، فهل على الممسك القود؟
على روايتين: نقل أبو طالب، وأحمد بن سعيد: يقتل القاتل، ويحبس الماسك حتىّ يموت. ونقل ابن منصور: يقتلان جميعاً.
الروايتين والوجهين 2/258، والمغني 7/755، والفروع 5/657، والقواعد لابن رجب، القاعدة السابعة والعشرون بعد المائة ص287، قال في الإنصاف: وإن أمسك إنساناً لآخر ليقتله فقتله، قتل القاتل، وحبس الممسك حتى يموت في إحدى الروايتين، وقال المرداوي معلقاً: وهو المذهب. 9/456.(7/3334)
قال إسحاق: كما قال سواء. 1
[2402-] قلت: رجل أصيب ذكره، [وعيناه] ، 2 ولسانه، وأنفه.
قال: في 3 كل شيء من هذا 4 الدية، 5 وإذا حلق رأس الرجل
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله، في: المغني 7/674.
2 في النسختين بلفظ "عينيه"، والصواب ما أثبته، لأنه مرفوع والمثنى يرفع بالألف.
3 في النسخة العمرية سقط لفظ "في".
4 في العمرية بإضافة لفظ "فيه" قبل لفظ "الدية".
5 قال عبد الله: سمعت أبي يقول: في اليدين الدية الكاملة، وفي العينين الدية الكاملة، وفي الرِجْلَينِ الدية أيضاً، وفي الأذنين الدية، وفي الحاجبين الدية، وفي الشفتين الدية، وفي الأنثيين الدية، وفي الذكر الدية، وفي الحشفة الدية.
وقال: كل شيء في الإنسان واحد، ففيه الدية: مثل الذكر، ومثل الأنف، وما كان اثنين ففيهما الدية، وفي إحداهما نصف الدية.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص422، رقم 1525،1524.
وقال ابن قدامة: إن كل عضو لم يخلق الله تعالى في الإنسان منه إلاّ واحداً كاللسان، والأنف، والذكر، والصلب ففيه دية كاملة، لأن إتلافه إذهاب منفعة الجنس، وإذهابها كإتلاف النفس، وما فيه منه شيئان: كاليدين: والرجلين، والعينين… ففيهما الدية كاملة لأن في إتلافهما إذهاب منفعة الجنس، وفي إحداهما نصف، لأن في إتلافه إذهاب نصف منفعة الجنس، هذه الجملة مذهب الشافعي، ولا نعلم فيه مخالفاً. المغني 8/1، والكافي 4/96، والمقنع 3/399.
روى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم "كتب إلى أهل اليمن كتاباً فيه الفرائض والسنن والديات، وفيه: وفي اللسان الدية، وفي الشفتين الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي الصلب الدية، وفي العينين الدية".
تقدم تخريجه فيما مضى بمسألة، رقم (2371) .(7/3335)
فلم ينبت فالدية، وفي الحاجبين الدية. 1
__________
1 قال ابن قدامة: وفي كل واحد من الشعور الأربعة الدية، وهي: شعر الرأس، واللحية، والحاجبين، وأهداب العينين.
انظر: المقنع 3/411، والمغني 8/10، والكافي 4/117، والفروع 6/32، والمحرر 2/141، والمبدع 8/389، والإقناع 4/219، وكشاف القناع 6/37.
وقال المرداوي معلقاً: هذا المذهب نص عليه، وعليه الأصحاب. الإنصاف 10/101.
والرواية الثانية عنه: أن في كل شعر حكومة. كما تقدم في المسالة، رقم (2376) .
روى ابن أبي شيبة عن سلمة بن تمام الشقري قال: مرّ رجل بِقِدْرٍ فوقعت على رأس رجل، فأحرقت شعره، فرفع إلى علي فأجله سنة، فلم ينبت، فقضى عليه بالدية كاملة.
[] مصنف ابن أبي شيبة 9/162-163، رقم 6926، ورواه عبد الرزاق في مصنفه 9/319، رقم 17374، وابن حزم في المحلى 10/433، وكذا روى ابن حزم عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: في الشعر الدية إذا لم ينبت.
وقال: قد جاء هنا عن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت ما لا يعرف عن أحد من الصحابة مخالفته. المحلى 10/433.
وروى عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب قال: في الحاجبين الدية، وفي أحدهما نصف الدية. مصنف عبد الرزاق 9/321، رقم 17379.
[] ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه 9/160-161، رقم 6918، وابن حزم في المحلى 10/430.(7/3336)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2403-] قلت: رجل [ع-100/ب] سرق، وشرب الخمر، ثم قتل؟
قال: كل شيء من حقوق الناس فإنه يقام عليه الحدّ ويقتص منه، ثمّ يقتل. 2
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/317، 345، 399 وابن حزم في المحلى 10/432،433.
والرواية الثانية عن إسحاق: أن في كل شعر من ذلك ففيه حكومة، تقدم في المسألة رقم (2376) .
2 قال ابن المنذر: قال أحمد: كل شيء من حقوق الناس فإنه يقام عليه الحدّ، ويقتص منه، ثم يقتل. الأوسط، كتاب الحدود 1/520.
وقال ابن هانئ سألت أبا عبد الله عن: الرجل تستجمع عليه حدود، قطع يد، أو رجل، وجراح؟ قال أبو عبد الله: إذا كانت لناس متفرقة حدود، وناس هم متفرقون أخذ بهم من الجاني. فقيل له: يقتل بعد ما جرح وقطع؟
قال: يأخذ الناس بقدر ما أصاب منهم، وإذا كانت حدود شيء في القتول، قطع رجل أو ذكر، وإذا كان لرجل واحد، قتل، فإنه يفتك به خشية القتيل.
مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/94، رقم 1583، كذا انظر: المغني 8/301، والفروع 6/61، والإقناع 4/249، وكشاف القناع 6/86، والإنصاف 10/165.(7/3337)
قال إسحاق: كما قال. 1 وما كان من حقوق الله [عزّ وجلّ] 2 فلا يقتص منه مثل السرقة، وشرب الخمر. 3
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله: حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/520، وابن نصر في تجريد المسائل 1/221.
2 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية.
3 قلت من الحدود التي هي حقّ لله تعالى، مثل:
أ- حدّ الزنى ب- وحدّ القتل للمحاربة، أو الردة. ج- وحدّ السرقة د- وحدّ شرب الخمر.
والتي هي حقّ للآدميين، مثل:
أ- حدّ القتل. ب- وحدود أنواع الجراح من قطع يد، أو ذكر وغيره من الجراح، وحد القذف مختلف فيه، هل هو حق خالص لله تعالى، أو للآدميين على الروايتين، فيقدم على محض حق الله تعالى.
وإذا اجتمع حدود الله تعالى، وحدود الآدميين فهي ثلاثة أنواع:
[1-] أن لا يكون فيها قتل، فهذه تستوفى كلها، ويبدأ بالأخف.
[2-] أن تجتمع حدود الله تعالى، وحدود الآدمي، وفيها قتل، فإن حدود الله تعالى تدخل في القتل، سواء كان من حدود الله تعالى، كالرجم في الزنى، والقتل للمحاربة، أو الردة، أولحق آدمي كالقصاص.
[3-] أن يتفق الحقان في محل واحد، ويكون تفويتاً، كالقتل والقطع قصاصاً واحداً، فإن كان فيه ما هو خالص لحق الله تعالى كالرجم في الزنى، وما هو حق لآدمي كالقصاص، قدم القصاص لتأكد حق الآدمي.
[] المغني 8/300-301، والمبدع 9/84، وتصحيح الفروع 6/62، والإنصاف 10/164-165.(7/3338)
[2404-] قلت: رجل قذف رجلاً، وقتل آخر عمداً.
قال: لا بد من أن يقام عليه الحد. 1
قال إسحاق: كما قال.
[2405-] قلت لأحمد: 2 يقتل المسلم بكافر؟
__________
1 في العمرية بلفظ "الحدود".
[] قال ابن مفلح: ولو زنى وشرب وقذف وقطع يداً قطع ثم حد لقذفه ثم لشربه، ثم للزنى. الفروع 6/61-62.
وهذه المسألة شبيهة بالتي قبلها.
روى عبد الرزّاق عن ابن عبّاس قال: إذا وجب على الرجل القتل، ووجبت عليه حدود، لم تقم عليه الحدود إلاّ الفرية، فإنه يحدّ، ثم يقتل. مصنف عبد الرزّاق 10/20، رقم 18226.
2 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".(7/3339)
قال: لا يقتل المسلم بكافر. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
__________
1 قال ابن هانئ: وسئل عن: الرجل المسلم يقتل الكافر؟ قال: لا يقتل به.
مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/88، رقم 1552.
قال ابن قدامة: أكثر أهل العلم لا يوجهون على مسلم قصاصاً بقتل كافر، أي كافر كان، روي ذلك عن عمر، وعثمان، وعلي، وزيد بن ثابت، ومعاوية رضي الله عنهم، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وعطاء والحسن وعكرمة، والزهري، وابن شبرمة.
المغني 7/652، وكذا انظر: الفروع 5/637، والمحرر 2/125.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب بلا ريب، وعليه الأصحاب. 9/469.
روى أبو جحيفة عن علي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لا يقتل مسلم بكافر".
أخرجه: الإمام أحمد في مسنده 1/79. والبخاري في الديات، باب لا يقتل المسلم بالكافر 8/47.
[] وهو في السنن الترمذي في الديات، باب ما جاء لا يقتل مسلم بكافر 4/24-25، رقم 1412.
وسنن ابن ماجة في الديات، باب لا يقتل مسلم بكافر 2/887، رقم 2658.
وسنن الدارمي في الديات، باب لا يقتل مسلم بكافر 1/586.
2 حكاه عنه الترمذي في سننه 4/25، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/46، وابن حزم في المحلى 10/350، والخطابي في معالم السنن 4/668، وابن قدامة في المغني 7/652، والعيني في عمدة القارئ 24/66.(7/3340)
[2406-] قلت: العمد السلاح؟
قال: العمد الحجر العظيم، وكل شيء فوق عمود الفسطاط 1 يقتل به، فما 2 دونه لا يقتل به. 3
__________
1 الفسطاط: بضمّ الفاء وكسرها: بيت من الشعر، وفيه لغات الفستاط والفسطاط، والجمع فساطيط.
انظر: الصحاح 3/1150، واللسان 7/371.
قلت: هو ما يعرف في وقتنا الحاضر بالخيمة.
2 في النسخة العمرية بلفظ "وما".
3 قال عبد الله سمعت أبي سئل: لو أن رجلاً ضرب رجلاً بخشبة، أو بحجر يريد قتله فقتله، أكان هذا عمدا؟ قال: إذا كان ما يضربه به أكثر من عمود الفسطاط، فهو عمد، وإذا كان بدون ذلك فليس بعمد، يذهب إلى حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم رواه المغيرة: " أن امرأة ضربت بعمود فسطاط، فلم يكن فيه قود".
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 424، رقم 1530.
كذا انظر: المغني 7/637، والفروع 5/622، والمحرر 2/122، والمبدع 8/243، والإنصاف 9/436.
قال المرداوي تعليقاً: الصحيح من المذهب أنه يشترط أن يكون الذي ضربه به بما هو فوق عمود الفسطاط، نص عليه، وعليه الأصحاب.
لما روى أبو هريرة، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما، قالا: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها، وما في بطنها. وفي بعض الروايات، رمتها بعمود الفسطاط، فاختصموا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن دية جنينها غرة عبد، أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتهما وورثها ولدها ومن معهم".
مسند الإمام أحمد 2/274. والبخاري في الديات، باب جنين المرأة، وأن العقل على الوالد وعصبته الوالد لا على الولد 8/46 عن أبي هريرة رضي الله عنه ومسلم في الديات، باب دية الجنين 2/1309، رقم 1681.(7/3341)
قال إسحاق: العمد بحجر، 1 أو بعمود الفسطاط، 2 أو دون العمود مما يقتل، فإن القود قائم في ذلك إذا تعمده، 3 ولو
__________
1 في العمرية بلفظ "بالحجر".
2 في العمرية بلفظ "فسطاط".
3 لما روى أنس رضي الله عنه "أن يهودياً قتل جارية على أوضاح لها بحجر، فقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حجرين". متفق عليه، وقد تقدم تخريجه برقم (2363) .
وروى حمل بن مالك قال: "كنت بين امرأتين فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها وجنينها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنينها بغرة، وأن تقتل بها".
سنن أبي داود في الديات، باب دية الجنين 4/698، رقم 4572، وسنن النسائي في القسامة، باب قتل المرأة بالمرأة 8/21، وسنن ابن ماجه في الديات، باب دية الجنين 2/882، رقم 2641، ونيل الأوطار 7/165، وقال الشوكاني: رواه الخمسة إلاّ الترمذي.
والمسطح: عمود من أعمدة الخباء، والفسطاط. الصحاح 1/375، واللسان 2/485.
قلت: لعل الفسطاط في تلك الأيام لم يكن على الحجم الذي نشاهده الآن فكان عموده صغيراً، وأما في هذا العصر فإنه واسع الحجم فعموده كبير يقتل غالباً.(7/3342)
أخطأ بحديدة لم يحل 1 القود به إذا علم ذلك.
[2407-] قلت: من قتل في عمية؟ 2
قال: الأمر العمي 3 العصبية لا يستبين ما وجهه. 4
قال إسحاق: إنما معنى هذا في تحارج [ظ-76/أ] القوم، وقتل بعضهم بعضاً يقول من مات فيها، أو قتل كان هالكاً، إلاّ أن يرحمه الله [عزّ وجلّ] 5 ولا يكون فيها قود، 6 ولا دية. 7
__________
1 في العمرية سقط لفظ "يحل"، ولا يستقيم المعنى بحذفه.
2 العميا: بالكسر والتشديد والقصر فعيلي من العمي كالرميا من الرمي وهي مصادر، والمعنى: أن يوجد بينهم قتيل يعمى أمره ولا يتبين قاتله.
النهاية 3/305، واللسان 15/98.
3 في العمرية بلفظ "الأعمى"، وكذا في تفسير القرطبي واللسان.
4 حكاه عنه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 5/330، وابن منظور في لسان العرب 15/97.
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
6 في العمرية بلفظ " قودا ".
7 حكاه عنه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 5/330، وكذا انظر: لسان العرب 15/97، وقد نسب ابن منظور هذا القول إلى أبي إسحاق حيث قال: قال أبو إسحاق: إنما معنى هذا في تحارج القوم، وقتل بعضهم بعضاً، يقول: من قتل فيها كان هالكاً.
قلت: والصواب هو قول الإمام إسحاق بن راهوية يفسر قول الإمام أحمد رحمه الله، ولعلّ الخطأ وقع من الطابع، والله أعلم.(7/3343)
[2408-] قلت: ما العاقلة؟ 1
قال: القبيلة، إلاّ أنهم يحملون بقدر ما يطيقون، 2
__________
1 العاقلة: جمع عاقل، وهي صفة موصوف محذوف- أي: الجماعة العاقلة- يقال: عقل القتيل، فهو عاقل: إذا غرم ديته.
قال الجوهري: عقلت القتيل: أعطيت ديته. وعقلت له دم فلان، إذا تركت القود للدية. وعقلت عن فلان- أي غرمت عنه جنايته-.
وقال ابن منظور: وأصل العقل: مصدر عقلت البعير بالعقال، أعقله عقلاً، وهو حبل تثنى به يد البعير إلى ركبته فتشد به. وقيل اشتقاقه من العقل وهو المنع، لأنهم يمنعون عن القاتل.
وعاقلة الرجل: عصبته، وهم القرابة من قبل الأب الذين يعطون دية من قتله خطأ.
[] المبدع 9/15، وكشاف القناع 6/59، والمطلع ص368، والصحاح 5/1770، واللسان 11/459-460.
2 قال ابن قدامة: واختلف أهل العلم فيما يحمله كل واحد منهم، فقال أحمد: يحملون على قدر ما يطيقون، فعلى هذا لا يتقدر شرعاً، وإنما يرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم، فيفرض على كل واحد قدراً يسهل، ولا يؤذي.
وعن أحمد رواية أخرى: أنه يفرض على الموسر نصف مثقال لأنه أقلّ مال يتقدر في الزكاة، فكان معتبراً بها، ويجب على المتوسط ربع مثقال، لأن ما دون ذلك تافه، لكون اليد لا تقطع فيه، والصحيح الأول، لما ذكرنا من أن التقدير إنما يصار إليه بتوقيف، ولا توقيف فيه.
[] المغني 7/788-789، والمقنع 3/426، والفروع 6/42، والمبدع 9/23-24.
وقال المرداوي معلقاً بعد ذكر الرواية الأولى: وهذا المذهب. وعليه الجماهير الأصحاب، ونص عليه.
وقال أبو بكر: يجعل على الموسر نصف دينار، وعلى المتوسط ربعاً، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله. الإنصاف 10/129.(7/3344)
فإن 1 لم يكن له عاقلة لم يجعل في ماله، ولكن يهدر عنه. 2
__________
1 في العمرية بلفظ "فإذا".
2 قال ابن المنذر: وكان أحمد بن حنبل يقول: إذا لم يكن له عاقلة لم يجعل في ماله، ولكن يهدر عنه.
الأوسط، كتاب الديات 2/512، وكذا انظر: الفروع 6/40، والمحرر 2/148.
وقال في الإنصاف: فإن لم يمكن، يعني أخذها من بيت المال، فلا شيء على القاتل، وقال المرداوي تعليقاً: وهو المذهب. وعليه أكثر الأصحاب، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله. الإنصاف 10/124.
وقال أبو يعلى: فيمن قتل ولا عاقلة له هل يكون دية المقتول في بيت المال…؟
فنقل أبو طالب: لا يكون في بيت المال، ويكون دمه هدراً. ونقل حنبل عنه: فيمن وجد قتيلا في زحام الناس في دخول البيت أو في يوم الجمعة، أو في الطواف: أن ديته في بيت المال. ونقل مهنا عنه: التفرقة إن مات في زحام البيت فدمه هدر، وإن مات في زحام الجمعة فهي في بيت المال.
[] الروايتين والوجهين 2/295-296.
لما روى عبد الرزّاق عن مالك، عن أبي الزناد، عن سليمان ابن يسار أن سائبة أعتقه بعض الحاجّ، كان يلعب هو ورجل من بني عائذ، فقتل السائبة العائذي، فجاء أبوه إلى عمر بن الخطاب يطلب بدم ابنه، فأبى عمر أن يديه. قال: ليس له مال، فقال العائذي: أرأيت لو أني قتلته؟
قال عمر: إذاً تخرجون ديته. قال: فهو إذا كأرقم إن يترك يلقم، وإن يقتل ينقم. قال: هو كالأرقم.
أخرجه الإمام مالك في الموطأ في العقول، باب ما جاء في دية السائبة وجنايته 2/876، وعبد الرزّاق في المصنف10/78، رقم 18425، وابن حزم في المحلى 11/63.(7/3345)
قال إسحاق: [كما قال] 1 إنما هو 2 على العاقلة، فإن 3 لم يكن له 4 عاقلة أصلاً، فإنه يكون على بيت المال، فلا تهدر الدية أصلاً، 5 لأن المديون يكون ما عليه في بيت المال، إذا لم يكن وفاء، ألا ترى أنه من قتل في زحام، أو مسجد جماعة،
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية.
2 في العمرية بلفظ "هذا".
3 في العمرية بلفظ "فإذا".
4 في العمرية سقط لفظ "له".
5 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/512.(7/3346)
فديته على بيت المال، لما 1 لا يدرى من قتله؟. 2
وكذلك إذا دري ولم يكن [له] 3 عاقلة، وله مال غرم في ماله.
[2409-] قلت: الدية من الإبل والشاء والذهب والفضة؟
قال: من الإبل مائة، ومن الشاء ألفا 4 شاة، ومن الذهب ألف دينار، ومن الورق اثنا عشر ألف [درهم] 5، أو قال: 6 من
__________
1 في العمرية العبارة بلفظ "إذا لم يدرا".
2 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 3/637، وابن منظور في اللسان 11/461.
روى عبد الرزّاق، عن الثوري، عن وهب بن عقبة العجلي، عن زيد بن مذكور الهمداني أن رجلاً قتل يوم الجمعة في المسجد في الزحام، فجعل عليٌّ ديته في بيت المال.
مصنف عبد الرزّاق 10/51، رقم 18316، وكذا راجع، رقم 18317، وهذا الأثر يدل على أن من قتل من المسلمين، ولم يعرف له قاتل، وجبت ديته من بيت مال المسلمين حتى لا يهدر دم امرئ مسلم.
3 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية.
4 في العمرية بلفظ "ألفي"، والصواب ما في الظاهرية لأنه مبتدأ وخبره الجار والمجرور قبله.
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
6 في العمرية بلفظ "ويقال".(7/3347)
البقر مائتا بقرة. 1
__________
1 قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على أن الإبل أصل في الدية، وأن دية الحر المسلم مائة من الإبل.
وظاهر كلام الخرقي أن الأصل في الدية الإبل لا غير، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد رحمه الله.
وقال القاضي: لا يختلف المذهب أن أصول الدية الإبل، والذهب، والورق، والبقر، والغنم، فهذه خمسة لا يختلف المذهب فيها. المغني 7/759.
وقال ابن مفلح: دية الحر المسلم مائة بعير، أو مائتا بقرة، أو ألفا شاة، أو ألف مثقال ذهباً، أو اثنا عشر ألف درهم، فهذه أصول الدية.
الفروع 6/16، المبدع 8/345، المحرر 2/144، الإقناع 4/209، الهداية للكلوذاني 2/93، وكشاف القناع 6/18.
قال المرداوي معلقاً: هذا المذهب. قال ابن منجا في شرحه: هذه الرواية هي الصحيحة في المذهب. قال الناظم: هذا المشهور من نص الإمام أحمد رحمه الله. الإنصاف 10/58.
لما روى عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتاباً، وفيه: "وفي النفس مائة من الإبل". تقدم تخريجه فيما سبق.
قال الألباني: هذا القدر منه ثابت صحيح، لأن له شاهداً موصولاً من حديث عقبة ابن أوس. إرواء الغليل 7/303.
لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن عمر قام خطيباً فقال: ألا إن الإبل قد غلت، قال: ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفاً، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة، قال: وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية.
سنن أبي داود في الديات، باب الدية كم هي 4/679، رقم 4542، والسنن الكبرى للبيهقي 8/77، المحلى لابن حزم 10/398، ومسند عمر بن الخطاب لابن كثير ص213، وقال ابن كثير: إسناده جيد وقوي، حجة في هذا الباب وغيره. وحسنه الألباني، إرواء الغليل 7/305.(7/3348)
قال إسحاق: 1 كما قال سواء وقرطس.
[2410-] قلت: أعور فقئت عينه الأخرى؟
قال [الإمام] 2 أحمد: [فيها] 3 الدية كاملة، وإن 4 كان خطأ فعليه الدية كاملة، لأنه لا بصر له غيرها.
وإن كان عمداً 5 فأحب أن يستقيد من إحدى عينيه، وله نصف الدية، وإن أحب أن يأخذ الدية كاملة فالدية 6
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله: حكاه عنه الترمذي 4/12، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/198، 201، 204، وابن حزم في المحلى 10/391.
2 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "فيه".
4 في العمرية بلفظ "فإن".
5 في العمرية بلفظ "عامداً".
6 في العمرية بلفظ "فله الدية".(7/3349)
كاملة. 1
__________
1 نقل أبو يعلى: قال في رواية ابن منصور: في صحيح فقأ عين أعور عمداً، فإن أحب أن يستقيد من إحدى عينيه فله نصف الدية، وإن أحب أخذ الدية كاملة.
الأحكام السلطانية ص277، وكذا انظر: المقنع 3/413، والفروع 6/32، والمحرر 2/141، وكشاف القناع [6/36-37،] والإنصاف 10/103، وقال المرداوي تعليقاً: وهو المذهب وعليه الأصحاب.
روى البيهقي من طريق شعبة عن قتادة قال: سمعت أبا مجلز قال: سألت عبد الله بن عمر عن الأعور تفقأ عينه الصحيحة؟ فقال: عبد الله بن صفوان وهو عند ابن عمر قضى فيها عمر بالدية كاملة، فقال: إنما أسألك يا ابن عمر، فقال: تسألني وهذا يحدثك أن عمر قضى فيها بالدية كاملة؟
[] مصنف ابن أبي شيبة 9/197-198، رقم 7064، ورقم 7060، ومصنف عبد الرزاق 9/331، رقم 17431، والسنن الكبرى للبيهقي 8/94، والمحلّى لابن حزم 10/418.
وقال الألباني: وهذا سند صحيح. إرواء الغليل 7/315.
وكذا روى عبد الرزاق عن سعيد عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي في رجل أعور فقئت عينه الصحيحة عمداً، قال: إن شاء أخذ الدية كاملة، وإن شاء فقأ عيناً، وأخذ نصف الدية.
رواه عبد الرزّاق في مصنفه 9/331، رقم 17432، وابن أبي شيبة في مصنفه 9/197، رقم 7062، والبيهقي في السنن الكبرى 8/94.
قال الألباني: إسناده صحيح. إرواء الغليل 7/316.(7/3350)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2411-] قلت: أعور فقأ عين رجل 2 صحيح؟
قال: لا يستقاد منه، وعليه الدية [كاملة] 3، 4 وإن كان خطأ
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/293، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 6/193، وابن قدامة في المغني 8/4، وكذا انظر: الشرح الكبير 9/614، وحاشية المقنع 3/413.
2 في العمرية سقط لفظ "رجل".
3 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية، والنسخة الظاهرية بلفظ "كاملاً"، والصواب ما أثبته، لأنه نعت لدية ولفظ الدية مؤنث.
4 قال عبد الله: سألت أبي عن الأعور يفقأ عين الصحيح؟ قال: لا يستقاد منه، وعليه الدية كاملةً.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 419، رقم 1509، وكذا انظر: الأوسط، كتاب الديات 2/296، والشرح الكبير 9/616، والفروع 6/33، والمبدع 8/392، والمحرر 2/141، وكشاف القناع 6/37.
وقال في الإنصاف: وإن قلع الأعور عين صحيح مماثلة لعينه الصحيحة فعليه دية كاملة، ولا قصاص، وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب، وهو من مفردات المذهب 10/103.
روي أن عثمان قضى في رجل أعور فقأ عين صحيح فقال: عليه دية عينيه ولا قود عليه.
أخرجه: مصنف عبد الرزّاق 9/333، رقم 17438، ورواه البيهقي في السنن الكبرى 8/94.
ولفظه: فلم يقتص منه، وقضى فيه بالدية كاملة.
وابن حزم في المحلى 10/421، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 6/194.(7/3351)
فعليه نصف الدية. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2412-] قلت: إن اسودت السن، أو رجفت، [ع-101/أ] ثم طرحت فنصف ندرتها 3؟ 4
__________
1 قال ابن قدامة: إن قلع الأعور عين صحيح خطأ فليس عليه إلاّ نصف الدية، لا أعلم فيه مخالفاً، لأن ذلك هو الأصل.
[] المغني 8/5، والمقنع 3/413، والفروع 6/32-33 والمبدع 8/392، وكشاف القناع 6/37.
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله: حكاه عنه الشوكاني في نيل الأوطار 7/215.
3 في العمرية: قدرها.
4 ندر الشيء يندر ندراً من، باب قعد: سقط، أو خرج من غيره، ومنه النوادر، وأندره غيره أي أسقطه، والاسم: الندرة بالفتح والضمّ.
[] انظر: الصحاح 2/825، والمصباح المنير 2/597-598.
ومراد السائل أن في هذه السن المسودة إذا قلعت نصف دية السن التي تقلع سليمة.(7/3352)
قال: الثلث.
قال إسحاق: كما قال شديداً.
[2413-] قلت: السن إن 1 اسودت؟ 2
قال: 3 ثم عقلها، فإن طرح بعد ذلك فله الثلث. 4
__________
1 في العمرية بلفظ "إذا".
2 في العمرية بلفظ "اسود".
3 في العمرية سقط لفظ "قال".
4 قال أبو يعلى: مسألة: إذا ضرب سن رجل فاسودت، هل يجب عليه جميع ديتها أم ثلث ديتها؟
فنقل ابن منصور: السن إذا اسودت، ثم عقلها، فإن طرحت بعد ذلك فله الثلث. ونقل أبو الحارث عنه: في السن إذا اسودت، فيها ثلث الدية. وقال أبو بكر: المسألة على روايتين: إحداهما تجتمع جميع الدية.
والثانية: تجب ثلث الدية.
قال أبو يعلى: وعندي أن المسألة ليست على ظاهرها، فالذي نقله أبو الحارث في السن السوداء ثلث الدية- يعني به إذا أتلفت بعد أن اسودت فيها ثلث الدية- كما في اليد الشلاء إذا قطعت وهذا فضل يأتي، ولم يرد به أنها إذا ضربت، واسودت فيها ثلث الدية. وقوله في رواية ابن منصور: "ثم عقلها" محمول عليه إذا اسودت وذهبت كل منافعها، حتى لا يقدر أن يعض بها شيئاً فيكون فيها جميع ديتها، كما لو ضرب يده فأشلها فإنه يجب فيها جميع ديتها، لأنه عطل جميع منافعها، وأما إذا اسودت مع بقاء منافعها ففيها حكومة لأجل الشين.
[] الروايتين والوجهين 2/275، وكذا انظر: المغني 8/39-40، والفروع 6/26، والمبدع 8/375، والإنصاف 10/89.
والرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله: أن في السن السوداء حكومة.
انظر: المغني 8/39، ورجحه ابن قدامة، وكذا الفروع 6/26، والمبدع 8/375، والإنصاف 10/88 وقال المرداوي معلقاً: وهذا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب.
روى عبد الرزّاق قال معمر: وبلغني أن قتادة قال عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن ابن عبّاس: أن عمر قضى في اليد الشلاء، والعين القائمة العوراء، والسن السوداء، في كل واحدة منهن ثلث ديتها.
مصنف عبد الرزّاق 9/334، رقم 17441، وراجع، رقم 17528، والبيهقي في السنن الكبرى 8/91، وابن حزم في المحلى 10/417 قال ابن حزم: وهذا هو الثابت عن عمر بن الخطاب، لاتصال سنده وجودة روايته.(7/3353)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2414-] قلت: الثديان؟
قال: في ثديي المرأة الدية كاملة، 2 وأرى في ثديي الرجل
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/332، وابن حزم في المحلى 10/417، وابن قدامة في المغني 8/39.
2 قال عبد الله سمعت أبي يقول: وفي ثديي المرأة إذا قطعا الدية.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 418، رقم 1500.
وكذا انظر: الفروع 6/24، والمبدع 8/369، والأحكام السلطانية ص276.
وقال ابن قدامة: ثديا المرأة ففيهما دية، لا نعلم بين أهل العلم خلافاً. المغني 8/30.(7/3354)
الدية. 1
قال إسحاق: كلاهما سواء، في كل واحد النصف. 2
[2415-] قلت: اليد إذا قطعت من الكف، ثم قطعت الذراع، ثم قطعت من الإبط؟
قال: إذا قطعت من الكف ففيها نصف الدية، 3 ثم ما قطع بعد
__________
1 وقال: أما ثديا الرجل- وهما الثندوتان- ففيهما الدية. المغني 8/31.
وكذا انظر: الفروع 6/24، والمقنع 3/400، والمبدع 8/369، والأحكام السلطانية ص276.
وقال المرداوي: ثندوتا الرجل فيهما الدية، كثندوتي المرأة. وهو صحيح، وهو من مفردات المذهب. الإنصاف 10/83.
2 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/387، وابن حزم في المحلى 10/454، وابن قدامة في المغني 8/31.
3 قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن في اليد نصف الدية. الإجماع ص118، والمغني 8/27.
قال ابن قدامة: وتجب دية اليد والرجل في قطعهما من الكوع والكعب.
المقنع 3/402، وكذا انظر: المبدع 8/370، والمحرر 2/138 والأحكام السلطانية ص276.
وقال المرداوي تعليقاً: وهو المذهب. نص عليه في رواية أبي طالب. الإنصاف 10/86.
لما روى عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب وفيه "وفي اليد الواحدة نصف الدية". وقد تقدم تخريج الحديث فيما مضى برقم (2371) .(7/3355)
ذلك ففيها الحكم. 1
قال إسحاق: كما قال، 2 ما كان بعد الكف ففيها حكومة.
__________
1 قال ابن قدامة: إذا قطع اليد من الكوع، ثم قطعها من المرفق وجب في المقطوع ثانياً حكومة، لأنه وجبت عليه دية اليد بالقطع الأول فوجبت بالثاني حكومة، كما لو قطع الأصابع، ثم قطع الكف. المغني 8/28.
قال البهوتي: وفي كف بلا أصابع حكومة، وفي ذراع بلا كف حكومة، وفي عضد بلا ذراع حكومة، قال المصنف في حاشية التنقيح: إنه المذهب، وقطع به في المبدع في مواضع.
والرواية الثانية: يجب ثلث ديته، قدمه في المبدع في موضع آخر وقطع به في التنقيح، وتبعه في المنتهى، وصححه في الإنصاف قال: وقد شبه الإمام أحمد ذلك بعين قائمة قال: وحكم الرِّجل حكم اليد في ذلك.
وقال البهوتي: مقتضى تشبيه الإمام أحمد له بعين قائمة وجوب حكومة فيها، كما هو الصحيح فيها.
كشاف القناع 6/46، التنقيح المشبع ص270، وغاية المنتهى 3/285.
2 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/363.(7/3356)
[2416-] قلت: اليد 1 والرجل سواء؟
قال: بلى سواء. 2
قال إسحاق: كما قال سواء، وعقلهما واحد في كل واحد [ة] 3 نصف الدية. 4
[2417-] قلت: الظفر إذا أعور؟ 5
__________
1 في العمرية بلفظ "المرأة"، والصواب ما في الظاهرية.
2 قال عبد الله: سمعت أبي يقول: وفي الرجلين الدية. وقال: كل شيء في الإنسان اثنين ففيهما الدية، وفي إحداهما نصف الدية.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص420، 422، رقم 1513، ورقم 1525 وكذا انظر: الفروع 6/24، والمبدع 8/370
قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على أن في الرجلين الدية، وفي إحداهما نصفها. وقال: وفي تفصيلها مثل ما ذكرنا من التفصيل في اليدين سواء.
المغني 8/35.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/412، وابن قدامة في المغني 8/35.
5 أعور: فهو من العوار: وهو العيب.
يقال سلعة ذات عوار بفتح العين، وقد تضم.
الصحاح 2/761، واللسان 4/617.(7/3357)
قال: خمس 1 [دية الأصبع] . 2
قال إسحاق: كما قال. 3
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية.
2 قال عبد الله سمعت أبي يقول: وفي الظفر إذا أعور خمس دية الأصبع. مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 416، رقم 1491.
وفي ظفر ولم يعد، أو عاد أسود خمس دية أصبع.
انظر: غاية المنتهى 3/281، وكذا انظر: الفروع 6/25، والمبدع 8/371، والهداية للكلوذاني 2/90.
وقال في الإنصاف: وفي الظفر خمس دية الأصبع. وقال المرداوي معلقاً: وهو بعيران، وهو صحيح، لا نزاع فيه، وهو من مفردات المذهب، وسواء كانت من يد أو رجل. الإنصاف 10/84.
روى عبد الرزّاق، عن الثوري، عن خالد الحذاء، عن عمرو بن هرم عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قال: "في الظفر إذا أعور خمس دية الأصبع".
مصنف عبد الرزّاق 9/393، رقم 17744، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه 9/220، رقم 2172، وكذا، رقم 7180 من طريق ابن علية، وابن حزم في المحلى 10/445.
3 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/379، وابن حزم في المحلى 10/445.(7/3358)
[2418-] قلت لأحمد: 1 حديث عمر رضي الله عنه في قصة الرجل الذي قتل؟ 2
قال: ما 3 أحسنه أن يدفعوا إليه الدية فإنما لهم نفسه. 4
قال إسحاق: كما قال
__________
1 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
2 لم أجد هذه المسألة فيما اطلعت عليه.
وهذه مقتضبة لم يفسر فيها الأثر المشار إليه، ووجدت أثراً لعله هو المقصود هنا، وهو ما ذكر ابن أبي شيبة من طريق وكيع قال: حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب قال: رأى رجل مع امرأته رجلاً فقتلها، فرفع إلى عمر فوهب بعض إخوتها نصيبه له، فأمر عمر سائرهم أن يأخذوا الدية.
مصنف ابن أبي شيبة 9/317، رقم 7621، وهو في السنن الكبرى للبيهقي 8/59، والمحلى لابن حزم 10/478.
وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط الشيخين. إرواء الغليل 7/281.
3 في العمرية سقط لفظ "ما".
4 قال ابن قدامة: الواجب بقتل العمد أحد شيئين: القصاص أو الدية في ظاهر المذهب.
وقال المرداوي: هذا المذهب المشهور المعمول به في المذهب، وعليه الأصحاب، وهو من مفردات المذهب.
انظر: المقنع 3/360، والإنصاف 10/3.(7/3359)
[2419-] قلت: يقتل الرجل بالمرأة؟
قال: يقتل الرجل بالمرأة، 1 وديتها على النصف. 2
__________
1 قال عبد الله سمعت أبي يقول: الرجل يقتل بالمرأة على حديث عمر وأنس. مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 407، رقم 1457.
وكذا انظر: المغني 7/679، والمقنع 3/345، والمبدع 8/267، والهداية للكلوذاني 2/75، وكشاف القناع [5/522-524.
] وقال المرداوي تعليقاً: وهو المذهب، وعليه الأصحاب. الإنصاف 9/469.
2 وقال ابن المنذر: وأجمعوا على أن القصاص بين المرأة والرجل في النفس، إذا كان القتل عمداً، وروي عن عطاء والحسن غير ذلك.
الإجماع ص114.
والرواية الثانية عنه: يعطى الذكر نصف الدية إذا قتل بالأنثى. المغني 7/679، والفروع 5/639، والمبدع 8/268، والهداية للكلوذاني 2/75.
لما روى أنس رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم "قتل يهودياً بجارية قتلها على أوضاح لها". متفق عليه. وقد تقدم تخريجه في المسألة، رقم (2363) .
قال عبد الله سمعت أبي يقول: دية المرأة على النصف من دية الرجل.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص419، رقم 1508.
قال ابن قدامة: قال ابن المنذر، وابن عبد البرّ: أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل.
الإجماع لابن المنذر ص116، والمغني 7/797، وكذا انظر: المقنع 3/390، والفروع 6/17، والمبدع 8/350، [] والهداية للكلوذاني 2/93-94، وكشاف القناع 6/20.
وقال في المقنع: ودية المرأة نصف دية الرجل.
وقال المرداوي معلقاً: بلا نزاع. الإنصاف 10/63.(7/3360)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2420-] قلت: ينتظر بالقود أن يبرأ صاحبه؟
قال: نعم. 2
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/23، 2/226، وابن قدامة في المغني 7/679، وانظر: حاشية المقنع 3/345.
2 قال ابن قدامة: ولا يجوز القصاص في الطرف إلا بعد اندمال الجرح في قول أكثر أهل العلم، منهم: النخعي، والثوري، وأبو حنيفة، ومالك والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وروي ذلك عن عطاء والحسن.
المغني 7/729، والموطأ 2/875، والأم 6/11، والاستذكار 6/39، والبحر الرائق 8/388، وكذا انظر: الفروع 5/657، والمبدع 8/325، وكشاف القناع 5/561.
وقال في المقنع: ولا يقتص من الطرف إلاّ بعد برئه.
وقال المرداوي تعليقاً: الصحيح من المذهب: أنه يحرم عليه أن يقتص من الطرف قبل برئه، وهو ظاهر كلام المصنف هنا، بل وظاهر كلام الأصحاب. قال في الفروع: ويحرم القود قبل برئه على الأصح. وعنه: لا يحرم. الإنصاف 10/31.
لما روى ابن أبي شيبة عن جابر -رضي الله عنه-: أن رجلاً طعن رجلاً بقرن في ركبته فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم يستقيد فقيل له: حتى تبرأ، فأبى وعجل، واستقاد، قال: فعنت رجله وبرئت رجل المستقاد منه، فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: "ليس لك شيء إنك أبيت".
مصنف ابن أبي شيبة 9/369، رقم 7834، وهو في السنن للدارقطني 3/89، والسنن الكبرى للبيهقي 8/66.
وقال الألباني: هذا سند صحيح على شرط الشيخين، إلا أنهم أعلوه بالإرسال.
إرواء الغليل 7/298.
والعنت: هو المشقة والفساد.
انظر: النهاية 3/306، واللسان 2/61.(7/3361)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2421-] قلت [لأحمد] : 2 الطبيب يبط 3 فيمات 4 في يده يغرم؟
قال: لا. إلاّ أن يتعدى. 5
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/152، وابن قدامة في المغني 7/729.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 بط الجرح يبطه بطاً: إذا شقه. والبط: هو شق الدمل والخراج ونحوهما.
النهاية 1/135، واللسان 7/261.
قلت: وهو ما يعرف الآن بإجراء العمليات الجراحية.
4 في النسخة العمرية بلفظ "فأماته" بالبناء للمعلوم.
5 قال ابن هانئ: سئل عن الطبيب أيضمن؟ قال: إذا علم أنه طبيب لا يضمن.
مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/89، رقم 1558.
قال ابن قيم الجوزية: طبيب حاذق أعطى الصنعة حقها، ولم تجن يده، فتولد من فعله المأذون فيه من جهة الشارع، ومن جهة من يطبه تلف العضو، أو النفس، أو ذهاب صفة، فهذا لا ضمان عليه اتفاقاً، فإنها سراية مأذون فيه، وهذا كما إذا ختن الصبي في وقت، وسنه قابل للختان وأعطى الصنعة حقّها، فتلف العضو أو الصبي، لم يضمن، وكذلك إذا بط من عاقل أو غيره ما ينبغي بطه في وقته على الوجه الذي ينبغي فتلف به، لم يضمن، وهكذا - سراية كلّ مأذون فيه لم يتعدّ الفاعل في سببها كسراية الحد بالاتّفاق. الطبّ النبوي ص139.(7/3362)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2422-] قلت: الذي يقتل خطأً فيهب للذي قتله؟
قال: يكون ذاك 2 في الثلث، وإذا 3 كان العمد فليس للمقتول شيء، إنّما هو قوده.
قال أحمد: إنه لم يجب له بعد شيء، إنما يجب القود بعد موته، ولكن إن 4 قطعت يده، أو جرح جرحاً فعفا عنه فهو جائز،
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/438.
2 في العمرية بلفظ "ذلك".
3 في العمرية بلفظ "فإذا".
4 في العمرية بلفظ "إذا".(7/3363)
وأما في النفس لا يجب شيء، إلا من بعد الموت. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
__________
1 قال ابن المنذر: قال أحمد بن حنبل في المقتول خطأً فيهب للذي قتله. قال: يكون ذلك في الثلث، وإذا كان العمد فإنما يجب القود بعد موته، أي ليس للمقتول شيء، إنما تجب النفس بعد الموت.
[] الأوسط، كتاب الديات 1/172، 173، وكذا انظر: المغني 7/750-751، والمبدع 8/304، والمحرر [2/134-135.
] قال في الإنصاف: وإن عفا عن قاتله بعد الجرح صح.
قال المرداوي تعليقاً: سواء كان بلفظ العفو، أو الوصية، وهو المذهب. وعنه: في القود: إن كان الجرح لا قود فيه إذا برئ صح، وإلا فلا.
قوله: "وإن أبرأه من الدية، أو وصى له بها، فهي وصية لقاتل هل تصح؟ على روايتين". قال المرداوي:
إحداهما: تصح. وهو المذهب، وتعتبر من الثلث.
[] والرواية الثانية: لا تصح. الإنصاف 10/10-12.
روى عبد الرزّاق عن معمر عن سماك بن الفضل قال: كتب عمر بن عبد العزيز أن لا يتصدق الرجل بديته، فإن قتل خطأً فالثلث من ذلك جائز إذا لم يكن له مال غيره.
المحلى لابن حزم 10/486، ومصنف ابن أبي شيبة 9/325، رقم 7656.
2 انظر: الأوسط لابن المنذر، كتاب الديات 1/172، 174، والمحلّى لابن حزم 10/487، والمغني لابن قدامة 7/751، والشرح الكبير 9/425.(7/3364)
[2423-] قلت: دية اليهودي والنصراني والمجوسي؟
قال: أما دية المجوسي فثمانمائة ليس فيه [كثير] 1 اختلاف. 2
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية، وهو الصواب، وفي النسخة الظاهرية بلفظ "كبير".
2 قال أبو بكر الخلال: إن أبا عبد الله قال: دية المجوسي ثمانمائة، وقال إبراهيم، وإسحاق بن منصور، ليس فيه كثير اختلاف.
وقال الأثرم: قال ما أقلّ ما اختلف الناس فيه.
[] أحكام أهل الملل ص140، وانظر: روايات بهذا المعنى 136-141.
وكذا انظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 414، رقم 1483، وبرواية ابن هانئ 2/86، رقم 1541، [] والمغني 7/796، والمحرر 2/145، والفروع 6/17-18، والمبدع 8/352، والأحكام السلطانية ص274، وكشاف القناع 6/21.
قال المرداوي معلقاً: بلا نزاع، وكذا الوثني، وكذا من ليس له كتاب كالترك ومن عبد ما استحسن كالشمس، والقمر، والكواكب، ونحوها. الإنصاف 10/65.
روى عبد الرزّاق عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن شعيب أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر بن الخطاب أن المسلمين يقعون على المجوس فيقتلونهم فماذا ترى؟ فكتب إليه عمر: إنما هم عبيد، فأقمهم قيمة العبد فيكم، فكتب أبو موسى بثمانمائة درهم، فوضعها عمر للمجوسي.
[] مصنف عبد الرزّاق 10/94-95، رقم 18484، وكنز العمال 7/304، رقم3523.
وذكر الدارقطني أثر عمرو بن شعيب الذي مرّ في تقويم الدية وقال في آخره: وجعل دية المجوسي ثمانمائة.
سنن الدارقطني 3/129.(7/3365)
وأما اليهودي، والنصراني فعلى النصف 1 من دية المسلم. 2
قلت: حديث من؟
__________
1 في النسخة العمرية بلفظ "نصف".
2 في النسخة العمرية بحذف لفظ "من".
قال عبد الله سمعت أبي سئل وأنا أسمع عن دية اليهودي والنصراني؟ فقال ستة آلاف، على النصف من دية المسلم.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 414، رقم 1481.
قال ابن قدامة رحمه الله: عن أحمد أنها ثلث دية المسلم، إلاّ أنه رجع عنها، فإن صالحاً روى عنه أنه قال: كنت أقول: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف، وأنا اليوم أذهب إلى النصف من دية المسلم، حديث عمرو بن شعيب، وحديث عثمان. المغني 7/793.
[] وكذا انظر: روايات بهذا المعنى في: أحكام أهل الملل للخلال 136-140.
وكذا انظر: المحرر 2/145، والفروع 6/17، والمبدع 8/352، والهداية للكلوذاني 2/93، وكشاف القناع 6/21.
وقال المرداوي معلقاً: وسواء كان ذمياً، أو مستأمناً، أو معاهداً.
هذا المذهب بلا ريب، وعليه جماهير الأصحاب. الإنصاف 10/64.(7/3366)
قال: حديث 1 عمرو 2 بن شعيب.
__________
1 روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "دية المعاهد نصف دية المسلم" - وفي لفظ- أن النبيّ صلى الله عليه وسلم "قضى أن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين" وهم اليهود والنصارى.
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/180، 183، 224.
وأبو داود في السنن في الديات، باب: في دية الذمي 4/707، رقم 4583.
والنسائي في السنن في القسامة، باب كم دية الكافر 8/45.
والترمذي في السنن في الديات، باب ما جاء في دية الكفار 4/25، رقم 1413 وقال الترمذي: حديث عبد الله بن عمرو في هذا الباب حديث حسن.
وابن ماجه في السنن في الديات، باب دية الكافر 2/838، رقم 2644.
وقال الألباني: فإن إسناده حسن على خلاف معروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. إرواء الغليل 7/307.
2 هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله، بن عمرو بن العاص القرشي السهمي، أبو إبراهيم المدني، الطائفي، تابعي، وثقه جمهور العلماء.
قال علي بن المديني: وعمرو بن شعيب عندنا ثقة، وكتابه صحيح.
وقال الذهبي: كان أحد علماء زمانه. توفي- رحمه الله- بالطائف سنة ثماني عشرة ومائة.
[] انظر ترجمته في: طبقات خليفة 286، والميزان 3/263، والجرح والتعديل 6/238، والتهذيب 8/48-55، وتهذيب الأسماء واللغات 1ق 2/28، وشذرات الذهب 1/155.(7/3367)
قال إسحاق: دية اليهودي والنصراني أربعة 1 آلاف ثلث 2 دية المسلم، ودية المجوسي ثمانمائة 3، لا شك 4 في ذلك.
[2424-] قلت: السلطان ولي من حارب الدين؟
قال: إذا خرج محارباً مثل هؤلاء الخرمية، 5 فما أصابوا في ذلك
__________
1 حكاه عنه الترمذي في سننه 4/26، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/237، وابن نصر في اختلاف العلماء 65/أ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 5/327، وابن قدامة في المغني 7/793، والتميمي في دلائل الأحكام 4/539، والمطيعي في تكملة المجموع 19/52.
لما روى عبد الرزّاق في مصنفه عن عمرو بن شعيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "فرض على كل مسلم قتل رجلاً من أهل الكتاب أربعة آلاف درهم". مصنف عبد الرزّاق 10/92، رقم 18474، والسنن الكبرى للبيهقي 8/101، ونصب الراية 4/365، وقال الزيلعي: إنه معضل.
2 في النسخة العمرية سقط لفظ "ثلث".
3 حكاه عنه الترمذي في السنن 4/26، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/241، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 5/327، والتميمي في دلائل الأحكام 4/539، وسليمان في حاشية المقنع 3/392.
4 في النسخة العمرية بلفظ "لا يشك"، والصواب ما في الظاهرية.
5 نسبة إلى بابك الخرمي، المنسوب إلى خرمة، على وزن سكرة من قرى فارس- والخرمية: يقولون بتناسخ الأرواح، والإباحة وقضاء الملذات، وانتهاك المحرمات.
[] انظر: البداية والنهاية 10/248، والفرق بين الفرق 266-268، ومعجم البلدان 2/362، والأديان والفرق [] والمذاهب المعاصرة ص 80-81.(7/3368)
فهو إلى السلطان. 1
قال إسحاق: كما قال، لا يجوز في ذلك عفو الأولياء، كذلك قتل 2 الغيلة، هو إلى السلطان.
__________
1 قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن السلطان ولي من حارب، فإن قتل محارب أخا امرئ أو أباه في حال المحاربة، فليس إلى طالب الدمّ من أمر المحارب شيء، ولا يجوز عفو ولي الدمّ، وأن القائم بذلك الإمام.
الإجماع ص111، والأوسط، كتاب الحدود 1/384.
ورواية الإمام أحمد نقلها ابن المنذر فقال: وقال أحمد: السلطان ولي من حارب الدين.
الأوسط، كتاب الحدود 1/386.
وقال ابن قدامة: إذا قتل وأخذ المال فإنه يقتل، ويصلب في ظاهر المذهب، وقتله متحتم، لا يدخله عفو. المغني 8/290، والشرح الكبير 10/306.
روى عبد الرزّاق عن ابن جريج قال: أخبرني عبد العزيز بن عمر عن عمر بن عبد العزيز أن في كتاب عمر بن الخطاب: والسلطان ولي من حارب الدين، وإن قتلوا أباه، أو أخاه، فليس إلى طالب الدم من أمر من حارب الدين وسعى في الأرض فساداً شيء.
[] مصنف عبد الرزّاق 10/111-112، رقم 18555، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/385 من طريق إسحاق عن عبد الرزّاق.
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله: حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/385.(7/3369)
[2425-] قلت: قاتلت الحرورية 1 ثمّ أخذوا مالاً؟ 2
قال: كلّما [أصابوا] 3 من شيء في ذلك فهو عليهم. 4
__________
1 الحرورية: اسم يطلق على الخوارج، وسموا بذلك، لأنهم خرجوا على أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه-، واجتمعوا بحروراء، وهي قرية بجوار الكوفة، فنسبوا إليها، وبها كان أول اجتماع لهم، فقاتلهم علي رضي الله عنه بالنهروان، فما انفلت منهم إلاّ أقلّ من عشرة، وما قتل من المسلمين إلاّ أقلّ من عشرة.
[] انظر: الملل والنحل للشهرستاني 1/115-116، وبيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية لابن تيمية [1/5،] والفرق والمذاهب المعاصرة ص103، وراجع لمعرفة عقائدهم: الإبانة عن أصول الديانة ص 86-87.
2 في العمرية بحذف لفظ "مالاً".
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية وفي الظاهرية بلفظ "أصاب"، والصواب ما أثبته.
4 قال أبو يعلى: إذا أتلف أهل البغي مالاً على أهل العدل، أو قتلوا منهم في حال الالتحام، هل هو مضمون عليهم أم لا؟
فنقل الأثرم، وأحمد بن أبي عبيدة، أنه أخذ بحديث الزهري: أنه لا يقاد، ولا يؤخذ ما أتلف على تأويل القرآن إلا ما وجد بعينه، فظاهر هذا أنه ما لم يؤخذ بعينه فلا ضمان عليه في نفس ولا مال.
ونقل ابن منصور في الحرورية: إذا قاتلوا، وأخذوا فقال: كلما أصابوا من شيء فهو عليهم، فظاهر هذا أنه ضمنهم ما أصابوه في حال قتالهم.
[] الروايتين والوجهين 2/306، وكذا انظر: المبدع 9/164-165، والفروع 6/156، والمحرر 2/166.
وقال المرداوي تعليقاً: إحداهما: لا يضمنون، وهو المذهب. الإنصاف 10/316.(7/3370)
قال إسحاق: هو كذا. 1
[2426-] قلت: وصيف 2 سرق فشبر فوجد 3 ستة أشبار فقطع؟
قال: أما أنا فأقول 4 على ثلاثة 5 حدود: إذا أنبت، 6 أو بلغ [خمس] 7 عشرة، أو احتلم. 8
__________
1 في العمرية بلفظ "كذا هو".
2 الوصيف: الخادم غلاماً كان أو جارية. مختار الصحاح 724.
3 في العمرية بلفظ "وجد".
4 في العمرية بلفظ " أقول".
5 في ظ: "ثلاث".
6 الإنبات: هو أن ينبت الشعر الخشن حول ذكر الرجل، أو فرج المرأة الذي استحق أخذه بالموسى. المغني 4/509.
7 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وهي بلفظ "خمسة"، والصواب ما أثبته، وقد سقطت من الظاهرية.
8 قال عبد الله سئل أبي وأنا أسمع عما يوجب الحد؟ قال: الحدود ثلاثة: الاحتلام، وأن ينبت، وأن يبلغ خمس عشرة، وهذه حدود كلها قد رويت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، كل من بلغ هذه الحدود يحد، إن سرق أو زنى.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 432، رقم 1560، وكذا الأوسط، كتاب الحدود لابن المنذر 1/301، وسنن الترمذي 4/146، ومعالم السنن للخطابي 4/562.
وفي الإنصاف: والبلوغ يحصل بالاحتلام بلا نزاع، أو بلوغ خمس عشرة سنة، أو نبات الشعر الخشن حول القبل. هذا المذهب وعليه الأصحاب، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.. وقال: وتزيد الجارية بالحيض والحمل بلا نزاع، على الصحيح من المذهب 5/320.(7/3371)
قال إسحاق: كما قال. 1 والأشبار 2 هي 3 الخصلة الرابعة يحكم به، ويشبر بالشبر الذي يعرفه العوام، وإذا كان القصير قبل أن يعرف بلوغه فيشبر 4 نفسه. 5
__________
1 حكاه عنه الترمذي، قوله إنه يرى الإنبات بلوغاً إن لم يعرف احتلامه ولا سنه.
[] سنن الترمذي 4/146، وكذا ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/302-309، والخطابي في معالم السنن 4/562.
2 الشبر: بالكسر ما بين أعلى الإبهام وأعلى الخنصر. الصحاح 2/692، وتاج العروس 3/288.
3 في العمرية بلفظ "من"، وما في الظاهرية أجود.
4 في العمرية بلفظ "شبر".
5 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: وذكر إسحاق بن راهوية ستة أشبار، قال: الأشبار هي الخصلة الرابعة يحكم به، ويشبر بالشبر.
الأوسط، كتاب الحدود 1/315.
روى عبد الرزّاق عن ابن جريج قال: سمعت عبد الله بن أبي مليكة يقول: أتي ابن الزبير بوصيف لعمر بن عبد الله بن أبي ربيعة قد سرق، فأمر به ابن الزبير فشبر، فوجد ستة أشبار فقطعه، وأخبرنا عند ذلك ابن الزبير: أن عمر بن الخطاب كتب إلى العراق في غلام من بني عامر يدعى نميلة سرق وهو غلام، فكتب عمر: أن أشبروه، فإن بلغ ستة أشبار فاقطعوه، فشبروه فنقص أنملة فتركوه، فسمي نميلة، فساد بعد أهل العراق. مصنف عبد [] [] الرزّاق 10/188، رقم 18737، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه 9/486-487، رقم 8206 من طريق محمد بن بكر عن ابن جريج مختصراً.
وذكر البوصيري حديث ابن الزبير وقال: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. إتحاف الخيرة المهرة 3/44/2.(7/3372)
[2427-] قلت: امرأة استعارت شيئاً كاذبة فكتمته؟
قال: إن المعنى أنها 1 كانت تستعير وتجحد، ولا أعلم شيئاً يدفعه. 2
__________
1 في العمرية بلفظ "إنما".
2 قال عبد الله: سمعت أبي سئل عن المستعير إذا جحد؟ قال: إذا استعار، ثمّ جحد، ثمّ أقرّ قطعه على الحديث.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 429، رقم 1549.
وقال ابن قدامة: واختلفت الرواية عن أحمد في جاحد العارية، فعنه: عليه القطع. وهو قول إسحاق. قال أحمد: لا أعرف شيئاً يدفعه.
وقال المرداوي: وعنه: يقطع جاحد العارية. وهو المذهب. ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله قال في الفروع: نقله، واختاره الجماعة.
[] المغني 8/240-241، والفروع 6/134، والأحكام السلطانية ص267، والمحرر 2/156، والهداية للكلوذاني 2/105، والإنصاف 10/253.
وقال الثوري، وأبو حنيفة، وأهل الكوفه، ومالك ومن تبعه من أهل المدينة والشافعي، وأصحابه: لا قطع على جاحد العارية، وهو رواية ثانية عن الإمام أحمد.
وقال ابن قدامة: وهو الصحيح إن شاء الله تعالى.
انظر: الأمّ 6/151، وشرح معاني الآثار 3/172، والأوسط، كتاب الحدود 1/170، والاستذكار 6/13، والمغني 8/241، وفتح القدير 5/373.
وقال ابن المنذر: وأجمعوا على أن المرء إذا استعار الشيء، ثمّ جحده، أن لا قطع عليه، وانفرد إسحاق، فقال: عليه القطع. وقال أحمد: لا أعلم شيئاً يدفعه. الإجماع ص110.(7/3373)
قال إسحاق: كما قال، تقطع يدها. 1
[2428-] قلت لأحمد: 2 الرجل 3 الذي قال [ع-101/ب] للنبيّ صلى الله عليه وسلم:
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/117، وابن عبد البرّ في الاستذكار 6/13، والحافظ في الفتح 12/90، والبغوي في شرح السنة 10/322، وابن قدامة في المغني 8/240، والصنعاني في العدّة 4/370، وابن الهمام في فتح القدير 5/373.
2 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
3 قال الحافظ ابن حجر: اسم هذا الرجل: هو ضمضم بن قتادة، ذكره عبد الغني بن سعيد في كتاب الغوامض - وفيه -: فقدم عجائز فأخبرن أن له جدّة سوداء. فتح الباري 9/443.
وانظر: تحفة الأحوذي 6/326، وحاشية سنن أبي داود 2/695.(7/3374)
ولدت امرأتي غلاماً 1 أسود. 2
قال أحمد: إنّما هذا شكّ في ولده، [ظ-76/ب] ولم يرم 3 امرأته بشيء. 4
__________
1 في العمرية بلفظ "غلام"، والصواب ما في الظاهرية.
2 روى البخاري ومسلم، عن أبي هريرة: "أنّ أعرابياً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إنّ امرأتي ولدت غلاماً أسود وإنّي أنكرته، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: هل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: "ما ألوانها؟ " قال: حمر. قال: "فهل فيها من أورق؟ " قال: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأنّى هو؟ " قال: لعلّه، يا رسول الله، يكون نزعه عرق له. فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: "وهذا لعلّه يكون نزعه عرق له".
أخرجه: البخاري في الحدود -، باب ما جاء في التعريض 8/31، وفي الطلاق، باب إذا عرض بنفي الولد 6/178، ومسلم في اللعان 2/1137، رقم 1500.
3 في العمرية بلفظ "يرمي"، والصواب ما أثبته، وهي من الظاهرية.
4 نقل ابن المنذر عن الإمام أحمد فقال: وكان أحمد يقول: معنى هذا الحديث أنّ الرجل شكّ في ولده، ولم يرم امرأته بشيء، وكذلك قال إسحاق.
الأوسط، كتاب الحدود 2/866.
وقال ابن القيم: وأمّا الذي قال: يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فليس فيه ما يدلّ على القذف، لا صريحاً، ولا كنايةً، وإنّما أخبره بالواقع مستفتياً عن حكم هذا الولد: أيستلحقه مع مخالفة لونه للونه أم ينفيه؟ فأفتاه النبيّ صلى الله عليه وسلم وقرب له الحكم بالشبه الذي ذكره، ليكون أذعن لقبوله، وانشراح الصدر له، ولا يقبله [] على إغماض. إعلام الموقعين 3/128-129.
وقال في الإنصاف 10/210: وإن أتت بولد يخالف لونهما: لم يبح نفيه بذلك. هذا المذهب، وعليه الأصحاب.(7/3375)
قال إسحاق: كما قال، ولا حدّ. 1
[2429-] قلت: رجل أفزع رجلاً فضرط أو أحدث؟
قال: ما أعرف فيه إلاّ حديث ابن المسيّب عن عثمان رضي الله عنه الذي جعل فيه ثلث الدية. 2
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/866.
2 روى ابن أبي شيبة، قال حدّثنا يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد: أنّ رجلين من الأعراب اختصما بالمدينة في زمن عمر بن عبد العزيز، فقال أحدهما لصاحبه: ضربته - والله - حتّى سلح، فقال: اشهدوا فقد - والله - صدق، فأرسل عمر بن عبد العزيز إلى سعيد بن المسيّب فسأله عن رجل ضرب رجلاً حتّى سلح، هل في ذلك أثر مضى، أو سنة؟ قال سعيد: قضى فيها عثمان بثلث الدية.
مصنّف ابن أبي شيبة 9/338، رقم 7706، ورواه عبد الرزّاق في مصنّفه 10/24، رقم 18244 مختصراً من طريق الثوري عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيّب: أنّ عثمان قضى في الذي يضرب حتّى يحدث بثلث الدية. وابن حزم في المحلّى 10/459 من طريق ابن أبي شيبة.(7/3376)
[قال] : 1 لا أعرف فيه 2 شيئاً يدفعه إذا وطئ بطنه. 3
قال إسحاق: كما قال. 4
[2430-] قلت: رجل مسلم وُجِدَ في بيته خمر؟
قال: يهراق الخمر، ويؤدّب على ذلك، 5 فإذا 6 كانت تجارته
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 في العمرية سقط لفظ "فيه".
3 نقل ابن المنذر قول الإمام أحمد فقال: وذكر أحمد حديث عثمان هذا ثمّ قال: لا أعرف شيئاً يدفعه إذا وطئ بطنه، وكذلك قال إسحاق. الأوسط، كتاب الديات 2/474.
قال ابن قدامة: ومن ضرب إنساناً حتّى أحدث، فإنّ عثمان رضي الله عنه قضى فيه بثلث الدية، وقال أحمد: لا أعرف شيئاً يدفعه، وبه قال إسحاق، وإنّما ذهب من ذهب إلى إيجاب الثلث لقضية عثمان، لأنّها في مظنّة الشهرة، ولم ينقل خلافها، فيكون إجماعاً، ولأنّ قضاء الصحابي بما يخالف القياس يدلّ على أنه توقيف، وسواء كان الحدث ريحاً، أو غائطاً، أو بولاً، وكذلك الحكم فيما إذا أفزعه حتّى أحدث. المغني 7/835.
4 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/474، وابن قدامة في المغني 7/835.
5 في العمرية بلفظ "ذاك".
6 في العمرية بلفظ "وإذا".(7/3377)
يحرق بيته، كما فعل عمر رضي الله عنه برويشد 1. 2
قال إسحاق: كما قال.
[2431-] قلت: 3 امرأة شربت دواء فأسقطت جنينها؟
قال 4: إن كانت تعمدت فأحبّ [إليّ] 5 أن تعتق رقبة، وإن أسقطت 6 حيّاً ثمّ مات، فالدية على عاقلتها لأبيه، ولا يكون
__________
1لم أجد ترجمة رويشد.
2 روى القاسم بن سلام من طريق يحيى بن سعيد، عن عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر قال: وجد عمر في بيت رجل من ثقيف شراباً فأمر به فأحرق، وكان يقال له رويشد، فقال له: أنت فويسق.
[] كتاب الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام ص137، ورواه عبد الرزّاق في مصنّفه 9/229-230، رقم 17035، 17039.
والخبر منقطع لم يوصله إلى ابن عمر.
وكذا ذكر ابن القيم: قال مالك: حدّثني الليث أن عمر بن الخطّاب حرق بيت رويشد الثقفي، لأنّه كان يبيع الخمر، وقال له: أنت فويسق، ولست رويشد.
الطرق الحكمية ص279.
3 في العمرية سقط لفظ "قلت".
4 في العمرية سقط لفظ "قال".
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
6 العمرية بلفظ "سقط" وحذف لفظ "حياً".(7/3378)
لأمّه شيء، لأنّها القاتلة. 1
__________
1 نقل ابن رجب قول الإمام أحمد رحمه الله فقال: قال أحمد في رواية ابن منصور في امرأة شربت دواء فأسقطت: إن كانت تعمدت فأحب إلي أن يعتق رقبة، وإن سقط حيّاً ثمّ مات فالدية على عاقلتها لأبيه، ولا يكون لأمّه شيء، لأنّها القاتلة.
القواعد ص185، القاعدة الرابعة والثمانون.
قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عمن لزمته الغرة يعتق معه؟ قال: نعم هي نفس، عليه الغرة ويعتق. مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود ص224.
قال الخرقي: وإذا شربت الحامل دواء فأسقطت به جنيناً، فعليها غرة، لا ترث منها شيئاً، وتعتق رقبة. مختصر الخرقي ص181.
قال ابن قدامة: ليس في هذه الجملة اختلاف بين أهل العلم نعلمه.. ولا ترث من الغرة شيئاً، لأنّ القاتل لا يرث المقتول، وتكون الغرة لسائر ورثته، وعليها عتق رقبة. المغني 7/816، وكذا انظر: الفروع 6/41.
لقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} سورة النساء، آية 92.
روى ابن حزم عن إبراهيم النخعي أنّه قال في امرأة شربت دواء فأسقطت، قال: تعتق رقبة، وتعطي أباه غرة. المحلّى 11/31.
وقال ابن حزم: هذا الأثر في غاية الصحّة.
وكذا روى عبد الرزّاق أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لعلي بن أبي طالب في شأن الجنين الذي سقط من بطن أمّه حيّاً ثمّ مات، بسبب خوفها من عمر: أقسمت عليك ألا تبرح حتّى تقسم ديته على قومك. وفي رواية: في قريش.
[] مصنّف عبد الرزّاق 9/458، رقم 18010، وانظر: نصب الراية 4/398، والمحلّى 11/47-48، والأثر منقطع.(7/3379)
قال إسحاق: كما قال.
[2432-] قلت: فإن شربت عمداً؟
قال: هو شبه العمد شربت ولا تدري تسقط، أو 1 لا تسقط، عسى 2 أن لا تسقط، الدية على العاقلة. 3
قال إسحاق: كذلك هو.
[2433-] قلت: القاذف إذا تاب تقبل شهادته؟
__________
1 في العمرية بلفظ "أم".
2 في العمرية سقط الجملة الآتية "عسى أن لا تسقط".
3 نقل ابن رجب قول الإمام أحمد رحمه الله فقال: قيل له: فإن شربت عمداً؟ قال: هو شبه العمد، شربت ولا تدري يسقط أم لا، عسى ألا يسقط، الدية على العاقلة.
وقال ابن رجب: والظاهر أنّه لم يجعله عمداً للشكّ في وجوده، لا للشكّ في الإسقاط بالدواء، لأنّه قد يكون الإسقاط معلوماً كما أنّ القتل بالسمّ ونحوه معلوم، ومن هذه الرواية أخذ الأصحاب رواية وجوب الكفّارة بقتل العمد، ولا يصحّ ذلك، فإنّه صرّح بأنّه ليس بعمد، وإنّما هو شبه العمد. القواعد ص185، القاعدة الرابعة والثمانون.
قلت: لكن العبارة ظاهرة أنّ الشكّ في الإسقاط.(7/3380)
قال: نعم. ولكن توبته أن يكذب نفسه.
قلت: يضرب؟
قال: لا. إذا كان أقيم عليه الحدّ لا يضرب، وتقبل شهادته. 1
__________
1 قال عبد الله: سمعت أبي يقول: القاذف إذا تاب قبلت شهادته، قيل جلد أو لم يجلد؟ قال: نعم، يذهب أبي إلى قول عمر، وتوبته أن يكذب نفسه، أن يتوب ممّا قذف به.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 437، رقم 1581.
قال ابن قدامة: فإن تاب لم يسقط عنه الحدّ، وزال الفسق بلا خلاف، وتقبل شهادته عندنا. المغني 9/197.
وقال في موضع آخر: ظاهر كلام أحمد والخرقي أنّ توبة القاذف إكذاب نفسه، فيقول: كذبت فيما قلت، وهذا منصوص الشافعي، واختيار الاصطخري من أصحابه، وقال ابن عبد البرّ: وممّن قال هذا سعيد بن المسيّب وعطاء، وطاووس، والشعبي، وإسحاق، وأبو عبيد وأبو ثور. المغني 9/199، والفروع 6/569.
قال في الإنصاف: وتوبته أن يكذب نفسه. هذا المذهب نصّ عليه لكذبه حكماً ... وقيل: إن علم صدق نفسه، فتوبته أن يقول: "وندمت على ما قلت، ولن أعود إلى مثله، وأنا تائب إلى الله تعالى منه" قلت: وهو الصواب.
قال الزركشي: وهو حسن. وقال: واختار أبو محمّد في المغني أنّه إن لم يعلم صدق نفسه فكالأوّل، وإن علم صدقه، فتوبته الاستغفار، والإقرار ببطلان ما قاله، وتحريمه، وأن لا يعود إلى مثله. الإنصاف 12/59.
لقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} سورة النور - آية 5.
روى عبد الرزّاق عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب قال: شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة بالزنى، ونكل زياد فحد عمر الثلاثة، وقال لهم: "توبوا تقبل شهادتكم" فتاب رجلان، ولم يتب أبو بكرة فكان لا يقبل شهادته.
مصنف عبد الرزّاق 7/384، رقم 13564. وهو عند ابن حزم في المحلى 11/259، والبيهقي في السنن الكبرى 8/235 من طريق علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة.
قال الألباني: إسناده صحيح. إرواء الغليل 8/28.(7/3381)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2434-] قلت: على من قذف أهل الذمة حد؟
قال: أدب. 2
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن قدامة في المغني 9/197، 199، وابن حزم في المحلى 9/432.
2 الأدب: هو التعزير، وهو واجب في كل معصية لا حدّ فيها، ولا كفارة. الإقناع 4/268.
قال أبو بكر الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم، قال حدّثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبد الله: على من قذف أهل الكتاب حدّ؟ قال: أدب. أحكام أهل الملل ص117.
وكذا انظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 425، رقم 1535، الهداية للكلوذاني 2/55، والأحكام السلطانية ص270.
وقال المرداوي: الكافر غير محصن، فلا يحدّ بقذفه، وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. الإنصاف 10/203.(7/3382)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2435-] قلت: إذا سرق، ثمّ سرق، ولم يحدّ؟
قال: حداً 2 واحداً ما لم يقم عليه الحدّ. 3
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/773.
2 في العمرية بلفظ "حدّ واحد"، بحذف الألف الممدودة.
3 قال ابن قدامة: وإذا سرق مرات قبل القطع أجزأ قطع واحد عن جميعها، وتداخلت حدودها، لأنّه حدّ من حدود الله تعالى فإذا اجتمعت أسبابه تداخل، كحدّ الزنا.
المغني 8/262، والشرح الكبير 10/284، وكشّاف القناع 6/144 وكذا راجع المغني 8/213.
قال القاضي أبو يعلى: إذا تكررت منه السرقة ولم يقطع فهل يقطع لكل مرّة؟ نقل مهنا عنه: إذا سرق مرّة، ثمّ سرق مرة أخرى، ولم يقطع، ثمّ أتي به الإمام يقطع يداً واحدةً، فظاهر هذا أنه يقطع مرة واحدة. ونقل صالح عنه فيمن سرق من جماعة شيئاً: فإن جاؤوا متفرّقين قطع لكل واحد منهم، فإذا جاؤوا جميعاً قطع لهم قطع.
وجه الأولى: -وهي الأصح- واختاره أبو بكر أنّها حدود الله تعالى ترادفت، فتداخلت كحدّ الزنى والشرب. الروايتين والوجهين 2/335.
وقال ابن المنذر: وأجمعوا على أن السارق إذا سرق مرّات، إذا قدم إلى الحاكم في آخر السرقات، أن قطع يده يجزئ عن ذلك كله.
الإجماع ص110، والأوسط، كتاب الحدود 1/213.(7/3383)
قال إسحاق: حداً واحداً إلاّ أن يكون قطع، ثمّ سرق، وكذلك إن سرق رجل من آخر قد سرق [سرقة] 1 فإن هذا 2 يقطع، لأنّه سارق أيضاً. 3
[2436-] قلت: تقطع اليد في ثمن ثلاثة دراهم؟
قال: بلى 4 كلّما احتاج
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 في الظاهرية بإضافة لفظ "لا" بعد لفظ "هذا"، والصواب حذفه كما في العمرية، بدليل التعليل بعده، وهو قوله "لأنّه سارق أيضاً".
ومذهب الإمام إسحاق رحمه الله: أنّ السارق إذا سرق من السارق تقطع يده.
3 ذكر قول الإمام إسحاق: أنّ السارق مرات، إذا قدم إلى الحاكم في آخر السرقات، أن قطع يده تجزئ من ذلك كلّه.
ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/213، وابن قدامة في المغني 8/213.
4 اختلفت الرواية عن أحمد في قدر النصاب الذي يجب القطع بسرقته، فروى عنه أبو إسحاق الجوزجاني أنّه ربع دينار من الذهب، أو ثلاثة دراهم من الورق، أو ما قيمته ثلاثة دراهم من غيرهما، وهذا قول مالك وإسحاق.
وروى عنه الأثرم أنّه إن سرق من غير الذهب والفضّة ما قيمته ربع دينار أو ثلاثة دراهم قطع، فعلى هذا يقوم غير الأثمان بأدنى الأمرين من ربع دينار، أو ثلاثة دراهم.
وعنه أنّه الأصل الورق، ويقوم الذهب به، فإن نقص ربع دينار عن ثلاثة دراهم لم يقطع سارقه.
المغني 8/242، والشرح الكبير 10/249، وكذا انظر: الهداية للكلوذاني 2/103، والمحرّر 2/157، والمبدع 9/120، والمذهب الأحمد ص187، والروايتين والوجهين 2/331، والإنصاف 10/262.
قال المرداوي: وعنه أنّه ثلاثة دراهم، أو ربع دينار، أو ما يبلغ قيمة أحدهما من غيرهما، يعني: أنّ كلاًّ من الذهب والفضّة، أصلٌ بنفسه، وهذه الرواية هي المذهب. قال في الكافي: هذا أولى.(7/3384)
[إلى] 1 أن يقوم فعلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما ثلاثة دراهم، 2 لأنّ الحجفة 3 قومت ثلاثة دراهم،
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 روى ابن عمر رضي الله عنهما "أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قطع سارقاً في مجن قيمته ثلاثة دراهم" -وفي بعض الروايات- "ثمنه ثلاثة دراهم".
رواه البخاري في الحدود، باب في كم يقطع 8/17، ومسلم في الحدود، باب حدّ السرقة ونصابها 2/1313، رقم 1686.
3 الحجفة: والجمع حجف، يقال للترس إذا كان من جلود ليس فيه خشب، ولا عقب (والعقب: العصب، وعقب القوس لوى شيئاً منها عليها) .
الصحاح 4/1341، والقاموس 1/110، واللسان 9/39، 1/623.(7/3385)
وإذا 1 سرق ذهباً فربع دينار، 2 وإذا سرق فضّةً فثلاثة دراهم.
قال إسحاق: كما قال سواء. 3
[2437-] قلت لأحمد: 4 إذا قطع ذكره، وأنفَه، ويديه، ورجليه، ونحوهما؟
قال: إذا قطع ذكره، وأنفَه، ويديه، ورجليه، فإن 5 كان في
__________
1 في العمرية بلفظ "فإذا".
2 لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: "قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "وتقطع اليد في ربع دينار فصاعداً".
[] رواه البخاري في الحدود، باب في كم يقطع 8/16-17، ومسلم في الحدود، باب حدّ السرقة ونصابها 2/1312، رقم 1684.
3 قول الإمام إسحاق رحمه الله تعالى حكاه عنه المروزي في اختلاف العلماء 82/أ، والترمذي في سننه 4/51، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/75، وابن كثير في تفسيره 2/55، وابن قدامة في المغني 8/242، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 6/161، والقاسمي في محاسن التأويل 6/1979.
4 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
5 في العمرية بلفظ "وإن".(7/3386)
مقعد واحد فلكلّ واحدةٍ منهنّ دية كاملة. 1
قال إسحاق: كما قال، وفي اليدين كلتيهما دية واحدة، وكذلك الرجلين.
[2438-] قلت: موضحة العبد، وسنه، وجراحه؟
قال: 2 على قدر ثمنه، مثل ما في جراح الحرّ من ديته. 3
__________
1 تقدّم فيما مضى مسألة شبيهة بهذه، فارجع إليها إن شئت برقم (2402) .
2 في العمرية جواب السؤال ناقص بلفظ "قال: هما سواء" فقط.
3 قال القاضي أبو يعلى: اختلفت الرواية في الجناية على العبد، هل يجب بها مقدر؟
فقال ابن القاسم وأحمد بن موسى الترمذي: أنّ كلّ جناية لها على الحرّ أرش مقدّر من ديته لها من العبد مقدر من قيمته، ففي أنف الحرّ، ولسانه، وذكره، ديته. ففي كلّ واحد منهم، في العبد قيمته، وفي يد الحرّ نصف ديته، وفي يد العبد نصف قيمته، وفي أصبع الحرّ عُشْرُ ديته، وفي أصبع العبد عُشْرُ قيمته، وفي موضحة الحرّ نصف عشر ديته، ففي العبد نصف عشر قيمته.
ونقل الميموني ومحمد بن الحكم: أنّ فيه ما نقص سواء كانت الجناية ممّا ليس له بعد الاندمال نقص، وهي الموضحة، والمنقّلة، والمأمومة والجائفة، أو كان ممّا له نقص كقطع أحد أطرافه.
ووجه هذه الرواية، وهي اختيار أبي بكر الخلال، أنّه حيوان مضمون بالقيمة، فوجب أن يضمن بالجناية عليه بالقيمة، كالبهيمة، ولأنّ العبد باليد تارة، وبالجناية تارة، ثمّ ثبت أنّه لو ضمن باليد كان فيه ما نقص، كذلك إذا ضمن بالجناية.
ووجه الرواية الأولى، وهي اختيار الخرقي، وأبي بكر عبد العزيز، وهي قول عمر وعلي: أنّه حيوان يجب بقتله كفّارة، فوجب أن يكون لأعضائه أرش مقدّر كالحرّ، ولأنّكم اعتبرتموه بالبهائم، واعتبرناه بالحرّ، فكان اعتبارنا أولى، ولأنّه مخاطب مكلّف مثاب معاقب، وفيه الكفّارة، والقسامة والقصاص، وهذا كلّه معدوم في البهيمة، فكان اعتبارنا أولى.
[] الروايتين والوجهين 2/284-285، والمغني 8/60-61، والمقنع 3/393، والمحرّر 2/145-146، والمبدع 8/354.
وقال في الإنصاف: وإن كان مقدراً من الحرّ، فهو مقدر من العبد من قيمته، ففي يده نصف قيمته، وفي موضحته نصف عشر قيمته، سواء نقصته الجناية أقلّ من ذلك أو كثر، هذه إحدى الروايتين، وهو المذهب على ما [] [] [] اصطلحناه في الخطبة. 10/339-67.
روى عبد الرزّاق عن ابن جريج عن عبد العزيز بن عمر عن عمر بن عبد العزيز عن عمر بن الخطّاب قال: "وعقل العبد في ثمنه مثل عقل الحرّ في ديته".
مصنّف عبد الرزّاق 10/4، رقم 18150، وهو في السنن الكبرى للبيهقي 8/37، وكنز العمال 7/297، رقم 3439. وفيه انقطاع.(7/3387)
قال إسحاق: مثل ما قال سواء. 1
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله ذكره ابن نصر في اختلاف العلماء 64/ب، وابن قدامة في المغني 7/672.(7/3388)
[2439-] قلت: إذا اقتصّ من السن، ثمّ أعاده 1 مكانه فثبت؟
قال: يقلع مرّةً أخرى، لأنّ القصاص للشين. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
[2440-] [قلت: 4 الإليتان إذا قطعتا حتّى تبلغ العظم؟
قال: الدية كاملة. 5
__________
1 في العمرية بلفظ "أعاد".
2 قال ابن المنذر: في السنّ تقلع قوداً ثمّ ترد مكانها فتثبت، وهو أن تقلع مرّةً أخرى، كذلك قال سفيان الثوري، وكذلك قال أحمد وإسحاق لشين. الأوسط، كتاب الديات 2/338.
قال ابن رجب: إن اقتصّ من الجاني فأعاده، والتحم، فهل للمقتصّ إبانته ثانياً أم لا؟ نصّ أحمد في رواية ابن منصور على أنّ له إبانته. وعلّل بأن القصاص للشين، والشين قد زال.
القواعد ص313، القاعدة 142، وكذا انظر: الفروع 5/655، والكافي 4/26، والروايتين والوجهين 2/268.
3 قول الإمام إسحاق بن راهوية رحمه الله ذكره: ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/338.
4 هذه المسألة من العمرية، وهي محذوفة من الظاهرية.
5 قال البهوتي: وفي الإليتين الدية، وفي إحداهما نصفها، وهما (أيّ الإليتان) ما علا وأشرف عن الظهر، وعن استواء الفخذين وإن لم يحصل إلى العظم الذي تحتهما، وفي ذهاب بعضهما أي الإليتين بقدره من الدية بنسبة الأجزاء، كسائر ما فيه مقدر.
كشاف القناع 6/47، والمغني 8/31، والفروع 6/24، والمحرّر 2/138، والهداية للكلوذاني 2/90، والمبدع 8/370.
وقال المرداوي تعليقاً: فيهما الدية. وهذا بلا نزاع. ونقل ابن منصور: فيهما الدية، إذا قطعتا حتى تبلغ العظم، وفي كلّ واحدة منهما نصف الدية. الإنصاف: 10/83.
قال ابن المنذر: كل من أحفظ عنه من أهل العلم يقول: في الإليتين الدية. الأوسط، كتاب الديات 2/410، والإجماع ص119.
روى عبد الرزّاق عن عمرو بن شعيب أنّه قال: في الإليتين إذا قطعتا حتّى يبدو العظم فالدية كاملة، وفي إحداهما النصف.
مصنّف عبد الرزّاق 9/376، رقم 17660.(7/3389)
قال إسحاق: كما قال] 1
[2441-] قلت: إذا قطعت يده في سبيل الله [عزّ وجلّ] ، 2 أو في حدّ، ثمّ قطع رجُلٌ يده الأخرى؟
قال: ليس له إلاّ النصف، لا يكون ذلك إلاّ في العين. 3
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله نقله ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/410.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 قال القاضي أبو يعلى: إذا قطع يد أقطع، فهل يجب عليه دية اليدين كما يجب عليه في عين الأعور إذا فقئت دية العينين، أم لا؟
فنقل أبو النضر عنه حديث عمر: لو أنّ رجلاً فقأ عين أعور، كان عليه الدية كاملة، قيل له: فإن قطع يد أقطع؟ قال: وهكذا يكون في قياسه.
قال جابر بن زيد: إن أخذ ليده المقطوعة دية، ثمّ قطع هذا يده الأخرى فلا يأخذ، وإن لم يأخذ أخذ الدية كاملة. فظاهر هذا أنه إن كان الأقطع أخذ ليده المقطوعة أولاً بدلاً، وهو أن يكون قطعها رجل متعدياً وغرمه ديتها، أو قطعت قصاصاً عوضاً عن جناية حصلت من جهته لم تستحقّ اليد الثانية أكثر من ديتها، وإن قطعت في سبيل الله، بمعنى قطعها أهل دار الحرب، أو قطعت في السرقة، أو قطاع الطريق، وجب له على القاطع دية اليدين.
ونقل ابن منصور عنه: إذا قطعت يده في سبيل الله، أو في حدّ، ثمّ قطع رجل يده الأخرى فليس إلاّ النصف، ولا يكون إلاّ في العين، وكذلك نقل أبو طالب: لا يكون اليد والرجل مثل العين، أقول: لا يقتصّ من العين وحدها، وما كان سوى ذلك اقتصّ منه، فقد نصّ على أنّ فيها نصف دية يد، وفرق بين ذلك وبين عين الأعور، وأثبت القصاص فيها لمن له يدان.
انظر: الروايتين والوجهين 2/276، وكذا انظر: المغني 8/6، والفروع 6/33، والمبدع 8/393.
وقال في الإنصاف: وفي يد الأقطع نصف الدية، وكذلك في رجله. وهذا المذهب، وعليه الأصحاب. وعنه: فيها دية كاملة، وهي من مفردات المذهب. وعنه: فيها دية كاملة، إن ذهبت الأولى هدراً، وهو من المفردات أيضاً.
[] قال في الروضة: إن ذهبت في حدّ: فنصف دية، وإن كان في جهاد فروايتان 10/104-105.(7/3390)
قال إسحاق: كما قال، لما مضت السنة في العين.(7/3391)
[2442-] قلت: لا يرث القاتل من ماله، ولا من ديته؟
قال: لا يرث القاتل من ماله، ولا من ديته، خطأً كان أو عمداً، لأنّه سبب الموت. 1
__________
1 أجمع أهل العلم على أن قاتل العمد لا يرث من المقتول شيئاً إلاّ ما حكى عن سعيد ابن المسيّب، وابن جبير أنهما ورثاه، وأجمعوا على أن القاتل خطأ لا يرث من دية من قتله. المغني 6/291، والإجماع لابن المنذر ص70.
وقال الخرقي: والقاتل لا يرث المقتول، عمداً كان القتل، أو خطأ.
وقال ابن قدامة: فأما القتل خطأ فذهب كثير من أهل العلم إلى أنّه لا يرث أيضاً، نص عليه أحمد، ويروي ذلك عن عمر، وعليّ وزيد، وعبد الله بن مسعود وعبد الله ابن عبّاس، وروى نحوه عن أبي بكر رضي الله عنهم، وبه قال شريح والحسن بن صالح، ووكيع والشافعي ويحيى بن آدم وأصحاب الرأي.
مختصر الخرقي ص126، المغني 6/291.
وكذا انظر: الأمّ 6/34، والمقنع 2/460، والفروع 5/54، وراجع الكافي 2/560، المبدع 6/260، كشّاف القناع 4/492.
وقال في الإنصاف: كلّ قتل مضمون بقصاص، أو دية، أو كفارة يمنع القاتل ميراث المقتول، سواء كان عمداً، أو خطأ، بمباشرة، أو سبب، وسواء انفرد بقتله، أو شارك. وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب في ذلك كله. الإنصاف 7/368.
روى الإمام مالك وغيره: أن رجلاً من بني مدلج يقال له قتادة حذف ابنه بالسيف، فأصاب ساقه فنزى في جرحه، فمات، فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الخطّاب فذكر ذلك له، فقال له عمر: أعدد على ماء قديد عشرين ومائة بعير حتّى أقدم عليك، فلمّا قدم إليه عمر بن الخطّاب أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة، ثمّ قال: أين أخو المقتول؟ قال: هأنذا. قال: خذها، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "ليس لقاتل شيء" وفي رواية "ليس لقاتل ميراث".
أخرجه: مالك في الموطأ في العقول، باب ما جاء في ميراث العقل والتغليظ فيه 2/867، وعبد الرزّاق في مصنفه 9/402، رقم 17782، والشافعي في الأمّ 6/34، وابن ماجه في سننه في الديات، باب القاتل ما يرث 2/884، رقم 2646.
وقال البوصيري في الزوائد: إسناده حسن.
والبيهقي في السنن الكبرى 8/38، 72، 6/216، وذكره ابن كثير في مسند عمر ابن الخطّاب ص210، والحافظ ابن حجر في الدراية 2/260 وقال أخرجه الإمام مالك من طريق يحي بن سعيد عن عمرو بن شعيب، وأخرجه الدارقطني من طريق يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيّب، والأوّل أصح، وهو منقطع.
[] والزيلعي في نصب الرّاية 4/329. وقال الألباني: وهذا إسناد صحيح، ولكنه مرسل. إرواء الغليل 6/115-116.(7/3392)
قال إسحاق: يرث من المال، ولا يرث من الدية إذا كان خطأ [ع-102/أ] . 1
__________
1 قال القرطبي: فإن قتله خطأ فلا ميراث له من الدية، ويرث من المال في قول مالك، ولا يرث في قول الشافعي وأحمد، وسفيان، وأصحاب الرأي من المال، ولا من الدية شيئاً، وقول مالك أصح، وبه قال إسحاق، وأبو ثور، وهو قول سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي ربَاح، ومجاهد والزهري والأوزاعي، وابن المنذر، لأن ميراث من ورثه الله تعالى في كتابه ثابت لا يستثنى منه إلاّ بسنّة، أو إجماع. وكل مختلف فيه فمردود إلى ظاهر الآيات التي فيها المواريث. الجامع لأحكام القرآن 5/59.
وقال ابن قدامة: وورثه قوم من المال دون الدية، وروي ذلك عن سعيد بن المسيب، وعمرو بن شعيب، وعطاء، والحسن، ومجاهد والزهري، ومكحول والأوزاعي، وابن أبي ذئب، وأبي ثور وابن المنذر، وداود، وروي نحوه عن علي، لأن ميراثه ثابت بالكتاب والسنة، تخصص قاتل العمد بالإجماع فوجب البقاء على الظاهر فيما سواه.
[] المغني 6/291-292.
وروى البيهقي: من طريق عمرو بن شعيب قال: أخبرني أبي عن جدّي عبد الله بن عمرو أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قام يوم فتح مكّة فقال: "لا يتوارث أهل ملتين، المرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو يرث من ديتها ومالها، ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمداً، فإن قتل أحدهما صاحبه عمداً لم يرث من ديته وماله شيئاً، وإن قتل صاحبه خطأ ورث من ماله، ولم يرث من ديته". السنن الكبرى 6/221.
وذكر البيهقي عن الشافعي قال: وروى ذلك بعض أصحابنا عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث. وقال: فإذا لم يثبت الحديث فلا يرث عمداً ولا خطأ شيئاً، أشبه بعموم: أن لا يرث قاتل ممن قتل.(7/3393)
[2443-] قلت: يضرب الرجل رقيقه؟
قال: إي والله يؤدبهم على ترك الصلاة، وعلى المعصية، ولا يجاوز فوق عشر جلدات، ويعفو عمّا 1 بينه وبينه. 2
__________
1 في العمرية "عنه فيما".
2 نقل ابن المنذر قول الإمام أحمد فقال: كان أحمد بن حنبل يقول: للرجل أن يضرب عبده على ترك الصلاة، والمعصية، ولا يضرب فوق عشر جلدات، قال إسحاق: أجاد.
[] الأوسط، كتاب الحدود 2/569-570، وكذا انظر: الفروع 6/104، 107.
وقال ابن القيّم: وسئل أيضرب الرجل رقيقه؟ فقال: إي والله.
إعلام الموقعين 4/166.
قال عبد الله سمعت أبي يقول: لا يضرب أكثر من عشرة، إلاّ في حدّ.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص431، رقم 1559.
لما روى أبو بردة الأنصاري أنه سمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: "ولا يجلد فوق عشرة أسواط، إلاّ في حدّ من حدود الله تعالى" متفق عليه.
بلوغ المرام، باب التعزير وحكم الصائل ص265، رقم 1278.(7/3394)
قال إسحاق: أجاد. 1
[2444-] قلت: يقتل أحد بشتم أحد؟
قال: إن شتم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فنعم 2، وأما غير النبيّ
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/570، والخطابي في معالم السنن 4/630، والحافظ ابن حجر في الفتح 12/178.
وكذا انظر: المغني 8/324، والشرح الكبير 10/352، واختلاف الصحابة للسروي 127/ب.
2 نقل شيخ الإسلام ابن تيمية قولا للإمام أحمد رحمه الله فقال: قال الإمام أحمد في رواية حنبل: كل من شتم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتنقصه، مسلماً كان أو كافراً، =(7/3395)
.....................................................................................
__________
= فعليه القتل. قال: وأرى أن يقتل، ولا يستتاب. وقال عبد الله: سألت أبي عمن شتم النبيّ عليه الصّلاة والسّلام يستتاب؟ قال: قد وجب عليه القتل، ولا يستتاب، خالد بن الوليد قتل رجلا شتم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولم يستتبه. هذا مع نصه أنه مرتد إن كان مسلماً، وأنه قد نقض العهد إن كان ذمياً، وأطلق في سائر أجوبته أنه يقتل، ولم يأمر فيه باستتابة، هذا مع أنه لا يختلف نصه ومذهبه: أن المرتد المجرد يستتاب ثلاثاً. الصارم المسلول 300.
وكذا انظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 431، رقم 1557، وذكر الخلال روايات بهذا المعنى في [] [] أحكام أهل الملل ص114-115.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في موضع آخر: وحكى آخرون من أصحابنا رواية عن الإمام أحمد أن المسلم تقبل توبته من السب، بأن يسلم، ويرجع عن السب، كذلك ذكر أبو الخطاب في "الهداية" ومن احتذى حذوه من متأخري أصحابنا في ساب الله ورسوله من المسلمين: هل تقبل توبته أم يقتل بكل حال؟ روايتان:
فقد تلخص أن أصحابنا حكوا في الساب إذا تاب ثلاث روايات:
إحداهن: يقتل بكل حال، وهي التي نصروها كلهم، ودل عليها كلام الإمام أحمد في نفس هذه المسألة، وأكثر محققيهم لم يذكروا سواها.
والثانية: تقبل توبته مطلقاً.
والثالثة: تقبل توبة الكافر، ولا تقبل توبة المسلم، وتوبة الذمي التي تقبل إذا قلنا بها أن يسلم، فأما إذا أقلع، وطلب عقد الذمة له ثانياً لم يعصم ذلك دمه، رواية واحدة.
[] الصارم المسلول ص306، وكذا انظر: الهداية للكلوذاني 2/110، والمحرر 2/168، والإنصاف 10/332-333.
وقال ابن المنذر: وأجمعوا على أن من سبّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن له القتل. الإجماع ص122.
روى ابن عبّاس أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر، قال: فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وتشتمه، فأخذ المغول فوضعه في بطنها، واتكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طفل، فلطخت ما هناك بالدمّ، فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجمع الناس فقال: "أنشد الله رجلاً فعل ما فعل لي عليه حق إلاّ قام" فقام الأعمى يتخطى الناس، وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، أنا صاحبها كانت تشتمك، وتقع فيك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة، فلما كان البارحة جعلت تشتمك، وتقع فيك، فأخذت المغول فوضعته في بطنها، واتكأت عليها حتى قتلتها، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: "ألا اشهدوا أن دمها هدر".
[] رواه أبو داود في سننه في الحدود، باب الحكم فيمن سن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم 4/528-529، رقم [4361،] والنسائي في سننه في تحريم الدمّ، باب الحكم فيمن سبّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم 7/107-108.(7/3396)
صلّى الله عليه وسلّم فلا. 1
__________
1 روى أبو داود وغيره: عن أبي برزة قال: كنت عند أبي بكر رضي الله عنه فتغيظ على رجل فاشتد عليه فقلت: تأذن لي يا خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أضرب عنقه؟ قال: فأذهبت كلمتي غضبه، فقام فدخل فأرسل إلي فقال: ما الذي قلت آنفاً؟ قلت: ائذن لي أضرب عنقه، قال: أكنت فاعلاً لو أمرتك؟ قلت: نعم. قال: لا. والله ما كانت لبشر بعد محمد صلّى الله عليه وسلّم.
سنن أبي داود في الحدود، باب الحكم فيمن سب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم 4/530، رقم 4363.
وسنن النسائي في تحريم الدم، باب الحكم فيمن سبّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم 7/109 باختصار.
قال أبو داود تعليقاً بعد ذكر الحديث: هذا لفظ يزيد قال أحمد بن حنبل: أي: لم يكن لأبي بكر أن يقتل رجلاً إلاّ بإحدى الثلاث التي قالها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "كفر بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس" وكان للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يقتل. سنن أبي داود 4/531.(7/3397)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2445-] قلت: شبه العمد على العاقلة؟
قال: نعم، يكون على العاقلة. 2
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 3/682، والحافظ ابن حجر في الفتح 12/281، والشوكاني في نيل الأوطار 7/380.
2 قال الخرقي: وشبه العمد إذا ضربه بخشبة صغيرة، أو حجر صغير، أو لكزه، أو فعل به فعلاً الأغلب من ذلك الفعل أن لا يقتل مثله، فلا قود في هذا، والدية على العاقلة، وقال ابن قدامة: في قول أكثر أهل العلم.
مختصر الخرقي ص174، والمغني 7/650، والفروع 6/42، والمبدع 9/23.
قال المرداوي: اعلم أن الأصحاب اختلفوا في شبه العمد: هل تحمله العاقلة أم لا؟
والصحيح من المذهب: أنها تحمله. نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي: هذا المشهور من الروايتين، والمختار لعامة الأصحاب.
وقال أبو بكر: لا تحمل شبه العمد، ويكون في مال القاتل في ثلاث سنين، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
[] الإنصاف 10/128-129، وكذا انظر: الروايتين الوجهين 2/271.
لما روى أبو هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها، وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "أن دية جنينها غرة عبد، أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها" متّفق عليه.
بلوغ المرام، كتاب الجنايات ص247، رقم 1197.(7/3398)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2446-] قلت: في كلّ مفصل من الأصابع ثلث دية الأصبع، إلاّ الإبهام [فإن فيها مفصلين، في كلّ واحد النصف؟
قال: ما أحسن هذا. 2
__________
1 قول الإمام إسحاق بن راهوية حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/509، وابن قدامة في المغني 7/767.
2 قال عبد الله: سمعت أبي يقول: وفي كلّ مفصل من الأصابع ثلث دية الأصبع، =(7/3399)
..................................................................................................
__________
= إلاّ الإبهام، في كلّ مفصل منها نصف. مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 411، رقم 1467.
قال الخرقي: وفي كلّ أنملة منها ثلث عقلها، إلاّ الإبهام، فإنّها مفصلان ففي كلّ مفصل خمس من الإبل.
وقال ابن قدامة: هذا قول عامّة أهل العلم منهم عمر، وعلي، وابن عبّاس، وبه قال مسروق، وعروة ومكحول، والشعبي، وعبد الله ابن معقل، والثوري والأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وأصحاب الحديث.
[] مختصر الخرقي ص182، والمغني 8/35، والأوسط، كتاب الديات 2/373، وكذا انظر: المحرّر 2/138-139، والهداية للكلوذاني 2/90، والفروع 6/25، والمبدع 8/371، وكشاف القناع 6/49.
قال ابن المنذر: وأجمعوا على أنّ الأنامل سواء، وأنّ في كلّ أنملة ثلث دية أصبع إلاّ الإبهام. وقال: وأجمع كثير من أهل العلم أنّ في الإبهام أنملتين. وانفرد مالك بن أنس فقال: ثلاث أنامل، أحد قوليه، والآخر: يوافق. الإجماع ص118.
روى عبد الرزّاق عن ابن جريج عن سليمان بن موسى، قال: في كتاب عمر بن عبد العزيز إلى الأجناد في كلّ قصبة من قصب الأصابع إذا قطعت، أو شلت، ثلث دية الأصبع، إلاّ ما كان من الإبهام، فإنّما هي قصبتان، ففي كلّ قصبة من الإبهام نصف ديتها. مصنّف عبد الرزّاق 9/386، رقم 17708.
ورواه ابن حزم في المحلّى 10/437، والبهقي في السنن الكبرى 8/93 من طريق مكحول عن عمر بن عبد العزيز.(7/3400)
قال: وقال مالك: الإبهام] 1 ثلاث مفاصل، فوصف هذا الذي هو قريباً من الوضع. 2
قال إسحاق: كما قال، إلاّ في الإبهام مفصلين. 3
[2447-] قلت: إذا أصيبت السن يستأنى 4 به 5 سنه؟
__________
1 ما بين المعقوفين سقط من العمرية.
2 قال ابن المواز عن مالك: الإبهامان فيهما أنملتان، فإذا قطعتا ففيهما عشر من الإبل، في كلّ واحد منها خمس، لأنّها إذا ذهبت فقد ذهبت المنفعة، وإبهام الرجل مثلها، قال: وما سمعت فيه شيئاً، وهو رأي.
وروى ابن كنانة عن مالك في الإبهام ثلاثة أنامل، في كلّ أنملة ثلث دية الأصابع، قال: وإليه رجع مالك، وأخذ أصحابه بقوله الأوّل.
[] المنتقى للباجي 7/92، والمدوّنة الكبرى 6/316-317، والكافي في فقه المالك 2/398، وحاشية العدوي 2/278، والشرح الصغير 6/95، وكذا الأوسط، كتاب الديات 2/373، ومسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 411، رقم 1467.
3 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/372.
4 تأنّى في الأمر: ترفّق وتنظر، واستأنى به: أي انتظر به حولاً.
مختار الصحاح ص31، واللسان 14/49.
5 في العمرية بلفظ "بها".(7/3401)
قال: نعم، يستأنى به 1. 2
قال إسحاق: كما قال.
[2448-] قلت: في الفتق الثلث 3 وما الفتق؟
قال: الفتق المثانة لا يستمسك البول، [و] 4 روي فيه الثلث. 5
__________
1 في العمرية بلفظ "بها".
2 قال ابن قدامة: فأمّا سن الصبي الذي لم يثغر فلا يجب بقلعها في الحال شيء. هذا قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا أعلم فيه خلافاً، وذلك لأنّ العادة عود سنه، فلم يجب فيها في الحال شيء كنتف شعره، لكن ننتظر عودها، فإن مضت مدة ييأس من عودها وجبت ديتها. قال أحمد: يتوقّف سنة، لأنّه الغالب في نباتها.
المغني 8/22، والمبدع 8/372، وكشاف القناع 6/43.
روى عبد الرزّاق عن زيد بن ثابت قال: في السن يستأني بها سنة، فإن اسودّت ففيها العقل كاملاً، وإلاّ فما اسودّ منها فبحساب ذلك.
مصنّف عبد الرزّاق 9/348، رقم 17509، ورواه ابن حزم في المحلّى 10/416، والبيهقي في السنن الكبرى 8/90.
3 في العمرية سقط عبارة الآتية "الثلث وما الفتق".
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
5 قال القاضي أبو يعلى:
فنقل أبو طالب عنه: وفي المثانة إذا فتقت، فلم يستمسك البول، الدية كاملة.
ونقل ابن المنصور: في الفتق الثلث، والفتق أن لا يستمسك البول، روى فيه الثلث.
قال أبو بكر: المذهب على ما روى أبو طالب، وأن المثانة إذا لم يستمسك البول فيها كمال الدية، وقوله في رواية ابن منصور: الثلث ليس بمذهب له، وإنما حكاه عن غيره.
[] الروايتين والوجهين 2/278، والمغني 8/37/ والفروع 6/29، والإنصاف 10/339-94.
قلت الرواية التي تقول: في المثانة إذا لم تستمسك البول الدية، رجحها ابن قدامة في المغني، وقال المرداوي تعليقاً: وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
روى عبد الرزّاق عن شريح قال: في الفتق ثلث الدية.
مصنف عبد الرزّاق 9/279، رقم 17674، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 9/228، رقم 7207، والمحلى 10/457.(7/3402)
قال إسحاق: فيه الثلث على [كل] 1 حال، لما حكم فيه ذلك، فما وجدنا من الجراحات التي فيها الحكومة، قد حكم بها 2 حاكم، أو عالم اتبعناه.
[2449-] قلت: سن الصبيّ وذكر الشيخ؟
__________
1 ما بين المعقوفين غير موجود في النسختين، والعبارة تقتضيه، ولهذا أثبته.
2 في العمرية بلفظ "فيها".(7/3403)
قال: أما سن الصبيّ ففيه حكم 1، وذكر الشيخ ففيه الدية. 2
قال إسحاق: كما قال 3 و [في] 4 سن الصبي حكومة.
[2450-] قلت: يجوز شهادة الطبيب في الجراحة، يقول: كذا وكذا؟
__________
1 قال ابن مفلح: وعنه: إن لم يكن ثغر فحكومة، اختاره القاضي، وقال: إذا سقطت أخواتها، ولم تعد أخذت ديتها، لأنّ الغالب أنّها لا تعود بعد ذلك.
[] المبدع 8/372، والمغني 8/22-23، والمحرّر 2/139، والإقناع 4/223، وكشاف القناع 6/43، [] [] [] والإنصاف 10/100-101.
روى عبد الرزّاق عن ابن شهاب في صبي كسر سن صبي لم يثغر، قال: عليه غرم بقدر ما يرى الحاكم. مصنف عبد الرزّاق 9/353، رقم 17540.
ثغر: إذا سقطت رواضع الصبي، فهو مثغور، فإذا نبتت قيل اتّغر، وأصله اثتغر، فقلبت الثاء تاءً، ثمّ أدغمت، وإن شئت قلت: أثغر بجعل الحرف الأصلي هو الظاهر.
الصحاح 2/605.
2 قال ابن قدامة: وتجب الدية في ذكر الصغير والكبير، والشيخ، والشاب، سواء قدر على الجماع، أم لم يقدر. المغني 8/48.
لعموم حديث عمرو بن حزم مرفوعاً: "وفي الذكر الدية". وقد سبق تخريجه فيما مضى بمسألة، رقم (2371) .
3 انظر: الأوسط، كتاب الديات 2/400.
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3404)
قال: كلّ موضع يضطرّ الناس فيه مثل القابلة تجوز شهادة الطبيب وحده، لأنّه لا يضبط إلاّ به. 1
__________
1 قال القاضي أبو يعلى: قال أبو بكر على روايتين:
إحداهما: لا يقبل في ذلك إلاّ امرأتان فصاعداً، قال في رواية مهنّا، وقد سئل عن شهادة القابلة وحدها في استهلال الصبي فقال: لا يجوز شهادتها وحدها.
ونقل كذلك حرب فقال: لا يجوز شهادة القابلة وحدها، إلاّ أن تكون امرأتين، وكذلك ما لا يطلع عليه الرجال.
ونقل أبو طالب، وابن منصور، وإسماعيل بن سعيد: تثبت بشهادة واحدة في جميع ما تقبل فيه النساء بانفرادهنّ، وهو اختيار الخرقي وأبي بكر، وهو الصحيح.
[] الروايتين والوجهين 3/88-89، والغني 9/156-157، والهداية للكلوذاني 2/149، والمبدع 10/260، [] [] والطرق الحكمية 79-81، وذكر فيها: إن كان أكثر فهو أحبّ إلي، والإنصاف 12/86.
وقال المرداوي: فائدة: وممّا يقبل فيه امرأة واحدة: الجراحة وغيرها في الحمّام والعرس، ونحوهما ممّا لا يحضره رجال، على الصحيح من المذهب. نصّ عليه.
لما روي عن ابن أبي مليكة عن عقبة بن الحرث قال: تزوّجت امرأة، فجاءت امرأة فقالت: إنّي قد أرضعتكما. فأتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: "وكيف وقد قيل؟ دعها عنك".
رواه البخاري في الشهادات، باب شهادة الإماء والعبيد، وباب شهادة المرضعة 3/153.(7/3405)
قال إسحاق: كما قال، 1 ولكن لا تجوز فيه إلاّ [ظ-77/أ] امرأتان في القابلة [لأنّه] 2 إذا أمكن واحدة أمكن أخرى. 3
[2451-] قلت: عين الدابة؟
قال: 4 فيها ربع ثمنها يومَ أُصيبت. 5
__________
1 قلت: هذا من أدبه، رحمه الله، مع الإمام أحمد مع اختلاف رأيه.
2 ما بين المعقوفين أثبته من النسخة العمرية.
3 قول الإمام إسحاق رحمه الله، ذكره ابن نصر المروزي في اختلاف العلماء 2/106، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/748، وابن القيّم في الطرق الحكمية ص82.
4 في العمرية سقط لفظ "قال".
5 وعنه في عين الدابة من الخيل، والبغال، والحمير: ربع قيمتها. نصرها القاضي وأصحابه. قال الزركشي: وهو المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله. وقال في الفروع: وخصّ في الروضة هذه الرواية بعين الفرس، وجعل في عين غيرها ما نقص، والإمام أحمد إنّما قال: في عين الدابة. وقال الحارثي: ونصّ الإمام أحمد يقتضي العموم، [] فإنّ لفظ "الدابة" يشمل البغل، والفرس، والحمار، وكذلك صيغة الدليل المتمسّك به. الإنصاف 6/151-152.
وكذا انظر: الكافي 2/390/ والفروع 4/503.
روى عبد الرزّاق عن شريح أنّ عمر كتب إليه: في عين الدابة ربع ثمنها.
مصنّف عبد الرزّاق 10/77، رقم 18418، وانظر: نصب الراية 4/388.(7/3406)
قال إسحاق: كما قال.
[2452-] قلت لأحمد 1: الرجل يدعي ولده عند موته، أو ينتفي من ولده عند موته؟
قال: أما الانتفاء فلا يجوز إلاّ باللعان، وإنما يكون النفي ساعة تضعه، فإذا 2 كان لم ينتف 3 منه حين ولد فليس له أن ينتفي منه، 4 وأمّا
__________
1 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
2 في العمرية بلفظ "وإذا".
3 في العمرية بلفظ "ينتفي" والصواب ما في الظاهرية.
4 قال المرداوي: وعنه: إن كان ثم ولد لاعن لنفيه، وإلاّ فلا فينتفي بلعان الرجل وحده. نص عليه أيضاً. وهذا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب.
الإنصاف 9/245.
قال القاضي أبو يعلى: على روايتين:
إحداهما: ليس له أن يلاعن، أومأ إليه في رواية ابن القاسم وأبي طالب، فقال في رواية ابن القاسم: ولا يزول الولد إلاّ في الموضع الذي أزالته الشبهة، وهو بالتعانهما جميعاً، والفراش قائم حتى تلتعن هي أيضاً، والولد للفراش. ونقل أبو طالب إذا قال: ليس هذا الحمل منّي، إنما هي كاذبة فإذا قذفها لعنها.
والرواية الثانية: له اللعان نص عليه في رواية ابن منصور إذا قال: لا أقذف امرأتي، وليس منّي، فإذا كان الفراش له، وولدت في ملكه يلاعن، وقال في موضع آخر: إذا قال ليس منّي لحق به، ولا ينتفي إلاّ باللعان.
[] الروايتين والوجهين 2/199، وكذا انظر: المغني 7/416-417، والفروع 5/515، والقواعد لابن رجب ص 183، القاعدة الرابعة والثمانون.
وقال ابن قدامة في موضع آخر: وإذا ولدت امرأته ولداً فسكت عن نفيه مع إمكانه، لزمه نسبه، ولم يكن له نفيه بعد ذلك. المغني 7/424، والإقناع 4/103.
روت عائشة -رضي الله عنها-: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر." رواه البخاري في الفرائض، باب الولد للفراش حرّة كانت أو أمة 8/9، ومسلم في الرضاع، باب الولد للفراش 2/1080، رقم 1457.
وكذا روى عبد الرزّاق عن ابن جريج أنّه بلغه أنّ شريحاً قال: في الرجل يقر بولده، ثمّ ينكره، يلاعن، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فكتب أن إذا أقرّ به طرفة عين، فليس له أن ينكر. مصنّف عبد الرزّاق 7/100، رقم 12375.(7/3407)
إذا ادعى ولده فهو جائز. 1
قال إسحاق: كما قال.
قال أحمد: إذا قال لها: يا فاعلة [لاعن] 2 بينهما، وإذا قال: هذا الحبل ليس مني، ينتظر بها حتّى تضع، لعله يدعيه. 3
__________
1 قال ابن مفلح: من أقر بطفل، أو مجنون مجهول نسبه أنه ولده وأمكن لحقه.
الفروع 5/530.
2 في النسختين بلفظ "لعن"، والصواب ما أثبته، أي لاعن الحاكم بينهما.
3 قال في الإنصاف: وإن نفى الحمل في التعانه، لم ينتف حتّى ينفيه عند وضعها له، ويلاعن.
قال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله، وعليه أكثر الأصحاب. قال الزركشي عليه عامة الأصحاب. الإنصاف 9/255، وكشّاف القناع 5/403. وقد تقدمت المسألة في كتاب النكاح والطلاق، برقم (1244) .(7/3408)
قال إسحاق: كما قال.
[2453-] قلت: حديث عمر رضي الله عنه حين بعث إلى المرأة فأسقطت.
فقال لعلي رضي الله عنه: لا تبرح حتّى تقسمها على قومك. 1
__________
1روى عبد الرزّاق أن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بعث إلى امرأة مغيبة كان رجل يدخل عليها، فأنكر ذلك، فأرسل إليها فقيل لها: أجيبي عمر، فقالت يا ويلها ما لها ولعمر، فبينما هي في الطريق فزعت فضربها الطلق، فألقت ولدها فصاح الصبيّ صيحتين، ثمّ مات. فاستشار عمر أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأشار بعضهم: أن ليس عليك شيء، إنّما أنت وال ومؤدّب. وصمت علي، فأقبل عليه عمر فقال: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال: إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأ رأيهم، وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك، أرى: أنّ ديته عليك، لأنّك أفزعتها فألقته. فقال عمر: أقسمت عليك لا تبرح حتّى تقسمها على قومك. وفي رواية: في قريش.
مصنف عبد الرزّاق 9/458، رقم 18010، وهو عند ابن حزم في المحلّى 11/47، والبيهقي في السنن الكبرى 6/123، وذكره الزيلعي في نصب الراية 4/398، والسرخسي في المبسوط 26/87. فيه انقطاع.(7/3409)
قال: يقول على قريش. قال: تقسم عليهم بقدر ما يحتملون. 1
قال إسحاق: كما قال؛ لأنه جعلهم عاقلته.
[2454-] قلت: الغرة، ما هي وما قيمتها؟ [ومتى] 2 يكون جنيناً 3 يُؤْدَى والجنين الذكر والأنثى سواء؟
قال: أمّا الجنين إذا استهل، 4 ففيه الدية، 5 وإذا لم يستهل
__________
1 تقدّم تحقيق ذلك فيما مضى بمسألة، رقم (2408) .
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "ما".
3 في العمرية بلفظ "جنين".
4 استهل الصبي: صاح عند الولادة. الصحاح 5/1852.
5 قال الخرقي: وإن ضرب بطنها، فألقت جنيناً حيّاً، ثمّ مات من الضربة، ففيه دية حرّ، إن كان حرّاً.
قال ابن قدامة: هذا قول عامّة أهل العلم، قال ابن المنذر: أجمع كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم على أنّ في الجنين يسقط حيّاً من الضربة، دية كاملة.
مختصر الخرقي ص 181، المغني 7/811، المحرّر 2/147، الفروع 6/20، والمبدع 8/360، كشاف القناع 6/27، الإنصاف 10/73. قال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب، وعليه الأصحاب.(7/3410)
فكان موته مغيباً عن الناس، وعُلم أنّه ولد، ففيه الغرّة. 1
قال: 2 والغرّة قيمتها نصف العشر من دية الأب، وهو العُشْر من دية أمّه، 3 وإن 4 أعطى عبداً أو أمة فهكذا الحديث. 5
__________
1 قال ابن قدامة: إن في جنين الحرّة المسلمة غرّة، وهذا قول أكثر أهل العلم؛ منهم عمر بن الخطّاب، وعطاء، والشعبي، والنخعي، والزهري، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور وأصحاب الرأي.
المغني 7/799، المبدع 8/356، الهداية للكلوذاني 2/94، كشاف القناع 6/23، الإنصاف 10/69. وقال المرداوي: بلا نزاع.
2 في العمرية سقطت العبارة الآتية "قال: والغرّة".
3 قال الكلوذاني: ودية الجنين غرة عبد، أو أمة، قيمتها نصف عُشْر دية أبيه، أو عُشْر دية أمّه.
الهداية 2/94، المغني 7/804، الفروع 6/20، المبدع 8/358، وكشاف القناع 6/23.
4 في العمرية بلفظ "فإن".
5 روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: "اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنّ دية جنينها غرة عبد أو أمة".
رواه البخاري في الديات، باب جنين المرأة، وأنّ العقل على الوالد، وعصبة الوالد، لا على الولد 8/42، ومسلم في القسامة، باب دية الجنين 4/701، رقم 4576.(7/3411)
قلت: جنين الأمة؟
قال: العُشْر من دية أمّه. 1
قال إسحاق: كما قال، [ع-102/ب] ويعني في جنين الأمة عشر ثمن أمّه. 2
[2455-] قلت: إذا كسرت الذراع أو الساق؟
__________
1 قال الخرقي: وإن كان الجنين مملوكاً، ففيه عُشْر قيمة أمّه، سواء كان الجنين ذكراً، أو أنثى.
وقال ابن قدامة: وجملة ذلك: أنّه إذا كان جنين الأمة مملوكاً فسقط من الضربة ميّتاً، ففيه عُشْر قيمة أمّه. هذا قول الحسن، وقتادة، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وابن المنذر، وبنحوه قال النخعي والزهري.
مختصر الخرقي ص 181، المغني 7/807، والمحرّر 2/147، الفروع 6/20، والمبدع 7/359.
قال المرداوي معلّقاً: هذا المذهب. نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله، وعليه الأصحاب. الإنصاف 10/71.
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/536، 533، 519، 525، وابن حزم في المحلّى 11/34، وابن قدامة في المغني 7/811، 799، 804، 807.(7/3412)
قال أحمد: يروى عن عمر [رضي الله عنه] 1، 2 في كلّ واحد
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "فريضتين" من ناحية الإعراب فريضتان أولى لأنّه مبتدأ.
2 الفريضة: الحقّة من الإبل. الصحاح 3/1098، والقاموس 2/352.
روى عبد الرزّاق وغيره: أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في رجل كسرت يده، أو رجله، أو فخذه، ثمّ انجبرت فقضى فيها بحقّتين، أو بعشرين ديناراً.
وفي رواية البيهقي: مائتي درهم.
[] مصنّف عبد الرزّاق 9/389-390، رقم: 17724، 17727، 17731، وابن أبي شيبة 9/219، رقم: 7167، والمحلّى لابن حزم 10/457، والسنن الكبرى للبيهقي 8/99.
قال القاضي أبو يعلى: فنقل أبو طالب عنه: في الضلع بعيرٌ، وفي الترقوة بعير، وكسر الساق بعيران، وكسر الفخذين بعيران.
فالضلع والترقوة على النصف من الساق والفخذ، لأنّ الساق والفخذ فيهما مخ.
ونقل ابن منصور كلاماً يدلّ على أنّه لا مقدر في ذلك، فقيل له: إذا كسرت الذراع والساق؟ قال: يروى عن عمر في كلّ واحد قلوصان، ولا نكتبه. فظاهر هذا أنّه لم يأخذ به. الروايتين والوجهين 2/281، والمغني 8/54.
قال في الإنصاف: وفي كلّ واحد من الذراع، والزند، والعضد، والفخذ والساق بعيران.
قال المرداوي تعليقاً: وهو المذهب. نصّ عليه في رواية أبي طالب واختاره القاضي في عظم الساق، والفخذ، وهو من مفردات المذهب في الفخذ والساق والزند.
وعنه: في كلّ واحد من ذلك بعير. نصّ عليه في رواية صالح، ونقل حنبل - فيمن كسرت يده، أو رجله - فيها حكومة، وإن انجبرت.
الإنصاف 10/115، كذا انظر: المغني 8/35، والمحرر 2/143، والهداية للكلوذاني 2/29، والفروع 6/73، والإقناع 4/232.(7/3413)
[فريضتان] ، ثمّ قال أحمد: لا تكتبه!
قال إسحاق: في كسر اليد والذراع والساق، إذا جبر على غير عثم، 1 ولا شلل، ففيه الحكومة. 2
وقد ذُكر عن عمر بن عبد العزيز أنّه حكم في ذلك عشرين ديناراً، 3 وكذلك في الفخذ والركبة. 4
[2456-] قلت: حديث علي [رضي الله عنه] في قصّة الزبية 5 التي
__________
1 عثم العظم المكسور: إذا انجبر على غير استواء.
الصحاح 5/1979، والقاموس 4/148.
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله نقله ابن المنذر فقال: وكان إسحاق يقول: في كسر اليد والذراع، إذا جبر على غير عثم، ولا شلل، ففيه حكومة.
الأوسط، كتاب الديات 2/378.
3 في العمرية بلفظ "دينار" بحذف الألف، وكذلك واو العطف قبل لفظ "كذلك".
4 لم أطلع على هذا الأثر بهذا اللفظ عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله، ولعله أخذ بحكم عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، كما دلّ عليه الأثر السابق.
5 الزبية: حفرة في موضع عال، يصاد فيها الأسد، ونحوه. الجمع: زبى، مثل: مدية ومدى.
انظر: المصباح المنير 1/250، ومختار الصحاح ص 268.(7/3414)
حفروها للأسد؟ 1، 2
قال أحمد: 3 أنا لا أدفع حديث سماك 4 إذا لم يكن له
__________
1 في العمرية سقط لفظ "للأسد".
2 روى سماك عن حنش بن المعتمر قال: حفرت زبية باليمن للأسد فوقع فيها الأسد، فأصبح الناس يتدافعون على رأس البئر فوقع فيها رجل فتعلّق بآخر، وتعلّق الآخر بالآخر، فهوى فيها أربعة فهلكوا فيها جميعاً، فلم يدر الناس كيف يصنعون. فجاء علي فقال: إن شئتم قضيت بينكم بقضاء يكون جائزاً بينكم حتّى تأتوا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: فإني أجعل الدية على من حضر رأس البئر، فجعل للأول الذي هو في البئر ربع الدية، وللثاني ثلث الدية، وللثالث نصف الدية، وللرابع الدية كاملة. قال: فتراضوا على ذلك حتّى أتوا النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبروه بقضاء علي، فأجاز القضاء.
رواه الإمام أحمد في مسنده 1/77، 128، وابن أبي شيبة في مصنّفه 9/400، رقم 7921، والشافعي في الأم 7/177، والبيهقي في السنن الكبرى 8/111، وانظر التلخيص الحبير 4/35.
3 في العمرية سقطت العبارة الآتية "قال أحمد: أنا لا أدفع حديث سماك إذا لم يكن له دافع".
4 هو سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي البكري، أبو المغيرة الكوفي، وكان فصيحاً، عالماً بالشعر، وأيام العرب. وقال: أدركت ثمانين رجلاً من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، منهم النعمان بن بشير، وجابر بن سمرة، روى عنه الثوري، وشعبة وزائدة وزهير بن معاوية، وقال أبو حاتم: صدوق ثقة. مات رحمه الله سنة ثلاث وعشرين ومائة من الهجرة.
[] انظر ترجمته في: طبقات خليفة 161، والتهذيب 4/232-234، والجرح والتعديل 4/279-280، وشذرات الذهب 1/380.(7/3415)
دافع. 1
قال إسحاق: هو كما روى سماك، العمل عليه، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أجاز حكم علي [رضي الله عنه] في ذلك. 2
__________
1 نقل ابن المنذر قول الإمام أحمد فقال: وقيل لأحمد بن حنبل: حديث علي في قصة الزبية التي حفروها للأسد، قال: أنا لا أدفع حديث سماك إذا لم يكن له دافع.
الأوسط، كتاب الديات 2/453.
[] وقال ابن قدامة: فذهب أحمد إلى ذلك توقيفاً على خلاف القياس. المغني 7/722، والفروع 6/10-11.
وقال في الإنصاف: وإن خر رجل في زبية أسد فجذب آخر، وجذب الثاني ثالثاً، وجذب الثالث رابعاً، فقتلهم الأسد، فالقياس: أنّ دم الأول هدر، وعلى عاقلته دية الثاني، وعلى عاقلة الثاني دية الثالث، وعلى عاقلة الثالث دية الرابع.
[] وقال المرداوي معلّقاً: وهذا المذهب، جزم به في الوجيز. 10/47، والمغني 7/821-822، والفروع 6/9-10.
2 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق فقال: وقال إسحاق: هو كما روى سماك، العمل عليه، لأنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أجاز حكم علي في ذلك.
الأوسط، كتاب الديات 2/453.(7/3416)
[2457-] قلت: إذا قتل الرجل [رجلاً] 1 خطأً عليه عتق رقبة مع الدية، وإذا لم يجد رقبة ما عليه؟
قال: إذا لم يجد رقبة 2 فصيام شهرين متتابعين [لا بد] 3 من إحدى الكفارات. 4
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 في العمرية سقط لفظ "رقبة".
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن على القاتل خطأ الكفارة. الإجماع 121.
وقال ابن قدامة: وكفارة القتل عتق رقبة مؤمنة بنص الكتاب، سواء كان القاتل أو المقتول مسلماً، أو كافراً، فإن لم يجدها في ملكه فاضلة عن حاجته أو يجد ثمنها فاضلاً عن كفايته، فصيام شهرين متتابعين توبة من الله، وهذا ثابت بالنصّ أيضاً، فإن لم يستطع ففيه روايتان:
إحداهما: يثبت الصيام في ذمته، ولا يجب شيء آخر، لأن الله تعالى لم يذكره، ولو وجب لذكره.
والثانية: يجب إطعام ستين مسكيناً، لأنها كفارة فيها عتق، وصيام شهرين متتابعين، فكان فيها إطعام ستين مسكيناً عند عدمها، ككفارة الظهار والفطر في رمضان، وإن لم يكن مذكوراً في نص القرآن فقد ذكر ذلك في نظيره فيقاس عليه. فعلى هذه الرواية: إن عجز عن الإطعام ثبت في ذمته حتى يقدر عليه، وللشافعي قولان في هذا كالروايتين.
[] المغني 8/97، وكذا انظر: الفروع 5/495، والإنصاف 9/208-209، وقال المرداوي تعليقاً: إحداهما: لا يجب الإطعام في كفارة القتل، وهو المذهب. وعليه أكثر الأصحاب. ودليل الكفارة قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} الى قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} . سورة النساء، آية 92.(7/3417)
قال إسحاق: كما قال، والقرآن ينطق. 1
[2458-] قلت: إذا أخطأ الإمام من قتل، أو جرح 2 فعلى بيت المال؟
قال أحمد: على بيت المال، 3 واحتج بحديث أبي
__________
1 قلت: يقصد رحمه الله من قوله القرآن ينطق: أي صيام شهرين متتابعين ثابت بالنصّ.
2 في العمرية بلفظ "جراح".
3 قال القاضي أبو يعلى: نصّ عليه في رواية ابن منصور: إذا أخطأ الإمام في قتل أو جرح فعلى بيت المال، واحتجّ بحديث علي رضي الله عنه في حدّ الخمر، ونقل أبو النضر فيمن شهد عليه أنّه زنى فلم يسأل القاضي عن إحصانه حتّى رجمه، فالدية في بيت المال.
والرواية الثانية: يكون على عاقلته، نقلها ابن منصور في موضع آخر، واحتجّ بقصّة عمر رضي الله عنه التي أنفذ إليها، فأجهضت ذا بطنها ونقلها أبو طالب: إذا أنفذ الإمام إلى امرأة فأسقطت فالدية على عاقلته، وقد ذكر حديث عمر.
الروايتين والوجهين 2/342، وكذا انظر: الأوسط، كتاب الديات 2/504، والمغني 7/781، والمحرّر 2/149، والفروع 6/40.
وقال في الإنصاف: وخطأ الإمام، والحاكم في أحكامه في بيت المال، وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب. 10/221.(7/3418)
حصين 1 عن عمير بن سعيد، 2 عن علي [رضي الله عنه] في
__________
1 هو عثمان بن عاصم بن حصين، أبو حصين الأسدي الكوفي، من التابعين، وكان شيخاً، عالماً، صاحب سنة، ثقة، ثبتاً في الحديث، ورجلاً صالحاً، حافظاً. روى عن ابن عبّاس، وابن الزبير وأنس رضي الله عنهم.
قال عبد الرحمن بن مهدي: حفاظ الكوفة الأربعة، لا يختلف في حديثهم، فمن اختلف عليهم فهو مخطئ، منهم أبو حصين. توفّي رحمه الله سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل غير ذلك.
[] انظر ترجمته في: طبقات خليفة 159، والجرح والتعديل 6/160-161، والتهذيب 7/126-128، والكاشف 2/251 وشذرات الذهب 1/175.
2 هو عمير بن سعيد النخعي الصهباني، أبو يحيى الكوفي، روى عن علي، وعمّار، وعبد الله بن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وروى عنه مطرف وأبو حصين.
وذكره ابن حبّان في الثقات.
توفّي رحمه الله سنة سبع ومائة في ولاية ابن هبيرة.
[] انظر ترجمته في: تهذيب الكمال 2/1060، والتاريخ الكبير 6/532-533، والجرح والتعديل 6/376، [] [] والتهذيب 8/146-147.(7/3419)
حدّ الخمر. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2459-] قلت لأحمد: 3 إذا قتل النفر 4 رجلاً، فإنّ وليه يقتل من شاء منهم، ويأخذ الدية ممن شاء ويعفو عمن شاء؟
قال أحمد: نعم، هو مخير في ذلك، يصنع ما شاء. 5
__________
1 روى أبو حصين عن عمير بن سعيد النخعي عن علي قال: ما كنت أقيم على أحد حدّاً فيموت فيه، فأجد في نفسي، إلا صاحب الخمر فإنّه لو مات وديته، وذلك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يسنه.
رواه البخاري في الحدود، باب الضرب بالجريد والنعال 8/14، ومسلم في الحدود، باب حدّ الخمر 2/1332، رقم 1707.
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله، حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/504.
3 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
4 النفر: بفتحتين، عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة، وقيل إلى سبعة، ولا يقال نفر فيما زاد على العشرة.
مختار الصحاح 672، والمصباح المنير 2/617.
5 قال الخرقي: وإذا اشترك الجماعة في القتل، فأحبّ الأولياء أن يقتلوا الجميع فلهم ذلك، وإن أحبّوا أن يقتلوا البعض، ويعفوا عن البعض ويأخذوا الدية من الباقين، كان لهم ذلك.
وقال ابن قدامة: وأمّا إن أحبّوا قتل البعض فلهم ذلك، لأنّ كلّ من لهم قتله فلهم العفو عنه كالمنفرد، ولا يسقط القصاص عن البعض بعفو البعض، لأنّهما شخصان، فلا يسقط القصاص عن أحدهما بإسقاطه عن الآخر، كما لو قتل كلّ واحد رجلاً. وأمّا إذا اختاروا أخذ الدية من القاتل، أو من بعض القتلة، فإنّ لهم هذا من غير رضى الجاني، وبهذا قال سعيد بن المسيّب، وابن سيرين، والشافعي، وعطاء، ومجاهد، وإسحاق، وأبو ثور وابن المنذر.
مختصر الخرقي ص 178، والمغني 7/751، والأوسط، كتاب الديات 1/163، والفروع 5/628، والمبدع 8/253، والإقناع 4/169، والأحكام السلطانية ص 275، والإنصاف 9/448.
والرواية الثانية عنه: أن الجماعة لا يقتلون بالواحد، وتجب عليهم الدية.
المغني 7/671، الفروع 5/627 والإنصاف 9/448.(7/3420)
قال إسحاق: هو 1 كما قال، 2 إلاّ أن يكون قد عفا عن بعضهم فقد صارت 3 دية على الباقين، ليس له أن يقتل أحداً منهم.
قال إسحاق: إذا قتل الرجل الرجل عمداً، فأولياء المقتول
__________
1 في العمرية سقط لفظ "هو".
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/163، وابن نصر في اختلاف العلماء 64/أ، والترمذي في سننه 4/22، والخطابي في معالم السنن 4/644، وابن قدامة في المغني 7/751.
3 في العمرية سقط لفظ "صارت".(7/3421)
بالخيار، إن شاؤوا قتلوا القاتل، وإن شاؤوا أخذوا الدية، شاء القاتل أو أبى، لأنّ الخيار لأولياء المقتول، وأخذهم الدية منه، 1 فهو على ما قال الله عز وجلّ: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} . 2
فعفوه، قبوله الدية، وإن 3 كان [الذين] 4 قتلوه ثلاثة فعفا عن بعضهم، صارت دية، وأخذ من الباقين حصصهم ثلثي الدية، وإن كانوا قتلوا واحداً، ثمّ أرادوا أن يأخذوا من الباقين ثلثي الدية، فلهم ذلك، لأنّ الخيار لهم في ذلك.
[2460-] قلت: القصاص بين الرجال والنساء في 5 كلّ عمد أو خطأ؟ 6
__________
1 في العمرية بلفظ "منهم" والصواب ما في الظاهرية.
2 سورة البقرة، آية 178.
3 في العمرية بلفظ "وإذا".
4 في النسختين بلفظ "الذي"، والصواب ما أثبته، ليطابق اسم كان خبرَها.
5 في العمرية سقط لفظ "في".
6 الأصل في العمد القصاص، وفي الخطأ الدية، فالسؤال في الخطأ غير وارد على عمومه.(7/3422)
قال أحمد: نعم، القصاص بين الرجال والنساء في قليل أو كثير، إن قطع يدها، قطعت يده، وإن قتلها قتل بها، وكلّ شيء من القصاص، فهو بينهما. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
__________
1 قال الخرقي: ويقتل الذكر بالأنثى، والأنثى بالذكر، ومن كان بينهما في النفس قصاص، فهو بينهما في الجراح.
قال ابن قدامة: وجملته: أنّ كلّ شخصين جرى بينهما القصاص في النفس، جرى القصاص بينهما في الأطراف.
مختصر الخرقي ص 176، والمغني 7/679، والفروع 5/639، والإقناع 4/175، والإنصاف 10/14، وقال المرداوي معلّقاً: هذا المذهب، وعليه الأصحاب.
واستدلّوا بعموم الكتاب والسنة.
كقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} سورة المائدة، آية 45.
ومن السنة ثبت أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم: "قتل يهودياً رضّ رأس جارية من الأنصار"، سبق تخريجه بمسألة رقم (2363) .
وكقوله صلّى الله عليه وسلّم: "كتاب الله القصاص" سيأتي تخريجه بمسألة رقم (2488) .
2 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/23، وابن نصر في اختلاف العلماء 64/أ، القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 2/248، وابن قدامة في المغني 7/680.(7/3423)
[2461-] قلت: رجل قتل امرأته، خطأ أو عمداً؟
قال أحمد: في 1 العمد يقتل [بها] ، 2 وفي الخطأ الدية على عاقلته. 3
قال إسحاق: كما قال. 4
[2462-] قلت: المرأة تعفو نصيبها [ع-103/أ] من الدم، إن كان لها؟
قال أحمد: هو لها، وكلّ وارث يرث من الدية. 5
__________
1 في العمرية سقط لفظ "في العمد".
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 قال ابن المنذر: اختلف أهل العلم في القصاص بين الزوجين، وقال طائفة: القصاص بينهما، كالقصاص بين سائر الناس، يقتص لكلّ واحد منهما من الآخر في النفس، وفيما دون النفس، ويلزم عواقلهم الدية في جناية الخطأ على سبيل ما يلزم سائر الناس، هذا قول الشافعي، إذا كان بينهما على غير وجه الأدب، وهذا قول أحمد وإسحاق.
الأوسط، كتاب الديات 1/65، كذا انظر: المغني 7/668. وراجع المسألة رقم 65.
4 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/65.
5 قال الخرقي: ومن عفا من ورثة المقتول عن القصاص، لم يكن إلى القصاص سبيل، وإن كان العافي زوجاً، أو زوجةً.
قال ابن قدامة: فالقصاص حقّ لجميع الورثة من ذوي الأنساب والأسباب، والرجال والنساء، والصغار، والكبار، فمن عفا منهم صحّ عفوه، وسقط القصاص ولم يبق لأحد إليه سبيل.
وهذا قول أكثر أهل العلم؛ منهم عطاء، والنخعي، والحكم، وحماد، والثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وروي معنى ذلك عن عمر، وطاوس والشعبي.
[] مختصر الخرقي ص 178، والمغني 7/742-743، والمحرّر 2/131، والفروع 5/659، والمبدع 8/284، ومسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 408، رقم 1458.
قال في المقنع: وكلّ من ورث المال ورث القصاص على قدر ميراثه من المال، حتّى الزوجين، وذوي الأرحام. وقال المرداوي معلّقاً: وهذا المذهب، وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم. وعنه: أنّ عفو القصاص يختصّ [] [] بالعصبة. الإنصاف 9/482-483، والمبدع 8/285.
روى عبد الرزّاق أنّ عمر بن الخطّاب رفع إليه رجل قتل رجلاً، فأراد أولياء المقتول قتله، فقالت أخت المقتول -وهي امرأة القاتل-: قد عفوت عن حصّتي من زوجي. فقال عمر: "عتق الرجل من القتل".
مصنف عبد الرزّاق 10/13، رقم 18188، وهو عند ابن حزم في المحلّى 10/478، والمتقي الهندي في كنز العمال 7/297، رقم3240، وانظر: تلخيص الحبير 4/23.(7/3424)
قال إسحاق: كما قال. 1
__________
1 قول الإمام إسحاق حكاه عنه ابن نصر المروزي في اختلاف العلماء 66/ب.(7/3425)
[2463-] قلت لأحمد: 1 الرجل يأمر عبده أن يقتل رجلاً فقتله؟
قال أحمد: يقتل السيد، ويحبس العبد، ويضرب يؤدّب. 2
__________
1 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
2 نقل ابن المنذر قول الإمام أحمد فقال: وكان أحمد بن حنبل يقول: يقتل السيد، ويحبس العبد، ويضرب ويؤدّب. الأوسط، كتاب الديات 1/113.
قال الخرقي: ومن أمر عبده أن يقتل رجلاً، وكان العبد أعجميّاً، لا يعلم بأنّ القتل محرّم، قتل السيد، وإن كان العبد يعلم خطر القتل قتل العبد، وأدّب السيد.
وقال ابن قدامة: إنّما ذكر الخرقي كونه أعجميّاً، وهو الذي لا يفصح ليتحقّق منه الجهل، وإنّما يكون الجهل في حقّ من نشأ في غير بلاد الإسلام، فأمّا من أقام في بلاد الإسلام، بين أهله فلا يخفى عليه تحريم القتل، ولا يعذر في فعله، ومتى كان العبد يعلم تحريم القتل فالقصاص عليه، ويؤدب سيده، لأمره بما أفضى إلى القتل بما يراه الإمام من الحبس والتعزير، وإن كان غير عالم بخطره فالقصاص على سيّده، ويؤدّب العبد. قال أحمد: يضرب ويؤدّب. ونقل عنه أبو طالب قال: يقتل الولي، ويحبس العبد حتّى يموت لأنّ العبد سوط المولى وسيفه، كذا قال علي، وأبو هريرة.
[] مختصر الخرقي ص 179، والمغني 7/756-757، والفروع 5/633، والمبدع 8/257، والإنصاف [9/454-455.
] روى البيهقي وغيره: أنّ علي بن أبي طالب قال: إذا أمر الرجل عبده أن يقتل رجلاً فقتله، فهو كسيفه وسوطه، أمّا السيّد فيقتل، وأمّا العبد فيستودع في السجن.
السنن الكبرى للبيهقي 8/50، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه 9/371، رقم 7840 مختصراً، وراجع رقم 7841.
وانظر: المحلّى لابن حزم 10/508، والأوسط لابن المنذر كتاب الديات 1/112.(7/3426)
قال إسحاق: أحسن. 1
[2464-] قلت: رجل كسر سن رجل خطأ، فقال له صاحبه: اقتصّ منّي، فليس لي مال، فأبى الآخر؟
قال: يلزمه ذلك، إن شاء اقتصّ منه، وإن شاء أخذ الدية. 2
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن حزم في المحلّى 10/508.
2 قلت: قول الإمام أحمد رحمه الله "إن شاء اقتصّ منه" لا يشمله جناية الخطأ، لأنّ الخطأ ليس فيه قصاص، وإنّما يجب فيه الدية على العاقلة، إذا بلغت الجناية ثلث الدية فما فوق، وإذا لم يكن له عاقلة فعلى بيت المال، فإن لم يمكن أخذها من بيت المال فلا شيء على الجاني.
وقال المرداوي: وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب. ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله. الإنصاف 10/124.
وأمّا ما دون ثلث الدية، كما هو الحال في هذا السؤال، فإنّما ديته عند الإمام أحمد في مال الجاني، ديناً له عليه، كما روى عنه ابن منصور فقال: قلت: فإن قال القاتل عمداً: ليس لي مال، اقتصّ منّي؟ قال أحمد: إذا لم يكن له مال كان ديناً له عليه.
انظر المسألة رقم (2610) فيما يأتي.
وقوله رحمه الله: "إن شاء اقتصّ منه" يحتمل أن يكون سهواً من الكاتب، أو كان الإمام أحمد يقول به، ثمّ رجع عنه، والله أعلم بالصواب.
قلت: ونقل إسحاق بن منصور في المسألة رقم: (2431) ، ورقم (2605) عن الإمام أحمد رحمه الله: إذا شربت دواء عمداً، فأسقطت جنيناً، فالدية على العاقلة.
قال في الفروع: فيتوجه منها احتمال تحمل العاقلة القليل.
الفروع 6/41، والإنصاف 10/127.(7/3427)
قال إسحاق: ذلك على العاقلة، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قضى بالغرّة على العاقلة، وهي خمس من الإبل. 1
[2465-] قلت: دية العبد؟
قال أحمد: هو مال [بالغ] 2 ما بلغ، 3 وجراحته في ثمنه مثل
__________
1 هذه رواية عن الإمام إسحاق رحمه الله، والرواية الثانية عنه: أنّ العاقلة لا تحمل دون الثلث، كما نقل عنه ابن قدامة في المغني 7/777.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 أجمع أهل العلم أنّ في العبد الذي لا تبلغ قيمته دية الحرّ قيمته، وإن بلغت قيمته دية الحرّ، أو زادت عليها، فذهب أحمد رحمه الله إلى أنّ فيه قيمته بالغة ما بلغت، وإن بلغت ديات عمداً كان القتل أو خطأ، سواء ضمن باليد، أو بالجناية. وهذا قول سعيد بن المسيب، والحسن، وابن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، وإياس بن معاوية، والزهري، ومكحول، وعثمان البتي، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك، وأبي يوسف، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق.
[] الأوسط، كتاب الديات 2/552-553، والمغني 7/682، والاستذكار 6/70، وكذا انظر: المحرّر 2/145، والفروع 4/503، والمبدع 8/353.
قال ابن قدامة: ودية العبد والأمة قيمتها بالغة ما بلغت.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب بلا ريب، قال المصنف والشارح: هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله. وعنه: لا يبلغ بها دية الحرّ. نقلها حنبل.
المقنع 3/393، والإنصاف 10/66.
روى البيهقي وغيره: عن عمر، وعلي رضي الله عنهما قالا: في الحرّ يقتل العبد ثمنه بالغاً ما بلغ.
السنن الكبرى 8/37، وقال البيهقي سنده صحيح، وانظر: تلخيص الحبير 4/41.(7/3428)
جراحة الحرّ في ديته. 1
قال إسحاق: مثله كما قال. 2
[2466-] قلت: رجل قتل رجلاً عمداً، فقتله آخر خطأ؟
قال أحمد: لأولياء المقتول عمداً، إن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا أخذوا الدية منه، [ظ-77/ب] فيصير دية المقتول خطأ لهؤلاء الذين قتل قتيلهم عمداً. 3
__________
1 سبق تحقيق ذلك فيما مضى بمسألة رقم (2438) .
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن نصر في اختلاف العلماء 64/ب، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/553، وابن قدامة في المغني 7/682.
3 قال ابن رجب: إذا قتل رجلاً عمداً، ثمّ قتل القاتل. قال أحمد في رواية ابن ثواب في رجل قتل عمداً، ثمّ قتل الرجل خطأً لهم الدية، قيل له وإن قتل عمداً؟ قال: وإن قتل =(7/3429)
..................................................................................................
__________
= عمداً. فقيل له: فإن قوماً يقولون: إنه إذا قتل إنما كان لهم دمه، وليس لهم الدية. قال: ليس كذلك الحديث أن أولياءه بالخيار إن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا قبلوا الدية، فقد نصّ على أن القاتل إذا قتل تعينت الدية في تركته، وعلل بأن الواجب بقتل العمد أحد شيئين، وقد فات أحدهما، فتعين الآخر.
وهذا يدلّ على أنّه لا يجب شيء إذا قلنا الواجب القود عيناً، وهذا يقوي على قولنا: إن الدية لا تثبت إلاّ بالتراضي. وخرج الشيخ تقي الدين وجهاً آخر، وقواه أنه يسقط الدية بموت القاتل، أو قتله بكل حال، معسراً كان أو موسراً، وسواء قلنا الواجب القود عيناً أو أحد شيئين، لأن الدية إنما تجب بإزاء العفو، وبعد موت القاتل لا عفو، فيكون موته كموت العبد الجاني.
والعجب من القاضي في خلافه، كيف حمل هذه الرواية على أن أولياء المقتول الأوّل يخيرون في القاتل الثاني بين أن يقتصوا منه، أو يأخذوا الدية، وتبعه على ذلك صاحب المحرر، فحكاه رواية، ومن تأمل لفظ الرواية علم أنها لا تدلّ على ذلك البتة.
وقال القاضي أيضاً في خلافه: الدية واجبة في التركة، سواء قلنا الواجب أحد شيئين، أو القصاص عيناً، وكلام أحمد يدلّ على خلاف ذلك كما رأيته.
وكذلك نصّ عليه في رواية ابن القاسم في الرجل يقتل عمداً، ثمّ يقدم ليقاد منه فيأتي رجل فيقتله، قال: الولي الأوّل بالخيار: إن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية، فلما ذهب الدم فينظر إلى أولياء هذا المقتول الثاني، فإن هم أخذوا الدية من القاتل الأخير فقد صار ميراثاً من ماله، ثمّ يعود أولياء الدم الأول فيأخذونها منهم بدم صاحبهم.
وكذلك نقل أبو الخطاب عن أحمد قال: إذا فاته الدم أخذ الدية من ماله إن كان له مال، لأنّه مخير إن شاء أخذ الدية، وإن شاء عفا، وهذا كلّه تصريح بالحكم والتعليل، وجعل المطالبة بالدية لأولياء القاتل الأول، لأنّ الدية في ماله.
[] القواعد لابن رجب ص 309-310، القاعدة الثامنة والثلاثون بعد المائة، والمبدع 8/992-300.
قال ابن قدامة: وإن مات القاتل وجبت الدية في تركته.
وقال المرداوي تعليقاً: وكذا لو قتل. وهذا هو الصحيح من المذهب، نصّ عليه.
المقنع 3/361، والإنصاف 10/6.(7/3430)
قال إسحاق: [كما قال] ، 1 لأنّ لأولياء المقتول أن يأخذوا قاتلهم بالعمد بالدية، فإن فاتهم لما قتل صاحبهم خطأً صارت له الدية. 2
[2467-] قلت: 3 ما أصيب من المملوك من شيء فهو على حساب ثمنه يوم يصاب؟
قال أحمد: نعم، يوم يصاب.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/146.
3 المسألة في العمرية ناقصة، وهي بلفظ "قلت: ما أصبت من المملوك يوم يصاب". قال إسحاق: كما قال.(7/3431)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2468-] قلت: عبد قتل حرّاً، فأعتقه سيده؟
قال أحمد: إذا علم السيّد بجناية عبده، فأعتقه، فالدية عليه، وإذا لم يعلم فعليه قيمة عبده، وصار العبد حرّاً. 2
__________
1 تقدم تحقيق مسألة شبيهة بهذه فيما مضى برقم (2438) .
2 قال القاضي أبو يعلى: إذا جنى العبد جناية تعلّقت برقبته فأعتقه سيده نفذ بعتقه، لأنّ أكثر ما فيه أنّه قد تعلق به حقّ الغير، وهذا لا يمنع العتق، كالعبد المرهون إذا عتقه سيده، وكالعبد المبيع في يد البائع إذا عتقه المشتري، وإذا نفذ عتقه تعلق أرش الجناية بذمة السيد، لأنّه بالعتق قد منع تسليمه، فهو كما لو قتله، أو منع من ذلك باستيلاد، وهل يلزمه أرش جميع الجناية، أم يلزمه قيمة العبد؟
على روايتين:
فنقل حرب في عبد قتل حرّاً، فأعتقه مولاه فعليه قيمته. وظاهر هذا أنّه لا يلزم أكثر من قيمته، سواء علم بالجناية، أو لم يعلم.
ونقل ابن منصور في عبد قتل حرّاً فأعتقه سيده: فإن كان عالماً بجناية عبده فأعتقه فالدية عليه، وإن لم يعلم فعليه قيمة عبده، وقد صار العبد حرّاً.
فظاهر هذا أنّه إن علم بالجناية ثمّ أعتقه، فعليه الدية، وإن زادت على قدر القيمة، وإن لم يعلم لم يلزمه أكثر من قدر القيمة.
[] الروايتين والوجهين 2/252-253، وكذا انظر: المغني 7/784، والمحرر 2/147، والفروع 6/23، والمبدع 8/364، والقواعد لابن رجب ص 309، القاعدة الثامنة والثلاثون بعد المائة والإنصاف 10/79.(7/3432)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2469-] قلت: جناية أمّ الولد، 2 والمدبر والمكاتب؟
قال [ع-103:ب] أحمد: أمّا أمّ الولد، فعلى السيّد، وإنّما يكون عليه قيمتها، 3 والمدبر إن شاء أسلمه بجنايته، وإلاّ
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/562.
2 في العمرية بلفظ "الوليد"، والصواب ما في الظاهرية.
3 قال الخرقي: وإذا جنت أمّ الولد فداها سيدها بقيمتها، أو دونها.
وقال ابن قدامة: وجملته أنّ أمّ الولد إذا جنت تعلق أرش جنايتها برقبتها، وعلى السيد أن يفديها بأقل الأمرين من قيمتها أو دونها، وبهذا قال الشافعي.
[] مختصر الخرقي ص 249-250، والمغني 9/546.
وانظر: المحرّر 2/12، ومسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/87، رقم 1548.
قال المرداوي تعليقاً: وهذا المذهب.
وعنه: عليه فداؤها بأرش الجناية كلّه، حكاها أبو بكر. فعلى المذهب: يفديها بقيمتها يوم الفداء. قاله الأصحاب.
وتجب قيمتها معيبة بعيب الاستيلاد.
[] الإنصاف 7/497-498.(7/3433)
فداه. 1
وأمّا 2 المكاتب، فإنّما جنايته عليه، يؤدّي إلى أهل الجناية أوّلاً، فإن عجز ردّ رقيقاً، وفداه السيد إن شاء، وإلاّ أسلمه. 3
__________
1 قال ابن قدامة: فأمّا سائر جناياته غير قتل سيده فلا تبطل تدبيره، لكن إن كانت جناية موجبة للمال، أو موجبة للقصاص فعفا الولي إلى مال تعلق المال برقبته.
فمن جوز بيعه جعل سيده بالخيار بين تسليمه فيباع في الجناية، وبين فدائه.
فإن سلمه في الجناية فبيع فيها بطل تدبيره، وإن عاد إلى سيده عاد تدبيره، وإن اختار فداءه، وفداه بما يفدى به العبد، فهو مدبر بحاله. ومن لم يجز بيعه عين فداءه على سيده، كأمّ الولد، وإن كانت الجناية موجبة للقصاص فاقتصّ منه في النفس، بطل تدبيره، وإن اقتصّ منه في الطرف، فهو مدبر بحاله، وإذا مات سيده بعد جنايته وقبل استيفائها عتق على كلّ حال، سواء كانت موجبة للمال أو قصاص، لأنّ صفة العتق وجدت فيه، فأشبه ما لو باشره به.
فإن كان الواجب قصاصاً استوفي، سواء كانت جنايته على عبد أو حرّ، لأنّ القصاص قد استقرّ وجوبه عليه في حال رقّه، فلا يسقط بحدوث الحرّية فيه.
وإن كان الواجب عليه مالاً في رقبته فدى بأقلّ الأمرين من قيمته، أو أرش جنايته، وإن جنى على المدبر فأرش الجناية لسيده، فإن كانت الجناية على نفسه وجبت قيمته لسيده، وبطل التدبير بهلاكه.
[] المغني 9/408-409.
2 في العمرية بلفظ "وإنّما"، والصواب ما في الظاهرية.
3 نقل ابن المنذر قول الإمام أحمد رحمه الله فقال: وقال أحمد: في المكاتب يجني يؤدي =(7/3434)
.................................................................................................
__________
= يؤدي إلى أهل الجناية أوّلاً، فإن عجز ردّ رقيقاً، وفداه السيد إن شاء، وإلاّ أسلمه.
الأوسط، كتاب الديات 2/573.
قال الخرقي: وإذا جنى المكاتب بدئ بجنايته قبل كتابته، فإن عجز كان سيده مخيراً بين أن يفديه بقيمته إن كانت أقل من جنايته، أو يسلمه.
وقال ابن قدامة: وجملة ذلك: أنّ المكاتب إذا جنى جناية موجبة للمال تعلق أرشها برقبته، ويؤدى من المال الذي في يده. وبهذا قال الحسن، والحكم، وحماد، والأوزاعي، ومالك، والحسن بن صالح، والشافعي وأبو ثور.
مختصر الخرقي ص 246، والمغني 9/473.
وقال المرداوي: هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، ونقله ابن منصور، وغيره.
ونقل الأثرم: جنايته في رقبته، يفديه إن شاء. قال أبو بكر: وبه أقول.
الإنصاف 7/473.
ونقل الخطابي: أجمع عامّة الفقهاء على أنّ المكاتب عبد ما بقي عليه درهم في جنايته، والجناية عليه. معالم السنن 4/706.
روى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم".
سنن أبي داود في العتق، باب في المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت 4/242، رقم 3926، وهو في السنن الكبرى للبيهقي 10/324.
وقال الألباني: هذا إسناد حسن، رجاله كلّهم ثقات وعمرو بن شعيب فيه الخلاف المشهور، وإسماعيل بن عيّاش ثقة في الشاميين، وهذا منه، فإن سليمان بن سليم شامي أيضاً، وقد تابعه جماعة بمعناه. إرواء الغليل 6/119.(7/3435)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2470-] قلت: قال سفيان: في دار بين مكاتب، 2 ومدبر، وأمّ ولد، وجدوا فيه قتيلاً؟
قال سفيان: ثلث الدية على المكاتب، وأمّ الولد والمدبّر على عاقلة السيّد. 3
قال أحمد: هذا قسامة، إلاّ أنّهم يقتسمون على واحد، لا يقتسمون على أكثر من واحد، 4 لأنّ النبيّ صلّى الله عليه
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/583، 579، 573.
2 في العمرية بلفظ "مدبر ومكاتب".
3 لم أعثر على هذا النقل.
4 قال الكلوذاني: ونقل عنه ابن منصور في دار بين مكاتب، ومدبر، وأمّ ولد، وجد فيها قتيل، يقسمون، وظاهر هذا أنّ اللوث وجود سبب توجب غلبة الظنّ.
نقل ابن مفلح فقال: قال أحمد: ولا قسامة على أكثر من واحد، إنّما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: "تستحقون دم صاحبكم".
وقال ابن قدامة: لا يختلف المذهب أنّه لا يستحقّ بالقسامة أكثر من قتل واحد. وبهذا قال الزهري، ومالك وبعض أصحاب الشافعي.
[] الهداية للكلوذاني 2/96، والفروع 6/47-48، والمغني 8/88.
وقال المرداوي: فإن كانت الدعوى عمداً محضاً لم يقسموا إلاّ على واحد معين، ويستحقون دمه. وهذا بلا نزاع.
وعنه: لهم القسامة على جماعة معينين، ويستحقون الدية.
الإنصاف 10/145.(7/3436)
وسلّم قال: "تقسمون فتستحقون قاتلكم". 1
قال إسحاق: هو على الدية، وليس على العمد، لأنّي لا أقيد بالقسامة أحداً. 2 لقول عمر [رضي الله عنه:] يوجب العقل
__________
1 روى البخاري ومسلم عن سهل بن أبي حثمة، ورافع بن خديج وفيه: فذكروا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم مقتل عبد الله بن سهل فقال لهم: "أتحلفون خمسين يميناً فتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم"؟
قالوا: كيف نحلف ولم نشاهد؟ وفي لفظ: يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته، قالوا: أمر لم نشهده كيف نحلف؟ قال: فيحلف لكم يهود. قالوا: ليسوا بمسلمين. وفي لفظ: كيف نقبل أيمان كفار؟ فوداه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: بمائة من إبل الصدقة.
رواه البخاري في الأدب، باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال 7/106، وفي الديات، باب القسامة 8/42، وفي الأحكام، باب كتاب الحاكم إلى عماله 8/119، ومسلم في القسامة، باب القسامة 2/1291، رقم 1669.
2 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 3/610، والخطابي في معالم السنن 4/657.
والرواية الثانية عن الإمام إسحاق رحمه الله بإيجاب القود إذا كملت شروطها، كما ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح 12/235.(7/3437)
ولا يشيط الدم. 1
[2471-] قلت: رجل أمر مملوكَ رجلٍ أن يقتل سيّده فقتله؟
قال: يضمن قيمة المملوك.
قال أحمد: وليس 2 عليه إلاّ الإثم، والعبد إن شاؤوا قتلوه، وإن شاؤوا تركوه. 3
قال إسحاق: كما قال.
[2472-] قلت: إذا امتص الحجام فزاد 4 فمات
__________
1 روى البيهقي وغيره: أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: القسامة توجب العقل ولا تشيط الدم.
أخرجه عبد الرزّاق في مصنّفه 10/41، رقم 18286، وابن أبي شيبة في مصنّفه 9/387، رقم 7880، والبيهقي في السنن الكبرى 8/129.
وقال البيهقي: هذا منقطع.
2 في العمرية سقط لفظ "و".
3 قال ابن مفلح: ونقل ابن منصور: إن أمر عبداً بقتل سيده فقتل: أثم. وإن في ضمان قيمته روايتين. ويحتمل إن خاف السلطان قتلا.
الفروع 5/633، والإنصاف 9/455.
4 المراد بالزيادة هنا المقصود بها الخطأ، أمّا إذا قال: عمدت الزيادة، فيكون حكمه حكم العمد.(7/3438)
[الرجل] ، 1 فعلى من الدية؟
قال أحمد: على عاقلة الحجام. إن هو أخطأ.
قلت: فإن زاد الحجام ولم يمت الرجل؟
قال: إن زاد ولم يمت فهو خطأ، فهو على عاقلة الحجام أيضاً.
قال إسحاق: هكذا هو. 2
[2473-] قلت 3 لأحمد: 4 إذا اجتمع ثلاثة فقطعوا يد رجل؟
قال: تقطع أيديهم بيد رجل. 5
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 راجع المسألة، رقم (2392) .
3 هذه المسألة في العمرية متأخّرة بمسألتين من ترتيب الظاهرية.
4 في العمرية بلفظ "قال أحمد".
5 قال الخرقي: وإذا قطعوا يداً، قطعت نظيرها من كلّ واحد منهم.
وقال ابن قدامة: وجملته: أنّ الجماعة إذا اشتركوا في جرح موجب للقصاص، وجب القصاص على جميعهم، وبه قال مالك، والشافعي، وإسحاق وأبو ثور.
وقال الحسن، والزهري، والثوري، وأصحاب الرأي، وابن المنذر: لا نقطع يدين بيد واحدة، ويتعيّن ذلك وجهاً في مذهب أحمد، لأنّه روي عنه: أنّ الجماعة لا يقتلون بالواحد.
مختصر الخرقي: ص 175، والمغني 7/674، وكذا انظر: المبدع 8/323، والمحرّر 2/130، والفروع 5/657.
وقال في المقنع: فعلى جميعهم القصاص في إحدى الروايتين.
قال المرداوي: وهو المذهب. الإنصاف 10/29.(7/3439)
قال إسحاق: قد ذهب مذهباً على نبأ علي [رضي الله عنه] ، 1 وأعجبني مذهبه. 2
[2474-] قلت لأحمد: 3 عبد قال لحرّ: شجني، فشجه؟
__________
1 نصّ قول علي رضي الله عنه عن الشعبي: أنّ رجلين أتيا عليّاً، فشهدا على رجل أنّه سرق فقطع يده، ثمّ أتيا بآخر فقالا: هذا الذي سرق، وأخطأنا على الأوّل. فلم يجز شهادتهما على الآخر، وأغرمهما دية الأوّل وقال: "لو أعلم أنّكما تعمّدتما لقطعتكما".
[] رواه البخاري تعليقاً في الديات، فتح الباري 12/226-227، وهو في سنن الدارقطني في الحدود والديات 3/182، ومصنّف ابن أبي شيبة 9/408، رقم 7940، عن علي، والسنن الكبرى للبيهقي 8/41.
وقال الحافظ ابن حجر: وصله الشافعي عن سفيان بن عيينة عن مطرف بن طريف عن الشافعي، وإسناده صحيح. تلخيص الحبير 4/23.
2 نقل ابن المنذر فقال: قالت طائفة: لا فرق بين النفس وبين الأطراف التي فيها القصاص، إذا قطع الاثنان يد رجل معاً، قطعت أيديهما معاً، وكذلك أكثر من اثنين. هكذا قال الشافعي، به قال أحمد، وإسحاق وأبو ثور.
الأوسط، كتاب الديات 1/74، وكذا حكاه عنه ابن قدامة في المغني 7/674.
3 في العمرية سقط لفظ "لأحمد"(7/3440)
قال: 1 يضمن [ع-104/أ] الشجة. 2
قال إسحاق: كما قال.
[2475-] قلت لأحمد 3: جناية المجنون عمده وخطؤه على عاقلته؟
قال: على عاقلته. 4
__________
1 في العمرية بإضافة لفظ "أحمد".
2 "إذا قال العبد لغيره: اقتلني، أو اجرحني، ففعل" ضمن الفاعل لسيده بمال فقط. نصّ عليه.
انظر: المحرّر 2/125، والفروع 5/633، والمبدع 8/258، وكشاف القناع 5/518، والإنصاف 9/455.
3 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
4 قال المرداوي: عمد المجنون خطأ تحمله العاقلة بلا نزاع. الإنصاف 10/133.
لما روت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم, وعن المجنون حتى يعقل".
رواه الإمام أحمد في مسنده 6/100, 101, 144، وأبو داود في سننه في الحدود، باب في المجنون يسرق, أو يصيب حدا 4/558، رقم 4398. والنسائي في سننه في الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج 6/156. وابن ماجة في سننه في الطلاق، باب طلاق المعتوه والصغير والنائم 1/658، رقم 2041. والدارمي في الحدود، باب رفع القلم عن ثلاثة 1/567. والحاكم في المستدرك 2/59 وقال: صحيح على شرط مسلم.(7/3441)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2476-] قلت: صبي ومجنون قتلا أباهما؟
قال: لا يرثان 2 [و] 3 ديته على عاقلة الأب. 4
قال إسحاق: كما قال. 5
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/436.
2 تقدم فيما مضى بمسألة، رقم (2442) .
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 قال ابن مفلح: عمد الصبي والمجنون خطأ. نص عليه في رواية ابن منصور, لأنه لا يتحقق منهما كمال القصد, فوجب أن يكون كخطأ البالغ تحمله العاقلة, لأنه لا يوجد القود, فحملته كغيره.
وعنه: في الصبي العاقل: أن عمده في ماله, لأنه عمد يجوز تأديبه عليه, أشبه البالغ العاقل, والمراد به المميز.
المبدع 9/26, وانظر: المغني 7/776, وكذا مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود ص 224, والروايتين والوجهين 2/285.
قال المرداوي تعليقاً: عمد المجنون خطأ تحمله العاقلة بلا نزاع، وكذلك الصبي على الصحيح من المذهب مطلقاً. وعنه في الصبي العاقل: أن عمده في ماله. الإنصاف 10/133.
5 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط, كتاب الديات 2/436.(7/3442)
[2477-] قلت: الحائط المائل يجبر صاحبه على نقضه؟
قال: يجبر على نقضه. 1
قال: إسحاق: شديدا.
[2478-] قلت: إذا أشهدوا على صاحبه يضمن إن أصاب؟
قال: إن أشهد عليه فأصاب إنساناً لم أرَ 2 عليه شيئا. 3
__________
1 قال ابن قدامة: إن كان ميل الحائط إلى ملك آدمي معين إما واحد وإما جماعة فلهم المطالبة بازالته, فإذا لم يزله ضمن، إلا أن المطالبة للمالك, أو ساكن الملك الذي مال إليه دون غيره, وإن كان لجماعة فأيهم طالب وجب النقض بمطالبته, كما لو طالب واحد بنقض المائل إلى الطريق, إلا أنه متى طالب, ثم أجله صاحب الملك, أو أبرأه منه, أو فعل ذلك ساكن الدار التي مال إليها جاز, لأن الحق له وهو يملك إسقاطه, وإن مال إلى درب غير نافذ فالحق لأهل الدرب والمطالبة لهم, لأن الملك لهم, ويلزم النقض بمطالبة أحدهم ولا يبرأ بابرائه وتأجيله, إلا أن يرضى بذلك جميعهم, لأن الحق لجميعهم.
[] المغني 7/829, والإنصاف 6/233, وكذا انظر: القواعد لابن رجب ص 205-206, القاعدة التاسعة والثمانون.
2 في العمرية بلفظ "أرى"، وهو خطأ مخالف للقواعد العربية، والصواب ما في الظاهرية.
3 قال ابن قدامة: وإن مال حائطه فلم يهدمه حتى أتلف شيئاً لم يضمنه. نص عليه. وأومأ في موضع: أنه إن تقدم إليه بنقضه, وأشهد عليه فلم يفعل ضمن.
ونقل المرداوي فقال: قال الحارثي في شرحه: والذي عليه متأخرو الأصحاب- القاضي ومن بعده- أن الأصح من المذهب عدم الضمان.
قال: وأصل ذلك قول القاضي في المجرد: المنصوص عنه في رواية ابن منصور: لا ضمان عليه, سواء طولب بنقضه, أو لم يطالب.
وأومأ في موضع: أنه إن تقدم إليه بنقضه, وأشهد عليه فلم يفعل ضمن.
وهذا الإيماء ذكره ابن بختان, وابن هانئ, ونص على ذلك في رواية إسحاق ابن منصور. ذكره أبو بكر في زاد المسافر.
قال الحارثي: وهذه الرواية هي المذهب, ولم يورد ابن أبي موسى سواها.
قال في الفروع: وعنه إن طالبه مستحق بنقضه فأبى- مع إمكانه- ضمنه. اختاره جماعة, وقدمه في النظم.
قال المصنف, والشارح: وأما إن طولب بنقضه, فلم يفعل فقد توقف الإمام أحمد رحمه الله عن الجواب فيها. وقال أصحابنا: يضمن.
وقد أومأ إليه الإمام أحمد- رحمه الله تعالى- والتفريع عليه، وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
[] المقنع 2/254-255, والإنصاف 6/231-232, والمغني 7/828, والفروع 4/520, والكافي 4/63.(7/3443)
قال إسحاق: كلما كان مائلاً علم بذلك, أشهد عليه, أو لم يشهد [عليه] 1 فأصاب إنساناً ضمن. 2
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 نقل ابن المنذر فقال: وقالت طائفة: يضمن ما أصاب الحائط، أشهد عليه أو لم يشهد, وهذا قول إسحاق بن راهوية, وهكذا قال أبو ثور: إذ أعلم بميل الحائط فتركه.
الأوسط، كتاب الديات 2/464, وكذا انظر: المحلى لابن حزم 10/527, والمغني لابن قدامة 7/828.(7/3444)
قال إسحاق: وقال هؤلاء: ما لم يشهد على صاحب الحائط المائل لم يضمن، 1 وقد أخطؤوا في ذلك, كما أخطؤوا في رجل نام في المسجد فدخل إنسان فعطب 2 به.
قال: يضمن النائم إن كان من غير المحلة, وإن كان من أهل المحلة لم يضمن.
__________
1 ممن قال بهذا: الحسن, والنخعي, وقتادة, وشريح, وأصحاب الرأي، والثوري، ومالك.
انظر: مصنف عبد الرزاق 10/70، رقم 18395, 18396, 18397, ومصنف ابن أبي شيبة 9/333، رقم [7687, 7688, 7690] والأوسط، كتاب الديات لابن المنذر 2/464-465, والمحلى لابن حزم 10/527-528, والأصل لمحمد بن الحسن الشيباني 4/573, والمدونة الكبرى 6/447, وتكملة المجموع 19/23.
2 العطب: هو الهلاك. يكون في الناس وغيرهم, وقد عطب بكسر الطاء, وأعطبه: أي أهلكه, وعطب الفرس والبعير: انكسر.
انظر: الصحاح 1/184, واللسان 1/610.(7/3445)
قالوا: وكذلك إذا تقرب رجل 1 إلى الله [عز وجل] فبسط 2 في المسجد 3 بورياً، 4 أو علق قنديلاً, أو ما أشبه ذلك فعطب إنسان به.
قالوا: إن كان من غير أهل المحلة ضمن, وإن كان من أهل المحلة لم يضمن, وهذه زلة عظيمة وجرة، 5 أهل المحلة وغيرهم سواء في كل شيء تقربوا إلى الله [عز وجل] ، لا ضمان عليهم. 6
__________
1 في العمرية بلفظ "الرجل".
2 في العمرية بلفظ "بأن بسط".
3 في العمرية بلفظ "مسجد".
4 البوري والباري: هو الحصير المنسوج من القصب.
انظر: الصحاح 2/598, واللسان 4/87.
5 الجرأة مثل الجرعة: الشجاعة, وقد يترك همزة فيقال الجرة مثل الكرة كما قالوا: للمرأة: مرة. والجريء: المقدام هو من الجرأة، والإقدام على الشيء-أي متسلطين غير هائبين-.
الصحاح 1/40, واللسان 1/44. قلت: وما بعده جملة مستأنفة.
6 قال ابن قدامة: وإن بسط في مسجد حصيراً, أو علق فيه قنديلاً، لم يضمن ما تلف به.
قال المرداوي تعليقا: هذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب.
قال في الفروع: اختاره الأكثر.
[] المقنع 2/254, والإنصاف 6/228, والفروع 4/520, وكذا راجع: المغني 7/724-725.(7/3446)
[2479-] قلت: البوري, والحجر, والعمود, وأشباه ذلك يكون بالطريق؟
قال أحمد: كلما كان في غير حقهم يضمن ما أصاب. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
__________
1 ويجب الضمان بالسبب, كما يجب بالمباشرة, فإذا حفر بئراً في طريق لغير مصلحة المسلمين, أو في ملك غيره بغير إذنه, أو وضع في ذلك حجراً, أو حديدة, أو صب فيه ماء, أو وضع فيه قشر بطيخ, أو نحوه وهلك فيه إنسان, أو دابة ضمنه, لأنه تلف بعدوانه فضمنه, كما لو جنى عليه.
روى عن شريح أنه ضمن رجلاً حفر بئراً فوقع فيها رجل, فمات, وروي ذلك عن علي رضي الله عنه، وبه قال النخعي, والشعبي, وحماد والثوري, والشافعي, وإسحاق.
المغني 7/822.
وكذا انظر: الفروع 4/518, والأوسط، كتاب الديات2/448.
وقال المرداوي: لو ترك طيناً في طريق فزلق فيه إنسان, أو خشبة, أو عموداً, أو حجراً, أو كيس دراهم نص عليه. الإنصاف 6/221.
2 قول الإمام إسحاق-رحمه الله- حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/448, وابن قدامة في المغني 7/822.(7/3447)
[2480-] قلت: صبي 1 قتل حميما 2 له عمداً يستأنى به؟
قال أحمد: إي لعمري، يستأنى به. 3
قال إسحاق: كما قال.
[2481-] قلت: إن 4 أصاب 5 بهيمة إنسان؟
قال أحمد: من قتل البهيمة فهو ضامن 6 لها 7 على
__________
1 في العمرية سقط لفظ "صبي".
2 في العمرية بلفظ "حميم"، والصواب ما في الظاهرية, لأنه مفعول.
3 لم يظهر لي وجه الاستيناء, لأن خطأ الصبي, وكذا عمده على العاقلة, لأنه لا يتحقق من الصغير كمال القصد, فوجب أن يكون كخطأ البالغ, ولأنه لا يوجب القود, ولهذا لا فائدة للاستيناء إلا إذا كان يريد بالاستيناء التعزير, ينتظر, ويتوقف سنة ويؤدب على فعله, فيكون له رادعاً وزاجراً.
4 في العمرية بلفظ "فإن".
5 في العمرية بلفظ "أصابت".
6 في العمرية سقط لفظ "لها".
7 قال ابن هانىء سألت أبا عبد الله عن ناقة انفلتت فقتلت صبياً, فعدا أبو الصبي فقتلها؟ قال: إذا كانت انفلتت لا يملكها, يغرم أبوه ثمن الناقة. مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانىء 2/88، رقم 1554.
قال ابن رجب في القاعدة السابعة والعشرين: لو دفع صائلاً عليه بالقتل: لم يضمنه, ولو دفعه عن غيره بالقتل ضمنه. ذكره القاضي. وفي الفتاوى الرحبيات عن ابن عقيل وابن الزاغوني: لا ضمان عليه أيضاً. القواعد ص 37.
وقال المرداوي: فائدة: لو قتل البهيمة حيث قلنا له قتلها فلا ضمان عليه. على الصحيح من المذهب. وعليه الأصحاب.
الإنصاف 10/307, وكذا راجع الإنصاف 6/243.(7/3448)
حديث 1 عمر [رضي الله عنه] .
قال إسحاق: كما قال.
[2482-] قلت: يضمن القائد, والسائق, والراكب؟
قال أحمد: يضمنون إذا كانوا يسوقون, أو يقودون، لأن عليهم حفظها. 2
__________
1 روى ابن أبي شيبة وغيره: قال حدثنا ابن عيينة عن الأسود بن قيس عن الحي: أن غلاماً من قومه دخل على نجيبة لزيد بن صوحان في داره فخبطته, فقتلته, فجاء أبوه بالسيف فعقرها, فرفع ذلك إلى عمر, فأهدر دم الغلام, وضمن أباه ثمن النجيبة.
مصنف ابن أبي شيبة 9/273، رقم 7432, وهو في مصنف عبد الرزاق 10/67، رقم 18381, والمحلى لابن حزم 8/145, وكنز العمال 7/298، رقم 3455.
2 قال الخرقي: وما جنت الدابة بيدها ضمن راكبها ما أصابت من نفس, أو جرح, أو مال, وكذلك إن قادها, أو ساقها.
وقال ابن مفلح: ويضمن سائق, وقائد, وراكب متصرف فيها.
مختصر الخرقي ص 197, والفروع 4/522, والمغني 8/338, والمحرر 2/162, والروايتين والوجهين 2/349, والمبدع 5/198, والإنصاف 6/236.
وقال المرداوي تعليقاً: يعني: إذا كان قادراً على التصرف فيها, فيضمن ما جنت يدها, أو فمها دون ما جنت رجلها. وهذا المذهب.
لما روى ابن أبي شيبة عن علي: "أنه كان يضمن القائد والسائق والراكب".
مصنف ابن أبي شيبة 9/259، رقم 7360, وهو في الأوسط، كتاب الديات 2/456.(7/3449)
قال إسحاق: كما قال.
[2483-] قلت: إذا كبح 1 باللجام, أو لم يكبحها، فأصابت برجلها إنساناً؟
قال أحمد: إذا كان عليه 2 هو ضمن، 3 وإذا لم يكبحها فليس يضمن وعليه ما أوطت, وأما ما 4 أصابت برجلها فليس عليه. 5
__________
1 كبح الدابة: جذبها إليه باللجام, وضرب فاها به كي تقف, ولا تجري. الصحاح 1/398, واللسان 2/568.
2 المراد بالضمير "عليه" معنى الدابة- أي على المركوب-.
3 في العمرية بلفظ "يضمن".
4 في العمرية بحذف لفظ "ما"، وإضافة لفظ "إذا" مكانه.
5 قال الخرقي: وما جنت برجلها فلا ضمان عليه.
وقال ابن مفلح: ونقل أبو طالب: لا يضمن ما أصابت برجلها, أو نفحت بها, لأنه لا يقدر على حبسها, وهو ظاهر كلام جماعة. وعنه: يضمن سائق جناية رجلها, ولا ضمان بذنبها على الأصح. قال أبو البركات: فيضمن ما جنت بيدها, أو فمها, ووطء رجلها دون نفحها ابتداء, ويضمن نفحها, لكبحها باللجام ونحوه, ولو أنه لمصلحة.
[] مختصر الخرقي ص 197, والمغني 8/339, والفروع 4/522-523, والمبدع 5/198, والمحرر 2/162, والإنصاف 6/237.
وكذا انظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/88، رقم 1553.(7/3450)
قال إسحاق: كما قال.
[2484-] قلت: 1 ثلاثة نفر قتلوا رجلاً؟
قال: ولي المقتول مخير: يقتل من شاء, ويعفو عمن شاء, ويأخذ الدية ممن شاء. قال إسحاق: كما بينا. 2
[2485-] قلت: رجل قتل ثلاثة؟
قال: الأولياء بالخيار: من شاء منهم قتله, ومن شاء عفا عنه
__________
1 المسألة في العمرية مبتورة, وهي بالعبارة الآتية: "قلت: ثلاثة نفر قتلوا رجلاً؟ " قال: الدية ممن شاء. قال إسحاق: كما بينا".
2 تقدم فيما مضى بمسألة، رقم (2459) .(7/3451)
ومن شاء أخذ الدية كلهم على حقه, إنما هذا شيء وجب له في ماله. 1
قال إسحاق: لهم إذا اجتمعوا وهم أولياء الثلاثة أن يقتلوه وإن 2 اختلفوا [ظ-78/أ] فقال [ع-104/ب] بعضهم: أقتل, وقال بعضهم: 3 أريد الدية، [فلهم] 4 إذا اجتمعوا أخذ الدية, لأن 5 لهم الخيار في أخذ الدية أو القود على حديث 6
__________
1 قال الكلوذاني: وإذا قتل واحد جماعة, فحضر أولياء الجميع وطلبوا القصاص, قتل لهم, ولم يستحقوا غير ذلك, وإن طلب بعضهم القصاص وبعضهم الدية, أقيد لمن طلب القصاص, وأعطي الباقون كل واحد دية موروثة.
الهداية 2/78, والإقناع 4/186, والأحكام السلطانية ص 275, وكذا انظر: المغني 7/699, والفروع 5/665, [] والمبدع 8/294-295, وغاية المنتهي 3/260, والإنصاف 9/494.
2 في العمرية بلفظ "فإن".
3 في العمرية بتكرار لفظ "قال بعضهم".
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
5 في العمرية بلفظ "لأن الخيار لهم".
6 حديث أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه:
روى سعيد بن أبي سعيد المقبري, عن أبي شريح الخزاعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ثم أنكم معشر خزاعة قتلتم هذا الرجل من هذيل, وإني عاقله, فمن قتل له قتيل بعد اليوم فأهله بين خيرتين, إما أن يقتلوا أو يأخذواالعقل". =(7/3452)
..................................................................................................
__________
= أخرجه الإمام أحمد في مسنده 6/385, وهو في سنن أبي داود في الديات، باب ولي العمد يرضى بالدية [4/643-645،] رقم 4504.
وسنن الترمذي في الديات، باب ما جاء في حكم ولي القتيل في القصاص والعفو 4/21، رقم 1406 وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
والسنن الكبرى للبيهقي 8/52.
وله إسناد آخر, وهو الطريق الثانية: عن سفيان بن أبي العوجاء عن أبي شريح الخزاعي قال: سمعت رسول الله صلى الله وسلم يقول: "من أصيب بدم أو خبل -الخبل الجراح- فهو بالخيار بين إحدى ثلاث, إما أن يقتص, أو يأخذ العقل, أو يعفو. فإن أراد رابعة فخذوا على يديه, فإن فعل شيئاً من ذلك, ثم عدا بعد فقتل, فله النار خالداً فيها مخلداً". أخرجه الإمام أحمد في مسنده 4/31.
وهو في سنن أبي داود في الديات، باب الإمام يأمر بالعفو في الدم 4/636، رقم 4496. وسنن ابن ماجه في الديات، باب من قتل له قتيل فهو بالخيار بين إحدى ثلاث 2/876، رقم 2623. وسنن الدارمي في الديات، باب الدية في قتل العمد 1/584.
والطريق الثالث: عن مسلم بن يزيد، أحد بني سعد بن بكر أنه سمع أبا شريح الخزاعي، ثم الكعبي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: فذكره نحو ما في الطريق الأولى دون قوله: "ثم إنكم معشر خزاعة".
[] أخرجه الإمام أحمد في مسنده 4/31-32، والبيهقي في السنن الكبرى 8/71 عن يونس عن الزهري عنه، [] ورجاله ثقات رجال الشيخين، غير مسلم بن يزيد، وهو مقبول عند ابن حجر. راجع إرواء الغليل 7/276-278.(7/3453)
أبي شريح 1 الخزاعي [رضي الله عنه] .
[2486-] قلت: إلى قدركم تنفى المرأة والرجل؟
قال: على 2 قدر ما يقصر فيه الصلاة. 3
__________
1 هو أبو شريح الخزاعي الكعبي، قيل اسمه خويلد بن عمرو، وقيل العكس، وقيل عبد الرحمن ابن عمرو، وقيل هانئ، وقيل كعب، والمشهورالأول.
أسلم قبل الفتح، وكان يحمل لواء خزاعة يوم الفتح. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن ابن مسعود، وعنه أبو سعيد المقبري ونافع بن جبير بن مطعم، وسفيان بن أبي العوجاء، قال ابن سعد: مات بالمدينة سنة ثمان وستين، وقيل غير ذلك.
[] انظر ترجمته في: ط خليفة ص 108، والإصابة 4/101-102، والاستيعاب 4/102-103، وأسد الغابة [2/128،] والجرح والتعديل 3/398، والتهذيب 12/125-126، وشذرات الذهب 1/76.
2 في العمرية سقط لفظ "على".
3 نقل ابن المنذر قول الإمام أحمد -رحمه الله- فقال: واختلف فيه عن أحمد بن حنبل فحكى إسحاق بن منصور [] عنه أنه قال: تنفى المرأة والرجل إلى قدر ما يقصر فيه الصلاة. الأوسط، كتاب الحدود 2/592-593.
قال ابن قدامة: ويغرب الرجل إلى مسافة القصر، لأن ما دونها في حكم الحضر، بدليل أنه لا يثبت في حقه أحكام المسافرين، ولا يستبيح شيئاً من رخصهم، فأما المرأة فإن خرج معها محرمها نفيت إلى مسافة القصر، وإن لم يخرج معها محرمها فقد نقل عن أحمد: أنها تغرب إلى مسافة القصر كالرجل. وهذا مذهب الشافعي.
وروي عن أحمد: أنها تغرب إلى ما دون مسافة القصر، لتقرب من أهلها، فيحفظوها، ويحتمل كلام أحمد أن لا يشترط في التغريب مسافة القصر، فإنه قال في رواية الأثرم: ينفى من عمله إلى عمل غيره.
[] المغني 8/168-169، وكذا انظر: المقنع 3/454، والأحكام السلطانية ص 263، والمحرر 2/152، [] [] والشرح الكبير 10/167-168، والفروع 6/69، والمبدع 9/64-65، والهداية للكلوذاني 2/98، وكشاف القناع 6/92.
وقال في الإنصاف: وإن زنى الحر غير المحصن: جلد مائة جلدة، وغرب عاماً إلى مسافة القصر.
وقال المرداوي تعليقاً: وهذا المذهب، سواء كان المغرب رجلاً أو إمرأة.
وعنه: لا يجب غير الجلد. نقله أبو الحارث والميموني، قاله في الإنتصار.
[] وقال في عيون المسائل عن الإمام أحمد -رحمه الله- لا يجمع بينهما، إلا أن يراه الإمام تعزيراً 10/173-174.(7/3454)
[قال 1 إسحاق: كلما نفي من مصر إلى مصر جاز، وإن كان بينهما ما لا يقصر فيه الصلاة] . 2
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 قول الإمام إسحاق-رحمه الله- نقله ابن المنذر فقال: وقال إسحاق بن راهوية: كلما نفي من مصر إلى مصر جاز، وإن كان ما لا يقصر فيه الصلاة.
الأوسط، كتاب الحدود 2/593، وابن ناصر في تجريد المسائل 1/215، وابن قدامة في المغني 8/169، والشرح الكبير 10/168، وفي حاشية المقنع 3/454.(7/3455)
[2487-] قلت: حد المرأة مثل حد الرجل في العدد؟
قال: نعم. 1
ولكن 2 الضرب يختلف، لا تمد، ولا تجرد، 3 وتضرب وهي قاعدة. 4
__________
1 لقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ... } سورة النور آية 2.
ولما روى عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني، فقد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم". رواه مسلم- حديث، رقم 1690.
2 في العمرية سقط لفظ "لكن".
3 في العمرية سقط لفظ "و".
4 قال الكلوذاني: ويقام الحد بسوط لا جديد، ولا خلق، ولا يمد المحدود، ولا تُشَدُّ يده، ولا يجرد، بل يكون عليه القميص والقميصان ولا يبالغ في ضربه بحيث يشق الجلد، ويضرب الرجل قائماً، ويفرق الضرب على أعضائه، إلا الرأس والوجه والفرج، وموضع المقتل، على ظاهر كلام الخرقي. وروى عنه حنبل: أنه يضرب قاعداً، فعلى هذا يضرب ظهره وما قاربه، ولا تجلد المرأة إلا جالسة في شيء يستر عليها، وتمسك امرأة ثيابها.
الهداية 2/100، وكذا انظر: المقنع 3/445، والمغني 8/313، 314، 315، والفروع 6/56، والمحرر [2/164،] والمبدع 9/48 وكشاف القناع 6/81، والإنصاف 10/155-157.(7/3456)
قال إسحاق: كما قال، وكذلك الرجل لا يمد. 1
[2488-] قلت: رجل قلع سن رجل؟ 2
قال: يقلع سنه. 3
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/535، 538، 540، وابن حجر في الفتح 12/157، وابن ناصر في تجريد المسائل 2/214.
2 في العمرية سقط لفظ "رجل".
3 قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على القصاص في السن للآية، وحديث الرُّبَيِّع، ولأن القصاص فيها ممكن، لأنها محدودة في نفسها فوجب فيها القصاص، كالعين. المغني 7/720.
لقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} . سورة المائدة، آية 45.
ولما روى أنس رضي الله عنه أن الربيع بنت النضر-عمته- كسرت ثنية جارية، فطلبوا إليها العفو، فأبوا، فعرضوا الأرش فأبوا، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنس بن النضر: يا رسول الله أتكسر ثنية الربيع؟ لا، والذي بعثك بالحق، لا تكسر ثنيتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا أنس، كتاب الله القصاص".
متفق عليه، واللفظ للبخاري. صحيح البخاري مع الفتح 5/306، ومسلم، حديث رقم 1675.(7/3457)
قلت: 1 فقلع عينه؟
قال: العين لا تضبط أن تقلع مثل ما قلع، ولكن تُحْمَى لها المرآة. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
__________
1 في العمرية بلفظ "قال".
2 قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على القصاص في العين، ومما بلغنا قوله في ذلك مسروق، والحسن، وابن سيرين، والشعبي، والنخعي، والزهري، والثوري، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وروى عن علي-رضي الله-. المغني 7/715.
لما روى ابن المنذر قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا حجاج قال حدثنا حماد عن الحجاج، عن الحكم بن عتيبة، عن يحيى بن جعدة: أن أعرابياً قدم بحلوبة له المدينة، فساومه مولى لعثمان بن عفان، فنازعه فلطمه ففقأ عينه، فقال له عثمان: هل لك أن أضعف لك الدية، وتعفو عنه؟ فأبى فرفعهما إلى علي بن أبي طالب، فدعا علي بمرآة فأحماها، ثم وضع القطن على عينه الأخرى، ثم أخذ المرآة بكلبتين بأدناها من عينه حتى سال إنسان عينه.
الأوسط، كتاب الحدود 2/309، وله شاهد في مصنف عبد الرزاق 9/328، رقم 17414 من طريق معمر عن رجل عن الحكم بن عتيبة فذكره بغير هذا اللفظ.
وكذا انظر: أحكام القرآن لابن العربي 2/628، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/195.
3 قول الإمام إسحاق-رحمه الله- حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/309، وابن قدامة في المغني 7/715.(7/3458)
[2489-] قلت: فقطع يده من العضد؟ 1
قال: 2 تقطع يده من العضد، [و] 3 الجروح قصاص. 4
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 العضد: الساعد، وهو من المرفق إلى الكتف.
انظر: الصحاح 2/509، والنهاية 3/252.
2 قال ابن قدامة: كل من أقيد بغيره في النفس أقيد به فيما دونها، ومن لا فلا، ولا يجب إلا بمثل الموجب في النفس، وهو العمد المحض. ويشترط للقصاص في الطرف ثلاثة شروط:
أحدها: الأمن من الحيف، بأن يكون القطع من مفصل، أو له حد ينتهي إليه.
الثاني: المماثلة في الموضع.
الثالث: استواؤهما في الصحة والكمال، فلا يؤخذ صحيحة بشلاء.
[] المقنع 3/339-369 باختصار.
وقال ابن قدامة في المقنع: كل من أقيد بغيره في النفس أقيد به فيما دونها، ومن لا فلا.
وقال المرداوي معلقاً: يعني ومن لا يقاد بغيره في النفس لا يقاد به فيما دونها، وهذا المذهب. وعليه الأصحاب. الإنصاف 10/14.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 سورة المائدة، آية 45.(7/3459)
[2490-] قلت: جنين الدابة؟
قال: قدر ما ينقص. قال: والدابة إذا كسرت يدها و 1 رجلها فالثمن كله.
وإذا قطع الذنب، أو الأذن بقدر ما نقص. 2
__________
1 في العمرية بلفظ "أو".
2 قال القاضي أبو يعلى: مسألة: في جنين البهيمة إذا سقط بالضربة ميتاً هل يضمن بعشر قيمة أمه، أو بما نقصت الأم؟ فالمنصوص عن أحمد -رحمه الله- في رواية ابن منصور: أنه يجب فيه ما نقص -يعني ما نقصت أمه بالإسقاط- لأنها جناية على بهيمة، وكان فيها ما نقص، كما لو جرحها.
وقال أبو بكر: فيه عشر قيمة أمه، لأنه جنين مضمون بالقيمة، فضمن بعشر قيمة أمه. دليله جنين الأمة.
قال ابن قدامة: وإن جنى على بهيمة فألقت جنينها، ففيه ما نقصها في قول عامة أهل العلم.
وحكي عن أبي بكر أن فيه عشر قيمة أمه، لأنه جناية على حيوان يملك بيعه أسقطت جنينه، أشبه جنين الأمة، وهذا لا يصح، لأن الجناية على الأمة تقدر من قيمتها، ففي يدها نصف قيمتها، وفي موضحتها نصف عشر قيمتها بقدر جنينها من قيمتها كبعض أعضائها، والبهيمة إنما يجب في الجناية عليها قدر نقصها، فكذلك في جنينها.
[] الروايتين والوجهين 2/292، والمغني 7/816-817، وكذا انظر: القواعد لابن رجب ص184، القاعدة الرابعة والثمانون، والإنصاف 6/152.(7/3460)
قال إسحاق: كما قال، إلاّ ما قال في [اليد والرجل، فإنه إذا ضمن الثمن كله يسلم الدابة إليه] . 1
[2491-] قلت: جناية المكاتب؟
قال: المكاتب جنايته على نفسه، وذاك أن السيد لا يقدر أن [يأخذ] 2 ما في يديه.
قال إسحاق: كما قال. 3
[2492-] قلت: جناية أم الولد والمدبر؟
قال: أما أم الولد فعلى السيد، وأما المدبر فبمنزلة 4 العبد،
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
وفي الظاهرية تداخلت مع المسألة التي بعدها، ولهذا حصل تحريف واضح. ومع مقارنة النسخ يتضح أن الصواب ما في العمرية.
ولفظ الظاهرية: العبد جنايته على نفسه. وقال: إن السيد لا يقدر أن يأخذ ما في يديه. قال إسحاق: كما قال.
2 في الأصل بلفظ "أخذ" بحذف الياء، والصواب ما أثبته، لأن السياق يقتضيه، ولعل سقطاً حصل من الناسخ.
3 تقدم فيما مضى بمسألة، رقم (2469) .
4 في العمرية بلفظ "بمنزلة".(7/3461)
إن 1 شاء [فداه] ، 2 وإن شاء [أسلمه] ، 3 وليس على السيد أكثر من قيمتهما 4 يوم جنيا.
قال إسحاق: كما قال. 5
[2493-] قلت: البكران يجلدان وينفيان، والثيبان يرجمان، والشيخان يجلدان، ويرجمان؟
قال: يرجم ولا يجلد. 6
__________
1 في العمرية بإضافة لفظ "و" قبل لفظ "إن".
2 في النسخة بلفظ "فداها" بضمير المؤنث، والصواب ما أثبته، لأن الضمير يعود إلى "المدبر" ولفظه مذكر.
3 في النسخة بلفظ "أسلمها" بضمير المؤنث، والصواب ما أثبته، لأن الضمير يعود إلى "المدبر" ولفظه مذكر.
4 في العمرية بلفظ "قيمته".
5 تقدم تحقيق ذلك فيما مضى بمسألة، رقم (2469) .
6 إذا زنى الحر المحصن: فحده الرجم حتى يموت، وهل يجلد قبل الرجم؟ على روايتين:
الأولى: نقلها الأثرم، وأبو النضر، وابن منصور وصالح: يرجم ولا يجلد.
وقال البهوتي: وكان هذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ترشد إليه رواية الأثرم عن أحمد. وقال المرداوي: وهو المذهب، نص عليه. وقال في الفروع: نقله الأكثر، قال الزركشي: هي أشهر الروايتين.
والرواية الثانية: نقلها عبد الله، وإسحاق بن إبراهيم: يجلد ويرجم.
وقال المرداوي: اختاره الخرقي، وأبو بكر عبد العزيز، والقاضي. وقال أبو يعلى الصغير: اختارها شيوخ المذهب.
انظر: المغني 8/160، والشرح الكبير 10/157، والمحرر 2/152، والفروع 6/67، والهداية للكلوذاني 2/98، والمبدع 9/61، والروايتين والوجهين 2/313، والأحكام السلطانية ص264، وكشاف القناع 6/90، ومسائل [] الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/90، رقم 1566، والإنصاف 10/170-171.(7/3462)
قال إسحاق: كما جاء يجلد ويرجم، 1 لأن علياً رضي الله عنه جلد شراحة 2 يوم الخميس، 3 ورجمها يوم الجمعة، وليس في حديث أبي
__________
1 قول الإمام إسحاق بن راهوية حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/428، وابن قدامة في المغني 8/160، والخطابي في معالم السنن 4/570، وابن حزم في المحلى 11/234، والحافظ ابن حجر في الفتح 12/119، والبغوي في شرح السنة 10/286.
2 شراحة: وهي بضم الشين المعجمة، وتخفيف الراء، ثم حاء مهملة، الهمدانية بالسكون، مولاة سعيد بن قيس، كان لها زوج غائب بالشام ففجرت. فتح الباري 12/119.
3 لما روى الشعبي: أن علياً رضي الله عنه جلد شراحة يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، وقال جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[] رواه: أحمد في مسنده 1/107-116، 141، 153، والبخاري في الحدود، باب رجم المحصن 8/21 مختصراً، ولم يذكر الجلد، وسنن الدارقطني في الحدود والديات 3/123، والسنن الكبرى للبيهقي 8/220، [] [] ومستدرك الحاكم 4/364-365.(7/3463)
هريرة، وزيد بن خالد [رضي الله عنهما] بيان. 1
[2494-] قلت: التعريض 2 [بالزنى] ؟ 3
__________
1 عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني-رضي الله عنهما- "أن رجلاً من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله تعالى، فقال الآخر- وهو أفقه منه- نعم، فاقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي، فقال: "قل" قال: إن ابني كان عسيفاً على هذا، فزنى بامرأته، وإني أخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مائة، وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم رد عليك، وعلى ابنك جلد مائة، وتغريب عام، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فان اعترفت فارجمها".
رواه البخاري في الحدود، باب الاعتراف بالزنى 8/24، ومسلم في الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنى 2/1324، رقم 1697.
2 التعريض لغة: ضد التصريح، وهو التورية، بأن تتكلم بكلام له معنى، وتعني به معنى آخر.
وعند الفقهاء: هو التعبير عن الشيء باللفظ الموضوع لضده، كأن يقول له: لست بزان، وما يعرفني الناس بالزنى، وهو يقصد بذلك رميه بالزنى.
انظر: المغني 8/222، والفواكه الدواني 2/287، ومختار الصحاح ص 425، واللسان 7/183.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3464)
قال: التعريض بالزنى الحد تاماً، وفي غير 1 ذلك العقوبة. 2
قال إسحاق: أجاد كما قال. 3
__________
1 في العمرية بلفظ "غيره"، وحذف لفظ "ذلك".
2 قال القاضي أبو يعلى: نقل الأثرم، والمرُّوذي، وأبو الحارث، وابن منصور: في التعريض بالزنى الحد. ونقل حنبل: في التعريض التعزير، ولا يبلغ الحد إلا في القذف.
وقال ابن قدامة: واختلفت الرواية عن أحمد في التعريض بالقذف، مثل أن يقول لمن يخاصمه: ما أنت بزان ما يعرفك الناس بالزنى، يا حلال ابن الحلال، أو يقول: ما أنا بزان ولا أمي بزانية، فروى عنه حنبل: لا حد عليه. وهو ظاهر كلام الخرقي، واختيار أبي بكر، وبه قال عطاء، وعمرو بن دينار وقتادة، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وابن المنذر.
وروى الأثرم وغيره عن أحمد: أن عليه الحد. وروي ذلك عن عمر رضي الله عنه، وبه قال إسحاق، لأن عمر حيث شاورهم في الذي قال لصاحبه: ما أنا بزان، ولا أمي بزانية، فقالوا قد مدح أباه وأمه، فقال عمر: قد عرض بصاحبه، فجلده الحد.
الروايتين والوجهين 2/206، والمغني 8/222، والشرح الكبير 10/227، وكذا انظر: الأحكام السلطانية ص 271، والمحرر 2/96، والمبدع 9/94، والهداية للكلوذاني 2/54، والفروع 6/90، وكشاف القناع 6/112.
3 قول الإمام إسحاق بن راهوية حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/859، والفخر الرازي في التفسير 12/153، وابن قدامة في المغني 8/222، وكذا انظر: الشرح الكبير 10/228، وحاشية المقنع 3/474.(7/3465)
[2495-] قلت: المملوك يقذف الحر؟
قال: عليه أربعون 1 حديث 2
__________
1 قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على وجوب الحد على العبد إذا قذف الحر المحصن، لأنه داخل في عموم الآية، وحده أربعون في قول أكثر أهل العلم.
وقال القاضي أبو يعلى: وإن كان عبداً حد أربعين، نصف حد الحر، لنقصه بالرق.
وقال المرداوي: إن هذا الحكم جار ولو عتق قبل الحد، وهو صحيح. وهو المذهب، ولا أعلم فيه خلافاً.
المغني 8/218، والأحكام السلطانية ص 270، والكافي 4/222، والمحرر 2/94، والهداية للكلوذاني 2/53، وكشاف القناع 6/104، والإنصاف 10/200.
2 روى الإمام مالك وغيره: عن أبي الزناد أنه قال: جلد عمر بن عبد العزيز عبداً في فرية ثمانين. قال أبو الزناد: فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك فقال: أدركت عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، والخلفاء هلم جرا، فما رأيت أحداً جلد عبداً، في فرية أكثر من أربعين.
رواه الإمام مالك في الموطأ في الحدود، باب الحد في القذف والنفي والتعريض 2/828، وهو في مصنف عبد الرزاق 7/438، رقم 13794، والسنن الكبرى للبيهقي 8/251.
قال الشوكاني في نيل الأوطار 7/82، 83: رواه مالك والبيهقي، والثوري في جامعه، وروى البيهقي من طريق الثوري عن عبد الله بن ذكوان أبي الزناد حدثني عبد الله بن عامر بن ربيعة، قال: لقد أدركت أبا بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنه ومن بعدهم من الخلفاء فلم أرهم يضربون المملوك في القذف الأربعين. ا. هـ.
وانظر: مصنف عبد الرزاق 7/437، رقم 13793، ومصنف ابن أبي شيبة 9/502، رقم 8273، والسنن الكبرى للبيهقي 8/251.(7/3466)
أبي الزناد. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2496-] قلت لأحمد: 3 الرجل يقع على البهيمة؟ 4
__________
1 هو عبد الله بن ذكوان القرشي، أبو عبد الرحمن المدني المعروف بأبي الزناد، مولى رملة بنت شيبة بن ربيعة. تابعي، محدث، حجة، فقيه، أحد علماء المدينة بعد كبار التابعين.
قال الليث بن سعد عن عبد ربه بن سعيد: رأيت أبا الزناد دخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومعه من الأتباع مثل ما مع السلطان. ولد سنة خمس وستين، وتوفي -رحمه الله- ثلاثين ومائة، وقيل غير ذلك.
[] انظر ترجمته في: ط خليفة ص 259، والمعارف ص 464-465، والتاريخ الكبير 5/83، وتهذيب الكمال [2/679،] والجرح والتعديل 5/49-50، والكاشف 2/84، والتهذيب 5/203-205، وتذكرة الحفاظ 1/134-[135،] ومرآة الجنان 1/273-274.
2 قول الإمام إسحاق-رحمه الله- حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/782.
3 في العمرية بحذف لفظ "لأحمد".
4 البهيمة: كل ذات أربع قوائم من دواب البر، والماء، والجمع بهائم. اللسان 12/56.(7/3467)
قال: لا أرى عليه القتل، ولا الحد، 1 ولكن يؤدب. 2
__________
1 في العمرية بلفظ "حد".
2 قال ابن قدامة: اختلف الرواية عن أحمد في الذي يأتي البهيمة، فروي عنه: أنه يعزر، ولا حد عليه، روى ذلك عن ابن عباس، وعطاء والشعبي، والنخعي، والحكم، ومالك والثوري، وأصحاب الرأي وإسحاق. وهو قول للشافعي.
وقال البهوتي: ومن أتى بهيمة، ولو سمكة، عزر، لأنه لم يصح فيه نص، ولا يمكن قياسه على اللواط، لأنه لا حرمة له، والنفوس تعافه ويبالغ في تعزيره.
وقال المرداوي تعليقاً، واختار الخرقي، وأبو بكر: أنه يعزر وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب.
المغني 8/189، والشرح الكبير 10/177، والمقنع 3/457، والمحرر 2/153، والهداية للكلوذاني 2/99، والروايتين والوجهين 2/317، والأحكام السلطانية ص 264، والفروع 6/72، والمبدع 9/68، وكشاف القناع 6/95، والإنصاف 10/178.
وعنه: حكمه حكم اللائط سواء.
قال المرداوي تعليقاً: وهو رواية منصوصة عن الإمام أحمد-رحمه الله-. وقال القاضي أبو يعلى: ونقل حنبل: حده كحد الزاني. وقال ابن قدامة: قال إسماعيل بن سعيد سألت أحمد عن الرجل يأتي البهيمة فوقف عندها.
قلت: ورواية عبد الله تدل على التوقف كما يظهر من جوابه-رحمه الله-.
[] المغني 8/189-190، والروايتين والوجهين 2/317، والمحرر 2/153، والفروع 6/73، والهداية [] [] [] للكلوذاني 2/99، والإنصاف 10/178، ومسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 426، رقم 1537-1538.(7/3468)
قال إسحاق: عليه القتل إذا تعمد ذلك، وهو يعلم ما جاء 1 فيه عن رسول صلى الله عليه وسلم، وان 2 درأ عنه القتل لا ينبغي أن يدرأ عنه جلد 3 مائة تشبيهاً بالزنى. 4
__________
1 جاء في ذلك ما روى أبو داود من طريق عمرو ابن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه".
تخريج الحديث:
مسند الإمام أحمد 1/269، وسنن أبي داود في الحدود، باب فيمن أتى بهيمة 4/609، رقم 4464، وسنن الترمذي في الحدود، باب ما جاء فيمن يقع على البهيمة 4/56، رقم 1455، وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والسنن الكبرى للبيهقي 8/233، ومستدرك الحاكم 4/355، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
قال ابن قدامة: والحديث يرويه عمرو بن أبي عمرو، ولم يثبته أحمد، وقال الطحاوي: هو ضعيف، ومذهب ابن عباس خلافه. المغني 8/190..
2 في العمرية بلفظ "فان".
3 في العمرية سقط لفظ "جلد".
4 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق-رحمه الله- فقال: وقال إسحاق بن راهوية: عليه القتل إذا تعمد ذلك، وهو يعلم ما جاء فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فان درأ إمام القتل لا ينبغي أن يدرأ عنه جلد مائة تشبيهاً بالزنى.
الأوسط، كتاب الحدود 2/642، والخطابي في معالم السنن 4/609، والبغوي في شرح السنة 10/310، والسروي في اختلاف الصحابة 2/125.
والرواية الثانية عن الإمام إسحاق-رحمه الله-: يؤدب أدباً شديداً، كما في المسألة، رقم (2374) .
حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/642، والترمذي في سننه 4/57، وابن قدامة في المغني 8/189، والشرح الكبير 10/177.(7/3469)
[2497-] قلت لأحمد: 1 متى يقام على 2 الأمة الحد إذا زنت؟
قال: يقام عليها الحد وإن لم تزوج. 3
قال إسحاق: كما قال 4 على قول ابن مسعود [رضي الله عنه]
__________
1 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
2 في العمرية بلفظ "الحد على الأمة".
3 قال ابن قدامة: إن حد العبد والأمة خمسون جلدة بكرين كان، أو ثيبين في قول أكثر الفقهاء، منهم: عمر، وعلي، وابن مسعود، والحسن، والنخعي ومالك، والأوزاعي، وأبو حنيفة، والشافعي، والبتى والعنبري.
[] المغني 8/174، والأحكام السلطانية ص 263-264، والفروع 6/69، والهداية للكلوذاني 2/99، وكشاف القناع 6/93.
وقال المرداوي: وإن كان الزاني رقيقا فحده خمسون جلدة بكل حال بلا نزاع، ولا يغرب. هذا المذهب جزم به [] الأصحاب. الإنصاف 10/175-176.
4 قول الإمام إسحاق-رحمه الله- حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/714.(7/3470)
إحصانها إسلامها. 1
[2498-] قلت: حد اللوطي 2 أحصن أو لم يحصن؟
قال: يرجم أحصن، أو لم يحصن. 3
__________
1 روى عبد الرزاق عن الثوري عن حماد عن إبراهيم: أن معقل بن مقرن المزني جاء إلى عبد الله، فقال: إن جارية لي زنت فقال: اجلدها خمسين، قال: ليس لها زوج. قال: إسلامها إحصانها.
مصنف عبد الرزاق 7/394، رقم 13604، وهو في السنن الكبرى للبيهقي 8/243، وتفسير ابن جرير الطبري 5/15 من طريق سليمان بن مهران عن إبراهيم ابن زيد.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد 6/270: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، إلا أن إبراهيم لم يلق ابن مسعود. وكذا ذكره في موضع آخر عن همام بن الحارث: أن ابن مقرن سأل عبد الله ابن مسعود فذكر الحديث، وقال رواه الطبراني بأسانيد، ورجال هذا وغيره رجال الصحيح، 6/274.
2 لاط الرجل لواطاً ولاوط: أي عمل عمل قوم لوط.
واللوطي: منسوب إلى لوط النبي-عليه السلام- والمراد به: من يعمل عمل قومه الذين أرسل إليهم، ولهم صفات مذمومة أشهرها وأقبحها إتيان الذكور في الدبر، وهو المراد هنا.
انظر: المطلع على أبواب المقنع ص 371، واللسان 7/396.
3 اختلفت الرواية عن الإمام أحمد-رحمه الله- في حد اللوطي: فنقل أبو طالب، وإسحاق ابن إبراهيم: أنه يرجم محصناً كان، أو غير محصن
مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/91، رقم 1567.
انظر: الروايتين والوجهين 2/316، والمغني 8/188، والمقنع 3/456، والمحرر 2/153، والفروع 6/70، والمبدع 9/66، والهداية للكلوذاني 2/99، والإنصاف 10/176.
والرواية الثانية عنه: نقلها المروزي، وحنبل، وأبو الحارث، ويعقوب بن بختان: إن كان بكراً جلد، وإن كان محصناً رجم.
الروايتين والوجهين 2/316، والمغني 8/187، والمقنع 3/456، والمحرر 2/153، والمبدع 9/66.
وقال المرداوي: هذا المذهب. الإنصاف 10/176.(7/3471)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2499-] قلت: السكران يقذف؟
قال: أجبن عن السكران. 2
__________
1 قول الإمام إسحاق-رحمه الله- حكاه عنه الترمذي في سننه 4/58، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/631، والخطابي في معالم السنن 4/607، والبغوي في شرح السنة 10/309، وابن حزم في المحلى 11/382، والفخر الرازي في التفسير الكبير 23/132، وابن قدامة في المغني 8/188.
2 نقل أبو طالب فقال: إذا شتم إنساناً يقام عليه الحد، وإن قتل قتل.
ونقل ابن منصور في السكران: إذا طلق، أو قتل أو سرق، أو زنى، أو افترى، أو اشترى، أو باع، فأجبن عنه، ولا يصح من أمر السكران شيء.
[] المغني 7/116، والروايتين والوجهين 2/156-157.(7/3472)
قال إسحاق: لا يؤخذ [ع-105/أ] بجنايته، ولكن يؤدب.
[2500-] قلت: يستتاب من شتم النبي صلى الله عليه وسلم؟
قال: لا [يستتاب] . 1
قلت: ما الشتيمة التي [يجب] 2 بها القتل؟
فلم يقم 3 على شيء. 4
قال: [نحن] 5 نرى في التعريض الحد.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، لأن الكلام يتم به. وقد تقدم الكلام في استتابة من شتم النبي صلى الله عليه وسلم في المسألة، رقم (2444) .
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، لأن السياق يقتضيه.
3 في العمرية بإضافة لفظ "لي" بعد لفظ "يقم".
4 الظاهر من العبارة أن الإمام أحمد-رحمه الله- لم يرد على إسحاق بن منصور بجواب مقنع.
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية يقتضيه السياق.(7/3473)
فكان مذهبه 1 فيما يجب الحد من الشتيمة التعريض. 2
قال إسحاق: إذا عرض بعيب النبي صلى الله عليه وسلم قام مقام الشتم، يُقتل، إذا لم يكن ذاك منه سهواً. 3
[2501-] قلت: قوله: لا كفالة في حد؟
قال: 4 إذا وجب عليه الحد لا يكفل، ولكن يحبس، أو يقام عليه الحد. 5
__________
1 قائل العبارة هو إسحاق بن منصور راوي المسائل، يفسر قول الإمام أحمد -رحمه الله-.
2 قال ابن مفلح: وسأله ابن منصور: ما الشتيمة التي يقتل بها؟
قال: نحن نرى في التعريض الحد، قال: فكان مذهبه فيما يجب الحد من الشتيمة التعريض. الفروع 6/170، والإنصاف 10/334.
قال المرداوي: حكم من تنقص النبي صلى الله عليه وسلم حكم من سبه صلوات الله وسلامه عليه، على الصحيح من المذهب. ونقله حنبل، وقدمه في الفروع، وقيل ولو تعريضاً.
[] الإنصاف 10/333، وكذا راجع المبدع 9/180-181. راجع فيما مضى المسألة، رقم (2444) .
3 انظر: فتح الباري 12/281، ونيل الأوطار 7/380.
4 في العمرية سقط لفظ "قال".
5 قال ابن قدامة: ولا تصح الكفالة ببدن من عليه حد، سواء كان حقاً لله تعالى كحد الزنى والسرقة، أو لآدمي كحد القذف، والقصاص، وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم شريح، والحسن، وبه قال إسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وبه قال الشافعي في حدود الله تعالى، المغني 4/616.
لما روى البيهقي من طريق بقية عن عمر الدمشقي حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا كفالة في حد".السنن الكبرى للبيهقي 6/77.
وقال البيهقي: إسناده ضعيف، تفرد به بقية عن أبي محمد عمر ابن أبي عمر الكلاعي، وهو من مشايخ بقية المجهولين، وروايته منكرة.
وذكره الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام ص 180، وقال: رواه البيهقي بإسناد ضعيف.(7/3474)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2502-] قلت: فيمن يجمع المتاع، ولم يخرجه [من البيت] ؟ 2
قال: لا يقطع حتى يخرجه 3 [من البيت] . 4
__________
1 قول الإمام إسحاق-رحمه الله- حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/854، وابن قدامة في المغني 4/616.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 قال ابن قدامة: الشرط الرابع: أن يسرق من حرز يخرجه منه، وهذا قول أكثر أهل العلم.
المغني 8/248، والأوسط، كتاب الحدود 1/144، والشرح الكبير 10/258، والمبدع 9/125، وكشاف القناع 6/133.(7/3475)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2503-] قلت لأحمد: 2 الساحر والساحرة؟
قال: يقتلان. 3
__________
1 قول الإمام إسحاق حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/144، وابن حزم في المحلى 11/321.
2 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
3 قال الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبد الله: الساحر والساحرة؟ قال: يقتلان. أحكام أهل الملل ص 207.
قال ابن هانئ: مسألته عن الساحر والساحرة يقتلان؟ قال: نعم، إذا أبان ذلك بأحد منهما، وعرفا به مراراً، وأقرا على أنفسهما به.
مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/93، رقم 1578، وكذا برواية ابنه عبد الله ص 427، رقم 1541، وكذا [] انظر: روايات بهذا المغني في أحكام أهل الملل ص 206-207.
وقال ابن قدامة: وحدّ الساحر القتل. وهل يستتاب الساحر؟
فيه روايتان:
أحداهما: لا يستتاب، وهو ظاهر ما نقل عن الصحابة، فإنه لم ينقل عن أحد منهم أنه استتاب ساحراً.
والرواية الثانية: يستتاب، فإن تاب قبلت توبته، لأنه ليس بأعظم من الشرك، والمشرك يستتاب، ومعرفته السحر لا تمنع قبول توبته، فإن الله تعالى قبل توبة سحرة =(7/3476)
..................................................................................................
__________
= سحرة فرعون، وجعلهم من أوليائه في ساعة.
وهاتان الروايتان في ثبوت حكم التوبة في الدنيا من سقوط القتل ونحوه، فأما فيما بينه وبين الله تعالى، وسقوط عقوبة الدار الآخرة عنه فيصح، فإن الله تعالى لم يسد، باب التوبة عن أحد من خلقه، ومن تاب إلى الله قبل توبته، لا نعلم في هذا خلافاً.
[] المغني 8/153-154.
قال في الإنصاف: والساحر الذي يركب المكنسة، فتسير به في الهواء، ونحوه كالذي يدعيأن الكواكب تخاطبه يكفر ويقتل، هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. فأما الذي يعزم على الجن، ويزعم أنه يجمعها فتطيعه، فلا يكفر، ولا يقتل، ولكن يعزر. وهذا المذهب.
[] الإنصاف 10/349-351، والفروع 6/177، والمبدع 9/188-189، وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص 291.
وروى إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حد الساحر ضربه بالسيف".
سنن الترمذي في الحدود-، باب ما جاء في حد الساحر 4/60، رقم 1460. وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وإسماعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث، وإسماعيل بن مسلم العبدي البصري، قال وكيع هو ثقة، ويروي عن الحسن أيضاً، والصحيح عن جندب موقوفاً.
والسنن الكبرى للبيهقي 8/136، ومستدرك الحاكم 4/360، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، وإن كان الشيخان تركا حديث إسماعيل بن مسلم، فإنه غريب صحيح.
وله شاهد: روى بجالة بن عبدة قال: كتب عمر بن الخطاب: "أن اقتلوا كل ساحر وساحرة". قال فقتلنا ثلاث سواحر.
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 1/190. وهو في مصنف عبد الرزاق 10/180، رقم 18746.
وسنن أبي داود في الخراج، والإمارة، باب في أخذ الجزية من المجوس 3/3043.
والسنن الكبرى للبيهقي 8/136.(7/3477)
قال إسحاق: كما قال سفيان: إذا تبين سحرهما بإقرار له [أو] علم ذلك فلا يستتاب.
[2504-] قلت لأحمد: 1 يشفع الرجل في حد؟
قال: ما لم يبلغ السلطان. 2
__________
1 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
2 نقل ابن المنذر قول الإمام أحمد-رحمه الله- فقال: وقال أحمد بن حنبل: يشفع في الحد ما لم يبلغ السلطان. الأوسط، كتاب الحدود 1/333.
قال ابن قدامة: ولا بأس بالشفاعة في السارق ما لم يبلغ الإمام.
المغني 8/281، والكافي 4/189، والشرح الكبير 10/289، والفروع 6/128، وكشاف القناع 6/145.
لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب".
سنن أبي داود في الحدود، باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان 4/540، رقم 4376، وسنن النسائي في قطع السارق، باب ما يكون حرزا، وما لا يكون 8/70، وصححه الحاكم في المستدرك 4/383، وأقره الذهبي.
وروى الإمام مالك وابن أبي شيبة عن الفرافصة الحنفي قال: مروا على الزبير بسارق فتشفع له، قالوا: أتشفع لسارق؟ فقال: نعم، ما لم يؤت به إلى الإمام، فإذا أتي به إلى الإمام فلا عفا الله عنه إن عفا عنه.
الموطأ للإمام مالك في الحدود، باب ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان 2/835 نحوه وهو منقطع عنده، [] [] ومصنف ابن أبي شيبة 9/464-465، رقم 8124، وهو في مصنف عبد الرزاق 10/26، رقم 18928 من [] طريق معمر عن هشام، والسنن الكبرى للبيهقي 8/333، والفتح 12/87-88، وقال الحافظ ابن حجر: وهو عند ابن أبي شيبة بسند حسن.(7/3478)
[2505-] قلت: تلقين الإمام السارق إذا أُتي به؟
قال: لا بأس [به] 1 وأرد السارق مرتين، وفي الزنى أربع مرات. 2
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 قال أحمد: لا بأس بتلقين السارق ليرجع عن إقراره، وهذا قول عامة الفقهاء، روى ذلك عن أبي بكر، وعمر، وأبي هريرة، وابن مسعود، وأبي الدرداء، وبه قال إسحاق، وأبو ثور.
انظر: المغني 8/281، والشرح الكبير 10/289، وكذا انظر: الكافي 4/189، والمقنع 3/497، والفروع 6/139، وكشاف القناع 6/145. وقد تقدم مسألة في الإقرار بالسرقة والزنى فيما مضى برقم (2358) . =(7/3479)
..................................................................................................
__________
= روى أبو داود وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بلص قد اعترف اعترافاً، ولم يوجد معه متاع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما إخالك سرقت. قال: بلى. فأعاد عليه مرتين، أو ثلاثاً، فأمر به فقطع".
[] أخرجه: أبو داود في سننه في الحدود، باب في التلقين في الحد 4/542-543، رقم 4380، والنسائي في سننه في قطع السارق، باب تلقين السارق 8/67، وابن ماجة في سننه في الحدود، باب تلقين السارق 2/866، رقم 2597، والإمام أحمد في مسنده 5/293، والدارمي في سننه في الحدود، باب المعترف بالسرقة 1/569، والبيهقي في السنن الكبرى 8/276.
وقال الألباني: وهذا إسناد ضعيف من أجل أبي المنذر هذا، فإنه لا يعرف كما قال الذهبي في الميزان.
وله شاهد من حديث أبي هريرة بنحوه، لكن ليس فيه الاعتراف. إرواء الغليل 8/79. وقد صحح حديث أبي هريرة في موضع آخر من الإرواء 8/84.
قلت: لكن ورد في الحديث: أن السارق قال:"بلى يا رسول الله" بعد قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أخاله سرق"، وهو اعتراف صريح.
ونص الحديث: روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بسارق قد سرق شملة، فقالوا: يا رسول الله إن هذا سارق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما إخاله سرق"، فقال السارق: بلى يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذهبوا به فاقطعوه".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. المستدرك للحاكم 4/381، وكذا انظر: الإرواء 8/83.(7/3480)
قال إسحاق: كما قال، 1 ولكن إذا رده في مقام واحد في كل مرة يولي حتى يعرض عنه، ثم يرجع.
[2506-] قلت 2 لأحمد: يقطع الآبق إذا سرق؟
قال: نعم. 3
__________
1 قول الإمام إسحاق-رحمه الله- حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/324، والخطابي في معالم السنن 4/543، والبغوي في الشرح السنة 10/293، وابن قدامة في المغني 8/281 والشرح الكبير 10/289، والشوكاني في نيل الأوطار 7/309.
2 السؤال في العمرية بالعبارة الآتية "قلت الآبق تقطع إذا سرق"؟
3 قال ابن قدامة: ويقطع الآبق بسرقته، روي ذلك عن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز، وبه قال مالك، والشافعي.
لعموم الكتاب والسنة، وأنه مكلف سرق نصاباً من حرز مثله فيقطع كغير الآبق.
[] المغني 8/268، والشرح الكبير 10/300-301، وكذا انظر: الموطأ للإمام مالك 2/834، والأم للإمام الشافعي 6/150.
لما روى مالك عن نافع: أن عبداً لعبد الله بن عمر سرق وهو آبق، فأرسل به عبد الله بن عمر إلى سعيد بن العاص وهو أمير المدينة ليقطع يده، فأبى سعيد أن يقطع يده وقال: لا تقطع يد الآبق السارق إذا سرق، فقال له عبد الله بن عمر: في أي كتاب الله وجدت هذا؟ ثم أمر به عبد الله بن عمر فقطعت يده.
رواه الإمام مالك في الموطأ في الحدود، باب ما جاء في قطع الآبق السارق 2/833، وإسناده صحيح. وعبد [] [] الرزاق في مصنفه 10/241-242، رقم 18986 من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع مطولاً. والبيهقي في السنن الكبرى 8/268 من طريق مالك.(7/3481)
قال إسحاق: نعم. 1
[2507-] قلت: المملوك إذا اعترف بالسرقة؟
قال: إذا كان شيء يقام عليه في بدنه، إلا أن يكون شيء 2 يذهب بنفسه. 3
__________
1 قول الإمام إسحاق -رحمه الله- حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/260، وابن عبد البر في الاستذكار 6/8.
قلت: روي عن عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما- بأن العبد الآبق لا قطع عليه. وبه قال سعيد بن العاص، ومروان بن الحكم، وشريح.
انظر: الأوسط، كتاب الحدود 1/260، والمغني 8/268.
2 في العمرية بلفظ "شيئا" وهو خبر يكون على أنها ناقصة، واسمها ضمير مستتر، ويجوز أن تكون تامة حسب ما في الظاهرية.
3 قال ابن قدامة: وأما إقراره بما يوجد القصاص في النفس فالمنصوص عن أحمد أنه لا يقبل، ويتبع به بعد العتق.
قال أحمد: في عبد أقر بسرقة دراهم في يده أنه سرقها من رجل، والرجل يدعي ذلك، وسيده يكذبه، فالدراهم لسيده، ويقطع العبد.
ونقل مجد الدين بن تيمية فقال: في رواية مهنا: إذا أقر أنه قتل عمداً، وأنكر مولاه فلم يقم بينة، لم يجز إقراره، قيل له: يذهب دم هذا؟ قال: يكون عليه إذا عتق.
وكذلك نقل ابن منصور عنه إذا اعترف بالسرقة، أو بجرح فهو جائز، ولا يجوز في القتل، وهذا هو المذهب، والمنصوص في كتب الخلاف. وقال المرداوي: وهو المذهب. نص عليه.
المغني 5/152، والنكت والفوائد السنية 2/381، والكافي 4/191، والهداية للكلوذاني 2/106، والفروع 6/611، والإنصاف 12/143.(7/3482)
قال إسحاق: كما قال يقطع.
[2508-] قلت: القطع في الخلسة؟ 1
قال: لا. كل شيء على وجه المكابرة فلا. 2
__________
1 خلس الشيء: من، باب ضرب، والاسم الخلسة بالضم، أي: ما يؤخد سلباً ومكابرة.
انظر: النهاية 2/61، ومختار الصحاح ص 184.
2 قال ابن قدامة: فإن اختطف، أو اختلس لم يكن سارقاً، ولا قطع عليه عند أحد علمناه، غير إياس بن معاوية قال: أقطع المختلس، لأنه يستخفي بأخذه، فيكون سارقاً. وأهل الفقه والفتوى من علماء الأمصار على خلافه.
[] المغني 8/240 وكذا انظر: الفروع 6/339-139، والمبدع 9/114، والمحرر 2/156.
وقال ابن هبيرة: واتفقوا على أن المختلس والمنتهب والغاصب والخائن على عظم جناياتهم وآثامهم فإنهم لا قطع على واحد منهم. الإفصاح 2/421.
وقال المرداوي معلقاً: بلا نزاع أعلمه. الإنصاف 10/253.
روى الترمذي وغيره عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على خائن، ولا منتهب، ولا مختلس قطع".
سنن أبي داود في الحدود، باب القطع في الخلسة والجناية 4/552، رقم 4392. وقال أبو داود: لم يسمعه ابن جريج من أبي الزبير، وبلغني عن أحمد أنه قال: سمعه ابن جريج من ياسين الزيات، وسنن الترمذي في الحدود، باب ما جاء في الخائن والمختلس والمنتهب 4/52، رقم 1448، وسنن النسائي في قطع السارق، باب ما لا قطع [] فيه 8/88-89.
وسنن ابن ماجة في الحدود، باب الخائن والمنتهب والمختلس 2/864، رقم 2591، وسنن الدارمي في الحدود، باب ما لا يقطع من السراق 1/571.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم.(7/3483)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2509-] قلت: القطع في الطير؟
قال: لا يقطع في الطير. 2
__________
1 قول الإمام إسحاق-رحمه الله-: حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/184، وابن حزم في المحلى 11/322.
2 نقل ابن القيم قول الإمام أحمد برواية إسحاق بن منصور فقال: قلت أيقطع في الطير؟ قال لا يقطع في الطير، قال إسحاق: كما قال.
بدائع الفوائد 3/278، وكذا انظر: الفروع 6/124، المبدع 9/117، الإنصاف 10/256، وقد علق ابن قيم الجوزية-رحمه الله- على عبارة الإمام أحمد. فقال: قلت: لعله أراد به الطير إذا تفلت من قفصه فصاده، وهو خلاف ظاهر كلامه إذ يقال الطير لا تستقر عليه اليد، ولا يثبت في الحرز، ولا سيما إذا اعتاد الخروج، والمجىء كالحمام، وأجود من هذين المأخذين أن يقال إذا أخذه فهو بمنزلة من فتح القفص عنه حتى ذهب، ثم صاده من الهواء، فإن ملك صاحبه عليه في الحالين واحد، وهو لو تفلت من قفصه، ثم جاء إلى دار إنسان فأخذه لم يقطع، ولو صاده من الهواء لم يقطع، فكذلك إذا فتح قفصه، وأخذه منه. والقاضي تأول هذا النص على الطير غير المملوك، ولا يخفى فساد هذا التأويل، والذي عندي فيه أن أحمد ذهب إلى قول أبي يوسف في ذلك. والله أعلم.
[] بدائع الفوائد 3/278-279.
قلت: يبدو أن السبب في عدم القطع، أن الطير يسرع إلى الخروج من القفص، عند فتحه فلا يمسكه آخذه بسهولة وقد لا يتمكن من أخذه إلا بعد مجاوزته القفص فجعل ذلك شبهة في كونه محرزا.(7/3484)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2510-] قلت: [ع-105/ب] ليس على السارق غرم بعد يمينه؟
قال: بلى، عليه غرم.
قلت: كيف؟
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/130، وابن حزم في المحلى 11/333، وابن القيم في بدائع الفوائد 3/278.(7/3485)
قال: إذا لم يوجد فهو دين عليه. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
__________
1 قال الخرقي: وإذا قطع، فإن كانت السرقة قائمة ردت إلى مالكها، وإن كانت متلفة فعليه قيمتها، معسراً كان أو موسراً.
وقال ابن قدامة: لا يختلف أهل العلم في وجوب رد العين المسروقة على مالكها إذا كانت باقية، فأما إن كانت تالفة فعلى السارق رد قيمتها، أو مثلها إن كانت مثلية، قطع أو لم يقطع، موسراً كان أو معسراً.
وهذا قول الحسن، والنخعي، وحماد، والبتي، والليث، والشافعي، وإسحاق وأبي ثور.
[] مختصر الخرقي ص 194، المغني 8/270، والأوسط، كتاب الحدود 1/275-276، كذا انظر: المحرر [2/160،] والأحكام السلطانية 268، الهداية للكلوذاني 2/105-106، الفروع 6/138، المبدع 9/143-144، كشاف القناع 6/149.
وذكر في الإنصاف: ويجتمع القطع والضمان فترد العين المسروقة إلى مالكها، وإن كانت تالفة غرم قيمتها وقطع.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب. وعليه الأصحاب، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد-رحمه الله-. الإنصاف 10/289.
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله: حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/276، والمروزي في اختلاف العلماء 1/83، وابن عبد البر في الاستذكار 6/7، وأبو حيان في البحر المحيط 3/484، وابن قدامة في المغني 8/271، وابن همام في فتح القدير 5/413.(7/3486)
[2511-] قلت: المسلم يسرق الخمر من المُعاهَد؟
قال: لا أعرف في الخمر أنه يقطع. 1
قال إسحاق: لا يقطع، ولكن يضمن، لأنه [ظ-78/ب] عندهم له ثمن. 2 كذلك قضى شريح ضَمَّنَ، ولم يقطع فيه، 3
__________
1 قال ابن قدامة: لا يقطع في سرقة محرم كالخمر والخنزير والميتة ونحوها، سواء سرقه من مسلم أو ذمي، بهذا قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وابن المنذر.
انظر: المغني 8/273، ومسائل الإمام أحمد برواية أبي دواد ص225، الأوسط لابن المنذر في الحدود 1/288، المهذب2/359، الهداية شرح بداية المبتدى 2/120، ومغنى المحتاج 4/160، بدائع الصنائع للكاساني 7/69، وكذا انظر: روايات بهذا المعنى في أحكام أهل الملل ص 129، 130.
وقال المرداوي: هذا المذهب، وعليه الأصحاب. الإنصاف 10/260.
2 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: وقال إسحاق بن راهوية: لا تقطع ولكن تضمن، لأنه عندهم له ثمن. قال: وكذلك قضى شريح ضمن ولم يقطع يده. وبه قال مالك.
الأوسط، كتاب الحدود 1/288، ابن حزم في المحلى 11/334، الشرح الصغير على أقرب المسالك 6/197.
3 روى ابن أبي شيبة قال: حدثنا حفص عن مجالد عن عامر أن شريحاً ضمن مسلماً خمراً أهراقها لذمي. مصنف ابن أبي شيبة 9/549، رقم 8467.(7/3487)
وأما عطاء فقال: يقطع. 1 وقول شريح أحب إلي.
[2512-] قلت: إذا 2 سرق فقطعت يده، ثم سرق ما يقطع منه؟
قال: رجله، ثم يستودع السجن 3 كما قال علي [رضي الله
__________
1 روى ابن أبي شيبة قال: حدثنا ابن عيينة عن سعيد بن سعيد عن عطاء قال: إذا سرق المسلم من الذمي خمراً قطع، وإذا سرقها من مسلم لم يقطع.
مصنف ابن أبي شيبة 9/549، رقم 8466، وانظر: مصنف عبد الرزاق 10/220، رقم 18904، ورقم 19383، وابن حزم في المحلى 1/334 من طريق عبد الرزاق، وكذا انظر: تجريد المسائل 1/218، والمغني 8/273، وأحكام أهل الملل ص130.
2 في العمرية سقط لفظ "إذا".
3 قال الخرقي: وابتداء قطع السارق، أن تقطع يده اليمنى من مفصل الكف، وتحسم، فإن عاد قطعت رجله اليسرى، من مفصل الكعب، وحسمت، فإن عاد حبس، ولا يقطع غير يد ورجل.
وقال ابن قدامة: يعنى إذا عاد فسرق بعد قطع يده ورجله لم يقطع منه شيء آخر، وبهذا قال علي رضي الله عنه، والحسن والشعبي، والنخعي والزهري وحماد والثوري، وأصحاب الرأي.
وعن أحمد: أنه تقطع في الثالثة يده اليسرى، وفي الرابعة رجله اليمنى، وفي الخامسة يعزر ويحبس.
قال القاضي أبو يعلى: مسألة: إذا سرق في الدفعة الثالثة هل يقطع أم لا؟
نقل أبو الحارث والمرُّوذي: لا يقطع وهو اختيار الخرقي، وأبي بكر.
ونقل الميموني: قطع عمررضي الله عنه بعد يد ورجل، وإليه أذهب.
مختصر الخرقي ص194، والمغني 8/260 والروايتين والوجهين 2/334، والأحكام السلطانية للماوردي [] [] ص266، والهداية شرح بداية المبتدئ 2/126، وبدائع الصنائع 7/86، والمقنع 3/498-499، والمحرر 2/159، والفروع 6/135، والمبدع 9/140، والهداية للكلوذاني 2/105، ومنار السبيل 2/391.
قال في الإنصاف: فإن عاد حبس، ولم يقطع.
[] وقال المرداوي تعليقاً: يعني بعد قطع يده اليمنى، ورجله اليسرى، وهذا المذهب بلا ريب. 10/285-286.(7/3488)
عنه] . 1
__________
1 روى البيهقي عن عبد الرحمن بن عائذ قال: أتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجل أقطع اليد والرجل قد سرق، فأمر به عمررضي الله عنه أن يقطع رجله، فقال علي رضي الله عنه: إنما قال الله عز وجل {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ …} إلى آخر الآية، فقد قطعت يد هذا، ورجله فلا ينبغي أن تقطع رجله، فتدعه ليس له قائمة يمشي عليها، إما أن تعزره وإما أن تستودعه السجن، قال فاستودعه السجن.
السنن الكبرى 8/274، مصنف عبد الرزاق10/186، رقم 18766، والمحلى 11/355، ونصب الراية 3/375، وإرواء الغليل 8/89.
قال الألباني عن سند البيهقي: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم، غير عبد الرحمن بن عائذ، وهو ثقة، وفي سماك كلام يسير لا يضر.(7/3489)
قال إسحاق: لا، بل يقطع 1 بعد اليد والرجلُ، اليد، ثم الرجل 2، كما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ذلك] 3. 4
__________
1 في العمرية بإضافة لفظ "به" بعد لفظ "يقطع".
2 قالت طائفة: إذا سرق قطعت يده اليمنى، فإذا سرق الثانية قطعت رجله اليسرى، ثم إن سرق الثلاثة قطعت يده اليسرى، فإذا سرق الرابعة قطعت رجله اليمنى، فإن سرق الخامسة عزر وحبس، وبه قال إسحاق، وهو رواية ثانية للإمام أحمد كما سبق.
وقد ثبت عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب أنهما قطعا في السرقة اليد، بعد اليد والرجل.
[] الأوسط لابن المنذر، كتاب الحدود 1/222-223، الاستذكار 6/3، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/172، المغني 8/264 الأحكام السلطانية للمارودي 266، معالم السنن للخطابي 4/567، شرح السنة للبغوى 10/326.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سرق السارق فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله، فإن عاد فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله"
سنن الدارقطني في الحدود والديات 3/181، عن أبي هريرة. وفي إسناده الواقدي وهو متروك. وأخرجه الشافعي فيما ذكره الحافظ في التلخيص 4/76، عن أبي هريرة مرفوعاً وفي إسناده من لا يعرف. وقال في الباب عن عصمة بن مالك رواه الطبراني، والدارقطني، وإسناده ضعيف. إرواء الغليل 8/86، 89، وقال الألباني: صحيح قال: وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله، يرويه مصعب بن ثابت عن محمد بن المنكدر عنه. وله ثلاث طرق، وإن كانت لا تخلو مفرداتها من ضعف، ولكنه ضعف يسير، فبعضها يقوي بعضاً.
ونص الحديث: روى جابر بن عبد الله قال: جيء بسارق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اقتلوه"، فقالوا: يا رسول الله، إنما سرق، فقال: "اقطعوه" قال: فقطع، ثم جيء به الثانية فقال: "اقتلوه"، فقالوا يا رسول الله إنما سرق، فقال: "اقطعوه". قال فقطع، ثمّ جئ به الثالثة فقال: "اقتلوه". فقالوا يا رسول الله إنما سرق، فقال: "اقطعوه". ثم أتي به الرابعة فقال: "اقتلوه" فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، قال: "اقطعوه". فأتي به الخامسة فقال: "اقتلوه" قال جابر: فانطلقنا به فقتلناه، ثمّ اجتررناه، فألقيناه في بئر ورمينا عليه الحجارة.
[] سنن أبي داود في الحدود، باب في السارق يسرق مراراً 4/565-567، رقم 4410، سنن النسائي في قطع السارق، باب قطع اليدين والرجلين من السارق 8/90، وقال النسائي: وهذا حديث منكر، ومصعب بن ثابت ليس بالقوي في الحديث، والله تعالى أعلم، والسنن الكبرى للبيهقي 8/272.(7/3490)
وأخذ 1 به عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] . 2
__________
1 في العمرية سقط لفظ "به".
2 روى البيهقي وغيره: عن ابن عباس قال: شهدت عمر بن الخطاب رضي الله عنه عنه قطع يد رجل بعد يد ورجل.
السنن الكبرى 8/274، ومصنف عبد الرزاق 10/187، رقم 18768، ولفظه: قال: شهدت لرأيت عمر قطع رِجْل رَجُل بعد يد ورِجْل، سرق الثالثة. ومصنف ابن أبي شيبة 9/511، رقم 8315، وسنن الدارقطني في الحدود والديات 3/181، رقم 293 وقال البيهقي تعليقاً: ورواية ابن عباس موصولة.(7/3491)
[2513-] قلت: إذا سرق صبياً يقطع أم لا؟
قال: إذا 1 سرق عبداً من حرز يقطع، 2 وإذا سرق حراً لم يقطع. 3
__________
1 في العمرية سقط لفظ "سرق".
2 قال ابن قدامة: وإن سرق عبداً صغيراً فعليه القطع في قول عامة أهل العلم، قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم.
المغني 8/245، الإجماع ص110، الأحكام السلطانية 267، الكافي 4/177، المقنع 3/485، المحرر 2/156، الهداية للكلوذاني 2/104، الإفصاح 2/417 المبدع 9/117، كشاف القناع 6/130.
وقال المرداوى تعليقاً: هذا المذهب مطلقاً. الإنصاف 10/257.
روى عبد الرزاق عن ابن جريح قال: أخبرت عن عمر بن الخطاب أنه قطع رجلاً في غلام سرقه.
مصنف عبد الرزاق 10/196، رقم 18808، المحلى لابن حزم 11/336 من طريق عبد الرزاق.
3 قال ابن قدامة: ولا يقطع بسرقة حر إن كان صغيراً.
المقنع 3/485، المغني 8/244، الكافي 4/176، المحرر 2/156، الأحكام السلطانية 267، المبدع 9/117 كشاف القناع 6/130.
وقال المرداوي معلقاً: هذا المذهب.
الإنصاف 10/258.
الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله أنه يقطع بسرقة الحر الصغير من الحرز. المراجع السابقة.(7/3492)
قال إسحاق 1: كلما سرق صغيراً 2 من حرز حراً كان [أم] 3 عبداً قطع، لأن الحر وإن كان لا ثمن له فديته أكثر من الثمن، والحرز أن يكون قد آواه بيته. 4
[2514-] قلت: النباش؟ 5
__________
1 في العمرية سقط لفظ "إسحاق".
2 في العمرية بلفظ "صغير"، والصواب ما في الظاهرية.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "أو"، والأولى أن يعطف هنا بـ"أم" التي يؤتى بها بعد همزة التسوية الاستفهامية، وهي هنا محذوفة تقديره: أحراً كان أم عبداً.
4 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/108، 111، وابن حزم في المحلى 11/336، 337، وابن عبد البر في الاستذكار 6/9، وابن قدامة في المغني 8/244، 245، وانظر: حاشية المقنع 3/485.
5 نبش الشيء ينبشه نبشاً: استخرجه بعد الدفن، والنباش: هو الذي ينبش القبور، ويستخرج الأكفان، ويسرقها.
انظر: الصحاح 3/1021، اللسان 6/350.(7/3493)
قال: هو أهل أن يقطع. 1
قال إسحاق: يقطع على [كلّ] 2 حال، إذا بلغ ما
__________
1 نقل ابن المنذر قول الإمام أحمد فقال: وقال أحمد بن حنبل: هو أهل أن يقطع. وقال ابن هانئ: سمعت أبا عبد الله يقول: في النباش أكثر الحديث أن يقطع، وأرى أن يقطع.
مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/89، رقم 1559. الأوسط، كتاب الحدود 1/159.
وكذا انظر: المغني 8/273، المقنع 3/494، الكافي 4/185، المحرر 2/158، الهداية للكلوذاني 2/105، المبدع 9/129، الفروع 6/131، كشاف القناع 6/138.
وقال في الإنصاف: فلو نبش قبراً، وأخذ الكفن قطع، يعني إذا كان كفناً مشروعاً، وهذا المذهب. وعليه الأصحاب. 10/272.
لما روى عبد الرزاق من طريق: عبد الله بن عامر بن ربيعة: أنه وجد قوماً يختفون القبور باليمن على عهد عمر بن الخطاب، فكتب إلى عمر، فكتب إليه عمر أن يقطع أيديهم.
مصنف عبد الرزاق10/215، رقم 18887، المحلى لابن حزم 11/330، من طريق عبد الرزاق.
يختفون: أي يستخرجون الكفن من القبر، والمختفي النباش.
مختار الصحاح 183.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3494)
سرق ما يقطع. 1
[2515-] قلت: من أين تقطع اليد والرجل؟
قال: كلاهما من المفصل. 2
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/159، والخطابي في معالم السنن 4/565، والبغوي في شرح السنة 10/323، وابن عبد البر في الاستذكار 6/10، وابن قدامة في المغني 8/272، وانظر: حاشية المقنع 3/494.
2 قال عبد الله: سألت أبي عن القطع، من أين تقطع اليد؟ قال: من الكوع من المفصل.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص 428.
وقال ابن قدامة: لا خلاف بين أهل العلم في أن السارق أول ما يقطع منه يده اليمنى، من مفصل الكف، وهو الكوع.
المغني 8/259، الأحكام السلطانية ص 266، الكافي 4/192، الفروع 6/135، المبدع 9/140، الإنصاف 10/285.
وأما في حد قطع القدم من المفصل عن الإمام أحمد رحمه الله روايتان:
الأولى: أنه يقطع من مفصل كعبه، ويترك عقبه. قال أبو داود سمعت أحمد قال: القطع يترك فيه العقب.
مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود ص 225، وقال في الفروع نص عليه 6/135، والمبدع 9/141، وكشاف القناع 6/147.
الرواية الثانية عنه: أن الرجل تقطع من مفصل الكعب. وقال ابن قدامة: في قول أكثر أهل العلم، وفعل ذلك عمر رضي الله عنه.
المغني 8/260 ورجحه، وكذا في الأحكام السلطانية ص 266، والكافي 4/193، والمبدع 9/141، وكشاف القناع 6/147.
روى ابن أبي شيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم "قطع رجلاً من المفصل"
[] مصنف ابن أبي شيبة 10/29-30، رقم 8648، وهو في السنن الكبرى للبيهقي 8/271.
قال الألباني: وهذا إسناد مرسل جيد، رجاله كلهم ثقات من رجال التهذيب، غير ميسرة هذا، قال ابن أبي حاتم 4/1/423 عن أبيه: شيخ ما به بأس. إرواء الغليل 8/82(7/3495)
قال إسحاق: اليد من الرسغ، وهو الكوع، والرجل من المفصل، ويترك 1 العقب. 2
__________
1 العقب: بكسر القاف: مؤخر القدم، والجمع أعقاب. المصباح المنير 2/419.
2 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: وكان إسحاق بن راهوية يقول: تقطع اليد من الرسغ وهو الكوع، والرجل من المفصل، ويترك العقب.
الأوسط، كتاب الحدود 1/235.
لما روى الشعبي أن علياً رضي الله عنه "كان يقطع الرجل، ويدع العقب يعتمد عليها."
السنن الكبرى للبيهقي 8/271، ومصنف عبد الرزاق 10/185، رقم 18759 عن عكرمة، ومصنف ابن أبي شيبة 10/29، رقم 8647، وراجع إرواء الغليل 8/89.(7/3496)
[2516-] قلت: يقاتل اللص؟
قال: إذا كان مقبلاً فقاتله، وإذا ولى فلا 1 تقاتل. 2
قال إسحاق: كما قال، ويناشده في الإقبال ثلاثاً، فإن ولى 3 وإلا قاتله. 4
[2517-] قلت لأحمد 5: في الذي يموت في القصاص. 6
قال: لا دية له [ع-106/أ] .
__________
1 في العمرية بلفظ "لا".
2 نقل ابن القيم قول الإمام أحمد رحمه الله برواية إسحاق بن منصور، فقال: قلت: يقاتل اللص؟ قال: إذا كان مقبلاً فقاتله، وإذا ولى لا تقاتل.
[] بدائع الفوائد 3/278، وكذا انظر: المغني 8/331، وفي الفروع روايات عن الإمام أحمد رحمه الله 6/145-146، والمحرر 2/162، وكشاف القناع 6/154.
3 في العمرية بلفظ "أبى".
4 نقل ابن القيم قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: قال إسحاق: كما قال، ويناشده في الإقبال ثلاثاً، فإن أبى وإلا يقاتله. بدائع الفوائد 3/278.
وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/406، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 6/156.
5 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
6 في العمرية بلفظ "قصاص".(7/3497)
قلت: وفي 1 الخمر؟
قال: لا دية له.
قال إسحاق: كما قال. 2
[2518-] قلت لأحمد 3: رجل مسلم قتل رجلاً من أهل الذمة؟
قال: عليه ديته، ولا يقتل به. 4 لا يقتل مسلم بكافر. 5
__________
1 في العمرية سقط حرف "الواو".
2 تقدم مثل هذه المسألة فيما مضى برقم (2393) .
3 في العمرية سقط لفظ "لأحمد" وهي بالعبارة الآتية "قلت: إن رجلاً مسلماً".
4 قال الخلال: أخبرني حرب قال: سمعت أحمد يقول: دية الذمي إذا كان عمداً فهو مثل دية المسلم، لأنه يضاعف عليه، إذا كان خطأ فهو نصف دية المسلم.
قال: وسئل أحمد أيضاً عن مسلم قتل معاهداً قال: يدرأ عنه القود، وتضاعف عليه الدية، وإن قتله خطأ فعليه دية المعاهد، وهو نصف دية المسلم.
[] أحكام أهل الملل ص138، ذكر روايات كثيرة بهذا المعنى 138-140، وكذا انظر: المغني 7/652، [] [] ومسائل الإمام أحمد لابن هانئ 2/88، رقم 1552، والإنصاف 9/469، 10/339-65.
5 روى أبو جحيفة عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقتل مسلم بكافر". الحديث رواه البخاري في الديات، باب العاقلة 8/45 من طريق سفيان بن عيينة، وباب لا يقتل المسلم بالكافر 8/47.(7/3498)
قال إسحاق: كما قال. إلا أن يكون عمداً، فديته مغلظة 1، ألف دينار، لما زال عنه القود 2، وكذلك قال عمر 3، وعثمان [رضي الله عنهما] . 4
__________
1 في العمرية سقط لفظ "مغلظة".
2 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/46، وابن نصر في اختلاف العلماء 65/أخ، وابن حزم في المحلى 10/350، والخطابي في معالم السنن 4/668، وابن قدامة في المغني 7/652.
3 عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يحدث الناس: أن رجلاً من أهل الذمة قتل بالشام عمداً، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ ذاك بالشام، فلما بلغه ذلك قال عمر رضي الله عنه: قد وقعتم بأهل الذمة، لأقتلنه به، فقال أبو عبيده بن الجراح رضي الله عنه: ليس ذلك لك. فصلى، ثم دعا أبا عبيدة رضي الله عنه فقال: لم زعمت لا أقتله؟ فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: أرأيت لو قتل عبداً له، أكنت قاتله به؟ فصمت عمر رضي الله عنه، ثم قضى عليه بألف دينار، مغلظة عليه. السنن الكبرى للبيهقي 8/32.
وكذا روى عبد الرزاق وغيره: أن رجلاً من المسلمين قتل رجلاً من أهل الحيرة نصرانياً، عمداً، فكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يقاد به، ثم كتب كتاباً بعده: أن لا تقتلوه، ولكن اعقلوه.
مصنف عبد الرزاق 10/102، رقم 18520، وانظر: السنن الكبرى للبيهقي 8/32، والمحلى 10/349، والدراية 2/263، والتلخيص الحبير 4/20.
وذكر أن ابن حزم صحح سنده.
4 عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجلاً مسلماً قتل رجلاً من أهل الذمة عمداً، ورفع إلى عثمان رضي الله عنه فلم يقتله، وغلظ عليه الدية، مثل دية المسلم.
رواه الإمام أحمد في أحكام أهل الملل ص 139، وهو في سنن الدارقطني 3/145، رقم 193، والسنن الكبرى للبيهقي 8/33 والمحلى 10/349، وقال ابن حزم: وهذا في غاية الصحة عن عثمان. وانظر: التلخيص الحبير 4/20.(7/3499)
[2519-] قلت: قول ابن الزبير [رضي الله عنهما] : من أشار السلاح، 1 ثم وضعه فدمه هدر؟ 2
قال: لا أدري ما هذا. 3
__________
1 هكذا في الأصل، ولعل باء الجر سقطت من الناسخ، وهي ثابتة في قول إسحاق الآتي.
2 روى عبد الرزاق عن ابن الزبير أنه قال: من أشار بسلاح، ثم وضعه - يقول: ضرب به - فدمه هدر.
مصنف عبد الرزاق 10/161، رقم 18683: من رفع السلاح: ثم وضعه فهو هدر، قال: وكان طاووس يرى ذلك 10/161، رقم 18684، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 10/120، رقم 8973، والمحلى لابن حزم 11/302 من طريق عبد الرزاق عن معمر.
3 يحتمل قول الإمام أحمد رحمه الله: لا أدري ما هذا أحد أمرين:
الأمر الأول: عدم ثبوت الأثر عنده.
الأمر الثاني: عدم وضوح معناه حيث إن كلمة "وضعه" قد يتبادر إلى الذهن منها أنه ألقاه من يده بعد أن أشار به، ويحتمل أنه ضرب به كما ورد في الرواية الأخرى، ولكن السؤال الموجه للإمام أحمد مجمل، لم يفسر فيه معنى الوضع، ويؤيد الاحتمال الثاني تفسير إسحاق رحمه الله للأثر. فلو كان قصد الإمام أحمد عدم ثبوت الأثر لأجاب إسحاق بما يدل على ثبوته، ولم يجب بتفسير معناه. والله أعلم.(7/3500)
قال إسحاق: إنما يقول إذا أشار بالسلاح، 1 ثم وضعه في الناس حتى استعرض الناس فقد حل قتله، وهو مذهب الحرورية، لما يستعرض الرجال والنساء والذرية.
[2520-] قلت: أخذ ابن عمر رضي الله عنهما لصاً في داره فأصلت عليه السيف؟ 2
قال: إذا كان مقبلاً، وأما مولياً فلا. 3
قال إسحاق: كما قال. 4
__________
1 في العمرية بلفظ "السلاح".
2 رواه عبد الرزاق عن سالم قال: أخذ ابن عمر لصاً في داره فأصلت عليه بالسيف، فلولا أنّا نهيناه عنه لضربه به.
مصنف عبد الرزاق 10/112، رقم 18557، ورقم 18818، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 9/454، رقم 8090 عن ابن عمر: أنه وجد سارقاً في بيته، فأصلت عليه بالسيف، ولو تركناه لقتله، وكذا تحت، رقم 8095 عن نافع قال: أصلت.. الخ.
3 في العمرية سقط لفظ "فلا".
4 تقدم تحقيق المسألة فيما مضى برقم (2516) .(7/3501)
[2521-] قلت: الشفتان تفضل إحداهما على الأخرى؟
قال أحمد 1: قال سعيد بن المسيب: تفضل السفلى. 2
قال إسحاق: هما سواء، 3 لأن قول علي 4 وابن مسعود 5 [رضي الله عنهما] أولى أن يتبع.
__________
1 للإمام أحمد في المسألة روايتان، وقد اكتفى هنا بذكر قول سعيد بن المسيب.
الرواية الأولى: في كل واحدة من الشفتين نصف الدية بالتساوي.
وقال المرداوي: وهو المذهب. وعليه الأصحاب.
الرواية الثانية: في الشفة السفلى ثلثا الدية، وفي العليا ثلثها كقول سعيد بن السيب.
[] انظر: المغني 8/14، والكافي 4/102، والروايتين والوجهين 2/274-275، والمحرر 2/138، والفروع 6/24، والمبدع 8/369، والهداية للكلوذاني 2/88، وكشاف القناع 6/40، والإنصاف 10/82.
2 روى عبد الرزاق عن ابن المسيب قال: في الشفة السفلى ثلثا الدية، وفي العليا ثلث الدية.
مصنف عبد الرزاق 9/342، رقم 17478، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 9/173، رقم 6964.
3 قول الإمام إسحاق حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/320.
4 روى عبد الرزاق عن علي قال: في الشفتين الدية.
مصنف عبد الرزاق 9/343، رقم 14784، وهو في الأوسط لابن المنذر، كتاب الديات 2/319 من طريق عبد الرزاق.
5 ذكر الهيثمي في المجمع: قال عبد الله بن مسعود: "كل زوجين ففيهما الدية، وكل واحد ففيه الدية"
مجمع الزوائد 6/298 إذ تدخل الشفتان في هذا العموم.(7/3502)
[2522-] قلت لأحمد 1: بعير شد 2 على رجل فقتله الرجل؟
قال: إذا دخل عليه في موضعه فعلى حديث عمر [رضي الله عنه] 3، وإذا 4 كان صؤولاً 5 فقتله فليس عليه شيء. 6
__________
1 في العمرية سقط لفظ " لأحمد".
2 الشد: الحمل، شد على الرجل: حمل عليه ليقتله.
انظر: النهاية 2/451، تاج العروس 2/387.
3 روى ابن أبي شيبة: عن الحيي، أن غلاماً من قومه دخل على نجيبة ليزيد بن صوحان في داره فخبطته فقتلته، فجاء أبوه بالسيف فعقرها، فرفع ذلك إلى عمر، فأهدر دم الغلام، وضمن أبوه ثمن النجيبة.
تقدم تخريج الأثر فيما مضى بمسألة، رقم (2481) .
4 في العمرية بلفظ "وإن".
5 صال عليه: وثب، وصؤل البعير: بالهمز من، باب ظرف إذا صار يقتل الناس، ويعدو عليهم، فهو جمل صئول.
[] الصحاح 5/1746-1747، وتاج العروس 7/402.
6 قال الخرقي: وإذا حمل عليه جمل صائل، فلم يقدر على الامتناع منه إلا بضربه فضربه فقتله فلا ضمان عليه.
وقال ابن قدامة: وجملته: أن الإنسان إذا صالت عليه بهيمة، فلم يمكنه دفعها إلا بقتلها، جاز له قتلها إجماعاً، وليس عليه ضمانها إذا كانت لغيره. وبهذا قال مالك، والشافعي، وإسحاق.
[] مختصر الخرقي 197، والمغني 8/328-329.(7/3503)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2523-] قلت: يضمن الردف؟ 2
قال 3: الردف لا يقدر على شيء، أرجو أن لا يكون عليه شيء، إذا كان 4 قدامه من يمسك باللجام 5. 6
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن قدامة في المغني 8/329.
2 الردف: المرتدف، وهو الذي يركب خلف الراكب، وأردفه أركبه خلفه.
مختار الصحاح 240، والمصباح المنير 1/225.
3 في العمرية سقط لفظ "قال".
4 في العمرية سقط لفظ "كان".
5 في العمرية بلفظ "اللجام".
6 نقل ابن المنذر قول الإمام أحمد رحمه الله فقال: وقال أحمد: الردف لا يقدر على شيء، أرجو أن لا يكون عليه شيء، إذا كان قدامه من يمسك باللجام.
انظر: الأوسط، كتاب الديات 2/462.
وقال ابن قدامة: فإن كان على الدابة راكبان فالضمان على الأول منهما، لأنه المتصرف فيها، القادر على كفها، إلا أن يكون الأول منهما صغيراً أو مريضاً، أو نحوهما، ويكون الثاني المتولي لتدبيرها، فيكون الضمان عليه.
المغني 8/339.(7/3504)
قال إسحاق: ليس على الردف شيء. 1
[2524-] قلت: إذا وجد القتيل بين القريتين؟
قال [أحمد:] 2 هذا 3 قسامة. 4
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/462، وابن حزم في المحلي 11/7.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 في العمرية سقط لفظ "هذا".
4 قال ابن مفلح: وسأله ابن منصور عن قتيل بين قريتين؟ قال: هذا قسامة.
قال المروذي: واحتج أحمد بعمر أنه جعل الدية على أهل القرية، ونقل حنبل: أذهب إلى حديث عمر: "قيسوا ما بين الحيين، فإلى أيهما كان أقرب فخذوهم به".
الفروع 6/51، وكذا انظر: المبدع 9/41، والروايتين والوجهين 2/294، ومسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/84، رقم1535.
روى ابن أبي شيبة عن الشعبي قال: وجد قتيل بين حيين من همدان، بين وادعة وأرحب، فبعث معهم عمر المغيرة بن شعبة فقال: انطلق معهم فقس ما بين القريتين فأيهما كانت أقرب فألحق بهم القتيل.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة 9/381، 382، رقم 7863، و 9/392، رقم 7900.
ومصنف عبد الرزاق 10/35، رقم 18266، والسنن الكبرى للبيهقي 8/123، والمحلى11/69، وفتح الباري 12/238.(7/3505)
قال إسحاق: كما قال.
[2525-] قلت: الرجل يسقط على الآخر فيموت أحدهما؟
قال: إن 1 مات الأعلى فليس على الأسفل شيء، وإن مات الأسفل فالأعلى ضامن له، يكون على 2 عاقلته. 3
قال إسحاق: كما قال. 4
__________
1 في العمرية بلفظ "إذا".
2 في العمرية سقط لفظ "على".
3 قال ابن قدامة: إذا سقط رجل في بئر فسقط عليه آخر فقتله فعليه ضمانه، لأنه قتله فضمنه، كما لو رمى عليه حجراً، ثم ينظر فإن كان عمد رمي نفسه عليه، وهو مما يقتل غالباً فعليه القصاص، وإن كان مما لا يقتل غالباً فهو شبه عمد، وإن وقع خطأ فالدية على عاقلته مخففة، وإن مات الثاني بوقوعه على الأول فدمه هدر، لأنه مات بفعله. المغني 7/819 وكذا انظر: الأوسط، كتاب الديات 2/444، والإنصاف 10/43.
روى عبد الرزاق عن شريح أن رجلاً صرع على رجل من فوق بيت، فمات الأعلى فقال شريح: لا أضمن الأرض، فلم يضمن الأسفل للأعلى، وكان يضمن الأعلى للأسفل. مصنف عبد الرزاق 10/53، رقم 18324.
4 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/444، وابن قدامة في المغني 7/819.(7/3506)
[2526-] قلت: الفارسان يصدمان؟ 1
قال: إذا ماتا جميعاً فدية كل واحد منهما على عاقلة صاحبه، وأما الفرسان فعليهما في أموالهما؟
قال: نعم عليهما في أموالهما. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
__________
1 هكذا في النسختين، والمراد يصطدمان. وتصادم الفارسان واصطدما: أصاب كل واحد الآخر بثقله وحدته. المصباح المنير 1/336.
2 قال ابن قدامة: وإن اصطدم نفسان فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر، وإن كانا راكبين فماتت الدابتان فعلى كل واحد منهما قيمة دابة الآخر.
[] المقنع 3/378-379، وكذا انظر: المغني 8/340، والكافي 4/65، والهداية للكلوذاني 2/85، [] [] [] [] والمحرر2/136، والمبدع 8/331، وكشاف القناع 6/9-10، والإنصاف 10/35-36.
وقال المرداوى تعليقاً: هذا المذهب.
روى عبد الرزاق عن علي أن رجلين صدم أحدهما صاحبه، فضمن كل واحد منهما صاحبه، يعني الدية.
مصنف عبد الرزاق 10/54، رقم 18328، وانظر: نصب الراية 4/386.
3 قول الإمام إسحاق -رحمه الله- حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/430 وابن قدامة في المغني 8/340، وسليمان في حاشية المقنع 3/379، والمطيعي في تكملة المجموع 19/26.(7/3507)
[2527-] قلت: من قال لا تعقل العاقلة دون الثلث؟
قال: يقول ثلث الدية، وأنا أقول هكذا. 1
قال إسحاق: العاقلة تعقل الغرة، 2 صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه حيث قضى بالجنين غرة على عصبة العاقلة 3 فقالت العاقلة 4: أندي من لا أكل ولا شرب؟ فأي بيان أبين من هذا
__________
1 لا تحمل العاقلة ما دون ثلث الدية، ويكون ذلك في مال الجاني، وبهذا قال سعيد بن المسيب، وعطاء، ومالك، وأحمد، وربيعة، وعبد العزيز بن أبي سلمة، ويحيى بن سعيد، وعبيد الله بن عمر، وهو رواية ثانية لإسحاق.
انظر: الموطأ للإمام مالك 2/865، والمحلى لابن حزم 11/52، والمغني 7/777.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب، وعليه الأصحاب.
الإنصاف 10/127.
لما روى عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر قال: نحن مجتمعون، أو قد كدنا أن نجتمع أن ما دون الثلث في ماله خاصة.
مصنف عبد الرزاق 9/410، رقم 17820، وهو في الأوسط لابن المنذر، كتاب الديات 2/483، والمحلى لابن حزم 11/52.
2 نقل ابن منصور عن الإمام أحمد -رحمه الله-: إذا شربت دواء عمداً فأسقطت جنيناً، فالدية على العاقلة. قال في الفروع: فيتوجه منها احتمال تحمل العاقلة القليل.
المغني 7/777، والفروع 6/41، والإنصاف 10/127.
3 تقدم تخريج الحديث فيما مضى بمسألة، رقم (2454) .
4 في العمرية بلفظ "فقال".(7/3508)
والغرة عبد 1، أو أمة أو خمسمائة.
[2528-] قلت: في كم تعطى الدية؟
قال: ما أعرف فيه حديثاً إلا إذا كانت العاقلة تقدر أن تحملها في سنة، فلا أرى به بأساً، ويعجبني ذلك. 2
قال إسحاق 3: في ثلاث سنين، كل سنة ثلثاً. 4 لأنه 5 وإن لم
__________
1 في العمرية بلفظ "عبداً" بإضافة الألف، والصواب ما في الظاهرية.
2 نقل ابن المنذر قول الإمام أحمد فقال: قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: في كم تعطى الدية؟ قال ما أعرف فيه حديثاً. وقال أحمد بن حنبل: إذا كانت العاقلة تقدر أن تحملها في سنة، فلا أرى به بأساً، ويعجبني ذلك.
والرواية الثانية عنه: ما تحمله العاقلة مؤجلة في ثلاث سنين.
قال ابن المنذر: وحكى الأثرم عنه أنه قال: تؤدى في ثلاث سنين.
[] الأوسط، كتاب الديات 2/492-493، وكذا انظر: المغني 7/771، والفروع 6/42، الهداية للكلوذاني 2/96، والمبدع 9/25، وكشاف القناع 6/64.
وقال المرداوي: وما تحمله العاقلة يجب مؤجلاً في ثلاث سنين.
وقال المرداوي معلقاً: هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم. الإنصاف 10/131.
3 في العمرية بإضافة العبارة الآتية "بهذا هو يرى" بعد لفظ إسحاق.
4 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/492.
5 في العمرية بلفظ "لأنهم".(7/3509)
يكن الإسناد متصلاً عن عمر 1 رضي الله عنه فهو أقوى من غيره.
[2529-] قلت: ما الذي لا تعقل العاقلة؟
قال: ما دون الثلث، ولا العمد، ولا الصلح، ولا الاعتراف [ظ-79/أ] ولا العبد إذا قتل عبداً خطأ، أو عمداً. 2
__________
1 روى عبد الرزاق: أن عمر بن الخطاب جعل الدية في الأعطية في ثلاث سنين، والنصف والثلثين في سنتين، والثلث في سنة، وما دون الثلث فهو من عامه.
مصنف عبد الرزاق 9/420، رقم 17858، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 9/284، رقم 7488.
والسنن الكبرى للبيهقي 8/109.
[] وانظر: التلخيص الحبير 4/36-37.
وقال الألباني: وهذا إسناد ضعيف، من أجل الأشعث، فإنه ضعيف، ثم هو منقطع بين الشعبي وعمر. إرواء الغليل 7/337.
2 قال الخرقي: والعاقلة لا تحمل العبد، ولا العمد، ولا الصلح، ولا الاعتراف ولا ما دون الثلث.
مختصر الخرقي ص179، وكذا انظر: الأوسط لابن المنذر كتاب الديات 2/497، والمغني 7/775، 781، [] [] والكافي 4/119، والمحرر 2/149، والعدة شرح العمدة ص524، والفروع 6/41، المبدع 9/20-21، [] [] وكشاف القناع 6/62، والإنصاف 10/126-127.
قال المرداوي: هذا المذهب، وعليه الأصحاب.
لما روى عبد الله بن عباس أنه قال: لا تحمل العاقلة عمداً، ولا صلحاً ولا اعترافاً، ولا ما جنى المملوك.
السنن الكبرى للبيهقي 8/104 عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، والاستذكار لابن عبد البر 6/58، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/495، وأحكام القرآن للجصاص 1/158.
وحسنه الألباني: وقال: فهذا سند حسن إن شاء الله، فإن عبيد الله بن عبد الله بن عباس هو ثقة في الواقع، احتج به الشيخان. والله أعلم. إرواء الغليل 7/336.
وقال ابن قدامة: وروي عن ابن عباس موقوفاً عليه، ولم نعرف له في الصحابة مخالفاً، فيكون إجماعاً - المغني 7/775.(7/3510)
قال إسحاق: كما قال 1، كله 2 إلا الثلث. 3
[2530-] قلت: على المداوي ضمان؟
قال: إذا جاوز 4 موضعه الذي يؤمر به، فأما إذا كان 5 يداوي
__________
1 في العمرية سقط لفظ "قال".
[2] قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/496-497، وابن قدامة [] في المغني 7/775-781.
3 تقدم فيما مضى بمسألة، رقم (2527) .
4 في العمرية بلفظ "جاز".
5 في العمرية بلفظ "ما".(7/3511)
الذي يداوى فلا. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2531-] قلت: المحارب 3 إذا جاء تائباً من قبل أن يقدر عليه [ع-106/ب] ؟
قال: لا أعرف ما المحارب، إذا كان رجل قتل، 4 أو جرح أو قطع أقيمت عليه الحدود، فإن لم يأت بشيء من ذلك وأخاف السبيل حبس شره عن المسلمين وأدب، فإن هو قطع السبيل وانتهك الأموال قطع 5.
__________
1 في العمرية سقط لفظ "فلا".
2 تقدم مسألة شبيهة بهذه فيما مضى برقم (2392) ، (2421) .
3 في العمرية سقط لفظ "المحارب".
والمحاربون: هم الذين يعرضون للناس بالسلاح في الصحراء، فيغصبونهم المال مجاهرة، فإن كان ذلك منهم في القرى والأمصار فقد توقف أحمد رحمه الله فيهم، وظاهر كلام الخرقي أنهم غير محاربين، وبه قال إسحاق.
[] المغني 8/287، والمقنع 3/500-501.
4 في العمرية بإضافة لفظ "قتيل".
5 قال القاضي أبو يعلى:
ومن أظهر السلاح ولم يأخذ المال عزر، ولم يقتل، ولم يقطع، وتعزيزه نفيه من بلد إلى بلد، ومن قرية إلى قرية. فإن تابوا قبل أن يقدر عليهم الإمام سقطت عنهم حدود الله تعالى، ولا تسقط حقوق الآدميين.
وقال ابن قدامة: لا نعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم، والأصل في هذا قول الله تعالى {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} سورة المائدة، آية 34.
فعلى هذا يسقط عنهم تحتم القتل، والصلب، والقطع، والنفي، ويبقى عليهم القصاص في النفس، والجراح، وغرامة المال، والدية لما لا قصاص فيه.
[] الأحكام السلطانية ص 57-58، والمغني 8/295، والمحرر 2/161، والفروع 6/140-142، والمبدع [9/151،] والتنقيح المشبع ص282، والهداية للكلذواني 2/107، وكشاف القناع 6/152-153، والإنصاف [10/297-299.(7/3512)
] وأما تأويل هذه الآية 1 ما أدري ما هو. 2
قال إسحاق: [و] 3 أما [من] 4 جاء تائباً من المحاربين من قبل
__________
1 المراد بالآية قول الله تعالى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ [] عَظِيمٌ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} سورة المائدة، آية 33-34.
2 قوله هذا يدل على التوقف.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3513)
أن يقدر عليهم لم تقم عليهم الحدود، والباقي كما قال. 1
[2532-] قلت: الرجل يقتل ابنه خطأ، أو عمداً 2، أو يقتل أباه خطأ أو عمداً؟
قال: الأب لا يرث ولا يقاد 3، وإذا قتل أباه عمداً أقيد بأبيه،
__________
1 انظر: المغني لابن قدامة 8/288.
2 في العمرية سقطت العبارة الآتية: "أو يقتل أباه خطأ أو عمداً".
3 قال عبد الله سألت أبي عن الرجل يقتل أباه أو ابنه، يقتل به إذا كان ولي غيره؟
فقال أبي: أما الأب فلا يقتل إذا قتل ابنه، فلا يقاد به، تكون عليه الدية لغير أبيه ممن يرثه بعد أبيه.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 409، رقم 1460، كذا برواية ابن هانئ 2/87، وانظر: المغني 7/666، والمقنع 3/349، والكافي 4/7، والفروع 5/643، والمبدع 8/273، وكشاف القناع 5/527.
وقال المرداوي: وهذا المذهب، وعليه الأصحاب، وجزم به في الوجيز وغيره. الإنصاف 9/473
عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قتل رجل ابنه عمداً فرفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجعل عليه مائة من الإبل ثلاثين حقه، وثلاثين جذعة، وأربعين ثنية، وقال: لا يرث القاتل، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا يقتل والد بولده لقتلتك".
مسند الإمام أحمد 1/49، وسنن الترمذي في الديات، باب ما جاء في الرجل يقتل ابنه يقاد منه أم لا 4/18، رقم 1400، وسنن ابن ماجة في الديات، باب لا يقتل الوالد بولده 2/888، رقم 2662.
وصححه الألباني وقال: هذا إسناد رجاله ثقات، غير أن الحجاج بن أرطأة مدلس، وقد عنعنه لكنه لم ينفرد به. راجع إرواء الغليل 7/269.(7/3514)
وإذا كان خطأ فعلى قومه الدية. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2533-] قلت: رجل استأجر عمالاً 3 في حفر
__________
1 قال عبد الله قال أبي: وأما الابن يقتل أباه فإنه يقاد به إن شاء ورثته.
مسائل الإمام أحمد برواية أبنه عبد الله ص409، رقم 1460.
وقال ابن قدامة: ويقتل الولد بكل واحد منهما في أظهر الروايتين.
[] المقنع 3/349، والمغني 7/670، والكافي 4/9، والمبدع 8/274، وكشاف القناع 5/528-529.
وقال المرداوي: وهو المذهب مطلقاً، وعليه جماهير الأصحاب.
قال الزركشي: هذا المشهور، والمختار للأصحاب. الإنصاف 9/474.
والرواية الثانية: لا يقتل بواحد منهما، انظر: المراجع السابقة.
[2] قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/51-56، وابن قدامة في المغني 7/666، 670.
وكذا انظر: الشرح الكبير 9/372، 375، وحاشية المقنع 3/349.
3 في النسخة العمرية بلفظ " قوماً ".(7/3515)
ركيه 1 فانهدم عليهم فمات بعضهم، وجرح بعضهم؟
قال: ليس على المستأجر شيء 2، "ولم يقل غير ذلك". 3
قال إسحاق: كما قال ليس عليه شيء. 4
[2534-] قلت: كل شيء من الجراح والكسر 5، العمد يقاد، والخطأ يعقل؟
قال: كل شيء يقدر على القصاص يقتص منه في العمد، 6 وفي الخطأ الدية على 7 ما قد قيل فيه. 8
__________
1 الركية: البئر، والجمع ركى، وركايا.
انظر: النهاية 2/261، واللسان 14/334.
2 قال ابن قدامة: ولو استأجر أجيراً ليحفر له في ملكه بئراً، أو ليبني له فيها بناء، فتلف الأجير بذلك لم يضمنه المستأجر.
[] المغني 7/826-827، كذا انظر: الفروع 6/4.
3 ما بين المعقوفين من قول إسحاق بن منصور راوي المسائل.
4 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/452.
5 في العمرية بلفظ " والكسير ".
6 قال ابن قدامة: أجمع العلماء على أن القود لا يجب إلا بالعمد. المغني 7/647.
7 في العمرية سقط لفظ "على".
8 وقال ابن قدامة: كل من أتلف إنساناً، أو جزءاً منه … وإن كان شبه عمد أو خطأ، وما أجرى مجراه فعلى عاقلته الدية. المقنع 3/376.(7/3516)
قال إسحاق: كما قال.
[2535-] قلت: عمد الصبي خطأ؟
قال: خطأه على عاقلته، وجنايته كذلك. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2536-] قلت: عبيد قتلوا عبداً خطأ، أو عمداً ما عليهم؟
قال: إذا 3 كانوا عامدين قتلوا 4،
__________
1 قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن عمد الصبي قال: على من هو؟ قال: على العاقلة.
مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود ص224. وكذا انظر: برواية ابنه عبد الله 410، رقم 1464، وبرواية ابن هانئ 2/86، رقم 1542.
وقال المرداوي: عمد الصبي خطأ تحمله العاقلة، على الصحيح من المذهب مطلقاً.
والرواية الثانية عنه: أن عمد الصبي المميز في ماله.
المغني 7/776، والفروع 6/42، والمبدع 9/26، والإنصاف 10/133، والمحرر 2/149
2 قول الإمام إسحاق -رحمه الله -حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/436.
3 في العمرية بلفظ " إن".
4 قال ابن قدامة: فإن قتل عشرة أعبد عبداً لرجل عمداً، فعليهم القصاص.
والرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله: لا يقتل العبد بالعبد، إلا أن تستوي قيمتهما. قال المرداوي: ولا عمل عليه.
وقال القاضي أبو يعلى: اختلفت الرواية عن أحمد-رحمه الله- في القصاص هل يجرى من العبيد إذا اختلفت قيمتهم؟ فنقل ابن منصور عنه في عبد قيمته ألف دينار قتل عبداً قيمته ألف درهم، يقاد به.
ونقل أبو طالب، والأثرم، وإبراهيم بن الحارث: إن كان ثمن هذا العبد ألف درهم، وهذا ألف درهم اقتص منهما سواء. وإن كان ثمن هذا عشرين، وثمن هذا ألفاً، لا يستوي القصاص، ولكن يؤخذ قيمة جرح المجروح على هذا ثمنه، ولم يكن بينهما قصاص. القصاص بينهم إذا استوت قيمهم.
المغني 7/661، والمقنع 3/345، والروايتين والوجهين 2/250، والمبدع 8/268، والإنصاف 9/467.(7/3517)
وإذا 1 كانوا خطأ فهي جناية, يقال 2 لساداتهم: إما أن تفدوهم، وإما أن تسلموهم. 3
قلت: فعليهم أكثر من دية العبد؟
__________
1 في العمرية بلفظ " إن".
2 في العمرية بلفظ "يقاد".
3 قال ابن قدامة: وإن جنى العبد خطأ فسيده بالخيار بين فدائه بالأقل من قيمته، أو أرش جنايته، أو تسليمه ليباع في الجناية. وعنه: إن أبى تسليمه فعليه فداؤه بأرش الجناية كله.
المقنع 3/398، والمغني 7/781، والمبدع 8/364، والإنصاف 10/78.(7/3518)
قال: لا، ليس عليهم إلا دية عبد.
قال إسحاق: كما قال. 1
[2537-] قلت: عبد ثمنه 2 ألف دينار فقأ عين عبد ثمنه ألف درهم؟
قال: يقاد منه. 3
قال إسحاق: كما قال، لأنه عمد.
[2538-] قلت 4: لو لقيت قاتل أبي في الحرم 5 ما هجته؟ 6
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله انظره في: المغني 7/781.
2 في العمرية بلفظ "ثمن".
3 قال ابن قدامة: ويجرى القصاص بينهم (العبيد) فيما دون النفس. وقال المرداوي: وهذا المذهب، وعليه الأصحاب. وعنه: لا قود فيما دون النفس. المغني 7/660، والإنصاف 10/14.
4 في العمرية بإضافة لفظ "قال".
5 الحرم: المراد به: حرم مكة، فتكون الألف واللام للعهد. وقال ابن مفلح: قال بعض أصحابنا: حرم المدينة كمكة.
انظر: المبدع 8/362، والإنصاف 10/75.
6 هاج الشيء يهيج هيجاً وهيجاناً، واهتاج وتهيج: أي ثار، وهاجه غيره، يتعدى ويلزم، وتهايج الفريقان: إذا تواثبا للقتال. فلم يهجه أي لم يزعجه، ولم ينفره.
الصحاح 1/352، واللسان 2/395.(7/3519)
قال: لا يحرك حتى يخرج. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2539-] قلت: رجل زنى فجلد مائة، ثمّ علم بعد ذلك أنه قد كان أحصن.
قال: يرجم. هذا في قول بعض الناس. يجلد ويرجم.
قال إسحاق: كما قال يجلد ويرجم. 3
[2540-] قلت: إذا اعترف الرجل على نفسه بالزنى، ثم رجع عن
__________
1 قال ابن المنذر وقال أحمد بن حنبل في قول ابن عمر: لو لقيت قاتل عمر في الحرم ما هجته. قال: لا يحرك حتى يخرج. الأوسط، كتاب الديات 1/150.
2 قول الإمام إسحاق حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/150.
3 لما روى أبو داود: عن جابر أن رجلاً زنى بامرأة فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فجلد الحد، ثم أخبر أنه محصن، فأمر به فرجم.
رواه أبو داود في سننه في الحدود، باب رجم ماعز بن مالك 4/586، رقم 4438، من طريق عبد الله عن ابن جريح، عن أبي الزبير.
قال أبو داود: روى هذا الحديث محمد بن بكر البرساني عن ابن جريج موقوفاً على جابر، ورواه أبو عاصم عن ابن جريج بنحو ابن وهب، (هكذا في الأصل ولعله - بنحو ما رواه ابن وهب) لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أن رجلاً زنى فلم يعلم بإحصانه فجلد، ثم علم بإحصانه فرجم.(7/3520)
ذلك؟
قال: يترك. 1 قال النبي صلى الله عليه وسلم لماعز [ابن مالك] 2 حين فر "ألا تركتموه". 3
__________
1 قال الخرقي: ولا ينزع عن إقراره حتى يتم عليه الحد.
وقال ابن قدامة: وجملته أن من شرط إقامة الحد بالإقرار البقاء عليه إلى إتمام الحد، فإن رجع عن إقراره، أو هرب كف عنه.
مختصر الخرقي ص 191، والمغني 8/197، والمقنع 3/464، والشرح الكبير 10/138، وكذا انظر: الهداية [] للكلوذاني 2/102 والمبدع 9/52-53، والأحكام السلطانية 264، والروض الندي ص467، وكشاف القناع 6/85.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب في جميع الحدود - أعني حد الزنى والسرقة والشرب - وعليه الجمهور. وقطع به كثير منهم.
الإنصاف 10/163.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 قلت: لم أعثر على الحديث باللفظ المذكور، وإنما وجدته بهذا اللفظ:
روى يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه قال: كان ماعز بن مالك يتيماً في حجر أبي، فأصاب جارية من الحي، فقال له أبي: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك، وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج، فأتاه فقال: يا رسول الله، إني زنيت فأقم علي كتاب الله، فأعرض عنه، فعاد يقول: يا رسول الله إني زنيت، فأقم علي كتاب الله، حتى قالها أربع مرار. قال صلى الله عليه وسلم: "إنك قد قلتها أربع مرات فيمن؟ قال: بفلانة. قال: هل ضاجعتها؟ قال: نعم. قال: هل باشرتها؟ قال: نعم. قال: هل جامعتها؟ قال نعم. قال: فأمر به أن يرجم، فأخرج به إلى الحرة، فلما رجم فوجد من الحجارة جزع، فخرج يشتد، فلقيه عبد الله بن أنيس، وقد عجز أصحابه فنزع له بوظيف بعير فرماه به فقتله، قال ثم أتي النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه".
[] مسند الإمام أحمد 5/216-217، وسنن أبي داود في الحدود، باب رجم ماعز بن مالك 4/573-576، رقم [4419،] وابن أبي شيبة 10/71-72، رقم 8816.
قال الألباني: وهذا إسناد حسن، ورجاله رجال مسلم. إرواء الغليل 7/358.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر طرفاً منه بنحوه.
انظر: البخاري في الحدود، باب سؤال الإمام المقر هل أحصنت؟ 8/24، ومسلم في الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنى 2/1318، رقم 16، وسنن الترمذي في الحدود، باب ما جاء في درء الحد عن المعترف إذا رجع 4/36، رقم 1429.
[] راجع إرواء الغليل 7/352-359، رقم 2322.(7/3521)
قلت: ما يعني بذلك؟
قال: [يقول] 1 اتركوه يذهب.
قال إسحاق: كما قال. 2
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/499، والخطابي في معالم السنن 4/575، والنيسابوري في غرائب القرآن 18/45، وابن قدامة في المغني 8/197، والبغوي في شرح السنة 10/291، والسروي في اختلاف الصحابة 2/124.(7/3522)
[2541-] قلت: إذا اعترفت المرأة بالزنى وهي حبلى؟
قال: تترك حتى تضع ما في بطنها، ثم تترك حتى تفطمه.
قلت: كم؟
قال: حولين، ثم ترجم. 1
__________
1 نقل ابن المنذر قول الإمام أحمد فقال: وكان أحمد بن حنبل يقول: تترك حتى تضع ما في بطنها، ثم تترك حتى تفطمه حولين. انظر: الأوسط، كتاب الحدود 1/485.
وقال ابن قدامة: ولا يقام الحد على حامل حتى تضع، سواء كان الحمل من زنى، أو غيره. لا نعلم في هذا خلافاً. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم أن الحامل لا ترجم حتى تضع.
وقال الكلوذاني: ولا تحد المرأة في حال الحبل حتى تضع، فإذا وضعت وإن كان حدها الجلد، جلدت، وإن كان حدها الرجم لم ترجم حتى تسقي الولد اللبان، ثم إن وجد مرضعة غيرها: رجمت وإلا أخرت، ترضعه حولين.
المغني 8/171، والإجماع ص112، والهداية 2/100، وكذا انظر: الأحكام السلطانية ص265، والفروع [5/661،] والمحرر 2/131-132، والمبدع 8/286-287، وكشاف القناع 6/82.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب. جزم به في الوجيز، وقال: واستحب القاضي تأخير الرجم حتى تفطمه، وقيل: يجب التأخير حتى تفطمه.
نقل الجماعة: تترك حتى تفطمه، الإنصاف 9/485.
لما روى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من غامد فقالت: يا رسول الله، إني قد زنيت فطهرني، وإنه ردها. فلما كان الغد قالت: يا رسول الله، لم تردني؟ لعلك إن تردني كما رددت ماعزاً. فوالله إني لحبلى. قال أما لا، فاذهبي حتى تلدي، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة. قالت: هذا قد ولدته. قال: اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه. فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز. فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته، وقد أكل الطعام. فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها.
مسند الإمام أحمد 5/348، ومسلم في الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنى 2/1323، رقم 1695، وابن [] أبي شيبة في مصنفه 10/86-87، رقم 8858.(7/3523)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2542-] قلت: إذا وجدت المرأة حبلى ولا زوج لها فتقول: قد استكرهت، أو تزوجت؟
قال: القول قولها. 2
__________
1 رواية الإمام إسحاق رحمه الله: حكاها عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/485، والخطابي في معالم السنن 4/588، والنووي في شرح صحيح مسلم 11/202، وابن عبد البر في الاستذكار 5/185، والسروي في اختلاف الصحابة 1/126، وابن ناصر في تجريد المسائل 1/211.
2 قال ابن قدامة: ولا حد على مكرهة في قول عامة أهل العلم. قال: ولا نعلم فيه مخالفاً.
المغني 8/186. وقال: وإذا أحبلت امرأة لا زوج لها، ولا سيد لم يلزمها الحد بذلك، وتسأل فإن ادعت أنها أكرهت، أو وطئت بشبهة، أو لم تعترف بالزنى لم تحد.
[] المغني 8/210، وكذا انظر: الكافي4/204-206، والمحرر2/154، وكشاف القناع6/97.
وقال المرداوي: أو أكره على الزنى فلا حد عليه. هذه إحدى الروايتين مطلقاً عن الإمام أحمد رحمه الله. الإنصاف 10/182.
وقال: وإن حملت من لا زوج لها، ولا سيد: لم تحد بذلك بمجرده. هذا المذهب. وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة والمستوعب والمغني.
وذكر في الوسيلة والمجموع رواية: أنها تحد، ولو ادعت شبهة.
الإنصاف 10/199.(7/3524)
قال إسحاق: كما قال.
[2543-] قلت: ينفى العبد في الزنى؟
قال: ليس عليه نفي [ع-107/أ] . 1
__________
1 قال ابن قدامة: ولا تغريب على عبد، ولا أمة، وبهذا قال الحسن، وحماد، ومالك، وإسحاق.
المغني 8/175، وكذا انظر: الكافي 4/208، والمقنع 3/455، والفروع 6/69، والأحكام السلطانية ص263، والمحرر 2/152، والهداية للكلوذاني 2/99، والمبدع 9/65، وكشاف القناع 6/93.
وذكر في الإنصاف: وإن كان الزاني رقيقاً فحده خمسون جلدة بكل حال، بلا نزاع، ولا يغرب.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب. جزم به الأصحاب، وأبدى بعض المتأخرين احتمالاً بنفيه، لأن عمر رضي الله عنه نفاه.
[] الإنصاف10/175-176.(7/3525)
قال إسحاق: كما قال، 1 لأنه مال.
[2544-] قلت: قوله [سبحانه وتعالى] 2: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} 3
قال: قالوا واحد، وقالوا اثنان.
قال إسحاق: هو رجلان فصاعداً. 4
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/588، وابن قدامة في المغني 8/175، والنووي في شرح مسلم 11/189، وابن ناصر في تجريد المسائل 1/214، والشوكاني في نيل الأوطار 7/253.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 سورة النور، آية 2.
4 في المراد بالطائفة في الآية الكريمة سبعة أقوال:
القول الأول: أن الطائفة الرجل فما فوق، وبه قال ابن عباس رضي الله عنه، ومجاهد وأحمد.
القول الثاني: أن الطائفة رجلان فصاعداً، وبه قال عطاء، وعكرمة، وإسحاق بن راهوية.
القول الثالث: أن الطائفة ثلاثة فصاعداً، وبه قال الزهري، والشافعي في أحد قوليه.
القول الرابع: أن الطائفة أربعة نفر، وبه قال مالك، والليث، وسعيد بن حبير، والشافعي في أحد قوليه.
القول الخامس: أن الطائفة ما زاد على أربعة شهداء، وبه قال ربيعة.
القول السادس: أن الطائفة عشرة، وبه قال الحسن البصري.
القول السابع: أن الطائفة نفر من المؤمنين، وبه قال قتادة.
انظر: مصنف عبد الرزاق 7/367، رقم 13505، والأم للشافعي 6/155، وتفسير الطبري 18/55، وتفسير ابن كثير 3/262، وأحكام القرآن للجصاص 3/264، والدر المنثور للسيوطي 5/18، والتفسير الكبير للفخر الرازي 23/150، والكشاف للزمخشري 3/48، وغرائب القرآن للنيسابوري 18/46، والبحر المحيط لأبي [] [] حيان 6/429، وفتح الباري شرح صحيح البخاري 12/158، والأوسط لابن المنذر، كتاب الحدود 1/473-476، ومعالم التنزيل للبغوي 5/39، والروضة للنووي 10/99، والمغني لابن قدامة 8/170، والكافي لابن عبد البر 2/363، والشرح الكبير 10/169، والحلية للشاشي 2/192.(7/3526)
[2545-] قلت: رجل افترى 1 على ابنه؟
__________
1 الفرية: الكذب، وجمعه الفرى، وافتراه: اختلقه، ومنه قوله تعالى في قصة مريم: {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً} سورة مريم، آية 27. أي جئت شيئاً عظيماً، وقيل: أي مصنوعاً مختلقاً (والمراد به القذف) .
انظر: مختار الصحاح ص502، واللسان 15/154.(7/3527)
قال: ليس عليه حد، 1 ولا إذا افترى على مملوكه، 2 ولكن لا ينبغي له أن يشيع الفاحشة.
قال إسحاق: كما قال.
[2546-] قلت: رجل افتري على أبيه، فهلك 3 فعفا ابنه، أله أن يعفو؟
قال: عفوه جائز. 4
قال إسحاق: كما قال.
[2547-] قلت: رجل قذف قوماً جماعة؟
__________
1 تقدم فيما مضى بمسألة، رقم (2396) .
2 قال ابن المنذر: وأجمعوا على أنه إذا افترى أحد على عبد فلا حد عليه. الإجماع ص113.
وقال المرداوي: إن الرقيق غير محصن، فلا يحد بقذفه، وهو صحيح. وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. الإنصاف 10/203.
قلت: إذا كان الحر لا يحد بقذف عبد غيره، ففي قذف عبده من، باب أولى.
3 في العمرية بلفظ "وقد هلك".
4 قال ابن مفلح: وسأله ابن منصور: افترى على أبيه وقد مات فعفا ابنه؟ قال: جائز.
وسأله الأثرم: أله العفو بعد رفعه؟ قال: في نفسه فإنما هو حقه، وإذا قذف أباه فهذا شيء يطلبه غيره. وقال في المبدع: هو حق للورثة نص عليه.
الفروع 6/94، والمبدع 9/97، كذا انظر: الإنصاف 10/221.(7/3528)
قال: حداً 1 واحداً حتى يفرق، فإن 2 جاء واحد فأخذه فضرب له، لم يضرب 3 [للباقين] . 4
قال إسحاق: كما قال. 5
__________
1 في العمرية بلفظ " حد " في الموضعين.
2 في العمرية بلفظ "وإن".
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "الباقون"، والصواب ما في العمرية.
4 قال ابن قدامة: وإن قذف الجماعة بكلمة واحدة فحد واحد إذا طالبوا أو واحد منهم.
قال المرداوي تعليقاً: فيحد لمن طلب، ثم لا حد بعدُ على الصحيح من المذهب، نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وعنه: إن طالبوا متفرقين: حد لكل واحد حداً، وإلا حد واحد وعنه: يحد لكل واحد حداً مطلقاً.
[] المقنع 3/475-476، والإنصاف 10/223، كذا انظر: المغني 8/233-234، والشرح الكبير 10/233، والفروع 6/96، والمبدع 9/98، وكشاف القناع 6/114.
5 قول الإمام إسحاق -رحمه الله- حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/814، وابن قدامة في المغني 8/233، وابن ناصر في تجريد المسائل 2/215، وكذا انظر: الشرح الكبير 10/233، وحاشية المقنع 3/475.(7/3529)
[2548-] قلت: القطع فيما أوى 1 المراح والجرين؟
قال: المراح 2 للغنم، والجرين 3 للثمار. 4
قال إسحاق: كما قال. وإذا 5 سرق من الجرين أو من 6 المراح ما يبلغ أن يقطع فيه، قطع [ظ-79/ب] . 7
__________
1 في العمرية بلفظ "أواه".
2 المراح: بالضم حيث تأوى إليه الإبل، والغنم بالليل. والمراح: -بالفتح - الموضع الذي يروح منه القوم، أو يروحون إليه كالغدى للموضع الذي يغدى منه.
انظر: النهاية 2/273، والصحاح 1/369.
3 الجرين: هو موضع تجفيف الثمر، وهو له كالبيدر للحنطة، ويجمع على جرن بضمتين.
انظر: النهاية 1/263، والصحاح 5/2091، واللسان 13/87.
4 حرز المال: ما جرت العادة بحفظه فيه، ويختلف باختلاف الأموال، والبلدان، وعدل السلطان، وجوره، وقوته، وضعفه. قال المرداوي: هذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب.
[] انظر: المقنع 3/492/493، والإنصاف 10/270. وكذا انظر: كشاف القناع 6/137، والمغني 8/250-[251،] والفروع 6/130-131، والمبدع 9/126-127، والهداية للكلوذاني 2/103-104، والمحرر [2/157-158.
5] في العمرية بلفظ "فإذا".
6 في العمرية سقط لفظ "من".
7 لما روى مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا قطع في ثمر معلق، ولا في حريسة جبل، فإذا آواه المراح، أو الجرين، فالقطع فيما بلغ ثمن المجن".
أخرجه الإمام مالك في الموطأ في الحدود، باب ما يجب فيه القطع 2/831.
قال أبو عمر: لم تختلف رواة الموطأ في إرساله، ويتصل معناه من حديث عبد الله بن عمرو.
قلت: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي: تابعي ثقة.
وحريسة الجبل: الشاة يدركها الليل قبل رجوعها إلى مأواها، فتسرق من الجبل. المصباح المنير 1/129.
وحديث عبد الله بن عمرو: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه سئل عن الثمر المعلق قال: "من سرق منه شيئاً بعد أن يؤويه الجرين، فبلغ ثمن المجن فعليه القطع".
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/180، 203 من طريق محمد بن إسحاق، وأبو داود في سننه في اللقطة، باب [] التعريف باللقطة 2/335، رقم 1710، وفي الحدود، باب ما لا قطع فيه 4/550-551، رقم 4390، والنسائي في قطع السارق، باب الثمر يسرق بعد أن يؤويه الجرين 8/85 - 86 من طريق ابن عجلان. وإسناده [] حسن. راجع: إرواء الغليل 8/70-80.(7/3530)
[2549-] قلت: يقطع سارق الحمَّام؟
قال: أرجو أن لا يجب عليه القطع، إلا أن يكون على المتاع أحد قاعد 1 مثل ما صنع بصفوان [رضي الله
__________
1 قال ابن قدامة: وإذا سرق من الحمَّام، ولا حافظ فيه، فلا قطع عليه في قول عامتهم، وإن كان ثم حافظ فقال أحمد: ليس على سارق الحمام قطع.
وقال في رواية ابن منصور: لا يقطع سارق الحمام، إلا أن يكون على المتاع قاعد مثل ما صنع بصفوان.
المغني 8/251، والشرح الكبير 10/266، وذكر ابن المنذر رواية ابن منصور بالنص في الأوسط، كتاب الحدود 1/153، وكذا انظر: الكافي 4/184، والمحرر 2/158، والهداية للكلوذاني 2/104، والمبدع 9/128، وكشاف القناع 6/138.
وقال المرداوي تعليقاً: فيقطع من سرق منه مع وجود الحافظ، وهذا المذهب. الإنصاف 10/272(7/3531)
عنه] . 1
__________
1 هو صفوان بن أمية بن خلف بن وهب، القرشي الجمحي، أبو وهب، قتل أبوه يوم بدر كافراً، وأسلم هو بعد الفتح، وكان من المؤلفة، وقدم المدينة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لا هجرة بعد الفتح" فرجع إلى مكة، وكان من الأغنياء. قيل: ملك قنطاراً من الذهب، وشهد اليرموك أميراً، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه أولاده أمية، وعبد الله، وعبد الرحمن، وكان من أشراف قريش في الجاهلية والإسلام. مات رضي الله عنه سنة إحدى وأربعين، وقيل غير ذلك.
[] انظر ترجمته في: ط خليفة ص278، والمعارف ص342، والإصابة 2/187-188، وأسد الغابة 3/22، [] والمعرفة والتاريخ 1/309، والاستيعاب 2/183-187، والتهذيب 4/424-425، وشذرات الذهب 1/52.
لما روى أن صفوان بن أمية قيل له: إنه من لم يهاجر هلك، فقدم صفوان بن أمية المدينة. فنام في المسجد، وتوسد رداءه، فجاء سارق فأخذ رداءه، فأخذ صفوان السارق فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسرقت رداء هذا؟ " قال: نعم. فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقطع يده، فقال له صفوان: إني لم أرد هذا يا رسول الله، هو عليه صدقة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فهلا قبل أن تأتيني به".
مسند الإمام أحمد 6/466 عن حميد بن أخت صفوان به.
[] وموطأ مالك في الحدود، باب ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان 2/834-835. عن صفوان بن عبد الله بن صفوان (مرسلاً ورجاله ثقات) .
وسنن أبي داود في الحدود، باب من سرق من حرز 4/553، رقم 4394 من طريق أسباط عن سماك بن حرب عن حميد بن أخت صفوان عن صفوان بن أمية.
وسنن النسائي في قطع السارق، باب الرجل يتجاوز للسارق في سرقته بعد أن يأتي به الإمام، وباب ما يكون [] [] حرزاً وما لا يكون 8/68-69.
وسنن ابن ماجة في الحدود، باب من سرق من الحرز 2/865، رقم 2595 من طريق مالك بن أنس.
وابن الجارود 828 وصححه، والحاكم في المستدرك 4/380، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
ونقل الزيلعي في"نصب الراية" عن صاحب "التنقيح" قوله: حديث صفوان صحيح. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة، وأحمد في مسنده من غير وجه عنه 3/369.(7/3532)
قال إسحاق: ليس حكم صاحب الحمام كالحكم في قصة صفوان [رضي الله
عنه] ، لأن صاحب الحمام أخذ أجراً [ع-107/ب] على دخوله الحمام، ولم يأخذ أجراً على حفظ المتاع، ولكن إذا سرق سارق من صاحب الحمام وهو عليه(7/3533)
قطع. 1
[2550-] قلت: يقطع عبد الرجل إذا لم يكن معه في بيته؟
قال: ليس عليه قطع. 2
قال إسحاق: كما قال لا قطع عليه، لأنه مال. 3
__________
1 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: وقال إسحاق: إذا سرق من صاحب الحمام وهو عليه، قطع.
الأوسط، كتاب الحدود 1/153، وكذا حكاه عنه ابن حزم في المحلى 11/329، وابن قدامة في المغني 8/251، والشرح الكبير 10/267، وسليمان في حاشية المقنع 3/494.
وقد يتوهم من كلام الإمام إسحاق في أوله أنه يخالف الإمام أحمد، ولكنه يظهر من آخر كلامه أنه يوافقه، لأنهما اتفقا على القطع إذا كان على المتاع أحدٌ، كما في قصة صفوان رضي الله عنه.
2 قال ابن قدامة: وأما العبد إذا سرق من مال سيده فلا قطع عليه في قولهم جميعاً.
المغني 8/275، والشرح الكبير 10/276، وكذا انظر: الفروع 6/133، والمحرر 2/158، والمبدع 9/133، والهداية للكلوذاني 2/105، وكشاف القناع 6/141.
3 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/267، وكذا ابن عبد البر في الاستذكار 6/8، وابن قدامة في المغني 8/275، والشرح الكبير 10/277.
عن عمرو بن شرحبيل قال: جاء معقل المزني إلى عبد الله فقال: غلامي سرق قبائي فأقطعه؟
قال عبد الله: لا. مالك سرق بعضه بعضاً، لا قطع عليه.
مصنف ابن أبي شيبة 10/22، رقم 8618، ومصنف عبد الرزاق 10/211، رقم 18867، والسنن الكبرى للبيهقي 8/281.
قال الألباني: إسناده صحيح. إرواء الغليل 8/76.(7/3534)
[2551-] قلت: إذا اعترف العبد بالسرقة 1 على نفسه، أو بشيء، يجب على مولاه الغرم؟
قال: يجوز اعترافه بالسرقة، 2 ولا يجوز في القتل إذا كان تلفاً لبدنه. 3 فأما 4 ما يقام عليه في بدنه من جراح، أو غيره فهو جائز.
قال إسحاق: كما قال. 5
[2552-] قلت: يجب على الرجل الحد في شرب المسكر قبل أن يسكر.
__________
1 في العمرية بلفظ "على نفسه بالسرقة".
2 في العمرية بلفظ "في السرقة".
3 في العمرية بلفظ "البدنه".
4 في العمرية سقط لفظ "ما".
5 تقدمت مسألة شبيهة بهذه فيما مضى برقم (2507) .(7/3535)
قال: نعم. 1
قال إسحاق: لا يجب عليه الحد وإن كان كما قال شربه [حرام] 2 لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" 3 لما
__________
1 قال ابن قدامة: إنه يجب الحد على من شرب قليلاً من المسكر أو كثيراً، ولا نعلم بينهم خلافاً في ذلك في عصير العنب غير المطبوخ.
وقال إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: إن قليله وكثيره حرام، ولكن لا يجب الحد ما لم يسكر.
[] انظر: الأوسط لابن المنذر، كتاب الحدود 2/896-899، والمغني 8/306، والشرح الكبير 10/330، [] [] والمقنع 3/477-478، والمحرر 2/163، والمبدع 9/102-103، والهداية للكلوذاني 2/107، وكشاف القناع 6/117، والإنصاف 10/229.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "حراماً" والصواب ما أثبته بالرفع لأنه خبر.
3 لما روى جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أسكر كثيره فقليله حرام".
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 3/343.
وأبو داود في سننه في الأشربة، باب النهي عن المسكر 4/339، رقم 3681.
والترمذي في سننه في الأشربة، باب ما جاء ما أسكر كثيره فقليله حرام 3/292، رقم 1865. وقال الترمذي: وفي الباب عن سعد وعائشة، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، وخوات بن جبير. وقال: هذا حديث حسن غريب من حديث جابر.
والبيهقي في السنن الكبرى 8/296، وكذا الإمام أحمد في كتاب الأشربة ص 32، 67. عن داود بن بكر بن أبي الفرات عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
وقال الألباني: وإسناده حسن، فإن رجاله ثقات رجال الشيخين، غير داود هذا وهو صدوق كما في "التقريب". إرواء الغليل 8/43.(7/3536)
يدرأ الحد بالشبهة.
[2553-] قلت: اللص يوجد معه المتاع فيؤخذ منه 1 وتقطع يده؟
قال: إذا كان سارقاً 2 تقطع، ويؤخذ منه المتاع.
قال إسحاق: كما قال. 3
[2554-] قلت: الرجل يقر على نفسه أنه شرب خمراً، ثم رجع [عنه] . 4
قال: يترك. 5
__________
1 في العمرية بلفظ "معه".
2 في العمرية بلفظ "السارق".
3 تقدم تحقيق مسألة شبيهة بهذه فيما مضى برقم (2510) .
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
5 قال في المغني: ولا ينزع عن إقراره حتى يتم عليه الحد، وجملته: أن من شرط إقامة الحد بالإقرار البقاء عليه إلى إتمام الحد، فإن رجع عن إقراره أو هرب كف عنه، وبهذا قال عطاء، ويحيي بن يعمر، والزهري، وحماد، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو حنيفة، وأبو يوسف.
المغني 8/197، وانظر: معالم السنن للخطابي 4/575، واختلاف الفقهاء للطحاوي 1/143، الأم 6/155، [] [] ومغني المحتاج 4/150، والمدونة الكبرى 6/208، والإقناع 3/448، والفروع 6/60، والمبدع 9/52-53.
قال في الإنصاف: ومتى رجع المقر بالحد عن إقراره: قبل منه، وإن رجع في أثناء الحد: لم يتمم.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب في جميع الحدود - أعني حد الزنى، والسرقة، والشرب- وعليه الجمهور، وقطع به كثير منهم. الإنصاف 10/163.(7/3537)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2555-] قلت: أعور فقأ عين صحيح خطأ؟
قال: عليه نصف الدية، فإن كان عامداً لم يستقد [منه و] 2 عليه الدية كاملة.
__________
1 انظر: معالم السنن للخطابي 4/575، وشرح السنة للبغوي 1/291، والمغني 8/197، والشرح الكبير 10/138، وحاشية الإقناع 3/448.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3538)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2556-] قلت: صحيح فقأ عين [ع-108/أ] أعور خطأ؟
قال: عليه الدية كاملة، لأنه لا يصير له غيرها، وإن كان عامداً فأحب إليّ 2 أن يستقيد من إحدى عينيه وله نصف الدية، وإن أحب أن يأخذ الدية كاملة فله الدية كاملة.
قال إسحاق: كما قال. 3
[2557-] قلت: ليس فيما دون الموضحة من الشجاج [عقل] 4، إنما العقل في الموضحة فما فوقها؟.
قال: نعم. ولا 5 يكون على العاقلة إلا الثلث فصاعداً. 6
__________
1 سبق تحقيق مثل ذلك فيما مضى برقم (2411) .
2 في العمرية سقط لفظ "إلى".
3 تقدم تحقيق ذلك فيما مضى بمسألة، رقم (2410) .
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "عقلاً"، والصواب ما أثبته بالرفع لأنه اسم ليس.
5 في العمرية بلفظ "ولكن لا".
6 تقدم فيما مضى بمسألة، رقم (2368) ، (2527) .(7/3539)
قال إسحاق: كما قال، إلا 1 أن ما دون الموضحة لا عقل فيه لما فيه حكومة، 2 وتحمل العاقلة الموضحة فما فوقها. 3
[2558-] قلت: دية اليهودي والنصراني؟
قال: نصف دية المسلم.
قلت 4: بأي حديث قلت هذا 5؟
قال: بحديث عمرو بن شعيب.
__________
1 قد يفهم من الاستثناء في كلام الإمام إسحاق أن بينه وبين الإمام أحمد خلافاً في عقل ما دون الموضحة، مع أنه لا خلاف بينهما في المسألة على هذه الرواية، وإنما الخلاف بينهما أن العاقلة لا تحمل إلا الثلث فصاعداً عند الإمام أحمد، وتحمل الموضحة فما فوق، كما يراه الإمام إسحاق.
2 نقل ابن المنذر هذه الرواية من قول الإمام إسحاق -رحمه الله - فقال: وحكي عنه أنه وافق أحمد فقال: ليس فيما دون الموضحة من الشجاج عقل. وحكي عنه أنه قال: في السمحاق أربع من الإبل.
الأوسط، كتاب الديات 2/254.
وتقدمت الرواية التي تقول: إن في السمحاق أربعاً من الإبل في المسألة، رقم (2368) .
3 تقدم فيما مضى بمسألة، رقم (2527) .
4 في العمرية سقط لفظ "هذا".
5 في العمرية بإضافة لفظ "هذا".(7/3540)
قال: ودية المجوسي ثمانمائة. 1
قلت: خطأ وعمداً 2 واحد؟
قال: هذا خطأ، وإذا كان عامداً فإنا لا نقيده به، تضاعف عليه فيصير 3 دية المجوسي ألف وستمائة 4، ودية اليهودي والنصراني إذا كان عامداً أزيل عنه القتل، وضعف عليه فصار اثني عشر ألفاً. 5
__________
1 تقدم تحقيق ذلك فيما مضى بمسألة، رقم (2423) .
2 في العمرية بزيادة لفظ "قال".
3 في العمرية بلفظ "فرضين".
4 قال الخلال: أخبرني محمد بن أحمد بن واصل المقري قال: سألت أبا عبد الله عن دية المجوسي. قال: إذا كان عمداً تضاعف عليه الدية، وإذا كان خطأ فثمانمائة كأنه إذا قتل المجوسي عمداً كان ديته ألف وستمائة.
أحكام أهل الملل ص141، وكذا انظر: الأحكام السلطانية ص274.
5 قال الخلال: أخبرنا أحمد بن هاشم الأنطاكي قال: سمعت أبا عبد الله يقول في المسلم يقتل الذمي خطأ وعمداً، قال: في العمد الدية مغلظة ألف دينار.
أحكام أهل الملل ص 138. وكذا انظر: المغني 7/795، والمقنع 3/397، والكافي 4/78، والأحكام السلطانية ص374، والمحرر 2/145، والفروع 6/19، والهداية للكلوذاني 2/93، وكشاف القناع 6/31.
قال في الإنصاف: وإن قتل المسلم كافراً عمداً، سواء كان كتابياً أو مجوسياً، أضعفت الدية، لإزالة القود كما حكم عثمان رضي الله عنه، وقال المرداوي تعليقاً: وهذا المذهب نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب. وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في الفروع وغيره، وهو من مفردات المذهب 10/77.
روى عبد الرزاق عن ابن عمر: "أن رجلاً مسلماً قتل رجلاً من أهل الذمة عمداً، فرفع إلى عثمان رضي الله عنه فلم يقتله به، وغلظ عليه الدية مثل دية المسلم".
[] مصنف عبد الرزاق 10/96، رقم 18492، وهو في سنن الدارقطني 3/145-146، رقم 193، والسنن الكبرى للبيهقي 8/33، وأحكام أهل الملل للخلال ص 138، وفيه: أن عثمان بن عفان رضي الله عنه غلظ عليه ألف دينار. والمحلى10/349. وقال ابن حزم: هذا في غاية الصحة عن عثمان، ولا يصح في هذا شيء غير هذا عن أحد من الصحابة إلا ما ذكرنا عن عمر أيضاً أنه كتب في مثل ذلك أن يقاد به، ثم ألحقه كتاباً فقال: لا تقتلوه، ولكن أعقلوه، وكذا في التلخيص الحبير 4/20.(7/3541)
قال إسحاق: كما قال، إلا في الخطأ فإنه أربعة آلاف، والمجوسي ثمانمائة 1،فإن 2 كان عامداً أضعف. 3
[2559-] قلت: جراح اليهودي والنصراني [و] 4 المجوسي 5 على حساب جراح المسلمين في دياتهم؟.
__________
1 سبق تحقيق ذلك فيما مضى برقم (2423) .
2 في العمرية بإضافة لفظ " قال " قبل لفظ "فإن".
3 انظر: المحلى لابن حزم 10/350.
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "أو".
5 في العمرية بزيادة لفظ " في دياتهم ".(7/3542)
قال: نعم. 1
قال إسحاق: كما قال.
[2560-] قلت: إذا كان خطأ فعلى النصف من دية المسلمين 2، والمجوسي ثمانمائة؟.
قال: نعم.
قال إسحاق: [على] 3 ما بينا من دية اليهودي. 4
[2561-] قلت: رجل حفر بئراً في غير حده [أو] 5 ألقى شيئاً على
__________
1 قال أبو بكر الخلال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا صالح، وأخبر زهير بن صالح قال: حدثنا أبي - وهذا لفظ زهير وهو أشبع - قال: قلت لأبي: جراحات اليهودي والنصراني والمجوسي؟ قال: على قدر دياتهم من ديات المسلمين.
أحكام أهل الملل ص145، وانظر فيها روايات بهذا المعنى ورواية ابن منصور ص146، وكذا انظر: المغني [7/795،] والمقنع 3/391-392، والمبدع 8/352، وكشاف القناع 6/21، والإنصاف 10/65
2 في العمرية بلفظ "مسلم".
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 تقدم فيما مضى عند المسألة، رقم (2558) .
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "و".(7/3543)
الطريق فأصاب شيئاً فكان عقله دون الثلث، أو بلغ الثلث فصاعداً؟
قال: ما كان دون الثلث ففي ماله، فإذا 1 بلغ الثلث فصاعداً فعلى العاقلة؟ 2
قال إسحاق: كما قال 3، إلا ما بينا من أمر العاقلة. 4
[2562-] قلت: لا تعقل المرأة والصبي مع العاقلة؟
__________
1 في العمرية بلفظ "فإن".
2 قال ابن قدامة: ويجب الضمان بالسبب، كما يجب بالمباشرة، فإذا حفر بئراً في طريق لغير مصلحة المسلمين، أو في ملك غيره بغير إذنه، أو وضع في ذلك حجراً، أو حديدة، أو صب فيه ماء، أو وضع فيه قشرة بطيخ، أو نحوه، وهلك فيه إنسان أو دابة، ضمنه، لأنه تلف بعدوانه فضمنه كما لو جنى عليه.
روي عن شريح: أنه ضمن رجلاً حفر بئراً فوقع فيها رجل فمات. وروي ذلك عن علي رضي الله عنه، وبه قال النخعي، والشعبي، وحماد، والثوري، والشافعي، وإسحاق.
المغني 7/822، وكذا انظر: المقنع 3/277، والشرح الكبير 9/487، والفروع 6/3، والمبدع 8/252، والأحكام السلطانية ص273، والمحرر 2/124.
3 عن قول الإمام إسحاق رحمه الله: انظر: المغني 7/822، والشرح الكبير 9/487، وحاشية المقنع 3/377.
4 قلت: ما تحمله العاقلة عند الإمام أحمد وإسحاق - رحمهما الله - قد تقدم فيما مضى برقم (2527) ، (2557) .(7/3544)
قال: نعم. لا يعقلان. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2563-] قلت: جماعة اقتتلوا فانكشفوا عن قتيل لا يدرى من قتله؟
قال: الدية على عواقل الآخرين، إلا أن يدعوا على رجل بعينه فتكون قسامة. 3
__________
1 قال الخرقي: وليس على فقير من العاقلة ولا امرأة، ولا صبي، ولا زائل العقل، حمل شيء من الدية.
قال ابن قدامة: أكثر أهل العلم على أنه لا مدخل من هؤلاء في تحمل العقل.
مختصر الخرقي ص180، والمغني 7/790، وكذا انظر: المقنع 3/422، والمحرر 2/148، والمبدع 9/17، [] والإقناع 4/234، وكشاف القناع 6/59-60، والإنصاف 10/120.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة والصبي الذي لم يبلغ لا يعقلان مع العاقلة شيئاً.
الإجماع لابن المنذر ص120، والأوسط، كتاب الديات 2/479، والمغني 7/790.
الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله: أن المرأة تحمل العقل بالولاء، وكذا الصبي المميز من العاقلة. الإنصاف 10/121.
2 قول الإمام إسحاق حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/479.
3 نقل ابن المنذر هذه الرواية فقال: وقال أحمد: إذا اقتتلوا فانكشفوا عن قتيل لا يدرى من قتله، فالدية على عواقل الآخرين، إلا أن يدعوا على رجل بعينه، فتكون قسامة.
الأوسط، كتاب الديات 3/635، والخطابي في معالم السنن 4/676، وكذا انظر: المغني 8/70، والشرح الكبير 10/12.(7/3545)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2564-] قلت: فإن كان القتيل من غير الفريقين؟
قال: إذا كانوا لا يدرون من قاتله فانفرج الفريقان 2 عنه جميعاً، فعليهم الدية على عواقل الفريقين.
قال إسحاق: كما قال. 3
[2565-] قلت: دية العمد إذا قبلت، لا تكون على العاقلة؟
قال: لا تحمل العاقلة الصلح والاعتراف 4، إنما تحمل
__________
1 قول الإمام إسحاق - رحمه الله - حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 3/635، ومعالم السنن للخطابي 4/676.
2 في العمرية سقط لفظ "فانفرج الفريقان".
3 سبق تحقيق مثل ذلك فيما مضى برقم (2524) .
4 قال ابن قدامة: ولا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أن دية الخطأ على العاقلة.
وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن دية الخطأ تحمله العاقلة.
الإجماع لابن المنذر ص120، والأوسط لابن المنذر، كتاب الديات 2/483، والمغني7/770.(7/3546)
الخطأ 1، وما يشبه الخطأ [ظ-80/أ] . 2
قال إسحاق: كما قال. 3
[2566-] قلت: الرجل يكسر يد الرجل عمداً [أو يد امرأته عمداً] 4؟ 5
قال: في اليد ما [قد] 6 حكم فيه عمر [رضي الله عنه] ، ويد امرأته إذا كان عامداً فعليه ما حكم فيه عمر [رضي الله عنه] 7
__________
1 ودية شبه العمد تحمله العاقلة، وقد تقدم القول فيها عند المسألة، رقم (2445) .
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، في كتاب الديات 2/506، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 5/331، وابن قدامة في المغني 7/767، وكذا انظر: الشرح الكبير 9/482، وحاشية المقنع 3/425.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 يظهر من جواب الإمام أحمد رحمه الله أن في السؤال سقطاً لا يستقيم المعنى إلا بتقديره، وهو ما دل عليه حديث عمر رضي الله عنه "إذا انجبر على غير عثم" معناه على غير اعوجاج أي استواء.
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
6 تقدم فيما مضى في المسألة، رقم (2455) .
7 في العمرية سقط لفظ "و"، والجملة الأخيرة قوله "ولم يحفظه" تعليق من راوي المسائل الإمام إسحاق بن منصور رحمه الله.(7/3547)
ولم يحفظه.
قال إسحاق: كما قال 1 عمر رضي الله عنه حديث 2 بشر بن عاصم. 3
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/378.
2 روى عبد الرزاق أن عمر كتب إلى سفيان بن عبد الله في أحد الزندين من اليد إذا انجبر على غير عثم مائتا درهم، وروى عن رجل عن عمررضي الله عنه أنه قال: "إذا كسرت الساق أو الذراع ففيها عشرون ديناراً أو حقتان، يعني إذا برئت على غير عثم".
مصنف عبد الرزاق 9/390، رقم 17727، 17729، والسنن الكبرى للبيهقي 8/99.
وقال البيهقي رحمه الله: اختلاف هذه الروايات يدل على أنه قضى فيه بحكومة بلغت هذا المقدار.
قلت: لعل الرجل الذي لم يسم في الأثر الثاني هو بشر بن عاصم كما دل عليه جواب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي رحمه الله الآتي بعد مسألتين.
3 هو بشر بن عاصم بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة، الثقفي الحجازي أخو عمرو، وكان جده سفيان عامل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على صدقات هوزان. روى عن أبيه، وسعيد بن المسيب، وعنه ابن جريج، ونافع بن عمر الجمحي، وابن عيينة، وغيرهم.
وقال أحمد بن أبي مريم عن ابن معين ثقة. وقال الحافظ ابن حجر: هذا قول البخاري عن علي بن المديني، وتبعه ابن حبان في الثقات، مات رحمه الله بعد الزهري، والزهري مات سنة 124هـ.
[] انظر ترجمته في: طبقات خليفة ص286، وتهذيب الكمال 4/130-131، والجرح والتعديل 2/360، وأسد [] الغابة 1/186-187، والتهذيب 1/453.(7/3548)
[2567-] قلت لأحمد 1: امرأة فقأت عين رجل خطأ؟
قال: على قومها دية العين 2، فإذا 3 كان عمداً فالقود في النفس وما دون النفس.
قال إسحاق: هو كما قال. 4
[2568-] قلت لأحمد 5: رجل قتل رجلاً خطأ، وليس له موالي، ما عليه؟
قال: إن حمله بيت المال 6، وإلا فلا أعرفه.
قلت: وإن كان له مال؟
قال: [وإن كان له مال] 7 إن هذا شيء ليس عليه في ماله، ما
__________
1 في العمرية سقط لفظ " لأحمد ".
2 تقدم فيما سبق في المسألة، رقم (2565) .
3 في العمرية بلفظ " وإذا ".
4 تقدم فيما مضي في المسألة، رقم (2460) .
5 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
6 في العمرية سقط لفظ "المال".
7 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3549)
أحسن أن حمله بيت المال. 1
قال إسحاق: كما قال يحمل بيت المال ذلك، فإن لم يحمل بيت المال ذلك حكم عليه في ماله 2.
[2569-] قلت: رجل كسر يد رجل خطأ، فبرأ وصح وعاد لهيئته؟
__________
1 قال الخرقي: ومن لم يكن له عاقلة أخذ من بيت المال. وقال ابن قدامة: إذا لم يمكن الأخذ من بيت المال فليس على القاتل شيء.
مختصر الخرقي ص180، والمغني 7/292
ذكر في الإنصاف: قوله "إن كان مسلماً: أخذ من بيت المال" وقال: هذا المذهب.
قال الزركشي: هذا المشهور من الروايتين. وجزم به الخرقي، وصاحب الوجيز، وقدمه في المحرر.
وعنه: لا يحمله، اختاره أبو بكر في التنبيه، وأطلقهما في الشرح.
وظاهر ما جزم به في العمدة: أن ذلك على الجاني، فعلى المذهب: يكون حالاً في بيت المال، على الصحيح من المذهب.
"فإن لم يكن" يعني أخذها من بيت المال، "فلا شيء على القاتل" وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الزركشي: وهذا المعروف عند الأصحاب، بناء على أن الدية وجبت على العاقلة، وهو من مفردات المذهب، ويحتمل أن تجب في مال القاتل.
[] قال المصنف هنا: وهو أولى فاختاره. الإنصاف 10/123-124.
2 تقدم قول الإمام إسحاق بن إبراهيم رحمه الله فيما مضى في المسألة، رقم (2408) .(7/3550)
قال: قد 1 حكم فيه عمر [رضي الله عنه] . 2
قلت: قال مالك: ليس عليه شيء؟ 3
قال: بلى، عليه ما حكم فيه عمر (رضي الله عنه) ، لم يحفظ ما حكم فيه عمر [رضي الله عنه] .
قال إسحاق: كما قال، وحديث عمر [رضي الله عنه] حديث بشر بن عاصم فيه فريضتان. 4
[2570-] قلت: وإذا أصاب رجل آخر بجراح في الجسد خطأ، فبرأ وصح؟
قال: عليه ما حكم فيه بما أصاب من الألم. 5
__________
1 في العمرية سقط لفظ "قد".
2 تقدم فيما مضى، فارجع إليه في المسألة، رقم (2455) ، (2566) .
3 قال سحنون: قلت لابن القاسم: أرأيت اليد والرجل وجميع عظام الجسد إذا كسرت فبرأت على غير عثل، وإن كسرت خطأ، فلا شيء فيه في قول مالك؟ قال ابن القاسم: نعم. المدونة الكبرى 6/322.
عثل: قال الفراء: عثمت يده، وعثلت تعثل: إذا جبرت على غير استواء. اللسان 11/423.
4 تقدم فيما مضى في المسألة، رقم (2455) ، رقم (2566) .
5 قال ابن المفلح: ونقل حنبل فيمن كسرت يده أو رجله: فيها حكومة وإن انجبرت، وما عدا ما ذكرنا من الجروح وكسر العظام، مثل خرزة الصلب والعصعص والعانة، ففيه حكومة، لأن الجناية على ذلك لا توقيت فيها، أشبه الجراح التي لا توقيت فيها، ولا نعلم فيه خلافاً، وإن خالف فيه أحد، فهو قول شاذ لا يصار إليه. المبدع: 9/13.(7/3551)
قال إسحاق: كما قال [يرى الإمام فيه رأيه يغرمه] . 1
[2571-] قلت: إذا قتل الرجل 2 الرجل 3 بعصا، أو خنقه، أو شدخ 4 رأسه بحجر كيف يقتل هذا؟
قال: يقتل 5 بمثل الذي قتل. 6
__________
1 العبارة التي بين المعقوفين سقطت من الظاهرية وما أثبته من العمرية.
2 في العمرية بلفظ "رجل".
3 في العمرية بلفظ "رجلاً".
4 الشدخ: كسر الشيء الأجوف كالرأس ونحوه، شدخ رأسه فانشدخ، وشدخت الرؤوس. اللسان 3/28.
5 في العمرية بإضافة لفظ "قال" بعد لفظ "يقتل".
6 قال ابن مفلح: ونقل ابن منصور: إذا قتله بعصا، أو خنقه أو شرخ رأسه بحجر، يقتل بمثل الذي قتل به، لأن الجروح قصاص. ونقل أيضاً: كل شيء من الجراح والكسر يقدر على القصاص يقتص منه للأخبار. الفروع 5/650.
وقد تقدم فيما سبق تحقيق مثل هذه المسألة برقم (2363) .(7/3552)
قال إسحاق: كما قال.
[2572-] قلت: قال مالك: من قتل رجلاً قتل غيلة 1 على غير نائرة 2 ولا عداوة فإنه 3 يقتل به، وليس لولاة الدم أن يعفوا عنه، ذاك 4 إلى السلطان. 5
__________
1 غيلة: الاسم بكسر الغين: الخديعة والاغتيال، وقتل فلان غيلة: أي خدعة أي في خفية وهو أن يخدع ويقتل في موضع لا يراه فيه أحد، والغيلة: فعلة من الاغتيال.
[] النهاية 3/402-403، واللسان 11/512-513.
2 نائرة: فتنة حادثة وعداوة، مشتقة من النار وبينهم نائرة، وسعيت في إطفاء النائرة - أي في تسكين الفتنة -.
النهاية 5/127، ومختار الصحاح ص685، والمصباح المنير 2/630.
3 في العمرية بلفظ "قال" بدل الموجود في الظاهرية بلفظ "فإنه".
4 في العمرية بلفظ "ذلك".
5 قال مالك: الأمر عندنا أن يقتل به، وليس لولي الدم أن يعفو عنه، وذلك إلى السلطان، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وأبي الزناد، وهو قول أهل المدينة، وبه قال إسحاق رحمه الله.
انظر: المدونة الكبرى 6/430، ومواهب الجليل6/233، وراجع الكافي لابن عبد البر 2/382، والحجة على أهل المدينة 4/382، الأوسط، كتاب الديات 1/106.
لما روى مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل نفرا- خمسة أو سبعة- برجل واحد قتلوه قتل غيلة. وقال عمر: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً.
رواه مالك في الموطأ في كتاب العقول، باب ما جاء في الغيلة والسحر2/871، وقد تقدم تخريج الأثر في المسألة، رقم 2057.
كما روى ابن أبي شيبة أن رجلاً من النبط عدا عليه رجل من أهل المدينة فقتله قتل غيلة، فأتي به أبان بن عثمان وهو إذ ذاك على المدينة، فأمر بالمسلم الذي قتل الذمي أن يقتل.
مصنف ابن أبي شيبة 9/292، رقم 7519، وانظر: الجوهر النقي بهامش السنن الكبرى 8/34، إذ قال ابن التركماني: رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح، والمحلى لابن حزم10/519، والأوسط لابن المنذر، كتاب الديات 1/107.(7/3553)
قال أحمد: هو إلى الأولياء. 1
قال إسحاق: كما قال مالك. 2
__________
1 قال ابن قدامة: وقتل الغيلة وغيره سواء في القصاص والعفو وذلك للولي دون السلطان، وبه قال أبو حنيفة، وأبو سليمان والثوري، والشافعي، وابن المنذر، وهو رواية ثانية عن إسحاق.
المغني 7/648، الأم 7/329، والحجة على أهل المدينة 4/382، والأوسط لابن المنذر في كتاب الديات [1/105-106،] والمحلى 10/518-519، وكذا راجع مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 2/87، رقم 1551.
2 نقل إسحاق بن منصور رواية الإمام إسحاق بن راهوية فقال: وقال إسحاق: لا يجوز في ذلك (أي في المحاربة) عفو الأولياء، كذلك قتل الغيلة هو إلى السلطان. وقد سبق فيما مضى برقم (2424) .
والرواية الثانية لإسحاق بن راهوية كقول الجمهور وهو: أن قتل الغيلة وغيره سواء، القصاص والعفو فيه إلى الولي دون السلطان كما نقله ابن المنذر، وقد تقدم قبل قليل.(7/3554)
[2573-] قلت: القاتل عمداً إذا [عُفِيَ] 1 عنه أنه يجلد مائة، ويحبس سنة؟ 2
قال: ليس عليه جلد ولا حبس، إنما كان عليه القود، فإن رزقه الله تعالى العافية فليس عليه شيء. 3
__________
1 ما بين المعقوفين من العمرية، وهو صواب، وفي الظاهرية بلفظ "أعفى".
2 به قال الإمام مالك بن أنس، والليث بن سعد، والأوزاعي وعبد الملك ابن الماجشون.
انظر: الأوسط، كتاب الديات 1/180، والمغني 7/745، والكافي في فقه المالكية 2/388، بداية المجتهد 2/303، فقه الإمام الأوزاعي 2/276.
3 نقل ابن المنذر هذه الرواية فقال: وقال أحمد: إنما كان عليه القود، فإذا رزقه الله العافية فلا شيء عليه.
وقال ابن قدامة: وإذا عفي عن القاتل مطلقاً لم تلزمه عقوبة، وبهذا قال أبو حنيفة، والشافعي، وإسحاق، وابن المنذر، وأبو ثور، وأبو سليمان.
الأوسط، كتاب الديات 1/181، المغني 7/745، وكذا انظر: المبدع 8/298، المحلى 10/462، رحمة الأمة ص 329.(7/3555)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2574-] قلت: يقتل الرجلان بامرأة؟
قال: يقتل الرجلان بامرأة والثلاثة [ع-108/ب] .
قلت: تقتل "المرأتان 2 بالمرأة"؟
قال: نعم.
قلت: تقتل المرأتان والثلاث برجل؟
قال: نعم.
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/180، وابن قدامة في المغني 7/745، وابن حزم في المحلى 10/462، وابن رشد في بداية المجتهد 2/303.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، ولفظ الظاهرية "بالمرأتان المرأة". والمسألة في العمرية ناقصة، وهي بالعبارة الآتية:
"قلت: تقتل المرأتان بالمرأة؟
قال: نعم.
قلت: تقتل المرأتان والثلاث برجل.
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال".
قلت: والمسألة في العمرية ليس على ترتيب الظاهرية، بينهما تقديم وتأخير.(7/3556)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2575-] قلت: لا تعقل العاقلة قتل العمد حتى يعفو ولاة الدم، أو شيئاً 2 من الجراح التي فيها القصاص، وإن 3 لم يوجد له مال؟
قال: هذا جراح العمد لا تحمل العاقلة عمداً، ولا الصلح.
قال إسحاق: كما قال. 4
[2576-] قلت لأحمد: قال مالك: لا تعقل العاقلة أحداً أصاب نفسه بشيء عمداً أو خطأ 5؟.
__________
1 تقدم فيما سبق قتل الجماعة بالواحد بمسألة، رقم (2355) .
2 في العمرية بلفظ "شيء"، والصواب ما أثبته من الظاهرية.
3 في العمرية بلفظ "فإن".
4 تقدم تحقيق مثل ذلك فيما مضى بمسألة، رقم (2529) .
5 قال مالك: ولا تعقل العاقلة أحداً، أصاب نفسه عمداً أو خطأ، بشيء. وعلى ذلك رأي أهل الفقه عندنا. وهذا قول أكثر أهل العلم منهم: ربيعة، وأبو الزناد، والثوري، وأصحاب الرأي، والشافعي، ورواية للإمام أحمد.
انظر: الموطأ للإمام مالك 2/865، والأوسط، كتاب الديات 2/501، وعمدة القارئ 24/50، والمغني 7/780، وحلية العلماء للشاشي 225/أ.
وقال ابن قدامة: وإن جنى إنسان على نفسه، أو طرفه خطأ، فلا دية له.
[] المقنع 3/381-382، وكذا انظر: المحرر 2/136، والمبدع 8/335، وقال ابن مفلح: وهذا هو الأصح. وقال المرداوي: هذا المذهب.
[] الإنصاف 10/42-43.(7/3557)
قال: بل هذا على عاقلة نفسه [إذا كان 1 خطأ] . 2
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 نقل ابن المنذر هذه الرواية فقال: وقيل لأحمد: قال مالك: لا تحمل العاقلة أحداً أصاب نفسه بشيء عمداً أو خطأ. قال أحمد: بل هذا على عاقلة نفسه إذا كان خطأ.
وقال ابن قدامة: وإن جنى الرجل على نفسه خطأ، أو على أطرافه ففيه روايتان:
قال القاضي: أظهرهما أن على عاقلته ديته لورثته أن قتل نفسه أو أرش جرحه لنفسه إذا كان أكثر من الثلث. وهذا قول الأوزاعي، وإسحاق.
[] الأوسط، كتاب الديات 2/503، والمغني 7/780، وكذا انظر: الروايتين والوجهين 2/288-289، وفتح الباري12/218، والمقنع 3/283، والشرح الكبير 9/496، والمحرر 2/136 والمبدع 8/335.
وقال المرداوي: وعنه على عاقلته - ديته لورثته، ودية طرفه لنفسه، نص عليه في رواية ابن منصور، وأبي [] [] طالب. الإنصاف 10/42-43.
لما روى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال: "كان رجل يسوق حماراً له، وكان راكباً عليه، فضربه بعصا معه، فطارت منها شظية، فأصابت عينه ففقأها، فرفع ذلك إلى عمر، فقال: هي يد من أيدي المسلمين، لم يصبها اعتداء على أحد، فجعل دية عينه على عاقلته".
مصنف ابن أبي شيبة 9/349، رقم 7754، وهو في الأوسط لابن المنذر، كتاب الديات 2/502، ومصنف عبد الرزاق 9/412، رقم 17827 مختصراً من طريق قتادة: أن رجلاً فقأ عين نفسه خطأ، فقضى له عمر بديتها على عاقلته. وكذا راجع، رقم 17837.(7/3558)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2577-] قلت: إذا قتل العبد كانت قيمة العبد يوم يقتل، ولا يحمل على العاقلة شيء 2 من ثمن العبد؟
قال 3: قيمة العبد يوم يقتل 4، ولا يحمل على العاقلة شيء من ثمن العبد. 5
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 قول الإمام إسحاق -رحمه الله - حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/503، والحافظ ابن حجر في الفتح 12/218، وابن قدامة في المغني 7/780، والشاشي في حلية العلماء 225/أ.
2 من العمرية سقط لفظ "من".
3 في العمرية أسقط الناسخ جواب الإمام أحمد من المسألة وهي العبارة الآتية" قال: قيمة العبد يوم يقتل، ولا يحمل على العاقلة شيء من ثمن العبد".
4 تقدم مثل ذلك في المسألة، رقم (2467) .
5 تقدم مثل ذلك في المسألة، رقم (2529) .(7/3559)
[2578-] قلت: إذا استقيد من رجل فبرأ، وشل المجروح الأول [أو] 1 نقص؟
قال: ليس عليه شيء 2، ولا يستقاد منه حتى [ع-109/أ] تبرأ جراحة صاحبه. 3
قال إسحاق [كما قال] 4، هكذا هو.
[2579-] قلت: الرجل إذا 5 أصاب امرأته بجرح أنه يعقلها، ولا يقاد منه؟
قال 6: يقاد منه بجرح وغيره. 7
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "و".
2 قال ابن قدامة: فإن اقتص قبل الاندمال هدرت سراية الجناية
[] المغني 7/229، وكذا انظر: المقنع 3/375-376، والفروع 5/657، والمبدع 8/324-325، وكشاف القناع 5/561.
3 سبق تحقيق ذلك في المسألة، رقم (2420) .
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
5 في العمرية بتكرار لفظ "إذا".
6 في العمرية بتكرار العبارة الآتية: "قال: يقاد منه".
7 قال ابن مفلح: ونقل أبو طالب: لا قصاص بين المرأة وزوجها في أدب يؤدبها، فإذا اعتدى، أو جرح، أو كسر، يقتص لها منه.
الفروع 5/650، وكذا انظر: الأوسط، كتاب الديات 1/65.(7/3560)
قال إسحاق: كما قال 1، لأن كتاب الله 2 القصاص. 3
[2580-] قلت: جنين اليهودية والنصرانية.
قال أحمد: نرى أن فيه عشر 4 دية أمه.
__________
1 قول الإمام إسحاق-رحمه الله-حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 1/65.
2 في العمرية بزيادة لفظ " عز وجل، بعد لفظ الجلالة ".
3 لما روى أنس رضي الله عنه أن الربيع بنت النضر كسرت ثنية جارية، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص وقال: "كتاب الله القصاص".
بلوغ المرام، كتاب الجنايات ص247، رقم 1199، وقد تقدم تخريجه في المسألة رقم (2488) .
4 في العمرية بلفظ "خمس"، وهو خطأ، ولعله من الناسخ.
قال ابن قدامة: وإن كان الجنين محكوماً بكفره، ففيه عشر دية أمه.
المقنع 3/395، وكذا انظر: الأوسط، كتاب الديات2/532، والمغني 7/800، والشرح الكبير 9/534، والكافي 4/86، والمبدع 8/360، وكشاف القناع 6/24.
وقال المرداوى تعلقياً: يعني فيه غرة قيمتها عشر قيمة أمه، لا أعلم فيه خلافاً. الإنصاف10/73.
وقال ابن المنذر: وأجمعوا -إذ لا أعلم فيها خلافاً- أن في جنين اليهودية والنصرانية عشر دية أمه. الإجماع ص120.(7/3561)
قلت: الجنين عمده وخطأه واحد؟
قال: نعم 1، والذكر 2 والأنثى سواء 3، فإذا ضربها فأسقطت جنينين أو ثلاثة، ففي كل جنين غرة 4.
قال إسحاق: كما قال 5.
__________
1 تقدم في المسألة، رقم (2454) .
2 في العمرية سقط لفظ "و".
3 قال ابن قدامة: ولا فرق بين كون الجنين ذكراً أو أنثى، لأن السنة لم تفرق بينهما.
المغني 7/800، وكذا انظر: المقنع 3/394، والكافي 4/84، والشرح الكبير 9/536، والمبدع 8/358، وكشاف القناع 6/23.
4 وقال ابن قدامة: وإذا ضرب بطن امرأة فألقت أجنة، ففي كل واحدة غرة.
المغني 7/806، والشرح الكبير 9/535، وكذا انظر: الأوسط، كتاب الديات 2/539.
وقال ابن المنذر: وأجمعوا أن المرأة إذا طرحت أجنة من ضربة ضربتها، ففي كل جنين غرة. الإجماع121.
5 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/521، 532، 539. وابن قدامة في المغني 7/800،806، وكذا انظر: الشرح الكبير 9/535، وحاشية المقنع 3/394.
ولمزيد من التفصيل راجع المسألة رقم (2454) فيما مضى.(7/3562)
[2581-] قلت: امرأة قتلت رجلاً وامرأة عمداً، والقاتلة حامل؟ 1
قال: لا يقاد منها حتى تضع حملها. 2
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 في العمرية سقط لفظ "حامل".
2 قال ابن قدامة: ولا يجوز أن يقتص من حامل قبل وضعها، سواء كانت حاملاً وقت الجناية، أو حملت بعدها قبل الاستيفاء، وسواء كان القصاص في النفس، أو في الطرف.... ولأن هذا إجماع من أهل العلم، لا نعلم بينهم فيه اختلافاً.
وقال ابن رشد: وأجمعوا على أن الحامل إذا قتلت عمداً، أنه لا يقاد منها حتى تضع حملها.
انظر: المغني 7/731، وبداية المجتهد 2/303، وكذا انظر: الكافي 4/39، والمقنع 3/356، والمحرر2/131، والفروع 5/661، والمبدع 8/286، والإنصاف 9/484.
روى ابن ماجة عن معاذ بن جبل، وأبي عبيدة بن الجراح وعبادة بن الصامت، وشداد بن أوس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المرأة إذا قتلت عمداً، لا تقتل حتى تضع ما في بطنها إن كانت حاملاً، وحتى تكفل ولدها، وإن زنت لم ترجم حتى تضع ما في بطنها، وحتى تكفل ولدها".
[] سنن ابن ماجة في الديات، باب الحامل يجب عليها القود 2/898-899، رقم 2694.
وقال البوصيري في الزوائد: في إسناده ابن أنعم، اسمه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، ضعيف، وكذلك الراوي عنه عبد الله بن لهيعة.(7/3563)
[2582-] قلت: إذا قتلت المرأة عمداً، أو خطأ وهي حامل؟
قال [أحمد] 1: إذا لم تلق 2 الجنين فليس فيه شيء، وأما 3 إذا ألقت الجنين ميتاً ففيه غرة، وإذا ألقته حياً ثم مات 4، ففيه الدية. 5
قال إسحاق: كما قال 6.
[2583-] قلت: العبد إذا كسرت يده، أو رجله فصح كسره؟
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 في العمرية بلفظ "تلقى"، والصواب ما في الظاهرية.
3 في العمرية بلفظ"فأما".
4 في العمرية سقط "ثم مات".
5 قال ابن عبد البر: وقد أجمعوا أنها لو ماتت من الضرب ولم تلق الجنين، أنه لا شيء فيه. الاستذكار 6/48.
وقال ابن قدامة: فإن لم تلق الولد فلا ضمان فيه، لأنا لم نتحقق وجوده وحياته، وإن انفصل ميتاً، أو حياً لوقت لا يعيش في مثله ففيه غرة، وإن انفصل حياً لوقت يعيش مثله، ثم مات من الجناية وجبت فيه دية.
[] المغني 7/732، والمبدع 8/287-288، كشاف القناع 6/27، وتقدم تحقيق بقية المسألة فيما مضى برقم (2454) .
6 قول الإمام إسحاق-رحمه الله- حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/540.(7/3564)
قال أحمد: فيه قدر ما يرى الحاكم. 1
قال إسحاق: كما قال.
[2584-] قلت: القسامة في العبيد، إنما هم مال من الأموال، فإذا أصيب العبد عمداً، أو خطأ ثم جاء سيده بشاهد، حلف مع شاهده يميناً واحدة، ثم كان له ثمن عبده؟
[قال] 2: يحلف على رجل بعينه، إذا كان له شاهد واحد 3،
__________
1 قال الخرقي: وإذا كانت الجناية على العبد مما ليس فيه من الحر شيء مؤقت، ففيه ما نقصه بعد التئام الجرح. مختصر الخرقي ص185.
قال ابن قدامة: وجملته: أن الجناية على العبد يجب ضمانها بما نقص من قيمته، لأن الواجب إنما وجب جبراً لما فات بالجناية، ولا ينجبر إلا بإيجاب ما نقص من القيمة، فيجب ذلك كما لو كانت الجناية على غيره من الحيوانات وسائر المال، ولا يجب زيادة على ذلك، لأن حق المجني عليه قد انجبر، فلا له زيادة على ما فوته الجاني عليه.
هذا هو الأصل: ولا نعلم فيه خلافاً فيما ليس فيه مقدر شرعي. المغني 8/60.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية وفي الظاهرية بلفظ "قلت"، والصواب ما في العمرية.
3 قال أبو البركات: ومن أتى برجل وامرأتين، أو شاهد ويمين فيما يوجب القود، لم يثبت به قود ولا مال. وعنه: يثبت المال إن كان المجني عليه عبداً. نقلها ابن منصور. المحرر2/325، الطرق الحكمية ص151.
وقال ابن قدامة: وأكثر أهل العلم يرون ثبوت المال لمدعيه بشاهد ويمين. المغني 9/151.
وقال في الانصاف: على الصحيح من المذهب. وعليه جماهير الأصحاب، وجزم به في الوجيز وغيره.
وقال: حيث قلنا: يقبل شاهد واحد ويمين المدعى، فلا يشترط في يمينه إذا شهد الشاهد أن يقول: "وأن شاهدي صادق في شهادته" على الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب.
وقيل يشترط، جزم به في الترغيب.
الثانية: لو نكل عن اليمين من له شاهد واحد: حلف المدعى عليه، وسقط الحق، وإن نكل: حكم عليه، على [] [] الصحيح من المذهب. نص على ذلك 12/82-84.(7/3565)
وإذا لم يكن له شاهد حلف سيد العبد خمسين [يميناً] 1، ثم أخذ ثمن عبده منه. 2
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "يوماً".
2 قال الكلوذاني: لا يحكم بالقسامة إلا في قتل النفس، ولا فرق بين نفس الحر، والعبد. الهداية2/96.
وقال ابن قدامة: ويقسم على العبد سيده، لأنه المستحق لدمه.. وقال: وإن كان القاتل ممن لا قصاص عليه كالمسلم يقتل كافراً، والحر يقتل عبداً فلا قسامة فيه في ظاهر قول الخرقي، وهو قول مالك، لأن القسامة إنما تكون فيما يوجب القود، وقال القاضي: فيهما القسامة. وهو قول الشافعي، وأصحاب الرأي، لأنه قتل آدمي يوجب الكفارة، فشرعت القسامة فيه كقتل الحر المسلم.
المغني 8/686، المبدع 9/32.(7/3566)
قال إسحاق: كما قال.
[2585-] قلت: رجل 1 قال لرجل يا ابن الزانيين؟
قال: إذا جاءا جميعاً فحداً واحداً 2، وإذا جاء واحد فضرب 3 له، فليس 4 عليه غير ذلك. 5
قال إسحاق: كما قال [ظ-80/ب] .
[2586-] [قلت 6: امرأة قالت لرجل: زنيت بك؟
قال: لا ترجم حتى تقر أربع مرات. 7
__________
1 في العمرية سقط لفظ "رجل".
2 في العمرية سقط لفظ "الألف" بكل من لفظ "فحد" و"واحد".
3 في العمرية بلفظ "يضرب".
4 في العمرية بلفظ "وليس".
5 قال ابن قدامة: وإذا قال الرجل: يا ابن الزانيين، فهو قاذف لهما بكلمة واحدة، فإن كانا ميتين ثبت الحق لولدهما، ولم يجب إلا حد واحد.
المغني 8/234، المبدع 9/99. وقد تقدم تحقيق مسألة شبيهة بهذه فيما مضى (2587) .
6 هذه المسألة سقطت من الظاهرية، وأثبتها من العمرية.
7 تقدم الإقرار بالزنى فيما مضى في المسألة رقم (2358) .(7/3567)
قال إسحاق: كما قال]
[2587-] قلت: امرأة 1 قالت 2 لرجل: زنيت بي؟
قال: زنيت 3 بي، وزنيت بك واحد. 4
قال إسحاق: كما قال [واحد] 5
[2588-] قلت: رجل قذف يهودية، أو نصرانية ولها ولد مسلم أو زوج مسلم؟
قال أحمد: يقام عليه الحد. 6
__________
1 في العمرية سقط لفظ "امرأة".
2 في العمرية بلفظ "فقالت".
3 في العمرية بلفظ "بك".
4 في العمرية بلفظ "بي".
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
6 قال القاضي أبو يعلى: مسألة: فإن قذف يهودية، أو نصرانية، ولها ولد مسلم، أو زوج مسلم، هل يجب على القاذف حد القذف؟
نقل حنبل: لا يجب. ونقل ابن منصور: عليه الحد.
قال أبو بكر: ما رواه حنبل هو المعمول عليه، لأنه قذف لكافر فلم يلزمه الحد، دليله إذا لم يكن له زوج مسلم ولا ولد مسلم.
ووجه ما نقله ابن منصور: أن في قذفها قدحاً في نسب الولد المسلم، فالمعرة تلحقه بذلك، لهذا المعنى حد قاذف أم النبي صلى الله عليه وسلم لما فيه من القدح في نسبه -عليه السلام-، كذلك إذا كان الزوج مسلماً ففي قذفها قدح في فراشها ونسب ولده.
الروايتين والوجهين2/328، وكذا انظر: المبدع9/86، أحكام أهل الملل للخلال ص127.
وقال في الإنصاف: وقذف غير المحصن يوجب التعزيز، هذا المذهب مطلقاً. وعنه: يحد قاذف أمة أو ذمية لها ولد أو زوج مسلمان.
الإنصاف 10/202 وراجع: المغني 8/216.(7/3568)
قال إسحاق: كما قال. بناء على قول عمر [بن 1 الخطابرضي الله عنه:] 2 لحرمة المسلم.
[2589-] قلت لأحمد 3: يجلد في الخمر كلما شرب؟
قال: نعم. قد رفع القتل. 4
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 لما روى البيهقي من طريق القاسم بن محمد، وعن عبيد الله بن عبد الله حدثاه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يجلد من يفتري على نساء أهل الملة.
قال البيهقي: وهذا منقطع، وهو محمول إن ثبت على التعزير، والله أعلم. السنن الكبرى 8/253.
3 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
4 قال ابن المنذر: أزيل القتل عن الشارب في المرة الرابعة بالأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبإجماع عوام أهل العلم.
وقال الترمذي: إنه لا يعلم في ذلك اختلاف بين أهل العلم في القديم والحديث.
وقال النووي: وأجمعوا على أنه لا يقتل بشربها وإن تكرر ذلك منه، هكذا حكى الإجماع فيه الترمذي، وخلائق.
سنن الترمذي 4/49، الأوسط، كتاب الحدود2/882، والإجماع ص115، شرح النووي على صحيح مسلم11/217.
روى قبيصة بن ذؤيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه"، فأتي برجل قد شرب فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ورفع القتل، وكانت رخصة.
الأم 6/144، قال الشافعي: والقتل منسوخ بهذا الحديث وغيره، وهذا مما لا اختلاف فيه بين أحد من أهل العلم علمته، وسنن أبي داود في الحدود، باب إذا تتابع في شرب الخمر4/625، رقم4485، وذكره الترمذي بمعناه في الحدود، باب ما جاء في شرب الخمر فاجلدوه، ومن عاد في الرابعة فاقتلوه، 4/49.(7/3569)
قال إسحاق: كما قال.
[2590-] قلت: كيف يقتص من العين؟
قال: يحمى لها مرآة فينظر فيها حتى تسيل حدقته 1.
قال إسحاق: كما قال وقد اقتص المغيرة [بن شعبة رضي الله عنه] من
__________
1 تقدم فيما مضى في المسألة، رقم (2488) .(7/3570)
عين بنورة 1.
[2591-] قلت لإسحاق: كيف يقتص 2 من عين بنورة، وكيف يقتص بالبيضة؟ 3
قال: كلما فقأ [إنسان] 4 عين إنسان فذهب نوره، أحميت مرآة ثم أدنيت 5 من عين الفاقئ حتى تذهب نوره، والعين قائمة.
وإذا كان بالنورة فطلي على البصر ذهب البصر.
والبيضة ليست 6 بمفسدة.
[2592-] قلت: رجل قتل محرماً في الحرم في الشهر الحرام؟
قال: يزاد عليه في كل واحد ثلث الدية، فيصير ديته [ع- 109
__________
1 لم يتيسر لي الحصول على هذا الأثر.
2 في العمرية سقط لفظ "يقتص".
3 في العمرية سقط لفظ "بالبيضة" ومكانه لفظ "بالعين به".
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
5 في العمرية بلفظ "دنت".
6 في العمرية سقط لفظ "ليست".(7/3571)
/ب] [أربعة] 1 وعشرين 2 ألفا 3.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية وفي الظاهرية بلفظ"أربعاً".
2 في العمرية بلفظ "عشرون".
3 قال ابن قدامة: وذكر أصحابنا أن الدية تغلظ بثلاثة أشياء إذا قتل في الحرم، والشهور الحرم، وإذا قتل محرماً، وقد نص أحمد -رحمه الله - على التغليظ على من قتل محرماً في الحرم وفي الشهور الحرام، فأما إن قتل ذا رحم محرم، فقال أبو بكر: تغلظ ديته، وقال القاضي: ظاهر كلام أحمد أنها لا تغلظ.. فقال أصحابنا (في صفة تغليظ الدية) : تغلظ لكل واحد من الحرمات ثلث الدية، فإذا اجتمعت الحرمات الثلاث وجبت ديتان. قال أحمد في رواية ابن منصور فيمن قتل محرماً في الحرم وفي الشهر الحرام، فعليه أربعة وعشرون ألفاً.
[] المغني 7/772، وكذا انظر: المقنع 3/390-397، والكافي 4/76، والشرح الكبير 9/552-553، [] [] [] والمحرر2/145، والفروع 6/18، والمبدع 8/362، والإقناع 4/215، وكشاف القناع 6/30-31.
قال المرداوي: وهو المذهب. وعليه جماهير الأصحاب، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله، وهو مفردات المذهب. الإنصاف 10/75.
روى ابن أبي شيبة، وغيره عن ابن أبي نجيح عن أبيه أن عثمان قضى في امرأة قتلت في الحرم بدية وثلث دية.
مصنف ابن أبي شيبة 9/326، رقم 7659، وهو في مصنف عبد الرزاق 9/298، رقم 17282، 17283 من عدة طرق والسنن الكبرى للبيهقي 8/71، والمحلى 10/396.
وصححه الشيخ الألباني، إرواء الغليل 7/310.(7/3572)
قال إسحاق: كما قال سواء. 1
[2593-] قلت لأحمد 2: إذا كسرت [يده] 3 أو فخذه 4 أو رجله؟
قال أحمد: كلما لا يستطاع فيه القود ففيه حكومة، إلا ما [قد] 5 حكم فيه. 6
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله في التغليظ. انظره في: الأوسط لابن المنذر، كتاب الديات 2/223، والمغني 7/772، والشرح الكبير 9/552، وحاشية المقنع 3/397.
2 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية وفي الظاهرية بلفظ "يداه".
4 في العمرية العبارة بلفظ "فخذه أو رجله".
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
6 قال ابن مفلح: ونقل حنبل: ليس في عظم قصاص، لأن الرجل لما ضرب بالسيف على ساعد هذا فقطعه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدية لم يجعل له القصاص.
قال: هذا يدل على أنه لا قصاص من غير مفصل، ولا في عظم لأنه لا يعلم ما قدره.
ونقل أبو طالب: لا يقتص من جائفة، ولا مأمومة، لأنه يصل إلى الدماغ، ولا من كسر فخذ وساق ويد، لأن فيه مخاً. الفروع 5/649.(7/3573)
[2594-] قلت: [رجل] 1 أفضى 2 إلى جارية فخرقها فماتت أو لم تمت؟
قال [أحمد] 3 ما أعرف 4 فيه سنة إلا حديث 5 حماد 6 بن
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 قال الجوهري: أفضى الرجل إلى امرأته: باشرها وجامعها، وأفضى المرأة فهي مفضاة. إذا جامعها فجعل مسلكيها بالافتضاض مسلكاً واحداً.
الصحاح الجوهري 6/2455، واللسان 15/157.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 في العمرية بلفظ "أعلم".
5 روى ابن حزم أن هشام بن عمرو الفزاري قال: شهدت عمر بن عبد العزيز إذ جاءه كتاب من عامله بنجران، فلما قرأه قال: ما ترون في رجل ذي جدة وسعة خطب إلى رجل ذي فاقة بنته فزوجه إياها، فقال: ادفعها إلي، فإني أوسع لها فيما أنفق عليها، فقال: إني أخافك عليها أن تقع بها، فقال: لا تخف. لا أقربها. فدفعها إليه، فوقع بها فخرقها، فهريقت دماً، وماتت؟
فقال عبد الله بن معقل بن مقرن: غرم والله، وقال عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان: غرم والله. فقال عمر بن عبد العزيز: أعقلاً وصداقاً. أعقلاً وصداقاً؟ وقال أبان بن عثمان بن عفان: إن كانت أدركت ما أدرك النساء فلا دية لها، وإن لم تكن أدركت ما أدرك النساء فلها الدية. فكتب عمر بذلك إلى الوليد بن عبد الملك.
[] المحلى 10/455-456.
6 قال الخرقي: ومن وطئ زوجته وهي صغيرة ففتقها، لزمه ثلث الدية. المختصر ص184.
وقال ابن قدامة: والكلام في هذه المسألة في فصلين:
أحدهما: في أصل وجوب الضمان. والثاني: في قدره.
أما الأول: فإن الضمان إنما يجب بوطء الصغيرة أو النحيفة التي لا تحتمل الوطء، دون الكبيرة المحتملة له.
الفصل الثاني: في قدر الواجب، وهو ثلث الدية.
[] المغني 8/50-51، وراجع الفروع 6/31.(7/3574)
سلمة ما أعلم عليه شيئاً، ولا على عاقلته.
قال إسحاق: كلما أفضى إلى امرأته وهي جارية حديثة السن ما لا يفتض مثلها حتى خرقها فماتت، فإنه ضامن، حكمه حكم الخطأ ما كان دون التسعة، فإنه يخشى عليها.
[2595-] قلت: رجل 1 عالج امرأة فكسر 2 سنها؟
قال: ليس عليه شيء.
قال إسحاق: كلما جامعها كما يجامع مثلها فلا شيء [عليه] 3، وإن ابتركها حتى انكسر سنها من
__________
1 في العمرية سقط لفظ "رجل".
2 في العمرية بلفظ "وكسر".
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3575)
جماعه 1 فهو ضامن كما قال الشعبي. 2
[2596-] قلت: عبد فقأ عين حر، وعلى العبد دين؟
قال أحمد: إن كان أذن له سيده فيه فالدين على سيده 3، وإن لم يكن أذن له [فيه] 4 فهو في ذمة العبد، فإن 5 شاء سيده فدى عبده، وإلا سلمه 6 بجنايته، لا يكون عليه أكثر من ذلك. 7 قال: عمده وخطأه واحد.
__________
1 في العمرية بلفظ "جماع".
2 روى عبد الرزاق أن الشعبي سأله ابن أشوع عن رجل أبرك امرأته، فجامعها وكسر ثنيتها، قال الشعبي: يغرم.
مصنف عبد الرزاق 9/483، رقم 18102، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 9/298، رقم 7541.
3 قال عبد الله: سألت أبي عن العبد يأذن له سيده فَيَدَّان؟ قال: الدين على السيد.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص290، رقم 1079، وكذا ذكره في رؤوس المسائل، ورقة 258.
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
5 في العمرية بلفظ "وإن".
6 في العمرية بلفظ "أسلمه".
7 قال القاضي أبو يعلى: مسألة: واختلفت في ديون العبد غير المأذون له هل يتعلق بذمته أم برقبته؟ فنقل مهنا: أنها تتعلق برقبته، إما أن يفديه السيد، أو يسلمه-وهو اختيار الخرقي، وأبي بكر.
ونقل عبد الله: أنها تتعلق بذمته يتبع به إذا عتق.
وجه الأولى: أنه إتلاف وجد من جهة العبد، فتعلق برقبته كالجنايات، ولأنه لو أذن فيه السيد تعلق برقبته فتعلق برقبته، وإن لم يأذن، كالجنايات.
ووجه الثانية: أن الذي باعه، أو أقرضه هو المتلف لماله، لأنه دخل على بصيرة أن دينه يتأخر، وأن ذلك بغير إذن سيده، فهو كالمحجور عليه لسفه من عامله بعد الحجر تعلقت ديونه بذمته ولم يطالب في الحال، كذلك ههنا. [] الروايتين والوجهين 1/357-358.(7/3576)
[قال:] 1 إن شاء الحر اقتص، وإن شاء أخذ الدية في العمد. 2
قال إسحاق: كما قال.
[2597-] قلت: قوم قتلوا رجلاً خطأ، على كل واحد منهم رقبة مع الدية [أو] 3 رقبة تجزيهم؟
قال أحمد: الدية واحدة، والكفارة شيء، على كل واحد
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "قالوا".
2 تقدم مثل ذلك فيما مضى برقم (2536) .
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ" أرقبة".(7/3577)
كفارة. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
__________
1 قال القاضي أبو يعلى: إذا اشترك الجماعة في القتل، هل يلزم كل واحد منهم كفارة، أو تجب كفارة واحدة بينهم؟
على روايتين: نقل مهنا كل واحد كفارة، وهو اختيار الخرقي، وأبي بكر، لأن كفارة القتل لا تتبعض، فهي كالقتل.
وقد ثبت أن الجماعة إذا اشتركوا في القتل استوفي من كل واحد قصاص كامل، كذلك الكفارة، ومعنى قولنا لا يتبعض: أنه لا يجب بعض كفارة، لأنه متى لم يجد إلا نصف رقبة لم يلزمه إخراجها.
ونقل حنبل والميموني: عليهم كفارة، لأنه مال يجب بالقتل.
فإذا اشترك الجماعة فيه وجب على جماعتهم شيء واحد دليله الدية، ولأنها كفارة تتعلق بالقتل.
فإذا اشترك الجماعة فيها فتسقط (كذا في الأصل - ولعله سقط) عليهم، دليله جزاء الصيد.
الروايتين والوجهين 2/298.
وكذا انظر: المغني 8/95، الكافي 4/144، الهداية للكلوذاني 2/98، والمبدع 9/28، كشاف القناع 6/66، الإنصاف 10/135.
2 قول الإمام إسحاق-رحمه الله- حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/545، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 5/332.(7/3578)
[2598-] 1 حدثنا 2 إسحاق بن منصور المرزوي قال: قلت: لأحمد 3 بن محمد بن حنبل: من استعان عبداً بغير إذن سيده في شيء لمثله إجارة، فطلب سيد العبد إجارة ما عمل عبده؟
قال: له إجارة عبده. 4
قال إسحاق: كما قال.
قال 5: وإن استعان حراً مدركاً فليس عليه شيء، وكلما كان غير مدرك، واستعان به ضمن، وأما إذا كان ممن 6
__________
1 في ظ قبل هذه المسألة كتب بخط بارز في وسط الصفحة: الجزء السادس من مسائل أحمد بن محمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم؛ فيه بقية الحدود، والديات، والجهاد، والذبائح، والأشربة، والشهادات والفرائض.
وفي العمرية لم يُعنْون بالجزء في هذا الموضع، وإنما بدأ بالباب من أول القسامة بعد ثلاث مسائل.
2 في العمرية سقطت العبارة الآتية: "حدثنا إسحاق بن منصور المروزي قال".
3 في العمرية سقطت العبارة الآتية: " لأحمد بن محمد بن حنبل".
4 قال البهوتي: وفي المستوعب: "من استعان بعبد غيره بلا إذن سيده، فحكمه -أي المستعين- حكم الغاصب حال استخدامه، فيضمن جنايته ونقصه"، وجزم به في المبدع، وكذا في المنتهى في الديات، كشاف القناع 4/93.
5 في العمرية سقط لفظ "قال".
6 في العمرية بلفظ "مما".(7/3579)
يستأجر مثله فلا 1 إجارة لأوليائه كما يكون 2 للسيد في 3 عبده.
[2599-] قلت: أم ولد إذا جنت جناية أنه يضمن سيدها، وليس له أن يسلمها، وليس عليه أن يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها؟
قال: جيد صحيح.
قال إسحاق: كما قال [ظ-81/أ] . 4
__________
1 هكذا هي في الأصل، والذي يبدو أن "لا" النافية زائدة، لأن السياق فيمن استعين به وهو غير مدرك، وتشبيهه بالعبد يدل على ذلك.
فتكون العبارة هكذا "فالإجارة لأوليائه" الخ.
2 في العمرية بلفظ "يجوز".
3 قال ابن المنذر: وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن من استعان حراً بالغاً في عمل من الأعمال متطوعاً بذلك، أو بإجارة، فأصابه شيء، فلا ضمان على المستعين والمستأجر.
الأوسط، كتاب الديات 2/469.
وسبق تحقيق مسألة شبيهة بهذه فيما مضى برقم (2391) .
4 تقدم فيما سبق مثل ذلك في المسألة، رقم (2469) .(7/3580)
[2600-] قلت: الضالة 1 المكتومة؟ 2
قال: الذي يكتمها إذا أزلت عنه القطع فعليه غرامة مثليها 3.
قال إسحاق: كما قال: سنة مسنونة.
__________
1 الضالة: للحيوان الضائع بالهاء للذكر والأنثى، والجمع الضوال مثل دابة ودواب، وضل البعير: غاب وخفي موضعه، ويقال لغير الحيوان ضائع ولقطة.
مختار الصحاح 382، والمصباح المنير 2/363، اللسان 11/392.
2 في العمرية بلفظ "المكتوم".
3 في العمرية بلفظ "مثلها"، والصواب ما في الظاهرية.
الضوال التي تمتنع من صغار السباع كالإبل، والبقر، والخيل، والبغال، ونحوها، فلا يجوز التقاطها بلا نزاع.
وقال المرداوي: وإن كتمها حتى تلفت: ضمنها بقيمتها مرتين على المذهب. نص عليه في رواية ابن منصور.
وقال ابن مفلح: ويضمنه، كغاصب، ونصه: وقال أبو بكر- ويضمن ضالة مكتومة بالقيمة مرتين للخبر.
[] الفروع 4/565، المبدع 5/564-565، منار السبيل 1/460، الإنصاف 6/401-404.
لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها".
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 10/129، رقم 18599، والبيهقي في السنن الكبرى 6/191.(7/3581)
[باب 1 القسامة 2]
[2601-] قال أحمد رضي الله عنه القسامة - الذي أذهب فيه إلى حديث 3
__________
1 العنوان من العمرية.
2 القسامة لغة: مأخوذة من القسم بفتح القاف وتخفيف السين المهملة، وهي مصدر أقسم، والمراد بها: اليمين بالله تعالى.
واشتقاق القسامة من القسم كاشتقاق الجماعة من الجمع.
وهي تأتي على عدة معان غير هذا، والمناسب للمقام هذا المعنى. انظر: القاموس المحيط 4/166، واللسان [12/480-482.
] وأما اصطلاحاً: فهي كما عرفها فقهاء الحنابلة: " أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم".
[] انظر: الفروع 6/46، والإقناع 4/238، كشاف القناع 6/66-67.
3 لما روى بشير بن يسار عن رافع بن خديج، وسهل بن أبي حثمة قال: انطلق عبد الله بن سهل، ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهو يومئذ صلح فتفرقا، فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلاً، فدفنه، ثم قدم إلى المدينة، فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب عبد الرحمن يتكلم، فقال: "كبر كبر"، وهو أحدث القوم، فسكت. فتكلما فقال: "أتحلفون وتستحقون دم قاتلكم أو صاحبكم" قالوا: وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر، قال: فتبرئكم يهود بخمسين يميناً، فقالوا: كيف نأخذ بأيمان قوم كفار. فعقله النبي صلى الله عليه وسلم من عنده. رواه الجماعة.
وفي رواية متفق عليها: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته" فقالوا: أمر لم نشهده كيف نحلف، قال: "فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم" قالوا: يا رسول الله كيف تأخذ بأقوال قوم كفار؟
وفي لفظ لأحمد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسمون قاتلكم، ثم تحلفون عليه خمسين يميناً، ثم نسلمه".
وفي رواية متفق عليها: فقال لهم: تأتون بالبينة على من قتله، قالوا: ما لنا من بينة، قال: فيحلفون. قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود. فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه، فوداه بمائة من إبل الصدقة.
والحديث تقدم تخريجه في المسألة، رقم (2470) .(7/3583)
بشير 1 بن يسار إذا كان بين القوم
__________
1 هو بشير بن يسار الحارثي الأنصاري مولاهم المدني، وكنيته أبو كيسان وهو من رواة الستة، روى عن أنس، وجابر، ورافع بن خديج، وسهل بن أبي حثمة، وسويد ابن النعمان، ومحيصة بن مسعود، وغيرهم.
قال ابن معين: ثقة، وليس بأخي سليمان بن يسار. وقال ابن سعد: كان شيخاً كبيراً فقيهاً، وكان قد أدرك عامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قليل الحديث.
[] طبقات ابن سعد 5/303، معرفة التاريخ ليعقوب 2/772، 774، التهذيب 1/472، تهذيب الكمال 4/187-188، تاريخ يحيى برواية الدوري 2/61، وإكمال ابن ماكولا 1/298، الكاشف 1/160، سير أعلام النبلاء [4/591-592،] تاريخ الإسلام 4/93.(7/3584)
عداوة 1 وشحناء كما [كان] 2 بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين اليهود 3 فوجد فيهم القتيل، فادعاه أولياء المقتول على رجل منهم بعينه.
ولا تكون القسامة إلا على واحد، فيقسم من أولياء المقتول خمسون رجلاً بالله لفلان قتل فلاناً، يحلف واحد واحد، ثم يدفع إليهم صاحبهم [ع-110/أ] فيقتلونه بصاحبهم 4.
وهذا على حديث 5 بشير بن يسار، فإن نكل القوم أن يحلفوا حلف أولياء القاتل، وذلك إذا طلبه المدعون، ثم 6 يؤدى من بيت المال.
ومما يقوي هذا خبر الزهري 7 أن القسامة كانت في الجاهلية،
__________
1 في العمرية بلفظ "أو".
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 نقل ابن المنذر رواية الإمام أحمد فقال: قال أحمد: إذا كان بين القوم عداوة، أو شحناء كما كان بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين اليهود. الأوسط، كتاب الديات 3/616.
4 في العمرية بلفظ "فيقتلوه".
5 في العمرية بلفظ "خبر".
6 في العمرية بلفظ "لم"، والصواب ما في الظاهرية.
7 في العمرية بإضافة لفظ "ابن" قبل كلمة " الزهري".(7/3585)
فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم [في الإسلام] 1 في قتيل الأنصار. 2
[2602-] قلت: فإن نقص من أولياء المقتول من الخمسين، أو لم يكن إلا رجل واحد؟
جبن أن يقول فيه شيئاًً.
قال: وإذا 3 نكل هؤلاء، وحلفوا المدعى عليهم 4 حلفوا 5 وبريؤا، فإن نكل الفريقان 6 أن يحلفوا أدي من بيت المال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ودى قتيل الأنصار.
ولو أن قتيلاً وجد بين الفريقين فادعى أولياؤه على أسقب
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 انظر خبر الزهري في: مصنف عبد الرزاق 10/82، رقم 18254، والسنن الكبرى للبيهقي 8/122، والمحلى لابن حزم 11/76.
وقال ابن حزم: فهذه الأخبار مما صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم في القسامة، لم يصح عنه إلا هي أصلاً.
3 في العمرية سقط لفظ " وإذا".
4 سقط من العمرية كلمة "عليهم".
5 في الظاهرية بإثبات لفظ "و"، وفي العمرية بحذفه، والصواب ما في العمرية.
6 في العمرية بلفظ "فريقين".(7/3586)
[يعني أقرب] 1 الفريقين به كانت قسامة 2 إذا 3 كانوا في معنى اليهود من العداوة التي كانت بينهم وبين [أصحاب] 4 النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 روى البيهقي وغيره عن أبي سعيد الخدري قال: وجد قتيل بين قريتين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاس إلى أيهما أقرب، فوجد أقرب إلى أحد الحيين بشبر، قال الخدري: كأني أنظر: إلى شبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألقى ديته على أقربهما.
السنن الكبرى للبيهقي 8/126، وقال: تفرد به أبو إسرائيل عن عطية العوفي وكلاهما لا يحتج بروايته، وهو في مسند الإمام أحمد 3/39، 89، والمحلى 11/85، قال ابن حزم: الحديث هالك، لأنه انفرد به عطية بن سعيد العوفي، وهو ضعيف جداً، ضعفه هشيم، وسفيان الثوري، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل.
قال البزار في كشف الأستار عن زوائد البزار 3/209: لا نعلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، وأبو إسرائيل ليس بالقوي.
[] وانظر: نصب الراية 4/396-397.
وروي عن عمر أنه لما كتب إليه في القتيل الذي وجد بين وادعة وأرحب، كتب: بأن يقيس بين القريتين، فوجد إلى وادعة أقرب، فقضى عليهم بالقسامة. وقد تقدم تخريج الأثر في المسألة، رقم (2524) .
3 في العمرية سقط لفظ "و"، وهو الصواب.
وفي الظاهرية بإثبات لفظ "و" قبل "إذا".
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3587)
[2603-] قلت: ما قسامة الخطأ؟
قال: مثل حديث عراك 1 بن مالك أن رجلاً أجرى فرساً له فوطئ على إصبع رجل. 2
[2604-] قلت: القسامة ما هي؟
__________
1 هو عراك بن مالك الغفاري الكناني، المدني، تابعي ثقة من خيار التابعين، وكان رحمه الله من أشد أصحاب عمر بن عبد العزيز على بني مروان في انتزاع ما حازوا من الفيْء والمظالم من أيديهم، توفي رحمه الله في خلافة يزيد بن عبد الملك بعد المائة.
[] انظر ترجمته في: ط ابن سعد 5/187-188، والتهذيب 7/172-174، والمعرفة والتاريخ 1/396، ومواضع أخرى منه، الجرح والتعديل 7/38، وشذرات الذهب 1/123.
2 روى مالك أن رجلاً من بني سعد بن ليث أجرى فرساً فوطئ على إصبع رجل من جهينة، فنُزِيَ منها فمات، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للذين اُدعى عليهم: "أتحلفون بالله خمسين يميناً ما مات منها؟ فأبوا وتحرجوا من الأيمان، فقال للآخرين: احلفوا أنتم. فأبوا. فقضى عمر بن الخطابرضي الله عنه بشطر الدية على السعديين".
الموطأ للإمام مالك، كتاب العقول، باب دية الخطأ في القتل 2/851، وهو في مصنف عبد الرزاق 10/44، رقم [18297،] والسنن الكبرى للبيهقي 8/339-126، والمعرفة والتاريخ 1/396، والاستذكار 6/36.(7/3588)
قال: إذا حلف النافيان 1 لم يغرموا 2، على خلاف حديث عمر 3 [رضي الله عنه] .
قال إسحاق: كما قال إذا كان ممن يرى القود إذا أقسموا على رجل أنه هو القاتل أقيد حينئذ في قول من يرى القود بالقسامة. 4
__________
1 في العمرية بلفظ "الباقيان"، وفي الظاهرية بلفظ "النافيان" ولعله النافون -أي المدعى عليهم الذين نفوا تهمة قتلهم له-.
2 قال الخرقي: فإن لم يحلف الأولياء حلف المدعى عليه خمسين يميناً وبرئ.
قال ابن قدامة: هذا ظاهر المذهب. وبه قال يحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة، وأبو الزناد، ومالك، والليث، والشافعي وأبو ثور.
والرواية الثانية عنه: كما نقله ابن مفلح فقال: إنهم يحلفون، ويغرمون الدية، لقضاء عمر رضي الله عنه عنه بالدية مع اليمين، والأول أولى، لأن عمررضي الله عنه إنما قضى على أهل المحلة، وليس ذلك مذهباً لأحمد.
[] انظر: مختصر الخرقي ص186، والمغني 8/77-88، الأوسط، كتاب الديات 3/598، الموطأ 2/88، [] [] المبدع 9/40-41، الأم 6/90، الإنصاف 10/148.
3 تقدم تخريجه عند المسألة، رقم (2524) .
4 أصحاب هذا القول: عبد الله بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، وهشام بن عبد الملك، والزهري، ومالك، وأحمد، وأبو ثور، وربيعة، ويحي بن سعيد، وأبو الزناد، والليث بن سعد والأوزاعي وابن المنذر، ورواية عن إسحاق، وقول الشافعي في القديم.
[] انظر: الموطأ 2/889، فتح الباري 12/235، المغني 8/77، شرح مسلم للنووي 11/143-144، الأوسط، [] كتاب الديات 3/607-609، الخطابي في معالم السنن 4/657.(7/3589)
[فأما 1 أنا فأذهب إلى قول عمر رضي الله عنه أنه لا يقاد بالقسامة] أبداً، ولكن يوجب بالقسامة العقل 2 [والذين
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 الذين قالوا إن القسامة توجب الدية ولا يقاد بها، عمر بن الخطاب، وابن عباس، ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وبه قال الحسن البصري، وأبو حنيفة وأصحابه، والنخعي، والثوري، والشافعي في أصح قوليه، وإسحاق، والحسن بن صالح، وعثمان الليثي.
[] انظر: الأوسط لابن المنذر، كتاب الديات 3/609-610، فتح الباري لابن حجر 12/231-232، شرح مسلم للنووي 11/144، معالم السنن للخطابي 4/657، المغني لابن قدامة 8/77، المبسوط للسرخسي 26/108، [] [] تحفة الفقهاء للسمرقندي 3/131-132.
وقول عمر رضي الله عنه الذي أشار إليه الإمام إسحاق -رحمه الله - أورده ابن أبي شيبة فقال: حدثنا وكيع قال: حدثنا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود قال: انطلق رجلان من أهل الكوفة إلى عمر بن الخطاب فوجداه قد صدر عن البيت عامداً إلى منى، فطافا بالبيت ثم أدركاه، فقصا عليه قصتهما فقالا: يا أمير المؤمنين إن ابن عم لنا قتل نحن إليه شرع سواء في الدم، وهو ساكت لا يرجع إليهما شيئاً حتى ناشداه الله، فحمل عليهما، ثم ذكراه الله فكف عنهما، ثم قال عمر بن الخطاب: ويل لنا إذا لم نذكر بالله، وويل لنا إذا لم نذكر الله، فيكم شاهدان ذوا عدل يجيئان به على من قتله فنقيدكم منه، وإلا حلف من يدرأكم بالله ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً؟ فإن نكلوا حلف منكم خمسون ثم كانت لكم الدية، إن القسامة تستحق بها الدية، ولا يقاد بها.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 9/379، رقم 7859، وكذا رقم 7888، وابن حزم في المحلى 11/65من طريق ابن أبي شيبة. وقال ابن التركماني في الجوهر النقي بهامش السنن الكبرى 8/120: روي بسند صحيح عن القاسم بن عبد الرحمن الهذلي الكوفي.(7/3590)
يبدؤون] 1 باليمين في القسامة أولياء المقتول، فإذا 2 نكلوا عاد إلى أولياء الذين قتلوا، فإذا نقصت القسامة من الخمسين رددوا الأيمان.
[2605-] قلت [لأحمد] 3 إذا شربت المرأة الدواء عمداً فأسقطت جنينها؟
قال: هذا شبه العمد، وإن 4 شربت عمداً
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "والذي يبدأ".
2 في العمرية بلفظ "وإذا".
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 في العمرية بلفظ " فإن ".(7/3591)
فالدية 1 على العاقلة. 2
قال إسحاق: كما قال.
[2606-] قلت: قال ابن شبرمة 3: في رجل فقأ عين رجل ثم عمي؟
قال: إن كان رفع إلى السلطان [فقضى عليه 4 بالقصاص غرمته، فإن عمي قبل أن يقضي عليه السلطان] فليس له شيء. وكذلك القاتل يموت، أو يقتل بعد ما يقضى عليه يغرم. 5
__________
1 في العمرية بلفظ " الدية ".
2 تقدم تحقيق ذلك فيما مضى في المسألة، رقم (2431) .
3 هو الإمام عبد الله بن شبرمة بن طفيل بن حسان الضبي الكوفي، ولد سنة اثنتين وسبعين، كان عفيفاً، حازماً، عاقلاً، فقيهاً، ورعا، يشبه النساك، ثقة في الحديث، شاعراً حسن الخلق، جواداً، روى عن أنس، وأبي الطفيل، والنخعي، والشعبي وغيرهم. قال حماد بن زيد: ما رأيت كوفياً أفقه من ابن شبرمة. توفي رحمه الله سنة أربع وأربعين ومائة.
[] انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/350-351، طبقات خليفة 167، والمعارف 470-471، والميزان [2/438،] وتهذيب التهذيب 5/250-251، والتقريب 176، والجرح والتعديل 5/82، وشذرات الذهب 1/215.
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
5 روى عبد الرزاق في رجل فقأ عين رجل ثم عمي، قال: إن كان رفع إلى السلطان فقضى عليه بالقصاص غرمه، وإن عمي قبل أن يقضي فليس له شيء، وكذلك القاتل يموت، أو يقتل بعد ما يقضي عليه يغرم. مصنف عبد الرزاق 9/329، رقم 17421.(7/3592)
قال أحمد: كل من قتل له قتيل، أو جرح بجراحة فهو بخير النظرين: إن شاء اقتص، وإن شاء أخذ الدية للنفس، وإن شاء أخذ الأرش للجراحة.
قلت: هذا في العمد؟. قال: نعم. 1
[2607-] قلت: فإن قال القاتل عمداً: ليس لي مال، اقتص مني؟
قال أحمد: إذا لم يكن له مال، إن شاء كان 2 ديناً له عليه. 3
قال إسحاق: كما قال، لأن الخيار لولي المقتول في العمد،
__________
1 تقدم فيما مضى مسألة شبيهة بهذه المسألة برقم (2459) .
2 في العمرية بإضافة لفظ "له" قبل لفظ "ديناً"، وإثباته بعده كذلك.
3 قال ابن مفلح: فمتى اختار الأولياء الدية من القاتل، أو من بعض القتلة، كان لهم ذلك من غير رضى الجاني.
وقال ابن قدامة: وله العفو إلى الدية وإن سخط الجاني.
وقال المرداوي: وعنه: أن موجبه القود عيناً، وأنه ليس له العفو على الدية بدون رضى الجاني.
[] المقنع 3/361، والمبدع 8/297، والإنصاف10/4-5.(7/3593)
فكلما أبى القاتل فقال 1: أمكن من نفسي لا شيء 2 لك غير ذلك، فهو مجبور على ما غرمه لأنه ترك القتل لاختياره الدية، وله ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم: حكم [له] 3 بذلك. 4
[2608-] قلت: قال الزهري: رجل فقأ عين رجل، فقام إليه ابن عمه فقتله؟
فقال 5: يجعل عقل العين في مال المقتول الفاقئ، لأنه كان عمداً، ويقاد القاتل الذي قتل، لأن المفقوء عينه مخير، إن شاء أخذ الدية، وإن شاء اقتص. 6
__________
1 في العمرية بلفظ "قال".
2 في العمرية بلفظ "فلا".
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 كما جاء في حديث أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثم إنكم معشر خزاعة قتلتم هذا الرجل من هذيل وإني عاقله، فمن قتل له قتيل بعد اليوم فأهله بين خيرتين: إما أن يقتلوا، أو يأخذوا العقل".
تقدم تخريجه فيما مضى بمسألة، رقم (2485) .
5 في العمرية بلفظ "قال".
6 روى عبد الرزاق: رجل فقأ عين رجل فقام إليه ابن عمه فقتله، فقال: يجعل عقل العين في مال المقتول، لأنه كان عمداً، ويقاد القاتل بالذي قتل.
مصنف عبد الرزاق 9/329، رقم17420.(7/3594)
قال إسحاق: كما قال.
[2609-] قلت: رجل قتل رجلاً عمداً، ثم قتل هو [ع-110/ب] خطأ، لمن ديته؟
قال: الأصل في هذا واحد حديث أبي شريح 1، وأبي هريرة 2 [رضي الله عنهما] إن شاء أولياء المقتول عمداً أخذوا الدية، هم 3
__________
1 حديث أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثم إنكم معشر خزاعة قتلتم هذا الرجل من هذيل، وإني عاقله، فمن قتل له قتيل بعد اليوم فأهله بين خيرتين: إما أن يقتلوا، أو يأخذوا العقل".
وقد تقدم تخريجه فيما مضى عند المسألة (2485) .
2 عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يفدى، وإما أن يقتل".
أخرجه: البخاري في الديات، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين8/38، وفي العلم، باب كتابة العلم 1/36، وفي اللقطة، باب كيف تعرف لقطة أهل مكة 3/94 في حديث طويل وفيه هذا اللفظ.
ومسلم في الحج، باب تحريم مكه، وصيدها وخلاها، وشجرها ولقطتها، إلا لمنشد على الدوام 1/988، رقم 1355.
3 في العمرية بلفظ "وهم".(7/3595)
بالخيار. 1
قال إسحاق: كما قال.
[2610-] قلت: رجل قتل رجلاً خطأ، ثم قتل آخر عمداً، أو قتل عمداً ثم قتل خطأ؟
[قال: الأصل واحد إذا قتل عمداً ثم قتل خطأ] 2 فلأولياء المقتول عمداً [ظ-81/ب] إن شاؤوا أخذوا القود منه، وإن شاؤوا أخذوا الدية من ماله، وفي الخطأ الدية على عاقلته. 3
قال إسحاق: كما قال.
[2611-] قلت: حر وعبد قتلا حراً خطأ؟.
قال: أما العبد فإنما تكون الجناية فيه 4 على سيده بقدر قيمته، فإذا سلمه فهو لهم، وإن لم يسلمه فداه بنصف دية المقتول، وعلى عاقلة الحر نصف دية المقتول. 5
__________
1 سبق تحقيق مثل ذلك فارجع إليه فيما مضى برقم (2466) .
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 تقدم فيما مضى عند المسألة رقم (2466) .
4 في العمرية بلفظ "فيها".
5 قال ابن مفلح: وإن جنى العبد خطأ، فسيده بالخيار بين فدائه بالأقل من قيمته، أو أرش جنايته، أو تسليمه ليباع في الجناية.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب بلا ريب، وعليه الأصحاب. وعنه: إن أبى تسليمه فعليه فداؤه بأرش الجناية كلها.
انظر: المغني7/781، والمبدع 8/364، والإنصاف10/78.
قال ابن قدامة: "ولا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أن دية الخطأ على العاقلة.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن دية الخطأ على العاقلة، وأجمعوا كذلك على أن ما زاد على ثلث الدية على العاقلة.
الإجماع ص120، والأوسط، كتاب الديات 2/483، والمغني 7/770.(7/3596)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2612-] قلت: قال سفيان: في رجل أفزع رجلاً بالليل فذهب عقله؟
قال: عليه الدية. 2
قال أحمد: ما أحسن ما قال. 3
__________
1 قول الإمام إسحاق حكاه عنه ابن قدامة في المغني7/781.
2 قول الإمام سفيان حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات2/278، وابن حزم في المحلى10/434.
3 قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن في العقل الدية.
وقال ابن قدامة: لا نعلم في هذا خلافاً. وقال: فإن أذهب عقله بجناية لا توجب أرشاً، كاللطمة، والتخويف، ونحو ذلك ففيه الدية لا غير. وإن أذهبه بجناية توجب أرشاً كالجراحة، أو قطع عضو، وجبت الدية، وأرش الجرح.
الإجماع ص117، والأوسط، كتاب الديات 2/278، والمغني 8/37، وكذا انظر: الفروع 6/30، والمبدع 8/380.(7/3597)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2613-] قلت: دية الخطأ أخماس: عشرون حقة، وعشرون جذعة وعشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون بني مخاض؟
قال: نعم. 2
قال إسحاق: هذا أرباع: خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة 3. 4
[2614-] قلت: دية شبه العمد أرباع: خمس وعشرون بنت 5 لبون،
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/279.
2 تقدم تحقيق المسألة فيما مضى برقم (2365) .
3 في العمرية بلفظ "بنات".
4 تقدم تحقيق المسألة فيما مضى برقم (2365) .
5 في العمرية بفظ "بنات".(7/3598)
وخمس وعشرون بنت 1 مخاض، وخمس وعشرون جذعة 2، وخمس وعشرون حقة. 3
قال: نعم. 4
قال إسحاق: [ما قال] 5 في شبه العمد بينا له في الخطأ وفي شبه العمد 6، ثلاث وثلاثون حقه، وثلاث وثلاثون جذعة، وأربع وثلاثون ثنية، إلى بازل عامها كلها خلفة. 7
__________
1 في العمرية تقدم لفظ "حقة" على لفظ "جذعة".
2 في العمرية تقدم لفظ "حقة" على لفظ "جذعة".
3 سبق تحقيق المسألة فيما مضى برقم (2364) .
4 سبق تحقيق المسألة فيما مضى برقم (2364) .
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
6 في ظ زيادة: "قلت: و".
7 قلت: يبدو أن للإمام إسحاق رحمه الله في أسنان شبه العمد أكثر من رواية:
الرواية الأولى: أن دية شبه العمد والخطأ أرباع وهومعروف عنه عند العلماء كما رووا ذلك.
والراوية الثانية: كما هنا في المسألة، ولم أعثر عليها، وإنما هذا رأي الإمام علي رضي الله عنه ولعله أخذ برأي علي رضي الله عنه في الخطأ، وشبه العمد.
عن علي رضي الله عنه أنه قال: في شبه العمد أثلاث: ثلاث وثلاثون حقه، وثلاث وثلاثون جذعة، وأربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها وكلها خلفة.
سنن أبي داود في الديات، باب في دية الخطأ شبه العمد 4/685، رقم 4551، ومصنف عبد الرزاق9/284، رقم 17222.(7/3599)
[2615-] قلت: سئل سفيان عن رجل أوضح رجلاً فبرئت الموضحة ولم ينبت عليه الشعر، ثم أوضحه رجل آخر؟
قال: فيه حكومة.
قلت: أرأيت إن نبت الشعر؟
قال: لا يكون هذا. 1
قال أحمد: هو كما قال سفيان. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
[2616-] قلت: إن رجلاً جاء إلى أهل أبيات فاستسقاهم، فلم يسقوه حتى مات؟
قال 4: أغرمهم عمر [رضوان الله عليه] الدية. 5
__________
1 لم أعثر على أقوال الأئمة الثلاثة في هذه المسألة بهذا السياق.
2 لم أعثر على أقوال الأئمة الثلاثة في هذه المسألة بهذا السياق.
3 لم أعثر على أقوال الأئمة الثلاثة في هذه المسألة بهذا السياق.
4 في العمرية سقط لفظ "قال".
5 روى ابن أبي شيبة أن رجلاً استسقى على، باب قوم فأبوا أن يسقوه، فأدركه العطش فمات، فضمنهم عمر الدية.
مصنف ابن أبي شيبة 9/412، رقم 7948، وهو في مصنف عبد الرزاق 10/51، والمحلى 10/522 من طريق ابن أبي شيبة.(7/3600)
قلت 1: أي شيء تقول أنت؟
قال 2: أي شيء أقول يقوله عمر [رضي الله عنه] .
قلت له 3: أتقول أنت؟
قال: إي والله. 4
__________
1 في العمرية سقطت العبارة الآتية: "قلت: أي شيء "تقول أنت؟ ".
2 في العمرية بإضافة العبارة الآتية "قلت ما يقول " قبل الجملة.
3 في العمرية سقط لفظ "له".
4 قال البهوتي: وإن اضطر إنسان إلى طعام، أو شراب لغير مضطر، فطلبه منه فمنعه إياه فمات بذلك، ضمنه المطلوب منه. روي أن رجلاً أتى أهل أبيات فاستسقاهم فلم يسقوه حتى مات، فأغرمهم عمر الدية. حكاه أحمد في رواية ابن منصور وقال: أقول به.
كشاف القناع 6/15، والمبدع 8/339، والفروع 6/12، والهداية للكلوذاني 2/87، والمغني 7/834، والمحرر 2/137، ومنار السبيل 2/335، والإنصاف 10/50.
قال المرداوي: وهو المذهب، جزم به في الهداية، والمذهب، والمستوعب، والخلاصة، والوجيز، ومنتخب الأدمى، والمنور، والفروع، وغيرها. وهو من مفردات المذهب.(7/3601)
قال إسحاق: كما قال، ولكن القوم الذين غرمهم عمر [رضي الله عنه] كانوا أهل ذمة، وكان اشترط عليهم الضيافة.
[2617-] قلت: قال الزهري رجل أعتق ما في بطن جاريته، فضربها رجل فوقع ميتاً، ديته دية المملوك؟ 1
قال سفيان 2: وكذلك نقول. 3
قال أحمد: لا يجب عليه 4 العتق، إلا بالولادة 5، وهو عبد حتى يعلم أنه حي أو ميت. 6
__________
1 روى عبد الرزاق في رجل أعتق جنين وليدته، ثم قتلت الوليدة، قال: تعقل الوليدة، ويعقل جنينها عبداً، إنما كان تمام عتقه أن يولد، ويستهل صارخاً.
مصنف عبد الرزاق 10/64، رقم 18367، وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات بالنص 2/543.
2 في العمرية سقط لفظ "سفيان".
3 قول الإمام سفيان حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/543.
4 في العمرية سقط لفظ " عليه".
5 في العمرية سقط لفظ "و".
6 نقل ابن المنذر رواية الإمام أحمد -رحمه الله- فقال: وقال أحمد في هذه المسألة: لا يجب له العتق إلا بالولاء، وهو عبد حتى يعلم أنه حي أو ميت، وكذلك قال إسحاق. الأوسط، كتاب الديات 2/543.
وقال المرداوي: تنبيه: بأن في عتق الجنين خلافاً، هل يصح عتقه، أو لا يصح حتى يوضع؟.. والصحيح من المذهب أنه يصح عتقه مفرداً، وعليه الأصحاب.
وعنه: لا يعتق حتى تلده حياً.
قال ابن قدامة: وإن أسقطته ميتاً ففيه عشر قيمة أمه، لأننا لا نعلم كونه حياً حال إعتاقه، ويحتمل أن تجب عليه الغرة، لأن الأصل بقاء حياته، فأشبه ما لو أعتق أمه.
المغني 7/801، وتصحيح الفروع على الفروع 6/21.
قال ابن مفلح: وإن ضرب بطن أمه، فعتقت، أو أعتق جنينها قبل الجناية، أو بعدها، ثم أسقطت الجنين، ففيه غرة. قدمه في المحرر، وجزم به في الوجيز، لأنه سقط حراً، والعبرة بحال السقوط لأن قبل ذلك لا يحكم فيه بشيء.
وعنه: بضمان جنين مملوك. نقلها حرب، وابن منصور.
وعنه: إن سبق العتق الجناية ضمن بالغرة، وإلا فبضمان الرقيق، ونقل حنبل التوقف.
المبدع 8/360، والفروع 6/21، والإنصاف 10/72.
وقال المرداوي بعد أن قال فيه غرة: هذا المذهب.(7/3602)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2618-] قلت: إذا ضربها [ع-111/أ] فأسقطت حياً ثم مات؟
قال: هذا حر عليه الدية كاملة دية الحر. 2
__________
1 حكاه عنه عبن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/543.
2 قال ابن قدامة: إن ضرب بطن الأمة فأعتق السيد جنينها وحده، نظرت: فإن أسقطه حياً لوقت يعيش مثله ففيه دية حر. نص عليه أحمد.
وقال المرداوي: هذا المذهب، وعليه الأصحاب.
انظر: المغني 7/801، والفروع 6/21، والإنصاف 10/73.(7/3603)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2619-] قلت: امرأة مسحت بطن امرأة 2 فأسقطت، فرفع ذلك إلى عمر [رضي الله عنه] فأمرها أن تعتق غرة. 3
قال: نعم. 4
__________
1 انظر: الأوسط لابن المنذر، كتاب الديات 2/533.
2 في العمرية بلفظ "أمة".
3 روى عبد الرزاق عن عمر بن ذر قال: سمعت مجاهداً يقول: مسحت امرأة بطن امرأة حامل، فأسقطت جنيناً، فرفع ذلك إلى عمر، فأمرها أن تكفر بعتق رقبة، يعني التي مسحت. مصنف عبد الرزاق 10/63، رقم 18362. وهو في مصنف ابن أبي شيبة 9/253، رقم 7332.
4 قلت: مسح بطن المرأة بحيث تصل إلى إسقاط الجنين تعتبر ضرباً للبطن، وقد ذكر العلماء حكم الضرب، فقال ابن المنذر: كل من أحفظه عن أهل العلم يوجب على الضارب بطن المرأة تلقي جنيناً مع الغرة الرقبة. الأوسط، كتاب الديات 2/551.
وقال الخرقي: وعلى كل من ضرب ممن ذكرت عتق رقبة مؤمنة، سواء كان الجنين حياً أو ميتاً.
وقال ابن قدامة: هذا قول أكثر أهل العلم.
مختصر الخرقي ص 181، والمغني 7/815.(7/3604)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2620-] قلت: قال سفيان: [تقاد] 2 الثنية بالثنية، والضرس بالضرس، والشمال بالشمال، واليمين باليمين؟ 3
قال: جيد. لا تقاد اليمنى باليسرى 4، يعني كما قال
__________
1 انظر: الأوسط، كتاب الديات 2/551، والمغني 7/815.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 روى عبد الرزاق: اختصم إلى شريح رجلان أصاب أحدهما ثنية الآخر، وأصاب الآخر ضرسه، فقال شريح: الثنية وجمالها، والضرس ومنفعته، سناً بسن قرناً، قال الثوري، وقال غيره: الثنية بالثنية والضرس بالضرس. مصنف عبد الرزاق 9/347، رقم 17508.
وكذا روى عبد الرزاق قال سفيان في الذي يصيب ثنية الرجل فتذهب، قال: يقتص منه، ولا يدعه يعيد ثنيته مكانها. قال: يذهبها كما ذهبت ثنيته، فإن أصاب ثنية رجل فنبت مكانها، كان للذي أصيبت ثنيته أن يقلع ثنيته الأخرى. مصنف عبد الرزاق 9/354، رقم 17545.
4 قال ابن المنذر: وكل من أحفظ قوله من أهل العلم: لا تقطع اليمنى باليسرى، ولا يسرى باليمنى. الأوسط، كتاب الديات 2/382.
قال الخرقي: ولا تقطع يمين بيسار، ولا يسار بيمين.
وقال ابن قدامة: هذا قول أكثر أهل العلم.
مختصر الخرقي ص 178، والمغني 7/723.(7/3605)
سفيان.
قال إسحاق: كما قال [لأن] 1 رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاد السن بالسن، وقال: كتاب الله القصاص. 2
[2621-] قلت [لأحمد] 3 قال سفيان: مدبر خرق ثوباً 4، هو دين عليه؟ 5
قال أحمد: المدبر عندنا عبد، هذا مثل جناية العبد، إن 6 شاء سيده فداه، وإن شاء أسلمه بجنايته. 7
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 من حديث أنسرضي الله عنه في قصة الرُّبَيِّع. متفق عليه.
[] صحيح البخاري مع الفتح 12/224-225، وصحيح مسلم مع شرحه للنووي 11/164.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 في العمرية بإضافة لفظ "قال" بعد لفظ "ثوباً".
5 نقل ابن المنذر هذه الرواية فقال: وحكى الفريابي عن الثوري أنه سئل عن مدبر خرق ثوباً؟ قال هو دين عليه. الأوسط، كتاب الديات 2/581. وكذا راجع مصنف عبد الرزاق 8/285، رقم 15239.
6 في العمرية سقط لفظ "إن شاء"، وإضافة لفظ "إلا" مكانه.
7 قال ابن قدامة: فأما سائر جناياته غير قتل سيده فلا تبطل تدبيره، لكن إن كانت جناية موجبة للمال، أو موجبة للقصاص فعفا الولي إلى مال، تعلق المال برقبته، فمن جوز بيعه جعل سيده بالخيار بين تسليمه فيباع في الجناية، وبين فدائه، فإن سلمه في الجناية فبيع فيها بطل تدبيره، وإن عاد إلى سيده عاد تدبيره، وإن اختار فداءه وفداه بما يفدى به العبد فهو مدبر بحاله، وإن كان الواجب عليه مالاً في رقبته فدى بأقل الأمرين من قيمته، أو أرش جنايته. [] المغني 9/408-409.(7/3606)
قال إسحاق: كما قال أحمد. 1
[2622-] قلت: قال سفيان: في رجل أمر مملوك 2 رجل 3 أن يقتل سيده فقتله؟
قال: ضمن قيمة المملوك. 4
قال: هو وجه ما قال.
__________
1 قول الإمام إسحاق -رحمه الله- انظره في: الأوسط، كتاب الديات 2/57.
2 في العمرية بلفظ "مملوكه".
3 في العمرية سقط لفظ "رجل".
4 ذكر عبد الرزاق رأياً لسفيان بخلاف رأيه هنا، حيث لا يرى على آمر مملوك السيد بقتل سيده غرماً، وإنما عليه التعزير، كما قال عبد الرزاق: قال سفيان: في الذي يقول لعبد الرجل: اقتل مولاك، فقتل، قال: ليس عليه غرم، ولم يخرجه من شيء، ولكن يعزر الآمر، فإذا قال لعبد غيره: اقتل فلاناً فقتله، قتل العبد، ويغرم الآمر لسيد العبد ثمنه.
مصنف عبد الرزاق 9/426، رقم 17886، وراجع رقم 17887،17886.(7/3607)
قال أحمد: إذا أمر رجل رجلاً أن يقتل رجلاً فقتله.
قال: يقتل القاتل. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2623-] قلت: قال سفيان: إذا أرسلت صبياً فعثر 3 فمات، فقد ضمنت؟ 4
__________
1 قال في الإنصاف: وإن أمر كبيراً عاقلاً عالماً بتحريم القتل به فقتل: فالقصاص على القاتل.
قال المرداوي تعليقاً: وهذا المذهب. نص عليه، وعليه الأصحاب. وأما الآمر: فالصحيح من المذهب: أنه يعزر لا غير، نص عليه. وعنه: يحبس كممسكه، وفي المبهج رواية: يقتل أيضاً. ونقل ابن منصور: إن أمر عبداً بقتل سيّده، فقتل، أثم، وإن في ضمان قيمته روايتين.
[] الإنصاف 9/454-455، والفروع 5/633، والمبدع 8/257، وكشاف القناع 5/517.
2 انظر: قول الإمام إسحاق -رحمه الله- في الأوسط، كتاب الديات 1/115، والمحلى لابن حزم 10/508
3 عثر: يعثر وتعثر: كب، وعثر به فرسه فسقط، وهي الحادثة التي تعثر بصاحبها.
الفائق 2/393، واللسان 4/539.
4 قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من حمل صبياً لم يبلغ، أو مملوكاً بغير إذن مواليه على دابة فتلف، أنه ضامن.
الأوسط، كتاب الديات 2/467، والإجماع ص119.
وقول الإمام سفيان رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/468، وابن قدامة في المغني 7/822.(7/3608)
قال: نعم إذا استسعيته بغير إذن أهله.
[قال 1 إسحاق: كما قال] . 2
[2624-] قلت: سئل سفيان: عن رجل أذن لعبده في التجارة فجرح إنساناً؟
قال: يدفع برمته 3، وكذلك الدين على العبد حيث ما ذهب. 4
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 سبق تحقيق مثل هذه المسألة فيما مضى برقم (2391) .
3 روى عبد الرزاق (عن سفيان في حر وعبد قتلا رجلاً عمداً) قال سفيان: يقتلان به إذا كان عمداً، فإن كان خطأ أخذ العبد برمته، وعلى الحر نصف الدية، إلا أن يساموا إلى العبد أن يفدوه. مصنف عبد الرزاق 9/484، رقم 18106.
4 روى عبد الرزاق: قال سفيان في عبد خرق ثياب حر قال: نقول: إذا أفسد مالاً، أو خرق ثياباً، فهو في رقبة العبد بمنزلة الدين، وإذا جرح جراحة قيل للسيد: إن شئت فأسلمه بجنايته، وإن شئت فأغرم عنه.
مصنف عبد الرزاق 8/285، رقم 15239، وكذا راجع رقم 15234، ورقم 15235.(7/3609)
قال: إذا كان أذن له في التجارة فالدين على السيد.
قال إسحاق: كما قال. 1
[2625-] قلت: قال سفيان: في رجل قال لعبده: شجني، فشجه.
قال: ليس عليه شيء، وكذلك إن قال حر لحر. 2
قال: نعم. 3
[2626-] قلت 4: وإن 5 قال العبد للحر شجني، فشجه؟
__________
1 تقدم فيما مضى بمسألة، رقم (2596) .
2 لم أعثر على قول سفيان.
3 قال المرداوي: لو قال لغيره: اقتلني، أو اجرحني، ففعل فدمه وجرحه هدر على الصحيح من المذهب، نص عليه. وعنه: عليه الدية. وعنه: عليه الدية للنفس دون الجرح.
الإنصاف 9/455، وكذا انظر: المحرر 2/125، والفروع 5/633، والمبدع 8/258، وكشاف القناع 5/518.
4 في العمرية بلفظ "قال".
5 في العمرية بلفظ "فإن".(7/3610)
قال 1: يضمن. 2
قال أحمد: [نعم] 3 لأنه ليس بمأمون على نفسه. 4
قال إسحاق: كما قال، لأن الحر ليس له أن يصدقه 5 على قوله، وهو [مال لسيده] . 6
[2627-] قلت: سئل سفيان عن صبي ومجنون قتلا أباهما، أو حفرا حفرة في غير حدهما فوقع أبوهما 7 فيها فمات؟ 8
قال: لا يرثان 9، وليس عليهما كفارة.
__________
1 في العمرية سقط لفظ "قال".
2 لم أجد قول سفيان.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 سبق مثل ذلك فيما مضى برقم (2474) .
5 في العمرية بلفظ "يصدق".
6 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "وهو ما قال السيد".
7 في العمرية سقط لفظ "أبوهما".
8 في العمرية سقط لفظ "فمات".
9 روى عبد الرزاق عن إبراهيم قال: لا يرث القاتل من الدية، ولا من المال، عمداً كان، أم خطأ.
وعن الثوري: ونحن على ذلك، لا يرث على حال. مصنف عبد الرزاق 9/404، رقم 17790، ورقم 17791.(7/3611)
قال أحمد: لا يرثان، وما 1 أحسن الكفارة.
ثم قال: لا بد لهما من الكفارة إذا أدرك الصبي، وأفاق المجنون، وأما الدية فعلى عاقلتهما. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
[2628-] قلت: قال سفيان: إذا قال الرجل لعبد رجل: اسقني فما جنى
__________
1 في العمرية سقط لفظ "و".
2 قال الخرقي: وإذا اشترك في القتل صبي ومجنون وبالغ لم يقتل واحد منهم، وكان على العاقل ثلث الدية في ماله وعلى عاقلة كل واحد من الصبي والمجنون ثلث الدية، وعتق رقبتين في أموالهما، لأن عمدهما خطأ.
[] مختصر الخرقي ص 175-176.
قال في الإنصاف: ومن قتل نفساً محرمة خطأ، أو ما أجري مجراه، أو شارك فيها: فعليه الكفارة، سواء كان القاتل كبيراً عاقلاً، أو صبياً أو مجنوناً، حراً أو عبداً.
[] قال المرداوي تعليقاً: بلا نزاع في ذلك إلا المجنون، فإنه قال في الانتصار: لا كفارة عليه، 10/135-136 باختصار.
وقد تقدم فيما مضى برقم (2400) .
[3] عن قول الإمام إسحاق -رحمه الله- انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/331-332، والأوسط لابن [] المنذر، كتاب الديات 2/436-545، والمغني لابن قدامة 7/677.(7/3612)
المملوك، أو جنى عليه فالذي أرسله ضامن [ظ-82/أ] . 1
قال [أحمد] 2: جيد إذا كان بغير إذن سيده.
قال إسحاق: كما قال. 3
[2629-] قلت: قال سفيان: وإذا أرسل صبياً فما جنى فهو على الصبي 4، وإن جُني عليه فالذي أرسله ضامن؟
قال: ما أحسن ما قال.
قال إسحاق: كما قال. 5
__________
1 نقل ابن حزم قول سفيان -رحمه الله- فقال: قال سفيان الثوري: فإذا أرسل مملوكاً في حاجة فجنى، فإن الجناية على الذي أرسله. المحلى 11/15.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 تقدم مثل ذلك فيما مضى عند المسألتين (2391) ، (2623) ،
4 نقل ابن حزم قوله فقال: قال سفيان الثوري: إذا أرسل صبياً في حاجة فجنى الصبي جناية. قال: فليس على الذي أرسله شيء من جنايته. المحلى 11/15.
5 قال ابن المنذر: وقال مالك: في الصبي الحر يأمره الرجل ينزل في البئر، أو يرقى في النخلة، فيهلك في ذلك، أن الذي أمره ضامن لما أصابه من هلاك، أو غيره. وهذا على مذهب الثوري، وأحمد، وإسحاق.
الأوسط، كتاب الديات 2/468، وكذا راجع المغني 7/822.(7/3613)
[2630-] قلت: سئل سفيان: عن رجل شج مملوكاً، وآخر قطع يده ضرباه جميعاً، لا يدرى من أيهما مات؟
قال: الغرم بينهما. 1
قال: إذا كان لا يدرى فهو بينهما. 2
قال إسحاق: كما قال.
[2631-] قلت: قال سفيان: إذا كان الحائط قائماً، وهو مشقوق لم يجبروا 3 على نقضه، فإن كان مائلاً جبروا على أن ينقضوه 4.
__________
1 قال عبد الرزاق: قال سفيان: في قوم قطعوا رجلاً، قال: لا يقاد منهم، وتكون الدية عليهم جميعاً.
مصنف عبد الرزاق 9/479، رقم 18083 وكذا راجع المغني 7/674.
2 قال الخرقي: ودية العبد قيمته. مختصر الخرقي ص176.
وقال ابن مفلح: ولأنهما شخصان لا يجرى بينهما القصاص في الأطراف السليمة، فلم يجب في النفس كالأبوة، ولأنه منقوص بالرق، فلم يقتل به الحر، لرجحانه عليه بوصف الحرية.
المبدع 8/267، راجع المغني 7/658، والإنصاف 9/469 وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب، وعليه الأصحاب.
3 في العمرية بإضافة لفظ "و" قبل لفظ "لم".
4 نقل ابن المنذر قول سفيان فقال: وكان سفيان الثوري يقول: إذا لم يشهد عليهم لم يضمنوا، قال: وإن كان قائماً وهو مشقوق لم يجبروا على نقضه، وإن كان مائلاً جبروا على أن ينقضوه.
الأوسط، كتاب الديات 2/465.(7/3614)
قال أحمد: إذا خافوا منه [جبروهم] 1 على أن ينقضوه. 2
قال إسحاق: كما قال.
[2632-] قلت: قال سفيان: فإن أخذوا في نقضه فوقع على أحدهم فهم ضامنون. 3
قال: ما ذنبهم؟
قال إسحاق: ليس عليهم شيء إذا أخذوا في نقضه ولم يكن فرط في النقض، فإذا فرط، ثم سقط فهو ضامن [ع-111/ب]
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وهو يتناسب مع ضمائر الجمع قبله، وفي الظاهرية بلفظ "جبروه".
2 تقدم مثل ذلك فيما مضى برقم (2477) .
3 قال ابن المنذر قال سفيان: فإن أخذوا في نقضه فوقع على أحدهم فهم ضامنون.
وقد نسب ابن المنذر باقي القول إلى سفيان، وزاد فيه: وإن أشهد عليهم رجلاً، فقال له بعد الذي أشهد عليه لا أريد أن أغرمك، قد رجعت فيما أشهدت، قوله هذا ليس بشيء قد مضت الشهادة.
[] انظر: الأوسط، كتاب الديات 2/465-466.(7/3615)
لما أصيب في سقوطه، وإن أشهد رجل فقال له بعد الذي أشهد: لا أريد أن أغرمك قد رجعت فيما أشهدت، قوله هذا ليس بشيء قد مضت الشهادة.
قال أحمد: دعها. 1
[2633-] قلت: قال سفيان: وإذا ألقى رجل كيساً فيه دراهم على الطريق، فأصاب رجل رجل فعقره، فعلى صاحب الدراهم الضمان. 2
قال أحمد: صدق مثل الحجر ألقيته في الطريق. 3
__________
1 قال ابن قدامة: وأما إن طولب بنقضه فلم يفعل، فقد توقف أحمد عن الجواب فيها، وقال أصحابنا: يضمن. وقد أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله. المغني 7/828، والإنصاف 6/232.
2 نقل ابن المنذر فقال:
قال سفيان الثوري: إذا ألقى رجل كيساً فيه دراهم على الطريق، فأصاب رجل رجل فعقره، فعلى صاحب الدراهم الضمان.
الأوسط، كتاب الديات 2/448.
3 قال المرداوي: نقل ابن منصور: إن ألقى كيساً فيه دراهم في الطريق فكإلقاء الحجر، وأن كل من فعل فيها شيئاً ليس منفعة ضمن.
الإنصاف 10/33، وكذا انظر: الفروع 4/518، والمبدع 5/192.(7/3616)
[2634-] قلت: فإن ألقى الذي أصيب رجله الدراهم في البئر 1، فهو ضامن؟
قال: هو ضامن.
قال إسحاق: كما قال سواء. 2
[2635-] قلت: قال سفيان: إن قاد الرجل 3 دابته في داره فأصابت إنساناً، فعليه الضمان؟ 4
قال: يضمن القائد.
قلت: وإن ساقه أو دعاه فأصابت إنساناً، فلا ضمان عليه؟
__________
1 في العمرية بلفظ "بئر".
2 في العمرية سقط لفظ "سواء".
نقل ابن المنذر: قال سفيان: وإن ألقى الذي أصيب رجله الدراهم في البئر فهو ضامن، وكذلك قال أحمد، وإسحاق.
الأوسط، كتاب الديات 2/448.
3 في العمرية بلفظ "رجل".
4 روى عبد الرزاق قال سفيان في رجل كانت في داره دابة قال: إذا كان عليها راكب أو ممسك، فأصابت إنساناً، فقد ضمن، وإن ربطها في ناحية الدار فأصابت إنساناً، فلا ضمان عليه، وإن كانت تسير فنفحت فأصابت إنساناً، فليس عليه ضمان. مصنف عبد الرزاق 10/68، رقم 18384.(7/3617)
قال: والسائق يضمن.
قلت: إذا دعاه؟
قال: لا يضمن.
قال إسحاق: كلما كان في ملكه فالضمان 1 عليه، سائقاً كان 2 أو قائداً. 3
[2636-] قلت: قال سفيان: إذا وجدوا 4 القتيل في دار قوم ليس به أثر لم يعقل إلا ببينة أن أحداً قتله، وإن 5 كان به أثر عقلوه. 6
__________
1 في العمرية بإضافة لفظ "فلا" قبل لفظ "ضمان".
2 في العمرية سقط لفظ "كان".
3 تقدم تحقيق المسألة فيما مضى برقم (2482) .
4 في العمرية بلفظ "وجد".
5 في العمرية بلفظ "وإذا".
6 روى عبد الرزاق عن الثوري قال: إذا وجد القتيل في قوم به أثر كان عقله عليهم، وإذا لم يكن به أثر لم يكن على العاقلة شيء، إلا أن تقوم البينة على أحد، قال سفيان: وهذا مما اجتمع عليه عندنا.
مصنف عبد الرزاق 10/40، رقم 18282، وكذا حكى عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 3/630، وابن حزم في المحلى 11/72، وراجع المغني 8/71.(7/3618)
قال: وأي شيء فرق بين الأثر وغير الأثر؟ هو واحد 1.
قال إسحاق: هو 2 كما قال. وتكون قسامة 3.
[2637-] قلت: قال سفيان في رجل قتل في القبيلة، وفيهم سكان يعني قوما 4 [في دور] 5 بكذا.
قال: ليس على السكان دية إلا على أصحاب الدور.
قال أحمد: إذا كان السكان متهمين، فهم معهم في القسامة.
__________
1 نقل ابن المنذر: وقال أحمد بن حنبل: وقد حكي له عن الثوري ما قال، فأي شيء بين الأثر وغير الأثر؟ هو واحد، وكذلك قال إسحاق وقال: تكون قسامة.
الأوسط، كتاب الديات 3/631.
وقال ابن قدامة: "وليس من شرط اللوث أن يكون بالقتيل أثر". المغني 8/71، والمبدع 9/33.
وعنه: يشترط مع العداوة أثر القتل في المقتول. اختارها أبو بكر، كدم من أذنه.
المغني 8/71، والفروع6/46، والإنصاف 10/140.
2 في العمرية سقط لفظ "هو".
3 قول الإمام إسحاق -رحمه الله- نقله ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 3/631.
4 في العمرية بلفظ "قوم".
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3619)
[2638-] قلت: قال سفيان: وكان ابن أبي ليلى يجعل عليهم الدية.
قال سفيان: لا 1 يعجبني ذاك.
قال: هو كما قال ابن أبي ليلى في القسامة ليس في الدية. 2
[قال إسحاق: كما قال أحمد] . 3
[2639-] قلت لأحمد 4: قال سفيان في صبي يتيم قطعت يده فشهد رجلان على
__________
1 في العمرية بإضافة لفظ "و" قبل "لا".
2 روى عبد الرزاق عن الثوري: في رجل آجر داره ساكناً، فوجد في الدار قتيل، فقال ابن أبي ليلى: هو على الساكن، وأخذه من أهل خيبر، أنه قال: كانوا عمالاً يعملون مكاناً فوجد فيهم قتيل في دالية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأولياء الدم: "أتقتسمون خمسين يميناً؟ قالوا: وكيف نقتسم ولم نر؟ قال: فتقسم لكم يهود، قالوا: وكيف تقسم يهود وهم مشركون؟ فوداه النبي صلى الله عليه وسلم من نعم الصدقة".
قال سفيان: ونحن نقول: هو على أصحاب الأصل، يعني أصحاب الدار.
[] مصنف عبد الرزاق10/43-44، رقم 18294، وكذا حكى ابن المنذر قول سفيان، وابن أبي ليلى وزاد: وقال أحمد: القول قول ابن أبي ليلى في القسامة لا في الدية.
الأوسط، كتاب الديات3/632.
3 ما بين المعقوفين ساقط من ظ.
4 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".(7/3620)
رجل أن هذا قطع يده، وشهد رجلان غيرهما على رجل [آخر] 1 أن هذا [قطع يده] 2 يحبسان حتى يدرك، فإذا أدرك فعلى من ادعى من أحدهما فهو عليه، وإن 3 قال: لا أدري من قطع يدي فليس بشيء. 4
قال: لا يحبسان، قد وجب 5 له الدية منهما جميعاً يأخذ منهما وليه، أرأيت إن مات قبل أن يدرك أو ماتا. 6
قلت: س في العمد والخطأ؟
قال: العمد والخطأ واحد، هو في العمد بالخيار إن شاء أخذ الدية، وإن شاء القود. 7
قال إسحاق: كما قال.
[2640-] قلت: سئل سفيان: عن رجل حدّ عبده، ثم أعتقه بعد فشهد.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "قطعه".
3 في العمرية بلفظ "فإن".
4 لم أجد هذا القول منسوباً إلى سفيان.
5 في العمرية بلفظ "وجبت".
6 قال ابن قدامة: إذا وجب القصاص لصغير لم يجز لوليه العفو إلى غير مال، لأنه لا يملك إسقاط حقه. المغني7/753.
7 تقدم فيما مضى عند المسألة، رقم (2466) .(7/3621)
أتجوز شهادته؟
قال: نعم، إلا أن يكون حده السلطان. 1
قال: السلطان وغيره واحد، إذا تاب جازت شهادته. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
__________
1 روى عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري قال: إذا جلد اليهودي والنصراني في قذف ثم أسلما، جازت شهادتهما، لأن الإسلام يهدم ما كان قبله، وإذا جلد العبد في قذف، ثم عتق، لم تجز شهادته.
مصنف عبد الزراق8/364، رقم 15556، وكذا انظر: المغني 9/197.
2 قال في النكت والفوائد السنية: قال في رواية ابن منصور في المحدودين: إذا تابوا جازت شهادتهم.
وقال حرب: قال الإمام أحمد في القاذف: إذا تاب قبلت شهادته. وكذا نقل عنه جماعة منهم صالح، وزاد: أذهب إلى قول عمر بن الخطاب. وقال له بكر بن محمد: تعتمد على حديث عمر في قوله لأبي بكرة: إن تبت قبلت شهادتك؟ قال: نعم..
وقال في رواية حرب: شهادة القاذف إذا تاب قبلت، حد أو لم يحد. وكذلك كل محدود تقبل شهادته إذا كان عدلاً. قيل للإمام أحمد: جلد أو لم يجلد؟ قال: نعم.
حاشية المحرر2/252، وكذا انظر: المغني 9/197.
وذكر في الإنصاف: ولا تقبل شهادة القاذف حتى يتوب.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب. وقطع به الأصحاب. وسواء حد أو لا، 12/59.
3 انظر: المغني 9/197.(7/3622)
[2641-] قلت 1: سئل -يعني سفيان- عن رجل قتل عبداً عمداً؟
قال: يقتل به 2.
قال أحمد: لا.
قلت: عبده وعبد غيره واحد؟
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال 3.
__________
1 في العمرية بإضافة لفظ "قال" بعد لفظ "قلت".
2 روى عبد الرزاق عن إبراهيم قال: يقتل به إذا كان عمداً، قال الثوري: إن قتل عبده أو عبد غيره قتل به، وهو قولنا. مصنف عبد الرزاق 9/490، رقم 18135.
وروى ابن أبي شيبة من طريق وكيع قال سمعت سفيان يقول: يقتل الرجل بعبد غيره، ولا يقتل بعبده، كما لو قتل ابنه لم يقتل به.
مصنف ابن أبي شيبة9/307، رقم 7572، ورقم7573، وكذا الأوسط لابن المنذر، كتاب الديات1/37.
وقال ابن التركماني: وفي الاستذكار: اتفق أبو حنيفة وأصحابه والثوري، وابن أبي ليلى، وداود على أن الحر يقتل بالعبد، وروي ذلك عن علي، وابن مسعود وبه قال ابن المسيب والنخعي وقتادة والحكم.
الجوهر النقي على هامش السنن الكبرى 8/35، والمغني 7/658.
3 تقدم تحقيق قولي الإمام أحمد وإسحاق فيما مضى عند المسألة، رقم (2390) .(7/3623)
[2642-] قلت: سئل سفيان عن رجل قتل مشركاً عمداً 1؟
قال: يغرم دية المسلم في ماله، ويعزر ويحبس [ع-112/أ] 2.
قال أحمد: هكذا نقول.
قال إسحاق: كما قال 3.
[2643-] قلت 4: قيل له [رجل] 5 حدد بعود أو بعظم 6 فخرق به بطن
__________
1 في العمرية سقط لفظ "عمداً".
2 قال ابن نصر المرزوي: وقال سفيان: ودية اليهودي والنصراني والمجوسي مثل دية المسلم، ولا يقتل مسلم بكافر، ولكن أحب أن يؤخذ بالدية، ويضرب ويحبس.
اختلاف العلماء 64/ب، وكذا انظر: المغني 7/793، والمحلى 10/350، وراجع الأوسط، كتاب الديات 1/46.
لما روى عبد الرزاق وغيره من طريق عبد الله بن عمر، أن رجلاً مسلماً قتل رجلاً من أهل الذمة عمداً، فرفع إلى عثمان فلم يقتله به، وغلظ عليه الدية مثل دية المسلم.
مصنف عبد الرزاق 10/96، رقم 18492، وهو في السنن الكبرى للبيهقي 8/33، والمحلى لابن حزم 10/349.
وقال ابن حزم: وهذا في غاية الصحة عن عثمان.
3 تقدم فيما مضى مسألة شبيهة بهذه برقم (2558) .
4 في الظاهرية بإضافة لفظ "قال" بعد لفظ "قلت".
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
6 في العمرية بلفظ "عظم".(7/3624)
رجل فقتله؟
قال: هذا شبه العمد 1.
قال أحمد: يقاد به، هذا عمد 2.
قال إسحاق: كما قال [هذا] 3 لو ذبح ذبيحة بالذي حدده أكل، فكيف لا يكون القود به 4؟
__________
1 نقل ابن حزم قول الإمام سفيان فقال: إن سفيان قال: العمد: ما كان بسلاح، وفيه القود في النفس، فما دونها. وشبه العمد: هو أن يضربه بعصا أو سوط، ضربة واحدة فيموت، أو يحدد عوداً أو عظماً فيجرح به بطن آخر، فهذا لا قود فيه، وليس فيما دون النفس عنده شبه عمد.
المحلى 10/386، وكذا انظر: اختلاف العلماء لابن نصر المرزوي 63/ب.
2 قال ابن قدامة: إن العمد نوعان:
أحدهما: أن يضربه بمحدد، وهو ما يقطع ويدخل في البدن، كالسيف، والسكين، والسنان، وما في معناه مما يحدد فيجرح من الحديد والنحاس، والرصاص، والذهب، والفضة، والزجاج، والحجر، والقصب، والخشب، فهذا كله إذا جرح به جرحاً كبيراً فمات فهو قتل عمد لا خلاف فيه بين العلماء فيما علمناه.
المغني 7/637، وكذا انظر: المحرر 2/122، والمقنع 3/330، والمبدع 8/241، والهداية للكلوذاني 2/77، والأحكام السلطانية 272، وكشاف القناع 5/505، والإنصاف 9/434.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 في العمرية سقط لفظ "به".(7/3625)
[2644-] قلت: قال: ديته على العاقلة من مات في القصاص 1.
قال أحمد: لا دية له.
قال إسحاق: كما قال 2.
[2645-] قلت: من يقتل في القصاص يغسل؟
[قال 3: نعم] 4.
قال أحمد: نعم 5.
__________
1 نقل ابن حزم فقال: وقال أبو حنيفة، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى: إذا اقتص من يد أو شجة فمات المقتص منه، فديته على عاقلة المقتص له. وقد روي ذلك عن ابن مسعود، وعن إبراهيم النخعي.
[] المحلى 11/21-22، وكذا انظر: الأوسط، كتاب الديات 1/135، والأصل لمحمد بن الحسن 4/501.
2 تقدم مثل ذلك فيما مضى بمسألة، رقم (2393) .
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 لم أطلع على هذا القول لسفيان رحمه الله.
5 إذا أقام الإمام القصاص على القاتل فقد طهر من الذنب، لأن حد القصاص كفارة له، مطهرة له من معصيته كحد الزنى، وبعد ذلك يجب على المسلمين تجهيزه من الغسل والتكفين والصلاة والدفن، لأن ذلك فرض كفاية على المسلمين.
وقال عبد الله: قرأت على أبي قلت: المرجومة تغسل وتكفن؟
قال: سئل علي بن أبي طالب عن شراحة وكان رجمها، فقال: "اصنعوا كما تصنعون بموتاكم".
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص135، رقم 501، وكذا انظر: المغني 8/166.(7/3626)
قال إسحاق: شديداً [ظ-82/ب] 1.
[2646-] قلت: قال سمعت يعني سفيان يقول: من قتل بعصا أو بحديدة وهو مظلوم [لم 2 يغسل] 3.
قال أحمد: إذا حمل وبه 4 رمق غسل، وأعجب إلي أن يغسل، إلا أن يكون في معركة 5.
__________
1 قال النووي: القتيل بحق في حد زنى أو قصاص يغسل، ويصلى عليه عندنا، وذلك واجب، وحكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، وعطاء، والنخعي، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وقال الزهري: يصلى على المقتول قصاصاً دون المرجوم. المجموع 5/267.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 قول سفيان انظره في: المجموع 5/264.
4 الرمق: -بفتحتين- بقية الروح، وآخر النفس -أي حياة مستقرة- النهاية 2/264، المصباح المنير 1/239، واللسان 10/125.
5 قال عبد الله: قرأت على أبي: قلت: من قتله اللصوص، يغسل ويصلى عليه؟ قال: إذا قتل في المعركة، فهو بمنزلة الشهيد، إلا أن يحمل به رمق.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص 135، رقم 500.
وقال ابن قدامة: فأما من قتل ظلماً، أو قتل دون ماله، أو دون نفسه وأهله ففيه روايتان:
إحداهما: يغسل. اختارها الخلال.
والثانية: لا يغسل، ولا يصلى عليه، وهو قول الشعبي، والأوزاعي وإسحاق في الغسل، لأنه قتل شهيداً، أشبه شهيد المعترك.
المغني 2/535، والمحرر 1/189، وكذا انظر: الفروع 2/213، والإنصاف 2/503.(7/3627)
قال إسحاق: كما قال، لأن العصا والحديدة مما يقاد منهما، فلذلك يغسل في غير المعركة، ولا يغسل في المعركة 1.
[2647-] قلت 2: سئل سفيان عن المحنة أن يأخذ السلطان الرجل فيمتحنه فيقول: فعلت كذا، وفعلت كذا، فلا يزال به حتى يستنطقه؟
قال: نعم. ليس ذلك بشيء عندي، فإذا اعترف أخذ به، وليس ينبغي لهم أن يفعلوا 3.
__________
1 عن قول الإمام إسحاق -رحمه الله- انظر: المجموع 5/264.
2 هذه المسألة أثبتها من النسخة العمرية وهي محذوفة من النسخة الظاهرية.
3 روى عبد الرزاق عن سفيان قال: إذا اعترف بسرقة، ثم أنكر عند السلطان فإن نكل ترك، وغرم ما اعترف به، ولم يقطع، أو سرق ثم مات قبل أن يقطع، تؤخذ السرقة من ماله، إذا لم يقم عليه الحد ولم يذهب المال.
مصنف عبد الرزاق 10/192، رقم 18787.(7/3628)
قال أحمد: إذا أمير خوف فلا يؤخذ، 1 على حديث عمر 2
__________
1 قال ابن قدامة: ولا يصح الإقرار من المكره، فلو ضرب الرجل ليقر بالزنى لم يجب عليه الحد، ولم يثبت عليه الزنى، ولا نعلم من أهل العلم خلافاً في أن إقرار المكره لا يجب به حد.
المغني 8/196.
قال القاضي أبو يعلى: إنه يجوز للأمير، مع قوة التهمة أن يضرب المتهوم -كذا والصواب- (المتهم) ضرب تعزير لا ضرب حد ليأخذه بالصدق عن حاله الذي قرف به واتهم، فإن أقر وهو مضروب اعتبرت حاله فيما ضرب عليه.
فإن ضرب ليقر لم يصح الإقرار، وإن ضرب ليصدق عن حاله فأقر تحت الضرب قطع ضربه، واستعيد إقراره، فإذا أعاده كان مأخوذاً بالإقرار الثاني دون الأول، فإن اقتصر على الإقرار الأول، ولم يستعده لم نضيق عليه أن يعمل بإقراره الأول، وإن كرهناه.
الأحكام السلطانية ص 259.
2 روى عبد الرزاق أن عمر بن الخطاب أتي بسارق، فاعترف، قال: أرى يد رجل ما هي بيد سارق، فقال الرجل: والله ما أنا بسارق، ولكنهم تهددوني، فخلى سبيله، ولم يقطعه. مصنف عبد الرزاق 10/193، رقم 18793.
وكذا روى عبد الرزاق عن عمر بن الخطاب قال: ليس الرجل أميناً على نفسه إذا أجعته أو أوثقته، أو ضربته.
مصنف عبد الرزاق 10/193، رقم 18729.
وهو في مصنف ابن أبي شيبة 9/520، رقم 8352 وكتاب الخراج لأبي يوسف ص 343 ولفظه: ليس الرجل بمأمون على نفسه إن أوجعته، أو أخفته، أو حبسته، أن يقر على نفسه.(7/3629)
[رضي الله عنه] وشريح 1.
قال إسحاق: كما قال أحمد.
[2648-] قلت لأحمد: قال الحسن: [ع-112/ب] لا يجرد في حد، ولا يمد. 2
__________
1 روى عبد الرزاق عن ابن سيرين قال: رهَّب قوم غلاماً حتى اعترف لهم ببعض ما أرادوا، ثم أنكر بعد، فخاصموه إلى شريح.
فقال: هو هذا إن شاء اعترف ولم يُجْز اعترافه بالتهديد. مصنف عبد الرزاق 10/92، رقم 18789.
وكذا روى عبد الرزاق عن شريح قال: القيد كره، والوعيد كره، والسجن كره، والضرب كره.
[] مصنف عبد الرزاق 10/193، رقم 18791، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 9/519-520، رقم 8351، والمحلى لابن حزم 11/143.
2 في العمرية سقط لفظ "ولا يمد".(7/3630)
قال أحمد 1: تضرب الأعضاء كلها 2.
قال إسحاق: كما قال أحمد [يضرب الأعضاء كلها] 3، لا مد 4 ولا صفد 5.
__________
نقل ابن المنذر رواية الحسن فقال: وقال الحسن البصري: لا يجرد ولا يمد في حد.
الأوسط، كتاب الحدود 2/540.
1 في العمرية سقط لفظ "أحمد".
2 قال أبو البركات: يضرب الرجل في الحد بسوط لا خلق ولا حديد ولا يمد، ولا يربط، ولا يجرد، بل يكون عليه قميص وقميصان … ويفرق الضرب على بدنه وهو قائم، ويتقي الرأس والوجه، والفرج والمقاتل.
[] المحرر 2/194، وكذا انظر: المغني 8/313-314، والفروع 6/55، والمبدع 9/47، والهداية للكلوذاني [2/100،] وكشاف القناع 6/80-81، والإنصاف 10/155، 156.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 الصفد: الوثائق والجمع الأصفاد. ويقال صفدت أي شدت، أو أوثقت بالأغلال، وصفدته مخفف ومثقل.
وقال الجوهري: الصفاد ما يوثق به الأسير من قد وقيد وغل.
النهاية 3/35، والصحاح 2/498، واللسان 3/256.
5 قول الإمام إسحاق -رحمه الله- حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/540، والحافظ ابن حجر في الفتح 12/157.(7/3631)
[2649-] قلت: قال الحسن ضرب الزنى أشد من ضرب القذف، والقذف أشد من الشرب، والشرب أشد من التعزير 1.
قال أحمد: هو نحو 2 مما قال 3.
__________
1 روى عبد الرزاق عن الثوري عن إسماعيل عن الحسن قال: الزنى أشد من حد القذف، والقذف أشد من الشرب.
مصنف عبد الرزاق 7/368، رقم 13509، وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/550.
ونقل الطحاوي فقال: عن الحسن ضرب الزنى أشد من القذف، والقذف أشد من الشرب، وضرب الشارب أشد من ضرب التعزير.
اختلاف العلماء 1/149، وكذا في أحكام القرآن للجصاص 3/259، والتمهيد لابن عبد البر 5/328.
2 في العمرية بلفظ "ما".
3 قال ابن قدامة: أشد الضرب في الحد ضرب الزنى، ثم حد القذف ثم حد الشرب، ثم التعزير.
المغني 8/316، والشرح الكبير 10/130، وكذا انظر: المحرر 2/164، والفروع 6/56، والمبدع 9/48، والهداية للكلوذاني 2/100، وكشاف القناع 6/81، والإنصاف 10/157.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به أكثرهم.(7/3632)
قال إسحاق 1: كما قال 2.
[2650-] قلت: قال الشعبي: النساء يضربن ضرباً دون ضرب، وسوطاً دون سوط، ولا يجردن، ولا يمددن، وتتقى وجوههن 3.
قال أحمد: ما أحسنه 4.
قال إسحاق: كما قال؛ لأن حكمهن غير حكم الرجال.
__________
1 في العمرية سقط لفظ "إسحاق".
2 قول إسحاق -رحمه الله- حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود2/551، وابن ناصر في التجريد 214/2.
3 روى ابن أبي شيبة عن عامر قال: تضرب النساء ضرباً دون ضرب، وسوطاً دون سوط، وتتقى وجوههن، ولا يمددن ولا يجردن.
مصنف ابن أبي شيبة 10/150، رقم 9079.
وروى من طريق وكيع عن سفيان عن جابر عن عامر قال: النساء لا يجردن ولا يمددن، يضربن ضرباً دون ضرب، وسوطاً دون سوط، وتتقى وجوههن. مصنف ابن أبي شيبة 10/151، رقم 6081.
4 تضرب المرأة جالسة ولا تجرد، رواية واحدة وتشد عليها ثيابها، وتمسك يداها لئلا تنكشف.
انظر: مختصر الخرقي ص 196، والمحرر 2/164 والمغني 8/315، والشرح الكبير 10/129، والمبدع 9/48، والفروع 6/56، والهداية للكلوذاني 2/100، وكشاف القناع 6/81، والإنصاف(7/3633)
[2651-] قلت: سئل سفيان عن النساء يجلدن قعوداً، أو قياماً؟
قال: قعوداً فيما سمعنا 1.
قال أحمد: صدق 2.
قال إسحاق: كما قال 3.
[2652-] قلت: قال الحسن [البصري رحمه الله تعالى] 4: يضرب المحدود على ثياب زمانه، إن كان في الشتاء لم ينزع منه ثياب الشتاء، وإن كان في الصيف لم يعد عليه ثياب الشتاء 5.
__________
1 قال ابن المنذر: قال سفيان الثوري: في النساء يجلدن قعوداً.
الأوسط، كتاب الحدود 2/538، وكذا حكى عنه الطحاوي في اختلاف الفقهاء 1/147، والجصاص في أحكام القرآن 3/261.
2 تقدم في المسألة السابقة.
3 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/538.
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
5 روى ابن أبي شيبة عن الحسن قال: إذا قذف الرجل في الشتاء لم يلبس ثياب الصيف، ولكن يضرب في ثيابه التي قذف فيها، وإذا قذف في الصيف لم يلبس ثياب الشتاء، يضرب فيما قذف فيه.
مصنف ابن أبي شيبة 9/525، رقم 8373 وكذا حكى عنه الجصاص في أحكام القرآن 3/262.(7/3634)
قال أحمد: يضرب على قميص، لو ترك عليه ثياب الشتاء ما بالى بالضرب.
قال إسحاق: كما قال أحمد لا يترك عليه حشو 1 أصلاً، [لا] 2 في شتاء ولا صيف 3.
[2653-] قلت: قال سفيان: إن جامع الرجل 4 جارية صغيرة 5 يحد 6؟
__________
1 قال ابن سيده: حشا الوسادة والفراش وغيرهما يحشوها حشواً ملأها، واسم ذلك الشيء الحشو، والمراد هنا: ينزع عنه الملابس المحشو بالقطن وغيرها عند إقامة الحد. اللسان 14/180.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 قول الإمام إسحاق -رحمه الله- انظر: الأوسط لابن المنذر، كتاب الحدود 2/535، والفتح للحافظ ابن حجر 12/157، وتجريد المسائل لابن ناصر 2/214.
4 في العمرية سقط لفظ "الرجل".
5 في العمرية بإضافة لفظ "فإنه" بعد لفظ "صغيرة".
6 نقل ابن المنذر فقال: قال سفيان الثوري: إذا فجر الكبير بالصغيرة أقيم عليه الحد، ولم يقم عليها.
الأوسط، كتاب الحدود 2/681، وكذا حكى عنه ابن نصر في اختلاف العلماء 1/76، وراجع مصنف عبد [] [] الرزاق 7/338-339، رقم 13401.(7/3635)
قال أحمد: إذا [ع-113/أ] كان مثلها توطأ يصل إليها.
قلت: فإن لم يصل إليها؟
قال: [فـ] 1 لا حد عليه حتى يصل، ولكن يعزر 2.
قال إسحاق: كما قال، وتعزيره مثل تعزير ما أشبه حد الزنى، يجلد مائة جلدة إذا كان ممن لو زنى رجم، فإن كان بكراً عزر دون المائة 3.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 قال في الإنصاف: إذا زنى بصغيرة إن كان يوطأ مثلها فعليه الحد بلا نزاع، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد -رحمه الله-، وإن كان لا يوطأ مثلها، فظاهر كلامه هنا أنه يحد، وهو أحد الوجوه، وقيل: لا يحد، وهو المذهب جزم به في الوجيز، وقدمه في الفروع، وأطلقهما في المغني والشرح 10/187.
[] وكذا انظر: المغني 8/181-182، والكافي 4/199، والمحرر 2/154، والفروع 6/76، والمبدع 9/74، وحاشية المقنع 3/462، والتنقيح المشبع ص 275، وكشاف القناع 6/98.
3 قلت: مذهب الإمام إسحاق رحمه الله: إذا وجدت شبهة قوية بالزنى ولم يثبت الزنى، فإنه يجعل التعزير أخف من جنس حدّ الزنى، كما إذا وجد رجل وامرأة في لحاف واحد عنده يضربهما مائة جلدة، لأن ذلك سبب قوي للزنى، ولا يغرب، ولا يرجم.
وهو رواية للإمام أحمد -رحمه الله- لما روي عن علي (كما يأتي في المسألة، رقم (2672) .(7/3636)
[2654-] قلت: قال: سألت سفيان عن صبي افتض صبية؟
قال: لها مهر مثلها في ماله.
قال أحمد 1: يكون على عاقلته إذا بلغ الثلث.
سئل أعليه الحد؟
قال: لا. إنما هو بمنزلة إصبعه.
قال أحمد: كما قال.
قال 2 إسحاق: كما قال سفيان في ماله 3.
__________
1 في العمرية سقط لفظ "أحمد".
2 في العمرية سقط لفظ "قال".
3 نقل ابن المنذر فقال: قال الثوري: في الصغير يفتض بإصبعه وذكره سواء، وعليه العقل في ماله.
الأوسط، كتاب الديات 2/409.
وروى عبد الرزاق عن الثوري في الصغير يصيب ولا ينزل. قال: ليس عليه حد، ولا عليها، حتى يحتلم.
مصنف عبد الرزاق 7/338، رقم 13400.
ونقل ابن القيم فقال: قلت سئل سفيان عن صبي افتض صبية؟ قال: لها مهر مثلها في ماله. قال أحمد: يكون على عاقلته إذا بلغ الثلث. قال إسحاق: كما قال سفيان في ماله.
بدائع الفوائد 3/278.(7/3637)
[2655-] قلت: [قال] 1 سفيان 2: استفتى يوسف 3 بن عمر ابن أبي ليلى في هذا فقال: لها مهر مثلها في ماله 4.
قال أحمد: لا. يكون على عاقلته إذا بلغ الثلث.
قال إسحاق: كما قال ابن أبي ليلى 5.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية وفي الظاهرية بلفظ "سئل".
2 في العمرية سقط لفظ "سفيان".
3 هو يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي، وكان يكنى أبا عبد الله ابن عم الحجاج بن يوسف، ولي اليمن لهشام ثم ولاه العراق، ومحاسبة خالد بن عبد الله القسري وعماله فعذبهم فمات خالد في عذابه، فلما قتل الوليد لحق بالشام، فأخذ بالشام، وحبس، ثم قتل في الحبس.
انظر ترجمته في: المعارف ص398، شذرات الذهب 1/172.
4 نقل ذلك ابن المنذر فقال: وقال الثوري: استفتى أبو يوسف ابن أبي ليلى في هذا فقال: لها مهر مثلها في ماله.
الأوسط، كتاب الديات 2/409، قلت: قوله استفتى أبو يوسف "خطأ"، والصواب ما أثبته، وهو يوسف بن عمر كما هو في المخطوطة، ولعله تحريف من الناسخ.
5 نقل ابن القيم هذه المسألة فقال: قلت قال سفيان: استفتى يوسف بن عمر ابن أبي ليلى في هذه فقال: لها مهر مثلها في ماله. قال أحمد: لا، بل على عاقلته. قال إسحاق: كما قال ابن أبي ليلى.
وقال ابن القيم -رحمه الله- تعليقاً: كأنه أراد -والله أعلم- أرش البكارة فسماه مهراً، أو يقال: إن استيفاء هذه المتعة منه تجرى مجرى جنايته عليها، فإن أوجبت مالاً على من يحمل جناية، ولا ريب أن الوطء يجري مجرى الجناية إذ لا بدّ فيه من عفو أو عقوبة، وجناية الصبي على النفوس والأعضاء والمنافع على عاقلته، وهذه جناية على منفعة الصبية فتكون على عاقلته، وهذا أصوب الاحتمالين، ولم أر أصحابنا تعرضوا لهذا النصّ، ولا وجهه. بدائع الفوائد 3/278.(7/3638)
[2656-] قلت: قال الحسن: إذا أصاب الرجل الجارية التي لم تدرك جلد وغرب، وإذا أصاب الغلام المرأة جلدت وغربت 1.
قال أحمد: جيد، إذا كان يصل إليها 2.
قال إسحاق: كما قال 3، إذا كان الغلام قد 4 وطئها.
[2657-] قلت: قال الشعبي في المملوك يقذف، ثم يعتق، ثم يرجع 5 بعدما
__________
1 روى عبد الرزاق عن الحسن قال: يقام الحد على الأكبرين: إذا أصاب صغير كبيرة، أو أصاب كبير صغيرة. مصنف عبد الرزاق 7 / 339، رقم 13402.
وروى ابن أبي شيبة عن الحسن قال: إذا زنى الرجل بالصبية جلد ولم يرجم، وليس على الصبية شيء، وإذا زنى غلام بامرأة جلدت ولم ترجم، وعلى الغلام تعزير.
مصنف ابن أبي شيبة 10 / 133، رقم 9020.
2 راجع فيما مضى المسألة، رقم (2653) .
3 في العمرية سقط لفظ "قال".
4 في العمرية سقط لفظ "قد".
5 في العمرية بلفظ "يوجد"، والصواب ما في الظاهرية والمراد به: يرجع عن القذف.(7/3639)
يعتق: حد المملوك 1.
قال سفيان: لا تجوز شهادته 2.
قال أحمد: نعم حد المملوك، فإن 3 تاب جاز 4 شهادته، وتوبته أن يرجع عما قذف به صاحبه.
قيل: أين يتوب؟
قال: يتوب 5 عند الحاكم.
قيل 6: فإن كان رأى منه ما قذفه به؟
قال: يتوب 7 إن كان رآه يستر عليه.
قال إسحاق: كما قال.
[2658-] قلت: قال الشعبي: امرأة شهد عليها أربعة [نفر] 8 بالزنى فنظر
__________
1 قول الشعبي هذا لم أطلع عليه.
2 سبق مسألة شبيهة بهذه برقم (2640) .
3 في العمرية بلفظ "فإذا ".
4 في العمرية بلفظ "جازت".
5 في العمرية سقط لفظ "يتوب".
6 في العمرية بالعبارة الآتية: "قيل فإن كان له ما قذفه؟ " وحذف ما في الظاهرية.
7 في الظاهرية بإضافة لفظ: "و" قبل لفظ "يتوب".
8 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3640)
إليها النساء فوجدنها 1 عذراء، أجلدها وعليها خاتم من ربها [عز وجل 2] ؟
قال أحمد: نعم، أربعة قد شهدوا أحرزوا ظهورهم أدرأ عنها وعنهم الحد 3.
__________
1 في ظ "فوجدوها".
2 روى عبد الرزاق عن الثوري عن الشعبي: في أربعة شهداء على امرأة بالزنى، فإذا هي عذراء فقال: أضربها وعليها خاتم ربها؟ فتركها، ودرأ عنهما الحد.
مصنف عبد الرزاق 7 / 333 - 334، رقم 13379، وكذا روي عن الشعبي: أنه قال في امرأة يشهد عليها أربعة بالزنى، فنظر إليها فإذا هي بكر، فقال الشعبي: ما كنت لأقيم حداً على امرأة عليها من الله خاتم.
كتاب السنن لسعيد بن منصور 2/104، رقم 2121، وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/747، وابن قدامة في المغني 8/208، الشرح الكبير 10/206، وسليمان في حاشية المقنع 3/467.
3 قال ابن قدامة: وإن شهد أربعة على امرأة بالزنى فشهد ثقات من النساء أنها عذراء فلا حد عليها، ولا على الشهود.
المغني 8/208، وكذا انظر: المقنع 3/467، المحرر 2/155، الشرح الكبير 10/206، الفروع 6/78، المبدع 9/81، الهداية للكلوذاني 2/101، الأحكام السلطانية ص 295،كشاف القناع 6/101.
قال المرداوي: وإن شهدوا عليها، فثبت أنها عذراء لم تحد هي، ولا هم، ولا الرجل، على الصحيح من المذهب، نص عليه. الإنصاف 10 / 193.(7/3641)
[2659-] قلت: تجوز شهادة امرأة؟
قال أحمد: وأجوز 1 شهادة امرأة واحدة إذا كانت ثقة، وإن كن أكثر فهو أحب إلي 2.
__________
1 في العمرية بلفظ "تجوز".
2 تقدمت شهادة المرأة في الرضاع والولادة في كتاب النكاح والطلاق، في المسألة رقم (981) .
وقال ابن قيم الجوزية: وقد نص أحمد على ذلك في رواية بكر بن محمد عن أبيه قال في المرأة تشهد على ما لا يحضره الرجال، من إثبات استهلال الصبي، وفي الحمام يدخله النساء فيكون بينهن جراحات.
وقال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد في شهادة الاستهلال: تجوز شهادة امرأة واحدة في الحيض والعذرة والسقط والحمام، وكل ما لا يطلع عليه إلا النساء؟ فقال: تجوز شهادة امرأة إذا كانت ثقة … (وفي الموضع الآخر)
قال: شهادة المرأة في الرضاع والولادة، فيما لا يطلع عليه الرجال.
قال: وأجوز شهادة امرأة واحدة إذا كانت ثقة، فإن كان أكثر فهو أحب إلي.
[] الطرق الحكمية ص 78-81، وانظر: روايات كثيرة في هذا المعنى من ص 78-84، وكذا انظر: المغني [9/156،] الفروع 6/593، المبدع 10/260، المحرر 2/327، كشاف القناع 6/436، الإنصاف 12/85- 86.
قال المرداوي تعليقاً: وهذا المذهب مطلقاً بلا ريب، ونص عليه في رواية الجماعة. وعليه الأصحاب.
قال ابن قدامة: وعن أحمد رواية أخرى: لا تقبل فيه إلا امرأتان.
المغني 9/156، وكذا انظر: المبدع 10/261، المحرر 2/328، الإنصاف 12/86.(7/3642)
[2659-] قلت: تجوز شهادة امرأة؟
قال أحمد: وأجوز 1 شهادة امرأة واحدة إذا كانت ثقة، وإن كن أكثر فهو أحب إلي 2.
__________
1 في العمرية بلفظ "تجوز".
2 تقدمت شهادة المرأة في الرضاع والولادة في كتاب النكاح والطلاق، في المسألة رقم (981) .
وقال ابن قيم الجوزية: وقد نص أحمد على ذلك في رواية بكر بن محمد عن أبيه قال في المرأة تشهد على ما لا يحضره الرجال، من إثبات استهلال الصبي، وفي الحمام يدخله النساء فيكون بينهن جراحات.
وقال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد في شهادة الاستهلال: تجوز شهادة امرأة واحدة في الحيض والعذرة والسقط والحمام، وكل ما لا يطلع عليه إلا النساء؟ فقال: تجوز شهادة امرأة إذا كانت ثقة … (وفي الموضع الآخر)
قال: شهادة المرأة في الرضاع والولادة، فيما لا يطلع عليه الرجال.
قال: وأجوز شهادة امرأة واحدة إذا كانت ثقة، فإن كان أكثر فهو أحب إلي.
[] الطرق الحكمية ص 78-81، وانظر: روايات كثيرة في هذا المعنى من ص 78-84، وكذا انظر: المغني [9/156،] الفروع 6/593، المبدع 10/260، المحرر 2/327، كشاف القناع 6/436، الإنصاف 12/85- 86.
قال المرداوي تعليقاً: وهذا المذهب مطلقاً بلا ريب، ونص عليه في رواية الجماعة. وعليه الأصحاب.
قال ابن قدامة: وعن أحمد رواية أخرى: لا تقبل فيه إلا امرأتان.
المغني 9/156، وكذا انظر: المبدع 10/261، المحرر 2/328، الإنصاف 12/86.(7/3643)
سئل 1 سفيان: أي شيء كان يقول ابن أبي ليلى؟
قال: مثل قول الشعبي. 2
قال سفيان: ما أراه إلا حداً واحداً جمع أو فرق 3.
قال أحمد: إذا فرق ضرب لكل إنسان حداً 4.
__________
1 في العمرية سقط من المسألة العبارة الآتية "سئل سفيان: أي شيء كان يقول ابن أبي ليلى؟ " قال: مثل قول الشعبي. قال سفيان: ما أراه إلا حداً واحداً.
2 قال الثوري: وضرب ابن أبي ليلى امرأة حدوداً في مجالس ثلاثة حدود أو أربعة.
مصنف عبد الرزاق 7/434، رقم 13776.
قال الطحاوي: وقال ابن أبي ليلى: إذا قال لهم: يا زناة، فعليه حد واحد، وإن قال لكل إنسان: يا زان، فلكل إنسان حد.
اختلاف الفقهاء 1/172، وأحكام القرآن للجصاص 3/269، والمغني لابن قدامة 8/234، والنهاية والتمام لعلي المطيعي 1/318.
3 قول الإمام سفيان الثوري - رحمه الله - حكاه عنه الطحاوي في اختلاف الفقهاء 1/172، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/816، والجصاص في أحكام القرآن 3/269.
4 قال ابن قدامة: وإن قذف الجماعة بكلمات فلكل واحد حد.
المغني 8/234، الشرح الكبير 10/234، وكذا انظر: الكافي 4/223، المبدع 9/98، الفروع 6/96، وغاية المنتهى 3/329، التوضيح ص 411، كشاف القناع 6/114.
قال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب مطلقاً. وعنه: إن تعدد الطلب: تعدد الحد، وإلا فلا. الإنصاف 10/223.(7/3644)
قال إسحاق: كما قال أحمد.
[2661-] [قلت 1: قال الحكم: 2 إذا قال زنيت وأنت مشركة، لا يضرب؟
قال سفيان: يضرب 3] .
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 روى ابن أبي شيبة عن الحكم في الرجل يقول للرجل: زنيت وأنت مشرك، قال: لا يحد.
مصنف ابن أبي شيبة 10/129، رقم 8998.
3 روى ابن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن سفيان أنه قال: إذا قال: زنيت وأنت مشرك، يقام عليه الحد. مصنف ابن أبي شيبة 10/129، رقم 8999.
وكذا روى عبد الرزاق: قال سفيان في رجل قال لرجل: زنيت في الشرك، قال: يضرب الحد، إلا أن يأتي بالبينة، لأنه إنما قذفه حينئذ، وإن قال: زنيت وأنت مملوك، ضرب الحد، فإن قال: زنيت وأنت صبي، لم يضرب، لأن الصبي لا يزني.
مصنف عبد الرزاق 7/429، رقم 13747.
ونقل الطحاوي أن الثوري قال: في من قال لكافرة أسلمت: زنيت وأنت كافرة، فعليه الحد. اختلاف الفقهاء 1/168.(7/3645)
قال أحمد: [1 عمر رضي الله عنه] يضرب في التعريض الحد 2 إذا عرض بالزنى 3.
قال إسحاق: يضرب، لأنه رماه بالزنى وهو اليوم مسلم، بناء على قول عمر [رضي الله عنه] حيث رمى 4 مسلماً بما كان في الشرك فرأى عليه الحد. 5
[2662-] قلت: سئل سفيان: في 6 رجل 7 قال: قذفتك وأنت مشرك.
قال: لا يضرب 8.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 في العمرية سقط لفظ "الحد".
3 لما روى عبد الرزاق أن عمر كان يحد في التعريض بالفاحشة.
مصنف عبد الرزاق 7/421، رقم 13703، وهو في السنن الكبرى للبيهقي 8/252، والمحلى لابن حزم 11/276 من طريق عبد الرزاق.
4 في العمرية بلفظ "رماه".
5 قول الإمام أحمد وإسحاق - رحمهما الله - تقدم فيما مضى برقم (2492) .
6 في العمرية سقط لفظ "في".
7 في العمرية بلفظ "قال رجل".
8 لم أعثر على قول سفيان، ولعل هذا من التعريض الذي لا حد عنده فيه، كما حكاه عنه الطحاوي في اختلاف الفقهاء 1/164، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/861، والجصاص في أحكام القرآن 3/268، وابن حزم في المحلى 11/278، وابن قدامة في المغني 8/222.(7/3646)
قال أحمد: كل من عرض بالزنى ضرب الحد [ظ-83/أ] [ع-113/ب] ولا يكون الحد في التعريض إلا بالزنى، وما سوى ذلك يؤدب.
قال إسحاق: كما قال، 1 لأن عمر [رضي الله عنه] حين شاورهم في الذي قال لصاحبه: ما أبي 2 بزانٍ ولا أمي بزانيةٍ، فقالوا: قد مدح أباه وأمه. فقال عمر [رضي الله عنه] : بل عرض بصاحبه، فجلده الحد 3.
__________
1 تقدم تحقيق المسألة فيما مضى رقم (2494) ، وراجع رقم (2661) .
2 في العمرية سقط لفظ "أبي".
3 لما روى الإمام مالك عن أبي الرجال عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أن رجلين استبا في زمان عمر بن الخطاب، فقال أحدهما للآخر: والله ما أبي بزان، ولا أمي بزانية، فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب، فقال قائل: مدح أباه وأمه، وقال آخرون: قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا. نرى أن تجلده الحد. فجلده عمر الحد ثمانين.
الموطأ في الحدود، باب الحد في القذف والنفي والتعريض 2/829، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 9/538 رقم8425، ومصنف عبد الرزاق 7/425، رقم 13725 بغير هذا اللفظ. والسنن الكبرى للبيهقي 8/252، والمحلى لابن حزم 11/276.
وصححه الألباني في إرواء الغليل 8/39.(7/3647)
[2663-] قلت: سئل سفيان: عن رجل قال لجارية لم تحض: يا زانية؟
قال: ليس فيه حد، وإذا قال لغلام لم يحتلم: يا زانٍ، فليس فيه حد، وإن قال صبي لرجل: يا زان ليس قول الصبي بشيء 1.
قال أحمد: إذا كانت بنت تسع سنين يجلد قاذفها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بنى بعائشة [رضي الله عنها] وهي بنت تسع 2. والغلام إذا بلغ عشراً يضرب قاذفه، لأنه يضرب على الصلاة وهو ابن عشر، 3 وأما قول الصبي فليس
__________
1 رواه عبد الرزاق في مصنفه 7/429، رقم 13747.
2 لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين".
أخرجه مسلم، حديث، رقم: 1422.
3 لما روى عبد الملك بن الربيع بن سيرة الجهني عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها".
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 3/404. وأبو داود في سننه في الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة 1/332، رقم 494.
والترمذي في سننه في الصلاة، باب ما جاء متى يؤمر الصبي بالصلاة 2/259، رقم 407، وقال الترمذي حديث حسن صحيح. والحاكم في المستدرك 1/201، وقال صحيح على شرط مسلم.(7/3648)
بشيء. 1
قال إسحاق: كلما قذف غلاماً يطأ مثله فعلى قاذفه الحد، وكذلك الجارية إذا جاوزت تسعاً وتوطأ [مثلها] 2، وقول
__________
1 نقل ابن المنذر هذه الرواية فقال: قال أحمد بن حنبل: إذا كانت بنت تسع يجلد قاذفها، والغلام إذا بلغ عشراً يضرب قاذفه.
الأوسط، كتاب الحدود 2/828، وكذا انظر: المغني 8/216، 228.
وقال ابن قدامة: وهل يشترط البلوغ؟ على روايتين: وإن قال زنيت وأنت صغيرة، وفسره بصغر عن تسع سنين لم يحد.
قال المرداوي تعليقاً: على روايتين:
إحداهما: لا يشترط بلوغه، بل يكون مثله يطأ أو يوطأ وهو المذهب. قال أبو بكر: لا يختلف قول أبي عبد الله - رحمه الله - أنه يحد قاذفه إذا كان ابن عشرة (كذا والصواب ابن عشر) أو اثنتى عشرة سنة، وهو من مفردات المذهب.
والرواية الثانية: يشترط البلوغ. وقيل: إن هذه الرواية مخرجة لا منصوصة.
فعلى المذهب: لا يقام الحد على القاذف حتى يبلغ المقذوف ويطالب به بعده. وعلى المذهب أيضاً: يشترط أن يكون الغلام ابن عشر، والجارية بنت تسع فما فوق.
وإن فسر صغره عن تسع سنين لم يحد، ولكن يعزر.
[] الإنصاف 10/204-205، وكذا انظر: المقنع 3/469، والكافي 4/216-217، والمحرر 2/94، والأحكام [] السلطانية ص 270، والفروع 6/85، والمبدع 9/85-87، وكشاف القناع 6/106-107.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3649)
الصبي كما قال 1.
[2664-] قلت: قال سفيان: إذا قال الرجل للرجل: يا يهودي يا نصراني يا مجوسي؟
قال: يعزر. 2
قال أحمد: هذا أهل [أن] 3 يؤدب. 4
قال إسحاق: كما قال. 5
__________
1 قال بن المنذر: وقال إسحاق: كلما قذف غلاماً يطأ مثله فعلى قاذفه الحد، وكذلك الجارية إذا جاوزت تسعاً.
الأوسط، كتاب الحدود 2/828، وكذا حكاه عنه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 12/175، وابن قدامة في المغني 8/216، والشرح الكبير 10/211.
2 قول الإمام سفيان الثوري رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/805.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 قال القاضي أبو يعلى: ولا يحد القاذف بالكفر، والسرقة، ويعزر لأجل الأذى.
الأحكام السلطانية ص 270، وكذا انظر: الفروع 6/91، والمبدع 9/95، وكشاف القناع 6/112، والإنصاف 10/217.
5 قول الإمام إسحاق - رحمه الله - حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/805.(7/3650)
[2665-] قلت: سئل سفيان: عن 1 رجل قال لرجل: أنت أكثر زنى من فلان، وقد ضرب فلان في الزنى؟
قال: ما أرى حداً بيناً، أرى أن يعزر. 2
قال أحمد: هذا تعريض يضرب الحد 3.
قال إسحاق: كما قال أحمد 4.
[2666-] قلت: قال إبراهيم: في الرجل يقول للرجل العربي وأمه أم ولد، أو يهودية، أو نصرانية لست لأبيك؟
__________
1 في العمرية بتكرار لفظ "عن رجل".
2 نقل ابن القيم قال: قلت: سئل سفيان عن رجل قال لرجل: أنت أكثر زنى من فلان، وقد ضرب فلان في الزنى؟ قال: ما أرى الحد بيناً، أرى أن يعزر.
بدائع الفوائد 3/279، وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/810.
3 نقل ابن القيم فقال: قال أحمد: هذا تعريض يضرب الحد.
قال إسحاق: كما قال أحمد.
قال ابن القيم: فقد نص على وجوب الحد بالتعريض، وهو الصواب بلا ريب، فإنه أنكى، وأوجع من التصريح، وهو ثابت عن عمر - رضي الله عنه -. بدائع الفوائد 3/279.
4 تقدم مسألة شبيهة بهذه فيما مضى برقم (2494) ، (2661) .(7/3651)
قال 1 لا يضرب. 2
قال سفيان: يقول حماد إنما يقع الزنى على النساء، ولا يقع على الرجال 3.
قال أحمد: أي 4 نفي أعظم من ذا؟ يضرب هذا أشد الضرب 5.
__________
1 في العمرية سقط لفظ "قال".
2 روى ابن أبي شيبة قال: حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن سعيد الزبيدي عن حماد عن إبراهيم في الرجل يقول للرجل: لست لأبيك، وأمه أمة أو يهودية، أو نصرانية، قال: لا يجلد.
[] مصنف ابن أبي شيبة 9/505، رقم 8292 وحكاه عنه الخلال في أحكام أهل الملل 116-117، وابن حزم في المحلى11/266 والطحاوي في اختلاف الفقهاء ص 175، وابن قدامة في المغني 8/223، والشرح الكبير 10/223.
3 روى عبد الرزاق عن الثوري عن حماد قال: إذا قال رجل لرجل أمه أم ولد أو نصرانية: لست لأبيك، لم يضرب، لأن النفي إنما وقع على الأم، ولو أن رجلاً قال لرجل: لست من بني تميم، لم يضرب لأن النفي إنما وقع على مشرك.
وقال الحكم بن عتيبة: يضرب.
مصنف عبد الرزاق 7/439، رقم 13804، وكذا حكاه عنه ابن قدامة في المغني 8/223، والشرح الكبير 10/223.
4 في الظاهرية بإضافة لفظ "شيء" قبل لفظ "النفي".
5 قال أبو بكر الخلال أخبرنا محمد بن أحمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبد الله: قال إبراهيم في الرجل يقول للرجل العربي وأمه أمة، أو يهودية، أو نصرانية: لست لأبيك، لا يضرب.
قال سفيان يقول حماد: إنما يقع الزنى على النساء ولا يقع على الرجال.
قال أحمد: أي نفي أعظم من ذلك؟ يضرب هذا أشد الضرب.
[] أحكام أهل الملل ص 116-117.
ونقل عنه ابن المنذر فقال: قيل لأحمد بن حنبل: قال إبراهيم في الرجل يقول للرجل العربي وأمه أمة أو يهودية: لست لأبيك، لا يضرب.
قال أحمد: أي نفي أعظم من ذا؟ يضرب هذا أشد الضرب. الأوسط، كتاب الحدود 2/795.
وقال ابن قدامة: وإذا نفى رجلاً عن أبيه فعليه الحد. نص عليه أحمد، وكذلك إذا نفاه عن قبيلته.
المغني 8/223، والشرح الكبير 10/223، وكذا انظر: الفروع 6/88، والمحرر 2/95، والمبدع 9/91، وكشاف القناع 6/110، والإنصاف 10/212.(7/3652)
قال إسحاق: كما قال أحمد. 1
[2667-] قلت: قال سفيان: في العبد تكون أمه حرة فيقول له رجل: لست لأبيك، ليس عليه حد، إنما هي نفي للمملوك وليس
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/295، وابن قدامة في المغني 8/223، والشرح الكبير 10/223، وحاشية المقنع 3/472.(7/3653)
برمي للأم 1.
ومن قال بقول حماد قال يضرب. 2
قال أحمد: يضرب إذا كان الأب أيضاً حراً. 3
[2668-] قلت: سئل سفيان عن رجل قال لرجل: يا فاجر؟
قال: ليس فيه حد.
قال أحمد: لا يبلغ به الحد.
وسئل: عن رجل قال لرجل: ما علمتك إلا خبيث البطن، يقول: بطنك دوي. 4
__________
1 قول سفيان لم أعثر عليه.
2 راجع مصنف عبد الرزاق 7/439، رقم 13804، وقد تقدم في المسألة رقم (2666) ، وكذا انظر: المغني 8/223، والشرح الكبير 10/223.
3 قال ابن قدامة: وإن قال لثابت النسب: لست بابن فلان، فهو قاذف لأمه في الظاهر من المذهب، لما روي عن ابن مسعود أنه قال: لا حد إلا في اثنين، قذف محصنة، أو نفي رجل عن أبيه، ولأنه لا يكون لغير أبيه إلا بزنى أمه، ويحتمل ألا يكون قذفاً لأنه يحتمل: أنك لا تشبهه في كرمه وأخلاقه. الكافي 4/221.
4 رجل دوي ودو: أي مريض، وقال الليث: الدوي: داء باطن في الصدر. اللسان 14/278.(7/3654)
قال أحمد: لا يبلغ به الحد. قيل [له] 1: فإن قال [له] 2: خبيث الفرج؟
قال: يعزر. 3
قال أحمد: جيد 4.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 نقل الطحاوي عنه أنه قال فيمن قال لآخر: يا فاسق، أو خبيث، أو: يا سارق، فإنه يعزر. اختلاف الفقهاء 1/166.
وقال ابن المنذر: قال الثوري: إذا قال: يا فاجر، ليس فيه حد وفيه تعزير. الأوسط، كتاب الحدود 2/867.
4 قال ابن قدامة: لو قال: يا كافر يا فاسق، يا سارق، يا منافق، يا فاجر، يا خبيث، يا أعور، يا أقطع، يا أعمى ابن الزمن الأعمى الأعرج، فلا حد في ذلك كله، لأنه قذف بما لا يوجب الحد، فلم يوجب الحد، كما لو قال: يا كاذب يا نمام، ولا نعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم، ولكنه يعزر لسب الناس وأذاهم، فأشبه ما لو قذف من لا يوجب قذفه الحد.
المغني 8/220، وكذا انظر: المقنع 3/474، والمبدع 9/93، وغاية المنتهى 3/328، والكافي 4/220، والأحكام السلطانية ص 270، وكشاف القناع 6/112.
[] وقال صاحب المحرر: فهذه كناية إن فسره بغير القذف قبل. 2/95-96.
وقال المرداوي قبل قوله في أحد الوجهين: وهما روايتان، وهو المذهب ويعزر بقوله: يا كافر، يا فاجر، يا حمار، يا تيس، يا رافضي، يا خبيث البطن، أو الفرج، يا عدو الله، يا ظالم، يا كذاب، يا خائن، يا شارب الخمر، يا [] [] مخنث، نص على ذلك. الإنصاف 10/215-217، والفروع 6/91.
وعنه: لا يقبل قوله إلا بقرينة ظاهرة في صرفه.
المحرر 2/96، والإنصاف 10/215.
رواه البيهقي عن علي رضي الله عنه في الرجل يقول للرجل: يا خبيث يا فاسق. قال: ليس عليه حد معلوم، يعزر الوالي بما رأى.
السنن الكبرى للبيهقي 8/253، ومصنف ابن أبي شيبة 10/132، رقم 9013 من طريق شريك عن عبد الملك بن عمير قال: قال علي.
وحسنه الألباني قال: وهو عندي جيد الإسناد من الطريق الأول لأن رجاله ثقات معروفون، غير أصحاب عبد الملك بن عمير، وهم جمع تنجبر به جهالتهم، كما قال ذلك الحافظ السخاوي في حديث آخر في المقاصد. إرواء الغليل 8/54.(7/3655)
قال إسحاق: كما قال. في كل تعزير. أدب. 1
[2669-] قلت: قال الشعبي: من رُمِيَ ببهيمة، أو وقع على بهيمة، فليس عليه حد 2.
__________
1 قول الإمام إسحاق - رحمه الله -: حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/867.
2 روى عبد الرزاق عن جابر عن الشعبي قال: سألته عن رجل قذف ببهيمة، أو وجد على بهيمة، قال ليس عليه حد.
مصنف عبد الرزاق 7/366 - 367، رقم 13501.
وروى ابن أبي شيبة عن عامر قال: ليس على من أتى بهيمة حد، ولا على من رمي بها.
[] مصنف ابن أبي شيبة 10/5-6، رقم 8555 وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/644، وابن حزم في المحلى 11/386، وابن قدامة في المغني 8/89، والشرح الكبير 10/177.(7/3656)
قال أحمد: أدرأ عنه الحد أحب إلي، ولكن [يعزر] 1.
قال إسحاق: يؤدب أدباً شديداً 2.
[2670-] قلت: قال سفيان: إذا قذف الرجل أمه، أو ذات محرم منه 3.
قال: يضرب لهم الحد. 4
قال أحمد: جيد. 5
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "العزر".
2 تقدم تحقيق ذلك فيما مضى في المسألة، رقم (2496) .
3 في العمرية سقط لفظ "منه".
4 روى عبد الرزاق عن سفيان في الأب يفتري على ابنه: أما الابن فلا يشك أنه يحد لأبيه، وأما الأب فإنهم يستحبون الدرء.
مصنف عبد الرزاق 7/441، رقم 13814.
5 قال البهوتي: ويحد الابن بقذف كل واحد من آبائه، وأمهاته وإن علوا.
كشاف القناع 6/105، وكذا انظر: الفروع 6/83، والمبدع 9/85، والمغني 8/220.
وقال المرداوي: يحد الابن بقذف كل واحد منهم على الصحيح من المذهب.
الإنصاف 10/202.(7/3657)
قال إسحاق: كما قال.
[2671-] قلت: قال: سألت 1 سفيان، عن رجل قال: إن كنت دخلت [ع-114/أ] دار فلان فامرأته زانية، فشهد رجلان أنه دخلها.
قال: ما أرى حداً 2 بيناً 3.
قال أحمد: جيد 4.
قال إسحاق: كما قال 5.
__________
1 في العمرية سقط لفظ "سألت".
2 في العمرية سقط لفظ "بيناً".
3 نقل ابن المنذر هذه الرواية فقال: سئل الثوري عن رجل قال: إن كنت دخلت دار فلان فامرأته زانية، فشهد رجلان أنه دخلها، قال: ما أرى حداً بيناً. الأوسط، كتاب الحدود 2/837.
4 قول الإمام أحمد رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/837.
5 قول الإمام إسحاق -رحمه الله - حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، في كتاب الحدود 2/837.(7/3658)
[2672-] قلت: قال علي [رضي الله عنه] في 1 رجل وجد مع امرأة في لحافها: يجلد مائة. 2
قال أحمد: أما على مذهبنا [فـ] 3 ـلا يجلد مائة إلا 4 في الحد، وعليه تعزير، وكل من لم يكن عليه حد قائم [بعينه] 5 فعليه تعزير، والتعزير دون عشر جلدات 6
__________
1 في العمرية سقط لفظ "في".
2 روى عبد الرزاق عن علي أنه كان إذا وجد الرجل مع المرأة في لحاف واحد جلدهما مائة، كل إنسان منهما.
[] مصنف عبد الرزاق 7/400-401، رقم 13635، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 9/528، رقم 8381، والمحلى لابن حزم 11/403 من طريق عبد الرزاق.
وفي الأثر انقطاع، ولا يثبت ذلك عنه.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 في العمرية سقط لفظ "إلا في".
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
6 نقل عبد الله، وأبو الحارث، وأبو طالب، وابن منصور فيمن وجد مع امرأته رجلاً، فقال علي رضي الله عنه يجلد مائة.
قال أحمد وعلى مذهبنا لا يجلد مائة إلا في الحد، وعليه التعزير. وكل من لم يكن عليه حد قائم بعينه فعليه تعزير، والتعزير دون عشر جلدات، حديث أبي بردة. =(7/3659)
..................................................................................................
__________
= والرواية الثانية: أنه لا يبلغ بكل جناية حداً مشروعاً في جنسها، ويجوز أن يزيد على حد غير جنسها.
نقل أبو طالب، وأبو الحارث، والميموني في رجل يطأ جارية بينه وبين شريكه: يجلد مائة، إلا سوطاً. كذا قال سعيد بن المسيب، فظاهر هذا أنه كان موجب التعزير معصيته بالفرج أنه يزيد على عشر جلدات مالم يبلغ به الحد في ذلك الجنس.
وقال في رواية الأثرم: إذا وطئ جارية امرأته، وقد أحلتها له جلد مائة. فظاهر هذا أنه يبلغ به أعلى الحدود في ذلك الجنس.
والرواية الثالثة: وقال الخرقي: ولا يبلغ بالتعزير أدنى الحدود، فظاهر هذا أنه يزاد على عشر جلدات مالم يبلغ أدنى الحدود وهو أربعون. وقد أومأ إليه أحمد في رواية صالح فقال: حدثني أبي: حدثنا وكيع عن سفيان عن عطاء بن أبي مروان أن علياً ضرب النجاشي ثمانين، ثم أخرجه من الغد فضربه عشرين، وقال: هذا لتجرئك على الله وإفطارك في رمضان.
قال أبي: أذهب إليه فقد أخذ أحمد بحديث علي - رضي الله عنه - في التعزير.
والرواية الرابعة: قال ابن قدامة: فروي عنه أنه لا يزاد على عشر جلدات. نص أحمد على هذا في مواضع.
انظر: الروايتين والوجهين 2/344 - 345،
وقال في الرواية الأولى: والتعزير عشر جلدات.
[] انظر: المغني 8/324، والشرح الكبير 10/352-353، والهداية للكلوذاني 2/102- 103، والمحرر 2/164، والفروع 6/107، والمبدع 9/111، والقواعد لابن رجب ص 311، والقاعدة 139، وكشاف القناع [6/123،] والإنصاف 10/244- 245.(7/3660)
حديث 1 أبي 2 بردة [رضي الله عنه] .
قال إسحاق: هذا يجلد كما قال على [رضي الله عنه] لأن تعزيره إذا 3 كانا في لحاف فهو سبب الزنى. 4
__________
1 لما روي عن أبي بردة بن نيار رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ولا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله".
أخرجه البخاري في الحدود، باب كم التعزير والأدب 8/31، ومسلم في الحدود، باب قدر أسواط التعزير [2/1332-1333،] رقم 1708.
2 هو هانئ بن نيار، أبو بردة الأنصاري، من بلى حلفاء لبني حارثة بن الحارث بن أوس. وقيل اسمه الحارث بن عمرو. وقيل مالك بن هبيرة والأول أصح، وهو خال البراء بن عازب، وقيل عمه شهد بدراً وما بعدها، وشهد مع علي - رضي الله عنه - حروبه كلها. وتوفي رضي الله عنه سنة إحدى وأربعين، وقيل: غير ذلك.
[] انظر ترجمته في: طبقات خليفة ص80، والتاريخ الكبير 8/227 والاستيعاب 3/597-598، والإصابة [3/596،] وأسد الغابة 1/340، وتهذيب الكمال 5/264-266، والجرح والتعديل 9/99-100، والتهذيب 12/19.
3 في العمرية بلفظ "إن".
4 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/756، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 12/161، وأبو حيان في البحر المحيط 6/428، وابن ناصر في تجريد السائل 213/1.(7/3661)
[2673-] قلت: رجل زوج جاريته، ثم وقع عليها؟
قال أحمد: أما الرجم فأدرأ عنه، ولكن أضربه الحد، محصناً كان أو غير محصن 1.
قال إسحاق: كما قال، يجلد مائة نكالاً كما قال عمر 2 [رضي الله عنه] .
[2674-] قلت: سئل سفيان: عن رجل قال لرجل 3: ما كان فلان ليلد مثلك؟
قال: ما أرى في 4 هذا شيئاً 5.
__________
1 قال ابن مفلح: وعنه ما كان سببه الوطء كوطء جاريته المشتركة، والمزوجة، ونحوهما، ضربه مائة، ويسقط عنه النفي.
[] المبدع 9/112، كذا انظر: المحرر 2/163-164، والفروع 6/107، والهداية للكلوذاني 2/102، وكشاف القناع 6/123، والإنصاف 10/244.
2 روى ابن أبي شيبة عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلاً وقع على جاريته ولها زوج، فضربه عمر بن الخطاب مائة نكالاً. مصنف ابن أبي شيبة 10/19، رقم 8608، وهو في مصنف عبد الرزاق 7/218، رقم 12860.
3 في العمرية سقط لفظ "لرجل".
4 في العمرية سقط لفظ "في".
5 نقل ابن القيم هذه الرواية فقال: قلت سئل سفيان عن رجل قال لرجل: ما كان فلان ليلد مثلك؟ قال: ما أرى في هذا شيئاً.
بدائع الفوائد 3/279، وقد تقدم قول سفيان -رحمه الله - في التعريض فيما مضى عند المسألة، رقم (2665) .(7/3662)
قال أحمد: هو تعريض شديد فيه الحد 1.
قال إسحاق: فيه تعزير يكون أن لا يعرض بالزنى، إنما نقول يتكلم في الرذالة في الخلق.
[2675-] قلت: [سئل] 2 سفيان عن رجل ادعى قبل رجل أنه قذفه وليست له بينة، أيحلف؟.
قال: لا. 3
قال أحمد: بلى والله، لم لا يحلف 4، أليس ابن عباس رضي
__________
1 قال ابن القيم: فقال أحمد: هو تعريض شديد فيه الحد. بدائع الفوائد 3/279.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "قال".
3 قال عبد الرزاق قال سفيان: لا يستحلف القاذف ولا المقذوف، وكذلك القذف كله. إن قذف رجل رجلاً ليست له بينة، لم يحلف واحداً منهما. مصنف عبد الرزاق 7/419، رقم 13696.
وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/852، وابن قدامة في المغني 8/236، والشرح الكبير 10/237، وابن ناصر في التجريد 216/1.
4 قال ابن مفلح: قال أحمد في رواية الكوسج في رجل ادعى على آخر أنه قذفه فأنكر: يحلف له، فإن نكل أقيم عليه.
[] قال أبو بكر: هذا قول قديم، والمذهب خلافه. المبدع 10/284-285.
وقال ابن قدامة: عن أحمد - رحمه الله-: أنه يستحلف، حكاها ابن المنذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم "ولكن اليمين على المدعى عليه"، ولأنه حق لآدمي فيستحلف فيه، كالدين.
انظر: المغني 8/236، والشرح الكبير 10/238، والمحرر 2/226، والفروع 6/529.
الرواية الثانية عن الإمام أحمد: إن ادعى على رجل أنه قذفه فأنكر، لم يستحلف.
المغني 8/236، والشرح الكبير 10/237، والمحرر 2/226، والفروع 6/529، وكشاف القناع 6/105.
قال عبد الله: سمعت أبي سئل عن: رجل افترى على رجل، ولم يكن له بينة، استحلفه؟.
قال: لا. قلت: وكذلك الحدود كلها؟
قال: اختلف الناس في ذلك.
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص 424، رقم 1532، وكذا برواية ابنه صالح ص 10.(7/3663)
الله عنهما قال في الجلد: "استحلفوها؟ حديث 1 ابن أبي
__________
1 عن ابن أبي ملكية أن امرأتين كانتا تخرزان في بيت أو في الحجرة فخرجت إحداهما وقد أنفذ بأشفى في كفها فادعت على الأخرى، فرفع إلى ابن عباس، فقال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم وأموالهم". ذكروها بالله واقرؤوا عليها {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} سورة آل عمران آية 77، فذكروها فاعترفت، فقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم "اليمين على المدعى عليه".
رواه البخاري في التفسير، باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ} 5/167، والنسائي في سننه في آداب القضاء، باب عظة الحاكم على اليمين 8/248.
الأشفى: آلة الخرز يخرز به. اللسان 14/438.
والخرز: في الجلد كالخياطة في الثياب، من، باب ضرب، وقتل، وقد خرز الخف وغيره يخرز، والخراز صانع ذلك.
انظر: المصباح المنير 1/166، واللسان 5/344.(7/3664)
مليكة 1 أن امرأتين كانتا تخرزان في بيت، فإن نكل أقيم عليه
__________
1 هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان القرشي التيمي، قاضي مكة زمن ابن الزبير، ومؤذن الحرم، وكان إماماً فقيهاً، حجة فصيحاً، ثقة، كثير الحديث.
قال بعثني ابن الزبير على قضاء الطائف فكنت أسأل ابن عباس، توفي -رحمه الله - في مكة سنة سبع عشرة ومائة، وقيل غير ذلك.
[] انظر ترجمته: طبقات خليفة ص 281، والمعارف ص 475، وتذكرة الحفاظ 1/101-102، والجرح [] [] والتعديل 5/99-100، والتاريخ الكبير 5/137، والتهذيب 5/306-307، والتقريب ص 181، وغاية [] [] النهاية 1/430، ومشاهير علماء الأمصار 82-83.(7/3665)
الحد. إلا القتل".
قال إسحاق: كما قال 1، وقد أجاد.
[2676-] [ظ-83/ب] قلت: سئل سفيان عن رجل قال لرجل: لو كنت من ولد فلان ما فعلت كذا وكذا [ع-114/ب] ؟
قال: ما أرى عليه حداً.
قال أحمد: بلى، عليه الحد.
قال إسحاق: عليه تعزير 2 مثل الأولى 3.
[2677-] قلت: سئل سفيان عن رجل قذف امرأة، ثم زنت؟
قال: عليه الحد يجلد 4.
__________
1 قول الإمام إسحاق - رحمه الله -: حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/850، وابن قدامة في المغني 8/236، والشرح الكبير 10/238.
2 في العمرية بلفظ "التعزير".
3 في العمرية بلفظ "الأول"، أي حكمه حكم المسألة الأولى التي سبقت برقم (2379) .
4 قول الإمام سفيان الثوري حكاه عنه ابن قدامة في المغني 8/227، والشرح الكبير 10/218، وسليمان في حاشية المقنع 3/470.(7/3666)
[قال 1 أحمد: يجلد] 2.
قال إسحاق: كما قال.
[2678-] قلت: سئل عن رجل قذف مجبوباً؟
قال: ليس عليه شيء. 3
قال أحمد: المجبوب 4 وغير المجبوب 5 عليه الحد 6.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 قال ابن مفلح: ومن قذف محصناً، فزال إحصانه قبل إقامة الحد، لم يسقط الحد عن القاذف. نص عليه.
المبدع 9/88، وكذا انظر: الفروع 6/86، والمغني 8/228والشرح الكبير 10/218، والمحرر 2/94، والأحكام السلطانية ص 270، وكشاف القناع 6/108، والإنصاف 10/208.
وقال المرداوي تعليقاً: نص عليه، وعليه الأصحاب، وهو من مفردات المذهب.
3 قلت: يبدو أن هذا المسؤول هو الإمام سفيان الثوري، كما جرت عادة إسحاق بن منصور أنه يحكي قوله أولاً في الغالب. وقد نقل ابن المنذر قوله فقال: وإن كان مجبوباً فلا شيء عليه. الأوسط، كتاب الحدود 2/830.
4 في العمرية بلفظ "مجبوبا"
5 في العمرية بلفظ "مجبوب"
6 قال ابن قدامة: وإن قذف مجبوباً أو رتقاء، فعليه الحد.
انظر: الكافي 4/217، والمغني 8/216، والشرح الكبير 10/213، والمبدع 9/84، وقال صاحب التوضيح: نص عليهما ص 409.
وقال المرداوي: وهو صحيح، وجزم به ناظم المفردات وهو منها. الإنصاف 10/203.(7/3667)
قال إسحاق: يعزر لانتهاك الحرمة.
[2679-] قلت لأحمد: 1 سئل سفيان عن رجل قذف خصيا؟
قال: إن كان يطيق الجماع فعلى قاذفه الحد 2.
قال أحمد: رضي الله عنه: أطاق 3، أو لم يطق عليه الحد 4.
قال 5 إسحاق: عليه الحد، كما قال 6.
__________
1 في العمرية سقط لفظ "لأحمد"
2 نقل ابن المنذر هذا القول فقال: وسئل سفيان الثوري عن رجل قذف خصياً؟
قال: إن كان يطيق الجماع فعلى قاذفه الحد. الأوسط، كتاب الحدود 2/830.
3 في العمرية بالعبارة الآتية: "يطيق أو لم يطق"، وقبلها كلمتان غير واضحتين.
4 نقل ابن المنذر هذه الرواية فقال: قال أحمد بن حنبل: يطيق أو لا يطيق، عليه الحد.
الأوسط، كتاب الحدود 2/830.
وقال ابن قدامة: ويجب الحد على قاذف الخصي، المغني 8/216، والشرح الكبير 10/213.
5 في العمرية بعد لفظ "قال" كلمتان غير واضحتين.
6 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/830.
قلت: السبب في قول الإمام إسحاق -رحمه الله - بعدم الحد في المجبوب، والحد بالخصي، هو عدم وجود الآلة للأول ووجودها للثاني.(7/3668)
[2680-] قلت: سئل [سفيان] 1 عن أربعة عميان شهدوا على امرأة بالزنى؟
قال: يضربون 2.
قال أحمد: يضربون 3.
قال إسحاق: كما قال، لما يحتاج في 4 شهادة الزنى إلى المعاينة. 5
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 قول الإمام سفيان الثوري: حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/751، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 12/177، وابن قدامة في المغني 8/203، والشرح الكبير 10/200، وابن مفلح في المبدع 9/78.
3 قال القاضي أبو يعلى: إن شهد أربعة بالزنى، وكانوا عمياناً وجب عليهم الحد.
4 في العمرية بلفظ "إلى".
5 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/751، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 12/177، وابن قدامة في المغني 8/203، والشرح الكبير 10/200، وابن مفلح في المبدع 9/78.(7/3669)
[2681-] قلت: قال عطاء: إذا افتضت البكر غصباً فالمهر والحد. 1
قال أحمد: أجل. 2
قلت: قال الشعبي: 3 إذا أقيم الحد بطل العقر، وبه يأخذ سفيان. 4
قال أحمد: لا.
كما قال 5 عطاء.
__________
1 روى عبد الرزاق عن بن جريج قال: قلت لعطاء: البكر تستكره نفسها؟ قال: مثل صداق إحدى نسائها. مصنف عبد الرزاق 7/408، رقم 13655.
وروى البيهقي من طريق ابن جريج عن عطاء قال: عليه الحد والصداق، السنن الكبرى 8/236، وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/677.
2 في العمرية بلفظ "أجل".
3 روى عبد الرزاق عن الثوري عن جابر عن الشعبي قال: سألته عن الرجل يستكره الجارية، فقال: إذا أقيم الحد بطل الصداق. مصنف عبد الرزاق 7/409، رقم 13661.
4 قول الإمام سفيان الثوري حكاه عنه الطحاوي في اختلاف الفقهاء 1/154.
5 قال ابن قدامة: ومن استكره امرأة على الزنى فعليه الحد دونها، لأنها معذورة، وعليه مهرها حرة كانت أو أمة، فإن كانت حرة كان المهر لها، وإن كانت أمة كان لسيدها.
المغني 5/272، وكذا انظر: المبدع 5/153، والتوضيح ص 225، وكشاف القناع 4/67.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب مطلقاً، وعليه أكثر الأصحاب. الإنصاف 6/168.(7/3670)
قال إسحاق: كما قال 1.
[2682-] قلت: قال سفيان في رجل زنى، أو سرق، أو شرب الخمر: أقيم عليه الحد 2، ولو كان بعد عشرين سنة 3.
قال أحمد: كما قال 4.
__________
1 قول الإمام إسحاق - رحمه الله - حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/678.
2 في العمرية سقط لفظ "الحد".
3 قال ابن المنذر: قال سفيان الثوري في رجل زنى أو سرق أو شرب الخمر: أقيم عليه الحد ولو بعد عشرين سنة.
الأوسط، كتاب الحدود 1/508، وكذا حكاه عنه ابن قدامة في المغني 8/207، والشرح الكبير 10/205.
4 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/508.
وقال الكلوذاني: وتقبل الشهادة على الزنى، والسرقة، وشرب الخمر مع تقادم الزمان. الهداية 2/102.
وقال ابن قدامة: وإن شهدوا بزنى قديم، أو أقرَّ به وجب الحد.
المغني 8/207، والشرح الكبير 10/205، وكذا الأحكام السلطانية ص 264.(7/3671)
قال إسحاق: كما قال 1 كذلك رأى عثمان 2 [رضي الله عنه] في الوليد 3.
__________
1 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/508، وابن قدامة في المغني 8/207، والشرح الكبير 10/205.
2 روى مسلم في صحيحه من طريق حصين بن المنذر أبو ساسان قال: شهدت عثمان ابن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين، ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان: أحدهما حمران، أنه شرب الخمر، وشهد آخر، أنه رآه يتقيأ. فقال عثمان: إنه لم يتقيأ حتى شربها، فقال: يا علي قم فاجلده. فقال علي: قم يا حسن فاجلده. فقال الحسن: ولِّ حارها من تولى قارها، فكأنه وجد عليه، فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده. فجلده وعلي يعدّ حتى بلغ أربعين، فقال: أمسك. ثم قال: جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلي.
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 1/144 - 145، ومسلم في صحيحه في الحدود، باب حد الخمر 2/1331، رقم 1707، وأبو داود في سننه، في الحدود، باب الحد في الخمر 4/622، رقم 4480، وابن ماجة في سننه في الحدود، باب حد السكران 2/858، رقم 2571.
3 هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس، القرشي، أبو وهب، وهو أخو عثمان بن عفان رضي الله عنه لأمه، أسلم يوم فتح مكة، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات بني المصطلق، وولاه عمر رضي الله عنه على صدقات بني تغلب، وولاه عثمان الكوفة بعد سعد بن أبي وقاص، فصلى بأهلها الصبح وهو سكران، وقال: أزيدكم؟
فشهدوا عليه بشرب الخمر عند عثمان، فعزله وحده، ولم يزل بالمدينة حتى بويع علي رضي الله عنه، فخرج إلى الرقة فنزلها واعتزل علياً ومعاوية، وتوفي - رضي الله عنه - بناحية الرقة سنة إحدى وستين، وقيل غير ذلك.
[] انظر ترجمته في: المعارف ص 318 - 320، وطبقات خليفة ص 11، وأسد الغابة 5/90-92، والاستيعاب [3/631-636،] والإصابة 3/637-638، والتهذيب 11/142-144.(7/3672)
[2683-] [ع-115/أ] قلت: سئل سفيان عن محدود في القذف أقر على نفسه بالزنى أربع مرات؟
قال: يقام عليه الحد.
قال أحمد: صدق.
قال إسحاق: كما قال. 1
[2684-] قلت: سئل سفيان: عن رجل تزوج أمه، أو أخته، أو ذات محرم [له] 2، أترى عليه حداً؟
قال 3: ما أرى حداً، يعزر إذا كان تزويج
__________
1لم يتيسر لي العثور على نسبة هذه المسألة للأئمة الثلاثة.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية "منه".
3 في العمرية سقطت العبارة الآتية: "قال ما أرى حداً".(7/3673)
وشهود. 1
قال أحمد: في كل ذات محرم يقتل، ويؤخذ ماله 2
__________
1 قال ابن المنذر: قال الثوري فيمن تزوج أمه أو أخته أو ذات محرم له، قال: ما أرى عليه حداً إذا كان تزويج وشهود، ويعزر.
الأوسط، كتاب الحدود 2/657، 655، وكذا حكاه عنه الطحاوي في اختلاف الفقهاء 1/153، وشرح معاني الآثار 3/149، والخطابي في معالم السنن 4/603، والبغوي في شرح السنة 10/305، وابن قدامة في المغني 8/182.
2 قال ابن قدامة: وإن تزوج ذات محرم، فالنكاح باطل بالإجماع.
وقال: العقد ههنا باطل محرم، وفعله جناية تقتضي العقوبة انضمت إلى الزنى فلم تكن شبهة.
وقال القاضي أبو يعلى: إذا وطئ ذات رحم منه مع العلم بالتحريم ففيه روايتان:
نقل حنبل، وصالح، وعبد الله، وأبو طالب وابن منصور: حده القتل بكل حال. ونقل الفضل بن زياد: حده حد الزنى.
قال أبو بكر: فيه روايتان:
إحداهما: يقتل بكراً كان أو ثيباً.
والثانية: حكمه حكم الزاني.
وقال ابن قدامة: عن أحمد: في رجل تزوج امرأة أبيه، أو بذات محرم، فقال: يقتل، ويؤخذ ماله إلى بيت المال.
وقال المرداوي: الزاني بذات محرمه كاللواط على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقدمه في الفروع وغيره، وجزم ناظم المفردات: أن حده الرجم مطلقاً حتماً وهو منها.
[] انظر: الروايتين والوجهين 2/318، والمغني 8/182-183 والشرح الكبير 10/187، والمبدع 9/73، [] [] والفروع 6/72، والهداية للكلوذاني 2/99، وكشاف القناع 6/94، والإنصاف 10/177-178، وكذا مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص 351، رقم 1294.(7/3674)
على حديث: 1
__________
1 روى عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال: مرّ بي خالي أبو بردة بن نيار ومعه لواء فقلت: أين تريد؟
قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه بعده، أن أضرب عنقه، وآخذ ماله.
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 4/290، 292، 295، 297 بأكثر من طريق.
وأبو داود في سننه في الحدود، باب الرجل يزني بحريمه 4/602، رقم 4456 ولفظه: "لقيت عمي ومعه راية، فقلت له: أين تريد؟ قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه، فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله".
والترمذي في سننه في الأحكام، باب فيمن تزوج امرأة أبيه 3/643، رقم 1362 من طريق عدي بن ثابت عن البراء قال: مر بي أبو بردة بن نيار ومعه لواء. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
والنسائي في سننه في النكاح، باب نكاح ما نكح الآباء 6/109 - 110 بطريقين.
وابن ماجة في سننه في الحدود، باب من تزوج امرأة أبيه من بعده 2/869، رقم 2607 من طريق عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال: مر بي خالي (سماه هشيم في حديثه الحارث بن عمرو) .
[] والحديث صححه الألباني، وأورد طرقه. إرواء الغليل 8/18-22.(7/3675)
عدي 1 بن ثابت 2 إلا أن يكون يرى أن ذلك [مباح] 3 له يدرأ عنه القتل ويجلد.
قلت: فالمرأة 4 التي تزوج بها إذا كانت من ذوات محرم؟
قال: كلاهما 5 في معنى واحد، أي يقتل أيضاً.
قال إسحاق: هو كما قال إلا [أخذ] 6 المال، فإن ذلك فيمن
__________
1 هو عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي روى عن أبيه، وجده لأمه عبد الله بن يزيد الخطمي، والبراء بن عازب، وسليمان بن صرد، وعبد الله بن أبي أوفى، وعنه أبو إسحاق السبيعي، وأبو إسحاق الشيباني، ويحيى بن سعيد، وكان ثقة صدوقاً، وكان قاضي الشيعة وإمام مسجدهم، وقال ابن معين: شيعي مفرط، وقال الذهبي: لو كانت الشيعة مثله لقل شرهم. توفي - رحمه الله - سنة ست عشرة ومائة.
انظر ترجمته في: ط خليفة ص 161، والتاريخ الكبير 7/44 والتهذيب 7/165 - 166، والجرح والتعديل 7/2، وشذرات الذهب 1/152، والأعلام 4/219.
2 في العمرية سقط لفظ "بن ثابت".
3 في الأصل بلفظ "مباحاً"، والصواب ما أثبته، لأنه خبر إن.
4 في العمرية بلفظ "المرأة".
5 في العمرية بلفظ "كليهما".
6 في الظاهرية بلفظ "بأخذنا"، وفي العمرية بلفظ "بأخذ"، والتصحيح من الأوسط.(7/3676)
عرس بامرأة 1 أبيه. 2
[2685-] قلت: سئل سفيان: عن رجل سرق، ثم زنى، ثم ارتد عن الإسلام، ثم تاب؟
قال: هدم الإسلام ما كان قبل ذلك، إلا حقوق الناس بعضهم في بعض. 3
قال أحمد: يقام عليه الحد، وأستشنع هاتين المسألتين من
__________
1 في العمرية بلفظ "ابنه".
2 قال ابن المنذر قال إسحاق بن راهوية: هو كما قال، إلا أخذ المال، فإن ذلك فيمن عرس بامرأة أبيه. الأوسط، كتاب الحدود 2/656.
وكذا حكاه عنه الترمذي أنه قال: من وقع على ذات محرم قتل. سنن الترمذي 4/62، والخطابي في معالم السنن 4/603، والبغوي في شرح السنة 10/305، وابن حزم في المحلى 11/254، وابن قدامة في المغني 8/182، والشرح الكبير 10/187.
3 قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق ابن منصور أنه قال لأبي عبد الله: سئل سفيان عن رجل زنى، أو سرق، ثم ارتد عن الإسلام، ثم تاب.
قال: هدم الإسلام ما كان قبل ذلك، إلا حقوق الناس بعضهم في بعض.
أحكام أهل الملل ص 198، وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 3/724، وابن قدامة في المغني 8/149.(7/3677)
قوله 1.
قال إسحاق 2: كما قال أحمد 3، الرد [ة] 4 لا تسقط فرضاً كان عليه إذا راجع 5 الإسلام. 6
[2686-] قلت: سئل سفيان عن امرأة شهدوا عليها بالزنى فرجمت، فرجعوا وقالوا 7: تعمدنا؟.
__________
1 قال الخلال: قال أحمد: يقام عليه الحد، واستشنع هذا من قوله أحكام أهل الملل ص 198.
وقال ابن قدامة: ومن أصاب حداً ثم ارتد، ثم أسلم، أقيم عليه حده.
المغني 8/148، والشرح الكبير 10/110، وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات3/724.
2 في العمرية سقط لفظ "إسحاق".
3 في العمرية سقط لفظ "أحمد".
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
5 في العمرية بلفظ "رجع إلى".
6 قال الخلال: قال إسحاق بن راهوية: كما قال أحمد: الردة لا تسقط فرضاً كان عليه إذا راجع الإسلام.
أحكام أهل الملل ص 198، وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 3/724.
7 في العمرية بلفظ "فقالوا".(7/3678)
قال: يغرمون، ويضربون.
قيل 1: أليس يعزرون، ويغرمون الدية؟.
قال: بلى. 2
قال أحمد: يقتلون بها 3.
قال إسحاق: كما قال 4 أحمد، إذا أقروا بالتعمد، لأنهم القتلة.
[2687-] قلت: قال سفيان في الآبق: لا يقطعه مولاه 5 قد عيب ذلك
__________
1 في العمرية بلفظ "قال".
2 لم أعثر على قول سفيان بالنص، وإنما روى عبد الرزاق: قال سفيان: قلنا: الشاهد هو موسع عليه أن يزيد في شهادته، وينقص منها إذا لم يمض الحكم، فإذا مضى الحكم فرجع الشاهد غرم ما شهد به.
مصنف عبد الرزاق 10/90، رقم 18469، وكذا 8/352، رقم 15511.
3 قال أبو البركات: ومن شهدت عليه بينة بقتل عمد، أو ردة، أو زنى فقتل بذلك، ثم رجعوا وقالوا: عمدنا قتله بذلك.. فهو عمد محض، ويلزمهم القود.
المحرر 2/122، المبدع 8/247 - 248، والإنصاف 9/441.
وسيأتي في باب الشهادات في المسألة، رقم (2928) أن الإمام أحمد رحمه الله قال في الشاهد يشهد بالزنى فيرجم المشهود عليه، ثم يرجع الشاهد، أن عليه ربع الدية، وقال إسحاق: كما قال.
4 في العمرية بتكرار لفظ "قال" وهو خطأ.
5 قول الإمام سفيان الثوري رحمه الله ذكره القاضي أبو يعلى في الروايتين والوجهين 2/322.(7/3679)
على ابن عمر 1 [رضي الله عنهما] .
قال أحمد: قريباً مما قال، وأما إذا زنت، أو زنى ملك يمينه فيجلده، أو يحدها 2 المولى. 3
__________
1 روى الإمام مالك عن نافع، أن عبداً لعبد الله بن عمر سرق وهو آبق، فأرسل به عبد الله بن عمر إلى سعيد بن العاص، وهو أمير المدينة، ليقطع يده، فأبى سعيد أن يقطع يده، وقال: لا تقطع الآبق السارق إذا سرق، وقال له عبد الله بن عمر: في أي كتاب الله وجدت هذا؟ ثم أمر به عبد الله بن عمر، فقطعت يده.
الموطأ للإمام مالك في الحدود، باب ماجاء في قطع الآبق والسارق 2/833.
[] وهو في مصنف عبد الرزاق 10/241-242، رقم 18986 من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع.
ومصنف ابن أبي شيبة 9/485، رقم 8199 من طريق ابن إدريس عن عبيد الله، ويحيى عن نافع مختصراً.
والسنن الكبرى للبيهقي 8/268 من طريق مالك.
2 في العمرية بلفظ "يجلدها".
3 قال ابن قدامة: وللسيد إقامة الحد بالجلد على رقيقه القن، بأن يكون جلداً كحد الزنى، والشرب، وحد القذف.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب. وعنه: ليس له ذلك.
وهل للسيد القطع في السرقة؟ على روايتين:
إحداهما: لا يملكها إلا الإمام. وقال المرداوي تعليقاً: وهو المذهب. قال القاضي أبو يعلى: فنقل ابن منصور عن سفيان أنه قال في الآبق: لا يقطعه مولاه قد عيب على ابن عمر، قال أحمد: قريب مما قال، وأما إذا زنت أو زنى ملك يمينه فيجلده، وذكر الخبر، فظاهر هذا أنه أخذ بقول سفيان، وفرق بين القطع وبين الجلد.
والرواية الثانية: أن السيد يملكها. ونقل القاضي أبو يعلى وقال: وأومأ في مسائل مهنا إلى الأخذ بما روى ابن عمر في جواز القطع.
[] انظر: الروايتين والوجهين 2/322-323، والمغني 8/176-177، والشرح الكبير
[10/121-123،] والمحرر 2/164، والمبدع 9/44، وكشاف القناع 6/79، والإنصاف 10/150-152.(7/3680)
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا زنت فاجلدوها"1.
قال إسحاق: كما قال. 2
[2688-] قلت: قال الحسن: لا يقطع الآبق إذا سرق 3، وبه يأخذ
__________
1 لما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها. ثم إن زنت فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها. ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها، فليبعها ولو بحبل من شعر".
رواه البخاري في الحدود، باب لا يثرب على الأمة إذا زنت، ولا تنفى 8/29. ومسلم في الحدود، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى 2/1326، رقم 1703.
2 قول الإمام إسحاق - رحمه الله - حكاه عنه البغوي في شرح السنة 10/298.
3 لم أجد هذا الأثر بهذا اللفظ، وإنما روى ابن أبي شيبة ما يخالف قول الحسن هنا، ولعل ذلك رواية أخرى عنه. قال: حدثنا محبوب القواريري عن سفيان عن خالد الحذاء عن الحسن سئل عن العبد الآبق يسرق، تقطع يده؟ قال: نعم. مصنف ابن أبي شيبة 9/484، رقم 8195.(7/3681)
سفيان. 1
قال أحمد: لأي شيء لا يقطع؟
قال إسحاق: يقطع أشد القطع. 2
[2689-] قلت: سئل سفيان عن مكاتب سرق من مولاه ترى عليه حدا؟
قال: يدرأ عنه، والمولى إن 3 أخذ من مكاتبه يدرأ عنه.
أيهما سرق من صاحبه لم يقم عليه الحد. 4
__________
1 لم أجد قول سفيان في العبد الآبق.
2 تقدم تحقيق قول الإمام أحمد وإسحاق فيما مضى في المسألة، رقم (2506) .
3 في العمرية بلفظ "إذا".
4 روى عبد الرزاق عن الثوري قال: إن سرق المكاتب من سيده شيئاً لم يقطع، وإن سرق السيد من المكاتب شيئاً لم يقطع.
مصنف عبد الرزاق 10/211، رقم 18870، وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/269، وابن قدامة في المغني 8/275 - 276، والشرح الكبير 10/277.(7/3682)
قال أحمد: جيد. 1
قال إسحاق: كما قال، لا يقطع على واحد منهما إذ أخذ مال صاحبه. 2
[2690-] قلت [لأحمد] 3 سئل 4 سفيان: عن ثلاثة نفر اجتمعوا فسرقوا عشرة دراهم، يقطعون؟
قال: لا. حتى تكون حصة كل واحد 5 منهم عشرة
__________
1 ولا يقطع العبد بالسرقة من مال سيده، نص عليه، والمكاتب، وأم الولد والمدبر كالقن، ولا يقطع سيد المكاتب بسرقة ماله، لأنه عبد ما بقي عليه درهم.
وكل من لا يقطع الإنسان بسرقة ماله لا يقطع عبده بسرقة ماله.
انظر: المغني 8/275 - 276، والشرح الكبير 10/277، والمحرر 2/158، والفروع 6/133، والمبدع [9/133-134،] وكشاف القناع 6/141، والإنصاف 10/278.
[2] حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/269، وابن قدامة في المغني 8/275-276، والشرح الكبير 10/277.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية وفي الظاهرية بلفظ "قال".
4 في العمرية بلفظ "سألت".
5 في العمرية بلفظ "رجل".(7/3683)
دراهم. 1
قال أحمد: إذا سرقوا ما يقوم ثلاثة دراهم قطعوا. 2
قال إسحاق: إذا سرقوا ما يبلغ حصة كل واحد ربع دينار أو ثلاثة دراهم، قطعوا حينئذ. 3
[2691-] [ظ-84/أ] قلت [لأحمد] : 4 سئل سفيان يستحب أن يقطع في
__________
1 قول الإمام سفيان الثوري رحمه الله حكاه عنه ابن قدامة في المغني 8/282، والشرح الكبير 10/254، وسليمان في حاشية المقنع 3/488.
2 قال الخرقي: وإذا اشترك الجماعة في سرقة قيمتها ثلاثة دراهم قطعوا. وقال المرداوي تعليقاً: وهذا المذهب نص عليه، وعليه الأصحاب. وعنه: يقطع من أخرج منهم نصاباً منه، وإلا فلا.
انظر: مختصر الخراقي ص 194، والمغني 8/282، والشرح الكبير 10/254، والمقنع 3/488، والمحرر 2/157، والفروع 6/128، والأحكام السلطانية ص 268، وكشاف القناع 6/133، والإنصاف 10/267.
3 قال ابن قدامة: وقال إسحاق: لا قطع عليهم إلا أن تبلغ حصة كل واحد منهم نصاباً، لأن كل واحد لم يسرق نصاباً فلم يجب عليه قطع، كما لو انفرد بدون النصاب.
المغني 8/282، وكذا حكاه عنه في الشرح الكبير 10/254، وسليمان في حاشية المقنع 3/488.
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3684)
الأحرار 1؟
قال: لا.
وسئل عن المملوكين: أيقطع فيهم؟
قال: إذا كانوا صغاراً قطع، وإذا كانوا كباراً لا يقطع. 2
قال أحمد: جيد. يقطع في العبيد الصغار إذا كانوا في حرز، وإذا كانوا أحراراً صغاراً لا يقطع. 3
قال إسحاق: كما [ع-115/ب] قال في العبيد، وإذا سرق
__________
1 قلت: يظهر من صيغة السؤال أن فيه حذفاً: أي في سرقة الأحرار على حذف مضاف.
2 روى عبد الرزاق عن سفيان في الرجل يبيع الحر؟ قال: لا قطع عليه، ولا بيع له، وعليه تعزير.
مصنف عبد الرزاق 10/193، رقم 18795، وكذا روى عبد الرزاق عن سفيان يقول: ما سرق من صغير مملوك ففيه القطع، ومن سرق من صغير حراً، أو مملوكاً بلغ، فلا قطع عليه.
مصنف عبد الرزاق 10/195، رقم 18804، وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/108، وابن حزم في المحلى 11/336 - 337، وابن عبد البر في الاستذكار 6/9، وابن قدامة في المغني 8/244/245، والشرح الكبير 10/243، وحاشية المقنع 3/485.
3 تقدم فيما مضى برقم (2513) .(7/3685)
صغيراً حراً.
لا يعقل من حرز قطع، 1 كما قال الحسن 2 والشعبي. 3
[2692-] قلت: قال سفيان 4 في 5 الطرار 6 يقطع في عشرة دراهم؟ 7
__________
1 تقدم فيما مضى فارجع إليه برقم (2513) .
2 روى عبد الرزاق عن الحسن قال: من سرق صغيراً حراً، أو عبداً، ففيه القطع.
مصنف عبد الرزاق 10/195، رقم 18803، والمحلى لابن حزم 11/336، والسنن الكبرى للبيهقي 8/267، والاستذكار لابن عبد البر 6/9، وكذا حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/109، 112، وابن قدامة في المغني 8/344 - 345.
3 قول الإمام الشعبي: حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/109، 112، وابن حزم في المحلى 11/337، وابن عبد البر في الاستذكار 6/9، وابن قدامة في المغني 8/244، والشرح الكبير 10/244، وسليمان في حاشية المقنع 3/485، وابن الهمام في فتح القدير 5/370.
4 في الظاهرية "قال الشعبي".
5 في العمرية سقط لفظ "في".
6 الطر: الشق والقطع ومنه الطرار: وهو الذي يقطع النفقات، ويأخذها على غفلة من أهلها. انظر: الصحاح للجوهري 2/725، والمصباح المنير 2/370.
7 روى عبد الرزاق عن الثوري عن أصحابهم في الطرار عليه القطع، لأنها مصرورة، وهي بمنزلة البيت. مصنف عبد الرزاق 10/215، رقم 18890.
وكذا حكاه عنه ابن المنذر فقال: وقال سفيان الثوري عن أصحابه في الطرار عليه القطع. الأوسط، كتاب الحدود 1/185.(7/3686)
قال أحمد: إذا كان يطر سراً قطع، وإن اختلس شيئاً لم يقطع 1.
[قال 2 إسحاق] كلما طر من داخل قطع، لأنه كالحرز، وإذا كان قد طره خارجاً، فلا قطع عليه وهو كالخلسة حينئذ 3.
__________
1 نقل ابن المنذر وقال أحمد: إذا كان يطر سراً قطع، وإن اختلس لم يقطع.
الأوسط، كتاب الحدود 1/186، وكذا انظر: الكافي 4/183 والمغني 8/256، والشرح الكبير 10/241، والفروع 6/138، والمحرر 2/156، والمبدع 9/115، والهداية للكلوذاني 2/104 وكشاف القناع 6/130، والإنصاف 10/254.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب.
والرواية الثانية: قال ابن قدامة: ونقل حنبل عن أحمد في الذي يأخذ من جيب الرجل، أو كمه، لا قطع عليه.
وهذا محمول على من اختلس دون من سرق، لأنه قد بينه في رواية ابن منصور.
الكافي 4/183، والمغني 8/256، والشرح الكبير 10/241، والإنصاف 10/254.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 قول الإمام إسحاق - رحمه الله - حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/186، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 6/171، وأبو حيان في البحر المحيط 3/483، وابن ناصر في تجريد المسائل 2/219.(7/3687)
[2693-] قلت: سئل سفيان عن سارق سرق، ثم سرقها منه آخر [أ] 1، ترى على الآخر قطعاً 2؟.
قال: لا. 3
قال أحمد: يقول ليس بمالك له.
قلت: لا أدري.
قال: دعه لا أدري ما هو. 4
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 في العمرية بلفظ "قطع".
3 روى عبد الرزاق عن ابن المبارك عن الثوري في رجل سرق من رجل متاعاً، ثم جاء آخر فسرقه من السارق قال: يقطع السارق الأول، وأما الذي سرقه من السارق فليس عليه قطع، وعليه غرم ما أخذ.
مصنف عبد الرزاق 10/222، رقم 18913.
وقال ابن المنذر: قال الثوري: القطع على الأول، ويغرم الآخر.
الأوسط، كتاب الحدود 1/97، وكذا حكاه عنه ابن قدامة في المغني 8/271، والشرح الكبير 10/298.
4 التوقف عن الجواب يدل على تورعه - رحمه الله - إذ لم يستبن له السؤال.
قال المرداوي: فائدة: لو سرق المال المسروق، أو المغصوب أجنبي لم يقطع، على الصحيح من المذهب. وقيل: يقطع.
الإنصاف 10/283، وكذا انظر: المحرر 2/159.(7/3688)
قال سفيان: والأول إذا أقيم عليه الحد فليس عليه غرم.
قال أحمد: يقام عليه الحد، ويغرم رجل سرق مائة ألف وأخذه 1 السلطان فقطع يده ذهب بالمال 2 هذا مائة ألف بلى 3 يغرم 4.
قال إسحاق: كما قال [في كله إلا من] 5 سرق سرقة من رجل قد سرق تلك السرقة فإنه سارق أيضاً. 6
[2694-] قلت: قال الزهري: في رجل أشل اليد سرق؟
__________
1 في العمرية بلفظ "فأخذه".
2 في العمرية بلفظ "بمال".
3 في العمرية بلفظ "بل".
4 تقدم فيما مضى في المسألة (2510) .
5 في الظاهرية "كل أمر".
6 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/97، وابن ناصر في تجريد المسائل 2/217، وابن نصر المروزي في اختلاف العلماء 83/1، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 6/165، وابن قدامة في المغني 8/271، والشرح الكبير 10/298.(7/3689)
قال: إذا كانت شلاء قطعت. 1
قال أحمد: إذا كان يحركها.
قلت: وإن 2 لم يحركها؟
قال: إذا كانت قائمة قطع. 3
__________
1 روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في رجل أشل اليد سرق قال: تقطع يده وإن كانت شلاء.
مصنف عبد الرزاق 10/190، رقم 18776، وكذا في الأوسط لابن المنذر، كتاب الحدود 1/242.
2 في العمرية بلفظ "فإن".
3 قال القاضي أبو يعلى:
في أشل سرق، هل تقطع يده الشلاء أم رجله اليسرى؟
نقل ابن منصور: تقطع يده الشلاء إذا كانت قائمة، ونقل إبراهيم الحربي، وأبو النصر: تقطع رجله اليسرى.
وقال المرداوي: إحداهما: وهي كمعدومة، فلا تقطع، وتقطع رجله. قدمه في الكافي وقال نص عليه، والناظم وابن رزين في شرحه، وهو الصواب.
[] انظر: الروايتين والوجهين 2/335 - 336، والمغني 8/262 - 263، والكافي 4/192- 193، والشرح الكبير 10/296، والفروع 4/136، وتصحيح الفروع 6/137، والمبدع 9/142، والمحرر 2/160، وكشاف القناع 6/148، والإنصاف 10/289.(7/3690)
قال إسحاق: كما قال 1 الزهري، تقطع يده 2 الشلاء.
[2695-] قلت: قال سفيان: أيما محرم سرق من محرمه كان الدرء أحسن 3.
قال أحمد: 4 أقول يقطع 5 إلا في الأبوين،
__________
1 في العمرية بتكرار لفظ "قال".
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/242.
3 روى عبد الرزاق عن ابن المبارك قال الثوري: ويستحسن ألا يقطع من سرق من ذي محرم، خاله أو عمه، أو ذات محرم.
مصنف عبد الرزاق 10/221، رقم 18907، وكذا حكاه عنه ابن نصر المروزي في اختلاف العلماء 83/1، وابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/201 - 202، وابن عبد البر في الاستذكار 6/9، وابن حزم في المحلى 11/344، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 6/170، والجصاص في أحكام القرآن 2/429، وابن ناصر في تجريد المسائل 219/1.
4 في العمرية سقط لفظ "أحمد".
5 ويقطع سائر الأقارب بالسرقة من مال أقاربهم، كالإخوة والأخوات ومن عداهم.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب.
الرواية الثانية: لا يقطع بالسرقة من ذي رحم. حكاه ابن أبي موسى في الإرشاد مذهباً لأحمد.
انظر: المغني 8/276، والكافي 4/179، والشرح الكبير 10/279 - 280، والمحرر 2/158، والمبدع 9/135، والفروع 6/133، والأحكام السلطانية ص 268، والهداية للكلوذاني 2/105، وكشاف القناع 6/141، والإنصاف 10/280.(7/3691)
والولد 1 والجد وولد الولد، وإن سفلوا، والجد وإن ارتفع لا يقطع. 2
قلت: والعبد إذا لم يكن في خدمة مولاه؟
قال: العبد لا يقطع في مال مولاه 3.
قال إسحاق: كما قال أحمد 4.
__________
1 في العمرية بلفظ "الوالد".
2 لا يقطع بالسرقة من مال ابنه، وإن سفل، ولا الولد من مال أبيه وإن علا، والأب والأم في هذا سواء.
وقال المرداوي تعليقاً: وهذا المذهب مطلقاً، وعليه أكثر الأصحاب.
وعنه: يختص عدم القطع بالأبوين، وإن علوا.
انظر: المغني 8/275 - 276، والشرح الكبير 10/275 - 276، والكافي 4/179، والفروع 6/133، والمبدع 9/133، والهداية للكلوذاني 2/105، وكشاف القناع 6/141، والإنصاف 10/278.
3 تقدم مسألة شبيهة بهذه فيما مضى برقم (2550) .
4 نقل ابن المنذر فقال: وفي قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق: يقطع من سرق من سوى الأبوين، والجد، وولد الولد، والمملوك إذا سرق من مال المولى، كل من سرق من غير هؤلاء ما يقطع في مثله اليد، قطعت يده.
الأوسط، كتاب الحدود 1/202، وكذا حكاه عنه ابن عبد البر في الاستذكار 6/9، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 6/170، وابن قدامة في المغني 8/276، والشرح الكبير 10/276.(7/3692)
[2696-] قلت: سئل سفيان عن رجل دخل دار قوم فأخذ شاتهم فذبحها 1، ثم أخرجها؟
قال: يقام عليه الحد. 2
قال أحمد: جيد. 3
__________
1 في العمرية بالعبارة الآتية: " ثم ذبحها فأخرجها ".
2 قول الإمام سفيان الثوري حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/193.
3 قال ابن قدامة: وإن ذبح الشاة في الحرز، أو شق الثوب ثم أخرجها، وقيمتها بعد الشق والذبح نصاب، فعليه القطع. المغني 8/257، والشرح الكبير 10/261.
وقال المرداوي: إذا سرق نصاباً، ثم نقصت قيمته عن النصاب، فلا يخلو: إما أن يكون نقصها قبل إخراجه من الحرز، أو بعد إخراجه، فإن نقصت بعد إخراجه قطع بلا نزاع أعلمه.
وإن نقصت قبل إخراجه من الحرز كما مثل المصنف، إذا دخل الحرز فذبح شاة قيمتها نصاب فنقصت. أو قلنا: هي ميتة، ثم أخرجها، أو دخل الحرز فأتلفها فيه بأكل أو غيره، لم يقطع بلا نزاع أعلمه.
واعلم أن السارق إذا ذبح المسروق: يحل، على الصحيح من المذهب. وعليه جماهير الأصحاب.
وحكي رواية: أنه ميتة، لا يحل أكله مطلقاً، واختاره أبو بكر.
[] الإنصاف 10/264، وكذا انظر: المبدع 9/122، والمقنع مع حاشيته 3/487- 488، والفروع 6/126، وكشاف القناع 6/132.(7/3693)
قلت: ما معنى ذبحها؟ قال: هؤلاء يقولون إذا ذبحها فقد استهلكها، ويضمن 1.
ولا يكون عليه الحد. 2
قال إسحاق: كما قال.
[2697-] قلت: سئل سفيان: عمن سرق من 3 الفسطاط 4؟
__________
1 في العمرية سقط لفظ "و" بعد لفظ "يضمن".
2 قال أصحاب الرأي: وإن سرق شاة فذبحها، ثم أخرجها، لم يقطع، لأن السرقة تمت على اللحم ولا قطع فيه.
انظر: الهداية شرح بداية المبتدي 2/131، وفتح القدير 5/420، وبدائع الصنائع 7/70 - 71.
3 في العمرية سقط لفظ "من".
4 اتفقت النسختان إلى هنا، ثم سقطت العبارة الباقية من المسألة في الظاهرية، وهي بياض إلا لفظ "هو الخيمة"، وأثبت بقية المسألة من العمرية وجعلته بين معقوفين.(7/3694)
[قال: أراه سارقاً 1.
قال أحمد: نعم جيد 2.
سئل سفيان: عن البيت 3 المرى ملس 4 عليه. سرق منه.
قال: أراه سارقاً.
__________
1 نقل ابن المنذر فقال: وكان سفيان الثوري يقول فيمن سرق من الفسطاط: أراه سارقاً.
الأوسط، كتاب الحدود 1/165، وكذا حكاه عنه ابن قدامة في المغني 8/250، والشرح الكبير 10/264، وسليمان في حاشية المقنع 3/493.
2 قال ابن قدامة: والخيمة والخركاة إن نصبت، وكان فيها أحد نائماً أو منتبهاً، فهي محرزة وما فيها، لأنها هكذا تحرز في العادة، وإن لم يكن فيها أحد، ولا عندها حافظ، فلا قطع على سارقها.
المغني 8/249، والشرح الكبير 10/264، وكذا انظر: الكافي 4/183، والفروع 6/130، والمبدع 9/127، وحاشية المقنع 3/493، وكشاف القناع 6/136.
3 البيت من الشعر ما زاد على طريقة واحدة يقع على الصغير والكبير، وقد يقال للمبني من غير الأبنية التي هي الأخبية بيت، والخباء: بيت صغير من صوف أو شعر، فإذا كان أكبر من الخباء فهو بيت. اللسان 2/14.
4 الملس: هو الذي يسرق المتاع فيبيعه بدون ثمنه، ويملس من فوره فيستخفي، فإن جاء المستحق ووجد ماله في يد الذي اشتراه أخذه، وبطل الثمن الذي فاز به اللص، ولا يتهيأ له أن يرجع به عليه.
انظر: المصباح المنير 2/579، واللسان 6/221.(7/3695)
قال أحمد: جيد.
قال إسحاق: كما قال، والفسطاط] هو الخيمة 1.
[2698-] قلت: سئل سفيان عن سارق أخرج المتاع من الدار وشهدوا عليه أنه سرق، قال: أمرني صاحب الدار أن أخرجه.
قال 2: أرى أن يقام عليه الحد 3.
قال أحمد: إذا شهدوا أنه سرق، أرى أن يقام عليه الحد 4.
__________
1 قول الإمام إسحاق - رحمه الله - حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/165، وابن قدامة في المغني 8/250، والشرح الكبير 10/264، وسليمان في حاشية المقنع 3/493.
2 في العمرية بلفظ "فقال".
3 لم أجد قول سفيان هذا.
4 قال ابن المنذر في السارق ثبت عليه البينة أنه سرق فيدعي أن رب المنزل أمره به، قال أحمد وإسحاق: إذا شهدوا عليه أنه سرق تقطع يده. الأوسط، كتاب الحدود 1/103.
وقال ابن مفلح: نقل ابن منصور: لو شهد عليه، فقال: أمرني رب الدار أن أخرجه، لم يقبل منه.
المبدع 9/136، وكذا انظر: الفروع 6/134، والمغني 8/286، والشرح الكبير 10/281، والإنصاف 10/282.(7/3696)
قال إسحاق: كما قال 1 [ع-116/أ] .
[2699-] قلت: قال سفيان: لا تكون المحاربة بالكوفة، تكون خارجاً 2 عنها.
قال أحمد 3: دعه 4.
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/103، وكذا ابن ناصر في تجريد المسائل 219/1.
2 قول الإمام سفيان الثوري: حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/390، والجصاص في أحكام القرآن 2/413، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 6/151، وابن حزم في المحلى 11/303، وابن ناصر في تجريد المسائل 1/220، وابن قدامة في المغني 8/287، والشرح الكبير 10/303.
3 في العمرية سقط لفظ "أحمد".
4 قال الكلوذاني: فأما بين البنيان في الأمصار، فقد توقف إمامنا أحمد - رحمه الله - عن الجواب، واختلف أصحابنا، فظاهر كلام الخرقي: أنه لا يكون قاطع الطريق إلا خارج المصر. وقال شيخنا وأبو بكر: حكمهم في المصر حكمهم في الصحراء.
الهداية 2/106، كذا انظر: المغني 8/287، والشرح الكبير 10/303، والمقنع مع حاشيته 3/501، والأحكام [] السلطانية صـ59، وكذا راجع المبدع 9/146، والفروع 6/140، والمحرر 2/160، وكشاف القناع [6/149-150،] والإنصاف 10/291-292، قال المرداوي تعليقاً: وقال أبو بكر: حكمهم في المصر والصحراء واحد. وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.(7/3697)
قال إسحاق: كما قال 1 [ع-116/أ] .
[2699-] قلت: قال سفيان: لا تكون المحاربة بالكوفة، تكون خارجاً 2 عنها.
قال أحمد 3: دعه 4.
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/103، وكذا ابن ناصر في تجريد المسائل 219/1.
2 قول الإمام سفيان الثوري: حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/390، والجصاص في أحكام القرآن 2/413، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 6/151، وابن حزم في المحلى 11/303، وابن ناصر في تجريد المسائل 1/220، وابن قدامة في المغني 8/287، والشرح الكبير 10/303.
3 في العمرية سقط لفظ "أحمد".
4 قال الكلوذاني: فأما بين البنيان في الأمصار، فقد توقف إمامنا أحمد - رحمه الله - عن الجواب، واختلف أصحابنا، فظاهر كلام الخرقي: أنه لا يكون قاطع الطريق إلا خارج المصر. وقال شيخنا وأبو بكر: حكمهم في المصر حكمهم في الصحراء.
الهداية 2/106، كذا انظر: المغني 8/287، والشرح الكبير 10/303، والمقنع مع حاشيته 3/501، والأحكام [] السلطانية صـ59، وكذا راجع المبدع 9/146، والفروع 6/140، والمحرر 2/160، وكشاف القناع [6/149-150،] والإنصاف 10/291-292، قال المرداوي تعليقاً: وقال أبو بكر: حكمهم في المصر والصحراء واحد. وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.(7/3698)
على قدامة 1 الحد وهو مريض. 2
__________
1 هو قدامة بن مظعون بن حبيب الجمحي القرشي يكنى أبا عمرو، وهو خال أم المؤمنين حفصة، وعبد الله ابني عمر بن الخطاب، وهو من السابقين إلى الإسلام، هاجر إلى الحبشة مع أخويه عثمان وعبد الله ابني مظعون، وشهد بدراً وأحداً، وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعمله عمر على البحرين، ثم عزله لشربه الخمر، وأقام عليه الحد في المدينة، وتوفي رضي الله عنه سنة ست وثلاثين وهو ابن ثمان وستين سنة.
[] انظر ترجمته في: طبقات خليفة ص 25، والإصابة 3/228-229، والاستيعاب 3/258-262، والتاريخ [] الكبير 7/178، وأسد الغابة 4/198-200، والجرح والتعديل 7/127، والإعلام 5/191.
2 روى عبد الرزاق أن عمر بن الخطاب استعمل قدامة بن مظعون على البحرين، وهو خال حفصة وعبد الله بن عمر، فقدم الجارود سيد عبد القيس على عمر من البحرين، فقال: يا أمير المؤمنين إن قدامة شرب فسكر، ولقد رأيت حداً من حدود الله حقاً عليَّ أن أرفعه إليك، فقال عمر: من يشهد معك؟ قال: أبو هريرة، فدعا أبا هريرة، فقال: بم أشهد؟ قال: لم أره يشرب، ولكني رأيته سكران، فقال عمر: لقد تنطعت في الشهادة، قال: ثم كتب إلى قدامة أن يقدم إليه من البحرين، فقال الجارود لعمر: أقسم على هذا كتاب الله عز وجل، فقال عمر: أخصم أنت أم شهيد؟ قال بل شهيد، قال: فقد أديت شهادتك، قال: فقد صمت الجارود حتى غدا على عمر، فقال: أقم على هذا حد الله، فقال عمر: ما أراك إلا خصماً، وما شهد معك إلا رجل، فقال الجارود: إني أنشدك الله، فقال: لتمسكن لسانك، أو لأسوءنك، فقال الجارود: أما والله ما ذاك بالحق أن يشرب ابن عمك وتسوؤني، فقال أبو هريرة: إن كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى ابنة الوليد فسلها، وهي امرأة قدامة، فأرسل عمر إلى هند ابنة الوليد ينشدها، فأقامت الشهادة على زوجها، فقال عمر لقدامة: إني حادك، فقال: لو شربت كما يقولون، ما كان لكم أن تجلدوني، فقال عمر: لم؟ قال قدامة: قال الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا} الآية فقال عمر: أخطأت التأويل، إنك إذا اتقيت اجتنبت ما حرم الله عليك، قال: ثم أقبل عمر على الناس فقال: ماذا ترون في جلد قدامة؟ قالوا: لا نرى أن تجلده ما كان مريضاً، فسكت عن ذلك أياماً. وأصبح يوماً وقد عزم على جلده، فقال لأصحابه: ماذا ترون في جلد قدامة؟ قالوا: لا نرى أن تجلده ما كان ضعيفاً، فقال عمر: لأن يلقى الله تحت السياط أحب إليَّ من أن يلقاه وهو في عنقي، ائتوني بسوط تام، فأمر بقدامة فجلد.
مصنف عبد الرزاق 9/240 - 242، رقم 17076، وانظر: السنن الكبرى للبيهقي 8/315 - 316، وأسد الغابة 4/199.(7/3699)
قال إسحاق: كما قال لما سن عمر [رضي الله عنه] ذلك. 1
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 1/252، وابن قدامة في المغني 8/173، وفي الشرح الكبير 10/131، وابن مفلح في المبدع 9/49، وسليمان في حاشية المقنع 3/445.(7/3700)
[2701-] قلت: الرجل يسلم ثم يرتد ثم يسلم ثم يرتد؟
قال أحمد: ما دام يتوب يستتاب 1.
قال إسحاق: يستتاب ثلاثاً، فإن ارتد الرابعة لم يستتب، عليه
__________
1 قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن الذي عليه جماهير أهل العلم أن المرتد يستتاب، ومذهب مالك وأحمد: أنه يستتاب، ويؤجل بعد الاستتابة ثلاثة أيام.
وهل ذلك واجب أو مستحب؟
على روايتين عنهما: أشهرهما عنهما: أن الاستتابة واجبة، وهذا قول إسحاق بن راهويه. الصارم المسلول321.
وقال القاضي أبو يعلى: إذا تكررت توبته وردته، هل تصح توبته نقل ابن منصور: تصح. وقال القاضي: وهو أصح. ونقل الميموني، والمشكاتي: لا تصح. وهو اختيار أبي بكر، لأنه متى تكررت ردته فالظاهر أنه زنديق، فلا تقبل توبته.
الروايتين والوجهين 2/312.
وقال المرداوي: وتقبل توبته كغيره، وهو اختيار الخلال فيمن تكررت ردته، وآخر قول الإمام أحمد رحمه الله.
والرواية الأخرى: لا تقبل توبته، وتقبل بكل حال، وهو المذهب.
وعنه: لا تقبل إن تكررت ردته ثلاثاً فأكثر، وإلا قبلت.
[] الإنصاف 10/332-333، وكذا انظر: المغني 8/126، والشرح الكبير 10/89، والفروع 6/170، والإقناع 4/302، والمحرر 2/168، والمبدع 9/179، وكشاف القناع 6/177، روى هذه المسألة عن إسحاق بن منصور: الخلال في أحكام أهل الملل وروايات أخرى بهذا المعنى 186 - 187.(7/3701)
القتل 1، كما جاء عن عثمان 2 وابن عمر 3 رضي الله عنهم على تأويل الكتاب {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} الآية 4.
[2702-] قلت: ترى مع الغرة كفارة في الجنين؟
__________
1 نقل ابن المنذر قول إسحاق رحمه الله فقال: قال إسحاق: يستتاب ثلاثاً: فإن ارتد الرابعة لم يستتب عليه القتل، جاء عن عثمان، وابن عمر على تأويل الكتاب: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} الآية، سورة النساء آية 137.
الأوسط، كتاب الديات 3/740، وكذا حكاه عنه ابن حجر في الفتح 12/273، وانظر: المغني 8/26، والشرح الكبير 10/89، وحاشية المقنع 3/519.
2 روى عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني سليمان بن موسى أنه بلغه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه: أنه كفر إنسان بعد إيمانه، فدعاه إلى الإسلام ثلاثاً، فأبى فقتله. مصنف عبد الرزاق 10/164، رقم 18692.
3 روى ابن أبي شيبة عمن سمع ابن عمر يقول: يستتاب المرتد ثلاثاً، فإن تاب ترك، وإن أبى قتل.
مصنف ابن أبي شيبة 10/138، رقم 9036، وهو في السنن الكبرى للبيهقي 8/207.
4 سورة النساء، آية 137.(7/3702)
قال: نعم، إذا كان 1 خطأ.
قال إسحاق: كما قال. 2
[2703-] قلت لأحمد: 3 رجل أمر رجلاً أن يقتل مسلماً فقتله؟
قال: لا يقاد منه، وعليه أدب ينكل به.
قال إسحاق: كما قال، إلا أن يكون حين أمره أعانه على ضبطه، فأمسكه عليه حتى قتله، فحينئذ يقتلان جميعاً.
[2704-] [قلت: 4 قول عمر [رضي الله عنه] ليس [الرجل بـ] 5 أمين على نفسه إذا أجعته، أو ضربته، أو حبسته. 6
قال: إذا أقر على هذا لم يؤخذ به.
قال إسحاق: كما قال] . 7
__________
1 في العمرية سقط لفظ " كان ".
2 تقدم مثل ذلك فيما مضى برقم (2619) .
3 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
4 هذه المسألة سقطت من الظاهرية أثبته من العمرية.
5 ما بين المعقوفين أثبته من مصنف ابن أبي شيبة.
6 تقدم تخريجه عند المسألة، رقم (2647) .
7 تقدم مثل ذلك فيما مضى برقم (2647) .(7/3703)
[2705-] قلت لأحمد: مسلم زنى بنصرانية؟
قال: المسلم يقام عليه الحد، فإن جيء 1 بالنصرانية إلينا أقمنا عليها الحد 2.
قال إسحاق: كما قال [ظ-84/ب] .
__________
1 في العمرية بلفظ "جاء".
2 روى الخلال عن عبد الملك: أن أبا عبد الله قال: والنصرانية واليهودية أحكامهما في جميع أمورهما أحكام المسلمات إلا في موضع واحد، لا يرثهما، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يرث مسلم كافراً". أحكام أهل الملل ص 125.
قال ابن قدامة: إذا تحاكم إلينا أهل الذمة أو استعدى بعضهم على بعض فالحاكم مخير بين إحضارهم والحكم بينهم، وبين تركهم سواء كانوا من أهل دين واحد، أو من أهل أديان هذا المنصوص عن أحمد. وحكى أبو الخطاب عن أحمد رواية أخرى أنه يجب الحكم بينهم. وقال أحمد: لا يبحث عن أمرهم، ولا يسأل عن أمرهم إلا أن يأتوهم فإن ارتفعوا إلينا أقمنا عليهم الحد، على ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أيضاً حكمنا يلزمهم، وحكمنا جائز على جميع الملل ولا يدعوهما الحاكم فإن جاؤوا حكمنا بحكمنا.
إذا ثبت هذا فإنه إذا رفع إلى الحاكم من أهل الذمة من فعل محرماً يوجب عقوبة مما هو محرم عليهم في دينهم، كالزنى والسرقة، والقذف والقتل، فعليه إقامة حده عليه، فإن كان زنى جلد إن كان بكراً، وغرب عاماً، وإن كان محصناً رجم، لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بيهوديين فجرا بعد إحصانهما، فأمر بهما فرجما. المغني 8/214 - 215 باختصار.(7/3704)
[2706-] قلت: قدم ابن الزبير [رضي الله عنهما] [ع-116/ب] مكة فوجد فيها رجلاً يقرض الدراهم فقطع يده. 1
قال: كانت الدراهم تؤخذ برؤوسها بغير وزن، فوجده يقرضها فعده سرقة. 2
قال إسحاق: كما قال، إلا أنا لا نرى القطع، ولكن حبس وأدب.
[2707-] قلت: على من قذف أهل الكتاب حد؟
قال: أدب. 3
__________
1 روى عبد الرزاق قال: قدم ابن الزبير مكة فقطع رجلاً كان يقرض الدراهم.
مصنف عبد الرزاق 8/130، رقم 14597.
2 قال القاضي أبو يعلى: وروى ابن منصور: أنه قال لأحمد: إن ابن الزبير قدم مكة فوجد بها رجلاً يقرض الدراهم، فقطع يده، فقال: كانت الدراهم تؤخذ برؤوسها بغير وزن فعده سارقاً. وقال: هذا إفراط في التعزير. الأحكام السلطانية 183.
3 روى الخلال قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق أنه قال لأبي عبد الله: على من قذف أهل الكتاب حد؟ قال: أدب.
قال أبو بكر الخلال، وأبو عبد الله قد ذكر عن جماعة من التابعين بعضهم لم ير عليه شيئاً، وبعضهم قال يؤدب، وقد روى هذه المسألة عن أبي عبد الله أرجح من عشرة أنفس، فقال بعضهم: ليس عليه حد.
وقال محمد بن موسى: ليس عليه شيء، ولم يتابعه على هذه اللفظة أحد. وقال ستة أنفس عن أبي عبد الله: إن عليه أدباً.
وقد قال عنه حنبل في هذا الباب أيضاً أن الحد إنما هو للمسلم لطهارته، فالذمي ما له، وقال الخلال: في هذا أدب، فعلى هذا العمل من قول أبي عبد الله.
[] أحكام أهل الملل ص 117-118، وكذا انظر: المغني 8/227- 228، والأحكام السلطانية ص 27.
وقال المرداوي: إن الرقيق والكافر غير محصن فلا يحد بقذفه، وهو صحيح، وهو المذهب. وعليه جماهير الأصحاب. فعلى المذهب: يعزر القاذف على المذهب مطلقاً. وعنه: لا يعزر لقذف كافر. الإنصاف 10/203.(7/3705)
قال إسحاق: كما قال 1.
[2708-] قلت: رجل تزوج امرأة بكراً، فدخل عليها فإذا هي حبلى. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لها الصداق 2 بما استحللت منها والولد عبد لك، فإذا ولدت فاجلدوها". 3؟
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/773.
2 في العمرية سقط لفظ "الصداق".
3 روى عبد الرزاق قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن صفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب عن رجل من الأنصار يقال له بصرة، قال: تزوجت امرأة بكراً، فدخلت عليها فإذا هي حبلى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لها الصداق بما استحل من فرجها، والولد عبد لك، فإذا ولدت فاجلدوها".
[] مصنف عبد الرزاق 6/249-250، رقم 10704، وكذا، رقم 10705 من طريق ابن جريج قال: حدثت عن صفوان بن سليم.
وهو في سنن أبي داود في النكاح، باب في الرجل يتزوج المرأة فيجدها حبلى 2/599، رقم 2131 من طريق عبد الرزاق.
قال ابن القيم رحمه الله: هذا الحديث قد اضطرب في سنده وحكمه.
تهذيب ابن قيم الجوزية 3/60.
وسنن ابن منصور، باب المرأة تتزوج في عدتها 1/218 - 219، رقم 693 من طريق عبد الله بن المبارك، قال حدثني علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن يزيد ابن نعيم عن سعيد بن المسيب، وهذا حديث مرسل.
والسنن الكبرى للبيهقي 7/157 من طرق عدة. وقال البيهقي: فهذا الحديث إنما أخذه ابن جريج عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم وإبراهيم مختلف في عدالته.
وقال: أجمع أهل العلم على أن ولد الزنى من الحرة يكون حراً فيشبه أن يكون هذا الحديث إن كان صحيحاً منسوخاً والله أعلم.
قال الخطابي: هذا الحديث لا أعلم أحداً من الفقهاء قال به وهو مرسل.
معالم السنن 2/599.(7/3706)
قال: لها الصداق ولا حد عليها حتى يعلم أنها زنت عسى أن يكون استكرهها 1 إنسان، عسى أن يكون عليها
__________
1 في العمرية سقطت العبارة الآتية: "استكرهها إنسان عسى أن يكون".(7/3707)
علة، 1 حديث 2 أبي موسى [رضي الله عنه] ، وضعف الحديث.
قال إسحاق: كما قال.
[2709-] [قلت: 3 رجل زنى بامرأة، ثم ادعى ولدها، هل يلحق به
__________
1 قال ابن القيم رحمه الله: وجوب الحد بالحبل.
وهذا مذهب مالك، وأحمد، في إحدى الروايتين، وحجتهم قول عمر رضي الله عنه: "الرجم حق على من زنى من الرجال والنساء، إذا كان محصناً، إذا قامت البينة، أو كان حمل، أو اعتراف". متفق عليه. تهذيب ابن قيم الجوزية 3/62 - 63.
وقال ابن مفلح: وأما النكاح الفاسد فإن دخل بها، ووطئها استقر عليه المسمى في المنصوص، وقدمه في الفروع.
وعنه: يجب مهر المثل وهو أصح جزم به في الوجيز وهو ظاهر الخرقي لقوله صلى الله عليه وسلم "فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها" فجعل لها المهر بالإصابة. المبدع 7/172، والفروع 5/295.
قال في الإنصاف: قوله (وإن دخل بها: استقر المسمى) هذا المذهب نص عليه.
وعنه: يجب مهر المثل. قال المصنف هنا: وهي أصح وهو ظاهر كلام الخرقي، 8/305.
2 قلت: ذكر الإمام أحمد رحمه الله حديث أبي موسى رضي الله عنه، ولم أعثر على هذه النسبة، ولعله الحديث السابق.
3 هذه المسألة سقطت من الظاهرية، وهي من العمرية.(7/3708)
الولد؟
قال: لا يلحق به 1، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر". 2
قال إسحاق: الذي يعتمد أن يكون يجلد الحد إذا أقر أنه زنى، وإذا استيقن أن الولد منه لما استوثق منها أن يقبل الولد 3، وليس هاهنا خلاف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر". لأنه لا فراش هاهنا وهو عاهر. وقد ألحق عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] أولاد الزنى الذين ولدوا في الجاهلية بآبائهم في الإسلام. في حديث 4
__________
1 وأجمعوا على أنه إذا ولد على فراش رجل فادعاه آخر أنه لا يلحقه، وإنما الخلاف فيما إذا ولد على غير فراش. قال ابن قدامة: ولد الزنى لا يلحق الزاني في قول الجمهور.
انظر: المغني 6/266، والشرح الكبير 7/36، وفتح الباري 12/39.
2 من حديث عائشة رضي الله عنها انظر: صحيح البخاري مع الفتح 12/32، وصحيح مسلم مع شرح النووي [10/36-37.
3] قول الإمام إسحاق رحمه الله: حكاه عنه ابن قدامة في المغني 6/266، والشرح الكبير 7/36.
4 روى عبد الرزاق عن غاضرة العنبري قال: أتينا عمر بن الخطاب في نساء تبايعن في الجاهلية، فأمر أن يُقَوَّم أولادهن على آبائهم، ولا يسترقوا.
تبايعن يعني بعن.
مصنف عبد الرزاق 7/278، رقم 13159، وكذا ص 304، رقم 13275.
قال محقق المصنف في الحاشية: وقد يحتمل أن يكون بغين من "البغاء".
قلت: وهو الصواب كما ذكره الإمام إسحاق - رحمه الله -، وما أثبته في النص تحريف واضح.(7/3709)
غاضرة 1 بيان هذا أيضاً، ولقد قال هؤلاء في رجل زنى بجارية ابنه أنه أتى حراماً، ولكن قبولها ما اختلف فيه رأوا إذا ولدت أنه يلحق الولد به، وقد أقروا أنه زنى وكذلك المرأة [ع-117/أ] يتزوجها رجل في عدتها فولدت منه، رأوا أن يقبل وكذلك بغير ولي، ونحو هذا كثير، وكل هذا يقوي ما وصفنا في الزاني بالمرأة فتلد منه وقد استوثق منها، وكذلك قال الحسن] . 2
__________
1 هو غاضرة بن سمرة بن عمرو بن قرط بن جناب التميمي العنبري، له صحبة، وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقات. روى عن عمر بن الخطاب وعثمان. وروى عنه عاصم بن هلال وعبد الله بن عون.
انظر ترجمته في: الإصابة 3/183، والتاريخ الكبير 7/109، أسد الغابة 4/167، والجرح والتعديل 7/56، [] [] وتعجيل المنفعة ص 329-330.
2 قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: وقال الحسن وابن سيرين يلحق الواطئ، إذا أقيم عليه الحد ويرثه.
المغني 6/266، والشرح الكبير 7/36.(7/3710)
[2710-] قلت لأحمد 1: قصار 2 صب ماء في الطريق، فمرت دابة فانكسرت؟
قال: هذا ضامن، وكل من لم يكن له شيء يفعله في طريق المسلمين ففعله فأصاب شيئاً، فهو ضامن 3.
قال إسحاق: كما قال. 4
__________
1 في النسخة العمرية بحذف لفظ لأحمد.
2 قصرت الثوب أقصره قصراً: دققته، وبيضته، ومنه سمي القصار. والقصار والمقصر: المحور للثياب، لأنه يدقها بالقصرة التي هي القطعة من الخشب.
والقصارة بالكسر الصناعة، والفاعل قصار، والمقصرة: خشبة القصار.
الصحاح 2/794، واللسان 5/104، والمصباح المنير 2/505.
3 قال ابن قدامة: ويجب الضمان بالسبب كما يجب بالمباشرة، فإذا صبَّ ماء في طريق لغير مصلحة المسلمين، أو في ملك غيره بغير إذنه وهلك فيه إنسان أو دابة، ضمنه، لأنه تلف بعدوانه، فضمنه كما لو جنى عليه.
المغني 7/822، والشرح الكبير 9/485، وكذا انظر: المقنع 3/377، والفروع 6/3، والمبدع 329، والمحرر 2/135، وكشاف القناع 6/7.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب مطلقاً، وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز، وغيره، وقدمه في الفروع وغيره. الإنصاف 10/33.
4 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن قدامة في المغني 7/822.(7/3711)
[2711-] قلت: فمن 1 يصاب في الحرم، أو في الشهر الحرام؟
قال: دية وثلث دية. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
[2712-] قلت: الرجل يطأ مدبرته؟
قال: نعم يطؤها. 4
قال إسحاق: شديداً.
[2713-] قلت: رجل مسلم وُجد في بيته [خمر] 5؟
__________
1 في العمرية بلفظ "فيمن".
2 في العمرية سقط لفظ "دية".
3 تقدم تحقيق مثل ذلك فيما مضى برقم (2592) .
4 قال البهوتي: وللسيد وطء مدبرته، وإن لم يشترط وطأها حال تدبيرها، سواء كان يطؤها قبل تدبيرها، أو لا.
قال أحمد: لا أعلم أحداً كره ذلك غير الزهري.
[] كشاف القناع 4/535-536، والمغني 9/401، المقنع 2/496، والمبدع 6/330.
قال في الإنصاف: تنبيه: ظاهر قوله وله إصابة مدبرته، قال المرداوي تعليقاً: أنه سواء شرطه أو لا، وهو صحيح. نص عليه، ولا أعلم فيه خلافاً، 7/441.
5 في الظاهرية بلفظ "خمراً"، والصواب ما في العمرية.(7/3712)
قال: يهراق الخمر، ويؤدب على ذلك، 1 وإن كانت تجارته يحرق بيته كما فعل عمر [رضي الله تعالى عنه] برويشد.
قال إسحاق: كما قال. 2
[2714-] قلت: اليهودي والنصراني والمجوسي يتخذون الخمر؟
قال: أما شئ يظهرونه فلا. 3
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 في العمرية بلفظ "ذاك".
2 تقدم تحقيق مثل ذلك فيما مضى برقم (2430) .
3 قال أبو بكر الخلال أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبد الله: اليهودي والنصراني والمجوسي يتخذون الخمر؟ قال: أما شيء يظهرونه فلا.
وقال أخبرنا محمد بن علي قال حدثنا مهنا قال: سألت أحمد: هل ترى أن يفسد على أهل الذمة شرابهم؟ يطرح عليه شئ حتى يفسد.
قال: أنا أرى أن يهراق، فكيف لا أرى أن يفسده، أحكام أهل الملل ص 128، وانظر: روايات بهذا المعنى في ص 129.
قال ابن قيم الجوزية: قال عبد الله بن أحمد: وسمعت أبي يقول: " ليس لليهود والنصارى أن يحدثوا في مصر مصَّره المسلمون بيعة ولا كنيسة، ولا يضربوا فيه بناقوس إلا في مكان لهم صالح، وليس لهم أن يظهروا الخمر في أمصار المسلمين ".
أحكام أهل الذمة 2/674.(7/3713)
[2715-] قلت: تكره أن يقضى في المسجد؟
قال: مازال المسلمون يقضون في المسجد 1، ولكن لا تقام الحدود في المساجد. 2
قال إسحاق: كما قال. إلا أن ترك الخصومات في المساجد أفضل، فإن جلس في المسجد فبالرحبة 3، وليكن 4 مجلسه
__________
1 قال ابن مفلح: وعلم منه أنه لا يكره القضاء في الجامع والمسجد لحديث كعب بن مالك. متفق عليه.
وروي عن عمر وعثمان وعلي أنهم كانوا يقضون في المسجد.
المبدع 10/33، وكذا انظر: المغني 9/45، والمقنع 3/610، والمحرر 2/204، والهداية للكلوذاني 2/124 - 125، وكشاف القناع 6/312.
قال المرداوي: إنه يجوز القضاء في الجوامع والمساجد، وهو صحيح، ولا يكره، قاله الأصحاب. الإنصاف 11/203.
2 قال ابن قدامة: ولا تقام الحدود في المساجد.
قال المرداوي تعليقاً: يحتمل أنه أراد التحريم، قال: وهو الصواب. وقيل: لا يحرم، بل يكره.
انظر: المغني 8/316، والمقنع مع حاشيته 3/444 - 445، والشرح الكبير 10/127، والمبدع 9/46، والهداية للكلوذاني 2/102، وكشاف القناع 6/80.
3 رحبة المسجد: بفتح الحاء ساحته، وجمعها رحب ورحبات.
انظر: المصباح المنير 1/222، ومختار الصحاح ص 237.
4 في العمرية بلفظ "فليكن".(7/3714)
مستقبل القبلة 1.
[2716-] قلت: رجلان حكَّما رجلاً فقضى بينهما، قال 2 أحدهما: لا أرضى؟
قال: قضاؤه عليهما جائز إذا كانا تراضيا عليه 3.
قال إسحاق: كما قال.
[2717-] قلت: يأخذ القاضي أجراً على القضاء؟
قال: ما يعجبني، وإن [كان] 4، فبقدر شغله مثل والي
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب آداب القضاء 41/ب، وكتاب الحدود 2/564، وابن قدامة في المغني 9/45، 8/316، والحافظ في الفتح 13/157.
2 في العمرية بلفظ "فقال".
3 وإذا تحاكم رجلان إلى رجل حكَّماه بينهما ورضياه وكان ممن يصلح للقضاء فحكم بينهما، جاز ذلك، ونفذ حكمه عليهما.
المغني 9/107، والشرح الكبير 11/483، والمقنع 3/609.
وقال المرداوي تعليقاً: وهو المذهب. وجزم به في الوجيز وغيره.
وعنه: لا ينفذ في قود، وحد قذف، ولعان، ونكاح، وأطلق الروايتين في المحرر.
الإنصاف 11/197 - 198.
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3715)
[مال] 1 اليتيم 2.
قال إسحاق: له أن يأخذ أجراً من بيت المال، لأن عمله للمسلمين، وتركه أفضل 3.
[2718-] قلت: إذا أقر القاضي بأنه قضى بكذا وكذا تجوز شهادته، أو شهادته شهادة رجل؟
قال: يقبل قوله في ذلك، ليست هذه شهادة، إنما هذا خبر علم كان عنده فأداه 4.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 قال أحمد: لا يعجبني أن يأخذ على القضاء أجراً، وإن كان فبقدر عمله، مثل مال اليتيم.
وقال ابن قدامة: وله طلب الرزق لنفسه وأمنائه وخلفائه مع الحاجة.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب مطلقاً. وعنه: لا يأخذ أجرة على أعمال البر. انظر: المغني 9/37، والمقنع 3/608، والشرح الكبير 11/376، والفروع 6/439، والمحرر 2/203، والتوضيح صـ 443، والمبدع 10/13، والإنصاف 11/165 - 166.
3 نقل ابن المنذر فقال: وكان إسحاق بن راهوية يقول للقاضي أن يأخذ أجراً من بيت المال، لأن عمله للمسلمين، وتركه أفضل. الأوسط، كتاب آداب القضاء 1/157.
4 قال أبو البركات: وإذا عزل الحاكم فقال: حكمت في ولايتي لفلان على فلان بكذا قبل قوله وحده، كما قبل قبل العزل، نص عليه.
ويحتمل أن لا يقبل إلا على وجه الشهادة إذا كان عن إقرار.
المحرر 2/211، وكذا انظر: المغني 9/101، والمبدع 10/52 - 53، والمقنع 3/614.
وقال في الإنصاف: وقوله "وإن قال الحاكم المعزول: كنت حكمت في ولايتي لفلان بحق: قبل".
قال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب، سواء ذكر مستنده أولاً. جزم به القاضي في جامعه.
قال في تجريد العناية: وكذا يقبل بعد عزله في الأظهر. وهو من مفردات المذهب، 11/231 - 232.(7/3716)
قال إسحاق: كما قال 1
[2719-] قلت: رجل مضطر وجد ميتة، ووجد ثمراً، أو غنماً أو زرعاً؟
قال: يأكل الميتة، إلا أن يكون ثمراً في رأس النخل، أو غنماً لم يؤو إلى المراح 2.
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن قدامة في المغني 9/101، وسليمان في حاشية المقنع3/614.
2 قال ابن قدامة: وإن وجد المضطر ميتة وطعاماً لغائب، فطابت نفسه بأكل الميتة، فهي أولى، لأن إباحتها ثبتت بالنص فكانت أولى مما ثبت بالاجتهاد، وإن لم تطب نفسه بأكلها أكل طعام الغير، لأنه مضطر إليه. الكافي 1/492.
قال في الإنصاف: قوله "فإن وجد طعاماً لا يعرف مالكه وميتة أو صيداً - وهو محرم -، فقال أصحابنا: يأكل الميتة".
قال المرداوي تعليقاً: وهو المذهب نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب، وجزم به في المغني والوجيز وغيرهما. ويحتمل أن يحل له الطعام، والصيد إذا لم تقبل نفسه الميتة.
[] انظر: الإنصاف 10/372، والمبدع 9/206-207، والمقنع 3/531، والفروع 6/204.
وقال أبو البركات: ومن مر بثمر بستان في شجرة، أو متساقط عنه ولا حائط عليه ولا ناظر، فله الأكل منه من غير حمل. وعنه: لا يحل إلا من المتساقط. وعنه: لا يحل ذلك إلا للحاجة فيحل مجاناً، وفي الزرع وشرب لبن الماشية على الأولى روايتان. المحرر2/190.(7/3717)
قال إسحاق: أكل ذلك أحب إلي، ويغرم ثمنه بعد أن 1 لا يدخل البيوت.
[2720-] حدثنا 2 إسحاق قال أخبرنا [أحمد عن] 3 هشيم عن أبي 4 بشر
__________
1 في العمرية بلفظ "إذا".
2 في العمرية سقطت العبارة الآتية "حدثنا إسحاق قال".
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 هو جعفر بن إياس، وهو ابن أبي وحشية اليشكري، أبو بشر الواسطي، بصري الأصل، وقال البرديجي كان ثقة، وهو من أثبت الناس في سعيد بن جبير. روى عن طاوس وسعيد بن جبير، وروى عنه الأعمش، وأيوب وداود وشعبة، وهشيم. توفي رحمه الله سنة خمس وعشرين ومائة، وقيل غير ذلك.
[] انظر ترجمته في: طبقات خليفة 325، وتهذيب الكمال 5/5-10، والجرح والتعديل2/473، والتهذيب [2/83-84.(7/3718)
] عن [شبيب] 1 أبي روح 2 الشامي قال: كان رجل يواعد أمة له في موضع يأتيها فيه، فعلمت بذلك امرأة فجلست له بذلك المكان فأصاب منها، وهو لا يعلم أنها ليست بجاريته. فلما فرغ إذا هي ليست بجاريته، فأتى عمر [رضي الله عنه] فذكر ذلك له، فأرسل إلى علي [رضي الله عنه] فقال [له] 3 علي [رضي الله عنه] : اضرب الرجل حداً في
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "حبيب"، والصواب ما أثبته.
2 هو شبيب أبو روح الشامي الحمصي، ويقال: شبيب بن نعيم الوحاظي الحمصي.
روي عن أبي هريرة، وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له الأعز، ويزيد بن خمير، وروى عنه عبد الملك بن عمير وحريز بن عثمان وسنان بن قيس الشامي، وجابر بن غانم السلفي.
انظر ترجمته في: أسد الغابة 2/386، والجرح والتعديل 4/358، والتهذيب 4/309 - 310.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3719)
السر، واضرب المرأة حداً في العلانية. 1
قال أحمد: لا أعلم على الرجل حداً، هذا [ع-117/ب] شبهة يدرأ عنه الحد 2.
قال إسحاق: كما قال. بل أرجو أن يكون له فيما لا يعلم الأجر، إذا كان من أهل الصلاح 3.
__________
1 رواه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الحدود 2/668، وكذا الشافعي في الأم 7/182، وابن أبي شيبة في مصنفه9/529، رقم 8385.
2 قال ابن المنذر: قال أحمد بن حنبل: لا أعلم على الرجل حداً، هذا شبهة يدرأ عنه الحد. الأوسط، كتاب الحدود 2/669.
قال ابن مفلح: إن وجد امرأة على فراشه، ظنها امرأته، أو جاريته فوطئها، فلا حد عليه، لأنه وطء اعتقد إباحته بما يعذر مثله فيه، أشبه ما لو قيل له: هذه زوجتك بغير خلاف نعلمه، لكن عليها الحد إن علمت أنه أجنبي، أو دعا الضرير امرأته، أو جاريته فأجابه غيرها، فوطئها وظنها المدعوة.
المبدع 9/70 - 71، كذا انظر: المغني 8/184، والشرح الكبير 10/182، والمقنع مع الحاشية 3/459، والفروع 6/73، والمحرر 2/153، والهداية للكلوذاني 2/99، والإنصاف10/181 - 182.
وقال المرداوي تعليقاً: بلا نزاع في ذلك.
3 حكى ابن المنذر قول الإمام إسحاق - رحمه الله - فقال: بل أرجو أن يكون له فيما لم يعلم الأجر إذا كان من أهل الصلاح. الأوسط، كتاب الحدود 2/669.(7/3720)
[2721-] قلت لأحمد 1: من اعتبط 2 مؤمناً قتلاً فهو قود، إلا أن يرضى ولي المقتول.
قال أحمد: اعتبط أخذه حزماً.
قال إسحاق: كما قال.
[2722-] قلت: أم ولد قتلت سيدها؟.
قال: فيه قولان: منهم من يقول: تصير حرة، لأنها إن جنت
__________
1 في العمرية سقط لفظ "لأحمد".
2 في العمرية بلفظ "اغتبط".
وعبطت الناقة واعتبطها: إذا نحرتها من غير داء، أو آفة تكون بها، وعبطه الموت، ومات عبطة بالفتح: أي شاباً صحيحاً. فاعتبط قتله: يريد أنه قتله ظلماً، لا عن قصاص. أي قتله بلا جناية كانت منه، ولا جريمة توجب قتله.
الصحاح 3/1142، واللسان 7/348.
عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن، وكان في كتابه "أن من اعتبط مؤمناً قتلاً عن بينة فإنه قود يديه إلا أن يرضى أولياء المقتول".
سنن الدارمي في الديات، باب الدية في القتل العمد 1/584، وسنن أبي داود في الفتن، والملاحم، باب في تعظيم قتل المؤمن 4/464، رقم 4270 عن عبادة بن الصامت، أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قتل مؤمناً فاعتبط بقتله، لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً".(7/3721)
وسيدها حي، كانت جنايتها على سيدها 1.
ومنهم من يقول: عليها قيمتها، فإن لم تكن عندها، تكون ديناً عليها 2، [3 وهذا أعجب إلي] 4.
__________
1 به قال سفيان الثوري وأصحاب الرأي والمالكية وانظر: المدونة الكبرى 6/362، والأوسط، كتاب الديات 2/588،والأصل لمحمد بن الحسن 4/650، وتحفة الفقهاء 3/117،والفتاوى الهندية6/69.
2 به قال: الشافعية، والحنابلة، وأبو يوسف.
انظر: الأم 6/102، والمهذب 2/25، والمغني 9/550.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
4 حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/588.
قال الخرقي: وإن قتلت أم الولد سيدها فعليها قيمة نفسها. مختصر الخرقي ص250. قال ابن قدامة: وجملته: أن أم الولد إذا قتلت سيدها عتقت، لأنها لا يمكن نقل الملك فيها، وقد زال ملك سيدها بقتله، فصارت حرة، كما لو قتله غيرها، وعليها قيمة نفسها إن لم يجب القصاص عليها، لأن الوارث ولدها منه فلا قصاص عليها لأنه لو وجب لوجب لولدها، ولا يجب للولد على أمه قصاص.
ونقل مهنا عن أحمد رضي الله عنه أنه يقتلها أولاده من غيرها، وهذه الرواية تخالف أصول مذهبه، والصحيح أنه لا قصاص عليها ويجب عليها فداء نفسها بقيمتها، كما لو عفا بعض مستحقي القصاص عن حقه منه.
انظر: المغني 9/550 - 551، والفروع 6/132 - 133، والمحرر 2/12، والمبدع 6/375، والإنصاف7/499.(7/3722)
قال إسحاق: كما قال، إذا لم يكن عندها يكون ديناً عليها 1.
[2723-] قال أحمد: المرتد يستتاب ثلاثاً، والمرأة المرتدة تستتاب ثلاثاً 2، والزنديق 3
__________
1 قال ابن المنذر: وقال إسحاق: كما قال، إذا لم يكن عندها يكن ديناً عليها.
الأوسط، كتاب الديات 2/588.
2 قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور قال أحمد: المرأة تستتاب ثلاثاً، وإلا ضربت عنقها. وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله قال في المرأة إذا ارتدت عن الإسلام تستتاب، فإن تابت وإلا قتلت، حكمها وحكم الرجل واحد لقول النبي صلى الله عليه وسلم.
أحكام أهل الملل 188 - 189، وانظر فيها روايات بهذا المعنى، وحكم المرأة كحكم الرجل، وتقدم حكم الرجل فيما مضى والاختلاف فيها بمسألة، رقم (2406) ، فارجع إليه إن شئت.
3 الزنديق: فارسي معرب، وجمعه زنادقة. قال سيبويه: الهاء في زنادقة بدل من ياء، وقال الجوهري: وقد تزندق. والاسم: الزندقة، وفي التهذيب: وزندقة الزنديق أنه لا يؤمن بالآخرة، ولا بوحدانية الخالق.
انظر: اللسان 10/147، والمصباح المنير 1/256.
والزنديق: هو الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر. كان يسمى منافقاً، ويسمى اليوم زنديقاً.
انظر: المغني 8/126، والمطلع على أبواب المقنع ص 378.(7/3723)
لا يستتاب 1.
قال إسحاق: كما قال 2.
__________
1 قال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم أن إسحاق بن منصور حدثهم أن أبا عبد الله قال: الزنديق لا يستتاب. وفي رواية أبي طالب قال: قيل لأبي عبد الله: فالزنادقة؟ قال: أهل المدينة يقولون: يضرب عنقه ولا يستتاب، وكنت أنا أقوله أيضاً، ثم هبته.
قال: مالك يقول: هم يصومون ويصلون معنا، ويكتمون الزندقة، فما استتبهم. قال أبو عبد الله: فهو قول حسن، لأنهم يصومون ويصلون، فلا يعلم الناس شرهم، فإذا علموا بهم قالوا نتوب، ولا تعرف توبتهم. قلت: فلم هبته؟ قال: ليس فيه حديث.
وقال الخلال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال: حدثنا أبو طالب أنه سأل أبا عبد الله عن الزنديق يستتاب؟ قال: نعم ثلاثاً، فإن تاب وإلا ضرب عنقه، قلت علي رضي الله عنه لم يستتبه؟ قال ذاك علي أتي بزنادقة، وأنا أذهب إلى أن يستتاب ثلاثة أيام، ويروى عن علي رضي الله عنه أنه يستتاب.
أحكام أهل الملل 204 - 205، والمبدع 9/180.
الاختلاف في الزنديق كالاختلاف في حكم المرتد، تقدم برقم 347.
ولمزيد من الفائدة راجع الصارم المسلول 350 - 355.
2 قال الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه المنذر في الأوسط، كتاب الديات 3/700، وابن قدامة في المغني 8/126، والشرح الكبير 10/89، ودلائل الأحكام 5/549، وحاشية المقنع 3/519.(7/3724)
[2724-] [ظ-85/أ] قلت: رجل ساق غنماً فدخلت شاة منها داراً فقطعت ثوباً، أو ساق ثيراناً، أو ما كان من الدواب؟
قال: ليس عليه شيء 1.
قال إسحاق: كما قال.
[2725-] قال 2 أحمد: ما أفسدت المواشي بالنهار فليس عليه شيء، وما أصابت بالليل 3 فعلى
__________
1 قال ابن قدامة: وإن أتلفت البهيمة غير الزرع لم يضمن مالكها ما أتلفته ليلاً كان أو نهاراً، ما لم تكن يده عليها.
المغني 8/337، وكذا انظر: الفروع 4/521، والمبدع 5/196.
وقال المرداوي: لو انفلتت الدابة ممن هي في يده، وأفسدت: فلا ضمان. نص عليه.
الإنصاف 6/239.
روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العجماء جرحها جبار".
صحيح البخاري في الديات، باب المعدن جبار، والبئر جبار 8/46 - 47.
وصحيح مسلم في الحدود، باب جرح العجماء، والمعدن والبئر جبار 2/1334، رقم 1710.
2 بين النسختين تقديم وتأخير في الترتيب، ذكر هذه المسألة في النسخة العمرية بعد المسألة، رقم (2726) .
3 قال الخرقي: وما أفسدت البهائم بالليل من زرع فهو مضمون على أهلها، وما أفسدت من ذلك نهاراً لم يضمنوه.
مختصر الخرقي ص197، وكذا انظر: المغني 8/336، والفروع 4/523، والمبدع 5/199، والتوضيح ص229.(7/3725)
حديث 1 ناقة البراء [رضي الله عنه] .
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه: أن ناقة للبراء ابن عازب دخلت حائط رجل فأفسدت فيه، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم على أهل الحائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها.
مصنف عبد الرزاق 10/82، رقم 18437، مسند الإمام أحمد 4/295، 5/436، والموطأ في الأقضية، باب القضاء في الضواري والحريسة 2/747، من طريق ابن شهاب عن حرام بن سعد بن محيصة: أن ناقة …، وسنن أبي داود في البيوع والإجارات، باب المواشي تفسد زرع قوم 3/828 -829، رقم 3569 من طريق عبد الرزاق. وسنن ابن ماجة في الأحكام، باب الحكم فيما أفسدت المواشي 2/781، رقم 2332 من طريق الليث بن سعد عن ابن شهاب.
قال ابن عبد البر: هكذا رواه مالك، وأصحاب ابن شهاب عنه مرسلاً، والحديث من مراسيل الثقات، وتلقاه أهل الحجاز، وطائفة من العراق بالقبول، وجرى عمل أهل المدينة عليه.
قلت: أخرجه أبو داود موصولاً من طريق الأوزاعي عن الزهري عن حرام بن محيصة الأنصاري عن البراء بن عازب قال: كانت له ناقة ضارية.
والحديث صححه الألباني في الإرواء 5/362.(7/3726)
[2726-] قلت: انفلتت دابة من دار رجل فأصابت إنساناً بالطريق؟
قال: ليس عليه شيء حتى يكون عليها.
قال إسحاق: كما قال 1.
[2727-] قلت: ثلاثة نفر قتلوا رجلاً؟.
قال: ولي المقتول مخير يقتل من شاء، ويعفو عمن شاء، ويأخذ الدية ممن شاء.
قال إسحاق: كما قال. 2
[2728-] قلت: رجل 3 قتل ثلاثة؟
قال: الأولياء بالخيار: من شاء منهم قتله، ومن شاء عفا عنه، ومن شاء أخذ الدية كلهم على حقه، إنما هذا شيء وجب 4 له في ماله.
قال إسحاق: كما قال. 5
__________
1 تقدم فيما مضى برقم (2635) ، ورقم (2724) .
2 تقدم تحقيق المسألة فيما سبق فارجع إليه برقم (2459) .
3 في العمرية سقط لفظ "رجل".
4 في العمرية بلفظ "أوجب".
5 تقدم تحقيق المسألة فيما مضى برقم (2485) .(7/3727)
[2729-] قلت: قوله [صلى الله عليه وسلم] 1 "لا تسافر المرأة 2 إلا مع ذي محرم".
قال: في حديث 3 ابن عباس [رضي الله عنهما] "لا تسافر
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 في العمرية بإضافة لفظ "ساعة" بعد لفظ "المرأة".
3 عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"، فقام رجل فقال: يا رسول الله: إن امرأتي خرجت حاجّة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا. قال: "انطلق فحج مع امرأتك".
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 1/222.
والبخاري في جزاء الصيد، باب حج النساء 2/219.
ومسلم في الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى الحج وغيره 1/978، رقم 1341.
كذا أطلق السفر في هذا الحديث، وقيده في حديث أبي سعيد بثلاثة أيام، وفي حديث أبي هريرة بيوم وليلة.
وفي رواية: مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها.
وفي رواية: مسيرة يوم إلا مع ذي محرم.
وفي حديث أبي سعيد: مسيرة يومين إلا ومعها زوجها، أو ذو محرم، هذه روايات مسلم.
وفي رواية لأبي داود: ولا تسافر بريداً (والبريد مسيرة نصف يوم) .
قال النووي: وليس في هذا كله تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر، ولم يورد صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفراً، فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام، أو يومين أو بريداً، أو غير ذلك لرواية ابن عباس المطلقة وهي آخر روايات مسلم السابقة "لا تسافر إلا مع ذي محرم" وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً.
وقال القاضي: واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلا مع ذي محرم، إلا الهجرة من دار الحرب. واتفقوا على أن عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام، وإن لم يكن معها محرم. شرح مسلم للنووي 9/103 - 104.
قال الحجاوي: ويشترط لوجوب الحج على المرأة شابة كانت أو عجوزاً مسافة قصر، ودونها.. وجود محرم، وكذا يعتبر لكل سفر يحتاج فيه إلى محرم.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب مطلقاً - يعني أن المحرم من شرائط الوجوب كالاستطاعة، وغيرها - وعليه أكثر الأصحاب، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد.
وعنه: لا يشترط المحرم إلا في مسافة القصر.
وعنه: لا يشترط المحرم في القواعد من النساء اللاتي لا يخشى منهن ولا عليهن فتنة.
انظر: الإقناع 1/343، والمغني 3/236 - 237، والمبدع 3/100، والإنصاف 3/410 - 411.(7/3728)
سفراً" ولم يذكر يوماً ولا ليلة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يخلونّ رجل بامرأة".
قال إسحاق: لا يكون سفراً أبداً قدر ساعة، إنما هو قدر ما تقصر فيه الصلاة، وما دون ذلك فهو مباح لها.(7/3729)
وقوله [صلى الله عليه وسلم] 1 "لا يخلون" ليس معناه السفر.
هو كما قال 2.
[2730-] قلت: هل تنفى المرأة إذا لم يكن لها محرم؟
قال: نعم، هذا حد قد وقع عليها 3 مثل السفر، أرأيت إن زنت وهي في بلد 4 ليس فيها حاكم، لا ترفع إلى الحاكم؟
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 قال إسحاق رحمه الله: إن المرأة لا يلزمها الحج إذا لم تجد رجلاً ذا محرم يخرج معها.
انظر: شرح السنة للبغوي 7/20، ومعالم السنن للخطابي 2/346، والمغني 3/236، ونيل الأوطار5/16.
3 قال ابن قدامة: وإن لم يكن لها محرم غربت مع نساء ثقات، س فإن أعوز فقد قال أحمد: تنفى بغير محرم.
المغني 8/169، والمقنع 3/455، وكذا انظر: المحرر 2/152.
وقال في الإنصاف: فإن تعذر، نفيت بغير محرم. وهو المذهب. قال الإمام أحمد -رحمه الله-: تنفى بغير محرم.
وعنه: تغرب بلا محرم، تعذر أو لم يتعذر، لأنه عقوبة لها.
قال المرداوي: وهذه الرواية بعيدة جداً، وقد يخاف عليها أكثر من قعودها.
الإنصاف 10/175، وكذا انظر: الفروع 6/69، والمبدع 9/65.
4 في العمرية بلفظ "بلدة".(7/3730)
فينبغي لمن 1 قال هذا [إنها] 2 لا تنفى، لأنه ليس لها محرم، فينبغي له أن يقول أنها لا تسافر 3 بغير محرم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالنفي 4 ولم يذكر محرماً ولا غيره.
قال إسحاق: النفي سنة مسنونة لا يحل ضرب الأمثال لإسقاط النفي، بل تنفى بلا محرم كما جاء، بل تنفى المرأة على حال، لأن النفي 5 سنة النبي صلى الله عليه وسلم 6
__________
1 في العمرية بلفظ "من".
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية
3 في العمرية بإضافة لفظ "يعني".
4 سقطت من العمرية العبارة الآتية "ولم يذكر محرماً ولا غيره".
5 في العمرية بإضافة لفظ "إذا".
6 روى عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة، والرجم".
الحديث أخرجه مسلم في الحدود، باب حد الزنى 2/1316، رقم 1690.
وكذا روى أبو هريرة وزيد بن خالد الجهني في رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ابن أحدهما عسيفاً عند الآخر فزنى بامرأته، وفيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها".
قال: فغدا عليها فاعترفت فرجمها.
[] الحديث أخرجه البخاري في الحدود، باب الاعتراف بالزنى 8/24-25.
ومسلم في الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنى 2/1324، رقم 1697.(7/3731)
وعمل به أبو بكر، 1 وعمر، 2 وعثمان 3، وعلي 4 رضي الله عنهم، والخلفاء، لم يكن [ع-118/أ] لأحد أن يسقطه.
__________
1روى عبد الرزاق عن صفية بنت أبي عبيد أن رجلاً وقع على جارية بكر فأحبلها، فاعترفت، ولم يكن أحصن، فأمر به أبو بكر فجلد مائة، ثم نفي.
مصنف عبد الرزاق 7/311، رقم 13311، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 10/83، رقم 8845، والسنن الكبرى للبيهقي 8/223، والمحلى لابن حزم 11/184.
2 روى ابن أبي شيبة أن عمر نفى إلى فدك.
مصنف ابن أبي شيبة 10/83، رقم 8846، وهو في مصنف عبد الرزاق 7/315، رقم 13328.
3 روى ابن أبي شيبة: جلد عثمان امرأة في زنى، ثم أرسل بها مولى له يقال له المهري إلى خيبر، فنفاها إليها.
مصنف ابن أبي شيبة 10/83، رقم 8847، وانظر: نصب الراية للزيلعي 3/332.
4 روى عبد الرزاق: أن علياً نفى من الكوفة إلى البصرة.
مصنف عبد الرزاق 7/314، رقم 13323، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 10/84، رقم 8848، والسنن الكبرى 8/223، وكذا رقم 8849.
رواه عن أبي إسحاق قال: أتي علي بجارية من همدان فضربها، وسيرها إلى البصرة سنة.(7/3732)
وجهل هؤلاء 1 فقالوا قول علي [رضي الله عنه] :كفى بالنفي فتنة 2. وإن لم يكن له أصل لما 3 لم يروه إلا الشيخ فمعناه قائم لو كان صحيحاً على غير ما ادعاه هو لقوله 4: كفى بالنفي
__________
1 يقصد رحمه الله بقوله هؤلاء: الذين يقولون أن حد الزاني البكر جلد مائة، وأن التغريب ليس من الحد، وإنما ذلك تعزير، وسياسة، ولا يختص بالزنى، بل يجوز في كل جناية، والرأي فيه إلى الإمام.
وأصحاب هذا القول: الإمام أبو حنيفة، وأبو يوسف، وزفر، ومحمد، وحماد بن أبي سليمان رحمهم الله.
[] انظر: اختلاف الفقهاء للطحاوي 1/137-138، وأحكام القرآن للجصاص 3/255، والفتاوى الهندية 2/146.
2 قال أبو يوسف: وإذا أقيم الحد على البكر وجلد مائة جلدة فإن أبا حنيفة كان يقول: لا أنفيه من قبل أنه بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه نهى عن ذلك وقال: كفى بالنفي فتنة، وبه نأخذ.
اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ص 218، وروى عبد الرزاق عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: قال عبد الله في البكر يزني بالبكر: يجلدان مئة وينفيان، قال: وقال: علي: "حسبهما من الفتنة أن ينفيا".
مصنف عبد الرزاق 7/315، رقم 13327، وكذا، رقم 13313.
3 في العمرية سقط لفظ "لما".
4 في العمرية بلفظ "يقول".(7/3733)
فتنة إذا نفى كان مفتوناً بهذا 1 يثبت النفي. واحتجوا بأن عمر رضي الله عنه غرب في الخمر، فبلغه أنه تنصر فقال: لا أغرب 2. إنما معنى ذا 3 أنه كان رأى نفيه نظراً للرعية أن يخوفهم، كما نفى المخنثين وغيرهم ثم ندم في النفي في 4 الخمر وشبهه، لما 5 لم ينفه النبي عليه 6 السلام وترك ذلك. ونفى في الزنى إلى خيبر، ولم يرجع عنه.
وأما احتجاجهم في إسقاط النفي أن لا تسافر المرأة بغير محرم 7، فهو
__________
1 في العمرية بلفظ "فهذا".
2 روى عبد الرزاق أن أبا بكر بن أمية بن خلف غُرب في الخمر إلى خيبر، فلحق بهرقل، قال: فتنصر، فقال عمر: لا أغرب مسلماً بعده أبداً.
وعن إبراهيم أن علياً قال: حسبهم من الفتنة أن ينفوا.
مصنف عبد الرزاق 7/314، رقم 13320، وانظر: اختلاف الفقهاء للطحاوي 1/138.
3 في العمرية بلفظ "أي".
4 في العمرية سقط لفظ "في".
5 في العمرية بلفظ "ما لم".
6 في العمرية بلفظ "صلى الله عليه وسلم".
7 تقدم تخريج الحديث في المسألة السابقة، رقم (2729) .(7/3734)
جهل بين 1 لأنهم قالوا بأجمعهم: لو أن امرأة خوصمت فلم يكن ببلدها حاكم رفعت إلى بلدة أخرى بغير محرم، ولا يدرى أيرد للمدعي 2 حق أم لا. فأين احتجاجهم بأن لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم؟ فإن ما احتجوا في الزنى، هاهنا أشبه لو كانت حجة، ولكنهم أولعوا بأن 3 يفرقوا ما جمع الله [عز وجل 4] ورسوله [صلى 5 الله عليه وسلم] ، وأن 6 يجمعوا بين ما فرق الله [عز 7 وجل] ورسوله [صلى 8 الله عليه وسلم] أرأيت لو كان لها محرم فقال: لا أحملها أيجبر على ذلك؟
[2731-] قلت لإسحاق: رجل قتل ثلاثة نفر فجاء أولياء الثلاثة فقالوا: نقتلك؟
__________
1 في العمرية سقط لفظ "بين"، وإضافة لفظ "كثير" مكانه.
2 في العمرية بإضافة لفظ " عليها ".
3 في العمرية بلفظ "أن".
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية
6 في العمرية بلفظ "أو يجمعون".
7 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية
8 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية(7/3735)
قال: فلهم ذلك 1 لما سن عمر بن 2 الخطاب [رضي الله عنه] فإن أبى واحد من الأولياء فقال: عفوت عنك، فإن الذي نعتمد عليه: أن تصير دية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العمد: الولي بالخيار إن شاء عفا، وإن شاء قتل، وإن شاء أخذ الدية شاء القاتل أو أبى، لأن تركه للقود أكبر من أخذه الديه.
وهكذا روى أبو شريح [رضي الله عنه] عن النبي صلى الله عليه وسلم، 3 وكذلك 4 إذا كان الأولياء عدة فعفا واحد تصير دية فيأخذون حصتهم 5 من الدية، وتذهب حصة الذي عفا، كذلك قال عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] . 6
__________
1 تقدم تحقيق ذلك فيما مضى في المسألة، رقم (2485) .
2 إشارة إلى ما روى سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل نفراً خمسة أو سبعة برجل واحد، قتلوه غيلة، وقال عمر بن الخطاب: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً.
تقدم تخريجه في المسألة، رقم (2355)
3 تقدم تخريج الحديث فيما مضى في المسألة، رقم (2485) .
4 في العمرية بلفظ "فكذلك".
5 في العمرية بلفظ "حصصهم".
6 لما روى زيد بن وهب أن رجلاً دخل على امرأته فوجد عندها رجلاً فقتلها، فاستعدى عليه إخوتها عمر رضي الله عنه، فقال بعض إخوتها: قد تصدقت، فقضى لسائرهم بالدية، تقدم تخريج الأثر فيما مضى عند المسألة، رقم (2418) .(7/3736)
وحديث عائشة [رضي الله عنها] عن النبي صلى الله عليه وسلم: "وعلى المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول، وإن كانت امرأة". 1 فسره الذي رواه يقول: إذا عفت المرأة 2 تصير دية، [ظ-85/ب] ولو كان القاتل ثلاثة قتلوا رجلاً لزمهم القود جميعاً، ولو كانوا مائة يقادون به، فإن قال أولياء المقتول، أو كان ولياً واحداً: أنتم الثلاثة قتلة فعلي أن أقتلكم جميعاً فلا أقتلكم، ولكني 3 آخذ من واحد الدية، وأعفو عن واحد، 4 وأقتل الثالث، فله ذلك، لما وجب القتل على كل واحد منهم.
__________
1 عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وعلى المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول وإن كانت امرأة".
قال أبو داود: بلغني عن أبي عبيد في قوله "ينحجزوا" يكفوا عن القود.
سنن أبي داود في الديات، باب عفو النساء عن الدم 4/675، رقم 4538، وسنن النسائي في القسامة، باب عفو النساء عن الدم 8/38 - 39، والسنن الكبرى للبيهقي 8/59.
2 في العمرية بلفظ "امرأة".
3 في العمرية بلفظ "لكن".
4 في العمرية بلفظ "آخر".(7/3737)
[2732-] سئل إسحاق عن المرتد إذا أراد الإمام قتله فتاب، ما الذي يجب عليه من الكفارة والتوبة؟
قال: إذا تاب المرتد من ردته فإن عليه أن يتوب توبة نصوحاً من الذي سلف منه من ارتداده، وإن 1 كان ترك صلاة، أو شيئاً كان يلزمه من أمور الإسلام وَضَيَّعَه 2 في ارتداده قضاها، لأن الردة لم تخفف عنه قضاء 3 [ما] 4 كان لزمه، والاحتياط فيه إذا اختلف 5 أهل العلم في قضاء ما فرط [فيه 6] .
__________
1 في العمرية بلفظ "فإن".
2 في العمرية بلفظ "فضيعة".
3 في العمرية بلفظ "فرضاً".
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
5 في العمرية بإضافة لفظ"فيه" بعد لفظ "واختلف".
6 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
قلت: مذهب الإمام أحمد رحمه الله في وجوب القضاء روايتان:
الرواية الأولى: لا يلزمه.
وهو ظاهر كلام الخرقي في هذه المسألة، فعلى هذا لا يلزمه قضاء ما ترك في حال كفره، ولا في حال إسلامه قبل ردته، ولو كان قد حج لزمه استئنافه، لأن عمله قد حبط بكفره، بدليل قول الله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} سورة الزمر آية، رقم 65. فصار كالكافر الأصلي في جميع أحكامه.
الرواية الثانية: يلزمه قضاء ما ترك من العبادات في حال ردته وإسلامه قبل ردته، ولا يجب عليه إعادة الحج، لأن العمل إنما يحبط بالإشراك مع الموت لقول الله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} سورة البقرة آية 217.
فشرط الأمرين لحبوط العمل، وهذا مذهب الشافعي.
وذكر القاضي رواية ثالثة: أنه لا قضاء عليه لما ترك في حال ردته، لأنه تركه في حال لم يكن مخاطباً بها لكفره، وعليه قضاء ما ترك في إسلامه قبل الردة، ولأنه كان واجباً عليه ومخاطباً به قبل الردة، فيبقى الوجوب عليه بحاله، قال: وهذا المذهب. وهو قول أبي عبد الله بن حامد: وعلى هذا لا يلزمه استئناف الحج إن كان قد حج، لأن ذمته برئت منه بفعله قبل الردة، فلا يشتغل به بعد ذلك كالصلاة التي صلاها في إسلامه، ولأن الردة لو [] أسقطت حجه وأبطلته لأبطلت سائر عباداته المفعولة قبل ردته. المغني 1/398-399.(7/3738)
[2733-] سئل إسحاق: عن الرجل يكون عنده [ع-118/ب] البعير المغتلم 1 المعروف به قد قتل غير واحد، فيحله 2 فيقتل،
__________
1 غلم البعير بالكسر واغتلم: إذا هاج من شدة شهوة الضراب. قال الأصمعي: لا يقال في غير الإنسان إلا اغتلم.
انظر: الصحاح 5/1997، والمصباح المنير 2/452.
2 في العمرية بلفظ "فيحمله".(7/3739)
أترى 1 عليه الضمان، أو 2 هو جبار إذا لم يكن سائقاً أو قائداً؟
قال: كلما كان مغتلماً كما 3 وصف لم يسعه إلا حفظه، لأنه ليس له أن يرسل كلباً عقوراً على المسلمين، فكيف بالبعير المغتلم؟ وربما كان مثل هذا قاتلاً، فإن تركه عمداً نهاراً أو ليلاً فإنه يغرم، فإن 4 إرساله تعمداً هو كما حمله على الإنسان، أو قاده 5، أو ساقه، أو أردفه 6 ذلك 7، وإن انفلت منه وهو ممن يريد حفظه لم يضمن ما كان نهاراً، وكلما 8 أصابت العجماء والدواب ليلاً فعلى 9 صاحبها غرم ذلك.
__________
1 في العمرية بلفظ "أرى".
2 في العمرية بلفظ "أهو".
3 في العمرية بلفظ "كلما".
4 في العمرية بلفظ "لأن".
5 في العمرية بلفظ "ولده".
6 في العمرية بلفظ "أعرفه".
7 في العمرية بلفظ "بذلك".
8 في العمرية سقط لفظ "و".
9 في العمرية بلفظ "وعلى".(7/3740)
وكذلك قضى فيه داود، وسليمان، ومحمد 1 صلى الله عليه وسلم، واتبعهم 2 أهل العلم على ذلك 3 فأخذوا بما 4 سنوا 5.
__________
1 في العمرية بلفظ "صلوات الله عليهم وسلامه".
2 في العمرية بلفظ "وتبعهم".
3 في العمرية سقط لفظ "على ذلك".
4 في العمرية بلفظ "ما".
5 حكى عنه ابن المنذر: أنه قال في البعير المغتلم: إن تركه عمداً نهاراً أغرم، وإن انفلت منه لم يضمن ما كان نهاراً، وكلما أصابت العجماء والدواب ليلاً غرم، كذلك قضى فيه داود، وسليمان، ومحمد صلاة الله عليهم أجمعين، واتبعهم أهل العلم فأخذوا بما سنوا. الأوسط، كتاب الديات 2/472.
لقول الله تعالى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} سورة الأنبياء، آية 78.
روى حزام بن محيصة عن أبيه أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط قوم فأفسدته، فذهب أصحاب الحائط إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على أهل الأموال حفظ أموالهم بالنهار، وعلى أهل الماشية حفظ ماشيتهم بالليل، وعليهم ما أفسدت".
تقدم تخريج الحديث في المسألة رقم (2725) .
وروى عبد الرزاق عن شريح وعن كل من قبلهم أنهم يؤثرون أن الغنم نفشت ليلاً في الحرث على عهد سليمان، [] فإن أصابته نهاراً لم يغرم. مصنف عبد الرزاق 10/81-82، رقم 18436.(7/3741)
[2734-] سئل إسحاق: عن البعير المغتلم يحمل على الرجل فيضربه بسيفه، أو يطعنه برمحه، أو يرميه بسهم فيقتله على ذلك، أيكره أكله؟
قال: كلما حمل على 1 الرجل، 2 فاتقاه حتى دافعه عن نفسه فصار مطعوناً، فأتى على نفسه فليس ذلك بذكاة، إنما الذكاة ما أريد به الذكاة، وهذا رجل دافع عن نفسه لا ينوي 3 شيئاً من الذكاة. 4
__________
1 في العمرية بلفظ "عليه".
2 في العمرية سقط لفظ "الرجل".
3 في العمرية بلفظ "لا يريد".
4 النية في التذكية شرط لحل الذبيحة وفي هذه الصورة كما في المسألة لم ينو الذكاة، وإنما دافع عن نفسه، ولهذا لم يحل أكله.
قال صاحب مطالب أولي النهى: من شروط الذكاة: كون الذابح عاقلاً ليصح منه قصد التذكية، فلا يباح ما ذكاه مجنون، أو طفل لم يميز، لأنهما لا قصد لهما، كما لو ضرب إنسان بسيف، فقطع عنق شاة.
مطالب أولي النهى 6/329، وكذا انظر: كشاف القناع 6/204 - 205، والمحرر 2/191، وأحكام الذبائح في الإسلام ص 91، والصيد والتذكية ص 478.(7/3742)
[2735-] سئل إسحاق: عن المرأة إذا ماتت وفي بطنها ولد حي، كيف تدفن؟
قال: دفنها كدفن من لا ولد في بطنها، وما يدريه أحي في بطنها الولد أم لا؟.
عسى أن تكون تلك الحركة من بعض أعضائها 1، فمن هاهنا غلط هؤلاء فقالوا: يشق بطن المرأة إذا ارتكض في بطنها 2 ولد.
وكيف يجوز ذلك، وليس أحد يستيقن بأنه ولد حي؟.
وقال هؤلاء: قد فعل ذلك 3 بامرأة فخرج منها ولد فعاش 4.
__________
1 انظر: المغني 2/551، وحاشية المقنع 1/286.
2 الحامل إذا ماتت والولد يضطرب في بطنها يشق بطنها، ويخرج الولد عند أبي حنيفة والشافعي والثوري ومحمد بن الحسن رحمهم الله.
انظر: مصنف عبد الرزاق 9/257، رقم 17131، وفتاوى 1/188، والفتاوى الهندية1/157، ورحمة الأمة ص 85.
3 في العمرية بلفظ "بالمرأة ذلك".
4 روى عبد الرزاق عن الثوري قال: يقولون: إذا ماتت الحبلى، فرجي أن يعيش ما في بطنها، شق بطنها، قال: بلغنا أنه عاش ذلك، قال الثوري: وقال بعض أصحابنا: يشق مما يلي فخذها اليسرى. مصنف عبد الرزاق 9/257، رقم 17131.(7/3743)
وعسى أن يكونوا أحيوا موؤدة، وقتلوا نفساً مسلمة، لأنه لا يدرى موتها إذا كان منها تحرك، ألا ترى أن المصعوق والغريق، ومن يموت تحت البيوت 1 لا يتحرك منه شيء، فرأى أهل العلم التربص بدفنه أياماً 2، خشية 3 أن يكون حياً.
ولقد قال النضر بن شميل: سألت الرعاء فقالوا: ما من دابة تموت وفي بطنها جنين إلا خرج روحه لروح أمه 4.
__________
1 في العمرية بلفظ "ولا".
2 في العمرية بلفظ "أيام".
3 في العمرية بلفظ "لخشية".
4لم أجد هذا الأثر.
قلت: ومذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد يتحرك، فلا يشق بطنها، نص عليه. ويسطوا عليه القوابل فيخرجنه من مخرجه.
والمذهب: أن لا يشق بطن الميتة لإخراج ولدها، مسلمة كانت أو ذمية، وإن لم يوجد نساء فلا يسطو الرجال عليه. وتترك أمه حتى يتيقن موته، ثم تدفن. ويحتمل أن يشق بطن المرأة إن غلب على الظن أن الجنين يحيا.
المغني 2/551، وكذا انظر: المبدع 2/277.
قلت: في هذا العصر وجدت وسائل لدى الأطباء يعرفون بها حياة الجنين وموته، ولذلك فلا مانع من شق بطنها إذا ما قرروا وجوده حياً.(7/3744)
[2736-] قال إسحاق: في 1 اللحية إذا لم تنبت الدية كاملة. 2
[2737-] قال إسحاق: في 3 الذي أخذ في دار قوم، وقد ضربه القوم فعاش شهرين صاحب فراش حتى ذهبت إحدى عينيه، ثم مات فأقر القوم عند الوالي، وأولياء المضروب بالضرب، فإن كانوا أقروا طائعين من غير تهديد، ولا ضرب، ولا حبس، فإقرارهم جائز، وإذا خوفوه فإن كان ضربهم أتى على بعض أعضائه الذي لا 4 يعيش مثله فلم يزل مريضاً، فالدية عليهم.
وإن أشكل [ذلك] 5 فلم يدر أمات من ضربهم، أم لا؟ فليس عليهم إلا عقوبة ما أتوا من الضرب، إلا أن يكون الضرب أتى
__________
1 في العمرية بلفظ "وفي".
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الأوسط، كتاب الديات 2/355، وابن حزم في المحلى 10/433.
قلت: وعند الإمام أحمد رحمه الله أن في شعر اللحية الدية إذا لم ينبت.
وقال المرداوي تعليقاً: هذا المذهب نص عليه، وعليه الأصحاب.
انظر: المغني 8/10، والمبدع 8/389، والإنصاف 10/101.
3 في العمرية بلفظ "أما".
4 في العمرية سقط لفظ "لا".
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3745)
على بعض [ظ-86/أ] أعضائه التي 1 تجب فيها 2 الدية، فعليه دية العضو إذا فات القصاص.
[2738-] قلت لإسحاق: يستحلف الرجل إن ادعي عليه دم عمداً وإن لم يحلف ما يلزمه؟
قال إسحاق: ما كان من دعوى [ع-119/أ] يدعيه، ولم يكن في موضع قسامة، فإن المدعي إذا أنكر المدعى عليه احتاج إلى إقامة البينة، فإن لم تكن له بينة، يحلف 3 المدعى عليه، فإن نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه، في الدم [كان] ، 4 أو 5 ما دون الدم. وقد فسر ذلك ابن عباس [رضي الله عنهما] في المرأتين اللتين تخرزان 6.
__________
1 في العمرية بلفظ "الذي".
2 في العمرية بلفظ "فيه".
3 في العمرية بلفظ "حلف".
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
5 في العمرية بلفظ "أم".
6 تقدم تحقيق مثل ذلك فيما مضى برقم (2675) .(7/3746)
[2739-] قلت لإسحاق: في السرقة يستحلف، أو 1 على أي وجه يستحلف؟
قال: كلما ادعى على السارق المدعي فأنكر ولم تكن له بينة، فإنه يغرم قدر السرقة إذا أبى أن ينفي عن نفسه [السرقة] 2 لأن عليه أن يحلف: أني لم أسرق. 3
__________
1 في الظاهرية "أو على".
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 قال ابن قدامة: الحقوق على ضربين.
أحدهما: ما هو حق لآدمي.
والثاني: ما هو حق لله تعالى.
فحق الآدمي ينقسم قسمين:
أحدهما: ما هو مال، أو المقصود منه المال، فهذا تشرع فيه اليمين بلا خلاف بين أهل العلم، فإذا لم تكن للمدعي بينة، حلف المدعى عليه وبرئ.
القسم الثاني: ما ليس بمال، ولا المقصود منه المال، وهو كل ما لا يثبت إلا بشاهدين كالقصاص، وحد القذف، والنكاح، والطلاق، والرجعة والعتق، والنسب، والاستيلاد، والولاء، والرق ففيه روايتان:
إحداهما: لا يستحلف المدعى عليه، ولا تعرض عليه اليمين.
قال أحمد: لم أسمع من مضى جوزوا الأيمان إلا في الأموال والعروض الخاصة.
والرواية الثانية: يستحلف في الطلاق والقصاص والقذف.
الضرب الثاني: حقوق الله تعالى وهي نوعان:
أحدهما: الحدود فلا تشرع فيها يمين، ولا نعلم في هذا خلافاً، لأنه لو أقر، ثم رجع عن إقراره قبل منه، وخلي من غير يمين، فلأن لا يستحلف مع عدم الإقرار أولى.
النوع الثاني: الحقوق المالية كدعوى الساعي الزكاة على رب المال، وأن الحول قد تم، وكمل النصاب، فقال أحمد: القول قول رب المال من غير يمين، ولا يستحلف الناس على صدقاتهم.
[] المغني 9/237-239.(7/3747)
[2740-] قلت لأحمد 1 بن حنبل: ابن عشر أسلم؟
قال: أما أنا فأجبره 2 على الإسلام 3 لأنه يؤمر بالصلاة في
__________
1 في العمرية سقط لفظ "بن حنبل".
2 في العمرية بلفظ "أجبره".
3 قال الخرقي: والصبي إذا كان له عشر سنين، وعقل الإسلام فأسلم، فهو مسلم، فإن عاد فقال: لم أدر ما قلت، لم يلتفت إلى مقالته، وأجبر على الإسلام. مختصر الخرقي 189.
وعنه: إن عقل الصبي الإسلام صح إسلامه، وردته. قال ابن قدامة: وهو المذهب. وقال المرداوي تعليقاً: يعني إذا كان مميزاً، وهذا المذهب.
وعنه: يصح ممن بلغ سبعاً.
وعنه: لا يصح شيء منهما حتى يبلغ.
انظر: المقنع 3/518، والمغني 8/135، والمحرر 2/167، والفروع 6/169، والمبدع 9/177، والإنصاف 10/330.(7/3748)
العشر. 1
قال إسحاق: هكذا 2 هو، وكذلك إذا بلغ سبع سنين. 3
[2741-] قلت لأحمد: إذا أقر بالسرقة، ثم أنكر؟
قال: يترك. 4
__________
1 لما روى سبرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها".
تقدم تخريجه فيما مضى في المسألة، رقم (2663) .
2 في العمرية بلفظ "كذا هو".
3 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن قدامة في المغني 8/133، وسليمان في حاشية المقنع 3/518.
4 قال ابن قدامة: إن من شرط إقامة الحد بالإقرار البقاء عليه إلى تمام الحد، فإن رجع عن إقراره أو هرب، كف عنه.
وقال في موضع آخر: إن ثبتت السرقة بإقرار فلا ينزع عن إقراره حتى يقطع.
هذا قول أكثر الفقهاء.
المغني 8/197، 280، وكذا انظر: الشرح الكبير 10/194، والمبدع 9/139.
وقال في الإنصاف: ومتى رجع المقر بالحد عن إقراره قبل منه، وإن رجع في أثناء الحد لم يتمم. هذا المذهب في جميع الحدود. أعني حد الزنى، والسرقة، والشرب، وعليه الجمهور وقطع به كثير منهم.
الإنصاف 10/163.(7/3749)
قال إسحاق: كما قال، لأن المقر أبداً بالحد، زنى كان أو سرقة، إذا أنكر فللإمام تركه، لأن الحد إنما يثبت بإقرار لا ببينة، فإذا رجع قبل أن يحد كان رجوعاً 1، وكلما كان شهوداً أمضي الحد، وإن رجع الشهود قبل أن يحد [الحد] 2 لم يحد أيضاً. 3
__________
1 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن قدامة في المغني 8/197، والشرح الكبير 10/138،194، والبغوي في شرح السنة 10/291.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 قال ابن قدامة: إن الشهود إذا رجعوا عن شهادتهم بعد أدائها، لم يخل من ثلاثة أحوال:
الأولى: أن يرجعوا قبل الحكم بها، فلا يجوز الحكم بها، في قول عامة أهل العلم.
الثانية: أن يرجعا بعد الحكم وقبل الاستيفاء فينظر، فإن كان المحكوم به عقوبة كالحد والقصاص لم يجز استيفاؤه، لأن الحدود تدرأ بالشبهات، ورجوعهما من أعظم الشبهات.
الثالثة: أن يرجعا بعد الاستيفاء، فإنه لا يبطل الحكم، ولا يلزم المشهود له شيء، سواء كان المشهود به مالاً، أو عقوبة، لأن الحكم قد تم باستيفاء المحكوم به، ووصول الحق إلى مستحقه، ويرجع به على الشاهدين.
[] المغني 9/245-247.(7/3750)
[2742-] قلت: إذا زنت المرأة قبل أن يدخل بها زوجها؟
قال أحمد: يقام عليها الحد وهي امرأته. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2743-] قلت لإسحاق: ما يلزم في الحق، رجل قال لرجل: إنك تأتي فلاناً فيطؤك كما توطأ المرأة، فأشهد عليه بذلك شهوداً عدولاً، وما الذي يلزم هذا القاذف لهذين ورميه إياهما
__________
1 قال ابن قدامة: وإن زنت امرأة رجل، أو زنى زوجها، لم يفسخ النكاح، سواء كان قبل الدخول أو بعده، في قول عامة أهل العلم. ولكن أحمد استحب للرجل مفارقة امرأته إذا زنت، وقال: لا أرى أن يمسك مثل هذه، وذلك أنه لا يؤمن أن تفسد فراشه، وتلحق به ولداً ليس منه.
[] المغني 6/603-604.
وقال المرداوي: زنى المرأة لا يفسخ النكاح. نص عليه
الإنصاف 8/430، وكذا انظر: المبدع 7/250.
روى ابن حزم عن العلاء بن بور عن كلثوم بن جبير قال: تزوج رجل منا امرأة فزنت قبل أن يدخل بها، فجلدها علي بن أبي طالب مائة سوط، ونفاها سنة إلى نهر كربلاء، فلما رجعت دفعها إلى زوجها وقال: امرأتك، فإن شئت فطلق، وإن شئت فأمسك. المحلى 11/184.
2 قول الإمام إسحاق رحمه الله حكاه عنه ابن المنذر في الإشراف 4/102، وابن قدامة في المغني 6/603.(7/3751)
[بإتيان] 1 الفاحشة التي عذب الله [عز 2 وجل] عليها قوم لوط مصرحاً بذلك؟
قال: السنة في الذي يعمل عمل قوم لوط محصناً 3 كان أو غير محصن أن يرجم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه"4 رواه ابن عباس [رضي الله
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 في العمرية الجملة بالعبارة الآتية: " أن يرجم محصناً كان أو غير محصن لأن ".
4 روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به".
وفي لفظ: فارجموا الأعلى والأسفل.
مسند الإمام أحمد 1/300، ومسند الإمام إسحاق بن راهويه 4/305/1، وسنن أبي داود في الحدود، باب فيمن عمل عمل قوم لوط 4/607، رقم 4462.
قال أبو داود: رواه سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو مثله، ورواه عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس رفعه.
وسنن الترمذي في الحدود، باب ما جاء في حد اللوطي 4/57، رقم 1456، وسنن ابن ماجة في الحدود، باب من عمل عمل قوم لوط 2/856، رقم 2561، والمنتقى لابن الجارود ص 820.
[] وأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الحدود 4/355-356، من طريق سليمان ابن بلال، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وله شاهد، وذكر عدة روايات. ووافقه الذهبي.(7/3752)
عنهما] [ع-119/ب] عن النبي صلى الله عليه وسلم [ثم أفتى 1 ابن عباس رضي الله عنهما بعد النبي صلى الله عليه وسلم] فيمن يعمل عمل قوم لوط أنه يرجم، وإن كان بكراً فحكم في ذلك 2 لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك يروى عن علي بن أبي طالب [رضي الله عنه] مثل هذا القول أن اللوطي يرجم، [ولم 3 يذكر] محصناً أو غير
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
2 روى عبد الرزاق عن ابن عباس أنه قال: "في البكر يوجد على اللوطية، قال: يرجم".
مصنف عبد الرزاق 7/364، رقم 13491، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 9/530، رقم 8387.
وسنن أبي داود في الحدود، باب فيمن عمل عمل قوم لوط 4/608، رقم 4463. والسنن الكبرى للبيهقي 8/232، من طريق إسحاق بن راهوية، والمحلى 11/381، وروى ابن أبي شيبة عن أبي نضرة قال: سئل ابن عباس: ما حد اللوطي؟
قال: ينظر أعلى بناء في القرية فيرمى به منكساً، ثم يتبع بالحجارة.
مصنف ابن أبي شيبة 9/529، رقم 8386، وهو في السنن الكبرى للبيهقي 8/232، والمحلى لابن حزم11/381.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.(7/3753)
محصن. 1
فالفتيا من أهل العلم ينبغي أن تكون هكذا، وهذا بناء على ما فعل الله [سبحانه 2 وتعالى] بقوم لوط، أنهم قتلوا. 3
وكذلك يروى عن أبي بكر الصديق [رضي الله عنه] أنه يحرق بالنار، واحتج فقال: هذا شيء عذب الله [سبحانه 4 وتعالى] به أمة لم يعذب بها أمة قط قبل هؤلاء بمثل هذا، فأرى أن يفعل ذلك، ويحرقوا بالنار 5، وهذا عندي أنه يحرق بالنار جسده
__________
1 روى ابن أبي شيبة أن علياً رجم لوطياً.
مصنف ابن أبي شيبة 9/530، رقم 8388، وهو في السنن الكبرى للبيهقي 8/232، عن القاسم بن الوليد عن رجل من قومه أنه شهد علياً - رضي الله عنه - رجم لوطياً. والمحلى لابن حزم 11/381.
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 قال الله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} سورة هود، آية 82، 83.
4 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
5 روى البيهقي من طريق صفوان بن سليم أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما في خلافته يذكر له أنه وجد رجلاً في بعض نواحي العرب ينكح كما تنكح المرأة، وأن أبا بكر رضي الله عنه جمع الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم عن ذلك، فكان من أشدهم يومئذ قولاً علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: إن هذا ذنب لم تعص به أمة من الأمم إلا أمة واحدة صنع الله بها ما قد علمتم، نرى أن تحرقه بالنار، فاجتمع رأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يحرقه بالنار. فكتب أبو بكر رضي الله عنه إلى خالد بن الوليد يأمره أن يحرقه بالنار.
السنن الكبرى 8/232، من طريق عبد العزيز بن أبي حازم أنبأ داود بن بكر عن محمد بن المنكدر. وقال البيهقي هذا مرسل.
[] وهو في المحلى لابن حزم 11/380-381.
قال ابن حزم: فهذه كلها منقطعة ليس منهم أحد أدرك أبا بكر، ثم ذكر بعد هذا الأثر فقال: ثم حرقهما ابن الزبير في زمانه، ثم حرقهما هشام بن عبد الملك، ثم حرقهما القسري في العراق.(7/3754)
بعدما يقتل، كما فعل علي بن أبي طالب [رضي الله عنه] أتي بقوم تزندقوا فقتلهم، ثم حرق أجسادهم بالنار، 1 وهو
__________
1 روى ابن المنذر عن الشعبي قال: شهدت علياً أتي بناس من الزط قد ارتدوا عن الإسلام، أو زنادقة، فأمر بهم علي فضربت أعناقهم، وحرق أجسادهم.
الأوسط، كتاب الديات 3/702.
وذكر الهيثمي من طريق سويد بن غفلة: "أن علياً بلغه أن قوماً بالبصرة ارتدوا عن الإسلام، فبعث إليهم، فأمال عليهم الطعام جمعتين، ثم دعاهم إلى الإسلام، فأبوا. فحفر عليهم حفيرة، ثم قام عليها، فقال: لأملأنك شحماً ولحماً، ثم أتى بهم فضرب أعناقهم وألقاهم في الحفيرة، ثم ألقى عليهم الحطب فأحرقهم".
مجمع الزوائد 6/262، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الحسن بن زياد اللؤلؤي وهو متروك.(7/3755)
أحسن، 1 لأنه لم يحرقه والروح فيه فيكون معذباً بعذاب الله [عز وجل] 2.
وجهل هؤلاء بأجمعهم فقالوا للذي 3 يعمل عمل قوم لوط: لا حد عليهم ولا يقتلون، أحصنوا أو لم يحصنوا إنما يعزرون 4 تعزيراً، فخففوا مما شدد الله [سبحانه وتعالى] 5 كما شددوا فيما خفف الله [عز وجل] . 6
وقد أولعوا بذلك أن يميزوا بين ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يجمعوا بين ما ميز رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنا لله 7 ما أعظمها من مصيبة أن ينسب إلى العلم من
__________
1 في العمرية بلفظ "حسن".
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 في العمرية بلفظ "الذي".
4 وهو قول أبي حنيفة، والحكم، وداود الظاهري.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة 9/531، رقم 8396، واختلاف الفقهاء للطحاوي 1/158، والمحلى لابن حزم 11/382.
5 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
6 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
7 في العمرية سقط لفظ "فإنا لله".(7/3756)
يكون أمره كما وصفنا، حتى يضل 1 به الناس ولا يدرون، فكلما قذف قاذف [رجلاً] 2 بأنك تعمل عمل قوم لوط مصرحاً، فحكم ذلك كما يقذف الرجل بالزنى، إن أقام [العدول] 3 بما رماه، وإلا حد كما يحد في القذف في الزنى، حكمه أشد وأوكد إذا كان الراكب كذلك حكمه فيما وصفنا.
[2744-] قلت لإسحاق: من جعل دواء في شيء للطير فأكل منه ثم وقع، يحل لحمه؟
قال: نعم، ما لم يقع ميتاً.
[2745-] قلت لإسحاق: 4 يدخن [ع-120/أ] للزنابير؟
قال: إذا خشي أذاهم فلا بأس، هو أحب إليَّ من تحريقه، والنمل إذا آذاه يقتله [ظ-86/ب] .
__________
1 في العمرية بلفظ "الناس به".
2 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية.
3 ما بين المعقوفين أثبته من العمرية، وفي الظاهرية بلفظ "العدل".
4 في العمرية سقط لفظ "لإسحاق".(7/3757)
المجلد الثامن
وصف نسخ المخطوطة ومحتوياتها
لكتاب مسائل الإمام أحمد بن حنبل برواية إسحاق بن منصور المرزوي ثلاث نسخ خطية:
1- وهي النسخة الظاهرية،
2- ونسخة دارالكتب المصرية المنسوخة من الظاهرية،
3- والنسخة العمرية.
1 - وصف النسخة الأولى:
وهي نسخة المكتبة الظاهرية، وبها نقص يسير في أول الكتاب عن النسخة العمرية، ويبتدئ الجزء الظاهر منه بقوله: قلت: الصلاة بوضوء واحد أحب إليك، أو يتوضأ لكل مكتوبة، وهذه النسخة تحتوي على العناوين والأبواب التالية: -
العناوين ... الصفحات
باب الصلاة ... 11
من كتاب الزكاة ... 30
الجزء الثاني، فيه الزكاة، والصيام، والحيض، والنكاح، والطلاق، ويتلوه باب الصيام ... 36
في الصيام ... 38
في الحيض ... 42
في النكاح والطلاق ... 43
المناسك(8/3825)
الجزء السابع من مسائل أحمد بن محمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية رواية إسحاق بن منصور المرزوي، في الكفارات وأول البيوع ... 100
كتاب البيوع ... 103
الجزء الخامس من مسائل أحمد بن محمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، رواية إسحاق بن منصور المرزوي سماع يوسف من ابن مسند ملك1 ... 129
في الحدود والديات ... 147
الجزء السادس من مسائل أحمد بن محمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، فيه بقية الحدود، والديات والجهاد، والذبائح والأشربة، والشهادات والفرائض ... 159
كتاب الجهاد ... 171
كتاب الذبائح ... 175
في الأشربة ... 180
في الشهادات ... 181
في الفرائض ... 185
الجزء السابع من مسائل أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، وفيه أبواب الوصاياـ والمدبر، والمكاتب ومسائل شتى، وهو آخر الكتاب ... 191
__________
1 كلمة غامضة لم أعثر عليها.(8/3826)
في المدبر، والمكاتب، والعتق ... 199
مسائل شتى ... 208
وجاء في آخر هذه النسخة: تم الجزء، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين ورسول رب العالمين، وسلم كثيراً.
ويلاحظ على هذه النسخة أنه لم يذكر الجزء الأول، ولعله ذكره في الصفحة الأولى من الكتاب الذي لم يظهر منه إلا الشيء اليسير بسبب انطماس الكلمات والجمل فيه بفعل الرطوبة.
وكذلك لم يذكر الجزء الثالث والرابع، وكرر العنوان بالجزء السابع مع اختلاف العناوين المندرجة تحت هذين الجزأين.
وتتكون هذه النسخة من ثلاث عشرة ومائة ورقة ذات وجهين، اثنتان وعشرون ومائتي صفحة، في كل صفحة من خمسة وثلاثين إلى سبعة وثلاثين سطراً تقريباً، يتراوح عدد الكلمات في كل سطر بين ست عشرة، وثماني عشرة كلمة، وهي فيما يبدو نسخة كاملة غير أنها سقط منها عدد من الأسطر من الأول، وبها بعض الانطماس في الكلمات والأسطر في البداية بفعل الرطوبة وكتبت بخط جيد دقيق شبيه بخط النسخ، والغالب عليها الإعجام، إلا في بعض الكلمات، يختلف رسم بعض الكلمات عما هو مألوف الآن كسفيان، ومالك، وإسحاق حيث يرسمها سفين، ملك، إسحق، وكذا زكاة، وجنى "من الجناية" والتقى هكذا، كذى، زكوة، جنا، التقا.
والنسخة خالية من السند إلا في موضع واحد ص 129 جاء فيه رواية إسحاق بن منصور المرزوي سماع يوسف من ابن مسند ملك إلا أن الاسم الأخير(8/3827)
غير واضح.
ولم يذكر في النسخة اسم الناسخ، وتاريخ النسخ، ويرى الأستاذ فؤاد سزكين أنها كتبت في القرن الرابع الهجري1.
كما أن النسخة كانت في حيازة الحافظ ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور السعدي المقدسي.
فقد جاء في الصفحة الأولى فوق عنوان الكتاب عبارة "وقف الحافظ ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي رحمه الله ورضي عنه".
وجاء في الكتب التي ترجمت للحافظ ضياء الدين أبو عبد الله محمد ابن عبد الواحد أنه بنى مدرسة على باب جامع المظفري بسطح قاسيون، وأعانه عليها بعض أهل الخير، ووقف عليها كتبه، وأجزاءه.
وكانت ولادته سنة تسع وستين وخمسمائة ووفاته سنة ثلاث وأربعين وستمائة، ودفن بسفح جبل قاسيون بدمشق2.
والذي يظهر أن هذه النسخة من كتاب المسائل كانت متداولة بين العلماء في القرن السادس، والسابع، وأن ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي وقفه كما ذكر ذلك مترجموه.
وجاء في الصفحة رقم مائة عبارة "وقف بالضيائية" والضيائية مدرسة يقال لها دار الحديث الضيائية المحمدية، ويقال لها درا السنة بسفح قاسيون شرقي الجامع المظفري.
__________
1 تاريخ التراث العربي 1/3/228.
2 شذرات الذهب لابن العماد 5/224وما بعده، والمقصد الأرشد 283 وما بعده، والقلائد الجواهرية في تاريخ الصالحية 1/130.(8/3828)
قال ابن شداد: "بانيها الفقيه ضياء الدين محمد بجبل الصالحية1 والقسم الذي قمت بتحقيقه من هذه النسخة يبدأ من كتاب الجهاد صفحة إحدى وسبعين ومائة إلى نهاية المدبر والمكاتب، والعتق صفحة ثمان ومائتين، وقد اخترت ترتيب هذه النسخة.
وصف النسخة الثانية
النسخة الثانية هي العمرية التي انضمت أخيراً إلى المكتبة الظاهرية وبدأت هذه النسخة بعبارة: "بسم الله الرحمن الرحيم" ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، حدثنا إسحاق بن منصور بن بهرام أبو يعقوب الكوسج المرزوي قال: قلت لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه: إذا أحدث قبل أن يسلم؟ قال يعيد الصلاة ما لم يسلم، فإن انقضاء الصلاة التسليم، فإن لم يسلم رجع فقعد، ثم سلم ما دام قريباً، فإذا تباعد ذلك أعاد.
وتشمل هذه النسخة على الأبواب والعناوين التالية:-
العناوين ... الصفحات
بدأ بمسائل من باب الطهارة دون أن يعنون لها ... 2
باب التيمم ... 9
باب الصلاة ... 13
باب الجمعة ... 46
آخر الجزء الأول، وأول الثاني بسم الله الرحمن الرحيم باب الزكاة ... 50
__________
1 انظر القلائد الجواهرية في تاريخ الصالحية 1/130.(8/3829)
باب المكاتب يزكي ما أخذه منه سيده ... 56
باب في زكاة مضارب يزكي غلته ... 57
باب من ابتاع قبل الفطر يطعم سيده عنه ... 59
باب في تعجيل الزكاة ... 60
كتاب الصيام ... 63
باب الحيض ... 67
بدأ في النصف الأخير من الصفحة في الكلام على غسل الميت، ولم يعنون له. ... 74
بدأ في كتاب الجهاد، ولم يعنون له ... 77
بدأ في الكلام على النكاح، ولم يبوب له ... 81
آخر الجزء الثاني، وأول الثالث ... 89
باب الرضاع ... 92
باب الظهار ... 94
باب الوصايا ... 133
باب الهبة ... 133
آخر الجزء الثالث، وأول الرابع ... 137
بقية باب الهبة ... 137
باب المكاتب ... 143
باب الأيمان ... 155
باب المناسك ... 163
آخر الجزء الرابع، وأول الخامس ... 184(8/3830)
باب الحدود ... 192
باب القسامة ... 215
باب البيوع ... 236
آخر الجزء الخامس، وأول السادس ... 246
آخر الجزء السادس، وأول السابع ... 311
باب الصيد والذبائح ... 314
باب الأشربة ... 319
باب الشهادات ... 321
كتاب المواريث ... 326
مسائل شتى ... 336
وتحتوي هذه النسخة على تسع وسبعين ومائة ورقة ذات وجهين: أربعة وستون وثلاثممائة صفحة، في كل صفحة ما بين أربعة وثلاثين، واثنتين وعشرين سطراً، وفي كل سطر خمس عشرة كلمة تقريباً، وهي بخط عادي رديء متداخلة السطور والكلمات وهي منقوطة غالباً، ويختلف رسم بعض الكلمات عن القواعد الإملائية الحديثة فيكتب عثمان، وبئر، ولوى، وأعطى، وتطلى، وشراء هكذا: عثمن، وبير، ولوا، وأعطا، وتطلا، وشرى.
ويوجد بها نقص في عدة مواضع فنقص مقدار ورقة من كتاب الجهاد كما نقص في كتاب الصيد والذبائح، وفي كتاب العتق.
وكتبت هذه النسخة بخط محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد ابن عمر بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة، وكان الفراغ منها يوم السبت شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين وسبعمائة بصالحية دمشق.(8/3831)
وجاء في آخر هذه النسخة ما نصه: "وكتبه لنفسه أفقر عبده إلى ربه عز وجل محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عمر بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة، ثم ساق نسبه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: "وكان الفراغ منه يوم السبت شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين وسبعمائة بمحلة الصالحين، بمنزله بصالحية دمشق المحروسة، وغفر الله له، وللمسلمين أجمعين آمين.
وكتب بالهامش: آخر الأجزاء كلها.
وامتازت هذه النسخة بأنها صححت بعض الأخطاء اللغوية التي وقعت في النسخة الظاهرية، وزادت بعض المسائل، ووضحت بعض العبارات الغامضة، وأكملت بعض الخروم التي في الظاهرية.
وقد قابلت بين النسختين، وأخذت منها المسائل التي انفردت بها عن الظاهرية ووضعتها في القسم المحقق في الموضع الذي أصادف فيه المسألة الزائدة، وأشرت في الهامش إلى أن المسألة انفردت بها النسخة العمرية.
وهناك نسخة ثالثة مصورة من دار الكتب المصرية تشتمل على تسعة وعشرين وأربعمائة ورقة ذات وجهين في كل صفحة واحد وعشرون سطراً، وعدد كلمات كل سطر بين سبع، وثمان كلمات، وهي منقولة عن النسخة الظاهرية كتبت عام 1362هـ الموافق 1943 بخط عبد اللطيف فخر الدين الناسخ بالدار.
ويقع القسم الذي قمت بتحقيقه في هذه النسخة من الصفحة الثانية من المجلد الثاني من كتاب الجهاد، إلى صفحة اثنتين وأربعين ومائة آخر كتاب العتق والدبر والمكاتب.
وقد جعلت النسخة الظاهرية الأصل، وذلك لامتيازها عن بقية النسخ(8/3832)
بالأمور التالية:
1- قدم النسخة، حيث إنها كتبت في القرن الرابع كما سبق.
2- كون النسخة كاملة، لا ينقص منها شيء في الجزء الذي اخترته.
3- عدم وجود الطمس والبياض فيها.
4- وضوح النسخة، وجودة خطها بالنسبة إلى النسخة العمرية.(8/3833)
عملي في التحقيق
1 - التثبت من صحة النص، ومحاولة إخراجه على أقرب صورة وضعها عليه مؤلفه.
2 - اتخذت النسخة الظاهرية أصلاً وأثبتها في أعلى الصفحة، وذكرت الفروق بين النسختين في الهامش.
3 - قابلت بين النسختين، وأخذت الصواب منهما، وأشرت إلى المتروك.
4 - في النسخة الظاهرية لم يكمل الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسمه بل اقتصر على قوله: صلى الله عليه، وأما النسخة العمرية فقد ورد فيها الصلاة والتسليم كاملاً، فوضعت: "وسلم" بين معقوفتين للإشارة إلى أنه لا يوجد في النسخة الظاهرية.
5 - أثبت المسائل الزائدة في إحدى النسختين، ووضعتها في موضع ورودها، وأشرت في الهامش إلى النسخة التي انفردت بها.
6 - اخترت ترتيب النسخة الظاهرية في ترتيب المسائل والأبواب.
7 - أشرت إلى المسائل المكررة، وقمت بتحقيقها عند أول موضع وردت فيها، وأكتفي بالإشارة بأن المسألة سبقت وأذكر رقم المسألة، إلا إذا كان في المسألة جزئية لم يتقدم تحقيقها، فأعلق عليه.
8 - رقمت المسائل بأرقام متسلسلة.
9 - خرجت الأحاديث النبوية من مصادرها الأصلية، وإذا كان(8/3834)
الحديث في الصحيحين أو أحدهما فإنني أكتفي بهما أو بأحدهما، وإذا لم يكن في الصحيحين فأخرجه من كتب السنن، فإذا لم يكن فيها خرجته من بقية كتب الحديث.
10- أذكر كلام أهل العلم على سند الحديث إذا لم يكن في الصحيحين، أو أنقل كلام مؤلف الكتاب في السند إذا وجد.
11- خرجت الآثار عن الصحابة والتابعين من كتب الآثار المعنية بذلك كمصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة، وشرح معاني الآثار للطحاوي، وسنن الدارمي، والسنن الكبرى للبيهقي، والمحلى لابن حزم، والأوسط والإشراف لابن المنذر، مع تفضيل إخراجها من الكتب التي تذكرها بالإسناد إلى صاحب الأثر، فإذا لم أجده بالإسناد أقوم بتخريجه من كتب الفقه المعتبرة التي تذكر أقوالهم.
12- ترجمت للأعلام في أول محل ورودها، فإذا تكرر العلم لا أترجم له إلا إذا ذكر مختصراً أو اشتبه بغيره فأذكر الاسم الكامل وما يميزه، عدا بعض شيوخ الإمام أحمد رحمه الله فقد تكررت الترجمة لهم في قسم التحقيق والدراسة.
13- شرحت الكلمات الغريبة الواردة في أصل المخطوطة، والتي تحتاج إلى إيضاح.
14- راجعت كتب المذهب في كل مسألة، ونقلت منها ما وجدته موافقاً أو موضحاً للمسألة.(8/3835)
15- وثقت النص بمراجعة كتب المسائل، وكذلك المسائل المتناثرة في الكتب الأخرى، وذكرت المسائل الموافقة والمقاربة لهذه الرواية ونقلت بعضاً منها، وأشرت للمسائل الموافقة بقول: "نقل فلان مثل هذه الرواية"، والمقاربة بقول: "نقل فلان نحو هذه الرواية".
16- ذكرت ما أمكنني من الروايات في المسألة عند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، مع ذكر الرواية الراجحة في المذهب من الكتب التي عنيت بذلك.
17- وثقت قول الإمام إسحاق رحمه الله من الكتب التي ذكرت أقواله، وسقت عباراتها مع ذكر من وافقه القول في المسألة من الأئمة والصحابة والتابعين كلما أمكن ذلك.
18- الاستدلال للمسائل بإيجاز كلما أمكن ذلك.
19- الترجيح بين أقوال الإمامين أحمد وإسحاق، إذا حصل الخلاف بينهما ولم يكن لأحدهما رواية يوافق فيها الآخر، وتبين لي وجه الرجحان.(8/3836)
كتاب1 الجهاد2
__________
1 هذا العنوان من النسخة الظاهرية، وسقط من العمرية. والكتاب مصدر، سمّي به المكتوب، كالخلق بمعنى المخلوق. يقال: كتبت كتاباً، والكتب الجمع.. ومنه كتبت الكتاب، أي جمعت فيه الحروف والمعاني المحتاج إليها.
وفي الاصطلاح: اسم لجنس من الأحكام ونحوها، تشتمل على أنواع مختلفة: كالطهارة مشتملة على المياه، والوضوء، والغسل، والتيمم، وإزالة النجاسة، وغيرها. وهو خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا كتاب الجهاد الجامع لأحكامه.
انظر: الصحاح للجوهري1/208، والمصباح المنير2/524، والمطلع على أبواب المقنع ص5.
2 الجهاد مصدر جاهد جهاداً ومجاهدة، وجاهد: فاعل، من جهد. ومادة "جهد" تأتي لمعانٍ كثيرة في اللغة منها: الطاقة، والمشقة، ومادة جهد حيث وجدت ففيه معنى المبالغة.
الصحاح للجوهري 2/260، ومختار الصحاح ص114، ولسان العرب لابن منظور 3/133 وما بعده، وتاج العروس2/329، والمطلع على أبواب المقنع ص209.
وفي الشرع عرّف بتعريفين:
1- تعريف عام، يشمل كلّ ما يبذله المسلم من جهد يرضي به الله تعالى. وممن عرّفه بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله:
"الجهاد: هو بذل الوسع، وهو القدرة في حصول محبوب الحقّ، ودفع ما يكرهه الحقّ. " وقال في موضع آخر:
"الجهاد حقيقته الاجتهاد في حصول ما يحبّه الله، من الإيمان والعمل الصالح، وفي دفع ما يبغضه الله، من الكفر والفسوق والعصيان. "
2- وتعريف خاص وهو: أنّ الجهاد عبارة عن قتال الكفّار خاصّة. وعرّفه الجرجاني بقوله: "هو الدعاء إلى الدين الحق. "
وتعريف شيخ الإسلام أشمل، حيث جمع كل أنواع الجهاد التي يجب على المسلم أن يحققها في نفسه وفي غيره.
انظر: مجموع الفتاوى 10/191-192، والعبودية ص51، والجهاد في سبيل الله، حقيقته وغايته، للدكتور عبد الله أحمد القادري 1/49-50، والمبدع 3/307، وغاية المنتهى 1/441، ومطالب أولي النهى 2/497، وكشاف القناع3/32 والتعريفات ص80.(8/3837)
[2746-] قال: قلت1-[لأبي عبد الله] 2- أحمد بن محمد بن حنبل3 [رضي الله عنه] : قول النبي صلى الله عليه [وسلم] : "الخيل معقود في نواصيها4 الخير إلى يوم القيامة؟ "5
__________
1 القائل هو إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج، أبو يعقوب التميمي المروزي، راوي المسائل عن الإمام أحمد وإسحاق رحمهم الله تعالى.
2 هذه العبارة وضعت بين معقوفتين لأنها سقطت من الظاهرية وانفردت بها العمرية، وما تنفرد به النسخة العمرية فإني أضعه بين معقوفتين دون التعليق عليه، وإذا انفردت به النسخة الظاهرية فإني أنبّه على ذلك.
3 في العمرية بحذف عبارة: (لأحمد بن محمد بن حنبل) .
4 الناصية واحدة النواصي، ونصوته قبضت على ناصيته، والمراد بالناصية في الحديث: الشعر المسترسل على الجبهة. الصحاح للجوهري 6/2510، مختار الصحاح للرازي 664، وفتح الباري 6/55.
5 ونصّ الحديث: عن عروة البارقي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة": الأجر والمغنم. رواه البخاري في صحيحه برقم: 2852، فتح الباري 6/56، كتاب الجهاد، باب الجهاد ماضٍ مع البر والفاجر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة".
ومسلم في صحيحه 3/1493، كتاب الإمارة، باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، حديث رقم: (1872) ، كلاهما من طريق زكريا عن عامر عن عروة البارقي(8/3838)
قال: يقول: الجهاد إلى يوم القيامة.1
قال إسحاق:2 [رضي الله عنه] إنما قال3 ذلك تحريضاً4 على
__________
1 نقل الترمذي قول الإمام أحمد فقال:
قال أحمد بن حنبل: "وفقه هذا الحديث أنّ الجهاد مع كل إمام إلى يوم القيامة."
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
وفيه -أي الحديث- بشرى ببقاء الإسلام وأهله إلى يوم القيامة لأن من لازم بقاء الجهاد بقاء المجاهدين وهم المسلمون.
وهو مثل الحديث الآخر "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق" الحديث، سنن الترمذي 4/203، وفتح الباري 6/56، وطرح التثريب في شرح التقريب 7/234.
2 هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، أبو محمد بن راهويه المروزي.
3 في العمرية بحذف لفظ (قال) .
4 التحريض على الشيء هو الحثّ عليه.
والتحريض على القتال: هو الحثّ والإحماء عليه.
مختار الصحاح ص130، القاموس المحيط 2/327 والمصباح المنير 1/130.
وقد حثّ الله تعالى على رباط الخيل، فقال عز وجل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} الآية، سورة الأنفال، آية رقم: (60) .
وروى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً بالله تصديقاً بوعده، فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة".
أخرجه البخاري في صحيحه برقم: (2853) ، فتح الباري 6/57، كتاب الجهاد، باب من احتبس فرساً في سبيل الله، من طريق طلحة بن أبي سعيد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه(8/3839)
ارتباط الخيل. وقد فسر ذلك الشعبي فقال: [الخير] 1 الأجر والمغنم.2
والنبي صلى الله عليه وسلم لوى ناصية فرسه بيده تعظيماً للخيل.3
وقوله: الجهاد ماض4 إلى يوم القيامة كما قال.
__________
1 في الظاهرية بلفظ (الخيل) وأثبتت كلمة (الخير) من العمرية.
2 قول الشعبي: لم أعثر عليه فيما رجعت إليه من الكتب.
3 عن جرير بن عبد الله. قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوي ناصية فرس بإصبعه، وهو يقول: الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة"، الأجر والمغنم.
رواه الإمام مسلم في صحيحه 3/1493، كتاب الإمارة، باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة حديث رقم: 1872 من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جرير بن عبد الله.
4 في العمرية بحذف كلمة (ماض) .(8/3840)
[2747-] قلت: الرهان1؟
قال2: إذا جعل معهما فرس محلل3 ليس4 بدونهما.
قال: المحلل لا يكون بدونهما5 في الجري والقوة.
وإن سبق كان له السبق [منهما] ، وإن سبق لم يكن عليه
__________
1 في العمرية بلفظ قلت: في الرهان بإضافة (في) .
والرهان: المسابقة على الخيل وغير ذلك، ويطلق على المسابقة على الخيل أكثر.
تاج العروس9/222، لسان العرب13/188.
2 في العمرية سقط لفظ (قال) .
3 المحلل: اسم فاعل من حلل الشيء: جعله حلالاً لأنه حلل الجعل بدخوله بينهما.
والفرس الثالث الذي يدخل بين الفرسين يسمى المحلل. وصورة الرهان والمسابقة في الخيل: أن يتسابق الرجلان بفرسيهما، فيعمدا إلى فرس ثالث كفء لفرسيهما يدخلانه بينهما، ويتواضعا على مال معلوم يكون للسابق منهما، فمن سبق أحرز سبقه، وأخذ سبق صاحبه، ولم يكن على المحلل شيء، فإن سبقهما المحلل أحرز السبقين معاً. وإنما يحتاج إلى المحلل فيما كان الرهن دائراً بين اثنين، فأما إذا سبق الأخير الخيل وجعل للسابق منهما جعلاً، أو قال رجل لصاحبه: إن سبقت فلاناً فلك عشر دراهم، فهذا جائز من غير محلل.
المطلع على أبواب المقنع ص 268، والصحاح للجوهري 4/1675، والمصباح المنير1/147، ومعالم السنن للخطابي المطبوع مع مختصر أبي داود 3/401، والمغني 8/658، والفروسية لابن القيم ص72، وتكملة المجموع للمطيعي 14/41.
4 في العمرية سقط لفظ (ليس) .
5 في الظاهرية بلفظ (دونهما) .(8/3841)
شيء.1
قال إسحاق: كما قال.2
__________
1 قال الخرقي رحمه الله:
"إن أخرجا جميعاً لم يجز، إلا أن يدخلا بينهما محللاً يكافئ فرسه فرسيهما، أو بعيره بعيريهما، أو رميه رمييهما. فإن سبقهما أحرز سبقيهما، وإن كان السابق أحدهما، أحرز سبقه، وأخذ سبق صاحبه، فكان كسائر ماله، ولم يأخذ من المحلل شيئاً".
وذكر المرداوي أن هذا المذهب، وعليه الأصحاب.
ونقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قوله: جواز السبق من غير محلل. وعلل ذلك، بأن عدم المحلل أَوْلى وأقرب إلى العدل من كون السبق من أحدهما، وأبلغ في تحصيل مقصود كل منهما، وهو بيان عجز الآخر. وأن الميسر والقمار منه لم يحرم لمجرد المخاطرة، بل لأنه أكل للمال بالباطل، أو للمخاطرة المتضمنة له.
مختصر الخرقي ص214، المقنع2/222، والإنصاف6/93، وحاشية المقنع التي وجدت بخط الشيخ سليمان بن الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله2/222.
2 ذكر ابن المنذر المسألة وقول الإمامين أحمد وإسحاق رحمهما الله فقال: وقد اختلفوا في هذا الباب.
وقال أحمد وإسحاق في المحلل: "لا يكون بدونهما في الجري والقوة، إن سبق كان له السبق منهما، وإن سبق لم يكن عليه شيء".
الأوسط3/34، وانظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: المغني8/658، والفروسية لابن القيم ص72.
واستدل على ذلك بما روى سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أدخل فرساً بين فرسين" - "يعني وهو لا يؤمن أن يسبق" "فليس بقمار، ومن أدخل فرساً بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار".
رواه أبو داود في سننه 3/30 كتاب الجهاد، باب في المحلل، برقم 2579.
قال ابن القيم: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: "رفع هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم خطأ، وإنما هو من كلام سعيد بن المسيب قال: وهذا مما يعلم أهل العلم بالحديث أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من كلام سعيد بن المسيب نفسه.
وهكذا رواه الثقات الأثبات من أصحاب الزهري عنه عن سعيد بن المسيب مثل: الليث بن سعد، وعقيل، ويونس، ومالك بن أنس وذكره في الموطأ، عن سعيد بن المسيب نفسه، ورفعه سفيان بن حسين الواسطي، وهو ضعيف.
الفروسية لابن القيم ص42، تهذيب سنن أبي داود3/400(8/3842)
[2748-] [قال] : قلت: الطعام يحمل من أرض العدو؟
قال: أعجب إلي1 أن ينظر2 إلى قيمته فيلقيه في المغنم3
__________
1 هذا اصطلاح للإمام أحمد رحمه الله، والمراد به أنه يستحب أن يعرف قيمة ما أخذ، فيرجعه إلى المغنم.
[] راجع: الفروع 1/67، والمسودة لآل تيمية ص 529-530، والإنصاف 12/249، ومفاتيح الفقه الحنبلي 2/21.
2 في العمرية سقطت كلمة "ينظر".
3 الطعام إن كان كثيراً فلا خلاف أنه يرد في المغنم، لأن ما كان مباحاً له في دار الحرب، فإذا أخذه على وجه يفضل منه كثير إلى دار الإسلام، فقد أخذ ما لا يحتاج إليه، فيلزمه رده، لأن الأصل تحريمه لكونه مشتركاً بين الغانمين كسائر المال، إنما أبيح منه ما دعت الحاجة إليه، فما زاد يبقى على أصل التحريم.
أما الطعام اليسير إذا فضل معه، ففيه روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله:
إحداهما: "إن فضل معه شيء من الطعام وأراد الرجوع من الغزو، وجب رده في المغنم، ولو باعه رد ثمنه".
وهذا هو المذهب، اختاره أبو بكر الخلال، وأبو بكر عبد العزيز، والقاضي.
الثانية: "إن فضل معه طعام يسير كالطبخة والطبختين من اللحم، والعليفة والعليفتين من الشعير، لا بأس به، لأن اليسير مما تجري فيه المسامحة، نص الإمام أحمد على المقدار في رواية أبي طالب.
[] المغني 8/442-443، والإنصاف 4/154، والفروع 6/235، والمبدع 3/352، والمقنع 1/498، والكافي 4/287، والروايتين والوجهين لوحة رقم 183.
قال ابن هانئ: سئل- أي الإمام أحمد - عن رجل: يفضل معه الخبز إلى منزله، فينظر كيف يباع في السوق فيلقي ثمنه في المقسم، أيكره ذلك؟ قال: أرجو أن لا يضيق على الناس، قدر هذا يأكله ولا يطرح ثمنه في المقسم. مسائل ابن هانئ 2/114 برقم 1664.(8/3843)
وأهل الشام1
__________
1 قال ابن القيم: وكان من المفتين بالشام أبو إدريس الخولاني، وشرحبيل بن السمط، وعبد الله بن أبي زكريا الخزاعي، وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي، وحيان بن أمية، وسليمان بن حبيب المحاربي، والحارث بن عمير الزبيدي، وخالد بن معدان، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري، وجبير بن نفير.
ثم كان بعدهم عبد الرحمن بن جبير بن نفير، ومكحول، وعمر بن عبد العزيز، ورجاء بن حيوة، وكان عبد الملك بن مروان يعد في المفتين قبل أن يلي ما ولي، وحدير بن كريب.
ثم كان بعدهم يحيى بن حمزة القاضي، وأبو عمرو، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وإسماعيل بن أبي [] [] المهاجر، وسليمان بن موسى الأموي، وسعد بن عبد العزيز، وذكر غير هؤلاء. إعلام الموقعين 1/26-27.(8/3844)
يرخصون فيه.1
قال إسحاق: كما قال.
[2749-] قلت: لكم من فرس يسهم2؟
__________
1 نقل ابن قدامة نحو هذا القول عن الإمام أحمد فقال: "قال أحمد: أهل الشام يتساهلون في هذا". المغني 8/443.
ونقل الإمام الشافعي رحمه الله عن الأوزاعي قوله:
"كان المسلمون يخرجون من أرض الحرب بفضل العلف والطعام إلى دار الإسلام، ويقدمون به على أهلهم، وبالقديد، ويهدي بعض إلى بعض، ولا ينكره إمام، ولا يعيبه عالم. وإن كان أحد منهم باع شيئاً منه قبل أن تقسم الغنائم، ألقى ثمنه في الغنيمة، وإن باعه بعد القسمة يتصدق به عن ذلك الجيش".
الأم 8/345، وراجع الرد على سير الأوزاعي لأبي يوسف الأنصاري ص 47، وشرح صحيح مسلم للنووي 12/102، وشرح السنة للبغوي 11/123، والكافي4/287، والمبدع3/352، ومعالم السنن للخطابي 4/35.
قال ابن المنذر: قد وردت الأحاديث الصحيحة في التشديد في الغلول، واتفق علماء الأمصار على جواز أكل الطعام، وجاء الحديث بنحو ذلك فليقتصر عليه. فتح الباري 6/256.
2 السهم: هو النصيب المحكم، والجمع أسهم وسهام وسهمان -بالضم- الصحاح للجوهري 5/1956، ولسان العرب 12/308، والمصباح المنير 1/293.(8/3845)
قال: لا يسهم لأكثر من فرسين أربعة أسهم1.
قال إسحاق: كما قال.2
__________
1 قال الخرقي: "لا يسهم لأكثر من فرسين".
وقال ابن قدامة: "يعني إذا كان مع الرجل خيل، أسهم لفرسين أربعة أسهم، ولصاحبهما سهم، ولم يزد على ذلك".
قال المرداوي: هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به الأكثر. وقيل يسهم لثلاثة، جزم به في التبصرة، والإسهام لفرسين أو ثلاثة من مفردات المذهب.
مختصر الخرقي ص 201، والمغني 8/407، والإنصاف 4/174.
وراجع الكافي 4/299، والفروع 6/232، والمبدع 3/368، والمذهب الأحمد لابن الجوزي ص 205.
قال ابن حجر رحمه الله: "قال الليث، وأبو يوسف وأحمد، وإسحاق: يسهم لفرسين لا لأكثر، وفي ذلك حديث أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف عن أبي عمرة، قال: "أسهم لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لفرسي أربعة أسهم، ولي سهماً، فأخذت خمسة أسهم".
قال القرطبي: "ولم يقل أحد إنه يسهم لأكثر من فرسين إلا ما روي عن سليمان بن موسى أنه يسهم لكل فرس سهمان بالغاً ما بلغت، ولصاحبه سهم، أي غير سهمي الفرس."
فتح الباري 6/68، وسنن الدارقطني 4/104، والجامع لأحكام القرآن 8/16.
2 نقل قول الإمام أحمد وإسحاق رحمهما الله كل من ابن حجر في فتح الباري 6/68 والعيني في عمدة القاري 14/156.(8/3846)
[2750-] قلت: أهل الذمة1 يغزون مع المسلمين [أ] يسهم لهم؟
قال: الغالب على أن لا يستعان بمشرك.2
__________
1 الذمة في اللغة: الأمان والعهد، وأهل الذمة: هم المعاهدون من النصارى واليهود وغيرهم ممن يقيم في دار الإسلام.
مختار الصحاح للرازي ص 223، والقاموس المحيط4/115، والسير الكبير لمحمد بن الحسن الشيباني 1/168.
ومعنى عقد الذمة: هو إقرار بعض الكفار على كفره، بشرط بذل الجزية، والتزام أحكام الملة.
المبدع3/404، وكشاف القناع3/116.
2 نقل الخلال نص هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله في كتابه أحكام الملل، كتاب السير، لوحة رقم 98.
وسأل ابن هانئ الإمام أحمد عن القوم من أهل الذمة يغزون مع المسلمين، هل يضرب لهم بسهم؟ وكيف إن كانوا مستأمنين هل لهم سهم؟ قال: من شهد الوقعة منهم أسهم له.
مسائل ابن هانئ 2/111 برقم 1649.
قال ابن قدامة: ولا يستعان بمشرك، وبهذا قال ابن المنذر، والجوزجاني، وجماعة من أهل العلم.
وعن أحمد ما يدل على جواز الاستعانة به وكلام الخرقي يدل عليه أيضاً عند الحاجة …
ويشترط أن يكون من يستعان به حسن الرأي في المسلمين، فإن كان غير مأمون عليهم لم تجز الاستعانة به، لأننا إذا منعنا الاستعانة بمن لا يؤمن من المسلمين مثل المخذل والمرجف فالكافر أولى.
المغني 8/414، والفروع 6/205، والإنصاف 4/180، والمحرر 2/171.
وإذا غزا الكافر مع المسلمين من غير إذن الأمير فلا سهم له، لأنه ممن يستحق المنع من الغزو، فأشبه المخذل، وإن غزا بإذنه ففي الإسهام له روايتان:
إحداهما: لا سهم له، لأنه من غير أهل الجهاد، فلم يسهم له كالعبد، فعلى هذا يرضخ له كالعبد.
والثانية: يسهم له كالمسلم.
قال المرداوي: هذا المذهب، وعليها أكثر الأصحاب.
المغني 8/414، والكافي 4/302، والإنصاف4/171، والمبدع3/366(8/3847)
قال إسحاق: لا يستعان بمشرك، فإن غزوا أو غزي بهم، أسهم خيولهم1 بسهمان المسلمين2 ويسهمون أيضاً3.
[2751-] قلت: النبي صلى الله عليه وسلم نفل4، إذا
__________
1 في الظاهرية بلفظ (سهمان) .
2 في الظاهرية بلفظ (للمسلمين) .
3 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 8/414.
4 النفل لغة: الغنيمة والهبة، ونقل الإمام الجند، جعل لهم ما غنموا، والنافلة: الغنيمة والعطية.
وقال ابن منظور: "وجماع معنى النفل والنافلة: ما كان زيادة على الأصل". القاموس المحيط 4/59، ولسان العرب11/671، ومختار الصحاح ص674، والمصباح المنير 2/619.
وفي الشرع: النفل زيادة تزاد على سهم الغازي … لغنائه وبأسه وبلائه، أو لمكروه تحمله دون سائر الجيش.
راجع المغني 8/378، والكافي 4/289، وبدائع الصنائع 7/115، وتكملة المجموع 18/129.(8/3848)
فصل1 بالربع بعد الخمس، وإذا قفل الثلث بعد الخمس؟ 2
قال: يخرج الخمس ثم ينفل مما بقي، ولا يجاوز هذا، يبعث الإمام سرية فيقول لهم: ما أصبتم فلكم الربع أو الثلث بعد الخمس3.
__________
1 في (ظ) (قفل) .
2 الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده 4/160.
وأبو داود في سننه 3/80 كتاب الجهاد، باب فيمن قال: الخمس قبل النفل، حديث 2748.
والترمذي في سننه 4/130 كتاب السير، باب في النفل حديث 1561 عن عبادة بن الصامت، والدارمي في سننه 2/229 كتاب السير، باب في أن ينفل في البدأة الربع، وفي الرجعة الثلث.
قال الترمذي: حديث عبادة حديث حسن. سنن الترمذي 4/130.
3 نقل الترمذي نص هذه الرواية عن الإمام أحمد وإسحاق رحمهما الله في سننه 4/131.
ونقل ابن هانئ نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله في مسائله عنه 2/150 برقم 1621.
قال ابن قدامة: "إن الأمير إذا دخل دار الحرب غازياً، بعث سرية بين يديه تغير على العدو، ويجعل لهم الربع بعد الخمس، فإذا قفل بعث سرية تغير، ويجعل لهم الثلث بعد الخمس، فما قدمت به السرية خمسه، ثم أعطى السرية ما جعل لها، ثم قسم الباقي في الجيش والسرية معه. الكافي 4/289.
وراجع: المحرر 2/176، ومجموع الفتاوى 20/507 و 28/271.
قال المرداوي: "الصحيح من المذهب: أن السرية لا تستحق النفل المذكور إلا بشرط نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب. وعنه: تستحقه من غير شرط.
الإنصاف 4/146، وراجع: الكافي 4/290.
وإنما زيد في الرجعة على البدأة في النفل لمشقتها، فإن الجيش في البدأة ردء للسرية تابع لها، والعدو خائف، وربما كان غاراً، وفي الرجعة لا ردء للسرية؛ لأن الجيش ينصرف عنهم والعدو مستيقظ والمجاهدون مشتاقون إلى أهليهم.
المغني 8/381، والمبدع 3/342.
قال في المغني: ولا يجوز أن ينفل أكثر من الثلث. نص عليه أحمد وقال في الإنصاف: ويحرم تجاوز الثلث في هذا، وفي النفل مطلقاً على الصحيح من المذهب، وعنه: يحرم بلا شرط فقط.
المغني 8/380، والإنصاف 4/146.(8/3849)
قال إسحاق: كما قال1.
[2752-] قلت2: لا ينفل إلا في خمس الخمس؟
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في سنن الترمذي 4/131.
2 هذه المسألة. انفردت بنقلها العمرية.(8/3850)
قال: هذا يريد أن النفل من الخمس1، وهذا الحديث على ما
__________
1 نقل عبد الله في مسائله عن أبيه قال: سألت أبي عن النفل يكون من جميع الغنيمة أو من خمس الإمام؟
فقال أبي: يكون النفل بعد الخمس.
ونقل صالح رواية نحو رواية عبد الله.
وقال ابن هانئ: تعجب أبو عبد الله من قول سعيد بن المسيب: لا نفل إلا من الخمس.
وقال: مثل سعيد بن المسيب وعلمه، كيف ذهب عليه هذا؟
[] مسائل عبد الله ص 257 برقم 952، ومسائل صالح 11-12، ومسائل ابن هانئ 2/106برقم 1626، والمغني 8/385.
ونقل المرداوي في المسألة روايتين عن الإمام أحمد رحمه الله:
إحداهما: أن النفل يكون إخراجه بعد إخراج خمس الغنيمة، فيكون من أربعة أخماسهما، وهو الصحيح، وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، وبه قال إسحاق.
والثانية: أن النفل من أصل الغنيمة، ذكره في الرعايتين والحاويين، وعبر عنها المرداوي بصيغة التمريض "قيل".
[] الإنصاف 4/170، والمغني 8/384-385، والمبدع 3/365.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: قال العلماء: إن النفل يكون من الخمس. وقال بعضهم: إنه يكون من خمس الخمس، لئلا يفضل بعض الغانمين على بعض. والصحيح أنه يجوز من أربعة الأخماس وإن كان فيه تفضيل بعضهم على بعض، لمصلحة دينية، لا لهوى النفس، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة. وهذا قول فقهاء الشام، وأبي حنيفة، وأحمد، وغيرهم.
مجموع الفتاوى 28/271.
وراجع: الخراج وصناعة الكتابة لقدامة بن جعفر ص 237.(8/3851)
قال ابن المسيب. النفل من الخمس.1
قال إسحاق: كما قال2.
[2753-] قلت: من3 قال لا نفل في أول شيء يصاب من المغانم؟ 4
__________
1 هو قوله: "ما كانوا ينفلون إلا من الخمس". كتاب الأموال لأبي عبيد ص 400.
ورواه عبد الرزاق في المصنف 5/192 كتاب الجهاد، باب لا نفل إلا من الخمس، ولا نفل في الذهب والفضة من طريق الثوري عن يحيى بن سعيد برقم 9342.
قال الخطابي: "كان ابن المسيب يقول: إنما ينفل الإمام من الخمس، يعني سهم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خمس الخمس من الغنيمة". معالم السنن 4/55.
وانظر قول سعيد بن المسيب رحمه الله في سنن الترمذي 4/131، وشرح السنة للبغوي 11/113، وشرح صحيح مسلم للنووي 12/55، والمحلى 7/341، والسنن الكبرى للبيهقي 6/314، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة 124، ودلائل الأحكام ليوسف التميمي 5/601.
2 نقل الترمذي قول الإمام إسحاق رحمه الله في سننه 4/131.
وذكر ابن قدامة عنه قولاً يوافق القول الراجح للإمام أحمد رحمه الله.
انظر المغني 8/385.
3 في العمرية بلفظ "ومن قال"، بإضافة واو قبل من.
4 قال النووي: قال الأوزاعي وجماعة من الشاميين: لا ينفل في أول الغنيمة، ولا ينفل ذهباً ولا فضة.
وقال أبو عبيد: وبعضهم يسنده إلى عمر، وبه يفتي الأوزاعي، ولست أدري ما وجه هذا؟ وقد سألتهم عنه هناك- أو من سألت منهم- فلم أجد عندهم فيه أكثر من اتباع أشياخهم.
وأما أنا فأحسبهم ذهبوا إلى أنهم لا يدرون، لعلهم لا يغنمون بعد الغنيمة الأولى شيئاً، فأحبوا الأسوة بينهم لكيلا يرجع أهل العسكر مخفقين.
وأما الآثار… عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فليس فيها شيء مخصوص، وكذلك يروى عن التابعين بعدهم مجملاً أيضاً.
[] شرح صحيح مسلم للنووي 12/56-57، والأموال ص 398-399.
وراجع فتح الباري 6/241، وفقه الأوزاعي للجبوري 2/465.(8/3852)
قال: هذا لا أعرفه، النفل يكون في كل شيء.1
قال إسحاق: كما قال.
[2754-] قلت: المتاع يصيبه العدو، ثم يفيئه الله -عز وجل- على المسلمين؟
قال: يرد على صاحبه ما لم يقسم2، واحتج بحديث
__________
1 قال ابن قدامة: إن النفل لا يختص بنوع من المال، وذكر الخلال أنه لا نفل في الدراهم والدنانير. المغني 8/382.
2 نقل ابن هانئ نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله قال: إذا أخذ الكفار أموال المسلمين ثم قهرهم المسلمون فأخذوها منهم، فإن أدركها صاحبها قبل قسمها ردت إليه بغير شيء، فإذا قسم فهو أحق بالثمن. راجع: مسائل ابن هانئ 2/124.
قال الخرقي: وما أخذه أهل الحرب من أموال المسلمين وعبيدهم فأدركه صاحبه قبل القسمة، فهو أحق به.
[] مختصر الخرقي: 202-203، والكافي 4/296، وراجع: المقنع 1/499، والمحرر 2/173، والإنصاف 4/157، والمبدع 3/354، والتنقيح المشبع: 116.(8/3853)
العضباء1 حيث أخذها النبي صلى الله عليه وسلم من المرأة2 فإذا قسم فقد
__________
1 العضباء: الناقة المشقوقة الأذن، ومن آذان الخيل التي جاوز القطع ربعها، والمراد بها هنا ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تكن عضباء وإنما لقبت بهذا.
وقال صاحب المصباح المنير: وكانت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم تلقب العضباء لنجابتها لا لشق أذنها. القاموس المحيط 1/105، ومختار الصحاح: 438، والمصباح المنير 2/414.
2 والحديث أخرجه الإمام مسلم بإسناده عن عمران بن حصين قال: "كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل، فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني عقيل، وأصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الوثاق، قال: يا محمد، فأتاه، فقال: ما شأنك؟ فقال: بم أخذتني؟ وبم أخذت سابقة الحاج؟ فقال (إعظاماً لذلك) "أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف". ثم انصرف عنه، فناداه. فقال: يا محمد يا محمد. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيماً رقيقاً فرجع إليه فقال: "ما شأنك؟ " قال: إني مسلم، قال: "لو قلتها وأنت تملك أمرك، أفلحت كل الفلاح" ثم انصرف، فناداه. فقال: يا محمد يا محمد. فأتاه فقال: "ماشأنك؟ " قال: إني جائع فأطعمني، وظمآن فأسقني. قال: "هذه هذه حاجتك"، ففدى بالرجلين".
قال: وأسرت امرأة من الأنصار. وأصيبت العضباء، فكانت المرأة في الوثاق وكان القوم يريحون نعمهم بين يدي بيوتهم، فانفلتت ذات ليلة من الوثاق فأتت الإبل، فجعلت إذا دنت من البعير رغا فتتركه، حتى تنتهي إلى العضباء، فلم ترغ، قال: وناقة منوقة، فقعدت في عجزها ثم زجرتها فانطلقت، ونذروا بها فطلبوها، فأعجزتهم، قال: ونذرت لله، إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فلما قدمت المدينة رآها الناس فقالوا: العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنها نذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له.
فقال: "سبحان الله بئسما جزتها، نذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها؟ لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد".
[] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه3/1262-1263 كتاب النذر، باب لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك العبد برقم1641.
ووجه الحجة في الحديث: أنه لو ملكها المشركون ما أخذها رسول الله وأبطل نذرها، فدل هذا على أن المشركين لا يملكون شيئاً من أموال المسلمين بالغلبة والاستيلاء عليها.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: هذا الحديث يدل على أن العدو قد أحرز ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الأنصارية انفلتت من أسراهم عليها بعد إحرازهموها، ورأت أنها لها، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنها قد نذرت فيما لا تملك ولا نذر لها، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته.
ولو كان المشركون يملكون على المسلمين لم يعد أخذ الأنصارية الناقة بأن تكون ملكتها بأنها أخذتها ...
فلما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته، دل هذا على أن المشركين لا يملكون شيئاً على المسلمين. الأم4/254، والتحقيق على مسائل التعليق3/150.
ومما يدل على ما استنبط من هذا الحديث ما أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "ذهب فرس له فأخذه العدو، فظهر عليه المسلمون، فرد عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبق عبد له فلحق بالروم، فظهر عليهم المسلمون، فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبيصلى الله عليه وسلم ".
أخرج الإمام البخاري في صحيحه برقم3067، فتح الباري6/182 كتاب الجهاد، باب إذا غنم المشركون مال المسلم، ثم وجده المسلم، من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه.(8/3854)
ذهب إلا بالثمن.1
قال إسحاق: كما قال.2
[2755-] قلت: الحر يسبيه العدو ثم يبتاعه المسلم؟
قال: عليه ما اشتراه به آذنه أو لم يؤذنه3، هو عندي سواء.4
__________
1 إذا أدرك متاعه بعد أن قسم ففيه روايتان:
إحداهما: أن صاحبه أحق به بالثمن الذي حسب به على من أخذه، وكذلك إن بيع ثم قسم ثمنه، فهو أحق به بالثمن، وهذا المذهب. قال في المحرر: وهو المشهور عنه.
والثانية: أنه إذا قسم فلا حق له فيه بحال، نصّ عليه في رواية أبي داود وغيره.
المغني 8/131، والمحرر 2/174، والإنصاف 4/157، وكشاف القناع 3/78، والتنقيح المشبع: 116، ومسائل أبي داود: 243.
2 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المحلى لابن حزم 7/303.
3 في العمرية: فهو.
4 نقل عبد الله نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله في مسائله عنه ص258 برقم 957.
قال الخرقي: إذا اشترى المسلم أسيراً من أيدي العدو، لزم الأسير أن يؤدي إلى المشتري ما اشتراه به. مختصر الخرقي: 203.
قال ابن قدامة: لا يخلو هذا من حالين:
أحدهما: أن يشتريه بإذنه، فهذا يلزمه أن يؤدي إلى المشتري ما أداه فيه بغير خلاف نعلمه.
والثاني: أن يشتريه بغير إذنه، فيلزم الأسير الثمن أيضاً عند أحمد.
المغني 8/443، ومطالب أولي النهى 2/548، ومنتهى الإرادات 2/111.(8/3856)
قال إسحاق: كما قال.
[2756-] قلت1: [هل] يبيت2 العدو ليلاً؟
قال: نعم.3
__________
1 هذه المسألة مؤخرة عن هذا الترتيب في العمرية، والمسألة التالية مقدمة عليها.
2 تبييت العدو: هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم فيؤخذ بغتة، وهو البيات، ومنه الحديث "إذا بيتم فقولوا: حم لا ينصرون" وكل من أدركه الليل فقد بات، نام أو لم ينم.
النهاية لابن الأثير1/170 مادة "بيت"، والصحاح للجوهري1/244، وتاج العروس للزبيدي1/531.
3 يجوز تبييت الكفار وهو كبسهم ليلاً وقتلهم وهم غارون، قال أحمد: لا بأس بالبيات، وهل غزو الروم إلا البيات. قال: ولا نعلم أحداً كره بيات العدو.
قال في المقنع: ويجوز تبييت الكفار.
قال المرداوي: بلا نزاع، ولو قتل فيه صبي أو امرأة أو غيرهما ممن يحرم قتلهم إذا لم يقصدهم.
المغني 8/449، والكافي2/268، والمحرر2/172، والمبدع3/319، وكشاف القناع3/47، والمقنع1/486، والإنصاف4/126، ومطالب أولي النهى2/516.(8/3857)
قال إسحاق: نعم1 شديداً.2
[2757-] قلت: المسلم يسبيه العدو فيقتل هناك مسلماً أو يزني؟
قال: ما أعلمه إلا3 يقام عليه إذا خرج.4
__________
1 في العمرية سقطت كلمة "نعم".
2 نقل الترمذي هذه الرواية عن الإمام أحمد وإسحاق رحمهما الله فقال: وقد رخص قوم من أهل العلم في الغارة بالليل وأن يبيتوا، وكرهه بعضهم، وقال أحمد وإسحاق: لا بأس أن يبيت العدو ليلاً. سنن الترمذي4/122.
3 في ع (إلا) ساقطة.
4 نقل هذه الرواية ابن ملفح فقال: نقل صالح وابن منصور: إن زنى الأسير أو قتل مسلماً، ما أعلمه إلا أن يقام عليه الحد إذا رجع.
كما نقل هذه الرواية المرداوي في الإنصاف.
المبدع9/59، والإنصاف10/169.
إذا قتل المسلم المسلم في دار الحرب فلا يخلو: إما أن يكون عالماً بإسلامه، أو غير عالم بإسلامه.
أ- فإذا قتل في دار الحرب مسلماً يعتقده كافراً، أو رمى إلى صف الكفار فأصاب فيهم مسلماً فقتله، فللإمام أحمد فيه روايتان:
إحداهما: أن عليه الكفارة ولا تجب عليه الدية، وهذا المذهب دليله قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} سورة النساء جزء من آية رقم: (92) .
والثانية: تجب عليه الدية.
المغني 8/94، والإنصاف 4/129، 9/447، ومسائل ابن هانئ 2/86، والكافي 4/143.
ب- وإذا قتله عالماً بإسلامه عامداً لقتله، ففيه روايتان أيضاً:
إحداهما: أنه لا يشترط في وجوب القصاص كون القتل في دار الإسلام، بل متى قتل في دار الحرب مسلماً عامداً عالماً بإسلامه فعليه القود، سواء كان هاجر، أو لم يهاجر.
والثانية: حكي عن الإمام أحمد فيما لو قتل رجل أسيراً مسلماً في دار الحرب، لم يضمنه إلا بالدية، عمداً قتله أو خطأ.
وتترجح الرواية الأولى بما يأتي:-
- أن دار الحرب لا تسقط عن المسلمين فرضاً، كما لا تسقط عنهم صوماً، ولا صلاة، ولا زكاة. فالحدود فرض عليهم فلا تسقط باختلاف الديار.
- دخول هذه الحالة في عموم الآيات والأخبار الواردة في القتل العمد وجزائه.
- ولأنه قتل من يكافئه عمداً ظلماً، فوجب عليه القود، كما لو قتله في دار الإسلام.
- ولأن كل دار يجب فيها القصاص، إذا كان فيها إمام يجب وإن لم يكن فيها إمام كدار الإسلام.
المغني 7/648، والكافي4/7، والأم4/248.(8/3858)
قال إسحاق: كما قال.1
[2758-] قلت: هل تقام الحدود في الجيش؟
قال: لا، حتى يخرجوا من بلادهم.2
__________
1 نقل ابن المنذر قول الإمامين أحمد وإسحاق في المسألة فقال: وقال أحمد بن حنبل في المسلم يسبيه العدو فيقتل هناك مسلماً أو يزني، قال: ما أعلم إلا يقام عليه إذا خرج. وكذلك قال إسحاق. الأوسط 3/6.
2 قال الخرقي: "ولا يقام الحد على مسلم في أرض العدو".
مختصر الخرقي ص 205.
قال ابن قدامة معلقاً عليه: "وجملته أن من أتى حداً من الغزاة أو ما يوجب قصاصاً في أرض الحرب، لم يقع عليه [] حتى يقفل، فيقام عليه حده". المغني 8/473-474.
قال المرداوي: وهو صحيح، وهو من مفردات المذهب، وكذلك لو أتى بما يوجب قصاصاً.
وظاهر كلامهم: أنه لو أتى بشيء من ذلك في الثغور، أنه يقام عليه فيه، وهو صحيح صرح به الأصحاب.
وعلل في المبدع ذلك بقوله، لأنه ربما يحمله على الغضب على أن يدخل -والعياذ بالله- في الكفر.
[] الإنصاف 10/169، والمبدع9/59، والمقنع 3/450-452.(8/3860)
قال إسحاق: إذا كان الإمام يرى إقامة ذلك [أ] حسن.1
[2759-] قلت: هل يقتل الرجل أسير2 غيره؟
__________
1 نقل ابن المنذر قول الإمامين أحمد وإسحاق رحمهما الله تعالى، فقال: قال أحمد في إقامة الحدود في الجيش، قال: لا، حتى يخرجوا من بلادهم. قال إسحاق: إذا كان الإمام يرى إقامة ذلك أحسن. الأوسط 3/6.
ونقل في المغني، والمبدع، وحاشية المقنع، قول الإمام إسحاق رحمه الله مطابقاً لقول الإمام أحمد.
المغني 8/474، والمبدع 9/59، وحاشية المقنع3/451.
وروى عبد الرزاق مثل هذا القول عن عمر بن الخطاب، وأبي مسعود، وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم، والحسن البصري رحمه الله.
[] مصنف عبد الرزاق 5/197-198.
2 يقال أسر قتبه: إذا شد بالإسار، وهو القد، ومنه سمي الأسير وكانوا يشدونه بالقد، فسمي كل أخيذ أسيراً، وإن لم يشد به.
الصحاح للجوهري 2/578، والنهاية لابن الأثير 1/48، ومختار الصحاح للرازي ص 16.
والأسرى في اصطلاح الفقهاء: هم الرجال المقاتلون من الكفار إذا ظفر المسلمون بأسرهم أحياء، والأسر قد يكون بغير قتال، مثل أن تلقي السفينة شخصاً من الكفار إلى ساحل بلاد المسلمين، أو يضل أحدهم الطريق، أو يؤخذ بحيلة.
الأحكام السلطانية لأبي يعلى الفراء ص 141، والسياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 124.(8/3861)
قال: لا. إلا أن يشاء الوالي، ليكون ذلك نكاية في العدو1.
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 أشار إلى هذه الرواية ابن قدامة حين قال:
"وقد روي عن أحمد كلام يدل على إباحة قتله- أي الأسير - فإنه قال: "لا يقتل أسير غيره إلا أن يشاء الوالي" فمفهومه: أن له قتل أسيره بغير إذن الوالي".
المغني 8/377.
قال البهوتي: "ويحرم عليه قتل أسير غيره قبل أن يأتي الإمام ليرى فيه رأيه، لأنه افتيات على الإمام، إلا أن يصير الأسير في حالة يجوز فيها قتله لمن أسره بأن يمتنع من السير، ولا يمكن إكراهه بضرب أو غيره، أو يهرب ونحوه …
فإن قتل أسيره، أو قتل أسير غيره قبل أن يصير في حالة يجوز فيها قتله، وكان الأسير المقتول رجلاً، فقد أساء القاتل لافتياته على الإمام، ولا شيء عليه. نص عليه…
وإن كان الأسير صغيراً، أو امرأة، ولو راهبة عاقبه الأمير لافتياته، وغرمه قيمة غنيمته، لأنه صار رقيقاً بنفس [] السبي، بخلاف الحر المقاتل. كشاف القناع 3/51-52.
وراجع: المغني 8/377 وما بعده، والمقنع 1/488، والإنصاف 4/130، والمبدع 3/324، والمحرر 2/172، والفروع 6/212.
وعن يحيي بن أبي كثير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتعاطين أحدكم أسير صاحبه إذا أخذه فيقتله".
سنن سعيد بن منصور 2/296 كتاب الجهاد، باب قتل الأسارى والنهي عن المثلة.
ومسند الإمام أحمد 5/18 من طريق سمرة بن جندب.
قال الهيثمي: فيه إسحاق بن ثعلبة، وهو ضعيف، كذا في مجمع الزوائد 5/333.(8/3862)
[2760-] قلت: تكره1 قتل المشرك صبراً2؟
قال: لا، إلا إذا كان في ذلك تهييب للعدو.
قال إسحاق: أما الصبر على وجه المثلة3 فلا.
__________
1 في العمرية سقطت لفظة "تكره".
2 يقال صبر الإنسان غيره على القتل: أن يحبس، ويرمى حتى يموت، وقد قتله صبراً، أو صبر عليه، ورجل صبورة، مصبور للقتل.
قال ابن الأثير: والقتل صبراً: هو أن يمسك شيء من ذوات الروح حياً، ثم يرمى بشيء حتى يموت.
القاموس المحيط 2/66، والمصباح المنير 1/331، والنهاية لابن الأثير 3/8، والصحاح للجوهري 2/706، [] [] وعون المعبود 7/349-351.
3 والمثلة: تعذيب المقتول بقطع أعضائه، وتشويه خلقه، قبل أن يُقتل، أو بعده، وذلك مثل أن يجدع أنفه، أو أذنه، أو يفقأ عينيه، أو ما أشبه ذلك من أعضائه.
معالم السنن 4/12، وسبل السلام 4/46.
وقال في المصباح المنير: مثلت بالقتيل من باب قتل، وضرب، إذا جدعته، وظهرت آثار فعلك عليه تنكيلاً، والتشديد مبالغة، والاسم المثلة وزن غرفة- والمثلة بفتح الميم وضم الثاء: العقوبة.
المصباح المنير 2/564.
والنهي عن المثلة إذا لم يكن الكافر فعل مثل ذلك بالمقتول المسلم، فإن مثل بالمقتول، جاز أن يمثل به، ولذلك قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أيدي العرنيين وأرجلهم وسمر أعينهم، وكانوا فعلوا ذلك برعاء الرسولصلى الله عليه وسلم. وكذلك هذا في القصاص بين المسلمين إذا كان القاتل قطع أعضاء المقتول وعذبه قبل القتل، فإنه يعاقب بمثله، وقد قال تعالى: {مَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} سورة البقرة آية (194) .
وانظر معالم السنن للخطاببي 4/12، وراجع الجامع لأحكام القرآن 2/358.
وحديث العرنيين أخرجه البخاري في صحيحه برقم 233، فتح الباري 1/335 كتاب الوضوء، باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها.
قال شيخ الإسلام ابن تيميمة رحمه الله:
أما التمثيل فلا يجوز إلا على وجه القصاص، وقد قال عمران بن حصين رضي الله عنهما: "ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: خطبة إلا أمرنا بالصدقة، ونهانا عن المثلة. حتى الكفار، إذا قتلناهم، فإنا لا نمثل بهم بعد القتل، ولا نجدع آذانهم، وأنوفهم، ولا نبقر بطونهم، إلا أن يكونوا فعلوا ذلك بنا، فنفعل بهم مثل ما فعلوا، والترك أفضل، كما قال تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ وَاصْبِرْ وَمَا [] [] صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ إلا بالله} " سورة النحل آية (126-127) .
مجموع الفتاوى 28/314 وما بعده.
وحديث عمران بن حصين رواه أبو داود في سننه 3/53 كتاب الجهاد، باب في النهي عن المثلة رقم 2667.(8/3863)
[2761-] قلت: يكره التحريق بأرض العدو؟
قال: قد يكون في مواضع لا يجدون منه بداً، فأما بالعبث1 فلا يحرق.2
__________
1 في الظاهرية بلفظ "العبث".
2 نقل هذه الرواية عن الإمام أحمد وإسحاق الترمذي في سننه فقال: قال أحمد: قد تكون في مواضع لا يجدون منه بداً، فأما بالعبث فلا تحرق، وقال إسحاق: التحريق سنة إذا كان أنكى فيهم.
سنن الترمذي 4/122.
وسأل ابن هانئ الإمام أحمد عن التحريق فقال: إذا هم حرقوا، فليحرق عليهم، واذهب إلى حديث أبي بكر الصديق- رحمه الله - وحديث أسامة: "أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أغير على ابني، وقال أبو بكر: لا تحرق نخلاً ". مسائل ابن هانئ 2/116 برقم 1675.
وانظر حديث أسامة رضي الله عنه في مسند الإمام أحمد 5/209، وسنن سعيد بن منصور 2/248 برقم 2641، وسنن أبي داود 3/38 كتاب الجهاد، باب في الحرق في بلاد العدو برقم 2616.
و"أبنى" بضم الهمزة وسكون الموحدة بعدها نون وآخره ألف مقصورة: موضع من بلاد فلسطين بين عسقلان والرملة، ويقال "يبنى". حاشية سنن أبي داود 3/38.
والشجر والزرع بأرض العدو ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
[1-] ما تدعو الحاجة إلى إتلافه كالذي يقرب من حصونهم ويمنع من قتالهم، أو يستترون به من المسلمين، أو يحتاج إلى قطعه لتوسعة الطريق، أو تمكن من قتل، أو سد بثق، أو إصلاح طريق، أو ستارة منجنيق، أو غيره، أو يكون يفعلون ذلك بنا، فيفعل بهم ذلك لينتهوا، فهذا يجوز.
[2-] ما يتضرر المسلمون بقطعه، لكونهم ينتفعون ببقائه لعلفتهم، أو يستظلون به، أو يأكلون من ثمره، أو تكون العادة لم تجر بذلك بيننا وبين عدونا فإذا فعلنا بهم فعلوا بنا، فهذا يحرم لما فيه من الإضرار بالمسلمين.
[3-] ما لا ضرر فيه بالمسلمين، ولا نفع سوى غيظ الكفار، والإضرار بهم، ففيه روايتان:
إحداهما: يجوز. وهو المذهب، واختاره أبو الخطاب وغيره.
الثانية: لا يجوز. لأن فيه إتلافاً محضاً، فلم يجز كعقر الحيوان.
[] المغني 8/453-454، والإنصاف 4/127-128، والكافي 2/269، والمقنع 1/486، والمحرر 2/172، والمبدع 3/321، وكشاف القناع 3/49، والتنقيح المشبع ص 114.(8/3864)
قال إسحاق: التحريق سنة إذا كان ذلك أنكى فيه.1
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 8/454، وسنن الترمذي 4/122، وشرح السنة للبغوي 11/54، وشرح صحيح مسلم للنووي 12/50، وعمدة القاري للعيني 14/270، واختلاف الصحابة والتابعين ورقة 123، ودلائل الأحكام للتميمي 5/ لوحة 585.
والدليل على جواز التحريق وقطع النخيل قوله تعالى:
1 – {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} سورة الحشر آية (5) .
2 - ولما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: "حرق النبي صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير".
صحيح البخاري برقم 3021، فتح الباري 6/154، كتاب الجهاد، باب حرق الدور والنخيل.
وصحيح مسلم 3/1365 كتاب الجهاد والسير، باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها، حديث رقم 1746 بأطول مما هنا، كلاهما من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر.
والقول بجواز التحريق والتخريب في بلاد العدو: قول الجمهور، وكرهه الليث وأبو ثور، واحتجا بوصية أبي بكر لجيوشه أن لا يفعلوا شيئاً من ذلك. فتح الباري 6/155.(8/3866)
[2762-] قلت: هل يسهم للعبد إذا قاتل؟
قال: يرضخ له.1
__________
1 الرضخ: هو العطاء ليس بالكثير، من رضخت له رضخاً.
والرضخ: هو إعطاء قليل من كثير، يعطى لمن ليس له نصيب في المغنم، كالصبي والمرأة.
الصحاح للجوهري 1/422، ولسان العرب 3/19، ومختار الصحاح ص 245، وغاية الإرشاد إلى أحكام الجهاد ص 145 للشيخ فرج محمد غيث.
نقل عبد الله وابن هانئ مثل هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله، مسائل عبد الله ص 249 برقم 926، ومسائل [] ابن هانئ 2/112 برقم 1652-1656.
قال الخرقي: "ويرضخ للمرأة والعبد".
وقال ابن قدامة: "ومعناه أنهم يعطون شيئاً من الغنيمة دون السهم، ولا يسهم له سهم كامل، ولا تقدير لما يعطون، بل ذلك إلى اجتهاد الإمام، فإن رأى التسوية بينهم سوى بينهم، وإن رأى التفضيل فضل.
مختصر الخرقي ص 202، والمغني 8/410.
وقال المرداوي: "يرضخ للعبيد والنساء بلا نزاع".
[] الإنصاف 4/171، وراجع: الكافي 4/300-301، والمقنع 1/505، ومطالب أولي النهى 2/555، وشرح منتهى الإرادات 2/114.(8/3867)
قال إسحاق: كما قال.1
[2763-] قلت: أمان2 المرأة والعبد؟
__________
1 نقل الترمذي قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، لا يسهم للمملوك ولكن يرضخ له بشيء. وهو قول الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. سنن الترمذي 4/127.
كما نقل ابن قدامة قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 8/410.
والدليل على أن العبد لا يسهم له، بل يرضخ له، ما روى عمير مولى أبي اللحم قال: "شهدت خيبر مع سادتي، فكلموا في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بي، فقلدت سيفاً فإذا أنا أجره، فأخبر أني مملوك، فأمر لي بشيء من خرثي المتاع".
قال أبو داود معناه: أنه لم يسهم له.
رواه أبو داود في السنن 3/75 كتاب الجهاد، باب في المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة برقم 2730.
والترمذي في سننه 4/127 كتاب السير، باب هل يسهم للعبد؟ حديث 1557.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. سنن الترمذي 4/127.
وممن روي عنه أنه لا يسهم للعبد، إنما يحذى له من الغنيمة: أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعبد الله بن العباس، رضي الله عنهم وسعيد بن المسيب، والثوري، والليث رحمهم الله.
مصنف عبد الرزاق 5/327 وما بعده، وسنن سعيد بن منصور 2/330، والمحلى 7/332، والمغني 8/410.
2 الأمان لغة: ضد الخوف، وهو مصدر أمن أمنا، وأماناً.
وآمنت الأسير بالمد: أعطيته الأمان، فأمن -بالكسر-.
المطلع على أبواب المقنع ص 220، والمصباح المنير 1/24.
وشرعاً: عقد يفيد ترك القتل والقتال مع الحربيين.
آثار الحرب في الفقه الإسلامي ص 225، وفقه الأوزاعي ص2/409.(8/3868)
قال: جائز1 [ع-40/أ] .
قال إسحاق: كما قال. إذا كان على وجه النظر للمسلمين على العدل والسواء2، لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك بعد إجازة
__________
1 الأمان إذا أعطي أهل الحرب حرم قتلهم، ومالهم، والتعرض لهم، ويصح من كل مسلم، بالغ، عاقل، مختار، ذكراً كان، أو أنثى، حراً كان أو عبداً.
قال الخرقي: "ومن أعطاهم الأمان منا رجل أم امرأة، أو عبد، جاز أمانه".
وقال المرداوي: "هذا المذهب مطلقاً نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع بهم أكثرهم، وقال في عيون المسائل وغيرها: يصح منهم، بشرط أن تعرف المصلحة فيه، وقال في الفروع، وذكر غير واحد الإجماع في المرأة بدون هذا الشرط".
مختصر الخرقي ص 201، والمغني 8/396، والإنصاف 4/203، والفروع 6/248، وراجع: الكافي 4/330، والمحرر 2/180، وكشاف القناع 3/104، والتنقيح المشبع ص 119، والإقناع 2/36، وغاية المنتهى 1/273، والتحقيق لابن الجوزي 3/152، والمقنع 1/156، والقواعد والفوائد الأصولية ص 214.
2 في العمرية بلفظ السوية.
ونقل ابن المنذر قول الإمام أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة رحمهم الله تعالى، فقال: وكذلك نقول، ودلت الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك -منها- إجازة أم هانئ، وزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمضى النبي صلى الله عليه وسلم لهما ذلك…
[] وبهذا قال كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار إلا شيئاً ذكره عبد الملك صاحب مالك. الأوسط 3/2-3.
وانظر قول الإمام إسحاق -رحمه الله- في:
سنن الترمذي 4/142، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8/76، وشرح السنة للبغوي 11/90، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة رقم 123.(8/3869)
زينب1 -رضي الله عنها- زوجها.2
__________
1 وزينب رضي الله عنها هي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي أكبر بناته ولدت ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثون سنة، وماتت سنة ثمان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمها خديجة بنت خويلد. هاجرت زينب بعد بدر، واسم زوجها أبو العاص، وولدت منه غلاماً اسمه علي، فتوفى وقد ناهز الاحتلام، وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح. وولدت له أيضاً بنتاً اسمها أمامة.
أسد الغابة لابن الأثير 5/467.
2 عن أنس بن مالك أن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أجازت أبا العاص، فأجاز النبيصلى الله عليه وسلم جوارها، وأن أم هانئ بنت أبي طالب، أجارت أخاها عقيلاً، فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم جوارها، وقال: يجير على المسلمين أدناهم.
رواه الطبراني في معجمه، من طريق عباد بن كثير، عن عقيل بن خال، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك.
وذكره الزيلعي في نصب الراية 3/396، ولم يذكر درجته.
أما حديث أم هانئ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ".
أخرجه البخاري في صحيحه برقم 3171، فتح الباري 6/273.(8/3870)
[2764-] قلت: قال: سمعت سفيان الثوري1 يقول: ليس للذمي ولا للصبي2 أن يؤمن؟ 3
قال أحمد: الذمي ماله ولهذا، وأما الصبي فلا يعقل4.
قال إسحاق: كما قال5
__________
1 في العمرية سقطت لفظة "الثوري".
2 في العمرية بلفظ "ليس لصبي ولا لذمي أن يؤمن" بتقديم الصبي على الذمي.
3 انظر قول سفيان الثوري رحمه الله في الأوسط 3/3.
4 نقل الخلال رواية ابن منصور هذه في كتابه أحكام أهل الملل، لوحة رقم 98.
ونقل عن صالح نحو هذه الرواية فقال: حدثنا صالح أنه قال لأبيه: قال سفيان: "ليس لذمي أن يؤمن" قال أبي: ماله ولهذا - يعني الذمي-.
قال ابن قدامة: ولا يصح أمان كافر، وإن كان ذمياً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم".
فجعل الذمة للمسلمين، فلا تحصل لغيرهم، ولأنه متهم على الإسلام وأهله، فأشبه الحربي.
المغني 8/398، وراجع الإنصاف 4/203.
5 ذكر ابن المنذر أقوال الأئمة الثلاثة سفيان وأحمد وإسحاق رحمهم الله، ومَن وافقهم فقال:
"أجمع أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم على أن أمان الذمي لا يجوز، كذلك قال الأوزاعي، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي- قال ابن المنذر كذلك نقول…
وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن أمان الصبي غير جائز، وممن حفظت عنه ذلك سفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
الأوسط 3/3.(8/3871)
[2765-] قلت: هل يتسخر1 المسلم العجمي2 يدله على الطريق؟
قال: إذا اضطروا إليه، لا يجدون منه بداً يتسخرون العلج3.
قال إسحاق: كما قال [ظ-87/أ] .
[2766-] قلت: هل للرباط4 وقت؟
__________
1 يقال سخر تسخيراً: ذلَّله، وكلفه عملاً بلا أجرة، وكذا تسخره وقال ابن الأثير: التسخير بمعنى التكليف، والحمل على الفعل بغير أجرة… من سخره تسخيراً والاسم السخرى بالضم، والسخرة.
القاموس المحيط 2/46، والنهاية لابن الأثير 2/350، ومختار الصحاح 290، والمصباح المنير 1/269.
2 في العمرية بلفظ "قلت يتسخر المسلم الأعجمي".
3 العلج: الرجل من كفار العجم، القوي الضخم منهم، ويعني العرب أيطلق العلج على الكافر مطلقاً، والجمع علوج، وأعلاج.
تاج العروس 2/75، والمصباح المنير 1/425.
قال ابن قدامة: "ولا يستعين بمشرك إلا عند الحاجة إليه".
المقنع 1/492، وراجع: الإنصاف 4/143 وما بعده، والمغني 8/414، والمبدع 3/336.
4 الرباط والمرابطة: ملازمة ثغر العدو، وأصله: أن يربط كل واحد من الفريقين خيله، ثم صار لزوم الثغر رباطاً، وربما سميت الخيل أنفسها رباطاً.
[] لسان العرب 7/302، والقاموس المحيط 2/360، والنهاية لابن الأثير 2/185-186.
وعرّف ابن قدامة الرباط بقوله:
معنى الرباط "الإقامة بالثغر مقوّياً للمسلمين على الكفار".
المغني 8/353، والكافي 4/257.
قال ابن حجر: الرباط بكسر الراء، وبالموحدة الخفيفة: ملازمة المكان الذي بين المسلمين والكفار، لحراسة المسلمين منهم. فتح الباري 6/85.(8/3872)
قال: أربعون يوماً.1
قال إسحاق: كما قال، [هذا] أكثره، والثلاث لمن [لم] يحب أن يبلغ ذلك حسن.2
__________
1 قال الخرقي: "وتمام الرباط أربعون يوماً". مختصر الخرقي ص 198.
وقال في الكافي: وليس لأقله وأكثره حد، وتمامه أربعون يوماً، لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تمام الرباط أربعون يوماً". الكافي 4/258.
وقال المرداوي تعليقاً على قول ابن قدامة: "وتمام الرباط أربعون ليلة، وهو لزوم الثغر للجهاد".
قال: هكذا قاله الإمام أحمد مبهماً، ويستحب ولو ساعة نص عليه.
وقال الآجرى، وأبو الخطاب، وابن الجوزي، وغيرهم: وأقله ساعة.
[] الإنصاف 4/120، وراجع: المحرر 2/170، والفروع 6/195-196، والمبدع 3/312-313، وحاشية الروض المربع 4/259.
2 لعله يشير إلى ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "رباط يوم في سبيل الله أحب إليّ من أن أوفق ليلة القدر في أحد المسجدين: مسجد الحرام، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن رابط ثلاثة أيام في سبيل الله فقد رابط، ومن رابط أربعين يوماً، فقد استكمل الرباط".
رواه سعيد بن منصور في سننه 2/193 كتاب الجهاد، باب ما جاء في فضل الرباط، من طريق عطاء الخرساني عن أبي هريرة رضي الله عنه برقم 2410.
وممن روي عنه أن تمام الرباط أربعون يوماً: عمر بن الخطاب وأبو هريرة رضي الله عنه، وعطاء رحمه الله.
مصنف عبد الرزاق 5/280،وسنن سعيد بن منصور 2/194(8/3873)
[2767-] قلت: يكره غزو البحر، أن يحمل المسلمون في البحر؟
قال: لا بأس به إن شاء الله [تعالى] 1.
قال إسحاق: [كما قال] إذا كان غزو البحر، واحتاج المسلمون إلى ذلك فغزوه سنة.2
__________
1 قول الإمام: "لا بأس به" من ألفاظ الإباحة.
مفاتيح الفقه الحنبلي 2/25، والإنصاف 12/249.
قال الخرقي: "وغزو البحر أفضل من غزو البر". مختصر الخرقي ص 198.
قال المرداوي: بلا نزاع، وذلك بشرط أن يحفظ المسلمين، ولا يكون أحد منهم مخذلاً، ولا مرجفاً، ونحوهما.
الإنصاف 4/120، وراجع مسائل أبي داود ص 234، والمحرر 2/170، والمقنع 1/485، والمبدع 3/311، وكشاف القناع 3/38.
2 والحجة على جواز ركوب البحر ما رواه الإمام البخاري رحمه الله بإسناده عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: "حدثتني أم حرام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً في بيتها، فاستيقظ وهو يضحك، قلت: يا رسول الله ما يضحكك؟ قال: "عجبت من قوم من أمتي يركبون البحر كالملوك على الأسّرة، فقلت: يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهم: فقال: أنت منهم. ثم نام فاستيقظ وهو يضحك. فقال مثل ذلك مرتين أو ثلاثاً، قلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فيقول: أنت من الأولين. فتزوج بها عبادة بن الصامت، فخرج بها إلى الغزو، فلما رجعت، قربت دابة لتركبها، فوقعت فاندقت عنقها".
صحيح البخاري برقم 2894، 2895، فتح الباري 6/87 كتاب الجهاد، باب ركوب البحر، من طريق يحيي بن حبان، عن أنس بن مالك.
وقد كره غزو البحر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ركوب البحر إلا لغاز، أو لحاج، أو معتمر. وروي مثل هذا عن مجاهد، ورفعه عبد الله بن عمرو.
وسبب كراهة بعض السلف الصالح ركوب البحر كان خوفاً من أهواله مع قصور خبرتهم عن مجابهة ما يستجد من الأخطار، فيكون راكبه كمن ألقى بنفسه إلى التهلكة، وعلى هذا المعنى تحمل الأحاديث الواردة في النهي عن ركوبه، وما ورد من السلف الصالح من التحذير منه.
وأما إذا غلبت السلامة، فالبر والبحر سواء، كما صرح بذلك الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله وأجزل له المثوبة.
[] مصنف عبد الرزاق 5/283-284، وسنن سعيد بن منصور 2/186-187، وفتح الباري 6/888.
وقد امتن الله سبحانه وتعالى على عباده بتسخير البحر لهم لتجري فيه سفنهم وليبتغوا من فضله فقال: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} الجاثية آية (12) .
وراجع: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 16/160.(8/3874)
[2768-] قلت: إذا أخذ الرجل من أهل الشرك في أرض الإسلام بغير عهد؟
قال: لا يقبل ذلك منه إذا قال: جئت أستأمن.1
__________
1 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إذا أسر الرجل منهم في القتال، أو غير القتال، مثل أن تلقيه السفينة إلينا، أو يضل الطريق، أو يؤخذ بحيلة، فإنه يفعل فيه الإمام الأصلح: من قتله، أو استعباده، أو المن عليه أو مفاداته بمال، أو نفسٍ. السياسة الشرعية ص 124.
وقال ابن حجر العسقلاني: في الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان، هل يجوز قتله؟
قال مالك: "يتخير فيه الإمام، وحكمه حكم أهل الحرب".
وقال الأوزاعي، والشافعي: "إن ادعى أنه رسول قبل منه".
وقال أبو حنيفة وأحمد: "لا يقبل ذلك منه، وهو فيء للمسلمين". فتح الباري لابن حجر 6/168.
والذي عليه المذهب: أنه ينظر في الحالة هذه إلى القرائن المحيطة بالواقعة ودلالة الأحوال، فإذا كان له في دار الإسلام قريب أسير وكان معه مال يفادى به الأسير، أو كان تاجراً معه بضاعة يريد بيعها، وكانت العادة دخول التجار منهم إلى بلاد الإسلام، أو كان له قريب يود زيارته، أو كان له مال عند مسلم، فإنه يصدق في هذه الحالات وما شابهها، ويعطى له الأمان لمدة معلومة لقضاء حوائجه.
أما لو دخل حربي إلينا، ومعه سلاح لا يحمل في العادة فادعى أنه جاء مستأمناً، لم يقبل قوله.
راجع: مسائل أبي داود ص 250، والمغني 8/403، والقواعد لابن رجب 323، والفروع 6/250، والمحرر 2/181، وكشاف القناع 3/108، وبدائع الفوائد 4/128.(8/3876)
قال إسحاق: إذا كان ذلك على وجه فداء الأسارى أو طالباً1 قريبه فإنه يصدق، فإن لم يرد ذلك رد إلى مأمنه2.
[2769-] قلت: "إذا أعطى الرجل الرجل3 في سبيل الله [عز وجل] شيئاً ففضل منه شيء؟ "
قال: إذا غزا فهو له، إلا شيء4 يحبس في السبيل دابة أو سقاء، أو سرجاً، أو نحو ذلك.5
__________
1 في العمرية بلفظ " على وجه فداء أسارى أو طلباً".
2 نقل ابن المنذر قول الإمامين أحمد، وإسحاق رحمهم الله تعالى، فقال: قال إسحاق في الرجل يوجد من أهل الشرك في أرض الإسلام بغير عهد: إذا جاء على وجه فداء الأسارى، فإن لم يرد ذلك رد إلى مأمنه … وقال أحمد: إذا أخذ الرجل من أهل الشرك بغير عهد، لا يقبل ذلك منه إذا قال: جئت أستأمن. الأوسط 3/4.
3 في العمرية بلفظ "قلت إذا أعطى رجل رجلاً شيئاً في سبيل الله".
4 في الظاهرية بلفظ "شيئاً".
5 نقل الخلال هذه الرواية بنصها في أحكام أهل الملل، ورقة 61، أن من أُعطي شيئاً من المال يستعين به في الغزو لم يخل، إمَّا أن يُعطى لغزوة بعينها، أو في الغزو مطلقاً.
أ- فإن أعطي لغزوة بعينها، فما فضل بعد الغزو فهو له… لأنه أعطاه على سبيل المعاونة، والنفقة لا على سبيل الإجارة فكان الفاضل له.
ب- وإن أعطاه شيئاً لينفقه في سبيل الله، أو في الغزو مطلقاً، ففضل منه فضل، أنفقه في غزاة أخرى، لأنه أعطاه الجميع لينفقه في جهة قربة، فلزمه إنفاق الجميع فيها.
[] المغني 8/370، وراجع مختصر الخرقي 199-120، والفروع 6/200، والقواعد لابن رجب ص 134.
وقال سعيد بن المسيب: "من أعان بشيء في الغزو، فإنه للذي يعطاه إذا بلغ ورأى المغزى".
وروي عن عمر رضي الله عنه قوله: "إذا بلغت وادي القرى فشأنك به، أي تصرف".
[] صحيح البخاري 119- باب الجعائل والحملان في السبيل، فتح الباري 6/123-125، وشرح السنة [11/18،] والمغني 8/370، ومصنف ابن أبي شيبة 12/485-486-487(8/3877)
قال إسحاق: كما قال1 إذا كان المعطي حمل الذي حمل على الدابة أو وصله بالنفقة صلة.
[2770-] قلت: إذا حمل الرجل على دابة في سبيل الله [عز وجل] أله أن يبيعها؟
__________
1 في العمرية بلفظ "كما قال: قال إذا كان المعطي" بإضافة: "قال" الثانية.(8/3878)
قال: إذا غزا عليها فله أن يبيعها1، واحتج بحديث عمر رضي الله عنه أنه حمل على فرس في سبيل الله [عز وجل] فرأى صاحبه يبيعه فأراد أن يشتريه.2
__________
1 نقل الخلال هذه الرواية عن الإمام أحمد في أحكام أهل الملل، لوحة رقم 23، ص 57.
ونقل أبو داود نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله في مسائله ص 232.
قال الخرقي: وإذا حمل الرجل على دابة، فإذا رجع من الغزو فهي له، إلا أن يقول: هي حبيس فلا يجوز بيعها. مختصر الخرقي ص 200.
وقال ابن قدامة: حمل الرجل على دابة يعني أعطيها ليغزو عليها، فإذا غزا عليها ملكها كما يملك النفقة المدفوعة إليه، إلا أن تكون عارية، فتكون لصاحبها، أو حبيساً، فتكون حبيساً بحاله. المغني 8/371.
وقال ابن رجب: إذا أخذ الغازي نفقة، أو فرساً ليغزو عليها، فإنها تجوز، ويكون عقداً جائزاً، وهو إعانة على الجهاد لا استئجار عليه. فإن رجع معه ملكها، ما لم يكن وقفاً أو عارية، نص عليه أحمد، ولا يملكها حتى يغزو. قواعد ابن رجب ص 134.
2 عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "أن عمر بن الخطاب حمل على فرس في سبيل الله فوجده يباع، فأراد أن يبتاعه"، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبتعه، ولا تعد في صدقتك".
رواه البخاري في صحيحه برقم 3002، فتح الباري 6/139 باب إذا حمل على فرس فرآها تباع.
ومسلم في صحيحه 3/1240، كتاب الهبات، باب كراهة شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه، برقم 1621.
كلاهما من طريق مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.(8/3879)
قال إسحاق: كما قال إذا1 كان حملاناً2 حمله عليه في سبيل الله [عز وجل] لأنه ملكه ذلك3، فأما إذا قال: اغز على هذه الدابة على معنى العارية4، كأنه أقعده ظهره، فلا يحل له أن يبيعه إذا فرغ من غزوه، وكذلك إذا كان حبيساً5.
__________
1 في العمرية بلفظ "فإن كان حملاناً يحمله عليه".
2 الحملان: ما يحمل عليه من الدواب في الهبة خاصة. القاموس المحيط 3/361.
3 في العمرية بلفظ "لا ملكه ذلك".
4 العارية بتشديد المثناة التحتية وتخفيفها ويقال عارة: وهي مأخوذة من عار الفرس إذا ذهب، لأن العارية تذهب من يد المعير أو من العار، لأنه لا يستعير أحد إلا وبه عار، وحاجة.
وهي في الشرع: عبارة عن إباحة المنافع من دون ملك الغير، لمدة معلومة، بلا عوض.
سبل السلام 3/65، ومواهب الجليل 5/268، وكشاف القناع 4/62.
5 الحبيس: هو الموقوف والوقف: "تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه، بقطع تصرف الواقف، وغيره في رقبته بصرف ريعه إلى جهة بر تقرباً إلى الله تعالى. كشاف القناع 4/240.
يتبين من تعريف العارية والوقف، أن المستعير والموقوف عليه لا يملك عين المستعار، والموقوف، وإنما يملكون الانتفاع بالمنافع للمدة المعلومة.(8/3880)
[2771-] قلت: أهل الذمة صالحوا أهل الإسلام على ألف رأس كل سنة فكان يسبي بعضهم بعضاً ويؤدونه؟
قال: لا بأس به يجيء بهم من حيث شاؤوا1.
__________
1 قال ابن هانئ: سئل- الإمام أحمد - عن القوم يصالحون العدو على ألف رأس كل سنة، وهم يغيرون على عدو من ورائهم.
قال: يجيئوا به من حيث شاؤوا، على ما صالحوا عليه.
مسائل ابن هانئ 2/119 مسألة رقم 1688.
وتؤخذ الجزية مما يسر من أمواله، ولا يتعين أخذها من ذهب ولا فضة، نص عليه أحمد. المغني 8/504.
اختلف في حضور الشخص لأداء الجزية بنفسه، هل صفة مستحقة أم مستحبة إلى قولين:
أحدهما: أن حضور الشخص بنفسه صفة مستحقة، فلا يقبل إرسالها مع ذمي آخر، أو استنابة مسلم لتسليمها، بل يحضر الذمي بنفسه ويؤديها وهو قائم، والآخذ جالس، ويمتهنون عند أخذ الجزية.
واستدلوا بقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُون} سورة التوبة آية (29) .
والثاني: أن حضورهم لدفع الجزية صفة مستحبة، وأن المراد من الصغار في الآية: التزامهم الجزية، وجريان أحكامنا عليهم.
المغني 8/538، والمبدع 3/413، والإنصاف 4/229، وكشاف القناع 3/123، ومطالب أولي النهى 2/599، وراجع: الجامع لأحكام القرآن 8/115، وتفسير الفخر للرازي 16/31.(8/3881)
قال إسحاق: كما قال.
[2772-] قلت: الأجير إذا غزا يسهم له؟
قال: [لم] لا يسهم له1.
__________
1 نقل عبد الله بن الإمام أحمد نحو هذه الرواية عن أبيه في مسائله ص 249 برقم 925.
والأجير إما أن يكون أجيراً على الجهاد، أو أجيراً للخدمة.
والأجير على الجهاد إما أن يكون ممن لا يلزمه الجهاد، كالعبيد والكفار، فإنه يصح إجارته، ويستوفي له الأجرة التي تم التعاقد عليها ولا سهم له على الأظهر.
قال الخرقي: وإذا استأجر الأمير قوماً يغزون مع المسلمين لمنافعهم، لم يسهم لهم، وأعطوا ما استؤجروا به.
وقال القاضي- أبو يعلى-: هذا محمول على استئجار من لا يجب عليه الجهاد كالعبيد، والكفار.
مختصر الخرقي 204، والمغني 8/467، والإنصاف 4/479، والفروع 6/231.
وإما أن يكون ممن يجب عليهم الجهاد، فإنه لا يصح استئجاره، لأن الغزو يتعين عليه بحضوره، ومن تعين عليه الغزو فلا يجوز له أن ينوب عن غيره، كمن وجب عليه الحج، لا يجوز له أن يحج عن غيره بأجرة، حتى يحج عن نفسه. المغني 8/467.
قال المرداوي: إن من يلزمه الجهاد من الرجال الأحرار لا تصح إجارتهم، وهو صحيح وهو المذهب، وعنه: تصح. الإنصاف 4/180.
وأما الأجير للخدمة في الغزو، أو الذي يكري دابة له، ويخرج معها ويشهد الوقعة، فعن الإمام أحمد فيه روايتان:
إحداهما: "لا سهم له" وهو قول إسحاق.
والثانية: "يسهم له إذا شهد القتال مع الناس".
المغني 8/468، والكافي 4/302، والمقنع 1/507، والمحرر 2/177، والفروع 6/431، والإنصاف 4/179-[180،] والمبدع 3/370، ومنتهى الإرادات 1/219، وغاية المنتهى 1/466، وصحيح البخاري باب 120،فتح الباري 6/125.(8/3882)
قال إسحاق: كلما غزا بأجرة معلومة لم يسهم له1.
__________
1 نقل قول الإمام إسحاق رحمه الله في المسألة كل من:
الخطابي في معالم السنن 3/377، والبغوي في شرح السنة 11/16، وابن حجر العسقلاني في فتح الباري 6/125، وابن قدامة في المغني 8/468، ومحمد حامد فقي في حاشية المنتقى 2/793، والشوكاني في نيل الأوطار 8/121، والسروي في اختلاف الصحابة والتابعين لوحة رقم 123.
وقد صح أن سلمة بن الأكوع كان أجيراً لطلحة حين أدركه عبد الرحمن بن عيينة لما أغار على سرح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم سهم الفارس، والراجل.
[] المنتقى 2/793 برقم 4351، ونيل الأوطار 8/120-121، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه لا شيء له غير الأجرة، فقد استأجر يعلى بن منبه أجيراً بثلاثة دنانير، فلما حضر قسمة الغنيمة ذكر أمره للرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: "ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا، والآخرة، إلا دنانيره التي سمى".
فتح الباري 6/125، والمنتقى 2/792 برقم 4350، ونيل الأوطار 8/120.
وقد جمع بين الحديثين مجد الدين بن تيمية رحمه الله، بأن حمل الحديث الذي يدل أنه أسهم له على الأجير الذي قصد مع الخدمة الجهاد، وحمل حديث يعلى بن منبه على من لا يقصد الجهاد أصلاً.
وقد تبعه الشوكاني فقال في صدر الكلام على الحديثين: والأولى المصير إلى الجمع الذي ذكره المصنف رحمه الله، فمن كان من الأجراء قاصداً للقتال استحق الإسهام مع الغنيمة، ومن لم يقصد فلا يستحق إلا الأجرة المسماة.
المنتقى من أخبار المصطفى 2/793، ونيل الأوطار 8/122.(8/3883)
[2773-] قلت: هل يدعون قبل القتال.
قال: لا أعرف اليوم أحداً يدعى.1
__________
1 أشار ابن قدامة إلى هذه الرواية فقال: ولا تجب الدعوة، نص عليه أحمد، وقال: إن الدعوة قد بلغت كل أحد، ولا أعرف اليوم أحداً يدعى. الكافي 4/259.
ونقل هذه الرواية الترمذي في سننه فقال: وقد ذهب بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ورأوا أن يدعوا قبل القتال، وهو قول إسحاق بن إبراهيم قال: إن تقدم إليهم في الدعوة فحسن، يكون ذلك أهيب. وقال بعض أهل العلم: لا دعوة اليوم، وقال أحمد: لا أعرف اليوم أحداً يدعى. سنن الترمذي 4/120.
وقال الخرقي: "يقاتل أهل الكتاب، والمجوس، ولا يدعون، لأن الدعوة قد بلغتهم.
وقال في المغني: قال أحمد: إن الدعوة قد بلغت، وانتشرت، ولكن إن جاز أن يكون قوم خلف الروم، وخلف الترك على هذه الصفة، ولم يجز قتالهم قبل الدعوة. مختصر الخرقي ص 199، والمغني 8/361.
وقد قسم القاضي أبو يعلى الفراء المشركين في دار الحرب على ضربين:
أحدهما: من بلغتهم دعوة الإسلام، فامتنعوا منها، وتأبوا عليها، فأمير الجيش مخير في قتالهم، بين أن يبيتهم ليلاً ونهاراً بالقتل، وبين أن يصاففهم للقتال.
والضرب الثاني: من لم تبلغهم الدعوة … فيحرم عليه الإقدام على قتالهم غرةً قبل إظهار الدعوة، وإعلامهم معجزات النبوة.
قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} سورة النحل آية (125) . الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 41.
وقيد ابن القيم رحمه الله وجوبها، واستحبابها، بما إذا قصدهم المسلمون، أما إذا كان الكفار قاصدين، فللمسلمين قتالهم من غير دعوة، دفعاً عن نفوسهم وحريمهم.
الزوائد في فقه الإمام أحمد لمحمد بن عبد الله آل حسين ص 337(8/3884)
قال إسحاق: إن تقدم إليهم في الدعوة فحسن، يكون ذلك أهيب وأجدر أن يبين لهم إرادة المسلمين في العدل عليهم.1
__________
1 نقل الترمذي هذه الرواية عن الإمام إسحاق رحمه الله في سننه 4/120.
ونقل الخطابي قولاً للإمام إسحاق موافقاً لقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى فقال: وقد اختلف العلماء في ذلك- أي الدعوة قبل القتال -:
فقال مالك بن أنس: "لا يقاتلون حتى يدعوا، أو يؤذنوا".
وقال الحسن البصري: "يجوز أن يقاتلوا قبل أن يدعوا" قد بلغتهم الدعوة، وكذلك قال الثوري وأصحاب الرأي، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق. معالم السنن 3/416.
ومثل هذا القول نقله عنه يوسف التميمي في دلائل الأحكام 5/581، والسروي في اختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين لوحة 123.
وأخرج الإمام مسلم عن ابن عون قال: "كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال، قال: فكتب إليّ: إنما كان ذلك في أول الإسلام، قد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى سبيهم، وأصاب يومئذ". قال يحيي: أحسبه قال جويريه (أو قال البتة) ابنة الحارث، وحدثني هذا الحديث عبد الله بن عمر، وكان في ذاك الجيش.
رواه الإمام مسلم في صحيحه 3/1356، كتاب الجهاد والسير، باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام من غير تقدم الإعلام بالإغارة برقم 1730(8/3885)
[2774-] قلت: إذا أصاب الرجل من المغنم جارية1 معها حلي أو مال؟
قال: يرده2. لحديث النبي – صلى الله عليه [وسلم] : "إذا باع الرجل عبداً3 وله مال فماله للبائع"4
__________
1 في العمرية بلفظ "قلت إذا أصاب الرجل الجارية من المغنم معها حلي أو مال".
2 أشار ابن قدامة إلى هذه الرواية فقال: قال أحمد: في الرجل يشتري الجارية من المغنم معها الحلي في عنقها والثياب: يرد ذلك في المغنم، إلا شيئاً تلبسه من قميص ومقنعة وإزار.
وهو قول حكيم بن حزام، ويزيد بن أبي مالك، وإسحاق، وابن المنذر، ومكحول، ويشبه قول الشافعي.
واحتج إسحاق بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من باع عبداً وله مال فماله للبائع".
المغني 8/447، وسنن سعيد بن منصور 2/339.
3 كلمة "عبداً" سقطت من العمرية.
4 عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من ابتاع نخلاً بعد أن تُؤبر، فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ومن ابتاع عبداً وله مال، فماله للذي باعه إلا أن يشترطه المبتاع".
الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه برقم 2379، فتح الباري 5/49، كتاب المساقاة، باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط، أو نخل.
ومسلم في صحيحه 3/1173، كتاب البيوع، باب من باع نخلاً عليها ثمر، برقم 1543.(8/3886)
قال إسحاق: كما قال1.
[2775-] قلت [له] : نهي عن بيع المغانم حتى يعلم ما هي؟
قال2: لأنه لا يدري ما يصيبه، ومثل ذلك سهام القصابين3.
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 8/447.
2 في العمرية بلفظ "قال لا، لأنه لا يدري ما يصيبه".
3 نقل ابن رجب هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله فقال: بيع المغانم قبل أن تقسم نص أحمد على كراهته في رواية حرب وغيره، وعلله في رواية صالح، وابن منصور، بأنه لا يدري ما يصيبه، بمعنى أنه مجهول القدر، والعين، وإن كان ملكه ثابتاً عليه ولكن الإمام له أن يخص كل واحد بعين من الأعيان، بخلاف قسمة الميراث. القواعد لابن رجب ص 85.
فإذا قسمت الغنائم في دار الحرب- وعرف كل واحد ماله - جاز لمن أخذ سهمه التصرف فيه بالبيع وغيره. المغني 8/447.
وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه نهى عن بيع المغانم حتى تقسم، وعين بيع الثمر حتى تحرز من كل عارض، وأن يصلي الرجل حتى يحتزم".
الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده 2/387 واللفظ له.
[] وأبو داود في سننه 3/252-253، كتاب البيوع، في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها برقم 3368.
قال المنذري بعد ذكر الحديث: فيه رجل مجهول. مختصر سنن أبي داود للمنذري 5/42.
وقد خرج الحديث ابن رجب في القواعد، وعدد طرقه، ودرجة كل طريق، وحسن بعض الطرق، وقال في آخره: وهذا في حق آحاد الجيش منهي عنه سواء باعه قبل القبض، أو بعده، لأنه قبل القبض مجهول وبعده تعد غلولاً، فإنه لا يستبد بالقسمة دون الإمام.
وأما الإمام: فإذا رأى المصلحة في بيع شيء من الغنيمة، وقسم ثمنه فله ذلك. قواعد ابن رجب ص 85.(8/3887)
قال إسحاق: كما قال سواء.
[2776-] قلت: إذا بارز الرجل الرجل فرأى المسلم من صاحبه ضعفاً يعينه؟
قال: لم لا يعينه1؟ أليس أعانوا يوم بدر بعضهم
__________
1 نقل ابن هانئ مثل هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله فقال: قلت لأبي عبد الله: إذا بارز المسلم المشرك فرأى ضعفاً من صاحبه أيعينه؟ قال: نعم. مسائل ابن هانئ 2/106 برقم 1627.
قال البهوتي: وإن انهزم المسلم تاركاً للقتال، أو أثخن المسلم بالجراح، جاز لكل مسلم دفع عنه، والرمي -أي رمي الكافر وقتله- لأن المسلم إذا صار إلى هذا الحال فقد انقضى قتاله وزال الأمان، وزال القتال، لأن حمزة وعلياً أعانا عبيدة بن الحارث على قتل شيبة حين أثخن عبيدة. كشاف القناع 3/344.
وإن شرط الكافر ألا يقاتله غير الخارج إليه، أو كان هو العادة فله شرطه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم" والعادة بمنزلة الشرط.
المبدع 3/344، وراجع المغني 8/369، والكافي 4/283، والإنصاف 4/147.(8/3888)
بعضاً1؟
__________
1 عن علي رضي الله عنه قال: "تقدم -يعني عتبة بن ربيعة- وتبعه ابنه وأخوه، فنادى: من يبارز؟ فانتدب له شباب من الأنصار فقال: من أنتم؟ فأخبروه، فقال: لا حاجة لنا فيكم، إنما أردنا بني عمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيدة بن الحارث" فأقبل حمزة إلى عتبة، وأقبلت إلى شيبة. واختلف بين عبيدة والوليد ضربتان، فأثخن كل واحد منهما صاحبه. ثم ملنا على الوليد فقتلناه، واحتملنا عبيدة.
[] والحديث رواه أبو داود في سننه 3/52-53، كتاب الجهاد، باب في المبارزة، برقم 2665.
قال ابن حجر بعد ذكر الحديث: وهذا أصح الروايات، لكن الذي في السير من أن الذي بارزه علي هو الوليد هو المشهور، وهو اللائق بالمقام لأن عبيدة وشيبة كانا شيخين كعتبة وحمزة، بخلاف علي والوليد فكانا شابين.
فتح الباري 7/298.
وراجع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لابن هشام 2/265، ومنتقى النقول ص 266.
وروى الطبراني بإسناده عن علي رضي الله عنه قال: "أعنت أنا وحمزة عبيدة بن الحارث يوم بدر على الوليد بن عتبة، أظنه قال: فلم يغب ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم".
رواه الطبراني في المعجم الكبير 3/164 برقم 2954.
وذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري 7/298، وحسن إسناده.
قال الخطابي في فقه الحديث السابق: إن معونة المبارزة جائزة إذا ضعف أو عجز عن قرنه، ألا ترى أن عبيدة لما أثخن، أعانه علي وحمزة في قتل الوليد.
واختلفوا في ذلك:
فرخص فيه الشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وقال الأوزاعي:"لا يعينونه عليه، لأن المبارزة إنما تكون هكذا". معالم السنن 4/11.
وقال يوسف التميمي: إذا بارز مسلمٌ مشركاً وشرط ألا يقاتله غيره، لم يكن لإحدى الطائفتين أن يعين مبارزه ما داما يتقاتلان، فإن ولى الكافر منهزماً أو سار بعد قتل المسلم … فيجوز قتله لأن القتال بينهما قد انقضى، إلا أن يكون قد شرط أن يكون آمناً حتى يرجع إلى الصف، فليس لهم التعرض له، إلا أن يثخن المسلم، أو يريد قتله، فعليهم استنقاذ المسلم من يده من غير أن يقتلوا المشرك. دلائل الأحكام 5/586، وراجع شرح السنة 11/67.(8/3889)
قال إسحاق: كما قال1.
[2777-] قلت: [هل] يخمس السلب2؟
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: معالم السنن 4/11، وشرح السنة 11/67، وفتح الباري 7/298، ودلائل الأحكام 5/586، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة 123.
2 السلب بالتحريك: ما يسلب: أي الشيء الذي يسلبه الإنسان من الغنائم ويستولي عليه، وكل شيء على الإنسان من اللباس، فهو سلب وفي الحديث: "من قتل قتيلاً فله سلبه" كما سيأتي، وهو ما يأخذه أحد القرنين في الحرب من قرنه، مما يكون عليه ومعه من ثياب، وسلاح، ودابة.
لسان العرب 1/471، والنهاية 2/387، وتاج العروس 1/301.
ومعنى تخميس السلب: أن يقسم السلب خمسة أقسام خمسها للإمام، وأربعة أخماسها للقاتل. أحكام الغنيمة والفيء ص 60.(8/3890)
قال: لا.
قيل: وإن أكثر؟
قال: وإن أكثر، ما سمعنا أن النبي صلى الله عليه وسلم خمس السلب1، وقد قال: "من قتل قتيلاً فله سلبه"2.
__________
1 قال ابن قدامة: ولا يخمس السلب، لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم "فله سلبه" يتناول جميعه، وقد روى عوف بن مالك وخالد بن الوليد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في السلب للقاتل ولم يخمس السلب.
الكافي 4/293، وراجع سنن أبي داود 3/72.
قال البهوتي: وسواء قل السلب أو كثر لما -جاء- من أخذ البراء بن مالك سلب مرزبان الزأرة، وأنه بلغ الثلاثين ألفاً.
كشاف القناع 3/72، وراجع المغني 8/391، والمقنع 1/495، والفروع 6/225، والمبدع 3/345، ومطالب أولي النهى 2/540.
2 في العمرية بلفظ "فسلبه له".
عن قتادة رضي الله عنه قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلاً من المشركين علا رجلاً من المسلمين، فاستدبرت حتى أتيته من ورائه حتى ضربته بالسيف على حبل عاتقه، فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب فقلت: ما بال الناس؟ قال: أمر الله. ثم إن الناس رجعوا، وجلس النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه". فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست. ثم قال: "من قتل قتيلاً له عليه بينه فله سلبه" فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست. ثم قال الثالثة مثله فقمت"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مالك يا أبا قتادة؟ " فأقصصت عليه القصة فقال رجل: صدق يا رسول الله، وسلبه عندي، فأرضه عني فقال: أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لا ها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يعطيك سلبه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق" فأعطاه فابتعت مخرفاً في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام.
صحيح البخاري برقم 3142، فتح الباري 6/247، كتاب فرض الخمس، باب من لم يخمس الأسلاب، ومن قتل قتيلاً فله سلبه من غير أن يخمس، وحكم الإمام فيه.
وصحيح مسلم 3/1370 كتاب الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل برقم 1751.(8/3891)
قلت: فإن لم يعطه الإمام؟
قال: [ع-40/ب] كأنه يقول: هو له1.
__________
1 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: قد تنازع العلماء في سلب القاتل: هل هي مستحق بالشرع كقول الشافعي؟ أو بالشرط كقول أبي حنيفة ومالك؟ على قولين هما روايتان عن أحمد.
مجموع الفتاوى 20/570، وراجع نصب الراية 3/430.(8/3892)
قال إسحاق: ذاك إلى الإمام إذا استكثر1 فله أن يفعل ما فعل عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] 2 وهذا معنى حديث
__________
1 نقل الترمذي قول الإمامين أحمد وإسحاق رحمهما الله في المسألة، فقال بعد روايته لحديث أبي قتادة الآتي ما نصه: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم وهو قول الأوزاعي، والشافعي، وأحمد. وقال بعض أهل العلم: للإمام أن يخرج من السلب الخمس.
وقال النووي: النفل: أن يقول الإمام من أصاب شيئاً فهو له، ومن قتل قتيلاً فله سلبه، فهو جائز، وليس فيه الخمس.
وقال إسحاق: السلب للقاتل إلا أن يكون شيئاً كثيراً فرأى الإمام أن يخرج منه الخمس، كما فعل عمر بن الخطاب.
[] سنن الترمذي 4/131-132.
وانظر قول الإمامين أحمد وإسحاق رحمهما الله في: شرح السنة للبغوي 11/108، وشرح صحيح مسلم للنووي 12/59، والمحلى لابن حزم 7/337، تفسير القرطبي 8/8، والمغني 8/391، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة رقم 144، ودلائل الأحكام 5/599.
2 عن أنس بن مالك أن البراء بن مالك، أخا أنس بن مالك، بارز مرزبان الزأرة، فطعنه طعنة، فكسر القربوس، وخلصت إليه فقتله، فقوم سلبه ثلاثين ألفاً. فلما صلينا الصبح، غدا علينا عمر فقال لأبي طلحة: إنا كنا لا نخمس الأسلاب، وإن سلب البراء قد بلغ مالاً ولا أرانا إلا خامسيه، فقومنا ثلاثين ألفاً فدفعنا إلى عمر رضي الله تعالى عنه ستة آلاف.
الحديث رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/229، كتاب السير، باب الرجل يقتل قتيلاً في دار الحرب يكون له سلبه أم لا.
وفيه بارز مرزبان الضرارة، وصحح من حاشية إرواء الغليل 5/57، والبيهقي في السنن الكبرى 6/311 كتاب قسمة الفيء والغنيمة، باب ما جاء في تخميس السلب.
وصحح الألباني إسناده في إرواء الغليل 5/57 وما بعده.(8/3893)
عوف1.2
__________
1 هو عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي، اختلف في كنيته فقيل أبو عبد الرحمن، ويقال أبو حماد، وأول مشاهده خيبر وكانت معه راية أشجع يوم الفتح، وسكن الشام. وكان من الصحابة الشجعان الرؤساء، مات سنة ثلاث وسبعين.
أسد الغابة 4/156، والاستيعاب هامش الإصابة 3/131، وتقريب التهذيب 267، والأعلام 5/96.
2 عن عوف بن مالك قال: قتل رجل من حمير رجلاً من العدو، فأراد سلبه، فمنعه خالد بن الوليد، وكان والياً عليهم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عوف بن مالك فأخبره، فقال لخالد: "ما منعك أن تعطيه سلبه؟ " قال: استكثرته يا رسول الله. قال: "ادفعه إليه" فمر خالد بعوف فجر بردائه، ثم قال: هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغضب فقال: "لا تعطه يا خالد، لا تعطه يا خالد، هل أنتم تاركون لي أمرائي؟ إنما مثلكم ومثلهم كمثل رجل استرعى إبلاً، أو غنماً فرعاها، ثم تحين سقيها فأوردها حوضاً، فشرعت فيه، فشربت صفوه، وتركت كدره فصفوه لكم، وكدره عليهم". الحديث
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه 3/1373 كتاب الجهاد والسير، باب استحاق القاتل السلب برقم 1753، من طريق عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عوف.
والذي يظهر لي- في هذه المسألة - أن السلب يعطى للسالب ولا يخمس لما يأتي:
أولاً: لأن الأحاديث التي استدل بها الإمام إسحاق رحمه الله ومن وافقه ليست نصاً في الموضوع، بل فيها دليل على أن القاتل يستحق السلب، وإن كان كثيراً، وأنه لا يخمس.
ثانياً: ولأن أمير المؤمنين أخبر في حديث أنس بن مالك رضي الله عنهم بأنهم كانوا لا يخمسون السلب.
ثالثاً: لعل فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان عن طيب نفس من البراء، لا أن عمر رضي الله عنه تعمد خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حجة في قول أحد مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل اتباعه هو الواجب.
رابعاً: ولأن حديث عوف بن مالك الأشجعي نص في المسألة.
خامساً: أما رد النبي صلى الله عليه وسلم السلب إلى خالد رضي الله عنه بعد الأمر بإعطائه القاتل، فهو من النكير على عوف رضي الله عنه ردعاً له وزجراً، لئلا يتجرأ الناس على الأئمة.
أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطاه بعد ذلك القاتل، وإنما أخره تعزيراً له ولعوف بن مالك لكونهما أطلقا ألسنتهما في خالد رضي الله عنه.
أو أنه أخذه صلى الله عليه وسلم عن طيب نفس من القاتل وجبرا لقلب خالد، لمصلحة في إكرام الأمراء.
فتبين من الأدلة المذكورة آنفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وصدراً من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما لم يخمسوا سلباً، واتباع ذلك أولى لما تقدم.
[] راجع معالم السنن 4/45، وشرح السنة 11/110، وشرح صحيح مسلم للنووي 12/64، والمحلى 7/336-338، والمغني 8/392.(8/3894)
[2778-] قلت1 هل يبارز الرجل الرجل بغير إذن الإمام؟
قال2: لا والله.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 هذه المسألة انفردت بنقلها النسخة العمرية.
2 قال ابن قدامة: وتجوز المبارزة في الحرب …، ولا تجوز إلا بإذن الأمير، لأن أمر القتال موكول إليه، وهو أعلم برجاله، فلا يؤمن مع مخالفته أن يتم ما ينكسر به الجيش. الكافي 4/283.
وقال في المقنع: فإن دعا كافر إلى البراز، استحب لمن يعلم من نفسه القوة والشجاعة مبارزته بإذن الأمير. المقنع 1/495.
وعقب عليه المرداوي بقوله: هذا المذهب "أعني تحريم المبارزة بغير إذنه" وهو ظاهر كلامه في المغني، والشرح، بل هو كالصريح ونص عليه. الإنصاف 4/147.
وانظر: المغني 8/367، وكشاف القناع 3/69، والمبدع 3/344.
وبالإضافة إلى شرط إذن الإمام أو أمير الجيش في المبارزة، يشترط في المبارز:
1 - أن يكون ذا نجدة وشجاعة، يعلم من نفسه أن لن يعجز عن مقاومة عدو، فإن كان بخلافه منع.
2 - ألا يكون زعيماً للجيش، يؤثر فقده فيهم، فإن فقد الزعيم المدبر يفضي إلى الهزيمة. ورسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أقدم على البراز ثقة بنصر الله تعالى، وإنجاز وعده، وليس ذلك لغيره.
الأحكام السلطانية للفراء ص 43.
3 قال الخطابي: واختلفوا في - المبارزة - إذا لم تكن عن إذن الإمام فكره سفيان الثوري، وأحمد وإسحاق: أن يفعل ذلك إلا عن إذن من الإمام، وحكي ذلك أيضاً عن الأوزاعي.
وقال مالك والشافعي: "لا بأس بها، كانت بإذن الإمام أو بغير إذنه".
[] معالم السنن4/11، وراجع: شرح السنة11-67، ونيل الأوطار8/87(8/3896)
[2779-] قلت: أهل العهد إذا نقضوا تسبى ذراريهم أم لا؟
قال: كل من ولد له1 بعد النقض يسبون، ومن كان قبل ذلك لا يسبون2.
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 في العمرية سقط (له) .
2 نقل الخلال هذه الرواية من أولها إلى مكان الإشارة في كتابه أحكام أهل الملل، لوحة رقم99 ص 107.
وذكر عبد الله أنه سأل أباه عن قوم نصارى نقصوا العهد وقاتلوا المسلمين، قال: أرى ألا تقتل الذرية، ولا يسبون، ولكن يقتل رجالهم. مسائل عبد الله ص 256 برقم 95.
قال ابن قدامة: وإن هرب الذمي بأهله، وذريته، أبيح من البالغين منهم ما يباح من أهل الحرب، ولم يبح سبي الذرية، لأن النقض إنما وجد عن البالغين دون الذرية. المغني 8/534
وقال في المقنع: ولا ينتقض عهد نسائه، وأولاده بنقض عهده. المقنع1/534.
وقال المرداوي: هذا المذهب، وسواء لحقوا بدار الحرب أو لا. الإنصاف4/256.
وراجع الكافي4/372، والمحرر2/188، والفروع6/288، والمبدع3/434، والعدة شرح العمدة620، وحاشية روض المربع2/323.(8/3897)
[2780-] قلت: أمان الأسير وعن رجل من المسلمين في أرض الشرك أمانه أمان؟
قال: كلاهما له أمان1.
قال إسحاق: كما قال. إذا أمنا على عدل وسويه.
[2781-] [قال:] قلت:2 إذا أسر الأسير3 يقتل أو يفادى4 أحب
__________
1 ونحو هذه الرواية عند أبي داود قال: قيل لأحمد وأنا أسمع أمان الأسير؟ قال جائز.
وقال: قلت لأحمد: لو أن أسراء في عمورية نزل بهم المسلمون؟ فقال الأسراء: أنتم آمنون يريدون بذلك القربة إليهم؟ قال: يرحلون عنهم. مسائل أبي داود ص249.
قال ابن قدامة: "ويصح أمان الأسير إذا عقده غير مكره لدخوله في عموم الخبر ولأنه مسلم مكلف مختار فأشبه غير الأسير، وكذلك أمان الأجير، والتاجر في دار الحرب". المغني8/397.
وراجع: الفروع6/249، والكافي4/330، والإنصاف4/203، والمقنع1/516، وكشاف القناع3/105، والقتال في الإسلام ص231.
2 في العمرية بحذف لفظ "قلت".
3 في ظ (إذا أسر الأسير) ساقطة.
4 يقال فداه وفاداه: إذا أعطى فداءه فأنقذه ...
وتفادوا، أي فدى بعضهم بعضاً، وافتدى منه بكذا.
الصحاح للجوهري6/2453.
وقال الفيومي: فداه من الأسر، يفديه، فدى، مقصور، وتفتح الفاء وتكسر إذا استنقذه بمال، واسم ذلك المال الفدية، وهو عوض الأسير، وجمعها فدى وفديات ...
وقال المبرد: المفاداة: أن تدفع رجلا، وتأخذ رجلا، والفدى أن تشتريه، وقيل هما واحد. المصباح المنير2/465.(8/3898)
إليك؟
قال: إن قدروا أن يفادوا فليس به بأس. وإن قتله فلا1 أعلم به بأساً2.
__________
1 في العمرية بلفظ "فما".
2 نقل هذه الرواية بنصها الترمذي في سننه4/136
ونقل ابن هانئ نحو هذه الرواية، فقال: سئل أبو عبد الله عن البطريق من أهل الشرك يؤخذ، فأحب إليك أن يقتل، أو يفادي بمائة من المسلمين؟
فقال أبو عبد الله: إن رجلاً واحداً من المسلمين خير من الدنيا، وإن فداءهم مما يعجبني. مسائل ابن هانئ2/103.
قال ابن قدامة: إن من أسر من أهل الحرب على ثلاث أضرب:
أحدها: النساء، والصبيان، فلا يجوز قتلهم، ويصيرون رقيقاً للمسلمين بنفس السبي.
الثاني: الرجال من أهل الكتاب والمجوس الذين يقرون بالجزية، فيخير الإمام فيهم بين أربعة أشياء: القتل، والمن بغير عوض، والمفاداة بهم، واسترقاقهم.
والثالث: الرجال من عبدة الأوثان، وغيرهم ممن لا يقر بالجزية، فيتخير الإمام فيهم بين ثلاثة أشياء: القتل، أو المن، أو المفاداة.
ولا يجوز استرقاقهم. وعن أحمد جواز استرقاقهم.
انظر: المغني 8/372 بتصرف. وراجع: الكافي 4/270، والفروع 6/213، والإنصاف 4/130، وكشاف القناع 3/53 والتحقيق لابن الجوزي 3/151.(8/3899)
قال إسحاق: الإثخان1 أحب إلي إلا أن يكون معروفاً يطمع به الكثير2.
[2782-] قلت: رجل دخل أرض الحرب بأمان أله أن يشتري من3
__________
1 الإثخان: هو المبالغة في القتل، والإكثار منه.
انظر لسان العرب 13/77، والمصباح المنير 1/80.
2 نقل الترمذي قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال:
"قال إسحاق: الإثخان أحب إلي أن يكون معروفاً فأطمع به الكثير. سنن الترمذي 4/136.
وانظر: المغني 8/374، واختلاف الصحابة 123، ودلائل الأحكام للتميمي 5/589.
قال الله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} الآية. سورة محمد أو القتال آية (4) .
والآية محكمة غير منسوخة. فالإمام مخير في هذه الأمور، يختار ما فيه نكاية للعدو وحظ للمسلمين.
وهو قول ابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم، والحسن البصري، وعطاء، ومذهب مالك، والشافعي، والثوري، والأوزاعي، وأبي عبيد، وغيرهم.
انظر الجامع لأحكام القرآن 16/228، ونواسخ القران لابن الجوزي ص 466، والمغني 8/372، ومعالم السنن 4/25، والأم للإمام الشافعي رحمه الله 4/260.
3 سقطت حرف (من) من العمرية.(8/3900)
أولادهم ونسائهم ويأخذ درهمين1 بدرهم؟
قال: إذا كان بأمان2؟ - كأنه كره هذا كله-
قال إسحاق: لا يحل ذلك أصلاً3، لأن الذي يلي ذلك المسلم لأن الربا حرمه الله [سبحانه وتعالى] على المسلمين.
ولقد رد رسول الله صلى الله عليه [وسلم] ما أربوا في الجاهلية حين أدرك الإسلام.
__________
1 في العمرية بلفظ (الدرهمين) .
2 ونقل عبد الله مثل هذه الرواية فقال: سألت أبي عن رجل دخل أرض العدو بأمان، فسرق منهم مالاً، أو دواباً، أو غير ذلك، قال: إذا كان بأمان لم يسرق، ولم يأخذ من أموالهم شيئاً، ولا يبيع في بلادهم درهماً بدرهمين، لا يربي في بلادهم.
مسائل عبد الله ص 253 برقم 940.
ونقل ابن هانئ رواية نحوها عن الإمام أحمد 2/120 برقم 1696.
قال ابن قدامة: "ويحرم الربا في دار الحرب كتحريمه في دار الإسلام" وبه قال مالك، والأوزاعي، وأبو يوسف، والشافعي، وإسحاق.
وقال أبو حنيفة: لا يجري الربا بين مسلم وحربي في دار الحرب، المغني 4/45.
وقال في موضع آخر: وسائر الآيات، والأخبار الدالة على تحريم الربا عامة تتناول الربا في كل مكان وزمان، وأما خيانتهم فمحرمة، لأنهم أعطوه الأمان مشروطاً بترك خيانتهم، وأمنه إياهم من نفسه وإن لم يكن ذلك مذكوراً في اللفظ، فهو معلوم في المعنى. ولذلك، من جاءنا منهم بأمان، فخاننا كان ناقضاً لعهده.
المغني 8/458، وراجع كشاف القناع 3/108.
3 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 4/45.(8/3901)
فأول ربا وضعه ربا العباس [رضي الله عنه] 1.
وكذلك قال الأوزاعي2: وحرمه في أرض الحرب واحتج بهذا، أن ما أدرك الإسلام من الربا موضوع.
وقد فعله في الجاهلية، فكيف يستوسع في الإسلام أن يبتدئه أو يبيع ميتة منهم.
__________
[1] والحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه 2/886-893، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل.
وموضع الشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم "ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع. وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله".
صحيح مسلم 2/889.
2 نقل قول الإمام الأوزاعي الإمام أبو يوسف الأنصاري رحمه الله فقال: قال الأوزاعي رحمه الله تعالى: "الربا عليه حرام في أرض الحرب وغيرها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وضع من ربا الجاهلية ما أدركه الإسلام من ذلك، وكان أول ربا وضعه ربا العباس بن عبد المطلب، فكيف يستحل المسلم أكل الربا في قوم حرم الله عليه دماءهم وأموالهم؟ وقد كان المسلم يبايع الكافر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يستحل ذلك". الرد على سير الأوزاعي ص 96.
[] وانظر: الأم للشافعي 8/358، والمغني 4/45، وفقه الإمام الأوزاعي للجبوري 2/202-203.(8/3902)
[2783-] قلت: هل يبيت1 أهل الدار من المشركين فيصاب من نسائهم وأبنائهم؟
قال: أما أن يتعمدوا قتلهم فلا2.
وقال: كان النهي قد كان تقدم من النبي3 صلى الله عيه [وسلم] في ذلك.
[ثم سئل] فقال: إن أهل الدار يبيتون فيصاب من ذراريهم ونسائهم، فقال: "هم منهم" 4.
__________
1 ومعنى البيات: أن يُغار على الكفار بالليل، بحيث لا يميز بين أفرادهم. فتح الباري 6/147.
2 نقل مثل هذه الرواية عن الإمام أحمد في تفسيره للحديث: أبو داود فقال: "سمعت أحمد سئل عن حديث الصعب بن جثامة في أهل الدار يبيتون؟ قال: كان النهي قد كان تقدم، ثم سئل عن هذا قال أحمد: كأنهم يصيبون بهم من غير أن يريدوا ".
[] مسائل أبي داود ص236-237.
وانظر: المغني 8/449، والكافي 4/268، والإنصاف 4/126، والمبدع 3/319.
3 في العمرية بلفظ "رسول الله".
4 عن الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال: "مر بى النبي صلى الله عليه وسلم بالأبواء -أو بودان- فسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين، فيصاب من نسائهم وذراريهم، قال: هم منهم. وسمعته يقول: "لا حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم".
الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه رقم 3012، فتح الباري 6/146، كتاب الجهاد، باب أهل الدار يبيتون، فيصاب الولدان والذراري، واللفظ له.
والإمام مسلم في صحيحه 3/1364، كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمد، برقم 1745 بلفظ أخصر مما هنا.
قال الخطابي: "وفيه بيان أن قتلهم في البيات وفي الحرب، وإن لم يتميزوا من آبائهم، وإذا لم يتوصل إلى الكبار إلا بالإتيان عليهم جائز، وأن النهي منصرف إلى حال التمييز والتفرق".
[] معالم السنن للخطابي 4/14-15، وشرح صحيح مسلم للنووي 12/49.(8/3903)
قال1 إسحاق: الرخصة في ذلك إذا أراد الإمام الإغارة2 مباح3.
[2784-] قلت: قال: سألت ابن عباس [رضي الله عنهما] قلت: يخرج علينا البعث4 فيخرج من أربعة واحد؟ 5
__________
1 في العمرية بلفظ (فقال) .
2 في العمرية بلفظ (الغارة) .
3 نقل الترمذي قول الإمامين أحمد وإسحاق فقال: ورخص بعض أهل العلم في البيات، وقتل النساء منهم والولدان، وهو قول أحمد وإسحاق، ورخصا في البيات. سنن الترمذي 4/137. وراجع: عمدة القارئ 14/261.
وقد تقدم الكلام عن تبييت العدو في المسألة رقم: (2756) .
4 البعث هم الجنود الموجهون إلى الغزو، وجمعها بعوث.
لسان العرب 2/166.
5 أشار إلى قول ابن عباس رضي الله عنهما عبد الرزاق في مصنفه 5/231.(8/3904)
قال: كان يضرب على القبيلة البعث يكونون ألفاً فيضرب على المائة منهم، فيعين الذي يقعد والذي يخرج.1
قال إسحاق: كما قال.
[2785-] قلت: رجل قتله اللصوص، أيغسل2 أم لا؟
قال: كل قتيل يغسل إلا من قتل في المعركة3.
__________
1 قال ابن حجر: قال ابن بطال: "إن أخرج الرجل من ماله شيئاً، فتطوع به، أو أعان الغازي على غزوه بفرس، ونحوها، فلا نزاع فيه، وإنما اختلفوا فيما إذا أجر نفسه أو فرسه في الغزو". فتح الباري 6/124.
2 في العمرية بلفظ "يغسل".
3 من قُتل ظلماً، أو قُتل دون ماله، أو دون نفسه وأهله، ففي غسله روايتان:
إحداهما: لا يلحق بشهيد المعركة، فيغسل، واختار هذه الرواية الخلال.
ووجه هذه الرواية: أن رتبته دون رتبة الشهيد في المعترك، فأشبه المبطون، ولأن هذا لا يكثر القتل فيه، فلم يجز إلحاقه بشهيد المعترك.
والثانية: أنه يلحق بشهيد المعركة، فلا يغسل ولا يصلى عليه.
قال المرداوي: وهو المذهب، اختاره أكثر الأصحاب، لأنه قتل شهيداً أشبه شهيد المعركة.
انظر المغني 2/535، والإنصاف 2/503.
ونقل عبد الله رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، فيها توضيح لهذه الرواية وجمع بين الروايتين السابقتين.
قال: قرأت على أبي: قلت من قتله اللصوص، يُغسل ويصلى عليه؟ قال: "إذا قُتل في المعركة، فهو بمنزلة الشهيد إلا أن يحمل وبه رمق. مسائل عبد الله ص 135 برقم: 500.(8/3905)
قال إسحاق: كما قال1.
[2786-] قلت: يُكره إخصاء2 الدواب؟
قال: إي لعمري، هي نماء الخلق.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 نقل ابن قدامة عن الإمام إسحاق: أن من قتل دون ماله، أو دون نفسه وأهله… فلا يغسل، ولا يصلى عليه. وهو قول الشعبي والأوزاعي وإسحاق في الغسل، ولعل هذا القول رواية ثانية عنه.
انظر: المغني 2/535. وراجع إسحاق بن راهوية وأثره في الفقه الإسلامي ص 499.
2 قال الجوهري: وخصيت الفحل خصاء ممدود، إذا سللت خصييه. الصحاح 6/2328 مادة خصى.
وقال صاحب المصباح المنير: وخصيت العبد أخصيه خصاء -بالكسر والمد- سللت خصييه فهو خصيّ. وخصيت الفرس قطعت ذكره فهو مخصي، يجوز استعمال فعيل ومفعول فيهما. المصباح المنير 1/171.
3 نقل ابن المنذر قول الإمامين أحمد وإسحاق فقال: وقد اختلفوا في إخصاء الدواب، فروينا عن عمر بن الخطاب، أنه نهى عنه. وكان ابن عمر يكره الخصاء، ويقول: هو نماء خلق الله، وكره ذلك عبد الملك بن مروان.
وقال الأوزاعي: كانوا يكرهون خصاء كل شيء له نسل.
وكره ذلك أحمد وإسحاق.
ورخص فيه الحسن البصري، وطاووس، وخصى عروة بغلا له.
وقد رجح ابن المنذر القول الأول، واستدل بحديث ابن عمر الآتي.
انظر: الإشراف 3/195.
وراجع: تفسير القرطبي 5/390 وما بعده، ومصنف ابن أبي شيبة 12/226، ومصنف عبد الرزاق 4/456، والسنن الكبرى 10/24.
وقد روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إخصاء الخيل والبهائم، قال ابن عمر: فيها نماء الخلق".
الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده 2/24.
والحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 5/2650، وقال: رواه أحمد وفيه عبد الله بن نافع وهو ضعيف.(8/3906)
[2787-] قلت1: قال: سألت الأوزاعي هل في الذهب2 والفضة نفل؟
قال: لا3.
__________
1 في العمرية بلفظ (قال قلت) .
2 في العمرية بلفظ (هل في الفضة والذهب نفل) .
3 نفل النووي قول الأوزاعي فقال: قال الأوزاعي وجماعة من الشاميين: لا ينفل في أول غنيمة، ولا ينفل ذهباً ولا فضة.
[] شرح النووي على صحيح مسلم 12/56-57.
وراجع قول الأوزاعي في كتاب الأموال لأبي عبيد ص398، وفتح الباري 6/241، والمغني 8/382.(8/3907)
قال أحمد: ما أدري1.
قال إسحاق: كما قال الأوزاعي.
[2788-] قلت: سئل عن قتل الخنازير وإفساد الخمر وكسر الصليب؟
قال: أكره قتل البهائم، فأما الخمر والصليب فأفسد إن شئت.
قال [الإمام] أحمد: قتل الله-[تعالى]- كل خنزير2.
__________
1 في العمرية بلفظ (لا أدري) .
هذا اللفظ إصطلاح للإمام أحمد رحمه الله.
قال سالم الثقفي: ومما في التوقف عنه إشعار بالإنكار على عمله بقوله فيه "لا أدري" فتوقفه عنه بهذا اللفظ إشعار بالإنكار على عمله، أو القول به بتعبير الأدب في الفتوى. مفاتيح الفقه الحنبلي 2/38
قال ابن قدامة: أنّ النفل لا يختص بنوع من المال، وذكر الخلال: أنه لا نفل في الدراهم والدنانير، وهو قول الأوزاعي، لأن القاتل لا يستحق شيئاً منها، فكذلك هنا. المغني 8/382.
2 قال أبو داود: قلت لأحمد: يصيب الخمر في بلاد الروم بكسر الدنان أو يهريقه؟ قال: أهريقه. مسائل أبي داود ص245.
وقال الشيخ مرعي الحنبلي: ويكسر صليب، ويقتل خنزير، ويصبّ خمر، ولا يكسر إناء به نفع. غاية المنتهى 1/465.
وراجع: الفروع 6/236، والمبدع 3/354، والإنصاف 4/155 والطرق الحكيمة ص272.
نقل ابن قيم الجوزية رحمه الله قول الإمامين أحمد وإسحاق رحمهما الله فقال:
وفي مسائل صالح، قال أبي: يقتل الخنزير، ويفسد الخمر ويكسر الصليب.
وهذا قول أبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وإسحاق بن راهويه، وأهل الظاهر، وطائفة من أهل الحديث، وجماعة من السلف. الطرق الحكمية ص272.(8/3908)
قال إسحاق: كما قال أحمد، يفعل هذا كله.
[2789-] قلت: سئل عن رجل باع فرسه في أرض العدو بعد ما أصاب عليه غنيمة ثم أصاب1 عليه الآخر بعد غنيمة؟
قال: سهامه فيما2 بينهما.
قلت: فإن كان قد أصاب كل واحد منهما معروفاً بعينه؟
قال: إذا عرف ذلك بعينه كان لكل واحد منهما ما أصاب3.
قال أحمد: ما أحسن ما قال4.
__________
1 في الظاهرية بلفظ "ثم أصاب الآخر عليه بعد غنيمة."
2 في العمرية بلفظ (قال: سهامه فيها بينهما) .
3 نقل ابن حجر قول الأوزاعي فقال: وعن الأوزاعي فيمن وصل إلى موضع القتال فباع فرسه: "يسهم له ولكن يستحق البائع مما غنموا قبل العقد، والمشترى مما بعد وما اشتبه قسم." فتح الباري 6/69.
وانظر: الرد على سير الأوزاعي ص22، والمغني 8/404.
4 قال الخرقي: "ومن دخل إلى أرضهم من الغزاة فارسا، فنفق فرسه قبل إحراز الغنيمة فله سهم راجل، ومن دخل راجلاً، فأحرزت الغنيمة وهو فارس، فله سهم الفارس." المغني 8/403.
وراجع الكافي 4/300، والمقنع 1/506 الإنصاف 4/176، ومطالب أولي النهى 2/559.(8/3909)
قال إسحاق: كما قال.1
[2790-] قلت: قال الأوزاعي: لا يترك المستأمن2 في دار الإسلام3 إلا أن يسلم أو يؤدي الجزية أو بإذن الإمام؟ 4
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق في: المغني 8/404.
2 المستأمن بكسر الميم: هو الطالب للأمان، ويصح بالفتح بمعنى اسم مفعول، والتاء للصيرورة.
المصباح المنير1/34، وأحكام الذميين والمستأمنين لعبد الكريم زيدان ص46.
3 والعبرة بالدار بمن كانت له الولاية والحل والعقد، والتصرف فيه فإن كان ذلك للمسلمين فهي دولة إسلامية -وإن وجد بها كفار-، وإن كان الحل والعقد والتصرف والولاية للكفار، فتعتبر الدولة كافرة وإن كثر فيها المسلمون.
حقيقة الجهاد وغايته في الإسلام لفضيلة شيخنا الدكتور عبد الله أحمد القادري 2/291 -مطبوع على الاستنسل-.
وراجع: السيل الجرار4/575، والجهاد في الإسلام لتوفيق وهبة ص83 وما بعده، والقتال في الإسلام لمحمد ناصر الجعوان ص243.
4 انظر قول الإمام الأوزاعي في المغني 8/400، وفقه الإمام الأوزاعي2/421.(8/3910)
قال أحمد: إذا أمنه الإمام فهو على أمانه حتى يرده إلى مأمنه1.
قال إسحاق: كما قال الأوزاعي، فإن كان الإمام أمنه إلى وقت وقته نظراً للمسلمين، إما لفداء الأسارى2، أو لعمل من أعمال أهل الإسلام، فللإمام3 ذلك، ويترك إلى الوقت الذي أومن عليه.
__________
1 نقل ابن قدامة هذه الرواية فقال: قال أبو بكر: وهذا ظاهر كلام أحمد لأنه قيل له: قال الأوزاعي: لا يترك المشرك في دار الإسلام إلا أن يسلم، أو يؤدي، فقال أحمد إذا أمنته فهو على ما أمنته. وظاهر هذا أنه خالف قول الأوزاعي.
انظر المغني 8/400.
قال في المحرر: ويجوز الأمان للرسول والمستأمن مدة الهدنة بلا جزية، نص عليه. وقال أبو الخطاب: لا يقيم سنة فأكثر إلا بجزية.
قال القاضي الفراء: ولأهل العهد -إذا دخلوا دار الإسلام- الأمان على نفوسهم، وأموالهم، ولهم أن يقيموا أقل من سنة بغير جزية، ولا يقيمون سنة إلا بجزية، ويلزم الكف عنهم لأهل الذمة، ولا يلزم الدفع عنهم بخلاف أهل الذمة.
انظر: المحرر2/181، والأحكام السلطانية161.
وراجع: المقنع1/518، والإنصاف 4/407، ومطالب أولي النهى 2/578.
2 في العمرية بلفظ (لفداء أسير) .
3 في العمرية بلفظ (ولإمامه ذلك) .(8/3911)
فإن تم إرادة الإمام فيما حبسه وإلا أجله1 أجلاً بعد أجل حتى يفرغ [ع-41/أ] .
[2791-] قال [الإمام] أحمد: [رضي الله عنه] الغنيمة ما غلب عليه بالسيف2.
والفيء: ما صولحوا عليه.3 وهي الجزية، جزية الرؤوس4 وخراج الأرضين والصدقات.5
__________
1 في العمرية بفظ (وإلا أجله أجلاً حتى يفرغ) .
2 الغنم: الفوز بالشيء من غير مشقه. ويقال غنم الشيء غنماً بالضم، إذا فاز به.
لسان العرب12/445، والمصباح المنير 2/454.
والغنيمة في الاصطلاح: ما أخذ من مال حربي قهراً بقتال، وما ألحق به مما أخذ فدية، أو هدية حربي للأمير، أو بعض قواده، أو الغانمين بدار الحرب.
انظر: شرح منتهى الإرادات 2/110، وغاية المنتهى 1/460 والتنقيح المشبع ص116.
وعرفه في المحرر: الغنيمة: كل مال أخذ من الكفار قهراً بالقتال. المحرر2/173.
وراجع: الفروع 6/222.
3 في العمرية بحذف لفظ (عليه) .
4 في العمرية بلفظ (الرأس) .
5 والفيء في اللغة: مأخوذ من فاء يفيء: إذا رجع.
قال الراغب: الفيء والفيئة الرجوع إلى حالة محمودة، ومنه فاء الظل، والفيء لا يقال إلا للراجع منه.
انظر: المفردات للراغب ص389، والمصباح المنير للفيومي 2/486، والجامع لأحكام القرآن 8/2.(8/3912)
[و] العشور من الحبوب، والمواشي: الإبل، والبقر، والغنم1، [فـ] كلّ شيء عشرته فهو صدقة.
قال إسحاق: كما قال.
[2792-] قلت: الرجل يوجد معه الغلول2 ما يصنع به؟
قال: يحرق رحله، إلاّ أن يكون مصحفا أو حيواناً.3
__________
1 قال في المصباح المنير (2/574) : الماشية: المال من الإبل والغنم، قاله ابن السكيت وجماعة، وبعضهم يجعل البقر من الماشية.
ونقل هذه الرواية القاضي أبو يعلى في الأحكام السلطانية، ص136.
2 الغلول في اللغة: الخيانة في المغنم خاصّة.
والإغلال: الخيانة في المغانم وغيرها.
قال الزجّاج: غَلّ الرجل، بالفتح، يغُلّ، بالضمّ: إذا خان، لأنّه أَخْذُ شيء في خفاء، وكلّ من خان في شيء في خفاء فقد غلّ يغلّ غلولاً.
[] لسان العرب 14/13-14، مادة: غلل، والمصباح المنير 2/451-452.
والغال في الشرع: الذي يكتم ما يأخذه من الغنيمة، ولا يطلع الإمام عليه. المغني 8/470.
وعرّفه الخرشي: هو أن يأخذ أحد الغانمين من الغنيمة شيئاً خفيةً بعد حوزها وقبل قسمتها. الخرشي 3/116.
3 نقل الخطابي قول الأوزاعي فقال: "أمّا تأديبه عقوبةً في نفسه على سوء فعله، فلا أعلم بين أهل العلم منه خلافاً، وأمّا عقوبته في ماله، فقد اختلف العلماء في ذلك.
فقال الحسن البصري: "يحرق ماله، إلاّ أن يكون حيواناً، أو مصحفاً".
وقال الأوزاعي: "يحرق متاعه، وكذلك قال أحمد، وإسحاق، ولا يحرق ما غلّ، لأنّه حقّ الغانمين، يردّ عليهم، فإن استهلكه غرم قيمته".
وقال الأوزاعي: "يحرق متاعه الذي غزا به، وسرجه وإكافه، ولا يحرق دابته، ولا نفقته إن كانت معه، ولا سلاحه ولا ثيابه التي عليه." معالم السنن 4/39.
وراجع قوله في: المغني 8/470، سنن الترمذي 4/61، شرح صحيح مسلم للنووي 12/218، سبل السلام 4/52، المنتقى للباجي 4/204، الجامع لأحكام القرآن 4/260، دلائل الأحكام 5/62 وفتح الباري 6/187.
أمّا عدم حرق المصحف، فلحرمته، والحيوان، لأنّه لا يدخل في اسم المتاع المأمور بإحراقه، ولحرمة الحيوان في نفسه، والنهي عن تعذيبه بالنار. أمّا الثياب فلأنّه لا يجوز تركه عرياناً، ولا السلاح لأنّه يحتاج إليه للقتال، ولا نفقته لأنّ ذلك ممّا لا يحرق عادةً. المغني 8/470.(8/3913)
قلت: ويحرم نصيبه من المغنم.
فلم يعرفه.
قال [الإمام] أحمد: ولا يصلّي عليه الإمام.1
__________
1 قال الخرقي: "ولا يصلّي الإمام على الغالّ، ولا من قتل نفسه."
وقال ابن قدامة: "فهذا لا يصلّي عليه الإمام، ولا على من قتل نفسه متعمّداً، ويصلّي عليه سائر الناس. نصّ عليهما أحمد."
والإمام ها هنا أمير المؤمنين وحده، وعن الإمام أحمد رحمه الله أنّ إمام كلّ قرية واليهم، وأنكر هذا الخلال، وخطّأ ناقلَه.
مختصر الخرقي ص36، المغني 2/556، والكافي 1/265.
وقال في المقنع: "والغالّ من الغنيمة يحرق رحله كلّه، إلاّ المصحف والسلاح والحيوان." المقنع 1/509.
قال المرداوي: "وهذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وهو من مفردات المذهب." الإنصاف 4/185.
وانظر: المغني 8/470، الكافي 4/307 وغاية المنتهى 1/466.
وقد اختار أبو عبد الله ابن قيّم الجوزية، وبعض المتأخّرين من الحنابلة أن تحريق رحل الغالّ من باب التعزير والعقوبات المالية الراجعة إلى اجتهاد الأئمّة بحسب المصلحة، وهذا نظير قتل شارب الخمر في الثالثة أو الرابعة، فليس بحدّ ولا منسوخ، وإنّما هو تعزير يتعلّق باجتهاد الإمام. وصوّب المرداوي هذا الرأي في الإنصاف. انظر: زاد المعاد 2/66، الإنصاف 4/185، المبدع 3/375، والفروع 6/237.
أمّا هل يحرم الغالّ سهمه؟ ذكر أبو بكر روايتين:
إحداهما: يحرم سهمه، لأنّه قد جاء في الحديث: يحرم سهمه.
والثانية: لا يحرم الغال سهمه، لأنّ سبب الاستحقاق موجود، فيستحقّ سهمه. وصحّح الرواية الثانية المرداوي، وقال إنّه المذهب.
انظر: المغني 8/472، الفروع 6/237، المحرّر 2/178، الإنصاف 4/186، والقواعد لابن رجب ص230.(8/3914)
قال إسحاق: كما قال، ويمنع سهمه إلاّ أن يرى الإمام(8/3915)
إعطاءه.1
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: سنن الترمذي 4/61، معالم السنن 4/39، شرح السنة 11/119، الجامع لأحكام القرآن 4/260، المغني 8/470، المنتقى للباجي 3/204، اختلاف الصحابة والتابعين لوحة رقم 125، دلائل الأحكام 5/62، وشرح النووي على صحيح مسلم 12/217، والإجماع لابن المنذر ص26 برقم 237، وفتح الباري 6/186.
واستدلّ القائلون بإحراق رحله بما جاء عن عبد الله بن عمر، عن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من وجدتموه غلّ في سبيل الله فأحرقوا متاعه".
قال صالح: فدخلت على مسلمة ومعه سالم بن عبد الله، فوجد رجلاً قد غلّ، فحدث سالم بهذا الحديث، فأمر به، فأحرق متاعه، فوجد في متاعه مصحف، فقال سالم: بِع هذا، وتصدّق بثمنه.
الحديث رواه الترمذي في سننه 4/61، كتاب الحدود، باب ما جاء في الغالّ ما يصنع به، برقم: 1461، مسند الإمام أحمد 1/22.
والحديث من رواية صالح بن محمد بن زائدة، وقد تكلّم علماء الجرح والتعديل فيه، فقال الإمام البخاري: "إنّما روى هذا صالح بن محمد بن زائدة وهو أبو واقد الليثي، وهو منكر الحديث.
وقد روي في غير حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الغال، فلم يأمر فيه بحرق متاعه، وقال إنّ عامّة أصحابه يحتجّون بهذا في الغلول، وهذا باطل، ليس بشيء.
وقال الدارقطني: "أنكر هذا الحديث على صالح بن محمد." قال: "وهذا حديث لم يتابع عليه، ولا أصل لهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم."
ورجّح ابن حجر العسقلاني بأنّ الخبر موقوف على عمرو بن شعيب.
انظر: سنن الترمذي 4/61، مختصر سنن لأبي داود للمنذري 4/40، تفسير القرطبي 4/260، العلل المتناهية لابن الجوزي 2/95، والمنتقى للباجي 3/204.(8/3916)
[2793-] قلت: سئل الأوزاعي عن المدبّر يكون مع سيّده في السرّية،1 فيقتل سيّده أو يموت، هل يسهم له؟
قال: يعتق العبد ويعطى سهمه.2
قال أحمد: إذا شهد الوقعة بعد موت السيّد، وللسيّد [ظ-88/أ] من المال بقدر ما يخرج العبد من ثلثه، فهو حرّ في ثلثه، ويسهم له، فإنّه شهد الوقعة وهو حرّ، وإن لم يخرج، وشهد الوقعة يرضخ له.3
__________
1 السرية: هي: الطائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة، تبعث إلى العدوّ، وجمعها: سرايا، وسريات، مثل: عطية وعطايا وعطيات. وسمّوا بذلك، لأنّهم يكونون خلاصة العسكر، وخيارهم، من الشيء السرّي النفيس. وقيل: سمّوا بذلك لأنّهم ينفّذون سرّاً وخفيةً، وليس بالوجه.
انظر: النهاية لابن الأثير 2/363، والمصباح المنير 1/275، مادة: "سري".
2 قال القاضي أبو يعلى: نقل صالح، قال سئل الأوزاعي عن المدبّر يكون مع سيّده في السرّية، يقتل سيّده، أو يموت، يعتق ويعطى سهمه؟ قال: "إذا شهد الوقعة بعد موت سيّده، وللسيّد من المال بقدر ما يخرج من ثلثه فهو حرّ، ويسهم له."
الروايتين والوجهين، لوحة: 225.
3 المدبّر والمكاتب يرضخ لهم، لأنّهم عبيد، ومن عتق منهم قبل انقضاء الحرب، أسهم لهم، وكذلك إن قتل سيّد المدبّر قبل أن تنقضي الحرب، وهو يخرج من الثلث، عتق وأسهم له. وأمّا من بعضه حرّ، فقال أبو بكر: "يرضخ له بقدر ما فيه من الرقّ، ويسهم له بقدر ما فيه من الحرّية."
المغني 8/412، راجع: الكافي 4/301، والمقنع 1/505.
قال المرداوي: "إن تغيّر أحوالهم بعد تقضي الحرب، وقبل إحراز الغنيمة، فهذه الصورة فيها وجهان:
الأول: أنّه لا يسهم لهم. وهو المذهب …
الثاني: يسهم لهم …
وإن تغير أحوالهم بعد إحراز الغنيمة، فلا يسهم لهم قولاً واحداً."
[] الإنصاف 4/172-173.(8/3917)
قال إسحاق: كما قال الإمام أحمد.
[2794-] قلت: سئل عن الصبي يولد، والعبد يعتق, والفرس يموت؟
قال: يسهمون.
قيل: فإن كان القاسم قسم بعضها؟
قال: يسهمون مما بقي1
__________
1 نقل الإمام الشافعي رحمه الله قول الإمام الأوزعي رحمه الله فقال: قال: "يسهم لهم - أي الصبيان -، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم بخيبر لصبي من الغنيمة، وأسهم أئمة المسلمين لكل مولود ولد في أرض الحرب". الأم 8/343.
وانظر: الرد على سير الأوزاعي ص42.
وقال أبو يوسف رحمه الله: وقال الأوزاعي رحمه الله: "أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء بخيبر، وأخذ المسلمون بذلك بعده". الرد على سير الأوزاعي ص37.
وانظر قول الإمام الأوزاعي في: سنن الترمذي 4/126، ومعالم السنن 4/49، وشرح السنة للبغوي 11/104، ودلائل الأحكام 5/598.(8/3918)
قال أحمد: الغنيمة لمن شهد الوقعة1
قال إسحاق: كما قال.2
__________
1 هذه العبارة جزء من أثر أورده سعيد بن منصور، عن قيس بن مسلم قال: سمعت طارق ابن شهاب قال: إن أهل البصرة غزوا نهاوند فأمدهم أهل الكوفة، فأراد أهل البصرة ألا يقسموا لأهل الكوفة، وكان عمار على أهل الكوفة، فقال رجل من بني عطارد: أيها الأجدع تريد أن تشاركنا في غنائمنا؟ قال: خير أذني سببت كأنها أصيبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب في ذلك إلى عمر، فكتب عمر: "أن الغنيمة لمن شهد الوقعة".
رواه سعيد ابن منصور في سننه 2/331 – 332، كتاب الجهاد، باب ما جاء فيمن أتى بعد الفتح برقم 2791، من طريق عبد الرحمن بن زياد عن شعبة عن قيس ابن مسلم عن طارق ابن شهاب. وعبد الرزاق في المصنف 5/302 – 303، كتاب الجهاد، باب لمن الغنيمة بلفظ مختصر.
وصحح ابن حجر إسناده في فتح الباري 6/224
قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد 5/340.
ومثل هذه الرواية نقلها أبو داود عن الإمام أحمد فقال: قلت لأحمد: يغزو بفرس فينفق قبل الغنيمة؟ قال: لا سهم له. وقال قلت لأحمد: إذا أدرب الرجل ثم مات قبل الغنيمة؟ قال: يعجبني أن يسهم لمن شهد الوقعة. مسائل أبي داود ص 240.
وانظر: المغني 8/419، والكافي 4/304، والإنصاف 4/163
2 قال الخطابي: قد ذهب أكثر الفقهاء إلى أن النساء، والعبيد، والصبيان لا يسهم لهم إنما يرضخ لهم، إلا أن الأوزاعي قال: يسهم لهن. معالم السنن 4/49.(8/3919)
[2795-] قلت: سئل عن رجل نزل على أمير حصن، فأهديت إليه هدية. هل يأكل الذي نزل عليه؟
فكره ذلك.1
قال أحمد: ليس به بأس. 2
__________
1 ذكر ابن القيم رحمه الله قول الإمام الأوزاعي رحمه الله فقال: "وأما حكم هدايا الأئمة بعده - أي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقال سحنون - من أصحاب مالك رحمه الله: إذا أهدى أمير الروم هدية إلى الإمام فلا بأس بقبولها، وتكون له خاصة".
وقال الأوزاعي: "تكون للمسلمين, ويكافئه بمثلها من بيت المال". زاد المعاد 3/219.
2 للإمام أحمد رحمه الله في الهدايا في دار الحرب ثلاث روايات:
[1-] أن ما أهداه المشركون في دار الحرب لأمير الجيش، أو لبعض قواده فهو غنيمة، لأنه لا يفعل ذلك إلا لخوفه من المسلمين. قال المرداوي: "على الصحيح من المذهب."
[2-] أنه للمهدَى له بكل حال، لأنه خصّ بها، أشبه إذا كان في دار الإسلام.
[3-] وعنه "هو فيء" اختاره القاضي في الأحكام السلطانية.
انظر: المغني 8/495، والفروع 6/233، وتصحيح الفروع المطبوع مع الفروع 6/233 - 234، والقواعد لابن رجب ص 322، قاعدة 150، وزاد المعاد 3/219، والمقنع 1/509، والكافي 4/315، والإنصاف 4/188، والمبدع 3/376.(8/3920)
قال إسحاق: كما قال أحمد: إذا كان الأمير الذي أهدي إليه1 أذن له في أكله.
[2796-] قلت: سئل عن الدابة إذا أزحفت2 فأخذها رجل فقام3 عليها وقد تركها صاحبها الأول. لمن تكون الدابة؟
قال: لصاحبها الأول. ويرد عليه ما أنفق عليها، وكذلك المتاع يلقيه الرجل فيأخذه الرجل، قال: يعطى كراه، ويرد على صاحبه. 4
قال أحمد: أما المتاع فكذلك هو5 يعطى كراه، ويرد على صاحبه، وأما الدابة فهي لمن أحياها، إذا كان تركها صاحبها
__________
1 في العمرية بلفظ "أهدي له".
2 يقال زحف في المشي يزحف زحفا، وزحفاناً: أعيى، قال أبو زيد: زحف المعيي يزحف زحفاً وزحوفا.
وزحف البعير يزحف زحفا وزحوفا وزحفانا، وأزحف: أعيا فجر فرسه.
وقال صاحب المصباح المنير: "وأزحف بالألف لغة."
انظر: لسان العرب 9/130، والصحاح للجوهري 4/1368، والمصباح المنير 1/252.
3 في العمرية بلفظ (وقام) .
4 انظر قول الإمام الأوزاعي رحمه الله في الإشراف ص 56.
5 في العمرية بلفظ (ويعطي كراه) بحذف (هو) والإتيان بدلها بالواو.(8/3921)
بمهلكة. 1
قال إسحاق: كما قال أحمد2 لما ذكر عن الشعبي أنه قال ذلك
__________
1 إن ترك إنسان متاعا، فخلصه آخر لم يملكه.
ومن ترك دابة بمهلكة فأخذها إنسان فأطعمها وسقاها وخلصها، ملكها......إلا إن تركها ليرجع إليها، أو ضلت منه. والفرق بين لقطة الحيوان، والمتاع في هذه الحالة:
1 - أن التقاط الحيوان في هذه الحالة هو بحكم إحيائها وإنقاذها من الهلاك، فتملك.
والمتاع لا يخشى عليه التلف كالخشية على الحيوان.
2 - ولأن الحيوان يموت إذا لم يطعم ويسقى، وتأكله السباع. والمتاع يبقى حتى يرجع إليه صاحبه (إن لم يتعرض له أحد) .
3 - وفي التقاط الحيوان محافظة على حرمة الحيوان، وفي القول بأنها لا تملك تضييع لذلك كله من غير مصلحة تحصل، والمتاع لا حرمة له في نفسه.
انظر المغني 5/744 - 745، والكافي 2/362، ومطالب أولي النهي 4/418.
2 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق رحمه الله تعالى فقال: اختلفوا في الرجل يدع دابته بمكان منقطع من الأرض آيساً منها. فأخذها رجل، وقام عليها حتى صلحت ...
قال أحمد وإسحاق في الدابة: هي لمن أحياها، إذا كان تركها صاحبها بمهلكة. الإشراف ص 576.
وانظر قول الإمامين في: معالم السنن للخطابي 5/178، حيث ذكر هذه الرواية عن الإمامين، واحتجاج إسحاق بحديث الشعبي. وشرح السنة للبغوي 8/321.(8/3922)
واحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. 1
[2797-] قلت: سئل عن الرجل يشتري الطعام والعلف يصاب في أرض العدو2 إذا اضطر إليه كيف يصنع بثمنه؟
قال: [إذا كان اشتراه وقد قسمت المقاسم تصدق بثمنه] 3 على المساكين عن ذلك الجيش، وإذا كانت لم تقسم أداه إلى صاحب المقسم.4
__________
1 الحديث المشار إليه أخرجه أبو داود بإسناده، عن أبان: أن عامرا الشعبي حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من وجد دابة قد عجز عنها أهلها أن يعلفوها، فسيبوها، فأخذها فأحياها، فهي له".
قال في حديث أبان قال عبيد الله، فقلت: عمن؟ قال: عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
سنن أبي داود 3/287 - 288 كتاب البيوع باب فيمن أحيا حسيرا برقم: 3524 من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن موسى عن أبان عن عبيد الله ابن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن الشعبي.
قال المنذري في الحديث: إنه مرسل وفيه: عبيد الله بن حميد، وقد سئل عنه يحيى بن معين، فقال: لا أعرفه، يعني: لا أعرف تحقيق أمره، حكاه ابن أبي حاتم. انظر مختصر سنن أبي داود 5/178.
2 في العمرية (يصاب في أرض الروم) .
3 ما بين القوسين ساقط من الظاهرية.
4 انظر قول الإمام الأوزاعي في الرد على سير الأوزاعي ص 47، والأم 8/345، ومعالم السنن 4/35، وشرح السنة 11/123، وشرح النووي على صحيح مسلم 12/102.(8/3923)
قال أحمد: جيد.
قال إسحاق: كما قال سواء.1
[2798-] قلت: سئل عن القوم يخرجون عن العسكر2 بإذن، أو بغير إذن يتعلفون3 فيصيبون غنيمة، أو يصيبها بعضهم دون بعض، [أيكون هؤلاء] 4 شركاء فيما أصابوا من النفل؟
قال: من أصاب شيئا5 دون صاحبه أعطى نفله منه6.
__________
1 سبق تحقيق مثل هذه المسألة برقم: (2748) .
2 في العمرية بلفظ (من العسكر) .
3 يقال علفت في الوادي من باب تعب: سرحت، ومعنى يتعلفون يسرحون. المصباح المنير 1/425.
4 في الظاهرية بلفظ (أيكونون شركاء) .
5 في العمرية بلفظ (وإن أصاب من النفل شيئا) .
6 قال الأوزاعي رحمه الله: إذا خرجا بغير إذن الإمام، فإن شاء عاقبهما وحرمهما، وإن شاء عفا عنهما، وخمس ما أصابا ثم قسمه بينهما. وقد كان هرب نفر من أهل المدينة كانوا أسارى في أرض الحرب بطائفة من أموالهم، فنفلهم عمر بن عبد العزيز ما خرجوا بعد الخمس.
الرد على سير الأوزاعي ص 77، وراجع: المغني 8/447.(8/3924)
قال أحمد: السرايا [ترد على العسكر والعسكر يرد على السرايا] 1.
قال إسحاق: كما قال الأوزاعي: السرايا إنما ترد على العسكر إذا بعث الإمام طليعة، ثم غنم الإمام، أو غنمت الطليعة يرد
__________
1 قال الخرقي: ويشارك الجيش سراياه فيما غنمت، ويشاركونه فيما غنم، مختصر الخرقي ص 203.
علق ابن قدامة على الجملة السابقة بقوله: وجملته: أن الجيش إذا فصل غازيا، فخرجت منه سرية أو أكثر، فأيهما غنم شاركه الآخر، في قول عامة أهل العلم. منهم مالك، والثوري، والأوزاعي، والليث وحماد، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
المغني 8/442، وراجع: المبدع 3/342.
أما إن دخل قوم لا منعة لهم دار الحرب بغير إذن الإمام، فغنموا غنيمة، ففيه ثلاث روايات:
[1-] أن من دخل دار الحرب بغير إذن الإمام فغنم، فغنيمته فيء. قال في الإنصاف والمبدع: هذا المذهب. وسواء كانوا قليلين أو كثيرين حتى ولو كان واحداً، لأنهم عصاة بفعلهم، وافتياتهم على الإمام لطلب الغنيمة، فناسب حرمانهم.
[2-] وعن الإمام أحمد رحمه الله: أنها لهم بعد الخمس. واختارها القاضي وأصحابه.
3 - وعنه: هي لهم من غير تخميس. لأنه اكتساب مباح من غير جهاد أشبه الاحتطاب.
انظر الإنصاف 4/125، والمبدع 3/350، والمغني 8/388.(8/3925)
بعضهم على بعض1.
[2799-] قلت سئل عن كلب الصيد يباع في أرض العدو؟
قال: لا يجعل في2 فيء المسلمين ثمن الكلب.3
قلت: الباز؟ 4
قال: يباع.
قال أحمد: أحسن رحمه الله [تعالى] ، الباز لا بأس ببيعه، وهو مثل الحمار يكره لحمه ولا بأس بثمنه. 5
__________
1 انظر المغني 8/442.
2 في العمرية سقط حرف (في) .
3 قال الخطابي: "اختلف الناس في جواز بيع الكلب، فروى عن أبي هريرة أنه قال: "هو من السحت"، وروى مثله عن الحسن، والحكم، والحماد. وإليه ذهب الأوزاعي، والشافعي، وأحمد ابن حنبل.
وقال: أصحاب الرأي: "بيع الكلب جائز".
قال قوم: ما أبيح اقتناؤه من الكلاب فبيعه جائز، وما حرم اقتناؤه منها فبيعه محرم. يحكى ذلك عن عطاء، والنخعي." معالم السنن 5/127.
وراجع: شرح مسلم 10/232 – 233، وعمدة القارئ 11/203، والمجموع 9/228، وفقه الأوزاعي 2/189، وشرح السنة 8/24.
4 الباز والبازي: ضرب من الصقور. القاموس المحيط 4/303.
5 نقل ابن هانئ نحو هذه الرواية عن الإمام احمد فقال: قال أبو عبد الله: ليس للكلاب عندي قيمة.
وسئل عن الباز يباع في المقسم: هل يجوز بيعه وفي أهل الثغر من يكرهه؟
قال أبو عبد الله: إذا كان متعلما ألقي ثمنه في المقسم، وإن كان غير متعلم فلا أدري. مسائل ابن هانئ 2/116 برقم1671 - 1672.
قال المرداوي: يدخل في الغنيمة جوارح الصيد كالفهود والبزاة، نقل صالح: لا بأس بثمن البازي. الإنصاف 4/155.
وقال ابن قدامة: وإن أخذوا من الكفار جوارح للصيد: كالفهود والبزاة، فهي غنيمة تقسم، وإن كانت كلابا، لم يجز بيعها، وإن لم يردها أحد من الغانمين، جاز إرسالها أو إعطاؤها غير الغانمين. وإن رغب فيها بعض الغانمين دون بعض دفعت إليه، ولم تحسب عليه، لأنها لا قيمة لها. المغني 8/441.
وراجع: الفروع 6/236، ومطالب أولي النهي 2/560.
وسبق الكلام من بيع الباز والحمار في قسم المعاملات في المسألة رقم: (2216) .(8/3926)
[قال إسحاق: كل ذلك جائز1 لأن كلب
__________
1 نقل الإمام الترمذي قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال بعد أن أورد حديث رافع الذي فيه "وثمن الكلب خبيث"، قال: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، كرهوا ثمن الكلب: وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وقد رخص بعض أهل العلم في ثمن كلب الصيد.
سنن الترمذي 3/565، وراجع: شرح السنة للبغوي 8/24.
وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن".
الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه برقم: 2237، فتح الباري 4/426 كتاب البيوع، باب ثمن الكلب.
والإمام مسلم في صحيحه 3/1198، كتاب المساقة، باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن، ومهر البغي والنهي عن بيع النسور برقم: 1567، كلاهما من طريق مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي مسعود الأنصاري.(8/3927)
الصيد1 [ع-41/ب] .......] 2.
[2800-] قلت: سئل الإمام يستأجر القوم على سباق الرمك3 إلى مكان بالشام بدنانير معلومة، هل ترى للرجل يؤاجر نفسه فيها على فرس حبيس في جمعها، وحفظها، وسباقها يغدو على ذلك الفرس؟
قال: إن كانت لم تقسم فلا أعلم بذلك بأساً، وإن كانت خمست أو قسمت، استأجر على سباق الخمس، فلا أعلم بذلك بأساً.
__________
1 من هنا إلى نهاية كتاب الجهاد سقط من النسخة العمرية.
2 ما بين القوسين ساقط من النسخة الظاهرية.
3 الرمكة بالتحريك: الفرس، والبرذونة التي تتخذ للنسل، معرب، والجمع رمك، وأرماك جمع الجمع.
قال الجوهري: الرمكة: الأنثى من البراذين، والجمع رماك، ورمكات، وأرماك.
انظر: لسان العرب 10/434، والصحاح للجوهري 4/1588، والقاموس المحيط 3/304، وحياة الحيوان للدميري 1/370.(8/3928)
فإن كانت قد خمست، فأكره الأجر على شيء منها على فرس حبيس. 1
قال أحمد: أكره هذا كلّه على فرس حبيس.
وأما أن يؤاجر نفسه على دابته، فأرجو ألا يكون به بأس2.
قال إسحاق: كما قال الأوزاعي: هذا في أمر المسلمين عامة، والحبيس للمسلمين عامة.
[2801-] قلت: سئل عن السرية تخرج، وقد نفلت فأخطأ رجل منهم الطريق، أو أزحفت دابته قبل أن يصيبوا شيئاً، أو بعد ما
__________
1 انظر قول الأوزاعي رحمه الله في كتاب الجامع للخلال ص 60، وخلاصة كلام الأوزاعي رحمه الله: أنه يجوز للرجل أن يؤاجر نفسه على فرس حبيس في سباق الخيل في حالتين:
الأولى: أن تكون الخيل التي يسابق عليها لم تقسم ولم تخمس.
الثانية: أن تكون قسمت، ويكون السباق على خيل الخمس، لأنها في الحالتين لا تزال من المصالح العامة.
2 من أول المسألة إلى موضع هذه الرقم نقله الخلال في كتابه الجامع لمسائل الإمام أحمد ص60.
ونقل ابن قدامة عن الإمام أحمد قوله: لا يركب دواب السبيل في حاجة، ويركبها ويستعملها في سبيل الله، ولا يركب في الأمصار والقرى، ولا بأس أن يركبها ويعلفها، وأكره سباق الرمك على الفرس الحبيس. المغني 8/372(8/3929)
أصابوا، فانصرف الرجل إلى العسكر الأعظم، وغنمت السرية التي كان معها بعد فراقه إياهم غنيمة أيضاً، أيشاركهم فيما أصابوا قبل فراقه إياهم أو بعد.
قال: ما أصابوا قبل أن يصل إلى العسكر الأعظم فهو شريكهم فيه، وليس له فيما أصابوا بعد وصوله إلى العسكر شيء من غنائمهم.1
__________
1 للإمام الأوزاعي رحمه الله في المقاتلة الذين يسهم لهم من الغنيمة روايتان:
إحداهما: يعطى من الغنيمة من شهد الوقعة، ولا يسهم لمن غاب عن القتال لغير الحاجة للإمام وحضر بعض الوقعة.
وكذلك المدد لا يشارك الجيش فيما غنمه، وأخرجه إلى دار الإسلام قبل وصول المدد، إذا لم يلقوا عدوا.
واستدل لهذه الرواية بما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "الغنيمة لمن شهد الوقعة".
وسبق تخريج الأثر في المسألة رقم (2794) .
الرواية الثانية: يسهم لكل من خرج قاصداً القتال، وإن لم يشهد الوقعة، كأن بعثه الإمام في حاجة، أو غير ذلك.
انظر: معالم السنن 4/47، عمدة القارئ 15/55، وشرح السنة 11/100، وفقه الأوزاعي 2/439 - 440، ونيل الأمطار 8/120، واختلاف الفقهاء للطبري ص 68، والأم 8/353، وأحكام القرآن للجصاص 3/55 - 95.(8/3930)
قال أحمد: ليس لهذا الرجل شيء إلا ما شهد معهم.1
قال إسحاق: كما قال الأوزاعي.
[2802-] قلت: سئل عن الإمام يتكارى الرجل على سباق الرمك فيضيع من ذلك، أيضمنه وقد سمى له على ذلك أجراً [ظ-88/ب] ؟
قال: إن كان مغلوباً فلا ضمان عليه.
قال أحمد: مغلوب، وغير مغلوب فلا ضمان عليه.
__________
1 قد جاء عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل أن هذه الرواية ليست على إطلاقها.
قال ابن قدامة: سئل الإمام أحمد عن قوم خلفهم الأمير في بلاد العدو، وغزا، وغنم ولم يمر بهم فرجعوا، هل يسهم لهم؟
قال: نعم يسهم لهم، لأن الأمير خلفهم.
قيل له فإن نادى الأمير: من كان ضعيفا فليتخلف، فتخلف قوم فصاروا إلى لؤلؤة، وفيها المسلمون، فأقاموا حتى فصلوا، فقال: إذا كان قد التجؤوا إلى مأمن لهم لم يسهم لهم، ولو تخلفوا، وأقاموا في موضع خوف أسهم لهم.
وقال في قوم خلفهم الأمير وأغار في جلد الخيل، فقال: إن أقاموا في بلد العدو حتى رجع أسهم لهم، وإن رجعوا إلى مأمنهم فلا شيء لهم.
انظر: المغني 8/421، وراجع: الكافي 4/306، والإنصاف 4/164.
ويترجح لدي الإسهام له من الغنيمة، لأن ما وقع له أمر خارج عن إرادته، وقد تفرغ للجهاد واستعد له، وفي فراقه الجيش مخاطرة أعظم من بقائه معهم، فيعطى كما تعطى السرية، إلى أن يصل إلى العسكر الأعظم، فيشاركهم فيما يغنمونه بعد وصوله.(8/3931)
قال إسحاق: كما قال الأوزاعي.1
[2803-] قلت: سئل عن رجل بارز علجاً ومقود فرس العلج بيده، فقتله الرجل، هل ينفل فرسه؟
قال: لا.
قلت: فإن كان العلج على فرسه هل ينفله؟
قال: نعم.2
__________
1 الأجير على ضربين:
خاص ومشترك.
فالخاص: هو الذي يؤجر نفسه مدة، فلا ضمان عليه فيما يتلف في يده بغير تفريط، مثل أن يأمره بالسقي فيكسر الجرة. أو يكيل شيئاً فيكسر الكيل، أو بالرعي فتهلك الماشية بغير تفريط.
والمشترك: الذي يؤجر نفسه على عمل، فظاهر كلام الخرقي أنه يضمن ما تلف بعمله، ونص عليه أحمد رضي الله عنه في حائك دفع إليه غزل، فأفسد حياكته يضمن. الكافي 2/328.
وراجع: الإنصاف 6/74، والشرح الكبير 6/118.
2 نقل البغوي قول الأوزاعي في السلب فقال:
قال الأوزاعي: له فرسه الذي قاتل عليه، وسلاحه، وسرجه، ومنطقته، وخاتمه، وما كان في سرجه وسلاحه من حلية، ولا يكون له الهميان ولا الدراهم، والدنانير التي لا يتزين بها للحرب، بل هي غنيمة.
انظر: شرح السنة للبغوي 11/108، معالم السنن للخطابي 4/43، والمغني 8/394 - 395، وفقه الإمام الأوزاعي 2/446.(8/3932)
قال أحمد: جيد.1
__________
1 ونقل ابن هانئ أنه سئل - أي الإمام أحمد - عن رجل بارز علجا بيده - فرسه - فقتله، هل ينفل فرسه؟
قال: لا ينفل، قيل له: فإن كان العلج على فرسه، هل ينفله؟
قال أبو عبد الله: نعم ينفله.
انظر: مسائل ابن هانئ 2/105 برقم: 1623
وقال ابن قدامة: الدابة، وما عليها من سرجها، ولجامها وتجفيفها، وحلية إن كانت عليها، وجميع آلتها: من السلب، لأنه تابع لها، ويستعان به في الحرب، وإنما يكون من السلب إذا كان راكبا عليها، وإن كانت في منزله، أو مع غيره أو منفلتة لم يكن من السلب، كالسلاح الذي ليس معه، وإن كان راكباً عليها فصرعه عنها، أو أشعره عليها ثم قتله بعد نزوله عنها فهي من السلب، وهكذا قول الأوزاعي. المغني 8/395.
أما إذا كان ممسكا بعنانها، غير راكب عليها فعن الإمام أحمد فيها روايتان:
إحداهما: من السلب....، لأنه متمكن من القتال عليها، فأشبهت سيفه أو رمحه في يده.
والثانية: ليست من السلب، وهو ظاهر كلام الخرقي، واختيار الخلال لأنه ليس براكب عليها، فأشبه ما لو كانت مع غلامه.
انظر: المغني 8/395 - 396، والإنصاف 4/151، والمبدع 3/349.
وأما إن كان على فرس، وفي يده جنيبة، لم تكن الجنيبة من السلب، لأنه لا يمكنه ركوبهما معاً. المغني 8/396(8/3933)
قال إسحاق: كما قال.
[2804-] قلت: سئل عن الرجل يدرك العلج فيقول له: قم وألق سلاحك فيفعل؟
قال: يرفع عنه القتل، ويلقى في المقسم.1
قال أحمد: ما أحسن ما قال، كأنه قد أمنه بهذا القول2.
__________
1 نقل ابن المنذر نص هذه الرواية فقال:
وقيل لأحمد بن حنبل: - سئل - الثوري عن الرجل يدرك العلج فيقول له قم ألق سلاحك فيفعل.
قال: يرفع عنه القتل، ويلقى في المغنم.
قال أحمد: ما أحسن ما قال، كأنه أمنه بهذا القول.
قال إسحاق: كما قال.
قال أحمد: كل شيء يرى العلج أنه أمان فهو أمان.
وقال الأوزاعي: إذا قال: قف أو قم، وألق سلاحك، دعي هذا بلسانه أو بالعربية، فلا قتل عليه. الأوسط 3/ 3.
2 نقل أبو داود مثل هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى فقال: قلت لأحمد: الرجل يحمل على العلج فيصيح به بالرومية: قف وألق سلاحك؟ قال: هذا أمان.
مسائل أبي داود ص 249.
وقال المرداوي بعد أن أورد عبارة المقنع: "ومن قال لكافر: قف، وألق سلاحك، فقد أمنه". المقنع 1/517
قال وكذا قوله: قم. وهذا المذهب. وعليه الأصحاب.
الإنصاف 4/205، وانظر المحرر 2/180، والفروع 6/248، والمبدع 3/391.
وممن روي عنه أن هذه الألفاظ وما شابهها من ألفاظ الأمان: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأبو موسى الأشعري، وأنس، والزبير بن العوام.
انظر مصنف ابن أبي شيبة 12/455 وما بعدها. وصحيح البخاري 6/274 مع الفتح.(8/3934)
قال إسحاق: كما قال.1
[2805-] قلت: يفادى2 رأس برؤوس؟
قال: إي لعمري، أليس النبي صلى الله عليه وسلم فادى3 ولكن ما يفادى
__________
1 انظر الأوسط 3/ 3.
2 الفِداء بالكسر والمدّ: فكان الأسير، وفاداه يفاديه مفاداة: إذا أعطي فداءه وأنقذه.
النهاية لابن الأثير 3/421
3 نقل ابن هانئ مثل هذه الرواية عن الإمام احمد رحمه الله فقال:
قيل لأبي عبد الله: هل يفادى رأس برؤوس؟
قال نعم، قد فادى رسول الله صلى الله عليه وسلم. مسائل ابن هانئ 2/104 برقم 1617، وراجع المبدع 3/325، وكشاف القناع 3/53.
عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين".
الحديث أخرجه الترمذي في السنن 4/135، كتاب السير، باب ما جاء في قتل الأسارى والفداء، عن عمران، وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه في قصة طويلة سبق وأن خرج الحديث في أول كتاب الجهاد مسألة رقم (2754) .
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.....والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم: أن للإمام أن يمن على من شاء من الأسارى، ويقتل من شاء منهم، ويفدي من شاء. واختار بعد أهل العلم القتل على الفداء. سنن الترمذي 4/136.(8/3935)
بالأموال لا أعرفه. 1
قال إسحاق: الفداء بالرؤوس أحبّ إلينا، ولو رأس واحد برؤوس، ولكن إن أبوا إلا أن يفادوا بالذهب والفضة، فلا يحل لإمام المسلمين إلا أن يفاديهم، ولو بمال عظيم من بيت مال المسلمين.2
ألا ترى إلى ما أوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن فقال في وصيته: واعلموا "أن كل أسير من المسلمين في أيدي المشركين
__________
1 عن الإمام أحمد رحمه الله روايتان في الفداء بالمال: إحداهما: يجوز الفداء بمال على صحيح من المذهب. والثانية: أنه لا يجوز. الإنصاف 4/130.
وراجع: المقنع 2/488 - 489، والمغني 8/445.
وقد تقدم نحو هذه المسألة برقم (2781) .
2 نقل ابن قدامة قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال:
ويجب فداء أسرى المسلمين إذا أمكن، وبهذا قال عمر بن عبد العزيز ومالك وإسحاق. المغني 8/445.
ونقل قول الإمام إسحاق: ابن حجر في فتح الباري 6/167، والعيني في عمدة القارئ 14/294.(8/3936)
فكاكه من بيت مال المسلمين".1
وكذلك فادى عمر بن العزيز رجلا من أهل الحرب بمائة ألف.
وكذلك قال عمر بن عبد العزيز لعامله حين وجّهه في شراء الأسارى لا تدعن أسيرا من المسلمين في أيدي أهل الشرك، ولو بلغ مالا عظيماً، حتى قال في بعض الحديث: ولو أتيت على ما في بيت المال لأنك إنما تشتري الإسلام.
ثم أعطى عمر الذي وجهه ثلاثين دينارا، وقال: هذه من خاصة مالي اشتر به أسيرا.2
__________
1 عن ابن عباس قال: قال عمر: "كل أسير كان في أيدي المشركين من المسلمين ففكاكه من بيت مال المسلمين".
رواه ابن أبي شيبة في المصنف 12/420، كتاب الجهاد، في فكاك الأسارى على من هو، برقم 15109، والمتقي الهندي في كنز العمال 4/349 من طريق ابن أبي شيبة. وراجع: موسوعة فقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ص 76.
2 عن عبد الرحمن بن أبي عمرة قال: "لما بعثه عمر بن عبد العزيز بفداء أسارى المسلمين من القسطنطينية قلت له: أرأيت يا أمير المؤمنين إن أبوا أن يفادوا الرجل بالرجل كيف أصنع؟ قال عمر: زدهم قلت: إن أبوا أن يعطوا الرجل بالاثنين؟ قال: فأعطهم ثلاثا، قلت: فإن أبوا إلا أربعا؟ قال: فأعطهم لكل مسلم ما سألوك، فو الله لرجل من المسلمين أحب إلي من كل مشرك عندي، إنك ما فديت به مسلما فقد ظفرت، إنك إنما تشتري الإسلام".
أخرجه سعيد منصور في سننه 2/341، كتاب الجهاد، باب ما جاء في الفداء، من طريق ابن عَيّاش عن عبد الرحمن بن أنعم عن المغيرة بن سلمة عن عبد الرحمن.
وأخرجه أبو عبيد في الأموال ص 196 برقم 339، من طريق صالح بن حبير.(8/3937)
وفيما قال عمر بن الخطاب: لأن أستنقذ رجلا من المسلمين من أيدي المشركين أحب إليّ من جزيرة العرب، يعني الخراج وفيئهم.1
[2806-] قلت: قال سفيان: رجل جاوز الدروب، (ثم مات فرسه أيسهم له) ؟ 2
قال أحمد لا يعجبني هذا، الغنيمة لمن شهد الوقعة.3
قال إسحاق: كلما لم يكن قاتل عليه فلا سهم له.
__________
1 انظر: كتاب الخراج لأبي يوسف ص 233، وموسوعة فقه عمر بن الحطاب ص 76.
2 كذا في نسخة (ظ) ولعل الصواب (ثم مات فرسه؟ يسهم له) .
3 سبق تحقيق مثل هذه المسألة برقم: (2793) .
وانظر قول الإمام إسحاق: المغني 8/404.
ونقل العيني في عمدة القارئ خلاف ما في هذه المسألة عن الإمام أحمد وإسحاق فقال: واختلف في فرس يموت قبل حضور القتال، فقال الشافعي، وأحمد وإسحاق: يسهم، وأبو ثور: لا يسهم لها. عمدة القارئ 14/156.(8/3938)
[2807-] قلت: لإسحاق: نادوا في الخيل والرجالة بطرسوس1 فخرجوا إلى الروم فلما تراءى العسكران جميعا بموضع نادوا في الخيل فخرجت سرية2 ثم نادوا الغد خروج السرية في الرجالة اخرجوا واستقبلوا إخوانكم، وأنتم شركاء فيما تجيئون به من الغنائم. فخرجوا ثلاث مائة رجل فاستقبلوا السرية راجعين بالغنائم وجاءهم العدو، فلما رأوا الرجالة أوقفوا فقالت الرجالة على العدو فانهزم العدو، فهل للرجالة نصيب في نفل هؤلاء السرية أصحاب الخيل أم لا؟
__________
1 طرسوس: مدينة تقع الآن في تركيا، كانت من عواصم الروم، فتحها المأمون وفيها دفن عام 218.
انظر مروج الذهب 4/45، والمنجد في الأدب والعلوم ص 319.
2 ومعناه: أن يخرج الجيش فينيخوا بقرب دار العدو، ثم ينفصل منهم سرية فيغنموا، فإنهم يريدون ما غنموه على الذين هم ردء لهم لا ينفردون به.
فأما إذا كان خروج السرية من البلد، فإنهم لا يردون على المقيمين في أوطانهم شيئاً.
معالم السنن 4/59
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: إن جيش المسلمين إذا تسرت منه سرية، فغنمت مالاً، فإن الجيش يشاركها فيما غنمت، لأنها بظهره وقوته تمكنت، لكن تنفل عنه نفلا ...
وكذلك لو غنم الجيش غنيمة شاركته السرية، لأنها في مصلحة الجيش، فأعوان الطائفة الممتنعة وأنصارها منها، فيما لهم وعليهم. مجموع الفتاوى 28/312.
وتقدم نحو هذه المسألة برقم (2798) .(8/3939)
قال إسحاق: شديدا لما قووا. 1
[2808-] قلت لإسحاق: سرية خيل ورجالة دخلت،2 فلما جاوزوا الدروب باع فارس فرسه من راجل. كم يأخذ الفارس من السهم، وكم يأحذ الراجل من السهم؟
قال إسحاق: كلما اشتري فرس من صاحبه قبل أن يغنم القوم فأصابوا الغنيمة، لم يكن لصاحب الفرس الذي باع من سهم الفرس شيء، سهم الفرس كله لمن اشترى الفرس، هكذا قال الأوزاعي.3
وإنما أخطأ هؤلاء فقالوا: إذا جاوز الدروب فباع فرسه فإن سهم الفرس له، وهو جهل بين.4
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 8/442.
2 أي دخلت دار الحرب.
3 قال ابن قدامة: قال أحمد: أنا أرى: أن كل من شهد الوقعة على أي حالة كان يعطى إن كان فارسا ففارس، وإن راجلا فراجل، لأن عمر قال: "الغنيمة لمن شهد الوقعة" وبهذا قال الأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، ونحوه قال: ابن عمر. المغني 8/404.
4 أشار بهذه العبارة إلى الأحناف الذين يقولون إنه يسهم لبائع الفرس.
قال الكاساني: واختلف في حال المقاتل من كونه فارساً، أو راجلاً، في أي وقت يعتبر؟ وقت دخوله دار الحرب؟ أم وقت شهود الوقعة؟ فعندنا: يعتبر وقت دخول دار الحرب إذا دخلها على قصد القتال.
وعند الشافعي رحمه الله: يعتبر وقت شهود الوقعة.
حتى إن الغازي إذا دخل دار الحرب فارساً، فمات فرسه، أو نفر أو أخذه العدو فله سهم الفرسان عندنا.....
وإذا دخل راجلاً ثم اشترى فرساً، أو استأجره، أو استعار، أو وهب له، فله سهم الرجال عندنا، لاعتبار وقت الدخول. وعند الشافعي: له سهم الفرسان، لاعتبار وقت الشهود.
وقال الحسن رحمه الله في هذه الصورة: إذا قاتل فارساً فله سهم فارس.
[] بدائع الصنائع 7/126-127.
وقال في الهداية: ولو دخل فارساً، ثم باع فرسه، أو وهب، أو أجر، أو رهن، ففي رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله يستحق سهم الفرسان اعتباراً للمجاوزة.
وفي ظاهر الرواية يستحق سهم الرجالة لأن الإقدام على هذه التصرفات يدل على أنه لم يكن من قصده بالمجاوزة القتال فارساً. الهداية 2/147.(8/3940)
كتاب الذبائح
[2809-] [قال] : قلت: لأحمد [رضي الله عنه] : العقيقة 1 عن الغلام والجارية؟
قال: عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة. 2
__________
1 قال ابن الأثير: العقيقة الذبيحة التي تذبح عن المولود. أصل العق: الشق، والقطع. وقيل للذبيحة عقيقة، لأنها يشق حلقها.
النهاية لابن الأثير 3/276، والمصباح المنير 2/422.
وقال ابن منظور: العقيقة: الشعر الذي يولد به الطفل لأنه يشق الجلد.
وجعل الزمخشري الشعر أصلاً، والشاة المذبوحة مشتقة منه.
انظر لسان العرب 10/257، والفائق في غريب الحديث للزمحشري 3/11، وعون المعبود 8/34.
ومثل قول الزمخشري، نقله أبو عبيد عن الأصمعي.
وأنكر الإمام أحمد تفسير أبي عبيد للعقيقة، وقال: إنما العقيقة الذبح نفسه.
وصحح ابن عبد البر قول الإمام أحمد، واستشهد له من اللغة.
انظر: تحفة المودود ص 38 - 39، الذبائح في الشريعة الإسلامية ص 281، ومسائل أبي داود ص 256، والمغني 8/644، وغريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام 2/284.
قال ابن القيم: وقال الجوهري: عق عن ولده يعق عقاً، إذا ذبح يوم أسبوعه، كذلك إذا حلق، عقيقة، فجعل العقيقة لأمرين. وهذا أولى. والله أعلم.
تحفة المودود ص 39، وراجع: الصحاح للجوهري 4/1528 مادة "عقق".
2 في العمرية سقط لفظ "شاة".
ونقل مثل هذه الرواية عن الإمام أحمد: عبد الله في مسائله ص 267 - 268 برقم 991، وصالح في مسائله ص 90، وابن هانئ 2/130 برقم 1736 وأبو داود ص 256
قال الخرقي: والعقيقة سنّة، عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة تذبح يوم السابع. مختصر الخرقي ص 214.
قال المرداوي: وهذا بلا نزاع، مع الوجدان، ويستحب أن تكون الشاتان متقاربتين في السن، والشبه، نص عليه. الإنصاف 4/110
وقال ابن مفلح: والعقيقة سنة مؤكدة على الأب، غنياً كان الوالد، أو لا. وعنه: واجبة. اختاره أبو بكر، وأبو إسحاق البرمكي، وأبو الوفاء، عن الغلام شاتان متقاربتان في السن والشبه، نص عليه.
الفروع 3/556، وراجع: المقنع 1/482، وغاية المنتهى 1/437.(8/3943)
قال إسحاق رضي الله عنه: كما قال. 1
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق في المغني 8/645، وتحفه المودود ص 44.
واستدل القائلون: بأن العقيقة عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة واحدة بما جاء عن يوسف بن ماهك: أنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن فسألوها عن العقيقة، فأخبرتهم أن عائشة أخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم: "عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة".
الحديث رواه الترمذي في سننه 4/96 – 97، كتاب الأضاحي، باب ما جاء في العقيقة، حديث رقم 1513 واللفظ له. وقال: حديث عائشة حديث حسن صحيح، وحفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.
والإمام أحمد في مسنده 6/31 – 158، مسند عائشة رضي الله عنها.
وابن ماجة في سننه 2/1056، في كتاب الذبائح، باب العقيقة حديث رقم 3163.
قال الألباني: إسناده صحيح على شرط مسلم، وعدد طرق الحديث، وذكر درجة كل طريق من الصحة. إرواء الغليل 4/390(8/3944)
[2810-] قلت: حلق الرأس واللطخ بالدم؟
قال: هذا مكروه، 1 لم يرو إلا في حديث
__________
1 قال ابن قدامة: يكره أن يلطخ رأسه بدم، كره ذلك أحمد، والزهري، ومالك، والشافعي، وابن المنذر. وحكي عن الحسن، وقتادة: أنه مستحب. المغني 8/647
قال عبد الله ابن الإمام أحمد: سألت أبي عن العقيقة تذبح، ويدمى رأس الصبي والجارية؟ قال أبي: لا تدمى. مسائل عبد الله ص 267 برقم 991.
جاء في رواية مهنّا: أنه ذكر للإمام أحمد حديث يزيد المزني عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يعق عن الغلام، ولا يمس رأسه بدم". فقال - الإمام أحمد -: ما أظرفه. المبدع 3/302.
ولأنه يتنجس، فلا يستحب لطخه كغيره من النجاسات.
انظر: المبدع 3/302، ومطالب أولي النهى 2/490.
حديث يزيد المزني رواه ابن ماجة في سننه 2/1057، كتاب الذبائح، باب العقيقة برقم 3166، قال محمد فؤاد عبد الباقي نقلاً عن الزوائد: إسناده حسن، لأن يعقوب بن حميد مختلف فيه، وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين.
قال: وليس ليزيد هذا عند ابن ماجة سوى هذا الحديث، وليس له شيء في بقية الكتب. سنن ابن ماجة 2/1057
قال المرداوي: "يكره لطخ رأس المولود بدم العقيقة على الصحيح من المذهب" ونقل حنبل: هو سنة. الإنصاف 4/112.(8/3945)
سمرة. 1
__________
1 هو سمرة بنت جندب بن هلال بن جريح بن مرة بن حزم الفزاري حليف الأنصار، صحابي مشهور، ومن القادة الشجعان. سكن البصرة، وكان زياد يستخلفه عليها، فلما مات زياد أقره معاوية عاماً أو نحوه، ثم عزله، وكان شديداً على الحرورية.
وكان الحسن البصري، وابن سيرين، وفضلاء أهل البصرة يثنون عليه. مات بالبصرة سنة ثمان وخمسين، حيث سقط في قدرٍ مملوءةٍ ماءً حاراً.
انظر: أسد الغابة 2/354، والإصابة 2/86، وتهذيب التهذيب 4/236، وتقريب التهذيب ص 137، والمعارف ص 305.
والحديث رواه أبو داود بإسناده، عن سمرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع، ويحلق رأسه ويدمى".
فكان قتادة إذا سئل عن الدم كيف يصنع به؟ قال: إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة، واستقبلت به أوداجها، ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل الخيط، ثم يغسل رأسه بعد ويحلق.
رواه أبو داود في سننه 3/106، كتاب الأضاحي، باب في العقيقة برقم 2837 واللفظ له من طريق همام عن قتادة، عن الحسن عن سمرة.
والإمام أحمد في مسنده 5/7 - 8 مسند سمرة بن جندب. ولم يأخذ الإمام أحمد بتدمية رأس المولود يوم العقيقة، لأنه خطأ رواية همام السابقة، ورجح الرواية التي فيها "يحلق رأسه، ويسمى".
وهي الرواية التي ينشرح لها الصدر، لاتفاق أكثر الحفّاظ عليها، ولا سيّما أنّ لها متابعاتٍ، وشواهدَ.
انظر: المبدع 3/302، وإرواء الغليل 4/387، والمجموع 8/448.
وقال أبو داود السجستاني بعد ذكر الحديث: خولف همام في هذا الكلام, وهو وهم من همام، وإنما قالوا: "يسمى" فقال همام: "يدمى"، وليس يؤخذ بهذا. سنن أبي داود 3/106.
وعقب ابن القيم على كلام أبي داود السابق: بأن هماماً لم يهم في هذه اللفظة، فإنه رواها عن قتادة، وهذا مذهبه، فهو - والله أعلم - بريء من عهدتها.
تهذيب سنن أبي داود لابن القيم، المطبوع مع مختصر سنن أبي داود 4/127.
وقد رد الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير تغليط أبي داود لهما. انظر التلخيص الحبير 4/161.(8/3946)
قال إسحاق: أما حلق الرأس فسنة، وأما الدم: فالزعفران 1
__________
1 لما روى عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدة يقول: "كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة، ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران".
الحديث أخرجه أبو داود في سننه 3/107، كتاب الأضاحي، باب في العقيقة، حديث رقم 2843، والبيهقي في [] سننه 9/302-303، كتاب الضحايا، باب لا يمسّ الصبي بشيء من دمها. والحاكم في المستدرك 4/238، كتاب الذبائح.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين, ولم يخرجاه. مستدرك الحاكم 4/238.
قال الألباني: وافقه الذهبي. وعقب على الحاكم بقوله: إنما هو على شرط مسلم وحده؛ فإنّ الحسين بن واقد لم يخرّج له البخاري إلاّ تعليقاً. وذكر للحديث شاهداً. انظر: إرواءَ الغليل 4/389.(8/3947)
بدله في الإسلام. 1
[2811-] قلت: متى تذبح العقيقة؟
قال: يوم السابع. 2
قال إسحاق: كما قال: فإن لم يتهيأ فإلى 3 أربع عشرة، فإن لم
__________
1 في العمرية بلفظ "فهو عدوان بدلها الإسلام"، ونقل قول الإمام إسحاق رحمه الله: الخطابي في معالم السنن 4/126، والنووي في المجموع 8/448.
2 نقل أبو داود مثل هذه الرواية فقال: سمعت أحمد قال: العقيقة تذبح يوم السابع. قيل له أيطبخ؟ قال: نعم. قيل: إنه يشتدّ عليهم طبخُه؟ قال: يتحمّلون ذلك.
مسائل أبي داود السجستاني ص 256، وانظر: تحفة المودود، ص 48.
ونقل صالح عن أبيه أنه كان يستحب لمن عقّ عن ولده، أن يذبح عنه يوم السابع، فإن لم يفعل ففي أربع عشر، فإن لم يفعل ففي إحدى وعشرين.
والعقيقة لا يكسر لها عظم، وتفصل جدولا فيؤكل منها ويطعم، وإنّي لأرجو إن استقرض أن يعجل الله له الخلف، لأنه أحيا سنّةً من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، واتّبع ما جاء عنه. مسائل صالح ص 90.
قال ابن قدامة: ويستحب ذبحها يوم السابع. الكافي 1/476.
وقال في المغني: قال أصحابنا: السنة أن تذبح يوم السابع, فإن فات ففي أربع عشرة، فإن فات ففي إحدى وعشرين.
انظر: المغني 8/646، وراجع: الإنصاف 4/110، وتحفة الودود ص 48، وكشاف القناع 3/25، وحاشية روض المربع 4/245.
3 في العمرية بلفظ "فإن لم يتهيأ فله إلى أربع عشرة".(8/3948)
يتهيأ, فإلى إحدى وعشرين، 1 كل سنة. 2
[2812-] قلت: يذبح الجنب أو يُصْلِي؟ 3
__________
1 نقل النووي قول الإمام إسحاق فقال: مذهبنا أن العقيقة لا تفوت بتأخيرها عن اليوم السابع وبه قال جمهور العلماء منهم عائشة, وعطاء، وإسحاق. وقال مالك: تفوت. انظر: المجموع 8/448، وراجع المغني 8/646.
2 ودليل السّنّيّة: ما روى عطاء عن أم كرز وأبي كرز قالا: نذرت امرأة من آل عبد الرحمن بن أبي بكر، إن ولدت امرأة عبد الرحمن نحرنا جزوراً. فقالت عائشة رضي الله عنها: "لا بل السنة أفضل: عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة تقطع جدولاً، ولا يكسر لها العظم، فيأكل، ويطعم، ويتصدق، وليكن ذاك يوم السابع، فإن لم يكن ففي أربعة عشر، فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين".
[] أخرجه الحاكم في مستدركه 4/238-239، كتاب الذبائح من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أم كرز. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
انظر: مستدرك الحاكم 4/239، وبهامشه تلخيص المستدرك للذهبي 4/239.
قال الألباني: ظاهر الإسناد الصحة، ولكن له عندي علتان:
1 - الانقطاع بين عطاء وأم كرز.
2 - الشذوذ، والإدراج، فقد ثبت الحديث عن عائشة من طريقين، وليس فيهما قوله: "تقطع جدولا". إرواء الغليل 4/396.
3 في الظاهرية بلفظ: (يطلى) .
ومعنى يصلي: يشوي، من صلى اللحم: شواه. لسان العرب 14/467.(8/3949)
قال: لا بأس بهما [ع-159/ب] . 1
قال إسحاق: كما قال [ظ-89/أ] . 2
[2813-] قلت: ذبيحة الصبي والمرأة من أهل الكتاب؟
قال: لا بأس بهما. 3
__________
1 قال الخرقي: وإن كان جنباً جاز أن يسمي ويذبح. مختصر الخرقي ص 210.
وعلق عليه ابن قدامة بقوله: وذلك أن الجنب تجوز له التسمية، ولا يمنع منها، لأنه إنما يمنع من القرآن لا من الذكر، ولهذا تشرع له التسمية عند اغتساله، وليست الجنابة أعظم من الكفر، والكافر يسمّي ويذبح.
المغني 8/583، وراجع: شرح منتهى الإردات 3/405.
ونقل حنبل: أنّ الجنب لا يذبح. الفروع 6/311، والإنصاف 10/389
2 في العمرية سقطت عبارة: (قال إسحاق كما قال) .
نقل ابن المنذر الاتفاق على حل ذبيحة الجنب، قال: وإذا دل القرآن على حل إباحة ذبيحة الكتابي، مع أنه نجس، فالذي نفت السنة عنه النجاسة أولى. وقال: الحائض كالجنب.
المجموع 9/77، وانظر قول الإمام إسحاق في المغني 8/583.
3 من بداية المسألة إلى قوله لا بأس بهما. "ساقط من العمرية".
نقل الخلال نص هذه الرواية عن الإمام أحمد فقال: حدثنا إسحاق بن منصور، أنه قال لأبي عبد الله ذبيحة المرأة والصبي من أهل الكتاب؟ قال لا بأس بهما. أحكام أهل الملل، ورقة 128.
ونقل عبد الله وابن هانئ نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد، فذكر أنه لا بأس بذبيحة الصبي والمرأة إذا أطاقا، وسميا.
مسائل عبد الله ص 267 رقم 998، ومسائل ابن هانئ 2/131 برقم 1743
قال الخرقي: وذبيحة من أطاق الذبح من المسلمين وأهل الكتاب، حلال إذا سموا أو نسوا التسمية. مختصر الخرقي ص 210.
وقال ابن قدامة: وجملة ذلك: أن كل من أمكنه الذبح من المسلمين، وأهل الكتاب إذا ذبح، حلّ أكل ذبيحته، رجلاً كان أو امرأة، بالغاً أو صبياً، حراً كان أو عبداً. لا نعلم في هذا خلافاً.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه، من أهل العلم، على إباحة ذبيحة المرأة والصبي.
انظر: المغني 8/580 - 581، والإجماع لابن المنذر ص 25، والمذهب الأحمد ص 194، ومجموع الفتاوى لابن تيمية 35/234، والمجموع 9/79.
وتقدم الكلام على ذبيحة الصبيّ والمرأة في المناسك في المسألة رقم: (1528) .(8/3950)
قال إسحاق: كما قال إذا عقلا الذبيحة. 1
[2814-] سئل أحمد عن رجل خرج إلى المصلى فوكل بضحيته 2 أن
__________
1 انظر فتح الباري 9/633.
2 الضحية: فيها أربع لغات:
1 - الأضحية بضم الهمزة في الأكثر، وهي في تقدير أفعولة.
2 - وكسرها اتباعا لكسرة الحاء، والجمع أضاحي.
هاتان لغتان بضم الهمزة وكسرها.
والثالثة: ضحية، والجمع: ضحايا.
والرابعة: أضحاة بفتح الهمزة، والجمع أضحى. وضحى تضحية: إذا ذبح الأضحية وقت الضحى، هذا أصله، ثم كثر حتى قيل ضحى في أي وقت كان من أيام التشريق.
انظر: الصحاح للجوهري 6/2407، المصباح المنير 358 - 359، والمجموع 8/382 والذبائح في الشريعة الإسلامية ص 208، والمبدع 3/276. قال في المقنع: فإن ذبحها بيده كان أفضل، المقنع 1/475.(8/3951)
يضحّى عنه إذا صلّى الإمام؟
قال: جائز. 1
[2815-] قلت يذبح 2 الإبل،
__________
1 قال المرداوي: بلا نزاع. ونص عليه، فإن لم يفعل، استحب أن يوكل في الذبح ويشهده. نص عليه.
وقال بعض الأصحاب: إن عجز عن الذبح أمسك بيده السكين حال الإمرار فإن عجز فليشهدها، وإن وكل في الذبح، اعتبرت النية من الموكل إذناً.
الإنصاف 4/83. وانظر: المغني 8/640، والمبدع 3/283، والإقناع 1/403.
قال النووي: أجمعوا على أنّه يجوز أن يستنيب في ذبح أضحيته مسلماً. المجموع 8/407
2 في العمرية تقدمت هذه المسألة المسألة السابقة.
والذبح في اللغة: الشق. المصباح المنير 1/206
وفي الاصطلاح: هو الذكاة وهو: ذبح أو نحر مقدور عليه، مباح أكله من حيوان يعيش في البر، لا جراد ونحوه بقطع حلقوم، ومريء، أو عقر إذا تعذر. التنقيع المشبع ص 286، وانظر: تفسير القرطبي 6/53، وأحكام القرآن لابن العربي 6/541(8/3952)
وينحر 1 البقر إن شاء؟
قال: كله واحد. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
__________
1 في الظاهرية بلفظ: (ذبح الإبل، ونحر البقر) .
2 ويستحب أن ينحر الإبل قائمة، معقولة يدها اليسرى لقوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَاف} الحج: 36. ويذبح ما سواه. قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} الكوثر آية 2 وقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} البقرة 67.
فإن ذبح ما ينحر، أو نحر ما يذبح، جاز، لأنه لم يتجاوز محل الذبح.
[] انظر: المغني 8/578، والكافي 1/479-480 والفروع 3/544.
قال في الإنصاف: والمستحب أن ينحر البعير، ويذبح ما سواه. هذا المذهب مطلقاً وعليه الجمهور.
وعن الإمام أحمد: يكره ذبح الإبل.
[] وعنه: لا يؤكل. الإنصاف 10/393-394.
وتقدم نحو هذه المسألة في المناسك برقم: (1478) .
3 ذكر النووي قول الإمام إسحاق ضمن ذكره لمذاهب العلماء، فقال: إن السنة ذبح البقر والغنم، ونحر الإبل، فلو خالف، وذبح الإبل، ونحر البقر والغنم جاز، هذا مذهبنا، وبه قال أبو حنيفة، وأحمد، وجمهور العلماء.
قال ابن المنذر: قال بهذا أكثر أهل العلم منهم عطاء، وقتادة، والزهري، والثوري، والليث بن سعد، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق وأبو ثور. وقال مالك: إن ذبح البعير من غير ضرورة، أو نحر الشاة من غير ضرورة، كره أكلها، وإن نحر البقر فلا بأس. المجموع 9/90.(8/3953)
[2816-] قلت إذا ذبح فأبان الرأس؟
قال: لا بأس به. 1
قال إسحاق: كما قال.
[2817-] قلت: دجاجة ذبحت من [قِبَل] قفاها؟ 2
__________
1 نقل عبد الله رواية مثل هذه الرواية عن أبيه فقال: سألت أبي عن الرجل يذبح الذبيحة فيبين رأسها؟ قال: لا بأس.
وسألت أبي عن الرجل إذا ذبح قطع الرأس الذبيحة عامداً؟ قال إذا سبقته السكين، فلا بأس، وأما عمداً، فلا يعجبني. مسائل عبد الله ص 265 برقم 980 – 981.
وللإمام أحمد رحمه الله روايتان: في المسألة ذكرهما المرداوي فقال:
إحداهما: أنه لو أبان الرأس بذبح، لم يحرم على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب.
الثانية: حكاها أبو بكر رواية: بتحريمه. الإنصاف 10/396، وراجع: المبدع 9/219، والمحرر 2/191.
2 القفا مقصور: مؤخرة العنق، وفي الحديث: يعقد الشيطان على قافية أحدكم، أي على قفاه. ويذكّر ويؤنث، وجمعه على التذكير: أقفية، وعلى التأنيث: أقفاء مثل أرجاء.(8/3954)
قال: كرهه سعيد ابن المسيب، 1 والشعبي لم ير به بأساً. 2 وقول سعيد أحب إلى أحمد [رضي الله عنه] . 3
__________
1 انظر قول سعيد ابن المسيب رحمه الله في المجموع 9/91، والمغني 8/578.
2 روى عبد الرزاق بإسناده عن الشعبي أنه سئل عن ديك ذبح من قبل قفاه؟ فقال: إن شئت فكل.
وعن جابر قال: سألت الشعبي عن الرجل يذبح الطير من قبل قفاه، فلم ير به بأساً.
الأثران ذكرهما عبد الرزاق في مصنفه 4/490 - 491، كتاب المناسك، باب سنة الذبح برقم: 8592 – 8594.
الأول: من طريق الثوري، عن عبد الله بن أبي السفر، وعن أبي إسحاق عن الشعبي.
والثاني: من طريق معمر عن جابر.
3 روى ابن هانئ مثل هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله فقال: سألت أبا عبد الله عن دجاجة ذبحت من قبل قفاها؟ قال كرهه سعيد ابن المسيب، والشعبي لم ير به بأساً. قلت: أيش ترى أنت؟ قال: قول سعيد أحب إليّ من قول الشعبي. مسائل ابن هانئ 2/131 برقم 1739.
وقد فرق الإمام أحمد رحمه الله بين ما إذا قتله من القفا عامداً، أو مخطئاً، ففي رواية الفضل بن زياد قال: سألت أبا عبد الله عمن ذبح في القفا؟ قال: عامداً أو غير عامد؟ قلت: عامداً. قال: لا تؤكل.
يفهم من هذه الرواية أنه إذا كان غير عامد - كأن التوى عليه - فلا بأس بأكله. المغني 8/577.
ويشترط لحل الذبيحة مع الخطأ في هذه الحالة أن يأتي السكين على موضع الذبح، وبها حياة مستقرّة.
قال الخرقي: وإذا ذبحها من قفاها، وهو مخطئ، فأتت السكين على موضع ذبحها وهي في الحياة أُكلت. مختصر الخرقي ص 210.
وقال عبد الله: سمعت أبي سئل عن الذبيحة تذبح من قفاها، ولم تجز على الحلقوم والأوداج؟ قال: لا تؤكل حتى يذبحها على الحلقوم والأوداج. مسائل عبد الله ص 263 برقم 977.
وإن ذبحها من القفا عامداً، ففي حله روايتان من الإمام أحمد رحمه الله:
إحداها: تباح إذا أتت السكين على الحلقوم والمريء، بشرط أن تبقى فها حياة مستقرة قبل قطعهما.
قال المرداوي: وهو المذهب. واختاره القاضي، والشيرازي، وغيرهما.
والرواية الثانية: لا تباح.
وعنه ما يدل على إباحته مطلقاً.
انظر الإنصاف 10/395، والمغني 8/578، المبدع 9/221 والمحرر 2/191.(8/3955)
قال إسحاق: كما قال أحمد. 1
__________
1 ذكر ابن قدامة عن الإمام إسحاق رحمه الله قوله: إن ذبحها من قفاها فإنها لا تؤكل.
المغني 8/578، وانظر: المحلّى 7/441.
وحكى النووي نقلاً عن ابن المنذر قول الإمام إسحاق: بحل المذبوح من قفاه. انظر: المجموع 9/91.
الأصل في الذبح: أن يذبح من الحلقوم، ولا ينبغي أن يذبح من القفا. فإن ذبح، فالذي يظهر رجحانه، جواز الأكل مطلقاً، عامداً، أو غير عامدٍ، إذا أتى الذبح على محله، ولم تمت الدابة قبل ذلك. فإن عرف أنها ماتت قبل وصول السكين إلى محل الذبح من الحلقوم، فلا تحل الذبيحة.(8/3956)
[2818-] قلت: ذبائح الصابئين؟ 1
قال: أما من ذهب إلى 2 مذهب علي [رضي الله عنه] في ذبائح بني
__________
1 يقال: صبأ من دين يصبأ، مهموز بفتحتين: خرج، فهو صابئ، ثم جعل هذا اللقب علماً على طائفة من الكفار يقال إنها تعبد الكواكب في الباطن، وتنسب إلى النصرانية في الظاهر، وهم صابئة والصابئون، ويدعون أنهم على دين صابئ بن شيث ابن آدم. ويجوز التخفيف فيقال: الصابون، وقرأ به نافع. المصباح المنير 1/332 – 333.
قال ابن القيم رحمه الله: الصابئة أمة فيهم المؤمنون بالله، وأسمائه، وصفاته، وملائكته، ورسله، واليوم الآخر، وفيهم الكافر، وفيهم الآخذ من دين الرسل بما وافق عقولهم واستحسنوه فدانوا به، ورضوه لأنفسهم، وعقد أمرهم، أنهم يأخذون بمحاسن ما عند أهل الشرائع بزعمهم، ولا يوالون أهل ملة، ويعادون أخرى، ولا يتعصبون لملة على ملة، والملل عندهم نوامس لمصالح العالم، فلا معنى لمحاربة بعضها بعضاً، بل يؤخذ بمحاسنها، وما تكمل به النفوس، وتتهذب به الأخلاق، ولذلك سموا صابئين، كأنهم صبئوا عن التعبد بكل ملة من الملل والانتساب إليها. ولهذا قال غير واحد من السلف: ليسوا يهوداً، ولا نصارى، ولا مجوساً وهم نوعان:
- صابئة حنفاء.
- وصائبة مشركون.
فالحنفاء هم الناجون منهم، وبينهم مناظرات ورد من بعضهم على بعض، وهم قوم إبراهيم، كما أن اليهود قوم موسى والحنفاء منهم أتباعه. أحكام أهل الذمة 1/94.
2 في الظاهرية بلفظ (على مذهب) .(8/3957)
تغلب، 1 فإنه يكرهه. 2
قال إسحاق: لا بأس بذبائح الصابئين لأنهم طائفة من أهل
__________
1 هم بنو تغلب بن وائل بن ربيعة بن نزار، من صميم العرب، انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية. وكانوا قبيلة عظيمة لهم شوكة قوية، واستمروا على ذلك حتى جاء الإسلام، فصولحوا على مضاعفة الصدقة عليهم عوضاً [] من الجزية. أحكام أهل الذمة 1/75-76.
والأثر المشار إليه رواه عبد الرزاق بإسناده عن عبيدة السلماني، أن علياً كان يكره ذبيحة نصارى بني تغلب، ويقول: إنهم لا يتمسكون من النصرانية إلاّ بشرب الخمر.
مصنف عبد الرزاق 4/458 - 456، كتاب المناسك، باب ذبيحة أهل الكتاب برقم 8570، واللفظ له. من طريق ابن سيرين عن عبيدة السلماني عن علي رضي الله عنه.
ورواه الإمام الشافعي رحمه الله في مسنده ص 340، كتاب الصيد والذبائح. والبيهقي في السنن الكبرى 9/284، كتاب الضحايا، باب ذبائح النصارى العرب، كلاهما من طريق الثقفي عن أيوب به.
قال ابن حجر: قد جاء عن علي رضي الله عنه من وجه آخر صحيح، المنع من ذبائح بعض النصارى العرب، أخرجه الشافعي وعبد الرزاق بأسانيد صحيحة، وساق الأثر السابق. فتح الباري 9/637.
2 للإمام أحمد في ذبائح الصابئة روايتان: مأخذهما: هل هم فرقة من النصارى أو لا؟ الإنصاف 10/388، والمبدع 9/216
قال ابن قدامة: والصحيح فيهم - أي الصابئة - أنهم كانوا يوافقون النصارى، أو اليهود في أصل دينهم، ويخالفونهم في فروعه، فهم ممن وافقوه. وإن خالفوهم في أصل الدين فليس هم منهم، والله أعلم. المغني 6/591(8/3958)
الكتاب. 1
[2819-] وسألت 2 [أحمد] عن ذبائح 3 نصارى بني تغلب؟
فقال: ما أثبته عن علي [رضي الله عنه] لم يزد [هـ] على ذلك. 4
__________
1 نقل النووي قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: قال إسحاق بن راهويه: لا بأس بذبائح الصابئين، لأنهم أهل [] [] كتاب. المجموع 9/70-80
2 في الظاهرية بلفظ (سألته) .
3 في العمرية بحذف لفظ (الذبائح) .
4 سبق تخريج قول علي رضي الله عنه في المسألة السابقة، برقم: (2818) ، ونقل هذه الرواية ابن القيم في كتابه أحكام أهل الذمة 1/247. اختلفت الرواية عن أبي عبد الله في أكل ذبائح بني تغلب، ونكاح نسائهم.
فعنه: لا يحل ذلك. وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما كره ذبائحهم عطاء، وسعيد بن جبير، ومحمد بن علي، والنخعي.
والرواية الثانية: تحلّ ذبائحهم ونساؤهم، وهذا الصحيح عن الإمام أحمد رواه عنه الجماعة، وكان آخر روايتين عنه.
قال إبراهيم بن الحارث: فكان آخر قوله على أنه لا يرى بذبائحهم بأساً. وهذا قول ابن عباس، وروي نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وبه قال الحسن البصري، والنخعي، والشعبي, والزهري، وعطاء الخراساني، والحكم، وحماد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
انظر: المغني 8/517، والكافي 1/478، مجموع الفتاوى 35/220، وأحكام أهل الذمة 1/87، والإنصاف 10/387، والمبدع 9/216، والمجموع 9/78 ومصنف عبد الرزاق 4/486 - 487 والسنن الكبرى 9/284، وفتح الباري 9/636 - 637.
قال المرداوي: أما ذبيحة بني تغلب: فالصحيح من المذهب إباحتها، وعليه الأكثر.
قال ابن منجا: هذا المذهب. الإنصاف 10/387(8/3959)
قال إسحاق: لا بأس به. 1
[2820-] قلت: ذبيحة المرتد؟ 2
قال: أكرهها. 3
قال إسحاق: إن كان ذهب إلى النصرانية، فذبيحته جائزة. 4
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: المغني 8/517، والمجموع 9/78
2 قال الرازي: الارتداد: الرجوع، ومنه المرتد، والردّة بالكسر اسم منه: أي الارتداد. مختار الصحاح ص 239. وعرّفه ابن قدامة بقوله: المرتد هو الراجع من دين الإسلام إلى الكفر. المغني 8/123
3 في العمرية بلفظ (أكرهه) .
قال الخرقي: وذبيحة المرتد حرام، وإن كانت ردته إلى دين أهل كتاب. مختصر الخرقي ص189.
قال المرداوي: هذا المذهب، وعليه الأصحاب. ونقل عبد الله: تحل ذكاة مرتد إلى أحد الكتابين. الإنصاف 10/310، وراجع: المبدع 9/216.
4 نقل ابن قدامة قول الإمام إسحاق فقال: قال إسحاق: إن تدين بدين أهل الكتاب حلت ذبيحته، ويحكى ذلك عن الأوزاعي لأن علياً رضي الله عنه قال: من تولى قوماً فهو منهم. المغني 8/132.
وراجع: الإشراف ورقة 178، كتاب المرتد، والمجموع 9/79، وبداية المجتهد 1/330.(8/3960)
كذلك قال الأوزاعي 1 خالف هؤلاء 2 واحتج بقول علي
__________
1 ساق أبو يوسف مذهب الأوزاعي في ذبيحة المرتد فقال: قال أبو حنيفة رضي الله عنه: لا تؤكل ذبيحة المرتد، وإن كان يهودياً أو نصرانياً، لأنه ليس بمنزلته. لا يترك المرتد حتى يقتل، أو يسلم.
وقال الأوزاعي: معنى قول الفقهاء: إن من تولى قوماً فهو منهم، وكان المسلمون إذا دخلوا أرض الحرب أكلوا ما وجدوا في بيوتهم من اللحم وغيره، ودماؤهم حلال.
وقال أبو يوسف: طعام أهل الكتاب، وأهل الذمة سواء، لا بأس بذبائحهم وطعامهم كله. فأما المرتد فليس يشبه أهل الكتاب في هذا، وإن والاهم.
انظر: الرد على سير الأوزاعي ص 116، والأم للإمام الشافعي رحمه الله 8/364، والمغني 8/132، وفقه الأوزاعي 1/463، والإشراف 178، والمجموع 9/79.
2 يشير إلى الذين قالوا بتحريم ذبيحة المرتد، وإن كانت ردته إلى دين أهل الكتاب وهم الأحناف، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وأبو ثور، وكرهها الثوري.
انظر: الرد على سير الأوزاعي ص 116، واختلاف الفقهاء للطحاوي1/74، والمنتقى 3/111، بداية المجتهد 1/330، والأم للشافعي 8/364، والمجموع للنووي 9/79، والإشراف 178، والمغني 8/132(8/3961)
[رضي الله عنه] "من تولى قوماً فهو منهم". 1
[2821-] قلت: تؤكل المصبورة؟ 2
قال: لا. 3 والمجثمة 4 هي المصبورة.
__________
1 انظر قول الإمام علي رضي الله عنه في: المغني 8/132، والرد على سير الأوزاعي ص116، والأم 8/364، وموسوعة فقه علي بن أبي طالب محمد رواس قلعة جي ص 260. أرى ترجيح تحريم ذبيحة المرتد، وإن كانت ردته إلى دين أهل الكتاب وذلك:
1 - لأنه كافر لا يقر على دينه، فلم تحل ذبيحته كالوثني.
2 - ولأنه لا تثبت له أحكام أهل الكتاب إذا تدين بدينهم، فإنه لا يقر بالجزية ولا يسترق، ولا يحل نكاح المرتدة.
3 - أما قول علي رضي الله عنه: "فهو منهم" فلم يرد به أنه منهم في جميع الأحكام، بدليل ما ذكر. ولأنه لم يكن يرى حل ذبائح نصارى بني تغلب، ولا نكاح نسائهم مع توليتهم للنصارى، ودخولهم في دينهم، ومع إقرارهم بما صولحوا عليه فلئلا يعتقد ذلك في المرتدين أولى. المغني 8/132 - 133.
2 المصبورة: "هي المحبوسة على الموت، وكل ذي روح يوثق حتى يقتل، فقد قتل صبرا".
تاج العروس 3/323، والمصباح المنير 1/331، وغريب الحديث لأبي عبيد 1/254
3 أشار ابن قدامة إلى هذه الرواية فقال: قال أحمد: ولا تؤكل المصبورة، ولا المجثمة. وبه قال إسحاق. المغني 8/576.
4 في العمرية بلفظ (المنخنقة) .
المجثمة: هي كل حيوان ينصب، ويرمى ليقتل، إلاّ أنها تكثر في الطير والأرانب، وأشباه ذلك مما يجثم في الأرض، أي يلزمها ويلتصق بها، وجثم الطائر جثوماً، هو بمنزلة البروك للإبل.
النهاية 1/238، وفتح الباري 3/643، والمغني 8/576، وغريب الحديث لأبي عبيد 1/255.(8/3962)
فأصاب آخر؟
قال: يأكل. 1
قال أحمد: يأكل كليهما. 2
قال إسحاق: كما قال. لو أصاب عشرين لأكلها.
[2823-] قلت: ذبائح نصارى أهل الحرب؟
قال: لا بأس به 3 [وفيه] حديث عبد الله بن
__________
1 انظر قول الإمام الثوري رحمه الله في المغني 8/552، وحاشية المقنع 3/554
2 في الظاهرية بلفظ (كلاهما) .
قال الخرقي: وإذا سمى ورمى صيداً، فأصاب غيره جاز له. وإذا رمى صيداً فقتل جماعة، فكله حلال.
مختصر الخرقي ص 208، وراجع: المقنع 3/554.
قال ابن قدامة: وإن قصد صيداً فأصابه وغيره، حلا جميعاً، والجارح في هذا بمنزلة السهم. نصّ أحمد على هذه المسائل، وهو قول الثوري وقتادة. المغني 8/552
قال المرداوي: بلا نزاع أعلمه، لكن لو أرسل كلبه إلى الصيد فصاد غيره، فالصحيح من المذهب أنه يحل، ونص عليه الإمام أحمد رحمه الله. الإنصاف 10/435
3 نقل ابن قدامة هذه الرواية عن الإمام أحمد وإسحاق رحمهما الله فقال: سئل أحمد عن ذبائح نصارى أهل الحرب، فقال: "لا بأس بها" حديث عبد الله بن مغفل في الشحم، قال إسحاق: أجاد.
قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم.
ونقل ابن القيم مثل هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
انظر: المغني 8/568، وأحكام أهل الذمة لابن القيم 1/245. وراجع: المقنع وحاشيته 3/535، والفروع 6/311، والكافي 1/477، والإنصاف 10/386، وكشاف المقنع 6/205.(8/3964)
مغفل 1 في الشحم. 2
قال إسحاق: 3 كما قال أجاد.
__________
1 هو عبد الله بن مغفل بن عبيد بن نَهْم بفتح النون وسكون الهاء، أبو عبد الرحمن المزني، صحابي، بايع تحت الشجرة، ونزل البصرة. مات سنة سبع وخمسين، وقيل بعد ذلك.
تهذيب التهذيب 6/46، تقريب التهذيب صـ190.
2 عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: كنا محاصرين قصر خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم، فنزوت لآخذه، فالتفت، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم، فاستحيت منه".
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه رقم: 5508. فتح الباري 9/636، كتاب الذبائح والصيد، باب ذبائح أهل الكتاب، وشحومها من أهل الحرب، وغيرهم.
ومسلم في صحيحه 3/1393، كتاب الجهاد والسير، باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب برقم: 1772 بلفظ: "أصبت جراباً من شحم يوم خيبر"، قال: "فالتزمته فقلت: لا أعطي اليوم أحداً من هذا شيئا". قال: "فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مبتسماً." كلاهما من طريق شعبة عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه.
قال ابن حجر: وفيه جواز أكل الشحم مما ذبحه أهل الكتاب، ولو كانوا أهل حرب. فتح الباري 9/638.
3 في العمرية: قال أحمد بدل إسحاق، وهذا خطأ، والصواب ما أثبته؛ فقد نقل ابن قدامة وابن القيم رحمهما الله تعالى نص هذه الرواية، وذكرا قول الإمام إسحاق رحمه الله، بالإضافة إلى أنه الموافق لنسق الكتاب وترتيبه.
انظر: المغني 8/568 وأحكام أهل الذمة 1/245 والمحلّى7/456.(8/3965)
[2824-] قلت: 1 إذا نخع؟ 2
قال: لا بأس بأكله، ولكنّه مكروه يعني [النخع] . 3
قال إسحاق: أكره أكله، 4 لما صح عن عمر، 5
__________
1 في العمرية: هذه المسألة مؤخرة بعد مسألة من هذا الترتيب.
2 يقال: نخعت الشاة نخعاً، إذا جاوزت بالسكين منتهى الذبح إلى النخاع، والنخاع: خيط أبيض داخل عظم الرقبة، يمتد إلى الصلب يكون في جوف الفقار.
المصباح المنير 2/596، ومختار الصّحاح صـ651.
3 قال في المقنع: ويكره… أن يكسر عنق الحيوان، أو يسلخه حتّى يبرد، فإن فعل أساء وأُكلت. المقنع 3/542.
قال المرداوي: يعني يكره ذلك. وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب.
الإنصاف 10/404، وراجع المغني 8/580، والمحرر 2/191، وكشّاف القناع 6/211.
4 انظر قول الإمام إسحاق في: المغني 8/580، والصيد والتذكية ص445، والمجموع 9/91.
5 قول أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ذكره ابن حجر فقال: عن عمر "أنّه نهى عن الفرس في الذبيحة".
وحكي عن أبي عبيدة: أن الفرس هو النخع. فتح الباري 9/641.
وفرس الذبيحة: هو كسر رقبتها قبل أن تبرد، النهاية لابن الأثير 3/428.(8/3966)
وابن عمر 1 [رضي الله عنه] .
[2825-] قلت: [لأحمد] لحوم 2 الحمر الأهلية؟
قال: منهي مكروه. 3
__________
1 الأثر المروي عن ابن عمر رضي الله عنه أورده البخاري في صحيحه في أثر طويل، أقتصر على ذكر موضع الشاهد منه، وهو قول الإمام البخاري: عن نافع عن ابن عمر نهى عن النخع، يقول يقطع ما دون العظم ثمّ يدع حتّى يموت.
أخرجه الإمام البخاري في صحيحه 9/640 بترتيب فتح الباري، كتاب الذبائح والصيد، باب النحر والذبح، من طريق ابن جريج عن عطاء عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما.
[] كما رواه عبد الرزّاق 4/490، كتاب المناسك، باب سنة الذبح برقم: 8589-8591.
وعن مجاهد قال في الشاة إذا نخعت، قال: هو مكروه، ولا بأس بأكلها. المرجع السابق.
قال النووي: وكرهت طائفة الفعل، وأباحت الأكل، وبه قال النخعي والزهري والشافعي، وأحمد وأبو ثور. قال ابن المنذر: بقول هؤلاء أقول، قال: ولا حجة لمن منع أكله بعد الذكاة. المجموع 9/91.
2 في العمرية بحذف كلمة "لحوم".
3 قال في المقنع: والحيوانات مباحة إلاّ الحمر الأهلية، وما له ناب يفرس به كالأسد والنمر والذئب، والفهد والكلب والخنزير، وابن آوى. المقنع 3/525.
وقال في المغني: أكثر أهل العلم يرون تحريم الحمر الأهلية. قال أحمد: "خمسة عشر من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم كرهوها."
قال ابن عبد البرّ: لا خلاف بين علماء المسلمين اليوم في تحريمها. المغني 8/586. وانظر مختصر الخرقي صـ210، والمحرّر 2/189، والكافي 1/488، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 21/8، والإنصاف 10/355، وحاشية الروض 7/418، ومطالب أولي النهى 6/312، وكشف المخدرات للبعلي 2/220.
ودليل حرمة لحوم الحمر الأهلية جاء في السنة، فقد روى سالم ونافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: "نهى النبيّ صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر".
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم: 5521، فتح الباري 9/653، كتاب الذبائح والصيد، باب لحوم الحمر الإنسية.
ومسلم في صحيحه 3/1538، كتاب الصيد والذبائح، باب تحريم أكل لحوم الحمر الإنسية برقم: 561.(8/3967)
قال إسحاق: كما قال.
[2826-] قلت: 1 نصراني ذبح ولم يسم؟
قال: لا بأس به. 2
__________
1 في العمرية: هذه المسألة مقدمة على المسألتين السابقتين.
2 قال الخرقي: ومن ترك التسمية على صيد عامداً أو ساهياً لم يؤكل، وإن ترك التسمية على الذبيحة عامداً لم تؤكل، وإن تركها ساهياً أُكلت ...
ثمّ قال: والمسلم والكتابيّ في كل ما وصفت سواء.
مختصر الخرقي ص209، وراجع: المغني 8/565، والكافي 1/479، والمبدع 9/224، والإنصاف 10/401، وأحكام أهل الذمّة 1/249 والعدة ص458.(8/3968)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2827-] قلت: أكل الضبّ 2 والضبع؟ 3
قال: أمّا الضبع، فلا بأس به، 4 والضبّ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لا
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق في: المغني 8/565، والمجموع 9/78، ومعالم السنن 4/122.
2 الضّبّ: دوبية من الحشرات… قال عبد القاهر: هي على حدّ فرخ التمساح الصغير، وذنبه كذنبه… ويعيش طويلاً ولا يشرب الماء، بل يكتفي بالنسيم، ويبول في كل أربعين يوماً قطرة، وأسنانه قطعة واحدة معوجة، وإذا فارق جحره لم يعرفه، ويبيض كالطير.
تاج العروس 1/343، وحياة الحيوان 2/78.
3 الضبع… سبع كالذئب إلاّ إذا جرى كأنه أعرج، فلذا سمّي الضبع العرجاء. وهي مولعة بنبش القبور، لكثرة شهوتها للحوم بني آدم، وهي فاسقة لا يمر بها حيوان من نوعها إلاّ علاها، وتضرب العرب بها المثل في الفساد، فإنها إذا وقعت في الغنم عاثت، ولم تكتف بما يكتفي به الذئب، فإذا اجتمع الذئب والضبع في الغنم سلمت، لأن كل واحد منهما يمنع صاحبه.
تاج العروس 5/436، وحياة الحيوان 2/82 في النسخة العمرية: بتقديم الضبع على الضبّ.
4 قال الخرقي: "لا بأس بأكل الضبّ، والضبع". مختصر الخرقي 211.
للإمام أحمد رحمه الله روايتان في حكم أكل الضبع:
إحداهما: أنّه مباح. وهذا المذهب مطلقاً، وعليه جماهير الأصحاب.
والثانية: أنّه غير مباح. ذكرها ابن البنّا.
وقال في الروضة: إن عرف بأكل الميتة.
قال المرداوي: وهو أقرب إلى الصواب.
الإنصاف 10/364، وراجع: الفروع 6/299، وكشّاف القناع 6/192.
والدليل على حلّ أكل الضبع، ما رواه جابر بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال: "هو صيد، ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم".
الحديث رواه أبو داود في سننه 3/355، كتاب الأطعمة، باب أكل الضبع برقم: 3801.
[] والحاكم في مستدركه 1/452-453، كتاب المناسك. والبيهقي في سننه 5/183، كتاب الحجّ، باب فدية الضبع.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. مستدرك الحاكم 1/452.
وتابعه الألباني في تصحيح الحديث، وقال: إنما هو على شرط مسلم وحده، لأن عبد الرحمن بن أبي عمّار لم يخرج له البخاري. إرواء الغليل 4/242.
وخرّج الترمذي متابعة لهذا الحديث من طريق آخر، ولفظ مغاير للفظه، يؤدي إلى نفس المعنى. عن جابر رضي الله عنه، وقال فيه: إنّه حديث حسن صحيح. وقد ذهب بعض أهل العلم إليه، ولم يروا بأكل الضبع بأساً، وهو قول أحمد وإسحاق. وروي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم حديث في كراهية أكل الضبع، وليس إسناده بالقوي. سنن الترمذي 4/252.(8/3969)
أما الضبّ: فإن عبد الله بن الإمام أحمد روى مثل هذه الرواية عن أبيه فيه فقال: سمعت أبي يقول: لا بأس بالضبّ، قد أكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم. مسائل عبد الله ص270 برقم: 1006.
قال ابن قدامة رحمه الله: أما الضبّ، فإنه مباح في قول أكثر أهل العلم، منهم عمر بن الخطّاب وابن عبّاس، وأبو سعيد، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم. المغني 7/201.
وذكر ابن مفلح عن ابن هبيرة: أنّ في حكم أكل الضبّ رواية واحدة وهي الحلّ.
المبدع 9/201، وراجع: المحرر 2/189، والفروع 6/299.(8/3970)
آكله ولا أحرّمه"1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2828-] قلت: 3 يؤكل في أوعية 4 المشركين؟
__________
1 ونصّ الحديث المشار إليه عن عبد الله بن دينار قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "الضب لست آكله ولا أحرمه".
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم: 5536، فتح الباري 9/662، كتاب الذبائح والصيد، باب الضبّ.
وأخرجه مسلم في صحيحه 3/1541، كتاب الصيد والذبائح، باب إباحة الضبّ برقم: 1943.
2 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 8/604، وسنن الترمذي 4/252، وحياة الحيوان للدميري 2/82، والمجموع 9/9.
3 هذه المسألة انفردت بها النسخة العمرية.
4 الأوعية: جمع وعاء، وهو ما يوعى فيه شيء، أي يجمع. المصباح المنير 2/666.(8/3971)
قال: إذا غسلت. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
__________
1 للإمام أحمد رحمه الله في حكم استعمال أواني أهل الكتاب روايتان:
إحداهما: يباح أكل طعام أهل الكتاب، وشرابهم، واستعمال أوانيهم، ما لم يعلم نجاستها.
والثانية: أنّه يكره استعمال أواني أهل الكتاب قبل غسلها.
انظر: المغني 1/82، والإنصاف 1/85، والمبدع 1/69.
أما غير أهل الكتاب: وهم المجوس، وعبدة الأوثان، فإنه لا يستعمل ما استعملوه من آنيتهم، لأنّ أوانيهم لا تخلو من أطعمتهم، وذبائحهم ميتة فلا تخلو أوانيهم من وضعها فيها. واختار هذا القول القاضي.
وقال أبو الخطّاب: حكمهم حكم أهل الكتاب، وثيابهم وأوانيهم طاهرة مباحة الاستعمال، ما لم يتيقن نجاستها.
المغني 1/83، والإنصاف 1/85، والمبدع 1/69.
قال ابن قدامة بعد ذكر قولي القاضي وأبي الخطّاب السابقين: وظاهر كلام أحمد رحمه الله مثل قول القاضي، فإنه قال في المجوس: لا يؤكل من طعامهم إلاّ الفاكهة، لأن الظاهر نجاسة آنيتهم المستعملة في أطعمتهم. ومن يأكل الخنزير من النصارى في موضع يمكنهم أكله، أو يأكل الميتة، أو يذبح بالسنّ والظفر، فحكمه حكم غير أهل الكتاب، لاتفاقهم في نجاسة أطعمتهم. المغني 1/83.
2 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: المجموع 1/264، والإشراف لابن المنذر ورقة 199.(8/3972)
[2829-] قلت: إذا أكل البازي والصقر؟
قال: أرجو أن لا يكون به بأس. 1
قال إسحاق: لا بأس به، لأنّ تعليم الطير أخذه، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إذا أمسك البازي فكله"2
__________
1 قال الخرقي: وإذا أرسل البازي أو ما أشبهه فصاد وقتل، أكل وإن أكل من الصيد، لأن تعليمه بأن يأكل. مختصر الخرقي صـ207.
قال ابن قدامة: وجملته أنّه يشترط في الصيد بالبازي ما يشترط في الصيد بالكلب إلاّ ترك الأكل، فلا يشترط، ويباح صيده، وإن أكل منه. وبهذا قال ابن عباس رضي الله عنه، وإليه ذهب النخعي، وحماد، والثوري.
المغني 8/546، وراجع: المقنع 3/553، والكافي 1/483، والإنصاف 10/432، وتفسير القرطبي 6/70.
2 ونصّ الحديث عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد البازي، فقال: "ما أمسك عليك فكل".
رواه الترمذي في سننه 4/66، كتاب الصيد، باب ما جاء في صيد البزاة، برقم: 1467.
ورواه ابن كثير في تفسيره 2/16، من الطريق السابق.
قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلاّ من حديث مجالد عن الشعبي، والعمل على هذا عند أهل العلم، لا يرون بصيد البزاة، والصقور بأساً.
وقد رخّص بعض أهل العلم في صيد البازي، وإن أكل منه، وقالوا: إنّما تعليمه إجابته، وكرهه بعضهم، والفقهاء أكثرهم قال: تؤكل، وإن أكل منه. سنن الترمذي 4/66.
وحجّة الذين كرهوا صيد البازي إذا أكل منه: ما رواه عدي بن حاتم أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما علمت من كلب أو باز، ثمّ أرسلته، وذكرت اسم الله فكل ممّا أمسك عليك. قلت: وإن قتل؟ قال: إذا قتله ولم يأكل منه شيئاً، فإنّما أمسكه عليك.
الحديث رواه أبو داود في سننه 3/109، كتاب الصيد، باب الصيد برقم: 2851.
والبيهقي في سننه 9/238، كتاب الصيد والذبائح، باب البزاة المعلمة، إذا أكلت، من طريق أبي داود به وقالوا: هذا نصّ في تحريم صيد البازي إن أكل منه، وكلّ ذوات المخلب مثله.
نهاية المحتاج 8/115، والمهذب 1/337
قال النووي: هذا الحديث رواه أبو داود، والبيهقي، وغيرهما، ولكنه ضعيف، فإن مجالداً ضعيف باتفاقهم.
قال البيهقي: ذكر البازي في هذه الرواية لم يأت به الحفاظ عن الشعبي، وإنّما أتى به مجالد، والله أعلم.
المجموع 9/96، وسنن البيهقي 9/238، والمغني 8/546.
وإذا أكل الكلب من الصيد، فقد اختلفت الآثار في حكم الصيد. فقد جاء عن عدي ابن حاتم رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إنّا قوم نتصيد بهذه الكلاب. فقال: "إذا أرسلت كلابك المعلمة، وذكرت اسم الله، فكل ممّا أمسكن عليك، إلاّ أن يأكل الكلب فلا تأكل، فإنّي أخاف أن يكون إنّما أمسك على نفسه، وإن خالطها كلب من غيرها فلا تأكل"
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم: 5487، فتح الباري 9/612، كتاب الذبائح والصيد، باب ما جاء في التصيد، واللفظ له.(8/3973)
ومسلم في صحيحه 3/1529، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلّمة برقم: 1929.
في الحديث تحريم أكل الصيد الذي أكل الكلب منه، ولو كان الكلب معلّماً.
وقد علّل في الحديث بالخوف من أنّه "إنّما أمسك على نفسه"، انظر: فتح الباري 9/601.
وجاء عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيد الكلب: "إذا أرسلت كلبك، وذكرت اسم الله، فكل، وإن أكل منه، وكلّ ما ردت عليك يداك".
رواه أبو داود في سننه 3/109، كتاب الصيد برقم: 2852 من طريق بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني فقد رتب إباحة الأكل على شيئين فقط هما: الإرسال، وذكر اسم الله تعالى، وبهما يحلّ الصيد، وإن أكل منه الكلب، فاللفظ صريح في الجواز. انظر: أحكام الصيد للدكتور عبد الله بن محمد الطريقي ص125.
قال ابن حجر: لا بأس بسنده. فتح الباري 9/602.
وقال الزيلعي: قال في التنقيح: إسناده حسن. نصب الراية 4/312.
وقال ابن كثير بعد أن ذكر الحديث، وآخر شاهداً له، وساق سندهما، قال: وهذان إسنادان جيّدان. تفسير ابن كثير 2/17.
قال الشوكاني رحمه الله: في إسناده داود بن عمرو الأودي الدمشقي عامل واسط قال أحمد بن عبد الله العجلي: ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: هو شيخ، وقال يحيى بن معين: ثقة، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال ابن عديّ: لا أرى برواياته بأساً.
قال ابن كثير: وقد طعن في حديث أبي ثعلبة، وأجيب بأنه صحيح لا شك فيه. نيل الأوطار 9/9.
وقال ابن حجر في التقريب: داود بن عمرو الأودي الدمشقي عامل واسط صدوق يخطئ. تقريب التهذيب ص96.
ورواية الصدوق الذي يخطئ لا تقبل إذا انفرد بها، وقد توبع من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه، ذكره ابن كثير في تفسيره، وسلك الناس في الجمع بين الحديثين طرقاً.
منها للقائلين بالتحريم: حمل حديث أبي ثعلبة على ما إذا قتله وخلاه، ثم عاد فأكل منه.
ومنها: الترجيح. فرواية عديّ في الصحيحين متّفق على صحتها، ورواية أبي ثعلبة المذكورة في غير الصحيحين مختلف في تضعيفها.
وأيضاً فرواية عديّ صريحة مقرونة بالتعليل المناسب للتحريم، وهو خوف الإمساك على نفسه متأيدة بأن الأصل في الميتة التحريم، فإذا شككنا في السبب المبيح، رجعنا إلى الأصل.
ومنها للقائلين بالإباحة: حمل حديث عديّ على كراهة التنزيه، وحديث أبي ثعلبة على بيان الجواز.
فتح الباري 9/602، ونيل الأوطار 9/7.
وحمل بعضهم الجواز على ما إذا طال غياب الرجل عن الصيد، وجاع الكلب، فأكل، فإنه إنما أمسك على صاحبه، وأكله كان طارئاً.
قال ابن كثير في التفسير (2/17) : وهذا تفريق حسن، وجمع بين الحديثين صحيح. والذي يظهر، أنه إذا دلت القرائن على أن الكلب لا يأكل من الصيد في الأوقات العادية، وأنه إنما أكل لحاجته لطول المدة ونحوها، إن ذلك لا يحرم أكل صيده.
وقوله في الحديث "فإنّي أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه" قد يفهم منه هذا المعنى، فإذا كان من عادة الكلب أن يأكل فلا تحلّ، وإن كان من عادته أن لا يأكل، فأكل لما ذكر حل صيده. والله أعلم.
وممن أباح صيد الكلب وإن أكل منه: سلمان الفارسي، وسعد بن أبي وقّاص، وأبو هريرة، وابن عمر، وهو محكي عن علي وابن عبّاس، واختلف فيه عن عطاء، والحسن البصري، وهو قول الزهري وربيعة ومالك.
وإليه ذهب الإمام الشافعي في القديم، وأومأ إليه في الجديد، وهي رواية مرجوحة عن الإمام أحمد.
[] انظر: تفسير ابن كثير 2/17، والمغني 8/543-544، ومصنّف عبد الرزّاق 4/473-474، ومصنّف ابن [] أبي شيبة 5/357-358، والمحلى 7/471، والمجموع 9/104-107، والكافي لابن عبد البرّ 1/372 والمهذب للشيرازي 1/337.(8/3974)
[2830-] قلت: ذبيحة الأخرس؟ 1
قال: يشير إلى السماء. 2
__________
1 خرس الإنسان: منع الكلام خلقة، فهو أخرس، والأنثى خرساء، والجمع خرس. المصباح المنير 1/166.
وقال الزبيدي: خرس خرساً، صار أخرس بين الخرس محركة، وهو ذهاب الكلام عياً، أو خلقةً. تاج العروس 4/136 "مادة خرس".
2 قال المرداوي: تباح ذبيحة الأخرس إجماعاً، وقال الأصحاب: يشير عند الذبح إلى السماء، وهو من مفردات المذهب. وظاهر كلام المصنف - ابن قدامة - وغيره أنّه لا بد من الإشارة إلى السماء، لأنّها علم على قصده التسمية.
قال المصنف في المغني: ولو أشار إشارة تدلّ على التسمية، وعلم ذلك، كان كافياً.
قال المرداوي: وهو الصواب.
[] انظر: الإنصاف 10/400، والإجماع لابن المنذر ص25 برقم: 220، والمغني 8/582-583، والمبدع 9/223 ومختصر الخرقي ص210(8/3977)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2831-] قلت: ألبان الأتن؟ 2
قال: أكرهه شديداً. 3
__________
1 نقل ابن قدامة قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: قال ابن المنذر: أجمع كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم على إباحة ذبيحة الأخرس، منهم: الليث، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وهو قول الشعبي، وقتادة، والحسن بن صالح.
انظر: المغني 8/582، والمجموع 9/77.
وعن عبد الرزّاق عن الثوري عن جابر قال: سألت الشعبي عن ذبيحة الأخرس فقال: يشير إلى السماء. مصنف عبد الرزّاق 4/485 برقم: 8566.
2 في العمرية بحذف لفظ "الأتن".
3 نقل نحواً من هذه الرواية كلّ من عبد الله، وابن هانئ في مسائلهما عن الإمام أحمد رحمه الله.
مسائل عبد الله صـ434، برقم: 1572، ومسائل ابن هانئ 2/142، برقم: 1803.
قال ابن قدامة: وألبان الحمر محرّمة في قول أكثرهم، ورخّص فيها عطاء، وطاوس والزهري، والأول أصحّ، لأنّ حكم الألبان حكم اللحمان - هكذا في المغني - وقال في موضع آخر: ولا يجوز التداوي بمحرم، ولا بشيء [] فيه محرّم، مثل ألبان الأتن، ولحم شيء من المحرّمات، ولا شرب الخمر للتداوي به. انظر: المغني 1/587-605.(8/3978)
قال إسحاق: كما قال، إلاّ من ضرورة تنزل بالمسلم: داء يوصف أنّ ذلك دواؤه، فحينئذ يجوز للضرورة، ويغسل فمه للصلاة، كذلك إن أصاب ثوبه فله غسله. 1
[2832-] قلت: الترياق؟ 2
__________
1 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق ضمن ذكر المذاهب فقال: واختلفوا في شرب ألبان الأتن للعلاج، فروينا عن زاهر بن الأسود أنّه كره ذلك، وكره ذلك الحسن البصري، وابن سيرين، ومجاهد، وأحمد بن حنبل.
وقال سعيد بن جبير: نهي عن لحومها وألبانها، وفي قول الشافعي وأبي ثور: لا يجوز شرب ألبان الأتن. وكره أصحاب الرأي ذلك.
وقال إسحاق: كما قال أحمد، إلاّ من ضرورة تنزل بالمسلم داء يوصف أنّ ذلك دواء، فحينئذ يجوز له للضرورة، ويغسل فمه للصلاة.
ورخّص في ألبان الأتن عطاء وطاوس والزهري.
قال ابن المنذر: القول الأول أصحّ، لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية، وحكم ألبانها حكم لحومها.
الإشراف لابن المنذر ص196، كتاب الأطعمة، وانظر: مصنّف عبد الرزّاق 9/257.
وعن عبد الرزّاق عن ابن أبي يحيى، عن رجل سماه قال: شرب علي بن الحسين ألبان الأتن من مرض كان به. مصنّف عبد الرزّاق 9/257، كتاب الأشربة، باب الرخصة في الضرورة برقم: 17128.
2 قال الزبيدي: الترياق بالكسر: دواء مركب من أجزاء كثيرة، اخترعه ماغنيس الحكيم وتمّمه أندرو ماخس القديم … بزيادة لحوم الأفاعي فيه، وبها كمل الغرض، وهو مسمّى بهذا الاسم، لأنّه نافع من لدغ الهوام، ونافع أيضاً من الأدوية المشروبة السمية، ويقال بالدال أيضاً بدل التاء. تاج العروس 6/302.(8/3979)
قال: أكرهه، إذا كان على ما يصفون أنّ فيه الحياة. 1
قال إسحاق: كما قال، إلاّ 2 أن تذكى
__________
1 وقال عبد الله: سألت أبي عن أكل الحية والعقرب فقال: قال ابن سيرين: سقى ابن عمر ولده الترياق، ولو علم ما فيه ما سقاه، قال أبي: أكره الحية والعقرب، وذلك أن العقرب لها حمة، والحية لها ناب. مسائل عبد الله ص272 برقم: 1017.
وراجع: مصنّف ابن أبي شيبة 8/77.
وفي حكم أكل الحية وجهان:
أحدهما: يحرم أكل الحية، وهو المذهب.
والثاني: يباح أكلها.
[] انظر: الفروع 6/300، وتصحيح الفروع المطبوع مع الفروع 6/300، والإنصاف 10/365، والمبدع [9/201-202،] والمحرّر 2/189.
قال في المغني: الترياق دواء يتعالج به من السم، ويجعل فيه لحوم الحيات، فلا يباح أكله ولا شربه، لأنّ لحم الحيّة حرام. المغني 8/605.
2 ونقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق فقال: واختلفوا في استعمال الترياق، فكره شربه الحسن البصري وابن سيرين وأحمد، وكما قال أحمد، قال إسحاق، إلاّ أن تذكى الحيات، ورخّص فيه الشعبي. وقال مالك: ما زال الناس يشربونه، فقيل لمالك: أللحية ذكاة لعمل الترياق؟ قال: نعم، لمن ابتغى ذلك منها، إذا أصاب ذلك المذبح. وقد روينا عن ابن عمر أنه أمر بترياق فسقي. الإشراف ص196.(8/3980)
الحياة. 1
[2833-] قلت: أكل الطحال؟
قال: لا أكره من الطحال شيئاً. 2
__________
1 وصفة ذكاة الحية: أن يمسك برأسها، وذنبها من غير عنف، وتثنى على مسمار مضروب في لوح، ثمّ تضرب بآلة حادّة رزينة عليها وهي ممدودة على خشبة في حد الرقيق من رقبتها، وذنبها من الغليظ الذي وسطها، ويقطع جميع ذلك في فور واحد في ضربة واحدة، فمتى بقيت جلدة يسيرة فسدت، وقتلت بواسطة جريان السمّ من رأسها في جسمها بسبب غضبها، أو ما هو قريب من السمّ من ذنبها في جسمها.
انظر: مواهب الجليل للحطاب 3/230، والصيد والتذكية ص476.
2 أشار ابن قدامة إلى هذه الرواية فقال: قال أحمد: لا بأس به- أي الطحال- ولا أكره منه شيئاً. المغني 8/612.
وفي مسائل عبد الله عن أبيه، قال: سألت أبي عن شيء من الشاة حرام؟ قال: دمها، والطحال لا بأس به. قلت الغدة؟ قال: كرهها النبيّ صلى الله عليه وسلم في حديث مجاهد والأوزاعي عن واحد. مسائل عبد الله صـ272 برقم: 1018.
لما روى ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالحوت، والجراد، وأما الدمان: فالكبد والطحال".
والحديث رواه الإمام أحمد في مسنده 2/97 مرفوعاً.
[] وأخرجه ابن ماجه في سننه 2/1101-1102، كتاب الأطعمة، باب الكبد والطحال عن عبد الله بن عمر مرفوعاً حديث رقم: 3314.
[] والدارقطني في سننه 4/271-272، كتاب الأشربة، وغيرها، باب الصيد والذبائح والأطعمة، وغير ذلك عن ابن عمر مرفوعاً.
وأخرجه الإمام الشافعي في مسنده صـ340، كتاب الصيد والذبائح.
قال ابن حجر بعد ذكر الحديث: أخرجه أحمد، والدارقطني مرفوعاً، وقال: إن الموقوف أصحّ، ورجح البيهقي أيضاً الموقوف، إلاّ أنه قال: إن له حكم الرفع.
فتح الباري 9/621، ونصب الراية 4/202.
والحديث صححه النووي في المجموع 9/69 من لفظ عمر رضي الله عنه قال: إن هذه الصيغة تقتضي رفعه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم. وتبعه الألباني في تصحيحه في إرواء الغليل 8/164.
وعن زيد بن ثابت قال: "إنّي لآكل الطحال، وما بي إليه حاجة، إلاّ ليعلم أنه لا بأس به".
وعن عكرمة قال: قال رجل لابن عبّاس آكل الطحال؟ قال: نعم. قال: إن عامتها دم. قال: "إنما حرم الدم المسفوح".
[] انظر: المجموع 8/70 ومصنف عبد الرزّاق 4/536-537.(8/3981)
قال إسحاق: كما قال.
[2834-] قلت: إذا [شرب] 1 الكلب من الدم ولم يأكل؟
قال: لا بأس به. 2
__________
1 في الظاهرية بلفظ "أكل" ولفظ "شرب" أثبته من العمرية.
2 قال ابن قدامة: فإن شرب دمه، ولم يأكل منه، لم يحرم. نصّ عليه أحمد وبه قال: عطاء، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي وكرهه الشعبي والثوري، لأنه في معنى الأكل.
انظر: المغني 8/544، والكافي 1/484، والإنصاف 10/432 ومنار السبيل 2/430.
وأما إن أكل الكلب من الصيد، فعن الإمام أحمد رحمه الله روايتان:
إحداهما: يحرم الصيد الذي أكل منه الكلب. وهو المذهب.
والثانية: يحلّ مع الكراهة، وعنه يباح.
[] انظر: المغني 8/543، والإنصاف 10/431-432.
وقد سبق ذكر الأدلة في المسألة رقم: (2829) .(8/3982)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2835-] قلت: إذا أرسل الكلب 2 ولم يسم؟
قال: لا يأكل، 3 [قال] في حديث عدي: فإنّك سمّيت على
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 8/544.
2 في العمرية بلفظ "إذا أرسل كلبه".
3 قال القاضي أبو يعلى الفراء: أما الصيد: فإن التسمية فيه واجبة في العمد والسهو، وإن تركه لم يبح أكله، رواية واحدة نصّ على ذلك في رواية الجماعة…
ونقل جعفر بن محمد… في الرجل يرمي سهمه ولا يسمي فجائز، قيل له: يذبح ولا يسمي، قال: جائز، إذا لم يتعمد. فقيل له: يرسل كلبه فلا يسمي، قال: لا. فظاهر هذا أنه فرّق بين أن يكون الصيد بالسهم فيباح بغير تسمية، وبين أن يكون بجارح فيشترط فيه التسمية. انظر: الروايتين والوجهين، لوحة رقم: 194.
والفرق بين الصيد والذبيحة: أن الذبح وقع في محله، فجاز أن يسامح فيه بخلاف الصيد، ولأن في الصيد نصوصاً خاصة، ولأن الذبيحة تكثر ويكثر النسيان فيها.
وعن الإمام أحمد: أن التسمية تسقط مع السهو مطلقاً. قال الخلال: سها حنبل في نقله، وعنه أن التسمية سُنّة.
انظر: المبدع 9/251 وراجع: مختصر الخرقي 209، والمغني 8/540، والكافي 1/482، والإنصاف [10/441-442.(8/3983)
] كلبك. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2836-] قلت: صيد الكلب الأسود؟
__________
1 ونصّ الحديث عن الشعبي قال: سمعت عديّ بن حاتم رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعراض فقال: "إذا أصبت بحده فكل، فإذا أصاب بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل". فقلت: أرسل كلبي، قال: "إذا أرسلت كلبك، وسمّيت فكل". قلت: فإن أكل؟ قال: "فلا تأكل فإنه لم يمسك عليك، إنما أمسك على نفسه". قلت: أرسل كلبي فأجد معه كلباً آخر. قال: "لا تأكل، فإنك إنما سميت على كلبك، ولم تسم على الآخر".
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم: 5476، فتح الباري 9/603، كتاب الذبائح والصيد، باب صيد المعراض.
[] ومسلم في صحيحه 3/300-1530، كتاب الصيد والذبائح، وما يؤكل من الحيوان، باب الصيد بالكلاب المعلمة برقم: 1929.
2 انظر: قول الإمام إسحاق رحمه الله في اختلاف الصحابة والتابعين لوحة رقم: 131 وتفسير القرطبي 7/75.(8/3984)
قال: ما أعرف أحداً رخّص 1 فيه، إذا كان بهيماً. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
__________
1 في العمرية بلفظ "ترخص".
2 البهيم: الذي لا يخالط لونٌ لونَ سواده. قال أحمد: الذي ليس فيه بياض ولو كان بين عينيه نكتتان تخالفان لونه، لم يخرج بهما عن البهيم.
انظر: المغني 8/547، والإنصاف 10/428، والمطلع على أبواب المقنع صـ386.
أشار إلى هذه الرواية ابن قدامة في المغني، فقال: قال أحمد: ما أعرف أحداً يرخص فيه: يعني من السلف. المغني 8/447.
قال الخرقي: ولا يؤكل ما صيد بالكلب الأسود، إذا كان بهيماً، لأنه شيطان. مختصر الخرقي صـ207.
وقال المرداوي: فلا يباح صيده. نصّ عليه، لأنه شيطان، فهو العلة، والسواد علامة. كما يقال: إذا رأيت صاحب السلاح فاقتله، فإنه مرتد، فالعلة الردة. فالصحيح من المذهب: أن صيده محرّم مطلقاً، وعليه الأصحاب، ونصّ عليه وهو من مفردات المذهب.
ونقل إسماعيل بن سعيد- عن الإمام أحمد- الكراهة.
انظر: الإنصاف 10/428، والمبدع 9/242 وراجع: الكافي 1/483، وكشّاف القناع 6/222.
3 وانظر قول الإمامين أحمد وإسحاق -رحمهما الله تعالى- في: شرح السنة للبغوي 11/212، وإحكام الأحكام 4/194، ومعالم السنن 4/133، والمجموع 9/95، وشرح صحيح مسلم 13/74، والمغني 8/447، وتفسير القرطبي 6/67، والمحلى 7/477، وفتح الباري 9/601، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة رقم: 132.(8/3985)
[2837-] قلت: من كره كلب 1 اليهودي والنصراني [ع-160/أ] أو كلب المجوسي؟ 2
قال: إذا سمى عليه المسلم وقبل ذلك منه. 3
وكلب 4 اليهودي والنصراني أهون. 5
__________
1 في العمرية بلفظ "قلت من كره كلب المجوس، أو كلب اليهودي والنصراني".
2 وكره مجاهد، والحسن البصري الصيد بكلب اليهودي، والنصراني والمجوس. لقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} المائدة آية رقم: (4) .
وقالا: هذا لم يعلمه.
[] انظر: المغني 8/551، ومصنف ابن أبي شيبة 5/361-362.
وممن كره الصيد بكلب المجوس: جابر بن عبد الله، والحسن البصري، وعطاء، ومجاهد، والنخعي، والثوري.
[] انظر: المجموع 9/97، والمغني 8/551، ومصنف ابن أبي شيبة 5/361-362.
3 في العمرية بلفظ "وقبل منه ذلك".
4 في الظاهرية بلفظ "الكالب" بزيادة الألف واللام.
5 نقل عبد الله عن أبيه رواية مثل هذه الرواية فقال: قلت لأبي: فلا يؤكل صيد كلب المجوسي؟ فقال: إذا أرسله المجوسي فلا يؤكل، ولكن إن أرسله مسلم فسمى فأخذ فقتل فلا يكون ذلك له تعليم. مسائل عبد الله صـ264 برقم: 979.
وللإمام أحمد رحمه الله في الصيد بكلب المجوس روايتان:
إحداهما: إن صاد المسلم بكلب المجوس، فقتل حلّ صيده، ولم يكره وهو المذهب.
ووجه هذه الرواية أن الكلب بمنزلة آلة صاد بها المسلم، فحلّ صيده كالقوس، والسهم.
والثانية: أنه لا يباح الصيد بكلب المجوس.
انظر: المغني 8/551، والإنصاف 10/419، والكافي 1/486، والفروع 6/323، والروايتين والوجهين لوحة 192.(8/3986)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2838-] قلت: صوف الميتة أو الشعر؟
قال: 2 يغسل ولا بأس به. 3
قال إسحاق: كما قال. 4
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المجموع 9/97.
2 في العمرية بلفظ "الشعر يغسل ولا بأس به".
[3] نقل عبد الله مثل هذه الرواية عن أبيه في مسائله صـ13-14 برقم: 44.
قال الخرقي: وصوف الميتة، وشعرها طاهر. مختصر الخرقي صـ5.
قال ابن قدامة: يعني شعر ما كان طاهراً في حياته، وصوفه.
وقال المرداوي: وهذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب.
انظر: المغني 1/79، والإنصاف 1/92، وراجع: المقنع 1/26 والمبدع 1/77.
وروي عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدلّ على أنه نجس لأنه ينمو من الحيوان، فينجس بموته كأعضائه. انظر المراجع السابقة.
4 نقل ابن قدامة قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: وروي- طهارة صوف الميتة، وشعرها- عن الحسن، وابن سيرين، وأصحاب عبد الله. قالوا: إذا غسل. وبه قال: مالك، والليث بن سعد، والأوزاعي، وإسحاق، وابن المنذر، وأصحاب الرأي. المغني 1/79.(8/3987)
[2839-] قلت: إذا غاب الصيد؟
قال: لا يأكله إذا كان ليلاً، وأما إذا كان بالنهار فلم ير به أثر غيره يأكله. 1
__________
1 ونقل نصّ رواية ابن منصور هذه كل من: صاحب الإنصاف 10/425، وصاحب الفروع 6/326، والقاضي أبو يعلى الفراء في كتابه الروايتين والوجهين، لوحة: 194.
وأشار إلى هذه الرواية: ابن قدامة في المغني 8/553، وابن رجب في القواعد: صـ16.
وذكر القاضي في المسألة ثلاث روايات:
إحداهما: الإباحة على الإطلاق.
والثانية: إن أدركه من يومه أبيح أكله، فإن أدركه من الغد لم يبح.
والثالثة: إن كان قد عقره عقراً، صيره في حكم المذبوح قبل أن يغيب عن عينه أبيح، وإن لم يصيره في حكم المذبوح لم يبح. الروايتين والوجهين لوحة: 194.
قال الخرقي: "وإذا رماه فغاب عن عينه فوجده ميتاً، وسهمه فيه، ولا أثر به لغيره، حلّ أكله". مختصر الخرقي صـ208.
قال المرداوي: هذا المذهب، وقال في المغني: هذا هو المشهور عن الإمام أحمد.
وقال ابن رجب: هذا أصحّ الروايات.
الإنصاف 10/424، والمغني 8/553، والقواعد لابن رجب صـ16.
واستدلّوا للرواية الراجحة عن الإمام أحمد رحمه الله بما رواه عدي بن حاتم رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أرسلت كلبك وسمّيت فأمسك، وقتل فكل، وإن أكل فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه، وإذا خالط كلاباً لم يذكر اسم الله عليها فأمسكن فقتلن، فلا تأكل، فإنك لا تدري أيّها قتل، وإن رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به إلاّ أثر سهمك فكل، وإن وقع في الماء فلا تأكل".
أخرجه البخاري في صحيحه برقم: 5484، فتح الباري 9/610، كتاب الذبائح والصيد، باب الصيد إذا غاب عنه يومين، أو ثلاثة، واللفظ له.
ومسلم في صحيحه 3/1531، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة برقم: 1929، غير أنّه قال: "فإن غاب عنك يوماً فلم تجد فيه إلاّ أثر سهمك، فكل إن شئت".
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رميت بسهمك فغاب عنك، فأدركته فكله، ما لم ينتن".
وأخرجه مسلم في صحيحه 3/1532، كتاب الصيد والذبائح، باب إذا غاب عنه الصيد، ثمّ وجده، برقم: 1931 من طريق معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه، عن أبي ثعلبة الخشني.
فهذه أحاديث صحاح، دلّت على جواز الأكل من الصيد الذي غاب مقتله مع ملاحظة أمور ثلاثة وهي:
[1-] التأكّد من أنّ الأثر الذي قتل به الصيد أثر سهمه.
[2-] ألا يجد به أثر غير سهمه، ممّا يحتمل أنّه قتله.(8/3988)
[3-] ألا يكون الصيد قد أنتن.
انظر: المغني 8/554، ونيل الأوطار 9/12، والذبائح في الشريعة الإسلامية صـ113، وأحكام الصيد صـ188.
ودليل رواية ابن منصور رحمه الله التي نحن بصدد الكلام فيها ما رواه عطاء بن السائب عن عامر أنّ أعرابياً أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ظبياً فقال: "من أين أصبت هذا؟ " قال: رميته أمس فطلبته، فأعجزني حتّى أدركني المساء، فرجعت، فلمّا أصبحت اتبعت أثره فوجدته في غار، أو في أحجار وهذا مشقصي فيه أعرفه، قال: "بات عنك ليلة، ولا آمن أن تكون هامة أعانتك عليه، لا حاجة لي فيه".
الحديث رواه البيهقي في السنن الكبرى 9/241، كتاب الصيد والذبائح، باب الإرسال على الصيد يتوارى عنك ثمّ تجده مقتولاً.
قال البيهقي نقلاً عن الإمام البخاري: بأن الحديث مرسلٌ. سنن البيهقي 9/241.
وقال ابن رجب في المسألة بعد ذكر الروايتين السابقتين: وفيه رواية ثالثة: إن غاب عنه ليلة لم يحل، وإلا حلّ، وفيه حديث مرفوع وفيه ضعف. القواعد لابن رجب صـ16.(8/3989)
قال إسحاق: كما قال.
[2840-] قلت: شراء جلود الميتة والسباع [والنمور] ؟
قال: كلّ شيء 1 من الميتة أكره التجارة فيه مثل العاج وجلود الميتة والسباع والنمور. 2
__________
1 لفظ "شيء" سقط من العمرية.
2 تقدمت مسألة التجارة في جلود السباع في المعاملات في المسألة رقم: (2215) .
ونقل صالح عن أبيه رواية مثل هذه الرواية صـ 110.
قال ابن قدامة: ولا يجوز بيع جلد الميتة قبل الدبغ قولاً واحداً، وفي بيعه بعد الدبغ عنه اختلاف. ثمّ قال: والصحيح [] عنه أنّه لا يجوز. وهذا ينبني على الحكم بنجاسة جلود الميتة، وأنّها لا تطهر بالدباغ. المغني 4/287-288.
وللإمام أحمد رحمه الله في طهارة جلود الميتة روايات:
إحداها: أنّ جلود الميتة نجسة، لا تطهر بالدباغ، وهذا المذهب، نصّ عليه الإمام أحمد في رواية الجماعة.
انظر: مسائل عبد الله صـ12، مسألة رقم: 39، والمغني 1/69، والكافي 1/19 والإنصاف 1/86.
وهذه الرواية قد رجع عنها الإمام أحمد رحمه الله، فقد ذكر الترمذي عن أحمد بن الحسن يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث، لما ذكر فيه قبل وفاته بشهرين، وكان يقول: كان هذا آخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ثمّ ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده حيث روى بعضهم، فقال عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ لهم من جهينة. سنن الترمذي 4/222.
وقد حكى الخلال في كتابه: أنّ أحمد توقف في حديث ابن عكيم لما رأى تزلزل الرواة فيه، وقال بعضهم رجع عنه.
مختصر سنن أبي داود للمنذري 6/69، فتح الباري 9/659. وراجع: الإنصاف 1/86، ومجموع الفتاوى لابن تيمية 21/102.
والروية الثانية: أنّ الدباغ يطهر إهاب الميتة التي كانت طاهرة حال الحياة، دون غيره.
والرواية الثالثة: أنّ الدباغ يطهر جلد مأكول في حال الحياة.
المغني 1/69، الإنصاف 1/86 والمبدع 1/74.
وكما رجع الإمام أحمد رحمه الله عن حديث عبد الله بن عكيم، فعل مثله صاحبه الإمام إسحاق رحمه الله.
فقد قال أبو الشيخ الحافظ قال: حكي أنّ إسحاق بن راهويه ناظر الشافعي، وأحمد ابن حنبل حاضر، في جلود الميتة إذا دبغت، فقال الشافعي: دباغها طهورها. فقال له إسحاق: ما الدليل؟ فقال: حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس عن ميمونة أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "هلاّ انتفعتم بإهابها".
فقال له إسحاق: حديث ابن عكيم كتب إلينا النبيّ صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب، فهذا يشبه أن يكون ناسخاً لحديث ميمونة، لأنّه قبل موته بشهر، فقال الشافعي: هذا كتاب، وذاك سماع. فقال إسحاق: إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر فكانت حجّة بينهم عند الله تعالى. فسكت الشافعي. فلمّا سمع ذلك أحمد ذهب إلى حديث ابن عكيم وأفتى به، ورجع إسحاق إلى حديث الشافعي. انظر: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار صـ117.(8/3990)
وبعد عرض الأدلة يتبيّن لي: أنّ الدباغ يطهر جلود الحيوانات التي تطهرها الذكاة، دون غيرها من الحيوانات، وأنّ الدباغ لا يقوم مقام الحياة ليطهر به جلد ما كان طاهراً في الحياة، بل يطهر جلد المأكول دون ما سوى ذلك.
فلذا لا تطهر جلود السباع بالدباغ لما جاء النهي عنه لأنّ حديث: "أيّما إهاب دبغ" عام خصصته أحاديث النهي عن افتراش جلود السباع، وفي هذا الجمع إعمال لجميع الأدلّة، وما كان طاهراً فإنّه يجوز بيعه والانتفاع به، قال المرداوي: ما يطهر بدبغه انتفع به… ويجوز بيعه على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب.
مجموع الفتاوى 21/605، والإنصاف 1/89.(8/3991)
قال إسحاق: كما قال، لأنّ ذلك 1 محرّم، كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل ثمنه [ظ-89/ب] . 2
__________
1 في العمرية بلفظ "لأنّ كلّ محرم كره رسول الله صلى الله عليه وسلم".
2 يشير إلى حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو بمكّة عام الفتح: "إنّ الله ورسوله حرّم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام". فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس. فقال: "لا، هو حرام". ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "قاتل الله اليهود، إنّ الله لما حرّم شحومها جملوه ثمّ باعوه فأكلوا ثمنه."
الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه برقم: 2236، فتح الباري 4/424، كتاب البيوع، باب بيع الميتة والأصنام.
ومسلم في صحيحه 3/1207، كتاب المساقاة، باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام برقم: 1581.
وجاء عند أبي داود من رواية ابن عبّاس إضافة قوله صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه". سنن أبي داود 3/280، كتاب البيوع، باب في ثمن الخمر والميتة برقم: 3488.
[] وانظر قول الإمام إسحاق رحمه الله: في المغني 1/68، والاعتبار 115-117، والمجموع 1/217.(8/3992)
[2841-] قلت: تطلى السفن بشحم الميتة؟
قال: إذا كان لا يمسه بيده يأخذ بعود. 1
__________
1 أشار إلى هذه الرواية ابن رجب في القواعد فقال: فأما نجسة العين كدهن الميتة، فالمنصوص أنه لا يجوز الانتفاع به، ونقل ابن منصور عن أحمد ما يدلّ على جوازه. القواعد صـ192.
كما أشار إلى هذه الرواية ابن مفلح في الفروع 1/106.
يفهم من عبارة ابن رجب رحمه الله السابقة: أن في المسألة روايتين، وينبغي أن يعرف أن هناك فرقاً بين دهن لاقته النجاسة، وبين نجاسة شحم الميتة.
الأولى: ستأتي إن شاء الله بعد بضع مسائل.
والثانية: وهي شحوم الميتة، وشحم الخنزير، فلا يجوز الانتفاع به باستصباح ولا غيره، ولا أن تطلى به السفن، ولا الجلود؛ لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وذكرته في المسألة السابقة رقم: (2840) .
انظر: الفروع 1/106، وتصحيح الفروع المطبوع مع الفروع 1/106، والمغني 8/610(8/3993)
قال إسحاق: كما قال، إذا احتيج إليه، فأمّا 1 ما وجد عنه مندوحة، فلا.
[2842-] قلت: سئل عن الجبن إذا اشتراه؟
قال: لا. 2
__________
1 في العمرية بلفظ "وأمّا".
2 للإمام أحمد رحمه الله في الجبن الذي صنعه المجوس، أو المعمول من أنفحة الميتة، روايتان:
إحداهما: أنّه يحلّ هذا الجبن، لأنّ أنفحة الميتة طاهرة على هذا القول، ولأنّ الأنفحة لا تموت بموت البهيمة، وملاقاة الوعاء النجس في الباطن لا ينجس، كما قال تعالى: {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ} سورة النحل، آية رقم: 66.
ولهذا: يجوز حمل الصبي الصغير في الصلاة، مع ما في بطنه.
والثانية: أنّ هذا الجبن نجس، لأنّ الأنفحة نجسة، ومن لا تؤكل ذبيحته، فذبيحته كالميتة، وسبب اختلاف الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله، اختلاف الآثار عن الصحابة رضوان الله عليهم، ومن بعدهم من التابعين.
انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 21/102، وما بعدها، 35/154، وما بعدها.
وقد يقال إنّها ليست طاهرة، ولكنها يسيرة مستهلكة في الجبن، وجرت العادة أن يعفى عن اليسير في الشريعة، وبخاصة إذا استهلك كالحال في النجاسة التي تخالط الماء الكثير.
وسئل الإمام أحمد عن الجبن الذي يصنعه المجوس، فقال: ما أدري إلاّ أنّ أصحّ حديث فيه حديث الأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل قال: سئل عمر عن الجبن، وقيل له يعمل فيه الأنفحة الميتة، فقال: "سمّوا أنتم وكلوا".
انظر: المغني 8/612، ومصنّف عبد الرزّاق 4/538، ومطالب أولي النهى 6/325.
والقول بجواز أكل الجبن المعمول بأنفحة الميتة، والذي مال إليه الإمام أحمد رحمه الله، رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال: "والأظهر أنّ جبنهم حلال، وأنّ أنفحة الميتة ولبنها طاهر، وذلك لأنّ الصحابة لما فتحوا بلاد العراق أكلوا جبن المجوس، وكان هذا شائعاً بينهم، وما ينقل عن بعضهم من كراهة ذلك ففيه نظر. فإنّه من نقل بعض الحجازيين، وأهل العراق كانوا أعلم بهذا، فإنّ المجوس كانوا ببلادهم، ولم يكونوا بأرض الحجاز. ويدلّ على ذلك: أنّ سلمان الفارسي كان نائب عمر بن الخطاب على المدائن، وكان يدعو الفرس إلى الإسلام، وقد ثبت عنه: أنّه سئل عن شيء من السمن والجبن والفراء فقال: "الحلال ما أحلّه الله في كتابه، والحرام ما حرّم الله في كتابه، وما سكت عنه، فهو ممّا عفي عنه".
ومعلوم أنّه لم يكن السؤال عن جبن المسلمين، وأهل الكتاب، فإنّ هذا أمر بيّن، وإنّما كان السؤال عن جبن [] [] المجوس، فدلّ ذلك على أنّ سلمان يفتي بحلّها. مجموع فتاوى ابن تيمية 21/103-104.
وروي الإباحة في أكل الجبن عن عمر بن الخطّاب، وعلي بن أبي طالب، وعائشة، وأمّ سلمة، وسلمان الفارسي رضي الله عنهم.
انظر المجموع 9/69، ومصنف عبد الرزّاق 4/538 وما بعدها.
وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله: "كلوا من الجبن ما صنعه المسلمون وأهل الكتاب". وعن ابن عمر رضي(8/3994)
الله عنه مثله.
المجموع 9/69، والسنن الكبرى للبيهقي 10/6.
وتقدم الكلام في أكل الجبن في المناسك في المسألة رقم: (1538) .(8/3995)
قال إسحاق: كما قال.
[2843-] قلت: المضطر يشرب الخمر إذا عطش؟
قال: ما أعرفه، يقال إنه لا يروي. 1
__________
1 قال عبد الله: قلت لأبي: فخمر يضطر إليها رجل يشربها؟
قال: لا يكون الخمر اضطراراً، إنما الاضطرار إلى الميتة، لأن الخمر يعطش. مسائل عبد الله صـ434 برقم: 1569.
ونقل ابن هانئ مثل هذه الرواية عن الإمام أحمد في مسائله 2/134 برقم: 1755.
قال ابن قدامة: "وإن شربها لعطش نظرنا، فإن كانت ممزوجة بما يروي من العطش أبيحت، لدفعه عند الضرورة، كما تباح الميتة عند المخمصة، وكإباحتها لدفع الغصة … وإن شربها صرفاً، أو ممزوجة بشيء يسير لا يروي من العطش، أو شربها للتداوي لم يبح له ذلك، وعليه الحدّ".
انظر: المغني 8/308 وكشاف القناع 6/117.(8/3996)
قال إسحاق: كما قال، إلاّ أن يكون في طمع أن يرويه حتّى يجاوز إلى موضع يطمع في الماء. 1
[2844-] قلت: الفأرة تقع في الزيت؟
قال: إن كان 2 جامداً، أخذت وما حولها فألقيت، وإن كان ذائباً لم يأكله. 3
__________
1 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: قال مالك في الخمر: إذا اضطرّ إليها لا يشربها، وقيل لأحمد بن حنبل: المضطرّ يشرب الخمر؟ قال: يقال: إنّه لا يروي. وبه قال إسحاق، إلاّ أن يكون في طمع أنّه يرويه إلى موضع يطمع في الماء. الإشراف لوحة 3/200.
2 في "ظ" بلفظ "كانت".
3 في العمرية بلفظ "لم يأكله".
نقل عبد الله عن أبيه مثل هذه الرواية في مسألة رقم: 13، صـ6، وإذا وقعت النجاسة في المائع، كالدهن وما أشبهه، فهل ينجس؟ عن الإمام أحمد رحمه الله ثلاث روايات:
إحداها: أن النجاسة إذا وقعت في مائع غير الماء نجسته وإن كثر، وهذا ظاهر المذهب.
والثانية: أنّه لا ينجس إذا كثر.
والثالثة: ما أصله الماء كالخل التمري، يدفع النجاسة عن نفسه إذا كثر، وما ليس أصله الماء لا يدفع عن نفسه.
[] انظر: المغني 8/608-609، والروايتين والوجهين، لوحة 197.
ودليل الرواية الراجحة: ما رواه ابن عبّاس عن ميمونة رضي الله عنها، قالت: سئل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن فأرة سقطت في سمن، فقال: "ألقوها وما حولها، وكلوه".
أخرجه البخاري في صحيحه برقم: 5540، فتح الباري 9/668، كتاب الذبائح والصيد، باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب.(8/3997)
قال إسحاق: كما قال، وإن كان كثيراً، وكذلك السمن والعسل، وما أشبههما. 1
[2845-] قلت: الطافي 2 من السمك وما جزر 3 عنه الماء؟
قال: الطافي لا بأس به، وما جزر عنه الماء أجود. 4
__________
1 أشار ابن حجر إلى قول الإمام إسحاق رحمه الله في المسألة في فتح الباري 9/669.
2 طفا الشيء فوق الماء طَفْواً، وطفُواً على فعول، إذا علا، ولم يرسب. ومنه السمك الطافي، وهو الذي يموت في الماء، ثمّ يعلو فوق وجهه. المصباح المنير 2/374.
3 الجزر ضدّ المدّ: وهو رجوع الماء إلى الخلف.
مختار الصحاح صـ102، والنهاية لابن الأثير 1/268.
4 نقل صالح عن أبيه مثل هذه الرواية فقال: سألته: السمك الطافي؟ قال: ليس به بأس، قال: إنّ أبا بكر أكله. مسائل صالح صـ50.
ونقل مثل هذه الرواية أبو داود السجستاني في مسائله عن الإمام أحمد صـ258.
وأشار إلى هذه الرواية ابن قدامة في المغني 8/572.
السمك وغيره من ذوات الماء التي لا تعيش إلاّ فيه، إذا مات بسبب مثل أن صاده إنسان، أو نبذه البحر، أو جزر عنه، فإن العلماء أجمعوا على إباحته. وكذلك ما حبس في الماء بحظيرة حتّى يموت فلا خلاف فيه أيضاً، وإنّما اختلفوا في الطافي، وليس به بأس.
قال المرداوي: هذا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، ولو كان طافياً.
وعن الإمام أحمد رواية: أنّه يحرم السمك الطافي.
انظر: المغني 8/572، والإنصاف 10/384، والكافي 1/477، وراجع: مختصر الخرقي صـ209، ومطالب أولي النهى 6/328.(8/3998)
قال إسحاق: كلاهما 1 يؤكلان، مضت السنة بذلك. 2
__________
1 في العمرية بلفظ "كليهما".
2 وعن عمرو أنّه سمع جابراً رضي الله عنه يقول: "غزونا جيش الخبط وأمر أبو عبيدة، فجعنا جوعاً شديداً، فألقى البحر حوتاً ميتاً لم يُرَ مثله، يقال له "العنبر"، فأكلنا منه نصف شهر، فأخذ أبو عبيدة عظماً من عظامه فمرّ الراكب تحته".
أخرجه البخاري في صحيحه برقم: 5493، فتح الباري 9/615، كتاب الذبائح والصيد، باب قول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْر} .
ومسلم في صحيحه 3/1536، كتاب الصيد والذبائح، باب إباحة ميتات البحر برقم: 1935، بأطول ممّا هنا. ومن طريق أحمد بن يونس عن زهير، عن أبي الزبير عن جابر، وطرق أخرى.
والطافي روي فيه عن جابر بن عبد الله قوله: "ما طفا فلا تأكلوه، وما كان على حافته، أو حسر عنه الماء فكلوه".
روي هذا الخبر عن جابر رضي الله عنه من طريقين، ولم يسلم أحد الطريقين من قادح.
ففي أحدهما: إسماعيل بن عيّاش، وهو ضعيف.
والآخر: عن أبي الزبير عن جابر، ولم يذكر أنّه سمعه منه.
وروي مثل قول جابر عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عبّاس رضي الله عنه، والحسن وابن سيرين وجابر بن زيد.
وهي عن علي رضي الله عنه لا تصحّ، لأنّ ابن فضيل لم يسمع من عطاء بن السائب، إلاّ بعد اختلاطه، وهي عن ابن عبّاس من طريق أجلح، وليس بالقوي، لكنه صحيح عن الحسن وابن سيرين وجابر.
[] انظر: المحلّى 7/395-396، ومصنّف ابن أبي شيبة 5/380، والصيد والتذكية صـ81، وتفسير القرطبي 6/318.
وقول جابر بن عبد الله رضي الله عنه روي عنه مرفوعاً، إلاّ أن أبا داود رحمه الله قال: روى هذا الحديث سفيان الثوري، وأيّوب وحمّاد عن أبي الزبير أوقفوه على جابر، وقد أسند هذا الحديث أيضاً من وجه ضعيف. انظر: مختصر سنن أبي داود للمنذري 5/325.
وصوب الزيلعي إيقافه على جابر رضي الله عنه في نصب الراية 4/203.
ويستدلّ بجواز أكل السمك الطافي بعموم قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} سورة المائدة آية رقم: (96) .
روي عن ابن عبّاس رضي الله عنه: طعامه ميتته. تفسير القرطبي 6/318.
ولما جاء عن المغيرة بن أبي بردة - وهو من بني عبد الدار- أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: "سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته".
الحديث رواه الترمذي في سننه 1/100، أبواب الطهارة، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور حديث رقم: 69، واللفظ(8/3999)
له.
وأبو داود في سننه 1/21، كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر حديث رقم 83.
والنسائي في سننه 1/50، كتاب الطهارة، باب ماء البحر.
والدارمي في سننه 1/186، كتاب الصلاة والطهارة، باب الوضوء من ماء البحر.
وابن ماجه في سننه 1/136، كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء بماء البحر حديث رقم: 386.
والإمام أحمد في مسنده 2/393.
قال الإمام أحمد رحمه الله في الحديث السابق: "هذا خير من مائة حديث". المغني 8/582.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. سنن الترمذي 1/101.
وقال الترمذي: سألت محمّد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، فقال: هو حديث صحيح. مختصر سنن أبي داود للمنذري 1/81.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وشواهده كثيرة، ولم يخرجاه، ثمّ ذكر الشواهد. المستدرك للحاكم 1/140.
[] وتبعهم الألباني في تصحيح الحديث في إرواء الغليل 1/42-43.
قال الخطابي: وفيه دليل على أنّ السمك الطافي حلال، وأنّه لا فرق بين ما كان موته في الماء، وبين ما كان موته خارج الماء من حيوانه. معالم السنن 1/83.
وقال ابن حزم: لا يطفو الحوت أصلاً إلا حتّى يموت أو يقارب الموت، فإذا مات طفا ضرورة ولا بدّ، فتخصيصهم الطافي بالمنع، وإباحتهم ما مات في الماء تناقض. المحلّى 7/398.(8/4000)
[2846-] قلت: ذكاة الجراد وما وجد ميتاً؟
قال: ذكاة الجراد أخذه، 1 وأمّا إذا قتله البرد أتوقّاه. 2
__________
1 في العمرية بلفظ "إذا أخذه"، بإضافة "إذا" قبل "أخذه"، والصواب ما أثبته، لأنّه لا يحتاج إلى تقدير، لتمام الجملة بالمبتدأ والخبر، بخلاف ما لو كانت "إذا" موجودة، فإنّها تحتاج إلى تقدير جملة تكون جواباً لها، وما لا يحتاج إلى تقدير أولى ممّا يحتاج إليه.
2 نقل ابن هانئ عن الإمام أحمد رحمه الله مثل هذه الرواية فقال: سألته عن الجراد يوجد في الصحراء، قال: كله، إلاّ أن تعلم أنّ البرد قتله، فلا تأكله. مسائل ابن هانئ 2/134، برقم: 1756.
وللإمام أحمد رحمه الله في ميتة الجراد روايات:
إحداها: يباح أكل الجراد، ولا فرق بين أن يموت بسبب، أو بغير سبب. وهذا المذهب.
والثانية: أنّ الجراد إذا قتله البرد لا يؤكل.
والثالثة: أنّ الجراد لا يؤكل إذا مات بغير سبب.
[] انظر: المغني 8/572، والإنصاف 10/384-385، والكافي 1/477، والفروع 6/309، ومطالب أولي النهى 6/326، والروايتين والوجهين لوحة 196.
ودليل الرواية التي عليها المذهب، ما جاء عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحلّ لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأمّا الدمان فالكبد والطحال".
وقد سبق تخريج الحديث في مسألة رقم: (2833) ، وبينت هناك أنّ الصحيح وقف الحديث على ابن عمر رضي الله عنه، إلاّ أنّ له حكم الرفع، لأنّ قول الصحابي: "أحلّ لنا"، أو: "حرم علينا" له حكم الرفع؛ لأنّه من المعلوم أنّهم لا يحلّ لهم، ولا يحرم عليهم إلاّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، كما تقرر ذلك في علوم الحديث.
ودليل رواية ابن منصور رحمه الله: عموم قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} وهذه ميتة، ومن جهة المعنى: أنّ هذا من حيوان البرّ فلم يجز أكله بغير ذكاة، أصل ذلك سائر حيوان البرّ.
انظر الروايتين والوجهين لوحة 196، والمنتقى للباجي 3/129.
قال ابن المنذر: وأجمعوا على إباحة أكل الجراد إذا وجد ميتاً، وانفرد مالك بن أنس، والليث ابن سعد، فحرماه.
الإجماع لابن المنذر صـ78، وراجع: المنتقى للباجي 3/129، وبداية المجتهد 1/325(8/4002)
قال إسحاق: كما قال، لأنّ البرد إذا مات منه، فقد مات بغير منيته.
[2847-] قلت: نفخ اللحم؟
قال: أكرهه. 1
__________
1 نقل هذه الرواية المرداوي في الإنصاف فقال: نقل ابن منصور عن الإمام أحمد -رحمه الله-: أكره نفخ اللحم. الإنصاف 10/405.
قال ابن قدامة: ويكره النفخ في اللحم الذي يريده للبيع، لما فيه من الغش. المغني 8/580.
وزاد البهوتي قوله: بخلاف ما يذبحه لنفسه، وينفخه، لسهولة السلخ. كشّاف القناع 6/211، وراجع: مطالب أولي النهي 6/336.(8/4003)
قال إسحاق: كما قال.
[2848-] قلت: تكره الجري؟ 1
قال: لا 2 والله، وكيف لنا بالجري. 3
__________
1 الجري بفتح الجيم، ويقال له الجريث نوع من السمك يشبه الحيات وقيل: سمك لا قشر له، ويقال له أيضاً المرماهي، والسلور مثله، وقيل نوع عريض الوسط دقيق الطرفين.
تاج العروس 10/72، وفتح الباري 9/615، وحياة الحيوان للدميري 1/193.
قال صاحب المنجد: الجري بكسر الجيم وتشديد الراء والياء، أو الجريث، نوع من السمك النهري الطويل المعروف بالحنكليس، ويدعونه في مصر ثعبان الماء، ليس له عظم إلاّ عظم الرأس، والسلسلة. المنجد صـ89، وله صورة في الصفحة المقابلة لصفحة 505 ضمن صور أنواع الأسماك.
2 في العمرية بلفظ: "قلت تكره الجري؟ " قال: لا. كذلك قال إسحاق: كما قال.
3 نقل نصّ المسألة القاضي الفراء في كتابه: المسائل التي حلف عليها الإمام أحمد -رحمه الله-، لوحة رقم: 3.
ونقلها ابن قدامة دون ذكر راوي المسألة، فقال: قيل لأبي عبد الله: يكره الجري؟ قال: لا. والله وكيف لنا الجري؟ المغني 8/608.
وممن رخص في أكل الجري: علي رضي الله عنه، والحسن، وسئل ابن عبّاس رضي الله عنه عن الجريث فقال: لا بأس به، إنما هو شيء كرهته اليهود.
انظر: المغني 8/608، ومصنف عبد الرزّاق 4/538، وفتح الباري 9/615.
ونقل الدميري عن البغوي قوله: إن الجريث حلال بالاتفاق، وهو قول أبي بكر، وعمر، وابن عبّاس، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة، رضي الله تعالى عنهم. وبه قال شريح والحسن وعطاء. حياة الحيوان للدميري 1/193.(8/4004)
قال إسحاق: [كما قال] لا بأس به.
[2849-] قلت: 1 صيد المجوسي في البحر؟
قال: لا باس به. 2
__________
1 هذه المسألة انفردت بنقلها النسخة الظاهرية، وغير موجودة في العمرية.
2 نقل الفراء هذه الرواية في كتابه الروايتين والوجهين، فقال: هل يباح أكل صيد المجوسي من البحر أم لا؟
فنقل حنبل عنه: لا يعجبني أن يؤكل من صيد المجوسي في برّ ولا بحر، فظاهر هذا المنع.
ونقل ابن منصور في المجوسي يصيد السمك في البحر والجراد لا بأس به. انظر الروايتين والوجهين لوحة رقم: 195.
قال الخرقي: ولا يؤكل صيد المجوسي، إلاّ ما كان من حوت، فإنه لا ذكاة له. مختصر الخرقي صـ209.
قال ابن قدامة معلقاً على عبارة الخرقي: "ولا خلاف في إباحة ما صادوه من الحيتان، حكي عن الحسن البصري أنه قال: رأيت سبعين من الصحابة يأكلون صيد المجوسي من الحيتان، لا يختلج في صدورهم شيء من ذلك.
والجراد كالحيتان في ذلك، لأنه لا ذكاة له، ولأنه مباح ميتته فلم يحرم بصيد المجوسي، كالحوت.
المغني 8/571 وراجع: مطالب أولي النهي 6/342.
وعن الإمام أحمد رحمه الله: "أنه يحرم سمك وجراد صاده مجوسي ونحوه". والمذهب الأول. انظر: الإنصاف 10/385.(8/4005)
قلت: والجراد؟
قال: والجراد كذلك.
قال إسحاق: كما قال. 1
[2850-] قلت: شاة تردت 2 فكسرت فأدركها صاحبها وهي تحرك فذبحها و 3 سال الدمّ ولم تتحرك؟
__________
1 نقل النووي قول الإمام إسحاق فقال: مذهبنا إباحة ما صاده المجوسي من السمك ومات في يده، وهكذا الجراد. فأما السمك فمجمع عليه وأما الجراد فوافقنا عليه الأوزاعي، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وجمهور العلماء. قال الليث ومالك: "لا يؤكل ما صاده من الجراد بخلاف السمك"، وفرقهما ضعيف. المجموع للنووي 9/73.
2 يقال ردى في البئر: إذا سقط فيها، كتردّى، ومنه المتردية وهي التي تطيح في بئر فتموت.
وقال الليث: التردي التهور في مهواة، وأرداه غيره أسقطه، ورداه تردية مثل ذلك.
تاج العروس 10/147 مادة "ردي"، والمطلع على أبواب المقنع صـ383، والنهاية لابن الأثير 2/216.
3 في العمرية بلفظ "فسال"، واللفظ متقارب.(8/4006)
قال: هذا أشدّ مما روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه. 1
__________
1 الذي روي عن زيد بن ثابت ذكره عبد الرزّاق بإسناده عن أبي مرة مولى عقيل أنه وجد شاة لهم تموت، فذبحها فتحركت، قال: فسألت زيد بن ثابت، فقال: "إن الميتة لتتحرك". قال: وسأل أبا هريرة، فقال: "كلها إذا طرفت عينها، أو تحركت قائمة من قوائمها".
مصنف عبد الرزّاق 4/499، كتاب المناسك، باب الرجل يضع منجله برقم: 8636، واللفظ له.
ومصنف ابن أبي شيبة 5/395، كتاب الصيد، في الذكاة إذا تحرك منها شيء فكل.
والبيهقي في السنن الكبرى 9/250، كتاب الصيد والذبائح، باب ما جاء في البهيمة تريد أن تموت فتذبح.
وابن حزم في المحلى 7/458، كتاب الصيد والتذكية.
ونقل عبد الله نحو هذه الرواية فقال: قال أبي أكتب، وأملى عليّ: "إذا ذكيت ففحصت بذنبها، وطرفت بعينها، وسال دمها، فلا بأس بأكلها". مسائل عبد الله صـ265 برقم:983.
قال في الكافي: المتردية، والنطيحة، وما أكل السبع، والمريضة إذا أُدرك ذكاؤها، وفيها حياة مستقرة حلت. لقوله تعالى: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة جزء من آية رقم: (3) ] وما لم يبق فيه إلاّ مثل حركة المذبوح لا يباح، لأنه صار في حكم الميت، وكذلك لو ذبحها بعد ذبح الوثني لها لم تبح. الكافي 1/480.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن دابّة ذبحت، فخرج منها دم كثير ولم تتحرك. فأجاب: إذا خرج منها الذي يخرج من الحي المذبوح في العادة هو دم الحي، فإنه يحلّ أكلها في أظهر قولي العلماء.
[] مجموع الفتاوى 35/235. وراجع: المغني 8/583، والمبدع 9/221-222، والإنصاف 10/396-397.(8/4007)
قال إسحاق: لا بأس بهذا، لأن في قول أبي هريرة، 1 وابن عبّاس 2 [رضي الله عنهما]
__________
1 هو عبد الرحمن بن صخر، الدوسي اليماني. حفظ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم الكثير، وعن أبي بكر، وعمر، وأبي بن كعب. وكان من أوعية العلم، ومن كبار أئمّة الفتوى مع الجلالة والعبادة والتواضع، ولي إمرة المدينة، وناب أيضاً عن مروان في إمرتها. توفّي سنة ثمان وخمسين هجرية.
الإصابة 4/202، وأسد الغابة 5/315، وتذكرة الحفاظ 1/32، وطبقات الحفاظ صـ17.
وتقدم ذكر الأثر المروي عنه في التعليق على قول الإمام أحمد: (هذا أشد مما روي عن زيد بن ثابت) من هذه المسألة.
2 هو عبد الله بن عباس، بن عبد المطلب، أبو العباس الهاشمي، ابن عمّ الرسول صلى الله عليه وسلم، وأبو الخلفاء. دعا النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يفقّهه الله في الدين، ويعلّمه التأويل، وهو حَبر هذه الأمّة، وترجمان القرآن، وأحد العبادلة الأربعة. ولد سنة ثلاث قبل الهجرة، وتوفّي بالطائف سنة ثمان وستّين، وصلّى عليه محمّد بن الحنفية وقال: اليوم مات ربّاني هذه الأمّة،.
انظر: الإصابة 2/330، وأسد الغابة 3/192، وتذكرة الحفاظ 1/40، وحلية الأولياء 1/314، وتاريخ بغداد 1/173.
والأثر المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه عبد الرزّاق بإسناده عن أبي طلحة، قال: عدا الذئب على الشاة فأفرى بطنها، فسقط منه شيء على الأرض، فسألت ابن عباس فقال: "انظر إلى ما سقط من الأرض فلا تأكله، وأمره أن يذكيها فيأكلها".
رواه عبد الرزّاق في مصنّفه 4/494، كتاب المناسك، باب ما يقطع من الذبيحة برقم: 8613 من طريق ابن عيينة، عن ركين بن ربيع عن أبي طلحة.(8/4008)
رخصة. 1
[2851-] قلت: رجل ذبح شاة فتركها ساعة، حتّى إذا ظنّ أنّ نفسها خرجت قطع رأسها، فتحرّكت بعد ذاك؟
__________
1 نقل النووي قول الإمام إسحاق رحمه الله ضمن أقوال العلماء نقلاً عن ابن المنذر فقال: قال ابن المنذر: روينا عن علي رضي الله عنه: "إن أدركها وهي تحرّك يداً أو رجلاً فذكاها حلّت". قال: وروي معنى ذلك عن أبي هريرة، والشعبي والحسن البصري وقتادة، ومالك. وقال الثوري: "إذا خرق السبع بطنها، وفيها الروح فذبحها فهي ذكية". وبه قال أحمد وإسحاق.
[] المجموع 9/92، وراجع مصنّف ابن أبي شيبة 5/395-396.
بهذا يتبيّن: أنّ الشاة المصابة، إذا كانت تعيش زمناً يكون الموت بالذبح أسرع منه، حلّت بالذبح، وأنّها متى كانت لا يتيقّن موتها كالمريضة أنّها متى تحركت، وسال دمها حلّت. والله أعلم. راجع المغني 8/585
أمّا إذا كانت حركتها لا تدلّ على استقرار الحياة فيها، وهي ما تسمّى بحركة المذبوح، فإنّ الذكاة لا تحلّها، لأنّها في حكم الميتة.(8/4009)
قال: لا بأس به، إذا كان قد 1 أفرى الأوداج. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
[2852-] قلت: أيّ الأسنان يجوز في الضحية من البقر 4 والإبل والغنم؟
قال: لا يجوز في الأضاحي إلاّ الثني 5 فصاعداً من الإبل والبقر
__________
1 في العمرية بحذف لفظ "قد".
2 الذي عليه المذهب: أنه يشترط لحل الذبيحة قطع الحلقوم والمريء، ولا خلاف في أن الأكمل قطع الأربعة: الحلقوم والمريء والودجين فالحلقوم مجرى النفس، والمريء وهو مجرى الطعام والشراب، والودجان وهما عرقان محيطان بالحلقوم، لأنه أسرع لخروج روح الحيوان، فيخفف عليه ويخرج من الخلاف فيكون أولى، والأول يجزي، لأنه قطع في محل الذبح ما لا تبقي الحياة مع قطعه، فأشبه ما لو قطع الأربعة.
انظر: الإنصاف 10/392، والمغني 8/575، وتقدم في المسألة رقم: (2816) القول بكراهة إبانة الرأس أثناء الذبح.
3 نقل النووي قول الإمام إسحاق رحمه الله أثناء ذكر المذاهب في المسألة فقال: في مذاهبهم فيما يقطع من الشاة بعد الذكاة قبل أن تبرد: مذهبنا أن الفعل مكروه، والعضو المقطوع حلال، وبه قال مالك وأبو حنيفة، وأحمد وإسحاق. وكره ذلك عطاء، وقال عمرو بن دينار: ذلك العضو ميتة. المجموع 9/91.
4 في العمرية بلفظ "الإبل والبقر والغنم".
5 الثني في اللغة: الذي يلقي ثنيته، ويكون ذلك في الظلف والحافر في السنة الثالثة، وفي الخفّ في السنة السادسة. تاج العروس 10/62.
قال ابن قدامة: ثني المعز إذا تمت له سنة، ودخل في الثانية، والبقرة إذا صار لها سنتان، ودخلت في الثالثة، والإبل إذا كمل لها خمس سنين، ودخلت في السادسة. المغني 8/623.(8/4010)
والغنم، إلاّ الجذع من الضأن. 1
قال إسحاق: كما قال سواء.
[2853-] قلت: إذا كان في غير مصر يذبح قبل أن يصلي الإمام؟
قال: لا 2 يعجبني. 3
__________
1 نقل عبد الله نحو هذه الرواية عن أبيه في مسألة صـ267 برقم: 990.
وقال ابن هانئ: سألت أبا عبد الله: هل يجزئ الجذع من المعز؟
فقال: لا يجزئ الجذع من المعز، ولكنه يجزئ من الضأن، إذا كان سميناً وافياً. مسائل ابن هانئ 2/129 برقم: 1731.
قال الخرقي: "ولا يجزئ إلاّ الجذع من الضأن، والثني مما سواه". مختصر الخرقي صـ212.
قال المرداوي: "هذا المذهب مطلقاً نصّ عليه، وعليه الأصحاب".
الإنصاف 4/74، وراجع: الكافي 1/471، والمبدع 3/277، وكشّاف القناع 2/531.
2 في العمرية بلفظ "ما يعجبني".
3 نقل حنبل وحرب: لا يضحي حتى يصلي الإمام في المصر، وينحر لوقت صلاة العيد إذا كانوا في قرية لا يعيد فيها، ولا يجزئ الذبح قبل الصلاة.
فظاهر هذا: أن وقت الذبح يدخل بفعل صلاة العيد في الموضع الذي لا تقام فيه الصلاة، أو يمضي وقت صلاة العيد في الموضع الذي لا يقام فيه الصلاة. انظر: الروايتين والوجهين لوحة 197.
قال المرداوي: "واعلم أنّ الصحيح من المذهب أن وقت الذبح بعد صلاة العيد فقط في حقّ أهل الأمصار، والقرى ممن يصلي."
الإنصاف 4/84، وراجع: المبدع 3/283.
وعن الإمام أحمد رواية ثانية: أن وقت ذبح الأضحية بعد صلاة العيد والخطبة. واختار هذه الرواية ابن قدامة في الكافي.
انظر: الإنصاف 4/84، والكافي 1/472، وراجع: مختصر الخرقي صـ213، والمغني 8/636، ومطالب أولي النهى 2/469.
ودليل الرواية التي عليها المذهب ما رواه البراء رضي الله عنه قال سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: "إن أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي، ثمّ نرجع فننحر، فمن فعل هذا فقد أصاب سنتنا، ومن نحر فإنما هو لحم يقدمه لأهله، ليس من النسك في شيء. فقال أبو بردة: يا رسول الله، ذبحت قبل أن أصلي، وعندي جذعة خير من مسنة فقال: "اجعلها مكانها، ولن تجزئ- أو توفي- عن أحد بعدك".
أخرجه البخاري في صحيحه برقم: 5560، فتح الباري 10/19، كتاب الأضاحي، باب الذبح بعد الصلاة، واللفظ له.
ومسلم في صحيحه 3/1553، كتاب الأضاحي، باب وقتها برقم:1960.(8/4011)
قال إسحاق: بل يذبحون إذا طلع الفجر، إلاّ أن يكون يصلي فيها إمام. 1
__________
1 قال ابن حجر: قال أحمد وإسحاق: "إذا فرغ الإمام من الصلاة جازت الأضحية". فتح الباري 10/21.
ونقل ابن قدامة عن الإمام إسحاق أنّ شرط جواز التضحية في حقّ أهل المصر صلاة الإمام وخطبته. المغني 8/637.
قال النووي: قال أحمد: لا يجوز -ذبح الأضحية- قبل صلاة الإمام، ويجوز بعدها قبل ذبح الإمام، وسواء عنده أهل القرى، والأمصار، ونحوه عن الحسن البصري والأوزاعي وإسحاق بن راهويه.
[] انظر المجموع 8/389، وشرح صحيح مسلم للنووي 13/110-111.(8/4012)
[حدّثنا إسحاق بن منصور، أنبأنا النضر بن شميل، 1 حدّثنا الأشعث 2 عن الحسن، أنّه كان يكره أن يذبح قبل صلاة الإمام لمصلٍّ أو لغيره.
وسئل الحسن عن رجل صلّى في مسجد الجامع، ثمّ ذبح قبل
__________
1 هو النضر بن شميل المازني، أبو الحسن النحوي، نزيل مرو. ثقة ثبت، مات سنة أربع ومائتين، وله اثنتان وثمانون سنة.
انظر: تهذيب التهذيب 10/437، وتقريب التهذيب صـ357، ووفيات الأعيان 5/397، الكاشف 3/203 وبغية الوعاة صـ404.
2 هو أشعث بن عبد الملك الحمراني - بضمّ المهملة - منسوب إلى حمران مولى عثمان ابن عفّان رضي الله عنه، بصري، يكنّى أبا هانئ، ثقة فقيه. مات سنة اثنتين وأربعين ومائة، وقيل سنة ستّ وأربعين ومائة.
انظر: تهذيب التهذيب 1/357، تقريب التهذيب صـ37، تهذيب الكمال 3/277، الكاشف 1/135 وميزان الاعتدال 1/266.(8/4013)
صلاة الإمام، قال: يعيد] . 1
[2854-] قلت: يذبح بعد الصلاة والإمام يخطب بمصر؟
قال: حتّى ينصرف الإمام. 2
قال إسحاق: كلّما فرغ الإمام 3 من الخطبة حلّ الذبح. 4
[2855-] قلت: يذبح الشاة عن أهل بيته؟
قال: قد قال 5 ذلك أبو هريرة [رضي الله عنه] ، 6 وحديث النبيّ صلى الله عليه وسلم عن أمته. 7
__________
1 انظر قول الحسن البصري رحمه الله في: شرح مسلم للنووي 13/111، والمجموع 8/389.
2 في العمرية بحذف "الإمام".
3 في العمرية بلفظ "الأمير".
4 سبق تحقيق هذه المسألة ضمن المسألة السابقة (2853) .
5 في العمرية بلفظ "فعل".
6 عن عكرمة قال: كان أبو هريرة رضي الله عنه يجيء بالشاة فيقول أهله: وعنا؟ فيقول: وعنكم.
رواه البيهقي في السنن الكبرى 9/269، كتاب الضحايا، باب الرجل يضحي عن نفسه، وعن أهل بيته.
7 عن جابر بن عبد الله قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأضحى بالمصلى، فلما قضى خطبته نزل من منبره وأتي بكبش فذبحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال: "بسم الله والله أكبر هذا عنّي، وعمن لم يضح من أمتي".
رواه أبو داود في سننه 3/99، كتاب الأضاحي، باب في الشاة يضحّى بها عن جماعة برقم: 2810 واللفظ له.
والترمذي في سننه 4/100، كتاب الأضاحي، باب 22 حديث رقم: 1521.
والدارقطني في سننه 4/285، باب الصيد والذبائح والأطعمة وغير ذلك برقم: 51.
والحاكم في المستدرك 4/229، كتاب الأضاحي، من الطريق السابق، وذكر عدة أحاديث بطرق أخرى وقال: هذه الأحاديث كلّها صحيحة الأسانيد في الرخصة في الأضحية بالشاة الواحدة عن الجماعة التي لا يحصى عددهم، خلاف من يتوهّم أنّها لا تجزئ إلاّ عن الواحد.
قال الألباني: وأقرّه الذهبي، وهو كما قالا، فإنّ رجاله كلّهم ثقات، وإنّما يخشى من تدليس المطلب، وقد عنعنه في رواية الترمذي وغيره فلعله استغربه من أجلها، لكن قد صرّح بالتحديث في رواية الطحاوي وغيره، فزالت بذلك شبهة تدليسه. إرواء الغليل 4/350.
ونقل عبد الله مثل هذه الرواية عن أبيه في مسائله صـ262 برقم: 971.
وسأله ابن هانئ عن الرجل يضحّي عن أهل بيته؟ قال: لا بأس أن يضحّي بالكبش عن أهل بيته. وذكر الحديث(8/4014)
السابق. مسائل ابن هانئ 2/130 برقم: 1737.
قال ابن قدامة: ولا بأس أن يذبح الرجل عن أهل بيته شاة واحدة أو بقرة، أو بدنة. نصّ عليه أحمد. المغني 8/620.
وقال المرداوي: وتجزئ الشاة عن الواحد بلا نزاع، وتجزئ عن أهل بيته، وعياله على الصحيح من المذهب نصّ عليه. وعليه أكثر الأصحاب، قطع به كثير منهم.
الإنصاف 4/75، وراجع: الفروع 3/541، والمبدع 3/278.(8/4015)
قال إسحاق: كما قال. 1
2856 - قلت: البقرة عن سبعة من غير أهل البيت؟
قال: أي والله، 2 اشترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا من أهل البيت. 3
__________
1 نقل قول الإمام إسحاق رحمه الله الترمذي فقال بعد ذكر حديث عبد الله بن جابر رضي الله عنه السابق: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق، واحتجّا بحديث النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه ضحّى بكبش فقال: عمّن لم يضحّ من أمّتي. سنن الترمذي 4/91.
وراجع: المغني 8/620، وأضواء البيان 5/639، واختلاف الصحابة والتابعين وأئمّة المجتهدين، لوحة رقم: 133.
2 قال الخرقي: وتجزئ البدنة عن سبعة، وكذلك البقرة. مختصر الخرقى ص212.
قال ابن قدامة: إذا ثبت هذا: فسواء كان المشتركون من أهل بيت أو لم يكونوا، مفترضين، أو متطوعين، أو كان بعضهم يريد القربة، وبعضهم يريد اللحم، لأن كل إنسان منهم إنما يجزئ عنه نصيبه، فلا تضره نية غيره. المغني 8/620.
قال المرداوي: وهذا المذهب. نص عليه. الإنصاف 4/76.
وراجع: المبدع 3/278، والكافي 1/472، وتقدم في المناسك في المسألة رقم: (1499) أن البقرة والبدنة تنحر عن سبعة.
3 يشير إلى ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنحرنا البعير عن سبعة، والبقرة عن سبعة.
الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه 2/955، كتاب الحج -، باب الاشتراك في الهدي، وإجزاء البقرة والبدنة كل منهما عن سبعة برقم:1318، من طريق أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.(8/4016)
قال إسحاق: لا يعجبني بأن 1 يخرج ذلك إلى غير أهل البيت، لما ذكر عن [أصحاب] النبي صلى عليه وسلم ذلك.
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم مجمل، مع أن أولئك مع النبي صلى الله عليه وسلم كانوا لا 2 يقاسمون اللحم. فلو 3 كان اليوم قوم يفعلون ذلك، وهم غير أهل البيت. لجاز ذلك أيضاً. 4
__________
1 في العمرية بلفظ:" أن".
2 في العمرية بلفظ:" مع أن أولئك مع النبي صلى الله عليه وسلم يقاسمون اللحم ".
3 في العمرية بحذف "الفاء" من " فلو كان".
4 لعله يريد أن يقول: إنهم إذا كانوا يريدون النسك فالاشتراك جائز، وإن كان بعضهم يريد النسك، وبعضهم اللحم لم يجز. وهذا القول يوافق مذهب الحنفية، وقول الإمام مالك. فقد قال: أحسن ما سمعت في البدنة والبقرة والشاة أن الرجل ينحر عنه وعن أهل بيته البدنة، وتذبح البقرة والشاة الواحدة وهو يملكها ويذبحها عنهم ويشركهم فيها. فأما أن يشتري النفر البدنة أوالبقرة أوالشاة يشتركون فيها في النسك، والضحايا، فيخرج كل إنسان منهم حصة من ثمنها، وتكون له حصة من لحمها، فإن ذلك يكره، وإنما سمعت الحديث أنه لا يشترك في النسك، وإنما يكون عن أهل البيت الواحدة.
انظر: معالم السنن 2/389، والل، باب في شرح الكتاب 1/223، والمنتقى للباجي 3/98.
ونقل ابن حزم عن الإمام إسحاق رحمه الله مثل قول الإمام أحمد رحمه الله فقال: قال سفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو سليمان: تجزئ البقرة، أو الناقة عن سبعة فأقل، أجنبيين وغير أجنبيين، يشتركون فيها، ولا تجزئ عن أكثر. المحلّى 7/381.
وتقدم في المناسك في المسألة رقم: (1499) قول إسحاق: إن البدنة والبقرة تنحر عن سبعة وإن نحر البدنة عن عشرة أجزأه.(8/4017)
[2857-] قلت: كم الأضحى؟ [ثلاثة أيام] .
قال: ثلاثة أيام، يوم النحر، ويومان بعده 1.
قال إسحاق: كما قال.
[2858-] قلت: يذبح في الأيام بالليل؟
__________
1 نقل ابن قدامة مثل هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله فقال: قال أحمد: أيام النحر ثلاثة، عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
المغني 8/638، وراجع: المبدع 3/284.
قال المرداوي تعليقاً على عبارة المقنع: إلى آخر يومين من أيام التشريق. هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم.
الإنصاف 4/86، وراجع: الفروع 3/546.
روي مثل هذا القول عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأنس رضي الله عنهم.
[] المحلّى 7/377-378، والمجموع 8/390(8/4018)
إنما قيل يومان بعد [يوم] النحر، لم يقل بالليل. 1
قال إسحاق: كلما كان بعد ليلة الأضحى في الليالي التي ينحر في أيامها فلا بأس. 2
[2859-] قلت: 3 سئل علي رضي الله عنه عن القرن؟
__________
1 للإمام أحمد رحمه الله في الذبح في الأيام بالليل روايتان:
إحداهما: أن الذبح لا يجزئ في ليلتي يومي التشريق. نص عليه في رواية الأثرم، واختارها جماعة منهم الخلال قال: وهي رواية الجماعة. الإنصاف 4/87.
[1-] ووجه هذه الرواية قوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} . سورة الحج الآية (28) .
[2-] وما رواه زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذبح بالليل". رواه ابن حزم في المحلى 7/379.
[3-] ولأن الليل تتعذر فيه تفرقة اللحم في الغالب، فلا يفرق طرياً، فيفوت بعض المقصود. المغني 8/639.
والثانية: أن الذبح يجوز ليلاً ويجزئ. وهو صحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب: منهم القاضي أبو يعلي الفراء، وأصحابه.
المغني 8/639، والإنصاف 4/87، والمبدع 3/385، والفروع 3/546.
2 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: المغني 8/639، والمجموع 8/391، وتفسير القرطبي12/44.
3 في العمرية بلفظ: " قلت: قول علي رضي الله عنه سئل عن القرن فقال: لا يضرك".(8/4019)
فقال: لا يضرك.
قال: 1 العرجاء؟
قال: إذا بلغت المنسك 2.
قال: يعني لا بأس [ظ-90/أ] بالمكسورة القرن. 3
وإذا بلغت المنسك.
[قال: إذا بلغت المنحر] . 4
__________
1 في العمرية بلفظ: "قلت: العرجاء"، والصواب ما أثبته، لأنه جزء من الأثر الذي سأذكره في التعليق التالي.
2 عن حجية بن عدي قال: أتى رجل علياً، فسأله عن المكسورة القرن، فقال: " لا يضرك" قال: عرجاء؟ قال: "إذا بلغت المنسك. أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن".
الحديث رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار 4/170، كتاب الصيد والذبائح والأضاحي، باب العيوب التي لا تجوز الهدايا والضحايا إذا كانت بها، من طريق سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي به.
ورواه الترمذي في سننه 4/90، كتاب الأضاحي، باب التضحية بعضباء القرن والأذن- حديث رقم: 1503 من طريق علي بن حجر عن شريك عن سلمة بن كهيل، عن حجية بن عدي عن عدي. وقال: هذا حديث حسن صحيح.
3 هذا التفسير من قول الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
[] راجع: الإنصاف 4/78-79، والمغني 8/634، والمبدع 3/279، والفروع 3/542.
4 هذه الجملة التي بين القوسين من قول راوي الكتاب عن الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وهو إسحاق بن منصور الكوسج رحمهم الله تعالى. والجملة انفردت بها النسخ العمرية.(8/4020)
قال: إذا بلغت المنحر.
قال إسحاق: كما قال. 1
[2860-] قلت: إذا اشترى الضحية 2 صحيحة، فأصابها مرض، أو عور أو كسر؟
قال: يقال إنها تفي. 3
قال إسحاق: كما قال، لأنه اشترى على الصحة، ثم
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في مقادير العيوب التي لا تجوز معها الأضحية، في: معالم السنن للخطابي 4/107.
2 في العمرية بلفظ:" أضحية".
3 نقل صالح نحو هذه الرواية عن أبيه فقال: قلت: الأضحية إذا اشتراها فأعورت، أو عجفت؟ قال: يذبحها تجزيه. مسائل صالح ص151.
قال ابن قدامة: إنه إذا أوجب أضحية صحيحة سليمة من العيوب، ثم حدث بها عيب يمنع الإجزاء، ذبحها وأجزأته. روي هذا عن عطاء والحسن، والنخعي، والزهري، والثوري، ومالك، والشافعي، وإسحاق.
المغني 8/626، وراجع الإنصاف 4/98، والمبدع 3/292، ومختصر الخرقي ص213.(8/4021)
أصابها [ذلك] بعد [ذلك] ، فهي وافية عنه. 1
[2861-] قلت: قول علي [رضي الله عنه] لا مقابلة، ولا مدابرة، ولا شرقاء ولا خرقاء. 2
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: المغني 8/626.
ودليل هذه المسألة: ما رواه محمد بن قرظه، عن أبي سعيد الخدري قال: اشتريت كبشاً أضحي به فعدا الذئب فأخذ الإلية، قال: فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"ضح به".
الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده 3/32.
وابن ماجه في سننه 2/1051، كتاب الأضاحي باب: من اشترى أضحية صحيحة فأصابها عنده شيء برقم: 3146. في الزوائد في إسناده جابر الجعفي، وهو ضعيف قد اتهم.
قال الدميري: قال ابن حزم: هو أثر روي عن جابر الجعفي، وهو كذّاب. انظر: سنن ابن ماجة 2/1051.
2 عن علي رضي الله عنه قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذنين، ولا نضحي بعوراء، ولا مقابلة، ولا مدابرة، ولا خرقاء، ولا شرقاء"، قال زهير: فقلت لأبي إسحاق أذكر عضباء؟ قال: لا، قلت: فما المقابلة؟ قال: يقطع طرف الأذن. قلت: فما المدابرة؟ قال: يقطع من مؤخرة الأذن. قلت: فما الشرقاء؟ قال: تشق الأذن. قلت: فما الخرقاء؟ قال: تخرق أذنها للسمة".
[] رواه أبو داود في سننه 3/97-98، كتاب الأضاحي باب: ما يكره من الضحايا حديث رقم:2804.
والترمذي في سننه 4/86، كتاب الأضاحي باب: ما يكره من الأضاحي برقم: 1498.
والنسائي في سننه 7/217، كتاب الضحايا، باب: ما نهي عنه من الأضاحي.
وابن ماجه في سننه 2/1050، كتاب الأضاحي، باب: ما يكره أن يضحي به، حديث رقم: 3142.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. سنن الترمذي 4/87.(8/4022)
قال: هذا كله في الأذن. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2862-] قلت: إن شاء لم يأكل من ضحيته؟
قال: إن شاء، ولكن يستحب أن يأكل. 3
__________
1 قال ابن قدامة رحمه الله: وتكره المعيبة الأذن بخرق، أو شق، أو قطع، لأقل من النصف. المقنع 1/474.
وقال المرداوي: وكذا الأقل من الثلث: وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، ونقله الجماعة في أقل من الثلث، وفي الخرق والشق.
[] الإنصاف 4/79، وراجع: المغني 8/624-625.
2 قال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله: إذا كان الثلث فما دونه أجزأ، وإن كان أكثر من الثلث لم يجزه.
معالم السنن 4/107، وراجع: اختلاف الصحابة والتابعين لوحة رقم: 134.
3 قال الخرقي: الاستحباب: أن يأكل ثلث أضحيته، ويتصدق بثلثها، ويهدي ثلثها. ولو أكل أكثر جاز. مختصر الخرقي ص213.
وقال الرحيباني صاحب مطالب أولي النهى: وكان من شعار الصالحين تناول لقمة من نحو كبدها - أي الأضحية - تبركاً، وخروجاً من خلاف من أوجب الأكل.
مطالب أولي النهى 2/474. وراجع: مسائل عبد الله ص262 برقم: 970، والمغني 8/632، والكافي 1/474 والمقنع 1/481، والفروع 3/554، والمبدع 3/296، والإنصاف 4/103.(8/4023)
قال إسحاق: يستحب أن يأكل من الأضحية أول ذلك من كبدها. 1
__________
1 نقل النووي قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: الأكل من أضحية التطوع، وهديته سنة، ليس بواجب، وهذا مذهبنا، ومذهب أبي حنيفة، والجمهور، وأوجبه بعض السلف…
وممن استحب أن يأكل ثلثاً ويتصدق بثلث ويهدي ثلثاً: ابن مسعود وعطاء وأحمد وإسحاق.
المجموع 8/419 وراجع: المغني 8/632.
وفي حديث جابر رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرك علياً في هديه قال: ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها".
الحديث أخرجه مسلم في صحيحه 2/886، كتاب الحج باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم ضمن حديث طويل، وهذا جزء منه. برقم: 1218 والجزء المستدل به يقع في ص892.
ولما روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأضحية قال: "ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدّق على السؤال بالثلث"
قال الحافظ أبو موسى: هذا حديث حسن.
الحديث أورده ابن قدامة في: الكافي 1/474، وفي: المغني 8/632.
وقال الألباني: "لم أقف على سنده لأنظر فيه، وقد حسن، وما أراه كذلك." وعلق على تحسين أبي موسى الأصفهاني له في، كتاب الوظائف بقوله: لا أدري، أراد بذلك حسن المعنى أم حسن الإسناد؟ والأوّل هو الأقرب. إرواء الغليل 4/374.(8/4024)
[2863-] قلت: من كره الخصي؟
قال: أرجو ألاّ يكون به بأس. 1
__________
1 قال البهوتي: ويجزئ الخصي التي قطعت خصيتاه أو سلّتا، أو رضّتا، لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم ضحّى بكبشين موجوءين، والوجاء رضّ الخصيتين. ولأنّ الخصاء إذهاب عضو غير مستطاب يطيب اللحم بذهابه ويسمن، فإن قطع ذكره مع ذلك - أي مع قطع الخصيتين، أو سلهما، أو رضهما - لم يجز، وهو الخصي المجبوب. نصّ عليه. كشاف القناع 3/6.
قال المرداوي: ولو كان خصياً مجبوباً، فالصحيح من المذهب أنّه لا يجزئ، نصّ عليه.
الإنصاف 4/81. وراجع: المغني 8/625، والكافي 1/474.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "ذبح النبي صلى الله عليه وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين موجَأَيْن" الحديث.
الحديث رواه أبو داود في سننه 3/95، كتاب الضحايا، واللفظ له، باب ما يستحبّ من الضحايا برقم: 2795.
وابن ماجه في سننه 2/1043، كتاب الأضاحي، باب أضاحي رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم: 3121.
قال المنذري: "في إسناده محمّد بن إسحاق." مختصر سنن أبي داود 4/101.(8/4025)
قال إسحاق: إنّما يكره 1 أن يخصى في الإسلام، فأمّا إذا أخرجوه من أرض الروم وقد أخصوا فلا بأس أن يشتريه، وشهادته وكلّ أمره إذا كان عدلاً كسائر المسلمين. 2
[2864-] قلت: هل تجز 3 الضحية؟
قال: إذا كان ذلك 4 ضرراً بها فذاك 5 مكروه إلاّ أن 6 يطول
__________
1 في الظاهرية بلفظ "كره".
2 وتقدم تحقيق قول الإمامين، أحمد وإسحاق، في كراهة إخصاء الدواب في المسألة رقم: (896) .
قال القرطبي: "ولم يختلفوا أنّ خصاء بني آدم لا يحلّ ولا يجوز، لأنّه مثلة وتغيير لخلق الله تعالى، وكذلك قطع سائر أعضائهم في غير حدّ ولا قود." أحكام القرآن للقرطبي 5/391.
3 في العمرية بلفظ "تجوز" بدل "تجز"، والصواب ما أثبته لموافقة السياق. يقال: جزّ الشعر والحشيش جزاً وجزة حسنة، فهو مجزوز وجزيز: قطعه.
وقال في المصباح المنير: جززت الصوف جزاً من، باب قتل: قطعته. القاموس المحيط 2/169 والمصباح المنير صـ1/99.
4 في العمرية بلفظ "ذاك" بدل "ذلك".
5 في العمرية بحذف لفظ "ذاك"، وجاء بدلها "قال"، والصواب ما أثبته، لأنّه جواب الشرط، ولا داعي لتكرار "قال".
6 في العمرية بلفظ "إلاّ يطول صوفها" بحذف "أن".(8/4026)
صوفها. 1
قال إسحاق: كما قال، لا ينقصنّ المسلم [شيئاً] منها، صوفاً كان أو غيره، حتّى يدعها بكمالها حسناً جميلاً. 2
[2865-] قلت: الجواميس 3 تجزئ عن سبعة؟
قال: لا أعرف خلاف هذا.
قال الحسن: تذبح عن سبعة. 4
__________
1 قال ابن قدامة: "وأمّا صوفها فإن كان جزه أنفع لها، مثل أن يكون في زمن الربيع تخف بجزه وتسمن، جاز جزه ويتصدّق به، وإن كان لا يضر بها لقرب مدة الذبح، أو كان بقاؤه أنفع لها لكونها يقيها الحرّ والبرد، لم يجز له أخذه، كما أنّه ليس له أخذ بعض أجزائها. المغني 8/630.
2 في الظاهرية بلفظ "جملاً".
3 الجاموس نوع من البقر كأنّه مشتقّ من ذلك لأنّه ليس فيه لين البقر في استعماله في الحرث والزرع والدياسة. معرب كاوميش، وهي فارسية.
لسان العرب 4/122، والمصباح المنير صـ1/108.
4 قال البهوتي: "والجواميس فيهما - أي في الهدي والأضحية - كالبقر في الإجزاء والسن، وإجزاء الواحدة عن سبعة، لأنّها نوع منها." كشاف القناع 2/533.
وقد تقدّم تحقيق حكم الاشتراك في البقرة في المسألة رقم: (2856) .
لم أعثر على قول الحسن البصري رحمه الله فيما رجعت إليه من مراجع، إلاّ أنّ ابن قدامة نقل عنه قوله: "إنّ البدنة تجزئ عن سبعة، وكذلك البقرة." المغني 8/620.(8/4027)
قال إسحاق: كما قال.
[2866-] قلت: تستبدل الضحية؟
قال: نعم بخير منها. 1
__________
1 نقل عبد الله عن أبيه مثل هذه الرواية فقال: "قلت لأبي: إذا اشترى الرجل الشاة فأراد أن يستبدل ما هو خير منها؟ قال: لا بأس". مسائل عبد الله صـ266، برقم: 970.
ونقل ابن هانئ مثل هذه الرواية عن الإمام أحمد في مسائله عنه. صـ129، برقم: 1732.
قال الخرقي: "ويجوز أن يبدل الأضحية إذا أوجبها بخير منها." مختصر الخرقي صـ213.
قال ابن قدامة: "هذا المنصوص عن أحمد، وبه قال عطاء، ومجاهد، وعكرمة، ومالك، وأبو حنيفة ومحمّد بن الحسن."
واختار أبو الخطاب أنّه لا يجوز بيعها، ولا إبدالها؛ لأنّ أحمد نصّ في الهدي إذا عطب أنّه يجزئ عنه، وفي الأضحية أنّه إذا هلكت، أو ذبحها فسرقت، لا بدل عليه، ولو كان ملكه ما زال عنها، لزمه بدلها في هذه المسائل.
وقال المرداوي: "والصحيح من المذهب أنّه يجوز له نقل الملك فيه وشراء خير منه. نقله جماعة عن أحمد، وعليه أكثر الأصحاب."
المغني 8/635، الفروع 3/548 والإنصاف 4/89. وراجع: المبدع 3/287 والمحلّى 7/375.(8/4028)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2867-] قلت: إذا ذبح الرجل أضحيةَ غيره غلط بها، يجزيه وقد ضمن، ولا تجزئ عن الآخر؟
قال أحمد: يترادان اللحم وقد أجزأ عنهما [جميعاً] إذا ذبح هذا أضحية هذا، وهذا أضحية هذا. 2
__________
1 قال النووي رحمه الله: "إنّه إذا نذر هدياً معيّناً سليماً، ثمّ تعيب لا يلزمه إبداله، وبه قال عبد الله بن الزبير، وعطاء، والحسن، والنخعي، والزهري، والثوري، ومالك، وإسحاق." المجموع 8/368.
وراجع: السنن الكبرى للبيهقي 9/289.
واستدلّ القائلون بجواز استبدال الأضحية بخير منها بما روي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ساق مائة بدنة في حجّته، وقدم علي رضي الله عنه من اليمن فأشركه فيها. رواه مسلم، وتقدّم تخريجه في المسألة. وقالوا: هذا نوع من الهبة أو البيع.
ولأنّه عدل عن عين وجبت لحق الله تعالى إلى خير منها من جنسها فجاز، كما لو وجبت عليه بنت لبون فأخرج حقّة في الزكاة. المغني 8/636.
2 قال ابن رجب رحمه الله: "إذا عين أضحية فذبحها غيره بغير إذنه، أجزأت عن صاحبها، ولم يضمن الذابح شيئاً. نصّ عليه، لأنّها متعينة الذبح ما لم يبدلها، وإراقة دمها واجب، فالذابح قد عجل الواجب، فوقع موقعه. قواعد ابن رجب صـ222.
وقال الشيخ مرعي بن يوسف رحمه الله: "وإن ذبحها ذابح في وقتها بلا إذن فإن نواها عن نفسه مع علمه أنّها أضحية الغير، أو فرق لحمها لم تجزئ، وضمن ما بين القيمتين إن لم يفرق لحمها، وقيمتها إن فرقه. وإن لم يعلم أجزأت - أي عن صاحبها - لعدم افتقار نيّة الذبح، ولا ضمانَ. فلو ضحّى اثنان، كلّ بأضحية الآخر غلطاً كفتهما، ولا ضمان، وإن بقي اللحم تراداه.
غاية المنتهى 1/433. وراجع: الفروع 3/551 والمغني 8/642.(8/4029)
قال إسحاق: كما قال أحمد سواء. كذلك قال الحسن 1 وقتادة.
[2868-] قلت: سئل سفيان عن ذبيحة المرتدّ؟ 2
قال: يكرهونها. 3
قال [أحمد] : صدق، لأنّه لا يقرّ على دين.
قال إسحاق: 4 كما قلت أوّلاً.
__________
1 هو: الحسن البصري. ولم أعثر على قوله وقول قتادة رحمهما الله فيما رجعت إليه من المراجع.
2 في العمرية بحذف جملة: "عن ذبيحة المرتدّ".
3 انظر قول سفيان الثوري رحمه الله في: بداية المجتهد 1/330 والمجموع 9/79.
قد سبق تحقيق مثل هذه المسألة وتوثيق قول الإمامين، أحمد وإسحاق، رحمهما الله، وذكر رأي سفيان الثوري، ومذاهب العلماء في المسألة رقم: (2820) .
وكان السؤال موجّهاً إلى الإمام أحمد رحمه الله، أمّا هنا فإنّ جامع هذه المسائل يعرض رأي سفيان الثوري على الإمام أحمد ليأخذ رأيه فيه.
4 في العمرية بحذف "إسحاق".(8/4030)
[2869-] قلت: قال: سألت سفيان عن الرجل المسلم يدفع إليه المجوسي الشاة يذبحها لآلهته فيذبحها، ويسمّي أيأكل منه المسلم؟
قال: لا أرى به بأسا.
قال أحمد: صدق. 1
__________
[1] من أول المسألة إلى موضع الرقم، نقله الخلال في كتابه أحكام أهل الملل: ص 167-168.
وأشار ابن قدامة إلى هذه الرواية فقال: فأما ما ذبحوه لكنائسهم وأعيادهم فننظر فيه: فإن ذبحه لهم مسلم فهو مباح، نصّ عليه. وقال أحمد وسفيان الثوري في المجوسي يذبح لإلهه، ويدفع الشاة إلى المسلم يذبحها فيسمّي، يجوز الأكل منها. انظر: المغني 8/568.
ونقل مثل هذه الرواية إسماعيل بن سعيد، قال: سألت أحمد عن ما يقرب لآلهتهم يذبحه رجل مسلم. قال: لا بأس به.
[] أحكام أهل الملل صـ165، والمغني 8/568-569.
وقال في المقنع: وإن ذبح لعيده، أو ليتقرّب به إلى شيء مما يعظمونه، لم يحرم. المقنع 3/543.
قال المرداوي: نص عليه وهو المذهب. الإنصاف: 10/408.
ما تقدم رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وله رواية ثانية في المسألة فقد قال عبد الله، قلت لأبي: فرجل يذبح للكوكب؟ قال: لا يعجبني، أكره كل شيء يذبح لغير الله. مسائل عبد الله ص 266 مسألة رقم 985.
وقال حنبل سمعت أبا عبد الله قال: لا يأكل، يعني ما ذبح لأعيادهم وكنائسهم، لأنه أهل لغير الله به. وهو قول ميمون بن مهران ومجاهد وطاوس.
انظر: المغني: 8/569، وأحكام أهل الذمة 1/253.
واختار هذه الرواية القائلة بتحريم ما ذبح لأعيادهم، وآلهتهم الشيخ تقي الدين رحمه الله.
وقال ابن عقيل رحمه الله: عندي أنه يكون ميتة، لأنه أهلَّ به لغير الله تعالى.
انظر: الإنصاف: 1/409، والاختيارات الفقهية ص 324، وحاشية المقنع 3/544.
والرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى والموافقة لقول الإمام إسحاق رحمه الله هي الرواية الموافقة للأدلة الشرعية، ولمقتضى الشرع والتي تطمئن إليها نفس المؤمن.
ولا يسع المسلم الذبح على تلك الحالة التي يطلبها منه المجوسي، لما جاء من الآيات والأحاديث الزاجرة عن الذبح لغير الله تعالى، ولعن فاعله، وإن ذبحه المسلم على الصفة المذكورة في المسألة، فإنه لا يحل أكله(8/4031)
قال إسحاق: لا يسع المسلم ذبحها على هذه الحال وأكره أكلها. 1
[2870-] قلت: سئل سفيان عن لحوم الحيات. فكرهها.
فقال الذي سأله: أحلال أم 2 حرام؟
__________
1 انظر رأي الإمام إسحاق رحمه الله تعالى في حكم ما ذبحه أهل الكتاب لكنائسهم
في: المجموع 9/78.
2 في الظاهرية بلفظ "أو"، والصواب ما أثبته، لأن "أم" هنا هي المتصلة التي يطلب بها، وبالهمزة قبلها التعيين، وهي تعادل الهمزة في إفادة الاستفهام ولذا سميت معادلة.
انظر: مغنى اللبيب لابن هشام الطبعة الهندية: 1/40.(8/4032)
قال: مكروه. نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم السباع، 1 وهي 2 شر من السباع.
قال أحمد: ما أحسن ما قال.
قال إسحاق: كما قال.
[2871-] قلت: سئل [ع-161/أ] الأوزاعي عن أكل الذبان؟ 3
قال: إن طابت نفسه فليأكلها. 4
__________
1 عن أبي ثعلبة رضى الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع."
أخرجه البخاري في صحيحيه برقم: 5530، فتح الباري: 9/667، كتاب الذبائح والصيد، باب أكل كل ذي ناب من السباع.
ومسلم في صحيحيه: 3/1533، كتاب الصيد والذبائح، باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، حديث رقم 1932.
وقد سبق تحقيق مثل هذه المسألة في المسألة رقم: (2832) .
2 في العمرية بلفظ "وهي من شر السباع".
3 في النسخة العمرية بلفظ "الذباب".
4 انظر رأي الأوزاعي في أكل الحشرات في: المغني 8/585، وتفسير القرطبي 7/120، وفقه الإمام الأوزاعي 1/473.
نقل القاضي أبو يعلى نصّ هذه الرواية فقال: نقل إبراهيم وابن منصور في الذ، باب ما أراه حراماً. الروايتين لوحة رقم 199.
وللإمام أحمد في حكم أكل الذ، باب روايتان:
إحداهما: تحرم الذباب، قال المرداوي وهو الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب وجزم به في الكافي وغيره، وصححه في الفروع، والنظم.
والثانية: لا يحرم.
[] انظر: الإنصاف10/359-360، والكافي: 1/490، والفروع: 6/498، والمبدع: 9/197، وكشاف القناع: 6/191، ومطالب أولي النهى: 6/312.(8/4033)
قال أحمد: لا أراه حراما. 1
قال إسحاق: 2 تركه خير، لأنه ليس من الأشياء التي ينتفع بها.
[2872-] قلت: سئل سفيان عن صيد كلب اليهودي والنصراني فلم ير به بأساً، وكره صيد كلب المجوسي. 3
__________
1 والذي يترجح لي في حكم الذباب، وما ماثله من الحشرات: أنها أقرب إلى الخبائث منها إلى الطيبات، ويضاف إلى ذلك عدم إمكان تذكيتها، فتكون في حكم الميتة، ولأنها ليست جراداً ولا سمكاً لتدخل في الميتة المباحة.
راجع: المحلى: 7/405، والصيد والذبائح ص 90.
2 في العمرية بحذف "إسحاق".
3 عن أبي بكر قال: سمعت وكيعاً يقول: سمعت سفيان يكره صيد كلب المجوسي حتى يأخذ من تعليم المسلم.
الأثر رواه ابن أبي شيبة في مصنفه: 5/362، كتاب الصيد. في صيد كلب المشرك، والمجوسي، واليهودي، والنصراني.
انظر: المجموع للنووي: 9/97، والمغني: 8/551.(8/4034)
قال أحمد: إذا كان المسلم يرسله، ويجيبه على ما يريد فما بأس به.
قال إسحاق: كما قال. 1
[2873-] قلت: سئل سفيان عن شاة ميته في ضرعها لبن؟
قال: لا يعجبني لأنه في طرف ميت.
قال أحمد: صدق. 2
قال إسحاق: كما قال.
[2874-] قلت: سئل عن رجل رمى صيداً بسهم مسموم؟
__________
1 قد سبق تحقيق مثل هذه المسألة وتخريج قول الإمامين أحمد وإسحاق في المسألة رقم: (2837) .
2 للإمام أحمد رحمه الله في اللبن الذي في ضرع الميتة روايتان:
إحداهما: أن لبن الميتة نجس، وهو المذهب، وعليه الأصحاب.
والثانية: أنه طاهر مباح، اختار هذه الرواية الشيخ تقي الدين. انظر: المغني: 1/74، والإنصاف: 1/92، والمقنع: [1/25-26،] وحاشية المقنع: 1/26، ومجموع الفتاوى: 21/103.(8/4035)
قال: إذا رأى أن السم أعان على قتله فلا يأكله. 1
قال أحمد: إذا علم أن السمّ أعان على قتله فلا يأكله. 2
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 في العمرية بلفظ "إذا رأى أن سهمه الذي قتله فلا يأكل".
2 نقل المرداوي هذه الرواية عن الإمام أحمد فقال: نقل ابن منصور إذا علم أنه أعان، لم يأكل. الإنصاف: 10/421.
قال الخرقى:"لا يؤكل الصيد إذا رمي بسهم مسموم، وإذا علم أن السم أعان على قتله." مختصر الخرقي ص 211.
قال ابن قدامه: إنما كان كذلك، لأن ما قتله السم محرم، وما قتله السهم وحده مباح. فإذا مات بسبب مبيح ومحرم حرم، كما لو مات برمية مسلم، ومجوسي، أو قتل الصيد كلب معلم، وغيره، أو وجد مع كلبه كلباً لا يعرف حاله. المغني: 8/606.
وقال المرداوي: أما إن علم أن السم لم يعن على قتله، لكون السهم أوحى منه فمباح. الإنصاف: 10/422.
وقال ابن مفلح نقلاً عن الفصول: إذا رمى بسهم مسموم لم يبح، لعل السم أعان عليه.
الفروع: 6/324، وراجع: المقنع: 3/548، والمبدع: 9/237.
الوحا: السرعة، يمد، ويقصر، وموت وحي مثل سريع وزنا ومعنى فعيل بمعنى فاعل، وذكاه وحية: أي سريعة. ويقال: وحيت الذبيحة أَحِيَها من، باب وعد أيضاً ذبحها ذبحاً وحياً. المصباح المنير: 2/652.(8/4036)
[2875-] قلت: بقرة شربت خمرا ثم ذبحت يؤكل من لحمها؟
قال أحمد: ما يعجبني. 1 ابن عمر [رضي الله عنهما] كره
__________
1 نقل ابن هانئ نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد في مسائله فقال: سألت أبا عبد الله عن بقرة شربت خمراً، أيحل أكلها؟ قال فيه اختلاف، وأرى: أن ينتظر بأكلها أربعين يوماً.
مسائل ابن هانئ: 2/132 برقم: 1745. وراجع: الفروع: 6/300.
وقد تقدم الكلام عن أكل لحوم الجلالة في المناسك في المسألة رقم: (1533) .
وللإمام أحمد رحمه الله في حكم أكل الجلالة روايتان:
إحداها: تحرم الجلالة، وهي التي أكثر علفها النجاسة. وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
والثانية: يكره، ولا يحرم.
الإنصاف 10/366. وراجع: المغني 8/593 والكافي 1/490.
وهذه المسألة ترجع في حكمها إلى اختلاف الأوجه لدى الفقهاء في نجاسة الخمر، والمسكرات.
ونقل شيخ الإسلام هذه الأوجه فقال: وتنازعوا في نجاستها على ثلاثة أوجه في مذهب أحمد وغيره: فقيل: هي نجسة، وقيل: ليست بنجسة، وقيل: رطبها نجس كالخمر، ويابسها ليس بنجس.
والصحيح: أن النجاسة تتناول الجمع، كما تتناول النجاسة جامد الخمر ومائعها.
مجموع الفتاوى: 34/206.
فعلى القول بنجاسة الخمر، فإن الدابة التي شربت الخمر أو تعلف بالمخدرات تأخذ حكم الجلالة.(8/4037)
الجلالة 1 وكان يحبسها حتى تطيب بطنها. 2
قال إسحاق: لا بأس أن يؤكل لحمها بعد أن يغسل غسلا جيدا. 3
__________
1 الجلة بالفتح: البعرة، وتطلق على العذرة، والجلالة من الأنعام هي التي تأكل العذرة.
قال القاضي: هي التي أكثر علفها النجاسة، فإن كان أكثره الطاهر، فليست جلالة.
انظر: المصباح المنير ص106، والمطلع على أبواب المقنع ص382، والكافي 1/490.
قال النووي: الجلالة: هي التي أكثر أكلها العذرة، من ناقة أو بقرة، أو شاة، أو ديك أو دجاجة. المجموع 9/28.
وسبق تعريفها في المناسك في المسألة رقم 1533، ويتبين لنا من التعريف السابق للجلالة: أن البقرة التي شربت الخمر مرة واحدة، لا يطلق عليها اسم الجلالة، ولا تأخذ حكمها ويكتفى بغسل اللحم. هذا: إذا سلمنا القول بنجاسة الخمر.
2 قال النووي رحمه الله: روي عن ابن عمر رضى الله عنهما قال:"تعلف الجلالة علفا طاهراً، إن كانت ناقة أربعين يوماً، وإن كانت شاة سبعة أيام، وإن كانت دجاجة فثلاثة أيام."
[] المجموع: 9/28، وراجع: مصنف عبد الرزاق: 4/521-522، برقم: 8713-8717، والجامع لأحكام القرآن: 7/122.
3 نقل البغوي قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: وكان الحسن لا يرى بأساً بأكل لحوم الجلالة، وهو قول مالك.
وقال إسحاق: لا بأس بأكلها بعد أن تغسل غسلاً جيداً.
شرح السنة: 11/354، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 7/122، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة: 135.(8/4038)
[2876-] قلت: فأرة 1 وقعت في سمن أو زيت ذائب يحل بيعه أو يستصبح به؟
قال: أما 2 يستصبح به فحديث 3 ابن عمر [رضي الله عنهما] 4
وأما البيع فيأكل ثمن شيء لا يحل [بيعه] .
__________
1 في العمرية بلفظ "فإن " بدل "فأرة".
2 في العمرية بلفظ "إنما" بدل "أما".
3 في العمرية بلفظ "بحديث".
4 عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفأرة تقع في السمن، أو الودك. فقال:"اطرحوها وما حولها، إن كان جامداً، فقالوا: يا رسول الله فإن كان مائعاً؟ قال:"فانتفعوا به ولا تأكلوه"
الحديث رواه البيهقي في السنن الكبرى: 9/354، كتاب الضحايا، باب من أباح الاستصباح به، من طريق ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
قال البيهقي: والصحيح عن ابن عمر من قوله موقوفاً عليه غير مرفوع، ثم ساق الأثر التالي: عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما في فأرة وقعت في زيت قال:"استصبحوا به، وادهنوا به أدمكم."
رواه البيهقي في السنن الكبرى: 9/354، كتاب الضحايا، باب من أباح الاستصباح به.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله بعد أن ساق الأثر ما نصه: "وهذا السند على شرط الشيخين، إلا أنه موقوف." فتح الباري: 9/670.(8/4039)
قلت: ما أكثر ما يؤكل ثمن شيء لا يحل.
قال: إن هذا شابه شيئاً 1 من الميتة. 2
قال إسحاق: إن باعه من أهل الكتاب، وبين جاز.
ولا يبيعه [ظ-90/ب] من مسلم، ولو كان هذا من تحريم الله [عز وجل] ما حل بيعه أصلاً.
[2877-] قلت: هل 3 يضحي بالليل؟
__________
1 في العمرية بلفظ "شيء".
2 للإمام أحمد رحمه الله في بيع الأدهان المتنجّسة روايتان:
إحداهما: أنه يحرم بيع الأدهان المتنجسة، كالتي وقعت فيها فأرة وماتت فيه.
قال المرداوي: هذا المذهب مطلقا، وعليه جماهير الأصحاب.
والرواية الثانية: أنه يجوز بيعها لكافر يعلم نجاستها، لأنه يعتقد حل ذلك ويستبيح أكله.
وخرج أبو الخطاب وغيره جواز بيعها حتى لمسلم، من رواية جواز الاستصباح بها.
[] انظر: المغني: 8/610، والإنصاف: 4/281، والمبدع: 4/14-15، والفروع: 4/19، والكافي: 2/9.
وهذه المسألة تتعلق في حكمها بالاختلاف في نجاسة الدهن الذي وقعت فيه فأرة وماتت فيها، وقد سبق بحثها برقم (2844) من هذا البحث فارجع إليه.
3 في العمرية بحذف"هل".(8/4040)
قال أحمد: كره 1 عامة الناس ذلك. 2
قال إسحاق: إنما ذلك ليلة الأضحى.
[2878-] قلت: سئل سفيان عن شاة خرق بطنها وفيها الروح؟
قال: تذبح، هذه 3 ذكية. 4
__________
1 في العمرية بلفظ"كرهه".
2 في العمرية بحذف"ذلك".
إذا كان المراد من السؤال الذبح ليلة عيد الأضحى، قبل طلوع فجر العاشر من ذي الحجة فإن الفقهاء الأربعة متفقون على أن الأضحية لا تجزئ، والشاة المذبوحة تعتبر شاة لحم.
انظر: بدائع الصنائع: 5/65، والمنتقى للباجي: 3/86، والمجموع للنووي: 8/378، والكافي: 1/472، والمغني: 8/636.
قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن الضحايا لا يجوز قبل طلوع الفجر من يوم النحر، الإجماع: ص 24.
وأما إذا كان المراد بالليل: الليالي التي ينحر في أيامها، فقد تقدم البحث فيه ضمن المسألة: (2858) .
3 في العمرية بلفظ: "هي".
4 نقل قول سفيان الثوري النووي نقلاً عن ابن المنذر فقال: قال ابن المنذر: روينا عن علي رضي الله عنه: إنْ أدركها وهي تحرّك يداً أو رجلاً، فذكّاها حلّت. قال: وروي معنى ذلك عن أبي هريرة، والشعبي والحسن البصري، وقتادة ومالك، وقال الثوري: إذا خرق السبع بطنها وفيها الروح، فذبحها. فهي ذكية. وبه قال أحمد وإسحاق. المجموع: 9/92.
وقد تقدم مثل هذه المسألة، وتوثيق قول الإمامين: أحمد وإسحاق رحمهما الله وتخريج قول ابن عباس رضي الله عنهما في المسألة رقم (2850) .(8/4041)
قال أحمد: أرجو ألا يكون به بأس على قول ابن عباس [رضي الله عنهما] .
قال إسحاق: كما قال سفيان.
[2879-] قلت: سئل سفيان عن رجل ذبح، ولم يذكر اسم الله تبارك وتعالى متعمداً؟
قال: ما 1 أرى أن يأكل.
قيل: أرأيت إن كان يرى أنه 2 يجزئ عنه فلم 3 يذكر؟
قال: أرى أن لا يأكل. 4
__________
1 في العمرية بلفظ"قال أرى ألاّ يأكل" بحذف"ما" وزيادة"لا".
2 في الظاهرية بلفظ"أن".
3 في العمرية بلفظ"ما يذكر".
4 نقل الخطابي قول سفيان الثوري ضمن ذكره لأقوال أئمة المذاهب في المسألة فقال: واختلفوا فيمن ترك التسمية على الذبح عامداً أو ساهياً.
فقال الشافعي: "التسمية استحباب، وليس بواجب، وسواء تركها عامداً، أو ساهياً.
وقال الثوري وأهل الرأي وإسحاق: "إن تركها ساهياً حلت، وإن تركها عامداً لم تحل". وقال أبو ثور وداود: "كل من ترك التسمية عامداً كان، أو ساهياً فذبيحته لا تحل"، ومثله عن ابن سيرين، والشعبي. معالم السنن: 4/122.
[] وانظر قوله في: اختلاف الفقهاء لابن نصر المروزي لوحة رقم 76-77 والمغني: 8/565، وتفسير القرطبي: 7/75، وشرح السنة: 11/194.(8/4042)
قال إسحاق: لا يأكل أصلاً، كل ذبيحة ترك المسلم التسمية عمداً وكذلك الصيد إذا رماه، وإنما أبيح النسيان فقط!
وقوله: تسمية اليهودي والنصراني إنما تأكل ذبيحتهم لما في الكتاب أن ذبائحهم حلال لنا. 1
[2880-] قلت: إذا ذبحت البقرة عن سبعة هل يسمون؟
قال: إن لم يسموا تجزئهم النية. 2
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: المغني: 8/565، وتفسير القرطبي: 7/75، والمجموع: 9/78، وأحكام أهل الذمة لابن القيم: 1/249، ودلائل الأحكام للتميمي 5/621، وشرح السنة 11/194، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة رقم: 131.
والمشهور من مذهب الإمام أحمد: أن التسمية شرط مع الذكر، وتسقط بالسهو. وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه.
وممن أباح ما نسيت التسمية عليه: عطاء، وطاوس، وسعيد بن المسيب والحسن، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وجعفر بن محمد، وربيعة.
انظر: المغني: 8/565، وتفسير القرطبي: 7/75، ومصنف عبد الرزاق: 4/479.
2 قال الخرقى: وليس عليه أن يقول عند الذبح عمن، لأن النية تجزئه. مختصر الخرقي ص 213.
قال ابن قدامه معلقاً: لا أعلم خلافا أن النية تجزيء، وإن ذكر من يضحي عنه فحسن. قال الحسن يقول: بسم الله [] والله أكبر، هذا منك ولك، تقبل من فلان. انظر: المغني: 8/641-642.
والدليل على جواز ذكر اسم المضحىَّ عنه: ما جاء في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم: "هذا عني وعمن لم يضح من أمتي" وفي بعض الروايات قال: "اللهم نقبل من محمد، وآل محمد، وأمة محمد، ثم ضحى".
انظر: صحيح مسلم: 3/1557 برقم: 1967، وقد تقدم تخريج الحديث في المسألة: (2855) .(8/4043)
قال إسحاق: كما قال.
[2881-] قلت: الضحية تهلك أو تسرق ثم يبتاع غيرها ثم يجد الأولى؟
قال: إذا أوجبها فهو مثل الهدي، إذا أوجبها، ثم وجد الأولى يذبحهما جميعاً. 1
__________
1 قال ابن قدامه: وإذا وجبت الأضحية بإيجابه لها فضلت، أو سرقت بغير تفريط فيه، فلا ضمان عليه، لأنها أمانة في يده، فإن عادت إليه ذبحها، سواء كان في زمن الذبح، أو فيما بعده. المغني 8/639.
وللإمام أحمد رحمه الله روايتان في رجوع الضال إلى ملكه إذا وجبه ذبح بدله:
إحداهما: ليس له استرجاعه إلى ملكه إذا كان معيناً، لأنه قد تعلق به حق الفقراء، وهذا هو الصحيح من المذهب.
والثانية: له استرجاعه إلى ملكه، فيصنع به ما شاء.
[] انظر: الإنصاف: 4/99-100.
وتقدم الكلام عن الهدي إذا أوجبه رجل فضل فاشترى آخر، ثم وجد الأول في، كتاب المناسك في المسألة رقم: (1553) .(8/4044)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2882-] قلت: قال سفيان إذا ابتاع الضحية فأصابها عمى أو شيء لا يضره، ولا يضحي ببقر الوحش، ولا حمر 2 الوحش، والجواميس 3 تجزئ عن سبعة. 4
__________
1 انظر قول الإمامين: أحمد وإسحاق في تفسير القرطبي 6/41.
2 في العمرية بحذف عبارة "ولا حمر الوحش."
3 في العمرية بلفظ "وتجزيء الجواميس عن سبعة."
4 انظر قول الإمام سفيان الثوري رحمه الله في الضحية إذا أوجبها صحيحة، ثم حدث بها عيب، في المغني: 8/626.
وسبق توثيق قول الإمام أحمد وإسحاق في مسألة مماثلة برقم: (2860) .
وراجع: المغني 8/626، والإنصاف 4/98.
قال النووي: نقل جماعة إجماع العلماء عن التضحية لا تصح إلا بالإبل أو البقر أو الغنم، فلا يجزئ شيء من الحيوان غير ذلك.
وحكى ابن المنذر عن الحسن بن صالح: أنه يجوز أن يضحي ببقر الوحش عن سبعة، والظباء عن واحد، وبه قال داود في بقر الوحش.
المجموع 8/394، وراجع: المغني 8/623.
وتقدم الكلام على الجواميس، وإجزائها عن سبعة في المسألة رقم: (2865) .(8/4045)
قال أحمد: كما قال.
قال إسحاق: كما قال.
[2883-] قلت: حمر الوحش إذا تأهلت؟
قال: هي حمر الوحش أبداً.
قال إسحاق: كما قال. ولكنه 1 إذا ذبح ذبح كالإنسية. 2
[2884-] قلت: قال سفيان: إذا كانت العين فيها بياض ولا يرون به بأساً، إذا كان إنسان 3 العين قائماً، يعني الحدقة سوداء ليس فيها بياض.
قال أحمد: أما حديث النبي صلى الله عليه وسلم 4 فقال:
__________
1 في الظاهرية بلفظ: "ولكن".
2 قال البغوي: لو استأنس الصيد، وصار مقدوراً عليه، لا يحل إلا بقطع مذبحه باتفاق أهل العلم. شرح السنة: 11/216.
3 في الظاهرية: "لسان".
4 تقدم تخريج الحديث في المسألة:(8/4046)
"استشرف العين والأذن" 1 - كأنه لم ير ما قال سفيان.
قال إسحاق: كما قال النبي صلى الله عليه وسلم العين والأذن فما كان [في] سواهما فهو أهون. 2
[2885-] قلت: قال 3 الحسن: الحوار 4 جنين [الناقة] تجزئ عن
__________
1 قال ابن قدامة: ولا يجزئ فيهما- أي في الهدي والأضحية- العوراء البين عورها.
قال المرداوي: بلا نزاع قال الأصحاب: هي التي انخسفت عينها وذهبت، فإن كان بها بياض لا يمنع النظر أجزأت. وإن أذهب الضوء، ففي الإجزاء بها روايتان وقيل وجهان:
أحدهما: لا تجزئ.
والثاني: تجزئ.
قال الزركشي: أشهر الوجهين الإجزاء.
وقال في الرعاية الكبرى: ونصّ أحمد: تجزئ.
قال المرداوي: وهذا المذهب.
المقنع: 1/473، انظر: الإنصاف: 4/77. وراجع: المغني: 8/625.
2 تقدم ذكر قول الإمام إسحاق في مقادير العيوب التي لا تجوز معها الأضحية في المسألة: (2861) .
3 في العمرية بحذف "قال."
4 الحوار بالضم: ولد الناقة، ولا يزال حواراً حتى يفصل، فإذا فصل عن أمه فهو فصيل، وثلاثة أحورة، والكثير حيران وحوران. مختار الصحاح ص 161 مادة "حور".(8/4047)
إنسان؟ 1
قال أحمد: لم يقل هذا إلا 2 الحسن، يقال 3 لا [ع-161/ب] تجزئ إلا الثني.
قال إسحاق: كما قال.
[2886-] قلت: جلود الأضاحي ما يصنع بها؟
قال: ينتفع بها، ويتصدق بها، وتباع، ويتصدق بثمنها. 4
__________
1 نقل ابن حزم رحمه الله قول الحسن البصري فقال: عن أبي معاذ عن الحسن البصري قال: "يجزئ الحوار عن واحد يعنى الأضحية" - والحوار هو ولد الناقة ساعة تلده- المحلّى: 7/362.
2 في العمرية بحذف حرف الاستثناء "إلا."
3 في الظاهرية بلفظ"يقول". وتقدّم تحديد سنّ الأنعام التي تجزئ في الضحية في المسألة: (2852) .
4 تقدم الكلام عن الانتفاع بمسوك الضحايا وهي الجلود، في المناسك في المسألة رقم: (1483) .
وللإمام أحمد رحمه الله في بيع جلد الأضحية روايات ست:
[1-] يحرم بيع الجلد والجل.
قال المرداوي: على الصحيح من المذهب، وعليه الأكثر.
وقال الزركشي: هذا المذهب بلا ريب.
[2-] وعنه يجوز، ويشتري به آلة البيت، لا مأكولاً.
[3-] وعنه يجوز بيعها، ويشتري بثمنه أضحية.
[4-] وعنه يجوز بيعها، ويتصدق بثمنه.
[5-] وعنه يكره.
[6-] وعنه يجوز بيعها من البدنة، والبقرة، ويتصدق بثمنه دون الشاة.
اختاره الخلال.
[] انظر: الإنصاف: 4/92-93، والمغني: 8/634-635، والقواعد لابن رجب ص 315، والفروع: 3/554.
ودليل الرواية الراجحة: عن عبد الكريم الجزري أن مجاهداً أخبره أن عبد الرحمن بن أبي ليلى أخبر أن علياً رضي الله عنه أخبره "أن النبي صلى الله عليه وسلم: "أمره أن يقوم على بدنه، وأن يقسم بدنه كلها لحومها وجلودها، وجلالها، ولا يعطي في جزارتها شيئا"
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم: (1717) ، فتح الباري: 3/556، كتاب الحجّ، باب يتصدّق بجلود الهدي.
فلو جاز أخذ العوض عنه، لجاز أن يعطي الجازر في أجرته.
[2-] ولأنه إنما أخرج ذلك قربة لله تعالى، فلا يجوز أن يرجع إليه إلا ما رخص فيه، وهو الأكل.
انظر: المغني: 8/635، والمجموع: 8/419.(8/4048)
قلت: تباع ويتصدق بثمنها؟
قال: نعم حديث ابن عمر [رضى الله عنهما] . 1
__________
1 وأثر ابن عمر رضي الله عنهما هو: عن عقبة بن صهبان قلت لابن عمر: أبيع جلد بقرة ضحيت بها؟ فرخص لي.
الأثر أورده ابن حزم في المحلى، كتاب الأضاحي: 7/385.(8/4049)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2887-] قلت: هل 2 تمنع النساء من الخروج في العيدين؟
قال: إذا أردن ذلك فلا أحب أن يمنعن. 3
__________
1 قال النووي: مذهبنا: أنه لا يجوز بيع جلد الأضحية، ولا غيره من أجزائها لا بما ينتفع به في البيت، ولا بغيره، وبه قال عطاء والنخعي ومالك، وأحمد وإسحاق. هكذا حكاه عنهم ابن المنذر، ثم حكى عن ابن عمر وأحمد وإسحاق: أنه لا بأس أن يبيع جلد هديه، ويتصدق بثمنه.
المجموع: 8/420، وراجع: المغني: 8/635، وفتح الباري: 3/556.
2 في العمرية سقطت: "هل".
3 نقل ابن هانئ نحو هذه المسألة عن الإمام أحمد رحمه الله في مسائله 1/93، برقم: (468) .
وللإمام أحمد رحمه الله في خروج النساء في العيدين روايات:
[1-] يباح للنساء حضورها.
قال المرداوي: على الصحيح من المذهب.
[2-] يستحب. اختاره ابن حامد والمجد.
[3-] يكره.
[4-] وعنه يكره للشابة دون غيرها.
[] انظر: الإنصاف: 2/427، والفروع: 2/137-138.
قال ابن قدامه: إنما يستحب لهن الخروج غير متطيبات، ولا يلبسنّ ثوبَ شهرةٍ، ولا زينةَ ولا يخرجنّ في ثياب البذلة، ولا يخالطنّ الرجال، بل يكن ناحية منهم. المغني: 2/376.(8/4050)
قال إسحاق: 1 بل يستحب الخروج بهن في العيدين لما مضت السنة بذلك، 2 ولكن لا يتزين، ولا يتطيبن.
[2888-] قلت: الأكل يوم الفطر قبل الخروج؟
__________
1 في العمرية بلفظ: "قال إسحاق: لا بل يستحب."
2 عن أم عطية قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهنّ في الفطر والأضحى. العواتق، والحيض، وذوات الخدور. فأما الحيض: فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: "لتُلبسْها أختُها من جلبابها".
الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه 2/606، كتاب صلاة العيدين، باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة مفارقات للرجال برقم: (890) ، واللفظ لمسلم.
وأخرجه الإمام البخاري في صحيحه برقم 980، فتح الباري 2/469، كتاب العيدين باب: إذا لم يكن لها جل، باب في العيد، كلاهما من طريق حفصة بنت سيرين بأطول مما هنا.
وروي عن أبي بكر، وعلي رضي الله عنهما أنهما قالا: "حق على كل ذات نطاق أن تخرج إلى العيدين".
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يخرج من استطاع من أهله في العيدين.
[] انظر: المغني: 8/375-376، وسنن الترمذي: 2/420-421.(8/4051)
قال: إن أكل في الفطر فلا بأس- كأنه لم يرَ بأساً بالأكل في الأضحى.
قال: أما 1 يوم الفطر يستحب أن يأكل قبل أن يخرج، وأما 2 الأضحى فلا أعرف فيه حديثاً. 3
قال إسحاق: أما الفطر فكما قال.
وأما الأضحى: فإن السنة أن لا يأكل حتى يرجع، 4 فيبدأ
__________
1 في العمرية بحذف لفظ "أما".
2 في العمرية بحذف لفظ: "أما".
3 قال ابن قدامة: السنة: أن يأكل في الفطر قبل الصلاة، ولا يأكل في الأضحى حتى يصلي. وهذا قول أكثر أهل العلم منهم علي، وابن عباس، ومالك والشافعي وغيرهم لا نعلم فيه خلافاً.
انظر: المغني: 2/371، وراجع: الكافي: 1/231، ومطالب أولي النهى: 2/274، وكشاف القناع: 3/23، والمبدع: 3/296.
والدليل على استح، باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج إلى الصلاة ما رواه أنس رضي الله عنه قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات".
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم 953، فتح الباري: 2/446، كتاب العيدين، باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج.
4 عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي".
الحديث أخرجه الترمذي في سننه 2/426، كتاب أبواب الصلاة، باب ما جاء في الأكل يوم الفطر قبل الخروج.
والإمام أحمد في مسنده 5/360.
قال الترمذي: حديث بريد بن خصيب الأسلمي حديث غريب. وقال ابن حجر: في إسناده مقال. سنن الترمذي 2/226، انظر: فتح الباري: 2/448.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وثواب بن عتية المهري قليل الحديث ولم يجرح بنوع يسقط به حديثه. المستدرك: 1/294
وقد سبق تحقيق مثل هذه المسألة برقم: (2862) عن حكم الأكل من الضحية.(8/4052)
فيأكل من كبد أضحيته.
[2889-] قلت لأحمد: 1 إذا صلى بالضعفة في المسجد كيف يصلي بهم؟
قال: ركعتين أرجو أن لا يكون به بأس إذا خطب.
قلت: ويخطب بهم؟
قال: نعم، وإن لم يخطب صلّى أربعا. 2
__________
1 في العمرية سقطت: "لأحمد".
2 السنة في صلاة العيدين: أن تصلّى في الصحراء، ولا يصلّيها في المسجد، وإذا خرج الإمام إلى مصلّى العيد استحبّ له أن يخلف من يصلّي بضعفة الناس في المسجد، كما فعل علي رضي الله عنه.
وللإمام أحمد في عدد الركعات التي يصليها بالضعفة ثلاث روايات:
إحداها: أنه يصلي بهم ركعتين.
والثانية: يصلي بهم أربعاً.
والثالثة: ركعتين إن خطب، وإن لم يخطب فأربع.
والسبب في اختلاف الروايات اختلاف الرواية في صفة صلاة علي وأبي مسعود البدري رضي الله عنهما.
[] انظر: المغني: 2/372-373، والإنصاف: 2/427، والكافي: 1/231-232.(8/4053)
قال إسحاق: كما قال.
[2890-] قلت: يرفع يديه في كل تكبيرة في 1 العيدين، الإمام 2 وغيره؟
قال: نعم، الإمام وغيره. 3
قال إسحاق: كما قال. 4
__________
1 في العمرية بلفظ: "وفي"، بإضافة الواو.
2 في العمرية بحذف: "الإمام".
[3] نقل أبو داود رحمه الله تعالى نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله في مسائله ص 59-60.
قال الخرقي: ويرفع يديه مع كل تكبيرة. مختصر الخرقي: ص 36.
وقال ابن قدامه: وجملته أنه يستحب أن يرفع يديه في حال تكبيره حسب رفعهما مع تكبيرة الإحرام، وبه قال عطاء، والأزاعي، وأبو حنيفة والشافعي.
المغني: 2/381، وراجع: الكافي: 1/233.
4 نقل البغوي قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: ورفع اليدين في تكبيرات العيد سنة عند أكثر أهل العلم.
وهو قول ابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
انظر: شرح السنة: 4/310، وإسحاق بن راهويه وأثره في الفقه الإسلامي صـ362، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة 33.(8/4054)
[2891-] سئل أحمد 1 عن بعير تردى في بئر، فلم يوصل منه إلا [إلى] الفخذ أو ما دون ذلك القوائم، أيطعن ثم يؤكل؟
قال: كلما قدر [عليه 2 من] المتردية في البئر، فله أن يطعن في ذلك الموضع، 3 ليذكيه 4 سنة مسنونة، فعله النبي صلى الله
__________
1 في العمرية "سئل إسحاق".
2 في الظاهرية "على المتردية".
3 في العمرية بحذف كلمة "الموضع".
4 قال الخرقي: "إذا ند بعير فلم يقدر عليه، فرماه بسهم أو نحوه مما يسيل به دمه فقتله، أكل." مختصر الخرقي ص 209.
وقال ابن قدامه: وكذلك إن تردى في بئر فلم يقدر على تذكيته فجرحه في أي موضع قدر عليه فقتله أكل، إلا أن يكون رأسه في الماء فلا يؤكل، لأن الماء يعين على قتله.
هذا قول أكثر الفقهاء. روي ذلك عن علي، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم.
[] انظر: المغني: 8/566، والكافي: 1/481، وراجع: المبدع: 9/220، والمحرر: 2/191-192، والمجموع: [9/126،] وشرح مسلم للنووي: 13/126، والمحلى: 7/447، ومصنف عبد الرزاق: 4/467-468، [] [] ومصنف ابن أبي شيبة: 5/385-386.(8/4055)
عليه وسلم، 1 وأصحاب النبي صلى الله عليه [ظ-91/أ] [وسلم رضي الله عنهم] . 2
__________
1 عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: " قلت: يا رسول الله إنا لاقو العدوّ غداً وليست معنا مدى، فقال: اعجل، أو أَرن، ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكُلْ، ليس السن والظفر وسأحدثك؛ أمّا السن: فعظم، وأما الظفر: فمدى الحبشة"، وأصَبْنا نهبَ إبل وغنم فند منها بعير، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شيء فافعلوا به هكذا".
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه رقم: (5509) ، فتح الباري: 9/638، كتاب الذبائح والصيد، باب ما ند من البهائم، فهو بمنزلة الوحشي.
وأخرجه مسلم في صحيحه 3/1558، كتاب الأضاحي، باب جواز الذبح بكلّ ما أنهر الدم، إلاّ السنّ والظفر، وسائر العظام برقم: (1968) .
كلاهما من طريق سفيان عن أبيه عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن رافع بن خديج.
قال الإمام البخاري رحمه الله: باب ما ند من البهائم، فهو بمنزلة الوحشي وأجازه ابن مسعود، وقال ابن عباس: ما أعجزك من البهائم مما في يديك فهو كالصيد، وفي بعير تردى في بئر من حيث قدرت عليه فذكه، ورأى ذلك علي وابن عمر وعائشة.
انظر: صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري: 9/638.
2 قد ذكر ابن حجر رحمه الله نص الآثار عن الصحابة المذكورين رضوان الله عليهم في كتابه فتح الباري: [9/638-639.
[]] وراجع: مصنف ابن أبي شيبة: 5/385-386، ومصنف عبد الرزاق: 4/468.(8/4056)
[2892-] سئل إسحاق عن البعير المغتلم 1 يحمل 2 على الرجل فيضربه بسيفه، أو يطعنه برمحه أو يرميه بسهمه فيقتله على ذلك، أتكره أكله؟
قال: كلما حمل على الرجل فاتقاه، حتى دافعه عن نفسه فصار مطعوناً، فأتى على نفسه، فليس ذلك بذكاة، إنما الذكاة: ما أريد الذكاة، وهذا رجل دافع عن نفسه، لا ينوي شيئاً من الذكاة. 3
__________
1 الغلمة: شدة الشهوة، وغلم غلماً، فهو غلم من باب: تعب إذا اشتدّ شبقه. واغتلم البعير: إذا هاج من شدة شهوة الضراب. قال الأصمعي: لا يقال في غير الإنسان إلا اغتلم. وقد يقال في الإنسان: اغتلم.
[] انظر: المصباح المنير ص 452-453.
2 في العمرية بلفظ "يصول".
3 القصد إلى التذكية شرط لحلّ أكل الذبيحة، وفي الصورة المذكورة في المسألة لم ينو الرجل التذكية، بل كان قصده الدفاع عن نفسه والتخلص من البعير المغتلم قبل أن يلحق به الأذى.
وقال الشيخ مصطفى الرحيباني: من شروط الذكاة: كون الذابح عاقلاً ليصح منه قصد التذكية، فلا يباح ما ذكاه مجنون، أو طفل لم يميز، لأنهما لا قصد لهما، كما لو ضرب إنسان بسيف، فقطع عنق شاة.
مطالب أولي النهى 6/329، وراجع: كشاف القناع: 6/204، والمجموع: 9/74، والصيد والتذكية 478، وأحكام الذبائح في الإسلام ص 91.(8/4057)
[2893-] سئل إسحاق عن الاشتراك في البدنة لغير أهل البيت إن 1 كانوا رفقة مجتمعين من شتى تجزئ عنهم؟
قال: أرجو أن تجزئ عنهم إذا كانوا في الاجتماع كنحو أهل البيت، لا يريدون مقاسمة اللحم، كما اشترك أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم في البقرة عن السبعة، 2 وكانوا زيادة على ألف، 3 فنرى أن كل من اشترك في بقرة لم يكونوا كلهم من أهل البيت، فإذا كانوا على استيفاء مقاسمة اللحم كرهنا لهم ذلك. 4
__________
1 في العمرية بلفظ: "إذا".
2 في العمرية بلفظ "سبعة"، بحذف الألف واللام.
3 عن جابر بن عبد الله قال: "نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة".
أخرجه الإمام البخاري في صحيحه 2/955، كتاب الحج، باب الاشتراك في الهدى وإجزاء البقرة، والبدنة، كل منهما عن سبعة برقم: (1318) . من طريق قتيبه بن سعيد عن مالك، ويحيى بن يحيى عن مالك عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله به.
وقد سبق تخريج الحديث من طريق آخر في المسألة رقم: (2856) .
وخرج بهذا الطريق هنا لموافقة العدد، عدد المسلمين عام الحديبية.
4 في العمرية بعبارة: "كرهنا ذلك لهم".
قال الترمذي بعد ذكر الحديث السابق: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وقال [] إسحاق: يجزئ أيضاً البعير عن عشرة، واحتج بحديث ابن عباس. انظر: سنن الترمذي: 4/89-90.
وسبق تحقيق نحو هذه المسألة برقم: (2856) وتوثيق قول الإمام إسحاق ومن وافقه، وذكر رواية ثانية عنه.(8/4058)
[2894-] قال أحمد: أهل القرى لا يضحون حتى يكون أوان انصراف الإمام، أهل القرى والمدائن في هذا قريب.
ما يعجبني قول من يقول: إذا طلع الفجر أو الشمس. 1
[2895-] قال إسحاق: وأما من 2 ذبح الشاة فرمى برأسها.
قال: السنة في ذلك أن تؤكل، قال ذلك علي وابن عباس [رضي الله عنهما] ، وقد أخطأ إن تعمد ذبحها من قبل قفاها، 3 فأما إذا أسرع الذبح، فاطار رأسها فمباح أكله. 4
__________
1 سبق تحقيق مثل هذه المسألة برقم: (2854) .
2 في العمرية بحذف: "من".
3 انظر: المغني: 8/578، والمحلى: 7/441، والمجموع: 9/91.
وسبق تحقيق قول الإمام إسحاق في المسألة برقم: (2816، 2817) .
4 في العمرية بحذف: "فمباح أكله."
روى عبد الرزاق أن علياً قال: الدجاجة إذا انقطع رأسها: ذكاة سريعة إلى آكلها.
مصنف عبد الرزاق 4/491، كتاب المناسك، باب سنة الذبح برقم 8596.
وراجع موسوعة فقه علي رضي الله عنه ص 262.
وانظر قول الإمام إسحاق فيما إذا قطع رأس الذبيحة من القفا في: المجموع 9/91.(8/4059)
[2896-] قال إسحاق 1 وأما الدجاجة إذا ذبحت فطارت [ثم 2 وقعت في ماء فماتت، فإنها لا تؤكل، لما أعان الماء على قتلها أيضاً] . كما ذكر عن ابن مسعود [رضي الله عنه] في الطائر الذي يقع 3 على جبل، 4 ثم يتردى منه فيموت، أو يقع في ماء فيموت، فذلك مثلهما. 5
__________
1 في العمرية بحذف: "قال إسحاق".
2 ما بين القوسين كتب في العمرية بالحاشية.
3 في الظاهرية بلفظ (وقع) .
4 في العمرية بلفظ: "الجبل".
5 عن ابن مسعود قال: "إذا رمى أحدكم طائراً، وهو على جبل، فمات، فلا يأكلْه فإني أخاف أن يكون قتله ترديه، أو وقع في ماء فمات فلا يأكُلْه، فإني أخاف أن يكون قتله الماء".
رواه عبد الرزاق في مصنفه 4/462، كتاب المناسك، باب ما أعان جارحك أو سهمك، والطائر يقع في الماء برقم: (8462) .
والبيهقي في السنن الكبرى 9/248، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد يرمى فيقع على جبل ثم يتردى منه، أو يقع في الماء.
وراجع: المغني: 8/577.(8/4060)
[باب] في الأشربة1
[2897-] قلت لأحمد [رضي الله عنه] : قول ابن عمر [رضي الله عنهما] اشرب العصير [ع-162/أ] ما لم يأخذه شيطانه. 2
قال: 3 [فإن] ما بينه وبين ثلاث يشرب، فإذا مضى ثلاثة أيام لا تشرب، وإن غلا قبل ذلك لا يشرب. 4
__________
1 الأشربة في اللغة: جمع شراب، والشراب: ما يشرب من أي نوع كان وعلى أي حال كان. والشراب: اسم لما يشرب من كلّ شيء لا مضغَ فيه.
انظر: تاج العروس 1/312، والقاموس المحيط 1/86.
وفي الاصطلاح: كل شراب مسكر من أي أصل كان، سواء كان من الثمار كالعنب، والرطب، أو الحبوب كالحنطة، والشعير، أو الحيوان كلبن الخيل، وسواء أكان مطبوخا، أو نيئاً.
السياسة الشرعية ص 106، ومغني المحتاج 4/186.
2 عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: اشرب العصير ما لم يأخذه شيطانه. قال: ومتى يأخذه شيطانه؟ قال: بعد ثلاث، أو قال في ثلاث.
رواه عبد الرزاق في مصنفه 9/217، كتاب الأشربة، باب العصير شربه أو بيعه برقم: (16990) ، عن عبد الله بن مرة عنه به.
راجع: المحلى 7/507، والمغني: 8/317، ونيل الأوطار: 6:75.
3 في العمرية بحذف"قال".
4 نقل أبو داود مثل هذه الرواية عن الإمام أحمد فقال: سمعت أحمد سئل عن العصير؟ قال يشربه ثلاثة أيام ما لم يغل، وإن جاز لم يغل لم يشربه، وإن غلي قبل ثلاثة أيام لم يشربه. مسائل أبي داود ص 259.
ونقل نحواً من هذه الرواية النيسابوري عن الإمام أحمد 2/138 برقم 1779.
قال الخرقي: والعصير إذا أتت عليه ثلاثة أيام فقد حرم، إلا أن يغلي قبل ذلك فيحرم، وكذلك النبيذ. مختصر الخرقي ص 196.
قال المرداوي: هذا المذهب. نص عليه، وعليه الأصحاب. وبين ذلك في المحرر، والوجيز وغيرهما، فقالوا: بلياليهن.
وقيل: لا يحرم ما لم يغل. اختاره أبو الخطاب.
[] الإنصاف: 10/235، وراجع: المغني: 8/317، والفروع: 6/101-102، ومطالب أولي النهى: 6/214، ومجموع الفتاوى: 21/7.
ودليل هذه المسألة ما رواه أبو عمر البهراني قال: سمعت ابن عباس يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتبذ له أول الليل، فيشربه إذا أصبح يومه ذلك، والليلة التي تجيء، والغد، والليلة الأخرى، والغد إلى العصر. فإن بقي شيء سقاه الخادم أو أمر به فصب".
الحديث أخرجه مسلم في صحيحه 3/1589، كتاب الأشربة، باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد، ولم يصر مسكراً برقم 2004. من طريق شعبة عن يحيى بن عبيد أبي عمر البهراني به.(8/4061)
قال إسحاق: كما قال.
[2898-] سألت أحمد عن الطلاء 1 كيف يطبخ؟
__________
1 الطلاء ككساء: القطران وكل ما يطلى به، وبعض العرب يسمي الخمر الطلاء يريد بذلك تحسين اسمها لأنها الطلاء بعينها وليس بمشهور. والطلاء أيضاً يطلق على خاثر المنصف، وهو ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه، ويسميه العجم المينجتج وهو المراد هنا.
انظر: تاج العروس: 10/227، ولسان العرب: 15/11، والقاموس المحيط: 4/359، والنهاية: 3/137، ومختار الصحاح: ص 397، وفقه اللغة وسر العربية: ص 275.(8/4062)
قال: ترفع رغوته 1 التي ترتفع 2 ثم يأخذ مقداره. 3
قلت: 4 طبخه ساعة، ثم تركه حتى برد قبل أن ينتهي، ثم طبخه؟
قال: لا بأس.
قلت: إنهم يذكرون عن عبد الله ابن المبارك 5 كراهته.
__________
1 الرغوة: الزبد يعلو الشيء عند غليانه، بفتح الراء وضمها. المصباح المنير: 1/232.
2 في العمرية بلفظ: (ترفع) ، والصواب ما أثبته.
3 ولطبخ الطلاء صفة خاصة، ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: إن صفة طبخه أنه يغلى عليه أولاً حتى يذهب وسخه، ثم يغلى عليه بعد ذلك حتى يذهب ثلثاه، فإذا ذهب ثلثاه والوسخ فيه كان الذاهب منه أقل من الثلثين، لأن الوسخ يكون حينئذ من غير الذاهب. مجموع الفتاوى: 34/200.
4 في العمرية بحذف: "قلت"، وفي إثباته زيادة إيضاح.
5 هو عبد الله بن المبارك بن واضح أبو عبد الرحمن الحنظلي مولاهم المروزي التركي الأب، الخوارزمي الأم، صاحب التصانيف النافعة والرحلات الشاسعة. جمع بين العلم، والعبادة، والزهد والورع، والجهاد، والتجارة، ودوّن في العلم في الأبواب والفقه وفي الغزو والزهد والرقائق وغير ذلك. ولد سنة ثماني عشرة ومائة، وتوفي في رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة رحمه الله تعالى.
انظر: تهذيب التهذيب: 5/382، وتقريب التهذيب: 187، وتذكرة الحفاظ: 1/274، وحلية الأولياء: 8/162.(8/4063)
قال: إنه يشرب دون ثلاث، فما بأس بهذا؟
قلت: قالوا أفسده.
فأبى إلا أن لا بأس به دون الثلاث، إلا أن يكون الفساد من قبله. 1
__________
1 هذه العبارة بيان أن الذي يطبخ، إنما هو العصير الطري وقبل أن يتخمر، أما لو صار خمراً فطبخ، فإن الطبخ لا يطهره ولا يحله، لما روي عن أبي ثابت الثعلبي قال: كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فسأله عن العصير، فقال: "اشربه ما كان طريا. قال: إني طبخت شراباً وفي نفسي منه، قال: أكنت شاربه قبل أن تطبخه؟ قال: لا. قال: فإن النار لا تحل شيئا قد حرم.
رواه النسائي في سننه 8/331، كتاب الأشربة، باب ما يجوز شربه من العصير وما لا يجوز.
وصحّح إسناده ابن حجر في فتح الباري 10/64.
وقال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن شرب الطلاء إذا ذهب ثلثاه وبقي ثلثه؟
قال: لا بأس به. قال قيل لأحمد: إنهم يقولون إنه يسكر، قال: لا يسكر. لو كان يسكر ما أحله عمر. انظر: مسائل أبي داود ص 259.
وقال ابن قدامه: وما طبخ من العصير والنبيذ قبل غليانه حتى صار غير مسكر، كالدبس ورُبِّ الخَرُّوب وغيرهما من المربيات والسكَّر، فهو مباح، لأنّ التحريم إنما ثبت في المُسكر، ففيما عداه يبقى على أصل الإباحة. وما أسكر كثيره، فقليله حرام، سواء ذهب منه الثلثان، أو أقل أو أكثر.
المغني: 8/318، وراجع الفروع: 6/102، والإنصاف: 1/235، ومطالب أولي النهى: 6/214، وكشاف القناع: 6/119.(8/4064)
قال إسحاق: السنة في طبخ العصير أن يوضع القدر على النار، وقد صب العصير فيه، فيغلى عليه، ثم يرفع من النار 1 فترفع رغوته، وما رمى من 2 التراب وغيره، فإذا ألقى ذلك فقد صفا العصير حينئذ، لما ذهب منه ما اختلط به من التراب وشبهه.
فيأخذ مقداره حينئذ حتى يعرف ذهاب الثلثين. ويبقى الثلث الحلال لا بد من طبخه على هذا المثال، لأنه لو صب العصير فيه أولاً، وأخذ المقدار فذهب الثلثان منه، لا يكون ما ذهب قدر ثلثي العصير، لما اختلط به من الغبار وما فيه من الدردي 3 وشبهه، فلذلك لا بدّ من غليانه حتى يرمى ما اختلط مما وضعا
__________
1 في العمرية بحذف الفاء من "فترفع".
2 في العمرية بحذف: "من".
3 الدردي: ما يركد في أسفل كل مائع، كالأشربة، والأدهان. النهاية 2/112.
قال صاحب مختار الصحاح: ودردي الزيت وغيره: ما يبقى أسفله. ص 202.(8/4065)
به، 1 ثم يؤخذ المقدار وكلما صنع من العصير 2 الفراتج 3 وما أشبهه في الثلاث قبل أن يغلى فلا بأس به، هو 4 مباح للخلق، فإذا مضى الثلاث ولم يغلِ لم ينتفع به أصلاً لما 5 قال ابن عمر [رضي الله عنهما] : يأخذه شيطانه في ثلاث. 6
__________
1 في العمرية بحذف: "به".
2 في العمرية بزيادة: "واو" قبل الفراتج.
3 الفراتج: لم أعثر على معناه.
4 في العمرية بإضافة: "واو" قبل: "هو مباح".
5 في العمرية بحذف: "لما".
6 سبق تخريج أثر ابن عمر رضي الله عنهما في المسألة: (2897) .
واستدل على حل شرب الطلاء بما روي عن عامر بن عبد الله، أنه قال: قرأت، كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى: أما بعد: فإنها قدمت عليّ عيرٌ من الشام تحمل شراباً غليظاً أسود كطلاء الإبل، وإني سألتهم: على كم يطبخونه؟ فأخبروني: أنهم يطبخونه على الثلثين، ذهب ثلثاه الأخبثان، ثلث ببغيه، وثلث بريحه، فمر مَنْ قِبَلَك يشربونه.
رواه النسائي في سننه 8/329، كتاب الأشربه، باب ذكر ما يجوز شربه من الطلاء، وما لا يجوز، وقد أفصح بعض طرق الأثر السابق، بأن المحذور منه السكر، فمتى أسكر لم يحلّ. فتح الباري: 10/63.
وقد جمع ابن حجر طرق الأثر السابق، وقال: هذه أسانيد صحيحة. فتح الباري: 10/63.(8/4066)
[2899-] قلت: يكره أن يسقى الدواب الخمر؟
قال: أكرهه وأن يداوي الدبر 1 والجرح. 2
قال إسحاق: كما قال.
[2900-] قلت: غبيراء 3 السكركة؟
__________
1 الدبر بالتحريك: الجرح الذي يكون في ظلف الدابة، وقيل: هو أن يقرح خف البعير. لسان العرب: 4/274.
2 ونقل عبد الله نحو هذه الرواية عن أبيه. قال: قرأت على أبي وقال أبي أروه عن عبدة بن سليمان الكلابي قال: حدثنا عبد الله عن نافع أن ابن عمر كان ينهى أن تسقى البهائم الخمر.
وقال: سمعت أبي يقول وكذلك قولي: لا يداوى بها جرح ولا غيره وهي محرمة، وكرهه أبي جداً. مسائل عبد الله [] ص 434 برقم: (300-1571) .
وسبق التحقيق في حكم التداوي بالمحرم في المسألة رقم (2831) وذكر قول ابن قدامه رحمه الله بعدم جواز التداوي بالخمر.
انظر: المغني: 8/605، ومجموع الفتاوى: 24/266.
وراجع قول ابن عمر رضي الله عنهما في مصنف عبد الرزاق: 9/251.
3 في الظاهرية بلفظ: "غبيراء" السكر.
والغبراء، والغبيراء: نبات سهلي، وقيل: الغبراء شجرته، والغبيراء ثمرته.
والغبيراء: السكركة، وهو شراب يعمل من الذرة، يتخذه الحبش، وهو يسكر.
انظر: لسان العرب 5/6، القاموس المحيط 2/99، النهاية 3/338، والمصباح المنير 2/442.(8/4067)
قال: هو 1 الذي يقال له: المزر 2 نبيذ الشعير والبر.
ويقال له: الجعة. 3
قال إسحاق: كما قال.
[و] قال عبد الرزاق: 4 نحن نقول: المزر.
[2901-] قلت: ما يكره من الظروف 5 المزفت 6
__________
1 في العمرية بحذف لفظ: "هو".
2 قال ابن الأثير: إن المزر نبيذ يتخذ من الذرة، وقيل من الشعير أو الحنطة. النهاية: 4/323.
وراجع: القاموس المحيط: 2/133، ولسان العرب: 5/172.
3 الجعة: هي النبيذ المتخذ من الشعير.
النهاية: 1/277، وفقه اللغة: ص 276.
4 هو عبد الرزّاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني، ثقة حافظ، مصنف شهير، عمي في آخر عمره، فتغير، وكان يتشيع، توفي سنة مائتين وإحدى عشرة هجرية، وله خمس وثمانون سنة.
تقريب التهذيب: 213، وتهذيب التهذيب: 6/310.
5 الظرف: الوعاء، والجمع ظروف.
المصباح المنير: 2/384، ومختار الصحاح: ص 403.
6 الزفت بالكسر: القار، والمزفت: المطلي به. القاموس المحيط: 1/148.
وفي النهاية: المزفت: هو الإناء الذي طلي بالزفت، وهو نوع من القار. النهاية: 2/403.(8/4068)
والحنتم 1 والنقير 2 والدباء؟ 3
قال: الذي ينهى عنها 4 الدباء [ظ-91/ب] والحنتم والنقير، وأحب إلي أن تنقى الأوعية كلها. 5
__________
1 الحنتم: جرار مدهونة خضر، كانت تحمل الخمر فيها إلى المدينة ثم اتسع فيها، فقيل للخزف كله حنتم، واحدتها حنتمة. النهاية: 1/448.
2 والنقير: أصل خشبة، ينقر وسطه، ثم ينبذ فيه الثمر، ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا مسكرا، والنهى واقع على ما يعمل فيه لا على اتخاذ النقير، فيكون على حذف المضاف تقديره عن نبيذ النقير وهو فعيل بمعنى مفعول.
النهاية: 5/104، وراجع: الإشراف: 206.
3 الدباء: بضم الدال المهملة وتشديد الباء والمد: هو القرع اليابس وهو من الآنية التي يسرع الشراب في الشدة إذا وضع فيها.
تاج العروس: 1/214، والنهاية: 2/96، والإشراف لوحة: (206) .
وخصت هذه الظروف بالنهي عنها، لأنه يسرع إليه الإسكار فيها فيصير حراماً، وتبطل ماليته، فنهي عنه لما فيه من إتلاف المال، ولأنه ربما شربه بعد إسكاره من لم يطلع عليه.
ولم ينهَ عن الانتباذ في أسقية الأدم، بل أذن فيها، لأنها لرقتها لا يخفى فيها المسكر، بل إذا صار مسكراً شقتها غالباً.
صحيح مسلم بشرح النووي: 13/159، طرح التثريب في شرح التقريب: 8/43، ومجموع الفتاوى: 28/338، وشرح السنة: 11/366.
4 في العمرية بلفظ: "ينهى عنه".
5 وقال أبو داود: قلت لأحمد نبيذ الجر؟ لا يعجبني من الأوعية إلا سقاء يوكأ. مسائل أبي داود ص 258.
وأشار ابن قدامة إلى هذه الرواية فقال: وعن أحمد: أنه كره الانتباذ في الدباء والحنتم والنقير والمزفت. المغني: 8/318.
وعن الإمام أحمد رحمه الله: أنه يكره. قال الخلال: عليه العمل. وذكر ابن القيم رحمه الله في الهدي رواية: أنه يحرم.
وعنه: يكره في هذه الأوعية، وفي غيرها، إلا في سقاء يوكي حيث بلغ الشراب، ولا يتركه يتنفس.
والمذهب على جواز الانتباذ في الأوعية كلها.
قال ابن قدامة: ولا يكره الانتباذ في الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت.
قال المرداوي: هذا المذهب بلا ريب، وعليه جماهير الأصحاب.
[] انظر: الإنصاف: 10/236-237، والمقنع: 3/479، ومجموع الفتاوى: 34/191، والفروع:6/103، وكشاف القناع: 6/120، ومطالب أولي النهى: 6/216.
نقل البغوي قول الإمامين أحمد وإسحاق ضمن عرضه للمذاهب في المسألة فقال: وقد اختلفوا في الانتباذ في هذه الأوعية: فذهب قوم إلى بقاء الحظر فيها، ويروى ذلك عن ابن عمر، وابن عباس، وإليه ذهب مالك، وأحمد وإسحاق. وذهب آخرون: إلى أن التحريم كان في صدر الإسلام، ثم صار منسوخاً.
انظر: شرح السنة 11/367 وراجع: معالم السنن 5/ 273، والإشراف لابن المنذر لوحة: (205) ، والاعتبار ص 409، وفتح الباري 10/58، ونيل الأوطار 9/70.
والنهي عن هذه الظروف كان في صدر الإسلام، ثم نسخ النهي بعد ذلك.
والمعنى في ذلك: أنه كان العهد في أول الإسلام قريباً بإباحة المسكر، فلمّا طال الزمان، واشتهر تحريم المسكرات، وتقرر ذلك في نفوسهم نسخ ذلك، وأبيح لهم الانتباذ في كل وعاء، بشرط ألا يشربوا مسكراً.
فقد روى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله رضي الله عنه: "نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكراً".
الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه 3/1584، كتاب الأشربة، باب النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء، والحنتم والنقير، وبيان أنه منسوخ وأنه اليوم حلال، ما لم يصر مسكراً، برقم 977.(8/4069)
وقال في طريق آخر عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم عن الأشربة في ظروف الأدم، فاشربوا في كل وعاء، غير أن لا تشربوا مسكراً."
أخرجه مسلم في صحيحه 3/1585، كتاب الأشربة، الباب السابق.
[] انظر: فتح الباري 10/58، وطرح التثريب 8/43-44، والمغني 8/318، والاعتبار ص 410، ونيل الأوطار 9/70، ومسلم بشرح النووي 13/135.(8/4070)
قال إسحاق: كما قال.
[2902-] قلت: الشرب في قدح مفضض؟
قال: إذا لم يضع فمه على الفضة هو مثل العلم في الثوب. 1
__________
1 نقل هذه الرواية ابن المنذر فقال: وقيل لأحمد بن حنبل: أشرب في قدح مفضض.
قال: إذا لم يضع فاه على الفضة هو مثل العلم في الثوب.
قال إسحاق: كما قال: قد وضع عمر بن عبد العزيز فمه بين ضبتين، وبه قال أبو ثور. الإشراف لوحة: (204) .
قال الخرقي: وإن كان قدح عليه ضبة، فشرب من غير موضع الضبة فلا بأس. مختصر الخرقي ص 197.
قال ابن قدامه: إن الضبة من الفضة تباح بثلاثة شروط:
أحدها: أن تكون يسيرة.
والثاني: أن تكون من الفضة، فأما الذهب فلا يباح، وقليله وكثيره حرام.
والثالث: أن يكون للحاجة، لمصلحة وانتفاع، مثل أن تجعل على شق أو صدع وإن قام غيرها مقامها. المغني 8/322.
وممن رخص في ضبة الفضة: سعيد بن جبير، وميسرة، وزاذان، وطاوس، وأبو ثور، وابن المنذر، وإسحاق وقال: قد وضع عمر بن عبد العزيز فاه بين ضبتين.
المغني 8/322، ومصنف ابن أبي شيبة 8/24.(8/4071)
قال إسحاق: هو كما قال 1 قد وضع عمر بن عبد العزيز فمه بين ضبتين، وكذلك قول إبراهيم.
[2903-] سئل أحمد عن الخل؟
__________
1 انظر: قول الإمام إسحاق في: المغني 8/332، وفتح الباري 10/101، والإشراف لوحة: (204) ، والمجموع 1/261.
والأثر المروي عن عمر بن عبد العزيز رواه ابن أبي شيبة عن سلمان بن جبيب، وسليمان بن داود قالا: أتينا عمر بن عبد العزيز بشراب في قدح مفضض، فوضع فاه بين الضبتين فشرب، وقال: لا تعيداه عليّ.
مصنف ابن أبي شيبة 8/25، كتاب الأشربة، في الشرب من الإناء المفضض من رخص فيه، برقم: (4200) .(8/4072)
قال: يصب الخل على العصير حتى يغلبه. 1
قلت لأحمد: العصير إذا غلا شيئاً، ثم جعل في الكامخ 2 وغيره؟
قال: إذا استهلك دون الثلاث فلا بأس به. 3
__________
1 نقل نحو هذه الرواية أبو داود في مسائله فقال: سمعت أحمد سئل عن الخلّ يتّخذ. قال: يصب عليه الخل حتى لا يغلي. قيل: صب عليه الخلّ فغلى. قال: يهراق. مسائل أبي داود ص 259.
2 الكامخ: بفتح الميم وربّما كسرت فارسي معرب: وهو ما يؤتدم به، يقال له المري، ويقال: هو الرديء منه، والجمع كوامخ.
ونطقه بالفارسية: "كمامه"، ومنهم من خصّه بالمخلّلات التي تستعمل لتشهي الطعام.
تاج العروس 1/376، والمصباح المنير 2/540.
3 قال البهوتي: وجعل الإمام أحمد وضع زبيب في جردل كعصير، يعني يحرم إذا غلى أو أتت عليه ثلاثة أيام، خرج به في المستوعب، وأنه إن صب عليه خل أكل ولو بعد الثلاث. كشاف القناع 6/120.
ونقل الخطابي قول الإمام أحمد فقال: قيل لابن المبارك: كيف يتخذ الخل بأن لا يأثم الرجل؟ قال: انظر خلا نقيا فصب على قدر ماء لا يغلبه العصير، فإن غلبه العصير لم يغل. وقال أحمد نحواً من ذلك، وقال: لا يعجبني أن يكون في بيت الرجل المسلم خمر، ولكن يصب على العصير من الخل حتى يتغير. معالم السنن 5/261
أما الخمرة إذا أفسدت فصيرت خلا، لم تزل عن تحريمها وإن قلب الله عينها، فصارت خلا، فهي حلال.
فقال سأل عبد الله أباه عن الخمر يتخذ خلا؟ قال: لا يعجبني، أكرهه، ولا بأس بما أذن الله في فساده.
يقول: إذا جعل رجل خمراً ففسدت هي، فلا بأس بأكل الخل منها، إذا كان فسادها من عند الله. مسائل عبد الله ص 433 برقم: (1567) .
وراجع: المغني 8/319، ومختصر الخرقي ص 196، وكشاف الفتاع 6/120، والقواعد لابن رجب ص 230.(8/4073)
[2904-] قلت لأحمد: إذا أرابك من شرابك ريب؟
قال: إذا رابه منه شك فيه، ليس إذا استيقن. 1
[2905-] سئل 2 أحمد: أيصلي الرجل خلف من شرب المسكر؟
قال: لا. 3
__________
1 نقل الرحيباني عن الشيخ تقي الدين قوله: إذا شككنا في المطعوم، أو المشروب، وهل يسكر أم لا، لم يحرم بمجرد الشك، ولم يقم الحد على صاحبه. مطالب أولي النهى 6/219.
2 هذه المسألة انفردت بها العمرية.
3 ونحو هذه الرواية نقلها أبو داود فقال: سمعت أحمد رحمه الله وقيل له: إذا كان الإمام يسكر؟ قال: لا يصلي خلفه البتّة. وقال: سمعت أحمد وسأله رجل قال: صليت خلف رجل ثم علمت أنه يسكر، أعيد؟ قال: نعم. قال: أيتهما صلاتي؟ قال: التي صليت وحدك.
مسائل أبي داود ص 42. وراجع: مسائل عبد الله ص: 432 - 433 برقم: (1564) .(8/4074)
قال إسحاق: كلما كان معلناً بشربه، يدعو الناس إليه، فلا يصلين خلفه.
[2906-] قلت: ما يكره من الجمع بينهما الزهو 1 والبلح 2 والتمر والزبيب؟
قال: كل شيء من الخليطين ما يشد بعضه بعضاً. 3
__________
1 يقال زها النخل يزهو، زهواً: ظهرت الحمرة، والصفرة في ثمره.
وقال أبو حاتم: وإنما يسمى زهواً: إذا خلص لون البسرة في الحمرة، أو الصفرة. ومنهم من يقول: زها النخل: إذا نبت ثمره.
تاج العروس 10/167، والمصباح المنير 1/258
2 البلح: ثمرة النخيل ما دام أخضر قريباً إلى الاستدارة إلى أن يغلظ النوى. وأهل البصرة يسمونه الخلال، الواحدة بلحة وخلالة، فإذا أخذ في الطول والتلون إلى الحمرة، أو الصفرة، فهو بسر، فإذا خلص لونه وتكامل إرطابه فهو الزهو.
المصباح المنير 1/60، ومختار الصحاح ص 63.
والسبب في النهي عن الجمع بين النوعين في الانتباذ: أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط، فيكون سبباً في شرب المسلم المسكر، وهو محرم عليه.
راجع مسلم بشرح النووي 13/194، وتحفة الأحوذي 5/623.
3 قال ابن قدامة: ويكره الخليطان: وهو أن ينبذ في الماء شيئان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن الخليطين". المغني لابن قدامة 8/318
وللإمام أحمد رحمه الله في حكم نبيذ الخليطين روايات:
إحداها: يكره الخليطين كالبسر والتمر، والتمر والزبيب.
قال المرداوي: هذا المذهب بلا ريب، وعليه جماهير الأصحاب، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله.
الثانية: وعنه يحرم، وفسر القاضي أبو يعلى هذه الرواية بقوله يعني أحمد بقوله: حرام إذا اشتد وأسكر، وإذا لم يسكر لم يحرم.
قال ابن قدامة: وهذا هو الصحيح، إن شاء الله تعالى.
والثالثة: لا يكره. قال ابن قدامة: لا يكره ما كان في المدة اليسيرة، ويكره ما كان في مدة يحتمل إفضاءه إلى الإسكار.
انظر: الإنصاف 10/237 – 238، والمغني 8/319.
وراجع: الفروع 6/103، وكشاف القناع 6/120، ومطالب أولي النهي 6/214.(8/4075)
قال إسحاق: كما قال. لأنهما إذا اجتمعا أزيدا، ولا يزيد إلا الخمر، 1
__________
1 نقل قول الإمام إسحاق رحمه الله الخطابي فقال: قد ذهب غير واحد من أهل العلم إلى تحريم الخليطين، وإن لم يكن الشراب المتخذ منهما مسكراً، ولم يجعلوه معلولاً بالإسكار.
وإليه ذهب عطاء، وطاوس، وبه قال مالك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وعامة أهل الحديث، وقالوا: "من شرب الخليطين قبل حدوث الشدة فهو آثم من جهة واحدة، وإذا شرب بعد حدوث الشدة كان آثماً من جهتين: أحدهما شرب الخليطين، والآخر شرب المسكر".
ورخص فيه سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه.
معالم السنن للخطابي 5/276، وراجع أيضاً: شرح السنة البغوي 11/359، وفتح الباري لابن حجر 10/69.(8/4076)
كذلك فسره 1 جابر بن عبد الله [رضي الله عنهما] .
[2907-] قلت: العصير [ع-161/ب] إذا غلى قبل 2 ثلاثة أيام؟
قال: لا تقربه، وما جاز ثلاثة أيام فلا تقربه.
قلت: إلى أو لم يغل؟ 3
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال وأجاد المعنى.
__________
1 لعله يشير إلى ما رواه محارب عن جابر قال: " البسر والتمر خمر " رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 7/539، كتاب الأشربة، في الخليطين من البسر والتمر، والزبيب من نهى عنه برقم 4076، من طريق عبد الرحيم بن سليمان عن محارب بن دينار.
وفي رواية عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الزبيب والتمر هو: الخمر".
رواه النسائي في سننه 8/288، كتاب الأشربة، باب استحقاق الخمر لشراب البسر والتمر.
وقد جاء النهي عن الخليطين في عدة أحاديث صحيحة أخرجها البخاري في صحيحه برقم 5601، فتح الباري 10/66 – 67.
ومسلم في صحيحه 3/1574 وما بعدها.
2 في العمرية بحذف ما بين القوسين من المسألة.
3 سبق تحقيق مثل هذه المسألة برقم: (2897) .(8/4077)
[باب] في الشهادات 1
[2908-] قلت لأحمد [رضي الله عنه: هل] تجوز شهادة المرأة وكم تكن؟
قال: رجل وامرأتان، وشهادة المرأة في الولادة والرضاع فيما لا يطلع عليه الرجال. 2
__________
1 الشهادات: جمع شهادة، والشهادة: مصدر شهد يشهد شهادة فهو شاهد، وشهدت الشيء اطلعت عليه وعاينته، فأنا شاهد والجمع أشهاد، وشهود.
والشهادة تطلق على التحمل تقول: شهدت بمعنى التحمل، وعلى الأداء تقول: شهدت عند الحاكم شهادة، أي أديتها، وعلى المشهود به.
المطلع على أبواب المقنع ص 406، والمصباح المنير 1/324،
وعرف في الاصطلاح: بأنه حجة شرعية تظهر الحق ولا توجبه، فهي الإخبار بما علمه بلفظ خاص.
التنقيح المشبع ص 313، والإقناع 4/430، وكشاف القناع 6/404، وكشف المخدرات 2/254.
وعرف بأنه إخبار بحق للغير على آخر عن عيان بلفظ الشهادة في مجلس القاضي.
انظر: موسوعة فقه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ص 335.
2 تقدمت شهادة المرأة في، باب الحدود والديات في المسألة رقم (2659) .
وتقدمت شهادة المرأة في الرضاع والولادة في، كتاب النكاح والطلاق في المسألة رقم: (981) .
ونقل هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله ابن القيم فقال: قال إسحاق بن منصور قلت لأحمد: هل تجوز شهادة المرأة؟ قال: شهادة المرأة في الرضاع والولادة فيما لا يطلع عليه الرجال. انظر: الطرق الحكمية ص 81.
كما نقل هذه الرواية شمس الدين بن مفلح في النكت والفوائد السنية المطبوع مع المحرر 2/328.
وقد أشارت هذه الرواية إلى نوعي شهادة المرأة:
[1-] نوع لا يقبلن فيه إلا مع الرجال، وهو الشهادة على المال وما يقصد به المال كالبيع، والقرض والرهن والوصية له والجناية الموجبة للمال، تقبل فيه شهادة رجل وامرأتين. وذلك لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} ، سورة البقرة آية: 282.
والآية نص على المداينة. وسائر ما ذكر قياس على الدين، لأن المقصود منها المال، فأشبهت الشهادة بنفس المال.
المغني 9/151، والكافي 4/538، والمبدع 10/257 – 258.
[2-] ونوع يقبل فيه النساء منفردات، وذلك فيما لا يطلع عليه الرجال كعيوب النساء تحت الثياب، والرضاع، والاستهلال، والبكارة والثيوبة، ونحوه، فيقبل فيه شهادة امرأة واحدة.
قال الخرقي: ويقبل فيما لا يطلع عليه الرجال، مثل الرضاع، والولادة، والحيض، والعدة، وما أشبهها: شهادة امرأة عدل. مختصر الخرقي ص 228.
قال المرداوي: هذا المذهب مطلقاً بلا ريب. ونص عليه في رواية الجماعة، وعليه الأصحاب. الإنصاف 12/86
وللإمام أحمد رحمه الله رواية ثانية في المسألة: وهي أنه لا يقبل فيه أقل من امرأتين. وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله: قال أصحابنا: والاثنتان أحوط من المرأة الواحدة.
انظر: الإنصاف 12/86، 9/156. وراجع الكافي 4/540، والمبدع 10/260، وكشاف القناع 6/436.
وله رواية ثالثة: أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة، وتستحلف مع شهادتها.
انظر: المغني 7/558، والإنصاف 12/86.
أشار مجد الدين ابن تيمية إلى هذه الرواية في قبول شهادة المرأة الواحدة في الاستهلال.
انظر النكت والفوائد السنية 2/330، وراجع: مطالب أولي النهى 6/633، والفروع 6/593، والقواعد لابن رجب ص 298.(8/4078)
قال إسحاق رضي الله عنه: كما قال، إلا أنه لا بد من امرأتين في الولادة. 1
__________
1 نقل قول الإمام إسحاق بن نصر المروزي فقال: واختلفوا في شهادات النساء فيما لا يطلع عليه الرجال، فقال سفيان، وعامة أصحاب الرأي: تجوز شهادة امرأة واحدة، كذلك قال أحمد بن حنبل: يروى عن علي أنه أجاز شهادة القابلة وحدها. قال مالك وابن أبي ليلى وابن شبرمة: تجوز شهادة امرأتين. وكذلك قال أبو عبيد وإسحاق قياساً على الرجلين.
اختلاف العلماء لوحة رقم: (106) ، والأوسط 3/114.
ونقل ابن حجر عن الإمام إسحاق قوله: إنه يجيز شهادة المرأة الواحدة في الرضاع.
فتح الباري 5/268.
وانظر المسألة برقم (981) من، كتاب النكاح والطلاق في هذا الكتاب، وما سيأتي في المسألة رقم: (2925) .(8/4081)
[2909-] قلت: شهادة الأعمى؟
قال: تجوز في المواضع 1 في النسب، وكل شيء يضبطه ويعرفه معرفة لا تخفى عليه. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
[2910-] قلت: شهادة الأخ لأخيه؟
__________
1 هكذا في النسختين.
2 قال ابن قدامة: وتجوز شهادة الأعمى في المسموعات إذا تيقن الصوت بالاستفاضة، وتجوز في المرئيات التي تحملها قبل العمى إذا عرف الفاعل باسمه ونسبه وما يتميز به. قال المرداوي: بلا نزاع.
[] انظر: المقنع 3/697-698، والإنصاف 12/61.
وقال في الكافي: لأنه تجوز روايته بالسماع، واستمتاعه بزوجته، فجازت شهادته كالبصير، ولا يجوز أن يشهد على ما طريقه الرؤية، لأنه لا رؤية له إلاّ التي تحملها قبل العمى.
انظر: الكافي 4/545، وراجع: المبدع 10/238، ومطالب أولي النهى 6/422.
3 نقل ابن المنذر هذه الرواية عن الإمام أحمد وإسحاق فقال: قال أحمد بن حنبل: يجوز في المواضع في النسب، وكل شيء يضبطه ويعرفه معرفة لا يخفى عليه، وبه قال إسحاق.
الأوسط لوحة: (105) ، وراجع قول الإمام إسحاق في: المغني 9/189، والمحلّى 9/433، وعمدة القارئ 13/221(8/4082)
قال: جائز، 1 ولا تجوز شهادة الأب للابن، ولا الابن للأب والأم. 2
__________
1 قال الخرقي: وشهادة الأخ لأخيه جائزة. مختصر الخرقي ص 230.
قال ابن المنذر: وأجمع أهل العلم على أن شهادة الأخ لأخيه جائزة إذا كان عدلاً، روي هذا عن ابن الزبير، وبه قال شريح، وعمر بن عبد العزيز، والشعبي، والنخعي، والثوري، ومالك، والشافعي، وأبو عبيد، وإسحاق، وأبو ثور.
انظر: المغني 9/164، والأوسط ص 104، والإجماع لابن المنذر ص: 30 برقم: (263) .
2 للإمام أحمد رحمه الله في شهادة الآباء للأبناء والأبناء للآباء أربع روايات:
[1-] عدم جواز شهادة الأب للابن وإن سَفُلَ، ولا الابن للأب والأم وإن عَلَيَا.
[2-] تقبل شهادة الابن لأبيه، ولا تقبل شهادة الأب له، لأن مال الابن في حكم مال الأب، له أن يتملكه إذا شاء، فشهادته له شهادة لنفسه، أو يجرّ بها لنفسه نفعاً.
[3-] تقبل شهادة كل واحد منهما لصاحبه فيما لا تهمة فيه: كالنكاح والطلاق، والقصاص، والمال إذا كان مستغنى عنه.
[] انظر: المغني 9/191، والمبدع 10/242-243، والكافي 4/ 528، والمحرر 2/313.
[4-] أن شهادة كل واحد منهما للآخر مقبولة.
انظر: الكافي 4/528، والمبدع 10/243.
وقد رجّح المرداوي الروايةَ الأولى وقال: هذا المذهب، وعليه الأصحاب. الإنصاف 12/66.(8/4083)
قال إسحاق: شهاداتهم 1 كلهم جائزة، إذا كانوا عدولاً. 2
__________
1 في العمرية بلفظ: "شهادتهم".
2 نقل ابن قدامة عن الإمام إسحاق رحمه الله روايتين:
[1-] أن شهادة الوالد لولده لا تقبل، ولا الولد لوالده، ولا لوالدته.
[2-] تقبل شهادة كل واحد منهما لصاحبه فيما لا تهمة فيه، كالنكاح والطلاق والقصاص، والمال إذا كان مستغنى عنه.
المغني 9/192، والأوسط 106، وراجع: إعلام الموقعين 1/114، والمحلى 9/416، واختلاف العلماء لوحة: (104) .
واستدل المانعون لشهادة الأبناء للآباء، والآباء للأبناء بما جاء عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا مجلود حداً ولا مجلودة، ولا ذي غمر لإحنة، ولا مجرب شهادة، ولا القانع أهل البيت لهم، ولا ظنين في ولاء ولا قرابة".
قال الفزاري: القانع التابع.
[] الحديث رواه الترمذي في سننه 4/545-546، كتاب الشهادات، باب ما جاء فيمن تجوز شهادته، برقم: (2298) .
وقالوا: إن الظنين هو المتهم، والأب يتهم لولده، لأن ماله كماله لقوة القرابة بينهما، والتي تدعو الشاهد أن يشهد خلاف الواقع. انظر: المغني (9/192) .
ويرد على هذا الدليل: أن هذا الحديث ضعيف، لا يعتمد عليه في الاستدلال.
فقد ضعفه الترمذي في سننه 4/546، والبيهقي في السنن الكبرى 10/155، وقال: لا يصح في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يعتمد عليه، والألباني في إرواء الغليل 8/292.
والحديث محمول على ظهور التهمة، ولا قائل بقبول شهادة المتهم، سواء كان أباً أو غيره.
فالتهمة وحدها مستقلة بالمنع، وهي لا تخص الأقرباء فقط، بل تعم كل من يتهم بالشهادة لهم، سواء كان الشاهد قريباً أو أجنبياً.
[] انظر: أعلام الموقعين 1/117، وراجع 1/114-115.
والأصل قبول شهادة العدل مطلقاً، قريباً، أو غير قريب، لعموم قوله تعالى:
{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} سورة الطلاق آية: 2، وقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} سورة البقرة آية: 282، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} سورة المائدة آية: 106.
فلم تفرق هذه النصوص بين عدل وآخر، من قريب، أو غيره، فالأب والابن عدلان من رجالنا، فما لم تسلب عنهم صفة(8/4084)
العدالة فشهادتهما مقبولة كغيرهما من الأجانب.
انظر: المحلى 9/415 - 416، وأعلام الموقعين 1/114، ومصنف عبد الرزاق 8/343 - 344، ومدى صلاحية الشهادة لإثبات الأحكام 207.
وسيأتي مزيد بيان في المسألة برقم. (2922) .
[2911-] قلت: شهادة ولد الزنى؟
قال: جائز إذا كان عدلا، 1 وإن قذفه إنسان يقام عليه الحد،
وإن قذف أمه وقد أقيم [عليها] 2 الحد فقد أساء، يؤدب ولا يقام عليه 3 الحد.
__________
1 قال الخرقي: وشهادة ولد الزنى جائزة في الزنى وغيره. مختصر الخرقي ص 230.
قال ابن مفلح: لعموم الأدلة، وأنه عدل مقبول الرواية والشهادة في غير الزنى فتقبل فيه كغيره، وولد الزنى لم يفعل فعلاً قبيحاً يجب أن يكون له نظير، لأن الزاني لو تاب لقبلت شهادته، وهو الذي فعل الفعل القبيح، فإذا قبلت شهادته مع ما ذكر فغيره أولى. المبدع 10/240.
2 في الظاهرية بلفظ "عليه".
3 في العمرية بلفظ "عليها".(8/4085)
وإن لم تحد فهي امرأة مستورة يقام عليه الحد.
قال إسحاق: كما قال. 1
[2912-] قلت: الشهداء 2 إذا استووا يقرع بينهم؟
قال: إذا استووا وليست 3 السلعة في يد [أحدهم أقرع بينهم، 4 فإذا كانت] في يد أحدهما فادعيا [ها] جميعاً فالبينة
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 9/196، والمحلى 9/430.
2 في الظاهرية بلفظ "شهداء".
3 في العمرية بلفظ "وليس".
4 تقدم نحو هذه المسألة في المعاملات برقم: (1885) .
ونقل نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله ابنه صالح فقال: وإذا لم تكن السلعة في أيديهما فادعياها، وأقاما البينة جميعاً، أقرع بينهما على اليمين، فأيهما أصابته القرعة حلف وكانت السلعة له. مسائل صالح ص 103.
وللإمام أحمد رحمه الله إذا استوت البينتان، والسلعة ليست في يد أحدهما ثلاث روايات:
[1-] إذا تساوت البينتان فقد تعارضتا، وتقسم العين بينهما بغير يمين.
[2-] أنهما يتحالفان، كمن لا بينة لهما، فيسقطان بالتعارض. قال المرداوي: وهذه الرواية هي المذهب.
[3-] أنه يقرع بينهما، فمن قرع صاحبه حلف وأخذها.
انظر: الإنصاف 11/389 - 390، والقواعد لابن رجب ص 363، والكافي لابن قدامة 4/489.(8/4086)
بينةُ الذي ليس في يده 1 السلعة. 2
__________
1 في العمرية بلفظ (يده) .
2 نقل أبو داود رواية عن الإمام نحو الجزء الثاني من هذه الرواية فقال: سمعت أحمد سئل عن رجل في يديه دار، أقام البينة الرجل أنها داره، وأقام الذي في يديه أنها داره ورثها؟ فقال: البينة بينة المدعي، وليس لصاحب الدار بينة. مسائل أبي داود ص 210.
اختلفت الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله فيما إذا تعارضت البينتان والسلعة في يد أحدهما إلى روايتين:
[1-] المشهور عنه تقديم بينة المدعي، ولا تسمع بينة المدعى عليه بحال.
[2-] والرواية الثانية عنه: إن شهدت بينة الداخل بسبب الملك وقالت نتجت في ملكه، أو اشتراها، أو نسجها، أو كانت بينته أقدم تاريخاً قدمت، وإلا قدمت بينة المدعي. والرواية الأولى هي المذهب.
انظر المغني 9/275، والإنصاف 11/380 - 381، ومختصر الخرقي ص 235.(8/4087)
قال إسحاق: 1 كما قال. 2
[2913-] قلت: شهادة الصبيان؟
قال: إذا قاموا بها عدولاً كباراً، وأما هم صغاراً فلا. 3
قال إسحاق: كما قال. 4
__________
1 في العمرية بحذف " إسحاق ".
2 وانظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: المغني 9/275، والمحلى 9/438، والطرق الحكمية ص 324، وسبل السلام 4/134، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة 140، والأوسط 3/71.
3 للإمام أحمد رحمه الله في شهادة الصبيان روايات:
[1-] لا تقبل شهادة الصبيان مطلقاً. هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب.
[2-] تقبل ممن هو في حال العدالة، فتصح من مميز، ونقل ابن هانئ: ابن عشر.
[3-] لا تقبل إلا في الجراح، إذا شهدوا قبل الافتراق عن الحالة التي تجارحوا عليها.
[] انظر: الإنصاف 12/37، ومسائل عبد الله ص 436 برقم: (1577-1578) ، ومسائل ابن هانئ النيسابوري 2/36 برقم 1325، والمبدع 10/213، والمحرر 2/213، والكافي 4/521، والطرق الحكمية ص 170، ومطالب أولي النهى 6/608، ومجموع الفتاوى 15/306.
4 قال ابن المنذر: وكان عطاء بن أبي رباح، والشعبي وشريح، والحسن البصري، لا يجيزون شهادته - أي الصبي -، وهذا قول ابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي عبيد، والمزني والنعمان وأصحابه.
وقال طائفة: يجوز شهادتهم في الجراح، وفي الدم. الأوسط 3/105
وانظر قول الإمام إسحاق في: المحلى 9/421، وعمدة القاري 13/239.
واستدلوا بقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} سورة البقرة آية: 282. والصبي ليس من رجالنا، ولأنه ليس بمكلف وقد أخبر الله تعالى أن الشاهد الكاتم شهادته آثم، والصبي ليس بآثم، فدل على أنه ليس بشاهد.(8/4088)
ولأنه لا تحصل الثقة بقوله، لعدم خوفه من مأثم الكذب.
ولأنه من لا يقبل قوله على نفسه في الإقرار، لا تقبل شهادته على غيره كالمجنون.
انظر: الكافي 4/521 والمبدع 10/213.
[2914-] قلت: هل 1 تجوز شهادة الحاكم إذا كان أشهد؟
قال: لا، حتى يحاكمه إلى غيره، أو تكون شهادة 2 شاهد ويمين الطالب.
قال إسحاق: كما قال. 3
[2915-] قلت: النصراني يسلم، والعبد يعتق فيشهدون، وكانت شهادتهم
__________
1 في العمرية بحذف "هل".
2 في العمرية بحذف لفظ "شهادة".
3 هذه المسألة مبنية على مسألة: هل يحكم الحاكم بعلمه أم لا؟
وستأتي إن شاء الله برقم (2916) من هذه المسائل.
قال ابن المنذر: وقال أحمد وإسحاق في شهادة الحاكم: لا، حتى يحاكم إلى غيره، أو يكون شهادة شاهد، ويمين الطالب.
وقيل لأحمد في شهادة الحاكم إذا رأى بعينه؟ قال: لا يحكم إلا بشهادة الشهود، وقال إسحاق: جائز إذا عاين في حكمه سوى الحد. الأوسط 3/49.(8/4089)
في النصرانية والرق؟
قال: إذا شهدوا في وقت وهم عدول تجوز شهادتهم، إلا أن تكون ردت شهادتهم تلك. 1
قال إسحاق: كما قال.
[2916-] قلت: تجوز شهادة الحاكم إذا رأى هو بعينه؟
قال: لا يحكم إلا بشهادة الشهود. 2
__________
1 قال الخرقي: ومن شهد وهو عدل، شهادة قد كان شهد بها وهو غير عدل وردت عليه، لم تقبل منه حال عدالته. فإن كان لم يشهد بما عند الحاكم حتى صار عدلاً، قُبلت منه. مختصر الخرقي ص 230.
قال ابن قدامة: لأن التحمل لا تعتبر فيه العدالة، ولا البلوغ، ولا الإسلام، لأنه لا تهمة في ذلك، وإنما يعتبر ذلك في الأداء. فإذا رأى الفاسق شيئاً أو سمعه ثم عدل، وشهد به قبلت شهادته بغير خلاف نعلمه، وهكذا الصبي والكافر، إذا شهد بعد الإسلام والبلوغ قُبلت.
المغني 9/204، وراجع: المبدع 10/233، كشاف القناع 6/425، والإنصاف 12/75.
2 للإمام أحمد رحمه الله في شهادة الحاكم بعلمه ثلاث روايات:
إحداها: أنّ الحاكم لا يحكم بعلمه في حدّ ولا غيره، ولا فيما عَلِمه قبل الولاية، ولا بعدها.
قال المرداوي: هذا المذهب بلا ريب، وعليه الأصحاب.
والثانية: أنه يجوز له أن يحكم بعلمه، سواء عَلِمه في ولايته، أو قبلها.
والثالثة: يجوز أن يحكم بعلمه، إلا في الحدود.
الإنصاف 11/251، المغني 9/53، الكافي 4/464، النكت والفوائد السنية 2/206، ومختصر الخرقي ص 226.(8/4090)
قال إسحاق: بل هو جائز إذا عاين في حكمه، 1 سوى الحد جاز 2 لما يدرأ بالشبهة. 3
__________
1 في العمرية بلفظ "إذا عاين في حكمه إذا عاين".
2 سقط لفظ "جاز" من العمرية.
3 نقل العيني رأي الإمام إسحاق فقال: وقال شريح والشعبي، ومالك في المشهور عنه، وأحمد وإسحاق وأبو عبيد: لا يقضي بعلمه أصلاً.
عمدة القارئ 24/235، وراجع: الأوسط 3/49.
ونقل ابن قدامة مثل هذه الرواية عن الإمام إسحاق رحمه الله، فلعلّها رواية ثانية عنه، فيكون له في المسألة روايتان كروايتَي الإمام أحمد رحمه الله. المغني 9/53.
واستدلّ المانعون بما روى عروة بن الزبير أنّ زينبَ ابنة أبي سلمة أخبرته أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع خصومةً ب، باب حجرته فخرج اليهم فقال: "إنما أنا بشر وإنّه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق، فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو ليتركها".
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم: (7181) ، فتح الباري 13/172، كتاب الأحكام، باب من قضي له بحقّ أخيه فلا يأخذْه، فإنّ قضاءَ الحاكم لا يُحلّ حراماً ولا يحرّم حلالاً، وفي رواية: "فأقضي له على نحو ما أسمع منه". فدل على أنه إنما يقضي بما يسمع لا بما يعلم.
ولما روي أنّ عمر بن الخطاب قال لعبد الرحمن بن عوف: "أرأيت لو رأيت رجلاً زنى، أو سرق؟ قال: أرى شهادَتك شهادة رجلٍ من المسلمين، قال: أصبت".
انظر: صحيح البخاري مع الفتح 13/158، مصنّف عبد الرزاق 8/340، والسنن الكبرى للبيهقي 10/144.
ولأنّه يُلزم من أجاز للقاضي أن يقضي بعلمه مطلقاً، أنّه لو عمد إلى رجل مستور لم يعهدْ منه فجورٌ قطّ أن يرجمَه ويدّعي أنه رآه يزني، أو يفرّق بينه وبين زوجته، ويزعم أنه سمعه يطلقها، أو بينه وبين أمته ويزعم أنه سمعه يعتقها، فإن هذا ال، باب لو فتح لوجد كلّ قاض السبيل إلى قتل عدوه وتفسيقه، والتفريق بينه وبين من يحب. فتح الباري 13/160.(8/4091)
[2917-] قلت: شاهد 1 الزور 2 ما يصنع به؟
قال: يقام للناس ويعرف ويؤدب. 3
قال إسحاق: كما قال. إن كان من التجار بعثه إلى سوقه، وإن
__________
1 في العمرية بلفظ: "شهادة".
2 أصل الزور: تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته حتى يخيل لمن سمعه أنه بخلاف ما هو عليه. فتح الباري 5/261.
3 نقل هذه الرواية صاحب النكت والفوائد السنية 2/355.
قال في المقنع: وإذا علم الحاكم بشاهد الزور عزّره، وطاف به في المواضع التي يشتهر فيها، فيقال: إنا وجدنا هذا شاهدَ زورٍ فاجتنبوه. المقنع 3/720.
قال المرداوي: بلا نزاع، وللحاكم فعل ما يراه من أنواع التعزير به، ما لم يخالف نصاً أو معنى نص.
الإنصاف 12/107، وراجع: المغني 9/259، الكافي 4/532، والفروع 6/601.(8/4092)
كان من العرب فإلى حيه، كما فعل 1 شريح، 2 وهذا إذا تحقق تعمده لذلك. 3
[2918-] قلت: شهادة الرجل على الرجل؟ 4
قال: تجوز شهادة الرجل على الرجل، وأما شهادة الرجلين على الرجل فلا أعرفه 5 - كأنه يتعجب ممن يقول هذا - أن لا
__________
1 في الظاهرية بلفظ: "قال".
2 قول القاضي شريح رواه أبو حصين: أنّ شريحاً كان يؤتى بشاهد الزّور فيطاف به في أهل المسجد وسوقه، ويقول: إنّا قد دفعنا شهادته.
أورده وكيع في أخبار القُضاة 2/288، عبد الرزاق في مصنّفه 8/326 برقم: (15391) ، والبيهقي في السنن الكبرى 10/142، وراجع قوله في: عمدة القارئ 13/217.
3 نقل ابن المنذر قول الإمامين أحمد وإسحاق من هذه الرواية فقال: وكان أحمد بن حنبل يقول: يقام للناس ويعرف ويؤدب. وبه قال إسحاق.
الأوسط 3/102، وانظر قوله في عمدة القارئ 13/217.
4 المراد من شهادة الرجل على الرجل، هو الشهادةُ على الشهادة. وعرّفها ابن عرفة بقوله: "هي إخبار الشاهد عن سماعه شهادة غيره أو سماعه إياه لقاض". شرح الخرش 7/217.
وتقدّمت مسألةُ شهادةِ رجلٍ مكانَ رجلٍ في الطّلاق في، كتاب النكاح والطلاق برقم: (1213) .
5 القول الذي عليه المذهب في المسألة: هو أنه يجوز أن يشهد كل واحد من شاهدي الأصل شاهد فرع، فيشهد شاهدا فرع على شاهدي أصل.
قال الإمام أحمد: وشاهد على شاهد يجوز، لم يزل الناس على ذا: شريح فمن دونه، قال المرداوي: هذا المذهب.
وعن الإمام أحمد: يكفي شاهدان يشهدان على كل واحد منهما. وعنه: يكفي شهادة رجل على اثنين. قال القاضي: لأنه خبر.
[] انظر: المغني 9/212، والإنصاف 12/93-94. وراجع: المقنع 3/714، كشاف القناع 6/440، التنقيح [] [] المشبع ص 319، المحرّر 2/240، النكت والفوائد السنية 2/340-341، والمبدع 10/267.(8/4093)
تجوز إلا شهادة رجلين على شهادة رجل. 1
قال إسحاق: كما قال. 2 لم يزل أهل العلم من التابعين ومن
__________
1 يشير إلى ما ذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية القائلون: بعدم جواز شهادة الفروع الذين ينقلون عن الأصول، إلاّ إذا نقل الشهادة اثنان عن كل واحد من الأصول. وبهذا لا تصح الشهادة على الشهادة، إلاّ إذا شهد أربعة من الفروع، إذا كان شهود الأصل اثنين.
[] انظر: المبسوط 16/137-138، بدائع الصنائع 6/282، حاشية العدوي 7/219، وحاشية قليوبي وعُمَيْرٍ على منهاج الطالبين 4/332، مغني المحتاج 4/255، زاد المحتاج بشرح المنهاج 4/608، ونهاية المحتاج 8/308.
2 نقل ابن قدامة قول إسحاق رحمه الله على نحو ما هو في هذه الرواية فقال: قال إسحاق: لم يزل أهل العلم على هذا، حتى جاء هؤلاء. المغني 9/212.
وانظر قوله في: المحلى لابن حزم 9/439، اختلاف العلماء لوحة: (105) والأوسط 3/118.(8/4094)
بعدهم على ذلك، 1 حتى جاء هؤلاء. 2
[2919-] قلت: شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض؟
قال: لا يجوز شهادة أهل الكتاب في شيء، لأنهم ليسوا بعدول. 3
__________
1 ومن القائلين بجواز شهادة الرجل على شهادة الرجل من التابعين ومن بعدهم: القاضي شريح، وعامر بن شراحيل الشعبي، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، وإبراهيم النخعي، والزهري، ويزيد بن حبيب وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وعثمان البتي، والعنبري، ونمير بن أوس.
[] انظر: مصنف عبد الرزاق 8/338-339، المحلى 9/439، المغني 9/212، الأوسط 3/118، وأخبار القضاة 2/365.
2 راجع الحاشية السابقة.
3 نقل الخلال هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله في: أحكام أهل الملل ص 89، وأشار إليها ابن القيم في: الطرق الحكمية ص177.
ونقل أبو داود عن الإمام أحمد نحو هذه الرواية فقال: قلت لأحمد شهادة أهل الكتاب؟ قال: لا تجوز شهادتهم على شيء بعضهم على بعض. قلت: ولا المسلمين؟ قال: ولا المسلمين. مسائل أبي داود ص 210.
ونحوه في مسائل عبد الله ص 435 برقم 1574، وعلله بقوله وليسوا ممن يرضى وليسوا بعدول، وإنما يعدله مثله.
وللإمام أحمد رحمه الله في شهادة أهل الكتاب روايات:
إحداها: أن شهادة أهل الكتاب لا تقبل في شيء على مسلم ولا كافر، إلا حال الوصية في السفر، إذا لم يكن غيرهم. وهو المذهب.
الثانية: تقبل شهادة السبي بعضهم لبعض في النسب، إذا ادّعى أحدهم أنّ الآخرَ أخوه.
والثالثة: أن شهادة بعض أهل الذمة تقبل على بعض، نقلها حنبل، وخطأه الخلال في نقله.
[] انظر: المغني 9/184 والإنصاف 12/40-41.(8/4095)
قال إسحاق: شهادة أهل الكتاب تجوز، كل ملة على ملتها ولا تجوز شهادة ملة على غير ملتها، [ظ-92/أ] لما صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه دعا باليهود حين 1 شهدوا على يهودي بالزنى 2، ولا تجوز شهادة اليهودي على النصراني، لأنّ ما
__________
1 في العمرية بلفظ: "حتى".
2 يشير إلى ما رواه جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا، فقال: "ائتوني بأعلم رجلين منكم". فأتوه بابني صوريا، فنشدهما كيف تجدان أمر هذين في التوراة؟ قالا: نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما، قال: "فما يمنعكما أن ترجموهما؟ " قالا: "ذهب سلطاننا، فكرهنا القتل، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود فجاؤوا بأربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمها".
وأصل القصّة في الصحيحين.
ورواها بهذا اللفظ أبو داود في سننه 4/156، كتاب الحدود، باب رجم اليهوديين برقم: (4452) .
قال المنذري: في إسناده مجالد بن سعيد، وهو ضعيف. مختصر سنن أبي داود للمنذري 6/265.
وراجع: صحيح مسلم 3/1326 – 1327، وصحيح البخاري مع الفتح 12/166.(8/4096)
بينهما من العداوة أعظم مما بين المسلمين بعضهم في بعض. 1
[2920-] قلت: الوارث يعترف بديْن على الميت؟
قال: تجوز عليه في حصته في نصيبه، وإذا شهد رجلان جاز عليهم كلهم. 2
__________
1 نقل قول الإمام إسحاق رحمه الله الخطابي فقال: وقال آخرون: "شهادة اليهودي على اليهودي جائزة، ولا تجوز على النصراني والمجوس لأنّها ملل مختلفة، ولا تجوز شهادة أهل ملّة على ملّة أخرى.
وهذا قول الشعبي، وابن أبي ليلى، وإسحاق بن راهوية، وحكي ذلك عن الزهري قال: وذلك للعداوة التي ذكرها الله بين هذه الفرق.
معالم السنن 5/221، وانظر قول الإمام إسحاق في المغني 6/184، وشرح السنة للبغوي 10/125، والأوسط 2/112، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة رقم: 141.
2 نقل ابن هانئ النيسابوري نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد فقال: سألت أبا عبد الله عن الرجل يقر بدين على أبيه، ومعه إخوة يرثون أباهم، ولم يكن الباقون أقروا بشيء؟ قال أبو عبد الله: "يعطي الذي أقر بالدين من حصته ".
قال له: فإن اثنين منهم أقرا، وأنكر الباقون؟
قال: إذا شهدا بدين على أبيهما، أعطى كل واحد منهما بحصته من الدين الذي على أبيهما. مسائل ابن هانئ 2/68 برقم 1468.
قال الخرقي: إن أقر بدين على أبيه لزمه من الدين بقدر ميراثه. مختصر الخرقي ص100.
قال ابن قدامة: وجملة ذلك: أن الوارث إذا أقر بدين على مورثه قبل إقراره، بغير خلاف نعلمه، ويتعلق ذلك بتركة الميت كما لو أقر به الميت قبل موته، فإن لم يخلف تركة لم يلزم الوارث بشيء، لأنه لا يلزمه أداء دينه إذا كان حياً مفلساً، فكذلك إذا كان ميتاً، وإن خلف تركة تعلق الدين بها. المغني 5/209.
ويلزم الوارث المقر من الدين بقدر إرثه من الميت، فإذا ورث النصف فعليه نصف الدين، أو الثلث، وهكذا.
انظر المغني 5/210، والمبدع 10/315.
قال المرداوي: هذا المذهب مطلقاً. ومراده إذا أقر من غير شهادة، فأما إذا شهد منهم عدلان، أو عدل وعين، فإن الحق يثبت.
الإنصاف 12/155، وراجع الكافي 4/540، والفروع 5/71، 6/617، ومطالب أولي النهى 6/671.(8/4097)
1 - وذلك أن الورثة لو كانوا اثنين، فإن المقر لا يستحق أكثر من نصف الميراث، فلا يلزمه أكثر من نصف الدين كما لو أقر أخوه.
2 - ولأنه إقرار يتعلق بحصته، وحصة أخيه، فلا يجب عليه إلا ما يخصه كالإقرار بالوصية، وإقرار أحد الشريكين على مال الشركة.
3 - ولأنه حق لو ثبت ببينة، أو قول الميت، أو إقرار الوارثين، لم يلزمه إلا نصفه، فلم يلزمه بإقراره أكثر من نصفه كالوصية.
4 - ولأن شهادته بالدين مع غيره تقبل، ولو لزمه أكثر من حصته لم تقبل شهادته، لأنه يجر بها إلى نفسه نفعاً. انظر المغني 5/210.(8/4098)
قال إسحاق: أجاد 1 كما قال. 2
[2921-] قلت: اليمين مع الشاهد؟
قال: إي لعمري في الحقوق، لا تكون في الطلاق ولا في الحدود إلا في الحقوق التي تجب بها الأموال. 3
__________
1 في العمرية بحذف كلمة " أجاد ".
2 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 5/210.
3 قال ابن قدامة: المال وما يقصد به المال كالبيع، والقرض، والرهن، والوصية له، وجناية الخطأ يقبل فيه شهادة رجل وامرأتين، وشاهد ويمين المدعي. المقنع 3/708
قال المرداوي: على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. الإنصاف 12/115.
وقال في حاشية المقنع: قال أحمد رحمه الله تعالى: مضت السنة أن يقضى باليمين مع الشاهد الواحد، فإن أبى أن يحلف، استحلف المطلوب، يعني وسقط الحق.
حاشية المقنع 3/310، والنكت والفوائد السنية 2/314.
وقال في المغني: وأكثر أهل العلم يرون ثبوت المال لمدعيه بشاهد ويمين.
المغني 9/151 - 152، وراجع الأوسط 3/67(8/4099)
قال [ع-163/أ] إسحاق: كما قال. 1
[2922-] قلت: لا تجوز شهادة الوالد لولده، ولا الولد لوالده، ولا الشريك لشريكه، ولا العبد لسيده، ولا السيد لعبده، ولا المرأة لزوجها، ولا الزوج لامرأته، ولا المريب، ولا الخصم، ولا دافع مغرم، ولا الأجير، ولا الولي، ولا الوصي، ولا الأخ لأخيه؟ 2.
__________
1 وانظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في الأوسط 3/67.
نقل الترمذي قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، رأوا أن اليمين مع الشاهد الواحد جائز في الحقوق والأموال. وهو قول مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد وإسحاق، وقالوا: لا يقض باليمين مع الشاهد إلا في الحقوق والأموال.
سنن الترمذي 3/619 - 620، وراجع التمهيد لابن عبد البر 2/15.
ودل على هذه المسألة ما رواه ابن عباس - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "قضى بيمين وشاهد".
وأخرجه مسلم في صحيحه 3/1337، كتاب الأقضية، باب القضاء باليمين والشاهد برقم 1712.
2 في العمرية سقط " لا " من لأخيه.
وتقدمت شهادة الأخ لأخيه والأب للابن والابن للأب والأم في المسألة رقم: (2910) .(8/4100)
قال: الأخ لأخيه تجوز، والأجير تجوز شهادته إذا كان لا يجر إلى نفسه، والولي إذا كان لا يجر إلى نفسه تجوز شهادته.
والولي والوصي واحد، وهؤلاء كلهم إذا شهدوا عليهم جازت شهادتهم. 1
قال إسحاق: كما قال، وكذلك إذا شهدوا لهم، يجوز مثل ما عليهم. 2
قال الزهري: إنما اتهمت القضاة الآباء للأبناء والأبناء للآباء بعد، ولم يزل جائزاً فيما مضى 3 وقد قال الله [عز وجل]
__________
1 نقل ابن هانئ النيسابوري نحو هذه الرواية فقال سمعته يقول - أي الإمام أحمد -: تجوز شهادة الأخ لأخيه، وكل شيء من القرابات لا تجوز، إذا كان يجرون الشيء لأنفسهم. مسائل النيسابوري 2/38 برقم 1339.
قال الشيخ مرعي بن يوسف: وكل من لا تقبل - شهادة - له فإنها تقبل عليه. دليل الطالب ص 304.
2 نقل قول الإمام إسحاق رحمه الله كل من: المحلى 9/416، والمغني 9/192 - 194، وتفسير القرطبي 5/411، واختلاف العلماء للمروزي لوحة: 104، والأوسط 3/103.
3 نقل ابن القيم قول الزهري فقال: قال ابن وهب: حدثنا يونس عن الزهري قال: لم يكن يتهم سلف المسلمين الصالح في شهادة الوالد لولده، ولا الولد لوالده، ولا الأخ لأخيه، ولا الزوج لامرأته، ثم دخل الناس بعد ذلك فظهرت منهم أمور حملت الولاة على اتهامهم، فتركت شهادة من يتهم إذا كانت من قرابة، وصار ذلك من الولد، والوالد والأخ والزوج والمرأة، لم يتهم إلا هؤلاء في آخر الزمان.
انظر إعلام الموقعين 1/113، والمحلى 9/415 - 416، وراجع الأوسط 3/107، وتفسير القرطبي 5/411.(8/4101)
{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} . 1
وقد ذكر عن عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز [رضي الله عنهما] أنهما أجازا ذلك إذا كانوا عدولاً، واحتجوا بهذه 2 الآية.
__________
1 جزء من آية 282 سورة البقرة.
2 عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: قال عمر: "تجوز شهادة الوالد لولده، والولد لوالده، والأخ لأخيه إذا كانوا عدولاً، لم يقل الله حين قال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} ، إلا أن يكون والداً، أو ولداً، أو أخاً".
مصنف عبد الرزاق 8/343، كتاب الشهادات، باب شهادة الأخ لأخيه، والابن لأبيه، والزوج لامرأته برقم 15471.
وراجع إعلام الموقعين 1/113 - 114، والمحلى 9/415 عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري قال: أجاز عمر بن عبد العزيز شهادة الابن لأبيه إذا كان عدلاً.
مصنف عبد الرزاق 8/344، كتاب الشهادات، باب شهادة الأخ لأخيه والابن لأبيه والزوج لامرأته برقم 15475، من طريق معمر عن عبد الله بن عبد الرحمن به.(8/4102)
[2923-] قالت: ما العدل في المسلمين؟
قال: من لم يظهر منه ريبة رجل مستور. 1
قال إسحاق: كما قال، بعد أن تعرفه جيرانه، وخلطاؤه في السفر تنفي 2 الريبة عنه. 3
__________
1 نقل ابن هانئ نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد في مسائله 2/37 برقم 1331.
قال الخرقي: والعدل من لم تظهر منه ريبة. وهذا قول إبراهيم النخعي وإسحاق.
قال ابن قدامة: وجملته أن العدل هو الذي تعتدل أحواله في دينه وأفعاله. قال القاضي: يكون ذلك في الدين والمروءة والأحكام.
أما الدين: فلا يرتكب كبيرة، ولا يداوم على صغيرة، فإن الله تعالى أمر أن لا تقبل شهادة القاذف، فيقاس عليه كل مرتكب كبيرة، ولا يخرجه عن العدالة فعل الصغيرة.
المغني 9/167.
قال المرداوي: إن الصحيح من المذهب، اعتبار العدالة في البينة ظاهراً وباطناً فيعتبر استواء أحواله في دينه، واعتدال أقواله وأفعاله. وهذا المذهب بلا ريب.
وقيل: العدل من لم تظهر منه ريبة، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
الإنصاف 12/43، وراجع المبدع 10/219، والإقناع 4/437
2 في العمرية بلفظ " ينفي ".
3 نقل هذه الرواية ابن المنذر فقال: قال أحمد: العدل في المسلمين من لم يظهر منه ريبة، رجل مستور.
وكذلك قال إسحاق بعد أن تعرفه جيرانه أو خلطاؤة في السفر بنفي الريبة عنه.
الأوسط 3/116، وراجع قوله في عمدة القارئ 13/199(8/4103)
[2924-] قلت: شهادة العبد والمكاتب؟
قال: العبد إذا كان عدلاً جازت شهادته، والمكاتب أحرى أن تجوز شهادته. 1
قال إسحاق: كما قال، وقد أجاد. 2
__________
1 نقل هذه الرواية عن الإمام أحمد في النكت والفوائد السنية فقال: قال الإمام أحمد في رواية ابن منصور: العبد إذا كان عدلاً جازت شهادته، والمكاتب أحرى: أن تجوز شهادته. النكت 2/306.
وللإمام أحمد رحمه الله في حكم شهادة العبد روايات:
إحداها: تقبل شهادة العبد والأمة فيما تقبل فيه شهادة الحر والحرة.
قال المرداوي: وإن كانت في الحدود والقصاص قبلت أيضاً على الصحيح من المذهب، نص عليه، وكذلك قال ابن القيم في الطرق الحكمية.
والثانية: تجوز شهادة العبد في كل شيء، إلا في الحدود، وتجوز شهادة الأمة فيما تجوز فيه شهادة النساء.
والثالثة: يشترط في الشهادة الحرية، فلا تقبل شهادة العبد بحال.
انظر: الإنصاف 12/606، والمحرر بهامشه النكت 2/305 - 306 - 307، والمغني 9/194، ومختصر الخرقي ص 230، والفروع 6/580، والمبدع 10/236، والكافي 4/534، والطرق الحكمية ص 165 وما بعدها.
2 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: وقال أحمد بن حنبل، وإسحاق ابن راهوية، وأبو ثور: شهادة العبد جائزة.
وقال ابن المنذر: وحكم المكاتب حكم العبد.
الأوسط 3/105، وراجع المحلى 9/423، وفتح الباري 5/267، وفتح القدير لابن الهمام 7/399، وعمدة القارئ 13/223، والجامع لأحكام القرآن 3/389، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة 141.
وقد حكى الإمام أحمد رحمه الله … عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "ما علمت أحداً رد شهادة العبد".
وهذا يدل على أن ردها إنما حدث بعد عصر الصحابة.
قال ابن القيم رحمه الله: " وقبول شهادة العبد هو موجب الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، وصريح القياس، وأصول الشرع، وليس مع من ردها، كتاب ولا سنة، ولا إجماع ولا قياس.(8/4104)
والمقتضى بقبول شهادة المسلم عدالته، وغلبة الظن بصدقه، وعدم تطرق التهمة إليه، وهذا بعينه موجود في العبد، فالمقتضى موجود والمانع مفقود، فإن الرق لا يصلح أن يكون مانعاً، فإنه لا يزيل مقتضى العدالة، ولا تطرق تهمة. الطرق الحكمية 166 - 167 بتصرف.
[2925-] قلت: إذا شهدت الأمة في الاستهلال والرضاع؟
قال: نعم تجوز شهادتها في موضع الضرورة إذا كانت مرضية وتستحلف في الرضاع وحدها. 1
قال إسحاق: كما قال. ولكن لا بد من امرأتين، لأنه يمكن
__________
1 في العمرية بلفظ " وحده ".
وقد تقدمت شهادة المرأة في الرضاع والاستهلال فيما لا يطلع عليه الرجال، برقم: (2908) .(8/4105)
ذلك في الاستهلال وغيره. 1
[2926-] قلت: يحلف الرجل مع بينته أم لا؟ 2
قال أحمد: لا أعرفه. 3
__________
1 نقل قول الإمام إسحاق رحمه الله ابن المنذر في الأوسط فقال: وقال إسحاق: ولكن لا يجوز دون امرأتين في العيوب والاستهلال. وفي كل موضع لا يطلع الرجال لا بد من امرأتين، يقومان مقام الرجلين.
الأوسط 3/115، وراجع اختلاف العلماء للمروزي لوحة 106
ونقل عنه أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة في الرضاع، وتستحلف مع شهادتها.
انظر المغني 7/558، وشرح السنة للبغوي 9/87
2 ومعناه: تحليف المدعي مع شاهديه.
3 مقصود الإمام أحمد رحمه الله بهذا اللفظ: الإنكار على من قال يحلف الرجل مع بينته، وقد فسر هذا الاصطلاح إسحاق بن منصور الكوسج راوي المسائل في المسألة رقم (2918) .
وقال الإمام أحمد، ومن وافقه من الأئمة: بعدم الاستحلاف مع البينة إلا استثناء كالقسامة في الدماء، والقسامة مع اللوث في الأموال. واستندوا في ذلك على الحديث الشريف "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" فجعل البينة في جهة، واليمين في جهة، فلا يجوز اجتماعها معاً في جهة واحدة.
ولأن الشاهدين وغيرهما حجة كاملة تستوجب القضاء، والحكم إن كانت صحيحة، وإلا فإنها ترد وترفض، إذا كانت غير صحيحة، ولأن توجيه اليمين على المدعي يعتبر طعناً في بيّنته، وهو لا يجوز.
وسائل الإثبات ص 358، والمبسوط 16/118، وراجع المبدع 10/282، والإنصاف 12/111، والطرق الحكمية ص 143.
وقد خرج ابن القيم رحمه الله في المسألة وجهين في مذهب الإمام أحمد رحمه الله فقال: ويخرج في مذهب أحمد وجهان:
فإن أحمد سئل عنه - أي تحليف المدعي مع شاهديه - فقال: قد فعله علي والصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
وفيما إذا سئل عن مسألة فقال: قال فيها بعض الصحابة كذا: وجهان ذكرهما ابن حامد.
الطرق الحكمية 146، وراجع المسودة لآل تيمية ص 530، والسنن الكبرى للبيهقي 10/261.(8/4106)
قال إسحاق: بلى إذا استراب الحاكم، 1 أو أحب المدعي ذلك، لما علم من الخروج له من حقه، أو سها الشهود عن
__________
1 ونقل ابن القيم، فقال: قال أبو عبيد: إننا نرى شريحاً أوجب اليمين على الطالب مع بينته حين رأى الناس مدخولين في معاملتهم واحتاط لذلك، وقيل لشريح ما هذا الذي أحدثت في القضاء؟ فقال: رأيت الناس أحدثوا. فأحدثت. وقال الأوزاعي والحسن بن حي يستحلف مع بينته، وختم ابن القيم كلامه فقال: وهذا القول ليس ببعيد عن قواعد الشرع، لا سيما مع احتمال التهمة ويقوى بوجودها، وأما بدون التهمة فلا وجه له.
انظر الطرق الحكمية 145 وما بعدها، ووسائل الإثبات ص 359.
وانظر ما روي عن القاضي شريح في السنن الكبرى 10/261، وراجع المغني 9/277، والمحلى 9/377، ومصنف ابن أبي شيبة 7/263.(8/4107)
الشهادة، كذلك كان شريح 1 والشعبي 2 يحلفان [الشهود] . 3
[2927-] قلت: الرجل يغير شهادته ويزيد وينقص؟
قال: 4 من الرجل العدل ليس به بأس. 5
__________
1 وعن الشعبي: أن شريحاً كان يرد اليمين، ويأخذ اليمين مع الشهود.
أخبار القضاة لوكيع 2/232، ومصنف ابن أبي شيبة 7/264 برقم 3124.
2 عن مالك بن مغول قال: قلت للشعبي: أستحلف الرجل مع بينته؟ قال: نعم.
مصنف ابن أبي شيبة 7/264، كتاب البيوع والأقضية، من كان يستحلف الرجل مع بينته برقم 3113، من طريق وكيع عن مالك بن مغول به.
3 انظر قول الإمام إسحاق في المسألة، عمدة القارئ 13/243، ومجموع الفتاوى 35/392، والأوسط 3/64، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة 140.
4 في العمرية بحذف " قال ".
5 نقل ابن مفلح هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله فقال: قال ابن منصور: قلت للإمام أحمد: الرجل يغير شهادته، ويزيد وينقص؟
قال: من الرجل العدل ليس به بأس. النكت والفوائد السنية مع المحرر 2/354.
قال الخرقي: وإذا غير العدل شهادته بحضرة الحاكم، فزاد فيها، أو نقص قبلت منه، ما لم يحكم بشهادته. مختصر الخرقي ص 233.
قال ابن قدامة: وهذا مثل أن يشهد بمائة، ثم يقول هي مائة وخمسون، أو يقول بل هي تسعون، فإنه يقبل منه رجوعه، ويحكم بما شهد به أخيراً.
المغني 9/262، وراجع: الفروع 6/598، والكافي 4/533، وشرح منتهى الإرادات 3/562.
في العمرية بلفظ " من الرجل العدل ليس به بأس ".(8/4108)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2928-] قلت: إذا شهد بشهادة ثم رجع فيها؟
قال: إذا رجع وقد أتلف مالاً فهو ضامن بحصته، 2 بقدر 3 ما كانوا في الشهادة، وإن كانا 4 اثنين فعليه النصف، وإن كانوا ثلاثة فعليه الثلث، 5 وإذا شهدوا بالزنى فرجم، فعليه ربع
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: المغني 9/262، والنكت والفوائد السنية 2/354، والأوسط 3/120.
2 من أول المسألة إلى موضع الإشارة، نقله ابن مفلح في: النكت والفوائد السنية 2/345.
3 في الظاهرية بإضافة لفظ " قال " قبل بقدر.
4 في الظاهرية بلفظ " إن كانوا ".
5 قال في الكافي: وإن شهدا بمال، ثم رجعا بعد الحكم به غرما، ولا يرجع على المحكوم له به سواء كان المال تالفاً، أو قائماً، لأنهما حالا بينه وبين ماله بعدوان، فلزمهما الضمان، كما لو غصباه، فإن رجع أحدهما غرم النصف، وإن كانوا ثلاثة، فالضمان بينهم على عددهم، وإن رجع أحدهم فعليه بقسطه.
الكافي 4/563، وراجع المغني 9/248 وما بعده، والفروع 6/599، والمبدع 10/271، والإنصاف 12/97، والمقنع 3/716.(8/4109)
الدية. 1
قال إسحاق: كما قال.
[2929-] قلت: إذا استويت الشهود والسلعة في يد أحدهما؟
قال: الذي في يديه السلعة بينته 2 ليس بشيء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه"3 إنما على هذا اليمين.
__________
1 تقدمت مسألة الشهود بالزنى يرجعون بعد رجم من شهدوا عليه في، كتاب الحدود والديات برقم: (2741) .
2 في العمرية بلفظ "فبينته".
3 والحديث رواه بهذا اللفظ البيهقي في سننه، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البينة على المدعي واليمين على المدعي عليه".
السنن الكبرى 10/252، كتاب الدعوى والبينات، باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، من طريق ابن أبي مليكة عن ابن عباس رضي الله عنهما حكى البيهقي أنه لم يروه عن سفيان إلا الفريابي، قال الألباني: واسمه محمد بن يوسف الضبي مولاهم الفريابي، وهو ثقة فاضل، يقال: "أخطأ في شيء من حديث سفيان"، وهو مقدم فيه مع ذلك عندهم على عبد الرزاق.
وقوله: "البينة على المدعي" خطأ منه، أو من سفيان، لأنه مخالف لرواية الجماعة عن نافع بن عمر الذين لم يذكروا هذه الزيادة.
لكن لهذه الزيادة طرق أخرى عن ابن أبي مليكة رواه البيهقي في السنن الكبرى 2/252، وهو إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين غير الحسن بن سهل؛ وهو ثقة.
انظر السنن الكبرى للبيهقي 10/252، وإرواء الغليل 8/265 - 266(8/4110)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2930-] قلت: شهادة المختبئ؟ 2
قال: تجوز شهادته إذا 3 كان عدلاً. 4
__________
1 قد سبق تحقيق نحو هذه المسألة برقم: (2912) وما بعدها، ووثقت فيه قول الإمامين: أحمد وإسحاق رحمهما الله تعالى.
2 المراد بالمختبئ هنا: هو الذي يخفي نفسه عن المشهود عليه ليسمع إقراره، ولا يعلم به. مثل من يجحد الحق علانية، ويقر به سراً فيختبئ شاهدان في موضع لا يعلم بهما ليسمعا إقراره به ثم يشهدا به، فشهادتهما مقبولة على الرواية الصحيحة. المغني 9/271.
3 في العمرية بلفظ " إن ".
4 للإمام أحمد رحمه الله في شهادة المختبئ روايات أربع هي:
إحداها: تجوز شهادة المستخفي، وهذه الرواية التي عليها المذهب.
والثانية: لا تسمع شهادته. وهو اختيار أبي بكر، وابن أبي موسى.
والثالثة: إن أقر بحق في الحال شهد به، وإن أقر بسابقة الحق لم يشهد به.
والرابعة: لا يلزمه أن يشهد في ذلك كله بل يخير.
انظر: المغني 9/217، والإنصاف 12/22 - 23، والمبدع 10/105 - 106.(8/4111)
قال إسحاق: كما قال. وقول شريح 1 لو كانوا عدولاً لو يجلسوا ليس بمخالف لهذا، لأنهم ردوا لحال العدالة، فإذا كانوا عدولاً جاز.
قال عمرو بن حريث: 2 كذلك يفعل بالفاجر الظلوم. 3
__________
1 عن الشعبي قال: كان لرجل على رجل دين، وكان يجحده في العلانية فأقعد له قوماً، فأشهدهم عليه في السر، فاختصموا إلى شريح، فأبطل شهادتهم وقال: لو كانوا - عدولاً - ما جلسوا ذلك المجلس. رواه وكيع في أخبار القضاة 2/245 – 246.
انظر قول شريح في السنن الكبرى 10/251، ومصنف ابن أبي شيبة 6/498 برقم: 1819، ومصنف عبد الرزاق 8/356 برقم 15523، وعمدة القارئ 6/326.
2 عن الحكم بن عتبة عن عمرو بن حريث قال: يجوز شهادة المختفي، إنما يفعل ذلك بالغادر الفاجر.
رواه عبد الرزاق في مصنفه 8/356، كتاب الشهادات، باب السمع شهادة وشهادة المختفي برقم 15524، من طريق الشيباني عن الحكم به.
وأورده البخاري في صحيحه تعليقاً.
انظر فتح الباري 5/249، وراجع قوله في مصنف ابن أبي شيبة 6/498 برقم: 1819، والسنن الكبرى للبيهقي10/251، وأخبار القضاة لوكيع 2/246، والمغني 9/217، والمبدع 10/205، والوسيط 3/111.
3 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في فتح الباري 5/250، وعمدة القارئ للعيني 6/326، والأوسط 3/111.(8/4112)
[2931-] قلت لأحمد: 1 رجل شهد بخمسمائة والآخر بألف؟
قال: يقال لصاحب الحق: احلف 2 على أن لك على هذا ألفاً مع شاهدك. 3
قال إسحاق: إذا لم يحلف صاحب الحق على الألف جازت على خمسمائة لما اتفقا على ذلك. 4
[2932-] قلت: من رأى أن يرد اليمين 5 أو يحلف الرجل مع بينته؟
__________
1 في العمرية بحذف " لأحمد ".
2 في العمرية بحذف " احلف على ".
3 قال الخرقي: وإذا شهد شاهد بألف، وآخر بخمسمائة، حكم لمدعي الألف بخمسمائة، وحلف مع شاهده على خمسمائة الأخرى إن أحب. مختصر الخرقي ص 233.
قال ابن قدامة: وجملة ذلك: أنه إذا شهد أحد الشاهدين بشيء، وشهد الآخر ببعضه، صحت الشهادة، وثبت ما اتفقا عليه. المغني 9/264.
4 نقل ابن المنذر هذه الرواية فقال: في شاهدين شهد أحدهما بخمسمائة، والآخر بألف، فقال لصاحب الحق: احلف أن لك على هذا ألفاً مع شاهدك. قال إسحاق: إن لم يحلف جازت على خمسمائة، لما اتفقا على ذلك.
الأوسط 3/119، وراجع قوله في المغني 9/264.
5 وصورة رد اليمين على المدعي: إذا ادعى شخص حقاً له على غيره إلا أنه لم تكن له بينة، ورفض المدعى عليه أن يحلف، فهل يقضى عليه بنكوله، أو تتوجه اليمين إلى المدعي؟ فقه الإمام أبي ثور ص 766.(8/4113)
قال: لا يرد اليمين، 1 ولا يحلف الرجل مع بينته [ظ-92/ب] [ع-163/ب] .
قال إسحاق: بل يحلف 2 مع بينته، ويرد اليمين أيضاً. 3
[2933-] قلت: الرجل يدعي على الرجل الشيء فيحلفه ثم يأتي بالبينة؟
قال: إذا جاء بالبينة فالحق حقه إن حلف [ذاك] كاذباً. 4
__________
1 روي عن الإمام أحمد رحمه الله قوله: أنا لا أرى رد اليمين إن حلف المدعى عليه، وإلا دفع إليه حقه. واختار أبو الخطاب: أن له رد اليمين على المدَّعَى عليه، إن ردها حلف المدعي، وحكم له بما ادّعاه.
وقال وقد صوبه أحمد فقال: ما هو ببعيد يحلف ويستحق، وقال: هو قول أهل المدينة. انظر: المغني 9/235.
2 في العمرية بلفظ "على بينته".
3 وللإمام إسحاق رحمه الله قول يوافق فيه الإمام أحمد رحمه الله بعدم رد اليمين: نقلها عنه ابن حزم في المحلى 9/377.
وقد سبق توثيق المسألة برقم: (2926) .
قال ابن المنذر: وقال أحمد بن حنبل: يقول لا ترد اليمين، ولا يحلف الرجل مع بينته، واختلف فيه عن إسحاق، فحكى إسحاق بن منصور عنه: أنه رأى رد اليمين. وقال في موضع آخر: إن نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. الأوسط 3/63.
4 قال المرداوي: اليمين تقطع الخصومة في الحال، ولا تسقط الحق، فللمدعي إقامة البينة بعد ذلك. الإنصاف 12/119.
قال ابن قدامة: إن المدّعي إذا ذكر أن بينته بعيدة منه، أو لا يمكن إحضارها، أو لا يريد إقامتها، فطلب اليمين من المدّعى عليه أحلف له، فإذا حلف، ثم أحضر المدعي بينة، حكم له.
المغني 9/224، وراجع: مختصر الخرقي ص 231.(8/4114)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2934-] قلت: كان ابن أبي ليلى يجيز شهادة صاحب هوى إذا كان فيهم عدلاً لا يستحل شهادة الزور. 2
قال أحمد: 3 ما يعجبني شهادة الجهمية، 4
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: المحلى 9/371، عمدة القارئ 13/256، والمغني 9/224.
ونقل صاحب مخطوطة اختلاف الصحابة والتابعين رواية ثانية عنه قال: وقال ابن أبي ليلى، ومالك، وأبو عبيد، وإسحاق، وداود: "لا يسمع البينة بعد اليمين".
اختلاف الصحابة والتابعين لوحة رقم: (139) ، وراجع: الأوسط 3/65.
2 روى بشر بن الوليد عن أبي يوسف قال: حدثنا ابن أبي ليلى أن عيسى بن موسى قال له: أتجيز شهادة أهل الأهواء؟ قال: قلت: نعم. وأراهم لذلك أهلاً، إنما أدخلهم في الهوى الدين، إلا الخطابية فإن بعضهم يقبل عين فيشهد له، فلا أجيز شهادة هؤلاء. اختلاف الفقهاء للطحاوي ص 186.
3 في العمرية بحذف: "لأحمد".
4 الجهمية: أتباع جهم بن صفوان الذي قال بالإجبار، والاضطرار إلى الأعمال، وأنكر الاستطاعات كلها، وزعم أن الجنة والنار تبيدان وتفنيان، وزعم أن الإيمان هو المعرفة بالله تعالى فقط، وأن الكفر هو الجهل به فقط، وقال: لا فعل ولا عمل لأحد غير الله تعالى وإنما تنسب الأعمال إلى المخلوقين على المجاز، كما يقال: زالت الشمس ودارت الرحى من غير أن يكونا فاعلين، وزعم أن علم الله تعالى حادث، وامتنع من وصف الله تعالى بأنه شيء أو حيّ أو عالم أو مريد، وأثبت كونه قادراً فاعلاً، خالقاً، لأنه لا يوصف شيء من خلقه بالقدرة، والفعل والخلق.
الفرق بين الفرق ص 211، وراجع: الملل والنحل للشهرستاني 1/86.(8/4115)
والقدرية، 1 والرافضة، 2 والقدرية
__________
1 القدرية: هم القائلون بأن كل فعل للإنسان هو بإرادته المستقلة عن إرادة الله سبحانه وتعالى، وقد غالى بعضهم فنفى عن الله تعالى " القدر " بمعنى العلم والتقدير. وقال في ذلك: "الأمر أنف". وظهرت هذه الفرقة في زمان المتأخرين من الصحابة، فظهر منهم معبد بن خالد الجهني، وغيلان الدمشقي، والجعد بن درهم. وتبرأ منهم المتأخرون من الصحابة كعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وأبي هريرة، وابن عباس، وأنس بن مالك، وعبد الله بن أبي أوفى، وعقبة بن عامر الجهني، وأقرانهم رضي الله عنهم.
راجع: المذاهب الإسلامية لأبي زهرة ص 184، والفرق بين الفرق ص18.
2 الرافضة من فرق الشيعة، وسبب تسميتهم بهذا الاسم: أنهم كانوا مع زيد بن علي ثمّ تركوه، لأنهم طلبوا إليه أن يتبرأ من الشيخين - رضي الله عنهما -، فقال: لقد كانا وزيري جدي فلا أتبرأ منهما، فرفضوه وتفرقوا عنه. وهم مجمعون على أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على استخلاف علي بن أبي طالب باسمه، وأظهر ذلك وأعلنه، وأن أكثر الصحابة ضلوا بتركهم الاقتداء به بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وهم يُدعون "الإمامية" لقولهم بالنص على إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
[] انظر: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين 1/88-89، والفَرْق بين الفِرَق ص: 21.(8/4116)
المعلنة 1.
قال إسحاق: كما قال، وكذلك كل صاحب بدعة معلناً بها داعياً إليها 2.
__________
1 نقل ابن القيم هذه الرواية فقال: قال إسحاق بن منصور قلت لأحمد: كان ابن أبي ليلى يجيز شهادة كل صاحب بدعة إذا كان فيهم عدلاً، لا يستحل شهادة الزور، قال أحمد: ما يعجبني شهادة الجهمية والرافضة والقدرية المعلنة.
وروى الميموني نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد. انظر: الطرق الحكمية 173.
قال ابن قدامة: ولا تقبل شهادة فاسق، سواء كان فسقه من جهة الأفعال، أو الاعتقاد.
قال المرداوي: هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب.
[] انظر: المقنع 3/690-691، الإنصاف 12/47، وراجع: المغني 9/165.
2 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: واختلفوا في قبول شهادة أهل الأهواء: فرأت طائفة رد شهادتهم، وممن رأى ذلك شريك، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال أحمد: ما يعجبني شهادة الجهمية، والرافضة، والقدرية المعلنة، وبه قال إسحاق، وكذلك كل صاحب بدعة معلن بها، داع إليها. وأجازت طائفة شهادة أهل الأهواء، إذا لم يستحل الشاهد منهم شهادة الزور. وهذا قول ابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والشافعي.
الأوسط 3/108، وراجع قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 9/165.
ومنع الإمام أحمد وإسحاق رحمهما الله رواية الداعي المعلن ببدعته وشهادته والصلاة خلفه: هجراً له، وزجراً، لينكف ضرر بدعته عن المسلمين؛ ففي قبول شهادته وروايته، والصلاة خلفه واستقضائه وتنفيذ أحكامه رضىً ببدعته، وإقرار له عليها، وتعريض لقبولها منه.
لكن إذا كان الناس فساقاً كلهم إلاّ القليل النادر، وعلم صدق لهجة الفاسق، وكان فسقه بغير الكذب، قبلت شهادة بعضهم على بعض، ويحكم بشهادة الأمثل فالأمثل، لأن مدار قبول الشهادة وردها على غلبة ظن الصدق وعدمه. والصواب المقطوع به: أن العدالة تتبعض، فيكون الرجل عدلاً في شيء، فاسقاً في شيء، فإذا تبين للحاكم أنه عدل فيما شهد به، قبلت شهادته ولم يضره في غيره. الطرق الحكمية 173 وما بعدها بتصرف.(8/4117)
[2935-] قلت: قال سفيان: إذا ضرب المملوك في القذف ثم أعتق 1 لم تجز شهادته، وإذا ضرب النصراني في القذف فأسلم تجوز شهادته لأن الإسلام يهدم ما كان قبله. 2
__________
1 في العمرية بحذف: "أعتق".
2 عن عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري قال: إذا جلد اليهودي والنصراني في قذف، ثم أسلما جازت شهادتهما، لأن الإسلام يهدم ما كان قبله، وإذا جلد العبد في قذف، ثم عتق لم تجز شهادته.
مصنف عبد الرزاق 8/364، كتاب الشهادات، باب شهادة القاذف برقم: (15556) .
وحكى البخاري في صحيحه مع الفتح 5/255 عن الثوري قوله: "إذا جلد العبد ثم أعتق جازت شهادته، وإن استقضي المحدود فقضاياه جائزة".(8/4118)
قال [أحمد] : إذا تاب جازت شهادته - يعني العبد -. 1
قال إسحاق: كما قال أحمد كلاهما سواء. 2
__________
1 تقدمت مسألة قبول شهادة القاذف إذا تاب في، كتاب الحدود والديات برقم: (2433) وبرقم: (2640) .
وقال أبو الخطاب: لا فرق بينهما، فإن الذمّي كان عدلاً في دينه لاسيّما عندهم.
وعلى رواية لنا بأن شهادة بعضهم على بعض مقبولة، وولايته على بنيه ثابتة، فأبطل عدالته بالقذف والحد، ثم استحدث عدالة بالإسلام.
ومثله المسلم أبطل عدالته، ثم بالتوبة استحدث عدالة أخرى، ثم تبطل في المسلم إذا زنى وسرق وشرب، وحُد، فإنه قد أبطل عدالته، وإذا تاب قبلت شهادته.
[] النكت والفوائد السنية مع المحرّر 2/250-251، وراجع: الإنصاف 12/59.
وقال ابن هانئ: سمعت أبا عبد الله يقول في شهادة القاذف إذا تاب تقبل شهادته وتوبته إذا أكذب نفسه. مسائل ابن هانئ النيسابوري 2/37 برقم: (1334) .
2 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق ضمن نقله أقوال العلماء فقال: وقال طائفة: تقبل شهادة القاذف المحدود إذا تاب. روينا هذا القول عن ابن عباس رواية ثابتة. وممن قال تقبل شهادته إذا تاب: عطاء بن أبي رباح، والشعبي، وطاوس، ومجاهد، والزهري، وعبد الله بن عتبة، وحبيب بن أبي ثابت، وأبو الزناد.
وممن قال تقبل شهادته إذا تاب: مالك بن أنس، والشافعي وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد.
وانظر قول الإمام إسحاق في: المحلى 9/432، المغني 9/197 واختلاف الصحابة والتابعين وأئمة المجتهدين، لوحة رقم: (142) .(8/4119)
[2936-] قلت: في 1 الاستهلال يجوز شهادة امرأة واحدة، والحيض، والعدة، والسقط [والحمام] ؟ 2
قال: كل ما لا يطلع عليه إلا النساء يجوز شهادة امرأة واحدة، إذا كانت ثقة.
قال إسحاق: لا بد من امرأتين.
[2937-] قلت: قال سفيان: لا تجوز شهادة الأمة في 3 الاستهلال؟ 4
قال [أحمد] : تجوز إذا كانت ثقة مرضية.
قال إسحاق: لا بد من امرأتين. 5
[2938-] قلت: قال سفيان: الرجل إذا كانت عنده شهادة، فقيل له
__________
1 في العمرية بحذف "في".
2 سبق تحقيق مثل هذه الرواية في المسألة رقم: (2925) .
3 في العمرية "إلا في".
4 سفيان الثوري رحمه الله يجيز شهادة امرأة في الرضاع والاستهلال وكل ما لا يطلع عليه إلا النساء، ويتعذر فيه شهادة الرجال. وسبب عدم قبول شهادة الأمة هو كونها رقيقة، لأنه لا يجيز شهادة الرقيق.
[] انظر: المغني 9/195، اختلاف العلماء لابن نصر المروزي ص 206-210، واختلاف الفقهاء للطحاوي [187-197.
5] مضى توثيق قول الإمامين أحمد وإسحاق رحمهما الله في المسألة رقم: (2925) .(8/4120)
أعندك شهادة؟ قال: لا، ثمّ شهد، فإن شهادته جائزة. 1
قال [أحمد] : إذا كان عدلاً يذكر ما لم [يكن] يذكر قبل ذلك. 2
قال إسحاق: كما قال. لما يمكن أن [يكون] يذكر بعد النسيان
__________
1 عن الثوري عن جابر عن الشعبي في الرجل يسأل فيقال: أعندك شهادة؟ فيقول: لا، ثم يشهد بعد ذلك، أنه كان يجيز شهادته. قال سفيان: وقولنا: الشاهد يوسع عليه، يزيد في شهادته وينقص، ما لم يمض الحكم، فإذا مضى الحكم فرجع الشاهد غرم ما شهد به.
مصنف عبد الرزاق 8/352، كتاب الشهادة، باب الرجل يشهد بشهادة ثم يشهد بخلافها برقم: (15511) ، وراجع قول الثوري في المسألة المغني 9/266، والأوسط 3/122.
2 نقل هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله ابن مفلح فقال في رواية ابن منصور: إذا قيل له عندك شهادة؟ قال: لا ثم شهد بها، شهادته جائزة. النكت والفوائد السنية مع المحرر 2/355.
قال الخرقي: ومن ادعى شهادة عدل، فأنكر العدل أن يكون عنده شهادة، ثم شهد بها بعد ذلك، وقال أنسيتها، قبلت منه. مختصر الخرقي ص 233.
قال ابن قدامة: إن العدل إذا أنكر أن تكون عنده شهادة، ثم شهد بها، وقال كنت أنسيتها، قبلت، ولم ترد شهادته. وبهذا قال الثوري والشافعي وإسحاق. ولا أعلم فيه مخالفاً، وذلك لأنه يجوز أن يكون نسيها وإذا كان ناسياً لها فلا شهادة عنده، فلا تكذبه مع إمكان صدقه. المغني 9/266.(8/4121)
فالعدول من الشهود لا يتهمون في مثل هذا وشبهه. 1
[2939-] قلت: قال سفيان: والشاهد عند القاضي يغير شهادته ويزيد فيها وينقص ما لم يقض فيها القاضي. 2
قال: جيد.
قال إسحاق: كما قال. إذا كان عدلاً. 3
[2940-] قلت: سئل سفيان عن رجل خاصم في خصومة مرة، ثم نزع 4 بعد، ثم شهد بعد، أله شهادة؟ 5
__________
1 انظر قول إسحاق بن راهوية في: المغني 9/266، والأوسط 3/122.
2 قال ابن المنذر: قال سفيان الثوري، وأحمد بن حنبل وإسحاق: الشاهد يغير شهادته، ويزيد فيها وينقص، ما لم يقض فيها القاضي، وبمثل معنى قولهم قال النخعي. الأوسط 3/120.
وانظر قول سفيان الثوري رحمه الله في مصنف عبد الرزاق 8/352.
- وذكرته في المسألة السابقة - والنكت والفوائد السنية مع المحرر 2/354.
3 سبق تحقيق نحو هذه الرواية، وتوثيق قول الإمامين أحمد وإسحاق في المسألة رقم: (2927) .
4 في العمرية بحذف "نزع".
5 في العمرية بلفظ "شهادته".(8/4122)
قال: لا. 1
قال أحمد: لا يقبل قوله. 2
قال إسحاق: كما قال، إذا شهد في تلك الخصومة التي ادعاها مرة لنفسه، ولكن له أن يشهد ولا يبين، وليس على الحاكم أن يفتش ولا يحلفه [و] إن سأل خصمه ذلك. 3
[2941-] قلت: قال سفيان: إذا قال الرجل: أشهد أن لي ولفلان على هذا خمسمائة درهم، فقد بطلت شهادته فيها كلها.
__________
1 انظر قول الإمام سفيان الثوري في الأوسط 3/107، والمغني 9/285.
2 نقل هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله المرداوي فقال: نقل ابن منصور: إن خاصم في خصومة مرة ثم نزع، ثم شهد لم تقبل. الإنصاف 12/72.
كما نقل هذه الرواية ابن مفلح في النكت والفوائد السنية مع المحرر 2/297، وراجع المغني 9/185، والمبدع 10/249، والكافي 4/532.
3 نقل ابن المنذر هذه الرواية، وذكر قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: سئل الثوري عن رجل خاصم في الخصومة مرة، ثم نزع بعد، ثم شهد بعد، أترى له شهادة؟ قال: لا، وعرض هذا من قول الثوري على أحمد فقال: لا يقبل قوله. وبه قال إسحاق. قال ابن المنذر: إذا كانت الخصومة قائمة بين الشاهد والخصم لم تقبل شهادته، لا أعلم في ذلك اختلافا، ولكنهما لو اصطلحا ومكثا بعد ذلك طويلاً، ثم شهد عليه بشهادة، وجب قبول شهادته.
الأوسط 3/107، وراجع الإجماع لابن المنذر ص 30 برقم: 264.(8/4123)
إذا شهد بشيء له فيه شيء بطلت شهادته.
قال [أحمد] : نعم. 1
قال إسحاق: كما قال [سواء] .
[2942-] قلت: قال سفيان: في رجل مات وترك ابنين: أحدهما نصراني، والآخر مسلم، فقال النصراني: مات أبي وهو نصراني، وقال المسلم: كان نصرانيا فأسلم، فجاء المسلم ببينة من النصارى 2 أنه أسلم، وجاء النصراني ببينة من المسلمين أنه لم يسلم.
قال سفيان: 3 يؤخذ بقول المسلم: يصلّى عليه.
__________
1 قال صالح: قال أبي: كل من شهد بشهادة يجر بها إلى نفسه شيئا لا تجوز شهادته.
وكذا نقل عنه أبو الحارث، وأبو صقر. انظر: النكت والفوائد السنية مع المحرر 2/292.
قال ابن قدامة: إن من شهد بشهادة له بعضها، مثل أن يشهد الشريك لشريكه بمال من الشركة، أو يشهد على زيد بدار له، ولعمرو، فإنّ شهادته تبطل في الكل.
المغني 9/266، وراجع: مختصر الخرقي ص 233، المبدع 10/245 ومطالب أولي النهى 6/626.
2 في العمرية بلفظ "النصراني".
3 في العمرية قدم قول الإمام أحمد على قول سفيان رحمهما الله تعالى دون تغيير العبارة.(8/4124)
وتجوز شهادة النصارى أنه أسلم، ولا تجوز شهادة المسلمين أنه لم يسلم. 1
قال أحمد: القول قول المسلمين، ولا تجوز شهادة النصارى. 2
__________
1 نقل عبد الرزاق رواية سفيان الثوري رحمه الله فقال: أخبرنا الثوري في رجلين مات أبوهما، فقال أحدهما: مات نصرانياً، وقال الآخر بل كان نصرانياً فأسلم، وجاء المسلم بشهود من النصارى أنه كان قد أسلم، وجاء النصراني بشهود من المسلمين أنه لم يكن أسلم. قال: تجوز شهادة النصارى على إسلامه، ولا تجوز شهادة الذين قالوا لم يسلم، وكذلك كل شهود كانوا جاؤوا فقالوا: لم يكن كذلك وقال الآخرون: قد كان كذلك، فإنها تجوز شهادة الذين قالوا: قد كان.
مصنف عبد الرزاق 8/359، كتاب الشهادات، باب شهادة أهل الملل بعضهم على بعض وشهادة المسلم عليهم برقم: 15536. وانظر قول سفيان الثوري في: أحكام أهل الملل للخلال 96.
2 في العمرية بلفظ "قال أحمد لا تجوز شهادة النصراني".
نقل الخلال نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد من طريق بكر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد الله، وسأله: رجل مات وله أولاد مسلمون ونصارى، فأقام المسلمون بينة من النصارى أن أباهم مات مسلماً، وأقام النصارى بينة من المسلمين أن أباهم مات نصرانياً، فقال أبو عبد الله: القول قول المسلمين. أحكام أهل الملل 96.
أما الخرقي فقد قال: إن أقام المسلم بينة أنه مات مسلماً، وأقام الكافر بينة أنه مات كافراً، أسقطت البينتان، وكانا كمن لا بينة لهما. مختصر الخرقي ص 236.
قال المرداوي: إذا شهدت البينتان بذلك فلا يخلو: إما أن يعرف أصل دينه، أو لا، فإن لم يعرف أصل دينه، فجزم المصنف - يعني ابن قدامة - هنا بالتعارض وهو المذهب. وعن الإمام أحمد رحمه الله: أنه يقدم بينة الإسلام. الإنصاف 11/415 – 416.
وقد فصّل القولَ في المسألة ابن قدامة في المغني، واختار قولاً نحو قول الإمامين سفيان الثوري، وإسحاق بن راهوية رحمه الله ووجه قوله: وإن شهدت إحدى البيّنتين أنه مات على دين الإسلام، وشهدت الأخرى أنه مات على دين الكفر، قدمت بينة من يدعي انتقاله عن دينه، لأن المبقية له على أصل دينه ثبتت شهادتها على الأصل الذي تعرفه، لأنهما إذا عرفا أصل دينه، ولم يعرفا انتقاله عنه جاز لهما أن يشهدا أنه مات على دينه الذي عرفاه.
والبينة الأخرى معها علم لم تعلمه الأولى، فقدمت عليها كما لو شهد بأن هذا العبد كان ملكاً لفلان إلى أن مات، وشهد آخران أنه أعتقه، أو باعه قبل موته، قدمت بينة العتق والبيع. المغني 9/313.(8/4125)
قال إسحاق: كما قال سفيان.
[2943-] قال سفيان: فإن ادّعى النصراني أنه كان نصرانياً وادّعى المسلم أنه كان مسلماً، فالميراث بينهما. 1
__________
1 عن عبد الرزاق قال: قال سفيان في رجل مات وترك مالاً، فجاء نصراني فقال: هو أبي مات نصرانياً، وجاء مسلم فقال: هو أبي مات مسلماً، قال: إنما يدعيان المال، فالمال بينهما نصفين، فأما الصلاة عليه والدفن، فهو مع المسلمين إذا لم تقم البينة.
مصنف عبد الرزاق 8/359، كتاب الشهادات، باب شهادة أهل الملل بعضهم على بعض، وشهادة المسلم عليهم برقم 15525.(8/4126)
قال أحمد: دعواهما [ع-164/أ] واحد، هو بينهما شطران. 1
قال إسحاق: كما قال.
[2944-] قلت: قال ابن أبي ليلى: السمع سمعان: إذا قال: سمعت فلاناً أجزته، وإذا قال: سمعت فلاناً يقول: سمعت فلاناً لم أجزه. 2
__________
1 أشار المرداوي إلى هذه الرواية في الإنصاف 11/414.
وللإمام أحمد رحمه الله في المسألة روايتان:
إحداهما: إذا مات رجل وخلف ولدين مسلماً وكافراً، فادعى كل منهما أنه مات على دينه، فإن عرف أصل دينه، فالقول قول من يدعيه، وإن لم يعرف فالميراث للكافر، لأن المسلم لا يقر ولده على الكفر في دار الإسلام - إذا ولد لأب مسلم-.
قال المرداوي: وهو المذهب، بشرط أن يعترف أن الكافر أخوه.
والثانية: أنهما في الدعوى سواء. فيكون الميراث بينهما نصفين.
ونقلها ابن منصور.
[] انظر: الإنصاف 11/413-414، المغني 9/312 وما بعده، المقنع 3/673، الفروع 6/542، ومختصر الخرقي ص 236.
2 انظر قول ابن أبي ليلى في النكت، والفوائد السنية 2/337، والأوسط لابن المنذر 3/111، والمغني 9/159.(8/4127)
قال أحمد: كان هذا شهادة على شهادة لم يشهد عليه ما أحسنه. 1
قال إسحاق: كما [قالا] 2. 3
[2945-] قلت: قال سفيان: إذا كان مسافراً فأشهد اليهودي والنصراني لم تجز شهادتهم إذا كان معهم مسلمون؟ 4
قال أحمد: إذا لم يكن معهم مسلمون 5 تجوز شهادتهم، أجازه
__________
1 نقل ابن مفلح هذه الرواية فقال: نقل ابن منصور، قلت للإمام أحمد: قال ابن أبي ليلى: السمع سمعان: إذا قال: سمعت فلاناً أجزته، وإذا قال: سمعت فلانا يقول: سمعت فلانا لم يجزه، كان هذا شهادة على شهادة لم يشهد عليه. قال: ما أحسنه.
النكت والفوائد السنية مع المحرر 2/337.
كما نقل ابن المنذر هذه الرواية من ابن أبي ليلى وأحمد وإسحاق بنصها في الأوسط 3/118.
2 في الظاهرية بلفظ: "قال".
3 انظر: قول الإمام إسحاق في فتح الباري 5/250، والأوسط 3/118، وعمدة القارى 6/326.
4 انظر قول سفيان الثوري رحمه الله تعالى في: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/349، والطرق الحكمية ص 186، وفتح الباري لابن حجر 5/412، وفتح القدير للشوكاني 2/76، وأحكام أهل الذمة للخلال 92، ونواسخ القرآن ص 321.
5 في العمرية بحذف: "قال أحمد: إذا لم يكن معهم مسلمون".(8/4128)
أبو موسى الأشعري [رضي الله عنه] . 1
__________
1 والأثر الذي أجاز فيه شهادة أهل الكتاب في الوصية حالة السفر: عن الشعبي: أن رجلاً من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء هذه، ولم يجد أحداً من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب فقدما الكوفة، فأتيا أبا موسى الأشعري، فأخبراه وقدما بتركته ووصيته، فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحلفهما بعد العصر بالله ما خانا، ولا كذبا، ولا بدّلا ولا كتما، ولا غيّرا، وأنها لوصية الرجل وتركته، فأمضى شهادتهما.
رواه أبو داود في سننه 3/307، كتاب الأقضية، باب شهادة أهل الذمة وفي الوصية في السفر برقم: (3605) ، من طريق زياد بن أيوب، عن هشيم، عن زكريا، عن الشعبي.
والبيهقي في السنن الكبرى 10/165، كتاب الشهادات، باب من أجاز شهادة أهل الذمّة على الوصية في السفر عند عدم من شهد عليها من المسلمين، من طريق أبي داود.
وعبد الرزاق في المصنف 8/360، كتاب الشهادات، باب شهادة أهل الكفر على أهل الإسلام برقم: (15539) ، من طريق ابن عيينة عن زكريا عنه به.
وابن أبي شيبة في المصنف 7/91، كتاب البيوع والأقضية ما تجوز فيه شهادة اليهودي والنصراني برقم: (2489) من طريق وكيع عن زكريا عنه به.
وصحّح ابن حجر إسنادَه فقال: وصحّ عن أبي موسى الأشعري أنه عمل بذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم فروى أبو داود بإسناد رجاله ثقات عن الشعبي، وساق الأثر السابق.
فتح البارى 5/412، وراجع: المبدع 10/216.(8/4129)
قلت: وتراه 1 أنت؟
قال: نعم في موضع الضرورة 2 في السفر إذا لم يكن [معهم] مسلمون لم يجد بداً. 3
قال إسحاق: كما قال.
[2946-] قلت: قال سفيان في النصراني مات فجاء رجل مسلم 4 فأقام
__________
1 في العمرية بلفظ "أتراه أنت؟ "
2 في العمرية بلفظ "ضرورة"، بحذف الألف واللام.
3 من أول المسألة إلى موضع هذه الإشارة، نقله الخلال في كتابه: أحكام أهل الملل ص 92.
ونقل جماعة من أصحاب الإمام أحمد - رحمه الله - نحو هذه الرواية عنه.
منهم: عبد الله في مسائله ص 435 برقم 1574، وابن هاني النيسابوري 2/37 برقم: (1335) وأبو داود في مسائله ص 211. للاستزادة راجع: أحكام أهل الملل ص 92، والطرق الحكمية ص 182.
قال الخرقي: وتجوز شهادة الكافر من أهل الكتاب في الوصية في السفر، إن لم يكن غيرهم، ولا تجوز شهادتهم في غير ذلك. مختصر الخرقي ص 229.
قال المرداوي: الصحيح من المذهب: قبول شهادة أهل الكتاب بالوصية في السفر بشرطه، وعليه الأصحاب، وجزم به كثير منهم، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد.
الإنصاف 12/39، وراجع: المبدع 10/216، النكت والفوائد السنية 2/275.
4 في العمرية بحذف عبارة: "فأقام عليه البينة من المسلمين بألف درهم وجاء النصراني".(8/4130)
عليه البينة من المسلمين بألف درهم، وجاء النصراني فأقام عليه البينة من النصارى بألف درهم؟
قال: لا 1 تقبل شهادة النصارى على النصراني، لأنه [ظ-93/أ] يضر بالمسلم، وإن كان في المال فضل عن ألف درهم، أجزنا الفضل للنصراني. 2
قال أحمد: الشهادة شهادة المسلمين، ليس للنصراني شهادة 3 إلا في سفر.
__________
1 العبارة في العمرية "قال تقبل شهادة النصارى على النصراني لأنه لا يضر بالمسلم، فإذا كان في المال فضل على ألف درهم أجزنا الفضل للنصراني".
2 انظر قول سفيان الثوري في: أحكام أهل الملل 96.
وقد نقل عبد الرزاق هذه المسألة باختلاف يسير فقال: فجاء رجل من المسلمين بشاهدين من النصارى [كذا في الأصل ولعلّ الصواب من المسلمين] أن له عليه ألف درهم، وجاء رجل من النصارى بشهود من النصارى أن له عليه ألف درهم، فقال: هو للمسلم لأن شهادة النصارى تضر بحق المسلم. انظر مصنف عبد الرزاق 8/358 برقم: 15534.
3 من أول هذه المسألة إلى موضع هذا الرقم نقله الخلال في كتابه: أحكام أهل الملل ص96.
وراجع قول الإمام أحمد في حكم شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض في المسألة رقم: (2919) ، وشهادة أهل الذمة على المسلم في الوصية حالة السفر وفقد الشهود من المسلمين في المسألة رقم: (2945) .(8/4131)
قال إسحاق: كما قال سفيان، كان فيه فضل، أو لم يكن، لما تجوز شهادة النصراني على النصراني فيكون المال بينهما. 1
[2947-] قلت: قال: سئل سفيان عن مسلم باع نصرانياً دابة فجاء النصراني ببينة من النصارى أنها دابته.
قال: يأخذ دابته ولا تجوز شهادتهم على المسلم. 2
قال أحمد: لا تجوز شهادة النصارى. 3
__________
1 الإمام إسحاق رحمه الله يرى جواز شهادة كل ملة على ملتها كما سبق في المسألة رقم: (2919) .
فلذا أجاز شهادة النصارى على النصراني وشهادة المسلمين على المسلم، فتعارضت البينتان، وإذا تعارضت البيّنتان فقد تساقطتا، فلذا يقسّم المال بينهما.
وقال في المسألة رقم: (2912) في الشهداء إذا استووا، وليست السلعة في يد أحدهم، يقرع بينهم.
2 عن عبد الرزاق قال: قال سفيان في نصراني اشترى من مسلم دابة فجاء نصراني فادعى أنها دابته، وجاء بشهود من النصارى. قال: يقضى على النصراني، ولا يأخذ من المسلم إلا ببيّنة من المسلمين.
[] مصنف عبد الرزاق 8/358-359، كتاب الشهادات، باب شهادة أهل الملل بعضهم على بعض، وشهادة المسلم عليهم برقم: (15535) .
3 راجع قول الإمام أحمد رحمه الله تعالى في المسألة رقم: (2919) ، والمسألة رقم: (2945) .(8/4132)
قال إسحاق: شهادة النصارى على النصراني 1 جائزة، ولكن لا تجوز على المسلم، إذا كان قبض الثمن ولا يؤمر بالرد، لأنك حينئذ تكون أجزت شهادة النصراني 2 على المسلم. 3
[2948-] قلت: قال سفيان في نصراني مات وترك ألف درهم، فجاء النصراني ببينة من المسلمين بألف درهم، وجاء المسلم ببينة من النصارى بألف درهم؟
قال: هما سواء، لأن 4 شهادة المسلمين 5 جائزة على المسلم. 6
قال أحمد: الشهادة 7 للنصراني الذي جاء بشهداء من
__________
1 في العمرية بلفظ "النصارى على النصارى".
2 في العمرية بلفظ "النصارى".
3 سبق تحقيق قول الإمام إسحاق رحمه الله في حكم شهادة أهل الذمة في المسألة رقم: (2919) .
4 في العمرية بلفظ "إلاّ أن".
5 في العمرية بلفظ "شهادة المسلم جائزة على المسلم.
6 انظر المسألة في أحكام أهل الملل ص 96.
7 في الظاهرية لفظ "الشهادة"ساقط.(8/4133)
المسلمين. 1
قال إسحاق: كما قال سفيان.
[2949-] قال أحمد: إذا شهد رجلان من الورثة، وكانا عدلين جازت شهادتهما على الورثة.
قال إسحاق: كما قال. 2
[2950-] قلت: 3 سئل سفيان، عن رجل مات وترك ابنه، وترك ألف درهم، فجاء رجل فقال: لي على أبيك ألف درهم.
قال: نعم، لك عليه ألف درهم. ثم جاء آخر فقال مثل ذلك حتى أقر لعشرة، ثم جاؤوا يخاصمونه 4 إلى القاضي فقال: نجيز إقراره للأول، ونتهمه في الآخرين، لأنه حين أقر للأول صار له 5 المال، إذا كانوا متفاوتين وإن أقر للأوّلِ أوَّلَ النهار، وللآخَرِ آخِرَ النهارِ، وللآخَرِ من الغد، فهو للأوّل.
__________
1 هذه الرواية نقلها الخلال في أحكام أهل الملل من أولها إلى موضع الإشارة ص 96.
2 سبق تحقيق نحو هذه المسألة برقم: (2920) .
3 في العمرية بلفظ "قلت: قال سفيان".
4 في الظاهرية بلفظ "يخاصموه".
5 في العمرية بلفظ "صار المال له".(8/4134)
وإن كان كاملاً متصلاً فهو بينهم.
قال أحمد: [هو] على نحو ما قال. 1
قال إسحاق: لا يحكم على المقر إلا لهم جميعاً، فإن كان معه وارث آخر، فإنما تجوز عليه في حصته قدر ما يصيبه لهم جميعاً. 2
[2951-] قلت [لأحمد: قال] : سئل سفيان عن رجل مات وترك ألفي
__________
1 قال ابن قدامة: وإن مات وترك ألفاً، فأقر به ابنه لرجل، ثم أقر به لغيره فهو للأول، ولا شيء للثاني، سواء كان في مجلس، أو مجلسين، لأنه باعترافه للأول ثبت له الملك فيه، فصار إقراره للثاني إقراراً بملك غيره، فلم يقبل، وتلزم المقر غرامته للثاني، لأنه فوته عليه بإقراره به لغيره، فأشبه ما لوغصبه منه، فدفعه إلى غيره.
انظر: المغني 9/268، وراجع: الفروع 6/630، المحرر مع النكت 2/413، والمبدع 10/351.
وقال في المقنع: "وإن ادّعى رجلٌ على الميّت مائةَ دينارٍ فأقرّ له، ثم ادّعى آخرُ مثلَ ذلك فأقرّ له، فإن كان في مجلس واحد فهي بينهما".
قال المرداوي: "يعني إذا كانت المائةُ جميعَ التركة، وهذا المذهب. وظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله: اشتراكهما إن تواصل الكلام بإقراريه، وإلاّ فلا".
وإن كان في المجلسين فهي للأوّل، ولا شيء للثاني.
قال المرداوي: "هذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب".
المقنع 3/748، والإنصاف 12/201.
2 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 5/210.(8/4135)
درهم وترك ابنيه فجاء رجل فقال: لي على أبيكما ألف درهم، فأقر أحدهما، وأبى الآخر.
كان حماد يقول: يأخذ ما في يده كله، لأنه لا ينبغى له أن يأخذ من المال شيئاً، وعلى أبيه دين. 1
وكان أصحابنا يقولون: يأخذ بحصته، 2 وهو قول سفيان.
قال أحمد: نقول يأخذ بحصته.
قال إسحاق: كما قال. 3
[2952-] قلت: قال أبو هريرة [رضي الله عنه] لا تجوز شهادة أصحاب الخمر. 4
__________
1 عن عبد الرزاق عن الثوري في الوارث يعترف بدين على الميت قال: قال حماد: يستوفى ما في يدي المعترف، لأنه ليس لوارث شيء حتى يقضى الدين.
قال حماد: إذا شهد اثنان من الورثة بالنسب فلا شهادة لهما، لأنهما يدفعان عن أنفسهما، ولكن يؤخذ من نصيبهما.
مصنف عبد الرزاق 10/291، كتاب الفرائض، باب المستلحق والوارث يعترف بالدين برقم: (19141) ، وراجع: الأوسط 3/115.
2 وممن قال يأخذ بحصته: النخعي والحسن والحكم وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور والشافعي في أحد قوليه. المغني 5/210.
3 سبق توثيق قولي الإمام أحمد وإسحاق رحمهما الله في المسألة رقم: (2920) .
4 عن أبي المهزم عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أنه كان لا يجيز شهادة أصحاب الخمر".
مصنّف ابن أبي شيبة 7/302، كتاب البيوع والأقضية من كان لا تجوز شهادته برقم: (3237) .(8/4136)
قال أحمد: لا أدري ما هو. 1
قال إسحاق: كلما كانوا عدولاً جاز، [ع-164/ب] لأن في أهل كلّ بياعة عدلاً وغير عدل، ولكنّ أبا هريرة [رضي الله عنه] خصّهم لما فيهم من الأيمان الفاجرة. 2
[2953-] قلت: قال 3 سفيان في رجل كتب وصيته فختم عليها، وقال: اشهدوا بما فيها؟
قال: كان ابن أبي ليلى يعطلها، والقضاة لا يجيزونها. 4
__________
1 في العمرية سقطت عبارة "ما هو".
وقول الإمام أحمد رحمه الله في المسألة: "لا أدري" توقف في المسألة، وتوقّفه عنه بهذا اللفظ إشعار بالإنكار على عمله. مفاتيح الفقه الحنبلي 2/38.
2 نقل ابن المنذر رحمه الله قول أبي هريرة رضي الله عنه السابق، ثم قال: وذكر لأحمد حديث أبي هريرة فقال: "لا أدري".
قال إسحاق: "إذا كانوا عدولاً جاز، لأن في كل أهل بياعة عدلاً وغير عدل، ولكن أبا هريرة خصهم لما فيهم من الأيمان الفاجرة". الأوسط 3/111.
وسبق ذكر الحكم في شهادة الفاسق في المسألة رقم: (2934) .
3 في العمرية بلفظ "قلت سئل سفيان".
4 انظر قول سفيان الثوري رحمه الله في اختلاف الفقهاء للطحاوي ص 202.(8/4137)
قال أحمد: لا يشهدون حتى يعلموا ما فيها. 1
قال إسحاق: بل يقيمون الشهادة على ما أشهدوا سواء. 2
[2954-] قلت: قال سفيان: إذا سئل المريض عن الشىء فأومأ برأسه أو بيده، فليس بشىء حتى يتكلم؟ 3
__________
1 أشار المرداوي إلى هذه الرواية في الإنصاف 7/188.
ونقل أبوداود نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد فقال: قلت لأحمد: رجل كتب وصيته وختمها، وقال: اشهدوا عليّ بما فيها، أيجوز؟
قال: لا. حتى يقرأها، قلت: فلم يقرأها؟ قال: لا يجوز.
مسائل أبي داود ص 212.
قال ابن قدامة: وإن كتب وصيته، وقال: اشهدوا عليّ بما في هذه الورقة، أو قال: هذه وصيتي فاشهدوا عليّ بها، فقد حُكِي عن أحمد أن الرجل إذا كتب وصيته وختم عليها وقال للشهود، اشهدوا عليّ بما في هذا الكتاب لا يجوز، حتى يسمعوا منه ما فيه، أو يقرأ عليه، فيقرّ بما فيه ...
ويحتمل كلام الخرقي جوازه، لأنه إذا قبل خطه المجرد فهذا أولى، وممن قال ذلك: عبد الملك بن يعلى، [] [] [] ومكحول، ونمير بن إبراهيم، ومالك، والليث، والأوزاعي، ومحمد بن مسلمة، وأبو عبيد وإسحاق. المغني [6/69-70.
2] انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 6/70، والأوسط 3/169.
3 قال ابن المنذر: قال سفيان الثوري: إذا سئل المريض عن الشىء فأومأ برأسه، أوبيده، فليس بشىء حتى يتكلم.
الأوسط 3/108، وانظر قوله في المغني 9/268.(8/4138)
قال أحمد: جيد. 1
قال إسحاق: كلما عرف إيماؤه، ومنع من الكلام، على الورثة إنفاذ 2 ذلك، وإن لم يجزها الحكام، 3 وكذلك لو كتب وصيته [بيده] . 4
[2955-] قلت: سئل سفيان عن محدود استقضي فقضى بقضايا؟
__________
1 قال الخرقي: ومن ادعى دعوى على مريض، فأومأ برأسه - أي نعم - لم يحكم بها حتى يقول بلسانه. مختصر الخرقي 234.
قال ابن قدامة: إن إشارة المريض لا تقوم مقام نطقه، وسواء كان عاجزاً عن الكلام، أو قادراً عليه، لأنه غير ميؤوس من نطقه، فلم تقم إشارته مقام نطقه كالصحيح، وبهذا فارق الأخرس، فإنه ميؤوس من نطقه. المغني 9/268.
وقال في المقنع: وتصح وصية الأخرس بالإشارة، ولا تصح وصية من اعتقل لسانه بها، ويحتمل أن تصح.
قال في الحاشية: ويحتمل أن تصح، يعني إذا اتصل بالموت وفهمت إشارته وقد أومأ إليه الإمام أحمد واختاره في الفائق، قال في الإنصاف: وهو الصواب.
[] المقنع وحاشيته 2/355-356، وراجع: المحرر مع النكت 2/286-287، والإنصاف 12/39.
2 في الظاهرية بلفظ "أنفذ".
3 في العمرية بلفظ "الحاكم".
4 المغني 6/70، حاشية المقنع 2/356، والأوسط لابن المنذر 3/170.(8/4139)
قال: تجوز قضاياه. 1
قال أحمد: إذا تاب. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
[2956-] قلت: سئل سفيان عن صبي يتيم شهد له رجلان، أن هذا أخذ منه ألفَ درهم، وجاء آخران فشهدا أنّ فلاناً الذي أخذ منه ألف درهم؟
قال: يؤخذ منهما جميعاً كفلاء حتى يدرك اليتيم، فإذا أدرك اليتيم 4 فعلى من ادعى فهو عليه.
قال أحمد: وما يدري اليتيم من أخذ؟
قلت: يؤخذ له الآن 5 منهما؟
__________
1 روى الإمام البخاري في صحيحه قول سفيان الثوري رحمه الله فقال: قال الثوري: "إذا جلد العبد، ثم أعتق جازت شهادته، وإن استقضي المحدود فقضاياه جائزة". انظر صحيح البخاري مع الفتح 5/255.
2 إذا تاب القاذف زال عنه حكم الفسق جراء قذفه، وتقبل شهادته ويكون رجلاً عدلاً، وله أن يتولى القضاء إذا استكمل بقية الشروط، وهي: أن يكون بالغاً عاقلاً مسلماً حراً عدلاً عالماً فقيهاً ورعاً. انظر: المغني 9/197، 9/39.
3 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 9/197.
4 في العمرية بحذف "اليتيم".
5 في العمرية بحذف "الآن".(8/4140)
قال: [ظ-93/ب] لم لا يؤخذ؟ إن كانوا يشهدون على ألف بعينها يقوم وليه، أو وصيه يأخذه من أيهما شاء؟
وإذا 1 شهد كل واحد منهما 2 على ألف متفرقة، يأخذ من هذا ألفاً، ومن هذا ألفاً. 3
قال إسحاق: كما قال إذا كان الولي جعل إليه أن يقوم بأمره.
[2957-] قلت: قال سفيان: إن شريحاً كان لا يقبل البينة بعد الجحود. 4
__________
1 في الظاهرية بلفظ "قال سفيان: كل واحد منهما على ألف".
2 في العمرية سقط "منهما".
3 يجوز للرجل أن ينصب وصياً في ما كان له التصرف فيه في حياته، من قضاء ديونه واقتضائها، ورد الودائع، واستردادها، وتفريق وصيته، والولاية على أولاده الذين له الولاية عليهم. فإذا ثبت لهم حق على الغير، كدين استدانه آخر من أبيهم وحل أجله، فللوصي قبضه لهم.
راجع: المغني 6/135، ومعجم الفقه الحنبلي 2/1072.
4 نقل وكيع: عن شريح خلاف هذا القول فقال: حدثنا سفيان، عن سليمان الشيباني عن بعض أصحابنا عن شريح: أنه كان يقبل البينة بعد الجحود.
[] ورواه من طريق آخر، من طريق حسان بن مخارق عن شريح به. أخبار القضاة 2/260-310.(8/4141)
قال سفيان: الجحود 1 أن يقول: ما جرى بيني وبينك شيء، ثم يَدَّعي البينة بعد إنكاره.
وكان ابن أبي ليلى لا يقبلها إذا جاء ببينة، يقول: هو أكذب شهود هـ. 2
قال أحمد: هذا مكذب لشهوده، لا يجوز. 3
قال إسحاق: كما قال.
[2958-] قلت: سئل - يعني سفيان - عن شهادة الوصي؟
__________
1 الجحود: نقيض الإقرار، كالإنكار والمعرفة، جحده يجحده جحداً وجحوداً.
وقال الجوهري: الجحود: الإنكار مع العلم: يقال جحده حقه وبحقه جحداً وجحوداً.
انظر: لسان العرب 3/106، الصحاح للجوهري 2/451.
2 انظر اختلاف الفقهاء ص 228.
3 قال الخرقي: ومن ادعى دعوى، وقال لا بينة لي، ثم أتى بعد ذلك ببينة، لم تقبل منه، لأنه مكذب لبينته. مختصر الخرقي ص 234.
قال ابن قدامة: لأنه أكذب بينته بإقراره، أنه لا يشهد له أحد، فإذا شهد له إنسان كان تكذيباً له، ويفارق الشاهد إذا قال: لا شهادة عندي، ثم قال: كنت نسيتها، لأن ذلك إقرار لغيره بعد الإنكار، وههنا هو مقر لخصمه بعدم البينة، فلم يقبل رجوعه عنه. المغني 9/269.(8/4142)
قال: إذا شهد على الورثة جاز، وإذا شهد لهم لم يجز. 1
قال: أحمد [جيد] 2. 3
قال: إسحاق: كما قال. 4
[2959-] قلت: قال سفيان: تجوز شهادة رجل وامرأتين في الأهلة؟ 5
قال أحمد: تجوز شهادة رجل واحد، تجوز على رؤيته للصوم،
__________
1 نقل ابن المنذر هذه المسالة فقال: الوصي إذا شهد على الورثة جاز، وإذا شهد لهم لم يجز. هذا قول سفيان الثوري، وذكرت هذه المسألة لأحمد بن حنبل من قول سفيان الثوري فقال: جيد.
الأوسط 3/115. وراجع: المغني 9/269، النكت والفوائد السنية مع المحرر 2/293.
2 في الظاهرية بلفظ "يعني نعم".
3 نقل هذه الرواية في النكت، والفوائد السنية بنصها من هذه المسائل 2/293.
قال ابن قدامة: أما شهادته - أي عليهم - فمقبولة لا نعلم فيه خلافاً فإنه لا يتهم عليهم، ولا يجر بشهادته عليهم نفعاً، ولا يدفع عنهم ضرراً، وأما شهادته لهم إذا كانوا في حجره فغير مقبولة.
المغني 9/269، راجع: الإنصاف 12/72، والمبدع 10/246.
4 انظر الأوسط 3/115.
5 نقل النووي قول سفيان الثوري فقال: قال الثوري: يشترط رجلان أو رجل وامرأتان، كذا حكاه عنه ابن المنذر.
المجموع للنووي 6/282، وراجع نيل الأوطار 4/259.(8/4143)
وللإفطار شاهدين. 1
قال إسحاق: لا بد من شاهدين على الصوم والإفطار. 2
__________
1 في العمرية بلفظ "قال أحمد شهادة رجل والله يجوز على رؤيته".
أي شهادة شاهدين على حذف مضاف كما يدل عليه السياق.
ونقل عبد الله بن أحمد عن أبيه نحو هذه الرواية فقال: سألت أبي عن رؤية الهلال إذا شهد على رؤيته رجل واحد؟ قال: يأمر الإمام الناس بالصيام.
قلت لأبي فإن شهد على رؤية الهلال رجل واحد في الإفطار؟
قال: لا، حتى يكونا رجلين يشهدان، فأما رجل واحد فلا. مسائل عبد الله ص 177 برقم 664.
للإمام أحمد رحمه الله في المسالة روايتان:
إحداهما: أنه يقبل في هلال رمضان قول واحد عدل، ويلزم الناس الصيام بقوله. هذا المذهب نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب.
والثانية: لا يقبل فيه إلا عدلان كبقية الشهود.
[] انظر المغني 3/157، والإنصاف 3/273 وما بعده، والطرق الحكمية ص 126-127، والفروع 3/14، والقواعد لابن رجب ص 339.
2 نقل قول الإمام إسحاق رحمه الله الترمذي فقال: أكثر أهل العلم قالوا تقبل شهادة رجل واحد في الصيام، وبه يقول ابن المبارك والشافعي، وأحمد، وأهل الكوفة.
قال إسحاق: لا يصام إلا بشهادة رجلين، وقال الترمذي، ولم يختلف أهل العلم، في الإفطار، أنه لا يقبل فيه إلا بشهادة رجلين.
سنن الترمذي 3/66. وراجع المجموع 6/282، وشرح السنة 6/244.(8/4144)
[2960-] قلت: سئل سفيان عن شهادة المحدودين في الإهلال؟
قال: لا تجوز. 1
قال أحمد: إذا تابوا جازت شهادتهم.
قال إسحاق: كما قال، لأنه إذا تاب جازت 2 شهادته في كل شيء، كشهادة من لم يحد. 3
[2961-] قلت: قال سفيان في الرجل الذي يخنق في كل شهر تجوز
__________
1 يرى الإمام سفيان الثوري رحمه الله عدم قبول شهادة المحدود في القذف وإن تاب.
فقد روى عبد الرزاق عن الثوري عن واصل عن إبرهيم: لا تقبل شهادة القاذف. توبته فيما بينه وبين ربه عز وجل.
قال الثوري: ونحن على ذلك.
انظر: مصنف عبد الرزاق 7/387 برقم: 63573، واختلاف الفقهاء للطحاوي ص 178.
وكونه لا يقبل شهادة المحدودين في الإهلال، فإنه يخالف الحنفية في هذه المسألة، فهم يقبلون شهادة المحدودين في الإهلال، واعتذروا بأنها جارية مجرى الخبر لا الشهادة. عمدة القاري 13/210.
يتبين من هذا أن سفيان الثوري رحمه الله يرى أن الإخبار بدخول رمضان يجري مجرى الشهادة لا الخبر.
2 في العمرية بحذف "جازت".
3 سبق توثيق قول الإمامين أحمد وإسحاق رحمهما الله في المسألة: (2935) .(8/4145)
شهادته إذا كان في إفاقته، ويلزمه ما جرح في إفاقته، أو أصاب حداً في إفاقته. 1
قال [أحمد] : جيد. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
[2962-] قلت: قال سفيان: لا يجوز إلا قول طبيبين في الموضحة، ولا يجوز إلا قول بيطارين 4 في الدابة يكون بها الداء فينظران إليها،
__________
1 انظر قول سفيان الثوري رحمه الله في المغني 9/270، والأوسط 3/111.
2 قال في المقنع: الشرط الثاني - من شروط من تقبل شهادته - العقل، فلا تقبل شهادة معتوه، ولا مجنون، إلا من يخنق في الأحيان إذا شهد في إفاقته.
[] قال المرداوي: هذا المذهب. جزم به في المحرر، والفروع وغيرهما. المقنع 3/687-688، الإنصاف 12/38.
قال في المبدع: لأنها شهادة من عاقل أشبه من لم يخنق، ولا بد أن يكون قد تحملها في حال إفاقته، لأن تحمله في جنونه لا يصح لعدم الضبط. المبدع 10/214.
ولأن الاعتبار في الشهادة بحال أدائها، وهو في وقت الأداء من أهل التحصيل والعقل الثابت فقبلت شهادته، كالصبي إذا كبر. ولأنه عدل غير متهم، فقبلت شهادته كالصحيح، وزوال عقله في غير حال الشهادة لا يمنع قبولها، كالصحيح الذي ينام، والمريض الذي يغمى عليه في بعض الأحيان.
المغني 9/270، وراجع المحرر 2/247.
3 انظر قول الإمام إسحاق في: الأوسط 3/111، والمغني 9/270.
4 في الظاهرية بلفظ "بيطرين".(8/4146)
لأنهما شاهدان.
قال أحمد: إذا كان هذا في موضع يضطر 1 إليه، إذا لم يكن إلا طبيب واحد، وبيطار واحد 2 , وقوله جائز إذا كان ثقة. 3
__________
1 في الظاهرية بلفظ "ينظر".
2 في الظاهرية بإضافة "واو"قبل قوله.
3 نقل شمس الدين بن مفلح هذه الرواية عن الإمام أحمد فقال: قال الإمام أحمد في رواية ابن منصور: إذا كان في موضع يضطر إليه إذا لم يكن إلا طبيب واحد وبيطار، جاز إذا كان ثقة. النكت والفوائد السنية مع المحرر 2/324.
وأشار ابن القيم إلى هذه الرواية فقال: وتارة تكون رجلاً واحداً في داء الدابة، وشهادة الطبيب إذا لم يوجد اثنان كما نص عليه أحمد. الطرق الحكمية ص 96.
قال في الكافي: ما لا يعرفه إلا أهل الطب كالموضحة وشبهها، وداء الدواب الذي لا يعرفه إلا البيطار، فإذا لم يقدر على اثنين، قبل فيه قول الواحد العدل من أهل المعرفة، لأنه يعسر عليه إشهاد اثنين، فيقبل فيه قول الواحد ... وإن أمكن إشهاد اثنين لم يكتف بدونهما، لأنه الأصل.
[] الكافي 4/541، وراجع مختصر الخرقي ص 234، والمغني 9/270-6/85، والمحرر 2/324، والطرق الحكمية ص 127، وكشاف القناع 6/434، وعلم القضاء لأحمد الحصري 1/485.
قال المرداوي: يقبل قول طبيب واحد وبيطار لعدم غيره في معرفة داء الدابة وموضحة ونحوها. وهذا المذهب. [] نص عليه، وعليه الأصحاب ... ولا يقبل مع عدم التعذر إلا اثنان على الصحيح من المذهب. الإنصاف [12/81-82.
] وللقاضي الاستعانة بأهل الخبرة في الأمور الفنية والخاصة التي لا يستطيع معرفة حقيقتها بناء على اطلاعه وثقافته الخاصة، ويكون رأي الخبير هو الوسيلة في الإثبات، ويقبل قول الواحد منهم، والأحوط اثنان خروجاً من الخلاف. وسائل الإثبات ص 595.(8/4147)
قال إسحاق: كما قال سفيان.
[2963-] قلت: قال: فإذا سرح القاضي إلى البيطارين لينظر ما يقولان فلا يسرح إلا رجلين، لأنهما شاهدان على البيطارين.
قال: هذا على ذلك أحسن، ولكن يجوز قول بيطار واحد.
قال: وإن قوّم البيطاران قيمة، فقال أحدهما بأكثر، وقال الآخر بأقل، فتلكأ أحمد عند ذلك، ثم قال: يجعل بينهما آخر ثالث، إن كان يقدر عليه حتى يتفق اثنان، إذا اختلف اثنان.
قال إسحاق: كلما لم يكونا اثنين 1 من البيطارة والأطباء فإنه لا يجوز، ولكن يجوز إرسال [ع-165/أ] الحاكم واحداً عدلاً، لأنه حينئذ خير. 2
__________
1 في الظاهرية "يكون الثلثين".
2 المعاينة وسيلة من وسائل الإثبات، والقاضي بالخيار، إما أن يذهب بنفسه، وإما أن يستخلف غيره، ويبعث خليفة عنه للرؤية والمشاهدة، وهي تختلف عن علم الحاكم، بأنها نتيجة مترتبة على رفع الدعوى في شيء يحتاج إلى رؤية، ومعاينة لبيان الحقيقة فيه، وإدراك الواقع الملموس منه، وهي أحد إجراءات الدعوى. راجع وسائل الإثبات ص 590.(8/4148)
[2964-] سئل إسحاق عن شهادة امرأة في الرضاع أنها أرضعت رجلاً وامرأته قبل التزويج أو بعد التزويج؟
قال: كلما كانت صالحة حلفت، فإن تمت فرق بينهما على التنزه وإن أبت اليمين لم يفرق بينهما، إلا أن يكون خبراً مستفيضا 1 أن هذه أرضعت كما ادعت، فإنها وإن لم تكن شهادة قاطعة، فإن الخبر المستفيض يتقدم شهادة المرأة الواحدة 2.
__________
1 قال الجوهري: فاض الخبر يفيض واستفاض: أي شاع، وهو حديث مستفيض أي منتشر في الناس.
الصحاح للجوهري 3/1099، وراجع لسان العرب 7/212 مادة "فيض".
قال ابن القيم: الحكم بالاستفاضة، هي درجة بين التواتر والآحاد، فالاستفاضة هي الاشتهار الذي يتحدث به الناس، وفاض بينهم. وهذا النوع من الإخبار يجوز استناد الشهادة إليه ... ويجوز اعتماد الحاكم عليه، والاستفاضة من أظهر البينات، وهي طريق من طرق العلم التي تنفي التهمة عن الشاهد، والحاكم وهي أقوى من شهادة اثنين [] مقبولين. انظر الطرق الحكمية 201-202 بتصرف.
2 سبق توثيق قول الإمام إسحاق رحمه الله في المسألة رقم: (2925) .(8/4149)
[باب] في الفرائض1
[2965-] قلت لأحمد رضي الله عنه الخنثَى 2 من أين يورث؟
قال: من حيث يبول.
قلت: فإن بال منهما جميعاً؟
قال: من أيهما سبق. 3
__________
1 في العمرية بلفظ "، باب المواريث".
2 الانخناث: التثني والتكسر، والاسم الخنث. وخنثت الشيء فتخنث: أي عطفته فتعطف، ومنه سمي المخنث وتخنث في كلامه، والخنث بكسر النون المسترخي المتثني.
والخنثى: الذي له ما للرجال والنساء جميعاً، والجمع الخناثى مثل الحبالى.
الصحاح للجوهري 1/281، والمصباح المنير 1/183، ومختار الصحاح ص 191.
وفي الاصطلاح: الخنثى: هو الذي له ذكر وفرج امرأة، أو ثقب في مكان الفرج يخرج منه البول، وينقسم إلى مشكل، وغير مشكل. فالذي يتبين فيه علامات الذكورية، أو الأنوثية فيعلم أنه رجل أو امرأة فليس بمشكل وإنما هو رجل فيه خلقة زائدة، أو امرأة فيها خلقة زائدة، وحكمه في إرثه وسائر أحكامه حكم ما ظهرت علاماته فيه، ويعتبر بمباله.
انظر المغني 6/253، وكشاف القناع 4/469.
قال صاحب عمدة القارض: ومن له فرجا ذكر وأنثى أو ثقبة غيرهما فخنثى. العذب الفائض 2/53.
3 نقل ابن هانيء النيسابوري نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله فقال: قلت له من أين يرث الخنثى؟
قال: من أيهما غلب عليه البول ورث من ذلك لمكان الذي يبول منه أكثر.
قلت: فإن بال منهما جميعاً؟ قال: أيهما سبق يُروى عن سعيد بن المسيب، ومحمد ابن علي، وعلي بن أبي طالب، أنهم قالوا: يورث من أيهما سبق البول.
ويُروى عن جابر بن زيد أنه قال: يدنى من الحائط ثم يبول فإن أصاب الحائط فهو غلام، وإن شلشل بين فخذيه فهو جارية. مسائل ابن هانيء النيسابوري 2/69 برقم 1472.
قال ابن قدامة: ويعتبر بمباله، فإن بال أو سبق بوله من ذكره فهو رجل، وإن سبق من فرجه فهو امرأة، وإن خرجا معاً اعتبر أكثرهما، فإن استويا فهو مشكل. المقنع 2/445.
قال المرداوي: هذا المذهب نص عليه.
الإنصاف 7/341، وراجع المغني 6/253، والكافي 2/552، والفروع 5/40، وأحكام التركات لمحمد أبي زهرة ص 257.(8/4151)
قال إسحاق: كما قال [رضي الله عنه] . 1
[2966-] قلت: زوج وأم، وإخوة لأب وأم، وإخوة لأم 2 هل يشرك
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في الأوسط الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/65.
2 هذه المسألة تسمى المشركة، وكذلك كل مسألة اجتمع فيها زوج وأم، أو جدة واثنان فصاعداً من ولد الأم، وعصبة من ولد الأبوين وسميت المشركة، لأن بعض أهل العلم شرك فيها بين ولد الأبوين وولد الأم في فرض ولد الأم، فقسمه بينهم بالسوية.
وتسمى الحمارية: لأنه يروى عن عمر رضي الله عنه أنه أسقط ولد الأبوين، فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حماراً أليست أمنا واحدة؟ فشرك بينهم.
انظر المغني 6/180، والميراث في الشريعة الإسلامية لياسين أحمد درادكه ص 343، وأحكام الميراث لجمعة محمد براج ص 618.(8/4152)
بينهم؟
قال [أحمد] أما أنا فلا أشرك بينهم. 1
قال إسحاق: الشركة بينهم. 2
__________
1 نقل عبد الله نحو هذه الرواية عن أبيه فقال: سألت أبي عن الشركة ترى أن تشرك بين الإخوة من الأب والأم مع الإخوة للأم في الثلث؟ قال: لا يشرك بينهم. مسائل عبد الله ص 400 برقم 1441.
وللإمام أحمد رحمه الله في المسألة روايتان:
إحداهما: أنه لا يشرك بين ولد الأبوين، وأولاد الأم، ويعطى للزوج النصف وللأم السدس، ولإخوة من الأم الثلث. وسقط الإخوة من الأبوين لأنهم عصبة، وقد تم المال بالفروض.
قال المرداوي: هذا المذهب، وعليه الأصحاب.
والثانية: نقل حرب أن الإخوة من الأبوين يشاركون الإخوة من الأم في الثلث، فيقسم بينهم بالسوية، للذكر مثل حظ الأنثيين.
انظر المغني 6/181، والإنصاف 7/315، والفروع 5/13، والكافي 2/527، وكشاف القناع 4/429.
2 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المغني 6/181، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/79، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة رقم 76، والاستذكار لابن عبد البر 4/67 مخطوط يوجد نسخة منه بقسم المخطوطات بالجامعة الإسلامية برقم 439.(8/4153)
[2967-] قلت: في ابنتين، وابنة 1 ابن، وابن ابن.
قال: أشرك في هذا. 2
__________
1 في الظاهرية "وابنت".
2 قال الإمام أحمد في رواية عبد الله: وفي البنات وبنات ابن وابن ابن: للابنتين الثلثان، وما بقي فبين بنات الابن، وبين الابن للذكر مثل حظ الأنثيين. مسائل عبد الله ص 401.
قال الخرقي: فإن كن بنات، وبنات ابن، فللبنات الثلثان، وليس لبنات الابن شيء، إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين. مختصر الخرقي ص 117.
قال ابن قدامة: وأجمع أهل العلم على أن بنات الصلب متى استكملن الثلثين سقط بنات الابن، ما لم يكن بإزائهن أو أسفل منهن ذكر يعصبهن، وذلك لأن الله تعالى لم يفرض للأولاد إذا كانوا نساء إلا الثلثين، قليلات كنّ أو كثيرات، وهؤلاء لم يخرجن عن كونهن نساء من الأولاد، وقد ذهب الثلثان لولد الصلب فلم يبق لهن شيء، ولا يمكن أن يشاركن بنات الصلب، لأنهن دون درجتهن. فإن كان مع بنات الابن ابن في درجتهن كأخيهن، أو ابن عمهن، أو أنزل منهن كابن أخيهن، أو ابن ابن عمهن أو ابن ابن ابن عمهن، عصبهن في الباقي، فجعل بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
المغني 6/171، والشرح الكبير 7/48 ومابعده، وراجع الكافي 2/537، وكشاف القناع 4/421، وشرح الرحبية لسبط المارديني ص 92.(8/4154)
قال إسحاق: 1 كما قال. 2
[2968-] قلت: تورث الأسير؟
قال: إي لعمري. 3
قال إسحاق: كما قال. 4
[2969-] قلت: كم تورث من الجدات؟
قال: ثلاث بين ثنتين 5 من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم. 6
__________
1 في العمرية بحذف "إسحاق".
2 انظر قول الإمام إسحاق في: المغني 6/171.
3 قال ابن قدامة: ويرث الأسير الذي مع الكفار إذا علمت حياته في قول عامة الفقهاء إلا سعيد بن المسيب، فإنه قال: لايرث، لأنه عبد وليس بصحيح، لأن الكفار لا يملكون الأحرار بالقهر، فهو باق على حريته، فيرث كالمطلق.
[] المغني 6/267، وراجع الفروع 5/37، وأحكام التركات ص 257، وفتح الباري 12/49-50.
4 انظر قول إسحاق في: الأوسط 3/138.
5 في العمرية بلفظ "ثنتان".
والذي يظهر أن كلمة "بين" هنا مقحمة لا معنى لها وصوابه "ثلاث": ثنتان من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم، كما سيأتي ما يشبه هذا في كلام ابن المنذر.
6 ذهب أبو عبد الله إلى توريث ثلاث جدات من غير زيادة عليهن.
قال ابن قدامة في الكافي: ولا يرث من الجدات أكثر من ثلاث: أم الأم، وأم الأب، وأم الجد ومن كان من أمهاتهن، وإن علت درجتهن فلهن السدس إذا تحاذين في الدرجة.
انظر: الكافي 4/533، والمغني 6/207، وراجع الإقناع 3/86، والإنصاف 7/309، والفروع 5/8، والشرح الكبير 7/42.(8/4155)
قال إسحاق: كما قال وهن أم أم أبيه، [وأم أبي أبيه] .
وأم أم أمه، وتسقط أم أبي الأم 1. 2
[2970-] قلت: تورث الجدة مع ابنها؟
قال: نعم تورث 3 هي أكثر في
__________
1 هذه الجدة توسط بينها وبين الميت جد غير صحيح، فتأخذ حكم ذوي الأرحام كالجد غير الصحيح.
والجدة الصحيحة: هي التي لا يتوسط بينها وبين الميت جد غير صحيح، فأم الأم جدة صحيحة، وأم الأب كذلك، وهكذا.
راجع: المبدع 6/134، وأحكام التركات والمواريث لأبي زهرة ص 164.
2 قال ابن المنذر: قال أحمد بن حنبل يرث من الجدات ثلاث: ثنتان من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم، وكذلك قال إسحاق وهن: أم أم أبيه، وأم أبي أبيه، وأم أم أمه، وتسقط أم أبي الأم.
الأوسط 3/129، وانظر المغني 6/207.
3 للإمام أحمد رحمه الله في المسألة روايتان:
إحداهما: ترث الجدة وابنها حي سواء كان أباً أو جداً كما لو كان عماً اتفاقاً، وهو المذهب، وعليه الأصحاب، وهو من مفردات المذهب.
والثانية: لا ترث الجدة وابنها حي.
المغني 6/211، ولإنصاف 7/311، والمقنع 2/412، والمبدع 6/135، والشرح الكبير 7/43.(8/4156)
الرواية. 1
قال إسحاق: كما قال. قد صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها [أول] جدة ورثت في الإسلام [ظ-94/أ] . 2
__________
[1] راجع الروايات في ذلك، في: سنن سعيد بن منصور 1/76-78، وسنن الدارمي 2/358، والمحلى [9/279-280.
2] عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال في الجدة مع ابنها أنها أول جدة أطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم سدسا مع ابنها وابنها حي.
رواه الترمذي في سننه 4/421، كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الجدة مع ابنها برقم 3102، والدارمي في سننه 2/358، كتاب الفرائض، باب في الجدات.
والبيهقي في السنن الكبرى 6/222، كتاب الفرائض، باب لا يرث مع الأب أبواه.
قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وقد ورث بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الجدة مع ابنها، ولم يورثها بعضهم. سنن الترمذي 4/421.
وقال البيهقي: تفرد به محمد بن سالم، وهو غير محتج به. السنن الكبرى 6/226.
وانظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: المغني 6/211، المحلى 9/280، والاستذكار لابن عبد البر 4/73، اختلاف الصحابة والتابعين لوحة رقم 88، والأوسط لابن المنذر 3/128.(8/4157)
[2971-] قلت: المملوكون، واليهود والنصارى يحجبون؟ 1
قال: لا يحجبون، ولا يرثون. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
[2972-] قلت: القاتل لا يرث خطأ أو 4 عمداً؟ 5
__________
1 يقال: حجبه حجباً: من، باب قتل: منعه، ومنه قيل للستر حجاب، لأنه يمنع المشاهدة، وقيل للبواب حاجب، لأنه يمنع من الدخول، الأصل في الحجاب جسم حائل بين جسدين.
المصباح المنير 1/121، والصحاح للجوهري 1/107 مادة "حجب".
وفي الاصطلاح: منع من قام به سبب الإرث من الإرث بالكلية أو من أوفر حظيه.
العذب الفائض 1/93، الرحبية بشرح سبط المارديني ص87.
2 قال في الكافي: من لم يرث لمعنى فيه، وهو الرقيق، والقاتل، والمخالف في الدين، لم يحجب غيره، لأنه ليس بوارث، فلم يحجب كالأجنبي. الكافي 2/539، وراجع المغني 6/312، والفروع 5/11، وكشاف القناع 4/424.
3 انظر قول إسحاق في: الأوسط 3/136.
4 في العمرية بلفظ "ولا عمداً".
5 العمد في اللغة ضد الخطأ، وعمد للشيء قصد له - أي تعمده - وهو نقيض الخطأ.
الصحاح للجوهري 2/511، ومختار الصحاح ص454.
وعرفه ابن قدامة بقوله: العمد ما ضربه بحديدة أو خشبة كبيرة فوق عمود الفسطاط، أو حجر كبير الغالب أن يقتل مثله، أو أعاد الضرب بخشبة صغيرة، أو فعل فعلاً الغالب من ذلك الفعل أن يتلف. المغني 7/637.(8/4158)
قال: لا. لا من الدية، ولا من المال. 1
قال إسحاق: الذي نعتمد عليه لا يورث 2 من الدية، ويرث من الميراث. 3
__________
1 قال الخرقي: والقاتل لا يرث المقتول، عمداً كان القتل أو خطأ. مختصر الخرقي ص: 126.
قال ابن قدامة: كل قتل مضمون بقصاص أو دية أو كفارة يمنع القاتل ميراث المقتول سواء كان عمداً أو خطأ، بمباشرة أو سبب، وسواء انفرد بقتله أو شارك. المقنع 2/460.
قال المرداوي: هذا المذهب في ذلك كله.
الإنصاف 7/368، وراجع: الكافي 2/560، وكشاف القناع 4/492، والمبدع 6/260.
2 في العمرية بلفظ "لا يرث من الدية ويرث من الميراث".
3 نقل القرطبي قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: وإن قتله خطأ فلا ميراث له من الدية، ويرث من المال في قول مالك.
ولا يرث في قول الشافعي وأحمد وسفيان وأصحاب الرأي من المال ولا من الدية شيئاً. وقول مالك أصح، وبه قال إسحاق وأبو ثور وهو قول سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح ومجاهد والزهري والأوزاعي وابن المنذر، لأن ميراث من ورثه الله تعالى في كتابه ثابت لا يستثنى منه إلا بسنة أو إجماع، وكل مختلف فيه مردود إلى ظاهر الآيات التي فيها المواريث.
الجامع لأحكام القرآن 5/59، والأوسط 3/136.(8/4159)
[2973-] قلت: لا يتوارث أهل ملتين شتى، لا يرث اليهودي 1 النصراني؟
قال: لا يرث، هما ملتان مختلفتان. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
__________
1 في الظاهرية بإضافة "الواو"بين "اليهودي" و"النصراني".
2 نقل ابن القيم رحمه الله هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله برواية إسحاق بن منصور فقال: عن إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبد الله: لا يتوارث أهل ملتين شيئاً لا يرث اليهودي والنصراني، قال: لا يرث، هما ملتان مختلفتان. أحكام أهل الذمة 2/445.
كما نقل نص هذه الرواية الخلال في أحكام أهل الملل ص 146.
وللإمام أحمد رحمه الله في المسألة روايتان:
إحداهما: أن الكفر ملل مختلفة، لا يرث بعضهم بعضاً.
قال المرداوي: وهو الصحيح من المذهب.
والثانية: أن الكفر كله ملة واحدة، يرث بعضهم بعضاً، رواه عنه حرب.
واختاره الخلال فقال: وحكى إسحاق بن منصور أنه لا يورثهم وهو قديم السماع.
وحكى حرب: أنه يورث بعضهم من بعض، وهو أشبه بقول أبي عبد الله، واحتجاجه في أمورهم كلها أن يورث بعضهم من بعض، ولا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم.
انظر المغني 6/295، والإنصاف 7/350، وأحكام أهل الملل للخلال ص 147، وراجع الفروع 5/15، والإقناع 3/115.
3 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: المغني 6/296، وشرح السنة للبغوي 8/364، واختلاف الصحابة والتابعين لوحة رقم 91، والاستذكار 4/81، والأوسط 3/137.(8/4160)
[2974-] قلت: ميراث المرتد للمسلمين يقتل ويؤخذ ماله؟ 1 مات أو قتل واحد، لأن دمه كان مباحاً، واحتج بحديث عم البراء 2 بن
__________
1 لعل هذا آخر السؤال. والجواب: قال: مات أو قتل إلخ ...
2 يشير إلى ما رواه عدي بن ثابت، عن يزيد بن البراء، عن أبيه قال: لقيت عمي ومعه راية فقلت له: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله.
والحديث تقدم تخريجه في، باب الحدود والديات في المسألة رقم: (2684) .
قال الإمام محمد بن جرير الطبري: وكان الذي عرس بزوجة أبيه متخطياً حرمتين، وجامعاً بين كبيرتين من معاصي الله:
إحداهما: عقد نكاح على من حرم الله عقد النكاح عليه بنص تنزيله بقوله: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} النساء آية 22.
والثانية: إتيانه فرجاً محرماً عليه إتيانه. وأعظم من ذلك تقدمه على ذلك بمشهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإعلانه عقد النكاح على من حرم الله عليه بنص كتابه التي لا شبهة في تحريمها عليه وهو حاضره، فكان فعله ذلك من أدل الدليل على تكذيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أتاه به عن الله تعالى ذكره، وجحوده آية محكمة في تنزيله، فكان بذلك من فعله مرتداً عن الإسلام، وإن كان للإسلام مظهراً ...
فلذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله وضرب عنقه إن شاء الله، لأن ذلك كان سنته في المرتد عن الإسلام، والناقض عهده من أهل العهد. تهذيب الآثار 2/148.(8/4161)
عازب [رضي الله عنه] . 1
قال إسحاق: الذي نأخذ به ميراثه لورثته من 2 المسلمين. 3
[2975-] قلت: رجل مات، ولم يدع [ع-165/ب] وارثاً إلا ابن أخته؟
__________
1 واختلفت الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله في مال المرتد، إذا مات أو قتل على ردته:
[1-] فروي عنه: أنه يكون فيئاً في بيت مال المسلمين، قال القاضي هو صحيح في المذهب.
[2-] وعن الإمام أحمد ما يدل على أن ماله لورثته من المسلمين.
[3-] وروي عنه: أن ماله لأهل دينه الذي اختاره، إن كان منهم من يرثه، وإلا فهو فيء. إلا أنه ثبت أنه رجع عن الرواية الأخيرة، فقد نقل أبو داود السجستاني عنه فقال: سمعت أحمد سئل عن ميراث المرتد؟
قال: كنت مرة أقول لا يرثه المسلمون، ثم أجبن عنه.
[] انظر مسائل أبي داود ص 220، والمغني 6/300-301، والإنصاف 7/352، والكافي 2/556، والفروع 5/51.
2 في العمرية بحذف "من".
3 نقل قول الإمام إسحاق رحمه الله في: الأوسط 3/136، ومعالم السنن للخطابي 4/180، والمغني 6/301، والمحلى 9/305، وفتح الباري 12/51، وشرح السنة للبغوي 8/365.(8/4162)
قال: الميراث لذي الرحم. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[2976-] قلت: من قال لا يرد 3 على ابنة ابن مع ابنة [لـ] صلب ولا
__________
1 الرحم في اللغة: موضع تكوين الولد ... ثم سميت القرابة والوصلة من جهة الولاء رحماً، فالرحم خلاف الأجنبي.
المصباح المنير 1/223، ومختار الصحاح ص 447، والقاموس المحيط 4/118، والمعجم الوسيط 1/335.
وفي الاصطلاح: عرفه ابن قدامة: بأنهم الأقارب الذين لا فرض لهم ولا تعصيب. المغني 6/229.
إذا انفرد أحد من ذوي الأرحام أخذ المال كله، في قول جميع من ورثهم.
انظر المغني 6/233، والكافي 2/549.
2 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: عمدة القاريء 23/247، واختلاف الصحابة والتابعين، لوحة رقم 88، والاستذكار لابن عبد البر 4/79، وفتح الباري 12/30.
3 الرد: ضد العول، وهو نقص في سهام الورثة وزيادة في نصيب أصحاب السهام بقدر النقص، وهو المقصود من تصحيح المسألة، وذلك عند فقد العصبة.
الرحبية بشرح سبط الماوردي ص 165، وأصول علم المواريث لأحمد عبد الجواد ص 10، وأحكام التركات والمواريث لأبي زهرة ص 197.
والقول بعدم الرد على المذكورين في المسألة رواية عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقد روى البيهقي في سننه عن محمد بن سالم عن الشعبي قال: كان علي رضي الله عنه يرد على كل وارث الفضل بحصته ما ورث، غير المرأة والزوج. وكان عبد الله لا يرد على امرأة ولا زوج ولا ابنة ابن مع ابنة الصلب، ولا على أخت لأب مع أخت لأب وأم، ولا على إخوة لأم مع أم، ولا على جدة إلا أن لا يكون وارث غيرها.
وكان زيد لا يرد على وارث شيئاً ويجعله في بيت المال.
رواه البيهقي في سننه 6/244، كتاب الفرائض، باب من جعل ما فضل عن أهل الفرائض، ولم يخلف عصبة، ولا مولى في بيت المال ولم يرد على ذي فرض شيئاً.
وراجع: المغني 6/201، والكافي 2/543.(8/4163)
على أخت لأب مع أخت لأب وأم، ولا على المرأة ولا على الزوج؟
قال: يرد عليهم كلهم إلا الزوج والمرأة، لأنهما ليسا من ذوي الرحم، ولا على جدة، ولا على إخوة لأم مع 1 أم.
قال إسحاق: نرد على كل ذي سهم غير الزوج والمرأة، ولا
__________
1 نقل هذه الرواية ابن قدامة في المغني 6/201، والمرداوي في الإنصاف 7/317.
قال الخرقي: ويرد على كل أهل الفرائض على قدر ميراثهم، إلا الزوج والزوجة. مختصر الخرقي ص 120.
قال المرداوي: هذا المذهب نقله الجماعة، وعليه الأصحاب، وعنه يقدم الرد، وذوو الأرحام على الولاء.
وعنه: يقدم ذوو الأرحام على الرد، وعنه لا يرث بالرد بحال.
الإنصاف 7/317، وراجع المغني 6/201، والكافي 2/543، والفروع 5/17، وكشاف القناع 4/433، ومسائل أبي داود ص 218.(8/4164)
على إخوة لأم مع الأم، 1 وأما الجدة فلا نرد عليها إلا أن لا يوجد غيرها. 2
[2977-] قلت: العمة والخالة؟
قال: العمة بمنزلة الأب، والخالة بمنزلة الأم. 3
__________
1 في العمرية بلفظ "ولا على إخوة مع أم أمه".
2 في العمرية بلفظ "فلا يرد عليهما إلا أن لا يوجد غيرهما".
3 نقل ابن هانيء النيسابوري نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد فقال قيل له: تنزل العمة بمنزلة الجد، أو بمنزلة الأب؟
قال: بمنزلة الأب.
وقيل: تنزل الخالة بمنزلة الأم في الميراث؟ قال: إذا لم يكن عصبة، كذا أيضاً العمة بمنزلة الأب، للعمة الثلثان، [] وللخالة الثلث. مسائل ابن هانيء النيسابوري 2/66 برقم 300-1458.
قال ابن قدامة: مذهب أبي عبد الله في توريث ذوي الأرحام مذهب أهل التنزيل وهو أن ينزل كل واحد منهم منزلة من يمت به من الورثة فيجعلهم له نصيبه، فإن بعدوا نزلوا درجة درجة إلى أن يصلوا من يمتون به فيأخذون ميراثه. المغني 6/231.
وذكر في الإنصاف عن الإمام أحمد رحمه الله في العمة روايات:
[1-] أنها تنزل منزلة الأب. قال المرداوي: هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
[2-] أنها تنزل منزلة العم. واختاره أبو بكر.
[3-] وعنه: العمة لأبوين أو الأب كالجد، فعليها العمة لأم والعم لأم كالجدة أمها. انظر الإنصاف 7/323.
وإنما صار هذا الخلاف في العمة، لأنها أدلت بأربع جهات وارثات، فالأب والعم أخواها، والجد والجدة أبواها.
المغني 6/232، وراجع الكافي 2/549، والفروع 5/27، وكشاف القناع 4/455، وشرح الرحبية لمارديني ص 169.(8/4165)
قال إسحاق: كما قال.
[2978-] قلت: أدنى العصبة 1 الابن، ثم ابن الابن، ثم الأب ثم الجد، ثم الأخ، ثم ابن الأخ، ثم العم، ثم ابن العم، ثم الأدنى فالأدنى؟
قال: نعم. 2
__________
1 مادة "عصب" في اللغة تدل على معنى الإحاطة بشيء.
وعصبة الرجل بنوه، وقرابته لأبيه، وإنما سموا عصبة لأنهم عصبوا به - أي أحاطوا به - فالأب طرف والابن طرف والعم جانب، والأخ جانب، والجمع العصبات.
الصحاح للجوهري 1/182، ومختار الصحاح ص 435.
وفي الاصطلاح: العصبة كل وارث ليس فريضة مسماة في القرآن الكريم أو السنة النبوية، بل يأخذ كل التركة إذا انفرد بها، ويأحذ ما تبقى بعد أصحاب الفروض إن وجدوا، ويسقط إذا استغرقت الفروض التركة.
المغني 6/168، ودرر الحكام شرح غرر الأحكام 3/468.
2 قال ابن مفلح: أقرب العصبة الابن، ثم ابنه وإن نزل، ثم الأب، ثم الجد وإن علا مع عدم أخ لأبوين أو لأب، ثم هما، ثم بنوهما وإن نزلوا، ثم عم لأبوين، ثم لأب، ثم بنوهما كذلك، ثم عم أبيه لأبوين، ثم لأب، ثم بنوهما كذلك، ثم عم جده، ثم بنوه كذلك لا يرث بنو أب أعلى مع بني أب أقرب ولو نزلوا. نص عليه. الفروع 5/12.
قال المرداوي: الصحيح من المذهب أن الإخوة يقاسمون الجد.
الإنصاف 4/313، وراجع المغني 6/179.(8/4166)
قال إسحاق: كما قال.
[2979-] حدثنا إسحاق ابن منصور 1 قال: أخبرنا أحمد، 2 عن يحي ابن آدم 3 قال: أخبرنا ابن أبي زائدة 4 عن أبيه 5 عن
__________
1 في العمرية بحذف "منصور".
وهو إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج راوي المسائل عن الإمام أحمد وإسحاق.
2 هو ابن حنبل أبو عبد الله المروي عنه هذه المسائل.
3 صاحب، كتاب الخراج.
4 هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الهمداني بسكون الميم، أبو سعيد الكوفي، ثقة متقن.
قال العجلي: هو ممن جمع له الفقه والحديث، وكان على قضاء المداين، ويعد من حفاظ الكوفيين للحديث، مفتياً ثبتاً صاحب سنة. مات سنة ثلاث أو أربع وثمانين ومائة، وله ثلاث وتسعون سنة.
طبقات الحفاظ ص 120، وتذكرة الحفاظ 1/267، وتقريب التهذيب ص 375.
له ترجمة في خلاصة تذهيب الكمال ص 423، وشذرات الذهب 1/298، وطبقات ابن سعد 6/274.
5 هو زكريا بن أبي زائدة، خالد، ويقال هبيرة بن ميمون بن فيروز الهمداني الوداعي، أبو يحي الكوفي، ثقة، وكان يدلس وسماعه من أبي إسحاق بآخره. مات سنة سبع أو ثمان أو تسع وأربعين.
تهذيب التهذيب 3/329، وتقريب التهذيب ص 107، ومشاهير علماء الأنصار ص 170، والكشاف 1/323، والعبر 1/212.(8/4167)
فراس 1 عن عامر 2 في امرأة، وأم وابنتين، وابنة ابن، وأخت لأب، وأم.
قال: للمرأة الثمن، وللأم السدس، وللابنين الثلثان وللأخت ما بقي دون ابنة الابن.
ولو كان ترك ابن ابن كان له ما بقي دون الأخت.
قلت: من حجب المرأة عن الربع؟
قال: الابنتان.
__________
1 فراس بكسر أوله وبمهملة ابن يحيى الهمداني الخارفي بمعجمة وفاء، أبو يحيى الكوفي المكتب، صدوق ربما وهم. مات سنة تسع وعشرين.
تهذيب التهذيب 8/259، وتقريب التهذيب ص 274.
2 هو عامر بن شراحيل الشعبي.
وفي النسخة العمرية بلفظ "عن مجاهد"، ولعل الصواب ما أثبته، لأن فراساً من أصحاب الشعبي والرواة عنه. انظر تهذيب التهذيب 5/65، 8/259.
السند رجاله ثقات، وزكريا بن زائدة وإن وصف بالتدليس إلا أنه ممن احتمل تدليسه. كما في طبقات المدلسين [] لابن حجر ص 13-31.(8/4168)
قلت: فمن حجب الأم عن الثلث؟ 1
قال: الابنتان.
قلت: لم لم ترث ابنة الابن؟
قال: لأن سهام النساء تكاملت الثلثين. 2
قلت: ما تقول في قوله: لو كان ابن ابن كان له ما بقي دون الأخت، لأنه بمنزلة الولد؟.
قال: نعم. 3
__________
1 هذا سؤال وجوابه سقط من العمرية.
2 ينقسم الحجب إلى قسمين:
أ - حجب نقصان: وهو منع من قام به سبب الإرث من أوفر حظيه بسبب وجود شخص آخر. وهذا النوع هو عبارة عن الانتقال بالوارث من حالة إلى حالة أخرى يستحق فيها أقل النصيبين، ولا يكون إلا في أصحاب الفروض، كما في المسألة من حجب المرأة عن الربع إلى الثمن، والأم عن الثلث إلى السدس، لوجود الفرع الوارث.
ب- وحجب حرمان: وهو منع الشخص من الميراث كله بسبب وجود شخص آخر، وهذا النوع من الحجب يكون في أصحاب الفروض والعصبات وفي المسألة حجبت ابنة الابن لتكامل سهام النساء الثلثين.
[] أحكام الميراث جمعه محمد براج 534-536، وروضة الطالبين 6/25، وأحكام المواريث لمحيي الدين عبد الحميد ص 148.
3 قال الخرقي: ولا يرث أخ، ولا أخت لأب وأم، أو الأب، مع ابن، ولا مع ابن ابن وإن سفل، ولا مع أب. مختصر الخرقي ص 117.
قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على هذا بحمد الله، وذكر ذلك ابن المنذر وغيره.
والأصل في هذا قول الله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} سورة النساء آية 176.
فيسقط ولد الأبوين ذكرهم وأنثاهم بثلاثة: بالابن، وابن الابن وإن سفل، وبالأب. ويسقط ولد الأب بهؤلاء الثلاثة، وبالأخ من الأبوين. المغني 6/166.
قال المرداوي: هذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب.
الإنصاف 7/312، وراجع المبدع 6/139.(8/4169)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2980-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: 2 سمعت سفيان بن عيينة يقول: قال ابن عباس [رضي الله عنهما] "أمر ليس في كتاب الله [عز وجل] ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تجدونه في الناس كلهم ميراث الأخت مع البنت 3". وقرئ عليه إسناده. 4
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المحلى 9/256.
2 في العمرية بعبارة "حدثنا أحمد سمعت سفيان يقول".
3 في العمرية بلفظ "الابنة".
4 في العمرية بلفظ "الإسناد".
وذكر السند في المسألة متفرقاً سقط من السند الأول اثنان وهما مصعب، وابن أبي مليكة.
وفي السند الثاني مجهول الأب، وهو ابن فلان.
وأكمل في الثالث، وصرح بالمجهول وهو عبد الله.
وقد روى الأثر ابن حزم، وذكر السند كاملاً فيحسن سياقه. وقد رواه من طريق إسماعيل بن إسحاق فقال: حدثنا علي بن عبد الله، هو ابن المديني حدثني سفيان - هو ابن عيينة، حدثني مصعب بن عبد الله ابن الزبرقان عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال: "أمر ليس في، كتاب الله تعالى ولا في قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وستجدونه في الناس كلهم، ميراث الأخت مع البنت". المحلى 9/257.
كما روى الأثر ابن عبد البر في الاستذكار 4/66.
[] وانظر رأي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في: مصنف عبد الرزاق 1/254-255، والسنن الكبرى للبيهقي 6/233، والمغني 6/168، والمحلى 9/256.(8/4170)
سمعت مصعب بن فلان بن الزبرقان، قال سمعت ابن أبي مليكة.
قال أحمد: قال علي: 1 قال: حدثني مصعب بن عبد الله بن
__________
1 هو علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم، أبو الحسن بن المديني البصري، ثقة ثبت إمام، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله، حتى قال البخاري: ما استصغرت نفسي إلا عنده. وقال فيه شيخه ابن عيينة: كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلمه مني.
وقال النسائي: كأن الله خلقه للحديث.
عابوا عليه إجابته في المحنة، لكنه تنصل وتاب، واعتذر بأنه كان خاف على نفسه، مات سنة أربع وثلاثين ومائتين.
تهذيب التهذيب 7/349، وتقريب التهذيب ص 247، وتاريخ بغداد 11/458، طبقات الحنابلة 1/225.(8/4171)
الزبرقان. 1
قلت: أليس تقول بقول معاذ 2 [رضي الله عنه] ؟
قال: نعم. 3
__________
1 مصعب بن عبد الله بن الزبرقان لم أقف على ترجمته فيما رجعت إليه من المراجع.
2 وروى الإمام البخاري بإسناده عن الأسود قال: قضى فينا معاذ ابن جبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: النصف للابنة والنصف للأخت، ثم قال سليمان: قضى فينا، ولم يذكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الإمام البخاري في صحيحه برقم 6741 مع فتح الباري 12/24، كتاب الفرائض، باب ميراث الأخوات مع البنات عصبة من طريق إبراهم عن الأسود.
3 نقل ابن هانيء نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله في مسائله عنه 2/64 برقم: 1449.
قال الخرقي: والأخوات مع البنات عصبة لهن ما فضل، وليست لهن معهن فريضة مسماة. مختصر الخرقي 117.
قال البهوتي: فإن اجتمع مع البنت فأكثر أو مع بنت الابن فأكثر والأخت لأبوين، ولد أب، فالباقي عن البنتين أو البنات للأخت لأبوين، لأنها عصبة مدلية بقرابتين كالأخ الشقيق.
كشاف القناع 4/423، وراجع المبدع 6/140.(8/4172)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2981-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا 2 أحمد عن وكيع 3 عن سفيان 4 عن منصور 5 عن
__________
1 راجع قوله في: مسائل ابن هانيء النيسابوري 2/64 برقم 1449، والمحلى لابن حزم 9/256.
2 في العمرية بحذف عبارة "حدثنا إسحاق قال"وتكرر هذا السقط إلى نهاية أسانيد هذا الباب.
3 هو وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي "بضم الراء وفتح الواو المهموزة وفي آخرها السين المهملة"بطن من قيس عيلان. أبو سفيان الكوفي، ثقة حافظ عابد، كان محدث العراق في عصره. ولد بالكوفة، وتفقه وحفظ الحديث، واشتهر وأراد الرشيد أن يوليه قضاء الكوفة فامتنع ورعاً.
قال الإمام أحمد بن حنبل: ما رأيت أحداً أوعى منه، ولا أحفظ، وكيع إمام المسلمين.
وقال ابن المديني: كان وكيع يلحن، ولو حدثت بألفاظه لكانت عجباً. توفي بفيد راجعاً من الحج سنة سبع وتسعين ومائة، وله سبعون سنة رحمه الله.
تقريب التهذيب ص 369، وتذكرة الحفاظ 1/306، وطبقات الحفاظ للسيوطي ص 133، وتاريخ بغداد 13/466، وحلية الأولياء 8/368، والمعارف ص 507، وخلاصة تهذيب الكمال ص 415، وطبقات الحنابلة 1/391.
4 هو الثوري.
5 هو منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبو ثاب بمثلثة ثقيلة ثم موحدة، الكوفي، ثقة ثبت، وكان لا يدلس، من طبقة الأعمش. مات سنة اثنين وثلاثين ومائة.
تقريب التهذيب ص 348، وتذكرة الحفاظ 1/142، وطبقات الحفاظ ص 66، تهذيب التهذيب 10/312، وحلية الأولياء 5/40، والمعارف ص474.(8/4173)
إبراهيم 1 عن عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهم قالوا في زوج، وأم، [ع-166/أ] وإخوة لأم، وأخوات لأب وأم إنهم 2 كانوا يشركون بين الإخوة والأخوات للأب والأم مع الإخوة من الأم في ثلثهم، وكانوا يقولون لم يزدهم الأب إلا قرباً، وكانوا يجعلون ذكرهم وأنثاهم فيه سواء 3.
__________
1 هو إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي.
2 في العمرية بلفظ "وأنهم".
3 رواه البيهقي من طريق سفيان الثوري عن منصور والأعمش عن إبراهيم عن عمر وعبد الله وزيد رضي الله عنهم أنهم قالوا:
للزوج النصف، وللأم السدس، واشركوا بين الإخوة من الأب والأم والإخوة من الأم في الثلث، وقالوا ما زادهم الأب إلا قرباً.
السنن الكبرى للبيهقي 6/256، كتاب الفرائض، باب المشركة وعبد الرزاق في مصنفه 10/251، كتاب الفرائض برقم 19009 مختصراً من الطريق السابق.
وسعيد بن منصور في سننه ص 57، باب المشركة.
والدارمي في سننه 2/347، كتاب الفرائض، باب في المشركة.
وإسناد الأثر ضعيف لانقطاعه، فإبراهيم النخعي لم يدرك عمر رضي الله عنه ولا غيره من الصحابة. انظر المراسيل ص 14.(8/4174)
قلت ما تقول أنت؟
قال: لا أشرك. 1
قال أحمد: اختلف عن عمر 2 وعن ابن مسعود، 3 وعن زيد بن ثابت 4 في المشتركة
__________
1 سبق توثيق قول الإمامين أحمد وإسحاق رحمهما الله في المشركة في المسألة: (2966) .
2 يشير إلى ما رواه الحكم بن مسعود الثقفي قال: قضى عمر بن الخطاب في امرأة توفيت، وتركت: زوجها وأمها، وإخوتها لأمها، وإخوتها لأبيها وأمها. فأشرك عمر بين الإخوة للأم، والإخوة للأب والأم في الثلث. فقال له رجل: إنك لم تشرك بينهم عام كذا وكذا. فقال عمر: تلك على ما قضينا يومئذ، وهذه على ما قضينا.
[] مصنف عبد الرزاق 10/249-250، كتاب الفرائض برقم 19005 واللفظ له.
والسنن الكبرى للبيهقي 6/255، كتاب الفرائض، باب المشركة، كلاهما من طريق وهب بن منبه عن الحكم بن مسعود الثقفي.
3 سيأتي في المسألة القادمة رواية لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه تخالف هذه الرواية.
4 رُوِيَ عن زيد بن ثابت رواية تخالف هذه الرواية، فقد روى محمد بن سالم عن الشعبي قال: قال علي وزيد رضي الله عنهما: "للزوج النصف، للأم السدس، والإخوة من الأم الثلث، ولم يشركا بين الإخوة من الأب والأم معهم، وقالا: هم عصبة، إن فضل شيء كان لهم، وإن لم يفضل لم يكن لهم شيء".
السنن الكبرى للبيهقي 6/256، كتاب الفرائض، باب المشركة وعقب البيهقي على الروايات السابقة التي تفيد أنهم يرون عدم التشريك بين الإخوة من الأم والأب، والإخوة من الأم في المسألة بقوله: الرواية الصحيحة في هذا عن زيد بن ثابت ما مضى – يشير إلى الأثر الذي يفيد التشريك بينهم-.
وهذه الرواية ينفرد بها محمد بن سالم، وليس بالقوي، والشعبي وإبراهيم النخعي أعلم بمذهب عبد الله بن مسعود وإن لم يرياه من رواية أبي قيس الأودي، وإن كانت موصولة إلا أن رواية أبي قيس شاهداً فيحتمل أنه كان يقول ذلك، ثم رجع عنه إلى ما تقرر عند الشعبي والنخعي من مذهبه، والله أعلم كما روينا عن عمر بن الخطاب رضي [] الله عنه. السنن الكبرى للبيهقي 6/256-257.(8/4175)
هذه. 1
قال إسحاق: نقول بقولهم إنهم يشركون.
[2982-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي 2
__________
1 نقل عبد الله بن أحمد عن أبيه نحو هذا القول فقال: قال الإمام أحمد: واختلف الناس عن عبد الله وزيد وعمر وكان الشعبي لا يشرك أيضاً. مسائل عبد الله بن أحمد بن حنبل ص 401 برقم 1441.
2 هو عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري مولاهم، أبو سيعد البصري، ثقة ثبت حافظ، عارف بالرجال، والحديث.
قال ابن المديني: ما رأيت أعلم منه.
وقال أحمد: إذا حدث ابن مهدي عن رجل فهو حجة.
مات بالبصرة سنت ثمان وتسعين ومائة.
تقريب التهذيب ص 210، وتذكرة الحفاظ 1/329، وطبقات الحفاظ ص 144، وتاريخ بغداد 10/240، وخلاصة تذهيب الكمال 199، والعبر 1/326، والنجوم الزاهرة 2/159.(8/4176)
عن سفيان 1 عن أبي قيس 2 عن هذيل 3 عن عبد الله 4 [رضي الله عنه] في زوج، وأم، وإخوة لأم، وإخوة لأب وأم، أنه لم يشرك بينهم. 5
قال أبو قيس: 6 رأيت الغلام عبدة بن معاوية.
قلت: أليس هذا خلافاً 7 لحديث منصور؟ 8
قال: نعم.
__________
1 هو الثوري.
2 هو عبد الرحمن بن ثروان بمثلثة مفتوحة، وراء ساكنة، أبو قيس الأودي الكوفي، صدوق ربما خالف. مات سنة عشرين ومائة.
تهذيب التهذيب 6/123، وتقريب التهذيب ص 199.
3 هذيل بن شرحبيل الآودي.
قال ابن سعد: يروي عن علي وعبد الله، وكان ثقة.
الطبقات الكبرى 6/176.
4 هو عبد الله بن مسعود.
5 رواه البيهقي بإسناده عن هذيل بن شرحبيل قال: أتينا عبد الله في زوج، وأم، وأخوين لأم، وأخ لأب وأم، فقال: قد تكاملت السهام، ولم يعط الأخ من الأب والأم شيئاً. السنن الكبرى للبيهقي 6/256، كتاب الفرائض، باب المشركة. وإسناده حسن.
6 أبو قيس: هو عبد الرحمن بن ثروان الأودي.
7 في النسختين بلفظ "خلاف"، والصواب "خلافاً" بالنصب لأنه خبر ليس.
8 هو منصور بن معتمر تقدم حديثه في المسألة السابقة(8/4177)
قال إسحاق: نأخذ برواية منصور [ظ-94/ب] .
[2983-] حدثنا إسحاق، قال أخبرنا أحمد، قال حدثنا أبو معاوية 1 عن الأعمش، 2 عن إبراهيم قال: كان عمر، وعبد الله، وزيد رضي الله عنهم يشركون، وكان علي [رضي الله عنه] لا يشرك. 3
قلت: عثمان [رضي الله عنه] كان يشرك في هذا؟ 4
__________
1 هو شيبان بن عبد الرحمن التميمي مولاهم النحوي، أبو معاوية البصري نزيل الكوفة، ثقة صاحب كتاب، يقال إنه منسوب إلى نحوة بطن من الأزد، لا إلى علم النحو. مات في خلافة المهدي سنة أربع وستين ومائة.
تهذيب التهذيب 4/375، وتقريب التهذيب ص148.
2 هو سليمان بن مهران الأعمش الأسدي، الكاهلي مولاهم، أبو محمد الكوفي قال العجلي: كان ثقة ثبتاً في الحديث، وكان محدث أهل الكوفة في زمانه، وقال في التقريب: ثقة حافظ عارف بالقراءة، ورع لكنه يدلس. مات سنة ثمان وأربعين ومائة وهو ابن ثمان وثمانين سنة.
تهذيب التهذيب 4/222، وتقريب التهذيب ص 136، وتذكرة الحفاظ 1/154، وطبقات الحفاظ ص 74، وتاريخ بغداد 9/3.
3 والأثر أورده سعيد بن منصور بإسناده قال: نا معاوية قال: نا الأعمش عن إبراهيم قال: كان عمر، وابن [] [] مسعود، وزيد ابن ثابت يشركون، وكان علي لا يشرك. سنن سعيد بن منصور 57-58، باب المشركة.
4 عن أبي مجلز قال: كان علي لا يشركهم، وكان عثمان يشركهم.
مصنف عبد الرزاق 10/251، كتاب الفرائض برقم: 19011.
وسنن الدارمي 2/347، كتاب الفرائض، باب في المشركة.
ومصنف ابن أبي شيبة 11/256، كتاب الفرائض بلفظ "أن عثمان شرك بينهم(8/4178)
قال: نعم.
قلت: وشريح [كان يشرك في هذا] ؟ 1
قال: نعم.
قلت: ومسروق؟ 2
__________
1 روى الدارمي بإسناده عن عبد الملك بن عمير عن شريح أنه كان يشرك.
[] سنن الدارمي 2/347-348، كتاب الفرائض، باب في المشركة.
وراجع قول القاضي شريح في: أخبار القضاة لوكيع 2/320.
2 هو مسروق بن الأجدع، بن مالك الهمداني الوداعي، أبو عائشة الكوفي، ثقة فقيه عابد مخضرم، وكان أبوه فارس أهل اليمن في زمانه، قال الشعبي: ما علمت أحداً كان أطلب للعلم منه. مات سنة اثنتين ويقال سنة ثلاث وستين من الهجرة.
تقريب التهذيب ص 334, وتذكرة الحفاظ 1/49, وطبقات الحفاظ ص 21, وتهذيب التهذيب 1/110, والنجوم الزاهرة 1/161.
والأثر المروي عنه ذكره ابن أبي شيبة بإسناده عن ابن المنتشر عن شريح ومسروق "أنهما شركا الإخوة من الأب والأم مع الإخوة من الأم".
مصنف ابن أبي شيبة 11/257، كتاب الفرائض، باب في زوج وأم وإخوة وأخوات لأب وابن وإخوة لأم من شرك بينهم، برقم: 11148، واللفظ له.
وسعيد بن منصور في سننه ص: 85، كتاب الفرائض من طريق المغيرة عن ابن المنتشر.(8/4179)
قال: نعم.
قلت: وعمر بن عبد العزيز؟ 1
قال: نعم.
قال: إسحاق: كما قال.
[2984-] حدثا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا عبد الصمد 2 قال: حدثني أبي 3 قال: حدثنا
__________
1 وأثر الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله ذكره ابن أبي شيبة بإسناده، عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال: ماتت ابنة للحسن بن الحسن وتركت زوجها، وأمها، وإخوتها لأمها, وإخوتها لأبيها وأمها, فارتفعوا إلى عمر بن عبد العزيز, فأعطى الزوج النصف، والأم السدس, وأشرك بين الإخوة من الأم، والإخوة من الأب والأم، وقال للزوج: أمسك عن أترابك، أيلحق بهم سهم آخر حتى تنتظر حبلى هي أم لا.
مصنف ابن أبي شيبة 11/257، كتاب الفرائض, باب في زوج وأم، وإخوة وأخوات لأب وأم، وإخوة لأم من شرك بينهم برقم 11151.
2 هو عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد، التميمي العنبري، مولاهم أبو سهل، البصري الحافظ، ونسبه في التقريب بالتنوري, بفتح المثناة وتثقيل النون المضمومة، صدوق ثبت في شعبة. توفي سنة ست أو سبع ومائتين.
تهذيب التهذيب 6/327, وتقريب التقريب ص 213، وتذكرة الحفاظ 2/493، وطبقات الحفاظ ص 138، وخلاصة تذهيب الكمال 176.
3 هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم أبو عبيد التنوري - بفتح المثناة وتشديد النون – البصري، ثقة ثبت رمي بالقدر ولم يثبت عنه، مولده سنة اثنتين ومائة، ومات في المحرم سنة ثمانين ومائة بالبصرة.
تهذيب التهذيب 6/441، وتقريب التهذيب ص 222، وتذكرة الحفاظ 1/257، وطبقات الحفاظ ص 116، وخلاصة تذهيب الكمال ص 209.(8/4180)
يونس 1 عن الحسن 2 في امرأة تركت: ابني عمها، أحدهما أخوها لأمها، أن أخاها لأمها أحقهما بالميراث. 3
قلت: ما تقول أنت؟
قال: مثل 4 قول علي، وزيد [رضي الله عنهما] : السدس وما بقي بينهما. 5
__________
1 هو يونس بن عبيد بن دينار العبدي.
2 هو البصري.
إسناده صحيح ورجاله ثقات.
3 نقل ابن حجر رحمه الله قول الحسن البصري فقال: فإن كانت زيادة الترجيح بمعنى غير ما هما فيه، كابني عم أحدهما أخ لأم، فقيل يستمر الترجيح فيأخذ ابن العم الذي هو أخ لأم جميع ما بقى بعد فرض الزوج، وهو قول عمر وابن مسعود وشريح، والحسن، وابن سيرين، والنخعي، وأبي ثور، والطبري وداود. ونقل عن أشهب وأبى ذلك الجمهور فقالوا: بل يأخذ الأخ من الأم فرضه، ويقسم الباقي بينهما. فتح الباري 6/28.
4 في العمرية بلفظ قال: "لا"مثل قول علي وزيد رضي الله عنهما.
5 يشير إلى ما رواه ابن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال: كان علي، وزيد يقولان في بني عم: أحدهم أخ لأم، يعطيانه السدس، وما بقي بينه وبين بني عمه. وكان عبد الله يعطيه المال كله.
مصنف ابن أبي شيبة 11/250، كتاب الفرائض، في بني عم أحدهم أخ لأم، برقم: 11133.
قال الخرقي: وإذا كان ابني عم أحدهما أخ لأم، فللأخ للأم السدس، وما بقى بينهما نصفين. مختصر الخرقي ص 119، وانظر الكافي 2/546، والإنصاف 7/314.(8/4181)
قال إسحاق: كما قال.
[2985-] حدثا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: أخبرنا وكيع قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الملك 1 قال: سألت سعيد 2 بن جبير 3 عن ابنة، وابني عم، أحدهما 4 أخ لأم.
قال: للابنة النصف، وما بقى فلابن العم الذي ليس [ع-166/ب] بأخ لأم، 5 [و] قال: لا يرث أخ لأم مع ولد شيئاً.
__________
1 هو إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصّفَيْر بالمهملة والفاء مصغراً، صدوق كثير الوهم، قال ابن أبي حاتم عن أبيه ليس بقوي في الحديث وليس حده الترك.
تهذيب التهذيب 1/316، وتقريب التهذيب ص 34.
2 في العمرية بحذف "سعيد".
3 إسناد الأثر ضعيف، لأن إسماعيل بن عبد الملك لا يحتج بما انفرد به.
4 في العمرية بلفظ "بني عم أحدهم".
5 في الظاهرية بلفظ "بأم".(8/4182)
قال: وسألت عطاء فقال: أخطأ سعيد بن جبير، للابنة النصف، وما بقي فبينهما نصفين. 1
قلت: ما تقول أنت؟
قال: أقول بقول عطاء 2
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 والأثر رواه من طريق وكيع: ابن أبي شيبة في المصنف 11/253، كتاب الفرائض في ابنة، وابني عم أحدهما أخ لأم برقم 11140، بلفظ فسألت عطاء فقال: أخطأ سعيد، للابنة النصف، ولابن العم الذي ليس بأخ لأم النصف.
قول عطاء: أخطأ سعيد إلى آخره - أي أخطأ في قوله للابنة النصف، ولابن العم الذي ليس بأخ لأم النصف-.
2 نقل هذه الرواية عن الإمام أحمد، وقول سعيد بن جبير رحمهما الله، ابن مفلح في الفروع 5/14.
قال ابن قدامة: فإن كان ابنا عم أحدهما أخ من أم، وبنت، أو بنت ابن، فللبنت أو بنت الابن النصف، والباقي بينهما نصفين، وسقط الإخوة من الأم بالبنت.
المغني 6/187، وراجع الكافي 2/548.
وما ذكره سعيد بن جبير رحمه الله ينتقض بالأخ من الأبوين مع البنت وبابن العم إذا كان زوجاً ومعه من يحجب بني العم، ولا نسلم أنه يرث ميراثاً واحداً، بل يرث بقرابته ميراثين كشخصين، فصار كابن العم الذي هو زوج، وفارق الأخ من الأبوين فإنه لايرث إلا ميراثاً واحداً، فإن قرابة الأم لا ترث بها مفردة. المغني 6/187، 149.(8/4183)
[2986-] حدثا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا هشيم 1 قال كان شعبة حدثنا بهذا الحديث عن سهم الفرائض عن أوس بن ثابت. 2 فلما 3 قدمت البصرة أُخْبِرت أنه حي فأتيته، فحدثني به أوس بن ثابت عن حكيم بن عقال 4 أن امرأة ماتت وتركت ابني عمها، أحدهما أخوها 5 لأمها والآخر زوجها، فاختصموا إلى شريح، فجعل للزوج النصف، وجعل النصف الباقي لأخيها من أمها. فأتوا علياً [رضي الله عنه] فأرسل إلى شريح فأتاه فقال: كيف قضيت بين هؤلاء؟ فأخبره بالذي كان، فقال: ما حملك على ذلك؟ 6
__________
1 هو هشيم بن بشير.
2 هو أوس بن ثابت الأنصاري، والد أبي زيد النحوي، روى عن حكيم بن عقال القرشي. روى عنه شعبة وحماد بن سلمة. قال ابن أبي حاتم الرازي: سمعت أبي يقول ذلك، وروى إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: أوس بن ثابت الأنصاري ثقة. الجرح والتعديل 2/305.
3 في العمرية بلفظ "قال قدمت البصرة".
4 هو حكيم بن عقال القرشي، مكي، روى عن عائشة، وابن عمر. روى عنه عطاء بن أبي رباح، وحميد بن هلال، وقتادة والريان. الجرح والتعديل 3/206.
5 في العمرية بحذف لفظ "أخوها".
6 في الظاهرية بلفظ "قال"بحذف الفاء.(8/4184)
قال: قول الله [عز وجل] في كتابه {وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} 1
قال: أفلا أعطيت الزوج فريضته في كتاب الله [عز وجل] النصف، وأعطيت الأخ فريضته في كتاب الله [عز وجل] السدس، وجعلت ما بقى بينهما؟ 2
قلت: ما تقول أنت؟
قال: أقول بقول علي [رضي الله عنه] . 3
__________
1 سورة الأنفال الآية (75) ، والأحزاب الآية (6) .
2 الأثر رواه بهذا الإسناد سعيد بن منصور في سننه ص83، كتاب الفرائض، باب ما جاء في ابني عم أحدهما أخ لأم برقم 130.
[] والبيهقي في السنن الكبرى 6/239-240، كتاب الفرائض، باب ميراث ابني عم أحدهما زوج والأخر أخ لأم.
وصورة المسألة: أن رجلاً تزوج امرأة فأتت منه بابن، ثم تزوج أخرى، فأتت منه بآخر، ثم فارق الثانية، فتزوجها أخوه فأتت منه ببنت، فهي أخت الثاني لأمه، وابنة عمه. فتزوجت هذه البنت الابن الأول، وهو ابن عمها، ثم ماتت عن ابني عمها. فتح الباري 12/27.
3 قال في الفروع: وابنا عم أحدهما زوج، أو أخ لأم له فرضه، والبقية لهما. الفروع 5/13.
وقال في الكافي: وإن كانوا ثلاثة كبني عم، أحدهم زوج، والآخر أخ لأم، فللزوج النصف، وللأخ السدس، والباقي بينهم أثلاثاً.
الكافي 2/546، وراجع المغني 6/188، مطالب أولي النهي 4/562.(8/4185)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2987-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن الأعمش قال: كان ابن مسعود 2 رضي الله عنه يقول في ابنة، وابنة ابن، وابن ابن، 3 وفي أخت لأب وأم، وأخت لأب، وإخوة لأب 4، إن ابن مسعود [رضي الله عنه] كان يقول لهذه النصف ثم ينظر، فإن كان إذا قاسم بها الذكورة أصابها أكثر من السدس، لم يزدها على السدس.
وإن أصابها أقل من السدس، قاسم بمالم يلزمها الضرر، وكان غيره من أصحاب محمد صلى الله عليه [وسلم] يقولون: 5 لهذه
__________
1 نقل العيني قول الإمام إسحاق رحمه الله في عمدة القاريء 23/246.
2 الأثر بهذا الإسناد ضعيف لانقطاعه، فإن الأعمش لم يدرك ابن مسعود رضي الله عنه، ولم يذكر من حدثه عنه.
3 في العمرية بلفظ "بني ابن".
4 في العمرية سقط لفظ "لأب".
5 في العمرية بلفظ "يقول".(8/4186)
النصف، وما بقى للذكر مثل حظ الأنثيين. 1
قلت: ما تقول أنت؟
قال: لا أقول به، ما بقي فبينهم. 2
__________
1 الأثر ذكره ابن أبي شيبة في المصنف 11/249 من طريق وكيع عنه بنحوه، كتاب الفرائض في ابنة، وابنة ابن، وبني ابن، وبني أخت لأب وأم، وأخ وأخوات لأب، برقم 11132، إلا أنه قال: " وإن أصابها أقل من السدس قاسم بما لم يلزمها الضرر."
وانظر قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في: سنن سعيد بن منصور ص 56، وسنن الدارمي 2/350، [] [] والمحلى 9/270-271، والمغني 6/173.
وتوضيح قوله في المسألة، أنه مات رجل وترك ابنة واحدة، وبنات ابن معهن ذكر، ينظر: فإن وقع لهن أكثر من السدس لم يعطين أكثر من السدس، أي أن لبنات الابن الأضرّ بهن من المقاسمة أو السدس، وبنى ذلك على أصله في أن بنت الابن لا يعصبها أخوها إذا استكمل البنات الثلثين.
وبناء على ذلك فقد قضى في بنت، وبنت ابن، وابن ابن، أن يعطي للبنت فرضها وهو النصف، وتقاسم بنت الابن أبناء الابن، لأن المقاسمة أضر بها من السدس.
[] موسوعة فقه عبد الله بن مسعود لمحمد رواس قلعة جي ص 71-72، وراجع المغني 6/173، والمحلى 9/271.
2 قال في المقنع: فإن كانت بنت، وبنات ابن، فللبنت النصف، ولبنات الابن واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين، إلا أن يكون معهن ذكر، فيعصبهن فيما بقي، للذكر مثل حظ الأنثيين.
المقنع 2/412، وراجع المغني 6/173، والمحرر 1/395، والفروع 5/10.(8/4187)
قال إسحاق: كما قال.
[2988-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا محمد بن جعفر 1 قال: حدثنا شعبة 2 عن عمرو بن مرة 3 عن إبراهيم 4 عن عبد الله [رضي الله عنه] أنه قال في رجل مات وترك أخته لأمه
__________
1 هو محمد بن جعفر المدني البصري المعروف بغندر - بضم معجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة وقد تضم -. ثقة صحيح الكتاب، إلا أن فيه غفلة.
قال ابن مهدي: كنا نستفيد من كتب غندر في حياة شعبة، وغندر في شعبة أثبت مني.
وقال ابن المبارك: إذا اختلف الناس في حديث شعبة ف، كتاب غندر حكم بينهم، مات في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومائة.
تهذيب التهذيب 9/92، وتقريب التهذيب ص 293، وتذكرة الحفاظ 1/300، والجرح والتعديل 7/221، وتاريخ بغداد 2/152.
2 هو شعبة بن الحجاج، إمام الجرح والتعديل.
3 هو عمرو بن مرة بن عبد الله بن طارق الجملي بفتح الجيم والميم، المرادي، أبو عبد الله الكوفي الأعمى. ثقة عابد كان لا يدلس، ورمي بالإرجاء. مات سنة ثماني عشرة ومائة، وقيل قبلها.
تهذيب التهذيب 8/102، وتقريب التهذيب ص 262، وتذكرة الحفاظ 1/121، وطبقات الحفاظ ص 53، وخلاصة تذهيب الكمال 293.
4 هو إبراهيم بن يزيد النخعي.
وإسناده ضعيف لانقطاعه، لأن إبراهيم النخعي لم يدرك ابن مسعود رضي الله عنه.(8/4188)
وأبيه، وإخوته وأخواته لأبيه.
قال: للأخت 1 للأب والأم النصف، وللأخوات من الأب السدس، وما [ع-167/أ] بقي فللإخوة من الأب.
وإن ترك ابنته، وبني ابنه ذكوراً وإناثاً؟
قال: لابنته النصف، ولبنات ابنه السدس، وما بقي للذكور. 2
وقال مسروق: للأخت من الأب والأم النصف، وما بقي فبين الإخوة والأخوات، للذكر مثل حظ الأنثيين.
وفي الفريضة الأخرى مثل ذلك.
__________
1 في العمرية بلفظ "للأخت من الأب والأم".
2 في العمرية بلفظ "للذكورة".
ذكر البيهقي بإسناده عن إبراهيم الشعبي - في - أخت لأب وأم النصف، وما بقي للأخوات والأخ من الأب، للذكر مثل حظ النثيين.
وفي قول عبد الله: للأخت من الأب والأم النصف، وللأخوات من الأب السدس تكملة الثلثين، وما بقي للأخ من الأب.
أختان لأب وأم، وأخ، وأخت لأب، في قول علي وزيد، للأختين من الأب والأم الثلثان، وما بقي بين الأخت والأخ، للذكر مثل حظ الأنثيين.
وفي قول عبد الله: للأختين للأب والأم الثلثان، وما بقي للذكر دون الأنثى، لأنه لم يكن يرى أن يزيد الأخوات على الثلثين. السنن الكبرى للبيهقي 6/237، كتاب الفرائض، باب ميراث الإخوة والأخوات لأب وأم أو لأب.(8/4189)
فقيل لمسروق: إن عبد الله يقول غير هذا؟
فقال: هكذا صنع 1 الناس. 2
قلت: ما تقول أنت؟
قال: بقول زيد بن ثابت 3
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 في العمرية بلفظ "يصنع".
2 عن إبراهيم عن مسروق قال: كان يأخذ بقول عبد الله في أخوات لأم وأب، وإخوة أو أخوات لأب، يجعل ما بقي على الثلثين للذكور دون الإناث، فخرج خرجة إلى المدينة قال: فجاء وهو يرى أن يشرك بينهم، قال: فقال له علقمة: ما ردك عن قول عبد الله؟ ألقيت أحداً هو أثبت في نفسك منه؟ قال: فقال: لا. ولكن لقيت زيد بن ثابت فوجدته من الراسخين في العلم.
مصنف ابن أبي شيبة 11/247 وما بعده، كتاب الفرائض، في رجل مات وترك أختيه لأبيه وأمه وإخوة وأخوات لأب أو ترك ابنته وبنات ابنه وابن ابنه.
وسعيد بن منصور في سننه ص 57 ميراث امرأة وأبوين وزوج وأبوين برقم 19.
3 ذكر قول زيد رضي الله عنه ضمن التعليق على هذه المسألة.
قال الخرقي: فإن كانت أخت واحدة لأب وأم، وأخوات لأب، فللأخت للأب والأم النصف، وللأخوات من الأب واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين، إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين. مختصر الخرقي ص 118، وراجع المغني 6/114، ومطالب أولي النهي 4/557.(8/4190)
[2989-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا عبد الرحمن 1 قال: حدثنا سفيان 2 عن معبد بن خالد 3 عن مسروق 4 عن عبد الله في بنات، وبنات ابن، وبني ابن، وأخوات لأب وأم، وإخوة، 5 وأخوات لأب، أنه كان لا يشرك، وكانت عائشة [رضي الله عنها] تشرك. 6
__________
1 هو عبد الرحمن بن مهدي.
2 هو سفيان الثوري.
3 هو معبد بن خالد بن مُرَيْن براء مصغرا الجدلي، بجيم ومهملة مفتوحتين، ثقة عابد. مات سنة ثماني عشرة ومائة.
تهذيب التهذيب 10/221، وتقريب التقريب ص: 342.
4 إسناده صحيح، رجاله ثقات.
5 في العمرية بلفظ "وأخوات وإخوة لأب".
6 والأثر ذكره ابن أبي شيبة عن ابن مسعود، أنه كان يجعل للأخوات والبنات الثلثين، ويجعل ما بقي للذكور دون الإناث، وإن عائشة شركت بينهم، فجعلت ما بقي بعد الثلثين للذكر مثل حظ الأنثيين.
مصنف ابن أبي شيبة 11/246 وما بعده، كتاب الفرائض، رجل مات وترك أختيه لأبيه وأمه وإخوة وأخوات لأب، أو ترك ابنته وبنات ابنه، وابن ابنه، برقم الأثر 11126، واللفظ له.
والطحاوي في شرح معني الآثار 4/394، كتاب الفرائض، باب الرجل يموت ويترك: بنتاً وعصبة سواها.
والبيهقي في السنن الكبرى 6/230، كتاب الفرائض، باب ميراث أولاد الابن.
[] وعبد الرزاق في مصنفه 10/251-252، كتاب الفرائض برقم 19012.
والدارمي في سننه 2/350، كتاب الفرائض، باب في الإخوة والأخوات والولد وولد الولد.(8/4191)
قال سفيان: يعني 1 أن علياً [رضي الله عنه] كان يشرك.
قلت: ما تقول أنت؟.
قال: بقول عائشة، وهو قول علي وزيد بن ثابت [رضي الله عنهم] . 2
قال إسحاق: الشركة أحب إلي [ظ-95/أ] .
[2990-] حدثنا أحمد عن عبد الرحمن حدثنا أبو شهاب 3 عن الحسن بن عمرو 4 عن الحكم عن علي [رضي الله عنه] في ابنتين، وأبوين، وامرأة.
__________
1 في العمرية بلفظ "وبلغني".
2 سبق وأن ذكر تفصيل قول علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت رضي الله عنهما واختلافهم مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في المسألة السابقة.
3 هو عبد ربه بن نافع الكناني الحناط، بمهملة ونون نزيل المدائن أبو شهاب الأصغر صدوق يهم. مات سنة إحدى أو اثنتين وسبعين ومائة.
تهذيب التهذيب 6/128، وتقريب التهذيب ص 198.
4 هو الحسن بن عمرو الفقي، بضم الفاء وفتح القاف الكوفي، ثقة ثبت. مات سنة اثنتين وأربعين ومائة.
تهذيب التهذيب 2/310، وتقريب التهذيب ص 71.(8/4192)
قال: صار ثمنها تسعاً. 1
قلت: ما تقول تعول 2 الفريضة؟
قال: نعم. 3
__________
1 والأثر ذكره ابن أبي شيبة، عن وكيع عن سفيان عن رجل لم يسمه قال: ما رأيت رجلاً كان أحسب من علي، سئل عن ابنتين وأبوين وامرأة فقال: صار ثمنها تسعاً.
مصنف ابن أبي شيبة 11/288، كتاب الفرائض في ابنتين وأبوين وامرأة، برقم: 11249.
وسعيد بن منصور في سننه ص: 61، باب في العول، من طريق سفيان عن أبي إسحاق به.
وذكر عبد الرزاق في مصنفه 10/258 بلفظ: "بلغنا عن علي".
والبيهقي في سننه 6/253، كتاب الفرائض، من طريق يحي بن آدم عن شريك عن أبي إسحاق.
وانظر قول الإمام علي رضي الله عنه في المسألة في: المحلى 9/263، والمغني 6/193.
وأصل المسألة من أربعة وعشرين، فأعالها علي رضي الله عنه إلى سبعة وعشرين، وقد كان فيها نصيب الزوجة ثلاثة من أربعة وعشرين، وهو الثمن، فأصبح نصيبها بعد العول ثلاثة من سبعة وعشرين وهو التسع.
موسوعة فقه علي رضي الله عنه ص 73، والمغني 6/193.
2 العول في الاصطلاح: زيادة في السهام، ونقصان في أنصباء الورثة.
انظر: كشف القناع 4/431، والمغني 6/190.
3 انظر: الكافي 2/542، والإنصاف 7/320، والمغني 6/193.
والجمهور يقولون بالعول، وخالفهم ابن عباس رضي الله عنه. انظر الميراث في الشريعة الإسلامية ص 235.
وهذه المسألة مما انفردت بها النسخة العمرية.(8/4193)
قال إسحاق: كما قال.
[2991-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان، 1 عن سلمة 2 عن أبي صادق 3 قال: جاء رجل إلى علي [رضي الله عنه] فقال: أفتني.
فقال: عم 4 تسأل؟
فقال: عن امرأة ماتت وتركت: ابنتها وأمها مملوكة.
قال: وهل يحيط السدس برقبتها؟
__________
1 سفيان: هو الثوري.
2 هو سلمة بن كهيل بن حصين الحضرمي، أبو يحيى الكوفي، ثقة قال يحيى بن سلمة ابن كهيل: ولد أبي سنة سبع وأربعين ومات يوم عاشوراء سنة إحدى وعشرين ومائة.
تهذيب التهذيب 4/155، وتقريب التهذيب 131.
3 أبو صادق الأزدي: من أزد شنؤه، قيل اسمه مسلم بن يزيد، وقيل عبد الله بن ناجد، صدوق، وحديثه عن علي رضي الله عنه مرسل.
تهذيب التهديب 12/130، وتقريب التهذيب ص 411.
وإسناد الأثر ضعيف، لانقطاعه، لأن أبا صادق لم يسمع من علي رضي الله عنه.
4 في الظاهرية بلفظ "عما".(8/4194)
فقال: لا.
فقال: 1 أعفني عنها سائر اليوم، 2 فأتي عن يمينه فقال ذلك، ومن يساره فقال مثل ذلك.
قلت: ما تفسير هذا؟
قال: كأنه يقول تشترى وتعتق، ثم كأنه كاع 3 عنها.
قال إسحاق: تشترى وتعتق وتورث. 4
[2992-] قلت لأحمد: 5 المملوكون وأهل الكتاب [والقاتل] والمكاتب لا يحجبون ولا يورثون؟ 6
قال: كل من لم يرث لم يحجب.
__________
1 في العمرية بحذف "فقال".
2 الأثر رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 11/271، كتاب الفرائض، باب في المملوك، وأهل الكتاب من قال: لا يحجبون ولا يورثون برقم 11196، من بداية الأثر إلى موضع الرقم (3) .
3 كاع يكيع عن الشيء إذا هابه وجبن عنه. ترتيب اللسان مادة "كوع". ولسان العرب 8/317.
4 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في الأوسط 3/137.
5 في العمرية بحذف "لأحمد".
6 في الظاهرية بلفظ "ولايرثون".(8/4195)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2993-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن فراس عن الشعبي: 2 في زوج، وإخوة لأم، وابن مملوك.
قال: قضى فيها علي وزيد بن ثابت [رضي الله عنهما] أن للزوج النصف، وللإخوة للأم الثلث، وللعصبة ما بقي.
[وقضى فيها عبد الله رضي الله عنه: أن للزوج الربع، وللعصبة ما بقي] ، وفي امرأة تركت أمها مسلمة ولها إخوة كفاراً ومملوكين.
قال: قضى فيها علي وزيد بن ثابت رضي الله عنهما لأمها الثلث، وما بقي فلعصبتها.
قال: وكانا لا يورثان كافراً، ولا مملوكاً من مسلم، ولا يحجبان به. 3
[وقضى فيها عبد الله رضي الله عنه: أن للأم السدس ولعصبتها
__________
1 سبق تحقيق مثل هذه المسألة برقم: (2971) .
2 إسناده صحيح رجاله ثقات، وقد تقدم مثل هذا الإسناد في المسألة رقم: (2979) .
وترجم لرِجاله هناك.
3 في الظاهرية بإضافة "ولا يورثهم"بعد به.(8/4196)
ما بقي، وكان يحجبهم] ولا يورثهم. 1
قلت لأحمد 2: بقول علي وزيد تقول؟ 3
قال: نعم.
__________
1 ذكر ابن أبي شيبة بإسناده قال: قال إبراهيم: في امرأة تركت زوجها إخوتها لأمها أحراراً، ولها ابن مملوك، فلزوجها النصف ثلاثة أسهم، ولإخوتها لأمها الثلث سهمان، ويبقى السدس فهو للعصبية، ولا يرث ابنها المملوك شيئاً في قضاء علي. وقضى فيها عبد الله: أن لزوجها الربع سهم ونصف، وأن ابنها يحجب الإخوة من الأم إذا كان مملوكاً، ولا يرث ابنها شيئاً، ويحجب الزوج، وأن الثلاثة أرباع الباقية للعصبة.
وقضى فيها زيد: أن لزوجها النصف ثلاثة أسهم، وأن لإخوتها لأمها الثلث سهمان، وما بقي فهو في بيت المال، إذا لم يكن ولاء ولا رحم.
[] مصنف ابن أبي شيبة 11/281-282، كتاب الفرائض في امرأة تركت زوجها وإخوتها لأمها أحراراً، ولها ابن مملوك برقم 11235.
2 في العمرية بحذف "لأحمد".
3 وعن زائدة عن إبراهيم عن علي وزيد في المملوكين والمشركين، قال: لايحجبون ولا يرثون.
مصنف ابن أبي شيبة 11/171، كتاب الفرائض وأهل الكتاب من قال لا يحجبون ولا يرثون، برقم 11200.
وعبد الرزاق في مصنفه 10/279، كتاب الفرائض، باب من لا يحجب، برقم 19103.(8/4197)
قال إسحاق: كما قال. 1
[2994-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا همام 2 عن قتادة 3 عن الحسن 4 عن عمران بن الحصين [رضي الله عنهما] 5 قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن ابن ابني 6 مات 7 فما لي من ميراثه؟
__________
1 سبق توثيق قول الإمام أحمد وإسحاق رحمهما الله في المسألة: (2971) .
2 هو همام بن يحيى بن دينار العوذي، بفتح المهملة وسكون الواو وكسر المعجمة، أبو عبد الله، أبو بكر البصري. ثقة ربما وهم، مات سنة أربع أو خمس وستين ومائة.
تهذيب التهذيب 11/67، وتقريب التهذيب ص 365، زتذكرة الحفاظ 1/201، وطبقات الحفاظ ص 93، وشذرات الذهب 1/258، وخلاصة تذهيب الكمال ص: 411.
3 هو قتادة بن دعامة السدوسي.
4 هو الحسن بن أبي الحسن البصري.
5 رجال الإسناد ثقات، إلا أنه منقطع، لأن الحسن لم يسمع من عمران، قال علي بن المديني وأبو حاتم الرازي وغيرهما: إن الحسن لم يسمع من عمران بن حصين.
مختصر سنن أبي داود 4/168، والمراسيل ص 38.
6 في العمرية "ابني" ساقطة.
7 في العمرية "مات" ساقطة.(8/4198)
قال: "لك السدس". فلمّا ولّى دعاه قال: "لك سدس آخر"، فلما ولّى دعاه قال: "إن السدس الآخر لك طعمة." 1
__________
1 والحديث ذكره بهذا الإسناد: الترمذي في سننه 4/419، كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الجد، حديث رقم 2099.
وأبو داود في سننه 3/122، كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الجد، حديث رقم 2896.
[] والإمام أحمد في مسنده 4/429-436.
والبيهقي في السنن الكبرى 6/244، كتاب الفرائض جماع أبواب الجد، باب ميراث الجد.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وفي ال، باب عن معقل بن يسار. سنن الترمذي 4/419.
قال المباركفوري: قوله: "فقال إن ابن ابني مات فما لي من ميراثه" أي وله بنتان ولهما الثلثان، وكان معلوماً عندهم. قال: لك السدس - أي بالفريضة- فقال: لك سدس آخر - أي بالعصوبة.
"قال: إن السدس الآخر" قال في شرح المشكاة بكسر الخاء، وفي نسخة من المشكاة بالفتح. والمراد به الآخر بالكسر.
"لك طعمة" أي: رزق لك بسبب عدم كثرة أصحاب الفروض وليس بفرض لك، فإنهم إن كثروا لم يبق هذا السدس الأخير لك.
قال الطيبي: صورة هذه المسألة: أن الميت ترك بنتين وهذا السائل، فلهما الثلثان، فبقي الثلث. فدفع عليه الصلاة والسلام إلى السائل السدس بالفرض، لأنه جد الميت، وتركه حتى ذهب فدعاه، ودفع إليه السدس الأخير، كيلا يظن أن فرضه الثلث.
ومعنى "الطعمة" هنا التعصيب، أي: رزق لك ليس بفرض، وإنما قال في السدس الآخر دون الأول، لأنه فرض.
والفرض لا يتغير بخلاف التعصيب، فلما لم يكن التعصيب شيئاً مستقراً أسماه - طعمة-. تحفة الأحوذي 6/276.(8/4199)
قلت لأحمد: ما تفسير هذا؟
قال: ما ترى هو أمر مظلم.
[حدثنا إسحاق بن منصور 1 ثنا يزيد، 2 وعبد الصمد 3 نحوه] 4 قال إسحاق بن إبراهيم: لا.
إنما قوله صلى الله عليه وسلم: "طعمة"، يقول: إذا أخذت فريضتك فقد استفيت حقك فما فضل فلبيت المال، فما كان لبيت المال فلنا أن نعطي من رأينا.
[2995-] حدثا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا
__________
1 هو إسحاق بن منصور بن بهران الكوسج. راوي المسائل.
2 هو يزيد بن هارون بن زاذان السلمي.
3 هو عبد الصمد بن عبد الوارث.
4 ما بين القوسين ساقط من النسخة الظاهرية.(8/4200)
ابن أبي خالد 1 عن الشعبي أن علياً [رضي الله عنه] أتى في ستة إخوة، وجد، فأعطاه السدس. 2
قلت لأحمد 3 قول علي [رضي الله عنه] : فإن كانوا ثلاثة إخوة أو أخوين أو أربعة إخوة. 4
قال: يقاسمهم. 5
__________
1 هو إسماعيل ابن أبي خالد البجلي الأحمسي أبو عبد الله الكوفي.
قال الثوري: حفاظ الناس ثلاثة: إسماعيل بن أبي خالد، وعبد الملك بن أبي سليمان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وإسماعيل أعلم الناس بالشعبي وأثبتهم فيه. قال في التقريب: ثقة ثبت.
تهذيب التهذيب 1/291، وتقريب التهذيب ص 33، وتذكرة الحفاظ 1/153، وطبقات الحفاظ ص 73، وخلاصة تذهيب الكمال ص: 33.
إسناده صحيح.
2 والأثر ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه 11/293، كتاب الفرائض إذا ترك إخوة وجداً، واختلافهم فيه برقم 11268.
والدارمي في سننه 2/355، كتاب الفرائض، باب قول علي في الجد.
3 في العمرية بحذف "لأحمد".
4 في الظاهرية "إخوة" ساقط.
5 ومذهب الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في مقاسمة الجد والإخوة ذكره البيهقي بإسناده، عن إبراهيم: أن علياً رضي الله عنه كان يشرك الجد مع الإخوة إلى ستة هو سادسهم، فإذا أكثروا أعطاه السدس، ويعطي كل صاحب فريضة فريضته، ولا يورث أخاً لأم، ولا أختاً مع الجد، ولا يقاسم بأخ لأب أخاً لأب وأم، ولا يزيد الجد مع الولد على السدس، إلا أن يكون غيره.
وإذا كانت أخت لأب وأم، وأخ لأب وجد، أعطى الأخت النصف، وجعل النصف بين الجد والأخ.
وإذا كانت أخت لأب وأم، وأخ وأخت لأب، وجد، جعلها من عشرة: للأخت من الأب والأم النصف خمسة أسهم، وللجد سهمان، وللأخ للأب سهمان، وللأخت للأب سهم.
السنن الكبرى للبيهقي 6/249، كتاب الفرائض، باب كيفية المقاسمة بين الجد والإخوة.
وراجع سنن الدارمي 2/355، كتاب الفرائض، باب قول علي في الجد.
وانظر قول الإمام علي رضي الله عنه في كيفية مقاسمة الجد والإخوة. المغني 6/217، وفتح الباري 12/20، وعمدة(8/4201)
القاريء 23/240، وموسوعة فقه علي بن أبي طالب ص: 52.
قال عبد الله بن الإمام أحمد -رحمهما الله-: سألت أبي عن الجد ما يقول فيه؟ قال: فيه اختلاف. أقول: قول زيد بن ثابت، وليس الجد أباً. مسائل عبد الله ص 400 برقم: 439.
قال إسحاق: الذي نختار: [ع-167/ب] أن يكون أبا هو أقوى في الاتباع والتقليد، 1 والنظر في
__________
1 التقليد في الشرع: الرجوع إلى قول لا حجة لقائله.
والاتباع: ما ثبت عليه الحجة.
وعرف التقليد: بأن كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله بدليل يوجب ذلك، فأنت مقلده، وكل من أوجب الدليل عليك اتباع قوله فأنت متبعه. الدين الخالص 4/286.(8/4202)
المذاهب. 1
[2996-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي 2 قال: حدثنا خالد 3 عن محمد 4 في رجل أعتق عبداً
__________
1 قال ابن المنذر: إن عثمان بن عفان، وعبد الله بن عباس قالا: الجد بمنزلة الأب، وبه قال قتادة، وإسحاق بن راهوية، وأبو ثور، ونعيم بن حماد. الأوسط 3/131.
وانظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: شرح السنة للبغوي 8/343، وفتح الباري 12/20، وعمدة القاريء 23/241، وتفسير القرطبي 5/68، والمغني 6/215.
2 أبو محمد البصري، ثقة.
3 هو خالد بن مهران، أبو المنازل بفتح الميم وقيل بضمها وكسر الزاي، البصري، الحذاء بفتح المهملة وتشديد الذال المعجمة. قيل له ذلك، لأنه يجلس عندهم، وقيل: لأنه كان يقول احذ على هذا النحو، وهو ثقة يرسل. وقد أشار حماد ابن زيد إلى أن حفظه تغير لما قدم الشام، وعاب عليه بعضهم دخوله في عمل السلطان. توفي سنة إحدى أو اثنتين وأربعين ومائة.
تهذيب التهذيب 3/120، وتقريب التهذيب ص 90، وتذكرة الحفاظ 1/149، وطبقات الحفاظ ص 71، وخلاصة تذهيب الكمال ص 103.
إسناده صحيح.
4 هو محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر بن أبي عمرة البصري، ثقة ثبت.(8/4203)
له نصرانياً ثم مات، فلا يرثه. 1
قلت: ما تقول أنت؟
قال: لم لا يرثه؟ إنما هذا ولي من الرق. 2
قال إسحاق: كما قال.
[2997-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا محمد بن جعفر 3 قال: حدثنا سعيد 4 عن قتادة عن رجاء بن
__________
1 قال ابن حجر: ومذهب العلماء أن العبد النصراني إذا مات فمالُه لسيده بالرق، لأن ملك العبد غير صحيح، ولا مستقر، فهو مال السيد يستحقه لا بطريق الميراث، وإنما يستحق بطريق الميراث ما يكون ملكاً مستقراً لمن يورث عنه. وعن ابن سيرين ماله لبيت المال ليس للسيد فيه شيء، لاختلاف دينهما.
فتح الباري 12/35، وراجع عمدة القاريء 23/261.
2 للإمام أحمد رحمه الله في إرث السيد مولاه مع اختلاف الدين روايتان:
إحداهما: يرث السيد مولاه مع اختلاف الدين بالولاء.
وهو المذهب. جزم به الخرقي.
والثانية: لا يرث السيد مولاه بالولاء مع اختلاف الدين.
[] انظر المغني 6/319، والإنصاف 7/383-384، وراجع كشاف القناع 4/499، والعذب الفائض 2/105، ومختصر الخرقي ص 127.
3 هو محمد بن جعفر المعروف بغندر.
4 هو سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم، أبو النضر البصري، ثقة حافظ له تصانيف، لكنه كثير التدليس، واختلط وكان من أثبت الناس في قتادة. مات سنة ست، وقيل سبع وخمسين ومائة.
تهذيب التهذيب 4/63، وتقريب التهذيب ص 124، وتذكرة الحفاظ 1/177، وطبقات الحفاظ ص 85، والكواكب النيرات ص 190، وطبقات المدلسين ص: 31.(8/4204)
حيوة 1 عن قبيصة بن ذؤيب: 2 أن عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] كتب: أن يورث 3 الأعلى من الأسفل.
فقلنا لقتادة: كيف هذا؟
__________
1 هو رجاء بن حيوة بفتح المهملة، وسكون التحتانية، الكندي، أبو المقدام، ويقال أبو النضر الفلسطيني، ثقة فقيه، مات سنة اثنتي عشرة ومائة.
تهذيب التهذيب 3/265، وتقريب التهذيب ص 102، وتذكرة الحفاظ 1/118، وطبقات الحفاظ ص 52، وشذرات الذهب 1/115، وخلاصة تذهيب الكمال ص: 117.
2 قبيصة بن ذؤيب بالمعجمة مصغراً بن حلحلة بمهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة، الخزاعي أبو سعيد، أو أبو إسحاق المدني، نزيل دمشق، من أولاد الصحابة، وله رؤية. مات سنة بضع وثمانين.
تهذيب التهذيب 8/346، وتقريب التهذيب ص 281, وتذكرة الحفاظ 1/60، وشذرات الذهب 1/98، وطبقات الحفاظ ص 28.
ورجال الإسناد ثقات، وصحته تتوقف على ثبوت سماع قبيصة من عمر رضي الله عنه، لأنه يقال لم يسمع منه، كما في ترجمة قيبصة في تهذيب التهذيب 8/346.
وساق البيهقي إسناد الأثر في السنن الكبرى 6/222، ووصفه بأنه منقطع.
3 في الظاهرية "أن لا يورث".(8/4205)
قال: كان بالشام طاعون فكان الرجل يؤخذ وأصابعه على الآخر فيرى أنه مات قبله، وإن لم يوجد كذلك ورث بعضهم من بعض. 1
[هذا قول عمر عليه السلام ورث بعضهم من بعض] .
[2998-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن 2 أنه قال: يرث كل إنسان وارثه. 3
__________
1 الأثر ذكره ابن أبي شيبة في المصنف 11/344 في، كتاب الفرائض، الغرقى من كان يورث بعضهم من بعض برقم 11392.
2 رجال الأثر ثقات.
3 ومعنى يرث كل إنسان وارثه أي: من الأحياء، فإذا مات اثنان ولم يعلم أيهما مات أولاً: فلا استحقاق لأحدهما في تركة الآخر، سواء كان موتهما في حادث واحد أم لا. أحكام التركات ص 97.
نقل ابن قدامة عن الحسن قولاً يخالف قوله هنا فقال: إنه يقول: يرث بعضهم من بعض، وكذلك نقل عنه ابن المنذر في الأوسط.
وروي عن أبي بكر الصديق وزيد وابن عباس ومعاذ والحسن بن علي رضي الله عنهم أنهم لم يورثوا بعضهم من بعض وجعلوا ما لكل واحد للأحياء من ورثته.
المغني 6/38، والأوسط 3/141.(8/4206)
قلت: ما تفسير 1 [هذا] ؟
قال يقول: لا يرث بعضهم من بعض.
قلت: 2 كذلك تقول؟
قال: لا. أورث بعضهم من بعض ولا يقاد عليهم. 3
__________
1 في الظاهرية بلفظ "تفسيره".
2 من موضع الرقم حتى نهاية المسألة انفرد "ت" بنقله النسخة الظاهرية، وسقط من العمرية.
3 نقل نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله أبو داود.
قال: قلت لأحمد: الغرقى يورث بعضهم من بعض؟
قال أكثر الأحاديث عليه، ولا نعلم بين أهل الكوفة فيه اختلافاً حتى جاء أبو حنيفة فقاله.
مسائل أبي داود ص 318، وراجع مسائل ابن هاني 2/65.
قال الخرقي: إذا غرق المتوارثان أو ماتا تحت هدم فجهل أولهما موتاً، ورث بعضهم من بعض. مختصر الخرقي 127.
قال المرداوي: فإن جهلوا السابق، ولم يختلفوا فيه، فالصحيح من المذاهب أن كل واحد من الموتى يرث صاحبه من تلاد ماله، دون ما ورثه من الميت لئلا يدخله الدور. نص عليه.
الإنصاف 7/345، وراجع المغني 6/308، والفروع 5/43، والمبدع 6/227، والكافي 2/548، والعذب الفائض 2/96، وكشاف القناع 4/474، والقواعد لابن رجب ص 240.(8/4207)
قال إسحاق: كما قال أحمد سواء. 1
[2999-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا جرير 2 عن مغيرة 3 عن الشعبي قال: إذا شهد رجلان، أو رجل وامرأتان من الورثة بدين على الميت جاز عليهم كلهم. 4
قلت لأحمد: 5 تقول بهذا أنت؟
قال: إذا شهدوا.
قال أحمد: والشهادة مخالفة للإقرار. وإذا كان إقرار منهم جاز
__________
1 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق رحمه الله فقال: وممن رأى أن يورث بعضهم من بعض: عطاء بن أبي رباح وشريح والحسن, وعبد الله بن عتبة، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وشريك ويحيى بن آدم، وبه قال أحمد وإسحاق، وحكى عن أحمد أنه احتج بحديث إياس بن عبيد أنه قال في قوم سقط عليهم البيت: إنه يرث بعضهم بعضاً.
الأوسط 3/141، وراجع قول الإمام إسحاق في المغني 6/308.
2 هو جرير بن عبد الحميد.
3 هو مغيرة بن مقسم.
4 الأثر ذكره سعيد بن منصور عن الشعبي قال: إذا شهد شاهدان، أو رجل وامرأتان من الورثة بدين على الميت جاز على جميع الورثة.
سنن سعيد بن منصور ص 125، باب الإقرار والإنكار برقم 321.
5 في العمرية بحذف "لأحمد".(8/4208)
عليهم بقدر حصتهم، إلا أن يشهدوا.
قال إسحاق: كما قال. 1
[3000-] حدثنا إسحاق قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حبيب بن أبي حبيب 2 عن عمرو بن هرم 3 عن جابر بن زيد 4 أن عليّاً 5 [عليه السلام] قضى في مولى قتل خطأ ليس له وارث، وله أم وأخت مملوكتان، فقضى بدية المملوك 6 كاملاً ثم أمر أن تشترى أمه وأخته شراء من ديته فيعتقان، ثم يقسم ما بقي من ديته بينهما على خمسة أخماس: لأمه خمسان، ولأخته ثلاثة أخماس وذلك لأن لأمه في الفريضة الثلث،
__________
1 سبق توثيق قول الإمامين أحمد وإسحاق رحمهما الله في المسألة رقم: (2920) .
2 هو حبيب بن أبي حبيب الجرمي البصري الأنماطي، اسم أبيه يزيد صدوق يخطىء، مات سنة اثنتين وستين ومائة.
تهذيب التهذيب 2/180، وتقريب التهذيب ص 63.
3 هو عمرو بن هرم الأزدي البصري، ثقة. مات قبل قتادة.
تهذيب التهذيب 8/113، وتقريب التهذيب ص 263.
4 وإسناده ضعيف، لأن حبيب بن أبي حبيب لا يحتج به عند انفراده فإن وجد له متابع يكون حسناً.
5 في الظاهرية "أن رجلا".
6 في العمرية بلفظ "المقتول".(8/4209)
ولأخته النصف، ثم يقسم السدس الباقي على فريضتهما. 1
قلت لأحمد: ما ترى أنت في هذه؟
قال: لا تشتري، قد وجب الميراث لقوم آخرين.
قال إسحاق: كما قال [ظ-95/ب] 2 [علي عليه السلام] .
[3001-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا وكيع قال: قال سفيان: 3 في مجوسي تزوج ابنته فأصاب ابنتين، ثم ماتت إحداهما بعد ما مات الأب.
قال: لأختها لأبيها وأمها النصف، ولأمها السدس حجبت نفسها بنفسها.
ولأختها لأبيها، وهي أمها السدس تكملة الثلثين. 4
قلت لأحمد5: كيف تورث المجوسي؟
__________
1 ذكر ابن المنذر الأثر عن علي رضي الله عنه بهذا الإسناد في كتابه الأوسط 3/137.
2 انظر قول الإمامين أحمد وإسحاق في المرجع السابق.
3 إسناده صحيح.
[4] الأثر بهذا الإسناد ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه 11/366-367، كتاب الفرائض، في رجل تزوج ابنته فأولدها، برقم 11472.
5 في العمرية بحذف "لأحمد".(8/4210)
قال: من وجهين. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[3002-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا إسماعيل 3 عن
__________
1 قال ابن قدامة في المجوسي يتزوج ابنته، فإن كان المجوسي أولد بنتين ثم مات وماتت الكبرى بعده، فقد تركت بنتين هما أختان لأب، وإن لم تمت الكبرى بل ماتت إحدى الصغيرتين فقد تركت أختاً لأبوين وأماً هي أخت لأب، فلأمها السدس بكونها أماً، والسدس بكونها أختاً لأب، وانحجبت بنفسها وأختها عن السدس، وللأخت النصف. المغني 6/306.
وللإمام أحمد رحمه الله في كيفية توريث المجوس روايتان:
إحداهما: أنه إذا أسلم المجوس أو تحاكموا إلينا، ورثوا بجميع قراباتهم، هذا المذهب، وعليه الأصحاب.
والثانية: يرثون بأقواها، وهي ما يرث بها مع ما يسقط الأخرى، ذكرها حنبل، ومنعها أبو بكر.
الإنصاف 7/353، وراجع الكافي 2/557، والفروع 5/35، وكشاف القناع 4/479.
2 نقل ابن المنذر قول الإمام إسحاق وأحمد وسفيان الثوري في الأوسط 3/138.
3 هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم، أبو بشير البصري المعروف بابن علية وهي أمه، ثقة حافظ.
قال أبو داود: ما أحد من المحدثين إلا وقد أخطأ إلا ابن علية، وبشر بن المفضل.
وقال الإمام أحمد: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة. ولد سنة عشر ومائة، ومات ببغداد سنة ثلاث وتسعين ومائة، وهو ابن ثلاث وثمانين.
تهذيب التهذيب 1/275، وتقريب التهذيب ص 32، وتذكرة الحفاظ 1/322، وطبقات الحفاظ 139، وتاريخ بغداد 6/229، وطبقات الحنابلة 1/99.(8/4211)
داود 1 عن الشعبي عن شريح في ميراث الأسير 2 أن أحوج ما يكون إلى ميراثه وهو أسير. 3
__________
1 هو داود بن أبي هند القشيري مولاهم، واسمه دينار بن عذافر، بضم مهملة وخفة دال معجمة وكسر فاء، ويقال طهمان، أبو بكر، أو أبو محمد البصري. ثقة متقن كان يهم بآخره. مات سنة أربعين ومائة، وله خمس وسبعون سنة.
تهذيب التهذيب 3/204، وتقريب التهذيب ص 97، وتذكرة الحفاظ 1/146، وطبقات الحفاظ ص 69، وشذرات الذهب 1/208، وخلاصة تذهيب الكمال ص: 95.
رجاله ثقات.
2 لفظ "في ميراث الأسير"سقطت من العمرية.
3 والأثر عن القاضي شريح، ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه 11/380، كتاب الفرائض، في الرجل يأسره العدو فيموت له الميت أيرث منه شيئاً؟ برقم 11518، بلفظ أحوج ما يكون إلى ميراثه وهو أسير.
وذكره عبد الرزاق في مصنفه 10/308، كتاب الفرائض تحت عنوان من لا حليف له ولا عديد، وميراث الأسير برقم 19202.
والدارمي في سننه 2/386، كتاب الفرائض، باب ميراث الأسير إذا كان في أيدي العدو، عن الشعبي عن شريح به.
وذكره الإمام البخاري في صحيحه تعليقاً: وخرجه ابن حجر في فتح الباري 12/49 من طريق ابن أبي شيبة.
قال العيني نقلا عن ابن بطال: أكثر العلماء ذهبوا إلى أن الأسير إذا وجب له ميراث أنه يوقف له. هذا قول مالك والكوفيين، والشافعي والجمهور وذلك لأن الأسير إذا كان مسلماً، فهو داخل تحت عموم قوله: من ترك مالاً فلورثته المسلمين، وهو من جملة المسلمين الذين يجري عليهم أحكام المسلمين، ولا يتزوج امرأته، ولا يقسم ماله ما تحققت حياته وعلم مكانه. فإذا انقطع خبره، وجهل حاله، فهو مفقود، ويجري فيه أحكام المفقود. عمدة القاريء 23/359.(8/4212)
قلت: ما تقول أنت؟
قال: ما له لا يرث؟
قال إسحاق: كما قال. 1
[3003-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان 2 عن الشيباني 3 عن الشعبي عن شريح في ابنة أخ وعمة.
__________
1 سبق توثيق قول الإمامين أحمد وإسحاق -رحمهما الله تعالى- في المسألة: (2968) .
2 هو الثوري.
3 هو سليمان بن أبي سليمان أبو إسحاق الشيباني مولاهم الكوفي، واختلف في اسمه قيل فيروز، وقيل خاقان، وقيل عمر، وهو ثقة. مات في حدود الأربعين ومائة.
تهذيب التهذيب 4/197، وتقريب التهذيب ص 134، والكاشف 1/395.(8/4213)
قال: المال لابنة الأخ. 1
[حدثنا أحمد نا وكيع عن الحسن 2 عن الشيباني عن إبراهيم قال: المال للعمة. 3
قلت: ما تقول أنت؟
__________
1 والأثر ذكره ابن أبي شيبة في المصنف 11/278، كتاب الفرائض تحت عنوان: في ابنة أخ وعمة، لمن المال برقم 11226، من الطريق الموجود هنا.
والدارمي في سننه 2/380، كتاب الفرائض باب ذوي الأرحام، من طريق أبي شهاب وغيره عن الشيباني.
وسعيد بن منصور في سننه 1/90، باب العمة والخالة عن أبي عوانة، عن سليمان الشيباني.
2 الحسن بن صالح بن صالح بن حي، وهو حيان بن شفي بضم المعجمة والفاء مضمراً.
قال في المغني: بمضمومة، وفتح الفاء، وشدة ياء. الهمداني بسكون الميم، الثوري، ثقة فقيه عابد، رمي بالتشيع. مات سنة تسع وتسعين، وكان مولده سنة مائة.
وإسناد الثوري صحيح.
تهذيب التهذيب 2/285، وتقريب التهذيب ص 70، وتذكرة الحفاظ 1/216، وشذرات الذهب 1/262، وطبقات الحفاظ ص 98.
3 والأثر ذكره ابن أبي شيبة في المصنف 11/278، كتاب الفرائض تحت عنوان: في ابنة أخ وعمة لمن المال، بالسند الموجود في المسألة.
والدارمي في سننه 2/380، كتاب الفرائض، باب ميراث ذوي الأرحام.(8/4214)
قال: المال لابنة الأخ. 1
قال إسحاق: كما قال إبراهيم.] 2
[3004-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا هشيم 3 قال: أخبرنا مغيرة 4 عن شباك 5 عن إبراهيم 6 أنه قال: لا يرث ولد الزنى، إنما يرث من لا يقام على أبيه 7 الحد، أو يملك أمه بنكاح، أو شراء. 8
__________
1 نقل ابن هانيء النيسابوري نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله فقال: قيل له - أي الإمام أحمد - فإن ترك ابنة أخ وعمة؟
قال: المال لابنة الأخ.
مسائل ابن هانيء 2/67 برقم 1464، وراجع المغني 6/150.
2 هذه المسألة ساقطة من الظاهرية.
3 هو هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي.
4 هو المغيرة بن مقسم الضبي مولاهم، أبو هشام الكوفي.
5 شباك بكسر أوله ثم موحدة خفيفة، ثم كاف، الضبي الكوفي الأعمى، ثقة له ذكر في صحيح مسلم، وكان يدلس.
تهذيب التهذيب 4/302، وتقريب التهذيب ص 143.
6 هو النخعي.
إسناده ضعيف لأن مغيرة وشباكاً مدلسان ولم يصرحا بالسماع.
7 في العمرية بلفظ "أمه".
8 تم تصحيح الأثر من مصنف ابن أبي شيبة 11/365.
والأثر في النسختين بلفظ "لا يرث ولد الزنى، لا يرث من لم يقم على أبيه حد ولا على من لم يملك أمه بشراء ولا نكاح. "
والأثر ذكره ابن أبي شيبة في المصنف 11/365، كتاب الفرائض تحت عنوان: ولد الزنى يدعيه الرجل يقول هو أبي هل يرث برقم 1465، قال: "لا يرث ولد الزنى، إنما يرث من لا يقام على أبيه الحد، أو يملك أمه بنكاح أو شراء".
والدارمي في سننه 2/389، كتاب الفرائض "، باب في ميراث ولد الزنى، من طريق ابن أبي شيبة.(8/4215)
قلت: ما تقول أنت؟
قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر"1
[3005-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا يحيى بن آدم قال
__________
1 ونص الحديث عن محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر".
أخرجه البخاري في صحيحه برقم 6818 فتح الباري 12/127، كتاب الحدود، باب للعاهر الحجر.
ومسلم في صحيحه 2/1081، كتاب الرضاع، باب الولد للفراش وتوقي الشبهات برقم 1458، عن أبي هريرة به.
يرث الابن في الحالتين الموجودتين بالأثر، لأنه جاء من طريق مشروع، وهو موافق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "الولد للفراش وللعاهر الحجر"(8/4216)
حدثنا أبو بكر بن عياش 1 عن مطرف 2 [ع-168/أ] عن الشعبي عن مسروق في: أخت لأم، وابنة أخ لأب وأم.
قال: للأخت للأم السدس، ولابنة الأخ ما بقي. 3
قلت: ما ترى أنت؟
قال: يرد ما بقي على الأخت. 4
__________
1 في العمرية بحذف "عياش".
وهو أبو بكر بن عياش بتحتانية ومعجمة، ابن سالم السدي الكوفي المقريء، الحناط بمهملة ونون، مشهور بكنيته، والأصح أنها اسمه. واختلف في اسمه على عشرة أقوال، ثقة عابد، إلاّ أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح، مات سنة أربع وتسعين ومائة، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين، وقد قارب المائة. وروايته في مقدمة صحيح مسلم.
تهذيب التهذيب 12/24، وتقريب التهذيب ص 396.
2 هو مطرف بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الراء المكسورة، ابن طريف الكوفي أبو بكر أو أبو عبد الرحمن. ثقة فاضل، مات سنة إحدى وأربعين، أو بعد ذلك.
تهذيب التهذيب 12/172، وتقريب التهذيب ص 339.
3 في العمرية بلفظ "للأخت الثلث، ولابنة الأخ الثلثان. "
4 قال ابن قدامة: الرد يقدم على ميراث ذوي الأرحام، فمتى خلف الميت عصبة، أو ذا فرض من أقاربه، أخذ المال كله ولا شيء لذوي الأرحام، وهذا قول عامة من ورث ذوي الأرحام.
قال الخبري: لم يختلفوا أن الرد أولى منهم، إلا ما روي عن سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز أنهما ورثا الخال مع البنت، فيحتمل أنهما ورثاه لكونه عصبة أو مولى لئلا يخالف الإجماع. المغني 6/236.(8/4217)
قال إسحاق: كما قال.
[3006-] قلت لأحمد: الخال وارث من لا وارث له؟
قال: نعم. 1
قال إسحاق: هكذا هو. 2
__________
1 نقل ابن هانيء النيسابوري نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد فقال: سألت أبا عبد الله عن الخال والخالة يرثون من الميراث شيئاً؟
قال: "إذا لم يكن عصبة ولا مولى، ورثت الخالة الثلث، وورث الخال الثلثين."
مسائل ابن هانيء 2/66 برقم 1459 وراجع الفروع 5/27، والمبدع 6/193، وكشاف القناع 4/455، ومطالب أولي النهى 4/616
إذا انفرد أحد من ذوي الأرحام أخذ المال كله في قول جميع من ورثهم. المغني 6/133.
2 قال الحافظ ابن حجر: اختلف الفقهاء في توريث ذوي الأرحام، وهم من لا سهم له وليس بعصبة: فذهب أهل الحجاز والشام إلى منعهم الميراث. وذهب الكوفيون وأحمد وإسحاق إلى توريثهم. فتح الباري 12/30.
ذكر الترمذي بإسناده عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له".
سنن الترمذي 4/914، كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الخال برقم: 2103. واللفظ له.
وابن ماجه في سننه 2/914، كتاب الفرائض، باب ذوي الأرحام حديث رقم: 2737.
قال الترمذي: في ال، باب عن عائشة والمقدام بن معد يكرب، وهذا حديث حسن صحيح. سنن الترمذي 4/422.(8/4218)
[3007-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا محمد بن جعفر 1 قال: حدثنا سعيد 2 عن قتادة عن بكر بن عبد الله المزني 3 عن جبير الجهبذ 4 أن رجلا مات وترك ابن 5 عمته، وخالته فقال عمر بن الخطاب [عليه السلام] : الثلثان للعمة، وللخالة الثلث. 6
__________
1 هو المعروف بغندر.
2 هو سعيد بن أبي عروبة.
3 هو بكر بن عبد الله بن عمرو المزني، أبو عبد الله البصري، ثقة ثبت جليل. مات سنة ست ومائة.
تهذيب التهذيب 1/484، وتقريب التهذيب ص 47.
4 هو جبير بن حية، بمهملة وتحتانية ثقيلة، بن مسعود بن متعب بن مالك، من ثقيف، الثقفي البصري، ابن أخي عروة ابن مسعود، ثقة جليل. مات في خلافة عبد الملك ابن مروان.
تهذيب التهذيب 2/62، وتقريب التهذيب ص 54.
5 في العمرية بحذف كلمة "ابن"، وكذا ورد في كتب الآثار.
6 الأثر صحيح بمتابعاته وشواهده لأن سعيد بن أبي عروبة مدلس ورواه بالعنعنة.
والأثر ذكره الدارمي في سننه 2/379، كتاب الفرائض، باب ميراث ذوي الأرحام.
وعبد الرزاق في مصنفه 10/282، كتاب الفرائض، باب الخالة والعمة وميراث القرابة برقم 19112، من طريق آخر بمعناه.
وسعيد بن منصور في سننه 1/88، باب العمة والخالة، بمعناه من طريق الحسن البصري برقم 153.
وابن أبي شيبة في مصنفه 11/260، كتاب الفرائض في الخالة والعمة من كان يورثهما عن وكيع عن يزيد، عن إبراهيم عن الحسن برقم 11162.
قال البيهقي: ورواه الحسن، وجابر بن زيد، وبكر بن عبد الله المزني، وغيرهم أن عمر رضي الله عنه: "جعل للعمة الثلثين وللخالة الثلث. "
وجميع ذلك مراسيل. السنن الكبرى 6/217.
قال ابن التركماني، بعد ذكر الآثارالواردة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: فهذه وجوه كثيرة عن عمر يشد بعضها بعضاً أنه ورث ذوي الأرحام. الجوهر النقي، المطبوع مع السنن الكبرى 6/217.(8/4219)
قلت: فإن ترك عمته؟
قال: لها المال كله.
قلت: فإن ترك خالته؟
قال: لها المال كله.
قال إسحاق: كما قال. 1
[3008-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا يحيى بن آدم قال
__________
1 راجع المسألة: (3006) .(8/4220)
حدثنا أبو بكر بن عياش 1 عن مطرف عن الشعبي عن علي 2 [عليه السلام] أنه قال: في عم أخي أب لأم وخال.
قال: للعم أخي الأب لأمه نصيب أخيه، وللخال نصيب أخته. 3
قلت: ما تقول أنت؟.
قال: ورثه 4 بالأرحام التي يدلون بها.
قلت: ما تقول أنت؟ 5
قال: إذا كان عم. 6
__________
1 في العمرية بحذف "ابن عياش".
2 إسناده صحيح، رجاله ثقات.
3 نقل البيهقي تفصيل قول الإمام علي في ذوي الأرحام من طريق المغيرة عن أصحابه قال: كان علي وعبد الله إذا لم يجدوا ذا سهم أعطوا القرابة. أعطوا ابنة البنت المال كله، والخال المال كله، وكذلك ابنة الأخ وابنة الأخت للأم، أو للأب أو الأم أو للأب والعمة، وابنة العم، وابنة بنت الابن، والجد من قبل الأم، وما قرب أو بعد إذا كان رحماً فله المال، إذا لم يوجد غيره، فإن وجد ابنة بنت وابنة أخت فالنصف والنصف، وإن كانت عمة وخالة فالثلث والثلثان، وابنة الخال وابنة الخالة الثلث والثلثان. السنن الكبرى 6/217.
4 في الظاهرية بلفظ "قال من ورثه الأرحام التي يدلون بها. "
5 في العمرية سقط لفظ "أنت".
6 مذهب أبي عبد الله في توريث ذوي الأرحام مذهب أهل التنزيل، وهو أن ينزل كل واحد منهم منزلة من يمت به من الورثة فيجعل له نصيبه، فإن بعدوا نزلوا درجة إلى أن يصلوا من يمتون به فيأخذون ميراثه. المغني 6/231.(8/4221)
قال إسحاق: للخال نصيب الأخت، وللعم نصيب الأخ.
[3009-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: أخبرنا شعبة عن منصور عن إبراهيم والشعبي أنهما كانا لا يريان بأساً ببيع ولاء السائبة. 1
قلت لأحمد: ما تقول 2 أنت؟
__________
1 السائبة بمهملة وموحدة بوزن فاعله، المراد بها: الذي يقول له سيده: لا ولاء لأحد عليك، أو أنت سائبة يريد بذلك عتقه، وأن لا ولاء لأحد عليه. فتح الباري 12/41.
فالمعتق على هذا ماض بالإجماع، وإنما اختلف في ولائه وفي كراهة هذا الشرط وإباحاته.
المطلع على أبواب المقنع ص 312، وراجع المغني 6/353، والمبدع 6/273.
والأثر ذكره ابن أبي شيبة في المصنف 11/421، كتاب الفرائض من رخص في هبة الولاء برقم 11666، بالسند الموجود في المسألة.
والدارمي في سننه 2/392، كتاب الفرائض، باب ميراث السائبة، من طريق ابن أبي شيبة السابق.
2 في العمرية "ما ترى".(8/4222)
قال: البيع لا، ليته [ع-168/ب] تجوز الهبة. 1
قال إسحاق: لايجوز بيعه ولاهبة.
[3010-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن عبد الله بن شريك العامري 2 عن بشر بن غالب الأسدي 3 قال: سئل الحسين بن علي 4 [عليهما السلام] متى يجب سهم المولود؟
__________
1 قال ابن قدامة: ولا يصح بيع الولاء ولا هبته، ولا أن يأذن لمولاه فيوالي من شاء روي ذلك عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم وبه قال سعيد بن المسيب، وطاوس، وإياس بن معاوية، والزهري.
المغني 6/352، وراجع الكافي 2/568، وكشاف القناع 4/498.
2 هو عبد الله بن شريك العامري الكوفي، صدوق، يتشيع، أفرط الجوزجاني فكذبه. تهذيب التهذيب 5/252، وتقريب التهذيب ص 177.
3 قال الرازي: بشر بن غالب الأسدي روي عن الحسين بن علي، وأبي هريرة. روى عنه عبد الله بن شريك، وابن أشوع، ويزيد بن أبي زيادة، سمعت أبي يقول ذلك. الجرح والتعديل 2/363.
4 هو الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله المدني، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، ابن فاطمة الزهراء، ولد في المدينة، ونشأ في بيت المنورة، وحفظ عنه، استشهد يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وله ست وخمسون سنة.
أسد الغابة 2/18، والإصابة 1/332، وتقريب التهذيب ص 74، وتاريخ بغداد 1/14، والبداية والنهاية 8/149، والأعلام 2/243.(8/4223)
قال: إذا استهل. 1
قلت: ما يعني بذلك؟
قال: يقول: لايجب ميراثه حتى يستهل.
يعني ميراثه بالسهم. 2
__________
1 والأثر ذكره عبد الرزاق في المصنف 3/532، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الصغير والسقط وميراثه برقم 6606.
قال ابن الزبير لحسين بن علي: على من فكاك الأسير؟
قال: على الأرض التي نقاتل عنها قال سألته عن المولود متى يجب سهمه؟ قال: "إذا استهل وجب سهمه. "
وذكره ابن أبي شيبة في مصنفه 11/382، كتاب الفرائض في المولود يموت، وقد مات له بعض من يرثه برقم 11527، وابن حزم في المحلى 9/309، كلاهما من طريق عبد الله بن شريك، وإسناده ضعيف لجهالة حال بشر بن غالب، ويحسن حديثه عند المتابعة.
وقد ورد معنى الأثر السابق مرفوعا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استهل المولود ورث". سنن أبي داود 3/128، باب في المولود يستهل، ثم يموت. حديث رقم 2920.
وعنه البيهقي في السنن الكبرى 6/257، كتاب الفرائض، باب ميراث الحمل.
وصحح الحديث الألباني في إرواء الغليل 6/147، وعدد طرقه.
استهل الصبي: أي صاح عند الولادة.
الصحاح للجوهري 5/1852، مادة "هلل"، والنهاية لابن الأثير 5/271.
2 نقل ابن هانيء نحو هذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله فقال: سألته عن السقط متى يورث ويرث؟ فقال: إذا استهل، فقلت له: ومتى الاستهلال؟ فقال: إذا صاح أو عطس أو بكى ورث. مسائل ابن هانيء 2/70 برقم 1474.
قال ابن قدامة: "وإذا استهل المولود صارخاً وَرِثَ وَوُرِث، وفي معناه العطاس والتنفس والارتضاع. " المقنع 2/442.
قال المرداوي: هذا المذهب.
الإنصاف 7/330، وراجع المغني 6/316، والفروع 5/32، والمبدع 6/211، وكشاف القناع 4/463.(8/4224)
قال إسحاق: هكذا هو. 1
[3011-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن قيس بن مسلم 2 عن أبي مالك 3 قال: أمة المعتق الأول فانظر من يرثه فله ولاء 4
__________
1 انظر: قول الإمام إسحاق رحمه الله في: المغني 6/316.
2 هو قيس بن مسلم الجدلي بفتح الجيم، أبو عمرو الكوفي ثقة، رمي بالإرجاء، مات سنة عشرين ومائة.
تهذيب التهذيب 8/403، وتقريب التهذيب ص 284.
3 هو غزوان الغفاري، أبو مالك الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة من الثالثة.
تهذيب التهذيب 8/245، وتقريب التهذيب ص 273.
4 الولاء بفتح الواو ممدوداً في اللغة: النصرة.
في الشرع: عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيق.
ومعنى الولاء: أنه إذا أعتق نسمة صار لها عصبة في جميع أحكام التعصيب عند عدم العصبة، من النسب ومن الميراث، وولاية النكاح، والعقل وغير ذلك.
المصباح المنير 2/672، والعذب الفائض 2/104، والمطلع أبواب المقنع ص 311، والتعريفات للجرجاني ص 255.
وعرفه البهوتي بقوله وشرعاً: ثبوت حكم شرعي بعتق، أو تعاطي سببه. كشاف القناع 4/498.(8/4225)
مولاه. 1
قال أحمد: هذا للكبر. 2
__________
1 والأثر ذكره ابن أبي شيبة في المصنف 11/405، كتاب الفرائض في الولاء من قال هو للكبر يقول الأقرب إلى الميت، برقم 11611، من طريق وكيع به.
وإسناده صحيح، رجاله ثقات.
2 قال ابن الأثير: الولاء للكبر بضم الكاف وسكون الباء، أي الأعلى فالأعلى من ورثة المعتق. النهاية في غريب الحديث 5/227.
وفسره صاحب المبدع بقوله: إنه يرث الولاء أقرب عصبات السيد إليه يوم مات عتيقه، لايوم مات السيد. المبدع 6/281.
ومثاله: إذا مات رجل عن ابنين ومولى، فمات أحد الابنين بعده عن ابن، ثم مات المولى.
ورثه ابن معتقه، دون ابن ابن معتقه لأن ابن المعتق أقرب الناس إليه يوم مات المعتق ولو مات السيد وخلف ابنه وابن ابنه، لكان ميراثه لابنه دون ابن ابنه، فكذلك إذا مات المولى.
وإن هلك ابنان بعده وقبل مولاه، وخلف أحدهما ابناً والآخر تسعة، ثم مات المولى. كان ميراثه بينهم على عددهم، لكل واحد منهم عشره.
انظر المغني 6/377، والكافي 2/570، والمبدع 6/282.
وللإمام أحمد رحمه الله روايتان في كيفية توريث الولاء.
إحداهما: أن الولاء للكبر، وتفسيره أنه يرث المولى المعتق من عصبات سيده أقربهم إليه، وأولاهم بميراثه يوم موت العبد وهذه الرواية هي الراجحة، والمأخوذ بها في المذهب، وهو قول الجمهور.
والثانية: أن الولاء بمنزلة المال يورث عن المعتق، فمن ملك شيئا حياته فهو لورثته. روى هذه الرواية حنبل، ومحمد بن الحكم عن الإمام أحمد، وغلطهما أبو بكر في روايتهما، فإن الجماعة رووا عن أحمد مثل قول الجمهور.
[] المغني 6/376 وما بعده، والفروع 5/67، والمبدع 6/281-282، والكافي 2/570، وكشاف القناع 4/503.(8/4226)
قال إسحاق: أقول: الولاء لمن أحرز الميراث. 1
__________
1 نقل ابن قدامة وابن المنذر عن الإمام إسحاق رحمه الله أنه قال: "الولاء للكبر. "
قال ابن المنذر: عن إبراهيم في رجلين ورثا مولى كان أعتقه أبوهما، ثم مات أحدهما وترك ولداً، قال عبد الله، وعلي وزيد بن ثابت: الولاء للأكبر وبه قال طاوس، وعطاء، والزهري وقتادة، وابن سيرين وأبو زناد وابن قسيط، وهو قول سفيان الثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد.
الأوسط 3/148، والمغني 6/376، وراجع: مصنف عبد الرزاق 9/30، ومصنف ابن أبي شيبة 11/404 وما بعده، والسنن الكبرى 10/303، وسنن الدارمي 2/375.(8/4227)
[3012-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا معاذ 1 عن أشعث عن الحسن 2 قال: لا ترث النساء 3 من الولاء إلا ما أعتقن، أو أعتق من أعتقن، إلا الملاعنة فإنها ترث من أعتق ابنها الذي انتفى منه أبوه. 4
__________
1 هو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري، وقد سكن اليمن، صدوق ربما وهم، مات سنة مائتين.
تهذيب التهذيب 10/196، وتقريب التهذيب ص 341.
وفي النسخة العمرية بلفظ "حدثنا معاذ يعني ابن معاذ. "
2 هو البصري.
وفي العمرية بلفظ "الحسين رضي الله عنه. "
3 سقط من العمرية لفظ "النساء".
4 والأثر ذكره ابن أبي شيبة في مصنقه 11/388، كتاب الفرائض فيما ترك النساء من الولاء وما هو، برقم 11552، من طريق معاذ عن أشعث عن الحسن.
والدارمي في سننه 2/396، كتاب الفرائض، باب ما للنساء من الولاء من طريق محمد ابن عيسى عن معاذ، عن الأشعث عن الحسن.
وإسناده حسن.
واللعان: مصدر لاعن لعاناً، إذا فعل ما ذُكر، ولعن كل واحد من الاثنين الآخر، وأصل اللعن: الطرد والإبعاد، واللعان لا يكون إلا من اثنين، ويقال لاعن امرأته لعاناً وملاعنة، والتعاناً، ولاعن الرجل زوجته: قذفها بالفجور.
المطلع على أبواب المقنع ص 347، والمصباح المنير ص 554.(8/4228)
قال أحمد: ما أحسن ما قال. 1
قال إسحاق: كما قال. 2
[3013-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا هشيم 3 قال الشيباني 4 أخبرنا عن الشعبي عن شريح، أنه كان يقول في رجل أعتق مملوكاً له، ثم مات المعتق وترك أباه وابنه.
قال: كان شريح يقول: الولاء بمنزلة المال. 5
__________
1 قال الخرقي: ولا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقن، أو أعتق من أعتقن أو كاتبن، أو كاتب من كاتبن. مختصر الخرقي ص 128.
قال المرداوي: هذا المذهب بلا ريب. نص عليه. الإنصاف 7/384.
وروي عن أبي عبد الله رحمه الله في بنت المعتق خاصة أنها ترث وغالى أبو بكر، فوهم أبا طالب في نقل الرواية الثانية.
المغني 6/367، والإنصاف 7/385، وراجع الكافي 2/569،والفروع 5/66، والمبدع 6/278.
2 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في المبدع 6/278، والأوسط 3/147.
3 هو ابن بشير بن القاسم بن دينار السلمي، أبو معاوية.
4 هو سليمان بن أبي سليمان، أبو إسحاق الشيباني.
5 الأثر عن شريح القاضي، ذكره سعيد بن منصور في سننه 1/114، باب الرجل يعتق فيموت، ويترك ورثة ثم يموت المعتق، برقم 268، عن شريح أنه كان يقول: الولاء بمنزلة المال.
وابن ابي شيبة في المصنف 11/404، كتاب الفرائض في الولاء، من قال هو للكبر، يقول هو الأقرب من الميت برقم 11607.
وانظر قول القاضي شريح في: شرح السنة 8/356، والمغني 6/374.(8/4229)
حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد [ع-169/أ] قال: حدثنا هشيم عن المغيرة 1 عن إبراهيم قال: لأبيه السدس، وما بقي فهو لابنه. 2
قال أحمد: كذلك أقول. 3
__________
1 هو مغيرة بن مقسم الضبي.
2 والأثر عن إبراهيم النخعي رواه سعيد بن منصور في سننه 1/113، باب الرجل يعتق فيموت، ويترك ورثته ثم يموت المعتق، برقم 261.
وابن أبي شيبة في المصنف 11/393، كتاب الفرائض رجل مات وترك ابنه وأباه ومولاه ثم مات المولى وترك مالاً، برقم 11567، بإسناده عن هشيم.
والدارمي في سننه 2/372، كتاب الفرائض، باب الولاء.
3 قال الخرقي: إذا مات المعتق، وخلف ابن معتقه، وأبا معتقه، فلأب معتقه السدس، وما بقي فللابن. مختصر الخرقي ص 128.
قال ابن قدامة: نص أحمد على هذا في رواية جماعة من أصحابه، وكذلك قال في جد المعتق وابنه، وقال: ليس الجد والأخ والابن من الكبر في شيء يجزيهم على الميراث.
المغني 6/374، وراجع المبدع 6/280.
قال المرداوي رحمه الله: هذا المذهب نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب. الإنصاف 7/386.(8/4230)
قال إسحاق: كما قال. 1
[3014-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا أبان بن صمعة 2 عن عكرمة 3 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [ظ-96/أ] إذا تزوج المملوك الحرة فما جرى في الرحم فولاؤه لموالي 4 الأم. فإذا أعتق الأب جر الولاء، 5 فإذا مات
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في الأوسط 3/149، والمغني 6/374.
2 هو أبان بن صمعة، بمهملتين مفتوحتين، الأنصاري، مصري، صدوق، تغير آخراً، وحديثه عند مسلم متابعة. مات سنة ثلاث وخمسين ومائة.
تهذيب التهذيب 1/95، وتقريب التهذيب ص 18، وتهذيب الكمال 2/12، والكواكب النيرات ص 71 وما بعده.
3 إسناده ضعيف، لأن أبان بن صمعة اختلط، ولا يعرف متى سمع منه وكيع، وتحسن روايته عند المتابعة إن وجدت.
4 في العمرية بلفظ "مولى".
5 معنى جر الولاء: أن الرجل إذا أعتق أمته فتزوجت عبداً، فأولدها، فولدها منه أحرار، وعليهم الولاء لمولى أمهم، يعقل عنهم، ويرثهم إذا ماتوا لكونه سبب الإنعام عليهم بعتق أمهم، فصاروا لذلك أحراراً فإن أعتق العبدَ سيدُه ثبت له عليه الولاء، وجرّ ولاء أولاده عن مولى أمهم، لأن الأب لما كان مملوكاً لم يكن يصلح وارثاً ولا ولياً في نكاح، فإذا عتق العبد صلح الانتساب إليه، وعاد وارثاً عاقلاً ولياً، فعادت النسبة إليه وإلى مواليه.
المغني 6/359، وراجع شرح السنة للبغوي 8/353.(8/4231)
الأب رجع الولاء. 1
قال أحمد: إذا ثبت مرة ولم يرجع.
قلت: ما تقول إذا مات الأب، يرجع الولاء؟
قال: لا. 2
قال إسحاق: كما قال. 3
[3015-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا معتمر 4 عن
__________
1 نقل ابن قدامة رحمه الله قول ابن عباس رضي الله عنه في المغني 6/360.
2 قال ابن قدامة: إذا تزوج عبد معتقة فأولدها، فولاء الولد لمولى أمه لأن الحرية حصلت له بإعتاق الأم، والإنعام عليه، فإن أعتق سيد العبد عبده انجر ولاء الولد عن مولى الأم إلى مولى العبد. الكافي 2/570.
وقال في المغني: إذا انجر الولاء إلى موالي الأب ثم انقرضوا عاد الولاء إلى بيت المال، ولم يرجع إلى موالي الأم بحال، في قول أكثر أهل العلم، وحكى عن ابن عباس أنه يعود إلى موالي الأم، والأول أصح.
المغني 6/360، وراجع العذب الفائض 2/108، والفروع 5/68، والمبدع 6/284.
[3] انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في: المغني 6/359، والأوسط 3/149-150.
4 معتمر بن سليمان التميمي، أبو محمد البصري، يلقب بالطفيل. ثقة، مات سنة سبع وثمانين ومائة، وقد جاوز الثمانين.
تهذيب التهذيب 10/227، وتقريب التهذيب ص 342، والكاشف 3/161.(8/4232)
يونس عن الحسن 1 قال يرجع الولاء إلى موالي الأب إذا أعتق 2.
قلت: كذالك تقول؟
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال. 3
[3016-] حدثا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا ابن أبي خالد 4 عن الشعبي أن مولى لابنة حمزة 5 مات وترك
__________
1 هو البصري.
إسناده صحيح، رجاله ثقات.
2 والأثر ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه 11/400، كتاب الفرائض، تحت عنوان: مملوك تزوج حرة ثم إنه أعتق بعد ما ولدت له أولاداً، لمن يكون الولاء، برقم: 11592.
3 سبق توثيق قول الإمامين أحمد وإسحاق رحمهما الله تعالى في المسألة: (3014) .
4 هو إسماعيل بن أبي خالد البجلي.
5 هي أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب بن هاشم، وأمها سلمى بنت عميس بن معد بن تيم، أخت أسماء بنت عميس، وهي التي اختصم فيها علي وجعفر وزيد رضي الله عنهم، لما خرجت من مكة وسألت كل من مر بها من المسلمين أن يأخذها فلم يفعل، فاجتاز بها علي - رضي الله عنه- فأخذها، فطلب جعفر أن تكون عنده لأن خالتها أسماء بنت عميس عنده، وطلبها زيد بن حارثة أن تكون عنده لأنه كان قد آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفر، لأن خالتها عنده، ثم زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلمة بن أم سلمة، وقال حين زوجها منه: "هل جزيت سلمة؟ " لأن سلمة هو الذي زوج أمه أم سلمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخواها لأمها عبد الله وعبد الرحمن أبناء شداد بن الهاد.
عاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وروت عنه.
أسد الغابة 5/339 وما بعد، والمستدرك للحاكم 4/66.
والذي يبدو أن ابنة حمزة بلغت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ذكر ابن حجر من رواية أبي سعيد السكري: "فدفعناها إلى جعفر فلم تزل عنده حتى قتل، فأوصى بها جعفر إلى علي فمكثت عنده حتى بلغت،(8/4233)
فعرضها علي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها فقال: هي ابنة أخي من الرضاعة. فتح الباري 7/508.
ابنته وابنة حمزة، فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته النصف، وابنة حمزة النصف. 1
قال الشعبي: لا أدري أكان هذا قبل نزول الفرائض 2 أم
__________
1 الحديث رواه ابن أبي شيبة في المصنف 11/268، كتاب الفرائض في ابنة ومولاة، برقم 11189.
وابن ماجه في سننه 11/268، كتاب الفرائض، باب ميراث الولاء، برقم 2734.
والدارمي في سننه 2/373، كتاب الفرائض، باب الولاء.
وحسن الألباني إسناده في إرواء الغليل 6/135، وعدد طرقه.
2 في الظاهرية بلفظ "أو"بدل "أم".
وإثبات أم هنا أولى، لأنها جاءت بعدها الهمزة الاستفهامية المغنية من أي. شرح ابن عقيل 3/229.(8/4234)
بعدها؟
قال أحمد: كذلك أقول. 1
قال إسحاق: لا يدري 2 على قول الشعبي في رأيه 3 ابنة حمزة، لأن قوله لا أدري أقبل الفرائض أم بعده يقول على وجه الطعمة، أم على وجه الفرض.
وذلك [أن] المعتقة في هذه الرواية ابنة حمزة في الظاهر [فـ]ـلا نشك أن النبي صلى الله عليه [وسلم] مات وهي صغيرة فكيف تعتق؟
وقول إبراهيم إنما أطعمها رسول الله صلى الله عليه [وسلم] طعمة 4 وقال: مات مولى لحمزة وترك ابنته، وابنة حمزة وهذا
__________
1 سبق توثيق قول الإمام أحمد رحمه الله فيما ترثه النساء من الولاء في المسألة: (3012) .
2 في العمرية بلفظ "لايعطى".
3 في العمرية بلفظ "رواية".
4 ذكره ابن أبي شيبة في المصنف 11/269، كتاب الفرائض، تحت عنوان: في ابنة ومولاه برقم 11191.
وسعيد بن منصور في سننه 1/93، باب ميراث المولى مع الورثة برقم 175.
وعبد الرزاق في مصنفه 9/22، كتاب الولاء، باب ميراث ذي القرابة برقم: 16212.
والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/402، كتاب الفرائض، باب مواريث ذوي الأرحام، وعقب عليه بقوله: وهذا عندنا كلام فاسد.
ورجح أن المعتقة هي ابنة حمزة - رضي الله عنهما - وأن ما دفع لها الرسول صلى الله عليه وسلم كان بالميراث لابغيره. شرح معاني الآثار 4/403.
وأشار إليه البيهقي في السنن الكبرى 6/241، وغلّط إبراهيم النخعي ونقل قول شريك وهو: "تقحم إبراهيم هذا القول تقّحما. "
إلا أن يكون سمع شيئاً فرواه.(8/4235)
الأمر البين وعسى أن يكون عبد الله بن شداد 1 اتسع في قوله فرأى أن 2 مجرى الولاء كمجرى المال كما رآه شريح 3 فقال: عتق حمزة، وعتق ابنة حمزة واحد، لأن الولاء لا يصير لها فنحن نأخذ بقول عمر وعلي وزيد [رضي الله عنهم] : لايرث النساء من الولاء إلا ما أعتقن 4، واحتج يحيى بن آدم بما
__________
1 هو عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي، أبو الوليد، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره العجلي من كبار التابعين الثقات، وكان معدوداً في الفقهاء. مات بالكوفة مقتولا سنة إحدى وثمانين وقيل بعدها. تقريب التهذيب ص 177.
2 في العمرية بحذف "أن".
3 في العمرية بلفظ رواه شريح، وقذ سبق ذكر الأثر عن شريح القاضي وتخريجه من مظانه من كتب السنة في المسألة: (3013) .
4 روى ابن أبي شيبة بإسناده عن إبراهيم عن علي وعمر وزيد: "أنهم كانوا لا يورثون النساء من الولاء إلا ما أعتقن. "
مصنف ابن أبي شيبة 11/388، كتاب الفرائض، فيما ترث النساء من الولاء وما هو برقم 11550.(8/4236)
قلنا. 1
[3017-] حدثنا إسحاق قال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا عبد الله بن إدريس قال: سمعت الشيباني عن الحكم 2 قال: دخلت على 3 شموس مولاة لكندة فذكرت أن أباها هلك، فأعطاها علي [رضي الله عنه] النصف، وأعطى مواليها 4 النصف. 5
قلت لأحمد: 6 ما تقول في هذا؟
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق ويحيى بن آدم رحمهما الله في المبدع 6/278.
وقول الإمام أحمد وإسحاق في الأوسط 3/147.
2 هو الحكم بن عتيبة أبو محمد الكندي.
3 في العمرية بحذف حرف "على".
4 في الظاهرية بلفظ "مواليه".
5 الأثر ذكره سعيد بن منصور في سننه 1/93، باب ميراث المولى مع الورثة، برقم: 176.
وابن أبي شيبة في المصنف 11/268، كتاب الفرائض، في ابنة ومولاة، برقم: 11188.
والدارمي في سننه 2/373، كتاب الفرائض، باب الولاء.
6 في العمرية بحذف "لأحمد".(8/4237)