قال إسحاق: كما قالا، يعني سفيان وأحمد، ولكن إن كان الدين في ثقة، فتركه محاباة، فهو كما في يده1 يزكيه قبل القبض2.
[623 -] قلت: سئل سفيان عن رجل كان له على رجل ألف درهم ديناً، فارتدّ، فكان3 عليه زماناً، ثم أسلم.
قال: يزكي لما مضى من السنين4.
قال أحمد: إذا كان لرجل على رجل دين، ألف [درهم] 5، فارتد الذي عليه الألف، ثم أسلم فقبضها صاحبها من الذي ارتد، فإن
__________
1من ع، وفي ظ: [يد] ، وفي ظ بياض بقدر كلمة بين قوله (يد) وقوله (يزكيه) .
2مذهب إسحاق في زكاة الدين انظره في: اختلاف الفقهاء للمروزي ص 454، والاستذكار 9/92، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/635-636 و 2/638-639.
وراجع المسألة رقم (610) ، وطالع المسألة رقم (637) من هذا الباب.
3من ظ، وفي ع: [وكان] .
4تقدم آنفا توثيق مذهب سفيان في زكاة الدين، وانظر بعض أحكام أموال المرتد في أثناء هذه المسألة.
5من ظ، وليس في ع.(3/1104)
عليه الزكاة لما مضى، وأما1 الرجل إذا ارتد وله مال منع من ماله حتى يقتل، فإذا [ع-30/ب] قُتل صار ماله2 في بيت مال المسلمين، فإن هو أسلم، وقد حال على ذلك المال الحول، ولم يقتل، كان المال له3، ولا يزكيه، يستأنف به الحول؛ لأنه كان ممنوعاً من ماله4.
__________
1من ظ، وفي ع: [فأما] .
2من ظ، وفي ع: [ما] بدلاً من قوله ما له.
3من ظ، وفي ع: [له الملك] بدلا من قوله: المال له.
4من قوله: فإن هو أسلم، إلى آخره. عزاه ابن قدامة في المغني - مع الشرح الكبير - 2/641 إلى الإمام أحمد.
وقال ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء 2/250: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن المرتد لا يزول ملكه عن ماله بارتداده".
وقال أيضاً في 2/251: "وأجمعوا كذلك أنه برجوعه إلى الإسلام، مردود إليه ماله، ما لم يلحق بدار الحرب".
وأما مذهب أحمد في ميراث المرتد، فقد قال أبو داود في مسائله ص 220: "سمعت أحمد سئل عن ميراث المرتد؟ قال: كنت مرة أقول لا يرثه المسلمون، ثم أجبن عنه".
وقال ابن المنذر في الإشراف 2/249: "واختلف فيه عن أحمد؛ فحكى إسحاق بن منصور عنه أنه قال: ماله للمسلمين، وحكى الأثرم عنه أنه قال: كنت أقول به، ثم جبنت عنه، قال: هو كما ترى قتل على الكفر فكيف يرثه المسلمون؟! وقال: هو في بيت المال.".
وقال ابن قدامة في المغني - مع الشرح الكبير - 7/174-175: "اختلفت الرواية عن أحمد في مال المرتد، إذا مات أو قتل على ردته، فروي عنه: أن يكون فيئاً في بيت مال السلمين، قال القاضي: هو صحيح في المذهب،….
وعن أحمد: ما يدل على أنه لورثته من المسلمين،…
وروي عن أحمد رواية: أن ماله لأهل دينه الذي اختاره إن كان منه من يرثه وإلا فهو فيء".
وانظر أيضاً في مذهب أحمد في المسألة: اختلاف الفقهاء للمروزي ص 305، والحاوي الكبير للماوردي 13/165.(3/1105)
قال إسحاق: كما قال [أحمد] 1، إلا أنا نرى المرتد إذا قتل أن ماله لورثته [من] 2 المسلمين3.
قلت [لإسحاق] 4: ما يصنع بجيفته؟
قال: تدفن.
[قال إسحاق بن منصور: قال بعضهم: يترك كما هو] 5.
__________
1من ع، وليست في ظ.
2من ظ، وليست في ع.
3انظر مذهب إسحاق هذا في: الإشراف لابن المنذر 2/249، والتمهيد لابن عبد البر 9/163 إلا أنه قال: "على اختلاف عنه في ذلك"، والمغني - مع الشرح الكبير - لابن قدامة 7/174-175.
4من ع، وليست في ظ.
5ما بين المعقوفين من ع، وليس في ظ. وانظر: المسألة رقم (851) في باب الجنائز من كتاب المسائل هذا.(3/1106)
[624 -] قلت1: قال الحسن: إذا حلت الزكاة، فسرق المال، فهو ضامن2.
قال سفيان: وكان غيره لا يرى عليه ضماناً،
[قال] 3 قلت لسفيان: ما ترى أمضمونة هي أم لا؟
قال: ما أرى عليه ضماناً إلا أن [ع-18/ب] يغيرها، فإن غيرها ضمن.
قال سفيان: وتغييرها أن يبتاع بها شيئاً، أو يخلطها بمال لا يعرف.4
__________
1من ظ، وفي ع: [قال: قلت] .
2نص قول الحسن هذا أخرجه عنه ابن زنجويه في الأموال 3/1186-1187 رقم 2230.
وأخرجه عنه بمعناه: عبد الرزاق في المصنف 4/50 رقم 6938، وأبو عبيد في الأموال ص 715 رقم 1928، ورقم 1929، وابن أبي شيبة في المصنف 3/220-221، والبيهقي في السنن الكبرى 4/97.
3من ع، وليست في ظ.
والقائل هنا لسفيان هو محمد بن يوسف الفريابي كما في الأموال لابن زنجويه 3/1186-1187.
4قول سفيان هذا، بل الكلام من أول المسألة، أخرجه ابن زنجويه في الأموال 3/1186-1187، برقم 2230. لكن وقع في النسخة المطبوعة من الأموال "وتفسيرها" بدلا من قوله هنا "وتغييرها" ويظهر أنه خطأ إما نسخي أو طباعي. وأخرجه بمعناه عن سفيان عبد الرزاق في المصنف 4/50.
انظر - أيضاً - في مذهب سفيان في هذه المسألة: اختلاف الفقهاء للمروزي ص 458، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي للجصاص 1/421، وراجع: المغني - مع الشرح الكبير - 2/542(3/1107)
قال أحمد: هو ضامن1.
قال إسحاق: لا يضمن أبداً إذا لم يفرط، أو يغيرها عن حالها، كما قال سفيان2.
[625 -] قلت: سئل سفيان عن دراهم، وجبت فيها الزكاة خمسة3 وعشرين درهماً، فسرق أصل المال من قبل أن يؤديها؟
__________
1هذا المذهب، وهو المشهور عن أحمد، وعليه جماهير الأصحاب، أن الزكاة لا تسقط بتلف المال، وأنه لا يعتبر في وجوبها، إمكان الأداء، والرواية الثانية: أن الزكاة تسقط بتلف المال إذا لم يفرط.
انظر: المقنع 1/296، والفروع 2/347-348، والقواعد لابن رجب ص 26-27 القاعدة 19، والإنصاف 3/39، وراجع المسألة السابقة رقم (555) ، وطالع المسألة اللاحقة رقم (645) .
2انظر مذهب إسحاق هذا في: اختلاف الفقهاء للمروزي ص 459، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/539، وانظر المسألتين (555) ، (645) من هذا الباب.
3من ع، وفي ظ: [خمساً] .(3/1108)
قال: يؤدي زكاة الخمسة1 والعشرين الدرهم2 بالحساب3، وليس عليه [شيء] 4 غيره5.
قال أحمد: يؤدي الخمسة6 والعشرين الدرهم7 كلها8.
قال إسحاق: كما قال سفيان9.
[626 -] قلت: سئل سفيان10 عن الرجل إذا وجبت11 عليه الزكاة،
__________
1من ع، وفي ظ: [الخمس] .
2من ظ، وفي ع: [درهما] .
3من ظ، وفي ع: [للحساب] .
4من ع، وليس في ظ، وما في ع موافق لرواية ابن زنجويه الآتية.
5نص قول سفيان هذا أخرجه عنه ابن زنجويه في الأموال 3/1187، وهو جزء من الأثر السابق عنه، ومذهب سفيان في هذه المسألة، هو نتيجة لمذهبه في المسألتين السابقتين: رقم (615) ، ورقم (625) فتأمله.
6من ع، وفي ظ: [الخمس] .
7من ظ، وفي ع: [درهماً] .
8هذا بناء على مذهبه في المسألة السابقة أنه ضامن، لذا لزمه عنده إخراج الزكاة كاملة.
9هذا منهما بناء على مذهبهما في المسألة السابقة أنه لا يضمن، فيخرج حينئذٍ زكاة ما بقي بيده بحسابه.
10من ظ، وفي ع: [وسئل] بدلاً من قوله: قلت: سئل سفيان.
11من ظ، وفي ع: [وجب] .(3/1109)
فأخرج الزكاة فجعلها في كيس، [فجعل] 1 يعطيه2 قليلاً قليلاً، يسأل عن الموضع؟
قال: لا بأس به إذا كان لا يجد، فإذا وجد3 أن يفرغ منه4 أحب إليّ5.
قال أحمد: جيد.6
قال إسحاق: كما قال، إذا7 كانت
__________
1من ظ، وليست في ع.
2من ظ، وفي ع: [يعطيها] .
3من ظ، وفي ع جملة " فإذا وجد " مكررة مرتين.
4من ظ، وفي ع: [منها] .
5قول سفيان هذا أخرجه عنه ابن زنجويه في الأموال 3/1183 رقم 2219.
6نقل قول أحمد هذا بعد قول سفيان، ابنُ رجب في " قاعدة في إخراج الزكاة على الفور " ص 21 وعزاه إلى رواية ابن منصور هذه، وإلى رواية صالح.
وانظر - أيضاً - في مذهب أحمد في هذه المسألة -مسألة هل الزكاة على الفور- أو حكم تأخير الزكاة-: المغني -مع الشرح الكبير- 2/541-542، والمقنع 1/342، والفروع 2/542، والإنصاف 3/186-187، والمبدع 2/397.
هذا وقد قال ابن رجب في القاعدة المذكورة بعد ذكره لهذه الرواية: "وهذه الرواية قد تشعر بعدم التحريم".
وراجع القاعدة بتمامها، ففيها تتبع للروايات في هذه المسألة، وتحرير للمذهب فيها.
7من ظ، وفي ع: [وإذا] .(3/1110)
الإرادة1 على أن يتثبت في موضعها2، لم يضره التأخير3.
[627 -] قلت: قال سفيان: ولا يطعم عن الآبق4.
قال أحمد: كذا هو، الآبق مثل5 الطير، أين6 يقدر عليه.7؟!.
قال إسحاق: كلما8 علم موضع إباقة، أو
__________
1من ع، وفي ظ محتملة وفي م: [الأمانة] بدلا من قوله: الإرادة.
2من ظ، وفي ع: [وضعها] .
3هذه المسألة جاءت في حكم تأخير الزكاة، وستأتي مسألة تعجيل الزكاة برقم (642) من هذا الباب.
4انظر مذهب سفيان هذا في: الأموال لابن زنجويه 3/1262، والاستذكار 9/339، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/674، والمجموع 6/82.
5من ظ، وفي ع: [هو مثل] بدلاً من " الآبق مثل ".
6من ع، وفي ظ: [لن] ، وفي م: [ان] .
7المنصوص عن أحمد أن الآبق، إذا انقطع خبره، أو شك في حياته أنه لا يجب أن يعطي عنه زكاة الفطر، وإن علم حياته بعد ذلك، أو رجع إليه أخرج عنه لما مضى، هذا هو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب.
انظر: مسائل عبد الله ص 168-169، ومسائل أبي داود ص87، والمقنع 1/339، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/673-675، والمحرر 1/226، والفروع 2/530، والإنصاف 3/173، والمبدع 2/388-389.
وسيأتي عند المسألة رقم (649) بيان حكمه إذا علم مكانه.
8من ظ، وفي ع: [كل ما] بالفصل.(3/1111)
طمع1، لما2 يقال إنه قريب3 منك، أطعم عنه4.
[628 -] قلت: قال سفيان: رقيق امرأته، ليس بواجب عليه، إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل؛ يعني صدقة الفطر5، [إن كان يمونهم] 6.
قال أحمد: إذا كان يمونهم، فعليه7 الزكاة على حديث أسماء ابنة8 أبي بكر -[رضي الله عنهما] 9.
__________
1من ظ، وفي ع: [وطعم] .
2من ظ، وفي ع: [مما] .
3من ظ، وفي ع: [قريباً] .
4انظر مذهبه في هذا - أيضاً - المسألة رقم (649) القادمة من هذا الباب، وهو معزو إليه في المجموع للنووي 6/82 بعبارة إن كان في دار الإسلام.
5قول سفيان هذا أخرجه عنه ابن زنجويه في الأموال 3/1258، ومذهبه هذا عزاه إليه ابن عبد البر في الاستذكار 9/343 و 9/370.
وانظر: حلية العلماء 3/103، وشرح السنة 6/75، والمجموع 6/58.
6من ع، وليست في ظ.
7من ظ، وفي ع: [عليه] .
8من ظ، وفي ع: [بنت] .
9من ع، وليست في ظ.
وهي الصحابية الجليلة، ذات النطاقين، أسماء بنت أبي بكر الصديق، زوج الزبير بن العوام، من كبار الصحابة، عاشت مائة سنة، وتوفيت عام 73هـ أو 74هـ، رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
انظر: الاستيعاب 4/232، وأسد الغابة 5/392، والإصابة 4/229.
وحديثها الذي أشار إليه الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - هو ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 3/172 و 3/175، وإسحاق بن راهويه في مسنده - كما في المطالب العالية 1/253 [-] وابن زنجويه في الأموال 3/1245، من طريق هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء - رضي الله تعالى عنها - أنها كانت تعطي زكاة الفطر، عن كل من تمون من أهلها، من صغير، وكبير، وشاهد، وغائب.
وذكره ابن حزم في المحلى 6/129، وصححه كما في 6/131.
ومذهب أحمد في هذه المسألة انظره في: مسائل أبي داود ص 87، ومسائل عبد الله ص 168-169، والمقنع 1/338، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/670، والفروع 2/522-523، والإنصاف 3/166.
وراجع المسألتين (648) ، (666) من هذا الباب.(3/1112)
قال إسحاق: كما قال أحمد1، وكذلك كان ابن عمر – [رضي الله عنهما] 2 – يعطي عن امرأته، ورقيقها إذا كانوا في عياله3.
__________
1مذهب إسحاق في هذه المسألة انظره - أيضاً - في: الاستذكار 9/343، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/670، وراجع شرح السنة للبغوي 6/75. وانظر المسألة رقم (666) من هذا الباب.
2من ع، وليست في ظ.
3هذا الأثر عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - أخرجه عنه: ابن أبي شيبة في المصنف 3/172، وابن زنجويه في الأموال 3/1258 برقم 2418، والدارقطني في سننه 2/141، والبيهقي في السنن الكبرى 4/161، وذكره ابن حزم في المحلى 6/135.(3/1113)
629-1 قلت: قال سفيان: من ابتاع عبداً، قبل الفطر بيوم أطعم عنه2.
قال [الإمام] 3 أحمد: ما أحسنه4.
قال إسحاق: كما قال [أحمد] 5، إذا غربت الشمس ليلة الفطر، فكل من كان في ملكه؛ من مملوك، أو مولود، فعليه6 أن يؤدي7 عنهم زكاة الفطر. وما كان بعد غروب الشمس فلا شيء عليه؛ لأن ليلة الفطر من شوال، وإنما عليه أن يؤدي زكاة شهر رمضان8
__________
1في ع وضع قبل هذه المسألة عنواناً هو: [باب: من ابتاع عبداً قبل الفطر يطعم عنه] . وليس هو في ظ.
2قول سفيان هذا أخرجه عنه ابن زنجويه في الأموال 3/1273.
وراجع: المغني - مع الشرح الكبير - 2/667، والمجموع 6/83، وفتح الباري 3/368.
3من ع، وليست في ظ.
4انظر: المغني - مع الشرح الكبير - 2/666-667، والفروع 2/521.
5من ع، وليست في ظ.
6من ظ، وفي ع: [عليه] .
7من ظ، وفي ع: [يؤديه] .
8انظر: المغني - مع الشرح الكبير - 2/667، والمجموع 6/83، وفتح الباري 3/368.(3/1114)
[630 -] قلت [لأحمد] 1: قال سفيان: فإذا أهل هلال شوال، فمن وُلِد له [ولد] 2، أو اشترى عبداً، [بعد الهلال] 3، فليس عليه الزكاة.4
قال أحمد: جيد5.
قال إسحاق: كما قال6.
[631 -] قلت: قال سفيان: لا تدفع الصدقة إلى غني، ولا عبد، ولا تستأجر عليها منها، ولا في بناء مسجد، ولا [في] 7 شراء مصحف، ولا في دين ميت، ولا في كفن ميت، ولا تشترِ8 بها
__________
1من ظ، وليست في ع.
2من ظ، وليست في ع.
3من ع، وليست في ظ.
4من ظ، وفي ع: [زكاة] .
وقول سفيان هذا أخرجه عنه ابن زنجويه في الأموال 3/1273،
وانظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي للجصاص 1/466، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/667، والمجموع 6/83، وفتح الباري 3/368.
5انظر: المغني - مع الشرح الكبير - 2/666-667، والفروع 2/521.
6انظر: المغني - مع الشرح الكبير - 2/667، والمجموع 6/83، وفتح الباري 3/368.
7من ع، وليست في م.
8من ظ، وفي ع: [ولا يشتري] .(3/1115)
نسمة تجر بها الولاء، ولا تعطِ1 [منها] 2 مكاتباً، ولا تحج بها، ولا تحجج، [ولا تعطي] 3 من ذوي قرابتك، من تجبر على نفقته لو خاصمك، ولا تخرجها من بلدك إلى غيره، إلا أن لا تجد4.
__________
1من م، وفي ع: [ولا يعطي] .
2من ع، وليست في م.
3هكذا هي في ع، وليست في م، وفي رواية ابن زنجويه الآتية: [ولا تعطها] .
4قول سفيان هذا بتمامه، أخرجه عنه ابن زنجويه في الأموال 3/ 1171 برقم 2189 ورقم 2190، من طريقين:
الأولى: من طريق محمد بن يوسف الفريابي.
والثانية: من طريق علي بن الحسن عن ابن المبارك.
وأخرج عنه بعضه عبد الرزاق في المصنف 4/113-114 رقم 7170، وعزا إليه بعض ما فيه من الأحكام: أبو عبيد في الأموال ص 725، والطحاوي كما في مختصر اختلاف العلماء للجصاص 1/481-485، وابن عبد البر في الاستذكار 9/221.
وجاء في اختلاف الفقهاء للمروزي ص 443 عن سفيان أنه قال في الصدقة: "لا تبتاع بها نسمة تجر ولاءها" لكن وقع في النسخة بتحقيق الدكتور محمد طاهر حكيم أن تصحفت لفظة "نسمة" إلى "نسيئة" مما جعل المحقق ينصرف في تحقيقه إلى مسألة أخرى بعيدة عن المقصود.
وكذلك وقع التصحيف نفسه في النسخة التي حققها السيد صبحي السامرائي ص 105، مما يقوي احتمال أن التصحيف وقع في الأصل المخطوط. والله تعالى أعلم.
هذا وقد حكى بعض أهل العلم الإجماع على جملة من الأحكام التي ذكرها سفيان هنا، من ذلك قول أبي عبيد في الأموال ص 725: "فأما قضاء الدين عن الميت، والعطية في كفنه، وبنيان المسجد، واحتفار الأنهار، وما أشبه ذلك من أنواع البر، فإن سفيان، وأهل العراق، وغيرهم من العلماء، يجمعون على أن ذلك لا يجزئ من الزكاة".
وقول ابن عبد البر في الاستذكار 9/223: "وأجمعوا على أنه لا يؤدَّى من الزكاة دين الميت، ولا يكفن منها، ولا يبنى منها مسجد، ولا يشترى منها مصحف، ولا تعطى لذمي، ولا مسلم غني"
وقول ابن قدامة في المغني - مع الشرح الكبير - 2/517: "لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أن زكاة الأموال لا تعطى لكافر، ولا لمملوك".(3/1116)
قال أحمد: يشتري بها نسمة1؛ لقول ابن عباس -[رضي الله عنهما] 2 -: أعتق من زكاة مالك3. فإن ورث منها شيئاً جعله
__________
1هذه إحدى الروايتين عن أحمد، وهي المذهب، وقيل: بل رجع عنها.
والثانية: لا يجوز، وقيل: هي التي رجع إليها.
انظر ذلك مبسوطاً في: المقنع 1/348، والمحرر 1/223، والفروع 2/614، وتصحيحه - معه - للمرداوي 2/614-615، والإنصاف له 3/231، والمبدع 2/420، وفتح الباري 3/331-335.
وراجع: مسائل أبي داود ص 82، ومسائل عبد الله ص 147-148.
2من ع، وليست في ظ.
3هذا الأثر عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أخرجه عنه: عبد الله بن الإمام أحمد كما في مسائله ص 148، وأبو عبيد في الأموال ص 677، 722، وابن أبي شيبة في المصنف 3/179-180، وابن زنجويه في الأموال 3/1176 برقم 2201، وعلقه البخاري في صحيحه بغير صيغة الجزم - كتاب الزكاة - باب قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} - انظره مع فتح الباري 3/331.
وراجع المحلى 6/150.
قال ابن حجر في فتح الباري 3/331-332: "وقال الميموني: قلت لأبي عبد الله: يشتري الرجل من زكاة ماله، الرقاب فيعتق، ويجعل في ابن السبيل؟ قال: نعم. ابن عباس يقول ذلك، ولا أعلم شيئاً يدفعه.
وقال الخلال: أخبرنا أحمد بن هاشم قال: قال أحمد: كنت أرى أن يعتق من الزكاة، ثم كففت عن ذلك؛ لأني لم أره يصح. قال حرب: فاحتج عليه بحديث ابن عباس، فقال: هو مضطرب؛ انتهى. وإنما وصفه بالاضطراب للاختلاف في إسناده على الأعمش كما ترى، ولهذا لم يجزم به البخاري".
وقوله "كما ترى" يشير إلى ما تقدم عنده من أنه تارة يُروى عن الأعمش عن حسان، وتارة عن الأعمش عن ابن أبي نجيح.(3/1117)
في الرقاب،1 ويعان به في الرقاب2، ويعطى في الحج3، ويعطي
__________
1قال في الفروع 2/615 هذا ظاهر المذهب، وعنه: ولاؤه لمن أعتقه.
وقال في الإنصاف 3/232: "حيث جوزنا العتق من الزكاة - غير المكاتب - إذا مات وخلف شيئاً، رد ما رجع من ولائه في عتق مثله، على الصحيح من المذهب،… وعنه: ولاؤه لمن أعتقه".
2انظر: الفروع 2/615-616، والإنصاف 3/231، والمبدع 2/420.
3هذه إحدى الروايتين، وهي المذهب المنصوص عليه عند الأصحاب.
وعنه لا يعطى منها في الحج.
انظر: مسائل عبد الله ص 151، والمقنع 1/349، والإنصاف 3/235-236.(3/1118)
قريبه ممن لا يعول، إذا لم يدفع [به] 1 عن نفسه مذمة ولم يقِ بها ماله2، والباقي كلها على ما قال سفيان3.
قلت: فما شأن دين الميت؟
[قال] 4: لأنه ليس بحي يقبض، لا يكون غارماً5.
قال إسحاق: كما قال أحمد6.
__________
1من ع، وليست في ظ.
2انظر: مسائل عبد الله ص 149، ومسائل أبي داود ص 82-83، والمقنع 1/353-355، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/546-548، والفروع 2/629-635، والإنصاف 3/258-261، والمبدع 2/435.
وراجع المسائل: (546) ، (574) ، (575) ، (579) .
3انظر بعضها منصوصاً عليه في مسائل عبد الله ص 151.
وراجع المصادر السابقة.
4من ظ، وساقطة في ع.
5تقدم قريباً أن أبا عبيد وابن عبد البر حكيا الإجماع على أنه لا يعطى من الزكاة في دين الميت.
وانظره أيضاً في: مسائل أبي داود ص 84 والإنصاف 3/234.
وانظر تعليل ذلك - أيضاً- في الأموال لأبي عبيد ص 725.
لكن قال في الفروع 2/619: "حكى ابن المنذر عن أبي ثور يجوز،… واختاره شيخنا، وذكره إحدى الروايتين عن أحمد؛ لأن الغارم لا يشترط تمليكه".
6انظر: اختلاف الفقهاء للمروزي ص 444، وشرح السنة للبغوي 6/94، والمجموع للنووي 6/146، وفتح الباري 3/332.
وانظر مذهبه في إعطاء القريب من الزكاة ما تقدم في المسائل: (574) ، (575) ، (579) .(3/1119)
[632 -] قلت: قيل له -يعني سفيان-: أربعون جملاً فيها مسنة؟
قال: خذ المسنة1.
قال أحمد: جيد، إلا أن يجد2 الشيء3؛ لأنه لا يؤخذ فيها4.
قال إسحاق: يؤخذ من أربعين جملاً جمل، يجد فيها مسناً، أو5 ثنياً، لأنها لو كانت كباراً، كانت مراضاً، أو مهازيل، أخذ زكاتها منها6.
[633 -] قلت: ما كان من خليطين [ع-31/أ] يتراجعان بالسوية؟
__________
1لم أقف عليه منصوصاً عنه، لكن انظر: الأموال لأبي عبيد ص 258، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي للجصاص 1/424، والاستذكار 9/183-184.
وقوله "مسنة" قال في لسان العرب 13/222: "والمَسَانُّ من الإبل: خلاف الأَفْتاء".
2من ظ، وفي ع: [إلا أن لا يجد] بالنفي.
3من م، وفي ظ وع يحتمل، ويحتمل أنه: [الثني] .
4انظر: المغني - مع الشرح الكبير - 2/474، والفروع 2/371، والإنصاف 3/59-61، والمبدع 2/319، وقد جاء في هذه المصادر الثلاثة الأخيرة: وأومأ إليه أحمد في رواية ابن منصور، فلعل المقصود به ما ههنا، والله تعالى أعلم.
5من ع، وفي ظ: [و] بدلا من: أو.
6من ظ، وفي ع: [منه] .(3/1120)
قال: إذا كان أربعون شاة؛ لرجل عشرة، وللآخر ثلاثون، إن أخذ من الثلاثين، رجع على صاحب العشرة بربع شاة1.
قال إسحاق: كما قال2.
[قال إسحاق الكوسج: لقد فسَّر وأجمل] 3.
[634 -] قلت: إذا كان عند الرجل طعام، من زرع وقد زكاه في شعبان،
__________
1انظر مذهب الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - في الخلطة في الزكاة: المغني - مع الشرح الكبير - 2/481-488، والفروع 2/381، والإنصاف 3/67-86، والمبدع 2/324-336.
2انظر مذهب الإمام إسحاق بن راهويه - رحمه الله تعالى - في الخلطة في الزكاة: الاستذكار 9/177، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/481، والمجموع 5/384.
3ما بين المعقوفين زيادة من ع، وليست في ظ.
ولعل معنى هذه العبارة أنه وضّح معنى التراجع، وأغفل معنى الخلطة، فقد اختلف في معناها المراد هنا، ذلك بأن الخلطة نوعان:
خلطة أعيان، وتسمى خلطة الشيوع، والاشتراك.
وخلطة أوصاف وتسمى خلطة الجوار.
ومن المعلوم مما سبق من مصادر أن الإمامين أحمد وإسحاق يراعيان في الزكاة النوعين كليهما.
ومن تأمل كلام أحمد هنا، علم أنه يقول بخلطة الأوصاف - التي هي موضع الخلاف - لأنه فرض في المثال تميز مال كل واحد عن الآخر، لكنه أجمل معنى الخلطة هنا في أيّ شيء تكون.(3/1121)
فباعه بدراهم، وعنده مال يزكيه في شهر رمضان، سوى ذلك المال، فجاء شهر رمضان وعنده ذلك المال، يزكيه1 مع ماله أم لا؟
قال: ليس عليه في ذلك شيء، حتى يحول عليه الحول2.
قال إسحاق: كما قال، إذا لم يحل الحول عليه3 من يوم باع4.
[635 -] قلت: في المال المستفاد، زكاة؟
قال: [ليس] 5 فيه زكاة حتى يحول عليه الحول6.
قال [إسحاق] 7: كما قال8 [ظ-19/أ] .
[636 -] قلت: زكاة الحلي؟
__________
1من ظ، وفي ع: [أيزكيه] .
2تقدمت هذه المسألة سؤالاً وجواباً في المسألة (594) .
3من ع، وفي م: [عليه الحول] تقديم وتأخير.
4راجع المسألة رقم (594) فإن هذه مكررة منها كما تقدم.
5من ظ، وساقطة في ع.
6تقدم هذا الحكم في المسائل: (553) ، (595) ، (607) ، (608) .
7من م، وساقطة في ع.
8تقدم هذا الحكم عنه في المسائل: (553) ، (595) ، (607) ، (608) .(3/1122)
قال: ليس فيه زكاة1.
قال إسحاق: كما قال، إلا أن يكون سرفاً، أو أراد به [احتيال الإسقاط] 2.
637 - قلت: في الدين، زكاة؟
قال: إذا قبضه فليزكه3، على حديث علي4 -[رضي الله
__________
1تقدم هذا في المسألة رقم (578) من هذا الباب.
2من ع، وفي م كتب عند هذا الموضع: بياض بالأصل. يعني: ظ، ولم أتمكن من التحقق من ذلك لشدة الطمس والسواد في الصورة.
وقد تقدم قول إسحاق هذا عند المسألة رقم (578) .
3تقدم توثيق مذهب الإمام أحمد في زكاة الدين، عند المسألة رقم (622) بالعزو إلى المصادر فحسب.
وأما تفصيل الروايات: فإن المذهب الذي عليه الأصحاب، هو كما ههنا في المسألة يزكيه إذا قبضه لما مضى، سواء كان الدين على مليء، أو معسر، أو مؤجل، أو محجور، أو مغصوب.
وعنه: يلزمه في الحال إذا كان على ملئ.
وعنه: يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة.
وعنه: لا تجب فيه الزكاة بحال.
وعنه: إن كان الذي عليه الدين يؤدي زكاته فلا زكاة على ربه وإلاَّ فعليه الزكاة.
انظر الفروع 2/323-326، الإنصاف 3/18-22.
4يريد بحديث علي - رضي الله تعالى عنه - الأثر الذي جاء عنه: "قال في الرجل يكون له الدين فيقبضه، قال: يزكيه لما كان مضى" وفي لفظ: "عن علي - رضي الله عنه - في الرجل يكون له الدين الظنون، قال: يزكيه لما مضى إذا قبضه".
وهذا الأثر أخرجه عنه: أبو يوسف في كتابه " الآثار " ص 88 رقم 433، وعبد الرزاق في مصنفه 4/100 رقم 7116 و 7117، وعبد الله بن الإمام أحمد كما في مسائله ص 157، وأبو عبيد في الأموال ص 528 برقم 1220 و 1221، وابن أبي شيبة في مصنفه 3/162-163، وابن زنجويه في الأموال 3/954 برقم 1719 و 1720، والبيهقي في السنن الكبير 4/150.
وأخرجه ابن حزم في المحلى 6/103 من طريق ابن أبي شيبة وقال: "هذا في غاية الصحة".(3/1123)
عنه] 1-.
عاودته [في ذلك] 2، فقال مثل ذلك.
قال إسحاق: لا زكاة فيه حتى يقبضه، إلا أن يكون تركه حياء أو معروفاً، فإنه يزكيه3 قبل أن يقبضه، فإذا4 لم يقدر على قبضه [فإذا قبضه] 5 أدى لما مضى6.
__________
1من ع، وليست في ظ.
2من ظ، وليست في ع.
3في ع: كرر في هذا الموضع جملة [حياء أو معروفاً فإنه يزكيه] .
4من ظ، وفي ع: [وإذا] .
5من ع، وليست في ظ.
6تقدم توثيق مذهب إسحاق في زكاة الدين عند المسألة رقم (622) ، وقد لخصه ابن قدامة في المغني - مع الشرح الكبير - 2/638-639 بأن الدين إن كان على معترف به، باذل له فعلى صاحبه إخراج زكاته في الحال، وإن كان على معسر، أو جاحد أو مما طل به، فإن الزكاة لا تجب فيه.
وظاهر أن النوع الأخير يختلف النقل فيه عن إسحاق عمّا ههنا في المسائل، وراجع المصادر الأخرى الموثقة لرأي إسحاق في زكاة الدين التي ذكرت عند المسألة رقم (622) كما تقدم، والله تعالى أعلم.(3/1124)
[638 -] قلت: في العروض زكاة إذا كانت للتجارة؟
قال1: يقومه ويزكيه2.
قال إسحاق: كما قال3.
[639 -] قلت: في مال المملوك، زكاة؟
__________
1من ظ، وفي ع: [قال: إذا كانت للتجارة] بدلا من: "إذا كانت للتجارة؟ قال".
2وجوب الزكاة في عروض التجارة موضع إجماع من أهل العلم، حكى الإجماع فيه جمع من العلماء، منهم أبو عبيد في الأموال ص 525، وابن المنذر في الإجماع ص 45، والطحاوي - كما في مختصر اختلاف العلماء للجصاص - 1/432، والبغوي في شرح السنة 6/53.
وانظر مذهب أحمد في كيفية زكاة العروض: مسائل أبي داود ص 78، ومسائل عبد الله ص 162-163، والفروع 2/502-504.
3تقدم آنفاً أن هذا موضع إجماع من أهل العلم(3/1125)
قال: أرجو أن لا يكون فيه زكاة1.
قال: حديث2 عمر3، ونافع4 عن ابن عمر -رضي الله عنهما - ليس فيه زكاة5، قال: أليس6 يتسرى7 العبدُ في
__________
1تقدم بيان مذهب الإمام في هذه المسألة عند المسألة رقم (577) ، وراجع أيضاً المسألة رقم (621) .
2قوله: "قال: حديث" من ظ، وفي ع بدلا منها: [قلت: لم لا يكون فيه زكاة على حديث] .
3هذا الأثر عن عمر - رضي الله عنه - أنه ليس في مال المملوك زكاة، أخرجه عنه: أبو عبيد في الأموال ص 556 رقم 1333، وابن أبي شيبة في المصنف 3/161، وابن زنجويه في الأموال 3/1003، رقم 1840.
وراجع السنن الكبرى للبيهقي 4/108-109.
4نافع: هو التابعي الجليل، والفقيه الثقة الثبت المشهور، أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - توفي سنة 117هـ أو بعد ذلك. رحمه الله تعالى.
انظر: الجرح والتعديل 8/451، ووفيات الأعيان 5/367، وسير أعلام النبلاء 5/95، وتهذيب التهذيب 10/412، وتقريبه ص 559.
5هذا الأثر عن نافع عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - أنه لا زكاة في مال المملوك، أخرجه: عبد الرزاق في المصنف 4/72، وابن أبي شيبة في المصنف 3/160-161، وابن زنجويه في الأموال 3/1003-1004، برقمي 1842 و 1843، والبيهقي في السنن الكبرى 4/108-109.
6عبارة "قال: أليس" مكررة في ع مرتين.
7من ع، وفي ظ محتملة، وفي م: [يستمري] .(3/1126)
ماله1، [هو ماله] 2 مالم يأخذه منه سيده3.
__________
1أهل العلم - رحمهم الله تعالى - يجعلون جواز تسري العبد، وحل نكاحه بالتسري؛ دليلاً على صحة تملكه للمال، قال أبو عبيد في الأموال ص 560: "ومما يثبت له ماله أيضاً، ما أرخصوا فيه من تسريه، فإن ذلك محفوظ عن عدة من العلماء، منهم ابن عباس، وابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، والحسن، وغيرهم".
ويقول ابن حزم في المحلى 5/203 - في معرض رده على مذهب من يرى أن الزكاة لا تجب في مال العبد، لا عليه، ولا على سيده -: "… لا سيما مع تناقضهم في إباحتهم للعبد، أن يتسرى بإذن سيده، فلولا أنه عندهم مالك لماله، لما حلَّ له وطء فرج لا يملكه أصلاً … فلو لم يكن العبد مالكاً ملك يمينه، لكان عادياً إذا تسرى".
هذا ومسألة جواز تسري العبد هي موضع خلاف بين أهل العلم، لكن كل من أحمد وإسحاق بن راهويه - رحمهما الله تعالى - يجيز تسري العبد.
انظر المسألة في الإشراف لابن المنذر 4/130.
هذا وليعلم أنه لا تناقض - كما يزعم ابن حزم - بين إباحة التسري للعبد وبين القول بعدم وجوب الزكاة في مال المملوك، لا عليه ولا على سيده؛ لأن الحنابلة كما في المغني - مع الشرح الكبير - 2/494 يبنون على ذلك فيقولون: "فعلى هذا لا زكاة على السيد في مال العبد؛ لأنه لا يملكه، ولا على العبد؛ لأن ملكه ناقص، والزكاة إنما تجب على تام الملك". والله تعالى أعلم.
2من ظ، وليست في ع.
3هذه مسألة: العبد إذا ملَّكه سيده مالاًهل يملكه؟ عن الإمام أحمد فيها روايتان:
الأولى: أنه لا يملك بالتمليك.
والثانية: يملك بالتمليك.
قال المرداوي في الإنصاف3/6-7، إن الأولى هي الصحيح من المذهب والروايتين، وعليها أكثر الأصحاب، ثم ذكر أن الرواية الثانية اختارها بعض الأصحاب، وصححها بعضهم.
وقال بعضهم هي الأظهر. وقال بعضهم عنها: إنها أصح الروايتين. ولا يخفى أن ما ههنا هو وفق الرواية الثانية.
انظر: المغني - مع الشرح الكبير - 2/494.(3/1127)
قال إسحاق: [ليس] 1 هذا شيء2، في ماله زكاة إلا أن المولى يؤدي3.
[640 -] قلت: ما زاد على المائتين؟
قال: فبحساب4.
__________
1من ظ، وليست في ع.
2في ع بين قوله "شيء" وقوله "في ماله" رسم حرف لم أتبينه كأنه رسم "ما" وليس في ظ. وقوله "شيء" هكذا هو في النسختين.
3تقدم توثيق مذهب إسحاق في هذا عند المسألة رقم (577) ، وانظر أيضا المسألة رقم (621) .
4من ظ، وفي ع: [فبالحساب] ، وهذا في زكاة النقدين، ومعنى فبحساب أنه لا وقص فيها، بل تجب الزكاة في زيادتها عن النصاب وإن قلت.
انظر مذهب أحمد هذا في: مسائل عبد الله ص 161، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/601، والفروع 2/321، وهذا مذهب الجمهور كما في بداية المجتهد1/256، وفتح الباري 4/53.
وراجع الآثار في المسألة في مصنف ابن أبي شيبة 3/118-119، وطالع: معالم السنن 2/15، والمجموع 5/477.(3/1128)
قال إسحاق: كما قال1.
[641 -] قلت: زكاة مال اليتيم؟
قال: فيه الزكاة2، وفي الماشية والإبل لا يختلفون؛ أي [أن] 3 فيه الزكاة4.
__________
1انظر مذهب إسحاق هذا في: اختلاف الفقهاء للمروزي ص441، والتمهيد 20/145، والاستذكار 9/17.
2تقدم توثيق هذا عند المسألة رقم (549) عند قول أحمد: "يزكى مال الصغير والمجنون، بغير أمرهما" فالمقام واحد، ولذا عدّهما ابن قدامة في المغني - مع الشرح الكبير - 2/493 مسألة واحدة.
3من ع، وليست في ظ.
4هذا مشكل جداً، فإن الخلاف قد وقع في زكاة مال اليتيم مطلقاً حتى في الماشية والإبل، وإنما يُعرف التفريق في زكاة ماله بين الماشية وغيرها - فيما أعلم - لابن شبرمة، وللحسن البصري في بعض النقول عنه.
انظر ذلك في: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي للجصاص 1/427، والاستذكار 9/84، والمحلى 5/205، والمجموع 5/283.
وراجع: الأموال لأبي عبيد ص 550.
ولا يقال لعل المراد نفي خلاف الصحابة - رضي الله تعالى عنهم -؛ لأن الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - لم يرد عنهم التفريق بين الماشية وغيرها، بل لم يصح عنهم خلاف البتة.
يقول الإمام أحمد في مسائل أبي داود ص 78-79: "مال اليتيم يزكيه الوصي، قال: لا أعلم فيه عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء صحيح، يعني ممن لم ير فيه الزكاة".
وأما التابعون فإن الخلاف مشهور عنهم، في مسألة زكاة مال اليتيم، وممن جاء عنه منهم أنه لا زكاة في مال اليتيم مطلقا: سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وأبو وائل، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وشريح، وجاء أيضاً عن الشعبي، وعبد الله بن المبارك.
ولا يتسع المقام لسرد الآثار عنهم في ذلك على التفصيل، لكن انظر على وجه الإجمال: الآثار لأبي يوسف ص 92 رقم 451، والأموال لأبي عبيد ص 550-551، والمصنف لابن أبي شيبة 3/149-151، والمصنف لعبد الرزاق 4/66-70، والأموال لابن زنجويه 3/995-999، وجامع الترمذي - مع التحفة - 3/298، واختلاف الفقهاء للمروزي ص 450، ومعالم السنن للخطابي 2/38، والاستذكار 9/83-84، والمحلى 5/205، وبداية المجتهد 1/245، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/493، والمجموع 5/283، والله تعالى أعلم.(3/1129)
قال [إسحاق] 1: وفي2 كل مال اليتيم،
__________
1من ظ، وليست في ع.
2من ظ، وفي ع: [في] بدون الواو.(3/1130)
زكاة1.
642-2 قلت: تعجيل الزكاة؟
قال: لا بأس به3.
قال إسحاق: كما قال، بعد أن يكون نظراً لأهل الحاجة، ولا يفرقه الدرهم والدرهمين ليهون عليه4.
__________
1انظر مذهب إسحاق هذا في: جامع الترمذي - مع التحفة - 3/297، واختلاف الفقهاء للمروزي ص 451، ومعالم السنن 2/38، وشرح السنة 6/64، وبداية المجتهد 1/245، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/493، والمجموع 5/283، وراجع المسألة رقم (549) .
2هذا الترتيب من ظ - أعني: تقديم هذه المسألة على التي بعدها - وفي ع عكس ذلك، ثم في ع وضع عنواناً قبل هذه المسألة هو: [باب في تعجيل الزكاة] .
3هذا المذهب، وعليه الأصحاب، وقطعوا به، ونقله الجماعة. وأما تعجيلها لحولين فروايتان.
انظر: مسائل عبد الله ص 152-153، والمقنع 1/344، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/499-501، والفروع 2/571-572، والإنصاف 3/204-205، والمبدع 2/408-409.
4انظر مذهب إسحاق في تعجيل الزكاة: جامع الترمذي - مع التحفة - 3/355، واختلاف الفقهاء للمروزي ص 456، والاستذكار 9/367، وشرح السنة للبغوي 6/32، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/499.
وقول إسحاق - هنا - "ولا يفرقه" يشبه قول الحسن فيما أخرجه عنه، ابن أبي شيبة في المصنف 3/148: "لا بأس بتعجيل الزكاة إذا أخرجها جميعاً".(3/1131)
[643 -] قلت: إذا أوصى الرجل بحج أو زكاة كان من الثلث أم لا؟
قال: هو من جميع المال1.
قال إسحاق: كما قال2.
[644 -] قلت: إذا أخرج زكاة ماله، ثم سرقت3 أو ضاعت؟
قال: يستأنف4.
قال إسحاق: ليس عليه شيء، إلا أن يفرط5.
__________
1انظر: مسائل عبد الله ص 168، والفروع 2/350، والإنصاف 3/41 وقال: هذا المذهب، ثم ذكر بقية الروايات. وراجع الاستذكار 9/88.
وراجع - أيضاً - المسألة رقم (551) .
2انظر: بداية المجتهد 1/249، والمجموع 5/288-289، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/540.
وراجع المسألة رقم (551) .
3من ظ، وفي ع: [فسرقت] .
4من ظ، وفي ع: [يستأنفه] ، وانظر مذهب أحمد في هذه المسألة: المغني - مع الشرح الكبير - 2/542-543، والفروع 2/570.
5راجع ما تقدم عند المسألة رقم (624) ، ويظهر أن مذهب إسحاق أنه لا فرق بين تلف القدر المخرج في الزكاة، وتلف أصل المال الذي حلت فيه الزكاة.(3/1132)
[645 -] قلت: إذا حلت الزكاة، فسرق المال؟
قال: فعليه الزكاة1.
قال إسحاق: ليس عليه [فيه] 2 شيء3.
[646 -] قلت: متى يعطي زكاة الفطر؟
قال: يوم الفطر أحبُّ إليَّ4.
__________
1تقدم توثيق هذا عند المسألتين: (555) و (624) من هذا الباب.
2من ظ، وليست في ع.
3تقدم توثيق هذا عند المسألتين: (555) و (624) من هذا الباب.
4أما إخراجها يوم الفطر قبل الصلاة، فهو الأفضل، وحكاه بعض أهل العلم إجماعاً، كما في المجموع 6/83، وانظر: معالم السنن 2/48. وهذا هو المذهب.
وذكر المرداوي في الإنصاف 3/178 أن إخراجها جائز بعد الصلاة في سائر يوم الفطر، وذكر أن هذا هو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم.
ثم قال: "وقيل: يحرم التأخير إلى بعد الصلاة، وذكر المجد أن الإمام أحمد أومأ إليه". وانظر: مسائل عبد الله ص 171، والفروع 2/531-532،
وأما تأخيرها عن يوم الفطر فذكر المرداوي في الإنصاف 3/179 أن المذهب الذي عليه الأصحاب أنه يأثم وعليه القضاء، ثم قال: "وعنه: لا يأثم، نقل الأثرم: أرجو أن لا بأس. وقيل له في رواية الكحال: فإن أخرها؟ قال: إذا أعدَّها لقوم".
وقال الخطابي في معالم السنن 2/48: "وقد رخص ابن سيرين والنخعي في إخراجها بعد يوم الفطر، وقال أحمد: أرجو أن لا يكون بذلك بأس".
وراجع: الفروع 2/533(3/1133)
قال إسحاق: كما قال، قبل الصلاة1.
[647 -] قلت: يعطي صدقة الفطر عن المكاتب؟
قال: لا تعطى عن المكاتب2.
قال إسحاق: يعطي عنه إذا كان في عياله، وإلا فلا3.
[648 -] قلت: وعن رقيق امرأته؟
قال: وعن رقيق امرأته يعطي4.
[649 -] قلت: عن5 الآبق؟
قال: والآبق إذا علم مكانه أعطى عنه6.
__________
1أي قبل صلاة العيد، وتقدم أن بعض أهل العلم قد حكى الإجماع على أن هذا هو الأفضل، انظر: المجموع 6/83.
2انظر: مسائل عبد الله ص 168، والفروع 2/517، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/685.
3راجع المسألة رقم (628) ، ورقم (666) من هذا الباب.
4تقدم عند المسألة رقم (628) من هذا الباب.
5من ظ، وفي ع: [وعن] بزيادة الواو.
6هذا الحكم إذا علم مكانه، وهو المذهب وعليه الأصحاب.
انظر: مسائل عبد الله ص 168-169، والمحرر 1/226، والمقنع 1/339، والفروع 2/530، والإنصاف 3/173، وراجع الاستذكار 9/339.
وقارن مع ما تقدم عنه في المسألة السابقة رقم (627) .(3/1134)
قال إسحاق: كما قال1.
[650 -] قلت: يعطي2 عن العبد إذا كان للتجارة؟
قال: يعطي إلا عن مملوكين نصارى3.
قال إسحاق: ويعطي عن النصارى أيضاً4.
[651 -] قلت [لأحمد] 5: العسل، والعنبر6، فيهما زكاة؟
__________
1تقدم هذا عند المسألة رقم 82 من هذا الباب.
2من ظ، وفي ع: [قال: قلت: ويعطي] .
3انظر مسائل عبد الله ص 168، ومسائل أبي داود ص 86. وقال في رواية أبي داود ص 87: "سمعت أحمد ذكر صدقة رمضان عن العبد النصراني، قال: إنما هي طهرة، وأي شيء يطهر من النصارى". وانظر أيضاً: المغني - مع الشرح الكبير - 2/690، والفروع 2/522-523، وراجع: الاستذكار 9/337.
4انظر: جامع الترمذي - مع التحفة - 3/351، واختلاف الفقهاء للمروزي ص 441-442، والاستذكار 9/337، وشرح السنة للبغوي 6/72، والمجموع للنووي 6/58، وفتح الباري 3/370.
5من ظ، وليست في ع.
6العنبر: نوع من الطيب، قال الشافعي - رحمه الله تعالى - في الأم 3/114: "أخبرني عدد ممن أثق به أن العنبر: نبات يخلقه الله تعالى في حشاف [أي صخور] في البحر" ثم ذكر أنه ربما أكله الحوت فمات، فيشق بطنه فيستخرج منه، فيظن أن أصله منه وليس به.
ونُقل عن بعض الأطباء أنه: ماء يخرج من عين في البحر، يطفو، ويرمى بالساحل. انظر: الكليات ص 655.
وقال بعضهم: هو روث دابة بحرية. انظر القاموس المحيط 2/96. وطالع فتح الباري 3/362.(3/1135)
قال: أما العسل، ففيه العشر1. والعنبر قد قال فيه ابن عباس -[رضي الله عنهما]-2.
__________
1قال المرداوي في الإنصاف 3/116: "هذا المذهب، رواية واحدة، وعليه الأصحاب، وهو من مفردات المذهب".
وقال ابن مفلح في الفروع 2/450: "يتوجه لأحمد رواية أخرى: لا زكاة فيه".
وانظر: مسائل أبي داود ص 79، ومسائل عبد الله ص 165، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/577.
2من ع، وليس في ظ.
وهذا الأثر الذي أشار إليه الإمام أحمد، عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - لعله يقصد به ما جاء عنه أنه قال: "ليس في العنبر زكاة، وإنما هو شيء دسره البحر".
أخرجه عنه: الشافعي في الأم - باب السلف - 3/114، وأبو عبيد في الأموال ص 433، رقم 885، وعبد الرزاق في المصنف 4/65، وابن أبي شيبة في المصنف 3/142، والبيهقي في السنن الكبرى 4/146، وعلقه عنه البخاري في صحيحه بصيغة = =(3/1136)
.............................................................................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
== الجزم - كتاب الزكاة - باب ما يستخرج من البحر - انظره مع الفتح 3/362.
وهذا الأثر صححه النووي في المجموع 6/7، على أنه قد جاء أثر آخر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في المسألة نفسها - وهو حين سئل عن العنبرـ: "إن كان فيه شيء، ففيه الخمس".
أخرجه: الشافعي في الأم - باب السلف - 3/114، وعبد الرزاق في المصنف 4/64-65، وابن أبي شيبة في المصنف 3/143، والبيهقي في السنن الكبرى 4/146.
وصححه ابن حزم في المحلى 6/117.
وقال البيهقي في السنن الكبرى بعد أن ذكر الروايتين كلتيهما: "فابن عباس علَّق القول فيه في هذه الرواية، وقطع بأن لا زكاة فيه، في الرواية الأولى، فالقطع أولى والله أعلم".
وقال ابن حجر في فتح الباري، 3/363: "ويجمع بين القولين بأنه كان يشك فيه، ثم تبين له أن لا زكاة فيه، فجزم بذلك.".
هذا وأرجح - والله تعالى أعلم - أن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - يقصد الأثر الأول؛ لأمرين:
الأول: لما جاء في نسخة الظاهرية من مسائل أبي داود المعلقة في الحاشية من المطبوع، انظر حاشية ص 79 منه.
الثاني: أن كتب الحنابلة - التي اطلعت عليها - لم تذكر عن الإمام أحمد رواية أن في العنبر الخمس، وإنما جاء عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - فيه روايتان:
الأولى: أنه لا زكاة فيه.
قال في الفروع: "نصَّ عليه".
وقال في الإنصاف 3/122"هذا المذهب مطلقاً"،
والثانية: أن فيه الزكاة، كالمعدن، ربع العشر.
انظر: المقنع 1/326، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/620، والمحرر 1/222، والفروع 2/488.
وراجع: مسائل أبي داود ص 79، والاستذكار 9/77.
فائدة: قال ابن مفلح في الفروع 2/446: "واقتصاره على الجواب بفعل رجل، يقتضي أنه مذهبه في أحد الوجهين، ذكره شيخنا".(3/1137)
قال إسحاق: في العسل العشر1، والعنبر كذلك أيضاً يؤخذ منه الخمس2.
[652 -] قلت: الركاز أين يكون في أرض الإسلام أو في أهل3 الشرك؟
قال: الركاز الكنز العادي.
قال إسحاق: كما قال4 [ع-31/ب] .
__________
1انظر: جامع الترمذي - مع التحفة- 3/272، ومعالم السنن 2/43، وشرح السنة 6/45، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/577، والمجموع 5/414، وفتح الباري 3/348.
2انظر: المجموع 5/464.
3من ظ، وفي ع: [أرض] بدلاً من قوله: "في أهل".
4الركاز: في اللغة: من ركز الشيء إذا أثبته في الأرض ونحوها، وانظر: مقاييس اللغة لابن فارس 2/433.
وقال النووي في المجموع 6/38: "والركاز هو المركوز بمعنى المكتوب، ومعناه في اللغة: المثبوت، ومنه ركز رمحه يركزه - بضم الكاف - إذا غوره وأثبته. وهو في الشرع: دفين الجاهلية".
قال في المقنع 1/328: "والركاز ما وجد من دفن الجاهلية، عليه علامتهم".
فقال المرداوي في الإنصاف 3/130: "بلا نزاع، وكذا لو كان عليه علامة من تقدم من الكفار في الجملة في دار الإسلام، أو عليه أو على بعضه علامة كفر فقط. نصَّ عليه".
وانظر الفروع 2/497، والمبدع 2/361.
وتفسير الإمامين أحمد وإسحاق - رحمهما الله تعالى - للركاز بأنه الكنز العادي قد جاء أيضاً قبلهما، عن الحسن البصري - رحمه الله تعالى - فيما رواه عنه ابن أبي شيبة - رحمه الله تعالى - في المصنف 3/225.
وراجع: مسائل عبد الله ص 167، والفروع 2/489، وشرح السنة 6/59، وفتح الباري 3/364-365.
وطالع: المسألة المتقدمة رقم (552) من هذا الباب.(3/1138)
[653 -] قلت: في أي شيء يكون الركاز؟
قال: الذهب، والفضة العادية1.
__________
1قال البغوي - رحمه الله تعالى - في شرح السنة 6/58-59: "الركاز: اسم للمال المدفون في الأرض. والمعدن: اسم للمخلوق في الأرض، وقد يقع اسم الركاز عليهما جميعاً؛ من حيث إن المدفون ركزه صاحبه في الأرض، والمخلوق ركزه الله في الأرض".
قال ابن عبد البر - رحمه الله تعالى - في الاستذكار - 9/65: "أصل الركاز في اللغة ما ارتكز بالأرض من الذهب والفضة وسائر الجواهر. وهو عند الفقهاء أيضاً كذلك؛ لأنهم يقولون في البدرة التي توجد في المعدن، مرتكزة بالأرض، لا تنال بعمل، أو سعي، أو نصب، فيها الخمس، لأنه ركاز. ودفن الجاهلية لأموالهم عند جماعة أهل العلم، ركاز أيضاً، لا يختلفون فيه إذا كان دفنه قبل الإسلام، وكان من الأمور العادية. وأما ما كان من ضرب الإسلام، فحكمه عندهم حكم اللقطة؛ لأنه ملك لمسلم، لا خلاف بينهم في ذلك، فقف على هذا الأصل، وبالله التوفيق.".(3/1139)
قلت: يكون في الصفر؟
قال: الصفر يكون في الحجارة، ولا يؤخذ إلا بالمؤونة1، هو2 معدن.
قال إسحاق: كما قال3.
[654 -] قلت [لأحمد] 4: من تحل له الصدقة5؟
__________
1من ظ، وفي ع: [بالمعونة] .
2من ع، وفي ظ: [من] بدلا من قوله: [هو] .
3انظر: المجموع 6/47، وفيه أن مذهب إسحاق أن الركاز يجب في كل موجود، ولا يقتصر على الذهب، والفضة. وعزا هذا إلى أحمد أيضاً.
وراجع: المجموع 6/31، وفتح الباري 3/365.
4من ظ، وليست في ع.
5من ظ، وفي ع: [لم تجب له] بدلا من قوله "من تحل له الصدقة" على أن الحرف الأول في ع محتمل.(3/1140)
قال: أقول على حديث حكيم بن جبير1، ولكن المسألة لا تحل لأحد وعنده ما يعشيه ويغديه2.
__________
1هو حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سأل وله ما يغنيه، جاءت خموشاً أو كدوحاً في وجهه يوم القيامة. قيل: يا رسول الله: وما يغنيه؟ قال: خمسون درهماً، أو حسابها من الذهب".
وقد تقدم تخريجه عند المسألة رقم (573) من هذا الباب.
وأما حكيم بن جبير فهو: حكيم بن جبير الأسدي الكوفي، مولى بني أمية، وقيل: مولى ثقيف، متهم بالرفض، روى عن موسى بن طلحة، وأبي وائل، وإبراهيم النخعي، وغيرهم، وروى عنه الأعمش، والسفيانان، وجماعة، عدَّه الحافظ ابن حجر من الطبقة الخامسة، الطبقة الصغرى من التابعين، وأكثر الحفاظ ونقدة الحديث على تضعيفه، وتوهينه، بل كذبه بعضهم، وبعضهم جعله في درجة المتروك، وإن كان من الحفاظ من قال إن محله الصدق.
انظر: "العلل ومعرفة الرجال" رواية المروذي وغيره عن أحمد ص 87، وأحوال الرجال للجوزجاني ص48، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/201-202، والضعفاء الكبير للعقيلي 1/316، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي 2/216-219، وتهذيب التهذيب 2/445-446، وتقريبه ص 176 رقم 1468.
وراجع: ما كتب عنه عند المسألة رقم (573) من هذا الباب.
2انظر: مسائل أبي داود ص 84، والفروع 2/594-595 وفيه:
من أبيح له أخذ شيء، أبيح له سؤاله، نصَّ عليه، ….
وعنه: يحرم السؤال، لا الأخذ على من له قوت يومه، غداء وعشاء. ذكر ابن عقيل أنه اختاره جماعة، ….
وعنه: غداء أو عشاء؛ لاختلاف لفظ الخبر، وعنه: خمسون درهماً. لخبر ابن مسعود.
ذكر هذه الروايات الخلال، ولا يخفى أن ما ههنا في المسائل هو وفق الرواية الثانية.(3/1141)
قال إسحاق: كما قال، وإن1 أخذ أحد2، فلا يعطى من له الأوقية كان قوياً3 [ظ-19/ب] .
[قال إسحاق بن منصور: الأوقية أربعون درهماً4] 5.
__________
1من ظ،، وفي ع: [قال: وإن] بزيادة قال:
2هكذا في ظ على احتمال، وفي ع: [أخذ أخذ] ، وفي المسألة السابقة رقم (573) قال: "وإن احتاط"، فاحتمال التصحيف قريب، وإن كان المعنى ههنا ظاهراً أيضاً.
3تقدم توثيق مذهب إسحاق - رحمه الله تعالى - في هذه المسألة عند المسألة السابقة رقم (573) .
4هذا موضع إجماع من أهل العلم، حكى الإجماع فيه ابن عبد البر في التمهيد 20/143، وفي الاستذكار9/16، والنووي في المجموع 5/ 463.
وانظر: جامع الترمذي -مع التحفة - 3/265-266، ومعالم السنن 2/14، والسنن الكبرى للبيهقي 4/134، والشرح السنة للبغوي 5/501، والمطالب العالية 1/251.
والأوقية تساوي 119 جراماً من الفضة؛ لأن الدرهم الواحد يساوي 2,975 جراماً، وهذا درهم النقود.
انظر: الخراج للريِّس ص 354، والأموال لعبد القديم زلوم ص 62، وقارن مع ما ذكر عند المسألة السابقة رقم (566) من هذا الباب.
5ما بين المعقوفين من ع، وليس في ظ.(3/1142)
655-1 قلت [لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل -رحمه الله-] 2: يجزيه3 الزكاة في صنف واحد؟
قال: أن4 يفرق5 أحب إليّ، ويجزيه في صنف واحد6.
قال إسحاق: كما قال7، إلا المؤلفة [قلوبهم] 8 والعاملين، فإن
__________
1في ظ كتب قبل هذه المسألة بخط بارز وسط السطر: [الجزء الثاني] ثم كتب تحته: [فيه بقية الزكاة، وباب الصيام، والحيض، والنكاح، والطلاق، ويتلوه باب الصيام] على أن كلمة الصيام الأخيرة ليست واضحة في ظ، وهي ظاهرة في م، ثم كتب بعد ذلك: [… ابن منصور المروزي قال: قلت لأبي عبد الله…] الخ، وموضع النقط الأولى مطموس في ظ، وفي م بيَّض له، فقال: بياض بالأصل، إلا أنه كتب إسحاق ابن منصور … الخ.
2من ظ، وليست في ع.
3من ع، وفي م: [تجزئ] .
4من ظ، وفي ع: [لأن] .
5من ظ، وفي ع سقط حرف القاف.
6هذا المذهب، نصَّ عليه، وعليه جماهير الأصحاب، وعنه: يجب استيعاب الأصناف كلها.
انظر: المقنع 1/352، والفروع 2/626، والإنصاف 3/248، والمبدع 2/428-429، وراجع: معالم السنن 2/59.
7من ع، وفي م: [قلت: إنما قال] بدلاً من: "قال إسحاق: كما قال".
8من ع، وليست في ظ.(3/1143)
الأصناف الستة قد ثبتت لهم الصدقة1.
[656 -] [قلت: يعطى من] 2 الزكاة مشرك، أو عبد، أو نصراني، أو يهودي؟
__________
1من ظ، وفي ع: [الصدقة لهم] تقديم وتأخير.
قال الخطابي - رحمه الله تعالى - في معالم السنن 2/60: "ولم يختلفوا في أن السهام الستة ثابتة مستقرة لأهلها، في الأحوال كلها".
ثم ذكر في 6/93 أن مذهب إسحاق أن سهم المؤلفة قلوبهم ساقط، لانقطاعهم بانتشار الإسلام.
وقال في 2/60: "… فأما إذا كان الرجل هو الذي يتولى إخراج الصدقة، وقسمها بين أهلها، فليس فيها للعاملين حق.".
وهذا كله يفسِّر سبب استثناء إسحاق لهذين الصنفين عند الإجابة على السؤال. وانظر أيضاً: المحلى 6/143-145.
هذا وليعلم أيضاً أن الترمذي في جامعه - مع التحفة - 3/335 ذكر أن مذهب إسحاق عدم إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة، لانقطاعهم بعد عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك جاء في شرح السنة 6/93.
وراجع في المسألة - أيضاً - المصنف لابن أبي شيبة 3/ 182-183، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي للجصاص 1/482، والاستذكار 9/204. والله تعالى أعلم.
2من ع، وقال في م: بياض بالأصل، يعني في: ظ، ولم أتبينه لشدة الطمس في الصورة.(3/1144)
قال: لا يعطى إلا المسلمين1.
قال إسحاق: كما قال2.
[657 -] قلت: يخرج الزكاة من بلده [إلى بلد] 3؟
قال: لا يخرجها4.
__________
1من ظ، وفي ع: [المسلمون] .
وانظر المغني - مع الشرح الكبير - 2/517 فقد قال ابن قدامة: "لا نعلم بين أهل العلم، خلافاً في أن زكاة الأموال لا تعطى لكافر ولا مملوك".
هذا وقد نصت بعض كتب المذهب على استثناء بعض الأصناف من هذا الحكم، كالمؤلفة، والغارمين، والعاملين، والغزاة.
انظر: الفروع 2/637، والإنصاف 3/252، والمبدع 2/431.
2تقدم أن ابن قدامة حكى الإجماع في المسألة.
وممن حكى الإجماع فيها أيضاً ابن المنذر كما في الإجماع ص45-46، وابن عبد البر في الاستذكار 9/223.
3من ع، وليست في ظ.
4قال في المغني - مع الشرح الكبير - 2/531: "المذهب على أنه لا يجوز نقل الصدقة، من بلدها إلى مسافة القصر".
وانظر: مسائل عبد الله ص 148-150، ومسائل أبي داود ص 83.
وقال في الإنصاف 3/200: "هذا المذهب، … وعليه أكثر الأصحاب،… وسواء في ذلك نقلها لرحم، أو شدة حاجة/ أَوْ لا، نصّ عليها.
وعنه: يجوز نقلها إلى الثغر وغيره، مع رجحان الحاجة".
وراجع: الفروع 2/559-560، واختلاف الفقهاء للمروزي ص 447.(3/1145)
قال إسحاق: كما قال1.
[658 -] [قلت لأحمد: إذا] 2 كان مملوك3 بين اثنين [من] 4 يؤدي عنه صدقة الفطر؟
قال: يؤدي كل واحد بحصته5.
قال إسحاق: كما قال6.
__________
1انظر الآثار وأقوال أهل العلم في المسألة في: المصنف لابن أبي شيبة 3/167-168، والأموال لأبي عبيد ص 708، والمجموع 6/170.
2من ع، وفي م قال: بياض بالأصل، يعني في ظ، ولم أتبينه لشدة الطمس في الصورة.
3من ظ، وفي ع: [مملوكاً] .
4من ع، وليست في ظ.
5من ظ، وفي ع: [من حصته] . وقوله: "يؤدي كل واحد بحصته" هذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهي الظاهر عنه.
وعنه: على كل واحد صاع. اختاره أكثر الأصحاب، وهو من المفردات.
وجاء عن أحمد أنه رجع عن هذه الرواية الثانية.
انظر: مسائل عبد الله ص 168، المقنع 1/339، والفروع 2/526-527، والإنصاف 3/169-170، وراجع حلية العلماء 3/103.
6انظر مذهبه هذا في المجموع للنووي 6/60.(3/1146)
[659 -] قلت: يشتري أباه، وأمه1 من الزكاة، فيعتقهما؟
قال: لا يشتري أباه، ولكن يشتري غير أبيه، فيعتقه، وإن ورث منه شيئاً، جعله في الرقاب2.
قال إسحاق: هو كما قال، والأب جائز أيضاً3.
[660 -] [قلت: إلى] 4 من يدفع الزكاة أحب إليك؛ السلطان، أو يقسمها هو؟
قال: يفرقه5 هو أحب إليّ، وإن أعطاه6 السلطان فهو وجه العمل،7
__________
1من ظ، وفي ع: [أو ابنه] بدلا من قوله: "وأمه".
2تقدم هذا في المسألة رقم (548) من هذا الباب، وراجع: فتح الباري 3/332.
3تقدم هذا - أيضاً - في المسألة رقم (548) من هذا الباب.
4من ع، وفي ظ بياض وطمس في الصورة أشار إليه في م.
5من ظ، وفي ع: [يفرقها] .
6من ظ، وفي ع: [أعطاها] .
7انظر: مسائل عبد الله ص 152، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 115، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/507-509، والفروع 2/556-558، والإنصاف 3/191. وقال: "هذا المذهب في ذلك كله، وعليه أكثر الأصحاب، وهو من المفردات،… وقيل: يجب دفعها إلى الإمام إذا طلبها،، وفاقاً للأئمة الثلاثة.
وعنه: يستحب أن يدفع إليه العشر، ويتولى هو تفريق الباقي،…
وعنه: دفع المال الظاهر إليه أفضل.
وعنه: دفع الفطرة إليه أفضل،…
وقيل: يجب دفع زكاة المال الظاهر إلى الإمام، ولا يجزئ دونه".
قلت: قوله "العشر" يعني به زكاة الخارج من الأرض.(3/1147)
ولا يُعْدَى بالزكاة هذه الأصناف1.
قال إسحاق: كما قال2.
[661 -] قلت: الشاء3 إذا كانت للتجارة؟
قال: في ثمنها الزكاة، إلا4 أن تكون اتخذت للولادة5.
قال إسحاق: كما قال.
__________
1انظر: مسائل عبد الله ص 147.
2حكى النووي في المجموع 6/106 و 6/147 الإجماع على أن للمالك أن يفرق زكاة ماله الباطن بنفسه.
وانظر الآثار في المسألة في المصنف لابن أبي شيبة 3/156-158، والاستذكار 9/33، و 9/103.
3من ع، وفي ظ: [الشاة] بالإفراد.
4من ظ، وفي ع: [قال: إلا] بزيادة "قال".
5المذهب أنه إذا اجتمع السوم، ونية التجارة في بهيمة الأنعام، زكاه زكاة التجارة.
انظر: المغني - مع الشرح الكبير - 2/629.(3/1148)
[662 -] قلت: ما يأخذه1 العشار يحتسب [به] 2 من الزكاة؟
قال: نعم يحتسب به3.
قال إسحاق: كما قال4.
[663 -] قلت: يأخذ5 العروض في الزكاة؟
قال: قد رُوي هذا عن معاذ – [رضي الله عنه] 6–.
__________
1من ظ، وفي ع: [يأخذ] بدون هاء.
2من ظ، وليست في ع.
3انظر: المغني - مع الشرح الكبير - 2/509-510، والاستخراج لابن رجب ص 154-155.
4قال أبو عبيد في الأموال ص 685: "إذا مَرَّ رجل مسلم بصدقته على العاشر، فقبضها منه، فإنها عندنا، جازية عنه؛ لأنه من السلطان، وكذلك أفتت العلماء".
ومع هذا، فالآثار مختلفة في هذا، انظر: مصنف ابن أبي شيبة 3/166-167، والأموال لأبي عبيد ص 685-686، والأموال لابن زنجويه 3/1216-1219، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي للجصاص 1/440.
5من ظ، وفي ع: [تؤخذ] .
6من ع، وليست في ظ.
وهذا الأثر عن معاذ - رضي الله تعالى عنه - أنه كان يأخذ العروض في الزكاة.
أخرجه عنه: يحيى بن آدم في كتابه الخراج ص 147، وعبد الرزاق في مصنفه 4/105، وابن أبي شيبة في المصنف 3/181، وابن زنجويه في الأموال 3/1188، والحارث بن أبي أسامة في مسنده، كما في المطالب العالية 1/238، والبيهقي في السنن الكبير 4/113، وذكره البخاري في صحيحه تعليقاً بصيغة الجزم - في كتاب الزكاة منه -باب العرض في الزكاة - انظره مع شرحه فتح الباري 3/311، ونصه فيه: "وقال طاووس: قال معاذ: ……"الخ.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 3/312: "هذا التعليق صحيح الإسناد إلى طاووس، لكن طاووس لم يسمع من معاذ، فهو منقطع، فلا يغتر بقول من قال ذكره البخاري بالتعليق الجازم، فهو صحيح عنده، لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة إلى من علق عنه، وأما باقي الإسناد فلا".
وانظر تغليق التعليق للحافظ 3/13.
ونقل البيهقي في السنن الكبرى عن أبي بكر الإسماعيلي قوله: "حديث طاووس عن معاذ إذا كان مرسلاً، فلا حجة فيه". انظر: السنن الكبرى 4/113.(3/1149)
وأما1 أنا فلا يعجبني2.
قال إسحاق: هو جائز إذا كان على وجه النظر للمساكين3.
[664 -] قلت: قوله "المعتدي4 في الصدقة، كمانعها"5؟
__________
1من ظ، وفي ع: [فأما] .
2تقدم هذا في المسألة رقم (550) من هذا الباب.
3تقدم هذا في المسألة رقم (550) من هذا الباب.
4من ظ، وفي ع: [المتعدي] .
5جاء هذا من حديث أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه - أخرجه: أبو داود في سننه - كتاب الزكاة - آخر حديث في باب زكاة السائمة - 1/251، والترمذي في جامعه - مع التحفة - 3/308، وابن ماجة في سننه - 1/578، وأبو عبيد في الأموال ص 492-493، وابن خزيمة في صحيحه 4/51-52، وابن زنجويه في الأموال 3/877، والبيهقي في السنن الكبرى 4/97.(3/1150)
قال: يعني يتعدى المُصَدِّق1، يأخذ ما لا يجب [له] 2.
[665 -] قلت: صدقة الفطر؟
قال: [على] 3 حديث أبي سعيد الخدري – [رضي الله عنه] 4–
__________
1من ع، وفي ظ: [المتصدق] .
2من ع، وليست في ظ. وقال البغوي في شرح السنة 6/78: "ومعنى الحديث: أن على المعتدي في الصدقة من الإثم، ما على المانع".
3من ع، وليست في ظ.
4من ع، وليست في ظ. وحديث أبي سعيد - رضي الله تعالى عنه - هو ما اتفق الشيخان على إخراجه في صحيحيهما، قال: "كنا نخرج زكاة الفطر، صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب".
انظر: صحيح البخاري - كتاب الزكاة - باب صدقة الفطر، صاعاً من طعام - انظره مع فتح الباري 3/371.
وصحيح مسلم - مع شرح النووي - 4/336.
وانظر مذهب الإمام أحمد في هذا: مسائل عبد الله ص 169، ومسائل أبي داود ص 84، والمقنع 1/341، والفروع 2/533-535، والإنصاف 3/179-182، والمبدع 2/393-394.(3/1151)
قال إسحاق: يخرج صاعاً صاعاً1.
[666 -] قلت: زكاة2 الفطر، على من جرتْ عليه نفقته3؟
قال: نعم4.
قال إسحاق: كما قال5.
[667 -] قلت: العبد يكون في الماشية أو الحائط عليه صدقة الفطر؟
قال: نعم6.
قال إسحاق: كما قال7.
__________
1من ظ، وفي ع: [صاعاً] بدون تكرار.
وانظر مذهب إسحاق هذا في: جامع الترمذي - مع التحفة - 3/345، ومعالم السنن2/50، والاستذكار 9/358، وشرح السنة 6/74، والمجموع 6/84.
2من ظ، وفي ع: [صدقة] بدلاً من [زكاة] .
3من ظ، وفي ع: [نفقتك] .
4تقدم هذا عند المسألة رقم (628) من هذا الباب.
5تقدم هذا عند المسألة رقم (628) من هذا الباب.
6قال ابن قدامة في المغني - مع الشرح الكبير - 2/672: "وأما العبيد فإن كانوا لغير التجارة، فعلى سيدهم فطرتهم، لا نعلم فيه خلافاً".
7تقدمت آنفا حكاية ابن قدامة للإجماع في المسألة، وانظر: الإجماع لابن المنذر ص 45.
وانظر ما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 4/161 أن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - كان يؤدي زكاة الفطر عن كل مملوك له في أرضه، وغير أرضه".
هذا، وبعد قوله هنا "قال إسحاق: كما قال"كرر في نسخة ظ رأس المسألة هذه، فكتب مرة أخرى: [قلت: العبد يكون في الماشية أو الحائط] ثم وضع فوقه خطاً، وشرع في المسألة الثانية من بداية السطر، وفي نسخة م ضرب على المسألة برمتها.(3/1152)
[668 -] قلت: سئل الأوزاعي عن المرأة تؤدي زكاة مهرها، إذا كان زوجها ملياًّ.
قال: ليس تعد المرأة صداقها، مالاً1.
قال أحمد: تزكيه إذا قبضته لما مضى2.
قال إسحاق: كما قال، وإن كان زوجها ملياًّ، تقدر على أخذه، أخرجت الزكاة كل عام3.
[669 -] قلت: إن رجلاً أتى علياًّ4 بزكاة ماله، فقال: هل نعطيك
__________
1لم أعثر الآن على قول الأوزاعي هذا فيما بين يدي من المصادر الأخرى.
2انظر هذا في: مسائل أبي داود ص 78، ومسائل عبد الله ص 156، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/642-643.
وراجع تفصيل الأقوال في المذهب في الفروع 2/327-329، والإنصاف 3/20.
3زكاة المهر، كزكاة الدين عنده، وتقدم مذهبه في زكاة الدين، عند المسألة رقم (622) ورقم (637) .
4في ع زيادة: [عليه السلام] .(3/1153)
[شيئاً] 1؟ قال: لا2.
[قال] 3: يقول: اقسمه أنت4.
قال إسحاق: كما قال عليّ – [رضي الله عنه] 5 –. وهذا من عليٍّ6، إذنٌ له.
[670 -] قلت: الأكار7 إذا أخرج في نصيبه ما يجب فيه العشر، أيعطي؟
__________
1من ظ، وليست في ع.
2وتكملة الأثر: "… قال: لا نجمع عليك أن لا نعطيك، ونأخذ منك" وفي لفظ: "فأمره أن يقسمها".
وهذا الأثر عن علي - رضي الله تعالى عنه - أخرجه: أبو عبيد في الأموال ص 682 رقم 1806، وعبد الرزاق في المصنف 4/117 رقم 7172، وابن أبي شيبة في المصنف 3/158، وابن زنجويه في الأموال 3/1156 رقم 2154، من حديث عطاء قال جاء رجل إلى علي، وفي لفظ: عن عطاء بلغنا عن علي - رضي الله تعالى عنه -، وهذا ظاهره الانقطاع، والله تعالى أعلم.
3من ع، وليست في ظ.
4جاء - أيضاً - نحو هذا التفسير للأثر عن معمر - رحمه الله تعالى- فيما أخرجه عبد الرزاق في المصنف 4/118 وفيه: "قال معمر: إنما يقول: لا نأخذ منكم، ولكن ضعوها أنتم مواضعها".
5من ع، وليست في ظ.
6في ع زيادة: [كرم الله تعالى وجهه] .
7الأكار: الزَّرَّاع، والإكارات: هي الأراضي التي يدفعها أربابها إلى الأكرة فيزرعونها ويعمرونها، فظهر من هذا، أن الأكار هو المزارع الذي يستأجر الأرض، ليزرعها. انظر: النهاية لابن الأثير 1/57، والمغرب للمطرزي 1/29.(3/1154)
قال: نعم1.
قال إسحاق: وأما الخراج والعشر فيجتمعان2، فإن السنة مضت من رسول الله –صلى الله عليه [وسلم] 3–، والخلفاء بعده، [ع-32/أ] أن العشر فرض، من فرائض الله – [عز وجل] 4– في البر، والشعير، [والتمر] 5، والزبيب6؛ لما قال الله – [تبارك وتعالى] 7: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} 8 يعني: الحبوب والثمار، واختلفوا فيما سوى الأصناف الأربعة، من الحبوب.
__________
1تقدم في المسألة رقم (602) من هذا الباب نظير هذه المسألة في الحكم.
2انظر: المجموع للنووي 5/454.
3من ع، وليست في ظ.
4من ع، وليست في ظ.
5من ع، وليست في ظ.
6وجوب الزكاة في هذه الأصناف الأربعة، هو موضع إجماع من أهل العلم، انظر: الإجماع لابن المنذر ص 43.
7من ع، وليست في ظ.
8من الآية 267 من سورة البقرة.(3/1155)
فرأى طائفة من أهل العراق، ومن سلك طريقهم، من أهل الأمصار: أن لا زكاة في شيء من الحبوب، إلا في الأصناف الأربعة؛ لما تأولوا حديث النبي –صلى الله عليه [وسلم] 1-، حيث أخذ من الأصناف الأربعة2، منهم\
__________
1من ع، وليست في ظ.
2جاء في هذا عدة أحاديث؛ منها: حديث موسى بن طلحة - رحمه الله تعالى - "قال: عندنا كتاب معاذ بن جبل عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه إنما أخذ الصدقة من الحنطة، والشعير، والزبيب، والتمر".
أخرجه: عبد الرزاق في المصنف 4/119، والحاكم في المستدرك 1/401 وقال: "هذا حديث قد احتج بجميع رواته، ولم يخرجاه، وموسى بن طلحة تابعي كبير، لم ينكر له أنه يدرك أيام معاذ - رضي الله عنه -" ولم يتعقبه الذهبي في التلخيص.
ومنها: حديث أبي بردة "عن أبي موسى ومعاذ بن جبل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثهما إلى اليمن، فأمرهما أن يعلما الناس أمر دينهم، وقال: لا تأخذوا في الصدقة، إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير، والحنطة، والزبيب، والتمر".
أخرجه: الحاكم في المستدرك 1/401، وصحح إسناده، ولم يتعقبه الذهبي. والبيهقي في السنن الكبرى 4/125، وراجع: المطالب العالية 1/241.
ومنها: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الزكاة في أربع: في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب".
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 3/138، وابن زنجويه في الأموال 3/1039-1040.
ومنها: حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنه - أخرجه يحيى بن آدم في الخراج ص 145، وغيرها.(3/1156)
لثوري،1 وابن المبارك،2 ومن سلك طريقهما3.
ورأى عامة علماء أهل الحجاز، ومن اتبعهم من علماء أهل الشام، وأهل العراق: أن4 كل حَبّ يدخر، أو تصير تلك الحبوب
__________
1مذهب الثوري في هذه المسألة أخرجه عنه يحيى بن آدم في كتابه "الخراج" ص 143 رقم 499، وص 149 رقم 537، وعزاه إليه: أبو عبيد في الأموال ص 569، وابن زنجويه في الأموال 3/1032، والمروزي في اختلاف الفقهاء ص 463، والطحاوي كما في مختصر اختلاف العلماء للجصاص 1/453، وابن عبد البر في التمهيد 20/149، والاستذكار 9/240 و 9/256، وابن رشد في بداية المجتهد 1/253، والنووي في المجموع 5/413، والعيني في عمدة القاري 7/333.
2مذهبه في هذه المسألة انظره، معزواً إليه في: غريب الحديث لابن قتيبة 1/185، واختلاف الفقهاء للمروزي ص 463، والاستذكار 9/256، والمحلى 5/222، وبداية المجتهد 1/253، والمغني - مع الشرح الكبير - 2/550.
3ممن سلك طريقهما في هذه المسألة: الحسن، وابن سيرين، والشعبي، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، ويحيى بن آدم، وأبو عبيد - رحمهم الله تعالى جميعاً.
انظر: الأموال لأبي عبيد ص 569، والخراج ليحيى بن آدم ص 142-149، واختلاف الفقهاء للمروزي ص 463، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي للجصاص 1/453، والاستذكار 9/256.
وراجع: المغني - مع الشرح الكبير - 2/550، والفروع 2/409.
4من ع، وفي م: [بأن] .(3/1157)
اأطعمات أهل مصر، من الأمصار، فإنه مثل الأصناف [ظ-20/أ] الأربعة1.
وهذا2 الذي نعتمد3 عليه؛ لما4 قال النبي -صلى الله عليه [وسلم]-5: " ليس في أقل من خمسة [أوسق من حب صدقة] 6 "7.
__________
1ممن ذهب هذا المذهب: إبراهيم، ومكحول، والزهري، والأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
انظر: الخراج ليحيى بن آدم ص 150-155، والأموال لأبي عبيد ص 569-571، واختلاف الفقهاء للمروزي ص 463، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي للجصاص 1/453، والتمهيد لابن عبد البر20/148-149، والاستذكار 9/240-241 و 9/256-257، والمحلى 5/209-213.
2من م، وفي ع: [وهو] .
3من ع، وفي م: [يعتمد] .
4من ظ، وفي ع: [ولما] .
5من ع، وليست في ظ.
6من ع، ومنطمس في ظ، وقال في م عند هذا الموضع: "بياض بالأصل".
7هذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه - في أول كتاب الزكاة - انظره مع شرح النووي 4/324، بلفظ: "ليس فيما دون خمسة أوساق من تمر ولا حب، صدقة".
وفي لفظ: "ليس في حب، ولا تمر، صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق" من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنه -.(3/1158)
فكل ما وقع عليه اسم الحب1، وهو مما يبقى في أيدي الناس، مما يصير في [بعض الأزمنة عند] 2 الضرورة، طعاماً لقوم فهو حبّ، يؤخذ منه العشر، إذا بلغ خمسة أوسق3.
[فكل ما أخرجت] 4 الأرضون شيئاً، من الحبوب التي وصفنا، كانت أرض خراج، أو عشر، فإن [العشر، فرض عليه] 5، لا يسقط الخراجُ العشر الذي فرض الله -[عز وجل]-6.
قال الله -[عز وجل]-7: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} 8 [فسره أهل العلم] 9 أنه الحب والثمار
__________
1من ظ، وفي ع: [حبّ] .
2من ع، ومطموس في ظ، وقال في م "بياض بالأصل".
3انظر مذهب إسحاق في هذه المسألة في: اختلاف الفقهاء للمروزي ص 464، والاستذكار 9/257، وفي التمهيد 20/149 نقل نص كلام إسحاق ههنا، وعزاه إليه من قوله: "كل ما وقع" إلى قوله: "يؤخذ منه العشر".
4من ع، ومطموس في ظ، وقال في م: "بياض بالأصل".
5من ع، ومطموس في ظ، وقال في م: "بياض بالأصل".
6من ع، وليست في ظ.
7من ع، وليست في ظ.
8من الآية 267 من سورة البقرة.
9من ع، ومطموس في ظ، وقال في م: "بياض بالأصل".(3/1159)
فصار العشر فرضاً مفروضاً، في الكتاب الناطق، [والسنة الماضية] 1، فكيف يُسقِطُ الخراج الذي وضعه أهل العلم، من أصحاب [النبي] 2 [محمد] 3 -صلى الله عليه [وسلم]-4 عامرها وغامرها، زُرعت، أو لم تزرع، العشر الذي فرضه الله -[عز وجل]-5 في الحبوب التي أخرجتها الأرض6؟!.
وقد قيل ذلك لعمر بن عبد العزيز حيث رأى [أن يأخذ] 7 العشر: إنها أرض خراج، [قال: الخراج على الأرض، والعشر على
__________
1من ع، ومطموس في ظ، وقال في م: "بياض بالأصل".
2من ع، وليست في ظ.
3من ظ، وليست في ع.
4من ع، وليست في ظ.
5من ع، وليست في ظ.
6هذا من إسحاق بن راهويه - رحمه الله تعالى - استفهام إنكاري، وهو بهذا ينكر على الحنفية قولهم: إن الخراج والعشر، لا يجتمعان، والخراجُ عندهم حينئذ، يُسقط العشر الزكوي الواجب في الخارج من الأرض.
انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي للجصاص 1/443.
وانظر مذهب إسحاق في اجتماع الخراج، والعشر: المغني - مع الشرح الكبير - 2/590.
7من ظ، وليست في ع.(3/1160)
الحب] 1.
[671 -] قال إسحاق: وأما الرجل [الذي] 2 يملك الدار وقيمتها عشرة آلاف درهم، ولا شيء له سواها، [أيأخذ من الزكاة] 3؟ فإن السُّنة قد مضت بأن صاحب المسكن، والخادم، ومن لم يكن له شيء، [احتاج إلى ذلك الشيء، يعني] 4 من لباس5، وأثاث البيت، وما أشبهه6.
فإذا كانت الدار مسكنه، وفيها سعة، [وما يبلغ فوق مسكنه] 7 قيمة خمسين8 درهماً، أو أكثر، لم يُعْط من الزكاة؛ لأنه قادر على
__________
1من ع، ومطموسة في ظ، وقال في م: "بياض بالأصل". هذا.
وقد تقدم تخريج هذا الأثر، عن عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى - عند المسألة (566) من هذا الباب.
2من ظ، وليست في ع.
3من ع، وفي ظ بياض، ولم يشر إليه في م.
4من ع، ومطموس في ظ، وقال في م: "بياض بالأصل".
5من ظ، وفي ع: [لباسه] .
6كأن في الكلام سقطاً نحو: "فإنه يُعطى من الزكاة". وراجع: مصنف ابن أبي شيبة 3/179، وأحكام القرآن للجصاص 3/129-130.
7من ع، ومطموس في ظ، وقال في م: "بياض بالأصل".
8من ظ، وفي ع: [خمسون] .(3/1161)
أن يخرج [الفضل من يده] 1.
واختلف أهل العلم في [فضل] 2 سعة الدار؛ فرأى ابن المبارك إذا لم يمكنه بيع [فضل المسكن] 3، إلا أن يكون الطريق عليه، ولا يقدر أن يصرف الفضل من وجه آخر، فإنه يعطى، و [لا يحتسب عليه] 4 الفضل5.
ورأى الأوزاعي ومن اتبعه، أن يباع المسكن، فإذا6 أخذ ثمناً
__________
1من ع، ومطموس في ظ، وقال في م: "بياض بالأصل".
2من ظ، وليست في ع.
3من ع، ومطموس في ظ، وقال في م: "بياض بالأصل".
4من ع، ومطموس في ظ، وقال في م: "بياض بالأصل".
5لم أجد - الآن - رأي ابن المبارك - رحمه الله تعالى - هذا في مصدر آخر مما بين يديّ.
وراجع: الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني 2/94 و 2/150، والأموال لابن زنجويه 3/1199-1201.
وجاء في مسائل أبي داود ص 81: "سمعت أحمد - رحمه الله - سئل عن رجل له دار، يقبل الزكاة؟ قال، نعم، قلت: هي دار واسعة، قال: أرجو أن لا يكون به بأس".
وراجع - أيضاً -: المغني - مع الشرح الكبير - 2/525، والفروع2/617.
6من ظ، وفي ع: [إذا] .(3/1162)
اشترى1 [مسكناً قدر] 2 ما يسعه، ثم حينئذ يُعطى، إذا لم يكن عنده فضل عن3 المسكن، وعليه الحج إذا [كان مسكنه] 4 ذا ثمن، ويكتفي بدون ذلك5.
وهذا الذي يعتمد عليه؛ لأن6 ما قال الأوزاعي أشبه [بالسنة، لا يعطى رجل] 7 من الزكاة، وله دار8 قيمتها، خمسة آلاف [درهم] 9 أو أكثر10.
__________
1من ظ، وفي ع: [واشترى] .
2من ع، ومطموسة في ظ، وقال في م: "بياض بالأصل".
3من ظ، وفي ع: [من] .
4من ع، ومطموسة في ظ، وقال في م: "بياض بالأصل".
5لم أجد - الآن - رأي الأوزاعي - رحمه الله تعالى - هذا في مصدر آخر مما بين يديَّ.
6من ظ، وفي ع: [لا] .
7من ع، ومطموسة في ظ، وقال في م: "بياض بالأصل".
8من ظ، وفي ع: [وهو يملك داراً] بدلاً من قوله "وله دار".
9من ظ، وليست في ع.
10انظر مذهب إسحاق في نحو هذه المسألة في: المغني - مع الشرح الكبير - 2/524.(3/1163)
672-1 سئل إسحاق: ما يرى واجباً2 على رجل، من الزكاة في مال له اجتمع [ع-32/ب] في غير البلد الذي [هو به، منذ أحوال] 3، حال على بعضها الحول، وصاحب المال مختلط، ثم أفاق من ذلك، والمال مجتمع له [على حاله، وهل] 4 يجب5 عليه الزكاة6 في الوقت الذي بينت؟.
فقال: السنة في ذلك أن ينظر7 إلى يوم ملك المال الذي [تجب في] 8 مثله الزكاة، فكلما أتى عليه أحوال، وفي بعض ذلك لم يعقل، لما كان مختلطاً، [فإن الزكاة] 9 واجب10 عليه، أن يؤدي لما مضى؛ لأن أموال المجانين، ومن يُرَدّ [إلى] 11 أرذل العمر،
__________
1في ع: [سمعت إسحاق بن منصور وسئل إسحاق] الخ، والمثبت من ظ.
2من ظ، وفي ع: [واجب] .
3من ع، وفي ظ بياض، وقال في م: "بياض بالأصل".
4من ع، وفي ظ بياض، وأشار إليه في م.
5من ظ، وفي ع: [تجب] .
6من ظ، وفي ع: [الزكاة عليه] تقديم وتأخير.
7من ع، وغير واضحة في ظ، وفي م: [ينتظر] .
8من ع، وبياض في ظ، أشار إليه في م.
9من ع، وفي ظ بياض أشار إليه في م.
10من ظ، وفي ع: [واجبة] .
11من ظ، وليست في ع(3/1164)
فعليهم [الزكاة] 1 عند أهل العلم كلهم، وعند من قال بالرأي أيضاً2.
__________
1من ع، وفي ظ بياض أشار إليه في م.
2أما مذهب إسحاق وأكثر أهل العلم - في هذه المسألة - فقد تقدم عند المسألتين رقم (549) ، ورقم (641) .
وأما قوله: "عند أهل العلم كلهم، وعند من قال بالرأي أيضا ً" فهذا مشكل، فقد جاء الخلاف في هذه المسألة، عن بعض أهل العلم، وقد تقدم سياق طرف منه عند المسألة رقم (641) من هذا الباب.
وقد قال أبو عبيد في الأموال ص 552: "وأما سائر أهل العراق، سوى سفيان، ومن قال بقوله، فلا يرون في مال الصغير زكاة، ولا يرون على وصيه إحصاء ذلك أيضاً، ولا إعلامه، وكذلك المعتوه عندهم، وإنما قاسوا ذلك بالصلاة، وقالوا: إنما تجب الزكاة على من وجب عليه فرض الصلاة".
وقال محمد بن الحسن الشيباني في كتابه "الأصل" 2/45: "الصلاة لا تجب على الصغير، ولا على المعتوه، ولا على المجنون، فكذلك لا تجب الزكاة عليهم" وكذلك في 2/67-68 منه.
وجاء في كتاب " المختصر " للطحاوي ص 45: "ولا زكاة على طفل، ولا على مجنون، في مواشيهما، ولا في ذهبهما، ولا في فضتهما".
تنبيه: عند قوله آخر المسألة هذه رقم (672) : "… وعند من قال بالرأي أيضاً" انتهى كتاب الزكاة في النسخ، وبعده في ظ، كتب بخط عريض: [في الصيام] وفي ع كتب: [كتاب الصيام] .ا. هـ.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(3/1165)
وصف نسخ الكتاب (كتاب الصيام) :
يوجد لكتاب المسائل عن الإمامين أحمد وإسحاق الذي رواه عنهما الكوسج ثلاث نسخ خطية:
النسخة الأولى: النسخة الظاهرية وتوجد في المكتبة الظاهرية بدمشق برقم53 فقه حنبلي1، وتوجد لها صورة بدار الكتب المصرية برقم20755ب، كما توجد لها صورة بمكتبة دار الحديث بمكة المكرمة.
وتبتدئ هذه النسخة بسطر أوله بياض وأول، ما يتضح عبارة "يصلى بوضوء واحد ما باس".
وتنتهي بعبارة: "تم الجزء والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ورسول رب العالمين وسلم كثيراً".
وتحتوي على (113) ورقة، أي: (226) صفحة، وفي كل صفحة (34) سطراً تقريباً، وخطها دقيق جداً. ولم يذكر في هذه النسخة الناسخ ولا تاريخ النسخ، إلا أن فؤاد سزكين ذكر أنها في القرن الرابع الهجري2.
__________
1 انظر تاريخ التراث 2/204، 208.
2 المصدر السابق.(3/1197)
النسخة الثانية: نسخة دار الكتب المصرية المحفوظة برقم 22660ب، وهي منسوخة من النسخة الظاهرية سنة 1362هـ، وتوجد منها صورة بالجامعة الإسلامية برقم 2727، 2728 في مجلدين، يقع الأول في (639) صفحة، والثاني في (369) صفحة، منها (218) من هذه المسائل، وما بعد ذلك من مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله؛ فتبين أن صفحات نسخة دار الكتب (857) صفحة، وفي كل صفحة (21) سطراً.
النسخة الثالثة: النسخة العمرية، وقد أضيفت أخيراً إلى المكتبة الظاهرية1 وتوجد منها صورة بالجامعة الإسلامية برقم 3348، 3349، وتقع في (364) صفحة، وعدد الأسطر في كل صفحة ما بين 22-35سطراً. وتبتدئ بعبارة " بسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "، وتنتهي بعبارة " وكتبه لنفسه أفقر عبد إلى ربه عز وجل محمد بن عبد الرحمن بن محمد … " إلى أن قال: " وكان الفراغ منها يوم السبت شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين وسبعمائة بمحلة الصالحين بمنزله بصالحية دمشق المحروسة وغفر الله تعالى له، وللمسلمين أجمعين آمين ".
وقد بلغ " كتاب الصيام " - الذي هو موضوع التحقيق - سبعاً
__________
1 انظر: منادمة الأطلال ص244.(3/1198)
وستين مسألة، ويقع في أربع صفحات من النسخة الظاهرية، وست عشرة صفحة من نسخة دار الكتب المصرية، وخمس صفحات من النسخة العمرية.(3/1199)
منهجي في التحقيق:
1- حاولت أن يخرج الكتاب على أقرب صورة وضعه المؤلف عليها، وبذلت كل ما في وسعي لتحقيق ذلك.
2- رمزت للنسخة الظاهرية بالحرف "ظ"، وللعمرية بالحرف "ع"، ولنسخة دار الكتب المصرية بالحرف "م".
3- آثرت أن لا أتخذ أصلاً من النسخ، وإنما أثبت في المتن ما أراه صواباً من "ظ" و"ع"، فما اتفقت فيه النسختان أثبته في المتن بدون إشارة لذلك، وما اختلفا فيه أثبتُ ما أراه صواباً في المتن وجعلته بين قوسين هكذا () إن زاد على كلمة، وأشرت في الهامش إلى ما في النسخة المخالفة مع التعليل لوجه ما أثبتُه، أما إذا لم يترجح لدي ما في إحداهما على الأخرى فإنني أثبت ما في "ظ" لقدمها.
4- إذا وجدت زيادة في إحدى النسختين، ورأيت أن الصواب إثباتها، أثبتها بين معقوفتين هكذا [] ، وأشرت في الهامش إلى اسم النسخة التي سقطت منها، أما إذا رأيت استقامة المعنى بالإثبات وعدمه، فإنني أثبت الزيادة بين معقوفتين أيضاً إن كانت في "ظ" لقدمها، وأقول في الهامش: ساقطة من "ع"، أما إن كانت الزيادة في "ع" فإنني أكتفي بقولي في الهامش: في "ع" كذا، وأذكر العبارة كاملة.
5- إذا اتفقت النسختان في احتمال سقط أو تحريف، أثبت ما فيهما(3/1200)
وأشرت إلى ما أراه في الهامش محافظة على النص.
6- نهجت في الكتابة رسم المعروف في الوقت الحاضر، بدون إشارة إلى ما في النسخ.
7- اجتهدت بتثبيت قول الإمامين أحمد وإسحاق في كل مسألة بقدر الإمكان، فثبت قول الإمام أحمد من المسائل الأخرى المروية عنه، كرواية ابنيه صالح وعبد الله، وأبي داود وابن هانئ وغيرهم. فإن وردت المسألة عندهم بنصها، قلت: أورد هذه المسألة فلان في المسائل برقم كذا ص كذا. وإن كانت بمعناها قلت أورد نحوها فلان.
أما قول الإمام إسحاق فثبته من كتب الخلاف كالمغني، والمحلى، والإشراف، واختلاف الصحابة، وحلية العلماء، ونحوها، فإن لم أجد قوله أشرت إلى ذلك في الهامش غالباً.
8- بينت علاقة جواب الإمام أحمد في كل مسألة بالمذهب، فإن كان جوابه هو المذهب، قلت: هذا هو المذهب، وروى عنه كذا وكذا، وإن كان مخالفاً للمذهب قلت: هذه رواية، والمذهب كذا.
9- رقمت المسائل فبلغت سبعاً وستين مسألة.
10- عزوت الآيات القرآنية إلى مواضعها من السور.
11- خرجت الأحاديث النبوية، فإن كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما اكتفيت بتخريجه منهما أو من أحدهما، وإلا بينت درجته(3/1201)
من واقع الكتب التي تعنى بذلك.
12- ترجمت للأعلام الموجودين في النص ترجمة موجزة.
13- شرحت الكلمات الغريبة.
14- إن ورد في المسألة قول لأحد الأئمة اجتهدت في تثبيته من مواضعه.
15- وضعت في نهاية الكتاب فهارس للآيات القرآنية، والأحاديث والآثار، والأعلام المترجم لهم، والمصادر والمراجع، وأخيراً للموضوعات(3/1202)
كتاب الصيام 1
[673-] (قلت لأحمد) :2 من رأى هلال رمضان وحده (يصوم) 3 ومن رأى هلال شوال وحده (يفطر) ؟ 3 [ظ-20/ب]
قال: يصوم ولا يفطر.4
قال إسحاق: لا يصوم ولا يفطر، 5 لأن الصوم مع الجماعة.
__________
1 في "ظ": في الصيام.
والصيام لغة: الإمساك.
انظر: الصحاح 5/1970، المصباح المنير ص35.
وشرعاً: إمساك بنية عن أشياء مخصوصة في زمن معين من شخص مخصوص.
انظر: المبدع 3/3، الإقناع 1/302، شرح منتهى الإرادات1/437.
2 في "ع": قلت لأحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى ورضي عنه.
3 في "ع": أيصوم وأيفطر.
4 روى ذلك عنه أيضاً ابن هانئ في المسائل 1/129 برقم 629، وهذا هو المذهب، وما عليه أكثر الأصحاب.
روي عنه أن من رأى هلال رمضان وحده لا يلزمه الصوم، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن رأى هلال شوال وحده له الفطر.
انظر: الهداية 1/82، والمغني 3/156، 160، والاختيارات الفقهية ص 106، والإنصاف 3/187، 278، ومغنى ذوي الأفهام ص80، وشرح منتهى الإرادات 1/441-442، وهداية الراغب ص245.
5 حكى ذلك عنه ابن المنذر في الأشراف ق84أ.
وحكى عنه عدم الصيام ابن قدامة في المغني 3/156.(3/1203)
[674-] قلت: إذا رأى هلال شوال1 بالعشي2 (يفطر) ؟ 3
قال: إذا رأى بالنهار فلا يفطر وإن كان أول النهار.4
قال إسحاق: كما قال.5
[675-] قلت:6 إذا قدم من سفر في رمضان وهو مفطر وامرأته مفطرة حين طهرت من حيضتها؟
__________
1 في "ع": يعني شوال.
2 العشي: قيل ما بين الزوال إلى الغروب، وقيل من الزوال إلى الصباح، وقيل هو آخر النهار.
انظر: لسان العرب15/60، المصباح المنير156.
3 في "ع": (الفطر) .
4 نقل عنه نحو هذه الرواية ابنه صالح في المسائل 1/300 برقم 247، 456 برقم 467، وابنه عبد الله في المسائل ص176-178 برقم 661،665، 666، 667.
وهذا هو المذهب أي عدم الفطر عند رؤية هلال شوال بالنهار.
وعنه رواية أن الصائم إذا رأى هلال شوال بعد الزوال لا يفطر، لأنه لليلة المقبلة: أما إن رآه قبل الزوال فيفطر، لأنه لليلة الماضية.
انظر: المغني 3/168، الإنصاف 3/272، شرح المنتهى الإرادات 1/439.
5 انظر: المغني 3/168، الجامع لأحكام القرآن 2/303.
6 في "ع": " قال قلت ": أي بزيادة "قال" قبل: "قلت".
والأكثر في الكتاب عدم ذكرها، فإذا ذكرت فهي حكاية عن الكوسج(3/1204)
قال: ما أحب أن يغشاها، يكف عن غشيانها1 إذا2 قدم البلد.3
قال إسحاق: كما قال.4
__________
1 حكى برواية الكوسج هذه عن الإمام أحمد أبو يعلى في المسائل الفقهية 1/263.
وقال أبو داود في المسائل ص95: " قلت لأحمد إذا قدم، أعني المسافر، وقد أكل أول النهار ووجد امرأته قد طهرت من حيضتها؟ قال: يعجبني أن لا يصيبها".
2 في "ظ": أما، وما أثبته هو الذي يستقيم به المعنى.
3 في حكم الإمساك بقية اليوم لمن يباح لهم الفطر إذا زالت أعذارهم أثناء النهار روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: يلزمهم الإمساك ويأتي نصه على ذلك في المسألة (701) .
وهذا هو المذهب وما عليه أكثر الأصحاب.
والثانية: لا يلزمهم ويأتي عنه في المسألة (691) ما يدل على ذلك.
وانظر: مسائل الإمام أحمد رواية ابن هانئ 1/132، المغني3/135، الفروع3/23، الإنصاف3/283.
وحكم من جامع من هؤلاء مبني على القول بلزوم الإمساك وعدمه.
قال ابن قدامة في المغني 3/134-135: "فإذا جامع أحد هؤلاء بعد زوال عذره انبنى على الروايتين في وجوب الإمساك، فإذا قلنا يلزمه الإمساك فحكمه حكم من قامت البينة بالرؤية في حقه إذا جامع، وإن قلنا لا يلزمه الإمساك فلا شيء عليه" ا.?
وقال المرداوي في الإنصاف 3/284: "إذا قلنا لا يجب الإمساك فقدم مسافر مفطراً فوجد امرأته قد طهرت من حيضها جاز أن يطأها" ا. هـ
4 أي كما قال الإمام أحمد، وهو عدم محبة غشيانها، حكى ذلك عنه ابن المنذر في الإشراف ق91ب.(3/1205)
فإن غشيها نهاراً لم يكن عليه كفارة.1
[676-] قلت: من أفطر يوماً من قضاء رمضان بإصابة أهله؟
قال: هذا ليس عليه كفارة، إنما الكفارة في رمضان لحرمته.2
قال إسحاق: كما قال.3
[677-] قلت: صيام العبد في التظاهر؟
قال: يصوم شهرين. قال إسحاق: كما قال.4
__________
1لم أقف على من حكاه عن الإمام إسحاق في غير هذا الموضع، لكن قوله ما أحب أن يغشاها يوافق قوله هذا عدم وجوب الكفارة.
2 أورد هذه المسألة بنصها ابن هانئ في مسائله1/129 برقم:630، والقول بعدم الكفارة هو المذهب، وما عليه الأصحاب وقطع به أكثرهم.
وروي عن الإمام أحمد وجوب الكفارة.
انظر: المغني3/125، الإنصاف3/321.
3 لم أقف على قوله في غير هذا الموضع، لكن قال ابن قدامة: "ولا تجب الكفارة بالفطر في غير رمضان في قول أهل العلم وجمهور الفقهاء". المغني3/125.
وانظر أيضاً: الإشراف ق86ب.
4 حكى ذلك عن الإمامين أحمد وإسحاق وغيرهما من أهل العلم ابن قدامة وقال: "ولا نعلم لهم مخالفاً إلا ما روي عن عطاء أنه لو صام شهراً أجزأه، وقال النخعي ثم رجع عنه" ا.? وقال المرداوي: "ولا نعلم فيه خلافاً".
المغني 7/380، الإنصاف 9/223.
وانظر أيضاً: الإشراف لابن المنذر 4/250، فتح الباري 9/434.(3/1206)
[678-] قلت: من أكل أو شرب في رمضان؟
قال: ليس عليه كفارة.1
قلت: كيف [لا] 2 تجعله مثل من أصاب أهله؟
قال: أنا أجعله، ليس فيه حديث،3 كيف أوجب عليه بالأكل والشرب كفارة؟ وإنما أوجب عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالجماع،4 وإن
__________
1 نقل ذلك عنه أيضاً ابنه عبد الله في المسائل ص192، برقم 716، 720، وأبو داود في المسائل أيضاً ص93.
وقال عنه المرداوي: "وهو المذهب وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم".
قلت: ولم أقف على خلافه.
انظر: المغني 3/115، ومغني ذوي الأفهام ص81، والإنصاف 3/321، وشرح منتهى الإرادات 1/452، والروض المربع 1/429، ودليل الطالب ص 82.
2 ساقطة من "ع" والسياق يقتضي إثباتها.
3 هذا من ورعه رحمه الله تعالى وشدة تمسكه بالسنة، وقد روي عنه أنه قال: "ما أجبت في مسألة إلا بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجدت في ذلك السبيل إليه، أو عن الصحابة أو التابعين، فإذا وجدت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أعدل إلى غيره…" المسودة في أصول الفقه ص336.
4 أي أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أوجب الكفارة على المجامع وذلك بما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: "بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت قال: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي في نهار رمضان وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا…" الحديث.
أخرجه: البخاري واللفظ له في كتاب الصوم، باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه فليكفر 2/235-236. ومسلم في كتاب الصيام، باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم 1/781-782 حديث 1111.(3/1207)
كان هذه كلها معصية، فلا تشبه الأكل والشرب بالجماع، في الجماع يرجم ويوجب عليه الغسل، وما يشبهه شيء من الأكل والشرب1.
[679-] قيل [له] 2: فالعمد والخطأ في الجماع واحد؟
(فمال إلى أن عليه الكفارة وفي الخطأ) 3 قال: ليس في
__________
1 نقل نحو ذلك عن الإمام أحمد أبو داود في المسائل ص93.
2 ساقطة من "ع".
3 في "ع": "قال لما أن وجب عليه الكفارة في الخطأ".
وما أثبته من (ظ) هو الذي يستقيم به الكلام، لأن المعنى أن الإمام أحمد مال إلى أن الخطأ في الجماع مثل العمد في وجوب الكفارة. وهذا هو الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب.
قال الزركشي: "هو المشهور عنه والمختار لعامة أصحابه".
وعنه رواية أن من جامع ناسياً لا كفارة عليه.
وروى عنه أبو داود أنه توقف عن الجواب حيث قال في المسائل ص 92: "سمعت أحمد سئل عن الرجل يأتي أهله في رمضان ناسياً، قال: أجبن عنه، أي أن أقول ليس عليه شي".
وانظر: المغني 3/121، الإنصاف 3/311.(3/1208)
حديث النبي صلى الله عليه وسلم بيان خطأ ولا عمد،1 هو مخير في الكفارة،2 وفي الأكل والشرب عليه القضاء.3
قال إسحاق: عليه في الأكل والشرب عمداً الكفارة، تشبيهاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم في المجامع،4 وكذلك أفتى الحسن5 وغيره من التابعين
__________
1 أي حديث أبي هريرة الذي سبق قريباً.
2 هذه رواية عن الإمام أحمد.
والصحيح من المذهب أن الكفارة على الترتيب وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
انظر: الهداية1/84، المغني 3/127، الإنصاف 3/322.
3 أي ولا كفارة عليه، وهو ما نص عليه في بداية المسألة رقم: (678) .
4 انظر: الإشراف ق87ب، شرح السنة 6/289، المغني3/115، اختلاف الصحابة والتابعين ق46أ، الجامع لأحكام القرآن 2/321، المجموع 6/330، وسنن الترمذي 3/94.
وتقدمت الإشارة للمسألة في كتاب الطهارة، انظر المسألة (118) .
5 ممن قال بذلك غير الحسن البصري، عطاء بن أبي رباح، والزهري، والثوري، والأوزاعي، وأبو ثور، وأبو حنيفة، ومالك.
انظر بالإضافة إلى المصادر السابقة في الهامش السابق: المبسوط 3/73، تحفة الفقهاء 1/361، الهداية 1/224، التفريع 1/305، الكافي لابن عبد البر 1/296، سراج السالك 1/97.(3/1209)
أن الكفارة في الأكل والشرب.
قال إسحاق: في النسيان في الغشيان ليس عليه شيء.1
[680-] قلت:2 الصائم يدخل الحمام؟
قال: إن لم يخف الضعف.3
__________
1 أي لا قضاء عليه، ولا كفارة إذا جامع ناسياً. انظر الإشراف ق87أ.
2 في "ع": "قال قلت".
3 وفي المسائل لأبي داود ص91 "سمعت أحمد سئل عن الصائم يدخل الحمام؟ قال: نعم إن لم يخش ضعفاً".
وقال المرداوي في الإنصاف 3/310: "ونقل ابن منصور وأبو داود وغيرها- أي عن الإمام أحمد- يدخل الحمام ما لم يخف ضعفاً" ا.?
قلت: ولعله احترز من الضعف خشية دخول الماء، قال المرداوي: لا يكره للصائم الغسل… ونقل حنبل: لا بأس به إذا لم يخف أن يدخل الماء حلقه أو مسامعه وجزم به بعضهم، وقال في الرعاية: يكره في الأصح"ا. هـ الإنصاف 1/309.
والذي أراه والله أعلم جواز الغسل للصائم بدون كراهة لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر جنباً في رمضان من غير حلم، فيغتسل ويصوم".
أخرجه البخاري في كتاب الصيام، باب اغتسال الصائم 2/234.
وقال الحافظ بن حجر: "قوله باب اغتسال الصائم أي بيان جوازه، قال الزين بن المنير: أطلق الاغتسال ليشمل الأغسال المسنونة والواجبة والمباحة، وكأنه يشير إلى ضعف ما روي عن علي من النهي عن دخول الصائم الحمام. أخرجه عبد الرزاق، وفي إسناده ضعف، واعتمده الحنيفة فكرهوا الاغتسال للصائم".
وقال أيضاً: "وقال ابن المنير الكبير: أراد البخاري الرد على من كره الاغتسال للصائم، لأنه إن كرهه خشية وصول الماء حلقه فالعلة باطلة بالمضمضة والسواك…"ا. هـ الفتح 4/153-154.
وقال ابن قدامة: "ولا بأس أن يغتسل الصائم". وقال أيضاً: "إن الجنب له أن يؤخر الغسل حتى يصبح، ثم يغتسل ويتم صومه في قول عامة أهل العلم". المغني 3/109، 137.(3/1210)
قال إسحاق كما قال. 1
[681-] قلت: من واصل من السحر2 إلى السحر تكرهه؟
قال: لا أكرهه،3 الوصال أن يكون لا
__________
1 ذكره ابن قدامة في المغني 3/137 ضمن عامة أهل العلم الذين قالوا: الجنب له أن يؤخر الغسل حتى يصبح، ثم يغتسل ويتم صومه.
2 السّحر: آخر الليل قبيل الصبح.
انظر: لسان العرب4/350، المصباح المنير ص102.
3 حكى ذلك عنه ابن المنذر في الإشراف ق93ب، وابن مفلح في الفروع 3/116، والمرداوي في الإنصاف3/350.
وانظر أيضاً: المغني3/172، وشرح منتهى الإرادات1/461.
ومما استدل به لجواز الوصال من السّحر إلى السّحر ما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تواصلوا، فأيّكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السّحر".
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الوصال إلى السحر2/243.(3/1211)
يأكل شيئاً.1
قال إسحاق: كما قال.2
[682-] قلت: الحقنة3 للصائم وغير الصائم تكرهها؟
__________
1 أشار بذلك إلى الوصال المنهي عنه "وهو صوم يومين أو أكثر من غير أكل وشرب بينهما".
انظر: النهاية في غريب الحديث5/193، المغني3/171، شرح صحيح مسلم للنووي 7/211.
والوصال بهذه الصورة مكروه عند أكثر أهل العلم، لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال، قالوا: إنك تواصل، قال: إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى".
أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب الصوم، باب الوصال ومن قال ليس في الليل صيام2/242. ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن الوصال في الصوم: 774، حديث 1102.
وانظر حكم المسألة في: المغني3/171، وشرح صحيح مسلم للنووي 7/211، وفتح الباري 4/204.
2 انظر الإشراف ق93ب، شرح صحيح مسلم للنووي 7/712، الفروع 3/116.
3 الحقنة مأخوذة من حقن الشيء يحقنه ويحقنه: إذا حبسه وجمعه، يقال حقن الماء في السقاء أي جمعه، وحقن الرجل بوله أي حبسه وجمعه.
والحقنة: هي الآلة التي يتم بها الحقن، ثم أطلقت على إعطاء المريض الدواء من أسفله، وتطلق اليوم على إدخال الدواء إلى داخل الجسم بواسطة الضغط، سواء كان عن طريق الدبر أم عن طريق الجلد.
انظر: لسان العرب 13/125-126، والمصباح المنير ص56، ومعجم لغة الفقهاء ص183.(3/1212)
قال: أما للمضطر فلا بأس بها، وأما الصائم [إذا كان] 1 في رمضان فقد أفطر.2
__________
1 ساقطة من "ظ" والسياق يقتضي إثباتها.
2 نقل ذلك -أي الفطر بالحقنة- عنه ابن هانئ في المسائل حيث قال1/132 برقم 649: "وسمعته يقول: إذا احتقن فقد أفطر"ا. هـ
قلت: وهذا هو المذهب، وعليه الأصحاب، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم فساد الصوم بذلك.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: الإبر المغذية التي يستغنى بها عن الطعام تفطر، أما الإبر التي لا تغذي فلا تفطر، سواء استعملها في العضلات أم في الوريد، وسواء وجد طعمها في حلقه أم لم يجده.
أما الشيخ صالح الفوزان فذكر أن الإبر على ثلاثة أصناف:
الأول: إبر مغذية وهذه تفطر.
والثاني: إبر ليست مغذية تؤخذ عن طريق الوريد وهذه أعتقد أنها تفطر، لأنها تختلط بالدم.
والثالث: إبر غير مغذية ولا تؤخذ عن طريق الوريد، وإنما تؤخذ عن طريق العضل، فهذه الأحوط للإنسان أن يتركها إلى الليل، وإن أخذها فلا أرى أنه يفسد صومه.
انظر: المغني 3/105، حقيقة الصيام ص37، الاختيارات الفقهية ص108، الإنصاف 3/299، شرح منتهى الإرادات1/447، نبذ في الصيام للشيخ محمد بن صالح العثيمين، المنتقى من فتاوي الشيخ صالح الفوزان ص28.(3/1213)
قال إسحاق: كما قال.
[683-] قال أحمد:1 الإفطار في السفر أحب إليّ من الصوم.2
قال إسحاق: كما قال.3
[684-] (قلت: رجل استنشق فدخل الماء إلى حلقه، وهو صائم؟) .4
قال: إذا كان لا يريد ذاك5 فلا بأس به.6
__________
1 في "ع": "قال الإمام أحمد رضي الله عنه".
2 أورد ذلك عنه أيضاً: ابنه عبد الله في المسائل ص185، برقم: 694، وابن هانئ في مسائله أيضاً 1/129، 135، برقم: 626، 666، وأبو داود المسائل كذلك ص 94.
وهذا هو المذهب، وعليه الأصحاب، وفيه وجه أن الصوم أفضل.
انظر: المغني 3/150، والفروع 3/30، والإنصاف 3/287، وشرح منتهى الإرادات 1/443، وهداية الراغب ص246.
3 انظر: سنن الترمذي 3/90، الإشراف ق91أ، المغني 3/150.
4 في "ع": "قال: قلت: رجل استنشق وهو صائم فدخل الماء حلقه".
5 في "ع": "ذلك".
6 أورد ذلك عن الإمام أحمد أيضاً ابن هانئ في المسائل1/130، برقم635.
ولا خلاف في المذهب في أن من استنشق فدخل الماء حلقه لم يفسد صومه ما لم يبالغ في المضمضة ولم يزد على الثلاث، أما إن فعل ذلك ودخل الماء حلقه فعلى وجهين:
أحدهما: أنه لا يفسد صومه أيضاً، وهو المذهب.
والثاني: يفسد، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في المجاوزة على الثلاث حيث قال: "إذا جاوز الثلاث فسبق الماء إلى حلقه، يعجبني أن يعيد الصوم".
انظر: الهداية1/83-84، والمغني3/108، والمبدع 3/28-29، والإنصاف 3/308-309، شرح منتهى الإرادات1/450، هداية الراغب ص250.(3/1214)
قال إسحاق: كما قال.1
[685-] قلت:2 الكحل للصائم؟
قال إني أتوقى منه ما يجد طعمه.3
__________
1 انظر الإشراف ق88 أ، المغني 3/108.
2 في "ع": "قال قلت".
3 أورد نحو ذلك عن الإمام أحمد ابنه صالح في المسائل2/342 برقم 983 وابنه عبد الله في ص 187 برقم 700، 701، 702، وأبو داود ص90.
والذي يدل عليه مجموع ما روي عنه رحمه الله تعالى أنه فرق في الكحل بين ما وجد الصائم طعمه في حلقه وبين ما لم يجد طعمه، فيفطر بما وجد طعمه، ولا يفطر بما عدا ذلك.
وقد نص ابن قدامة على ذلك حيث قال في المغني 3/106: "فأما الكحل فما وجد طعمه في حلقه أو علم وصوله إليه فطره، وإلا لم يفطره، نص عليه أحمد"ا. هـ.
وقال المرداوي: عن فساد صوم من اكتحل بما يصل إلى حلقه "هو المذهب نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب".
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن الكحل لا يفطر.
انظر: الفروع 3/46، والاختيارات الفقهية ص: 108، والإنصاف3/299، والروض المربع 1/421.(3/1215)
قال إسحاق: كما قال،1 لأنه قل ما يسلم الإنسان [منه] 2 حتى يدخل رأسه.
[686-] قلت:3 رجل أكل وهو يرى أن عليه ليلاً،4 وقد أصبح؟ 5
قال: يقضي.6
__________
1 المحكي عن إسحاق كراهة الكحل للصائم بدون تفصيل، وممن حكى ذلك عنه وعن الإمام أحمد: الترمذي حيث قال في السنن3/105: "واختلف أهل العلم في الكحل للصائم فكرهه بعضهم، وهو قول سفيان، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق".
وابن المنذر حيث قال في الإشراف ق88 ب: "واختلفوا في الكحل للصائم فرخص ذلك عطاء والحسن البصري والنخعي والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، وكره الثوري وأحمد وإسحاق ذلك".
2 ساقطة من "ع".
3 في "ع": "قال قلت".
4 في "ظ": ليل، والصواب ما أثبته، لأنه الموافق لقواعد العربية.
5 أي أنه أكل معتقداً أنه ليل فبان أنه نهار.
6 وفي مسائل أبي داود ص93: "قلت لأحمد إذا تسحر وهو يرى أن عليه ليلاً وقد أصبح؟ قال: يقضي"ا. هـ. وهذا هو المذهب، وعليه الأصحاب. قال ابن قدامة: " وهو قول أكثر أهل العلم ". وروى أنه لا قضاء عليه، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
قلت: وهذا إن أكل معتقداً أنه ليل فبان نهاراً كما أشرت لذلك قبل قليل، أما إن أكل شاكاً في طلوع الفجر ولم يتبين، فلا قضاء عليه بلا نزاع في المذهب.
انظر: الهداية 2/83، المغني 3/136، الإنصاف 3/310، 311.(3/1216)
قال إسحاق" كما قال.1
[687-] قلت: تجوز شهادة رجل على رؤية الهلال لرمضان أو شوال؟
قال: أما لشوال2 فلا،3 ولكن لرمضان تجوز
__________
1 حكى ذلك عنه ابن المنذر وقدمه، وحكى عنه رواية أخرى أنه لا قضاء عليه، وهي ما جزم بها عنه ابن قدامة.
انظر: الإشراف ق85 ب، المغني 3/136.
2 في "ع": "شوال".
3 هذا هو المذهب، وعليه الأصحاب وقطع به أكثرهم، وحكاه الترمذي إجماعاً.
وقال ابن قدامة "لا يقبل في هلال شوال إلا شهادة اثنين عدلين في قول الفقهاء جميعهم إلا أبا ثور فإنه قال: يقبل قول واحد"ا. هـ.
وعنه يقبل في هلال شوال عدل واحد بموضع ليس فيه غيره.
انظر: سنن الترمذي 3/75، والهداية 1/82، والمغني 3/159، والإنصاف 3/275.(3/1217)
شهادة رجل [واحد] .1
قال إسحاق: لا يجوز في الصوم حتى يشهد عدلان، كالفطر والأضحى.2
[688-] قلت:3 من مات وعليه [ع-33/أ] صوم شهر؟
قال: يطعم عنه في الصيام، والنذر يقضى عنه.4
__________
1 ساقطة من "ع".
وقبول شهادة عدل واحد في ثبوت شهر رمضان هو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب.
وعنه رواية أنه لا يقبل في ثبوته إلا عدلان.
انظر: الهداية 1/82، المغني 3/157، المحرر 1/228، الإنصاف 3/273-274، منار السبيل 1/217.
2 انظر: سنن الترمذي 3/75، شرح السنة 6/244، المغني 3/157، طرح التثريب 4/115.
3 في "ع": "قال قلت".
4 أي من مات وعليه صيام أمكنه فعله ولكنه فرط فيه، إن كان هذا الصيام من رمضان يطعم عنه، أما إن كان صيام نذر فيصام عنه.
وقد روى ذلك عن الإمام أحمد أيضاً: ابنه عبد الله حيث قال في المسائل ص 186 برقم697: "سئل أبي عن الرجل يموت وقد فرط في صيام رمضان؟ قال: يطعم عنه، وعند النذر قال: يصام عنه".
وقال أبو داود في المسائل أيضاً ص96: "سمعت أحمد بن حنبل قال: لا يصام عن الميت إلا في النذر"ا. هـ.
قلت: وهذا هو المذهب وعليه الأصحاب- أي الإطعام عن صيام رمضان والقضاء عن صوم النذر- وقيل: يصام عنه رمضان، ويطعم عنه في النذر.
انظر: المغني 3/143، المبدع 3/47-48، الإنصاف 3/334، 336.(3/1218)
قال إسحاق: كما قال.1
[689-] قلت:2 من أفطر يوماً من صيام شهرين متتابعين؟
قال: إذا كان من مرض أو حيض أو من أمر يغلبه من قيء، يبني.3
__________
1 انظر: سنن الترمذي 3/97، الإشراف ق92 ب، المجموع 6/372.
2 في "ع": "قال قلت".
3 نقل عن الإمام أحمد أن من أفطر لمرض يبني: ابنه صالح في المسائل 1/396 برقم377، وأبو داود في المسائل ص176، وابن هانئ في المسائل1/239 برقم1148.
قلت: والفطر إذا كان لمرض مخوف فإنه لا ينقطع به التتابع، بل يبني المفطر على صيامه، وهذا بلا خلاف في المذهب، أما إذا كان لمرض غير مخوف لكنه يبيح له الفطر، فعلى وجهين:
أحدهما: لا ينقطع به التتابع وهو المذهب.
والثاني: ينقطع به.
أما الفطر من أجل الحيض، فإنه لا يقطع التتابع بإجماع أهل العلم.
انظر: الإشراف ق93 ب-93 أ، والمغني 7/365-366، والإنصاف 9/324، 326.
وأما من غلبه القيء فالصحيح أنه لا يفطر.
قال ابن قدامة: "ومن ذرعه- أي القيء- فلا شيء عليه، وهذا قول عامة أهل العلم. قال الخطابي: لا أعلم بين أهل العلم فيه اختلافاً"ا. هـ المغني 3/117.(3/1219)
وإذا أفطر عمداً يستأنف.1
قال إسحاق: كما قال.2
[690-] قلت:3 رجل أصبح صائماً في السفر ثم قدم أهله من يومه ذلك فأفطر؟
قال: ما يعجبني4 أن يفطر، عليه قضاء يوم، وإذا أفطر بأهله فعليه الكفارة.5
__________
1 كون التتابع ينقطع بالفطر بدون عذر لا خلاف فيه بين أهل العلم. انظر: المغني 7/365.
2 انظر: الإشراف ق93 أ، المغني 7/365.
3 في "ع": "قال قلت".
4 ما يعجبني من مصطلحات فقه الإمام أحمد رحمه الله تعالى التي حررها أصحابه من فتاويه، وفي المقصود بها وجهان:
أحدهما: الكراهة والتنزيه. والثاني: التحريم.
المسودة ص530، صفة الفتوى ص93، الفروع1/67.
والذي يدل عليه الجواب وحكم المسألة أن المقصود بها هنا التحريم.
5 أي أن من قدم من السفر صائماً لا يجوز له الفطر، فإن أفطر بغير جماع فعليه القضاء فقط، أما إن جامع فعليه الكفارة.
وقد أورد ذلك عن الإمام أحمد أيضاً ابن هانئ في المسائل حيث قال 1/133 برقم 654: "وسئل عن رجل أصبح صائماً في السفر ثم قدم على أهله فأفطر في أهله أعليه كفارة؟ قال: ليس عليه كفارة إلا أن يكون إفطاره بأهله".
وقال ابن قدامة في المغني3/135: "فأما إن نوى الصوم في سفره أو مرضه أو صغره ثم زال عذره في أثناء النهار، لم يجز له الفطر رواية واحدة، وعليه الكفارة إن وطئ"ا. هـ.
قلت: وعدم وجوب الكفارة بالإفطار بغير جماع سبق في مسألة: (678) .(3/1220)
قال إسحاق: كلما أصبح في السفر صائماً، ثم دخل نهاراً فجامع فقد أساء، ولا كفارة عليه.1
[691-] قال أحمد: وإذا أصبح مفطراً في السفر، فدخل أهله فأكل، فليس عليه شيء، ويعجبني أن لا يأكل.
قال إسحاق: كما قال.2
[692-] قلت: إذا خرج مسافراً متى يفطر؟
__________
1 لم أقف عليه في غير هذا الموضع.
2 هذه المسألة في حكم الإمساك لمن زال عذره أثناء النهار وقد تقدم الكلام عليها في التعليق على المسألة (675) .(3/1221)
قال: إذا برز عن البيوت.1
قال إسحاق: لا، بل حين2 يضع رجله في الرحل فله الإفطار،3 [ظ-21/أ] كما فعل أنس بن مالك رضي الله عنه. وسن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك،4
__________
1 أورد ذلك عن الإمام أحمد أيضاً ابن هانئ في المسائل1/130 برقم 631 وأبو داود في المسائل ص95.
ومعنى برز عن البيوت أي تجاوزها وخرج عنها. قال ابن قدامة في المغني3/101: "لا يباح له الفطر حتى يخلف البيوت وراء ظهره، يعني: أنه يجاوزها ويخرج من بين بنيانها"ا. هـ.
والصحيح من المذهب أنه لا يفطر إلا إذا فارق البيوت، سواء كانت داخل السور أو خارجه.
وقيل: له الفطر إذا فارق سور بلده ولو لم يفارق البيوت.
انظر: المبدع 2/108، 3/14، والإنصاف 2/320-321، 3/287، وشرح منتهى الإرادات 1/444.
2 في "ع": "حتى".
3 أي أنه له الفطر قبل خروجه من البلد. وقد حكى ذلك عنه الترمذي في السنن 3/164، وابن مفلح في الفروع 3/3.
4 وهو ما روى الترمذي بسنده عن محمد بن كعب أنه قال: "أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفراً وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر، فدعا بطعام فأكل، فقلت له: سنة؟ قال: سنة، ثم ركب".
أخرجه في كتاب الصوم، باب من أكل ثم خرج يريد سفراً 3/163، حديث 799 وقال: هذا حديث حسن.(3/1222)
وإذا جاوز البيوت قصر.1
[693-] قلت: [الصائم] 2 يمضغ3 العلك؟ 4
قال: لا.5
__________
1 هذا تمام كلام إسحاق رحمه الله تعالى، وقد فرق بين وقت إباحة الفطر وقصر الصلاة للمسافر، فاشترط مجاوزة البنيان للقصر، ولم يشترطها للفطر.
قال الترمذي عقب الحديث المذكور: "وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقالوا للمسافر أن يفطر في بيته قبل أن يخرج، وليس له أن يقصر الصلاة حتى يخرج من جدار المدينة أو القرية، وهو قول إسحاق بن إبراهيم الحنظلي".
2 ساقط من "ع".
3 يمضغ أي يلوك. يقال مضغ الشيء مضغاً أي لاكه، واللوك إدارة الشيء في الفم.
انظر: لسان العرب 8/450، 10/485، المصباح المنير ص214.
4 العلك: كل صمغ يعلك- أي يمضغ- من لبان وغيره، فلا يسيل.
انظر: لسان العرب10/470، المصباح المنير ص162.
5 أورد ابن قدامة رواية الكوسج هذه بنصها حيث قال في المغني 3/109: "قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الصائم يمضغ العلك؟ قال" لا"ا. هـ
وجواب الإمام أحمد كما هو واضح لم يفرق بين أنواع العلك، ولكن فصل أصحابه الكلام فيه فقالوا: العلك نوعان:
أحدهما: ما يتحلل منه أجزاء وهو الرديء الذي يتحلل بالمضغ، فهذا لا يحوز للصائم مضغه في الجملة بلا خلاف، إلا أن لا يبلع ريقه فقيل يجوز، والصحيح من المذهب أنه لا يجوز أيضاً.
الثاني: القوي الذي كلما مضغ صلب وقوي، فهذا يكره مضغه ولا يحرم في الصحيح من المذهب وما عليه الأصحاب، وفيه وجه أنه لا يكره. فإن فعل ولم يجد طعمه، فإنه لا يفطر بذلك، وإن وجد طعمه ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يفطر. والثاني: لا يفطر.
انظر: المغني 3/109، والفروع 3/62-63، والإنصاف 3/327، وشرح منتهى الإرادات 1/454.(3/1223)
قال إسحاق: إن فعل لم يفسد صومه، وتركه أفضل،1 (ولا يرد ريقه) 2 على حال.
[694-] قلت: الفطر قبل المغرب3 أحب إليك؟
قال: تعجيل الفطر يستحب،4 فأما إن كان لرجل حاجة أو شغل.5
__________
1 حكى عن الإمام إسحاق كراهة مضغ العلك للصائم، وأنه إن فعل لم يفسد صومه، ابن المنذر في الإشراف ق88 ب.
2 في "ع": ولا يزد رد ريقه".
3 أي قبل صلاة المغرب.
4 هذا بلا خلاف في المذهب، وحكاه ابن قدامة عن أكثر أهل العلم.
انظر: الإقناع لابن المنذر 1/200، والمغني 3/170، والفروع 3/71، والإنصاف 3/329.
5 هكذا في النسختين، والمعنى أنه إن كان الأمر كذلك فلا بأس بتأخير الفطر.(3/1224)
قال إسحاق: لا، بل يجتهد أن يفطر قبل الصلاة.1
[695-] قلت: يصوم يوماً ويفطر يوماً أحب إليك؟
قال إن قوي على هذا فأفضل الصيام هذا.2
قال إسحاق: كما قال.
[696-] قلت: من قال: أنت بالخيار إلى آخر النظرين؟ 3
__________
1 حكى عنه استحباب تعجيل الفطر الترمذي في السنن 3/82.
2 قال المرداوي عن ذلك: "هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب ونص عليه، وكان أبو بكر النجاد من الأصحاب يسرد الصوم، فظاهر حاله أن سرد الصوم أفضل"ا. هـ الإنصاف 3/342.
قلت: لا أفضل من صيام يوم وإفطار يوم لما ثبت عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "صم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود عليه السلام وهو أفضل الصيام، فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا أفضل من ذلك ".
أخرجه: البخاري في كتاب الصوم، باب صوم الدهر2/245.
ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر1/813، حديث1159.
انظر المسألة في: المغني 3/176، المبدع 3/50، شرح منتهى الإرادات 1/458، هداية الراغب ص254.
3 أي إتمام الصيام أو الإفطار لمن أصبح صائماً، وممن قال بذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث روى البيهقي بسنده عنه أنه قال: "إذا أصبحت وأنت تنوي الصيام فأنت بأحد النظرين، إن شئت صمت وإن شئت أفطرت".
وقال ابن قدامة: "وقال ابن مسعود: متى أصبحت تريد الصوم فأنت على آخر النظرين: إن شئت صمت وإن شئت أفطرت"ا. هـ.
وقد روي نحو ذلك عن ابن عباس وابن عمر وعلي ومجاهد والنخعي.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة 3/28-29، السنن الكبرى 4/277، المغني 3/151-152.(3/1225)
قال: (إنما قال هذا) 1 في التطوع.2
قال إسحاق: كما قال.3
[697-] قلت عاشوراء4 يوم التاسع أو العاشر؟
قال: يصوم يوم التاسع والعاشر.5
__________
1 في "ع" إنما هو.
2 أن صيام رمضان لا يجوز قطعه إلا بعذر شرعي، والذي يدل عليه كلام الإمام أحمد هنا أن من دخل في صيام تطوع له الخروج منه، ولا يجب عليه إتمامه. وهذا هو المذهب، وما عليه الأصحاب، لكن يستحب الإتمام، ويأتي في مسألة (704) ما يدل على نص الإمام أحمد على ذلك.
3 انظر: المغني 3/152.
4 "عاشوراء" ويقال أيضاً: "عشوراء" ممدودان على المشهور، وحكي فيهما القصر
انظر: لسان العرب 4/569، المصباح المنير ص156، فتح الباري 4/245.
5 لم يجب الإمام أحمد عن تعيين يوم عاشوراء هل هو التاسع أو العاشر، ولكنه ذكر ما يستحب صيامه وهو اليومان معاً.(3/1226)
قال إسحاق: كما قال1، لمخالفة اليهود فإنهم يصومون [يوماً] 2 واحداً.3
__________
1 أي كما قال أحمد وهو استحباب صيام اليومين معاً. وقد حكى ذلك عنهما: الترمذي في السنن3/129، وابن المنذر في الإشراف ق93ب، وابن قدامة في المغني 3/174، والنووي في شرح صحيح مسلم 8/12، والسروي في اختلاف الصحابة والتابعين ق 48 ب، والمباركفوري في تحفة الأحوذي 3/461.
ويأتي عنهما في المسألة: (718) النص على فضيلة صيام يوم عاشوراء.
وقد اختلف العلماء في تعيين يوم عاشوراء، فذهب الأكثر إلى أنه اليوم العاشر من المحرم، وحكاه النووي عن جماهير العلماء من السلف والخلف. وقيل: هو اليوم التاسع.
انظر: المغني 3/174، صحيح مسلم بشرح النووي 8/12، فتح الباري 4/245.
2 ساقطة من "ظ" وإثباتها أولى.
3 هذا تعليل الإمام إسحاق لاستحباب صيام اليومين التاسع والعاشر. ومما جاء في ذلك:
أ- ما ثبت عن إسماعيل بن أمية أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري يقول: سمعت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: "يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع" قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب أي يوم يصام في عاشوراء 1/797-798، حديث 1134.
ب- ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود".
أخرجه البيهقي واللفظ له في السنن الكبرى 4/287، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/78، وذكره الترمذي في السنن 3/129.(3/1227)
[698-] قلت1: رجل أغمي عليه في شهر رمضان؟
قال: أما أول يوم2 إذا كان قد طلع الفجر ثم أغمي عليه وكان3 قد نوى الصوم،4 أجزأه يومه ذلك،5 وأما6 سوى ذلك فإنه يقضي.7
__________
1 في "ع": "قال قلت".
2 في "ع": "يومه".
3 في "ظ": "فكان" والموافق للسياق ما أثبته.
4 في "ع": "الصيام ".
5 في "ع": "ذاك".
6 في "ع": "قال وأما".
[7] أورد ذلك عن الإمام أحمد ابنه صالح في المسائل 1/113برقم 670، وابنه عبد الله في المسائل ص 188-[189،] برقم 706-708، كذا أبو داود في المسائل أيضاً ص 94.
ومعنى هذه المسألة أن الصائم إذا أغمي عليه، وكان قد مضى على نية صيامه جزء من النهار، أجزاه ذلك.
أما إن لم يكن كذلك، كأن يكون نوى الصيام من الليل ثم أغمي عليه قبل طلوع الفجر فلم يفق حتى غربت الشمس، فإنه لا يجزيه، ومثله لو استمر إغماؤه الذي أصابه بعد طلوع الفجر لعدة أيام، فإن صيامه لا يجزيه إلا عن اليوم الأول الذي أدرك جزءاً منه قبل الإغماء.
وهذا هو المذهب وعليه الأصحاب، وخرج بعضهم من رواية صحة صوم رمضان بنية واحدة في أوله أنه لا يقضي من أغمي عليه أياماً بعد نيته المذكورة.
انظر: المغني 3/98، والفروع3/25، والمبدع3/17، والإنصاف3/292-293.(3/1228)
قال إسحاق: كلما [لم] 1 يأكل يومه ذلك، وقد دخل في2 النهار بصيام فلا قضاء عليه ولو كان ذلك أياماً.
[699-] قال أحمد3: يحتاج في شهر رمضان أن يجمع4 كل يوم على الصوم5.
قال إسحاق: لا يحتاج إلا إذا دخل في شهر رمضان نوى صيامه
__________
1 ساقطة من "ظ" والسياق يقتضي إثباتها.
2 في "ظ": "من" والأقرب للسياق ما أثبته.
3 في "ع": "قال الإمام أحمد رضي الله عنه".
4 أي يعقد النية والعزيمة على الصوم. انظر النهاية في غريب الحديث1/296.
5 روى ذلك عن الإمام أحمد أيضاً ابن هانئ حيث قال في المسائل 1/28 برقم 620: "قلت لأبي عبد الله: أينوي الرجل في كل ليلة من شهر رمضان صوماً؟ قال: نعم ينوي".
قلت: وهذا هو المذهب وما عليه الأصحاب، وعنه رواية أنه تجزي نية واحدة في أول الشهر عن الشهر كله.
انظر: المغني3/93، الفروع3/40، الإنصاف3/295.(3/1229)
كله1.
[700-] قلت: صيام اليوم الذي يشك فيه2 من رمضان؟
قال: أكرهه إذا وضح3.
__________
1 انظر: الإشراف ق84 ب، المغني 3/93، وفتح الباري4/142والمجموع 6/338، وشرح السنة6/270.
وتقدمت الإشارة للمسألة في كتاب الطهارة، انظر المسألة رقم (118) .
2 في (ع) (فيه) ساقطة.
3 أي أكره صيام ذلك اليوم إذا كان الجو صحواً، وقد حكى كراهة ذلك البهوتي في شرح منتهى الإرادات1/438، وفي الروض المربع1/410، وحكاه أيضاً النجدي في هداية الراغب ص243.
قلت: ولعل الكراهة للتحريم، حيث نقل أبو داود عن الإمام أحمد عدم صيامه، فقال في المسائل ص88: "سمعت أحمد بن حنبل يقول: يوم الشك على وجهين: فأما الذي لا يصام فإذا لم يحل دون منظره سحاب ولا قتر، فأما إذا حال دون منظره سحاب أو قتر يصام".
وقال ابن قدامة في المغني 3/87: "وإن لم يره وكانت السماء مصحية، لم يكن لهم صيام ذلك اليوم".
قلت: وملخص القول في المسألة أنه إذا لم ير الهلال ليلة الثلاثين من شعبان لا يخلو أن يكون الجو صحواً، أو يحول دون مطلع الهلال غيم أو قتر.
فإن كان الجو صحواً، فإنه لا يصام يوم الثلاثين على أنه من رمضان بلا خلاف.
أما إن حال دون مطلع الهلال غيم أو قتر، فقد اختلفت الروايات عن الإمام أحمد:
فروي عنه أنه يجب صومه بنية رمضان، وهذا هو المذهب وما عليه الأصحاب.
وروي عنه أنه لا يجب صومه، وحكاه ابن قدامة عن أكثر أهل العلم.
وروي عنه أن الناس تبع للإمام، فإن صام صاموا، وإن أفطر أفطروا.
انظر: الهداية 1/81، والمغني 3/87، 89، والقواعد النورانية ص: 114-115، والمبدع 3/4-5، والإنصاف 3/269-270.(3/1230)
قال إسحاق: (كلما كانت) 1 تلك الليلة مصحية فلا يسعه إلا أن يصبح مفطراً يبكر بالأكل، وإن2 كانت متغيمة أو بها علة أصبح مفطراً أيضاً إلا أن يتلوم3 بالأكل يتربص أن يأتيه الخبر.
قلت لإسحاق: معنى قول ابن عمر رضي الله عنهما: "إذا كان في السماء قَتَرَة4 أو غياية5 أصبح صائماً"6؟
قال: إنما ذلك من فعل ابن عمر رضي الله عنهما، لما رؤي7 أن
__________
1 في "ظ": " كلما كان إذا كانت" والأقرب لاستقامة السياق ما أثبت.
2 في "ع": "فإن".
3 أي ينتظر. يقال: تلوم في الأمر أي تمكث وانتظر. انظر لسان العرب12/557.
4 القترة بالتحريك: الغبرة. انظر: لسان العرب 5/71، وشرح منتهى الإرادات 1/438.
5 غَيَايَة: سحابة أو قترة. النهاية 3/404.
6 أخرجه: أبو داود "2330"، وأحمد 2/5، 13، والدارقطني 2/161. وصحح إسناده ابن القيم في الزاد 2/43. وانظر: إرواء الغليل 4/10.
7 في "ع": "رأى".(3/1231)
الشهر يكون تسعة وعشرين1.
وروى هو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن غم عليكم فاقدروا له"2، [و] 3 لم يرو "فأكملوا العدة ثلاثين4" كما روى5 ابن عباس رضي الله عنهما6 وغيره عن
__________
1 ممن رأى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حيث روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين".
أخرجه: البخاري واللفظ له في كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا 2/229.
ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال1/759 حديث: 1080.
وممن رأى أن الشهر يكون تسعاً وعشرين ويكون ثلاثين: عمر وعلي وأبو هريرة رضي الله عنهم، وقال الشعبي ما صمنا تسعاً وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين.
مصنف ابن أبي شيبة 3/86.
2 رواه عنه البخاري ومسلم في المواضع السابقة.
3 الواو ساقطة من "ظ" والسياق يقتضي إثباتها.
4 بل روى ذلك وهو ما أخرجه عنه البخاري ومسلم قريباً.
5 في "ع": "رواه".
6 وحديثه رواه عنه بهذا اللفظ:
النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار 4/135. ومسلم في كتاب الصيام، باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وصغره 1/766، بلفظ: "فإن أغمي عليكم فاكملوا العدة".
وأبو داود 2/745 حديث: 2327، بلفظ: "فأتموا العدة ثلاثين".
والترمذي 3/72 حديث: 688، بلفظ: "فأكملوا ثلاثين يوماً".(3/1232)
النبي. صلى الله عليه وسلم1
وقال2 ابن عمر رضى الله عنهما: إن أحسن ما يقدر له أن ينظر، فإن مضى (تسع وعشرون) 3 فنظرت فلم تر الهلال وهي مصحية أن تصبح مفطراً إذا4 لم تره، وإن كانت متغيمة أصبحت صائماً5، لما
__________
1 ممن روى ذلك غير ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو هريرة رضي الله عنه.
أخرجه عنه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا 2/229، بلفظ: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين".
ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال1/762 حديث1081 بألفاظ منها: "فإن غمي عليكم فأكملوا العدد" و "وإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين".
2 في "ظ": "فقال" والأقرب للسياق ما أثبته.
3 في "ع": "تسعة وعشرين" والموافق للعربية ما أثبته.
4 في "ع": "لما".
5 لم أقف على قول ابن عمر رضي الله عنهما بهذا اللفظ، والذي وقفت عليه عنه: أنه كان إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يبعث من ينظر، فإن رؤي فذاك، وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطراً، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائماً.
رواه بهذا اللفظ: أحمد في مسنده 2/5، وأبو داود بلفظ مقارب في كتاب الصوم 2/740-741.
وذكره: ابن قدامة في المغني 3/90، وابن حجر في فتح الباري 4/122، ومرعى بن يوسف في تحقيق الرجحان ص86.
ورواه عبد الرزاق في مصنفه4/161 بلفظ: "أنه كان إذا كان سحاب أصبح صائماً، وإذا لم يكن سحاب أصبح مفطراً".(3/1233)
روى هو1 عن النبي صلى الله عليه وسلم "فاقدروا له"2 وقال3: يمكن أن يكون الشهر تسعاً4 وعشرين5، فأخذ6 بالثقة،7 ولا
__________
1 في "ع": "لما رواه".
2كما سبق ذلك وتخريجه قريباً.
3 أي النبي صلى الله عليه وسلم.
4 في "ع": "تسعة".
5 ومن ذلك ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا، يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين".
أخرجه البخاري في: كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا نكتب ولا نحسب 2/230.
6 في "ظ": "فنأخذ" ولعل الصواب ما أثبته، لأن المقصود بالذي أخذ هو ابن عمر رضي الله عنهما.
7 وهي عدم فوات شيء من رمضان، لأنه رضي الله عنه يرى الصيام يوم الثلاثين إذا كان الجو غير صحو، لاحتمال طلوع الهلال واحتجابه عن الرؤية بسبب عدم صفاء الجو.(3/1234)
نرى1 ذلك لما صح عن [ع-33/ب] النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يتم الشهر ثلاثين يوماً أن لا تصوم أبداً2 فتكون3 قد تقدمت الهلال بصوم، ولكن تصبح مفطراً4 وتتلوم بالأكل ضحوة5 إذا كان غيماً6، فلعل أحداً (خارج المصر) 7 قد رآه فيشهد وإن لم يكن ذلك أفطر، فأما إذا كانت مصحية بادر بالأكل غداة8.
[701-] قلت لأحمد: المسافر يقدم في بعض النهار، والنصراني واليهودي يسلمان يصومون؟ 9.
قال أحمد: يكفون عن الطعام، ويقضون10 ذلك اليوم، والحائض
__________
1 المتكلم هو الإمام إسحاق بن راهويه.
2 لعله يقصد بذلك قولهصلى الله عليه وسلم: "فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين".
3 في "ع": "وتكون".
4 في "ع": "أو" والموافق للسياق ما أثبته.
5 الضحوة: ارتفاع النهار. انظر لسان العرب14/474
6 في "ظ": "غيم"، والصواب ما أثبته.
7 في "ظ": "خارجاً من المصر"، والأقرب للسياق ما أثبته.
8 الغداة ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس. انظر: لسان العرب15/116، والمعجم الوسيط 2/646.
9 في"ظ": "قال يصومون"، والذي يستقيم به المعنى ما أثبته.
10 في"ظ":"ويقضي"، والموافق للسياق ما أثبته.(3/1235)
كذلك [أيضاً] .1
قال إسحاق: كما قال2.
[702-] قلت: (من أكل أو شرب ناسياً) 3؟
قال: ليس عليه شيء4.
قال إسحاق: كما قال5.
__________
1 ساقطة من"ع".
2 تشتمل هذه المسألة على حكم إمساك المذكورين بقية اليوم، وحكم قضائهم له، فأما الإمساك فقد تقدم الكلام عليه في المسألتين: (675) ، (691) .
وأما القضاء فلا خلاف في وجوبه على المسافر والحائض.
أما اليهودي والنصراني إذا أسلما فالمذهب وما عليه الأصحاب أنه يجب عليهما القضاء.
وروي عن الإمام أحمد عدم وجوب القضاء.
انظر: الإشراف ق90أ، المغني3/135، الإنصاف3/282، 283.
3 في"ع": "إذا أكل ناسياً".
4 نقل هذه المسألة عن الإمام أحمد ابنه عبد الله في المسائل ص192 برقم719، وأبو داود في المسائل أيضاً ص92، وهذا هو المذهب، ولم ينقل خلافه.
انظر: الهداية1/83، والمغني3/116، والفروع 3/51، والمبدع 3/26، والإنصاف 3/304.
5 انظر: المغني3/116.(3/1236)
[703-] قلت: إذا أفطر [في] 1 يوم غيم يصوم يوماً مكانه؟
قال: بلى2.
قال إسحاق: كلما ظن أن3 الشمس قد غربت فأفطر، ثم تبين له أنها لم تغرب، لم يكن عليه القضاء، لأنه كالأكل ناسياً، حكمهما واحد4.
__________
1 ساقطة من "ع".
2 وفي المسائل رواية أبي داود ص93: "قلت لأحمد: فإذا أفطر وهو يرى أنه أمسى؟ قال: يقضي".
والمقصود بذلك من أفطر شاكاً في غروب الشمس، والمذهب أنه يجب عليه القضاء سواء أفطر يظن أن الشمس قد غربت فبان أنها لم تغرب، أو أفطر شاكاً في غروبها ولم يتبين له شيء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من أكل في شهر رمضان معتقداً أنه ليل فبان نهاراً، فلا قضاء عليه.
وقال الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين: "من يظن أن الشمس قد غربت فيأكل وهي لم تغرب، لا يفطر".
انظر: الهداية1/83، والمغني3/136، 137، والمحرر1/229، والاختيارات الفقهية ص: 109، والإنصاف 3/310، ومجالس شهر رمضان ص: 112.
3 في "ع": "بأن".
4 انظر: الإشراف ق85ب، والمغني 3/136، وفتح الباري 4/200، وبلوغ الأماني 10/65(3/1237)
[704-] قلت1: من أصبح صائماً ثم بدا له فأفطر؟
قال: إن قضى يوماً فحسن، وإن لم يقض لم أعب عليه2.
قال إسحاق: كما قال.3
[705-] قلت4: صيام يوم الجمعة مفرداً؟
قال: أكرهه5، إي لعمري.
قال إسحاق: كما قال6، لما خص النبي صلى الله عليه وسلم النهي فيه7.
__________
1 في "ع": "قال قلت".
2 حكى نحو ذلك عنه ابن هانئ في المسائل1/128 برقم622.
والمقصود صوم التطوع، وما حكي عن الإمام أحمد من عدم وجوب القضاء هو المذهب وما عليه أكثر الأصحاب، وروي عنه وجوب القضاء. انظر: المغني 3/151-152، والإنصاف 3/352.
3 انظر اختلاف الصحابة ق49أ، المغني3/152.
4 في "ع": "قال قلت".
5 نقل ذلك عنه أيضاً أبو داود في المسائل ص 96، ونقل نحوه ابن هانئ في المسائل 1/133برقم 656.
وكراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم لا خلاف فيه في المذهب.
انظر: المغني3/165، الفروع3/122، المبدع3/54، الانصاف3/347.
6 انظر: سنن الترمذي3/119.
7 ومن ذلك ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده".
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم الجمعة2/248(3/1238)
[706-] قلت1: قوله:2 " [لا صيام] 3 لمن لم يجمع4 الصيام من الليل".5
قال: هذا عندي على رمضان6.
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 في "ع": "قال قلت".
2 أي النبيصلى الله عليه وسلم.
3 ساقطة من "ع"، والصواب إثباتها.
4 أي يعقد النية والعزيمة. انظر النهاية في غريب الحديث 1/296.
5 أخرجه عن حفصة رضي الله عنها بلفظ: "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له": أبو داود في كتاب الصوم، باب النية في الصيام 2/823 حديث 2454.
والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل 3/108 حديث 730، وقال: لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وصحح وقفه على ابن عمر.
وأخرجه بألفاظ مقاربة: النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة4/196، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في فرض الصوم من الليل1/542 حديث1700.
وصححه الألباني. انظر إرواء الغليل4/25، صحيح سنن ابن ماجه1/284.
6 دل جواب الإمام أحمد هنا على اشتراط تبييت النية في صوم رمضان، ولا خلاف في المذهب في اشتراط ذلك في كل صوم واجب.
انظر: المغني 3/91، المبدع 3/18، الإنصاف 3/294.(3/1239)
وكل واجب نذر أو قضاء1.
[707-] قلت: الصائم يقبل أو يباشر2؟
قال: أما المباشرة3 شديدة، والقبلة أهون4.
__________
1 انظر: اختلاف الصحابة والتابعين ق45ب.
2 أي تلمس بشرته بشرة المرأة، لأن أصل المباشرة التقاء البشرتين، وتطلق المباشرة أيضاً على الجماع في الفرج ودون الفرج.
انظر: النهاية 1/129، فتح الباري 4/149.
3 المقصود بالمباشرة هنا ما عدا الجماع في الفرج، كاللمس ونحوه، لأن ذلك هو الذي يذكر كثيراً مع القبلة في الحكم.
وذكر الحافظ ابن حجر: أن التقبيل أخص من المباشرة، وذكرها بعده من ذكر العام بعد الخاص.
انظر: الفروع 3/74، فتح الباري 4/150، الإنصاف 3/317، 329.
أما الجماع في الفرج فلا خلاف بين العلماء في وجوب القضاء والكفارة على من أفسد صومه به إذا أنزل، أما إذا لم ينزل فإن فساد الصوم لا خلاف فيه أيضاً. أما الكفارة فقد قال بها عامة أهل العلم، وحكي عن الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير عدم القول بها.
انظر: المغني 3/120.
4 لم يفرق الإمام أحمد هنا بين المُقَبِّل.
وذكر عنه التفريق: ابنه صالح حيث قال في المسائل 2/151 برقم 720: "قلت: ما تقول في الصائم يقبّل امرأته في رمضان؟ قال: إن كان شاباً فأخاف أن يجرح صومه، فلا يفعل ".
ونقل عنه التفريق أيضاً أبو داود حيث قال في المسائل ص91: "سمعت أحمد سئل عن القبلة للصائم، قال: إذا كان لا يخاف أن يأتي منه شيء، فإنه ربما كان شاباً فأمنى، وقال وسمعته مرة قيل له: يقبل الصائم؟ قال: إذا كان شاباً لا، وقال مرة أخرى لا يعجبني".
قلت: والمقبِّل إن لم ينزل لم يفسد صومه، وإن أنزل المني فسد صومه، وقد ذكر ابن قدامة عدم الخلاف في ذلك.
أما إن أمذى فالصحيح من المذهب وما عليه أكثر الأصحاب أنه يفسد صومه.
وقيل: لا يفسد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
والمقبّل أيضاً إما أن يكون ممن تحرك شهوته أو لا، فإن كان ممن تحرك شهوته وظن الإنزال فإن القبلة تحرم في حقه، وإن لم يظن الإنزال فالصحيح من المذهب أنها تكره. وروي عن الإمام أحمد أنها تحرم.
أما إن كان ممن لا تحرك شهوته فالصحيح من المذهب أن القبلة لا تكره في حقه. وروي عن الإمام أحمد أنها تكره.
انظر: المسائل برواية صالح 2/382 رقم 1041، والمغني 3/111-112، والفروع 3/63، وفتح الباري [4/150-153،] والإنصاف 3/301، 328-329، شرح منتهى الإرادات 1/454.(3/1240)
قال إسحاق: كما قال، إلا أنهما مباحان جميعاً1 [ظ-21/ب] .
__________
1 وحكى عنه السروي في اختلاف الصحابة ق47أ: أن القبلة لا بأس بها للصائم إذا لم تحرك شهوته.
قلت: وهذا إذا لم ينزل، أما إن أنزل فقد نقل غير واحد الإجماع على فساد الصوم، ونقل الحافظ ابن حجر والقرطبي عن إسحاق فساد الصوم ووجوب الكفارة.
انظر: المغني 3/112، والجامع لأحكام القرآن 2/324، والفروع 3/49، وفتح الباري 4/151، 153.(3/1241)
[708-] قلت1: الحجامة للصائم؟
قال: أكرهه ويقضي يوماً مكانه2.
قال إسحاق: كما قال3.
[709-] قلت: فمن استقاء4 وهو صائم؟
قال: عليه القضاء5.
__________
1 في "ع": "قال قلت".
[2] نقل عنه ذلك ابنه عبد الله في المسائل ص181-182 برقم 677، 679، 680،681، وكذا أبو داود في المسائل ص90-91، وابن هانئ في المسائل1/131-132 برقم 643، 645، 647.
وفساد الصوم بالحجامة هو المذهب وما عليه جماهير الأصحاب.
وروي عن الإمام أحمد أن الحاجم والمحجوم إن علما النهى أفطرا، وإلا فلا.
انظر: المغني 3/103، الفروع 3/47، المبدع 3/25، الإنصاف 3/302.
3 انظر: سنن الترمذي3/145، الإشراف ق88أ، المغني3/103، اختلاف الصحابة ق48ب، الفروع3/47.
4 أي استدعى القيء فقاء.
انظر: المغني3/117، والمبدع3/23.
5 نقل ذلك عنه ابنه عبد الله في المسائل ص184 برقم688، وكذا أبو داود في المسائل ص90.
وفساد الصوم بذلك، هو المذهب وما عليه أكثر الأصحاب، سواء كان القيء قليلاً أو كثيراً.
وروي عن الإمام أحمد أن الصائم لا يفطر إلا بملئ الفم.
وروي عنه بملئه أو نصفه.
انظر: المغني 3/117، الفروع 3/49، المبدع 3/23، الإنصاف 3/300(3/1242)
قال إسحاق: كما قال1.
[710-] قلت: السواك2 بالرطب واليابس أول النهار وآخره؟
قال: أما الرطب فأكرهه، ولا يعجبني آخر النهار3.
__________
1 انظر: سنن الترمذي 3/99، الإشراف ق87ب، شرح السنة 6/297.
2 السواك: مصدر ساك الشيء أي دلكه، يقال ساك أسنانه بالسواك أي دلكها لينظفها، وهو عود يستاك به يتخذ من شجر الأراك غالباً.
انظر: المصباح المنير ص113، المعجم الوسيط1/465، معجم لغة الفقهاء ص252.
3 هذه الرواية نص في كراهة السواك بالعود الرطب للصائم في آخر النهار، وقد يفهم منها عدم كراهته في أول النهار، وعدم كراهته باليابس في أول النهار وآخره.
ونقل عنه ابنه عبد الله ما يدل على الكراهة في آخر النهار، ولكنه لم يخص ذلك بالعود الرطب حيث قال في المسائل ص183 برقم685: "سألت أبي عن السواك للصائم؟ فقال: لا بأس بالسواك والطيب إلى الظهر". قال: "ويتوقاه آخر النهار".
ونقل عنه نحو ذلك أبو داود في المسائل أيضاً ص89.
وقال ابن قدامة: "واستحب أحمد وإسحاق ترك السواك بالعشي".
ثم ذكر أنه اختلفت الرواية عن الإمام أحمد في التسوك بالعود الرطب، فرويت عنه الكراهة وروي عنه عدمها، ولم يذكر آخر النهار.
وذكر المرداوي أن المذهب كراهة السواك بعد الزوال، ولم يذكر الرطب.
وقال ابن مفلح في الفروع: "ويكره للصائم بعد الزوال، وعنه يباح، وعنه يستحب، اختاره شيخنا وهي أظهر، وعنه يكره بعود رطب، اختاره القاضي وغيره"ا. هـ
والذي ظهر لي في المسألة: أن السواك للصائم قبل الزوال، إن كان بعود يابس لا بأس به.
قال ابن قدامه: "ولم ير أهل العلم بالسواك أول النهار بأساً إذا كان العود يابساً".ا. هـ
وأما إن كان بعود رطب ففيه ثلاث روايات: عدم الجواز، والكراهة، وعدمها، وصححها المرداوي، وذكر أنها ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وأما السواك بعد الزوال فالمذهب أنه يكره، سواء كان بعود رطب أو يابس.
انظر: المغني3/110، الفروع1/125-126، تصحيح الفروع1/125-127، الإنصاف1/117-118.(3/1243)
قال إسحاق: كما قال، لأن آخر النهار إذا تسوك يكون قد ذهب خلوف1 فمه2.
__________
1 الخلوف: تغير ريح الفم.
انظر: النهاية في غريب الحديث 2/67.
2 في "ظ": "فيه" ولفظ الحديث الوارد في ذلك مطابق لما أثبته.
وانظر لقول إسحاق: سنن الترمذي 3/104، والإشراف ق88ب-89أ، والمغني 3/110، واختلاف الصحابة ق48ب.(3/1244)
[711-] قلت: من قال: لا يقضى رمضان في ذي الحجة؟
قال: أي شيء يكره من ذلك1؟
قال إسحاق: هو جائز2، ومن كرهه3 (أراد أن يصومه) 4 تطوعاً، لما يستحب العمل فيه، وهذه رخصة، لأنه حرضه على التطوع ويؤخر قضاء الفرض5.
__________
1 الذي يدل عليه جواب الإمام أحمد هنا أنه لا يكره قضاء رمضان في عشر ذي الحجة، وهذا هو إحدى الروايتين عنه، أطلقهما ابن قدامة في المغنى.
وحكى المردواي إطلاقهما فيه وفي الشرح وشرح المجد والفائق والفروع، وقال: الصواب عدم الكراهة.
انظر: المغني 3/146، والفروع 3/131، وتصحيح الفروع 3/131-132، والإنصاف 3/350.
2 أي بلا كراهة، حكى ذلك عنه ابن قدامة في المغني3/146.
وحكى عنه ابن المنذر في الإشراف ق92ب جواز قضاء رمضان في شهر ذي الحجة، إلا الأيام التي نهى رسول صلى الله عليه وسلم عن صومها فإنه لا يجوز القضاء فيها.
3 وممن حكيت عنه الكراهة غير الإمام أحمد: علي بن أبي طالب، والحسن البصري، والزهري، رضي الله عنهم أجمعين.
انظر: مصنف عبد الرازق 4/255-256، المغني 3/146، الفروع 3/131.
4 في "ع": "يريد أن يصوم".
5 أي أن من كره قضاء رمضان في عشر ذي الحجة رأى أن ذلك يفوت صيامها تطوعاً، وهي أيام ورد الترغيب في العمل الصالح فيها. ومن ذلك ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام" يعني العشر. قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".
أخرجه بهذا اللفظ: أبو داود في كتاب الصوم، باب في صوم العشر2/815 حديث 2438.
وأخرجه البخاري بلفظ آخر في كتاب العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق 2/7(3/1245)
[712-] قلت: السفر في رمضان؟
قال أحمد: ما أعلم به بأساً1.
قال إسحاق: يكره2 تعمد ذلك، إلا أن يكون في حج أو [عمرة] 3 أو غزو.4
__________
1 أي السفر غير المحرم، لأن الأصل إباحته في رمضان وغيره، وهو الذي يبيح الفطر في رمضان عند أكثر أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني 2/261: "وجملته أن الرخص المختصة بالسفر، من القصر والجمع والفطر والمسح ثلاثاً والصلاة على الراحلة تطوعاً، يباح في السفر الواجب والمندوب والمباح كسفر التجارة ونحوه، وهذا قول أكثر أهل العلم".
2 في "ع": "يكره له".
3 ساقطة من "ع".
4 الإمام إسحاق يرى إباحة الفطر للمسافر، سواء كان السفر واجباً أو مندوباً أو مباحاً، ولعله يقصد هنا كراهة السفر لأجل الفطر الذي قال بها بعض العلماء.
قال ابن مفلح: "ولو سافر ليترخص فقد ذكروا أنه لو سافر ليفطر حرم، وذكر صاحب المحرر: يكره قصد المساجد للإعادة كالسفر للترخيص"ا. هـ. الفروع 2/57. وانظر أيضاً: كشاف القناع 1/506، شرح منتهى الإرادات 1/143.
ويحتمل أنه كره أي سفر في رمضان عدا الثلاثة المذكورة لأن السفر لها أقل ما فيه الندب(3/1246)
[713-] (قلت: الحامل والمرضع؟
قال: يفطران ويقضيان أعجب إليّ) .1
__________
1 في "ع": "قلت الحامل والمرضع يفطران؟ قال: ويقضيان أعجب إليّ".
ويستقيم بأي لفظ من النسختين لأن أعجب إليّ من مصطلحات الإمام أحمد في فقهه التي حررها أصحابه من جملة فتاويه والصحيح من المذهب وما عليه جماهير الأصحاب أنها للندب، وقيل إنها للوجوب
انظر: الفروع 1/67، الإنصاف 12/248.
وجواب الإمام أحمد هنا يحتمل أن يكون معناه أن الحامل والمرضع إذا خافتا الضرر الأَوْلى في حقهما أن يفطرا ثم يقضيان بعد ذلك، ويكره في حقهما الصوم.
ويؤيد ذلك قول ابن مفلح في الفروع3/34: "ويكره صوم الحامل والمرضع مع خوف الضرر على أنفسهما أو الولد".
وكذا قول المرداوي في الإنصاف 3/290: "يكره لهما الصوم والحالة هذه -أي حالة الخوف- قولاً واحداً، ويحتمل أن يكون معناه أن لهما أن يفطرا ويجب عليهما القضاء، لأن وجوب القضاء لا خلاف فيه في المذهب، وهو المنقول عن الإمام أحمد.
انظر: المسائل برواية ابنه صالح 3/15 برقم: 1228، وبرواية ابن هانئ 1/132 رقم651، والمغني [3/140-141،] والفروع 3/34، والمبدع 3/16، والإنصاف 3/290(3/1247)
قلت: الشيخ؟
قال: [الشيخ] 1 لا يقدر أن يقضي.2
قال إسحاق: لا يقضيان جميعاً إلا أن يختارا القضاء لكي لا يطعما3.
[714-] سئل [الإمام] 4 أحمد عن امرأة مرضت في [شهر] 5 رمضان فأفطرت فماتت في مرضها؟
قال: إن أطعموا عنها فلا بأس، وإن لم يطعموا عنها فلا بأس.6
__________
1 ساقطة من "ع".
2 نقل ذلك عنه ابن هانئ في المسائل 1/132 برقم: 651، ولا خلاف في المذهب أن الشيخ الكبير إن أفطر لا قضاء عليه.
انظر: الفروع 3/33-34، المبدع 3/14، الإنصاف 3/284، شرح منتهى الإرادات 1/442-443.
3 أي أنه لا يجب عليهما القضاء، إلا إن يختاراه بدل الإطعام.
قال ابن مفلح في الفروع 3/35: "وخيّرهما إسحاق بين القضاء والإطعام لشبههما بمريض وكبير".
4 ساقطة من "ظ".
5 ساقطة من "ع".
6 نقل عنه نحو ذلك ابناه عبد الله وصالح، حيث قال عبد الله في المسائل ص186 برقم 698: "سألت أبي عن رجل لم يزل مريضاً حتى مات، هل عليه قضاء الصوم؟ قال: ليس عليه شيء إلا أن يكون قد فرّط".
وقال صالح في المسائل أيضاً2/89 برقم 748: "قلت: رجل مرض في رمضان ثم استمر به المرض حتى مات؟ قال: ليس عليه شيء، لأنه كان في عذر".
قلت: وكونه لا شيء على من هذه حاله هو المذهب وما عليه الأصحاب.
وقال ابن قدامة: هو قول أكثر أهل العلم.
وقال المرداوي: "وذكر في التلخيص رواية يطعم عنه".
انظر: المغني 3/142، الإنصاف 3/334، شرح منتهى الإرادات 1/457.(3/1248)
[715-] [قلت1: قضاء رمضان؟
قال: لا بأس به (متفرقا) 2.
__________
1 هذه المسألة ساقطة بكاملها من "ظ".
2 غير واضحة في المخطوطة وبما ذكرت يستقيم المعنى ويؤيده ما نقله عنه ابن هانئ حيث قال في المسائل1/134 برقم661: "سألته عن قضاء رمضان متتابعاً أو متفرقاً، قال: إن قضى رمضان فلا بأس".
وكذا أبو داود حيث قال في المسائل ص95: "سمعت أحمد سئل عن قضاء رمضان، قال: إن شاء فرق، وإن شاء جمع".
وجاء في المسائل برواية البغوي ص85 برقم74: "سمعت أحمد وسئل عن قضاء رمضان متفرقاً قال: لا أرى به بأساً".
والذي يظهر من الروايات عن الإمام أحمد أنه يرى استحباب التتابع في قضاء رمضان، وهذا لا خلاف فيه في المذهب.
انظر: الهداية 1/85، المغني 3/150، الفروع 3/90، الإنصاف 3/332، مغني ذوي الأفهام ص83، شرح منتهى الإرادات 1/456(3/1249)
قال إسحاق: كما قال والتتابع أفضل] .1
[716-] قلت: الشيخ2 إذا لم يطق الصوم؟
قال: يطعم3، إن أطعم مداً أجزأ عنه4، وإن جفن5 جفاناً6 كما صنع أنس رضي الله عنه7. 8
__________
1 انظر: المغني 3/150، فتح الباري 4/189.
2 في ع "الشيخ الكبير".
3 أي يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً، وهذا بلا خلاف في المذهب.
انظر: المغني 3/141، المحرر في الفقه 1/288، الإنصاف3/284.
4 المذهب أنه إنما يجزئ الإطعام بالمد إذا كان من البر، أما من غيره فلا يجزئ إلا نصف صاع- أي مدان، لأن الصاع أربعة أمداد- وقيل يجزئ المد من غير البر.
انظر الهداية 2/52، المغني3/139، 7/369، الإنصاف 3/285، 9/233..
5 الجفنة: هي أعظم ما يكون من القصاع، والقصاع: جمع قصعة، وهي وعاء يؤكل فيه، وكان يتخذ من الخشب.
انظر: الصحاح 5/2092، لسان العرب13/89، القاموس المحيط 4/211، المعجم الوسيط1/127، 2/740.
6 أي صنع طعاماً ووضعه في جفنة ودعا إليه المساكين.
7 الذي صنع أنس رضي الله عنه أنه لما ضعف عن الصوم عاماً صنع جفنة من طعام، ثم دعا بثلاثين مسكيناً فأشبعهم. انظر: الجامع لأحكام القرآن 2/289.
8 هكذا انتهى الكلام في النسختين، والسياق يقتضي إضافة "أجزأ عنه".(3/1250)
قال إسحاق: كما قال ومن زاد زيد له.1
[717-] قلت: إذا مرض في [رمضان] 2؟
قال: إذا فرط يطعم ويقضيه، وإذا لم يفرط قضى ولا إطعام عليه3.
قال إسحاق: كما قال4.
[718-] قلت: صيام5 يوم عرفة ويوم عاشوراء ورجب؟
قال: أما عاشوراء وعرفة، أعجب إلي أن أصومهما لفضيلتهما6 في
__________
1 انظر: الإشراف ق93 أ.
2 ساقطة من "ع".
3 نقل ذلك عنه أيضاً ابن هانئ في المسائل 1/136 برقم 671.
والمعنى أن من مرض في رمضان فأفطر وأمكنه القضاء قبل رمضان آخر ولكنه لم يفعل، لزمه القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم. أما إن كان تأخيره للقضاء لعذر، فلا يلزمه إلا القضاء فقط. وهذا هو المذهب وما عليه الأصحاب.
وذكر في الفروع أنه يتوجه احتمال عدم لزوم الإطعام.
انظر: الهداية 1/85، والمغني 3/144-145، والفروع 3/92، والإنصاف 3/333-334، شرح منتهى الإرادات 1/456-457.
4 انظر: الإشراف ق91 أ، شرح السنة 6/320، المغني3/145.
5 في "ع": "الصيام".
6 في "ع": لفضيلته" والموافق للسياق ما أثبته.
ويوم عاشوراء سبق الكلام عنه وعن استحباب صومه في المسألة (697) .
أما يوم عرفة فهو اليوم التاسع من ذي الحجة، سمي بذلك لأن الوقوف بعرفة فيه، وقيل: لأن جبريل حج بإبراهيم عليهما السلام، فلما أتى عرفة قال: قد عرفت؟ قال: قد عرفت. وقيل: لتعارف آدم وحواء بها.
انظر: المغني 3/175، الفروع 3/108-109.
وصيامه لغير الحاج مستحب، وفيه فضل عظيم.
انظر: المغني3/174، الفروع3/108، منار السبيل1/229.(3/1251)
حديث أبي قتادة1، وأما رجب فأحب إليّ أن أفطر منه2.
قال إسحاق: كما قال سواء.
[719-] قلت: صيام الدهر متى لا يكون صيام الدهر [ع-34/أ] ؟
__________
1 حديث أبي قتادة رواه الإمام مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء 1/818-819 برقم 1162 وفيه: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله".
2 هذا يدل على كراهة صوم شهر رجب كاملاً، وتزول الكراهة بالفطر في بعض أيامه.
وقد نقل عنه نحو ذلك ابن قدامة في المغني حيث قال: "ويكره إفراد رجب بالصوم. قال أحمد: وإن صامه رجل أفطر فيه يوماً أو أياماً بقدر ما لا يصوم كله".
وقال المرداوي: "وتزول الكراهة بالفطر من رجب ولو يوماً واحداً".
انظر: المغني3/166-167، الفروع3/118، الإنصاف3/346-347.(3/1252)
قال: أما إذا أفطر الخمسة الأيام1، ويعجبني أن يفطر منه أياماً2.
قال إسحاق: كما قال3.
[720-] قلت: العطاء الذي يقوم4 للناس في شهر رمضان؟
قال: ما يعجبني أن يأخذ على شيء من الخير أجراً5.
__________
1 أي فلا بأس به، وقد قال ابنه عبد الله في المسائل ص180 برقم674: "سألت أبي عن رجل يصوم السنة ما عليه أن يفطر منها؟ قال يفطر العيدين وأيام التشريق".
وذكر ابن قدامة أن أحمد قال: "إذا أفطر يومي العيدين وأيام التشريق رجوت أن لا يكون به بأس" المغني 3/167.
2 نقل ذلك عن الإمام أحمد بن مفلح في الفروع3/115.
والمعنى أن الأولى لمن أراد الإكثار من الصيام أن لا يقتصر على عدم صيام الخمسة الأيام المحرم صومها، بل يفطر أياماً أخرى غيرها.
والصحيح من المذهب وما عليه أكثر الأصحاب أنه لا يكره صيام الدهر إذا اجتنبت الأيام المنهي عن صيامها.
وقيل بالكراهة، وهو اختيار ابن قدامة في المغني حيث قال: "والذي يقوى عندي أن صوم الدهر مكروه وإن لم يصم هذه الأيام، فإن صامها فقد فعل محرماً"ا. هـ.
انظر: المغني3/167، الفروع3/114، الإنصاف3/342.
3 أي أن الأولى أن يفطر أياماً غير الخمسة. انظر الفروع3/115.
4 هكذا في النسختين ولعل الصواب "يقدم".
5 في أخذ الأجرة على أعمال القرب روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: أنه لا يجوز، وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
والثانية: يجوز.
وهذا إن كان بشرط، أما ما كان بلا شرط فظاهر كلام الإمام أحمد جوازه.
انظر: المغني 5/555، 558، الإنصاف3/45.(3/1253)
قال إسحاق: لا يسعه أن يؤم على نية أخذه، وإن أم ولم ينو شيئاً من ذلك فأعطي أو أكرم جاز ذلك1.
[721-] قلت: يعتكف الرجل في المسجد في خيمة؟ 2 فكرهه [وقال] 3 إلا أن يشتد البرد4.
__________
1 لم أقف على هذا التفصيل عن الإمام إسحاق، ولكن نقل عنه ابن قدامة كراهة تعليم القرآن بأجر.
ونقل عنه الخطابي منع أخذ الأجرة على الأذان. انظر: المغني5/555، ومعالم السنن1/285.
2 الخيمة: بيت مستدير تبنيه العرب من عيدان الشجر، وقيل هي ثلاثة أعواد أو أربعة يلقى عليها نوع من النبات يستظل بها في الحر.
انظر: الصحاح5/1916، لسان العرب12/193، المعجم الوسيط1/267.
وهي معروفة بهذا الاسم في الوقت الحاضر، ولكنها تكون من قماش غليظ أبيض اللون من الخارج غالباً، ويعمل له بطانة من الداخل من قماش خفيف من غير الأبيض.
3 ساقطة من "ع".
4 ونقل عنه المنع من غير برد ابن هانئ حيث قال في المسائل 1/138 برقم 678: "قيل له يعتكف الرجل في المسجد في الخيمة؟ قال: لا يعتكف في الخيمة إلا من برد شديد".
وفي المغني 3/191، والفروع3/156، جواز الاستتار بدون تقييد في البرد. وانظر أيضاً فتح الباري4/273.(3/1254)
قال إسحاق: لا يكره له ذلك، إذا كان يحب أن (يقي) 1 المسجد لما يكون منه من حدث أو سقوط شيء مما يذم [به] 2.
[722-] قلت: الاعتكاف في أي المساجد يكون؟.
قال: في كل مسجد تقام فيه الصلاة3.
__________
1 في "ظ": بياض.
2 ساقطة من "ظ" والأولى إثباتها، لأن المعنى لا يكره له ذلك إذا كان قصده المحافظة على المسجد مما قد يقع منه ويذم على فعله.
3 نقل ذلك عنه ابن هانئ في المسائل 1/138 برقم679، ونقل عنه ابنه عبد الله وأبو داود جواز الاعتكاف في كل مسجد.
والمذهب وما عليه الأصحاب أن الاعتكاف لا يصح ممن تلزمه الصلاة جماعة في مدة اعتكافه إلا في مسجد تقام فيه الجماعة، أما إن كان ممن لا تلزمه الجماعة في مدة اعتكافه فإنه يصح في كل مسجد.
وحكى ابن مفلح والمرداوي عن أبي الخطاب في الانتصار أن الاعتكاف لا يصح من الرجل مطلقاً إلا في مسجد تقام فيه الجماعة، وأن المجد قال: هو ظاهر رواية ابن منصور، وظاهر قول الخرقي.
قلت: ولم أجده في المحرر، فلعله قاله في شرح الهداية.
انظر: الهداية1/87، المغني3/187-190، المحرر 1/132، الفروع3/155-156، المبدع3/67، الإنصاف3/364.(3/1255)
[723-] قلت: المعتكف أي شيء رخص له أن يعمل من اتباع الجنازة ونحوه؟
قال: حديث عائشة أحب إليّ1.
__________
1 حكى رواية الكوسج هذه ابن المنذر في الإشراف ق95 أ، واشتهر عن عائشة رضي الله عنه في هذا الموضوع حديثان.
أحدهما: أنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الناس".
أخرجه: مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله 1/244 حديث 297.
الثاني: أنها قالت: "السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه…".
أخرجه أبو داود واللفظ له في كتاب الصوم، باب المعتكف يعود المريض 2/836-837. حديث 2473 وقال غير عبد الرحمن-يعني ابن إسحاق أحد رجال السند- لا يقول فيه: "قالت السنة"، وقال: جعله قول عائشة.
وأخرجه أيضاً البيهقي في كتاب الصيام، باب المعتكف يخرج من المسجد لبول أو غائط 4/321 وقال: قد ذهب كثير من الحفاظ إلى أن هذا الكلام من قول من دون عائشة، وأن من أدرجه في الحديث فقد وهم فيه.
والخروج لما لا بد منه كالخروج للبول والغائط، لا خلاف بين العلماء في جوازه للمعتكف.
انظر: الإجماع لابن المنذر ص: 48، والمغني 3/191، وفتح الباري 4/273، والإنصاف 3/371.
أما عيادة المريض واتباع الجنازة فاختلفت فيها الروايات عن الإمام أحمد، فروي عنه أنه ليس له ذلك إلا أن يشترط. وهذا هو المذهب.
قال في الفروع: "نص عليه واختاره الأصحاب" وروي عنه أنه له فعل ذلك وإن لم يشترط، وروي عنه أنه لا يجوز له فعله وإن اشترط.
انظر المسائل رواية ابنه عبد الله ص195، 196برقم728، 734، ورواية أبي داود ص96، المغني 3/195، الفروع 3/184، الإنصاف 3/375.(3/1256)
قال إسحاق: لا يخرج المعتكف إلا لغائط أو بول1، (وإن خرج) 2 إلى الجمعة فجائز، وليخرج نحو الزوال أحب إلينا، فأما عيادة المرضى وشهود الجنازة3 فلا يفعل حتى يشترط4.
[724-] قلت: يكون الاعتكاف5 بغير صوم؟
قال: أليس حديث عمر رضي الله عنه نذر أن يعتكف ليلة في الجاهلية فأمره
__________
1 هذا لا خلاف فيه بين العلماء كما سبقت الإشارة إليه قريباً.
2 في "ع": "أو خرج" والأقرب للسياق ما أثبته.
3 في "ع": الجنائز.
4 حكى ذلك عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري 4/273، وذكر عنه ابن المنذر والقرطبي التفريق بين الاعتكاف الواجب واعتكاف التطوع، فمنعه من فعل هذه الأشياء في الاعتكاف الواجب، وأجاز له ذلك في اعتكاف التطوع إن اشترط. انظر الإشراف ق95 أ، الجامع لأحكام القرآن 2/335.
5 في "ع": "اعتكافاً".(3/1257)
النبي صلى الله عليه وسلم أن يفي به؟ 1
قال إسحاق: هو على ما ينوي المعتكف (إن نوى صياماً)
__________
1 حديث عمر رضي الله عنه الذي أمره فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بالوفاء بنذره هو ماروى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام"، قال: "أوف بنذرك".
وقد أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب الاعتكاف، باب الاعتكاف ليلاً 2/256، ومسلم في كتاب الأيمان، باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم 2/277 حديث 1656، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذر، باب من نذر في الجاهلية ثم أدرك الإسلام 3/616 حديث 3325، والنسائي في كتاب الأيمان، باب إذا نذر ثم أسلم قبل أن يفي 7/21، وكلهم لم يذكروا فيه الصوم.
وأخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب المعتكف يعود المريض 2/837 حديث 2474، بسنده عن عمرو بن دينار عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنه جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية ليلة أو يوماً عند الكعبة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اعتكف وصم"، ولم يصحح الألباني موضع الشاهد منه. انظر: صحيح سنن أبي داود 2/469.
وجواب الإمام أحمد هنا يحتمل صحة الاعتكاف من غير صيام لأن الثابت في حديث عمر عدم ذكر الصيام، وهذا هو المذهب وما عليه الأصحاب، ويحتمل اشتراط الصيام لصحة الاعتكاف لورود ذلك عند أبي داود في حديث عمر، وهو رواية عن الإمام أحمد.
وقال أبو داود في المسائل ص97: "قلت لأحمد يكون اعتكافه بغير صوم؟ قال: فيه اختلاف".
انظر: الإشراف ق94 أ، المغني3/185، الفروع3/157، الإنصاف3/358.
2 في "ع": "وإن نوى صوماً".(3/1258)
صام، وإلا فإنه يجوز له بغير صيام1.
[725-] قلت: [من] 2 نذر أن يعتكف في مسجد إيليا فاعتكف في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يجزيه3 أم لا؟
قال: نعم، وكذلك لو نذر أن يعتكف في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أجزأه في المسجد الحرام4.
قال إسحاق: كما قال.
[726-] (قلت لأحمد) 5: المعتكف إذا وقع على امرأته؟
قال: انتقض6 اعتكافه7.
__________
1 انظر: سنن الترمذي 4/113، اختلاف الصحابة والتابعين ق49 ب، المغني 3/186، نيل الأوطار4/267.
2 ساقطة من "ع".
3 في "ع": "أيجزيه".
4 وهذا لا خلاف فيه في المذهب على أن مكة أفضل من المدينة. انظر: الهداية 1/87، المغني3/215، الفروع3/164، الإنصاف3/368.
5 في "ع": "قال قلت".
6 في "ع": "ينتقض".
7 نقل عنه ذلك ابن هانئ في المسائل 1/138 برقم676 ونقل عنه ما يدل على ذلك ابنه صالح في المسائل 1/359 برقم327. وبطلان الاعتكاف بالوطء لا خلاف فيه بين العلماء.
انظر الإجماع ص48، المغني 3/197، الجامع لأحكام القرآن 2/332.(3/1259)
قال إسحاق: كما قال، لأن الله عز وجل قال: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} 1 والمباشرة الجماع2.
[727-] قلت: من3 نذر أن يصوم شهرين متتابعين فمرض؟
قال: يقضي [يعني] 4 يبني على ما صام5.
__________
1 سورة البقرة آية 187.
2 اختلف في المقصود بالمباشرة في هذه الآية، فقيل الجماع كما فسره إسحاق، قال ابن الجوزي: وهو قول الأكثرين. وقيل: إنها تشمل ما دونه، كاللمس والتقبيل إذا كان لشهوة.
انظر: تفسير الطبري 3/540-543، وزاد المسير 1/175، وفتح القدير 1/186.
3 في "ع": "ومن".
4 ساقطة من "ع".
5 سبق في المسألة: (689) أن من أفطر يوماً من صيام شهرين متتابعين لعذر، كمرض أو حيض، أنه يبني على صيامه، ولم يختلف الحكم في هذه المسألة عما سبق، إلا أنه هنا حدد الصوم بأنه صيام نذر.
وما حكاه الكوسج عن الإمام أحمد هنا من كون المفطر لمرض من صيام النذر المتتابع لا يلزمه غير القضاء وله البناء على صيامه، هو رواية عنه، نقل نحوها ابنه عبد الله في المسائل ص193 برقم 721.
والمذهب أنه يخير بين أن يستأنف ولا شيء عليه، وبين أن يبني صيامه ويكفر كفارة يمين، لأن الكفارة تلزم لترك المنذور وإن كان عاجزاً، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أخت عقبة بالكفارة لعجزها عن المشي.
انظر: المغني 9/26، الفروع 6/409، الإنصاف11/144-145.(3/1260)
قال إسحاق: صدق.
[728-] (قلت أحمد) 1: إذا كان على [الرجل] 2 صوم شهرين متتابعين فظن أنه أمسى فأفطر؟
قال: يقضي يوماً مكانه.
قال إسحاق: أرى أن يتم ما بقي ولا يستأنف، وإن قضى ذلك اليوم فحسن.3
قلت4 لأحمد: (قال ابن المبارك) 5:يستقبل؟ 6
قال: فرمضان ينبغي له أن يستقبل7.
__________
1 في "ع": "قلت للإمام أحمد".
2 ساقطة من "ع" والسياق يقتضي إثباتها.
3 هذا يوافق ما سبق عنهما في المسألة: (703) .
4 في "ع": "قال قلت".
5 في "ع": "فإن ابن مبارك قال".
6 لم أقف عليه فيما اطلعت عليه من الكتب.
7 أي يقضي يوماً مكانه، وهذا يوافق ما نقل عنه قريباً وما سبق في المسألة: (703) .(3/1261)
[729-] قلت: فامرأة عليها شهران1 متتابعان فوافق [ذلك] اليوم يوم النحر وأيام التشريق (أو وافق) 2 أيام حيضها؟
قال: تصوم [ظ-22/أ] أيام التشريق وقد أجزأ عنها3.
قال إسحاق: أجاد (كما قال) 4.
__________
1 في "ظ": "شهرين تنصيص والموافق للعربية ما أثبته.
2 في "ع": "فوافق" والموافق للسياق ما أثبته.
3 هذا في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد.
والرواية الثانية: أن صيام أيام التشريق لا يجوز، فتفطر فيها وتبني على صيامها، ولم يجب الإمام أحمد هنا عن حكم صيام المرأة الذي يجب فيه التتابع إذا تخلله يوم عيد أو حيض، ولكن سبق جوابه عن الحيض بأنه لا يقطع التتابع في المسألة: (689) ، ونقل ابن المنذر وابن قدامة الإجماع على ذلك، وكذا الفطر ليوم العيد، فإنه لا خلاف في المذهب في أنه لا يقطع التتابع.
انظر: الإجماع ص47، المغني3/165، 7/365، 377، المحرر1/230، الإنصاف3/351، 9/224.
4 في "ع": "كما قال".
ولم أقف للإمام إسحاق على نص في المسألة غير حكاية الكوسج هذه عنه، لكن حكى عنه أنه أجاز صيام أيام التشريق للمتمتع الذي لم يجد الهدي، وقد قاس عليه بعض العلماء كل صيام فرض فلعله منهم.
انظر: اختلاف الصحابة ق49 أ، والفروع 3/129، وبلوغ الأماني 10/143.
وانظر للقياس المشار إليه: المغني 3/165(3/1262)
[730-] قلت لأحمد: (قال الحسن) :1 إذا كان على الرجل أن يصوم سنة؟
قال: يفطر الأيام التي نهي عنهن2، وقد أجزأ عنه3.
__________
1 هكذا في النسختين، والذي أراه أن المعنى لا يستقيم إلا بحذف عبارة "قال الحسن". ويؤيد ذلك أن الجواب هنا يتفق مع جواب الإمام أحمد في المسألة السابقة برقم: (719) .
2 وهي خمسة أيام: يوما العيدين، وأيام التشريق، ومما جاء في النهي عن صيامها ما يأتي:
أ- عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الأضحى ويوم الفطر".
أخرجه: مسلم واللفظ له في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الفطر ويوم الأضحى 1/799 حديث 1138، والبخاري في كتاب الصوم، باب الصوم يوم النحر2/32.
ب- عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب".
أخرجه: مسلم في كتاب الصيام، باب تحريم صوم أيام التشريق 1/800، حديث 1141.
وانظر حكم صيام هذه الأيام في: التمهيد 13/26، والهداية1/86، والمغني3/163، والإنصاف3/351، ومنار السبيل1/230.
3 أي أن من نذر صيام سنة فإنه لا يلزمه صيام يومي العيدين وأيام التشريق، بل يجزيه صيام ما عداها من أيام السنة، وهذا هو الصحيح من المذهب.
وعن الإمام أحمد رواية أنه يقضي هذه الأيام.
انظر: المغني 9/25، والإنصاف 11/131-133.(3/1263)
[731-] قال1 عطاء: إذا أفطر في يوم غيم أي أنه يبني2.
[732-] [قلت: إذا كان عليه صوم شهرين متتابعين فصام] 3 شعبان4 ورمضان في السفر؟
قال: لا أدري ما هذا5.
قال إسحاق: أما شعبان فجائز عنه، لأنه لا يصام عن غيره أبداً وأنت تعلمه، وإذا6 لم تعلم جاز عنه، وإنما جوزت شعبان وقد7 ألحق به رمضان ناسياً من غير تعمد، فإذا علم أنه من رمضان وهو ظن أنه يجوز عنه لم يجز حتى يضم إلى شعبان شهراً
__________
1 نص المسألة في "ع": "قال الإمام أحمد وقال عطاء: إذا أفطر في يوم غيم أي قضى".
2 أي لا يلزمه قضاء ذلك اليوم، وقد حكى ذلك عنه الساعاتي، وحكى عنه أيضاً لزوم القضاء. في "ع" "أي قضى من"
انظر بلوغ الأماني 10/65، وقد سبق بيان حكم ذلك في مسألة رقم: (703) .
3 ساقطة من "ع": والصواب إثباته، لأن المعنى لا يستقيم بدونه.
4 في "ع": "من شعبان" والموافق للسياق ما أثبته.
5 قال ابن قدامة في المغني3/102: "وليس للمسافر أن يصوم في رمضان عن غيره كالنذر والقضاء".
وقال في7/379: "فإن نوى صوم شهر رمضان عن الكفارة لم يجزه عن رمضان ولا عن الكفارة، وانقطع التتابع حاضراً كان أو مسافراً".
6 في "ع": "فإذا".
7 في"ع": "فقد".(3/1264)
آخر، ويكون قد قضى فرضه، ولأن رمضان [قد] 1 قطع بين تمام صومه، وهو عذر بين لا يجوز ذلك في الحضر2.
[733-] قلت لأحمد: الزهري كره للمسافر أن يجامع امرأته في السفر3 نهاراً في [شهر] 4 رمضان؟ فلم ير5 به بأساً في السفر6.
قال [ع-34/ب] إسحاق: كما قال7، لأن حكم الجماع والأكل واحد.
[734-] قال إسحاق: وأما القبلة للصائم والمباشرة فهو8
__________
1 ساقطة من "ع".
2 لم أقف على من نقل هذا عن الإمام إسحاق غير الكوسج، ولم يظهر لي المعنى.
3 في "ع": "في سفر".
4 ساقطة من "ع".
5 أي الإمام أحمد.
6 حكى رواية الكوسج هذه القاضي أبو يعلى في المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين1/262 حيث قال: "ونقل ابن منصور قلت لأحمد: قال الزهري: يكره للمسافر أن يجامع امرأته في سفره نهاراً في رمضان، فلم ير به بأساً في السفر"ا. هـ
وقال ابن قدامة في المغني3/102: "ومتى أفطر المسافر فله فعل جميع ما ينافي الصوم من الأكل والشرب والجماع وغيره".
7 في "ع" "كما قال أحمد".
8 في "ع": "فهذا".(3/1265)
مباح1، إنما رأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم أن يتحاماها الناس لكي لا يدخل2 عليهم في صومهم شبهة3.
لذلك نهوا الشباب أن يتعرضوا لها ورخصوا للشيوخ لما هم عليه4 أكثر أمنا5، وإنما الأصل في ذلك أن لا يجاوز6 الحد حتى يفضي إلى جماع في الفرج أو دونه عمداً، لأن حكم ما دون الفرج إذا تعمده حتى أمنى كالحكم في الفرج، عليه القضاء
__________
1 سبق الكلام عن حكم القبلة والمباشرة للصائم في مسألة: (707) .
2 في "ع": "يدخلوا".
3 ومن ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان ينهى عن قبلة الصائم، فقيل له: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبّل وهو صائم! فقال ومن ذا له من الحفظ والعصمة ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم". رواه عبد الرزاق في مصنفه 4/182.
4 في "ع": "عليهم".
5 ومن ذلك ما روي عن أبي مجلز أنه قال: جاء رجل إلى ابن عباس- شيخ - يسأله عن القُبلة وهو صائم فرخص له، فجاءه شاب فنهاه. رواه عبد الرزاق في مصنفه 4/185.
وعن عطاء بن يسار أن ابن عباس سئل عن القُبلة للصائم فأرخص فيها للشيخ، وكرهها للشاب.
أخرجه: مالك في كتاب الصيام، باب ما جاء في التشديد في القُبلة للصائم 1/293، والبيهقي في معرفة السنن والآثار 6/281.
6 في "ع": "يجاوزوا".(3/1266)
والكفارة1.
[735-] قال إسحاق: وأما الحجامة للصائم في رمضان فلا، فإن فعل فقد أفطر وعليه القضاء، ولا كفارة عليه لما اختلف2 فيه، ولا يشبه لمن تعمده كمن تعمد فطره بجماع أو أكل.
قال [إسحاق] 3: والحاجم والمحجوم إذا تعمدا ذلك أفطرا [و] 4 عليهما قضاء يوم مكان يوم، ولا كفارة عليهما5.
__________
1 حكى ذلك عن الإمام إسحاق الحافظ ابن حجر في الفتح4/151، ولم يذكر الكوسج هنا قول الإمام أحمد في حكم الكفارة بالجماع فيما دون الفرج، وقد روي عنه في ذلك روايتان:
إحداهما: وجوب الكفارة كقول إسحاق، قال المرداوي: اختارها أكثر الأصحاب.
والثانية: عدم وجوب الكفارة، قال في الفروع: اختاره جماعة، وهي أظهر، وقال المردواي: "هي المذهب، وقال ابن رزين: وهي أصح".
الفروع 3/83، والإنصاف 3/316.
وانظر أيضاً: المغني3/115، المحرر1/230، المبدع3/33.
2 في "ع": "اختلفوا".
3 ساقطة من"ع".
4 الواو من "ع".
5 سبق عن الإمام إسحاق في المسألة: (708) ، قوله بوجوب القضاء على من احتجم وهو صائم، ولم يتعرض فيها لحكم الكفارة. ويأتي عنه في المسألة: (738) ، النص على عدم وجوبها على الحاجم والمحجوم كما ذكره هنا.
وقد حكى عنه السروي ما يدل على عدم وجوب الكفارة بالحجامة، حيث قال في الورقة 48ب: "وذهبت طائفة إلى أن الحجامة يفطر بها الحاجم والمحجوم معاً، روي ذلك عن علي … وبه قال الأوزاعي وأحمد وإسحاق، وحكي عن عطاء: يجب على من احتجم وهو صائم في رمضان القضاء والكفارة".(3/1267)
[736-] (قلت لإسحاق) 1: صائم وجد شهوة فخشي أن يمذي فجعل ينتر2 ذكره لكي ينقطع المذي (إذا وجد انتشاراً) 3 ودفق الماء الأعظم4، عليه5 القضاء دون الكفارة؟
قال إسحاق: عليه القضاء ولا كفارة [عليه] 6 لأنه7 لم يتعمد
__________
1 في "ع": "قال قلت لأحمد"، وسياق المسألة يدل على ما أثبته، لأنه لم يرد فيها جواب للإمام أحمد.
2 النتر: جذب فيه قوة وجفوة، وقد ورد فيه حديث: "إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات".
رواه: أحمد في مسنده4/347، وابن ماجه في كتاب الطهارة، باب الاستبراء بعد البول1/118، حديث326، وهو ضعيف.
انظر: بلوغ الأماني1/287، وضعيف سنن ابن ماجه ص27،
وانظر معنى النتر في النهاية في غريب الحديث5/12، بلوغ الأماني1/287.
3 في "ظ": "أو وجد الكسل" والأقرب لسياق المسألة ما أثبته.
4 أي المني.
5 في "ع": "فإن عليه".
6 ساقطة من "ع".
7 في "ع": "لا"، ولا شك أنه خطأ من الناسخ.(3/1268)
لاحتيال1 خروج النطفة2.
[737-] قلت لإسحاق: مسافر أفطر في رمضان في سفر، ثم طال سفره، أله أن يقضي رمضان في سفره؟
قال شديداً، لأنه زال معنى رمضان وجعل الله عز وجل عليه عدة3 أيام أخر، فإذا خشي أن يفوته القضاء لما طال سفره جاز له أن يقضيها وهو مسافر4.
[738-] قال إسحاق: وأما الحجامة في رمضان فإن الحاجم والمحجوم إذا تعمدا ذلك أفطرا [و] 5 عليهما يوم مكان يوم، ولا كفارة
__________
1 في "ع": "الاحتيال"، وهو خطأ من الناسخ أيضاً.
2 لم أقف على من حكى ذلك عن الإمام إسحاق، والذي يظهر في المسألة أن خروج المني وقع من غير قصد.
وقد حكى ابن قدامة في المغني 3/112-115: أن ما حصل من المفطرات من غير قصد لا يفسد الصوم، من غير خلاف يعلمه.
3 هكذا في النسختين "ظ"، وفي "م": "عدة من أيام أخر"، وهذا يوافق قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} سورة البقرة آية 184.
4 لأن صيام رمضان في السفر يجوز، وإنما الخلاف في الأفضل: هل الفطر أو الصوم؟ وقد سبق ذلك في المسألة: (683) ، كما أن في ذلك إبراء للذمة.
5 الواو ساقطة من "ع".(3/1269)
عليهما1، ونختار للذي يحتجم في رمضان إذا كان تبيغ2 به الدم أو احتاج إلى ذلك لعلة نزلت به أن يلزق محاجمه قبل أن تغيب الشمس [في] 3 عنقه فإذا غابت شرط، أو يحتجم ليلاً4.
قال إسحاق: وأما من كانت حرفته الحجامة فعليه ترك ذلك في رمضان ولا يحجمن أحداً، وله أن يأخذ من شعور الناس ويأخذ على ذلك أجراً إن شاء5.
[739-] قلت لأحمد: من قال: (لا6 يعطى عن اليتيم صدقة الفطر؟ 7
فقال: قال علي رضي الله عنه: "على من جرت عليه نفقتك") 8، وكانت
__________
1 سبق ذلك في المسألتين: (708) ، (735) .
2 تبيغ به الدم أي هاج به، وذلك حين تظهر حمرته في البدن. انظر: لسان العرب 8/422.
3 ساقطة من "ع".
4 روي مثل هذا العمل عن ابن عباس رضي الله عنهما. انظر المغني 3/104.
5 لأن أخذ الصائم من الشعر لم يرد النهي عنه كما ورد في الحجامة.
6 في "ظ": "أن الأم لا تعطي عن اليتيم صدقة الفطر قال علي: من جرت عليه نفقتك" والذي يستقيم به المعنى أكثر هو ما أثبته.
7 نص ابن حزم في المحلى6/139على أن زفر ومحمد بن الحسن قالا بعدم وجوب زكاة الفطر على اليتيم، ويفهم من كلام ابن قدامة الآتي في آخر المسألة أن الحسن والشعبي قالا بذلك أيضاً.
8 رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/173، والدارقطني في سننه 2/152، والبيهقي في السنن الكبرى 4/61.
وضعفه الألباني في إرواء الغليل3/330.(3/1270)
أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها تخرج عن من تمون.1
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه3/172.
والذي يفهم من هذه المسألة وجوب زكاة الفطر على اليتيم، وهذا لا خلاف فيه بين أكثر العلماء.
قال ابن قدامة: "وتجب على اليتيم، ويخرج عنه وليه من ماله، لا نعلم أحداً خالف في هذا إلا محمد بن الحسن قال: ليس في مال الصغير من المسلمين صدقة، وقال الحسن والشعبي: صدقة الفطر على من صام من الأحرار وعلى الرقيق ". المغني 3/55-56.
وانظر أيضاً: منار السبيل1/201-202، كما أنها بينت أن زكاة الفطر تلزم الشخص عن نفسه وعن من تلزمه نفقته، وهذا لا خلاف فيه في المذهب، واختلف فيمن تكفل بمؤنة شخص في شهر رمضان، هل تلزمه فطرته أو لا؟
والمنصوص عن الإمام أحمد أنها تلزمه، وهذا هو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وروي عنه أنها لا تلزمه، واختار ذلك أبو طالب.
وقال ابن قدامة: "وهذا قول أكثر أهل العلم، وهو الصحيح إن شاء الله، وكلام أحمد في هذا محمول على الاستحباب لا على الإيجاب".
انظر: المسائل لأبي داود ص 87، والهداية 1/75، والمغني 3/72، والإنصاف 3/168.(3/1271)
وصف نسخ المخطوط (لكتاب الحيض)
وجد لكتاب المسائل ثلاث
نسخ: النسخة الأولى:
نسخة المكتبة العمرية، وهي التي اعتمدت عليها في تحقيق هذا الجزء وهي نسخة واضحة الكتابة رغم رداءة خطها التي تصعب قراءة بعضها، لا سيما في بعض صفحاتها، ويتراوح عدد الأسطر منها ما بين (17 ـ 34) سطراً.
ويحتوي كل سطر على (12 ـ 17) كلمة تقريباً، ويكاد تخلو من الهوامش والاستدراكات الجانبية كما تتميز بإبراز المسائل بكتابة بدايتها بخط عريض غامض بقوله: قلت، وأحيانا بقوله: قال، مما يسهل معرفة بداية المسألة.
وفي آخر النسخة اسم الناسخ، وهو محمد بن عبد الرحمن بن محمد العمري.
وقد فرغ من نسخه يوم السبت آخر ربيع الأول سبع وثمانين وسبعمائة في دمشق.
وقد اشتملت على باب الحيض من ص (67) إلى ص (72) .
النسخة الثانية:
نسخة المكتبة الظاهرية وتقع في (225) لوحة ولم أتمكن من الاطلاع عليها.(3/1295)
النسخة الثالثة:
هي نسخة دار الكتب المصرية وهي نسخة منقولة عن نسخة المكتبة الظاهرية وقد كتبت في القرن الماضي سنة (1362 هـ) .
ولذا كان خطها جليا واضحا، إلا أنها لم تشتمل على كثير من المسائل التي احتوتها نسخة المكتبة العمرية، ولا توجد في هذه النسخة من مسائل باب الحيض إلا ثماني مسائل، من المسألة الأولى إلى التاسعة إلا أن المسألة الثامنة ساقطة.(3/1296)
منهجي في التحقيق:
إن المقصود من تحقيق كتاب مخطوط ـ كما هو معلوم ـ إخراجه على أحسن وجه كما أراد له مؤلفه، ومن ثم توضيح ما أشكل فيه ببيانه وإضافة ما يحتاج إليه، وتخريج نصوصه وعزوها إلى مظانها، ولذا سلكت في تحقيقي المنهج الذي يؤدي إلى هذا المقصود بأحسن ما يرام، على النحو الآتي:
1- نسخت الكتاب ـ وأقصد الجزء الذي قمت بتحقيقه وهو باب الحيض ـ متبعاً في ذلك طريقة الرسم الإملائي الحديث واعتمدت في النسخ على نسخة المكتبة العمرية.
2- قابلت النسخة العمرية والمرموز لها بحرف (ع) بالنسخة المصرية المنقولة عن النسخة الظاهرية والمرموز لها بحرف (م) في المسائل التي احتوتها النسخة المصرية وهي ثماني مسائل.
3- أضفت في النص ما رأيت أن الكلام لا يستقيم إلاّ به، وأشرت إلى ذلك في الهامش.
4- أبدلت بعض الكلمات التي لا تناسب المقام - إذا كان الكلام لا ستقيم به - بما ينسجم مع السياق، وأشرت إلى ذلك في الهامش.
5- لوحظ على الأصل المخطوط أن الناسخ لم يتبع الطريقة الإملائية السليمة في وضع الهمزات والنقاط على الحروف، وأبدل الألف المقصورة بالممدودة، فأثبت في المطبوع ما رأيته أليق بقواعد الإملاء والكتابة(3/1297)
6- وثقت المسائل والأقوال من كتب المسائل وغيرها ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
7- إذا لم ينص على قول الإمام أحمد أو قول إسحاق بن راهويه في المخطوط فإنني أبذل جهدي لأجد ذلك القول من مظانه.
8- نقلت أقوال بعض أهل العلم في المسائل التي رأيت الحاجة تدعو إلى ذكرها.
9- حاولت أن أجد دليلا من الكتاب والسنة، أو مستندا من أقوال السلف الصالح على المسائل المذكورة في الكتاب.
10- أشرت إلى القول المعتمد في المذهب الحنبلي عند تعدد الروايات في المسألة.
11- بعد توثيق المسألة والأقوال، اذكر مظان المسألة في أمهات الكتب في المذهب الحنبلي وأشير إلى ذلك بقولي، وانظر:، لتتم الفائدة بالرجوع إليها.
12- عند ورود أقوال لأصحاب المذاهب المختلفة فإني أوثق تلك الأقوال من المراجع المعتمدة في ذلك المذهب.
13- إذا تكررت المسألة فإنني أشير إلى مكان ورودها فيما سبق، كما أنني أوضح ما اشتملت عليه المسألة من فائدة زائدة إن وجدت.
14- رقمت المسائل والأقوال الواردة في الباب رقماً تسلسلياً(3/1298)
15- لم أترجم إلا للأعلام التي لم ترد ترجمتها في باقي أجزاء الكتاب تمشياً مع اقتراح اللجنة المشرفة على طباعة الكتاب بعدم تكرار التراجم والتي بلغت حوالي (520) ترجمة بحذف المكرر.
16- شرحت الألفاظ الغريبة والمصطلحات التي لم يسبق شرحها، وأما التي سبق شرحها فإنني تركتها دون شرح تفادياً للتكرار، وقد بلغت في الكتاب كله حوالي (1050) كلمة.
17- أشرت إلى نهاية اللوحة من المخطوط بالشرطة المائلة.
18- عزوت الآيات إلى موضعها من القرآن الكريم بذكر السورة ورقم الآية (ولم ترد في البحث إلا في المقدمة) .
19- إذا ذكر الحديث في المتن بالمعنى أو ذكر جزء منه فإني أذكر في الهامش نص الحديث كاملا مع تخريجه.
20- خرجت الأحاديث من مظانها مكتفيا بما ورد منها في الصحيحين أو أحدهما دون بيان درجتها، وأما ما كان منها في غيرهما فإنني أذكر درجته صحة وضعفا معتمداً في ذلك على كتب التخريج.
21- عزوت الآثار إلى مظانها من كتب الآثار.
22- عنونت مسائل الكتاب وضمنتها فهرس الموضوعات(3/1299)
باب الحيض1
[740-] قلت2 للإمام أحمد3: إذا
__________
1 في (ع) "في الحيض".
الحيض لغة: من حاضت المرأة تحيض حيضا محيضا ومحاضا، فهي حائض وحائضة من حوائض وحيض، سال دمها، والمحيض: اسم ومصدر. قيل ومنه الحوض، لأن الماء يسيل إليه. القاموس ص 826. وانظر: المصباح المنير ص61.
واصطلاحا: دم يرخيه الرحم إذا بلغت المرأة، ثم يعتادها في أوقات معلومة لحكمة تربية الولد، فإذا حملت انصرف ذلك الدم بإذن الله إلى تغذيته. المغني 1/386. ومثله في المجموع 2/342.
وسبب الحيض كما يذكر الأطباء أن يتبع الدورة الشهرية لدى المرأة من حين بلوغها فينمو الغشاء المبطن للرحم بفعل هرمون البرجستون ليكون مكانا صالحا لاستقرار الحمل مع تلقيح البويضة، فإذا لم يتم التلقيح نقص إفراز الهرمون المذكور ما يؤدي إلى تقلص جدار الرحم وانقباض الأوعية الدموية فينزوي الغشاء ويتفتت ما تحته من أوعية دموية فيخرج منها الدم المحقن أسود أكمد. انظر: الدماء في الإسلام ص220.
والأصل في حكم الحيض قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} . البقرة: 222.
2 القائل هو إسحاق بن منصور الكوسج، وفي (ع) "حدثنا إسحاق بن منصور قال: قلت".
3 في (ع) "رضي الله عنه".(3/1301)
قعدَت1 المرأة بعد2 خمسين سنة من الحيض3، ثمّ رأت الدمّ بعد ذلك في أيام معلومة؟.
قال4: [ظ-22/ب] ويشبه5 أن يكون ذلك6 حيضاً أيضاً،7 فروي عن عائشة رضي الله عنها8 ذلك9 الحديث إذا أتى عليها خمسون سنة.10
ويقال11: إنّ نساء قريش أنقى دماً من غيرهنّ
__________
1 في (ع) "فقدت".
2 ساقطة من (م) .
3 في (ع) "المحيض".
4 القائل هو الإمام أحمد.
5 في (ع) "يشبه".
6 في (ع) "هذا".
7 في (ع) "لها"، إنّما هي في النسخة (م) .
8 ساقطة في (م) و (ع) .
9 في نسخة (ع) "ذك".
10 وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: إذا بلغت المرأة خمسين سنة، خرجت من حدّ الحيض. (ذكره ابن الجوزي في التحقيق 1/376. وقال الألباني: "لم أقف عليه، ولا أدرى في أي كتاب ذكره الإمام أحمد" إرواء الغليل1 /200)
11 لم أقف على القائل.(3/1302)
من النساء1. 2 3
[741-] قلت: المستحاضة4 تغتسل عند كلّ صلاة؟
قال: إذا اغتسلت فهو أحوط لها، وإن جمعت بين الصلاتين أجزأها، وإن توضّأت لكلّ صلاة أجزأها5.
__________
1 ذكر قول أحمد ابنه عبد الله في روايته، إلاّ أنّ هناك خلافاً في قوله: "لا تلتفت إليه وتصوم وتصلّي، فإن عاودها بعد ذلك مرّتين، أو ثلاثاً، فهذا حيض قد رجع تقضي الصوم (رواية عبد الله بن أحمد 1/165، المسألة رقم: 211، كما ذكره إسحاق بن هانئ 1/32، مسألة رقم: 157) .
2 والمذهب أنّ أكثر الحيض خمسون سنة، وروي عن الإمام أحمد: أنّ أكثر مدّة الحيض من خمسين إلى ستّين، انظر: الإنصاف 1/356، المغني 1/445، المبدع1/267، الفروع 1/266، بدائع الفوائد لابن القيّم 3/272 والمحرّر 1/26.
3 لم أطلع على قول إسحاق بن راهويه في المسألة.
4 المستحاضة: من يسيل دمها لا من الحيض، بل من عرق العاذل. القاموس ص826، واستحيضت المرأة فهي مستحاضة. المصباح المنير ص61.
5 ذكره إسحاق بن إبراهيم النيسابوري وعبد الله بن أحمد وأبو الفضل صالح، وأبو داود. انظر: مسائل الإمام أحمد برواية إسحاق 1 /29 وعبد الله بن أحمد 1/159 وأبو الفضل صـ43 مسألة:125.
انظر المسألة في: المغني 1/448، مسألة رقم 108، والكافي 1/179، والإنصاف 1/377، والفروع 1/279، والمستوعب 1/407، وشرح الزركشي 1/422.(3/1303)
قال إسحاق: كما قال سواء1.
[742-] قلت: المستحاضة تطوف بالبيت ويأتيها زوجها؟
__________
1 انظر: قول إسحاق في: سنن الترمذي 1/221.(3/1304)
قال: تطوف بالبيت ولا يأتيها زوجها، إلاّ أن يطول1 ذلك بها2.3
__________
1 وفي النسخة (م) "يطول بها ذلك".
2 ذكره أبو داود بالمعنى، رواية أبي داود صـ39، مسألة رقم: 175.
وقد اشتمل قول الإمام أحمد على مسألتين:
الأولى: طواف المستحاضة.
الثانية: إتيان المستحاضة.
فأمّا طواف المستحاضة، فقد ذكر قول الإمام أحمد، المرداوي في الإنصاف 1/379، والبهوتي في كشاف القناع 1/253.
وأدلّة طواف المستحاضة، هي أدلّة صلاتها كما مرّ معنا في المسألة رقم (741) .
ولم يرد عن الإمام أحمد في طواف المستحاضة، إلاّ هذه الرواية.
الإنصاف 1/379، وأمّا وطء المستحاضة فالمذهب أنّه لا يباح مع عدم العنت، وهناك رواية أخرى أنّه يباح.
انظر: الإنصاف 1/382، شرح الزركشي 1/435، المغني 1/420، كشاف القناع 1/25، المحرّر 1/27، المبدع 1/292، الكافي 1/84، الفروع 1/280، بدائع الفوائد 4/94 ومصنّف عبد الرزّاق 1/310.
3 والأدلّة على وطء المستحاضة كثيرة، منها حديث عكرمة، قال: كانت أمّ حبيبة تستحاض فكان زوجها يغشاها. سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب المستحاضة يغشاها زوجها. سنن أبي داود 1/216، والحديث صحيحٌ كما في صحيح سنن أبي داود 1/62.
وهناك قول عائشة يخالف هذا الحديث: "المستحاضة لا يغشاها زوجها" السنن الكبرى للبيهقي 1/329، كتاب الحيض، باب صلاة المستحاضة واعتكافها وإباحة إتيانها. ولم أقف على من حكم على الأثر..(3/1305)
قال إسحاق: يأتيها زوجها، الصلاة أعظم وذلك إذا كان1 استحاضة بينة.2
[743-] قلت3: المرأة تشرب الدواء 4يقطع الدم عنها؟
قال: إذا كان دواء معروف5 فلا بأس به.6
قال إسحاق:7 كلّ ما لم يرد8 بذلك إسقاط ما في البطن،9 فلا
__________
1 في (م) "كانت".
2 انظر: الأوسط 2/217.
3 في (ع) "قال".
4 في نسخة (م) بلفظ "دواءً".
5 في نسخة (م) بلفظ "يعرف".
6 انظر لقول الإمام أحمد: المغني 1/450، المعتمد في الفقه الحنبلي 1/92، الواضح في شرح مختصر الخرقي 1/168، المقنع، الشرح الكبير، الإنصاف 2/471، مسألة رقم: 240، الأخبار العلمية 47 والمجلي في الفقه الحنبلي 1/88.
ولم أجد للقول دليلاً.
7 لم أقف عليه بعد بحث طويل!
8 في (م) و (ع) "وترد".
9 في نسخة (م) بلفظ "بطنها".(3/1306)
قال: كأنّه مخيّر في الدينار1 ونصف2 دينار3.4،5، 6.
__________
1 جمعه دنانير، نوع من النقود الذهبية. زنة واحد منها عشرون قيراطا =72 حبة= 4,25 غراماً. معجم لغة الفقهاء ص212.
2 في (ع) "والنصف".
3 في (ع) "الدينار".
4 ذكره إسحاق بن إبراهيم النيسابوري، إلاّ أنّه نقل قوله بنصف دينار فقط! انظر: مسائل الإمام أحمد برواية إسحاق بن إبراهيم 1/32.
5 وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض: "يتصدق بدينار، أو نصف دينار".
سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب في إتيان الحائض، 1/181 حديث رقم: 264، سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة، باب في كفارة من أتى حائضا، 1/355 حديث رقم: 640، سنن النسائي، كتاب الطهارة، وكتاب الحيض والاستحاضة، باب ما يجب على من أتى حليلته في حال حيضتها بعد علمه بنهي الله عز وجل عن وطئها، 1/168، 206حديث رقم: 288، 368، مسند أحمد1/245، سنن الدارمي، كتاب الطهارة، باب من قال عليه الكفارة، 1/270.
والحديث صحيح كما قال الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/51 حديث رقم: 237.
6 وفي رواية أخرى: نصف دينار فقط. انظر: الإنصاف1/351، الفروع 1/262، المغني 1/417، المحرر 1/26، والإقناع 1/100(3/1308)
قال إسحاق1:2 مخيّر بين أن يعتق رقبة إن شاء،3 وبين أن يتصدّق بدينار أو نصف دينار معناه: إن4 كان الدم عبيطاً5،6 فدينار، وإن كان صفرة7 فنصف دينار.
وقلنا: العتق، لما روى الحسن: أنّه يعتق رقبة.8
[746-] قلت: الحائض تطهر قبل الليل؟.
قال: تقضي الظهر والعصر، وإذا طهرت قبل طلوع الفجر9
__________
1 نقل قوله الترمذي في سننه في كتاب الطهارة، باب ما جاء في كفارة إتيان الحائض 1/246، وابن قدامة في المغني 1/417، إلاّ أنّهما لم يذكرا "وإن كان الدم… إلى آخره".
2 في نسخة (م) إنما هو مخير.
3 في نسخة (م) يعتق رقبة.
4 في (ع) "وإن".
5 في نسخة (ع) عبيط.
6 عبيط: العبيط هو: الدم الطري. لسان العرب: 9/21.
7 في نسخة (م) بلفظ "الصفرة".
8 سنن الدارمي، كتاب الطهارة، باب من قال عليه الكفارة 1/270، التحقيق في مسائل الخلاف 1/353.
9 في نسخة (م) بلفظ "الشمس".(3/1309)
قضت المغربَ والعِشاءَ. 1، 2، 3
__________
[1] انظر: مسائل الإمام أحمد برواية إسحاق بن إبراهيم النيسابوري 1/31، مسألة: 152-152، وأبي الفضل صالح صـ304، مسألة: 1125 ومصنف عبد الرزّاق، كتاب الطهارة، باب الحائض تطهر قبل غروب الشمس 1/334، والسنن الكبرى للبيهقي 1/387 وسنن الدارمي 1/237-238.
2 ونقل عن طاووس قوله: إذا طهُرت الحائض قبل الليل صلّت العصرَ والظهرَ، وإذا طهُرت قبل الفجر صلّت المغربَ والعِشاءَ.
ومثله قول مجاهد وعطاء والحكم وإبراهيم. انظر: سنن الدارمي 1/238.
وقد روي عن عبد الرّحمن بن عوف: إذا طهُرت المرأة قبل غروب الشمس، صلّت صلوات النهار كلَّها، وإذا طهرت قبل طلوع الفجر، صلّت صلوات الليل كلَّها. مصنّف عبد الرزّاق 1/334.
3 ما وقفت على تفصيل هذه المسألة بعد البحث، إلاّ ما ذكره الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في فتاوى المرأة 1/283، حيث قال: إذا حدث الحيض بعد دخول وقت الصلاة كأن حاضت بعد الزوال بنصف ساعة مثلا فإنها بعد أن تتطهر من الحيض تقضي هذه الصلاة التي دخل وقتها وهي طاهرة لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} . وقال: أما إذا طهرت وكان باقيا من الوقت مقدار ركعة فأكثر فإنها تصلي ذلك الوقت الذي طهرت فيه لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر"، فإذا طهرت وقت العصر أو قبل طلوع الشمس وكان باقيا على غروب الشمس أو طلوعها مقدار ركعة فإنها تصلي العصر في المسألة الأولى والفجر في المسألة الثانية.(3/1310)
قال إسحاق:1 كما2 قال.
[747-] قلت:3 المرأة إذا رأت الطهرَ، هل يصيبها زوجها قبل أن تغتسل؟
قال: لا حتّى تغتسل.4
قال إسحاق كما قال.5
__________
1 ما وقفت عليه.
2 في نسخة (م) بلفظ "السنة كما قال".
3 سقطت هذه المسألة من نسخة (م) .
4 ذكره أبو داود في روايته صـ39، مسألة رقم: 176.
انظر: المغني 1/419، المحرّر 1/26، الإنصاف 1/350، المبدع 1/262، الزركشي 1/435.
وقد دلّ على ذلك قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ …} البقرة 222.
قال ابن عبّاس: "إذا تطهرن من الدم، وتطهرن بالماء". السنن الكبرى للبيهقي 1/309، كتاب الحيض، باب الحائض لا توطأ حتّى تطهر.
قال مجاهد: "إذا تطهرن من الدم قبل أن يغتسلن، وقوله: (فإذا تطهرن) أي إذا اغتسلن". مصنّف عبد الرزّاق 1/330.
5 شرح الزركشي 1/435، المبدع 1/262، ولم أقف عليه في كتب الآثار.(3/1311)
[748-] قلت: كم تقعد النفساء؟ 1
قال: أربعين يوماً2 إذا رأت الدم، إلاّ أنْ تطهر قبل ذلك.3
قال إسحاق: كما قال.4
__________
1 النُفَساء: قال ابن منظور: النفاس ولادة المرأة إذا وضعت، فهي نفساء. لسان العرب 8/134.
2 سقط من نسخة (م) لفظ "يوماً"، وكتبت "أربعين" في هامشها.
3 نقل قول الإمام أحمد ابنُهُ عبدُ الله في روايته 1/171 وابنه أبو الفضل صالح صـ44، مسألة: 126 وأبو داود السجستاني صـ37، مسألة: 168 وابن هانئ 1/34، مسألة: 165.
والمذهب أن أكثر النفاس أربعون يوما الإنصاف 1/383، وانظر: شرح الزركشي 1/440، مسألة: 321، المغني 1/276، الفروع 1/282، المبدع 1/293، المحرّر 1/27، الروض المربع 1/403.
والعمدة في المسألة حديث أمّ سلمة رضي الله عنها الذي قالت فيه: "كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أربعين يوماً". سنن الترمذي، كتاب الطهارة، باب ما جاء في كم تمكث النفساء 1/256، حديث: 135، سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب ما جاء في وقت النفساء 1/217 حديث:311، سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة، باب النفساء كم تجلس 1/360، مسند أحمد 6/300، والحديث صحيح كما قال الألباني في إرواء الغليل 1/222، والحاكم في المستدرك 1/175، والنووي في المجموع 2/525، والبوصيري في الزوائد 1/232
4 انظر لقول إسحاق في سنن الترمذي1/256.(3/1312)
[749-] قال1 إسحاق بن منصور أملى علي الإمام أحمد رضي الله عنه قال: قالت فاطمة بنت أبي حبيش2 وجاءت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: "إنّي استحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ " فقال لها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ((لا)) فلم تخبره بطهر ولا أيّام سمته. فأمرها أن إذا أقبلت حيضتها أن تدع الصلاة وإذا أدبرت غسلت عنها الدمّ وصلّت.3
وإقبال الدمّ أن يكون ثقيل بغير ما تدبر به. إقباله أسود، وإدباره أن يتغير من السواد إلى الصفرة4، فهي في الإقبال حائض وفي الإدبار مستحاضة، فإذا كانت في معنى فاطمة كان لها الجواب كما أجاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فاطمةَ، وهذا إذا كان دمها ينفصل.5
__________
1 من هذه المسألة إلى نهاية باب الحيض لا توجد في نسخة دار الكتب المصرية.
2 فاطمة بنت أبي حبيش القرشية الأسدية، مهاجرية جليلة، روى عنها عروة بن الزبير الإصابة 8/270، وتهذيب التهذيب 12/443.
3 رواه البخاري، كتاب الحيض، باب إقبال الحيض وإدباره 1/420، حديث: 320 ومسلم، كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها 1/262.
4 الصفرة: لون دون الحمرة، المصباح المنير صـ131، وهو من ألوان دم الحيض.
5 مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 1/54، مسألة: 199، صالح صـ13 وابن هانئ 1/33.
انظر: مختصر الخرقي ص 20، المغني 1/226-227، وهو المذهب، والإنصاف 1/326.(3/1313)
قال إسحاق: كما قال1.
[750-] سمعت2 إسحاق بن منصور يقول: قال3 الإمام أحمد بن حنبل: حديث مجالد4 عن الشعبي5 كأنه حكم.
قال: إذا كان دمها لا ينفصل فليس فيه سنة، فإذا كان لها أيّام
__________
1 انظر قول إسحاق في: سنن الترمذي 1/227.
2 لعلّ الراوي عن إسحاق بن منصور هو محمد بن حازم كما أشار إلى ذلك أ. د. عيد بن سفر الحجيلي عند تحقيقه كتاب المناسك والكفارات من كتاب المسائل، انظر: المسألة رقم: (1643) .
3 وقد ذكر ابنه أبي الفضل صالح صـ304 مسألة: 1124، ولم أجد قوله في غير هذا!
4 هو أبو عمير مجالد بن سعيد الكوفي الهمداني، العلامة المحدث، أحد صغار التابعين ولد في أيام جماعة من الصحابة ولكن لا شيء له عنهم، حدث عن الشعبي، وأبي الودّاك، وحدث عنه سفيان الثوري، وابن المبارك، توفي سنة (244?) . انظر: سير أعلام النبلاء 6/284، وتهذيب التهذيب 10/39.
5 هو أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي الحميري الكوفي، أحد أعلام التابعين، روى عن علي، وأبي موسى، وروى عنه جماعة، توفي سنة 104هـ. انظر: العبر 1/96، شذرات الذهب 1/126.(3/1314)
معروفة فقد قال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "امكثي قدر ما كانت تحبسك1 حيضتك"2، فلم يعد بها قدر ما كانت تحبسها حيضتها فإذا وضعت من دمها ما وضعت حمنة3 من أنه يثج4 ويغلبها، فهذه الصفة غير صفة فاطمة، فأمر فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: "تلجمي5 وتحيضي في علم الله عزّ وجلّ ستاً أو سبعاً"6، ثم تصلي سائر الشهر.
قال إسحاق: كما قال7.
__________
1 في (ع) "تحبس".
2 صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب المستحاضة وصلاتها 1/264.
3 حمنة هي: حمنة بنت جحش الأسدية، أخت أمّ المؤمنين زينب، شهدت أحداً. الإصابة 8/88.
4 يثج: يسيل. انظر: النهاية في غريب الحديث 1/207.
5 أي اجعلي في موضع خروج الدم عصابة تمنع الدم، تشبيها بوضع اللجام في فم الدابة. النهاية في غريب الحديث 4/235.
6 الحديث في سنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد 1/222 حديث: 128، وسنن ابن ماجه، كتاب الطهارة، باب ما جاء في البكر إذا ابتدأت مستحاضة، أو كان لها أيام حيض فنسيتها 1/347 حديث: 627. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/41.
[7] انظر قول إسحاق في: اختلاف العلماء للمروزي صـ 189- 190.(3/1315)
751 قال: وأما المبتدأة بالدم إذا كان مثلها تحيض فرأت الدم فليس فيها سنة، وليس فيها إلاّ الاحتياط فيقال لها انظري أقل ما تجلسه النساء فاقعدي ثم صومي وصلي سائر ذلك، فإن كان عرق لم يكن ضيعت، فإن عاودها مثل ما رأت فهو حيض، إلاّ أنها تقضي الصوم قبل أن يعاودها الدمّ لوقتها، فإذا عاودها فهو حيض، وكل شيء يشتبه عليك فاحتاط لها، بأن تصلي وتصوم وتعود للصوم، ولا يطأها زوجها حتى يستبين لها، وكل دم تراه في أيامها إذا كانت لها أيام فهو من الحيض لقول عائشة رضي الله عنها: ((حتّى ترين القصة1 البيضاء)) ،2 وكلّ ما رأته بعد أيامها من صفرة أو كدرة أو دم، فهو إستحاضة إذا كان ذلك بعد أيام قد كانت تجلسها.3
__________
1 القصة: أن تخرج القطنة أو الخرقة التي تحتشي بها الحائض كأنها قصة بيضاء لا يخالطها صفرة. النهاية 4/71. والقصة بفتح القاف: الجص. المصباح المنير ص193.
2 روى أثر عائشة في: الموطأ 1/59، ومصنّف عبد الرزّاق 1/302 حديث: 1159كتا ب الحيض، باب كيف الطهر، والسنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحيض، باب الصفرة والكدرة 1/336، والدارمي 1/214.
3 مسائل الإمام أحمد برواية عبد الله 1/156، وانظر: المغني 1/241، الإنصاف 1/376 ومختصر الخرقي صـ20-21.(3/1316)
قال إسحاق: كما قال.1
[752-] قال أحمد: والحبلى لا تحيض عندي. 2، 3، 4
[753-] قلت: كيف يكون الحيض عشرين يوماً؟.
__________
[1] الأوسط لابن المنذر 2/235، مسألة: 273-274.
2 ذكره أبو داود في روايته صـ38 مسألة:172 وابنه أبو الفضل صالح صـ193 مسألة: 649.
3 ويمكن أن يستدل بمفهوم المخالفة على أن الحامل لا تحيض بما روي عن أبي سعيد الخدري عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "لا توطأ الحامل حتّى تضع، ولا غير ذات حمل، حتّى تحيض حيضة".
سنن أبي داود كتاب النكاح باب في وطء السبايا، ومسند أحمد 3/28، مستدرك الحاكم 2/195، وسنن الدارقطني 4/112، والسنن الكبرى للبيهقي 7/449، ومصنف عبد الرزّاق حديث: 12903.
والحديث صحيح كما قال الزيلعي في نصب الراية 4/252 والألباني في صحيح سنن أبي داود 2/404، والحاكم في المستدرك 2/105.
انظر: الكافي 1/181، المحرر 1/26، شرح الزركشي 1/450، المغني 1/443، الإنصاف 1/357، المقنع 1/292.
4 لم يذكر قول إسحاق في الأصل، ولكنه ذهب إلى أن ما تراه الحامل من الدم حيض إذا أمكن. انظر: المغني 1/444.(3/1317)
قال: أكثر ما سمعنا سبعة عشر يوماً.1، 2، 3
[754-] قلت: فتكون4 أقلّ من يوم؟.
__________
1 ذكره ابنه أبو الفضل صالح لكن خمسة عشر يوماً صـ105 مسألة: 382،527 وكذلك أبو داود صـ33 مسألة: 152-153 وكذلك ابنه عبد الله في روايته 1/163 مسألة: 209،210 وابن هانئ 1/29 مسالة: 148 كلّهم ذكروا خمسة عشر يوماً.
والمسألة تتعلق بالعرف والعادة ولا يوجد فيها نصّ إلاّ حديث واثلة بن الأسقع عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "أقلّ الحيض ثلاثة أيّام وأكثره عشرة أيّام" سنن الدارقطني 1/219.
والحديث ضعيف كما قال الدارقطني وفي سنده ابن منهال مجهول ومحمد بن أحمد بن أنس ضعيف. سنن الدارقطني 1/219.
2 انظر رواية سبعة عشر يوما في الفروع 1/261، والمبدع 1/270.
والمذهب أن أكثر الحيض خمسة عشر يوماً.
وفي رواية أن أكثره خمسة عشر يوما وليلة، وفي رواية أن أكثره سبعة عشر يوما وليلة.
انظر: المبدع 1/269، الإنصاف 1/358، المغني 1/388، الفروع 1/267، مجموع الفتاوى 19/237، بدائع الفوائد 4/64.
3 ولم يذكر في المخطوط قول إسحاق بن راهويه، إلاّ أنّه ذكر في الفروع 1/263، أنّ مذهبه في المسألة مذهب الإمام أحمد.
4 أي الحيضة.(3/1318)
قال: لم أسمع.1، 2
قال إسحاق: السنّة3 فيه إذا كان حيضها معتدلا من قبل الحبل كان ذلك حيضاً، وإذا اختلط عليها فترى الأحيان صفرة والأحيان دماً صيّرناها كالمستحاضة والباقي كما قال.4
__________
1 ذكر قوله ابنه أبو الفضل صالح صـ105 مسألة: 382، صـ145 مسألة: 527 وعبد الله بن أحمد كذلك 1/162 مسألة: 209 وابن هانئ 1/30 مسألة: 148 وأبو داود صـ33، مسألة: 152-153.
ولم يثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم شيء في أقلّه، وقد ورد في حديث واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أقلّ الحيض ثلاثة أيّام" الدارقطني 1/219.
إلاّ أنّ الحديث منكر، كما قال الزيلعي في نصب الراية 1/191 وابن حزم في المحلّى 2/625.
ولمزيد من التفصيل انظر: العلل المتناهية 1/384، حديث: 643.
2 والمذهب في أقلّ مدّة الحيض يوم وليلة.
وهناك روايةٌ عن الإمام أحمد أنّه يوم واحد.
انظر: المحرّر 1/24، المستوعب 1/367، الشرح للزركشي 1/406، الكافي 1/163، الإنصاف 1/358، الفروع 1/267، المقنع 1/89 ومجموع الفتاوى 19/237.
3 يشير إلى حديث فاطمة بنت أبي حبيش الذي مرّ في المسألة رقم: (749) .
4 انظر: لقول إسحاق سنن الترمذي، كتاب الطهارة، باب في المستحاضة 1/217.(3/1319)
[755-] قلت: الحامل ترى الدم؟ 1
قال: لا يلتفت إليه.2
قال إسحاق: كما وصفت.3
[756-] قلت: الكبيرة4 ترى الدم؟
__________
1 هذا، وللشيخ عطية محمد سالم رحمه الله كلام في هذه المسألة، إذجمع أقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين ورأي الأطبّاء المختصّين والمتخصّصين في هذا الفنّ في كتابه "الدماء في الإسلام" صـ236، فليرجع إليه.
2 ذكره أبو داود في روايته صـ38، مسألة: 132.
هذا هو المذهب، وهناك رواية أخرى بأنّ ما تراه في أيّام الحمل على صفة الحيض، فهو حيض، وحكمه حكم الحيض، انظر: كشاف القناع 1/238، 239، المحرّر 1/26، المستوعب 1،399، الانتصار 1/585، مسألة: 85، شرح الزركشي 1/450، مسألة 329، المغني 1/443، حاشية 1/373، والمبدع 1/269، الإنصاف 1/357 والفروع 1/267.
3 روى عن إسحاق مخالفته لمذهب أحمد في المسألة، فمذهب إسحاق أنّ الحامل تحيض إذا كان الدم في أيام الحيض على صفة الحيض.
لمزيد من التفصيل انظر: الأوسط لابن المنذر 2/240، مسألة: 275. اختلاف العلماء، باب الحائض والمستحاضة 15/أ.
4 الكبيرة: الطاعنة في السنّ، القاموس المحيط ص601.
وليس ثمة تحديد لسن الكبيرة، إلاّ ما يستفاد من المسائل من أنّها التي تجاوز سنها خمسين عاماً.(3/1320)
قال: لا يكون هذا حيضا إذا كانت قد حالت1.2، 3
قال إسحاق: حكمها حكم المستحاضة إذا جاوزت الخمسين، لأنّها لا تلد بعد الخمسين أبداً.4
[757-] قلت: المستحاضة تغتسل [ع-35/ب] عند كلّ صلاة؟
قال: إن قويت على ذلك، وإن جمعت بين كلّ صلاتين، وإلاّ الوضوء يجزئها.5
__________
1 حالت: حالت المرأة إذا لم تحمل، فهي حائل. المصباح المنير ص 60.
2 ذكره ابنه عبد الله في روايته 1/164، مسألة: 211.
ولا دليل على ذلك إلاّ ما روي عن عائشة رضي الله عنها وقد مرّ.
انظر: التحقيق لابن الجوزي 1/267.
3 والمذهب أن لا حيض بعد خمسين سنة.
إلاّ أنّ هناك روايةً أنّ المرأة لا تحيض بعد الستّين، وعنه ستون في نساء العرب، وعنه الخمسون للعجم والنبط، وعنه بعد الخمسين حيض إن تكرر، وعنه بعد الخمسين مشكوك فيه فتصوم وتصلي.
انظر: شرح الزركشي 1/452، المستوعب 1/366، المقنع 1/88، المبدع 1/267، المغني [1/447-445،] المحرّر 1/26، الإنصاف 1/356، المغني 1/445، زاد المعاد 5/657 وبدائع الفوائد 3/272.
4 ذكره ابن قدامة في المغني 1/445.
5 مر الكلام على هذه المسألة مفصلا، انظر: المسألة رقم: (741) .(3/1321)
قلت: قال: تؤخّر من ذا وتعجل من ذا. 1
قال إسحاق: كما قال.
[758-] قلت: قال: قيل له، يعني سفيان:2 ترى الصفرة، حيض؟.
قال: نعم.3
فإذا كانت الصفرة في غير أيّام حيضها تدع الصلاة؟.
قال: لا، بل تصلّي.4
قال الإمام أحمد: إذا كانت الصفرة أو الكدرة5 في أيّامها فتدع
__________
1 اشتملت هذه المسألة على فائدة زائدة على ما في المسألة رقم (741) ، وهي تأخير الصلاة إلى آخر وقتها، وتعجيل الثانية إلى أوّل وقتها، تسهيلاً على المستحاضة. انظر: مسائل الإمام أحمد لابن هانئ 1/32، مسألة: 161، ورواية عبد الله بن أحمد 1/159، مسألة: 203 وراية صالح صـ43، مسألة: 125.
انظر: المغني 1/424، 448، الإنصاف 1/379، المبدع 1/291 والفروع 1/279.
والعمدة في هذه المسألة حديث أم حبيبة، وحديث فاطمة بنت أبي حبيش الذي مرّ في المسألة رقم: (741) .
2 هو: سفيان الثوري.
3 انظر قول سفيان في: المجموع 1/395، والمغني 1/413.
4 في الأصل: ولا تصلي، وهو خطأ، والصواب ما أثبته.
5 الكدرة: ضد الصفاء، والكدرة من الألوان ما نحا نحو الأسود لسان العرب 12/44.(3/1322)
الصلاة، فإذا كانت في غير أيّامها فلا يلتفت1.
قال إسحاق: سوا.2
[759-] قال: قال: سمعت سفيان يقول: ما زاد على العشر فهي مستحاضة.
__________
1 ذكر عبد الله بن أحمد عن أبيه أنّه نقل قول عائشة في هذا المعنى 1/156، مسألة: 201، وأبو الفضل صالح صـ304، مسألة: 1124، وأبو داود صـ37، مسألة 167، وقول عائشة ورد في الموطأ 1/59، مصنّف عبد الرزّاق 1/301، السنن الكبرى للبيهقي 1/336، الدارمي 1/214.
وانظر: شرح الزركشي 1/430، المحرّر 1/24، المغني 1/413، كشاف القناع 1/246، المستوعب 1/399، الكافي 1/168، المبدع 1/288، الفروع 1/269، الإنصاف 1/359.
وقد ورد عن أمّ عطية –وكانت بايعت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم- قالت: "كنّا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً".
سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب في المرأة ترى الصفرة والكدرة 1/215 حديث: 307، صحيح البخاري، كتاب الحيض، باب الصفرة والكدرة في غير أيّام الحيض 1/426 حديث: 326، إلاّ أنّه لم يذكر "بعد الطهر" ولكن مفهومه مفهوم أبي داود كما قال الحافظ في الفتح 1/426.
وحديث أبي داود صحيح انظر صحيح سنن أبي داود للألباني 1/62.
2 انظر لقول إسحاق: الأوسط لابن المنذر 2/235، المغني 1/413.(3/1323)
قال الإمام أحمد: هذا كله قول أبي حنيفة.1.
قال إسحاق: كما قال.
[760-] قلت لأحمد: الحيض يكون أكثر من خمسة عشر.
قال: لا.2،3
[761-] قلت: قال: سمعت سفيان4 يقول: أهل المدينة يقولون ما بين الحيضتين خمسة عشر.5
__________
1 وهو المذهب عند الحنفية، انظر البحر الرائق 1/223، تحفة الفقهاء 1/33. وعند المالكية، والشافعية أكثره خمسة عشر يوماً. شرح الخرشي 1/204، 205، ونهاية المحتاج 1/307.
2 سبقت هذه المسألة مفصّلة، انظر المسألة رقم: (753) .
3 لم يذكر قول إسحاق في المخطوط ولكن رأيه رأي الإمام أحمد، انظر: سنن الترمذي، أبواب الطهارة باب المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين 1/228، والسنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحيض، باب أكثر الحيض 1/321، سنن الدارمي، كتاب الطهارة، باب أكثر الحيض 1/231، مصنف عبد الرزّاق 1/299 كتاب الطهارة، باب أكثر الحيض، الأوسط لابن المنذر 1/226 المسألة: 272 واختلاف العلماء 16/ب.
4 ما نقله سفيان، رحمه الله، هو رأيه كذلك في المسألة، انظر: سنن الدارمي، كتاب الطهارة، باب أقلّ الطهر 1/173.
5 الأوسط لابن المنذر 2/255، المسألة: 284، المجموع 2/359، والمغني 1/390.(3/1324)
قلت: تأخذ به؟.
قال: نعم.
قال أحمد: ليس ذا بشيء بين الحيضتين على ما يكون.1
قال إسحاق: ليس في الطهر وقت وتوقيت، هؤلاء الخمسة عشر باطل.2
[762-] قلت: سئل سفيان عن رجل أفطر في شهر رمضان متعمداً ثمّ أدركه المرض في آخر النهار، أترى عليه الكفّارة؟.
__________
1 المذهب عند الحنابلة في أقلّ مدّة الطهر بين الحيضتين، هو: ثلاثة عشر يوماً، وفي رواية أخرى بأنّه خمسة عشر يوماً، وفي رواية أخرى لا حد لأقل الطهر. انظر: المغني 1/390، المستوعب 1/369، شرح الزركشي 1/411، المسألة: 290، المحرر 1/24، كشّاف القناع 1/241، الروض المربع 1/106، الكافي 1/163، المبدع 1/271، الفروع 1/267 والإنصاف 1/358.
2 هذا، ولم يرد دليل على تحديد أقلّ مدّة الطهر إلاّ ما روي عن عليّ رضي الله عنه إن امرأة جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه أنها حاضت ثلاثاً في الشهر صدقت. رواه البخاري تعليقاً في كتاب الحيض، باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض 1/424، ووصله غيره ومنهم الدارمي في الطهارة، باب أقلّ الطهر 1/233، وانظر: فتح العزيز شرح الوجيز 2/410، المحلى 2/274، البيهقي في السنن الكبرى 7/418، الاختيارات صـ28، بداية المجتهد 1/51 وفتح الباري 1/425.
سنن الدارمي 1/173، الأوسط 2/255، مسألة: 284 والمغني 1/390.(3/1325)
قال: لا.
قال أحمد:1 أما أنا فلا أرى عليه كفّارة، إلاّ في الغشيان الذي2 أمر به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم3 وذلك أنّ المعصية بالفرج غير المعصية بالأكل والشرب، فإن جامع فقد وجبت عليه الكفارة مرض بعد ذلك، أو سافر، أو قعد.4
قال إسحاق: كلما أفطر بأكل أو شرب لزمته الكفارة، فإذا مرض، أو حاضت المرأة، فالكفارة ثابتة.5،
__________
1 ذكره أبو الفضل في روايته صـ91، مسألة: 321.
2 في المخطوط: "الذي، الذي".
3 يشير إلى الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول الله، قال: وما أهلكك؟، قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: "هل تجد ما تعتق رقبة؟ "، قال: لا، قال: "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ "، قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ …." الحديث.
صحيح البخاري مع الفتح 4/163، وصحيح مسلم 2/781، واللفظ لمسلم.
4 انظر: المغني 4/278، كشّاف القناع 3/976، الإنصاف 3/320، المبدع 3/34، المحرّر 1/230 وحاشية 3/417.
5 انظر لقول إسحاق: المغني 4/378، ولم أجده في غيره.(3/1326)
[763-] قلت لأحمد: امرأة حاضت بعد ما زالت الشمس في أولّ الوقت.
قال: قال بعضهم: لا تعيد الصلاة، فإنّها في الوقت، وأمّا أنا فيعجبني أنْ تعيد.1،2
قال إسحاق: كما قال تعيد. 3
[764-] قلت: فالمرأة إذا ضربها الطلق،4 هل تدع الصلاة؟
قال: إذا كان قرب ذاك.
__________
1 ذكره ابن هانئ في روايته بعموم دخول وقت الصلاة، ولم يقيّده بزوال الشمس 1/31 المسألة: 153، وابنه أبو الفضل صالح بنفس السياق صـ439 المسألة: 1372.
2 نقل عن الشعبي: إذا دخل وقت الصلاة على المرأة قضتها إذا طهرت. ومثله قول إبراهيم النخعي.
وقال حمّاد: ليس عليها قضاؤها لأنّها في وقت. مصنّف ابن أبي شيبة، كتاب الصلوات، باب في المرأة يدخل عليها وقت الصلاة فلا تصلّيها حتّى تحيض 2/339.
3 نقل قوله ابن حزم في المحلّى 2/175، المسألة: 257، وابن المنذر في الأوسط 2/246 مسألة: 278.
هذا، ولم أقف على تفصيل في المسألة في كتب الحنابلة، وفي مجموع فتاوى ورسائل للشيخ محمّد بن صالح العثيمين رحمه الله 11/276 في المسألة: 225: إذا حدث الحيض بعد دخول وقت الصلاة، فإنّها بعد أن تتطهر من الحيض تقضي هذه الصلاة التي دخل وقتها وهي طاهرة.
4 طلق: وجع الولادة. لسان العرب 8/187، باب طلق، القاموس المحيط صـ1167.(3/1327)
قلت: ظهر الدمّ، و1 لم يظهر الولد.
قال: إذا كان منه. 2
قال إسحاق: كلّما لم يظهر الدم، ولو3 خروج الولد، لم تدع الصلاة4، فإذا ظهر الدم تركت الصلاة وإن كان قبل الولادة5 بيوم أو يومين.6
__________
1 في المخطوط "أو"، وهو خطأ.
[2] انظر: الإنصاف 1/285-287، المبدع 1/294، حاشية 1/403، المغني 1/429، الكافي 1/181، الفروع 1/282، شرح الزركشي 1/451، كشّاف القناع 1/219، معونة أولي النهى 1/493، منتهى الإرادات 1/133، الشرح الممتع 1/442، الفقه الحنبلي الميسّر 1/80.
3 في المخطوط "أو".
4 ورد في المسألة عن سهم، مولى بني سليم أنّ مولاته أمّ يوسف ولدت بمكّة فلم ترَ دمّاً فلقيت عائشة رضي الله عنها فقالت: أنت امرأة طهّركِ الله. التاريخ الكبير للبخاري 4/194، ترجمة: 2463 سهم مولى بني سليم.
5 في المخطوط "الولاد"، وهو خطأ.
6 انظر: الأوسط لابن المنذر جـ2 المسألة: 28.
وقد أفتت اللجنة الدائمة أنّ المرأة لا تلد إلاّ بالدم، ولو كان يسيراً. فتاوى اللجنة 5/420.(3/1328)
[765-] 1 قلت لإسحاق: رجل جامع امرأته وهي نفساء، قبل الأربعين، وربما طهرت وربما رأت الدم؟
قال: كلّما طهرت قبل الأربعين فإنّ الصلاة لازم لها، ولكن يكف الزوج عن غشيانها حتّى تقضي الأربعون، فإن فعل وهي طاهر قبل الأربعين فقد أساء ولا كفارة عليه، وإن كانت في الأربعين فجامعها فعليها ما على الحائض سواء.2
__________
[1] لم يذكر قول الإمام أحمد في المخطوط، ولكن ذكره ابن هانئ في روايته 1/36، مسألة: 175-176.
ذهب الحنابلة إلى عدم الكفارة في هذه الحالة، والمذهب عندهم الكراهة.
2 ذكر قوله ابن المنذر في الأوسط 2/250، وابن قدامة في المغني 1/428، وانظر كذلك: شرح الزركشي 1/443 والمبدع 1/295.
ودليل ذلك: أنّ عثمان بن أبي العاص أتته امرأته قبل الأربعين فقال: "لا تقربينني". مصنّف عبد الرزّاق 1/313، وانظر: السنن الكبرى للبيهقي 1/341، سنن الدارمي، كتاب الحيض 1/230، سنن الدارقطني، كتاب الحيض 1/220.
قال الألباني: موقوف ضعيف، وقال: أخرجه الدارمي، وابن الجارود في المنتقى بإسناد صحيح إلى الحسن، فإن كان سمعه من عثمان فهو عنه صحيح، وإلا فالحسن مدلس وقد عنعنه. الإرواء 1/226، 227حديث: 212.
وهذا رأي إسحاق بأنّه جعل الحائض والنفساء سواءً في الكفارة، وإلاّ المذهب الحنبلي بالكراهة. والمغني 1/428، شرح الزركشي 1/443، المحرّر 1/27، الكافي 1/181، الإنصاف 1/384، الفروع 1/282، المبدع 1/295، حاشية 1/45، كشّاف القناع 1/220، الواضح في شرح المختصر الخرقي 1/161، منتهى الإرادات 1/134، وقد خالف الكراهة العلماء المعاصرون، وعلى رأسهم ابن عثيمين - رحمه الله -، حيث قال: "فالراجح أنه يجوز وطؤها قبل الأربعين إذا تطهرت". انظر: الشرح الممتع 1/448(3/1329)
[766-] قال: قلت لأحمد: إذا طهرت دون الأربعين صامت؟.
قال: إذا لم ترَ الدم في الأربعين, ورأت بعد الأربعين فصومها جائز، ثمّ قال: وإن رأت دون الأربعين فصومها جائز، أرأيت إن رأت في عشرين فطافت بالبيت ثمّ صارت الكوفة في خمس عشرة ثمّ رأت الدم أمرها أن ترجع إلى مكّة.1
__________
1 ذكره ابن هانئ مختصراً 1/34، مسألة: 166، وأبو الفضل صالح صـ304، مسألة: 1123.
وما يستند عليه في هذه المسألة حديث أمّ سلمة أنّ مدة النفاس أربعون يوماً، إلاّ أن ترى الطهر قبل ذلك. رواه الدارقطني وسنده ضعيف 2/222، ولكن يؤيّده قول ابن عبّاس في نفس السياق في سنن الدارمي 1/203، أثر رقم: 994، وكذلك أثر أنس في نفس السياق في سنن الدارمي 1/226، أثر: 841 والإجماع الذي نقله الترمذي في كتاب الطهارة في باب ما جاء في كم تمكث النفساء 1/258، بنفس المعنى.
وانظر لقول أحمد: المغني 1/430، المقنع 1/98، حاشية 1/402، الكافي 1/85، المحرّر 1/27، المستوعب 1/410، الإنصاف 1/385، شرح الزركشي 1/432، والمبدع 1/296، كشّاف القناع 1/220، معونة أولي النهى 1/495، منتهى الإرادات 1/134، الشرح الممتع 1/447.(3/1330)
قال إسحاق: كلّما كان الطهر دون الأربعين حتّى استمرّ الطهر بها فإنّ ذلك طهر، فإنّ تمادى الطهر، وجاز الأربعين ثم رأت دماً، فهو حيض مستقبل، ولو كان يوم حادي وأربعين فما كان من طوافها، وقد استمرّ الطهر بها، فإنّ ذلك جائز، فإن عاودها الدم قبل الأربعين فقد قال قوم: إنّ بين الطهر ومعاودة الدم خمسة عشر يوماً، فإن كل ما عملت في ذلك الطهر فهو جائز كلّه، وهذا من أحسن ما سمعنا في ذلك.1
[767-] قال: سألت أحمد2 عن المستحاضة توضّأت لصلاة الفجر ثمّ طلعت الشمس وهي تريد أن تقضي صلاة الفائتة أتصلّي بوضوئها ذلك إلى دخول وقت الظهر؟
قال: لا، ولكن تتوضّأ لأنّها خرجت من وقت الفجر.
__________
1 لم أقف عليه بهذا التفصيل، ولكن ذكره الترمذي مختصراً. كتاب الطهارة، باب ما جاء في النفساء 1/256.
وإذا طهرت لدون الأربعين اغتسلت وصلّت، ويستحبّ أن لا يقربها زوجها. انظر: المغني 1/428.
2 في المخطوط "إسحاق"، وهو خطأ، لأنّ قول إسحاق يأتي بعده والسياق يؤيّد ذلك.(3/1331)
قال إسحاق: أصاب؛ لأنّ المستحاضة عليها الفرض أن تتوضّأ بوقت كلّ صلاة، فلمّا طلعت الشمس ذهب وقت الغداة وصار وضوؤها منتقضاً، فإن أرادت [ع-36/أ] أن تصلّي تطوّعاً أو تقضي فوائت أو تصلّي على الجنائز أو العيدين، فإنّ عليها أن تحدث وضوءاً بعد طلوع الشمس ويجزيها ذلك إلى زوال الشمس، فإذا زالت الشمس فلا بدّ لها من الوضوء للمكتوبة إلى أوّل وقت العصر، تصلّي أبداً بين أوّل الوقت إلى آخره ما شاءت من التطوّع وقضاء الفوائت، وكلّ شيء لا تصنع إلاّ بطهارة فإذا دخل وقت صلاة أخرى، جدّدت الوضوء، ثمّ كذلك في كلّ صلاة كما وصفنا.1
[768-] 2 قال إسحاق: وأمّا التي ترى الدم أول حيض فيستمرّ بها الدم،
__________
1 سبقت مسألة وضوء المستحاضة وغسلها والكلام عليها مفصلاً، انظر المسألة رقم: (741) .
2 قول الإمام أحمد غير مذكور في المخطوط، لكن ذكره ابنه عبد الله 1/152، مسألة: 199، وأبو الفضل صـ282، مسألة 1001، وأبو داود صـ33 مسألة 155، وابن هانئ 1/30، مسألة 147.
هذا نص أبي الفضل: وقال: المرأة إذا بدأت بالدم تجلس ستة أو سبعة. قلت: على حديث حمنة؟، قال: لا، ولكن النساء أكثر حيضهن على هذا، أو تجلس يوما، قلت: فإن استمر بها الدم شهرين أو ثلاثة؟، قال: على إقبال الدم وإدباره.
وهذا نص أبي داود: قلت لأحمد: البكر إذا استحيضت؟، قال: عندنا فيه قولان: قول أن تقعد أدنى الحيض ثم تغتسل وتصوم وتصلي أو تقعد أكثر حيض النساء ستا أو سبعا، فإذا عرفت أيامها واستقامت عليه قضت ما كانت صامت في هذه الأيام حيضها.
وتفصيل هذه المسألة في المحرّر 1/27والفروع 1/269، شرح الزركشي 1/427 والمستوعب 1/371، والمغني 1/404-409، والكافي 1/77، والإنصاف 1/367، والمبدع 1/272، كشّاف القناع 1/204، والفقه الحنبلي الميسّر 1/78.(3/1332)
فإنّها تقعد [مثل] 1 أمّها وخالتها وعمّتها، فإذا جاوزت ذلك الوقت اغتسلت وصلّت، وإن كانت لا تعرف وقت الأمّ، أو الخالة، أو العمّة، فإنّها تجلس سبعة أيّام، كما أمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حمنة2 وتصلّي
__________
1 هذه اللفظة ليست في المخطوط، لكنّ السياق يقتضيها.
2 عن حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش فقلت: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنّي امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصوم؟ فقال: "أنعت لك الكرسف، فإنّه يذهب الدم"، قالت: هو أكثر من ذلك، قال: فاتّخذي ثوباً. فقالت: هو أكثر من ذلك، إنّما أثج ثجا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "سآمرك بأمرين، أيّهما فعلت أجزأ عنك من الآخر، وإن قويت عليهما فأنت أعلم"، قال لها: "إنّما هذه ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستّة أيّام، أو سبعة أيّام في علم الله، ثمّ اغتسلي حتّى إذا رأيت أنّك قد طهرت واستنقأت فصلّي ثلاثاً وعشرين ليلة، أو أربعاً وعشرين ليلة وأيّامها، وصومي فإنّ ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي في كلّ شهر كما يحضن النساء، وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخّري الظهر وتعجّلي العصر فتغتسلين، وتجمعين بين الصلاتين، الظهر والعصر، وتؤخّرين المغرب وتعجّلين العشاء، ثمّ تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر فافعلي، وصومي إن قدرت على ذلك، وهذا أعجب الأمرين إليّ"
سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب من قال إذا أقبلت تدع الصلاة 1/199، حديث 287، وسنن الترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة أنّها تجمع بين الصلاتين، 1/221، حديث: 128. والحديث صحيح، كما قال الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/4.(3/1333)
ثلاثاً1 وعشرين ليلة وأيّامها. 2
__________
1 في المخطوط "ثالثاً"، وهو خطأ.
2 قول إسحاق مذكور في سنن الترمذي، كتاب الطهارة، باب ما جاء في المستحاضة تجمع بين الصلاتين، 1/221، والأوسط 2/230.
وأمّا قول الإمام أحمد فلم يذكر في المخطوط، لكن ذكره ابنه عبد الله 1/152، المسألة: 199، وأبو الفضل صـ282، المسألة: 1001، أبو داود صـ33، المسألة: 155 وابن هانئ 1/30، المسألة: 147.
وتفصيل المسألة في المحرّر 1/27 والفروع 1/269، شرح الزركشي 1/427، المستوعب 1/371، والمغني 1/404-409، الكافي 1/77، الإنصاف 1/367، المبدع 1/272، كشاف القناع 1/204 والفقه الحنبلي الميسر 1/78.(3/1334)
[769-] قال إسحاق: أمّا التي لها وقت معلوم في الشهور التي مضت ثمّ استمرّ بها في بعض الشهور، فعليها أن تجلس إلى الوقت الذي اعتادت قبل ذلك ولو يوماً واحداً إلى خمسة عشر يوماً، لأنّ كلّ ذلك قد صحّ أن يكون لهنّ وقتاً، وذلك إذا عرفت أيّام أقرائها، فإنّها تجلس كذلك1، 2.
[770-] قال إسحاق: وأمّا إذا لم تعرف وقت الإقراء، ولم تعرف الإقبال من الإدبار، واختلط عليها أمره لما طالت استحاضتها، فهي امرأة مبتدئة،3 فحكمها حينئذ ما حكمه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحمنة بنت جحش، حيث جعل لها في الشهر حيضةً وطهراً
__________
1 لم أقف عليه.
2 لم يذكر قول الإمام أحمد في المخطوط، ولكن ذكره ابنه أبو الفضل صالح صـ301، المسألة: 1122، وكذلك أبو داود صـ34، المسألة: 158،وروي عن أحمد أنها تجلس يوما وليلة المغني 1/411.
انظر للمذهب الحنبلي: المغني 1/411، المستوعب 1/437، شرح الزركشي 1/414 المحرر 1/24، الإنصاف 1/358 وما بعدها، الكافي 1/78، حاشية 1/390، كشاف القناع 1/205، الفروع 1/269، والمبدع 1/290.
واستدل الحنابلة لهذه المسألة بحديث حمنة الذي مر بنا في المسألة: (768) .
3 المبتدأة: التي تبدأ البلوغ، والحيض علامته، يقال: بدأة الأمر: أوّله ومبتدؤه. الفائق 1/84.(3/1335)
على مذهب القرآن، حيث وصف الله عزّ وجلّ ثلاث حيض للاتي يحضن، ثمّ جعل للاتي يئسن،1 أو التي ارتابت ثلاثة أشهر بدل كلّ حيضة شهراً، فلذلك جعلنا للمبتدئة المختلطة عليها حيضها من استحاضتها شهراً وتتحرى هذه الأيّام السبعة من الشهر وأي وقت كان يكون فيها ترى دمها فتجلس السبعة الأيّام التي كانت أكبر وهمها.2
[771-] قال إسحاق: وأما الزوج فإنّ له أن يأتي المستحاضة3 إذا كانت تعرف وقت أقرائها، وأما إذا جعلتها مستحاضة بالتحرّي فما كفّ عن جماعها فهو أسلم له حتّى يتبين لها طهرها من حيضتها، أو تكون استحاضة بيّنة، وأما إذا كان أيّامها معلومة فترى الطهر بين ذلك فلها أن تتربّص إن كان نهارا إلى آخر وقت العصر قدر ما اغتسلت، إن أمكنها أن تصلي الظهر والعصر ثمّ تغرب، أو الظهر وركعة من العصر ثمّ تغرب، فإن تربصت قدر ذلك ثمّ رأت دمّا فهو من حيضتها، هذا لأنّ خلقة المرأة4 تكون ألوانا إما دمّا
__________
1 يئسن: يئست المرأة إذا عقمت فهي يائس. المصباح المنير ص262.
2 مرّت هذه المسألة مفصلة، انظر: المسألة رقم: (768) .
3 تقدمت مسألة إتيان الزوج المستحاضة بالتفصيل، انظر المسألة رقم: (742) .
4 المراد: خلقة دمّ الحيض.(3/1336)
أحمر أو أصفر أو كدرة.1
قال إسحاق: وإذا رأت الكدرة، أو الصفرة في أيّام حيضها المعروف وانقطع ذلك في آخر الوقت، فذك حيض كلّه2.
[772-] قال إسحاق: والحائض إذا أصبحت فرأت بعد طلوع الشمس طهراً، وقد بقي من أيّام حيضتها فلها أن تتلوم3 تأخير الغسل إلى آخر وقت العصر، فإن رأت دماً فهو الحيض، لأنّ الحائض في وقتها لا ترى الدم مستمرّاً قد تطهر، ثمّ يعاودها الدم.4، 5
__________
1 تقدّمت مسألة طهر الحائض عند العصر، وأدائها الظهر والعصر مفصّلةً، انظر المسألة رقم: (746) .
2 انظر قول إسحاق في: المغني 1/413.
3 تتلوم: أيّ تنتظر. لسان العرب 12/360.
4 لم أقف على توثيق قول إسحاق.
5 مذهب الحنابلة في ذلك: أن المرأة متى رأت الطهر، فهي طاهر، تغتسل، وتلزمها الصلاة والصيام، وإذا عاودها الدم في العادة فهو من حيضتها.
المغني 1/391-437، والإنصاف 1/384، والكافي 1/98، المقنع 1/93، المبدع 1/295، كشّاف القناع 1/254، حاشية 1/395، شرح الزركشي 1/448.
وقد استدلّ الحنابلة لما ذهب إليه إسحاق بقول عائشة رضي الله عنها عندما بعثن النساء إليها الدرجة التي فيها الكرسف فيه الصفرة، فقالت: لا تعجلن حتّى ترين القصة البيضاء. رواه البخاري، تعليقاً في كتاب الحيض، باب إقبال الحيض وإدباره صـ83، ووصله ابن أبي شيبة 1/93، والدارمي 1/214.(3/1337)
[773-] سئل إسحاق، فقال: أمّا وقت الحائض أقصاه وأدناه، فإنّه ليس فيه وقت مؤقّت عند أهل العلم، إنّما تجلس قرءها،1 وكلّ امرأة تستحاض، فإنّها تردّ إلى أقرانها لا تكون إحداهنّ في استحاضتها، حكمها حكم غيرها من النساء، تغتسل عند انقضاء قرئها، ثمّ تتوضّأ لكلّ صلاة، فإن أخرت الظهر إلى العصر وتغتسل لهما وتجمع بينهما كان أفضل، وكذلك المغرب والعشاء والصبح غسلاً واحداً، إلاّ أنّها لا تضمّ إليها صلاة فتجتمعان والوضوء لكلّ صلاة جائز.2
[774-] 3 قال: قلت: سئل سفيان [ع-37/أ] عن رجل أصبح صائماً في السفر فقدم أهله فأفطر، أترى عليه كفّارة؟.
__________
1 والقرء: فيه لغتان؛ الفتح، وجمعه قروء وأقرؤ، والضمّ ويجمع على أقراء، ويطلق على الطهر والحيض، ويقال إنّه للطهر، ويقال إنه للحيض. المصباح المنير صـ191.
2 اشتمل قول إسحاق على عدّة مسائل تتعلّق بصلاة المستحاضة، وقد مرّت جميعها مفصّلة، انظر المسائل: (742، 753، 757، 758، 765، 767) .
3 هذه المسألة، والمسألتان التاليتان، من مسائل الصيام، ولا علاقة لها بباب الحيض، وقد ذكرت في كتاب الصيام الذي حقّقه أ. د/عيد بن سفر الحجيلي، فليرجع إلى الجزء المحقّق عنده للتفصيل(3/1338)
قال: نعم.
قال أحمد: إن كان جامع أهله، فعليه القضاء والكفّارة، وإن لم يكن جامع فعليه القضاء وليس عليه كفّارة.1
قال إسحاق: لا كفّارة عليه، لأنّه صار قد أصبح له الفطر.2
[775-] قلت: سئل سفيان عن الرجل يستعط،3 وهو صائم، قال: أفطر، قيل له: أترى أن يكفر؟ 4
قال: أحبّ إليّ أن يكفر.
قال أحمد: الكفّارة [في] 5 الغشيان، وهو في الكفّارة مخيّر، أي ذلك شاء فعل، إن شاء أعتق، أو صام، أو تصدّق.6
__________
1 انظر لقول أحمد: رواية ابن هانئ 1/133، المسألة: 654 والمغني 3/135.
2 انظر للتفصيل في هذه المسألة: كتاب الصيام، المسألة: (690) .
وقد زاد إسحاق ثمة بأنّ من فعل ذلك فقد أساء.
3 السعوط: اسم الدواء يعبّ في الأنف. لسان العرب 6/267، باب سعط، القاموس المحيط صـ865.
4 لم أقف على قول سفيان.
5 هذه اللفظة غير موجودة في المخطوط.
6 والمذهب أن من استعط، سواء كان بدهن، أو غيره، فوصل إلى حلقه، أو دماغه، فسد صومه.
انظر: المحرّر صـ229، الإنصاف 3/299، الفروع 3/46، الكافي 2/239، كشاف القناع 2/318، حاشية 3/390، الصيام لابن تيمية 1/385، شرح منتهى الإرادات 1/447، الواضح 2/104 والمبدع 3/22.
وقد استدلّ الحنابلة لما ذهبوا إليه بحديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عندما قال للقيط بن صبرة: "أسبغ الوضوء وخلّل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق، إلاّ أن تكون صائماً"، سنن الترمذي، كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم 3/143، والحديث صحيح كما قال الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/237. والشاهد في الحديث: " ... وبالغ في الاستنشاق، إلاّ أن تكون صائماً".(3/1339)
قال إسحاق: في السعوط عليه القضاء ولاكفّارة، وهو في الكفّارة مخيّر.1
[776-] قلت: الكحل للصائم؟.
قال: إن كان منه ما يصل إلى حلقه، أكرهه، إلاّ أن يقِلَّ ذلك.
قال إسحاق: هو مكروه لما يدخل2 الرأس.3
__________
1 لم أقف على توثيق قول إسحاق.
2 انظر: كتاب الصيام، المسألة: (685) .
3 ذكرت المسألة في كتاب الصيام المسألة: (685) .
وانظر مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح 2/343، المسألة: 983، وعبد الله صـ187، المسألة:700، 701، 702، وأبو داود صـ90.
وانظر للمذهب الحنبلي (إذا اكتحل بما يصل إلى حلقه فسد صومه، وسواء كان بكحل، أم صبر، أم قطور، أم ذرور، أم أثمد مطيب، وهذا هو المذهب في ذلك كلّه. المغني 3/106، الفروع 3/42، الاختيارات الفقهية صـ108، الإنصاف 3/299 والروض المربع 1/421.(3/1340)
[777-] قلت: قال الأوزاعي1 في امرأة طهرت في شهر رمضان بعد نصف النهار: لا2 تأكل بقية يومها ذلك، وعليها قضاؤه.
قال الإمام أحمد: ما أحسن ما قال.
قال إسحاق: كما قال.3، 4
[778-] قلت: قال الأوزاعي في امرأة طهرت في شهر رمضان بسحر،
__________
1 الأوزاعي: هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمر بن محمد الأوزاعي الدمشقي، إمام عصره. توفّي سنة: 157، سير أعلام النبلاء 7/107، وشذرات الذهب 2/256.
2 في "ع" فلا، والكلام يستقيم بما دونته.
3 اشتملت المسألة على إمساك المرأة بقية يومها في نهار رمضان استحساناً، إذا زال عذرها، وحكم قضائها ذلك اليوم، وقد تكرّر لمن زال عذره في مسائل من كتاب الصيام، انظر: المسائل: (675) ، (691) ، (701) .
4 ذكره أبو داود في المسائل صـ95، انظر: المغني 3/134، الإنصاف 3/283، الفروع 3/23 والمسائل الفقهية 1/263.
قال المرداوي: وإن طهرت حائض، أو نفساء، أو قدم المسافر مفطراً، فعليهم القضاء إجماعاً، وفي الإمساك روايتان، أحداها: يلزمه الإمساك، وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب، والرواية الثانية لا يلزمهم الإمساك. انظر الإنصاف3/283(3/1341)
فأخرت الغسل حتّى طلع الفجر: تمسك عن الطعام يومها ذلك وتقضيه.1
قال أحمد: بئس ما قال، ليس عليها قضاء.2، 3
قال إسحاق: كما قال، إذا صامت يومها فلا قضاء عليها، ليس
__________
1 نقل ابن قدامة في المغني 3/393 عن الأوزاعي قوله هذا، وقد علّل لذلك بأنّ حديث الحيض يمنع الصوم بخلاف الجنابة.
2 ذكر قول أحمد عبد الله بن أحمد في روايته صـ184، المسألة: 689.
3 قاس ابن قدامة صحة صوم التي طهرت قبل الفجر ولم تغتسل إلا بعد طلوعه على صحّة صوم الجنب إذا اغتسل بعد طلوع الفجر، وقد دلت أحاديث عدة على صحّة صومه، منها حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من غير حلم فيغتسل ويصوم. صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب صحّة الصوم من طلع عليه الفجر وهوجنب 2/780. ولا يقال بأنّه يختصّ بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأمرين:
[1-] لعدم وجود دليل على التخصيص.
[2-] ولعموم ألفاظ الأحاديث ممّا يدلّ على عمومية الحكم. انظر: صحيح مسلم، المرجع نفسه وبقية الأحاديث.
وهناك رواية ثانية للإمام أحمد توافق قول الأوزاعي وهي أن الحائض تقضي.
انظر: الإنصاف 3/308.
وانظر للمذهب الحنبلي ولأقوال العلماء في المسألة: شرح الزركشي 2/602، المغني 4/393، الفروع 3/57، المستوعب 1/404، الإنصاف 3/308 والواضح في شرح مختصر الخرقي 2/118.(3/1342)
بالغسل يجب الصوم ولا يسقط.1
[779-] قلت: قال الأوزاعي: أيّما امرأة حاضت قبل غروب الشمس فلتفطر، وعليها قضاء يوم مكانه.2
قال أحمد: نعم.3، 4، 5
__________
1 لم أقف على قول إسحاق.
2 لم أجد توثيق قول الأوزاعي.
3 ذكر قول أحمد عبد الله بن أحمد في روايته صـ184، المسألة: 691.
4 لم يرد نصّ على حكم فطر المرأة إذا حاضت قبل غروب الشمس، إلاّ أنّه يمكن قياس بطلان صومها على المفطرات الأخرى، وعلى أنّ الحيض يمنع صحّة الصيام، وقد دلّت أحاديث كثيرة على بطلان صوم الحائض منها:
[1-] حديث أبي سعيد الخدري أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "أليس إذا حاضت لم تصلّ" ولم تصم. صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب متى يقضي قضاء رمضان، صـ385، حديث: 1951.
[2-] وحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنّا نحيض على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ نطهر فيأمرنا بقضاء الصوم. رواه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قضاء الحائض الصوم دون الصلاة 3/154 وصحّحه الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي 1/237.
5 انظر للمذهب الحنبلي وأقوال العلماء في المسألة: شرح الزركشي 2/606، المغني 4/397، الكافي 1/167، المبدع 3/13 والعدّة صـ124.(3/1343)
قال إسحاق: كما قال.1
[780-] 2 قلت: سئل سفيان عن امرأة طهرت بعد طلوع الفجر أتطعم؟
قال: لا.
قيل له: أتقضي يومها ذلك؟
قال: نعم.
قال أحمد: جيّد3.
قال إسحاق: كما قال.4، 5
__________
1 لم أجد توثيق قول إسحاق.
2 ذكرت في كتاب الصيام، انظر مسألة: (675) ، (691) ، (701) .
3 رجعت إلى كتب الحنابلة المعنية بمصطلحات المذهب فلم أقف على تعريفه، إلا أنهم ذكروا أن الإمام أحمد إذا استعمل لفظ: (حسن) ففيه وجهان: قيل يدل على الوجوب، وقيل يدل على الندب، ولا يبعد إجراء الوجهين في لفظ (جيد) أيضا، وذلك لتقارب اللفظين في المعنى، والله أعلم. انظر: المنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة ص113.
4 تقدّم الكلام على إمساك المرأة بقية يومها إذا طهرت خلاله وقضائها ذلك اليوم في المسألة: 777) ، وسبق الكلام عنه في المسائل: (675) ، (691) ، (701) من كتاب الصيام.
5 انظر: المغني 3/134، الفروع 3/23، الإنصاف 3/283 ورواية ابن هانئ 1/132.(3/1344)
[781-] 1 قلت: سألت سفيان عن رجل أصبح صائماً في شهر رمضان ثمّ سافر من النهار، أيفطر؟.
قال: لا يعجبني.
قلت: فإن فعل، أترى عليه كفّارة؟
قال: لا.
قال أحمد: هو كما قال.2
قال إسحاق: كما قال سفيان3.
[782-] قلت: قال الأوزاعي في رجل أراد السفر في شهر رمضان، فأدركه الفجر، وهو في أهله، ثمّ خرج، فليس له أن يفطر يومه
__________
1 هذه المسألة والمسائل الثمانية التالية، ليست من باب الحيض، وقد اشتملت على أحكام تتعلّق بالفطر في رمضان بسبب السفر أو الجماع، أو الحمل ونحوها.
2 ذكره ابن هانئ 1/130، المسألة: 631، أبو داود صـ95، المبدع 2/108، 3/14، الإنصاف 2/320، 3/287، شرح منتهى الإرادات 1/444 والفروع 3/3.
قال المرداوي: إن نوى الحاضر صوم يوم، ثمّ سافر في أثناه فله الفطر، هذا المذهب مطلقاً، وهناك رواية عن الإمام أحمد أنه يجوز له الفطر مطلقاً، ورواية أخرى أنه لا يجوز له الفطر مطلقا. انظر: الإنصاف 3/289، المغني 4/346، وشرح الزركشي 3/569، المسائل الفقهية 1/264، المبدع 3/14، الفروع 3/3.
3 انظر قول إسحاق في: المجموع 6/346، المغني 4/346.(3/1345)
ذلك.1
قال:2 إذا كان قد حدث نفسه من الليل بالسفر أفطر، وإن أدركه الفجر في أهله إلاّ أن يكون نوى3 السفر في بعض النهار، فلا يعجبني4 أن يفطر.
قال إسحاق: كما قال أحمد 5.
[783-] قلت: الحامل [و] المرضع يفطران؟
قال أحمد: يطعمان ويقضيان.
قلت: الشيخ؟
قال: الشيخ لا يقدر أن يقضي.
قال إسحاق: السنّة في ذلك ما قال ابن عبّاس وابن عمر رضي الله
__________
1 لم أقف على توثيق قول الأوزاعي.
والمذهب أنّه لا يفطر، انظر: الفروع 3/32، الإنصاف 3/289 والمغني 4/346.
وقد نصّ الإمام الترمذي أنّه يفطر في بيته قبل أن يخرج. سنن الترمذي، كتاب الصوم، باب من أكل ثمّ خرج يريد السفر 3/164.
2 قال: القائل هو أحمد بدليل قول إسحاق: كما قال أحمد.
3 في المخطوط: نوا، والصحيح ما أثبته.
4 مصطلح "لا يعجبني": عند الحنابلة فيه وجهان: الوجه الأول: هو الندب، والوجه الثاني: التحريم، على حسب السياق. الفروع 1/67.
5 انظر قول إسحاق في: المجموع 6/261، والمغني 4/346.(3/1346)
عنهما، أيّ: يفطران ويطعمان [عن] كلّ يوم مسكيناً، وإن شاءتا قضتا من غير أن يوجب ذلك عليهما، وإن شاءتا قضتا ولا طعام عليهما. 1، 2، 3
[784-] 4 قال: قلت: سئل سفيان عن رجل أصبح صائماً في السفر، ثمّ قدم أهله من يومه ذلك، فأفطر في أهله، ترى عليه كفّارةً؟ 5
__________
1 سبقت مسألة فطر الحامل والمرضع في كتاب الصيام، المسألة رقم: (713) . بلفظ: "يفطران ويقضيان"، فاشتمل الحكم هنا على زيادة الإطعام في جواب الإمام أحمد، وقد خالف إسحاق في قوله هنا وهناك بعدم جمع القضاء عليها والكفّارة.
2 أمّا قول إسحاق: فقد ذكره الترمذي في سننه في كتاب الصوم، باب ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع 3/94.
3 ومذهب الحنابلة: كما قال المرداوي: والحامل والمرضع، إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا، يعني من غير إطعام، وهذا المذهب، وإن خافتا على ولديهما، أفطرتا، وقضتا وأطعمتا عن كلّ يوم مسكيناً، على الصحيح من المذهب. انظر: الإنصاف 3/290، المغني 4/394، والفروع 1/67.
4 مرّت هذه المسألة في كتاب الصيام، المسألة رقم: (690) .
5 انظر: المسائل لابن هانئ 1/133.
قال المرداوي: وإن نوى الصوم في سفره ثمّ جامع، فلا كفّارة عليه، هذا الصحيح من المذهب وذكر بعض الأصحاب رواية: عليه كفّارة، فعليها، إن جامع كفّر على الصحيح من المذهب وعنه لا يكفر، الإنصاف 3/321، المسائل الفقهية 1/262 والمغني 4/348.
ومن أوجب عليه الكفّارة مع القضاء فقد قاسه على المقيم.(3/1347)
قال: نعم.
قال أحمد: لا، إلاّ أن يكون إفطاره بأهله.
قال إسحاق: لا كفّارة عليه لما صار بعد الصبح في السفر 1.
[785-] قلت: ابن المسيّب، جاءه رجل بعد ما ارتفع النهار، فقال: عليّ يوم2 من شهر رمضان، أفأصوم بيوم يجزِ عني؟ 3
قال: نعم.
قال سفيان: لا يعجبني، إلاّ أن يدخل فيه بنية ينوي من الليل.
قال أحمد: ما أحسن ما قال سفيان.
قال إسحاق: كما قالا. 4
__________
1 لم أقف على قول إسحاق بعد البحث.
2 وفي نسخة: "يوماً".
3 يريد أن ينوي الصوم من النهار دون أن يبيت النية من الليل.
4 حوت هذه المسألة اشتراط تبييت نيّة الصوم من الليل، واشتراطه في الصوم الواجب لا خلاف فيه في المذهب الحنبلي، انظر: المغني 4/333، الإنصاف 3/293، الفروع 1/38 والكافي 1/250.
وقد دلّ على اشتراطه حديث حفصة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له". سنن الترمذي، كتاب الصوم، باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل 3/108، والحديث صحيح كما قال الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/388.
وسبقت هذه المسألة في كتاب الصيام، المسألة رقم: (706) .(3/1348)
[786-] 1 قلت: سئل سفيان عن رجل أغمي2 عليه في شهر رمضان قبيل الفجر ثلاثة أيّام؟
قال: يجزيه ذلك اليوم، ويقضي يومين، فإن أغمي عليه يوماً أجزأه ذلك، وإن أغمي عليه يومين يجزيه يوماً ويقضي يوماً.
قال أحمد: يقضي كلّها، الصوم والصلاة، إلاّ أن يكون أدرك بعض النهار فيجزيه صوم ذلك اليوم، وأمّا الصلوات، فيقضيها كلّها.
قال إسحاق: كما قال في الصوم، وأمّا الصلاة، فلا يقضي إلا صلاة يومه الذي أفاق فيه.3
__________
1 مرّت في كتاب الصيام، مسألة: (698) .
2 أغمي: غشي ثمّ أفاق. لسان العرب 10/130.
3 يلاحظ في المسألة أنّ سفيان يرى صحّة صوم من أغمي عليه قبيل الفجر، ولو لم يدرك جزءاً من نهار ذلك اليوم، وأمّا أحمد وإسحاق فيشترطان لصحّة الصوم أن يدرك المغمى عليه جزءاً من النهار، وقد تكرّرت المسألة في كتاب الصيام المسألة: (698) ، إلاّ أنّ المسألة هنا اشتملت على زيادة فائدة، وهي وجوب قضاء الصلوات كلّها حال الإغماء عند أحمد دون إسحاق.
والمذهب عند الحنابلة أن من نوى الصوم من الليل فأغمي عليه جميع النهار، فلم يفق في شيء منه لم يصحّ صومه، المغني 4/343، الإنصاف 3/292، وانظر: المسائل برواية صالح 1/113، المسألة: 670، وعبد الله صـ188-189، المسألة: 706-708، أبي داود صـ94، الفروع 3/25 والمبدع 3/17.
وأمّا قضاء المغمى عليه الصلوات إذا أفاق، فإنّ المذهب أن حكمه حكم النائم، لا يسقط عنه قضاء شيء من الواجبات التي يجب قضاؤها على النائم، كالصلوات والصيام. المغني 2/50 والإنصاف 1/389.(3/1349)
[787-1] قلت: سئل سفيان عن المعتكف2 يشتري ويبيع؟.
قال: يشتري الخبز إذا لم يكن من يشتري له.
قال أحمد: لا بأس أن يشتري الشيء إذا لم يكن له من يشتري له، ولا يصيرها تجارة3.
قلت: ويعود المريض ويشهد الجنازة؟
__________
1 سبقت في كتاب الصيام، مسألة: (723) .
2 المعتكف: من الاعتكاف، وهو لغة الاحتباس، والإقامة على الشيء وبالمكان ولزومهما. لسان العرب 9/340.
واصطلاحا: لزوم المسجد لطاعة الله على صفة مخصوصة، من مسلم عاقل ولو مميزا، طاهر مما يوجب غسلا، وأقله ساعة. الإقناع 1/515. والمعتكف: من لزم المسجد لطاعة الله.
3 لم أتأكد من الكلمة لشدة الطمس، ولعل الصواب ما أثبته.(3/1350)
قال: نعم.
قال إسحاق: لا يفعل شيئاً من ذلك أعجب لنا، فإن اشترط إلا الجمعة، فإنّه قد رخّص له في ذلك.1
[788-] قلت: سئل2 عن رجل قبّل فأمنى،3 أو جامع في غير الفرج؟
قال: أشدّ شيء يكون عليه قضاء يومه.
قال أحمد: إنّي أحبّ أن تكون وجبت عليه الكفّارة، ولم يستجري عليه.
قال إسحاق: عليه القضاء والكفّارة، إذا جامع دون الفرج.4
__________
1 تكرّرت هذه المسألة في كتاب الصيام، المسألة: (723) ، إلاّ أنّها وردت هناك مجملة فيما يرخص للمعتكف، وفصل هنا، وقد اختلف قول إسحاق في الموضعين، فحيث يكره فعل كلّ ذلك ويرخّص حضور الجمعة بالاشتراط، وأجاز الخروج إلى الجمعة بدون اشتراط، وانظر للتفصيل فيما ذهب إليه الحنابلة كتاب الصيام من مسائل الإمام أحمد، تحقيق د/ عبيد سفر الحجيلي.
وانظر: الإجماع لابن المنذر صـ54، المغني 4/466، فتح الباري 4/273 والإنصاف 3/371.
2 لعلّ المسؤول عنه سفيان، كما يدلّ عليه سياق الكلام في المسائل السابقة.
3 في "ع" "فأمنا"، والصواب ما أثبته.
4 تكرّر قول إسحاق في وجوب القضاء والكفّارة على من جامع دون الفرج فأمنى في كتاب الصيام، المسألة: (734) من المطبوع، وقد انفردت المسألة هنا بزيادة قول سفيان بعدم وجوب الكفّارة عليه، وقول أحمد بوجوب الكفّارة عليه، وعنه رواية أخرى بعدم وجوب الكفّارة عليه، وذكر المرداوي أنّها المذهب، انظر: الفروع 3/83، الإنصاف 3/316، وانظر كذلك: المغني 3/115، المحرّر 1/230 والمبدع 3/33.(3/1351)
[789-] قال: قلت: سئل سفيان عن رجل احتلم بالنهار في شهر رمضان، فأكل جاهلاً ترى عليه كفّارة؟ 1
قال: ليس عليه كفّارة، ويقضي ذلك اليوم.2
قال أحمد: جيّد.
قال إسحاق: كما قال.3
__________
1 لم أقف عليه.
2 قال المرداوي: الصحيح من المذهب أنّ الجاهل بالتحريم يفطر بفعل المفطرات، انظر: الإنصاف 3/304، المغني 4/368، الفروع 3/51، الكافي 1/351، وكلّهم ذكروا أنّ الجاهل ليس عليه إلاّ القضاء.
واستدلّوا بعموم الأدلّة التي تدلّ على فطر الصائم بفعل المفطرات قبل غروب الشمس، سواء أكان المفطر جاهلاً أم عالماً.
3 لم أقف عليه.(3/1352)
وصف نسخ كتاب المسائل ومنهجي في التحقيق (كتاب الجنائز)
بعد البحث وسؤال المختصين والمشتغلين بتحقيق هذه المسائل توصلت إلى أنه يوجد لكتاب المسائل عن الإمامين أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه الذي رواه عنهما أبو يعقوب إسحاق بن منصور الكوسج ثلاث نسخ خطية.
الأولى: النسخة الظاهرية في المكتبة الظاهرية بدمشق برقم 53 فقه حنبلي وتوجد لها صورة بدار الكتب المصرية برقم 20755 ب كما توجد لها صورة بمكتبة دار الحديث بمكة. وتحتوي على [113] لوحه، وخطها دقيق جداً، ولم يذكر في هذه النسخة الناسخ ولا تاريخ النسخ إلا أن فؤاد سزكين ذكر أنها في القرن الرابع الهجري1.
الثانية: نسخة دار الكتب المصرية المحفوظة برقم 22660 ب وهي منسوخة من النسخة الظاهرية سنة 1362هـ وتوجد منها صورة بالجامعة الإسلامية برقم 2727، 2728 في مجلدين.
الثالثة: النسخة العمرية وقد أضيفت أخيراً إلى المكتبة الظاهرية2، وتوجد منها صورة بالجامعة الإسلامية برقم 3348، 3349، وخط هذه النسخة عادي، تصعب قراءته أحياناً وتكثر الأخطاء الإملائية فيها، وقد
__________
1 انظر تاريخ التراث 2/204 - 208.
2 انظر منادمة الأطلال ومسامرة الخيال صـ 244 - 247.(3/1373)
سقطت منها بعض المسائل، ويقع باب الجنائز منها ما بين باب الحيض وكتاب الجهاد، من اللوحة رقم 72 إلى 76، وفيه ست وستون مسألة أورد المصنف قول إسحاق في تسع وخمسين منها تقريباً..
وعدد لوحات الكتاب المخطوط كاملاً (182) لوحة، والأسطر في كل لوحة من (28) إلى (32) ، وتبدأ هذه النسخة بعبارة: "بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. حدثنا إسحاق بن منصور بن بهرام أبو يعقوب الكوسج ... ".
وتنتهي بذكر اسم الناسخ وتأريخ الفراغ من نسخها ومكان النسخ.
غير أن من صعوبات العمل في هذا الكتاب أعني - باب الجنائز - أنه لا يوجد إلا في نسخة واحدة من نسخ الكتاب الثلاث، وهي النسخة العمرية فقط وسقط من النسختين الأخريين، الأمر الذي أوجد مشقة وعناءً في تحقيق النص وقراءته نظراً لاعتماده على نسخة واحدة، وإن كان قد تيسر جُلُّه والحمد لله.(3/1374)
أما عن منهجي في تحقيق " باب الجنائز" فيتلخص منهجي في تحقيق هذا الباب في النقاط الآتية:
[1] حاولت أن أخرج هذا الباب على أقرب صورة تركه عليها مؤلفه رحمه الله.
[2] وثقت ما أمكنني توثيقه من مسائل النص من المصادر التي حكت هذه المسائل عن أحمد وإسحاق بن راهويه كالأوسط وسنن الترمذي وكتب المسائل الأخرى المروية عن الإمام أحمد وغيرها.
[3] نهجت في كتابته على قواعد الإملاء الحديثة والنحوية وجعلت في المتن ما رأيته صواباً، ونبهت في الهامش على ما في المخطوط مما رأيته خطأ نحوياً أو مختلفاً إملائياً أو نحوه.
[4] أنبِّه على ما رأيت فيه ركاكة أو احتمال سقط حرف أو كلمة بما أراه يرفع اللبس ويزيل الإشكال في الهامش.
[5] أنبِّه في الهامش على ما لم أقف على توثيق له من المصادر وبالأخص بعض أقوال إسحاق بن راهويه رحمه الله.
[6] خدمت النص بترقيم المسائل التي حققتها، ووضعت علامات الاستفهام بعد كل جملة ساقها الكوسج - رحمه الله - أو غيره وأَفْهَمَت سؤالاً، ووضعت الهمزة على المهموز من الكلمات والفواصل بين الجمل الموهمة ليسهل فهمها، ووضعت الكلمات المعلق عليها في الهامش، واعتنيت بعلامات التنصيص فيما نقلته بالنص من المصادر، ونبهت في(3/1375)
الهامش على نهاية كل صفحة من كل لوحة.
[7] إذا كان المذهب على ما نقل من جواب الإمام أحمد نبهت إلى ذلك في الهامش، وإلا سَكَتُّ.
[8] اعتنيت بتخريج الأحاديث من مظانها وذكرت ما وقفت عليه من كلام المختصين في الحكم عليها، وشرحت ما رأيته مشكلاً أو غريباً من مفردات النص في الهامش.
[9] ترجمت للأعلام الوارد ذكرهم في النص المحقق باختصار ما عدا المشهور من الصحابة رضي الله عنهم.
[10] من الملاحظ على المخطوط إهمال الهمزة في كثير من الكلمات بل كلها فأثبتها، وأهمل النقط في بعض الكلمات فأثبته، والألف المقصورة تكون فيه ممدودة فأثبتها مقصورة، وجاءت بعض الكلمات في المخطوط ملحونة فصوبتها في المتن، ونبهت إلى كثير من هذه الملحوظات في الهامش.
[11] ختمت البحث بفهرس للآيات وفهرس للأحاديث وفهرس للآثار وفهرس للأعلام الوارد ذكرهم في النص المحقق أو دراسته وفهرس للموضوعات.(3/1376)
"باب الجنائز"
[790-] قال: قلت: المرأة تغسل زوجها والزوج امرأته؟
قال: أرجو أن لا يكون به بأس1، إذا لم يكن من يغسلها أو يغسله2.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 جاء في مسائل أحمد برواية أبي داود صـ149 " قال: سمعت أحمد سئل عن الرجل يغسل امرأته؟ قال: قلَّما اختلفوا فيه لا بأس به، والمرأة تغسل زوجها أيضاً " وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن للمرأة أن تغسل زوجها إذا مات ثم ذكر الخلاف في الرجل يغسل زوجته وذكر احمد من المجوزين لذلك. انظر مسائل أحمد برواية ابنه صالح 3/57، الأوسط 5/334 - 336، المجموع 5/149 - 150، المغني 3/461.
2 جاء في مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/183 برقم 915 قال: " سمعت أبا عبد الله يقول، وسئل عن الرجل يكون في السفر يموت وليس معه إلا امرأته أتغسله؟ قال: نعم ".
وجاء في هذا المصدر نفسه 1/184 برقم 916 قال: " وسئل عن الرجل تكون امرأته معه في سفر، فتموت وليس معهم امرأة أيغسلها زوجها؟ قال: نعم، قيل له: فكيف يصنع؟ قال: يصب الماء من فوق الثوب، ولا يكشف ثوبها " وجاء في مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ 136 برقم 503 قال: " قرأت على أبي يغسل الرجل امرأته؟ فلم يجب فيها بشئ. قلت: فتغسل زوجها؟ قال: نعم، فأما غير الزوج فلا "
3 قال ابن المنذر: " أجمع أهل العلم على أن للمرأة أن تغسل زوجها إذا مات " ثم ذكر خلافهم في الرجل يغسل زوجته، وذكر إسحاق من المجوزين لذلك. انظر الأوسط 5/334 - 336 وانظر المجموع 5/150، المغني 3/461.(3/1377)
[791-] قلت: من غسل ميتاً أيغتسل؟
قال: أرجو أن لا يجب عليه الغسل، فأما الوضوء فأقل ما قيل فيه1.
قال إسحاق: كما قال لا يَدَعُو الوضوء على [حال 2] 3.
[792-] قلت: المرأة تموت مع الرجال. كيف يصنع بها؟
[قال] 4: التيمم أعجب إليَّ5.
__________
1 سنن الترمذي 3/319 وجاء في مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/184 برقم 919 قال: " وسئل عمن غسل الميت أعليه الغسل أم الوضوء؟ قال: يتوضأ وقد أجزأه، سألته هل على من غَسَّل الميت غسل؟ قال: عليه الوضوء قط " وانظر أيضاً مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 151، وجاء في مسائل أحمد برواية ابنه صالح 1/460 قال: " وسألته عن الرجل يغسل الميت أيغتسل؟ قال: لا يصح الحديث فيه ولكن يتوضأ "، الأوسط 5/349، المجموع 5/186. إرواء الغليل 1/173.
2 هكذا في المخطوط والظاهر أن قبلها كلمة ساقطة هي [كل] .
3 سنن الترمذي 3/319، الأوسط 5/349، المجموع 5/186، المغني 1/256.
4 تكررت في المخطوط.
5 انظر ذلك أيضاً في مسائل أحمد لابنه عبد الله صـ136 برقم 506 غير أنه نص على أن على الذي ييممها أن يضع يده في ثوب ثم يضرب به الصعيد ثم ييممها.
وفي بعض الروايات الأخرى أنها يصب عليها الماء من فوق الثياب ولا يكشف ثوبها، انظر مسائل أحمد برواية ابن هانئ صـ184 برقم 918، ومسائل أحمد برواية أبي داود صـ149، المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهتين 1/200، المقنع 1/272 والمذهب أنها تيمم ويكون التيمم بحائل على الصحيح. انظر الإنصاف 2/483..(3/1378)
قال إسحاق: إن صبوا عليها الماء صباً فهو أفضل وإلا يمموها1.
[793-] قلت: الرجل يموت مع النساء؟
قال: التيمم أعجب إليَّ2.
قال إسحاق: كذلك3 [ع-37/ب] .
__________
1 انظر الأوسط 5/337 وليس فيه التنبيه على الأفضلية والتيمم.
2 جاء في مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/184 برقم 918 قال: " المرأة تموت مع القوم وليس معهم امرأة؟ قال أبو عبد الله: تيمم، وكذلك الرجل مع النساء ييمم ". وقال ابن قدامة: " وقال سفيان في رجل مات مع نساء، ليس معهن رجل، قال: إن وجدوا نصرانياً أو مجوسياً فلا بأس إذا توضأ أن يغسله … ولم يعجب هذا أبو عبد الله يعني – أحمد – وقال: لا يغسله إلا مسلم وييمم … " المغني 3/ 466، وانظر أيضاً الأوسط 5/338.
3 قال ابن المنذر: " واختلفوا في الرجل يموت مع النساء أو المراة تموت مع الرجال … وقال الحسن وإسحاق بن راهوية يصب عليها الماء من فوق الثياب " الأوسط 5/337.
قلت: ما نقله في المتن عن إسحاق إما أن يكون رواية أخرى له أو وهماً من المؤلف وعلى كلٍ فما نقله ابن المنذر عن إسحاق في هذه المسألة وجيه والله أعلم.(3/1379)
[794-] قلت: كيف ييمم الميت إذا لم يوجد له ماء؟
قال: الوجه والكفين12.
قال إسحاق: كذا هو كحكم الأحياء 3.
[795-] قلت: يطيب الميت بالمسك؟
قال: نعم4.
قال إسحاق، كما قال5.
__________
1 كذا في المخطوط، والأولى [الكفان] .
2 مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/185 برقم 923.
3 لم أقف عليه.
4 انظر سنن الترمذي 3/318 باب ما جاء في المسك للميت من كتاب الجنائز، الأوسط 5/368، وانظر أيضاً مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ138 برقم 512، ومسائل أحمد برواية ابن هانئ صـ185 برقم 923، ومسائل أحمد برواية أبي داود صـ143 وجاء في المصنف عن ابن عمر رضي الله عنهما: " أنه كان يتتبع مغابن الميت ومراقه بالمسك "، مصنف عبد الرزاق 3/414 برقم 6141، وفي المقنع 1/279 " وإن طيب جميع بدنه كان حسناً "، قال المرداوي " هذا المذهب وعليه الأصحاب … " الإنصاف 2/511.
5 انظر سنن الترمذي 3/318 باب ما جاء في المسك للميت من كتاب الجنائز، الأوسط 5/368(3/1380)
[796-] قلت: من أين يدخل الميت القبر؟
قال: من حيث يكون أسهل عليهم1.
قال إسحاق: يدخل من قبل القبلة إلا أن لا يمكن ذلك2.
[797-] قلت: كم يدخل القبر؟
قال: ما شاؤا3.
قال إسحاق: يختار أربعة4.
[798-] قلت: تكره الذريرة5 على النعش؟
__________
1 الأوسط 5/453 وجاء في مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 158 قال: " قلت لأحمد في الميت يسلُّ أو يؤخذ من قبل القبلة؟ قال: كلٌّ لا بأس به إن شاء الله تعالى ".
2 انظر الأوسط 5/453، والمجموع 5/294.
3 قال ابن قدامة: " ولا توقيت في عدد من يدخل القبر، نص عليه احمد، فعلى هذا يكون عددهم على حسب حال الميت وحاجته، وما هو أسهل في أمره " المغني 3/434.
وقال المرداوي: " ولا توقيت في من يدخل القبر بل ذلك في حسب الحاجة نص عليه لسائر أموره، وقيل: الوتر أفضل " الإنصاف 2/546.
4 لم أقف عليه.
5 في المخطوط: [الزيررة] ، ولعلها: [الذريرة] . والذريرة: هو نوع من الطيب مجموع من أخلاط ... يُنثر على قميص الميت. لسان العرب [ذرر] .(3/1381)
قال: [هذا1] مكروه2.
قال إسحاق: كما قال3.
[799-] قلت: أتكره أن يضرب على القبر فسطاط4؟
قال: إي لعمري5.6
__________
1 كلمة غير واضحة وقد أثبت ما غلب على ظني في قراءتها.
2 الفروع 2/227، وانظر الآثار في كراهة ذلك على النعش في مصنف ابن أبي شيبة 3/270.
3 لم أقف عليه.
4 الفُسطاط: بيت من شعر، وفيه لغات: فسطاط وفستاط وفسَّاط وكسر التاء فيهن لغة، وفسطاط مدينة في مصر. لسان العرب [ف س ط] .
5 المغني 3/439، الإنصاف 2/550.
6 أورد الكوسج في باب " مسائل شتى "من مسائله هذه لأحمد وإسحاق ما نصه: " قال: يكره لعمري ولعمرك؟ قال: ما أعلم به بأساً. قال إسحاق: تركه أسلم لما قال إبراهيم يعني – النخعي -: كانوا يكرهون ويقولون ليقل: لعمر الله " انظر مسائل شتى، المسألة رقم (3592) ، تحقيق: د. سليمان العمير، ولم تطبع بعد، قلت: قول " لعمري " فيه مسألتان: -
المسألة الاولى حكم هذا اللفظ وفيه قولان، الأول: كراهته، والثاني: جوازه وهو ظاهر كلام شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم.
المسألة الثانية: اعتبار هذا اللفظ يميناً وفيه قولان أيضاً، القول الأول: أنه ليس يميناً وهو قول أكثر أهل العلم، والقول الثاني: أنه يمين فيه كفارة وبه قال الحسن البصري.
والأظهر: كراهته، بل حرمته إن قصد به اليمين، لأنه حلف بغير الله وإلا فجائز، لوروده في الكتاب والسنة ولاستعمال بعض أكابر الصحابة له وهم أبعد الناس عن الشرك.
انظر هذه المسألة مستوفاة بمصادرها في أحكام اليمين بالله عز وجل صـ 84 – 89، معجم المناهي اللفظية صـ 277 – 279.(3/1382)
قال إسحاق: إذا تخوف على نبش القبر فإن فعلوا فلا بأس، فأما للتعظيم فلا1.
[800-] قلت: في كم يكفن الميت؟
قال: أما الرجل في ثلاثة2 أثواب يدرج فيه إدراجاً3 ليس فيها قميص ولا عمامة4.
__________
1 لم أقف عليه.
2 سنن الترمذي 3/322 باب ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الجنائز. مسائل أحمد برواية ابنه صالح 3/151.
3 انظر مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ137 برقم 508، ومسائل أحمد برواية ابن هانئ صـ185 برقم 921، ومسائل أحمد برواية أبي داود صـ 141 – 142 مسائل أحمد برواية ابنه صالح 3/151.
4 انظر التنصيص على أنه ليس فيها قميص ولا عمامة في:
مسائل أحمد برواية أبي داود ص 142، مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح 1/273، والمغني 3/383، الإنصاف 2/507 وفي هذين المصدرين الأخيرين مزيد تفصيل وكذا المقنع 1/278.(3/1383)
[801-] قلت: كيف يكفن؟
قال: يدرج إدراجاً1.2
قال إسحاق: إن فعلوا هذا فحسن وإن كان إزار أو قميص ولفافة فحسن يلبس واحداً واحداً3.
[802-] قلت: في كم تكفن المرأة؟
قال: المرأة في خمسة أثواب4.
__________
1 الإدراج: لفُّ الشيء في الشيء. انظر: لسان العرب [درج] .
2 انظر أيضاً مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ 137 برقم 508، ومسائل أحمد برواية ابن هانئ صـ 185 برقم 921، ومسائل أحمد برواية أبي داود صـ 141 – 142، مسائل أحمد برواية ابنه صالح 3/151.
3 لم أقف عليه.
4 سنن الترمذي 3/322 باب ما جاء في كفن النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الجنائز، الأوسط 5/356 وانظر أيضاً مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله صـ137 برقم 509، ومسائل أحمد لابن هانئ صـ185 برقم 926 وزاد أعني ابن هانئ على هذا السؤال " قلت: فثمن الكفن؟ قال: من مالها، قلت: فإن لم يكن لها مال؟ قال: من ربعها أو من ثمنها " مسائل أحمد برواية ابن هانئ صـ185-186 برقم 926. وانظر مسائل أحمد برواية أبي داود صـ150.
وتكفين المرأة في خمسة أثواب هو المذهب عند الحنابلة. انظر الإنصاف 2/513 ونقل ابن قدامة عن ابن المنذر أنه قال " أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفن المرأة في خمسة أثواب " انظر المغني 3/391(3/1384)
[803-] قلت: كيف تكفن؟
قال: إزارٌ ولفافة وقميص وخرقة وعمامة، والخرقة تشد بها على رجليها، ثم إزار يوزرنها، ثم قميص يخيط بلا كمين، ثم عمامة، ثم ثوب تلفف فيه فوق هذه الثياب1.
قال إسحاق: كما قال2.
[804-] قلت: بلا كمين؟
قال: هو، ولكن الخرقة تكون حقواً3 من وسطها فهو أحسن، ما
__________
1 انظر الأوسط 5/356، مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ137 برقم 509 ومسائل أحمد برواية أبي داود صـ150، المغني 3/391، الإنصاف 2/513، المقنع 1/279، المبدع 2/246 – 247.
ثم انظر حديث غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها الذي استوحيت منه هذه الكيفية في سنن أبي داود 3/509 – 510، وإن كان الذي حققه المنذري أنها زينب كبرى بناته صلى الله عليه وسلم وليست أم كلثوم لأن هذه الأخيرة توفيت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب ببدر، انظر مختصر سنن أبي داود للمنذري 4/300.
2 لم أقف عليه.
3 أي إزاراً، " والأصل في الحقو معقد الإزار، وجمعه أَحْق وأَحْقاء ثم سمي به الإزار للمجاورة ". قاله ابن الأثير في النهاية 1/417، وقال به الإمام أحمد في رواية أبي داود لمسائله صـ150 حيث قال أعني – أبا داود – سمعت أحمد سئل عن الحقو ما هو؟ قال: الإزار. وانظر أيضاً فتح الباري 3/129(3/1385)
قال النبي صلى الله عليه وسلم أشعرنها إياه1؟
[805-] قلت: في أي الأثواب أحب إليك أن يكفن الميت؟
قال: البياض2، ويستحب حُسْنُ الكفن.
__________
1 لعله استفهام أراد به التقرير وهو يشير بذلك إلى حديث أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: " دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال: اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور، فإذا فرغتن فآذنني، فلما فرغن آذناه، فأعطانا حقوة، فقال: أشعرنها إيَّاه تعني الإزار " صحيح البخاري مع الفتح 3/125، والمراد بقوله " أشعرنها إيَّاه " أي اجعلنه شعارها أي الثوب الذي يلي جسدها، انظر النهاية لابن الأثير 2/480، فتح الباري 3/129.
وقال الإمام أحمد: " الإشعار على الجلد ". انظر مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ135 برقم 496.
2 الأفضل عن الإمام أحمد أن يكفن الرجل في ثياب بيض " لأن النبي صلى الله عليه وسلم كُفِّن في ثلاثة أثواب يمانية بيض … " أخرجه البخاري. انظر الصحيح مع الفتح 3/135، وقال صلى الله عليه وسلم " البسوا من ثيابكم البياض فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم " أخرجه النسائي 4/34 باب أي الكفن خير من كتاب الجنائز، وانظر المغني 3/383 وانظر مسائل أحمد رواية ابنه عبد الله صـ137 برقم 510، مسائل أحمد برواية ابنه صالح 1/273.(3/1386)
قال إسحاق: كما قال: وإن كان موسراً1 ففي ثوبي حبره2، فهو على قدر الميسرة3.
[806-] قلت: يؤخذ من الميت شيء، شعره أو ظفره؟
قال: إذا كان فاحشاً فنعم4.
__________
1 في المخطوط " موسر ".
2 الحَبِرَة والحَبَرَة: ضربٌ من برود اليمن منمّرٌ والجمع حِبَرٌ وحِبَراتٌ وهي الثياب الموشَّاة. انظر: لسان العرب [ح ب ر] .
3 قال ابن المنذر: " وكان إسحاق يقول: ولا يغالى بالكفن إذا كان في حياته صاحب إعوزاز، فإن ذلك مما يجحف بالورثة، وإن كان صاحب يسار فغالى فهو جائز " الأوسط 5/358-359، 361.
4 انظر ذلك أيضاً في: مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ134 برقم 495، مسائل أحمد برواية ابن هانئ صـ182 برقم 912، مسائل أحمد برواية أبي داود صـ141، مسائل أحمد برواية ابنه صالح 3/150 – 151.
قلت: في الأظفار رواية أخرى أنها لا تقلم وإنما ينقى وسخها، والمذهب تقليمها إذا كان طولها فاحشاً لأنه السنة، انظر المغني 3/483، الإنصاف 2/494، المقنع 1/275 المبدع 2/231.
وأما الشعر ففيه تفصيل على ما يلي:
شعر الرأس لا يحلق بل قال المرداوي يحرم حلق رأسه على الصحيح من المذهب، وأما شعر الإبط فيؤخذ على الصحيح من المذهب، وأما العانة ففيه ثلاث روايات، إحداها: لا يؤخذ شعرها على الصحيح من المذهب، والثانية: يؤخذ، والثالثة: إن فحش أخذ وإلا فلا، وأما الشارب فيقص إذا كان طويلاً، وقال: المرداوي " بلا نزاع ".
انظر مزيداً من التفصيل في هذا في المغني 3/482، الإنصاف 2/494-495.(3/1387)
قال إسحاق: كما قال1
[807-] قلت: إذا سقط من شعره أيدفن معه؟
قال: يعاد عليه الغسل ويدفن معه2.
قال إسحاق: كما قال3.
[808-] قلت: يكره أن يقال في الجنازة استغفروا له؟
قال الإمام أحمد: ما يعجبني 4.
__________
1 التنصيص عن إسحاق ورد في شَعر الشارب فقط، إذا كان طويلاً. انظر المغني 3/482.
2 لم أقف عليه في الشعر خاصة، ولكن قال الخرقي: " وإن سقط من الميت شئ غسل وجعل معه في أكفانه " قال ابن قدامة شارحاً له: " وجملته أنه إذا بان من الميت شئ وهو موجود غسِّل وجعل معه في أكفانه. قاله ابن سيرين. ولا نعلم فيه خلافاً " المغني 3/480.
3 لم أقف عليه.
4 انظر: الفروع 2/264، معونة أولي النهى 2/473.(3/1388)
قال إسحاق: كما قال يكره ذلك 1.
[809-] قلت: كيف يحمل السرير؟
قال أحمد: يجعله على منكبه الأيمن [ثم الرجل2] ثم يتقدم فيضعه على منكبه الأيسر ثم [الرجل3] ، وأشار أحمد بيده قال: أن يدور4.
[810-] قلت: كيف المشي مع الجنازة؟
قال: يتقدمها أحب إليَّ5.
__________
1 لم أقف عليه.
2 في المخطوط [الرحل] بالحاء ولا يظهر المعنى إلا بما أثبت في المتن وهو الذي جاء في مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 151.
3 في المخطوط [الرحل] بالحاء ولا يظهر المعنى إلا على ما ذكرت في المتن.
4 جاء في مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 151 قال: " قلت لأحمد حمل الجنازة يدور عليها؟ قال: إن شاء، قال: قلت لأحمد: الذي يعجبك؟ قال: يضع الشق الأيمن من الميت على شقه الأيمن ثم الرجل ثم الرأس من قبل الأيسر ثم الرجل ... قال رأيت أحمد حمل جنازة محمد بن جعفر بن زياد الوركاني هكذا " وانظر أيضاً الأوسط 5/374 وانظر المغني 3/403 وقد ذكر فيه خلاف هذه الصورة، والإنصاف 2/540.
5 سنن الترمذي 3/331 باب ما جاء في المشي أما الجنازة من كتاب الجنائز، الأوسط 5/381، وجاء في مسائل أحمد لابنه عبد الله صـ144 برقم 540 " حدثنا قال: سمعت أبي يقول: المشي أمام الجنازة أعجب إليَّ ويكون قريباً منها " وانظر أيضاً مسائل أحمد رواية أبي داود صـ152، مسائل أحمد برواية ابنه صالح 1/448 حلية العلماء 2/363، المجموع 5/279 وجاء عن أحمد ما يدل على خلافها، قال أبو داود " ما رأيت أحمد في جنازة قط إلا ورائها "، مسائل أحمد رواية أبي داود صـ152، شرح السنة 5/333.(3/1389)
قال إسحاق: يتأخرها أحب إلينا1 إلا أن يكون زحام فحينئذ ينظر أيسر ذاك على الناس.
[811-] قلت: من فجئته جنازة وهو على غير وضوء؟
قال: أعجب إليَّ2 أن يتوضأ3، لأن ابن عمر رضي الله عنهما
__________
1 سنن الترمذي 3/333 باب ما جاء في المشي خلف الجنازة من كتاب الجنائز، شرح السنة 5/334 المجموع 5/279.
2 هذه العبارة تفيد الندب على الصحيح من المذهب، وقيل تفيد الوجوب. انظر الإنصاف 12/248، وانظر دراسة جيدة لمصطلحات الإمام أحمد للشيخ إسماعيل مرحبا في رسالته للماجستير المسماه مسائل الإمام أحمد الفقهية رواية مهنا الشامي صـ36-38.
3 انظر مسائل أحمد رواية ابنه صالح 1/466، اختلاف العلماء صـ65 كتاب المسائل 1/192، 492، الأوسط 2/71، الأوسط 5/425، المجموع 5/223.
وما أفتى به الإمام هنا هو المذهب الذي عليه جماهير الأصحاب، وروي عنه رحمه الله أنه يجوز التيمم إذا خاف فواتها مع الإمام واختاره شيخ الإسلام رحمه الله.
انظر: الاختيارات صـ45، الإنصاف 1/304، الفروع 1/138.
والخلاف في هذه المسألة مشهور أعني – مسألة الحاضر تحضره الجنازة وهو على غير طهارة [–] انظره مفصلاً في الأوسط 2/70-71، اختلاف العلماء صـ65، المجموع 5/223 وخلاصته ثلاثة أقوال، الأول: لا يصح التيمم مع إمكان الماء وإن خاف فواتها، والثاني: يتيمم إن عجز عن الماء أوخاف فواتها، والثالث: تجوز الصلاة على الجنازة بغير طهارة مع إمكان الوضوء والتيمم لأنها دعاء وهو قول خرق الإجماع ولا يلتفت إليه.(3/1390)
قال: لا يصلي عليها إلا طاهراً1.
2 إسحاق بن منصور قال: أخبرنا بن شميل3 قال:
__________
1 أخرجه مالك في الموطأ 1/230 باب جامع الصلاة على الجنائز من كتاب الجنائز عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول " لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر " وأخرج الدارقطني عن ابن عمر " أنه أتى على جنازة وهو على غير وضوء فتيمم ثم صلى عليها " سنن الدارقطني 1/202. باب الوضوء والتيمم من آنية المشركين. ورواه البيهقي في السنن الكبرى 1/231 تعليقاً ثم قال: " والذي روى عنه في التيمم لصلاة الجنازة يحتمل أن يكون في السفر عند عدم الماء وفي إسناد حديث ابن عمر في التيمم ضعف "
2 يظهر أن هنا كلمة ساقطة من المخطوط تقديرها: أخبرنا أو حدثنا.
3 هو النضر بن شميل بن خرشة الإمام الحافظ أبو الحسن المازني البصري النحوي نزيل مرو وعالمها وثقه يحى بن معين وابن المديني والنسائي، وقال ابن حاتم ثقة صاحب سنة توفي في آخر سنة 203 هـ. سير أعلام النبلاء 9/328.(3/1391)
[أنبأنا] 1 الأشعث2 عن الحسن3 في الرجل تدركه الجنازة وليس [ماء] 4؟
قال: يطلب الماء فإن لم يجد لم يصل5 عليها6.
قال إسحاق: يتيمم إذا لم يمكنه الوضوء ليدرك التكبيرة الأولى7.
__________
1 في المخطوط كلمة غير مقروءة، وقد أثبت ما غلب على ظني فيها.
2 من الذين رووا عن الحسن البصري أربعة، كل منهم اسمه أشعث من غير " أل " وأحدهم أشعث بن عبد الملك الحمراني وهو من مشايخ النضر بن شميل بخلاف الآخرين، فلعله المراد بالأشعث هنا إن لم تكن " أل " أصلية في الاسم هنا: انظر سير أعلام النبلاء 4/566، 9/329، وهذا الرجل أعني – أشعث بن عبد الملك الحمراني – هو ثقة ثبت مأمون، قال أحمد بن حنبل: " أشعث الحمراني كان صاحب سنة وكان عالماً بمسائل الحسن الدقاق " توفى عام 142 هـ وقيل 146 هـ. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 6/278، شذرات الذهب 1/217.
3 يعني البصري الفقيه الورع، قال الذهبي: " كان سيد أهل زمانه علماً وعملاً " سير أعلام النبلاء 4/563 – 588.
4 هناك كلمة ساقطة بعد قوله: "وليس" تقديرها ما أثبته في المتن.
5 في المخطوط [يصلي] .
6 جاء عن الحسن الأمران، جواز التيمم إذا خشي فوات الصلاة على الجنازة من طريق هشام عنه وعدم الجواز من طريق الأشعث عنه وكلا الروايتين ذكرهما ابن أبي شيبة في مصنفه 3/305، وانظر أيضاً الأوسط 2/70.
7 انظر اختلاف العلماء صـ65، الأوسط 2/71، الأوسط 5/425، المجموع 5/223(3/1392)
[812-] قلت: أين يسير الراكب من الجنازة؟
قال: الراكب خلف الجنازة1.
قال إسحاق: كما قال2.
[813-] قلت: القيام بين عمودي السرير؟
قال: ابن عمر رضي الله عنهما كرهه3، وإن فعله فاعل لم أر به بأساً4.
قال إسحاق: هو مكروه5.
__________
1 الأوسط 5/385، شرح السنة 5/334.
قلت: الركوب في الجنائز مختلف فيه من حيث الكراهة وعدمها، والذين رأوا عدم كراهته مختلفون، هل الأفضل للراكب أن يكون أمام الجنازة أو خلفها، فانظر المسألة مفصلة في مصنف ابن أبي شيبة 3/280-281، الأوسط 5/385، المجموع 5/278-279.
2 الأوسط 5/385، شرح السنة 5/334، المجموع 5/279.
3 لم أقف على هذه الكراهة بل أورد ابن أبي شيبة بسنده عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك قال: " رأيت ابن عمر في جنازة واضعاً السرير، كاهله بين العمودين " مصنف ابن أبي شيبة 3/272. وانظر الأوسط أيضاً 5/375.
[4] الأوسط 5/276، وانظر تفصيل كيفية حمل الجنازة في الأوسط 5/374-375، المجموع [5/269-270.
5] الأوسط 5/376.(3/1393)
[814-] قلت: الجنائز إذا اجتمعن رجال ونساء إذا اجتمعن؟
قال: [يسوى1] بين رؤوسهم2.
قال إسحاق: كما قال.
[815-] قلت: متى يقوم إذا رأى الجنازة؟
قال: إن قام لم أعبه وإن قعد فلا بأس3.
قال إسحاق: كما قال4
__________
1 في المخطوط [يسوا] .
2 هذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد أخذاً بما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما "أنه كان يساوي بين رؤوسهم إذا صلى على الرجال والنساء " أخرجه عبد الرزاق في المصنف 3/467 والرواية الثانية عن أحمد أنه يصف الرجال صفاً والنساء صفاً ويجعل وسط النساء عند صدور الرجال فانظر تفصيل المسألة في المغني 3/453 – 454، الإنصاف 2/517، كشاف القناع 2/112.
3 سنن الترمذي 3/362، باب الرخصة في ترك القيام لها من كتاب الجنائز، مسائل أحمد برواية أبي داود صـ152، الأوسط 5/395، شرح السنة 5/330 واختلفوا في هذه المسألة من حيث نسخ القيام وعدمه ومن حيث الكراهة وعدمها ومن حيث إرادة المشي معها أو عدم الإرادة وكل هذا تجده مفصلاً في الأوسط 5/393-395، شرح السنة 5/330، المجموع 5/280.
4 سنن الترمذي 3/362 باب الرخصة في ترك القيام لها من كتاب الجنائز. الأوسط 5/395، شرح السنة 5/330(3/1394)
[816-] قلت: من يتبع الجنازة متى يجلس؟
قال: لا يجلس حتى توضع عن أعناق الرجال1.
قال إسحاق: كما قال2.
[817-] قلت: وهل ينتظر الإذن؟
قال: متى [شاء3] انصرف4.
__________
1 مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/190 برقم 949، سنن الترمذي 3/361، باب ما جاء في القيام للجنازة من كتاب الجنائز، وانظر مسائل أحمد برواية ابنه صالح 2/132، الأوسط 5/393، المجموع 5/280.
وقد اختلفوا في حكم الجلوس قبل أن توضع الجنازة من حيث الكراهة وعدمها على قولين فانظرهما بشئ من التفصيل في المصدرين السابقين.
2 سنن الترمذي 3/361 باب ما جاء في القيام للجنازة من كتاب الجنائز، الأوسط 5/393، المغني 3/404.
3 في المخطوط: [شا] .
4 جاء في مسائل أحمد رواية أبي داود صـ 158 " قال: سمعت أحمد سئل عن الجنازة إذن؟ قال: أرجو إن شاء الله، أي أرجو أن ليس عليها إذن " وجاء أيضاً في المصدر نفسه صـ 158 " حدثنا أبو داود قال: شهدت أحمد ما لا أحصي صلى على جنائز ثم انصرف ولم يتبعها إلى القبر ولم يستأذن "
وانظر ما نقله عبد الرزاق في مصنفه 3/513-515 من خلاف الصحابة وبعض التابعين في انصراف الناس من الجنازة قبل أن يؤذن لهم.(3/1395)
قال إسحاق: إذا كان [أولياء1] الميت [يأذنون2] ينتظر [إذنهم3] وإن لم يكن [إذن4] من [أوليائه5] ذهب متى [شاء6] . 7
[818-] قلت: وهل يغسل الشهيد؟
قال: إذا مات في المعركة لم يغسل8.
__________
1 في المخطوط: [اوليا] .
2 في المخطوط: [ياذنون] .
3 في المخطوط: [اذنهم] .
4 في المخطوط: [اذن] .
5 في المخطوط: [اوليايه] .
6 في المخطوط: [شا] .
7 لم أقف عليه.
8 المذهب أن الشهيد إذا مات في المعركة لا يغسل إلا أن يكون جنباً فإنه يغسل عند جمهور الأصحاب، وعنه لا يغسل أيضاً، مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ135 برقم 498، مسائل أحمد رواية ابن هانئ صـ186 برقم 930، مسائل أحمد برواية ابنه صالح 3/62، الأوسط 5/547، المغني 3/467، الإنصاف 2/498 – 499، حلية العلماء 2/357، المجموع 5/264.
قال البغوي: " واتفق العلماء على أن الشهيد المقتول في معركة الكفار لا يغسل "، شرح السنة [5/366] وانظر القول مفصلاً في غسل الشهيد وأصناف الشهداء في المجموع 5/260-267، المغني 3/467-478، شرح السنة 5/365-375.(3/1396)
قال إسحاق: كما قال1.
[819-] قلت: من أحق بالصلاة على الميت؟
قال: إذا [أوصى2] فهو بيِّن، وإذا لم يوص فلا يُدْفَعُ الأولياء3، وإذا شهد الأمير فهو أحق به4، والأب أحق من الزوج5.
قال إسحاق: الأمير أولى ثم [ع-38/أ] الإمام الذي يصلي بهم ثم الأولياء6، والزوج أحب إلينا من الأب7، وإن كان [أوصى8] إلى رجل يصلي عليه فهو أولى من كلٍ9.
__________
1 الأوسط 5/547، المجموع 5/264.
2 في المخطوط: [اوصا] .
3 يعني – أن الوصي أحق بالصلاة عليه – وإلا فالأولياء. انظر مسائل أحمد برواية صالح 3/137، الأوسط5/402 المجموع 5/220.
4 الأوسط 5/398، المجموع 5/217.
5 مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/187 برقم 936 وجاء في مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 155 قال: " سمعت أحمد سئل عن المرأة من يصلي عليها؟ قال: أما أنا فيعجبني أولياؤها أبوها أو ابنها أو أخوها " وانظر أيضاً الأوسط 5/400، المغني 3/408، المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين 1/206.
6 انظر الأوسط 5/398، المجموع 5/217.
7 الأوسط 5/400، المغني 3/408.
8 في المخطوط: [اوصا] .
9 الأوسط 5/402 مسائل أحمد برواية ابنه صالح 3/137.(3/1397)
[820-] قلت: الدعاء للميت في الصلاة عليه؟
قال: يقرأ فاتحة الكتاب ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو للمؤمنين ثم يدعو للميت1.
قال إسحاق: كما قال. إلا أن في الرابعة يقف قدر التشهد يستغفر أو يتشهد كل قد فعل2.
[821-] قلت: هل يوجه الميت إلى القبلة؟
قال: نعم3 لِمَ لا يوجه؟!
قال إسحاق: كما قال4.
[822-] قلت: وهل [يصلى5] على الشهيد؟
__________
1 انظر الأوسط 5/438، مسائل أحمد رواية أبي داود صـ153، مسائل أحمد رواية ابنه عبد الله صـ138 برقم 513، المجموع 5/242.
2 لم أقف عليه.
3 انظر مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 138، الأوسط 5/321، الإنصاف 2/465، قال المرداوي: " وهذا مما لا نزاع فيه لكن أكثر النصوص عن الإمام أحمد على أن يجعل على جنبه الأيمن وهو الصحيح من المذهب "، الإنصاف 2/465.
4 الأوسط 5/321.
5 في المخطوط [يصلا] .(3/1398)
قال: لِمَ لا يُصَلّى عليه، فلا بأس به1 " أهل المدينة لا يرون الصلاة عليه2 ".
قال إسحاق: لابد من الصلاة على [الشهداء3] 4 صُلّي على
__________
1 مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ140 برقم 523، مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/186 برقم 930، سنن الترمذي 3/355 باب ما جاء في ترك الصلاة على الشهيد من كتاب الجنائز، المغني 3/467، الفروع 1/213، المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين 1/203، شرح السنة 5/367.
2 سنن الترمذي 3/355 باب ما جاء في ترك الصلاة على الشهيد من كتاب الجنائز، المغني 3/467.
قلت: روايات الإمام متعددة في الصلاة على الشهيد فرواية عنه: يصلى عليه.
وأخرى: لا يصلى عليه وعليها المذهب.
وعنه: تجب الصلاة عليه.
وعنه: إن شاء صلى وإن شاء لم يصل.
وعنه: تركها أفضل.
ومحل الخلاف في الشهيد الذي لا يغسل، فأما الشهيد الذي يغسل فإنه يصلى عليه على سبيل الوجوب رواية واحدة.
انظر: المغني 3/467-470، الإنصاف 2/500-501، الفروع 2/214، الإفصاح لابن هبيرة 2/125، المبدع 2/236.
3 في المخطوط [الشهدا] .
4 سنن الترمذي 3/355 باب ما جاء في ترك الصلاة على الشهيد وكتاب الجنائز، شرح السنة 5/367 وجاء عن إسحاق ما يخالف هذه الرواية، قال في المغني " فأما الصلاة عليه يعني – قتيل المعركة – فالصحيح أنه لا يصلى عليه وهو قول مالك والشافعي وإسحاق " المغني 3/467.(3/1399)
النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعظم الشهداء1.
[823-] قلت: ما ينزع عن القتيل؟
قال أحمد: ينزع الجلد والحديد2.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 الانتصار في المسائل الكبار 2/625–626،شرح الزركشي لمختصر الخرقي 1/554–556.
2 مسائل أحمد رواية ابن هانئ صـ194 برقم 966 وجاء في مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ 138 برقم 511، قال: " قرأت على أبي: قلت: من قتل في المعركة وبه رمق حمل؟ قال: يغسل، ومن قتل ولا رمق فيه يدفن في ثيابه، يلف في دمائه إلا أن يكون عليه جلد أو خف، ينزع ذلك عنه، وإن كان عليه سرد؟ قال: يعجني أن ينزع عنه الحديد ".
قلت: " السَّرْد: اسم جامع للدروع وسائر الحَلَقَ؟، انظر الصحاح 2/487، لسان العرب 3/211.
قال في المغني 3/471 " ... فإنه ينزع عنه من لباسه ما لم يكن من عامة لباس الناس من الجلود والفراء والحديد، قال أحمد: لا يترك عليه فرو ولا خف ولا جلد " انظر أيضاً المبدع 2/235، حلية العلماء 2/360.
3 لم أقف عليه.(3/1400)
[824-] قلت: الجلوس على القبر؟
قال: مكروه1.
قال إسحاق: كما قال2.
[825-] قلت: هل يرش القبر؟
قال: إن شاءوا فعلوا3.
__________
1 قال عبد الله:"سألت أبي: هل يكره أن يدوس الرجل القبر برجله؟ قال: نعم يكره أن يدوس الرجل القبر " مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ 144 برقم 536.
قال صاحب المهذب: " ولا يدوسه يعني – القبر – من غير حاجة لأن الدوس كالجلوس، فإذا لم يجز الجلوس لم يجز الدوس ... " المهذب مع المجموع 5/312 وقال ابن قدامة: " وذكر لأحمد أن مالكاً يتأول حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يجلس على القبور. أي للخلاء، فقال: ليس هذا بشئ ولم يعجبه رأي مالك " المغني 3/440 وكراهة الجلوس على القبر هي المذهب عند الحنابلة. انظر الإنصاف 2/550.
2 لم أقف عليه.
3 مسائل أحمد رواية ابن هانئ 1/192 برقم 956، مسائل أحمد رواية ابنه عبد الله صـ 144 برقم 539، قال رحمه الله: " أحسب أني رأيت أبي في بعض الجنائز لم ينصرف حتى رشوا على القبر ماءً، وكان أبي يستحب أن يرشوا على القبر ماءً "
وقال ابن قدامة: " ويستحب أن يرش على القبر ماء ليلتزق ترابه " المغني 3/436 وانظر الفروع 2/271 والإنصاف 2/548 وأخرج ابن ماجه عن أبي رافع قال: " سلَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سعداً ورش على قبره ماءً " سنن ابن ماجه 1/495 باب ما جاء في إدخال الميت القبر من كتاب الجنائز، وأخرج البيهقي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عله وسلم رش على قبره ماء " سنن البيهقي 3/411(3/1401)
قال إسحاق: لا بل السنة أن يرش القبر1.
[826-] قلت: تسوية القبور؟
قال: لا أدري2.
قال إسحاق: السنة أن [يُسَوّى3] القبر إلا أن يكون مسنّماً4 قليلاً5.
[827-] قلت: هل [يدعى6] للميت إذا فرغ من دفنه؟
__________
1 لم أقف عليه. غير أن الألباني –رحمه الله تعالى- ضعّف حديثاً في رشّ القبر. انظر: إرواء الغليل 3/250.
2 قال ابن هانئ: وسمعته يقول: " ما أدري ما تسوية القبور " مسائل أحمد رواية ابن هانئ 1/192 برقم 957.
3 في المخطوط [يسوا] .
4 يقال: قبر مُسنّمٌ إذا كان مرفوعاً عن الأرض، مأخوذ من سنام البعير. لسان العرب [س ن م] .
5 لم أقف عليه.
6 في المخطوط: [يدعا] .(3/1402)
قال: أرجو أن لا يكون به بأس1.
قال إسحاق: إذا دفن، أتاه وليه أو من أحب، فسلَّم عليه من قبل وجهه ثم استقبل القبلة [فدعى2] له ثم انصرف3.
[828-] قلت: هل يكره شئ من الساعات أن يدفن فيها أو [يُصلَّى4] عليه؟
قال: نعم حديث عقبة بن عامر5 رضي الله عنه " ثلاث
__________
1 المغني 3/437.
وقال في الفروع: " يستحب الدعاء عند القبر بعد الدفن، نص عليه، فعله أحمد جالساً، قال أصحابنا وشيخنا: يستحب وقوفه، ونص أحمد أيضاً: لا بأس به، قد فعله علي والأحنف ... ".
الفروع 2/274.
2 في المخطوط: [فدعا] .
3 الأوسط 5/458.
4 في المخطوط: [يصلا] .
5 عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، صحابي مشهور اختلف في كنيته على سبعة أقوال أشهرها: أبو حماد. ولي إمرة مصر لمعاوية ثلاث سنين، وكان فقيهاً فاضلاً مات قرب الستين.
تقريب التهذيب صـ 684.(3/1403)
ساعات1 " 2.
قال إسحاق: معنى قول عقبة بن عامر " أو نقبر فيهن موتانا أو نصلي على موتانا لأنه يدفن بعد العصر " 3.
[829-] قلت: متى يصلَّى على المولود؟
قال: إذا علم أنه ولد يغسل ويصلَّى عليه4.
__________
1 نص حديث عقبة رضي الله عنه " ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلَّي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب ".
أخرجه مسلم 1/568-569 برقم (831) باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها من كتاب صلاة المسافرين وقصرها.
2 انظر الأوسط 5/395، ومسائل أحمد برواية أبي داود صـ 154، وانظر المغني 3/502.
3 انظر الأوسط 5/395، شرح الزركشي لمختصر الخرقي 2/360.
4 الأوسط 5/405 والمراد بقوله رحمه الله " إذا علم أنه ولد " أي إذا كان سقطاً لأربعة أشهر، قال عبد الله: " سمعت أبي سئل عن المولود متى يصلى عليه؟ قال: إذا كان السقط لأربعة أشهر صُلَّي عليه "، قيل: يُصلَّى عليه وإن لم يستهل؟ قال: نعم "، مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله صـ 142 برقم 529، وقال ابن هانئ: " سألت أبا عبد الله عن امرأة وضعت صبياً ميتاً لأربعة أشهر فما دون كيف يصنع به؟ قال أبو عبد الله: إذا بلغ الصبي أربعة أشهر يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين وذلك لحديث ابن مسعود [إن أحدكم ينفخ فيه الروح ... ] فذكر الحديث "، مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 1/193 برقم 962 وقال ابن هانئ أيضاً: " سألت أبا عبد الله عن السقط أيصلى عليه؟ قال: إذا نفخ فيه الروح صُلِّي عليه "، مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 1/193 برقم 963، وانظر أيضاً مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود صـ 156، المغني 3/458، الإنصاف 2/504، المجموع 5/258، عمدة القارئ 8/176.
وقال ابن المنذر: " أجمع أهل العلم على أن الطفل إذا عرفت حياته واستهل، صُلَّي عليه " الأوسط 5/403، الإجماع صـ 11 ونقله ابن قدامة في المغني 3/58 وزاد " وإن لم يستهل ".(3/1404)
قال إسحاق: [كل ما 1] نفخ فيه الروح صُلِّي عليه2.
[830-] قلت: الصلاة على ولد الزنا والذي يقاد منه حد؟
قال: كل هذا [يصلَّى3] عليه إلا أن الإمام لا يصلي على
__________
1 في المخطوط: [كلما] .
2 الأوسط 5/405 وانظر أيضاً المغني 3/458، فتح الباري لابن رجب 1/487، المجموع 5/258، عمدة القارئ 8/176 وحكى ابن المنذر في الأوسط 5/405 عن إسحاق أنه قال: " مضت السنة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الصبي إذا سقط من بطن أمه ميتاً بعد تمام خلقه ونفخ فيه الروح وهو أن يمضي أربعة أشهر وعشراً أنه يصلى عليه … ".
3 في المخطوط [يصلا] .(3/1405)
قاتل [نفس1] ولا على غال2.
قال إسحاق: يصلى على كل3.
[831-] قلت: زيارة القبر؟
قال: لا بأس4 بها.
قال إسحاق: كما قال، والنساء والرجال في ذلك [سواء5]
__________
1 يعني معصومة ولو كانت نفسه هو أعني – قاتل نفسه-.
[2] الأوسط 5/407-408 وجاء في مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 156 قال: " سمعت أحمد يقول الغال والقاتل لا يصلى عليهما الإمام ويصلي الناس ... قلت لأحمد: من سواهم يصلِّي عليه؟ قال: نعم. وقال ابن هانئ: " سألته عن قاتل نفسه والغال يصلى عليه؟ قال: لا يصلى عليه الإمام "، مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/191 برقم 952، وانظر مسائل أحمد برواية ابنه صالح 1/353، وانظر أيضاً المغني 3/504، الإنصاف 2/535، قال المرداوي: " وهذا المذهب " وانظر قول أحمد في الصلاة على ولد الزنا في الأوسط 5/408 – 409.
[3] الأوسط 5/408، المجموع 5/267. وانظر قول إسحاق في ولد الزنا في الأوسط [5/408-409.
4] جاء في مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 158 قال: " سألت أحمد عن زيارة النساء القبر؟ قال: لا، قلت: الرجال أيسر؟ قال: نعم ... "
وجاء في مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/192 برقم 955، قال: " وسئل عن النساء أيخرجن إلى المقابر؟ قال: لا تخرج المرأة إلى المقابر ... " وانظر المغني 3/517الإنصاف2/561التمهيد3/234.
5 في المخطوط [سوا] .(3/1406)
إلا أن يتخذن النساء من ذلك ما يكره لهن المساجد [والسروج1] 2.
[832-] قلت: النصرانية إذا حملت من مسلم فماتت حاملاً؟
قال: على حديث واثلة34.5
__________
1 كذا في المخطوط والظاهر أن الصواب " السُرُج " جمع سراج ككتاب وكتب لا " سروج " جمع سرج.
2 لم أقف عليه.
3 يعني ابن الأسقع رضي الله عنه حيث " دفن امرأة من النصارى ماتت حبلى من مسلم في مقبرة ليست بمقبرة النصارى ولا مقبرة المسلمين بين ذلك " أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 3/528 وابن شيبة في مصنفه 3/355.
وجاء في مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/186 برقم 928 قال: " وسألته عن المرأة النصرانية إذا حملت من مسلم؟ قال: تدفن بين مقابر المسلمين والنصارى على حديث واثلة ".
وجاء في مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 157،قال: " سألت أحمد عن النصرانية تموت حبلى من مسلم؟ قال: لو كان مقبرة على حدة، ثم قال لي أحمد: أقاويل، قلت الذي تختاره؟ فذكر قوله هذا ".
4 هو واثلة بن الأسقع رضي الله عنه من أصحاب الصفة أسلم سنة تسع وشهد غزوة تبوك وكان من فقراء المسلمين، طال عمره وله عدة أحاديث وله مسجد مشهور بدمشق، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 3/383 – 384.
5 انظر هذه المسألة في أحكام أهل الملل للخلال ص303، وأحكام أهل الذمة لابن القيم 1/207.(3/1407)
قال إسحاق: تُدفن في حواشي قبور المسلمين1.
[833-] قلت: في كم يكفن الصبي؟
قال: في خرقة وإن كفنوه في ثلاث ليس به بأس2.
قال إسحاق: كما قال3.
[834-] قلت: يمد الثوب على القبر؟
قال: إذا كان امرأة فنعم4.
قال إسحاق: كما قال. وإن كان رجل يمد عليه فقد فعل5.
[835-] قلت: الجنازة إذا معها [نساء6] يرجع الرجال؟
قال: ما يعجبني أن يرجع7.
__________
1 لم أقف عليه.
2 الأوسط 5/357، المغني 3/387، وانظر الإنصاف 2/514.
3 الأوسط 5/357، المغني 3/387.
4 الأوسط 5/458، المجموع 5/295.
5 الأوسط 5/458.
6 في المخطوط [نسا] .
7 جاء في مسائل أحمد برواية عبد الله صـ 144 برقم 537 قال: " سألت أبي عن الجنازة معها نوائح أو صوائح تتبع؟ قال: قال الحسن: لا ندع حقاً لباطل " وقول الحسن هذا أخرجه ابن أبي شيبه في مصنفه 3/285، وعبد الرزاق في مصنفه 3/457، وجاء في مسائل أحمد برواية أبي دواد صـ 139 قال: " قلت لأحمد أرى الرجل قد شق يعني – ثوبه – على الميت أعزيه؟ قال: لا يترك حق لباطل ".
وجاء في الفروع 2/261 " … ورخص أحمد في إتباع جنازة تبعها النساء " ومثله في الإنصاف 2/544.(3/1408)
قال إسحاق: كما قال، ولكن يأمر1.
[836-] قلت: اتباع الجنازة أحب إليك أم القعود في المسجد؟
قال: اتباعها أعجب إليَّ2.
قال إسحاق: كما [قال] 3.4
[837-] قلت: فات الرجل شئ من التكبير على الجنازة؟
قال: إن [قضاها5] فليس به بأس وإن لم [يقضها6] فليس
__________
1 لم أقف عليه.
2 انظر الفروع 2/260، مسائل أحمد برواية ابنه صالح 2/388.
3 ليست في المخطوط، والسياق يقتضيها.
4 لم أقف عليه.
5 هكذا في المخطوط، والأولى: [قضاه] . إلا أن يكون أراد التكبيرات.
6 في المخطوط: [يقضيها] .(3/1409)
عليه،1 [يروى2] عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: لا يقضيه3 من حديث العمري4.
__________
1 جاء في مسائل أحمد برواية عبد الله صـ 140 برقم 519 قال: " سألت أبي عن الرجل يسبق على الجنازة ببعض التكبير؟ فقال: كان ابن عباس يقول: إن لم يقض لا بأس، قلت لأبي: وتروي أنت ذلك؟ قال: نعم، وقال أبي: إن بادر فقضى التكبير قبل أن يرفع فلا بأس، قلت لأبي: فإن لم يقض تكون صلاته تامة؟ قال: نعم " وجاء في الموضع نفسه من المصدر السابق ما نصه: " قال: سمعت أبي يقول في الرجل يفوته التكبير على جنازة أيقضيه؟ قال: نعم " وانظر مسائل أحمد برواية ابنه صالح 1/460، الأوسط 5/449، المجموع 5/243، قال الزركشي: " من فاته شئ من التكبير حتى سلم الإمام قضاه بعد سلام إمامه متتابعاً على منصوص أحمد … فإن سلم مع الإمام ولم يقض فلا بأس، شرح الزركشي على مختصر الخرقي 2/318 " وقال في المغني 3/424: " قال أحمد: إذا لم يقض لم يبال، العُمَرِيُّ عن نافع عن ابن عمر أنه لا يقضي، وإن كبر متتابعاً فلا بأس ".
2 في المخطوط: [يروا] .
3 ابن أبي شيبه في مصنفه 3/306 عن ابن عمر رضي الله عنهما انه لم يكن يقضي ما فاته من التكبير على الجنازة.
4 هناك اثنان يلقبان " العمري " أحدهما: عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري أحد الفقهاء السبعة، والآخر: عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، أحدهما ضعيف، وهو " عبد الله " والآخر ثقة ثبت وهو " عبيد الله ".
انظر: سير أعلام النبلاء 6/304، تهذيب التهذيب 7/38،5/326.(3/1410)
قال إسحاق: كما قال1.
[838-] قلت: تدفن المرأتان في قبر؟
قال: إذا اضطروا إلى ذلك جعلوا بينهما حاجزاً [بين الصدور] 2.3
قال إسحاق: كما قال4.
[839-] قلت: يقام للجنازة إذا مرَّت؟
قال: إن لم يقم فقد ترخص5 لحديث6 علي رضي الله عنه
__________
1 انظر المغني 3/424، وانظر الأوسط 5/449، المجموع 5/243.
2 هكذا قرأتها في المخطوط، ويحتمل: [من الصعيد] ، وفيه بُعد.
3 مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/192 برقم 959، وانظر الفروع 2/277، قال المرداوي: في الإنصاف 2/255 هذا المذهب مطلقاً، وانظر المغني 3/513.
4 لم أقف عليه.
5 انظر سنن الترمذي 3/362، وانظر مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 152، 157 ورواية ابن هانئ 1/189 برقم 144، الأوسط 5/395، شرح السنة 5/330، الفروع 2/262، المغني 3/404.
6 يشير إلى حديث علي رضي الله عنه وفيه " أنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قعد " وفي لفظ أخر عن علي رضي الله عنه قال: " رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فقمنا وقعد فقعدنا. يعني في الجنازة " وكلا اللفظين في صحيح مسلم 1/662 باب نسخ القيام للجنازة من كتاب الجنائز.(3/1411)
[وروى1] لابن عمر عن عامر2 بن ربيعة أنه كان يقوم3.
قال إسحاق: الرخصة بعد النهي إنما قام ثم قعد4.
[840-] قلت: سئل يعني سفيان5 يُغَسَّل الغريق؟
قال: نعم6.
قال أحمد: نعم7.
__________
1 في المخطوط: [وروا] .
2 عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك العنزي حليف آل الخطاب صحابي مشهور أسلم قديماً وهاجر وشهد بدراً مات ليالي قتل عثمان. تقريب التهذيب صـ 475.
3 يشير إلى حديث ابن عمر عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تُخلِّفَكم " أخرجه البخاري في الصحيح 2/86 باب القيام للجنازة من كتاب الجنائز وهذا لفظه، ومسلم في صحيحه 1/659 باب القيام للجنازة من كتاب الجنائز.
4 انظر سنن الترمذي 3/362، الأوسط 5/395، شرح السنة 5/330، المغني 3/403 – 404.
5 يعني الثوري المعروف رحمه الله تعالى.
6 لم أقف عليه.
7 مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ 135 برقم 499، وجاء في مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/186 برقم 929 ما نصه: " سئل أحمد عن الرجل يصيبه الحريق فيحترق أو يغرق في الماء أيغسل؟ قال: نعم إن قدروا على ذلك. إلا أن يتهرأ فيصبوا عليه الماء وييمم ".
وانظر أيضاً المصدر نفسه 1/182-183 برقم 913.(3/1412)
قال إسحاق: كما قال1.
[841-] قلت: تكره الإذن بالجنازة؟
قال: إذا [آذن2] إخوانه وأصحابه وأما أن ينادى عليه فلا أدري ما هذا3.4 [ع-38/ب]
قال إسحاق: كما قال5.
__________
1 لم أقف عليه.
2 في المخطوط [اا ذن] .
3 جاء في مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/190 برقم 947 " سألته عن الرجل يموت فيؤذن به الناس؟ قال: إذا صاح إن فلاناً قد مات فلا يعجبني، وأما أن يخبر به في رفق فلا بأس به " وقال الترمذي " وقال بعض أهل العلم: لا بأس أن يعلم أهل قرابته وإخوانه "، سنن الترمذي 3/313 في باب ما جاء في كراهية النعي من كتاب الجنائز.
وقال النووي: " ولابأس أن يعرف أصدقاؤه وبه قال أحمد بن حنبل " المجموع 5/216 وقال ابن قدامة: " وقال كثير من أهل العلم: لا بأس أن يعلم بالرجل إخوانه ومعارفه وذوو الفضل من غير نداء " المغني 3/524، الإنصاف 2/468، المبدع 2/219، وانظر كلاماً جيداً لابن عبد البر في هذه المسألة في التمهيد 6/258.
4 نهاية لوحة 2 / أ.
5 لم أقف عليه.(3/1413)
[842-] قلت: تلقين الميت عند الموت؟
قال: إي لعمري1 لقنوا موَّاتَكم.2
قال إسحاق: كما قال3.
[843-] قلت: رجل له جار رجل مسلم ماتت أمه نصرانية يتبع هذا جنازتها؟
قال: لا يتبعها يكون ناحية منها4.
__________
1 سبق الكلام على هذه اللفظة في المسألة رقم [799] .
2 نقل هذه الرواية عنه مهنا وأبو طالب. انظر الفروع 2/191، الإنصاف 2/464، المعونة 2/384. والصحيح من المذهب أنه يلقن ثلاثاً، ويجزئ مرة ما لم يتكلم. الإنصاف 2/464.
3 لم أقف عليه.
4 انظر: أحكام الملل للخلال: 301، الأوسط 5/342، أحكام أهل الذمة لابن القيم: 1/204. وقال ابن قدامة في المغني 3/466: " قال أحمد رحمه الله في يهودي أو نصراني مات وله ولد مسلم فليركب دابة وليسر أمام الجنازة، وإذا أراد أن يدفن رجع مثل قول عمر رضي الله عنه ". وانظر: أحكام أهل الذمة: 202، 203.
وجاء في مصنف ابن أبي شيبة 3/348 " عن أبي وائل قال: ماتت أمي وهي نصرانية فأتيت عمر فذكرت ذلك له، فقال: اركب دابة وسر أمامها ".
وجاء أيضأ في مصنف ابن أبي شيبة 3/348 " عن عطاء بن السائب قال: ماتت أم رجل من ثقيف وهي نصرانية فسأل ابن مغفل فقال: إني أحب أن أحضرها ولا أتبعها، قال: اركب دابة وسر أمامها غلوة فإنك إذا سرت أمامها فلست معها ".
وجاء أيضاً في المصدر نفسه " أن ابن عمر رضي الله عنهما سئل عن الرجل المسلم يتبع أمه النصرانية تموت قال: يتبعها ويمشي أمامها " المصنف 3/348(3/1414)
قال إسحاق: كما قال، لا يحمل ويكون قريباً منها1.
[844-] قلت: يكره الطعام على أهل الميت والبيتوتة عند أهل الميت؟
قال: يكون الطعام لأهل الميت وأما أن يجمع عليهم مثل العرس فلا، وأما المبيت فأكرهه2.
قال إسحاق: كما قال3.
[845-] قلت: سئل سفيان4 عن الرجل يصيبه الحريق فيحترق أو يغرق في الماء؟
قال: يغسل5.
__________
1 لم أقف عليه.
2 انظر مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/192 برقم 960، 961، الفروع 2/295،296.
3 لم أقف عليه.
4 يعني الثوري.
5 لم أقف عليه.(3/1415)
قال أحمد: جيد إن قدروا على ذلك إلا أن يكون قد [تهرأ] 12.
قال إسحاق: كما قال3.
[846-] قلت: ييمم؟
قال: لا4.
[847-] قلت: سئل سفيان عن المجدور5 إذا مات كيف يغسل؟
قال: يغسل فإن لم يقدروا على غسله صبوا عليه الماء صبا6.
قال أحمد: إذا [خشوا7] من أن [يتهرأ8] أو يسيل الدم
__________
1 في المخطوط: [تهرا] .
2 جاء في مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/186 برقم 929 " وسئل عن الرجل يصيبه الحريق فيحترق أو يغرق في الماء أيغسل؟ قال: نعم إن قدروا على ذلك إلا أن تهرأ فيصبوا عليه الماء وييمم " انظر أيضاً المصدر نفسه 1/182 برقم 913 وجاء في مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ 135 برقم 499 " قال: قلت لأبي يغسل الغريق؟ قال: نعم " وانظر أيضاً المغني 3/48، الإنصاف 2/505.
3 لم أقف عليه.
4 انظر الإنصاف 2/505.
5 المجدور: هو الذي أصابه الجدري وهو مرض معروف.
6 الأوسط 5/351، المجموع 5/178.
7 في المخطوط: [إذا خشيوا] .
8 في المخطوط: [يتهرا] .(3/1416)
يمموه1.
قال إسحاق: كما قال2.
[848-] قلت: قال سفيان في غسل الميت: يبدأ [فيوضأ3] الغسلة الأولى بماء قراح4 يبدأ برأسه5 ولحيته فيفرغ منهما، ثم الأيمن ثم بشقه الأيسر، ولا يكبه على بطنه، ويجعل على عورته خرقة وعلى بدنه خرقة، ولا ينظر إلى عورته، وإذا غسله الغسلة الأولى فليقعده وليمسح بطنه مسحاً [رفيقاً6] خرج منه [شيء7] أم لم يخرج، ثم يغسله الثانية بماء وسدر
__________
1 الأوسط 5/351، المجموع 5/178.
2 الأوسط 5/351، المجموع 5/178.
3 في المخطوط [فيوضا] .
4 الماء القَراح هو الماء الذي لم يخالطه شيء يُطَيَّب به كالعسل والتمر والزبيب. لسان العرب [ق ر ح] .
5 يعني لا يلزم مضمضة ولا استنشاق للميت. قال ابن المنذر:" واختلفوا في مضمضمة الميت واستنشاقه فكان سعيد بن جبير والنخعي والثوري لا يرون ذلك " الأوسط 5/330.
6 هكذا في المخطوط [رفيقاً] بالفاء وفي المصدر [رقيقاً] قال ابن المنذر: " وكان سفيان الثوري يقول: يمسح مسحاً رقيقاً بعد الغسلة الأولى " الأوسط 5/329.
7 في المخطوط [شيا] .(3/1417)
كغسله الأولى ولا [يوضؤه1] بعد المرة الأولى والثالثة بماء قراح ويجعل فيه شيئاً من كافور.
قال أحمد: كل ما قال جيد، ولا أعرف القعدة، ويمسح بطنه مسحاً رفيقاً2 [وتكون الغسلات [ثلاث3] بماء وسدر4 ويكون في الآخرة شيء من كافور5] إلا أن السدر يكون شيئاً رقيقاً.
قال إسحاق: كما قال6 والقعدة حسنة.
[849-] قلت: سئل سفيان عن امرأة ماتت وفي بطنها ولد يتحرك؟
قال: " ما أرى [بأساً7] أن يشق 8 ".
__________
1 في المخطوط [يوضيه] وجاء في مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 140 قال: " وسئل أحمد وأنا أسمع عن الميت يوضأ في كل غسلة؟ قال: ما سمعنا إلا أنه يوضأ أول مرة "
2 انظر المغني 3/373 – 375.
3 في المخطوط [ثلث] .
4 انظر مسائل أحمد برواية ابنه صالح 3/149.
5 ما بين القوسين من كلام أحمد في سنن الترمذي 3/317 وانظر الاوسط 5/331.
6 انظر قول إسحاق في سنن الترمذي 3/317 الأوسط 5/331.
7 في المخطوط [باسا] .
8 الأوسط 5/365.(3/1418)
قال الإمام أحمد: بئس والله ما قال فردَّدَ ذلك، سبحان الله بئس ما قال1.
قال إسحاق: لا يحل أن يشق عنها2؛ لأنه وإن كان على طمع في إحياء [مودة] 3 فهو على شرف أن يكون قتل مسلمة.
قال إسحاق: سمعت النضر بن شميل يقول وهو يعجب ممن أمر بهذا.
قال: وسمعت [الرعاء] 4 [يقولون] 5 [ما في الدنيا مولود] 6 في البطن إلا وتخرج روحه بروح أمه، وذلك أنه ذكر على الجنين وأن ذكاته ذكاة أمه.
__________
1 انظر الاوسط 5/365، مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 150 وانظر أيضاً مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ 145 برقم 542، مسائل أحمد برواية ابنه صالح 2/101 – 102.
وانظر جواب ابن حزم رحمه الله تعالى على الإمام أحمد في هذه المسألة في المحلى 5/166 – 167.
2 الأوسط 5/364.
3 هكذا في المخطوط والظاهر أنها [موءودة] .
4 في المخطوط [الرعا] ونقلها ابن المنذر عنه [الرعاة] .
5 في المخطوط [يقول] ونقلها ابن المنذر عنه [يقولون] .
6 هكذا في المخطوط ونقلها ابن المنذر عنه [ما من مولود] في البطن …(3/1419)
فقال: كيف يكون المسلمة [يبقى] 1 في بطنها ولد حي؟ وتكون روح أمه قد خرج؟ هذا لا يمكن، وكذلك ذكروا عن الحسن2 أنه لا يشق عنها3.
قال إسحاق الكوسج: سمعت النضر4 يقول هذا أراني خمسين مرة فلم اكتبه5 وكذلك أيوب السختياني6 كرهه أشد الكراهة7.
[850-] قال: قلت: إذا الميت [وأدرج] 8 في الأكفان ثم خرج منه؟
قال: إن كان شيئاً قليلاً رفع إلا أن يكثر يظهر من الكفن شئ
__________
1 في المخطوط: [يبقا] .
2 يعني البصري.
3 لم أقف عليه.
4 يعني بن شميل.
5 لم أقف عليه.
6 هو أيوب بن تميمة السختياني البصري كان ثقة ثبتاً في الحديث وحجة عدلاً، روى له الجماعة وله نحو ألف حديث، قال الحسن البصري: أيوب سيد شباب أهل البصرة " توفى عام 132 هـ، انظر ترجمته في تهذيب الكمال 3/457.
7 الأوسط 5/365.
8 هكذا في المخطوط والظاهر أن قبلها كلمة ساقطة هي [غُسِّل] أو تكون الواو زائدة.(3/1420)
فاحش يعاد عليه الغسل1.
قال أحمد: يجعل الذريرة [ع-39/أ] على مغابنه2،3 كل شئ [يتثنى4] منه.
قال: " وتوضع القطنة في الدبر "5.
__________
1 جاء في مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ 497، قال: " سمعت أبي سئل عن رجل حيث غسل فلما جعل في أكفانه خرج من أذنه دم؟ فقال: إذا جعل في أكفانه رفع على حديث عيسى بن أبي عروه عن الشعبي في ابنته أمرهم برفعها، وإن خرج منه شئ ولم يجعل في الأكفان يعيد عليه الغسل ".
وجاء أيضاً في مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ 134 برقم 493، قال: " قرأت على أبي قال: لا يعصر بطن الميت. قال وإذا خرج منه شئ بعد ثلاث رفع إلى خمس، فإن خرج منه شئ رفع إلى سبع، ولا يزاد على السبع "، وانظر مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 141، مسائل أحمد برواية صالح 3/218، الأوسط 5/334، وانظر تفصيل المسألة وما نقل عن أحمد فيها في المغني 3/389 – 390 المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين 1/217.
2 المغابن جمع مَغْبِن، والمَغْبِن: الإبط والرُّفْغ، والمغابن: الأرفاغ، وهي بواطن الأفخاذ ومعاطن الجلد. لسان العرب [غ ب ن] .
3 جاء في مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 143 قال: " سألت أحمد عن الحنوط يتبع به مساجد الميت؟ فاختار المساجد والمغابن وقال مرة: كان ابن عمر يذهب إلى المغابن وكل ما يتثنى " وانظر الفروع 2/228.
4 الكلمة محتملة وما أثبته الأقرب فيها وإلا فهي [ينسى] .
5 لم أقف على هذا عن أحمد لكنه جاء عن إسحاق وبعض أهل العلم. انظر الأوسط 5/366.(3/1421)
قيل: على العينين؟
فلم يعرفه1.
قال أحمد: كان أبو قلابه2 يغطيه بالثوب ويغسله تحت الثوب3 وقال أيوب4: [يغطى] 5 منه كل ما يغطيه في الحياة6.
__________
1 قال ابن المنذر: " … وكان أحمد لا يعرف وضع القطن على العين " الأوسط 5/366.
2 عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر الجَرْمي أبو قلابة البصري ثقة فاضل، كثير الإرسال مات بالشام هارباً من القضاء عام (104 هـ) وقيل بعدها. انظر ترجمته في تقريب التهذيب صـ 508.
3 جاء في مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ 134 برقم 494. قال: " قرأت على أبي: الميت إذا غسل يغطى وجهه؟ قال: أما محمد ابن سيرين فيقول: يغطى ما كان يستر منه في حياته، وكان أبو قلابه إذا غسل ميتاً جلله بثوب " وانظر المغني 3/368.
4 هو السختياني.
5 في المخطوط [يغطا] .
6 لم أقف عليه بهذا النص غير أنه جاء في مصنف ابن أبي شيبه عن هشام قال: " كان أيوب بعدما يفرغ عن غسل الميت يطبق وجهه بقطنة … " وحكى ابن المنذر عن أيوب نحوه. انظر مصنف ابن أبي شيبة 3/255، الأوسط 5/365.(3/1422)
قال أحمد: وبعضهم كان يغطي عينيه1.
[851-] قلت لأحمد: المرتد إذا قتل ما يصنع بجيفته؟
فقال: [قال2] : يترك حيث ضرب عنقه كأنما ذلك المكان قبره ويعجبني هذا3.
[852-] قال أحمد: الإزار للميت يكون تحت القميص أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أشعرنها إياه4 " وهذا لا يكون إنما5 يلي الجلد6،
__________
1 ظاهر هذا الكلام أن أحمد كان لا يرى تغطية عيني الميت ولا يعلم في ذلك سنة وإن فعله البعض. قال ابن المنذر: " … وكان أحمد لا يعرف وضع القطن على العين " الأوسط 5/366. وقال ابن المنذر: " لم نجد في وضع القطن على الوجه سنة، ولا أحب أن يفعل ما لا سنة فيه " الأوسط 5/366.
2 هكذا في المخطوط ويبدو أنها زائدة.
3 لم أقف عليه، لكن قال النووي رحمه الله: " وإن كان حربياً أو مرتداً لم يجب تكفينه بلا خلاف ولا يجب دفنه على المذهب وبه قطع الأكثرون بل يجوز إغراء الكلاب عليه، هكذا صرح به البغوي والرافعي وغيرهما لكن يجوز دفنه لئلا يتأذى الناس برائحته ... " المجموع 5/143، وانظر أيضاً التهذيب للبغوي صـ 776 – 777.
4 بعض حديث سبق تخريجه في هامش المسألة رقم [804] .
5 هكذا في المخطوط: [إنما] ، والمعنى غير مستقيم، ولعل صواب العبارة: [إلاّ مما] .
6 جاء في مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 143 قال: " … قال أحمد: الإزار يلي الجسد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحقو – الخصر ومشد الإزار من الجنب – أشعرنها إياه.(3/1423)
والقميص يكون قميصاً مخيطاً1.
قلت: مع الكمين2؟
قال: نعم تُدخل يداه في الكمين وذكر حديث راشد3 بن سعد أخبرني من رأى معاذ4 بن جبل رضي الله عنه. " يُكفِّن في القميص وهو معجب به5 ".
[853-] قال أحمد: يعجبني أن يقف [وقفة] 6 بعد الأربعة يعني التكبير على الجنازة7.
__________
1 قال ابن قدامة: " قال أحمد: إن جعلوه قميصاً فأحب إليّ أن يكون مثل قميص الحي، له كمّان ودخاريص وأزرار ولا يزرُّ عليه القميص " المغني 3/386.
2 تثنية كُم، والكُمُّ من الثوب مدخل اليد ومخرجه، والجمع أكمام. لسان العرب لابن منظور [ك م م] .
3 راشد بن سعد المقرئي الحمصي، ثقة، كثير الإرسال، انظر تقريب التهذيب صـ 315.
4 الصحابي المعروف وأعلم الأمة بالحلال والحرام.
5 لم أقف عليه.
6 في المخطوط [واقفة] .
7 جاء في مسائل أحمد رواية ابنه عبد الله صـ 139 برقم 517 قال:" سمعت أبي سئل عن الرجل إذا صلى على الجنازة فكبر الرابعة قال: أعجب إلي أن يقف بعد الرابعة قليلاً ثم يسلم … "، وانظر أيضاً المصدر نفسه صـ 140 برقم 522، مسائل أحمد برواية ابنه صالح 1/214، الأوسط 5/443، وانظر المغني 3/416.(3/1424)
[854-] قال إسحاق: وأما من أدرك الجنازة وقد صُلِّيَ عليها أيصلي عليها جماعة أو على الانفراد فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عنه من أوجه كثيرة أنه صلى بأصحابه على الميت بعدما دفن بالمدينة بعد ليلة وليلتين وأيام1.
[ ... ] 2: عن سعد بن عبادة رضي الله عنه أنه كان [غائباً3] فقدم المدينة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقد [أتى4] على ذلك [شهر] 5 [أفاصلي6] عليها؟
__________
1 قال أحمد وإسحاق [يصلى على القبر إلى شهر، وقالا: " أكثر ما سمعنا عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلَّى على قبر أم سعد بن عبادة بعد شهر " سنن الترمذي 3/356 باب ما جاء في الصلاة على القبر من كتاب الجنائز وانظر مزيد تفصيل في هذه المسألة في إرواء الغليل 3/183 – 186.
2 مكان النقط كلمة لم أتبينها، ولعلها: [قلت] .
3 في المخطوط [غايبا] .
4 في المخطوط [أتا] .
5 في المخطوط: [شهرا] .
6 في المخطوط [افاصلى] .(3/1425)
قال: نعم1.
وقد صح في الحضر أنه يصلي على من يحب الصلاة عليه من أهل العلم أو القرابات أو ما أشبه ذلك إلى [ثلاثة2] أيام، فإن كان [غائباً3] فقدم فإلى شهر4 فهذا الذي نعتمد عليه وما كان بعد الوقت [للغائب5] أو لأهل الحضر فصلوا لم نعب6.
وكذلك إذا أدرك الجنازة وقد صُلِّى عليها، فله أن يصلي مع أصحابه قبل أن تدفن، أمر بذلك علي7 بن أبي طالب رضي الله
__________
1 عن سعيد بن المسيب " أن أم سعد توفيت وسعد غائب فقدم بعد شهر فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليها، فصلى عليها بعد شهر " انظر الأوسط 5/414، سنن البيهقي 4/48 وقال هو مرسل صحيح ووافق عليه الحافظ في التلخيص الحبير 2/125 وجاء عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلَّى على قبر أم سعد بن عبادة بن شهر " أخرجه الترمذي في سننه 3/356 باب ما جاء في الصلاة على القبر من كتاب الجنائز، وضعفه الألباني في إرواء الغليل 3/186.
2 في المخطوط [ثلثه] .
3 في المخطوط [غايبا] .
4 الأوسط 5/414، المجموع 5/250.
5 في المخطوط [للغايب] .
6 لم أقف عليه.
7 لم أقف عليه، عن علي رضي الله عنه.(3/1426)
عنه وابن مسعود1 قرظة بن كعب وأصحابه2.
[855-] قال إسحاق: وأما المرأة تموت وليس معها محرم من يدفنها الرجال أم النساء؟ فإن ذلك إلى أقرب من يكون منها بسبيل وإن لم يكن ذا محرم، أو من كان يراها في حياتها، ويحمل سفلتها أقربهم إليها، أو يجعل الحامل ذلك على يديه [شيئاً3] لا يفضي يده إلى كفنها فذلك أحب إلينا من النساء لما لاحظ للنساء لشهود الجنائز ولا دفن الموتى، فإن لم يوجد الرجال فحينئذ النساء، لأنه موضع ضرورة فحال الضرورة في [الأشياء4] مخالف لغير الضرورة.
قال: رأيت رضي الله عنه5 في جنازة قليلة الرجال يمشي أمامها
__________
1 لم أقف عليه، عن ابن مسعود رضي الله عنه.
2 جاء عند ابن المنذر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه " أنه أمر قرظه أن يصلي على جنازة قد صُلِّى عليها " الأوسط 5/412.
قلت: لعله قرظة بن كعب بن ثعلبة الأنصاري، صحابي شهد الفتوح بالعراق ومات في حدود الخمسين على الصحيح. انظر تقريب التهذيب صـ 800.
3 في المخطوط [شياء] .
4 في المخطوط [الاشيا] .
5 المترضى عنه هو الإمام أحمد رحمه الله، يوضح ذلك ما جاء في مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/187 برقم 932 " قال إسحاق: صليت إلى جنب أبي عبد الله على جنازة … " فذكر هذه المسألة بلفظ آخر يختلف في بعض عباراته.(3/1427)
فلما انتهى إلى المصلى قام [قائماً1] حتى جيء بالجنازة فكان يرفع يده مع كل تكبيرة ويضع يمينه على شماله، فلما سلم خلع نعليه ودخل المقابر في طريق [عامية] 2 مشياً على القبور حتى بلغ القبر3.4 [ع-39/ب]
__________
1 في المخطوط [قايماً] .
2 أي: خفية المعالم، ويحتمل أنها: [عامته] ، وفيه بعد.
3 جاء في مسائل أحمد برواية ابن هانئ 1/187 برقم 932 " قال إسحاق: صليت إلى جنب أبي عبد الله على جنازة، فلما كبر الإمام أول تكبيرة قرأ بالحمد ثم كبر الثانية فصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم كبر الثالثة ودعى للميت والمؤمنين والمؤمنات ثم كبر الرابعة فلم يقل شيئاً حتى سلم واحدة عن يمينه، أسمع من يليه، ثم خلع نعليه وهو قائم في المسجد فجعلها في يده ومشى في المقابر … ".
وجاء في هذا المصدر نفسه 1/186 - 187 برقم 931 " سألت أبا عبد الله عن الصلاة على الجنازة؟ قال: يقرأ في أول تكبيرة بالحمد ثم الثانية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم الثالثة الدعاء للميت وللمؤمنين والمؤمنات … وفي كل ذلك يرفع يديه مع كل تكبيرة ويسلم واحدة عن يمينه ".
وجاء في مسائل أحمد برواية أبي داود صـ 153 قال: " ورأيت أحمد يرفع يديه مع كل تكبيرة على الجنازة إلى حذاء أذنيه ".
وانظر أيضاً مسائل أحمد برواية ابنه عبد الله صـ 139 برقم 518، والمصدر نفسه صـ 143 برقم 533، الأوسط 5/427.
4 نهاية لوحة 3 / أ.(3/1428)
المجلد الرابع
وصف مخطوطات الكتاب (كتاب النكاح)
يوجد لكتاب مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية برواية الكوسج نسختان في المكتبة الظاهرية جلبت إحداهما من المكتبة العمرية1 التي أدمجت أخيرا في المكتبة الظاهرية، وأشير إلى النسخة الظاهرية بالحرف ظ والنسخة العمرية بالحرف ع، كما توجد نسخة منقولة من النسخة الظاهرية نسخها محمود عبد اللطيف فخر الدين، انتهى من نسحها في 15 صفر سنة 1362هـ، الموافق 20 فبراير سنة 1943م، وهي موجودة بدار الكتب المصرية وتوجد صورة في قسم المخطوطات بالجامعة الإسلامية برقم 2727.
وهذا وصف المخطوطتين الظاهرية والعمرية: أما الظاهرية فإنها النسخة الوحيدة التي أشار إليها كل من فؤاد سزكين2 وبروكلمان3
__________
1 المكتبة العمرية نسبة إلى الشيخ أبي عمر محمّد بن أحمد بن محمّد بن قدامة بن مقدام ابن نصر الجماعيلي المقدسي، ثم الدمشقي الصالحي المتوفى سنة 607هـ، وكانت بها خزانة كتب لا نظير لها، لكن شتتها السراق والمختلسون، ثم نقلت بقية كتبها إلى خزانة كتب الملك الظاهر في مدرسته.
انظر: منادمة الأطلال ومسامرة الخيال ص 244.
2 تاريخ التراث العربي 3/228.
3 تاريخ الأدب العربي 3/312.(4/1451)
وذكر فؤاد سزكين أن خطها يعود إلى القرن الرابع الهجري.
علماً بأنه لم يكن في أولها ولا في آخرها ما يدل على وقت كتابتها.
وكتب على الورقة الأولى منها: "كتاب المسائل عن إمامَيْ أهل الحديث وفقيهَيْ أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني، وأبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن راهوية الحنظلي، ورواه عنهما إسحاق بن منصور المروزي الحافظ رحمه الله وجزاه خيرا."
وكتب على الورقة الأولى أيضاً: "وقف الحافظ الأجلّ أبي عبد الله محمّد بن عبد الواحد المقدسي رحمه الله ورضي عنه."
والمذكور هو الإمام العالم الحافظ الحجة محدث الشام وشيخ السنة - كما ذكره الحافظ الذهبي - ضياء الدين أبو عبد الله محمّد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرّحمن المقدسي الحنبلي، ولد سنة 569هـ، وتوفّي سنة 643هـ1.
وهذا يثبت يقيناً وجود هذه النسخة في القرن السادس الهجري، كما أنه يقوي وجودها قبل ذلك كما ذكره فؤاد سزكين حيث ذكر أن خطها يعود إلى القرن الرابع الهجري.
__________
1 تذكرة الحفّاظ 4/1405، وشذرات الذهب 5/224، وسير أعلام النبلاء 23/126-170، النجوم الزاهرة 6/354، طبقات الحفّاظ 497.(4/1452)
وفي هذه النسخة الظاهرية سقط من البداية عما هو موجود في النسخة العمرية، ومقداره واحد وعشرون سطراً وجزء من السطر، وتبدأ بعد هذا السقط بسطر مطموس، ثم يتضح الكلام في أول السطر الثاني بقوله (يصلى بوضوء واحد ما بأس) .
والنسخة الظاهرية أقل خطأ من النسخة العمرية، وفيها مسائل سقطت وموجودة في النسخة العمرية، لكنها قليلة.
ومما سقط من القسم الذي أحققه (النكاح والطلاق) مسألة رقم: 451.
وخط هذه النسخة دقيق، حروفه صغيرة جداً، ومما يدل على ذلك أن الصفحة الواحدة من هذه النسخة تعادل حوالي أربع صفحات من النسخة التي نقلت منها في عام 1362هـ في دار الكتب المصرية، وقسم النكاح والطلاق يبدأ في النسخة الظاهرية من اللوحة رقم: 43، وينتهي باللوحة رقم: 80، ويبدأ في النسخة التي نقلت منها باللوحة رقم: 140، وينتهي باللوحة رقم: 277، كما أنه يبدأ في النسخة العمرية باللوحة رقم: 81، وينتهي باللوحة رقم: 133. وهذه النسخة تحتوي على 113 ورقة أي 226 لوحة، في كل لوحة 34 سطراً، وفي كل سطر حوالي 15 كلمة، والنسخة التي نقلت منها تحتوي على 429 ورقة أي 858 لوحة، في كل لوحة من 20 إلى 21 سطراً، وفي كل سطر 7-8 كلمات. وتحتوي على الأبواب التالية:(4/1453)
الرقم عنوان الكتاب أو الباب
30 كتاب الزكاة.
38 في الصيام.
42 في الحيض.
43 في النكاح والطلاق.
68 في نهاية صفحة الجزء الثالث.
80 المناسك.
100 باب الكفارات.
103 كتاب البيوع.
129 الجزء الخامس من مسائل أحمد بن محمّد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم رواية إسحاق بن منصور المروزي.
147 في الحدود والديات.
159 الجزء السادس من مسائل أحمد بن محمّد بن حنبل وإسحاق ابن إبراهيم فيه بقية الحدود والديات والجهاد، والذبائح، والأشربة، والشهادات، والمواريث.
171 كتاب الجهاد.
175 كتاب الذبائح.
181 في الأشربة.
185 في المواريث.(4/1454)
191 الجزء السابع من مسائل أحمد بن محمّد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم، فيه أبواب الوصايا، والمدبر، والمكاتب، والعتق، ومسائل شتى، ومؤخرة الكتاب.
199 في المدبر، والمكاتب، والعتق.
208 مسائل شتى.
وتنتهي بعبارته: "تم الجزء والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمّد الأمين إمام المتقين وقائد الغر المحجلين ورسول رب العالمين وسلم تسليماً كثيراً."
ولم يذكر في نهايتها مَنْ نَسَخَها ولا تاريخ النسخ.. وذكرت أولاً أن فؤاد سزكين ذكر أنها نسخت في القرن الرابع.
أما النسخة الثانية العمرية، فإنها تحتوي على 182 ورقة، أي 364 لوحة، في كل لوحة 28-32 سطرا، وفي كل سطر حوالي 15 كلمة، كتبت سنة 787هـ كما وضحه كاتبها في آخرها. وأولها: "بسم الله الرّحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، حدثنا إسحاق بن منصور بن بهرام أبو يعقوب الكوسج المروزي قال: قلت لأبي عبد الله أحمد بن محمّد بن حنبل -رضي الله عنه-.."
وخطها غير واضح تصعب قراءته وهو خط نسخ رديء، وفيها جملة من الأخطاء النحوية والإملائية، وقد نبهت على مثل هذا في المسائل التي فيها شيء منه، كما أن في هذه النسخة سقطاً كثيراً. وهذه أرقام(4/1455)
بعض المسائل الساقطة أو التي فيها سقط كثير، مسألة رقم: (919) ، (1097) ، (1126) ، (1135) ، (1136) ، (1137) ، (1138) ، (1139) ، (1140) ، (1151) ، (1168) .
وترتيب الأبواب في هذه النسخة يختلف عن الترتيب الذي في النسخة الظاهرية؛ فإن ترتيب الأبواب في الظاهرية أجود ويظهر هذا لمن تأمل ذلك.
رقم اللوحة العنوان
9 باب التيمم.
17 باب الصلاة.
46 في الجمعة.
50 باب الزكاة.
56 باب في المكاتب يزكي ما يأخذ منه سيده.
57 في زكاة المضارب يحول عليه الحول.
59 باب من ابتاع عبدا قبل الفطر يطعم عنه.
60 باب تعجيل الزكاة.
63 كتاب الصيام.
67 باب الحيض.
74 يبدأ فيها الكلام على غسل الميت - ولم يبوب له -.
77 يبدأ يتكلم عن أحكام تتعلق بالجهاد.(4/1456)
81 يبدأ الكلام على النكاح ولم يذكر التبويب.
89 آخر الجزء الثاني وأول الثالث، كتاب الطلاق.
92 باب الرضاع.
94 باب الظهار.
133 باب الوصايا.
137 بقية باب الهبة.
143 باب المكاتب.
155 باب الأيمان.
163 باب المناسك.
184 آخر الجزء الرابع وأول الخامس.
192 باب الحدود.
215 باب القسامة.
236 باب البيوع.
246 آخر الجزء الخامس وأول السادس.
311 آخر الجزء السادس وأول السابع.
314 باب الصيد والذبائح.
319 باب الأشربة.
321 باب الشهادات.
326 باب المواريث(4/1457)
336 مسائل شتى.
وتنتهي هذه النسخة بقوله: "تم الكتاب والحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً كما يحب ربنا ويرضى ... " إلى أن قال: "وكتبه لنفسه أفقر عبد إلى ربه عز وجل محمّد بن عبد الرّحمن بن محمّد بن أحمد بن عمر بن محمّد بن أحمد بن قدامة بن محمّد بن مقدام بن نصر بن (.....) بن محمّد بن القاسم يعقوب بن إسماعيل بن إبراهيم بن حسين بن محمّد سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أمير المؤمنين -رضي الله عنه- وعن صاحبه الصديق وعن المسلمين آمين".
"وكان الفراغ منه يوم السبت ثاني ربيع الأول سنة سبع وثمانين وسبعمائة بمحلة الصالحين بمنزلة صالحية دمشق المحروسة، وغفر الله تعالى له وللمسلمين أجمعين آمين". ومكتوب على هذه الصفحة الأخيرة آخر الأجزاء كلها.
وموجود عليها ختم المكتبة العمرية.
هذا وإني آثرت أن أعتمد على النسختين المذكورتين، وإذا اختلفتا أثبتُ ما أراه أَوْلى مما كان فيهما، مشيراً إلى ما في النسخة الأخرى في الهامش وذلك لوجود سقط في النسختين وكذلك لانفراد كل من النسختين بمسائل ليست موجودة في النسخة الأخرى.
وهذه طريقة مشهورة عند المحققين وآثرتها على الطريقة الأخرى وهي جعل نسخة من النسخ أُمّاً والاعتماد عليها، والإشارة إلى خلاف(4/1458)
النسخ الأخرى في الهامش، وقد اعتمدت في الترجيح بينهما، إذا صلح المعنى المقصود في كل منهما، العبارات المقتبسة من هذه المسائل في كتب الخلاف كالإشراف والأوسط وغيرهما وأمهات كتب المذهب الحنبلي أو الروايات المروية عن الإمام أحمد في مسائله الأخرى أو في كتب المذهب.
والله الموفق ...(4/1459)
منهج التحقيق:
وكان منهجي فيه كالتالي:-
وجدتُ لهذا الكتاب نسختين مخطوطتيْن: إحداهما من المكتبة الظاهرية وذكر فؤاد سزكين أنها كتبت في القرن الرابع الهجري، والأخرى في المكتبة العمرية وكتب في آخر لوحة منها أنه تم الفراغ من نسخها سنة سبع وثمانين وسبعمائة.
وآثرت في التحقيق طريقة الاختيار، وهي الاعتماد على النسختين وجمع الفروق بينهما، ثم إعمال الفكر في اختيار العبارة المناسبة التي تؤدي إلى المعنى الصحيح والأقرب إلى السياق وإثباتها في صلب النص، وذكر فروق- النسخة الأخرى في الهامش. وقد اعتمدت في الترجيح بينهما، إذا صلح المعنى المقصود في كل منهما، العبارات المقتبسة من هذه المسائل في كتب الخلاف كالإشراف والأوسط وغيرهما، وأمهات كتب المذهب، وإذا لم يترجح عندي ما في أحدهما، فأكتفي بذكر المقابلة وأثبت غالباً ما في الظاهرية لقدمها.. وآثرت هذه الطريقة على طريقة الاعتماد الكلي على نسخة واحدة ثم كتابة الفروق من النسخة الأخرى في الهامش.
ومما لا شك فيه أن طريقة الاختيار أصعب من طريقة الاعتماد على نسخة معينة؛ فإن الاختيار يحتاج إلى إعمال فكر وتدقيق وانتقاء وتتبع للنص في الكتب الأخرى عند الاختلاف بين النسختين، بخلاف الطريقة الأخرى وهي الاعتماد على نسخة والإشارة إلى فروق الأخرى(4/1460)
في الهامش.
ومما دعاني إلى ذلك أنه يوجد سقط في مواضع في النسختين، فأحياناً يكون السقط في النسخة الظاهرية، وأحياناً يكون في النسخة العمرية، كما يكون هناك تحريف ظاهر فيهما في بعض الكلمات، كما أنه أحياناً تنفرد كل من النسختين بمسائل لا توجد في النسخة الأخرى، وقد راعيت في التحقيق ما يلي:-
1- إخراج النص على أقرب صورة وضعه عليها المؤلف.
2- العبارات التي أثبتها من إحدى النسختين وليست موجودة في النسخة الأخرى أجعلها بين معقوفين هكذا [] وأشير إلى ذلك في الهامش، وعند اختلاف النسختين في الترتيب فإني التزمت بترتيب الظاهرية، وأشير إلى موضع المسألة في العمرية في الهامش.
3- عند وجود تحريف في النص أو غلط بيّن أثبت الصحيح مستنداً إلى بعض المراجع أو إلى قواعد اللغة العربية، وأشير إلى ذلك في الهامش.
4- تغيير رسم الكتابة إلى مقتضى الرسم الحالي مع عدم الإشارة إلى ذلك.
5- خرجت الآيات القرآنية التي وردت في النص أو التي استدللت بها في التعليق مشيراً إلى رقم الآية واسم السورة.
6- خرجت الأحاديث والآثار التي وردت في النص وكذا التي استدللت(4/1461)
بها ضمن التعليق على المسائل من مظانها وهي الكتب الستة، مضافاً إليها: مسند الإمام أحمد، موطأ الإمام مالك، ومستدرك الحاكم، وسنن الدرامي، وسنن الدارقطني، والسنن الكبرى للبيهقي، وسنن سعيد بن منصور، ومصنف عبد الرزاق، وكذا ابن أبي شيبة.
7- إذا لم يكن الحديث موجوداً في صحيح البخاري أو صحيح مسلم فإني أبين قوة هذا الحديث من ضعفه معتمداً على الكتب المهتمة بذلك.
8- تثبتُّ ما أمكنني من نسبة الأقوال الواردة في النص عن الأئمة الفقهاء بالرجوع إلى كتب المذاهب الفقهية المعتمدة وكتب فقه الخلاف لمن ليس له مذهب مدون.
9- وضحت حكم المسألة مقروناً بالدليل، وأشرت إلى الروايات الواردة عن الإمام أحمد في المسألة مع بيان ما عليه المذهب؛ وإذا نقل هذه الرواية أحد من أصحاب المسائل الأخرى عن الإمام أحمد فإني أشير إلى ذلك.
وبالنسبة للأقوال المنسوبة للإمام إسحاق والإمام سفيان الثوري فإني تثبتُّ منها ما أمكنني معتمداً على كتابَيْ الأوسط والإشراف لابن المنذر، وجامع الترمذي، ومعالم السنن للخطابي، وتهذيب ابن القيم، واختلاف الفقهاء للمروزي واختلاف الصحابة والتابعين والأئمة(4/1462)
المجتهدين، والاستذكار لابن عبد البر، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي، وشرح السنة للبغوي، والمحلى لابن حزم، والمجموع للنووي، والمغني لابن قدامة.
10- لا أكرر دراسة المسألة إذا تكررت، إلا ما يحتاج إليه المقام من توفيق بين المسألتين، أو أن المسألة فيها زيادة لم أتعرض لها في المسألة السابقة فإني أوضحها.
11- وضعت أرقاماً مسلسلة للمسائل حسب ورودها في النص ليسهل الرجوع إلى كل مسألة في الكتاب.
12- أشرت إلى بداية ونهاية كل لوحة من كل نسخة من المخطوطتين ليسهل الرجوع إليها لمن أراد ذلك.
13- رمزت للنسخة الظاهرية بالحرف (ظ) وللنسخة العمريه بالحرف (ع) .
14- وضحت معاني الكلمات الغريبة والمصطلحات الفقهية معتمداً على معاجم اللغة وقواميسها وتعريفات الفقهاء.
15- ترجمت لكل علم ورد في النص معتمداً في ذلك على الكتب الأصيلة في التراجم، ولا أكرر الترجمة بل أترجم للعلَم في أول مكان وروده.
16- وضعت فهارس عامة تسهل للباحث الوقوف على المعلومات التي يريدها من هذه الرسالة، وهي كما يلي:(4/1463)
1- فهرس الآيات التي وردت في النص أو التي استدللت بها في التعليق مرتبة على ترتيب السور.
2- فهرس الأحاديث النبوية التي وردت في النص أو التي استدللت بها في التعليق مرتبة حسب حروف الهجاء.
3- فهرس الآثار مرتبة حسب حروف الهجاء أيضاً.
4- فهرس الأعلام المترجم لهم في هذه الرسالة حسب الحروف الهجائية. وفي هذه الفهارس الأربعة السابقة بينتُ كل صفحة وردت فيها الآية أو الحديث أو الأثر أو العلَم.
5- فهرس مصادر ومراجع البحث.. وقد أفردت فيه كل علم على حدة كالقرآن وعلومه، والحديث وشروحه، وأما علم الفقه فإني جعلت مصادر كل مذهب ومراجعه على حدة، متبعاً في هذا الفهرس الترتيب الهجائي ليسهل الرجوع إليه عند الحاجة في أقرب وقت، مع إيضاح عنوان الكتاب واسم مؤلفه، وبيان الطبعة وتاريخها والناشر إن وجد.
6- فهرس عام للمسائل حسب ترتيبها في الكتاب أذكر فيه رقم المسألة ورقم الصفحة.(4/1464)
1النكاح2 والطلاق3
__________
1 بداية اللوحة رقم: 43 من نسخة ظ.
2 النكاح: لغة الوطء، وقد يطلق على العقد- تقول: نكحتها ونكحت هي، أي تزوجت، وامرأة ناكح يقصد بها ذات زوج، وقيل للتزوج نكاح لأنه سبب الوطء المباح. وقيل النكاح: الضم والجمع، ومنه قولهم تناكحت الأشجار أي انضم بعضها إلى بعض.
[] انظر: تهذيب اللغة: 4/102، ولسان العرب: 2/625-626، ومقاييس اللغة: 5/475.
والنكاح شرعاً: هو عقد التزويج، فعند إطلاقه ينصرف إليه ما لم يصرفه دليل، وهو حقيقة في العقد مجاز في الوطء لأنه الأشهر في الكتاب والسنة، ولهذا قيل: ليس في القرآن العظيم لفظ النكاح بمعنى الوطء إلا قوله تبارك وتعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} البقرة، آية: 230.
[] انظر: المبدع: 7/3-4، وكشاف القناع: 5/5-6، والمغني: 6/445، والإنصاف: 8/3، وتحفة الأحوذي: 4/196.
3 الطلاق لغة: مصدر طلّقت المرأة: بانت من زوجها، وأصل الطلاق في اللغة: التخلية والإرسال. يقال: طلقت الناقة: إذا سرحت حيث شاءت، وحبسوه في السجن طلقاً، أي: بغير قيد، ولا كبل، وامرأة طالق، إذا طلّقها زوجها.
[] راجع: تاج العروس 6/425، ومقاييس اللغة 3/420-421، ولسان العرب 1/226-227.
والطلاق شرعاً: حلّ قيد النكاح، أو بعضه، وهو راجع إلى معناه لغة، لأنّ من حلّ قيد نكاحها فقد خليت.
انظر: المبدع: 7/249، كشاف القناع: 5/232، غاية المنتهى: 3/105.(4/1465)
[856-] قلت1 لأبي عبد الله2 أحمد بن محمد بن حنبل -رحمه الله تعالى-: قول3 رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "استأمروا4 النساء في أبضاعهن". 5
__________
1 القائل هو صاحب المسائل إسحاق الكوسج يقول أحياناً: "قلت لأبي عبد الله"، وأحياناً: "قلت لأحمد"، وأحياناً: "قلت لإسحاق"، وأحياناً: "قلت قال فلان كذا".
2 يكنى الإمام أحمد بابنه عبد الله وهو مشهور بذلك.
3 الحديث عن ابن أبي مليكة عن أبي عمرو ذكوان مولى عائشة -رضي الله عنها-: وهو متفق عليه. ورواه أيضاً أحمد والنسائي.
اللفظ المذكور هنا لأحمد، ولفظ البخاري في كتاب الإكراه: "قالت: قلت: يا رسول الله يستأمر النساء في أبضاعهن؟ قال: نعم، قلت: فإن البكر تستأمر فتستحي فتسكت، قال سكاتها إذنها" ونحو هذا لفظ مسلم والنسائي.
[] انظر: البخاري: 8/57، 62 صحيح مسلم: 2/1037، النسائي:6/85-86، المسند: 6/45، 203.
4 قوله: "استأمروا" الائتمار والاستئمار المشاورة، والتآمر على وزن التفاعل ومن المؤامرة المشاورة فيكون المعنى: شاوروهن في تزويجهن.
انظر: الصحاح: 2/582، تاج العروس: 10/86، النهاية في غريب الحديث: 1/66.
5 قوله: "أبضاعهن" جمع بضع والبضع اختلف فيه، فقيل هو الفرج وقيل هو الجماع. يقال: أبضعت المرأة إبضاعاً، إذا زوجتها، ويقال ملك فلان بضع فلانة إذا ملك بعقده نكاحها، وهو كناية عن موضع الغشيان، وقال بعضهم: ابتضع فلان وبضع، إذا تزوج، والمباضعة المباشرة، يقال: باضعها مباضعةً إذا باشرها.
[] انظر: تهذيب اللغة: 1/488، الصحاح: 3/1186، النهاية في غريب الحديث: 1/132-133.(4/1466)
للرجل أن يزوج ابنته بكراً من غير أن يستأمرها؟
قال:1 ما يعجبني2، فإذا سكتت فزوجت ثم رجعت، فليس لها ذلك3، وإن زوّجها أبوها بغير أمرها فالنكاح جائز، وأحب إلي أن يستأمرها.4
__________
1 من هنا تبدأ إجابة الإمام أحمد.
2 هذا اصطلاح عند الإمام أحمد -رحمه الله- وفيه وجهان عند الحنابلة:
أحدهما: أن المقصود به الكراهة. والوجه الآخر: أن المقصود به التحريم. والذي قال عنه الإمام أحمد: ما يعجبني تزويج البكر من غير استئذان، إذا زوجها غير أبيها وكانت بالغة كما يفهم من كلامه الآتي: "وإن زوجها أبوها". ومسائل تزويج الصغير تأتي مفصلة، ومذهب الإمام أحمد أنه ليس لغير الأب إجبار كبيرة.
راجع المغني: 6/489، الإشراف: 4/35، المبدع: 7/22، الكافي: 3/27.
3 ويأتي ذلك عن الإمام أحمد في مسألة رقم: 859.
4 روي عن الإمام أحمد روايتان في تزويج الأب ابنته البكر البالغة العاقلة وإجبارها.
إحداهما: هذه وهي أن له الإجبار مع استحباب استئذانها.
والثانية: ليس له إجبارها لما صح من عدم تزويجها إلا بعد استئذانها، ومن ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن". فقالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: "أن تسكت".
أخرجه البخاري: باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاهما 6/132.
ومسلم: باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت 2/1036.
والرواية الأولى هي المشهورة عن الإمام أحمد وعليها المذهب، ومما استدل به عليها مفهوم حديث أبي هريرة السابق والحديث الذي أخرجه مسلم 2/1037، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الأيّم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صُماتها".
قال ابن قدامة: فلما قسم النساء قسمين وأثبت الحق لإحداهما، دل على نفيه عن الأخرى وهي البكر، فيكون وليها أحق منها بها.
ومسألة صحة نكاح من أجبرها أبوها على النكاح كما هو المذهب، فيما إذا زوجها الولي كفؤاً وأبوها يجبرها لكن يكون ذلك إذا زوجها كفؤاً، فإن زوجها غير كفء بدون رضاها فعن الإمام أحمد في صحة النكاح روايتان.
وقال ابن مفلح في المبدع ونقله عنه البهوتي في كشاف القناع: "وقد صرح بعض العلماء أنه يشترط للإجبار شروط: أن يزوجها من كفء، بمهر المثل، وأن لا يكون المزوج معسراً، وأن لا يكون بينها وبين الأب عداوة ظاهرة، وأن يزوجها بنقد البلد."
[] انظر: المغني: 6/487-488، المبدع: 7/22-23، الإنصاف: 8/56، الكافي: 3/26، [] [] الإشراف: 4/35، كشاف القناع: 5/43-44.(4/1467)
قال إسحاق: كما قال1، وإن أبت2 قبل أن يزوجها وهى بكر
__________
1 من بداية المسألة إلى هنا غير موجودة في نسخة ع.
2 في ع بلفظ: "فإن أبت".(4/1468)
جبرت عليه، ذكر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم1 ذلك، وبه أخذ2 ابن أبي ليلى.
[857-] قلت: فحديث3 خنساء4 ابنة خذام
__________
1 أي روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على ذلك ومن ذلك حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- السابق الذي أخرجه مسلم. ووجه الاستدلال به على المسألة سبق نقله عن ابن قدامة.
انظر: عن قول الإمام إسحاق في المسألة: الإشراف: 4/35، المغني: 6/487، ونيل الأوطار: 6/123، وتحفة الأحوذي: 4/242.
2 نسب ذلك ابن المنذر في الإشراف لابن أبي ليلى، وكذلك ابن قدامة في المغني والشوكانى في نيل الأوطار.
انظر: الإشراف: 4/35، المغني: 6/487، نيل الأوطار: 6/123.
3 حديث خنساء المذكور أخرجه البخاري في صحيحه، باب إذا زوج ابنته وهي كارهة، فنكاحه مردود: 6/135.
ونص الحديث: عن يزيد بن جارية عن خنساء بنت خذام الأنصارية "أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك، فأتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرد نكاحه."
وأخرجه أبو داود: 2/279، والنسائي: 6/86، وأحمد في المسند:1/273، والدارقطني: 3/321، والدارمي: 2/139.
4 هي خنساء بنت خذام بن خالد بن وديعة من بني عمرو بن عوف من الأوس الأنصارية، أنكحها أبوها وهي كارهة فرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نكاحها، وتزوجت بعد ذلك أبا لبابة بن عبد المنذر، فولدت له السائب. واختلفت الأحاديث في حالها في ذلك الوقت هل كانت بكراً أم ثيباً؟
والراجح أنها كانت ثيباً، وهو الذي نقله الإمام مالك، والثابت في صحيح البخاري ورجحه ابن عبد البر.
انظر: الإصابة: 4/279، الاستيعاب: 4/287.(4/1469)
في1 الثيب؟
قال: هكذا هو.
[858-] قلت: الثيب لا بد من2 أن يستأمرها، فإن زوجها أبوها وهي كارهة يرد النكاح؟ قال: نعم،3 ولا يرد نكاح الأب في البكر
__________
1 ومعنى السؤال: أتقول حديث خنساء التي رد الرسول نكاحها بعد ما زوجها أبوها وهي كارهة، خاص بالثيب؟ فأجاب الإمام أحمد بأنه هكذا.
2 في ع بحذف: (من) .
3 وردت عن الإمام أحمد نحو هذه الرواية في مسائله برواية ابنه عبد الله ص 226 لحديث خنساء بنت خذام السابق تخريجه في مسألة رقم: 857، ولا خلاف في ذلك عند الحنابلة إذا كانت بالغة عاقلة.
قال المرداوي: "الثيب البالغة العاقلة ليس له إجبارها بلا نزاع، وأما الثيب العاقلة التي لها تسع سنين فأكثر ولم تبلغ ففي جواز إجبار أبيها لها وجهان للأصحاب، والمذهب ليس له إجبارها، وعليه جماهير أصحاب الإمام أحمد، والثيب العاقلة التي لها دون تسع سنين، ففي جواز إجبار أبيها لها وجهان أيضاً".
قال المرداوي: "له إجبارها على الصحيح من المذهب، وقطع به كثير من الأصحاب" ا. هـ.
[] انظر: المبدع: 7/23-24، الإنصاف: 8/56، 57، كشاف القناع: 5/43، المغني: 6/491- 493، الكافي: 3/26.(4/1470)
إذا لم يستأمرها.1
قال إسحاق: هو2 كما قال، لأنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في تزويج الثيب لا بد من أن تعرب عن نفسها، وصح3 ذلك.
[859-] قلت: الصغيران إذا زوجا بغير أمرهما ثم أدركا خُيِّرا، دخل بها أو لم يدخل؟
قال أحمد: إذا دخل بها فقد رضي، وإذا لم يكن زوجهما أبواهما خُيِّرا.4
__________
1 على المذهب وسبق هذا في مسألة رقم: 856.
2 في ع بلفظ: "كذا هو".
3 ومن ذلك حديث أبي هريرة المتفق عليه: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر".
وحديث ابن عباس الذي أخرجه مسلم "الأيم أحق بنفسها من وليها"، وسبق تخريجهما في مسألة رقم: 856.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/36.
4 للأب خاصة تزويج ابنه الصغير، وكذلك بنته الصغيرة، أذنا أو كرها، وقد بوب له البخاري في صحيحه، باب إنكاح الرجل ولده الصغار، لقوله تعالى: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} سورة الطلاق: 3، فجعل عدة الصغيرة ثلاثة أشهر قبل البلوغ فدل على أن نكاحها قبل البلوغ جائز.
وروى البخاري في صحيحه: 6/134 "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج عائشة وهي بنت ست سنين ودخل بها وهي بنت تسع سنين".
وكذلك رواه مسلم تحت باب تزويج البكر الصغيرة: 2/1038.
ولأنه يتصرف في ماله بغير توليه فكان له تزويجه.
قال المرداوي في الإنصاف: "هذا هو الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه في كل واحد منهما." ا. هـ.
أما غير الأب، فليس له ولاية على صغير ولا صغيرة.
وعن الإمام أحمد رواية أن لغير الأب أن يزوجهما، ولكن إذا زوجهما يثبت الخيار لهما إذا أدركا ليستدركا ما فاتهما، وهذا ما أجاب به الإمام أحمد في هذه المسألة.
وورد عن الإمام أحمد نحو هذه الرواية في مسائل ابن هانئ: 1/200، وكذلك في مسائله برواية أبي داود السجستاني: 163.
انظر: الإنصاف: 8/52، 53، 57، 60، والمغني: 6/499، والمبدع: 7/37، والفروع: 5/172.(4/1471)
قال إسحاق:1 هو كما قال، إلا أن يكون دخل بها قبل أن تبلغ
__________
1 العبارة في ع بلفظ:" قال إسحاق: لا يكون للدخول بها قبل أن يبلغ موضع الاختيار".(4/1472)
موضع الاختيار.1
قال إسحاق: إذا زوّجهما أبواهما صغيرين فماتا توارثا،2 ولا يتوارثان إذا لم يزوجهما الأبوان.3
[860-] قال أحمد: لا أرى للولي ولا للقاضي أن يزوِّج اليتيمة4 حتى تبلغ تسع سنين، فإذا بلغت تسع سنين فرضيت فلا خيار لها.5
__________
1 وهو ما قبل تسع سنين كما سيأتي عن الإمام إسحاق في مسألة رقم: 862.
2 لصحة تزويج الأب أولاده الصغار، ومن أصرح الأدلة على ذلك تزويج أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي صغيرة لم تدرك، وسبق تخريجه في التعليق رقم: 4، من هذه المسألة: 859.
3 ولأبي داود في مسائله عن الإمام أحمد عدم التوارث.
انظر: مسائل أبي داود: ص/163، وانظر أيضاً: المبدع: 7/26.
4 اليتيمة هي الصغيرة التي مات أبوها.
انظر: المغني: 6/490، وتحفة الأحوذي: 4/245.
والصحيح من المذهب أن الصغيرة إذا بلغت تسع سنين لها إذن معتبر، ومن ثم إذا بلغت تسع سنين جاز لكل ولي من أوليائها أن يزوجها برضاها على المذهب كما ذكره المرداوي، فإذا رضيت فزوجت فلا خيار لها بعد ذلك.
[] انظر: الإنصاف: 8/57، كشاف القناع: 5/43-44.
5 اختلفت الروايات عن الإمام أحمد في إنكاح الصغيرة اليتيمة إلى ثلاث روايات:
إحداها: أنه لا يجوز إنكاح اليتيمة حتى تبلغ لما وري أن قدامة بن مظعون زوج ابنة أخيه من عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، فرفع ذلك إلى النبي -صلى الله عليه =(4/1473)
...............................................................................
__________
وسلم- فقال: "إنها يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها".
وفي حديث أبي هريرة: "تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها."
أخرجه أبو داود: 2/574، والترمذي وحسنه: 3/417.
الثانية: والتي وافق فيها الإمام إسحاق الإمام أحمد أنه يجوز إنكاح اليتيمة، ولها الخيار إذا بلغت، وهو قول الحنفية، دليلهم قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} سورة النساء، آية: 3.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: فيه دلالة على تزويج الولي لليتيمة التي دون البلوغ بكراً كانت أو ثيباً، وقد أذن في تزويجها بشرط أن لا يبخس من صداقها. فدلت الآية بمفهومها أن نكاح اليتيمة جائز إذا أقسطوا لها في الصداق، وإذا لم يقسطوا لها في الصداق ولم ترغب ذلك نُهوا عن ذلك.
الرواية الثالثة: يجوز إنكاح الصغيرة اليتيمة إذا بلغت تسعاً بإذنها، ولا يجوز قبل ذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها ". رواه أبو داود: 2/574.
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل بعائشة -رضي الله عنها- وهي ابنة تسع وقيدت بابنة تسع لقول عائشة: "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة".
وروي ذلك مرفوعا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وسبق تخريج ذلك في مسألة رقم: 859، ولأنها حينئذ تصلح للنكاح وتحتاج إليه.
والصحيح من المذهب أن الصغيرة إذا بلغت تسع سنين لها إذن معتبر، ومن ثم إذا بلغت تسع سنين جاز لكل ولي من أوليائها أن يزوجها برضاها على المذهب، كما ذكره المرداوي، فإذا رضيت فزوجت فلا خيار لها بعد ذلك.
[] انظر: الإنصاف 8/57، وكشاف القناع 5/43-44.
[] وانظر أيضاً: الكافي: 3/26-27، المغني: 6/490، بدائع الصنائع: 2/239، فتح القدير: [3/277،] فتح الباري: 9/197، تحفة الأحوذي: 4/246-247، جامع الترمذي: 3/417.(4/1474)
قال أحمد: ولا أرى للرجل1 أن يدخل بها إذا زوجت وهي صغيرة دون تسع سنين2.3
[861-] قلت: فإن ماتا يتوارثان؟
قال: لا أدرى.4
__________
1 في ع بلفظ: "ولا أرى للزوج".
2 هذا لما ثبت في الحديث المتفق عليه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل بعائشة أم المؤمنين وهي ابنة تسع سنين، ولما ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة ".
والحديث سبق تخريجه في المسألة رقم: 859. وانظر أيضاً: تحفة الأحوذى: 4/245.
3 نهاية اللوحة رقم: 81 من نسخة ع، وبداية اللوحة رقم: 82.
4 في هذه المسألة تفصيل:
فإذا كان الزواج للصغيرين من قبل الأبوين، فعن الإمام أحمد روايتان: والمعتمد أنهما يتوارثان لما حكاه ابن قدامة عن الأثرم أن قدامة بن مظعون -رضي الله عنه- تزوج ابنة الزبير -رضي الله عنهما- حين نفست، فقيل له، فقال: ابنة الزبير إن مت ورثتني، وإن عشت كانت امرأتي.
وزوج علي -رضي الله عنه- ابنته أم كلثوم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهي صغيرة.
أما إذا كان الذي زوج الصغيرين غير الأبوين، فعن الإمام أحمد روايتان أيضاً.
والراجح عنده أنهما لا يتوارثان، وبذلك قال الإمام إسحاق، وبه قال قتادة. روى عبد الرزاق بسنده عن قتادة إذا أنكح الصغيرين وليهما، فماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما.
انظر: المغني: 6/487، والإنصاف: 8/57، والمبدع: 7/26، ومصنف عبد الرزاق: 6/163.(4/1475)
قال إسحاق: كما قال، ولا يتوارثان.
قال إسحاق: وأما الرجل يزوج ابنة أخيه وهي صغيرة1، فبنى بها الزوج وهي صغيرة فحاضت عند الزوج، فقالت: لا أرضى، فإن السنة في ذلك إذا كان دخل2 بها وقد [ظ-23/أ] أدركت
__________
1 ويكون ذلك فيما إذا رغبت هي الزواج فيزوجها ويكون لها الخيار بعد الإدراك، يقول الإمام إسحاق في المسألة رقم:862 الآتي: "ولا نرى للولي- أي غير الأب- أن يزوج الصغار أبداً دون أن تبلغ تسع سنين، إلا أن تكون راغبة فحينئذ تُزوّج ويكون لها الخيار إذا أدركت".
ويأتي عنه رحمه الله في المسألة المذكورة والحالة هذه أنها لا توطأ حتى ترضى، أي ولا يعتد برضاها إلا بعد الإدراك.
2 في ع بلفظ: "إن كان دخوله"، والمعنى يستقيم باللفظين.(4/1476)
إدراك العقل ممن توطأ فرضيت حينئذ جاز ذلك،1 وإن لم تكن حاضت وقد كانت سلمت إلى الزوج 2 وهي ممن لا توطأ فإن ذلك لا يحل وليس له أن يجامعها أبداً حتى ترضى، ثم يجامعها بلغت الوطء أم لا.3
وجهل هؤلاء إذ قالوا له أن يجامعها [والخيار لها إذا حاضت وإن كان] 4 بعد ذلك فإن ذلك لا يسع أن يجامعها حتى تبلغ مبلغها فتختار لأنه ليس لها أن تختار نفسها وقد وطئت قبل ذلك برضاها.5
__________
1 أي: إذا رضيت حينئذ بالوطء، وكانت مدركة جاز ذلك، ولم يضر قولها بعد ذلك لا أرضى، وصدر المسألة فيما إذا وطئت وهي صغيرة، ولكن الحكم الذي ذكره الإمام إسحاق فيما إذا وطئت بعد الإدراك كما يفهم من كلامه.
2 نهاية اللوحة رقم: 43، من ظ، وبداية اللوحة رقم: 44 من ظ.
3 ويأتي عن الأئمة الثلاثة أحمد وإسحاق وسفيان أنها إذا رضيت يشهدان على ذلك في مسألة رقم: 864.
4 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ "فالخيار لها إذا كانت، وإن كانت بعد ذلك"، وما أثبت يستقيم به الكلام أكثر.
5 يصح نكاح غير الأب للصغير والصغيرة عند الحنفية، ولهما الخيار إذا بلغا عند أبي حنفية ومحمد بن الحسن، ولا خيار لهما عند أبي يوسف.
وإذا بلغت الصغيرة ولم يطأها قبل البلوغ وسكتت بعده انقطع بذلك اعتبار رضاها، وإن كان وطئها قبل البلوغ، فبلغت وهي ثيّب- كما هي عبارة الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع- فسكتت، لا يبطل خيارها بذلك بل لا بد من صريح الرّضى بالنكاح.
انظر: بدائع الصنائع: 2/239، 316، فتح القدير: 3/277، 278.
أي أننا إذا جعلنا لها رضى معتبراً فوطئت برضاها لا يكون لها الخيار بعد ذلك.(4/1477)
وإن كانت لم ترض بالوطء "يجعلون"1 لها أمراً ورد حتى تحيض فوطئت، فلما حاضت ردت2 فإن المهر لها على الزوج ثم يفرق بينهما. وكل متزوجين على هذه الحال يموت أحدهما قبل الإدراك فلا ميراث بينهما أبداً، فكيف يكون ميراث بعضهم من بعض وكان الخيار لهما قائماً في فسخ النكاح، وإنما الميراث لأحدهما من الآخر إذا كان نكاحاً تاماً، وذلك أن لو زوجهما
__________
1 العبارة غير واضحة وفي النسختين "لا يجعلون"، وحذفت "لا" لإيجاد معنى تستقيم به العبارة إلى حد ما، وهؤلاء- على حد تعبير الإمام إسحاق- ما داموا قالوا: يثبت لها الخيار إن وطئت بالرضى، فلأن يثبت الخيار لمن وطئت بدون رضاها أولى، ولم أر من قال لا يجعل لها الأمر إذا وطئت بدون رضاها.
2 الظاهر أن قوله "وردت" وما بعده من كلام الإمام إسحاق، فإنه بعد ما بين من قال: يجوز وطؤها ولها الخيار إذا بلغت، عقبه بتوضيح مذهبه في المسألة، وأن ذلك لا يجوز عنده، ثم بين أيضاً أنهم جعلوا لها الأمر في حالة ما إذا لم ترض بالوطء وأنه لا يختلف الأمر في ذلك عندهم، فعقبه أيضاً بما يلزم عنده فيما إذا وطئت بدون رضاها وأنها ترد منه وتعاد إليه بعد الحيض أي البلوغ، فإن رضيت وطئها زوجها، وإلا فرق بينهما برضاها. والله تعالى أعلم.(4/1478)
الآباء وكانا صغيرين فيكون الميراث هو1 لكل واحد من الآخر لو مات قبل الإدراك لأنه لا خيار لواحد منهما لما تم النكاح بينهما، وكلما زوّج أحد من الأولياء غير الآباء فلها الخيار إذا أدركت، كذلك لو زوّجهما القاضي أيضاً كان الخيار لهما أيضاً.
[862-] وسألت2 إسحاق عن اليتيمة ليست بمدركة زوّجها الولي؟ فإن زوجها الولي كان اختيارها نفسها فرقة أم لا؟ وهل يدخل بها قبل أن تدرك؟ ومتى إدراكها؟ ولها أن تختار قبل أن تدرك؟
قال إسحاق: السنة في ذلك أن تختار إذا أدركت، وإدراكها إذا جاوزت تسع سنين لأنها حينئذ ممن تحيض وتلد، فإن زوجها الولي فأراد أن يبني بها قبل الإدراك لم يحكم له بها حتى تختار، وليس اختيارها بشيء ما لم تدرك.
وإذا ماتا أو أحدهما قبل الإدراك لم يتوارثا أبداً، ولا نرى للولي بأن يزوّج الصغيرة أبداً دون أن تبلغ تسع سنين [ع-42/أ] ، إلا أن تكون راغبة فحينئذ تزوَّج ويكون لها الخيار إذا أدركت.
__________
1 في ع بحذف "هو".
2 المسألة في ع بلفظ: "قال سألت إسحاق عن اليتيمة ليست بمدركة، يزوجها الولي، فإن زوجها الولي جعل اختيارها لنفسها".(4/1479)
وإن1 أدركت فاختارت نفسها فلها أن تتزوج من غير أن يفرق بينهما الحاكم، وأخطأ هؤلاء حين قالوا2 يفرق بينهما الحاكم3 كما لا يتوارثان.
[863-] قلت لأحمد:4 قال سفيان:5 إذا استأمرت البكر وقد زوجتها، فقالت: لا أرضى فلها ذلك.
قال أحمد: إذا كان من غير أب.6
__________
1 في ع بلفظ: "وإذا".
2 في ع زيادة: "ما لم".
3 سبق في المسألة رقم: 861 ما يتعلق بتعبير الإمام إسحاق -رحمه الله- "وجهل هؤلاء".
وعلل الحنفية ما ذهبوا إليه من أنه لا بد أن يفرق بينهما الحاكم أن أصل النكاح هنا ثابت وحكمه نافذ، وإنما الغائب وصف الكمال وهو صفة اللزوم، فكان الفسخ باختيارها رفعاً للأصل بفوات الوصف، وفوات الوصف لا يوجب رفع الأصل لما فيه من جعل الأصل تبعاً للوصف، فلا بد من رفعه حينئذ إلى من له الولاية العامة وهو القاضي ليرفع النكاح باختيار أحد الزوجين الذي ثبت له خيار الإدراك.
[] راجع بدائع الصنائع: 3/1514، وفتح القدير لابن الهمام: 3/277-278.
4 في ع بحذف: "لأحمد".
5 انظر: عن قول سفيان في عدم جواز إجبار غير الأب البكر.
معالم السنن للخطابي: 2/574، وجامع الترمذي: 3/417، والمغني: 6/489.
6 لا يجوز لولي غير الأب تزويج بكر بالغة عاقلة إلا بإذنها، وتزويج الأب لها من غير إذن مختلف فيه فلأن لا يجوز لولي آخر أولى.
أما الأب فقد سبق في المسألة رقم: 856.(4/1480)
قال سفيان:1 فإن قالوا لها: لا تردي أمرنا فإنا قد زوجناك، فترضى.
قال: يستقبلون نكاحاً جديداً فإن لم يفعلوا2 وأقروها على نكاحها ثم قالت بعد: لا أرضى، فلها ذلك.
قال أحمد: هو كما قال إذا كان3 من غير أب.
قال إسحاق: هو هكذا كما قال.
[864-] قلت: قال سفيان: يتيمة زوجت ودخل4 بها الزوج ثم حاضت عند الزوج بعد؟
قال:5 تخير فإن اختارت نفسها لم يقع التزويج وهي أحق
__________
1 في ع بحذف كلمة "سفيان".
2 توجد في ع كلمة غير واضحة.
3 في ع بحذف: "كان".
4 في ع: "ثم".
5 انظر: عن قول الإمام الثوري هذا: الأوسط لوحة رقم: 190، واختلاف العلماء لمحمد بن نصر المروزي لوحة رقم: 20.(4/1481)
بنفسها، وإن1 قالت: قد اخترت الزوج فليشهد2، وهما على نكاحهما.
قال أحمد: جيد.
قال إسحاق: كما3 قال.
[865-] قلت:4 قال سفيان: في الثيب إذا زوجت فضحكت أو بكت أو سكتت؟
قال: لا يجزئ5 حتى تتكلم بإذن.
__________
1 في ع بلفظ: "فإن".
2 لأنه باختيارها زوجها يلزم النكاح، والنكاح تلزم فيه الشهادة على الرواية المعتمدة عند الحنابلة، وهو رأي الإمامين سفيان وإسحاق.
[] انظر: عن لزوم الشهادة: المغني: 6/420-451، والمبدع: 7/47، وكشاف القناع: 5/65، واختلاف العلماء لوحة رقم: 19، والأوسط لوحة رقم: 193.
3 انظر: عن قول الإمام إسحاق الأوسط لوحة رقم: 190، واختلاف العلماء لوحة رقم: 20.
4 في ع بلفظ: "قال وسألت سفيان".
5 في ع بلفظ: "لا يجوز"، وما في نسخة ظ موجود في الإشراف مع عبارة السؤال منسوبة للثوري فاعتضد بذلك، وهذا مما يؤيد أن ما في ظ هو الصواب.
انظر: الإشراف: 4/36.
وكذلك أيضاً نقلها ابن المنذر في كتابه الأوسط لوحة رقم: 189.(4/1482)
قال أحمد: نعم، حتى تتكلم بإذن.1
قال إسحاق: هو كما قال في الأمرين جميعاً،2 ولكن لا يجوز الدخول بها قبل الحيض3، وإن كان ضحكها على مذهب الرضى فهو كالسكوت في البكر إذا علم ذلك.
[866-] قلت: قول علي -رضي الله عنه-: "لا نكاح4 إلا بولي، فإذا بلغ
__________
1 قال ابن قدامة في المغني: "أما الثيب فلا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أن إذنها الكلام" ا.?.
انظر: المغني: 6/493، والإنصاف: 8/64، والمبدع: 7/27.
2 الظاهر أنه يقصد الإجزاء بالكلام وعدم الإجزاء بما سواه وجعل نطقها بالإذن غاية في حصوله، وهذا أقرب من أن يجعل الأمرين البكاء والسكوت. ويقال إنه ذكر بعد ذلك الضحك لما نقل عنه ابن المنذر في الإشراف كالإمامين أحمد وسفيان: بأنه لا يجوز قبول الضحك والسكوت والبكاء من الثيب حتى تتكلم، وكلامه هنا دال على ذلك.
راجع الإشراف: 4/36، والأوسط لوحة رقم: 189.
3 في ع بلفظ: "قبل الحيض أبداً"، أي: قبل سن الحيض، رضيت أو لم ترض؛ لأنه لا يعتبر رضاها حينئذ، كما سبق عن الإمام إسحاق في المسألتين رقم: 861، 862.
4 قول علي هذا ذكر الألباني في إرواء الغليل أنه رواه أبو عبيد في الغريب، وكذلك رواه ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث: 1/414، إرواء الغليل: 6/251، 252.(4/1483)
النساء نص الحقاق1 فالعصبة أولى".
قال أحمد: العصبة أولَى أن يزوجها.
قال إسحاق: يقول إذا بلغت المرأة أن توطأ، فحينئذ العصبة أولى بتزويجها [ظ-23/ب] .
وقيل: ذلك لا ينبغي للعصبة أن يزوجوا، إنما ذلك للأب قبل أن تدرك.2
[867-] قلت: حديث زياد: 3 أيما امرأة نزعت إلى رجل وأبى وليها أن
__________
1 الحقاق: المخاصمة، وهو أن يقول كل واحد من الخصمين: أنا أحق به. ونص الشيء غايته ومنتهاه. والمعنى: أن الجارية ما دامت صغيرة فأمها أولى بها، فإذا بلغت فالعصبة أَولى بأمرها، فمعنى بلغت نص الحقاق: غاية البلوغ.
وقيل أراد بنص الحقاق بلوغ العقل والإدراك لأنه إنما أراد منتهى الأمر الذي تجب فيه الحقوق، وقيل المراد بلوغ المرأة الحد الذي يجوز فيه تزويجها وتصرفها في أمرها تشبيهاً بالحقاق من الإبل، جمع حق وحقة وهو الذي دخل في السنة الرابعة، وعند ذلك يتمكن من ركوبه وتحميله، وهو الذي فسر به الإمام إسحاق، ويدل عليه كلام الإمام أحمد.
انظر: لسان العرب: 10/53، النهاية في غريب الحديث: 1/414، كشاف القناع: 5/52، المغني: 6/456.
2 كما تكرر ذلك في المسائل السابقة. انظر: مسألة رقم: 859، 862.
3 هو زياد بن أبي سفيان ويقال زياد بن أبيه وزياد بن أمه وزياد بن سمية، واختلف في وقت مولده، فقيل عام الفتح وقيل عام الهجرة وقيل غير ذلك، يكنى أبا المغيرة. وكان رجلاً عاقلاً في دنياه، داهية خطيباً. مات بالكوفة سنة ثلاث وخمسين. الاستيعاب: 2/548.(4/1484)
يزوجها إياه، فإن كان كفؤاً1 زوجته؟ 2
قال أحمد: إذا لم يزوجها الولي، وكان كفؤاً زوجها السلطان، وإن كان وليها أبوها فلم يزوجها وكان كفؤاً زوجها السلطان.3
__________
1 الكفؤ: المثيل والنظير، والكفاءة لغة المماثلة والمساواة.
انظر: مختار الصحاح: ص 573، لسان العرب: 1/139.
وشرعاً: كون الزوج نظيراً للزوجة، ويدخل تحت الكفاءة خمسة أشياء: الدين، المنصب، الحرية، الصناعة، اليسار.
[] انظر: كشاف القناع: 5/67-68، المغني: 6/482، المجموع: 16/182.
2 حديث زياد هذا أخرجه عبد الرزاق في مصنفه: 6/202 عن الثوري عن يونس عن الحسن قال: قال زياد: أيما امرأة ترغب إلى رجل، نظرنا: فإن رأينا أنها ترغب إلى كفء زوجناها وإن أبى الولي، وإن كانت ترغب إلى غير كفء لم نزوجها.
3 وهذا يسمى بالعضل وهو منع المرأة التزوج بكفء إذا طلبت ذلك ورغب كل منهما في صاحبه.
وفي المسألة روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: ما أجاب به الإمام هنا، وهي أن الولاية تنتقل إلى السلطان.
الثانية: أنها تنتقل إلى الأبعد، وهو الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب كما في الإنصاف، وصححها ابن مفلح في المبدع.
ونصرها ابن قدامة في المغني حيث قال: "ولنا أنه تعذر التزويج من جهة الأقرب فملكه الأبعد كما لو جن، ولأنه يفسق بالعضل فتنتقل الولاية عنه كما لو شرب الخمر، فإن عضل الأولياء كلهم زوج الحاكم."
[] انظر: المغني: 6/476، والمبدع: 7/36، والإنصاف: 8/75، والفروع: 5/176-177.(4/1485)
قال إسحاق: هو كما قال.1
[868-] قلت لأحمد: قول عمر -رضي الله عنه-: "لأمنعنّ فروج2 ذوات الأحساب3 إلا من
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق الإشراف على مذاهب العلماء: 4/45.
2 الفروج جمع فرج: وهو ما بين الرجلين، يقال للفرس ملأ فرجه وفروجه إذا عدا وأسرع، وبه سمي فرج المرأة والرجل لأنه بين الرجلين، ويطلق على الفرج العورة وكذلك السوأة.
[] انظر: لسان العرب: 2/342-343، مختار الصحاح: ص 495، النهاية في غريب الحديث: 3/423.
3 الأحساب: جمع حسب، والحسب بفتح المهملتين ثم موحدة أي الشرف، والحسب في الأصل الشرف بالآباء والأقارب، مأخوذ من الحساب لأنهم كانوا إذا تفاخروا عدّوا مناقبهم ومآثر آبائهم وقومهم وحسبوها، فيحكم لمن زاد عدده على غيره، وقيل الفعال الحسنة، وقيل المال.
[] انظر: لسان العرب 1/310-311، ومختار الصحاح ص135، والنهاية في غريب الحديث 1/381.(4/1486)
الأكفاء"؟ 1
قال أحمد: الكفؤ في الحسب والدين والمال.
قلت: رجل له حسب ومال ويشرب هذا الشراب؟ 2
قال: ما هو بكفء لها.
قلت: يفرّق بينهما؟
__________
1 الأكفاء جمع كفء، وسبق تعريف الكفء في المسألة رقم: 867.
ونص في كتاب الروايتين والوجهين لوحة رقم: 114 على رواية ابن منصور هذه.
وقول عمر -رضي الله عنه- هذا أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 6/152. قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء.
وأخرجه الدارقطني في سننه: 3/298 بنفس السند المذكور.
[] وقال عنه الألباني في إرواء الغليل 6/265-266: إنه ضعيف حيث فيه انقطاع، فإن إبراهيم بن محمد بن طلحة لم يدرك عمر.
2 المقصود بالشراب الخمر، والخمر ما خامر العقل وغطاه، وقد نص عن الإمام أحمد -رحمه الله- أن الذي يشرب الخمر ليس بكفء يفرَّق بينه وبين زوجته، وذلك لأن شرب الخمر محرم بالإجماع لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} المائدة، آية 90.
فشرب الخمر معصية ونقص في الدين، ويأتي الدليل أن الدين مما يعتبر في الكفاءة فلم يكن عاص يشرب الخمر كفؤاً لمطيعة لا يظهر منها نقصان في الدين.
انظر: المغني: 6/480، والمقنع بحاشيته: 3/29، وأحكام القرآن لابن العربي: 2/655.(4/1487)
قال: نعم.1
قال إسحاق: كما قال.
[869-] قلت: سئل سفيان عن وليين زوّجا، لا يدرى أيهما زوّج قبل الآخر؟
قال: إن كان2 يدرى أيهما قبل الآخر فهي للأول، وإن كان لا يدرى فارق كل واحد منهما.3
__________
1 الدليل على اعتبار الدين في الكفاءة قوله تبارك وتعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ} الآية: 18 من سورة السجدة.
ولأن الفاسق مرذول مردود الشهادة والرواية، غير مأمون على النفس والمال، مسلوب الولاية، ناقص عند الله وعند خلقه، قليل الحظ في الدنيا والآخرة، فلا يجوز أن يكون كفؤاً لعفيفة ولا مساوياً لها، بل يكون كفؤاً لمثله.
[] انظر: المغني: 6/483-484، المبدع: 7/52، غاية المنتهى: 3/26، الروايتين والوجهين لوحة رقم: 115.
والدليل على اعتبار الحسب والمال والتقوى ما رواه سمرة بن جندب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الحسب المال، والكرم التقوى."
أخرجه أحمد في المسند: 5/10، والحاكم في المستدرك: 2/163، وقال: صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي.
2 في ع زيادة "لا".
3 انظر: عن قول الإمام الثوري: جامع الترمذي: 3/419، الإشراف: 4/41.(4/1488)
قال أحمد: يقرع1 بينهما فمن أصابته القرعة فهي له.2
قال إسحاق: هو في القرعة كما قال.
__________
1 الاقتراع: الاستهام ومنه قوله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} سورة الصافات، آية: 141.
قال الخطابي وغيره: قيل الاستهام لأنهم كانوا يكتبون أسماءهم على سهام إذا اختلفوا في الشيء، فمن خرج سهمه غلب.
انظر: لسان العرب: 8/226، الجامع لأحكام القرآن: 15/123، فتح الباري: 2/236.
2 هذا إذا لم يعلم السابق منهما، وعن الإمام أحمد رواية أخرى أنه يفسخ النكاحان، نص عليه أحمد في رواية الجماعة، وقدم ابن قدامة رواية الجماعة، وبين المرداوي في الإنصاف أنها المذهب، أما إذا علم السابق منهما فعن الإمام أحمد روايتان:
إحداهما: أنها للسابق ما لم يدخل بها الثاني، فإن دخل بها الثاني صار أولى، لقول عمر -رضي الله عنه-: "إذا أنكح الوليان فالأول أحق، ما لم يدخل بها الثاني".
الثانية: أنه إذا علم السابق فإنها تكون له وإن دخل بها الثاني، ووطء الثاني لها وهو لا يعلم وطء شبهة يجب لها به المهر، فتعتد من الزوج الثاني وترجع إلى زوجها الأول، لما رواه سمرة وعقبة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أيما امرأة زوّجها وليان فهي للأول، ومن باع من رجلين فهو للأول منهما."
رواه الحاكم وقال: صحيح، ووافقه الذهبي، وأخرجه أبو داود، وصححه أبو زرعة وأبو حاتم، كما ذكره الحافظ في تلخيص الحبير: 3/165.
[] انظر: المغني: 6/510-512، الإنصاف: 8/88-90، الكافي: 3/14، المبدع: 7/42، بدائع الصنائع: 3/1374، تحفة الأحوذي: 4/248.(4/1489)
[870-] قلت:1 سئل سفيان عن امرأة قالت لأخيها، وهو صغير لم يحتلم [بعد] :2 زوّجني، فزوجها؟
قال: ليس بولي حتى يحتلم.3
[871-] وسئل عن المعتق4.
__________
1 في ع زيادة "قال" قبل قلت.
2 لفظة "بعد" التي بين المعقوفين ساقطة من ظ وأثبتها من ع.
3 الاحتلام في اللغة: مصدر احتلم إذا رأى في نومه، تقول احتلم، وحلم بفتح الحاء واللام، وحلماً بضم اللام وسكونها مع ضم الحاء.
انظر: مختار الصحاح: 152، تاج العروس: 8/355، لسان العرب: 12/145.
وفي الاصطلاح: الاحتلام هو إنزال الماء الدافق من القبل، سواء كان يجماع أو غيره، سواء كان في اليقظة أو المنام، ولو رأى في نومه أنه يجامع ولم ير الماء لم يحكم ببلوغه، ويأتي ما يعتبر به البلوغ وتوضيحه في كلام إسحاق في المسألة 871.
انظر: المبدع: 4/332، فتح الباري: 11/256.
وسيأتي توثيق قول الإمام الثوري في المسألة: 871.
4 انظر: عن قول الإمام الثوري في الصغير الذي لم يحتلم لا يكون ولياً، وكذلك في المعتق لا يكون ولياً. الأوسط لوحة رقم: 191.
والمعنى أي: وسئل عن المعتق هل يكون ولياً؟ فأجاب بأنه لا يكون ولياً.
والعتق لغة: هو الخلوص، ومنه عتاق الخيل والطير أي خالصها، وسمي به البيت الحرام لخلوصه من أيدي الجبابرة، والعتق خلاف الرق وهو الحرية.
انظر: تهذيب اللغة: 1/210، وتاج العروس: 7/3.
واصطلاحاً: العتق: إخراج النسمة من ذل الرق إلى عز الحرية، أو تحرير الرقبة وتخليصها من الرق، وخصت به الرقبة، وإن تناول الجميع، لأن ملك السيد له كالغل المانع له من الخروج، فإذا أعتق فكأن رقبته أطلقت من ذلك.
انظر: المبدع: 6/291، حلية الفقهاء: 208(4/1490)
قال: ليس بولي.
قال أحمد: جيد. 1
قال إسحاق: كلاهما كما2 قال، أو يبلغ خمس عشرة سنة،3
__________
1 الاحتلام شرط في ظاهر مذهب الإمام أحمد لصحة الولاية.
وعن الإمام رواية مرجوحة أن الغلام إذا بلغ عشراً زوّج وتزوج وأجيزت وكالته. قال المرداوي عن الرواية الأولى: "نص عليه في رواية ابن منصور" ا. ?.
وبين أنه هو المذهب، وقال ابن قدامة في المغني: "ولأن الولاية يعتبر لها كمال الحال لأنها تتقيد بالتصرف في حق غيره فاعتبرت نظراً له، والصبي مولى عليه لقصوره فلا تثبت له الولاية كالمرأة".
انظر: المغني: 6/466، والإنصاف 8/73، والكافي: 3/15، والمبدع: 7/35.
2 أي أن الصبي ليس بولي حتى يحتلم، وكذلك المعتق ليس بولي.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق في اشتراط البلوغ في الولاية في النكاح المغني: 6/465.
ونقل الترمذي كلامه في العلامات الثلاث في جامعه: 3/642، ماعدا قوله ستة أشبار.
3 الدليل على أن بلوغ الغلام خمس عشرة سنة علامة من علامات البلوغ: ما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عرضه وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزه، وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه، قال نافع- راوي الحديث-: فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو خليفة فحدثته هذا الحديث فقال: إن هذا الحد بين الصغير والكبير، وكتب إلى عماله أن يفرضوا لمن بلغ خمس عشرة.
[] أخرجه البخاري في صحيحه، باب بلوغ الصبيان وشهاداتهم: 3/158-159.
قال الحافظ بن حجر: وقد استدل بقصة ابن عمر -رضي الله عنهما- هذه على أن من استكمل خمس عشرة سنة أجريت عليه أحكام البالغين، فيكلف بالعبادات وإقامة الحدود، ويستحق سهم الغنيمة، ويُقتل إن كان حربياً، ويفك عنه الحجر إن أونس رشده، وغير ذلك من الأحكام. وقد عمل به عمر بن عبد العزيز، وأقره نافع راوي الحديث.
[] راجع: فتح الباري: 5/276-279.(4/1491)
أو قد نبتت عانته1 او يحتلم فأي الخصال الثلاث كانت فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الإنبات: هو أن ينبت الشعر الخشن حول ذكر الرجل أو فرج المرأة الذي أستحق أن يؤخذ بالموس، وهو المقصود بالعانة.
أنظر المغني: 4/509، المبدع 4/333.
والدليل على أن الإنبات من علامات البلوغ ما روي عن عطية القرظي قال: كنت من بني قريظة فكانوا ينظرون، فمن أنبت الشعر قتل ومن لم ينبت لم يقتل فكنت فيمن لم ينبت.
وفي رواية فكشفوا عانتي فوجدوها لم تنبت، فجعلوني مع السبي.
أخرجه أبو داود تحت باب الغلام يصيب الحد 4/516.، وأخرجه الترمذي حديث 1584، وقال: حديث حسن صحيح.(4/1492)
جاز تزويجه إلا أن يكون فاسقاً.1 وإن لم يعرف [ع-44/ب] من العلامات الثلاث علامة وعلم أنه بلغ ستة أشبار2 فهو مثل إحدى العلامات الثلاث.
[872-] قلت: وليان زوّجا امرأة فدخل بها الذي تزوجها بعد؟
قال: يفرق بينها وبين هذا ولها صداقها بما استحل منها، وترد إلى الأول.3
__________
1 عن الإمام أحمد في الفاسق روايتان:
الأولى: أن ولاية الفاسق لا تصح، ويكفي مستور الحال على الصحيح من المذهب كما في الإنصاف.
وهذه هي الرواية المعتمدة في المذهب.
والرواية الثانية: عن الإمام أحمد: أن الفاسق تصح ولايته.
[] انظر: المغني: 6/466، والمبدع: 7/35، والكافي: 3/16، والإنصاف: 8/73-74.
2 الشبر بالكسر ما بين أعلى الإبهام وأعلى الخنصر، مذكر أشبار.
انظر: تاج العروس: 3/288، والصحاح: 2/692.
وما ذكره الإمام إسحاق -رحمه الله- من أن الغلام إذا بلغ ستة أشبار فهو مثل إحدى العلامات الثلاث لم أقف عليه.
ويصعب تقدير البلوغ بذلك فإن خلقة الناس تتباين في ذلك، ولا يمكن أن تقاس أعمارهم بطولهم وقصرهم.
3 سبق تفصيل الكلام على هذا في المسألة رقم: 869.(4/1493)
قال إسحاق: هو كما قال.1 لما صح نكاح الأول فلا يتم للثاني نكاح.
[873-] قلت: وليان زوّجا امرأة لا يدرى أيهما زوّج قبل؟
قال أحمد: ما أرى لواحد هاهنا2 نكاحاً.
قال إسحاق: هو كما قال إذا لم يتحقق الأول.3
[874-] قلت: سئل4 سفيان عن امرأة أسلمت على يدي رجل، أيزوجها نفسه؟ 5
__________
1 في ع بلفظ "قال إسحاق كما قال هو لما صح نكاح الأول ولا يتم للثاني نكاح".
2 في الإنصاف: 8/89، قال الإمام أحمد -رحمه الله- في رواية ابن منصور:"ما أرى لواحد منهما نكاحاً." فيراجع.
3 سبقت المسألة والتفصيل فيها في المسألة رقم: 869.
4 في ع بلفظ: "سألت".
5 وردت نحو هذه المسألة في كتاب: الترجل، من مسائل الإمام أحمد، لوحة: 63.
والمسألة فيمن يكون ولياً لامرأة ويريد أن يتزوجها، وهي مبنية على أن من أسلمت على يديه امرأة يكون وليها، وهو قول إسحاق، ورواية عن الإمام أحمد، ونسبها إليهما ابن قدامة في المغني.
وقال عن الرواية الأخرى عن الإمام أحمد: "لا يكون ولياً لها ولا يزوج، يأتي السلطان لأنه ليس من عصباتها، ولا يعقل عنها، ولا يرثها، فأشبه الأجنبي".
انظر: المغني: 6/461، الإنصاف: 8/70.(4/1494)
فحدثني1 عن ابن سيرين أنه كان لا يرى به بأساً.2
وكان الحسن يقول: لا، حتى يأتي السلطان.3
قال أحمد: [لا يزوج نفسه حتى يولي] 4 رجلاً يزوجها على حديث5 المغيرة بن شعبة.
__________
1 القائل هو الراوي عن سفيان الثوري.
2 وهو قول سفيان الثوري أيضاً.
انظر: عن قوليهما: المغني: 6/470.
وعن قول الثوري أيضاً: الإشراف: 4/42، وفتح الباري: 9/188.
3 ونسب إليه في الإشراف: 4/42، والمغني: 6/470، مثل قول ابن سيرين، ولعل ذلك روايتان عنه.
4 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ "لا تزوج نفسها حتى تولي"، وما أثبتُ يقتضيه سياق الكلام.
5 قال ابن قدامة في المغني: "قال أحمد -رحمه الله- في رواية ابن منصور: لا يزوج نفسه حتى يولي رجلاً على حديث المغيرة بن شعبة، وهو ما روى أبو داود بإسناده عن عبد الملك بن عمير "أن المغيرة بن شعبة أمر رجلاً زوجه امرأة المغيرة أولى بها منه" ا.?
وما ذكره من أن الحديث رواه أبو داود فيه نظر، حيث إني لم أجده في مظانه من سنن أبي داود.
والحديث أخرجه البخاري معلقاً تحت باب إذا كان الولي هو الخاطب.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: هذا الأثر وصله وكيع في مصنفه، والبيهقي من طريقه عن الثوري عن عبد الملك بن عمير "أن المغيرة بن شعبة أراد أن يتزوج امرأة وهو وليها، فجعل أمرها إلى رجل المغيرة أولى منه فزوجه".
وأخرجه عبد الرزاق عن الثوري وقال فيه: "فأمر أبعد منه فزوجه".
وأخرجه سعيد بن منصور من طريق الشعبي ولفظه: "أن المغيرة خطب بنت عمه عروة بن مسعود، فأرسل عبد الله بن أبي عقيل فقال: زوجنيها، فقال: ما كنت لأفعل، أنت أمير البلد وابن عمها، فأرسل المغيرة إلى عثمان بن أبي العاص فزوجها منه" ا. ?.
قال الشيخ الألباني عن صاحب منار السبيل الذي نسب الحديث إلى أبي داود: "وعزو المصنف لهذا الأثر إلى أبي داود، ما هو إلا وهم، فإنه ليس في سننه، ولو كان عنده لم يخف على الحافظ إن شاء الله تعالى"، وصححه الشيخ الألباني.
وعدم جواز تولي طرفي العقد للولي الذي يرغب في نكاح من هو ولي لها إحدى الروايتين عن الإمام أحمد في المسألة.
ونقل المرداوي عن الزركشي أنه قال عن هذه الرواية: "هذه الرواية أشهرهما وأنصهما" ا.?.
والرواية الثانية: مثل قول الأئمة ابن سيرين والثوري وإسحاق، وهو أنه يجوز ذلك.
قال المرداوي: "وهذا المذهب" ا.?(4/1495)
قال إسحاق: هو كما1 قال، فإن فعلت2 جاز فإنه وليها.
__________
1 أي ما قاله الإمام أحمد هو أولى، فأما الجواز فإنه يجوز تولي طرفي عقد النكاح كما هي نص عبارته بعد ذلك.
انظر عن قوله ذلك: الإشراف: 4/46، المغني: 6/470.
2 في ع بلفظ "وإن فعل لأنه وليها".(4/1496)
[875-] قلت: حديث المغيرة بن شعبة أنه أمر رجلا أن يزوجه امرأة المغيرة أولى بها.
قال أحمد: كذاك نقول.1
قال إسحاق: كما قال، وإن تزوجها هو وأشهد فهو نكاح تام، لأن إذنه حين تزوج منه وفعله سواء.2
[876-] قلت: كان يقال: الفروج إلى العصبة والأموال إلى الأوصياء؟ 3
قال أحمد: جيد.4
__________
1 سبق تحرير قول الإمام أحمد في المسألة رقم: 874 السابقة.
2 سبقت الإشارة إلى قول الإمام إسحاق في المسألة السابقة رقم: 874.
3 وذلك ما روى عبد الرزاق في مصنفه: 6/202 عن الثوري قال: سمعنا أن الفرج إلى العصبة والأموال إلى الأوصياء عمن يرضى به.
4 اختلفت الروايات عن الإمام أحمد هل تستفاد الولاية في النكاح بالوصية أم لا، وعنه في ذلك ثلاث روايات:
ثالثتها: أنه لا تستفاد ولاية النكاح بالوصية إذا كان للموصي عصبة.
والمذهب أنها تستفاد بالوصية مطلقاً كما في الإنصاف.
قال ابن قدامة في المغني مستدلاً لها: "أنها ولاية ثابتة للأب فجازت وصيته بها كولاية المال، ولأنه يجوز أن يستنيب فيها في حياته فيكون نائبه قائماً مقامه بعد موته، فجاز أن يستنيب فيها كولاية المال" ا. هـ.
[] انظر: المغني: 6/463-464، الإنصاف: 8/83-84.
الروايتين والوجهين لوحة رقم: 110.(4/1497)
قال إسحاق: كما قال.1
[877-] قلت: من أحق بالمرأة أن يزوجها؟
قال أحمد: أبوها، ثم الابن ثم الأخ ثم ابن أخيها ثم عمها2، فإن اجتمع الأخ3 والجد كان الجد أعجب إليّ أو الابن فالابن أعجب4 إلي.
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق الأوسط لابن المنذر، لوحة رقم: 190.
2 هذا ما عليه مذهب الإمام أحمد، وتوضيحه أنه يقدم في ولاية المرأة الحرة أبوها وإن علا، ثم ابنها ثم ابنه وإن سفل، ثم الأخ، ثم ابن الأخ، ثم العمّ، ثم ابن العم، ثم المولى المنعم بالعتق، ثم عصباته الأقرب فالأقرب، ثم السلطان. أما الأمة فوليها سيدها، وإن كانت لامرأة فوليها ولي سيدتها.
[] انظر: المغني: 6/456-461، الإنصاف: 8/69-72.
3 في ع "فإن اجتمع الأخ والجد كان الجد أحب إليّ، الجد والابن فالابن أعجب".
4 المذهب أن الجد يتقدم في الولاية على غير الأب من ابن وأخ وغيرهما.
وعن الإمام أحمد رواية أن الابن يتقدم على الجد، بل وحتى على الأب، وهو قول الإمام إسحاق.
ويأتي تفصيل ذلك عند التعليق على كلام الإمام إسحاق في المسألة.
وأما الجد والأخ إذا اجتمعا فعن الإمام أحمد ثلاث روايات:
إحداها: ما عليه المذهب، وهو أن الجد مقدم في ذلك، وأجاب بذلك في مسألتنا هذه.
والرواية الثانية: يقدم الأخ.
والثالثة: أنهما سواء في ذلك.
انظر: المغني: 6/457، الإنصاف: 8/69.(4/1498)
قال إسحاق: كله كما قال، إلا أن الابن أولى ثم الأب.1
وإن كان أخ لأب، وأخ لأب وأم، أو ابن عم للأب والأم، وابن عم لأب، فزوج الذي للأب فقد أخطأ إذ لم يدع أن يلي ذلك أقربهما2 منها، ولكن لا يرد فعله3 إذا كان زوّجها من كفء
__________
1 وهو رواية عن الإمام أحمد كما سبقت الإشارة إلى ذلك في التعليق السابق، وهو قول الإمام مالك أيضاً.
[] انظر: المغني: 6/456-459، المبدع: 7/30-32، المدونه: 2/143، الكافي في مذهب أهل المدينة: 1/429، بداية المجتهد: 2/13.
2 في ع بلفظ "إذ لم يدع حتى يلي ذلك أقربهما".
3 إذا اجتمع أخ لأبوين وأخ لأب فعن الإمام أحمد روايتان:
إحداهما: أنهما سواء في الولاية لأنهما استويا في الإدلاء بالجهة التي تستفاد منها العصوبة، وقال عنها ابن قدامة في المغني "وهو المشهور".
وبهذا قال الإمام إسحاق كما في المسألة.
الرواية الثانية: أن الأخ من الأبوين أولى من الأخ لأب، وذلك لأنه حق يستفاد بالتعصيب، وهكذا الحال في بني الإخوة والأعمام وبنيهم.
انظر: المغني: 6/459، والمبدع: 7/31.(4/1499)
لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أنكح الوليان فالنكاح للأول"،1 وكل من وصفنا أولياء، فإذا كان أحدهما أقرب من الآخر فإنما استحق بالقرب الميراث دون الآخر، ولا يزول عن أدناهما اسم الولاية وذلك أنه ليس من حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الوليين: أيهما أقرب،2 وكل ولي كذلك، قاله3 مالك بن أنس ومن اتبعه.
[878-] قلت: إذا تزوجت بغير إذن وليها ثم أذن الولي بعد ذلك؟
قال أحمد: أعجب [ع-43/أ] إليّ أن يستأنف النكاح الذي
__________
1 الحديث سبق تخريجه والتعليق عليه في المسألة رقم: 869.
2 المعنى والله أعلم: أنه إذا كان أحد الأولياء أقرب من الآخر فإنما استحق بهذا القرب التقدم في الميراث، وهو أولى بالولاية في النكاح، ولكن نكاح الأبعد منه صحيح لأنه له ولاية حيث إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين ذكر الوليين في الحديث لم يفرق بين البعيد والقريب.
3 قال في المدونة: 2/143: "قلت أرأيت المرأة يكون أولياؤها حضوراً كلهم، وبعضهم أقعد بها من بعض، منهم العم والأخ والجد وولد الولد والولد نفسه، فزوجها العم فأنكر ولدها وسائر الأولياء تزويجها؟ قال: ذلك جائز".(4/1500)
أخر.1
قال إسحاق: هو كما قال.2
__________
1 لأن الولي شرط في صحة النكاح على المذهب، كما في الإنصاف.
قال المرداوي:"وعليه الأصحاب، ونص عليه.
قال الزركشي:"لا يختلف الأصحاب في ذلك."ا.?
وعن الإمام رواية بأن الولي ليس شرطاً في صحة النكاح مطلقاً، وخصه بعض الحنابلة بما إذا لم يكن هناك ولي أو سلطان.
ومما ورد في بطلان النكاح المذكور حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل. فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له."
أخرجه أبو داود: 2/567، 568، والترمذي: 3/408، وقال: حديث حسن، وأخرجه أحمد في المسند: 6/47.
وصححه السيوطي في الجامع الصغير: 1/119، والألباني في إرواء الغليل: 6/243.
انظر: عن المسألة: المغني: 6/449، الإنصاف: 8/66، الإشراف: 4/39، 40، والمحرر: [2/15-16.
2] مذهب الإمام إسحاق أن النكاح بلا ولي باطل كما يأتي تصريحه بذلك في المسألة الآتية بعد هذه، ولكنه يصح عنده إن أجاز ذلك الولي للأثر الآتي عن علي -رضي الله عنه-.
وانظر: عن مذهب الإمام إسحاق في عدم صحة النكاح بدون ولي: الاستذكار لوحة رقم: 91، فقد نقل مسألة ابن منصور هذه وذكر إجابة الإمامين أحمد وإسحاق.
انظر أيضاً عن قوله: المغني: 6/449، شرح السنة: 9/41.(4/1501)
ولكن إن1 أجاز جاز لأن علي بن أبى طالب -رضي الله عنه- حيث رفع إليه حديث [ظ-24/أ] ابنة هانئ2 إذ زوجتها أمها
__________
1 في ع بلفظ "إذا".
2 هي بحرية بنت هانئ الأعور، وورد أيضاً بنت هانئ بن قبيصة، وهي مجهولة كما ذكره الحافظ الدارقطني في سننه.
وحديثها ما رواه الدارقطني بسنده على الشيباني: "وهو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان الكوفي كما في التعليق المغني على الدارقطني." قال: كان فينا امرأة يقال لها بحرية، زوجتها أمها وأبوها غائب، فلما قدم أبوها أنكر ذلك، فرفع ذلك إلى علي ابن أبي طالب، فأجاز النكاح."
وروى القصة الدارقطني بسند آخر أن علياً قضى بذلك.
وروى الدارقطني عن الشيباني المذكور عن بحرية بنت هانئ الأعور أنه سمعها تقول: زوجها أبوها رجلاً وهو نصراني فزوجت نفسها القعقاع بن شور، فجاء أبوها إلى علي -رضي الله عنه-، فأرسل إليها، ووجد القعقاع قد بات عندها، وقد اغتسل، فجيء به إلى علي وأن عليه خلوقاً، فقال أبوها: فضحتني والله، ما أردت هذا، قال: أترى بنائي يكون سراً؟ فارتفعوا إلى علي –رضي الله عنه- فقال: دخلت بها؟ قال: نعم، فأجاز نكاحها نفسها."
وما دامت راوية القصة مجهولة كما ذكره الحافظ الدارقطني، فإنه لا يقوى هذا الأثر على معارضة الأدلة الصحيحة الواردة في اشتراط الولي في النكاح التي منها حديث عائشة السابق، لا سيما أن في إحدى روايات القصة أن أباها كان نصرانياً ولا ولاية لكافر على مسلمة.
[] انظر: عن هذا الأثر: سنن الدارقطني: 3/323-324.(4/1502)
أجاز علي نكاحها وليس فيه تجديد النكاح، وعلي يومئذ خليفة، فكل عقد نكاح مثل هذا [موقوف] 1 حتى يجيزه الولي أو السلطان.
[879-] قلت:2 إذا تزوجها بغير إذن ولي ثم طلقها؟
قال: أحتاط لها أجيز طلاقه.3
قال إسحاق: كلما طلقها وقد عقد النكاح بلا ولي لم يقع عليها طلاق، ولم يقع4 بينهما ميراث، لا شك في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فنكاحها باطل ثلاثاً"،5 فالباطل منفسخ لا
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من ع لأنه به يكمل الكلام وتستقيم العبارة.
2 في ع بلفظ: "قال: قلت: إذا تزوجها بغير ولي ثم طلقها".
3 أي أجيز طلاقه من باب الاحتياط ومراعاة لخلاف من قال بصحة النكاح، فالأورع عند الإمام أحمد أن من يريد ترك امرأة عقد عليها بدون ولي أن يطلقها.
وقد سبق تحرير مذهب الإمام أحمد في النكاح بدون ولي في المسألة السابقة رقم: 878.
وقد نص في كتاب الروايتين والوجهين لوحة رقم: 110 أن هذه رواية ابن منصور.
4 في ع بتكرار عبارة: "لم يقع".
5 ورد ذلك في حديث عائشة وسبق في المسألة السابقة رقم: 878 تخريجه.(4/1503)
يحتاج إلى فسخ حاكم ولا غيره، وإن رفع إلى حاكم فشرع في فسخه فحسن جميل لأن النكاح في العدة حرام أيضاً، وقد رفع إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ففرّق1 بينهما، وهل شك أحد أن النكاح في العدة لا يثبت؟ فكيف فرّق عمر -رضي الله عنه-، إنما قال فرّق بينهما لما أراد من إعلام الناس أنه لم يكن بينهما نكاح.
[880-] قلت: تزوجها في العدة؟
قال: ليس هذا مثل ذاك، إذا طلقها لم يكن شيء.2
__________
[1] أثر عمر هذا هو ما رواه بن أبي شيبة في مصنفه: 4/131-132 بسنده عن عكرمة ابن خالد قال: جمعت الطريق ركباً، فجعلت امرأة منهم تبث أمرها إلى رجل من العوام غير وليها، فأنكحها رجلاً قال: فجلد عمر الناكح والمنكح وفرّق بينهما".
[] وأخرجه عبد الرزاق بنفس السند في مصنفه: 6/198-199.
2 أجاز الإمام أحمد طلاق من عقد على امرأة بدون ولي وإن لم يصح النكاح، على وجه الاحتياط للاختلاف في صحته، ولم ير طلاق من عقد على معتدة شيئاً لعدم الخلاف في بطلان العقد على معتدة، فلا يجوز نكاحها أبداً للنهي الصريح القاطع في ذلك وهو قوله تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} البقرة: آية: 235.
انظر: الكافي: 3/50، المبدع: 7/69، المحلى: 9/478، كشاف القناع: 5/82.
الروايتين والوجهين لوحة رقم: 110.(4/1504)
قال إسحاق: كلما تزوجها بغير ولي ثم طلق لم يكن1 طلاقاً أبداً وفي العدة كما قال.
[881-] قلت2 لأحمد: المهر3 على ما تراضوا عليه؟
قال أحمد: كذاك نقول.4
__________
1 في ع بلفظ "لم يقع".
2 في ع بحذف "لأحمد".
3 المهر لغة: الصداق، والجمع مهور، وقد مهر المرأة يمهرها ويمهرها مهرا وأمهرها.
انظر: لسان العرب: 5/184، ومختار الصحاح: 638.
والمهر اصطلاحاً: العوض المسمى في عقد النكاح، أو بعده لمن لم يسم لها فيه.
انظر: غاية المنتهى: 3/53، والتنقيح المشبع: 301، وكشاف القناع: 5/128، والمبدع: 7/130.
4 هذه المسألة نص في أن المهر ما اتفق عليه الأهلون ورضوا به، لما روى عبد الله بن عامر عن أبيه: "أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ " قالت: نعم، فأجازه".
[] أخرجه الترمذي في باب ما جاء في مهور النساء: 3/420-421، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجة حديث رقم: 1888، وأحمد في المسند: 3/445.
قال ابن قدامة: "ولأن النكاح عقد معاوضة فيعتبر رضَى المتعاقدين كسائر عقود المعاوضات، فإن كان الولي الأب فمهما اتفقا هو والزوج عليه جاز أن يكون صداقاً قليلاً كان أو كثيراً، بكراً كانت أو ثيباً، صغيرة كانت أو كبيرة، وكذلك زوّج شعيب عليه السلام موسى عليه السلام ابنته وجعلا الصداق إجارة ثماني حجج من غير مراجعة الزوجة. وإن كان الولي غير الأب اعتبر رضَى المرأة والزوج لأن الصداق لها وعوض منفعتها" ا.?.
[] انظر: المغني: 6/687، والمبدع: 7/131-132، وكشاف القناع: 5/129، وتحفة الأحوذي: [4/250-252.(4/1505)
[882-]] قلت: الذي قال: زوجتكها على ما معك من القرآن؟ 1
فكرهه، وقال: الناس يقولون: على أن يعلّمها، يضعونها على غير هذا، وليس هذا في الحديث.2
__________
1 لما روى سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءته امرأة فقالت: إني وهبت نفسي لك، فقامت طويلاً، فقال رجل: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجه. فقال: هل عندك من شيء تصدقها؟ فقال: ما عندي إلا إزاري. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إزارك إن أعطيتها جلست ولا إزار لك، فالتمس شيئاً، قال: لا أجد، قال: التمس ولو خاتماً من حديد، فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: زوجتكها بما معك من القرآن.".
أخرجه البخاري في باب التزويج على القرآن بغير صداق: 6/138.
وأخرجه مسلم حديث رقم: 1425.
2 أي تأول بعض الناس الحديث وقالوا معناه على أن تعلّمها ما معك من القرآن، ولم يرتضه الإمام أحمد في هذه الرواية، بل كره أن يعقد النكاح على ذلك.
واختلفت الرواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- في جعل تعليم القرآن صداقاً:
فقال في موضع: أكرهه.
وقال في موضع: لا بأس أن يتزوج المرأة على أن يعلّمها سورة من القرآن.
وفي رواية أخرى: أنه لا يجوز جعل تعليم القرآن صداقاً. وبهذا القول قال إسحاق.
[] انظر: المغني: 6/684، الفروع: 5/262، المقنع بحاشية: 3/74-75، المحلى: 9/497-499(4/1506)
قال أحمد: على ما تراضوا عليه، يعني المهر.
قال إسحاق: كما قال، وإذا تزوجها على ما معه من القرآن جاز النكاح، ويجعل لها مهراً لما سن النبي صلى الله عليه وسلم في بناته ونسائه.1
__________
1 أي كان يسمي لهن صداقاً، ولم يخل زواج بناته ونسائه من ذكر الصداق.
ومما ورد في ذلك عن أبي سلمة قال: سألت عائشة -رضي الله عنها- عن صداق النبي -صلي الله عليه وسلم- قالت: "ثنتا عشرة أوقية ونشّ، فقلت وما النش؟ قالت نصف أوقية".
أخرجه مسلم في النكاح باب الصداق، حديث:1426، والنسائي: 6/116، وأبو داود: 2/582، وابن ماجة، حديث: 1886، وأحمد في المسند: 6/94، والدارمي: 2/141، والحاكم: 2/181.
وعن أبي الجعفاء السلمي قال: خطبنا عمر -رضي الله عنه- قال: "ألا لا تغالوا بصداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية".
[] أخرجه أبو داود باب الصداق 2/582-583 والترمذي، حديث رقم: 1122 وصححه، وابن ماجة، حديث رقم: 1887، والدارمي: 2/141، وأحمد: 1/40، وابن حبان وصححه: 1259، والحاكم: 2/ 175.(4/1507)
[883-] قلت: إذا تزوجها على حكمها؟
قال أحمد: نقول على ما قال عمر -رضي الله عنه- للأشعث بن قيس:1 لها حكم نسائها2 لا وَكْس3 ولا شطط.
__________
1 الأشعث بن قيس بن معد يكرب الكندي الصحابي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر -رضي الله عنه- ويكنى أبا محمد. مات بالكوفة حين صالح الحسن معاوية فصلى عليه، وله من العمر ثلاث وستون سنة.
انظر: الإصابة:1/66، تهذيب التهذيب: 1/359.
[2] قول عمر رضي الله عنه هو ما أخرجه البيهقي في سننه:7/247-248، تحت باب الرجل يتزوج بامرأة على حكمها، بسنده عن ابن سيرين أن الأشعث بن قيس تزوج امرأة عشقها على حكمها، فاحتكمت عليه مملوكين له، فأتى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: عشقت امرأة. قال: ذاك ما لم تملك. قال: جعلت لها حكمها. قال: حكمها ليس بشيء لها سنة نسائها.
3 الوكس: النقصان والخسارة، الشطط: الجور والظلم والبعد عن الحق، وقيل: الزيادة على الواجب المعتاد.
انظر: النهاية في غريب الحديث 2/475، معالم السنن: 2/589، جامع الأصول في أحاديث الرسول: 7/19، لسان العرب: 7/334.
قال صاحب الإقناع: إن تزوجها على حكمها فالنكاح صحيح ولها مهر المثل، وذلك لأن المرأة لم تأذن في تزويجها إلا على صداق لكنه مجهول فقط، فوجب مهر المثل بالعقد لأنها تملك المطالبة به فكان واجبا كالمسمى، ولأنه لو لم يجب بالعقد لما استقر بالموت، ولقول ابن مسعود -رضي الله عنه- وقد سئل عن امرأة تزوجت برجل لم يفرض لها صداقاً، ولم يدخل بها حتى مات، قال ابن مسعود: "لها صداق نسائها لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث"، فقام معقل بن سنان، فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق بمثل ما قضيت، ففرح بها ابن مسعود".
رواه أبو داود 2/588، ورواه الترمذي، حديث رقم: 114، وقال: حسن صحيح، ورواه النسائي [6/121-123،] والحاكم 2/181، وصححه ووافقه الذهبي.
وانظر أصل المسألة في: كشاف القناع عن متن الإقناع 5/156، والمبدع 7/167، ومطالب أولي [] النهى 5/218، والمقنع 3/91، وتحفة الأحوذي 4/299-300(4/1508)
قال إسحاق:1 كلما تزوجها على حكمها لها سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربعمائة وثمانون درهماً2 [ع-43/ب] .
__________
1 انظر: عن نص قول الإمام إسحاق هذا في الإشراف على مذاهب العلماء 4/49.
ويشير الإمام إسحاق بقوله هذا إلي الحديث الذي ورد فيه أنه "ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية".
وسبق تخريجه في المسألة رقم: (882) السابقة.
والأوقية: أربعون درهماً، فيكون الجميع أربعمائة وثمانين درهماً.
انظر: عن مقدار الأوقية: النهاية في غريب الحديث 5/56.
والراجح أنه لها مثل مهر نسائها وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ولفعل عمر -رضي الله عنه-.
2 في ع زيادة "وزناً".(4/1509)
[884-] قلت1: إذا تزوج الرجل المرأة أله أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئا؟
قال أحمد:2 نعم.
قلت: بحديث من تقول هذا؟
قال: بحديث خيثمة3.
واحتج بحديث بروع4 ابنة واشق.
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 يجوز الدخول بالمرأة قبل إعطائها شيئاً سواء كانت مفوضة أو مسمى لها، وذلك لحديث خيثمة الذي احتج به الإمام أحمد هنا وهو: عن خيثمة عن عائشة قالت: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئاً".
أخرجه: أبو داود 2/597، وابن ماجة 1992.
وكذلك احتج بحديث بروع ابنة واشق والذي فيه أنه تزوج امرأة على حكمها.
وقد سبق تخريجه في المسألة السابقة رقم: (946) .
انظر: المغني: 6/ 720، مطالب أولي النهى: 5/ 221، المبدع: 7/128.
3 خيثمة: هو خيثمة بن عبد الرحمان بن أبي سبرة لأبيه ولجده صحبة، وهو تابعي ثقة، وكان رجلاً صالحاً، وكان سخياً. روى عنه زر بن حبيش وطلحة بن مصرف وقتادة والأعمش وغيرهم. مات سنة ثمانين، وقيل: بعد ثمانين.
انظر: عن ترجمته: التاريخ الكبير للبخاري: 3/215، وتقريب التهذيب: 95، وتهذيب التهذيب: 3/178.
4 حديثها سبق تخريجه في المسألة رقم: (883) .
وبروع بنت واشق الرواسبية الكلابية أو الأشجعية، زوج هلال بن مرة الأشجعي. مات عنها زوجها ولم يفرض لها صداقاً، فقضى لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل صداق نسائها. روى حديثها أبو سنان معقل بن سنان وجراح الأشجعيان وناس من أشجع، وشهدوا بذلك عند ابن مسعود.
انظر: الإصابة: 4/244، والاستيعاب 4/248.(4/1510)
[885-] قلت:1 إذا أراد الرجل أن يتزوج ينظر إليها قبل ذلك؟
قال أحمد: لا بأس به ما لم يكن2 يرى منها محرماً.3
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 في ع بحذف "يكن".
3 قال ابن قدامة في المغني: "لا نعلم خلافاً في إباحة النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها، وقد روى جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل". قال: فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها".
أخرجه: أحمد 3/334، وأبو داود 2/565 والحاكم في المستدرك 2/165 وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
ومن الأحاديث الواردة في ذلك حديث المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "انظر: إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما".
وفسر الإمام الترمذي هذا بقوله: "أحرى أن تدوم المودة بينكما".
قال الترمذي أيضاً: هذا حديث حسن، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقالوا: لا بأس أن ينظر إليها ما لم ير منها محرماً، وهو قول أحمد وإسحاق.
[] انظر: سنن الترمذي 3/397، وأخرج الحديث أيضاً النسائي 6/69-70، وابن ماجة 1/599.
[] وانظر عن المسألة: المغني 6/552، والمبدع 7/7-8، والكافي 3/5، والإنصاف 8/16-18، والفروع 5/152، والمحرر 2/13.(4/1511)
قال إسحاق: كما قال لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا ألقى الله عز وجل في قلب امرئ خطبة امرأة، فلا بأس أن ينظر إليها وهي لا تعلم إلى ما لا بأس منها." 1
[886-] قلت:2 رجل تزوج امرأة فزنى قبل أن يدخل بها؟
قال أحمد: لا يفرق بينهما.3
__________
1 هذا الحديث أخرجه الإمامان أحمد وابن ماجة عن محمد بن سلمة قال: خطبت امرأة فجعلت أتخبأ لها، حتى نظرت إليها في نخل لها، فقيل له: أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة، فلا بأس أن ينظر إليها". واللفظ لابن ماجة.
قال صاحب بلوغ الأماني: "وفى إسناده الحجاج ابن أرطأة فيه كلام، ولكن أخرجه ابن حبان في صحيحه بإسناد آخر وصححه، وسكت عنه الحافظ في التلخيص".
انظر: بلوغ الأماني مع الفتح الرباني 16/153، ومسند الإمام أحمد 3/493، وسنن ابن ماجة 1/599.
2 في ع بلفظ "قال: قلت".
3 في المخطوطتين "فزنى قبل أن يدخل بها" كما أثبته، والحديث الذي استدل به الإمام أحمد وكلام الإمام إسحاق يدلان على أنه زنى بمن يتزوجها.
ويمكن أن يستدل بذلك على من زنى مطلقاً، وفى كلتا الحالتين لا يفرق بينهما؛ ففي حالة زناه ممن يريد زواجها، فكما يأتي عن عمر وابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-.
وأما زناه من غيرها، فقد قال ابن مفلح في تعليل عدم انفساخ النكاح بذلك: "أن دعواه الزنى عليها لا يبينهما، ولو كان النكاح ينفسخ به لانفسخ بمجرد دعواه كالرضاع، ولأنه معصية، أشبهت السرقة، ولكن استحب أحمد مفارقتها إذا زنت، وقال: لا أرى أن يمسك مثل هذه". المبدع: 7/70.
وسيأتي مزيد بيان لما يتعلق بنكاح الزانية في المسألة رقم: (1018) .(4/1512)
قلت: بحديث من تقول هذا؟
قال: بحديث عبيد1 الله بن أبي يزيد عن أبيه عن
__________
1 عبيد الله بن أبي يزيد المكي مولى آل قارظ بن شيبه، روى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير، وروى عن أبيه أبي يزيد ومجاهد وسباع بن ثابت. وروى عنه ابنه محمد وابن المنكدر وابن جريج وسفيان بن عيينة وآخرون. وثقه ابن المديني وابن معين والنسائي، وقال ابن عينية: مات سنة ست وعشرين ومائتين.
[] انظر: ترجمته في: تقريب التهذيب: ص 228، وتهذيب التهذيب: 7/56-57.
وأبوه: أبو يزيد المكي حليف بنى زهرة روى عن عمر بن الخطاب وأم أيوب الأنصارية وغيرهما، وممن روى عنه ابنه عبيد الله. قال الحافظ في التقريب يقال: له صحبة، وذكر في التقريب والتهذيب أن ابن حبان وثقه، وأشار فيهما إلى أنه من رجال سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة.
انظر: التقريب 433، وتهذيب التهذيب 12/280.(4/1513)
عمر.1
قال إسحاق: كما قال2 سواء لأن بعد الزنى حرص عمر أن يجمع بينهما، فأبى الغلام ذلك.
[887-] قلت: إذا تزوج الرجل المرأة فوجد بها جنوناً أو جذاماً3 أو برصاً؟ 4
فلم يقل شيئاً.
__________
1 روى بن أبي شيبة في مصنفه: 4/248 تحت باب في الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها من رخص فيه عن ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه أن سباع بن ثابت تزوج ابنة رباح بن وهب وله ابن من غيرها ولها ابنة من غيره، ففجر الغلام بالجارية فظهر بالجارية حمل، فرفعا إلى عمر بن الخطاب فاعترفا، فجلدهما وحرص أن يجمع بينهما، فأبى الغلام.
وروى بسنده عن ابن عباس في رجل وامرأة أصاب كل واحد منهما من الآخر حداً، ثم أراد أن يتزوجها، قال: لا بأس، أوله سفاح وآخره نكاح.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق في جواز نكاح الرجل المرأة وقد زنى بها إذا تابا: الإشراف: 4/101.
وفى عدم مفارقة المرأة بزناها، الإشراف: 4/77.
3 الجُذام داء معروف تتهافت منه الأطراف ويتناثر منه اللحم.
انظر: لسان العرب 12/87، ومعجم ألفاظ الفقه الحنبلي 11/324.
4 البرص: داء معروف وهو بياض يخالف بقية البشرة.
انظر: لسان العرب: 7/5، معجم ألفاظ الفقه الحنبلي: 11/423.(4/1514)
قلت: تقول بحديث عمر1 وعلي؟ 2
قال: لا أدري.
سألته بعد ذلك؟
فقال: لا أدري إلا أن يرجع على الولي.3
قلت: ويفارقها؟
__________
1 حديث عمر -رضي الله عنه- هو ما أخرجه مالك في الموطأ، باب الصداق والحباء، عن سعيد عن عمر: "أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملاً، وذلك لزوجها غرم على وليها". زاد ابن عيينة عن يحيى بن سعيد بسنده "أو قرن".
انظر: شرح الزرقاني على موطأ مالك: 3/13.
قال الألباني في إرواء الغليل: 6/328، رجاله ثقات رجال الشيخين، لكنه منقطع بين سعيد وعمر.
2 أخرج الدارقطني بسنده في سننه عن علي -رضي الله عنه-: "أيما رجل تزوج امرأة مجنونة أو جذماء أو بها برص أو بها قرن، فهي امرأته إن شاء أمسك وإن شاء طلق".
سنن الدارقطني: 3/267. وأخرجه سعيد بن منصور في سننه: 1/245.
وقال في التعليق المغني على الدارقطني: 3/267 "وإسناد هذا الأثر صحيح".
3 أي لا يأخذ المهر من المرأة ولكن يرجع على وليها الذي غره بها ولم يبين عيبها.
وتوقف الإمام أحمد عن الجواب كان على من يعود بالمهر لا في ثبوت الخيار للرجل بالعيوب المذكورة، فإنه لم تختلف الرواية عن الإمام أحمد في أن العيوب المذكورة تثبت الخيار لأحد الزوجين.
انظر: المحرر: 2/24، المقنع بحاشيته: 3/57، منار السبيل: 2/179.(4/1515)
قال: نعم.1
قال إسحاق: السنة فيه قول عمر في العيوب الأربعة2 إلا أن يكون دخل بها، فإن كان دخل بها فهي امرأته.3
[888-] قلت: إذا تزوج البكر علي الثيب، أو الثيب على البكر؟
__________
1 الجذام والبرص والجنون: هذه عيوب إذا وجدت يثبت بها خيار الفسخ رواية واحدة، وهي مشتركة بين الرجل والمرأة، وذلك لما روي "أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من بني غفار، فرأى بكشحها بياضاً فقال: ألحقي بأهلك".
أخرجه أحمد في المسند: 3/493.
ولكن ضعفه الألباني في إرواء الغليل: 6/326.
ولأن هذه الأمراض تثير نفرة في النفس تمنع قربان أحد الزوجين من الآخر، ويخشى تعدي هذه الأمراض إلى النفس والنسل، والجنون يثير النفرة المذكورة ويخاف ضرره سواء كان مطبقاً أي دائماً أو يفيق بعض الأحيان، أي يعتريه في وقت دون آخر، لأن النفس لا تسكن إلى من هذه حاله.
[] انظر: المغني: 6/650، والإقناع: 3/199، والمبدع: 7/106-107، والإنصاف: 8/194، كشف المخدرات: 366، الزوائد: 656.
2 المذكورة في أثر عمر السابق تخريجه في أول هذه المسألة.
3 لأنه إن دخل بها أو استمتع بها فقد رضي بالعيب وبطل خياره بذلك، وإن دخل بها وهو لا يعلم العيب كان له الخيار وعليه المهر.
انظر: الإشراف: 4/76،المغني:6/654، الروايتين والوجهين، لوحة رقم: 119.(4/1516)
قال: يقيم عند البكر سبعاً ثم يدور، وعند الثيب ثلاثاً ثم يدور.1
قال إسحاق: كما قال.2
[889-] قلت: [تزوج] 3 اليهودية والنصرانية؟
قال: لا بأس به.4
__________
1 وذلك لما رواه أبو قلابة عن أنس قال: "من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعاً، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم. قال أبو قلابة: لو شئت لقلت: إن أنساً رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ".
متفق عليه: البخاري: 6/154، ومسلم:2/1083.
وانظر عن المسألة: الكافي: 3/134، وغاية المنتهي: 3/97، والمغني: 7/44، والمقنع: 3/110.
[2] انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/134-135، شرح السنة: 9/154.
3 ما بين المعقوفين من ع ولفظ ظ "تزويج"، وما أثبته تستقيم به العبارة.
4 دليل حل حرائر نساء أهل الكتاب قوله عز وجل: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} -إلى قوله:- {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنّ} المائدة من الآية:5.
وكذلك إجماع الصحابة على ذلك، كما ذكره ابن قدامة في المغني.
انظر: المغني: 6/590، الإنصاف:8/135، الكافي: 3/47.(4/1517)
قلت: والمجوسية؟ 1
قال: لا يعجبني إلا من أهل الكتاب.2
قال إسحاق:3 كما قال، والمجوسية لا تحل.
[890-] قلت: تزويج المملوكة المسلمة؟
قال: نعم.4
__________
1 في ع بلفظ "فالمجوسية".
2 لا يجوز نكاح نساء المجوس لقوله عز وجل: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} الممتحنة، الآية:10، ثم رخص في الزواج من أهل الكتاب، وما عدا ذلك يبقى على عموم التحريم.
انظر: المغني: 6/591،كشاف القناع:5/85.
3 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف:4/92، الجامع لأحكام القرآن:3/70.
4 لا يجوز للحر المسلم نكاح الأمة المسلمة إلا بثلاثة شروط:
أ- أن تكون مؤمنة لقوله تعالى: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} النساء من الآية:25.
ب- عدم الطَّول، وهو العجز عن نكاح حرة أو شراء أمة.
ج- خشية العنت، وهو الوقوع في الزنى لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} إلى قوله: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} النساء: آية:25.
فإن أمكنه نكاح حرة كتابية لم تحل له الأمة المسلمة، لأنه لا يخشى العنت، ولأنه أمكنه صيانة ولده عن الرق فحرم عليه إرقاقه، كما لو قدر على نكاح مؤمنة.
[] انظر: الإنصاف: 8/138-139، الكافي: 3/48-49، الروض الندي:359.(4/1518)
إذا خاف العنت.1
قال إسحاق:2 كما قال، إذا خاف الزنى فله3 أن يتزوجها، وإذا خاف الزنى على الحرة والأمة.4
[891-] قلت: إذا تزوج الحرة على الأمة؟
قال: يكون طلاقاً للأمة.5
__________
1 العنت لغة: دخول المشقة على الإنسان، ولقاء الشدة. والمقصود به هنا الفجور والزنى.
انظر: لسان العرب: 2/61، والنهاية في غريب الحديث: 3/306، وتفسير ابن كثير 1/478، وفتح القدير: 1/452.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني: 6/597.
3 في ع بلفظ "وله".
4 أي إذا خاف الزنى يجوز له أن ينكح الأمة وعنده زوجة حرة أو أمة.
5 إذا تزوج حرة على أمة صح، وفي بطلان نكاح الأمة روايتان:
إحداهما: لا يبطل نكاح الأمة، وهي ظاهر المذهب.
الثانية: يبطل وينفسخ، واستدل لها بأثر عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- الآتي تخريجه في آخر المسألة، ولأنه إنما أبيح للحاجة، فإذا زالت الحاجة لم يجز له استدامته، كمن أبيح له أكل الميتة للضرورة، فإذا وجد الحلال لم يستدمه.
واستدل ابن قدامة للرواية الأولى بما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 4/150، عن علي -رضي الله عنه- قال: "إذا تزوج الحرة على الأمة قسم للأمة يوماً وللحرة يومين"، فإنه لو بطل بنكاح الحرة لبطل بالقدرة عليه، فإن القدرة على المبدل كاستعماله بدليل الماء مع التراب.
[] انظر: المغني: 6/599، الإنصاف: 8/142-143، المحرر:2/22، الكافي: 3/48-49.(4/1519)
قلت: بحديث من تقول هذا؟
قال: بحديث1 ابن عباس -رضي الله عنهما-.
قال إسحاق:2 كما قال سواء.3
[892-] قلت:4 تزويج المملوكة اليهودية5 والنصرانية؟
قال: لا يتزوجها. 6
__________
1 حديث ابن عباس هو ما أخرجه ابن أبي شيبه في مصنفه: 4/149 بسنده عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "نكاح الحرة على الأمة طلاق الأمة."
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/120، المغني: 6/299، الاستذكار، لوحة رقم: 122.
3 نهاية اللوحة رقم: (46) من ظ.
4 بداية اللوحة رقم: (47) من ظ.
5 في ع بلفظ: "النصرانية واليهودية" أي بتقديم النصرانية.
6 ليس للمسلم وإن كان عبداً نكاح أمة كتابية لقوله تبارك وتعالى: {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} النساء من آية: 25، فشرط في إباحة نكاحهن الإيمان، ولأنه اجتمع فيها نقص الرق والكفر، فأشبهت المجوسية، فإنه اجتمع فيها الكفر وعدم الكتاب، وحذراً من استرقاق الولد.
وعن الإمام أحمد رواية مرجوحة أنه يجوز نكاحها بالشروط في الأمة المسلمة والرواية الأولى هي المذهب.
انظر: الإنصاف: 8/138، المغني: 6/596، المبدع: 7/73.(4/1520)
قال إسحاق: 1 كما قال سواء شديداً [ظ-24/ب] .
[893-] قلت:2 العبد ينكح الأمة على الحرة؟
قال: يقسم للحرة يومين وللأمة يوماً،3 حديث4 ابن أبي
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق: المغني:6/596، المقنع بحاشيته:3/39.
2 في ع بلفظ "قال: قلت". هذه المسألة ساقطة من نسخة الأصل.
3 أجاب الإمام أحمد بأمر القسمة، ومعناه أنه يجوز ذلك، وهو المعتمد في مذهب الإمام أحمد لقول علي رضي الله عنه: " إذا تزوج الحرة على الأمة قسم للأمة يوماً وللحرة يومين ".
أخرجه: ابن أبي شيبه في مصنفه: 4/150.
وعن الإمام أحمد رواية أنه لا يجوز نكاح العبد للأمة على الحرة، لما روي عن سعيد ابن المسيب أنه قال: " تنكح الحرة على الأمة ولا تنكح الأمة على الحرة ".
[] انظر: المغني: 6/600-601، الإنصاف: 8/146، المبدع: 7/76.
4 الحديث أخرجه ابن أبي شيبه في مصنفه: 4/150، بسنده: تحت باب في الحرة والأمة إذا اجتمعتا كيف قسمتهما، عن علي قال: "إذا تزوج الحرة على الأمة قسم للأمة يوماً وللحرة يومين".(4/1521)
ليلى1 عن المنهال2 عن عباد3 عن علي.4
قال إسحاق: كما قال.
[894-] قلت: إذا تزوج أختين في عقدة؟
قال: يختار [إحديهما5] .
__________
1 ابن أبي ليلى تقدمت ترجمته في المسألة رقم: (856) .
2 المنهال بن عمرو الأسدي الكوفي، روى عن أنس إن كان محفوظاً، وأرسل عن يعلى ابن مرة ومحمد بن الحنفية ومجاهد وزر بن حبيش وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعباد بن عبد الله، وعنه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى والأعمش والحجاج بن أرطأة وغيرهم، صدوق وربما وهم.
انظر: ترجمته في: تقريب التهذيب: 348، تهذيب التهذيب: 10/319.
3 عباد بن عبد الله الأسدي الكوفي رَوَى عن علي رضي الله عنه، وعنه روى المنهال، قال البخاري: فيه نظر، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال علي بن المديني: ضعيف الحديث، وقال ابن حزم: هو مجهول.
انظر: تهذيب التهذيب: 5/98.
4 سبقت ترجمته في المسألة رقم: (866) .
5 ما بين المعقوفين عبارة ع وعبارة ظ "أحدهما"، والصواب ما أثبته.
وتأول القاضي رواية ابن منصور هذه على أن يختار إحداهما بعقد مستأنف، والصحيح من المذهب أنه إذا تزوج أختين في عقد واحد لم يصح على واحدة منهما لأنه لا يمكن تصحيحه فيهما، ولا مزية لإحداهما على الأخرى، فيبطل فيهما كما لو زوجت المرأة لرجلين، وهكذا لو تزوج خمس نساء في عقد واحد بطل في الجميع.
[] انظر: الإنصاف: 8/123-124، المغني: 6/581-582، منار السبيل: 2/165، الكافي:3/40.(4/1522)
قال إسحاق: كما قال.1
[895-] قلت: إذا تزوج حرة ومملوكة قي عقدة؟ 2
قال: يثبت نكاح الحرة، ويفارق الأمة.3
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الأوسط لابن المنذر، لوحة رقم: 217، الجامع لأحكام القرآن: 5/118.
2 في ع بحذف "عقدة".
3 إن تزوج حرة تعفه وأمة في عقد واحد، فسد نكاح الأمة لعدم شرطه وهو عدم طول الحرة.
وهناك رواية: أنه يجوز لأن كل واحدة منهما يجوز إفرادها بالعقد، فجاز الجمع بينهما كالأمتين.
وقال المرداوي: "يفسد النكاحان على الصحيح من المذهب" ا.?
قال: "ونقل ابن منصور يصح في الحرة " ا.? مشيراً إلى هذه الرواية.
انظر: الإنصاف: 8/146، المبدع: 7/76، الكافي: 3/49، منار السبيل: 2/170، المحرر: 2/22.(4/1523)
قال إسحاق: كما قال.
[896-] قلت: يكره أن يجمع1 بين ابنتي عم؟
قال: لا أكرهه2، إنما كرهه الحسن.
قال3 إسحاق: إنما يكره4 ذلك للتفاسد، لا للتحريم.
__________
1 في ع بلفظ "الجمع".
2 لا يحرم الجمع بين ابنتي العم، وكذلك الجمع بين ابنتي الخال، لعدم النص فيهما بالتحريم ودخولهما في عموم قوله تبارك وتعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} سورة النساء من الآية: 24، وذلك بعد أن ذكر المحرمات من النساء.
ولأن إحداهما تحل لها الأخرى لو كانت ذكراً، وفي كراهة ذلك روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: يكره ذلك، وهو مروي عن الحسن وعطاء وذلك لما روى بن أبي شيبة في مصنفه: 4/247 عن عيسي بن طلحة قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تزوج المرأة على ذي قرابتها كراهية القطيعة". ولأنه مفضٍ إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها فيؤدي إلى التفاسد، فأقل أحواله الكراهة.
والرواية الأخرى: لا يكره، وهو قول سليمان بن يسار والشعبي والأوزاعي وإسحاق وأبي عبيد، وذلك لما ذكرنا في أول المسألة، ولأنه ليست بينهما قرابة تحرم الجمع فلا يقتضي كراهته كسائر الأقارب.
انظر: الإنصاف: 8/123، المبدع: 7/73، المغني: 6/573، الكافي: 3/44، كشاف القناع: [5/76،] الإشراف: 4/100، شرح السنة: 9/69-70.
3 في ع بلفظ "إنما كرهه الحسن للتفاسد لا للتحريم، قال إسحاق: كما قال".
4 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف 4/100، والمغني: 6/574.(4/1524)
[897-] قلت: كم يغيب الرجل عن امرأته؟
قال: ستة أشهر.
قال إسحاق: هكذا.1
قال أحمد: يكتب إليه، فإن أبى أن يرجع يفرّق الحاكم بينهما.2
__________
1 في ع بلفظ "كذا" وتوجد بعدها كلمة غير واضحة.
2 في ع بتقديم "بينهما" على لفظ الحاكم.
وإذا غاب الرجل عن زوجته ولم يكن له عذر مانع من الرجوع، فإن الإمام أحمد -رحمه الله- ذهب إلى توقيته بستة أشهر، وقد يغيب أكثر من ذلك لأمر لا بد له منه كحج وطلب رزق محتاج إليه، فإن غاب أكثر من ذلك لغير عذر يكتب إليه، فإن أبى أن يرجع فرّق بينهما.
وإنما صار إلى تقديره بهذا لما نقل ابن الجوزي في كتابه سيرة عمر بن الخطاب ص 72، قال: بينما عمر يحرس المدينة فمر بامرأة في بيتها وهي تقول:
تطاول هذا الليل واسود جانبه ... وطال على أن لا خليل ألاعبه
ووالله لولا خشية الله وحده ... لحرك من هذا السرير جوانبه
فسأل عنها عمر رضي الله عنه، فقيل: هذه فلانة زوجها غاز في سبيل الله، فأرسل إليها امرأة تكون معها وبعث إلى زوجها، ثم دخل على حفصة فقال: بنية كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله مثلك يسأل عن هذا؟ فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك. فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر. فوقّت للناس في مغازيهم ستة أشهر: يسيرون شهراً، ويقيمون أربعة أشهر، ويسيرون شهراً راجعين.
[] انظر: المقنع بحاشيته: 3/105، الزوائد: 683، المبدع: 7/199-200، الروض الندي: [381،] الإنصاف: 8/355، المغني: 7/29-31.(4/1525)
قال إسحاق: إنما يكتب الوالي إذا مضى سنتان: [ع-44/أ] إن رجعت وإلا فرقت، فإن رجع وإلا فرق.
[898-] قلت: تزوج امرأة1 فلم يدخل بها، يقول: أدخل بها غداً إلى شهر، يُجبر على الدخول بها؟
قال أحمد: أذهب إلى أربعة أشهر،2 أي إن دخل بها وإلا فرّق بينهما.3
قال إسحاق: هو حسن.
[899-] قلت: إذا زوج الرجل ابنته أو أخته واشترط لنفسه شيئاً؟
__________
1 في ع بحذف "امرأة"، وهذه المسألة في ع متأخرة عن المسألة التي تليها في ظ.
2 في ع بلفظ "إذا تمت أربعة أشهر".
3 ممن نقل رواية ابن منصور هذه عن الإمام أحمد مصرحاً بأنها رواية ابن منصور: ابن قدامة في المغني، وبرهان الدين بن مفلح في المبدع، ومما يوجه تقدير ذلك بأربعة أشهر أن الله تعالى قدره بأربعة أشهر في حق المولي، فكذلك في حق غيره.
وعن الإمام أحمد رواية أنه لا يفرق بينهما، ووجهها لأنه لو ضرب المدة لذلك وفرق بينهما لم يكن للإيلاء أثر، ولا خلاف في اعتباره.
انظر: المبدع: 7/199، والمغني: 7/30، ومنار السبيل: 2/221، وغاية المنتهى: 3/92، والزوائد: 682.(4/1526)
قال: لا يجوز [لغير الأب] 1.
قلت:2 لأن يد الأب مبسوطة في مال ولده يأخذ ما شاء؟
قال: نعم.3
قال إسحاق:4 هو كما قال، ولا يجوز لغير الأب أن يشترط لنفسه شيئاً.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من ع، وعبارة ظ "لا يجوز غير الأب" وما أثبتُه أوضح.
2 في ع زيادة "قال".
3 يجوز للأب أن يشترط من صداق ابنته بدليل قوله تعالى في قصة شعيب -عليه السلام-: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} القصص، آية: 27، فجعل الصداق الإجارة على رعاية غنمه وهو شرط لنفسه، ولأن للوالد الأخذ من مال ولده بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من أموالهم".
[] أخرجه: أبو داود: 2/80-81، والترمذي في حديث رقم: 1358، وقال: حديث حسن.
وإن فعل ذلك غير الأب كالجد والأخ فالكل لها دونه، والشرط باطل لأن جميع ما اشترطه عوض في تزويجها، فيكون صداقاً لها كما لو جعله لها.
انظر: الإنصاف: 8/248، المغني 6/696، التنقيح المشبع:226، الإقناع: 3/212، المحرر: [2/32-33،] الإشراف: 4/55.
4 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/55.(4/1527)
[900-] قلت: الشرط في النكاح أن لها كذا وكذا إذا أخرجها من دارها ونحو ذلك؟
قال: لها شرطها.1
__________
1 إذا شرط لها إذا أخرجها من دارها أن لها كذا وكذا فإن هذا الشرط صحيح يلزم الوفاء به، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج".
متفق عليه، ويأتي تخريجه في آخر المسألة.
ولعمومات الوفاء بالعقود والعهود، ولأن الشارع حرم مال الغير إلا عن تراض منه، ولا شك أن المرأة إذا لم ترض ببذل فرجها إلا بهذا الشرط فلها ذلك، لأن شأن الفرج أعظم من المال، فإذا حرم المال إلا بالتراضي فالفرج أولى.
ولما روي أن رجلاً تزوج امرأة وشرط لها دارها، ثم أراد نقلها فخاصموه إلى عمر رضي الله عنه، فقال: لها شرطها. فقال الرجل: إذا يطلقننا، فقال عمر رضي الله عنه: "مقاطع الحقوق عند الشروط".
ويأتي تخريجه في آخر المسألة.
ولأنه شرط لها فيه نفع ومقصوده لا ينافي مقصود النكاح، فصح كالزيادة في المهر، فإن لم يفِ به فلها فسخ النكاح لأنه شرط لازم في عقد، فثبت حق الفسخ بفواته كشرط الرهن في البيع.
وعن الإمام أحمد رواية أنه لا يلزم الوفاء بهذا الشرط لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل".
أخرجه: البخاري: 3/29.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرّم حلالاً".
[] أخرجه الترمذي: 3/625-626 وقال: حديث حسن صحيح(4/1528)
قال إسحاق:1 كما قال سواء، لقول2 عمر رضي الله عنه: "مقاطع الحقوق عند الشروط".
ولقول3 النبي صلى الله عليه وسلم: "أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: سنن الترمذي: 3/425، الإشراف: 4/72.
2 تقدم نص قول عمر هذا في أول التعليق على قول الإمام أحمد في هذه المسألة.
أما تخريجه فقد علقه البخاري في باب الشروط في النكاح: 6/138. وأخرجه ابن أبي شيبة في [] مصنفه: 4/199، والبيهقي في سننه: 7/249، وسعيد بن منصور في سننه: 1/211-212.
3 هذا الحديث أخرجه: البخاري في النكاح، باب الشروط في النكاح: 6/138.
ومسلم في النكاح، باب الوفاء بالشروط، حديث رقم: 1418 ج 2/1035.
وأبو داود تحت باب في الرجل يشترط لها دارها: 2/604.
والترمذي في النكاح، باب الشرط عند عقد النكاح: 3/424.
والنسائي في النكاح، باب الشروط في النكاح: 6/92.
وابن ماجة في النكاح، باب الشروط في النكاح: 1/628.
والإمام أحمد في المسند: 4/144، 150، 152.(4/1529)
الفروج."
[901-] قلت: تزويج العبد بغير إذن مولاه؟
قال: هو على1 قول ابن عمر -رضي الله عنهما-: زنى.
__________
1 أظهر الروايتين عن الإمام أحمد والتي أجمع عليها أصحابه أن نكاح العبد بغير إذن سيده لا ينعقد.
وهناك رواية على أن نكاحه موقوف على إجازة السيد، وبها قال إسحاق كما فهم من كلامه في المسألة، وابن عمر -رضي الله عنهما- ممن يرى بأن ذلك لا يجوز بل إنه زنى كما ذكر عنه الإمام أحمد هنا، وكما أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه 4/261 أن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: نكاح العبد بغير إذن سيده زنى، ويعاقب الذي زوّجه.
وكما أخرج أبو داود في السنن 2/563 حديثاً مرفوعاً: "إذا نكح العبد بغير إذن مولاه فنكاحه باطل"، وبين أنه موقوف على ابن عمر.
وفي نفس المصدر عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً: "أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر".
قال المرداوي في الإنصاف 8/256 عن الرواية الأولى: هذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد -رحمه الله-، فإن تزوجها فرق بينهما، ولا مهر لها إذا لم يدخل بها، فإن دخل بها فأظهر الروايتين أن لها المهر بما استحل من فرجها.
انظر: المغني 6/515، ومنار السبيل 2/192، وكشاف القناع 5/139، والمبدع شرح المقنع 7/148.(4/1530)
قلت: فإن أجاز المولى بعد ذلك؟
قال: يستأنف النكاح.1
قيل له: يجلد؟
قال: على قول ابن عمر -رضي الله عنهما- نعم2، ولكن حديث3 أبي موسى رضي الله عنه.
[902-] قلت: فليس لها4 صداق ولا عليها عدة؟
__________
1 بناء على أظهر الروايتين على أن النكاح باطل، ولا يتوقف على إجازة السيد، كما مر.
2 حيث يرى أن دخوله بذلك الزواج زنى كما مر عنه.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه 4/261 بسنده عن ابن عمر -رضي الله عنهما- "أنه كان إذا تزوج بغير إذن ضربه الحد".
3 أي أن حديث أبي موسى رضي الله عنه الوارد في تزويج العبد بغير إذن سيده ليس فيه حد، وذلك معارض لما هو منقول عن ابن عمر -رضي الله عنهما-.
وحديث أبي موسى رضي الله عنه هو أن غلاماً له تزوج أمة بخمس من الإبل بغير إذن سيده، وطلب أبو موسى برد الغلام والإبل، فاختصموا إلى عثمان رضي الله عنه فقضى لهم عثمان بخمسَيْ ما استحل به فرج صاحبتهم، وردّ على أبي موسى ثلاثة أخماسه.
أخرجه: ابن أبي شيبة في مصنفه 4/260، وسعيد بن منصور 1/241.
4 في ظ بلفظ "قلت: فليس عليها صداق ولا عليها العدة"، فصححتها من ع كما هو في الأعلى.(4/1531)
قال: هكذا هو قول ابن عمر -رضي الله عنهما-،1 كأنه مال2 إلى حديث أبي موسى3 رضي الله عنه.
قال إسحاق: يستأنف النكاح أحب إلينا ولكن لا يجلد الحد، وإن أجازه المولى جاز4 وإن كان دخل بها فالعدة عليها والعقر.5
[903-] قلت:6 ابن عباس -رضي الله عنهما- كان يزوج أمته عبده بغير مهر؟ 7
__________
1 حيث يرى أن ذلك زنى كما مر، والزنى لا حكم له.
2 يقول الكوسج: كأن الإمام أحمد يذهب إلى القول بأن لها الصداق وعليها العدة مخالف لما حكاه عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، وهذا أدب رفيع في حكاية قول المخالف من كل من الإمامين أحمد والكوسج.
3 في ع بلفظ "حديث أبي موسى حديث إسحاق بن منصور أبي يعقوب قال: قال إسحاق بن إبراهيم الحنظلي".
4 وهي الرواية الثانية في مقابل الأظهر عن أحمد وخلاف المذهب، وهو قول الإمام إسحاق كما بينا آنفاً.
5 العقر: هو المهر. انظر: لسان العرب 4/595.
والمعنى: فعليها العدة ولها المهر، ويكون لها الصداق أي المهر بما استحل من فرجها، وتكون عليها العدة لاستبراء الرحم.
6 في ع بلفظ "قال: قلت: ابن عباس -رضي الله عنهما- كان يزوج عبده أمته".
7 أخرج ابن أبي شيبة بسنده عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: لا بأس أن يزوج الرجل أمته عبده بغير مهر.
انظر: المصنف لابن أبي شيبة: 4/142.
والمذهب أنه لم يجب مهر أصلاً.
وقيل: وجب وسقط. وقيل: وجب ويتبعه به السيد إذا عتق.
انظر: الإنصاف: 8/258، المبدع: 7/129، المحرر: 2/34، الكافي: 3/111.(4/1532)
قال: إن أمهر فحسن وإلا فذاك.1
[904-] قلت: الشهود في ذلك؟
قال: ما أحسنه.
قال إسحاق: كما قال سواء، ولا بد من الشهود.2
[905-] قلت: للعبد أن يتسرى؟ 3
__________
1 في ع بلفظ "وإلا فهو ذاك".
2 حكى ابن أبي شيبة ما ذهب إليه الإمام أحمد عن الحسن وعطاء، وقول عطاء: أن يشهد أحب إلي وإن لم يفعل فهو جائز، وما ذهب إليه الإمام إسحاق بناء على عموم أدلة الشهادة في النكاح.
انظر: المصنف لابن أبي شيبة: 4/144.
3 أي يتخذ سرية: والسرية الجارية المتخذة للملك والجماع، وهي فعيلة منسوبة إلى السر وهو الجماع والإخفاء، لأن الإنسان كثيراً ما يسرها ويسترها عن حرمته.
انظر: لسان العرب: 4/358، القاموس المحيط: 2/48.(4/1533)
قال: نعم.1
قال إسحاق: كما قال لأن ابن عمر وابن عباس2 -رضي الله عنهما- قالا ذلك.
[906-] قلت: كم عدّة الأمة إذا طلقت؟
قال: إن3 كانت ممن تحيض فحيضتين، وإن لم تحض
__________
1 في ع بلفظ "قال: نعم إذا أذن له سيد"، وهذه المسألة متأخرة عن المسألة قبلها في ع.
وورد نحو هذه المسألة في مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود السجستاني ص 168.
2 روى عن كل منهما ابن أبي شيبة ذلك في مصنفه: 4/174، ونقله عنهما أيضاً ابن المنذر في الإشراف: 4/130.
قال ابن قدامة: هذا هو المنصوص عن الإمام أحمد في رواية الجماعة.
وهذه المسألة مبنية على هل يملك العبد بتمليك سيده أوْ لا؟ وفي ذلك للإمام أحمد روايتان. فلذلك قال القاضي أبو يعلى يجب أن يكون في مذهب أحمد في تسري العبد وجهان مبنيان على الروايتين في ثبوت الملك له بتمليك سيده، كما نقل عنه في المغني، وبين ابن قدامة أن قول ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهما- لا يعرف لهما فيه مخالف من الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- ويكون تسري العبد بإذن سيده، وتأتي المسألة برقم: (1277) .
انظر: المغني 6/541، وانظر بالتوسع عن تسري العبد: المحلى 9/444 و445، الإشراف 4/130.
3 في ع "لو كانت".(4/1534)
فشهرين.1
وعدّتها إذا مات عنها زوجها شهران وخمس ليال.2
قال إسحاق: كما قال سواء.3
[907-] قلت: كم يطلق العبد الحرة؟ وكم تعتد؟
قال: الطلاق4 بالرجال والعدة بالنساء.5
__________
1 في ع "فشهران".
2 وذلك لأن الصحابة -رضي الله عنهم- أجمعوا على أن عدة الأمة على النصف من عدة الحرة.
قال ابن قدامة: وكان القياس يقتضي أن تكون حيضة ونصفاً، كما كان حدها على النصف من حد الحرة، إلا أن الحيض لا يتبعض فكمل حيضتين.
[] انظر: المغني 7/457- 458، والكافي 3/357-358، والمبدع 8/113.
3 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء 4/291، والاستذكار، لوحة رقم: 192.
4 في نسخة ع بلفظ "الطلاق للرجال والعدة للنساء".
5 ورد بهذا اللفظ حديث قال عنه الزيلعي صاحب نصب الراية: غريب مرفوعاً، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه موقوفاً على ابن عباس، وقال عنه محقق شرح السنة للبغوي: فيه أشعث بن سوار ضعيف.
[] انظر: نصب الراية 3/225، وشرح السنة للبغوي تحقيق الأرناؤوط 9/60-61.
ومعناه: أنه يعتبر الطلاق بالرجال والعدة بالنساء، فإذا كانت تحت عبد حرة يملك تطليقتين، أو كانت أمة تحت حر يملك ثلاث تطليقات، كما ورد في أصل المسألة.
وأخرج البيهقي بسنده عن عمر رضي الله عنه قال: ينكح العبد امرأتين ويطلق تطليقتين، وتعتد الأمة حيضتين.
البيهقي 7/422، وصححه الألباني في إرواء الغليل 7/120.
وهناك رواية عن الإمام أحمد بأن الطلاق بالنساء، فيملك زوج الحرة ثلاثاً وإن كان عبداً، وزوج الأمة اثنتين وإن كان حراً لأن المرأة محل الطلاق فيعتبر بها كالعادة، والمعتمد في المذهب الرواية الأولى.
[] انظر: المبدع 7/291، والكشاف 5/259، ومنار السبيل 2/242، وشرح السنة للبغوي [9/60-61.(4/1535)
[908-]] قلت: يطلق الحر الأمة ثلاثاً وتعتد حيضتين؟
قال: نعم.
[909-] قلت: ويطلق العبد الحرة تطليقتين؟
قال: نعم.
[910-] قلت: وتعتد ثلاث حيض؟
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال.1
__________
1 في ع زيادة "سواء".(4/1536)
[911-] قلت: إذا تزوج الرجل1 المرأة على عمتها أو على خالتها؟
قال: يفرق بينهما.2
قال إسحاق:3 كما قال لما صح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم التفريق بينهما.4
وكذلك فرّق5 عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- اتباعاً، لقول
__________
1 في ع بحذف كلمة "الرجل"، وتقديم الخالة على العمة.
2 من بين ما صح في ذلك الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة مرفوعاً: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها".
أخرجه: البخاري، باب لا تنكح المرأة على عمتها 6/128، ومسلم 2/1030.
3 انظر: عن قول إسحاق في الأوسط، لوحة رقم: 217.
4 ورد في الأحاديث الصحاح التي منها ما ذكر آنفاً نهي النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها المقتضي لفساد العقد والتفريق بينهما، ولكن لم يرد نصٌّ، فيما اطلعت عليه، فيه تفريق النبيّ صلى الله عليه وسلم بينهما، ولعل إسحاق عبر بالتفريق عن النهي الذي يقتضيه، وذلك من إطلاق المسبب على السبب، وقوله في حكاية فعل عمر رضي الله عنه "اتباعاً" يشير إلى ذلك.
والتفريق بين المرأة وعمتها مجمع عليه بين أهل العلم، ولم يخالف فيه أحد إلا من لا يعتد بخلافه، كالرافضة والخوارج.
انظر: المغني: 6/573، والمبدع: 7/57، وكشاف القناع: 5/74، والإنصاف: 8/122.
5 روى ابن أبي شيبة في مصنفه بسنده عن عمر رضي الله عنه أنه ضرب رجلاً تزوج امرأة على عمتها، وفرق بينهما. المصنف 4/247(4/1537)
النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
[912-] قلت: كم يتزوج العبد؟
قال: اثنتين.
قال إسحاق: كما قال.1
[913-] قلت: 2 إذا تزوج المرأة وقد زنى بها قبل ذلك؟
قال: إذا تابت، فليس به بأس أن يتزوجها.3
__________
1 قال ابن قدامة: وقد روى ليث بن أبي سليم عن الحكم بن قتيبة قال: أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن العبد لا ينكح أكثر من اثنتين، ويقوي هذا ما روى الإمام أحمد بإسناده عن محمد بن سيرين أن عمر رضي الله عنه سأل الناس: كم يتزوج العبد؟ فقال عبد الرحمن بن عوف باثنتين وطلاقه باثنتين، وكان ذلك بمحضر من الصحابة، فلم ينكر منهم أحد.
انظر: المغني 6/540، المبدع 7/67، كشاف القناع 5/81.
[] وانظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص 329-330.
2 ورد نحو هذه المسألة في مسائل ابن هانئ 1/203.
3 تشترط توبة الزانية في نكاحها سواء نكحها الزاني أو غيره، وأما توبة الزاني فتشترط أيضاً عند إسحاق، وهي رواية عن الإمام أحمد، ذكرها صاحب المبدع، والمشهور من المذاهب أنها لا تشترط.
انظر: المغني 6/603، والمبدع 7/70، والفروع 5/206، وغاية المنتهى 3/33.(4/1538)
قال إسحاق: كما قال، إذا تابت وتاب.1
[914-] قلت: إذا قبّل أم امرأته أو زنى بها؟
قال: إذا زنى بها أحب إلي أن يفارقها، وإذا قبّلها فلا يفارقها.
قلت: 2 (بحديث من؟) .
قال: أحتج بحديث3 عبد بن زمعة: 4 (فإذا زني بها) ألا ترى أن
__________
1 بهذا القول قال أبو عبيد.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء 4/101، الاستذكار، لوحة رقم: 117.
2 العبارة التي بين القوسين هي عبارة ع أما عبارة ظ فهي "قلت حديث من؟ فاحتج بحديث بن زمعة فإذا زنى بها"، وما أثبت يستقيم به المعنى أكثر.
3 الحديث متفق عليه: روي عن عائشة -رضي الله عنها- وفيه كان عتبة بن أبي وقاص وصّى أخاه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه، فلما كان عام الفتح أخذه، فقام عبد بن زمعة وقال: ابن وليدة أبي، فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر"، ثم قال لسودة: "احتجبي منه يا سودة" لما رأى من شبهه بعتبة، فما رآها حتى لقي الله.
أخرجه: البخاري في البيوع، باب المشتبهات 3/4.
ومسلم، كتاب الرضاع 2/1080.
وأخرجه أبو داود في الطلاق، باب الولد للفراش 2/703.
4 هو عبد بن زمعة بن قيس القرشي العامري، وأمه عاتكة بنت الأحنف بن علقمة، أخو سودة أم المؤمنين. أسلم يوم الفتح، ثبت خبر مخاصمته هو وسعد بن أبي وقاص في ابن وليدة زمعة في الصحيحين، قال عنه ابن عبد البر في الاستيعاب: كان شريفاً سيداً من سادات الصحابة.
انظر ترجمته في: الإصابة 2/425، والاستيعاب 2/434.(4/1539)
النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لسودة: [ظ-25/أ] "احتجبي منه" ثَبَّتَ لعتبة نسباً1 من زنى [ع-44/ب] .2
قال إسحاق: هو كما قال، 3 إلا أن احتجاجه بعبد ابن زمعة وعتبة فإنه ليس ببين أنه في هذا.
قال أحمد: إذا زنى بامرأة لا يتزوج أمها ولا ابنتها، واحتج4 بحديث ابن زمعة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لسودة:5 "احتجبي منه"، ألا
__________
1 في ع بلفظ "نسبا لزنى".
2 قوله صلى الله عليه وسلم لسودة: "احتجبي منه"، أي: دال على نسبة الولد إلى عتبة عن طريق الزنى.
3 وطء الحرام محرم كما يحرم وطء الحلال، فإذا زنى بأم امرأته فارق ابنتها كما اتفق الإمامان هنا. انظر: المبدع 7/56، وكشاف القناع 5/69، والمغني 6/576، والمحرر 2/19.
4 الاستدلال بهذا على المسألة المذكورة موجود في كثير من الكتب.
انظر: على سبيل المثال: المبدع 7/56، وكشاف القناع 5/69.
ومحل الشاهد من الحديث هو إثبات الرسول صلى الله عليه وسلم للزنى حكماً وهو أمره لسودة أن تحتجب من ولد على فراش أبيها.
5 سودة بنت زمعة بن قيس القرشية أم المؤمنين تزوجها ابن عمها السكران بن عمرو، وتوفي عنها فتزوجها رسول صلى الله عليه وسلم، وكانت أول امرأة تزوجها بعد خديجة بمكة، وقد كانت امرأة ثقيلة وأسنّت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهمّ بطلاقها، فقالت: لا تطلقني وأسكني واجعل يومي لعائشة، فإنما أود أن أحشر في زمرة أزواجك، فأمسكها حتى توفي عنها. توفيت في آخر زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقيل غير ذلك.
انظر: الإصابة 4/333، والاستيعاب 4/317.(4/1540)
ترى أنه قد ثبت لعتبة نسباً وقد كان زنى بها، فأما دون الفرج1 فإنه لا يحرم الحرام الحلال.2
[915-] قلت: قال سفيان في رجل قبّل ابنته من شهوة3 وهو يرى أنها امرأته: حرمت عليه امرأته؟
قال أحمد: أما أنا فلا أحرم إلا بالغشيان.
قلت: قيل له -يعني سفيان-: رجل تزوج امرأة4 ذات محرم وهو يعلم؟
__________
1 في نسخة ع بلفظ "وأما ما دون الفرج".
2 تقبيل أم المرأة بشهوة من دون دخول في عقد صحيح لا يحرم، ولأن لا يحرم تقبيلها في غير عقد أولى كما بينه الإمام هنا. انظر أيضاً: المغني 6/579.
3 في ع بلفظ "الشهوة".
4 في ع بحذف "امرأة".(4/1541)
قال: لا1 أرى عليه حداً ولكن يعزر.2
قال أحمد: قبح الله هذا القول.
قلت:3 أليس تقول يقتل؟
قال: يقتل إذا كان على العمد.4
__________
1 في ع بحذف "لا".
وانظر: عن قول الإمام سفيان في معالم السنن للخطابي 4/603، والمغني 8/182.
2 التعزير لغة: التأديب والتوقير.
واصطلاحاً: العقوبة المشروعة على جناية لا حد فيها، ويجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة.
انظر: المغني 8/324، والمبدع 9/108.
3 في ع بلفظ "قال أليس نقول".
4 التحريم في المحرمات بالمصاهرة يكون بالدخول عليهن، إلا أن العقد على البنت يحرم أمها، وأما الاستمتاع الحرام فوطء الحرام محرم كما يحرم وطء الحلال والشبهة، وما دون ذلك من الحرام لا يترتب عليه حكم، فلا بد فيه من الغشيان ليترتب عليه الحكم، كما صرح الإمام أحمد في هذه المسألة.
قال ابن قدامة في المغني 6/456: في الشخص الذي يطأ امرأة بالنكاح الباطل، إذا علم التحريم فهو زان وعليه الحد ولا يلحق النسب فيه، وأما إذا كان عن غير قصد فلا حد. وعن الإمام رواية يقتل بكل حال، وعنه ويؤخذ ماله لبيت المال.
وإيجاب الحد، لأنه وطء في فرج امرأة مجمع على تحريمه من غير ملك ولا شبهة ملك، والواطئ من أهل الحد عالم بالتحريم.
ويؤيد ما ذهب إليه الإمامان هنا حديث: "ومن أتى ذات محرم فاقتلوه" الآتي في ضمن هذه المسائل بمسألة رقم: 1104، ولكنه فيه ضعف ولكن يعضده حديث البراء قال: "لقيت عمي ومعه الراية فقلت أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه بعده، أن أضرب عنقه وآخذ ماله ".
[] أخرجه أحمد: 4/292، والترمذي 3/643، وقال: حديث حسن غريب، وأبو داود 4/602-604، والحاكم 2/191.
وصححه الألباني في إرواء الغليل: 8/18.
[] انظر: عن الموضوع: المغني 8/182، المبدع 9/63، الإنصاف: 10/185، المحلى [9/529-531،] سنن سعيد بن منصور 1/249.(4/1542)
قال إسحاق: كما قال سواء.1
[916-] قلت: تزوج2 امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها، أيتزوج أمها أو ابنتها؟
قال: أما الابنة3 فيتزوج، وأما الأم
__________
1 انظر: عن قول الإمامين: سنن الترمذي: 4/62، معالم السنن للخطابي: 4/603، المغني: 8/162.
2 في ع "قلت: إذا تزوج".
3 لقوله تعالى في تعداد المحرمات من النكاح: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} النساء آية: 23، فاشترط في الآية في تحريم الربيبة -وهي بنت الزوجة من غير زوجها - الدخول بأمها، فإذا لم يدخل بها كما في السؤال فلا تحريم.(4/1543)
فمبهمة.1
قال إسحاق: كما قال.
[917-] قال أحمد:2 إذا تزوج الرجل المرأة فماتت فلا بأس أن يتزوج ابنتها3، ومن4 الناس من يكرهه من أجل الميراث،5 وإذا
__________
1 قوله فمبهمة: أي لم يشترط في تحريم أم الزوجة الدخول كما اشترط في تحريم الربيبة، فقال تعالى: {وأمهات نسائكم} النساء آية: 23، فلا تجوز الأم بحال سواء دخل بالربيبة أم لا، بل تحرم بالعقد. قال زيد بن ثابت رضي الله عنه: الأم مبهمة ليس فيها شرط، وإنما الشرط في الربائب، كما في الموطأ: 2/533.
وانظر: عن معنى المبهمة بالتفصيل: جامع الأصول في أحاديث الرسول: 11/470، وجامع البيان لابن جرير الطبري: 4/321.
وهذا ما لخصه الفقهاء بقولهم العقد على البنات يحرم الأمهات، والدخول بالأمهات يحرم البنات.
انظر عن الموضوع: الإنصاف: 8/114، والمغني:6/569
ولقول إسحاق وأحمد: الإشراف على مذاهب العلماء: المجلد الرابع ص 94،كشاف القناع: 5/70.
2 بداية إجابة مسألة جديدة.
3 كما إذا طلقها، المقصود بزواج الأم العقد عليها قبل الدخول.
4 في ع توجد كلمة "قبل الناس" غير واضحة.
5 ممن كره ذلك زيد بن ثابت رضي الله عنه كما ذكر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/93، ومعنى من أجل الميراث أي: أنه إذا تزوج امرأة فماتت قبل الدخول، فإنه يرثها وذلك مما يقوي العلاقة الزوجية بينهما ويترك لها أثراً، فكره بذلك زيد أن يتزوج ابنتها ولو لم يدخل بها.(4/1544)
طلقها فلا بأس أن يتزوج ابنتها، وأما أمها فلا يتزوجها ماتت أو طلقها.1
[918-] قلت: 2 الرجل ينكح المرأة ثم تموت قبل أن3 يصيبها.
قال4 [زيد بن ثابت رضي الله عنه: إذا ماتت قبل أن يصيبها فإنه لا يتزوج أمها ولا ابنتها؟ قال:5 كرهه] زيد بن ثابت من أجل الميراث.
قال: وليس به بأس الابنة،6 ولكن إن طلقها تزوج7 ابنتها لأنها إذا ماتت8
__________
1 كما بينا في المسألة السابقة.
2 في ع بلفظ "قلت: لأحمد".
3 في ع بلفظ "قبل أن يتغشاها".
4 ما بين المعقوفين غير موجود في نسخة ع.
5 من هنا يبدأ جواب الإمام أحمد.
6 أي لا بأس بزواج بنت الزوجة المتوفاة قبل الدخول، وهذا رأي الإمام أحمد، وأما زيد بن ثابت رضي الله عنه فمكروه عنده.
7 اتفاقاً.
8 نهاية اللوحة: (87) من ع، وبداية اللوحة: (88)(4/1545)
[ع- 45/أ] ورثها.1
قلت: حديث من هذا؟
قال: حديث2 زيد بن ثابت.
[919-] قال أحمد:3 ثلاث مبهمات:4 قوله عز وجل: {وَلا تَنْكِحُوا مَا
__________
1 تعليل لكراهة زيد رضي الله عنه زواج بنت المتوفاة قبل الدخول.
2 الحديث أخرجه الإمام مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد أنه قال: سئل زيد بن ثابت عن رجل تزوج امرأة ثم فارقها قبل أن يصيبها، هل تحل له أمها؟ فقال: زيد بن ثابت: لا، الأم مبهمة، ليس فيها شرط، وإنما الشرط في الربائب.
وجه الاستدلال من الحديث هنا جواز نكاح ابنة الزوجة التي فارقها زوجها قبل الدخول. الموطأ: 2/33، باب مالا يجوز من نكاح الرجل أم امرأته.
وانظر أيضاً عن الموضوع: المغني: 6/569، الإشراف على مذاهب العلماء:4/93، الإنصاف: 8/114.
3 إجابة جديدة من الإمام أحمد لمسألة أخرى لم يذكر السؤال هنا.
4 قوله ثلاث مبهمات أي: ثلاث من المحرمات في النكاح مبهمات أي مطلقات، بمعنى لا شرط في تحريم نكاحهن، فلا تحل واحدة منهن بحال، كما شرط في تحريم الربيبة الدخول بأمها.
فالمحرمات على الأبد -بالمصاهرة - أربعة: أم الزوجة، وزوجة الأب، وزوجة الابن، وبنت الزوجة من غير الزوج التي هي الربيبة، فالثلاثة الأول يحرمن بمجرد العقد وهن المبهمات اللآتي ذكرهن الإمام في صلب المسألة هنا، والربيبة يشترط في تحريمها الدخول بأمها بنص القرآن، فليست بمبهمة.
انظر: المغني: 6/569،المبدع 7/58، العدة: 37.(4/1546)
نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} ،1 وقوله: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} .2
وقوله {وأمهات نسائكم} ،3 فإذا تزوج الرجل المرأة لم يتزوجها ابنه ولا أبوه دخل بها أولم يدخل لقوله [سبحانه وتعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} .
ولقوله جل ذكره] :4 {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} وإذا تزوج الرجل المرأة لم يتزوج أمها وإن لم يكن دخل بها لقوله تعالى: {وأمهات نسائكم} ، ولا بأس أن يتزوج الابنة إذا لم يدخل بالأم ماتت أو طلقها لقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} .5
__________
1 تكملة الآية من نسخة ع: {إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} من الآية 22من النساء.
2 من الآية 23 من النساء.
3 من الآية 23 من النساء.
4 ما بين المعقوفين مزيد من نسخة ع.
5 من الآية 23 من سورة النساء.(4/1547)
قال إسحاق: كما1 قال.
[920-] قلت: لأحمد متعة2 النساء، تقول: إنه حرام؟
قال: أجتنبها أعجب3 إليّ.4
__________
1 في نسخة ع في آخر المسألة توجد كلمة غير واضحة لعلها "كلها".
2 المتعة لغة: بكسر الميم وضمها اسم للتمتع، وهو في الأصل كل شيء ينتفع به، ويتبلغ به، ويتزود به ويأتي عليه الفناء في الدنيا. وتطلق المتعة أيضاً على العمرة إلى الحج.
ومتعة النكاح المنسوخة هي أن يتزوج الرجل امرأة يتمتع وقتاً ثم يديكها، أو نكاح يشترط فيه الطلاق في وقت.
انظر: القاموس المحيط: 3/86، وأقرب الموارد:2/1181، وتهذيب اللغة: 2/290، والمبدع: 7/88، وكشاف القناع: 5/96، والكافي: 3/56.
3 في ع بلفظ "أحب إلي".
4 أورد ابن مفلح في المبدع: 7/87 نص جواب الإمام هنا وذلك بعد ذكر سؤال الكوسج عن المتعة، وهذا محكي عن الإمام والمشهور عنه أنه يقول بحرمتها رواية واحدة كالجمهور، ولذلك اختلف علماء المذهب في توجيه هذا الجواب عن الإمام إلى أربعة أقوال لخصها ابن مفلح بقوله:
[1-] أثبت ذلك رواية أبي بكر في الخلاف.
[2-] وأبى ذلك القاضي في خلافه.
[3-] وقال ابن عقيل: إن الإمام أحمد رجع عنها.
[4-] والشيخ تقي الدين يقول: توقف عن لفظ الحرام ولم ينفه.(4/1548)
قال إسحاق: حرام بلا شك1 لما ثبت نهيه وتحريمه بعد إحلاله.2
ونسخ ذلك العدة والميراث والطلاق3 مع أن المتعة كانت بالولي والشهود والإعلان لذلك إلى أجل مسمى.
__________
1 في ع بلفظ "لا شك".
2 مما يدل على أنه كان حلالاً: الحديث المتفق على صحته عن جابر وسلمة بن الأكوع -رضي الله عنهما- قالا: "كنا في جيش فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا".
صحيح البخاري مع فتح الباري: 9/167. وصحيح مسلم مع شرحه للنووي: 9/182.
ومن الأحاديث الدالة على تحريمه بعد ذلك ما رواه الإمام مسلم عن الربيع بن سيدة الجهني عن أبيه مرفوعاً: "يا أيها الناس: إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً".
صحيح مسلم مع شرحه للنووي: 9/182.
3 معنى الكلام أن الأحكام المتعلقة بالنكاح من عدة وميراث وطلاق لا تنطبق على المتعة، فهذه الأحكام التي شرعت والمتفق عليها عند الجميع تؤكد نسخ المتعة، فمثلاً الطلاق لا ينطبق على المتعة حيث لا تحتاج إلى طلاق بل فراقها يحصل بانقضاء الأجل المحدود له بدون طلاق.
وهذا الكلام يقرب مما في المبدع: 7/87 "والأحكام المتعلقة بالنكاح من الطلاق والظهار والتوارث لا تجري فيه، فدل على أنه ليس بنكاح إذ هي لازمة للنكاح الصحيح، وانتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم".(4/1549)
وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ [إلى أجل مسمى] فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنّ} .1
[921-] قلت:2 الجمع بين الأختين المملوكتين تقول إنه حرام؟ 3
__________
1 النساء من آية (24) ، نقل ابن جرير في تفسيره روايات مختلفة عن ابن عباس في هذه القراءة أي بزيادة (إلى أجل مسمى) ويكون معنى الاستمتاع عنده المتعة حيث كان يرى جوازها، مع أنه حكي عنه الرجوع عن ذلك كما في شرح النووي على مسلم: 9/181.
ومعنى الاستمتاع عند الجمهور: النكاح.
ويقول ابن جرير:" وأولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من تأوله: فما نكحتموه منهن فجامعوهن فآتوهن أجورهن لقيام الحجة بتحريم الله متعة النساء على غير وجه النكاح الصحيح أو الملك الصحيح على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم".
تفسير الطبري: 6/13، والجامع لأحكام القرآن: 5/130، وتفسير ابن كثير: 1/474.
2 في ع لفظ "قال" قبل "قلت".
3 في ع بلفظ "تقول: إنه حرام لقول الله عز وجل: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} يعني ليسا وراحيل حين جمع بينهما يعقوب صلى الله عليه وسلم". توجد المسألة بهذا النص في ع. وهي ليس بهذا الترتيب في نسخة ظ.(4/1550)
قال: لا أقول إنه حرام ولكن ينهى عنه.1
قال إسحاق: حرام2 لقول الله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} .3
يعني ليسا وراحيل4 جمع بينهما يعقوب عليه السلام.5
__________
1 المقصود بجمعهما هنا هو الجمع بالوطء، والمذهب أن ذلك حرام، وعليه الأصحاب كما في الإنصاف، وفي المغني والمبدع نص سؤال ابن منصور وجوابه.
وخير ما يحمل عليه هذا القول حيث إنه مجمع في المذهب على تحريم جمعهما، هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: "وأحمد -رحمه الله- إنما قال: لا أقول إنه حرام ولكن ينهى عنه، وكان يهاب قول الحرام إلا فيما فيه نص".
كما ذكر عنه المرداوي في الإنصاف، وذلك مشابه لقول ابن مفلح: "وهذا أدب في الفتوى كثيراً ما يستعمله السلف، لا يطلقون لفظ التحريم، يقولون ينهى عنه".
[] الإنصاف: 8/125، والمبدع: 7/65-66، والفتاوى لابن تيمية: 32/69، والمغني: 6/584.
2 حرام كالقول المعتمد عليه في مذهب الإمام أحمد. انظر: عن قول إسحاق في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/97، المغني:6/585.
3 النساء آية: 23.
4 كأنهما أختان جمع بينهما نبي الله يعقوب عليه السلام، وقد يكون ذلك جائزاً في شريعته فنسخ بهذه الآية، وهذا مثال من إسحاق -رحمه الله- وإلا الآية تشمل كل ما مضى.
5 نهاية اللوحة 88 من ع.(4/1551)
[922-] قلت: رجل قذف1 امرأة له أمة؟
قال: يلاعنها.2
[923-] قلت: عبد قذف امرأة له حرة؟
قال: يلاعن؟ قال: كلا الزوجين يلاعن.
[924-] قلت: عبد قذف امرأة له أمة؟
قال: يلاعنها.
قال إسحاق: كما قال.3
__________
1 القذف: قذف المحصنة أي سبها، وفي حديث هلال بن أمية: أنه قذف امرأته بشريك، القذف ههنا رمي المرأة بالزنى أو ما كان في معناه، وأصله الرمي ثم استعمل في هذا المعنى حتى غلب عليه.
انظر: لسان العرب: 9/277، معجم الفقه الحنبلي مع المبدع: 11/371، 372.
2 اللعان: هو مصدر: لاعن لعاناً، إذا فعل ما ذكر، أو لعن كل واحد منهما الآخر، وهو مشتق من اللعن، لأن كل واحد منهما يلعن نفسه في الخامسة، سمي به لأن كل واحد من الزوجين لا ينفك عن أن يكون كاذباً فتحصل اللعنة عليه، وهي الطرد والإبعاد.
[] انظر: لسان العرب:13/388-389، مختار الصحاح: 599.
وفي الشرع: شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين مقرونة باللعن والغضب، قائمة مقام حد القذف في جانبه، وحد زنى في جانبها. انظر: المبدع: 8/73.
3 انظر: عن قول أحمد: الإنصاف: 9/242، المبدع: 8/81، المغني: 7/392.
وعن قول إسحاق: شرح السنة للبغوي: 9/242، والإشراف على مذاهب العلماء: 4/265.
وهذه الرواية المذكورة في المسألة هنا هي الرواية الراجحة في المذهب الحنبلي، وهناك رواية تشترط أن يكون المتلاعنان حرين.
انظر: الإنصاف: 9/242، المبدع 8/81.(4/1552)
إذا وقع عليها اسم الزوجة1 لاعنها.
[925-] قلت: من أحق بالولد صغيراً؟ 2
قال: الأم أحق حتى إذا كبر يخير.
قلت: إذا كانت المرأة ظالمة لزوجها، يؤخذ منها الولد إذا كان صغيراً؟
قال: لا، هي آثمة فيما تصنع، وهي أحق بولدها ما دام صغيراً.
قال إسحاق: هو كما قال سواء.
قلت لإسحاق: متى يخير؟
قال: إذا بلغ سبعاً فحسن.3
__________
1 في ع لفظ "الزوج".
2 في ع بلفظ "من أحق بالولد ما دام صغيراً".
3 انظر لقول أحمد وإسحاق: شرح السنة للبغوي: 9/333، 334، وسنن الترمذي: 3/639، والمغني 7/612، والمحلى 7/323.
ومن بين الأدلة على ذلك ما رواه سعيد بن منصور في سننه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حكم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعاصم لأمه أم عاصم، وقال: ريحها وشمها ولطفها خير له منك.
انظر: سنن سعيد بن منصور: 2/139، وشرح السنة للبغوي: 9/331.
وأما التخيير فالدليل عليه ما رواه أبو هريرة "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خير غلاماً بين أبيه وأمه".
أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق، وقالا: "ما كان الولد صغيراً فالأم أحق، فإذا بلغ الغلام سبع سنين خيّر بين أبويه".
[] سنن الترمذي: 3/638-639.(4/1553)
[926-] قلت لأحمد: إيلاء العبد؟
قال: نعم، عليه1 إيلاء،2 وإيلاؤه أربعة أشهر.
__________
1 هذا اللفظ من نسخة ع، وفي نسخة ظ بلفظ "قال: نعم إيلاء وإيلاؤه".
2 الإيلاء - بالمد - الحلف، وهو مصدر: يولي إيلاء، ويقال: تألى يتألى، وفي الخبر: "من يتأل على الله يكذبه"، والأليية بوزن فعيلة اليمين، وجمعها: ألايا بوزن خطايا، قال كثير:
قليل الألايا حافظ ليمينه إذا صدرت منه الألية برّت
وكذلك الألوة بسكون اللام وتثليث الهمزة. انظر: لسان العرب 14/40.
وشرعاً: حلف زوج يمكنه الجماع بالله تعالى أو بصفة من صفاته على ترك وطء امرأته الممكن جماعها ولو قبل الدخول في قبل.
انظر: كشاف القناع: 5/353، المبدع: 8/3.(4/1554)
قال أحمد: إنما قال الله عز وجل {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} 1 ولم يذكر العبيد ولا اليهود ولا النصارى.
قال إسحاق: إيلاء العبد إنما هو شهران لأن كل أمره في الطلاق، والعدّة على النصف.2
[927-] قلت: عدّة أم الولد؟
قال: تعتدّ حيضة إذا توفي سيدها،3 والمدبرة4 تعتد حيضة.5
قال إسحاق: تعتد عدة المتوفى عنها زوجها6 وفي
__________
1 البقرة، آية: 226.
2 انظر لقول أحمد: الإنصاف: 9/183.
وعن قول إسحاق وأحمد: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/232، المحلى: 7/48.
وقول الإمام هنا هو المذهب، وعليه الجماهير كما قال صاحب الإنصاف.
وهناك رواية عن الإمام بأن إيلاء العبد على النصف من الحر كما قال إسحاق.
3 هذا هو المشهور عن الإمام أحمد قياساً على سائر المعتقات والمملوكات. انظر: المغني: 7/501.
4 المدبرة: الأمة التي علق عتقها بموت سيدها، وسميت بذلك لأنها تعتق في دبر حياة سيدها. انظر: المغني: 9/386.
5 وردت نحو هذه المسألة في مسائل أبي داود ص 185.
6 انظر: عن قول إسحاق: المغني: 7/501، وشرح السنة للبغوي: 9/317، ومعالم السنن للخطابي مع سنن أبي داود: 2/731، والإشراف على مذاهب العلماء: 4/289.
وهناك رواية عن الإمام أحمد توافق قول إسحاق. انظر: المغني 7/501.(4/1555)
العتاق1 تعتد ثلاث حيض على الاحتياط،2 والمدبرة3 تعتد حيضة كما قال [ظ-25/ب] .4
[928-] قلت:5 أرأيت إن زوّج أم ولده رجلا يستبرئها؟
قال: إذا كان هو يطؤها.
قلت: كذا هو.6
__________
1 في ع بحذف "تعتد".
2 نقل ابن المنذر -رحمه الله- هذا القول عن الأوزاعي ولم يذكر عن الإمام أحمد بالنسبة لهذه المسألة شيئاً، وهو عدة أم الولد إذا اعتقت، والحكم فيها عنده أنها تعتد بحيضة.
وهناك رواية مرجوحة توافق رأي إسحاق.
[] انظر: الإشراف على مذاهب العلماء 2/289، والمغني 7/501-506، والإنصاف 5/326.
3 في ع بحذف عبارة "تعتد حيضة".
4 نهاية اللوحة رقم: (47) من ظ.
5 نهابة اللوحة: (48) من ظ، وبداية اللوحة: (49) .
6 في ع بحذف لفظ "كذا هو".(4/1556)
قال: نعم.1
قال إسحاق: كما قال.2
[929-] قلت: إذا زوّج جاريته من رجل فاستبان بها حمل دون ستة أشهر؟
قال: لا يكون هذا تزويجاً، [ع-50/ب] الولد من الأول، فإن كان قد وطئها زوجها فلها مهرها مثل الذي تزوجها في عدتها، وترد إلى مالكها الأول.3
__________
1 إذا زوج الرجل أم ولده رجلاً وكان هذا الرجل يطأ هذه الأمة، لزم استبراؤها.
انظر: المغني: 7/506، والإنصاف: 9/323 والفروع: 5/561، وغاية المنتهى 3/213.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/321.
3 إذا تزوجت الجارية برجل ثم طلقها فتزوجت آخر وولدت لأقل من ستة أشهر من حين تزوجها الثاني فالولد للأول، لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر، فبان أنها كانت حاملاً قبل زواجها الثاني.
ومثلها مسألة الجارية التي أجاب عنها الإمامان هنا وقاسا على من تزوجت في عدتها برجل آخر، فإنها إن لم يدخل بها يفرق بينهما لفساد النكاح، وإن دخل بها فرق الحاكم بينهما ووجب مهر المثل، فكذلك ترد الجارية في مسألتنا هذه، والولد منه وعلى الزوج مهر المثل.
[] انظر: الإنصاف 9/259، والمغني 7/428، 6/454-456، والمبدع 8/99، والفروع 5/518، وكشاف القناع 5/406.(4/1557)
قال إسحاق: هو كما قال.1
[930-] قلت: امرأة ولدت لستة أشهر؟
قال: إذا كان لتمام ستة أشهر فهو لزوجها الآخِر، وإذا كان أقل2 من ستة أشهر فهو للأول.
قال:3 قلت: وإن أتى على ذلك4 سنون؟
قال: ما لم تتزوج فالولد للأول.
قال: يقول أهل المدينة: أربع سنين، وابن5 عجلان ولدته أمه لثلاث سنين.6
__________
1 انظر عن قول أحمد وإسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء 4/255.
2 في ع بلفظ "أقل بستة أشهر".
3 في ع بحذف "قال".
4 في ع بلفظ "سنين".
5 ابن عجلان: هو محمد بن عجلان الإمام القدوة الصادق، وثقه أحمد والنسائي وابن معين وأبو حاتم الرازي وغيرهم، وأخرج له مسلم ثلاثة عشر حديثاً، وأخرج حديثه أصحاب السنن الأربع، توفي سنة 148 ?.
انظر: سير أعلام النبلاء: 6/317، والجرح والتعديل: 8/49، وميزان الاعتدال: 3/644، وتقريب التهذيب: 311.
6 في هذه المسألة والمسألتين التاليتين لها توضيح لأقل مدة الحمل وأكثره، وأقل مدة الحمل ستة أشهر كما سبق في المسألة السالفة. =(4/1558)
..........................................................................................
__________
= ومن الأدلة على ذلك ما رواه البيهقي في سننه الكبرى: 7/442: "أن عمر -رضي الله تعالى عنه- أتي بامرأة قد ولدت لستة أشهر فهمّ برجمها، فقال علي رضي الله عنه: ليس عليها رجم، قد قال الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} البقرة آية:233، وقال تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} الأحقاف آية: 15، فستة أشهر حمله وحولان رضاعه، فخلى عمر سبيلها.
والخليفة الأموي عبد الملك بن مروان روي أنه ولد لستة أشهر، فلذلك يلحق نسب الولد بأبيه إذا ولدته أمه لتمام ستة أشهر إذ هي أقل مدة الحمل، فإن أنكره الأب لم ينتف عنه إلا باللعان، وقيل لا ينتفي عنه بلعان ولا غيره.
وأما أكثر مدة الحمل فأربع سنين على ظاهر المذهب، وحكى ذلك الإمام أحمد هنا عن أهل المدينة وعلى رأسهم إمام دار الهجرة مالك.
فقد أخرج الإمام البيهقى في سننه عن الوليد بن مسلم قال: قلت لمالك بن أنس: حديث عائشة -رضي الله عنها-: "لا تزيد المرأة على سنتين في الحمل، قال مالك: "سبحان الله من يقول هذا؟ هذه جارتنا امرأة بن عجلان امرأة صدوق وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة، تحمل كل بطن أربع سنين". أخرجه البيهقي: 7/443.
وقال أحمد: "نساء بنى عجلان يحملن أربع سنين، وامرأة عجلان حملت ثلاثة بطون كل دفعة أربع سنين، وقد وقع هذا لعدة أشخاص بقوا في بطون أمهاتهم أربع سنين".
فإذا تقرر ذلك وجب تقييد أقصى مدة الحمل به، وعمر رضي الله عنه ضرب لامرأة المفقود أربع سنين، ولم يكن ذلك إلا لأنه أقصى مدة الحمل.
وهناك رواية عن الإمام أحمد أن أقصى مدة الحمل سنتان، والمعتمد الرواية الأولى.
انظر: المغني: 7/477، والمبدع: 8/111، والإنصاف: 9/274، وكشاف القناع: 5/414، [] [] والجامع لأحكام القرآن 16/193، والإشراف على مذاهب العلماء: 4/978-279.(4/1559)
[931-] قيل: 1 قال: وإن طلقها فأقرت بانقضاء العدة فتزوجت فجاءت بولد لستة أشهر فأكثر فادعاه الأول والأخير، كان للأخير لأن الفراش له.2
[932-] قلت: امرأة ولدت لسنتين؟
قال: هو ولد صاحبها فإن نفاه لاعنها، وأهل المدينة يقولون أربع سنين
__________
1 في نسخة ع "قلت: وإن طلقها" وفي كلا التقديرين إشكال في السياق، والأقرب أنها "قيل: قال" بمعنى أن هذا الجواب المضاف إلى كلام الإمام السابق لم يسمعه الكوسج مباشرة منه، وإنما سمعه من غير الإمام عنه.
2 لأنه أمكن كونه منه لمضي أقل مدة الحمل، وينسب إليه ويحكم له لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة: "الولد للفراش".
أخرجه: البخاري في كتاب البيوع، باب تفسير المشتبهات 2/4، ومسلم، حديث 1457، والنسائي 6/181، والترمذي 1167، وابن ماجة، حديث رقم: 2004، وأحمد في المسند 6/37، 246.
وانظر عن المسألة: الإنصاف 9/259، والمحرر 2/101، والكافي 3/392(4/1560)
قال إسحاق: هو1 كما قال كلها.2
[933-] قلت: جارية بين رجلين وقع عليها أحدهما؟
قال: لا حد عليه.3
قال: ابن عمر -رضي الله عنهما- هو جائز.4
__________
1 في ع بحذف "هو".
2 وذلك بناء على أن أكثر مدة الحمل أربع سنين كما هو المشهور عن الإمام، وكما حكاه عن أهل المدينة، وبه قال إسحاق، وجواب هذه المسألة والتي قبلها مترتب على ما قرر في المسألة التي قبلهما في تقدير أقل مدة الحمل وأكثره.
انظر: عن المسألة: المبدع 8/111، والكافي 3/293، والفروع 5/537، والمدونة 2/87.
3 وطء الجارية المشتركة حرام، وإذا وطئ الجارية أحد الشريكين فلا حد عليه لأن له فيها ملكاً، فكان ذلك شبهة كافية لدرء الحد ولكن يعزر، واختلفت الرواية عن الإمام أحمد في هذا التعزير على ثلاث روايات:
[1-] أنه يجلد مائة إلا سوطاً، وهو الصحيح.
[2-] يضرب مائة كاملة.
[3-] يضرب عشر جلدات.
انظر: الإنصاف 10/254، والمحرر 2/164، وقواعد الفقه الإسلامي 311، والمغني 9/353، والمبدع 9/112.
4 أخرج عبد الرزاق في مصنفه 7/357 بسنده قال: سئل ابن عمر عن رجل وقع على جارية بينه وبين شركاء، قال: هو خائن ليس عليه حد. قال سفيان: ونحن نقول: لا جلد، ولا رجم ولكن تعزير.
قلت: هذا الذي ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه خائن، ولعل معنى قول الإمام أحمد هنا أن ابن عمر قال جائز أنه يقصد أنه لا يقام عليه الحد كما ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنهما-.(4/1561)
قال إسحاق: هو كما قال.
[934-] قلت: إذا وقع عليها وهو جاهل أو غير جاهل واحد؟
قال: غير جاهل أشد، وليس عليه حد لأن له فيها نصيباً.1
[قال إسحاق: كما قال] 2
قلت: مثل من سرق من بيت المال فدرئ3 عنه الحد؟
قال: نعم.
[قال إسحاق: كما قال] 4.
__________
1 لما مضى في المسألة السابقة مفصلاً.
2 ما بين المعقوفين مثبت من ع.
3 في ع بلفظ "يدري".
4 ما بين المعقوفين مثبت من ع.
لا حد على من وطئ جارية مشتركة بينه وبين غيره كما سبق، وكذلك لا قطع على من سرق من بيت المال، لأن له في المال حقاً ويشترط لقطع يد السارق أن لا يكون للسارق حقٌ، وهذا ما وضحه الخليفة الراشد عمر -رضي الله عنه- حينما سأله ابن مسعود -رضي الله عنه- عمن سرق من بيت المال. فقال: أرسله، فما من أحد إلا وله في هذا المال حق.
أخرجه: ابن أبي شيبة 10/20، وعبد الرزاق في مصنفه 10/212.
انظر: المغني 8/277، والمبدع 9/134، والإنصاف 10/279.(4/1562)
[935-] قلت: ابن1 عباس - رضي الله عنهما- كان لا يرى على العبد حداً
__________
1 في ع بلفظ "ابن عباس -رضي الله عنهما- كان لا يرى على عبد حداً، ولا على اليهودي".
وانظر قول ابن عباس -رضي الله عنهما- في: معالم السنن للخطابي 4/613.(4/1563)
ولا على اليهود1 والنصارى؟
قال: عليه الحد، واليهود والنصارى عليهم الحدود.2
قال إسحاق: هكذا هو.3
[936-] قلت: رجل زنى بأخت امرأته؟
قال: لا تحرم عليه امرأته، ولكن يعتزل4 امرأته حتى تنقضي عدة
__________
1 في ع بلفظ "اليهودي".
2 في ع بلفظ "الحد" ويجب الحد على اليهود والنصارى للحديث المتفق عليه حيث ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر برجم يهودي ويهودية زنيا.
رواه البخاري في كتاب الحدود 4/182، ومسلم، حديث 1699، وأبو داود 1446، والترمذي 1464، وابن ماجة 2556، وأحمد في المسند 2/5.
وانظر أيضاً: الإنصاف 10/172، والمغني 8/164، والمبدع 9/63، ومنتهى الإرادات 2/462.
3 انظر عن قول إسحاق: سنن الترمذي 4/42.
وانظر: عن قول إسحاق وأحمد: الإشراف على مذاهب العلماء 4/86.
4 في ظ "يعتزل هذه"، وأثبت كلمة "امرأته" من ع.(4/1564)
هذه.1
قال إسحاق: هو كما قال.
[937-] قلت:2 الرجل يحل جاريته لرجل أو يحل له فرجها و3 المرأة لزوجها تقول إنه حرام؟
قال: حديث النعمان4 بن بشير رضي الله عنه عن النبيّ [ع-45/ب] صلى الله عليه وسلم
__________
1 لأنه لو أراد العقد على أختها في ذلك الوقت لم يجز حتى تنقضي عدة الموطوءة، فكذلك لا يجوز وطء امرأته حتى تنقضي عدة أختها التي أصابها، لأن وطء الأختين معاً محرم.
وذكر ابن قدامة في المغني 6/545 احتمال عدم حرمة الأخت، وعلل ذلك بقوله: "لأنها ليست منكوحة، ومجرد الوطء لا يمنع بدليل الوطء في ملك اليمين، فإنه لا يمنع أربعاً سواها".
والمعتمد في المذاهب القول الأول.
انظر: الكافي 3/311، ومنتهى الإرادات 2/174، وأحكام القرآن للجصّاص 2/132، والفروع 5/205.
2 هذه المسائل موجودة في نهاية اللوحة رقم: (88) من ع وبداية اللوحة رقم: (89) من ع.
3 في ع "أو" وهذه المسائل متقدمة في نسخة ع عن موضعها في نسخة ظ.
4 هو النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري الخزرجي، أحد الصحابة الأجلاء. كان من أمراء معاوية فولي الكوفة مدة، ثم ولي قضاء دمشق. قتل قرب حمص سنة 64 ?.
انظر: الإصابة 3/529، والاستيعاب 3/522، وسير أعلام النبلاء 3/411.(4/1565)
حيث قال لها: "إن كنت أذنت له جلدناه".1
[938-] قلت: هذا في المرأة لزوجها.
فما تقول إذا أحل جاريته لرجل أو فرجها؟
__________
1 الحديث مروي عن حبيب بن مسلم قال: رفع إلى النعمان - وهو أمير الكوفة - رجل يقال له عبد الرحمن بن حنين أحلت له امرأته جاريتها، فقال: لأقضين فيك بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، لئن كانت أحلتها له لأجلدنه مائة جلدة، وإن لم تكن أحلتها له لأرجمنه. قال: فوجدها قد أحلتها له، فجلده مائة.
أخرجه أبو داود 4458، والنسائي 6/123، وابن ماجة 2551، والترمذي 1475، وأحمد في [] [] المسند 4/275-277، ولفظه هذا موجود في المسند.
وفي إسناد الحديث حبيب بن سالم الأنصاري مولى النعمان بن بشير وكاتبه.
قال البخاري: فيه نظر. وهو من رجال مسلم وأصحاب السنن الأربع، ووثقه أبو حاتم، وقال عنه الحافظ: لا بأس به.
انظر: التاريخ الكبير للبخاري 2/318، والجرح والتعديل 3/102، وتقريب التهذيب 63.
واعتماداً على هذا الحديث فإن الزوجة إذا أحلت جاريتها لزوجها فوطئها، يجلد ولا يرجم إن كان ثيباً، ولا يضرب إن كان بكراً.
وفي مقدار الجلد ثلاث روايات: مائة جلدة، مائة إلا سوطاً وهو المذهب، عشرة أسواط.
انظر: الإنصاف 10/243، والفروع 6/75، والمغني 8/186، والمقنع مع حاشيته 3/480.(4/1566)
قال: لا يصلح ولا تكون له الجارية.1
قال إسحاق: كما قال سواء في [كليهما] .2
[939-] قلت: فيمن يقع على جارية امرأته أو ابنه أو أمه3 أو أبيه؟
قال: كل هذا أدرأ عنه الحد، إلا جارية امرأته فإن4 حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه في ذلك.
[940-] قلت: يقام عليه الحد في جارية امرأته؟
__________
1 إذا وطئ الرجل جارية بعد أن أحلها له صاحبها فهو زان، لأن هذا مما لا يستباح بالإباحة، ويقام عليه الحد: فإن كان بكراً جُلد، وإن كان ثيباً رُجم، ولا يسقط الحد في مثل ذلك إلا في موضعين:
[1-] إذا وطئ جارية امرأته بإذنها، كما بينا في المسألة السابقة.
[2-] إذا وطئ جارية ولده كما سيأتي في المسألة التالية.
انظر: المغني 8/185، والمقنع مع حاشيته 3/481، والمبدع 9/111.
2 في ظ بلفظ "كلاهما" والصواب ما أثبته من نسخة ع لاقتضاء قواعد اللغة في ذلك حيث إن كلا وكلتا إذا أضيفا إلى مضمر ألحقتا بالمثنى فتجران بالياء كما هنا.
انظر: شرح ابن عقيل على الألفية لابن مالك 1/57.
وانظر: عن قولي الإمامين معالم السنن للخطابي 4/605.
3 في ع بحذف "أمه".
4 في ع بلفظ "قال حديث النعمان".(4/1567)
قال: نعم، على ما قال النعمان. 1
قال إسحاق: كما قال.2
[941-] قلت: فيمن تزوج3 أمة فاشتراها بعد؟
__________
1 في ع "النعمان بن بشير".
2 في جواب الإمامين أحكام:
أ - وطء الرجل أمة زوجته فإن أذنت له فلا حد عليه بل يعزر، وإن لم تأذن له حد، وذلك لحديث النعمان بن بشير السابق تخريجه في المسألة رقم: (937) .
ب - وطء الرجل جارية ابنه، المذهب أنه لا حد عليه لأنه وطء تمكنت فيه الشبهة، فلا يوجب الحد كوطء الجارية المشتركة، دل على الشبهة قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر: "أنت ومالك لأبيك".
[] أخرجه ابن ماجة، حديث 2291، وأحمد في المسند 2/179-214.
فأضاف مال ولده إليه وجعله له، فإذا لم تثبت حقيقة الملك فلا أقل من جعله شبهة دارئة للحد، ولقد وقع الإجماع على انتفاء الحد عنه.
ولكن يعزر على الصحيح من المذهب بمائة جلدة. وقيل: لا يعزر. وقيل: إن حملت منه ملكها وإلا عزر.
ج - وطء الرجل جارية أمه أو أبيه: الصحيح من المذهب أن عليه الحد، وقيل لا يحد بل يعزر مائة جلدة.
[] انظر: المغني 8/185-186، والإنصاف 10/182، 242، 246، والمبدع 9/70، 110، والمحرر 2/153.
3 في ع بلفظ "فيمن يتزوج".(4/1568)
قال: يطؤها بالملك.1
قلت: 2 فولدت منه قبل أن يشتريها يبيعها إن شاء؟
قال: نعم.3
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 وينفسخ النكاح بملك الرقبة، وهذا من فروع القاعدة الفقهية القائلة: "بأن من ملك منفعة عين بعقد معاوضة على التأبيد ثم ملك العين انفسخ العقد الأول".
وينطبق هذا على مسألتنا هذه ولا نظير لها حيث لا يوجد عقد مؤبد وارد على المنفعة إلا عقد النكاح.
ويقول ابن رجب الحنبلي في قواعده: "ولا نقول إنه يدخل ملكه أي النكاح - في ملك الرقبة لأن مالك الرقبة لم يكن مالكاً له، فكيف يتضمن عقدة على الرقبة بتمليكه؟ بل نقول: قد اجتمع له ملك الرقبة بجميع منافعها بجهة، وملك البضع ملكاً بجهة أخرى ضعيفة؟ فبطلت خصوصيات الجهة الضعيفة كلها لصيره مالكاً للجميع ملكاً تاماً".
انظر: القواعد لابن رجب ص/43.
2 في ظ بلفظ "قال" والصواب ما أثبته من ع لأنه به يستقيم الكلام.
3 جاز بيعها كأية أمة لأنها ليست بأم ولد، فإن أم الولد هي التي ولدت من سيدها في ملكه، كما قال ابن قدامة في المغني 9/527.
ويقول في المغني أيضاً 9/534: ولأن الأصل الرق، وإنما خولف هذا الأصل فيما إذا حملت منه في ملكه بقول الصحابة -رضي الله عنهم-، ففيما عداه يبقى على الأصل. ا.?(4/1569)
الجزء الثاني: كتاب الطلاق
[الجزء الثاني]
بسم الله الرحمن الرحيم
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
[كتاب الطلاق] 1
[942-] قلت: طلاق السنة؟ 2
قال:3 يطلقها طاهراً في4 غير جماع الوقت كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن5 عمر -رضي الله عنهما- أن يطلقها طاهراً في غير جماع
__________
1 ما بين المعقوفين مزيد من نسخة ع.
2 طلاق السنة أن يطلقها طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه. وسبق تعريف الطلاق في بداية المسألة رقم 856.
3 وردت نحو هذه المسألة في مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانىء 1/213.
4 في ع "من".
5 حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال له: "مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء".
أخرجه البخاري في كتاب الطلاق 6/163، ومسلم، حديث رقم: 1471، 2/1093، وأحمد في المسند 2/6، 54، 63، وأبو داود 2/632، وابن ماجة، حديث رقم: 2019، والنسائي 6/137، والبيهقي 7/323، ومالك في الموطأ 2/576.(4/1571)
وليس فيه1 واحدة ولا اثنتان ولا ثلاث.
قال إسحاق: كما قال.
قال2 أحمد: فلو أنه قال:3 أنت طالق ثلاثاً للسنة، فإن كانت حائضاً لم يقع عليها شيء، فإذا هي4 طهرت وقعت الثلاث عليها جميعاً لأنه الوقت الذي أمر فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم ابن عمر -رضي الله عنهما- ولم يسم واحدة ولا ثنتين ولا ثلاثاً، فقد وجبت الثلاث في ذلك الوقت.5
__________
1 أي لم يذكر في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- طلقة واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً.
قال المرداوي في الإنصاف: "وإن طلقها ثلاثا في طهر لم يصبها فيه كره"، وفي تحريمه روايتان:
إحداهما: يحرم بل بدعة، وهو المذهب نص عليه في رواية ابن هانئ وأبي داود وابن منصور، وعليه جماهير الأصحاب.
والثانية: ليس بحرام، اختارها الخرقي حيث قال: "ولو طلقها في طهر لم يصبها فيه كان أيضاً للسنة وكان تاركاً للاختيار".
[] الإنصاف 8/451-452، والمغني 7/102، والمبدع 7/262، والمحرر 2/51.
2 في ع بلفظ "قال الإمام أحمد رحمه الله".
3 في ع زيادة "لها".
4 في ع بحذف "هي".
5 هذا بناء على رواية أن طلاق الثلاث مرة يكون سنة كما سبق، وللإمام رواية توافق إسحاق هنا بناء على أن طلاق السنة هو أن يطلقها طلقة واحدة فقط في طهر لم يجامعها فيه.
[] انظر: المغني 7/107، والإنصاف 8/458، والإشراف 4/160-161.(4/1572)
قال إسحاق: يقع عليها في كل طهر تطليقة، ولا يقع عليها شئ من الطلاق إذا تكلم بذلك1 وهي حائض.2
[943-] قلت: الرجل يطأ مدبرته؟ 3
قال: نعم يطؤها.4
قلت: وكل ما ولدت في التدبير فهم بمنزلتها، يعتقون بعتقها ويرقون برقها؟ 5
__________
1 في ع بلفظ "في ذلك".
2 وذلك لحديث ابن عمر السابق حيث إنه طلق امرأته وهى حائض فأمره النبيّ صلى الله عليه وسلم بمراجعتها، حيث إن الطلاق في زمن الحيض بدعة ولا يقع إلا بعد الطهر.
3 التدبير في اللغة يقال التدبير في الأمر: أن تنظر إلى ما تؤول إليه عاقبته.
لسان العرب: 4/273، مختار الصحيح: 198.
والتدبير شرعاً: هو عتق يقع بعد الموت. المغني: 9/386.
4 قال المرداوي في الإنصاف: وله إصابة مدبرته سواء شرطه أو لا، وهو صحيح نص عليه، ولا أعلم فيه خلافاً.
الإنصاف 7/441، المغني 9/401.
5 ما تلده المدبرة بعد تدبيرها له حالتان:
الأولى: أن يكون موجوداً حال التدبير بأن تأتي به لأقل من ستة أشهر من حين التدبير، فهذا يدخل في التدبير بلا خلاف لأنه كمنزلة عضوها.
الثانية: أن تحمل بعد التدبير فهو بمنزلتها أيضاً، كما هو المذهب وعليه الأصحاب.
انظر: المغني: 9/398، الإنصاف: 7/439، الكافي: 2/594.(4/1573)
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال.
[944-] قلت: الرجل يطلق واحدة وينوي ثلاثا؟
قال: 1 هي واحدة2.
راجعته؟
فقال: هي واحدة.
قال إسحاق: كما قال إلا أن يقول: أنت طالق ونوى ثلاثاً
__________
1 في ع بلفظ "فقال هذا هي واحدة".
2 إذا قال: أنت طالق، ونوى الثلاث، فعن الإمام أحمد روايتان:
إحداهما: تطلق ثلاثا كما قال إسحاق هنا.
والأخرى: أنها تطلق واحدة. رواها عنه أبو داود كما في مسائله ص 169.
والرواية الأولى قال الزركشي ولعلها أظهر كما حكاه عنه صاحب الإنصاف أ.?.
[] انظر: المغني: 7/236، الإنصاف: 9/7-8، الهداية: 2/8، مسائل أبي داود: ص 169، الإشراف على مذاهب العلماء: 4/165.(4/1574)
فهي ثلاث.1
[945-] قلت:2 إذا [ظ-26/أ] قال: اعتدّي وينوي ثلاثاً؟ 3
قال: هي واحدة.
راجعته فيه؟
فقال: هذا.
قال إسحاق: إذا نوى ثلاثاً كان ثلاثاً.4
[946-] قلت لأحمد: 5 رجل قال لامرأته: اعتدّي ثلاثاً؟
__________
1 نهاية اللوحة رقم: (49) من ظ.
2 بداية اللوحة رقم: (50) من ظ.
3 في ع بلفظ "قلت: إذا قال: اعتدي وينوي ثلاثا" وحذف باقي المسألة.
4 نقل عن الإمام أحمد روايتان في هذه المسألة.
هذه الرواية بوقوع الواحدة، وحكاها عنه أيضاً في الإشراف على مذاهب العلماء.
والثانية: أنه يقع ما نواه لأنه كناية خفية، والخفية ليست كالكناية الظاهرة التي تحمل على الثلاث، فوجب اعتبار ما نواه.
وفي مسألتنا هذه نوى ثلاثاً فتقع الثلاث كما ذهب إليه إسحاق، ونسب إليهما في الإشراف على مذاهب العلماء.
[] انظر: المبدع: 7/276-280، الكافي: 3/172-173، الإشراف على مذاهب العلماء: 165-166.
5 في ع بحذف "لأحمد".(4/1575)
قال أحمد: إن كان يريد الثلاث فهي ثلاث.1
قال إسحاق: أصاب.2
[947-] قلت: إذا قال: اذهبي3 فانكحي من شئت؟
قال: إذا أراد الطلاق فأخشى4 أن يكون ثلاثاً.
قال إسحاق: إذا أراد الطلاق بقوله هذا فهو كما نوى واحدة
__________
1 وقع ما نواه لأنه كناية خفية فتحمل على نيته، كما سبق في المسألة السابقة رقم: (1008) .
وانظر أيضاً: الهداية: 2/5، المبدع: 7/262.
2 انظر عن قول الإمام إسحاق رحمه الله: الإشراف: 4/166، وشرح السنة: 9/211، 212.
3 في ع بلفظ "بقوله هذا فهو كما نواه واحدة أو اثنتين أو ثلاث" المسألة في ع بهذا اللفظ فقط.
4 قوله: "أخشى أن يكون ثلاثا" يشبه عباراته في الكنايات الظاهرة كما نقل عنه مرارا، يقول: "فهو عندي ثلاث، ولكن أكره أن أفتي به" كما في مختصر الخرقى.
ويقول ابن قدامة في المغني: 7/127 معلقاً على ذلك: "أكثر الروايات عن أبي عبد الله كراهية الفتيا في هذه الكنايات، مع ميله إلى أنها ثلاث".
وهذا موافق لما هو المشهور في المذهب أن ذلك كناية ظاهرة، والمشهور أيضاً أن يقع بالظاهرة ثلاثاً مطلقاً.
[] انظر: الإنصاف: 8/479-480، والمبدع: 7/277-278، والمغني: 7/131، والهداية: 2/7.(4/1576)
أو اثنتين أو ثلاثاً.1
[948-] قلت: إذا قال: بهشتم؟ 2
قال: أسأله: ما أراد؟ فإن أراد ثلاثاً فهو ثلاث. وكل شيء بالفارسية فهو على ما نوى من ذلك، لأنه ليس له حد مثل كلام العربي.3
قال إسحاق: هو كما قال، إلا أن حكمه [ع-46/أ] بالفارسية كحكم من يتكلم بالعربية، وكذلك كل شيء.4
__________
1 إعطاء لهذه المسألة حكم الكناية الخفية في الحمل على ما نواه، ذلك لأن القاعدة عند إسحاق أن "كل كلام يشبه الطلاق، يريد به الطلاق فهو على ما نوى".
حكاه عنه ابن المنذر في الإشراف: ص169.
وانظر: معالم السنن: 3 /651، المحلى: 10/189.
2 بكسر الباء الموحدة والهاء وسكون الشين المعجمة وفتح التاء المثناة من فوق، وهذا في اللغة الفارسية بمعنى الطلاق أو التخلية، ويحكم بأنه صريح الطلاق موضوع له ويستعمل لذلك.
انظر: المقنع: ص531، شرح منتهى الإرادات: 3/130، المغني: 7/124.
3 أورد رواية الكوسج هذه منسوبة إليه المرداوي في الإنصاف: 8/476، وقال: "فإن زاد بسيار، بأن قال: بهشتم بسيار، طلقت ثلاثا".
وانظر: غاية المنتهى: 3/115.
4 وانظر: عن قوليهما في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/173.(4/1577)
[949-] قلت كيف تطلق الحامل؟
قال: متى شاء طلقها واحدة.1
قال إسحاق: كما قال.2
[950-] قلت: فأسقطت ولداً3 انقضت العدة؟
قال: نعم إذا علم أنه [ولده] .4
قال إسحاق: هو5 كما قال إذا كان سقطاً بيناً.6
[951-] قلت: الاستثناء في الطلاق؟
__________
1 طلاق الحامل طلاق للسنة لأنه لما استبان حملها قد طلق الزوج على بصيرة، فلا يخاف ظهور أمر يندم عليه.
المغني: 7/105، المبدع: 7/213، الإجماع لابن المنذر:109.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/161.
3 في ع بلفظ "الولد".
4 ما بين المعقوفين مثبت من ع والموجود في ظ "ولد" أي بحذف الهاء.
5 في ع بحذف "هو".
6 وذلك لوضوح حالها وعدم الارتياب فيه.
ولقوله تعالى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق، آية:4.
والوضع يشمل السقط.
المغني: 7/475، المبدع: 8/108، أضواء البيان: 8/364 الإشراف: 4/282.(4/1578)
قال: أقف عنده1، والغالب على أنها تطلق وكذلك في العتاق، وذلك أن الطلاق ليس هو يمين يكون فيه استثناء.2
قال إسحاق: لا يقع طلاق ولا عتاق إذا استثنى متصلاً، لأنه وإن لم يكن يميناً فالنية في الطلاق والعتاق جائز، والاستثناء فيه ببيان نية3.
__________
1 توقف الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- عن إجابة هذه المسألة.
قال المرداوي في الإنصاف 9/104: "ممن نقل ذلك عبد الله وصالح وإسحاق بن هانىء وأبو الحارث والفضل بن زياد وإسماعيل بن إسحاق".
2 صورة المسألة فيما إذا قال: "أنت طالق إن شاء الله"، نقل ابن قدامة في المغني إجماع العلماء على تسمية ذلك استثناء. المغني: 8/715.
والمشهور في المذهب وقوع الطلاق، قال عنها في الإنصاف: "وهذا المذهب نص عليه في رواية الجماعة …وعليه جماهير الأصحاب".
وعن الإمام رواية توافق قول إسحاق في أنه لا يقع بذلك طلاق ولا عتاق.
وعلل الإمام أحمد قوله هنا بالفارق بين اليمين والطلاق، فإن اليمين يكون فيه الاستثناء كما نص عليه الحديث: " من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى، فلا حنث عليه".
أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر وحسنه، حديث رقم: 1531، 4/108، وأبو داود 3/2020.
والطلاق والعتاق ليسا من الأيمان ولا يكفران.
انظر: عن المسألة: المغني 7/216، والمبدع 7/305، والإنصاف 9/104.
3 في ظ بلفظ: "ببيان بين"، وهذه رواية عن الإمام أحمد كما بينا آنفاً دليلها لأنه علق الطلاق على مشيئة لم يعلم وجودها فلا يقع، كما إذا علق على مشيئة زيد مثلاً.
والراجح: وقوع الطلاق والعتاق في ذلك، لما روي عن الصحابيين ابن عمر وأبي سعيد -رضي الله عنهما- أنهما قالا: كنا معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نرى الاستثناء جائزاً في كل شيء إلا في العتاق والطلاق.
حكى ذلك ابن قدامة في المغني عن أبي الخطاب، وقال ابن قدامة: "وهذا نقل للإجماع، وإن قدر أنه قول بعضهم ولم يعلم له مخالف فهو إجماع".
انظر: المغني 7/216، والروض الندي ص/405، والإنصاف 9/28.
وسيأتي توثيق قول إسحاق في المسألة التالية.(4/1579)
[952-] قلت1: إذا قال: أنت طالق إن شاء الله؟
قال: أقف عنده.
قلت: إذا قال: إن دخلت هذا البيت فامرأته طالق إن شاء الله؟ 2
قال: هذا أهون، وأقف عنده.
[953-] قلت: لم؟ قال: لأنه لا يصح لي، أرأيت إن طلق امرأته أله أن يكفر يمينه، ويراجع امرأته ألا ترى أنه ليس بيمين؟
__________
1 هذا أكملته من ع، أما ظ فإنه بحذف: "قلت".
2 في ع بلفظ: "إن شاء الله تعالى".(4/1580)
قال إسحاق: له الاستثناء فيهما. 1
[954-] قلت: أرأيت إن قال: إن دخلت هذه الدار فعليه حجة؟
قال: إن دخلها فقد حنث، ويكفر يمينه في مذهبنا.2
قال إسحاق: هو كما قال، ولكنى أختار في الكفارة في الأيمان3 المغلظات ستين مسكيناً.4
__________
1 انظر: عن قول إسحاق:الإشراف على مذاهب العلماء 4/186.
2 هذا ما يسميه الفقهاء بنذر اللجاج وهو خارج مخرج اليمين، وحكمه أن صاحبه مخير بين ما نذر به وبين كفارة اليمين. انظر: المغني: 8 /696.
3 في ع بحذف "الأيمان".
4 مخير في كفارة اليمين وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يتمكن من ذلك صام ثلاثة أيام، وكل ذلك بصريح قوله تبارك وتعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} المائدة، آية 89، وما ذكره الإمام إسحاق هنا -رحمه الله- معارض بنص الآية، ويتحتم المصير إلى صريح الآية، وعليه الأمة.
انظر: المغني: 8/734، العدة: 482، تفسير الطبرى: 7/16، فتح القدير للشوكانى: 2/71.(4/1581)
قال أحمد: وإن قال: إن دخلت هذه الدار1 فامرأته طالق.
أليس تطلق امرأته؟ 2 وكان سفيان [إذا سئل] 3 عن هذا لم يقل فيه شيئاً.
قال إسحاق: له الاستثناء.4
[955-] قلت: إذا قال ما أحل الله عليه حرام وله امرأة؟
قال: عليه كفارة الظهار.5
قلت: فقال: لم أعن امرأتي؟
__________
1 في ع بحذف كلمة "الدار".
2 بين الإمام هنا أن المرأة تطلق إذا وقع الدخول ولا يمكن له الرجوع بالكفارة بخلاف المسألة الأولى، وهذا كله تأكيد لبيان التفريق بين اليمين والطلاق. انظر: المسألة السابقة.
3 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأنه به يتم الكلام ويستقيم المعنى.
4 أي يصح الاستثناء في الطلاق، فلا تطلق امرأة من قال لزوجته: أنت طالق إن شاء الله، كما بينا سابقا في المسألة رقم: (947) .
انظر أيضاً: المغني: 8/718.
5 في المسألة ثلاث روايات عن الإمام أحمد، وما أجاب به الإمام هنا هو المذهب، والرواية الثانية: أنه كناية ظاهرة.
والرواية الثالثة: أنه ظاهر في اليمين.
وعنه رواية رابعة: أنه كناية خفية.
الإنصاف: 8/486، 487، المغني: 7/334.(4/1582)
قال: وإن لم يعن امرأته فهي مما أحل الله له وعليه1 كفارة ظهار.
قال إسحاق: يسأل عن إرادته، فإن نوى يميناً كان2 يميناً، وإن نوى طلاقاً كان3 كما نوى، وإن لم تكن نية فأدناه يمين.4
[956-] قلت: إذا طلقها وفي بطنها ولدان؟
قال: ما لم تضع الآخر.5
__________
1 هذه من نسخة ع وفي نسخة ظ بلفظ: "وإن لم يعن فهو مما أحل الله عليه"، فصححته من ع.
2 في ع: "كانت".
3 في ع بلفظ: "كان كما نوى".
انظر: عن قوله فيما عدا الفقرة الأخيرة: الإشراف على مذاهب العلماء 4/172.
ويحمل على الفقرة الأخيرة من كلامه.
4 حكى ابن قدامة في المغني: 6/699 عن الإمام إسحاق أنه يقول فيمن قال: ما أحلّ الله علي حرام إن فعلت كذا، ثمّ فعل أنّ ذلك يمين
5 إذا كان الحمل أكثر من واحد فالمذهب أن لا تنقضي العدة إلا بوضع الآخير لقوله تعالى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق، آية: 4، والحمل هو الجميع.
وعن الإمام رواية: أن العدة تنقضي بوضع الأول. والراجح القول الأول، وذلك لظاهر الآية.
انظر: المغني: 7/474، الإنصاف: 9/271، المبدع، 8/109.(4/1583)
قال إسحاق:1 كما قال.2
[957-] قلت: طلاق السكران.3
قال: لا أقول فيه شيئاً.
سئل عنه مراراً وأنا شاهد، كل ذلك يقول: لا أقول فيه شيئاً.
ثم سألته قلت: إذا طلق السكران أو قتل أو سرق أو زنى أو افترى أو اشترى أو باع؟
قال أحمد4 أجبن عنه، لا يصح لي5 شيء من أمر
__________
1 في ع زيادة: "هو".
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/282.
3 السكران: المقصود به هنا من يخلط في كلامه وقراءته لأجل السكر، ولا يعرف رداءه من رداء غيره، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} النساء آية: 43.
فجعل علامة زوال السكر علمه بما يقول.
انظر: القواعد والفوائد لابن اللحام: 38، المغني: 7/116، المبدع: 9/100.
4 في ع بحذف: "أحمد".
5 في ع بحذف لفظ: "لي شيء" في الأول وإضافة: "شيء" في الآخر، والجملة في ع هكذا: "قال: لا يصح من أمر السكران شيء".(4/1584)
السكران.1 وشهدته سئل غير مرة فلم يقل في السكران شيئاً.2
__________
1 سؤال الكوسج من قوله: "إذا طلق" إلى قول الإمام أحمد: "أمر السكران" شيء موجود في المغني: 7/116 بلفظه عدا كلمة "لي" من قوله "لا يصح" غير موجودة في المغني.
2 توقف الإمام عن التصريح بحكم طلاق السكران. وروي عنه وقوعه. وكذلك روي عنه عدم وقوعه.
يقول ابن قدامة 7/114: "أما التوقف عن الجواب فليس بقول في المسألة، إنما هو ترك للقول فيها وتوقف عنها، لتعارض الأدلة فيهما وإشكال دليلها".
ووافق الإمام إسحاق رواية عدم وقوع الطلاق كما بين ذلك هنا.
والمذهب عند الإمام أحمد أن الطلاق يقع، كما في الإنصاف 8/433؛ للحديث "كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه".
أخرجه البيهقي 7/359. وقال عنه الألباني في إرواء الغليل 7/111: أن الصواب فيه الوقف، وعلقه البخاري في الفتح 9/345.
ولأنه إيقاع للطلاق من مكلف غير مكره صادف ملكه، فوجب أن يقع كطلاق الصاحي، ولأن الصحابة أوقعوا عليه الطلاق، فلقد فرّق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بين سكران طلق امرأته بعد أن شهد عليه أربع نسوة …
أخرجه البيهقي 7/359.
[] انظر: زاد المعاد 5/210-211، والمغني 7/114، والمبدع 7/272، وكشاف القناع 5/234.(4/1585)
قال1 إسحاق: كلما طلق السكران وكان سكره سكراً لا يعقل فإن طلاقه لا شيء، ولكن2 ليس للمرأة أن تصدقه أنه لم3 يعقل إذا أشكل عليها أمره، فينبغي لها4 أن تحلفه عند الحاكم، فإن لم يكن عند حاكم5 جاز.
قال إسحاق: فأما6 طلاق السكران فالذي نعتمد عليه إذا كان السكران لم7 يعقل أصلاً في سكره حين طلق أو أعتق، ثم ذُكّر فلم يذكر8، أن ذلك لا يلزمه وهو في سعة من9 حبسها، ولو كان سكراناً يعقل بعض العقل فَذُكِّر أنك10 قد
__________
1 في ع بلفظ "سئل إسحاق" ويستقيم الكلام أكثر بما هو مثبت من ظ.
2 في ع بتكرار لفظة: "لكن".
3 في ع بلفظ: "أنه ليس يعقل" وحذف لم.
4 في ع: "له".
5 في ع: "الحاكم".
6 في ع: "وأما"، بالواو.
7 في ع بتأخير كلمة أصلا: "لم يعقل في سكره أصلاً".
8 في ع: "فإن ذلك".
9 في ع: "من" محذوفة.
10 في ع تكملة الإجابة كالتالي: "فذكر أنك طلقت فذكر أن يقع إذا حفظ أنه فعل".(4/1586)
طلقت فذكر، فإن ذلك يقع إذا حفظ أنه فعل.1
[958-] قلت: طلاق المكره [ع-46/ب] ؟ 2
قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء.3
وحد المكره: إذا كان يخاف القتل أو ضرباً شديداً.4
__________
1 مضمون كلام الإمام إسحاق -رحمه الله تعالى- أن طلاق السكران لا يقع، ودليله أنه زائل العقل كالمجنون، ومفقود الإرادة كالمكره، ولأنه لا عقل له، والعقل مناط التكليف.
والراجح: وقوع طلاق السكران لما سبق من الأدلة في القول الأول، وهو ما عليه المذهب عند الإمام أحمد، ولأنا إن قلنا بعدم وقوع طلاق السكران كان ذلك تشجيعاً له على فعله وحافزاً له في الاستمرار على عصيانه، فالأَوْلى الحكم بإيقاع طلاقه، عقوبةً وردعاً له ولأمثاله، والله تعالى أعلم.
انظر: الإنصاف 8/433، والمبدع 7/272، والعدة ص/409.
وانظر: عن قول إسحاق: المغني 7/115، وزاد المعاد 5/210، والأوسط لوحة رقم: 265.
2 نهاية اللوحة رقم: 90 من ع، وبداية اللوحة رقم: 91.
3 فلا يقع طلاقه، وعدم وقوع طلاق المكره مطلقاً هو المذهب كما في الإنصاف 8/439.
وعن الإمام رواية يشترط فيها لوقوع طلاق المكره أن يكون المكره ذا سلطان.
انظر: المغني 7/118، والمبدع 7/254، والإشراف 4/192.
4 فيكون من هدد بالقتل وأخذ المال ونحوهما مكرهاً، هذا هو المذهب في حد الإكراه، وهناك رواية أن التهديد ليس بإكراه، فلا يكون مكرهاً حتى ينال بشيء من العذاب كالضرب والخنق.
انظر: المغني 7/119، والإنصاف 8/439، والإشراف 4/193.
وانظر عن قول إسحاق: المغني 7/118، والاستذكار، لوحة: 217، والإشراف 4/192، والأوسط، لوحة رقم: 265، ومعالم السنن 2/643.(4/1587)
قال إسحاق: هو كما قال بلا شك.
[959-] قلت: طلاق الصبي؟
قال: إذا كان يعقل.1
قال إسحاق: ما لم يحتلم أو يبلغ خمس عشرة سنة أو نبتت عانته.2
__________
1 المذهب أن الصبي الذي يعقل الطلاق ويعلم أن زوجته تحرم عليه بالطلاق يقع عليه طلاقه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "الطلاق لمن أخذ بالساق".
أخرجه ابن ماجة، حديث رقم: 2081.
وقال عنه الألباني في إرواء الغليل 7/108: إنه حديث حسن.
ونسب هذا القول لإسحاق في المغني 7/116.
وعن الإمام رواية أنه لا يصح الطلاق من الصبي حتى يبلغ، موافقاً لما ذكره إسحاق هنا، وعنه أنه يصح من ابن عشر سنين. وعنه يصح من ابن اثنتي عشرة سنة.
[] انظر: الإنصاف 8/431-432، والمغني 7/116، والإشراف 4/190.
2 وعبارته عن ذلك في المسألة 1330: "كلما جاز عن ثنتي عشرة سنة وقد عقل الطلاق فطلق وقع لما يحتلم ابن اثنتي عشرة سنة".
ونص على إجابته هذه ابن المنذر في الإشراف 4/190، والأوسط، لوحة رقم: 264.(4/1588)
[960-] قلت: إذا طلق الرجل إلى أجل يسميه؟
قال: هي امرأته إلى ذلك الأجل.1
قال إسحاق: هو كما قال [ظ-26/ب] .2
[961-] قلت: شهادة النساء في الطلاق؟
قال: لا تجوز3 في الطلاق.
قال إسحاق: كما قال4 إذا لم يكن معهن رجل، فإن كان رجل
__________
1 هذا المذهب وعليه الأصحاب، كما في الإنصاف 9/53.
وعن الإمام رواية أن الطلاق يقع في الحال.
وانظر: المغني 7/165.
2 انظر: عن قول إسحاق: المغني 7/165، والإشراف، 4/196، والأوسط، لوحة: 266.
3 الصحيح من المذهب أنه لا تجوز شهادة النساء في الطلاق، ومثله النكاح والرجعة والعتاق ونحوها، ولا بد لذلك من شهادة رجلين.
وعن الإمام رواية أنه تقبل فيه شهادة رجل وامرأتين، وهو ما حكاه الكوسج عن إسحاق.
[] الإنصاف 12/79، والمغني 9/149-150.
4 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء 4/213(4/1589)
وامرأتان جاز ذلك، وإن كن أربعاً فإنها لا تجوز.
[962-] قلت: خروج المطلقة من بيتها؟
قال: تخرج 1 على حديث فاطمة،2 ولا سكنى لها ولا نفقة
__________
1 المقصود من المطلقة هنا: المطلقة البائن، كما يدل عليه حديث فاطمة الآتي.
والمطلقة إما أن تكون حاملاً أو لا:
فإن كانت حاملاً، فلها النفقة والسكنى، لقوله تبارك وتعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق آية 6.
وإن كانت المطلقة غير حامل فالمذهب أنه لا نفقة لها ولا سكنى.
وعنه رواية أنها لها النفقة والسكنى.
ورواية أخرى لها السكنى خاصة.
ورواية رابعة لها النفقة والكسوة.
انظر: المغني 7/528، والإنصاف 9/312.
2 فاطمة بنت قيس بن خالد القرشية الفهرية، أخت الضحاك بن قيس. كانت تحت أبي بكر بن حفص المخزومي فطلقها، فتزوجت بأسامة بن زيد، من مناقبها أنه اجتمع في بيتها أهل الشورى عند قتل عمر، قال عنها ابن عبد البر: "وكانت من المهاجرات الأول، وكانت ذات جمال وعقل وكمال".
انظر: الإصابة 4/373، والاستيعاب 4/371، وتهذيب التهذيب 12/444، وتقريب التهذيب 471.(4/1590)
على حديث1 فاطمة.
قال إسحاق: هو كما قال.2
[963-] قلت خروج المتوفى عنها زوجها؟
قال: لا تخرج على حديث فريعة.3
__________
1 حديث فاطمة أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة فأرسل لها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء. فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: "ليس لك عليه نفقة"، ثم أمرها أن تعتد عند ابن أم مكتوم.
أخرجه مسلم 2/1114 في كتاب الطلاق، وأبو داود في الطلاق، باب نفقة المبتوتة 2/712، وأحمد في المسند 6/412، وابن ماجة 1/652 باب من طلق ثلاثاً في مجلس واحد، والبيهقي 7/432.
2 انظر: عن قول إسحاق المغني 7/528، والأوسط، لوحة رقم: 300.
3 فريعة: هي فريعة بنت مالك بن سنان الخدرية، أخت أبي سعيد الخدري، ويقال في اسمها الفارعة، ويقال الفرعة. حضرت بيعة الرضوان، وأمها حبيبة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول.
انظر: الإصابة 4/375، وتهذيب التهذيب 12/445.
وحديثها هو أن زوجها قتل، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت أهلها، فأذن لها، ثم ناداها بعد ذلك وأمرها صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيتها.
أخرجه الترمذي في كتاب الطلاق 3/502، وقال: حديث حسن، والنسائى كتاب الطلاق 6/199، وأبو داود 2/723، ومالك في الموطأ 1/591.
والحديث يؤيد ما أجاب به الإمامان هنا وهو عدم خروج المتوفى عنها زوجها من بيت زوجها حتى تنتهي مدة العدة.
وعن الإمام أحمد رواية أنه لا يجب عليها ذلك بل تعتد حيث شاءت، والمذهب الرواية الأولى.
[] انظر: الإنصاف 9/306-307، والمغني 7/521، وكشاف القناع 5/431.(4/1591)
قال إسحاق: كما قال.1
[964-] قلت: المطلقة إذا دخلت في الحيضة الثالثة؟
قال: الغالب على ذلك قول زيد2 رضي الله عنه والمدنيين.3
سألته بعد ذلك، قلت: إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة؟
قال: ما أدري ما أختار؟.
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني 7/521، وجامع الترمذي 3/502.
2 هو زيد بن ثابت رضي الله عنه.
وحديثه هو ما أخرجه مالك في الموطأ 2/577، والشافعي في مسنده ص 297، أن الأحوص هلك بالشام حين دخلت امرأته في الدم من الحيضة الثالثة وقد كان طلقها، فكتب معاوية ابن أبي سفيان إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك، فكتب إليه زيد أنها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها ولا ترثه ولا يرثها.
3 المدنيين: مالك وأصحابه.
[] وانظر: عن قولهم في المنتقى 3/100، وشرح منح الجليل 2/304-305، وحاشية العدوي 2/74، والاستذكار، لوحة رقم: 199.(4/1592)
ثم سألته أيضاً، فقال: هو ما نعرف1 من الأحاديث، فلم يستجر على الفتيا فيها.2
قال إسحاق:3 ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة لم تبن من الزوج وله الرجعة عليها، فإن أخرت الغسل عن الوقت فإنها تبين، لأن التيمم جاز بدل الغسل.4
__________
1 في ع زيادة: "فيه" بعد "نعرف" والمعنى مستقيم بدون "فيه".
2 المطلقة الرجعية إذا دخلت في الحيضة الثالثة وانقطع دمها ولم تغتسل، عن الإمام أحمد في مراجعة زوجها لها روايتان:
إحداهما: أن لزوجها مراجعتها ما لم تغتسل، وقال عنها في الإنصاف أنها المذهب. وهو قول سعيد بن المسيب والثوري وإسحاق، وروي ذلك عن أبي بكر الصديق وعثمان وأبي موسى وعبادة وأبي الدرداء -رضي الله عنهم-.
والرواية الثانية: أن عدتها تنقضي بمجرد انقطاع الدم، وأنه ليس لزوجها مراجعتها، وهو قول سعيد بن جبير والأوزاعي.
وعن الإمام أحمد رواية أنها تنقضي بمجرد انقضاء وقت صلاة بعد الطهر.
[] انظر: المغني 7/456-457، والإنصاف 9/157-158، والمقنع بحاشيته 3/223، والمغني [] والشرح 9/86، والاستذكار، لوحة رقم: 199-200، والإشراف 4/305.
3 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني 7/456، والمقنع بحاشيته 3/223، والإشراف 4/305، والاستذكار، لوحة رقم: 200.
4 أي أن المرأة الرجعية يمكن لزوجها مراجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة، ولكن إن تركت الغسل وأخرته عن وقته الذي هو وقت صلاة منذ انقطاع الدم بانت وليس له مراجعتها، والتيمم عند وجود شروطه حكمه حكم الغسل. ونص الإمام أحمد أنها في عدتها ولزوجها رجعتها حتى يمضى وقت الصلاة التي طهرت في وقتها.
انظر::المغني 7/456، 457، الإنصاف 9/156، 158.(4/1593)
[965-] قلت: الرجل يكون عنده أربع نسوة فيطلق إحداهن، أله أن يتزوج في1 العدة؟
قال: لا يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة التي طلق2، فإذا ماتت يتزوج.3
قال إسحاق: كما قال.
[966-] قلت: إذا أغلق الباب وأرخى الستر؟ 4
__________
1 في ع بإضافة "وهي".
2 لبقاء أواصر الزوجية لأنها محبوسة عن النكاح لحقه.
وفي المغني:6/544 أنه كان للوليد بن عبد الملك أربع نسوة فطلق واحدة البتة وتزوج قبل أن تحل، فعاب عليه كثير من الفقهاء. قال سعيد بن منصور: إذا عاب عليه سعيد بن المسيْب فأي شيء بقي.
3 في ع بلفظ: "وإذا ماتت تزوج " وكونه يتزوج وذلك لانقطاع آثار الزوجية.
انظر: الإنصاف: 8 /131، والمبدع: 7/68، والإشراف على مذاهب العلماء: 4/100.
4 وردت نحو هذه المسألة في مسائل ابن هانئ: 1/215(4/1594)
قال وجب الصداق ووجبت العدّة.1
قال إسحاق: كما قال إلا أن تكون حائضاً أو محرمة، فلم يجئ العجز من قبله.2
__________
1 يشترط في وجوب الصداق كاملاً للمرأة، ووجوب العدّة عليها المس أو الدخول على ما هو موضح في قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} البقرة، آية: 237.
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} الأحزاب، 49.
وبين الإمام في جوابه هنا أن إغلاق الباب وإرخاء الستر ينزل منزلة الدخول أو المس، وذلك لإجماع الصحابة -رضي الله عنهم- على ذلك، فقد أخرج البيهقي: 7/256 عن زرارة بن أوفى أنه قال قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة.
وأخرجه أيضاً ابن أبي شيبة في مصنفه: 4/235، وعبد الرزاق في مصنفه: 6/288 ما عدا لفظ "ووجبت العدة"، وهذا هو المذهب سواء كان بهما أو بأحدهما مانع من الوطء كالإحرام والحيض، ففي مختصر الخرقي بعد بيان أن حكم الخلوة حكم الدخول قال:"وسواء دخلا وهما محرمان أو صائمان أو حائض أو سالمان". انظر: المغني 6/725.
وانظر أيضاً: المغني: 6/724، 6/451، والإنصاف: 8/283، 9/270.
2 لأن الزوج لا يتمكن حينئذ من الوطء فأشبه ما لو منعت تسليم نفسها إليه، بجامع أن المنع من الوطء حاصل من غير جهة الزوج، سواء كان من أجني أو من الزوجة.
وهذه رواية عن الإمام أحمد أيضاً.
وعنه رواية ثالثة: أنه إن كان صائماً صوم رمضان لم يجب كامل الصداق، وإن كان صائماً تطوعاً كمل الصداق.
[] الإشراف: 4/65، المغني: 6/725-726.(4/1595)
السنة في ذلك أن يكون إذا كان في المرض طلق، وكان قد دخل بها أو1 لم يدخل، أن الميراث بينهما جار2 لما صيره عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ومن بعده فراراً من كتاب الله3، فإذا كان حكمه حكم الفار فكان قد دخل بها أو لم يدخل سواء.
وتصديق ذلك قول عثمان بن عفان رضي الله عنه حيث ورث امرأة عبد الرحمن4 بن عوف رضي الله عنه بعد انقضاء العدة، وكذلك نرى
__________
1 في ع بلفظ "دخل بها أم لم يدخل بها"، أي بإضافة أم.
2 في ع بلفظ "جار حكمه حكم النار فكان قد دخل أو لم يدخل سواء وتصديق ذلك قول عثمان بن عفان رضي الله عنه". وعبارة: "لما صير عمر بن الخطاب ومن بعده فراراً من كتاب الله" غير موجودة في ع.
3 أي جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه طلاق المريض فراراً من ميراث الزوجة الثابت في كتاب الله كأن لم يكن، فلم يلتفت إليه، بل عاقب من فعل ذلك بتوريثها منه، وهذا موافق للقاعدة الفقهية المشهورة: من تعجل بشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه. انظر: القواعد لابن رجب: ص230.
وانظر: المغني: 6/329، 330.
وأثر عمر –رضي الله عنه- أخرجه: البيهقي في سننه: 7/363، وأخرجه سعيد بن منصور في سننه: 2/63.
4 وزوجة عبد الرحمن: هي تماضر بنت الأصبغ بن ثعلبه الكلبية. وقصة زواجه منها أن النبيّ صلى الله عليه وسلم عند ما بعثه إلى بني كلب قال له: إن استجابوا لك فتزوج ابنة ملكهم، فلما قدم عبد الرحمن عليهم دعاهم للإسلام فاستجابوا وأقام من أقام منهم على إعطاء الجزية، فتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ ملكهم، ثم قدم بها المدينة وهي أم أبي سلمة عبد الرحمن بن عوف.
راجع: الإصابة: 4/248، وتهذيب الأسماء واللغات: 2/333.
والحديث: هو أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه طلق امرأته البتة وهو مريض، فورثها عثمان رضي الله عنه منه بعد انقضاء العدة.
أخرجه البيهقى: 7/362، وأخرجه مالك في الموطأ: 2/571.(4/1597)
ما قال عثمان أنها ترث بعد انقضاء العدة ما لم تتزوج، كانت مدخولاً بها أو لا.1
__________
1 ذهب الإمام إسحاق -رحمه الله تعالى- إلى أن المطلقة في المرض سواء كانت مدخولاً بها أو غير مدخول بها أنها ترث ما لم تتزوج، نقل ذلك عنه ابن المنذري في الإشراف: 4/188، في غير المدخول بها، وهو الصحيح من مذهب الإمام أحمد كما يأتي في المسألة التالية.
وأما المدخول بها فلا يختلف الإمامان أنها ترث من زوجها مادامت في العدة، وأما بعد العدة فيقول الإمام إسحاق أنها ترث ما لم تتزوج. وللإمام أحمد روايتان في ذلك:
إحداهما: أنها لا ترث بعد العدة.
والأخرى:أنها ترث، وعلل ابن قدامة في المغني أن سبب توريثها فراره من ميراثها، وهذا المعنى لا يزول بانقضاء العدة.
[] انظر: المغني: 6/329-331، الإنصاف: 7/354-356، الإشراف: 4/187-188، المبدع: [6/239-240.(4/1598)
[969-]] سئل أحمد عن رجل طلق امرأته وهو مريض قبل أن يدخل؟ 1
قال: فيه اختلاف عن التابعين.2
وسئل3 إذا طلق في مرضه قبل أن يدخل بها ترثه؟
قال: اختلفوا فيه.
وسئل عمن طلق امرأته في مرضه قبل أن يدخل بها؟
قال: اختلف4 فيه الحسن وعطاء5 وجابر6 بن زيد وإبراهيم
__________
1 في ع زيادة "بها".
2 هذا السؤال وجوابه مكرر ثلاث مرات في المخطوطتين باختلاف طفيف في الألفاظ وتفصيل في المرة الثالثة، ويحتمل تكرر السؤال على الإمام وأن السائل كرره عند ما لم يفصل الإمام في الجواب، فإنه اقتصر في الجوابين الأولين على قوله: اختلفوا فقط، فكرر السائل السؤال ليستخرج منه زيادة في الجواب.
3 في ع بلفظ: "وسئل أحمد".
4 في ع بلفظ: "اختلفوا".
5 عطاء بن يسار الهلالي، أبو محمد المدني، القاضي مولى ميمونة، ثقة كثير الحديث، مات سنة ثلاث أو أربع ومائة، وقيل أربع وتسعين، وقيل سنة سبع وتسعين.
انظر: تذكرة الحفاظ: 1/90، وتهذيب الأسماء واللغات: 1/235، وطبقات الحفاظ: 41.
6 هو جابر بن زيد الأزدي أبو الشعثاء البصري، روى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير، وغيرهم، وروى عنه قتادة، وعمرو بن دينار، ويعلى بن مسلم، وغيرهم.
قال البخاري وأحمد: إنه مات سنة ثلاث وتسعين، وقال الواقدي وابن سعد: مات سنة ثلاث ومائة.
تهذيب التهذيب 2/238، وتذكرة الحفاظ 1/72(4/1599)
والشعبي.
قال بعضهم: لها الصداق والميراث (فتعتد) .1
قلت: في قول من يجعل لها الميراث؟
قال: لا، هذه غير مدخول بها.2
__________
1 ما بين القوسين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأن المعنى يقتضيه.
2 ذكر الإمام أحمد اختلاف التابعين فيمن طلق امرأته قبل أن يدخل بها في مرضه، وإليك الروايات عنه في المسألة وآراء من ذكرهم على سبيل الإيجاز:
[1-] لها الصداق والميراث وعليها العدة، وهو قول الحسن وعطاء وإسحاق، وهو رواية عن الإمام أحمد.
ذكر ذلك ابن قدامة في المغني، وابن المنذر في الإشراف.
ويأتي التصريح بذلك عن الإمام أحمد وإسحاق كما في المسألة رقم: (1023) ، وهو الصحيح من المذهب كما ذكره المرداوي في الإنصاف.
[2-] لها الصداق والميراث ولا عدة عليها، وهو رواية عن الإمام أحمد. ونسبه ابن قدامة أيضاً لعطاء.
[3-] لها نصف الصداق والميراث وعليها العدة، وهو رواية عن الإمام أحمد.
[4-] لها نصف الصداق فقط، ولا ميراث لها ولا عدة عليها، وهو رواية عن الإمام أحمد. وهو قول الشعبي، والنخعي. ونسبه ابن قدامة لجابر بن زيد، ونسب ابن المنذر في الإشراف لجابر بن زيد القول بأن لها الصداق كاملاً ولا عدة ولا ميراث.
[] انظر: المغني 6/331-332، والإشراف 4/188، والإنصاف 7/356-357، والمبدع [6/239-241،] والاستذكار، لوحة رقم: 189-190.(4/1600)
هذه مسألة تشبيه.1
[970-] قلت: المختلعة2 لها متعة؟
قال: هي مثل المطلقة.3
__________
1 معنى ذلك والله أعلم أن من جعل لها الصداق كاملاً والميراث شبهها بالمدخول بها حيث إن لها ذلك، ولا يلزم من التشبيه أن تأخذ جميع أحكامها التي منها العدة، فإن العدة لمعنى خاص موجود في المدخول بها دون غيرها.
2 الخلع: مأخوذ من خلع الثوب إذا أزاله، لأن المرأة لباس الرجل والرجل لباس لها، ومنه خالعت المرأة بعلها، أي أرادته على طلاقها ببدل منها، أو من غيرها يدفع لزوجها ليبينها منه، فإذا أجابها إلى ذلك فقد بانت منه وخلع كل واحد منهما لباس صاحبه.
انظر: لسان العرب: 8/76، مختار الصحاح: 185.
والخلع اصطلاحاً: فراق الزوج امرأته بعوض يأخذ الزوج من امرأته أو من غيرها بألفاظ مخصوصة.
انظر: كشاف القناع 5/237، والمبدع 7/219.
3 قال ابن قدامة في المغني:إن الرجل إذا طلق امرأته طلاقاً بائناً، فإما أن يكون ثلاثاً أو بخلع، أو بانت منه بفسخ. فإن كانت حاملاً فلها النفقة بإجماع أهل العلم، لأن الحمل ولده، فيلزمه الإنفاق عليه، ولا يمكنه النفقة عليه إلا بالإنفاق عليها، فوجب كما وجبت أجرة الرضاع، وإن كانت حائلاً فلا نفقة لها، وفي السكنى روايتان:
إحداهما: لها ذلك.
والثانية: لا سكنى لها ولا نفقة، وهي ظاهر المذهب.
وعنه أن لها السكنى، والنفقة، والكسوة.
[] انظر: المغني:7/606، والإنصاف:9/360-361.
وقول الإمام إسحاق في هذه المسألة يأتي في المسألة التي تليها، ونقله ابن قدامة في المغني:7/606، وهذا بالنسبة للمطلقة أو المختلعة المدخول بها، أما غير المدخول بها فإن لها المتعة.
انظر عن قول الإمامين في هذا: الإشراف على مذاهب العلماء:4/298، 300.(4/1601)
قلت: عدّتها عدّة [ع-47/أ] المطلقة؟
قال: نعم.
قال إسحاق: أختار ما قال.1 والذين قالوا:2 تعتد حيضة على ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم امرأة ثابت3 بن قيس، فهو مذهب
__________
1 انظر عن قولي أحمد وإسحاق:معالم السنن للخطابي: 2/668.
2 هي إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وبها قال ابن عمر وعثمان بن عفان وعبد الله ابن عباس ورواية عن إسحاق.
راجع: تهذيب ابن القيم: 3/145، والإنصاف: 8/392، ومعالم السنن للخطابي: 2/668.
3 هو الصحابي الجليل ثابت بن قيس بن شماس بن مالك بن امرىء القيس الخزرجي، أبو عبد الرحمن ويقال أبو محمد المدني، خطيب النبي صلى الله عليه وسلم. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أولاده وأنس بن مالك. شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، شهد بدراً والمشاهد كلها.
راجع تهذيب التهذيب: 2/12، والإصابة:1/197.
وزوجته: هي حبيبة بنت سهل بن ثعلبة بن الحارث بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، الأنصارية.
راجع: تهذيب التهذيب: 12/408، والإصابة: 4/262.
وحديثها هو عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عدّتها حيضة.
أخرجه أبو داود، حديث رقم: 2229، 2/669، 670.
والترمذي وقال: حديث حسن غريب، حديث رقم: 1185، 3/491، والنسائي: 6/169.(4/1602)
قوي.1
__________
1 قال الترمذي في جامعه: 3/492: قال إسحاق: "وإن ذهب ذاهب إلى هذا -أي أن عدة المختلعة حيضة- فهو مذهب قوي"، نقل البغوي عن إسحاق نحو ذلك في شرح السنة 9/197.
والخلاف في مسألة عدة المختلعة مبني على كونه طلاقاً بائناً أو فسخاً، واتفق الإمامان هنا على أن عدتها كالمطلقة بناء على أن الخلع طلاق بائن.
والصحيح من المذهب أن الخلع فسخ فتكون عدتها حيضة، واستدل ابن عباس -رضي الله عنهما- على أن الخلع فسخ بقوله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} البقرة: 229.
ثم ذكر الخلع فقال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ =(4/1603)
.......................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= بِه} البقرة 229.
ثم ذكر الطلاق: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} البقرة: 230.
فلو كان الخلع طلاقاً لكان الطلاق أربعاً.
روى أبو داود في سننه 2/669 أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عدّتها حيضة.
قال الخطابي في معالم السنن 2/669: "هذا أدل شيء على أن الخلع فسخ، وليس بطلاق، وذلك أن الله تعالى قال: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} البقرة: 228.
فلو كانت مطلقة لم يقتصر لها على قرء واحد. وذكر الإمام ابن القيم في التهذيب 3/144 أن المعروف عن إسحاق أن عدتها حيضة. ويؤيد هذا أن ابن المنذر وابن قدامة نسبا إليه القول بأن الخلع فسخ.
والذي ينتج عنه ما ذكره ابن القيم بأنه المعروف عن الإمام إسحاق، فبحمد الله اتفق الصحيح من مذهب الإمام أحمد، والمعروف عن إسحاق. وهو الراجح لما قدمنا.
ويؤيد القائلين بهذا القول قول حبر الأمة ابن عباس -رضي الله عنهما-.
قال الإمام أحمد: "ليس في الباب شيء أصح من حديث ابن عباس". نقل ذلك عنه في المغني 7/56.
وراجع الإشراف 4/218، والإنصاف 8/392، وكشاف القناع 5/216، وشرح السنة للبغوي 9/197، ونيل الأوطار 6/249.(4/1604)
[971-] قلت: 1 إذا قال: أمرك بيدك [إلى2 متى يكون أمرها بيدها؟
قال: ما لم يغشها على قول حفصة3 لزبراء:4 أمرك بيدك] ما لم يغشك5 زوجك.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 ما بين المعقوفين غير موجود في ع، وقد ورد نحو هذه الرواية في مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص 357، وبرواية ابن هانئ 1/228، وبرواية أبي داود بصيغة مختلفة حيث نقل: "فأمرها بيدها حتى ترده أو يطأها".
مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود ص 172.
3 وحديثها هو ما أخرجه مالك في الموطأ 1/563 بسنده عن عروة بن الزبير "أن مولاة لبني عدي، يقال لها زبراء، أخبرته أنها كانت تحت عبد، وهي أمة يومئذ، فعتقت. قالت: فأرسلت إلى حفصة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فدعتني فقالت: إني مخبرتك خبراً، ولا أحب أن تصنعي شيئاً. وإن أمرك بيدك ما لم يمسك زوجك، فإن مسك فليس لك من الأمر شيء. قالت: فقلت: هو الطلاق، ثمّ الطلاق، ثمّ الطلاق. ففارقته ثلاثاً.
4 زبراء: لم أقف على من ترجم لها إلا أن الحافظ ابن حجر أوردها في تعجيل المنفعة ص 365، ولم يزد على ما في متن الحديث من أنها مولاة لعدي بن كعب، وأنها روت عن حفصة في قصة جرت لها، وأن عروة ابن الزبير روى عنها.
5 ما لم يغشها أو يفسخ فالأمر بيدها لا يتقيد بزمن معين أو بالمجلس، هذا هو المذهب وعليه جماهير الأصحاب، نص عليه المرداوي، ونقل عن الزركشي، هذا هو منصوص الإمام أحمد -رحمه الله- وعليه الأصحاب.
انظر: الإنصاف: 8/492، المغني: 7/141، 142، العدة:416(4/1605)
قال إسحاق: الذي أختار من ذلك ما اجتمع عليه عامة أهل العلم من التابعين:1 أن لها الخيار ما دامت في مجلسها، وهي في عمل النظر للاختيار لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة حيث خيّرها: "لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك".2
قال أحمد: في الخيار إذا أخذوا في غير المعنى الذي كانوا فيه فليس لها من الأمر شيء.
__________
1 ممن قال بهذا عطاء، ومجاهد، والشعبي، والنخعي، وهو مروي عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وابن مسعود، وبه قال إسحاق.
وهؤلاء استدلوا بأن لها الخيار مادامت في المجلس بحديث عائشة والذي فيه: "لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك".
ولا حجة لهم في هذا، فقد قال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار، لوحة رقم: 159: "لا حجة في هذا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل لها الخيار في المجلس وبعده حتى تشاور أبويها، ولا خلاف فيمن خير امرأته لمدة يوم أو أيام أن ذلك لها إلى انقضاء المدة" ا.?.
قلت: ومعلوم أن أبويها ليسا موجودين معها في المجلس.
وقال ابن قدامة في المغني: ولأن قوله أمرك بيدك توكيل، فيكون على التراخي كما لو جعله لأجنبي.
انظر: المغني: 7/141، 142، والإشراف: 4/178، 179.
2 حديث عائشة هذا أخرجه البخاري في كتاب التفسير: 6/23. ومسلم في كتاب الطلاق: 2/1103.(4/1606)
قال إسحاق: هو هكذا.1
[972-] قلت: إذا قال قد وهبتك لأهلك؟
قال: إن قبلوها فواحدة يملك الرجعة، وإن ردوها فلا شيء.2
قال إسحاق: هو كما قال.3
[973-] قلت: الخلية والبرية والبتة4 والبائن وطلاق
__________
1 انظر: عن كلام الإمام أحمد والإمام إسحاق -رحمهما الله- في هذا الخيار: الإشراف: 4/179، فقد نقل ابن المنذر قوليهما.
ويأتي التفصيل عن الإمامين فيما إذا قال لها اختاري في المسألة رقم: (974) .
2 هذا المنصوص عن أحمد. قال المرداوي في الإنصاف 8/397: هذا المذهب.
وعن الإمام أحمد روايتان غير هذه في هذه المسألة:
إحداهما: إن قبلوها فثلاث، وإن ردوها فواحدة رجعية.
الثانية: إن قبلوها فثلاث، وإن ردوها فواحدة بائنة.
ويؤيد الرواية المشهورة، وهو ما عليه المذهب، أن الهبة تمليك فافتقر فيها إلى القبول كما إذا قال لها: "أمرك بيدك"، ولفظ "وهبتك لأهلك" محتمل فلا يحمل على الثلاث إذا أطلق، فتكون رجعية.
[] راجع المغني: 7/140-141، والمبدع 7/290، والإنصاف 8/497.
[3] انظر: عن قول إسحاق المغني 7/140، والإشراف على مذاهب العلماء: 4/169-170، والأوسط، لوحة رقم: 255.
4 في ع بلفظ "الباينة والبتة".
ومعنى هذه الكلمات كما يلي (خلية) هي في الأصل الناقة تطلق من عقالها ويخلى عنها ويقال للمرأة: خلية، كناية عن الطلاق قاله الجوهري، وجعل أبو جعفر مخلاة كخلية، ويفرق بينهما. و (برية) بالهمز وتركه (بائن) أي منفصل. (بتة) بمعنى مقطوعة.
انظر: المبدع 7/275، وكشاف القناع 5/250.(4/1607)
الحرج؟ 1
قال: أخشى أن يكون ثلاثاً، ولا أستجرئ2 أن أفتي فيه.
سئل بعد ذلك؟
قال: الغالب عليه أن يكون ثلاثاً ثلاثاً.3
__________
1 أي يقول لها أنت طالق طلاق الحرج، أو أنت الحرج، والمراد الضيق والإثم والذي يضيق عليه ويمنعه الرجوع إليها ويمنعها الرجوع إليه، هو الثلاث.
انظر: المغني: 7/113، والمبدع 7/276.
2 من الجرأة أي أجبن عنه كما يطلقه الإمام أحياناً. ويوضحه ما في معالم السنن للخطابي 2/656، حيث قال الخطابي:" وقال أحمد بن حنبل: أخشى أن يكون ثلاثاً، ولا أجترئ أفتي به."
3 الألفاظ المذكورة في السؤال من الكنايات الظاهرة في الطلاق، ومال الإمام أحمد هنا إلى أنه يقع بها ثلاثاً، ولم يستجرئ الفتيا بذلك.
قال ابن قدامة في المغني: 7/127: "أكثر الروايات عن أبي عبد الله كراهية الفتيا في هذه الكنايات، مع ميله إلى أنها ثلاثٌ."
والمذهب أنه إن نوى بالكنايات الظاهرة طلاقاً وقع الثلاث.
[] قال المرداوي في الإنصاف 8/482-483: هذا المذهب بلا ريب.
وعن الإمام أحمد أنه يقع ما نواه، موافقاً لإسحاق.
وعنه ما يدل على أنه يقع بها واحدة بائنة.
[] راجع المغني 7/127-130، والإنصاف 8/476-482، والمبدع 7/275-276.(4/1608)
قال إسحاق: هو على إرادته يجري في ذلك، فإن نوى واحدة أو ثنتين1 أو ثلاثاً.2
[974-] قال أحمد: في الخيار إذا اختارت 3 زوجها [ظ-27/أ] واحدة تملك الرجعة.4
__________
1 في ع بلفظ: "ناثنتين".
[2] انظر: عن قول الإمام إسحاق في: الإشراف على مذاهب العلماء 4/167، 171-172، [] والأوسط، لوحة رقم: 255-256.
3 نهاية اللوحة رقم: 51 من ظ، وبداية اللوحة رقم: 52.
4 هذه رواية عن الإمام أحمد، وروي عن علي وزيد والحسن أيضاً مثل هذا.
ونقل ابن قدامة في المغني 7/150 عن أبي بكر: انفرد بهذا إسحاق بن منصور والعمل على ما رواه الجماعة.
ووجه هذه الرواية أن التخيير كناية نوى بها الطلاق فوقع بها بمجردها، كسائر كناياته وكقوله: أنكحي من شئت.
والراجح: رواية الجماعة عن الإمام، للحديث المتفق عليه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترنا. فلم يعد ذلك شيئاً.
أخرجه: البخاري 6/23، ومسلم 2/1103.(4/1609)
والخلية والبرية والبتة1 والبائن وطلاق الحرج أخشى أن يكون ثلاثاً2، وفي الحرام كفارة الظهار.3
قال إسحاق:4 هو كما بينا أولاً.5
[975-] قلت: المتوفّى عنها زوجها لا تكتحل،6 ولا تطّيب، ولا تخضب،7 ولا تبيت عن بيتها،8 ولا تلبس ثوباً مصبوغاً؟
قال: هو هكذا.9
__________
1 في ع بلفظ "والبانية والبتة".
2 سبق الكلام في هذه الكنايات مفصلاً في المسألة السابقة رقم: (973) .
3 سبق الكلام على هذا في المسألة رقم: (955) .
4 في ع بحذف "إسحاق".
5 يعني أمر الكنايات الظاهرة التي سبقت في المسألة رقم: (973) وهي أنها تبنى على النية.
6 في ع بلفظ "لا تختضب ولا تطيب ولا تكتحل ولا تبيت".
7 الخضاب: ما يخضب به من حناء وكتم ونحوه، وخضب الشيء يخضبه خضباً، وخضبه: غير لونه بحمرة أو صفرة أو غيرهما.
انظر: لسان العرب 1/357، وتهذيب اللغة 7/117.
8 في ع بحذف (بيتها) .
9 هذا ما يسميه الفقهاء بالإحداد، وهو واجب على المتوفى عنها زوجها لحديث أم عطية -رضي الله عنها- قالت:"كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوبا مصبوغا …".
أخرجه البخاري 6/186، ومسلم 2/1127.
ولحديث فريعة -رضي الله عنها- حينما استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت أهلها فأذن لها ثم ناداها بعد ذلك وأمرها أن تعتد في بيتها.
أخرجه: الترمذي في كتاب الطلاق 3/580، وقال: حديث حسن. والنسائي 6/199، وأبو داود 2/723.
[] راجع عن المسألة: المغني 7/517، والمبدع 8/141-143، ومنار السبيل 2/286، [] [] [] والإنصاف 9/303-309.(4/1610)
[976-] قلت: المطلقة والمتوفى عنها زوجها1 في الزينة سواء؟
قال: هو الاحتياط.2
قال إسحاق: كلاهما3 كما قال.
__________
1 في ع بحذف "زوجها".
2 يجب الإحداد على البائن، لأنها معتدة من نكاح بائن لا رجوع فيه، فلزمها الإحداد كالمتوفى عنها زوجها. ولأن العدّة تحرم النكاح فحرمت دواعيه.
وعن الإمام رواية أنه لا يجب الإحداد على البائن، وأما الرجعية فلا خلاف في أنه لا يجب عليها الإحداد.
راجع: المبدع 8/140، وكشاف القناع 5/429، والمقنع مع حاشيته 3/289، والمغني 7/527.
3 انظر: عن قول إسحاق في أنه يجب على المتوفى عنها زوجها أن تمتنع من الثياب المصبوغة والمعصفرة إلا ما صبغ بالسواد.
الإشراف 4/295، والأوسط، لوحة رقم: 308.(4/1611)
[977-] قلت: تعتد من يوم يموت أو تطلق؟
قال: نعم.1
قال إسحاق: كما قال إذا علم ذلك، وإذا أشكل ذلك فمن يوم يأتيها الخبر.2
[978-] قلت: إذا تزوجها في عدّتها؟
__________
1 من طلقها زوجها أو مات عنها وهو غائب فعدّتها من يوم موته أو طلاقها.
قال ابن قدامة في المغني 7/534 "هذا هو المشهور في المذهب، وأنه متى مات زوجها أو طلقها، فعدتها من يوم موته، أو طلاقه.
قال أبو بكر: "لا خلاف عن أبي عبد الله أعلمه أن العدة تجب من حين الموت أو الطلاق ".
ثم قال ابن قدامة: وعن أحمد إن قامت بذلك بينة، وإلا فعدتها من يوم يأتيها الخبر.
راجع: المبدع 8/140، وكشاف القناع 5/428.
2 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء 4/284(4/1612)
قال: لها المهر ويخطبها مع الخطاب بعد انقضاء عدتها من الأول، ثم تعتد من الذي تزوجها في عدتها.1
قال إسحاق: كما قال.2
[979-] قلت: تزوجها في العدة ثم طلقها ثلاثاً؟
قال: هذه مسألة شنيعة. ثم قال: ليس طلاقه إياها بشيء، كأنه لم ير هذا تزويجاً.
قال إسحاق: ليس طلاقه إياها بشيء.3
__________
1 إذا تزوج الرجل المرأة في عدّتها فرّق بينهما ولها الصداق بما استحل من فرجها حين الدخول، وتكمل ما أفسدت من عدة الأول وتعتد من الأخير.
وفي مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود السجستاني ص/186 أنه سئل عن رجل تزوج امرأة في عدّتها ولم يعلم؟ قال: يفرّق بينهما، فإن كان دخل بها فلها الصداق، وتعتد بقية عدتها من الأول إن كانت ليست بحامل. ثم تعتد من الآخر عدة جديدة، فإن كانت حاملاً فوضعت انقضت عدتها من الآخر ثم تعتد بقية عدتها من الأول، وإن كانت لم يدخل بها يعني الآخر فلا مهر، ولا عدة.
وذلك لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "أيما امرأة نكحت في عدتها، فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها، فرّق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول، وكان خاطباً من الخطاب. وإن كان دخل بها فرّق بينهما ولها المهر بما استحل من فرجها، ثم اعتدت بقية عدتها من الأول، ثم اعتدت من الآخر …".
أخرجه: البيهقي 7/441، وعبد الرزاق في مصنفه 6/210.
وروي عن علي بن أبي طالب مثل هذا في نفس المرجعين السابقين.
[] راجع عن المسألة: المغني 7/481-482، وكشاف القناع 5/426-427، والاستذكار، لوحة [] رقم: 120-121.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الاستذكار، لوحة رقم: 121.
3 لا يجوز نكاح المعتدّة إجماعاً في أي عدّة كانت، وإن تزوّجت فالنكاح باطل، لأنّها ممنوعة من النكاح لحقّ الزوج الأوّل، فكان النكاح باطلاً كما لو تزوّجت وهي في نكاحه، وإن تزوّجت وهي في العدّة، يجب أن يفرّق بينهما، فإن لم يدخل بها فالعدّة بحالها، ولا تنقطع بالعقد الثاني، لأنّه باطل، لا تصير به المرأة فراشاً، ومن أدلّة ذلك قوله تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} . البقرة: 235.
ولأنّ العدّة، إنّما اعتبرت لمعرفة براءة الرحم لئلاّ يفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب.
راجع: المغني 7/470، المبدع 8/135، كشاف القناع 5/426، والمقنع 3/273.(4/1613)
[980-] قلت: تورث بعد1 انقضاء العدة؟
قال: نعم، ما لم تزوج.2
قلت: وإن لم يكن طلقها في مرضه؟
قال: لا، ولكن إذا طلقها في مرضه. 3
قال إسحاق: كما قال.4
__________
1 في ع بلفظ: "قلت: تورث هذا بعد انقضاء العدة".
2 في ع بلفظ: "تتزوج".
3 تورث المطلقة في مرض الموت وإن انقضت عدتها لتهمة حرمانها من الميراث.
وقد سبق الكلام مفصلاً في هذا في المسألة رقم: (968) .
وأما المطلقة في الصحة فلا ترث ما لم تكن في العدة لانتفاء التهمة حينئذ.
4 إلى هنا موجود في آخر لوحة رقم: 92 من ع.(4/1614)
باب الرضاع1
[981-] [ع-47/ب] قلت: شهادة المرأة في الرضاع2 والولادة؟
قال: إذا كانت [مرضية] 3 وتستحلف في الرضاع كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما-،4 فإنها إن كانت كاذبة تبيض
__________
1 هذا ما أثبته من ع، وهو غير موجود في ظ.
2 الرضاع لغة: رضع الصبي أمه يرضعها رضاعاً ورضعاً ورضاعة أي امتص ثديها. انظر: المعجم الوسيط 1/351، الصحاح 3/1220، تاج العروس 5/355.
والرضاع شرعاً: وصول لبن آدمية إلى جوف صغير حي، أو مص لبن ثاب من حمل من ثدي امرأة أو شربه ونحوه.
انظر: المبدع 8/160، وكشاف القناع 5/442.
3 ما بين المعقوفين أثبته من ع، وموجود في ظ لفظ "مرضعة"، والأَوْلى ما أثبته، ويؤيده وجود هذه اللفظة "مرضيه" هي التي تقابل كلمة "كاذبة" الموجودة في النص، ومصدر الكلمات والقيود المستعملة في المسألة هو أثر ابن عباس وفيه ما أثبته.
[4] أثر ابن عباس هذا أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 7/482-483 وفيه نقل قول ابن عباس -رضي الله عنهما- في امرأة زعمت أنها أرضعت رجلاً وأهله، فقال: إن كانت مرضية استحلفت وفارق امرأته، قال: إن كانت كاذبة لم يحل الحول حتى تبيض ثدياها.
وهذا قول الإمام إسحاق ورواية عن الإمام أحمد اعتماداً على أثر ابن عباس هذا. وعن الإمام أحمد روايتان غير هذه:
أولاهما: أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة في ذلك بدون استحلاف.
الثانية: أنه لا يقبل إلا شهادة امرأتين.
والرواية التي فيه الاكتفاء بالمرأة الواحدة بدون استحلاف هي المذهب، وعليه الأصحاب.
قال المرداوي: وهي من مفردات المذهب.
ومما يرجحها الحديث الذي رواه البخاري عن عقبة بن الحارث قال: تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: وكيف وقد زعمت ذلك؟
رواه: البخاري 6/128.
وفى لفظ رواه النسائي قال: "فأتيت من قبل وجهه فقلت: إنها كاذبة، قال:كيف وقد زعمت أنها قد أرضعتكما؟ خل سبيلها". النسائي 6/109.
وهذا يدل على الاكتفاء بالمرأة الواحدة بدون استحلاف.
ونقل ابن قدامة في المغني عن الأوزاعي أنه قال: فرق عثمان بين أربعة وبين نسائهم بشهادة امرأة في الرضاع.
[] راجع: المغني 7/558، والمبدع 8/180-181، والمقنع بحاشيته 3/304، وكشاف القناع 5/456، وشرح السنن للبغوي 9/87.(4/1615)
ثدياها1، ولا تستحلف في الولادة.2
__________
1 نقل ابن قدامة في تفسير (تبيض ثدياها) يعنى يصيبها فيهما برص عقوبة على كذبها: 7/558.
2 بناء على الترجيح السابق يكتفى بشهادة المرأة الواحدة بدون استحلاف في الرضاعة والولادة سواء بسواء، وأصل ذلك حديث عقبة بن عامر السابق الوارد في الرضاع، والولادة مثله بدون استحلاف.(4/1616)
قال إسحاق: هو كما قال.1
[982-] قلت: ما يحرم2 من الرضاع؟
قال: لا يحرم الرضعة، والرضعتان.
[983-] قلت: فكم يحرم؟
قال: إن ذهب ذاهب إلى خمس رضعات لم أعبه، وأجبن عنه بعض الجبن، إلا أني أراه أقوى.3
__________
1 انظر: عن قول ابن عباس وإسحاق في: المغني 7/558، والإشراف 4/118.
2 هذا ما أثبته من ع وفي نسخة ظ بلفظ "قلت: متى يحرم من الرضاع".
3 هذا تحديد لما يتعلق به التحريم من الرضاع، وعن الإمام أحمد -رحمه الله- في ذلك ثلاث روايات:
الأولى: أن الذي يحرم، هو خمس رضعات.
الثانية: أن الذي يحرم، هو ثلاث رضعات.
الثالثة: أن قليل الرضاع وكثيره يحرم.
وقول الإمام أحمد لا يحرم الرضعة والرضعتان، يفهم منه أن الثلاثة تحرم.
ومعتمد هذه الرواية الحديث الذي رواه الإمام مسلم: "لا تحرم الرضعة والرضعتان". مسلم 2/1074.
واستدل من قال: إن القليل والكثير يحرم بعموم قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَة} النساء: 23.
وبعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة".
أخرجه: البخارى 6/125، ومسلم 2/1068.
والقول بأن التحريم لا يتعلق بما دون خمس رضعات، الذي قال عنه الإمام أحمد -رحمه الله- "إلا أني أراه أقوى "، هو ظاهر المذهب وهو قول إسحاق، ويرجحه حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن.
أخرجه: الإمام مسلم 2/1075.
[] وانظر: الإنصاف 9/334، ومنار السبيل 2/293، والمقنع بحاشيته 3/299-300، والمحلى [10/10-11،] وفتح الباري: 9/146-147.(4/1617)
قال إسحاق: لا يحرم دون خمس رضعات لما صح رواية عائشة -رضي الله عنها- في ذلك، وقد تكون المصة1 الواحدة رضعة إذا كان ذلك في مصة واحدة، فأما إذا رضعت مرة وكان في تلك الرضعة يرد الصبي فيه أربع مرات فلا أرى التزويج إذا تم خمس2 رضعات مادام الصبي الثدي في فيه ولو شبع كان ذلك
__________
1 مصصته بالكسر أمصّه بالفتح، وزاد الأزهري "مصصته": بالفتح أمصه بالضم، والفصيح الجيد مصصته بالكسر أمصّ: "شربته شربا رفيقاً".
[] راجع: لسان العرب 7/91-92، والصحاح 3/1056، وتاج العروس 4/435.
2 في ع بلفظ: "إذا تم خمس مرات كذلك".(4/1618)
رضعة، لأن الرضعة1 يقع عليها اسم المصّة، كذلك المصّة يقع عليها اسم الرضعة.
[984-] سئل2 إسحاق: عن امرأة ذهب لبنها فعصرت ثديها فظهر على طرف ثديها شيء3 يشبه اللبن، فأرضعت بذلك صبياً، هل يكون هذا رضاعا؟
في قول من يرى القليل والكثير يحرم؟ أو هل يجوز لهذا الصبي بعد4 هذا اللبن أن يتزوج ابنة هذه المرأة؟
قال إسحاق: كلما خرج من ثديها لبن وهي قد فطمت ولدها وأتى عليها الأيام الكثيرة فعصرت5 حتى خرج لبن فسقت صبياً أو صبية فإن ذلك الرضاع6 يحرم به مثل ما يحرم إذا
__________
1 مضمون كلام الإمام إسحاق -رحمه الله- أن المصة تقع على الرضعة والرضعة تقع على المصة، ويشترط في عدها واحدة أن يمص أويرضع ويترك الثدي، ثم يعود إليه مرة أخرى، فكل مصة أو رضعة ترك الثدي بعدها تعدّ واحدة، فلو استمر في الرضاع دون أن يترك الثدي حتى شبع حسبت واحدة فقط.
2 في ع بلفظ: "سألت".
3 في ع زيادة: "منه".
4 في ع بلفظ "بعد قدر هذا".
5 في ع بلفظ "فعصرت ثديها".
6 في ع بلفظ "رضاع".(4/1619)
أسقت وهي ترضع الولد.
في قول من يرى1 قليل الرضاع وكثيره يحرم؛ فإن ذلك اللبن يحرم.
والذي نختار أن لا يحرم دون خمس مصّات، وربما كانت المصّة رضعة واحدة، فإن2 كان كذلك تبين ما لم يكن خمساً أنه لا يحرم، وإن كان قدر الرضعة الواحدة3 تطول حتى يكون من الصبي خمس مصّات يرضع ثم يرد، ثم يرضع، فإن الاحتياط من4 ذلك إذا كان قدر خمس مصّات فأكثر أنها تحرم مما لا نجد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم مفسراً أن الرضعة وإن كان فيها مصّات تسمى رضعة فاحتطنا لذلك.
وأما المصتان5 فلا شك في ذلك أنهما لا يحرمان شيئاً، وكذلك
__________
1 هذه رواية عن الإمام أحمد، وروي ذلك عن علي وابن عباس -رضي الله عنهما-، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن ومكحول والزهري وقتادة والحكم وحماد ومالك والأوزاعي والليث.
[] راجع: المغني 7/532، وشرح السنة للبغوى 9/82، وفتح الباري 9/146-147، والمدونة 2/288، والمحلّى 10/12.
2 في ع بلفظ "فإذا كان".
3 هذا أثبته من ع وفي ظ بلفظ: "الرضعة الواحدة حتى يكون".
4 في ع بلفظ: "في ذلك".
5 سبق بيان الحديث الذي يدل على أن الرضعتين لا تحرمان، وتخريجه في المسألة رقم: (982) .
وقد نقل هذا عن الإمام أحمد وإسحاق: الترمذي في جامعه 3/456.(4/1620)
لو كان أربع مصّات لم تحرم حتى تتم خمساً لما فسرت عائشة -رضي الله عنها-1 أن القرآن نزل بعشر رضعات معلومات تحرمن قالت: ثم صرنا إلى خمس رضعات2 فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن3 مما يقرأ من القرآن.
وإنما نختلف لما شبه علينا تفسير المصّة من الرضعة فرب مصّة وإن طالت تسمى رضعة وربما كانت رضعة يكون فيها مصّات، لأن الصبي ربما رضع ثم يرد فمه4 ثم [ظ-27/ب] يعود فيمص فيفعل ذلك مراراً، فيقال لهذه رضعة وقد صار فيها مصّات، فلذلك قلنا لا نشك في دون خمس مصات لا يحرم ولو طالت المصة، ونرجو أن يكون معنى الحديث على خمس رضعات، وإن كان في الرضعة مصّات ولكن لما أمكن المصّتان رأينا الاحتياط،5 في الأخذ
__________
1 هذا الحديث سبق الكلام فيه وتخريجه في المسألة رقم: (983) .
2 في ع بحذف كلمة: "رضعات".
3 في ع بلفظ: "وهي".
4 نهاية اللوحة رقم: 52 من ظ، وبداية اللوحة رقم: 53.
5 الظاهر أن الإمام إسحاق -رحمه الله تعالى- يرى أن الحديث لم يفرق بين المصة والرضعة، وأن الرضعة الواحدة قد تكون فيها عدد من المصّات التي لم يدع معها الثدي، فلا تعتبر تلك المصات في العدد فلا تحرم إلا خمس رضعات وإن طالت الرضعة الواحدة وكثرت فيها المصات التى لم يترك فيها الثدي، أما إذا مص وترك عدة مرات فإن كل مصة تحسب رضعة، فإذا مص ثم ترك إلى أن أتم خمساً فإن تلك المصات محرمة، ولو مص عشر مصات متوالية دون أن يترك الثدي فإنها تحسب كلها رضعة واحدة.(4/1621)
بالمصّة1 من غير أن تحرم الرضعات ما لم يتم خمساً2، والإملاجة3 أقل من المصة إلا أنها داخل4 في المصة لما دخل اللبن البطن.
[985-] قلت: لبن الفحل؟ 5
__________
1 في ع بلفظ "في المصة".
2 في ع بحذف "خمساً".
3 الإملاجة: المرة، والملج تناول الثدي بأدنى الفم، يقال ملج الصبي أمه يملجها ملجاً إذا رضعها، والمليج الرضيع، وفي الحديث: "لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان".
أخرجه: الإمام مسلم 2/1074.
والإملاج: الإرضاع.
انظر: تاج العروس 2/101، لسان العرب 2/368، والصحاح 1/342.
4 في ع بلفظ "إلا أنها في الأصل داخل في معنى المصة"، والصواب داخلة.
5 الفحل: الذكر القوي من كل حيوان.
انظر: لسان العرب 11/516، والمعجم الوسيط 2/676.
ولبن الفحل: هو اللبن الذي ثاب للمرأة مخلوق من ماء الرجل والمرأة فينشر التحريم إليهما، وينشر الحرمة إلى الرجل وإلى أقاربه.
قال ابن الأثير في تفسير لبن الفحل في النهاية 4/227: "إن لبن الفحل يحرم، يريد بالفحل الرجل تكون له امرأة ولدت منه ولداً ولها لبن، فكل من أرضعته من الأطفال بهذا اللبن فهو محرم على الزوج وإخوته وأولاده منها ومن غيرها، لأن اللبن للزوج حيث هو سببه".
انظر: المبدع 8/161، والمغني 7/541، وكشاف القناع 5/243، والنهاية لابن الأثير 4/227.(4/1622)
قال: كل شيء من قبل الرجال يحرم1. [ع-48/أ]
[986-] قلت: مثل أي شيء؟
قال: كأن أخاك أرضعت امرأته جارية فأنت عمها، أو امرأة أبيك أرضعت جارية بلبن أبيك فهذه أختك.
قال إسحاق:2
__________
1 ورد في مسائل عبد الله عن الإمام أحمد نحو هذه المسألة ص 341.
[] وانظر عن المسألة: المغني 7/572، 7/541، وكشاف القناع 5/443، والمبدع 8/161-162.
2 انظر: عن قول إسحاق المغني 6/572، وفتح البارى 9/151، والإشراف 4/113.(4/1623)
كما قال لحديث1 أفلح2 وهو الأصل في لبن الفحل.
[987-] قلت لإسحاق: وعائشة -رضي الله عنها- كان يدخل عليها من أرضعته أخواتها3، ولا يدخل عليها من أرضعته نساء
__________
1 حديث أفلح هو ما روته عائشة أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليه، وهو عمها من الرضاعة، بعد أن نزل الحجاب فأبيت أن آذن له فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت فأمرني أن آذن له.
أخرجه: أحمد في المسند 6/33، 38، 177، 194، 217، 271.
وأخرجه: البخاري في كتاب النكاح، باب لبن الفحل.
وأخرجه: مسلم كتاب الرضاع، باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل 2/1069.
2 أفلح بن قعيس: أخو أبي القعيس، عم عائشة من الرضاعة. قال ابن منده عداده في بني سليم، واختلف في اسمه فقيل أفلح بن قعيس، وقيل أفلح أخو أبي القعيس، وأفلح بن أبي القعيس وقيل غير ذلك.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "والمحفوظ أن الذي استأذن هو أفلح، وأبو القعيس هو أخوه".
وصحح ابن عبد البر أنه أفلح أخو أبي القعيس، وقال: لا أعلم له خبرًا ولا ذكراً أكثر مما جرى من ذكره في حديث عائشة، ويقال إنه من الأشعريين.
انظر: الإصابة 1/71، والاستيعاب 1/85، وفتح الباري 9/151.
3 روى مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل عليها من أرضعته أخواتها، وبنات أخيها، ولا يدخل عليها من أرضعته نساء إخوتها.
أخرجه: مالك في الموطأ 2/604.(4/1624)
إخوتها 1، هل هذا مخالف لحديث أفلح؟
قال إسحاق: هذا مخالف في الظاهر لحديث أفلح، ولكنّا نضع هذا على معنى النظر كالذي رواه القاسم2 في الحجاب ولم يصف فصلاً في التحريم؛ فيكون مخالفاً، وهذا المعنى أحب إلينا.3
__________
1 في ع بلفظ "من أرضعت من نساء أخواتها" أي بزيادة " من" قبل نساء.
2 هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أبو محمد، ويقال أبو عبد الرحمن. روى عن أبيه وعمته عائشة وعن العبادلة وغيرهم، وروى عنه ابنه عبد الرحمن والشعبي وسالم ابن عبد الله ونافع مولى ابن عمر والزهري ومالك بن دينار وآخرون.
قال الحافظ في التقريب: ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، من كبار الثالثة. مات سنة ست ومائة على الصحيح.
انظر: التقريب 179، وتهذيب التهذيب 8/333، 334، 335، وحلية الأولياء 2/183، وتهذيب الأسماء للنووي 2/55، شذرات الذهب 1/135، والطبقات 5/139، ووفيات الأعيان 1/418.
3 معنى كلام الإمام إسحاق -رحمه الله تعالى- أن هذا المعنى المروي عن عائشة -رضي الله عنها- يحمل على امتناعها من نظر من أرضعته نساء إخوتها دون الحجاب اختياراً منها، ولم تقض بتحريم دخولهم عليها، فيزول ظاهر التعارض بين الحديثين بهذا المعنى الذي قال عنه الإمام إسحاق إنه "أحب إلينا".
ومما يؤيد ذلك: أن لها أن تأذن لمن شاءت من محارمها وتحتجب عمن شاءت، وإلا ما كان لها أن تخالف ما شافهها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن لبن الفحل محرم، كما في حديث أفلح.
[] راجع: فتح الباري 9/151-152، وشرح الزرقاني على موطأ مالك 3/242.(4/1625)
[988-] قلت: المولود على من رضاعته؟
قال: على عصبته.1
قلت: إذا لم2 يكن له عصبة؟
قال: إن أرضعوه من بيت المال فهو أجود، مثل حديث المنبوذ.3
__________
1 تجب أجرة رضاع الصبي على والده لقوله تعالى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف} البقرة: 233، وإذا لم يكن له أب فتلزم نفقته جده، فإن لم يكن له جد فتلزم عصبته، فإن لم تكن له عصبة ففي بيت المال.
نقل هذا ابن المنذر في الإشراف عن الإمامين أحمد وإسحاق.
انظر: الإشراف 4/150، والمبدع 8/121، والمغني 7/589، وفتح الباري لابن حجر 9/515.
2 في ع بلفظ: "إن لم يكن".
3 المنبوذ: الذي تنبذه والدته في الطريق حين تلده فيلتقطه رجل من المسلمين ويقوم بأمره.
انظر: لسان العرب 3/511.
[] وذلك لما أخرج عبد الرزاق في مصنفه 7/450، والبيهقي في سننه 6/201-202، بسنده إلى ابن شهاب عن أبي جميلة أنه وجد منبوذاً زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجاء به إلى عمر، فقال: ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ فقال: وجدتها ضائعة فأخذتها، فقال له عريفي: يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح، قال: كذلك؟ قال عمر: اذهب فهو حر وعلينا نفقته. وفي رواية في بيت المال(4/1626)
قال إسحاق: كما قال.1
[989-] قلت: نفقة الحامل؟
قال: من نصيبها.2
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف 4/150، والمغني 7/589.
2 تجب النفقة للحامل المطلقة لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق آية: (6) .
وقوله: "من نصيبها" محتمل أن يكون معناه أنّ لها النفقة، أي للمطلقة الحامل نفقة، وأما الحامل المتوفّى عنها ففي المذهب روايتان أصحهما أن لا نفقة لها.
والرواية الأخرى أن لها النفقة، ويكون معنى "من نصيبها" إذا حملناها على المتوفى عنها أن نصيبها من الميراث، ويلزم من ذلك أن لا نفقة لها، وهي أصح الروايتين في المذهب.
راجع: الإنصاف 9/369، والمغني 6/606، 608، وفتح القدير للشوكاني 5/245.(4/1627)
[990-] قلت: على ما بقي من الطلاق.1
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال شديداً.
[991-] قلت: الطلاق قبل النكاح؟
قال: إن تزوج لم آمره أن يفارق.2
__________
1 لعل معنى السؤال هل تكون للمطلقة نفقة إذا بقي من الطلاق شيء؟ بمعنى إذا كانت رجعية.
وهنا اتفق الإمامان على أن لها النفقة.
انظر: عن قول الإمامين، الجامع لأحكام القرآن 3/185.
2 روى عبد الله بن أحمد في مسائله عن الإمام أحمد نحو هذه المسألة بصيغة مختلفة. انظر: مسائل الإمام برواية عبد الله ص 358.
وروى نحوها أيضا ابن هانيء في مسائلة أيضاً عن الإمام أحمد 1/235.
ولم يأمره أن يفارق، لأن الطلاق قبل النكاح لا يقع، وذلك لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك".
أخرجه: الترمذي 3/486 وقال: حديث حسن صحيح وهو أحسن شيء روي في هذا الباب، وأخرجه أبو داود 2/640.
قال الخطابي في معالم السنن: ومعناه نفي حكم الطلاق المرسل على المرأة قبل أن تملك بعقد النكاح، وهو يقتضي نفي وقوعه على العموم سواء كان في امرأة بعينها أو في نساء لا بأعينهن.
وعن الإمام أحمد رواية بوقوع الطلاق قبل النكاح.
راجع: العدة ص: 417، والمبدع 7/324.(4/1628)
قال أحمد: إذا كان يخاف الفتنة لم أر به بأساً أن يتزوج الأمة وإن كانت له امرأة.1
قال إسحاق: 2 كما قال.
قال إسحاق: كل ما لم ينصبها بعينها لم يقع الطلاق وقّت أو لم يوقّت.
[992-] سألت إسحاق3 عن رجل قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق فتزوج؟
قال: أما إذا نصبها بعينها فإن الكف أحب إليّ4، وإن يقدم
__________
1 سبق تفصيل الكلام على هذه المسألة بمسألة رقم: (890) .
ولعل هذا جواب على سؤال سقط من النسختين أو نقلت هنا خطأ من الناسخ وهذا أظهر لإقحامها بين جواب أحمد على مسألة الطلاق قبل النكاح وجواب إسحاق على نفس المسألة.
2 في ع بلفظ "هو كما قال".
3 في ع بحذف إسحاق أي بلفظ: "سألت عن رجل".
4 ليس معنى ذلك أن الإمام إسحاق -رحمه الله تعالى- يقول بوقوع الطلاق حينئذ، والدليل على ذلك ما عقبه بقوله: "وإن يقدم عليها لم أعنفه، فهو موافق للإمام أحمد في عدم وقوع الطلاق قبل النكاح".
انظر عن قول الإمام أحمد والإمام إسحاق رحمهما الله تعالى في: الإشراف على مذاهب العلماء 4/185 وشرح السنة للبغوي 9/200 واختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، لوحة: 107، واختلاف العلماء للمروزي، لوحة: 43، والاستذكار 4/212.(4/1629)
عليها لم أعنفه، وأما ما سوى ذلك، وقّت أو لم يؤقت أو سمى قبيلة أو لم يسمها، فإن ذلك واضح أن لا يقع.
[993-] قلت: المتلاعنين لا يجتمعان أبداً؟
قال: نعم، لا يجتمعان أبداً.1
__________
1 لما روى أبو داود في سننه 2/683 عن سهل بن سعد الساعدي في حديث المتلاعنين قال: " فمضت السنّة بعد المتلاعنين أن يفرق بينهما، ثم لا يجتمعان أبداً".
ولفظة السنّة تعطي الكلام معنى الرفع.
قال ابن قدامة في روضة الناظر ص:43 عند الكلام عن مثل هذه الألفاظ: "فالظاهر أنه لا يريد إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سنة غيره ممن لا تجب طاعته، ولا فرق بين قول الصحابي ذلك في حياة النبيّ صلى الله عليه وسلم أو بعده".
وعن الإمام أحمد روايتان غير هذه:
الأولى: أنه إن أكذب نفسه حلت له. وذكر في المغني 7/414: "أنه شاذة ولم يروها عنه إلا حنبل".
والرواية الأخرى: أنها تباح له بعقد جديد، وهو خاطب من الخطاب.
راجع أيضا: الإنصاف 9/252 والمبدع 8/92.(4/1630)
قال إسحاق: 1 نعم وزيادة.2
[994-] قال3 أحمد: الأمة إذا زنت ولم تحصن4 يجلدها سيدها، وإن كانت محصنة فزنت رفعها إلى السلطان.5
__________
[1] انظر: عن قول الإمام إسحاق: معالم السنن للخطابي 2/683، وشرح السنة للبغوي [10/297-298،] والإشراف على مذاهب العلماء 4/269.
2 قوله: "وزيادة"، هذه العبارة ونحوها يعبر بها الإمام إسحاق -رحمه الله-، وهي تدل على تمام موافقته للإمام أحمد رحمه الله.
3 لم ينقل السؤال الذي هذه إجابته في النسختين.
4 أصل الإحصان المنع، والمرأة تكون محصنة بالإسلام والعفاف والحرية والتزويج، قال الجوهري عن ثعلب: كل امرأة عفيفة مُحْصِنة ومُحْصَنة.
[] راجع: تاج العروس 2/520، ولسان العرب 13/120-121.
5 والمشهور من المذهب أن حد العبد والأمة الزانيين خمسون جلدة بكرين كانا أو ثيبين لقوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} النساء: 25.
ولما أخرج مالك في الموطأ 2/827 عن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي قال: أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش، فجلدنا ولائد من ولائد الإمارة خمسين خمسين في الزنى.
وفي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال: إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير"، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بجلدها وجلد الرقيق الزاني نصف جلد الحر كما أشارت إليه الآية.
وعن الإمام روايتان غير هذه في الأمة البكر:
أولاهما: أنه لا حد عليها.
الأخرى: تجلد مائة جلدة.
[] راجع: المغني 8/174، والمبدع 9/65، والإنصاف 10/175-176، ونيل الأوطار 7/121، 124.(4/1631)
قال إسحاق: هو كما قال.1
[995-] قلت: هل تحصن النصرانية واليهودية2 والمملوكة الحر؟
قال: أما اليهودية والنصرانية يحصنان.3 وأما الأمة فلا.
__________
1 انظر: عن قول إسحاق الإشراف 4/86.
2 في ع بحذف "اليهودية".
3 يحصنان لتوفر شروط الإحصان فيهما وهي أربعة شروط:
[1-] الإصابة في القبل.
[2-] كون الوطء في نكاح.
[3-] كون الوطء في حال الكمال بالبلوغ والعقل والحرّية.
[4-] أن يكون شريكه في الوطء مثله في الكمال.
وعن الإمام أحمد رواية أن الإسلام يشترط في الإحصان، فلا تحصن اليهودية والنصرانية مسلماً.
[] راجع: الكافي 3/209، الإنصاف 10/172، والمبدع 9/62-63.(4/1632)
[996-] قلت: لم؟
قال: لأن الأمة إذا زنت لم ترجم.
قال إسحاق: كما قال.1
[997-] قلت: قال مالك: تحصن الأمة الحر؟
قال أحمد: لا تحصن.
[998-] قلت: قال2 مالك: ويحصن العبد الحرة؟
قال أحمد: لا، لا يحصن العبد الحرة.3
__________
[1] انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء 4/86، والاستذكار، لوحة [130-131.
2] في ع بلفظ: "قلت: قال مالك وتحصن الحرة العبد؟ قال: جيد لأن العبد لا يرجم إذا زنى، لا يكون محصناً".
3 اختلف الفقهاء في هذه المسألة:
- فذهب أحمد وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق إلى أن الأمة لا تحصن الحر، والعبد لا يحصن الحرة.
- وذهب مالك إلى أن الأمة تحصن الحر، والعبد يحصن الحرة.
راجع عن المسألة: المغني 8/161، والاستذكار، لوحة: 131، والمدونة 4/398، والشرح الصغير 4/355، وفتح القدير لابن الهمام 5/236، والإشراف على مذاهب العلماء 4/87، ومغني المحتاج 3/371(4/1633)
[999-] قلت: قال مالك: ولا تحصن1 الحرة العبد؟
قال: جيد، لأن العبد لا يرجم إذا زنى، ولا يكون محصناً.2
[1000-] قلت: قال مالك: والأمة إذا كانت تحت الحرّ فإنه لا يحصنها؟
قال: كذا3 هو، لأن عليها نصف العذاب، ولا ترجم إذا زنت.
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 في ع: "وتحصن".
2 في ع بلفظ: "قلت قال مالك: وتحصن الحرة العبد؟ قال: جيد، لأن العبد لا يرجم إذا زنى، لا يكون محصناً".
والظاهر أن "لا" النافية سقطت من هذه المسألة.
3 في النسختين: ظ، ع مرسومة كلمة "كذي" بالألف المقصورة. والصواب ما أثبته.(4/1634)
باب الظهار1
[1001-] قلت: الظهار من كل ذي محرم؟ 2
قال: نعم.3
قال إسحاق: كما قال.4
__________
1 في نسخة ظ غير موجود هذا العنوان فأثبته من نسخة ع.
والظهار مشتق من الظهر، سمي بذلك لتشبيه الزوجة بظهر الأم، وإنما خصوا الظهر دون غيره، لأنه موضع الركوب، إذ المرأة مركوبة إذا غشيت.
فقوله: أنت علي كظهر أمي، أي: ركوبك للنكاح حرام عليّ، كركوب أمي للنكاح، فأقام الظهر مقام الركوب لأنه مركوب، وأقام الركوب مقام النكاح، لأن الناكح راكب.
انظر: المغني 7/337، والمبدع 8/30، والمحرر 2/89، وغاية المنتهى 3/182، والفروع 5/486.
2 أي ما حكم من شبه امرأته بظهر من تحرم عليه من أرحامه كالعمة والخالة.
3 هذه رواية علل لها لأنهن محرمات بالقرابة فتحرم زوجة من شبهها بهن كمن شبهها بالأم، بل الصحيح من المذهب أن يعطى من شبه زوجته بمحرمة عليه بسبب، كرضاع ومصاهرة حكم من تحرم عليه بنسب…
وهناك رواية: لا يكون مظاهراً إذا أضافه إلى من تحرم عليه بسبب.
وعنه رواية أخرى: إن كان السبب مجمعاً عليه فهو مظاهر، وإلا فلا.
راجع: المغني 7/340، والإنصاف 9/193، وغاية المنتهى 3/182.
4 انظر عن قول إسحاق -رحمه الله تعالى-: الإشراف 4/237، والمغني 7/340 والأوسط، لوحة رقم: 282.(4/1635)
[1002-] قلت: إذا ظاهر من امرأته ثم وقع بها قبل أن يكفّر ما عليه؟
قال: كفارة واحدة.1
قال إسحاق:2 هو كما قال.
[1003-] قلت: إذا ظاهر من أربع نسوة؟
__________
1 يحرم على المظاهر وطء امرأته قبل أن يكفّر، وذلك بنص القرآن الكريم، وذلك فيما إذا كانت الكفارة عتقاً أو صوماً، وذلك قوله -تعالى-: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} المجادلة: 3.
وقوله عز وجل: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} المجادلة: 4.
ومثله إذا كانت الكفارة إطعاماً، كما هو المعتمد من مذهب الإمام أحمد وعند الجمهور، فإن وطئها قبل الكفارة استقرت كفارة الظهار ولا شيء عليه غير الكفارة، إلا أنه يأثم لمخالفة الأمر.
راجع: المغني 7/347، 348، والإنصاف 9/205، وكشاف القناع 5/374، والفروع 5/493.
2 في ع بحذف: "هو".
وانظر عن قول الإمام إسحاق -رحمه الله تعالى-: الإشراف 4/242، وشرح السنة 9/245(4/1636)
قال: كفارة واحدة.1
قال إسحاق2: كما قال إذا كان بمرة واحدة.3
[1004-] قلت: المظاهر يقبل أو يباشر؟
قال: أرجو [ع-48/ب] أن لا يكون به بأس، إنما قال الله عز وجل: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} . كأنه يريد الجماع4.5
__________
1 إن ظاهر منهن بكلمة واحدة، كأن قال: أنتنّ عليّ كظهر أمي، يكون عليه كفارة واحدة بلا خلاف في المذهب، كما قاله في المغني 7/357، ونسبه ابن قدامة لعمر وعلي وقال: ولا نعرف لهما في الصحابة مخالفاً، فكان إجماعاً.
بخلاف ما إذا كان الظهار بكلمات، فحينئذ تلزم لكل واحدة كفارة.
راجع أيضاً: الإنصاف 9/207، وكشاف القناع 5/375، والكافي 3/357، والمحرر 2/90.
2 في ع زيادة " هو ".
3 أي بكلمة واحدة وهو قيد في كلام الإمام إسحاق.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني 7/357، والإشراف 4/237.
4 في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} المجادلة: 2، 3.
5 في المسألة روايتان عن الإمام:
إحداهما: أنه لا يحرم ذلك، كما أجاب به الإمام هنا، ووافقه عليه إسحاق ونقلها الأكثرون عن [] [] الإمام أحمد كما في الإنصاف 9/204، والمبدع 8/41-42.
ومعتمدها تفسير التماس المذكور في الآية بالجماع، كما أشار إليه الإمام أحمد في النص.
ولأنه وطء يتعلق بتحريمه مال، فلم يجاوز تحريمه محله، كوطء الحائض.
الرواية الثانية: يحرم الاستمتاع من المظاهر منها بما دون الفرج قبل التكفير، وهي المذهب كما في الإنصاف 9/204.
وفي المبدع: أنها أظهرهما.
ويرجح هذه الرواية أن ما حرم الوطء من القول حرم دواعيه، كالطلاق والإحرام.
راجع: المغني 7/348، والمبدع 8/41، والكافي 3/261.(4/1637)
قال إسحاق: هو كما قال.1
[1005-] قلت: رجل قال2 لامرأته: أنت أمي إن فعلت كذا وكذا؟ 3
قال: إن فعل تلزمه كفارة الظهار.4
__________
1 انظر: عن قول إسحاق: الإشراف 4/243، والأوسط، لوحة رقم: 284.
2 في ع بحذف: "قال".
3 المسألة مثال لتعليق الظهار بشرط أو شروط، ويصح ذلك، لأن الظهار قول تحرم به الزوجة، فصح تعليقه على شرط كالطلاق، كما في: المغني: 7/350، والمبدع: 8/40، وغاية المنتهى: 3/183.
4 قوله: "أنت أمي" فيه تفصيل أشار إليه الإمام إسحاق -رحمه الله- في كلامه، وهو إن نوى الظهار فهو ظهار ويحمل عليه جواب الإمام أحمد -رحمه الله- هنا، وإن قال قصدت مثلها في الكبر أو الصفة أو الاحترام قبل منه ودين عليه، وإن أطلق فمختلف فيه.
والراجح والله أعلم: أنه إن وجدت قرينة تدل على الظهار مثل أن يقول ذلك في حال الخصومة فهو ظهار؛ لأنه يفهم بذلك أنه أراد به ما يتعلق بأذاها ويوجب اجتنابها وهو الظهار لا كرامتها، وإن عدمت القرينة فلا ظهار، لأن تعيين الظهار عند عدم القرينة يكون مجرد تحكم لا عن دليل.
[] ورجح هذا التفصيل ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: 7/342-343، وابن مفلح في المبدع: 8/32، الفروع: 5/486.(4/1638)
قال إسحاق:1 ليس عليه في ذلك كفارة الظهار إلا أن ينوي بهذا القول الظهار، ولو نوى طلاقاً كان ذلك.
[1006-] قلت لأحمد: الإيلاء يوقف،2 أو إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة؟
قال: يوقف، يوقفه3 السلطان.
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق هذا: الإشراف: 4/238، والمغني: 7/342.
2 في ع بلفظ: "قلت الإيلاء يوقف".
3 أي يكون بتوقيف السلطان بعد مضي الأربعة الأشهر، وذلك بأن يأمره بالفيئة إذا رفعت المرأة أمره إلى الحاكم، فإن أبي أمره بالطلاق، فإن لم يطلق طلق عليه الحاكم.
انظر: المغني: 7/318، شرح السنة: 9/238، الاستذكار: 4/لوحة160.(4/1639)
قال أحمد: هي1 امرأته وإن أتى على ذلك سنون ما لم يوقف، إنما جعل2 ذلك به قال الله عز وجل: {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا.... وَإِنْ عَزَمُوا} 3 فلا يكون4 إلا بعد الأربعة الأشهر.
__________
1 لعل هذا توضيح لجواب الإمام أحمد من الكوسج -رحمهما الله تعالى- حيث ذكر جواب الإمام أولاً ثم أخذ يفصله.
2 يفهم من كلام الإمام أحمد هذا أن زوجة المولي لا تطلق بمضي المدة، بل لا بد بعد مضي المدة من الفيئة أو الطلاق.
قال ابن قدامة: "ولا تطلق زوجته بنفس مضي المدة قال أحمد في الإيلاء يوقف عن الأكابر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" ا.?.
وأخرج البخاري في صحيحه: 6/174 عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "إذا مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق ولا يقع عليه الطلاق حتى يطلق، ويذكر ذلك عن عثمان وعلي وأبي الدرداء وعائشة واثني عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم".
انظر: المغني: 7/318، كشاف القناع: 5/363، المبدع: 8/20، الهداية لأبي الخطاب 2/47، المحرر: 2/87.
3 الآية: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} البقرة: آيتا 226، 227.
4 أي لزوم الفيء أو أمر الطلاق وما يترتب عليه من أحكام.(4/1640)
قال إسحاق:1 كما قال.
[1007-] قلت: المولي يطلق؟
قال: متى طلقها لزمها الطلاق أبداً.2
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق: اختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، لوحة رقم: 110، المحلى: 9/47، والمغني: 7/319، وشرح السنة: 9/238، والإشراف: 4/231.
وما ذهب إليه الإمامان أحمد وإسحاق من أن زوجة المولي لا تطلق بمضي المدة، بل لا بد من الطلاق، هو المذهب عند الحنابلة.
[] وانظر أيضاً: كشاف القناع: 5/363، والمغني: 7/318-319، والإنصاف: 9/189، والكافي: 3/250، وتصحيح الفروع: 5/483.
2 إذا طلق المولي زوجته بعد مضي أربعة أشهر وبعد رفع المرأة أمره إلى الحاكم فأمره بالفيء أو الطلاق فطلقها المولي طلقة، فعن الإمام أحمد روايتان في كون الطلاق رجعياً أو بائناً:
إحداهما: أنها طلقة بائنة، والظاهر أنها المعني بها قول الإمام أحمد: "لزمها الطلاق أبدا"، ووافقه عليها الإمام إسحاق.
ووجهة هذه الرواية: أن الفرقة الحاصلة بطلاقه بناء على أمر الحاكم فرقة لدفع الضرر عن الزوجة، فكانت بائنة كالمختلعة.
والرواية الثانية: أنه إذا طلق واحدة تكون رجعية.
وقال عنها المرداوي في الإنصاف: 9/189 هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وجزم بها في الإقناع وشرحه: 5/367، وقدمها في المغني: 7/231.
ومما يرجحها أن طلاقه طلاق صادف مدخولاً بها من غير استيفاء عدد الطلقات الثلاث ولا مدة العدة فكان رجعياً، كما إذا طلقها واحدة في غير إيلاء.
راجع أيضا المبدع: 8/27، 28، كشاف القناع: 5/367، الفروع: 5/483، الكافي 3/250.(4/1641)
قال إسحاق: كما قال.1
[1008-] قلت: وكيف الإيلاء في الغضب؟.2
قال:3 الرضى والغضب سواء4 إذا كان يريد
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/230، الأوسط، لوحة رقم: 278.
2 معنى السؤال: أيشترط أن يكون الإيلاء في حال الغضب فقط أم لا؟
3 ما أثبت في المتن هو عبارة ع، وعبارة ظ: "قال الرضى والغضب إذا كان يريد يميناً"، وعبارة ع أكثر وضوحا فأثبتها.
4 قال ابن قدامة في المغني 7/314: "ولا يشترط في الإيلاء الغضب ولا قصد الإضرار، وفيه أيضاً أن علياً: قال ليس في الإصلاح إيلاء. وعن ابن عباس أنه قال: إنما الإيلاء في الغضب".
وانظر: عن أثريهما هذين في: الإشراف: 4/227، وعموم الآية: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} البقرة: 226، يؤيد تسوية الإيلاء في الغضب والرضى، قال ابن المنذر وهذا أصح، لأنه أجمعوا أن الظهار، والطلاق، وسائر الأيمان سواء في حال الغضب والرضى، كان الإيلاء كذلك.
انظر: الإشراف: 4/226، والمبدع: 8/7.(4/1642)
اليمين.1
[1009-] قلت: ولا يكون اليمين دون أربعة أشهر [ظ-28/أ] ؟ 2
قال:3 [لا يكون مولياً إذا حلف دون أربعة أشهر.4
قال إسحاق: الذي أحب إليّ من ذلك إذا حلف على دون أربعة أشهر.
__________
1لم يذكر الكوسج في هذه المسألة قول الإمام إسحاق، كذلك لم يذكره ابن المنذر في الإشراف، وهما من أكثر العلماء تتبعاً لأقوال الإمام إسحاق.
2 نهاية اللوحة رقم: 53 من ظ، وبداية اللوحة رقم: 54.
3 ما بين المعقوفين من ع، وعبارة ظ هي: "قال: يكون مولياً إذا حلف على دون أربعة أشهر فتركها أربعة أشهر أن يكون مولياً".
والأولى ما أثبته من ع لاستقامة المعنى به، وكذلك ذكر قول إسحاق فيها حيث لم يذكر في الأصل بل دمج كلامه مع كلام الإمام أحمد.
[4] الصحيح من المذهب الذي نص عليه الإمام كما في الإنصاف: 9/174-175 أنه يشترط في الإيلاء أن يحلف على أكثر من أربعة أشهر، وأن من حلف على دون أربعة أشهر لا يكون مولياً، وقد حكى المرداوي في الإنصاف في نفس الموضع المشار إليه عن الزركشى أنه قال: "هذا المنصوص المختار للأصحاب".
وعن الإمام رواية أن الإيلاء يصح أيضاً فيما إذا حلف على ترك الوطء لأربعة أشهر.
راجع أيضاً المبدع 8/9، والمغني 7/300.(4/1643)
فتركها أربعة أشهر أن يكون مولياً] 1.
[1010-] قلت: المفقود؟ 2
قال: لا يكون مفقوداً3 حتى يغزو أو يركب البحر فينكسر بهم، أو رجل خرج من الليل فسبته الجن 4 فهو على قول عمر رضي الله عنه.5
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني 7/300، والأوسط، لوحة رقم: 277، ومذهبه أن من حلف على ترك الوطء لأربعة أشهر أو أكثر أو أقل، وتركها أربعة أشهر، فهو مول.
2 وردت نحو هذه المسألة في مسائل ابن هانيء 1/216، ومسائل أبي داود ص 176، 177.
3 هذا حد المفقود عند الإمام أحمد -رحمه الله-، وهو في الذي يغيب وغيبته ظاهرها الهلاك، فحكم امرأته أن تتربص أربع سنين ثم تعتد للوفاة…
قال المرداوي في الإنصاف 9/288: "هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب".
ونقل عن الإمام رواية أنه توقف عن الجواب فيها تورعاً لما اختلف الناس.
[] راجع أيضاً: المغني 7/488، 490، والمبدع 8/127، ومطالب أولي النهى 5/569-570.
4 السبي: النهب وأخذ الناس عبيداً وإماءً.
انظر: النهاية في غريب الحديث 2/340.
5 قول عمر هو أن رجلاً فقد في عهد عمر رضي الله عنه فجاءته امرأته، فأمرها أن تتربص أربع سنين ثم تعتد عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا".
أخرجه: مالك في الموطأ 2/575، والبيهقي في سننه 7/445، وعبد الرزاق في مصنفه 7/85.
وذكر محقق شرح السنة للبغوي أن رجاله ثقات 9/314.(4/1644)
قال إسحاق: كما1 قال، وكذلك كلما ولى2 في موضع ثم فقد منه.
[1011-] قلت لأحمد:3 إذا جاء وقد تزوجت امرأته؟
قال: يخير بين الصداق وبين امرأته.
[1012-] قلت: الذي أصدقها هو؟
قال: نعم.4
__________
1 في ع بلفظ: "هو على ما قال وكذلك كلما رأى".
2 أي توجه، فكل من علم أنه توجه إلى مكان ما ثم فقد منه، فإنه يعطى حكم المفقود شرعاً.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق المغني 7/492، والإشراف 4/103.
3 في ع بحذف "لأحمد".
4 انظر عن قول أحمد وإسحاق: المغني 7/492، والإشراف على مذاهب العلماء 4/104، وذلك للأثر الذي أخرجه: البيهقي 7/445، وعبد الرزاق في مصنفه 7/85، عن عمر رضي الله عنه وفيه: أنه لما قدم زوج المرأة وقد تزوجت، خيّره بينها وبين صداقه الذي دفعه لها.
[] انظر: عن أصل المسألة: الإنصاف 9/291-292، والاستذكار، لوحة رقم: 195-196، وشرح السنة 9/314.(4/1645)
قال إسحاق: هو كما قال.
[1013-] قال1 أحمد: أيهما أولى المفقود أو العنين؟ 2
قال إسحاق: هما في الأجل على ما وقّت لهما أربع سنين وسنة.3
قال أحمد: إذا فقدت زوجها تربص أربع سنين، ثم أربعة أشهر وعشراً، ثم تزوجت.
[1014-] قلت: وإن لم تأت السلطان؟
__________
1 في ع بلفظ: "ثم قال الإمام أيهما المفقود أو العنين".
2 العنين: هو العاجز عن إيلاج ذكره في الفرج، مأخوذ من عنّ الشيء إذا اعترض، لأن ذكره يعن إذا أراد أن يولجه، أي يعترض.
انظر: المبدع 7/102، والمغني 6/667.
3 أما المفقود فقد سبق تحديد عمر رضي الله عنه له في المسألة رقم: (1010) ، وبه قال أحمد وإسحاق.
وأما العنين فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه 7/253 عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: قضى عمر في الذي لا يستطيع النساء أن يؤجل سنة، قال معمر وبلغني أنه يؤجل سنة من يوم ترفع أمرها.(4/1646)
قال: نعم، وأحب1 إلي أن تأتي السلطان.2
قال في حديث3 عبيد4 بن عمير: تربص أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً، ثم تدعو ولي الزوج5 فيطلقها، ثم تعتد
__________
1 في ع بلفظ: "عليه" بدل "أحب إلي".
2 في المذهب روايتان:
إحداهما: أنها لا بد أن تأتي السلطان لأنها مدة مختلف فيها، أشبهت مدة العنة، فعلى هذا يكون ابتداء المدة من حين ضربها الحاكم، وقيل منذ انقطع خبره.
والرواية الثانية: وهي- الأصح- أنه لا يلزم إتيان السلطان، فلو مضت المدة والعدة، تزوجت بلا حكم، ولأن هذا ظاهر في موته أشبه ما لو قامت به بينة، فيكون ابتداء المدة من حين انقطع خبره وبعد أثره.
راجع: الإنصاف 9/289،والمبدع 8/129.
3 هذا الحديث لم أعثر عليه بسند موصل إلى عبيد بن عمير، ولكن وجدته من طرق أخرى موصلة إلى عمر بن الخطاب الذي روي عنه القضاء في امرأة المفقود والعنين. وذكر ابن قدامة في المغني أنه أخرجه الأثرم والجوجزاني.
4 وعبيد هو: عبيد بن عمير بن قتادة بن سعيد الليثي، أبو عاصم قاضي أهل مكة. روى عن أبيه، وله صحبة، وعن عمر وعلي وأبي بن كعب وأبي موسى الأشعري وغيرهم، وروى عنه ابنه عبد الله.
وقيل: إنه لم يسمع عنه وعطاء ومجاهد وعبد العزيز بن رفيع وغيرهم. قال ابن معين وأبو زرعة: ثقة، وعدّه ابن حبان في الثقات، مات سنة 68 ?. راجع: تهذيب التهذيب 7/71.
5 في كونها تدعو ولي الزوج فيطلقها وتعتد عدة المطلقة روايتان:
إحداهما: أن ذلك معتبر، حيث ورد في الأثر عن عمر، وكذلك روي عن علي رضي الله عنه أنه يطلقها ولي زوجها.
الرواية الثانية: لا يعتبر ذلك، وبه قال ابن عباس وابن عمر.
وهو القياس فإن ولي الرجل لا ولاية له في طلاق امرأته، ولأننا حكمنا عليها بعدة الوفاة، فلا تجب عليها مع ذلك عدة الطلاق كما لو تيقنت وفاته.
ولأنه قد وجد دليل هلاكه على وجه أباح لها التزويج، وأوجب عليها عدة الوفاة فأشبه ما لو شهد به شاهدان.
وقد ذكر صاحب الإنصاف فيه 9/289 "أن هذا المذهب، وهو الصواب".
راجع أيضاً: المغني 7/491، والمبدع 8/128.(4/1647)
عدة المطلقة، ثم تزوج.
هذا أكثر ما قيل، وهو حديث ضعيف.
قال إسحاق: الأمر على حديث عبيد بن عمير إذا فات السلطان على معنى: أنهم لا يرون ذلك.1
[1015-] قلت: 2 يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة؟
__________
1 إلى هنا موجود في الربع الأخير من اللوحة رقم: 95 من ع.
2 يوجد في نسخة ع مسائل متقدمة على هذه المسألة. وهذه المسائل تبدأ في نصف اللوحة رقم: 99 من ع.(4/1648)
قال: نعم1 وكذلك لبن الفحل.2
قال إسحاق: هو كما قال.
[1016-] قلت: رجل له أمة مسلمة وعبد نصراني يزوج أحدهما3 الآخر؟
قال: لا يعلو مشرك مسلمة.
قال إسحاق: هو كما قال.4
__________
1 هذا السؤال نص حديث أخرجه البخاري 6/125. وأخرجه أيضاً مسلم2/1068.
2 سبق الكلام حول هذه المسألة وبيان معنى لبن الفحل في مسألة رقم: (985) .
3 في ع زيادة "من".
4 لعموم قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} البقرة: 221.
ذكر القرطبي في تفسيره 3/72، وكذلك أبو حيان في تفسيره البحر المحيط 2/165: "أجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه ما".
ونقل عن ابن كثير -رحمه الله- مثله في 1/257، وذكر ابن كثير في نفس الصفحة قول عمر رضي الله عنه: "المسلم يتزوج النصرانية ولا يتزوج النصراني المسلمة"، وقال ابن كثير: وإسناده صحيح.
ونقل ابن مفلح في المبدع شرح المقنع: "ولا يحل لمسلمة نكاح كافر بحال"، وقال عند ذلك: "لا نعلم فيه خلافا". المبدع 7/70.
وانظر أيضاً: الفروع 5/207.(4/1649)
[1017-] قلت: من أين يؤجل العنين؟ 1
قال: من يوم يرفع.2
قال إسحاق: هو كما قال.3
[1018-] قلت: العنين؟ 4
قال: يؤجل سنة.
قال إسحاق: هو كما قال.
__________
1 وردت نحو هذه المسألة في مسائل أبي داود ص: 178.
2 التأجيل يكون من يوم المرافعة للحاكم، فإذا ادعت المرأة عجز زوجها عن وطئها لأجل العنة سئل عن ذلك، فإن أنكر ذلك والمرأة عذراء فالقول قولها، وإن كانت ثيباً فالقول قوله مع يمينه في ظاهر المذهب، لأن هذا أمر لا يعلم إلا من جهته، والأصل السلامة، فإن أقر بالعجز، أو ثبت ببينة على إقراره به، أو أنكر وطلبت يمينه فنكل، ثبت عجزه ويؤجل سنة.
وفي الأثر الذي أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 7/253 قال معمر الراوي عن عمر: وبلغني أنه يؤجل سنة من يوم ترفع أمرها.
[] راجع عن المسألة: المغني 6/668-669، والمبدع 7/102، والإنصاف 8/186-187، والفروع 5/228.
3 انظر: عن قول إسحاق: المغني 6/668، والإشراف 4/82.
4 معنى السؤال كما يفهم من السياق كم يؤجل العنين؟.
وقد سبق بيان أثر عمر في هذا في المسألة السابقة (1017) .(4/1650)
[1019-] قلت: رجل تزوج امرأة قد زنت قبل ذلك ولم يعلم؟ 1
قال: هي امرأته2 وإن فارقها يجب لها نصف الصداق.3
قال إسحاق: هو كما قال.4
[1020-] قلت: إذا وطئ الرجل جاريته ممن لا تحيض ثم أراد بيعها؟ 5
قال: يستبرئها6 بثلاثة أشهر.
__________
1 في ع بلفظ "ولم يعلم ذلك".
2 لا يجوز نكاح الزانية لمن يعلم زناها إلا إذا تابت وانقضت عدتها، فإن لم يعلم زناها وعقد عليها، فالعقد صحيح، وهي امرأته وحكمها حكم غيرها من النساء، فإن فارقها قبل الدخول فلها نصف الصداق، شأنها شأن غيرها من المطلقات قبل الدخول.
راجع عن المسألة: المغني 6/601، والمبدع 7/69، والإنصاف 8/32.
3 في ع بلفظ: "صداق النصف".
4 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء 4/101، وشرح السنة 9/290.
5 ورد عن الإمام أحمد في مسائله برواية ابنه عبد الله هذه الرواية ص: 371، وكذلك وردت في مسائله برواية أبي داود ص: 167.
6 الاستبراء: -بالمد- طلب براءة الرحم. وهو عبارة عن التربص الواجب بسبب ملك اليمين حدوثاً أو زوالاً، خص بهذا الاسم لأن هذا التربص مقدر بأقل ما يدل على البراءة من غير تكرر، وخص التربص الواجب بسبب النكاح باسم العدة اشتقاقاً من العدد لما فيه من التعدد.
[] انظر: تهذيب الأسماء واللغات 3/23-24، والمبدع 8/148، وكشاف القناع 5/435.(4/1651)
قال إسحاق: هو كما قال.1
[1021-] قلت: رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها واحدة أوثنتين، فتزوجها رجل فطلقها قبل أن يدخل بها2، أترجع إلى زوجها الأول؟
__________
1 مثله ما في الإشراف على مذاهب العلماء 4/316 إلا أنه نسب لإسحاق أن استبراءها أربعون ليلة.
ولعلها رواية أخرى عن الإمام إسحاق.
ونقل عن الإمام أحمد روايتان فيمن أراد بيع أمة يطؤها، وأكثر أصحاب الإمام أحمد أطلقوا الخلاف فيما إذا كانت الأمة تحيض أو لا تحيض.
وخص ابن قدامة الروايتين فيما إذا كانت تحيض وتحمل، أما إن كانت لا تحيض فيقول ابن قدامة عنها في المغني 7/515: "وإن كان يطؤها وكانت آيسة فليس عليه استبراؤها، لأن انتفاء الحمل معلوم".
وذكر في الصفحة الثانية إطلاق الأصحاب الروايتين. ورده بأن علة وجوب الاستبراء احتمال الحمل وهو بعيد هنا.
[] راجع أيضاً: الإنصاف 9/322-323، والمبدع 8/154.
2 في ع بلفظ "ترجع إلى زوجها الأول".(4/1652)
ل ترجع وتكون عنده على ما بقي.1
قال إسحاق: كما قال.2
[1022-] قلت: رجل3 حلف بطلاق امرأته لا يدرى أواحدة أو ثلاثة؟
قال: أما الواحدة فقد وجبت عليه وهي عنده حتى يستيقن.4
__________
1 تبين غير المدخول بها بطلقة واحدة وإن رغب مطلقها بعد ذلك فيها فهو خاطب من الخطاب، يتزوجها برضاها بنكاح جديد، وترجع إليه على ما بقي من الثلاث، سواء تزوجت بعده أم لم تتزوج، لأن التي لا تحل حتى تنكح زوجاً غيره ويذوق عسيلتها هي المطلقة ثلاثاً، وهذه بخلافها.
راجع: المغني 7/274، والإنصاف 9/25.
وتقدم نحو هذه المسألة في مسألة رقم: (967) .
[2] انظر عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء 4/202-203، والاستذكار، لوحة 216 والجامع لأحكام القرآن 3/152.
3 في ع بحذف: "رجل".
4 إذا شكّ في عدد الطلاق فإنّه يبني على اليقين، وقد نصّ ابن قدامة في المغني 7/247 على رواية ابن منصور هذه، وعلّل لها بقوله: لأنّ ما زاد على القدر الذي تيقّنه طلاق مشكوك فيه، فلم يلزمه كما لو شكّ في أصل الطلاق، وإذا ثبت هذا، فإنّه تبقى أحكام المطلق دون الثلاثة من إباحة الرجعة، وإذا راجع وجبت النفقة والحقوق الزوجية.
وقال الخرقي: ويحرم وطؤها، وذكر ابن مفلح في المبدع أنّها رواية عن الإمام أحمد. وعلّلوا لهذه الرواية لكونه متيقّن التحريم شاكّاً في التحليل، وعليه نفقتها ما دامت في العدّة، لأنّ الأصل بقاؤها استناداً لبقاء النكاح، ولأنّه لو تنجس ثوبه، ولم يدر موضع النجاسة منه، لا يحلّ له أن يصلّي فيه حتّى يغسل ما يتيقّن به طهارته، فهكذا هنا.
وظاهر كلام الإمام والأصحاب أنّه إذا راجعها حلّت له، قال المرداوي في الإنصاف 9/139: "هذا المذهب بلا ريب".
ويشهد لذلك القاعدة الفقهية المشهورة "اليقين لا يزول بالشكّ".
ويردّ على ما ذكر بأنّ من تيقّن الأدنى، لا يثبت فيه حكم الأعلى، كمن تيقّن الحدث الأصغر لا يثبت فيه حكم الأكبر، ويخالف الثوب، فإن غسل بعضه لا يرفع ما تيقّنه من النجاسة.
راجع أيضاً: الإقناع 4/60، المبدع 7/381، مطالب أولي النهى 5/427، المقنع بحاشيته 3/215، والهداية 2/39.(4/1653)
قال إسحاق: كما قال.
[1023-] قلت: امرأة طلقت فمات زوجها في عدتها، ترث من زوجها وتعتد عدة المتوفى عنها من يوم توفي؟
قال أحمد: إذا كان الطلاق يملك فيه الرجعة فإنهما يتوارثان، وتستأنف عدّة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشراً لحال الميراث، وإذا كان الطلاق لا يملك فيه الرجعة فلا ميراث لها، إلا أن(4/1654)
يكون طلقها وهو مريض؛ فإنها ترثه في العدة، وبعد العدة ما لم تزوج كما ورث عثمان رضي الله عنه [ع-51/أ] تماضر من عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
قال إسحاق: كما قال سواء.1
[1024-] قلت:2 رجل له جارية يطؤها فأراد أن ينكحها رجلاً، أيستبرئ؟
قال: نعم.3
وإن باعها أيضاً استبرأ.4
__________
1 سبق الكلام مفصلاً في هذه المسألة في مسألة رقم: (968) ، ومسألة رقم: (980) من هذا البحث.
2 في ع هذه المسألة مؤخرة عن التي تليها في ظ.
3 من أراد بيع أمته التي لا يطؤها لم يلزمه استبراؤها، ويستحب ذلك للاحتياط، وعلى المشتري إستبراؤها سواء كانت عذراء أو غيرها، لعموم النهي حيث ورد عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة".
أخرجه أبو داود: 2/616، وأخرجه الترمذي: 3/438 وقال: حديث حسن، وأخرجه الحاكم: 2/195 وقال: هذا صحيح على شرط مسلم.
راجع أيضاً: المغني 7/509، 515، والعدة 433، وغاية المنتهى: 3/212، 213.
4 وإذا زوجها قبل الاستبراء لم ينعقد العقد، وهذا المذهب، وعن الإمام أنه يجوز ذلك من غير استبراء فيصح العقد، ولا يطأ الزوج حتى يستبرئ. الإنصاف: 9/323.(4/1655)
قال إسحاق: كما قال.1
[1025-] قال أحمد: وإذا كان لا يطؤها يبيعها قبل أن يستبرئها إنما السنة للمشتري في الاستبراء، والبائع يحتاط لنفسه إذا كان يجامعها ووهن حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- "العذراء لا تستبرأ"2 إنما رواه عبد الوهاب3 عن أيوب عن
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/321.
2 في ظ: "العذراء الاستبراء". وما أثبته من نسخة ع، ومن مصنف ابن أبي شيبة: 4/223.
والحديث موجود في مصنف ابن أبي شيبة بالسند الذي أنكره الإمام أحمد.
وفي مصنف عبد الرزاق: 7/227 عن أيوب عن نافع، فالسند من أبي بكر بن أبي شيبة إلى منتهاه ابن سيرين في غاية الصحة، كما سيتضح في ترجمة كل منهم.
فالحديث صحيح لكنه مقطوع موقوف على ابن سيرين، وفي نفس المرجع مصنف ابن أبي شيبة عن عبد الوهاب عن يونس عن أيوب عن ابن عمر "إن اشترى أمة عذراء فلا يستبرئها".
فصح ذلك عن ابن عمر. وبالله التوفيق.
3 عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت الثقفي، أبو محمد البصري، روى عن حميد الطويل وأيوب السختياني وابن عون وغيرهم، ووثقه يحيى بن معين، واختلط قبل موته بثلاث سنين. مات سنة أربع وتسعين.
[] انظر: تقريب التهذيب: 222، تهذيب التهذيب: 6/449-450.(4/1656)
محمد،1 والمعروف عن نافع عن ابن عمر تُستبرأ الأمة بحيضة.
قال إسحاق: كما2 قال: إلا قول ابن عمر في العذراء، فإنه قد صح وليس هذا بمخالف، لما قال ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا استبرأ جارية استبرأها بحيضة3 لأن هذه غير عذراء.
__________
1 هو محمد بن سيرين.
2 في ع بلفظ: "قال إسحاق هو كما قال".
3 روى ذلك عنه البيهقي في سننه:7/450، ونسبه إليه ابن قدامة في المغني: 7/509، فالحاصل أن ابن عمر -رضي الله عنهما- روى عنه في استبراء الأمة، تُستبرأ بحيضة وتمسك بهذا الإمام أحمد.
وذهب إلى أن قول ابن عمر -رضي الله عنهما- أن الأمة تُستبرأ بحيضة ولو كانت عذراء، وروي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: العذراء لا تُستبرأ.
وجمع بين قولي ابن عمر -رضي الله عنهما- الإمام إسحاق بأن يحمل قول ابن عمر: "تُستبرأ الأمة بحيضة، إذا لم تكن عذراء".
والظاهر، والله أعلم، أنّ سلوك الإمام إسحاق تجاه قولي ابن عمر -رضي الله عنهما- سليم، وعلى قواعد الترجيح.
وأما حكم المسألة، فالظاهر وجوب استبراء الأمة، ولو كانت عذراء لعموم النهي الوارد في حديث أبي سعيد الخدري الذي سبق في المسألة التي قبل هذه المسألة.(4/1657)
[1026-] قلت:1 الرجل يظاهر من أمته؟
قال: إذا كانت زوجة فعليه الظهار، وإذا كانت ملك يمين فلا.2
قال إسحاق: هكذا، هو كما قال [ظ-28/ب] .3
[1027-] قلت: كيف يلاعن الرجل امرأته؟
قال: على ما في كتاب الله.4
__________
1 في ع بحذف: "الرجل".
2 المذهب أن من ظاهر من أمته لم يصح ظهاره وعليه كفارة يمين، ذكره المرداوي في الإنصاف: 9/199 ونقل عن الزركشي أنه هو المشهور والمختار.
وفي رواية عن الإمام أحمد نقلها حنبل أنه تلزمه كفارة الظهار.
راجع عن المسألة: المغني: 7/357، شرح السنة للبغوي: 9/244، الفروع: 5/489.
3 انظر عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/240، زاد المعاد: 5/359، والأوسط، لوحة رقم: 283.
4 يشير بهذا إلى الآيات التي في سورة النور، وهي قوله - عز وجل-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ [] [] الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} سورة النور: 6-9.
ونقل ابن قدامة في المغني: 7/436، رواية ابن منصور هذه بنصها، كما نقلها صاحب الفروع فيه: 5/510، وكذلك نقلها المرداوي في الإنصاف: 9/236، وذكر صفة اللعان نحو ما ذكر ابن منصور عن الإمام أحمد هنا.(4/1658)
[1028-] قلت: يوقف عند الخامسة فيقال له: اتق الله؟
قال: نعم، إنها موجبة.
قال: يقول أربع مرات: أشهد بالله إنه فيما رماها به لمن الصادقين، ثم1 يوقف عند الخامسة.
فيقال له: اتق الله إنها موجبة، فإن حلف فقال: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين،2 والمرأة مثل ذلك توقف عند الخامسة.
فيقال لها: اتق الله فإنها الموجبة توجب عليك العذاب، فإن حلفت قالت:3 غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
__________
1 في ع بلفظ: "ثم عند الخامسة فيقال له: اتق الله إنها موجبة".
2 عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن هلال بن أميه قذف امرأته، فجاء فشهد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ ثم قامت فشهدت".
أخرجه: البخاري 6/178، وأخرجه مسلم 2/1135.
3 في ع: "فقالت".(4/1659)
[1029-] قلت: إذا كذب نفسه عند الخامسة؟
قال: يضرب، وهي امرأته.1
[1030-] قلت: فإن لم تحلف عند الخامسة؟
قال: لا ترجم، يقال لها: اذهبي2، والولد لها.
فإذا أقرت أربع مرات3 رجمت.
__________
1 لأن اللعان أقيم مقام البينة في حق الزوج، فإذا أكذب نفسه تبين أن لعانه كذب وهذا قذف وزيادة في هتك عرضها، فلا أقل من أن يجب عليه الحد الذي كان واجباً بالقذف المجرد، وهي امرأته لأنه لم يحصل لعان.
قال المرداوي في الإنصاف: 9/257: وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر أن هناك رواية أنه لا يحد.
[] راجع أيضاً: المغني: 7/414-415، الفروع: 5/516، وغاية المنتهى: 3/196.
2 إذا لاعن الزوج ونكلت المرأة لم تحد، وهو الصحيح من المذهب، كما في الإنصاف: 9/249.
وحكي عن الزركشي أنه قال: أما انتفاء الحد عنها فلا نعلم فيه خلافاً في مذهبنا."
وذكر في الفروع: 5/415 أنه قوي.
وأما ما يصنع بالمرأة إذا قلنا أنها لا تحد، فالمذهب: أنها تحبس حتى تلتعن، أو تقر أربع مرات.
وعن الإمام أحمد رواية: أنه يخلى سبيلها، كما صرحت به رواية ابن منصور هذه. راجع أيضا [] الإنصاف: 9/449-450، المغني 7/444-446.
3 ولا حد على من أقر دون أربع مرات عند الحنابلة، خلافاً للمالكية والشافعية وإسحاق القائلين بوجوب الحد عليه ولو أقر مرة.
دليلهم قوله صلى الله عليه وسلم: "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها".
أخرجه: البخاري: 8/25، ومسلم: 2/1325.
فأمر برجمها ولم يفصل، وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ويحسن به الاستدلال، كما هي القاعدة الفقهية.
وأجيب عنه بالحديث الذي أخرجه البخاري: 8/21، 22، ومسلم: 2/1318، عن أبي هريرة أنه أتى رجل من الأسلميين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال: يا رسول الله إني زنيت. فأعرض عنه، فكررها أربع مرات. فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبك جنون؟ قال: لا. فهل أحصنت؟ قال: نعم، فقال رسول الله: ارجموه.
فلو وجب الحد بمرة واحدة لما أعرض عنه الرسول في المرة الأولى؛ لأنه لا يجوز ترك حد وجب.
وما قيل من عدم التفصيل في الحديث الذي استدلوا به رد بأنه ممنوع، فإن الاعتراف يقع على القليل والكثير، وهذا الحديث الذي (شهد على نفسه أربع شهادات) فيه بيان لذلك الإجمال.
راجع: المغني: 8/192، مغني المحتاج:4/150، الكافي للمالكية: 2/360(4/1660)
وأهل المدينة يقولون: إذا أبت أن تلتعن رجمت،1 وذلك أنهم يقولون إذا أقر أو أقرت [مرة] رجم ورجمت.
قال إسحاق: هو كما قال، إلا أنها إذا أبت أن تلتعن رجمت لما قال
__________
1 ما ذكره الإمام أحمد عن أهل المدينة (المالكية) هو مذهبهم ومذهب الشافعية، وإليه ذهب الإمام إسحاق، وتأتي أدلتهم مفصلة في التعليق على آخر المسألة.(4/1661)
{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} 12.
[1031-] قلت لإسحاق: وفي اللعان إذا لم يلتعن أحدهما، ما يلزمه؟
قال: الحكم في ذلك أن يعرض عليها أن تلتعن فإن أبت ذكرت النار ووعظت، وإن3 لم تقر ولم تلتعن رجمت لقول الله: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} 4 الآية.
والعذاب5 فسّره أهل العلم: الحد،6 فلمّا لم تدرأ عن نفسها الحد باللعان بقي الحد.
__________
1 {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} آية: 8، 9 من سورة النور.
2 هذا ما أثبته من ع في ظ بحذف "مرة"، وأثبته لأن المالكية والشافعية يقولون يكفي الإقرار مرة واحدة، وقد سبق الكلام على الإقرار عند الحنابلة والمالكية والشافعية عند التعليق على قول الإمام أحمد: (وأهل المدينة يقولون) من هذه المسألة.
3 في ع بلفظ "فإن لم تقر".
4 في ع تكملة الآية: {إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} .
5 في ع بحذف كلمة: "العذاب".
6 راجع: جامع البيان للطبري: 18/85، والتفسير الكبير للفخر الرازي: 23/167(4/1662)
وكذلك1 أخبرنا المعتمر2 عن أبي عوانة3 عن حمّاد4 أنّها ترجم، وهذا هو مذهب هؤلاء كلهم5 إلا أنهم تركوا قياد6 كلامهم، وذلك لما أجمعوا أن المدعى عليه بكل الحقوق مائة ألف7 أو أكثر إذا لم يقر8 قضوا عليه بدعوى المدعي, فكان يلزمهم إذا9 أبت أن تلتعن [أن يجعلوا ذلك منها إقراراً بالزنى, والزوج لو أنه تعذر منها وأبى أن يلتعن] 10 وثبت على قوله
__________
1 في ع بلفظ: "قال إسحاق: فكذلك".
2 هو: المعتمر بن سليمان التيمي، أبو محمّد البصري يلقّب بـ"الطفيل"، من كبار التاسعة، مات سنة سبع وثمانين ومائة، وقد جاوز الثمانين.
[] انظر: تقريب التهذيب ص 342، وتهذيب التهذيب 10/227-228.
3 أبو عوانة: هو وضّاح بن عبد الله اليشكري الواسطي البزّار، أبو عوانة، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة خمس، أو ست وسبعين ومائة.
[] انظر: تقريب التهذيب ص 369، وتهذيب التهذيب 11/116-119.
4 ابن أبي سليمان.
5 قوله "مذهب هؤلاء كلهم": أي العلماء القائلين بعدم وجوب الحد على التي أبت اللعان وذلك إشارة إلى كلام الإمام أحمد السابق.
6 أي تركوا قياس كلامهم, أو ما تقتضيه قواعدهم.
7 في ع بلفظ "مائة ألف كان أو أكثر"، أي بزيادة "كان".
8 إذا لم يقر أي: وأبَى أن يحلف.
9 في ع بعد "إذا" توجد عبارة غير واضحة لعلها "رماها لها".
10 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.(4/1663)
فإنه يحد وهي امرأته، فإن أكذب نفسه حد أيضاً وهي امرأته.
[1032-] قلت: الأمة تطلق ثم تعتق في العدة؟
قال أحمد: إذا طلقت تطليقتين ثم أعتقت فإن تزوجها تكون عنده على تطليقة1 على حديث يحيى2 بن أبى كثير عن عمرو3 بن
__________
1 أورد الإمام ابن القيم -رحمة الله عليه- رواية ابن منصور هذه بنصها في تهذيبه لسنن أبي داود 3/113.
2 يحيى ابن أبي كثير الطائي مولاهم أبو نصر اليماني، روى عن أنس وقد رآه، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، ويعلى بن حكيم، ومحمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة وغيرهم، وأرسل عن أبي أمامة، وعروة بن الزبير، وغيرهم. وروى عنه ابنه عبد الله وأيوب السختيانى ويحيى بن سعيد الأنصاري وهما من أقرانه وغيرهم. ثقة ثبت, لكنه يدلس ويرسل, مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
[] انظر: تقريب التهذيب ص 378, وتهذيب التهذيب 11/268-270.
3 عمرو بن معتب، ويقال بن أبي معتب المدني, روى عن أبي الحسن مولى بني نوفل, وعنه يحيى بن أبي كثير.
قال الميموني: قال لنا أحمد: أما أبو الحسن فمعروف، ولكن لا أعرف عمراً.
وقال مسلم عن أحمد روى عنه محمد بن يحيى قيل له: أثقة هو؟ قال: لا أدري.
وقال ابن المديني: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: لا أعرفه. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: قليل الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات, وذكره العقيلي وغيره في الضعفاء, وذكر ابن حجر في التقريب أنه من السادسة ضعيف.
انظر: تقريب التهذيب ص 256, وتهذيب التهذيب 7/498.(4/1664)
معتب1 عن أبى الحسن2 عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلي الله عليه وسلم3.
قال أحمد: هذا إذا كان زوجها عبداً, وأما إذا كان زوجها حراً
__________
1 في الأصل: عمرو بن شعيب.
2 الحسن مولى بني نوفل عن ابن عباس، وعنه عمرو بن معتب.
كذا قال محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عمرو.
ورواه غير واحد عن عبد الرزاق فقالوا: عن أبي الحسن، وهو الصواب.
قال عنه الحافظ في التقريب ص401: مقبول من الرابعة. وانظر: تهذيب التهذيب 2/329.
3 الحديث: عن يحيى بن أبي كثير عن عمرو بن معتب عن مولى بني نوفل يعني أبا الحسن قال: سئل ابن عباس عن عبد طلق امرأته بتطليقتين ثم عتقا أيتزوجها؟ قال: نعم. قيل: عمن؟ قال: أفتى بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, قال عبد الله قال أبي: قيل لمعمر: يا أبا عروة من حسن هذا لقد تحمل صخرة عظيمة.
قال الخطابي في معالم السنن 2/638: " يريد بذلك إنكار ما جاء به من الحديث..".
والحديث أخرجه أحمد في المسند 1/334، وأبو داود 2/638، وابن ماجة، حديث 2082، والنسائي 6/154، والحاكم 2/205، والبيهقي 7/370.
وكل هذه الروايات تؤول إلى السند المذكور.
قال أبو داود في سننه 2/639: "أبو الحسن معروف، وليس العمل على هذا الحديث".
وقال الخطابي في معالم السنن: 2/639: " إن أهل الحديث ضعفوه".(4/1665)
فإن طلاق الحر الأمة ثلاث تطليقات.1
__________
1 بناء على ما قال الإمام هنا معتمداً على الحديث السابق لا يكون هناك فرق بين العبد والحر, إذ يجوز لكل منهما أن يراجعها فيتزوجها، وإنما يظهر الفرق في الرواية الأخرى عن الإمام الموافقة لرأي الجمهور، وهو عدم إباحة زواج العبد منها ثانية إلا بعد زوج.
وعن الإمام أحمد روايتان في المسألة:
إحداهما: رواية ابن منصور هذه ونحوها رواية أبي طالب.
والأخرى: أنها لا تحل له إلا بعد زوج لأنها بانت منه بتطليقتين، وهو أقصى ما يملكه من التطليقات.
راجع المسألة رقم: 907 من هذا البحث.
قال الخطابي في معالم السنن 2/638: "ومذهب عامة الفقهاء أن المملوكة إذا كانت تحت مملوك فطلقها تطليقتين أنها لا تحل إلا بعد زوج".
والرواية القائلة بأنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، هي المذهب، كما في الإنصاف: 9/167.
ويقويها أن الحديث الذي استدل به للرواية الأخرى كثر فيه المقال، والذين أخرجوه من المحدثين، كل منهم ذكر أنه لا يعرف حال عمرو بن معتب، الذي تؤول إليه كل روايات هذا الحديث، فلا تقوم بمثله حجة، فالعمل إذا المصير إلى أنها لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً غيره، لأن طلاق العبد تطليقتان، كما سبق تقريره في المسألة رقم: (907) .
قال ابن قدامة في المغني 7/214: ولأنها حرمت عليه بالطلاق تحريماً لا ينحل إلا بزوج وإصابة، ولم يوجد ذلك، فلا يزول التحريم.
[] راجع أيضاً: المبدع 7/407، وزاد المعاد 5/272-276.(4/1666)
قال إسحاق: كما قال.1
[1033-] قلت: عبد طلق امرأة له [أمة] 2 تطليقتين؟
قال: ما داما عبدين فإنهما لا يتراجعان، فإذا أعتقا جميعاً فإن شاء تزوجها وتكون عنده [ع-51/ب] على واحدة [قول ابن عباس.3
[1034-] قلت: أعتقا في عدتهما؟
قال: في العدة وبعد العدة واحدة.] 4
قال إسحاق: كما قال5.
__________
1 انظر: عن قول إسحاق في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/292.
2 هذا ما أثبته من ع، وفي ظ "عبد طلق امرأته"، وأثبته لأن كلام الإمام الذي يليه يدل عليه.
3 راجع المسألة رقم: (1032) .
4 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.
5 هذه المسألة هي نفس المسألة السابقة: (1032) ، وقولهما هذا مبني على حديث عمرو بن معتب الذي سبق تخريجه وبيان ضعفه لعدم معرفة عمرو بن معتب.
ونقل ابن القيم في زاد المعاد 5/273 " أنها إنما حرمتها عليه التطليقتان لنقصه بالرق، فإذا زال النقص وصار حراً ملك الثلاث، وخاصة إذا كان العتق في العدة لبقاء آثار النكاح، وإن انقطعت بانت منه وحلت بدون زوج وإصابة لأنه حر والحر تحرم منه المرأة بما إذا طلقها ثلاثا".
وسبق الكلام في المسألة السابقة رقم: (1032) .(4/1667)
[1035-] قلت: إذا طلق العبد امرأته وهي أمة فأعتقت1 أله أن يتزوجها وهو عبد؟
قال: لا، إنما الطلاق بالرجال.2
قال إسحاق: كما قال.
[1036-] قلت: تخير الأمة إذا كان زوجها حراً؟ 3
قال4: لا، إذا كان زوجها حراً فلا خيار لها5 إنما تخير من
__________
1 في ع بلفظ "وأعتقت".
2 أي لعدم زوال النقص الذي جعل من أجله أن امرأته تبين منه بتطليقتين وهو الرق. والرواية الراجحة عن الإمام عدم التفريق فيما إذا أعتق أو لم يعتق إذا طلقها تطليقتين وهو عبد، كما بيّن في المسألة السابقة رقم: (1032) .
3 أي: هل تخير الأمة المعتقة التي كانت تحت حر، وإنما ذكرت أنها معتقة لأن قرائن البحث تدل على ذلك.
4 في ع بلفظ "قال: إذا كان زوجها حراً فلا خيار لها".
5 وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب كما في الإنصاف 8/176.
وعنه رواية أن لها الخيار ولو كان حراً لورود بعض الروايات في حديث بريرة أن زوجها كان [] حراً كما في المسند 6/42, 6/170, 6/175-176. وكما في سنن النسائي: 6/163.
ولأنها ملكت نفسها ولم تكن تملكه عند عقد نكاحها، والمنافع تابعة للرقبة، فلها الخيار.
ولهذا التعليل الأخير اختار شيخ الإسلام ابن تيمية هذه الرواية، كما في الإنصاف 8/177, وفصله ابن القيم في زاد المعاد: 5/170.
والأقوى القول الأول: لأن أصح الروايات وأكثرها في حديث بريرة أن زوجها كان عبداً كما في [] المسند: 6/45-46, 6/172, والبخاري 6/171, وأخرج مسلم: 2/1143.
وقد فصل هذا ابن القيم في زاد المعاد: 5/168, وبين أوجه الترجيح في أن زوجها كان عبداً.
[] راجع أيضاً المغني: 6/659-660.(4/1668)
العبد إذا اختارت نفسها تكون فرقة بغير طلاق.1
__________
1 إذا أعتقت الأمة تحت عبد ثبت لها الخيار باتفاق العلماء، كما في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/80, والمغني: 6/659.
ودليل المسألة قبل الإجماع حديث بريرة السابق تخريجه، وتكون فرقتها كما قال الإمام أحمد هنا فرقة بغير طلاق أي فسخاً.
قال ابن قدامة قي المغني: 6/660 "وفرقة الخيار-أي خيار الأمة إذا أعتقت- فسخ لا ينقضي به عدد الطلاق، نص عليه أحمد ولا أعلم فيه خلافاً, قيل لأحمد: لم لا يكون طلاقاً؟ قال: لأن الطلاق ما تكلم به الرجل".
ولأنها فرقة باختيار المرأة فكانت فسخاً كالفسخ لعنّة وعته.
وما حكاه ابن قدامة هنا عن الإمام أحمد هو ما سيأتي في المسألة: 1038، ومن ذلك علم أن الناقل هو الكوسج، ولم يصرح به ابن قدامة.
[] راجع أيضاً: الإنصاف: 8/177, وفتح الباري: 9/406-408، ونيل الأوطار: 6/152-153.(4/1669)
قال إسحاق: كما قال.1
[1037-] قال أحمد: وخيار الحرة تطليقة تملك الرجعة.2
قال إسحاق: كما قال، لأن الخيار من العبد، فإن أعتق العبد فله أن يتزوجها، ومضت واحدة.3.
__________
1 انظر عن قول إسحاق في عدم تخيير الأمة المعتقة التي كانت تحت حر: المغني: 6/659, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/80.
وعلى أن خيارها فسخ لا طلاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/81.
2 نبه الإمام أحمد في التفرقة بين خيار الأمة المعتقة، وبين من خيّر زوجته الحرة -بقوله: اختاري- على أن خيار الحرة يكون تطليقاً، وأما خيار الأمة فإنه فسخ، وذلك لوجود عبارة الرجل في خيار الحرة دون خيار الأمة، فإن الطلاق ما تكلم به الرجل، كما سبق النقل عنه آنفاً.
3 الظاهر من كلام الإمام إسحاق -رحمه الله- أنه حمل (خيار الحرة) في عبارة الإمام أحمد على الأمة المعتقة، فرتب على ذلك أنه إذا أعتق زوجها العبد بعد ذلك كان له أن يتزوجها ومضت طلقة واحدة, وهذا يخالف ما هو مشهور عنهما, وقد نقل ابن المنذر عنهما أن خيار الأمة لا يكون طلاقاً كما بينت آنفاً.
وانظر أيضاً: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/81. والله أعلم.(4/1670)
[1038-] قلت لأحمد:1 ويخطبها في العدة.
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال.2
[1039-] قلت: لم لا يكون طلاقا؟
قال: الطلاق ما تكلم به الرجل، إنما هذا شيء من قبلها.3
قال إسحاق: كما قال.
[1040-] قلت: إذا خيّرت الأمة فاختارت نفسها ولم يكن دخل بها؟
قال: فلا صداق لها [وإن اختارته فالصداق] 4
__________
1 في ع بحذف "لأحمد".
2 يحل له خطبتها ونكاحها في عدتها, إذ لا يصان ماؤه عن مائه ولا يخشى اختلاط نسبه بنسب غيره.
الكافي لابن قدامة: 3/51, المبدع: 7/ 14.
3 أورد ابن قدامة هذه العبارة كما سبق في المغني: 6/660، ونقلها أيضاً ابن مفلح في المبدع:7/96.
4 ما بين المعقوفين مطموس في ظ، وأثبته من ع.
والمشهور عن الإمام أحمد الذي ذكر أصحابه بأنه منصوص عنه هو أنه إن اختارت الفسخ قبل الدخول فلا مهر لها.
وفي رواية عن الإمام أن لها نصف المهر لأنه وجب للسيد فلا يسقط بفعل غيره.
والصور في هذه المسألة أربع: فإن اختارت المقام معه قبل الدخول أو بعده أو اختارت الفراق بعد الدخول فالمهر للسيد في الصور الثلاث, لأنها إن اختارت المقام معه لم يوجد مسقط للمهر الواجب بالعقد, وإن فسخت بعد الدخول فقد استقر المهر به.
والصورة الرابعة وهي التي وردت في نص المسألة هنا: ما إذا اختارت الفراق قبل الدخول.
والراجح فيها: أن لا مهر لأن الفرقة جاءت من قبلها فسقط مهرها، كما لو أسلمت زوجة الكافر أو ارتدت زوجة المسلم.
انظر عن قول الإمامين في أن لا صداق لها في الإشراف على مذاهب العلماء 4/81، والمغني 6/663، 664, انظر أيضاً: المبدع 7/99.(4/1671)
للسيد1.
قال إسحاق: كما قال، لأنها ذهبت بنفسها.
[1041-] قلت: [ظ-29/أ] إذا أعانها زوجها في مكاتبتها لم تخيّر؟
قال: وما زوجها؟
[1042-] قلت: عبد.
قال: إذا أعانها أو لم يعنها فلها الخيار.2
__________
1 في الأصل: "وإن اختاره فلا صداق للسيد".
2 لعموم حديث بريرة السابق تخريجه في مسألة: (1036) .(4/1672)
قال إسحاق: كما قال.
[1043-] قلت: إذا زوج الرجل أم ولده فمات سيدها قبل أن يدخل1 بها زوجها خيّرت؟
قال: هي حرة تخير, فإن اختارت نفسها فلا صداق لها ولا لسيدها, وإن اختارت زوجها فالصداق للسيد.
وإذا كان الزوج دخل بها2 فمات عنها سيدها؟
قال: هي حرة3 تخيّر والصداق للسيد، وإذا4 كانت تحت حر فلا خيار لها.5
[1044-] قلت: والصداق للسيد أيضاً؟
قال: نعم لأنها أمة6، فإذا كانت مكاتبة فلا يكون الصداق
__________
1 في ع بلفظ "قبل أن يدخل بها زوجها".
2 في ظ: "وإذا كان الرق ودخل".
3 حكمها في ذلك حكم غيرها من الإماء.
وسبق الكلام عن ذلك في المسألة رقم: 1040 والتعليقات عليها.
4 في ع "فإذا".
5 راجع المسألة رقم: (1036) فقد سبق الكلام عليها.
6 أي لأنها كانت أمة عند العقد، وراجع المسألة رقم: (1040) .(4/1673)
للسيد، إنما الصداق لها1 إلا أن تعجز فترد في الرق، فصار الصداق للسيد.
قال إسحاق: كما قال.
[1045-] قلت: رجل تحته أمة فاشتراها؟
قال: هي فسخ ويطأ بملك اليمين.2
قال إسحاق: كما قال.
[1046-] قلت: يفرق بين المتشاغرين؟ 3
قال: نعم يفرق بينهما.4
__________
1 لأن المكاتبة كسبها لها لا يملك السيد منه شيئاً، ما لم تعجز فترد في الرق.
المبدع: 6/350,351, 359.
2 سبق الكلام على هذه المسألة في المسألة رقم: 941من هذا البحث.
وراجع أيضاً عن المسألة وقواعد ابن رجب ص 43، وانظر: المغني 6/610.
3 الشغار أصله الشغر: يقال شغر الكلب يشغر شغراً إذا رفع إحدى رجليه ليبول, وشغر البلد إذا خلا من الناس, وشغر المرأة يشغرها شغوراً وأشغرها إذا رفع رجليها للنكاح.
واصطلاحاً: أن يزوج الرجل وليته على أن يزوجه الآخر وليته، ولا صداق بينهما.
انظر: المقنع مع حاشيته 3/46، وكشاف القناع 5/93.
4 وذلك أن نكاح الشغار باطل لنهيه -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري 6/128، ومسلم 2/ 1034.
والنهي يقتضي الفساد، وفي حديث ابن عمر الذي أخرجه مسلم 2/1035 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا شغار في الإسلام"، والنفي لنفي الحقيقة الشرعية.
وعن الإمام أحمد رواية بأنه يصح العقد ويفسد الشرط كما لو تزوجها على ما لا يتمول كالخمر، فإنه يجب حينئذ مهر المثل.
والراجح: الرواية الأولى لأن ما ذكر لا يقوى على معارضة الأحاديث الصحيحة في الباب.
والرواية الأولى هي المذهب كما في الإنصاف 8/159.
وراجع أيضاً: المغني 6/641، والاستذكار 4/118، والمبدع 7/83، وفتح الباري 9/162.(4/1674)
قال إسحاق: كما قال1 شديداً.
[1047-] قلت: حديث زيد بن أرقم2 أن ثلاثة وقعوا على امرأة في طهر
__________
1 انظر عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء 4/58، ومعالم السنن للخطابي 2/560.
2 هو زيد بن أرقم: بن قيس بن النعمان بن مالك من الخزرج، اختلف في كنيته, قيل أبو عمر وقيل أبو عامر، واستصغر يوم أحد، وأول مشاهده الخندق وقيل المريسيع، وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع عشرة غزوة, ثبت ذلك في الصحيح. وله حديث كثير ورواية عن علي، روى عنه أنس مكاتبة وأبو الطفيل وعبد خير، وله قصة في نزول سورة المنافقون في الصحيح، وشهد صفين مع علي، ومات بالكوفة أيام المختار سنة ست وستين، وقيل سنة ثمان وستين.
انظر: الإصابة 1/542, والاستيعاب: 1/537, 538.(4/1675)
واحد؟ 1
قال: حديث2 [ع-52/أ] عمر3 في القافة4 أعجب
__________
1 حديث زيد بن أرقم: قال:" أتي علي رضي الله عنه بثلاثة نفر وهو باليمن وقعوا على امرأة في طهر واحد, فسأل اثنين: أتقران لهذا بالولد؟ قالا: لا, حتى سألهم جميعاً، فجعل كلما سأل اثنين قالا: لا, فأقرع بينهم, فألحق الولد بالذي صارت عليه القرعة وجعل عليه ثلثي الدية, قال: فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم, فضحك حتى بدت نواجذه".
أخرجه: أحمد في المسند 4/374,373, وأبو داود في سننه 2/701, والنسائي 6/182, وابن ماجه، حديث: 2348.
2 ذكر ابن القيم في كتابه الطرق الحكمية 217 عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: أخبرني عروة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعا القافة في رجلين اشتركا في الوقوع على امرأة في طهر واحد, وادعيا ولدها، فألحقته القافة بأحدهما, وذكر ابن القيم في نفس الصفحة, أن إسناده صحيح متصل, فقد لقي عروة عمر واعتمر معه.
وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه: 7/449.
3 في ع بلفظ "حديث ابن عمر"، ولكل منهما حديث في الموضوع.
انظر: الطرق الحكيمة ص 217، 218.
4 القافة: لغة معرفة الآثار, والقائف الذي يعرف الآثار, تقوفت أثره إذا اتبعت مثل قفوت أثره.
قال ابن الأثير: القائف الذي يتتبع الآثار ويعرفها، ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه.
انظر: لسان العرب: 9/293, تاج العروس: 6/229, النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: 4/151.
واصطلاحاً: هي إلحاق الولد بأصوله لوجود الشبه بينه وبينهم.
والقائف هو الذي يعرف النسب بفراسته ونظره إلى أعضاء المولود.
فالقيافة: هي معرفة النسب عند الاشتباه بالفراسة والنظر وبما خصه الله تعالى به من علم ذلك, وإلحاق الأنساب بأهلها.
انظر: المبدع: 5/307, المغني: 5/769, كشاف القناع: 4/237.(4/1676)
إلي.1
قال إسحاق: السنة في هذا رواية زيد بن أرقم لما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.2
__________
1 انظر: عن كلام الإمام أحمد هذا: معالم السنن للخطابي: 2/701, وتهذيب السنن لابن القيم: 3/178, وفيها "أحب إلي" بدل "أعجب إلي".
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق في المسألة: معالم السنن للخطابي:7/701, وتهذيب السنن لابن القيم:3/178.
بالنظر في هذه المسألة نرى أن المعول عليه عند الإمام أحمد في إلحاق النسب هو القافة, وخالفه الإمام إسحاق إلى أنه بالقرعة لحديث زيد بن أرقم.
ويقوي ما ذهب إليه الإمام أحمد الحديث الذي رواه البخاري: 4/213، ومسلم 2/1082 عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:" دخل عليّ قائف والنبي صلى الله عليه وسلم شاهد، وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فسُر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأعجبه فأخبر به عائشة.
ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سر من قول القائف، ولا يظهر السرور والرضى إلا بما هو حق عنده, والحديث الذي استدل به الإمام إسحاق تكلم فيه كما ذكره الخطابي في معالم السنن: 2/701, ولا يقوى على معارضة الحديث المتفق عليه.
[] راجع عن الموضوع أيضاً: زاد المعاد: 5/418-425, والطرق الحكيمة: ص216 ,217.(4/1677)
[1048-] قلت: المظاهر يكفّر وإن بر؟
قال: لا يكفّر إذا بر1
قال إسحاق: كما قال2.
[1049-] قلت: الجارية متى تحتاج إلى محرم؟
قال: إذا كان مثلها تُشتَهى، بنت تسعٍ امرأة.3
__________
1 لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} المجادلة: 3, فتجب الكفارة لأمرين الظهار والعود، ولا تجب بالظهار فقط، فإذا لم يعد بأن بر فلا تجب عليه الكفارة.
راجع: المغني: 7/351,349, ومنار السبيل: 2/266, والمغني والشرح الكبير: 8/577 ,578.
2 انظر: عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/240، الأوسط، لوحة رقم: 284.
3 وذلك لما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين".
أخرجه مسلم: 2/1038, وأخرجه أحمد في المسند: 6/42.
ولقول عائشة -رضي الله عنها-: "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة".
أخرجه الترمذي: 3/418, والبيهقي: 1/320.
وقال عنه الألباني في إرواء الغليل: 1/199 إنه موقوف على عائشة.
وقد نص ابن قدامة في المغني: 6/490 على رواية ابن منصور هذه وكذلك المرداوي في الإنصاف: 8/57, وقال على الصحيح من المذهب.
ووردت في المغني والشرح الكبير: 7/383, والفروع: 5/172.(4/1678)
قال إسحاق: كما قال1.2
[1050-] قلت: اليهودية أو3 النصرانية تكون تحت اليهودي والنصراني فتسلم قبل أن يدخل بها؟
قال: لا صداق لها4.
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: جامع الترمذي: 3/318, والإشراف: 4/35, والأوسط، لوحة رقم: 190.
2 هذه المسائل تنتهي بالربع الأول من اللوحة رقم: 102، ثم يختلف الترتيب ويبدأ من نصف اللوحة رقم: 103.
3 في ع "و" بدل "أو".
4 لأن الفرقة من قبلها وفي المسألة ثلاث روايات عن الإمام أحمد:
إحداها: هذه كما في الإنصاف 8/211, وقال عنها المرداوي هذا المذهب نص عليه الأصحاب وقطع به ابن قدامة.
والثانية: أن لها نصف المهر, لأن الفرقة جاءت من قبله بتأخره عن الإسلام.
والثالثة: التوقف وهي رواية الأثرم.(4/1679)
[1051-] قلت: هي1 أحق بنفسها، وإن أسلم زوجها؟
قال: نعم.2
قال إسحاق: كما قال.3
[1052-] قلت: [رجل] 4 طلق امرأته وهي بكر قبل أن يدخل بها، فعفا أبوها زوجَها عن نصف5 الصداق؟
قال: ما أرى عفو الأب إلا جائزاً، وأرى أن يأخذ من مالها ما شاء أو كلّه.6
__________
1 في ع زيادة "و" قبل "هي".
2 لأنه إن أدرك المدخول بها وهي لم تنقض عدتها منه راجعها، وهذه أسلمت قبل أن يدخل بها، فتتعجل الفرقة بينهما من حين إسلامها، ويكون ذلك فسخاً لا طلاقاً.
راجع: الإنصاف 8/213,211, والمغني 6/616,614, شرح السنة: 9/93, الإقناع: 3/204.
3 انظر: عن قول الإمام إسحاق في أنه يوقف أمرهما على انقضاء العدة، فإن انقضت العدة وقعت الفرقة منذ أسلمت. المغني 6/616, شرح السنة: 9/94.
4 ما بين المعقوفين أثبته من ع وغير موجود في ظ، وأثبته لأن فيه توضيحاً للمعنى.
5 في ع "عن النصف من الصداق".
6 نقل نص رواية ابن منصور هذه في المبدع والمغني وفي الروايتين والوجهين.
وأصل المسألة مبني على الخلاف فيمن هو الذي بيده عقدة النكاح هل هو الزوج أو الأب (الولي) ؟ فالمذهب بلا ريب كما قال في الإنصاف أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج.
قال أبو حفص وهو البرمكي عمر بن أحمد بن إبراهيم: ما أرى ما نقله ابن منصور إلا قولاً لأبي عبد الله قديماً, ويشير بذلك إلى أن الإمام رجع عنه، ومن ثم لا يكون عفو الأب الزوج من نصف الصداق جائزاً.
قال ابن قدامة في المغني: "وظاهر قول أبي حفص أن المسألة رواية واحدة، وأن أبا عبد الله رجع عن قوله بجواز عفو الأب وهو الصحيح".
وأخذ الإمام للاستدلال لهذه الرواية مأخذاً آخر وهو أن للأب الأخذ من مال الابنة ما شاء كما يدل عليه حديث: "أنت ومالك لأبيك".
أخرجه أبو داود 2/801، وابن ماجه، حديث 2291, وذكر أن رجال إسناده ثقات.
والصداق لا يعدو أن يكون من مالها.
انظر: عن المسألة: الإنصاف 8/271, المغني: 6/729, المبدع: 7/ 158, الروايتين والوجهين، لوحة رقم: 124.(4/1680)
قال إسحاق: لا يكون عفو [الأب] 1 عفواً لأن الذي بيده, عقدة النكاح الزوج.2
__________
1 في النسختين "عفو الزوج"، وصحة العبارة "عفو الأب" لأن السؤال يدل على هذا حيث المسؤول عنه عفو الأب، والمعنى أي: لا يكون عفو الأب الزوج المذكور عفواً لأن العفو لمن بيده عقدة النكاح وهو الزوج.
2 وما ذهب إليه الإمام إسحاق هو المذهب، وهو المشهور وعليه جمهور الحنابلة.
انظر: الإنصاف: 8/271, وانظر: عن قول إسحاق الإشراف على مذاهب العلماء: 4/63.(4/1681)
[1053-] قلت: امرأة اشترطت على الرجل عند عقدة النكاح: أن لا تتزوج عليّ ولا تتسرى ولا تخرجني من داري؟
قال: هذه الشروط كلها لها فإن تزوج أو تسرى فهي مخيرة، فإن شاءت أقامت معه, وإن شاءت فارقته1, قال2 النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج".3
قال إسحاق: كما قال.4
[1054-] قلت: الرجل ينكح الأمة فتلد5 ثم يشتريها تكون أم ولد؟
__________
1 قال في الإنصاف: 8/155: " فهذا صحيح لازم, إن وفى به وإلا فلها الفسخ, هذا المذهب بلا ريب وعليه الأصحاب, وهو من مفردات المذهب, أي انفرد به المذهب الحنبلي عن المذاهب الثلاثة الأخرى، وإلا فقد قال به غير الحنابلة من المجتهدين كالإمام إسحاق.
راجع: المحرر 2/213, المبدع 7/80, الكافي: 3/55, الإقناع: 3/189, منار السبيل: 2/171, وراجع المسألة رقم: (900) .
2 في ع بلفظ "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم".
3 الحديث سبق تخريجه في المسألة رقم: (900) .
4 انظر: عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/72, والمغني: 6/549,548.
5 في ع بلفظ "فتلد منه ثم يشتريها".(4/1682)
قال: لا، حتى تحدث عنده حملاً.1
قال إسحاق: كما قال.
[1055-] قلت: المحرم يراجع امرأته؟ 2
قال: لا, هذا عندي تزويج3.
__________
1 نقلت هذه الرواية في المغني والإنصاف.
قال المرداوي في أثرها هذا المذهب.
وعن الإمام أحمد روايتان في هذه المسألة غير هذه الرواية:
إحداها: تصير أم ولد, ولو كان قد ملكها بعد وضعها منه.
وذكر ابن قدامة في المغني أنه لم يجد هذه الرواية، وهي فيما إذا ملكها بعد ولادتها، بل نقل عنه التوقف فيها في رواية مهنا.
الرواية الأخرى: أنها تصير أم ولد إذا ملكها حاملاً، بشرط أن يطأها فيه.
راجع: الإنصاف 7/492, والمغني 9/535,534, والمبدع 6/371, والإشراف 4/308.
2 روى عبد الله بن الإمام أحمد في مسائله نحو هذه المسألة ص 235.
3 هذه رواية عن الإمام أحمد قياساً على النكاح لأن كلا منهما استباحة فرج مقصود بعقد, وعنه: أنها تباح كقول إسحاق، صححها ابن قدامة في المغني، والمرداوي في تصحيح الفروع. وقال في الإنصاف: هو المذهب.
ومما يرجحها أن الرجعة إمساك لقوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوف} البقرة: 231.
فتباح الرجعة، كالإمساك واستمرار النكاح السابق قبل الطلاق، والقياس المذكور أعلاه منقوض بأن الرجعية مباحة فلا استباحة في الرجعة.
راجع المغني 3/341, والفروع 3/385, وتصحيح الفروع 3/385.(4/1683)
قال إسحاق: يراجع، ولكن إذا بانت واحدة لم يتزوجها، لأنه لا بد من رضاها.1
[1056-] قلت: كم يتزوج العبد؟
قال: يتزوج العبد ثنتين.
قال إسحاق: كما قال2.
[1057-] قلت: العبد إذا ملكته امرأته والرجل يملك امرأته تكون فرقة بغير طلاق؟
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 لأنه إذا بانت بواحدة فات وقت الرجعة، فالعودة إليها تكون بنكاح جديد لذا كان لا بد من رضاها, وهو منهي عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ينكح المحرم ولا ينكح".
أخرجه أحمد في المسند: 1/69,68,62,57, ومسلم: 2/1031.
فلم يجز للمحرم للحديث.
2 سبق الكلام على هذه المسألة في المسألة رقم: (912) .
[3] انظر: عن قول الإمامين: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/132-133, والمغني: 6/611.
وقال ابن قدامة في المغني 6/610: " لو ملك زوجته وهي أمة انفسخ نكاحها، وكذلك لو ملكت المرأة زوجها انفسخ نكاحها، ولا نعلم في هذا خلافاً."(4/1684)
[1058-] قلت: العبد إذا أعتقته امرأته وهي في عدة منه؟
قال: لم يتراجعا إلا بنكاح جديد وولي1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1059-] قلت: إذا ملّك الرجل امرأته أمرها؟
قال: القضاء ما قضت3.
قلت: فأنكر عليها, قال: لم أرد إلا تطليقة [ع-53/أ] 4, يحلف5 على ذلك ويكون أملك بها؟
__________
1 لم يتراجعا لأن الفرقة لم تكن عن طلاق بل إنما كانت فسخاً, ويدل على ذلك أنه لم يحتسب عليه تطليقة.
[] راجع: المغني: 6/611, والإنصاف: 8/150-151.
2 ذكر ابن قدامة في المغني: 6/611 الإمام إسحاق مع الأئمة الذين قالوا بأن المرأة إذا ملكت زوجها فانفسخ نكاحها فليس ذلك بطلاق، فمتى أعتقته ثم تزوجها لم تحتسب عليه تطليقة.
3 لأنه ملكها أمرها بخلاف ما إذا خيّرها, لأن التمليك الذي من ألفاظه: أمرك بيدك، من الكنايات الظاهرة، والتخيير من الكنايات الخفية.
راجع: المغني: 7/144,132,130.
4 في ع بلفظ "لم أرد إلا تطليقة واحدة".
5 نهاية اللوحة رقم: 103 من ع، وبداية اللوحة رقم: 104 من ع(4/1685)
قال: هذا قول ابن1 عمر -رضي الله عنهما- هو ما قضت على قول عثمان2 رضي الله عنه، فإن أنكر عليها لا يقبل ذلك منه3.
__________
1 انظر: قول ابن عمر -رضي الله عنهما- هذا في سنن البيهقي: 7/348, ومصنف عبد الرزاق: 6/518, وسنن سعيد بن منصور: 1/420,419.
2 انظر: قول عثمان رضي الله عنه في مصنف عبد الرزاق: 6/518, وسنن سعيد بن منصور: [1/418-419.
3] ذكر الإمام أحمد في الجواب مذهب ابن عمر -رضي الله عنهما- القائل بقبول إنكاره وحلفه في المسألة، وهو قول زيد بن ثابت رضي الله عنه, ومذهب عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو عدم قبول ذلك, وقد اختار الإمام أحمد قول عثمان رضي الله عنه.
وأفتى الإمام أحمد بذلك مراراً، ففي المقنع: 3/153: "وإن قال لامرأته أمرك بيدك, فلها أن تطلق ثلاثاً وإن نوى واحدة".
وذكر المرداوي في الإنصاف أن هذا المذهب، وعليه الأصحاب.
راجع: الإنصاف: 8/491, والمغني: 7/141, والمبدع: 7/285.
ونقل عن الإمام أحمد في مسائل ابنه عبد الله ص 357: "سألت أبي عن رجل كانت له امرأة, فجعل أمرها في يدها وإنما أراد واحدة فلقنها قرابتها, فقالت: اختاري ثلاثاً, يلزمها الثلاث أو الواحدة التي أراد الزوج؟ فقال: يحلف ويكون القول قوله" وذلك لأن التمليك نوع من التخيير فيرجع فيه إلى نيته كما إذا خيّرها.
ويترجح قول عثمان رضي الله عنه والذي اختاره الإمام أحمد لأنه ملكها أمرها، ويقتضي ذلك العموم أي الأمر الذي ملكها عام يشمل كل أمورها فيتناول جميع الطلقات، كما إذا قال: طلقي نفسك ما شئت، وإنكاره يخالف ما يقتضيه اللفظ، وخالف التمليك التخيير لأنه من الكنايات الظاهرة والتخيير من الكنايات الخفية وقضى بهذا القول القاسم بن محمد كما في الموطأ: 2/554.
[] راجع المغني: 7/144, وشرح السنة: 9/218-219, والإنصاف: 8/491.(4/1686)
قال إسحاق: كما قال ابن عمر رضي الله عنهما ويحلف على إرادته
[1060-] قلت: إلى كم يكون أمرها بيدها؟
قال: إذا ملكها أمرها فأمرها بيدها حتى يغشاها، أو يرجع في ذلك.
قلت: يرجع إن شاء.
قال1: يرجع إن شاء يعني الزوج.
قال إسحاق: كما قال2 يرجع، ولكن ما قال حتى يغشاها فليس ببيّن3.
__________
1 في ع زيادة "قال" قبل "يرجع".
2 سبق الكلام على هذه المسألة في مسألتي رقم: (971) ، (972) .
3 أي أن الإمام إسحاق يرى أنه لا بد أن يرجع في تمليكه، ولا يكفي عنده الغشيان كما هو عند الإمام أحمد، وسبق استدلال الإمام على هذا بقول حفصة لزبراء: " أمرك بيدك ما لم يغشك زوجك".
وسبق تخريجه في المسألة رقم: (971) .(4/1687)
[1061-] قلت: رجل ظاهر من امرأته في مجالس متفرقة؟
قال: عليه كفّارة واحدة ما لم يكفّر1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1062-] قلت: رجل قال لامرأته: كل امرأة أنكحها عليك ما عشت فهي عليّ كظهر أمي؟
__________
1 هذا المذهب، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد -رحمه الله-، وعليه أكثر الأصحاب كما في الإنصاف: 9/206.
وعن الإمام أحمد ثلاث روايات غير هذه:
الأولى: إن كرره في مجلس واحد فكفارة واحدة، وإن كان في مجالس فكفارات.
الثانية: إن قصد بالتكرار التأكيد فكفارة واحدة، وإن قصد الاستئناف فكفارات.
الثالثة: تتعدد الكفارات مطلقاً، سواء كان في مجلس أو مجالس، قصد التأكيد أو الاستئناف.
ومما يرجح ما عليه المذهب أن التكرار لا يؤثر تحريماً في الزوجة، فإنها قد حرمت عليه بالظهار الأول، فلا تجب به كفارة.
راجع: المغني: 7/386, والإنصاف: 9/207,206, والمغني والشرح الكبير: 8/581, وهداية الراغب: ص496, والمبدع: 8/45.
2 انظر: عن قول إسحاق في المسألة: المغني: 7/386, شرح السنة: 9/245, الأوسط، لوحة رقم: 281.(4/1688)
قال: يجزيه من ذلك عتق رقبة1.
قال إسحاق: كما قال2.3
[1063-] قال أحمد: رجل [تزوج4 امرأتين] 5 [في عقدة واحدة يجب عليه كفارة واحدة6 ثم7 [إن] تزوج [أخرى] [ظ-29/ب] بعد أن8 كفّر يكفّر في كل امرأة
__________
1 أي كفارة واحدة سواء تزوج النسوة بعد ذلك بعقد أو عقود.
2 فإذا تزوج بعد ذلك كان مظاهراً، وإن أراد العود فعليه كفارة.
ويدخل تحت المسألة ما إذا تزوج بعد ذلك نسوة بعقد واحد, وعليه حينئذ كفارة واحدة عند الإمامين, فأما إن تزوج بعقود مختلفة فلقد روي عن الإمامين أن لكل عقد كفارة كما في المغني: 7/355.
وما يقوي الرواية الأولى عندهما أن هذا ظهار واحد فكفارته واحدة، كما لو ظاهر من أربع نساء بكلمة واحدة.
راجع أيضاً: كشاف القناع: 5/373, الكافي: 3/262.
3 نهاية اللوحة رقم: 56 من ظ، وبداية اللوحة 57.
4 ما بين المعقوفين من ع.
5 في ظ: "امرأة". والمثبت من المغني: 7/355 وهو الموافق للسياق، إذ المرأة الواحدة لا يُقال فيها: "في عقدة واحدة".
6 من ظ.
7 الزيادة من المغني. ويقتضيها السياق.
8 زيادة يقتضيها السياق.(4/1689)
يتزوجها1.
قال إسحاق: كما قال.
[1064-] قلت: على النساء ظهار؟
قال: من ذهب على أنها يمين يوجب عليها الكفارة2.
قال إسحاق: [لا تكون3 المرأة] متظاهرة لما وصف الله الظهار للأزواج من النساء، ولكنها يمين تكفّرها [لأن4 الإرادة] في
__________
1 من ع.
2 إذا قالت المرأة لزوجها: أنت علي كظهر أبي، لم تكن مظاهرة على المذهب. واختلفت الروايات عن الإمام أحمد في الكفارة إلى ثلاث روايات:
أولاها: أن عليها كفارة ظهار، وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، كما في الإنصاف والفروع.
الثانية: أن عليها كفارة يمين، وهو ما أشار إليه الإمام هنا، ووافقه عليه الإمام إسحاق.
الثالثة: لاشيء عليها، ونقله ابن المنذر في الإشراف: 4/239, وابن قدامة في المغني: 7/385 عن الإمام إسحاق.
وانظر أيضاً: الإنصاف: 9/201,200, والفروع: 5/489.
3 ما بين المعقوفين ساقط من النسخة ظ، وأثبته من نسخة ع.
4 ما ببين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع(4/1690)
ذلك اليمين1.
[1065-] قلت: قال -يعني سفيان-: رجل ظاهر من أمته قال: [هو ظهار.
قال أحمد:] 2 لا يكون الظهار إلا من زوجة3.
__________
1 نقل الإمام القرطبي في تفسيره: 17/277 عن الإمام إسحاق -رحمه الله-: "قال لا تكون امرأة متظاهرة من رجل، ولكن عليها يمين تكفرها."
وسبقت الإشارة إلى أن ابن قدامة وابن المنذر نسبا إليه القول بأنه ليس عليها كفارة, ويرجح القول بأن عليها كفارة يمين ما ذكره ابن قدامة عن وجوب كفارة اليمين عليها, وهذا أقيس على مذهب أحمد وأشبه بأصوله لأنه ليس بظهار، ومجرد القول من المنكر والزور لا يوجب كفارة الظهار بدليل سائر الكذب. المغني: 7/385.
ولأنه بمنزلة من حرم على نفسه الحلال كالطعام, فإنه بالعودة إليه يحنث وعليه كفارة يمين.
راجع: الإنصاف: 9/201,200, والمبدع: 8/37, والعدة: 438, والمغني والشرح الكبير: 8/568,567, وتصحيح الفروع: 5/489.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ, وموجود في ع, والصواب إثباته لدلالته على قول سفيان, والمعنى يقتضيه.
وانظر: عن قول سفيان الإشراف: 4/240, مصنف عبد الرزاق: 6/242, وبداية المجتهد: 2/108, والمغني: 7/348.
3 قال المرداوي في الإنصاف: 9/199 "بلا نزاع".(4/1691)
قال إسحاق: كما قال1.
[1066-] قلت لأحمد2: الظهار أمن ذوات المحرم من النسب والرضاعة؟
قال: لا أعرف الرضاعة. وجبن عنها.
قال إسحاق: الرضاع والنسب واحد3.
[1067-] قلت لأحمد4: رجل ظاهر من امرأته ثم فارقها, عليه أن يكفّر؟
قال: لا يكفّر، إنما الكفارة إن5 أراد أن يعود
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/240, والأوسط، لوحة رقم: 283.
ويؤيد ما ذهب إليه الإمامان أحمد وإسحاق قوله عز وجل: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} المجادلة، آية 2. فخصهن بالذكر.
ولأن الظهار لفظ يتعلق بتحريم الزوجة، فلا تحرم به الأمة كالطلاق.
راجع: المبدع: 8/36, ومطالب أولي النهى: 5/512, والمغني والشرح الكبير: 8/516, والعدة ص437.
2 في ع بحذف "لأحمد".
3 سبق الكلام مفصلاً في هذه المسألة في المسألة رقم: (1001) .
4 في ع بحذف "لأحمد".
5 في ع بلفظ: "إنما الكفارة لمن أراد أن يعود إليها".(4/1692)
إليها1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1068-] قلت: يدخل على الرجل إيلاء في تظاهر، وكيف هذا؟
قال أحمد: الإيلاء في قولنا يوقف3 كأنه قد حلف, فقال: "والله لا أطؤك سنة" فهذا مولٍ إذا مضت الأربعة الأشهر, جاءت تطالب أوقف لها بعد مضي الأربعة، فإما أن يفيء وإما أن يطلق4.
فإن قال لها في قوله5 ذلك: أنت عليّ كظهر أمي إن وطأتك
__________
1 لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} , المجادلة، آية 3, فلا تلزم الكفارة حتى ينضم العود إلى الظهار.
راجع الإنصاف: 9/204, والمغني: 7/351.
2 نقل ابن المنذر نحو هذا الحكم عن الإمام إسحاق في أنه لا يكفّر المظاهر من زوجته إذا بر.
انظر: الإشراف: 4/241, والأوسط، لوحة رقم: 283.
وسبق أن المظاهر لا يكفّر إذا بر في المسألة رقم: (1048) .
3 يوقفه الحاكم بأن يقول له: إما وإما, إما أن تفيء, وإما أن تطلق على ما وضحه الإمام أحمد هنا. راجع أيضاّ المسألة رقم: (1006) .
4 سبق الكلام على هذا في المسألة رقم: (1006) .
5 هذا ما أثبته من نسخة ع، أي بحذف "بعد"، ففي النسخة ظ "في قوله بعد ذلك"، والذي يظهر أن هذا لا بد منه ليستقيم الكلام.(4/1693)
سنة, فأراد أن يطأها1 بعد مضي الأربعة، يقال له: إما أن تفيء فإن وطئها فقد وجبت عليه كفارة الظهار، وإن أبى فأرادت أن تفارقه طلقها عليه الحاكم2.
قال إسحاق: كما قال إذا كان الزوج يأبى.
[1069-] قلت: كم تعتد المختلعة؟
قال: ثلاث حيض عدة المطلقة.
قال: إسحاق: كما قال3: ومن ذهب إلى حيضة لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم امرأة ثابت بن قيس بن شماس فهو مذهب.
وقد قاله4 عثمان بن عفان5 وابن عمر وابن عباس -رضي
__________
1 في ع زيادة "فأراد أن يطأها بعد مضي السنة كفّر، وإن جاءت تطلب فليس له أن يعضلها".
2 قال في كشاف القناع: 5/365: "وإن كان المولي مظاهراً لم يؤمر بالوطء لأنه محرم عليه قبل التكفير.... ويقال له: إما أن تكفّر وتفيء وإما أن تطلق".
وانظر عن المسألة: الإشراف: 4/228, وبداية المجتهد: 2/110.
3 الواو: غير موجودة في ظ، وأثبتها من نسخة ع.
4 في ظ "قال".
5 انظر قول عثمان وابن عمر -رضي الله عنهما- في: الإشراف: 4/288.
وقول ابن عباس سبق في المسألة رقم: (970) .(4/1694)
الله عنهم- وأنا أذهب إليه1.
[1070-] قلت: وهل يلحقها الطلاق ما كانت في العدة؟
قال: لا يلحقها الطلاق ما كانت في العدة، لأنهما لا يتوارثان، وإن قذفها لا يلاعنها وإن كانت في العدة.2
قال إسحاق: كما قال.3
[1071-] قلت: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً ثم أنكر حملها يلاعنها؟ 4
__________
1 هذه المسألة سبق الكلام عليها في المسألة رقم: (970) .
وسبق تخريج حديث امرأة ثابت بن قيس والكلام عليه.
2 لأن المختلعة لا تحل له إلا بنكاح جديد فلا يلحقها حينئذ طلاقه ولا توارث ولا تلاعن بينهما كالمطلقة قبل الدخول.
راجع: المغني: 7/59, والعدة: ص 407, وكشاف القناع: 5/217, والمبدع: 7/228.
3 انظر قول الإمام إسحاق في: المغني: 7/59, والإشراف: 4/219.
4 نقل بن مفلح في الفروع: 5/514 رواية ابن منصور هذه بنصها، وكذلك ذكرها المرداوي في الإنصاف: 9/244, وابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/258.(4/1695)
قال: يلاعنها لنفي الولد, وإذا قذفها بلا ولد لا يلاعنها1، وإن كانت حاملا لاعنها [ع-53/ب] .
وإذا طلقها ثلاثاً ثم قذفها وهي حامل؟ 2
قال أحمد: هذا أشد إذا كانت حاملاً فقد وجب اللعان بينهما.
قال إسحاق: كما قال. ومعنى قوله إذا طلقها ثلاثاً ولم يكن ولد لم تلاعن لأنها حينئذ ليست بزوجة, فإذا كان ولد لاعن بسبب الولد.3
[1072-] قلت4: العبد إذا تزوج الحرة أو الأمة أو الحر اليهودية أو
__________
1 في ع بلفظ "يلاعنها".
2 سأل الكوسج أولاً عمن أبان زوجته ثم أنكر حملها, فالجواب فيما ذكر الإمام أحمد أن ينظر أمرها، فإن كانت حاملاً لاعن وإلا فلا, ثم سأل بعد ذلك فيما إذا أبانها ثم قذفها وهي حامل حملاً ظاهرا. المذهب أن من قذف زوجته التي طلقها ثلاثاً بزنى في النكاح أنه يلاعنها بشرط أن يكون بينهما ولد, فإنه يلاعن لنفيه, وإلا حد ولم يلاعن, هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقال بعض أصحاب الإمام أحمد إن أبانها ثم قذفها بزنى في الزوجية لاعن.
راجع: المغني: 7/400, المبدع: 8/83, الفروع: 5/514, الإنصاف: 9/244.
3 انظر قول إسحاق وأحمد في: الأوسط لابن المنذر، لوحة رقم: 292, والاستذكار، لوحة 185, 184.
4 من بداية هذه المسألة إلى آخر المسألة رقم: (1077) غير موجود في نسخة ع.(4/1696)
النصرانية يلاعنها؟
قال أحمد: كلا الزوجين يلاعن، إنما هي1 نفي الولد.
قال: وإذا كان قاذفاً فكانت حاملاً أو لم تكن يلاعنها2.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 أي الملاعنة.
2 بمعنى أن العبد إذا قذف زوجته الحرة أو الأمة الحامل، أو قذف الحر زوجته الكتابية الحامل لاعنها، فدل ذلك على أن الزوج يلاعن زوجته مطلقاً.
وذكر ابن قدامة في المغني: 7/392 رواية ابن منصور هذه الدالة على أن كلا الزوجين المكلفين يلاعن، سواء كانا مسلمين أو كافرين أو عدلين أو فاسقين أو محدودين في قذف أو اتصف بذلك أحدهما دون الآخر، وهذا هو المذهب وعليه جماهير الأصحاب من الحنابلة، وإليه ذهب الإمام إسحاق.
وعن الإمام أحمد رواية بأنه لا يصح اللعان إلا من زوجين مكلفين مسلمين حرين عدلين غير محدودين في قذف.
ويؤيد الرواية الأولى التي عليها المذهب عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} , النور، آية 6. فيعم كل زوج رمى زوجته بالزنى.
وقال ابن قدامة في المغني: 7/393 "وهذه الرواية هي المنصوصة عن أحمد في رواية الجماعة وما يخالفها شاذ في النقل".
[] وراجع أيضاً: الإنصاف 9/242-243، والفروع 5/513, وزاد المعاد 5/358-359.
3 انظر عن قول إسحاق: المغني: 7/392, وشرح السنة: 9/254, والإشراف: 4/265.(4/1697)
[1073-] قلت: رجل طلق امرأته ثلاثاً وهي مملوكة وهي حامل, عليه نفقتها؟
قال: هو ولده، وعليه نفقتها.1
قال إسحاق: كما قال.2
[1074-] قلت: نفقة الحامل المطلقة3؟
قال: إذا كانت حاملاً فلا بد من نفقة, وإذا لم تكن حاملاً فلا
__________
1 رواية الإمام أحمد هذه قدمها ابن قدامة في المغني.
واستنادها عموم قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق، آية: 6.
والمسألة من فروع القاعدة الفقهية: "هل تجب نفقة الحامل للحمل أو لها من أجل الحمل؟ ".
وأصح الروايتين عن الإمام في ذلك أنها تجب للحمل كما ذكر ابن رجب في القواعد الفقهية: ص180، وهي المذهب وعليها أكثر الأصحاب كما نقل في الإنصاف.
فبناء على ذلك "فرع عليها كل من ابن قدامة والمرداوي" أنه لا تجب لها النفقة في مسألتنا هذه، لأن الولد مملوك لسيد الأمة فنفقته على مالكه.
راجع الإنصاف: 9/364, المغني: 7/598, المبدع: 7/194.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني: 7/598.
3 سبق الكلام على هذه المسألة في المسألة رقم: (962) ، (990) وزدناها تفصيلاً في المسألة التي قبل هذه.(4/1698)
نفقة لها ولا سكنى لحديث فاطمة1.
قال إسحاق: كما قال.
[1075-] قلت: عبد طلق امرأته وهي أمة ثم أعتقت، كم تعتد؟
قال: إذا كان طلقها واحدة ثم عتقت في العدة تستكمل عدة الحرة، وإذا كان طلّقها تطليقتين تعتد عدّة الأمة، في العدّة عتقت أو بعد العدّة2.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 هي فاطمة بنت قيس, سبقت ترجمتها, وكذلك سبق تخريج حديثها والكلام عليه في المسألة رقم: (962) .
2 لأنها إذا أعتقت وهي رجعية فقد وجدت الحرية وهي زوجة، تعتد عدة الوفاة لو مات، فوجب أن تعتد عدة الحرائر.
أما إن أعتقت وهي بائن فلم توجد الحرية في الزوجية، فلم تجب عليها عدة الحرائر، ولأن عدة الرجعية تنتقل إلى عدة الوفاة لو مات فتنتقل إلى عدة الحرائر، والبائن لا تنتقل إلى عدة الوفاة فلا تنتقل إلى عدة الحرائر.
انظر: المغني: 7/462.
3 انظر: عن قول إسحاق: المغني: 7/462, والإشراف على مذهب العلماء: 4/292.
انظر: عن المسألة أيضاً" الإنصاف: 9/285, والمبدع: 8/123.(4/1699)
[1076-] قلت لأحمد: عدّة المستحاضة1؟
قال: إذا كانت تعرف أقراءها2 فأقراؤها, فإذا اختلط عليها فعدّتها سنة3.
__________
1 الاستحاضة في اللغة: يقال: استحيضت المرأة أي" استمر بها الدم بعد أيامها، فهي مستحاضة. والمستحاضة التي لا يرقأ دم حيضها ولا يسيل من المحيض, ولكنه يسيل من عرق يقال له العاذل.
انظر: لسان العرب: 7/142, تاج العروس: 5/25.
والاستحاضة اصطلاحاً: استمرار سيلان الدم من المرأة في غير وقت الحيض، لا من عرق الحيض بل من عرق يقال له العاذل.
انظر: كشاف القناع: 1/196, المبدع: 1/290.
2 القَرء والقُرء. الحيض والطهر ضد, وذلك أن القَرء والقُرء الوقت، وهو يكون للحيض والطهر.
قال أبو عبيد: " القرء يصلح للحيض والطهر." قال: "وأظنه من أقرأت النجوم إذا غابت، والجمع: أقراء." وقال ابن الأثير: "قد تكررت هذه اللفظة في النصوص الشرعية مفردة ومجموعة: فالمفردة بفتح القاف، وتجمع على أقراء وقروء، وهو من الأضداد، ويقع على الطهر والحيض, والأصل في القرء الوقت المعلوم، ولذلك وقع على الضدين لأن لكل منهما وقتاً".
انظر: لسان العرب: 1/130, ومختار الصحاح: ص526, والنهاية في غريب الحديث: 4/32.
3 إذا عرفت المستحاضة أيام حيضتها تعتد تلك الأيام كغير المستحاضة، فإذا مرت لها ثلاثة قروء فقد انقضت عدّتها، وإن اختلط عليها الأمر، وتسمى المستحاضة الناسية، فعن الإمام أحمد روايتان:
إحداهما: رواية ابن منصور هذه، وهي أنها تعتد سنة بمنزلة من ارتفعت حيضتها ولا تدري ما رفعها.
والأخرى: أنها تعتد بثلاثة أشهر, وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب كما في الإنصاف، وأيضاً قدمه ابن قدامة في المغني.
ويؤيدها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حمنة بنت جحش "أن تدع الصلاة أيام أقرائها".
أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها 1/264، فجعل لها حيضة في كل شهر تترك فيها الصلاة والصيام، فيثبت لهذه الأيام حينئذ أحكام الحيض، وتنقضي العدة إذا مضت ثلاثة أشهر لمضي قدر ثلاثة قروء فيها.
راجع: الإنصاف: 9/286, والمغني: 7/467, والمبدع: 8/124.(4/1700)
قال إسحاق: كما قال1.
[1077-] قلت: قال مالك: الأمر عندنا في المطلقة التي ترفعها حيضتها [قال إذا كانت لا تدري2 ما الذي رفعها] تنتظر تسعة3
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني: 7/467, والإشراف: 4/286.
2 ما بين المعقوفين غير موجود في نسخة الموطأ مع شرح الزرقاني: 3/212، وغير موجود أيضاً في الموطأ المطبوع مع تنوير الحوالك شرح الموطأ للسيوطي: 2/100.
ولا يقول -رحمه الله- بما دلت عليه العبارة، فإن عدة التي ارتفع حيضها عنده سنة، سواء عرفت ما رفعه أو لم تعرف.
انظر عن ذلك: الجامع لأحكام القرآن: 18/164, والمنتقى: 4/110.
3 ذكر القرطبي في تفسيره: 18/163: "أن المرتابة في عدتها لا تنكح حتى تستبرئ نفسها من ريبتها, ولا تخرج من العدة إلا بارتفاع الريبة. وقد قيل في المرتابة التي ترفعها حيضتها وهي لا تدري ما رفعها: أنها تنتظر سنة من يوم طلقها زوجها, منها تسعة أشهر استبراء وثلاثة عدة."(4/1701)
أشهر، فإن لم تحض فيهن اعتدت ثلاثة1 أشهر، فإن حاضت قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض، فإن مرت بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر، فإن حاضت [الثانية قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض، وإن مرت بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر، فإن حاضت الثالثة كانت قد] 2 استكملت عدة الحيض، وإن لم تحض استقبلت ثلاثة أشهر ثم [حلت، ولزوجها عليها في ذلك الرجعة قبل أن تحل3، إلا] أن يكون بت طلاقها [ظ-30/أ] .
__________
1 أخرج البيهقي في سننه: 7/420 أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى بذلك، وكما في الموطأ مع شرح الزرقاني: 3/212 أنه قضى أيضاً بذلك.
2 بعد كلمة "حاضت" بياض في ظ، وهي النسخة الظاهرية التي انفردت بذكر هذه المسائل.
كما سبقت الإشارة إليه في المسألة رقم: (1072) .
وما بين المعقوفين في النص المنقول عن مالك مكمل من الموطأ مع شرح الزرقاني: 3/213,212.
3 بياض في ظ وما بين المعقوفين من كلام الإمام مالك مكمل من الموطأ مع شرح الزرقاني: 3/213,212.
وانظر: عن النص بكماله من قوله: قال مالك إلى آخر النص في الموطأ مع الزرقاني، كتاب [] [] الطلاق جامع عدة الطلاق: 3/212-213.(4/1702)
قال أحمد: هذا كله كما قال1، إذا كانت لا تدري ما الذي رفعها2 فإن كان من مرض أو رضاع، فعلى قول عبد الله بن مسعود وعثمان وعلي3 -رضي الله عنهم- وعلى قول ابن
__________
1 أي أنها تعتد سنة تسعة أشهر للحمل وثلاثة للعدة. قال في الإنصاف: 9/285: "هذا المذهب، وعليه الأصحاب."
وانظر أيضاً المبدع: 8/124, والمغني: 7/463.
2 هذا القيد خالف به الإمام أحمد مالكاً فإن عدة التي ارتفع حيضها عند مالك سنة كما سبق، سواء ارتفع لعارض أو لم تعرف ما الذي رفع حيضها.
انظر: الجامع لأحكام القرآن: 18/164.
3 حاصل ما أجاب به الإمام هنا أن من ارتفع حيضها لمرض أو رضاع أو لغير ذلك من العوارض انتظرت زوال العارض وعود الدم، وإن طال إلى أن تصير إلى سن الإياس فتعتد بعدة الآيسات.
وقوله على قول ابن مسعود وعثمان وعلي -رضي الله عنهم أجمعين-؛ فإن ابن مسعود أفتى بما ذكرناه فيمن ارتفع حيضها لمرض، وقال بمثل ذلك عثمان وعلي فيمن انقطع حيضها لرضاع.
وما بينته بأنه حاصل مذهب الإمام أحمد قال عنه المرداوي في الإنصاف 9/287: "هذا المذهب نص عليه في رواية صالح وأبي طالب والأثرم، وعليه الأصحاب."
وأشار إلى رواية ابن منصور هذه بعينها.
وروي عنه أنها تعتد بسنة.
وعنه أنها تعتد ثلاثة أشهر.
[] راجع: الإنصاف: 9/287-288, والمبدع: 8/126-127, والمغني: 7/465, والمحرر: [105-106.(4/1703)
] مسعود رضي الله عنه حيث ورث علقمة1 من امرأته فارتفع حيضها ستة عشر شهراً.
وذلك أنها مرضت فارتفع حيضها, فكان ارتفاع حيضها لعلة المرض.
وإذا كانت ترضع فارتفع حيضها فعلى ما قال عثمان وعلى
__________
1 علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك الكوفي ولد في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. وروى عن عمر وعثمان وعلي وسعد وحذيفة وابن مسعود وأبي موسى وغيرهم، وعنه ابن أخيه عبد الرحمن بن يزيد بن قيس وإبراهيم بن يزيد وعامر الشعبي وأبو وائل شقيق ابن سلمة وغيرهم, ثقة ثبت فقيه عابد. مات بعد الستين، وقيل بعد السبعين.
انظر: تهذيب التهذيب: 7/278,276, وتقريب التهذيب: ص 243, وتاريخ بغداد: 12/296, وتذكرة الحفاظ: 1/48.
وحديثه أخرجه البيهقي في سننه: 7/419 بسند قال عنه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 3/234: "إنه صحيح" أن علقمة طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين, فحاضت حيضة أو حيضتين في ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، ثم لم تحض الثالثة حتى ماتت، فأتى عبد الله فذكر ذلك له, فقال عبد الله: "حبس الله عليك ميراثها", فورثه منها.
وكذلك أخرجه سعيد بن منصور أيضاً بنفس السند: 1/349.(4/1704)
حديث 1 محمد بن يحيى بن حبان2.
قال إسحاق: كما قال وما استثنى في المرض والرضاع, ومعنى قول علقمة في مرض امرأته, يكون أن مال ابن مسعود رضي الله عنه إلى الحمل يكون سنتين كما قالت عائشة3 -رضي الله عنها-،
__________
1 حديث محمد بن يحيى بن حبان هو ما أخرجه البيهقي بسنده في سننه: 7/419, باب: من تباعد حيضها عن محمد بن يحيى بن حبان أنه قال: "كانت عند جده حبان امرأتان له هاشمية وأنصارية فطلق الأنصارية وهي ترضع، فمرت بها سنة ثم هلك عنها ولم تحض، فقالت: "أنا أرثه لم أحض"، فاختصما إلى عثمان رضي الله عنه: فقضى لها عثمان بالميراث فلامت الهاشمية عثمان رضي الله عنه فقال عثمان رضي الله عنه ابن عمك هو أشار إلينا بهذا, يعنى علياً رضي الله عنه." أخرجه أيضاً سعيد بن منصور في سننه: 1/350,349.
قال الألباني في إرواء الغليل: 7/201 "رجاله ثقات، وضعفه بانقطاع سنده حيث رواه محمد بن يحيى المذكور عن جده ولم يدركه."
2 هو محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ بن عمرو الأنصاري المازني، أبو عبد الله المدني الفقيه, روى عن أبيه وعمه واسع ورافع بن خديج وأنس وعباد بن تميم وغيرهم, روى عنه الزهري ويحيى بن سعيد وعبد ربه بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وابن عجلان وابن إسحاق ومالك والليث وآخرون. قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: "ثقة فقيه، مات بالمدينة سنة إحدى وعشرين ومائة، وله أربع وسبعون سنة."
[] انظر: تهذيب التهذيب: 9/507-508, وتقريب التهذيب: ص323.
3 خالف إسحاق أحمد في عدة من ارتفع حيضها لعارض أنها تعتد أكثر مدة الحمل عند عائشة وهو سنتان، وأجاب الإمام إسحاق عن استدلال الإمام أحمد بقصة علقمة حين ورثه ابن مسعود رضي الله عنه من زوجته بعد طلاقه لها، وقد انقطع حيضها لستة عشر شهراً، باحتمال أن ابن مسعود كان يميل إلى أن الحمل يكون سنتين فتعتد بذلك.
وقد تقدم قول عائشة المشار إليه في المسألة رقم: (929) .(4/1705)
والذي نعتمد عليه ما قال مالك تسعة أشهر وثلاثاً بعد، فذلك سنة1 إلا في الرضاع والحمل فإنها تربص سنتين تمام ما وصفت عائشة2 -رضي الله عنها-:" لا يبقى الولد في البطن أكثر من سنتين".
قال إسحاق: وأما الرجل يطلق امرأته فتحيض حيضتين ثم يرتفع حيضها أكثر من سنة3 فتزوجت زوجاً, زوجها وليها فمكثت معه شهراً فدخل بها, وخلعها بتطليقة فمكثت ثمانية أشهر بعد الخلع ثم خطبها الأول فتزوجها ودخل بها الزوج فحاضت حيضة عنده ثم بعد ذلك حملت فولدت, فإن السنة
__________
1 هذا بالنسبة للمسألة التي اتفق عليها الإمام إسحاق مع الإمام أحمد، وهي فيما إذا لم تعرف ما الذي رفع حيضها.
2 انظر قول عائشة في السنن الكبرى للبيهقي: 7/443, باب ما جاء في أكثر الحمل، وقد سبق الكلام على أكثر الحمل وأقله مفصلاً في المسألة (929) .
3 مسألة مفرعة على قول الإمام إسحاق من أن المرأة التي تعرف ما الذي رفع حيضها تتربص سنتين.(4/1706)
في ذلك إذا كانت المطلقة ممن تحيض فارتفع حيضها أن تربص سنتين, أكثر ذلك1, لما جاء أن الغالب من النساء لا يحملن أكثر من سنتين2, والمشهور من حبلهن تسعة أشهر.
ورأى عمر3 بن الخطاب رضي الله عنه أن أقصى عدتها سنة, جعل تسعة أشهر للحبل ثم جعل ثلاثة أشهر بعد ذلك كعدة التي يئست من الحيض، ثم تزوج4, وهذا الذي قال عمر رضي الله عنه وعليه أهل المدينة من زمن عمر إلى يومنا هذا, وبه يأخذ مالك ومن فوقه من أهل العلم، وأرجو أن يكون ذلك جائزاً5.
وأما إذا مضى سنتان عليها من عند انقطاع حيضتها وهي شابة فلا شك عندنا أن لا عدة عليها بعد السنتين, ولها أن تزوج من شاءت, وأخطأ هؤلاء الذين جعلوا عدتها بالشهور إذا يئست من الحيض، فقد صيروا عدة امرأة مطلقة شابة من نحو أربعين
__________
1 أي أكثر مدة الحمل عند عائشة -رضي الله عنها-.
2 راجع المسألة رقم: (929) فقد سبق الكلام على هذا فيها.
3 روى الإمام مالك في الموطأ مع شرح الزرقاني: 3/212 قول عمر هذا "جامع عدة الطلاق".
4 وقول عمر رضي الله عنه هذا محمول على من لم تعرف ما الذي رفع حيضها وهو وارد في ذلك.
5 أي "ولا أقول به" فإن قوله في المسألة أنها تتربص سنتين.(4/1707)
سنة1 وهذا شيء لا نعرف, فإذا تزوجت هذه التي أتى عليها سنة زوجاً آخر ثم خلعها جاز ذلك 2على3 ما وصفنا من قول عمر وأهل المدينة, فإذا تزوج بها الأول وكان الثاني دخل بها جاز نكاحه، قال4: إذا حاضت عنده حيضة ثم حبلت5 فالولد ولده6.
[1078-] قلت: إذا طلق الرجل امرأته وله عليها رجعة فاعتدت بعض عدتها ثم ارتجعها ثم فارقها قبل أن يمسها، أنها لا تبني على ما مضى من عدتها؟
قال أحمد: كذلك7 أقول يستأنف8.
__________
1 جعلوا الشابة مثل الآيسة التي بلغت أربعين سنة.
2 من بداية المسألة رقم: 1072 إلى هنا ساقط من النسخة العمرية، وانفردت به النسخة الظاهرية.
3 بداية اللوحة رقم: 105 من ع.
4 في ع بلفظ "جاز نكاحها فإذا حاضت" أي بحذف "قال". وزيادة "ف" قبل "إذا".
5 في ع بلفظ "حبلت منه فالولد ولده".
6 كما فصل الإمام إسحاق في أول كلامه في المسألة.
7 في ع بلفظ "كذاك".
8 نص في المغني والإنصاف على أن هذه رواية ابن منصور, والقول بأنها تستأنف هو أصح الروايتين عن الإمام أحمد، وهو المذهب لأنه طلاق في نكاح امرأة مدخول بها فيه، فأوجب عدة كاملة كما لو لم يتقدمه نكاح.
وحكى الإمام الثوري إجماع العلماء على ذلك كما في المغني: 7/292, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/283.
لكن ابن المنذر ذكر أن عطاء خالف في المسألة كما في الإشراف نفس الصفحة. وعن الإمام أحمد رواية أنها تبني على العدة السابقة.
[] انظر: الإنصاف: 9/300, والمغني: 7/292-293, والكافي: 3/319, ومطالب أولي النهى: 5/578, والإقناع: 4/116, والمبدع: 8/138.(4/1708)
قال إسحاق: كما قال1.
[1079-] قلت: متى يفرّق بين الرجل وامرأته إذا لم يجد ما ينفق عليها؟
قال: إذا عجز ولا يقدر أن ينفق2.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/283, والمغني: 7/292.
2 أي يفرّق بينهما إذا عجز الزوج عن النفقة، وذلك فيما إذا اختارت المفارقة، فإنها تخير عند عجزه بين الفرقة والمقام معه, وهذا هو الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد.
يدل عليه قوله عز وجل: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} البقرة (229) .
وليس إمساك المرأة مع عدم الإنفاق عليها إمساكاً بمعروف فلم يبق إلا التسريح، إلا إذا رضيت به.
قال في المقنع: "وعنه ما يدل على أنها لا تملك الفسخ بالإعسار".
قال الزركشي: "نقل ابن منصور ما يدل على أنها لا تملك الفسخ به ما لم يوجد منه غرور."
لعله يعني بذلك الضرر، وهذه الرواية التي أشار إليها الزركشي غير موجودة في النسختين الموجودتين بين أيدينا.
[] راجع الإنصاف: 9/383-384, والمبدع: 8/206-208, والمغني: 7/573, وهداية الراغب: ص 510, والكافي 3/367, وزاد المعاد: 5/511.(4/1709)
[1080-] قلت: هل يؤجل؟
قال: لا1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1081-] قلت: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها وهي لا تحيض؟
قال: أما أنا فأعجب إليّ أن تربص ثلاثة أشهر أقل ما3 يستبين فيه الحمل4.
__________
1 لأن الإعسار بالنفقة يثبت الفسخ ولم يرد في الشرع الأمر بالإنظار فوجب أن يثبت الفسخ في الحال كالعيب, ولأن سبب الفسخ الإعسار وقد وجد فلا يلزم التأخير. المغني: 7/574.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: في التفرقة بالإعسار الإشراف على مذاهب العلماء: 4/143, والمغني: 7/573.
3 في ع بحذف "ما".
4 قال ابن قدامة في المغني: 7/460 "لأن الحمل يكون نطفة أربعين يوماً، وعلقة أربعين يوماً، ثم يصير مضغة، ثم يتحرك ويعلو بطن المرأة فيظهر الحمل، وهذا معنى لا يختلف بالرق والحرية".
واختلف النقل عن الإمام أحمد في استبراء أم الولد وفي استبراء الأمة عموماً، ومسألتنا فيما إذا كانت لا تحيض، وما ذكره الإمام هنا بأنها تعتد بثلاثة أشهر نقله الجماعة عنه.
وذكر المرداوي في الإنصاف عن الزركشي "هذا هو المشهور عن الإمام أحمد -رحمه الله-".
وعن الإمام أحمد رواية بأنها تعتد بشهر واحد، وهو المذهب كما في الإنصاف.
وقال عنه ابن مفلح في المبدع إنه الأصح.
وعنه تستبرأ بشهرين.
وعنه بشهر ونصف.
وعنه في أم الولد إذا مات سيدها وهي مسألتنا هذه تعتد أربعة أشهر وعشراً، وهو قول الإمام إسحاق.
[] راجع المبدع: 8/157-158, والإنصاف: 9/326-327, والمغني: 7/459-460, 9/546, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/289.(4/1710)
قال إسحاق: أربعة أشهر وعشراً1.
__________
1 انظر قول الإمام إسحاق في: المبدع: 8/158, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/289, وراجع المسألة (927) .
لحديث عمرو بن العاص قال: "لا تفسدوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، عدة أم الولد إذا توفي سيدها أربعة أشهر وعشراً."
رواه أبو داود: 2/730.
لكن ضعفه الإمام أحمد كما في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/289.
ومما ضعف به أنه موقوف وفيه قبيصة بن ذؤيب الراوي عن عمرو بن العاص رضي الله عنه لم يسمع منه، ذكره الحافظ الدارقطني كما في سنن البيهقي: 7/448.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار، لوحة 224: منقطع لا يصح الاحتجاج بمثله.(4/1711)
[1082-] قلت: العبد إذا طلق الأمة طلاقاً يبنها1، ثم مات وهي في عدّتها2 تعتدّ عدة المتوفى عنها زوجها: شهرين وخمس ليال.
قال: نعم3.
قال إسحاق: هكذا هو4.
[1083-] قلت: وإن أعتقت وله عليها رجعة ولم تختر فراقه حتى يموت وهي في عدتها من طلاقها، اعتدت عدة الحرة؟
__________
1 في ع "لم يبنها".
2 في ع بلفظ "فإنها تعتد عدة المتوفى عنها"، أي بحذف "زوجها" وزيادة "فإنها".
3 يحمل ذلك على ما إذا كان في مرض موته، فإنه إذا أبانها في الصحة فلا تنتقل إلى عدة الوفاة بلا نزاع.
انظر: الإنصاف: 9/276.
4 المسألة كما أشرت إليها فيما إذا طلقها في مرض فإنها ترثه على الخلاف في طلاق المريض، ومذهب أحمد وإسحاق أنها ترثه ما لم تتزوج.
انظر: الإشراف: 4/187.(4/1712)
قال: نعم1.
[1084-] قلت: وترث منه2؟
قال: نعم, إن كانت حرة واعتدت منه ترثه.
قال إسحاق: كما قال.
[1085-] قلت: كم وزن نواة3 من ذهب؟
قال: ثلاثة دراهم4 وثلث.
__________
1 تعتد عدة الحرة للوفاة لأنها رجعية، ولذلك يلحقها طلاقه وله مراجعتها بدون إذنها.
انظر أيضاً: المغني 7/462، والإنصاف 9/152.
وانظر: المسألة رقم: (1075) .
2 بناء على أن كل رجعية ترث.
وقال في المغني: 6/329: "إذا طلق الرجل امرأته طلاقاً يملك رجعتها في عدتها لم يسقط التوارث بينهما ما دامت في العدة، سواء كان في المرض أو الصحة، بغير خلاف نعلمه." ونحوه في المبدع: 6/239.
3 قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر 5/132: "النواة في الأصل عجمة التمرة."
4 يتعرض العلماء لتقدير النواة عند شرح حديث أنس رضي الله عنه: أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه تزوج امرأة من الأنصار على نواة من ذهب، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصدقتها؟ " قال: "وزن نواة من ذهب." والحديث متفق عليه.
واختلف العلماء في تقدير النواة ومن أشهر أقوالهم القولان المنصوص عليهما في المسألة. وما فسر به الإمام إسحاق هنا هو تفسير أكثر العلماء، وقد اقتصر ابن قدامة على حكايته في المغني: 6/539.
[] وانظر أيضاً: فتح الباري: 9/234-235. والنووي على مسلم: 9/216, ومعالم السنن للخطابي: 2/584, وشرح السنة للبغوي: 9/134, وعون المعبود: 6/140.(4/1713)
قال إسحاق: النواة1 خمسة دراهم.
[1086-] قلت: نكاح السر ما هو؟
قال: أن لا يظهروه, وأن يزوجا بالأولياء.
قال إسحاق: كذا هو2.
__________
1 في ع بحذف "النواة".
2 فيشترط فيه أركان عقد النكاح الصحيح, فيزوجها ولي بشهادة شاهدين، ولكن يتواصون بكتمانه. وحكمه أن النكاح صحيح لتوافر أركانه، والقدر المطلوب من الإعلان لصحة النكاح يوجد بشهادة عدلين، ويكره ذلك.
وعلل الكراهة صاحب كشاف القناع بقوله: "لأن السنة إعلان النكاح".
وقد كرهه عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما عنه رواه البيهقي في سننه: 7/126.
[] وانظر أيضاً: المغني: 6/538, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/47, والإقناع: 3/178- 179, والجامع لأحكام القرآن: 3/79.(4/1714)
[1087-] قلت: رجل زوجوه امرأة على ألف1، فإن كان له امرأة فعلى ألفين2؟
قال: هذا على ما اشترطوا عليه3.
قال إسحاق: كما قال4.
__________
1 في ع زيادة "درهم".
2 في ع بلفظ "فهي على ألفين".
وقد نص في الروايتين والوجهين: ص 127 على رواية ابن منصور هذه.
3 هذه رواية الإمام التي نص عليها في المسألة، وهو المذهب كما في الإنصاف، وصح ذلك لأن الألف معلوم والجهل في الألفين، وهو معلوم أيضاً على شرط فإن وجد الشرط كان زيادة في الصداق. والصداق تجوز الزيادة فيه.
وعن الإمام رواية مخرجة على نص الإمام بأنه لا يصح مهر من تزوجها على ألف إن كان أبوها حياً وألفين إن كان أبوها ميتاً.
قال في الإنصاف: وهو الصواب، ورجحه في المغني والمبدع، ويقوي الرواية المنصوصة عن الإمام أحمد الفرق الواضح بين المسألة التي نص على عدم صحتها وهذه المسألة، لأن الصفة التي جعل الزيادة عليها للمرأة في المسألة الممنوعة، وهو كون أبيها ميتاً ليس للمرأة فيها عرض يصح بذل العوض فيه، بخلاف مسألتنا فإن خلو المرأة من ضرة من أكبر أغراضها، ويؤيده عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج."
متفق عليه، سبق تخريجه في المسألة رقم: (900) .
[] انظر: الإنصاف 8/242-243، والمغني 6/741-742، والمبدع 7/140-141.
4 انظر: عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/57.(4/1715)
[1088-] قلت: [رجل تزوج امرأة في السر بمهر] 1 وأعلنوا مهرا آخر؟
قال: أما هؤلاء فينبغي لهم أن يفوا بما قالوا2 [له, وأما هو فيؤخذ بالعلانية] 3.
قال إسحاق4: المهر مهر السر إذا
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من نسخة ظ وأثبته من ع.
2كان في جواب الإمام هذا بياض في ظ واختلاف بين النسختين وصعوبة في قراءة بعض الكلمات.
وبحمد الله نقل ابن قدامة في المغني: 6/739 رواية ابن منصور هذه بنصها، فصححت منه وأغنى عن كثير من العناء.
3 إن اتفقا على أن المهر ألف وأنهما يعقدان العقد بألفين تجملاً ففعلا ذلك، فالمهر ألفان لأنها تسمية صحيحة في عقد صحيح فوجبت, فالمعتمد من قوليهما هو ما كان في العلانية، وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب.
وأشار الإمام أحمد في جوابه هذا بأنه يستحب للمرأة أن تفي للزوج بما وعدت به سراً وبما شرطته على نفسها من أنها لا تأخذ إلا مهر السر، ويؤيده عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمنون على شروطهم."
وقد سبق تخريجه في المسألة رقم: (900) .
انظر: المغني: 6/739, والإنصاف: 8/293, وكشاف القناع: 5/155, والمحرر: 2/33.
4 نقل ابن المنذر في الأوسط لوحة رقم: 199، والإشراف 4/59 كلام الإمام إسحاق هذا ويستدل لمذهبه بما ذكرناه في الفقرة السابقة في استحباب وفاء المرأة بما شرطته على نفسها سراً, ويرد عليه أن التسمية صحيحة في عقد صحيح فلا مدفع لها، ويؤيد القول بالأخذ بالعلانية قول الجمهور في أن وضع اللغات توقيفي.
انظر: المغني: 6/739, والكوكب المنير: ص 89.(4/1716)
قالوا1 ما بعد هذا من العلانية إياه [ظ-30/ب] .
[1089-] قلت: المرأة يموت زوجها فتدّعي الصداق؟
قال أحمد: المخرج على الأولياء2, وإلا فلها صداق مثلها3.
قال إسحاق: كما قال، وكذلك إذا مات الزوجان فاختصم أولياؤها وأولياء الزوج4.
[1090-] قلت: رجل تزوج امرأة على صداق معلوم ودخل بها وقال: قد أوفيتها، وتقول هي: لم يوفني؟
__________
1 ومعنى قول الإمام إسحاق "إذا قالوا ما بعد هذا من العلانية إياه" أي إذا قالوا عما يعلنونه عند العاقد بعد ذلك أنه المهر.
2 لعله يريد أن أولياء الزوجة والزوج لا بد أن يكون عندهم علم بصدق دعوى المرأة وعدمه، فإن لم يكن قد أصدقها فلها صداق مثلها.
انظر: الإشراف 4/61.
3 على حديث بروع بنت واشق المتقدم تخريجه في المسألة رقم: (883) .
وانظر أيضاً المغني: 6/721.
(4) انظر قول إسحاق في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/61.(4/1717)
قال: عليهم المخرج يعني الأولياء1.
قال إسحاق: كذا هو2.
[1091-] قلت: قالوا: نزوجك إن جئت بالمهر الذي كذا وكذا3؟
قال أحمد: هذه عدة4 لم يقع النكاح بعدة.
قال إسحاق: كما قال.
[1092-] قلت: نصراني تزوج نصرانية على قُلة من خمر ثم أسلما؟
قال: إذا كان دخل بها فهو جائز, وإن لم يكن دخل بها فلها
__________
1 قال المرداوي: "المذهب والذي عليه الأصحاب قاطبة أن القول قولها لأن الزوج هو الذي يدعي دفع المهر في مسألتنا هذه".
الإنصاف: 8/293, وانظر: كشاف القناع: 5/155.
2 في ع بحذف "إسحاق".
وانظر: عن قولي الإمامين: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/60.
3 هذه المسألة انفردت بنقلها النسخة العمرية وغير موجودة في ظ فأثبتها.
4 ومعنى كلام الإمام أحمد أن هذا وعد وليس بعقد.
وقد نقل ابن المنذر في الإشراف: 4/75 عن الإمام أحمد وإسحاق قولهما في الرجل يقال له: إن جئت بالمهر إلى كذا وإلا فليست لك زوجة، أن الشرط باطل والنكاح جائز.(4/1718)
صداق مثلها1.
قال إسحاق: كما قال، إذا لم يختصموا إلى حكامنا لأن حكامنا لا تجوز إلا أن2 يقضوا بحكم أهل الإسلام3.
[1093-] قلت: رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها، ثم تزوج امرأة أخرى فدخل بها، فإذا المدخول بها أم؟
قال أحمد: حرمتا عليه جميعاً4.
__________
1 المذهب أن العبرة في المسألة تكون بالقبض لا بالدخول، لأن في إبطال المقبوض مشقة لتطاول الزمان وكثرة تصرفاتهم في الحرام مما يؤدي إلى تنفيرهم عن الإسلام، فيعفى ذلك كما يعفى عما تركوه من الفرائض والأركان، وما لم تقبضه من الحرام لا يكون لها صداقاً سواء دخل بها أو لم يدخل.
انظر: المغني: 6/635, والإنصاف: 8/209, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/71, والاختيارات الفقهية: ص 225.
2 في ع بحذف "أن".
3 ويرجع هذا القول إلى أن ما لم تقبضه من الحرام لا يكون لها صداقاً.
4 في النسختين تكررت عبارة "حرمتا عليه جميعاً" فاكتفيت بنقل واحدة من العبارتين، لأن التكرار واضح.
ووجه ما أجاب به الإمام أحمد ووافق عليه الإمام إسحاق أن البنت تحرم بالدخول على الأم, وتحرم الأم بالعقد على البنت فحرمتا في المسألة.
راجع بالتفصيل مسائل (916– 919) .(4/1719)
قال إسحاق: كما قال.
[1094-] قلت: رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها، ثم تزوج أخرى فدخل بها، فإذا هي ابنة1؟
قال2: يفارقهما جميعاً، ثم يخطب الابنة إن شاء3.
قال إسحاق: كما قال.
[1095-] قلت: رجل تزوج امرأة فدخل بها، ثم تزوج أخرى فدخل بها، ابنة أو أماً [ع-54/أ] حرمتا عليه جميعاً؟
قال أحمد: يفارقهما4.
__________
1 وردت في مسائل الإمام أحمد لابن هاني: 1/208 نحو هذه المسائل بألفاظ مختلفة.
2 في ع بحذف "قال" وزيادة "أحمد".
3 سبق ما يدل على هذا في التعليق على المسألة السابقة, والمسألتان مبنيتان على ما تقرر بأن العقد على البنات يحرم الأمهات والدخول بالأمهات يحرم البنات, وفي مسألتنا هذه لم يدخل على الأم فلذلك جاز له خطبة الابنة.
وراجع المسائل رقم: (916– 919) .
4 في ع زيادة "جميعاً"، ويحرمان عليه على التأبيد, فالأم تحرم عليه بالعقد على ابنتها, فلأن تحرم عليه بالدخول أوْلى, وتحرم البنت عليه بالدخول على أمها.
راجع المسألتين السابقتين.
[] وانظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 8/114-115, والمقنع بحاشيته: 3/32-33, [] [] [] والمغني: 6/569-570, والمحلى: 9/642, والجامع لأحكام القرآن: 5/113.(4/1720)
قال إسحاق: كما قال1.
[1096-] قلت: رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها، ثم تزوج أخرى فدخل بها، فإذا هي أختها؟
قال: يفارق هذه التي دخل بها, ويعتزل الأخرى حتى تنقضي عدة هذه2، ثم الأولى امرأته.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
[1] انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/93-94.
2 في ع بلفظ "حتى تنقضي عدة هذه عن الأولى امرأته"، وما في ظ أوضح.
قال في المقنع: "وإن تزوجهما في عقدين, أو تزوج إحداهما في عدة الأخرى، سواء كانت بائناً أو رجعية فنكاح الثانية باطل."
قال في الإنصاف "بلا نزاع".
يصح عقد الأولى لأنه لا جمع بين الأختين فيه، ويبطل نكاح الثانية لأن الجمع يحصل به، فلا يصح عقده عليها حتى تخرج الأولى من عصمته وتزول أحكام زوجيته منها.
[] انظر: المقنع بحاشيته: 3/36, والإنصاف: 8/124, والمغني: 6/581-582, والفروع: 5/199, والفتاوى لابن تيمية: 32/72, والمحلى: 9/530.
3 انظر عن قول إسحاق رحمه الله: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/97 حيث نقل ابن المنذر نحو هذا عن الإمام إسحاق فيمن ملك أختين مملوكتين فوطأ إحداهما ثم أراد وطء الأخرى.(4/1721)
[1097-] قلت: فإن كان دخل بالأولى ثم تزوج هذه ودخل بها، حرمتا عليه جميعا؟
قال أحمد: يفارق الأخرى، ويعتزل الأولى حتى تنقضي عدة هذه الأخرى، ثم الأولى امرأته.
قال إسحاق: هو هكذا1.
[1098-] قلت2: رجل تزوج امرأة فدخل بها، ثم تزوج صبية ترضع فأرضعتها امرأته، حرمتا عليه جميعاً؟
قال أحمد: يفارق الصغيرة ولها3 على المرضعة نصف الصداق لأنها قد بانت من زوجها4, ويفارق الأخرى لأنها صارت أم
__________
1 في ع بلفظ "كذا هو".
وانظر: المسألة السابقة وهذه مثلها، فلا فرق بين كونه دخل بالأولى وبين كونه لم يدخل بها، فإن عقد الأولى في الحالتين صحيح لخلوه من الموانع، وعقد الثانية باطل لحصول الجمع المحرم لنكاحها بالنص. راجع المراجع السابقة.
2 وردت في مسائل الإمام أحمد لابن هانيء نحو هذه المسألة: 1/213.
3 في ع بحذف "لها".
4 بانت لوجهين: أولا: لأنها صارت بنته حيث أرضعت بلبنه.
الوجه الثاني: أنها صارت بنتاً للمدخول بها فهي ربيبة قد دخل بأمها، وإذا بانت الصغيرة (من غير سبب من جهتها) وجب عليه أن يعطيها نصف المهر لانفساخ النكاح قبل الدخول من غير سبب من جهتها، ويرجع على الكبيرة بما لزمه من صداق الصغيرة لأنها قررته وألزمته إياه وأتلفت عليه ما في مقابلته كما لو أتلفت عليه المبيع.
[] راجع المغني: 7/549-550, والمبدع: 8/173-174, والمقنع بحاشيته: 3/303, والفروع: [5/571-572,] والقواعد لابن رجب 355, ومطالب أولي النهى: 5/609-610.(4/1722)
المرضعة1.
قال إسحاق: كما قال، إذا كان الرضاع خمس رضعات2.
[1099-] قلت: قال سفيان: في رجل تزوج صبية رضيعاً3، ثم تزوج أخرى رضيعاً4، فجاءت أم الأولى فأرضعت الأخرى، حرمتا عليه5 صارتا أختين، فيغرم الزوج لكل واحدة نصف الصداق
__________
1 فصارت من أمهات نسائه المحرمات بالنص. انظر: نفس المراجع في الفقرة السابقة.
2 يعنى الإمام إسحاق بذلك أن الرضاع المذكور يشترط فيه كونه الرضاع المحرم وهو خمس رضعات، وهذا هو ظاهر المذهب عند الإمام أحمد.
وقد تقدم تفصيل ما يحرم من الرضاع في المسألة رقم: (982) .
3 في ع بحذف كلمة "رضيعاً".
4 في ع بلفظ "رضيع" بالرفع.
5 في ع زيادة "جميعاً".(4/1723)
ويتزوج أيتهما شاء, وتغرم التي أرضعت الأخرى للرجل.
قال أحمد1: يغرم صداق [كلتيهما2] ، لكل واحدة نصف الصداق.
قال إسحاق: كما قال أحمد3.
[1100-] قلت: قال سفيان4: في رجل كانت5 تحته امرأة فتزوج عليها صبية رضيعاً6 فذهبت امرأته فأرضعتها، فسدتا عليه جميعاً، ويغرم الزوج نصف الصداق للصبية7، وتغرم امرأته التي
__________
1 في ع بلفظ "قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى".
2 في النسختين ع, ظ "كلتاهما"، والصواب ما أثبته لأنها مضافة إلى الضمير وهي مجرورة بإضافة "صداق" إليها والقاعدة أن كلا وكلتا إذا أضيفتا إلى الضمير أعربتا إعراب المثنى فترفعان بالألف وتنصبان وتجران بالياء.
[] انظر: شرح ابن عقيل: 2/61-62.
3 العقد على كل منها صحيح ثم طرأ ما يبطلهما مرة واحدة فيكون الحكم كمسألة من جمعهما في عقد واحد السابقة برقم: (1098) , وتغرم المرضعة للرجل ما بذله لهما كما سبق في المسألة رقم: (1098) .
4 انظر: عن قول سفيان الإشراف على مذاهب العلماء: 4/115.
5 في ع بلفظ "كان".
6 في ع "رضيع".
7 في ع بحذف "للصبية".(4/1724)
أرضعت الصبية للزوج، فإن كانت التي أرضعت الصبية دخل بها فلها صداقها وإن لم يكن دخل بها فلا شيء لها1، وإن كانت أرضعتها وهي جاهلة أو ناسية فهو سواء عليها الغرم.
قال أحمد: جيد2 وإن لم يكن دخل بها فلا بأس أن يتزوج الصغيرة. 3
قال إسحاق: كما قال4.
[1101-] قلت: قال سفيان5 في رجل وقع على جارية ابنه: إن حبلت كانت أم ولد، وإن لم تحبل إن شاء الابن باعها.
__________
1 لأنها هي التي تسببت في انفساخ نكاحها فيسقط صداقها، كما لو انفسخ النكاح قبل الدخول لأي سبب آخر من جهتها, فأما إن كان دخل بها فلها صداقها لأن الصداق يستقر بالدخول، ولا يسقط بعد ذلك لأي سبب.
[] انظر: المبدع: 8/175, والفروع: 5/571-572.
2 في ع بلفظ "ليس له أن يتزوج واحدة منهما إذا كان قد دخل بالأم المرضعة، فإن لم يكن دخل بها فلا بأس".
3 لأنها لو كانت بنتها من النسب لم تحرم عليه لأن البنات إنما يحرمن بالدخول بالأمهات دون العقد عليهن.
كما سبق بيانه في عدة مسائل منها المسألة رقم: 1092، 1094.
4 انظر قول إسحاق في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/115.
5 قول سفيان منقول بنصه في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/128.(4/1725)
قال أحمد: [إذا] 1 كان [الأب] 2 قابضاً للجارية ولم يكن الابن وطئها فأحبلها الأب، فالولد ولده والجارية له وليس للابن منها شيء3.
قال إسحاق: كما قال4.
[1102-] قلت: قال سفيان: في رجل طلق امرأته تطليقة فانقضت5 العدة فادعى مراجعتها.
__________
1 ساقطة من ظ، والتصويب من ع، والمعنى يقتضيه وبه يتم الكلام، وهي مثبتة في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/128, الذي نقل عبارة الإمام أحمد هذه كاملة.
2 في نسخة ع "الابن"، والصواب ما في ظ الذي أثبته، والسياق يقتضيه وهي كذا في الإشراف على مذاهب العلماء حيث نقل العبارة: 4/128.
3 هذا إذا كان الأب قد قبضها وتملكها ولم يكن الولد وطئها فتصير جاريته في كل شيء، وإن وطئها قبل تملكها فقد فعل محرماً لأن الوطء الحلال يكون بالزوجية وبملك اليمين, وهذه ليست زوجة له ولا ملك يمينه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك." وقد سبق تخريجه في المسألة رقم: 877 لم يرد فيه حقيقة الملك حيث أضيف الملك إلى الولد، لأن الشيء لا يكون مملوكاً لمالكين حقيقة في حال واحدة, ولا يحد الأب بذلك للشبهة، والحدود تدرأ بالشبهات.
[] راجع المغني: 9/536-537, والمحرر: 2/11, والفروع: 5/134-135.
4 انظر قول الإمام إسحاق في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/128.
5 في ع "وانقضت العدة".(4/1726)
قال: بينته أنه قد راجعها وإلا فهي أملك بنفسها1، ولا تجوز شهادة رجل ويمينه إلا رجلين.
قال أحمد: جيد 2 [كما قال أنها تكون شهادة] رجل ويمينه في الحقوق3، وأما الطلاق4 والحدود5 فلا.
قال إسحاق: كما قال [ظ-31/أ] 6.
__________
1 انظر عن قول الإمام الثوري في الشهادة على الرجعة عموماً: اختلاف العلماء للمروزي، لوحة رقم: 35, وأحكام القرآن للجصاص: 3/456.
2 هذا ساقط من ظ، وأثبته من ع.
3 كما تقبل شهادة رجل وامرأتين.
انظر: المغني: 9/151, والمبدع: 10/257.
4 وكذا النكاح والرجعة ونحو ذلك، فلا يقبل فيه إلا رجلان على الصحيح من مذهب الإمام أحمد, وعن الإمام أحمد رواية أنه يقبل فيه شهادة رجل وامرأتين.
[] انظر: الإنصاف: 12/71-80, والمغني: 9/149, والمحرر: 2/323, والمبدع: 10/255-256, والنكت والفوائد السنية: 2/323.
5 الصحيح من مذهب الإمام أحمد: أنه يقبل في القصاص وسائر الحدود رجلان، وعليه الأصحاب كما في الإنصاف.
وعن الإمام رواية لا يقبل في القصاص إلا أربعة.
[] الإنصاف: 12/79, والمبدع: 7/254-255, والمغني: 9/148.
[6] انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني: 9/149-150, واختلاف العلماء للمروزي، لوحة رقم: 35.(4/1727)
[1103-1] قلت: إذا أمر الرجل ابنه أن يطلق امرأته؟
قال: يطيع أباه إذا كان الأب رجلاً صالحاً، واحتج بحديث ابن عمر2 -رضي الله عنهما- حين أمره عمر رضي الله عنه أن يطلق امرأته3.
__________
1 في الأصل "قال أحمد".
2 الحديث عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كانت تحتي امرأة وكان أبي يكرهها، فأمرني أبي أن أطلقها فأبيت، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك."
وفي رواية ابن ماجة: فذكر ذلك عمر رضي الله عنه للنبي -صلى الله عليه وسلم- فأمرني أن أطلقها، فطلقتها.
[] أخرجه أبو داود في الأدب، باب بر الوالدين: 5/349-350, والترمذي في سننه في كتاب [] الطلاق، باب الرجل يأمره أبوه أن يطلق امرأته: 3/494-495, وقال الترمذي: حديث حسن صحيح, والحاكم في المستدرك وصححه: 2/197, وابن ماجة في الطلاق، باب الرجل يأمره أبوه بطلاق امرأته: 1/675.
قال في تحفة الأحوذي: 4/368 بعد ذكر الحديث: فيه دليل صريح يقتضي أنه يجب على الرجل إذا أمره أبوه بطلاق زوجته أن يطلقها وإن كان يحبها فليس ذلك عذراً له في الإمساك، ويلحق بالأب الأم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين أن لها من الحق على الولد ما يزيد على حق الأب.
راجع أيضاً: نيل الأوطار: 6/220, ومعالم السنن: 2/631, وعون المعبود: 6/227, وشرح السنة: 9/191.
3 في ع بلفظ "قال: قلت: فأمه لا يطيعها في هذا, قال إسحاق: إن فعل ما قاله أبوه وأمه".(4/1728)
[1104-] قلت: فأمه؟
قال: لا يطيعها في هذا.
قال إسحاق: إن فعل ما قال أبوه وأمه كان قد أخذ بالفضيلة، ولا يلزمه أن يطلّقها على معنى الإيجاب لأن طلاق المرأة الصالحة ليس من بر الوالدين في شيء1.
[1105-] قلت: رجل تزوج ذات محرم2 فدخل بها، لها [ع-54/ب] الصداق3؟
__________
1 إذا عجز عن التوفيق بين والده وبين بقاء امرأته وأصر الوالد على طلاقها فطلقها كان ذلك براً له, وظاهر حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- السابق والذي صححه الترمذي يؤيد ما ذهب إليه الإمام أحمد.
ويؤيده أيضاً ما رواه الحاكم في المستدرك: 2/197: "أن رجلا أتى أبا الدرداء فقال: إن أمي لم تزل بي حتى تزوجت وإنها تأمرني بطلاقها، فقال: ما أنا بالذي آمرك أن تعق أمك ولا بالذي آمرك أن تطلق امرأتك، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الوالد أوسط أبواب الجنة. فحافظ على ذلك الباب إن شئت أو ضيّعه".
صححه الحاكم، وتابعه الذهبي في تلخيص المستدرك: 2/197.
2 في ع بلفظ "ذات محرم منه"، والسؤال في النسختين يبدو أن فيه سقطاً حيث إن الكلام فيه نقص.
3 نهاية اللوحة رقم: 106 من ع، وبداية اللوحة رقم: 107 من ع.(4/1729)
قال: إذا تزوج أمه من الرضاعة أن يصدقها.
قلت: أو أمه؟
قال1: أردت أن أقول ذلك2. وإذا تزوج أمه أو ذات محرم منه عمداً [قُتل3.
قال إسحاق: كما قال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أتى ذات محرم] فاقتلوه"4.
__________
1 في ع بلفظ "قال: لذا أردت أن أقول ذلك".
2 هذه رواية عن الإمام أحمد في أنه لا مهر لذات محرم لم تطرأ محرميتها، فأما إذا طرأت كأمه من الرضاعة فلها الصداق كما صرح به هنا. والفارق بينهما أن تحريم الأم تحريم أصل وتحريم أمه من الرضاع تحريم طارئ، فلا مهر لذات محرم غير طارئ إذا وطئت بشبهة كاللواط بالأمرد.
والمذهب أن الموطوءة بشبهة أجنبية كانت أو ذات محرم لها مهر المثل.
وعن الإمام أحمد رواية: أن من تحرم ابنتها لا مهر لها، كالأم والبنت ومن تحل ابنتها كالعمة لها المهر.
انظر: الإنصاف: 8/307, والمبدع: 7/173, والمغني والشرح الكبير: 8/99.
3 سبق الكلام مفصلاً على حكم هذه المسألة في المسألة رقم: (915) , وما بين القوسين غير موجود في ع.
4 لفظ الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الرجل للرجل: يا يهودي، فاضربوه عشرين, وإذا قال: يا مخنث، فاضربوه عشرين, ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه".
أخرجه أحمد في المسند: 1/300, والترمذي في كتاب الحدود: 4/62, وابن ماجة في الحدود: [2/857-858,] والحاكم: 4/356, والبيهقي: 8/237.
قال الترمذي: "لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإبراهيم بن إسماعيل أحد رواته يضعف في الحديث."
وضعفه أيضاً الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب ص 18.
وضعف الألباني الحديث في إرواء الغليل: 8/22.
وقال الترمذي: "العمل على هذا عند أصحابنا." ثم ذكر قولي أحمد وإسحاق المذكورين في صلب المسألة, ويؤيد معنى الحديث الذي ذهب إليه الإمامان هنا حديث البراء بن عازب أن رجلاً تزوج امرأة أبيه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهما.
وسبق تخريجه في المسألة رقم: (915) .
وقد أشرنا إلى أن الترمذي حسنه، وصححه الألباني.(4/1730)
[1106-] قلت1 لأحمد: رجل طلق امرأته وأشهد، ثم راجع ولم يشهد حتى انقضت العدة، [أي وكان قد راجع2 قبل انقضائها] .
قال: إذا راجع فهي رجعة3.
__________
1 في ع بحذف "لأحمد".
2 ما بين القوسين أثبته من ع لأن فيه زيادة توضيح للمعنى.
3 فلا يشترط الإشهاد على الرجعة، قال في الإنصاف: "وهو المذهب، نص عليه في رواية ابن منصور وعليه جماهير الأصحاب." يريد هذه الرواية التي معنا: لأنها لا تفتقر إلى قبول فلا تفتقر إلى إشهاد كسائر حقوق الزوج، وتحمل الآية {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} الطلاق: 2، على الاستحباب.
وعن الإمام رواية أنها تجب لظاهر الآية.
انظر: الإنصاف: 9/152, والمغني: 7/282(4/1731)
قال إسحاق: إذا راجع بشهود كانت رجعة، وإن وطئها يريد به المراجعة كانت رجعة، وأما دون الجماع فلا تكون مراجعة إلا أن يكون شهود. 1
[1107-] قلت: رجل غصب امرأة على نفسها، ما عليه؟
قال: عليه الحد وليس عليها الحد2, وليس [لها3] شيء إن
__________
1 في ع "أي وكان قد راجع قبل انقضائها قال إن راجع بشهود كانت رجعة ... الخ". بدون ذكر لرأي إسحاق -رحمه الله-, وأضيف فيها رأي إسحاق لأحمد، والصواب ما كان في ظ والذي أثبته، وذلك لنهج الكوسج في الالتزام بذكر قوليهما، ولأنه صرح في الإنصاف أن رواية ابن منصور عن الإمام أحمد عدم اشتراط الشهادة على الرجعة، كما سبق آنفا.
وانظر قول الإمام إسحاق في أن الوطء مع إرادة المراجعة يكون رجعة في: المغني: 7/283, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/303, واختلاف العلماء 32, وفتح الباري: 9/483.
2 قال ابن قدامة: "ولا حد على مكرهة في قول عامة أهل العلم ... ولا نعلم فيه خلافا." المغني: 8/186.
وانظر أيضاً: المبدع: 9/71, وهداية الراغب 531, والإقناع: 4/255.
3 في ظ "عليها"، وما أثبته من ع لأنه به يستقيم الكلام.(4/1732)
كانت ثيباً, وإن كانت بكراً فلها صداق مثلها1.
قال إسحاق: كما قال.
[1108-] قلت: أمة أتت قوماً فزعمت أنها حرة فتزوجها رجل فولدت منه؟
قال: يفدي ولده بغرة غرة2, وللأمة ما كان سمى لها من
__________
1 هذه رواية عن الإمام أحمد.
والمذهب والذي عليه جمهور الأصحاب أن المكرهة يجب لها مهر المثل، سواء كانت بكراً أو ثيباً.
وعن الإمام رواية ثالثة وهي أنه لا يجب للمكرهة مهر مطلقاً. واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وعللوه بأنه خبيث.
انظر: الإنصاف: 8/306, والمبدع: 7/173, وغاية المنتهى: 3/74.
2 أي يكون أولاده أحراراً ويفدي كل واحد منهم بغرة الذكر بعبد والأنثى بأمة. وعن الإمام روايتان غير هذه فيما يفديهم به:
فروي عنه أنه يفديهم بقيمتهم.
وروي عنه أنه مخير أن يفديهم بغرة غرة أي مثلهم أو يفديهم بقيمتهم.
وعن الإمام رواية بأنه لا يلزمه فداؤهم.
قال الزركشي: "نقل ابن منصور لا فداء عليه لانعقاد الولد حراً".
قلت: أجاب بنحو ذلك الإمام أحمد في المسألة رقم: 157.
والمذهب أنه يلزمه فداؤهم, ويفديهم بقيمتهم يوم ولادتهم، على الصحيح من المذهب.
[] راجع المبدع: 7/92, والمغني: 6/519- 520, والإنصاف: 8/170-171.(4/1733)
المهر1.
قال إسحاق: كما قال.
[1109-] قلت: رجل وجد مع امرأته رجلاً فقتله؟
قال: إذا جاء بشهود أنه وجده مع امرأته في بيته يهدر دمه2،
__________
1 انظر: المغني: 6/520، ثم يفرق بينهما إن كان هو ممن لا يجوز له نكاح الإماء, وإن كان ممن يجوز له ذلك فله الخيار، فإن رضي بها فما ولدت بعد ذلك فهو رقيق.
راجع المبدع: 7/94, والإنصاف: 8/168, والمحرر: 2/24, والمغني: 6/522, وتصحيح الفروع: 5/221.
2 إذا وجد الرجل مع امرأته رجلاً وقتله فعليه القصاص إذا لم يأت ببينة للحديث الذي رواه مسلم: 2/1135 في باب اللعان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سعد بن عبادة قال: "يا رسول الله أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ " قال: "نعم."
فإن أتى ببينة على ذلك فلا قصاص عليه.
وعن الإمام أحمد في عدد الشهود روايتان:
إحداها هذه: اكتفاء بالرجلين كالقصاص.
الثانية: لا بد من شهود أربعة لما روي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عمن وجد مع امرأته رجلاً آخر فقتله؟ فقال: "إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته".
[] أخرجه مالك في الموطأ: 2/737-738.
وانظر أيضاً عن المسألة: الإنصاف: 9/476, والمغني: 7/649, والمبدع: 8/277.(4/1734)
وإن كان شاهدان1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1110-] قلت: رجل زنى بامرأة لا يتزوجها ابنه ولا أبوه؟
قال: كذا3 هو4.
قال إسحاق: كما قال5.
[1111-] قلت لأحمد:6 رجل عنده أختان مملوكتان فوقع على إحداهما
__________
1 في النسخة ظ بلفظ "شاهدان"، والصواب ما أثبته.
2 انظر قول الإمام إسحاق -رحمه الله- في: فتح الباري: 9/449, ومعالم السنن: 4/671, وشرح السنة للبغوي: 9/266.
3 في ع بلفظ "هكذا هو".
4 قال ابن قدامة: "فإذا زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه، وحرمت عليه أمها وابنتها كما لو وطئها بشبهة أو حلالاً."
[] المغني: 6/576، وانظر أيضاً الإنصاف: 8/116-117, والمحرر: 2/19, والفروع: 5/195.
5 انظر قول الإمام إسحاق في المغني: 6/576.
6 في ع بحذف "لأحمد".(4/1735)
ثم زوجها1 يقع على الأخرى؟
قال أحمد: نعم إذا خرجت [من2 ملكه] بنكاح3 حرمها على نفسه.
قلت: فإن طلقها فرجعت إليه؟
قال: لا يطأ واحدة منهما حتى يحرم فرج واحدة على نفسه.4
قال إسحاق: كما قال في الأمرين جميعاً؛ لأنه لا بد من إخراج إحداهما من ملكه.5
[1112-] قلت: سئل سفيان عن رجل اشترى جارية وهي مسروقة فوقع عليها فحبلت ثم جاء صاحبها؟
__________
1 في ع زيادة "رجلاً".
2 ما بين المعقوفين مزيد من ع.
3 أو بيع أو هبة أو ما أشبهه, ويعلم أنها ليست بحامل, المغني: 6/584, والإنصاف: 8/126.
4 يجوز الجمع بين الأختين في الملك لأن الملك يقصد به التمول أعم من أن يكون للاستمتاع, ولا يجوز جمعهما في الوطء.
وتقدم الكلام على ذلك في المسألة رقم: (921) .
5 أي ملك الاستمتاع ولا يقول الإمام إسحاق بأنه يجب عليه إخراج إحداهما من ملكه مطلقاً، فالمنهي عنه جمعهما في الوطء لا في الملك, كما سبق آنفا.
وتقدم تقرير مذهب الإمام إسحاق في هذه المسألة في المسألة رقم: (921) .(4/1736)
قال: له القيمة لأنه استهلاك.1
قال أحمد: ترد الأمة إليه، ويفدي ولده بغرة غرة.2
قال إسحاق: كما قال.
[1113-] قلت:3 رجل قال لامرأته: أنت طالق كألف؟
قال: هذا عندي على الثلاث.4
قال إسحاق: كما قال.
[1114-] قلت: رجل حلف فجرى على لسانه غير ما في قلبه وأراد أن
__________
1 نزلها منزلة من استهلك متاعاً وذهبت عينه، ولم يرتضه الإمامان هنا للفرق الكبير بين المتاع الذي استهلك وذهبت عينه والأمة الموجودة التي تأثرت بالوطء والحمل, ويغرم له عن ذلك بغرة, كما ذهب إليه الإمامان هنا.
2 كمسألة من تزوج أمة على أنها حرة, فأصابها وولدت منه السابقة برقم: (1108) .
3 في ع بلفظ: "قلت: قال: لامرأته أنت طالق كألف؟ قال: هذا عندي على الثلاث".
4 مثله ما إذا قال: أنت طالق كل الطلاق، أو منتهاه، أو أبعده، أو بعدد الحصى، فتطلق ثلاثاً.
قال في الإنصاف: "قطع به الأصحاب، ونص عليه الإمام أحمد في "كألف" في رواية ابن منصور."
[] انظر: الإنصاف: 9/10, والمبدع: 7/294- 295, والكافي: 3/180, والمحرر: 2/59.(4/1737)
يتكلم به؟
قال أحمد: لا أدري ما هذا.
عاودته، فقال: أرجو أن يكون الأمر فيه واسعاً.
قال إسحاق: هو1 الإرادة2 لأنها أغلوطة.
[1115-] قلت: هل ترضع المرأة ولدها أكثر من سنتين؟
قال3: لا, مكروه واحتج بحديث علقمة.4
__________
1 في ع بلفظ "هو على الإرادة".
2 يدل على ذلك قوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} . سورة المائدة آية: 89.
وفي مسألتنا هذه لم يعقد في قلبه ما جرى على لسانه, وما سبق إليه اللسان من غير قصد لا يؤاخذ به، كما لو سبق لسانه إلى كلمة الكفر.
انظر: تفسير ابن كثير: 2/89, وفتح القدير للشوكاني: 2/71, والإشراف: 4/193.
3 في ع بحذف "لا", والمعنى واحد, أي لا ترضعه أكثر من سنتين هو مكروه.
4 هو علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي.
وحديثه هو ما رواه الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه: 4/291 بسنده "أن علقمة مر بامرأة وهي ترضع صبياً لها بعد الحولين فقال: لا ترضيعه بعد ذلك."
ومثله ما رواه ابن جرير الطبري بسنده إلى علقمة في تفسيره: 2/292, وكذلك ابن كثير في تفسيره: 1/282.(4/1738)
قال: القرآن بذاك نزل.1
قال إسحاق: كما قال لأنه لا يحل الرضاع أكثر من سنتين.
[1116-] قلت: رجل سألته امرأته الطلاق, فجعل يضربها, ويقول هذا طلاقك؟
قال أحمد: هذا يلزمه, لأنه يقال: ثلاث2 لا لعب فيهن3
__________
1 قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} البقرة 233. فلا رضاع بعد الحولين.
نقله ابن جرير في تفسيره عن عمر وابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم-.
وقال البغوي في شرح السنة: "فدل على أن الحولين تمام مدتها فانقضت, فقد انقطع حكمها".
ونسبه لأحمد وإسحاق, وذكر ابن المنذر نحو هذا عنهما في الإشراف.
انظر: جامع البيان للطبري: 2/492, شرح السنة للبغوي: 9/84, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/112.
وانظر أيضاً: الإنصاف: 9/334, المبدع: 8/165, عون المعبود: 6/61.
2 في ع بلفظ "لا يلعب فيهن الأولى أحسن حالا يعني الذي حلف".
3 روي في ذلك حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة."
[] أخرجه أبو داود, باب الطلاق على الهزل: 2/643-644, والترمذي: 3/481, وقال: هذا حديث حسن غريب, والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
وأخرجه الحاكم في المستدرك: 2/197 وصححه, وكذلك صححه الذهبي في تلخيص المستدرك: 2/198.(4/1739)
الأولى أحسن حالاً الذي حلف فجرى على لسانه غير ما في قلبه1.
وإذا قال: هذا طلاقك. هذا طلاقك جاز عليه بانت2 منه.
قال إسحاق: لا يجوز فيما قال3 هذا طلاقك وهو يضربها أن يقع الطلاق, لأن هذا تعيين4 من الزوج لها يقول: أنت
__________
1 إشارة إلى المسألة السابقة برقم: (1114) ، وأن الذي حلف فجرى على لسانه غير ما أراده لا شيء عليه, بل هو في سعة من أمره.
2 الضرب مع قوله هذا طلاقك كناية، وشأن الكنايات أن يقع بها الطلاق إن نواه، وإلا فيكون اللطم قائماً مقام النية فيقع الطلاق من دون نية.
ويمكن أن يحمل جواب الإمام هنا على ذلك لأنه لم يشترط النية فيما أتى به, وفي الإنصاف منصوص الإمام أحمد "أنه يقع نواه أو لم ينوه".
وعن الإمام رواية أنه لا يقع.
[] انظر: الإنصاف: 8/468-469, المبدع: 7/271-272.
3 في ع بحذف "قال".
4 في ع بلفظ "تعيير".
والمعنى والله أعلم: أن الزوج عيّن جواب سؤالها بأن جعله ضرباً تأديباً لها لما بدر منها من السؤال الذي أغضبه.
وما في نسخة ع وهو "تعيير" محتمل، لأنه أراد بضربها تحقيرها.
وقد أشرت في التعليق السابق أنها كناية تدخل تحت القاعدة التي يسير عليها الإمام إسحاق في الكنايات، وهي أن الاعتبار في كل ذلك النية, وقد صرح بذلك في عدة مسائل.
انظر: المسائل رقم: (945، 946، 947) .(4/1740)
تريدين الطلاق فضربي إياك طلاقك، ليس هذا بشيء.
[1117-] قلت: رجل قال لامرأته: أنت حرة؟
قال: إذا كان [يعني] 1 الطلاق أخاف أن يكون ثلاثاً2.
قال إسحاق: كلما نوى بقوله أنت حرة طلاقاً كان, وإلا لم يقع، ولا يكون إذا وقع إلا ما نوى3.
__________
1 في ظ بلفظ "إذا كان معنى" وأثبت هذا من ع لأنه به يستقيم الكلام.
2 "أنت حرة" من الكنايات الظاهرة، وشأن الكنايات الظاهرة وقوع الثلاث إن نوى بها الطلاق ولو نوى واحدة، وهذا المذهب.
وعن الإمام أحمد رواية أنه يقع ما نواه.
وعنه أنه يقع بها واحدة بائنة.
وسبق تفصيل الكلام على ذلك في المسألة رقم: (973) .
وانظر أيضاً: الإنصاف: 8/476, والمغني: 7/124.
3 نسب في الإشراف إلى الإمام إسحاق القول بأنه إن نوى الطلاق فهي واحدة وهو أحق بها, والمعهود عنه أنه يقول في مثل هذا (هو على ما نوى) كما هو مذهبه في الكنايات وكما صرح به هنا وفي المسألة رقم: (973) .
انظر: الإشراف: 4/170,167.(4/1741)
[1118-] [قلت: رجل له أربع نسوة] 1 فقال لهن: أنتن طوالق ثلاث تطليقات؟
قال أحمد: ما أرى إلا بنّ منه [ظ-31/ب] .2
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ, وأثبته من ع.
2 أورد رواية مسألة الكوسج هذه عن الإمام أحمد: ابن قدامة في الكافي، ولفظه (أوقعت بينكن ثلاث تطليقات) لا (أنتن طوالق ثلاث تطليقات) كما في المخطوطتين.
وذكر ابن مفلح قي المبدع نحو عبارة الكافي مصرحاً بنقل الكوسج للمسألة.
وورد نص المسألة أيضاً في المغني والإنصاف بدون نسبة للكوسج وفيها لفظ ما في الكافي.
فاتفقت المراجع الأربع على نقل لفظ "أوقعت بينكن ثلاثا"، والفرق بين العبارتين ظاهر، فإن ما أوردته المراجع الأربع المذكورة يقتضي قسمة الثلاث بينهن بخلاف ما في المخطوطتين, وإذا حملناه على ما نقل في الكتب فما أجاب به الإمام هنا رواية في المسألة.
قال في الكافي: "فظاهره أنه أوقع بكل واحدة ثلاثاً؛ لأن نصيب كل واحدة من كل طلقة ربع ثم يكمل بالسراية.", والمذهب أنه يقع بكل واحدة طلقة واحدة، وعليه أكثر الأصحاب, أما إذا قال: لنسائه أنتن طوالق ثلاثاً، قال في المغني: 7/246: "طلقن ثلاثاً ثلاثاً. نص عليه أحمد لأن قوله طلقتكن يقتضي تطليق كل واحدة منهن وتعميمهن به، ثم وصف ما عممهن به من الطلاق بأنه ثلاث فصار لكل واحدة ثلاث بخلاف قوله: أوقعت بينكن ثلاثاً، فإنه يقتضي قسمة الثلاث."
[] راجع الكافي: 3/184, والمبدع: 7/298-299، والإنصاف: 9/16, والمغني: 7/245-246.(4/1742)
قال إسحاق: قد بنّ إلا أن ينوي مقاسمة الثلاث التطليقات بينهن.
[1119-] [ع-55/أ] قلت: رجل قال لامرأته: أنت طالق كلما شئت وإذا شئت؟
قال1: إذا شئت فهي [مرة] 2، وإذا قال: كلما شئت فلها ذلك3 فيما بينها وبين ثلاث4.
قال أحمد: جيد ما لم يغشها، فإذا غشيها فلا أمر لها5.
قال إسحاق: كما قال إلا الغشيان6.
__________
1 لم يذكر قائل القول, والظاهر أنه الإمام سفيان الثوري, فقد كان من عادة الكوسج أن ينقل رأي الثوري ويعرضه على الإمام أحمد كما في مسائل رقم: (863، 865، 869، 874) .
والمذكور هو قول سفيان الثوري كما نقله ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/206.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ وأثبته من ع، لأنه به يستقيم الكلام.
3 في ع بلفظ "ذاك".
4 نقل ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/206 عن الثوري قوله: "وإذا قال: أنت طالق كلما شئت، فهي كلما شاءت طالق حتى تبين بثلاث."
5 كمسألة إذا قال لها: أمرك بيدك، السابقة برقم: (971) . وسبق الكلام بالتفصيل فيما ينتهي إليه تمليكها الطلاق.
6 تقدم عدم موافقة الإمام إسحاق للإمام أحمد في انتهاء مدة التمليك بالغشيان في المسألة رقم: (1060) , ومذهبه في التخيير أن لها الخيار ما دامت في المجلس، فقد قال: "الذي أختار من ذلك ما اجتمع عليه عامة أهل العلم من التابعين أن لها الخيار ما دام في مجلسها."
راجع المسألة رقم: 971.(4/1743)
[1120-] قلت: رجل قال: لامرأته: أنت طالق إن شئت؟
قال أحمد: إن شاءت فهي طالق إذا قالت: قد شئت الطلاق1، فهي واحدة2.
قال إسحاق: كما قال.
[1121-] قلت رجل قال لامرأته: أنت طالق إن شئت، قالت: إن شاء
__________
1 في ع بلفظ "فهي طالق واحدة".
2 إذا نطقت بالمشيئة بلسانها بأن قالت: قد شئت، لأن ما في القلب لا يعلم إلا إذا عبر عنه باللسان.
انظر: المغني: 7/212, المبدع: 7/360, الإنصاف: 9/100.(4/1744)
أبي؟
قال1: ليس بشيء، قد ردت الأمر.
قال أحمد2: ليس بشيء.
قلت: ردت الأمر؟
قال: نعم3.
قال إسحاق: كما قال4.
[1122-] قلت5: رجل باع امرأته أتبين منه؟
قال6: لا, ولكن يعزر.
__________
1 لعل القائل هو سفيان كما في المسألتين السابقتين.
وانظر عن قول سفيان في هذه المسألة: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/206.
2 في ع بلفظ "قال أحمد: ليس شيء قد ردت الأمر؟ قال نعم".
3 لأنها لم تشأ إنما علقت مشيئتها بمشيئته، كما لو قالت: قد شئت إذا طلعت الشمس. انظر: الكافي: 3/208.
4 انظر: عن قولي الإمامين أحمد وإسحاق الإشراف على مذاهب العلماء: 4/207.
5 في ع بحذف "رجل"، وهذه المسألة مؤخرة عن التي تليها في ع.
6 لم ينسب هذا القول لقائله وهو سفيان الثوري حيث إنه ورد منسوباً إليه كما في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/206, والمغني: 7/141, والأوسط، لوحة رقم: 270.(4/1745)
قال أحمد: لا تبين منه1 ولكن2 قد أتى أمراً عظيماً.
قال إسحاق: كما قال3.
[1123-] قلت: رجل طلق امرأته فقيل له: ألا تراجعها؟
[قال4: ما طلقتها وأنا أريد رجعتها، ولو أردت رجعتها ما طلقتها] ينوي بذلك طلاقاً؟
قال5: ليس عليه شيء.
قال أحمد: ليس عليه شيء. 6
__________
1 لأن البيع لا يتضمن معنى الطلاق حيث إنه نقل ملك بعوض، والطلاق مجرد إسقاط، فلم يقع به طلاق.
راجع المغني: 7/141, والمبدع: 7/290, والأوسط لوحة رقم: 270.
2 في ع بحذف "لكن".
3 انظر: عن أقوال الأئمة الثلاثة في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/206, والمغني: 7/141, والأوسط، لوحة رقم: 270.
4 ما بين المعقوفين غير موجود في ع، والمسألة في ع بلفظ: "قلت: رجل طلق امرأته، قيل له: ألا تراجعها؟ قال: طلقتها. ينوي بذلك الطلاق. قال أحمد: ليس عليه شيء. قال إسحاق: كما قال، لأنه على ما نوى".
5 القائل هو سفيان الثوري.
6 إذا قال هذا الكلام ونوى به طلاقاً جديداً لزوجته الرجعية لم يكن عليه شيء، لأن ذلك ليس من ألفاظ الطلاق، لا من صريحه ولا من كنايته ظاهرة كانت أو خفية.
قال ابن رجب في القواعد الفقهية في القاعدة الخامسة والعشرين بعد المائة: "ومنها: لو طلق امرأته طلقة رجعية وحلف لا راجعتها وأراد الامتناع من عودها إليه مطلقاً حيث يتزوجها بنكاح جديد بعد البينونة. نص عليه في رواية ابن منصور". قواعد ابن رجب: 280.(4/1746)
قال إسحاق: كما قال، لأنه على ما نوى.
[1124-] قلت: رجل قال لامرأته: إن ولدت جارية فأنت طالق، وإن ولدت غلاماً فأنت طالق ثنتين. فولدت جارية ثم ولدت غلاماً؟
[قال1] : إذا ولدت الجارية قبلُ وقعت عليها تطليقة ولا يقع في الغلام شيء لأنها حين تلد الغلام تبين, فقد انقضت عدتها, ويخطبها إلى نفسها.
فإن ولدت الجارية فراجعها الرجل قبل أن يقع الغلام؟
قال: إذا فعل ذلك وقع عليها ثلاث، ولا تحل له حتى تنكح
__________
1 ما بين المعقوفين مزيد من ع.
والقائل هو سفيان الثوري، وقد ذكر كلام الثوري في هذه المسألة في: الإنصاف والقواعد الفقهية منسوباً إليه، كما ذكر فيهما إنكار الإمام أحمد على سفيان جوابه هذا، وقد نص على أن هذه رواية ابن منصور.
[] انظر: القواعد الفقهية لابن رجب: ص 273، والإنصاف 9/78-79.(4/1747)
زوجاً غيره1.
قال أحمد: " هذا على نية الرجل, ولم ير المسألة كما قصصتها عليه2.
قال: هذا على نية الرجل, إنما أراد بذلك تطليقة." 3
__________
1 ما أجاب به الثوري من أنها تطلق بالأول وتبين بالثاني ولا تطلق به هو المذهب وعليه أكثر الأصحاب, طلقت بالأول لتحقق الشرط ولم تطلق بالثاني لأن العدة انقضت بوضعه، فصادفها الطلاق حال كونها بائنا.
[] انظر: الإنصاف: 9/78-79, والمغني: 7/207, والكافي: 3/201, والمبدع: 7/342.
2 في ع بلفظ "كما قصصتها فقال" أي بحذف "عليه" وزيادة "الفاء".
3 أي طلاقاً مرة واحدة، ويوضحه نقل ابن رجب لرواية ابن منصور هذه في القواعد الفقهية، والمرداوي في الإنصاف: "أنه على ما نوى إنما أراد ولادة واحدة".
قال ابن رجب: وقول سفيان هو "الذي عليه أصحابنا".
ثم قال: والمنصوص أصح أن الحالف إنما حلف على حمل واحد وولادة واحدة، والغالب أنه لا يكون إلا ولداً واحداً، لكنه لما كان ذكراً مرة وأنثى أخرى نوع التعليق عليه, فإذا ولدت ذكراً وأنثى لم يقع به المعلق بهما جميعاً بل المعلق بأحدهما لأنه لم يقصد إلا إيقاع أحد الطلاقين، وإنما ردده لتردده في كون المولود ذكراً أو أنثى. وينبغي أن يقع أكثر الطلاقين إذا كان القصد تطليقاً بهذا الوضع، سواء كان ذكراً أو أنثى، لكنه أوقع بولادة أحدهما أكثر من الآخر فيقع به أكثر المعلقين, واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رواية الكوسج هذه.
[] انظر: الإنصاف: 9/79, والقواعد الفقهية: ص 273, والمغني: 7/205-206, والمحرر: 2/70, والمبدع: 7/212.(4/1748)
قال إسحاق: كما قال.
[1125-] قلت: امرأة طلقت تطليقة فحاضت حيضة أو حيضتين فراجعها زوجها ثم طلقها قبل أن يدخل بها، تستأنف العدة؟
قال أحمد: نعم, تستأنف العدة.
قال إسحاق: كما قال1.
[1126-] قلت: يجوز شهادة رجل وامرأتين في الطلاق؟
قال: أحمد: لا والله.
قال إسحاق: يجوز2.
[1127-] قلت: قال سفيان في رجل طلق امرأته تطليقة [فولدت بعد 3
__________
1 سبق الكلام على هذه المسألة بالتفصيل، وذكر الروايات عن الإمام أحمد فيها، وتقرير قول الإمام إسحاق فيها في المسألة رقم: 1077.
2 سبقت هذه المسألة تحت رقم: (1102) وفصلنا القول فيها عند الحنابلة وذكر رأي الإمام إسحاق بها.
[] راجع أيضاً المغني: 9/149-150.
3 هكذا في المخطوطتين "فولدت بعد سنتين"، وفي العبارة الآتية "فولدت قبل سنتين"، والذي يتفق مع السياق ومذهب الثوري في أن أكثر مدة الحمل سنتان هو عكس ذلك فتكون العبارة "فولدت قبل سنتين هي امرأته", فلم تبن قبل الولادة لعدم انقضاء العدة وتكون العبارة التالية: فإن ولدت بعد سنتين فهي أملك بنفسها, لأن الولد لا يمكن أن يأتي منه لوقوع ذلك بعد مضي أكثر مدة الحمل بعده وتكون العبارة التالية: "وإن جاءت قبل سنتين فالولد ولده" لأنها إن ولدته بعد سنتين - التي هي أكثر مدة الحمل عند سفيان - علم أنها حملت به بعد زوال النكاح والبينونة منه فلا يكون ولده.
راجع عن المسألة المغني: 7/477, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/287.(4/1749)
سنتين] هي امرأته لأنه لم يكن ذلك إلا من جماع [فإن ولدت قبل سنتين] فهي أملك بنفسها، وإن جاءت بعد سنتين فالولد ولده وبانت منه.
قال أحمد: إن جاءت بولد بعد سنتين فالولد ولده وبانت منه1.
__________
1 بناء على ظاهر المذهب بأن أكثر مدة الحمل أربع سنين, فالولد ولده لإمكان أن يكون منه وتنقضي به العدة.
قال في المغني: 7/478: "أن المرأة إذا ولدت لأربع سنين فما دون من يوم موت الزوج أو طلاقه ولم تكن تزوجت ولا وطئت ولا انقضت عدتها بالقروء ولا بوضع الحمل فإن الولد لحق بالزوج وعدتها منقضية به".
وانظر أيضاً: المبدع: 8/98, وانظر أيضاً بالتفصيل عن أقل وأكثر مدة الحمل المسألة رقم: (930، 931) .(4/1750)
قال إسحاق: كما قال1.
[1128-] قلت: قال سفيان في رجل تزوج امرأة ولها ابن من غيره فيموت ابنها، إن جاءت بالولد دون ستة أشهر [من يوم مات ابنها ورّثناه، وإن جاءت بالولد بعد ستة أشهر] 2 لم نورّثه إلا ببينة.
قال أحمد: يكف عن امرأته، فإن لم يكف فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر فلا أدري هو أخوه أم لا3؟
قال إسحاق: إذا كان لستة أشهر فهو كما قال سفيان4.
__________
1 سبق أن أكثر مدة الحمل أربع سنين عند الإمام إسحاق، كالمشهور من مذهب الإمام أحمد, انظر: المسألة رقم: (932) .
2 ما بين المعقوفين أثبته من ع لأنه به يكمل الكلام.
وقد نقل عبارة الإمام سفيان هذه ابن المنذر في الإشراف: 4/323.
3 انظر: عن نص هذه المسألة والتصريح بأنها رواية الكوسج: القواعد الفقهية لابن رجب: [179-180.
] قال ابن رجب إثر ذلك: "وظاهر هذا أنه إن كف عن الوطء ورث الولد، وإن لم يكف: فإن جاءت بالولد بعد الوطء لدون ستة أشهر ورث أيضاً وكان كمن لم يطأ، وإن جاءت به لستة أشهر فصاعداً فظاهر كلام أحمد الذي ذكرناه أنه لا يرث".
4 للعلم بوجوده حال الموت, لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر.
وانظر عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/323.(4/1751)
[1129-] قلت: قال سفيان في رجل دخل بامرأته, كانت عنده سنتين فلم يصل إليها أي يجامعها، ثم طلقها تطليقة، أترى له عليها رجعة أو ميراثاً؟
قال: لا1.
قال أحمد: له عليها رجعة وبينهما الميراث، وعليها العدة إذا أغلق الباب وأرخى الستر، فقد وجب بينهما ما يجب بالدخول2.
__________
1 لأن غير المدخول بها تبين بطلقة واحدة حيث لا عدة عليها، وهذا يدل على أن سفيان ممن يعتبر الدخول بالوطء، ولكن نسب إليه ابن المنذر أنه يعتبر إرخاء الستر أو إغلاق الباب أو الخلوة دخولاً في وجوب كامل الصداق, كما نسب إليه ذلك ابن قدامة في إيجاب العدة.
[] الإشراف: 4/64-65, والمغني: 7/451.
2 هذا المذهب مطلقاً سواء كان المانع شرعياً كإحرام وحيض أو حسياً كمرض، وعليه جماهير الأصحاب, وعن الإمام أنه لا عدة مع وجود مانع شرعي. وعنه لا عدة بدون وطء مطلقاً.
ويؤيد ما عليه المذهب ما روي عن زرارة بن أوفى قال: "قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق باباً أو أرخى ستراً فقد وجب المهر ووجبت العدة".
المغني: 6/724, والقواعد الفقهية لابن رجب: 330.
وسبق تخريجه في المسألة رقم: (966) .
وانظر أيضاً: الإنصاف 8/283 و 9/270.
ملاحظة: لم يوجد في المخطوطتين رأي الإمام إسحاق.
ورأيه في المسألة اعتبار إرخاء الستر وإغلاق الباب دخولاً إلا أن يكون هناك مانع شرعي، كما سبق ذلك في المسألة رقم: 966.
وانظر: عن رأيه المغني: 6/724, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/65.
وتأتي مسألة مشابهة لهذه المسألة برقم: (1157) وفيها رأي إسحاق.(4/1752)
[1130-] قلت: قال سفيان: لا يرون بأساً أن يطلقها وهي حائض قبل أن يدخل بها [فإنه لا عدّة له عليها1.
قال: ما يعجبني] .2
قال إسحاق: إن فعل وهي حائض قبل أن يدخل بها [ع-55/
__________
1 ما بين القوسين ساقط من ظ، وأكملته من ع.
وقول سفيان هذا وافقه عليه إسحاق، وهو مذهب أحمد كما يأتي, وكما في المغني: 7/109.
2 ذكر نص رواية ابن منصور هذه في الإنصاف والمبدع وحاشية المقنع، ومذهب الإمام أحمد في المسألة موافق لما ذهب إليه الإمامان الثوري وإسحاق من أنه لا سنة ولا بدعة لطلاق غير المدخول بها من جهة الوقت، حكمها في ذلك حكم الصغيرة والآيسة والحامل التي استبان حملها, لأنه لا عدة يخاف عليهن بتطويلها, فلا عدة على غير المدخول بها. وعدة الآيسة والصغيرة بالأشهر, فأما الحامل فبوضع الحمل, ولذلك جاز طلاق غير المدخول بها وهي حائض.
راجع: المحرر: 2/51, والمقنع بحاشيته: 3/140, والإنصاف: 8/456, والمبدع: 7/263, [] [] والفروع: 5/374, وهداية الراغب: 481, وطرح التثريب: 7/85-86.(4/1753)
ب] [فليس هذا مثل ما رواه ابن عمر1 -رضي الله عنهما-، هو نحو ما قال2 سفيان] [ظ-32/أ] .3
[1131-] قلت4: رجل طلق امرأته وهو مريض قبل أن يدخل بها، لا
__________
1 الذي رواه ابن عمر هو حديثه في أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال له: "مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس, فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء."
أخرجه أحمد في المسند: 2/7, 54, 63, 64, 102, 124.
[] والبخاري 6/163, ومسلم 2/1093, وأبو داود 2/632, والنسائي 6/139، والبيهقي [7/323-324.
] والفرق بين هذه المسألة وما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- كما أشار إليه الإمام إسحاق هو أن امرأة ابن عمر -رضي الله عنهما- كانت مدخولاً بها فلها طلاق سنة وبدعة, ومسألتنا هذه في غير المدخول بها فليس لها طلاق بدعة وسنة من جهة الوقت بإجماع العلماء، كما قال ابن عبد البر، حكاه عنه في المغني وطرح التثريب, ومن ثم حرم طلاق حائض مدخول بها لأنه طلاق بدعة, وجاز طلاق حائض غير مدخول بها لأنه لا يوصف بالسنية والبدعية من جهة الوقت.
راجع المغني: 7/159, وطرح التثريب: 7/86, والنووي على مسلم: 10/62.
2 نهاية اللوحة رقم: 61 من ظ.
3 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، أكملته من ع.
4 بداية اللوحة رقم: 62 من ظ.(4/1754)
ميراث بينهما؟
قال أحمد: يتوارثان، ولها الصداق كاملاً، وعليها العدة، إنما هذا فرار.
قال إسحاق: كما قال. 1
[1132-] قلت: قال سفيان: للمملوكة2 واليهودية والنصرانية متعة3 من الحر إذا طلقن؟
قال أحمد: لكل مطلقة متاع إذا كان غير مدخول بها, إن4 لم يكن فرض لها.5
__________
1 سبقت هذه المسألة برقم: (968، 969) .
2 نقل القرطبي عن الإمام الثوري في الأمة ما يخالف ما ذكر عنه هنا حيث قال: "وقال الأوزاعي والثوري: لا متعة لها، لأنها تكون لسيدها وهو لا يستحق مالاً في مقابل تأذي مملوكته لأن الله سبحانه إنما شرع المتعة للمطلقة قبل الدخول، والفرض لكونها تتأذى بالطلاق قبل ذلك. وكذلك نقل عنه الشوكاني مثل ما نقل القرطبي. الجامع لأحكام القرآن: 3/201, فتح القدير: 1/253.
3 في ع بحذف "متعة".
4 في ع بحذف "إن".
5 إذا عقد الرجل على المرأة ولم يسمِ لها مهراً وطلقها قبل الدخول كان لها عليه المتعة لقوله تعالى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ} البقرة, آية 236.
والضمير في طلقتموهن يدخل تحته كل امرأة جاز العقد عليها، سواء كانت مسلمة أو ذمية، حرة كانت أو أمة، لعموم الآية.
ولأن ما يجب من العوض يستوي فيه المسلم والكافر والحر والعبد، فلا يخصص مسلمة دون ذمية.
[] راجع المغني: 6/115-116, وجامع البيان للطبري: 2/536-537, وفتح القدير للشوكاني: 1/253,252.(4/1755)
قال إسحاق: كما قال1 أحمد.
[1133-] قلت: رجل جعل أمر امرأته بيد رجل ولا يدري ما قضى فيها، هل له أن يجامعها حتى يعلم ما قضى فيها؟
قال: نعم.
قال: أحمد: لا يجامعها حتى يعلم ما قضى فيها2.
__________
1 انظر: عن قول إسحاق الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 3/200, فتح القدير للشوكاني: 1/252.
2 أورد المسألة ابن رجب في القواعد الفقهية تحت كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية قال: "تأملت نصوص أحمد فوجدته يأمر باعتزال الرجل امرأته في كل يمين حلف الرجل عليها بالطلاق وهو لا يدري أهو بار فيها أم لا حتى يستيقن أنه بار." قال: "وحاصله أنه متى علق الطلاق بشرط وأمكن وجوده، فإنه يعتزل امرأته حتى يعلم انتفاءه", ثم أورد نصوصاً عن الإمام أحمد تدل على ذلك، ومن بينها نحو مسألتنا هذه.
انظر: القواعد الفقهية لابن رجب: ص 357.(4/1756)
قال إسحاق: كما قال.
[1134-] قلت1: اختاري وأمرك بيدك سواء؟
قال أحمد: لا، إذا قال: أمرك بيدك، فالقضاء ما قضت, وإذا قال لها: اختاري، فاختارت نفسها، فهي واحدة تملك الرجعة2.
قال إسحاق: هما سواء إذا نوى بأمرك بيدك ما نوى في التخيير، وإذا لم ينو شيئاً لم يكن, إذا قال: خيرتك أن تأكلي شيئاً.
__________
1 في ع زيادة "قال".
2 سبق الكلام أن للمرأة أن تطلق نفسها إذا جعل زوجها أمرها بيدها في المسألة: (1059) ، وسبق هنالك التفصيل بين قولي الإمامين ويفترق التمليك والتخيير أيضاً في الوقت الذي للمرأة التصرف فيه, فمن جعل أمر امرأته بيدها كان لها ذلك ما لم يفسخ أو يطأ، فأما إن خيّرها لم يكن لها أن تطلق نفسها إلا ما دامت في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه.
وسبق ذلك أيضاً في المسألة رقم: (971) .(4/1757)
[1135-] قلت: رجل جعلت له امرأته ألف درهم على أن يخيّرها فاختارت الزوج، أيرد1 عليها الألف؟
قال أحمد: لا يرد عليها شيئاً، قد وجب2 له الذي جعلت له ولو أنها طلقت نفسها كانت على ما طلقت نفسها وتكلمت به.3
قال إسحاق: كما قال.
[1136-] قلت4: قال سفيان رجل قال لامرأته: اختاري أو اذهبي أو5 أمرك بيدك أو الحقي أو أخرجي, نيته؟
يسأل إن نوى طلاقا فهو طلاق وإن لم ينو طلاقا فليس
__________
1 في ع بلفظ "يرد عليها".
2 في ع بحذف "له".
3 جاز ذلك لأن تخييرها توكيل منه إياها على طلاقها، والتوكيل لا يبطل بدخول العوض فيه. ونقل في المغني عن الإمام أحمد قال: "إذا قالت امرأته: اجعل أمري بيدي وأعطيك عبدي هذا, قبض العبد وجعل أمرها بيدها، فلها أن تختار ما لم يطأها أو ينقضه". ونقل نحو ذلك في المبدع.
[] انظر: المغني: 7/153-154, المبدع: 7/286.
4 في ع بحذف "قال سفيان".
5 في ع بلفظ "اذهبي وأمرك بيدك".(4/1758)
بشيء1.
قال أحمد: أخاف أن يكون كل واحد من هذا2 ثلاثا إذا كان على وجه الغلظة مثل قوله: خلية بارية بائنة. 3
قال إسحاق: كما قال سفيان على ما نوى لأنه كلام يشبه الطلاق, وكل كلام يشبه
__________
1 مذهب الثوري -رحمه الله- في الكنايات كمذهب الإمام إسحاق في أن كنايات الطلاق كلها، سواء كانت ظاهرة أو خفية، إذا أريد بها الطلاق تكون على ما نوى: واحدة أو ثنتين أو ثلاثاً.
[] انظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/166-170.
2 في ع بحذف "هذا".
3 تكررت لفظة "أخاف" عن الإمام أحمد مراراً في هذه المسائل, وسبق التعليق على ذلك وتوضيحه بكلام أئمة الحنابلة في المسألة رقم: (947، 973) .
وسبق الكلام فيما يقع بالكنايات الظاهرة إن أريد بها الطلاق أيكون ثلاثاً أو ما نوى، في المسألة رقم: (973) , وقوله: "اخرجي واذهبي" من الكنايات الخفية، وكذا "الحقي بأهلك"، على الصحيح من المذهب. ويقع بالخفية عند الإمام أحمد ما نواه كقول إسحاق.
انظر: الإنصاف: 8/484.
و"أمرك بيدك" من الكنايات الظاهرة.
انظر: المغني: 7/130, والإنصاف: 8/491.
وأما قوله "اختاري" بدون تكرار، لها حكم الكناية الخفية، كما هو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب, وعدها في المغني من الكنايات الخفية.
انظر: عن ذلك المبدع: 7/286, الإنصاف: 8/492, المغني: 7/132.(4/1759)
الطلاق أريد به الطلاق فهو على ما نوى1.
[1137-] [ع-56/أ] قلت: رجل جعل أمر امرأته بيد رجلين، فطلق أحدهما ثلاثاً والآخر مرة، لا2 يجوز لهما؟
قال أحمد: اجتمعا على واحدة. 3
قال إسحاق: كما قال4.
__________
1 فيستوي عنده الكنايات الظاهرة والخفية كما علل هنا، وسبق قوله في ذلك في عدة مسائل منها المسألة رقم: (973) .
2 في ع "ولا يجوز لهما"، وهذه عبارة الثوري كما نقل عنه ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/183.
ويعنى بذلك والله أعلم: لا يجوز لهما بمعنى لا يترتب على طلاقهما شيء حيث اختلفا، ويوضحه قول ابن قدامة: "وقال الثوري لا يقع شيء." المغني: 7/146.
وقد يكون الكوسج ينقل قول سفيان كعادته للإمام أحمد بأن الإمام سفيان يقول فيمن جعل أمر امرأته بيد رجلين فطلق أحدهما ثلاثاً والآخر مرة، لا يجوز لهما.
3 أي اجتمع طلاقهما على واحدة, قال ابن قدامة في كتابه المغني رداً على رأي الثوري السابق: "ولنا أنهما طلقا جميعاً واحدة مأذوناً فيها فصح (كما) لو جعل إليهما واحدة." المغني: 7/146.
وانظر أيضاً: المبدع: 7/258. الإنصاف: 8/445.
4 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني: 7/146, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/183.(4/1760)
[1138-] قلت: قال سفيان1: في الحرام على ثلاثة وجوه: إن نوى طلاقاً فهو طلاق، وإن نوى يميناً فهو يمين، وإن لم ينو طلاقاً ولا يميناً فهي كذبة. 2
قال: هذا قول أبي حنيفة،3 كفارة في هذا كله, كفارة الظهار4.
قال إسحاق: الحرام إذا لم ينو يميناً فهو على تحريمها، فإن نوى طلاقا ثلاثاً أو أقل فهو كما نوى5.
[1139-] قلت: قال سفيان في رجل قال لامرأته: أنت مني برية ونوى
__________
1 في ع بلفظ "قال سفيان يقول في الحرام".
2 انظر: عن نص كلام الإمام سفيان الثوري هذا: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/172, مصنف عبد الرزاق: 6/401.
3 قال ابن المنذر إثر كلام الثوري السابق: وبه قال أصحاب الرأي.
[] وانظر أيضاً عن رأي أبي حنيفة: فتح القدير لابن الهمام: 4/253-254، والهداية شرح بداية المبتدي: 4/254.
4 سبق الكلام على هذه المسألة في المسألة رقم: (955) , وعندها أجاب الإمام أحمد أن عليه كفارة ظهار, وسبقت الروايات عنه في هذه المسألة هنالك.
5 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/172, فتح الباري: 9/372, وسبق عنه في المسألة رقم: (955) "وإن لم تكن له نية فأدناه يمين".(4/1761)
ثنتين، لا يكون إلا واحدة أو ثلاثاً1.
قال أحمد: أخاف أن تكون ثلاثا2.
قال3 إسحاق: هو على ما نوى، إن نوى واحدة فواحدة بائنة، أو ثنتين فكذلك.
[1140-] قلت: يكره للمرأة أن تحج في عدتها من طلاق؟
قال: لا بأس به4.
__________
1 مذهب الإمام سفيان الثوري أن من قال: برية، أو نحو ذلك ونوى واحدة وقعت، وإن نوى ثلاثاً وقعت، وإن نوى ثنتين وقعت واحدة.
[] انظر: عن قوله هذا: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/167-168.
وبه قال الحنفية وعللوه بأن قوله ذلك اسم للذات, والذات واحدة فلا تحتمل العدد، وإنما احتمل الثلاث لأنه لفظ البينونة, وقالوا: بأنه يقع بذلك إما بينونة غليظة أو بينونة خفيفة، فلا يكون هناك قسم ثالث، ولا يفترق الحاصل بالواحدة والثنتين لأن أثرهما في البينونة والحرمة سواء, لأنه تحل المرأة في كل واحدة منهما بنكاح جديد من دون زوج آخر.
[] راجع بدائع الصنائع: 4/1773, 4/ 1801- 1803.
2 مضى ذلك عن الإمامين أحمد وإسحاق مراراً, انظر: المسائل رقم: (973، 974، 1136) .
3 في ع بلفظ "قال: هو على ما نوى واحدة فواحدة بائنة أو اثنتين وكذلك".
4 إذا كان الطلاق بائنا بخلاف المعتدة من الوفاة، لأن لزوم المنزل والمبيت فيه واجب عليها، بخلاف الطلاق البائن وبخلاف الرجعية، فإن الرجعية زوجة.
[] انظر: المغني: 3/240-241, والمغني والشرح الكبير: 3/195.(4/1762)
قال إسحاق: كما قال إذا كانت مبتوتة1.
[1141-] قلت: قال سفيان: إذا طلقها ثلاثاً وهو مريض ثم برأ ثم مات فإنها ترثه, وإن ماتت لم يرثها صح أو لم يصح 2؟
قال: نعم هو كما قال3.
__________
1 ومثلها عبارة ابن قدامة في المغني أيضاً قال: "ولها أن تخرج إليه في عدة الطلاق المبتوت" أي البائن الذي لا رجعة فيه. المغني: 3/240.
وانظر: عن قولي الإمامين أحمد وإسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/272, الأوسط لابن المنذر لوحة رقم: 300.
2 انظر: عن قول الإمام الثوري في المغني: 6/331, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/188.
3 سبق في مسألتي (968، 969) حكم الطلاق في مرض الموت, وهنا فيما إذا لم يمت، بل صحّ ثم مات.
وأجاب الأئمة الثلاثة هنا بأن الحكم لا يختلف أيضاً فترثه، وعلله في المغني بنحو ما علل به الإمام إسحاق هنا، وذكر أيضاً أن قول الجمهور أنها لا ترثه لأن هذه بائن بطلاق في غير مرض الموت، فلا ترثه كالمطلقة في الصحة. وأجاب بذلك الإمام أحمد في المسألة رقم: (1218) .
وانظر: المغني: 6/331.(4/1763)
قال إسحاق: كما قال، لأنه فار وليست بفارة1.
[1142-] قلت: وإذا طلقها تطليقة أو تطليقتين وهو مريض ثم صح في العدة فطلقها الثالثة، لم يتوارثا2.
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال.
[1143-] قلت: كما لو طلقها تطليقة أو تطليقتين وهو صحيح، ثم مرض فطلقها الثالثة، ثم مات في العدة ورثته؟
قال: نعم، هذا ترثه بعد العدة3.
قال إسحاق: كما قال.
[1144-] قلت: رجل له أربع نسوة فطلق واحدة منهن ثلاثاً، وواحدة ثنتين، وواحدة واحدة، فمات [على ذلك، و4 لا يدرى]
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/188.
2 لانتفاء علة الحكم وهي تهمة حرمانها من الميراث، حيث طلقها الطلقة التي أبانتها في حالة الصحة.
المغني: 6/331, والمبدع: 6/241.
3 لإمكان قيام التهمة في حقه. راجع المسألة رقم: (968، 969) .
4 هذا ساقط من ظ، وأكملته من ع.(4/1764)
أيتهن التي طلق ثلاثاً أو التي طلق ثنتين أو التي طلق واحدة؟
قال: يرثن [ظ-32/ب] كلهن.
قال أحمد: يقرع بينهن، فالتي أبانها بالطلاق تخرج فلا ميراث لها1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1145-] قلت3: النصرانية تسلم وهي تحت نصراني؟
قال: يفرق بينهما.
[1146-] قلت: إذا أسلم زوجها وهي في العدة؟
قال: فهو أحق بها4.
__________
1 نقل ابن قدامة رواية ابن منصور هذه قائلا: وقال أحمد في رواية ابن منصور في رجل له أربع نسوة طلق واحدة منهن ثلاثاً، وواحدة اثنتين، وواحدة واحدة، يقرع بينهن، فالتي أبانها تخرج ولا ميراث لها. هذا فيما إذا مات في عدتهن وكان طلاقه في صحته فإنه لا يحرم الميراث إلا المطلقة ثلاثاً. انظر: المغني: 7/258.
2 نهاية اللوحة رقم: 110 من ع.
3 من بداية هذه المسألة إلى نهاية المسألة رقم: (1151) موجودة في النصف الأول من لوحة رقم: 102 إلى النصف الأول من لوحة رقم: 103 من ع.
4 إذا أسلم الزوجان معاً فهما على نكاحهما، سواء كانا كتابيين أو مجوسيين، وكذا إن أسلم زوج الكتابية. وإذا أسلمت الكتابية قبل زوجها أو أحد الزوجين المجوسيين قبل الدخول انفسخ النكاح. ويحمل قول الإمام أحمد هنا "يفرق بينهما" على ذلك. وإن أسلم أحد المجوسيين أو الكتابيين بعد الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة، فإن أسلم الآخر قبل انقضائها فهي المسألة التي فصل فيها الإمام إسحاق هنا, واختلفت الروايات عن الإمام أحمد، والمذهب والذي عليه جماهير الأصحاب ويؤدي إليه قول الإمام أحمد هنا فهو أحق بها, أي ما دامت في العدة.
وعنه رواية أن الفرقة تتعجل بإسلام أحدهما كما قبل الدخول.
وعنه رواية ثالثة: التوقف في حكم النكاح حالة إسلام الكتابية وفسخ النكاح في حالة إسلام أحد المجوسيين بعد الدخول.
وعنه رواية رابعة: وهي التوقف في كليهما.
انظر: المغني: 6/614, والإنصاف: 8/210, والمبدع: 7/117, وأحكام أهل الملل للإمام أحمد، لوحة 85, واختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين لوحة رقم: 101.(4/1765)
قال إسحاق: كما قال1 أحمد, وأما المجوسية إذا أسلمت ولم يسلم المجوسي فتزوجها مسلم بأمر وليها يجوز ذلك, ولم يفرّق بينهما حاكم, فإن كان ذلك في العدّة فنكاحها باطل, فإن انقضت العدّة ولم يسلم المجوسي فقد انقضى ما بينهما2، فمن شاء تزوجها نكاحاً صحيحاً بولي وشهود، فإن كان الزوج غائبا فلم يعلم بإسلامها تربص حتى يعلم ذلك لأنه ربما أسلم
__________
1 في ع بحذف "أحمد".
2 في ع بلفظ "فإن شاء تزوجها".(4/1766)
طمعاً فيها, فإن كان ذلك وهي في العدّة فهما على نكاحهما لا يحتاجان إلى تجديد نكاح1.
قال2 إسحاق: وأما المجوسي الذي تزوج بمجوسية وكانت عنده خمسة أشهر فأسلمت، ثم تزوجها مسلم3 فولدت ولداً لتمام تسعة أشهر من يوم بنى بها المجوسي, فادعى المجوسي أن الولد ولده وادعى المسلم ذلك, فإن الولد ولد المجوسي, وهو مسلم لإسلام أمه، وذلك أنه يعلم أن المرأة لا تلد لأربعة أشهر, فإنما مكثت عند المسلم أربعة أشهر4, فدعواه باطل ودعوى المجوسي أولى لما استيقنا أن الحبل كان وهي في ملكه, وقد صيرناه مسلماً لحال أمه والولد أبداً بين الزوجين يلحق بالمسلم، مضت السنة في ذلك من عمر5 بن الخطاب رضي الله عنه
__________
1 ومثل المجوسية في كل ذلك النصرانية، كما سبق بيانه في التعليق السابق، وذلك فيما إذا أسلمتا بعد الدخول كما سبق.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/208, 210, المغني: 6/616, معالم السنن للخطابي: 4/672, واختلاف العلماء لمحمد بن نصر المروزي, لوحة 27, 28.
2 في ع بحذف "إسحاق".
3 بحيث حصل خطأ ولم يعلم حبلها.
4 لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر، راجع المسألة رقم: (930) .
5 أخرج عبد الرزاق بسنده عن عمر بن الخطاب في مصنفه: 6/30 في نصرانيين بينهما ولد فأسلم أحدهما, قال: "أولاهما به المسلم."(4/1767)
وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وكذلك ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة رافع1 بن سنان رضي الله عنه حيث أسلم وأبت امرأته أن تسلم.
__________
1 رافع بن سنان الأنصاري الأوسي، أبو الحكم، جد عبد الحميد بن جعفر. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم, وروى عنه ابن ابنه جعفر والد عبد الحميد بن جعفر, وفي إسناد حديثه اختلاف مذكور في ترجمة عبد الحميد بن سلمة.
انظر عن ترجمته: الإصابة: 1/484, وتهذيب التهذيب: 3/231, والاستيعاب: 1/486, وتقريب التهذيب: 91.
وقصته المذكورة: أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم, فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "ابنتي وهي فطيم، أو شبهه", وقال رافع: ابنتي. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اقعد ناحية." وقال لها: "اقعدي ناحية", قال: "وأقعد الصبية بينهما, ثم قال: "ادعواها." فمالت الصبية إلى أمها, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اهدها." فمالت الصبية إلى أبيها فأخذها."
رواه أبو داود في سننه، باب إذا أسلم أحد الأبوين مع من يكون الولد: 2/769, والنسائي: 6/185, والحاكم: 2/206, وسعيد بن منصور: 2/140.
والحديث قال عنه ابن قدامة في المغني: 7/613 "فأما الحديث فقد روي على غير هذا الوجه ولا يثبته أهل النقل, وفي إسناده مقال".
وقال عنه الحافظ في التلخيص: 4/11 "في إسناده اختلاف كثير وألفاظ مختلفة".
ويؤخذ من الحديث إن صح تخيير الصبي المميز بين أبويه اللذين أحدهما غير مسلم، وأن الأحب للرسول صلى الله عليه وسلم اختيار المسلم منهما، وهو الرأي المقابل لما ذهب إليه الإمام إسحاق هنا.
ورد على هذا الاستدلال ابن المنذر فقال: "ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أنها تختار أباها بدعوته فكان ذلك خاصاً في حقه." نقله عنه ابن قدامة في المغني: 7/613.
وذكر نحو ذلك أيضاً ابن القيم في زاد المعاد: 5/460.
[] وانظر أيضاً المغني: 9/137-0138 والأوسط لوحة رقم: 244.(4/1768)
[1147-] قلت: إذا كانت المرأة تحيض في الأشهر مرة؟
[قال] 1: فعدّتها بالحيض2.
قال إسحاق: كما قال3.
[1148-] قلت: صيام العبد في التظاهر؟
قال: يصوم شهرين4.
قال إسحاق: أجاد [فما شأن] 5 الإيلاء؟ [ع-52/ب]
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، فأثبته من ع.
2 لعموم قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوء} البقرة آية: 228.
وحكى إجماع العلماء على ذلك ابن المنذر.
[] انظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/280, المغني: 7/467-468, الإنصاف: 9/284.
3 انظر: عن قول الإمام إسحاق المغني: 7/468, الإشراف: 4/285.
4 بالإجماع. انظر: الإنصاف: 9/223, المبدع: 8/60, المغني: 7/380.
5 هكذا العبارة في المخطوطتين.
ومذهب الإمام إسحاق في مدة إيلاء العبد مخالف لمذهبه في مدة صيام العبد في الظهار، فإنه يجعل مدة إيلائه النصف من إيلاء الحر، بخلاف الظهار فإنه جعله كالحر.
انظر: عن مذهبه في إيلاء العبد: المسألة رقم: (926) ، ولعل هذه العبارة "فما شأن الإيلاء" تعليق من إسحاق الكوسج على كلام إسحاق بن راهوية حيث فرق بين صيام العبد في التظاهر ومدة إيلائه.
وانظر قول الإمام إسحاق في ظهار العبد في: المغني: 7/380, والإشراف: 4/250.(4/1769)
[1149-] قلت: حديث طاووس1 عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة تردّ إلى واحدة؟
قال: كل أصحاب ابن عباس رووا خلاف ما قال طاووس2.
__________
1 الحديث أخرجه مسلم في صحيحه: 2/1099 باب طلاق الثلاث، وأبو داود في سننه: 2/649 باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث، وأحمد: 1/314, والحاكم في المستدرك: 2/196.
ولفظ الحديث كما في مسلم: "أخبرنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر, طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة, فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم".
والحديث من طريق طاووس هذه يدل على أن طلاق الثلاث بكلمة واحدة يقع به واحدة، ولم يذهب إليه الإمامان أحمد وإسحاق هنا، بل ذهبا إلى أن الثلاث تقع, وهو قول جماهير العلماء من الصحابة والتابعين وقول الأئمة الأربعة.
2 وأجاب عن الحديث كل من أحمد وإسحاق بجواب، فأجاب عنه الإمام أحمد بأن طاووس وإن كان ثقة فقد خالف الثقات، بمعنى أن الحديث شاذ فإنه ينطبق عليه تعريف الشاذ عند أئمة الحديث كما في تدريب الراوي: 1/222.
وأجاب الإمام إسحاق عن الحديث بأن جعل الثلاث واحدة في غير المدخول بها فإنها تبين بواحدة, ويأتي تفصيل ذلك ضمن كلامه في المسألة.
[] انظر: المغني: 7/104، والإنصاف 8/453، وشرح السنة للبغوي: 9/ 209-212، والمدونة: 2/66, ومغنى المحتاج: 3/311, وفتح القدير لابن الهمام: 3/468.(4/1770)
وروى سعيد بن جبير, ومجاهد1 ونافع عن ابن عباس خلاف ذلك.
قوله2: سئل: إني3 طلقت امرأتي كذا وكذا.
__________
1 فمن رواية مجاهد عنه قال: "كنت عند ابن عباس, فجاءه رجل فقال إنه طلق امرأته ثلاثاً, قال: فسكت حتى ظننت أنه ردها إليه, ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب الحموقة ثم يقول: يا ابن عباس، يا ابن عباس، وإن الله تعالى قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} - آية 2 سورة الطلاق- وإنك لم تتق الله فلم أجد لك مخرجاً, عصيت ربك, وبانت منك امرأتك, وإن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُن} في قبل عدتهن".
وذكر أبو داود في سننه أنه روى نحو ذلك عن ابن عباس سعيد بن جبير وعطاء ومالك بن الحارث وعمرو بن دينار، قال: كلهم قالوا في الطلاق الثلاث: إنه أجازها, قال: "وبانت منك." سنن أبي داود: 2/647.
2 في ع بلفظ "قوله أي سئل أني طلقت امرأتي".
3 بعد أن ذكر الإمام أحمد أن كل أصحاب ابن عباس رووا خلاف ما قال طاووس عد أدلة على وقوع الثلاث, على سبيل الإيجاز والاختصار، فذكر من روى عن ابن عباس خلاف ذلك وأشار إلى حديث آخر بهذه العبارة: سئل: إني طلقت امرأتي كذا وكذا.
والظاهر أنه يعني بذلك حديث ركانة عن جده, قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني طلقت امرأتي البتة، فقال: ما أردت بها؟ فقلت: "واحدة, قال: والله. قلت: والله. قال: فهو ما أردت." فدل الحديث على أنه إن أراد الثلاث وقعت.
والحديث أخرجه الترمذي: 3/480 باب ما جاء في الرجل يطلق امرأته البتة وقال: هذا الحديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وأبو داود في سننه: 2/657 في البتة.
وابن ماجه: 1/661 باب البتة.(4/1771)
وفاطمة1 بنت قيس طلقت ثلاثاً على ما روى2 الشعبي.
وما روى ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يطلق امرأته ثلاثاً.
قال3: حتى تذوق4 من
__________
1 فاطمة بنت قيس سبقت ترجمتها في المسألة رقم: (962) .
2 الحديث عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثاً, فلم يجعل لها النبي صلى الله عليه وسلم نفقه ولا سكنى, الحديث سبق تخريجه في المسألة رقم: (962) .
3 في ع بلفظ "فقال حتى تذوق من عسيلته".
4 الحديث عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل تكون له المرأة ثم يطلقها، ثم يتزوجها رجل فيطلقها قبل أن يدخل بها، فترجع إلى زوجها الأول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "حتى تذوق العسيلة".
أخرجه أحمد عن ابن عمر بهذا اللفظ في المسند: 2/25, 62, 85.
وأخرجه أصحاب الكتب الستة عن عائشة. وقال الترمذي بعد رواية الحديث: وفي الباب عن ابن عمر وأنس والرميصاء أو الغميصاء وأبي هريرة.
تخريج الحديث: أخرجه البخاري، باب ما جاء في طلاق الثلاث: 6/165.
ومسلم: 2/1055، باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره.
[] وأبو داود: 2/731-732 باب المبتوتة لا يرجع إليها زوجها غيره.
والترمذي: 3/426 باب ما جاء فيمن يطلق امرأته ثلاثاً فتزوجها آخر فيطلقها قبل أن يدخل بها.
والنسائي: 6/148 باب إحلال المطلقة ثلاثاً.
وابن ماجه: 1/621 باب الرجل يطلق امرأته ثلاثاً فيتزوجها آخر فيطلقها قبل أن يدخل بها.
وأخرجه أحمد في المسند أيضا: 1/314, 6/43, 6/96.(4/1772)
عسيلته1.
__________
1 عسيلة: تصغير عسلة، وهي كناية عن الجماع, شبه لذته بلذة العسل وحلاوته, فاستعار لها ذوقاً, وإنما أنث لأنه أراد قطعة من العسل، وهذه استعارة لطيفة شبهت لذة المجامعة بحلاوة العسل، أو سمي الجماع عسلا, لأن العرب تسمي كل ما تستحليه عسلاً, وقال ابن حجر في هدي الساري: "والتصغير للتقليل إشارة إلى أن القليل منه يجزئ."
وقال أيضا: "وليس المراد بعض المني لأن الإنزال لا يشترط."
راجع معالم السنن: 2/732, والنهاية في غريب الحديث: 3/237, طرح التثريب: 1/98, وهدي [] الساري: 156-157.(4/1773)
[1150-] قلت لأحمد: فيه متعلق1.
قال: لا, لم يروه إلا طاووس.
قال إسحاق: حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطلاق [لم يرو أحد من أصحابه عنه خلاف روايته] 2 إنما رووا عنه قوله ولم يفسروا أمدخولة أو3 غير مدخولة، فإذا وضعت رواية طاووس على غير المدخولة لم يكن خلافاً لروايته4.
وأما5 حديث فاطمة فليس فيه بيان أنه طلق ثلاثاً بكلمة، ولا
__________
1 سأل الكوسج الإمام أحمد هل يستدل برواية طاووس عن ابن عباس الدالة على جعل الثلاث واحدة, فأجاب: "بلا, لانفراد طاووس عن أصحاب ابن عباس في ذلك كما سبق تقريره في أول المسألة.
2 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ هي "لم يستقر واحد من أصحابه عنه خلاف روايته".
3 في ع "أم".
4 انظر: عن قول إسحاق هذا: اختلاف العلماء لمحمد بن نصر المروزي، لوحة رقم: 24، والحاشية التي على زاد المعاد: 5/249.
5 في ع بلفظ "وإنما في حديث فاطمة فليس فيه بيان أنه طلق بكلمة، ولا في رواية ابن عمر -رضي الله عنهما- حتى تذوق العسيلة إن كان ثلاثاً".(4/1774)
في رواية ابن عمر -رضي الله عنهما- حتى تذوق العسيلة، لأن الطلاق كان ثلاثاً، وإنما نضع حديث طاووس على غير المدخولة لما حكى عكرمة1 عن ابن عباس -رضي الله عنهما- التمييز2
__________
1 عكرمة البربري: أبو عبد الله المدني، مولى ابن عباس, ولد سنة خمس وعشرين, أصله من البربر. كان لحصين بن أبي الحر العنبري فوهبه لابن عباس لما ولي البصرة لعلي. قال: "طلبت العلم أربعين سنة, كنت أفتي بالباب وابن عباس في الدار."
وقيل لسعيد بن جبير: تعلم أعلم منك؟ قال: "عكرمة, لم يكن في موالي ابن عباس أغزر من عكرمة, كان من أهل العلم." مات سنة خمس ومائة أو ست أو سبع بالمدينة.
انظر: عن ترجمته: تهذيب التهذيب: 7/263, وتذكرة الحفاظ: 1/95, وطبقات الحفاظ للسيوطي: ص 43.
2 ورد التمييز بين المدخولة وغير المدخولة عن طاووس أن رجلاً يقال له أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس, قال: أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها، جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من إمارة عمر؟ قال ابن عباس: بلى, كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من إمارة عمر، فلما رأى الناس (قد) تتابعوا فيها قال: "أجيزوهن عليهم."
أخرجه أبو داود في سننه: 2/649, قال أبو داود وروى حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس: إذا قال: "أنت طالق ثلاثاً". بفم واحد فهي واحدة, ورواه إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عكرمة هذا قوله, لم يذكر ابن عباس وجعله قول عكرمة. سنن أبي داود: 2/647.(4/1775)
بينهما, وما روى1 عمرو2 عن جابر وعطاء في غير المدخولة الثلاث واحدة.
[1151-] قلت: قوله [سبحانه و3 تعالى] {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ 4 مِنْ خِطْبَةِ
__________
1 انظر رواية عمرو المذكورة هنا في سنن أبي داود: 2/647.
وانظر: عن القول المنسوب لجابر بن زيد وعطاء في: معالم السنن: 2/648, والإشراف: [4/163-164.
] وقد تقدمت ترجمة جابر بن زيد، وكذلك عطاء في المسألة رقم: (968) .
2 هو عمرو بن دينار المكي أبو محمد الجمحي, أحد الأعلام. روى عن جابر وأبي هريرة وابن عمر وابن عباس، وعنه شعبة, وابن عيينة وأيوب وحماد بن زيد, وأبو حنيفة, قال شعبة: "ما رأيت أحداً أثبت في الحديث من عمرو." وقال ابن أبي نجيح: "ما كان عندنا أفقه ولا أعلم من عمرو بن دينار, لا عطاء, ولا مجاهد, ولا طاووس." مات سنة عشرين ومائة, وهو ابن ثمانين سنة.
انظر: عن ترجمته: تهذيب التهذيب: 7/28, وتذكرة الحفاظ: 1/113, وشذرات الذهب: 1/171.
3 ما بين المعقوفين مزيد من ع.
4 آية 235 من سورة البقرة وأولها: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} التعريض ضد التصريح, وهو إفهام المعنى بالشيء المحتمل له ولغيره، وهو من عرض الشيء وهو جانبه, كأنه يحوم به على الشيء ولا يظهره, وقيل هو من قولك: عرضت الرجل أي أهديت إليه تحفة.
نقل القرطبي في تفسيره عن ابن عطية: "أجمعت الأمة على أن الكلام مع المعتدة بما هو نص في تزويجها وتنبيه عليه لا يجوز. ولا يجوز التعريض لخطبة الرجعية إجماعاً كالزوجة, وأما من كانت في عدة البينونة، فالصحيح جواز التعريض لخطبتها."
انظر: الجامع لأحكام القرآن: 3/188, وتفسير ابن كثير: 1/286, وفتح القدير للشوكاني: 1/250.
[] وانظر أيضاً عن أصل المسألة المبدع: 7/14, والمغني: 6/608-609, والإشراف على [] [] مذاهب العلماء: 4/29-30, والمجموع: 16/256-257.(4/1776)
النِّسَاءِ} ما الذي رخص للرجل أن يقول؟
قال: يقول: إنك لجميلة، وإنك لنافقة1، وإنك إلى خير إن شاء الله [تعالى2، ونحوها3] , ولا يخطبها4.
__________
1 أي إنك غالية الثمن بمثابة السلعة التي تنفق, ومنه حديث عمر: من حظ المرء نفاق أيمه.
قال ابن الأثير: "أي من حظه وسعادته أن تخطب إليه نساؤه من بناته وأخواته, ولا يكسدن كساد السلع التي لا تنفق". النهاية في غريب الحديث: 5/99.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ع.
3 مثل: إنك لصالحة, إن الله لسائق إليك خيراً, إني فيك لراغب وإن حاجتي في النساء, وإن يقدر الله خيراً يكن.
الجامع لأحكام القرآن: 3/188, والمبدع: 7/14.
4 من بداية المسألة (1145) إلى نهاية هذه المسألة رقم: (1151) , المسائل في ع ليست بالترتيب الموجود في ظ، بل متقدمة عليها.(4/1777)
قال إسحاق: كما قال.
[1152-] قلت: سئل سفيان عن رجل تزوج امرأة في عدّتها؟
فقال: الولد للأول.
[قيل: وإن كانت سنة؟ [ع-56/ب]
قال: وإن كانت سنة] 1.
قيل: وإن كانت سنتين؟
قال: وإن كانت سنتين2.3
قال أحمد: [نعم ما لم تقر بانقضاء العدة.
قال إسحاق: كما قال [ظ-33/أ] .
[1153-] قلت:] 4 إذا5 كانت المرأة عند الرجل فولدت له، فقالت: إني
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأكملته من ع.
2 لأن السنتين داخلة في أكثر مدة الحمل عند الأئمة الثلاثة سفيان وأحمد وإسحاق، والخلاف بينهم في أكثر من السنتين فأحمد في الظاهر من مذهبه أن أكثر مدة الحمل أربع سنين, وكذلك عند إسحاق، وسفيان عنده أكثر مدة الحمل سنتان.
راجع المسألة (966، 1127) ففيها تفصيل لمن تزوج امرأة في عدتها.
3 نهاية اللوحة رقم: 63 من ظ، وبداية اللوحة رقم: 64 من ظ.
4 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
5 بداية اللوحة رقم: 111 من ع.(4/1778)
أرضع ولدي, وقال هو: لا, فهو أحق بولده يسترضع له؟
قال أحمد: هي أحق بولدها، وإذا أبت فليس له أن يجبرها، وإن تعاسروا1 فينظر ما ترضع به فذلك لها, هذا في2 الطلاق.
قال إسحاق: هذا كما قال3 أحمد.
[1154-] قلت: قال سمعت سفيان قيل له: ما ترى في رجل قال لامرأته: أنت طالق ملء هذا البيت؟
__________
1 قال القرطبي في تفسيره: 18/169 في تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} الطلاق آية: 6، معناه: وإن تضايقتم وتشاكستم فليسترضع لولده غيرها, فيكون معنى عبارة الإمام أحمد هنا: وإن تشاكسوا واختلفوا في قدر ما يعطيها أجرة لرضاع ولده.
2 قال ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/151: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الزوجين إذا افترقا ولهما طفل, أن الأم أحق به ما لم تنكح." والمذهب عند الإمام أحمد أنها أحق به وإن طلبت أجرة مثلها ووجد من يتبرع له بالرضاع.
[] انظر: الإنصاف: 9/405-406, والمغني: 7/627, والمبدع: 3/221.
3 انظر عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/151.(4/1779)
قال: هي واحدة، وهو أحق بها.1
قيل له: فإن نوى ثلاثاً؟
قال: هي واحدة.
قال أحمد: إذا أراد الغلظة2 عليها في معنى يريد أن تبين منه فهي ثلاث3، فإذا قال:4 أنت طالق غليظة أو شديدة فهي واحدة 5، حتى يقول: أنت طالق البتة أو بائنة، فأخشى أن تكون ثلاثاً.
قال إسحاق: كلما قال شيئاً من ذلك فهو على إرادته، ويحلف
__________
1 الكوسج كعادته ينقل قولاً قيل لسفيان فأجاب فيه بهذا الجواب، ويعرض هذا السؤال مع إجابته على الإمام أحمد، ثم يعرضه على الإمام إسحاق.
وقول سفيان هذا فيمن قال لامرأته: أنت طالق مثل هذا البيت، نقله عنه عبد الرزاق في مصنفه: 6/374.
2 في ع بلفظ "إذا كان أراد الغلظة عليها".
3 أورد ابن قدامة رواية الإمام أحمد في المغني, وذكر ابن مفلح في المبدع نقل ابن منصور عن الإمام أحمد هذه الرواية.
[] راجع المغني: 7/265, والمبدع: 7/295, والإنصاف: 9/11-12.
4 في ع زيادة "لها" بعد قال.
5 راجع المراجع السابقة في التعليق على قول الإمام أحمد: (إذا أراد الغلظة عليها في معنى..) من هذه المسألة.(4/1780)
على قوله ما نوى.1
[1155-] قلت: قال: رجل ظاهر من أمته؟ 2
قال: هو ظهار.3
قال أحمد: لا يكون ظهار إلا من زوجة.
قال إسحاق: كما قال.4
[1156-] قال أحمد: والخلية والبرية والبائنة والبتة وطلاق الحرج أخشى أن يكون ثلاثاً، وفي الحرام كفارة الظهار.
قال إسحاق: هو كما وصفنا أولاً على النيات.5
__________
1 سبق جواب الإمام إسحاق هذا في عدة مسائل. انظر: مثلاً المسألة رقم: (974، 1136) .
2 في نسخة ظ "امرأة"، والصواب ما أثبته من ع، لأن الأمة هي المقصودة هنا كما هو واضح.
3 القائل هو الإمام سفيان الثوري.
وقد سبق تقرير قوله في المسألة رقم: (1065) .
4 سبقت المسألة في المسألة رقم: (1065) ، وسبق الإشارة إلى أقوال الأئمة الثلاثة وإثباتها.
5 انفردت النسخة ع بنقل هذه المسألة, والألفاظ المذكورة عدا الحرام كناية ظاهرة في الطلاق، وسبق عن الإمامين الإجابة على ذلك والتعليق عليه مراراً.
انظر: المسألة رقم: (973، 974، 1136) .
وسبق قول الرجل لامرأته: أنت علي حرام في المسألة رقم: (1138) .(4/1781)
[1159-] قلت:1 بل أنت طالق؟
قال: واحدة.
قال إسحاق: كما قال.
[1160-] قلت: قال سفيان أم الولد والمدبرة طلاقهما طلاق الأمة وعدتهما عدة الأمة في الوفاة والفرقة.
قال أحمد: جيد.
قال إسحاق: كما قال.2
__________
1 في ع بلفظ "قلت: قال: بل أنت طالق لا بل وطالق؟ قال: هي واحدة, قال إسحاق: كما قال", ويعلل لما أثبته أن ذلك لا يقتضي إيقاع طلقة ولم تكن قبله طلقة يرد عنها الإضرار, وهو أقرب, لأنه بناء على التعليل الذي نقلت عن ابن مفلح آنفاً لا يرتفع الطلاق بعد وقوعه كما يقتضي قوله (وطالق) إيقاع الطلاق، فيقع بذلك طلقتان لا واحدة.
ومما يصوب ما في ظ أن جواب الإمامين أنها طلقة واحدة يناسبها، بخلاف ما في ع فإن فيه صيغتين.
2 المقصود من الوفاة إذا توفي عنها الزوج لا السيد, فإن الحكم يختلف حينئذ عن الأمة, أي أن عدة الأمة من الزوج ليست كعدتها من السيد، كما سبق عن الإمامين أحمد وإسحاق في المسألة رقم: (927) .
وعدة الأمة من وفاة الزوج عند الأئمة الثلاث, شهران وخمس ليال. وعدتها من الزوج في الفرقة حيضتان.
انظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/291.
وانظر أيضاً المبدع: 8/113, 8/116.
وسبق ذلك عن الإمامين أحمد وإسحاق في المسألة رقم: (906) .
وطلاق أم الولد والمدبرة طلاق الأمة، إلا أن الطلاق عند أحمد وإسحاق معتبر بالرجال كما سبق في المسائل رقم: (907، 910) .
[] وعند سفيان معتبر بالنساء كما في كتاب شرح السنة للبغوي: 9/61-62, فتبين كل من الأمة والمستولدة والمدبرة إذا كان زوجها حراً بثلاث تطليقات عند أحمد وإسحاق, وبتطليقتين عند سفيان.(4/1783)
[1161-] قلت: قال سفيان1: وقع عليها وهي لا تعلم أن لها الخيار، حلفت أنه ما وقع عليك وأنت تعلمين أنه2 كان لك الخيار، فإن حلفت خيّرت وإن كانت علمت فلا خيار لها3.
قال أحمد: إذا وقع عليها فلا خيار لها، علمت أو لم
__________
1 في ع بلفظ "إن وقع عليها".
2 في ع بلفظ "إن كان لك الخيار".
3 المسألة: فيما إذا أعتقت الأمة تحت عبد، كان لها الخيار ما لم يطأها وهي عالمة عند الإمام سفيان.
انظر: عن قوله: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/81, المغني: 6/661.(4/1784)
تعلم. 1
قال إسحاق: كما قال سفيان2.
[1162-] قلت: قال سفيان: إذا أعتقت الأمة خيّرت تحت من كانت حر أو عبد، فإن اختارت نفسها ولم يكن دخل بها فلا صداق لها، لأن الفرقة جاءت من قبلها، فإن3 اختارته فالصداق للسيد, لأن أصل المهر وقع للسيد حين تزوجت, وإن كان دخل بها
__________
1 قال الخرقي: "فإن أعتق قبل أن تختار أو وطئها بطل خيارها، علمت أن الخيار لها أو لم تعلم." مختصر الخرقي مع المغني: 6/660.
قال المرداوي في الإنصاف: "وهو المذهب، نص عليه في رواية الجماعة.
وروي عن الإمام أحمد مثل قول سفيان, دليل ما عليه المذهب: أن بريرة عتقت وهي عند مغيث عبد لآل أبي أحمد، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: "إن قربك فلا خيار لك".
أخرجه أبو داود في سننه: 2/673.
وذكر ابن قدامة أنه قول ابن عمر وحفصة، وقال في ترجيحه: "لأنه قول من سمينا من الصحابة، ولا مخالف لهم في عصرهم, ونقل عن ابن عبد البر: لا أعلم لابن عمر وحفصة من الصحابة مخالفاً".
راجع المغني: 6/660, الإنصاف: 8/178, المبدع: 7/96.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني: 6/661, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/70.
3 في ع بلفظ "وإن اختارته".(4/1785)
فالصداق أيضاً للسيد1.
قال أحمد: إذا كانت أمة فالصداق للسيد على حال2، ولا تخير تحت الحر.
قال إسحاق: كما قال أحمد3.
[1163-] قلت: قال سفيان: إذا أعتقت الأمة فعلمت في مجلسها أن لها الخيار فلم تختر فلا خيار لها.
قال أحمد: [لها4 الخيار] ما لم يغشها.5
__________
1 انظر: عن قول سفيان الثوري في ثبوت الخيار للأمة إذا أعتقت تحت حر في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/80.
وعن قوله: أن لا صداق لها أصلاً إذا اختارت فراقه قبل الدخول. الإشراف على مذاهب العلماء: 4/81.
2 المراد من كلام الإمام أحمد "على كل حال" ما دامت أمة.
3 مضت مسألة هل تخير الأمة إذا كان زوجها حراً برقم: (1036) .
ومضت مسألة ألا صداق لها إذا اختارت نفسها ولم يكن دخل بها في المسألة رقم: (1040) .
وسبق تقرير متى يكون لها الصداق إذا اختارت نفسها أو اختارت المقام معه في المسألة رقم: (1040) .
4 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأنه به يستقيم الكلام.
5 لما روى الإمام أحمد بإسناد عن الحسن بن عمرو بن أمية قال: "إذا عتقت الأمة فهي بالخيار ما لم يطأها, إن شاءت فارقته، وإن وطئها فلا خيار لها", أخرجه أحمد في المسند: 4/65, 66.
قال صاحب بلوغ الأماني: "لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال: "رواه أحمد متصلاً هكذا ومرسلاً من طريق أخرى, وفي المتصل الفضل بن عمرو بن أمية مستور, وابن لهيعة حديثه حسن لغيره, وبقية رجاله ثقات." بلوغ الأماني مع الفتح الرباني: 16/202.(4/1786)
[1164-] قلت: قال1: قال2 عمر رضي الله عنه في العربي يتزوج الأمة فولده لا يسترقون، يفديهم3.
قال أحمد: لا أقول في العربي شيئاً قد اختلفوا فيه4.
__________
1 القائل هو الإمام سفيان الثوري.
انظر عن قوله: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/79, فتح الباري: 5/170.
2 تأتي الروايات عن عمر رضي الله عنه في آخر المسألة.
3 في ع بلفظ "يفديهم بعددهم".
4 هكذا توقف الإمام أحمد في المسألة.
وفي المنتقى لأبي البركات ابن تيمية: 2/807 أن الإمام أحمد قال: "لا أذهب إلى قول عمر "ليس على عربي ملك" قد سبى النبي صلى الله عليه وسلم في غير حديث، وأبو بكر، وعلي حين سبى بني ناجية."
والصحيح من المذهب أنه إذا أبيح للحر نكاح أمة فنكحها ولم يشترط حرية أولاده, فهم أرقاء لسيدها، وعليه أكثر أصحاب الإمام أحمد.
وعن الإمام رواية أن ولد العربي يكون حراً، وعلى أبيه فداؤه."
الإنصاف: 8/170.(4/1787)
فذكر حديث بني المصطلق1 حين أعتقهم2 النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
1 بضم الميم وسكون المهملة وفتح الطاء وكسر اللام بعد قاف، وبنو المصطلق بطن شهير من خزاعة, وهو المصطلق بن سعيد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر, ويقال إن المصطلق لقب، واسمه: جذيمة بفتح الجيم بعدها ذال معجمة مكسورة.
انظر: أسد الغابة: 7/56, وفتح الباري: 5/171, وتاج العروس: 6/412.
2 في حديث عائشة -رضي الله عنها- حين قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق أن جويرية بنت الحارث جاءت إليه تستعينه على كتابتها، قال صلى الله عليه وسلم: "فهل لك في خير من ذلك؟ " قالت: "وما هو يا رسول الله؟ " قال: "أقضي كتابتك وأتزوجك." قالت: "نعم يا رسول الله." قال: "قد فعلت ... "
وفيه أن الناس لما سمعوا ذلك أرسلوا ما بأيديهم. قالت عائشة: "فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها".
أخرجه أحمد في المسند: 6/277. وأبو داود في سننه: 4/250 كتاب العتق، باب في بيع المكاتبة إذا فسخت الكتابة. والبيهقي: 9/74.
وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر.
ووجه الدلالة من الحديث واضح في أن عرب بني المصطلق استرقوا وأعتقوا.
وسبيهم وارد في عدة أحاديث منها الحديث المتفق عليه عن ابن عمر.
أخرجه البخاري في العتق، باب من ملك من العرب رقيقا فوهب وباع: 3/122.
ومسلم حديث رقم: (1730) ، 2/1356 في الجهاد: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرية بنت الحارث."(4/1788)
وذكر حديث عائشة -رضي الله عنها- كان عليها عتق أربع محرر من ولد إسماعيل [ع-57/أ] .1
قال إسحاق2: كما قال سفيان لأن عمر رضي الله عنه قال: "ليس على عربي ملك"3.
__________
1 ورد في حديث رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما زلت أحب بنى تميم منذ ثلاث سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهم، سمعته يقول: " هم أشد أمتي على الدجال." قال: وجاءت صدقاتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذه صدقات قومنا." وكانت سبية منهم عند عائشة فقال: "أعتقيها، فإنها من ولد إسماعيل."
[] وأورد الحافظ ابن حجر في فتح الباري: 5/170-172 ألفاظ الحديث وذكر منها: كانت على عائشة (محرر) و (نسمة) و (سبية) و"نذرت عائشة أن تعتق محرراً من بني إسماعيل"، ولم يذكر أنه كان عليها عتق أربع محرر, وذكر أن للطبراني في الكبير رواية أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاء بني العنبر قال لها: "خذي منهم أربعة".
2 انظر عن قول الإمام إسحاق في المسألة: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/79.
3 روى عنه ذلك البيهقي في سننه: 9/74، وقال: "هذه الرواية منقطعة عن عمر".
وروى عنه أيضاً في 9/43 "لا يسترق عربي".
وفي الرواية الأولى أنه قال: "إن أسلم وله مملوك من العرب يقوّم قيمته خمساً من الإبل فداء."
كما روى عنه أيضاً قوله "فرض في كل سبي من العرب فدى ستة فرائص، وأنه كان يقضي بذلك فيمن تزوج الولائد من العرب".
قال البيهقي: "وهذا أيضاً مرسل إلا أنه جيد."
السنن الكبرى للبيهقي: 9/74.(4/1789)
ورأى عمر فداء الأولاد، وهو الحق المبين1.
[1165-] قلت: قال عمر رضي الله عنه: والمولى يسترق ولده.
قال أحمد2: أما المولى فلا يختلف فيه أن ولده عبيد إذا كان
__________
1 والجمهور بخلافه لكثرة ما ورد من استرقاقهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبوب له البخاري: "باب من ملك من العرب رقيقاً فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية". قال الحافظ ابن حجر: "هذه الترجمة معقودة لبيان الخلاف في استرقاق العرب, وهي مسألة مشهورة."
والجمهور على أن العربي إذا سبي جاز أن يسترق, وإذا تزوج أمة بشرطه كان ولدها رقيقاً, وذهب الأوزاعي والثوري وأبو ثور إلى أن على سيد الأمة تقويم الولد ويلزم أبوه بأداء القيمة، ولا يسترق الولد أصلاً, وقد جنح المصنف إلى الجواز وأورد الأحاديث الدالة على ذلك.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار:"والحاصل أنه قد ثبت في جنس أسارى الكفار جواز القتل والمن والفداء والاسترقاق، فمن ادعى أن بعض الأمور تختص ببعض الكفار دون بعض لم يقبل منه ذلك إلا بدليل ناهض يخصص العمومات.
وقال ابن المنذر: "وقد أجمع أهل العلم أن العرب والعجم يستوون في الدماء، فإذا استووا في الدماء عند الجميع, واختلفوا فيما دون الدماء, كان حكم ما اختلفوا فيه حكم ما أجمعوا عليه, مع دلالة السنة."
[] راجع المنتقى: 2/805, الإشراف على مذاهب العلماء: 2/79-80, فتح الباري: 5/170-173, نيل الأوطار: 8/6.
2 في ع "قال أحمد"، ثم توجد عبارة غير واضحة وبعدها "له ولي" ثم يستقيم الكلام.(4/1790)
تزويجاً1، إلا أن يكون مغروراً بفداء ولده.2
[1166-] قلت: قال سفيان في رجل اشترى3 جارية مسروقة فوقع عليها فحبلت، أن لصاحبها القيمة لأنه استهلاك.
قال أحمد: الولد للمشتري لأنه مغرور، وليس عليه أن يفديهم4، وترد الأمة إلى مالكها الأول, وعلى الواطئ العقر.
[1167-] قلت: المهر؟
قال: نعم, ويرجع على من غره.
قال إسحاق: كما قال سواء. 5
[1168-] قلت: قال سفيان في رجل تزوج مملوكة فقال مواليها: تعمل بالنهار ونبعثها بالليل إليك.
__________
1 قال ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/79: "أجمع أهل العلم على أن العجمي والمولى إذا تزوج أمة فأولدها, أن الأولاد رقيق."
2 سبق تفصيل ذلك في المسألة رقم: (1108) .
3 في ع بلفظ "أمة".
4 في ع زيادة "لأنه شرى".
5 سبق تفصيل الكلام في هذه المسألة في المسألتين رقم: (1108، 1112) .(4/1791)
قال: على الزوج [نفقتها ما دامت1 عنده] .
قال أحمد: لا بد أن ينفق عليها إذا كانت عنده، يعني بالليل، والشرط جيد [ظ-33/ب] 2.
قال إسحاق: كما قال, لأن الشرط في مثل هذا جائز، ما لم يحرم3 حلالاً ولم يحل حراماً.
[1169-] قلت: قال سفيان: إذا أراد الرجل أن يزوج جاريته4 ولم يكن
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
2 الشرط صحيح؛ لأنه لا يخل بمقصود النكاح الذي هو الاستمتاع ويكون عادة ليلاً, وإذا كان الشرط صحيحاً لم يمنع صحة العقد, فالعقد صحيح والشرط صحيح.
وأما النفقة فإنها تجب حينئذ على الزوج مادامت عنده، أي الوقت الذي تكون عنده وهو الليل، فإن نفقتها تجب عليه فيه, وعلى السيد نفقة النهار، لأنها في خدمته حينئذ، ولأنها ثابتة على الأصل في وجوبها عليه.
قال في المقنع: "وإن سلمت الأمة نفسها ليلاً ونهاراً فهي كالحرة, فإن كانت تأوي إليه ليلاً, وعند السيد نهاراً, فعلى كل واحد منهما النفقة مدة مقامها عنده." المقنع مع المبدع: 8/203.
راجع المغني: 6/564, الإنصاف 8/345, المبدع: 8/203.
3 في ع بلفظ "لم يحرم حلالاً ولا أحل حراماً".
4 في ع بحذف "الواو".(4/1792)
يقع عليها، فليزوجها وليس عليها عدة1, وإذا باعها استبرأها المشتري.
قال أحمد: جيد.
قال إسحاق: كما قال.
[1170-] قلت: قال سفيان: إذا زوّج الرجل أم ولده فلا يزوجها حتى يستبرئها بحيضة, فإن زوجها ودخل بها2 ثم مات عنها اعتدت من زوجها، ثم رجعت إلى مواليها.
قال أحمد: نعم، كما قال.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 سبقت مسألة من له جارية يطؤها فأراد أن ينكحها أو يبيعها برقم: (1024) .
وأما إذا كان لا يطؤها فأراد أن يبيعها فقد سبقت أيضا برقم: (1025) .
وإن أراد تزويجها لم يلزمه استبراؤها كما اتفق عليه الأئمة الثلاثة هنا، وهو المذهب عند جماهير أصحاب الإمام/ ونقله جماعة عن الإمام أحمد كما في الإنصاف.
وعنه أنه يلزمه الاستبراء وإن لم يطأها. انظر: الإنصاف: 9/324.
2 في ع زيادة "زوجها".
3 سبقت مسألة استبراء أم الولد قبل تزويجها برقم: (928) .
وسبق أن الأمة إذا توفي زوجها تعتد عدة وفاة شهرين وخمس ليال بمسألة رقم: (1082) .(4/1793)
[1171-] قلت: سئل [سفيان] 1 [ع-57/ب] عن رجل زوّج أم ولده قبل أن2 يستبرئها بحيضة, فمات عنها سيدها قبل أن يدخل بها زوجها، ثم فارقها زوجها قبل أن يدخل بها3، فليس عليها عدّة لا من زوجها ولا من سيدها.
قال أحمد: كما قال4.
قال إسحاق: كما قال.
قال أحمد: فإن مات عنها زوجها قبل أن يدخل بها لم ترثه 5، وكان لها صداقها كله, وتعتد شهرين وخمسة أيام6, وإن لم
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
2 في ع بلفظ "بعد أن يستبرئها بحيضة".
3 يظهر أن هذا نهاية السؤال, وأن جواب سفيان يبدأ من قوله: "فليس عليها عدة" ولعل كلمة "قال" سقطت أي: قال سفيان فليس عليها عدة، لا من زوجها ولا من سيدها.
4 أما عدم العدة من زوجها فلأنه لم يدخل بها، وأما عدم العدة من سيدها فلأنها محرمة عليه وليست له فراشاً، فإنه زال فراشه عنها قبل وجوب الاستبراء.
راجع: المبدع: 8/105, الإنصاف: 9/324, المغني: 7/504, شرح السنة: 9/318.
5 لم ترثه لكونها أمة رقيقة، والرق مانع من موانع الميراث.
انظر: الفروع: 5/56, المبدع: 6/264, المغني: 6/266.
6 كما سبق بيان ذلك في المسألة رقم: (1160) .(4/1794)
يكن سمّى لها صداقاً فلها صداق مثلها, وكذلك المدبرة والمكاتبة.
قال إسحاق: كما قال.
[1172-] قلت: قال سفيان: إذا مات الرجل عن سريته وقد ولدت له أولاداً وهي حائض لم يحتسب بهذه1 الحيضة, عليها ثلاث حيض سوى هذه، وهي تخرج وتطيب وتخطب, ولكن لا تتزوج حتى تحيض ثلاث حيض2.
قال أحمد: تعتد حيضة، إنما هذه لا مطلقة ولا متوفى عنها زوجها لأنها أمة، إنما عليها 3 أن تحيض وليس عليها العدة، تخرج وتطيب وتخطب، ولكن لا تتزوج حتى تحيض [حيضة] 4.
__________
1 في ع بلفظ "هذه".
2 انظر: عن قول الإمام الثوري المغني: 7/501, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/289, وشرح السنة: 9/317.
3 في ع بلفظ "إنما عليها أن تعتبر".
4 ما بين المعقوفين أثبته من ع، وسبق الكلام على عدة أم الولد إذا توفي سيدها بمسألة رقم: (927) .
وأما خروجها وعدم إحدادها، فمحل إجماع.
قال ابن المنذر: "ولا أعلمهم يختلفون في أن لا حداد على أم الولد إذا مات سيدها"، كما في الإشراف على مذاهب العلماء، ونقل عنه ذلك ابن قدامة أيضاً في المغني، وأقرّه.
انظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/295, والمغني: 7/517.(4/1795)
قال إسحاق: تعتد أربعة أشهر وعشراً لأنها صارت حرة، حديث عمرو بن العاص1 رضي الله عنه.
[1173-] قلت: قال سفيان: إذا زوّج الرجل أم ولده فمات سيدها قبل أن يدخل بها زوجها, خيّرت: فإن اختارت نفسها فلا صداق لها ولا لسيدها, وإن اختارت زوجها فالصداق للسيد2, وإن كان الزوج دخل بها فمات عنها سيدها فإنها تخيّر، والصداق للسيد.
قال أحمد: نعم، كما قال.
قال إسحاق: كما قال3.
__________
1 سبق الكلام على قول الإمام إسحاق وتوجيهه.
وكذلك سبق تخريج حديث عمرو بن العاص الذي أشار إليه هنا في المسألة رقم: (927) .
2 انظر: عن قول الإمام الثوري في أن لا صداق لها إذا اختارت الفرقة قبل الدخول. الإشراف على مذاهب العلماء: 4/81.
3 سبق توضيح المسألة وتقريرها في المسألة رقم: (1040) .(4/1796)
[1174-] قلت: قال: سألت سفيان عن رجل1 تزوج امرأة حاملاً من السبي أو من فجور، هل يجوز تزويجه؟
قال: يفرّق بينهما.
قال أحمد: جيد2.
قال إسحاق: كما قال.
قال أحمد: ولا 3يكون ذلك طلاقاً إذا4 وضعت، إن شاء خطبها إذا لم يكن دخل5 بها، فإن كان دخل بها يفرّق بينها وبينه، ولها الصداق وينالان بأدب. فإن شاء
__________
1 نهاية اللوحة رقم: 112، وبداية اللوحة رقم: 113 من ع.
2 لا يجوز وطء الحامل سواء كانت أمة ملكها أو زوجة، لما قال صلى الله عليه وسلم في سبايا أوطاس: "لا توطأ حامل حتى تضع".
وسبق تخريجه في المسألة (1024) .
وفي حديث رويفع بن ثابت مرفوعاً: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه ولد غيره".
أخرجه أحمد في المسند: 4/108, وأبو داود، حديث رقم: 2158, والترمذي 1131, وقال: حديث حسن.
فإذا تزوج امرأة حاملاً أو معتدة في عدّتها، فرّق بينهما.
قال ابن المنذر: "ومنع كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار أن يطأ الرجل جاريته يملكها من السبي وهي حامل, حتى تضع حملها". وقال: "ممن حفظنا عنه ذلك ... " وذكر منهم أحمد وإسحاق.
راجع: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/312، وزاد المعاد: 5/105, 155.
3 في ع بحذف الواو.
4 في ع بلفظ "فإذا وضعت".
5 هذا القيد لعدم وجوب الصداق عليه، وعدم التأديب لهما لا لجواز خطبتها بعد الوضع.(4/1797)
خطبها بعد أن تضع ما في بطنها، ثم تعتد من الزوج الأخير عدة مستقبلة.
قال أحمد: فإن لم تكن حاملاً فتزوجت في عدّتها فإنه يفرّق بينهما، ولها الصداق بما أصاب منها ويؤدّبان1, فإن كانت2 جاءت بولد من هذا الوطء الثاني لأكثر من ستة أشهر فهو له, فإن ادعاه الأول وادعاه الأخير دعي له القافة فألحقوه بأبيه3.
__________
1 سبقت مسألة من تزوج في العدة في المسألة رقم: (880) .
وإذا تزوج رجل امرأة معتدة وهما عالمان بالعدة وتحريم النكاح فيها, ووطئها فهما زانيان عليهما حد الزنى, وإن علم ذلك أحدهما دون الآخر وجب عليه الحد, ذكره ابن قدامة في المغني: 7/484.
ويمكن أن مجمل التأديب ذكره الإمام أحمد والإمام إسحاق فيما إذا علما أنها في العدّة وجهلا تحريم النكاح فيها.
2 في ع بحذف "كانت".
3 وذلك إذا أمكن كونه منهما، وذلك فيما إذا ولدت لأكثر من ستة أشهر ولأربع سنين فما دونها, وقد أورد المرداوي في الإنصاف رواية ابن منصور هذه.
راجع المغني: 7/483, الإنصاف: 9/299.(4/1798)
[1175-] قلت: فلمن تكون هذا العدة التي انقضت بالولادة1؟
قال: تكون هذه العدة لمن ألحق به الولد، ثم تعتدّ أيضاً ثلاث حيض؛ لأنه اجتمع عليها وطئان2.
قال إسحاق: كما قال. إنما يؤدبان إذا علما العدة.
[1176-] قلت: قال سفيان: إذا وهبت له أو تصدق بها عليه أو ورثها أو اشتراها فلا يقع عليها حتى يستبرئها, فإذا3 باع جارية فردت عليه من عيب أو شيء، فلا يقع عليها حتى يستبرئها إذا كان صاحبها قد قبضها.
قال أحمد: جيد ما أحسن ما قال4.
__________
1 قال الخرقي: "وإن أتت بولد يمكن أن يكون منهما أري القافة وألحق بمن منهما، وانقضت عدتها منه، واعتدت للآخر". الخرقي مع المغني: 7/483.
2 في ع بلفظ "وإذا باع".
3 يلزم على من عادت إليه أمته بعد القبض لأنه تجديد ملك.
انظر: المبدع: 8/153, الإنصاف: 9/322.
4 من ملك أمة بسبب من الأسباب المذكورة لزمه استبراؤها, فلا يحل له وطؤها ولا الاستمتاع بها حتى يستبرئها، سواء ملكها من صغير أو كبير أو رجل أو امرأة, وسواء كانت هي ممن تحمل أو ممن لا تحمل، هذا المذهب وعليه الأصحاب, وعن الإمام أحمد رواية بأنه لا يلزمه استبراء إذا ملكها من طفل أو امرأة, وعنه رواية أن الاستبراء في التي تحيض فقط.
وعنه رواية أن التحريم يختص بالوطء دون الاستمتاع، وهو جواب الإمام أحمد في المسألة رقم: (1183) وتأتي قريباً.
انظر: الإنصاف: 9/316, المبدع: 8/149, المغني: 7/509, الفروع: 5/561.(4/1799)
قال إسحاق: كما قال.
[1177-] قلت: قال الحسن: إذا اشتراها وهي حائض اجتزى بتلك الحيضة1 [ظ-34/أ] .
قال سفيان2: وكان أصحابنا يقولون: حتى تحيض حيضة أخرى.
قال أحمد: جيد، يعني قول سفيان3.
__________
1 نسب ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/315, للحسن البصري أنه يذهب إلى أنها تُستبرأ بحيضة أخرى, وأورد بعد ذلك القول الثاني وهو أن يجتزى بتلك الحيضة وقال: "وقد اختلف فيه عن الحسن البصري".
وكذلك في مصنف ابن أبي شيبة نسب للحسن القول الأول. انظر: مصنف ابن أبي شيبة: 4/225.
2 في ع بحذف سفيان.
انظر: عن قول سفيان الثوري في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/315.
3 وهو أنها لا تكتفي ببقية الحيضة. انظر: المبدع: 8/157, الاستذكار: لابن عبد البر في لوحة 224.(4/1800)
قال إسحاق1: الذي نختار ما قال الحسن: إذا اشتراها حائضاً اجتزى البائع والمشتري بتلك الحيضة2.
[1178-] قلت: قال سفيان: إذا اشتراها من امرأة يستبرئها لأن السنة أن يستبرئها3.
قال أحمد: جيد4.
قال إسحاق: كما قال5.
[1179-] قلت: إذا اشترى الجارية التي لا تحيض؟
قال أحمد: يستبرئها بثلاثة أشهر6.
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/315.
2 نهاية اللوحة رقم: 65 من ظ، وبداية اللوحة رقم: 66.
3 انظر: عن قول سفيان هذا في مصنف ابن أبي شيبة: 4/225.
4 وهو المذهب وعليه الأصحاب, راجع المسألة رقم: (1176) .
5 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/314.
6 المذهب استبراء الجارية عند الملك ولو كانت لا تحيض.
وعن الإمام رواية بأن الاستبراء خاص بمن تحيض.
وما أجاب به الإمام هنا من كون التي لا تحيض تستبرأ بثلاثة أشهر، نقله الجماعة عنه كما قاله في الإنصاف.
وقال ابن قدامة في المغني: هو المشهور عن أحمد.
وفي الفروع: (وهي أظهر) وعنه أنها تُستبرأ بشهر.
قال في الإنصاف: وهو المذهب، وعنه تستبرأ بشهر ونصف وعنه بشهرين.
راجع الإنصاف: 9/ 326, والمبدع: 8/157, والفروع: 5/266, والمغني: 7/502.(4/1801)
قال إسحاق: كما قال1
[1180-] قلت: قال سفيان: إذا اشترى 2الجارية ممن تحيض فلم تحض؟
قال: هو عيب ترد منه [ع-58/أ] .
قال أحمد: هذا عيب ترد منه.3
قال إسحاق: كما قال.
[1181-] قلت: قال سفيان: إذا اشترى عجوزاً وقد يئست من المحيض
__________
1 ذكر الإمام إسحاق في المسألة رقم: (1181) وكذا في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/316 أن الأمة تُستبرأ أربعين ليلة عجوزاً كانت أو ممن قاربت أن تحيض, فينزل قوله هنا (تُستبرأ بثلاثة أشهر) على من عداهما ممن لا تحيض وممن ارتفع حيضها، كما صرح به في المسألة المشار إليها.
2 في ع بلفظ "إذا ابتاع الرجل".
3 انظر: عن هذا الحكم: المبدع: 4/86, والإنصاف: 4/341, وروضة الطالبين: 3/461.(4/1802)
فعليه أن يستبرئها1 بثلاثة أشهر، وإن شاء شهراً ونصفاً, ولا يقبل ولا يباشر لأن السنة من اشترى جارية فعليه الاستبراء. وإن كانت ممن لا تحيض ولا تلد فعليه أن يستبرئها.
قال أحمد: يستبرئها بثلاثة أشهر لأن الحمل لا يستبين في أقل من ثلاثة أشهر2، والباقي كما قال.
[1182-] قال إسحاق: الأمر في ذلك أن يستبرئها أربعين ليلة عجوزاً كانت أو ممن قاربت أن تحيض،3 فإن كانت ممن تحيض
__________
1 قال ابن المنذر في الإشراف: 4/316: "واختلفوا في استبراء الأمة التي لا تحيض من صغر أو كبر. وقال الثوري: بشهر ونصف، أو ثلاثة أشهر, أي ذلك فعل فلا بأس."
2 سبق كلام الإمام أحمد وتقرير المذهب عنده والروايات عنه في المسألة رقم: (1179) .
3 انظر: عن كلام الإمام إسحاق هذا في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/316.
وحكم من كان عليها استبراء عند الحنابلة وارتفع حيضها إن كانت تعرف ما رفعه انتظرته حتى يجيء فتستبرئ به أو تصير من الآيسات وتعتد بالشهور، وإن كانت لا تدري ما رفعه تربصت تسعة أشهر ثم استبرأت استبراء الإماء على التفصيل السابق في كونه ثلاثة أشهر أو شهراً أو شهرين أو شهراً ونصفاً.
ولم أجد من نسب للإمام إسحاق أنها تستبرئ بثلاثة أشهر.
وقد سبق عن إسحاق موافقته لمالك وأحمد أن عدة التي ارتفع حيضها ولا تدري ما رفعه تنتظر تسعة أشهر، فإن لم تحض فيهن اعتدت ثلاثة أشهر، في المسألة رقم: (1260) .
وسبقت موافقته للإمام أحمد على أن استبراء الجارية التي لا تحيض ثلاثة أشهر في المسألة رقم: (1179) ، فقياس قوله أن تنتظر الأمة التي ارتفع حيضها ولا تدري ما رفعه تسعة أشهر ثم تُستبرأ بثلاثة أشهر, ويحتمل أنه نزلها منزلة من لا تحيض وهو ظاهر قوله.(4/1803)
فارتفع الحيض استبرأها بثلاثة أشهر لأنه لا يتبين الحبل في أقل من ثلاثة أشهر، كذلك أخبرني الوليد1 بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري2.
__________
1 الوليد بن مسلم القرشي مولى بني أمية وقيل مولى بني العباس، أبو العباس الدمشقي عالم الشام, روى عن الأوزاعي، ومالك، وابن جريج, والثوري, وخلق, وعنه الليث أحد شيوخه وابن وهب وأحمد, وإسحاق بن راهوية وابن المديني. مات سنة أربع وتسعين ومائة.
انظر: تهذيب التهذيب: 11/151, وتذكرة الحفاظ: 1/302, وخلاصة تهذيب الكمال: 358, وميزان الاعتدال: 4/347, وطبقات الحفاظ للسيوطي: 132.
2 لم أقف عليه بهذا السند عن الزهري، ولكن أخرج عبد الرزاق في مصنفه: 6/339 عن معمر عن الزهري نحوه.
وكذلك أخرج الطبري في تفسيره جامع البيان: 28/140 من طريق معمر عن الزهري نحوه أيضاً.
وكذلك أشار إلى ذلك عن الزهري: ابن حجر في فتح الباري: 9/470.(4/1804)
[1183-] قلت: قال1 سفيان: وقد كان بعض من يشار إليه من أهل العلم يقول: إذا ابتاع الصغيرة ممن لا يجامع مثلها يقول: ليس عليها عدة2.
قال سفيان: أحب إلي إذا اشترى الصغيرة التي لا يجامع مثلها أن لا يقبل ولا يباشر حتى يستبرئها من قبل السنة3.
قال أحمد4: أجاد5 يعني سفيان.
__________
1 في ع زيادة "قلت لأحمد".
2 أي ليس عليها استبراء, قال ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/314, وقال عكرمة وإياس بن معاوية: "وإذا اشترى جارية صغيرة لا يجامع مثلها, ولا بأس أن يطأها ولا يستبرئها."
3 انظر: عن قول سفيان في عدم مباشرتها وتقبيلها: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/316.
4 المذهب أن الصغيرة تُستبرأ كغيرها وفي رواية أنها لا تُستبرأ. راجع المسألة رقم: (1176) .
وقد سبق في المسألة رقم: (1176) عن الإمام أحمد أن الاستبراء يحرم به الوطء دون الاستمتاع.
وعلى المذهب أن الاستمتاع قبل الاستبراء يحرم أيضاً، واستثنيت المسبية فإن في الاستمتاع بها فيما دون الفرج روايتين، والمذهب عدم الحل.
[] انظر: الإنصاف: 9/136-137, والكافي: 3/334.
5 في ع بلفظ "قال أحمد: جيد".(4/1805)
قال إسحاق: لا بأس أن يقبلها ويباشرها لأنها ممن لا يخشى أن ترد من حبل، ولا نرى بالمدركة بأساً أن يقبلها ويباشرها قبل الاستبراء لحديث1 ابن عمر -رضي الله عنهما-.
[1184-] قلت: سئل سفيان عن رجل اشترى جارية لم تحض وقد حاض مثلها؟
قال: من الناس من يقول لا يقربها حتى يأتي عليها سنتان أقصى ما تلد فيها النساء2 أو تحيض قبل ذلك.
قال أحمد: إنما يراد من ذلك أن [يعلم3 أن] ليس بها حبل يستبرئها بثلاثة أشهر4.
قال إسحاق: كما قال أحمد5.
__________
[1] حديث ابن عمر هو ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 4/227-228 قال: "وقعت لابن عمر جارية يوم جلولاء في سهمه كان في عنقها إبريق فضة، قال: فما ملك نفسه أن جعل يقبلها والناس ينظرون."
2 سبق أن أقصى مدة الحمل عند الإمام سفيان سنتان. راجع المسألة رقم: (1127) .
3 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأنه به يستقيم السياق.
4 انظر: المسألة رقم: (1181) ، وكذلك سبق ذكر الروايات في المسألة رقم: (1176) .
5 انظر: عن قوله في: المسألة رقم: (1176، 1182) .(4/1806)
[1185-] قلت: قال الحسن في رجل قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله تعالى، كان يلزمه1؟
وكان سفيان إذا سئل عن هذا لم يقل [ع-58/ب] فيه شيئاً2.
قال أحمد: 3 أما أنا فلا أقول فيه شيئاً.
[1186-] قلت: لم؟
قال: الطلاق ليس هو يمين.
[1187-] قلت: وكذلك العتق؟
قال: نعم لو كان معناهما معنى اليمين لكفّر يمينه وراجع امرأته وارتجع في عتقه4.
__________
1 انظر عن قول الحسن البصري في: مصنف عبد الزراق: 6/389 ومصنف ابن أبي شيبة: 5/148, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/186, والمغني: 7/216.
2 أخرج عبد الرزاق في مصنفه: 6/389 بسنده عن الثوري عن إسماعيل عن الحسن قال: "ليس استثناؤه بشيء."
3 في ع بلفظ "قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى".
4 سبق تقرير مذهب الإمام أحمد في ذلك في المسألة رقم: (951) وأن المشهور عنه وقوع الطلاق.
وانظر أيضاً مسألتي (952، 953) .(4/1807)
قال إسحاق: ينفعه استثناؤه ولا يقع عتاق ولا طلاق لأنه1 وإن لم يكن يميناً فهو فعل منه قد2 تقدمت النية فيه، على أن لا يقع بها الطلاق والعتاق لاستثنائه3.
قال إسحاق: وأما الاستثناء في الطلاق فإن علماء أهل المدينة وأهل العراق اختلفوا، فرأى مالك4 ومن سلك طريقه من أهل العراق مثل ابن أبي ليلى5 وضرباؤه، ومن أهل الشام الأوزاعي6 وضرباؤه [أن الطلاق
__________
1 في ع بحذف "الواو".
2 في ع بلفظ "فقد تقدمت النية على أن لا يقع بها الطلاق ولا العتاق لاستثنائه".
[3] سبقت المسألة بقولي الإمامين أحمد وإسحاق في المسألتين: (951-953) .
وانظر: عن قول إسحاق أيضاً في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/186, والمحلى: 9/217.
4 ففي المدونة: 2/122 "ليس قوله أنت طالق إن شاء فلان مثل قوله أنت طالق إن شاء الله، إنما الاستثناء في قول مالك: أن يقول أنت طالق إن شاء الله فالطلاق فيه لازم، وأما إذا قال إن شاء فلان فلا يطلق حتى يعرف أيشاء فلان أم لا".
انظر أيضاً: الكافي في فقه أهل المدينة: 1/476.
5 محمد بن أبي ليلى. وقوله هذا في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/186, والمحلى: 9/217.
6 انظر قول الأوزاعي في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/186, والمغني: 7/216, والمحلى: 9/217.(4/1808)
واقع1 ولا تنفعه ثنياه] .
وقد ذهبوا فيما نرى والله أعلم أن الطلاق فعل من الأفعال، وإنما الاستثناء في الأيمان، مع ما تقدمهم في قولهم مثل سعيد بن المسيب ومن بعده.2
والذين رأوا الاستثناء جائزاً مثل إبراهيم3 وطاووس ونظرائهم واتبعهم الثوري وأخذ بقولهم، رأوا الثنيا في [الطلاق وغيره4 جائزة] .
وهذا الذي يعتمد عليه، وذلك أن الثنيا وإن كان كما ادعوا أنها في الأيمان وليست في الأفعال، فإن معنى الآخر قائم وهي إرادة الحالف ومخرج كلامه على ما سبق من إرادته، وعامة الطلاق إنما هو على الإرادات بعد أن تكون الألفاظ التي تعتبر
__________
1 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ "الطلاق واقعاً ولا تقع ثنياه".
2 انظر قول سعيد بن المسيب في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/186, المغني: 7/216, [] [] المحلى: 9/217-218, فقه سعيد بن المسيب: 3/346-347.
3 انظر قول إبراهيم النخعي وطاووس في: مصنف عبد الرزاق: 6/389 ومصنف بن أبي شيبة: [5/47-48,] والمغني: 7/216 وكذلك الثوري موجود قوله معهم، وسبق عنه في أول الكلام في المسألة أنه لم يقل شيئاً, والمحلى: 9/217.
4 ما بين المعقوفين أثبته من ع، والذي في ظ "في الطلاق جائز".(4/1809)
الإرادة [موافقة1] ، فلما قال: أنت طالق إن شاء الله تعالى، علمنا بما أظهر2 من الثنيا أن إراداته أن لا يطلق، فهو على ما أراد. وهو أحسن المذهبين فيما نرى والله أعلم3.
[1188-] قلت: قال الحسن 4 في العبد يأبق وله امرأة: هي فرقة.
قال أحمد: لا تكون فرقة، لا5 بيع ولا هبة ولا صدقة ولا ميراث إلا أن تعتق, فإذا عتقت وكانت تحت عبد خيرت، فإن
__________
1 في ع "موافق"، وفي ظ "موافقاً"، وقواعد اللغة العربية تقتضي ما أثبته, وهذه القاعدة أعني قاعدة الاعتماد على النية طبقها الإمام إسحاق في عامة مسائل الكنايات في الطلاق، ومعظم الخلاف بينه وبين الإمام أحمد في مسائل الطلاق كانت لتمسكه الشديد بهذه القاعدة.
انظر: أمثلة لأجوبته في المسائل رقم: (955، 973، 11036، 1138) .
2 في ع بلفظ "علمنا أن بما أظهر من الثنيا أن إرادته على أن لا يطلق".
3 سبق الكلام على الرأيين وبيان الراجح منهما، وبيان ما ذهب إليه الإمام إسحاق، وأنه رواية عن الإمام أحمد في المسألة رقم: (951) .
4 وردت نحو هذه المسألة في مسائل أبي داود 178.
وانظر: عن قول الحسن في مصنف عبد الرزاق: 7/93 ومصنف ابن أبي شيبة: 5/200, والإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر: 4/106, ولم ينسبوا في كتبهم هذا القول لأحد غيره.
5 في ع زيادة "و" قبل "لا بيع".(4/1810)
اختارت نفسها فهي فرقة، وما سوى ذلك لا يكون فرقة1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1189-] قلت: قال سفيان: إذا كانا مشركين لهما عهد فأسلما، فهما على نكاحهما.
قال سفيان: فأيهما أسلم قبل صاحبه عرض عليه الإسلام فإن أبى فرّق بينهما, فإن أسلم بعد ذلك فلا شيء إلا بنكاح جديد3 [ظ-34/ب] .
قال أحمد: لا, هو أحق بها إن أسلم في عدتها. 4
__________
1 سبق الكلام على خيار الأمة إذا أعتقت تحت عبد في مسألة (1036) ، وأنها إذا اختارت نفسها كان ذلك فرقة بغير طلاق, وفي مسألة (1038) قيل للإمام أحمد: "لم لا يكون طلاقا؟ ".
قال: "الطلاق ما تكلم به الرجل, إنما هذا شيء من قبلها".
2 انظر: عن قول إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/106.
3 انظر نص كلام الإمام سفيان الثوري هذا في: اختلاف العلماء لمحمد بن نصر المروزي, لوحة 30, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/208, والاستذكار لابن عبد البر، لوحة 140.
4 سبق التفصيل في مسألة إسلام الزوجين الكتابيين أو المجوسيين أو أحدهما في المسألة رقم: (1146) .(4/1811)
قال إسحاق: كما قال أحمد. 1
[1190-] سئل2 إسحاق3 عن مجوسي تزوج مجوسية صغيرة ثم أسلم قبل أن يدخل بها، ومات قبل أن تدرك الجارية؟
فقال: لها4 المهر بالعقدة، ولا ميراث بينهما. 5
[1191-] قيل: فإن أسلمت في العدّة؟
قال: هذه صغيرة6 ولا تعقل الإسلام، فإن كانت كبيرة فأسلمت قبل أن يقسم الميراث، فلها الميراث قبل انقضاء العدّة
__________
1 نهاية اللوحة رقم: 66 من ظ.
2 بداية اللوحة رقم: 67 من ظ.
3 هذه المسألة انفرد بالسؤال عنها الإمام إسحاق، وسوف تأتي مسائل ينفرد بها إسحاق تارة، وينفرد بها أحمد تارة أخرى.
4 في ع بلفظ "فقال: المهر لها بالعقدة ولا ميراث لها".
5 أما المهر فلها نصف المهر لأن الفرقة جاءت من قبله، وأما الميراث فلا ميراث لها، للإجماع بأن الزوجين الوثنيين إذا أسلم أحدهما قبل صاحبه ولم يدخل الزوج بامرأته أن الفرقة تتعجل بينهما، كما حكاه ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/210
6 في ع بحذف "الواو".(4/1812)
أو بعده1.
[1192-] قلت: قال الحسن2 في النصرانية تسلم وزوجها نصراني أو3 المجوسية تكون تحت المجوسي فتسلم قبل أن يدخل بها ولا يسلم: لا صداق لها4.
قال سفيان: فكان غيره من الفقهاء يقول: لها نصف الصداق وإن لم يكن دخل بها؛ لأنها دعته إلى الإسلام فأبى5.
__________
1 مذهب الإمام إسحاق أن المجوسية المدخول بها إذا أسلمت أو أسلم زوجها, فأسلم المتأخر منهما قبل انقضاء العدة، فهما على النكاح، كما في مسألة (1146) , والإشراف على مذاهب العلماء: 4/210.
وللإجماع الذي نقله ابن المنذر في التعليق على قول إسحاق: "لها المهر بالعقدة ولا ميراث بينهما" من المسألة السابقة (1190) يحمل قوله على إسلام الكبيرة إذا كانت مدخولاً بها وتوريثها بعد العدة يخالف ما أجاب به إسحاق في المسألة رقم: (1146) وما نقل عنه ابن المنذر آنفاً من أنه تقع الفرقة بينهما إذا أسلمت بعد العدة، والأقرب أن لا ميراث لها.
2 انظر عن قول الحسن في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/209, المغني: 6/615.
3 في ع "و" بدل "أو".
4 في ع "فلا صداق لها".
5 وهو قول الثوري كما في المغني واختلاف العلماء للمروزي، وهو رواية عن الإمام أحمد, وممن قال بذلك قتادة, وعلل ذلك ابن قدامة بنحو ما ذكره الإمام سفيان هنا, قال: "لأن الفرقة حصلت من قبله بإبائه الإسلام وامتناعه منه, وهي فعلت ما فرض الله عليها، فكان لها نصف الصداق ما فرض الله لها، كما لو علق طلاقها على الصلاة فصلت." ا.?.
انظر: المغني: 6/615, واختلاف العلماء لمحمد بن نصر المروزي، لوحة: 28, والإنصاف: 8/211.(4/1813)
قال أحمد: ليس لها شيء. 1
قال إسحاق: كما قال2.
[1193-] قلت: قال الشعبي3: كل فرقة طلاق.
قال سفيان: فأما الذي [نستحب نحن4] : فإن جاءت الفرقة من قبلها
__________
1 قال المرداوي رحمه الله: "هذا المذهب نص عليه, وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به أكثرهم." ا.?.
وقدمه ابن قدامة في المغني وعلله "بأن الفرقة حاصلة بفعلها فلم يجب لها شيء كما لو ارتدت".
انظر: المغني: 6/615, الإنصاف: 8/211.
2 في ع بلفظ "كما قال أحمد".
وانظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/209.
3 انظر مذهب الشعبي في مثل ذلك في الخلع مثلاً: المغني: 7/56, شرح السنة للبغوي: 9/196, واختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، لوحة رقم: 105.
4 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ "الذي نستحب فإن جاء".(4/1814)
فليس بشيء، وإذا جاءت من قبله فهو طلاق1.
قال أحمد: كل فرقة بين الرجل وامرأته فهي فرقة بغير طلاق، إلا أن يلفظ بالطلاق2 مثل قوله: أنت طالق، أو الخيار، فإنها واحدة تملك [ع-59/أ] رجعتها3، أو يجعل أمرها بيدها أو بيد غيرها، فهو على ما طلقت نفسها أو طلقها المجعول إليه أمرها4.
فأما اللعان5 وخيار6 الأمة
__________
1 ونسبوا إليه أن مذهبه في الخلع أنه تطليقة بائنة، مع أن ذلك فرقة من قبلها.
انظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/218, شرح السنة: 9/196, المغني: 7/56, واختلاف العلماء للمروزي، لوحة 38, واختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، لوحة 105.
2 سبق عن الإمام أحمد في مسألة (1039) أنه سئل: إن عتقت الأمة تحت عبد فخيّرت فاختارت نفسها، لم لا يكون طلاقاً؟
قال: "الطلاق ما تكلم به الرجل، إنما هذا شيء من قبلها".
وانظر أيضاً المبدع: 7/96.
3 انظر: المسألة رقم: (974) , فقد سبق الكلام على ذلك.
4 سبق تفصيل الكلام في مثل هذا في المسألة رقم: (1059) .
[5] انظر: عن قول الإمامين في: المغني: 7/412-413, الإنصاف: 9/251, شرح السنة: 9/256.
6 انظر: المسألة رقم: (1038) .(4/1815)
والخلع1 [والمرضعة2] والذي يغشى أم امرأته3 وكل شيء يلزمه فراقها، فهو فراق وليس بطلاق.
قال إسحاق: كما قال4, إلا أمرك بيدك، فهو على ما نوى الزوج: إن نوى واحدة فواحدة, وإن نوى ثنتين فثنتين, وإن نوى كل أمرها فالقضاء ما قضت5.
__________
1 ورد عن الإمام أحمد روايتان في الخلع هل هو فسخ أو طلقة بائنة، والصحيح من المذهب أنه فسخ، كما ذهب الإمام أحمد هنا.
ونقل المرداوي عن الزركشي أنه قال: "هذه هي المشهورة في المذهب واختيار عامة الأصحاب متقدمهم ومتأخرهم", ويشترط في وقوع الخلع فسخاً أن لا ينوي به الطلاق، فإن نوى به الطلاق كان طلاقاً على الصحيح من المذهب.
المغني: 7/56, الإنصاف: 8/392.
وانظر أيضاً عن قول الإمام إسحاق في أن الخلع فسخ: الإشراف: 4/218, شرح السنة: 9/296, واختلاف العلماء للمروزي، لوحة 38.
راجع أيضاً التعليق على المسألة رقم: (970) .
2 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ "المرضع".
[] وانظر: عن قول الإمامين في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/115, والإنصاف: [9/339-340.
[3]] انظر: مسألتي رقم: (914-915) فقد سبق الكلام على المسألة.
4 في ع بلفظ "قال إسحاق: هو كما قال".
5 وافق الإمام إسحاق الإمام أحمد في تفريقه بين ما يكون فسخاً وما يكون طلاقاً، وخالفه فيما يقع إذا قال الرجل لامرأته: أمرك بيدك, وسبق تقرير ذلك في المسألة رقم: (1059) .(4/1816)
[1194-] قلت: سئل سفيان عن رجل دخل بامرأته فلم يصل إليها1 أن يجامعها ثم طلقها تطليقة، أترى [له2] عليها رجعة؟
قال: لا.
[1195-] قلت3: فالميراث؟
قال: ولا ميراث.
قال أحمد: إذا أغلق الباب وأرخي الستر فهو بمنزلة المدخول بها.
قلت: فإن لم يغلق الباب ولم يرخ الستر؟
قال: إذا خلا بها.
قال إسحاق: كما قال سفيان, إلا أن يكون أغلق الباب وأرخى الستر ولم يكن بها علة4 مانعة.
__________
1 في ع بحذف "إليها".
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
3 في ع بلفظ "قيل فالميراث".
4 سبقت المسألة بعينها في المسألة رقم: (1129) ما عدا قول إسحاق، فإنه لم يكن موجوداً هناك.
ولا فرق بين قول إسحاق وأحمد إلا في اعتبار العلة المانعة, وسبق التفصيل في ذلك بمسألة رقم: (966) .
وانظر أيضاً المغني: 7/451, واختلاف العلماء، لوحة رقم: 38.(4/1817)
[1196-] قلت: سئل سفيان عن المرأة إذا قالت: إن زوجها لا يستطيع أن يجامعها؟
قال: إن كانت عذراء نظر إليها النساء، وإن كانت ثيباً استحلف زوجها1.
قال أحمد: جيد2.
قال إسحاق: كما قال3.
[1197-] قلت: المرتد كم تعتد4 امرأته؟
__________
1 انظر عن قول الإمام سفيان الثوري: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/2, 83, اختلاف العلماء، لوحة رقم: 23.
2 اعتبار قوله بيمينه إن كانت ثيباً رواية عن الإمام أحمد, قال عنها ابن قدامة: في ظاهر المذهب.
وعنه رواية: القول قولها. قال عنها المرداوي: وهو المذهب.
[] راجع الإنصاف: 8/190-191, المغني: 6/668-669.
3 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/82, 83.
[4] نقل ابن هانئ في مسائله: 1/217-218 نحو هذه المسألة(4/1818)
قال أحمد: ثلاثة1 قروء2.
[1198-] قلت: فإن قتل؟
قال أحمد: أربعه أشهر وعشراً3.
[1199-] قلت: فإن تاب؟
قال أحمد: هو أحق بها ما كانت في العدة4.
[1200-] قلت: لمن5 ميراثه؟
__________
1 في ع بحذف "ثلاثة" وهذا سقط.
2 انظر: المغني: 7/449, حاشية الروض المربع: 7/60.
3 انظر: الإنصاف: 9/275, المغني: 7/470, الإشراف: 4/274.
4 هذه رواية عن الإمام أحمد، وأجاب بها أيضاً في مسألة تأتى برقم: (1202) فإن أسلم قبل انقضاء العدة فهما على النكاح، وإن لم يسلم حتى انقضت بانت منذ ارتد.
رجح هذه الرواية ابن قدامة في المغني، ونقل المرداوي في الإنصاف عن الزركشي أنه المذهب، وعقبه بقوله: وهو الصحيح.
وعن الإمام أحمد رواية أن الفرقة تتعجل فتبين منه منذ ارتد، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو قول الثوري أجاب به في المسألة الآتية برقم: (1202) .
راجع الإنصاف: 8/216, المبدع: 7/122, المغني: 6/639.
5 في ع بحذف "لمن".(4/1819)
قال: يقتل ويؤخذ ماله1 على حديث2 البراء بن عازب3 رضي الله عنه.
قلت: فإن مات، لمن ميراثه؟
قال: مثل ذلك.
قلت: فإن هرب؟
قال: يوقف4 ماله.
__________
1 ويكون فيئا في بيت مال المسلمين, وهذا هو الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب, قاله المرداوي في الإنصاف.
وعنه كما قال الإمام إسحاق هنا أنه يكون للمسلمين من ورثته.
وعنه رواية أيضاً: أنه لورثته من أهل الدين الذي اختاره, وقيده الزركشي بشرط أن لا يكونوا مرتدين، حكى عنه ذلك المرداوي، وحكى عن ابن منصور أن الإمام أحمد رجع عن هذا القول.
انظر: الإنصاف: 7/352, المغني: 6/300, المبدع: 6/234, 235.
2 حديث البراء: عن البراء عن أبيه قال: "لقيت خالي معه راية فقلت: أين تريد؟ قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل من بني تميم تزوج امرأة أبيه من بعده، فأمرنا أن نقتله ونأخذ ماله، ففعلوا."
أخرجه: أحمد في المسند: 4/295 بهذا اللفظ، وأخرجه أبو داود: 4/602, والترمذي، حديث 1362 وقال: "حديث حسن غريب", والنسائي: 6/109, وابن ماجة حديث رقم: 2607.
3 في ع بحذف "عازب".
4 انظر: المغني: 6/302.(4/1820)
قال إسحاق: هو كما قال, إلا في الميراث فإن ميراثه للمسلمين من ورثته، والباقي كما قال1.
[1201-] قلت: قال سفيان إذا ارتدت المرأة عن الإسلام ولها زوج قبل أن يدخل بها، فلا صداق لها وقد انقطع ما بينهما، الرجل والمرأة فيه سواء.
قال أحمد: قد انقطع ما بينهما [ع-59/ب] ، ولا2 صداق لها لأنه ليس ها هنا عدة، وإن لم يكن دخل بها.
قال إسحاق: كما قال3.
[1202-] قلت: قال سفيان: إذا ارتدت المرأة عن الإسلام ثم رجعت إلى
__________
1 انظر عن قول إسحاق: فتح الباري: 12/51, شرح السنة: 8/365, معالم السنن: 4/603, المغني: 6/301، وفيه يقول أن ما اكتسبه بعد ردته يكون فيئاً.
2 في ع بزيادة "و".
3 إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح في قول عامة أهل العلم، إلا أنه حكي عن داود أنه لا ينفسخ بالردة.
ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} الممتحنة: 10.
وفي المغني وكذا في المبدع لأنه اختلاف دين يمنع الإصابة، فأوجب فسخ النكاح، كما لو أسلمت تحت كافر, وأما سقوط المهر فلأن الفرقة من قبلها.
انظر: المغني: 6/639, والمبدع: 7/122, والإنصاف: 8/215.(4/1821)
الإسلام، فخطبها زوجها بمهر جديد ونكاح جديد1؟
قال أحمد: هو أحق بها ما كانت في العدة2.
قال إسحاق: هو كما قال3.
[1203-] قلت: سئل سفيان عن رجل وطئ جاريته فولدت، فمات الرجل ولم يدع ولده ولم ينفه4؟
قال: ما أرى إلا أن يلحقه.
__________
1 انظر عن قول سفيان الثوري: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/211, والمبدع: 7/122, والمغني: 6/639.
وهو رواية عن الإمام أحمد واختارها ابن المنذر.
وعلل لذلك في المغني والمبدع "أن ما أوجب فسخ النكاح استوى فيه ما قبل الدخول وبعده كالرضاع".
انظر: المغني: 6/139, والمبدع: 7/122, والإنصاف: 8/216, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/211.
2 وذلك أشهر الروايتين عن الإمام أحمد، كما بينه ابن مفلح، وهو المذهب كما سبق في المسألة رقم: (1199) .
وانظر أيضاً المبدع: 7/122, والمغني: 6/639, والإنصاف: 8/216.
3 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/211, وشرح السنة: 9/94.
4 في الأصل "يبنه".(4/1822)
قال أحمد: الولد ولده إذا كان وطئاً بيناً.
قال إسحاق: هو كما1 قال إذا كان إقراره بالوطء معروفاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الفراش للأمة في عبد2 بن زمعة وغيره.
[1204-] قلت: سئل سفيان3 عن رجل قال لرجل: قد زوجتك ابنتي إن رضيت أمها وهي صغيرة.
__________
1 اتفق الأئمة الثلاثة أن الأمة تصير فراشاً بالوطء إن أقره سيدها ثم أتت بولد يمكن أن يكون منه لحقه، ولا يتوقف ذلك على استلحاقه.
ويدل عليه الحديث المذكور في المسألة وما رواه مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يدعوهن يخرجن, لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا قد ألحقت به ولدها، فأرسلوهن بعد أو أمسكوهن.
أخرجه مالك في الموطأ: 2/743، باب القضاء في أمهات الأولاد.
وأخرجه البغوي أيضاً في شرح السنة: 9/297.
وانظر أيضاً عن المسألة زاد المعاد: 5/410, والمبدع: 8/102, وشرح السنة: 9/297, والمغني: 7/401, والإنصاف: 9/263.
2 سبق تخريج هذا الحديث في المسألة رقم: (914) ، وسبقت هناك ترجمة عبد بن زمعة.
3 انظر نص كلام الإمام الثوري هذا في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/74, والأوسط، لوحة رقم: 207.(4/1823)
قال: لا أرى شيئاً وقع بعد حتى ترضى أمها.
قال أحمد: جيد1.
[1205-] قلت: وإذا قال زوجتك إلا أن يكره فلان أو أمها؟
[قال:] 2 لا أرى الكراهة مثل الرضى.
قال أحمد: أرجو أن يكون وقع في ذا التزويج3.
قال إسحاق: كلاهما4 ينظر إلى الرضى والكراهة5، فإنهما شرطان [ظ-35/أ] .
__________
1 هذا تعليق للنكاح على شرط مستقبل, وهو من نكاح المتعة. قال في المقنع عن نكاح المتعة: "أو علق ابتداؤه على شرط، كقوله: زوجتك إذا جاء رأس الشهر أو إن رضيت أمها."
قال المرداوي معلقاً على ذلك: "الصحيح من المذهب بطلان العقد في ذلك وشبهه."
وعلله ابن مفلح بأن النكاح عقد معاوضة، فبطل على شروط كالبيع.
وعن الإمام رواية يصح النكاح دون الشرط.
راجع المبدع: 7/88, والمقنع بحاشيته: 3/44, والإنصاف: 8/164.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
3 راجع التعليق رقم: 2 في المسألة.
4 في ع بلفظ "قال إسحاق: كلاهما واحد".
5 انظر عن قول الإمام إسحاق هذا في الأوسط، لوحة رقم: 207.(4/1824)
[1206-] قلت1: قال سفيان في رجل زوّج ابنه وهو غائب؟
قال: ما أراه شيئاً إلا أن يقول أمرني ابني2.
قال أحمد: إن قال أمرني ابني هو كاذب, ما أراه إلا جائزاً أمره أو لم يأمره، فإن أنكر الابن كان نصف الصداق على الأب3.
__________
1 بداية اللوحة رقم: 68 من ظ.
2 بمعنى أن سفيان يرى أن الأب ليس له أن يزوج ابنه إلا بإذنه، فإن كان الابن بالغاً وافقه على ذلك الإمام أحمد، إلا أن يدعي إذن ابنه ولم يأذن له، كما ذكره الإمام أحمد.
انظر: اختلاف العلماء، لوحة رقم: 22، والاستذكار لوحة 103.
3 ورد عن الإمام أحمد نحو هذه المسألة في مسائل ابن هاني: 1/196.
هذا وللأب تزويج ابنه العاقل غير البالغ سواء أذن أو لم يأذن، وسواء رضي أو لم يرض، على الصحيح من المذهب، كما في الإنصاف.
وذكر ابن مفلح نحوه في المبدع, وليس للأب تزويج ابنه العاقل البالغ بغير إذنه، بلا نزاع في المذهب، كما أفاده المرداوي أيضاً, فمسألتنا هذه في الابن العاقل غير البالغ، فإنه لم يرد عن الإمام أنه أجاز للأب تزويج ابنه البالغ بغير أمره كما ذكره المرداوي, وإذا عقد للصغير تعلق الصداق بذمة الابن موسراً كان أو معسراً كما ذكره ابن قدامة في المغني, وإذا رد الابن المميز غير البالغ عقد النكاح، كان شطر الصداق على الأب كما أفاده الإمام أحمد هنا.
راجع الإنصاف: 8/52, 54, والمبدع: 7/22, والمغني: 6/502, والمقنع بحاشيته: 3/80.(4/1825)
قال إسحاق: كما قال سفيان، إلا إن كان الابن صغيراً أو كان يخطب عليه برضى منه1.
[1207-] قلت: سئل سفيان عن رجل تزوج امرأة فقال: تزوجت امرأة حراماً؟
قال: أرى النكاح جائزاً.
قال أحمد: نعم.
قال إسحاق: إن أراد به كذباً أو مكايدة فالنكاح جائز.2
__________
1 وإذا حملنا كلام الإمام أحمد على الصبي غير البالغ اتفق قوله مع قول إسحاق هذا.
انظر قول الإمام إسحاق في تزويج الأب الغلام العاقل غير البالغ في المغني: 6/499.
2 نظيرها ما ذكروه من أنه لو قيل لإنسان: ألك امرأة؟ فقال: لا، وأراد به الكذب لم يلزمه شيء.
قال ابن قدامة معلقاً على ذلك: "إنما يلزمه إذا أراد الكذب لأن قوله: ما لي امرأة كناية تفتقر إلى نية الطلاق, وإذا نوى الكذب فما نوى الطلاق، فلم يقع الطلاق." ثم ذكر أمثلة يمكن أن يحمل ذلك عليها منها: (أني كمن لا امرأة له) , وقال: أو لم ينو شيئاً لم تطلق لعدم النية المشترطة في الكناية، فإذا نوى بمسألتنا هذه مثلاً تزوجت امرأة حراما عليها أفعالها، لم يقع الطلاق, لأنه لم ينوْه، فإن أراد به ذلك أو نحوه فيقابله في مسألتنا ما ذكره الإمام إسحاق، وإن لم ينو شيئاً كما أطلقه الإمامان أحمد وسفيان فالنكاح جائز أيضاً لعدم النية المشروطة في الكناية، كما علله به ابن قدامة آنفا.
[] انظر: المغني: 7/138-139, والمقنع بحاشيته: 3/144-145.(4/1826)
[1208-] قلت: سئل سفيان عن رجل زوج ابنه صغيراً وضمن المهر، فمات الأب ولم يدع وفاء؟
قال: يرجع بالمهر على الابن، فإن ترك وفاء أخذ من ميراثه وحوسب به الابن من نصيبه1.
قال أحمد: كما قال2.
قال إسحاق3: كما قال سواء4.
__________
1 انظر عن قول سفيان في استقرار المهر في مال الابن: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/687.
2 نقل ابن هانيء نحو هذه المسألة في مسائله عن الإمام أحمد: 1/214.
وفيما يتعلق بضمان الأب الصداق، فإن الأب لا يضمنه إن كان الابن موسراً، وكذا في أشهر الروايتين إن كان معسراً وهو المذهب, وفي رواية يضمنه.
وأما عن استقرار الصداق بذمة الابن فلأن الأب عقد العقد نيابة عن الابن، فكان على الابن بذله، كثمن المبيع. وإذا مات الأب بعد ضمان الصداق فما ذكره الأئمة الثلاثة من محاسبة الابن من نصيبه مترتب على استقرار المهر في ذمة الابن.
انظر: المبدع: 7/146, والإنصاف: 8/252, والمغني: 6/502.
3 انظر عن قول إسحاق في استقرار المهر في مال الابن: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/687.
4 في ع بحذف "سواء".(4/1827)
[1209-] قلت: رجل تزوج امرأة ولها ابن رضيع من غيره، فأرادت أن ترضعه [ومنعها زوجها أن ترضعه1] ؟
قال: ليس لها أن ترضعه.
قال: أقول هكذا.
قلت: فيترك الصبي.
قال: يسترضع له، إنما تزوجها للفراش لا لشغل نفسها2.
قال إسحاق: هو كما قال3.
[1210-] قلت: قال سفيان: امرأة كانت تحت رجل ففارقها ولها ابنة4، [ثم تزوجت رجلاً فولدت له ابنة، فأراد ابن الزوج أن يتزوج ابنتها] ؟
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من ع، لأن المعنى يتضح به، إذ هو المقصود من السؤال.
2 علل ذلك ابن قدامة في المغني بقوله: "لأن عقد النكاح يقتضي تمليك الزوج الاستمتاع في كل الزمان من كل الجهات سوى أوقات الصلوات، والرضاع يفوت عليه الاستمتاع في بعض الأوقات، فكان له المنع، كالخروج من منزله، إلا أن يضطر الولد إليها وخشي عليه التلف بأن لم توجد مرضعة سواها أو لا يقبل الارتضاع من غيرها".
انظر: المغني: 7/625, والإنصاف: 8/363, والمبدع: 7/204.
3 انظر عن قول الإمام إسحاق: الأوسط، لوحة رقم: 242.
4 في ع بلفظ "ابنتها"، وما بين المعقوفين غير موجود في ع.(4/1828)
قال: لا 1بأس به، التي كانت قبل وكانت بعد.
قال أحمد2: لا بأس التي قبل والتي بعد.
قال إسحاق3: كما قال سواء.
[1211-] قلت: قال سفيان إذا أحل له فرجها فوقع عليها، فهي مملوكة لسيدها الأول، والولد مملوك، ويثبت النسب.
قال أحمد: هذا وطء على شبهة [و] 4 الولد ولده، والأمة ترجع إلى سيدها الأول5.
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 انظر عن قول الإمام سفيان الثوري: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/99.
2 لعدم أسباب التحريم فيجوز لابن الزوج الثاني نكاح ابنة الزوج الأول، ويجوز لابن الزوج من غير هذه الزوجة نكاح ابنة الزوج الثاني, وهو معنى قولهما التي قبل والتي بعد.
انظر: المغني: 6/588, والإشراف: 4/99.
3 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/99, والأوسط، لوحة رقم: 218.
4 "الواو" ساقطة من ظ، وأثبتها من ع لأن الكلام يستقيم بوجودها.
5 سبق تقرير المسألة في مسألتي (937، 938) وأن الأبضاع لا تستباح بالإباحة، وأنه يكون الواطئ مثل مسألتنا زانياً ويقام عليه الحد، وأنه لا يسقط الحد في مثل ذلك إلا إذا وطئ شخص جارية ولده أو جارية امرأته بإذنها, أو كان يجهل التحريم.(4/1829)
[1212-] سئل أحمد عن امرأة أحلت جاريتها لأبيها فوطئها [ع-60/أ] ؟
قال: إذا وطئها فقد استهلكها1.
قيل: فإنه [أعتقها2] ؟
قال: لا أدري3.
قال إسحاق: إذا وطئها مرة فحملت فهو استهلاك، فأما إذا وطئها فلم تحمل، فعتقها جائز.
[1213-] سئل4 سفيان عن شهادة رجل مكان رجل في الطلاق؟
قال: ما أراه إلا جائزاً5.
__________
1 قوله استهلكها أي إذا وطئها تكون من ماله وتخرج من ملكية بنته، ولذلك توقف الإمام أحمد عن جواز عتقها بعد ذلك.
وقد سبق تفصيل الكلام فيما إذا استهلكها الأب في المسألة رقم: (1101) .
2 هكذا في نسخة ظ، وفي نسخة ع "فإنه عتقها", والأقرب فإن هي أعتقتها, أي ما الحكم فيما إذا أعتقت جاريتها التي استهلكها أبوها بالوطء, وقد يكون السؤال عن حكم عتق الأب لها بعد أن وطئها فخرجت من ملك ابنته.
3 سبق في مسألتي (939، 940) أنه لا حد على الأب في وطء جارية ابنه للشبهة، والابنة هنا مثل الابن.
4 المسألة في ع بلفظ "قلت: سئل سفيان عن شهادة رجل في الطلاق"، ولا شك أن هذا سقط.
5 نقل ابن قدامة رحمه الله في المغني: 9/207 رواية ابن منصور هذه كاملة بما فيها قول سفيان هذا.(4/1830)
قال أحمد: جيد، ما أحسن ما قال1.
__________
1 ستأتي مسألة شهادة الرجل على الرجل في باب الشهادات في المسألة رقم: (2918) وتجوز الشهادة على الشهادة بالإجماع، كما حكاه ابن قدامة في المغني.
وعن الإمام أحمد روايات فيما تقبل فيه الشهادة على الشهادة، فأما ما يتعلق بالمال فتقبل فيه.
قال ابن قدامة في المغني: 9/206: "أجمعت العلماء من أهل الحجاز والعراق على إمضاء الشهادة على الشهادة في الأموال."
وحكم هذه المسألة حكم كتابة القاضي إلى القاضي، لأنها شهادة على شهادة، والمذهب أنه لا تقبل الشهادة على الشهادة، وكتابة القاضي في الحدود، كما نقله المرداوي في الإنصاف: 11/321.
ونقل عنه -رحمه الله- أنه يقبل ذلك في غير حد وقود, وعلى الروايتين الأخيرتين يقبل في الطلاق ونحوه. قال المرداوي في الإنصاف 12/89: "ونص الإمام أحمد -رحمه الله- على قبولها-أي الشهادة على الشهادة-في الطلاق."
وعنه رواية أنه لا يقبل في غير الأموال.
وظاهر كلام الخرقي أن الشهادة على الشهادة تقبل في القود، فإنه قال: وشهادة العدل على شهادة العدل جائزة في كل شيء إلا في الحدود, فلم يستثن إلا الحدود, وقال ابن قدامة: وظاهر كلام أحمد أنها لا تقبل في القصاص أيضاً ولا حد القذف لأنه قال: "إنما تجوز في الحقوق، أما الدماء والحد فلا".
وأنكر ابن قدامة على بعض الحنابلة الذين أثبتوا للإمام أحمد رواية في قبول الشهادة على الشهادة في القصاص, المغني: 9/91.
قال ابن قدامة بعد أن أورد مسألة ابن منصور هذه: "فجعله أصحابنا رواية في القصاص، وليس هذا برواية فإن الطلاق لا يشبه القصاص، والمذهب أنها لا تقبل فيه لأنه عقوبة بدنية تدرأ بالشبهة، وتبنى على الإسقاط، فأشبهت الحدود."
انظر: المغني: 9/217, وانظر أيضاً الإنصاف: 11/321, 12/89, والمبدع: 10/103, 10/294, والنكت والفوائد السنية: 2/334, والمحرر: 2/334, ومغني ذوي الأفهام 239.(4/1831)
قال إسحاق1: كما قال، وكذلك (في كل الحقوق) 2، وتجوز شهادة رجل على شهادة آخر، كان شريح يجيز بذلك3
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق: اختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، لوحة 143، واختلاف العلماء لمحمد بن نصر المروزي، لوحة رقم: 105، والمغني: 9/206.
2 في ع "في الحقوق كلها", واستدل من قال بأنها تقبل في الحقوق كلها لأن ذلك يثبت بشهادة الأصل، فيثبت بالشهادة على الشهادة.
وأجاب عن ذلك ابن قدامة بالفرق الظاهر بين المسألتين، وقال: "ولا يصح قياسها على الأموال لما بينهما من الفرق في الحاجة والتساهل فيها، ولا يصح قياسها على شهادة الأصل لما ذكرنا من [] الفرق فيبطل إثباتها. المغني: 9/206-207.
3 أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن شريح قال: "تجوز شهادة الرجل على الرجل في الحقوق", ويقول شريح للشاهد: "قل أشهدني ذوا عدل." مصنف عبد الرزاق: 8/338.
وانظر أيضاً عن هذا اختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، لوحة 143، واختلاف العلماء للمروزي، لوحة رقم: 105, والمغني: 9/206.(4/1832)
ويسميهم المباذيل -يعنى الضرورة-.
[1214-] قلت1 لأحمد: سئل سفيان عن رجل خلا بامرأته وهي حائض؟
قال: لها المهر كاملاً.
قيل2: وإن كان محرماً؟
قال: وإن كان محرماً3.
قال أحمد: نعم, إذا أغلق الباب وأرخى الستر.
قال إسحاق: لا يكون لها المهر بالخلوة أبداً على هذا، إلا أن تكون خلوة وهي فارغة4.
__________
1 في ع بحذف "لأحمد".
2 في ع بحذف "قيل".
3 هذا جواب الإمام الثوري، ودل على أنه يرى الخلوة ولو مع قيام مانع شرعي، وسبق عنه المسألة رقم: (1129) ما يدل على أنه لا يعتبر الخلوة دخولاً.
ونقل عنه كل من ابن المنذر وابن قدامة ما يدل على ما ذهب إليه في هذه المسألة، فلعلها رواية أخرى عنه.
[] انظر: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/64- 65, والمغني: 7/451.
4 أي خالية من الموانع الحسية أو المعنوية التي تمنع الجماع، والمسألة ما هو الدخول المعتبر أو المشروط لإيجاب المهر كاملاً، أو إيجاب العدة.
وسبق ذلك في المسائل (966، 1129، 1157) .(4/1833)
[1215-] قلت: سئل سفيان عن رجل تزوج امرأة على خادم1، ثم زوجها غلامه فولدت أولاداً، وطلق امرأته قبل أن يدخل بها؟
قال: لها نصف قيمتها وقيمة ولدها.
قال أحمد: جيد2.
قال سفيان: فإن أعتقها قبل أن يدخل بها، لم يجز له ذلك.
قال أحمد: لا يجوز عتقه لأنه حين تزوجها وجبت3 الجارية لهما4.
قال سفيان: فإن نقصت الخادم من عيب أو شيء شاركها في
__________
1 يطلق لفظ الخادم على المذكر والمؤنث: قال الجوهري في الصحاح: 5/1909 "والخادم واحد الخدم، غلاماً كان أو جارية." ويقال للمؤنث أيضاً الخادمة, كما في القاموس، وهي خادم وخادمة. القاموس: 4/104, والمراد هنا الجارية للسياق.
2 تملك المرأة الصداق المسمى بالعقد، فإذا طلقها قبل الدخول كان له الرجوع بنصف الصداق، فإن كانت به زيادة أو نقص فللمرأة وعليها، ففي مسألتنا هذه يعطيها الزوج نصف قيمة الجارية ويعطيها أيضا قيمة الأولاد؛ لأن الولد من زوائد الصداق، وهي أحق بالزوائد حيث ملكت الأصل وهو الصداق المسمى بالعقد.
انظر: المغني: 6/698, المبدع: 7/153, الفروع: 5/284, الإنصاف: 8/262, مطالب أولي النهى: 5/195, الإشراف: 4/66.
3 في ع بلفظ "وجبت له الجارية".
4 حيث تملك المرأة الصداق المسمى بالعقد.
انظر: المغني: 6/698, المبدع: 7/151, الإنصاف: 8/261.(4/1834)
النصف، فإن شاء أخذ نصف القيمة،1 وإن تزوجها على أرض فبنته داراً فله نصف قيمة الأرض، أو ثوب فصبغته فله نصف قيمة الثوب، وكل شيء من أشباه هذا لأنه استهلاك.
قال أحمد: جيد2.
قال إسحاق: كما قال.
[1216-] قلت: سئل سفيان عن رجل قال لامرأته: يوم أخرج من البلد فأمرك بيدك. فخرج سراً لم تعلم المرأة ثم علمت بعد ذلك، فلا أراه شيئا. 3
قال أحمد: أمرها بيدها, سراً خرج أو علانية إذا جعل أمرها بيدها،
__________
1 نصف قيمة الصداق وقت العقد أو قنع بنصف المعيب فله الخيار في ذلك, وإذا كان بالمهر زيادة متصلة، فللمرأة الخيار بين دفع نصف قيمته يوم العقد، أو دفع نصفه مع الزيادة.
[] راجع: المغني: 6/699, الإنصاف: 8/264-266, المبدع: 7/153, الإشراف: 4/66.
2 قال في المغني: "وإذا أصدقها خشباً فشقته أبوابا فزادت قيمته لم يكن له الرجوع في نصفه لزيادته، ولا يلزمه قبول نصف، لأنه نقص من وجه، فإنه لم يبق مستعداً لما كان يصلح له من التسقيف وغيره."
المغني: 6/703, والأوسط، لوحة رقم: 197.
3 انظر قول الثوري في ذلك في: الإشراف: 4/179, والمغني: 7/147.(4/1835)
فلها الأمر1 ما لم يغشها على حديث زبراء2.
قال إسحاق: الأمر بيدها إذا خرج, ولكن إذا لم تعلم ذلك حتى قامت من ذلك المجلس ذهب خيارها، إلا أن يوقّت الزوج وقتا، ومتى ما بلغها بعد يوم أو أكثر فلم تختر شيئاً في مجلسها فلا خيار لها3 [ظ-35/ب] .
__________
1 في ع بلفظ "فلها المهر ما لم يغشها".
2 سبقت المسألة وسبق تخريج حديث زبراء مولاة عدي بن كعب في المسألة رقم: (971) .
3 فمذهبه في هذا الخيار أنه على الفور، مثل خيار المخيرة سواء بسواء، وخالفه أحمد في فورية خيار المملكة أمرها.
وسبق بيان مذهبهما في المسألة رقم: (971) ويوافق الإمام سفيان الإمامين في أن خيار المخيرة على الفور.(4/1836)
الجزء الثالث1
[1217-] قال: حدثنا إسحاق بن منصور المروزي قال: قلت: لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله] 2.
قال الأوزاعي: [ع-60/ب] رجل خيّر3 امرأته ثم بدا له أن يرجع من قبل أن تختار، إن شاء رجع من قبل أن تختار4.
قال سفيان: ليس له أن يرجع5.
قال أحمد: له أن يرجع, وكذلك إذا جعل أمرها بيدها، فله أن يرجع ما لم تختر6.
__________
1 نهاية اللوحة رقم: 68 من ظ، وبداية اللوحة رقم: 69 من ظ.
2 ما بين المعقوفين غير موجود في ع, وإنما بدأت المسألة بقوله: "قال: قلت: قال الأوزاعي".
3 نهاية اللوحة رقم: 118 من ع، وبداية اللوحة رقم: 119 من ع.
4 انظر: عن قول الأوزاعي: الإشراف:4/183, المغني: 7/142.
5 انظر عن قول الثوري: المرجعين السابقين.
واستدل له: لأنه ملكها ذلك فلم يملك الرجوع كما لو طلقت.
وانظر: كذلك عن دليله: المغني: 7/142, الإشراف: 4/183.
6 يجوز الرجوع قيل أن تختار لأن ذلك كان توكيلاً منه، فكان له الرجوع فيه كالتوكيل في البيع.
ورد ابن قدامة على من قال إنه ملكها أمرها فلم يكن له الرجوع بقوله: "إن الطلاق لا يصح تمليكه، ولا ينتقل عن الزوج، وإنما ينوب فيه غيره عنه, فإذا استناب غيره فيه كان توكيلاً لا غير, ثم وإن سلم أنه تمليك فالتمليك يصح الرجوع فيه قبل اتصال القبول به كالبيع."
المغني: 7/142, المبدع: 7/286, الإنصاف: 8/492.(4/1837)
قال إسحاق: كما قال أحمد والأوزاعي1.
[1218-] قلت: قال سفيان: إذا طلقها ثلاثاً وهو مريض ثم صح ثم مات، فإنها ترثه، وإن ماتت لم يرثها صح أو لم يصح.
قال أحمد: إذا صح فليس لها ميراث.
قال إسحاق: كلما كان أصل الطلاق في المرض فهو فار، صح أو لم يصح إذا مات ورثته2.
قلت3: قال: إذا طلقها تطليقة أو تطليقتين وهو مريض، ثم صح في العدة فطلقها الثالثة، لم يتوارثا؟
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/183, المغني: 7/142.
2 سبقت المسألة بأقوال الأئمة الثلاثة بمسألة رقم: (1141) , واتفقوا هنالك على ما أجاب به الإمامان سفيان وإسحاق هنا، كما سبق بيان أن قول الجمهور هو ما أجاب به الإمام أحمد هنا.
انظر أيضاً: المغني: 6/331.
3 في ع بحذف "قال".(4/1838)
قال أحمد: لا ترث.
قلت: لو طلقها تطليقة أو تطليقتين وهو صحيح، ثم مرض فطلقها الثالثة، ثم مات في العدة، ورثته؟
قال أحمد: جيد ترثه.
قال إسحاق: كما قال1.
[1219-] قلت2: قال سفيان في رجل تزوج امرأة ودخل بها، ثم تزوج أخرى فدخل بها وهي أم الأولى، فمات على ذلك؟
قال: لهما الصداق ولا ميراث لهما.
قال أحمد: كما قال، ولا ميراث لهما3.
[1220-] قلت: قال: [فإن لم يكن دخل بالأخرى] 4 فنكاح الأولى
__________
1 سبقت المسألة برقم: (1142، 1143) .
2 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان".
3 سبقت نحو هذه المسألة المسائل (1093، 1094، 1095) ووجب الصداق لكل منهما بما استحل من فروجهما, ولا ميراث لهما لحصول الفرقة في كل منهما، وتحرم عليه كل واحدة منهما على التأبيد، فتحرم البنت للدخول بأمها والأم بالعقد على بنتها, ولأن تحرم بالدخول أولى كما ذكر في المسألة هنا.
وقد سبق بيان ما تحرم به كل واحدة منهما في المسائل (916، 919) .
4 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ: "فإن دخل بالأخرى الأولى جائز" وهو خطأ لما سبقت حكايته من الدخول في الحالة الأولى، والمعني بالأخرى التي لم يدخل بها هي الأم كما يفهم من العبارة السابقة.(4/1839)
جائز1، والأخرى فاسد، وليس لها صداق ولا ميراث 2، ولا عدّة عليها.
قال أحمد: كما قال.
قال إسحاق: كما قال.
[1221-] قلت: قال: فإن تزوج الابنة والأم في يوم3 واحد, ودخل بهما في يوم واحد، فلا ميراث4 لهما, ولهما الصداق5، وعليهما عدّة المطلقة ثلاثة قروء.
قال أحمد: جيد, لأنه فسخ بلا موت، يقول ليس عليها عدّة6
__________
1 لخلوه من الموانع.
2 لا ميراث لها لفساد العقد وليس لها صداق لفساده, ولعدم الدخول، ولا عدة عليها لعدم الدخول, وفسد نكاحها لأن العقد على البنات يحرم الأمهات. انظر: مسألة (916) .
3 في ع بلفظ "فإن تزوج الابنة والأم يوماً واحداً".
4 لفساد العقد.
5 بما استحل من فرج كل منهما.
6 قال ابن قدامة: "والموطوءة بشبهة تعتد عدّة المطلقة، وكذلك الموطوءة في نكاح فاسد."
وقال أيضا: "لأن وطء الشبهة وفي النكاح الفاسد في شغل الرحم ولحوق النسب، كالوطء في النكاح الصحيح، فكان مثله فيما تحصل به البراءة."
المغني: 7/450, المبدع: 8/133, المحرر: 2/107.(4/1840)
المتوفى.
قال إسحاق: كما قال.
[1222-] قلت: قال سفيان في رجل تزوج امرأة وهي ثيب، ثم تزوج صبية فعمدت امرأته إلى الصبية فأرضعتها: فسدتا عليه جميعاً، وله أن يتزوج الصبية، إلا أن يكون كان دخل بالثيب، وليس له أن يتزوج الكبيرة، لأنها صارت أم الصغيرة، لأن الرجل إذا تزوج الابنة فدخل أو لم يدخل لم تحل له الأم، وإذا تزوج الأم ولم يدخل بها حلت له الابنة.
قال أحمد: جيد.
قال إسحاق: كما قال سواء1.
[1223-] قلت:2 قال سفيان: يكره أن يستأجر الظئر3 إلى أن يفطم
__________
1 سبق الكلام على هذه المسألة في المسألة رقم: (1100) .
2 في ع بلفظ "قلت لأحمد: قال سفيان: يكره للرجل أن يستأجر الظئر".
3 الظئر بالكسر مهموز, العاطفة على غير ولدها المرضعة له من الناس والإبل.
انظر: تاج العروس: 3/366, لسان العرب: 4/514, الصحاح: 3/729.(4/1841)
حتى يسمي أجلاً معلوماً أو دراهم معلومة [أو دنانير معلومة] 1 ولا يسمي كسوة إلا كسوة يسميها باباً باباً2.
قال أحمد: نعم3.
قال إسحاق: كما قال, إلا قوله في الكسوة، لا ينبغي له أن
__________
1 ما بين المعقوفين مزيد من ع، والأقرب "أو" في الدراهم للعطف.
2 أي لا يصح جعل الكسوة أجرة لها حتى يصف الكسوة، أي ما تلبسه من الخمار والعباءة وغيرها من الملابس، يصفها وصفاً معيناً.
3 بيّن ابن قدامة في المغني أنه يشترط لعقد إجارة الظئر أربعة شروط هي: أن تكون المدة معلومة، وأن يكون الصبي معروفا بالمشاهدة، ومعرفة موضع الرضاع، ومعرفة العوض.
وموافقة الإمام أحمد للثوري هنا في اشتراط وصف الكسوة رواية عنه.
والمذهب والذي عليه جماهير الأصحاب أنه يكتفى في الاستئجار بالطعام والكسوة بدون وصف كما ذكره المرداوي, ويرجع في قدرها إلى العرف على الصحيح من المذهب, وبم يعتبر؟ خلاف في المذهب في أنها تعطى كسوة مثلها، أو كسوة أبي الطفل، أو تعطى أوساط الكسوة كما ذهب إليه الإمام إسحاق, وعن الإمام أحمد أنها تعطى كسوة المسكين.
انظر: المغني: 5/496, الإنصاف: 6/12, المبدع: 5/67, الاختيارات الفقهية 286, الجامع لأحكام القرآن: 3/163.(4/1842)
يسمي الكسوة, يكسوها أوساط الكسوة1.
[1224-] قلت2: يكره لبن ولد الزنى أن يرضع به؟
قال أحمد: قد كرهه قوم.
قلت: تكرهه أنت؟
قال: إني أخبرك، اللبن مشبه عليه3.
قال إسحاق: كما قال4.
__________
1 يوافق الإمام إسحاق ما عليه جماهير أصحاب الإمام أحمد من أنه لا يشترط وصف الكسوة أو الطعام, وبين أنه يرجع فيه إلى أوساط الكسوة.
2 في ع بلفظ "قال: قلت: يكره لابن الزنى ولد الزنى".
3 روى البيهقي في سننه: 7/464 "عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز -رضي الله عنهما- أنهما قالا: اللبن يشبه عليه." وفي رواية أخرى يشتبه عليه.
وأورده ابن قدامة بهذا اللفظ الأخير, وفي المغني ونحو ذلك في المبدع "كره أبو عبد الله الارتضاع بلبن الفجور والمشركات".
وقال ابن قدامة: ولأن لبن الفاجرة ربما أفضى إلى شبه المرضعة في الفجور، ويجعلها أما لولده فيتعير بها ويتضرر طبعاً وتعيراًَ.
انظر: المغني: 7/562, المبدع: 8/182, الفروع: 5/576, غاية المنتهى: 3/223, منار السبيل: 2/293.
4 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/114.(4/1843)
[1225-] قلت1: قال سفيان في رجل تزوج امرأة وله ابنة من غيرها فزوجها رجلاً فمات أبوها: فإن شاء زوّج ابنته لزوج امرأته2.
قال أحمد3: نعم, جمع عبد الله بن جعفر4 بين امرأة رجل
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان".
2 انظر قول الإمام الثوري في: مصنف عبد الرزاق: 7/481, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/98.
3 قال الخرقي رحمه الله تعالى: "ولا بأس أن يجمع بين من كانت زوجة رجل وابنته من غيرها."
وقال ابن قدامة معلقاً على ذلك: "أكثر أهل العلم يرون الجمع بين المرأة وربيبتها جائزاً لا بأس به.
قال ابن المنذر: "وبه نقول، وذلك أني لا أجد دلالة أحرم الجمع بينهما".
وفي شرح السنة للبغوي: "وجملته أن كل امرأتين من أهل النسب لو قدرت إحداهما ذكراً حرمت الأخرى عليه, فالجمع بينهما حرام, ولا بأس بالجمع بين المرأة وزوجة أبيها".
انظر: مختصر الخرقي مع المغني: 6/588, الإشراف: 4/98, المغني: 6/588, شرح السنة: 9/99, فتح الباري: 9/154.
4 هو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي. ولد بالحبشة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أمه أسماء بنت عميس وعن علي بن أبي طالب وغيرهم، وعنه بنوه معاوية وإسحاق وغيرهم. مات سنة 80 ?.
انظر: الإصابة: 2/280, والتقريب 169، وتهذيب التهذيب: 5/170.(4/1844)
وابنته1.
قلت: ترى أنت؟
قال: نعم2.
قال إسحاق: كما قال3.
[1226-] قلت4: قال سفيان في رجل طلق امرأته ثلاثاً ثم تزوجها رجل بغير ولي ثم طلقها: لا يعجبني أن يتزوجها زوجها الأول حتى يكون نكاحاً بولي5.
__________
1 أثر عبد الله بن جعفر علقه البخاري في صحيحه, باب ما يحل من النساء ويحرم.
وقال ابن حجر في فتح الباري 9/155: "الأثر المذكور وصله البغوي في الجعديات من طريق عبد الرحمن بن مهران أنه قال: جمع عبد الله بن جعفر بين زينب بنت علي وامرأة علي ليلى بنت مسعود".
وأخرجه البيهقي في سننه: 7/167، باب من يحل الجمع بين امرأة الرجل وبنته.
وسعيد بن منصور في سننه: 1/276، باب الجمع بين الرجل وامرأته.
وعبد الرزاق في مصنفه: 7/481، باب الرجل يتزوج امرأة الرجل وابنته.
2 حكى الإمام أحمد قصة عبد الله بن جعفر، فسأله الكوسج عن رأيه هو، فأجاب بجواز ذلك.
3 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/98.
4 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان".
5 المسألة مبنية على عدم صحة النكاح بلا ولي، كما قال به الأئمة الثلاثة هنا.
وانظر: عن قول الإمام الثوري: تهذيب السنن لابن القيم: 3/29, والإشراف على مذاهب العلماء: 4/33, ومعالم السنن للخطابي: 2/570, والمغني: 6/449.(4/1845)
قال أحمد: ما أحسن ما قال1.
قال إسحاق2: إن تزوجها بغير ولي ثم طلق لم يقع عليها
__________
1 المذهب اشتراط الولي في صحة النكاح. قال المرداوي وعليه الأصحاب، نص عليه, فإذا زوجت نفسها لم يصح.
وعن الإمام أحمد رواية أنه يجوز ذلك.
وعنه أن لها أن تأمر رجلاً يزوجها.
فإذا بطل النكاح بدون ولي على المذهب لم يكن محللاً لمن طلق زوجته ثلاثاً ويريد أن يرجع إليها بعد هذا النكاح الذي يفتقر إلى وجود الولي، حيث إن هذا النكاح لا عبرة به.
[] المغني: 6/449, والإنصاف: 8/66, وغاية المنتهى: 3/15, والمحرر: 2/15-16.
2 انظر عن قول الإمام إسحاق: تهذيب السنن لابن القيم: 3/29, والإشراف: 4/33, ومعالم السنن: 2/570.
وعلل ابن قدامة لعدم الاحتياج إلى فسخ من الحاكم بأنه لا حاجة إلى فسخ ولا طلاق لأنه نكاح غير منعقد، أشبه النكاح في العدة.
واختار ابن قدامة بأنه يطلقها أو يفسخ نكاحها، وإذا امتنع من طلاقها فسخ الحاكم نكاحه، وقال: "نص عليه أحمد."
ومما علل به أيضاً ابن قدامة: أن تزويجها من غير تفريق يفضي إلى تسليط زوجين عليها، كل واحد منهما يعتقد أن نكاحه الصحيح، ونكاح الآخر الفاسد.
[] راجع المغني: 6/453-454, والإنصاف: 8/67, ومعالم السنن: 2/566.(4/1846)
الطلاق, لأن العقدة منفسخة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فنكاحها باطل"1.
[1227-] قلت2: سئل سفيان عن رجل تزوج امرأة وهو يريد أن يحلها لزوجها، ثم بدا له [ع-61/أ] فأمكسها؟
قال: لا يعجبني إلا أن يفارق ويستقبل نكاحاً جديداً3.
قال أحمد: جيد4.
__________
1 هذا الحديث سبق تخريجه في المسألة رقم: (879) .
2 في ع بلفظ "قال: قلت".
3 نقله الخطابي في معالم السنن, وكذا ابن القيم في تهذيب السنن والبغوي في شرح السنة وابن المنذر في الإشراف. وقال سفيان الثوري: "إذا تزوجها وهو يريد أن يحلها لزوجها ثم بدا له أن يمسكها, لا يعجبني إلا أن يفارقها ويستأنف نكاحاً جديداً, وكذلك قال أحمد بن حنبل".
انظر: معالم السنن: 2/262, وشرح السنة: 9/101, والإشراف: 4/201, وتهذيب السنن لابن القيم: 3/22, والمغني: 6/647.
4 الصحيح من المذهب أن نكاح المحلل باطل مع شرطه، ورواية الكوسج هذه دالة عليه, وعن الإمام أحمد يصح العقد ويبطل الشرط.
قال ابن قدامة: "فإن شرط عليه التحليل قبل العقد ولم يذكره في العقد ونواه في العقد. أو نوى التحليل من غير شرط، فالنكاح باطل أيضاً."
وقيل: يكره ويصح العقد.
وإذا كان النكاح باطلاً لم يكن له أن يمسكها بذلك العقد لبطلانه.
انظر: المغني: 6/646, والإنصاف: 8/161, والمبدع: 7/85, والإشراف: 4/201.(4/1847)
قال إسحاق: لا يحل له أن يمسكها لأن المحلل لم تحل له عقدة النكاح1 [ظ-36/أ] .
قلت2: قيل فإن فارقها، أتحل لزوجها الأول؟
قال: لا.
قال أحمد: جيد3.
قال إسحاق: كما قال.
[1228-] قلت: قال سفيان: وإذا كان عند الرجل مملوكة فطلقها تطليقتين فوقع عليها [سيدها4] ، فإنها لا تحل لزوجها5.
قال أحمد: جيد6، وكذلك إذا طلقها تطليقتين ثم اشتراها لم
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/201, المغني: 6/647.
2 في ع بلفظ "قال: قلت".
3 لبطلان العقد. راجع المراجع السابقة.
4 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأنه به يكمل الكلام.
5 انظر: عن قول الإمام سفيان المقنع بحاشيته: 3/228.
6 لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَه} البقرة, آية 230, وإطلاق النكاح هنا يقتضي النكاح الصحيح، فيشترط في النكاح المبيح أن يعقد عليها زوج غيره، ويطأها في القبل.
قال ابن مفلح في المبدع: "وحاصله أن حلها للزوج الأول مشروط بأن تنكح زوجاً غيره, فلو كانت أمة فوطئها السيد فلا، وأن يكون النكاح صحيحاً على المذهب, فلو كان فاسداً فلا, وأن يطأها في الفرج."
[] راجع: المقنع بحاشيته: 3/228-229, المبدع: 7/404, المغني: 7/275, الكافي: 3/204.(4/1848)
تحل1 له، ولكن إذا أعتقها تزوجها وتكون عنده على واحدة ومضت ثنتان على2 حديث عمرو بن معتب.
قال إسحاق: كما قال.
[1229-] قلت: قال سفيان في رجل قال لامرأته: كل امرأة أتزوجها ما
__________
1 قال في المقنع: "وإن كانت أمة فاشتراها مطلقها، لم تحل".
قال المرداوي: "هذا المذهب نص عليه، وعليه الأصحاب".
وفي المقنع أيضا: "ويحتمل أن تحل".
قال ابن مفلح في المبدع: "لأن الطلاق يختص بالزوجية فأثر في التحريم".
قلت: والأول أصح؛ لأن الآية: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَه} صريحة في تحريمها، فلا يعول على ما خالف ذلك.
انظر: المبدع: 7/407, والإنصاف: 9/167, والمقنع بحاشيته: 3/229.
2 سبقت هذه الفقرة الأخيرة من المسألة في المسألة رقم: (1032) وسبق تخريج هذا الحديث، وترجمة عمرو بن معتب، وتقرير قول أحمد وإسحاق في تلك المسألة.(4/1849)
دمت حية فهي طالق؟
قال: هذا وقّت1.
قال أحمد: إن تزوجها لم آمره أن يفارقها2.
__________
1 أي عين ذلك بمدة حياة زوجته، ومذهب الإمام الثوري أنه لا يصح تعليق الطلاق قبل النكاح، إلا إذا سمى امرأة بعينها كأن يقول: إن تزوجت فلانة، أو وقّت وقتاً كما في مسألتنا هذه.
انظر: عن قول الثوري: شرح السنة: 9/200, والاستذكار، لوحة 211, واختلاف العلماء للمروزي، لوحة 43, والإشراف: 4/185, واختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، لوحة رقم: 107.
2 نص على رواية ابن منصور هذه في الروايتين والوجهين، لوحة رقم: 129 ونحوها في مسائل عبد الله ص358, ومسائل ابن هاني: 1/235.
ولم يأمره أن يفارقها إذا تزوجها لأنه لا يصح تعليق الطلاق من الأجنبي، فلو قال: إن تزوجت امرأة فهي طالق، لم تطلق إذا تزوجها.
قال المرداوي: هذا المذهب، وعليه الأصحاب، ونص عليه.
من الأدلة على ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} الأحزاب آية 49.
فجعل الطلاق بعد النكاح.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك".
أخرجه الترمذي: 3/486, وقال: حديث حسن صحيح. وأبو داود: 2/640.
وعن الإمام أحمد رواية أنها تطلق.
والمسألة سبقت بصيغة مختلفة وبدون ذكر قول سفيان برقم: (991، 992) .
وانظر أيضاً: الكافي: 3/200, والإنصاف: 9/59, والمبدع: 7/324.(4/1850)
قال إسحاق: [هذا1] جائز، لا يقع الطلاق أبداً ما لم يسمها بعينها، وقّت أو لم يوقّت، وإذا سماها حنث2، وإن فعل لم آمره بفراقها.
قلت: قال: وإذا قال: من بني آدم فليس يوقت يتزوج3؟
قال أحمد: نعم.
قال إسحاق: كما قال4.
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأنه به يستقيم الكلام.
2 أي: ولو سماها لا يقع الطلاق إذا تزوجها، لكنه إذا لم يطلق بعد تزوجه إياها حنث في يمينه.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق في شرح السنة: 9/200, والإشراف: 4/185, والاستذكار، لوحة 212, واختلاف العلماء للمروزي، لوحة رقم: 43, وفتح الباري: 9/386.
3 فهذه المسألة خارجة عن شرطي الإمام سفيان في جواز تعليق الطلاق قبل النكاح، فلا يصح تعليق الطلاق فيها، بل يتزوج ولا تطلق.
4 لا تفترق هذه المسألة عن المسألة السابقة عند الإمامين أحمد وإسحاق، فإنهما لم يشترطا في عدم وقوع الطلاق قبل النكاح شرطاً.(4/1851)
[1230-] قلت: من قال إذا بدأ1 بالطلاق: وقع وإن بر؟
قال2: هذا شريح3 يقوله ليس ذا بشيء.
قال إسحاق: صدق وأجاد4.
[1231-] قلت: قال سفيان في رجل قال لامرأته: لا تخرجي، قالت: والله لأخرجنّ، قال: إن خرجت فأنت طالق، رددها ثلاثاً، أما في القضاء فهو يلزمه.
__________
1 أي إذا حلف الرجل بالطلاق ليفعلن كذا وكذا وقدم الطلاق في يمينه، ومثل له ابن قدامة في المغني "أنت طالق لأقومن". المغني: 7/183.
2 القائل هنا هو الإمام أحمد.
3 أخرج عبد الرزاق في مصنفه: 6/379 عن شريح أنه كان يقول: "إذا بدأ بالطلاق وقع وإن برّ".
وأخرجه سعيد بن منصور في سننه: 2/34, وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه: 5/46 هذا الأثر عن إبراهيم عن شريح قال: إذا بدأ بالطلاق وقع حنث أو لم يحنث, وكان يقول إبراهيم وما يدري شريح.
وقال ابن المنذر في الإشراف: قال كثير من أهل العلم لا شيء عليه. وذكر نحوه ابن قدامة في المغني.
انظر: الإشراف: 4/205, والمغني: 7/183.
4 انظر: الأوسط لابن المنذر، لوحة رقم: 269.(4/1852)
قال أحمد: إذا كان إنما أراد بالكلام الأول1، لا يلزمه.
قال إسحاق: كما قال أحمد، لا يلزمه إلا تطليقة لأنه تكرار.
[1232-] قلت: رجل قال لامرأته: إن لم أفعل كذا وكذا فأنت طالق، فيموت أو تموت، يتوارثان إن2 لم يوقت؟
قال أحمد: إذا كان على أمر سهل عقد عليه أنه يفعله اليوم فتوانى عمداً حتى حنث, فإذا كان طلق ثلاثاً لم يتوارثا3، وإذا كان له فيها مهلة أو مدة أراد أن يفعله وإن بعد ذاك ثم ماتا توارثا4.
__________
1 الأول مفعول أراد أي إذا أراد بالكلام الذي قاله بعد ذلك الأول قاصداً الإفهام, وإن لم يقصد ذلك فأعاده ثلاثاً طلقت ثلاثاً، وإن قصد الثانية إفهاماً وقع، ووقع ما بعدها لكل مرة طلقة.
انظر: الإنصاف: 9/89, والمغني: 7/179, والمبدع: 7/351.
2 في ع بلفظ "إذا لم يوقت".
3 لم يتوارثا لأنه عين اليوم فتعلقت يمينه به, وهذا توضيح من الإمام أحمد ولم يكن محل السؤال, فإن السؤال عما إذا لم يوقّت وهذا فيما إذا وقّت، ويجيب الإمام أحمد عن المسؤول عنه في الشطر الثاني من جوابه.
راجع المغني: 7/189, والإنصاف: 9/65, والفروع: 5/429.
4 إذا قال لامرأته إن لم أطلقك فأنت طالق، أو: إن لم أضرب عبدي فامرأتي طالق، ومات أحدهما أو ماتا ولم يفعل ما علق به الطلاق طلقت في آخر جزء من حياة أولهما موتاً لأنه لا يمكن إيقاع الطلاق بها بعد موت أحدهما، فتبين أنه وقع إذا لم يبق من حياته ما يتسع لتطليقها, فأما الإرث فإذا كان الطلاق المعلق رجعياً فكما قال الإمام أحمد هنا يتوارثان، وإذا كان بائناً لم يرثها وهي ترثه.
قال في المغني: نص عليه أحمد في رواية أبي طالب إذا قال لزوجته: أنت طالق ثلاثاً إن لم أتزوج عليك، ومات ولم يتزوج عليها ورثته، وإن ماتت لم يرثها. وعلله ابن قدامة فقال: وذلك لأنها تطلق في آخر حياته فأشبه طلاقه لها في تلك الحال "أي في حال مرض الموت".
وقال ابن قدامة أيضاً: ويتخرج لنا أنها لا ترثه أيضاً ... لأنه إنما طلقها في صحته وإنما تحقق شرط وقوعه في المرض لم ترثه، كما لو علقه على فعلها ففعلته في مرضه.
[] انظر: المغني: 7/189-190, والإنصاف: 9/65, والمبدع: 7/330, والفروع: 5/429.(4/1853)
قال إسحاق: كما قال1.
[1233-] قلت: قيل لسفيان: يجامع امرأته ما لم يحنث؟
قال [أحمد2] : نعم هي امرأته بعد3.
__________
1 انظر: الأوسط لابن المنذر، لوحة 270.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأن القائل هو أحمد بن حنبل، والمسألة كما هي في ع.
"قلت: قيل لسفيان: يجامع امرأته ما لم يحنث؟ قال أحمد: نعم هي امرأته بعد".
3 هذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد في أنه لا يمنع من وطء زوجته قبل فعل ما حلف عليه، لأنه نكاح صحيح لم يقع فيه طلاق، فحل له الوطء.
وعن الإمام أحمد رواية بأنه يمنع، وبه قال إسحاق والحسن وابن المسيب والشعبي.
قال ابن مفلح: "جزم به جماعة، والأول أصح."
[] انظر: المغني: 7/189-190, والمبدع: 7/330, والفروع: 5/429.(4/1854)
قال إسحاق: كلما حلف على مثل هذا تربص حتى يتبين الحنث.
[1234-] قلت1: قال سفيان إذا وقّت وقتا فحان ذلك الوقت وهما حيان، وقع الطلاق2.
قال أحمد: جيد3.
قال إسحاق: كما قال4.
[1235-] قلت: قال رجل حلف على امرأته فقال: إن فعلت كذا وكذا
__________
1 في ع بلفظ "قلت لأحمد".
2 فتكون زوجته إلى ذلك وتطلق في أوله.
انظر: الكافي: 3/211, والإشراف: 4/194.
وذكر ابن المنذر أن ممن قال هذا القول الإمام سفيان الثوري.
3 انظر: كشاف القناع: 5/280, والمبدع: 7/316, والإنصاف: 9/45, والمغني: 7/165.
4 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف 4/194.(4/1855)
فهي طالق، فطلقها ثلاثاً قبل أن تفعل ذلك الشيء، ثم1 تزوجها رجل آخر، ثم إن الرجل طلقها فرجعت إلى زوجها الأول ليس بشيء سقط الحنث حين طلقها وتزوجها غيره2.
قال أحمد: لا, الحنث عليه3.
قال إسحاق: أجاد. خشيت أن يسهو. أبو عبيد4 قال بذلك القول5.
__________
1 في ع بحذف "ثم".
2 لأن طلاق ذلك الملك انقضى.
انظر: الإشراف: 4/205, والأوسط لوحة 269, والمجموع: 17/243.
3 قال ابن قدامة: "ومتى علق طلاق زوجته على صفة ثم أبانها، ثم تزوجها قبل الصفة عادت الصفة، لأن العقد والصفة وجدا منه في الملك ما لو لم تتخللهما بينونة". الكافي: 3/220. وانظر أيضاً عن المسألة المجموع: 17/243.
4 هو القاسم بن سلام البغدادي, القاضي, أحد الأعلام, روى عن هشيم, وابن عيينة ووكيع وخلق, وعنه عباس الدوري وخلق. وثّقه أبو داود, وابن معين, وأحمد وغير واحد, وولي قضاء طرطوس وفسر غريب الحديث, وصنف كتباً, ومات بمكة سنة أربع وعشرين ومائتين.
انظر: عن ترجمته تذكرة الحفاظ: 2/417, وطبقات الحنابلة: 1/259, وتاريخ بغداد: 12/403, وتهذيب التهذيب: 8/315.
5 انظر عن قول أبي عبيد: الأوسط لوحة 269.(4/1856)
[1236-] قلت: قال سفيان: وإن كان شيء يملك الرجعة فإن الحنث عليه كما هو وإن1 سمى ثلاثاً يهدم ذاك.
قال أحمد: ثلاث وواحد واحد، إنما يسقط الحنث بأن يحنث، ما لم يحنث فإن الحنث عليه قائم2.
قال إسحاق: كما قال.
[1237-] قلت3: قال سفيان في رجل طلق امرأته تطليقة، فقال مكانه: إن راجعتك فأنت طالق ثلاثاً, إن راجعها في العدة، فهو كما قال، وإن تركها حتى تنقضي عدتها، فهو خاطب من الخطاب ويتزوجها إن شاء.
قال أحمد: إن كان قال هذا القول أراد أن يغلظ عليها وأن لا تعود إليه، فمتى ما راجعها في العدة وبعد العدة طلقت, وإن كان إنما أراد الرجعة ما دامت في العدة فهو على ما أراد به، يحنث في العدة ولا يحنث في غير العدة.
قال إسحاق: هو كما قال, ولكن بعد العدة لا تسمى مراجعة
__________
1 في ع بلفظ "وإذا سمى".
2 راجع التعليق على قول الإمام أحمد: "لا، الحنث عليه"، من المسألة السابقة برقم: (1235) .
3 في ع بلفظ "قال قلت: قال سفيان".(4/1857)
[ع-61/ب] إنما1 هو تجديد نكاح, ولكن هو على ما نوى2.
[1238-] قلت3: قال: قال إبراهيم4: رجل حلف أن لا يلبس من غزل امرأته فحاكت ثوباً تبيعه وتشتري غيره، فكره ذلك.
قال أحمد: يكره5 ذلك.
__________
1 نهاية اللوحة 120 من ع، وبداية اللوحة رقم: 121 من ع.
2 توضيح المسألة أن الإمام الثوري علق الحكم على لفظ الرجعة, وذلك يكون فيما إذا راجعها في العدة فتحرم عليه, فأما إن تزوجها بنكاح جديد فلا تحرم عليه, والإمامان أحمد وإسحاق اعتبرا نيته, فإن نوى بالرجعة الرجعة الشرعية المعروفة فذاك, وإن نوى ما هو أعم من ذلك وهو رجوعها إليه ولو بنكاح جديد، فالأمر على ما نوى، وتطلق.
انظر: المسألة (1123) .
3 في ع بلفظ "قال: قلت: قال إبراهيم".
4 إبراهيم هو النخعي.
5 الكراهة مع الجواز فيما إذا قال ذلك ولم يقصد قطع مِنَّتِها عليه, فأما إذا قصد ذلك: ففي المقنع: "وإن حلف لا يلبس ثوباً من غزلها يقصد قطع منتها فباعه واشترى بثمنه ثوباً فلبسه، حنث".
وقال ابن مفلح في المبدع: "وإن لم يقصد قطع المنة ولا كان سبب يمينه يقتضي ذلك لم يحنث إلا بما تناولته يمينه، وهو لبسه خاصة".
وذكر نحو ذلك ابن قدامة في المغني.
انظر: المقنع بحاشيته: 3/574, المبدع: 9/283, 284, الإنصاف: 11/54, المغني: 8/783.(4/1858)
قال إسحاق: أجاد إبراهيم، لأنه على إرادته.
[1239-] قلت1: سئل سفيان عن رجل تزوج امرأة فولدت لخمسة أشهر، فأقامت المرأة البينة أنه تزوجها من ستة أشهر؟
قال: يلحق النسب، البينة بينتها.
قال أحمد: إذا قامت البينة فالولد له، [و] 2 إذا قال: ليس مني، لاعنها3.
قال إسحاق: كما قال4 أحمد.
[1240-] قلت5: قال سفيان إن جاءت المملوكة بولد وزوجها حر
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت: سئل سفيان".
2 الواو ساقطة من ظ وأثبتها من ع.
3 لمقام البيّنة؛ فإن البينة تبين إمكان كون الولد منه حيث أتت بالولد بعد ستة أشهر من زواجهما على ما بينته البينة فالعمل عليها فالولد ولده, ومن أنكر ولده لاعن زوجته.
انظر: المبدع: 8/98, الكافي: 3/392, المحرر: 2/101.
4 في ع بحذف "لأحمد".
5 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان".(4/1859)
فانتفى منه ألزق به الولد ولا ضرب1.
قال أحمد: لا, بل يلاعنها وينفي ولدها.
قال إسحاق: كما قال, لأن بين كل زوجين ملاعنة2.
[1241-] قلت: قال سفيان, وإذا3 كانت حرة تحت المملوك فجاء بولد وانتفى منه ألزق به الولد وضرب4 الحد [ظ-36/ب] .
قال أحمد: يلاعن.
قال إسحاق: كما قال5 أحمد.
__________
1 أي ألحق به الولد ولا يحد بمعنى أنه تشترط الحرية فيمن يجري بينهما اللعان, وانظر: عن مذهب الإمام الثوري في أنه لا يجري اللعان بين الحر والأمة.
الإشراف: 4/265, المغني: 7/392, الاستذكار 4، لوحة رقم: 185, الأوسط، لوحة رقم: 295.
2 سبقت المسألة وإجابة الإمامين بنحو ما أجابا به، وسبق التعليق على ذلك في المسألة رقم: (1072) .
3 في ع بلفظ "وإن كانت".
4 انظر عن مذهب الإمام الثوري في أنه لا لعان بينهما وأن الحرة تحد بذلك: الإشراف: 4/265, واختلاف الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين لوحة، رقم: 112, 113.
5 مذهب الإمامين أحمد وإسحاق أنه يجري اللعان بين كل زوجين.
وسبق تقرير ذلك في المسألة رقم: (1072) .(4/1860)
[1242-] قلت1: سئل سفيان عن رجل قذف امرأته وهي صماء خرساء.
قال الشعبي2: يجلد. وكان غيره3 يقول: لا يجلد.
قال أحمد: لا أرى وقع شيء، لعلها كانت4 تقر، لعلها كانت تعفو عنه، أو تسكت عنه5.
قال إسحاق: كما قال6.
__________
1 في ع بلفظ "قال قلت سئل سفيان".
2 أخرج الإمام عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه: 7/108, عن سفيان الثوري عن يحيى بن أيوب عن الشعبي في رجل قذف امرأته صماء بكماء, قال هي بمنزلة الميتة, أضربه, وقال غيره لا أضربه حتى تعرب عن نفسها.
وفي سنن سعيد بن منصور: 1/413 بمسنده حديثا عمر بن بشير عن الشعبي سئل عن رجل قذف امرأته وهي صماء خرساء, قال الشعبي: ليس تسمع ولا تتكلم فتصدقه أو تكذبه, ليس بينهما حد ولا لعان.
3 من قال بهذا أحمد وإسحاق وأبو عبيد, انظر: الإشراف: 4/266, المغني: 7/396.
4 في ع بلفظ "لعلها كانت تقر، ولعلها كانت تعفو عنه".
5 فلا حد ولا لعان قال ابن قدامة: قال أحمد إذا كانت المرأة خرساء لم تلاعن؛ لأنه لا تعلم مطالبتها, وحكاه ابن المنذر عن أحمد.
انظر: المغني: 7/396, الإشراف: 4/266.
6 في ع بلفظ "قال: قلت قال سفيان".(4/1861)
[1243-] قلت: سئل سفيان عن رجل وطئ جاريته فولدت ولم يدع الولد ولم ينفه, قال1: ما أرى إلا أن يلحقه.
قال أحمد: إذا كان وطأ معروفاً يلحقه كما قال2 عمر رضي الله عنه.
[1244-] قلت3: سئل سفيان عن رجل قال لامرأته: ما في بطنك ليس مني؟
تترك4 حتى تضع5.
قال أحمد: نعم، إذا وضعت إن نفاه لا عنها, وإن ادعاه فالولد ولده، ولا يضرب إلا أن يقول: زنيت, فإن قال: زنيت ضرب
__________
1 قوله "قال" ساقطة من النسخ الثلاث، والسياق يقتضي إثباتها.
2 لم يذكر في هذه المسألة رأي الإمام إسحاق.
وسبقت المسألة بآراء الأئمة الثلاثة المتفقة مع تخريج قول عمر رضي الله عنه المشار إليه في هذه المسألة بمسألة رقم: (1203) .
3 في ع بلفظ "قال: قلت سئل سفيان".
4 في ع بلفظ "تتربص حتى تضع"، ولعله ببداية هذه العبارة تبدأ إجابة سفيان على السؤال.
5 فلا يلاعن من نفى حمل امرأته حتى تضع لعدم تحقق وجود الحمل كما يأتي في كلام ابن قدامة التالي.
وانظر عن قول الإمام الثوري: الإشراف: 4/257, الاستذكار 4، لوحة رقم: 181(4/1862)
الحد1.
__________
1 المسألة في اللعان على الحمل, وفي ذلك روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: لا يصح نفيه ولا الالتعان عليه، لأنه غير محقق.
قال ابن قدامة: "اختلف أصحابنا فيما إذا لاعن امرأته وهي حامل ونفى حملها في لعانه، فقال الخرقي وجماعة: لا ينتفي الحمل بنفيه قبل الوضع، ولا ينتفي حتى يلاعنها بعد الوضع وينتفي الولد فيه".
وعلله ابن قدامة بقوله: " لأن الحمل غير مستيقن يجوز أن يكون ريحاً أو غيرها، فيصير نفيه مشروطاً بوجوده، ولا يجوز تعليق اللعان بشرط".
قال ابن رجب في قواعده الفقهية: "هذا المذهب عند الأصحاب".
وقال المرداوي في الإنصاف: " هذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله، وعليه أكثر الأصحاب."
والرواية الثانية عن الإمام أحمد: يصح نفيه قبل الوضع.
وذكر ابن رجب في القواعد والمرداوي في الإنصاف أنها رواية ابن منصور.
ورواية ابن منصور التي معنا توافق الرواية الأولى.
ومما يشهد لجواز الملاعنة على الحمل حديث عويمر العجلاني الذي أخرجه البخاري في كتاب الطلاق: 6/165, حيث كانت زوجته التي لاعنها حاملاً، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "انظروها فإن جاءت به كذا وكذا", وفيه فجاءت به على المكروه من ذلك. واختار هذه الرواية ابن قدامة في المغني قال: "وهذا القول الصحيح لموافقته ظواهر الأحاديث، وما خالف الحديث لا يعبأ به كائنا ما كان."
انظر: المغني: 7/423, المبدع: 8/94, قواعد ابن رجب 183, الإنصاف: 9/255, الاستذكار: 4/181.(4/1863)
قال إسحاق: كما قال.
[1245-] قلت1: قال إبراهيم وعطاء: 2 إذا ضرب الرجل في القذف ثم قذف امرأته، يضرب ولا يلاعن.
قال أحمد: لم؟
قلت: لا تجوز شهادته.
قال: وأي شيء اللعان من الشهادة.
قلت: يلاعن؟
قال: إي والله، لو3 كان معناه معنى الشهادة فقذفها زوجها4 وهو فاسق لم يلاعنها ولو كان معناه معنى الشهادة لكان يشهد هو أو تشهد هي لما يشهد عليهما غيرهما5.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت: قال إبراهيم".
2 انظر قول إبراهيم وعطاء في: الأوسط لابن المنذر، لوحة رقم: 295، وأحكام القرآن للجصاص: 3/292, والمغني: 7/392.
3 في ع زيادة "و" بعد لفظ الجلالة.
4 في ع بحذف "زوجها".
5 مذهب الإمامين أحمد وإسحاق أنه يجري اللعان بين كل زوجين لظاهر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} النور, آية 6. فالمحدود في القذف زوج رمى زوجته بالزنى فيدخل في عموم الآية، وسبق تقرير ذلك في عدة مسائل.
انظر: المسألة رقم: (1072، 1240، 1241) .
ورد الإمام أحمد على من ذهب إلى أن اللعان كالشهادة فلا يقبل لعان المحدود كما لا تقبل شهادته بأن هناك فرقاً واضحاً بين الشهادة واللعان ووضحه بمثالين:
أولهما: أن الفاسق يلاعن ولا تقبل شهادته.
وثانيهما: أنه يقبل لعان أحد الزوجين للآخر، ولا تقبل شهادة أحدهما للآخر أو عليه.
انظر: عن تلاعن المحدودين: المغني: 7/392, شرح السنة: 9/254, الأوسط، لوحة رقم: 295, المقنع بحاشيته: 3/257.(4/1864)
قال إسحاق: كما قال.
[1246-] قلت: سئل سفيان عن رجل رأى في حجر امرأته ولداً فقال: هذا ليس بولدي، ولا أقذف امرأتي.
قال: بينة المرأة أنه ولده، وإلا هو منه برئ1.
قال أحمد: إذا كان الفراش فراشه. فقال: ليس هذا الولد مني, وقد كانت2 ولدته في ملكه يلاعن3.
__________
1 انظر: عن قول الإمام سفيان الثوري هذا الأوسط لابن المنذر، لوحة رقم: 297.
2 في ع بلفظ "وقد كان في ملكه".
3 الولد ولده لإمكان أن يكون منه، وما أجاب به الإمام أحمد من لعانه بنفي الولد مع عدم قذفه لها إحدى الروايتين عنه، عللها ابن قدامة في الكافي بقوله: "لأنه لا يحتاج إلى نفي النسب الفاسد، فشرع كما لو قذفها".
والرواية الأخرى: أنه لا يلاعن، لظاهر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ} النور, آية 6. وهذا لم يرمها بالزنى.
واختار هذه الرواية ابن قدامة في المغني.
ويتصور أن يقول لها: الولد ليس بولدي، ولا أقذف امرأتي، كأن يقول لها: إنه من وطء شبهة ونحوه.
انظر: الكافي: 3/296, والمغني: 7/427.(4/1865)
قال إسحاق: كما قال.
[1247-] قلت: فإن قال رجل لامرأته معها ولد: ليس هذا بولدك؟
قال: 1 ليس بشيء2.
__________
1 القائل هو الإمام أحمد بدليل إجابة الإمام إسحاق بعده.
2 أي: لا التعان بينهما حيث لم يقذفهما, وصورة المسألة أن تقول له: هذا ولدي منك، فيرد عليها: ليس هذا ولدي منك بل استعرته أو التقطته, ففي إلحاق الولد وجهان:
أحدهما: لا يقبل قولها إلا ببينة لإمكان إقامة البينة على الولادة، والأصل عدم الولادة فالبينة على المدعي.
والثاني: يقبل قولها، قال ابن قدامة: "لأنه خارج تنقضي به العدة, فالقول قولها فيه كالحيض." انظر: الكافي: 3/296.(4/1866)
قال إسحاق: كما قال.
[1248-] قلت: قال الشعبي رجل قذف امرأته [بالزنى] 1 فقال: زنى بك فلان فلاعنته امرأته [ثم إن الرجل الذي قذف بامرأته جاء بعد, فقال: افتريت علي, لا يجلد له زوج المرأة, لما لاعنته امرأته أبطلت عنه الحد] 2.
قال أحمد: حديث ماعز3 بن مالك رضي الله عنه حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "بمن"؟ قال: بفلانة, فلم يضربه النبي صلى الله عليه وسلم لها4.
__________
1 ما بين المعقوفين مزيد من ع.
2 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ هي: "وإن الرجل الذي قذف" فقط، وهذا سقط فأثبته من ع.
3 هو ماعز بن مالك الأسلمي، هو الذي رُجم في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-. ثبت ذكره في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد وغيرهما, وجاء ذكره في حديث أبي بكر الصديق وأبي ذر وجابر بن سمرة ونعيم بن هزال وأبي برزة, وفي بعض طرقه: "لقد تاب توبة لو تابها طائفة من أمتي لأجزأت عنهم".
انظر عن ترجمته: الإصابة: 3/317. الاستيعاب: 3/418.
4 إذا قذف امرأته بالزنى برجل بعينه ولاعنها سقط الحد عنه لهما. قال المرداوي: هذا المذهب وعليه الأصحاب.
ومن الأدلة على ذلك الحديث الذي أخرجه البخاري: 6/4، أن هلال بن أمية قذف زوجته بشريك بن سحماء ولم يحده النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عزره له، وقذفه بشريك بن سحماء ثابت في الصحيح.
ومن الأدلة عليه أيضاً ما استدل به الإمام أحمد من حديث ماعز بن مالك, وهذه الرواية أخرجها عن نعيم بن هزال قال: "كان ماعز بن مالك يتيماً في حجر أبي فأصاب جارية من الحي، فقال له أبي: ائت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك, وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج", وفيه: أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أقم علي كتاب الله", حتى قال أربع مرات. قال -صلى الله عليه وسلم-: " إنك قد قلتها أربع مرات, فبمن"؟ قال: "بفلانة."
أخرجه أحمد في المسند: 5/216, 217, وأبو داود، حديث رقم: 4419.
[] وقال الألباني في إرواء الغليل: 7/357-358: "وهذا إسناد حسن، ورجاله رجال مسلم".
[] انظر عن أصل المسألة المغني: 7/439-440, زاد المعاد: 5/382, المبدع: 8/91, الإنصاف: 9/251, شرح السنة: 9/261, الإشراف 4/272, الأوسط، لوحة رقم: 298.(4/1867)
قال إسحاق: كما قال.
[1249-] قلت1: قال سفيان إذا وقّت وقتاً في الظهار فذهب ذلك الوقت، كأنه2 [ع-62/أ] [يقول] 3 ليس
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت قال سفيان".
2 نهاية اللوحة رقم: 121 من ع، وبداية اللوحة رقم: 122 من ع.
3 ما بين المعقوفين مزيد من ع، لأن الكلام به يستقيم.(4/1868)
عليه شيء1.
قال أحمد: إذا مضى الوقت سقط الظهار2.
قال إسحاق: كما قال3.
[1250-] قلت: قال4 رجل يظاهر فأخذ في الصوم فجامع بالليل،
__________
1 صورة المسألة أن يقول لامرأته أنت علي كظهر أمي شهراً, فإذا بر بيمينه ولم يقربها ليس عليه شيء.
وانظر عن قول الثوري هذا في: اختلاف العلماء، لوحة رقم: 52, الإشراف: 4/241, المغني: 7/349.
2 مما يدل على صحة الظهار مؤقتاً حديث سلمة بن صخر، وفيه: "ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أصاب فيه، فأمر بالكفّارة."
أخرجه أحمد في المسند: 4/37, وأبو داود: 2/661, والترمذي: 3/504, وقال: حديث حسن, وأخرجه ابن ماجة، حديث رقم: 2026, وأخرجه الحاكم: 2/203 وقال: حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
قال ابن قدامة في الكافي: 3/258: "ولأنه يمين مكفرة فصح توقيتها، كاليمين بالله تعالى، فإذا مضى الوقت مضى حكم الظهار".
وانظر أيضاً: المبدع: 7/11, المغني: 7/349, الإشراف: 4/241.
3 انظر قول الإمام إسحاق في: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/241, المغني: 7/349.
4 القائل هنا هو سفيان الثوري.
وانظر: عن قوله المغني: 7/262, المبدع: 8/63, الإشراف: 4/252.(4/1869)
يستقبل؟
قال أحمد: يستقبل1.
قال إسحاق: كما قال.
[1251-] قلت: [قال:] 2 فإن أطعم فجامع يطعم ليس هذا من نحو هذا، يعني الصوم.
قال أحمد: يقضي3.
__________
1 هذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد وعليها المذهب، كما ذكره المرداوي، لقوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} المجادلة, آية 4.
فأمر بالصوم المتتابع قبل المسيس, ومن وطئ قبل انتهاء مدة الشهرين لم يأت بالصوم على ما أمر به فلم يجزه.
وعن الإمام رواية بأنه لا ينقطع التتابع بوطء المظاهر منها ليلاً. ذهب إليه داود واختاره ابن المنذر.
[] انظر: الإنصاف: 9/227-228, المغني: 7/367, المبدع: 8/63, الإشراف: 4/252, زاد المعاد: 5/339.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
3 وفي نسخة ع "يقضي الطعام".
وذكر ابن مفلح في المبدع أن ابن منصور نقل أن وطأه في أثناء الإطعام لا يقطعه, وفي المخطوطتين ما أثبته من أنه يقضي.
ولعله سقطت "لا" النافية من الجملة حتى يوافق ما نقل عنه ابن مفلح، وأطلقه ابن قدامة في المغني حيث قال: "ولو وطئ في أثناء الإطعام لم تلزمه إعادة ما مضى منه."
وعلله بقوله: "أنه وطئ في أثناء ما لا يشترط التتابع فيه، فلم يوجب الاستئناف، كوطء غير المظاهر منها، أو كالوطء في كفارة اليمين، وبهذا فارق الصيام."
المغني: 7/373, وانظر أيضاً: المبدع: 8/63.(4/1870)
قال إسحاق: كما قال.
[1252-] قلت: قال سفيان: إذا قال الرجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي إن قربتك؟
قال: إن1 قربها قبل أربعة أشهر كان ظهاراً وسقط الإيلاء، وإن تركها أربعة2 أشهر قبل أن يجامعها كان إيلاء لأنه منعه من الجماع ما قال، فمتى ما قربها بعد ذلك وقع عليه الظهار3 إن لم يكن وقّت وقتاً، فإذا وقّت وقتاً فمضى ذلك الوقت قبل أن يجامعها لم يكن ظهار4.
__________
1 في ع بلفظ "فإن قربها".
2 في ع بحذف "أشهر".
3 انظر: عن قول الثوري في أنه إذا لم يقع عليها فتفارقا لم يكن عليه ظهار, المغني: 7/351.
4 سبقت مسألة توقيت الظهار عن الأئمة الثلاثة في مسألة (1249) .(4/1871)
قال أحمد: إذا قال أنت عليّ كظهر أمي ولم يوقّت لذلك وقتاً فقد وجبت عليه كفارة الظهار إلا أن يطلقها ثلاثاً، فإن طلقها ثلاثا فلا كفارة عليه إلا أن يراجعها بعد زوج فإن راجعها فالظهار1 عليه, وإن قال لها: أنت عليّ كظهر أمي سنة إن وطئتك فجاءت بعد مضي الأربعة الأشهر وقف لها, فإما أن يفيء وإما أن يطلق 2، وإن هي تركته حتى تمضي السنة سقط عنه الظهار، وإن هو وطئها قبل مضي السنة فقد وجب عليه كفارة الظهار3.
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 قال الخرقي: "فإن مات أو ماتت أو طلقها لم تلزمه الكفارة، فإن عاد فتزوجها لم يطأها حتى يكفّر، لأن الحنث بالعود".
قال ابن قدامة: "سواء كان الطلاق ثلاثاً أو أقل منه، وسواء رجعت إليه بعد زوج آخر أو قبله، نص عليه".
وذلك لعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ." سورة المجادلة آية رقم: 3. وهذا زوج ظاهر من امرأته ويريد أن يعود لما قال، فلا يحل له قبل التكفير.
[] انظر: مختصر الخرقي مع المغني: 7/351, 352, الإنصاف: 9/205, المبدع: 8/43-44.
2 راجع المسألة رقم: (1006) .
3 راجع المسألة رقم: (1249) .(4/1872)
[1253-] قلت: قال سفيان: لا يعلم الإيلاء إلا في الجماع، وهو الذي نأخذ به.
قال أحمد: جيد1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1254-] قلت3: قال سفيان: رجل آلى من امرأته فمضت أربعة أشهر فقال الرجل بعد الأربعة الأشهر: إني كنت جامعتها قبل أن تمضي الأربعة الأشهر قال: لا يصدق،4 لأنها قد بانت منه إلا أن يأتي ببينة، وإذا قال قبل انقضاء الأربعة الأشهر: إني كنت قد جامعتها صدق5.
__________
1 فيشترط في الإيلاء أن يحلف على ترك الوطء في القبل، لأن ترك الجماع هو الذي يضر الزوجة ويجب على الزوج فعله فيعتبر في الإيلاء، فلو قال: لا وطئتك دون الفرج لم يكن مولياً, لأنه لم يحلف على ترك الوطء الذي يطالب به في الفيئة والمطالب في الفيئة هو الوطء في القبل.
انظر: المغني: 7/311, 334, المبدع: 8/4, 26, الإنصاف: 9/169, 188.
2 في ع بلفظ "قال إسحاق: كما قال أحمد".
3 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان في رجل".
4 في ع "قال لا يصدق يقول لأنها".
5 أما عن تصديقه فقد اتفق الأئمة الثلاثة عليه، ويأتي التعليق التالي أن ذلك فيما إذا كانت المرأة ثيباً، والخلاف بينهم أن مذهب سفيان إذا آلى الرجل من امرأته فمضت أربعة أشهر تطلق المرأة تطليقة بائنة ولا تحتاج إلى توقيف من الحاكم, فلا فائدة في ادعائه الفيئة بعد بينونتها.
انظر: الإشراف: 4/230, وشرح السنة: 9/239.(4/1873)
قال أحمد: قبل الأربعة وبعد الأربعة واحد، يصدق ويطؤها بعد الأربعة إن شاء1.
قال إسحاق: كما قال.
[1255-] قلت: قال سفيان في رجل آلى من امرأته وهو مريض فمضت أربعة أشهر وهو صحيح ثم مات في العدة: فإنها ترثه2.
__________
1 وذلك أن امرأة المولي لا تطلق بمضي المدة بل لا بد من توقيف السلطان، وإن لم يوقف فهي امرأته وإن أتى على ذلك سنون، كما قال الإمام أحمد في المسألة (1005) .
وسبق تقرير ذلك والاستدلال له في تلك المسألة.
وتصديق الزوج في ادعائه الوطء فيما إذا كانت المرأة ثيباً، وهل تلزمه اليمين على ذلك روايتان عن الإمام أحمد.
وإن ادعت المرأة أنها عذراء فشهدت بذلك امرأة عدل قبل قولها.
انظر: المغني: 7/334, والمبدع: 8/29, والإنصاف: 9/691.
2 المسألة مبنية على ما بينته في المسألة السابقة من أن مذهب الإمام سفيان أنه إذا مضت الأربعة الأشهر بانت المرأة, فجعل سفيان من آلى من امرأته وهو مريض كمن طلق امرأته وهو مريض، فترثه إذا مضت الأربعة، وهو صحيح.
وأما حكم من طلّق امرأته وهو مريض فصحّ، ثم مات عند الإمام سفيان فقد سبق عنه قوله: "إذا طلقها وهو مريض ثم صح ثم مات فإنها ترثه وإن ماتت لم يرثها صح أو لم يصح."
راجع مسألتي (1141، 1218) .(4/1874)
قال أحمد: لم يقع شيء بعد1.
قال إسحاق: كما قال, لأنه لا يكون2 [مضي الأربعة طلاقا كما] 3 [ظ-37/أ] قال هؤلاء،4 لأنه يوقف عند مضي الأربعة.
__________
1 لأن المرأة لا تطلق بمضي الأربعة الأشهر حتى يوقفه السلطان فيفيء أو يطلق كما سبق في المسألة رقم: (1005) .
2 نهاية اللوحة 71, وبداية اللوحة 72 من ظ.
3 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
4 يشير بذلك الإمام إسحاق إلى من قال أنه إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة ولا تحتاج إلى توقيف.
وممن قال بذلك من الصحابة ابن مسعود وابن عباس، وذهب إليه الثوري والأوزاعي والنخعي والحسن البصري والحنفية.
انظر: المغني: 7/318, 319, الإشراف: 4/230, شرح السنة: 9/239, فتح القدير لابن [] [] الهمام: 4/191, الهداية شرح بداية المبتدي: 4/191- 192.(4/1875)
[1256-] قلت1: قال: فإذا آلى وهو صحيح فمضت أربعة أشهر وهو مريض ثم مات في العدة فلا ميراث بينهما2.
قال أحمد: كل هذا واحد لم يقع شيء امرأته على حالها.
قال إسحاق: كما قال3.
[1257-] قلت4: قال سفيان: إذا حلف الرجل ألا يجامع امرأته في بيت أو دار أو منزل ثم تركها أربعة أشهر فليس بإيلاء، لأنه لو شاء جامعها في غيره ولم يكن عليه شيء5.
قال أحمد: صدق6.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 بناء على قوله أن المرأة تطلق إذا مضت أربعة أشهر من مدة الإيلاء كما سبق في المسألتين السابقتين, ولم يكن له ميراث كمن طلق امرأته وهو صحيح فمات وهي في العدة.
3 راجع المسألتين السابقتين والمسألة رقم: (1005) في أن امرأة المولي لا تطلق بمضي المدة.
4 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان".
[5] انظر قول الثوري في المغني: 7/304, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/232-233, الأوسط لابن المنذر لوحة 279.
6 علل ذلك ابن قدامة في المغني ونحوه ابن مفلح في المبدع: "أنه يمكن وطؤها بغير حنث فلم يكن مولياً كما لو استثنى في يمينه."
[] انظر: المغني: 7/304, المبدع: 8/11-12, الإشراف على مذاهب العلماء: 4/232-233.(4/1876)
قال إسحاق: هذا إيلاء لما عقد اليمين أن1 لا يجامع.
[1258-] قلت2: قال: سألت سفيان عن رجل حلف أن لا يجامع امرأته إن شاء الله تعالى لا يرونه شيئاً حتى يحلف يبهم اليمين أن3 لا يجامعها أربعة أشهر فما زاد4.
قال أحمد: نحن لا نرى الاستثناء في الطلاق، وأما هذا فليس هو5 بطلاق [في إيلاء نفسه لا أوجب الطلاق، له الاستثناء6] .
__________
1 لأنه حلف على ترك وطئها. وبه قال ابن أبي ليلى، وأجاب عن ذلك ابن مفلح في المبدع بما سبق في الحاشية السابقة. المغني: 7/304, والمبدع: 8/12, والإشراف: 4/233, والأوسط لوحة رقم: 279.
2 في ع بلفظ "قال: قلت: سألت".
3 في ع بلفظ "أن لا يجامع".
4 انظر: عن قول الثوري في هذا: الإشراف: 4/233.
وانظر: عن قوله في جواز الاستثناء في اليمين إذا كان موصولا باليمين وعدم الحنث عليه في ذلك: سنن الترمذي: 4/108.
5 كما سبق تفصيله في المسائل (951، 952، 1153) .
6 أي ما لم يوجب الطلاق له الاستثناء. هذه عبارة نسخة ع وفي نسخة ظ "في الإيلاء نفسه له أوجب الطلاق له الاستثناء"، ويستقيم المعنى بما أثبته من ع ومعناه: ويصح الاستثناء في كل يمين مكفرة كاللعان والظهار والنذر لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى، فلا حنث عليه."
وسبق تخريجه في المسألة رقم: (951) .
وانظر: المغني: 8/715, 717, والإنصاف: 11/25, والمبدع: 9/269, والإشراف: 4/233, وسنن الترمذي: 4/108.(4/1877)
قال إسحاق: له الاستثناء1.
[1259-] قلت2: قال سفيان في رجل غاب عن امرأته فجاءها نعي زوجها أنه قتل، فاعتدت3 أربعة أشهر وعشراً، ثم تزوجت فقدم زوجها الآخر.
قال: هي امرأته4.
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق في ذلك: الإشراف: 4/233.
وانظر: عن قوله في جواز الاستثناء في كل يمين المغني: 8/715, وسنن الترمذي: 4/108.
بل يجوز عنده الاستثناء في الطلاق والعتاق خلافاً لما هو مشهور عن الإمام أحمد كما سبق في مسائل (951، 952، 1254) .
2 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سفيان".
3 في ع بلفظ "واعتدت أربعة أشهر وعشرا ثم تزوجت وقدم زوجها الأول".
4 في ع بحذف "قال".(4/1878)
قيل له: فإن قذفها؟
قال: يلاعنها1 ويفرّق [ع-62/ب] بينهما2، وتعتد من الذي لاعنها، ثم إن شاء زوجها الآخر تزوجها.
قال أحمد: هو كما قال3 وليس هذا مفقوداً, والمفقود لا يجيء نعيه4 ولو جاء نعيه كان أمراً بيناً5.
قال إسحاق: هو كما قال سواء، إلا أن المفقود ليس كالغائب، إنما هو أن يفقد من6 موضع لا يدرى أين توجه، فلربما جاء نعي مثل هذا أيضاً7.
__________
1 في ع "لا يلاعنها"، والصواب كما هو في ظ بحذف "لا" حيث الحكم يقتضي ذلك.
2 نهاية اللوحة رقم: 122 من ع، وبداية اللوحة رقم: 123 من ع.
3 فمتى قدم فهو أحق بزوجته، وإنما أبيح لها التزويج بناء على أنه على ظاهر النعي، فإذا بان حياً انقطع ذلك الظاهر.
وسبق تخيير المفقود فيما إذا جاء وقد تزوجت امرأته في المسألة رقم: (1011) وإجراء اللعان بينهما بناء على أنها زوجته حيث لم يكن ميتاً ولم يطلقها.
4 في ظ بحذف "الواو" وأثبتها من ع، لأن الكلام يستقيم بوجودها أكثر.
5 سبق التعريف بالمفقود عند الإمام أحمد في المسألة رقم: (1009) .
6 في ع بلفظ "أن يفقد من موضع فلم يدرى".
7 وذلك يدخل تحت ما قاله الإمام إسحاق في المسألة (1010) معلقاً على ضابط الإمام أحمد للمفقود. قال إسحاق: "وكذلك كلما ولى في موضع ثم فقد منه."(4/1879)
[1260-] قلت1: المرأة تستدين على زوجها وهو غائب؟
قال أحمد: نعم2، وإن لم تستدن يحكم لها عليه بذاك3.
قال إسحاق: كما قال سواء4.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 لتأكد وجوب النفقة للزوجة على زوجها فلا تسقط النفقة بحال من الأحوال، فإذا لم ينفق لعذر أو لغير عذر لم تسقط، سواء استدانت أو لم تستدن. ومما يدل على ذلك فعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي ذكره ابن المنذر في الإشراف وابن قدامة في المغني وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى واللفظ له عن ابن عمر أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم، فأمرهم أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا.
وصححه الألباني في إرواء الغليل.
انظر: سنن البيهقي: 7/469, وإرواء الغليل: 7/228, والإشراف: 4/143, والمغني: 7/578.
3 في ع بلفظ "بذلك".
4 انظر قول الإمام إسحاق في وجوب نفقة الزوجة على الزوج الغائب أيام غيبته في المغني: 7/587.
قال ابن المنذر: "نفقة الزوجة واجبة بالكتاب والسنة والاتفاق، ولا يزول ما وجب بالحجج التي ذكرناها إلا بسنة أو اتفاق, ولا نعلم شيئاً يدل على سقوط نفقة الزوجة إلا الناشز الممتنعة, فنفقة الزوجة واجبة على الزوج غائباً كان الزوج أو حاضراً. الإشراف: 4/143.(4/1880)
[1261-] قلت1: قال: قلت لسفيان: مرت امرأة على رجل فحلف بالله لا يجامعها، ثم تزوجها وتركها أربعة أشهر؟
قال: لا يرونه شيئاً لأنه حلف وليست له2 بامرأة.
قال أحمد: ليس بشيء3.
قال إسحاق: كما قال لأن الإيلاء أن يحلف على ملكه لما قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} .4
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 قال ابن المنذر: "قال سفيان الثوري: إذا مرت به امرأة فحلف أن لا يقربها, ثم تزوجها، قال: ليس بإيلاء, وإن قال: إن تزوجتها فوالله لا أقربها, فإن تزوجها وقع الإيلاء." الإشراف: 4/231.
3 للآية التي استدل بها الإمام إسحاق في المسألة هنا والأجنبية عند حلفه لم تكن من نسائه، ولأنه لم يثبت قصد الإضرار في حق الأجنبية.
قال ابن قدامة: " ولأن الإيلاء حكم من أحكام النكاح فلم يتقدمه، كالطلاق، والقسم."
وذكر ابن قدامة أنه نقل عن الإمام أحمد يصح الظهار قبل النكاح لأنه يمين، فعلى هذا التعليل يصح الإيلاء قبل النكاح، والمنصوص أنه لا يصح لما ذكرناه.
[] المغني: 7/312- 313, والمبدع: 8/4, والإنصاف: 9/169, والمحرر: 2/85.
4 الآية 226 من سورة البقرة.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق المغني: 7/318, والإشراف: 4/231, وذكر ابن المنذر أن قول طائفة من العلماء منهم أحمد وإسحاق أنه ليس بمول ويكفّر إذا قربها.(4/1881)
[1262-] قلت1: قال: سألت سفيان عن رجل حلف أن لا يجامع امرأته أربعة أشهر، فمضى شهران ثم طلقها تطليقة بائنة، ثم تزوجها.
[قال2: يستقبل أربعة أشهر ولا تحتسب بالشهرين اللذين كانا قبل3 ذلك] .
قال أحمد: لا بد من أربعة أشهر كوامل قد مضى شهران يبني على ما مضى4.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت: قال سألت".
2 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.
3 بمعنى أن الإيلاء باق ولا يهدمه الطلاق، وهو ما حكاه أبو عبيد عن الثوري كما في الإشراف: 4/228.
4 وذلك إذا كان الطلاق رجعياً كما هو ظاهر في المسألة وتكميل المدة على ما قبل الطلاق هو المذهب، كما في الإنصاف.
وذلك مبني على أن الطلاق الرجعي لا يقطع مدة الإيلاء، وهو المذهب.
وفي المسألة وجه على أن الطلاق الرجعي يقطع المدة, كما يقطعها الطلاق البائن, وعليه إن راجعها في العدة أو نكحها بعد العدة استأنف المدة إن بقيت مدة الإيلاء, وإن بقي منها أقل من مدة الإيلاء أو مضت شهران وبقي شهران كما في مسألتنا هذه، سقط الإيلاء.
وهو ما ذهب إليه ابن قدامة في المغني.
والمذهب تكميل المدة كما أشرت إليه آنفا، وصرح به الإمام أحمد هنا، وبناء على المذهب في أن الطلاق لا يقطع الإيلاء. وذكر المرداوي أن الإمام أحمد نص عليه.
انظر: الإنصاف: 9/185, والمغني: 7/335, والمبدع: 7/23.(4/1882)
قال إسحاق: كما قال سواء.
[1263-] قلت: قال سفيان في نصراني آلى من امرأته فمضى أربعة أشهر ثم أسلما بعد، يلزمه الطلاق وهي تطليقة بائنة؟
قال أحمد: النصراني إذا أسلم يوقف مثل المسلم سواء1.
قال إسحاق: كما قال أحمد.
[1264-] قلت2: قال سفيان3: إذا اختلعت المرأة من زوجها وهي مريضة إن اختلعت منه بأقل من ميراثه منها أجزناه، وإن اختلعت بأكثر4 من ميراثه لم نجزه.
قال أحمد: جيد5.
__________
1 يصح إيلاء النصراني ويلزمه ما يلزم المسلم إذا تحاكموا إلى المسلمين، وإذا أسلم لم ينقطع حكم إيلائه، فإذا مضت المدة وقفه الحاكم كغيره. وسبق بيان لزوم التوقيف عند الإمامين أحمد وإسحاق. انظر المسألة (1010) .
2 في ع بلفظ "قال: قلت".
3 انظر نص هذه المسألة في الإشراف على مذاهب العلماء: 4/220, والأوسط، لوحة رقم: 275, والمغني: 7/88. فقد ذكروا جميعاً قول الإمام سفيان الثوري في هذه المسألة.
4 في ع "بأكثر".
5 وعلل ما ذكر أن المرأة متهمة في أنها قصدت بهذا الفعل أن توصل لزوجها شيئاً من مالها بطريقة لم تكن قادرة عليها إذا كان من الورثة وهي أن تخالعه فتقر له, فيبطل ذلك الأجل هذه التهمة، فلا يعطى إذا كان زائداً على ميراثه إلا قدر ما يستحق في الميراث.
انظر: المغني: 7/88, المبدع: 7/243, الإنصاف: 8/419, غاية المنتهى: 3/102.(4/1883)
قال إسحاق: كما قال1.
[1265-] قلت2: قال سفيان3: إذا أقر الرجل لامرأته بدين4 في مرضه وقد فارقها في مرضه، إن كان ما أقر به من الدين أقل من ميراثها منه أعطيناها، وإن كان أكثر لم نجزه إلا بقدر الميراث.
قال أحمد: صحيح. 5
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق رحمه الله: الإشراف: 4/220, الأوسط، لوحة 275, المغني: 7/88.
2 في ع زيادة "قال".
3 انظر: عن نحو كلام سفيان هذا في الأوسط لابن المنذر، لوحة 275.
4 في ع بلفظ "بالدين".
5 إذا خالع امرأته في مرض موته وأقر لها بدين، أو أوصى لها بأكثر مما كانت ترثه، فلا تأخذه إلا برضى الورثة؛ لأن الزوج متهم في أنه التجأ إلى ذلك ليوصل إليها أكثر مما تستحق فمنع منه، كما إذا أقر لها أو لأي وارث آخر فلا يقبل منه كل ذلك بقيام التهمة.
انظر: المغني: 7/89, المبدع: 7/243, الإنصاف: 8/419, غاية المنتهى: 3/102.(4/1884)
قال إسحاق: إقراره في المرض لها وليست بامرأته لما فارقها جائز، إلا أن يعلم أنه أراد تلجئة، وكذلك لكل وارث. 1
[1266-] قلت لأحمد: قال سفيان: إذا قالت المرأة في مرض الرجل: لم يطلقني زوجي، يسأل الرجل البينة وإلا ورثته.
قال أحمد: هي ترثه حتى يثبت أنه طلقها.
قال إسحاق: كما قال2.
[1267-] قلت: سئل سفيان عن رجل أم قوما وفيهم رجل قد حلف أن
__________
1 علل الإمام إسحاق المسألة بنحو ما سبق في التعليق السابق، أي إذا علم أنه أراد ذلك حيلة ليعطيها مبلغاً لا تستحقه لم تعط، وكذلك كل وارث، فمتى علم أنه أراد بذلك التحايل لم ينفذ إقراره أو وصيته.
وانظر نحو كلامه في المسألة في: الأوسط، لوحة رقم: 275.
2 اتفق الأئمة الثلاثة في هذه المسألة على أن من أقر بطلاق امرأته في صحته ونفته الزوجة لم يقبل منه إلا ببينة، فإن لم يقم البينة ورثته، وذلك لقيام التهمة في فعله، لأنه إقرار بما يبطل به حق غيره, فلم يقبل، كما لو طلقها في مرضه، أو أقر لها بدين، أو أوصى لها بمال.
قال المرداوي: "وهو الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب."
ونقل المرداوي قولا بعدم إرثها واستبعده.
[] انظر: المغني: 6/333-334, المبدع: 10/303, الإنصاف: 12/140, الإقناع: 3/117-118.(4/1885)
لا يكلمه، فسلم ونوى بالتسليم فلاناً؟
قال: [ظ-37/ب] أراه قد حنث إلا أن يسلم وهو لا ينويه، فإن لم ينوه لم يحنث.
قال أحمد: جيد.
قال إسحاق: كلما سلم ونواه بالتسليم لم يقصد قصد كلامه لم يحنث؛ لأن يمينه يقع عليه الحنث على إرادته، وهو لم ينو تسليم الصلاة حين حلف.1
[1268-] قلت2: قال سفيان في نصراني طلق امرأته ثلاثاً؟
__________
1 اتفق الأئمة أحمد وسفيان وإسحاق هنا أنه إذا قال: لا يكلم إنساناً فصلى به إماماً وقصد في التسليم من الصلاة السلام عليه أنه يحنث بذلك لإرادته، وإن لم يقصد ذلك لم يحنث.
قال ابن قدامة في المغني: "لأنه قول مشروع في الصلاة فلم يحنث به كتكبيرها، وليست نية الحاضرين لسلامه واجبة في السلام".
وفيه أيضاً -أي في المغني- وفي المبدع والإنصاف أنه إن أرتج الإمام في الصلاة ففتح عليه الحالف لم يحنث بذلك.
وعلله ابن قدامة: "بأن ذلك كلام الله وليس كلام الآدمي".
[] انظر: المغني: 8/821- 822, الإنصاف: 11/82, المبدع: 9/302.
2 في ع زيادة "قال".(4/1886)
قال: إذا قامت البينة1 يفرّق بينهما الوالي. 2
قال أحمد: إذا ارتفعوا إلينا حكمنا بحكم الإسلام.3
قال إسحاق: كما قال.
[1269-] قلت4: الرجل يتزوج المرأة وهو عقيم لا يولد له؟
__________
1 في ع بلفظ "قال إذا قامت البينة قال يفرق بينهما الوالي".
2 انظر عن قول الإمام الثوري في لزوم طلاق الكفار كطلاق المسلمين في: الإشراف: 4/213, المغني: 6/637.
وممن قال بجوازه الشعبي وابن جريج وكان الحسن لا يراه جائزاً.
انظر: مصنف ابن أبي شيبة: 5/232.
3 لأن طلاقهم طلاق من بالغ عاقل في نكاح يحكم له بالصحة فيقع كطلاق المسلم.
واستدل ابن قدامة لصحة أنكحتهم بأن الله تعالى أضاف النساء إليهم فقال تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} . آية 4 سورة المسد, وقال تعالى: {امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} من آية 11 سورة التحريم.
قال ابن قدامة: "وحقيقة الإضافة تقتضى زوجية حقيقية."
وما أشار إليه الإمام أحمد بقوله: "إذا ارتفعوا إلينا" هو أنهم يقرون على الأنكحة الباطلة ولا يحكم بالفراق بطلاقهم إذا لم يرفعوا أمرهم إلينا، ويضاف إلى ذلك شرط آخر وهو أن يعتقدوا إباحة ذلك في دينهم.
[] انظر: المغني: 6/637-638, الإشراف: 4/213.
4 في ع بلفظ "قال: قلت".(4/1887)
قال [أحمد:] 1 أعجب إلي إذا عرف ذا من نفسه أن يبين عسى امرأته تريد الولد. 2
قال إسحاق: كما قال3, لأنه لا يسعه أن يغرها.
[1270-] قلت: قال سفيان: إذا قالوا نزوجك إن جئت بالمهر إلى كذا وكذا وإلا فليس بيننا وبينك شيء؟
قال: النكاح جائز إذا وقع التزويج، والشرط باطل. 4
قال أحمد: النكاح جائز والشرط جائز. 5
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
2 أورد ابن المنذر نص عبارة الإمام أحمد هذه، وأشار إليها ابن قدامة في المغني، وما ذكره الإمام هو استحباب تبيين حالة إذا كان يعلم أنه عقيم في ابتداء النكاح, أما إذا انعقد النكاح فلا يكون العقم عيباً يفسخ به النكاح.
قال ابن قدامة: "لأن ذلك لا يعلم, فإن رجالاً لا يولد لأحدهم وهو شاب ثم يولد له وهو شيخ فلا يتحقق ذلك منهما", ولو كان يثبت بذلك الفسخ لثبتت في الآيسة.
انظر: المغني: 6/653, الإشراف: 4/78.
3 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/78.
4 انظر عن قول الإمام الثوري: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/73, المغني: 7/693, شرح السنة: 9/53.
5 جاز الشرط في ذلك لأن الصداق عوض في معاوضة فجاز ذلك فيه كالثمن في المبيع, وسبق تقرير ثبوت الشروط الصحيحة في النكاح في المسألة رقم: (900) .
وقد سبقت المسألة عن الإمام أحمد وإسحاق برقم: (1091) وقد ذكرنا هناك أن ابن المنذر نقل عن الإمام أحمد وإسحاق أن الشرط باطل والنكاح جائز.
راجع أيضاً المغني: 6/693, المبدع: 7/141.(4/1888)
قال إسحاق: كما قال، لأن1 النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أحق [ع-63/أ] الشروط2 أن يوفى به ما استحللتم به الفروج3."
[1271-] قلت4: سئل سفيان عن الرجل يتزوج المرأة يشترط لها شرطاً لازماً لا يخرجها يقول: إن أخرجتها فأمرها بيدها؟
قال سفيان: الشرط لازم، ولكن يكره5 هذا الشرط.
__________
1 في ع بلفظ "لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-".
2 نهاية اللوحة رقم: 123، وبداية اللوحة رقم: 124 من ع..
3 سبق تخريج هذا الحديث في المسألة رقم: (900) .
وسبق أيضاً استدلال الإمام إسحاق به في صحة الشرط وبقول عمر رضي الله عنه: "مقاطع الحقوق عند الشروط".
[] ونقل عنه ابن المنذر الدليلين في الإشراف: 4/72-73.
4 في ع زيادة "قال".
5 مذهب الإمام الثوري أنه لا يرى الشروط جائزة في النكاح، فإذا اشترطت عليه أن لا يخرجها من دارها صح النكاح وبطل الشرط، لأنه يرى هذه الشروط خلاف كتاب الله. ومما استدل به هو ومن معه على ذلك حديث: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل".
وسبق تخريج هذا الحديث في المسألة رقم: (900) .
ولكن الثوري أجاز الشرط هنا، والظاهر أن ذلك لتعليق تمليك أمرها بيدها، فإذا علق ذلك بإخراجها عن دارها فأخرجها فقد تحقق الشرط, فالأمر بيدها.
وانظر: عن قوله في عدم صحة الشرط جامع الترمذي: 3/434.(4/1889)
قال أحمد: الشرط لازم، ولا يكره1 الشرط.
قال إسحاق: كما قال2 أحمد3 سواء.
[1272-] قلت4: قال سفيان في رجل عنده أربع نسوة فتزوج الخامسة فولدت أولاداً؟
قال: الخامسة فاسد ويفرّق بينهما، ولها المهر بما استحل منها، ويلحق به الولد. 5
__________
1 بناء على صحة الشروط الصحيحة غير المنافية لمقاصد النكاح. راجع مسألة (900) .
وانظر أيضاً المغني: 6/548, المحرر: 2/23, منار السبيل: 2/171, المبدع: 7/80.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق في صحة الشروط في النكاح: الإشراف: 4/72, شرح السنة: 9/54, وجامع الترمذي: 3/434.
3 في ع بحذف كلمة "أحمد".
4 في ع بلفظ "قال: قلت".
5 ونحو ذلك ما إذا تزوج الإنسان ذات محرم، فإذا وطئها لم يكن عليه حد عند الثوري أيضاً لأنه قد وجدت شبهة، وهي وجود صورة المبيح وهو عقد النكاح الذي هو سبب للإباحة، ولم يثبت حكمه لعدم جواز العقد على من عقد عليها, فإذا لم يثبت حكم الإباحة بقيت صورته شبهة دائرة للحد الذي يندرئ بالشبهات.
وأكثر أهل العلم مع ما قاله الإمامان أحمد وإسحاق الآتي في كلامهما في هذه المسألة، وقد سبق عنهما نحو هذا فيمن نكح ذات محرم في المسألة (1105) .
[] راجع أيضاً المغني: 8/182-183.(4/1890)
قال أحمد: جيد, إذا كانا جاهلين، فإن تعمدا رجما إذا كانا ثيبين، ولا يلحق به الولد، وكل من أقيم عليه الحد فلا يلحق به الولد، وكل من درأت عنه الحد ألحقت به الولد1.
قال إسحاق: كما قال وفقه فيها2.
__________
1 يقول ابن قدامة عن وجوب الحد عليهما, أنه وطء في فرج امرأة مجمع على تحريمه من غير ملك ولا شبهة ملك، والواطئ من أهل الحد عالم بالتحريم فيلزمه الحد كما لو لم يوجد العقد.
وإن كانا جاهلين عن تحريم ذلك يدرأ عنهما الحد لما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رفع إليه امرأة تزوجت في عدتها فقال: "هل علمتما"؟ فقالا: لا. قال: "لو علمتما لرجمتكما." فجلده أسواطاً ثم فرق بينهما.
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 4/131, وعبد الرزاق في مصنفه: 7/199.
[] وانظر أيضاً المغني: 7/456, 8/182-183.
2 أي تفطن, وفهم الصواب في المسألة, وانظر عن قول إسحاق فيمن أقدم على نكاح باطل كمسألتنا, وكمن تزوج ذات محرم له: المغني: 8/182.(4/1891)
[1273-] قلت1: رجل حلف على يمين لا يدري ما هي أطلاق أم غيره؟
قال: لا يجب عليه الطلاق حتى يعلم أو يستيقن. 2
قال إسحاق: كما قال.
[1274-] قلت: الجمع بين ابنتي عم؟
قال: قد كره3 ذلك قوم.
قال إسحاق: إنما كره لفساد ما بينهما، وهو حلال.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 للقاعدة الفقهية: اليقين لا يزول بالشك, فلا يزول النكاح الثابت يقيناً بالشك في الطلاق، وأصل القاعدة حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه المتفق عليه أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً." واللفظ لمسلم.
البخاري مع الفتح: 1/237, مسلم مع النووي: 4/49, 50.
قال ابن قدامة: "ولأنه شك طرأ على يقين فوجب اطراحه، كما لو شك المتطهر في الحدث أو المحدث في الطهارة".
راجع الإنصاف: 9/138, المغني: 7/247, المبدع: 7/380, كشاف القناع: 5/332, مطالب أولي النهى: 5/447.
3 سبقت المسألة برقم: (896) .(4/1892)
[1275-] قلت: 1 صيام العبد في التظاهر؟
قال: 2 يصوم شهرين.
قال إسحاق: كما قال.
[1276-] قلت: 3 من قال الفيء الجماع، فإن كان مريضاً يفيء بلسانه؟
قال: من ذهب هذا المذهب فنعم.4
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 سبقت المسألة برقم: (1148) .
3 في ع بلفظ "قال: قلت".
4 أي: فنعم المذهب هو، قال ابن قدامة معلقاً على قول الخرقي: "والفيئة الجماع." قال: "ليس في هذا اختلاف بحمد الله".
قال ابن المنذر: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الفيء الجماع, وإذا كان له عذر لا يستطيع الوطء لمرض أو إحرام أو غيرهما لزمه أن يفيء بلسانه، فيقول مثلا: متى قدرت جامعتها."
وروي عن سعيد بن جبير أنه لا يكون الفيء إلا بالجماع في حال العذر وغيره.
وذهب أبو ثور إلى أنه إن لم يكن قادراً على الجماع لم يوقف حتى يستطيع، ولا تلزمه الفيئة بلسانه لأن الضرر بترك الوطء لا يزول بالقول.
وقال ابن قدامة في ترجيح أنه تلزمه الفيئة باللسان: "ولنا أن القصد بالفيئة ترك ما قصده من الإضرار، وقد ترك قصد الإضرار بما أتى به من الاعتذار, والقول مع العذر يقوم مقام فعل القادر."
[] المغني: 7/327-328, والمبدع:: 8/23، والإشراف: 4/229, وكشاف القناع: 5/362-363.(4/1893)
قال إسحاق: لا يكون فيء إلا بجماع، إلا أن يكون مرض لا يستطيع الجماع أصلاً.1
[1277-] قلت: يتسرى العبد؟
قال: [نعم] 2 بإذن سيده.
قال إسحاق: كما قال. 3
[1278-] قلت: العبد إذا أبق وله امرأة.
قال: هي امرأته.
قال إسحاق: كما قال. 4
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق في أنه لا يكون الفيء إلا بالجماع لمن لا عذر له: الإشراف: 4/229.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
3 سبقت المسألة برقم: (905) .
4 سبق أن إباق العبد لا يكون فرقة للنكاح عند الإمامين أحمد وإسحاق، خلافاً للحسن القائل بأنه فرقة. انظر: المسألة رقم: (1188) .(4/1894)
[1279-] سئل أحمد عن رجل أعطى جارية له عبده على التسري1 فأبق عبده؟
قال: يأخذ جاريته يصنع بها ما شاء. 2
قال إسحاق: كما قال.
[1280-] سئل أحمد عن رجل زوّج جاريته من عبده فأبق عبده؟
لم يفت فيه بشيء. 3
قال إسحاق: كلما كان التزويج فإن إباقه لا يكون طلاقاً.
__________
1 بمعنى على سبيل التمليك، فإنه لا يجوز وطء جارية غيره سواء كان بإذنه أو غير إذنه، لأن الوطء ليس مما يستباح بالبذل والإباحة، ومن فعل ذلك فهو زان وعليه الحد، إلا في موضعين:
أحدهما الأب يطأ جارية ولده.
الثاني: الرجل يطأ جارية امرأته بإذنها.
وسبق ذلك في المسألة رقم: (937، 938) .
2 وهذا بناء على ما سبق من أن إباق العبد لا يكون طلاقاً، كما صرح بذلك الإمام في المسألة السابقة والمسألة رقم: (1188) .
3 راجع المسألتين السابقتين والمسألة رقم: (1188) .(4/1895)
[1281-] قلت: قول علي [كرم الله وجهه] 1 حين جاءته المرأة فقال: اتقي الله واجلسي في بيتك2، ما أراد بذلك؟
قال: العنين الذي لم يصبها قط، وأما الذي أصابها مرة فلا يكون عنيناً. 3
قلت4: العنين يؤجل5 سنة؟
قال: نعم.
قال إسحاق: كما قال.
[1282-] قلت6: المرأة إذا ارتدت تبين من زوجها؟
قال: لا. هو ممنوع منها7، فإذا انقضت العدة بانت منه، فإن
__________
1 في ع زيادة "قال" قبل "قلت"، وكذلك ما بين المعقوفين مزيد من ع.
2 روى البيهقي في سننه: 7/227 عن علي رضي الله عنه قصة فيها معنى ما ذكر.
3 قال ابن قدامة: أكثر أهل العلم على هذا يقولون متى وطئ امرأته مرة ثم ادعت عجزه، لم تسمع دعواها ولم تضرب له مدة، وذكر فيمن قال ذلك الإمام إسحاق. المغني: 6/672.
وانظر عن قول الإمامين أيضاً: الإشراف: 4/83.
4 في بلفظ "قال: قلت".
5 سبقت مسألة تأجيل العنين برقم: (1017، 1018) .
6 في ع زيادة "قال".
7 في ع بحذف "منها"، والمعنى: أي يمنع من وطئها وهما على نكاحهما حتى تنقضي عدتها، فإن انقضت العدة ولم تسلم بانت منه.
وسبق تقرير ذلك في المسألة رقم: (1199) والمسألة (1202) .(4/1896)
تابت أو تاب في العدة فهما على نكاحهما، هذا في الرجل والمرأة1 أيهما ارتد.
قال إسحاق: كما قال, لأن السنة2 على ذلك، وقد جهل3 هؤلاء حكم المرتد فرأوا الارتداد تطليقة, واحتجوا بقوله
__________
1 في ع بتقديم "المرأة" على "الرجل".
2 الظاهر أنه يعني بذلك السنة الواردة في رد أحد الزوجين إلى صاحبه اللذين أسلم أحدهما فأسلم الآخر قبل انقضاء العدة.
وذكر ابن قدامة في المغني أن مسألتنا هذه وهي مسألة الردة مقيسة على مسألة إسلام أحد الزوجين.
ومن السنة الثابتة في ذلك ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رجلاً جاء مسلماً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاءت امرأته مسلمة بعده, فقال: يا رسول الله إنها كانت أسلمت معي, فردها علي."
أخرجه أبو داود: 2/674, والترمذي: 3/449, وقال: حديث حسن صحيح.
وسبق كلام الإمامين على مثل هذا في مسألة 346.
وانظر أيضاً معالم السنن: 2/674, الإشراف: 4/211.
3 من هؤلاء الذين أشار إليهم الإمام إسحاق الحسن وعمر بن عبد العزيز ومالك. انظر: الإشراف: 4/211, الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 18/67, المدونة: 2/112, المغني: 6/139.(4/1897)
سبحانه وتعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} 1 وغلطوا لِما لم [يقل] 2 حين يرتد فقد بانت.
[1283-] قلت3: النصرانية تسلم وهي تحت النصراني؟
قال: يفرّق بينهما.4
قلت: [ظ-38/أ] إذا أسلم زوجها وهي في العدّة؟
قال: إذا أسلم زوجها وهي في العدّة فهو أحق بها.
قال إسحاق: نعم. 5
[1284-] قلت: على الأمة أن تنتقب؟ 6
__________
1 من آية 10 من سورة الممتحنة.
وذكر القرطبي في تفسيره: 18/67 استدلال الإمام مالك بالآية على المسألة.
2 ما بين المعقوفين أثبته من ع، ولفظ نسخة ظ يشبه "يقتل" والمعنى يستقيم بما أثبته.
3 في ع زيادة "قال" قبل "قلت".
4 سبقت المسألة برقم: (1145) .
5 سبقت المسألة برقم: (1146) .
6 النقاب: القناع على مارن الأنف، والجمع نقب. والنقاب عند العرب هو الذي يبدو منه محجر العين.
انظر: لسان العرب: 1/768, النهاية في غريب الحديث: 5/103, المطلع على أبواب المقنع: 349.(4/1898)
قال: لا. 1
قال إسحاق: كما قال.
[1285-] قلت: إذا أسر المسلم فتنصر، تبين منه امرأته؟
قال: إذا انقضت العدّة بانت، فإذا رجع إليها في العدّة فهو أحق بها.
قال إسحاق: كما قال.2
[1286-] قال أحمد: يجبر على الطلاق في الإيلاء.3
__________
1 القائل هو الإمام أحمد, لأن النقاب والقناع للحرائر، ولأن عورة الأمة ما بين السرة والركبة كعورة الرجل, وفي حديث عمرو بن العاص مرفوعاً: "إذا زوّج أحدكم عبده أمته فلا ينظر إلى عورتها".
رواه أبو داود: 4/362.
قال ابن قدامة بعد أن نقل آثاراً عن الصحابة في عدم انتقاب الأمة، قال: وهذا دليل على أن عدم حجب الإماء كان مستفيضاً بينهم مشهوراً، وأن الحجب لغيرهن كان معلوماً.
[] انظر: المغني: 6/560, المبدع: 1/360-361.
2 راجع حكم ما إذا ارتد أحد الزوجين في المسائل (1199، 1202، 1282) .
3 إذا رفعت امرأة المولي أمر زوجها إلى الحاكم ووقفه وطلب منه أن يفيء فلم يفعل وهو قادر على الفيئة، أمر بالطلاق، فإن لم يطلق طلق عليه الحاكم بطلب المرأة.
وعن الإمام أحمد رواية بأنه ليس للحاكم الطلاق عليه، بل يحبسه ويضيق عليه حتى يطلق.
ورجح ابن قدامة الرواية الأولى وقال: "إن ما دخلته النيابة وتعين مستحقه وامتنع من هو عليه قام الحاكم مقامه فيه، كقضاء الدين." قال: "وهذا أصح في المذهب".
راجع المسألة 150.(4/1899)
قلت: كم تطلق عليه؟
قال: واحدة. 1
قال إسحاق: كما قال تبين واحدة إذا انقضت العدة.
__________
1 إذا أمر الحاكم المولي بطلاق زوجته فله أن يطلقها واحدة أو ما شاء، وليس للحاكم إجباره على أكثر من طلقة لحصول وفاء حق المرأة بذلك، فإنها تبين منه بعد العدة وتتخلص من ضرره. وعنه رواية بأن طلقته تكون بائنة. وبه قال أبو ثور.
ووجهه أن طلاق المولي فرقة لرفع الضرر فكان بائناً كفرقة الخلع، ولأنه لو كان طلاقه طلاقاً رجعياً لم يندفع الضرر، لأنه يرتجعها فيبقى الضرر.
وأجيب عن ذلك بأنه طلاق صادف زوجة مدخولاً بها من غير خلع ولا استيفاء عدد الطلاق فكان رجعياً, وبالنسبة للضرر يندفع بضرب مدة أخرى له. وإذا طلق عليه الحاكم, قام الحاكم مقام الزوج وملك من الطلاق ما يملكه المولي, فإن طلق واحدة فواحدة وإن طلق أكثر من واحدة فله ذلك.
وعن الإمام أحمد رواية مرجوحة بأن فرقة الحاكم تكون بائناً مطلقاً.
[] راجع المغني: 7/331-332, شرح السنة: 9/238, المبدع: 8/27-29, الإشراف: 4/230.(4/1900)
[1287-] قال أحمد: والحرام فيه كفارة الظهار، فإنه إذا قال: أنت علي كظهر أمي، أو أنت عليّ حرام، فهو وذاك [ع-63/ب] واحد1.
قال إسحاق2: أما الحرام فهو على ما نوى من الطلاق، فإن لم ينوه فكفارة اليمين.
[1288-] قلت3: الخلع تطليقة4، فإن ندم أو ندمت؟
__________
1 ما أجاب به الإمام أحمد هنا من أن عليه كفارة ظهار في ذلك هو المذهب وسبق ذلك في المسألة (955، 1138) .
وفي المسألة (1138) سبق ذكر قول الإمامين الثوري وأبي حنيفة.
2 في ع زيادة "و" وقول الإمام إسحاق هذا سبق عنه في عدة مسائل.
انظر: المسألة رقم: (955، 1138) .
3 في ع زيادة "قال".
4 أي على قول من قال: الخلع تطليقة، فإذا ندم وندمت وتزوجا أتحسب عليه هذه الطلقة؟
والإمامان أحمد وإسحاق يريان أنه فراق وليس بطلاق, ولذا قال الإمام أحمد: فإن تراجعا كانا على ثلاث.
وممن قال إن الخلع تطليقة بائنة الإمام الثوري.
انظر: الإشراف: 4/218, شرح السنة: 9/196, والمسألة رقم: (1193) .(4/1901)
قال أحمد: الخلع فراق على قول ابن عباس1 -رضي الله عنهما- فإن تراجعا كانا على ثلاث.
قال إسحاق2: كما قال.
[1289-] قلت3: قال سمعت يعني سفيان قال: إذا تزوجها وهو محرم، أو هي حائض، أو في رمضان، ثم ادعت الدخول ألزمته المهر.
قال أحمد: إذا أغلق الباب وأرخى الستر.
قال إسحاق: 4 هو كما وصفنا5 فيما مضى.
[1290-] قلت: بيع الأمة طلاقها؟
__________
1 سبق تقرير قول ابن عباس -رضي الله عنهما- والاستدلال له في المسألة رقم: (970) ، وانظر أيضاً: الإشراف: 4/218.
2 سبق رأى الإمامين أحمد وإسحاق، وكذلك الإمامين الشعبي والثوري فيما يكون فسخاً وما يكون طلاقاً من الفرقة في المسألة رقم: (1193) . وسبق فيها تقرير ما روي عن الإمام أحمد في فرقة الخلع.
وانظر أيضاً المسألة رقم: (970) .
3 في ع زيادة "قال".
4 في ع بحذف "إسحاق".
5 سبق تقرير المسألة في عدة مسائل منها رقم: (966، 1129، 1157) .(4/1902)
قال: احتج بحديث1 ابن مسعود وأنس2 أن تأولا قوله تبارك وتعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} .3 فقال ابن مسعود رضي الله عنه: "نزلت في المشركين والمسلمين".
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: "إنها نزلت في سبايا أوطاس4
__________
1 في ع بلفظ "احتج بابن مسعود وأنس"، والصواب عبارة ظ التي أثبت, والمعنى أي احتج من قال بيع الأمة طلاقها بحديث ابن مسعود وأنس -رضي الله عنهما- في هذه الآية.
2 من الآية 24 من سورة النساء.
3 كان ابن مسعود وأنس -رضي الله عنهما- يريان أن الأمة الزوجة إذا باعها سيدها طلقت وحلت لمشتريها لأنه ملكها استدلالاً بظاهر الآية: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} .
ومعناه: وحرم عليكم ذوات الأزواج إلا ما ملكت أيمانكم إما بسبي أو بشراء, وممن نقل عنه ذلك مع ابن مسعود، وأنس من الصحابة: ابن عباس في رواية وجابر وأبي ابن كعب، ومن التابعين سعيد بن المسيب، والحسن ومجاهد.
[] انظر عن أقوالهم وتفسيرهم للآية: أحكام القرآن للجصاص: 2/135-136, وأحكام القرآن للكيا الهراسي: 1/406, مصنف ابن أبي شيبة: 4/265, مصنف عبد الرزاق: 7/280, فتح الباري: 9/404.
4 أوطاس: واد في ديار هوازن، فيه كانت وقعة حنين بين النبي صلى الله عليه وسلم وهوازن. انظر: معجم البلدان: 1/281, مراصد الإطلاع على الأمكنة والبقاع: 1/132.(4/1903)
سبين ولهن أزواج في قومهن فنزلت {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} " قال1 علي كرم الله وجهه موافقاً لأبي2 سعيد: إنها نزلت في المشركين, وأما تأويل من تأول في بريرة3 أنها خيرت بعد ما
__________
1 وممن قال بذلك مع أبي سعيد الخدري وعلي بن أبي طالب من الصحابة: عمر وعبد الرحمن بن عوف وابن عباس في رواية، وجمهور الفقهاء، ومنهم أحمد وإسحاق.
انظر: عن أقوالهم في تفسير الآية: جامع البيان للطبري: 5/1، التفسير الكبير: 10/41, تفسير [] ابن كثير: 1/473-474, فتح القدير للشوكاني: 1/ 448, وأحكام القرآن للكيا الهراسي: 1/405, أحكام القرآن للجصاص: 2/135, مصنف ابن أبي شيبة: 4/265, فتح الباري: 9/404.
2 بأن الآية واردة على المزوجات المسبيات فقط ولا يكون البيع طلاقاً، وهو قول الجمهور، بل نقل الفخر الرازي الإجماع على ذلك بعد الخلاف الأول. قال: فذهب علي وعمر وعبد الرحمن بن عوف أن المنكوحة إذا بيعت لا يقع عليها الطلاق وعليه إجماع الفقهاء اليوم.
انظر: التفسير الكبير: 10/41, أحكام القرآن للكيا: 1/406, فتح الباري: 9/404.
3 هي بريرة بنت الحارث الهلالية، والدة يزيد بن الأصم وأمها بنت عامر بن معتب الثقفي، مولاة عائشة، كانت مولاة لبعض بني هلال فكاتبوها ثم باعوها من عائشة. انظر: ترجمتها الإصابة: 4/242, والاستيعاب: 4/242, والتقريب 466, وحديثها سبق تخريجه في المسألة رقم: (1036) .(4/1904)
اشترتها عائشة -رضي الله عنها- وأعتقتها, وأن ذلك لم يكن طلاقاً شِرَاها فليس في ذلك دليل أنها لم يكن بيعها طلاقها لأنه لا يدرى أكان قبل نزول الآية أو بعدها.
وابن عباس رضي الله عنهما يروي قصة1 بريرة تخيير النبي صلى الله عليه وسلم إياها, وهو يقول: "بيع الأمة طلاقها".
__________
1 ما روي في قصة بريرة وتخييرها قد سبق تخريج الحديث الذي يدل على ذلك في المسألة رقم: (1036) .
وما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- هو رواية عنه رواها عنه الطبري في تفسيره: 5/4: "بيعها طلاقها، وعتقها طلاقها، وهبتها طلاقها، وبراءتها طلاقها، وطلاق زوجها طلاقها".
وحديث بريرة استدل به الجمهور على أن بيع الأمة لا يكون طلاقها، وقد بوب به البخاري في صحيحه في كتاب الطلاق، "باب لا يكون بيع الأمة طلاقها".
واعترض عليه ابن التين بأنه لم يأت في الباب بشيء مما يدل عليه التبويب.
وقال ابن حجر: وهذا الذي قاله -يعني ابن التين- عجيب, أما أولاً فإن الترجمة مطابقة فإن العتق إذا لم يستلزم الطلاق فالبيع بطريق الأولى, وأيضا فإن التخيير الذي جر إلى الفراق لم يقع إلا بسبب العتق لا بسبب البيع، وأما ثانيها فإنها لو طلقت بمجرد البيع لم يكن للتخيير فائدة.
ويأتي الجواب على من اعترض على الجمهور بأن ابن عباس كان يقول بيعها طلاقها مع روايته لقصة بريرة مع أنه لا يجوز أن يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه.
[] انظر: فتح الباري: 9/404, وأحكام القرآن للكيا الهراسي: 1/406, وتفسير ابن كثير: [1/473-474.(4/1905)
] ورأى أحمد على حديث أبي سعيد الخدري.
قال إسحاق: كما قال لا يكون بيعها طلاقها أبداً حتى يطلقها الزوج أو تشتري [بضعها] 1 من الزوج.
[1291-] قلت: فمن اشترى جارية ولها زوج؟
قال: لا يكون بيعها طلاقها.
قال إسحاق: كما قال.
[1292-] قلت2: سئل يعني الأوزاعي عن رجل قال: كل جارية أتسراها فهي حرة، متى تكون حرة؟
قال: إذا وطئها ولم يعزل عنها فقد3 تسراها.
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من ع، وفي ظ "بعضها" وما أثبته هو الصواب، والمراد من ذلك الخلع.
2 في ع بلفظ "قال: قلت: سئل الأوزاعي عن رجل كل جارية أتسراها".
3 أجاب الإمام الأوزاعي عما سئل وهي متى تكون حرة, وجوابه في ذلك لا يخالف جواب الإمامين أحمد وإسحاق، لأنه يجب الغسل بالتقاء الختانين، والعتق قبل الملك يشبه الطلاق قبل النكاح، ويدل عليهما حديث عمرو بن العاص الآتي.
ونقل الخطابي عن الأوزاعي أنه لا يرى وقوع الطلاق قبل النكاح، إلا إذا خص امرأة بعينها، أو [] قبيلة، أو بلد، وإن عم فليس بشيء. معالم السنن: 2/640-641.(4/1906)
قال أحمد1: لا أجترئ أن أعتق عليه، فإن هو أعتق ليس به بأس، وأما أنا فلا أجترئ عليه، إلا أن يكون في ملكه2 فيقول: متى تسريت منكن فهي حرة، فإذا وجب عليها الغسل وجب3 عليه التسري.
قال إسحاق: كما قال4، وليس فيه موضع جبن.
__________
1 في ع بلفظ "قال الإمام أحمد: لا أجترئ أن أعتق عليه، فإن فعل هو فأعتقها".
2 فلا يصح العتق قبل الملك، وهذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، قال عنها ابن قدامة: وهو قول أكثر أهل العلم.
ومستندها حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك".
قال الترمذي: "حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب".
وسبق تخريجه في المسألة رقم: (1229) .
والرواية الثانية: يصح. قال في الإنصاف: وهو المذهب.
[] انظر: المغني: 8/719, والإنصاف: 7/417-418, والمبدع: 6/310, وجامع الترمذي: 3/486.
3 في ع "وإذا وجب".
4 نقل عنه الترمذي في جامعه في الطلاق قبل النكاح أنه لا يقع في غير من عينها، قال ووسع إسحاق في غير المنصوصة.
وسبق ذلك عنه في المسألة (1229) .
ويأتي ذلك مفصلاً في المسألة رقم: (1304) .
فمذهبه إذاً عدم صحة الجميع قبل ملك المحل، سواء كان طلاقاً أو عتقاً في غير المسمى.
انظر: جامع الترمذي: 3/487.(4/1907)
[1293-] سئل1 الأوزاعي عن الغلامين يلوط أحدهما بصاحبه، ثم يكبرا فيولد للمفعول به جارية، أيتزوجها الفاعل؟
قال: لا.2
قال أحمد: على قولنا كما قال، إذا كان ذلك في الدبر.3
__________
1 في ع بلفظ "قال: قال سئل الأوزاعي".
2 انظر قول الأوزاعي في الأوسط لابن المنذر، لوحة 219، والمغني: 6/578.
3 فيحرم باللواط ما يحرم بوطء المرأة. قال المرداوي: "هذا المذهب نص عليه, وعليه جماهير الأصحاب، لأنه وطء في فرج فينشر الحرمة كوطء المرأة، ولأن المرأة التي يريد أن يعقد عليها بنت من وطئه، فحرمت عليه كما لو كانت الموطوءة أنثى."
وقال أبو الخطاب: "يكون ذلك كالمباشرة دون الفرج", والمذهب في المباشرة دون الوطء أنها لا تنشر الحرمة". فلا ينشر اللواط الحرمة عند أبي الخطاب، وصححه ابن قدامة في المغني والمقنع.
استدل بعموم قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} النساء آية 24.
وبنت المفعول به ليست من المنصوص عليهن، ووطء المرأة يوجب المهر ويلحق النسب إلى غير ذلك من أحكامه التي لا تثبت باللواط، فلا يلحق به.
قال ابن قدامة: "لو أرضع الرجل طفلاً لم يثبت به حكم التحريم، فها هنا أولى."
ونقل المرداوي في الإنصاف عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه ذكر أن المنصوص عن الإمام أحمد في مسألة التلوط نحو صورة مسألتنا هذه، وهي أنه لا يتزوج بنت المفعول فيه ولا أمه. قال ابن تيمية: وهو قياس جيد، قال: فأما تزوج المفعول فيه بأم الفاعل ففيه نظر، ولم ينص عليه.
[] انظر: الإنصاف: 8/119-120, والمغني: 6/577-578, والمبدع: 7/61, وكشاف القناع: 5/73.(4/1908)
[1294-] قلت: المفعول به والفاعل عليهما الغسل؟
قال أحمد: [نعم] 1 إذا كان ذلك في الدبر, لأن حكمهما حكم الزنى، والذي يأتي البهيمة عليه الغسل وإن لم2 ينزل.
قال إسحاق: كما قال.
[1295-] سئل3 إسحاق عن رجل طلق امرأته تطليقة فتزوجت في عدّتها زوجاً آخر فانقضت عدتها عنده؟ 4
__________
1 ما بين المعقوفين أثبته من ع لأنه به تكمل إجابة الإمام أحمد.
2 قال في المقنع في عد ما يوجب الغسل: "الثاني: التقاء الختانين وهو تغييب الحشفة في الفرج قبلاً كان أو دبراً من آدمي أو بهيمة حي أو ميت."
[] انظر: في المقنع مع المبدع: 1/181-183, والمغني: 1/205, والعدة 47.
3 في ع بلفظ "قال: سئل إسحاق" وابتداء من هذه المسألة يوجه الكوسج الأسئلة لإسحاق بن راهوية وحده كما يحصل أحياناً منه للإمام أحمد.
4 في ع بحذف "عنده".(4/1909)
قال: السنة في ذلك أن يفرّق1 بينها وبين الذي تزوجها في عدّة من الزوج الأول, ثم تعتدّ من الأول [فإن كان هذا الزوج الثاني لم يكن دخل بها تزوجها إذا انقضت عدّتها من الأول] 2. فإن كان الثاني دخل بها فرّق3 بينهما، وعليه المهر للدخول، وتعتد منه بعد ما تعتدّ من الأول لأن عليها عدّتين إذا كان الثاني قد دخل بها.
[1296-] سئل إسحاق عن الأمة تعتق وزوجها حر أو عبد؟
__________
1 يفرّق بينهما لأن النكاح باطل، فإنه لا يجوز نكاح المعتدة إجماعاً لقوله تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} البقرة من آية 235.
فإذا نكح وجب عليه فراقها، وإن دخل بها وجب لها المهر بما استحل من فرجها، فإن لم يفارقها وجب التفريق بينهما.
انظر: المغني: 7/480, والكافي: 3/316, والعدة 428, والفروع: 5/552, وغاية المنتهى: 3/207.
2 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.
3 يؤمر بمفارقتها، فإن لم يفعل وجب التفريق بينهما، فإن فارقها أو فرق بينهما وجب عليها أن تكمل عدّة الأول، لأن حقه أسبق وعدّته وجبت عن وطء في نكاح صحيح، فإذا أكملت عدّة الأول وجب عليها أن تعتدّ من الثاني، ولا تتداخل العدتان لأنهما من رجلين.
المغني: 7/481, والعدة 428, والفروع: 5/252, والهداية لأبي الخطاب: 2/61.(4/1910)
قال: السنة في ذلك أن لا خيار لها من الحر لأنها [صارت إلى مثل حاله] 1 فأي خيار لها؟ إنما لها أن تختار إذا أعتقت من زوجها إذا كان عبدا، [ظ-38/ب] والذي يصح من زوج بريرة أنه كان عبداً. 2
[1297-] سئل3 إسحاق عن رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها، هل تلزمه نفقتها4 إن كانت صغيرة لا يجامع5 مثلها؟
قال: كل ما لم يدخل بها وهي ممن يدخل بها ولم يمتنع القوم من تسليمها فعليه النفقة لها، وأما الصغيرة فلا نفقة لها عليه، إلا أن تبلغ حد الوطء. 6
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
2 سبقت المسألة رقم: (1036) ، كما سبقت هنالك الإشارة إلى الروايات التي وردت في أن زوج بريرة كان حراً والواردة في أن زوجها كان عبداً، وأن ذلك هو الأصح وهو المروي في الصحيحين.
[] راجع المسألة المذكورة, وانظر بالتفصيل عن ذلك: زاد المعاد: 5/168, وفتح الباري: [9/406-408,] والمغني: 6/659-660.
3 في ع بلفظ "قال: سئل".
4 في ع بلفظ "أرأيت إن كانت صغيرة".
5 نهاية اللوحة رقم: 125، وبداية اللوحة 126 من ع.
6 انظر عن قول الإمام إسحاق: الأوسط لوحة رقم: 235 والإشراف: 4/142, والمغني: 7/601.
وما أجاب به الإمام إسحاق هو مذهب الحنابلة، لأن النفقة تجب على الزوج بالتمكين من الاستمتاع بها، وتعذر ذلك هنا لصغرها فلم تجب نفقتها، كما لو امتنع أولياؤها من تسليمها الزوج.
انظر: المغني: 7/601, والمبدع: 8/201, والإنصاف: 9/377, وكشاف القناع: 5/371, والأوسط، لوحة رقم: 235, والإشراف: 4/142.(4/1911)
[1298-] سئل1 إسحاق عن الحر تكون تحته الأمة فطلقها تطليقتين، ثم أدركها العتق في العدة، كيف تعتد؟
قال: العدة بالنساء كلما طلقها ثنتين فعدتها عدة2 الحرة، ينبغي له إن أراد فراقها طلقها ثلاثاً لأن الطلاق بالرجال، فلما طلقها ثنتين بقي من3 طلاقه واحدة، فأدركها العتاقة فلم تبن منه.4
__________
1 في ع بلفظ "قال: سئل عن الحر تكون تحته الأمة فطلقها ثنتين بعد".
2 في ع بلفظ "فعدتها عدة الحر لأنه ينبغي".
3 في ع بلفظ "بقي من طلاقها".
4 انظر قول الإمام إسحاق في الأوسط، لوحة رقم: 306 والمغني: 7/462, وهو مذهب الحنابلة، ويوضحه قول الخرقي في مختصره:"وإذا طلقها طلاقاً يملك فيه الرجعة وهي أمة فلم تنقض عدتها حتى أعتقت بنت على عدّة حرة, وإن طلقها طلاقاً لا يملك فيه الرجعة فأعتقت اعتدت عدة الأمة".
وذلك أن الأمة إذا أعتقت وهي رجعية فقد وجدت الحرية، وهي زوجة وتعتد عدة الوفاة إذا مات، بل وترثه كما في مسألتي رقم: (1083، 1084) .
فتعتدّ هنا عدّة الحرة فأما إذا أعتقت وهي بائن فلا تجب عليها عدة الحرائر لعدم وجود الحرية في وقت الزوجية. وقال المرداوي عن هذا الحكم: "بلا نزاع."
انظر: المغني: 7/462, والإنصاف: 9/285.(4/1912)
[1299-] سئل1 إسحاق عن العبد تكون تحته الحرة فطلقها ثنتين، ثم أدركه العتق وهي2 في العدة، هل يراجعها؟
قال: لا3 مراجعة بينهما لأنه طلقها أقصى طلاقه إن الطلاق بالرجال وعدتها عدة الحرائر4.
[1300-] سئل5 إسحاق عن أم الولد إذا مات السيد، كيف تعتد؟
قال: السنة عندنا أن تعتد أربعة6 أشهر وعشراً.
__________
1 في ع بلفظ "قال سئل إسحاق".
2 في ع بحذف "هي".
3 في ع بلفظ "قال: مراجعة بينهما لأنه طلقها".
4 راجع مسائل الطلاق بالرجال والعدة بالنساء في المسألتين رقم: (907 – 910) .
5 في ع بلفظ "قال: سئل إسحاق".
6 راجع مذهب الإمامين أحمد وإسحاق بالتفصيل في عدة أم الولد التي توفي سيدها إذا كانت تحيض: المسألة رقم: (927) , وإذا كانت لا تحيض المسألة رقم: (1081) .(4/1913)
[1301-] سئل1 إسحاق عن أقل ما تصدق المرأة في انقضاء العدة؟
قال: إذا كانت المرأة لها أقراء معلومة قبل أن تبتلى بالعدة حتى عرفها بذلك بطانة أهلها ممن ترضى دينهن وأمانتهن فإنها تصدق في ذلك ولو كان كذا وأربعين يوما، ً2 فإن لم تعرف بذلك وكان ذلك أول ما رأت حيضاً أو طهراً حتى انقضى ثلاث حيض في شهر، فإن العدة لا تنقضي3 بذلك، ولا تصدق في دون ثلاثة أشهر لأن الأخذ بالاحتياط في العدة، وقد جعل الله عز وجل بدل كل حيضة شهراً في اللائي يئسن [من الحيض] 4
__________
1 في ع بلفظ "قال: سئل إسحاق".
2 بل عند الحنابلة ولو كان كذا وثلاثين يوماً أو حتى كذا وعشرين يوماً.
قال ابن قدامة: "وأقل ما تنقضي به العدة تسعة وعشرين يوماً, وإن قلنا: القرء الحيض وأقل الطهر ثلاثة عشر يوماً, لأن ثلاث حيضات ثلاثة أيام وبينها طهران ستة وعشرون يوماً. وإن قلنا: الأقراء الأطهار, والطهر: ثلاثة عشر يوماً, فأقلها: ثمانية وعشرون يوماً ولحظة, وإن قلنا: أقله خمسة عشر يوماً, فأقلها اثنان وثلاثون يوماً ولحظة".
انظر: الكافي: 3/305, والمغني: 7/286, وكشاف القناع: 5/346, والمبدع: 7/400, الإشراف: 4/304.
3 لأن مدة الحيضات الثلاث أكثر من شهر. راجع نفس المراجع السابقة.
4 ما بين المعقوفين أثبته من ع.(4/1914)
واللائي لم يحضن1 فإذا أشكل2 على المسلم انقضاء عدّة امرأة ردها إلى الكتاب والسنة.3
[1302-] سئل 4 إسحاق عن رجل تزوج امرأة فبنى بها فأتى عليها ستة أشهر فولدت المرأة، فإن الولد ولده لأن النساء تلدن لذلك الوقت، إلا أن يكون لها زوج قبل ذلك ففارقها، أو مات عنها فكانت حبلى منه، فحينئذ لا يسع هذا أن يدعيه إذا علم أن الحبل كان من غيره، وإن لم يعلم فله أن يدعيه فإن ادعياه جميعاً فالولد ولد هذا 5 الأخير لما تلد المرأة في ستة أشهر. 6
__________
1 لقوله تعالى: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ} من آية 4 من سورة الطلاق.
2 لقوله تعالى: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} في الآية السابقة من سورة الطلاق، وهذه مرتابة في أمرها حيث تدعي انقضاء عدتها بأقل من أدنى العدة ولم تكن لها عادة قبل ذلك يحال عليها، فعدتها إذاً ثلاثة أشهر.
3 انظر عن قول إسحاق هذا: الإشراف على مذاهب العلماء: 4/304.
4 في ع بلفظ "قال: سئل".
5 في ع بحذف "هذا".
6 سبقت المسألة بجواب الإمام أحمد فقط، وبنحو ما أجاب به الإمام إسحاق هنا في المسألة رقم: (930، 931) .
وقال ابن المنذر: "وأجمع كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار من أهل المدينة والكوفة وسائر علماء الأمصار من أصحاب الحديث وأهل الرأي، على أن المرأة إذا جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم عقد نكاحها, أن الولد لا يلحق به, وإن جاءت به لستة أشهر من يوم عقد نكاحها فالولد له".
الإجماع لابن المنذر ص: 49, والإشراف: 4/279.(4/1915)
[1303-] سئل إسحاق [عن رجل جعل أمر امرأته بيدها] 1؟
فقال: أيما رجل جعل أمر امرأته بيدها فإن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اختلفوا2 في ذلك، فرأى عثمان وابن عمر3 -رضي الله
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
2 سبقت المسألة برقم: (1059) مع تحريرها والإشارة إلى أدلتها وتخريج قول ابن عمر وعثمان -رضي الله عنهم-، وأن المذهب، والذي عليه أصحاب الإمام أحمد أن القضاء ما قضت، ولا يقبل منه إرادته لأقل من ثلاث، وهو قول عثمان.
3 قول ابن عمر -رضي الله عنهما- في المسألة: القضاء ما قضت إلا أن ينوي الرجل أقل من ذلك، فيقول مثلاً لم أرد إلا تطليقة، فيحلف على ذلك ويكون أملك بها, وهذا الاستثناء في قول ابن عمر دل عليه ما سبق أن نقل عنه الإمام أحمد في المسألة (1059) وما حكى عنه الإمام إسحاق في كلامه الآتي في هذه المسألة, قال ابن المنذر في الإشراف: " ولم يذكر ذلك -أي الاستثناء-غير ابن عمر."
قلت: وبه قال الإمام إسحاق، وسيأتي ترجيحه لذلك في هذه المسألة، وصرح به في المسألة (1059) قال: "كما قال ابن عمر، ويحلف على إرادته".
[] انظر: سنن البيهقي: 7/348, ومصنف عبد الرزاق: 6/518-520, وسنن سعيد ابن [] [] [] منصور: 1/419-420, والإشراف: 4/181, وشرح السنة: 9/218.(4/1916)
عنهما- أن يكون القضاء ما قضت.
وقال عمر وابن1 مسعود -رضي الله عنهما-: أمرك بيدك كقوله: اختاري، يجعلان ذلك تطليقة يملك الرجعة.
وخالفهم بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال ذلك إلى الرجل, والذي نعتمد2: أن يكون القائل هذا يدينه الحاكم، فإن أراد طلاقاً يملك الرجعة كان ذلك، وإن أراد ثانياً أو أكثر الطلاق كان ذلك على إرادته. وقد فسر عن ابن عمر -رضي الله عنهما- حيث قال: القضاء ما قضت أنه قال إلا أن ينوي غير ذلك فيحلف الرجل ثم يجعل3 به، وهذا القول أشبه بالسنة
__________
1 روى ابن أبي شيبة في مصنفه: 5/161, وبسنده عن عمر وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما- أنهما قالا: "أمرك بيدك واختاري سواء."
وانظر: عن قوليهما أيضاً في سنن البيهقي: 7/347, وشرح السنة: 9/218, والإشراف: 4/181.
2 في ع بلفظ "الذي نعتمد عليه".
3 روى البيهقي بسنده عن الشافعي عن مالك عن نافع أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول إذا ملك الرجل امرأته فالقضاء ما قضت، إلا أن يناكرها الرجل فيقول: لم أرد إلا تطليقة واحدة، فيحلف على ذلك ويكون أملك بها ما كانت في عدتها. سنن البيهقي: 7/384.
وانظر أيضاً المراجع السابقة عند تخريج قول ابن عمر في أول المسألة.(4/1917)
الماضية لأن النبي صلى الله عليه وسلم حيث خيّر1 نساءه.
فذهب عمر رضي الله عنه أن من خيّر لا يكون مبتدعاً وكلما جاز للرجل أن يطلق على مذهب قد سن له، لم يكن ذلك الطلاق إلا سنته وهو يملك الرجعة، ومما يقوي هذا [المذهب] 2 قول النبي صلى الله عليه وسلم لركانة3 بن عبد يزيد حين طلق امرأته البتة: ما أردت4 بذلك؟ وكذلك فعل عمر رضي الله عنه [وبر] 5 الحالف البتة وما أشبه ذلك فله حكمه. فلذلك اخترنا في أمرك بيدك يدين ما أراد بقوله, أثلاثاً أو أقل من ذلك, وكلما دين مطلقاً فإنه يحلف على دعواه6 [ع-64/ب] .
__________
1 حديث تخيير النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه متفق عليه.
وسبق تخريجه في المسألة (971) .
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع لأن فيه زيادة بيان.
3 ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي المطلبي الهاشمي, كان من مسلمة الفتح وكان من أشد الناس، وهو الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصارعه وذلك قبل إسلامه ففعل وصرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلق امرأته سهيمة بنت عويمر البتة فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أردت بها"؟ يستخبره.
انظر ترجمته: الإصابة: 1/506, والاستيعاب: 1/515, وتقريب التهذيب: 104.
4 حديث ركانة سبق تخريجه في المسألة (1149) .
5 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
6 سبق الترجيح في حكم المسألة في المسألة رقم: (1059) .(4/1918)
[1304-] [قال] 1 إسحاق: وأما إذا حلف أن كل امرأة يتزوجها فهي طالق2 أو امرأة قد سماها، فإن السنة3 مضت بأن لا طلاق قبل نكاح4، فكلما لم يسمها بعينها فإنه لا يقع شيء، فإن سمى قبيلتها أو مصرها أو قال: إن تزوجت على امرأتي فلانة، أو ما أشبه ذلك من المواقيت، فإنه لا يقع، ولا نعلم في ذلك سنة مضت بتشديد، وإنما جبنا عن المنصوبة لما جاء حديث النبي صلى الله عليه وسلم مجملاً, فإن كان عن المنصوبة5 وغير المنصوبة6 فقد أخذنا بغير المنصوبة7، وإن كان [غير المنصوبة فقد اتبعنا] 8 [ظ-39/أ] .
__________
1 المثبت بين المعقوفين من عبارة ع، وعبارة ظ "سئل إسحاق"، وما أثبته يستقيم به الكلام.
2 سبقت المسألة برقم: (991، 992، 1219) .
وانظر أيضاً المسألة رقم: (1292) .
3 في ع زيادة "قد".
4 سبق تخريج الحديث الدال على هذا في المسألة رقم: (991) .
5 وفي الأصل "المنسوبة".
6 وفي الأصل "المنسوبة".
7 وفي الأصل "المنسوبة".
8 ما بين المعقوفين كان في موضعه سواد لا تظهر منه الكلمات في نسخة ظ، والمثبت مكمل من عبارة نسخة ع التي يظهر أيضاً أنه قد حصل فيها سقط، وعبارتها "فإن كان عن المنصوبة وغير المنصوبة فقد اتبعنا".
فالظاهر سقوط تكملة الكلام كما هو موضح فيما أثبته، لأن السياق يدل عليه.(4/1919)
[1305-] قال1 إسحاق: أما الرجل الذي يريد أن يطلق امرأته ثلاثاً أو أقل أو أكثر وقد عقد قلبه على ذلك، ثم قال: فلانة بنت فلان، ولم يقل طالق، فإن كانت إرادته ونيته بذكره الثلاث إيقاع الطلاق عليه، وقع الطلاق وإن لم يكن مما يشبه2 الطلاق.
وقد3 أجمع أهل العلم أن كل شيء يشبه الطلاق فهو طلاق، كما تقدم من نيته بإرادة الطلاق ثم تكلم باسمها وبالثلاث دليل
__________
1 بداية اللوحة رقم: 76 من ظ.
2 صورة المسألة فيما إذا قال الرجل لامرأته واسمها زينب "زينب ثلاثا".
وذهب الإمام إسحاق هنا إلى أنه إن أراد بذلك إيقاع الطلاق وقع، وأن المرأة إذا سمعت ذلك منه، أو أخبرت بذلك عنه فإن عليها أن تسأل الزوج، فإن أقر فذاك، وإلا وجب عليها رفع أمره إلى الحاكم، فيحلفه الحاكم على إرادته.
وقول الرجل: "زينب ثلاث" ليس من ألفاظ الطلاق الصريحة أو الكناية ولا يقع الطلاق بغير لفظ، فيشبه أن لا يقع ذلك عند الحنابلة، وقد صرحوا بأنه لا يقع بغير لفظ، فلو نواه بقلبه من غير لفظ لم يقع.
بل قال ابن مفلح في المبدع: وكذا إن نواه بقلبه وأشار بإصبعه لم يقع, نص عليه، لأنه ليس بصريح ولا كناية.
انظر: كشاف القناع: 5/245, والمبدع: 7/268, والإشراف: 4/175.
3 في ع بلفظ "فقد أجمع".(4/1920)
على ما قد1 نواه، وإن كان حيث تكلم باسمها وذكر الثلاث ثم2 ندم أن تلفظ بالطلاق فقد صار ناقضاً لما تقدم من نيته.
فإن كان فعله هذا لم تسمع به المرأة فله أن لا يبلغها ذلك، وكذلك لو سمع هذا من هذا3 الزوج غيره وقد أخبره ذلك ولم يلفظ بالطلاق لأنه إن بلغها مبلغ ذلك لزمها أن ترافعه إلى الحاكم حتى يحلفه ما أراد، وعلى الحاكم أن يحلفه إذا ذكر الثلاث, ولو لم يكن في هذا الذي قلنا إلا ما ذكر غير واحد ليث4 بن أبى سليم عن الحكم بن عتيبة أن رجلاً أراد أن يطلق امرأته ثلاثاً، فلما أراد أن يلفظ بذلك أخذ رجل على فيه5
__________
1 في ع بحذف "قد".
2 في ع بحذف "ثم".
3 في ع بحذف "هذا".
4 ليث بن أبي سليم بن زنيم، مولاهم أبو بكر، ويقال أبو بكر الكوفي، واسم أبي سليم أيمن، ويقال أنس، ويقال زياد، ويقال عيسى. روى عن طاووس ومجاهد وعطاء وعكرمة. قال ابن حبان: "اختلط في آخر عمره، كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل.", وقال ابن معين: "منكر الحديث، مجمع على سوء حفظه.", وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق, اختلط أخيراً ولم يتميز حديثه فترك."
[] انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب: 8/465- 468, تقريب التهذيب: 287.
5 أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه: 5/100 بسنده عن ليث عن الحكم في رجل قال لامرأته: أنت طالق, وأشار بيده ثلاثاً. قال فسألوه عن ذلك فقال: هي واحدة.(4/1921)
وأمسك بالثلاث, فأجمع أهل العلم على أنه ثلاث.
فأحسن ما نضع قول من وصفنا على أن من صيروه ثلاثاً لما بين الإشارة من إرادته.
[1306-] قال إسحاق: وأما الرجل يخطب إلى رجل ابنته فزوجها منه بشهادة امرأته، ثم غاب1 عنها سنة فزوج [رجل] 2 الجارية من آخر على كره من الجارية، وزف بها الآخر وهي منكرة تصيح: إن أبي زوجني من فلان، فإن العقدة الأولى لم تتم لما لم يكن شهود3، إلا أن يكون الأب أعلن ذلك والزوج قبل
__________
1 في ع زيادة "الرجل".
2 ما بين المعقوفين أثبته من ع، وفي ظ "الرجل"، والسياق يقتضي التنكير لأن الرجل الذي زوجها ثانياً ليس أباها, كما يفهم من تعليل إسحاق الآتي في عدم انعقاد النكاح الثاني لفقدان رضاها.
3 اختلف الفقهاء في الشهادة في النكاح، فقال الجمهور إن الشهادة شرط في النكاح ولا ينعقد النكاح إلا بحضور شاهدين, وممن قال بذلك الحنابلة والحنفية والشافعية وإسحاق وابن حزم.
ومما استدل به الجمهور حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها وشاهدي عدل، فنكاحها باطل."
رواه الدارقطني: 3/ 226.
وقال ابن حزم: لا يصح في هذا الباب شيء غير هذا السند. المحلى: 9/465. =(4/1922)
...................................................................................
__________
= وعن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل."
رواه ابن حبان وصححه، ورواه الدارقطني: 3/227.
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة."
رواه الترمذي، وذكر أنه لم يرفعه غير عبد الأعلى، وأنه قد وقفه مرة، وأن الوقف أصح.
قال مجد الدين أبو البركات ابن تيمية في المنتقى: "وهذا لا يقدح؛ لأن عبد الأعلى ثقة، فيقبل رفعه وزيادته, وقد يرفع الراوي الحديث وقد يقفه."
وقد ورد في الشهادة روايات كثيرة، منها ما ذكرت، وضعف أكثر هذه الروايات, لكن يقوي بعضها بعضاً.
قال صاحب غاية الأماني: "لم أقف على حديث صحيح مرفوع في مسند الإمام أحمد ولا في الكتب الستة يحتج به على اعتبار الشهادة في النكاح، إلا ما رواه الترمذي عن ابن عباس."- ويعنى الحديث السابق-.
وقال الترمذي: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم, قالوا: لا نكاح إلا بشهود, لم يختلفوا في ذلك من مضى منهم، إلا قوماً من المتأخرين من أهل العلم".
وقال الشوكاني: "والحق ما ذهب إليه الأولون- يعنى الذين اشترطوا الشهادة- لأن أحاديث الباب يقوي بعضها بعضاً".
وقال ابن قدامة: "ولأنه يتعلق به حق غير المتعاقدين وهو الولد، فاشترطت الشهادة فيه، لئلا يجحده أبوه فيضيع نسبه بخلاف البيع, فأما نكاح النبي صلى الله عليه وسلم بغير ولي وغير شهود فمن خصائصه في النكاح، فلا يلحق به غيره."
انظر: المغني: 6/450, المبدع: 7/46, الأم: 5/19, مغني المحتاج: 3/144, المحلى: [9/465,] فتح القدير لابن الهمام: 3/199, الهداية مع البداية: 3/199-200, جامع الترمذي: [3/411-412,] المنتقى: 2/512-513, نيل الأوطار: 6/126-127, غاية الأماني مع فتح الرباني: 16/156.(4/1923)
غيبته حتى تسامع الناس ذلك ولا ينكر الزوج ذلك1، فإن هذا إذا كانت على ما وصفنا عند مالك2 وأهل المدينة ومن اتبعهم
__________
1 في ع بحذف "ذلك".
2 ذهب الإمام مالك إلى أن النكاح جائز بغير شهود إذا أعلنوا بعد ذلك، وهو قول الزهري، ففي المدونة: "قال: أرأيت الرجل ينكح ببينة ويأمرهم أن يكتموا ذلك، أيجوز هذا النكاح في قول مالك؟ قال: لا".
المدونة: 2/158, والكافي: 3/21, والجامع لأحكام القرآن: 3/79.
وذهبت طائفة إلى أن النكاح جائز بغير شهود، ومنهم الأئمة الثلاثة الذين ذكرهم الإمام إسحاق هنا، وهم: عبد الله بن إدريس, ويزيد بن هارون. وعبد الرحمن بن مهدي.
وممن نسب إليهم ذلك: ابن المنذر في الإشراف والأوسط, وابن قدامة في المغني.
وعلم من ذلك أن صنيع الإمام إسحاق -رحمه الله- في جعل قولهم مع قول أهل المدينة فيه تجوز، فإنهم يرون صحة النكاح بغير شهود ولو لم يعلنوا بعد ذلك، بخلاف ما ذهب إليه أهل المدينة من أنه يشترط في صحة النكاح بلا شهود أن يعلن بعد ذلك.
واختار ابن المنذر في الإشراف ما ذهب إليه يزيد بن هارون ومن معه, وذكر عنه أنه كان يعيب أصحاب الرأي بأن الله أمر بالإشهاد على البيع ولم يأمر بالإشهاد على النكاح, وأن أصحاب الرأي زعموا أن البيع جائز بدون الشهادة والنكاح باطل بدون شهادة ولم يأمر الله بالإشهاد عليه.
[] انظر: الإشراف: 4/45-46, والأوسط، لوحة رقم: 193, والمغني: 6/420.(4/1924)
من علماء أهل العراق, مثل ابن إدريس1 ويزيد [ع-65/أ] ابن هارون2 وابن مهدي3 ونظرائهم نكاح صحيح لما صار الإعلان شهادة.
وأحب الأقاويل إلينا: أن يشهدوا عند العقد شاهدين أو امرأتين
__________
1 عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن، الإمام القدوة الحجة، أبو محمد الأودي الكوفي، أحد الأعلام, كان عابداً فاضلاً يسلك في كثير من فتياه ومذاهبه مسلك أهل المدينة. قال أحمد بن حنبل: "كان ابن إدريس نسيج وحده." توفي سنة 192هـ.
تذكرة الحفاظ: 1/282, اللباب: 1/501, طبقات الحفاظ للسيوطي 124.
2 يزيد بن هارون بن زاذان الواسطي السلمي أبو خالد, أحد الأئمة, كان حافظاً متقناً صحيح الحديث من رواة الكتب الستة, توفي سنة 206هـ.
انظر: ترجمته في تهذيب التهذيب: 11/366, تذكرة الحفاظ: 1/317, شذرات الذهب: 2/16, العبر: 1/350.
3 عبد الرحمن بن مهدي بن حسان، أبو سعيد البصري اللؤلؤي، حافظ عارف بالرجال والحديث, وثقه أبو حاتم وابن حبان, وقال أحمد عنه: إذا حدث ابن مهدي عن رجل فهو حجة. توفي سنة 198هـ.
انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ: 1/329, شذرات الذهب: 1/355, تاريخ بغداد: 10/2240.(4/1925)
ورجل1, وقد ذهب هؤلاء الذين وصفناهم مذهباً وتأولوا في ذلك تزويج علي كرم الله وجهه أم كلثوم2 من عمر -رضي الله عنهما وبعثه إياها إليه3، وتزويج الفريعة4 للمسيب بن نجبة5 أحدهما من الآخر، ونحو هذا من الحجج وليس هذا
__________
1 وهو رواية عن الإمام أحمد، والمذهب أنه لا ينعقد النكاح إلا بشاهدين ذكرين.
المغني: 6/452, المبدع: 7/48.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق: جامع الترمذي: 3/412, نيل الأوطار: 6/126, والمنتقى: 2/513.
وانظر أيضاً المسألة رقم: 1126.
2 هي أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، أمها فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، ولدت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. خطبها عمر من علي -رضي الله عنهما- فقال علي: إنها صغيرة. فقال عمر: "زوجنيها فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد", فقال: "أبعثها إليك، فإن رضيتها فقد زوجتكها, فلما جاءته خرج إلى المهاجرين وقال: "زفوني فقد تزوجت أم كلثوم."
[] الإصابة: 4/467, الاستيعاب: 4/468-469.
3 في الأصل "وبعثت أباها إليه".
4 لم أقف فيما اطلعت عليه على معرفة من هي الفريعة، حيث لا توجد قرينة تدل على اسم والدها، وكذلك ترجمة المسيب ليس فيها لها ذكر.
5 المسيب بن نجبة بفتح النون والجيم بعدها موحدة، بن ربيعة بن رباح بن هلال الفرازي، شهد القادسية ومشاهد علي، وقتل يوم عين الوردة.
وقال ابن حجر: "روى له الترمذي في سننه، وروى عن حذيفة وعلي، ولم يشر أحد ممن ترجم له لقصة زواجه من الفريعة. قتل سنة خمس وستين."
انظر: الإصابة: 3/471, المشتبه في الرجال: 1/113, تبصير المنتبه: 1/196.(4/1926)
ببين1.
وأما الجارية حيث أنكرت تزويج الثاني لما قالت: إن أبي قد زوجني، فإن تزويجها من الثاني باطل لأنه لا بد من رضاها، فإن أحبت جددت النكاح الأول بشهود وولي لما لم يتم الثاني لإنكارها في المذهبين2 جميعاً.
[1307-] قال إسحاق: وأما الرجل يقول لامرأته: إن دخلت دار فلان فلا تكوني في ملكي3، فإن أراد طلاقها فهو ما نوى واحداً أو اثنين أو ثلاثاً. وإن قال: لم أكن4 نويت طلاقاً إنما نويت أن لا تكوني في ملكي على ما كنت أفعل بك أو ما أشبه ذلك من
__________
1 ذكر الإمام إسحاق أن هاتين القصتين ونحوهما من الحجج لا تعتبر دليلاً على عدم اعتبار الشهادة في النكاح، وأن الاستدلال بمثل هذا غير ظاهر.
2 أي: سواء كان ذلك على مذهب من لم يشترط الشهود أو على مذهب من يشترط الشهود، فإنه لا يجوز تزويجها إلا برضاها.
3 في ع زيادة "أبداً فإنه يدين ما أراد بقوله لا تكوني".
4 في ع بلفظ "لم أنو طلاقاً".(4/1927)
المعاني، فإنه يحلف ويصدق على دعواه.1
[1308-] قلت2 لإسحاق: هل يتزوج العرب في الموالي وموالي تميم في تميم وغيرهم من الموالي فيمن يوالون؟ وهل يجوز لغير مواليهم أن يتزوجوا فيهم؟ 3
__________
1 المسألة في اعتبار لفظ "لا تكوني في ملكي", وما أجاب به الإمام إسحاق هنا ما تكرر عنه فيما سبق من أنه يعتبر النية في جميع الكنايات ظاهرة أو خفية، وأن الطلاق لا يقع بها إلا مع نية الطلاق، وإذا نوى لم يقع إلا ما نواه, وتشبه هذه العبارة التي ذكرها الإمام إسحاق قول الزوج لامرأته: لا سبيل لي عليك أو لا سلطان لي عليك، وهما من الألفاظ المختلف فيها عند الحنابلة، هل هي من الكنايات الظاهرة أو الخفية، وأشهر الروايتين في ذلك عن الإمام أحمد أنهما من الكنايات الظاهرة, وعند الحنابلة أيضاً أن شرط وقوع الطلاق بالكنايات الخفية أن ينوي بها الطلاق، كما أشار إليه الإمام إسحاق.
راجع كلام الإمام إسحاق في النية المسألة رقم: (947، 973، 974) .
وانظر أيضاً المغني: 7/132, والمبدع: 7/277.
2 هذه المسألة المتعلقة بالكفاءة في النكاح بطولها ساقطة من ظ، وانفردت بإثباتها نسخة ع، وفيها بعض الكلمات غير واضحة وتصعب قراءتها، وقد بذلت ما في وسعي وعانيت كثيراً في محاولة فهمها.
3 السؤال يتكون من أربع فقرات:
الفقرة الأولى: تتعلق بزواج العرب من الموالي.
والفقرات الباقية: عن زواج الموالي من العرب, ومثلها بتميم من العرب, هل يجوز أن يتزوج مواليهم فيهم؟ وهل يمكن ذلك في غيرها من قبائل العرب؟
وهل يجوز للموالي أن يتزوجوا في غير من يوالون من العرب؟(4/1928)
[] قال: السنة لا يتزوج العرب إلا بعضهم في [----1---] لما لهم فضل على سائر العرب, ولكن إن تزوج غير قريش بعدادهم عرب لم2 يجز التفريق بينهم.
وقد ذكر3 عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أكفانا من العرب بنو هلال".
__________
1 هذه المسألة انفردت بنقلها نسخة ع، ويوجد في المكان الخالي بين المعقوفين طمس، وبسببه لم أستطع فهم العبارة، وقد حاولت جاهداً أن أعرف هذا الطمس لأنه بفهمه تفهم المسألة، فلم أستطع ذلك.
2 المسألة مبنية على اشتراط الكفاءة لصحة النكاح، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد هو المذهب عند أكثر المتقدمين.
قال الزركشي: "هذا المنصوص المشهور، والمختار لعامة الأصحاب من الروايتين." نقل عنه ذلك المرداوي.
والرواية الثانية أن الكفاءة ليست شرطاً في صحة النكاح.
قال ابن قدامة: "وهذا قول أكثر أهل العلم.", وقال: "والصحيح أنها غير مشروطة".
قال المرداوي: "وهو الصواب الذي لا يعدل عنه."
[] انظر: المغني: 6/480, والإنصاف: 8/105-107.
3 لم أقف على تخريجه في مظانه، وقد بذلت ما في وسعي فلم أستطع العثور عليه.(4/1929)
ومن رأى التفريق بين قريش1 وسائر العرب لم نعلم له حجة.
فأما أن يتزوج الموالي العربيات فإنا نكره ذلك، ونرى إذا فعل ذلك أن يفرّق2 بينهم، إلا أن تكون من
__________
1 روي عن الإمام أحمد روايتان في كون العرب أكفاء بعضهم لبعض، فروي عنه أن غير قريش من العرب لا يكافئها وغير بني هاشم لا يكافئ بني هاشم.
والرواية الثانية أن العرب بعضهم لبعض أكفاء كما أن العجم بعضهم لبعض أكفاء، وبه قال الحنفية، فيكون ما أشار إليه الإمام إسحاق من قول من يقول بتفريق نكاح العربي بقرشية رواية عند الحنابلة بناء على الرواية في اشتراط الكفاءة لصحة النكاح كما أسلفت آنفاً, وعلى الرواية في أن سائر العرب لا يكافئون قريشاً.
والخلاصة: أن ذلك رواية, فأما المعتمد فإنه لا يفرق نكاح سائر العرب من قريش ولا نكاح المولى من العرب، إلا إن لم ترض المرأة والأولياء جميعاً، فيكون لمن لم يرض منهم الفسخ بناء على أن الكفاءة ليست شرطاًَ في صحة النكاح كما صححه ابن قدامة وقال المرداوي، كما سبق في التعليق على قول إسحاق: (ولكن إن تزوج غير قريش بعدادهم) من هذه المسألة, وهو الصواب الذي لا يعدل عنه.
[] راجع: المغني: 6/480-483, والإنصاف:8/105-109, وكشاف القناع: 5/66-68, وفتح [] القدير لابن الهمام: 3/295-297, والهداية على البداية: 3/294-297.
2 وهو قول الإمام الثوري كما في نيل الأوطار، ورواية عن الإمام أحمد كما سبق في التعليقات الماضية في هذه المسألة. والصحيح الحكم بصحة النكاح وتخيير الزوجة وأوليائها في فسخ النكاح.
انظر: نيل الأوطار: 6/129.(4/1930)
[موالي] 1 القوم خاصة، فإنا وإن كرهنا له أن يتزوج من عربية من موالياته جبنا عن التفريق2 بينهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مولى3 القوم من [ع-65/ب] أنفسهم".
__________
1 الكلمة غير واضحة في المخطوطة, والسياق يدل على ما أثبته.
2 روي عن الإمام أحمد أن مولى القوم يكافئهم للحديث المذكور، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج زينب من زيد بن حارثة. والصحيح من المذهب أن مولى القوم ليس كفؤاً لهم.
قال ابن قدامة: "وقد قال أحمد هذا الحديث في الصدقة لا في النكاح, ولهذا لا يساوونهم في استحقاق الخمس ولا في الإمامة ولا في الشرف."
وبيّن أن الإمام أحمد في الرواية التي عليها المذهب اعتذر عن تزويج زيد وابنه عربيتين بأنهما عربيان، فإنهما من قبيلة كلب وقد طرأ عليهما رق فلهما حكم كل عربي الأصل.
انظر: المغني: 6/486, والإنصاف: 8/110.
3 عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على الصدقة من بني مخزوم، فقال لأبي رافع: "اصحبني فإنك تصيب منها , قال: حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله. فأتاه فسأله. فقال: "مولى القوم من أنفسهم، وإنا لا تحل لنا الصدقة."
أخرجه: أبو داود, واللفظ له، باب الصدقة على بني هاشم، حديث رقم: 1650, 2/298, وأحمد في المسند: 6/10, والترمذي، حديث رقم: 657 وقال: حديث حسن صحيح, والنسائي: 6/109, وصححه الألباني في إرواء الغليل: 3/337.(4/1931)
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن الصدقة1 لا تحل لبني هاشم"، وقال صلى الله عليه وسلم: "مولى القوم من أنفسهم"، فحرم عليهم الصدقة أيضاً.
وقد قيل: المولى لحمة كلحمة النسب2. فكان هذا بياناً لما خفنا من التفريق [3 وكذلك فعل ابن سيرين4 لما تزوج وأراد زعموا بذلك تصحيح النسب لما دخل النسا كالنسب لها
__________
1 الحديث سبق تخريجه في أول المسألة.
2 هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك: 4/341 عن عبد الله بن عمر مرفوعاً، وقال الحاكم: صحيح الإسناد, وأخرجه البيهقي: 10/292، وصححه الألباني في إرواء الغليل: 6/109.
3 العبارة التي بين المعقوفين غير واضحة، وحاولت قدر استطاعتي فهمها وتصحيحها. ولعل المعنى المقصود هو أن ابن سيرين رغب تزويج العربيات كما رغبه ابن عون، كما يأتي في بقية المسألة، وليس معنى ذلك أنهما يريان عدم جواز التزويج من الموالي. فأصل الكفاءة معتبرة في الرجل دون المرأة.
قال ابن قدامة: "فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا مكافئ له، وقد تزوج من أحياء العرب وتزوج صفية بنت حيي، وتسرى بالإماء". وقال: "من كانت عنده جارية فعلمها وأحسن تعليمها وأحسن إليها، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران." متفق عليه.
ولأن الولد يشرف بشرف أبيه لا بأمه، فلم يعتبر ذلك في الأم."
المغني: 6/487.
4 سبقت ترجمته في المسألة رقم: (974) .(4/1932)
دخل النسا في الأحرار في زمن الحجاج1 وبعده فرأى أن العربية] إذا سبيت لم تملك أبداً لما جاء أن [يفدوا] 2، فلذلك رغب في تزويج العربيات لصحة النسب، وكذلك ابن عون3.
فأما العجم إذا تزوجوا العربيات فرّق بينهم، فإن كانوا ذا يسار
__________
1 الحجاج بن يوسف بن أبي عقيل الثقفي، الأمير الشهير, ولد سنة 45هـ، ونشأ بالطائف، وكان أبوه من شيعة بني أمية. رمى الكعبة بالمنجنيق إلى أن قتل ابن الزبير. ولي إمرة العراق عشرين سنة. وقع ذكر أفعاله في الصحيحين وغيرهما، وليس بأهل أن يروى عنه، ذكره ابن حجر.
[] انظر: التقريب: 65, وتهذيب التهذيب: 2/210-213.
2 الصواب ما أثبت، والموجود في ع والتي انفردت بنقل هذه المسألة "يفدون" والفعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة.
شرح ابن عقيل: 1/79.
3 هو عمرو بن عون بن أوس السلمي الواسطي, نزيل البصرة, روى عن ابن عيينة والحمادين وأبي عوانة وغيرهم , وعنه روى ابن معين والبخاري وأبو زرعة وأبو حاتم وآخرون.
قال أبو زرعة: "قل من رأيت أثبت منه". مات سنة خمس وعشرين ومائتين.
انظر: ترجمته تذكرة الحفاظ: 2/426, تهذيب التهذيب: 8/86, طبقات الحفاظ للسيوطي: 186.(4/1933)
وصلاح كذلك رأى الأوزاعي1 وسفيان ومالك2 وابن أبي ليلى.
[1309-] قلت3 لأحمد: المرأة يموت زوجها وهي في بعض القرى على
__________
1 انظر: عن قول الأوزاعي: الجامع لأحكام القرآن: 3/75.
2 أما عن قول الثوري فقال الشوكاني في نيل الأوطار, وقال الثوري: "إذا نكح المولى العربية يفسخ النكاح".
وأما ما نسبه الإمام إسحاق للإمام مالك فإن اعتبار النسب في الكفاءة في النكاح رأي مرجوح عند المالكية، فإن المعتمد عندهم أن الكفاءة في ثلاثة أمور هي: الدين, والحرية، والحال بمعنى السلامة من العيوب.
وعند المالكية أيضاً يجوز للمرأة ووليها ترك الكفاءة برضاهما, فلا يفرق نكاح مولى من عربية إذا رضيت به ورضي به وليها.
وظهر بذلك أن ما نقله الإمام إسحاق عن إطلاق تفريق نكاح الموالي من العربيات فيه نوع من التجوز, فإنه وإن اعتبر النسب من الكفاءة في رأي عند المالكية، فإنهم لا يرون تفريق النكاح بذلك إذا تم برضى الولي والمرأة، إلا أن يحمل ما نقله فيما إذا تم النكاح بدون رضاهما أو رضى واحد منهما.
وسبق ما يدل على ترجيح عدم التفريق في التعليقات السابقة في المسألة.
[] انظر: نيل الأوطار: 6/129, شرح الصغير: 3/167-169, الجامع لأحكام القرآن [] [] [] للقرطبي: 3/75-76.
3 في ع بلفظ "قال: قلت".(4/1934)
رأس فرسخ1 أو نحوه؟
قال: زائرة؟
قلت: نعم.
قال: ترجع إلى بيتها فتعتد فيه.2
قال إسحاق: كما قال سواء.3
__________
1 الفرسخ بالسكون، والفرسخ من المسافة المعلومة في الأرض مأخوذ منه، والفرسخ ثلاثة أميال أو ستة, سمي بذلك لأن صاحبه إذا مشى قعد واستراح من ذلك كأنه سكن, وهو واحد الفراسخ فارسي معرب.
انظر: مختار الصحاح: ص497, لسان العرب: 3/44.
2 المسألة في وجوب اعتداد المتوفى زوجها في منزلها.
ومن الأدلة على ذلك حديث فريعة بنت مالك بن سنان، أخت أبي سعيد الخدري، عندما قتل زوجها. وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله." فاعتدت فيه أربعة أشهر وعشراً.
قالت: "فلما كان عثمان بن عفان أرسل إليّ فسألني عن ذلك فأخبرته, فاتبعه وقضى به".
وهذا الحديث سبق تخريجه في المسألة (963) .
وإذا أتاها الخبر في غير مسكنها رجعت إلى مسكنها فاعتدت به. خالف في ذلك ابن المسيب والنخعي فقالا: لا تبرح من مكانها الذي أتاها فيه نعي زوجها.
انظر: المبدع: 8/143, المغني: 7/521, الكافي: 3/322, الإشراف: 4/275.
3 انظر: عن قول الإمام إسحاق في وجوب اعتداد المتوفى عنها زوجها في منزلها. المغني: 7/521.(4/1935)
[1310-] قلت [لأحمد رضي الله عنه] 1: إذا أراد الرجل أن يعتق جاريته ويتزوجها ويجعل عتقها صداقها، كيف يفعل؟
قال: يقول: قد2 أعتقتك، وجعلت عتقك صداقك.3
__________
1 هذه المسائل فيها تقديم وتأخير بالنسبة للنسخة العمرية, وما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
2 في ع بحذف "قد".
3 هذه صيغة من يريد أن يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها ويتزوجها، كما صرح الإمام أحمد هنا في المسألة, وصحة العقد في ذلك هو المذهب.
قال المرداوي: "قال الزركشي: هذا المنصوص عن الإمام أحمد -رحمه الله- والمشهور عنه."
وقال ابن قدامة: إن ظاهر المذهب أن الرجل إذا أعتق أمته وجعل عتقها صداقها فهو نكاح صحيح، نص عليه في رواية جماعة.
ونصر ذلك ابن حزم في المحلى بأدلة مفصلة.
ومما يدل على ذلك حديث أنس المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها.
أخرجه: البخاري في كتاب النكاح، باب من جعل عتق الأمة صداقها: 7/121.
ومسلم في النكاح، باب فضيلة اعتاقه أمته ثم يتزوجها، حديث رقم: 1365.
وأحمد في المسند: 3/99, 291.
وعن الإمام أحمد رواية لا يصح النكاح في ذلك، بل يستأنف نكاحها بإذنها، فإن أبت ذلك فعليها قيمتها.
[] انظر: الإنصاف: 8/97-98, المغني: 6/527, المبدع: 7/44, المحلى: 9/503.(4/1936)
قال إسحاق: جائز، فإن ندمت فلا يجوز إن قالت: لا أرضى.1
[1311-] سئل أحمد عن الرجل يعتق عبده وله مال؟
قال: ماله للسيد،2 إنما روى أيوب عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما أعتق غلاماً له وله مال، فلم يعرض لماله إنما تركه ابن عمر -رضي الله عنهما-.3
ويروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: أما إن مالك لي،4 وعن
__________
1 انظر: عن قول الإمام إسحاق في صحة النكاح في ذلك: المغني: 6/528, شرح السنة: 9/58, معالم السنن: 2/544, جامع الترمذي: 3/424.
2 وهو المذهب وعليه الأصحاب, ومن أدلته حديث ابن مسعود الآتي: وبه قال ابن مسعود وأنس.
وعن الإمام رواية أن المال للعبد، واستدل بفعل ابن عمر الآتي.
انظر: المغني: 9/374, والمبدع: 6/299, والإنصاف: 7/480.
3 ذكر ابن قدامة في المغني: 9/372 عن حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا أعتق عبداً لم يعرض لماله. ورجال هذا السند أيوب, حماد, ونافع, تقدمت ترجمتهم.
وهذا الأثر عن ابن عمر لم أقف على من خرجه، ولكن نقله ابن قدامة في المغني.
4 أخرج ابن ماجة عن ابن مسعود أنه أعتق مولى له يقال له عمير, وأن ابن مسعود رضي الله عنه قال له: "يا عمير إني أعتقك عتقاً هنيئاً, إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أيما رجل أعتق غلاماً, ولم يسم ماله, فالمال له", فأخبرني ما مالك؟
أخرجه: ابن ماجة في كتاب العتق، باب من أعتق عبداً وله مال, حديث رقم: 2530, 2/845.
وأخرج نص قول ابن مسعود هذا عبد الرزاق في مصنفه: 8/135.
والحديث ضعيف فيه مجهولان: إسحاق بن إبراهيم وجده.
انظر: إرواء الغليل: 6/172.
وفي المحلى قال ابن حزم: "إنه منقطع." 9/215.(4/1937)
أنس1 بن مالك رضي الله عنه.
قال إسحاق: كما قال.2
__________
1 أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن أنس بن سيرين أن أنس بن مالك سأل عبداً له مال عن ماله، فأخبره بمال كثير، فأعتقه وقال: "مالك لك."
مصنف عبد الرزاق: 8/135.
2 انظر عن قول إسحاق: المحلى: 9/214.
ومن أدلة ما عليه المذهب من أن المال للسيد حديث ابن مسعود السابق. ولكنه ضعيف كما في [] إرواء الغليل: 6/171-172.
ومن الأدلة أيضاً أن العبد وماله كانا جميعاً للسيد، فإن تفضل وأزال ملكه عن أحدهما بقي ملكه في الآخر, كما إذا باعه.
وقد ورد حديث صحيح مرفوع رواه مسلم في كتاب البيوع رقم: 80 من كتاب البيوع: 2/1173, عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله يقول ... "من ابتاع عبداً فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع."
ومن أدلة الرواية الأخرى بأن المال للعبد ما رواه أبو داود في سننه: 4/270. وابن ماجة: 2/845 عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق عبداً وله مال، فمال العبد له إلا أن يشترطه السيد".
ولكن الإمام أحمد ضعف الحديث بعبد الله بن أبي جعفر، وقال عنه الحافظ في التقريب ص 170: "صدوق يخطئ."
وورد تضعيف الإمام أحمد للحديث في المبدع، والمغني، وتهذيب السنن لابن القيم، حيث قال ابن القيم: "إن هذا ليس بمحفوظ بل المحفوظ الحديث الوارد في البيع"، الحديث السابق الذي أخرجه مسلم.
وذكر أيضاً ابن القيم أن قصة العتق وهْم من أبي جعفر، خالف فيه الناس.
ونقل عن البيهقي أن ذلك خلاف رواية الجماعة.
وقال الخطابي بعد أن ذكر تأويل حديث ابن أبي جعفر على وجه الندب والاستحباب، قال: وقد جرى من عادة السادة أن يحسنوا إلى مماليكهم إذا أرادوا إعتاقهم، وأن يرضخوا لهم. فكان أقرب من ذلك أن يتجافى له عما في يده.
وأما فعل ابن عمر -رضي الله عنهما- في عدم التعرض لمال العبد الذي أعتقه، فلقد نقل عن الإمام أحمد أن ذلك كان تفضلاً من ابن عمر على العبد.
انظر: المغني: 9/374, والمبدع: 6/299, والإنصاف:7/480, ومعالم السنن للخطابي: 4/271, وتهذيب السنن لابن القيم: 6/420.(4/1938)
[1312-] قلت1 لأحمد: امرأة مات زوجها وهو صبي وهي حبلى، تعتدّ أربعة أشهر وعشراً؟
قال: لا تعتدّ بالحبل، ولا يلحق الولد، ولو لم تكن حبلى تعتدّ
__________
1 في ع زيادة "قال".(4/1939)
أربعة أشهر وعشراً.1
قال إسحاق: أما العدّة فلا بد من أربعة أشهر وعشر، إن وضعت قبل ذلك تتم تمام أربعة أشهر وعشر2, لأنه حبل من زنى لا يلحق به3 إلا أن يكون يعلم أنه منه لما جامع وقد راهق.
فأما إذا كان لا يجامع مثله لم يلحق به أبداً, وكلما وطئها وهو
__________
1 فثبت في المسألة أنه لا يمكن أن يكون الحمل من الصبي، ومن ثم لم يلحق الولد به، ولم تعتدّ بالحمل.
والقاعدة عند الحنابلة أن كل حمل لا يلحق بالزوج لا تنقضي به عدة المرأة من هذا الزوج. فحينئذ تجب عليها عدتان في مسألتنا هذه: عدة من الوطء الذي حملت منه، لأن العدة تجب من كل وطء، وتنتهي هذه العدة بوضع الحمل، فإذا وضعته اعتدّت من وفاة زوجها الصبي بأربعة أشهر وعشر.
قال ابن قدامة في المغني: "لأن العدتين من رجلين لا يتداخلان".
[] راجع: المغني: 7/479-480, والمقنع بحاشيته: 3/270, والكافي: 3/313, والفروع: [5/551-552.
2] بخلاف ما سبق عن الحنابلة من أنها بعد وضع الحمل وانقطاع عدة وطء الحمل بالوضع تعتدّ عدّة وفاة كاملة أربعة أشهر وعشرا, لأن العدتين من رجلين لا يتداخلان كما علله ابن قدامة، كما أشرت إليه آنفا.
راجع: المغني: 7/479, 480, المقنع بحاشيته: 3/270, الكافي: 3/313, الفروع: 5/551, 552.
3 في ع بلفظ "لأنها حبلى من زنى لا يلحق إلا أن يكون يعلم منه".(4/1940)
زوجها [ظ-39/ب] في الظاهر ثم تحقق أنها امرأة غيره فلا يقبل الولد أبداً، [أقضى عليه قاض أو لم يقض, وإن كان غائباً لم يقبل الولد أبداً] 1، ويكون الولد ولد الواطئ بالنكاح الظاهر2.
[1313-] قلت3: ما آخر الأجلين؟
قال: إذا كانت حبلى فولدت قبل أربعة أشهر وعشر، أتمت أربعة أشهر وعشراً, فإن مكثت حاملاً أكثر من أربعة أشهر وعشر، اعتدت بالحبل.4
__________
1 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.
2 لأنه وطء اعتقد الواطئ حله فلحق به النسب، كالوطء في الأنكحة الفاسدة, وقد قال الإمام أحمد: "كل من درأت عنه الحد ألحقت به الولد."
راجع: المغني: 7/432, المقنع بحاشيته: 3/265, الكافي: 3/321.
3 في ع بلفظ "قال: قلت لأحمد رحمه الله تعالى".
4 القول باعتداد المرأة المتوفى عنها زوجها بأبعد الأجلين الذي وضحه الإمام أحمد مروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقول جماهير العلماء أنها تعتد بوضع الحمل، لقوله تعالى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق آية 4، وهي مخصصة لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} ." البقرة آية 234.
وأصرح دليل على ذلك الحديث المتفق عليه أن أم سلمة قالت: إن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال، وأنها ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تتزوج.
أخرجه: البخاري في كتاب الطلاق, باب وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن: 6/182.
وأخرجه مسلم واللفظ له في كتاب الطلاق، باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل: 2/1123.
[] وفتح الباري: 9/474-475, المغني: 7/474, الكافي: 3/301, المبدع: 8/109, 302, غاية المنتهى: 3/201, 202.(4/1941)
قال إسحاق: كما قال, وشبهها حكم الحبل إذا كان من زنى لما يكون زوجها صبياً أو غائباً بهذا القول إذ1 لم يكن فيه سنة قائمة. 2
[1314-] سألت أحمد عن3 رجل قال لامرأته: بِهِشْتَم ونوى الكذب؟
__________
1 في ع بلفظ "إذا لم يكن".
2 تقدم عن الإمام إسحاق ذلك في المسألة السابقة رقم: (1312) وأن مذهب الحنابلة في ذلك أنها تعتد عدتين عدة لوطء الحمل فتبقى حتى تضع الحمل، وعدة وفاة لزوجها بعد وضع الحمل.
3 في ع بلفظ "عمن قال لامرأته".(4/1942)
قال: لا يكون أقل من تطليقة. أرأيت إن قال: أنت1 طالق، ونوى الكذب أليس كانت تطليقة؟ فهذا مثل ذاك.2
قال إسحاق: كلما نوى طلاقاً من وثاق أو ما أشبهه، فليس بطلاق، وكذلك بالفارسية. 3
[1315-] قلت4: إذا حلف فقال: إن كلمتك خمسة أيام فأنت طالق أله أن يجامعها ولا يكلمها؟
__________
1 في ع بحذف عبارة "أنت طالق".
2 في ع بلفظ "ذلك".
وتقدم في المسألة رقم: (948) أن لفظة "بهشتم" تعني الطلاق بالفارسية، وما أجاب به الإمام أحمد -رحمه الله- من أنه لا يقبل منه دعوى الكذب في ذلك، لأن لفظ الطلاق لفظ صريح، والصريح لا يحتاج إلى نية مادام قصد لفظ الطلاق.
راجع: المبدع: 8/269, المغني: 7/134, 138, الكافي: 3/169, كشاف القناع: 5/249.
3 سبق كلام الإمام إسحاق في مثل هذا حيث إن الاعتماد عنده على النية في كل مسائل الطلاق, فهنا كذلك إذا نوى بالفارسية غير لفظ الطلاق, فإنه لا يقع الطلاق كالأمثلة التي ضربها في المسألة.
راجع المسائل رقم: (947، 973، 974) .
وراجع أيضا: المبدع: 7/270, والكافي: 3/169, والإشراف: 4/173، فقد نص على كلام الإمام إسحاق في لفظ بهشتم.
4 في ع بلفظ "قلت لأحمد".(4/1943)
قال: أي شيء كان بدء هذا1؟ فإذا هو يذهب في هذا إلى نية الرجل, إذا أراد أن يسوءها أو يغيظها، فإذا لم يكن له نية2 فله أن يجامعها ولا يكلمها.
قال إسحاق: كما قال، إلا أن يكون احتيالاً3.
[1316-] قلت4: إذا ظهر الولد، فللزوج أن يراجعها؟
قال: أليس يقال: ما لم تضع؟
__________
1 أي يسأل ما الذي حمله على هذا الحلف، فإن عرف أنه قصد بذلك ما هو أعم من الكلام من قربانها والتمتع بها فليس له أن يجامعها، فإن جامعها تحقق شرطه وطلقت، وإن أراد أن يغيظها أو يسوءها بعدم التكلم معها في هذه المدة كان له أن يجامعها. وكما حمل ذلك في المسألة على ما نواه، فكذلك كل حلفه على فعل بلفظ عام وإرادة شيء خاص، مثل أن يحلف لا يغتسل الليلة ويريد به الجنابة، أو يقول: لا قربت لي فراشاً ويريد بذلك ترك جماعها. والظاهر أن ما بعد هذا توضيح من الكوسج لكلام الإمام أحمد.
راجع: المغني: 7/221, 222.
2 أي نية ما هو أعم من الكلام من تمتع بالجماع ونحوه.
3 أي إذا احتال لا يحل له بذلك، وصورة الاحتيال أن يقصد أولاً ما هو أعم من الكلام، ويقول بعد ذلك عن إرادة مجامعتها: قصدت الكلام فقط.
4 في ع بلفظ "قال: قلت لأحمد".(4/1944)
فكان مذهبه إلى أن تضع1.
[قال إسحاق: كما قال: له أن يراجعها ما لم تضع] 2.
[1317-] سئل3 إسحاق عن رجل فجر بامرأة ابنه أو قبّلها أو باشرها؟
قال: كلما كان دون الجماع فلا يحرم الحرام الحلال4.
[1318-] قلت5 لإسحاق: رجل فجر بامرأة فأرضعت تلك المرأة جارية
__________
1 لأنه بظهور الولد في العدة يتبين أنها حملت منه، وانتهاء عدّة الحامل بوضع الحمل.
قال تعالى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق آية 4.
2 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.
وانظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/282.
3 في ع بلفظ "قال إسحاق عن رجل".
4 سبق ذلك في مسألتي رقم: (914، 915) , حيث قال الإمام أحمد في كلام وافق فيه الإمام إسحاق مخالفاً للإمام سفيان: "أما أنا فلا أحرم إلا بالغشيان." وقال: "فأما دون الفرج، فإنه لا يحرم الحرام الحلال."
راجع المسألتين المشار إليهما, ويأتي تفصيل كلام الإمام إسحاق في معنى لا يحرم الحرام الحلال في المسألة رقم: (1324) .
5 في ع بلفظ "قال: قلت".(4/1945)
ثم تزوج1 الرجل الذي فجر بتلك المرأة تلك الجارية؟
قال: لا ينبغي له أن يتزوج تلك [ع-66/أ] المرضعة إذا كان تناول أمها2.
__________
1 في ع بحذف كلمة "تزوج".
2 وفي المسألة خلاف عند الحنابلة، والمذهب أن الجارية التي ارتضعت ممن فجر بها لا تحرم عليه.
وهناك رواية أنها تحرم عليه، لأنه سبب ينشر الحرمة، فاستوت فيه الحرمة والإباحة، كالوطء يثبت الحرمة حلالاً كان أو حراماً.
وذكر ابن مفلح أن هذه رواية صالح في مسائل عن الإمام أحمد.
قال ابن مفلح: "والأول أولى." أي عدم التحريم.
وما عليه المذهب من عدم التحريم هو ظاهر كلام الخرقي، حيث قيد تحريم الرضاعة على الواطئ بأن يكون ممن يلحق به النسب.
وقال ابن مفلح في المبدع: "لأن من شرط ثبوت المحرمية بين المرتضع وبين الرجل الذي ثاب اللبن بوطئه أن يكون لبن حمل ينسب إلى الواطئ, فأما ولد الزنى ونحوه فلا."
ومما يؤيد هذا المعنى أن التحريم بينهما فرع لحرمة الأبوة، فلما لم تثبت حرمة الأبوة لم يثبت ما هو فرع لها. فيفارق تحريم ابنته من الزنى لأنها من نطفته حقيقة, كما يفارق تحريم المصاهرة للزنى فإن التحريم فيها لا يقف على ثبوت النسب، ولذلك تحرم عليه أم الزوجة وابنتها من نسب.
[] راجع: المغني: 7/541, 544, الإنصاف: 9/330, المبدع: 8/162-163, الجامع لأحكام القرآن: 5/114.(4/1946)
[1319-] قلت1 لإسحاق: رجل حلف بالطلاق أن لا يفعل كذا وكذا، ثم نسي ففعل؟
قال: أرجو أن لا يلزمه شيء من الطلاق والعتاق، إذا كان قد ارتكب ناسياً2.
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق وعبارته هذه: الإشراف:4/193.
وما أجاب به الإمام إسحاق هو رواية عن الإمام أحمد أيضاً.
والمذهب عند الحنابلة في ذلك أنه يلزمه ما حلف عليه من الطلاق والعتاق.
وعن الإمام أحمد ثلاث روايات فيمن حلف لا يفعل شيئاً ففعله ناسياً أو جاهلاً:
الأولى: أنه يحنث في الطلاق والعتاق فقط, ولا يحنث في اليمين المكفرة، وهو المذهب.
الثانية: أنه يحنث في الجميع لأنه فعل ما حلف عليه قاصداً لفعله، فيحنث كما لو كان ذاكراً ليمينه.
الثالثة: لا يحنث في الجميع لظاهر الآية: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} ، الأحزاب آية 5.
ووجه ما عليه المذهب من أنه لا يحنث في اليمين المكفرة بأن الكفارة تجب لرفع الإثم، ولا إثم على الناسي والجاهل, وأما وقوع الطلاق والعتاق فقال ابن قدامة في المغني: "فهو معلق بشرط، فيقع بوجود شرطه من غير قصد، كما لو قال: أنت طالق إن طلعت الشمس أو قدم الحاج."
[] راجع في هذا: المغني: 8/684-685, المبدع: 7/369-370, الإنصاف: 9/114, 11/23.(4/1947)
[1320-] قلت لإسحاق: رجل قال لامرأته: أمرك بيدك، فقالت: قد طلقت نفسي، أو قالت: قد طلقتك؟
قال: كلاهما واحد، إذا أرادت بقولها أنت طالق أي أنا طالق1.
[1321-] قلت2 لإسحاق: قال لامرأته: أنت علي حرام؟
قال: كلما نوى بذلك3 الطلاق فذلك ثلاث، وإن نوى بقوله يميناً فهو يمين4.
[1322-] قلت لإسحاق: رجل حلف بالطلاق على شيء أنه ليس هكذا ثم علم أنه ليس كما حلف؟
__________
1 نسب ابن المنذر ذلك للإمام إسحاق في الإشراف, وذكر أن الإمام إسحاق ممن قال بأن المملكة أمرها إذا طلقت زوجها كانت تطليقة يملك الرجعة. وقيل: إنه لا يقع بطلاق زوجها طلاق, وممن قال بذلك: الثوري، وابن المنذر.
انظر: الإشراف: 4/182.
2 في ع بلفظ "قال قلت".
3 سبق تفصيل كلام الإمام إسحاق فيمن قال لامرأته: أنت علي حرام، في المسألة رقم: (955، 1138) .
4 في ع بلفظ "فهي يمين".(4/1948)
قال: كلما حلف على أنه عمل كذا وكذا بالطلاق ثم استيقن بعد أنه لم يعمله، فحكم ذلك كحكم النسيان1 لأنه خطأ, وقد ضم2 الخطأ إلى النسيان في الحديث3.
[1323-] قلت4 لإسحاق: رجل فجر بامرأة فقالت المرأة: إني قد أرضعت امرأتك، ثم5 رجعت عما قالت، يقبل قولها أو ليس قولها
__________
1 وكذا عند الحنابلة أيضاً ويسمى ذلك لغو اليمين، فإن لغو اليمين أن يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه، وهذا أحد قسمي اليمين على الماضي، فإنه إن كان عالماً بكذبه ويحلف على ذلك فهي اليمين الغموس، وإن كان يظنه فتبين خلاف ذلك فهو لغو اليمين، وحكم لغو اليمين كحكم من حلف على شيء في زمن مستقبل ثم فعله ناسياً.
وسبق حكم مسألة النسيان برقم: (1319) .
راجع أيضاً: المبدع: 9/266, والإنصاف: 11/18.
2 في ع بلفظ "وقد ضم الخطأ في الحديث إلى النسيان".
3 الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه", من حديث عبد الله بن عباس.
رواه ابن ماجه: 1/630 كما رواه أيضاً من حديث أبي ذر الغفاري مرفوعاً بلفظ "إن الله تجاوز ... الخ" ورواه الحاكم عن ابن عباس في المستدرك: 2/198، وصححه الألباني في إرواء الغليل: 1/659.
4 في ع بلفظ "قال: قلت لإسحاق".
5 في ع بلفظ "وقد رجعت عما قالت".(4/1949)
بشيء، وشهد امرأتان أنها كاذبة في قولها الأول؟
قال: يقبل رجوعها، وذاك أنها متهمة1 في الشهادة وإذا كذبتها امرأتان فذلك زيادة قوة2, وإن لم تجز شهادتهن في الحكم،3 ولو لم ترجع ومضت على قولها فله أن يتهمها4 إلا أن يكون ما قالت خبراً مستفيضاً.
[1324-] قلت5 لإسحاق: ما تفسير الحلال لا يحرمه الحرام؟
__________
1 أي متهمة في عدالتها، فإنها ليست بعدل حيث ارتكبت الفاحشة، فلعلها أرادت إلحاق الضرر به بعدما فعل بها فكذبت في شهادتها.
2 في ع بلفظ "قوله".
3 لا تجوز شهادة النساء في غير المال مما يطلع عليه الرجال, فأما ما لا يطلع عليه الرجال كالرضاع والبكارة والحيض فتقبل فيها شهادتهن، بل المذهب أنه يقبل في ذلك شهادة امرأة واحدة.
وعن الإمام أحمد رواية لا بد من امرأتين في ذلك, فإذا شهدت امرأة مرضية أنها أرضعت امرأة قبل منها, فإذا لم ترجع عنه وشهدت امرأتان بأنها كاذبة لم يقبل قولهما, وهو الذي عبر عنه الإمام إسحاق بقوله: وإن لم تجز شهادتهن في الحكم, لأن تزكية المرأة يمكن أن يطلع عليها محارمها وغيرهم بالاستفاضة.
راجع: المغني: 9/155, المبدع: 10/260.
4 بالتهمتين المذكورتين أعلاه.
5 في ع بلفظ "قال: قلت".(4/1950)
قال: أما قوله: لا يحرم الحرام الحلال1 فمعناه: أن فجوره بامرأة لا تحل له لا يحرم زناه [ذلك] 2 ما هو له حلال.
[1325-] قلت3 لأحمد: امرأة غضبت فقالت لبعض قرابتها: إن زوجي4 طلقني, فسئل الزوج فقال: نعم، ولم يكن طلقها إنما أراد أن يغيظها بذلك.
قال: اختلفوا فيه حين قال قد طلقتك فأخشى عليه5.
__________
1 هذا لفظ حديث رواه ابن ماجة والبيهقي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعاً، وكذلك رواه البيهقي عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعاً.
ورواه مرفوعاً عن ابن عباس, ولكن ضعف السيوطي الحديث في الجامع الصغير. وأما العمل به عند الإمامين أحمد وإسحاق، فإنه لا يحرم الحرام الحلال عندهما إذا كان دون وطء, وأما الوطء فإن وطء الحرام عندهما محرم كوطء الحلال, وسبق ذلك في عدة مسائل.
[] انظر: المسائل رقم: (914، 915، 1317) , وسنن ابن ماجة: 1/649, وسنن البيهقي: [7/168-169,] والجامع الصغير للسيوطي: 2/204.
2 ما بين المعقوفين ساقط من ظ، وأثبته من ع.
3 في ع بلفظ "قال: قلت".
4 في ع زيادة "قد".
5 إذا قيل لرجل أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم، وأراد الكذب كما في مسألتنا هذه طلقت، وإن لم ينو, لأن "نعم" صريح في الجواب، والجواب الصريح للفظ الصريح صريح, والصريح لا يحتاج إلى نية. والاختلاف الذي أشار إليه الإمام أحمد فيما إذا قال الرجل: قد طلقتك، أن ذلك يحتمل الإنشاء والخبر, فهي إنشاء من حيث إن اللفظة هي التي تثبت الحكم وينفذ عنها، وهي إخبار لإخبارها عن المعنى الكامن في النفس.
والمذهب أن لفظ الطلاق وما تصرف منه صريح, ومعنى جواب الإمام أحمد أنه مادام اختلفوا فيما إذا قال قد طلقتك وهي تحمل معنى الخبر وقيل بوقوع الطلاق فيها، أخشى أن يقع عليه الطلاق فيما إذا أجاب بنعم وهو كاذب.
[] انظر: المغني: 7/138-139, والمحرر: 2/55, والفروع: 5/392, والمقنع بحاشيته: 3/144, والاختيارات الفقهية: 257, والكافي: 3/168.(4/1951)
قال إسحاق: كلما أجاب بنعم وهو يريد جواباً وقع الطلاق1.
[1326-] قلت لأحمد: حديث2 عمرو بن هرم: "ينالهن من الطلاق ما
__________
1 لما سبق آنفا في المغني وغيره, من أن لفظ "نعم" صريح في الجواب، والجواب الصريح للفظ الصريح صريح.
[2] حديثه هو ما رواه سعيد بن منصور في سننه: 1/322-323 بسنده عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في رجل له ثلاث نسوة طلق إحداهن تطليقة, ولم تقع نيته على واحدة منهن قال: "ينالهن من الطلاق ما ينالهن من الميراث".
وعمرو: هو عمرو بن هرم الأزدي البصري, روى عن أبي الشعثاء وسعيد بن جبير وعكرمة، وغيرهم, وعنه حبيب بن أبي حبيب الجرمي وجعفر بن أبي وحشية وسالم المرادي وغيرهم, وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو داود, وذكره ابن حبان في الثقات وقال: صلى عليه قتادة بعد ما دفن.
انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب: 8/113, الجرح والتعديل: 6/267, ميزان الاعتدال: 3/191, التقريب: 263.(4/1952)
ينالهن من الميراث"؟
قال: ينالهن من الطلاق أليس يرثن جميعاً؟
قلت: بلى.
قال: وكذلك يقع عليهن الطلاق1.
__________
1 صورة المسألة كما يأتي في كلام الإمام إسحاق فيما إذا طلق الرجل واحدة من نسائه الأربع ونسيها أنه لا يطأ واحدة منهن حتى يتذكر ذلك أو يقرع بينهن على خلاف في المذهب, فحكم الطلاق جار على الجميع إلى تلك الغاية، والمذهب أن المنسية تخرج بالقرعة.
قال المرداوي: "وهذا المذهب نقله الجماعة عن الإمام أحمد -رحمه الله-، واختاره جماهير الأصحاب.
ونقل عن الزركشي قوله: هذا منصوص الإمام أحمد -رحمه الله-، وعليه عامة الأصحاب."
وذكر ابن رجب في القواعد أن هذا هو المشهور، وأنه المذهب.
وعن الإمام أحمد رواية بأنه يتوقف عن الجميع حتى يتبين، وهي اختيار ابن قدامة وهذا كله في الحل فيمن تحل منهن لزوجهن, فأما إذا مات فإنه تستعمل القرعة في المنسية للتوريث، فمن خرجت عليها القرعة صارت المطلقة فلا ترث.
علل ذلك ابن قدامة في المغني ونحوه في المبدع: "لأن الحقوق إذا تساوت على وجه لا يمكن التمييز إلا بالقرعة، صح استعمالها كالشركاء في القسمة."
[] راجع: المغني: 7/253-257, المبدع: 7/384, الإنصاف: 9/143, قواعد ابن رجب [] [] ص355-356, الكافي: 3/222.(4/1953)
قال إسحاق: إنما نقول ينالهن من الطلاق مثل ما ينالهن من الميراث، لأن أربع نسوة إذا طلق واحدة [فلا يدري أيتهن هي] 1 [ظ-40/أ] فإن الربع أو الثمن يقسم بين الأربعة2 لما لا يدرى أيتهن المطلقة3، ولو جئن جميعاً وهو حي فادعين كل واحدة تقول: أنا التي طلقت، كان الحكم في ذلك أن يقرع4 بينهن، ولو قال الزوج: أنا أحفظ من طلقت صدق, فأما ما قال هؤلاء أنه إذا قال لا أحفظ من طلقت، أنه يجبر
__________
1 ما بين المعقوفين هي عبارة ع، وعبارة ظ هي "لا يقع على أيتهن".
2 كذا في النسختين، والصواب "الأربع" بحذف التاء لأنه وصف لمؤنث.
3 بخلاف ما سبق عن الحنابلة من أنه يقرع بينهن، فالتي خرجت بالقرعة هي المطلقة، والميراث للبواقي.
قال ابن قدامة في تعليل ذلك: " لأن توريث الجميع توريث لمن لا يستحق يقيناً والوقف لا إلى غاية حرمان لمن يستحق يقيناً والقرعة يسلم بها من هذين المحذورين، ولها نظير في الشرع."
المغني: 7/257.
4 فمن خرجت بالقرعة فهي المطلقة، وتحل البواقي للزوج، وهو المذهب عند الحنابلة كما سبق آنفاً.(4/1954)
حتى يوقع الطلاق على إحداهن1 فهو خطأ.
[1327-] قلت2 لأحمد: رجل وقع من بطن أمه أعمى أصم أبكم فعاش حتى صار رجلاً؟
قال: هو بمنزلة الميت مع أبويه.
قلت3: وإن كانا مشركين ثم أسلما بعدما صار رجلاً؟
قال: هو معهما.
قال إسحاق: كما قال، يعني على دين أبويه.
[1328-] قلت4 لإسحاق: يزوج مثل ذا5؟
__________
1 قال بنحو ذلك الشافعية، فإنهم يقولون إنه يوقف حتى يتذكر، ولا يطالب ببيان إن صدقته النسوة في النسيان, فإن كذبنه وادعت كل واحدة منهن أنها التي طلقت كما في المسألة, لا يقبل قوله: نسيت، بل يطالب بيمين جازمة أنه لم يطلق المدعية، فإن لم يحلف ونكل، حلفت وقضي بطلاقها.
[] راجع: المجموع: 17/249-250, مغني المحتاج: 3/304.
2 في ع زيادة "قال" قبل "قلت".
3 في ع بلفظ "قال: قلت".
4 في ع بلفظ "قال: قلت".
5 ورد في مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله: "سألت أبي عن الأخرس يتزوج؟ قال: إذا كان يفهم الإشارة, أو يفهم ما يدرونه له من التزويج، وكذا إذا طلق أيضاً. مسائل عبد الله ص340.(4/1955)
قال: شديداً يزوجه الولي، فإذا عرف إشارته1 بالطلاق فهو كذلك أيضاً.
[1329-] سئل2 أحمد عن رجل وطئ أمته وأمها؟
قال: حرمتا عليه جميعاً، فإن شاء استخدمهما3.
قال إسحاق: ما أحسن ما قال في الجماع يحرم [ع-66/ب] .
[1330-] قلت4 لأحمد: طلاق الصبي؟
__________
1 أي إذا عرفت إشارته بالطلاق طلقت.
قال ابن قدامة: "لأنه لا طريق له إلى الطلاق إلا بالإشارة، فقامت إشارته مقام الكلام من غير نية."وهو قول الثوري.
انظر: المغني: 6/534, 7/238, 239, كشاف القناع: 5/249, الإشراف: 4/203.
2 في ع بلفظ "قال: سئل".
3 أي يبقيان في ملكه ولا يطؤهما، لأن الملك يقصد به التمول دون الاستمتاع، فأما رمة وطئهما عليه, فإنه حين دخل بإحداهما حرمت الأخرى عليه, وسبق في المسألة رقم: (984) أنه لا يجوز جمع الأختين للوطء بملك اليمين.
انظر أيضاً المغني: 6/584, شرح السنة: 9/71, الإشراف: 4/97.
4 في ع بلفظ "قال: قلت لأحمد".(4/1956)
قال: إن كان يعقل.
قلت: ابن كم؟
قال: إذا كان يعقل.
فراددته؟ فلم يوقّت1.
قال إسحاق: كلما جاز عن2 ثنتي عشرة سنة, وقد عقل الطلاق فطلق، وقع لما يحتلم ابن اثنتي عشرة سنة3.
[1331-] قلت4 لأحمد: إذا كان زوجها صغيراً وهي حبلى؟
قال: ومن يقضي لها بالفراش إنما يقضي بالفراش إذا كانا مدعيين5 فإذا كانا في أرض غربة يعلم أنه لا يصل مثله6 فإنه
__________
1 سبقت المسألة برقم: 959.
وما أجاب به الإمام أحمد هنا من أن الحكم منوط بعقله الطلاق هو المذهب, وعنه روايات غير هذه وردت في التعليق على المسألة المذكورة.
2 في ع بحذف "عن".
3 وصحة الطلاق من ابن اثنتي عشرة سنة رواية عن الإمام أحمد، وعبارة الإمام إسحاق في المسألة رقم: 959 السابقة: "ما لم يحتلم أو يبلغ خمسة عشرة سنة أو تنبت عانته". فتكون له روايتان في المسألة.
4 في ع بلفظ "قال: قلت".
5 إذا كانا وأمكن أن يكون الحمل من صاحب الفراش, كما يفهم من السياق.
6 أي كان كل واحد من الزوجين بعيداً عن الآخر، بحيث يعلم أنه لا يمكن أن يصل إليها.(4/1957)
لا يقضى له بالفراش1 [واختلط2] منه أحمد.
قال إسحاق: كما قال، لأن الفراش إنما هو ملك يملكه فيطؤها بالملك، وليس للصغير ولا للغائب من أولاده مما ملكوها شيئاً إذا علم أن هذا الصغير وهذا الغائب لم يطأ3.
[1332-] سئل4 أحمد عن امرأة طلقت ولم تحض فاعتدت شهرين ثم حاضت؟
قال: تعتد بالحيض5.
__________
1 المعلم بأنه لم يجتمع بها فلا يلحق الولد بالزوج في ذلك, وفي الصغير الذي لا يطأ مثله أو من تزوج امرأة فطلقها في نفس المجلس، ووضح الإمام أحمد مسألة الصغير التي سئل عنها بمسألة الغائب التي تماثلها في العلة والحكم.
[] انظر: الكافي: 3/292-293, المبدع: 8/100, المغني: 7/428-429, كشاف القناع: [5/405-406.
2] ما بين المعقوفين أثبته من ع، وفي محل الكلمة في ظ بياض. والعبارة في ع هي "لا يصل مثله، ولا يقضى له بالفراش، واختلط منه أحمد" هكذا، ولم يظهر لي معنى "اختلط".
3 أي وليس الفراش لصغير وللغائب شيئاً.
4 في ع بلفظ "قال: سئل أحمد عن امرأة طلقت ولم تكن تحيض".
5 قال ابن المنذر: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الصبية أو البالغ المطلقة التي لم تحض, إن حاضت قبل انقضاء الشهور الثلاثة بيوم أو أقل، أن عليها استئناف العدة بالحيض"، لأن الشهور بدل عن الأقراء, فإذا وجد المبدل بطل حكم البدل كالتيمم مع الماء, ولا يحسب لها ما قبل الحيض إن قلنا القرء حيض، وكذلك إن قلنا أنه طهر على المذهب. وهناك وجه في المذهب أن ما قبل الحيض يحسب قرءاً.
انظر: الإشراف: 4/285, المبدع: 7/122, الإنصاف: 9/284, كشاف القناع: 5/419.(4/1958)
قال إسحاق: هكذا هو1.
[1333-] قلت2 لإسحاق: امرأة أرضعت ابنة رجل، أيحل لهذا الرجل أن يتزوج من بنات الظئر شيئاً؟
قال: كلما ولدت تلك المرضعة من ولد فقد صاروا إخوة هذا3 وأخواته، أرضعته بعد ما ولد [هذا4] أو قبله5.
__________
1 انظر عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/285.
2 في ع بلفظ "قال: قلت".
وورد في مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله ص349 نحو هذه المسألة.
3 أي هذا الطفل المرتضع وهي الابنة المذكورة.
4 في ظ "ولدها" وما بين المعقوفين في المتن أثبته من ع، حيث إن السياق يقتضيه.
5 يظهر من كلامه تحريم البنت المرضعة على أخواتها من أمها من الرضاعة.
أما ما يتعلق بزواج أبيها بابنة المرضعة فهو صريح في المسألة الآتية (1334) .
وعند الحنابلة أن ذلك لا يحرم لأن حرمة الرضاع لا تنتشر إلى من في درجة المرتضع من إخوته وأخواته، أو من هو أعلى منه من آبائه وأمهاته. ففي كشاف القناع مع متنه الإقناع: "فتحل مرضعة لأبي مرتضع ولأخيه ولعمه ولخاله من نسب, ويحل لأبيه أي المرتضع من نسب أن يتزوج أخته من الرضاعة لأنه لا رضاع بينهما ولا نسب".
وقال ابن المنذر: " ولا بأس أن يتزوج الرجل المرأة التي أرضعت ابنه، وكذلك بابنة المرأة التي هي أخت ابنه."
انظر: المبدع: 8/162, الإنصاف: 9/329, 330, المغني: 7/542, الإشراف: 4/110.(4/1959)
[1334-] قلت لإسحاق: امرأة أرضعت امرأة رجل، أيحل1 لزوج هذه المرضعة أن يتزوج من بنات الظئر شيئاً؟
قال: ليس بينهم قرابة، إلا أنه لا يجمع2 بينهن لأنهن أخوات.
__________
1 في ع بلفظ "هل يحل".
2 ويعلل عدم الجمع بما ذكره ابن قدامة في المغني ونحوه في الإنصاف، فكل شخصين لا يجوز لأحدهما أن يتزوج الآخر لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى لأجل القرابة لا يجوز الجمع بينهما، لتأدية ذلك إلى قطيعة الرحم القريبة، لما في الطباع من التنافس والغيرة بين الضرائر.
قال المرداوي: "وخالف الشيخ تقي الدين -رحمه الله- في الرضاع، فلم يحرم الجمع مع الرضاع."
انظر: المغني: 6/574, 6/581, الإنصاف: 8/122, الإشراف: 4/110.(4/1960)
[1335-] قلت1 لإسحاق: للرجل أن يجمع بين جاريتين في فراشه ويجامعهما؟
قال: يجمع بينهما في فراش، ولا يجامع إلا وبينهما ستر, فأما الولد إذا بلغ خمس سنين إلى سبع فلا ينبغي أن يجامع الرجل المرأة أو الجارية وهو معهما في البيت، إلا أن يجعل ستراً حائلاً بينهم وبينه2.
[1336-] سئل إسحاق عن امرأة قالت لزوجها: طلقني، قال: لا أستطيع من أجل مهرك, قالت: فإني أترك مهري عليك إن طلقتني,
__________
1 في ع بلفظ "قال: قلت".
2 وما أجاب به الإمام إسحاق هنا هو مذهب الحنابلة أيضاً، ويبين المرداوي أن عدم جماعه إحداهن بحيث تراه الأخرى يحتمل أن يكون مكروهاً وأن يكون محرماً، وكونه مكروهاً هو الصحيح من المذهب. ورجح ابن قدامة في المغني التحريم. وقال المرداوي: "وهو الصواب".
وصوب المرداوي التحريم وإن رضيتا بذلك، وذكر أنه اختيار ابن قدامة في المغني.
وعبارة ابن قدامة في المغني: "وإن رضيتا بأن يجامع واحدة بحيث تراه الأخرى لم يجز لأن فيه دناءة وسخفاً وسقوط مروءة، فلم يبح برضاهما. وإن أسكنهما في دار واحدة كل واحدة في بيت، جاز إذا كان ذلك مسكن مثلها."
[] انظر: المغني: 7/26-27, الإنصاف: 8/359-360, المبدع: 7/201-202, الكافي: 3/126, الفروع: 5/324.(4/1961)
قال: ففعل1, قالت: فإني قد طلقت نفسي ثلاثاً.
قال: جائز، ثم قال لي: يستعمل القضاء ما قضت2 هاهنا.
[1337-] سئل3 إسحاق عن رجل قال: زوجت ابنتي هذه من ابنك فقال أبو الغلام: قبلت، ولم يذكر المهر؟
قال: النكاح واقع، ولها مهر [ع-67/أ] مثلها4.
__________
1 أي فملكها أمرها كما يفهم من سياق الكلام الآتي.
2 أي أنها إذا طلقت نفسها ثلاثاً كما في المسألة تكون طالقاً ثلاثاً.
وتقدم ذلك مفصلاً في المسألة (1059، 1303) .
3 في ع بلفظ "قال: سئل إسحاق".
4 انظر: عن قول الإمام إسحاق فيمن تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً أن لها مهر المثل: الإشراف: 4/62.
ومن الأدلة على صحة النكاح من غير تسمية صداق: أن ابن مسعود رضي الله عنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود: "لها صداق نسائها لا وكس ولا شطط، وعليها العدة ولها الميراث." فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق امرأة منا مثل ما قضيت."
وسبق تخريج هذا الحديث في المسألة رقم: (883) .
ويسقط مهرها إذا طلقت قبل الدخول وقبل أن يفرض لها صداق، ولا يكون لها إلا المتعة عند إسحاق وأحمد في رواية الجماعة.
وعن أحمد أن الواجب لها في ذلك نصف مهر مثلها.
[] انظر: المغني: 6/712-713 وكشاف القناع: 5/156, ومطالب أولي النهى: 5/218, والمبدع: 7/267.(4/1962)
قيل: فزوجها الولي من آخر؟
قال: ليس له نكاح1 ولا مهر لها عليه، إلا أن يكون دخل بها.
[1338-] سئل إسحاق عن رجل زوج يتيمة من رجل، فطلقها قبل أن تدرك؟
قال: ليس لها مهر ولا عليها عدة، وليس طلاقه إياها بشيء، فإن شاء تزوجها بعد ما تدرك2.
[1339-] قلت لأحمد: امرأة طلّقها زوجها ثلاثاً، ثم جحدها؟
قال: تفتدي منه بما تقدر.
__________
1 لم يصح النكاح، لأنه لا يصح العقد على منكوحة، وقد كان نكاحها صحيحاً، كما سبق آنفاً.
2 المسألة مبنية على عدم انعقاد النكاح، وأن نكاح غير الأب لليتيمة التي لم تدرك باطل. فأما الأب فقد ذكر ابن المنذر إجماع أهل العلم على أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة إذا زوجها من كفؤ جائز، وممن نقل قوله في ذلك الإمام إسحاق.
وسبق نقل الكلام عنه مفصلاً في ذلك في المسألة رقم: (862) .(4/1963)
قلت: إن جبرت على ذلك؟
قال: لا تزين ولا تقربه، وتهرب إن قدرت1.
[1340-] قلت له: حديث2 ابن عمر -رضي الله عنهما-؟
__________
1 أورد ابن قدامة في المغني نص عبارة الإمام أحمد هذه، وورد نحوها في الإقناع.
وروي عن الحسن والزهري والنخعي أن الزوج يستحلف على ذلك، ثم يكون الإثم عليه, ورجح ابن قدامة ما أجاب به الإمام أحمد، وقال هو قول أكثر أهل العلم, قال: لأن هذه تعلم أنها أجنبية منه محرمة عليه، فوجب عليها الامتناع والفرار منه كسائر الأجنبيات.
[] انظر: المغني: 7/259-260, كشاف القناع: 5/237-238, الإشراف: 4/198.
2 أي: إذا قلت ذلك ألا يعارضك حديث ابن عمر الدال على أنه يستحلف، فإذا حلف يترك؟
والحديث المذكور هو ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه: 5/79 بسنده عن إبراهيم بن مهاجر قال: "كانت لابن عمر سبية، فكان زوجها يسارها بالطلاق، فقالت لابن عمر: إنه يكون منه الشيء في السر، فأحلفه وتركه.
وإبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي، أبو إسحاق الكوفي, روى عن طارق بن شهاب والشعبي والنخعي وغيرهم، وعنه شعبة والثوري وأبو عوانة وغيرهم. قال أحمد: "لا بأس به.", وقال ابن حبان في الضعفاء: "هو كثير الخطأ.", وقال النسائي: "ليس بالقوي." وقال ابن حجر في التقريب: "صدوق لين الحفظ."
[] انظر: ترجمته في تهذيب التهذيب: 1/167-198, تقريب التهذيب: ص23, ميزان الاعتدال: 1/67.(4/1964)
قال: لا أدري ما هو إبراهيم بن مهاجر؟
لم يره1 شيئاً.
قلت: أتقاتله إذا أرادها؟
قال: لا أدري ما تقاتله, 2 قال أبو حنيفة3 تقاتله, تهرب إن قدرت.
[1341-] قلت لأحمد: إذا سمعت أو شهد عدلان؟
قال: إذا سمعت فهو أشد, وإذا سمع عدلان أو غير متهمين.
قال: نعم, هذا كله لا تقيم معه4.
__________
1 لعل هذا تعليق من إسحاق الكوسج راوي هذه المسائل، أي أن الإمام أحمد لم ير إبراهيم بن مهاجر شيئاً بمعنى أنه يضعفه.
2 معنى قوله: لا أدري ما تقاتله، أي: لا أدري بماذا تدفع نفسها عنه، أتقتله أم لا؟ ويوضحه ما نقله ابن قدامة في المغني عن مسائل أبي طالب أن الإمام أحمد قيل له: فإن بعض الناس قال تقتله, هي بمنزلة من يدفع عن نفسه, فلم يعجبه ذلك.
انظر: المغني: 7/260, كشاف القناع: 5/337.
3 بعد أن بين الإمام أحمد عدم رضاه بالمقاتلة, ذكر أن أبا حنيفة يرى أنها تقاتله, ثم ذكر رأيه وهو أن تهرب إن قدرت.
الإشراف: 4/198, المغني: 7/26.
4 قال ابن قدامة: "فإذا طلق ثلاثا وسمعت ذلك وأنكر، أو ثبت ذلك عندها بقول عدلين، لم يحل لها تمكينه من نفسها، وعليها أن تفر منه ما استطاعت وتمتنع منه إذا أرادها، وتفتدي منه إن قدرت".
انظر: المغني:7/260, كشاف القناع: 5/337.(4/1965)
[1342-] سئل أحمد إذا أتى أخت امرأته؟
قال: يمسك عن امرأته حتى تحيض أي أختها ثلاث حيض، فإن كانت ممن لا1 تحيض [ظ-40/ب] فثلاثة أشهر, فإن كانت حبلى حتى تضع2.
[1343-] سئل أحمد عن المطلقة والمتوفى عنها تغسل رأسها وتدهن وتلبس ثوباً جديداً, فأكثر السائل عليه؟
فقال: قد أعطيتك الأصل كلما صنعت شيئاً من هذا ولم ترد به الزينة فلا بأس، إلا الصبغ والطيب3.
[1344-] قال أحمد: السكنى للمطلقة ثلاثاً أوجب من النفقة لقول الله
__________
1 نهاية اللوحة رقم: 78 ظ، وبداية اللوحة رقم: 79 من ظ.
2 سبقت المسألة بقول الإمامين أحمد وإسحاق برقم: (936) .
3 فإنهما يكونان للزينة في كل وقت, وسبق ما تجتنبه الحادة بمسألة رقم: (975) .
كما سبق الخلاف في إحضار المطلقة بمسألة رقم: (976) .(4/1966)
تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} 1.
__________
1 الآية {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} آية 6 من سورة الطلاق.
وكلام الإمام أحمد هنا يدل على أن النفقة والسكنى واجبتان، إلا أن السكنى أوجب, وفي المسألة عنه ثلاث روايات:
إحداها: هذه. وهو قول الثوري.
الثانية: أن لا سكنى لها، ولا نفقة. وهي ظاهر المذهب وقول الإمام إسحاق.
الثالثة: أن لها السكنى دون النفقة.
ومن أدلة ما عليه المذهب حديث فاطمة بنت قيس المتفق عليه: أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب, فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته. فقال: والله ما لك علينا من شيء. فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال لها: "ليس لك عليه نفقة ولا سكنى" , فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك. ثم قال: "إن تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي في بيت ابن أم مكتوم".
أخرجه البخاري مختصراً: 6/183, وأخرجه مسلم بهذا اللفظ، حديث رقم: 1480.
قال ابن القيم فيمن قال بعدم السكنى والنفقة لها قال: "وهو مذهب صاحبة القصة فاطمة بنت قيس, وكانت تناظر عليه. ومن أدلة ما أجاب به الإمام هنا ظاهر الآية السابقة وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إشارة إلى الآية، وحديث فاطمة بنت قيس", قال: ما كنا لندع كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لا ندري أحفظت ذلك أو لا. أخرجه أبو داود في سننه: 2/718.
ولكن في ثبوته عن عمر نظر, فقد أنكره الإمام أحمد, ففي مسائل الإمام أحمد برواية داود ص184: قلت: يصح هذا من عمر رضي الله عنه؟ قال: لا.
وقال ابن قدامة بعد ذكر إنكار أحمد لذلك: وهذا مجمع على خلافه، وقد أخذنا بخبر فريعة وهي امرأة، وبرواية عائشة وأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحكام.
وصار أهل العلم إلى خبر فاطمة هذا في كثير من الأحكام.
راجع: المغني: 7/529, المقنع بحاشيته: 3/292, والاستذكار 4، لوحة رقم: 206, فقد نقل قول الإمامين أحمد وإسحاق, المحرر: 2/116.(4/1967)
[1345-] قلت لأحمد: حديث السميط أما تعرفه؟
قال: نعم السدوسي 1، إنما جعل بينة بذلك 2.
[1346-] سئل أحمد عن رجل أعتق جارية، أله أن يتزوج بها؟
قال: نعم 3.
__________
1 سميط بن عمير، ويقال ابن سمير السدوسي، أبو عبد الله البصري. روى عن أبي موسى الأشعري، وعمران بن حصين، وأنس وأبي الأحوص، وعنه سليمان التيمي، وعاصم الأحول، وعمران بن جرير.
قال عنه الحافظ في التقريب: "صدوق".
انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب: 4/240, تقريب التهذيب ص137.
2 الظاهر أن قول الإمام أحمد "إنما جعل بينة بذلك" إشارة إلى حديث رواه المذكور في إيجاب السكنى للمطلقة ثلاثاً. ولم أقف عليه بعد الاجتهاد في البحث عنه في مظانه، والأدلة الدالة على عدم وجوب النفقة للمطلقة ثلاثاً كثيرة منها: ما سبق، وأصرحها حديث فاطمة بنت قيس المتفق عليه السابق، والعمل عليه عند الحنابلة على المذهب كما بينت في المسألة.
3 بل ذلك من أفضل القرب فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل كانت عنده وليدة فعلّمها فأحسن تعليمها, وأدبها فأحسن تأديبها, ثم أعتقها وتزوجها, فله أجران."
أخرجه البخاري تحت باب اتخاذ السراري, ومن أعتق جارية ثم تزوجها.
البخاري مع الفتح: 9/126.
وأخرجه مسلم بسنده عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذي يعتق جاريته ثم يتزوجها له أجران. أخرجه تحت باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها.
مسلم مع النووي: 9/223.(4/1968)
[1347-] سئل عن الأسير يتزوج وهو في أيدي الروم؟
قال: لا يتزوج.
قيل: فإن خاف على نفسه 1؟
__________
1 وذلك أنه لا يأمن أن يطأ امرأته غيره من أهل الحرب، وأن أولاده يكونون عبيداً لهم، وهذا ليس للأسير فقط، بل لا يجوز النكاح بدار الحرب إلا لضرورة، فيجوز على الصحيح من المذهب، وحتى أن الأسير إذا أسرت معه امرأته لا يطؤها, سئل الإمام أحمد عن ذلك كما في المغني فقال: "كيف يطؤها فلعل غيره منهم يطؤها."
قال ابن قدامة عمن يدخل إلى دار الحرب بأمان كالتاجر مثلا: "لا ينبغي له التزوج، لأنه لا يأمن أن تأتي امرأته بولد فيستولي عليه الكفار، وربما نشأ بينهم فيصير على دينهم، فإن غلبت عليه الشهوة أبيح له نكاح مسلمة لأنها حال ضرورة، ويعزل عنها كيلا تأتي بولد، ولا يتزوج منهم لأن امرأته إذا كانت منهم غلبته على ولدها فيتبعها على دينها."
[] انظر: المغني: 8/455, الإنصاف: 8/14-15(4/1969)
قال: لا يتزوج.
[1348-] سئل إسحاق عن المرأة إذا أسلمت ثم أسلم زوجها في العدة أو بعد انقضاء العدة؟
قال: كلما كانت في العدة فهو أحق بها بلا تجديد نكاح, فإذا انقضت عدتها فهو خاطب إن شاء 1.
وكذلك المرتدة لا تبين من زوجها أبداً إلا أن يعرض عليها الإسلام فتأبى فتقتل، أو تنقضي عدتها [ع-67/ب] قبل أن تسلم، فإنها تبين حينئذ من الزوج.2
[1349-] قلت: مال المفقود كسبيل امرأته 3؟ 4
قال: نعم إذا قسم ماله ثم جاء
__________
1 سبق ذلك في عدة مسائل انظر المسائل رقم: (1146، 1189، 1192) .
2 سبق ذلك بالمسائل رقم: (1197، 1202) .
3 أي: فيرجع إلى صاحبه إذا جاء بعد ذلك، كزوجته إذا تزوجت ثم جاء فإنه يخيّر بين رجوعها إليه إن رغب في رجوعها وبين صداقها.
وسبق ذلك بمسألة رقم: (1010) .
4 من هذه المسألة إلى نهاية المسألة (1365) ، وهي آخر مسألة في نسخة ظ. هذه المسائل موجودة في آخر لوحة رقم: 95 إلى بداية الربع الأول من لوحة رقم: 98 من نسخة ع.(4/1970)
قال: ما وجده أخذه وما استهلك فليس [عليهم شيء1] إنما قسم بحق هو لهم، ليس على الورثة شيء2.
قال إسحاق: كما قال، وأجاد واجترأ.
[1350-] قلت: المختلعة يأخذ منها أكثر مما أعطاها؟
[قال3: لا يأخذ منها أكثر مما أعطاها4] .
__________
1 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ هي "فليس عليه إنما قسم". وأثبت عبارة ع، لأنها تناسب المعنى.
2 قال ابن مفلح في المبدع: إذا قسم ماله ثم قدم أخذ ما وجده بعينه, والتالف ليس بمضمون. نص عليه في رواية ابن منصور، ونسبها إلى ابن منصور أيضاً المرداوي في الإنصاف، وهذه رواية عن الإمام أحمد, والصحيح من المذهب أنه يأخذ ما وجده بعينه، ويرجع على من أخذ الباقي.
انظر: المبدع: 6/219, الإنصاف: 7/339.
3 ما بين المعقوفين غير موجود في ع, وهذه المسائل متقدمة على ما بعدها، وليست على الترتيب الموجود في ظ.
4 المذهب أن المنع من أخذه منها أكثر مما أعطاها على سبيل الاستحباب، وأنه يجوز أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها لقوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} ، البقرة آية 229, وأنه يجوز أن يأخذ فلم يقدر بشيء.
قال المرداوي: "هذا المذهب نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب."
وعن الإمام رواية أنه لا يجوز له أن يأخذ أكثر مما أعطاها، فإن فعل ذلك أمر برد الزيادة، وهو قول عطاء والزهري.
انظر: المغني: 7/52, والإنصاف: 8/398, والإشراف: 4/217, والمبدع: 7/230.(4/1971)
قال إسحاق: هو كما قال1.
[1351-] قلت: الخلع دون السلطان [ع-49/أ] ؟
قال: [يجوز2 دون السلطان3]
قال إسحاق: كما قال4.
[1352-] قلت: إذا طلقها تطليقة أو تطليقتين ثم قذفها في العدة؟
__________
1 حكى ابن قدامة في المغني وابن المنذر في الإشراف والأوسط وابن كثير في تفسيره, أن الإمام إسحاق ممن يكره أن يأخذ الزوج من زوجته في الخلع أكثر مما أعطاها، فإن فعل جاز مع الكراهة.
[] انظر: المغني: 7/53, والإشراف: 4/217, والأوسط لوحة رقم: 275-276, وتفسير ابن كثير طبعة دار الشعب: 1/404.
2 ما بين المعقوفين غير موجود في ع.
3 قال ابن قدامة: "ولا يفتقر الخلع إلى حاكم، نص عليه أحمد فقال: يجوز الخلع دون السلطان." انظر: المغني: 7/52.
4 انظر: عن قول الإمام إسحاق المغني: 7/52, والإشراف: 4/225.(4/1972)
قال: يلاعن1.
قال إسحاق2: كما قال.
[1353-] قلت: طلقها ثلاثا؟
قال: يجلد.
قلت: فبانت بواحدة؟
قال: يجلد3.
__________
1 لأنها زوجته، ذكر ابن قدامة في المغني: قال أبو طالب: "سألت أبا عبد الله عن الرجل يطلق تطليقة أو تطليقتين ثم يقذفها، قال: قال ابن عباس: لا يلاعن ويجلد, وقال ابن عمر: يلاعن ما دامت في العدة", قال: "وقول ابن عمر أجود لأنها زوجته وهو يرثها وترثه فهو يلاعن."
وقال ابن قدامة بعد ذلك: "لأن الرجعية زوجة فكان له لعانها كما لو لم يطلقها." وعلل بنحوه في الكافي أيضاً.
[] راجع المغني: 7/401-402, والمبدع: 8/84, والكافي: 3/278-279, والإشراف: 4/258.
2 في ع بلفظ "هو كما قال".
[] وانظر: عن قول الإمام إسحاق المغني: 7/401-402, والإشراف: 4/258.
3 وذلك فيما إذا قذفها بزنى ليس في زمن النكاح, فأما إن قذفها بزنى في النكاح، فعن الإمام أحمد روايتان. وأكثر الأصحاب أنه يلاعنها بشرط أن يكون بينهما ولد، فيلاعنها بسبب الولد.
وروي أنه إن قذفها بزنى في الزوجية لاعنها، سواء كان بينهما ولد أو لم يكن.
وسبق ذلك في المسألة رقم: (1071) .(4/1973)
قال إسحاق1: هو كما قال.
[1354-] قلت: الخلع فراق, وليس بطلاق؟
[قال: الخلع فراق وليس بطلاق2] ، وهي أولى بنفسها، فإن تراجع يعني تزوجها كانت3 على ثلاث4.
قلت5 لإسحاق: بيّن لي الخلع؟
قال: السنة إذا أراد الرجل أن يخلع امرأته6 وهي على طمع أن ترجع إلى زوجها ولا يكره الزوج ذلك، أن يبعث هو حكماً من أهله وتبعث هي حكماً من أهلها، وكل واحد منهما يفوض أمره إلى حكمه7.
__________
1 سبق قول الإمام إسحاق والإشارة إلى موضعه في المسألة رقم: (1071) .
2 ما بين المعقوفين ساقط من ع.
3 في ع بلفظ "كان على ثلاث".
4 سبقت مسألة هل الخلع فسخ أو طلاق بائن بمسألة كل فرقة طلاق رقم: (1193) . وراجع أيضاً التعليق على المسألة رقم: (970) .
5 في ع بلفظ "قلت: بين لي الخلع".
6 في ع بلفظ "فهو على طمع أن ترجع إلى زوجها".
7 قال في المقنع عما يستدعي الحكمين: فإن ادعى كل واحد منهما ظلم صاحبه له, أسكنهما الحاكم إلى جانب ثقة, ليشرف عليهما, ويلزمهما الإنصاف، فإن خرجا إلى الشقاق والعداوة بعث الحاكم حكمين حرين مسلمين عدلين.
ويدل عليه قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} ." آية 35 من سورة النساء.
راجع: المقنع بحاشيته: 3/112, كشاف القناع: 5/211, المغني: 7/48, المبدع: 7/216, الإنصاف: 8/378.(4/1974)
فإن رأى الفرقة فرق وإن رأى الإجاز أجاز1. فيلتقيان فيبدأ حكم الرجل فيقول لحكم المرأة: ما تنقم2 على هذه، أفي مطعم أو مشرب أو ملبس؟ فيتكلم بحجتها.
فيقول حكم الرجل لحكمها: أرأيت إن عاد إلى ما تحبين
__________
1 روي عن الإمام أحمد روايتان في الحكمين هل هما حكمان كما سماهما الله تعالى أو وكيلان, ومما يترتب على هذا الخلاف أنه إن قلنا إنهما حكمان اشترط أن يكونا فقيهين، وإن قلنا إنهما وكيلان جاز أن يكونا عاميين, وإن قلنا إنهما حكمان كان لهما فعل ما رأياه بغير رضى الزوجين، بخلاف ما إذا قلنا إنهما وكيلان فليس لهما فعل شيء إلا برضاهما. ولا ينفذ تصرف الحكمين إذا غاب الزوجان إن قلنا إنهما حكمان، لأنه لا يجوز الحكم على الغائب, وإن قلنا إنهما وكيلان جاز ذلك.
[] راجع: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 5/175-179, المغني: 7/49, الكافي: 3/139-[140,] الإنصاف: 8/379, غاية المنتهى: 3/92-93.
2 في ع بلفظ "ما تنقم من هذه أفي مطعم أو في مشرب أو ملبس".(4/1975)
أترضين بذلك؟ وكذلك حكم المرأة لحكم الزوج ما ينقم عليها كمثل ما وصفنا، فإن رأيا أن يجمعا بعد ما عرفا قوليهما [جميعاً1] ، وإن رأيا أن يفرّقا فرّقا ولم يذكرا طلاقاً، فهي فرقة بغير طلاق، كالبيع بين الرجلين. كذلك قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في الفرقة2.
فإن أحبا المراجعة فتزوجها بولي وشهود ومهر، لا بد من ذلك لأنه تجديد نكاح كالأجنبية3 وكانت عنده على ثلاث, وإذا
__________
1 ما بين القوسين أثبته من ع لأنه يقتضيه سياق الكلام.
2 أي ذهب ابن عباس -رضي الله عنهما- إلى أن الخلع فرقة بغير طلاق، روى ذلك البيهقي في السنن الكبرى: 7/316 بسنده إلى ابن عباس قال: "وقال ابن عباس ذكر الله عز وجل الطلاق في أول الآية وآخرها والخلع بين ذلك, فليس الخلع بطلاق ينكحها." أي يتزوجها إذا أراد بنكاح جديد، ولا يشترط نكاح زوج غيره.
وسبق توضيح دليل ابن عباس -رضي الله عنهما- في التعليق على المسألة رقم: (970) .
3 نسب ابن المنذر في الإشراف وابن قدامة في المغني ذلك للإمام إسحاق -رحمه الله-, ووجوب تجديد النكاح في ذلك إن أراد العود يستوي فيه ما إذا قلنا: إن فرقة الخلع فسخ أو طلاق، لأن القصد منه تخليصها من ضرره، فلو جاز ارتجاعها لم تتخلص من ذلك.
ولقوله تعالى: {فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} البقرة آية 229, وإنما يكون فداء إذا خرجت به عن قبضته وسلطانه, وإذا كانت له الرجعة لم تخرج عن حكمه, علل ابن قدامة بهذا في المغني.
[] راجع: المغني: 7/59-60, الكافي: 3/146, الإشراف: 4/219.(4/1976)
أراد الزوج أن يذكر طلاقاً فطلقها تطليقة بما لها عليه كان خلعاً فيه طلاق على ما سموا، وتكون بائناً واحدة كانت أو اثنتين أو ثلاثا1.
وإنما بينا أمر الحكمين إذا كان هناك طمع المراجعة ويكون كل واحد يحتمل طبيعة صاحبه, فحينئذ تحتاج إلى الحكمين لقول الله تبارك وتعالى: {فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا 2} الآية.
فإن كان الزوج آيساً منها ولم يرد العود فيها لما يأتيه منها [ما] 3 لم يحتج إلى الحكمين فخلعها بما لها عليه أو ما سميا جاز ذلك، ولا يحل له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها4 وإن كان
__________
1 قال ابن قدامة: "ومتى وقع الخلع بلفظ الطلاق أو نوى به الطلاق فهو طلاق بائن, لأنه لا يحتمل غير الطلاق." الكافي: 3/145.
وراجع أيضاً المسألة رقم: (1193) .
2 في ع بلفظ "لقول الله عز وجل".
والآية رقم: 35 من سورة النساء.
3 ما بين المعقوفين مقحم في وسط الكلام، والمعنى يستقيم بدونه.
4 سبق ذلك في المسألة رقم: (1350) , وسبق النقل فيها أن ذلك جائز عند الإمام إسحاق مع الكراهة, ولعله يعني بعدم الحل هنا حرمة التنزيه.(4/1977)
النشوز1 من قبله لم يحل له أن يأخذ مما أعطاها شيئاً، قل أم كثر2، فإن كان النشوز من قبلها حل له3.
[1355-] قلت لإسحاق: قالت: اشتريت منك ثلاث تطليقات بمالي عليك.
__________
1 النشوز: من النشز وهو ما ارتفع من الأرض, والنشوز يكون بين الزوجين، وهو كراهة كل واحد منهما صاحبه, يقال نشزت المرأة على زوجها ارتفعت عليه واستعصت عليه وأبغضته وخرجت عن طاعته, ونشز الزوج عليها إذا جفاها وأضر بها.
انظر: لسان العرب: 5/418, تاج العروس: 4/86.
وشرعاً: كراهة كل واحد من الزوجين صاحبه وسوء عشرته.
انظر: المبدع: 7/214, مطالب أولي النهى: 5/286, المحرر: 2/44, المقنع: 3/11.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق في ذلك الإشراف: 4/215.
3 ومذهب الحنابلة نحو ما ذكره الإمام إسحاق، فإن عضلها لتفتدي نفسها منه ففعلت فالخلع باطل والعوض مردود, وإن عضلها لا لتفتدي فافتدت صح الخلع، وإن منعها كمال الاستمتاع لتفتدي فافتدت صح مع الكراهة.
[] راجع: المغني: 7/54, الإنصاف: 8/383,. الكافي: 3/141-143, كشاف القناع: 5/213, المبدع: 7/221.(4/1978)
وقال1: بعت منك ثلاث تطليقات بمالك علي؟
قال إسحاق: بانت ثلاث2.
[1356-] قلت لأحمد: كيف الخلع3؟
قال: إذا4 أخذ المال فهي فرقة5.
[1357-] سئل إسحاق عن رجل خلع امرأته ثم راجعها في العدة، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟
قال: كلما [خلعها6] لم تجز [ظ-41/أ] المراجعة في ذلك، إنما
__________
1 في الأصل "وقالت".
2 لأن ذلك يفهم منه إرادة الخلع، كقولها أتبرؤني إن أعطيتك ألفاً فقبل ذلك منها, ولم يذكروا البيع والشراء من ألفاظ الخلع الصريحة، ولا الكناية عند الحنابلة، فصريحه المفاداة والفسخ والخلع وكنايته مثل بارأتك, أبرأتك, أبنتك.
3 أي هل فرقته فسخ أو طلاق؟
4 في ع بحذف "إذا".
5 سبق مراراً هل الخلع فسخ أو طلاق، وبيان أن الصحيح من المذهب أنه فسخ، إلا أن ينوي الطلاق، أو يتلفظ به، فهو طلاق بائن.
راجع المسائل رقم: (970، 1193، 1354) .
6 ما بين المعقوفين أثبته من ع، وفي ظ "طلقها", وأثبت هذا لأن الكلام يدور حول الخلع.(4/1979)
يجوز له تجديد نكاح في كلا المذهبين من رأى الخلع تطليقة بائنة، ومن رآه كالبيع من الرجلين زايله اسم1 المراجعة إذا وقع الخلع2.
[1358-] قلت: [لأبي3 عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل [ع-49/ب] رحمه الله تعالى ورضي عنه في الرجل يجحد امرأته طلاقها من قال:] 4 يستحلف، ثم الإثم عليه بعد5.
قال أحمد: إذا علمت6 افتدت بمالها وبما تقدر عليه.
__________
1 نهاية اللوحة رقم: 79 من ظ، وبداية اللوحة رقم: 80 من ظ.
2 أي أنه لا يمكن للرجل أن يراجع زوجته المختلعة إلا بنكاح جديد، سواء قلنا الخلع تطليقة أو قلنا إنه فسخ، كما سبق بيانه في المسألة رقم: (1354) .
3 نهاية اللوحة رقم: 96 من ع، وبداية اللوحة رقم: 97 من ع.
4 ما بين المعقوفين عبارة ع، وعبارة ظ "قلت: في الرجل يجحد امرأته طلاقها؟ قال: يستحلف".
والصواب ما أثبته حيث إن جواب الإمام أحمد يأتي في جواب الإمام بعد ذلك.
ولم يذكر الكوسج قائل ذلك ولعله الحسن البصري, وممن قال بذلك أيضاً النخعي، والزهري كما سبق بيانه في المسألة (1339) .
[] وانظر أيضاً المغني: 7/59-60, الإشراف: 4/198.
5 سبقت المسألة برقم: (1339) .
6 في الأصل "غلبت".(4/1980)
قال إسحاق: في الأصل كما قال1 إذا استيقنت, فأما إذا قيل إنه طلقك فأنكر حلفته وقامت عنده2.
[1359-] قلت: رجل رمى امرأة بما فعلت في الجاهلية؟
قال: عليه الحد3.
قال إسحاق: كما قال شديدا لحرمة الإسلام4.
__________
1 في ع بلفظ "قال إسحاق في إلا هو كما قال, قلت إذا استيقنت".
2 وافق الإمام إسحاق الإمام أحمد في أصل المسألة، وقيدها بما إذا استيقنت ذلك، كأن سمعت منه مباشرة أو تواتر لها الخبر، فأما إذا لم تستيقن ذلك وسمعته من غيره وجحد ذلك حلفته وأقامت معه.
3 ذكر ابن قدامة في المغني أن للإمام أحمد روايتين فيما إذا قال الرجل: زنيت في شركك, إحداهما هذه, لأن القذف وجد في حال كونه محصناً, ورجح الرواية القائلة بأنه لا حد عليه بقوله، ولنا: أنه أضاف إلى حال ناقصة أشبه ما لو قذفه في حال الشرك، ولأنه قذفه بما لا يوجب الحد على المقذوف فأشبه ما لو قذفه بالوطء دون الفرج.
وقد أورد ابن مفلح في المبدع سؤال الكوسج وجواب الإمام أحمد عليه, وقال ابن قدامة: "وهذا كله فيما إذا ثبت زنى المقذوف في الشرك، فأما إذا ثبت عدم الزنى في الشرك فعلى القاذف الحد، لأنه يعلم كذبه، وكذلك يجب عليه الحد إن لم تعرف الحقيقة على الأصح.
[] راجع: المغني: 8/228-229, المبدع: 9/87, الإشراف: 10/206.
4 وقد علل بهذا التعليل الذي علل به الإمام إسحاق هنا ابن مفلح في المبدع: 7/87.(4/1981)
[1360-] قلت: إذا شهد أربعة على امرأة بالزنا أحدهم زوجها؟
قال: يلاعن الزوج ويضرب الثلاثة1.
قال إسحاق: كما قال2.
[1361-] قلت3: رجل زوّج رجلاً ابنة له، فبعث إليه بابنة أخرى فدخل بها؟
قال أحمد: لها المهر بما أصاب منها ولا تكون له امرأة4, تكون
__________
1 لنقصان عدد الشهود, فلا بد من أربعة شهود غير الزوج لإسقاط الحد عن الثلاثة وعن الزوج, فيحد الثلاثة، والزوج يلاعن وإلا حد لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} آية 6 سورة النور. فلا بد من اكتمال عدد شهود الزنى.
قال ابن قدامة في المغني: "إذا قذف زوجته المحصنة وجب عليه الحد، وحكم بفسقه، وردت شهادته، إلا أن يأتي ببينة أو يلاعن. فإن لم يأت بأربعة شهداء، أو امتنع من اللعان، لزمه ذلك كله." وقال الحسن البصري والشعبي والأوزاعي وأبو ثور ويقام عليه الحد.
[] انظر: المغني: 7/404, الإشراف: 4/272-273.
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/272.
3 في ع بحذف "رجل".
4 ويعتزل امرأته حتى تنقضي عدة التي وقع عليها كما سبق في المسألة رقم: 936 في رجل زنى بأخت امرأته، فقد ذكر ابن قدامة أن الإمام أحمد أجاب في ذلك أن لها المهر بما أصاب منها, ولأختها المهر على وليها حيث إنه هو الذي بعثها إليه.
راجع المسألة رقم: 81.
وانظر أيضاً المغني: 6/546.(4/1982)
على ما قال علي: [يجهز الرجل الابنة] 1 التي زوجها من عنده فيبعث بها إليه2.
قال إسحاق3: كما قال4.
[1362-] قلت: بيع أمهات الأولاد؟
قال: لا5 يعجبني بيعهن6، واحتج فيه بحديث عمرو بن
__________
1 في ع "يجهز الأب الابنة".
2 روى عبد الرزاق في مصنفه: 6/252 بسنده عن أبي الوضي وكان صاحباً لعلي قال: "قضى علي في رجل زوج ابنة له, فأرسل بأختها فأهداها إلى زوجها، فقضى علي للتي بنى بها ما في بيتها، وعلى أبيها أن يجهز الأخرى من عنده، ثم يرسل بها إلى زوجها.
3 انظر: عن قول الإمام إسحاق: المغني: 6/546.
4 في ع زيادة "هو".
5 في ع بلفظ "يعجبني بيعهن"، والصواب ما في ظ لأن الصحيح عن الإمام أحمد عدم جواز بيعهن.
6 قال المرداوي في الإنصاف: "الصحيح من المذهب أنه لا يجوز ولا يصح بيع أم الولد، وعليه جماهير الأصحاب. ونص عليه. وقطع به كثير منهم. وحكى جماعة الإجماع على ذلك."
واختلف الحنابلة في جواب الإمام أحمد هذا "لا يعجبني بيعهن" وقوله في مسائل صالح كما في المبدع والمغني "أكرهه"، فجعل أبو الخطاب ذلك رواية عن الإمام أحمد في جواز بيع أمهات الأولاد مع الكراهة، ولم يرتضه ابن قدامة في المغني, ولذلك قال في المقنع ونحوه في الإنصاف "وعنه ما يدل على جواز بيعها مع الكراهة، ولا عمل عليه".
راجع: المقنع بحاشيته: 2/517, والمغني: 9/531, والإنصاف: 7/494, والمبدع: 6/371.(4/1983)
العاص رضي الله عنه: "ولا تلبسوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، عدة أم الولد أربعة أشهر وعشر"1.
قال إسحاق2: لا يحل بيعهن أبداً لما دخل العتاقة بهن واختلط اللحم باللحم والدم بالدم.
قال إسحاق: فإن باعها فالبيع فاسد.
[1363-] قلت: المرأة يموت ولدها وهي ذات زوج؟
__________
1 الحديث سبق تخريجه والكلام عليه في المسألة رقم: (927) .
2 في ع بلفظ "قال إسحاق: لا يبعن أبداً لما دخل العتاق فيهن"، وفي ظ زيادة "قال إسحاق: فإن باعها".(4/1984)
قال: لا يمسها زوجها حتى يعلم أحاملة هي أم لا1.
قال إسحاق2: هو كما قال3.
[1364-] قلت: إذا طلق امرأته في نفسه؟
قال: لا, حتى يظهر.
قال إسحاق: هو كما قال.
[1365-] قلت: بين المسلم والنصرانية واليهودية والمملوكة ملاعنة؟
قال: بينهم ملاعنة، إنما يريد نفي الولد, وإنما قال الله:
__________
1 فإن كانت حاملاً ورث الحمل من ولدها هذا الذي مات، وإن عرفت براءة رحمها من الحمل لم يرث ما حملته بعد ذلك.
وقوله: لا يمسها، أي لا ينبغي له أن يمسها، وليس معناه يحرم عليه ذلك, فإن وطئها قبل أن يستبرئها فولدت لأقل مدة الحمل ورث الحمل من ولدها الذي توفي، وإن ولدت لأكثر من ستة أشهر لم يرث الحمل، إلا أن يقر الورثة أنها كانت حاملاً يوم موت ولدها.
انظر: المغني: 6/316.
وراجع أيضاً المسألة رقم: (1128) .
2 انظر: عن قول الإمام إسحاق: الإشراف: 4/287.
3 في ع بلفظ "هو كما قال".(4/1985)
{وَالَّذِينَ [ع-50/أ] َ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} 1 فهو يقع على هؤلاء كلهم2.
قال إسحاق: هو كما قال3, لأنهن أزواج, قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} 4.
__________
1 آية 6 من سورة النور.
2 سبقت المسألة برقم: (1072) ، وفي ع "كلهن".
3 في ع بلفظ "قال إسحاق: هو كما قال الله عز وجل لأنهن أزواج, قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} ".
4 نهاية اللوحة رقم: 80 من ظ.(4/1986)
كتاب المناسك
عملي في التحقيق:
أما القسم التحقيقي الذي يتعلق بتحقيق النص فقد كان منهجي فيه على النحو التالي:
أولاً: اعتمدت في التحقيق على نسختين: إحداهما من المكتبة الظاهرية, نسخت في القرن الرابع الهجري، ورمزت لها بـ (ظ) والثانية من المكتبة العمرية نسخت في القرن الثامن الهجري، ورمزت لها بـ (ع) , وهناك نسخة في دار الكتب المصرية نسخت من الظاهرية سنة 1362 هـ، ولم أعتبرها نسخة ثالثة، وإن احتجت إلى الإشارة إليها رمزت لها بـ (م) .
ثانياً: حاولت إخراج النص على أقرب صورة وضعها المؤلف؛ وقد وضعت نصب عيني أن أبذل كل ما في وسعي من جهد وطاقة لتحقيق ذلك.
ثالثاً: نظراً لعدم ترجيح إحدى النسختين على الأخرى حيث يوجد في كل منهما سقط بعض المسائل، ولا سيما أنه لم تكن إحداهما بخط المؤلف أو ممن اعتمده، فإنني لم أعتمد إحداهما. وعند الخلاف أثبت ما أراه صواباً من إحدى النسختين ووضعته بين قوسين هكذا () ، وذكرت في الهامش ما في النسخة الثانية مع تعليل لوجه ما أثبته, أما إذا لم يترجح(5/2067)
عندي ما في إحداهما فأكتفي بذكر المقابلة، وأثبت غالباً ما في ظ لقدمها ووضوح خطها؛ وهذه الطريقة وإن كانت فيها مسئولية الاختيار وإعمال الفكر، فقد اخترتها رجاء أن أبلغ الهدف الذي أقصده وهو إخراج النص على أقرب صورة وضعها المؤلف.
رابعاً: إذا وجدت في إحدى النسختين سقط ورأيت أن الصواب إثباته، أثبته بين معقوفتين هكذا [] وأشرت إلى ذلك في الهامش، أما إذا رأيت عدم إثباته فأشير في الهامش بقولي: "في نسخة كذا بزيادة كذا"، أما إذا اتفقت النسختان في احتمال سقط أو تحريف، فإنني أثبت ما فيهما، وأشير إلى ما أراه في الهامش محافظة على النص، وقلَّ أن يوجد ذلك.
خامساً: إذا اختلفت النسختان في ترتيب المسائل، فإنني التزمت بترتيب الظاهرية، وأشرت في الهامش إلى موضع المسألة في العمرية.
سادساً: أعتمد في الكتابة على الرسم المعروف في الوقت الحاضر، كما أنني أثبت من نسخة (ع) الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم كاملة حيث كانت في (ظ) "صلى الله عليه" فقط، وأثبت الترضي عن الصحابة رضي الله عنهم من نسخة (ع) وإن لم يكن في نسخة (ظ) أيضاً.
سابعاً: لقد اعتنيت بالتثبت من جواب الإمامين أحمد وإسحاق في المسألة - بقدر الإمكان- ومعرفة من نسب ذلك إليهما غير الكوسج،(5/2068)
فثبَّتّ قول الإمام أحمد من المسائل الأخرى المروية عنه كرواية ابنيه صالح وعبد الله وابن هانيء وأبي داود السجستاني, فإن وردت المسألة عندهم بنصها قلت: "أورد هذه المسألة فلان في المسائل برقم كذا ص كذا", وإن كانت بمعناها قلت: "أورد نحوها فلان".
أما قول الإمام إسحاق فاعتمدت في تثبيته على المغني، والشرح الكبير, والإشراف, ومعالم السنن، وشرح السنة, والمحلى, واختلاف الصحابة, وحلية العلماء.
ثامناً: التزمت بذكر الأدلة ما عليه المذهب بعد بيان علاقة المذهب بالمسألة، فإن كانت هي ما عليه المذهب قلت: "هذا هو المذهب"، وذكرت الأدلة، ثم ذكرت الروايات الأخرى الواردة في المسألة. وإن كانت المسألة المخالفة للمذهب قلت: "هذه رواية عن الإمام والمذهب هو كذا"، وذكرت أدلته.
تاسعاً: وضعت أرقاماً مسلسلة جانبية للمسائل، فبلغت سبع عشرة وأربعمائة مسألة.
عاشراً: وضعت العناوين للمسائل حسب دلالتها ليسهل على القارئ الوقوف على المسألة التي يريدها, وجعلت هذه العناوين في وسط الصفحة بين شرطتين هكذا - - وقد يدخل تحت العنوان أكثر من مسألة.(5/2069)
حادي عشر: عزوت الآيات القرآنية إلى مواطنها من السور.
ثاني عشر: خرجت الأحاديث والآثار، سواء التي وردت في النص أو التي ذكرتها للاستدلال بها، معتمداً في ذلك على الكتب الستة، ومسند الإمام أحمد، وموطأ الإمام مالك، ومستدرك الحاكم، وسنن الدارمي، وسنن الدارقطني، والسنن الكبرى للبيهقي، ومصنفَيْ عبد الرزاق وابن أبي شيبة, مبيناً الكتاب والباب ورقم الجزء والصفحة ورقم الحديث أحياناً, إلا ما ورد في كتاب المناسك فإنني لا أذكر الكتاب غالباً لأنه الغالب في الأحاديث الواردة هنا. وإذا لم يكن الحديث في الصحيحين حاولت ذكر درجته قوة وضعفاً، معتمداً على الكتب التي تعنى بذلك كالتلخيص الحبير، ومجمع الزوائد، وسنن الترمذي، وإرواء الغليل، وغيرها.
ثالث عشر: إذا تكررت المسألة في المخطوطة مرة أخرى، لا أكرر دراستها، بل أشير إلى الموضع الذي سبق دراستها فيه, إلا إذا كان بين الجوابين فرق فإنني أبينه.
رابع عشر: ترجمت لجميع الأعلام الواردة أسماؤهم في الكتاب ترجمة موجزة تتلخص في اسمه، وذكر بعض مشايخه، وتلاميذه، ووفاته.
خامس عشر: وضحت معاني الكلمات الغريبة معتمداً على أمهات كتب اللغة والفقه.
سادس عشر: عرفت بالأماكن الواردة في النص معتمداً على الكتب(5/2070)
المختصة بذلك كمعجم البلدان لياقوت الحموي, وحاولت التعريف بها حديثاً بقدر الإمكان.
سابع عشر: تأكدت من نسبة الأقوال الواردة عن الأئمة في المسائل، وذلك بالرجوع إلى كتب مذهب من نقل عنه القول، وإلى كتب فقه الخلاف، وأمهات كتب الفقه لمن لم يكن له مذهب مدون.
ثامن عشر: أشرت إلى نهاية كل صفحة من النسختين ليسهل الرجوع إليهما لمن أراد ذلك.
تاسع عشر: قمت بوضع فهارس عامة لما احتوت عليه الرسالة ليسهل على القارئ الرجوع إلى أي جزئية يريدها, فاشتملت على:
1- فهرس الآيات القرآنية مرتبة حسب السور فالآيات.
2- فهرس الأحاديث النبوية والآثار ورتبتها على الحروف الهجائية.
3- فهرس الأعلام المترجمة لهم، والتزمت فيه ترتيبهم على الحروف الهجائية، وذكر الصفحات التي ورد ذكرهم فيها، عدا سفيان الثوري فاكتفيت بذكر الصفحة الأولى لكثرة وروده.
4- فهرس الأماكن ورتبتها على الحروف الهجائية أيضاً.
5- فهرس المصادر والمراجع، والتزمت فيه ترتيبها حسب(5/2071)
1- الفنون فحروف المعجم, كما التزمت ذكر عنوان الكتاب كاملاً، واسم المؤلف وسنة وفاته، وبيان الطبعة, وتاريخها, والناشر كلما وجدت شيئاً من ذلك.
2- فهرس الموضوعات واشتمل على: فهرس القسم الدراسي، وذكرت فيه الأبواب والفصول والمباحث، وفهرس القسم التحقيقي، وذكرت فيه رقم المسألة وموضوعها ورقم الصفحة(5/2072)
[باب] 1 المناسك2
__________
1 لفظة "باب" ساقطة من ظ, والأفضل إثباتها لأن المؤلف درج على إثباتها في أكثر بقية الأبواب, مثل، باب الكفارات, كتاب البيوع, كتاب الزكاة, ولأن في ذلك زيادة التوضيح.
2 المناسك لغة: جمع منسك بفتح السين وكسرها, والمنسك في كلام العرب يأتي للموضع المعتاد, فيقال: إن لفلان منسكاً يعتاده في خيرٍ كان أو غيره, ويأتي للموضع الذي يُذبح فيه الذبائح.
والنسْك: بسكون السين وضمها يطلق على العبادة والطاعة, فيقال: رجل ناسك أي: عابد, ويطلق على الدم؛ فيقال: من فعل كذا وكذا، فعليه نسك أي: دم يهريقه في مكّة.
لسان العرب لابن المنظور 10/498, الصحاح لجوهري 4/1612, تهذيب اللغة للأزهري 10/73.
وأما عند الفقهاء فقد غلب إطلاق المناسك: على أفعال الحج.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم, في الحديث الصحيح: "لتأخذوا عني مناسككم" حيث قال ذلك أثناء قيامه بأفعال الحج, والحديث أخرجه مسلم في الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة في يوم النحر راكبا 1/943.
انظر: المبدع في شرح المقنع لأبي إسحاق بن مفلح 3/83, والمطلع على أبواب المقنع للبعلي، ص 156, وفتح القدير للشوكاني 1/204, وصحيح مسلم بشرح النووي 9/45, هداية الراغب لشرح عمدة الطالب لعثمان أحمد النجدي ص 260.(5/2073)
[1366-] (قلت لأبي عبد الله أحمد) 1 بن محمد بن حنبل: العمرة2 واجبة؟
قال: هي واجبة.3
__________
1 في ع "قال قلت لأحمد" ويكثر في نسخة ع زيادة "قال" قبل "قلت", والأصوب هنا حذفها كما في ظ, لأن المسائل للكوسج، فهو القائل في قوله "قلت"، وهو الذي جمعها عن الإمام أحمد، ولما سمع أنه رجع عن بعضها أعادها عليه فأقرها, فالمسائل له, وهو الذي دونها فلا داعي للزيادة "قال" قبل "قلت" وعلى إثباتها فالمقصود من دونها عن الكوسج.
2 العمرة لغة: مأخوذة من الاعتمار, وهو الزيارة, فيقال أتانا فلان معتمراً أي زائراً.
ومنه قول الشاعر العربي:
وراكب جاء من تثليث معتمراً
كما يأتي الاعتمار بمعنى القصد, ومنه قول الشاعر أيضاً:
لقد غزا ابن معمر حين اعتمر مغزى بعيداً من بعيد وضبر
أي حين قصد مغزى بعيداً.
وقيل: إنما قيل للمحرم للعمرة معتمراً, لأنه قصد لعمل في موضع عامر.
تهذيب اللغة 2/383, لسان العرب 4/604.
وأما تعريف العمرة شرعاً فهو: زيارة البيت على وجه مخصوص.
الفروع لشمس الدين بن مفلح 3/203, المبدع في شرح المقنع 3/84، الإقناع للمقدسي 1/334.
3 وهو الصحيح من المذهب، كما في الإنصاف, كما يأتي تفصيله في آخر التعليق على المسألة(5/2074)
[قلت] 1: ويقضي منها المتعة؟
قال: نعم.2
قال إسحاق: كما قال وأجاد،3 ظننت أنّ أحداً لا يتابعني عليه،4 وبيان ذلك في كتاب الله قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ
__________
1 سقطت من ظ، والأولى إثباتها, لأن الجواب بنعم دليل على سؤال, والسائل هو الكوسج فالأحرى إثباتها كما في نسخة ع, ويمكن حذفها، كما في ظ اكتفاء بـ"قلت" الأولى، كما ورد ذلك في بعض المسائل.
2 يحتمل هذا الجواب أمرين:
أحدهما: أن من أتى بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج يلزمه قضاؤها، ولا تجزيه هذه عن عمرة الإسلام, وهذا مردود بعدم الخلاف في إجزاء عمرة المتمتع.
المغني مع الشرح الكبير لابن قدامة 3/173, الفروع 3/299.
الثاني: أن من أفسد العمرة بالجماع يلزمه قضاءها كالحج, وهو المقصود، والله أعلم,
الإنصاف للمرداوي 3/497، المغني 3/379.
3 أي أحسن في ذلك الجواب، وهو القول بوجوب العمرة.
4 يعني إنّ إسحاق يقول: نظراً لما عرفته من كثرة المخالفين في وجوب العمرة، ظننت أن لا يتابعني أحد على ذلك.
قال ابن حزم: "وقد روينا عن إسحاق بن راهويه أنه ذكر له قول أحمد في المسألة فقال: أحسن ما كنت أظن أن أحداً يوافقني عليها".
المحلى لابن حزم 7/424.(5/2075)
وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} .1
[ألا يرى من رآها تطوعا قرأها "والعمرة" لله] 2 حتى يكون استئنافاً.3
[1367-] قلت: قوله سبحانه وتعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} .4
__________
1 سورة البقرة، آية: 196.
2 ما بين المعقوفتين ساقط من ع, والصواب إثباته, لأن الكلام لا يستقيم بدونه.
3 أي لفظ "العمرة" في الآية منصوب بالعطف على الحج الواجب فتأخذ حكمه, وبهذا قرأ الجماعة، فعلى من رآها سنة أن يقرأها بالرفع على الاستئناف, كما قرأ الشعبي وأبو حيوة. تفسير القرطبي 2/369.
واتفق الإمامان أحمد وإسحاق هنا على أن العمرة واجبة, وهو الصحيح من المذهب كما في الإنصاف.
وعن الإمام أحمد رواية: أنها سنة، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية.
وعنه أخرى: أنها تجب على غير مكي, نقلها الكوسج كما سيأتي في مسألة رقم (1399) .
وقال المرداوي: نص عليه في رواية عبد الله والأثرم والميموني وبكر بن محمد.
انظر المغني 3/173, والكافي 1/337, والهداية 1/88, والإنصاف 3/387, والفروع 3/203.
4 سورة آل عمران, آية: 97. وقد دلت الآية الكريمة على أحد شروط وجوب الحج، وهو الاستطاعة.(5/2076)
قال: الزاد1 والراحلة،2 من موضعه الذي يكون فيه.3
__________
1 الزاد في اللغة: طعام يتخذ للسفر.
لسان العرب 3/198, مختار الصحاح للزبيدي ص 278.
والمقصود به هنا: ما يحتاج إليه من ذهابه ورجوعه من مأكول ومشروب أو كسوة. المغني 3/171.
2 الراحلة المشترطة هنا: راحلة تصلح لمثله، إما بشراء أو بكراء، لذهابه ورجوعه مع ما يحتاج إليه من آلتها, المغني 3/171.
3 روى هذه المسألة أيضاً ابنه عبد الله في مسائله برقم 436 ص 197. وهذا تفسير للاستطاعة التي هي شرط من شروط وجوب الحج باتفاق العلماء، وهذا التفسير الذي أجاب به الإمام أحمد هنا هو المذهب، وعليه جماهير أصحابه، وقطع به كثير منهم كما في الإنصاف 3/401, وقد نقلت أقوال غير ذلك منها: ما اعتبره ابن الجوزي من أن الزاد والراحلة في حق من احتاجهما فقط, أما من أمكنه المشي والتكسب بالصنعة فعليه الحج، واختار ذلك والد شيخ الإسلام ابن تيمية, وزاد القاضي على ذلك اعتبار التكسب ولو بمسألة.
[] المغني 3/169, المبدع 3/91-92, الفروع 3/226, ومن الأدلة على تفسير الاستطاعة بالزاد والراحلة كما هو المذهب:
[1-] ما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فقال يا رسول الله، ما يوجب الحج. قال: الزاد والراحلة", رواه الترمذي في باب ما جاء في إيجاب الحج بالزاد والراحلة 3/77, حديث 813, وقال: حديث حسن.
[2-] ما روى الدارقطني في سننه 2/215 بإسناده عن جابر، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس، وعائشة، رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم, "سئل: ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة".
صحّحه الحاكم. المستدرك 1/442.(5/2077)
قال إسحاق: كما قال،1 ولكن يحسب عليه الدار والخادم.2
[1368-] قلت: امرأة موسرة3 ليس لها محرم؟ 4
__________
1 ذكر عنه ذلك ابن قدامة في المغني 3/169, وصاحب كتاب المعاني البديعة ق 153 مخطوط.
2 معنى كلام الإمام إسحاق أنّ وجود السكن له ولأولاده من بعده, ووجود الخادم لمن لا يقدر على خدمة نفسه يعتبر من الاستطاعة أيضاً, وهذا تفصيل لما أجمله الإمام أحمد في جوابه, وبه يقول، فقد جاء في المغني 3/171:
"وإن كان ممن لا يقدر على خدمة نفسه والقيام بأمره, اعتبرت القدرة على من يخدمه، لأنه من سبيله" ا. هـ.
3 اليسر بسكون السين وضمها: ضد العسر, وهو السعة والغنى.
فامرأة موسرة: يعني غنية.
انظر: لسان العرب 5/296, تهذيب اللغة 13/58, مختار الصحاح ص 742.
وروى أبو داود في مسائله ص 106: "قلت لأحمد: امرأة موسرة لم يكن لها محرم، هل وجب عليها الحج؟ قال: لا.
4 حرم الرجل: عياله ونساؤه وما يحمي, ومحرم المرأة: من لا يحل له نكاحها من الأقارب، كالأب والابن والأخ والعم.
لسان العرب 12/123, القاموس المحيط 4/96.(5/2078)
قال: المحرم من السبيل.1
__________
1 السبيل لغة: الطريق وما وضح منه يذكر ويؤنث. لسان العرب 11/319.
والمراد به هنا: الاستطاعة التي هي من شروط وجوب الحج كما سبق في المسألة السابقة (1367) .
وكون المحرم من السبيل الذي اتفق عليه الإمامان هنا هو المذهب كما في الإنصاف 3/410.
وهناك روايات أخرى من الإمام أحمد:
منها: أن المحرم من شرائط لزوم السعي دون الوجوب, فمتى فاتها الحج بعد كمال الشرائط الخمس بموت، أو مرض لا يرجى برؤه أخرج عنها حجة، لأن شروط الحج به قد كملت، وإنما المحرم لحفظها فهو كتخلية الطريق وأحكام المسير.
وعنه: لا يشترط في القواعد من النساء اللاتي لا يخشى منهن ولا عليهن.
وعنه: لا يشترط إلا في مسافة القصر، كما لا يعتبر في أطراف البلد.
ورواية أخرى: أن المحرم ليس شرطا في الحج الواجب, المغني 3/190, المبدع 3/99.
ونفقة المحرم في الحج على المرأة، نصّ عليه، لأنه من سبيلها، فكان عليها نفقته، كالراحلة.
فعلى هذا يعتبر في استطاعتها لوجوب الحج أن تملك زاداً وراحلة لها ولمحرمها.
المغني 3/194، الإنصاف 3/415، المحرر في الفقه لأبي البركات 1/233.
وفي رواية عن الإمام أحمد أن المحرم إن لم يحملها وأعطته من مالها فعليه حملها, وهناك رواية أخرى بعدم التفريق بين الحالتين, أي أنه لا يلزمه السفر معها سواء أعطته النفقة أو لم تعطه، وهو الصحيح في المذهب كما في الإنصاف 3/415, لأنّ في الحج مشقة شديدة, وكلفة عظيمة, فلا تلزم أحداً لأجل غيره, كما لم يلزمه الحج عنها إذا كانت مريضة.
انظر أيضاً: المغني 3/194, المبدع 3/101, الفروع 3/240.
ونفقة المحرم في الحج على المرأة نص عليه أحمد، لأنه من سبيلها, فكان عليها نفقته, كالراحلة فعلى هذا يعتبر في استطاعتها لوجوب الحج أن تملك زاداً وراحلة لها ولمحرمها.(5/2079)
قال إسحاق: كما قال،1 وليس على المحرم بواجب حملها, ولكن يستحب له حملها, فإن لم يفعل, فأعطته من مالها فعليه حملها.
[1369-] قلت: العمرة في شهور الحج؟
قال: لا بأس به، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دخلت العمرة في الحج"،2 يعني لا بأس بالعمرة في شهور الحج.3
__________
1 انظر عن قوله المغني 3/190.
2 أخرجه مسلم في باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم 1/888، حديث 1218، وأبو داود في باب إفراد الحج 2/388، حديث 1790، والنسائي، باب إباحة فسخ الحج بعمرة لمن لم يسق الهدي 5/181، وابن ماجة، باب التمتع بالعمرة إلى الحج 2/991، حديث 2977، والدارمي في باب من اعتمر في أشهر الحج 1/447، وأكثر ألفاظ الحديث بزيادة "إلى يوم القيامة".
3 وأفضل المناسك عند الحنابلة التمتع كما سيأتي في المسألة رقم (1402) ، وهو يستلزم عمرة في أشهر الحج فلا شك في جوازها حينئذ، وإنما اختلف علماء الحنابلة أيهما أفضل عمرة في أشهر الحج أو في غيرها إلى ثلاثة أقوال:
ثالثها: التسوية.
وقال المرداوي في الإنصاف 4/57: الصحيح من المذهب أن العمرة في غير أشهر الحج أفضل من فعلها فيها ا. هـ.
قلت: وذلك لغير المتمتع لما ثبت من أفضلية التمتع في المذهب، وقال ابن عقيل -إثر كلام نقل عن الإمام أحمد في أفضلية العمرة في غير أشهر الحج- قال: إنما قال أحمد ذلك في عمرة لا تمتع فيها ا. هـ. حكاه عنه في الفروع 3/290.
وانظر: في المسألة المغني 3/237، كشاف القناع للبهوتي 2/520.
وستأتي أيضاً برقم (1407) .(5/2080)
قال إسحاق: كما قال، فتصير حينئذ متعةً إذا قام حتى يحج.1
[1370-] قلت: الصبي يحتلم بعرفة والعبد يعتق؟
قال: أرجو أن يجزي حجهما.2
__________
1 قوله: فتصير حينئذ متعة إذا قام حتى يحج، أي أنه إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج وبقى في مكة حتى جاء الحج وأحرم به، يعتبر أحرم بالعمرة متمتعاً بها للحج.
2 نص على إجزاء حجهما في مسائل عبد الله رقم 795، 796 ص213 حيث قال: سألت أبي عن الصبي يحتلم بعرفة؟ قال: يجزي، وسألت أبي عن العبد يعتق؟ قال: يجزي حجه.
وهذا هو المذهب وعليه الأصحاب؛ كما في الإنصاف 3/389، لأنه أدرك الوقوف حراً بالغاً فأجزأه كما لو أحرم تلك الساعة.
وعنه رواية: أن الحج لا يجزئهما.
الفروع 3/219، المغني 9/200، الكافي لابن قدامة 1/378.(5/2081)
قلت: فإن لم يكن أحرم العبد (بعد) .1
قال: ذاك أجود.2
قال إسحاق: كلاهما جائز [حجهما] 3، وصار ترك الإحرام بعد العتق والاحتلام جائز إذا فعلا ذلك قبل الاحتلام
__________
1 في ظ وفي مسائل عبد الله "بعد ما عتق" بزيادة "ما عتق"، والصواب حذفها كما في ع؛ لأن الكلام لا يستقيم إلا بحذفها، أو تكون إن لم يكن أحرم العبد إلا بعد ما عتق، أي بزيادة إلا.
2 وردت بنصها في مسائل عبد الله برقم 797 ص 214.
يعني قلت: ما الحكم إن لم يكن العبد محرماً حين العتق وإنما أحرم بعده؟ قال أحمد: ذاك أجود من كونه محرماً قبل العتق، ولا خلاف في إجزاء حج الصبي والعبد إذا أحرما في يوم عرفة بعد البلوغ والعتق إن لم يكونا أحرما قبل ذلك.
المغني 3/200.
3 تفردت بإثباتها نسخة ع، وهو الصواب، لأن المعنى يحتاج إلى ذلك، والمعنى أن الصبي إذا بلغ والعبد إذا أعتق بعرفة، فإن حجهما يجزيهما عن حجة الإسلام، سواء كانا محرمين قبل ذلك واستمرا على إحرامهما، أو لم يكونا محرمين وأحرما بعد ذلك.(5/2082)
والعتق.1
[1371-] قلت: الشرط في الحج؟
قال: جيد صحيح،2 [قال] :3 إذا اشترط لا يكون محصراً،4
__________
1 معنى كلام الإمام إسحاق أن الصبي إذا بلغ والعبد إذا عتق في يوم عرفة وهما محرمان، يجوز لهما ترك تجديد الإحرام. المغني 3/200.
2 روى ذلك عنه ابنه عبد الله في مسائله برقم 754 ص 203، وروى قريباً من ذلك أبو داود في المسائل ص123.
3 لفظة "قال" مثبتة في ظ ومحذوفة من ع، والمعنى يستقيم بالحالتين، والقائل هو الإمام أحمد.
4 الحصر: يأتي بمعنى التضييق، فيقال: أحصره العدو إذا ضيق عليه أو أضيق عليه، ومنه قوله تعالى: {وَاحْصُرُوهُمْ} آية 5 من سورة التوبة.
أي: ضيقوا عليهم، ويأتي بمعنى المنع فيقال: أحصره المرض: إذا منعه من السفر أو حاجة يريدها، كما يأتي الحصر بمعنى الحبس، فتقول: حصرته فهو محصور أي: حبسته، وقيل: يقال للذي يمنعه الخوف والمرض: أُحصر، ويقال للمحبوس: حصر.
والمقصود بالإحصار: المنع من إتمام المناسك، سواء كان ذلك بمرض أو عدو أو نحوهما.
[] لسان العرب 4/195، تاج العروس للزبيدي 11/24-26، مختار الصحاح ص 139.
وستأتي أقسام الإحصار عند الفقهاء في المسألة: (1494) .
ومعنى قوله لا يكون محصراً: أي لا يلزمه ما يلزم المحصر.(5/2083)
[هو] 1 يقول: محلي حيث حبستني.2
قال إسحاق:3 أجاد لما صح عن عمر4 وعثمان5 رضي الله
__________
1 لفظة "هو" محذوفة في ع، والأولى إثباتها، لأن فيه زيادة توضيح.
2 هذه صيغة الاشتراط في الحج وكمالها:" وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني"، ويستحب للحاج أو المعتمر أن يقولها عند الإحرام؛ وفائدة ذلك أنه إذا عاقه عائق من عدو أو مرض، أو ذهاب نفقة، يتحلل ولا دم عليه، ولا صوم، كما هو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب على حدِّ تعبير صاحب الإنصاف 4/72.
وانظر أيضاً: 3/434، المغني 3/243، صحيح مسلم بشرح النووي 8/132.
3 لقول إسحاق انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 8/132، الإشراف ق 100ب.
4 ومما صح عنه ما روى البيهقي في السنن 5/222 عن سويد بن غفلة قال: قال لي عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "يا أبا أمية حج واشترط، فإن لك ما اشترطت ولله عليك ما اشترطت".
وفي المغني 3/243 "وممن روي عنه أنه رأى الاشتراط عند الإحرام: عمر، وعلي، وابن مسعود، وعمار" ا.?.
وقال ابن المنذر: "وممن روينا عنه أنه رأى الاشتراط عند الإحرام: عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح" الإشراف ق100 ب.
5 ومما صح عنه ما جاء في المحلى 7/113 أن عثمان رضي الله عنه رأى رجلاً واقفاً بعرفة فقال "له: أشارطت؟ قال: نعم".(5/2084)
عنهما بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال لضباعة1 ذلك.2
[1372-] قلت: يحج الرجل عن الرجل وقد مات؟
قال: إن كان يحج عن أبيه أو عن أمه3، وأما أن يأخذ دراهم
__________
1 هي ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب الهاشمية بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم، تزوجها المقداد بن الأسود، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنها ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم.
الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 4/342، تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر أيضاً ص 470، الاستيعاب في أسماء الأصحاب لابن عبد البر 4/243.
2 عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير، فقال لها: لعلك أردت الحج؟ قالت: والله لا أجدني إلا وجعة، فقال لها: حجي واشترطي، قولي: اللهم محلي حيث حبستني"، وكانت تحت المقداد بن الأسود.
أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين 6/122، ومسلم في كتاب الحج، باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه 2/867، وأحمد في مسنده 1/327، والنسائي، باب كيف يقول إذا اشترط 5/168، والترمذي، باب ما جاء في الاشتراط في الحج 3/278.
ورواه عن ابن عباس أبو داود، باب الاشتراط في الحج 2/376، حديث1776، والدارمي، باب الاشتراط في الحج أيضاً 1/430.
3 قال ابن قدامة: "يستحب أن يحج الإنسان عن أبويه إذا كانا ميتين أو عاجزين" ا. هـ. المغني 3/197، الإنصاف 3/419.(5/2085)
ويحج فلا يعجبني.1
[لا أدري ما هو] .2
قال إسحاق: هو جائز (من كل الناس) 3، ومن الآباء والأبناء
__________
1 حكى ذلك عنه أيضاً المرداوي في الإنصاف 3/419.
2 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لأن هذه العبارة من ألفاظ الإمام أحمد رحمه الله المعروفة عنده في المسائل.
"ولا يعجبني": من ألفاظ الإمام أحمد، وفيه وجهان عند الحنابلة:
أحدهما: التنزيه، والكراهة.
والثاني: التحريم.
وأقرب ما تحمل عليه هنا- والله أعلم - أنها للكراهة، لأن الإمام بعد ما أجاب بذلك تردد في الحكم وتوقف وقال: لا أدري ما هو، فيكون الحكم كراهة أخذ الأجرة على الحج مع الجواز.
وهذه رواية عن الإمام أحمد.
روى ابن هانئ في مسائله1/177: "وسئل عن الرجل يحج عن الميت وغيره بالدراهم؟ قال: مكروه، وشدد فيه".
وعنه رواية أخرى بأنه: لا يجوز الاستئجار على الحج.
قال في الفروع: إن ذلك أشهر الروايتين عن الإمام أحمد، وقال في الإنصاف: والمذهب عدم الصحة، وقدمه ابن قدامة في المغني.
المغني والشرح الكبير 3/180، الفروع 3/254، الإنصاف 3/421.
3 في ظ "من يقول كل الناس" بزيادة "يقول"، والمعنى يستقيم بحذفها كما أثبته من ع.(5/2086)
والقرابة [ظ-41/ب] .
[1373-] قلت: تحج المرأة عن الرجل والرجل عن المرأة؟
قال: نعم.1
قال إسحاق: كما قال، [لقول] 2 النبي صلى الله عليه وسلم: "حجي عن أبيك".3
__________
1 قال ابن قدامة: "يجوز أن ينوب الرجل عن الرجل والمرأة، والمرأة عن الرجل والمرأة في الحج في قول عامة أهل العلم. لا نعلم فيه مخالفاً إلا الحسن فإنه كره حج المرأة عن الرجل" ا. هـ، المغني والشرح الكبير 3/183.
2 سقطت من ظ، والسياق يقتضي إثباتها كما في ع.
3 الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "كان الفضل ابن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر. قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم. وذلك في حجة الوداع". وفي بعض الروايات" فحجي عنه ".
أخرجه البخاري، باب وجوب الحج وفضله 2/140، ومسلم، باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما، أو لموت 1/973، حديث1334، والنسائي، باب حج المرأة عن الرجل 5/118، وابن ماجة، باب الحج عن الحي إذا لم يستطع 2/970، حديث2907، والدارمي، باب في الحج عن الحي 435.
ووجه الدلالة من الحديث أنه دل بمنطوقه على جواز حج المرأة عن الرجل، كما دل بمفهومه على جواز حج الرجل عن المرأة من، باب الأولى.(5/2087)
[1374-] قلت: من نذر أن يحج ولم يحج حجة الإسلام؟
قال: لا يجزيه، يبدأ بفرض الله عز وجل [عليه] ،1 ثم يقضي ما أوجب على نفسه، واحتج بحديث ابن عمر رضي الله عنهما.2
قال إسحاق: أحب إليَّ أن يفعل كما قال، وأرجو أن تجزي حجة الإسلام عنه،3 وإن كان حج حجة الإسلام فلا بد من
__________
1 في ع بحذف لفظة "عليه"، والأولى إثباتها كما في ظ لأن فيها زيادة توضيح.
2 وحديثه عن زياد بن جبير قال: جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال: "رجل نذر أن يصوم يوماً، قال: أظنه قال: الاثنين، فوافق يوم عيد، فقال ابن عمر: أمر الله بوفاء النذر ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام هذا اليوم؟ ".
أخرجه البخاري، باب الصوم يوم النحر 2/249.
ووجه الدلالة من الحديث أن الرجل لم يتمكن من وفاء نذره لمانع، وهو كونه وافق يوم العيد، وكذلك لا يتمكن من وفاء نذره من نذر أن يحج ولم يحج حجة الإسلام، لشغل ذمته بالحج الواجب بفرض الله، ومضمون ذلك أنه لا بد من البداءة بحجة الإسلام، ولا تجزئ عن النذر، وهذا هو المذهب، كما في الإنصاف 3/417.
وهناك رواية أن حجه هذا يقع عن حجة الإسلام ويسقط عنه النذر، وهذا يوافق قول الإمام إسحاق هنا. المغني 3/119، 11/357.
3 وهي رواية عن الإمام أحمد كما جاء في آخر التعليق السابق ويفهم من كلام إسحاق أن هذا خلاف الأولى عنده.(5/2088)
وفاء النذر إذا كان طاعة.1
[1375-] قلت: من مات وقد بقي عليه من نسكه؟
قال: يقضى عنه.2
قال إسحاق: كما قال.
[1376-] قلت: من مات ولم يحج فهو من جميع المال؟
قال: إذا كان مال كثير فأحب للورثة أن ينفذوا ذاك، وأما إذا كان مال قليل فإنما هذا شيء ضيعه، ليس هذا مثل الزكاة.3
__________
1 لحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه".
أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة 7/233.
2 رواها أيضاً ابنه عبد الله برقم 827 ص 220.
قال ابن قدامة في المغني 3/196": فإن خرج للحج فمات في الطريق، حج عنه من حيث مات، لأنه أسقط بعض ما وجب عليه فلم يجب ثانياً " ا. هـ.
وانظر أيضاً: الإنصاف 3/410، الإقناع 1/343، المبدع 3/98.
3 يعني الإمام أحمد رحمه الله بذلك: أن الزكاة إذا وجبت ومات صاحبها تدفع من ماله، أما الحج فإنه إذا وجب ولم يحج لا يلزم قضاؤه، بخلاف الزكاة، والمشهور في المذهب أن من وجب عليه الحج وتوفي قبله أخرج عنه من جميع ماله بلا نزاع، كما قاله في الإنصاف 3/409.
وهو ما ذهب إليه إسحاق هنا لما يأتي في آخر المسألة.
وإذا لم يخلف مالاً يفي بالحج عنه من بلده حج عنه من حيث أمكن، فإذا كان من سكان الرياض مثلاً ولا يفي ماله إلا الحج من بدر مثلاً، حج عنه من بدر حيث أمكن الوفاء.
وللإمام أحمد رواية في أن كلاً من الحج والزكاة والكفارات لا يدفع من أصل المال بل من الثلث، وهي رواية النيسابوري حيث قال في 1/719:" قيل لأبي عبد الله: ترى الحج عن الميت؟ قال: نعم إذا كان أوصى. قيل له: فإن لم يوص ووجب عيه الحج؟ قال: يحج عنه من الثلث، والزكاة والكفارات من الثلث " ا. هـ.
وانظر: المغني 3/196، الإقناع 1/342، المحرر 1/233.(5/2089)
قال إسحاق: كل فريضة على الميت من حج، أو زكاة، أو نذر، أو أشباه ذلك من الواجب فمات ولم يقضه، فإن ذلك يقضى من جميع المال، قلّ [ع-83/أ] المال، أو كثر1، لأن ذلك فرض عليه في الحياة (وفي2 قول) الرسول صلى الله عليه وسلم بيان لذلك حين قال السائل: "أحج عن أبي وقد مات؟ فقال له: لو كان على أبيك دين (فقضيته) 3 أما كان يجزي؟. قال: بلى،
__________
1 انظر عن قول إسحاق المحلى 4/64.
2 في ظ "وقول" بحذف "في".
3 في ع "فقضيت".(5/2090)
قال: فدين الله عز وجل أحق".1
[1377-] قلت: رجل قدم مفرداً بالحج ومعه هدي، أله أن يتمتع؟
(قال أحمد) :2 إذا كان معه هدي فليس له أن يفسخ.3
__________
1 الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قال رجل: يا رسول الله إن أبي مات ولم يحج أفأحج عنه؟ قال: أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم، قال: فدين الله أحق".
أخرجه النسائي في باب تشبيه قضاء الحج بقضاء الدين 5/118.
ومن الأدلة على ذلك ما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة قالت: "يا رسول الله إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء".
أخرجه البخاري في كتاب جزاء الصيد، باب الحج والنذور عن الميت 2/217.
ولأنه حق استقر عليه تدخله النيابة فلم يسقط بالموت. المغني 3/196.
2 في ع" قال الإمام أحمد " وأكثر ما في المسائل الإجابة "بقال" فقط بإتفاق النسختين.
3 فالمفرد إذا ساق الهدي تطوعاً- حيث لا يجب عليه الهدي - لم يكن له أن يفسخ حجه إلى عمرة، وكذلك القارن. وهذا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب كما في الإنصاف 3/447، وقيل: يحل كمن لم يهد.
أما إن لم يسق الهدي، فالمستحب له أن يفسخ إحرامه إذا طاف وسعى، ويجعلها عمرة لأمر النبي صلى الله عليه [] وسلم أصحابه بذلك، المغني 3/416، الإنصاف 3/446-447، وستأتي مسألة نحوها برقم (1687) .(5/2091)
قال إسحاق: كما قال.
[1378-] (قلت) :1 فيمن يكري2 نفسه (يحج) ؟ 3
قال: نعم4.
قال إسحاق: جائز كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا} .5
__________
1 في ظ "قلت لأحمد"، بزيادة "لأحمد" بعد "قلت"، والأولى عدم ذكرها كما في ع، لأنه معروف أن الأسئلة جميعها للإمام أحمد، ولأنه يكثر عدم ذكرها في أغلب الكتاب.
2 معنى يكري نفسه: أي أنه يشتغل أثناء حجه سواء بإكراء دابته، أو بإكراء نفسه بأن يحمل معهم الأمتعة، أو يجهز لهم الطعام ونحو ذلك.
3 في ع "ويحج" بزيادة الواو، والأقرب للسياق حذفها كما في ظ لمناسبة ذلك للسؤال والجواب من بعده، أي من يكري نفسه يصح حجه.
4 روى نحوها ابنه عبد الله برقم 828 ص220.
5 الحديث عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً سأله فقال أوآجر نفسي من هؤلاء القوم فأنسك معهم المناسك، هل يجزي عني؟ فقال ابن عباس: نعم {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا} من آية 202 سورة البقرة.
والحديث أخرجه الإمام الشافعي في مسنده ص112، وابن خزيمة في صحيحه 4/351 بسند آخر.
وهو دليل على جواز حج من تكسب في الحج، حيث استدل ابن عباس بالآية على ذلك.(5/2092)
[1379-] قلت: مسيرة كم لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم؟
قال أحمد: لا تسافر سفراً1 وإن (كان) 2 ساعة، في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "لا تسافر سفراً، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلُوَنَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم".3
__________
1 هو من حديث ابن عباس الآتي ولم أر لفظ "لا تسافر سفراً"، إلا أنه ورد في حديث أبي سعيد الخدري:" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً".
رواه مسلم في باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره 1/977، حديث1340.
2 في ع" كانت "، والصواب ما أثبته من ظ، لأن المراد بقوله وإن كان هو السفر.
فالإمام أحمد يرى أنه لا يجوز سفر المرأة بدون محرم مطلقاً.
وعنه رواية مفهومها جواز سفرها في الحج الواجب بدون محرم، كما سبق في المسألة رقم (1368) .
3 وذلك عن أبي معبد قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم "يخطب يقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجّة وإنني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: فانطلق فحج مع امرأتك".
متفق عليه، وسبق تخريجه في المسألة (1368) .(5/2093)
قال إسحاق: لا يكون سفراً إلا ثلاثة أيام فصاعداً (سير) 1 المبطئ الماشي ويوم للمسرع2، وذلك ثمانية وأربعون ميلاً بالهاشمي، (فلا) 3 (يدخل قوله) 4صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون [رجل] بامرأة"5 في معنى السفر، لأن السفر لا يخلو من الناس [والرفاق] .6
[1380-] قلت7: يهل الرجل [بالحج] 8 قبل شهور9 الحج؟
__________
1 في ع" الغير "، والموافق للسياق ما أثبته من ظ.
2 في ع" للماشي "، والموافق للسياق ما أثبته من ظ.
3 في ع" ولا "، والمناسب ما أثبته من ظ، لأن المراد ربط ما بعد الفاء لما قبلها، وليس مطلق الجمع أو العطف التي تقتضيه الواو.
4 في ظ" يدخل معنى قوله " بزيادة "معنى".
5 سقطت من ع والصواب إثباتها كما في ظ، لأن الحديث كذلك، كما سبق في التعليق على مسألة رقم: (1368) .
6 سقطت من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لأن فيه زيادة إيضاح.
7 في ظ بزيادة: "لأحمد".
8 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، ليختص الإهلال المذكور بالحج كما يدل عليه السياق.
9 في ع "أشهر" ويجمع شهر على أشهر وشهور، لسان العرب 4/432.(5/2094)
قال: [لا] ،1 هذا مكروه.2
قال إسحاق: كما قال، فإن فعل كنت قائلاً له: اجعلها عمرة3 كما قال عطاء، [لأن] 4 ابن عباس رضي الله عنهما قال: "من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج".5
__________
1 ساقطة من ظ، ولعل في إثباتها كما في ع زيادة تأكيد للكراهة.
2 الاختيار والأولى أن لا يحرم بالحج قبل أشهره، فإن فعل صح.
لكن الإحرام بالحج قبل أشهره مكروه، لكونه إحراماً به قبل وقته فأشبه الإحرام به قبل ميقاته، ولأن في صحته اختلافاً، ولقول ابن عباس الآتي قريباً.
وهذا هو الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب كما في الإنصاف.
وعن الإمام أحمد رواية أنه ينعقد عمرة، روى ابنه عبد الله في المسائل برقم 872 ص 233، "سألت أبي عن رجل أحرم بالحج في غير أشهر الحج؟ قال: يجعل حجه عمرة".
انظر: المغني 3/224، الشرح الكبير 3/223، الإنصاف 3/430، المقنع بحاشيته 1/396، تفسير القرطبي 2/343.
3 اتفق الإمامان هنا على كراهية الإحرام بالحج قبل أشهره، فإن أحرم به قبل ذلك صح إحرامه عندهما، وصرح إسحاق هنا جعلها عمرة، وهو محكي عن أحمد أيضاً كما في الإنصاف 3/430.
وسبقت الإشارة إليه قريباً، وهو مذهب عطاء، نسب ذلك إليه ابن قدامة في المغني 3/224.
4 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن السياق يقتضي ذلك.
5 أخرجه البخاري 2/150 في باب قوله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} .
وقال في المحلى 4/65: " عن ابن عباس قال: "لا ينبغي لأحد أن يهل بالحج إلا في أشهر الحج لقوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} . ا. هـ(5/2095)
[1381-] قلت: من أهل بحجتين؟
قال: لا يلزمه إلا حجة.1
قال إسحاق: كما قال، ولكن يصير متمتعاً حتى يجزيه عنهما2 جميعاً3.
[1382-] [قلت4: متى يهل أهل مكة بالحج؟
قال: إن تعجلوا فما بأس قبل التروية،5 قال عمر رضي الله عنه: "إذا
__________
1 وانعقد إحرامه بإحداهما، بلا نزاع كما في الإنصاف 3/450، وانظر أيضاً: المغني 3/254، الإقناع 1/353، المحرر 1/236، الإشراف ق 103. اختلاف الصحابة ق 52 ب.
2 في ع (منهم) .
3 أي أن من أحرم بحجتين لا يلزمه إلا واحدة، ولكن لا بد أن تكون بالتمتع بالعمرة إلى الحج حتى تجزيه عن الحجتين، ولعل تعليله هذا هو أن الإحرام بالتمتع يكون فيه العمرة عن إحدى الحجتين والحج عن الثانية، والله أعلم.
4 ساقط من ظ من هذه المسألة حتى نهاية المسألة (1395) .
5 روى هذه المسألة ابنه عبد الله في مسائله برقم 829 ص 221.
والمستحب لهم كغيرهم يوم التروية، لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إحرام أهل مكة معه في يوم التروية، كما في حديث جابر في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم الذي سبق تخريجه في مسألة رقم (1701) .(5/2096)
رأيتم الهلال فأهلوا".1
قال إسحاق: كما قال، والذي يلزم يوم التروية ولكل قادم حَلّ بمكة2.
[1383-] قلت: قول عمر رضي الله عنه: "تجردوا بالحج وإن لم تحرموا"؟
__________
1 أخرجه الإمام مالك عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: "يا أهل مكة ما شأن الناس يأتون شعثاً مدهنون؟ أهلوا إذا رأيتم الهلال". الموطأ 1/339، باب إهلال أهل مكة ومن بها من غيرهم.
وأورده ابن قدامة أيضاً في المغني 3/422 وفيه أنه قال لأهل مكة: "ما لكم يقدم الناس عليكم شعثاً؟ إذا رأيتم الهلال فأهلوا بالحج".
ورجح- أي ابن قدامة - استحباب إحرامهم كغيرهم في يوم التروية.
وقال المرداوي في الإنصاف: هذا المذهب مطلقاً، وعليه الأصحاب.
وذكر ابن مفلح في المبدع وكذا في الحاشية على المقنع أن إهلال المكي إذا رأى الهلال رواية عن الإمام أحمد لقول عمر المذكور.
[] المغني 3/421-422، المبدع 3/229، الإنصاف 4/25، المقنع بحاشيته 1/448، الفروع 3/506.
2 أي إحرام يوم التروية لازم لأهل مكة ولمن حَلّ من إحرامه ممن ورد عليها، ويجوز الإحرام قبله، والمستحب [] عنده الإحرام في يوم التروية للجميع. انظر عن قوله في ذلك المغني 3/421-422.(5/2097)
قال: يعني تشبهوا بالحاج1.
قال إسحاق: كما قال.
[1384-] قلت: يحرم في دبر الصلاة أحب إليك؟
قال: أعجب إلي أن يصلي، فإن لم يصل فلا بأس2.
__________
1 روى ذلك عن الإمام أحمد أيضاً ابنه عبد الله في المسائل برقم 830 ص221.
وذكر ابن الأثير هذا الأثر وقال: في حديث عمر رضي الله عنه "تجردوا بالحج وإن لم تحرموا" أي تشبهوا بالحاج وإن لم تكونوا حجاجاً، وقيل: يقال: تجرد فلان بالحج إذا أفرد ولم يقرن.
النهاية في غريب الحديث 1/256.
2 يستحب الإحرام بعد صلاة إما مكتوبة، أو نفل، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال في المغني: المستحب أن يحرم عقيب الصلاة، فإن حضرت صلاة مكتوبة أحرم عقيبها، وإلا صلى ركعتين تطوعاً وأحرم عقيبهما ا. هـ.
وهذا هو الصحيح من المذهب، كما في الإنصاف، وعليه أكثر الأصحاب.
وقد أورد هذه المسألة أيضاً ابنه عبد الله في المسائل برقم 741 ص198.
وقال في المغني: "والأولى الإحرام عقيب الصلاة".
وعن الإمام أحمد أنه يستحب أن يحرم عقيب مكتوبة فقط.
وروي عنه أيضاً: أن الإحرام عقيب الصلاة، وإذا استوت به راحلته وإذا بدأ بالسير سواء، لأن الجميع قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق صحيحة.
فقد نقل ابن قدامة عن الأثرم أنه قال: سألت أبا عبد الله أيما أحب إليه الإحرام في دبر الصلاة أو إذا استوت به راحلته؟ فقال: كل ذلك، قد جاء في دبر الصلاة، وإذا علا البيداء، وإذا استوت به ناقته، فوسع في ذلك كله. واختار الشيخ تقي الدين أنه يستحب أن يحرم عقيب فرض إن كان وقته، وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه.
[] المغني والشرح الكبير 3/229-230، الإنصاف 3/433، المقنع بحاشيته 1/397، الاختيارات الفقهية ص 116.
والصحيح من المذهب أيضاً أنه لا يصلي الركعتين في وقت النهي. الإنصاف 3/433.(5/2098)
قال إسحاق: كما قال.1
[1385-] قلت: الحائض إذا بلغت الميقات؟
قال: تغتسل2 وتهل وتصنع ما يصنع الحاج، غير أن لا تطوف
__________
1 انظر عن قول إسحاق المغني والشرح الكبير 3/229.
2 لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس أن تغتسل عند الإحرام، وذلك في حديث جابر الذي وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم الذي سبق تخريجه، والاغتسال عند الإحرام للرجال والنساء على سبيل الاستحباب.
قال ابن المنذر:" وقد أجمع عوام أهل العلم على أن الإحرام جائز بغير اغتسال وأجمعوا على أن الاغتسال للإحرام غير واجب إلا ما روي عن الحسن البصري، فإن الحسن قال: إذا نسي الغسل عند إحرامه يغتسل إذا ذكر " ا. هـ
قاله في الإشراف، ونقل عنه ذلك ابن قدامة في المغني، إلا أنه في حق الحائض والنفساء آكد لما سبق، ولحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الحائض والنفساء إذا أتتا على الوقت تغتسلان وتحرمان وتقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت".
أخرجه: أبو داود 2/357 في باب الحائض تهل بالحج، حديث1744، والترمذي 3/282 في باب ما تقضي الحائض من المناسك، حديث945 وقال: حسن غريب.
وإن رجت الحائض الطهر قبل الخروج من الميقات، استحب لها تأخير الاغتسال حتى تطهر ليكون أكمل لها، فإن خشيت الرحيل قبله اغتسلت وأحرمت.
انظر عن المسألة: المغني 3/225، 261، والشرح الكبير 3/261 وكشاف القناع 2/406، والإنصاف 3/432، وصحيح مسلم بشرح النووي 8/172، والإشراف 99ب، والمسائل برواية ابن هانئ 1/140.(5/2099)
بالبيت والصفا والمروة، ولا تدخل المسجد.1
قال إسحاق: كما قال.
[1386-] قلت: المرأة إذا أحرمت بعمرة فأدركها الحج وهي حائض؟
قال أحمد: [ع-83/ب] تهل بالحج وتكون قارناً2 وعليها
__________
1 ومما يدل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، قالت: شكوت في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: افعلي كما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري"، أخرجه البخاري في باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف 2/171.
وما قاله الإمام أحمد هنا من أنها لا تطوف بين الصفا والمروة هو رواية عنه في اشتراط الطهارة في السعي، والصحيح من المذهب أنها لا تشترط كما سيأتي في مسألة رقم (1423) ، وقد روى هذه المسالة أيضاً ابنه عبد الله برقم 847 ص 226.
2 روى عنه قريباً منها ابنه عبد الله في المسائل برقم 831 ص 221.
وإذا أحرمت المرأة بعمرة فأدركها الحج وهي حائض، فإنها تحرم بالحج وتكون قارنة، لما روى مسلم: "أن عائشة رضي الله عنها كانت محرمة بعمرة فحاضت فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أهلي بالحج".
ولأن إدخال الحج على العمرة يجوز من غير خشية الفوات، فمعها أولى لكونها ممنوعة من دخول المسجد، فعلى هذا لا تقضي طواف القدوم.
[] المقنع بحاشيته 1/401، صحيح مسلم 1/870، الشرح الكبير 3/248-249.(5/2100)
الهدي1.
قال إسحاق: كما قال، إلا أنها صارت كالمتمتع.
[1387-] قلت: طواف المكي قبل المعرف؟
قال أحمد: لا يخرج من مكة حتى يودع البيت2، فطوافه
__________
1 لأن القارن يجب عليه هدي.
2 هذه رواية عن الإمام أحمد، روى أبو داود في المسائل ص 132، " قلت: لأحمد إذا توجه إلى منى يودع البيت؟ قال: نعم، كان سفيان يقول: لا يخرج أحد من الحرم حتى يودع".
وحكى ابن مفلح والمرداوي بأنه نقلها ابن منصور وأبو داود.
وذكر ابن المنذر أن ممن استحب ذلك أحمد وإسحاق.
والصحيح من المذهب كما في الإنصاف أنه لا يطوف بعد إحرامه بالحج، لوداع مكة وقدمه في الفروع وقال اختاره الأكثر.
وقال ابن قدامة في المغني: "ولا يسن أن يطوف بعد إحرامه، قال ابن عباس: لا أرى لأهل مكة أن يطوفوا بعد أن يحرموا بالحج حتى يرجعوا، ولا أن يطوفوا بين الصفا والمروة حتى يرجعوا" ا. هـ
وكذلك الحكم لغير أهلها ممن كان بها متمتعاً وأهل بالحج منها.
المغني والشرح الكبير 3/423، الإنصاف 4/25، الفروع 3/507، الإشراف 122ب-123أ.(5/2101)
بالبيت بعد أن يرجع من منى1.
قال إسحاق: كما قال، لأن الطواف في الزيارة هو الطواف الواجب الذي به يتم الحج، ومن لم يطف يومئذ من الناس كلهم فلا حج له2.
[1388-] قلت: قوله: الحج عرفات والعمرة الطواف3؟
قال: كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: من طاف بالبيت
__________
1 أي أن طواف المكي الواجب والذي هو أحد أركان الحج يكون بعد الرجوع من منى، لذلك لا يجزيه السعي إذا سعى بعد طواف وداعه عند الخروج إلى منى، بناءً على الصحيح من المذهب.
المراجع السابقة عدا الإشراف.
2 لأن طواف الزيارة من أركان الحج ولا يتم إلا به، ولا يعذر أحد بتركه كما سيأتي في المسائل: (1588) .
3 يأتي ذلك منسوباً إلى ابن عباس رضي الله عنهما في مسألة رقم (1502) وروى نحو هذه المسألة ابنه عبد الله في المسائل برقم 835 ص 222.(5/2102)
فقد حل1، هذا في العمرة، وقوله الحج عرفات مثل قوله: "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة"2.
قال إسحاق: كما قال، لأن الحج إنما بدخوله عرفة قبل طلوع الفجر3.
[1389-] قلت: تكره أن يجاوز أحد ذا الحليفة بغير إحرام؟
__________
1 لم أقف عليه.
2 ويأتي عن الإمام أحمد في مسألة (1559) ، أن قوله: "الحج عرفة" يشبه قوله: "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها".
والحديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" في كتاب الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة 1/145، ومسلم في كتاب المساجد، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة 1/423، حديث607، وابن ماجة 1/356 في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، حديث1122، وأحمد في مسنده 2/215، 271.
3 فمن أدرك ركعة من وقت الصلاة فقد أدرك الصلاة في وقتها، وليس معنى ذلك أنه يكتفي بتلك الركعة عن بقية الركعات، وكذلك من أدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج، وليس معنى ذلك أنه يكتفي بالوقوف عن بقية أركان الحج، وهو ما صرح به الإمام أحمد في مسائله رقم (1559) حيث قال: إن أفسدها شيء أليست تفسد صلاته، وكذلك الحج إذا هو وطئ قبل رمي الجمار فقد أفسد حجه. فتح الباري 2/57.(5/2103)
قال: نعم، إذا كان ممن يمر بها فهذا مكروه1.
قال إسحاق: كما قال، وكذلك كل من كان له الوقت في موضع، لا تحل له مجاوزته حين يحرم إلا من عذر نسيان أو غيره.2
[1390-] قلت: قوله: كانوا يحبون أن يحرم الرجل أول ما يحج من بيته، أو يحرم الرجل من بيت المقدس، أو من دون الميقات؟
قال: وجه العمل المواقيت.3
قال إسحاق: كما قال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حيث وقّت المواقيت قد
__________
1 أورد هذه المسألة ابنه عبد الله في المسائل برقم 740 ص 198، وهذه المسألة متعلقة بدخول مكة بدون إحرام، وستأتي برقم (1395) .
2 قال ابن المنذر:" وكره أحمد وإسحاق مجاوزة ذي الحليفة إلى الجحفة " ا. هـ.
الإشراف ق 98ب.
فيمكن أن تحمل الكراهة التي ذكرها الإمامان هنا على ما نقله ابن المنذر عنهما من مجاوزة ذي الحليفة بغير إحرام والإحرام من الجحفة، والله أعلم.
3 حكى ذلك عنه أيضاً وعن إسحاق: ابن القيم والبغوي، قالا: "وقال أحمد وجه العمل المواقيت، وكذلك قال إسحاق".
انظر: تهذيب ابن القيم 2/285، شرح السنة 7/42، المغني 3/215، الشرح الكبير 3/222، المقنع بحاشيته [1/295-296،] المبدع 3/112، الإنصاف 3/430، الفروع 3/284.(5/2104)
نظر فيها يرفق بأمته، والانتهاء إليه أفضل.
[1391-] قلت: نصراني أسلم بمكة ثم أراد الحج؟
قال: هو بمنزلة من ولد بمكة.1
قال إسحاق: كما قال.2
[1392-] قلت: من دخل مكة بغير إحرام ثم أراد الحج، من أين يحرم بالحج؟
قال: من مكة.3
__________
1 روى نحو هذه المسألة ابنه عبد الله في المسائل برقم 386 ص222، والمعنى: أن الكافر بعد أن تجاوز الميقات فإنه يحرم من موضعه الذي أسلم فيه، فإذا كان بمكة فإنه يحرم بمكة على الصحيح من المذهب، لأنه أشبه المكي ومَنْ قريتُه دون الميقات، ولأن حاله قبل الإسلام كالمعدومة بالنسبة لدخوله الحرم وغيره، كالعبد يعتق والصبي يبلغ في يوم عرفة وقبله، فإنه يجزئ عنهما الحج، ولا يطالبان بالرجوع.
وعن الإمام رواية: أنه يحرم من الميقات.
[] المغني 3/219، الإنصاف 3/427-428، الفروع 3/283، المبدع 3/111.
2 انظر عن قوله المغني 3/219، الإشراف ق 99ب.
3 هذا هو المذهب، وعليه الأصحاب كما في الإنصاف.
وعنه رواية: أنه يلزمه أن يرجع فيحرم من الميقات.
حكاها عنه الكوسج في المسألة الآتية برقم (1394) .
ورواها عنه أيضاً أبو داود في مسائله برقم 747 ص151، وحكاها ابن المنذر في الإشراف.
المغني 3/219، الإنصاف 3/429، المقنع بحاشيته 1/395، الفروع 3/283، الإشراف ق 99أ.(5/2105)
قال إسحاق: كما قال.1
[1393-] قلت: وإذا اعتمر عن غيره ثم أراد الحج لنفسه2؟
يخرج إلى الميقات إذا اعتمر عن نفسه3، وإن أراد الحج لغيره خرج إلى الميقات4.
__________
1 حكى عنه الكوسج في المسألة الآتية برقم (1394) ما يوافق الرواية الثانية للإمام أحمد، وكذلك ابن المنذر في الإشراف ق 99أ.
2 هكذا في نسخ المخطوطة.
والظاهر والله أعلم وجود سقط بين "لنفسه" و"يخرج" تقديره "قال"، لأن بذلك إثبات لقول الإمام أحمد، وهو ما جرى عليه المؤلف في أغلب المسائل.
3 لأن من أراد أن يحرم بالعمرة من مكة خرج إلى الحل، ولم يُجب عن الحكم الذي سئل عنه، وهو إرادة الحج عن نفسه، والحكم فيه أن الصحيح من المذهب أنه يحرم من مكة كمن دخلها وهو لا يريد الإحرام ثم بدا له ذلك، كما سبق في المسألة (1392) .
وعنه رواية أنه يخرج إلى الميقات كما في المسألة الآتية برقم (1394) .
4 أي أنه بعد العمرة عن غيره إن أراد الحج عن غيره خرج إلى الميقات، لأن المعضوب ومن مات ولم يحج يحج عنه من بلده، والله أعلم.(5/2106)
قال إسحاق: كما قال.
[1394-] قلت: من دخلها بغير إحرام ثم أراد الحج؟
قال: يخرج إلى الميقات.1
قال إسحاق: كما قال،2 إلا أن يخشى فواتاً، فحينئذ أهل من مكانه فأهراق لذلك دماً،3 كذلك ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما.4
[1395-] قلت: لأحد أن يدخل مكة بغير إحرام؟
__________
1 هذه رواية عن الإمام أحمد، والمذهب أن يحرم من مكة، كما سبق أن نص عليه في المسألة رقم (1392) .
2 سبق عنه أيضاً في المسألة المذكورة أنه يحرم من مكة.
3 وكذلك من جاوزه مريداً للنسك فإنه إن خشي فوات الحج لا خلاف بين الإمامين أنه لا يرجع، بل يهل من مكانه.
انظر: المبدع 3/112، المغني 3/221، الإنصاف 3/429.
4 أخرج مالك عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال: "من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهريق دماً" قال أيوب: لا أََدري قال: ترك أو نسي.
الموطأ 1/419، باب ما يفعل ما نسى من نسكه شيئاً.
قال الألباني: ضعيف مرفوعاً، وثبت موقوفاً. إرواء الغليل 4/299.(5/2107)
قال: لا يدخلها أحد إلا بإحرام.1
قال إسحاق: كما قال، إلا ما كان من الحطابين وأشباههم فلهم ذلك] 2.
__________
1 هذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهو المذهب، والرواية الثانية أنه يجوز ذلك لغير من أراد نسكاً، وفي تجاوز الميقات بدون إحرام لمن أراد دخول مكة ممن لا يتكرر دخوله لها كالحطاب ونحوه روايتان عن الإمام أحمد:
إحداهما: أنه لا يجوز مطلقاً سواء أراد نسكاً أو لم يرد، وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب. وقد رواها ابن هانئ النيسابوري في مسائله 1/153 رقم 758.
ولأنه لو نذر دخولها لزمه الإحرام، ولو لم يكن واجباً لم يجب بنذر الدخول كسائر البلدان.
الثانية: أنه يجوز ذلك لغير من أراد نسكاً، ونقل المرداوي عن الزركشي أن ذلك هو ظاهر نص الإمام أحمد.
انظر: المغني 3/218، 427، والمقنع بحاشيته 1/394، 395، والمبدع 3/110، والإنصاف 3/427، 428.
2 آخر المسائل الساقطة من ظ، وكذلك قال أحمد؛ فإن من دخل مكة لقتال مباح أو حاجة كالحطاب والحشاش، ومن كان دخوله متكرراً إليها، فهؤلاء لا إحرام عليهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة حلالاً وعلى رأسه المغفر، وكذلك أصحابه، ولم يعلم أن أحداً منهم أحرم، ولأنه لو وجب الإحرام على من يتكرر دخوله أدى ذلك لأن يكون محرماً في جميع زمانه، فسقط وجوبه لرفع الحرج.
المغني 3/218، المقنع بحاشيته 1/395، الإنصاف 3/428.(5/2108)
[1396-] قلت: إذا نذر الرجل أن يحج ماشياً ولم يسم من أين يمشي؟
قال: على نيته1، فإن كان [ع-84/أ] معذباً في ذلك فعلى حديث أخت عقبة.2
__________
1 أي يجب عليه الحج ماشياً من المكان الذي نوى المشي منه.
المغني 11/348، الإنصاف 11/148.
2 أخت عقبة لا يعرف اسمها كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح 4/80، وذلك لأنه يوجد صحابيان يسمى كل منهما عقبة بن عامر:
إحداهما أنصاري بدري لا رواية له، وهو عقبة بن عامر بن نابي.
والثاني عقبة بن عامر الجهني ليس أنصارياً، ولم يشهد بدراً، وله رواية كثيرة.
ولا شك أن لأخيها رواية كما هو الظاهر من هذا الحديث فهو الجهني إذاً فلا يعرف اسمها.
وذكر ابن سعد أنها أم حبان أخت عقبة بن عامر بن نابي، زوج حرام بن محيصة، وردَّهُ الحافظ ابن حجر لأن ابن نابي لا رواية له فلا تكون أخته، والجهني هو الذي له الرواية فلا يعرف اسم أخته.
انظر أيضاً: الإصابة 4/422.
الحديث أن عقبة بن عامر سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أخت له نذرت أن تحج حافية غير مختمرة، فقال: "مروها فلتختمر، ولتركب ولتصم ثلاثة أيام".
أخرجه: أبو داود في كتاب الأيمان والنذور 3/596، حديث3293، والترمذي في الكتاب نفسه 4/116، حديث1544، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الأيمان 7/20، وابن ماجة في كتاب الكفارات، باب من نذر أن يحج ماشياً 1/689، حديث2134، والإمام أحمد في المسند 4/152(5/2109)
عاودته1 في ذلك فقال: من حيث حلف إذا لم ينوِ.2
قال إسحاق: يلزمه إذا كان [نذر] 3 طاعة أن يحج (من حيث حلف) ،4 وحديث أخت عقبة يستعمل على ما جاء، لأنها خلطت بطاعتها معصية.5
__________
1 المعاودة: الرجوع إلى الأمر الأول، ويقال عاوده بالمسألة سأله مرة بعد أخرى، فالمعنى هنا: أي كررت السؤال عليه.
مختار الصحاح /460، المعجم الوسيط 2/635.
2 أي يجب عليه الحج ماشياً من المكان الذي حلف منه، فيحج من دويرة أهله ويحرم من حيث يحرم للواجب. المغني 11/348.
3 سقطت من ظ، والأَوْلى إثباتها كما في ع، لأنه يتضح المعنى بذلك أكثر، ولأنه المناسب للمقام، ولأن المقام يقتضي الإظهار لا الإضمار.
4 في ع" من الموضع الذي حلف "، والمعنى واحد.
5 خلاصة المسألة أن الإمام أحمد فرق بين من نوى من أين يمشي وبين من لم ينو، فإن نوى مشى من حيث نوى، وإن لم ينو مشى من حيث حلف، فإن كان عليه مشقة وعذاب بالمشي ركب وكفّر لحديث أخت عقبة، وهذا هو المشهور في المذهب.
وعنه رواية: أنه يلزمه دم لأن في بعض روايات الحديث "لتركب ولتهد".
المغني 11/346، الإنصاف 11/148.
أما الإمام إسحاق فإنه لم يفرق وأوجب عليه المشي من حيث حلف مطلقاً، سواء نوى أو لم ينو، قدر على ذلك أو لم يقدر، ورأى أنه لا حجة في حديث أخت عقبة، لأن الرخصة لها لكونها ارتكبت محرماً وهو ترك الاختمار، وليس لكونها غير قادرة على المشي، ويمكن أن يجاب عليه بأن تعذيب النفس محرم كما أن ترك الاختمار محرم.(5/2110)
[1397-] قلت: لأهل مكة متعة،1 ومَنْ أهل مكة؟
قال أحمد: كل من كان من مكة على نحو ما يقصر [فيه] 2 الصلاة فليس هو من أهل مكة.3
قال إسحاق: كما قال.
__________
1 المتعة: التمتع بالعمرة إلى الحج، وهو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ثم يحرم بالحج في عامه. المغني 3/498، لسان العرب 8/329.
وقد نقل أنها تطلق على دم المتعة. المغني 3/503.
وأرى أن يكون إطلاقها هنا على المعنى الأول، لا على الدم، لأن الدم عليه لا له، فلا يقال لأهل مكة دم. المرجع السابق.
والإمام أحمد رحمه الله تعالى لم يجب هنا عن الشق الأول، وهو فيما إذا كان لأهل مكة متعة، ويمكن أن يفهم من صنيع تفريقه بين المكي وغيره في هذا الصدد أنه يقول بعدم التمتع لهم، وهي رواية عنه، كما أجاب صراحة بأنه لا عمرة عليهم في المسألة الآتية برقم (1399) ، وعنه رواية أن لهم التمتع كما سبق في التعليق على مسألة رقم (1366) .
2 سقطت من ظ، والصواب إثباتها كما في ع؛ لأن السياق يتطلب ذلك.
3 قال في المغني 3/502: " لأن الشارع حد الحاضر بدون مسافة القصر بنفي أحكام المسافرين عنه، فالاعتبار به أولى " ا. هـ(5/2111)
[1398-] قلت: قول ابن الزبير:1 المتعة2 لمن أحصر،3 وقال ابن عباس رضي الله عنهما هي لمن أحصر ولمن خليت سبيله؟
قال: قول ابن الزبير رضي الله عنهما، يعني (بعدو) 4 وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (بعدو وغيره) .5
قال إسحاق: كما قال، معنى (قوليهما) 6 هكذا في النظر.7
__________
1 هو الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد أحد العبادلة الأربعة، كان أول مولود في الإسلام بالمدينة من المهاجرين. تولى الخلافة تسع سنين، وقتل سنة ثلاث وسبعين رضي الله عنه وأرضاه.
[] الإصابة 2/301-303، تقريب التهذيب 173.
2 أي التحلل من الإحرام.
3 جاء في المحلى 4/158 عن عطاء قال: كان ابن الزبير يقول المتعة لمن أحصر.
4 في ظ " بعد " بحذف الواو، ولعلها سقطت من الناسخ، لأن المعنى لا يستقيم إلا بإثباتها كما في ع.
5 في ظ " بعد ولغيره "، والموافق للسياق ما أثبته من ع.
6 في ظ " قولهما "، والأولى ما أثبته من ع لأن الاستقامة به أكثر.
7 المسألة في ع، قلت: قول ابن الزبير المتعة لمن أحصر ولمن خليت سبيله.
قال: قول ابن الزبير رضي الله عنهما: المتعة لمن أحصر، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لمن أحصر ولغيره، قول ابن الزبير يعني بعدو، وقال ابن عباس: بعدو وغيره.
قال إسحاق: كما قال معنى قوليهما، هكذا في النظر.
والأولى ما أثبته من ظ، لتكرار بعض العبارات في ع كما يظهر من العبارة.
وفسر الإمامان قول ابن عباس هنا بأن المتعة تكون لمن أحصر بعدو وبغيره كالمرض، والذي رأيته ينسب إلى ابن عباس رضي الله عنهما هو المتعة لمن أحصر بالعدو موافقاً لابن الزبير.
ففي سنن البيهقي 5/219 عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "لا حصر إلا حصر عدو".
ونسب إليه هذا القول: ابن قدامة في المغني 3/376، وابن العربي في أحكام القرآن 1/119.
وسيأتي بيان ما يفعله المحصر في المسألة رقم (1494) .(5/2112)
[1399-] قلت: من أين يعتمر أهل مكة، وعليهم العمرة؟
قال: ليس عليهم عمرة1.
قال إسحاق: كما قال.
[1400-] قلت: العمرة في الشهر الذي يحرم فيه أو الذي يحل فيه؟
__________
1 هذه رواية عن الإمام أحمد نصرها في المغني 3/174، وسبق في المسألة رقم (1366) أن الصحيح من المذهب أن العمرة واجبة مطلقاً على جميع من يجب عليه الحج.
ولم يجب كل من الإمامين هنا عن من أين يعتمر أهل مكة؟ لأنه لا داعي لمعرفة ذلك ما داما أجابا بأنه لا عمرة عليهم، والجواب عن ذلك عند من يقول عليهم عمرة كما هو المشهور في المذهب، أن أهل مكة يكون إحرامهم من الحل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم وكانت بمكة يومئذ، أخرجه مسلم في باب بيان وجوه الإحرام 1/870، حديث1211.
انظر: المغني 3/210، مصنف ابن أبي شيبة 4/87(5/2113)
قال: الذي يحل فيه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما1.
قال إسحاق: كما قال، وقالوا:2 في الشهر الذي يحل فيه، إلا أن قول جابر أحب إلينا، لأنه أعلى شيء فيه.3
__________
1 والحديث عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن امرأة تجعل على نفسها عمرة في شهر مسمى ثم يخلو إلا ليلة واحدة ثم تحيض، قال: "لتخرج، ثم لتهل بعمرة، ثم لتنتظر حتى تطهر، ثم لتطف بالبيت".
أخرجه ابن هانئ في مسائله 1/155 مسألة 773، والأثرم كما في المغني 3/499.
2 إشارة إلى رأي المخالفين وهم المالكية القائلون بأن العبرة بوقت التحلل، وأن من تحلل من العمرة في أشهر الحج يعتبر متمتعاً وإن كان إحرامه بها قبل أشهر الحج. الكافي لابن عبد البر 1/331.
3 المسألة في ع: "قلت: العمرة في الشهر الذي يحرم فيه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال إسحاق كما قال، وقال: في الشهر الذي يحرم فيه أو الذي يحل فيه؟ قال: الشهر الذي يحل فيه، إلا أن قول جابر أحب إلينا، لأنه أعلى شيء فيه ".
والصواب ما هو مثبت في ظ للتكرار في نسخة ع.
والعبرة عند الإمامين بوقت الإهلال لا بالتحلل للأثر السابق المروي عن جابر، فإنه جعل عمرتها في الشهر الذي أهلت فيه لا في الشهر الذي حلت فيه، لأنه لو اعتبر الشهر الذي حلت فيه لم يكن في ذلك وفاء بالنذر.
ويؤيد ذلك ما روى ابنه عبد الله في مسائله برقم 818 ص 218: " سألت أبي عن العمرة في الشهر الذي يهل فيه؟ قال في الشهر الذي يحرم فيه، على حديث جابر ابن عبد الله.
وابن هانئ في المسألة 772: سألته عن رجل أحرم بعمرة في شهر رمضان فدخل الحرم في شوال؟ قال أبو عبد الله: عمرته في الشهر الذي أهل، على حديث جابر.
فعلى هذا من أحرم في غير أشهر الحج ثم حل منها في أشهره لا يكون متمتعاً.
المغني 3/499، الإنصاف 3/441، الإقناع 1/351.(5/2114)
[1401-] قلت: إذا اعتمر [الرجل] 1 في أشهر الحج ثم رجع ولم يحج، أو رجع إلى أهله ثم حج؟
قال: إذا سافر سفراً تقصر فيه الصلاة فليس بمتمتع.2
__________
1 ساقطة من ع، وكذا في رواية عبد الله، والأولى إثباتها كما في ظ، لأن أكثر سياق المسائل إثباتها كما في المسألة (1396) ، (1441) .
2 التمتع لغة: الانتفاع، فيقال: استمتعت بكذا وتمتعت به: أي انتفعت به.
المصباح المنير 2/562، لسان العرب 8/329.التمتع اصطلاحاً: هو أن يحرم بعمرة مفردة في أشهر الحج، فإذا فرغ منها أحرم بالحج من عامه. المغني 3/232، 498.
وما أجاب به الإمام أحمد هنا هو بيان لأحد شروط التمتع، وهو أن لا يكون سافر بعد عمرته سفراً تقصر فيه الصلاة، فإن فعل فليس بمتمتع، لما روي عن عمررضي الله عنه أنه قال: "إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع فإن خرج ثم رجع فليس بمتمتع".
رواه ابن حزم في المحلى 4/159.
وحكاه عنه أيضاً ابن قدامة، وابن مفلح، والبهوتي.
انظر: المغني3/501، الفروع 3/311، كشاف القناع 2/413.
وجواب الإمام أحمد المذكور عن الشق الثاني للسؤال، ولم يذكر الجواب عن الشق الأول صراحة؛ لأنه يفهم من ذلك، فإذا كان من سافر ثم رجع للحج لا يعتبر متمتعاً، فمن لم يحج من، باب أولى.
قال ابن قدامة أثناء كلامه عن شروط التمتع:" الثاني أن يحج من عامه، فإن اعتمر في أشهر الحج ولم يحج ذلك العام بل حج من العام القابل فليس بمتمتع " ا. هـ. المغني 3/500.
وقد روى هذه المسألة بنصها ابنه عبد الله برقم 820، ص219.(5/2115)
قال إسحاق: كما قال [ظ-42/أ] .1
[1402-] قلت: (القران) 2 والإفراد3 أو التمتع4؟
قال: التمتع آخر فعل النبي صلى الله عليه وسلم، يعني أمر النبي صلى الله عليه وسلم.5
قال إسحاق: التمتع هو ما رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخر شيء من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم (لما قرن وساق الهدي) 6 وأصحابه (بين مُهلٍّ بالحج وبالعمرة) 7 دخل
__________
1 انظر عن قول إسحاق المغني 3/501.
2 في ظ" الإقران " وتؤدي إلى المعنى، والمشهور في كتب الفقه ما أثبته من ع.
والقران هو: أن يحرم بالحج والعمرة معاً، أو يحرم بالعمرة، ثم يدخل عليها الحج قبل الطواف. المغني 3/232.
3 الإفراد: هو أن يحرم بالحج مفرداً. المرجع السابق.
4 التمتع: سبق تعريفه في المسألة السابقة.
5 الصحيح من المذهب أن التمتع أفضل الأنساك الثلاثة، كما في الإنصاف 3/434.
6 في ع "لما كان قارن ساق الهدي"، والأقرب للسياق ما أثبته من ظ.
7 في ع" من بين مهل بالحج أو بالعمرة ". والصواب ما هو مثبت من ظ حيث ورد في الحديث كذلك.(5/2116)
قلوبهم من ذلك، إذ خالف فعلُهم فعلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم حينئذ: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت ما أقول لكم، أي إذ دخلكم من فعلكم، فقال دخلت العمرة في الحج،1 أي تجوز العمرة في شهور الحج، فإنما أمرهم بما يجوز ويراه ولم يقل هاهنا: إن ما أمرتكم أفضل من فعلي وهو القران بالسوق، فكلما ساق الهدي فالقران أفضل، فإن لم يسق فالتمتع.2
[1403-] قلت: إذا (قرن) 3 الحج والعمرة كم يطوف؟
قال: طواف واحد يجزيه.4
قال إسحاق: كما قال.5
__________
1 قطعة من حديث جابر الذي وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم وسبق تخريجه في المسألة رقم (1369) .
2 هذه رواية عن الإمام أحمد رحمه الله واختارها الشيخ تقي الدين.
الإشراف ق102، شرح السنة 7/74، المغني 3/232، الإنصاف 3/434.
3 في ع" أقرن " والصواب ما أثبته من ظ، لموافقته لحديث جابر.
4 هذا هو المذهب كما في الإنصاف 4/44.
5 انظر عن قوله سنن الترمذي 3/283.(5/2117)
[1404-] قلت:1 من أهل بعمرة يضم إليها حجة؟
قال: نعم.2
[1405-] (قلت) :3 من أهل بحج يضم (إليه) 4 عمرة؟
قال: لم أسمعه.5
قال إسحاق: كما قال، لا يضم إلى الحج عمرة أبداً.
[1406-] قلت: قول عمر رضي الله عنه (لضبي) 6 بن معبد: "هديت لسنة
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد" بعد "قلت".
2 هذا إذا لم يشرع في الطواف، فإن شرع لم يصح إلا لمن ساق الهدي، فإنه يصح له ذلك ويصير قارناً.
المبدع 3/123، الإقناع 1/350، الكافي 1/394، الإنصاف 3/438.
3 في ظ" قلنا "، والأولى ما أثبته من ع؛ لأن المؤلف درج على ذلك.
4 في ظ "إليها"، والصواب ما أثبته من ع؛ لأن السياق يقتضي ذلك.
5 الصحيح من المذهب أن من أحرم بالحج، ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها، ولم يصر قارناً، وقيل يجوز إدخال العمرة على الحج ضرورة، الإنصاف 4/438.
وقال ابن قدامة في الكافي 1/395: "فإن أحرم بحج ثم أدخل عليه عمرة لم يصح، ولم يصر قارناً" ا. هـ.
[] وانظر أيضاً: المحرر في الفقه 1/235، المبدع 3/123، كشاف القناع 2/412، المغني 416-417.
6 في ع" للضبي"، والصواب" صبي " بالصاد المهملة، كما سيأتي في ترجمته قريباً.
وهو" صبي " بالتصغير ابن معبد التعلبي، له إدراك وحج في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستفتاه عن الجمع بين الحج والعمرة، وروى حديثه أصحاب السنن من رواية أبي وائل، عنه وروى عنه أيضاً مسروق، وأبو إسحاق، والشعبي، وإبراهيم النخعي، وغيرهم.
قال الحافظ ابن حجر في التهذيب: ذكره ابن حبان في الثقات. وقال في التقريب أيضاً: إنه مخضرم.
وكما أشرت صبي بالصاد المهملة لا بالمعجمة كما جاء في المخطوطة والمغني، وحصل الخطأ أيضاً في الطبعة الباكستانية لتقريب التهذيب حيث جاء فيها ص 51 "صبيح"، وهو خطأ.
انظر: الإصابة 2/191، تهذيب التهذيب 4/410، التقريب 1/365 بتحقيق الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف، الإكمال لابن ماكولا 5/165.(5/2118)
نبيك صلى الله عليه وسلم؟.
قال: يعني الحج والقران من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والحج والمتعة كل هذا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم".1
قال إسحاق: كما قال.
[1407-] قلت: [قوله صلى الله عليه وسلم:] 2 دخلت العمرة في الحج؟
__________
1 روى هذه المسألة أيضاً ابنه عبد الله برقم 822 ص 219.
2 ساقطة من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لأن السياق يدل على أن يستفسر عن معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولا سيما أنه قد ورد نص هذا الحديث كما في مسألة (1369) ، وورد عن المؤلف مثل هذه الصيغة كما في مسألة (1398) ، (1406) .(5/2119)
قال: يعني العمرة لا بأس [بها] 1 في أشهر الحج،2 كان أهل الجاهلية يكرهون العمرة في أشهر الحج.3
قال إسحاق: كما قال.
[1408-] [قلت: من اعتمر في ذي القعدة ثم استمتع في ذي الحجة يجزيه هدي واحد؟
قال: نعم هدي واحد.4
__________
1 ساقطة من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن السياق يقتضي ذلك.
2 سبق الكلام على هذه المسألة وتخريج الحديث الوارد فيها في حكم العمرة في أشهر الحج مسألة رقم (1369) .
3 وذلك ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرَّم: صَفَرَاً، ويقولون: إذا بَرَأَ الدَّبَر، وعفا الأَثَرُ، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رابعة، مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم. فقالوا: "يا رسول الله لمن -أي الحل-؟ قال: الحل كله".
أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الحج، باب جواز العمرة في أشهر الحج 1/909، والبخاري في باب التمتع والإفراد والإقران 2/150.
4 ويجزيه هدي واحد، لأنه متمتع بلا خلاف إذا أقام بها، والمتمتع لا يلزمه إلا هدي واحد. المغني 3/498.(5/2120)
قال إسحاق: كما قال] .1
[1409-] قلت: رفع اليدين إذا رأى البيت؟
قال: ما أحسنه.
قال إسحاق: كما قال، (ولا يدعن ذلك أحد) .2
[1410-] قلت: من أين يدخل مكة ومن أين يخرج؟ 3
قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم من (الثنية الأعلى) 4 وهو ناحية الأبطح، وخرج من (الثنية السفلى)
__________
1 هذه المسألة ساقطة من ع.
2 في ع" لئلا يدع ذلك أحد "، والسياق يقتضي ما أثبته من ظ.
ويستحب رفع اليدين عند رؤية البيت، وفي جواب كل من الإمامين ما يدل على ذلك.
المغني 3/381، المبدع 3/211، الإنصاف 4/3.
3 في "ع" يوجد تقديم وتأخير بين هذه المسألة والتي تليها.
وقد روى هذه المسألة ابنه عبد الله برقم787 ص212.
4 هكذا في ظ، وفي ع "ثنية الأعلى" والاسم المتعارف عليه "الثنية العليا"، وهو ما جاء في الحديث الآتي تخريجه بعد حاشيتين، وكذا في مسائل عبد الله، ويؤيد ذلك أيضاً ما ورد في مقابلتها "الثنية السفلى"، ولعل ما ورد في النسختين زلة من النساخ.
5 في ع " ثنية السفلى "، والصواب ما أثبته من ظ. راجع التعليق السابق.
والثنية العليا: هي كَداء بفتح الكاف ممدود ومهموز، ويعرف بباب المعلاة.
والثنية السفلى: هي كُدى بضم الكاف وتنوين الدال، ويقال لها، باب شبكة.
كشاف القناع2/476، معجم البلدان لياقوت الحموي4/439.
وقال البلادي في معجم المعالم الجغرافية261 "كداء بالتحريك والمد، هو: ما يعرف اليوم بريع الحجون.
وكدي بضم القاف والقصر، هو: ما يعرف اليوم بريع الرسام، بين حارة ال، باب وجرول".(5/2121)
(وهي) 1 في دبر الكعبة.2
قال إسحاق: كما قال.
[1411-] قلت: دخول مكة ليلاً؟
قال: لا أكرهه.3
__________
1 في ع " وهو "، والسياق يقتضي ما أثبته من ظ؛ لأن السفلى مؤنث.
2 مما ورد في ذلك: ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة من كداء من الثنية العليا التي بالبطحاء، ويخرج من الثنية السفلى".
وما روي عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء مكة دخل من أعلاها وخرج من أسفلها".
[] أخرجهما البخاري في باب من أين يخرج من مكة /154-155، ومسلم في باب استحباب دخول مكة من [] [] الثنية العليا والخروج منها من السفلى1/918، وأبو داود في باب دخول مكة 2/436-437.
3 المذهب استحباب دخول مكة نهاراً وقيل ليلاً.
قال ابن قدامه في المغني: "ولا بأس أن يدخلها ليلاً أو نهاراً" ا. هـ.
أما نهاراً فقد جاء فيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "بات النبي صلى الله عليه وسلم بذي طوى حتى أصبح ثم دخل مكة، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يفعله".
أخرجه: البخاري، كتاب الحج 39، باب دخول مكة نهارا وليلاً 2/154، وأخرجه مسلم في كتاب الحج 38، باب استحباب المبيت بذي طوى عند إرادة دخول مكة 1/919.
وأما ليلاً ما روى مخرشي الكعبي "أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليلاً من الجعرانة حين مشى معتمراً، فأصبح بالجعرانة كبائت، حتى إذا زالت الشمس خرج عن الجعرانة حتى جامع الطريق طريق المدينة من سرف". (بفتح السين وكسر الراء واد متوسط الطول من أودية مكة، معجم المعالم الجغرافية 156) .
[] أخرجه النسائي، كتاب المناسك 104، باب دخول مكة ليلاً 5/199-200، وأخرجه أبو داود في كتاب المناسك، حديث1996 جـ 2/507، وأخرجه الترمذي في كتاب الحج 92، باب ما جاء في العمرة من الجعرانة، حديث935، 3/273.
[] وانظر أيضاً: المغني والشرح الكبير 3/379-380، المبدع 3/211، كشاف القناع 2/476، الفروع 3/495، فتح الباري 3/436، شرح منتهى الإرادات 2/49.(5/2122)
قال إسحاق كما قال: ونهاراً أفضل فلا [ع-84/ب] يتعمدن أحد أن يدخل ليلاً لما يراه أفضل.1
__________
1 هكذا في المخطوطتين "لما يراه أفضل".
ولعل معنى العبارة: فلا يتعمدن أحد دخول مكة ليلاً بناءً على أن الداخل يرى أفضلية ذلك، والله أعلم.(5/2123)
[1412-] قلت:1 المتمتع [كم] 2 يسعى بين الصفا والمروة؟
قال: إن طاف3 طوافين فهو أجود، وإن طاف طوافاً واحداً فلا بأس4.
__________
1 في ظ "قلت لأحمد".
2 سقطت من ظ، والسياق يقتضي إثباتها كما في ع.
3 المقصود بالطواف هنا السعي بين الصفا والمروة.
4 هذه رواية عن الإمام أحمد في أن على المتمتع سعياً واحداً، رواها عنه أيضاً ابنه عبد الله في المسائل برقم 748 ورقم 824 ص219.
وقد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية فقال في الفتاوى 26/138: "وليس على المفرد إلا سعي واحد، وكذلك القارن عند جمهور العلماء، وكذلك المتمتع في أصح أقوالهم، وهو أصح الروايتين عند أحمد، وليس عليه إلا سعي واحد" ا. هـ.
ومن أدلة ذلك ما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: "لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً "، وفي رواية: " إلا طوافاً واحداً طوافه الأول ".
أخرجه مسلم في باب بيان أن السعي لا يكرر 1/930.
والمشهور في المذهب أن على المتمتع سعيين كما صرح بذلك في المبدع 3/248، والإقناع 1/392.
وقال المرداوي في الإنصاف 4/44: "قوله: ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً، هذا المذهب وعليه الأصحاب، ونص عليه، وعنه يكتفي بسعي عمرته" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الفروع 3/516، شرح منتهى الإرادات 2/64.(5/2124)
قلت: 1 كيف هذا؟
قال: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما رجعوا من منى لم يطوفوا بين الصفا والمروة2.
قال إسحاق: يجزيه (طوافه) 3 بين الصفا والمروة لحجه وعمرته.
[1413-] قلت: كيف يرمل4 في الطواف؟
قال: اختلفوا [و] 5 يستوعب أحب إلي6 من
__________
1 في ظ "قلت لأحمد".
2 لم أقف على تخريجه بالنص المذكور، ولعله حديث جابر المتقدم في التعليق على قول الإمام أحمد: (إن طاف طوافين فهو أجود، وإن طاف طوافا واحدا فلا بأس) .
3 في ع "طواف" والأقرب للسياق ما أثبته من ظ، ويؤيده ما جاء في بعض الروايات "طوافه الأول".
4 الرَّمَلُ بالتحريك لغة: الهرولة، يقال: رَمَلَ الرجل يرمل رملاً ورملاناً إذا أسرع في مشيه وهز منكبيه وهو في ذلك لا ينزو.
لسان العرب 11/295، تاج العروس 7/250.
واصطلاحاً: الإسراع في المشي مع مقاربة الخطو.
المغني 3/386، الفتاوى 26/122.
5 الواو سقطت من ع، والإثبات أقرب إلى المعنى كما في ظ.
6 أحب إلي من ألفاظ الإمام أحمد وسبق أنها للندب، وقيل: للوجوب، وأقرب ما تحمل عليه هنا أنها للندب، لأن الرَّمَل سنة وليس واجباً.(5/2125)
(الحجر) 1 إلى الحجر2.
__________
1 في ظ "من الحج إلى الحجر" وهذا تحريف، والصواب ما أثبته من ع، ويتوقف عليه المعنى.
2 أي الحجر الأسود، المغني 3/386، الإنصاف 4/8، المبدع 3/216.
ونقطة الخلاف الذي أشار إليه الإمام أحمد في قوله" اختلفوا " هي هل الرمل يستوعب جميع الأطوفة الثلاثة من الحجر إلى الحجر، أو يقتصر إلى الركن اليماني فقط؟
فالإمام أحمد يرى أنه يسن الرمل الثلاثة الأشواط الأول من طواف القدوم، ويكون ذلك من الحجر إلى الحجر، وهو قول الجمهور لما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر ثلاثاً ومشى أربعاً.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود وحتى انتهى إليه ثلاثة أطواف".
أخرجهما مسلم في باب استحباب الرمل في الطواف والعمرة 1/921، حديث62، 1263.
وذهب عطاء وطاووس والحسن إلى المشي بين الركن اليماني والحجر الأسود لحديث ابن عباس رضي الله عنهما الصحيح وفيه: "أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين، ليرى المشركون جلدهم".
أخرجه مسلم في ال، باب السابق 1/923.
والراجح استيعاب البيت في الرمل، لحديث ابن عمر وجابر الصحيحين السابقين، ولأن رواية ابن عباس إخبار عن عمرة القضاء وحديث جابر وابن عمر في حجة الوداع، فيجب العمل بالمتأخر، لأنه إنما يؤخذ الآخر من أحواله صلى الله عليه وسلم.
[] المغني 3/386-388، المبدع 3/216، الإشراف ق 116ب.(5/2126)
قال إسحاق: كما قال1، لا يدعن الرمل من الحجر إلى الحجر لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك2، فإن لم يرمل بين الركن اليماني إلى الحجر الأسود جاز ذلك.3
[1414-] قلت: من ترك الرمل ما عليه؟
قال: ليس عليه شيء.4
__________
1 انظر عن قوله: الإشراف ق 116ب.
2 مما صح عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك حديثا ابن عمر وجابر رضي الله عنهم المذكوران في التعليق السابق.
3 معنى الجواز هنا جواز السنة، وإلا فإنه لو لم يرمل في جميع الطواف فإن طوافه جائز باتفاق، وفي قول إسحاق إشارة إلى مذهب عطاء وطاووس والحسن السابق.
4 روى ابنه عبد الله في المسائل برقم 848 ص 226: سألت أبي قلت: من ترك الرمل ما عليه؟ قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء.
والرمل سنة، كما سبق بيان ذلك في المسألة السابقة، فمن نسيه أو تركه عمداً لا شيء عليه، لأنه هيئة غير واجبة فلم يجب بتركها شيء، كالاضطباع وهو أن يجعل وسط الرداء تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر " الإقناع 1/380، ولأن طواف القدوم لا يجب بتركه شيء، فترك صفة فيه أولى أن لا يجب فيها شيء.
انظر: المغني 3/389، الكافي 1/432، الإنصاف 4/8، المحرر 1/246، الإشراف ق 117أ.(5/2127)
قال إسحاق: كما قال.1
[1415-] قلت: من ترك السعي2 بين الصفا والمروة؟
قال: كلاهما3 عندي شيء واحد.
قال إسحاق: لا ينبغي لأحد أن يتعمد، لما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-[ذلك] 4 فإن نسي أو سها أجزأه
__________
1 انظر عن قوله الإشراف ق 117أ.
2 المقصود بالسعي هنا الإسراع في المشي بالوادي بين الصفا والمروة، ليس السعي الذي هو أحد أركان الحج على المشهور من المذهب كما سيأتي في المسألة (1588) .
ومما يدل على أنه الإسراع صياغة المسائل قبل وبعد هذه المسألة.
وحديث ابن عمر الآتي بعد حاشيتين.
وسمي المشي بين الصفا والمروة سعياً للسعي الحاصل في جزء منها وهو بطن الوادي.
الفتاوي 22/261.
وفي تحفة الأحوذي 3/601 "والمراد من السعي بين الصفا والمروة السعي في بطن الوادي الذي بين الصفا والمروة" ا. هـ.
3 الضمير يرجع إلى الإسراع في الوادي بين الصفا والمروة، والرمل في الطواف.
4 سقطت من ظ، والأولى إثباتها، لأن المقام مقام إظهار وليس مقام إضمار. ومما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرمل حديثا ابن عمر وجابر رضي الله عنهم السابقان في التعليق على المسألة رقم [] ، وفي السعي ما يأتي في التعليق التالي.(5/2128)
(ذلك) .1
قال إسحاق: كما قال.
[1416-] (قلت: على النساء) 2 سعي في الوادي، أو رمل بالبيت أو
__________
1 بعد "ذلك" في نسخة ظ "قال إسحاق: كما قال"، والظاهر أنه سبق قلم من الناسخ حيث إن العبارة الماضية كلها لإسحاق، والإسراع في الوادي بين الصفا والمروة سنة: لما روت صفية بنت شيبة عن أم ولد شيبة قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى بين الصفا والمروة ويقول لا يقطع الأبطح إلاّ شدّا".
أخرجه ابن ماجة في باب السعي بين الصفا والمروة 2/995.
ومعنى"إلاّ شدَّا": أي عدواً. لسان العرب 3/234.
ولا يجب بترك ذلك شيء لما روي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: "إن أسعَ بين الصفا والمروة فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى، وإن أمشِ فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وأنا شيخ كبير".
أخرجه ابن ماجة في الموضع السابق، وأبو داود في باب أمر الصفا والمروة 2/454، والترمذي في باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة 3/217 وقال: حديث حسن صحيح.
ولأن ترك الرمل في الطواف بالبيت لا شيء فيه، فبين الصفا والمروة أولى.
انظر: المغني 3/407، المبدع 3/224.
2 في ظ "قلت هل على النساء" بزيادة "هل"، والموافق لما درج عليه المؤلف حذفها كما في ع.(5/2129)
رقي1 على الصفا والمروة؟
قال: ليس عليهن شيء من ذلك.2
قال إسحاق: كما قال.3
[1417-] قلت: على أهل مكة رمل بالبيت أو سعي بين الصفا والمروة؟
قال: إذا كان يهل من مكة لم يكن عليه رمل ولا سعي.4
__________
1 رقي: أي صعود، فيقال رقي فلان في الجبل يرقى رقياً: إذا صعد.
انظر: لسان العرب 14/331.
2 أورد هذه المسألة بنصها ابنه عبد الله برقم 850 ص226.
3 لا يسن للنساء الرمل في الطواف بالبيت، ولا السعي الشديد بين الصفا والمروة. الشرح الكبير 3/408، المبدع [3/227،] الإقناع 1/381-385.
وقال ابن قدامة في المغني 3/412: قال ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على أنه لا رمل على النساء حول البيت ولا بين الصفا والمروة، وليس عليهن اضطباع، وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجلد ولا يقصد ذلك في حق النساء، ولأن النساء يقصد فيهن الستر، وفي الرمل والاضطباع تعرض للكشف"، ا. هـ.
4 أورد هذه المسألة بنصها ابنه عبد الله برقم 851 ص 226.
ونقل صالح قال أبي: "ليس على أهل مكة رمل". المسائل ص 145.
وفي مسائل أبو داود 131 عن أحمد: "من أهلّ من مكة رَمَلَ".
وقال ابن قدامة في المغني 3/389: قال أحمد: ليس على أهل مكة رمل عند البيت ولا بين الصفا والمروة".
وقال: "وهذا لأن الرمل إنما شرع في الأصل لإظهار الجلد والقوة لأهل البلد، وهذا المعنى معدوم في أهل البلد".
والرمل في الطواف لغير مَنْ أَهَلَّ من مكة، كما هو موضح في المسالة الآتية، وأما السعي الوارد هنا فالذي تدل عليه المسألة أن: المقصود به سعي قبل عرفة، بدليل قول إسحاق بعد ذلك مباشرة لا بد من السعي بين الصفا والمروة إذا رجعوا، فإن كان كذلك، فأيضاً لا سعي على أهل مكة حيث إن الواجب عليهم هو السعي بعد الرجوع من عرفة الذي هو أحد أركان الحج- على الصحيح من المذهب، أما قبل عرفة فليس عليهم سعي، لأنهم لا عمرة عليهم، كما هي إحدى الروايات عن الإمام أحمد كما سبق في مسألتي (1366) ، (1399) .
ويحتمل أن المقصود بالسعي هو الإسراع في الوادي في الطواف بين الصفا والمروة بدليل عطفه على الرمل، وإطلاقه على الإسراع في الوادي، كما سبق في التعليق الأول للمسألة (1415) .
ويجاب عنه بأن السعي الذي هو الإسراع في الوادي بين الصفا والمروة سنة لكل سعي، ولكل من يسعى من الرجال، كما أطلقه في المغني 3/405، 407، والفتاوى 26/128، المحرر 1/246، زاد المعاد 1/221.(5/2130)
قال إسحاق: لابد من السعي بين الصفا والمروة إذا رجعوا.1
__________
1 أي رجعوا من عرفات، بناءً على أن المقصود بالسعي الاحتمال الأول، وعلى الاحتمال الثاني يكون المقصود بقوله "لابد" الندب لا الإلزام، والله أعلم.(5/2131)
[1418-] قلت: إذا طاف بعد الإفاضة1 رمل؟
قال: من أَهَلَّ [من] 2 مكة لا يرمل بعد الإفاضة.3
قال إسحاق: كما قال؛ لأنه لا رمل يوم النحر على طائف.
[1419-] قلت: الركوب بين الصفا والمروة من غير علة أو من علة، والطواف (حول البيت) 4 من علة؟
قال: أكرهه من غير علة،5 (وإن) 6 كانت علة يركب ويحمل حول البيت، واحتج بحديث أم سلمة رضي الله عنها7 أن النبي
__________
1 أي بعد الدفع من عرفة قال تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} البقرة 198، والمراد إذا طاف طواف الإفاضة.
2 ساقطة من ع والسياق يقتضي إثباتها كما في ظ، يؤيده أيضاً إثباتها في رواية عبد الله كما سيأتي.
3 أورد هذه المسألة أيضاً ابنه عبد الله برقم 852 ص 246، ولا يرمل بعد الإفاضة، انظر: المغني 3/389، والفروع 3/499.
4 في ع "بالبيت" وكذلك في رواية ابنه عبد الله، والمعنى واحد.
5 أوردها أيضاً ابنه عبد الله برقم 853 ص 227.
6 في ع "وإذا".
7 هي أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم هند بنت أبي أمية -واسمه حذيفة، وقيل سهيل- بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، المخزومية، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة أربع من الهجرة وقيل سنة ثلاث. روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي سلمة، وفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وعنها ابناها عمر وزينب ابنا أبي سلمة، وأسامة بن زيد، وغيرهم، توفيت رضي الله عنها سنة اثنتين وستين، وقال ابن حبان: ماتت في آخر سنة إحدى وخمسين.
تهذيب التهذيب 12/455، الإصابة 4/439.(5/2132)
صلى الله عليه وسلم قال لها: [ظ-42/ب] "طوفي من وراء الناس وأنت راكبة".1
__________
1 والحديث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة" فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي الصبح إلى جنب البيت، وهو يقرأ والطور في كتاب مسطور".
أخرجه البخاري في باب طواف النساء مع الرجال 2/164، ومسلم في باب جواز الطواف على بعير وغيره 1/927، وأبو داود في باب الطواف الواجب 2/443، والبيهقي في باب الطواف راكباً 5/101، والنسائي، باب طواف الرجال مع النساء 5/224، وابن ماجة في باب المريض يطوف راكباً 2/987، حديث2961، ومالك في الموطأ، باب جامع الطواف 1/371.
وفي المسألة بيان حكم الركوب في الطواف والسعي، ويكون ذلك إما بعذر، أو بغير عذر، فمن طاف راكباً بعذر أجزأ ذلك قولاً واحداً في المذهب كما في الإنصاف 4/12.
أما من طاف راكباً أو محمولاً لغير عذر، ففيه ثلاث روايات:
إحداها: لا يجزئه طوافه وهو المذهب كما في الإنصاف 4/12.
وقال في المبدع 3/219: وهو الأشهر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم شبه الطواف بالصلاة حيث قال: "الطواف بالبيت صلاة".
رواه البيهقي 5/87، والترمذي 3/292 في باب ما جاء في الكلام في الطواف، وهي لا تفعل كذلك إلا لعذر.
الثانية: يجزئه ويجبر بدم.
الثالثة: لا شيء عليه.
وانظر أيضاً: المغني 3/415، الكافي 1/435.
وأما حكم السعي راكباً، فإن الأمر أخف في الطواف، فيتسامح فيه بالركوب ولو من غير عذر.
قال في الكافي 1/438: "ويسن أن يمشي، فإن ركب جاز" ا. هـ
وذلك أعم من أن يكون بعذر أو بدونه.
وقال في المغني 3/415: "فأما السعي فيجزئه لعذر ولغير عذر، لأن المعنى الذي منع الطواف راكباً غير موجود فيه" ا. هـ.
والمعنى المشار إليه هو كون الطواف صلاة كما جاء في الحديث، ولم يرد ذلك في السعي.
وانظر أيضاً: المبدع 3/220، كشاف القناع 2/282.(5/2133)
قال إسحاق: كما قال سواء لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الرخصة في ذلك إذا كان من علة1، وكذلك إن ضعف لسنه2 قد ركب أنس بن مالك رضي الله عنه3 بين الصفا والمروة على
__________
1 ممن رخص لهم الرسول صلى الله عليه وسلم أم سلمة، كما في حديثها السابق في هذه المسألة.
2 وذلك من جملة الأعذار، فالمثال ليس بمستقيم لما سبق، بل من، باب ذكر الخاص بعد العام.
3 هو الصحابي الجليل أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام، الأنصاري الخزرجي، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد المكثرين من الرواية عنه، وروى أيضاً عن أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، وروى عنه قتادة ومحمد بن سيرين والزهري وغيرهم. حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتمر. وهو آخر من مات من الصحابة في البصرة، توفي سنة 91 وقيل 92، وقيل 93.
[] الإصابة 1/84، تهذيب التهذيب 1/376-379 تهذيب الكمال 3/353-378.(5/2134)
حمار.1
[1420-] قلت: من بدأ بين الصفا والمروة قبل البيت؟
قال: لا يجزيه.2
قال إسحاق: (كما قال) 3 يبدأ بما بدأ الله عز وجل به.4
__________
1 حكى ذلك ابن المنذر في الإشراف ق 120ب.
2 هذا هو الصحيح من المذهب، قاله في الإنصاف 4/21، وقد نقل ذلك عنه أيضاً ابنه عبد الله برقم 809 ص 216.
وفي المغني 3/408: "والسعي تبع للطواف لا يصح إلا بعد الطواف، فإن سعى قبله لم يصح" ا. هـ وعن الإمام روايات أخر تأتي في المسألة التالية.
3 في ع "كما قال حتى" بزيادة "حتى"، والمعنى مستقيم بالعبارتين.
4 قوله: يبدأ بما بدأ الله عز وجل به، اقتباس من قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري: "ابدؤوا بما بدأ الله به" عندما سألوا هل يبدأ بالصفا أو المروة في السعي بينهما؟ فيبدأ بالصفا لأن الله تعالى بدأ بها، قال تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} البقرة آية: 158.
واقتبس الإمام الحديث عند تعليل البداءة بالطواف قبل السعي، ولعله يعني بذلك قوله تعالى في الآية المذكورة {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فبدأ بقوله عز من قائل: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ} ثم أردف أمر الطواف بين الصفا والمروة وحج البيت أو العمرة قبل السعي يكون بالطواف فيه.
فيصح حينئذ استدلال الإمام إسحاق على وجوب تقديم الطواف على السعي بالبداءة بما بدأ الله به. والله أعلم.(5/2135)
[1421-] قلت: وإذا طاف بالصفا والمروة قبل البيت في العمرة؟
قال: لا يجزيه، إذا فاته الطواف بالبيت أصلاً، فأما إذا طاف بالبيت بعد الصفا والمروة فلا شيء عليه1.
__________
1 نقل عبد الله في المسائل برقم807 ص216: "سألت أبي: إذا طاف الرجل بالصفا والمروة قبل البيت في العمرة ثم حلق، عليه دم؟ قال: أرجو أن يكون كذا.
ونص المسألة في ع: "قلت: إذا طاف بالصفا والمروة في العمرة ثم حلق؟ قال: عليه دم".
قال إسحاق: عليه دم إذا فاته الطواف بالبيت أصلاً، أما إذا طاف بالبيت بعد الصفا والمروة فلا شيء عليه".
والصواب ما أثبته من ظ، لأن ما في نسخة ع يؤدي إلى أن إسحاق يقول: من اعتمر ولم يطف بالبيت أصلاً فعليه دم، وعمرته صحيحه، ولا قائل بذلك، فإن إسحاق رحمه الله ذهب إلى أن السعي المختلف فيه بين العلماء فرض، كما سيأتي في مسألة رقم (1920) ، وانظر: معالم السنن 2/386.
فيستبعد أن يقول بصحة العمرة بدون طواف، فتكون هذه لم يرد قول إسحاق فيها، وهذا منهج المؤلف في هذا الكتاب، ولكنه نادراً كما أنه أحياناً يفرد رأي إسحاق ولم يذكر قولاً لأحمد.
فيتضح لنا أن ما ذكره الكوسج عن الإمام أحمد هنا من أنه من طاف بالبيت بعد الصفا والمروة لا شيء عليه، رواية عنه، وما رواه عنه ابنه عبد الله من أنه عليه دم رواية ثانية. أما الصحيح من المذهب أن السعي يكون بعد الطواف، فلو قدمه على الطواف لا يجزيه كما نص عليه في المسألة السابقة.
انظر: الإنصاف 4/21، والمغني 2/408، والفروع 3/505، وشرح منتهى الإرادات 2/57، والمبدع 3/226، وكشاف القناع2/487(5/2136)
[1422-] قلت:1 إذا طاف بالبيت يؤخر الصفا والمروة؟
قال: نعم (إن) 2 شاء إذا كانت علة.3
__________
1 في ع "قلت لأحمد".
2 في ظ "إذا"، وما أثبته من ع موافقة لما جاء في المسائل برواية ابنه عبد الله.
3 روى عبد الله في المسائل برقم 808 ص216: قلت لأبي: إذا طاف بالبيت يؤخر الصفا والمروة؟ قال: نعم إن شاء، إذا كانت علة- يعني لا بأس به-.
وتأخير السعي على الطواف لا بأس به، سواء بعلة أو بدونها.
قال ابن قدامة "ولا تجب الموالاة بين الطواف والسعي، قال أحمد: لا بأس أن يؤخر السعي حتى يستريح أو إلى العشي" ا. هـ. المغني3/409.
وقال المرداوي: " يجوز له تأخير سعيه عن طوافه بطواف وغيره. نص عليه " الإنصاف 4/18(5/2137)
قال إسحاق: شديداً1 كما قال.2
[1423-] قلت: يطوف بين الصفا والمروة على غير وضوء؟
قال: أعجب إليّ3 أن يكون على وضوء4، وإذا طاف بالبيت
__________
1 أي أوافق على ما قال الإمام أحمد بشدة.
2 نقل ابن المنذر: عن أحمد وإسحاق: لا بأس إذا طاف أول النهار أن يؤخر السعي حتى يبرد إذا كانت علة. الإشراف ق121أ.
3 "أعجب إليّ" من ألفاظ الإمام أحمد، ويقصد بها الندب وقيل للوجوب، والمقصود بها هنا الندب حيث إن المذهب أن الطهارة ليس شرطاً في السعي، كما سيأتي في التعليق التالي.
4 الصحيح من المذهب كما في الإنصاف 4/21 أن الطهارة تسن للسعي بين الصفا والمروة، ولا تشترط لصحته، لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قدمت مكة وأنا حائض، ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة. قالت: فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "افعلي كما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري".
أخرجه البخاري في باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف2/101 كما سبق في المسألة رقم (1385) .
والسعي بين الصفا والمروة ليس طوافاً بالبيت.
قال في المغني3/413، قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: إذا طافت المرأة بالبيت ثم حاضت سعت بين الصفا والمروة ثم نفرت، وفيه أيضاً أن عائشة وأم سلمة قالتا: "إذا طافت المرأة بالبيت وصلت ركعتين ثم حاضت، فلتطوف بالصفا والمروة". رواه الأثرم ا. هـ.
وذكره في الكافي 1/438 عن عائشة رضي الله عنها.
وعن الإمام رواية أخرى: أن الطهارة في السعي واجبة كالطهارة في الطواف.
انظر أيضاً: المبدع 3/226، الفروع 3/502، كشاف القناع 2/487، الإشراف ق121 أ.(5/2138)
على غير وضوء ساهياً فإنه يعيده.1
قال إسحاق: كما قال.2
__________
1 رواها أيضاً ابنه عبد الله برقم 785 ص211.
والصحيح من المذهب كما في الإنصاف4/116: "من طاف على غير طهارة لا يجزيه طوافه".
ومن أدلة ذلك حديث عائشة السابق وفيه "غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري"، وما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه".
رواه البيهقي5/87، والترمذي كما سبق في مسألة رقم (1419) .
وعنه رواية أن الطهارة ليست شرطاً، فمن طاف للزيارة غير متطهر أعاد ما كان بمكة، فإن خرج إلى بلده جبره بدم. وعنه: من طاف للزيارة وهو ناسٍ للطهارة لا شيء عليه.
وأخرى أنه يصح من الحائض وتجبره بدم، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية كما حكاه صاحب الإنصاف- الصحة من الحائض ومن كل معذور، ولا دم عليهما.
المبدع 3/221، المغني 3/390، الكافي 1/433.
2 الإشراف ق116 أ، طرح التثريب 5/120.(5/2139)
[1424-] قلت: قصر الصلاة1 بمنى (وعرفات) 2؟
قال: أما أهل مكة فلا يقصرون،3 وأما من أقام بمكة ثم خرج إلى منى وهو يريد بلده قصر الصلاة، لأنه أنشأ السفر حين خرج إلى منى.4
قال إسحاق: يقصرون كلهم،5 [ع-85/أ] لما سَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم
__________
1 القَصْرُ والقِصر: من كل شيء خلاف الطول. لسان العرب 5/95، القاموس المحيط 2/121.
وقصر الصلاة: ردها من أربع ركعات إلى ركعتين، مأخوذة من قصر الشيء: إذا أنقصه، ويجوز أن يكون قصرها حبسها عن إتمامها، مأخوذ من قصر الشيء: إذا حبسه.
المطلع على أبواب المقنع ص 103.
2 في ظ "وبعرفات" بزيادة الباء، والأولى حذفها كما أثبته من ع، يؤيده رواية عبد الله لها في المسائل كذلك.
3 ووجه ذلك أنهم في غير سفر بعيد، فلم يجز لهم القصر، كغير من بعرفة ومزدلفة. المغني 3/427.
4 روى هذه المسألة بنصها ابنه عبد الله برقم 780 ص 21، وقريباً منها برقم 781، 858 ص 228.
5 حكى ذلك عنه أيضاً ابن المنذر في الإشراف ق 136أ.
ونقل عنه أنه موافق للإمام أحمد في أن أهل مكة لا يقصرون.
قال الترمذي في سننه 3/229:" قال بعض أهل العلم ليس لأهل مكة أن يقصروا الصلاة بمنى إلا من كان بمنى مسافراً " وذكر منهم أحمد وإسحاق. وكذلك في تحفة الأحوذي 3/632، كما نقل عنه ذلك البغوي في شرح السنة 7/156(5/2140)
وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما القصر بمنى،1 (ولم يتبين) 2 التمييز والفرق بين أهل مكة والقادمين من الأمصار،3 هكذا مذهب ابن عيينة.4
__________
1 ورد في ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمنى ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان".
أخرجه البخاري 2/34 في كتاب تقصير الصلاة، باب الصلاة بمنى، ومسلم 1/483، باب قصر الصلاة بمنى.
وأخرجه الترمذي بلفظ: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ومع أبي بكر ومع عمر وعثمان ركعتين صدراً مع إمارته"، الترمذي 3/229، باب ما جاء في تقصير الصلاة.
2 في ع "ولم يتبين عنهم"، الزيادة: "عنهم"، والكلام واضح بدونها كما أثبته من ظ.
3 الأمصار: واحدة مصر، وهو البلد. لسان العرب 5/6.
والمقصود بهم هنا: من كان من غير مكة المكرمة، وهذا بيان لوجه الدلالة من الحديث أي أنه لما لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه به من بعده من صلى معهم من أهل مكة بالإتمام، دل ذلك أنهم يجوز لهم القصر كغيرهم.
وانظر عن المسألة المغني والشرح الكبير 3/427، الكافي 1/441.
4 حكى ذلك عنه الترمذي في سننه 3/229، والبغوي في شرح السنة 7/156، وابن عيينة هو الفقيه المشهور: سفيان بن عيينة(5/2141)
[1425-] قلت: إذا لم يصلِّ مع الإمام يوم عرفة يجمع بينهما في منزله؟
قال: يجمع بينهما في رحله.1
قال إسحاق كما قال.2
[1426-] (قلت) :3 يتعجل الرجل إلى منى قبل [يوم] 4 التروية.5
قال: نعم لم لا يتعجل؟ 6
قال إسحاق: إن فعل جاز، وخروجه يوم التروية أفضل.7
[1427-] قلت: الجمع بين الصلاتين بعرفة (أو بجمع) 8 بأذان
__________
1 روى ذلك أيضاً ابنه عبد الله برقم 814 ص 217.
2 انظر: لقوله: المغني 3/425.
3 في ظ بزيادة "لأحمد".
4 سقطت من النسخ الثلاث، وكذلك في رواية عبد الله، والأولى إثباتها.
5 يوم التروية: هو اليوم الثامن من ذي الحجة، سمي بذلك، لأنهم كانوا يتروون من الماء فيه استعداداً ليوم عرفة، وقيل سمي بذلك، لأن إبراهيم عليه السلام رأى ليلتئذ في المنام ذبح ابنه فأصبح يروي في نفسه أهو حلم أم من الله تعالى؟. المغني 3/421.
6 روى معناها ابنه عبد الله برقم 813 ص217.
7 راجع مسألة رقم (1714) .
8 في ظ "ويجمع"، والصواب ما أثبته من ع لشموله الجمع بالمزدلفة حيث إن "جمع" اسم من أسماء المزدلفة، ولأن الجمع بين الصلاتين مفهوم من قوله في أول المسألة "الجمع بين الصلاتين" ولا داعي لتكراره(5/2142)
وإقامة؟ 1
قال: لا. ولكن بإقامة، إقامة، لكل صلاة [إقامة] ،2 وهو خلاف ما روي عن سعيد بن جبير [عن ابن عمر رضي الله عنهما] 3 إقامة واحدة كان أفضل.
[قال إسحاق: كما قال، ولكن إن كان الإمام يتبع رواية سعيد ابن جبير إقامة واحدة كان أفضل] 4 لما لا ينبغي لكل من
__________
1 في ع "وإقامة أو إقامة" أي بزيادة "أو إقامة".
والصواب حذفها كما في ظ، لأن الكلام بـ (أو) يفسد المعنى.
2 سقطت من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأنها عمدة في الجملة، فهي مبتدأ مؤخر والخبر متعلق بالجار والمجرور، فالجملة مستقلة توضح قوله إقامة، إقامة أي إقامة للصلاة الأولى وإقامة للصلاة الثانية، بدليل قول المصنف بعد ذلك مباشرة: "لكل صلاة إقامة".
3 سقطت من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لأن المسألة مروية عن ابن عمر رضي الله عنهما كما سيأتي، وفي ع أيضاً زيادة "هذا سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما" والمقام لا يتطلب ذكرها، فلعلها سبق قلم.
4 سقطت من ظ، والصواب إثباتها كما في ع، لإضافتها ذكر رأي الإمام إسحاق المعهود ذكره في كل مسألة.(5/2143)
يجمع بين (الصلاتين) 1 أن يحدث (بينهما) 2 عملاً، فالإقامة وإن كان مفتاح الصلاة فتركه أفضل.3
__________
1 في ع "الصلاتين إلا" بزيادة "إلاّ"، ولا يستقيم الكلام بإثباتها.
2 في ع "فيه"، والصواب ما أثبته من ظ، لأن الضمير يعود إلى أقرب مذكور وهو (الصلاتان) ، ولأنها في النسخة المتقدمة.
3 والذي روي عن سعيد بن جبير هو أنه صلى المغرب بجمع، والعشاء بإقامة. ثم حدث عن ابن عمر أنه صلى مثل ذلك.
وحدث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل ذلك.
وعنه أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء ركعتين بإقامة واحدة".
أخرجهما مسلم في باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جميعاً بالمزدلفة [1/937-938.
] وجاء في سنن البيهقي 5/121، والترمذي 3/235 ما يشير إلى مثل ذلك عن سعيد ابن جبير وغيره.
وتحرير المسألة: أن الجمع بعرفة بين الظهر والعصر المستحب أنه يكون بأذان وإقامتين، يؤذن للأولى ويقيم لكل صلاة، لما جاء في حديث جابر رضي الله عنه: "ثم أذن بلال، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم لم يصل بينهما شيئاً" وإن ترك الأذان فلا بأس".
قال المقدسي في الإقناع: "فإذا فرغ من خطبته نزل فصلى الظهر والعصر جمعاً إن جاز له بأذان وإقامتين، وإن لم يؤذن للصلاة فلا بأس" ا. هـ.
[] انظر: الإقناع 1/387، وانظر أيضاً: المغني3/424-425، المبدع 3/230، كشاف القناع2/491، الإنصاف4/28.
أما الجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة فالمذهب أنه يكون بإقامة لكل صلاة من غير أذان، لما روى أسامة بن زيد قال: "دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب فنزل فبال ثم توضأ، فقلت له: الصلاة يا رسول الله، قال" "الصلاة أمامك"، فركب فلما جاء مزدلفة فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب. ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت الصلاة فصلى، ولم يصل بينهما".
متفق عليه؛ أخرجه البخاري في باب الجمع بين الصلاتين بمزدلفة 2/172.
أخرجه مسلم كتاب الحج، باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جميعاً 1/934.
وإن جمع بينهما بإقامة واحدة فلا بأس، لما سبق عن سعيد بن جبير عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وإن أذن للأولى وأقام، ثم أقام للثانية فحسن، كما في الجمع بعرفه.
[] انظر: المغني والشرح الكبير3/437-438، المبدع 3/235، الإقناع1/388، كشاف القناع2/496 مسائل الإمام أحمد لأبي داود السجستاني ص118.(5/2144)
[1428-] قلت: الوقوف على الدابة أحب (إليك) 1 إذا كانت معه دابة؟
قال: لا أحفظ الساعة شيئاً.2
__________
1 في ع بزيادة "قال" بعد لفظ إليك، والصواب حذفها كما في ظ، لأن عبارة السؤال لم تنته بدليل وجود الجواب بعد ذلك.
2 توقف الإمام أحمد رحمه الله عن الجواب في هذه المسألة، والمذهب أنه يستحب أن يقف بعرفة راكباً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف راكباً كما جاء في حديث جابر المشهور الذي وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وسبق تخريجه في المسألة رقم (1369) .
ولأنه أعون على الدعاء. وقيل: الراجل أفضل لأنه أروح لراحلته. وقيل: الكل سواء.
وعنه رواية: أنه لا يجزئه راكباً.
[] انظر: المغني 3/428، الإنصاف 4/28-29، الكافي 1/441، المبدع3/231-232 وكشاف القناع2/492.(5/2145)
(قال إسحاق:) 1 كلما كان يخشى أن يضيع2 دابته فليقف على دابته، وكذلك إن خشي ضعفاً وقف على الدابة، وإن لم يكن به علة (وكان) 3 له من يحفظ دابته وقوي فترك الركوب أفضل4.
__________
1 في ع بزيادة "كما قال"، والظاهر أنه سبق قلم، حيث إن الإمام أحمد توقف عن الجواب، والإمام إسحاق أفتى بها.
2 ضاع الشيء يضع ضيعة وضياعاً: أي هلك.
لسان العرب8/231، مختار الصحاح ص386.
ومعنى يضيع دابته: أي تضل عنه وتضيع فلا يعرف مكانها، يقال ضل الشيء إذا ضاع، وأضللته إذا ضيعته، وضللته إذا جعلته في مكان ولم تدر أين هو.
لسان العرب11/392.
3 في ظ "وإن كان" بزيادة "إن"، والكلام مستقيم بدونها كما أثبته من ع.
4 خلاصة قول الإمام إسحاق أن الوقوف على الدابة أفضل بشرطين: أن يخشى ضياع دابته، وأن يخشى ضعفاً، فإن انتفى ذلك بأن لم يكن به علة وقوي على الوقوف ووجد من يحفظ له دابته فالوقوف راجلاً أفضل في حقه من الركوب.(5/2146)
[1429-] قلت: الوقوف بعرفه بغير وضوء؟
قال: كل شيء من المناسك يكره أن يكون بغير وضوء.
قال إسحاق: كما قال.1
[1430-] قلت: الحج ماشياً أحب إليك أم راكباً؟
قال: لا أدري.2
قال إسحاق: الماشي أفضل إلا أن يحمل على نفسه ما يشق
__________
1 الطهارة لا تشترط للوقوف بعرفة ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها لما حاضت: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت". وسبق تخريجه في المسألتين (1385) ، (1423) ، ولكن المستحب أن يكون عمل المناسك كلها على طهارة.
المغني 3/435، كشاف القناع 2/494 والكافي 1/443.
2 هذا توقف من الإمام أحمد رحمه الله عن الجواب.
وقال أبو الخطاب وأبو يعلى الصغير: المشي أفضل. نقل ذلك عنهما البهوتي كما سيأتي في الحاشية التي بعد الحاشية التالية.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن ذلك يختلف باختلاف الناس.
الإنصاف 4/29، الاختيارات الفقهية 118، الفتاوى 26/132.(5/2147)
عليه، قال الله عز وجل: {يَأْتُوكَ رِجَالاً} 1 بدأ بالرجال.2
[1431-] قلت: متى (يفوته) 3 الحج؟
__________
1 سورة الحج آية 27، ورجالاً يجمع على رَجْل بإسكان الجيم وهو خلاف الراكب أي الماشي، فرجالاً أي مشاة، الصحاح 4/1705 وفتح القدير للشوكاني 3/448.
2 يرى الإمام إسحاق أن الحج ماشياً أفضل من الراكب إذا كان ليس فيه مشقة، للآية المذكورة، وقد نقل ذلك عنه ابن المنذر في الإشراف 5/122.
وقال البهوتي في كشاف القناع 2/492: "وفي الانتصار ومفردات أبي يعلى الصغير أفضلية المشي في الحج على الركوب، وهو ظاهر كلام ابن الجوزي في مثير العزم الساكن، فإنه ذكر الأخبار في ذلك عن جماعة من العُبّاد، وأن الحسن بن علي حج خمس عشرة حجة ماشياً، وذكره غيره خمساً وعشرين" ا. هـ.
وأخرج البيهقي في السنن في باب من نذر تبرر أن يمشي إلى بيت الله الحرام 10/8 عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: "من حج من مكة ماشياً حتى يرجع إلى مكة كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم، قيل له: وما حسنات الحرم؟ قال بكل حسنة مائة ألف حسنة".
[] وانظر أيضاً: الفروع 3/508، أضواء البيان 5/67-68.
3 في ظ "يفوت"، وما أثبته من ع هو المناسب بدليل الجواب بعده، وموافقته لما نقل عنه ابنه عبد الله والنيسابوري كما سيأتي في الحاشية التي بعد الحاشية التالية.
والفوات: مصدر فات فوتاً فواتاً إذا سبق ولم يدرك.
وفات الأمر فوتاً وفواتاً: مضى وقته ولم يفعل.
القاموس المحيط 1/160، المعجم الوسيط 2/705.(5/2148)
قال: إذا (أدركه الفجر) 1 قبل أن يأتي عرفة إذا لم يطأ عرفة ليلاً فقد فاته الحج.2
قال إسحاق: كما قال، مع أن الوقوف بجمع حتى (يتم) 3 له الحج مما يستحب4، لما روى
__________
1 في ظ "أدركت الحج"، والصواب ما أثبته من ع، لأن المعنى لا يستقيم إلا به، وهو موافق لما نقل عنه عبد الله.
2 لحديث عروة الآتي بعد ثلاث حواش.
ولحديث عبد الرحمن الديلمي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فجاءه نفر من أهل نجد "فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ قال: الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه. أيام منى ثلاثة، فمن تعجل يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه".
رواه أبو داود، باب من لم يدرك عرفة 2/485، والترمذي، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج 3/237، والنسائي، باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة 5/264، وابن ماجة، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع 2/1003، حديث3015.
وقد نقل هذه المسألة بنصها عن الإمام أحمد: ابنه عبد الله برقم 811 ص 217، والنيسابوري في المسألة 83 ص166 قريباً منها، وانظر أيضاً: المغني 3/433، الشرح 3/507.
3 في ظ "يستقيم".
4 حيث يفهم من قوله: "إذا لم يطأ عرفة ليلاً فقد فاته الحج"، أن من وطأها فقد أدرك الحج ولو لم يقف بمزدلفة، بين إسحاق رحمه الله أن الوقوف بها من تمام الحج وأنه يستحب له ذلك، واستدل بحديث عروة الآتي في الحاشية التي بعد الحاشية التالية.
والمبيت بمزدلفة واجب؛ من تركه، أو دفع قبل نصف الليل فعليه دم، ومن لم يوافق مزدلفة إلا في النصف الأخير من الليل فلا شيء عليه.
[] انظر: المغني والشرح الكبير 3/441-442، الإنصاف 4/32.(5/2149)
عروة1 ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.2
[1432-] قلت: يصلي قبل أن يأتي جمعاً 3؟
قال: لا يعجبني أن يصلي إلا بجمع، (فإن) 4 صلى
__________
1 هو عروة بن مضرس -بمعجمة ثم راء مشددة مكسورة- بن أوس بن حارثة بن لام بن عمرو بن طريف بن عامر الطائي.
قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: صحابي له حديث واحد في الحج.
انظر: تقريب التهذيب 238، الإصابة 2/471، تهذيب التهذيب 7/188.
2 حيث قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت: " يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني جئت من جبلي طي، أَكْلَلْتُ راحلتي وأتعبتُ نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه وقضي تفثه".
أخرجه أصحاب السنن الأربعة في الأبواب والصفحات التي أخرجوا بها حديث عبد الرحمن الديلمي السابق.
3 أي مزدلفة.
4 في ع "وإن "، والموافق لما نقله عبد الله ما أثبته من ظ.(5/2150)
أجزأه1.
قال إسحاق: كما قال، ولو أخره إلى نصف الليل حتى يجمع بينهما (كان) 2 أفضل.3
[1433-] قلت: الضعفة يرمون الجمار قبل أن تطلع الشمس؟
قال: لا بأس [به] .4
قال إسحاق: كما قال.
[1434-] [قلت:5 [ع-85/ب] يلبي حتى يرمي الجمرة في الحج؟
__________
1 نقلها عنه أيضاً ابنه عبد الله في المسائل برقم 812 ص 217.
2 في ظ " كما كان يجمع"، والأولى ما أثبته من ع لاستقامة المعنى به.
3 السنة أن يؤخر الحاج المغرب ويجمع بينها وبين العشاء إذا وصل مزدلفة، لحديث أسامة بن زيد رضي الله عنه الذي سبق في المسألة (1759) .
وإن صلى المغرب في طريق مزدلفة أجزأه ذلك، إلا أنه خالف السنة.
وقد صرح الإمام إسحاق هنا أن الجمع بينهما أفضل، حتى ولو أدى ذلك إلى تأخير الصلاة إلى نصف الليل، وهو مفهوم كلام الإمام أحمد أيضاً.
[] المغني 3/440، الكافي 1/443، المبدع 3/235-236، الشرح الكبير 3/439.
4 سقطت من ع، والمناسب إثباتها كما في ظ.
وقد نقل هذه المسألة بنصها ابنه عبد الله برقم 815 ص 218.
5 هذه المسألة والتي تليها سقطتا من ظ، وأثبتهما من ع.(5/2151)
قال: نعم.1
قال إسحاق: كما قال.2
[1435-] قلت: متى يترك التلبية في العمرة؟
قال: حتى يستلم الحجر.3
__________
1 نقلها بنصها ابنه عبد الله في مسائله برقم 804 ص 215، ونقل مثلها أبو داود في مسائله ص105.
2 ورد في قطع التلبية عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أردف الفضل، فأخبر الفضل أنه لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة. أخرجه البخاري في باب التلبية والتكبير غداة النحر 2/179.
وقال الترمذي في السنن 3/260: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن الحاج لا يقطع التلبية حتى يرمي الجمرة. وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق " ا. هـ.
وانظر أيضاً: المغني 3/451، الإنصاف 4/35 شرح السنة للبغوي 7/185، الإشراف ق 126أ، معالم السنن [2/341-342.
3] روى أبو داود في مسائله ص 103 عن أحمد بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: يمسك المعتمر عن التلبية إذا استلم الحجر والحاج إذا رمى جمرة العقبة، ا. هـ.
وروي ذلك عن ابن عباس يرفعه الترمذي في سننه 3/261 وقال: "حديث ابن عباس حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، قالوا: لا يقطع المعتمر التلبية حتى يستلم الحجر، وقال بعضهم: إذا انتهى إلى بيوت مكة قطع التلبية، والعمل على حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وبه يقول سفيان والشافعي وأحمد وإسحاق" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الإنصاف 4/24، شرح السنة 7/186، المغني 3/418، 453.(5/2152)
قال إسحاق: كما قال] .
[1436-] قلت: من أين تؤخذ حصى الجمار1؟
قال: من حيث شاء.2
قال إسحاق: من المزدلفة أحبّ إلينا، لما قال النبي صلى الله عليه وسلم غداة جمع3 [لابن عباس رضي الله عنهما] 4 (القط) 5 لي سبع
__________
1 الجمار: جمع جمرة وهي الحصاة، وسمي موضع الجمار بمنى جمرة، لأنها ترمى بالجمار، وقيل لأنها مجمع الحصى التي ترمى بها من الجمرة.
لسان العرب 4/146.
والمقصود بها هنا الجمرات المعروفة بدليل ذكر الحصى قبلها.
2 نقل عنه هذه المسألة ابنه عبد الله في مسائله برقم 816 ص 218.
والمذهب أن الحاج له أن يأخذ حصى الجمار من حيث شاء.
الإنصاف 4/32، الهداية 1/102، المغني 3/445.
3 الغدوة بالضم ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس.
المصباح المنير 2/443، لسان العرب 15/116، النهاية في غريب الحديث 3/346.
4 سقطت من ظ، والصواب إثباتها كما في ع لإضافتها معلومة صحيحة، ولوجود ذلك في الحديث كما في التعليق التالي.
5 في ظ "التقط"، وما أثبته من ع مطابق لما جاء في الحديث.(5/2153)
حصيات،1 [لما] 2 لا ينزل حتى يرمي.3
[1437-] قلت:4 من أين ترمى الجمار؟
__________
1 والحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على ناقته: "القط لي حصى"، فلقطت له سبع حصيات، هن حصى الخذف، فجعل ينفضهن في كفه ويقول" أمثال هؤلاء فارموا ".
ثم قال "يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين".
أخرجه ابن ماجة واللفظ له، في باب قدر حصى الرمي 2/1008، والنسائي 5/268، والحاكم 1/466 وصححه.
2 في ع"لكن"، والأولى ما أثبته من ظ تعليلاً لاستحباب التقاط الحصى من المزدلفة، وانظر عن معنى العبارة التعليق الآتي، ويحتمل أن الأولى" لكن " كما في ع، فيكون المعنى أن الاستحباب معلق بعدم النزول قبل الرمي. والله أعلم.
3 معنى كلام الإمام إسحاق أنه يستحب أن يجمع الحصى من المزدلفة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق ذكره، ولأنه يجمع الحصى منها يكون أول عمل يبدأ به هو الرمي، فلا ينزل لجمع الحصى.
قال في المبدع 3/238: "ويأخذ حصى الجمار من طريقه، أو من مزدلفة لئلا يشتغل عند قدومه إلى منى بغير الرمي، فإنه تحية منى كما أن الطواف تحية البيت، وكان ابن عمر يأخذه من جمع، وفعله سعيد بن جبير" ا. هـ.
وانظر أيضاً: المراجع السابقة.
4 في ظ بزيادة" لأحمد ".(5/2154)
قال: من بطن الوادي.1
قال إسحاق: كما قال.2
__________
1 رواها أيضاً ابنه عبد الله برقم 817 ص218.
وأول ما يبدأ به الحاج من الجمار هو رمي جمرة العقبة يوم النحر، ويستحب أن يكون رميها من بطن الوادي لما روى عبد الرحمن بن يزيد قال: رمى عبد الله من بطن الوادي فقلت: يا أبا عبد الرحمن إن ناساً يرمونها من فوقها، فقال: والذي لا إله غيره هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم.
أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب رمي الجمار من بطن الوادي 2/192.
ومسلم في كتاب الحج، باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي 1/942 بلفظ:" رمى عبد الله بن مسعود جمرة العقبة بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة ".
وإن رماها من فوقها جاز ذلك، لأن عمرو رضي الله عنه جاء والزحام عند الجمرة فرماها من فوقها، ويتحقق الرمي من بطن الوادي للرامي من القسم السفلي من جمرة العقبة إذا وقف يرمي من الواجهة المفتوحة للرمي في الوقت الحاضر.
[] الإشراف ق 126أ، المغني والشرح الكبير 3/447-448، المبدع 3/339، فتح الباري 3/580.
أما بقية الأيام فيرمي الجمرات الثلاث، يبتدئ بالجمرة الأولى وهي أبعد الجمرات من مكه وتلي مسجد الخيف، فيجعلها عن يساره ويستقبل القبلة، ثم يتقدم إلى الوسطى فيجعلها عن يمينه ويستقبل القبلة، ثم يرمي جمرة العقبة ويستبطن الوادي ويستقبل القبلة.
[] انظر: المغني والشرح الكبير 3/474-475، المبدع 3/250.
2 انظر: لقوله الإشراف ق 126أ.(5/2155)
[1438-] قلت: متى ترمى الجمار؟
قال: في الأيام الثلاثة1 يرمي بعد الزوال.2
قال إسحاق: كما قال، (فإن) 3 رمى قبل الزوال في اليوم الأول والثاني أعاد الرمي،4 وأما اليوم الثالث فإن رمى قبل الزوال أجزأه.5
__________
1 أي أيام التشريق.
2 فإن رمى قبله أعاد كما في قول ابن قدامة الآتي قريباً، وسيأتي نصاً كذلك في مسألة رقم: (1561) .
3 في ظ "وإن"، والمناسب للسياق ما أثبته من ع، ويؤيده ورودها كذلك في آخر المسألة.
4 قال ابن قدامة في المغني 3/476: ولا يرمي في أيام التشريق إلا بعد الزوال فإن رمى قبل الزوال أعاد، نص عليه " أي الإمام أحمد، وحكى ذلك أيضاً عن إسحاق.
ومما استدل به لذلك ما روى جابر رضي الله عنه أنه قال: "رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس".
أخرجه مسلم 1/945، باب بيان وقت استحباب الرمي.
5 حكي ذلك عن أحمد وإسحاق وابن قدامة أيضاً حيث قال:" ألا إن إسحاق وأصحاب الرأي رخصوا في الرمي يوم النفر قبل الزوال، ولا ينفر إلا بعد الزوال، وعن أحمد مثله" ا. هـ. المغني 3/476. وحكى عن إسحاق عبارته هذه بنصها ابن المنذر في الإشراف ق 127ب، وانظر أيضاً: المبدع 3/250، الإنصاف 4/45، الإشراف ق 127أ.(5/2156)
[1439-] قلت: رمي الجمار ماشياً أحب إليك أم راكباً؟
قال: المشي إي لعمري إن قدر على ذلك.1
قال إسحاق: (السنة المشي) 2 إلا من ضرورة.
__________
1 ذهب الإمام أحمد إلى أن المشي أفضل من الركوب في رمي الجمار عند عدم الضرورة.
وقال المرداوي في الإنصاف عن جمرة العقبة: "يستحب أن يرميها وهو ماش، على الصحيح من المذهب" وعليه أكثر الأصحاب، ا. هـ.
وقال أبو الخطاب في الهداية: "والأولى أن يكون ماشياً" ا. هـ. الإنصاف 4/34، الهداية 1/103، الفروع 3/512.
ولقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رمى يوم النحر على راحلته وقال: "لتأخذوا عني مناسككم".
سبق تخريجه في المسألة رقم: (1366) .
وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة يوم النحر راكباً 3/244، باب ما جاء في رمي الجمار راكباً أو ماشياً.
كما روي في نفس ال، باب 3/245 عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى الجمار مشى إليها ذاهباً وراجعاً، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. وقال بعضهم: يركب يوم النحر، ويمشي في الأيام التي بعد يوم النحر. وانظر أيضاً: المغني 3/449.
2 في ع "السنة في المشي" بزيادة في، والمعني مستقيم بدونها كما أثبته من ظ.(5/2157)
[1440-] (قال أحمد: وإذا أوصى) 1 إلى رجل بحجة فاعتمر،2 قال: إذا جعله للميت فهذا (زاده خيراً) 3، ولكن يذبح من ماله.4
(قال إسحاق) :5 [ظ-43/أ] كما قال، ولكن الذبح أيضاً من مال الرجل، أو من مال الميت ينويه عن الميت.
[1441-] قال أحمد: إذا كان الرجل لا يقدر على الحج فحجوا عنه،6 ثم
__________
1 في ع "وقال الإمام أحمد إذا أوصى"، وكلاهما جاء على خلاف ما درج عليه المؤلف بتصدير المسألة "بقلت"، فلعل الصواب: "قلت إذا أوصى"، ويؤيده وجود جواب الإمام أحمد بعد ذلك.
2 أي مع الحج، وليس المقصود بأن أتى بعمرة بدل الحج، كما يفيد ذلك جواب الإمام أحمد.
3 في ع "زيادة خير" والمعنى واحد.
4 أي مال الرجل الوصي لا مال الميت.
5 آخر الصفحة رقم 83 من ظ.
وفي ع زيادة" سواء "، أي قال إسحاق سواء كما قال.
6 المذهب أن من اكتملت فيه شرائط الحج وعجز عن السعي إليه لكبر، أو مرض لا يرجى برؤه، لزمه أن يقيم من يحج عنه إذا وجد ذلك لحديث أبي رزين العقيلي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج، ولا العمرة، ولا الظعن. قال: حج عن أبيك واعتمر".
وقد سبق تخريجه في المسألة رقم: (1366) .
ولحديث الخثعمية أيضاً المتفق عليه السابق في المسألة رقم: (1373) .(5/2158)
صح بعد ذلك وقدر [فقد] 1 قضى عنه الحج.2
قال إسحاق: كما قال3 لأنه حين فعله أتى ما أمر [به] .4
[1442-] قلت: ما يحل للمحرم إذا رمى جمرة العقبة؟
قال: يحل [له] 5 كل شيء إلا
__________
1 سقطت من ظ، والسياق يقتضي إثباتها كما في ع، لأنه بعد الإثبات يفهم قضاء جديد، وذلك مخالف لما سيقت له العبارة الذي هو الإخبار بالاكتفاء بالحج الأول عنه، وهو المشهور في المذهب كما في التعليق الآتي، المغني 3/177، الإنصاف 3/405، المبدع 3/95، كشاف القناع 2/390.
2 إن عوفي بعد ذلك، فالمشهور في المذهب أن ذلك يجزيه، ولا يجب عليه الحج مرة أخرى، لأنه أتى بما أمر به فخرج عن العهد، كما لو لم يبرأ، ولأنه أدى حجة الإسلام فلم يلزمه حج ثان كما لو حج بنفسه، ولأن القول بعدم الإجزاء يفضي إلى إيجاب حجتين عليه. ولم يوجب الله عليه إلا حجة واحدة.
وقيل: لا يحزئه ذلك، وهو الأظهر عن شيخ الإسلام بن تيمية، كما حكاه المرداوي في الإنصاف 3/405 وابن مفلح في المبدع 3/96، وانظر أيضاً: المغني 3/178.
هذا كله إذا لم يبرأ قبل إحرام النائب، أما إن برئ قبل إحرامه، فإنه لا يجزيه، قولاً واحداً كما في الإنصاف 3/405.
3 حكى ذلك عنه ابن قدامة في المغني 3/178.
4 ساقطة من ظ والسياق يقتضي إثباتها كما في ع، ويؤيده ورودها في المغني كما سبق قريباً.
5 سقطت من ظ، والأولى إثباتها كما في ع، لأن السياق يتطلبها.(5/2159)
النساء1 ويحل من الطيب.2
قال إسحاق: كما قال، لأن الطيب مباح لما طيبت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يفيض.3
__________
1 لما روت أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم النحر: "إنّ هذا يوم رخّص لكم إذا رميتم الجمرة أن تحلوا من كل ما حرمتم منه إلا النساء".
أخرجه البيهقي في باب ما يحل بالتحلل الأول من محظورات الإحرام 5/137.
ولما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "إذا رميتم جمرة العقبة فقد حل لك كل شيء إلا النساء، فقال له رجل: يا ابن عباس والطيب؟ فقال: أما أنا فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضمخ رأسه بالمسك، أفطيب ذلك أم لا؟ ".
أخرجه ابن ماجة في باب ما يحل للرجل إذا رمى جمرة العقبة 2/1011.
2 لحديث ابن عباس المذكور ولحديث عائشة الآتي في التعليق التالي
3 الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: "طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت"، أخرجه البخاري في باب الطيب عند الإحرام وما يلبس 2/145، وفي باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق 2/195، ومسلم في باب الطيب للمحرم عند الإحرام 1/846، وأبو داود في باب الطيب عند الإحرام 2/358، وابن ماجة في باب ما يحل للرجل إذا رمى جمرة العقبة 2/1011.
وخلاصة القول في المسألة: أن ما يحل بالتحلل الأول فيه روايتان:
إحداهما: وهي المذهب أنه يحل به كل شيء إلا النساء للأحاديث السابقة.
[] الثانية: أنه يحل كل شيء إلا الوطء فقط، المغني 3/462، المبدع 3/243-244، الإنصاف 4/39، الهداية 1/104.
وفي قوله: "إذا رمى جمرة العقبة" إشارة إلى ما يحصل به التحلل الأول، وفيه روايتان أيضاً:
إحداهما: أنه يحصل بالرمي والحلق معاً، قدمها في المغني وقال في المبدع: وهو الأكثر.
الثانية: يكون بالرمي فقط.
المغني 3/463، المبدع 3/245، الكافي 1/448.(5/2160)
[1443-] قلت: الرمي بالليل إذا [فاته] 1؟
قال: أما (الرعاء2 فقد رخص فيه) ،3 وأما غيره فلا يرمي إلا
__________
1 سقطت من ع، والصواب إثباتها لتوقف المعنى على ذلك.
2 الرعاء والرعاة: جمع راع، وراعي الماشية حافظها، لسان العرب 4/325.
3 في ع "للرعاء فقد رخص لهم"، ويستقيم المعنى بالعبارتين، والمذهب أنه يجوز للرعاة وأهل السقاية الرمي بالليل، كما يجوز لهم تأخير رمي اليوم الأول إلى اليوم الثاني أو الثالث، لقول عاصم ابن عدي رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر، ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر فيرمونه في أحدهما.
أخرجه الترمذي في باب ما جاء في الرخصة للرعاء أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً 3/290، وقال: هذا حديث حسن صحيح، ورواه أيضاً مالك في الموطأ 1/408، وأبو داود 2/498، وابن ماجة 2/1010.
وقال ابن قدامة في الكافي 1/453: "ويجوز لرعاة الإبل وأهل سقاية الحاج ترك المبيت بمنى وترك رمي اليوم الأول إلى اليوم الثاني أو الثالث إن أحبوا أن يرموا الجميع في وقت واحد، والرمي بالليل" ا. هـ
[] وانظر أيضاً: المغني 3/517-518، الفروع 3/520، الإنصاف 4/48، المبدع 3/253، كشاف القناع 2/408، الفتح الرباني 12/222(5/2161)
بالنهار (ومن الغد) 1 إذا زالت الشمس يرمي مرتين.2
قال إسحاق: كما قال، لا يرمي بالليل.3
[1444-] قلت: إذا نسي الجمار؟
قال: في جمرة واحدة دم، والجمار كلها دم،4
__________
1 في ع "من الغد" بحذف الواو، والأقرب للسياق إثباتها كما في ظ.
2 في ع "برميين"، والمعنى واحد أي: أن غير أهل الأعذار إذا فاته الرمي في النهار ليس له أن يرمي بالليل، بل يؤخره إلى اليوم الذي يليه فيرمي عن اليومين، لكن يقدم بالنية رمي الأول ثم الثاني.
قال في كشاف القناع 2/508: "وإن رمى غيرهم أي غير السقاة والرعاة قبل الزوال أو ليلاً لم يجزئه الرمي فيعيده " ا. هـ.
[] وانظر أيضاً: المغني 3/479-482، الكافي 1/453، 3/252، الفروع 3/519، الإشراف ق 128، مخطوط.
3 ويأتي عنه في مسألة رقم: (1659) أن عليه دماً مع الرمي إذا تعمد تركه إلى الليل. وانظر أيضاً: الإشراف 128.
4 روى ابن هانئ في مسائله 1/178 سألت أبا عبد الله عمن نسى رمي جمرة واحدة؟ قال: عليه دم. قيل: فإن نسي رمي الجمار الثلاثة؟ قال: عليه دم واحد ا. هـ.
وقد وجب بترك رمي الجمرة دم، لأنه نسك وفي ترك النسك دم، وروى الإمام مالك في الموطأ 1/419 عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهرق دما".
قال الألباني: "ضعيف مرفوعاً، وثبت موقوفاً"، إرواء الغليل 4/299.
وقال ابن قدامة في المغني 3/519: "ومن ترك الرمي من غير عذر فعليه دم، قال أحمد: أعجب إلي إذا ترك الأيام كلها كان عليه دم، وفي ترك جمرة واحدة دم أيضاً، نص عليه أحمد" ا. هـ.
وانظر أيضاً: الشرح الكبير 3/381، الإشراف ق 128ب.(5/2162)
(وإذا) 1 نسي فرمى بست فليس عليه شيء.2
قال إسحاق: كما قال.3
__________
1 في ع "فإذا".
2 هذه رواية عن الإمام أحمد، ولا ينبغي له أن يتعمده، فإن تعمد ذلك تصدق بشيء. المغني 3/478، تهذيب ابن القيم 2/417.
والمذهب أنه لا بد من استيفاء سبع حصيات في الرمي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بسبع حصيات كما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات، يكبر على أثر كل حصاة"، إلى أن قال: "ويقول: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل".
أخرجه البخاري في باب رفع اليدين عند الجمرتين الدنيا والوسطى 2/194.
وعنه أن الرمي بخمس يجزئ.
وأخرى أنه إن رمى بستٍّ فلا شيء عليه، وبه قال الإمام إسحاق.
وفي المغني 3/478: "والأولى أن لا ينقص في الرمي عن سبع حصيات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بسبع حصيات، فإن نقص حصاة، أو حصاتين فلا بأس" ا. هـ.
وانظر أيضاً:: تهذيب ابن القيم 2/417، الإنصاف 4/46، الفروع 3/518، المبدع 3/251.
3 المغني 3/381، تهذيب ابن القيم 2/417.(5/2163)
[1445-] قلت: يرمى عن الصغير والكبير والمريض؟
قال: نعم.1
[قال إسحاق: كما قال] 2 والكبير إذا كان قد ضعف.
[1446-] قلت: من قدم نسكاً قبل نسك،3 وأي شيء حديث ابن عباس رضي الله عنهما؟
قال أحمد: من نسي فقدم شيئاً قبل شيء فليس عليه شيء4
__________
1 روى أبو داود في المسائل ص 117: حدثنا أحمد قال: حدثنا روح عن ابن جريج قال: قال عطاء: "ويجزئ عن الصغير والمريض أن يرمى عنهما".
وقال ابن قدامة في الكافي 1/454: "ومن عجز عن الرمي جاز أن يستنيب من يرمي عنه، لأن جابراً قال لبينا عن الصبيان ورمينا عنهم" ا. هـ. وانظر أيضاً: المغني 3/519، المبدع 3/240.
وأخرج ابن ماجه في باب الرمي عن الصبيان 2/1010 عن جابر قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم.
ولأنه قد رخص للضعفة والنساء في الرمي ليلة النحر إشفاقاً بهم، فكذلك الرمي عنهم.
2 سقطت من ظ، والأَوْلى إثباتها كما في ع حيث درج المؤلف على ذكر قول إسحاق بعد قول أحمد في بقية المسائل.
3 المقصود بذلك ما يفعل يوم النحر من الرمي والذبح والحلق والطواف، لا مطلق مناسك الحج.
4 روى نحوها أبو داود في المسائل ص132(5/2164)
وحديث ابن عباس رضي الله عنهما [ع-86/أ] أنه ترك من مناسكه شيئاً1، وإن حلق قبل أن يرمي على السهو فليس عليه شيء.2
__________
1 وذلك ما روى سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهرق دما".
أخرجه مالك في الموطأ 1/419 كما سبق في المسألة (1454) .
2 السنة الترتيب بأن يبدأ بالرمي، ثم النحر، ثم الحلق، ثم الطواف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رتبها كما جاء في حديث جابر المشهور الذي وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: "حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثاً وستين بيده. إلى أن قال: ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر".
ولما روى أنس بن مالك أن رسول صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق: خذ، وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس.
أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق 1/947.
فمن قدم شيئاً من ذلك على الآخر:
أ - فإن كان ناسياً أو جاهلاً بالسنة فالمذهب أنه لا شيء عليه.
ب - أمّا إن كان عامداً عالماً بمخالفة السنة، ففي المذهب روايتان:
إحداهما: لا دم عليه، وبهذا قال إسحاق.
والثانية: أن عليه دماً.
[] المغني 3/471-472، الإنصاف 4/42، الفتح الرباني 12/209.(5/2165)
قال إسحاق: كما قال، إلا أن المذهب، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، فمن نسيَ أو ترك (حتى فات) 1 فعليه دم، وليس هذا بمخالف لما قدم شيئاً قبل شيء، لأنه قد أتى على كله.2
[1447-] قلت:3 من لبد4 أو ضفر5 أو عقص6 فليحلق؟
__________
1 في ع "حتى فات ذلك" بزيادة "ذلك"، والمعنى واضح بدونها كما في ظ.
2 معنى قول إسحاق هو: أن من نسي فقدم نسكاً على نسك لا شيء عليه، وأن ذلك لا يتعارض مع قول ابن عباس رضي الله عنهما بوجوب الدم، لأن قوله خاص بمن ترك شيئاً من مناسكه حتى فات وقته، فمن فعل ذلك فعليه دم، أمّا التقديم والتأخير فلا يجب به شيء، لأنه لم يترك شيئاً، وإنما أحدث إخلالاً بالترتيب.
3 بين هذه المسألة والتي بعدها تقديم وتأخير في ع.
4 التلبيد: أن يجعل المحرم في رأسه شيئاً من صمغ ليتلبد شعره بقيا عليه لئلا يشعث في الإحرام، ولبد شعره: أي لزقه بشيء لزج أو صمغ حتى صار كاللبد، لسان العرب 3/386، مختار الصحاح ص589.
5 الضفر: نسج الشعر وغيره عريضاً.
لسان العرب 4/489، مختار الصحاح ص 382.
6 عقص الشعر: ضفره وليّه على الرأس.
لسان العرب7/56، مختار الصحاح ص 446.(5/2166)
قال أحمد: يعني وجب عليه الحلق (ليس) 1 له أن يقصر.
قال إسحاق: كما قال.2
__________
1 في ع "فليس" بزيادة الفاء في أوله.
2 نقل ذلك عن الإمامين ابن قدامة في المغني 3/457، لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول: "من ضفر فليحلق ولا تشبهوا بالتلبيد"، وكان ابن عمر يقول لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ملبداً.
أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب التلبيد 7/59، وأحمد في مسنده 2/121.
وأخرج قول عمر رضي الله عنه أيضاً الإمام مالك في الموطأ 1/398 عن ابنه عبد الله، وعن سعيد بن المسيب، والذي جاء في كشاف القناع والمبدع لا فرق بين لبد وغيره في حكم وجوب الحلق، أو التقصير.
وقال المرداوي في الإنصاف أنه هو المذهب، وحكى عن الكوسج روايته هذه.
وقال العلامة ابن قدامة في المغني3/458: "والصحيح أنه مخير إلا أن يثبت الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقول عمر وابنه قد خالفهما فيه ابن عباس وفعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على وجوبه" ا. هـ.
وقد نقل الحافظ ابن حجر في الفتح 3/560 أن ابن بطال نقل عن الجمهور تعيين الحلق لمن لبد، وخالف في ذلك أهل الرأي، ثم ذكر الحافظ بأنه لا دليل صريح بوجوب الحلق، وأن أعلى ما فيه هو قول عمر رضي الله عنه.
انظر: كشاف القناع 5/205، الإنصاف 4/38، المبدع3/243، طرح التثريب في شرح التقريب للعراقي 5/116.(5/2167)
[1448-] قلت: كم تقصر المرأة (من) 1 رأسها؟
قال: قدر الأنملة.2
قال إسحاق: كما قال.3
[1449-] قلت:4 من أخر الإفاضة إلى آخر النفر؟ 5
__________
1 في ع "عن"، والصواب ما أثبته من ظ.
2 في ع "أنملة" بحذف الألف واللام.
والأنملة بفتح الميم: رأس الأصبع، وهي واحدة الأنامل، وهي رؤوس الأصابع.
مختار الصحاح ص680.
3 المشروع في حق النساء التقصير لا الحلق، ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك كما في المغني، أما كيفية التقصير ومقداره: فروي عن الإمام أحمد أن تقصر من كل قرن قدر الأنملة، وبه قال إسحاق.
وروي عنه أنها تجمع شعرها إلى مقدم رأسها، ثم تأخذ من أطرافه قدرها.
المغني3/464، كشاف القناع 2/502، الفتح الرباني 2/198، المبدع 3/243، المسائل لابن هانئ 1/155.
وعن حكم قدر الأنملة: قال المرداوي تعقيباً على قول ابن قدامة: " والمرأة تقصر من شعر رأسها قدر الأنملة " يعني فأقل، وهذا المذهب.
وقال ابن الزاغوني في منسكه: "يجب تقصير قدر الأنملة". ا. هـ.
الإنصاف 4/39، وانظر أيضاً:: المبدع 3/243، كشاف القناع 2/502.
4 في ط بزيادة "لأحمد".
5 أي من أخر طواف الإضافة إلى آخر أيام منى(5/2168)
قال: لا بأس به.1
قال إسحاق: كما قال.
[1450-] قلت: [طواف] 2 الإفاضة يوم النحر من قال لا يزيد على سبع؟
قال (أراد) 3 لا يدخل عليه شيء.
قال إسحاق: لا يزيد على سبع.4
__________
1 الصحيح من المذهب أن من أخر طواف الإفاضة عن يوم النحر وعن أيام منى جاز له ذلك ولا شيء عليه، ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك.
وقيل عليه دم إن أخره عن يوم النحر لغير عذر.
وقيل بوجوب الدم إذا أخره عن أيام منى.
انظر: الإنصاف 4/43، المبدع 3/248، المغني والشرح الكبير 3/466، كشاف القناع 2/506، الفتح الرباني 12/204، الإجماع لابن المنذر ص55.
2 سقطت من ع، والأولى إثباتها كما في ظ لأن فيها زيادة توضيح.
3 في ع "وإن راد" بزيادة وإن، والمعنى يستقيم بدونها كما أثبته من ظ.
4 المعنى والله أعلم، أن طواف الإفاضة سبعة أشواط لا رمل فيها، ولا زيادة في العدد فيها لأنها من العبادات، والعبادات على السماع، ولا مجال للاجتهاد فيها.
قال ابن قدامة في المغني 3/466: "وصفة هذا الطواف كصفة طواف القدوم، سوى أنه ينوي به طواف الزيارة ويعينه بالنية، ولا رمل فيه ولا اضطباع؛ قال ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه، والنية شرط في هذا الطواف. وهذا قول إسحاق " ا. هـ.
وانظر أيضاً: كشاف القناع 2/504.(5/2169)
[1451-] قلت: من أدركه المساء يوم الثاني1 بمنى؟
قال: يقيم إلى الغد حتى تزول الشمس.2
قال إسحاق: كما قال.3
__________
1 هكذا في النسخ والموافق لقواعد العربية "مساء اليوم الثاني"، أي من أيام التشريق.
2 المذهب جواز التعجيل في يومين، أي الخروج من منى بعد الرمي في اليوم الثاني من أيام التشريق، ويسمى هذا بالنفر الأول.
وسواء في ذلك من يريد الإقامة بمكة، أو غيره.
وروي عن الإمام أحمد أنه قال: لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم بمكة. وحجته قول عمر رضي الله عنه: من شاء من الناس كلهم أن ينفر في النفر الأول إلاّ آل خزيمة فلا ينفر إلا في النفر الآخر، كما سيأتي في مسألة رقم (1455) .
فقد جعل معنى قوله: "إلا آل خزيمة"، أي أنهم أهل حرم مكة.
وقد حمل صاحب المغني كلام أحمد على الاستحباب.
فمن أحب التعجيل خرج قبل غروب الشمس، فإن غربت وهو بمنى لزمه المبيت، ويرمي من الغد بعد الزوال، وهو ما نص عليه الإمام هنا..
انظر: المغني 3/479، والشرح الكبير 3/483، الإنصاف 4/49، المبدع 3/254، الكافي1/454، كشاف القناع 2/511.
3 انظر عن قوله المغني3/479، الشرح الكبير 3/483.(5/2170)
[1452-] قلت:1 من بات دون منى (ليس عليه شيء) ؟ 2
قال: يطعم شيئاً.3
(قال عطاء هذا؟ قال: نعم درهماً) .4
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".
2 في ع "ليله هل عليه شيء".
والأولى ما أثبته من ظ لشموله مطلق المبيت دون منى.
3 هذه رواية عن الإمام أحمد، ورواية ثانية أنه لا شيء عليه.
والصحيح من المذهب كما في الإنصاف أن عليه دماً، وجزم به في الإقناع، وقدمه في الفروع وقال: اختاره الأكثر، وكذلك في المبدع لقول ابن عباس رضي الله عنهما: "من ترك نسكاً، أو نسيه فإنه يهريق دماً".
وسبق تخريجه في المسألة (1776) .
الإنصاف4/47، المبدع 3/252، الفروع 3/519، كشاف القناع2/510، المغني3/474.
وحكم المبيت بمنى واجب على الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، كما في الإنصاف، وقدمه المغني والشرح الكبير، وقال في الفروع أنه أصح الروايتين، وعن الإمام أحمد رواية أنه ليس بواجب.
المغني والشرح الكبير 3/473، الإنصاف 4/60، الفروع 3/527، كشاف القناع 2/508.
4 في ظ "قال عطاء: مد قال: يطعم درهماً"، والعبارة في كلا النسختين غير واضح معناها. ولعل ما أثبته من ع هو الأقرب، فيكون المعنى والله أعلم: أنه بعد جواب الإمام أحمد قال له الكوسج: قال عطاء هذا الجواب، فأجابه أحمد بنعم، أي قال عطاء: يتصدق بدرهم، ويشهد له ما حكى ابن المنذر في الإشراف ق 135ب عن عطاء فيمن بات ليلة عن منى أن عليه دراهم(5/2171)
قال إسحاق: كما قال، وليس فيه وقت.1
[1453-] قلت: التكبير أيام التشريق؟
قال: أما أنا فأختار من غداة عرفة2 إلى آخر أيام التشريق، يكبر في العصر ثم يقطع،3 هذا يجمع الأقاويل كلها.4
__________
1 أي لا فرق بين من ترك المبيت ليلة أو أكثر. والله أعلم.
2 المقصود بغداة عرفة هنا: فجر يوم عرفة، كما يدل عليه الحديث الآتي في التعليق التالي.
3 ومما ورد في ذلك: ما روى الدارقطني في سننه 2/49 عن جابر بن عبد الله قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق حين يسلم من المكتوبات".
4 والخلاف الذي أشار إليه الإمام أحمد رحمه الله، هو اختلاف العلماء في ابتداء مدة التكبير ونهايته، فذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه من غداة عرفة إلى عصر يوم النحر، حاشية على مراقي الفلاح 1/351.
وذهب الإمامان مالك والشافعي في المشهور عنهما، أنه من ظهر يوم النحر إلى فجر آخر أيام التشريق، كفاية الطالب الرباني لرسالة ابن أبي زيد القيرواني 1/349، مغني المحتاج 1/314.
ويكون الاحتياط فيما اختاره الإمامان أحمد وإسحاق رحمهما الله تعالى، حيث إنه يجمع الأقاويل كلها كما صرح به الإمام أحمد، فإنه استوعب جميع الأزمنة التي ذكر الأئمة أنه يشرع فيها التكبير.
وما يرجح ذلك أيضاً قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} البقرة 203، وهي أيام التشريق.
فتح القدير للشوكاني 3/448، والتكبير من الذكر. المغني 3/254.(5/2172)
قال إسحاق: كما قال.
[1454-] قلت: النزول بالأبطح؟ 1
قال: من لم ينزل فليس عليه شيء.2
__________
1 الأبطح: مكان يعرف بالمحصب، ويضاف إلى مكة وإلى منى، لأن المسافة بينه وبينها واحدة، وربما كان إلى منى أقرب، وهو خيف بني كنانة، وذكر بعضهم أنه سمي أبطح، لأن آدم عليه السلام بطح فيه.
معجم البلدان 1/74، كشاف القناع 2/511، المغني 3/483.
والأبطح معروف بهذا الاسم إلى الآن، ويمر بوسطه شارع معروف بشارع الأبطح، والأبطح والمحصب متلاصقان، فالأبطح إلى جهة مكة، ويتصل به مباشرة المحصب، وهو إلى جهة منى، فهما يشملان حالياً من الحجون إلى طلعة منى.
2 لا خلاف في المذهب في أن النزول بالأبطح ليس بواجب ولا شيء على تاركه.
وقال بعض الأصحاب يستحب لمن نفر أن ينزل فيصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، لما روى نافع قال: كان ابن عمر يصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم يهجع هجعة ويذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب النزول بذي طوي 2/147.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا ينزلون الأبطح.
أخرجه مسلم كتاب الحج، باب استحباب النزول بالمحصب يوم النفر والصلاة به 1/951.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يرى التحصيب سنة. صحيح مسلم 1/951.
وكان ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم لا يريان ذلك سنة، فقد جاء: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ليس التحصب بشيء إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وعن عائشة رضي الله عنهما قالت: "نزول الأبطح ليس بسنة إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج".
متفق عليهما. البخاري كتاب الحج، باب المحصب 2/196.
[] مسلم كتاب الحج، باب استحباب النزول بالمحصب يوم النفر والصلاة به 1/951-952. المغني والشرح [] الكبير 3/483-484، المبدع 3/255، كشاف القناع 2/511-512، الكافي 1/454-455.(5/2173)
قال إسحاق: كما قال، لأن نزول النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لانتظار عائشة رضي الله عنها.
[1455-] قلت:1 قول عمر رضي الله عنه لينفر من شاء يوم النفر إلا آل
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".(5/2174)
خزيمة؟ 1
قال: لأنهم أهل حرم.
قال إسحاق: كما قال.
[1456-] قلت:2 المحرم يشم الريحان وينظر في المرآة؟
قال: نعم.3
__________
1 سبق الاستدلال بهذا الأثر على أن من يريد الإقامة بمكة لا يحق له النفر الأول في مسألة رقم (1451) .
2 بين هذه المسألة والتي بعدها تقديم وتأخير في"ع".
3 في شم الريحان للمحرم روايتان:
إحداهما هذه: يباح شمه ولا فدية فيه، وهو الصحيح من المذهب، كما في الإنصاف 3/470.
الثانية: يحرم شمه، فإن فعل فعليه الفدية، أجاب الإمام أحمد بما يدل عليها في المسألة الآتية برقم: (1645) .
انظر أيضاً: المغني والشرح الكبير 3/294، الكافي 1/407، الروايتين والوجهين ق50، الفروع 3/377، تصحيح الفروع 3/378، الإشراف ق114 أ، المسائل برواية النيسابوري 1/158.
أما حكم النظر في المرآة، فإن كان لحاجة كمداواة جرح وإزالة شعر نبت في عينه ونحو ذلك، فهذا جائز.
أما إن كان النظر لإزالة شعث، أو تسوية شعر، أو شيء من الزينة، كره له ذلك. وقيل: يحرم.
[] انظر: المغني والشرح الكبير 3/298-299، الإنصاف 3/506، الفروع 3/355، الكافي 1/413.(5/2175)
قال إسحاق: كما قال لا بأس به، وترك ذلك أفضل.1
[1457-] قلت: الطيب قبل الإحرام؟
قال: لا بأس به وبعد الإحرام قبل أن يطوف بالبيت.2
قال إسحاق: كما قال.3
__________
1 انظر عن قول إسحاق في شم الريحان: المغني 3/294، الإشراف ق 114أ.
وفي النظر في المرآة الإشراف: ق 115أ.
2 يستحب لمن أراد الإحرام أن يتطيب في بدنه خاصة، وكذلك بعد الإحرام قبل الطواف بالبيت، لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت ".
وسبق تخريجه في مسألة رقم (1442) .
أما تطييب الثوب، فالصحيح من المذهب أنه يكره.
وقيل: تطييب ثوبه كتطييب بدنه.
[] انظر: المغني والشرح الكبير 3/226-228، الإنصاف 3/432، مسائل الإمام أحمد برواية إسحاق النيسابوري 1/158.
3 انظر عن قوله الإشراف ق 100أ.(5/2176)
[1458-] قلت:1 السواك للمحرم؟
قال: لا بأس به.2
قال إسحاق: كما قال؛ أخضرَ كان أو يابساً، لأن بينه وبين الصوم فرق،3 لأن الأخضر يخشى دخول [طعمه] 4 الحلق، والمحرم لا يضره.
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".
2 قال ابن المنذر في الإجماع ص 52: " وأجمعوا أن للمحرم أن يستاك "، وقال في الإشراف ق 114م: "ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء، دخل في ذلك المحرم والصائم في شهر رمضان وغيره، ولا أعلم أحداً منع المحرم من السواك" ا. هـ.
وورد في سواك المحرم عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، وهل تسوك النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم، قال: نعم".
انظر: صحيح ابن خزيمة، باب الرخصة في السواك للمحرم 4/486.
سنن البيهقي، باب المحرم يستاك 5/65.
3 فيكره للصائم السواك بالعود الرطب في إحدى الروايتين عن أحمد، وهو قول إسحاق للعلة المذكورة.
والثانية: لا يكره.
[] انظر: الشرح الكبير 3/72، مصنف ابن أبي شيبة 3/36-37، فقد جاء فيه آثار تؤيد الروايتين.
4 سقطت من ع، والصواب إثباتها كما في ظ، لأن الكلام لا يستقيم بدونها.(5/2177)
[1459-] قلت: من لم يجد نعلين؟ 1
قال: يلبس خفين،2 والسروايل3 كذلك.4
__________
1 مثنى نعل، وهي ما وقيت به القدم من الأرض، والنَّعْل أيضاً: الحذاء، لسان العرب 11/667، تاج العروس 8/139، القاموس المحيط 4/59.
2 مثنى خُف: وهو الذي يلبس في الرجل، ويجمع على خفاف وأخفاف، لسان العرب 9/81، تاج العروس 6/92، القاموس المحيط 3/139، الصحاح 4/1353.
3 السراويل: فارسية معربة، وقد تذكّر، جمعها سراويلات، أو هي سروال وسروالة أو سرويل، وليس في كلام العرب فعويل غيرها.
القاموس المحيط 3/406، لسان العرب 11/334، تاج العروس 7/375، المصباح المنير 275، وفي المعجم الوسيط 1/428، والسراويل لباس يغطي السرة والركبتين وما بينهما.
والسراويل المعروفة الآن هي: لباس يستر النصف الأسفل من الجسم، يفصل بحيث تدخل فيه الرجلان كلاً على حدة، وبذلك يفارق الإزار.
4 أي أن السراويل مثل الخفين في الحكم، فمن لم يجد الإزار يلبس السراويل، كما أن من لم يجد النعلين يلبس الخفين.
وهذا بلا خلاف في المذهب؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين".
متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب السراويل 7/38، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة، وما لا يباح 1/835.
وانظر: المغني 3/272، الإنصاف 2/464، الكافي 1/404(5/2178)
[1460-] قلت: يقطعهما؟
قال: لا.1
__________
1 هذا هو المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله لحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتفق عليه السابق في المسألة، ومن أدلته قول علي رضي الله عنه "قطع الخفين فساد، يلبسهما كما هما".
نقل ذلك ابن قدامة في المغني، وابن القيم في التهذيب، وبعدم قطعهما موافقة للقياس، فإنهما ملبوس أبيح لعدم غيره فأشبه السراويل تلبس عند عدم الإزار، وقطعه لا يخرجه عن حالة الحظر، فإن لبس المقطوع محرم مع القدرة على النعلين.
وقال ابن القيم في التهذيب: "ولا يسلم من مخالفة النص والقياس إلا من جوز لبسهما بلا قطع". ا. هـ
وفي رواية عن الإمام أحمد: يقطعهما أسفل من الكعبين، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فمن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا أسفل الكعبين".
متفق عليه؛ أخرجه البخاري في باب ما يلبس المحرم من الثياب 2/345، ومسلم في باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح 1/834.
وقد تعجب الخطابي من الإمام أحمد بقوله بعدم القطع فقال: أنا أتعجب من أحمد في هذا، فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغ، وقَلًّت سنة لم تبلغه.
ورجح ابن قدامة في المغني القطع الذي هو خلاف المشهور عملاً بالحديث الصحيح، وخروجاً من الخلاف وأخذاً بالاحتياط.
وقد أجاب القائلون بالرواية المشهورة عن حديث ابن عمر هذا بأجوبة منها:
أن قوله: "وليقطعهما" من كلام نافع، وليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأنه يحتمل أن يكون منسوخاً، فإن عمرو بن دينار روى الحديثين معاً، ثم قال: انظروا أيهما كان قبل.
[] انظر: المغني 3/273-275، المبدع 3/142-143، الإنصاف 3/465، تهذيب ابن القيم 2/345-349، معالم السنن للخطابي 2/345، المطبوع مع مختصر المنذري.(5/2179)
قال إسحاق: بلى يقطع الخفين أسفل من الكعبين.
[1461-] قلت: يبدل المحرم ما شاء من الثياب؟
قال: نعم.1
قال إسحاق: نعم.
__________
1 إن في إباحة ذلك دليلاً على سماحة الشريعة الإسلامية، لأن في عدم إباحة تبديل المحرم لثيابه مشقة وضرراً على الجسم، والحاجة تدعو إلى إبدال الثياب، ولا سيما إذا طالت مدة الإحرام سواء بطول السفر، أو بالإحرام بالحج مبكراً.
ولم أقف على رأي بمنع المحرم من تبديل ثيابه، بل المنقول يؤيد جواز ذلك، ففي صحيح البخاري 2/146: "وقال إبراهيم: لا بأس أن يبدل ثيابه".
وأخرج البيهقي في باب المحرم يلبس من الثياب ما لم يهمل فيه 5/52 عن عكرمة مولى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم غير ثوبيه بالتنعيم وهو محرم.
وروى ابن خزيمة في باب إبدال المحرم ثيابه في الإحرام 4/202 عن جابر رضي الله عنه قال: كنا نلبس من الثياب إذا أهللنا ما لم نهل فيه.
وانظر عن المسألة أيضاً القرى لقاصد أم القرى 238، فتح الباري 3/406.(5/2180)
[1463-] قلت: المنطقة1 للمحرم؟
قال: لا بأس بها.2
قال [إسحاق] :3 لا بأس بذلك، وهو الهميان،4 وليس له أن
__________
1 المِنْطَق والمِنْطَقة والنطاق: كل ما شد به وسطه.
المحكم والمحيط الأعظم في اللغة 6/174، لسان العرب 10/354.
2 هذا إذا كان بها نفقة (من النقود) ، أما إن لم يكن فيها نفقة، ولبسها لوجع، أو لحاجة فالصحيح أن يفدي. الإنصاف 3/467.
3 ساقطة من ظ، والصواب إثباته، كما في ع لتقدم قول الإمام أحمد، فالقول الثاني هو قول إسحاق، كما هو الدارج في جميع المسائل.
4 الهميان: التكه (ما يربط به السروال) ، وقيل للمنطقة هميان، فهما بمعنى واحد كما فسره الإمام إسحاق هنا. ويقال للذي تجعل فيه النفقة ويشد على الوسط هميان. انظر: لسان العرب 3/437، 15/364.(5/2182)
يعقده، ولكن ليدخل السيور1 بعضها في بعض.2
[1464-] قلت: القبة3 للمحرم؟
قال: القبة للمحرم (لا،4 وهذه الظلال) 5 إلا أن يكون شيئاً
__________
1 السيور: جمع سير وهو: الذي يقد من الجلد.
القاموس المحيط 2/56، مختار الصحاح ص 325.
2 هذا إذا ثبت بذلك، أما إن لم يثبت إلا بالعقد، وفيه نفقته فله عقده، وبهذا قال: أحمد وإسحاق.
وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "أوثق عليك نفقتك".
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحرم في الهميان أن يربطه إذا كانت فيه نفقته".
المغني والشرح الكبير 3/277، الإنصاف 3/467، المسائل برواية أبي داود ص 126.
3 القبة من البناء معروفة، وقيل هي البناء من الأدم خاصة.
والقبة من الخيام: بيت صغير مستدير، وهو من بيوت العرب.
لسان العرب 1/659.
وفي ذلك جاء حديث جابر الآتي في تعليق المسألة.
4 في ع "لأن الظلال"، والذي يستقيم به الكلام ما أثبته من ظ، والمنع في المحمل كما سيأتي قريباً.
5 الظِلال: جمع ظلَّة وهي ما سترك من فوق، أو الشيء يستتر به من الحر والبرد.
وجاء الظلال: ما أظلك من سحاب ونحوه.
[] لسان العرب 11/16-17، مختار الصحاح 404.(5/2183)
يسيراً باليد، أو ثوباً يلقه على عود يستتر به.
قال إسحاق: كما قال [ع-86/ب] (وإن) 1 تظلل بالقبة لم
__________
1 في ع "فإن". وتحرير هذه المسألة أن الاستظلال إما أن يكون في محمل أو لا، فإن كان بغير محمل كأن استظل بالسقف أو الحائط، أو نزل تحت شجرة، أو نصب خيمة، فلا شيء عليه، لما جاء في حديث جابر رضي الله عنه الذي وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم: "وأمر بقبةٍ من شعر تضرب له بنمرة، فسار حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها".
الحديث رواه مسلم1/147.
أما إن كان الاستظلال في المحمل وما في معناه، كالهودج، ففي تحريمه ثلاث روايات:
الأولى: يحرم، قال عنها صاحب الإنصاف: وهو الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب.
الثانية: يكره. قال في الإنصاف: "اختارها المصنف والشارح وقالا: هي الظاهر عنه"، ويعني بهما ابن قدامة وصاحب الشرح الكبير.
الثالثة: يجوز من غير كراهة، ذكرها صاحب الفروع.
وفي وجوب الفدية ثلاث روايات أيضاً:
الثالثة: إن كثر الاستظلال وجبت الفدية، وإلا فلا، وهي توافق قول الإمام هنا: " وهذه الظلال إلا أن يكون شيئاً يسيراً".
والراجح في المذهب والله أعلم أنه يكره ذلك، ولا يحرم، ولا فدية فيه، لإجماع علماء المذهب على جواز الاستظلال بالخيمة وبثوب على عود يستتر به.
وقال في المغني:" وظاهر كلام أحمد أنه إنما كره ذلك كراهة تنزيه لوقوع الخلاف فيه، وقول ابن عمر، ولم ير ذلك حراماً ولا موجباً للفدية " ا. هـ.
وقال في الإنصاف بعد رواية الكراهة:" وجزم بهذا ابن رزين وصاحب الوجيز، وصححه في تصحيح المحرر، ثم قال: وقال القاضي موفق الدين هذا المشهور" ا. هـ.
[] انظر: المغني 3/282-285، الفتاوى 26/112، القرى 198-199، الكافي 1/406، الإنصاف 3/461-[463،] الفروع 3/364-365، المبدع 3/140، كشف المخدرات والرياض المزهرات شرح أخصر المختصرات 173، مسائل عبد الله ص 205، التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع ص 100.(5/2184)
يضره.
[1465-] قلت: ما تلبس المحرمة من الثياب؟
قال: تلبس الخز1 والقز2 والمصابيغ بالعصفر لا بالطيب والحلي،3
__________
1 الخز من الثياب ما ينسج من صوف وإبريسم (أي حرير) .
لسان العرب 5/345، المعجم الوسيط 1/231، القاموس 4/80.
2 القز: من الثياب والإبريسم: أعجمي معرب وجمعه قزوز. قال الأزهري: هو الذي يسوى من الإبريسم.
انظر: لسان العرب 5/395 مختار الصحاح 533، تاج العروس 4/69، المعجم الوسيط 2/733.
3 الحلي: جمع حَلْي بالفتح، وهو ما يزين به من مصوغ المعدنيات، أو الحجار.
وقال الليث: الحلي كل حلية حليت به امرأة، أو سيفاً ونحوه.
وقال غيره: إنما يقال الحلي للمرأة، وأما سواها فلا يقال إلا حلية للسيف.
انظر: القاموس المحيط 4/321، المعجم الوسيط 1/195، تاج العروس 10/97.
والحلي معطوف على المصابغ بالعصفر، حيث إن الصحيح من المذهب أنه يباح للمحرمة لبس الحلي، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما "أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب، ولْتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفراً أو خزاً أو حلياً أو سراويل أو قميصاً أو خفاً".
أخرجه أبو داود كتاب المناسك، باب ما يلبس المحرم 2/412، ولم تر عائشة بأساً بالحلي والثوب الأسود.
وقال في الكافي: ويكره التزين بالحلي، وهو مباح لحديث ابن عمر.
وهناك رواية بأنه يحرم على المحرمة لبس الحلي، وجزم به الخرقي.
[] انظر: الإنصاف 3/504، المغني 3/269، 3/308-310، الكافي 1/413.(5/2185)
ولا تلتثم1 ولا تبرقع.2
__________
1 اللثام: قال عنه ابن منظور: رد المرأة قناعها على أنفها ورد الرجل عمامته على أنفه.
وفي تهذيب اللغة حكاية أبي عبيد عن أبي زيد قال تميم: تقول: تلثمت على الفم، وغيرهم تقول تلفمت.
وفيه أيضاً: وقال الفراء: إذا كان على الفم فهو اللثام، وإذا كان على الأنف فهو اللفام.
لسان العرب 12/433، تهذيب اللغة 15/101، الصحاح 5/2026.
2 البرقع: يقال فيه برقع، كقنفد وبرقع، كجندب وبرقوع كعصفور، وهو شيء يلبس على الوجه يكون للنساء والدواب، وفيه خرقان للعينين.
[] انظر: تهذيب اللغة 3/294، لسان العرب 8/9-10، الصحاح 3/1184، تاج العروس 5/273.
واللثام والبرقع يحرمان على المحرمة؛ لما جاء في البخاري 2/146 في باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر: ولبست عائشة الثياب المعصفرة، وهي محرمة، وقال: لا تلثم، ولا تتبرقع، ولا تلبس ثوباً بورس ولا زعفران.
ولما سبق في مسألة رقم (1465) من حديث ابن عمر في النهي عن النقاب، وهو شبيه بالبرقع واللثام، حيث إن النقاب هو ما يوضع على مارن الأنف ويستر ما تحته، كما سيأتي ذلك في مسألة رقم (1546) والتعليق عليه.
ولأن إحرام المرأة في وجهها، فيحرم عليها تغطيته، فإن احتاجت إلى ستره سدلت عليه من فوق رأسها ما يستره، كما سيأتي في مسألة رقم (1465) .
[] انظر: المغني 3/305، الإنصاف 3/502-503، الكافي 1/405، الإشراف ق 108أ، فتح الباري 3/405-406.(5/2186)
قال إسحاق: كما قال.
[1466-] قلت: المحرم يغطي1 وجهه؟
قال: (إن ذهب ذاهب إلى قول عثمان رضي الله عنه2 لا أعيبه، يروى عن عثمان رضي الله عنه وزيد، ومروان) 3 ولم
__________
1 في ع "يخمر" المعنى واحد.
2 هو عثمان بن عفان بن أبي العاص، ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد المبشرين بالجنة، ويلقب بذي النورين. استشهد رضي الله عنه في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة، وعمره ثمانون، وقيل غير ذلك.
تقريب التهذيب 235، الإصابة 2/455.
3 هو مروان بن الحكم بن العاص، أبو عبد الملك الأموي المدني. ولي الخلافة في آخر سنة 64هـ، وهو أول من ملك من بني الحكم، وإليه ينسب بنو مروان ودولتهم المروانية، مات سنة 65هـ.
قال عنه الحافظ ابن حجر: لا يثبت له صحبة من الثانية.
انظر: تقريب التهذيب 333، الإصابة 3/383، الأعلام 7/207.(5/2187)
ير1 به بأساً.2
قال إسحاق: السنة أن يغطي المحرم وجهه إذا نام من (الذباب) 3 وغيره، وإن لم
__________
1 أي الإمام أحمد رحمه الله.
2 في إحدى الروايتين عنه، وهو الصحيح من المذهب كما في الإنصاف 3/463.
وذكر في المغني وفي كشاف القناع، وجزم به أنه مروي عن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت.
والثانية: لا يجوز، وعليه الفدية بتغطيته، لما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن المحرم الذي وقصته ناقته: "ولا تغطوا وجهه"، أخرجه مسلم 1/867.
وقد أجاب ابن قدامة عن ذلك بأن هذه الرواية مضطربة، ورجح الأولى، لأنه قول جمع من الصحابة، ولم يعرف لهم مخالف فيكون إجماعاً.
المغني 304، المحرر 238، الفروع 3/366، شرح النووي 8/128، كشاف القناع 2/425.
3 في ظ "الذبان" والأولى ما أثبته من ع، لأنه الموافق لإطلاقه على الحشرة المعروفة، والذبان جمع كثرة للذ، باب وجمعه من القلة أذبة، والواحدة منه ذبابة، وذبانة- بالضم والكسر - وهي الحشرة المجنحة المعروفة التي في المنازل، وتسقط في الطعام والإناء.
لسان العرب 1/382، المصباح المنير 1/207، مختار الصحاح ص 219، المعجم الوسيط 1/308.(5/2188)
يضرب1 ما غطى به وجهه كان أفضل.
[1467-] قلت:2 المحرمة تلبس الخفين والقفازين.3
قال: أما (الخفان) 4 فنعم، وأما القفازان فلا يعجبني.5
__________
1 هكذا في النسخ، ولعلها "وإن لم يمر"، بمعنى وأن لا يمس الوجه ما غطى به وجهه.
2 في ظ بزيادة (لأحمد) .
3 القفاز: لباس الكف.
قال شمر: القفازان شيء تلبسه نساء الأعراب في أيديهن يغطي أصابعها ويدها مع الكف.
وقال ابن دبرد: "القفاز ضرب من الحلي تتخذه المرأة ليديها ورجليها " ا. هـ. والمقصود به هنا التعريف الأول.
[] انظر: تهذيب اللغة 8/437-438، تاج العروس 5/285.
4 في ظ: الخفين، والصواب ما أثبتناه من ع، لأنه الموافق لقواعد العربية.
5 "فلا يعجبني" يقصد به هنا التحريم، حيث إن لبس القفازين يحرم على المحرمة لما روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تتنقب المرأة الحرام، ولا تلبس القفازين".
أخرجه البخاري في كتاب جزاء الصيد، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة 2/215، ورواه أبو داود، [] باب ما يلبس المحرم 2/411، والترمذي، باب ما جاء فيما لا يجوز للمحرم لبسه 3/194-195 وقال: حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم.
وانظر أيضاً: المغني 3/308، الإنصاف 3/503، الكافي 1/405، تهذيب ابن القيم 2/351.(5/2189)
قال إسحاق: القفازان شبه الدسلموذ.1
[1468-] قلت:2 المحرمة تسدل على وجهها؟
قال: نعم.3
قال إسحاق: كما قال.4
__________
1 الدسلموذ: لم أقف على تعريفه، والدست: من الثياب ما يلبسه الإنسان ويكفه لتردده في حوائجه.
المصباح المنير 1/194، والديابوذ ثوب ينسج بنيرين. لسان العرب 3/490.
2 في ظ بزيادة "لأحمد".
3 وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفنا".
أخرجه أبو داود 2/416، باب المحرمة تغطي وجهها، وابن ماجه 2/979، باب المحرمة تسلسل الثوب على وجهها.
وانظر عن المسألة تهذيب ابن القيم 2/350، المغني 3/305، كشاف القناع 2/447، مسائل الإمام أحمد رواية إسحاق النيسابوري 1/157.
4 انظر عن قوله: المغني 3/305، معالم السنن 2/354.(5/2190)
[1469-] قلت:1 الكحل [للمحرم] 2؟
قال: ما لم يكن فيه طيب، ولا يعجبني3 أن يكتحل للزينة، وأما المرأة فلا تكتحل بالسواد إلا بالذرور.4
قال إسحاق: كما قال.5
__________
1 في ظ بزيادة "لأحمد".
2 ساقطة من ع، والأولى إثباتها كما في ظ، لأن المقصود بالحكم هو المحرم، كما أن في ذلك موافقة لما درج عليه في المسائل التي بعدها.
3 يقصد بها هنا "الكراهة".
4 الذَّر: مصدر ذررت، وهو أخذ الشيء بأطراف أصابعك تذره كذر الملح المسحوق على الطعام.
والذرور: بالفتح ما يذر في العين وعلى القرح من دواء يابس، وفي الحديث: تكتحل المحد بالذرور. لسان العرب [4/303-304.
] ولا يجوز للمحرم أن يكتحل بما فيه طيب، أمّا ما عداه فمباح، إلا إن كان أسْوَدَ أو للزينة فيكره حينئذ، والمرأة أشد كراهة، لأنها محل للزينة.
وقد جاء في حديث جابر الذي وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم: "أن علياً صلى الله عليه وسلم قدم من اليمن فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل فلبست ثياباً صبغاً واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: أبي أمرني بهذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدقت صدقت".
رواه مسلم 1/888.
فهذا يدل على أنها كانت ممنوعة من ذلك أثناء الإحرام.
المغني 3/306، الكافي 1/413.
5 معالم السنن 2/356(5/2191)