ـ[شرح مختصر الخرقي]ـ
مؤلف الأصل: أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي (المتوفى: 334هـ)
الشارح: عبد الكريم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن حمد الخضير
دروس مفرغة من موقع الشيخ الخضير
[الكتاب مرقم آليا، رقم الجزء هو رقم الدرس - 73 درسا](/)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مختصر الخرقي: كتاب الطهارة (1)
مقدمة عن كتاب مختصر الخرقي وشروحه ونظمه
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد اشتمل الجدول الجديد لهذه السنة على مفاجأة، وهي تغيير كتاب طالما انتظره الإخوان، وفرحوا به، وهو كتاب: "منتهى الإرادات" إلى كتاب مختصر جداً، يعني من أصعب المتون وأطولها إلى أسهلها وأخصرها، يعني بون شاسع بين الكتابين، وتم التغيير بناءاً على مشاورة بعض الإخوان من كبار الطلاب، وبعض المشايخ، وبعد معاناة خلال فصل دراسي كامل، يزيد على ثلاثة أشهر، عانى فيه كثير من الطلاب، وجاءت الانتقادات من الطلبة المتوسطين فضلاً عن المبتدئين، وليس السبب في تغييره السبب الرئيس في تغييره بالنسبة لي صعوبة الكتاب، بل سبب اختيار الكتاب صعوبته؛ لأن الكتاب الصعب هو الذي يربي طلاب العلم، لكن إذا اقترن مع الصعوبة طول هذه مشكلة لا تنحل، إذا تصورنا أننا في باب من أبواب الطهارة يعني فيما يعادل ورقة استغرق شرحها، شرح هذه الورقة ثلاثة أشهر، والكتاب .... يأخذ حاجته ويمشي، يأخذ دراسته ويمشي أربع سنين ويمشي، حتى تفاوت بين الطلاب هذا في السنة الأولى وباقي عليه أربع سنوات، وهذا في المستوى الخامس، أو السادس أو الثامن ما بقي عليه شيء، فعمدنا بعد ذلك إلى كتاب مختصر، وقبلنا من فعل هذا من الشيوخ، فالشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- قرر الكتاب، وشرح فيه مدة وجيزة ثم ترك، فعدل عنه لهذا السبب.(1/1)
وأنا قناعتي أن الطلاب يربون على الكتب الصعبة، لا على الكتب السهلة؛ لأن هؤلاء الطلاب إذا هضموا مثل هذا الكتاب -أعني المنتهى- لن يشكل عليهم أي عبارة من عبارات الفقهاء، لن يقف في وجوههم أي جملة من جملهم أو كلمة، بينما لو ربوا على الكتب السهلة، وكتب المعاصرين ومذكراتهم، ثم انفرد كل طالب بنفسه في قرية لا يعينه على فهم العلوم أحد وقع حائر أمام عبارات العلماء، فعلى هذا، هذا هو سبب الاختيار الأول، لكن العدول عنه لا لصعوبته، إنما الصعوبة المقرونة بالطول، يعني لو كان الكتاب ينتهي بمدة سنتين أو ثلاث مع طوله كان الاستمرار أولى، والعلماء حينما يقصدون إلى توعير العبارة ليس هدفهم وقصدهم تعذيب الطلاب، أو إطالة الطريق عليهم أبداً، إنما المقصود تمرينهم وتدريبهم، وأنت تسمع من يتصدى للإفتاء في مختلف الوسائل الآن، تعرف أن هذا المفتي تربى على كتب أهل العلم وإلا علمه مجرد ثقافة وأساليب وإنشاءات، تفرق.
المقصود أن الصعوبة هذه مقصودة لأهل العلم، توعير العبارات لتمرين الطلاب وتدريبهم على أساليب أهل العلم؛ لأنهم يتوقعون أن هذا الطالب الذي قرأ هذا الكتاب، وحل هذا الكتاب على هذا الشيخ أنه يتفرد فيما بعد، فلا يحتاج إلى غيره، يعني إلى متى يحتاج الطالب إلى غيره؟ المتوقع أن الطالب سنة سنتين ثلاث خمس، عشر، بالكثير، ثم يستقل بنفسه، بعض من كتب في النحو صعب العبارة جداً، وأغلقها وأرتجها، بحيث لا يفهم كتابه إلا عن طريقه هو، ولما سئل عن ذلك قال: لو سهلناه ما احتاج الناس إلينا، وضعنا، لكن هذا قصد ليس من مقاصد أهل العلم الذين أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يعملوا الناس، هذا دنيوي محض، فعدلنا عن الكتاب الصعب الطويل إلى كتاب مهجور مع أنه أقدم متون الحنابلة على الإطلاق، وعناية الحنابلة به تفوق الوصف، فقد ذكر أنه تصدى لشرحه أكثر من ثلاثمائة عالم، قالوا: عليه أكثر من ثلاثمائة شرح؛ لأهميته، وكتاب بهذا الحجم، وهذا الوزن عند أهل العلم ويبقى مهجور هذا خلل.
الشروح التي يذكرون من هذه الأعداد كثير منها يمكن الاستغناء عنه بغيره، ولذا لم ينتشر، وما حفظ من هذه الشروح إلا نحو عشرين شرح، وطبع منها عدد يسير.(1/2)
الشروح التي تذكر ويبالغ في أعدادها حقيقة، لا يستغرب أن مثل هذا الكتاب المقبول عند الحنابلة حتى قال بعضهم: إن جميع جمل الكتاب من ألفاظ أحمد، مع أن هذا الكلام فيه ما فيه على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
يدرس الكتاب وتعلق عليه حواشي، هذا الشيخ يسمى شرح الذي عقلت عنه هذه الحاشية، وآخر كذلك، وثالث ورابع نظير ما صنعوا في تفسير البيضاوي، قالوا: عليه أكثر من مائة وعشرين شرح، وهي من هذا النوع، كتاب كتبت له الشهرة، فصار يدرس في المساجد، وكل شيخ يقيد عنه بعض الحواشي، وتصير حاشية باسم ذلك الشيخ.
لكن الحواشي التي تستحق أن يتداولها طلاب العلم معدودة، كما أن الشروح من بين هذه الأعداد الهائلة لهذا الكتاب معدودة.
هذا الكتاب المختصر ألفه الخرقي أبو القاسم عمر بن الحسين، المتوفى سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وهو من الطبقة المتقدمة من الحنابلة، وهو من تلاميذ بعض الآخذين عن تلاميذ الإمام، فهو متقدم جداً، يعني في أول القرن الرابع، بينما الكتب الأخرى المتداولة المعتمدة متأخرة، وفي بداية الأمر وأثناء الاستشارة مع الإخوان صار الخلاف بين ثلاثة كتب هي المعروفة المتداولة بين الناس، العمدة، أو الدليل، أو الزاد، ولا شك أن هذه الكتب عمد، لكنها طرقت، المشايخ كلهم يشرحون هذه الكتب، فما المانع أن يبدأ بهذا الكتاب؟ فقررناه، وهذا الكتاب لا شك أن فيه ما يوافق عليه وهو الكثير الغالب، وفيه ما يخالف كغيره من المتون، وفي غيره من الكتب المختصرة أيضاً من الزوائد عليه ما يوجد -إن شاء الله تعالى- يبين في مواضعه، فالعمدة فيها مسائل لا توجد في المختصر، والدليل فيه مسائل لا توجد في المختصر، والزاد فيه مسائل أكثر لا توجد في المختصر، وتتم الإشارة إليها -إن شاء الله تعالى- في مواضعها.(1/3)
هذا الكتاب وجد أو لقي قبول وعناية من الحنابلة عناية فائقة، وذكرنا الشروح، ونُظم من قبل جمع من أهل العلم، وكتبت عليه الزوائد من الكتب؛ لأنه صار محور يدار حوله، فمن شروحه هذا شرح ابن البناء يسمى بالمقنع في شرح مختصر الخرقي لأبي علي الحسين بن أحمد بن عبد الله بن البناء المتوفى سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وهذا الكتاب مطبوع ومحقق في أربعة مجلدات، هذا من أوائل الشروح، يعني بعد مؤلفه بمائة وخمسة وثلاثين سنة، أو قريب منها، قرن وثلث.
من شروحه أيضاً وهو أشهرها على الإطلاق المغني للإمام الموفق ابن قدامة، وهو أشهر هذه الشروح وأحفلها وأوفاها، الذي صار عمدة عند الحنابلة وعند غيرهم؛ لأنه من كتب الخلاف، والمؤلف -رحمه الله تعالى- يعنى بالدليل، ولعل من أسباب اختيار المختصر إرجاع الطلاب إلى هذا الكتاب ليعنوا بالدليل، بينما المتون المتأخرة عمدة شراحها على التعليل، قد يذكرون بعض الأدلة، لكن الموفق موفق في هذا الكتاب وفي غيره من كتبه، وله على المختصر زوائد الهداية على الخرقي، وهو مطبوع اسمه: الهادي أو عمدة الحازم في زوائد الهداية على مختصر أبي القاسم.
هذا الكتاب المغني طبع مراراً، وجد قبول من أهل العلم، ومقالة العز بن عبد السلام سلطان العلماء معروفة أنه لم تطب نفسه بالفتيا حتى اقتنى نسخة من المغني، إضافة إلى ما ذكره من المحلى.
أقول: طبع الكتاب مراراً الطبعة الأولى طبعة المنار مع الشرح الكبير، وكثير من نسخه على نفقة الملك عبد العزيز -رحمه الله-، طبعة المنار طبعة جيدة، لكن المجلد الأول منها في الطبعة الأولى كثير الأخطاء؛ لأنه قبل وجود النسخة الصحيحة، ثم وجد نسخة سليمة فطبع طبعة مرة ثانية المجلد الأول، وطبع بعده المجلدات الثاني، وما يليه إلى الثاني عشر، وطبع معه الشرح الكبير على المقنع، والسبب في جمع الكتابين التشابه الكبير بين الكتابين، فجل الشرح الكبير مأخوذ من المغني، ولو جردت زوائده عن المغني ما جاءت في مجلد، أعني الشرح الكبير.(1/4)
بعد ذلك طبع في المنار مفرد، في تسعة مجلدات، ثم طبع في مطبعة الإمام في مصر في عشرة مجلدات، ثم تتابعوا على طبعه؛ لأنه كتاب مرغوب، وله شهرة واسعة مطبقة للآفاق، فلا يستغني عنه عالم، فضلاً عن طالب العلم، لا يستغني عنه مشتغل بالفقه، ومن لديه اهتمام بالأحكام.
من الشروح المطبوعة أما المخطوطة كثيرة جداً، والمفقودة أكثر، لكن ما نتعرض لها.
من الشروح شرح اسمه: الواضح في شرح مختصر الخرقي تصنيف نور الدين أبي طالب عبد الرحمن بن عمر بن أبي القاسم الضرير، وله شرح آخر أخصر من هذا، لكنه لم يتم، متوفى سنة أربع وعشرين وستمائة، مطبوع في ثلاثة مجلدات كبار، ثم طبع في خمسة.
وهناك شرح لشمس الدين محمد بن عبد الله الزركشي، المتوفى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، وهذا أيضاً مطبوع ومنتشر ومحقق تحقيق علمي دقيق لفضيلة شيخنا الشيخ عبد الله بن جبرين، ومشهور أيضاً، والكتاب نفيس، الكتاب أيضاً هو الذي يلي المغني في الأهمية.
مما قيل في المختصر ما ذكره ابن بدران في المدخل يقول وهو يتكلم عن كتب الحنابلة يقول: "المغني ومختصر الخرقي" أولاً: النسبة نسبة إلى المهنة وهي بيع الخرق، كثر الانتساب إلى المهن بعد أن كان الانتساب إلى القبائل، كثر الانتساب إلى المهن والبلدان والأقاليم، فمنها الخرقي، هناك بلدتان قريبة من هذا الاسم إحداهما اسمها: خَرَق، والثانية خَرِق، ولا ينتسب إلى واحدة منهما، إنما نسبته إلى المهنة، كما قرر ذلك أهل العلم.
يقول: "اشتهر في مذهب الإمام أحمد عند المتقدمين والمتوسطين مختصر الخرقي، أما عند المتأخرين فالشهرة للمنتهى والإقناع، حتى قالوا: إن المذهب ما اتفق عليه هذان الكتابان.(1/5)
يقول: اشتهر في مذهب الإمام أحمد عند المتقدمين والمتوسطين مختصر الخرقي، ولم يخدم كتاب في المذهب مثل هذا المختصر، ولا اعتني بكتاب مثل ما اعتني به، حتى قال العلامة يوسف بن عبد الهادي في كتابه: الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي: قال شيخنا عز الدين المصري: ضبطت للخرقي ثلاثمائة شرح، وقد اطلعنا له على ما يقرب من عشرين شرحاً، وسمعت من شيوخنا وغيرهم أن من قرأه حصل له أحد ثلاث خصال، إما أن يملك مائة دينار، أو يلي القضاء، أو يصير صالحاً هذا كلامه، لكن أما الصلاح فمطلوب لمن قرأ هذا الكتاب ومن لم يطلبه، أما حصول مائة الدينار أو ولاية القضاء فليست من أهداف من يريد الآخرة.
قال: "وقال في المقصد الأرشد: قال أبو إسحاق البرمكي: عدد مسائل الخرقي ألفان وثلاثمائة مسألة، فما ظنك بكتاب ولع فيه مثل أبي إسحاق في عد مسائله، نعم المتأخرون يعنون بمثل هذا بالأعداد، وترتيب المسائل وعدها وضبطها، لكن ليست هذه من عنايات المتقدمين؛ لأنها ليست من متين العلم.
بعض المالكية قال: إن في مختصر خليل مائة ألف مسألة منطوقة، ومائتي ألف مسألة مفهومة، لكن هذه مبالغة، مبالغة الكتاب معصور، لكن لا يصل إلى هذا العدد.
وما ذلك إلا لمزيد الاعتناء به.
وكتب أبو بكر عبد العزيز على نسخته مختصر الخرقي: خالفني الخرقي في مختصره في ستين مسألة، ولم يسمها.
وقال القاضي أبو الحسين ابن الفراء: تتبعتها فوجدتها ثمانية وتسعين مسألة، انتهى.
وبالجملة هذه المسائل ذكرها القاضي قبل ذكرها ابنه في طبقات الحنابلة، في أوائل الجزء الثاني، وبالجملة فهو مختصر بديع لم يشتهر متن عند المتقدمين اشتهاره، وأعظم شروحه وأشهرها المغني للإمام موفق الدين المقدسي، وقد كان في تسع مجلدات ضخام بخطه، وأغلب نسخه الآن في ثلاثة عشر مجلداً، نسخ تقسيمها يختلف بحسب النساخ؛ لأن الناسخ حسبما يتبع من طريقة في النسخ إن كان يعتمد الخط الدقيق تقل المجلدات، وإن كان الحرف كبيراً تكثر المجلدات على أن تكون بداية كل مجلد من باب أو كتاب معتبر.(1/6)
وطريقته في هذا الشرح أنه يكتب المسألة من الخرقي ويجعلها كالترجمة، ويقول: قال أبو القاسم كذا، فيذكر المسألة في سطر ثم يشرحها، ويجعلها كالترجمة ثم يأتي على شرحها وتبيينها، وبيان ما دلت عليه بمنطوقها ومفهومها ومضمونها، ثم يتبع ذلك ما يشبهها مما ليس بمذكور في الكتاب، فتكون المسائل كتراجم الأبواب، وبين في كثير من المسائل ما اختلف فيه مما أجمع عليه، كثيراً ما يقول ما ذكره المؤلف مجمع عليه، أو لا خلاف فيه، أو لا أعلم فيه اختلافاً، ويذكر لكل إمام ما ذهب إليه، ويشير إلى دليل بعض أقوالهم، الكتاب يعنى بالمذهب وروايات المذهب والاستدلال لهذه الروايات والتعليل، ثم يذكر أقوال المخالفين بأدلتها، ويذكر لكل إمام ما ذهب إليه ويشير إلى دليل بعض أقوالهم، ويعزو الأخبار إلى كتب الأئمة من أهل الحديث ليحصل الثقة بمدلولها أو التفقه بمدلولها، والتمييز بين صحيحها ومعلولها، فيعتمد الناظر على معروفها، ويعرض عن مجهولها، لكن إذا كان متأهلاً لذلك.
والحاصل أنه يذكر المسألة من الخرقي ويبين غالباً روايات الإمام، ويتصل البيان بذكر الأئمة من أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم من مجتهدي الصحابة والتابعين وتابعيهم، وما لهم من الدليل والتعليل، ثم يرجح قولاً من أولئك الأقوال على طريقة فن الخلاف والجدل، ويتوسع في فروع المسائل فأصبح كتابه مفيداً للعلماء كافة على اختلاف مذاهبهم، هذا ما يقرره المؤلف، لكن الموفق كغيره من أهل العلم وإن كانت له دراية وخبرة بالخلاف، ومذاهب فقهاء الأمصار، لكنه قد يذكر عن بعض المذاهب، وينسب إلى بعض الأئمة ما هو موجود عندهم، لكن ليس هو المعتمد والمروي عن الإمام، فالمذاهب وأقوال العلماء إنما تؤخذ من كتب أصحابها، يقول: فأصبح كتابه مفيداً للعلماء كافة على اختلاف مذاهبهم، وأضحى المطلع عليه ذا معرفة بالإجماع والوفاق والخلاف، والمذاهب المتروكة بحيث تتضح له مسالك الاجتهاد، فيرتفع من حضيض التقليد إلى ذروة الحق المبين، ويمرح في روض التحقيق.(1/7)
قال ابن مفلح في المقصد الأرشد: اشتغل الموفق بتأليف المغني أحد كتب الإسلام، فبلغ الأمل في إنهائه، وهو كتاب بليغ في المذهب، تعب فيه وأجاد فيه، وجمل به المذهب، وقرأه عليه جماعة، وأثنى ابن غنيمة على مؤلفه، فقال: ما أعرف أحداً في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفق.
وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: ما رأيت في كتب الإسلام مثل المحلى والمجلى لابن حزم، وكتاب المغني للشيخ موفق الدين في جودتهما وتحقيق ما فيهما، فلا شك أن مثل هذين الكتابين ينبغي أن يكونا محل عناية من طلاب العلم لعناية مؤلفيهما بالدليل، لكن صغار المتعلمين والمبتدئين لا ينصحون بقراءة مثل المحلى؛ لأنه عباراته في جانب كثير من الأئمة فيها شيء من القسوة، فلا ينبغي أن يتربى طالب العلم من أول الأمر على مثل هذه الأساليب، نعم إذا تقدمت به السن، وأخذ من العلم والأدب ما يجعله يميز بين الأساليب المقبولة والأساليب غير المقبولة، الكتاب من أنفع الكتب.
يقول: وتحقيق ما فيهما، ونقل عنه أنه قال: لم تطب نفسي بالإفتاء حتى صارت عندي نسخة المغني، نقل ذلك ابن مفلح.
وحكى أيضاً في ترجمة الزريراني صاحب الوجيز أنه طالع المغني ثلاثاً وعشرين مرة، وعلق عليه حواشي، قالوا: إنه في كل حاشية، في كل مرة يعلق حاشية غير الحاشية الأولى، فصار له على المغني ثلاثة وعشرين حاشية، هذا من عناية العلماء بهذا الكتاب، وهو حقيق وخليق بذلك، جدير بذلك.
وحكى أيضاً في ترجمة ابن رزين أنه اختصر المغني في مجلدين وسماه: التهذيب.
أيضاً من المعاصرين من اختصر المغني، وظهر منه مجلدين، الشيخ حمد الحماد اختصر المغني أستاذ بالجامعة الإسلامية ومعروف، وسماه: التهذيب.
وحكى أيضاً في ترجمة عبد العزيز بن علي بن العز بن عبد العزيز البغدادي ثم المقدسي المتوفى سنة ست وأربعين وثمانمائة أنه اختصر المغني.(1/8)
يقول ابن بدران في المدخل: ومما اطلعنا عليه من شروح الخرقي شرح القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين ابن الفراء البغدادي، وهو في مجلدين ضخمين، وبعض نسخه في أربع مجلدات، وطريقته أنه يذكر المسألة من الخرقي، هذا الشرح موجود في الظاهرية شرح القاضي أبي يعلى، وإن كان بعضهم يشكك في نسبته إلى القاضي، ويقول: إنه لابنه.
المقصود أنه كتاب معروف ونسبته إلى القاضي ثابتة، وهو في الظاهرية في أربعة مجلدات، وطريقته أنه يذكر المسألة من الخرقي، ثم يذكر من خالف فيها، ثم يقول: ودليلنا ... ، جمهور الفقهاء لما يذكرون أصل المسألة في مذهبهم ثم يذكرون الخلاف مباشرة، ثم بعد ذلك يقولون: ولنا، يعني من أدلتنا، ثم يذكر أدلة المخالفين، وبعض الفقهاء يقول: الخصوم، استدل الخصوم بكذا، هذه عبارة ليست مقبولة حقيقة، هم ليسوا بخصوم، وإنما أنت وإياهم في طريق واحد، كلكم -إن شاء الله- تبحثون عن الحق، وكل واحد من أهل العلم ينصر ما يراه الحق، نعم هناك من تعصب من طريقة الأتباع في هذا لا سيما من قل علمه معروفة.
يقول: وطريقته أنه يذكر المسألة من الخرقي، ثم يذكر من خالف فيها، ثم يقول: ودليلنا، فيفيض في إقامة الدليل من الكتاب والسنة والقياس على طريقة الجدل.
مثاله أنه يقول مسألة: قال أبو القاسم: ولا ينعقد النكاح إلا بولي وشاهدين من المسلمين، يذكر من خالف في الجملة الأول، أو في الكلمة الأولى بولي، ثم الشاهدين يذكر الخلاف فيهما، ثم يذكر الخلاف في اشتراط الإسلام.(1/9)
يقول: إلا بولي وشاهدين من المسلمين، أما قوله: لا ينعقد إلا بولي فهو خلاف لأبي حنيفة في قوله: الولي ليس بشرط في نكاح البالغة، دليلنا فيذكر دليل المسألة، سالكاً مسلك فن الخلاف، ثم يقول: وقوله: بشاهدين من المسلمين خلافاً لمالك وداود في قولهما: الشهادة ليست بشرط في انعقاد النكاح، وخلافاً لأبي حنيفة في قوله: ينعقد بشاهد وامرأتين، وينعقد نكاح المسلمة والكتابية بشهادة كافرين، ثم يقول: دليلنا على مالك وداود كذا وكذا، وعلى أبي حنيفة كذا وكذا، والفرق بين هذا الشرح وبين المغني أن المغني يسلك قريباً من هذا المسلك، ويكثر من ذكر الفروع زيادة على ما في المتن، فلذلك صار كتاباً جامعاً لمسائل المذهب، وأما أبو يعلى ... ، جامع لمسائل المذهب، لكن لماذا قال العلماء في الفروع كما في الدرر الكامنة قالوا: إن الفروع مكنسة المذهب، ثم اشتهر عند المتأخرين أن الكشاف هو مكنسة المذهب، لماذا؟ لأن أهل العلم حينما يذكرون المسائل كل واحد يأتي بعد الأول يزيد عليه هذه الطريقة في التأليف والتصنيف سنة إلهية، أن أول من يبدأ يبدأ العمل على وجه يناسب الوقت الذي عاش فيه، ثم يجد مسائل تلحق بالكتاب الذي يليه، ثم يجد مسائل ونوازل فتلحق بالكتاب الذي يليه، ولذا يرى بعضهم أنه من التكرار أن تقرأ الكتب كلها، إنما يقرأ الكتاب الأول، ثم زوائد الثاني عليه، ثم زوائد الثالث عليه وهكذا، وأهل العلم حينما يتدرجون في تعليم الطلاب يقرءون الكتاب الأول كاملاً للطبقة الأولى، والكتاب الثاني كاملاً للطبقة الثانية، والثالث وهكذا، وفيه تكرار لا شك أن فيه تكرار للمسائل، لكن هذا التكرار عبث؟ ذهب سدى؟ هذا يرسخ المسائل، يرسخ العلم في ذهن الطالب، ويوضح ما لم يكن واضحاً من قبل؛ لأن بعض المسائل قد تذكر في كتاب على وجه فيه شيء من الخفاء والغموض، ثم الكتاب الثاني يطرقها بشيء من الوضوح، ثم يوضحها الثالث أكثر وهكذا، فاعتماد الزوائد ليس بمنهج مسلم.(1/10)
قد يقول قائل: لماذا لا نعتمد الكتاب الأخير الذي فيه هذه الكتب كلها؟ أقول: هذا لا شك أن فيه إنكار لجميل وصنيع المتقدم، وهو الأصل في الباب، والمتأخر عالة على المتقدم، فكوننا ننسف كتب المتقدمين، ونعنى بكتب المتأخرين لأن فيها زوائد هذا لا شك أنه فيه إنكار لجميل المتقدمين وصنيعهم، مع أن الله -جل وعلا-
هو الذي يكتب القبول للكتب ولمؤلفيها، فتجد كتاب ما تجد فيه ميزة تميزه إذا فحصت الكتاب ما وجدت ما يميزه بين الكتب، وتجد القبول بين الخاص والعام لهذا الكتاب وغيره مما هو أولى منه، وأقدم منه شبه مهجور، الله -جل وعلا- هو الذي يضع القبول.
فلذلك صار كتاباً جامعاً لمسائل المذهب، وأما أبو يعلى فإنه لا يذكر شيئاً زائداً على ما في المتن، ولكنه يحقق مسائله، ويذكر أدلتها، ومذاهب المخالفين لها، فإذا طبع المغني مع شرح القاضي قرب الناظر فيهما من أن يحيط بالمذهب دلائل وفروعاً، وحصلت له معرفة ببقية المذاهب، وتلك غاية قصوى يحتاجها كل محقق، وقد نظم الخرقي الفقيه الأديب اللغوي الزاهد الشاعر المفلق يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور بن المعمر بن عبد السلام الأنصاري الصرصري الزريراني الضرير صاحب الديوان المشهور في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم-، المتوفى سنة ست وخمسين وستمائة شهيداً قتله التتار، يعني فيما حصل في بغداد سنة ست وخمسين وستمائة من اجتياحها من قبل التتار، وقتل ما يقرب من ألفي ألف نفس مليونين في أيام معدودة، وهي من المصائب والكوارث التي تذكر في تاريخ الإسلام.
على كل حال الصرصري ناظم ونظمه قوي، لكن مدائحه بعضها لا يسلم من غلو وإطراء للنبي -عليه الصلاة والسلام-.
وقد نظم الخرقي نظماً، صدره بخطبة نثراً، قال فيها: "جعلت أكثر تعويلي في نظمي هذا على مختصر الخرقي فيما نقلته إذ كان في نفسي أوثق من تابعته" وسمى نظمه: الدرة اليتيمة والمحجة المستقيمة، ثم ذكر أنه كان قد عزم على نظم ربع العبادات، ثم شرح الله صدره لإكمال الكتاب ففعل، ونظمه من بحر الطويل، وحرف الروي الدال، فقال في أوائل النظم:
يا طالباً للعلم والعمل استمع ... ما قلت مخصوصاً بمذهب أحمد(1/11)
إن من اختار الإمام ابن حنبل ... إماماً له في واضح الشرع يهتدي
فاشرع في ذكر الطهارة أولاً ... وهل عالم إلا بذلك يبتدي
ثم قال في آخرها:
ألفين فاعددها وسبعاً مئاتها ... وسبعين بيتاً ثم أربعة زدِ
إلى آخره.
ثم إن الصرصري الناظم المذكور نظم زوائد الكافي على الخرقي في كتاب مستقل.
يقول: والنسخة التي رأيتها وجدت أولها مخروماً إلى باب المسح على الخفين، فلم أدرِ ما شرطه فيها، والنظم من بحر الطويل على روي الدال أيضاً، وقال في آخرها:
فخذها هداك الله أخذ موفق ... لغر المعاني حافظاً متسددِ
إلى آخره.
يقول: وألف في لغات الخرقي، وشرح مفرداتها يوسف بن حسن بن عبد الهادي كتاباً سماه: الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي، وهو في مجلد، حذا فيه حذو صاحب المطلع، ورتبه على أبواب الكتاب، وقد رأيته بخطه في خزانة الكتب الدمشقية المودعة في قبة الملك الظاهر بيبرس، الظاهرية، التي صارت الآن مكتبة الأسد، وحكى في آخره أنه فرغ من تأليفه سنة ست وسبعين وثمانمائة، وبالجملة فهو كتاب نافع في بابه، هذا ما أمكنني الاطلاع عليه من مواد مختصر الخرقي.
يعني هذا ما قاله صاحب المدخل ابن بدران.
الكتاب طبع الطبعة الأولى هذه هي، بعناية الشيخ وإشارة من الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع -رحمه الله- على نفقة قاسم بن درويش فخرو، ويقول: وعكف على طبعه وعلق عليه محمد زهير الشاوش، يعني صاحب المكتب الإسلامي، وهو من منشورات مؤسسة دار السلام للطباعة والنشر بدمشق، ومقدمته كتبت سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وألف.
لا مانع أن نطلع على شيء مما كتبه الشيخ ابن مانع؛ لأنه ينير بعض الشيء ويفيد، لا سيما وأن الطبعة هذه ليست موجودة يعني، نادرة جداً، فصاحب العناية إن أرادها يصورها.
يقول الشيخ ابن مانع -رحمه الله-: هذا الكتاب المبارك المختصر المفيد من أول ما ألفه علماء الحنابلة في الفقه على المذهب الأحمد، مذهب الإمام أحمد بن محمد بن حنبل المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائتين.(1/12)
قوله: من أول ما ألف هذه يبرأ بها من عهدة ما لو اطلع على كتاب قبله، وإلا بعضهم يجزم بأنه أول ما ألف، وهو من مؤلفات الإمام العلامة أبي القاسم عمر بن الحسين الخرقي البغدادي المتوفى سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة في دمشق.
خرج إليها مهاجراً لما كثر سب الصحابة -رضي الله عنهم- في بغداد، يقول: وقد تلقى علماء المذهب هذا الكتاب بالقبول، وعنوا به أشد العناية لغزارة علمه مع صغر حجمه، وقلة لفظه، وقد قيل: إنه شرح، ساق القول على التمريض، بصيغة التمريض؛ ليبرأ من عهدته؛ لأنه تداوله العلماء، وبعض الناس ما يستوعب مثل هذه الأعداد، لكن إذا عرفنا أنه تفرد مدة طويلة لا يوجد متن يساويه في حجمه وضبطه وإتقانه، مدة طويلة اعتمده الناس، صاروا يحفظونه ويَقرأونه، ويُقرئونه ما المانع أن يكون له من الحواشي بهذا المقدار؟ وقد قيل: إنه شرح بثلاثمائة شرح، وأعظم شروحه وأكبرها المغني لشيخ الإسلام شيخ المذهب في زمانه أبي محمد عبد الله بن أحمد موفق الدين ابن قدامة المتوفى سنة عشرين وستمائة بدمشق.
قد قرأ الإمام الموفق هذا المختصر على الشيخ العبد الصالح التقي عبد القادر الجيلاني المتوفى سنة إحدى وستين وخمسمائة ببغداد، وشرحه قبله الإمام شيخ الحنابلة وناشر مذهبهم القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء في مجلدين، وهما موجودان بالمكتبة الظاهرية بدمشق، وقد توفي هذا الإمام ببغداد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وشرحه قبل الموفق فيما ذكرنا ابن البناء، يعني في كتابه المقنع، وقد وهم بعض المعاصرين المؤلفين من حنابلة فنسب الطبقات للإمام أبي يعلى الكبير، والتحقيق أنها لابنه الشهيد سنة ست وعشرين وخمسمائة أبي الحسين، وأبو يعلى الكبير جد أبي يعلى الصغير المتوفى سنة ستين وخمسمائة، محمد بن محمد أبي خازم محمد بن الفراء صاحب المؤلفات الكثيرة، أثنى عليه تلميذه ابن الجوزي المتوفى سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وشرحه العلامة محمد بن عبد الله الزركشي المصري المتوفى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة بشرحين مطول تام، وهو الذي حققه الشيخ ابن جبرين حفظه الله، وهو مختصر لم يكمل بل أكمله غيره من الحنابلة كما في الضوء اللامع.(1/13)
ومن العلماء من شرحه بالنظم، كما فعل ذلك غير واحد من النحاة في ألفية ابن مالك، فنظمه العلامة المحدث جعفر بن أحمد السراج المتوفى سنة خمسمائة، مؤلف مصارع العشاق، فقيه، محدث، ويؤلف مصارع العشاق، هم عندهم شيء من التفنن والتنوع في العلوم، ولا يرون بذلك بأس، وإن كان بعضهم خرج عن طور الأدب الذي ينبغي أن يتحلى به العالم، وألف في الأدب وأسف، وهو فقيه ومحدث ومفتي، لكن تبعته عليه.
مؤلف مصارع العشاق، ونظمه وزاد عليه الإمام الشهيد يحيى بن محمد الصرصري المتوفى سنة ست وخمسين وستمائة، وسمى هذا النظم: الدرة اليتيمة، كما قال:
فلا ترغبن عن حفظها فهي درة ... يتيمة استحسنتها في التنقدِ
ولما أتم نظم هذا المختصر المبارك نظم زوائد الكافي للإمام موفق الدين ابن قدامة على الخرقي كما قال ... إلى آخره.
يقول: وكانت عادته -رحمه الله- في هذا أن يترجم لمسائل الباب بالنظم، يعني ما يفصل بين النظم بترجمة باب كذا لا، يدرج الترجمة بالنظم، وهذا أوقع بعض الشراح في أوهام، فعلى سبيل المثال يقول الشيخ: وكانت عادته -رحمه الله- في هذا أن يترجم لمسائل الباب بالنظم كما فعله أحد فقهاء الحنفية في نظمه في الفقه على مذهبه، وقد أوقع هذا الصنيع بعض الفضلاء من أصحابنا في الغلط، فإنه لما شرح فرائض الخرقي وفرائض زوائد الكافي على الخرقي، وكان آخر مسائل زوائد الكافي على الخرقي مسائل المفقود، وبعده مسائل النكاح مباشرة في النظم، كما قال:
ومفقود حُجاج. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .
أو حَجاج
. . . . . . . . . فأجله أربعاً ... . . . . . . . . .
هو الأصل المفقود، لكن أكثر ما يفقد في ذلك الوقت مع الحاج.
. . . . . . . . . فأجله أربعاً سنيناً ... كتأجيل الحوامل ترشدِ
وزوجته تعتد بعد انقضائها ... وتنكح والميراث قسم وأصفدِ
مسائل في حكم النكاح وجوبه ... اختيار أبي بكر عن ابن محمدِ(1/14)
فظن الفاضل عليه الرحمة أن هذا البيت متعلق بمسائل المفقود، فقال: ما معناه أنه يجب أن تنكح أو أن تُنكح امرأة المفقود حكاه أبو بكر؛ لأنه انتهى من مسائل المفقود "وتنكح امرأة المفقود" ثم قال بعد ذلك: "مسائل في حكم النكاح" هذا تبع كتاب النكاح، وليست تبع المفقود، فذكر حكم النكاح وهو الوجوب اختيار أبي بكر عبد العزيز غلام الخلال.
فظن الفاضل عليه الرحمة أن هذا الباب متعلق بمسائل المفقود، فقال: ما معناه أنه يجب أن تُنكح امرأة المفقود حكاه أبو بكر، وأبو بكر الذي ذكره غير أبي بكر الذي حكى عن الإمام أحمد وجوب النكاح فإنه عبد العزيز بن جعفر غلام الخلال المتوفى سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، راجع ذلك في نظم المفردات وغيره.
لا شك أن إدخال الأبواب بعضها على بعض من غير فاصل يوقع بعض الناس في حرج؛ لأن النظر يهجم، والفهم أيضاً قد يهجم على شيء يكون هو غير المراد.
يقول: وللإمام موفق الدين ابن قدامة كتاب سماه: الهادي أو عمدة الحازم، ضمنه زوائد الهداية لأبي الخطاب، ويقول هنا: لابن الخطاب، هي لأبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني المتوفى سنة عشر وخمسمائة، تلميذ القاضي أبي يعلى، وأحد أشياخ القاضي عبد القادر الجيلاني على مختصر أبي القاسم الخرقي، وللعلامة الشهير صاحب المؤلفات الكثيرة جمال الدين يوسف بن عبد الهادي المتوفى سنة تسع وتسعمائة كتاب سماه: الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي، وآخر سماه: الثغر الباسم في تخريج أحاديث مختصر أبي القاسم، وأن من له عناية بقراءة تراجم العلماء يرى عدداً ليس بالقليل من علماء الحنابلة قد توجهت هممهم لدراسة مختصر أبي القاسم وحفظه، والكتابة عليه، وما ذلك إلا لعلمهم بكثرة فوائده، وغزارة علمه ... إلى آخره.(1/15)
في البداية والنهاية للحافظ ابن كثير ترجم لأبي القاسم عمر بن الحسين، وقبله ترجم لوالده، قبله ترجم لوالده بثلاثة أسطر، وترجم للخرقي أبي القاسم في ثلاثة أرباع صفحة، ولم يزد على ذلك، لكن ما هو بهذا العجيب، العجيب أنه لما ترجم للأب قال: صاحب المختصر المشهور عند الحنابلة، وترجم للابن، وقال: صاحب المختصر المشهور عند الحنابلة، ولعل هذا من الأغلاط التي في البداية والنهاية، فالطبعة الأولى مشتملة على أغلاط وأوهام كثيرة جداً، جلها من النساخ.
ذكروا للخرقي مؤلفات كثيرة، ومستواه العلمي ووزنه بين فقهاء الحنابلة يدل على أنه له باع في فقه المذهب، ولم يوجد من مؤلفاته إلا هذا الكتاب.
قالوا: إنه ألف مؤلفات وتركها في بيت ببغداد لما انتقل منه إلى دمشق بعد أن ظهر سب الصحابة ببغداد، قالوا: إنه ترك كتبه هناك، فاحترقت، احترق البيت بما فيه، وذكروا أن بغداد حصل لها حريق في عصر الخرقي مرتين، وكل من الحريقين التهم دور كثيرة جداً، من الطرائف في هذا الكتاب يعني ما ذكره في كتاب المناسك أنه يأتي إلى الحجر الأسود إن كان، يعني إن كان موجوداً؛ لأنه وقت تأليف الكتاب ليس بموجود، وفتنة القرامطة وعدوانهم على الحجاج وعبثهم بالمسجد، وقتلهم الحجاج، وأخذهم الحجر الأسود إلى بلادهم معروفة، ومكث عندهم ما يقرب من عشرين عاماً.(1/16)
أيضاً مما ذكره أنه سمع أباه يسأل أهل البادية متى يُجْذِع الضأن؟ يعني متى يكون جذعاً؟ فقالوا: إن الضأن ما دام صغيراً يكون شعره واقفاً، فإذا أجذع نام شعره، على كل حال مثل هذه توجد في كثير من الكتب، لكن تذكر في مثل هذا المجال، ويؤخذ من قوله في كتاب الحج تاريخ تأليف الكتاب، وهو أنه في هذه الحقبة التي الحجر الأسود فيها غير موجود، يعني أسئلة كثيرة عن أفضل الطبعات، قلنا: إن الكتاب طبع بإشارة من الشيخ ابن مانع -رحمه الله- سنة ثمان وسبعين قرب من خمسين عاماً، ثمان وسبعين والآن ستة وعشرين، ثمان وأربعين عام، طبعة جيدة ومحققة ومقابلة على نسخ، وفاخرة حقيقة، لكنها غير موجودة، الطبعة هذه غير موجودة؛ لأنها وقف ووزعت ثم طبع ومعه حاشية للشيخ محمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل، مطبوع سنة ثمانية من ثمانية عشر عاماً، بمكتبة المعارف طبعته، مكتبة المعارف حاشية طيبة مأخوذة من مشهورات كتب المذهب، ومن فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم وغيرها، المقصود أن الحاشية فيها تنبيهات لطيفة، يعتنى بها.
هذا الكتاب أول مرة رأيته الآن، يقول: شرح مختصر الخرقي تأليف أبي عبد الله خالد بن عبد الله با حميد الأنصاري، أول مرة أراه الآن، في هذا الدرس، وهو مطبوع سنة 25هـ في ثلاثة أجزاء، وله سلسلة من شروح المتون، سمى السلسلة: مكتبة المبتدئ في طلب العلم الشرعي، المدخل إلى دراسة المختصرات، شرح الأصول الثلاثة، شرح العقيدة الواسطية، شرح مختصر الخرقي، شرح المقدمة الآجرومية، شرح الورقات، شرح نخبة الفكر، هذه متون معتمدة عند أهل العلم يبتدئ بها الطالب.
يقول: أنا بإذن الله مبتدئ في علم الفقه، فهل تنصحني بحضور هذا الدرس؟
نعم، هذا الكتاب أنصح به.
لو جاءنا أسئلة لما كان الكتاب المنتهى، يقول: أنا طالب مبتدئ تنصحني؟ نقول: لا، ما ننصحك، لكن هذا الكتاب ينصح به المبتدئ.
يقول: ما هي أفضل طبعة للمغني؟ وما رأيكم بالطبعة التي حققها الدكتور التركي؟(1/17)
اعتمادنا على الطبعات القديمة، لا سيما طبعة المنار التي مع الشرح، أولى الطبعات، وقد نراجع غيرها من الطبعات، لكن معولنا على الطبعة الأولى، وطبعة الشيخ التركي فيها عناية، وفيها مقابلة لبعض النسخ، وتصحيح لبعض الأخطاء، وتخريج للأحاديث والآثار، فهي نافعة -إن شاء الله تعالى-.
يقول: ما هو الشرح المناسب للمبتدئين؟ وهل هذا المتن مناسب للمبتدئين؟
الشرح المناسب قلنا: إن المغنى ما يستغني عنه طالب علم، لكن قد يشوش على الطالب المبتدئ؛ لأننا ذكرنا سابقاً أن الطالب المبتدئ يكتفي بتصور المسائل، يتصور المسائل، ثم بعد ذلك يعنى بالاستدلال لها، ثم بعد ذلك يعنى بمن وافق ومن خالف مع أدلة الجميع والتوفيق، فمثل هذا لو ... ، شوف أنا أخصر الشروح قبل المقنع لابن البناء، لكن كأن هذا يناسب المبتدئين، يعني هو كأنه ألفه للمبتدئين، شرح أبي عبد الله خالد بن عبد الله با حميد الأنصاري.
يقول: ما أفضل نسخ المتن؟
أفضل نسخة في نظري هي الطبعة الأولى التي اعتنى بها الشيخ ابن مانع -رحمه الله-، هذه أفضلها، وتعليقات الشيخ ابن إسماعيل أيضاً مفيدة، يستفاد منها إضافة إلى ما في الشروح، وذكرنا سابقاً أن طالب العلم لا يفلح إذا كان لا يعرف الكتاب إلا في الدرس، بل لا بد من المراجعة قبل الحضور، لا بد من المراجعة قبل الحضور، يراجع الدرس ويحفظ المتن ويقرأ ما عليه من شروح مناسبة له، ويناقش فيه الأقران، ثم بعد ذلك يحضر الدرس.
يقول: ماذا عن طريقة الزركشي في شرح الخرقي؟
أشار إليها المحقق الشيخ عبد الله حفظه الله، الشيخ أطال بمقدمة نفيسة يحتاجها كل طالب علم.
في الكتاب نفسه، كتاب الزركشي يقول: كتاب الطهارة كتاب خبر مبتدأ محذوف، وهذا كتاب الطهارة، وهو مصدر سمي به المكتوب، كالخلق سمي به المخلوق، والكتب في اللغة الجمع .... إلى آخره.
والطهارة في اللغة النزاهة.
يعني يشرح الكلمات، وفي الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل على مريض قال: ((لا بأس طهور إن شاء الله)) أي: مطهر من الذنوب.
وفي اصطلاح الفقهاء قال أبو محمد، أبو محمد من؟ الموفق، رفع ما يمنع الصلاة .... إلى آخره.(1/18)
فهذه طريقته، ثم قال: باب ما تكون به الطهارة من الماء، أي: هذا باب، وكان هنا تامة؛ لأنها بمعنى الحصول والحدث، أي: ما تحصل به الطهارة كما في قوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [(280) سورة البقرة] على القراءة المشهورة.
لا شك أن مكمل لما في المغني، يعني لو اعتمد على هذا مع المغني لا سيما الطالب المدرك المحصل يقرأ هذا مع المغني يكفيه -إن شاء الله تعالى-، ثم يذكر الأدلة، ويذكر منطوق الحديث ومفهومه، وما يدل عليه، وما يدفعه، وما يدعمه وما يعارضه من الأدلة، يطيل إطالة تنفع طالب العلم.
يقول: ما رأيكم في طبعة فتح الباري التي طبعتها دار طيبة؟
طبعة مناسبة جيدة في الجملة عليها تعليقات للشيخ ابن باز، والشيخ عبد الرحمن البراك، وهي طيبة في الجملة، ولا نقول: إنها سليمة من كل وجه.
طالب:. . . . . . . . .
الفتح؟
طالب:. . . . . . . . .
أفضلها على الإطلاق بولاق، ثم السلفية الأولى إذا صححت أخطاؤها.
يقول: ما الذي حمل ابن رزين من الحنابلة على جعل قسم رابع للماء وهو المشكوك فيه؟
لأنه يختلف حكمه عن المجزوم بطهارته والمجزوم بطهوريته، والمجزوم بنجاسته.
يقول: من أي شرح تنصحوننا نحضر للدرس الطلاب المبتدئين؟
لعل شرح هذا الأنصاري مناسب للمبتدئين، وأنا ما قرأته، لكن هو قطعاً أخصر من الشروح القديمة، وفي الغالب أن عبارته تكون أسهل وأيسر، وألفه قصداً للمبتدئين.
في الأسبوع القادم -إن شاء الله تعالى- نبدأ بشرح المتن، بدءاً من المقدمة إلى أول كتاب الطهارة، وإذا رأيتم أن نسلك في الشرح مسلك وسط؛ لأن الكتاب عبارته سهلة، يعني ما تأخذ وقت مثل المنتهى في فهمها وتفهيمها وتصويرها، العبارة سهلة، فإن رأيتم أن نسلك مسلك متوسط بحيث ننهي وننجز الكتاب في أقصر مدة، فالأمر إليكم، وإن أردتم البسط والتوسع الأمر إليكم ....(1/19)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مختصر الخرقي: كتاب الطهارة (2)
شرح مقدمة المصنف
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا سؤال يتعلق بالدرس الماضي، يقول: أي الشروح تنصحون المبتدئين به؟ وما هي أفضل هذه الطبعات لهذه الشروح؟
الشروح كلها شروح كبيرة، المغني والزركشي وابن البناء، وابن الضرير، شروح مطولة، لكن بالنسبة للطالب الذي يستطيع التعامل مع هذه الشروح، الطالب المتأهل، المغني لا يستغنى عنه بأي شرح من الشروح، شرح البناء يمكن يستغنى عنه، شرح ابن الضرير يمكن يستغنى عنه، لكن المغني لا يمكن الاستغناء عنه، فإذا أريد الاستزادة وأراد طالب العلم أن يضم إليه آخر فعليه بشرح الزركشي.
الشرح هذا المعاصر للأنصاري، هذا هو يقول: إنه ألفه للمبتدئين، فيستفاد منه.
يقول: ما أفضل طبعات المغني لابن قدامة؟
المغني طبع مراراً، وأشرنا إلى شيء منها سابقاً، لكن طبعة ابن تركي، الشيخ عبد الله التركي لا بأس بها في الجملة، ما تسلم من الأخطاء، يعني ما هي بسليمة مائة بالمائة، أو أن خدمتها للكتاب ولمسائل الكتاب، ولعزو الأقوال، وحتى ولا تخريج الأحاديث، ليست الخدمة التامة، لكن هي أفضل من الطبعات السابقة، الطبعة الأولى على نفقة الملك عبد العزيز، هذه طبعة جيدة ونفيسة، ومعها الشرح الكبير، يستفيد منها طالب العلم، وينظر في زوائد الشرح الكبير على المغني، ويستفيد شرح كتاب آخر وهو المقنع، هذا نافع، لكن فيها أخطاء، لا سيما المجلد الأول في طبعته الأولى مشحون بالأخطاء، وهذا قبل أن يقفوا على النسخة السليمة المصححة، ثم وضعوا جدول الخطأ والصواب، وأعيد طبعه ثانية مع طبع بقية الأجزاء.
هذه أسئلة في مقدمة المؤلف يأتي الكلام فيها -إن شاء الله تعالى- مع قراءة الكتاب.
هناك مسائل تقرب من مائة مسألة، يعني مائة مسألة سوى اثنتين، ذكرها صاحب الطبقات ابن أبي يعلى في ترجمة الخرقي، قال: وقرأت بخط أبي بكر عبد العزيز -يعني غلام الخلال- على نسخة أو نسخة مختصر الخرقي يقول عبد العزيز: خالفني الخرقي في مختصره في ستين مسألة، ولم يسمها، فتتبعت أنا اختلافها ... معك النسخة؟
طالب:. . . . . . . . .(2/1)
إيه لكن الطباعة سيئة هنا، مع أنه يدعى تحقيقها، تتبعت أنا اختلافها، إيش اختلافها؟ فوجدت، إيه فوجدته في ثمانية وتسعين مسألة، أولاً: في ثمانٍ وتسعين مسألة واختلافها، كيف يدعي التحقيق؟ يدعى تحقيقها؟ وفي السطر الواحد أكثر من خطأ؟ على كل حال هذه المسائل موجودة في الطبقات في ترجمة الخرقي، وتصدى واحد من الإخوان جزاه الله خيراً فصورها، ويمكن أن توضع في محل التصوير، اللي ما عنده الطبقات يستفيد منها.
يقول: خالفني الخرقي في مختصره، أيهما المخالِف وأيهما المخالَف؟ أيهما؟ المتأخر هو المخالِف، والمتقدم هو المخالَف، وعلى هذا المتقدم الخرقي، فالأصل أن يقول: خالفت، إحنا عندنا كتاب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب مسائل الجاهلية التي خالف فيها، هاه؟ الآن المخالفة مدح وإلا قدح؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، في مثل هذا الكتاب، يعني الأصل الذي يدار عليه هو ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فأهل الجاهلية هم المخالفون، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ فأصل المخالفة ذم، لا سيما لما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فنقول: التي خالف فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل الجاهلية، وإلا فالأصل أن المتأخر هو المخالف.
نبدأ بقراءة الكتاب.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، رب يسر يا كريم، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله الطاهرين، وأصحابه المنتخبين، وأزواجه أمهات المؤمنين.
قال الشيخ أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي -رحمه الله ورضي عنه-: اختصرت هذا الكتاب على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، قدس الله روحه، ونور ضريحه ورضي الله عنه؛ ليقرب على متعلمه مؤملاً من الله -عز وجل- الثواب، وإياه اسأل التوفيق للصواب.
حسبك، حسبك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(2/2)
في مقدمة المؤلف ذكر -رحمه الله تعالى- البسملة، وصدر الكلام بها، اقتداء بكتاب الله -جل وعلا-، وبكتبه -عليه الصلاة والسلام-، تفتتح بالبسملة، وكذلك الحمدلة اقتداءً بالكتاب العزيز، وما جاء في ذلك من حديث: ((كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله)) وهو ضعيف، أما ما جاء من لفظ: ((كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله)) فقد حسنه جمع من أهل العلم، وحكم بعضهم على جميع ألفاظ الحديث ورواياته بالضعف، على كل حال البداءة بهما مطلوبة، ولو لم يكن في ذلك إلا الاقتداء بالقرآن الكريم، وأما ما جنح إليه بعض المفتونين حينما رأى الحديث لا يثبت بجميع طرقه ولا ألفاظه، صدر كتابه بقوله: كانت الكتب التقليدية تبدأ بالبسملة والحمدلة، سبحان الله، يعني ذكر الله صار مسبة، ينسب إلى الكتب التقليدية، والكتب التقليدية هي العمد في أبوابها، الكتب القديمة يقصد، ولو لم يكن في الباب إلا افتتاح القرآن بالبسملة والحمدلة، والكلام على البسملة يطول وشرح في مناسبات، وفي كتب كثيرة، وكذلك الحمدلة.
الحمد لله رب العالمين، في الطبعة الأخيرة التي عليها حاشية ابن إسماعيل، يقول: الحمد لله رب العالمين، رب يسر يا كريم، هذه الجملة تكتب في المخطوطات بين البسملة والحمدلة، بينهما، بسم الله الرحمن الرحيم، رب يسر يا كريم، الحمد لله رب العالمين، والطبعة الأولى لا توجد فيها البتة، لا توجد فيها، فإن كان النسخة التي اعتمد عليها فيها مثل هذا الترتيب ذكر الصفحة الأولى وإلا ما ذكر؟ لا، ما ذكر الصفحة الأولى منها.
على كل حال العادة من النساخ أنهم يقولون:
بسم الله الرحمن الرحيم، رب يسر يا كريم، ثم يصلون الحمد بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، هكذا جرت عادتهم.(2/3)
"الحمد لله رب العالمين" الحمد يعرفه أكثر العلماء بأنه الثناء على المحمود، الثناء على الله -جل وعلا-، لكن تفسيره بالثناء انتقده ابن القيم -رحمه الله- في الوابل الصيب وغيره من كتبه بحديث: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى عليه عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي)) فالحمد غير الثناء، وفسر الحمد بأنه ذكر الله -جل وعلا- بآلائه وصفاته مع حبه وتعظيمه.
"رب العالمين" هذه الجملة هي الواردة في صدر القرآن الكريم، في أول سورة الفاتحة، و (أل) هنا للاستغراق، استغراق جميع المحامد لله -جل وعلا-.
"لله" خاص بالله -جل وعلا-، الحمد المستغرق بجميع أنواعه خاص بالله -جل وعلا-.
"رب العالمين" الذي رباهم بنعمه، والعالمين: جمع عالم، وكل ما سوى الله -جل وعلا- عالم، وهم عالمون باعتبار أجناسهم، فكل جنس عالم.
"وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين" ولم يذكر التسليم، اقتصر على الصلاة، وقد صرح النووي -رحمه الله- بكراهة الاقتصار على الصلاة دون السلام، والعكس، راداً بذلك على الإمام مسلم الذي اقتصر على الصلاة.
ولا شك أن الاقتصار على أحدهما غفلة، لا سيما مع طول الكلام، يُنسى السلام، يعني ذكر ما يقرب من سطرين، ونسي السلام، وإلا لا يتم امتثال الأمر بقوله -جل وعلا-: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] إلا بالجمع بينهما، فمن اقتصر على أحدهما لم يتم امتثاله.
ابن حجر -رحمه الله- قصر الكراهة على من كان ديدنه ذلك، يعني يصلي باستمرار ولا يسلم، أو يسلم باستمرار ولا يصلي، أما من كان يقتصر على الصلاة تارة، وعلى السلام تارة، ويجمع بينهما تارة هذا لا يتناوله الكراهة، وأقل الأحوال أن يقال: إنه خلاف الأولى؛ لأنه لا يتم به الامتثال.
"وصلى الله على سيدنا" سيدنا النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أنا سيد ولد آدم)) ولا شك في سيادته، لكن لما قيل له: أنت سيدنا، قال: ((السيد الله)) فلكل مقام مقال، إذا خشي من الغلو نفي الوصف المناسب له، إذا خشي من الغلو، أما مع أمنه فهو السيد -عليه الصلاة والسلام-.(2/4)
"صلى الله على سيدنا" هذه الكلمة ثبتت في الحديث الصحيح أنه سيد ولد آدم، لكن الألفاظ المتعبد بها لا يجوز أن تضاف إليها كلمة سيد، ولو على طريق الاحترام له -عليه الصلاة والسلام-، فلا تقال في التشهد ولا في غيره مما ورد التعبد به، الذي لا يقبل الزيادة، فلا تقل: اللهم صل على سيدنا محمد في التشهد، وإن كان بعضهم يرى الأمر في هذا سعة؛ لأنه إنما كان على طريق الاحترام، وما كان على طريق الاحترام لا يتقيد بالنص، ولا يعد المخالف للنص مخالفاً، ويستدلون بأمره -عليه الصلاة والسلام- لأبي بكر أن يثبت في مكانه حينما صلى مكان النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر، ومع ذلك تأخر.
قالوا: أبو بكر -رضي الله عنه- خالف أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يثرب عليه؛ لأن هذه المخالفة تتضمن احترامه للنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكنها مخالفة مقرة من قبله -عليه الصلاة والسلام-، وما كان مقر يكون مشروعاً، وما لم يقر من قبله -عليه الصلاة والسلام- فالأصل ألا يتعبد إلا بما شرعه الله -جل وعلا- على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-.
"على سيدنا محمد خاتم النبيين" خاتم يعني آخرهم، ولا نبي بعده -عليه الصلاة والسلام-، وبعض الفرق الضالة التي ترى أو ادعت أنه وجد بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- نبي منها من هذه الفئة الضالة، قالوا: إنه -عليه الصلاة والسلام- خاتم النبيين، يعني أنه كالخاتم بالنسبة لهم، كالخاتم، زينة للأنبياء، كالخاتم زينة للأصابع، وهذا نسأل الله العافية ضلال، لا نبي بعد -عليه الصلاة والسلام-، فمن ادعى ذلك أو جوزه فهو كافر مخالف للنصوص القطعية، نسأل الله العافية.
"خاتم النبيين وعلى آله" الآل، آل النبي -عليه الصلاة والسلام- هم أهله، فالآل أصلها أهل، ويختلف في تحديدهم منهم من قال: من تحرم عليه الزكاة، ومنهم من يقول: هم بنو هاشم فقط، ومنهم من يقول: بنو هاشم وبنو المطلب، ومنهم من يقول: هم العباس وأولاده وعلي وأولاده، ومن في حكمهم، ومنهم من يقول: هم أزواجه وذريته، كما جاء في بعض الروايات، رواية التشهد مكان الآل الأزواج والذرية، ولا شك في دخول الأزواج والذرية في الآل دخولاً أولياً.(2/5)
"وعلى آله الطاهرين" الطاهرين، الطهارة هذه أخذت من قوله -جل وعلا-؟ هاه؟ {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [(33) سورة الأحزاب] وممن يتولى يزعم ولاية الآل، ويرى لهم الطهارة يخرج من الآل من دخوله في الآية قطعي، وهن أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني الآية في أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- ويقول: لا، بعض أزواجه لا تدخل في هذه الآية، هي نص في الأزواج، والتطهير في الأزواج الذي جاء به النص بهذه الآية، ومع ذلك مخالفة للقرآن كالشمس، ويزعمون أنها لا تدخل في الآل -رضي الله عنها وأرضاها-، ويخالفون بذلك النص، ومن قال بهذا القول فقد كفر، نسأل الله السلامة والعافية، يعني من أخرجها من أزواجه، أو قال: إنها حصل منها ما حصل، وقذفها مع أن براءتها جاءت من الله -جل وعلا-، من فوق سبع سماوات في القرآن، لا شك في كفر مثل هذا.
"وعلى آله الطاهرين، وأصحابه المنتخبين" الذين اختارهم الله -جل وعلا- لحمل دينه، ونصرة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، ولولا أن الله -جل وعلا- قيض هؤلاء الصحب لما استمر الدين؛ لأنهم هم حملته، هم الذين بلغوا الدين إلى الآفاق، وبلغوهم إلى من سمعه منهم، وهكذا إلى قيام الساعة، وإلا لولا الصحابة ما وصل الدين ولا إلى التابعين، كيف يصل التابعي الدين من غير طريق الصحابة؟ يتصور هذا؟ لا يمكن تصوره، والطعن في الصحابة طعن في الدين؛ لأن الطعن في المخبر طعن في الخبر.(2/6)
"وأصحابه المنتخبين" وجمع المؤلف -رحمه الله تعالى- بين الآل والصحب وفاءاً للجميع؛ لأن الآل لهم حق عظيم على الأمة، وهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، والصحب أيضاً لهم حق عظيم؛ لأنهم بهم انتشر الدين، وبهم حمل الدين، وبهم حفظ الدين، فالجمع بينهما وفاءً للجميع، وخروجاً عن مشابهة طوائف البدع الذين يتولون الآل فقط، والذين يتولون الصحابة فقط، من فرق الروافض والنواصب، والجمع بينهما هو ديدن أهل السنة، وما جاء في حديث، أو ما جاء في الصلاة الإبراهيمية في آخر الصلاة هذا فرد من أفراد المأمور به، في قوله -جل وعلا-: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] فالآية يتم امتثالها بقولنا: صلى الله عليه وسلم، وذاك فرد من أفراده، والتنصيص على فرد من الأفراد لا ينفي بقية الأفراد، فكلما جاء بما يجمع بين الصلاة والسلام يتم امتثال الأمر، وما بقي من الألفاظ المتعبد بها لا تجوز الزيادة عليها، لا يجوز أن نضيف الصحب في الصلاة الإبراهيمية في آخر الصلاة أبداً؛ لأن هذا لفظ متعبد به، وفرد من أفراد المأمور به، ولا يقصر العموم على مثل هذا الفرد، بل نزيد عليه وننقص منه في حدود المأمور به، فلنا أن نقول: صلى الله عليه وسلم، ومؤلفات أهل العلم طافحة بمثل هذا دون الآل والصحب، لكن إذا أضفنا فلنضف الصحب والآل معاً؛ لنخرج عن مشابهة المبتدعة.(2/7)
"وأزواجه أمهات المؤمنين" {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [(6) سورة الأحزاب] وهذا في التقدير والاحترام، وتحريم النكاح، وهل يقال: أمهات المؤمنات؟ أو المؤمنات داخلات في المؤمنين؟ نعم؟ على سبيل الإفراد أمهات المؤمنات، نقول هذا وإلا ما نقول؟ على سبيل الإفراد، أما على سبيل الإجمال نقول: أمهات المؤمنين ويدخل فيها النساء، أما دخول النساء في جمع المذكر ظاهر يعني، فمريم كانت من القانتين، وأما الإفراد أمهات المؤمنات فلم يره جمع من أهل العلم، وهل يقال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: أبو المؤمنين؟ ويقال لإخوان أمهات المؤمنين: أخوال المؤمنين كمعاوية مثلاً خال المؤمنين؟ أو نقتصر على ما ورد فيه النص؟ {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ} [(40) سورة الأحزاب].
هنا يقول:
"قال الشيخ" في الطبعة الأخيرة الإمام، والطبعة الأولى ليس فيها الإمام، والغالب أن الإمامة إنما تطلق على المتبوع، أو الذي له أثر بين بحيث تتداول أقواله، وتنتشر في الناس، ويعتنى بها.
"قال الشيخ أبو القاسم" وهنا يقول: قال الشيخ الإمام أبو القاسم، والخطب سهل "عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي" نسبة إلى بيع الخرق كما تقدم.
يقول هنا في الطبعة الأولى: "رحمه الله" في الطبعة الأخيرة رحمه الله ورضي عنه، والسؤال الذي ذكرناه سابقاً أشرنا إليه ولو لم نذكره، يقول: قوله: "رضي الله عنه لغير الصحابي متفرداً" العرف عند أهل العلم أنه يقال بالنسبة لله: "جل وعلا" يقال: "عز وجل" وللنبي: "عليه الصلاة والسلام" "صلى الله عليه وسلم" فلا يقال: محمد عز وجل، وإن كان عزيزاً جليلاً، ويصلى على النبي -عليه الصلاة والسلام- ويسلم عليه، ويترضى عن الصحابة، ويترحم على من بعدهم، هذا العرف الذي جرى عليه أهل العلم، وإن وجد كثيراً في كتب العلماء الترضي عن غير الصحابة، ولا يصلى على أحد غير النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا على سبيل التبع، فمن كان من الصحابة يقال: رضي الله عنه، ومن كان من التابعين ومن دونهم يقال: رحمه الله.
يقول: هل يقال: رضي الله عنه لغير الصحابي متفرداً؟ ما الضابط فيه؟ هل يطلق على كل مسلم أم العلماء وأهل الفضل؟(2/8)
على كل حال الترضي مثلما قلنا: العرف عند أهل العلم خصصه بالصحابة، والترحم على من بعدهم، والأمر فيه سعة؛ لأن المسألة مسألة دعاء، سواءً دعوت بالرحمة أو دعوت بالرضوان على من تقدم أو تأخر، لكن متابعة أهل العلم في عرفهم أولى.
"رحمه الله ورضي عنه، واختصرت هذا الكتاب على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل" وقال: رضي الله عنه، وفي الطبعة الثانية: الشيباني، ولا توجد في الأولى، وهو شيباني، يجتمع مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في نزار، ينتهي نسبه إلى ربيعة بن نزار، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ينتهي نسبة إلى مضر بن نزار، الشيباني نسبة إلى شيبان، فهل شيبان الذي ينتسب إليه الإمام أحمد -رحمه الله- هو شيبان الذي النسبة إليه موجودة الآن الشيباني، والشيابين اللي هم فرع من عتيبة، صح؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب هي هي وإلا غير؟
طالب:. . . . . . . . .
غيرها طيب، ليست هي، طيب عتيبة هذه ترجع إلى هوازن، نعم.
يقول: "الشيباني قدس الله روحه".
وجاء أيضاً سؤال: ما معنى قوله: "نور ضريحه"؟ وهل هذا الدعاء بهذا اللفظ صحيح؟
يقول في الطبعة الأولى: "رضي الله عنه" فقط، وفي الطبعة الأخيرة قال: "الشيباني قدس الله روحه" يعني طهرها، وهذه كلمة متداولة عند أهل العلم، طهر الله روحه، ونور ضريحه، نوره يعني مرقده، ضريحه، قبره، ما في إشكال إن شاء الله تعالى، ولا يفهم الناس من الضريح إلا أنه البناء على القبر يسمونه ضريح، لكنه يطلق بإزاء القبر نفسه.(2/9)
"ورضي عنه، ليقرب على متعلمه" لا شك أنه هذا الكلام المختصر في مذهب الإمام أحمد إنما اختصر وقلل فيه الكلام، وكثرت فيه المعاني هذا حد الاختصار، قلة الكلام مع كثرة المعاني، الذي هو بمعنى الإيجاز، ويقابله الإطناب، فهذا مختصر، ويقابله مطول، فالكتب والمؤلفات والمصنفات عند أهل العلم على أنحاء، منها: المختصر كهذا "ليقرب على متعلمه، فيسهل حفظه" وتؤلف المطولات لتفهم، فشأن المختصرات الحفظ، وشأن المطولات الفهم، والاستزادة من العلوم التي تذكر فيها مما لا يذكر في المختصرات، فمرة يؤلفون مختصرات لتحفظ، وتقرب ويقرب تناولها بالنسبة للطالب، وتارة تجد المؤلفات مطولة، وأحياناً تكون متوسطة، وأحياناً يؤلف المختصر، ثم يؤلف عليه شرح مطول، ثم يكتب على الشرح حاشية، بعض الناس يقول: إيش هذا التعب؟ يكتب كتاب مطول من الأصل، لماذا ندور على كتاب مختصر ثم نطول فيه، ثم نكتب عليه حاشية؟ من الأصل نجمع المعلومات كلها في كتاب، ما نحتاج إلى المختصر، وما دام المغني موجود ويش نستفيد من هذا الكتاب؟ بعض الناس يقول مثل هذا، يعني مثلما قيل: لماذا الكتب طبقات، طبقة للمبتدئين والمتوسطين والمنتهين؟ لماذا هذا العناء؟ نقرأ العلم الواحد أربع مرات ليش؟ نقرأه مرة واحدة، والكتاب الكبير فيه كل ما في الصغار، لكن ألا يدري أن الصغار المبتدئين ما يدركون ما في هذه الكبار؟ فالطالب إذا كان يدرك المبتدئ يحتاج إلى عشرة بالمائة من العلم، المسائل السهلة، السهل تصورها، والذي يليه في الطبقة التي تليها قل يحتاج إلى خمسة وعشرين بالمائة، فكيف تحمل ما لا يدرك إلا عشرة بالمائة ما فيه مائة بالمائة أو تسعين بالمائة؟ هذا الكلام لا شك أنه خلل في التعليم، وهذا تضييع للطلاب، فالمبتدئ يعطى ما يناسبه من المسائل الواضحة السهلة التي يدركها، والذي يليه يعطى ما هو أصعب منها وأوسع وأكثر، ثم الطبقة التي تليه وهكذا.(2/10)
"اختصرت هذا الكتاب على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل" يعني تجد كتاب متوسط يؤلف ابتداءً، كتاب متوسط، ثم يأتي من يختصر هذا الكتاب، ثم يأتي من يشرح الأصل، ويأتي من يشرح المختصر، ويأتي من يكتب حاشية على الشرح، هذا الكتاب إذا كتب الله له القبول وصار بهذه المثابة وصار محور يدورون عليه الناس، فتقليب العلم بهذه الطريقة لا شك أنه سبب لترسيخه، سبب لترسيخ العلم، وإلا قالوا: ابن قدامة كتب المغني، لماذا كتب الكافي؟ ليش يكتب الكافي وكل ما في الكافي موجود في المغني؟ نقول: الكافي له ناس يناسبهم، والمغني له أناس يناسبهم، والمقنع له رواد، والعمدة لها أهل، ويتندرون في المجالس أن أهل العلم ينقل بعضهم من بعض هذا يختصر كتاب فلان، وهذا يدعي، وشخص ممن علق على النخبة ابن حجر عادته يذكر في شرحها ما له من مؤلفات في الفن الذي يذكره، النوع الذي يتكلم عليه، ثم يأتي هذا المعلق وهذا كعادته في سرقة الكتب، يختصر كتاب فلان ويدعيه لنفسه، أقول: هذا يمكن أن يصدر من طالب علم؟! قد كُتب كعادته في سرقة الكتب، ابن حجر حفظ الله بمؤلفاته العلم، لا شك أن له مختصرات، اختصر كتب، اختصر البدر المنير، اختصره بالتخليص الحبير، لكن أيهما أكثر وأشهر عند العلماء؟ يعني البدر المنير طبع بعد التلخيص بمائة سنة، والناس ماشيين على التلخيص، نفع الله به نفعاً عظيماً، وقل مثل هذا في الإصابة، وقل مثل هذا في بقية كتبه، التهذيب والتقريب وغيرها من الكتب، والله -جل وعلا- أعدل وأحكم من أن يشهر كتب ينفع بها الناس وهي مسروقة، والله المستعان.(2/11)
"ليقرب على متعلمه" يعني من أجل أن يسهل حفظه على المتعلم، ويسهل حصر المسائل وضبطها وإتقانها والمتعلم لمثل هذا المختصر وغيره من المختصرات يتعلمه لا لأنه دستور لا يحاد عنه، وحي منزل لا يعدل عنه لا، تعلم على أنه كلام لأهل العلم عمدتهم الدليل والتعليل، وقد يكون عند غيره ما هو أرجح منه، والمسائل التي خالف فيها غلام الخلال هذا الكتاب ثمانية وتسعين مسألة، فالصواب مع من؟ يأتي إن شاء الله تعالى الكلام في هذه المسائل، وبقية مسائل الكتاب، فطالب العلم بصدد فهم الكتاب في العرضة الأولى، فهم الكتاب، وتصور المسائل، وتصوير المسائل، والاستدلال لها، هذه المسألة ما دليلها؟ يبحث عن دليلها، يكتفي طالب العلم بهذا في أول عرضة للمختصر، ثم بعد ذلك إذا تصور المسائل، واستدل لها العرضة الثانية ينظر من وافق المؤلف ومن خالفه من أهل العلم، ثم ينظر بعد ذلك في دليل المخالف ويوازنه، ويعمل بالراجح الذي يرجحه الدليل، والذين يقدحون في كتب الفقه والعناية بها وتدريسها وإقرائها، والتعب في تفهيمها وإتعاب الطلاب في فهمها كثير من المتعلمين أو ممن صعدوا على أكتاف هذه الكتب صاروا يطعنون بها، يعني ما حصل لهم شيء من العلم إلا بواسطة هذه الكتب، فلما تعلموا رموها، وحذروا منها، وذموا التقليد، نعم التقليد مذموم، والعبرة بقول النبي -عليه الصلاة والسلام- العبرة بقال الله وقال رسوله، ولا يتعبد أحد إلا بما شرعه الله -جل وعلا- في كتابه، وعلى لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، لكن هذه الكتب تجعل بمثابة عناصر بحث، يسير عليها الطالب، فإذا المسألة الأولى كذا، ينظر في هذه المسألة يتصور هذه المسألة، ولا يستطيع تصوير هذه المسألة إلا إذا تصورها تصوراً صحيحاً، ولا يمكن يذل له العلم، ويسهل له العلم إلا إذا تصورها تصوراً صحيحاً، يعني أنتم تجدون فرق كبير بين شرح الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- وبين شرح غيره، تقرءون الشروح، لكن من الذي تحس أنه هضم المسألة وفهمها وصورها على وجوه متعددة، وذكر لها الأشباه والنظائر، بحيث لا يشكل في الكتاب شيء.(2/12)
الزاد متن متين كان الطلاب يهابونه حتى الكبار، فلما تصدى له الشيخ سهل على آحاد المتعلمين، وهذا نتيجة فهم، وهل نقول: إن الشيخ ابن عثيمين لا يعتني بالدليل أو هو مقلد؟ لا، وقل مثل هذا في غيره من الشيوخ الذين لهم عناية بعلوم الحلال والحرام سواءً كانت عن طريق المختصرات الفقهية، أو كتب أحاديث الأحكام.
"اختصرت هذا الكتاب" يشير إليه (هذا) والأصل أن الإشارة تكون للمحسوس الموجود في الأعيان، هذا، لكن هذه المقدمة إن كانت كتبت قبل تأليف الكتاب فالإشارة إلى ما هو حاضر في الذهن، لا في الأعيان، وإن كانت المقدمة كتبت بعد جمع الكتاب وتأليفه، لا سيما وهو يقول: اختصرت، هذا يدل على أنه انتهى منه، وغالب المؤلفين إنما يكتبون المقدمات بعد الفراغ من الكتاب، بعض العلماء تجد علمه وإن كان محرر ومتقن ومضبوط إلا أنه منتقى من كتب، لكن إذا كان علمه حاضر في ذهنه، ويكتبه مثل شيخ الإسلام ابن تيمية هذا يكتب المقدمة قبل أن يشرح؛ لأنه كالموجود بين يديه، وكتب فتوى من الفتاوى وصاحبها مستوفز يريدها في مائتين وثلاثين صفحة، ما يرفع القلم رحمة الله عليه، المقصود أن الكتابة كتابة المقدمة، وفيها الإشارة هذا الكتاب الذي يغلب على الظن أنها سطرت بعد الفراغ من الكتاب، ولذا صحت الإشارة إليه.
"على مذهب الإمام أبي عبد الله" ... إلى آخره "ليقرب على متعلمه".
هناك كتب يسمونها الزوائد، وهي موجودة في كتب الحديث وفي كتب الفقه، فكتب الحديث مثلاً زوائد مسلم على البخاري، وزوائد البخاري على مسلم، وزوائد السنن على الصحيحين، ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد على الكتب الستة، وزوائد البزار، وزوائد البيهقي وهكذا، يجعلون الطالب يعنى بمجموعة من الكتب، وأما الكتب التي تليها في الأهمية يعتنون بزوائدها فقط، ومثل هذا عند الفقهاء، زوائد الكافي والمحرر، زوائد الهداية على الخرقي لابن قدامة، وكتب الزوائد كثيرة، ويقال في كتب الزوائد ما يقال في الاختصار، والشرح والتحشية، يعني تقليب العلم من وجه إلى وجه، وكل هذا يفيد طالب العلم؛ لأن طالب العلم لا يكفي أن يسمع المسألة مرة واحدة، بل يسمعها على وجوه، أحياناً مطولة، وأحياناً مختصرة، حتى يفهمها ويهضمها.(2/13)
"ليقرب على متعلمه، مؤملاً من الله -عز وجل- الثواب" الأمل وهو الرغبة في ثواب الله -جل وعلا-، ومن أمل في الله -جل وعلا- لن يخيب "مؤملاً من الله -عز وجل- الثواب" ثواب تأليف هذا الكتاب "وإياه أسأل التوفيق للصواب" التوفيق للصواب مجانبة الخطأ، والخطأ لا بد أن يقع فيه هو وغيره ممن لم تضمن له العصمة، لكن المسألة نسبية، بعض الناس خطأه كثير، وبعض الناس خطأه يسير مغمور في بحار حسناته، هذا كمن لا خطأ له، لكن إذا كثرت الأخطاء والشواذ مثل هذا يجتنب، وفي الغالب أن الذي يطلب العلم لا على الجادة المعروفة عند أهل العلم أنه تكثر عنده الشواذ والغرائب، لكن الذي يسلك الجادة المعروفة عند أهل العلم مثل هذا يوفق للصواب.
يقول: ما رأيكم بمن يرمون أهل الفقه الذين تعصبوا لمذاهبهم الفقهية بأنهم أهل جمود وتقليد، وأن الفضل في تحرير الفقه من هذا الجمود هم أهل المدرسة الإصلاحية العقلانية كالشيخ محمد عبده وتلميذه محمد رشيد رضا؟(2/14)
أولاً: هذه المدرسة العقلانية توسعوا فيما يعول فيه على العقل، وعولوا عليه، وجعلوه حكماً على النصوص في بعض المسائل، وضعفوا بعض النصوص الصحيحة من أجل أنها تخالف معقولهم، ولو قال هذا السائل أو هذا القائل الذي ينقل عنه السائل، لو قال: وأن الفضل في تحرير الفقه من هذا الجمود أهل المدرسة الحديثية، يعني بدءاً من الألباني -رحمه الله تعالى- لكان أقرب إلى الصواب، ولا شك أن من المتفقهة، ومن أتباع المذاهب من فيه جمود، وفيه تعصب، وهذا لا شك أنه مذموم، لكن لا يعني أن من يتفقه على مذهب معين أنه يتخذ إمامه بمثابة النبي -عليه الصلاة والسلام- يدور حوله، يوجد من المتعصبة من يسخر النصوص لخدمة المذهب، وأن كل نص يخالف المذهب فلا بد من تأويله، هذا التمذهب المذموم، لكن إذا كان يقرأ الفقه على مذهب إمام معين، والدليل نصب عينيه، إن وافقه المذهب بها ونعمت، وإن خالفه رمى به عرض الحائط هذا اتباع وليس بتقليد، أما المدرسة العقلانية فعليها ملاحظات كبيرة، فيها طوام، ومن قرأ في فتاوى محمد رشيد رضا وهو أمثل بكثير من شيخه محمد عبده، وشيخه محمد عبده أمثل بكثير من شيخه الأفغاني، المقصود أن عندهم مخالفات، ولا عبرة بأقوالهم إلا ما وافقوا فيها الحق والصواب، ثم جاء بعدهم خلوف عقلانيين زادوا عليهم ممن خرج من مدارس المعتزلة وأمثالهم، هؤلاء لا عبرة بهم، ولا يلتفت إلى أقوالهم.
هذه أسئلة الأول يقول: من يصلح لدراسة مختصر الخرقي؟
هذا يصلح للطلاب المبتدئين والمتوسطين، لا سيما إذا سخر الشرح وعرض عرض مناسب، ويستفيد منه المنتهي إن شاء الله تعالى، لا سيما إذا راجع الشروح التي أشرنا إليها.
يقول: ثانياً: ما هو المنهج الأمثل للتدرج في الفقه الحنبلي؟
التدرج يقرأ مثل هذا الكتاب، أو العمدة، أو الدليل، دليل الطالب، ثم بعد ذلك يعنى الطالب بزاد المستقنع، ومنار السبيل مع تخريج أحاديثه، كلها كتب نافعة، ثم بعد ذلك يقرأ المقنع، وما كتب عليه، والكافي والمحرر للمجد ابن تيمية، ثم يقرأ بعد ذلك الإقناع والمنتهى، ثم بقية الكتب.
يقول: ما حكم نسخ الكتب التي كتب عليها عبارة: "حقوق الطبع محفوظة" علماً بأني أريد أن أنسخ لنفسي فقط؟(2/15)
الذي يكتب عليها حقوق الطبع محفوظة لا يجوز أن يتعدى عليها، إذا أدى هذا التعدي إلى ضرر المؤلف أو الناشر الذي تعب عليه، وتسبب في ضرره، فالضرر لا بد من إزالته، لكن إذا كان المؤلف قد أخذ حقه، والناشر استوفى أتعابه، ونفد الكتاب، ولم يبق للاستفادة منه، والحصول عليه إلا أن يصور تصويراً فردياً لا يضر بالمؤلف ولا بالناشر، فأرجو أن لا بأس به -إن شاء الله تعالى-.
يقول: تعلمون أن التدرج في طلب العلم مهم بالنسبة لطالب العلم، فسؤالي هو هل تنصحون طالب العلم المتوسط الاستفادة من هذا الكتاب مختصر الخرقي خشية فوات الفوائد؟ علماً أن لكم استطرادات قد تفيد طالب العلم.
نعم يستفيد طالب العلم من مختصر الخرقي فائدة كبيرة، وعلى كل حال العبرة بالشارح يعني؛ لأن من أهل العلم من يشرح الكتاب الميسر السهل الذي ألف أصلاً للمبتدئين فيكون شرحه على مستوى المنتهين، مثل المغني مثلاً، الأصل أن الخرقي يستفيد منه الطالب المبتدئ، ثم بعد ذلك شرح بهذه الشروح الكبيرة الذي يضيع المبتدئ لو اعتنى بها، فعلى كل حال المدار على الشارح نفسه.
ما هو المتن الفقهي الذي حوى أكثر المسائل على الإطلاق بغض النظر عن المذهب، أو كونه المختار في مذهبه؟
كل يدعي أن كتابه أو الكتاب الذي ألف بمذهبه حوى من المسائل أكثر، لكن هذه الدعاوى إذا لم يشهد لها الواقع فهي لا اعتبار بها، فالمالكية يقولون على مختصر خليل ما يقولون، حتى قال قائلهم: إن فيه مائة ألف مسألة منطوقة، فيه مائتي ألف مسألة مفهومة، هذا يستحيل أن يوجد كتاب بهذا القدر مهما بلغ مؤلفه من الدقة والإيجاز، بل الإعجاز فضلاً عن الإيجاز أن يصل المسائل إلى هذا العدد مع هذا الحجم.
مغني ذوي الأفهام لابن عبد الهادي في فقه الحنابلة إشارات وألغاز إلى المذاهب كلها في مجلد صغير، يعني هذا فيه حشد كبير من المسائل، زاد المستقنع أيضاً فيه مسائل كثيرة جداً، يعني على صغر حجمه حوى مسائل كثيرة جداً، فطالب العلم إن أراد أن يعنى إن كان يريد كثرة المسائل فهو بين هذه الثلاثة الكتب، إما أن يعنى بالزاد، أو مغني ذوي الأفهام، أو مختصر خليل.(2/16)
يقول: هل عندكم معرفة بمنظومة الشيخ محمد سالم الشنقيطي الذي نظم فيها مختصر خليل؟
لا أعرفها.
سؤال يقول: ما هي أفضل طبعات هذا الكتاب؟ وهل يوجد له شروح؟
إن كان يقصد مختصر الخرقي فذكرنا شروحه في الدرس الماضي، وأعظمها وأجلها المغني، ثم الزركشي، ثم ابن الضرير، ثم ابن البناء، وأفضل طبعاته الطبعة التي نشرها محمد زهير الشاويش، بإشارة من الشيخ محمد بن مانع، على نفقة قاسم درويش من أهل قطر، طبعة نفيسة، لكن مع الأسف أنها لا توجد، إلا من أراد أن يصورها، هذه أفضل الطبعات، والطبعات الثانية التي عليها حاشية الشيخ محمد بن إسماعيل طبعة لا بأس بها، ينتفع بها طالب العلم، ويستفيد من حواشيها.
يقول: رجل أخر صدقة الفطر إلى يوم العيد ليخرجها بعد صلاة الفجر، ولكنه نام ولم يصح إلا قبيل الظهر، فلم يخرج الزكاة، فماذا عليه الآن؟
عليه أن يقضيها، عليه أن يدفعها إلى الفقراء قضاءً، ويتوب، ويستغفر.
يقول: ما رأيكم فيمن يقول: إن العلماء في هذا الزمان اهتموا في الفقه، وتركوا العقيدة والتوحيد، وينتقصون من بعض العلماء بوصفهم فقهاء فقط؟
لا يستحق وصف الفقه إلا من عرف جميع أبواب الدين، فالفقه المراد به في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) يعني في جميع أبوابه؛ لأن الدين ليس مجرد الأحكام من الحلال والحرام، وإنما بجميع أبوابه ((هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)) بعد أن شرح الإسلام والإيمان والإحسان، أما كون بعض العلماء يعنى بالفقه ويترك العقيدة ما يتصور أن عالم يستحق أن يوصف بأنه عالم يقدم على العقيدة شيء إلا إذا رأى أن غيره يحسن تدريس هذا الفن أكثر منه، وترك المجال له، ووجد أن الأمر قام بدونه، واتجه هو إلى علم آخر، وإلا فماذا نقول عن معلم النحو أنه زهد في الكتاب والسنة؟ ما زهد في الكتاب والسنة، لكن رأى أن الكتاب والسنة لها من يدرسها من الأكفاء ممن هم أفضل منه في هذا الباب واتجه إلى العلم الآخر، ولا يظن بأهل العلم سوء أبداً.
يقول: هل الفخذ من العورة؟ وهناك من ينقل عنك أنك تقول: الفخذ ليس من العورة فهل هذا صحيح؟(2/17)
جاء في الحديث حديث جرهد ((غط فخذك، فإن الفخذ عورة)) وجاء في حديث أنس وهو في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حسر عن فخذه، وهذا ثابت، وذاك صحيح، وإن كان حديث أنس أصح، منهم من يحمل هذا على أنه عورة داخل الصلاة، وحسر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن فخذه خارج الصلاة، ومنهم من يقول: إن هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وتغطية الفخذ للأمة، وقلنا في مناسبات: إن تغطية الفخذ أكمل من كشفه، فإذا طلب الكمال من الأمة فليطلب من نبيها -عليه الصلاة والسلام- من باب أولى، وعلى كل حال الأحوط تغطية الفخذ، وأما بالنسبة للصلاة فلا يجوز كشفه ألبتة.
يقول: أحب أن أنبه إلى مسألة وهي أن بعض الإخوة وأنا منهم لم نحضر لك دروس، وهذا أول درس نحضره كنت أخشى أنني أسمع في الشرح أن يقال: شرح في مناسبة أو مناسبات مضت، فأرجو تكرماً لا أمراً أن يكون الشرح شاملاً من غير خلل ولا تطويل، ويصعب أن نرجع إلى هذه المناسبات التي لم نحضرها.
على كل حال ما شرح سابقاً، وما بسط يشار إليه إشارة تنفع طالب العلم إن شاء الله تعالى، ويكتفى بما مضى من تفصيل.
يقول: ما رأيكم بكتاب منهج السالكين للعلامة ابن سعدي؟
كتاب طيب ونافع ينفع طالب العلم أن يقرأه بنفسه، أما أن تجعل فيه دروس، فالدروس إنما هي في الكتب التي تحتاج إلى شرح، ومثل هذا الكتاب يفهمه طالب العلم بغير شرح؛ لأنه كتب بلهجة العصر، ولذا أقول: لا يعول طالب العلم على كتابات المتأخرين إلا على سبيل النفل والزيادة على ما في كتب المتقدمين.
يقول: هل تنصح يا شيخ بحفظ هذا المختصر أو غيره .... ؟
هذا مختصر من المختصرات، لكنه يعوزه كثير من المسائل، فلو وفر الحفظ لما هو أشمل منه كالزاد مثلاً لكان أولى.
يقول: ألاحظ أنكم دائماً تنبهون على الاعتناء بالمنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية للشيخ حافظ الحكمي، وبما أنكم تعلمون أن في الدرس طلاباً مبتدئين، وكثير منهم يحتاجون إلى هذه الآداب التي تتعلق بطلب العلم فنقترح أن تجعلون بعد أسئلة الدرس من يقرأ هذه المنظومة وتعلقون عليها لتتم الفائدة؟(2/18)
هذه المنظومة تصلح في دورة لمدة أسبوع أو أسبوعين وتنتهي إن شاء الله تعالى، ولا شك أنها في غاية الأهمية، الشيخ -رحمه الله- وفق في هذه المنظومة كغيرها من مؤلفاته.
يقول: ما سبب مخالفة المذاهب للأحاديث الثابتة؟
سببها إما أنها لم تبلغ الإمام هذه الأحاديث، إما لأن هذه الأحاديث لم تبلغ الإمام، أو لأن الإمام فهم هذه الأحاديث وهذه النصوص على وجه يخالف فهم غيره، أو لأنه وجد عنده أو هو وجد ما يعارض هذه الأحاديث مما هو أقوى منها عنده ولو من وجهة نظره.
يقول: ما الأولى قول: رحمه الله أو يرحمه الله؟
كلاهما سواء، هو دعاء على كل حال بالرحمة للمدعو له، المرحوم يكرهه جمع من أهل العلم؛ لأن فيه ما يشبه الجزم بأنه رحم وانتهى، بأنه ثبتت له الرحمة، وهذا غيب لا يعلمه إلا الله، فليتق بقدر الإمكان، ومن قاله متأولاً أنه مرحوم مثل رحم، مرحوم اسم مفعول مثل رحم ماضي فيه ما يشعر بأنه رحم وانتهى، وعلى كل حال يتقى بقدر الإمكان.
قال: ما الرأي الصحيح في منهج الموازنات في ذكر المساوئ فقط، أو الجمع بينها وبين الفضائل في شخص من الأشخاص؟
على كل حال من كثرت حسناته، وعظم نفعه مثل هذا لا يجوز أن تذكر مساوئه فقط، بلد لا بد من ذكر الحسنات والسيئات التي تذكر ينصح بها، يبدأ به أولاً فينصح سراً، فإن امتثل تذكر هذه المخالفات ولا تضاف إلى شخص بعينه، فيقال: من المشايخ من أفتى بكذا، والصواب كذا، وقد سألنا فلان من المشايخ الكبار فقال: كذا، إن امتثل ورجع عن قوله وإلا فلا مانع من أن يصرح باسمه لا على سبيل التجريح، مع مقدمة تبين منزلة الرجل {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ} [(8) سورة المائدة] أما إذا كانت مساوئه أكثر فمثل هذا يحذر منه بقدر الضرر المترتب عليه.
يقول: أليس المقصود بالآل هم أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنهم أهل بيته المتبعين له، فيكون ذكر الصحابة بعدهم من ذكر الخاص بعد العام؟(2/19)
مما قيل في معنى الآل أنهم الأتباع على دينه إلى يوم القيامة، وهذا قول معتبر عند أهل العلم، ولكن إذا ذكرنا الآل بالإفراد تبادر إلى الذهن ما يلفظ به عند بعض المبتدعة الذين يقتصرون عليه، لا سيما وأن الناس يسمعون أقوالهم في كل يوم، فلا بد من تمييز المتبع من المبتدع.
يقول: بعض المفكرين يقول: لا ينبغي أن تدرس المتون القديمة؛ لأن فيها مسائل ليست بمعاصرة، وليست معروفة، الحل عندهم أن تؤلف متون تكون لغتها معاصرة قريبة من زمننا هذا فيها مسائل معاصرة كيف تنظرون إلى هذا الكلام؟
تدريس كتب المتقدمين لا بد منه، وما يستجد من نوازل يدرس من قبل أهل العلم، ويطلع عليه طلاب العلم، ويحفظون ما يحفظ، ويفهمون ما يفهم.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد ....(2/20)
شرح مختصر الخرقي: كتاب الطهارة (3)
باب: ما تكون به الطهارة من الماء
الشيخ: عبد الكريم الخضير
هذا يسأل عن المؤلف يقول: بلغه أن المؤلف لم يحج فهل يحج عنه؟
المسألة لا تخلو من أن يكون تركه عاجزاً عنه وحينئذٍ هو غير مطالب به شرعاً، إن أراد أن يحج عنه ويتبرع بالحج عنه فيكون الأجر والثواب له، فلا مانع من ذلك -إن شاء الله تعالى-.
ما الطريقة المثلى لقراءة الشروح والكتب الكبيرة كالمغني؟ هل يضع خطاً على المهم ثم يفرغه في مذكرة؟
ذكرنا مراراً أن الكتب الكبار هذه تجرد وتسرد سرداً، ويكون بيد الطالب القارئ قلم ينبه على المسائل التي تهمه ويضع لها عناوين، ويكتبها على طرة الكتاب، كما هو معروف عند أهل العلم، وإذا فرغها في مذكرات وجمع لها النظائر من الكتب الأخرى تمت الفائدة -إن شاء الله تعالى-.
يقول: ما الطريقة المثلى لقراءة ومدارسة كتاب القواعد لابن رجب -رحمه الله-؟
تعرفون أن القواعد لابن رجب قواعد فرعية مذهبية، ويستفاد منها فائدة كبرى في ضبط المسائل العلمية، وهذه القواعد كما هو معلوم ليست كلية، ولذا يذكر في مسائل هذه القواعد ما يختلف القول فيه في المذهب فضلاً عن غيره من المذاهب الأخرى، وعلى كل حال هي تضبط المسائل، ومعرفة مثل هذه القواعد مفيد جداً لطالب العلم، نعم المسائل فيها طول، وفيها كثرة، وفي بعضها غموض، وفروعها كثيرة، يعني لو أن طالب العلم درس القواعد على شيخ تميز في هذا الباب كان طيب يستفيد فائدة كبيرة، وإذا كان لا يوجد من يدرس عليه يحاول أن يفهم القاعدة، ويذكر وينتقي من أمثلتها الأوضح، ويقتصر على ثلاثة أمثلة، أو أربعة أمثلة توضح له القاعدة.
يقول: ما رأيكم في تضمين درسنا للقواعد التي ذُكرت في ذلك الكتاب؟
نعم هو سيكون -إن شاء الله تعالى-، إن شاء الله تعالى نحرص على هذا أشد الحرص.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
كتاب: الطهارة
باب: ما تكون به الطهارة من الماء(3/1)
والطهارة بالماء الطاهر المطلق الذي لا يضاف إلى اسم شيء غيره، مثل ماء الباقلاء، وماء الحمص، وماء الورد، وماء الزعفران، وما أشبهها مما لا يزايل اسمه اسم الماء في وقت، وما سقط فيه مما ذكرنا أو من غيره، وكان يسيراً فلم يوجد له طعم ولا لون ولا رائحة كثيرة حتى ينسب الماء إليه توضئ به، ولا يتوضأ بماء قد توضئ به.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: الطهارة
الكتاب مصدر كتب يكتب كتاباً، ومثله الكتابة كتابةً والكتبة والكتب، وأصل المادة الكاف والتاء والباء للجمع، كما يقال: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، كتيبة الخيل أي جماعته، والخراز كاتب؛ لأنه يجمع بين الجلود بالخرازة فيكتبها أي يجمعها، وهذا الكلام تكرر في كل كتاب يشرح، لكن لا مانع من الإشارة إلى مثل هذا، يقول الحريري في مقاماته:
وكاتبين وما خطت أناملهم ... حرفاًَ ولا قرؤوا ما خط في الكتبِ
يقصد بذلك الخرازين، وفي ذلك البيت المشهور، وإن كان قبيحاً لا يحسن ذكره في المسجد، لكنه يدل على أصل المعنى، وفيه:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . واكتبها بأسيارِ(3/2)
يعني اجمع بين ما أشار إليه بالأسيار، لكن البيت قبيح ينزه عنه المسجد، واتهام لقبيلة كاملة، فهو قبيح من كل وجه، وأهل العلم يذكرون مثل هذا لبيان المعنى، فالشعر ديوان العرب، تحفظ به لغتهم، فيذكرون مثل هذا البيت وإن كان قبيحاً، ويذكرون ما في النقائض من ما لا يجوز ذكره في السعة إلا أنهم قد يحتاجون لبيان معنىً من المعاني يستشهدون له ببيت من الشعر، ولو كان ابتداءً لا يجوز ذكره، وهم لا يقصدون بهذا البيت حينما يوردونه في كتب العلم، ما قصده الشاعر، لكن هم يقصدون المعنى الذي تضمنه هذا البيت، هناك أبيات قالها بعض الشعراء في الجاهلية، وفيها مدح لأصنامهم وآلهتهم، وقد يكون فيها مدح لما حرم الله -جل وعلا- من خمور ونساء، وما أشبه ذلك، وأهل العلم يوردونها، أهل العلم يوردونها لما تفيده من معنىً لغوي بغض النظر عن الحكم الشرعي، فمرادهم غير مراد القائل، والكلام قد ينتابه أكثر من أمر، فيمنع من وجه ويذكر من وجه، ولا شك أن لغة العرب إنما حفظت بالشعر؛ لأن النثر وهم لا يكتبون في الغالب أنه لا يحفظ، وما حفظ منه عرضة للنسيان بخلاف الشعر.
والمراد بالكتاب المكتوب، المصدر يطلق ويراد به المفعول، كتاب: المكتوب الجامع لمسائل الطهارة، كالحمل يطلق ويراد به المحمول، كتاب مضاف، وهو في الأصل خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هذا كتاب، والطهارة مضاف إليه، الطهارة عرفوها في اللغة: بأنها النظافة، والنزاهة من الأقذار، مصدر طهر يطهر طهارة وطهراً، والتطهير مصدر المضعف، طهّر يطهر تطهيراً {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [(33) سورة الأحزاب] مثل التكلم مصدر التكليم.
يقول -رحمه الله-: "الطهارة" وعرفنا أنها في الأصل النظافة والنزاهة من الأقذار، وعرفوها في الشرع في الاصطلاح الشرعي عند الفقهاء: أنها رفع الحدث وإزالة الخبث، الطهارة رفع الحدث وإزالة الخبث، وكل من رفع الحدث وإزالة الخبث شرط لصحة الصلاة، فالصلاة لا تصح إلا بعد رفع الحدث ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) وإزالة الخبث أيضاً شرط لصحتها، فشروط الصلاة التسعة منها: الطهارة، ومنها أيضاً: إزالة النجاسة، فالطهارة لفظ يشمل النوعين، ويشمل الشرطين.
يقول -رحمه الله-:(3/3)
"باب: ما تكون به الطهارة"
يقول: "من الماء" وهذا الباب مخصص للماء، وأما الطهارة بغير الماء كالتيمم يأتي الكلام فيها في بابه "ما تكون" الباب في الأصل لما يدخل منه ويخرج معه، هذا الباب الحسي، والباب المعنوي: ما يضم فصول ومسائل غالباً، ويندرج تحت كتاب، هذا الترتيب العرفي عند أهل العلم، الكتاب ثم الباب ثم الفصل، والفصل يضم المسائل، وقد لا يوجد فصول، وقد لا يوجد أبواب، وإنما يوجد كتب فقط، أو أبواب فقط، أو تجتمع الكتب والفصول والأبواب والفصول، وما يتبع ذلك، والباب استعمال عند أهل العلم حقيقي، حقيقته عرفية، واصطلاح خاص، وإلا في الأصل المراد به الباب الحسي الذي يدخل ويخرج منه، والذين يقولون: بالمجاز يقولون: استعمل في غير ما وضع له فهو مجاز.
"باب: ما تكون" و (ما) هذا موصولة، باب الذي تكون، و (تكون) هذه تامة تحتاج إلى فاعل، ولا تحتاج إلى اسم وخبر، كما في قول الله -جل وعلا-: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [(280) سورة البقرة] يعني وإن وجد ذو عسرة، يعني ما تكون به الطهارة، الطهارة إعرابها فاعل لـ (كان).
"من الماء" (من) هذه بيانية كما في قوله -جل وعلا-: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [(30) سورة الحج] والماء معروف، وعرفه بعض المتأخرين بتعريف أخفاه على القارئ كما أثر: "وعرف الماء بعد الجهد بالماء" ولا شك أن الأمور الظاهرة التي يعرفها الخاص والعام، ويشترك في معرفتها الناس كلهم، هذه تعريفها لا شك أنه سبب في ضياع حقيقتها، فإذا تركت بدون تعريف كان أمرها أظهر للناس.
قال -رحمه الله-: "والطهارة" الواو هذه موقعها استئناف، لو قال: الطهارة بالماء المطلق، كما جرت به العادة في أوائل الأبواب والفصول في جميع الكتب ما يعطفون، ولا يذكرون هذه الواو التي هي استئناف، نعم إذا وجد قبلها جملة، أو في كتب الحديث وجد حديث، لا سيما في المختصرات، إذا قالوا: عن أبي هريرة قالوا: وعن ابن عمر؛ لأنه وجد ما يعطف عليه، وإذا وجد كلام ثم انقطع وتم جاءوا بالواو الاستئنافية، لكن الواو هنا هل هناك كلام تم وانتقل منه إلى كلام آخر يحتاج إلى استئناف؟ هذا أول الكلام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(3/4)
ويش الفرق بينها وبين الاستئنافية؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الأصل أن تكون منفصلة، يكون مستأنف الكلام، أما لو اتصلت بما قبلها عطفت عليه، فائدة هذه الواو؟ هل لها من فائدة؟ لو قال مباشرة: الطهارة بالماء المطلق، يعني الطهارة مبتدأ خبره محذوف تكون متعلق الجار والمجرور، بالماء الطاهر المطلق؛ لأن العنوان: باب ما تكون به الطهارة، لو قال قائل: إن (ما) هذه استفهامية، ما تكون به الطهارة؟ ما الذي تكون به الطهارة من الماء؟ يكون جوابه: الطهارة تكون بالماء الطاهر المطلق، جواب الاستفهام، ممكن هذا وإلا لا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، الاستفهام له صدر الكلام وإلا ما له صدر الكلام؟ والآن تصدر وإلا ما تصدر؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما تصدر.
قال -رحمه الله-: "الطهارة" أو والطهارة على ما وجد في النسخ.
طالب:. . . . . . . . .
طيب على القطع؛ لأنهم يعربونه على الوصل وعلى القطع، يعربونه مضاف لما بعده، ويعربونه مقطوع، يقال: هذا بابٌ، ثم يستأنف الكلام، ما الذي تكون به الطهارة من الماء؟ الجواب: الطهارة تكون بالماء الطاهر المطلق.
على كل حال مراد المؤلف مفهوم وإلا ما هو بمفهوم؟ واضح وإلا ما هو بواضح؟ مراده واضح، لكن من حيث التركيب لا شك أن هذه الجملة تكشف ما تضمنته الترجمة، سواءً قلنا: إنها موصولة، أو قلنا: إنها استفهامية، وسواءً قلنا: بإضافة الباب إلى ما بعدها، أو بقطعها عما بعدها، الطهارة بالماء يعني تكون بالماء الطاهر المطلق، هل الطهارة تكون بالماء الطاهر أو بالماء الطهور؟ أو المؤلف لا يفرق بين الطاهر والطهور؟ المؤلف يفرق وإلا ما يفرق؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(3/5)
المؤلف يفرق بين الطاهر والطهور وإلا ما يفرق؟ لأن أقسام المياه عند أهل العلم منهم من يقسمها إلى قسمين: طاهر ونجس، ومنهم من يقسمها إلى ثلاثة: طهور، وطاهر، ونجس، منهم من يزيد المشكوك فيه، فهل المؤلف ممن يفرق وإلا لا يفرق؟ كلامه في الفصل أو في هذا الباب يدل على أنه يفرق، كلامه يدل على أنه يفرق، يعني ما سيأتي من المسائل كلها مبنية على التفريق، لكن قوله: والطهارة بالماء الطاهر، يعني لما وصفه بالمطلق تبين مراده، هل نقول: إن الاصطلاح للتفريق بين الطاهر والطهور ما تحرر في وقته؟ لأنه ما تجد في كتب المتأخرين مثل هذا الكلام؛ لأن الفقهاء عباراتهم متقنة، إلى حد ما متقنة، يحسبون حساب للفظة بمفهومها ومنطوقها، هل نقول: إن الفرق بين الطاهر والطهور لم يتحرر في وقته، ولذلك إذا كانت الكلمة ما لاكتها الألسنة ما ينتبه لها ولا يحترز منها؟ وإلا مقتضى صنيعه في الباب تدل على أنه يفرق بين الطاهر والطهور، وعبر عن الطهور بالطاهر مع أنه يفرق؛ لأنه وصفه وصفاً لا يشترك فيه مع الطاهر الذي لا يرفع الحدث، وإن كان الأصل أن يقول: الطهارة بالماء الطهور المطلق.
"المطلق" ما معنى المطلق؟ الذي لم يتصف بوصف، المطلق من الأوصاف، غير مقيد بوصف، فهو باقٍ على خلقته الأصلية، سواء نزل من السماء أو نبع من الأرض، هذا وجه الإطلاق، يعني غير مقيد بوصف، ولا يضاف، غير مقيد بإضافة أيضاً، الذي لا يضاف إلى اسم شيء غيره، الذي لا يضاف، (الذي) إعرابها؟
طالب:. . . . . . . . .
إعرابها في إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
رفع إيش؟
طالب:. . . . . . . . .(3/6)
الطهارة بالماء، الطاهر وصف للماء، المطلق وصف له ثانٍ، (الذي) وصف أو بدل، لكن الأقرب أنه وصف، الذي لا يضاف إلى اسم شيء غيره، فالإضافة على هذا مؤثرة، لكن أي إضافة مؤثرة؟ الإضافة التي لا تزايل اسم الماء، بمعنى أنها لا تنفك عنه، فهناك من الإضافات ما يؤثر، ومنها ما لا يؤثر، ومر بنا في درس المنتهى أن الحنفية قالوا: إن الإضافة لا أثر لها ألبتة، الإضافة لا أثر لها ألبتة، فقولنا: ماء الباقلاء أو ماء الحمص مثل قولنا: ماء البئر وماء النهر، لا فرق بينهما، وأوردنا عليهم -إن كنتم تذكرون- ماء الرجل وماء المرأة، تؤثر وإلا ما تؤثر هذه الإضافة؟ مؤثرة، حتى عندهم ما في أحد يقول: إن هذه الإضافة غير مؤثرة، الذي لا يضاف إلى اسم شيء غيره، يعني غير الماء، لكن إذا أضيف إلى ما لا أثر له لكونه مطهر كالماء، يعني إذا اختلط الماء بالطين، وصار الغالب عليه الماء جاز أن نضيفه إلى ما اختلط به كماء الحمص مثلاً، وماء الباقلاء، وماء الطين مثلاً، الذي لا يضاف إلى اسم شيء غيره، مثل ماء الباقلاء، وماء الحمص هذه هل يمكن فصل الماء عن المضاف إليه؟ بمعنى أننا نجعل الماء مستقل والباقلاء مستقلة؟ الماء مستقل والحمص مستقل، الماء مستقل والورد مستقل، والماء مستقل والزعفران مستقل، بمعنى أنه هل يوجد من الفلاتر ما لو صب فيه ماء الباقلاء انفصل الماء عن الباقلاء، يعني بعض الفلاتر تصب فيه الشاي، فيخرج لك الماء مستقل كأنه ما خالطه شيء، تضع فيه البيبسي يطلع الماء منفرد والمواد الأخرى على جنب، هل هذا مقصود المؤلف بالمزايلة؟ بمعنى أنه لو وجد، عندنا يرد علينا ماء إيش؟ الدورات، ماء دورات المياه بعد الاستعمال، بمعنى أننا لو استطعنا أن نزايل المضاف عن المضاف إليه يرد على كلام المؤلف وإلا ما يرد؟ هل نقول: إنه طهور وإلا ليس بطهور؟ مطهر وإلا غير مطهر؟ لأن القيد الذي وضعه في الأخير، وما أشبهها مما لا يزايل، الذي يزايل في وقتهم ماء البئر، ماء النهر، ماء البحر، إذا أخذت منه في إناء، هل تستطيع أن تقول: هذا ماء بئر، أو ماء مطلق؟ من دون إضافة تقول: ماء مطلق، يعني ولو قلت: ماء الإناء، ماء القربة، ماء الكذا، هذه إضافة غير مؤثرة؛ لأنه تزايل،(3/7)
بمعنى أنها يمكن فصل المضاف عن المضاف إليه، فإذا أمكن مزايلة ما أضيف مثل ماء الباقلاء، وماء الحمص، وماء الورد، وماء الزعفران عن المضاف إليه هل يصير حكمه حكم ماء البئر وماء النهر؟ أنتم معنا وإلا ما أنتم معنا يا إخوان؟ يعني الآن مشاريع كبرى تدرس هذه المياه التي استعملت في النجاسات هل يمكن إعادتها مرة ثانية ماء طهور وإلا ما يمكن؟ هم عندهم آلات تجعلها تعيدها إلى وصفها الأول، بمعنى أن الإضافة تزايل، وإذا أمكنت المزايلة بين المضاف والمضاف إليه هل نقول: إنه صار مثل الإضافة غير المؤثرة التي احترز المؤلف منها بقوله: "مما لا يزايل اسمه اسم الماء"؟ ها يا الإخوان؟ عندنا ماء ورد هل يمكن فصله من المضاف إليه؟ يعني لو قلنا بهذا وقلنا بتطهير ماء الدورات المستعمل في النجاسات قد يقول قائل: لماذا لا يوجد فلاتر تعيد البول مثلاً إلى مركباته الأولى وتطهره؟ ألا يمكن أن يقال مثل هذا؟ البول هذا ما هو مركب من مياه وسوائل وفضلات؟ فإذا وجد فلاتر تفصل الماء وتعيده كما هو هل نقول: إنه يطهر وإلا ما يطهر؟ لأن عنده مما لا يزايل وزايل انتهى، القيد انتهى الذي وضعه المؤلف، هو في وقته غير متصور، لكن في وقتنا متصور، يعني تصب الشاي بالفلتر يطلع لك ماء أبيض، وفضلات ثانية سكر وماء وشاي وغيره.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل في يوم من الأيام نقول: لا يوجد نجاسة عينية؟ بمعنى أن كل نجاسة يمكن تطهيرها؟ يمكن أن نقول هذا؟ يرد علينا أنه يقال: يمكن بعد يوجد آلات على الميتة المجمع على نجاستها كالبول وغيرها يمكن تطهيرها، هذه نجاستها عينية عند أهل العلم قاطبة، لا يمكن تطهيرها النجاسة العينية، لا يمكن تطهيرها بالاتفاق النجاسة العينية، لكن إذا قلنا واستطردنا بمثل هذا، وفتحنا الباب، وبدءنا بالماء الذي يقولون عنه: إنه يذهب هدراً في المجاري، لماذا لا يعاد ويستعمل من جديد مع إمكان تنظيفه بالآلات الحديثة؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف.؟
طالب:. . . . . . . . .
النجاسة على جنب والماء الباقي على خلقته الذي زايل الإضافة ورجع إلى أصله موجود، بمعنى أنه لا طعم ولا لون ولا رائحة ولا شيء.(3/8)
طالب:. . . . . . . . .
المناسبة لوقته، المزايلة المناسبة لوقته، ماء البئر، ماء البحر، ماء النهر أخذت منه في إناء ما تقول: هذا ماء بئر ولا ماء بحر ولا شيء؛ لأنه زايل المضاف إليه، يعني بمعنى أنه فارق المضاف إليه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا خل مسألة توفره لمن وجدت عنده، لو ما توجد إلا عند شخص واحد، واستطاع أن يفرق بينها، يعيد كل المواد إلى أصولها، يعيدها كما كانت، كونه يستخدم في سقي زرع في كذا في رش شوارع غير كونه يستعمل لعبادة، لطهارة.
طالب:. . . . . . . . .
شوف اللي بيعرف أصله ما هو بشارب إلا في حال ضرورة.
طالب:. . . . . . . . .
دعنا من هذا كله، الشرب أمره أيسر من الطهارة؛ لأن الطاهر يشرب، لكن قد لا يتوضأ به، وصار أبيض، فتحت الصنبور وصار أبيض، ثم دقيقة واحدة يعود إلى وصفه، يطير الكلور ينتهي بسرعة، ما يستمر أبيض.
طالب:. . . . . . . . .
هذا سهل أمره يسير، اختلط بطاهر وزالت عينه نعم، لو قال لك في يوم من الأيام: البول نقدر نرجعه إلى مواده الأصلية، وهو بول يعني مجمع على نجاسته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الخبث الطارئ، ما هو بالخبث الملازم، يعني النجاسة الحكمية لا العينية عنده.
طالب:. . . . . . . . .
صارت حكمية ما صارت عينية؛ لأن الموضوع يدرس بجد، الموضوع إعادة المياه المستعملة في النجاسات إلى طهارتها موضوع يدرس بجد، وقد تكون الحاجة داعية، بل ملحة إلى مثل هذه الدراسة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني نطرد كلام المؤلف، وأمكنت المزايلة فهو طهور، إذا أمكنت المزايلة صار طهور، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو في الأصل ماء، أنت شربت كأس ماء أو غيرك شرب كأس ماء، فاختلط بفضلات البدن وخرج بول نجس بالإجماع.
طالب:. . . . . . . . .(3/9)
شوف يعني لو استرسلنا في الموضوع ما بقيت نجاسة عينية، كل مادة ترجع إلى أصلها وتعود كما هي، وعندهم مما أعلمهم الله إياه من العلم بظاهر الحياة الدنيا لا حقيقة حتى ولا الحياة الدنيا عندهم من الوسائل ما يتمكنون به من شيء من هذا، بل مما هو أشد من هذا، يتمكنون إلى أمور قد لا تخطر على بال بعض الناس، يقولون: ما يصير فيه ولا رائحة، يستطيعون أن يعيدوا هذه النجاسة التي هي عند أهل العلم عينية بآلاتهم وبوسائلهم الدقيقة إلى أصولها وعناصرها.
طالب:. . . . . . . . .
شخص ما يدري ويش هو؟ ما يدري، وبيأتي الكلام عليه، يأتي الكلام عليه، لكنها ما غيرت، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الكلام كله في قول المؤلف: "وما أشبهها مما لا يزايل اسمه اسم الماء" يعني لا يفارق اسمه اسم الماء، يعني هذه الإضافة لا تنقطع ولا تنتهي بوجه من الوجوه، يعني عندهم ماء الباقلاء مستحيل يتغير عن وضعه، وماء الحمص وغيره مما أضيف إلا ماء البئر، وما أشبهه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، التفريق بين المخلل والمتخلل مسألة إمساك المحرم، كونه يمسكه ...
طالب:. . . . . . . . .
هو الخمرة تختلف عن الماء النجس، الخمرة لا بد من إراقتها، الماء النجس هل تلزم إراقته بناءً على رواية مسلم: فيما ولغ فيه الكلب فليرقه، أو لئلا يأتي من لا يعرف حاله فيستعمله، أو نقول: إن له استعمالات أخرى لا يلزم الإراقة، وسيأتي في كلام المؤلف في آخر فقرة في الباب، يأتي هذا.
طالب:. . . . . . . . .(3/10)
بعناصره كلها؟ هذه أمرها أخف، المعالجة التي تكون من قبل بعض الجهات للماء، الماء المستعمل في نجاسة، هل هي معالجة فصل تام بين مركبات هذه الماء المختلط بغيره؟ أو هي فصل جزئي وإدخال مواد ترفع أو تغطي بمعنىً أدق تغطي أوصاف النجاسة؟ فرق بين هذا وهذا، يعني فرق بين أن يكون الماء ماء مائة بالمائة، وما خالطه من نجاسة موجودة على حدة مائة بالمائة، وبين أن تكون التصفية بنسبة تسعين بالمائة، والعشرة الباقية يوضع مع الماء مواد تغطي الرائحة واللون والطعم، يعني هل هي توضع على الماء، أو هي بمثابة فلتر؟ فلتر يخرج الماء نقي مائة بالمائة من غير معالجة، من غير وضع مواد؛ لأن المواد لا ترفع النجاسة، تغطي النجاسة، تكون النجاسة باقية، ولا ترفعها بالكلية، لكن تغطيها، تغطي بعض أوصافها الباقية في هذا الماء المكرر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وما حولها نعم، وما حولها.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن حديث الفأرة هذا إذا وقعت في سمن هل السمن جامد وإلا مائع؟
طالب:. . . . . . . . .
شوف العلة الخفية في الحديث هل هو جامد وإلا مائع؟ إن كان جامد لن تموت، وإن كان مائع وغرقت فيه ماتت، وحينئذٍ اختلطت به كله، واضح وإلا ما هو واضح؟ وصارت مثل الماء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ماء البحر وماء النهر طاهر قبل المزايلة، وهو في مقره طاهر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو وصف، الوصف بالمزايلة وعدم المزايلة قيد مدخل ومخرج، فإن أمكنت المزايلة على أي وجه كان فهو طاهر، إن لم تمكن المزايلة على أي حال هو ليس بطاهر، أنت نظرت إلى ما يمكن تصوره من المزايل، كماء البئر وماء البحر، وماء القربة، وماء النهر، وما أشبه ذلك، هذا أنت متصور هذا، باعتبار أنه عاش في عصر لا يمكن فيه إلا هذا، لكن يخلق ما لا تعلمون، يمكن يجي أشياء ما نتصورها.
على كل حال هو لما ذكر هذا الكلام بناء على ما يدركه هو في وقته، نعم لو كانت المسألة نص شرعي من كتاب أو سنة صحيحة قلنا: إن هذا يدخل فيه كل ما يحتمله اللفظ، ولو يأتي بعد حين، لكن هذا كلام بشر، لا يتصور فيه ما سيأتي، فلا يعامل معاملة النصوص.
طالب:. . . . . . . . .(3/11)
وأمثلته كلها على الطاهرات، أمثلته التي ذكرها، وأمثلته كلها على الطاهرات، لماذا؟ لأنه لا يتصور مزايلة المضاف إلى شيء نجس، ما يتصور هذا في وقته، يعني عصرنا ماء الزعفران وأخرجنا الماء أبيض، لا يختلف بأي حال من الأحوال عن ماء البئر وماء النهر، نقول: هذا طهور، الآن مطهر يصير؛ لأنه كان مضافاً إلى طاهر، لكن لفظه؟ دعنا من أمثلته، أمثلته قد تحدد مراده باللفظ، لكن عموم اللفظ يتناول ما أضيف إلى طاهر وما أضيف إلى نجس؛ لأن المسألة مزايلة، مفراقة، مفراقة ما أضيف إليه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذاً يغطون النجاسة ما يشيلونه.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنهم يغطون النجاسة، تكون كامنة وباقية لكنها مغمورة بهذا الغطاء.
طالب:. . . . . . . . .
إيه مثل هذا ما تطهر بحال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الإشكال أن الاحتياط في مثل هذا إما أن نقول: باقية على نجاستها، أو نقول: إنها ارتفعت عن النجاسة، وصارت صالحة للاستعمال فيما يطلب فيه الماء الطهور، يعني افترض أنهم قالوا: ترش منها المزارع مثلاً، تسقى منها الزروع، ولا يتطهر بها الناس ولا يشربونها، هذا المزارع ألا يمكن أن تأتي على ثوبه على بدنه، ماذا نقول: يغسل أو لا يغسل؟ المسألة مسألة طهارة ونجاسة، إما هذا وإما هذا، فإن أمكنت، إن أمكن إعادة الماء بمفرده على حده، وما خالطه على حده هذا يمكن أن يقال به، مع أن هذا على حسب ما سمعنا أنه لا يمكن مائة بالمائة، نعم يمكن بنسبة سبعين ثمانين تسعين بالمائة، والبقية الباقية يجعلون معه مواد تغطي هذه النسبة الباقية، وهي موجودة كامنة في الماء، كامنة مستقرة في الماء لا يمكن رفعها، إنما يغطونها بالمواد كالكلور وغيره، وحينئذٍ لا يجوز استعماله، يبقى أنه إما طاهر وإلا نجس.
طالب:. . . . . . . . .
هو لا يستبعد، إحنا رأينا اللي يصب فيها البيبسي وتشيل الماء لحاله والمركبات لحالها هذا موجود، ولا يبعد أن يوجد مصافي تصفي مائة بالمائة، لا يستبعد هذا.
طالب:. . . . . . . . .
عيني.
طالب:. . . . . . . . .(3/12)
هذا الكلام أنا أردت هذا قبل، قلت: لو طردنا هذا لقلنا: إنه لا يوجد نجاسة عينية، وقد أجمع العلماء على أن العينية لا يمكن تطهيرها.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان النجاسة طارئة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يا أخي دورات المياه التي تقضى فيها الحاجات من أجزائها البول.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
أصل البول مخالط بماء، البول عبارة عن إيش؟ إذا شربت كوب ماء بعد ساعة تحتاج الدورة من أجل هذا الكوب، خالطه بعض فضلات الجسم، فإما أن يحسم الباب بالكلية ويقال: ماء تنجس خلاص انتهى، ما يستفاد منه إلا بإطفاء حريق وشبهه، وإلا يقال: إن أمكن وجود ماء طاهر في عناصره ومركباته يوافق الماء الطهور من كل وجه، وإلا لا بد من حسم.
هذا كأنه ينتقد الإطالة في مثل هذه المسألة، ويقول: إن الإعادة والإزادة في هذه المسألة والخروج هنا وهناك ليس من المنهجية العلمية ... إلى آخره.
لما اخترت هذا الكتاب؛ لأنه مختصر كانت النية أن نحدد له وقت، وننهيه، ونقسمه على خمسين درس؛ ليكون في سنتين، لكن مثل هذه المسألة هل تمر إمرار؟ مثل هذه المسألة التي هي قضية وهم بالفعل يعني هل يصلح إمرارها أو لا يصلح؟ يعني إذا ما سمعناها في مثل هذا الدرس متى نسمعها يا الإخوان، أو نترك لأهل العلوم الأخرى أن يبحثوا فيها، ويعطون رأيهم فيها، يعني إذا ما بحثنا مثل هذه المسألة من خلال كتب العلم كيف تبحث؟ وإذا ما أخذنا ألفاظ الكتاب وحللناها تحليل بمفهومها ومنطوقها ويش قيمة الدرس؟ نعم هناك أبواب ما فيها مثل هذه الإشكالات، ما فيها مثل هذه الإشكالات، وبعدين بيعرض علينا في أبواب عملية مشكلة بعد، الصور لا تنتهي، وليس لها حد، يعني ما لها حد تقف عنده.(3/13)
طيب جاء سؤال، يقول: نحن نسكن في عمارة، وعددنا يقرب من الخمسين، وليس لدينا مسجد قريب، صرنا نصلي في الصالة في الدور الأرضي، الإمام ليس له مكان إلا المصعد، نفتح المصعد ويصير هو المحراب، جاء واحد وضغط المصعد وطلع بالإمام وخلانا، يعني مثل هذه المسألة ما تحتاج إلى حل؟ ما تحتاج إلى جواب مثل هذه المسائل الحادثة؟ يا الإخوان ما يشكل علينا إطلاقاً أننا نقرأ باليوم ورقة ورقتين ثلاث وينتهي الكتاب بسنة، والله ما يشكل، وهذا أريح لي أنا من الترديد، حتى أنا أمل من التكرار، لكن قضايا أحسبها في غاية الأهمية تترك؟!
والله ما أدري إذا كان يوجد جمع من الطلاب بهذا المستوى فالسرد سهل يعني ما يكلف ترى، إذا كان هذا مطلب الجمع يستحق المراعاة والله أنا أراعيه، ولا يضيرني شيء، لا بد يا الإخوان أننا نخرج، إيش نخرج؟ نخرج قراء، يعرف يقرأ الكتاب وينطقه صح؟ يعني هذا الكتاب شرح كما قال أهل العلم: ثلاثمائة شرح، ما الذي بقي منها؟ بقي المتميز، بقيت الشروح المتميزة والباقي انتهت، لا وجود لها، فإذا كان أحد يوافق صاحب هذا الطلب أنا مستعد، مستعد الآن بين الأذان والإقامة نكمل الباب، وهذه عانينا منها كثيراً، يأتي من يشذ أو يند، يا أخي ما أعجبك الدرس الحمد لله يوجد مشايخ يمشون على ما تريد يا أخي، ينهون الكتاب إن بغيته بشهر، ما يكلف، وأنا أعرف شخص يشرح الأربعين الحديث الواحد بدرسين بثلاث ساعات، وشرحه بعض المشايخ كله بساعتين، كل الأربعين، وهذا له زبائن، وهذا له جمهوره، فبعد حتى الأسلوب ما هو مناسب إطلاقاً، يعني هذه الإعادة والإزادة في هذه المسألة والخروج هنا وهناك ليس من المنهجية العلمية في الدرس، يعني ما أدري ويش بلغ من المرتبة بحيث يقوم الدروس هذا؟ وهو ما يستطيع أن يصبر على مسألة، يا أخي هذه هي المسائل التي تربي طالب العلم.
يقول: "والطهارة بالماء الطاهر المطلق الذي لا يضاف إلى اسم شيء غيره مثل ماء الباقلاء" الباقلاء بالتشديد أو التخفيف؟
طالب:. . . . . . . . .(3/14)
أما بالنسبة للباقلاني المعروف وهو منسوب إليها كلهم يجمعون على التخفيف، فيقولون: الباقلاني، وإن كان نطق الناس بالتشديد، والمراد بالباقلاء كما في الشروح أو بعضها أنه إيش؟ الفول، الفول وماء الحمص، الحمص معروف، ومتداول، وماء الورد كذلك واضح ومعروف، وماء الزعفران، كلها ألفاظ معروفة، وما تغيرت، والإشكال في كثير من الأعشاب التي كانت متداولة عند الناس يستعملونها سواءً كانت للعلاج أو لغيره في كتب الطب تحتاج إلى ترجمة، كثير منها تغيرت أسماؤها، لكن هذه مما لم يتغير اسمه، إذا أضيف إلى مثل هذه الأشياء الباقلاء أو الحمص أو الورد أو الزعفران في وقته لا يستطيع أحد أن يزايل المضاف عن المضاف إليه، فهي لا يمكن الطهارة بها، لا تمكن الطهارة بها، وإن كانت طاهرة، بمعنى أنها لو أصابت ثوب أو بدن لا يلزم غسلها، لكن لا يتطهر بها، لا يتوضأ بها، ولا يغتسل منها ولا شيء.(3/15)
"وما أشبهها مما لا يزايل اسمه اسم الماء في وقت" خلاص الإضافة لازمة "وما سقط فيه مما ذكرنا أو غيره، وكان يسيراً فلم يوجد له طعم ولا لون ولا رائحة كثيرة حتى ينسب الماء إليه توضئ به" حتى ينسب الماء الذي الماء إليه توضئ به، هذا الجواب، هذا يتوضأ به، يعني أولاً ما أضيف إلى الطاهرات ما أضيف إليها انتهى ما يتوضأ به، كالمضافات التي ذكرها، ما وقع فيه شيء من هذه الطاهرات لا يخلو إما أن يكون يسيراً أو كثيراً، إن تغير لونه أو طعمه أو ريحه بهذه الطاهرات، إن تغير، فإنه حينئذٍ لا يتوضأ به؛ لأنه يأخذ حكمها؛ لأن المستعمل لهذا الماء المتغير بهذه المادة مستعمل لهذه المادة، وقع ماء الحمص، أو ماء الورد، أو ماء الزعفران، وقع شيء منه في إناء فيه ماء، فصار لونه أصفر، تغير لونه، نقول: المتوضئ بهذا الماء متوضئ بماء الزعفران؛ لأن وجود اللون دلالة على وجود الماء، إن لم يتغير لم يوجد له طعم ولا لون ولا رائحة نقول: المتوضئ بهذا الماء متوضئ بماء الزعفران؛ لأن وجود اللون دلالة على وجود الماء "إن لم يتغير لم يوجد له طعم ولا لون ولا رائحة كثيرة" شوف ولا رائحة كثيرة، الآن كثيرة، يقول: "أو كان يسيراً فلم يوجد له طعم ولا لون ولا رائحة كثيرة" كثيرة وصف لإيش؟ عندنا وصف متعقب لألفاظ متعاطفة، وصف متعقب لألفاظ متعاقبة، هل يعود إليها كلها، أو إلى الأخير فقط؟ هاه؟ أو يترك الأمر للقرائن؟ وصف له أثره يخصص به كالاستثناء مثلاً، إذا تعقب ألفاظ، أو جمل متعاطفة من أهل العلم من يرى أنه يعود إلى الجميع، ومنهم من يقول: يعود إلى الأخيرة منها، ومنهم من يقول: يعود إلى الأخيرة قطعاً، والبقية حسب القرائن، يعني مثل ما في قوله تعالى في القاذف: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(4 - 5) سورة النور] يعني هل هذه التوبة ترفع الأوصاف الثلاثة أو الأخير فقط؟ الأخير مقطوع به، الفسق يرتفع، لكن له نقول: من لازم ارتفاع الفسق قبول الشهادة مع قوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النور] الأول لا يرتفع اتفاقاً، الحد لا(3/16)
يرتفع بالتوبة، والأخير داخل اتفاقاً، والخلاف في قبول الشهادة، هذا محل الخلاف بناءً على أن هذا الاستثناء المتعقب لهذه الجمل يعود إليها وخرج الأول بالنص، فعلى على القول بأنه يعود إلى الجميع يعود إلى الثلاثة، لكن خرج الأول بالنص، وهنا: "فلم يوجد له طعم ولا لون ولا رائحة كثيرة" يعني لو أراد عود الوصف إلى الجميع مع اختلافها في التذكير والتأنيث، لقال: فلم يوجد له طعم ولا لون، وعطف عليهما ما يناسب الاثنين من التذكير، الطعم مذكر، واللون؟ مذكر يناسبهما كثير، ولا رائحة كثيرة، فلما أنث عرفنا أن الذي يناسبه من الألفاظ الرائحة، وعلى هذا جرى الشراح، أن الطعم ولو كان يسيراً، ولو كان قليلاً في مقابل الكثير، وكذلك اللون مؤثر ولو كان يسيراً، أما الرائحة فلا بد أن تكون كثيرة لتكون مؤثرة، والسبب في التفريق بين الطعم واللون والرائحة أن تغير الطعم واللون لا يكون إلا عن مخالطة، أما تغير الرائحة فقد يكون عن مجاورة، فاشترط لها الكثرة. "حتى ينسب الماء إليه" نعم أنت إذا رأيت ماء أصفر، صب فيه من ماء الزعفران، عرفت أنه يمكن إضافته إلى الزعفران، فتقول: ماء زعفران، لكن فرق بين ماء زعفران مركز وبين ماء زعفران مخفف خالطه بماء، وحينئذٍ كله يقال له زعفران "حتى ينسب الماء إليه توضئ به" يتوضأ به متى؟ إذا لم يوجد، أما إذا وجد فإنه لا يتوضأ به، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
توضيح، لكن التفريق بين الطعم واللون والرائحة في تقييد الرائحة بالكثرة بخلاف اللون والطعم مثلما ذكرنا أن اللون والطعم لا يتغير إلا عن مخالطة، ما يمكن يصير الماء أصفر؛ لأن بجواره ماء أصفر، ولا يمكن أن يكون طعمه طعم ماء الزعفران عن مجرد مجاورة، لكن الرائحة تنتقل، ينقلها الهواء من مكان إلى مكان فيتغير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
حتى ينسب هذه الغاية، لا بد من تحقق هذه الغاية، التغير لا يصل إلى النسبة، لا، توضئ به فإذا لم يتغير بهذه الإضافات، أو ما وقع فيه من هذه المياه المضافة فإنه يتوضأ به حينئذٍ.(3/17)
"ولا يتوضأ بماء قد توضئ به" ما قال: قد توضئ منه، فرق بين أن يكون الماء قد بقي بعد الوضوء في الإناء هذا يتوضأ منه، بمعنى أنه إذا بقي في الإناء ماء بعد الوضوء هذا مستعمل وإلا غير مستعمل؟ هذا غير مستعمل، أما ما توضئ به فيكون هذا إما بالانغماس فيه، أو بأن يتقاطر من أعضاء الوضوء، وحينئذٍ لو جمع هذا الماء الذي توضئ به في إناء بعد أن يتساقط من الأعضاء فإنه لا يتوضأ به؛ لأنه استعمل في طهارة ورفع حدث، فلا يستعمل مرة ثانية، تكرار التطهير بالماء، يعني الماء توضئ به مرة وثانية وثالثة ورابعة وعاشرة سواءً كان في رفع حدث أصغر أو أكبر، وصار مستعملاً مراراً هل هذا يزيده طهارة أو يجعله طاهراً لا يمكن الوضوء به لأنه رفع به حدث على ما جرى عليه المؤلف؟ تطهر به، مرة ومرتين وثلاث، منهم من يرى أنه أولى بالطهارة من الماء الذي لم يستعمل؛ لأن الطهور عند هذا القائل صيغة مبالغة، والمبالغة لا تستحق إلا مع التكرار والكثرة، فالطهور ما تطهر به مراراً، الطهور كثير التطهير؛ لأنه طهر فلان وفلان وفلان، كلهم استعملوه، فالطهور ما يتكرر منه التطهير كالشكور الذي يتكرر منه الشكر، هذا قال به بعضهم، قال: إن الماء المستعمل أولى بالطهارة من الماء غير المستعمل؛ لأن الصيغة تدل على هذا، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ قال هذا ذكره البغوي وغيره، أن الماء المستعمل كل ما يستعمل مرة وثانية وثالثة وعاشرة وعشرين يتكرر منه التطهير يستحق صيغة المبالغة، فيكون طهور كالشكور الذي يتكرر منه الشكر، يعني الذي يحمد الله ويشكره في اليوم مائة مرة هو مثل الذي يحمده ويشكره ألف مرة؟ لا، فضلاً عمن يحمده ويشكره مرة ومرتين الذي لا يستحق وصف المبالغة، هذا القياس وجيه وإلا غير وجيه؟ غير وجيه، لماذا؟ نظروا إليه من حيث التركيب اللغوي.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، الشرع والحس والعقل كله يرد هذا الكلام، نعم، الشرع الحس أيضاً الواقع العقل كله يرد هذا الكلام؛ لأننا ننظر إلى أن الاستعمال له أثر في الماء وإلا ما له أثر؟ نعم؟ له أثر، الاستعمال له أثر في الماء، وهذا الاستعمال ولو مرة واحدة يزيده نظافة أو ينقص من نظافته؟ ينقص من نظافته استعمل مرة واحدة تجد اللون فيه تغير، والناس يتفاوتون في هذا، استعمل مرتين أشد تغير، ثلاث أشد، فانتقل من وصفه الأصلي قبل التغير إلى وصف آخر، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله ....(3/18)
شرح مختصر الخرقي: كتاب الطهارة (4)
وإذا كان الماء قلتين وهو خمس قرب فوقعت فيه نجاسة فلم يوجد لها طعم ولا لون ولا رائحة فهو طاهر إلا أن تكون النجاسة بولاً أو عذرة مائعة فإنه ينجس، إلا أن يكون الماء مثل المصانع التي بطريق مكة وما أشبهها من المياه الكثيرة التي لا يمكن نزحها، فذلك الذي لا ينجسه شيء ....
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
وإذا كان الماء قلتين وهو خمس قرب فوقعت فيه نجاسة فلم يوجد لها طعم ولا لون ولا رائحة فهو طاهر إلا أن تكون النجاسة بولاً أو عذرة مائعة فإنه ينجس، إلا أن يكون الماء مثل المصانع التي بطريق مكة وما أشبهها من المياه الكثيرة التي لا يمكن نزحها، فذلك الذي لا ينجسه شيء.
نكمل يا شيخ.
كمل، كمل.
وإذا مات في الماء اليسير ما ليست له نفس سائلة مثل الذباب والعقرب والخنفساء، وما أشبهها فلا ينجسه، ولا يتوضأ بسؤر كل بهيمة لا يؤكل لحمها إلا السنور، وما دونها في الخلقة، وكل إناء حلت فيه نجاسة من ولوغ كلب أو بول أو غيره فإنه يغسل سبع مرات إحداهن بالتراب، وإذا كان معه في السفر إناءان نجس وطاهر واشتبها عليه أراقهما وتيمم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:(4/1)
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في آخر ما قرئ في الدرس الماضي: "ولا يتوضأ بماء قد توضئ به" قد توضئ به ولم يقل منه؛ لأنه ليس مراد المؤلف ما يبقى بعد الوضوء في الإناء مما يؤخذ بعد ما يؤخذ منه في الوضوء، أو الغسل إنما ما يباشر أعضاء المتوضئ، وما يتناثر من أعضائه بعد الغسل، أو ما يبقى في الإناء بعد الانغماس فيه، المقصود بالماء الذي نبه عليه المؤلف بقوله: "ولا يتوضأ بماء قد توضئ به" يعني ما يباشر أعضاء المتوضئ، وما يبقى بعد انغماس المغتسل، وليس مراده ما توضئ منه، بمعنى أنه أخذ منه للوضوء أو الغسل بأن يتناول كما قال أبو هريرة تناولاً، يعني منه، أما ما انغمس فيه المغتسل، أو تساقط من يد المتوضئ أو رجله أو وجهه كل هذا لا يتوضأ به؛ لأنه رفع به حدث؛ واستدلوا على ذلك بمنع غمس القائم من نوم الليل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، وقالوا: لولا أن هذا الغمس يؤثر في الماء لما نهي عنه، ثم استدلوا أيضاً بالنهي عن الاغتسال في الماء الدائم، ولولا أن الاغتسال وهو رفع الحدث الأكبر يقلب الماء من كونه مطهر إلى كونه غير مطهر لما نهي عنه، والنهي سواءً كان في هذا أو ذاك محمولاً عندهم على التحريم، وما دام الغماس محرماً في حال الغسل وغمس اليد لا يجوز في الماء حتى تغسل ثلاثاً، والبدن طاهر، واليد طاهرة، فلا يحال النهي على غسل نجاسة، وإنما يحال على رفع الحدث، المقصود أن من قال بهذا القول هذه حجته، ومن أهل العلم من يرى أنه لا أثر لذلك، أنه لا أثر لرفع الحدث بالماء؛ لأنه طاهر باشر طاهراً، كما لو اغتسل فيه للتبرد لا أثر له، وكما لو اغتسلت به ذمية فإنه لا يؤثر، انغمست فيه ذمية لا يؤثر، انغمست فيه مسلمة وكلاهما من أثر جماع يؤثر، يعني هل هذا التفريق عند من يقول بأنه لا يؤثر في الماء التفريق لا أثر له، بناءً على أن رفع الحدث معلل، وأن له أثر فيما يلابسه، إذا قلنا: إن رفع الحدث يؤثر فيما يلابسه، وما يخالطه، وما يرفع به، على ما يراه المؤلف يطردون المسألة، ويقولون: إذا اغتسل للتبرد فإنه لا يتأثر الماء؛ لأنه لم يرفع حدث، وكذلك إذا اغتسلت فيه ذمية لا تنوي بذلك رفع الحدث فإنه لا يؤثر، يعني من ناحية الرأي لو(4/2)
استعملنا الرأي في غسل الذمية وغسل المسلمة أيهما أولى بالتأثير؟ الذمية أولى؛ لأن الذمية المظنون بها أنها لا تتحرى بالطهارة من الأنجاس كما تتحرى المسلمة، وعرف عن أهل الذمة من بعضهم أنهم يزاولون النجاسات، وبعضهم أو كثير منهم لا يستنكر؛ لأنه لا يتدين بذلك، فتأثيرها بالماء أقوى من تأثير المسلمة، فإذا منعنا هذا في المسلمة منعناه في الذمية من باب أولى.(4/3)
وعلى هذا الأساس يكون مرد المسألة إلى رفع الحدث أو إلى استعمال الماء في الحدث أو في غيره، وإذا قلنا بهذا طردنا هذا في المسلمة والذمية في الغسل الواجب والمستحب والمباح الذي هو للتبرد ونحوه، فإما أن نقول: إنه يؤثر في جميع هذه الصور أو غير مؤثر؟ المذهب على أنه يؤثر، ولولا أنه يؤثر لما نهي عن الاغتسال فيه، ولولا أنه يؤثر لما أمر القائم من نوم الليل بغسل اليد ثلاثاً قبل إدخالها في الإناء، فدل على أن الماء يتأثر، افترضنا أن هذا المغتسل اغتسل قبل حدثه بدقائق بالماء والصابون، وتنظف بأنواع المنظفات، ثم انغمس لرفع الحدث يؤثر وإلا ما يؤثر؟ يؤثر، إذاً ليس مرد ذلك تأثر الماء ببدن المغتسل، ولو كان المراد به تأثر الماء ببدن المغتسل ما فرقنا بين المسلمة والذمية، ولا بين أنواع الأغسال الواجبة والمستحبة والمباحة، لكن هم نظروا إلى الأحاديث، وقالوا: إن النهي يقتضي التحريم، والتحريم لا شك أنه لولا أنه يؤثر في الماء لما نهي عنه، من يقول بالقول الآخر يقول: إن التأثير لا ينقله عن كونه مطهر إلى كونه طاهر غير مطهر، إنما التأثير في تقذيره على من يريد استعماله مرة أخرى، وأما بالنسبة للماء فلا يتأثر، فيستعمل ولو استعمل قبل ذلك، يكون طاهراً مطهراً، وعلى القول الأول طاهر غير مطهر، فتقذير الماء على من يريد استعماله يكون بالغسل الواجب، ويكون بالغسل المستحب والمباح على حد سواء، من المسلم وغير المسلم إذا قلنا بأن الكافر نجاسته حكمية لا عينية، معنوية لا حسية، وهو قول الجمهور، أما من يقول بأن نجاسته حسية ينجس الماء، ورواية عن أبي حنيفة -رحمه الله-، وهي رواية أيضاً في المذهب لكنها غير مشهورة أن الماء الذي يغتسل فيه ينجس، يصير نجساً، لماذا؟ لأن الاغتسال قرن بالبول ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من الجنابة)) فقرن به فدل على أن الحكم واحد، البول منع منه للنجاسة، إذاً الاغتسال منع منه للنجاسة، فالأقوال في المسألة ثلاثة، القول الأول وهو ما مشى عليه المؤلف أنه طاهر، لكنه لا يتوضأ به، ولا يرفع حدثاً مرة أخرى، والقول الثاني أنه طاهر مطهر، وأشرنا سابقاً إلى أن من أهل العلم من يرى أنه أولى بالتطهير(4/4)
من غير المستعمل؛ لأن الطهور هو المطهر، والطهور صيغة مبالغة فيراد منه ما يتكرر منه التطهير، كالشكور ما يتكرر منه الشكر، والقول الأخير في المسألة هو القول بنجاسته بناءً على دلالة الاقتران في الحديث، ودلالة الاقتران في الحديث ضعيفة، ويجمع الجميع حتى لو قلنا بنجاسة ما بال فيه من خالف هذا النهي فاقتران الاغتسال فيه لا يدل على نجاسته، وإنما يدل على مجرد المنع من الفعلين، والأثر بالنسبة للبول التنجيس على ما سيأتي، والأثر بالنسبة للاغتسال التقذير، تقذيره على من يريد استعماله، فمن رآه يغتسل فيه لن يشرب منه، ولن يغتسل فيه مرة ثانية لا سيما إذا كان قليلاً.
يطردون هذا الحكم ويجعلونه مطرداً في أبواب الدين في غير الطهارة مثلاً عندهم استعمال الماء على درجات، الأكمل لرفع الحدث، للوضوء والاغتسال، وما دونه للشرب والطبخ، وما أشبه ذلك، وما دونه النوع الثالث لا يحبس إلا لإطفاء حريق وشبهه وهو النجس، فالأول الطهور، والثاني الطاهر، والثالث النجس، يطردون هذا الحكم فلا يجيزون رمي الجمرة بحجر قد استعمل، لا يجيزونه، لماذا؟ قياساً على الماء المستعمل في رفع حدث، الجميع استعمل في عبادة، وأديت به هذه العبادة وسقط الطلب بهذه التأدية، فلا يسقط الطلب مرة أخرى.
طالب:. . . . . . . . .
لكن المنع من الحجر الذي سبق الرمي به تأثره بالرمي مثل تأثر الماء بتكرار رفع الحدث به؟ لا، يختلف، الحجر لا يتأثر ألبتة، لا يتأثر، وبالنسبة للماء نعم يتقذر على المستعمل مرة أخرى، لكن تأثيره بسلب الطهورية منه هو محل النزاع، والمتوجه أن النهي في الموضعين في الاغتسال في الماء الدائم وغمس اليد بالنسبة للقائم من نوم الليل كله للتحريم، لكنه معلل بالتقذير بكونه يكون مقذوراً بالنسبة لمن يستعمله مرة أخرى، وأما بالنسبة لسلبه الوصف الأصلي وهو التطهير فلا.
قال -رحمه الله- بعد ذلك:(4/5)
"وإذا كان الماء قلتين، وهو خمس قرب فوقعت فيه نجاسة، فلم يوجد له طعم ولا رائحة ولا لون فهو طاهر" وإذا كان الماء قلتين والقلتان خمس قرب، المعول في هذا الحكم على حديث ابن عمر، سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الماء وما ينوبه من السباع أو عن بئر بضاعة؟ حديث ابن عمر، وما ينوبه من السباع، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)) مفهومه أن ما دون القلتين يحمل الخبث، والحديث فيه كلام طويل لأهل العلم، وفي اضطرابه سنداً ومتناً كلام مبسوط عند أهل العلم، مما قيل في اضطرابه ما جاء في بعض الروايات يعني أكثر الروايات على القلتين، وفي بعضها قلة أو قلتين، وفي بعضها ثلاث قلال، وفي بعضها أربعين قلة، لكن مثل هذا الاضطراب إنما يكون مؤثراً إذا تساوت الروايات، ولم يمكن الترجيح بينها، وهنا الراجح رواية القلتين.
الاضطراب من جهة أخرى في معنى القلة، يختلفون في معناها، منهم من يقول: القلة ما يقله الرجل متوسط القوة هذه هي القلة، ومنهم من يقول: المراد بالقلة قلة الجبل، يعني قمته فإذا كان المراد قلة الجبل هل يقرب مما حدده به المؤلف وغيره من كونه خمس قرب؟ لا، ولا الطوفان يصل إلى هذا؛ لأنه الواحدة إلى قمم الجبال، والثانية إلى مثلها، وحقيقة هذا القول لا حظ له من النظر فلا ينبغي أن يشتغل به.(4/6)
أولى ما يقال في تحديد القلة، القلة جاء في النصوص في أكثر من نص، والسنة يفسر بعضها بعضاً في سدرة المنتهى ((فإذا نبقها كقلال هجر)) فدل على أن قلال هجر هي المشهورة عندهم، ثم يختلفون في هجر، هل المراد بها البلدة التي في شرق الجزيرة العربية من البحرين، أو المراد بها قرية قرب المدينة تصنع بها القلال؟ يختلفون في هذا، والأكثر على أنها هجر، من قلال هجر، كما جاء في الحديث، تحديد القلة وكونه خمس قرب للقلتين، والقلة الواحدة قربتين ونصف، معولهم فيه على قول ابن جريج: "رأيت قلال هجر، فإذا القلة تسع قربتين وشيئاً" قالوا: الأحوط أن يجعل الشيء نصف، وعلى هذا تكون القلتان خمس قرب، ومشوا على هذا، وحددوا القربة بمائة رطل عراقي، حقيقة التعويل على مثل هذا الكلام في مثل هذه العبادة التي هي شرط لأعظم العبادات بعد الشهادتين التعويل على مثل هذا الكلام الرخو فيه ما فيه، يعني عولوا على قول ابن جريج أنه رأى القلة تسع قربتين وشيء، طيب الشيء هذا ويش هو؟ قالوا: الأحوط يصير نصف، وعلى هذا تكون القرب خمس، طيب، قربتين وشيء، القرب تتفاوت تفاوتاً بيناً، القربة الواحدة منها ما يستوعب مائة وخمسين رطل، ومنها ما لا يسع الثمانين، فالقرب لا شك أنها متباينة؛ لأنها جلود، جلود الضأن والماعز، والضأن والماعز متفاوتة الأحجام، وكل واحد من جلودها يقال له: قربة، فالتعويل في مثل هذا الحكم العظيم على مثل هذا التقدير الرخو في كلام ابن جريج مشكل، ولذا يرى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ومن يصحح الحديث، دعونا من يضعف الحديث انتهى ما عنده مشكلة، وضعفه جمع من أهل العلم، لكن من يصحح الحديث ويريد أن ينفك من هذه الإشكالات يقول: يعمل بمنطوقه دون مفهومه، وهذا رأي شيخ الإسلام -رحمه الله-، أن الماء الكثير لا يتأثر بالنجاسة حتى يتغير، ومفهومه أن الماء القليل يتأثر بمجرد ملاقاة النجاسة وهذا ملغى، المفهوم ملغى، لماذا ألغي المفهوم؟ والمفهوم معتبر عند الجمهور، ألغاه شيخ الإسلام لأنه معارض بمنطوق حديث أبي سعيد: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) الأصل اعتبار المفاهيم، شيخ الإسلام ممن يقول بالعمل بالمفهوم، لكن ألغى المفهوم هنا لأنه معارض(4/7)
بمنطوق، كثير ما يفعل أهل العلم هذا؛ لأن المنطوق أقوى من المفهوم، فإذا عورض المفهوم بالمنطوق ألغي المفهوم، هذه جادة عند أهل العلم معروفة، لكن المفهوم هنا والمنطوق في حديث أبي سعيد، المفهوم هنا في حديث ابن عمر، والمنطوق في حديث أبي سعيد، هل هما في درجة واحدة؟ من حيث المنطوق والمفهوم لا شك أن حديث أبي سعيد أقوى؛ لأنه منطوق وهذا مفهوم، من جهة أخرى حديث أبي سعيد عام، وحديث ابن عمر خاص، يعني منطوق حديث أبي سعيد عام، ومفهوم حديث ابن عمر خاص، يعني حديث أبي سعيد عام في القليل والكثير، ومفهوم حديث ابن عمر خاص بالقليل، فما الذي يقدم عند التعارض؟ إذا اجتمع عندنا مفهوم ومنطوق معارض بعموم وخصوص، فهل المفهوم الخاص يخص به المنطوق العام أو العكس؟ أيهما أقوى؟ لأن في المسألة في الجهتين قوة وضعف، قوة وضعف في الجهتين، في حديث القلتين في مفهومه ضعف من جهة أنه مفهوم، وفيه قوة من جهة أنه خاص، وحديث أبي سعيد فيه القوة باعتباره منطوقاً، وفيه الضعف لأنه عام، ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) نعم، يعني الحكم العام في المسألة تقديم المفهوم الخاص على المنطوق العام، يعني هل نقول: العام يخصص بالمفهوم؟ هل من المخصصات عند أهل العلم المفهوم؟ موجود نعم، نعم أنتم تخصصون بالمفهوم وما دونه، تخصصون به وما دونه، لكن إذا احتف بمثل هذا الاختلاف وهذا التعارض ما اعترى حديث ابن عمر من كلام طويل في سنده ومتنه، وكونه مشكل يعني في تطبيقه إشكال، يعني أولاً المعول في التحديد على كلام ابن جريج، وعرفنا أن كلام ابن جريج واسع الخطو جداً، ثم يختلفون في المقدار، هل هو تحديد وإلا تقريب؟ يعني إذا نظرنا إلى معولهم على كلام ابن جريج جزمنا بأنه تقريب، نجزم بأنه تقريب، لكن منهم من يرى أنه تحديد؛ لأن إذا وسعنا الخطو صار ما هناك حد يفصل بين الماءين الذي يحمل الخبث والذي لا يحمله، وحينئذٍ يحصل الاضطراب في المسألة فلا تنضبط، لكن إذا قلنا بالتحديد خمسمائة رطل عراقي لو نقصت نصف رطل صارت دون القلتين، لكن كيف نستطيع أن نجزم بهذا ومعولنا في أصل المسألة على كلام ابن جريج؟ ولذا يرى جمع من أهل التحقيق أنه لا فرق بين القليل والكثير، والمعول في(4/8)
ذلك كله على التغير عملاً بحديث أبي سعيد، ومنطوق حديث ابن عمر ((إذا بلغ الماء قلتين)) هو طرحاً لمفهومه لمعارضته للمنطوق على ما وضحنا.
من الصور التي ذكروها قالوا: إذا كان عندك ماء في برميل وقعت فيه نجاسة وهو قلتين في البرميل خمسمائة رطل عراقي ووقعت فيه نجاسة، ثم نزعت من هذا البرميل بدلو، بذنوب، قالوا: الماء الذي في جوف الدلو طاهر وإلا نجس؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
طاهر، والماء الذي يتساقط من خارجه ويش يصير؟ نجس؛ لأنه لما أخذنا منه هذا الذنوب صار أقل من قلتين، هذا مذهب المشهور عند الحنابلة، وهو أيضاً مذهب الشافعية، المالكية ما يرون هذا التفريق، ولا عندهم إلا إذا تغير، الحكم منوط بالتغير، ولذا الغزالي وهو شافعي المذهب تمنى أن لو كان مذهب إمامه كمذهب الإمام مالك، وحينئذٍ يرتاح من التفريعات التي يذكرها الحنابلة والشافعية في هذه المسألة.
يعني من قرأ المجموع للنووي في هذه المسألة جزم يقيناً أن الشرع لا يأتي بمثل هذا، مذهب الحنفية لا يفرقون بين القليل والكثير من خلال حديث ابن عمر، وإنما ينجس الماء عندهم مطلقاً إذا لاقى النجاسة ولو لم يتغير، ما لم يكن مستبحراً يعني كثيراً، ثم بعد ذلك قالوا: إن حد الكثير ما إذا حرك طرفه لم يتحرك الطرف الآخر، أو عشرة أذرع في عشرة أذرع، عمدتهم في هذا التحديد بالنسبة لعشرة في عشرة قالوا: إن محمد بن الحسن قال: نحو مسجدي هذا، فقاسوه فوجدوه عشرة في عشرة.(4/9)
طيب مسألة التحرك ألا يختلف الأمر فيما إذا كان المكان واسعاً، أو مع أنه لا عمق له؟ أو كان ضيقاً مع عمقه؟ يختلف وإلا ما يختلف؟ مع أنه إذا كان واسع ولا عمق له أولى بالتنجيس من كونه عميق، لكنه دائرته ضيقة إذا حركته تحرك، هذا لا وجه له، فالتحريك حده به استحساناً، وليس عندهم فيه دليل، وإذا أردنا أن نحدد ونفرق بين القليل والكثير فمن اعتمد على حديث وإن اختلف أهل العلم في تصحيحه، وفي تحديده، والمراد به، وفي معارضته أولى من أن يحدد بمجرد استحسان، فقول الحنفية ضعيف، فعندنا مذهب الحنابلة والشافعية، وهو العمل بحديث القلتين والعمل بمنطوقه ومفهومه، ومذهب المالكية وهو القول بأن الماء لا ينجس حتى يتأثر لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة، ولعل قول المالكية هو الموافق ليسر الشريعة وسماحتها، وعدم إعنات المسلمين، لا سيما في مثل هذه العبادة التي تتكرر، وتُطلب من كل أحد، وشرط لأعظم أركان الإسلام مثل هذا الراجح في هذه المسألة هو قول المالكية، وعليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-.(4/10)
يقول: "وإذا كان الماء قلتين وهو خمس قرب فوقعت فيه نجاسة فلم يوجد له طعم ولا رائحة ولا لون فهو طاهر" إذا وجد طعم النجاسة أو لون النجاسة أو رائحتها فإنه ينجس بالإجماع قليلاً كان أو كثيراً، إجماع، وورد فيه حديث أبي أمامة: ((إلا ما غلب على لونه أو طعمه أو ريحه)) لكنه ضعيف باتفاق الحفاظ، فالمعول في هذه المسألة على الإجماع، ثم استثنى مما بلغ هذا المقدار ما كانت النجاسة التي وقعت فيه بولاً أو عذرة إلا أن تكون النجاسة بولاً أو عذرة مائعة فإنه ينجس ولو كان كثيراً، ولو كان أكثر من قلتين، إلا أن يكون مما يشق نزحه، فعلى هذا لو وقعت النجاسة في بئر، وفيها أكثر من قلتين يجب نزحه، إذا كانت بول أو عذرة، فإنه ينزح "إلا أن يشق نزحه مثل المصانع" الأحواض الكبار التي هيئت للحجاج بطريق مكة، هذه يشق نزحها، أحواض كبيرة جداً، هيئت للحجاج في طريق حجاج العراق، يشق نزحها فاستثنوها، وعلى هذا التفريق في النجاسات بين البول والعذرة المائعة وسائر النجاسات هو الذي مشى عليه المؤلف، وهو قول معروف في المذهب، ورواية مشهورة، لكن المختار عند جمع من الأصحاب، وهو المرجح عند شيخ الإسلام وغيره أنه لا فرق بين بول الآدمي وعذرته المائعة، وبين سائر النجاسات، فبول الآدمي ليس بأشد من بول الكلب مثلاً.
"إلا أن يكون الماء مثل المصانع التي بطريق مكة، وما أشبهها من المياه الكثيرة التي لا يمكن نزحها" يعني لو كلف الناس بنزح المياه الكثيرة نالهم بذلك المشقة العظيمة، فمثل هذا لا ينزح.
في قوم أو أسرة أو مجموعة من الناس سكنوا البر مدة الربيع كان عندهم برميل كبير يسع قلال، جاء ولد من أولادهم فرقي على البرميل هذا وبال فيه، وما تغير هذا البرميل، هذه مسألة واقعية ما تغير لا لونه ولا طعمه ولا رائحته، لكن فيما جرى عليه الناس في هذه الأيام هل يمكن أن يقدم أحد فيشرب من هذا الماء، أو يتوضأ منه؟ يستقذرونه بلا شك، فمرد ذلك لا إلى الحكم الشرعي، وإنما مرده إلى الاستقذار.(4/11)
النزح، نزح البئر جاء عن علي -رضي الله عنه-، وعن بعض الصحابة، لكن هل النزح يطهر الماء تطهيراً كاملاً، أو هو مجرد إرضاء لما في النفس؟ يعني جاء شخص وبال في بئر، وقالوا: ينزح، ويش تنزح؟ تنزح كل الماء؟ هذا الكلام ما هو بصحيح، لن ينزح كل الماء، إنما ينزح منه ما يرضي ضمير الإنسان، وإلا يعني من الناحية العملية له أثر وإلا ما له أثر؟
طالب: لكن يا شيخ لو قيل: إن البئر له مادة إذا نزح تجدد الماء؟
أو اختلطت بالماء الأول وانتهينا، المسألة ... ، هو يتجدد الماء، وتطهير الماء عندهم بالمكاثرة، يعني لو هذه البئر أقل من قلتين، أو إناء فيه أقل من قلتين، ثم بال فيه شخص ثم أضيف إليه قلتان طهر عندهم، وهذه كيفية تطهير الماء، إما أن ينزح منه فمعروف وذكروه، أهل العلم ذكروا النزح، حتى ولو كان كثير ولو كان قلال لو كان بئر ينزح، وأمر علي -رضي الله عنه- بنزح البئر، لكن هل معنى هذا أننا جزمنا بأن النجاسة خرجت من هذا البئر؟ البول يختلط ويمتزج بالماء لا شك أن فيه إرضاء وتخفيف، تخفيف للنجاسة إذا شلنا الطبقة العليا من البئر، وهي التي أول ما باشرت النجاسة، وتجدد من معين البئر ومن نبعه ما يكثر بحيث يكون الطهور يغمر هذا الماء المتنجس، يعني كونه يرضي الضمير يرضي الضمير، أما كونه يقضي على النجاسة ما أدري والله يحتاج إلى نظر في البول، هل يمكن أن ينعزل البول في جزء من الماء ولا يختلط بسائره؟
طالب:. . . . . . . . .(4/12)
إيه يعني البول من جنس الماء، وأصله ماء فيختلط به بسرعة، لكن الملاحظ أحياناً تجد إذا كان الماء البول متغير لونه أصفر مثلاً، وبال الإنسان في ماء مثلاً، أو من الأماكن المعدة الآن الذي فيها الماء تجد البول لا يختلط بسرعة في الماء إلا إذا أضيف إليه ماء ثاني، وتحرك البول، ودار في الإناء كله، وإلا أحياناً ينعزل في جهة، ثم إذا انعزل فلا تدري هل أنت أخرجته، أو أخرجت الماء الصافي وتركته إذا نزحت؟ المقصود أن المسألة فيها عسر، فينظر في تغيره، يخرج بدلو، إن كان متغير لا بد من نزحه حتى يذهب التغير سواءً كان لونه أو طعمه أو رائحته؛ لأننا نجزم أننا نباشر النجاسة إذا باشرنا الماء المتغير بها، وإذا لم يكن متغيراً فلا داعي لنزحه حتى على قاعدة المذهب في اعتماد حديث القلتين، وإذا قلنا: إن بول الآدمي وعذرته المائعة لا فرق بينه وبين سائر النجاسات وليس بأشد من بول الكلب والخنزير وعذرتهما قلنا: إنه لا أثر له كغيره إلا إذا تغير.
"وإذا مات في الماء اليسير ما ليست له نفس سائلة مثل الذباب والعقرب والخنفساء وما أشبهها فلا ينجسه" إذا مات في الماء اليسير يعني دون القلتين، لا نفهم أن اليسير بإناء أو بكأس أو شيء، إذا مات في الماء اليسير، الماء اليسير ما دون القلتين، يعني ولو قل، مهما قل، المقصود أنه دون القلتين، ما ليست له نفس سائلة، وليس له دم، والنفس الدم، ومنه قيل لمن ولدت مولوداً: نفساء؛ لأنه يخرج منها الدم، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- لزوجته: ((أنفست؟ )) يعني حضت؛ لأنه خرج منها النفس وهو الدم.
"إذا مات في الماء اليسير ما ليست له نفس سائلة مثل الذباب" الذباب ليس فيه دم "والعقرب والخنفساء" هذه ليس لها دم، البعوض فيه دم وإلا ما فيه دم؟ أحياناً إذا قتلته فيه دم.
طالب: لكنه ليس دماً له.
إذا قتل سال منه الدم، فهل له نفس سائلة أو ليست له نفس سائلة؟ هو في الأصل ليست له نفس سائلة، إنما هذا الدم أخذه من غيره، يمكن منك، أخذه منك، تقتله لأنه أذاك، وأخذ منك شيء من الدم وتجده، فهذا في الأصل ليست له نفس سائلة.(4/13)
هل نفرق في البعوض بين ما فيه دم طارئ وبين ما لا دم فيه؟ أو نقول: إن تأثيره في الماء تبع لطهارته ونجاسته بالموت؟ الذي لا نفس له سائلة لا ينجس بالموت، وإذا قررنا أن البعوض في الأصل ليست له نفس سائلة إذاً لا ينجس بالموت وحينئذٍ لا يؤثر إذا مات في الماء، كالذباب والعقرب والخنفساء والصراصير، صراصير الآبار لا صراصير الكنف، وما نشأ عن نجاسة يستثنيها أهل العلم، وإن كانت ليس لها نفس سائلة؛ لأنها من النجاسة.
"مثل الذباب" جاء في الحديث الصحيح: ((إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليمقله)) وفي رواية: ((فليغمسه فإن في أحد جناحيه داء والآخر شفاء)) والغالب أنه يموت إذا كان الماء أو الطعام حاراً، وغمسه فيه وموته فيه إتلاف للمال، ولو كان يؤثر فيه لما أمر به لأنه إتلاف، وقد نهينا عن إضاعة المال، فعرفنا بهذا أن الذباب إذا مات في الطعام أو في الشراب في الماء على وجه الخصوص الذي هو موضوع الدرس لا يؤثر فيه، وقاس عليه أهل العلم كل ما لا نفس له سائلة، وما لا دم فيه فلا ينجسه، لماذا؟ لأنه لا ينجس بالموت، وعلى هذا كل ما ينجس بالموت يؤثر في الماء، وقعت فأرة في ماء وماتت فيه هرة وقعت في ماء وماتت فيه، شاة وقعت في ماء وماتت فيه، يؤثر وإلا ما يؤثر؟
طالب: إن كان يسيراً وإلا ظهر له رائحة أو طعم أو لون.
يعني إذا كان يسيراً يجلس مطلقاً على ما قرره المؤلف؛ لأنها نجسة، لأنها تنجس بالموت، ولاقاها الماء، وإذا كان كثيراً وتغير أحد أوصافه نجس اتفاقاً.
إذا مات في الماء آدمي، غرق في الماء آدمي، سواءً كان الماء قليلاً أو كثيراً، المسلم لا ينجس، مات في الماء حيوان من حيوانات البحر كذلك؛ لأنه طاهر، وقع إنسان في بئر فمات فيه، قلنا: إن المسلم لا ينجس هذا نص الحديث، وهو طاهر في الحياة وبعد الممات، ولا يؤثر في الماء، لكن وجدنا في الماء دم من أثر سقوط هذا المسلم ينجس وإلا ما ينجس؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(4/14)
يعني تبعاً لنجاسة الدم وطهارته، فإذا قلنا بنجاسة الدم قلنا: ينجس؛ لأنه وقعت فيه نجاسة وهي الدم، وإذا قلنا بطهارته قلنا: لا يتأثر الماء، صيد وقع في ماء فأخرج ميتاً، صيد وقع في الماء رمي بمحدد فوقع في الماء فأخرج منه ميتاً يتأثر الماء وإلا ما يتأثر؟
طالب:. . . . . . . . .
وكيف تعرف أنه هذا أو هذا؟ إذا كانت النكاية فيه من الصيد مميتة، إذا أخرجنا الصيد من الماء حال كونه ميتاً فينظر في النكاية إن كانت مميتة وعرفنا أنه مات بها بسببها قلنا: إنه طاهر؛ لأنه ليس بميتة، صيد طاهر، وإذا قلنا: إن أثر الصيد أثر الضرب بالسهم ونحوه لا يقتل غالباً فإنه يكون مات بسبب الغرق، وحينئذٍ يكون نجساً.
قال -رحمه الله-: "ولا يتوضأ بسؤر كل بهيمة لا يؤكل لحمها إلا السنور، وما دونها في الخلقة" لا يتوضأ بسؤر كل بهيمة، السؤر: البقية، يعني ما يبقى من شراب، ما يبقى من الشراب يسمى سؤر، سؤر كل بهيمة، هل لقوله: بهيمة مفهوم؟ لأن عندنا الإنسان والبهائم وتطلق ويراد بها بهيمة الأنعام الأنواع الثلاثة، وعندنا غير ذلك من سائر الحيوانات والطيور، أو نقول: إن البهيمة ما يقابل الإنسان أخذاً من المعنى العام؛ لأنها تبهم فلا تفصح ولا تنطق، يعني عجماء، وعلى هذا كل ما يخالف الإنسان مما لا يؤكل لحمه إلا ما كان من السنور فهو مستثنى بالدليل، وما دونه في الخلقة قياساً عليه، وعلى هذا لو شرب نسر من ماء هل يدخل في قوله: بهيمة؟ أو مقصوده أن المراد بالبهيمة هنا الحيوان يقابل الطيور؟ أو المقصود بالبهيمة بهيمة الأنعام التي هي الثلاثة الأصناف؟ مع أن الثلاثة لا تدخل، الثلاثة هنا لا تدخل قطعاً، لماذا؟ لأنها مأكولة اللحم.
طالب: لعل مراده ذوات الأربع مما لا يؤكل لحمه يا شيخ.
هي البهيمة تطلق بإطلاقات، لها المعنى العام ولها المعنى الخاص، المعنى الخاص ليس بمقصود قطعاً؛ لأنها بالمعنى الخاص ما تدخل في كلامنا، مما يؤكل لحمه.(4/15)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ولا يتوضأ بسؤر كل بهيمة" الأصل في البهيمة ما يبهم ولا يفصح، فيشمل كل ما لا ينطق، ولا يخرج بذلك إلا الإنسان، وما نطق على خلاف الأصل كبعض الطيور لا يسمى ناطق، فإذا قلنا: الإنسان الحيوان ناطق ما يستدرك بمثل بعض الطيور الناطقة؛ لأن الأصل في الطير أنه لا ينطق، وبهيمة الأنعام المعروفة من الإبل والبقر والغنم لا تدخل في كلام المؤلف بلا إشكال؛ لأنها تخرج بقوله: "لا يؤكل لحمه" وكذلك سائر ما يؤكل، لا يدخل في كلامه للقيد الذي ذكره، بقي المراد بالبهيمة وإذا حملناها على عمومها دخل فيها الطيور والحيوانات، فهل الطيور مقصودة فلو جاء صقر أو نسر أو ما أشبههما مما لا يؤكل مما يأكل الجيف مثلاً أو له مخلب أو سبع له ناب، وجاء وشرب من هذا الماء نتوضأ أو لا نتوضأ؟ أو هذا خاص بالمعنى العرفي للبهيمة؟ والمعنى العرفي يخرج الطيور بلا شك، ويخص إطلاق البهيمة على ذوات الأربع، فما كان على رجلين لا يدخل في البهيمة أو يدخل؟ نعم؟ على الإطلاق العرفي لا يدخل، فماذا عن الماء الذي شرب منه نسر أو صقر؟ يتوضأ منه أو لا يتوضأ؟ لأن منها ما فوق الهرة؛ لأن عندهم الحد الفاصل الهرة التي هي السنور، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قوله: "بهيمة" أولاً نبدأ ببهيمة، هل تدخل الطيور ببهيمة أو ما تدخل؟ فإذا دخلت ننظر هل يؤكل لحمها أو لا يؤكل؟ الفقهاء كلامهم في الجملة محرر، وينتبهون لمنطوق الكلمة ومفهومها، وما تدخل وما تخرج، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(4/16)
لا، هناك معنى عام وهي تدخل فيه؛ لأنها تبهم ولا تفصح، ما تتكلم، والمعنى العرفي الحقيقة العرفية للبهيمة خاص بذوات الأربع، وأخص منها الحقيقة الشرعية لبهيمة الأنعام {عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [(34) سورة الحج] يعني لو قال: بهيمة الأنعام الدجاج مثلاً من الأنعام بيضحي بدجاجة مثلاً، ويذكر عن أبي هريرة لكنه قول شاذ، فأدخلها في بهيمة الأنعام، فهل نقول: إنه لو وجد نوع من الدجاج كبير يوجد يعني، من أنواع البط، وما أشبهها يوجد ما هو أكبر من السنور، فجاء وشرب، دعونا من المأكول، إحنا ذكرنا أمثلة مما تؤكل تخرج بالقيد الثاني، لكن يوجد طيور لا تؤكل بهذه الأحجام، فهل تدخل أو لا تدخل؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
اللي إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
اللي يعقل بهيمة، يعني هل هو طاهر وإلا ما هو بطاهر؟
طالب:. . . . . . . . .
أنت تريد أن تدخل الجني في الإنس معه في الحكم.
طالب:. . . . . . . . .
أصلها من الإبهام، إذا نظرنا إلى اللفظ البهيمة مأخوذة من الإبهام، والعجماء مأخوذة من الإعجام، كلها كالأعاجم لا تنطق، ونطق الأعجمي عندهم كلا نطق، ونطق بعض الطيور كأنه لا نطق، فالبهيمة التي لا تنطق، تبهم ولا تفصح، نعم هذه مسألة ذكرها بالنسبة للجن لو شربوا سؤرهم هم مكلفون كالإنس، ومقتضى ذلك طهارتهم وإلا نجاستهم؟ طهارتهم، لو كانت نجاستهم عينية ما استطاعوا أن يعبدوا الله -جل وعلا-، لا يصلوا، ولا يصوموا، ولا ...
طالب: النبي -صلى الله عليه وسلم- وجد لعاب .... يغسله ....
نعم بال الشيطان في أذنيه، وبات على منخره.(4/17)
"ولا يتوضأ بسؤر كل بهيمة" يعني المتجه من الحقيقة العرفية بالنسبة للبهيمة أنها ذوات الأربع، لكنها مخصصة بما لا يؤكل لحمها، ويمثل لذلك بالحمار والبغل فإنها لا يتوضأ بسؤرها بناءً على القول بنجاستها عيناً، إذا قلنا: إنها نجسة نجاسة عينية لا يتوضأ من سؤرها؛ لأنه إذا كان بدنها نجس فلعابها نجس، وعرقها نجس، ومن عرف حال النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحال الصحابة، وصدر هذه الأمة من امتهانهم لهذه الأمور، وركوبهم على الحمر والبغال، وأنهم لا يتقونها جزم بطهارتها، وأن ما تشرب منه طاهر، وجاء في الحديث: سئل عن الماء وما ينوبه من السباع.
"لا يؤكل لحمها إلا السنور وما دونها في الخلقة" السنور هو الهر، له أسماء كثيرة جداً في بعض كتب الأدب خرج شخص بقط معه قال شخص: كم تبيع السنور؟ وجاء آخر، حده عليه بمبلغ زهيد بدرهم، وقال: سنور بدرهم، ما اشترى، قال: كم تبيع القط؟ قال: بدرهم، قال: قط بدرهم، ما يشتري، كم تبيع ... ؟ المقصود أنه ذكروا له أسماء كثيرة جداً، أرسله وقال: لا بارك الله فيك، ما أكثر أسماءك ولا أقل من ثمنك، فله أسماء كثيرة جداً منها السنور، وفيه حديث كبشة زوجة ابن أبي قتادة الأنصاري، أبو قتادة -رضي الله عنه- أمرها أن تحضر له وضوءاً فجاءت هرة فشربت منه، فأصغى لها الإناء وشربت منه، ثم توضأ به، فنظرت إليه نظر تعجب، فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ إن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إنها ليست بنجس)) فدل على طهارتها، وطهارة لعابها، وما يخالط الماء الذي يبقى من فضلتها ((إنها من الطوافين عليكم والطوافات)) فذكر الحكم مقروناً بعلته، والعلماء حينما يقولون: وما دونها في الخلقة، يعني مما يأخذ حكمها في مشقة الاحتراز منه؛ لأن ما دونها في الخلقة لا يمكن الاحتراز منه، هل يمكن أن تقفل الصالة عن فأر؟ نعم؟ ما يمكن، لكن تستطيع أن تقفله عن كلب، فما دون الهرة في الخلقة لا يمكن الاحتراز منه، وما أكبر منها في الخلقة يمكن الاحتراز منه، والطوافة علة، علة منصوصة يدور معها الحكم، فما أمكن الاحتراز منه لا يتوضأ بسؤره، وما لا يمكن الاحتراز منه مثله لا يتوضأ بسؤره.(4/18)
ما كان من الحيوانات غير المأكولة بقدر الهرة، يعني عرفنا ما فوق الهرة لا يجوز الوضوء بسؤره، وما دونها في الخلقة يتوضأ بسؤره؛ لأنه يشق الاحتراز، لكن ما هو في حكمها في حجمها؟ ناس عندهم حيوان ومربينه بقدر الهرة، هل ننظر إلى العلة أو نقصر الحكم على مورده وهو الهرة ونقيس عليها ما دونها ويبقى ما في حجمها مما لم ينص عليه وما فوقها على الأصل؟ الفقهاء يطبقون على أن ما دون الهرة مستثنى؛ لأنه لا يمكن الاحتياط منه، لكن ما فوقها أيضاً يتفقون على أن سؤره لا يتوضأ به إذا كان نجساً، ولعابه نجس، لكن يبقى أن ما في حجمها في حجم الهرة يأخذ حكمها أو يأخذ حكم ما فوقها، المسألة مسألة احتياط، إذا قلنا: بالاحتياط قلنا: إن النص جاء بالهرة، والقياس يتناول ما دونها في حكمها، لكن ما في حجمها الاحتياط أن يبقى على المنع كالذي هو أكبر منها في الحجم.
"كل إناء حلت فيه نجاسة" وقفنا عليه، نعم.
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه ....(4/19)
شرح مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (5)
شرح قوله: "وكل إناء حلت فيه نجاسة من ولوغ كلب .... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: هل يتوضأ بسؤر كافر يعني الماء الذي يبقى بعد شربه؟
نعم يتوضأ به؛ لأن النجاسة المنصوص عليها نجاسة معنوية عند أهل العلم، هذا قول الجمهور.
يقول: إذا وقع الذباب في كأس عصير أو شاي ونحوه فليغمس الذباب في العصير ثم يخرج مثلما يفعل بالماء؟
نعم، ورواية الطعام شاملة للعصير وغيره.
هذا يقول: هل يجوز الذهاب إلى الحج بدون إذن المسئول عني في العمل علماً أنني أعمل في القطاع العسكري؟
لا بد أن تستأذن المسئول؛ لأنك أجير عنده، ووقتك مستغرق له، لكن إذا كان حج الفريضة فعليه أن يأذن لك، إن لم يأذن لك فعليك أن تأخذ إجازة ولو مقطوعة وبدون راتب، ثم تؤدي حج الفريضة إذا كنت مستطيعاً.
كيف نجمع بين حديث: ((لم يقربه شيطان)) وحديث: ((إن الشيطان يبيت على خياشيمه))؟
هذا بالنسبة إذا قرأ آية الكرسي لم يقربه شيطان، ثم إذا نام عن صلاة الفجر فإن الشيطان يقربه يبيت على خيشومه، ويكون قرب الشيطان له بعد طلوع الفجر، يكون بات الشيطان على خيشومه بعد طلوع الفجر، يعني نام معه، وأما قبل ذلك فهو لا يقربه؛ لأن آية الكرسي حصن له من الشيطان.
يقول: يوجد بعض الصالحين كلما أراد أن يودع شخصاً قال له: لا تنسانا من دعائك، هل هذا صحيح؟
نعم صحيح، يطلب من الصالح الذي ترجى إجابة دعوته ما لم يخش عليه الاغترار بنفسه يطلب منه أن يدعو.
بعض برك الماء ينشأ فيها طحالب خضراً، فهل يصح الوضوء فيها؟
نعم، وقد نص الفقهاء على ذلك، وأن الطحلب لا يؤثر في الماء.
يقول هذا: ما المقصود بالمصطلحات التالية: "رواية عن أحمد"؟
يعني يحفظ عن الإمام أحمد من قبل تلامذته أكثر من قول في المسألة، فإذا روي عنه القول بالجواز، أو القول بالكراهة، هما روايتان في المسألة.(5/1)
قوله: "بالاتفاق" الاتفاق يختلف المراد به فأحياناً يراد به الاتفاق بين أصحاب المذهب الواحد، وأحياناً يراد به اتفاق الأئمة الأربعة، وأحياناً يراد به ما يراد في الإجماع، فهذا الاصطلاح يختلف من كتاب إلى آخر، وأما الإجماع هو المصطلح الثالث الذي ذكره فهو قول جميع المجتهدين.
قول الجمهور يعني قول الأكثر، وينتبه لقول الجمهور أيضاً من كتاب إلى آخر، فقد يراد بالجمهور الجمهور من أصحاب المذهب.
هل موت البهيمة في الماء وإن لم يتغير الماء يحكم بنجاسة الماء؟ وهل على هذا إجماع؟
إذا ماتت البهيمة نجست اتفاقاً صارت نجسة، فإن كان الماء كثيراً بحيث لا يتغير بها، بمعنى أنه أكثر من القلتين ولم يتغير أحد أصافه فهو طاهر عند الجميع، وإن كان أقل من القلتين ولم يتغير ففيه الخلاف المعروف، والمرجح أنه لا ينجس إلا بالتغير.
يقول: ما الراجح في مسألة تعارض العام المنطوق والخاص المفهوم، حبذا لو ذكرتم أمثلة أخرى؟
ذكرنا هذه المسألة عند الكلام على حديث القلتين مع حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) فمفهوم حديث القلتين أنه ينجس ولو لم يتغير، ومنطوق حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) أنه لا ينجس إلا بالتغير، فالمفهوم معارض بالمنطوق، لكن المنطوق عام والمفهوم خاص، وعرفنا وجه القوة في هذا، ووجه الضعف فيه، ووجه القوة في الطرف الآخر، ووجه الضعف فيه، وعرفنا أن المرجح في مثل هذه المسألة الكلام القوي في حديث القلتين، فرجح منطوق حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) على مفهوم حديث القلتين، وممن قال بهذا شيخ الإسلام ابن تيمية، شيخ الإسلام يصحح الحديث، ويعمل بمنطوقه دون مفهومه؛ لأنه معارض بمنطوق أقوى منه.(5/2)
من الأمثلة مفهوم قول الله -جل وعلا-: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [(80) سورة التوبة] مفهومه أنه لو استغفر لهم واحد وسبعين مرة أنه يغفر لهم، لكن هذا المفهوم معارض بمنطوق قول الله -جل وعلا-: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(48) سورة النساء] وإن كان هذا خاص بفئة وهذا عام في جميع المشركين، لكن المنطوق هنا مقدم على المفهوم، فيلغى المفهوم في مثل هذه الصورة.
هل الكافر الميت نجس؟
نجس بالنص، لكن هل نجاسته معنوية أو حسية؟ الجمهور على أنها معنوية وليست حسية.
هل العلة في إباحة سؤر الهرة الحجم أو الطوافة؟
العلة المنصوصة الطوافة، فإذا وجدت الطوافة مع مشقة التحرز؛ لأن الهر يلاحظ فيه مشقة التحرز منه فما دونه في الخلقة أكثر مشقة، يتحرز منه، وما فوقه في الخلقة يمكن أن يتحرز منه، ومن أدرك أبواب الناس في السابق عرف أنه لا يمكن أن يتحرز من الهر، يدخل، وإن أغلق الباب، إحكام الأبواب في السابق ليس بالدقة مثل الأبواب الموجودة الآن، النمل ما يدخل.
إذا توضأ أحدنا بماء معد للوضوء عن طريق صنابير المياه لكنه وجد فيه طعماً فهل يتركه ويتيمم؟
إذا تيقن أن الطعم طعم نجاسة فيتركه، وإن كان الطعم مجرد تغير طعم لا يدري هل هو نجاسة أو لا؟ فيتوضأ به؛ لأن الأصل الطهارة.
هذا يقول: نود أن تنبه على القول الراجح عند ذكر الأقوال المخالفة لصاحب المتن؟
نحرص بقدر الإمكان.
يقول: ما حكم غسل الثياب في المغاسل المتوفرة الآن والتي الماء داخلها قطعاً دون القلتين، ولا يدرى حمل بعضها للنجاسة؟
يعني بعض الثياب ما يدرى هل تحمل النجاسة أو لا؟ لأنهم يستقبلون ثياب المسلمين وغير المسلمين، وكثير من الكفار لا يستنجون ثيابهم نجسة، لا سيما الداخلية.(5/3)
على كل حال الأصل الطهارة، وإذا لم يعلم أنه خالط ثوبك ثوب نجس فالأصل الطهارة، لكن ما هو بالإشكال في الماء الإشكال في الغسل بالبخار، هل يكفي وإلا ما يكفي؟ أو بمواد غير الماء، هذا محل الإشكال، على قول من يقول: إن الطهارة معلقة بعين النجاسة، فإذا زالت زال حكمها ما في إشكال؛ لأنه يزول عينها، والذي يقول: لا يزيل النجاسة إلا الماء فلا تزول بمثل هذا.
هذا يقول: حكم الاكتتاب في شركة ينساب مع العلم أن من المشايخ من حللها ومنهم من حرمها؟
كلهم يتفقون على أنها مختلطة، وأن فيها نسبة ربوية واضحة ومعلن عنها، ومثل هذه الشركة لا يجوز الإقدام عليها بحال مهما ضعفت النسبة.
يقول: ما حكم صحة حديث: لبس الثوب إلى نصف الساق؟
((أزرة المؤمن إلى نصف ساقه)) الحديث صحيح.
وهل يستوي من يرفع إزاره إلى نصف الساق، وبين من يرفعه فوق الكعبين فقط؟
لا شك أن كونه نصف الساق أكمل وأفضل، لكن لا حرج أن ينزل عن نصف الساق إلى الكعبين، بحيث لا ينزل عن الكعبين، وإذا خشي الشهرة أيضاً بلبسه إلى نصف الساق، أو فوق ذلك تحت الركبة بأربعة أصابع كما جاء في بعض النصوص، إذا خشي الشهرة فالأفضل له أن يرسله ما لم يصل إلى حد الممنوع.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا كان مثار شهرة أو يترك، وأما من يصفه ما اقتصرت المسألة على هذا، الاستهزاء بالدين وشعائر الدين موجود، من عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى قيام الساعة.
يقول: ما رأيك بالشرح الجديد لسنن الترمذي للكشميري؟ وهل هذا الرجل صحيح المعتقد أم لا؟
إن كان المقصود بالكشميري محمد أنور شارح البخاري فيض الباري، شرحه فيه فوائد، لا يخلو من فوائد، شرح مختصر في أربعة مجلدات، أما شرح الترمذي ما وقفت عليه، الكشميري ما ...
طالب:. . . . . . . . .
محمد أنور؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أن شرحه للبخاري فيض الباري فيه فوائد، لكن لمز الشيخ محمد بن عبد الوهاب في موضع من المواضع، ووصفه بعدم الفطنة.
يقول: هل شرح القنوجي -صديق حسن خان- على مختصر مسلم مطبوع وموجود؟(5/4)
مطبوع أكثر من مرة، مطبوع في الهند في مجلدين قديماً، ثم بعد ذلك صور، وتداول الناس التصوير، ثم طبع في قطر في مجلدات كثيرة، طبعة طيبة طبعة قطر.
ما أفضل التحقيقات لكتب السنة؟
هذه تراجع في الأشرطة تكلم عنها كثيراً.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- ....
قبل ذلك
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: "وكل إناء حلت فيه نجاسة من ولوغ كلب، أو بول، أو غيره فإنه يغسل سبع مرات إحداهن بالتراب" كل إناء التنصيص على الإناء لأنه ورد به النص ((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم)) وهنا التخصيص أو التنصيص على الإناء يخرج غيره أو الحكم واحد؟ إذا ولغ في ثوب مثلاً، أو ولغ على أي متاع من الأمتعة بمعنى أنه لعقه بلسانه يأخذ الحكم وإلا يختص هذا بالإناء؟ يأخذ الحكم.
طالب:. . . . . . . . .
الإناء خرج مخرج الغالب؛ لأنه هو محل الماء الذي يلغ فيه الكلب، أو محل الطعام الذي يمكن أن يلغ فيه الكلب، خرج مخرج الغالب، ولو قلنا بأن له مفهوم هل هذا مفهوم؟ مفهوم إيش؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مفهوم صفة الإناء صفة وإلا لقب؟
طالب:. . . . . . . . .
ومفهوم القلب معمول به وإلا لا؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا يعمل به عند عامة أهل العلم.
"وكل إناء حلت فيه نجاسة من ولوغ كلب" من هذه بيانية "حلت فيه نجاسة من ولوغ كلب" هذه بيانية "أو بول أو غيره" يشمل جميع النجاسات، التنصيص على ولوغ الكلب من بين النجاسات، ومن بين سائر النجاسات؛ لأنه ورد فيه النص، أو البول، التنصيص على البول سبق الكلام في البول، بول الآدمي أو العذرة المائعة التنصيص عليه من بين سائر النجاسات؛ لأنه جاء ذكره في ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم)) من جهة، وأيضاً أمر علي أن تنزح البئر الذي بال فيها الإنسان، فورود مثل هذه النصوص يجعل للبول اختصاصاً بالتشديد، والتنصيص عليه دون غيره، ثم بعد ذلك يعطف عليه غيره من سائر النجاسات.(5/5)
"فإنه يغسل سبع مرات إحداهن بالتراب" فعلى هذا لا فرق بين ولوغ الكلب وولوغ الخنزير وبول الكلب، وبول الخنزير، وبول الآدمي، وبول ما لا يؤكل لحمه، وأيضاً سائر النجاسات، ما في فرق النتيجة فإنه يغسل سبع مرات إحداهن بالتراب، كل هذا يغسل سبع مرات، كل النجاسات تغسل سبع مرات إحداهن بالتراب، الحكم لا يختص بولوغ الكلب، ولا ببول الكلب، ولا الخنزير الذي هو أشد نجاسة من الكلب، بل مقتضى قوله: "أو بول أو غيره" جميع النجاسات، فإنه يغسل سبع مرات إحداهن بالتراب، والنص ورد في ولوغ الكلب سبع مرات إحداهن بالتراب فهل يقاس عليه غيره كما فعل المؤلف -رحمه الله تعالى-؟ وجاء في الخبر: "أمرنا بغسل الأنجاس سبعاً" لكن هل هذا يعم النجاسات كلها أو يختص بالكلب؟ أولاً: الحديث فيه كلام لأهل العلم "أمرنا بغسل الأنجاس" فيه كلام لأهل العلم، الأمر الثاني: أنه جاء ما يخالفه، بول الأعرابي في المسجد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بإراقة سجل من ماء، أو ذنوب من ماء، أو دلو من ماء، فمثل هذا يطهر بمجرد إراقة الماء عليه، فلا يحتاج إلى سبع بالنص، والاستنجاء بثلاثة أحجار، ولا زيادة عليها إذا أنقى المحل، إذا لم ينق يزيد على ذلك، يزيد على الثلاث خمس سبع إلى أن ينقي، وإذا كان هذا في الأحجار التي إزالتها للنجاسة أقل من الماء فالماء من باب أولى أن يكون ثلاثاً، قياساً، من باب قياس الأولى على الأحجار، وهل هذا قول المؤلف كل نجاسة تغسل بالماء سبعاً إحداهن بالتراب، راجح وإلا مرجوح فيما عدا ولوغ الكلب؟ قول مرجوح، ولوغ الكلب جاء فيه النص: ((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً إحداهن أو أولاهن أو أخراهن أو عفروه الثامنة بالتراب)) روايات، وحيثما وجد التراب مع إحدى الغسلات أجزأ، وكونه في الأولى قد جاء التنصيص عليها جاء التنصيص عليها أولى؛ ليأتي بعده الماء فيزيله، وينظف الإناء منه، وليباشر التراب لعاب الكلب الذي قرر الأطباء أن فيه جرثومة لا يزيلها إلا التراب، في لعاب الكلب جرثومة لا يزيلها إلا التراب، وهذا من دلائل النبوة، ما في مختبرات تبين مثل هذا الأمر في عهده -عليه الصلاة والسلام-، بحث الأطباء في هذه المسألة، ووجدوا أن هذا(5/6)
لا يزيله إلا التراب، تجدون في كتب الفقه أنه هل يقوم مقام التراب غيره من المنظفات كالصابون والأشنان وغيرهما، أو لا يقوم؟ كثير منهم يقول: يقوم؛ لأن المقصود التنظيف والمبالغة في التنظيف وبعض هذه أبلغ من التراب في إزالة القذر سواءً كان نجس أو غير نجس، يعني متى يلجأ الناس لغسل اليد بالتراب بعد الأكل؟ إذا وجدوا صابون وإلا إذا لم يجدوا صابون؟ إذا لم يجدوا صابون، فالصابون لا شك أنه أبلغ في إزالة مثل هذا، لا سيما المواد الدسمة التي لا تزول بالماء، لكن قرر الأطباء أن في لعاب الكلب جرثومة لا يقضي عليها إلا التراب، وهذا من دلائل النبوة، هذا منصوص عليه، فلا يكفي فيه إلا سبع غسلات تكون مع الأولى يكون مع الأولى التراب، أو مع إحدى الغسلات، وقد جاءت النصوص بأولاهن، أخراهن، إحداهن، عفروه الثامنة بالتراب، لكن كون العلماء يقولون: أولاهن أقوى وأرجح من حيث الثبوت ومن حيث النظر، منهم من يرى أن نجاسة الكلب لعاب الكلب لا يزيد على غيره، فيكفي فيه الغسل ثلاث مرات، وذكر هذا عن أبي هريرة، واحتج به من احتج من العلماء، مع أن أبا هريرة أيضاً أفتى بغسله سبعاً على ما روى، والعلماء يقررون أنه إذا اختلف رأي الراوي مع روايته فالعبرة بما روى لا بما رأى، ولا قول لأحد مع قوله -عليه الصلاة والسلام-، فإذا ولغ الكلب فإنه لا يطهر حتى يغسل سبع مرات مع التراب.
البول ذكرنا سابقاً أن من أهل العلم من يشدد فيه ومنهم المؤلف، ورواية في المذهب معروفة، والرواية الأخرى أنه كسائر النجاسات، وأنه ليس بأشد من بول الكلب، أو بول الخنزير، يغسل حتى تزول عين النجاسة، أو يغسل ثلاثاً على الحد الأعلى عند جمع من أهل العلم قياساً على الاستنجاء.(5/7)
"أو بول أو غيره" جاء في دم الحيض: ((حتيه ثم اقرصيه بالماء)) وفي رواية: بالماء وإيش؟ والمحل، جاء أيضاً في رواية بالماء والملح، والملح لا شك أنه يزيل، عند أبي داود: ((بالماء والملح)) الملح مطعوم فهل يجوز استعماله في مثل هذا؟ إذا ثبت الحديث فلا كلام لأحد، وإذا قررنا أن دم الحيض نجس لوجوب غسله فكون المطعوم تزال به النجاسة ولا شك أن هذه حاجة لا يمتهن المطعوم لغير حاجة، فهل يسترسل في مثل هذا، ويقال: كل مطعوم يحتاج إليه في إزالة نجس، أو وسخ مثلاً يسترسل فيه، ويمتهن المطعوم؟
طالب:. . . . . . . . .
أو ترفه، مثلما يفعلون بالبيض مثلاً، بعضهم بالطماطم، وبعضهم بالزبادي وغيره، ترفه لنعومة البشرة فقط، يستعملون هذا، لا شك أن هذا الطعام إن كان مما يحتاجه الإنسان والحيوان فلا يجوز امتهانه ألبتة، لماذا؟ لأننا إذا منعنا من امتهان زاد الجن وعلف دوابهم فلئن نمنع من زاد الإنس من باب أولى، وقد نهينا عن الاستنجاء بالعظم والروث، العظم: زاد إخوانكم، والروث علف دوابهم، وجاء التشديد في هذا، فإذا منعنا من هذا فلئن نمنع من زاد الإنس من باب أولى، وحتى علف دواب الإنس يمنع امتهانها وتلطيخها بالنجاسات، أو استعمالها للترفه؛ لأن بعض الناس قد يستدل برواية أبي داود: ((بالماء والملح)) ثم بعد ذلك يتعدى هذا الأمر إلى غيره، علماً بأن الملح مع كونه مطعوماً لا يزيد على الماء، الماء مطعوم، والملح أصله الماء فلا يقاس غيره عليه، ولذا يأتون بالأكياس من الملح ويضعونها في البيارات، على شان تفتح المسامات بحيث لا تمتلئ البيارة بسرعة، فهل يجوز مثل هذا أو لا يجوز؟ إذا لم يوجد غيره مثلاً، وتأذى الإنسان بنزح البيارة في كل أسبوع مثلاً، وجيرانهم يجلسون شهر شهرين ثلاثة، وتأذى بهذا هذه حاجة، والملح أصله ماء، وجاء استعماله في إزالة دم الحيض، فيتسامح فيه أكثر، أما غيره فلا؛ لأن أصله الماء، وحينئذٍ يأخذ حكم أصله، وهو الماء وإن كان مطعوماً الماء مطعوم.(5/8)
"أو بول أو غيره" عرفنا أن المؤلف يجعل كل النجاسات حكمها حكم ولوغ الكلب تغسل سبعاً إحداهن بالتراب، وعامة أهل العلم بل جمهورهم على أن الحكم يختص بولوغ الكلب، ومنهم من يقيس عليه، بل يقول: من باب الأولى قياس الخنزير عليه، ولوغ الكلب هذا خاص بلسانه وهو أشرف ما فيه، أشرف ما فيه فمه، فهل يقاس على ذلك رجيعه وباله الذي هو أسوأ من لعابه؟ أو يقال: إن النص خاص بالولوغ وما عداه لا يقاس عليه بحيث لو وقع الكلب كله أو رجله وهي مبتلة وقعت في إناء يغسل سبعاً وإلا يغسل ثلاث؟ النص في الولوغ، لكن هل يقاس عليه سائر جسده؟
طالب: حديث ابن عمر.
نعم في البخاري، في البخاري كانت الكلاب تقبل وتدبر وتبول، في بعض الروايات، لا في جميع روايات البخاري، في بعض الروايات الأصول الأربعة من الصحيح ما فيها: وتبول، لكن موجود في بعض الروايات: وتبول، وإذا بالت وتأكد من البول ومكانه فإن حكمه حكم بول الآدمي ينضح بالماء يصب عليه الماء كبول الآدمي؛ لأنه نجس اتفاقاً، فحكمه حكم بول الأعرابي، وهذه اللفظة لا توجد في جميع الروايات، بل هي في بعض الروايات من الصحيح، إيش معنى الروايات؟ يعني أنها توجد في حديث دون حديث، أو في رواية من حديث دون رواية من حديث؟ لا، الرواة عن البخاري -رحمهم الله تعالى رحم الله الجميع- الرواة عن البخاري، البخاري روي من طريق عديدة، سمعه من مؤلفه أكثر من تسعين ألف، لكن الذي ضبطت رواياتهم عدد يسير، بعض هؤلاء الرواة أثبتوا هذه اللفظة عن البخاري، وبعضهم لم يثبتها، وعلى كل حال الأصول الأربعة ليس فيها: وتبول.(5/9)
"أو بول أو غيره فإنه يغسل سبع مرات" وعرفنا أن غير البول لا يقاس عليه، البول وغيره لا يقاس على ولوغ الكلب، بل التسبيع خاص بولوغ الكلب، ولا يقاس عليه غيره؛ لأن التعبد فيه ظاهر، التعبد في العدد وفي التتريب ظاهر، ثم بعد ذلك ظاهر لمدة ثلاثة عشر قرن؛ لأن البحث الذي بحث في منتصف القرن الماضي، وأثبت فيه أن في لعاب الكلب جرثومة لا يزيلها إلا التراب، ثم بعد ذلك ظهرت العلة، فإذا وجدت هذه الجرثومة التي لا يزيلها إلا التراب يلزم التتريب أو لا يلزم؟ أو نقول: النص خاص بولوغ الكلب؟ أولاً هذه العلة ليست منصوصة، والعلل التي تدور معها الأحكام هي العلل المنصوصة لا المستنبطة، وحينئذٍ يكون التسبيع مع التتريب خاص بولوغ الكلب، وما عدا ذلك فإنه معلق بزوال النجاسة، فإذا زالت يكفي، ولو قيل بالعدد، وأن الثلاث لا بد منها كالاستنجاء له وجه، يعني له وجه.
"وإذا كان معه في السفر إناءان" السفر مظنة شح الماء بخلاف الحضر، ولذا نص عليه المؤلف، وإلا فالحكم واحد سفراً كان أو حضراً "إناءان" هذه المسألة في الطبقات -طبقات الحنابلة- في ترجمة الخرقي بدل إناءان، قال: أتان، تصحيف شنيع "وإذا كان معه في السفر إناءان نجس وطاهر" أولاً هو يستعمل الطاهر بإزاء الطهور، يستعمل الطاهر، ولذلك قال في أول الباب: الطهارة بالماء الطاهر فهو يستعمل الطاهر بإزاء الطهور، ولم يتعرض لتقسيم الماء إلى الأقسام الثلاثة، ولذا ذكر ابن قدامه من زوائد الهداية على الخرقي التقسيم إلى ثلاثة أقسام.
"إذا كان معه في السفر إناءان نجس وطاهر"
طالب: هذه هداية ابن الخطاب؟
إي نعم إيه.(5/10)
"نجس وطاهر" يعني طهور اشتبه عليه لم يستطع التمييز، وهذا جار على قوله، وعلى المشهور في المذهب وعند الشافعية أنه ينجس بمجرد الملاقاة، أما على قول من يقول: إنه لا ينجس إلا بالتغير لا يمكن اشتباهه، لا يشتبه، يمكن أن يشتبه؟ اللهم إلا إذا كان الاشتباه في اللون، واشتبه لون النجاسة بأن يكون لونها أصفر، وهناك مادة طاهرة لونها يميل إلى الصفرة، واشتبه في اللون، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ يمكن الاشتباه حينئذٍ، فإذا اشتبه إناءان نجس وطاهر يتحرى وإلا ما يتحرى؟ لا يتحرى؛ لأنه لو تحرى وأصاب النجس ما خرج سالم ازدادت النجاسة، يعني إضافة إلى الحدث إضافة إلى حاجته إلى طهارة الحدث، الاحتياج إلى طهارته من الخبث، فلا تحري في مثل هذا "واشتبها عليه أراقهما وتيمم"
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو لو كان الطاهر قلتين فأكثر وأضافه إلى النجس طهر به، وارتفع وصف النجاسة، ما يرى في ....
طالب:. . . . . . . . .
نعم، إيه أقل، إناء قليل.
"وإذا كان معه في السفر" عرفنا أن السفر مظنة شح الماء "إناءان" في أحدهما إناء طاهر يعني طهور، والثاني فيه ماء نجس، واشتبها عليه فإنه يريقهما ولا يتحرى، يريق الإناءين ويتيمم؛ ليكون عادماً للماء بيقين، وهذا ما مشى عليه المؤلف، وهو رواية في المذهب، والرواية الأخرى أنه لا يحتاج إلى إراقة، يعدل إلى التيمم، ولا يحتاج إلى إراقة، وجه الرواية التي ذكرها المؤلف أن معه طاهر، ماء طاهر فليس بعادم للماء، هو ليس بعادم للماء، وشرط التيمم أن يكون عادماً للماء {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ} [(6) سورة المائدة] وهذا واجد للماء بيقين، هذا عنده ماء متيقن أنه طاهر، وجه هذه الرواية أنه لا بد من إراقتهما ليكون عادماً للماء بيقين، ووجه الرواية الأخرى أنه لا يحتاج إلى إراقة، يعدل إلى التيمم من غير إراقة أن وجود مثل هذا الماء كعدمه، فهو معدوم حكماً، افترض أنك على بئر، بئر فيه ألف قلة، وليس معك دلو ولا رشا ولا شيء، ولا تستطيع أن تنزع منه ماءاً تتوضأ به، أنت عادم للماء حكماً، وحينئذٍ تتيمم.(5/11)
معك ماء قليل تحتاجه للشرب تستطيع استعماله، هو طهور بيقين، لكن إن توضأت به هلكت تعدل إلى التيمم، وأنت حينئذٍ عادم للماء حكماً، فلا يحتاج إلى إراقة، وقد يحتاج إليه، قد يضطر إليه للشرب مثلاً، وإذا اضطر إليه للشرب نقول: لا تشرب وأنت معك ماء يحتمل أن تشرب من النجس؟ المسألة ضرورة، فيشرب يتحرى حينئذٍ ويشرب.
طالب: عفا الله عنك في السفر هذا القيد له مفهوم؟
لا، ليس له مفهوم، إلا أن السفر هو مظنة شح الماء، أما في الحضر قد يكون في الحضر ويكون عادم للماء، الحضر يعني ....
طالب:. . . . . . . . .
نعم لأنه مظنة، هو الذي يظن فيه شح الماء، وإلى وقت قريب والماء ليس موجود حتى في الحضر، يذهب الناس للبحث عنه في أماكن بعيدة، ويجلبونه إلى بيوتهم للطهارة وللشرب وللطبخ وللغسل وغيره.
في أحد معه المصور من الطبقات؟
طالب:. . . . . . . . .
اقرأ، وإلا هاته كله واحد.
هذا من الجزء الثاني، أو ما أدري والله الطبعة هذه يمكن الثالث، الطبعة هذه الثالثة، لكن المعروف طبعة حامد الفقي أنصار السنة في أوائل الجزء الثاني.
يقول: المسألة الأولى مما يختلف فيه أبو بكر عبد العزيز غلام الخلال مع أبي القاسم الخرقي المؤلف في مسائل وذكرنا أشرنا إليها سابقاً مائة إلا مسألتين.
المسألة الأولى: قال الخرقي: وإذا كان معه في السفر إناءان نجس وطاهر واشتبها عليه أراقهما وتيمم، وهي منصوصة، هذه الرواية ثابتة ومنصوصة عن الإمام، وعرفنا وجه هذه الرواية ليكون عادماً للماء بيقين، وبها قال أبو حنيفة، ووجها أن معه ماءاً طاهراً بيقين فلم يجز التيمم مع وجوده، كما لو كان عالماً به، مع أن هذا فيه ما فيه، يعني لا يستوي شخص لا يدري أيهما الذي يرفع حدثه مع العالم به، وفيه رواية ثانية: لا تجب الإراقة، اختارها أبو بكر غلام الخلال، ووجهها أن وجود الماء الطاهر إذا تعذر استعماله فبقاؤه لا يمنع التيمم كالماء الذي يحتاج إلى شربه، وكالماء الذي في قاع البئر يحتاج إلى دلو وأرشية وغير ذلك، فإنه حينئذٍ وجوده كعدمه، أو يكون مما لا يستطيع استعماله لمرض، أو شدة برد، أو ما أشبه ذلك، يعدل حينئذٍ إلى التيمم.(5/12)
مسألة الاشتباه: إذا اشتبه طاهر بنجس أو طهور بنجس عرفنا الحكم، وهي المسألة التي معنا، لكن اشتبه طهور بطاهر، يقول العلماء: يتوضأ من هذا غرفة ومن هذا غرفة ويصلي صلاة واحدة؛ لأن الطاهر إن لم يكن مطهراً يعني على أقل الاحتمالات، وقد قيل بل له وجه: إنه مطهر، نعم فإنه لا يزيد، أقول: لا يزيد البدن مما يحتاج إلى إزالته، هو يزيل، وإن لم يزل حكماً عندهم، لكنه ينظف على كل حال، ولا يؤثر في الجسد مما تجب إزالته، فالطاهر قدر زائد على المطلوب الذي هو الطهور، الطهور موجود، قالوا: يتوضأ من هذا غرفة ومن هذا غرفة، وحينئذٍ يصلي صلاة واحدة.
طيب لماذا لا يتوضأ وضوءاً كاملاً من الطاهر ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً من الطهور؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه نجس، طهور وطاهر، وقلنا: إنه يأخذ من هذا غرفة ومن هذا غرفة، يأخذ من هذا غرفة لوجهه، ويأخذ من هذا غرفة لوجهه، يأخذ من هذا غرفة ليديه وهكذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، كامل.
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون ما تعاد؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم لتكون طهارته على وجه غير مشروع، لكن لو غسل العضو مرتين مرة من هذا ومرة من هذا مشروع، توضأ النبي -عليه الصلاة والسلام- مرتين مرتين، الأمر الثاني ....
طالب:. . . . . . . . .
من يتكلم هنا؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه.
طالب:. . . . . . . . .
النية، النية تكون مصاحبة للوضوء من الطاهر أو من الطهور؟ هذا أيضاً له أثر.(5/13)
في زوائد الهداية على الخرقي هذا كتاب اسمه: (الهادي) أو (عمدة الحازم في المسائل الزوائد عن مختصر أبي القاسم) مع أن الزائد عن وإلا على؟ زائدة عن كذا وإلا على كذا؟ على كل حال الكتاب لابن قدامه للموفق ابن قدامه صاحب المغني والكافي والمقنع والعمدة وروضة الأصول وغيرها، له كتاب اسمه (الهادي) جرد فيه الزوائد الموجودة في الهداية لأبي الخطاب على مختصر أبي القاسم الخرقي هذا، وهو كتاب مطبوع منذ ما يزيد على أربعين سنة لكنه غير مشهور ولا متداول، يعني على عناية من يعتني بالكتب، ويهتم بمثل هذا قد يفوته هذا؛ لأنه غير مشهور ولا متداول، وأهميته لمن يدرس مختصر الخرقي ظاهرة، وهذا النوع من التصنيف مسلوك عند أهل العلم سواءً كان في الحديث أو في الفقه، وأشرنا إليه في الدرس الأول، والنسخة التي معي من مختصر الخرقي جُلد معها كتاب اسمه: (زوائد الكافي والمحرر على المقنع) فالذي عنده المقنع يأخذ هذا الكتاب، ويكفيه عن الكافي والمحرر، وعرفنا أن هذا إنما يحتاج إليه بعد النهاية من مراحل الطلب، وإلا فالأصل أن الطلب يكون على الجادة، يقرأ متن مختصر في البداية مستوعب لجل المسائل التي يحتاج إليها طالب العلم، ثم يقرأ متن أوسع منه يناسب المتوسطين، وفيه تلك المسائل التي درسها في المختصر الأول يعيدها لتثبت وتتضح، ويأخذ عليها قدر زائد تناسب تحصيله وسنه، ثم بعد ذلك إذا صار في الطبقة الثالثة من طبقات المتعلمين يأخذ كتاب أوسع، وفيه مسائل الكتابين السابقين، إذا انتهى درس كتب الطبقات الثلاث أو الأربع على اختلاف بينهم في التقسيم يقتصر على الزوائد حينئذٍ، لا مانع أن يقتصر على الزوائد، فيأخذ زوائد الكافي والمحرر على المقنع، ويكتفي بها عن الكافي والمحرر، ويأخذ زوائد الهداية، ويكتفي بها عن الهداية وهكذا.
في الهادي الذي هو عمدة الحازم للإمام الموفق -رحمه الله- يقول:(5/14)
باب المياه: الماء ينقسم ثلاثة أقسام، وهذا التقسيم لا يوجد عند أبي القاسم في مختصره، وهو موجود في جميع كتب المتأخرين، المتون المتأخرة فيها هذا التقسيم، ومنهم من يقتصر على قسمين طاهر ونجس، ومنهم من يزيد الثلاث على الخلاف المعروف، ومنهم من يزيد الرابع المشكوك فيه كابن زرين وهكذا.
يقول: الماء ينقسم ثلاثة أقسام: ماء طهور، وهو الباقي على أصل الخلقة، سواءً نزل من السماء أو نبع من الأرض، فإن تغير بطاهر لا يمكن التحرز منه، أشرنا سابقاً في الدرس الأول أننا في أثناء شرحنا للكتاب أو بعد النهاية من كل باب نشير إلى زوائد المختصرات المعتمدة كالعمدة والدليل والزاد لكن لما جربنا مشينا الآن أربعة دروس وما مشينا مشياً بيناً الظاهر أن هذا يعوقنا عن المشي زيادة، فنعتني بزوائد الهداية التي فيها هذا المدون لهذا الإمام مع مختصر الخرقي، ونكتفي بهذا عن زوائد العمدة زوائد الدليل زوائد الزاد، وإن كان فيها ما يحتاج إليه طالب العلم.
يقول: "القسم الأول ماء طهور، وهو الباقي على أصل الخلقة، فإن تغير بطاهر لا يمكن التحرز منه كالتراب والطحلب -الذي ورد في السؤال قريباً- أو لا يخالطه" يمكن التحرز منه لكن لا يخالطه لا يؤثر فيه، لا يمتزج فيه، لا يؤثر لا في لونه، ولا في طعمه، ولا في رائحته كالدهن، الدهن إذا وقع في الماء يمتزج بالماء؟ ما يمتزج، وكذلك الكافور والعود فهو على طهوريته.
يقول: كيف نجمع بين قاعدتين: الراوي أعلم بما روى، والثانية: العبرة بما روى لا بما رأى؟
الراوي أعلم بما روى إذا اختلف تفسيره لتفسير غيره لما روى قُدم فهو أعرف، وهذه القاعدة أيضاً أغلبية وليست كلية، ورب مبلغ أوعى من سامع، فهو أعلم بما روى إذا اختلف تفسيره للنص مع تفسير غيره، أما إذا خالف النص فالعبرة بالنص لا بمخالفته.
نعود إلى الزائد.
وإن سخن بنجاسة لا تصل إليه غالباً بأن كان الإناء محكماً فلا تصل إليه النجاسة ولا دخانها، ففي كراهية التطهر به روايتين، يعني إحداهما: يكره التطهر به، وذلكم لكراهية استعمال النجاسة، يعني مادة متنجسة لا تستفيد منها، فمزاولة النجاسات واستعمالها ولو كانت بإتلافها بالإحراق يكره عند أهل العلم.(5/15)
الأمر الثاني: أنه قال: لا تصل إليه غالباً، وهناك احتمال مع هذا التغليب أنها تصل إليه، فالكراهة من هذه الحيثية، والرواية الأخرى أنه لا يكره التطهر به؛ لأن وصول النجاسة إليه احتمال ضعيف، لا سيما مع إحكام الإناء، وعلى القول بأن استعمال النجاسة في مثل هذا لا كراهة فيها، وهي جائزة لا وجه لكراهة التطهر به، وقد سُئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن شحوم الميتة، يستصبح بها الناس، وتطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، فقال: ((لا، هو حرام)) والحديث أوله عن البيع، فمن قال: (لا) يعود إلى جميع ما تقدم، أدخل فيها سائر وجوه الانتفاع، البيع والاستصباح والإدهان، ودهن السفن، والجلود، وما أشبه ذلك، فكل هذا ممنوع، ومن قال: (لا، هو) يعني البيع، جعل سائر الاستعمالات جائز، وكان هذا هو المرجح عند أكثر أهل العلم، يجيزون ذلك، فعلى هذا التطهر به سائغ بلا كراهة.(5/16)
القسم الثاني: ماء طاهر غير مطهر، وهو المستعمل في رفع حدث، وسبق الحديث عنه في شرح الكتاب، أو ما خالطه طاهر، الأول: وقع فيه طاهر مما لا يخالطه هذا لا إشكال فيه، يبقى على طهوريته، لكن لو خالطه؟ طاهر، فغلب على أجزائه، عندك إناء فيه ماء طهور وقعت فيه بيالة شاهي أو لبن، أو حبر، أو ما أشبه ذلك، ما غلبت على أجزائه، خالطته لكن ما غلبت على أجزائه يبقى من رآه قال: هذا ماء، والتغير يسير، هذا يبقى على طهوريته، لكن إذا غلب على أجزائه سطل انكب فيه لتر ماء، لتر لبن مثلاً غلب على أجزائه اللون صار أبيض، فمثل هذا يكون طاهر غير مطهر، فغلب على أجزائه أو طبخ فيه، إذا طبخ فيه لا بد أن يتأثر به، فإن استعمل في طهارة مستحبة كالتجديد، أو تغير طعمه أو لونه بطاهر كالزعفران ونحوه فهل يسلب طهوريته؟ على روايتين: فإن استعمل في طهارة مستحبة هذا لم يرفع حدث، الطاهر غير المطهر المستعمل في رفع حدث، هذا استعمل في طهارة مستحبة لم يرتفع الحدث، أو في تبرد مثلاً، غسل تبرد، أو اغتسل فيه من لا يرتفع حدثه كالذمية مثلاً، مثل هذا لا يؤثر فيه؛ لأنه لم يرفع الحدث، فإن استعمل في طهارة مستحبة كالتجديد، أو تغير طعمه أو لونه بطاهر، هناك خالطه طاهر فغلب على أجزائه، وهنا تغير طعمه أو لونه بطاهر، يعني من غير مخالطة؛ لأنه لو صار من جراء مخالطة صار حكمه على ما تقدم طاهر ليس بطهور، وهنا أو تغير طعمه أو لونه بطاهر كالزعفران ونحوه، لكن كيف يتغير طعمه أو لونه بطاهر من غير مخالطة؟ الريح قد تنتقل، ينقلها الهواء بمجاورة ميتة ينتقل، لكن اللون والطعم إن قلنا بمخالطة وممازجة انتهى صار الحكم حكم المسألة الأولى، أو نقول: حكم المسألة الأولى وهو ينتقل من كونه طهور إلى طاهر إذا غلب على أجزائه، وهنا تغير طعمه أو لونه بما لا يغلب على أجزائه كالزعفران ونحوه فهل يسلب؟ تغير لكن ما غلب على لونه ولا طعمه ولا ريحه فهل يسلب طهوريته؟ على روايتين: الأولى أنه كما لو غلب على أجزائه؛ لأنه تغير، ولو كان التغير لا يسلبه اسمه، ولا يغلب على أجزائه، الحكم واحد، يعني صبيت بيالة لبن في إناء، أو لتر لبن، اللتر اللبن يغير، يغلب على أجزائه، ويقلب لونه، البيالة ما(5/17)
تغير، لكنه تغير فيها مما لا يغلب على تسميته ولا على أجزائه، فهل هناك فرق بين الأمرين أو لا فرق؟ رواية تقول: لا فرق، والرواية الأخرى أن هناك فرقاً، والفرق ظاهر، التغير اليسير ما هو مثل التغير الكثير.
وماء نجس، القسم الثالث الماء النجس، وهو ما تغير بمخالطة النجاسة، فأما ما دون القلتين وهما خمسمائة رطل عراقي إذا خالطته النجاسة ولم تغيره فهل ينجس؟ على روايتين:
الرواية الأولى: أنه ينجس، وهي المشهورة في المذهب، وهي قول الشافعي، والرواية الثانية: أنه لا ينجس حتى يتغير، وهو قول الإمام مالك، وسبق الحديث في هذا، ومتى زال التغير بنفسه، ماء وقعت فيه نجاسة وأثرت في لونه، ورجع لونه كلون الماء المعتاد، زال التغير بنفسه، ومتى زال التغير بنفسه والماءُ الكثير، بنفسه والماءِ الكثير، زال التغير بنفسه، أو زال التغير بإضافة الماء الكثير، والماء الكثير قلتين، بقلتي ماء طهور يجري عليه أو ينزح، يعني سواءً أضيف إليه ماء كثير فزال التغير، أو نزح منه فبقي منه، فبقي بعد ذلك، قلنا: طهر، الصواب بقي بعده قلتان طهر، وإن طرح فيه تراب، أو شيء غير الماء فقطع التغير لم يطهر؛ لأنه لا يطهر الماء إلا بالماء، الماء لا يطهره إلا الماء.
هذه الزوائد الموجودة في الهداية لأبي الخطاب على ما في المختصر.
نعود إلى الاشتباه، مسألة الاشتباه عندنا إناء طاهر وإناء نجس الذي قرره المؤلف أنه يريقهما، يريق الإناءين ويتيمم، والرواية الأخرى وذكرناها، لكن إذا اشتبه إناء نجس بإناءين طاهرين الحكم واحد وإلا لا؟ يتحرى حينئذٍ وإلا لا؟ هو اطرد هذا، إناء نجس مع ثلاثة مع أربعة مع عشرة مع مائة طاهرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تطهر مرتين، قلنا: إنه إذا صار إناءين وتطهر مرتين ما ينفعه هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هذا اشتباه الطاهر بالطهور من هذا غرفة ومن هذا غرفة، لكن كيف يتوضأ بماء نجس، نجس يزيده، يعني ما يخفف مما عليه، أولاً: نجس لا يرفع الحدث، الأمر الثاني: أنه يلطخه بنجاسة {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [(5) سورة المدثر] النجس لا بد أن يهجر ويترك {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [(4) سورة المدثر] لا بد أن تطهر ثيابك من هذه النجاسة.(5/18)
لو اشتبه إناء واحد نجس باثنين، لا شك أن الكثرة تورث غلبة ظن، لكن ما زالت في دائرة الاحتمال القوي أن يستعمل النجس، احتمال قوي، لكن لو اشتبه بثلاثة أربعة خمسة عشرة، لو صار وجود هذا النجس يعني مثل عدمه، إناء نجس مع مائة طاهرة، افترض أنه مثلاً اغتسل توضأ بواحد أو باثنين أو بثلاثة من ثلاثة مثلاً، وقال: إن واحد منهن ... ، يعني ما يدريك لعل النجس يكون هو الأخير، فمثل هذا لا يسوغ الاجتهاد فيه، بخلاف اشتباه الأخت بالأجنبية، الميتة بالمذكاة، أخت بأجنبية يتزوج يريد أن يتزوج فوجد اثنتين إحداهما أخته بيقين، والثانية أجنبية بيقين، اثنتين احتمال قوي أن يتزوج أخته، حينئذٍ يُمنع، ميتة بمذكاة واحدة مع واحدة احتمال قوي، لكن لو اشتبهت أخته بأهل بلد، ذهب إلى مصر أو الشام أو للهند، ويعرف أن أباه ذهب إلى هناك قبل سنين وتزوج ورزق ببنت، لكن ما يدري عن أخبارها شيء، يترك بنات البلد الكبير هذا من أجل احتمال أن تكون أخته؟! مثل هذا الاشتباه مغمور، ويغلب على الظن أنه يقع أو يكاد يقطع بأن يقع على غير أخته، واحتمال كونها أخته ضعيف جداً، مع كونه يتحرى ويسأل ويستفصل.
طالب: .... هل يعمل به؟
هذه قرائن وليست أدلة، تكون مرجحة، لا يقطع بها، ولا يعمل بها على أساس أنها أدلة.
انتهى الوقت.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك ....(5/19)
شرح مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (6)
شرح قوله: "باب الآنية: وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس، وكذلك آنية عظام الميتة، ويكره أن يتوضأ بآنية الذهب والفضة فإن فعل أجزأه .... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الإمام -إمام المسجد وفقه الله- البارحة بعد صلاة العشاء حصل فيها أن الجوال بالنغمات الموسيقية صدح أكثر من مرة، ونبه الإمام -حفظه الله ووفقه- على هذه المسألة، ولا شك أن من تصدر منه هذه الأصوات ممن يحمل هذا الجوال لا يخلو من ثلاث حالات:
فإما أن يكون ممن يتدين بتحريم مثل هذه النغمات، ويعترف بأن مثل هذه النغمات موسيقى فهذا عليه أن يتقي الله -جل وعلا-؛ لأنه يرتكب المحرم ويصر عليه، وهناك فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بتحريم النغمات الموسيقية، وطالب الحق يكفيه حديث: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)) يستحلون، والاستحلال لا يكون إلا للمحرم، إذ الحلال لا يستحل، بل هو حلال، هذا إذا كان يعترف بأنها موسيقى، وأن الموسيقى حرام.
الحالة الثانية: أن يعترف بأنها موسيقى، ويرى الحل تبعاً لما يشاع ويذاع في وسائل الإعلام الآن قولاً وفعلاً من الشبهات التي أوردت على الناس.(6/1)
الحديث الذي أوردناه في الصحيح في صحيح البخاري، وجمهور أهل التحقيق على أنه موصول؛ لأن البخاري -رحمه الله تعالى- قال: قال هشام بن عمار، وهشام بن عمار من شيوخه الذين لقيهم، وأخذ عنهم مباشرة دون واسطة، والتهديد التهديد بالخسف لا يدل على أن الأمر يقبل النظر، بل هو محرم قطعاً، هناك أدلة يستدل بها المخالفون كلها الإجابة عنها واضحة وسهلة، وابن القيم -رحمه الله تعالى- أفاض في ذكر أدلة التحريم، وأجاب عن أدلة المخالفين، وعمدة المخالفين ومعولهم على تضعيف جميع الأحاديث، معولهم على تضعيف الأحاديث الواردة؛ لأن البخاري قال في الحديث: قال هشام بن عمار، ولم يقل: حدثنا هشام بن عمار، وأكثر أهل التحقيق على أن هذا موصول وليس بمعلق، منهم من يرى أنه معلق كالحافظ المزي -رحمه الله تعالى- يرى أنه معلق، وعلم عليه في تحفة الأشراف بعلامة التعليق (خ ت) لكنه معلق بصيغة الجزم، وجاء من طرق موصولة عند أبي داود وغيره، فلا مجال للكلام في الحديث، فإذا ثبت هذا الحديث وفي معناه أحاديث كثيرة، في معنى الحديث مما يدل على تحريم المعازف، أحاديث كثيرة، فعلى هذا الشخص الذي ينازع في تحريم الموسيقى والمعازف عليه أن يراجع نفسه، ويتقي الله -جل وعلا-، وألا يتبع الهوى، حجة شخص من الأشخاص قال: ابن حزم إمام ويرى إباحة الغناء، لكن هل ترضى ابن حزم إماماً لك يقودك إلى الصراط المستقيم وعنده من الطوام ما عنده؟ يقول: ما عندنا قرآن واحد عندنا أربعة قرآنات، هل ترضى أن يكون هذا إماماًَ لك؟ هل ترضى أن يكون إمامك من يقول: لو لم يرد إلا قول الله -جل وعلا-: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ} [(23) سورة الإسراء] لجاز ضربهما بل قتلهما؟ هل ترضى أن يكون هذا قدوتك؟ لكنه الهوى، وكفيت شر الهوى، فإذا اتبع الإنسان هواه، واتخذه إلهاً من دون الله فنتيجته العطب -نسأل الله السلامة والعافية-، هذا إذا كان يعتقد إباحة مثل هذه المعازف، من الناس من يقول: المعازف حرام، لكن هذه النغمات ليست من المعازف، ينازع في كونها موسيقى، نقول: يا أخي هذا محمول، ويرافقك في الحضر والسفر، سل نفسك واختبر وجرب، هل هذه النغمات تأثيرها في النفس مثل الجرس الذي يعلق على الدواب أو(6/2)
أشد أو أقل؟ خل الحد الفاصل الجرس الذي نهي عن اتخاذه، وذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن الملائكة لا تصحب رفقة معهم جرس، وجاء في التحذير منه نصوص كثيرة، الجرس الذي هو عبارة كما يقول أهل العلم: عن سطل صغير فيه قطعة حديد يحدث أصواتاً عند تحرك الدابة في المشي، فإذا كان هذا مثل الجرس فهو ممنوع، إذا كان أشد من الجرس في الإطراب صار أشد منعاً، إذا كان دون الجرس نازع لا بأس، فعلينا أن نتقي الله -جل وعلا-، وألا نكون إمعات مع الناس، شاف فلان، أو سمع نغمة فلان، أو البيئة التي عاش فيها، ومع الأسف أن بعض طلاب العلم كانوا يتحرون في مثل هذه الأمور أشد التحري، لكنهم خالطوا أهل الدنيا، فسهلت عليهم هذه الأمور فسمعت من جوالاتهم، وليست العبرة بمن فتن، لا، لا تنظر إلى من هلك كيف هلك؟ انظر إلى من نجا، فهذا للإيضاح والبيان؛ لأن بعض الناس ينازع هل هذه نغمات؟ هل هذه موسيقى؟ هل هذه تدخل في المحرم أو لا تدخل؟ لأنه بإمكانه أن يقول: ما هي بموسيقى، ويش تبي تقول له؟ تبي تقول: إلا موسيقى، ما يوافقك، والناس يتفاوتون في مثل هذا في الحساسية من هذه الأمور، شخص معافى من جميع الآلات يستنكر أدنى شيء، وشخص موغل في استعمال هذه الآلات لا ينظر إلى أي شيء، وكثير من الناس بين بين، يسمع لكنه لا عن قصد فيميز بين هذه الأمور.
المقصود أن الإنسان عليه أن يتقي الله -جل وعلا-، ولا يتبع هواه، وإذا كان هذا مما أفتي بتحريمه، وليس المجال مجال نقاش لمن أباحه أو حرمه، لكن أفتي بتحريمه من لجنة معتمدة في البلد كلفت بالإفتاء من قبل ولي الأمر، فلا مجال للنقاش في مثل هذا، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن ينظر إلى ما ينجيه، ويكون معه في قبره، أترضى أن تكون غداً مع هؤلاء الفساق والمجان؟ أو تود أن تكون مع الأخيار؟ اختر لنفسك.
طالب:. . . . . . . . .
لا بعض الناس الذي سمع ما هو أشد من هذا، الذي سمع ما هو أشد من هذه النغمات لا تؤثر فيه هذه شيء، فيقول: ليست موسيقى، على كل حال على الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن يبحث عما يخلصه من عذابه.
يقول: ما حكم التسمي أو التلقب بآية الله وحجة الله أو ولي الله؟(6/3)
هذه الألقاب حادثة، يعني وجدت بعد القرون المفضلة، بل بعد الستة القرون الأولى، وجدت متأخرة جداً، وأكثر من يتسمى بها من طوائف المبتدعة، نعم من أهل السنة من لقب بولي الله؛ لأن الولاية أمر مدرك، إذا عمل بما أوجب الله عليه، وعمل بما شرع له من واجبات ومستحبات استحق الولاية بهذا، فإذا كان كذلك ولقب من قبل غيره، وتعارف الناس على هذا فهذا اللقب موجود في أهل السنة، لكنه لا يوجد في سلف هذه الأمة وأئمتها من المتقدمين أبداً، بل حتى أقل الألقاب لا يوجد عند السلف، ما في أحد يقول: شيخ الإسلام أحمد بن حنبل أبداً، ولا الشيخ أحمد بن حنبل، يعني بعد الفتنة وثباته فيها صار يلقب الإمام، أو باعتباره إمام متبوع، اللقب مطابق، وعلى كل حال على الإنسان أن يقول بالعدل والحق والإنصاف، والإشكال أن هذه الألقاب تتبع الأهواء، حتى موجود من بيننا ومن طلابنا ومن إخواننا ومن زملائنا إذا أعجب بشخص رفعه رفعاً لا يستحق، ووصفه ولقبه بألقاب لا تنطبق عليه، وإذا رأى من شخص ما لا يناسبه، أو أفتى بفتوى تخالف ما يراه استكثر عليه أدنى لقب، وهذا موجود، ومسألة الإسقاط، ومسألة الرفع، رفع القدوات، وإسقاط غيرهم هذا أمر متداول مع الأسف، وبعضه لا يسلم من هوى.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ليست بغيبة، هي ليست بغيبة، لكنها يخشى منها الفتنة، أكثر من كونها غيبة، وأعظم وأشد.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال أبو القاسم -رحمه الله تعالى-:
باب الآنية
"وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس، وكذلك آنية عظام الميتة، ويكره أن يتوضأ بآنية الذهب والفضة فإن فعل أجزأه"
بآنية أو في آنية؟
طالب: بآنية عندك في يا شيخ؟
إيه.
طالب: لا عندنا بالباء.
الشرح، الشرح معكم.
طالب: معي الشرح يا شيخ؟
لأنه يختلف، يختلف الحكم باختلاف الحروف، فرق بين أن يتوضأ فيها، وأن يتوضأ بها، وأن يتوضأ منها، وأن يتوضأ إليها.
طالب: في الشرح في.
أيوه هذا اللي عندنا، نعم.
ويكره أن يتوضأ بآنية الذهب والفضة، فإن فعل أجزأه، وصوف الميتة وشعرها طاهر.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:(6/4)
باب الآنية
الباب سبق الكلام فيه في الذي قبله، وأنه في الأصل موضوع لما يدخل منه ويخرج معه، يعني في المحسوسات، هذا الأصل في الباب، ومنهم من يقصر الحقيقة على المحسوس، ويجعل استعماله في غيره من المجاز، ومن يقول بالمجاز ما عنده إشكال في مثل هذا، لكن الذي لا يرى المجاز، ولا شك أن استعمال الباب عند أهل العلم اصطلاح وعرف خاص، فهي حقيقة عرفية، لا نحتاج إلى أن نقول: مجاز، وعندنا الحقائق ثلاث: لغوية وشرعة وعرفية، هذا حقيقة عرفية، تعارف أهل العلم عليها، وتتابعوا عليها، وجعلوها لما يضم فصول ومسائل علمية.
الآنية، باب كما يقولون: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا باب، وبعضهم يرى جواز النصب مقدراً اقرأ باب الآنية، وباب مضاف، والآنية مضاف إليه، والآنية: جمع إناء، وجمع الجمع أواني، والأواني جمع الآنية التي هي جمع إناء، حقيقتها اللغوية والشرعية والعرفية متفقة، الآنية هي الأوعية، جمع إناء، والأوعية جمع وعاء، تتفق فيها الحقائق الثلاث.
يقول -رحمه الله تعالى-: "وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس" جلد الميتة إدخاله في باب الآنية أولاً استعمالاته أكثر من كونه إناء، فيستعمل إناء، ويستعمل فراش، ويستعمل ملبوس، له استعمالات كثيرة، لكن الحاجة إلى كونه إناء عند من تقدم أكثر من حاجة كونه فراش أو لباس "كل جلد ميتة" كل من صيغ العموم، "كل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس" يدخل في هذا العموم "كل جلد ميتة" المراد بالميتة ما مات حتف أنفه من غير تذكية، أو كان مما لا تنفعه أو تفيد فيه التذكية، أو كان المذكي لا تنفع تذكيته، فإذا مات مأكول اللحم خرجت روحه، وفارقت جسده حتف أنفه صار ميتة، إذا ذبح الكلب ذكي الكلب، أو ما لا يؤكل صار ميتة، إذا ذكى المجوسي أو الوثني غير المسلم وغير الكتابي ذكى بهيمة الأنعام فهي ميتة.(6/5)
"كل جلد ميتة الجلد" الجلد هو الذي يستر اللحم وما يحويه "كل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس" الجلد والمسك بمعنى واحد، هذه الميتة تشمل ما يؤكل لحمه، وما كان طاهراً في الحياة مما لا يؤكل لحمه، وما كان نجساً مما يؤكل أو لا يؤكل "كل جلد ميتة" يشمل ما مات مما يؤكل، ويشمل أيضاً ما مات مما لا يؤكل وإن كان طاهراً في الحياة، ويشمل ما مات مما لا يؤكل وكان نجساً في الحياة؛ لأنها ميتة.
"دبغ أو لم يدبغ" الجواب فهو نجس عنده، يدخل في عموم الميتة يدخل فيها أشياء، يدخل في عموم كلامه أمور لا يوافق عليها، ميتة امرأة مسلمة ماتت، جلدها طاهر وإلا نجس؟
طالب:. . . . . . . . .
"كل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس" يدخل في هذا العموم أو لا يدخل؟ يدخل، لكن يوافق أو لا يوافق؟ لا يوافق، ما تباح ميتته كحيوان البحر الذي لا يعيش إلا فيه، الذي قال فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((الحل ميتته)) جلودها طاهرة وإلا نجسة؟ طاهرة، إذاً كلامه يحتاج إلى تقييد، قد يقول قائل: إن الآدمي لا يُستدرك به، لماذا؟ لأنه لا جلد له، بعض أهل العلم ينازع في كون الآدمي له جلد، لكن التنصيص على أن لهم جلود {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} [(56) سورة النساء] يدل على أن له جلد، هم الجلد عندهم اصطلاحاً: ما يمكن سلخه، جلد الآدمي يمكن سلخه وإلا ما يمكن؟ يمكن سلخه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
كونهم يقطعون جزء من اللحم هم يسمونه ... ، وإن سموه.
طالب:. . . . . . . . .
هم يقولون -حتى الفقهاء ينصون على هذا-: إن الآدمي والخنزير لا جلد له؛ لأنه لا يمكن فصله عن اللحم، هو من هذه الحيثية وإلا فالنص القرآني يرد عليهم {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ} [(56) سورة النساء] فدل على أن الآدمي له جلد سواءً أمكن انفصاله أو فصله عن اللحم أو لم يمكن، فله جلد على كل حال ثابت بالنص.
"كل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ" الدبغ استعمال بعض الأشياء المنشفة لرطوباته المطهرة له كالقرض والأرطأ وغيرهما.(6/6)
"دبغ أو لم يدبغ" يعني لا فرق فهو نجس سواءً كان مدبوغاً أو غير مدبوغ، وهذه المسألة مسالة خلافية بين أهل العلم، فمنهم من يرى عكس ما قاله المؤلف، كل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو طاهر، وهذا ينسب للزهري، ومنهم من يمنع بإطلاق كما قال المؤلف، وهو المشهور عند الحنابلة، ومنهم من يفرق بين مأكول اللحم فيفيد فيه الدبغ، وبين غيره فلا يفيد فيه الدبغ، ومنهم من يرى أن كل جلد ميتة دبغ فإنه يطهر، وما لم يدبغ فإنه نجس، ومنهم من يفرق بين جلود السباع وبين غيرها، ومنهم من يعمم ولا يستثني إلا الكلب والخنزير، ومنهم من لا يستثني إلا الخنزير، الذي قرره المؤلف: "وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس" عمدته حديث عبد الله بن عكيم أنه قال: جاءنا كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل موته بشهر أو شهرين ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب، لا تنتفعوا من الميتة بشيء، إهاب يعني جلد ولا عصب، هذه عمدة هذا القول، وأيضاً الجلد جزء من الميتة نجاسته عينية لا يمكن تطهيره كلحمها، والله -جل وعلا- يقول: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [(3) سورة المائدة] وجلدها منها، هذه أدلة من يرى هذا الرأي، والذي يقول بطهارة الجلود كلها سواءً دبغت أو لم تدبغ وهو القول المنسوب إلى الإمام محمد بن شهاب الزهري لعله لم يبلغهم مثل هذه الأخبار، لا سيما وأن حلها معلق بالدبغ، وفي الأحاديث الصحيحة ما يدل على التفريق بين المدبوغ وغيره ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) وفي حديث الشاة التي أهديت لمولاة ميمونة فماتت ورموها قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((هلا انتفعتم بإهابها؟ )) قالوا: إنها ميتة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما حرم أكلها)) وفي رواية: ((يطهرها الماء والقرض)) هذا النص ورد في شاة يستدل به من يقول: إن جلد مأكول اللحم يطهر، وأما ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) فيستدل به من يرى طهارة جميع الجلود إذا دبغت، سواءً كانت مأكولة أو غير مأكولة، ولا يستثنى من ذلك شيء، والنهي عن جلود السباع واستعمالها واتخاذها ثابت، فبعضهم يستثنيها من العموم الوارد في مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) لأنه ورد النهي عن اتخاذها واستعمالها(6/7)
فهي مستثناة، والذي يقول بالعموم ويأخذ بعموم ((أيما إهاب)) يقول: كونه يطهر لا يعني أنه يجوز استعماله، فالذهب والحرير طاهران، لكن لا يجوز استعمالهما بالنسبة للذكور، فالإهاب يطهر لكن لا يجوز استعماله، من يرى أن الدبغ لا ينفع إلا ما كان طاهراً في الحياة يستدل بمثل حديث: ((دباغ الأديم ذكاته)) فشبه الدباغ بالذكاة، والذكاة لا تفيد إلا في المأكول، إذاً الدباغ لا يفيد إلا في المأكول، هذه مجمل الأدلة التي استدلوا بها، وهذه الأقوال إجمالاً، والذي يظهر -والله أعلم- رجحان القول بالتعميم، وأنه أيما إهاب دبغ فقد طهر، أما حديث عبد الله بن عكيم فهو مضعف عند أهل العلم، وفيه اضطراب كبير، وفيه جهالة لمن نقل الكتاب، وهل هو عن أشياخ من جهينة، أو بدون واسطة سمع الكتاب بدون واسطة، أو عن بواسطة أشياخ من جهينة.
قد يقول قائل: إن هذا غير مؤثر سواءً كان سمعه بغير واسطة، أو بواسطة هؤلاء الأشياخ وإن لم يسموا، الجهالة في مثل هذه الحالة تضر وإلا ما تضر؟ هم ليسوا صحابة، تضر جهالتهم أو لا تضر؟ نعم، قالوا في مثل هذا الأكثر على أن جهالة مثل هؤلاء تضر، لكن يبقى أن من أهل العلم من يقول: إنهم ماداموا في الصدر الأول أقل ما يقال فيهم: إنهم من كبار التابعين، وهؤلاء هم الذين أشار إليهم ابن الصلاح بقوله: ونفر قد تقادم العهد بهم، فهؤلاء يتسامح في جهالتهم، الأمر الثاني: أنهم جمع، أشياخ، جمع، يعني جهالة كل واحد منهم على حدة يجبرها رواية الثاني وإن كان مجهولاً، فقال بعضهم: إن مثل هذا لا يؤثر.
على كل حال الحديث متكلم فيه، والكلام فيه قوي وتضعيفه له وجه، ولو قدر ثبوته فالإهاب كما قال النضر بن شميل: هو الجلد ما لم يدبغ، هو الجلد قبل الدبغ، وإذا كان الجلد قبل الدبغ فإنه لا يجوز الانتفاع به كالعصب، هذا على سبيل التنزل على سبيل افتراض أنه ثابت، ومن يضعفه لا يحتاج إلى مثل هذا الكلام.
ذكاة الأديم أو دباغ الأديم ذكاته قولهم أن هذا الحديث يدل على أن الدباغ لا ينفع إلا ما تنفع فيه الذكاة، كلام وجيه وإلا ما هو بوجيه؟ الآن عندنا تشبيه الدباغ بالذكاة، الذكاة تنفع، والدباغ ينفع وإلا ما ينفع؟ إذاًَ الدباغ ينفع.(6/8)
قولهم: إن الدباغ لا ينفع إلا ما تنفع فيه الذكاة لا يلزم، بدليل أن الجلد لا يذكى، فذكاته دباغه، يعني إذا كانت الذكاة تؤثر فالدباغ يؤثر، بغض النظر عن المذكى، فهذا الجلد الذي دبغ كأنه مذكى، ترى دقيق يا إخوان فهمه يحتاج إلى إمعان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ذكاته دباغه، دباغه ذكاته يعني ينفع فيه يفيد فيه، إذا كانت الذكاة تفيد فيما تنفع فيه فالدباغ يفيد أيضاً فيما دبغ، فلا يعارض حديث: ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) والذي يترجح عندي أن الدباغ ينفع في كل جلد، ويبقى أن ما نهي عنه ما نهي عن استعماله كجلود السباع يبقى النهي ثابت، والطهارة لا تعارض الاستعمال، ليس كل طاهر يجوز استعماله.
يقول: "وكذلك آنية عظام الميتة" كذلك آنية عظام الميتة يعني نجسة، آنية عظام الميتة نجسة، لماذا؟ لأنها مما يشمله مسمى الميتة، والميتة نجسة بالإجماع، نجاسة الميتة مجمع عليها، يعني بجميع ما يحويه الجلد، حتى الجلد نجس، لكنه يطهر بالدباغ، إذاً العظم وما يحويه البطن نجس، ما كان خارج الإهاب، خارج الجلد كالشعر والظلف والقرن هذه محل خلاف بين أهل العلم، هل تتأثر بالموت أو لا تتأثر؟ تتأثر وإلا ما تتأثر؟ إذا وجد شاة ميتة مكثت أشهر، هل شعرها يطول وإلا يبقى كما هو؟ يبقى كما هو، إذاً تأثر بالموت، تأثر بالموت وإلا ما تأثر؟ تأثر، هل حكمه حكم الميتة، أو حكمه حكم المنفصل؟ بدليل أنه يجوز جزه حال حياتها ولا يتأثر بذلك؛ لأنه لو كان حكمه حكمها لتأثر، ولصار كجزء من أجزائها، فما أبين من حي فهو كميتته، والشعر إذا أبين من الحي يأخذ حكم الميتة أو لا يأخذ؟ لا يأخذ حكم الميتة، يجز ويستعمل، وأما القرن فهو محل خلاف بين أهل العلم، هل هو مثل الشعر في حكم المنفصل، وكذلك الظفر أو لا؟ قاعدة من قواعد الإمام الحافظ ابن رجب -رحمه الله-، الشعر والظفر هل هما في حكم المتصل أو في حكم المنفصل؟ وأورد على ذلك مسائل توضح هذه القاعدة، والمرجح أنهما في حكم المنفصل.
طالب: والريش عفا الله عنك؟(6/9)
مثله، الريش مثل الشعر، الريش والشعر والوبر والصوف كلها حكمها واحد، بدليل أن الريش ينتف من الطائر ولا يضر، هذا أمر متفق عليه، لكن يبقى أن ما باشر النجاسة يعني أصول الشعر وأصول الريش تنجس بالميتة، فلا بد من غسله، أو يجز جز بحيث لا يصل إلى آخره، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أبين من حي فهو كميتته، استثنوا من ذلك الطريدة والمسك في فأرته، استثنوها من هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إيش هو؟
طالب: الدواء؟
دواء إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
((تداووا ولا تدووا بحرام)) النجس حرام، لكن من أهل العلم من يفرق بين النجس الذي لا يضر، والنجس الذي يضر، وأن استعماله استعمال حاجة أو ضرورة بحيث لا يقوم مقامه غيره يتسامحون فيه، على كل حال الأصل ألا يتداوى بحرام.
"وكذلك آنية عظام الميتة" وهذا قول الجمهور، نجاسة عظام الميتة قول الجمهور، وأنها تحلها الحياة كسائر أجزاء الميتة {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [(78) سورة يس] دل على أنها ... ، الذي يقبل الحياة يقبل الموت، وأما بالنسبة للشعر وهو يتأثر بالحياة، وينمو بالحياة، وينحسر نموه بعد الموت إلا أن نموه كنمو النبات، وليس من قبيل نمو الحيوان، بدليل أن الحيوان لا يتألم إذا جز، فدل على أنه غير مرتبط بحياة الحيوان من حيث الألم؛ لأن الإحساس يدل على أن هذا الجزء حي، الشعر لا يتأثر الحيوان بجزه، إذاً هو حي باعتبار أنه نامٍ من جهة، ولا يشبه حياته حياة الحيوان، وإنما أقرب ما يكون إلى حياة النبات، ويمكن أن يستعمل في مثل هذا قياس الشبه، الشعر الحي ينمو، والحيوان الحي ينمو، والنبات الحي ينمو، فهل حياة الشعر مثل حياة النبات، أو مثل حياة الحيوان؟ أقرب ما يكون إلى حياة النبات، فيلحق بأقرب الأصلين شبهاً.(6/10)
عظام الميتة الجمهور على أنها نجسة، وأن نجاستها عينية؛ لأنها جزء من الميتة، وأبو حنيفة يرى أن العظام لا تأخذ حكم الميتة، وأنها طاهرة، وعلى هذا ميل شيخ الإسلام ابن تيمية، ومما يستدلون به أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أن يشترى لفاطمة قلادة من عاج، والعاج من أنياب الفيل، والفيل محرم الأكل؛ لأنه ذو ناب، ولا يفيد فيه ذكاة، إذاً حكمه حكم الميتة، فدل على أن العظم لا يأخذ حكم اللحم، وقول الجمهور في هذا ظاهر.
كيف نجيب عن هذا الحديث، يعني مخرج في السنن؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، العاج من أنيابه، نعم، السن والظفر، الشعر والظفر ....
طالب:. . . . . . . . .
إذا قلنا بأن الشعر والظفر في حكم المنفصل فما يطبق عليه فمه هل نقول: إنه في حكم المنفصل أو حكم العظام الداخلة؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
باستمرار، يعني هل يخص ناب الفيل، أو يقاس عليه غيره، أو نقول: إن الحديث فيه ما فيه، أما كون العظم يعني داخل في البهيمة، وجزء من أجزائها، وينمو بنموها، وتتألم إذا تأثر هذا العظم، يعني يصدر منه ألم، بل ألم شديد ما هو مثل الظفر، أو مثل الشعر، يعني إذا سوس السن كيف يكون الألم؟ الألم شديد، وإذا انكسر العضو تألم ألماً شديداً، هل نقول: إن هذا من اللحم، هذا الألم من اللحم المجاور لهذا العظم، أو من العظم نفسه؟ هو من العظم، ولا شك في دخوله في مسمى الميتة، لكن الحديث ماذا نقول عنه؟ في أحد بحثه؟ مخرج عندك؟
طالب:. . . . . . . . .
لا في الشرح، ما أحد معه الزركشي؟
طالب:. . . . . . . . .
ضعيف؟ إذا ضعف خلاص لا تتكلف اعتباره، أنا أعرف أن فيه كلام، لكن ما دام، ويش علته؟ علته؟ علته؟
طالب:. . . . . . . . .
خلاص انتهينا من الحديث، إذاً المرجح في عظام الميتة أنها نجسة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إما أن يخص أو ينظر في القول الثاني، فالمرجح في هذه المسألة قول الجمهور، وأن عظام الميتة نجسة، الأنفحة واللبن ....
طالب: ما علق عليه يا شيخ.
ما علق عليه؟ ما خرجه؟(6/11)
طالب: لا أبد، بس لما قال أبو داود بإسناده قال: في باب ما جاء في مثل. . . . . . . . . في كتاب الترجل، ورواه أيضاً الإمام أحمد في المسند بس.
ما يكفي هذا، اللبن والأنفحة.
طالب: فائدة قال في معالم السنن: وأما العاج الذي تعرفه العامة فهو عظم أنياب الفيلة، وهو ميتة لا يجوز استعماله.
لبن الميتة، والبيضة في جوف الدجاجة، والأنفحة هذه ينازع فيها الذي يقول بطهارة العظام يقول بطهارة اللبن، اللبن طاهر، لكن إذا كان طاهر ووعاؤه نجس، الثدي، نعم ينجس، يتنجس، لكن هذا يجري على قول من يقول: إذا كانت النجاسة مؤثرة في القليل ولو لم يتغير، مؤثرة مطلقاً، فهو نجس عنده؛ لأنه تنجس خلاص انتهى، والذي يقول: إنه لا يتأثر إلا إذا تغيرت أحد أوصافه، وهل يقول الذي يقول بطهارة الماء الذي لم يتغير ولو وقعت فيه نجاسة يقول بطهارة اللبن ولو لم يتغير، الحكم واحد؟ نعم كأنهم يطردون هذا، المقصود أن مثل شيخ الإسلام الذي لا يرى التنجس إلا بالتغير يقول: إذا حلب اللبن من الميتة واستخرج ولم تتغير أوصافه فهو طاهر.
الأنفحة هذه العصارة التي تؤخذ من معدة الجدي الصغير، وهذه يستعملونها في صناعة الجبن، والصحابة -رضوان الله عليهم- لما فتحوا الأمصار أكلوا من الجبن، وهي تصنع بواسطة هذه العصارة، فاستدل بعضهم على أن هذه الأنفحة طاهرة، والأمصار لا سيما بلاد فارس فيها مجوس، لكن أجاب عن هذا بعض أهل العلم أنه لا يمنع أن يكون فيها من أهل الكتاب من تحل ذبيحته، وشيخ الإسلام يقول في مثل هذا كله بالطهارة، ولا شك أن الأحوط والأبرأ للذمة ألا يستعمل شيء من هذا، وأما ما وقع من الصحابة -رضوان الله عليهم- فلعلهم تحروا في هذا، وعرفوا أن من يذبح هذه الأنعام ممن تحل ذبيحته.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو أقرب إلى الشعر الظفر بأصله، يتألم بأصله لا بطرفه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هم يقصون طرفه، ما يتأثر منه شيء.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو بالأذن هذا القرن.
طالب: حتى الأذن إذا طال؟(6/12)
لا، لا الأذن ما فيها إشكال، الأذن جزء منها ما فيه إشكال، لكن الكلام في القرن، ما أدري عاد اللي يظهر لي أنه لا يتألم، أما أصله بلا شك مؤلم، أصله مؤلم كأصل الشعر، وأصل الظفر كلها مؤلمة.
طالب: اللي يدرسون الفنون الطبية يقولون: إن الأصل العظم مرتبط بالأصل فيقولون: إن التألم يأتي من العصب لا من أصل العظم.
على كل حال كلما قرب من جسم النامي الحي مؤلم بلا شك، حتى الظفر، حتى الشعر مؤلم، أصوله مؤلمة.
قال -رحمه الله-: "ويكره أن يتوضأ بآنية الذهب والفضة، وإن فعل أجزأه، وصوف الميتة وشعرها طاهر" لكن لو جاء بهذه الجملة الأخيرة بعد العظام، لو قال: وكذلك آنية عظام الميتة قال: وصوف الميتة وشعرها طاهر، هذا مكانها، دون أن يفصل بالوضوء.
"يكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة" أولاً: الكراهة هذه تتبع القول باتخاذ آنية الذهب استعمالها في غير الأكل والشرب، أما الأكل والشرب ففيه النصوص الصحيحة الصريحة.
طالب:. . . . . . . . .
من يقول بطهارته يجيز بيعه، منهم من يقول: إنه يطهر ظاهراً لا باطناً، ويستعمل في اليابسات دون المائعات، المسألة كثيرة الفروع، وإذا قلنا: إنه يستعمل في اليابسات دون المائعات، هل يصلح شنط وحقائب وأحذية أو لا يصلح؟ المسألة فروعها كثيرة.(6/13)
أقول: جاء في الحديث الصحيح من حديث حذيفة وغيره أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن الشرب والأكل أيضاً في آنية الذهب والفضة، وقال: ((فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخر)) يعني الكفار، وجاء في الحديث الصحيح أيضاً: ((الذي يشرب في آنية الذهب كأنما يجرجر في بطنه ناراً)) أو ((نار جهنم)) -نسأل الله السلامة والعافية-، فالنص في الأكل والشرب لا إشكال فيه، ولذا عامة أهل العلم على تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة، نازع في هذا بعض أهل الظاهر، لكن لا عبرة بقولهم مع صحة الأحاديث وصراحتها، جمهور أهل العلم يلحقون بالأكل والشرب سائر الاستعمالات والاتخاذ ولو لم يستعمل، قالوا: إذا نهي عن الأكل والشرب فالنهي عن سائر الاستعمالات التي هي أقل حاجة من الأكل والشرب من باب أولى، وإذا نهي عنه مع الاستعمال فلئن ينهى عنها مع عدمه عن اتخاذها مع عدم الاستعمال من باب أولى؛ لأن الحاجة داعية للاستعمال، ولا تدعو حاجة إلى مجرد الاتخاذ، فالجمهور على منع الأكل والشرب، وهذا فيه النص، وإلحاق سائر الاستعمالات، وقياس الأولى بالنسبة لمجرد الاتخاذ.
فعلى قول الجمهور الوضوء في آنية الذهب والفضة يقول المؤلف: يكره، والكراهة عند المتقدمين أكثر استعمالها في الحرام، وجاء القرآن بذلك {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء] مع أن من ذلك الذي تقدم والإشارة إليه أمور هي من عظائم الأمور، فالتعبير عنها بالكراهة دل على أن الكراهة تستعمل في غير معناها الاصطلاحي الذي تعارف عليه المتأخرون من الفقهاء، فإذا قال المؤلف: يكره، يعني يحرم، وقال الإمام أحمد: أكره المتعة، وهو يحرمها تحريماً شديداً، المقصود أنهم يستعملون الكراهية في المحرم، والأئمة كلهم على هذا.(6/14)
"يكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة" يعني على قول من يبيح الشرب يعني من باب أولى الشرب الذي ورد فيه النص، وقلنا: إن بعض أهل الظاهر يبيحون ذلك، من باب أولى أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة، الذي يحرم الأكل والشرب ويبيح سائر الاستعمالات يبيح الوضوء، فقوله: يكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة، يكره، عرفنا أن الكراهة المراد بها كراهة التحريم، وقد تطلق ويراد بها كراهة التنزيه، وهو الأكثر في اصطلاح المتأخرين، والتفاوت واضح وظاهر بين اصطلاحات المتقدمين واصطلاحات المتأخرين، وعلى كل حال إذا كان لا يعارض الاصطلاح لا يعارض نصاً شرعياً فلا مشاحة في الاصطلاح، إذا كان هذا الاصطلاح لا يعارض نصاً شرعياً، أو يخالف ما تقرر في أي علم من العلوم فإنه حينئذٍ لا مشاحة في الاصطلاح، لا سيما إذا بُين، وضربنا أمثلة في دروس مضت، وقلنا: إن للإنسان أن يسمي والد الزوجة ما شاء، يسميه عم وإلا خال الأمر لا يختلف، يوجد من يسميه عم، ويوجد من يسميه خال؛ لأنه لا يترتب عليه حكم شرعي، لكن لو قال شخص: إن أخا أبيه خاله، وأخا أمه عمه، يقول: هذا اصطلاح، أنا با ألف بالفرائض وأسميه خال، وأورثه تعصيب، لكن أسميه خال، وبا أسمي أخو الأم عم، ولا أورثه بعد مع وجود العصبة وأصحاب الفروض، على خلاف في توريثه؛ لأنه من ذوي الأرحام، يوافق وإلا ما يوافق؟ نقول: لا مشاحة في الاصطلاح أو في مشاحة؟ لا بد أن يشاحح؛ لأن هذا يخالف ما تقرر، ويهدم أصول في علم من العلوم، لو قال: أنا أرسم الخريطة وأضع الجنوب فوق، والشمال تحت، يشاحح وإلا ما يشحح؟
طالب:. . . . . . . . .
على الورقة، على الورقة يضع الجنوب فوق، والشمال تحت، ما يغير شيء بس يقلب الخريطة، ما يشحح في مثل هذا، ابن حوقل في صورة الأرض فعل هذا، لكن عامتهم يجعلون الشمال فوق، هذا لا مشاحة في الاصطلاح؛ لأنه ما يغير من الواقع شيء، لكن لو قال: الشام جنوب، واليمن شمال يشاحح وإلا ما يشاحح؟ يشاحح؛ لأن هذا يترتب عليه أمور.
المقصود أن الاصطلاح إذا لم يخالف ما تقرر في علم من العلوم، أو يكون في مخالفة نص شرعي هنا يشاحح فيه، وما عدا ذلك القاعدة مطردة: لا مشاحة في الاصطلاح.(6/15)
نأتي إلى حديث ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) وجماهير أهل العلم على أنه سنة وليس بواجب، هل نقول: إن هذا عناد للنص، أو نقول: إنهم اختلفوا في فهم معنى الواجب؟ يعني إذا قلنا: إن الواجب هو ما يأثم بتركه صارت معاندة، وإذا كان معنى الواجب عندهم يحتمل هذا وذاك، قلنا: ما في معاندة، لو قال إنسان: إن أي محرم من المحرمات التي وردت في آيات الإسراء التي منها الزنا مثلاً {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء] قال لك: والله يا أخي الزنا مكروه، ومعه النص، يشاحح وإلا ما يشاحح؟ نقول له: ما معنى الكراهة عندك؟ وما معناها في الآية؟ إن قال: الكراهة عندي ما استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين، وأنه لا يعاقب فاعلها، نقول: لا يا أخي تشاحح، لكن إذا قال: الكراهة تعني التحريم، قلنا: هذا اصطلاح ويؤيده النص ولا مشاحة في الاصطلاح.(6/16)
نأتي إلى قوله: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) إذا قال: لا، غسل الجمعة ليس بواجب، بل هو سنة، هل نقول: معاند وإلا غير معاند؟ نقول: ما معنى الواجب عندك؟ وما معنى المندوب؟ وما معنى الواجب في هذا الحديث؟ إذا قال: الواجب معناه مما يؤيده لغة العرب أنه المتحتم المتأكد، كما تقول: حقك واجب علي، وهذا تتسع له لغة العرب، قلنا: إن هذه ليست معاندة، فيكون معنى واجب متأكد، فهو من آكد السنن، ومعنى الواجب في الاصطلاح أنه يأثم بتركه؟ لا يأثم بتركه؛ لأن هذا مما اختلف فيه النص مع الاصطلاح، المسألة تحتاج إلى شيء من البسط لأنها ... ، وطالب العلم لا بد أن يكون على خبرة بهذه الأمور معرفة دقيقة، ذكرنا في درس سابق أنه لو قال شخص: أنا والله عمري كله الآن نصف لحيتي أبيض ما عمري شفت جمل أصفر، والله -جل وعلا- يقول: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] إذا كان يريد بالأصفر هذا فما في جمل بهذا اللون، في جمل بهذا اللون؟ ما في جمل بهذا اللون، فنقول: صحيح ما رأيت جمل أصفر، لكن إثبات الوصف قطعي بالقرآن، أما كونك ما رأيت الجمل الذي تراه بهذا اللون نقول: كلامك صحيح، وحينئذٍ لا يكون معاند، ويبقى أنه كلما قرب الاصطلاح من الاستعمال الشرعي كان أولى وأحرى، لكن إذا تتابع الناس وتعارفوا على اصطلاحات إذاً لا بد أن ننسف جميع ما اصطلح عليه أهل العلم، أو كثير مما اصطلح عليه أهل العلم.
يقول: "يكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة، فإن فعل أجزأه" وفي كتاب الزكاة يقول المؤلف: "والمتخذ آنية الذهب والفضة عاصٍ وفيها الزكاة" هل متخذ المكروه كراهية اصطلاحية عاصٍ؟ لا، ليس بعاصٍ، فدل قوله: "عاصٍ" على أن الكراهة كراهية تحريم، فيربط بين كلامي المؤلف ويعرف مراده.
"أن يتوضأ" الوضوء معروف، وسيأتي -إن شاء الله- تفصيله "في آنية الذهب" في، يتوضأ في، معناه أنه ينغمس في آنية الذهب والفضة، ثم يخرج بعد ذلك مرتباً فروض الوضوء؛ لأنه قال: "في" هل الكراهية هنا لمجرد الانغماس كما جاء النهي عن الاغتسال في الماء الدائم، أو لكونه في آنية الذهب والفضة، أو للأمرين معاً؟ لأنه الآن توضأ ما اغتسل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(6/17)
في آنية الذهب والفضة.
طالب: في بمعنى من يا شيخ.
نعم؟
طالب: أقول: في بمعنى من.
لا، هم يقولون يفرقون بين فيها ومنها وإليها وعلي، نعم.
طالب: وين آنية الذهب يا شيخ التي تتسع لشخص ينغمس فيها؟
افترض، هم بنو قصور من ذهب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه مغطس لكن من ذهب.
على هذا إذا عاملنا المؤلف بكلامه، ومشينا على ما مشى عليه، وأن (في) للظرفية، وأن كلامه منصب على من يغمس في آنية الذهب والفضة، ماذا عن الذي يتوضأ منها؟ يغترف منها، إناء يسع مد أو مدين أو صاع يغترف منه للوضوء، يدخل في هذا أو لا يدخل؟
طالب: يدخل؛ لأن العلة الذهب والفضة.
إي نعم، والمقصود الاستعمال سواء توضأ فيها أو منها أو إليها أو عليها، المقصود الاستعمال، وقلنا: إن الكراهية هنا كراهية تحريم.
"في آنية الذهب والفضة، فإن فعل أجزأه" عصى وارتكب المحرم في استعمال الذهب والفضة في الوضوء، لكن هل الوضوء صحيح أو ليس بصحيح؟ النهي يعود إلى ذات المنهي عنه الذي هو الوضوء، أو يعود إلى شرطه، أو يعود إلى أمر خارج؟ إلى أمر خارج، على قوله نعم يعود إلى أمر خارج على قوله هو "فإن فعل أجزأه" يعود على أمر خارج كما لو صلى وفي يده خاتم ذهب، أو على رأسه عمامة حرير، أو حذاء من فضة، يعصي، لكن عمله وعبادته صحيحة؛ لأن النهي عاد إلى أمر خارج، هم عند هذه المسألة يذكرون الصلاة في الدار المغصوبة، هذا توضأ في الماء أو في الإناء المحرم، في آنية الذهب والفضة، وذاك توضأ في الدار المغصوبة، هل الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة أو غير صحيحة؟ المعتمد في المذهب إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
غير صحيحة، ويش الفرق بين هذه المسألة ومسألة الصلاة في الدار المغصوبة؟
هم يقولون: استعماله للماء بعد إخراجه من الإناء، استعماله إذا اغترف من الإناء استعماله في الوضوء ما استعمل الذهب والفضة في العبادة مباشرة، فهو استعمل الماء بعد إخراجه من الإناء، بينما صلاته في الدار المغصوبة حركاته التي هي القيام والركوع السجود كلها وجدت في المغصوب، في فرق وإلا ما في فرق؟ في فرق، الأكل يأكل والطعام في الإناء وإلا يخرجه؟
طالب:. . . . . . . . .(6/18)
إيه إذاً يُستعمل، أيهما أقرب؟ يعني حينما يأكل في آنية الذهب والفضة هل معناه أنه يدخل رأسه في الإناء ويأكل وإلا يخرج ويستعمل الأكل خارج الإناء؟
طالب:. . . . . . . . .
يستعمله خارج الإناء، إلا إذا كانت الملعقة ذهب هذا شيء آخر، لكن يأكل من الإناء بيده، نعم، ويجوز له أن يأكل؟ لا يأكل، ولا يجوز له أن يتوضأ وإن كان خارج الإناء، ومسألة الصحة هل تختلف بالنسبة للأكل والوضوء؟ الأكل ما يترتب عليه صحة إلا إذا قلنا: بأنه يخرجه كما فعل أبو بكر، وإلا فهو طعام مباح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا إلا هم كلهم مشوا الشراح على أنه يتخذه إناء يغترف منه.
طالب:. . . . . . . . .(6/19)
إذا قلنا: إن (في) للظرفية، ومراد المؤلف الانغماس، لكن هل يفهم من كلام المؤلف أنه يمنع الانغماس ويبيح الاغتراف؟ لا، لا يبيح الاغتراف، التنظير تنظير هذه المسالة في مسألة الصلاة في الدار المغصوبة هم يقولون: الفرق بينهما أن هذا أخرجه من الإناء فاستعمله، والصلاة في الدار المغصوبة الحركات كلها وقعت في الدار المغصوبة، المنهي عن استعمالها بغير إذن صاحبها، فالتفريق من هذه الحيثية، أيضاً الاستعمال في الوضوء للماء المطلوب للماء وليس للإناء، والدار المغصوبة الاستعمال لعين المحرم، فنظير الصلاة في الدار المغصوبة الوضوء بماء مغصوب، ما قررنا مراراً أن الوسائل كلما قربت إلى الغاية أخذت حكمها وكلما بعدت خف حكمها؟ فالآنية الغاية الصلاة، وسيلتها القريبة جداً الوضوء، وسيلته القريبة جداً الماء، وسيلته الإناء؛ لأنه لا يثبت ماء بدون إناء، فكم مرحلة وصلنا حتى وصلنا إلى الغاية، تجاوزنا كم مرحلة حتى وصلنا ... ؟ إناء، ماء، وضوء، صلاة، وهناك الصلاة التي هي الغاية موجودة في الدار المغصوبة، فالقول ببطلان الصلاة في الدار المغصوبة أوجه من القول ببطلان الوضوء، مع أن القول ببطلان الوضوء وجه، بل رواية في المذهب، وقل مثل هذا الوضوء بالماء المغصوب، الوضوء بالماء الموقوف للشرب ... إلى آخره، فهو مشى على أن الوضوء صحيح؛ لأن النهي عاد إلى أمر خارج عن العبادة، لا يعود إلى الصلاة، ولا إلى الوضوء نفسه، إنما يعود إلى أمر خارج عن العبادة.
الذين قالوا بصحة الصلاة في الدار المغصوبة صحة الصلاة في الدار المغصوبة، ما حجتهم؟
طالب:. . . . . . . . .
الجهة منفكة، يعني عليه إثم الغصب، وله أجر صلاته، لكن هذه الحركات، الصلاة عبارة عن حركات وأذكار كلها حصلت مقارنة لأمر محرم، فلا يتجه الأمر والنهي لذات واحدة، يعني هذه التصرفات وهذه الحركات محرمة، وهي في الوقت نفسه مطلوبة، يعني هل نقول باتحاد الجهة أو بانفكاك الجهة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن هو يتصرف ويتحرك ويقوم ويجلس ويركع ويسجد هذه الحركات مطلوبة لأنها صلاة، وممنوعة لأنها تصرف في مال الغير من غير إذنه، فالحركات نفسها مطلوبة وممنوعة في الوقت نفسه، نعم؟(6/20)
طالب:. . . . . . . . .
الحركات في هذه الأرض مطلوبة، وفي الوقت نفسه ممنوع أن يتحرك في هذه الأرض.
طالب:. . . . . . . . .
لكن حصل وإلا ما حصل؟ الحركات هذه يجوز أن يتحرك في هذه الدار؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن لو أنت غصبت ماءاً وتوضأت به الوضوء مطلوب، واستعمال هذا الماء بغير إذن صاحبه ممنوع، اللي يظهر أن الجهة واحدة، فلا يتصور أن يطلب فعل شرعاً، لا يتصور أن يطلب فعل وينهى عنه في وقت واحد، نعم الذين ذهب وهلهم أن النهي عن الغصب مثلاً واستعمال حق الغير ينصرف إلى هذه البقعة، والبقعة لم تذكر في شروط الصلاة ليقال: عاد النهي إلى الشرط، لكن هذه غفلة عن الحركات في مال الغير بغير إذنه، هذه الحركات ممنوعة، وبعض الناس يستبعد أن إنسان يغصب، يغصب ويؤدي عبادة في شيء مغصوب، يستبعد مع أن وجوده في الواقع بكثرة، استأجر محل، استأجر بيت ورفض أن يخرج، انتهت السنة قال: والله ما أطلع، غاصب وإلا ما هو بغاصب؟ غاصب، أراد أن يخرج في نزهة ووجد أرض مسورة وجلس فيها هو وأولاده غاصب وإلا ما هو بغاصب؟ لكن فرق بين غصب وغصب، مثل هذا الغصب أمره يسير، يعني تبعاً للضرر المترتب عليه، ما وجد مكان مناسب يجلس فيه مع أسرته إلا هذه الأرض المسورة، وجرت عادة الناس بالمشاحة في مثل هذا أو بالتسامح؟
طالب:. . . . . . . . .
بالتسامح، لكن إذا عرف أن زيد من الناس يشاحح في مثل هذه الأمور يتقى ويجتنب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يتصرف فيها في مال الغير بغير إذنه إثم، هذا ظلم، إلا بنية التخلص إذا أراد أن يخرج من هذه الدار هذه الخطوات لا تحسب عليه.
فإن فعل أجزأه باعتبار انفكاك الجهة فله أجر الوضوء، ويصح وضوؤه، وعليه إثم استعمال الإناء المحرم، ووضوؤه على كلام المؤلف صحيح، والرواية الأخرى عرفناها.
يعني المبالغة في انفكاك الجهات، ترى تهون من شأن المعاصي، يعني بعض، المبالغة على سبيل المثال بعض الأشعرية يقول: يجب على الزاني أن يغض بصره عن المزني بها، الجهة منفكة، هذا زنا وهذا نظر، هذا ممنوع لذاته، وهذا ممنوع لذاته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(6/21)
يقولون: يجب، هذا الكلام ماشي وإلا ما هو بماشي؟ إنما منع هذا من أجل هذا إذا حصل هذا فليحصل كل ما دونه، وهذا أشبه ما يكون بالاستخفاف.
ابن العربي يقول: لو وجد قوم يشربون الخمر في بيت، فوقع عليهم البيت خر عليهم السقف، يقول: لهم شهادتهم وعليهم إثم شربهم، يصلح هذا وإلا ما يصلح؟ يعني مبالغة في انفكاك الجهة، لماذا وجد في مثل هذا المكان؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هما معاً، يتصرف ويتحرك كل حركاته وسكناته محسوبة عليه، استعمال لمال غيره من غير إذنه.
طالب:. . . . . . . . .
التي منها هذه الحركات، أنت تريد أن يصحح قول من يقول بصحة الصلاة، وقول معتبر في المذهب معروف، لكن هم نظروا إلى البقعة، النهي عاد إلى ذات البقعة، والبقعة ليست بشرط بدليل أنها لا تذكر في شروط الصلاة، وليست هي ذات العبادة، فلم يعد النهي إلى ذات المنهي عنه ولا إلى شرطه، هذا قول له أهله، وله جمع غفير من أهل العلم يقولون به، وينتصرون له، ومثل هذه الأمور ترى ما يحسمها مثل هذا، لكن يبقى عندنا أن المسألة مسألة شرعية، وكل يتعبد بما يدين الله به، نعم.
المسألة الثاني من مسائل أبي بكر عبد العزيز غلام الخلال يقول: قال الخرقي: "ويكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة، فإن فعل أجزأه، وبه قال أكثرهم، ووجهها أن النهي عن استعمالها لا يختص بالطهارة" يعني تستعمل في الطهارة وتستعمل في الشرب، وتستعمل في الأكل، تستعمل في استعمالات كثيرة "لأنه عام في الأكل والشرب والطيب والوضوء فلم يؤثر في فساد العبادة".
وقال أبو بكر: "الوضوء باطل، وهو أصح؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) ولأنه توضأ من إناء محرم فلم يصح، كما لو توضأ من جلد ميتة لم يدبغ" لكن جلد الميتة الذي لم يدبغ يؤثر في الماء، أثره في الماء، وحينئذٍٍ لا تصح الطهارة من هذه الحيثية، أما الإناء من الذهب والفضة فإنه لا يؤثر في الماء، فبان الفرق من هذه الحيثية.
هناك في الزوائد على شان نقف على الباب الذي يليه: السواك وسنة الوضوء.
في الزوائد لو تأخرنا عليكم باعتبار أن هذا آخر درس نقرأه قراءة ما نحتاج إلى وقوف.
قال -رحمه الله تعالى-:
فصل في الآنية.(6/22)
"وكل إناء طاهر من غير جنس الأثمان فلا بأس باتخاذه" يعني من غير الذهب والفضة "فلا بأس باتخاذه" وللمعلومية الذهب لا يختلف حكمه سواءً كان أصفر أو أبيض؛ لأن الحقيقة واحدة "فلا بأس باتخاذه واستعماله ثميناً كان أو غير ثمين".
كل إناء طاهر مباحُ ... ولو ثميناً ما به جناحُ
"ثميناً كان أو غير ثمين" يعني ولو كان من الجواهر الأخرى التي هي غير الذهب والفضة، فأما آنية الذهب والفضة فلا يباح اتخاذها ولا استعمالها، وكذلك المضبب بهما إلا أن تكون الضبة يسيرة من الفضة لحاجة كتشعيب القدح، وقبضة السيف وشعيرة السكين، في حديث أنس أن قدح النبي -عليه الصلاة والسلام- انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة.
"وأواني الكفار وثيابهم طاهرة ما لم يتيقن نجاستها، وفي كراهية استعمالها روايتان، وإذا اشتبه الماء الطاهر بالطهور" يعني الأصل أن يكون في الباب السابق "وإذا اشتبه الماء الطاهر بالطهور توضأ من كل واحد منهما وضوءاً كاملاً" وعرفنا أنه يتوضأ من هذا غرفة ومن هذا غرفة على ما قرره المتأخرون، وهنا يقول: "توضأ من كل واحد منهما وضوءاً كاملاً" لئلا يحصل التردد في النية، والتردد يضعفها "وإن اشتبهت الثياب الطاهرة بالنجسة كرر فعل الصلاة في عدد النجس منها، وحينئذٍ لا يتحرى" عنده عشرة ثياب نجسة وواحد طاهر يصلي إحدى عشر صلاة في عدد النجس وزاد صلاة لتحصل له تأدية فرضه بيقين، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله ....(6/23)
شرح مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (7)
باب: السواك وسنة الوضوء
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: السواك وسنة الوضوء
والسواك سنة يستحب عند كل صلاة إلا أن يكون صائماً فيمسك من وقت صلاة الظهر إلى أن تغرب الشمس، وغسل اليدين إذا قام ....
تغرب وإلا تغيب؟ تغرب عندك وإلا تغيب؟
طالب: تغرب، عندكم تغيب يا شيخ؟
نعم تغيب.
إحنا عندنا تغرب.
وغسل اليدين إذا قام من نوم الليل قبل أن يدخلهما الإناء ثلاثاً، والتسمية عند الوضوء والمبالغة في المضمضة والاستنشاق إلا أن يكون صائماً، وتخليل اللحية، وأخذ ماء جديد للأذنين ظاهرهما وباطنهما، وتخليل ما بين الأصابع، وغسل الميامن قبل المياسر.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: السواك وسنة الوضوء.
جرت العادة في أن يجعل السواك وهو من سنن الوضوء، وسنن الصلاة أن يجعل معه سنن الفطرة، وهنا جعله مع سنة الوضوء؛ لأنه مما يطلب مع الوضوء ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء، أو مع كل وضوء)) ولذا جعله مع سنن الوضوء.
قد يقول قائل: ذكر من سنن الوضوء أشياء وترك أشياء، تأتي مع صفة الوضوء ومع فرائضه، لكن لما كانت هذه السنن التي ذكرها في هذا الباب مما تتقدم الفرائض فرائض الوضوء قدمها، وإلا فهناك في أثناء الوضوء سنن لم يتعرض لها، يأتي ذكرها مع ذكر صفته وفرائضه.
باب: السواك
الباب هذا تقدم تعريفه، وأنه في الأصل ما يدخل ويخرج منه، ويطلقه أهل العلم على ما يضم مسائل وفصول غالباً، واستعماله هنا حقيقة عرفية عند أهل العلم خلافاً لمن يقول بأنه مجاز في المعنويات.
والسواك يطلق ويراد به الفعل الذي هو التسوك، ويطلق ويراد به العود الذي يستاك به، والمراد به هنا في قوله: "السواك سنة" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(7/1)
نعم المراد به الفعل، وإن كان يطلق ويراد به العود الذي يستاك به، ما الفرق بين قولنا: إنه يطلق على الفعل أو يطلق على العود هنا؟ أنك بمجرد اقتناء السواك إذا قلنا إطلاقه على العود سنة مجرد اقتنائه، وإذا وضعت في جيبك اثنين أو ثلاثة أو خمسة حزت على خمس سنن، لكن المراد به هنا فعل المكلف، وهو الاستياك الذي هو دلك الفم واللسان والأسنان بهذا العود اللين الرطب، وهل يقوم مقام العود ما ينظف الفم كالفرشاة مثلاً، والأصبع الخشنة، والخرقة، والمنديل وغير ذلك؟ منهم من يقول: لا، لا يقوم مقامه شيء، ومنهم من يقول: العلة معقولة، والمراد والحكمة من تشريعه إزالة ما علق بالفم والأسنان من أبخرة تتصاعد من المعدة، أو شيء يدخل من خارج الفم إليه، فيزال، فإذا أزيل حصلت السنة، ولا شك أن إزالة ما علق بالفم والأسنان من هذه الأوساخ بالعود أكمل بلا شك، وأفضل الأعواد ما يتخذ من الأراك؛ لأنه لا مضرة فيه ألبتة، ويكرهون بعض الأنواع من الأعواد للضرر الناتج عنها.
"والسواك سنة"
يقول: "باب السواك، وسنة الوضوء" سنة وهي مفرد مضاف تشمل جميع السنن، المفرد المضاف يعم، فيعم جميع السنن.
قال -رحمه الله-:
"والسواك سنة" سنة لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)) الأمر حاصل، والأمر المنفي هنا -الممتنع هنا- لوجود المشقة؛ لأن لولا حرف امتناع لوجود، امتناع الأمر بالسواك لوجود المشقة، والأمر الممتنع هنا هو أمر الوجوب لا أمر الاستحباب؛ لأنه جاء الحث عليه في نصوص كثيرة جداً، فعلى هذا السواك سنة عند جماهير أهل العلم، ومنهم من يرى وجوب السواك، وهذا ينسب لإسحاق، وأيضاً داود الظاهري، والحديث الذي ذكرناه سواءً كان عند كل وضوء أو عند كل صلاة صريح في عدم وجوبه؛ لارتفاع الأمر به، والأمر المرتفع هنا هو أمر الوجوب لا أمر الاستحباب؛ لثبوته في نصوص كثيرة.(7/2)
الأمر الأصل فيه الوجوب، ومن أقوى ما يستدل به على ذلك مثل هذا الحديث؛ لأن الأمر للاستحباب ثابت، والأمر للوجوب مرتفع، فأطلق الأمر بإزاء الوجوب هنا، مع قوله -جل وعلا-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ} [(63) سورة النور] الآية، كل هذا يدل على أن الأصل في الأمر الوجوب، إلا إذا وجد صارف يصرفه عن الوجوب إلى الاستحباب، وهنا أمر الوجوب مرتفع، ويبقى أمر الاستحباب، يستحب عند كل صلاة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
العلة موجودة، والمشقة عند إيجابه مع كل وضوء، أو مع كل صلاة أسهل من المشقة اللاحقة بوجوبه مطلقاً؛ لأن العلة منصوصة يدور معها الحكم، العلة منصوصة يدور معها الحكم، وهي منصوصة وهي المشقة، فما دامت المشقة موجودة فالوجوب مرتفع في جميع الصور.
قال -رحمه الله-: "والسواك سنة يستحب عند كل صلاة" وجاء الحديث بهذا النص: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)) وجاء أيضاً بلفظ: ((عند كل وضوء)) والحديث: ((عند كل صلاة)) علقه الإمام البخاري، و ((عند كل وضوء)) مروي في السنن، وهو صحيح، وعلى كل حال الحديث باللفظين صحيح، وإن لم يكن صحيحاً لذاته فهو صحيح لغيره، ومثل به الحافظ العراقي للصحيح لغيره.
والحسن المشهور بالعداله ... والصدق راويه إذا أتى له
طرق أخرى نحوها من الطرق ... صححته كمتن: ((لولا أن أشق))
إذ تابعوا محمد بن عمرو ... عليه فارتقى الصحيح يجري
على كل حال الحديث صحيح باللفظين.(7/3)
"يستحب عند كل صلاة إلا أن يكون صائماً" فيمسك من وقت الزوال إلى غروب الشمس، من وقت صلاة الظهر يعني من دخول وقت صلاة الظهر بالزوال إلى أن تغيب الشمس، وهذا هو المعتمد في المذهب أنه يمسك عن الاستياك عند صلاة الظهر والعصر إلى أن تغرب الشمس، فلا يستاك عند الوضوء لهما، ولا عند أداء هاتين الصلاتين، ولا يستاك فيما بينهما، لماذا؟ قالوا: لأنه في هذا الوقت من الزوال إلى الغروب يبدأ التغير، التغير الناشئ عن الصوم الذي هو خلوف فم الصائم، وجاء مدحه بأنه أطيب عند الله من ريح المسك، وما جاء الخلوف ممدوحاً شرعاً فلا تطلب إزالته، فالممدوح يطلب بقاؤه لا إزالته، وحينئذٍ لا يستحب السواك بل أطلق بعضهم الكراهة أو خلاف الأولى؛ لأن إزالة المحبوب الممدوح شرعاً مما لا ينبغي، فلا يستحب السواك في هذا الوقت، وجاء فيه خبر ضعيف: ((إذا صمتم فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي)) وهو ضعيف، لكن عموم الأحاديث وعموم النصوص يشمل هذا الوقت المستثنى عندهم، فالصواب أنه مستحب في كل وقت للصائم وغيره، وأما ما عللوا به من إزالة الخلوف -خلوف فم الصائم- الممدوح شرعاً فإن هذه الرائحة لا تنبعث من الأسنان، وإنما تنبعث من المعدة، ولو قلنا بهذا لقلنا: إن هذا الخلوف تستمر عدم إزالته. . . . . . . . . -جل وعلا- قبل الغروب وبعده، نعم؟ على كل حال التعليل ضعيف، الذي عللوا به ضعيف، وعلى هذا يبقى الاستحباب عند كل صلاة، وعند كل وضوء، فيبقى الحديث على إطلاقه.
"إلا أن يكون صائماً فيمسك من وقت صلاة الظهر إلى أن تغيب الشمس" عرفنا أنه يستحب عند الوضوء وعند الصلاة، وعند تغير الفم، وعند إطالة السكوت؛ لأنه سبب للتغير، وعند الاستيقاظ من النوم كما كان يفعله -عليه الصلاة والسلام-، وإذا دخل إلى منزله، المقصود أنه يستحب في مواطن كثيرة، ويتأكد استحبابه عند التغير.(7/4)
قال -رحمه الله-: "وغسل اليدين" يعني يستحب غسل اليدين؛ لأنه معطوف على السواك "وغسل اليدين" يعني يستحب غسل اليدين إذا قام من نوم الليل، قبل أن يدخلهما الإناء ثلاثاً يستحب، والحديث الصحيح: ((إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمسهما في الإناء -أو فلا يدخلهما في الإناء- حتى يغسلهما ثلاثاً)) في رواية أمر: ((فليغسلهما ثلاثاً قبل أن يدخلهما في الإناء، فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) المؤلف يقول: يستحب، العطف على نية تكرار العامل، فكأنه قال: ويستحب غسل اليدين إذا قام من نوم الليل قبل أن يدخلهما الإناء ثلاثاً، والأمر ظاهر في الحديث، والأمر في الأصل يقتضي الوجوب، فما الصارف له عن الوجوب إلى الاستحباب؟ الصارف قالوا: العلة، العلة تصرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب، كيف تصرف العلة؟ فإنه لا يدري أين باتت يده؟ هذه العلة مؤثرة في الماء أو غير مؤثرة؟ تؤثر وإلا ما تؤثر؟ لأن الأصل أن اليد طاهرة، فكونه لا يدري أين باتت يده الشك لا يزيل اليقين، فضلاً عن الوهم، هو لا يدري، يعني الشك إذا تساوى عنده الأمران، لكن إذا انتبه من نومه ما الذي يغلب على ظنه أن اليد طاهرة وإلا نجسة؟ يعني الغالب على الظن أنها طاهرة، واحتماله ضعيف أنها تلوثت بشيء، فهو لا يدري أين باتت يده؟ فعلى هذا يكون احتمال النجاسة مرجوح، واحتمال الطهارة الذي هو الأصل راجح، إذاً يكون هذا من باب الشك أو الوهم؟ يعني احتمال مرجوح مع الراجح، الراجح ظن والمرجوح وهم، وإذا استوى الأمران فهو شك، وإذا كان الشك عند أهل العلم لا يزيل اليقين فمن باب أولى الوهم، فالعلة هنا تصرف الأمر ((فليغسلهما ثلاثاً)) من الوجوب إلى الاستحباب، هذا عند من يعلق هذا الأمر بهذه العلة، عند من يعلق الأمر بهذه العلة، وهي علة منصوصة، وهي واضحة في ترتيب الحكم عليها، ومن يقول: إن العلة غير معقولة، ما ندري ويش يصير إذا نام؟ ما يدري الإنسان ماذا يحدث له، فهي غير معقولة، فالأمر للتعبد، الذي يقول: إن الأمر تعبدي يتجه عنده القول بالوجوب، وعلى أي حال سواءً قلنا: إن العلة معقولة فأنه لا يدري أين باتت يده ومنصوصة، لكنها صرفت الأمر من الوجوب إلى الاستحباب، أو قلنا: إنه للتعبد، ولذا لا(7/5)
أثر في الحكم فيما إذا لو جزم وقطع بأن اليد طاهرة، بأن أدخلها في كيس أو رطبها، لا يتغير الحكم، فهل يؤثر إدخال اليد في الإناء قبل غسلها ثلاثاً في الماء أو لا يؤثر؟ على الاحتمالين، إذا قلنا: تعبد نعم لا يؤثر، إذا قلنا: إن العلة منصوصة ومعقولة لكنها صرفت الأمر من الوجوب إلى الاستحباب أيضاً نعم؟ لا يؤثر، لا يؤثر أيضاً؛ لأن الشك لا يزيل اليقين، عندهم -عند الحنابلة وقد تقدم- أنه إذا غمست في الإناء يد القائم من النوم يتأثر وإلا ما يتأثر؟ يتأثر، كيف يتأثر الماء والعلة قلنا: إنها تعبد، مجرد تعبد، واليد طاهرة فيما يغلب على الظن، العلة تعبدية، أو إذا أحلنا الحكم على العلة المنصوصة فإنه لا يدري، وحينئذٍ نقول: كونه لا يدري هذا أشد أحواله أن يكون شكاً، أن يرتقي إلى الشك، والشك لا يزيل اليقين، وحينئذٍ تبقى اليد على الطهارة ولا تؤثر في الماء، إذاً ما معول الحنابلة في قولهم: إنه أن غمس القائم من النوم يده في الإناء يسلبه الطهورية ويكون طاهراً؟ نعم؟ نهى في الحديث، ولو لم يكن مؤثراً في الماء لم ينه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الأمر بالإراقة، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا أدري أنا بعد.
طالب:. . . . . . . . .
هو النهي صريح وصحيح ما فيه إشكال، لكن تأثير هذا الغمس في الماء، وقلنا: إنه شك، والشك لا يرفع اليقين، أو قلنا: إنه تعبدي، فيبقى أنه آثم إذا غمس يده ولا أثر له؛ لأن الجهة منفكة، الجهة حينئذٍ تكون منفكة إذا قلنا: إن اليد طاهرة، إذا حكمنا بطهارتها فتكون لا أثر لها في الماء على الاحتمالين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما في إلا على رواية: ((فليرقه)) ((إذا غمسها فليرقه)) مع أن الرواية ضعيفة، الرواية على كل حال ضعيفة.(7/6)
الحنابلة يقولون يعللون بعلل، يقولون: إن النائم لا يدري عن شيء، وهو نص في الحديث: ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) وبلاد الحجاز بلاد حارة، وأكثر استعمالهم لإزالة النجاسة بالأحجار، وإزالة النجاسة بالأحجار لا تزيل، لا تنقي المكان بالكلية؛ لأن الضابط في الاستنجاء ألا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء، وعلى هذا الطهارة بالاستجمار تنقي مثل الماء أو لا تنقي؟ لا تنقي، ومع شدة الحر في بلاد الحجاز سيلان العرق على هذا المحل والاحتمال أيضاً وارد في أن يحتاج إلى حك هذه ... ، أو لمس هذه الجهة من بدنه أو هذا الجزء من بدنه الذي الأصل فيه أنه ما تنظف، ولا زالت عنه النجاسة بالكلية، واختلط بالعرق وترطب ينجس اليد، مع ثبوت الأمر والنهي عن إدخال اليد في الإناء، فهنا يحدث من مجموع الأمرين ثبوت الأمر، والنهي عن الإدخال مع العلة التي أبدوها نعم يحدث غلبة ظن، يعني العلة التي في الحديث ((فإنه لا يدري)) كونه لا يدري بمفردها تحدث غلبة ظن وإلا لا؟ يعني أكثر ما تفيد شك، لكن بالحال التي ذكروها، والعلة التي أبدوها من أن الحجاز بلاد حارة، وفي الغالب يستعملون في إزالة النجاسة الأحجار وكثير من الناس تطيش يده في أي مكان، أحياناً يحك إبطه، وأحياناً يحك رأسه، وأحياناً يحك رجله، وأحياناً يحك أي منطقة تستدعي ذلك، فعندهم هذا يفيد غلبة ظن أن اليد تنجست، فعلى هذا إذا أدخلها في الإناء تأثر الماء، لكن إذا أفاد غلبة ظن أن اليد تنجست لماذا ينتقل الماء من كونه طهور إلى طاهر ولا ينتقل إلى كونه نجس عندهم؟ مو قلنا: إن الأحكام معلقة بغلبة الظن؟
طالب:. . . . . . . . .
لا إذا قلنا: شك ما صار لها أثر؛ لأن عندنا يقين سابق، لكن إذا قلنا: غلبة ظن مع ما أبدوه من حال أهل الحجاز وظرفهم قوي الشك، ووصل إلى غلبة الظن، لكن لماذا يقولون: ينتقل من كونه طهور إلى كونه طاهر ولا ينتقل إلى كونه نجس والحكم مبني على غلبة الظن ما يلزم القطع؟ نعم يا أخي؟
طالب:. . . . . . . . .(7/7)
هو ما هو بيقين، لكن الأحكام معلقة بغلبة الظن؛ لأن عندنا مراتب: العلم اليقيني القطعي الذي لا يحتمل النقيض، والظن وهو الاحتمال الراجح، والشك وهو الاحتمال المساوي، والوهم وهو الاحتمال المرجوح، يعني لو أخذنا بمجرد العلة قلنا ...
طالب:. . . . . . . . .
لا بمجرد العلقة قلنا: وهم إن ارتقى إلى جهة شك وصل إلى شك، لكن متى نرقيه إلى غلبة الظن؟ بما أبدوه من حال أهل الحجاز، وأيضاً هذا فيه ما فيه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- بُعث للعالمين، إلا إذا قلنا: إن الخطاب متجه إلى أهل الحجاز مثل: ((ولكن شرقوا أو غربوا)) لأهل المدينة، لأن سياق بعض الأحاديث يدل على أنه مقصود به أناس مخصوصين، لكن مثل هذا الحديث هل هو خاص بأهل الحجاز أو للأمة عامة حتى في البلاد الباردة التي لا يعرق أهلها؟ الأصل العموم، الرسالة عامة للناس كلهم، وعلى سبيل التنزل أن هذا خطاب لأهل البلاد الحارة، وأفادت العلة غلبة ظن بما احتف بها من حالهم، كيف نقول: إنه ينتقل من طهور إلى طاهر، ولا نقول: إنه ينتقل من طهور إلى نجس، نعم؟ كل كلامنا دائر في الماء القليل، كله في الماء القليل الذي يتوضأ به، فلا يدخلهما في الإناء.
طالب:. . . . . . . . .
هو الفقهاء ترى عندهم من الدقة في العبارات والانتباه لمحترزات الجمل ما ينضبط في الغالب، فلا بد أن يكون القول من مبدئه إلى نهايته متسق، ما ينخرم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا عندهم ما يحتاج يتغير، مجرد ما يلاقي النجاسة خلاص، مو قلنا: إن النجاسة غلبة ظن، ولو قلنا: إنها شك ما أثرت في الماء، يعني التنجيس يحتاج إلى ....
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(7/8)
إذا قلنا: غلبة ظن وغلبة الظن أن اليد نجسة عندنا، أحياناً أهل العلم يحتاطون لطرفي المسألة، كيف؟ قالوا: انتقل من كونه طهور إلى طاهر بما أبدوه من علة استناداً إلى هذا الحديث، نعم انتقل من كونه طهور إلى طاهر، فهم احتاطوا للصلاة، وكونهم لم يحكموا بنجاسته بناء أن العلة مجمعة، يعني ذات أطراف، نعم، العلة أولاً أنها مستنبطة، وإن كانت مبنية على علة منصوصة، لكنها ذات أطراف، لا بد من اجتماع هذه الأطراف، فهي لا ترقى إلى أن تتلف مالية الماء، فهم يحتاطون أن الماء مال محترم، ويستفاد منه في مواطن أخرى، فهم يحتاطون للماء بكونه طاهر، فيستفاد منه في غير الصلاة، ويحتاطون للصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام، فيحتاطون للطرفين.
احتياط في مثل هذا للطرفين مثلاً ادعت امرأة أنها أرضعت فلانة، لكن قالت: ما أدري هل أرضعتها رضعتين، ثلاث، أربع؟ ما أدري، نقول: نحتاط من الجهتين، أولادها لا يتزوجون هذه البنت؛ لاحتمال أن يكون النصاب اكتمل، وأيضاً هذه البنت لا تكشف لهم لاحتمال أن يكون العدد ناقص، والرضاع غير محرم، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((هو لك يا عبد بن زمعة، واحتجبي منه يا سودة)) فالحنابلة الذي يظهر أنهم احتاطوا لطرفي المسألة، وعلى كل حال عندنا النهي صريح، والأمر صريح، فالمتجه أنه لا يجوز بل يحرم إدخال اليد قبل غسلها ثلاثاً في الإناء، ومع ذلك لو أدخلها لا أثر له في الماء لأنها طاهرة، ولا شيء يدل على نجاستها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
تعبدي ويش المانع؟ العلة المنصوصة عليها متفق عند أهل العلم على أن الشك لا يزيل اليقين، وجاء بذلك أحاديث، منها: ((فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) الأدلة المقررة لهذه القاعدة متكاثرة في الشرع، فهي قاعدة معتبرة، فتكون هذه العلة للتحريم، علة للتحريم مع التعبد بهذا اللفظ الصحيح الصريح، ومع ذلك يبقى الماء على طهوريته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يصير نجس وإلا طاهر هو الماء؟
طالب:. . . . . . . . .
المركبة.
طالب:. . . . . . . . .
المركبة هذه.
طالب:. . . . . . . . .(7/9)
لا، إذا انتقلت عن مكانها ما صارت مخففة، في موضعها معفو عنها، لكن إذا انتقلت ما تصير مخففة عندهم ولا معفو عنها.
طالب:. . . . . . . . .
يغسله يجب غسله إيه، يجب غسله، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لكن عندنا المظنة وصلت إلى حد المئنة، كما يقول أهل العلم في النوم، كل شيء ينفتح؟ ((العين وكاء السه)) لكن هنا الذي يغلب على الظن مع وجود الملابس المحكمة ومع وجود .... ، الصحيح لا يدري لا يدري، وكونه لا يدري أيضاً لا يعني أنها هل تنجست أو ما تنجست؟ لا يدري، كونه لا يدري يدل على أن هناك شيء تعبدي.
طالب: لكن ما الذي حملهم على ذلك إدخال يد المستيقظ من النوم في الماء ....
هذه العلة المركبة، يعني لا يدري هذا معروف مخالف لقواعد شرعية، أيدت بنصوص شرعية، لكنه نص صحيح صريح، لا بد أن نتعامل معه بأدب واحترام، أقول: نص صحيح صريح لا بد أن يتعامل معه، وهذه وظيفة طالب العلم الذي يمشي على أصول وقواعد وضوابط شرعية منضبطة، لا بد أن يكون عمدته النص، لكن النص قد يخالفه نص آخر، فماذا يصنع؟ هنا يأتي معرفة هل بالفعل طالب علم، أو ما هو طالب علم، هل هو حافظ مسائل وإلا مؤسس.
"وغسل اليدين إذا قام من نوم الليل" من نوم الليل هذا هو المعتمد عندهم، من أهل العلم من يقول: الليل والنهار واحد؛ لأن العلة ((لا يدري أين باتت يده؟ )) يستوي فيها الليل والنهار، ومعول الحنابلة في اقتصارهم على نوم الليل؛ لأنه قال: ((لا يدري أين باتت يده؟ )) والمبيت لا يكون إلا بالليل، طيب ماذا عن من عمله بالليل ونومه بالنهار؟ أو ما درج عليه كثير من الناس في زماننا في قلب السنة الإلهية في جعل الليل هو المعاش، والنهار هو السبات، يعني إذا نام من صلاة الصبح في الصيف من ثلاث ونصف إلى اثنا عشر، يعني نام أكثر من سبع ساعات، ثمان ساعات وين؟ أكثر من الليل كله، يؤثر وإلا ما يؤثر؟ هم لحظوا هذا ((باتت)) والمبيت لا يكون إلا بالليل، وغيرهم قال: المبيت المقصود به النوم، يطلق على عموم النوم، وإلا فالأصل فيه الليل، طيب إذا نام أقل من نصف الليل يؤثر وإلا ما يؤثر؟ أقل من نصف الليل، صلى العشاء ونام إلى إحدى عشر مثلاً.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟(7/10)
طالب:. . . . . . . . .
النوم ينطبق عليه صحيح، لكن مبيت؟ إذا قلنا: المبيت بمنى، المبيت بمزدلفة، هم قالوا: إن غالب الليل يعني أكثر من نصف الليل، فهل هذا مثله؟ نعم؟ طرداً وعكساً، يعني إن قلت: نعم، فلا بد أن يكون أكثر من نصف الليل، وإن قلت: لا، قلت في مبيت مزدلفة ومنى: يجزئ أقل من نصف الليل، المسألة طردية وعكسية، أو نقول: المقصود ما تتحقق به العلة، فكون اليد تطوف قد يحصل لها في أقل من ساعة، نعم؟ في أقل من ساعة فلا يلزم أن يكون أكثر من نصف الليل، إذا نام في الليل معناه بات.
"وغسل اليدين إذا قام من نوم الليل" عرفنا عمدتهم في هذا، ومن أهل العلم من يرى أنه سواءً كان ليل أو نهار فلا فرق؛ لأن المقصود ما تتحقق به العلة فإنه لا يدري وهو لا يدري سواءً كان بالليل أو كان بالنهار، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما نام؟ نعم، الجواب؟ لو جلس ليلة مزدلفة إلى أن طلع الصبح ما نام، مع أن السنة النوم، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني الأصل فيه النوم، الأصل في الليل النوم، لكن لو لم ينم ما تأثر ((وعين باتت تحرس في سبيل الله)) تحرس وهي نائمة وإلا صاحية؟ نعم، يدل على أنه لو لم ينم يقال له: بات.
"قبل أن يدخلهما الإناء ثلاثاً" والثلاث منصوص عليها في الحديث فلا داعي للكلام فيها.
"والتسمية عند الوضوء" أيضاً العطف؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(7/11)
على نية تكرار العامل، والتقدير: وتستحب التسمية عند الوضوء، التسمية جاء فيها أحاديث، بل جاء فيها ما يدل على اشتراط التسمية: ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) وهذا مقتضاه أنها شرط لصحة الوضوء، عندهم المقرر -عند الحنابلة- أنها تجب على الذاكر دون الناسي، ومقتضى الشرطية أنها لا تسقط سواءً كانت عن عمد أو عن سهو ونسيان، والحديث لا يسلم من مقال عند أهل العلم، ومن أهل العلم من لا يثبت في الباب شيئاً، التسمية، لا يثبت فيه حديث، وعلى هذا استحباب التسمية عند الوضوء -كما اختاره المؤلف- من باب الاحتياط، والخروج من الخلاف، وعلى كل حال المعول على الأدلة، والأدلة ليس فيها ما ينهض على الوجوب، وإذا قيل بقول المؤلف: إنها تستحب فله وجه على كل حال.
"والتسمية عند الوضوء، والمبالغة في المضمضة والاستنشاق إلا أن يكون صائماً" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أما بالنسبة لعمدتهم في هذا على مجموع الأحاديث التي تدل على الوجوب؛ ولوجود الكلام فيها لم يجزموا بالوجوب، وإلا لو صح ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) هنا شرط كالتذكية، قلنا: شرط للصحة، أيضاً الأحاديث بل آية الوضوء ليس فيها التسمية، و ((توضأ كما أمرك الله)) نصوص كثيرة تدل على أن التسمية ليست واجبة.(7/12)
"والمبالغة في المضمضة والاستنشاق إلا أن يكون صائماً" في الحديث -حديث لقيط بن صبرة-: ((وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) في الاستنشاق، جاء ذكر المضمضة في رواية ضعيفة: ((بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) لأن الأنف منفذ، منفذ إلى الجوف، فإذا دخل معه الماء أفطر الصائم، هذا بالنسبة للاستنشاق، وأما بالنسبة للمضمضة فمن باب القياس على الاستنشاق؛ لأنها هي المنفذ؛ لأن الفم هو المنفذ الأصلي، فهل التنصيص على الاستنشاق من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى؟ فإذا نهينا عن المبالغة وقت الصيام في الاستنشاق فالنهي عن المبالغة في المضمضة حال الصيام من باب أولى؟ ولذا قال المؤلف: "والمبالغة في المضمضة والاستنشاق إلا أن يكون صائماً" فإذا قلنا: إن النص فيه التنبيه بالأدنى على الأعلى، ويكون عند المبالغة في المضمضة من باب قياس الأولى، ومن باب مفهوم الموافقة، أو نقول: إنه لا تقاس المضمضة على الاستنشاق؟ لماذا؟ لأن الأنف لا يمكن التحكم فيه بخلاف الفم يمكن التحكم فيه، يمكن أن يبالغ الإنسان في المضمضة ولا يذهب شيء إلى حلقه، بمعنى أنه يدير الماء في فمه مراراً وبقوة ومع ذلك لا يذهب إلى الجوف منه شيء بخلاف الأنف، الأنف مفتوح لا يمكن التحكم فيه، فإذاً يحتاط فيه أكثر من الاحتياط للفم، والواقع يدل على هذا، فعلى هذا يقتصر في مسألة المبالغة على الاستنشاق؛ لأن الأنف لا يمكن التحكم فيه؛ لأنه مفتوح، وهو منفذ بخلاف الفم، الفم يمكن التحكم فيه، يعني بالإمكان أن يتغرغر الإنسان ولا يذهب في جوفه شيء ثم يمجه، فضلاً عن كونه يديره ويحركه بلسانه ثم يمجه، فأي الاحتمالين أقوى؟ المؤلف مشى على أن المضمضة كالاستنشاق، وجاء في بعض طرق الحديث ما يدل على ذلك: ((وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) لكن لا شك أن الاستنشاق أصح، الاقتصار على الاستنشاق أصح، فأي الاحتمالين؟ هل نقول: إن المضمضة باعتبار أن الفم هو المنفذ الأصلي أولى بالتحرز والاحتياط من الأنف؟ لأن الفم هو المنفذ الأصلي؟ أو نقول: لا، لا يستوي الأصل مع الفرع في العلة؛ لأن الفم منفذ مفتوح، وأما بالنسبة للفم فإنه يمكن التحكم به؟ فعلى هذا نقتصر على(7/13)
الاستنشاق، نقول: والمبالغة في الاستنشاق إلا أن يكون صائماً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، قد يتغرغر الإنسان يصل إلى منتصف الحلق ويمجه، لا، عندنا في الجملة شيء ثاني، جملة المؤلف: "والمبالغة في المضمضة والاستنشاق إلا أن يكون صائماً" يعني الاستثناء المتعلق المتعقب لأكثر من شيء هل يعود إلى الأخير فقط أو إليهما أو إليها جمعياً؟ يعني الاستثناء هنا "إلا أن يكون صائماً" هل هو متعلق بالاستنشاق فقط، أو مرتبط بالأمرين بالمضمضة والاستنشاق؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(7/14)
لا، هو عندنا نص في المسألة: ((بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) فهل نقول: إن المضمضة مثل الاستنشاق، وهو الذي يظهر من كلام المؤلف إذا قلنا: إن الاستثناء يعود إلى الأمرين، وإذا قلنا: إن الاستثناء يعود إلى الأخير فقط انتهى الإشكال عند أهل العلم المسألة خلافية، فيها خلاف كبير، الاستثناء المتعقب لجملة أو لوصف هل يعود إلى الجميع أو إلى الأخير؟ يعني من أوضح ما يمثل به قوله -جل وعلا- في القاذف: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(5) سورة النور] عندنا ثلاث جمل {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(5) سورة النور] هذا الاستثناء تعقب ثلاث جمل، كونه يعود إلى الأخيرة، هذا محل إجماع أن الفسق يرتفع إذا جلد الحد، لكن هل تقبل شهادته أو لا تقبل؟ مع قوله -جل وعلا-: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النور] تقبل وإلا لا تقبل؟ بعضهم يقول: إن التنصيص على التأبيد يدل على أنها لا تقبل، والاستثناء راجع إلى الجملة الأخيرة فقط، ومنهم من يقول: إن رد الشهادة مبني على الفسق وقد ارتفع، فما المانع من قبول شهادته؟ ولذا يتفقون على ارتفاع الفسق، ويختلفون في قبول الشهادة، ويتفقون على الجلد ثمانين جلدة، يعني الجلد ثمانين جلدة لا بد أن يجلد ثمانين جلدة ولو تاب، لماذا؟ لأن هذه حقوق العباد لا تسقط بالتوبة، فكونه لا يعود إليه مأخوذ من نصوص أخرى، والاتفاق أيضاً على أن الاستثناء يعود إلى ارتفاع الفسق إلى الفسق فيرتفع هذا ما فيه خلاف، الخلاف في الجملة الثانية التي هي مسألة قبول الشهادة، فمن نظر إلى التأبيد قال: لا يعود الاستثناء إليها، ومن نظر إلى أن رد الشهادة مبني على الاتصاف بالفسق وقد ارتفع إذاً يرتفع ما بني عليه، وأهل العلم ينظرون لمثل هذه الأمور بدقة، حتى قال بعضهم: إنه لا يحكم بالحكم المطرد، ما نحكم دائماً أنه يعود إلى الجميع، أو إلى الأخيرة فقط، إنما ينظر في كل استثناء على حدة،(7/15)
فما تؤيد القرائن دخوله يدخل، وما تؤيد القرائن خروجه يخرج، مثلما في الآية، وهنا ما الذي يظهر من كلام المؤلف أنه يدخل الاستثناء في المضمضة أو لا يدخلها؟ يدخل وإلا ما يدخل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا إذا قلنا: إن الاستثناء يعود إلى الجميع، هل من قرينة تدل على الدخول أو لا؟ إذا أحلنا الأمر إلى القرائن كما في الآية ما في قرينة، إذاً يبالغ في المضمضة مطلقاً سواءً كان صائم أو غير صائم، وبالنسبة للاستنشاق يبالغ إلا أن يكون صائماً، على مقتضى الحديث، مو بالاحتمال الثاني أن المضمضة محلها الفم وهو المنفذ الأصلي إلى الجوف، فالمبالغة والاحتياط فيه أقوى، هذا الاحتمال مع الاحتمال الثاني فهل هذا يرجح كون الاستثناء يعود إلى الأمرين أو لا؟ يعني الحديث ورد في الاستنشاق، أما رواية المضمضة هذه ضعيفة، ورد في الاستنشاق انتهينا هذا من حيث الأثر، من حيث النظر، نعود إلى الاحتمالين الذين أبديناهما في أول الأمر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم الأنف لا يمكن التحكم فيه لأنه مفتوح، والفم يمكن التحكم فيه إذاً تستمر المبالغة في المضمضة بالنسبة للصائم وغيره، وعلى كل حال الصيام ينبغي أن يحتاط له، وإذا نظرنا إلى أصل المسألة في أصل الحكم في المسألتين اللتين هما الوضوء والصيام، يعني إذا قارنا بين المحافظة على الصيام، والمحافظة على المضمضة المحافظة على الصيام، والمحافظة على الاستنشاق، جاء الأمر بالاستنشاق أكثر من مجيء الأمر بالمضمضة، وجاء الأمر أيضاً بالمضمضة، وكل من وصف وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر أنه تمضمض، لكن هل المضمضة في القوة مثل قوة المحافظة على الصيام؟ إذاً نحتاط للصيام أكثر مما نحتاط للمضمضة، وكذلك الاستنشاق، وإذا نص على الاستنشاق مع أن الأمر به أكثر فلئن تدخل المضمضة فيه من باب أولى، فيحتاط الإنسان لصيامه لئلا يبطله، لا سيما إذا كان فريضة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(7/16)
أنا قلت: ينظر إلى الأمرين، أيهما يجب الاحتياط له أكثر؟ لا شك أن الصيام يحتاط له أكثر، لا سيما إذا كان الفرض، على أن المضمضة والاستنشاق على ما سيأتي محل خلاف طويل بين أهل العلم بالنسبة لوجوبهما، ويأتي تقريره -إن شاء الله تعالى-.
"إلا أن يكون صائماً، وتخليل اللحية" نأخذ هذا وإلا نقف عليه؟ نحتاج إلى ....
وهذا يقول: ما قولكم في كتب وجدت في تركة طالب علم قد كتب عليها وقف لله تعالى، ويظهر أنها من الكتب التي تطبع للتوزيع على طلبة العلم، ولا تباع، فهل يكون طلبة العلم من أبنائه أحق بها، أو يلزمهم وضعها في مكتبة عامة؟
على كل حال وجودها في مكتبة هذا الشخص أفادت الاختصاص، لا تفيد ملك، لكنها تفيد اختصاص، فهو أحق بها من غيره، وعلى كل حال أولاده إذا كان فيهم من ينتفع بها فهم أحق بها من غيرهم تبعاً له.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ...(7/17)
مختصر الخرقي – كتاب الطهارة (8)
شرح قوله: "وأخذ ماء جديد للأذنين، وتخليل ما بين الأصابع ... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب السواك وسنة الوضوء, وقفنا عند تخليل اللحية.(8/1)
يقول المؤلف -رحمه الله-: وتخليل اللحية, مقتضى ذكره التخليل في هذا الفصل، وفي هذا الباب أنه من السنن, وأنه يسن تخليل اللحية, المراد باللحية هنا الكثيفة, أما اللحية الخفيفة التي تبين من خلالها البشرة فلا بد من إيصال الماء إلى البشرة؛ لأن ما ظهر مما يجب غسله فرضه الغسل, لا بد من غسل البشرة التي تظهر, فإذا كانت اللحية خفيفة تبدو من خلالها البشرة فلا بد من غسلها, أما إذا كانت كثيفة لا تبدو من ورائها البشرة فيكتفى بتخليلها, وقد جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما يدل على أنه كان يخلل لحيته؛ لأنها كثيفة لحيته -عليه الصلاة والسلام-, مقتضى ذلك أن ما ظهر من القدم أيضاً إذا كان عليه خف، أو ما في حكمه مما يمسح عليه, أن ما ظهر من القدم أيضاً فرضه الغسل, وهذا قاعدة وجادة مسلوكة عند أهل العلم, أن ما ظهر مما يجب غسله فرضه الغسل, ولذا لو افترضنا أن شخصاً عليه خف مخرق يبدو منه بعض المحل المفروض فإنه حينئذٍ يجب غسله, ولا يجمع, ولم يرد الجمع بين الغسل والمسح فعلى هذا لا يجوز المسح على الخف المخرق؛ لأن الجادة والقاعدة عند أهل العلم أن ما ظهر من المحل المفروض يجب غسله, وهذا هو ما يدل عليه الأدلة من الكتاب والسنة, المأمور بغسل الوجه، والمأمور بغسل الرجل، بغسلها, وما ظهر منها داخل في المأمور به, وإذا وجد ما ينوب مناب هذا الغسل من المسح على الخف يمسح عليه، لكن من مقتضى ذلك أن يكون الخف ساتراً للمحل المفروض كله, وإلا فما الفرق بين أن يبدو ما بين الخف وبين الكعب إذا كان الخف دون الكعب, وما في أثنائه وخلاله من أسفله أو فوقه, كل ما ظهر مما يجب غسله فرضه الغسل, وعلى هذا إذا كانت اللحية خفيفة يبدو من ورائها البشرة فإنه يجب غسل ما ظهر من المحل المفروض, أما إذا كانت كثيفة فإنه يكتفى بتخليلها؛ لأن المفروض مختفي, ولا يمكن إيصال الماء إليه إلا بمشقة شديدة, فيكتفى بتخليلها, فيدخل أصابعه من أسفلها, ويدخل الماء من خلالها, ولا يلزم من ذلك أن يدخل الماء بين خلال كل شعرة شعرة, إنما يجتهد في ذلك ويحتاط, ولا يلزم من ذلك إيصال الماء إلى كل شعرة بعينها.
طالب: ما معنى. . . . . . . . .؟(8/2)
إذا كان تبين منه البشرة, يعني يبدو منه المفروض لا يجوز أن يجتهد في ذلك، ويحتاط، ولا يلزم من ذلك إيصال الماء إلى كل شعرة بعينها.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان تبين منه البشرة, يعني يبدو منه المفروض لا يجوز المسح عليه, سواء كان خفيفاً شفافاً أو مخرقاً, ويأتي في محله.
ورأي شيخ الإسلام ومن يقول بقوله هذا ما هو بخفي, يعني لا يقول إنسان بعدين: شيخ الإسلام يقول كذا أو يقول كذا؛ لأن بعض الإخوان إذا أبدينا رأي ولا قلنا بشيء قال: شيخ الإسلام, الشيخ فلان, الشيخ علان, ما لنا علاقة ... ، ما يبدو لنا ويترجح عندنا شيء، وفي محله يبسط الكلام -إن شاء الله تعالى-, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لم يثبت فيه شيء؛ ولذلك جعله سنة, يعني من باب الكمال لا من باب الفرضية, ولذلك جعله من السنن, ولو ثبت فيه شيء فقد ورد فيه الأمر, ورد فيه الفعل, فلو ثبت الأمر ما اكتفينا بقولنا بالسنية, ويأتي في الباب الذي يليه ما استرسل من اللحية, هل يجب غسله أو لا يجب؟ هل داخل في مسمى الوجه أو ليس بداخل؟ ومثله ما استرسل من الشعر من الخلف, على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى- في الباب الذي يليه.(8/3)
"وأخذ ماء جديد للأذنين" هذا سنة عند المؤلف, أخذ ماء جديد للأذنين ظاهرهما وباطنهما, أولاً: الأذنان مختلف فيهما بين أهل العلم, هل هما من الرأس أو من الوجه, أو مستقل لا من الرأس ولا من الوجه, أو ما والى الوجه منهما من مقدمهما من الوجه, وما والى الرأس من ظهورهما من الرأس؟ أقوال لأهل العلم، والبسط يحتاج إلى وقت, المقصود أن المعتمد أن الأذنين من الرأس, يمسحان معه, وعلى هذا لا يسن أخذ ما جديد لهما, بل يمسحان بما بقي من ماء مسح الرأس, ومن قال بأخذ ماء جديد اعتمد على روايات حصل فيها الوهم, الصواب في هذه المسألة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح رأسه بماء غير فضل يديه, يعني أخذ للرأس ماءً جديداً, مسح رأسه بماء غير فضل يديه, ولا إشكال في كون الرأس يمسح بماء جديد؛ لأنه فرض مستقل عن الوجه, أما بالنسبة للأذنين فهما من الرأس يمسحان بمائه, بما بقي وفضل من مائه, ووهم بعض الرواة فذكر أن الأذنين تمسحان بماء, وأخذ ماءً جديداً للأذنين, والصواب أنه أخذ ماءً جديداً غير ما فضل من ماء يديه لمسح رأسه.
كيفية مسح الأذنين بعد أن يمسح رأسه يقبل بيديه ويدبر, يمسح رأسه يقبل بهما ويدبر, يمسح بما بقي من هذا الماء أذنيه, فيدخل السبابتين في داخلهما ويمسح ظاهرهما بإبهاميه.(8/4)
"وتخليل ما بين الأصابع" جاء الأمر به، ((وخلل بين الأصابع)) أما أصابع الرجلين باعتبار أن الماء قد ينبو عما بينهما، وقد يشتد تراصهم، وبعض الناس لا يصل الماء بين أصابع رجليه إلا بالتخليل، فيتجه القول بتخليل ما بين الأصابع، ومقتضى ذلك أنه سنة عند المؤلف، أما بالنسبة لمن يصعب عليه، أو يصعب دخول الماء ووصول الماء إلى ما بين الأصابع إلا بالتخليل فهذا لا شك أنه واجب، لا بد أن يخلل، لا بد أن يوصل الماء إلى المحل المفروض، هذا القول بوجوبه متعين، لكن بعض الناس فيه فرصة لئن يصل الماء إلى ما بين الأصابع من غير تخليل فهذا القول بالسنية بالنسبة له امتثالاً للأمر ((خلل بين الأصابع)) ظاهر، كتخليل أصابع اليدين، القول باستحبابه ظاهر لعموم الأمر ((خلل بين الأصابع)) لكن باعتبار أن تفريج أصابع اليدين سهل، ووصول الماء إلى المحل المفروض بينهما متيسر فلا يتجه القول بالوجوب ما دام يتأكد أن الماء يصل من غير تخليل، تخليل أصابع الرجلين قد يكون بخنصر اليد اليسرى بدء من خنصر الرجل اليمنى إلى خنصر الرجل اليسرى، التخليل ما بين الأصابع إذا كانت الأصابع ملتصقة يوجد بعض الناس من بعض أصابعه ملتصقة سواء كان في يديه أو في رجليه لا بد من غسل ما بين الأصابع، لا بد من التأكد من وصول الماء إلى ما بين الأصابع، بالنسبة للخاتم الذي على الأصبع قد يكون ضيقاً بحيث لا يمكن وصول الماء إلى ما تحته هذا لا بد من تحريكه حتى يدخل الماء إلى ما تحت الخاتم، وقل مثل هذا في الساعة عند من يلبسها في يده، لا بد من تحريكها، أما إذا كانت واسعة، والخاتم واسع يصل الماء إلى ما تحته من غير حاجة إلى تحريك فهذا يكفي فيه الجزم بوصول الماء إلى المحل المفروض.(8/5)
"وتخليل ما بين الأصابع، وغسل الميامن قبل المياسر" يعني اليد اليمنى تغسل قبل اليد اليسرى، والرجل اليمنى تغسل قبل الرجل اليسرى، ومقتضى صنيع المؤلف أن ذلك سنة، الله -جل وعلا- في آية الوضوء في سورة المائدة قال: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [(6) سورة المائدة] {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [(6) سورة المائدة] من غير تنصيص على تقديم اليمنى على اليسرى، ولذلك اكتفوا بالسنية إذا قرن ذلك مع كونه -عليه الصلاة والسلام- يعجبه التيمن، من ذلك قوله: "في طهوره" يعني في وضوئه، يعجبه التيمن، لكن لو قال قائل: هل نمسح جانب الرأس الأيمن قبل الأيسر؟ هل نغسل الجانب قبل الأيسر؟ غسل الميامن قبل المياسر، جاء في تغسيل الميت الأمر بتقديم الميامن ((ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها)) هل نستدل بهذا على وجوب غسل اليمنى قبل اليسرى في الوضوء؟ ((ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها)) هل في هذا ما يدل على الوجوب؟ غسل اليمين قبل الشمال في الوضوء؟ نعم الأصل في الأمر الوجوب، أولاً: الرازي في تفسيره نسب إلى الإمام أحمد أن غسل اليد اليمنى قبل اليسرى واجب، وغسل الرجل اليمنى قبل اليسرى واجب، نسبه إلى الإمام أحمد، ولا يعرف مصدره ومرجعه في ذلك، ولذا حكموا على قوله بأنه شاذ، ولا يعرف في المذهب هذا القول.
نأتي إلى حديث أم عطية في غسل بنت النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما قال: ((ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها)) مقتضى الآية أن اليدين فرض واحد، والرجلين كذلك، ولذلك يقولون: فروض الوضوء -على ما سيأتي- غسل الوجه، غسل اليدين، مسح الرأس، وغسل الرجلين، ولا يقولون: غسل الوجه، وغسل اليد اليمنى، وغسل اليد اليسرى، يعني يفرقون بين اليد اليمنى واليسرى، لا، ما أحد قال بهذا، وعلى هذا فتقديم اليد اليمنى على اليسرى سنة، كل من وصف وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر أنه غسل اليد اليمنى قبل اليسرى، لكن في وضوء، أو في غسل الميت أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يبدأ بالميامن ومواضع الوضوء، وبين الجملتين اتحاد وإلا اختلاف؟ بينهما توافق وإلا تنافر؟
طالب:. . . . . . . . .(8/6)
توافق، كيف توافق؟ قوله: ((ابدأن بميامنها)) إلا يقتضي أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى؟ ((ابدأن بميامنها)) أليس مقتضى هذه الجملة أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى؟
طالب:. . . . . . . . .
لم لا؟ ((ابدأن بميامنها)) يعني جملتين، نتعامل مع جملتين في حديث واحد، هذه جملة مستقلة مقتضى ذلك أن نغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى، مقتضى هذه الجملة، يعني لو لم يرد علينا غيرها هذا المتجه، وهذا المتعين أن نغسل الشق الأيمن، ثم نغسل الشق الأيسر ((ومواضع الوضوء منها)) مقتضى ذلك أن تغسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى، فصار بين الجملتين توافق أو تنافر؟ يعني في الظاهر، الكلام في الظاهر في التعامل مع الجمل، ثم كوننا نحتاج إلى توثيق لنرفع هذا التعارض أو هذا التنافر هذا مطلوب، والمراد بمختلف الحديث والتعارض بين الأحاديث أنما هو في الظاهر، فيما يظهر للمجتهد، أما بالنسبة لحقيقة الأمر فلا يمكن أن يوجد تعارض ولا تناقض ولا اختلاف ولا تضاد بين أحاديث صحيحة، مقتضى الجملة الأولى ((ابدأن بميامنها)) أن نغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى، ومقتضى الجملة الثانية مواضع الوضوء أن نغسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى، وهذا هو التعارض الظاهر، كيف نرفع هذا التعارض؟ الميامين يدخل فيها اليد اليمنى والرجل اليمنى، والمياسر يدخل فيها اليد اليسرى والرجل اليسرى.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن هل تغسيل الميت مثل غسل الحي بمعنى أن الوضوء يقدم على الغسل، أو الوضوء في أثناء الغسل؟ يعني هل يُوضأ الميت وضوءاً مستقلاً ثم بعد ذلك يعمم بدنه بالماء؟(8/7)
. . تغسيل الميت في كتابك، يعني كالحي، شوف وش يقول هنا؟ ولا يدخل الماء في فيه ولا أنفه، فإن كان فيه ما أذى أزاله بخرقة، ويصب عليه الماء، فيُبدأ بميامنه، ويقلبه على جنبيه ليعم الماء سائر جسده، فيكون في كل المياه شيء من السدر، ويضرب السدر فيغسل برغوته رأسه ولحيته، ويستعمل في كل أموره الرفق، طيب قبل ذلك، نعم: ثم يوضئه وضوؤه للصلاة، ولا يدخل الماء في فيه ولا في أنفه، يعني ما يلزم في مثل هذا مضمضة ولا استنشاق، فإن كان فيه أذى أزاله بخرقة، ويصب عليه الماء فيبدأ بميامنه، يعني ابدأن بميامنها في الغسلات التي لا وضوء فيها، وابدأن بمواضع الوضوء في الوضوء في توضئتها، وفي الغسلة التي فيها الوضوء، هكذا قال أهل العلم، وبهذا يرتفع الاختلاف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هم قالوا: يبدأ بمواضع الوضوء، بالميامن في الغسلات التي لا وضوء فيها؛ لأن أولاً إذا قلنا: إن غسل الميت مثل غسل الحي يبدأ بوضوئه وحينئذٍ يبدأ بمواضع الوضوء، والغسلات التي لا وضوء فيها بعد ذلك إذا أردنا تعميم البدن بالماء من غير وضوء نعم نبدأ بالميامن كالحي يغسل الشق الأيمن ثم الأيسر، يفيض الماء على الشق الأيمن ثم الأيسر، فلا إشكال -إن شاء الله تعالى-.
من المسائل التي يختلف فيها غلام الخلال أبو بكر عبد العزيز مع المؤلف هنا أظن في هذا الباب مسألتين. اقرأ.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-: المسألة الثالثة: قال الخرقي: والسواك سنة، ثم عقب ذلك بغسل اليدين عند القيام من نوم الليل، وبه قال أكثرهم؛ لأنه قيام من نوم فلا يوجب غسل اليدين كالقيام من نوم النهار.
نعم لأن الأصل أن اليد طاهرة، فلا يلزم غسلها ما دامت طاهرة، والأمر الوارد في الحديث، أو النهي عن إدخالهما كراهة يعني، لا يرتقي إلى الوجوب؛ لأن اليد في الأصل طاهرة، هذا ما اختاره المؤلف على ما مضى، ولا شك أن الأصل في الأمر الوجوب، ولا صارف له، وأما كونهم يصرفون الأمر بمجرد العلة فهذا محل نظر، نعم.(8/8)
وقال أبو بكر: يجب غسلهما، وهي الرواية الصحيحة لما روى أبو داود بإسناده عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قام أحدكم من نوم الليل فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات، فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )).
مستند المؤلف الأمر في الحديث، وأن الأمر للاستحباب لا للوجوب، والصارف العلة ((فإنه لا يدري)) مستند من استدرك عليه غلام الخلال أن الأصل في الوجوب، وأن العلة لا تقوى لهذا الصرف، والأصل في الأمر الوجوب، نعم.
المسألة الرابعة: ذكر الخرقي عقيب ذلك التسمية، وأنها سنة في الطهارة، وبه قال أكثرهم؛ لأنه لما لم يجب الذكر في آخرها لم يجب في أولها كالصيام، وقال أبو بكر: التسمية واجبة، وهي الرواية الصحيحة لما روى أحمد بإسناده عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)).(8/9)
عرفنا مستند المؤلف في التسمية، أما ما يتداوله الفقهاء من الحنابلة وغيرهم باستدلالهم على عدم وجوب التسمية أنها عبادة لا يجب الذكر في آخرها فلا يجب في أولها كالصيام، مثل هذا لا يقوى على معارضة النص لو ثبت، وأما ما جاء في التسمية فلا يخلو حديث منها من ضعف، وكلام لأهل العلم، ولو قلنا بمقتضى الحديث الذي استدل به غلام الخلال على الوجوب ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) هل يكفي أن نقول بالوجوب، أو أن الصيغة صيغة شرط؟ لأن النفي إما أن يتجه إلى الحقيقة العرفية أو الحقيقة الشرعية أو الحقيقة اللغوية ((لا وضوء)) هل يمكن الاتجاه -اتجاه النفي- ((لا وضوء)) إلى الحقيقة العرفية أو اللغوية؟ هو توضأ، غسل الأعضاء كلها، توضأ وضوءاً يعني في ظاهره كامل، فكوننا ننفي الحقيقة اللغوية هذا غير متجه؛ لأن حقيقة الوضوء هو النظافة والنزاهة من الوضاءة موجودة، وكذلك الحقيقة العرفية، يعني من رآه قال: توضأ، لكن الحقيقة الشرعية وهو الوضوء الشرعي يتجه إليه النفي، كما في قوله -عليه الصلاة والسلام- للمسيء: ((صل فإنك لم تصل)) يعني قوله: ((فإنك لم تصل)) هذا النفي متجه إلى الحقيقة اللغوية أو العرفية؟ لا، هو صلى قرأ وركع وسجد، هذه صلاة، لكن هل هذه صلاة شرعية أو ليست بصلاة شرعية؟ فالنفي يتجه إلى الحقيقة الشرعية في مثل هذه النصوص، فحينئذٍ لا وضوء شرعي، وإذا لم يكن هناك وضوء شرعي يصح وإلا ما يصح مع انتفاء الحقيقة الشرعية؟ لا يصح، إذاً التسمية شرط لو قلنا بمقتضى هذا الحديث، لكن هم من جهة أخرى يختلفون في التقدير، فإما أن يقولوا: لا وضوء صحيح، وإما أن يقولوا: لا وضوء كامل، فيكون فيه وضوء لكنه ناقص، والكمال هنا منه ما هو كمال واجب، ومنه ما هو كمال مستحب، المقصود أنه لو صح النص لا مفر من كونها شرط لصحة الوضوء، نفي الكمال، لو قلنا بنفي الكمال الكمال منه ما هو واجب ومنه ما هو مستحب، فإن قلنا: نفي الكمال الواجب قلنا: واجبة على ما اقتضاه كلام الخلال، وإذا قلنا: نفي الكمال المستحب أتجه كلام المؤلف، يعني مقترناً باسم الله، توضأ مقترناً أو متبركاً باسم الله، ليس فيه نص بالوجوب، هنا زوائد الهداية على الخرقي زوائد أبي(8/10)
الخطاب، يقول -رحمه الله-: فصل في السواك وغيره، روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)) متفق عليه، والسواك سنة مؤكدة عند الصلاة، وتغير رائحة الفم بمأكول أو نوم وغير ذلك.
معكم نسخ وإلا ما معكم؟ زوائد الهداية على الخرقي؟ "وتغير رائحة الفم بمأكول أو نوم" لأنه كان المطبوع: "أو ثوم" ولكن الثوم داخل في المأكول، فالصواب: "أو نوم، وغير ذلك، ويستحب في سائر الأوقات إلا فيما بعد الزوال في حق الصائم ففي كراهيته له روايتان" وهذا تقدم الكلام فيه "ويستاك بعود ينقي الفم ولا يجرحه، ولا يتفتت فيه، ويجتنب الرياحين، والأولى عرجوناً أو زيتوناً أو عود أرآك، ويستاك عرضاً" يعني لا طولاً؛ لأن الطول يؤثر في اللثة، أما العرض فينظف الأسنان من غير تأثير في اللثة "ويكتحل وتراً، ويدهن غباً" يكتحل وتر بمعنى أنه يكتحل في كل عين مرة، أو ثلاث مرات، أو يكتحل في عين ثلاثاً، وفي الثانية ثنتين ليكون المجموع وتر، أيهما أقرب؟ يعني لو قلنا: إنه يكحل كل عين مرة وتر، قلنا: المجموع شفع، وإذا قلنا: يكتحل في كل عين ثلاثاً ثلاثاً قلنا: المجموع ست، صارت شفع، فهل المنظور إليه هنا في الاكتحال وتر كل عين بمفردها أو المجموع يكتحل في عين ثلاثاً وفي عين اثنتين أو في عين واحدة، وفي الثانية اثنتين ليكون المجموع وتر؟ أيهما أوجه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني كل عين مستقلة، نعم يعني هل هما شيء واحد أو شيئان؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو مقتضى قياسه على اليدين يغسل كل يد ثلاثاً، ولو صار المجموع ستاً هو يغسلها ثلاثاً ثلاثاً، يغسل اليدين ثلاثاً، يعني كل يد تغسل ثلاث مرات، فينظر إلى كل عضو على حدة.(8/11)
"ويدهن غباً" يعني يوم يدهن ويوم لا يدهن، والنظافة وخروج المسلم وظهوره بالمظهر اللائق به مطلوب، وتعاهد ما يقذر به مطلوب أيضاً، لكن من غير إسراف في ذلك، ولذلك يدهن غباً ما يدهن كل يوم، بعض الناس يهتم بمظهره -وهذا مطلوب- لكن ينبغي أن يكون بقدره، تجده يسرف على هذه الأمور أوقات طويلة، وأقول مثل هذا في تغيير الثياب وغيرها، لا يمكث في الثوب بحيث تجتمع فيه الأوساخ والروائح الكريهة، ولا يلزم أن يغير ثيابه كل يوم "ويسرح شعره، وينظر في المرآة" لأن حسن المظهر مطلوب، "ويتطيب" والنبي -عليه الصلاة والسلام- حبب إليه الطيب، قال: "ويجب الختان" أما وجوبه بالنسبة للرجال فظاهر؛ لأنه لا يتم الواجب إلا به، ومن سنن الفطرة، وجوبه بالنسبة للرجال ظاهر؛ لأنه لا يتم الواجب وهو الأنقى في الاستنجاء إلا به، فهو واجب بلا شك، أما بالنسبة للمرأة فهو محل خلاف بين أهل العلم، منهم من أوجبه، ومنهم من حمله على الاستحباب "ويكره القزع" وهو حلق بعض الرأس وترك بعضه، وجاء النهي عنه في الصحيح، كان ينهى عن القزعة، والأصل في النهي التحريم، وفي مسلم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد)) الختان معروف بالنسبة للرجال والنساء وهو ما يقطع من هذا ومن هذا، والختان معروف في النساء قديماً في العرب قبل الإسلام، ثم أقر قبل الإسلام، وحديث: ((إذا التقى الختانان)) يدل على أن النساء كن يختتن، وهو أيضاً بالنسبة للمرأة مكرمة للمرأة، وأحظى لها، وفيه تخفيف لشهوتها، وثارت ثائرة الكفار، وأعداء الإسلام من فعل المسلمين هذا قبل سنتين أو ثلاث، حتى تدخلوا في منعه في بعض البلدان الإسلامية، واستجاب المسلمون لذلك والله المستعان.(8/12)
"والاستحداد" استعمال الحديد، يعني بمعنى الحلق، الاستحداد بالنسبة للعانة "وتقليم الأظفار" قصها "ونتف الإبط، وقص الشارب" هذا هو الأكمل في هذه الأمور، يختتن الرجل وجوباً، والمرأة استحباباً، وتستعمل الحديدة الموسى في العانة بالنسبة للذكر والأنثى، وتُقلم الأظافر بما يزيلها بما لا يستقذر به، فلا يقلم أظافره بأسنانه كما يفعله بعض الناس، وأي آلة تزيله يكتفى بها "ونتف الإبط" يعني لو استعمل النتف للعانة، أو استعمل النورة ما استعمل الاستحداد، بأي شيء زال الشعر أجزأ، لكن التوجيه في الحديث على استعمال الموسى بالنسبة للعانة، وتقليم الأظفار بما يزيلها، وأما بالنسبة للإبط فالنتف؛ لأنه يزيل أصول الشعر، وأصول الشعر يتعلق به الأوساخ والروائح من جراء العرق وغيرها.
"نتف الإبط" لكن لو أزاله بالموسى أو بالنورة كفى "وقص الشارب" لا حلقه، وإن جاء في رواية النسائي -رحمه الله تعالى- ما يدل على الحلق، وقال أنس: وقت لنا بقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا يترك أكثر من أربعين يوماً، ولذا يتجه القول بتحريم ترك هذه الأمور أكثر من أربعين ليلة.
"ويستحب التيامن في سواكه" يعني البداءة بالشق الأيمن قبل الأيسر، وأما بالنسبة لليد فليكن الاستياك باليد اليسرى في قول عامة أهل العلم؛ لأنه من باب إزالة القذر، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: لا أعلم أحداً من الأئمة قال بالتسوك باليمين، وجده المجد يقول بذلك، لكن لعله يقصد من الأئمة المتبوعين "وسواكه ووضوئه" ومن ذلك ما تقدم غسل الميامن قبل المياسر "في سواكه ووضوئه" مش وانتقاله؟ وش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
أي نعم، صحيح "وانتعاله" لأنه هنا كتب "وانتقاله" في أخطاء كثيرة "وانتعاله" يعني لبس النعل اليمنى، فاليمنى في اللبس تقدم، وفي الخلع تقدم اليسرى، لتبقى اليمنى منعولة محفوظة أكثر من اليسرى؛ لأنها أكمل وأشرف، وجاء ما يدل على أنه يعجبه التيمن في تنعله -عليه الصلاة والسلام-، ودخوله المسجد، فيقدم رجله اليمنى في دخول المسجد، والعكس في الخروج يقدم اليسرى، وجاء ما يدل على ذلك، وأنه من السنة، كما عند البيهقي وغيره.(8/13)
يقول: هل ورد دليل على أن السواك يكون عرضاً والأطباء يذكرون أن السواك وغسل الأسنان بالفرشاة والمعجون يكون طولاً؛ لأنه أقوى في التنظيف؟ فهل ورد حديث صحيح في ذلك لنضرب بقولهم عرض الحائط؟
على كل حال المسألة مسألة تنظيف مع اتقاء المفسدة والمضرة، والناس يتفاوتون، بعض الناس اللثة عنده هشة أدنى ما ورد عليها أثّر فيها، يعني بعض الناس لو أكل تفاحة خرج الدم من لثته، هذا موجود بكثرة، فمثل هذا لا يعرض هذه اللثة؛ لأن بعض الناس إذا أستاك طولاً خرج المسواك وطرفه أحمر، فمثل هذا لا شك أنه يستاك عرضاً، وبعض الناس الذي عنده قوية يمكن أن يمر عليها السواك وبقوة؛ لأن الأسنان تحتاج إلى دلك بقوة، تحتاج إلى إزالة ما علق بها من وسخ أن يكون بقوة.
طالب: لكن -عفا الله عنك- العبرة في الطول والعرض بالنسبة للفم أو للسن؟
وين؟
طالب: يعني الطول للفم وإلا للسن؟ إذا قلنا: الطول للسن معناه يستاك هكذا، وإذا قلنا: العرض للسن يستاك ....
إذا قلنا: الطول للفم وش صار؟ العرض للفم.
طالب:. . . . . . . . .(8/14)
لا المقصود الأسنان عرضاً الأسنان هكذا، هذا العرض، هذا المطلوب، على كل حال إذا كان الإنسان لا تتأثر لثته، ولا يصيبها جرح ولا خلل لا مانع من أن يستاك طولاً؛ لأنه قد يكون أقوى في التنظيف، لكن إذا كان يتأثر كما هو حال كثير من الناس يستاك عرضاً، هذا مرده إلى التأثر، إذا كان الإنسان يتأثر ويتأذى بها طولاً أستاك عرضاً، وإلا فالمسألة مسألة النبي -عليه الصلاة والسلام- أستاك أيضاً على لسانه، ومطلوب أيضاً مسح اللسان بالسواك كأنه يتهوع، يقول: أع أع؛ لأنه يصل إلى آخر الحلق السواك، المقصود أن المراد التنظيف على أي وجه كان يكفي، بالنسبة للفرشاة والمعجون وغيرها لا شك أنها قد يكون تنظيفها للفم أكثر وأقوى من تنظيف السواك المجرد، لكن السنة إنما تتأدى بالسواك، فالسواك في مواضعه لا يغني عنه شيء، عند الوضوء، وعند الصلاة، وعند القيام من النوم، وعند تغير الفم، في المواضع التي ذكرها أهل العلم السواك، وما عدا ذلك إذا أراد قدراً زائداً على ذلك، وأراد أن يأخذ بنصائح الأطباء من الأخذ بهذه الآلات لا مانع -إن شاء الله تعالى-؛ لأن المسألة تعود إليه، مسألة طبية والشرع يأمر بالمحافظة على البدن من غير إسراف.
يقول: قاعدتهم التسوك باليد اليسرى؛ لأنه إزالة أذى أليست أصبع اليد اليمنى تزال بها نجاسة الأذن اليمنى؟
كيف؟ أصبع اليد اليمنى تزال بها نجاسة الأذن اليمنى، الأصل أن الأذن ليس فيها نجاسة، يعني كونها تمسح لا عن نجاسة، ولو وجدت النجاسة لوجب غسلها، فمنهم من يقول: إنه يتجه القول فيه القول بالتعبد السواك، مع أن إزالة القذر فيه ظاهره، فالتعبد يتجه إذا كانت الأسنان نظيفة، ما فيها وسخ، أستاك عند وضوئه، وأزال جميع ما على الأسنان من وسخ ثم كبر للصلاة، الآن هل نحتاج إلى أن نستاك باليسرى لأننا نزيل قذر، أو نستاك باليمنى لأننا نزاول عبادة من دون قذر؟ الآن نجزم إن ما في قذر الآن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(8/15)
هو عبادة، رتب عليه ثواب عظيم، هو من هذه الحيثية عبادة، لكن عامة أهل العلم حينما قالوا بالتسوك من اليسار نظروا إلى أنه إزالة قذر وهذا ظاهر أيضاً، هو عبادة لأنه إزالة قذر، فهو مركب من أمرين، هو عبادة لا شك، وفيه أيضاً إزالة قذر محسوسة وواضحة، لكن إذا أجتمع الأمران أزال القذر مع الوضوء، وأسنانه لم يعد فيها شيء ألبتة، نظيفة، ثم بعد ذلك كبر للصلاة، وأراد أن يستاك نقول له: تسوك بالشمال لأنه إزالة قذر؟ يقول: ما في قذر، أنا بأمتثل ((لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)) فهل يتجه القول بأنه يستاك باليمين لأن العلة زالت، العلة الأولى زالت أو لا يتجه؟
طالب:. . . . . . . . .
ش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو إذا قلنا: إزالة قذر فمعروف قاعدة الشرع أن إزالة القذر تكون بالشمال، القاعدة الشرعية، لكن في حال النظافة، وارتفع جزء العلة بقي الجزء الآخر نستاك باليمين إذا انتفى جزء العلة؟ على كل حال الاستياك باليمين مع النظافة ومع عدم القذر له وجه، أما بالنسبة للمسجد جاء يدل عليه، بالنسبة للمسجد جاء ما يدل على تقديم اليمنى، أما بالنسبة للبيت فإن قلنا: إنه موطن عبادة، وتزاول فيه عبادات وكذا، وما يزاول فيه من معاصي على خلاف الأصل، فيتجه فيه القول بتقديم اليمنى.(8/16)
الإمام الموفق -رحمه الله- ابن قدامه عمل كتابه الهادي في زوائد الهداية على الخرقي، وكانت النية أن نستخرج زوائد المتون المطروقة الآن على الخرقي، اكتفينا بهذا في أول الأمر، لكن ما زالت الحاجة داعية إلى النظر في زوائد المتون المطروقة الآن، وهي ثلاثة العمدة والدليل والزاد، فيقارن بين مسائل العمدة مع مسائل الخرقي، وتستخرج الزوائد، يقارن بين مسائل الدليل ومسائل الخرقي، وتستخرج الزوائد وهكذا بالنسبة للزاد، ولو كان هذا عمل يصير جماعي نحتاج إلى مجموعة في كتاب، وأخرى في كتاب آخر، ومجموعة ثالثة في الكتاب الثالث كان طيب، كان بالإمكان أن نكتفي بواحد في كل كتاب، لكن كون يعمل عليه أكثر من واحد لنقارن بين العملين، ونجزم بأنه لم يترك مسألة من الزوائد ما ذُكرت، وكون العمل يكون مشتركاً أنشط للدرس، فإذا تبرع بعض الإخوان على أن يلتزموا بهذا ما هو بالمسألة، إذا التزموا في يوم من الأيام نجي ما أحضر لنا أحد شيئاً، فإذا كان أكثر من واحد نحتاج إلى ثلاثة في العمدة، وثلاثة في الدليل، وثلاثة في الزاد، لو قدر أنه غاب واحد يكفي اثنين ونحتاج إلى اثنين لنقارن عمل الواحد بالثاني لنجزم بأنه ما ترك من المسائل شيء، في أحد يتبرع وإلا ... ؟ العمدة والدليل والزاد.
الطالب:. . . . . . . . .
طيب الزاد؟
العمدة عند الشيخ، سجلهم يا عبد الله سجلهم ثلاثة هنا وثلاثة وثلاثة، العمل الجماعي فيه بركة -إن شاء الله تعالى-، وتشغيل الإخوان بعد يحيي الدرس.
الطالب:. . . . . . . . .
أكثر من بعض؟ بحيث يتضح أن بعضه طويل.
الطالب:. . . . . . . . .
في حكمه، حتى التحديد الذي يعملونه الآن قزع لأنه حلق لبعضه.
ما حكم لبس الخف الثاني بعد طهارة المسح؟
إيش معنى هذا الكلام؟ ما حكم مسخ الخف الثاني بعد طهارة المسح؟ واضح السؤال؟ مفهوم؟
الطالب:. . . . . . . . .
وش يقول؟
يعني لبس الجورب الأول أو الخف الأول قبل غسل الرجل الثانية.
الطالب:. . . . . . . . .
طيب.
الطالب:. . . . . . . . .(8/17)
ما ظهر لي الكلام، لا كلامك ولا كلامه، وقد يكون هذا من قصوري، لكن ما يمنع أننا نتثبت، يقول: ما حكم لبس الخف الثاني بعد طهارة المسح؟ أنا الذي تبادر إلى ذهني أنه يريد أنه يغسل الرجل اليمنى ثم يدخلها الخف، ثم يغسل الرجل اليسرى ثم يدخلها الخف، لبس الخف الثاني.
الطالب: جورب فوق جورب. . . . . . . . . ثم لبس الجورب الثاني بعد مسح الأول.
هذا الذي تريد؟ يعني لبس خف ثاني؟
الطالب:. . . . . . . . .
يقولون: إلا إذا لبس خفاً فوق خف الحكم للفوقاني، إذا لبسه بعد أن مسح على الأول لا يسوغ له أن يمسح على الثاني؛ لأنه لما لبسه لم تكن الرجل طاهرة بعد الحدث، أدخل الأولين صار لهم الحكم.
الطالب:. . . . . . . . .
لكنه لبس الخف الثاني بعد نقض الطهارة، بعد نقض الطهارة الأولى التي من أجلها مسح على الأول.
الطالب:. . . . . . . . .
ما هو الآن توضأ وضوءاً كاملاً ولبس الخف الأول؟ ثم أحدث ومسح على الأول، ثم أحدث ومسح على الأول، مسح ثم لبس الثاني، خله أحدث مرة أو مرتين أو عشر ما يختلف الحكم، إذا أحدث أول مرة انتهى الإشكال.
هل نقول: إنه لبس الخف الثاني بعد تمام الطهارة؟ وهل المقصود به طهارة مسح أو طهارة غسل؟ ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) طاهرة مسح أو طاهرة غسل؟
الطالب: طهارة غسل.
الثانية بعد ما أحدث، الثانية طهارة مسح وليست طهارة غسل، فلا تكفي طهارة المسح عنده.
يقول: هل استحباب غسل اليدين مقيد بما إذا كان سيدخلهما في الإناء، بمعنى أنه إذا لم يكن ثم إناء بل توضأ من الصنبور، أو أراق شخص عليه الماء لم يستحب؟
يعني لو أراق عليه الماء يتوضأ مباشرة يعني يدخل يديه تحت الصنبور ويملأ كفيه مباشرة من غير غسل، يملأ كفيه فيغسل وجهه مباشرة، أو يأخذ بيده يتمضمض ويستنشق، ثم إذا انتهى غسل وجهه من غير غسل للكفين، لماذا؟ لأنه لا يريد إدخالهما الإناء، والمحظور إدخالهما الإناء، إذا كان المتجه القول بطهارتهما لا يوجد ما يمنع، وإذا قويت العلة بما قووها به من ذكر حال أهل الحجاز أنه لا بد من غسلهما؛ لأن الماء يتلوث، والحنابلة معروف عندهم أن الماء ينتقل من كونه طهور إلى طاهر إذا لم يغسلهما ثلاثاً.(8/18)
يقول: إذا قيل في المغنى: قاله إسحاق فهل المقصود ابن راهويه أم من؟
على كل حال إذا كان القول منسوب لإسحاق نفسه فهو الإمام ابن راهويه قرين الإمام أحمد، وإن كانت رواية يعني من روايات المذهب أو شيء فهو إسحاق بن منصور الكوسج، الراوي عن الإمام أحمد.
يقول: أين موضع السواك عند الوضوء هل قبل الشروع أو عند المضمضة؟
أقول: إنه عند المضمضة.
يقول: هل من حاجة لختان المرأة مثل الرجل؟
المرأة داخلة في النصوص، دلت الأدلة على أن المرأة كانت تختن في عصر النبوة، والدليل ((إذا التقى الختانان)) وعموم أدلة الفطرة تشمل المرأة كالرجل، لكن الآثار المترتبة على ختان المرأة ليست بالقوة مثل القوة المترتبة على ختان الرجل؛ لأن ختان الرجل لا يتم الواجب إلا به، بينما ختان المرأة لا شك أن فيه فوائد كثيرة، ومع ذلك يكتفون بالسنية، ومنهم من أوجبه كالرجل.
يقول: أنا ممن يحب أكل البصل كثيراً خاصة في الغداء وأصلي العصر وقد يخرج رائحة، وإذا اشتغلت بإزالة رائحة البصل لم أدرك الصلاة، فما العلاج؟
العلاج أن لا تأكل، إلا في وقت تجزم بأنه تنتهي هذه الرائحة قبل دخول وقت الصلاة.
يقول: هل هناك دليل صحيح يدل على وجوب الختان لأن بعض أهل العلم ....
في إسقاط هنا.
كأنه يقول: لا يوجد هناك دليل صحيح يدل على الوجوب، وأما حديث: ((من سنن الفطرة الختان)) فيدل على السنية كذلك الجمهور غير الحنابلة .... ؟
لا العكس عامة أهل العلم على وجوبه بالنسبة للرجل، وما ذكر إلا عن الحسن وسعيد بن جبير وبعض أهل العلم، وأما عامة أهل العلم فعلى وجوبه، والوجوب لو لم يرد فيه نص يجب، لو لم يرد فيه نص يدل على الوجوب لقيل بوجوبه كوجوب إزالة ما يمنع من وصول الماء إلى البشرة، يعني لو كان على يدك بويه وجب عليك إزالتها؛ لأنها تمنع من وصول الماء إلى البشرة، وبدون الختان لا يتم الاستنجاء، لا يمكن أن يتم الاستنجاء، وإذا توعد على التساهل في الاستنجاء وعدم الاستبراء من البول بأن عامة عذاب القبر منه فلا أقوى من هذا الدليل، وأيضاً هو من علامات هذه الأمة، وما يميزها عن اليهود والنصارى، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
وقد أختتن، ملة أبيكم إبراهيم.(8/19)
إذا تاب شخص من بدعة وله أتباع هل عليه وز من تبعه؟ وكيف الخلاص من ذلك؟ أو كان له كتاب في ذلك؟
مثل هذا الذي له أتباع، وأغتر بقوله من تبعه لا بد من البيان الكافي، بحيث يصل هذا البيان إلى من كل وصله القول الأول {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ} [(160) سورة البقرة] لا بد من البيان، فإذا ألف يؤلف نقضاً لكتابه، إذا كان خطيب ينقض كلامه الأول على المنبر، إذا كان إمام ويحدث الناس يحدثهم بنقض مذهبه، ويشيع ذلك، والله أعلم.
وصلى الله وسلم ....
يكفي.
ويرد عليه، ينقض القول الأول ....(8/20)
شرح مختصر الخرقي – كتاب الطهارة (9)
شرح: باب: فرض الطهارة: "وفرض الطهارة ماء طاهر، وإزالة الحدث، والنية للطهارة، وغسل الوجه، وهو من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن ... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: فرض الطهارة
"وفرض الطهارة"
عندنا يا شيخ هنا كلمة مقحمة.
إيه.
إيه مقحمة.
"وفرض الطهارة ماء طاهر، وإزالة الحدث، والنية للطهارة، وغسل الوجه، وهو من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن، وإلى أصول الأذنين، ويتعاهد المفصل، وهو ما بين اللحية والأذن والفم والأنف من الوجه، وغسل اليدين إلى المرفقين ...
كذلك هنا سقط "ويدخل المرفقين" ساقطة.
ويدخل المرفقين في الغسل.
عندك قال: "وغسل اليدين إلى المرفقين في الغسل" فسقط من الطبعة الجديدة "ويدخل المرفقين".
ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين، وهما العظمان الناتئان، ويأتي بالطهارة عضواً بعد عضو، كما أمر الله تعالى، والوضوء مرة يجزئ، والثلاث أفضل، وإذا توضأ لنافلة صلى بها فريضة، ولا يقرأ القرآن جنب ولا حائض ولا نفساء، ولا يمس المصحف إلا طاهر، والله أعلم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: فرض الطهارة(9/1)
المؤلف -رحمه الله تعالى- أدخل هنا الفروض الأربعة المنصوص عليها في القرآن، والتي جاء بيانها بالسنة قولاً وفعلاً، وأدخل معها بعض الشروط، بجامع أن الوضوء لا يصح إلا بها، فلو ترك فرضاً لم يصح، ولو ترك شرطاً لم يصح، وهذا الذي يجمع الشرط والركن، الذي يجمع الشرط والركن أن ما اشترط له، أو ما طلب هذا الركن لا يصح إلا بتوافر الشروط، واجتماع الأركان، لكن الفرق بين الشروط والأركان أن الشروط خارج الماهية، والأركان داخل الماهية، فهناك فرق، لو نظرنا إلى شيء واحد اختلف فيه بين أهل العلم هل هو شرط أو ركن؟ ثم ذكرنا الآثار المترتبة على هذا الخلاف أتضح لنا أنه لا بد من فصل الشروط عن الأركان، وعذر المؤلف أنه متقدم، يعني قبل استقرار الاصطلاحات الدقيقة التي أعتمدها المتأخرون، فهذا المتن من أوائل المتون التي صنفت في هذا الفن، ولا بد أن يحصل مثل هذا، وما دام الجامع بين الشرط والركن عدم الصحة فلا فرق من هذه الحيثية، لكن مثل ما ذكرت، شيء واحد اختلف فيه هل هو شرط أو ركن؟ وذكر على هذا الخلاف آثار مترتبة مثل تكبيرة الإحرام عند عامة أهل العلم والجمهور أنها ركن من أركان الصلاة، والحنفية يرون أنها شرط، قد يقول قائل: لا فرق بين هذا وهذا؛ لأن الصلاة لا تصح بدون نية، سواء قلنا: شرط أو ركن، لكن ذكروا من آثار الخلاف بعد تصور حقيقية الشرط وحقيقة الركن، أن الشرط يكون خارج الماهية، والركن داخل، وعلى هذا لو كبر وهو حامل النجاسة، ثم وضعها عند آخر التكبير، أو مع آخر التكبير، صلاته صحيحة وإلا باطلة؟ عند الحنفية صحيحة لأنه حملها خارج الصلاة، وعند الجمهور باطلة؛ لأنه حملها داخل الصلاة، إيش معنى خارج الصلاة؟ هل تكبيرة الإحرام منفصلة عن الصلاة كسائر الشروط؟ هل معنى هذا أن له أن يكبر في بيته ثم يأتي ليصلي في المسجد، كما أن له أن يتوضأ في بيته ثم يأتي ليصلي في المسجد؟ لا ليس هذا مرادهم، إنما هو شرط ملاصق، مباشر للعبادة، على كل حال عذره -عذر المؤلف- هنا في الخلط بين الشروط والأركان التي يعبرون عنها بالفروض، وهناك مناقشات حول تسمية هذه الأمور المطلوبة وأجزاء الوضوء حول تسميتها فروض، وحقيقتها أركان أو فروض، أركان لأن(9/2)
الوضوء لا يصح إلا بها بحال من الأحوال، الركن غير الفرض، نعم الركن مفروض الإتيان به، لكن حقيقة الركن غير حقيقة الفرض، لا سيما وأن المؤلف حنبلي، والحنابلة لا يفرقون بين الفرض والواجب، يفرقون بين الواجب والركن، هم يفرقون بين الواجب والركن، لكن لا يفرقون بين الواجب والفرض، وإذا قلنا على اصطلاحهم: باب واجبات الطهارة، يستقيم؟ لأن الواجب غير الركن، وفي الصلاة يقولون في الواجب: تبطل الصلاة بتركه عمداً، ويجبر بسجود السهو، وأما الركن فلا يجبر بسجود السهو لا بد من الإتيان به، إن ذكر في محله وإلا تبطل الركعة التي هو فيها أو منها، ففرق بين الواجب والركن عندهم ولا فرق بين الفرض والواجب عندهم، لكن هم يتتابعون على تسمية هذه الأجزاء -أجزاء الطهارة- فروض الطهارة، لو ترك غسل يد أو رجل، تصح طهارته وإلا ما تصح؟ تصح وإلا ما تصح؟ ما تصح، وإذا قلنا: إنه واجب تصح وإلا ما تصح؟ لأنه هنا لا يجبر بسجود السهو مثل الصلاة، يعني الصلاة إذا ترك واجب جبر بسجود السهو، لكن لو ترك واجب في الطهارة يجبر وإلا ما يجبر؟ ما يجبر، إذا قلنا الأركان الأربعة التي لا يجبرها شيء بل لا بد من الإتيان بها، هناك واجبات في الطهارة دون الأركان الأربعة، بمعنى أن الطهارة قد تصح وهي واجبة، واحد نسي المضمضة والاستنشاق مثلاً هل هو مثل ما لو نسي غسل الوجه؟ لا؛ لأن الخلاف قوي في مثل هذا، الغسل غسل الجمعة عند من يقول بوجوبه هل هو مثل غسل الجنابة؟ لا، يأثم بتركه لكن العبادات صحيحة، وفرق بين هذا وهذا، لا بد من التفريق بدقة بين هذه الأمور؛ لأن كلام أهل العلم لا بد أن يكون مطرداً منعكساً، ما يكفي أن يكون في باب الاصطلاح يمشي، وفي باب ... لا؛ لا بد أن يكون على وتيرة واحدة، وعلى هذا إذا قلنا: إن الفرض والواجب بمعنىً عندهم، عند الحنابلة والجمهور عموماً خلافاً للحنفية، قلنا: نستطيع أن نرفع كلمة فرض ونضع مكانها واجب، إذاً نقول: باب واجبات الطهارة، أو باب واجب الطهارة، قد يجاب عن التفريق بين الواجبات والأركان في الصلاة بأن الواجبات في الصلاة تجبر، إذا تركت سهواً، وأما هنا فلا جبر، إذاً حقيقة الفرض والركن في هذا الباب الذي لا جبران فيه(9/3)
متقاربة، ويبقى أن الاصطلاح لا بد أن يكون شاملاً لجميع الأبواب بقدر الإمكان، ولذلك هم إذا جعلوا الباطل بمعنى الفاسد استثنوا بعض الأبواب، والفرض والواجب يستثنون وإلا ما يستثنون؟ هنا لا بد أن يستثنى، ما نقول: بمعنى الواجب؛ لأنه بمعنى الركن، لا بد أن نستثني، فنقول: إن الواجب هنا بمعنى الركن؛ لأن ما ذكر أركان وشروط، واعتذرنا للمؤلف في خلطه بين الأركان والشروط.
فرض مفرد، والطهارة مضاف إليه، والمفرد إذا أضيف أقتضى العموم، وإلا لو قلنا: إنه فرض واحد فتكون الطهارة فرض واحد، وليس فيها فروض أكثر من واحد، لكن المفرد المضاف يعم، مثل سنة الوضوء -على ما تقدم- مفرد مضاف، والطهارة المراد بها هنا الصغرى، لا الطهارة الكبرى، وإن كان اللفظ يشمل الطهارتين الكبرى والصغرى، لكن الباب مخصص للطهارة الصغرى، لرفع الحدث الأصغر، وأما ما يتعلق بالحدث الأكبر فسيأتي -إن شاء الله تعالى-.
قال -رحمه الله-: "وفرض الطهارة ماء طاهر" ومراده بالطاهر هنا الطهور، يعني طاهر مطهر، يرفع الحدث، وهناك ماء طاهر لكنه غير مطهر، أي لا يرفع الحدث، فمراده بالماء الطاهر هنا المراد به الطهور الذي يرفع الحدث، والماء الطاهر فرض أو ركن أو شرط؟ وهل المراد بقوله: "ماء طاهر" وجود الماء أو طهارة الماء؟
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
طهارة الماء، يعني لو قلنا: فرض الطهارة طهارة الماء، على هذا نقصر الطهارة بالماء الموصوف بالطهارة، لكن الآن الباب المذكور هنا وإن كانت الترجمة أعم فالطهارة تشمل الوضوء، وتشمل البدل وهو التيمم وتشمل الغسل، وتشمل أيضاً بدله وهو التيمم، لكن هذا العموم في الترجمة يخصصه التفصيل المذكور، فالمراد هنا بالطهارة في هذه الترجمة طهارة الماء من الحدث الأصغر فقط، وأما طهارة البدل فستأتي، ومن الحدث الأكبر ستأتي أيضاً، فالباب وإن كان في ترجمته عموم فيخصص هذا العموم بما ذكره في أثناء الباب، فتكون (أل) هنا جنسية أو عهدية؟
الطالب:. . . . . . . . .
نعم عهدية لا جنسية، وحينئذٍ الكلام يستقيم.(9/4)
"فرض الطهارة ماء طاهر" ماء طاهر هل هو ركن أو شرط؟ شرط "وإزالة الحدث" وعرفنا أن المراد بالطاهر هو الطهور الذي يرفع الحدث، جريان على مذهب الحنابلة الذين يقسمون الماء إلى ثلاثة أقسام، وإلا عند من يقول بأن الماء قسمان ما نحتاج هذا الكلام، وتقدم الكلام فيه، في الباب الأول.
"ماء طاهر، وإزالة الحدث" إزالة الحدث شرط، ما المراد بإزالة الحدث؟ هل المراد به -أعني الحدث- الوصف القائم بالبدن الذي يمنع من الصلاة وما في حكمها، أو المراد به ما يخرج من البدن مما يبطل الطهارة؟ لأنه يطلق على هذا ويطلق على هذا، فهل المراد بالحدث لأن الحدث يطلق ويراد به الوصف المعنوي القائم بالبدن، ويطلق ويراد به ما يخرج من البدن مما يبطل الطهارة؟ ويترتب عليه تنجيس المحل، إزالة الحدث: المراد به إزالة الأثر، أثر الخارج من السبيلين، أثر البول وأثر الغائط، لا بد من إزالته، وهذا شرط لصحة الطهارة، إزالته تكون بالاستنجاء بالماء أو بالاستجمار بالأحجار، ولهذا يقول أهل العلم: ولا يصح قبل الاستنجاء أو الاستجمار وضوء ولا تيمم، وهذا الذي مشى عليه المؤلف، وهو قول أكثر العلماء، أنها لا تصح الطهارة إلا بعد الاستنجاء أو الاستجمار، منهم من يرى أن الأثر -أثر النجاسة على السبيلين- لا يختلف عن النجاسة على سائر البدن، يعني لو كان في ظهره أو على فخذه أو كتفه نجاسة يتوضأ وإلا ما يتوضأ ثم يزيلها، أو يزيلها ثم يتوضأ؟
الطالب: سيان.
لا يختلف الحكم يتوضأ ثم يزيلها أو العكس لا فرق، فالقول الثاني في المسألة أنه لا فرق بين أن تكون النجاسة على محل الخارج على السبيلين أو على غيرهما، في أي جزء من أجزاء البدن، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا ما يلزم، بحائل أو بشيء، بالأحجار لن يمس.
الطالب:. . . . . . . . .
أظن مثل هذا بعيد، هم يمرون بأشياء تحتاج إلى احتياط أكثر من هذا.
الطالب:. . . . . . . . .(9/5)
لا لا هم يشترطون، ولا يصح قبلهما وضوء ولا تيمم، وهذا القول المرجح عند أهل العلم، عند عامة أهل العلم وهو مرجح، إزالة الحدث يعني عند الحاجة إليه عند وجوده، ولا يحتاج إلى غسل السبيلين من غير حاجة إليه، وليس من فروض الوضوء غسل السبيلين، كما يظن عامة الناس، العوام يتصورون أن غسل السبيلين من فروض الوضوء، أنه لا بد أن يغسل السبيلين قبل الوضوء، ويظنونه من فروضه، وهذا ليس بصحيح، فإن احتيج إلى غسلهما لوجود الأثر النجاسة، فهذا أمر لا بد منه، وإن لم يوجد فلا، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
هو على القول بنجاسته يكون حكمه حكم البول، نعم وعلى القول بطهارته وقيل بذلك، لا، وأيضاً هو مبطل للوضوء بلا شك، وهو نجس؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر علياً أن يغسل ذكره، في رواية: "وأنثييه" فهو نجس، وإن لم يكن كنجاسة البول، يعني هو نجس لكن نجاسة مخففة، ولذا جاء فيه: ((أنضح فرجك)) فإذا قلنا بهذا لا بد أن يبدأ به، مثل أثر الخارج، الحدث نقول: لا يغسل السبيل إلا عند الحاجة إليه، يعني وجود نجاسة من أثر الخارج، ولا حاجة لغسله دون ذلك، والريح لا تضر، ولا يلزم غسل السبيل منها، وجاء في خبر -لكنه ضعيف-: ((من استنجى من الريح فليس منا)) الحديث ضعيف، لكن الإجماع قائم على أنه لا يستنجى من الريح، خلافاً لبعض طوائف المبتدعة كالزيدية، يغسلون ويخلعون سراويلهم عند الصلاة؛ لأنها تنجست بالريح، المقصود أن مثل هذه الخلافات تذكر لمجرد العلم بها، وإلا لا عبرة بأصحابها وأربابها، ولا أثر لها وجوداً ولا عدماً، يعني ما تخرق الإجماع.(9/6)
"وإزالة الحدث والنية" النية شرط لصحة الطهارة، سواء كانت الطهارة أصلية أو بدل، يعني سواء كانت بالماء أو بالتيمم بالتراب بالصعيد، لا بد منها، وهذا قول جماهير أهل العلم ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) وهذا حصر، وجاء في رواية: ((لا عمل إلا بنية)) و ((إنما الأعمال بالنية)) فالمسألة التي هي النية شرط لكل عبادة، شرط لصحة كل عبادة، فلا بد من توافر شرطين لصحة كل عبادة؛ لتكون العبادة مقبولة أن يقصد بها وجه الله -جل وعلا-، وأن يتبع النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها، فلا بد من الإخلاص والمتابعة لتكون العبادة صحيحة، فهما شرطان، ومنهم من يقول: شرط واحد، النية إخلاص العمل لله -جل وعلا- كافي، لماذا؟ لأنه من لازم الإخلاص أن يكون العمل على هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فالعمل الذي ليس فيه إخلاص ليس من هديه -عليه الصلاة والسلام-، والعمل الذي فيه الإخلاص لا بد أن يكون مطابقاً، فالعمل الذي عليه أمره ولا عمله -عليه الصلاة والسلام- هذا ليس بخالص، لكن عامة أهل العلم يذكرون الشرطين، ومنهم من يعكس من يقول: يكفي شرط الإتباع؛ لأن العمل الخالص لم يتحقق فيه الإتباع، ولكن التنصيص على الشرطين للعناية بهما والاهتمام بهما وتذكرهما؛ لأن الإنسان قد يغفل عن هذا الشرط، وهو شرط في غاية الأهمية فلا تصح العبادة إلا أن يكون المراد بها وجه الله -جل وعلا-، وأن تكون على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-.
والنية هي مجرد القصد، ويقول أهل العلم في كتب اللغة وأيضاً كتب الشريعة يقولون: النية لغة: القصد، يقال: نواك الله بكذا أي قصدك، ونعرف أن ما يضاف إلى الله -جل وعلا- لا بد أن يكون فيه خبر توقيف، فلا يضاف إلى الله -جل وعلا- شيء إلا وقد ثبت به الخبر، أما ما يضاف إليه من أسماء وصفات فهذا مفروغ منه، وأنه لا بد أن يكون عن توقيف، لا بد من دليل السمع فيه، وأما الإخبار عن الله -جل وعلا- بمثل هذا فيتوسعون فيه، فيتوسعون في مثله.(9/7)
فالنية لغة القصد، وهي باب ابتلاء عظيم لكثير من الناس، يقولون: النية شرط، ومقتضى كونها شرط أن يهتم المسلم بها؛ لئلا تبطل عبادته، ومقتضى هذا الاهتمام أن يزيد بعض الناس في الاحتياط لهذا الشرط؛ لئلا يتطرق الخلل إلى عبادته وهو لا يشعر؛ لأنه ليس بشرط مرئي، الشروط المرئية والأركان يراها الإنسان بنفسه غسل يده وانتهى، لكن هذا عمل قلبي قد يحضر وقد يعزب، ثم يحصل التردد من قبل المكلف ثم يدخل في الوسواس، وهو فرصة الشيطان، فإذا توضأ قال: أنا ما أدري أنا نويت أو ما نويت؟ ثم يسترسل في ذلك، وبدلاً من أن يحتاج الوضوء إلى نية واحدة، والنية هي مجرد القصد إلى مكان الوضوء، وغسل الأطراف هذه النية، يعني كونك تقف أمام صنبور الماء، وتفتح وتغسل يديك ووجهك ويديك ... إلى آخره، خلاص هذه النية، لكن أحياناً بعض الناس أعتاد أنه كل ما دخل الدورة يتوضأ تلقائياً، مثل هذا لا بد أن يستحضر؛ لأنه قد يتوضأ من غير شعور، مثل هذا لا بد أن يستحضر، وبعض الناس يسترسل به الشيطان في هذا الباب إلى أن يدخله في حيز الجنون، يسأل سائل يقول: كل عقدة من عقد الأصابع لها نية خاصة، تحتاج إلى نية خاصة، لا عقل ولا نقل، كيف يحتاج إلى نية خاصة؟ واحد في الساعة الثامنة صباحاً في أيام الشتاء، الآن صلاة العشاء لها ثلاثة عشر ساعة، يقول: عجزت أن أتوضأ لصلاة العشاء، ترتب على هذا أنه ترك العمل وترك ... ،. . . . . . . . . ما باقي إلا خيط ويقال لك: لا تصل، عذاب هذا ما صار تكليف، امتحان من الله -جل وعلا-، لكن تعدى، والشيطان يفرح بمثل هذا، من أجل أن يترك الصلاة، فعلى الإنسان أن يقطع الطريق على الشيطان في أول الأمر، إذا أحس من نفسه أنه في بدايات الطريق يقطع الطريق على الشيطان، قال: ما نويت إلا نويت يا أخي، وش معنى النية؟ قال: الصلاة تحتاج إلى نية، والنية شرط لصحة الصلاة أو لا؟ قلت: شرط، لكن بالنسبة لك أنت ليست بشرط، وش معنى النية؟ يجيء بعضهم إلى المسجد يقول: أنا لا أستطيع أن أصلي منفرد، ما أستحضر شيء من صلاتي، هذه أمثلة كلها من أجل التحذير؛ لأن المسألة مسألة تطول، نقول: طيب نصلي بك، تصف ثم يجلس، وبعدين تكمل ركعتين وتسلم وتسأل ليش جلست؟ قال:(9/8)
أنا أصلي المغرب، صلاة المغرب، وقدامي العشر الأخير الثلاثة الأجزاء الأخيرة من القرآن مكتوب العشر الأخير، فالتبس عليه صلاة المغرب وإلا صلاة الأخير وإلا صلاة، شيء ما يخطر على البال من الأسئلة تأتي في هذا الباب، فعلى الإنسان أن يقطع الطريق على قاطع الطريق، فإذا حس بمبادئ هذا عليه أن يقطع الطريق، ويكتفي بالوضوء مرة مرة، ويعقد العزم على عدم الالتفات إلى هذه الوساوس؛ لأنها في البداية تكون أوهام، ثم يسترسل فتكون عزائم، إلى أن تنقلب إلى أمراض حسية بعد أن كانت معنوية يمكن أن تعالج، لكن إذا انقلبت إلى أمراض حسية يحتاج إلى النفسيين، ويأخذ علاجات يمكن تؤثر عليه، فعليه أن يقطع الطريق من أوله.
النية شرط لصحة الوضوء كما أنها شرط لصحة التيمم ولسائر العبادات، عند الحنفية النية ليست بشرط لصحة الوضوء، وهي شرط لصحة التيمم، لماذا قالوا: بأنها شرط لصحة التيمم وليست بشرط لصحة الوضوء؟ بدل، طهارة ضعيفة تحتاج إلى قصد، والوضوء طهارة أصلية محسوسة فيكتفى بتوافر ما أمر الله به -جل وعلا-، فإذا توافرت الأركان الأربعة يكفي عنده، وأما التيمم طهارة ضعيفة تحتاج إلى أن تقوى بمثل هذا، وهذا تفريق بين متماثلين، ولذلك قولهم ضعيف غير مطرد، أبو ثور يطرد المسألة ويقول: لا يحتاج إلى نية لا الوضوء ولا التيمم أيضاً، ومقتضى حديث المجمع على صحته المتلقى بالقبول ((إنما الأعمال بالنيات)) أن النية شرط لكل عبادة، ومنها الوضوء والتيمم.
"والنية للطهارة، وغسل الوجه" يعني عطف الركن –الفرض- على الشرط "وغسل الوجه" وهذا هو الفرض الأول {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] في آية المائدة، {وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] هذا الأول، ومعنى {إِذَا قُمْتُمْ} [(6) سورة المائدة] يعني إذا أردتم القيام، كما في قول الله -جل وعلا- {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} [(98) سورة النحل] والأصل في الفعل الماضي أنه للفراغ، وهذا مقتضى كونه ماضياً، يعني فرغ منه، يطلق ويراد به الإرادة، كما هنا يطلق ويراد به الشروع، كما في أمثلة تأتي -إن شاء الله تعالى-.(9/9)
الأصل في هذا الفعل أنه للفراغ، والذي جعلنا أو جعل أهل العلم يحملونه على الإرادة أنه لا قائل بمقتضاه، فالصارف الإجماع، الصارف عن المعنى الأصلي الإجماع، ويستدلون على هذا بصحة قول: إذا ضربت غلامك فأرفق به، وش معنى هذا؟ يعني إذا فرغت أرفق به وإلا؟ نعم إذا أردت ضربه فأرفق به، غسل الوجه إذا قمتم إلى الصلاة (إذا) تقتضي التكرار، ومقتضاها أنه كل ما قام إلى الصلاة يغسل يعني يتوضأ، {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] ... إلى آخره، مقتضاه فتوضئوا، وعلى هذا يلزم الوضوء كل من قام إلى الصلاة، من أهل العلم من يرى أن هذا كان في أول الأمر ثم نسخ، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى يوم الفتح الصلوات كلها بوضوء واحد، وقال: ((عمداً فعلت)) لكن إذا نظرنا إلى أن المائدة التي فيها الآية من آخر ما نزل من القرآن بعد الفتح، هل يتجه القول بالنسخ؟ لا يتجه القول بالنسخ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] إذا أردتم القيام، وعرفنا أن هذا الأسلوب يقتضي التكرار، منهم من يحمل القيام هنا على القيام من النوم، وهو أن كل من قام من النوم يلزمه الوضوء، ومنهم من يقدر: إذا قمتم إلى الصلاة محدثين فاغسلوا، والتقدير لا مانع منه عند الحاجة إليه؛ لأن غير المحدث لا يطالب بالوضوء إجماعاً، ابن عمر -رضي الله عنه- يعمل بظاهر الآية، ويتوضأ لكل صلاة، ويذكرون حديثاً: كان الوضوء لكل صلاة، فلما شق أمر بالسواك عند كل صلاة، وابن عمر يذكرون عنه أن الوضوء لكل صلاة لا يشق عليه، فهو يتوضأ لكل صلاة امتثالاً للآية، على كل حال القول المعتمد أنه لا يلزم الوضوء إلا بالنسبة لمن أحدث، هذا الوضوء الواجب، أما الوضوء المستحب فالتجديد مستحب، التجديد لمن كان على طهارة، على طهارة عند أهل العلم يقيدون ذلك بأن يكون قد فعل بها عبادة، طهارة فعل بها عبادة، ويتحرزون بذلك من طهارة تلي طهارة دون إحداث عبادة، بمعنى أنه لو توضأ وضوءاً كاملاً ثلاثاً ثلاثاً، ثم عاد فتوضأ ثانية نقول: هذا تجديد، أو هذا اعتداء وزيادة على القدر المشروع؟
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .(9/10)
اعتداء، ولذلك يتحرزون من مثل هذا بأن يكون على طهارة سابقة فعل بها عبادة، طهارة صلى بها، طهارة قرأ فيها القرآن، طهارة طاف بها ثم جدد الوضوء هذا سنة.
{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] الأمر هنا لا شك أن الأصل فيه الوجوب، فمن كان محدثاً فأمره ظاهر، ومن كان على طهارة فالندب، تجديد الوضوء مندوب.
الطالب:. . . . . . . . .
إن كان فعل بها بهذا القيد، معروف هذا، الأمر الواحد بلفظ واحد يتجه إلى ما يحتمله من معاني أو لا بد أن يوجه إلى معنى واحد؟ يعني اللفظ المشترك يحمل على جميع معانيه أو لا بد أن يحمل على واحد من معانيه؟
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا بد من إيش؟
الطالب:. . . . . . . . .
الآن عندنا {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] أنت على طهارة وزميلك محدث، وكلكم قمتم إلى الصلاة هل يتجه هذا الأمر إليكما أو إلى زميلك فقط؟ الآن كلاكما مطالب بالطهارة، أنت مطالب على سبيل الاستحباب، وزميلك مطالب على سبيل الوجوب، فهل نقول: اغسلوا وما يتبعها بمعنى توضئوا يتجه إليكما، يعني لو اثنين مدبران يريدان الخروج من المسجد، وقلت: يا محمد، التفتا، لماذا؟ لأنه كلاً منهما اسمه محمد، هل أنت تريد الاثنين أو أنت تريد واحد منهم؟ يعني هل المتكلم حينما يتكلم باللفظ المشترك يريد جميع المعاني أو يريد واحد؟
الطالب:. . . . . . . . .
وين؟
الطالب:. . . . . . . . .
الآن لما تقول: يا محمد وأنت تريد واحد منهما ظاهر هذا، لكن إذا أردت الاثنين تقول: يا محمد أو يا محمدان؟ تقول: يا محمدان ما تقول: يا محمد، فالمسألة في مثل هذا خلاف، إرادة أكثر من معنى بلفظ واحد الجمهور لا يجيزونه، وعند الشافعية جائز ما في إشكال، لا إشكال فيه عندهم، إرادة أكثر من معنى بلفظ واحد وهو المعبر عنه بالمشترك، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .(9/11)
لا لا كل له ما يخصه، إذا قمتم فاغسلوا غسل إيجاب بالنسبة للمحدث وغسل استحباب بالنسبة لغيره "فاغسلوا" يتجه إلى الاثنين عند من يقول بجوازه كالشافعية، ولا يتجه إلا إلى أحدهما، وهو الأصل الوجوب عند الجمهور، كون من كان على طهارة، يطالب بتجديدها استحباباً يُعرف من أدلة أخرى ولا يعرف من هذه الآية، يعني ما نستدل بهذه الآية على استحباب التجديد.
الطالب:. . . . . . . . .
كيف اغسلوا؟
الطالب:. . . . . . . . .
اللفظ مشترك بين الوجوب والاستحباب، مشترك، كما أن اللفظ المحتمل للحقيقة والمجاز كذلك، هو أمر والأمر يحتمل الوجوب ويحتمل الاستحباب، وما دام الاحتمالان قائمان فهو متجه إلى من يجب عليه وإلى من يستحب له، هذا عندهم، حتى يتوضأ، الكلام على هذا الأمر ما هو بيحتمل معنيين؟ ظاهر اللفظ يحتمل معنيين، هو بالنسبة لمن أحدث على الأصل للوجوب، وبالنسبة لمن لم يحدث مصروف عن الوجوب بأدلة أخرى، فهو يتناول هذا وهذا، أمر وجوب وأمر استحباب في آن واحد، وأما الجمهور فلا يرون مثل هذا. لماذا فرق أكثر أهل العلم بين النجاسة على السبيل والنجاسة على غيره؟ فاشترطوا لصحة الوضوء والتيمم إزالة ما على السبيل من نجاسة، ولم يشترطوا ذلك فيما على غيره من النجاسات وسائر أعضائه؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
هذا مصدر، يعني هو الأصل في النجاسة، يعني واردة، يفرقون بين الوارد والمورود، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا لا التحرز منها وارد وواجب، ولا بد منه، والاحتياط لها أكثر وأشد، نعم؟
الطالب: لأن هذا هو المنقول عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ....
يعني مجرد فعل.
الطالب: إذا قضى حاجته -عليه الصلاة والسلام- بدأ بغسل موضع النجاسة ثم توضأ -عليه الصلاة والسلام- يتبع بأداوة فيقضي حاجته ثم يغسل موضع الحاجة، أو يستجمر -عليه الصلاة والسلام- ثم يتوضأ بعد ذلك.
لكن هل يجوز إبقاء النجاسة؟ تركها حتى يتوضأ، لا يستنزه من بوله، لا يستبرئ من بوله، يجوز أو ما يجوز.
الطالب: القضية هل يتقدم عليها الوضوء أو يتأخر. . . . . . . . .؟
لا معناه أنه يبي يتوضأ وترك.
الطالب:. . . . . . . . .(9/12)
ما يدل دلالة ظاهرة إذا قلنا: إنه مباشرة توضأ ثم استنجى، لكن ماذا عما لو ترك؟ قال: ما أنا بمتوضئ حتى يأتي وقت الصلاة، وما دام يصح الوضوء قبل نترك.
الطالب:. . . . . . . . .
لا ما يلزم مس الفرج بحائل، بحائل ما فيه إشكال.
الطالب:. . . . . . . . .
لا مزاولة النجاسة في الجملة مع إمكان الانفكاك منها ما يجوز هذا، إيه ما يجوز مع إمكان الفكاك منها، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا هو إذا قلنا: إن الخارج هو الحدث الواجب رفعه، هو الحدث نفسه الواجب رفعه، يعني إذا قلنا: إن الحدث يتناول الأمرين تناولاً واحداً مثل ما قلنا عن الشافعية، وأنه لا ينفك هذا من هذا، لفظ الحدث يتناول الوصف القائم مع ما يوجب الوضوء، وهو الخارج من السبيلين، قلنا: إنه لا بد من رفعه نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
((اغسل ذكرك)) حديث علي.
الطالب:. . . . . . . . .
وين؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا ما هو بنص، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
((لا يقبل الله صلاة من أحدث)) هو محدث، فجعلوا الحدث يشمل الأمرين.
الطالب:. . . . . . . . .
إيه يقول: ما زال في وصف الحدث، لكن أنا بأرفعه بعد الوضوء، أما بالنسبة للكلام العام الذي يمكن أن يتصور ذهنياً وإن لم يكن ملزم شرعاً، فالتخلية قبل التحلية، هذا أمر واضح ذا، وأنه لا بد من الفراغ من النجاسة ثم بعد ذلك يتوضأ، لكن يرد عليه النجس على غير السبيل، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا هو إذا فرغ مما يخرج منه يأمن أن يخرج بعد ذلك، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
غير مسألتنا؟
الطالب:. . . . . . . . .
يأتي ذكرها -إن شاء الله-، مع الفروض -إن شاء الله تعالى-، فإن علمها ثم جهلها أو نسيها أعاد عند الحنابلة، والصحيح أنه لا يعيد وسيأتي هذا، لكن الكلام في تقدم الوضوء والتيمم على إزالة النجاسة، هذا هو محل الإشكال، والجمهور على أنه لا يصح قبل إزالة النجاسة وضوء ولا تيمم، فما عمدتهم في هذا؟ المسألة تدور حول هذا، وتبحث الدرس القادم -إن شاء الله تعالى-.
الطالب:. . . . . . . . .
هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .(9/13)
هو ما فيه إلا أن الحدث الحسي هو سبب الحدث المعنوي، فلا يرتفع المعنوي مع وجود الحسي الذي هو السبب الأصلي، ومع ذلك ينظر للمسألة -إن شاء الله-.
الطالب:. . . . . . . . .
ما هو بحسي، هذا ما هو بحدث.
الطالب:. . . . . . . . .
لا لا ما هو بسبب، حدث هذا، لا لا، يعني لو فرضنا أنه متوضئ وطاهر ثم وقع على يديه نجاسة يتأثر وضوؤه؟ ما يتأثر، الخلاف ما لو خرج من السبيلين تأثر، فلا شك أن الفرق ظاهر بينهما، لكن نحتاج إلى شيء من الأدلة على هذا، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
محدث نعم.
الطالب:. . . . . . . . .
خفف، ما ارتفع الحدث، الحدث الأصغر هذا، وهو محل البحث في الباب، الآن وهو يريد الوضوء ما يشترط له نية؟ يشترط له نية، نية إيش؟ نية رفع الحدث، ليستبيح به كل ما يباح بالوضوء، نعم نية رفع الحدث، والحدث المراد رفعه هو الوصف، هل المراد بالحدث المراد رفعه الوصف القائم بالبدن، أو الحدث الذي هو الخارج؟ لأنه يطلق ويراد به هذا ويراد به هذا، فعلى قول الشافعية أنه يمكن أن يراد المعنيين لا مانع من أن يكون شرط، لكن مسألة التقدم والتأخر مسألة أخرى، فما في مما يظهر لي من الفروق إلا أن هذا ناقض هو سبب الحدث الحسي، هذا الحدث الحسي هو سبب الحدث المعنوي، فلا يتصور ارتفاع المسبب قبل ارتفاع السبب؛ لأنه في الأصل متقدم عليه، هذا كلام الفقهاء الذين نحتاج أن نستدل له لا نستدل به، هذا الكلام الذي كررناه مراراً، لكن مثل هذا الكلام يحتاج أن نستدل له، الآن الذي يرجحه ابن قدامه صاحب المغني أنه يصح يعني كغيره من النجاسات، فمثل هذا يحتاج إلى مزيد عناية.(9/14)
قال -رحمه الله-: "وغسل الوجه وهو -يعني تحديده- من منابت شعر الرأس إلى ما أنحدر من اللحيين والذقن، وإلى أصول الأذنيين" يعني طولاً من منابت شعر الرأس إلى ما أنحدر من اللحيين والذقن، والأصل فيه ما تحصل به المواجهة، وحده طولاً من منابت شعر الرأس المعتاد إلى ما أنحدر من اللحين والذقن، ويخرج بالمعتاد من نبت على جبهته شعر، نقول: يغسل ما دونه أو يغسل ما يوازي المعتاد؟ ما يوازي المعتاد، وقل مثل هذا فيما لو أنحسر شعره إلى نصف رأسه يلزمه أن يغسل من رأسه إلى أن يصل إلى الشعر أو ما يلزم؟ لا، يلزم إلى المعتاد، ولا بد من غسل جزء من الرأس لنجزم بأننا استوعبنا الوجه من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولذلك يقولون تمثيلاً لهذا: كغسل جزء من الرأس تبعاً للوجه، وإمساك جزء من الليل؛ لأن هذا لا يتم الواجب إلا به فيكون حينئذٍ واجباً.
"من منابت شعر الرأس إلى ما أنحدر من اللحيين والذقن" ما أنحدر عرفنا فيما تقدم أن اللحية الكثيفة تخلل، تقدم تخليل اللحية، وحكمه وكيفيته، لكن ما استرسل من اللحية يغسل تبعاً للوجه؛ لأنها تحصل بها المواجهة أو لا؟ أو نقول: هو مثل ما استرسل من شعر الرأس، وأنه لا يتبع الرأس، يعني لو كان للإنسان شعر طويل من خلفه يلزم مسحه أو ما يلزم؟ عند من يقول: بمسح جميع الرأس؟ إذاً اللحية إذا استرسلت وطالت يلزم غسلها إلى آخرها أو ما تحصل به المواجهة؟ ولذلك يقول: "إلى ما أنحدر من اللحيين والذقن" ما أدخل اللحية التي هي الشعر ما أدخلها إلى ما أنحدر من اللحيين والذقن، فما استرسل من اللحية منهم من يقول: إنه تحصل به المواجهة كما لو كان الشعر في حدود الوجه، وفي داخله يجب غسله؛ لأنه تحصل به المواجهة، ومنهم من يقول: هو في حكم ما استرسل من شعر الرأس فلا يجب غسله، وعلى كل حال .... نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .(9/15)
غسل الوجه، الوجه، غسل الوجه {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] الوجه ما تحصل به المواجهة، المقصود الوجه، وكل من الشعر الذي في الوجه، وما استرسل من شعر الرأس كلاهما شيء طارئ على المفروض لا أصلي، فإذا قلنا: إنه ما تحصل به المواجهة فهو ما في حيز الوجه الأصلي، فيكون ما استرسل من الوجه، ولذلك تحديدهم هنا اللحيين والذقن ما يدخل اللحية، بناء على أن هذا قدر زائد على المفروض، ويدخلون تخليل اللحية في السنن وليس من الواجبات، بينما لو كانت اللحية خفيفة وجب إيصال الماء إلى ما تحتها من البشرة؛ لأن ما خرج أو ما ظهر فرضه الغسل، وعلى كل حال المسألة خلافية، والاحتياط أن تغسل اللحية مع الوجه.
الطالب:. . . . . . . . .
يعني هذا ثابت وهذاك يطرأ عليه ما يطرأ، على كل حال المسألة لغوية، هل تدخل اللحية في الوجه أو ما تدخل؟ إذا قلنا: الأصل المواجهة، أو أن نقول: هذا شيء طارئ على الوجه، والوجه حددوه بأنه إلى الذقن إلى ما أنحدر من اللحيين والذقن الذي هو الوسط.
الطالب:. . . . . . . . .
العيون تحصل بهما المواجهة.
الطالب:. . . . . . . . .
أما كونه تحصل بها المواجهة تحصل، تحصل بها المواجهة، لكن هل كل ما تحصل به المواجهة طرداً وعكساً، أو لا تحصل به المواجهة يجب أو لا يجب؟ يأتينا في المضمضة والاستنشاق هل هي داخلة فيما تحصل به المواجهة؟ بمعنى أن الإنسان يواجه غيره فاغراً فاه؟ يلزم وإلا ما يلزم؟ ما يلزم، يأتي هذا في المضمضة والاستنشاق حتى ....
الطالب:. . . . . . . . .
لا لو قلت: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً يمكن، نكمل -إن شاء الله- فيما بعد.
اللهم صل على محمد ....(9/16)
شرح مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (10)
شرح قوله: "باب فرض الطهارة، وفرض الطهارة ماء طاهر" ....
الشيخ: عبد الكريم الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مسألة: إزالة النجاسة الخارجة من المخرج الذي هو السبيل من بول أو غائط، وهل يشترط إزالتها قبل الوضوء والتيمم، أو يجوز سائر النجاسات على سائر البدن؟ مسألة ذكرناها في الدرس الماضي، وأن المقرر عند الحنابلة أنه لا يصح قبل الاستنجاء والاستجمار وضوء ولا تيمم.
وبعض الإخوان كتب في هذه المسألة فيقول: هذه المسألة تقديم الوضوء على إزالة النجاسة على أحد السبيلين قال في الفروع: ولا يصح تقديم الوضوء عليه، اختاره الأكثر، وعنه يصح، وكذا التيمم، وفي الشرح الكبير: إن توضأ قبل الاستنجاء لا يصح؛ لأنها طهارة يبطلها الحدث فاشترط تقديم الاستنجاء عليها كالتيمم، والثانية: يصح، وهي أصح، الثانية يصح في الشرح الكبير، وهذا كلام صاحب المغني بحروفه، وهي مذهب الشافعي؛ لأن إزالة نجاسة فلم تشترط لصحة الطهارة كالتي على غير الفرج، فالنتيجة أن القول بصحة الطهارة قبل إزالة الخارج هو قول الجمهور، والقول بعدم صحتها رواية عند الحنابلة، قال في الإنصاف: إنها المذهب، وعليها جمهور الأصحاب.
وهذا آخر يقول: قوله: ولا يصح قبله أي قبل الاستنجاء بماء أو حجر ونحوه وضوء ولا تيمم لحديث المقداد المتفق عليه ((يغسل ذكره ثم يتوضأ)) ولو كانت النجاسة على غير السبيلين أو عليهما غير خارجة منهما صح الوضوء والتيمم قبل زوالها.
قال ابن قاسم في حاشيته: وهذا لفظ النسائي، قال الحافظ: منقطع، ولفظ مسلم: ((يغسل ذكره ويتوضأ)) ولأبي داود نحوه، والواو لا تقتضي الترتيب، بل لمطلق الجمع على المشهور، قال النووي: والسنة أن يستنجي قبل الوضوء ليخرج به من الخلاف، ويأمن انتقاض طهره.
قال الشيخ ابن سعدي -رحمه الله-: الصحيح ما قالوه أنه لا يصح قبل الاستنجاء أو الاستجمار وضوء ولا تيمم للعالم والجاهل والناسي؛ لأن تقديم الاستنجاء لصحة الوضوء -كأنه شرط لصحة الوضوء- هذا من فتاوى ابن سعدي -رحمه الله-.(10/1)
مسألة يقول هذا: حكم الوضوء قبل الاستنجاء في هذه المسألة قولان للعلماء: الأول: عدم صحة الوضوء قبل الاستنجاء، وهي رواية عند الحنابلة واختارها الأكثر، ومنهم المجد ابن تيمية كما في المنتقى، واقتصر عليها صاحب الكشاف، واستدلوا بحديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "كنت رجلاً مذاءاً، وكنت أستحي أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته، فأمرت المقداد ابن الأسود فسأله فقال: ((يغسل ذكره ويتوضأ)) متفق عليه، ورواه النسائي بلفظ: ((يغسل ذكره ثم يتوضأ)) قال الحافظ: منقطع، واستدلوا بأن هذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- الدائم.
القول الثاني: يصح تقديم الوضوء على الاستنجاء مع استحباب تقدم الاستنجاء، وهذا قول الحنفية والشافعية والمالكية والرواية الثانية عند الحنابلة، واختاره الموفق، وقال: هذه الرواية أصح، وصاحب الشرح الكبير، فهؤلاء يرون أن الاستنجاء سنة من سنة الوضوء قبله، فلو أخره جاز وفاتته السنية؛ لأنه إزالة النجاسة بما لم تشترط لصحة الطهارة كما لو كانت على غير فرج، غير أن المالكية صرحوا بأنه لا يعد من سنن الوضوء، وإن استحبوا تقديمه عليه، واستدل هؤلاء القائلون بجواز تقديم الوضوء بحديث علي بن أبي طالب أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((توضأ وانضح فرجك)) وللبخاري: ((توضأ واغسل ذكرك)) قال النووي: السنة أن يستنجي قبل الوضوء ليخرج من الخلاف وليأمن انتقاض طهره.
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: وهذه المسألة إذا كان في حال السعة فإننا نأمره أولاً بالاستنجاء ثم بالوضوء، لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأما إذا نسي أو كان جاهلاً فإنه لا يجسر الإنسان على إبطال صلاته، أو أمره بإعادة الوضوء والصلاة.(10/2)
وهذا أيضاً كتب في المسألة وأطال، وهي مسألة في غاية الأهمية، مسألة مهمة؛ لأنه يجتمع عندنا شرط ومانع، فهل يلزم تقدم المانع أو لا يلزم؟ إذا كانت الموانع تمنع من ترتب الأثر على الشيء فهل يجوز تأخيرها عليه أو لا يجوز؟ كأن المتجه عند كثير من أهل العلم أن المسألة في التيمم لا يجوز تقديم التيمم على الاستنجاء أو الاستجمار لا سيما عند من يقول بأن التيمم مبيح؛ لأن الإباحة لا تكون مع وجود المانع حتى يرتفع.
وهذا أيضاً كتابة لبعض الإخوان يقول: قال في الإنصاف: قولهم: إن توضأ قبله هل يصح وضوؤه؟ على روايتين، وأطلقهما في الهداية والوصول والإيضاح والمذهب والمستوعب والكافي والهادي والتلخيص والبلغة، وابن منجه في شرحه، وابن تميم، وتجريد العناية وغيرهم.
إحداهما: لا يصح، وهو المذهب، وعليه جمهور الأصحاب، قال المجد في شرح الهداية: هذا اختيار أصحابنا، قال الشيخ تقي الدين في العمدة: هذا أشهر، قال الزركشي: هذا اختيار الخرقي والجمهور، وقال في الحاوي الصغير: لا يصح في أصح الروايتين، وصححه الصرصري في نظم زوائد الكافي، وهو ظاهر ما جزم به الخرقي، وجزم به في الإفادات والتسهيل، وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الكبير، ومسبوك الذهب والخلاصة، وابن رزين في شرحه وغيرهم.
والرواية الثانية: يصح جزم به في الوجيز ونهاية ابن رزين والمنور والمنتخب، وصححه في النظم والتصحيح، قال في مجمع البحرين: هذا أقوى الروايتين، واختارها المصنف والشارح والمجد وابن عبدوس في تذكرته والقاضي وابن عقيل، وقدمها في المحرر.
فائدة: لو كانت النجاسة على غير السبيلين أو على السبيلين غير خارجة منهما صح الوضوء قبل زوالها على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به أكثرهم، وقيل: لا يصح، قاله القاضي في بعض كلامه، قال ابن رزين: ليس بشيء، قال في المغني: والرواية الثانية يصح الوضوء قبل الاستنجاء ويستجمر بعد ذلك بالأحجار، أو يغسل فرجه بحائل بينه وبين يديه، ولا يمس الفرج، وهذه الرواية أصح، وهي مذهب الشافعي؛ لأنها إزالة نجاسة، فلم تشترط لصحة الطهارة كما لو كانت على غير فرج.(10/3)
قال الشيخ تقي الدين شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في شرح العمدة: "السنة أن يستنجي قبل الوضوء، فإن أخره إلى بعده أجزأه في إحدى الروايتين؛ لأنها نجاسة فصح الوضوء قبل إزالتها كما لو كانت على البدن، فعلى هذا إذا توضأ استفاد بذلك مس المصحف ولبس الخفين، ويستمر وضوؤه إذا لم يمس فرجه، والرواية الأخرى: لا يصح وضوؤه وهي أشهر؛ لأن في الحديث: ((إلا المذي يغسل ذكره ثم يتوضأ)) رواه النسائي؛ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لم ينقل عنهم أنهم يتوضئون إلا بعد الاستنجاء، وفعله إذا خرج امتثالاً للأمر فحكمه حكم ذلك الأمر؛ ولأنهما محلان وجب غسلهما بسبب واحد في بدن واحد، فكان الترتيب بينهما مشروعاً كمحال الوضوء.
يقول: قال الشيخ عثمان في حاشيته على المنتهى: والفرق بين ما إذا كانت النجاسة على السبيل خارجة منه وبينما إذا كانت عليه غير خارجة منه أنها في الأولى موجبة للطهارة فاشترط زوال عينها، فاشترط زوالها عيناً وأثراً، بخلاف الثانية فهي غير موجبة للطهارة، فلم يشترط لصحتها زوالها، ولهذا لا يجزئ الاستجمار فيها بخلاف الأولى، ندرك الفرق هذا، يقول: الفرق بينما إذا كانت النجاسة على السبيل خارجة منه، وبينما إذا كانت عليه غير خارجة منه، أو على غيره من الأعضاء أنها في الأولى موجبة للطهارة، فاشترط زوالها عيناً وأثراً، بخلاف الثانية فهي غير موجبة للطهارة فلم يشترط لصحتها، يعني صحة الطهارة زوالها، يعني زوال النجاسة، ولهذا لا يجزئ الاستجمار فيها بخلاف الأولى.(10/4)
قال ابن حزم في المحلى: فإذا تم حدثه فحينئذٍ جاز له الوضوء والمسح ولا يبالى بالاستنجاء؛ لأن الاستنجاء بعد الوضوء جائز وليس فرضه أن يكون قبل الوضوء ولا بد؛ لأنه لم يأت بذلك أمر في قرآن ولا سنة، وإنما هي عين أمرنا بإزالتها بصفة ما للصلاة فقط، فمتى أزيلت قبل الصلاة وبعد الوضوء أو قبل الوضوء فقد أدى مزيلها ما عليه، وليس بقاء البول في ظاهر ... يقول: وبقاء النجو في ظاهر المخرج حدثاً إنما الحدث خروجهما من المخرجين فقط، فإذا ظهرا فإنهما خبثان في الجلد تجب إزالتهما للصلاة فقط، فمن حينئذٍ يعد سواء كان وقت صلاة -في سقط- أو لم يكن؛ لأن التطهر للصلاة قبل دخول وقتها جائز.
يقول: قال في بدائع الصنائع: فالاستنجاء سنة عندنا، وعند الشافعي فرض، حتى لو ترك الاستنجاء أصلاً جازت صلاته عندنا، ولكن مع الكراهة، وعنده لا يجوز، والكلام فيه راجع إلى أصل -إن شاء الله- سنذكره وهو أن قليل النجاسة الحقيقية في الثوب والبدن عفو في حق جواز الصلاة عندنا، وعنده ليس بعفو، ثم ناقض في الاستنجاء فقال: إذا استنجى بالأحجار، ولم يغسل موضع الاستنجاء جازت صلاته، وإن تيقنا ببقاء شيء من النجاسة، إذ الحجر لا يستأصل النجاسة، وإنما يقللها، وهذا تناقض ظاهر.
كأنه يسوي بين اختيارهم في العفو عن النجاسة من غير معالجة لها كما هو رأي الحنفية، وبين بقاء شيء من النجاسة الذي هو أثرها بعد معالجتها، وفرق بين الأمرين، الاستنجاء ثابت بالدليل القطعي من فعله -عليه الصلاة والسلام-، ومعلوم أن الاستنجاء لا بد أن يبقى منه أثر، ومن النجاسة أثر لا يزيله إلا الماء، وهذا ضابط الاستنجاء المجزي على ما سيأتي، ففرق بين أن يبقى شيء بعد معالجة النجاسة كما جاء في أثر الدم تفعل ما أمرت به المرأة بالنسبة لدم الحيض، ثم بعد ذلك إذا بقي الأثر فإنه لا يضر.
قال في حاشية ابن عابدين: أقول: قد يقال: إن النجاسة مادامت في محلها لا عبرة لها، ولذا كان الاستنجاء سنة للرجال والنساء بغير غسل مع أن الخارج نجس باتفاق.(10/5)
وقال ابن أبي زيد في رسالته: باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه، وذكر الاستنجاء والاستجمار، وليس الاستنجاء مما يجب أن يوصل به الوضوء لا في سنن الوضوء ولا في فرائضه، وهو من باب إيجاب زوال النجاسة به، أو بالاستجمار لئلا يصلي بها في جسده.
في الفواكه الدواني يقول: ولما اعتاد الناس تقديم الاستنجاء على الوضوء وكان ذلك المظنة مظنة اعتقاد وجوب تقديمه على الوضوء قال: وليس فعل الاستنجاء مما يجب أن يوصل به الوضوء، إذ لم يعد لا في سنن الوضوء المحل إيش؟ للإضمار فكان الأولى أن يقول: لا في سننه، ولا في فرائضه، وإنما هو عبادة مستقلة يستحب تقديمها على الوضوء عند مالك -رضي الله تعالى عنه-، فلو توضأ قبل الاستنجاء واستنجى بعد تمام الوضوء صح وضوؤه بشرط ألا يمس ذكره عند الاستنجاء بأن يلف خرقة على يديه حين فعله، ويشترط ألا يخرج منه حدث عند فعله.
على كل حال مثلما سمعتم الخلاف في المسألة كبير وظاهر، لكن التفريق الذي أبداه في حاشية المنتهى عثمان النجدي في غاية الأهمية لأنه ما الذي أبطل الوضوء؟ هو الحدث، هو خروج الخارج، هو الذي أبطل الطهارة فكيف نقول: بصحتها مع بقائه؟ مع بقاء هذا المبطل، ولذا قال: الفرق بينما إذا كانت النجاسة على السبيل خارجة منه، بينما إذا كانت عليه غير خارجة منه أنها في الأول موجبة للطهارة فاشترط زوالها عيناً وأثراً بخلاف الثانية فهي غير موجبة للطهارة فلم يشترط لصحتها زوالها، ولهذا لا يجزئ الاستجمار فيها بخلاف الأولى.
على كل حال ذكرنا في الدرس الماضي أن القول باشتراط زوالها قول الجمهور، لا شك أنه قول جمهور الحنابلة، يعني إن لم يكن قول جمهور أهل العلم، لكنه قول جمهور الحنابلة، واختاروه وصححوه، وانتصروا له.
واحد سأل سؤال يقول: كيف يجاب عن حديث أبي هريرة في تقديم الميامن عند أبي داود وأحمد: ((إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم))؟
وعرفنا أن قول جماهير أهل العلم أنه يجوز تقديم اليسرى على اليمنى من اليدين، وكذلك الرجلين، كما أنه يجوز تقديم جانب الوجه الأيسر على جانبه الأيمن، وإن كانت السنة تقديم الميامن.
يقول: ما الصارف للأمر هنا؟(10/6)
الحديث عند أبي داود: ((إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بميامنكم)) إذا لبستم يعني ثيابكم أو نعالكم كل ما يلبس يبدأ بالميامن، ((إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بميامنكم)) ولا قائل بوجوب البداءة بالميامن في اللبس، فكذلك ما عطف عليه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه نعم للاستحباب.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب فرض الطهارة"
قال: "وفرض الطهارة ماء طاهر" وعرفنا أن المراد به الطهور؛ لأنه ممن يفرق، وهذا المذهب "وإزالة الحدث" وهذا هو الذي فيه الكلام الكثير، والمتجه أنه لا بد من إزالة الحدث الناقض للوضوء قبله "والنية للطهارة" وهذا تقدم "وغسل الوجه" وهذا أيضاً تقدم "وهو من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن وإلى أصول الأذنين" يعني من الأذن إلى الأذن " طولاً من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن " هذا الطول، والعرض من الأذن إلى الأذن، إلى أصول الأذنين، ويتعاهد المفصل، وهو ما بين اللحية والأذن؛ لأن كثير من الناس يكتفي بغسل وجهه مع لحيته ولا يتعاهد ما بين الشعر والأذن؛ لأنه ما دام الحد عرضاً من الأذن إلى الأذن فلا بد من غسل، من استيعاب هذا المحدود، إذا كان الحد في العرض من الأذن إلى الأذن فلا بد من استيعاب المحدود من الأذن إلى الأذن، ويدخل في ذلك ما بين الشعر إلى الأذن، والفم والأنف من الوجه، وعلى هذا تجب المضمضة والاستنشاق، وجاء الأمر بهما ((إذا توضأت فمضمض)) كل من وصف وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر أنه أدخل الماء في فمه تمضمض، وأما ما جاء في الاستنشاق فهو أكثر ((وبالغ في الاستنشاق)) ((إذا توضأ أحدكم فلينتثر)) ((فليجعل في منخريه من الماء)) المقصود أنه في الاستنشاق أكثر.(10/7)
والمذهب وجوب المضمضة والاستنشاق تبعاً لغسل الوجه؛ لأنهما في حدوده في داخله، فغسلهما داخل في مسمى الوجه، ويقولون: إن حكم الفم والأنف حكم الخارج لا حكم الداخل، ولذلك يستدرك عليهم بغسل داخل العينين كما كان ابن عمر يفعل، يقولون: لا، فرق بين العين وبين الفم والأنف، فحكم الفم والأنف حكم الخارج لا حكم الداخل، بدليل أن وصول الماء إلى الفم والأنف لا يفطر الصائم، ووصول القيء إلى الفم يفطره، فدل على أن حكمه حكم الخارج، وعندهم المسألة مطردة، عندهم أن ما يدخل في العين يفطر الصائم لأنها منفذ، فحكمها حكم الداخل، فحكم الفم والأنف حكم الخارج فيغسلان مع الوجه، هذا بالنسبة لما قرره المؤلف، وأن المضمضة والاستنشاق لا بد منهما في الطهارتين الكبرى الغسل، والصغرى الوضوء، لا بد من المضمضة والاستنشاق في الطهارتين لما ذكرنا، ومنهم من يقول: يجب الاستنشاق دون المضمضة؛ لأن ما ورد فيه أكثر، ومنهم من يفرق بين الطهارتين فيقول: تجب المضمضة والاستنشاق في الغسل دون الوضوء؛ لأن أمر الغسل أشد؛ لأنه يجب إيصال الماء إلى أصول الشعر بخلاف الوضوء، والفم والأنف في حكم أصول الشعر؛ لأنهما مستتران، ومنهم من يقول: المضمضة والاستنشاق سنة مطلقاً، وما ورد من الأمر بذلك فهو على سبيل الاستحباب، وأما كونهما داخلين في مسمى الوجه فالوجه عندهم ما تحصل به المواجهة ولا تحصل المواجهة في داخل الأنف أو باطن الفم، بدليل أن لو أن أحداً استقبل غيره فاغراً فاه لعيب بذلك، لعيب بذلك، فلا تحصل المواجهة بالفم والأنف، وعلى كل حال الفيصل في هذا ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من قوله وأمره بالمضمضة والاستنشاق، ومن استمرار فعله -عليه الصلاة والسلام-، فكل من وصف فعله -عليه الصلاة والسلام- ذكر أنه تمضمض واستنشق، وفعله بيان للواجب المذكور في الآية، قالوا: وبيان الواجب واجب، فالمتجه الوجوب، لكن هل الوجوب في مثل هذا المختلف فيه مثل الوجوب في الفروض الأربعة المذكورة في الآية صراحة؟ لا؛ لأن الواجب متفاوت؛ لأن أربعة فرائض، فرائض وإن(10/8)
شئت فقل: أركان في الوضوء، والأركان غير الواجبات، يعني نظير ذلك غسل الجنابة وغسل الجمعة عند من يقول بوجوبه، عند من يقول بوجوبه لا يبطل الصلاة، إنما يأثم من يتركه بخلاف غسل الجنابة، وقل مثل هذا في ستر العورة شرط لصحة الصلاة، لكن ستر المنكب واجب في الصلاة، لكن لا يبطلها، ليس بشرط، فالواجبات متفاوتة منها ما يبطل الصلاة، ومنها ما لا يبطلها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الفم والأنف؟ إيه نعم، أولاً: ما جاء أمر بغسل العينين إطلاقاً، وعد من شذوذ ابن عمر غسله داخل العينين حتى عمي، نعم، الأمر الثاني: أن مذهبهم مطرد، تدخل الماء في فمك ما تفطر وأنت صائم، تدخله في عينك تفطر، يعني مذهبهم مطرد في هذا، وإن كانوا ينازعون في مسألة الفطر بقطرة العين والكحل، وما أشبه ذلك.
الفم الذي هو المضمضة إدخال الماء داخل الفم وإدارته وتحريكه، ثم مجه على خلاف في المج، هل هو من مسمى المضمضة أو لا؟ منهم من يدخل المج في مسمى المضمضة، وهذا موجود في بعض كتب اللغة، ومنهم من يجعل المضمضة هو تحريك الماء في داخل الفم ولو ابتلعه، وعلى كل حال مجه هو الأولى؛ لأنه ماء استعمل في نظافة، ماء استعمل في تنظيف، فمجه أولى من ابتلاعه، وأما بالنسبة في الاستنشاق فهو جذب الماء بالنفس، وإخراجه إلى داخل الأنف ثم إخراجه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الأصل المضمضة تدل على شيء من التحريك، يعني الصيغة تدل على شيء ... ، المضمضة كالخضخضة تدل على شيء من التحريك، فهي من مسماه لغة.(10/9)
الفم والأنف من الوجه، وعرفنا المضمضة والاستنشاق، وما قيل فيهما من حيث الحكم، وأما بالنسبة للكيفية فهي يعني المضمضة فهي إدخال الماء وإدارته ثم مجه، وأما بالنسبة للاستنشاق فهو جذب الماء إلى داخل الأنف بالنفس، ثم الاستنثار الذي هو إخراج الماء، وجاء إطلاق الاستنثار على الاستنشاق؛ لأنه من لازمه، جاء في بعض الأحاديث الصحيحة، جاء إطلاق الاستنثار على الاستنشاق؛ لأنه من لازمه، ويتمضمض ويستنشق ثلاثاً ثلاثاً؛ لأن هذا أكمل، يتمضمض ويستنشق من كف واحدة، ثم يتمضمض ويستنشق من كف واحدة، ثم يتمضمض ويستنشق من كف واحدة يعني بثلاث غرفات، وإن تمضمض بكف واحدة ثلاثاً واستنشق من كف واحدة ثلاثاً فلا بأس، وإن تمضمض واستنشق ثلاثاً ثلاثاً من كف واحدة فلا بأس، لكن مثل هذا يحتاج إلى كف كبيرة تستوعب الماء الذي يكفي، وإن تمضمض ثلاثاً بثلاثة أكف، واستنشق ثلاثاً بثلاثة أكف أجزأ، فهذه صور كلها جائزة، والسنة أن يتمضمض ويستنشق من كف واحدة، كما جاء في وصف وضوئه -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
كيف يبي يدخل باليد؟ لا، أنت يمكن يصير العكس، ولو جاب بخاخ ووضع فيه ماء، ووضعه في فمه، يصل أكثر، يكفي إذا وصل إلى أعلى الأنف بالبخاخ، يعني هل تقوم الآلات مقام اليد، تريد هذا أنت؟
طالب:. . . . . . . . .
هو لن يصل بمجرد اليد، لا بد من النفس أو يكون الإنسان مستلقي، إن كان مستلقي يدخل وإلا وهو واقف ما يمكن.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا بد من الخياشيم، فيجعل في منخريه من الماء، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه، وهذا لا بد منه ((بالغ في الاستنشاق)).
طالب:. . . . . . . . .
يعني مجرد خارج هذا أو قريب منه ما يجزئ هذا، ما هو باستنشاق، هذا ما هو باستنشاق، لكن لو جاب بخاخ بآلة بإمكانه أن يضع فيها الماء ويبخ في فمه في أنفه، هل تحصل بذلك السنية أو لا تحصل؟ لا شك أن الوجوب يسقط، يسقط لكن الأولى محاكاة فعله -عليه الصلاة والسلام- باليد.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يكفي، هو يسمى استنشاق.(10/10)
"وغسل اليدين إلى المرفقين" غسل اليدين إلى المرفقين، ويدخل المرفقين في الغسل، غسل اليدين هذا هو الفرض الثاني من فرائض الوضوء من فرض الطهارة، غسل اليدين إلى المرفقين، ويدخل المرفقين في الغسل، هذا كما جاء في الآية {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [(6) سورة المائدة] السياق يدل على أن البداءة بالمرافق أو بالأصابع؟ بالأصابع، واليد من رؤوس الأصابع إلى المرفق، من رؤوس الأصابع إلى المرفق؛ لأن بعض الناس إذا غسل يديه قبل غسل الوجه ظنه أنه يكفي هذا الغسل، فيكتفي بغسل الذراعين، وهذا لا يكفي، لا بد من استيعاب اليد من أطراف الأصابع إلى المرفقين، لا بد من هذا، واليد مقيدة بالمرفق كما هنا، وجاء إطلاقها في التيمم، وجاء إطلاقها أيضاً في القطع في السرقة، وهي هنا مقيدة بالمرافق، وهي مع آية السرقة {فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [(38) سورة المائدة] لا يتفقان لا في حكم ولا في سبب، وعلى هذا الاتفاق حاصل على أن اليد لا تقطع إلى المرفق، وإنما تقطع إلى المفصل، مفصل الكف، ولا يقال: يحمل المطلق على المقيد للاختلاف في الحكم والسبب، لكن بالنسبة للتيمم جاءت مطلقة، وجاءت مقيدة في آية الوضوء والسبب واحد، وهو الحدث، السبب واحد وهو الحدث، لكن الحكم مختلف هذا غسل وهذا مسح، ولذا الجمهور لا يحملون المطلق على المقيد هنا للاختلاف في الحكم وإن اتحد السبب، ومنهم من يرى أنه يحمل المطلق على المقيد لوجود الاتحاد ولو في السبب، وهذا معروف عند الشافعية أنهم يمسحون في التيمم إلى المرافق.
"وغسل اليدين إلى المرفقين" المرفقين تثنية مرفق كمنبر، ومرفِق كمجلِس، لكن الأفصح مرفَق، مرفق كمنبَر، والقراءة على هذا: {إِلَى الْمَرَافِقِ} [(6) سورة المائدة] المرفق هو ما يصل الذراع بالعضد، و (إلى) هنا حرف غاية، والخلاف في دخول المغيا في الغاية معروف لغة، وأيضاً بين أهل العلم، بينهم علماء الشرع، وكلهم يحتكموا في هذا إلى اللغة، وإلى ما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام-.(10/11)
"إلى المرفقين" (إلى) هذه كما سمعنا حرف غاية، والمرجح عند كثير من أهل العلم أن الغاية لا تدخل في المغيا مطلقاً، ومنهم من يقول: إن كانت من جنسه دخلت وإلا فلا، إن كانت من جنس المغيا دخلت وإلا فلا، ومنهم من يرى أنها تدخل مطلقاً، لكن المرجح أنها لا يحكم بدخولها ولا بخروجها مطلقاً، وإنما يترك الحكم للقرائن المرجحة، فهنا {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [(6) سورة المائدة] المرجح لدخول المرافق، ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه، وهذا فيه ضعف حديث جابر، وأما حديث أبي هريرة حتى أشرع في العضد هذا صحيح، حتى أشرع في العضد، وهذا بيان للواجب المجمل في الآية، وغسل اليدين إلى المرفقين، على هذا البداءة بأطراف الأصابع والنهاية التي هي الغاية إلى المرفقين، منهم من عكس يقول: يبدأ بالمرفق ثم ينتقل منها إلى أن يصل إلى الأصابع، ولكن هذا خلاف ما تدل عليه الآية؛ لأن الغاية هي النهاية، بعضهم يقول: (إلى) هنا بمعنى (مع) وليست حرف غاية بمعنى (مع) {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [(6) سورة المائدة] هل من دليل يدل على ذلك من الكتاب والسنة؟ {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [(2) سورة النساء] يعني مع أموالكم، وليست الغاية إلى أن تصلوا إلى أموالكم، إنما تأكلوا أموالهم يعني اليتامى إلى أموالكم.
على كل حال المرجح أن المرافق داخلة، المرفقين يدخلان في المغسول وجوباً، لما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه بين المجمل في الآية بفعله، ويدخل المرفقين في الغسل هذا اختيار المؤلف وهو المرجح، وهو المذهب أيضاً، وهو قول أكثر أهل العلم.(10/12)
طيب "ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين" الفرض الثالث مسح الرأس {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} [(6) سورة المائدة] هذا هو الفرض الثالث "امسحوا برؤوسكم" الباء هذه منهم من يقول: للإلصاق، ومنهم من يقول: للتبعيض، وكل من وصف وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- بالأدلة الصحيحة الصريحة ذكر أنه استوعب جميع الرأس بأن أقبل بيديه لا بيده، أقبل بهما وأدبر، بدأ من مقدم رأسه، فأقبل بهما، يتكلفون يقولون: أقبل بهما إلى قفاه وأدبر عنه، وهذا خلاف المعروف الظاهر من الإقبال والإدبار، فإن الإقبال إلى جهة الوجه، والإدبار الانصراف عنه، وأحسن ما يقال في "أقبل بهما وأدبر، بدأ من مقدم رأسه" أن يقال: إن الواو لا تقتضي الترتيب، وقوله: بدأ من مقدم رأسه، يعني أنه أدبر بهما إلى جهة قفاه، وأدبر بهما إلى جهة وجهه، والواو لا تقتضي ترتيب، وعلى هذا الاستيعاب هو المطلوب في مسح الرأس، منهم من يقول: إن الباء هذه للتبعيض، وتأتي الباء للتبعيض، فيكفي مسح بعض الرأس، ويختلفون في تحديد ما يجزئ مسحه من الرأس، فمن قائل: قدر الربع، ومن قائل: يكفي شعرات ولو ثلاث، إلى غير ذلك من الأقوال، ومنهم من زاد على المطلوب، فمسح مع الرأس العنق، وأوردوا في ذلك أحاديث ضعيفة "حتى بلغ القذال" وأيضاً: ((مسح الرقبة أمان من الغل يوم القيامة)) كلها ضعيفة، المقصود أن الرأس المراد به المعروف في حقيقته اللغوية والعرفية ما يكسوه الشعر مما يعلو البدن.
النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح على الناصية، ولم يرفع العمامة، وهذا مما يدل على أنه اكتفى ببعض الرأس، وهذا يستدل به من يقول: إن الباء للتبعيض، وأنه يكفي مسح بعض الرأس، وابن القيم -رحمه الله- في الهدي يقول: لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه اكتفى بمسح الناصية، مسح الناصية، وأكمل المسح على العمامة، والمسح على العمامة ثابت، فلم يكتف بمسح بعض الرأس، وإنما مسح على العمامة.(10/13)
"ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين، وهما العظمان الناتئان، وغسل الرجلين إلى الكعبين" {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [(6) سورة المائدة] هذه قراءة النصب، وقراءة الجر وهي متوترة: "وأرجلِكم إلى الكعبين" والكلام في هذه المسألة يطول جداً؛ لأن النزاع فيها كبير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم يمسح رأسه بماء جديد، يمسح رأسه بماء غير فضل يديه كما جاء في الحديث، ومسح رأسه بماء غير فضل يديه، ومن الرأس أيضاً الأذنان فتمسحان بماء الرأس، ولا يحتاج إلى ماء جديد على ما تقدم في قول المؤلف "وأخذ ماء جديد للأذنين"، "من سنن الوضوء أخذ ماء جديد للأذنين ظاهرهما وباطنهما" والمرجح في هذا أن الماء الجديد إنما هو للرأس كما جاء في الحديث، ومسح رأسه بماء غير فضل يديه، يعني يكتفي ببل اليدين بالماء ثم يمسح بهما رأسه وأذنيه؛ لأنهما من الرأس فلا يحتاجان إلى ماء جديد، وتقدم الكلام فيهما.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا، لا، لا، هو أخذ ماء جديد للأذنين لا يدل على أنه واجب ولا ليس بواجب، لا يدل على ذلك، لكنه لم ينص على أنهما من الرأس، والفقهاء قاطبة يقولون: ومسح الرأس، ومنه الأذنان، وجاء في الحديث: ((الأذنان من الرأس)) والحديث فيه كلام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أي حاشية؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا سيأتي في محظورات الإحرام، وأن تغطية الأذنين من تغطية الرأس، هذا يأتي، فيدل على أنه هنا اقتصر على الرأس ولم يفصل، وكونهما من الرأس، جزء منه لا يحتاج إلى تنصيص، يعني إذا قرر في مكان أنهما من الرأس، ولو ذكره هنا لكان أولى؛ لأن العادة التنبيه على الموضع الأول لا على الثاني، يعني لو ذكره هنا ومسح الرأس ومنه الأذنان، اكتفينا عن تكراره في الحج.(10/14)
"ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين" عرفنا أن الآية آية الوضوء في أوائل المائدة فيها: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [(6) سورة المائدة] والقراءة الأخرى: "وأرجلِكم" فقراءة النصب تكون الرجلان معطوفتين على الغسل، على غسل اليدين، وأيديكم، اغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم، وعلى قراءة الجر تكون الرجلين معطوفتين على الرأس، ومن هنا نشأ الخلاف في الرجلين، هل يكفي مسحهما لقراءة الجر، أو لا بد من غسلهما لقراءة النصب؟
طالب:. . . . . . . . .
حتى الحنفية وغيرهم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هم يختارون هذا، ويستدلون بالنص على الناصية فقط، يجعلون هذا مرجح من باب التبعيض.
طالب:. . . . . . . . .
لو قاله الشافعي حجة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نقول: لو نص على هذا هنا في الموضع الأول لكان أولى.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وغسل الرجلين إلى الكعبين" وعرفنا أن منشأ الخلاف في وجوب الغسل أو الاكتفاء بالمسح هو ورود القراءتين قراءة النصب عطفاً على المغسولات، وقراءة الجر عطفاً على الممسوح، وجماهير أهل العلم على أنه لا يجزئ المسح، بل لا بد من غسلهما، والمبالغة في ذلك، والغاية الكعبان، {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [(6) سورة المائدة] وهما العظمان الناتئان في جانبي القدمين، لا العظم الناتئ على ظهر القدم عند معقد الشراك كما يقول المبتدعة، يقولون: المراد بالكعبين العظمان الناتئان على ظهر القدم عند معقد الشراك، والذين يقولون بهذا هم الذين يقولون بالمسح، ويكتفون به عن الغسل.
التثنية هنا "إلى الكعبين" تؤيد ما ذكره المؤلف أو تؤيد القول الثاني؟ يعني على ما اختاره المؤلف كعبين وإلا أربعة؟
طالب:. . . . . . . . .
وهما العظمان الناتئان، لو قال: غسل الرجل إلى الكعبين فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا تأملوا يا الإخوان، على كل حال هو قول باطل مقدماً يعني ويأتي الرد عليه، لكن خلونا نحلل اللفظ إذا قلنا: الكعبين المراد بهما العظمان الناتئان في جانبي القدمين قلنا: كعبين وإلا كعاب؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لأن المنصوص الرجلين ما هي برجل واحدة.(10/15)
طالب:. . . . . . . . .
لو قال: وغسل الرجل إلى الكعبين الآن ما فيه إشكال غسل اليدين إلى المرفقين ما في إشكال، لماذا؟ لأن في كل يد مرفق واحد، فما فيه إشكال، لكن غسل الرجلين إلى الكعبين، هما كعبان أو أربعة؟ إذا نظرنا إلى الرجلين المنصوص عليهما؟
طالب: أربعة.
أربعة، فكيف نخرج ما رجحناه من أنهما العظمان الناتئان؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
الجنس قال: إلى الكعب لو أراد الجنس؛ لأن التثنية دلالتها في اللغة أقوى من دلالة المفرد والجمع.
طالب: أقل الجمع.
يريد بالاثنين الجمع؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو لو جاء العكس لو قال: إلى الكعاب ونريد اثنين، قلنا: أقل الجمع اثنين.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا الكلام ما يؤخذ من المسألة.
طالب: يا شيخ الكعب الأعلى.
اللي وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هما العظمان الناتئان.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو تبع النص، تبع الآية.
طالب:. . . . . . . . .
لو قال: وغسل الرجل إلى الكعبين، قلنا: قصد جنس الرجل، وفيها كعبان.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لو قال: غسل الرجل، ما قال: غسل الرجلين، يعني إذا قلنا: مقابلة الجمع بالجمع تقتضي أفراد وآحاد، لكن مقابلة التثنية بالتثنية إذا قلت: مع الزيدين قلمان.
طالب: يعني مع كل واحد قلم.
مع كل واحد واحد، يعني تقتضي أفراد مثل الجمع بالجمع، كما في ركب القوم دوابهم، كل واحد ركب دابته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هم يقولون: الكعبان هما العظمان الناتئان في جانب وإلا جانبي القدمين؟ لو أردنا أن نخرج أن في كل قدم كعب واحد، واعتبرنا الأكثر بروز هو المقصود ومشينا الكلام على هذا الأساس ويمشي، لكن يقولون: في جانبي القدمين، نعود مرة ثانية إلى الإشكال.
طالب: كل واحد ناتئ من الجهتين.
وهما العظمان، عظمان ما هو واحد.
طالب: عظم في هذه وعظم في تلك، كل عظم ناتئ من الجانبين.(10/16)
شوفوا يا الإخوان ترى المسألة مفروغ منها مقدماً أن هذا المطلوب، وهذا المقصود، ولن نختلف في هذا، والقول الثاني باطل، لكن لا مانع أننا نحلل اللفظ حتى نخرج على بينة، نعم، وإلا المسألة مفروغ منها ومرتاحين منها؛ لأن عندنا من الأدلة من قوله وفعله -عليه الصلاة والسلام- ما يكفي، بل يفيد القطع بالمراد يعني وما ينسب لبعض الأئمة يأتي أيضاً ذكره، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الكعبان هما العظمان الناتئان في جانبي القدم أو القدمين؟ يا الله يا الإخوان اسعفونا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه واحدة إذاً، يعني ما هو بواحد أرفع من الثاني.
طالب:. . . . . . . . .
أيديهما، جمع مضاف إلى مثنى، وهذا هو الأفصح، أن يضاف إذا أريد التثنية يجمع كما في {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [(4) سورة التحريم] الأفصح أن يؤتى بلفظ الجمع.
طالب:. . . . . . . . .
معروف.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ترى هذا عكس ما نريد، عكس ما نريد يعني.
طالب:. . . . . . . . .
لا تلزم المطابقة، إلا المطابقة الأصل المطابقة، ما خرج عنها، لا بد من الجواب عنه.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، أنت إذا قلت: والسارق والسارقة.
طالب:. . . . . . . . .
طيب وأيديهما ثنتين، مقابلة تثنية بتثنية، لا، لا، تقول: جمع يا أخي هي تثنية في الحقيقة؛ لأن الجمع المضاف إلى مثنى مثنى، كما في {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [(4) سورة التحريم] لهم أربعة قلوب أو خمسة؟ اثنين ما في غيرها.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الجمع إذا أضيف إلى المثنى فهو مثنى، هذا الأفصح فيه.
طالب: لو كان جمع كان وعظامهم الناتئة، العظام الناتئة، يعني كثير العظام.
لا، لا هما العظمان الناتئان في جانبي القدم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الأصل أن يكون جمع، يعني الإشكال في كونه تثنية.
طالب: اللفظ الذي بعده.
واللي بعده؟
طالب: وهما العظمان الناتئان.
يا أخي هذا لفظ الآية، ما يحتاج المراعاة، لفظ الآية {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [(6) سورة المائدة] نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إلى الكعب، تمام.(10/17)
طالب:. . . . . . . . .
فهمنا يا إخوان؟ أنه لو أراد أن لكل رجل كعب كما أن لكل يد مرفق لجمع، قال: إلى الكعاب، كما قال: إلى المرافق، فلما أراد حقيقة التثنية، وأنه لكل قدم أو لكل رجل كعبين قال: إلى الكعبين، فإرادة التثنية التنصيص على التثنية، لا شك أنه أبلغ من المفرد والجمع؛ لأن المفرد قد يراد به الجنس، والجمع يراد به ما زاد على الاثنين.
طالب: هذا كلام في المغني.
ويش يقول؟
يقول: فأما قول الخرقي وهما العظمان الناتئان فأراد أن الكعبين هما اللذان في أسفل الساق من جانبي القدم، وحكي عن محمد بن الحسن أنه قال: هما في مشط القدم، وهو معقد الشراك من الرجل، بدليل أنه قال: {إِلَى الْكَعْبَينِ} [(6) سورة المائدة] فيدل على أن في الرجل كعبين لا غير، ولو أراد ما ذكرتموه كانت كعاب الرجلين ...
رجلين، رجلين.
طالب: عفواً.
اللي قبله.
طالب: يدل على أن في الرجلين كعبين لا غير.
نعم.
طالب: ولو أراد ما ذكرتموه كانت كعاب الرجلين أربعة، فإن لكل قدم كعبين، ولنا أن الكعاب المشهورة في العرف هي التي ذكرناها.
قال أبو عبيد: الكعب الذي في أصل القدم منتهى الساق إليه، بمنزلة كعاب القنا، كل عقد منها يسمى كعباً، وقد روى أبو القاسم الجدلي عن النعمان ابن بشير قال: كان أحدنا يلزق كعبه بكعب صاحبه في الصلاة، ومنكبه بمنكبه.
نعم، وهذا علقه البخاري عن الصحابة.
طالب: رواه الخلال وقاله البخاري.
علقه البخاري عن الصحابة، نعم.
طالب: وروي أن قريشاً كانت ...
هل يمكن إلزاق الكعب الذي على ظهر القدم بكعب جاره في صلاته لا يمكن مستحيل، نعم.
طالب: وروي أن قريشاُ كانت ترمي كعبي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ورائه حتى تدميهما من ورائه قوله من ورائه.
الإضمار واضح.
طالب: ومشط القدم أمامه.
وقوله تعالى: {إِلَى الْكَعْبَينِ} [(6) سورة المائدة] حجة لنا؛ فإنه أراد أن كل رجل تغسل إلى الكعبين، إذ لو أراد كعاب جميع الأرجل لقال: الكعاب، كما قال: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [(6) سورة المائدة] انتهى.(10/18)
على كل حال المقصود ظاهر وواضح، والغسل هو قول الجمهور من الصحابة والتابعين، ومن يعتد بقوله من أهل العلم، وأنه لا بد من غسل الرجلين إلى الكعبين، و (إلى) هذه حرف غاية، ويأتي ويرد فيها ما جاء إلى المرافق، فلا نحتاج إلى إعادته، وأن (إلى) الاحتمال قائم كما تقدم في دخول المغيا وعدم دخوله، إلا أن النصوص الصحيحة عنه -عليه الصلاة والسلام- تدل على أنه يدخل الكعبين، ويزيد عليهما، وغسل رجليه حتى أشرع في الساق.
هذه القراءة قراءة النصب يستدل بها من يقول بوجوب الغسل، وقراءة الجر يستدل به من يقول بالاكتفاء بالمسح، والمرجح هو الغسل كما هو معروف لأدلة كثيرة قطعية في السنة النبوية من فعله وقوله -عليه الصلاة والسلام-، فقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ويل للأعقاب من النار)) نص قاطع في رد قول من يقول بالاكتفاء بالمسح؛ لأن المسح لا يتناول الأعقاب، لا سيما مع تحديدهم إلى العظم الناتئ على ظهر القدم، لا يتناول الأعقاب بحال، وويل وعيد، فدل على وجوب غسل الأعقاب، وإذا غسل العقب دل على أن الواجب الغسل، وهو قول الجمهور، وعند الشيعة وطوائفهم الاكتفاء بالمسح اعتماداً على قراءة الجر.(10/19)
ويذكر في كتب الخلاف عن الإمام المفسر أبي جعفر محمد بن جرير الطبري أنه يرى المسح، أو أنه يقول بالتخيير، بالتخيير بين الغسل والمسح، ومنهم من يرى الجمع بين الغسل والمسح، فالغسل بقراءة النصب، والمسح بقراءة الجر، أما ما ينسب إلى الإمام ابن جرير -رحمه الله تعالى- فكلامه صريح في أن مراده بالمسح الغسل، في أن مراده بالمسح الغسل، وأنه لا يكفي إمرار الماء على الرجل ولو سال، ولو تردد عليها وهو غسل، بل لا بد من المسح الذي هو الدلك في حقيقته، يعني مع مكاثرتها بالماء وجعل الماء يتقاطر منها، وهذا هو الغسل، هذه حقيقته الغسل، وليس من مسمى الغسل الدلك، بدليل أنهم يقولون: غسله المطر، وغسله العرق، وليس فيه دلك، فهو يريد مع الغسل الذي هو إسالة الماء على القدم بحيث يتردد عليها، ويتقاطر منها، يريد إضافة إلى ذلك المسح، وهو إمرار اليد على هذا الماء وهو المعروف عند المالكية بالدلك، وهم يوجبونه، والجمهور لا يوجبون الدلك، فدل على أن اختيار ابن جرير -رحمه الله- المبالغة في غسل الرجل لا الاكتفاء بالمسح، بدليل أنه أورد حديث والدليل على ذلك ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم سرد حديث: ((ويل للأعقاب من النار)) بطرقه الذي يورد حديث: ((ويل للأعقاب من النار)) هل يظن به أنه يكتفي بالمسح؟ لا يظن به هذا أبداً، وأشار في روح المعاني أن المراد بابن جرير الذي يرى المسح هو محمد بن جرير بن رستم الطبري، وهو شيعي رافضي، وليس بغريب أن يقول بالمسح، فالتبس اسمه باسم هذا الأمام من أئمة المسلمين، فلا يظن بالإمام، وكلامه اللي يقرأه ولا يفهم ما وراءه لأنه نص على المسح زيادة على الغسل والمكاثرة بالماء، فلا بد أن يقول: إنه يرى أنه يجزئ المسح، أو يقول: بالجمع بين الغسل والمسح، والمراد بالمسح في كلامه هو الدلك الذي يقول به المالكية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن فيه غسل ومسح، لو كان فيه غسل ومسح قلنا: الدلك.
طالب:. . . . . . . . .(10/20)
ما سمعت كلام صاحب المغني، يقول: لو أراد الاثنين في كل رجل كعب لقال كما قال في المرفقين "إلى المرافق" قال: إلى الكعاب، ما قال إلى الكعبين، ودلالة التثنية أقوى من دلالة الجمع ودلالة الإفراد، كما قرره أهل العلم في هاه؟
{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [(75) سورة ص] {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [(47) سورة الذاريات] قالوا: دلالة المفرد أعظم من دلالة التثنية، دلالة التثنية أعظم من دلالة الجمع.
طالب:. . . . . . . . .
ويش يقول؟
طالب: يقول: نص عبارة الطبري: فإذا كان المسح المعنيان اللذان وصفنا من عموم الرجلين بالماء وخصوص بعضهما به، وكان صحيحاً بالأدلة الدالة التي سنذكرها بعد أن مراد الله من مسحهما العموم وكان لعمومهما بذلك معنى الغسل والمسح، فبين صواب قراءة القراءتين جميعاً، أعني النصب في الأرجل والخفض؛ لأن في عموم الرجلين بمسحهما بالماء غسلهما، وفي إمرار اليد، وما قام مقام اليد عليهما مسحهما، فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصباً لما في ذلك من معنى عمومهما بإمرار الماء عليهما، ووجه صواب قراءة من قرأه خفضاً لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد مسحاً بهما.
يعني الدلك، من أهل العلم من يرى أن القراءتين لحالتين، وأن قراءة النصب لغسل الرجلين المكشوفتين، وقراءة الجر لمسح ما يغطي القدمين كالخفين، فيكون في القراءتين دلالة على الغسل للرجل، وعلى مسح الخفين.
انتهى الوقت؟
طالب: انتهى.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك ....(10/21)
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (11)
شرح قوله: "يأتي بالطهارة عضواً بعد عضوٍ كما أمر الله -عز وجل .... "
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- بعد أن أنهى الكلام عن الفروض الأربعة التي جاءت في كتاب الله -عز وجل-، وهي متفق عليها بين أهل العلم في الجملة، وليست بمحل خلاف، وترك واحد منها يجعل الطهارة ناقصة بالاتفاق.
بقي من فروض الطهارة ما يفهم من النصوص، وما جاء فيه مما يدل عليه من السنة، يفهم من القرآن، ويفهم أيضاً من السنة، وليس بمنصوص كالترتيب مثلاً والموالاة، فالترتيب يقول المؤلف -رحمه الله-:
"يأتي بالطهارة عضواً بعد عضوٍ كما أمر الله -عز وجل-" يبدأ بغسل الوجه {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] ثم يثني بغسل اليدين {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} ثم يثلث بمسح الرأس، ثم يختم بغسل رجليه على هذا الترتيب الذي جاء في القرآن، وقد يقول قائل -وقد قيل-: إن هذه الأعضاء الأربعة نسقت في القرآن بحرف الواو التي لا تقتضي الترتيب، وهذه حجة من يقول: إن الترتيب ليس بواجب ولا فرض، الواو لا تقتضي الترتيب، فيجاب عنه من قبل من يرى أن الترتيب فرض ولا يصح الوضوء إلا مرتباً بأن هذه الأعضاء وإن نسقت على بعضها بالواو التي هي في الأصل لا تقتضي الترتيب إلا أن الأسلوب القرآني يدل على ذلك؛ لأن العادة في لغة العرب جرت بأن المتماثلات والنظائر يعطف بعضها على بعض، فإن فصل وقطع النظير عن نظيره لا بد أن يكون من وراء ذلك حكمة، وهنا قطع النظير عن نظيره، ففصل بين غسل الرجلين وغسل اليدين بمسح الرأس، وهذا الأسلوب الذي فيه إدخال الممسوح بين المغسولات، وقطع النظير عن نظيره من المغسولات، لا شك أن هذا لحكمة، والحكمة هنا هي الترتيب.(11/1)
فلو قلت مثلاً: جاء محمد وعلي وفاطمة وزيد، هذه الواو لا تقتضي الترتيب في الأصل، لكن كونك قطعت النظير من الذكور عن نظائره منهم، وأدخلت امرأة بين رجلين دل على أنك تريد أنهم جاؤوا مرتبين هكذا، الأول فالأول، وإلا فالأصل يعضد هذا إرادة الترتيب في مثل هذا النسق مخالفة الأمر بتأخير النساء يعني عن الرجال، فهذا الأصل عضد .. ، مخالفة هذا الأصل عضد إرادة الترتيب وهو الحكمة التي من أجلها قطع النظير عن نظيره.
وهنا ممسوح يدخل بين مغسولات؟! يعني هل العضو الذي يحتاج إلى غسل آكد أم العضو الذي يحتاج إلى مسح؟ الذي يحتاج إلى غسل آكد، حتى أنهم قالوا في الرأس وهو ممسوح: إنه يكفي منه ثلاث شعرات عند بعض أهل العلم، فدل على أنه ليس بآكد مما أمر بغسله، لا سيما مع ما جاء من الوعيد الشديد في عدم تعاهد الرجل، والمبالغة في غسلها ((ويلٌ للأعقاب من النار)) فدل على أن غسل الرجل آكد من مسح الرأس؛ لأنه أولاً: المسح أخف من الغسل، الأمر الثاني: أن جمع من أهل العلم يرون أنه مبني على التخفيف، ومع ذلك يجزئ بعضه، وقال بعضهم: يجزئ الشيء اليسير منه، ولولا أن الترتيب مطلوب لأُخر عن الغسل الذي أُكد بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ويلٌ للأعقاب من النار)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما رقي على الصفا قال: ((أبدأ بما بدأ الله به)) وفي رواية النسائي وغيره: ((ابدؤوا -أمر- بما بدأ الله به)) فدل على أن ما يبدأ به في القرآن قولاً يبدأ به فعلاً، وهكذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.
فجميع من وصف وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكره مرتباً، ولو كان الإخلال بهذا الترتيب جائزاً لأخل به ولو مرةً واحدة لبيان الجواز، لكن لم يذكر عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أخل بهذا الترتيب بين الأعضاء الأربعة.(11/2)
قد يقول قائل: إنه -عليه الصلاة والسلام- تمضمض واستنشق بعد أن غسل يديه، وهذا معروف، فكيف يكون الترتيب واجب مع أن المضمضة والاستنشاق بعد غسل اليدين؟ المضمضة والاستنشاق كما هو معلوم الخلاف في وجوبهما معروف، والخلاف في دخول الأنف والفم في الوجه أمرٌ مختلف فيه، وسبق بيانه، والأمر فيهما ليس كالأمر في الأعضاء الأربعة، بمعنى أنه لو ترك المضمضة والاستنشاق، بالغ في الاستنشاق ((إذا توضأت فمضمض)) ((إذا توضأ أحدكم فليجعل في منخريه من الماء)) ((إذا توضأ أحدكم فلينتثر)) هذه أوامر، لكن هل معنى هذا أن الوضوء يبطل بترك المضمضة والاستنشاق كبطلانه بعدم غسل اليدين أو الرجلين؟ لا، المسألة أخف.
ولا شك أن من غسل يديه قبل وجهه وضوؤه باطل، وأما بالنسبة للمضمضة والاستنشاق فالأمر فيهما أخف، ولا يقاس عليهما الفروض الواردة في الكتاب والسنة المؤكد عليها.
فالترتيب الذي جاء في آية الوضوء مع كونه -عليه الصلاة والسلام- بين ما جاء في الآية بفعله -عليه الصلاة والسلام- الذي لم يخل به ولا في وضوء واحد دل على أنه بيان للواجب وبيان الواجب واجب.
منهم من يقول: إن الترتيب ليس بواجب، المقصود أن يغسل هذه الأعضاء كما أمر الله، لكن الواو لا تقتضي الترتيب، وهذا قول جمع من أهل العلم، ولكن المرجح هو الأول.
بعد هذا الموالاة، الموالاة: وهو الفرض السادس من فرائض الوضوء، بمعنى أنه لا يترك غسل العضو حتى ينشف الذي قبله في الزمن والوقت والظرف المعتاد، لا يترك العضو غسل العضو حتى ينشف الذي قبله، غسل وجهه ثم انتظر، فلم يغسل يديه حتى نشف الوجه في وقت ليس بحار ولا فيه ريح شديدة يمكن أن تنشف الوجه قبل غسل اليدين، تراخى عن غسل اليدين حتى نشف الوجه.
ومنهم من يجعل الضابط في عموم الوضوء، بمعنى أن لا يترك غسل الرجلين حتى ينشف الوجه مثلاً، ولا ينظر في العضو الذي قبله، وهذا قولٌ معروف عند أهل العلم؛ لأن الوضوء في حكم الشيء الواحد، فلا يترك حتى ينشف أوله.(11/3)
هل في الآية ما يدل على الموالاة؟ الآية ليس فيها ما يدل، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ هكذا، موالياً بين أعضاء الوضوء، ولم يذكر عنه ولا في حديث واحد أنه أخر غسل عضوٍ من الأعضاء حتى نشف الذي قبله.
قد يقول قائل مثلاً: أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الغسل توضأ وأخر غسل الرجلين حتى خرج من مكان الاغتسال، جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح أنه توضأ وضوؤه للصلاة وضوءاً كاملاً، ثم اغتسل، وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أخر غسل الرجلين إلى أن فرغ من غسله، واشتغاله بالاغتسال بين مسح الرأس وغسل الرجلين تراخي، فهل في هذا ما يدل على عدم الموالاة؟
طالب:. . . . . . . . .
فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
أما على الضابط الذي ذكروه أن لا ينشف العضو الذي قبله ما يتأتى، لكن هل المقصود أن لا ينشف حقيقة النشاف أو المقصود ترك الموالاة؟ بمعنى أنه لو كان في مطر وغسل وجهه ويديه ومسح رأسه ثم جلس في المطر ما غسل رجليه، الرأس لن ينشف بسبب المطر، لكن تأخر مدة ينشف فيها الرأس عادةً، هل نقول: الموالاة متحققة أو غير متحققة؟ غير متحققة، فكون الرأس لم ينشف لاشتغاله بالغسل لا يعني أنه لو لم يغتسل ما نشف، لكن هل الوضوء في هذه الحالة وضوء واجب أو مستحب؟
طالب: مستحب.
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
خلونا نقرر على الجادة، على كلام أهل العلم، لو كان شغله بغير الاغتسال ما ينشف الرأس في هذه المدة قبل أن يغسل الرجلين؟ وقلنا: إنه ليس المقصود الرطوبة، وذكرنا أنه لو كان في العراء والسماء تمطر ثم أخر غسل الرجلين في مدة ينشف فيها لولا المطر قلنا: إنه لم تحصل الموالاة، ولو كان الرأس ما زال رطباً، وهنا نقول: إن الرأس ما زال رطباً بسبب الاغتسال، فهل نقول: إن هذا فيه موالاة أو ليس فيه موالاة؟ هذا في الحقيقة لو كان المسألة في غير هذه الصورة التي يجزئ فيها الغسل عن الوضوء لقلنا: إنه ينشف، وانتفت الموالاة، وعلى هذا لو فعل هذا، توضأ وضوؤه للصلاة، وأخر غسل الرجلين، وكان الغسل للتبرد، لا لرفع حدث، ولا غسل مسنون شرعي؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
انعدمت الموالاة.(11/4)
فكونه -عليه الصلاة والسلام- أخر غسل الرجلين إلى ما بعد الغسل لأن الوضوء ليس بواجب أصلاً، لأنه إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد، وليس إحداهما مؤداة والأخرى مقضية فإنه تدخل الصغرى في الكبرى كما هو مقرر عند أهل العلم، وهنا يدخل الوضوء في الغسل، مما يستدل به على الموالاة حديث صاحب اللمعة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا الغسل الكامل، وهناك غسل مجزئ، بمعنى أنه لو اغتسل ولم يتوضأ يصح وضوؤه وإلا لا؟ تدخل الصغرى في الكبرى وإلا ما تدخل؟ ما توضأ أبداً، لكن العلة في كونه -عليه الصلاة والسلام- أخر غسل الرجلين كما ذكر الشراح أن المكان فيه تلوث فيه طين مثلاً، فيخرج عن هذا المكان ليغسل رجليه؛ لأنه لو غسل رجليه يحتاج أن يغسلهما ثانية، فالمقصود أن مثل هذا لا يرد على من يشترط الموالاة، وحديث صاحب اللمعة والكلام فيه معروف لأهل العلم، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره بالإعادة، ولو كانت الموالاة غير واجبة لما أمره بالإعادة، لاكتفى بغسل هذه اللمعة، والكلام فيه لأهل العلم، لكنه في مثل هذا الذي يستدل بالأدلة الأخرى يقوم الحكم بغيره يستفاد منه.
المؤلف ما ذكر الموالاة "ويأتي بالطهارة عضواً بعد عضو" هذا الترتيب، وهل هذه البعدية تقتضي الموالاة أو لا تقتضي؟ لأن الترتيب ظاهر يأتي بالطهارة عضواً بعد عضو كما أمر الله -عز وجل- هذا الترتيب ظاهر، لكن هل هذا الأسلوب يفيد الموالاة أو لا يفيد؟ يعني هل البعدية تقتضي الموالاة؟ يعني هل تقتضي التتابع؟ إذا قلت: جاء زيد بعد عمروٍ يعني مباشرة وإلا هذا جاء الظهر والثاني جاء العصر؟ يقتضي وإلا ما يقتضي؟ ما يقتضي، على بعد، يعني أخذها من قوله" "بعد" فيه بعد.(11/5)
لكن قوله في المسح على الخفين إذا خلع الخف يعيد الوضوء، إذا مسح الخف يعيد الوضوء، ليش يعيد الوضوء وهو على طهارة؟ لماذا لا يغسل رجليه فقط؟ لماذا؟ الموالاة، فإذا خلع النعل انتقضت الطهارة، عندكم في باب المسح "فإن كان يثبت بالنعل مسح عليه، فإذا خلع النعل انتقضت الطهارة" هذا يدل على أنه يشترط الموالاة، ولولا أنه يشترط الموالاة لاكتفى بغسل الرجلين؛ لأن بقية الأعضاء على طهارة، وبعضهم يكثر السؤال عن هذه المسألة، وستأتي في وقتها -إن شاء الله- مبسوطة، يقول: الفقهاء ما ذكروا من نواقض الوضوء خلع الخف فهل هو ناقض وإلا ليس بناقض؟ نقول: ليس هناك وضوء شرعي كامل بحيث ينتقض، الآن الذي خلع الخف بعد الطهارة بعد المسح عليه هو يريد أن يصلي أو يقرأ أو يطوف بطهارة ناقصة، فالقدم ليست مغسولة ولا ممسوحة، كما لو غسل وجهه ويديه ومسح رأسه وترك الرجلين، فهو يريد أن يزاول ما لا يزاول إلا بالطهارة بطهارة ناقصة، الرجل ليست مغسولة ولا ممسوحة، فالطهارة حينئذٍ ناقصة.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"والوضوء مرة مرة يجزئ والثلاث أفضل" وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرةً مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، وثبت عنه أنه توضأ ملفقاً، كيف ملفق؟ يعني أنه غسل بعض الأعضاء مرة، وبعضها أكثر.(11/6)
الوضوء مرةً مرةً يجزئ، مرتين مرتين أفضل؛ لأنه أكمل، ثلاثاً ثلاثاً أفضل وأكمل، لكن هذا بالنسبة للرجل السوي، أما بالنسبة للموسوس فاقتصاره على الأدنى علاجاً لوسواسه أكمل في حقه؛ لأنه لن يقتصر على الثلاث، وعلى هذا لو تردد هل غسل العضو مرتين أو ثلاثاً في الصلاة إذا تردد ركعتين أو ثلاثاً يبني على الأقل؛ لأنه المتيقن، فيبني على أنه صلى ركعتين ثم يأتي بالثالثة، في الوضوء في إذا تردد هل توضأ مرتين أو ثلاث يبني على إيش؟ هم يقولون: مثل الصلاة، لكن المرجح عندي أنه يبني على الأكثر يجعلها ثلاثاً لماذا؟ لأنه في الصلاة إذا بنى على الأكثر يعني الأمر متردد بين بطلان الصلاة بحيث لو اعتبرها ثلاثاً وتكون صلاته قد نقصت ركعة بطلت صلاته، لكن لو زاد ركعة سهواً وجبره بسجود صلاته صحيحة صح وإلا لا؟ صحيح وإلا لا؟ لكن في الوضوء لو هل تردد هل غسل العضو مرتين أو ثلاثاً ثم بنى على الأقل ثم زاد وهو في الحقيقة قد غسلها ثلاثاً وهذه الغسلة تكون رابعة، نقول: خرج من حيز السنة إلى حيز البدعة، لكن لو قلنا: إنه غسلها في الحقيقة اثنتين، خرج إلى إيش؟ خرج إلى سنة؛ لأن الاثنتين في دائرة السنة، فكونه من سنة إلى سنة أفضل من كونه من سنة إلى بدعة، ولو كان احتمال، ولو كان الأمر احتمالاً.
عرفنا وجه الفرق؟ يعني ولو كانت المسألة احتمال؛ لأنه إذا كان في الواقع وحقيقة الأمر غسلها اثنتين، ما الذي يضيره أن يكون اقتصر على غسلتين؟ سنة، النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرتين مرتين، لكن لو بنى على الأقل وزاد ثالثة، ثم صار في الحقيقة وواقع الأمر غسل أربعاً نقول: خرج، ولو كان غير مقصود يا الإخوان، ولو كان هذا غير مقصود، نحن لا نؤثمه ولا نبدعه لو بنى على الأقل، لكن مع ذلك كونه يخرج من سنة إلى سنة أفضل من كونه يخرج من سنة إلى بدعة ولو كانت غير مقصودة، ولو كان هذا احتمال، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لو احتاج لأنه ما. . . . . . . . . المقصود الغسلة الكاملة التي تشمل العضو، بحيث يتردد الماء على العضو كاملاً، هذه غسلة، ما يقول: إنه غسل بقي شيء هذه ما هي بغسلة.
طالب:. . . . . . . . .(11/7)
لا إذا لم يكتمل العضو ما هي بغسلة، ما كمل العضو.
فلا شك أن الثلاث أفضل، لكن من يخشى على نفسه من الوسواس إذا لزم الثلاث ثم دعاه الشيطان إلى ما فوق ذلك، وقال: احتمال أنك ما أسبغت الوضوء زد على ذلك، نقول: اقتصر على المرة أو المرتين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرةً مرة، ومرتين مرتين، وفي هذا العلاج لمثل هذه الحالات.
ومن أهل العلم -مع الأسف- من أهل العلم من يبلغ به الأمر إلى أن يغسل العضو عشر مرات، ويذكر في تراجمهم كابن دقيق العيد والحافظ العراقي قالوا: ولم يكن هذا يخرجهما إلى الوسواس، وإنما هو من باب الاحتياط، فيقال لمثل هؤلاء أن الاحتياط إذا أدى إلى ارتكاب محظور، أو ترك مأمور فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-.
وشاهدنا من شيوخنا من أهل العلم والعمل وأهل التثبت والتحري في جميع أبواب الدين من يغسل العضو عشر أو أكثر، ويعلل بأنه رجل أعمى لا يدري هل أسبغ أم لا؟ ومع ذلك نقول: خرج عن دائرة السنة في هذه المسألة، فلا يحتاج العضو إلى عشر مرات, يعني هذا جوابه يقول: أنا والله رجل كفيف، ما أدري هل أسبغت؟ فيغسل ويزيد مرة بعد مرة، ولا شك أن هذا من وسواس الشيطان الذي لم يسلم منه إلا النبي -عليه الصلاة والسلام-، من عصم منه، النبي -عليه الصلاة والسلام- أعانه الله عليه فأسلم، لكن غيره ما يسلم إلا بالمجاهدة، واستحضار قصد التبرئ من وسوسته والخلاص منه، مع الاستعانة بالله -جل وعلا-، والاستعاذة من الشيطان، فالإنسان عليه أن يتعاهد هذا الأمر.
ومع الأسف أنه يوجد من طلاب العلم كثير من يقع في حبائل الشيطان من هذا الباب، في باب الوسوسة، وهو كثيرٌ في أهل الحرص مع الجهل، إذا اجتمع حرص وجهل هذا المرتع للشيطان، ويكثر كثرةً ملحوظة في النساء، تجدها صاحبة حرص على أن تخرج من عهدة العبادة بيقين مع جهل، ثم تسترسل من باب الاحتياط، ثم لا تلبث أن تقع في حبائل الشيطان الذي يريد أن يصدها ويصد غيرها عن الصلاة.(11/8)
"وإذا توضأ لنافلة صلى بها فريضة" لأنه بوضوئه للنافلة ينوي بذلك رفع الحدث، وإذا ارتفع الحدث وهو وصفٌ حكمي فعل به ما شاء، فعل بهذا الوضوء ما شاء من فروض ونوافل، توضأ لنافلة صلى بها فريضة؛ لأنه بهذا الوضوء الذي نواه لهذه النافلة، والنافلة لا تصح مع وجود الحدث، ولا بد أن ينوي رفع الحدث، فإذا ارتفع الحدث فعل بهذا الوضوء ما شاء من فروض ونوافل، يعني لو نوى بالوضوء قراءة القرآن، ثم حان وقت الصلاة يصلي؛ لأنه على طهارة، حدثه قد ارتفع بهذه الطهارة، لو نوى بوضوئه الطواف يصلي وهكذا؛ لأنه ارتفع الوصف المانع من مزاولة هذه العبادات، وإذا ارتفع هذا الوصف ما بقي له أثر، بخلاف التيمم عند من يقول: إنه مبيح لا رافع على ما سيأتي شرحه وبيانه -إن شاء الله تعالى- في بابه؛ لأنه يبيح فعل العبادة ولا يرفع الحدث، ولهذا لا يصلي به غير ما نوي له، لكن عند من يقول بأنه رافع إما رفعاً مطلقاً كما يقول بعض أهل العلم، أو رفعاً مؤقتاً إلى وجود الماء فإنه يصلي به كالوضوء، وعلى هذا يكون البدل له حكم المبدل، وسيأتي بسط هذه المسألة -إن شاء الله تعالى-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(11/9)
هذا السؤال طيب، الثلاث أفضل، والثلاث أفضل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، وهذا التعميم يشمل الرأس كغيره من الأعضاء، يشمل هذا العموم وهذا الإجمال يشمل الرأس، والمعروف عند الشافعية أنهم يقولون بمسح الرأس ثلاثاً كغيره من الأعضاء، والثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- في التفصيل أنه مسح برأسه مرةً واحدة، فمسح برأسه مرةً واحدة مع تثليث الأعضاء الأخرى، وأيضاً المسح مبناه على التخفيف، فلو كُرر لصار في معنى الغسل، لو كرر المسح لصار في معنى الغسل، وغسل الرأس مختلف فيه هل يجزئ عن مسحه أو لا يجزئ؟ بين أهل العلم هل يجزئ غسل الرأس أو لا يجزئ؟ إذا أتى بأكثر مما طلب منه، بأكثر من القدر الواجب يجزئ وإلا ما يجزئ؟ إذا أتى بأكثر، مأمور بمسح الرأس فغسله، مأمور بمسح الخف فغسله، مأمور بذبح شاة فذبح بدنة، هل نقول: إن غسل الرأس يجزئ؛ لأنه مسح وزيادة، كما أن البدنة تجزئ لأنها شاة وزيادة عن سبع، أو نقول: إن هذا زيادة على ما قرر في الشرع والزيادة في العبادات على غير أمره -عليه الصلاة والسلام-، ((من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)) ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) فالغسل ليس من أمره -عليه الصلاة والسلام-، إذاً هو مردود، وما كان مردوداً فإنه لا يجزئ، والمسألة مختلف فيها بين أهل العلم، منهم من يقول: إن سبب التخفيف عدم المشقة على المكلف؛ لأن الرأس إذا غسل لا ينشف بسهولة كغيره من الأعضاء ولو نشف، فيتضرر بغسله لا سيما وأن الوضوء يتكرر بخلاف الغسل، فإذا غسله في كل وقت من أوقات الشتاء تضرر بذلك، ولذلك خفف، فإذا كان التخفيف مراعاة لمصلحة المكلف .. -انتبهوا يا إخوان ترى المسألة دقيقة وتدخل في كثيرٍ من الأبواب- إذا كان التخفيف مراعاة لمصلحة المكلف فاختيار المكلف هذه المشقة لا يبطل العبادة.(11/10)
يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- في مقاولته لعبد الله بن عمرو حينما قال له: ((اقرأ القرآن في كل شهر)) قال: إنه يطيق أكثر من ذلك، يستطيع أكثر من ذلك، فقال: ((اقرأ القرآن في الشهر مرتين)) فقال: إنه يطيق أكثر من ذلك، ثم قال: ((اقرأ القرآن ثلاث مرات كل عشر)) فقال: إنه يطيق أكثر من ذلك، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) ومع ذلك كان عبد الله بن عمرو يزيد؛ لأن الأمر هذا بقوله: ((لا تزد)) ملاحظةً لحاله، فيقول: أنا أستطيع أكثر من ذلك، ولذلك جاء ما يدل على الختم في أقل من سبع، وجاء عن جمع من الصحابة والتابعين أنهم يقرؤون القرآن في ثلاث، بل منهم من يقرأ القرآن في كل ليلة، فهم ما خفي عليهم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) لأنه أراد التخفيف على من أراد التشديد على نفسه، وهذا علاج لبعض القضايا، كما أن غير هذا المسلك علاج لقومٍ آخرين.
فأنت إذا وجد مثل عبد الله بن عمرو شخص مندفع، لو تقول له: اقرأ القرآن في كل ساعة قرأ ما يترك أبداً، اقرأ القرآن في اليوم مرتين ثلاث يختم في اليوم مرتين ثلاث ما تردد، هذا جاي مندفع، هذا يعالج بالتخفيف، فيقاول على أقل التقدير، اقرأ القرآن في شهر، خير، كفاية أن تقرأ في كل يوم جزء تكسب مائة ألف حسنة طيب هذا، فهذا المندفع، لكن لو جاء شخص ما يفتح القرآن إلا من رمضان إلى رمضان، يعالج بمثل هذا؟! لا، يعالج بأن يقال: عثمان يختم في ركعة، يعني أنت هذا تفريط، وهذا كلام الله الذي يقرأه كأنما يخاطب الرحمن، ثم بعد ذلك إذا قلت له مثل هذا الكلام عسى أن يقرأ القرآن في شهر.
فلا شك أنها حالات، وكلٌ يعالج بما يناسب حاله، إذا وجدت مفرط في الوضوء، وجدته ما يسبغ الوضوء، يقال: يا أخي الرسول -عليه الصلاة والسلام- توضأ ثلاثاً ثلاثاً، وإذا وجدت شخصاً في طريقه إلى الوسواس أو الموسوس تقول له: النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتوضأ مرةً مرة، وهكذا في جميع أبواب الدين.(11/11)
المرجئ يعالج بنصوص الوعيد، والخارجي يعالج بنصوص الوعد وهكذا، فالشريعة لما جاءت بمثل هذا الاستيعاب لأحوال الناس إنما جاءت علاج، لكن هذا العلاج يحتاج إلى طبيب ماهر؛ لأنه لو وجدت مثلاً شخص متشدد متطرف، وألقيت عليه نصوص الوعيد إيش يصير؟ كأنك أشعلته يا أخي، زد عليه، هذا لا يصح، وليس بعلاج لمثل هذا، بل أنت غششته، وأنت تتكلم بالقرآن والسنة، لكن لو رأيت شخص متساهل متراخي، ثم أتيت له بنصوص الوعد، وأن الله -جل وعلا- يقول: أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله، هل بتتصور في يوم من الأيام أن حالته بتعتدل؟ ما يعتدل مثل هذا، فمثل هذه العلاجات والأدوية الشرعية تعالج بها أحوال الناس.
وعلى كل حال الثلاث أفضل بلا شك، لكن مع ذلك المرة مرة وضوء شرعي مجزئ إجماعاً، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، وكذلك المرتين مرتين، وأما بالنسبة لمسح الرأس فهو مرة واحدة، وهكذا ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-.
"وإذا توضأ لنافلة صلى بها فريضة" انتهينا من هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله مسألة مترددة بين أمرين، بين كونه عمل عملاً ليس عليه أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالقول بعدم الإجزاء له وجه ظاهر، لا سيما في حق من عرف بالتجاوز والزيادة، لكن لو حصل مرةً واحدة غير مقصودة أو مقصودة مرة واحدة، ورأى أنه مع كونه يغسله ليتبرد، ووده يستمر الماء في رأسه ما يقال ببطلانه -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
عند الجمهور تجزئ، الناقة بدل الشاة تجزئ عند الجمهور، أما مالك فلا، الشاة شاة ما في زيادة.
وعند أهل العلم في أصول الفقه يبحثون عن القدر الزائد على الواجب هل يأخذ حكمه في الوجوب أو لا؟ قالوا: إن كانت الزيادة متميزة فالقدر الزائد على الواجب سنة، يعني أنت عليك صاع واحد فطرة، زكاة الفطر، فاشتريت صاعين، وكلت هذا صاع بكيس وهذا صاع بكيس ودفعتهما إلى فقير الأول واجب والثاني مستحب.(11/12)
لكن لو كلت صاعين أو اشتريت كيس ودفعته فطرة، قالوا: إن لم تتميز فمحل الخلاف هنا، كمن دفع ديناراً عن عشرين هذا مثاله، كمن أدى ديناراً عن عشرين، يعني زكاة العشرين دينار الواجب عليه نصف دينار، وهذا دفع دينار، هل نقول: إن الدينار كله واجب عليه أو ليس بواجب، أو نصف الواجب؟ لأنه لم يتميز، هذا ما تميز، فاحتمال كونه واجب معروف عند أهل العلم.
لكن إذا زاد في التسبيح ركع الإمام وبدل من أن يسبح مرة أو مرتين أو ثلاث سبح عشر مرات، زاد على القدر الواجب، فأتى الداخل، وأدركه في التسبيحة السابعة أو الثامنة، في المستحب، هل نقول: إن هذا الداخل مفترض -على قول من يقول: إن المفترض لا يقتدي بالمتنفل- اقتدى بمتنفل؟ أو نقول: إن هذه الزيادة وإن كانت مستحبة أخذت حكم الواجب؟ لا شك أنه يكون مدركاً للصلاة على القولين حتى عند من يقول: بأن المفترض لا يقتدي بالتنفل.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . يا أخي إجماع على هذا، هذا إجماع بين أهل العلم أن صلاته باطلة، يعني لو دفع ديناراً عن عشرين نقول: باطلة زكاته؟
طالب:. . . . . . . . .(11/13)
لا، لا، هذا محل إجماع، وهذا باب الإحسان مفتوح، باب البذل والإحسان مفتوح، لو تدفع عشرين عن عشرين ما فيه إشكال، لكن لو تزيد في العبادات المقررة المجمع على أنها لا تقبل الزيادة بطلت صلاتك، الثلاث الزائد هذه ما هي بعبادة أصلاً، الثلاثة؛ لأنه ما جاء الشرع بمثلها، ما جاء الشرع بثلاث أشواط فقط، لكن لو تردد هل طاف ست أو سبع وزاد ثامن ما في إشكال، مثل كما لو تردد في الصلاة، أما قصد الزيادة على الأمور المقررة في أمور العبادات الخاصة التي أجمع عليها أهل العلم لا بد من هذا، ولذلك نبغ قبل سنتين أو ثلاث من يقول: ويش الدليل على أن صلاة الظهر أربع؟ هل نقول: هذا كافر أو غير كافر؟ يقول: ما في فرق بين الظهر والمغرب والفجر؛ ليش نصلي أربع وهذه ثلاث؟! ما عندنا ما يدل دلالة قطعية -انظر إلى بقية الكلام- دلالة قطعية على أن صلاة الظهر أربع، نقول: إجماع أهل العلم قطعي، والتواتر تواتر العمل والتوارث قطعي؛ لأنه لو بحث في الأسانيد مثلاً في الوقائع النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي أربع، وبحث بإسناد وبحث عن أسانيد هذا الحديث وطرقه تبلغ حد التواتر عند أهل العلم؟! قد لا تبلغ، لكن يقول: هذا خبر آحاد، وهو غير ملزم.
نقول: لا يا أخي، هذه مسألة مجمع عليها بين أهل العلم، فلا ترد في مثل هذه المواطن، محل إجماع، وأيضاً تواتر العمل والتوارث من لدن عصر النبوة -عليه الصلاة والسلام- إلى يومنا هذا إلى قيام الساعة، ما دام في الأرض من يصلي أجمعوا على هذا فهو قطعي، فالذي يقول بمثل هذا الكلام على خطر عظيم أن يكفر؛ لأنه خالف الإجماع -نسأل الله السلامة والعافية-.(11/14)
"ولا يقرأ القرآن جنبٌ ولا حائض ولا نفساء" قراءة القرآن للجنب، أولاً: المحدث حدث أصغر يقرأ القرآن، لكنه لا يمس المصحف على ما سيأتي، المحدث حدث أصغر يقرأ القرآن، ولم يكن يمنع النبي -عليه الصلاة والسلام- من قراءة القرآن إلا الجنابة، الحائض عند أهل العلم كالجنب؛ لأن الحدث واحد كله حدث أكبر، وجاء ما يدل على أن القرآن لا يحل لحائض ولا جنب، والنفساء في حكم الحائض تماماً، تمنع الحائض وكذلك النفساء من الصلاة والصيام إجماعاً، وكذلك قراءة القرآن عند من يمنع الحائض يمنع النفساء، ولا فرق.
هذا قول عامة أهل العلم أن الحائض كالجنب لا تقرأ القرآن، من أهل العلم من يفرق بين الحائض والجنب، من يفرق بين الحائض والجنب، فيقول: الجنب حدثه رفعه بيده، إذا احتاج إلى القراءة استطاع أن يرفع الحدث، لكن الحائض تستطيع وإلا ما تستطيع؟ ما تستطيع، لا تستطيع رفع الحدث، وقد تطول مدة الحيض وكذلك النفاس بحيث يتطرق حفظها إلى النسيان، أو تكون محتاجة إلى القراءة بأن تكون معلمة أو متعلمة، فتسامحوا في حق الحائض وكذلك النفساء، وقالوا: تقرأ القرآن إذا احتاجت إلى ذلك.
ومنهم من يبيح لها القراءة مطلقاً، وأن الحيض والنفاس كالحدث الأصغر، ولكن لا شك أن القرآن معظم، هو كلام الله، والحائض والنفساء متلبستان بنجاسة، وعائشة -رضي الله عنها- تذكر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقرأ القرآن ورأسه في حجرها، يعني لو كانت الحائض تقرأ القرآن في عهده -عليه الصلاة والسلام- وممن يحيض عائشة -رضي الله عنها- تقول مثل هذا الكلام، تقول مثل هذا الكلام، تحتاج إلى أن تقول مثل هذا الكلام؟ لو كانت الحائض تقرأ القرآن، الآن نبهت أن من رأسه في حجر الحائض يقرأ القرآن وهو على طهارة، فتحتاج إلى أن تقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ القرآن في حجرها والحائض ... إذا كانت تقرأ القرآن هي فلا تحتاج إلى أن تنبه أن من لابس الحائض وجاور الحائض يقرأ القرآن، وهذا استنباط دقيق جداً من أهل العلم.(11/15)
وهنا في الصحيح في البخاري: "باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض" قال بعد ذلك بنفس الترجمة: وكان أبو وائل يرسل خادمه -وهي حائض- إلى أبي رزين فتأتيه بالمصحف فتمسكه بعلاقته، ويش الرابط بين هذا الخبر وبين قراءة الرجل في حجر امرأته؟ وكان أبو وائل يرسل خادمه -وهي حائض- إلى أبي رزين فتأتيه بالمصحف فتمسكه بعلاقته، مس المصحف، ويش العلاقة الترجمة بقراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض؟ لأن البخاري -رحمه الله تعالى- اعتبر أن جسم الإنسان بل قلب الإنسان كالوعاء للمصحف، مثل العلاقة هذه التي الكيس الذي يحمي ويحفظ المصحف، فمادام رأسه -عليه الصلاة والسلام- في حجرها، ولها أن تمسه وهي حائض فالحائض تحمل القرآن وهو في كيسه، استنباط في غاية البعد؛ لكنه دليل فقه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، بيجي مس المصحف.
كان يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن، طيب الشريط اللي فيه قرآن هل هو في حكم بدن الإنسان الحافظ للقرآن؟ الشريط؟ لا أقول: الشريط اللي هو الذي عليه الاسم الأصلي؛ لأن الشريط عبارة عن هذا اللي يدور مع الآلة، أما الغلاف غلاف الشريط هذا الأبيض أو الأخضر أو غيره هذا حكمه حكم؟ بلا شك أنه حكم الوعاء، فهل يمنع من مس الشريط نفسه؟ أما بالنسبة لغلافه هذا لا إشكال فيه، مثل العلاقة هذه، ومثل بدن الحافظ هذا ما فيه أدنى إشكال، فهل نقول: إن الشريط نفسه مثل قلب الحافظ، بمعنى أننا لو بحثنا عن قرآن في هذا الشريط ما وجدنا، كما أننا لو فتحنا قلب الإنسان الذي يحفظ القرآن ما وجدنا فيه شيء، فالحكم واحد، فهل للطبيب أن يمس قلب الحافظ بدون طهارة؟ نعم بلا شك، نعم كذلك الشريط بحيث لو كبرنا أو صغرنا أو جبنا آلات الدنيا ما رأينا شيء، إذاً الحكم واحد، فنمس الشريط من غير طهارة.(11/16)
شوف استنباط ابن دقيق العيد -رحمه الله تعالى- قال ابن دقيق: في هذا الفعل إشارة إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن، كان يقرأ القرآن ورأسه في حجري وأنا حائض، قال ابن دقيق العيد: في هذا الفعل إشارة إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن؛ لأن قراءتها لو كانت جائزةً لما توهم امتناع القراءة في حجرها حتى احتيج إلى التنصيص عليها، هذا فقه دقيق، يعني لم يكن هناك ضرورة، وأنا عندي حتى في تحديد هذه الضرورة التي يقولون: المعلمة والمتعلمة عندي فيها نظر طويل؛ لأن هذا كلام الله -جل وعلا-، إذا ما احتطنا لكلام الله -جل وعلا-، فماذا بقي لنا؟
فالذي عندي أنا والمرجح عندي أن الحائض لا تقرأ، وكذلك النفساء والجنب من باب أولى.
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم، لا ما يلزم، يعني لو جاء في بالها يعني تذكرت أو في قلبها ما يسمى قراءة.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يلزم، يعني كونها تتفكر تتأمل تتدبر هذه ليست قراءة.
طالب:. . . . . . . . .
الجوال اللي فيه مصحف، الكتابة إذا ظهرت على الشاشة ما تمس، لكن إذا كان مخفي فهو مثل الشريط، على كل حال ما دام ما ظهر على الشاشة يدخل فيه، ما في إشكال -إن شاء الله- كما يدخل الحافظ الدورة.
يقول -رحمه الله تعالى-: "ولا يمس المصحف إلا طاهر" جاء في حديث عمرو بن حزم ((وألا يمس القرآن إلا طاهر)) الحديث وإن كان مرسلاً إلا أن العلماء تلقوه بالقبول، وأثبتوا ما فيه من أحكام في غير هذا الباب مع قول الله -جل وعلا-: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] قد يقول قائل: إن هذا المقصود به ما في اللوح المحفوظ، والمقصود بالمطهرين الذين هم جبلوا على طهارة، أما من يطرأ عليه الحدث ويتطهر لا يسمى مطهر، وإنما يسمى متطهر ولا يسمى مطهر، فعلى هذا المقصود بالمطهرين الملائكة، والمتطهر من أحدث ثم رفع الحدث {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [(222) سورة البقرة] فعلى هذا ليس في الآية دلالة على منع المحدث من مس المصحف، إذا قلنا بهذا الاعتبار.(11/17)
وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- فيما نقله ابن القيم عنه في مدارج السالكين وغيره من مؤلفاته يقول: إذا منع الملائكة وقد جبلوا على الطهارة من مس ما في اللوح المحفوظ الذي القرآن خلاصته منعوا من مسه، وقد جبلوا على الطهارة إلا بهذه الطهارة أخبر الله عنهم أنهم يمسونه لهذا الوصف لأنهم مطهرون، فدل على أن غير المطهِر أو المطهَر بل المتطهر من باب أولى لا يمس القرآن الذي هو الخلاصة؛ لأنه كلام الله.
شوف الآن من باب قياس الأولى إذا منع من مس ما في اللوح المحفوظ إلا من قبل من جبل على الطهارة، فلئن يمنع القرآن الذي هو أشرف الكلام ممن يطرأ عليه الحدث، وتطرأ عليه الطهارة من باب أولى، ظاهر الاستدلال وإلا ما هو بظاهر؟ وفي غاية الدقة من شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في غاية الدقة، وأما جمع من أهل العلم يقولون: إنه لا يمنع من مسه؛ لأن الحديث مرسل، والآية في اللوح المحفوظ والملائكة، ولم يرد ما يدل على المنع، فهذا فقه دقيق عجيب من شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-، ولذا فالمرجح أنه لا يمس القرآن إلا طاهر.
هنا يقول في الترجمة السابقة: "وكان أبو وائل يرسل خادمه وهي حائض إلى أبي رزين فتأتيه بالمصحف تمسكه بعلاقته" يقولون: ما يجوز مسه هو ما أمكن إفراده عنه، بمعنى أنه أن يباع بمفرده، أما أنه يمكن أن يباع بمفرده، أما ما تبعه حكماً على كلامهم هذا يدخل فيه حتى التجليد، والأبيض في حواشي الصفحات، وأيضاً الورق الأبيض الذي يحفظ الكتاب مع التجليد ما يمس؛ لأن الجميع يقال له: مصحف، وهذه الأمور وإن لم يكن فيها قرآن وإنما دخلت تبعاً؛ لأن بعض الناس يتحايل لا أقول: في هذه المسألة على غيرها، لكنها نظير لها، يكون عنده الكتاب وقف لا يجوز بيعه، ثم يجلده، ثم يقول: أنا أبيع التجليد، أنا ما أبيع الكتاب، نقول: التجليد له حكم الكتاب، ويثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، فلا يجوز بيعه ولو جلدته، إن أردت أن تنزع التجليد انزعه، لكن تبيعه مع الكتاب، وتقول: أبيع التجليد ما هو بصحيح، هذا تحايل.(11/18)
قال -رحمه الله تعالى-: "قوله: وكان أبو وائل" هو التابعي المشهور صاحب ابن مسعود، وأثره هذا وصله ابن أبي شيبة عنه بإسناد صحيح، قوله: يرسل خادمه أي جاريته، والخادم يطلق على الذكر والأنثى، إلى أبي رزين هو التابعي المشهور أيضاً، يقول: بعلاقته بكسر العين أي الخيط الذي يربط به كيسه، وذلك مصير منهما إلى جواز حمل الحائض المصحف، لكن من غير مسه، ومناسبته لحديث عائشة من جهة أنه نظّر حمل الحائض العلاقة التي فيها المصحف بحمل الحائض المؤمن الذي يحفظ القرآن؛ لأنه حامله في جوفه، وهو موافق لمذهب أبي حنيفة، ومنع الجمهور ذلك، وفرقوا بأن الحمل مخلٌ بالتعظيم، والاتكاء يعني مثل اتكاء النبي -عليه الصلاة والسلام- على عائشة لا يسمى في العرف حملاً.
قال مالك: أحسن ما سمعت أنه لا يحمل المصحف بعلاقته ولا في غلافه إلا وهو طاهر.
كل هذا من باب الاحتياط لكلام الله -جل وعلا- الذي هو أعظم كلام، فإذا لم نحترم القرآن ماذا نحترم؟
كذا قال: وليس ذلك لأنه يدنسه، ولكن تعظيماً للقرآن.
نعم، المسألة مسألة تعظيم، تعظيم شعائر الله -جل وعلا-، وهي الشعائر قد تكون أحياناً لأن الله -جل وعلا- عظمها، تكون معظمة، على المسلم أن يعظمها في نفسه ولو كانت من أحجار، يعني مثل الكعبة، تعظيم شعائر الله -جل وعلا- من تقوى القلوب، فكيف بكلامه الذي من قرأه كأنما يخاطب الله -جل وعلا-.
هو الكتاب الذي من قام يقرأه ... كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(11/19)
لا ينوي بذلك القرآن، وإنما ينوي بذلك الذكر؛ لأن بعض أهل العلم يفرق بين أن يكون المتلو لا على جهة القرآن، ولا أنه يرجو به الثواب المرتب على القرآن، وإنما يرجو به ما رتب على هذا الذكر من حفظٍ وغيره، قراءة آية الكرسي مثلاً، آية الكرسي إذا آوى إلى مضجعه ولا يقربه شيطان، هو يريد ألا يقربه شيطان، ولا يريد بذلك أن يكسب بكل حرف عشر حسنات، فهم يفرقون من هذه الحيثية، ولا شك أن مثل هذا الكلام الذي دار من أهل العلم، ومنع الحائض والجنب من قراءة القرآن يمنعه حتى على جهة الذكر؛ لأنه لا يخرج عن كونه قرآن، ومن سمعه قال: قرآن، ومن قرأ يعرف أنه قرآن، ومن القرآن، لكن بعض آية مثلاً أهل العلم يقولون: إنه لا مانع من أن يقرأ الجنب والحائض بعض آية؛ لأنه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، ويقول ...
على كل حال النبي -عليه الصلاة والسلام- أرسل إلى هرقل الكتاب المشهور في الصحيح وغيره، وفيه: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ} [(64) سورة آل عمران] فأرسل إليه وهو في حكم الجنب، منهم من يقول: قراءة القرآن يُجمل، لا تجوز قراءة القرآن من لزمه الغسل، ويكون حينئذٍ أعم من جنب وحائض ونفساء، بمعنى أنه لو أن كافراً أسلم وليس عليه جنابة منعه من قراءة القرآن هل لكونه جنب، أو لكونه لزمه الغسل؟ نعم هم يفرقون بين هذه الأمور.
قراءة بعض آية لا تضر، إرسال قرآن أو كلام فيه كلام الله -جل وعلا- إلى الكفار كما جاء في حديث هرقل، هل يعني هذا أننا نجوز أن نرسل المصحف، أو نسافر بالمصحف إلى أرض العدو دار الحرب؟ أهل العلم يقولون: يحرم السفر بالمصحف إلى دار الحرب، لا سيما إذا خيف عليه، وكثيرٌ ما يرد من الأسئلة من إرسال التراجم، تراجم القرآن إلى اللغات الأخرى، تراجم معاني القرآن إلى اللغات الأخرى، وفيها القرآن، لا سيما إذا رُجي إسلام من يطلع عليه، يعني إذا غلب على الظن أن هذا الذي يطلع على القرآن أنه يسلم، والأكثر الترجمة.(11/20)
لا شك أنه إذا كان القرآن ممزوج بغيره كالتفسير مثلاً، وكان التفسير أكثر من القرآن هذا ما فيه إشكال، لكن إذا كان مستقل مثلاً، تفسير ابن كثير بقدر القرآن عشر مرات، حروفه بقدر القرآن عشر مرات مثلاً، ووجد التفسير مستقل موجود كامل على صورته وهيئته، يقرأ وإلا ما يقرأ؟ يحمل يقرأ فيه وإلا ما يقرأ؟ لكن من رأى هذا قال: هذا مصحف وإلا تفسير ابن كثير؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وأهل العلم يقولون: الحكم للغالب، فإذا كان الكثرة بحيث يكون القرآن شيء يسير بالنسبة للتفسير فلا يمس المصحف الذي هو في جوف هذا التفسير، وإنما التفسير لا مانع من مسه.
لكن إذا كان التفسير بقدر المصحف كتفسير الجلالين مثلاً، هل نقول: الحكم للمصحف أو للتفسير؟ ذكرنا مراراً أن شخصاً من أهل اليمن كان يتأثم من قراءة تفسير الجلالين؛ لأنه يرى أن القرآن أكثر من التفسير، والحكم للغالب، فعدَّ حروف القرآن وحروف التفسير ليكون على بينة، فيقول: إلى المزمل العدد واحد، عدد حروف القرآن مع عدد حروف التفسير واحد، ومن المزمل إلى آخر القرآن زاد التفسير قليلاً، فانحلت عنده هذه المشكلة، وأقول: إذا كان القرآن ممزوج بالتفسير، ولا أحد يقول: إن هذا قرآن إذا رآه فلا مانع من قراءته بغض النظر عن كثرة الحروف وقلتها، لكن إذا كان متميزاً بنفسه، مثل ما طبع مع تفسير ابن كثير أو مع تفسير الشيخ ابن سعدي -رحم الله الجميع-، نقول: هذا قرآن فلا يمس ما في جوفه مما بروز عليه من القرآن، أما الحواشي إذا كثرت وزادت فلا مانع من القراءة فيها، ولو كان القرآن مطبوعاً معها، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(11/21)
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (12)
شرح: باب: الاستطابة والحدث
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: الاستطابة والحدث
وليس على من نام أو خرجت منه ريح استنجاءٌ، والاستنجاء لما يخرج من السبيلين، فإن لم يعدُ مخرجهما أجزأه ثلاثة أحجار إذا أنقى بهن، فإن أنقى بدون الثلاثة لم يجزئه حتى يأتي بالعدد، وإن لم ينق بثلاثة زاد حتى ينقي، والخشب والخرق وكل ما أنقي به فهو كالأحجار إلا الروث والطعام والعظام والحجر الكبير الذي له ثلاث شعب يقوم مقام ثلاثة أحجار، وما عدا المخرج فلا يجزئ فيه إلا الماء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب الاستطابة والحدث" الاستطابة والحدث الأصل أن يقدم على الباب الذي قبله، فرض الطهارة يقدم عليه الاستطابة والحدث؛ لأنه يكون قبل الوضوء، وعلى كل حال هذا ترتيب المؤلف، والتأليف كما سمعنا مراراً أول ما يبدأ يبدأ على وجهٍ معين، ويكون لصاحبه السبق، وأجر السنة الحسنة التي سنها، ويبقى للمتعقب ما يبقى، ثم بعد ذلك يحرر الكلام وينقح ويهذب ويقدم ويؤخر ويرتب، هذه عادة مؤلفات البشر: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [(82) سورة النساء] حتى الذي يقدم الطهارة ويؤخر مثل هذا يقول: الأصل الغايات وهذه وسيلة، المقصود أن التقديم والتأخير عند أهل العلم فن، منهم من يتفنن في تقديم المؤخر، ومنهم من يرتب الترتيب الطبيعي الزمني، وعلى كل حال العامة على تقديم مثل هذا على ما قبله.
يقول -رحمه الله-:(12/1)
"باب الاستطابة والحدث" الاستطابة هي تطييب المحل المتنجس، والسين والتاء للطلب، يعني طلب طيب المحل، أو إطابة المحل بعد خروج النجاسة من المخرجين بالاستنجاء أو الاستجمار، فالاستنجاء يكون بالماء من قولهم: نجوت الشجرة أي قطعتها، والماء لا شك أنه يقطع النجاسة، ويزيل أثرها بالكلية، والاستجمار استعمال الحجارة التي هي الجمار في إزالة أو تخفيف هذه النجاسة عن المحل الخارج بحيث لا يبقى منها أثر إلا ما لا يزيله إلا الماء، فالضابط في الاستنجاء عندهم عود خشونة المحل، وفي الاستجمار أن لا يبقى من الأثر إلا ما لا يزيله إلا الماء، قد يقول قائل: إذا كان الاستجمار لا يقطع النجاسة بالكلية فكيف يصلي وبه أثر النجاسة، به أثر نجاسة لا يزيلها إلا الماء، قلنا: ما دامت السنة، السنة الصحيحة ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه اكتفى بالأحجار قلنا: إن هذا مجزئ ويكفي، وإن كان الجمع بينهما بين الاستنجاء والاستجمار أكمل؛ لأن الاستجمار يزيل الأثر ولا يبقى إلا شيء يسير، بحيث لا تباشر اليد النجاسة، ثم بعد ذلك يأتي الماء الذي يزيل الأثر بالكلية، وجاء عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنها قالت: ((مرن أزواجكن -تخاطب النساء- أن يتبعوا الحجارة الماء فإني أستحيي منهم)) وجاء أيضاً لما نزل قول الله -جل وعلا-: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} [(108) سورة التوبة] فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- لأهل قباء: ((يا أهل قباء الله -جل وعلا- مدحكم بالطهارة)) فأخبروه أنهم يستنجون بالماء بعد الحجارة، على كل حال الحديث فيه كلام لأهل العلم، وهذا تابعٌ لمسألةٍ هي: هل مسجد قباء هو أول مسجد أسس على التقوى، أو المراد به مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أما الأولية المطلقة فمسجد قباء لا شك أنه بني قبل مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجاء في الصحيح ما يدل على أن أول مسجد أسس على التقوى هو مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه سئل عنه فأخذ كبة من حصا ورماه في مسجده، وقال: ((هذا)) فدل على أن المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى هو مسجده -عليه الصلاة والسلام-، لكن هل يلزم من هذا أن مسجد قباء لم يؤسس على التقوى؟ لا يلزم(12/2)
منه ذلك، بل مسجد قباء أسس على التقوى، وأوليته مطلقة؛ لأنه لم يتقدمه شيء، ومسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- أسس على التقوى، وأوليته نسبية؛ لأنه تقدمه مسجد قباء، فيقال: مسجده -عليه الصلاة والسلام- أول مسجد أسس في داخل المدينة، على كل حال الحديث متكلمٌ فيه، الذي فيه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سأل أهل قباء عن عملهم، والكلام فيه طويل لأهل العلم، ولا شك أنه من حيث النظر إتباع الماء الحجارة يعني يستنجي بالحجارة ويخفف النجاسة فلا يباشرها بيده، ثم بعد ذلك يستنجي بالماء هذا أكمل في قطع النجاسة من حيث النظر، أما من حيث الأثر فينظر في ثبوت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثبت عنه أنه استنجى بالأحجار، وقال لابن مسعود: ((ائتني بثلاثة أحجار)) ولم يثبت عنه أنه أتبعه الماء، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- من حديث أنس أنه كان يحمل هو وغلامٌ نحوه إداوة من ماء فيستنجي بها -عليه الصلاة والسلام-، ثبت عنه أنه استعمل الماء، وثبت عنه أنه استعمل الحجارة، لكن هل ثبت عنه أنه يجمع بينهما، وإن كان النظر يقتضي أنه أكمل، لكن لا أعرف ذلك يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، فالاقتصار على الماء طهارة كاملة، والاقتصار على الأحجار طهارة كاملة.
طالب:. . . . . . . . .
من حيث النظر الجمع بينهما أكمل، من حيث النظر كون هذا يخفف النجاسة بنسبة 99%، وهذا يقطعها بالكلية، ويجعل اليد لا تباشر النجاسة هذا أكمل من حيث النظر، لكن العبرة بفعله -عليه الصلاة والسلام-، وكره بعض السلف الاستنجاء بالماء، كرهه بعضهم، نقل عن بعض السلف عن ابن عمر وغيره أنه كره الاستنجاء بالماء، وأن هذا بالنساء أليق، لكن ما دام ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه استنجى بالماء فلا كلام لأحد، منهم من يعلل بأنه مطعوم، الماء مطعوم، فكيف يستنجى به، لكن ما دام ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا كلام لأحد، وإذا جاء نهر الله -كما قال الإمام مالك- بطل نهر معقل، فلا مجال للتعليلات ما دام الفعل ثابتاً عنه -عليه الصلاة والسلام-.(12/3)
"باب الاستطابة والحدث" العطف هنا من باب عطف المسبب على سببه، فالسبب ... ، من باب عطف إيش؟ المسبب على سببه أو السبب على مسببه؟ الآن المعطوف.
طالب: السبب.
لا، المسبب الذي هو الحدث، الحدث هو السبب، والاستطابة مسببٌ عن ذلك الحدث، فالحدث هل المراد نفس الخارج -وهذا أشرنا إليه سابقاً- هل المراد به نفس الخارج، أو الأثر المعنوي الوصف القائم بالبدن المعنوي الذي يمنع من مزاولة ما تشترط له الطهارة؟
طالب:. . . . . . . . . المراد به هنا الحدث.
الخارج يعني.
طالب: نعم، الخارج.
إيه، إذا قلنا: الطهارة رفع الحدث، فالمراد به الوصف، وإذا قلنا: الاستطابة والحدث فالمراد به نفس الخارج.
قال -رحمه الله تعالى- وفي كل باب يقول: "قال" في النسخة الطبعة الأولى وكأنها حذفت من الطبعة الثانية، يقول: "وقال" وفي نهاية كل باب، غالب الأبواب يقول: والله أعلم.
يقول: في التعليق انفردت نسخة الأصل بزيادة الله أعلم في ختام كل باب تقريباً، ومع ذلك حذفوها، أثبتوها في أوائل الأبواب ثم حذفوها بعد ذلك بدليل أنهم لم يذكروها في هذا الباب.
قال -رحمه الله-: "وليس على من نام أو خرجت منه ريح استنجاء" لأن الله -جل وعلا- يقول: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] بعض أهل العلم يقول: إذا قمتم من النوم فاغسلوا وجوهكم، ولم يذكر فيه استنجاء، وكذلك من خرجت منه الريح لا يستنجي، وجاء في حديث: ((من استنجى من الريح فليس منا)) وهو حديثٌ ضعيف، مخرجٌ في الكتب التي هي مظنة الضعيف عند الديلمي وعند ابن عساكر والخطيب، فإذا تفردت هذه الكتب بحديث فإنه يحكم عليه بالضعف إذا تفردت، فهي من مظان الضعيف، وعلى كل حال الخبر ضعيف.(12/4)
قال: "وليس على من نام أو خرجت منه ريحٌ استنجاء" أما خروج الريح فالريح لا تنجس ما مرت به خلافاً لبعض المبتدعة الذين يرون أنها تنجس، فيستنجون منها، ولا يصلون بسراويلهم، وهذا معروفٌ عند بعض طوائف البدع، وإذا كانت الريح لا توجب الاستنجاء، ولا يلزم من أرسلها استنجاء، فمن باب أولى النوم الذي هو مظنة الحدث، مظنة خروج الريح، فإذا لم يكن الأصل موجباً للاستنجاء فما كان مظنة له من باب أولى إذا كان المحقق المتيقن لا يوجب الاستنجاء فمن باب أولى ما يظن فيه ذلك الحدث.
"والاستنجاء لما يخرج من السبيلين" من القبل أو الدبر، والاستنجاء لما يخرج من السبيلين، الاستنجاء يتعلق به الجار والمجرور في قوله: "لما" ويتعلق به أيضاً الجار والمجرور في قوله: "من السبيلين" والأسلوب يفهم منه الحصر، يقول: "والاستنجاء لما يخرج من السبيلين" كأنه قال: فقط، وعلى هذا "ما" من صيغ العموم، قال: والاستنجاء لما يخرج، يعني لكل ما يخرج من السبيلين، سواءٌ كان طاهراً أو نجساً، رطباً أو يابساً؛ لأن "ما" من صيغ العموم، ومن السبيلين اللذين هما القبل والدبر يختص الاستنجاء به، وعلى هذا لو خرجت النجاسة من غير السبيلين خرج البول أو الغائط من غير مخرجه، انسد المخرج، وفتح أو انفتح له مخرج غير الأصلي غير السبيلين وهذا كثيرٌ، فإذا خرج الحدث من غير السبيلين من مخرجٍ محدَث بعد انسداد أو سد المخرج الأصلي هل يأخذ الحكم وإلا ما يأخذ؟
طالب:. . . . . . . . .
على كلامه هو؟
طالب:. . . . . . . . .
على كلامه ما يحتاج إلى استنجاء.
طالب: لا يعتبر سبيل.
لا، هو السبيلين معروف، معروف أن السبيلين المعهودين.
طالب: لكن حلّ محله يا شيخ؟(12/5)
نحن نبي نمشي على كلامه هو أولاً؛ لأن عنده علَّق بالاستنجاء الجار والمجرور لما يخرج، والجار والمجرور من السبيلين، فقوله: لما يخرج، يعني لكل ما يخرج من السبيلين موجب للاستنجاء، ولو خرج حصاة يابسة، أو ابتلع خرزة وخرجت من سبيله بدون رطوبة، أو خرج من مقعدته حشرة أو دود يستنجي وإلا ما يستنجي؟ على كلامه يستنجي، فلما يخرج يعني لجميع ولكل ما يخرج من السبيلين يلزمه الاستنجاء، والمقرر عند أهل العلم أن اليابس لا ينجس اليابس، خرجت حصاة يابسة ما فيها شيء، فهل يلزم الاستنجاء أو لا يلزم؟ على كلامه لا يلزم، وعلى قول من يقول: إن المخرج كغيره من أجزاء البدن على ما تقدم بحثه، فهذا ليس بموجب للاستنجاء أصلاً؛ لأن الاستنجاء كإزالة النجاسة ولا نجاسة الآن على أي موضع من البدن، والمقرر عنده أنه يعني تقدم لا يصح قبله وضوء "فرض الطهارة ماءٌ طاهر، وإزالة الحدث" فهو عنده حدث هذا لا بد من إزالته ولو كان طاهراً؛ لأنه خرج من السبيلين.
ونعود إلى المسألة الأخرى أنه إذا خرج الحدث الذي هو البول والغائط، الحدث الأصلي المعتاد من غير السبيلين، مقتضى كلامه أنه لا يستنجى منه، لا يلزم الاستنجاء منه، لكن الإزالة إزالة النجاسة واجبة بلا شك، فعلى هذا يصح الوضوء قبلها قبل إزالة هذه النجاسة؛ لأنها من غير السبيلين، فالذي يشترط تقدمه على الطهارة الاستنجاء أو الاستجمار؟ ولا استنجاء هنا ولا استجمار؛ لأن الاستنجاء والاستجمار خاص بموضع الخارج الأصلي الذي هو السبيلان، فإذا خرج فُتح لمريض فتحة فصار يخرج منها البول، ثم توضأ، هل نقول: يلزمه أن يستنجي قبل الوضوء على ما تقدم، أو نقول: هذه نجاسة في غير محلها فلو توضأ قبلها ما يمنع كسائر بدنه غير السبيلين، مقتضى كلامه أنه لا يلزم، أنها كالنجاسة على غير السبيلين، وأما الذين يقولون: يجوز الوضوء قبل الاستنجاء والاستجمار فالمسألة ما تختلف عندهم، قدم أو أخر ما يضر.(12/6)
الاستنجاء والاستجمار لقطع ما يخرج من السبيلين كما قرر المؤلف -رحمه الله تعالى- أمرٌ لا بد منه؛ لأنه يقول: "وليس على من نام أو خرجت منه ريحٌ استنجاء" والاستنجاء يعني على من خرج حدثه من السبيلين؛ لأنه لما قال: "ليس على" دل على أن الاستنجاء على من خرج من سبيليه شيء، وهذا يدل على الوجوب، والوجوب أمرٌ مقرر في الشرع ومعروف، وهو مذهب عامة أهل العلم أنه لا بد من الاستنجاء، ولا يعفى عن مثل هذا، وأن يسيره لا يعفى عنه إلا ما لا يزيله إلا الماء في حالة الاستجمار.
"فإن لم يعد مخرجهما" وفي نسخة: "لم يعدوا مخرجهما" فإن لم يعدُ، إذا قلنا: لم يعد، فالضمير مفرد يعود إلى الخارج المفهوم من قوله: "لما يخرج" في قوله: "لما يخرج" وقررنا أنه يعم كل ما يخرج ألا يقال: إن الشيء الطاهر حكمه حكم الريح عند المؤلف؛ لأنها طاهرة فكذلك في حكمها كل طاهر.
طالب:. . . . . . . . .
الآن قوله: "والاستنجاء لما يخرج من السبيل" لا شك أنه لا يتناول الريح، قوله: "والاستنجاء لما يخرج من السبيلين" لا إشكال في كونه لا يتناول الريح؛ لأنه نص عليها، لكن هل التنصيص عليها يمكن قياس غيرها عليها من الطاهرات، والعلة في ذلك أنها طاهرة.
طالب: بس يا شيخ هي لا جرم لها تختلف عن غيرها بأنه لا جرم لها. . . . . . . . .
يدل على أنه لو أراد غيره لذكره، ولعطفه على الريح.
"فإن لم يعد" يعني الخارج المفهوم من قوله: "لما يخرج" في بعض النسخ: "فإن لم يعدوا" يعني البول والغائط المفهوم من قوله: "لما يخرج من السبيلين" فهذه التثنية تقتضي تثنية الضمير العائد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني على كلامه فإن لم يعدوا يعني البول والغائط.
طالب:. . . . . . . . .
جوابه؟
طالب:. . . . . . . . .
أولاً: النسخ بما فيها الأصل: "فإن لم يعد" يعني الخارج، والخارج يراد به جنس ما يخرج فيشمل الجميع، أما على ما انفردت به النسخة المرموز لها بالحرف "م" يعدوا المقصود به؟
طالب: البول والغائط؟(12/7)
البول والغائط، وما في حكمهما حتى على رواية التثنية؛ لأنه افترضنا أنه يخرج من الذكر أشياء بول وغائط ومذي ومني وأمور ثانية، نعم، ويخرج من الدبر أشياء، ثلاثة أشياء، أربعة خمسة عشرة بقدر ما يخرج، فالضمير المثنى يعود إلى المجموعتين {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [(9) سورة الحجرات] فالضمير المثنى يعود إلى المجموعتين، فلا يرد ما قلتَ، فالمعنى واحد سواءٌ قلنا: لم يعد أو لم يعدوا مخرجهما يعني محل الخروج من القبل والدبر، يعني صار بقدر المحل الذي هو الفتحة، وما انتشر على مواضع أخرى من الذكر أو الدبر أجزأه ثلاثة أحجار، ومفهوم هذا أنه لو تعدى المخرج ولو بشيء يسير فإنه حينئذٍ لا يجزي الاستجمار، بل لا بد من الاستنجاء بالماء.
"فإن لم يعد مخرجهما أجزأه ثلاثة أحجار إذا أنقى بهن" فكلامه يدل على أنه إذا كان التلويث في محل الخارج بحيث لا يتعداه ولو كان شيئاً يسيراً فإن الاستنجاء يجزئ، وإن زاد على محل الخروج ولو شيئاً يسيراً فإنه لا يجزئ إلا الاستنجاء هذا مفهوم كلامه، لكن هل يتصور أن الخارج بقدر محل الخروج لا يتعداه أبداً؟ قالوا: يتجاوز عن الشيء اليسير حول المخرجين، إذ لا يتصور أن يكون التلويث بقدر الفتحة التي يخرج منها الخارج، فيجزئ الاستجمار حينئذٍ، أما إذا زاد وانتشر وتعدى فلا بد من غسله بالماء.
"فإن لم يعد مخرجهما أجزأه" قوله: أجزأه، هل في هذه العبارة ما يدل على أن الاستنجاء مفضول؟ لأن المسألة مسألة إجزاء، أن الاستجمار مفضول، هل مفهوم هذه العبارة في قوله: أجزأه ثلاثة أحجار .... ؟ نعم؟
طالب: هذا الظاهر، ظاهره أنها مفضول. . . . . . . . .
لا، أنا أقول: قوله: "أجزأه" الإجزاء هل يفهم منه أن هذا هو السنة، أو أنه يكفي؟ أقل ما تزال به النجاسة، وأعلى به ما تزال به النجاسة الماء، فهل في قوله: أجزأه ما يدل على أن الاستجمار مفضول، وأن الاستنجاء فاضل؟
طالب: هذا ظاهر.(12/8)
إيه لا سيما مع قوله: "فإن لم يعد مخرجهما" فكون الشيء المجزي يقيد بقيود لا يرتقي إلى ما لا قيد فيه، يعني كون الشيء يقول أهل العلم: يجزئ بشرط كذا وكذا وكذا، ما هو مثل الذي يجزي مطلقاً، ويتأتى به الواجب مطلقاً من غير قيدٍ ولا شرط، واضح هذا مفهوم العبارة، ولا شك أن الماء أقطع للخارج من الاستجمار، وما دام ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه استجمر، فلا يظن أن الاستجمار طهارة ناقصة، بل هي كاملة.
"أجزأه ثلاثة أحجار إذا أنقى بهن" ثلاثة أحجار مفهومه أن الحجرين لا يجزأن، وإنما أقل المجزئ ثلاثة أحجار "أجزأه ثلاثة أحجار إذا أنقى بهن" فالاستجمار بالأحجار مشروط بأن لا يتعدى الخارج موضعه، وأن تكون الأحجار ثلاثة، وأن يتم الإنقاء، يعني أقل ما يستجمر به ثلاثة أحجار، إذا أنقى بهن، فإن لم ينقِ بالثلاثة زاد حتى ينقي، يزيد رابع، إن أنقى بالأربعة استحب له أن يزيد خامساً ليقطع الاستنجاء على وتر، إن أنقى بالخامس لا يزيد شيئاً، إن تطلب الأمر حجراً سادساً زاده، ثم يقطع على وتر، يزيد سابع، وفي الحديث الصحيح: ((من استجمر فليوتر)) وجماهير أهل العلم على أن معناه من استعمل الاستجمار الجمار في قطع أثر الخارج، في إزالة أثر الخارج، ومنهم من يرى أن الاستجمار هنا استعمال المجمرة التي هي البخور الطيب، لكنه مرجوح يعني.
"أجزأه ثلاثة أحجار" وقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يأتيه .. ، أمر ابن مسعود أن يأتيه بثلاثة أحجار، أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- ابن مسعود أن يأتيه بثلاثة أحجار، فدل على أنه لا يجزئه غيرها، ولا يجزئ أقل منها، فجاءه بحجرين وروثة فألقى الروثة، وقال: ((إنها رجس)) وجاء في بعض الروايات: ((إنها روثة حمار)) رجس نجسة النجس لا يطهر نفسه فضلاً على أن يطهر غيره، في بعض الروايات ((ابغني ثلاثاً)) فدل على أنه لا بد من الثلاث، ومن أهل العلم من يقول: إنه يجزئ ما ينقي ولو واحد، فالمسألة مرتبطة بنجاسة حسية فإذا زالت كفى، لكن حديث ابن مسعود يدل على أنه لا بد من الثلاث، وأنها أقل ما يجزئ.(12/9)
"أجزأه ثلاثة أحجار إذا أنقى بهن" بهذا الشرط أن ينقي بالثلاثة، إذا لم ينق يزيد حتى يتم الإنقاء، فإن أنقى بدونهن لم يجزئه حتى يأتي بالعدد، أنقى بواحدة لم يجزئ أنقى باثنين لم يجزئ لا بد من ثالث حتى يأتي بالعدد المحدد في حديث ابن مسعود، فإن لم ينق بثلاثة زاد حتى ينقي، يعني يزيد رابع، ثم يقطع على وتر استحباباً، فالرابع واجب، والخامس مستحب.
حتى ينقي، ثم بعد ذلك قال: "والخشب والخرق، وكل ما أنقي به فهو كالأحجار" يعني هل يتعين الحجر أو أن المسألة مسألة حسية؟ المطلوب إزالة هذه النجاسة فكل ما تزال به هذه النجاسة من خشب وخرق ومناديل أو تراب؟ "وكل ما أنقي به فهو كالأحجار" حكمه حكم الأحجار؛ لأن المعنى يتأدى به، لكن الذي لا ينقي كالزجاج، وما كان في حكمه من أملس فإنه لا يجزئ، فهو كالأحجار يتم به الاستجمار الشرعي.
طالب:. . . . . . . . .
كل أهل العلم قالوا: بأن القطع على وتر سنة، ما قال أحد بوجوب الوتر في هذا إلا الثلاث، الثلاث معروف القول فيها.(12/10)
"والخشب والخرق، وكل ما أنقي به فهو كالأحجار" ومعروف أن هذه المسألة مما خالف فيها أبو بكر غلام الخلال خالف فيها المؤلف، ففي المسائل في المسألة الخامسة من هذه المسائل يقول: قال الخرقي: والخشب والخرق، وكل ما أنقي به فهو كالأحجار، وبه قال: أكثرهم؛ لأن المسألة محسوسة ليست معنوية ولا تعبدية بالأحجار، إنما هي حسية، وبه قال أكثرهم لما روى الدارقطني في إسناده عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا قضى أحدكم حاجته فليستنج بثلاثة أعواد أو ثلاثة أحجار أو ثلاث حثيات من الماء)) لكن هذا الحديث ضعيف جداً، قال أبو بكر: لا يجزئ إلا الأحجار، وبه قال داود؛ لما روى البخاري في إسناده عن عبد الله قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، والأمر على الوجوب؛ ولأنها عبادة تتعلق بالأحجار فلا يقوم غيرها مقامها، دليله رمي الجمار، يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قال: ((ائتني بثلاثة أحجار)) هل المقصود من هذا الأمر إحضار هذه الأحجار، وأن لها لذاتها خصوصية، أو المقصود إزالة الأثر؟ هنا يقول: والأمر على الوجوب؛ ولأنها عبادة تتعلق بالأحجار فلا يقوم غيرها مقامها دليله رمي الجمار، من رمى الجمرة بقطع خشب يجزئ وإلا ما يجزئ؟
طالب: لا يجزئ.
ما يجزئ، وهنا أيضاً في كلام أبي بكر غلام الخلال يقيس هذا على ذاك، يقول: ما دام لا يجزئ رمي الجمار بالخشب إذاً لا يجزئ قطع النجاسة بالأخشاب، لكن القياس مع الفارق، الفرع لا يساوي الأصل، فالأصل ظاهر التعبد فيه واضح، بينما المعنى والحس في الفرع المقيس عليه ظاهر، فالقياس مع الفارق.
فالمتجه هنا قول الخرقي، وكونه يأمره -عليه الصلاة والسلام- بالأحجار أنه لا يوجد في ذلك المكان إلا أحجار، هو في مكانٍ لا يوجد فيه أحجار، لا سيما وأرض المدينة هذه صفتها.(12/11)
"إلا الروث والعظام والطعام" فالاستنجاء بالروث محرم ولا يجزئ، والاستنجاء بالعظام محرمٌ ولا يجزئ، وكذلك الطعام، هذا ما قرره المؤلف، أما التحريم فلا إشكال فيه، والنص فيه صحيح؛ لأن الروث زاد أو علف الدواب دواب الجن، والعظام زاد إخوانكم من الجن يعود أوفر ما كان، فلا يجوز تنجيسه عليهم، وأما الطعام فهو زاد الإنس، فإذا حرم الاستنجاء بزاد الجن حرم الاستنجاء بزاد الإنس من باب أولى؛ ولأنه محترم، وقل مثل ذلك في طعام دواب الإنس علف الدواب كذلك لا يجوز أن يستنجى به.
"إلا الروث والعظام والطعام" عرفنا أن الروث إما أن يكون طاهراً أو نجساً، فإن كان نجساً ففيه حديث ابن مسعود: ألقى الروث، وقال: ((إنها رجس)) وإن كانت طاهرة كما هو شأن أرواث ما يؤكل لحمه فهي زاد أو علف دواب الجن، والعظام لا شك أنه زاد الجن أنفسهم، بحيث يعود أوفر ما كان.
من الطرائف أن امرأة داخلها جني وتلبس بها، فلما أتي بمن يرقي تكلم الجني وقال: هذه المرأة تعتدي علينا، كيف تعتدي عليكم؟ قال: إذا انتهت من أكل اللحم قضمت العظم فما لان منه أكلته، وهذا موجود بعض الناس لا سيما عظام الدجاج، بعض الناس يقضمه، فهذا يصدق الحديث أنه طعامهم.
وفي الحديث: ((لعل الحياة تطول بك يا رويفع فأخبر الناس أن من استنجى بعظمٍ أو رجيع دابة فإن محمداً بريء منه)) فمثل هذا لا يجوز الاستنجاء به؛ لأنه إما أن يكون نجساً هذا بالنسبة للروث، إذا كان رجيع ما لا يؤكل لحمه، أو طاهراً، ورجيع ما يؤكل لحمه وحينئذٍ علف دواب الجن، والعظم هو زاد إخوانه من الجن، أو يكون ممن لا يؤكل لحمه، وحينئذٍ يكون حكمه حكم ما لا ينقي؛ لأنه أملس كالزجاج فلا ينقي، والطعام لا شك أنه محترم، وهو زاد الإنس، والمحافظة على زاد الإنس أولى من المحافظة على زاد الجن.(12/12)
"من الطعام" يعني مثل هذا الكلام يجر إلى وضع الطعام في غير ما يليق به، يعني إذا بقي من الطعام بقية وجعل مع الكناس مثلاً، ثم وضع في سلة المهملات –الزبائل- التي تحملها عمال البلدية، فيكون معها الطاهر والنجس، ولا شك أن الطعام محترم لا يجوز أن يخلط بشيء نجس، هذا إذا أمكنت الاستفادة منه، أما إذا كان بحيث لا يستفيد منه إنسان ولا حيوان كالدهن الذي يبقى في اليد مثلاً، بعض الناس يتحرز من أن يغسل يديه في المغسلة التي تذهب إلى المجاري، وفيها الدهن بقية السمن والدهن والزيوت، لا شك أنه بعد لعقها، وإزالة ما علق بها من طعام الذي يبقى لا يستفاد منه، وحينئذٍ يذهب منه الاسم كونه طعام، حينئذٍ ليس بطعام، ولا مانع من غسله في المغاسل.
"والحجر الكبير الذي له ثلاث شعب يقوم مقام ثلاثة أحجار".
طالب:. . . . . . . . .
أي نعم، يعني هل النهي يقتضي البطلان أو لا؟ هل يجزئ أو لا يجزئ؟ هل نقول: إن هذا مثل خلافه في الدار المغصوبة أو لا؟ لا شك عند الظاهرية كل نهي يقتضي البطلان، سواءٌ عاد النهي إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه، أو إلى أمر خارج، فهو يقتضي البطلان، لكن عند غيرهم يفرقون بين ما يعود النهي فيه إلى ذات المنهي عنه، أو إلى شرطه، والحجر شرط في الإنقاء، إذاً الروث شرط في هذا الإنقاء، فعاد النهي إلى ذات الشرط، إلى الشرط، وحينئذٍ لا يجزئ.(12/13)
قال -رحمه الله-: "والحجر الكبير الذي له ثلاث شعب يقوم مقام ثلاثة أحجار" المؤلف -رحمه الله- نظر إلى المعنى، وأن كل زاوية وكل شعبة تقوم مقام الحجر المستقل، وإذا نظرنا إلى هذا الكلام من حيث المعنى صحيح، لا سيما إذا قلنا: إن الأحجار الثلاثة يمسح بكل واحدٍ منها مسحة واحدة، لكن إذا قلنا: إن كل واحد من الأحجار الثلاثة يمسح به مراراً من جوانبه فلا يقوم مقامه الحجر الواحد، وإن كان له شعب، لو قدر مثلاً أن الحجر كبير استنجى به وكسر منه ما تنجس به بالاستنجاء وبقي نظيف، ثم استنجى به ثانية فكسر منه ما يبقى معه ما هو في حكم الحجر الثالث؟ فكأنه كسر الحجر الواحد وجعله ثلاثة أحجار، لو أحضر من البداية حجر واحد كبير وكسره إلى ثلاثة أحجار قسمه هذا ما يخالف فيه أحد؛ لأنه يصدق عليه أنه استنجى بثلاثة أحجار، لكن إذا أتى بحجرٍ كبير، ثم استنجى به وغسل موضع النجاسة، أو كسرها وقطعها وأزالها، ثم استنجى به كذلك، ثم استنجى به ثالثة على كلام المؤلف ما فيه إشكال، الحجر الكبير الذي له ثلاث شعب يقوم مقام ثلاثة أحجار؛ لأن المؤلف نظر إلى المعنى نجاسة حسية زالت بهذا الحجر الكبير، وتم مسحه، مسح النجاسة ثلاثاً، فما في ما يمنع أن يكون حكم الحجر الواحد حكم الثلاثة.
ومن مسائل الغلام -غلام الخلال- يقول -رحمه الله-: المسألة السادسة التي في الطبقات، قال الخرقي: والحجر الكبير الذي له ثلاث شعب يقوم مقام الثلاثة الأحجار؛ لأن القصد تخفيف النجاسة بضربٍ من العدد، وهذا المعنى موجود في الحجر الكبير، تخفيف وإلا تجفيف؟ لأن في النسخة تجفيف، والمثبت من الأصول وهي محررة مضبوطة بالشكل الكامل في "ب" وإن كان المعنى لا يساعد على ذلك؛ لأن المقصود التجفيف لا التخفيف؛ لذا شرط في الحجارة أن تكون منقية لا مخففة، لكن هل الإنقاء يقتضي الإزالة بالكلية أو قالوا بأنه يجزئ الاستجمار مع بقاء الأثر الذي لا يزيله إلا الماء؟
طالب: الثاني.
اللفظان متجهان سواءٌ قلنا: تخفيف أو تجفيف.(12/14)
لأن القصد تخفيف النجاسة بضربٍ من العدد، وهذا المعنى موجود في الحجر الكبير، كما لو وجد بثلاثةٍ صغار، وقال أبو بكر: لا بد من ثلاثة أحجار، وهي الرواية الثانية عن الإمام أحمد؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن مسعود: ((ائتني بثلاثة أحجار)) ولم يفرق، يعني ما قال: ثلاثة أحجار صغيرة، أو قال: حجر واحد كبير في حكم الثلاثة، المقصود أنه قال: ((ائتني بثلاثة أحجار)) فيوقف على هذا الحد، لكن مثل هذا الكلام يتجه في المسائل التعبدية، وهو أيضاً جارٍ على قول أهل الظاهر، أما من ينظرون إلى المعنى فإن الحجر الذي له شعب لا شك أنه يقوم مقام الأحجار.
"والحجر الكبير الذي له ثلاث شعب يقوم مقام الثلاثة ما عدا المخرج فلا يجزئ فيه إلا الماء" لأن النجاسة لا تزول إلا بالماء.
"ما عدا المخرج فلا يجزئ فيه إلا الماء" لأن هذا الاستنجاء إنما ورد في موضع الخارج فقط، ولم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أزال النجاسات بغير الماء، اللهم إلا على قول من يقول بنجاسة المني وإزالته بالظفر أو بإذخرة أو بحصاة أو شبهها، لكن على من يقول بطهارته المذهب -وهو قول الأكثر- المذهب عندهم مطرد، فلا تزال النجاسات إلا بالماء، ويستدلون بإزالة المني بالظفر وحكه بالظفر يستدلون بهذا على طهارته، إذ لو كان نجساً لما طهر إلا بالماء، ولذا يقول: "وما عدا المخرج فلا يجزئ فيه إلا الماء" يعني لو وقعت نجسة على يده أو على رجله أو على ثوبه لا بد من إزالتها بالماء، وكذلك إذا تعدى الخارج الموضع على ما تقدم لا يجزئ فيه إلا الماء.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
المذي؟
طالب:. . . . . . . . .
الملح؟
طالب:. . . . . . . . .
الملح طعام، لكن جاء ما يدل على أنه تزال به النجاسة؛ لأن أصله ماء، إذا أذيب صار ماءً مالحاً، وأصله الماء، تقدم الكلام فيه.(12/15)
هنا يقول: "فصلٌ في أدب قضاء الحاجة" في زوائد الهداية على الخرقي: فصلٌ في أدب قضاء الحاجة: يستحب لمن أراد قضاء الحاجة أن يقول: بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث، من الرجسٍ النجس الشيطان الرجيم، ويضع ما معه مما فيه ذكر الله تعالى، فلا يدخل به محل قضاء الحاجة، ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض؛ لئلا يؤدي ذلك إلى انكشاف عورته، واطلاع الناس عليها، ويعتمد في حال جلوسه على رجله اليسرى، وينصب اليمنى، قالوا: لأن هذا أسهل للخارج، أسهل للخروج، وينصب اليمنى، ولا يتكلم، وجاء النهي عن الكلام، وأن الله -جل وعلا- يمقت على ذلك، ولا يطيل مقامه أكثر من حاجته لأنه مضر، إطالة المكث على الحاجة مضر ببدن الإنسان، منهم من يقول: إنه يكون سبباً في البواسير، ولا يطيل مقامه أكثر من حاجته، وغير المسلمين يستغلون هذا الوقت في القراءة، ويطيلون البقاء والمكث على الحاجة، يستغلون في قراءة صحف وأشباهها.
بعضهم يأخذ من كلام أهل العلم هذا أنه لا يطال على الصبي في مكثه بما يحفظ النجاسة، خلاص مجرد ما يتنجس في هذه الحافظة التي تحفظ نجاسته يزيلها فوراً؛ لأن الكبير إذا تضرر بالنجاسة فالصغير في حكمه، وإذا منع الكبير من طول المكث على النجاسة فلئن يمنع من إطالة مكث الصبي في نجاسته؛ لأنه أقبل للمرض، وأسرع للمرض إليه من الكبير، من باب أولى.
ولا يطيل مقامه أكثر من حاجته، وإذا فرغ قال: غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافني، فإن كان في الخلاء قدم رجله اليسرى في الدخول، واليمنى في الخروج، يعني عكس المسجد؛ لأنه من الأمور المفضولة فيقدم اليسرى في الدخول، وإذا خرج منه قدم اليمنى عكس المسجد وعكس الانتعال.
وإن كان في فضاءٍ أبعد واستتر عن العيون، أما الاستتار فواجب، وأما الإبعاد فكان من عادته -عليه الصلاة والسلام- أنه يبعد إذا أراد محل الغائط، الغائط يُبعد فيه لما يصحبه من أصوات وروائح، وأما بالنسبة للبول فقد انتهى -عليه الصلاة والسلام- إلى سباطة قوم -يعني بين البيوت- ما أبعد فبال قائماً على ما في الصحيحين وغيرهما.(12/16)
أبعد واستتر عن العيون، وارتاد لبوله مكاناً دمثاً، مكاناً رخواً؛ لئلا يرتد عليه البول، ويتوقى الأظلة التي يجلس فيها، والطرقات والأشجار المثمرة، وفرض الأنهار ((اتقوا الملاعن الثلاثة)) فلا يجوز أن يبول في ظل الناس، ولا محل اجتماعهم، ولا في طرقاتهم؛ لأنه يؤذيهم بهذا، ويتسبب في لعنهم إياه، فيتوقى الأظلة التي يجلس فيها والطرقات والأشجار المثمرة وفرض الأنهار، منهم من يقول: إذا كانت هذه الأماكن التي يجتمع فيها يزاول فيها منكر، ناس يجلسون في مكانٍ فيه ظل، أو في طريق لا يحتاجه المارة، إنما يستغله هؤلاء الذين يزاولون فيه هذا المنكر من أذى الناس أو الكلام فيهم في أعراضهم نقول: لا مانع من أن يفرقوا بهذه الطريقة، يبال فيه، وعلى هذا لو وجد في الحي أرض بيضاء محل يلعب فيها الشباب كرة، وبسببها يتأخرون عن الصلاة، هل يفرقون بمثل هذا؟ وهل يلحق بهذا ما يقوم مقامه مما يكون سبباً للتفريق مما هو ليس بنجس، مثل يغير فيه الزيت زيت السيارة، في هذا المكان الذي يكون سبباً لمنكر يجتمع الناس فيغتابون، يغير الزيت في هذا المحل، أو شباب يلعبون كرة في أرض فضاء تكون محل لتغيير الزيت يُفرقون.
وينجر الكلام إلى بعض الناس تكون سيارته من النوع القديم الذي ينزل منه الزيت، فهل مثل هذا يسوغ له أن يقف بهذه السيارة في طرقات الناس بحيث يتسبب في نزول هذه الزيوت التي تؤذي المارة، أم نقول: إنه يلزمك أن تقف في مكان لا يمر به أحد أو تصلح سيارتك لئلا تؤذي الناس؟ الزيت طاهر، لكنه مقذر مؤذي، وغسله أشق من غسل البول، فعلى هذا على من يملك مثل هذه السيارات يتحرى لا يكون سبباً في أذية الناس.
ولا يبول في ثقب ولا شق، قالوا: لأنها مأوى للجن، وسعد بن عبادة يذكر أنه بال في شقٍ فوجد صريعاً قتيلاً، قالوا: قتله الجن إن ثبت الخبر، قالوا:
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ... رميناه بسهمٍ فلم نخطئ فؤاده
وعلى كل حال إذا كان يستبب في أذية وغلب على الظن أنه مأوى للجن، أو مأوى لأشياء محترمة مثل الضبان مثلاً، جحر فيه ضب يبول فيه وإلا ما يبول؟ لا يبول؛ لأن هذا مأكول محترم.(12/17)
ولا يبول في ثقبٍ ولا شق، ولا يستقبل شمساً ولا قمراً، يقول الفقهاء: لما فيهما من نور الله، وهذه العلة عليلة، وحديث: ((ولكن شرقوا أو غربوا)) يرد هذا الكلام؛ لأنه إذا شرق في أول النهار استقبل الشمس، وإذا غرب في آخره استقبلها.
ولا قمراً، ولا يجوز استقبال القبلة.
نقف على هذا.
اللهم صل على محمد ....(12/18)
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (13)
شرح قوله: "ولا يجوز استقبال القبلة، وفي استدبارها في الفضاء واستقبالها روايتان ... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه أسئلة يقول: إنه قال لزوجته: عليه الطلاق ما في دروس خصوصية بعد اليوم، والآن أريد إعطاء ابنتي درس أو ابني درس نتيجة عدم فهمه لبعض الدروس، ولكن بدون أن يقع الطلاق، فماذا أفعل؟
أولاً: ما الباعث على قوله: عليه الطلاق أنه لا يدرس دروس خصوصية، قد يكون الدافع لذلك أن يمنع نفسه؛ لأنه بسبب هذه الدروس حرم من أشياء، وقد يكون الضغط من زوجته ليتفرغ لها ولأعماله؛ لأنه هو يعطي الدروس الخصوصية يضيع عليه وقت كثير بسببها، فهو يريد منع نفسه من هذه الدروس، ومثل هذا الذي يراد منه الحث أو المنع بلفظ الطلاق يسمونه الحلف بالطلاق، ومنهم من يجعل مثل هذا كفارته كفارة اليمين؛ لأنه لم يقصد الطلاق لذاته، ولا يريد فراق زوجته، وإنما يريد أن يمنع نفسه، لكن ما علاقة هذه المسكينة التي جُعلت على اللسان لأدنى سبب؟! وما هذا التلاعب لأحكام الله لأدنى سبب يطلق، أو يعلق الطلاق؟ لا شك أن هذا من التلاعب بحدود الله، فمثل هذا لا ينبغي للمسلم أن يجعل الطلاق على لسانه، ولو حلف يميناً أن لا يدرس دروساً خصوصية فالله أعظم، ويمتنع من ذلك، لكن في نفوس كثيرٍ من الناس أن مثل هذا الحلف والتعليق تعليق الطلاق على عدم الفعل أو عليه على الفعل أعظم عنده في نفسه من الحلف بالله -جل وعلا-، هذا مشكل، وما جعلت اليمين إلا لأن الله -جل وعلا- أعظم من كل شيء، فلو حلف بالله -جل وعلا- أن لا يعطي دروس خصوصية، ثم رأى أن غير هذه اليمين خير منها، وأراد أن يدرس ابنه يعلمه العلم يكفر عن يمينه، وهذا ليس فيه أدنى إشكال ((إني لا أحلف على يمينٍ فأرى خيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني، ثم أتيت الذي هو خير)) هذا كلامه -عليه الصلاة والسلام-.(13/1)
أما أن يجعل زوجته عرضة لمثل هذه المسائل لأدنى شيء يقول: امرأته طالق لو فعل كذا، وينبغي أن يفرق فيما إذا كان تعليق الطلاق على حث الزوجة أو منعها، وبين أن يكون حث لغيرها أو لمنعه، يريد أن يمنع ابنه، يريد أن يمنع نفسه، يريد أن يمنع جاره، يريد أن يمنع طلاب من طلابه فيحلف بالطلاق أن لا يفعل كذا، والمعروف في كلام أهل العلم وإن كان المؤدى واحد، والمعنى واحد أن المقصود به في الجملة الحث والمنع أنه إذا علق طلاقها على فعلها إن فعلتِ كذا فأنت طالق، إن خرجت فأنت طالق إن لم تفعل فأنت طالق، فهو بذلك يريد حثها ومنعها، أما يريد منع نفسه ثم يعلق طلاق زوجته على منع نفسه، وإن كان المؤدى واحد أن المقصود بهذه اليمين الحث والمنع، وهي جارية على قول شيخ الإسلام أنه يكفر كفارة يمين ويأتي الذي هو خير إذا بان له أنه خير فمثل هذا يدرس ابنه بعد أن يكفر كفارة يمين أو قبله؛ لأنه جاء في الحديث ((ثم أتيت الذي هو خير)) وفي بعض الروايات: ((إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني)) وعلى كل حال الذي ينصح به في مثل هذا أن لا يكثر من هذا الطلاق، بل لا يجريه على لسانه، الطلاق إنما شرع لحل الإشكال بين الزوجين إذا تعسر التوفيق بينهما، ولم يكن هناك مندوحة، ولم يبق للإصلاح مجال حينئذٍ يطلق طلاق سنة مرة واحدة في طهرٍ لم يجامعها فيه لا يريد بذلك الضرر.
المقصود أن مثل هذا التعليق لا ينبغي، وإذا وقع وقد -وقع الآن- فهو وما يعتقده، وما الباعث على هذا التعليق، إن كان قصده فراق زوجته إن درس فالطلاق واقع لا محالة، وإن كان قصده الحث والمنع فعلى قول شيخ الإسلام يكفر كفارة يمين.
يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
والصلاة والسلام على أشرف النبيين نبينا محمد، أما بعد:(13/2)
فأنا أرسل لك هذه الرسالة عن قصتي، فأنا رجلٌ كنت أعبد الله حق عبادته، وقد جاءت وانحرف، كلما أجئ أتوب أرجع إلى المعاصي، وأنا كثيراً ما أتوب وأرجع وأفعل الفواحش، فهل إذا تبت توبة نصوحاً -أخطاء فاحشة في الكتابة- هل يقبل توبتي، ويغفر لي ذنوبي التي أخطأتها؟ يقول: وصدقني أنا الآن لا أعرف أن أنام، ولا أعرف أن أخرج، ولا أعمل أي شيء، فإن الهم يلزمني، وأكتفي بهذا القدر.
لا شك أن الرجوع إلى الذنب بعد التوبة شأنه عظيم، لكن من الذي يحجب عنك التوبة، وبابها مفتوح قبل أن تغرغر، وقبل أن تطلع الشمس من مغربها، فإذا تبت توبة نصوحاً بشروطها المعروفة عند أهل العلم أقلعت عن هذه الذنوب، وعزمت أن لا تعود، وندمت على ما فرط منك، مخلصاً في ذلك لله -جل وعلا-، ورددت المظالم إن كانت المعاصي فيها شيء من مظالم المخلوقين، فمن الذي يحول بينك وبين التوبة، والتوبة تجب ما قبلها، وتهدم ما كان قبلها، وفضل الله واسع، حتى أنه -جل وعلا- يبدل هذه السيئات حسنات إذا صدقت في توبتك.
هذا شخص مصري يقول: لماذا سميت مصر بهذا الاسم؟(13/3)
أقول: ما المسئول بأعلم من السائل، والمصر في الأصل البلد المكون من مجموعة من البيوت والسكان يقال له: مصر، ويطلق هذا على جميع البلدان {اهْبِطُواْ مِصْراً} [(61) سورة البقرة] أي: أي مصرٍ كان، مع أن المدينة تطلق على البلد وإن كانت خصت بالمدينة النبوية، لكنها في الأصل لجميع البلدان، المدن يقال لها: مدينة الرياض، وهكذا، القاهرة مدينة، والجزيرة مصر من الأمصار، والكوفة والبصرة الكوفة مصر والبصرة مصر وهكذا، وحصل أو حدث تمصيرهما في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ لأنه في عهده مصرت الأمصار، فهذا الأصل فيه العموم، أناس يجتمعون في بقعة من البقاع، ويبنون لهم مساكن، ويتكاثرون فيها فيصير مصر، لكن إطلاق مصر على هذه الجهة كانت تطلق على الفسطاط، والقاهرة تعطف عليها، لا يقال لها: مصر، إنما يقال: مصر والقاهرة، ثم حصل الاصطلاح على تسمية القطر الأعم بمصر، وهذا مجرد اصطلاح لا يضير، وإلا فالأصل أنه إذا نون ونكر يراد به أي مصر من الأمصار، في قوله -جل وعلا-: {اهْبِطُواْ مِصْراً} [(61) سورة البقرة] لا يراد به مصر المعروفة {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ} [(21) سورة يوسف] هذا البلد المعروف، وألفت الكتب في هذا القطر العظيم الذي هو أرض الكنانة على ما يقولون، فيه الكتب في محاسنه وفضائله من أعظمها كتاب (النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة) و (حسن المحاضرة –للسيوطي- في أخبار مصر والقاهرة) فالعطف يدل على المغايرة، ثم بعد ذلك مثلما ذكرنا أطلقت مصر على القطر الأعم.
يقول: هل هناك تحقيق جيد تنصحون به لهذه الرسالة؟
ما أدري ما هذه الرسالة، اللهم إلا إن كان يريد الكتاب المشروح الذي هو مختصر الخرقي؛ لأن الأسئلة خاصة بدرس الخرقي، فأجود الطبعات طبعته الأولى طبعة ابن ثاني -رحمه الله-.
يقول: حول ما يدور في العراق من تفجير المساجد، وقتل الشيوخ، سؤالي هو ما حكم الصلاة بالمسجد أولى أو الحذر والصلاة بالبيت؟ وهل الأولوية هي حراسة المسجد، وربما نقتل أم للمسجد ربٌ يحميه ... ، من أولوية قتل المسلم أم هدم المسجد -ركيك السؤال- في وقتنا؟(13/4)
على كل حال قتل المسلم شأنه عظيم، وأمره شديد في الشرع، والإنسان إذا خشي على نفسه من القتل هذا عذر في أن يصلي في بيته، مع أن الناس قتلوا في بيوتهم، وإلا فالأصل في الصلاة أنها حيث ينادى بها بالنسبة للرجال في المساجد، لكن إذا خشي على نفسه فهذا عذر في ترك الجماعة.
يقول: يقسم بالله -جل وعلا- أنه في حاجة ضرورية للزواج، ولا يستطيع الصبر بعد هذا، وإيمانه -كما يقول- يضعف، والمشاكل المادية، يقول: وأنا الآن طالب في كلية الشريعة بالمغرب، وعندي ديون ربما أكثر من سنتين؛ لأن أسرتي فقيرة، وأنا كبير الأسرة، حتى إن عملتُ صيفاً فإني أساعدهم، فكرت في الانقطاع عن الدراسة، لكن عدتُ، وأنا الآن لا أستطيع أن أبقى بدون زواج، فهل واجبٌ في حقي .... ؟
على كل حال إذا خشيت على نفسك من الوقوع في الفاحشة وجب عليك الزواج، وأنت في هذه الحالة لا مانع من أن تأخذ من الزكاة والصدقات، وإن اقترضت أو استدنت من أحد وسددته على أقساط لا تشق عليك فلا بأس -إن شاء الله تعالى-، وعونك على الله -جل وعلا-.
يقول: ما حكم صلاة الحائض ناسية مع العلم أن الصلاة فيها قراءة قرآن؟
الصلاة بالنسبة للحائض حرامٌ عليها، لا تصح منها، ويحرم عليها أن تصلي وقت العادة، ولذا يقول الفقهاء بالنسبة للصيام والصلاة يقولون: ولا يصحان منها بل يحرمان، هذا بالنسبة للذاكر العامد، أما بالنسبة للناسي فهو مندرجٌ في قوله -جل وعلا-: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] فالنسيان هنا ينزل الموجود منزلة المعدوم، كأنها ما صلت، لكن لو صامت وهي حائض ناسية قلنا: هذا الموجود منزلة المعدوم، ولكن لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، لو تركت الصيام ونسيته بناء على أنها تركته حائض ثم نسيت القضاء فإن هذا لا يمكن أن يقال: إنها ناسية، والنسيان عذر في ترك المأمور أبداً، لا بد من الإتيان به متى ذكرت ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)).
يقول: تزوج رجلٌ امرأة ثانية ولم يخبرها بأنه متزوجٌ من امرأة قبلها، فهل يؤثر هذا على العقد بعد إخفائه بعد إبرامه؟(13/5)
لا شك أن هذا غش، غش لهذه الزوجة، فلا بد من إخبارها بأنه متزوجٌ من زوجة سابقة، وعلى كل حال إذا علمت بذلك ورضيت به فالأمر لا يعدوها، وإن طلبت الفسخ لأنه غشها فلها ذلك.
يقول: من المعلوم أن المغتسل يمس قبله ودبره في أثنائه؟
لا، ليس من المعلوم أنه يمس قبله ولا دبره، لا يلزم أن يمس شيئاً.
في أثنائه، وهل تجزئه الصلاة بذلك الغسل، أم عليه أن يعم جسمه بالماء في آخره دون لمس العورات، أم عليه أن يتوضأ بعد الانتهاء من الغسل؟
سيأتي الكلام في نقض الوضوء من مس الذكر أو الفرج عموماً -إن شاء الله تعالى- في هذا الدرس أو الذي يليه إن لم نتمكن، وعلى كل حال هو من نواقض الوضوء لا من نواقض الغسل.
أظن بدأنا بالزوائد في الدرس الماضي، أقول: بدأنا بالزوائد نكمله بسرعة، ونقرأ الباقي.
يقول: "ولا يجوز استقبال القبلة" يعني أثناء قضاء الحاجة، وجاء فيه الأحاديث الصحيحة "ولا يجوز استقبال القبلة، وفي استدبارها في الفضاء واستقبالها روايتان" استقبال القبلة جاء النهي عنه، النهي عن استقبالها جاء، والنهي أيضاً جاء عن استدبارها ((ولكن شرقوا أو غربوا)) والمؤلف الذي هو صاحب الهداية الذي هذه زوائد على الخرقي منه يجمع بين النصوص بمنع الاستقبال، وأما الاستدبار في الفضاء، وفي استدبارها في الفضاء واستقبالها روايتان، جاء من النصوص ما يمنع الاستقبال والاستدبار، وجاء في الاستقبال أيضاً أكثر، وجاء في الاستدبار الفعل، فرأيته حديث ابن عمر: "رقيت على بيتناً فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجته، مستقبل الشام مستدبر الكعبة" فحملوه على الاستدبار، ويبقى الاستقبال محفوظ لا معارض له، ومنهم -وهو قولٌ له وجه- يبقى الاستقبال والاستدبار محفوظ، لكنه يحمل على الفضاء دون البنيان؛ لأنه في البيت في البنيان، ويحمل النهي على الفضاء.
يقول: "وفي استدبارها في الفضاء واستقبالها روايتان" بناء على هذا، يقول: "وإذا انقطع البول ... " نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بين الفضاء والبنيان على هذا روايتان الرواية الثانية.(13/6)
"وإذا انقطع البول" يعني انتهى نزوله "من ذكر الرجل مسح بيده اليسرى من أصل ذكره إلى رأسه" يمسحه ليخرج ما بقي في مجراه، ولكن هذا لم يرد به دليل، وهو أيضاً يفتح باباً لعدم انقطاعه، فالمسالك مع كثرة الملامسة ومع كثرة التحريك تدر، فإذا تركت بعد انقضاء البول، وتغافل عنها الإنسان انقطع، فقولهم: "مسح يده بيده اليسرى من أصل ذكره إلى رأسه" هذا لا دليل عليه "ثم ينتره ثلاثاً" والنتر غير هذا المسح وغير أيضاً شده بقوة ثم إرساله، إنما هو ... كيف يعبر عنه النتر؟ ما النتر؟ لأنه قال: "ثم ينتره ثلاثاً".
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما هو فرك.
طالب: الهز.
لا، لا، لا يمسه بيده.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، غير القفز، القفز بيذكرونه، لا يمسه بيده، إنما هو باجتماع، أو بضم دبره، يكون هذا بضم الدبر ويخرج ما فيه، وعلى كل حال كل هذه بدع لا دليل عليها.
"ثم ينتره ثلاثاً، ويتحول عن موضعه" لأنه مع الحركة مع القيام والقعود يخرج إن كان فيه شيء، وهذا أيضاً لا دليل عليه، وابن القيم ذكر عشر بدع تتعلق بهذا الموضع "يتحول عن موضعه، ويستجمر بالأحجار، ثم يستنجي بالماء" يستجمر بالأحجار النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل ذلك في حديث ابن مسعود وغيره، ثم يستنجي بالماء، استنجى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالماء كما في حديث أنس وغيره، ويجمع بينهما على هذا، ولا شك أن هذا أكمل في الطهارة، وأقطع لدابر النجاسة، لكنه مع ذلك لا يعرف الجمع بينهما من فعله -عليه الصلاة والسلام-.
قالوا: ويجوز الاقتصار على أحدهما، يجوز؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل كل واحدٍ على حدة، وأفضلها الماء؛ لأنه أقطع للنجاسة، وأفضلهم الماء، والجمع بينهما أفضل.
"ولا يقطع إلا على وترٍ" لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من توضأ فليستنثر، ومن استجمر فليوتر)) وعرفنا سابقاً في كلام المؤلف أن أقله ثلاثة أحجار، فإن انقطع فبها ونعمت، وإن لم ينقطع زاد رابعاً، ثم قطعه على وتر بأن يزيد خامس، ولو لم تدع إليه الحاجة.(13/7)
يقول: رواه البخاري ومسلم، وصفة ما يجوز الاستجمار به أن يكون جامداً، طاهراً، منقي، غير مطعوم، ولا حرمة له، ولا متصلاً بحيوان، أن يكون جامد بينما المائع لا يستنجى به؛ لأنه لا يزيل النجاسة، بل يلوث المحل، طاهراً؛ لأن النجس لا يطهر نفسه فضلاً عن غيره، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لم رد الروث قال: إنها رجس فدل على أن النجس لا يطهر، منقي، لا بد أن يكون منقياً بأن يكون له خشونة تزيل الأثر، بينما الأملس لا ينقي، فالزجاج لا يستنجى به؛ لأنه لا ينقي، غير مطعوم؛ لأنه نهي عن الاستنجاء بالعظم والروث؛ لأنه طعام الجن ودواب الجن، فطعام الإنس من باب أولى، ولا حرمة له، يعني لا يكون من كتب العلم، والأشياء التي فيها ذكرٌ لله -جل وعلا-، أو لنبيه -عليه الصلاة والسلام-، أو لأمرٍ من أمور الدين المحترمة، ولا حرمةَ له، ولا متصلاً بحيوان؛ لأن الحيوان لا سيما المأكول محترم، فلا يجوز الاستنجاء به، لكن لو قال: لم يجد حجارة، وعنده كلب يصلح وإلا ما يصلح؟ خرج بقيدٍ سابق نجس، طيب عنده حمار؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم هو نجس على المذهب، لكن هذا القول بطهارته مع تحريم أكله؟ طهارة جسده وعرقه وسؤره يجوز الاستنجاء به أو لا يجوز؟ نعم يقول: ولا متصلاً بحيوان، لماذا؟ ما العلة؟
طالب:. . . . . . . . .
الحيوان محترم، ولو كان غير مأكول، ولو كان نجس العين.
طالب:. . . . . . . . .
طيب هذا ما وجد ثلاثة أحجار فجيء له بثلاثة فئران، ثلاث من الفأر، حية، إيش تقول؟ ما الحكم؟
طالب: إذا احترم الطعام. . . . . . . . . الدواب. . . . . . . . .
دعنا من الحيوان المحترم ما فيه إشكال، لكن هذه فويسقة تقتل في الحل والحرم، ما لها حرمة.
طالب:. . . . . . . . .
لأنه يقول هنا: ولا متصلاً بحيوان، الحيوان المحترم هذا ما فيه إشكال، والحيوان الذي يحتاج إليه في ركوبٍ ونحوه أيضاً ما فيه إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
لكن مثل ما مثلنا جيء له بثلاثة فئران.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: هي نجسة يا شيخ؟
لا، ما دامت يابسة.
طالب: هي نجسة.(13/8)
ما دامت يابسة سؤرها طاهر ولا تنجس غيرها، وإذا وقعت في السمن، افترض أنها وقعت في السمن وخرجت حية إيش تسوي بالسمن؟ الكلام ما إذا ماتت فيه، ما تؤثر.
طالب:. . . . . . . . .
إن خرجت حية؟ حتى التفريق بين المائع والنجس ترى فيه كلام كثير يأتي -إن شاء الله-؛ لأن أثرها إن ماتت فيه، وأما إن كانت حية ما لها أثر، نعم يا إخوان إيش المانع من أن يستنجى بهذه الفئران الثلاثة؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الأمر خارج هذا، هذا النهي أو المنع لأمرٍ خارج هل يجزئ وإلا ما يجزئ؟ افترض أنه استنجى بها ثم قتلها لا تنتقل مكاناً ثاني؛ لأنه مأمور بقتلها في الحل والحرم؟ هذه افتراضات، لكن يمنع أن تقع، إيش المانع أن تقع؟ ما وجدت شيء.
طالب:. . . . . . . . .
طيب لو استنجى بروث برجيع دآبة مأكولة اللحم وهو طاهر، وزال الأثر، نقول: يجزئ مع التحريم؟
طالب: الافتراض هذا صار محل ضرورة.
وين؟
طالب: لأنه لم يجد إلا هي؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-. . . . . . . . .
الرجس هذه روثة الحمار، لكن روثة إبل أو بقر أو غنم طاهرة ما فيها إشكال، والمنع منها لكونها زاد دواب الجن، أمر خارج عن المطلوب، أمر خارج عن الذات ولا الشرط، فالجهة منفكة يحرم عليه ويأثم، لكن هل ينقي وإلا ما ينقي؟ يجزئ وإلا ما يجزئ؟
طالب: يجزئ.
هاه والفئران؟ يعني الإرادات كلها فُرغ منها، يعني كونها تنقل النجاسة إلى مكانٍ آخر هذا شيء، لكن افترض أنه كل ما انتهى من واحد قتله؛ لأنه مأمور بقتلها في الحل والحرم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، تنقي، شعرها ينقي ما فيه إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
هي زاد؟
طالب:. . . . . . . . .
لا بد من تأمل.(13/9)
يقول: "ولا يستعين بيمينه في الاستجمار" وقد جاء النهي أن يمسك ذكره بيمينه وهو يبول، واليمين لا شك أنها تكرم عن هذه المواطن المستقذرة، فإن فعل كره وأجزأه؛ لأنه تم الإنقاء، وكونه خالف الجهة منفكة "ولا بأس بالاستعانة بها في الماء" يعني لا يستعان بها في الحجر في الاستنجاء، لكن يستعان بها في الماء، اليد اليمنى يقول: لا يستعان بها في الاستنجاء، يعني كيف يصنع؟ يقولون: يضع الحجر بين رجليه ويمر الذكر بيده اليسرى، لكن ما يضع الحجر بيده اليمنى ويمره على ذكره الممسك به في يده اليسرى، أما بالنسبة للماء فلا مانع من أن يرش الماء بيده اليمنى ويغسل بيده اليسرى. طيب إيش الفرق بينهما؟
طالب: أنها لا تباشر.
والآن بيده حجر ما تباشر؟
طالب: لا، الحجر متصل، لكن هنا ليس باتصال شيء؛ لأنه يسكب الماء من يده عن ذكره.
يعني تنفصل اليد أثناء الإزالة، اليد في الماء تنفصل قبل البدء بالإزالة، بينما الحجر لا تنفصل.
طالب:. . . . . . . . .
هو عندهم هذا ممنوع.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه مكروه عندهم كراهة شديدة؛ لأن اليمنى تصان عن مثل هذه الأعمال.
"فإن أخر الاستنجاء عن الوضوء فهل يصح على روايتين" وهذا تقدم الكلام فيه وأطلنا فيه "وإن تيمم قبل الاستجمار فقيل: يخرج على الروايتين، وقيل: لا يجزئه وجهاً واحداً" عندنا رواية وتخريج ووجه، بينها فروق؟
طالب: نعم.
إيه؛ لأن حتى الأحكام اختلفت الآن "وإن تيمم قبل الاستجمار" التيمم لا شك أنه أضعف من الوضوء، وعندهم على المذهب أنه يبيح الصلاة فكيف تستباح الصلاة بشيء مع وجود ما يناقضه، هذه وجهة نظر من يقول: بأنه لا يصح قبل التيمم، وتقدم أنه على المذهب لا يصح قبلهما وضوءٌ ولا تيمم على المرجح "إن تيمم قبل الاستجمار فقيل: يخرج على الروايتين" اللتين مضتا "فإن أخر الاستنجاء عن الوضوء" يعني على الروايتين الواردتين في الوضوء فهل يصح؟ "على روايتين" وإن تيمم قبل الاستجمار فقيل: يخرج على روايتين، يعني يصح ولا يصح، والتخريج غير الرواية.
طالب: الحكم المروي عن الإمام أحمد.
الذي ذكر عن الإمام نفسه، والتخريج على الرواية عنه.
طالب: نقل الحكم إلى حكم. . . . . . . . .(13/10)
الإلحاق الذي هو في حكم القياس، وقيل: لا يجزئه وجهاً واحداً الوجه.
طالب:. . . . . . . . .
الآن عند رواية وتخريج على الرواية ووجه، يعني إذا قيل في ترجمة عالم من علماء أي مذهب: هو من أصحاب الوجوه يعني أن قوله معتبر في المذهب ولو لم يكن منصوصاً عن الإمام ولا مخرجاً على نصه، إنما هو جاري على قواعد المذهب.
طالب: لكن أحسن الله إليك، الرواية مخرجة بحيث أنه تجوز فيقال عنها: رواية؟
لا تخريج.
طالب: لأن بعضهم يتجوز يا شيخ.(13/11)
فيه تساهل، هذا تساهل، والإشكال أنه ينقل عن المذاهب وهذه مشكلة ينقل عن المذاهب بواسطة أقوال المتأخرين المنتسبين إلى هذه المذاهب، فتجد هؤلاء المتأخرين تأثروا بظروف زمانهم التي اختلفت عن ظروف زمان الإمام الذي هو من عهد السلف، فتجد متأخري المالكية لهم اجتهادات تخالف ما في المذهب، يعني يقال: مختصر خليل وشروح خليل توافق ما في المدونة أو كتب الشافعية متأخرة توافق ما في الأم فيه اختلاف، وإن كانت أقوال معروفة عندهم ومتداولة ومخرجة أيضاً على قواعد المذهب، لكن كوننا ننقل المذاهب من كتب المتأخرين هذا يوقع في حرج كبير، ولذلك تجدون الاضطراب في كثيرٍ من المسائل لا سيما المسائل العملية التي ابتلي بها الناس الآن، فتجد من يقول: إن كشف الوجه قول الجمهور، الحنفية والشافعية والمالكية وكذا، ويجلب على هذا القول باعتبار أنه وجد إشارات في كتب المتأخرين، لكن لو طلع إلى كتب المتوسطين اختلف الحكم، لو طلع إلى كتب من تقدم قبلهم اختلفت وجهة نظرهم، فالمعول على كتب المتقدمين، وإن كان للإمام مؤلف فليعض عليه بالنواجذ، فلتكن عناية طالب العلم بالأم والمدونة، وكتب من تقدم من المذاهب في مذهب الحنفية والحنابلة هذه الكتب يعض عليها بالنواجذ، لا شك أنه استجد مسائل، وقد لا تجدها في كتب المتقدمين، تبحث عنها في كتب الطبقة التي تليهم إن وجدت وإلا فتنزل حتى تجدها، وإلا في كتب مثلاً الزاد على سبيل المثال فيه مخالفات كثيرة للمذهب فضلاً عن القول الراجح، ولا يعني هذا أننا نزهد بهذه الكتب، لا، لا مانع من أن يتربى عليها طالب العلم، لكن مع ذلك إذا أراد تحرير مسائل ونسبة أقوال إلى هذه المذاهب وأربابها، لا بد أن يتحرى، لا سيما وأنه وجد من ينبش ممن ليس هدفه فيما يظهر من تصرفاته البحث عن الحق، ونصر الحق، إنما يلتقط الزلات، فتجد مرتع لهؤلاء في كتب المتأخرين ممن عاصروا بعض هذه المشاكل، وأثرت عليهم الضغوط، وإلا فالزاد فيه أكثر من ثلاثين مسألة خالف فيها الصحيح من المذهب، والراجح من المذهب، فضلاً عن الراجح بالنسبة للدليل في أصل المسألة، فيتمرن طالب العلم على هذه الكتب، ومع ذلك تكون عمدته النصوص وكتب الأئمة، المذاهب لها اصطلاحات،(13/12)
يعني لو افترضنا مثلاً جئنا بمختصر خليل، وقرأنا في كتاب النكاح، قال: يجوز للولي كتم العمى عن الخاطب، هل يتصور أن الإمام مالك يقول بهذا؟ يتصور أن الإمام مالك يقول بهذا الكلام؟!
طالب: ما يتصور.
ما يمكن يقول مالك هذا الكلام، لكن لا مانع أن الطالب يطلع على هذا القول وينظر في الشروح وما علتهم ثم يرد عليه، وقل مثل هذا في سائر المذاهب، المقصود أن هؤلاء الذين يكتبون وجدوا في هذه الكتب لا شك أنهم وجدوا ما يستغلونه، لكنهم لو قرؤوا في المدونة وقرؤوا في الأم، وإن كان قد يجدون من جهة أخرى، قد يدخلون مداخل لعدم فهمهم الاصطلاح، قد يقول مالك: أكره كذا ثم ينبسطون، مالك كراهة سهلة، الكراهة تزول بأدنى حاجة، لكن ما الكراهة عند الإمام مالك؟ قد يوجد في كتب الحنفية أكره كذا، الإمام أحمد يقول: أكره المتعة، الإمام أحمد على ورعه يكره المتعة؟! فكيف بنا؟ المتعة تزول بأدنى حاجة، وهو محتاج مسافر وغريب يتمتع؛ لأن الإمام يكره .. ، ما هو بصحيح يا أخي، انتبه لهذه الاصطلاحات وتأثيرها على الأقوال، فطالب العلم ينبغي أن يكون نبيهاً منتبهاً لهذه الأمور.
طالب:. . . . . . . . .(13/13)
كتب المتأخرين من حيث العبارة، وضبط العبارة، وسبك العبارة، وكونها أخصر، وكأنها محررة ومتقنة، ولها محترزات لا شك أنها ضبطت، ولذلك تجد كتب المتقدمين تجدها شائكة يعني، فيها حشو، تجد فيها حشو، أما كتب المتأخرين لا تستطيع أن تحذف حرف، يعني مثل الزاد أو مثل مختصر الخليل ما تستطيع تحذف حرف واحد يختل الكلام، لكن بإمكانك أن تحذف من مختصر الخرقي ومن الهداية ومن كتب الأئمة المتقدمين تستطيع أن تحذف؛ لأنهم يوضحون المسائل، ويصورون تصويراً دقيقاً بحيث لا يحتاج فيها إلى شروح، ولذا لم تشرح هذه الكتب الواضحة، كتب المتأخرين هي التي حظيت بالشروح؛ لأنها تحتاج؛ لأنها محررة متقنة مضبوطة، لكن لا يعتمد عليها بنسبة القول إلى المذهب حتى نتأكد من اطراده في المذهب عند جميع طبقاته، ولذا لو اختلف القول في مذهب الحنابلة وجدنا للمتقدمين رأي، وللمتوسطين قول، وللمتأخرين قول، بل وجدنا للمتأخرين أكثر من قول، وجدنا هذا الرأي في الإقناع بالمنع وفي المنتهى بالكراهة، وفي غيرهما بالجواز، وفي كتابٍ رابع كذا وخامس وسادس؛ لأن كتب المتأخرين عشرات، قالوا: المذهب عند المتأخرين ما يتفق عليه في الإقناع والمنتهى، هذا مجرد اصطلاح، وإلا هل يوجد ما يؤيد هذا القول؟ إلا أنه مجرد حسن ظن بالمؤلفين، وسبر لهذه الكتابين باعتبار أن الإصابة فيهما غالبة، وقالوا: وإن اختلف الكتابان الإقناع والمنتهى فالمنتهى؛ لأنه أقعد في المذهب، هذه الأمور تحتاج إلى عناية من طالب العلم.
طالب:. . . . . . . . .
مالك علمه في المدونة وفي الموطأ مضبوط، في الموطأ والمدونة، وأبو حنيفة كتب الصاحبين كتب محمد بن حسن كتبه موجودة، والمبسوط شرح ظاهر الرواية أيضاً موجود، ويعول عليه في مذهب الحنفية، المقصود أن هناك كتب معتبرة معتمدة ... ، متأخرو الحنفية يعولون على ابن عابدين، وإذا قرأت ابن عابدين وجدت فيه مخالفات كثيرة، وأشياء قد لا يستسيغها عقل.
طالب:. . . . . . . . .(13/14)
لا لا، أقوالهم محفوظة ومضبوطة ما ضاع شيء، يعني ما ضاع شيء، لكنهم مع الوقت والتوسع في المذاهب، يعني عدم الاقتصار على قول الإمام، يعني يمكن ينسب للإمام وهو وجه؛ لأنه وجد في كتب المتأخرين، يمكن ينسب وهو تخريج.
طالب:. . . . . . . . .
هذه السؤالات ينبغي أن يعتنى بها أكثر من كتب المتأخرين، نعم كتب المتأخرين منظمة، وفيها أكبر قدر من المسائل، وفيها افتراضات يمكن يحتاج إليها لا يستغنى عنها، لكن إذا أردنا أن ننسب إلى الإمام، وأردنا تحرير قول الإمام فعلينا بالمسائل.
طالب:. . . . . . . . .
الرواية المنصوصة عن الإمام، سئل فأجاب هذا ما يحتاج، التخريج هذا التخريج مخرج على قول الإمام، يعني شبه القياس، مثل المقيس على قول الإمام، والوجه ليس للإمام، ولا أثر عن الإمام، لكنه قولٌ لبعض الأصحاب المعتبرين في المذهب، مما لا يخرج عن قواعد المذهب، ولذلك اختيارات شيخ الإسلام ما تسمى وجوه في المذهب؛ لأنه يخرج عن المذهب.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تسمى وجه، لا.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما ينقض الطهارة
والذي ينقض الطهارة ما خرج من قبل أو دبر، وخروج الغائط والبول من غير مخرجهما، وزوال العقل إلا أن يكون بنوم يسير جالساً أو قائماً، والتقاء الختانين، والارتداد عن الإسلام، ومس الفرج، والقيء الفاحش، والدم الفاحش، والدود الفاحش يخرج من الجروح، وأكل لحم الجزور، وغسل الميت، وملاقاة جسم الرجل للمرأة لشهوة، ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو على ما تيقن منهما.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما ينقض الطهارة
التي تقدم شرحها الطهارة، والمراد بها الوضوء، ما ينقض الوضوء، والنقض يكون للمبرم بعد تمام إبرامه ينقض، يكون نقضه، وعلى هذا لو انتقض الوضوء قبل تمامه، هل هناك فرقٌ بين الوضوء قبل تمامه وبعد تمامه؟
طالب:. . . . . . . . .(13/15)
نعم؟ أفسده؛ لأنه لم يتم إبرامه، ولذا تؤثر فيه النية قبل تمامه، وبعد تمامه لا تؤثر فيه النية، فلو نوى الإفساد في أثنائه فسد، وبعد تمامه لا يفسد إلا بناقض من نواقض الوجودية التي ذكرت في هذا الباب.
طالب:. . . . . . . . .
العلماء يقولون في النية بالنسبة للوضوء: ويجب استصحاب حكمها، ولا يجب استصحاب ذكرها، بمعنى أنك جئت للوضوء ناوياً بذلك رفع الحدث، وفعل ما لا يفعل إلا بالطهارة، وهذه هي النية مجرد القصد لهذا الأمر هي النية، ثم بعد أن غسلت الوجه واليدين تحرك في بطنك شيء، فعرضت نفسك على الدورة، فلم يخرج شيء، الآن أنت نويت إبطال الطهارة تبطل في هذه الحالة، لكن لما غسلت رجليك وانتهيت من الوضوء تحرك في بطنك شيء فعرضت نفسك على الدورة ما طلع شيء ينتقض وإلا ما ينتقض؟ لا ينتقض، ففرقٌ بين هذا وهذا، ونية الخروج من العبادة قبل تمامها له أثر وبعد تمامها لا أثر له؛ لأن العبادة العملية تنقض بعمل لا تنقضها النية، ولذا الشك الذي يطرأ بعد تمام العبادة لا أثر له ألبتة، بعد أن سلم من الصلاة شك، أو تردد في شيء مما يتعلق بالصلاة لا أثر له، ولا يلتفت إليه بعد تمام العبادة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما ينقض الطهارة(13/16)
يعني الطهارة التي تقدم ذكرها وهي الوضوء، فالطهارة بعد تمامها وإبرامها تنتقض بما ذكره المؤلف، ولم يذكر منها تمام المدة بالنسبة للخف ولا خلع الخف، وبهذا يحتج من يحتج من طلاب العلم أن تمام المدة وهو على طهارة لا أثر له، وكذلك إذا خلع الخف وهو على طهارة لا أثر له؛ لأن أهل العلم لا يذكرون ذلك في النواقض، فكيف يقال: بأن الطهارة تبطل بخلع الخف، ولو كان على طهارة، الخف الممسوح عليه، أو بتمام المدة؟ وأهل العلم لا يذكرونها في النواقض، هل معنى هذا أن الخرقي يرى أن المدة لا أثر لها إذا تمت؟ أو أن الخف لا أثر لخلعه بعد تمام الطهارة والمسح عليه؟ لا ليس لهذا، وليس بناقض، هو في الحقيقة ليس بناقض، إذاً كيف نقول: لا يجوز لك أن تصلي بعد أن خلعت الخف وأنت على طهارة؟ الجواب: أنه ليس هناك طهارة، أن تصلي بخفٍ مسحت عليه من غير إذن الشارع، تصلي بخف غير مأذون بالصلاة فيه بعد تمام المدة، الشارع أذن لك مدة معينة يوم وليلة، فما زاد عن هذه المدة تصلي بخف لم يأذن لك الشارع في الصلاة به، يعني هو حدد لك مدة، وأنت تجاوزت المدة، في مسألة الخلع خلع الخف، وأنت على طهارة أنت تصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، فطهارتك ناقصة، كمن توضأ وترك غسل رجليه فصلاتك باطلة، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقيس خلع الخف بعد الطهارة على حلق الرأس بعد المسح عليه، يقول: ما له أثر، أنت مسحت الرأس وحلقت الشعر، والماء إنما كان بالشعر، البلل إنما كان بالشعر لا بالرأس، وكذلك الخف، نقول: هل القياس مطابق أو هناك فارق؟
طالب: في فارق يا شيخ.
إيش الفرق؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، مسح الرأس طهارة أصلية، ومسح الخف طهارة فرعية، ولا يقاس هذا بهذا؛ لأن هذا أضعف من هذا، فكيف يقاس الضعيف على القوي؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني إذا مسح العمامة وأزالها مثل الخف سواءٌ بسواء وليست مثل الشعر.
طالب: أحسن الله إليك، وجه آخر في الفرق: ألا يقال: إن الرأس وإن حلق إلا إن أصوله باقية، حتى لو حلق فأصوله باقية، بينما الخف إذا نزع لا يبقى له أصل نزع بالكلية.
لو أزال الشعر بالليزر، واجتث الشعر من أصوله.(13/17)
طالب: لا، أصله هي قشرة الرأس يا شيخ، منبته في رأسه.
إيه، لكن ما وصل لها ماء.
طالب: ما وصلها ماء، لكن يا شيخ هي الأصل وهذا فرع لها.
ما وصل لها ماء، هم يقولون عندهم التنظير مطابق باعتبار أن هذا مسح وخُلع، وهذا مسح وخلع عندهم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
شو الخفين؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني غير.
طالب: قصده مسح الفوقاني ثم نزعه.
يعني على الخفين؟
طالب:. . . . . . . . .
الفقهاء سيأتي -إن شاء الله- الكلام في هذا، وإن لبس خفاً على خف فالحكم للفوقاني، بمعنى أنه لو نزعه بعد أن مسح عليه فكما لو لم يكن عليه إلا خف واحد مسح عليه ثم خلعه الحكم للفوقاني.
طالب: يقول لك يا شيخ: لو انجرح بعد وضوئه لزالت قشرة من جلده لا يلزمه الإعادة، هذا مثل إزالة الرأس.
سمعنا يا إخوان، يقول: لو غسل يده توضأ وضوء كامل، ثم بعد ذلك مر على يده شيءٌ حاد فأزال شيئاً من جلده الذي غسله، ماذا نقول؟ الطهارة صحيحة، باقية؛ لأن غسل اليد أصل في الوضوء، بينما الخف فرع، فإذا انكشف الفرض محل الفرض وما انكشف منه ففرضه الغسل؛ لأن غسل الرجل مقصود، بينما غسل جلدة الرأس ليس بمقصود في الوضوء، غسل الرجل مقصود في الوضوء، وجاء التشديد فيه ((ويلٌ للأعقاب من النار)) بينما غسل جلدة الرأس ليس بمقصود، فهناك فروق بين هذا وهذا.
قال -رحمه الله-: "والذي ينقض الطهارة ما خرج من قبل أو دبر" الذي ينقض الطهارة ينقض الوضوء ما خرج، أي شيء يخرج؛ لأن (ما) من صيغ العموم، ما خرج من قبل أو دبر، طاهراً كان أو نجساً، يابساً كان أو رطباً، هذا مقتضى اللفظ "والذي ينقض الطهارة ما خرج من قبل أو دبر" فلو خرج من دبره دود يقال في نجاسته أو طهارته؟ الدود المتولد من النجس نجس بلا شك، الدود المتولد من النجس نجس، وهذا متولد من القيح والدم الذي في مصدره، بينما الدود المتولد من التمر مثلاً طاهر، فالمتولد من الطاهر طاهر، والمتولد من النجس نجس، فما يخرج من القبل أو الدبر أياً كان وصفه ناقض للوضوء على كلام المؤلف.
طالب:. . . . . . . . .(13/18)
ابتلع خرزة وخرجت يابسة مع أنه ما يتصور تخرج يابسة، لكن على افتراض؛ لأننا لو قلنا: خرجت رطبة فالنقض بالرطوبة لا بالخرزة نفسها، لكن لو افترضنا خرجت يابسة، أو ولدت المرأة ولداً يابساً غير مصاحب لا بمياه ولا بدماء؟
طالب:. . . . . . . . .
ينتقض الوضوء أو لا ينتقض؟
طالب: بناء على كلامه ينتقض.(13/19)
نعم، بناءً على العموم الذي في عبارته ينتقض الوضوء، ثم بعد ذلك هذا إذا كان من المخرج الأصلي أي شيء يخرج من المخرج الأصلي الذي هو القبل والدبر ينقض الوضوء عنده مطلقاً، لكن إن خرج من غير المخرج الأصلي، إذا خرج من البدن شيء من غير المخرج الأصلي، قال -رحمه الله-: "وخروج الغائط والبول من غير مخرجهما" خص ما يخرج من غير المخرج بالبول والغائط بالنقض، بينما إذا خرج من غير المخرجين غير البول والغائط فإنه لا ينقض، وسيأتي ما في ما يخرج من البدن من الفاحش النجس، وسيأتي القيء الفاحش، والدم الفاحش، والدود الفاحش إذا خرجت من الجروح، يأتي ما في هذا، لكن إذا خرج من غير المخرج، افترضنا أنه انسد المخرج الأصلي، أو سد لأمرٍ يتعلق بالطب مثلاً، قرر الأطباء أن هذا المخرج لا بد من سده، وفتح له فتحة ثانية، فيخرج منها البول وغير البول، أحياناً يخرج بول؛ لأنه مخرج بديل عن الأصلي، وأحياناً يخرج ماء غير متغير، وقد يخرج لبن غير متغير، فهذا المخرج الفرعي لا يأخذ حكم المخرج الأصلي في كون كل ما يخرج منه ينقض الطهارة، فالذي ينقض الطهارة جميع أو كل ما يخرج من المخرج الأصلي القبل والدبر، وما يخرج من بولٍ أو غائط من غير المخرج إذا خرج من غير المخرج غير البول والغائط وقلنا كالماء مثلاً أو الشاي مثلاً على هيئته خرج على هيئته، أو لبن على هيئته خرج من غير المخرج ولو كان بديلاً عن المخرج الأصلي نقول: هذا لا ينقض الطهارة، والأمور الأصلية الأحكام المرتبة عليها تختلف فيها مع الأمور الفرعية، وهذا نوع من الاختلاف الذي يؤيد الفرق بين ما سبق ذكره من مسح الخف ومسح الرأس، هذا أصلي وهذا فرعي، وهنا عندنا القبل والدبر مخارج أصلية، والفتحات التي تجعل مقامها من قبل الأطباء لا شك أنها مخارج فرعية وليست أصلية، ولذا لا ترتب عليها جميع الأحكام المرتبة على الأصلية.
طالب:. . . . . . . . .(13/20)
الريح لو خرجت من غير مخرجها الأصلي؛ لأنه الآن خص الخارج من غير المخرج الأصلي بالبول والغائط، مقتضى كلامه أنها لا تنقض الوضوء، طيب لو خرج -وهذا افتراض ويذكرونه الفقهاء- لو خرجت ريح مع القبل أو بول مع الدبر، تذكر هذه الافتراضات فهل تنقض وإلا لا تنقض؟ باعتبار أن المخرجين أصليان تنقض، وإذا قلنا: إن القبل ليس بمخرج أصلي للريح، والدبر ليس بمخرجٍ أصلي للبول، قلنا: لا تنقض، لكن يرد عليه كلامه الأول أن كل ما يخرج من المخرجين الأصليين ينقض، لكنه من جهة هو ليس بمخرج أصلي "وخروج الغائط والبول من غير مخرجهما" فإذا قلنا: من غير مخرجهما يشمل القبل في غير البول، والدبر في غير الغائط؛ لأن هذا غير مخرج له، فهل دخول مثل هذا في الجملة الأولى، أو يدخل في الجملة الثانية؟ دخوله في الجملة الأولى منطوق، ودخوله في الجملة الثانية مفهوم، دخوله في الجملة الأولى يعني لو أن إنسان ...
طالب:. . . . . . . . .
منطوق، في الجملة الأولى منطوق، يعني لو بال مع دبره، أو خرجت منه ريح لها صوت ورائحة من قُبله هل يدخل في الجملة الأولى، أو يدخل في الجملة الثانية؟ أقول: يمكن دخوله في الجملة الأولى، وهذا على سبيل المنطوق، ويمكن دخوله في الجملة الثانية من باب المفهوم، والمنطوق كما هو معلوم مقدم على المفهوم، إذاً لو بال مع دبره انتقض وضوؤه، ولو أرسل الريح من قبله انتقض وضوؤه بناءً على منطوق الجملة الأولى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مخرج أصلي.
طالب: هما ناقضان أصليان.
هما ناقضان أصليان ومن مخرجهما أيضاً.
طالب:. . . . . . . . .
معروف أنه ناقض.
طالب:. . . . . . . . .
من غير مخرجها، والذي جعلنا نورد هذا الكلام أنه لو أرسل الريح من قُبله كما لو أرسلها من المخرج الفرعي الذي فتح له.
نكمل -إن شاء الله- في الدرس القادم.
اللهم صل على نبيك محمد ....(13/21)
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (14)
شرح قول المؤلف: "وزوال العقل إلا أن يكون النوم اليسير جالساً أو قائماً ... "
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هنا يقول: الحديث الذي ورد في الرجلين اللذين رآهما النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يصليا مع الجماعة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((ائتوني بهما)) فلما سألهم قالا: صلينا في رحالنا، فقال: ((إذا أتيتم المسجد فصلوا فإنها لكم نافلة)) السائل يقول: هل النافلة الصلاة التي صلياها في رحالهم أو التي يصليانها مع الجماعة؟
هذا كلام لأهل العلم معروف في هذا الحديث، وأن منهم من يرى أن الفريضة هي التي تؤدى على الوجه الأكمل كالتي مع الجماعة هنا، ومنهم من يرى العكس وهو الأصل أن الفريضة سقطت بصلاتهم الأولى، والصلاة الثانية نافلة، وهذا هو الماشي على القواعد، وإن كان الحديث يحتمل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هما صليا جماعة احتمال، صليا في رحالهما جماعة احتمال، هذا مجمل، أقول: مثل هذا المجمل لا يقضي على الأحاديث المفصلة المبينة المفسرة التي تدل على وجوب صلاة الجماعة.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا. . . . . . . . .، حتى لو استدل به، لا يعني أن الصلاة صلاة الفذ باطلة، لا يعني أنها باطلة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يقتضي قسمة أفراد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا، هذا ما هو بواضح، هذا مجمل يحتاج إلى الأدلة المبينة المفسرة تقضي على مثل هذا الإجمال.
يقول: ما حكم الهجرة لغرض اللجوء إلى دول الغرب والمكوث هناك؟(14/1)
الهجرة لغرض اللجوء إلى دول الغرب يعني إن كان مضطراً إليها، يعني لم يمكن من البقاء في بلاد الإسلام هذا له حكم، يعني أنه إذا مُكن من بلد إسلامي ولجأ إلى ديار الكفر هذا عكس الهجرة الواجبة التي أوجبها الله على المسلم إذا أسلم في ديار الكفر فإنه يجب عليه أن ينتقل إلى ديار الإسلام، وحكمها باقٍ إلى قيام الساعة، ولا يجوز له أن يبقى بين ظهراني الكفار إلا إذا كان عاجزاً لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلاً، فإنه حينئذٍ يكون معذوراً، وأثر البقاء بين الكفار على المسلم وإن استفاد شيئاً من دنياه، لكن الأثر البالغ الواضح على دينه نسأل الله السلامة والعافية، كثيرٌ منهم يعاني معاناة شديدة في تربية أولاده، كيف أولاده يدرسون في مدارس الكفار؟! لأنه لا يوجد في بلاد الكفار مدارس إسلامية تفي بحاجات الجاليات كلهم، المقصود أن مثل هذا ضرره على الدين واضح، ولذا المقرر عند أهل العلم أن الهجرة واجبة وباقية إلى قيام الساعة.
وقد برئ المعصوم من كل مسلمٍ ... يقيم بدار الكفر غير مصارمِ
والله المستعان.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
ما زلنا في باب ما ينقض الطهارة، قال -رحمه الله-: "والذي ينقض الطهارة ما خرج من قبلٍ أو دبر وخروج الغائط والبول من غير مخرجهما" هذا انتهينا منه.
ثم بعد هذا قال -رحمه الله-: "وزوال العقل" يعني غيابه أو تغييبه، غيابه من غير قصد، أو تغييبه بقصد، ويدخل في هذا الجنون والإغماء والنوم والسكر والبنج، المقصود أنه كل ما يزول معه العقل ينقض الوضوء، والسبب في هذا أنه مظنة لخروج الحدث، والنوم جاء فيه حديث صفوان بن عسَّال في أنهم لا ينزعون خفافهم إلا من بولٍ أو ... أو إيش؟
طالب: أو غائط أو نوم.(14/2)
"ولكن من بولٍ أو غائط أو نوم" فقرن النوم مع البول والغائط فدل على أنه ينقض كالحدث، وذلكم لأنه مظنة إلى خروج الحدث، وجاء في الحديث عن علي -رضي الله عنه-: ((العين وكاء السه، فمن نام فليتوضأ)) والنوم بذاته ناقض عند جمع من أهل العلم، ولو غلب على الظن أنه لم يخرج منه شيء، فهو ناقض مطلقاً، ومنهم من يقول: يفرَّق بين يسيره وطويله، يعني اليسير في الغالب لا يخرج معه شيء، ومنهم من يفرَّق بين نوم الجالس والمضطجع، فالجالس الذي لم يستند على شيء ومن باب أولى إذا كان قائماً، فإنه إذا استغرق في نومه فإنه يسقط، وقد جاء عن الصحابة -رضوان الله عليهم- أنهم كانوا ينتظرون النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاة العشاء حتى تخفق رؤوسهم، وبعض الروايات: ولهم خطيط، وهذا معروف أنه ينتظرونه وهم جلوس، أما المضجع أو المتكئ ومن باب أولى الساجد أو الراكع فإن هذا لا شك أنه ينقض؛ لأن المخرج متهيئ، ولا يوجد ما يمنع الخروج، فعلى هذا المعمول والمقدم في المذهب وغيره أنه إذا كان من جالس متمكن في جلسته فإنه لا ينقض، ومع عداه ينقض إذا طال، ومنهم من يفرق بين القليل والكثير، فيجعل النوم المستغرق ناقض للوضوء مطلقاً، ولو كان جالساً، واليسير لا ينقض الوضوء، ومنهم من يقول: المستغرق، النوم المستغرق ولو لم يكن كثيراً بحيث لا يشعر بما يدور حوله ينقض الوضوء، وغير المستغرق من السنا والخفقان الذي يشعر بما يدور حوله هذا لا ينقض الوضوء على أي حال، وعلى كل حال الوضوء إذا غلب على الظن خروج الحدث مع النوم لا بد منه، إذا غلب على الظن أو أمكن خروج الحدث معه فإنه ناقض بلا شك.
يقول المؤلف: "وزوال العقل إلا أن يكون النوم اليسير جالساً أو قائماً" إلا أن يكون النوم اليسير بهذا القيد، نعم؟
طالب: عفواً يا شيخ "أن يكون بنومٍ يسير" عندنا.
إيه في بعض النسخ بنومٍ يسير، ونسخة النوم اليسير.
إلا أن يكون النوم اليسير جالساً أو قائماً، على هذا التركيب من يعرب جالساً أو قائماً؟
طالب:. . . . . . . . .
حال، طيب ويكون أين خبرها؟ يكون النوم اليسير جالساً.
طالب: يا شيخ: كان هنا تامة.(14/3)
نعم، كان هنا تامة، ولا يجوز أن يجعل جالساً خبر يكون؛ لأنه لا يصح أن يخبر به عن النوم، النوم لا يكون جالس، وإنما هو حال.
إلا أن يكون النوم اليسير بهذا القيد، والقيد الثاني حال كونه جالساً، وهذا كما حدث من الصحابة -رضوان الله عليهم- وهم ينتظرون صلاة العشاء، أو قائماً، جالساً بهذا القيد كما ثبت عن الصحابة، النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد ركعتي الصبح يضطجع ويسمع له خطيط، ثم يؤذن بالصلاة ولا يتوضأ، لماذا لا نقول أيضاً المضطجع ورد فيه الدليل؟ يعني إذا قلنا: إن المضطجع نوم المضطجع لا ينقض الوضوء ما بقي شيء اسمه نوم ناقض، يعني أتينا على النوم بالكلية وأبطلناه، أبطلنا كونه ناقضاً.
طالب: لأنه هو الأصل.
والحديث: "ولكن من غائط أو بول أو نوم".
طالب: الأصل في النوم الاضطجاع.
نعم، يعني إذا قلنا: إن نوم المضطجع لا ينقض الوضوء أبطلنا بالنقض بالنوم بالكلية، صحيح وإلا لا؟ يعني لو استدلينا بفعله -عليه الصلاة والسلام-، وينام ويسمع له خطيط وهو مضطجع، وقلنا: إن نوم المضطجع لا سيما وأنه هو الأسوة والقدوة فإننا لا نستطيع أن نقول: إن أي صورة من صور النوم تنقض الوضوء، وهذا يكون به خاصاً به -عليه الصلاة والسلام- لماذا؟ لأنه تنام عيناه ولا ينام قلبه، فيحس بما يدور حوله -عليه الصلاة والسلام-.
"جالساً" يعني حال كونه جالساً "أو قائماً" يعني من باب أولى؛ لأنه إذا استغرق فإنه يسقط، إذا ستغرق سقط. في حكم النوم بل أولى منه الجنون نسأل الله العافية، ومثله أيضاً: الإغماء؛ لأن قول المؤلف: "وزوال العقل" يشمل جميع هذا، ومثله السكر يشمله أيضاً؛ لأنه لا يدري ماذا يقول؟ فضلاً عن كونه يدري ماذا يفعل، فإذا زال العقل بأي سبب من الأسباب، أو أزيل بأي سبب فإنه حينئذٍ ينتقض الوضوء.
عندنا زوال العقل منه الطويل جداً وهذا يكون بالجنون، ومنه القصير نسبياً وهو النوم، ومنه ما يتردد بينهما كالإغماء، فهل حكم الإغماء حكم الجنون أو حكم النوم؟
طالب:. . . . . . . . .(14/4)
في قصة عمار -رضي الله تعالى عنه- جعلوا الحد الفاصل الثلاثة الأيام، فما زاد عنها حكمه حكم الجنون، وما نقص عنها حكمه حكم النوم، ويترتب على هذا أنه إذا قلنا: أنه في حكم المجنون ارتفع عنه التكليف بالكلية، وإذا قلنا: حكمه حكم النوم التكليف باقٍ، فعلى هذا لو خدر أربعة أيام يقضي وإلا ما يقضي؟
طالب: يقضي على التكليف.
ما يقضي.
طالب: لا، إذا قيل: إنه مكلف يقضي.
لا، إذا قلنا: إن حكمه حكم الجنون ما يقضي، إذا قلنا: إن حكمه حكم النائم يقضي.
طالب: يقضي.
فالحد الذي حدوه لقصة عمار بالثلاثة الأيام المسألة لا تخلو من خلاف، لكن التقدير بهذا مناسب؛ لأنه لا يوجد أحد ينام أكثر من ثلاثة أيام، يعني نوم من غير تنويم، فإذا قلنا: حكمه حكم الجنون، وهو أكثر من ثلاثة أيام قلنا: لا يقضي، وإذا قلنا: إن حكمه حكم النوم؛ لأنه لم يستغرق أكثر من ثلاثة أيام فإنه حينئذٍ يقضي هذه المدة.
"والارتداد عن الإسلام" نسأل الله السلامة والعافية {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر] ومن العمل الطهارة {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر] وهل حبوط العمل مقيد بالموت على الردة أو لا؟ لأنه جاء القيد: {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [(217) سورة البقرة] وجاءت الآية مطلقة في حبوط العمل، فهل نقول: يحمل المطلق على المقيد هنا لا سيما وأن الحكم والسبب متحدان، أو نقول: يبطل بمجرد الردة ولو رجع قريباً يحبط العمل ولو رجع قريباً؟ وتظهر فائدة الخلاف ظهوراً جلياً في الحج، فإذا حج حجة الإسلام ثم حصل له أن ارتد نسأل الله السلامة والعافية فهل نقول: يعيد حجة الإسلام أو لا يعيد؟ يعيد؛ لأنه ارتد {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر] {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [(217) سورة البقرة].
طالب: هل يعيد؟
أو لا يعيد؟ هل نقول: يحمل المطلق على المقيد؟ إذاً لا يعيد، وإذا قلنا: بأنه لا يحمل المطلق على المقيد في مثل هذا فإنه حينئذٍ يعيد، وبكلٍ من القولين قال جماعة من أهل العلم، والأظهر أنه يحمل المطلق على المقيد لا سيما وأن السبب والحكم متحدان.(14/5)
"الارتداد عن الإسلام" لا شك أنه حدث، بل من أعظم الأحداث، إذا كان المبتدع محدث ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) فالمرتد من باب أولى، فهل يدخل هذا الحدث في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ))؟ فكل من أحدث ابتدع يلزمه الوضوء انتقض وضوؤه بالحدث المعنوي أو نقول: هذا خاص بالحدث الحسي؟ وإن كان بعض أهل العلم يرى استحباب الوضوء بعد المعصية أياً كانت، ((الملائكة تستغفر للمصلي ما دم في مصلاه ما لم يحدث)) وفي رواية: ((ما لم يؤذِ)) والأذى حدث، في الحديث: ((من آوى محدثاً)) يعني عاصياً مطلوباً مؤذياً لغيره فإن هذا حدث بلا شك، فهل يدخل في عموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث)) (من) من صيغ العموم ((من أحدث حتى يتوضأ)) يدخل وإلا ما يدخل؟ يعني الارتداد عن الإسلام هل هو مأخوذ دليله من الآية؟ حبط عمله؛ لأنه ارتد أو لأنه أحدث في الدين؟ أحدث في الدين فيلزمه لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث)) وهذا من أعظم الأحداث.
طالب: لعله للأمرين.
لا، لو قلنا: للأمرين وحملناه على الحدث المعنوي قلنا: إن كل من أحدث أي حدث ولو بمعصية يلزمه الوضوء، ولا قائل بذلك على سبيل الوجوب.
طالب: فسره أبو هريرة -رضي الله عنه- في الحديث.(14/6)
نعم قيل: يا أبا هريرة ما الحدث؟ قال: فساءٌ أو ضراط، فسره، والصحابي أعرف بما روى، لكن هل هذا مطرد؟ لا شك أن الصحابي أعرف بما روى وأدرى به، لكن هل هو مطرد؟ لو كان مطرداً لما كان لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ربّ مبلَغ أوعى من سامع)) ما كان له معنى، وعلى مرّ العصور يعني من زمن النبوة إلى يومنا هذا ونحن نسمع من أهل العلم في فروع العلم لا في الأحكام أنفسها في عللها وكيفية الاستدلال من النصوص لها نسمع الجديد، نسمع جديد على مرّ العصور إلى يومنا هذا، لكن ما يؤتى بجديد من حيث الأحكام، بحيث نستنبط أو نستدل بالخبر أو نفهم منه غير ما فهمه سلف هذه الأمة في بناء حكمٍ جديد، يعني لا يجوز لنا أن نخرج عن مجموع أقوالهم، لكن كيف استنبط هذا الفريق من هذا الدليل هذا الحكم قد يؤتى بجديد، وهذا فهم، بلا شك يؤتيه الله بعض عباده، فهل نقول: إن الحدث خاص بالحدث الحسي؟ وقول أبي هريرة إنما هو تمثيل للحدث لا على سبيل الحصر، بدليل أنه ترك ما هو أهم من ما مثل به، ترك إيش؟
طالب: ما يوجب الغسل.
ترك البول والغائط أهم من الفساء والضراط، ترك ما هو أهم وأشد نجاسة؛ لأن الريح التي تنقض الوضوء سبب نقضها للوضوء؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هم يقولون: هذه الريح التي خرجت لا تسلم من خروج نجاسة معها، وليست رطوبة ولو لم يكن هناك أدنى رطوبة، لكن هذه الريح دلالة على أنه خرج نجاسة، ولو كانت الريح مجردة ما صار لها رائحة، هذا ما يقوله بعضهم، مع أنه يتصور أن يخرج رائحة بدون جزءٍ من أجزاء النجاسة، وعلى كل حال النقض بالريح أصل ما يحتاج إلى أن يفرع على أصل.(14/7)
نعم، الردة عن الإسلام هل هي مثل يعني إذا ارتد عن الإسلام ثم عاد إليه نقول: انتقض وضوؤه؟ لكن هل يؤمر بالغسل كالكافر الأصلي؟ يعني مما يوجب الغسل إذا أسلم الكافر على ما سيأتي في الباب الذي يليه فهل نقول: إن هذا المرتد يلزمه الغسل كالكافر الأصلي أو يكفي الوضوء؟ لأنه قال: والارتداد عن الإسلام يعني يتوضأ، ينتقض وضوؤه فيلزمه الوضوء، وفي الباب الذي يليه في باب ما يوجب الغسل: "وإذا أسلم الكافر" وعلى هذا لو أن شخصاً مسلماً ترك الصلاة وعلى القول المفتى به المعتمد أنه يكفر، ثم رجع إلى الصلاة هل يلزمه وضوء وإلا غسل؟
طالب: بناءً على ما عندنا هنا يلزمه وضوء.
يقول: هذا أسلم إذا صلى فمسلم حكماً بعد كفر، أسلم بعد كفر، فهل يدخل في قوله: وإذا أسلم الكافر فيما يوجب الغسل، أو يدخل في قوله: "والارتداد عن الإسلام"
طالب: في قوله: والارتداد عن الإسلام؛ لأن الأصل فيه الإسلام.
قال كلمة كفرية، حلف باللات والعزى مثلاً ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وهو مسلم ما الذي يلزمه؟
طالب: الوضوء.
ترون المسألة يا إخوان تحتاج إلى شيء من النباهة؛ لأن المؤلف أدخل المسألة في هذا الباب وفي الباب الذي يليه، وإذا حكمنا بكفره؛ لأنه تارك للصلاة ثم بعد ذلك صلى مسلم حكماً، فهل حكمه حكم الكافر الأصلي، أو نفرّق بين الكافر الأصلي فيجب عليه الغسل على ما سيأتي تقريره -إن شاء الله تعالى- وبين الكافر الكفر الطارئ ليس بأصلي مرتد، ثم عاد إلى الإسلام، أو نقول: هذه فرع عن المسألة الأولى أنه هل يشترط لحبوط العمل أن يموت على الكفر أو لا؟ أما إن مات على الكفر فهذا ما هو بمحل بحث، لكن إن عاد إليه على قولِ من قول: إنه يحبط العمل بمجرد الردة فما الذي يلزمه؟
طالب: على قول هؤلاء يكون كالكافر الأصلي يا شيخ.
أنت تفترض أن كافر أصلي ما لزمه غسل في عمره ثم أسلم، نعم؟
طالب: يغتسل للإسلام على قول من أوجبه يا شيخ.
إيه، لكن هذا الذي حكمنا بردته ولو لم يمت على الكفر على القول الثاني.
طالب: إيه، لكن على قول من أحبط عمله يا شيخ.
على قول من أحبط عمله إيش اللي يلزم؟
طالب: يلزمه الاغتسال.
وعلى قول من لم يحبط عمله يلزمه وضوء وإلا ما يلزمه؟(14/8)
طالب: يلزمه وضوء.
كيف يلزمه وضوء وهو ما حبط عمله هو على الوضوء؟
طالب: لكنه حدث.
لا بد للمسألة المسألة طردية وعكسية ننتبه لها هنا وهنا، لا تنتقض عندنا هنا ولا في الباب الذي يليه؛ لأنه إذا قلنا: ما حبط عمله لماذا نلزمه بوضوء؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قائم وضوؤه ما دام ما حبط، ها يا إخوان؟
طالب:. . . . . . . . .
هو قال: "والارتداد عن الإسلام" الارتداد عن الإسلام جعله من نواقض الوضوء، وإسلام الكافر الأصلي جعله من موجبات الغسل، فقلنا: إن الارتداد عن الإسلام إذا لم يمت على الكفر المرجح أنه لا يحبط عمله، ولا يعيد الحج ولا يعيد ما فعله قبل ذلك؛ لأن عمله معلق حبوطه بالموت على الكفر، في شيء؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا الكلام، هذا المرجح.
طالب:. . . . . . . . .
نريد أن يكون الكلام منضبطاً، الآن الردة هذه التي لم يمت عليها ما أبطلت الحج، وهو ركن من أركان الإسلام، فكيف تبطل شرطاً من شروط هذا الركن وهو الوضوء، وإن قلنا: تبطل قلنا: إنه مثل الكافر الأصلي يلزمه غسل ما يكفي وضوء، نحن نبي كلامنا ينضبط يكون مطرد.
طالب:. . . . . . . . .
إيش هو الدليل الثاني؟
طالب:. . . . . . . . .
لا {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [(217) سورة البقرة] هذا القيد معتبر، اللهم إلا إذا كان تبوا تمشونه على عدم اعتبار القيد، إن كان بتمشيه على عدم اعتبار القيد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، بيلزم الأعمال التي تقضى كلها.
طالب:. . . . . . . . .
أولاً: {مَن يَرْتَدِدْ} [(217) سورة البقرة] الآية التي فيها القيد هل هو قيد أو وصف مؤثر يقتضي التخصيص؟ فيكون عندنا مرتد مات على كفره ومرتد لم يمت على كفره، نحن نريد أن نقرر هل الموجود هنا في الآيتين هل هو من باب العموم والخصوص أو من باب الإطلاق والتقييد؟ هل هو قيد أو تخصيص؟ يعني تخصيص بالصفة وإلا قيد؟
طالب: قيد يا شيخ.
إيش اللي ترتب على كونه قيد أو تخصيص؟
طالب:. . . . . . . . .(14/9)
نعم، إذا قلنا: من باب العموم والخصوص لا أثر للتخصيص؛ لأن الحكم حكم العام مع حكم الخاص متحد، يعني ذكر الخاص بحكم موافق لحكم العام ما يقتضي التخصيص، فيكون ذكر الخاص للاهتمام به والعناية بشأنه.
طالب:. . . . . . . . .
لكن الآن اللي معنا، ما ودنا نطول يا إخوان؛ لأن هذا لا يرغبه بعض الحضور، الآن هل هنا تقليل أفراد أو تقليل أوصاف؟
طالب: تقليل أوصاف يا شيخ هذا الظاهر تقليل أوصاف.
إذا قلنا: تقليل أوصاف قلنا: تقييد، قيد، وإذا قلنا: تقليل أفراد قلنا: تخصيص، وهو إلى القيد أقرب منه إلى التخصيص.
وعلى كل حال كلام أهل العلم يدل على أنه قيد، وإلا لو كان تخصيص ما خصصوا؛ لأن الحكم موافق؛ لأن حكم الخاص موافق لحكم العام، انحلت وإلا ما انحلت؟ يعني كونه داخل هنا مبطل للوضوء، الردة مبطلة للوضوء، إسلام المرتد نسميه إسلام وإلا رجوع؟ وهل هناك فرق أو لا؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني أيهما أشد الكافر الأصلي أو الكافر الطارئ المرتد؟ أيهما أشد؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، المرتد أشد، ((من بدل دينه فاقتلوه)) ما فيه مثنوية، لكن الكافر الأصلي فيه خيارات، الظاهر المسائل بيجر بعضها بعض وما تنتهي؛ لأنه إذا ألزمنا الكافر الأصلي فالمرتد على هذا، إن ألزمناه بالغسل فالمرتد إذا قلنا: إن الردة أعظم من الكفر الأصلي من باب أولى.
طالب:. . . . . . . . .
إيش هو الدليل؟
طالب:. . . . . . . . .
((ألقِ عنك شعر الكفر واغتسل)) بيجي هذا، هذا ما هو مشكلة، لكن الكلام كيف أوجبنا الوضوء على من ارتد عن الإسلام؟ بما أوجبنا الوضوء على من ارتد عن الإسلام؟ ما هو لأننا أحبطنا عمله وهذا عمل؟ قلنا: إنه لو دخل في حديث: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث)) لأدخلنا سائر الأحداث، وأبو هريرة فسر الحدث، وقلنا: إن تفسيره لا يقتضي الحصر، بدليل أنه ترك ما هو أهم من الأحداث الحسية أهم، يا الله يا إخوان؟
طالب:. . . . . . . . .
من العام الذي أريد به الخصوص.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، تفسير أبي هريرة ليس حاصراً غير حاصر تفسير أبي هريرة بدليل أنه ترك ما هو أهم مما ذكر. الظاهر ما في حل يا الإخوان، فيه شيء؟
طالب:. . . . . . . . .(14/10)
مثل من حلف باللات والعزى مثله.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
يبطل وضوؤه.
طالب: ينفسخ نكاحه.
لا، عقد النكاح حكمه حكم شرعي لا بد أن يحكم به الحاكم.
طالب:. . . . . . . . .
هذا توضأ وخرج إلى المسجد يريد الصلاة فارتد نسأل الله السلامة والعافية، دقائق ثم رجع قال. . . . . . . . . ما زدت على وضوئي، بأي شيء نلزمه بإعادة الوضوء؟ إن كان من أجل الردة فنلزمه بالحج {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر] خلاص انتهى كل شيء حبط، لماذا الوضوء على وجه الخصوص؟
طالب: محبوط العمل كامل وإلا ثواب العمل يا شيخ؟
كيف؟
طالب: العمل يحبط وإلا الثواب حق العمل نفسه؟
افترض إنه على القول بحبوط العمل نفسه على القول الثاني فإذا أبطلنا الوضوء أبطلنا ما هو أعظم منه كالحج مثلاً، وإذا قلنا: إن القيد معتبر {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [(217) سورة البقرة] ولم نبطل الحج، لماذا نبطل الوضوء؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هم يختارون أنه ما يبطل، ما يحبط العمل إلا بالموت على الردة، نسأل الله السلامة والعافية.
طالب:. . . . . . . . .
يعني إذا توضأ حال الردة قلنا: وضوء غير صحيح، لكنه توضأ حال إسلامه وضوءً شرعياً معتبراً ما الذي أبطله؟ إن قلنا: أبطلته الردة وهم يختارون أن الردة لا تحبط إلا إذا مات على الكفر.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، نجاسة معنوية، ما يقولون بهذا هم، نجاسة معنوية، فهل نقول: إن هذه النجاسة مضادة للطهارة من هذا الباب؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، انقطاع النية بعد الفراغ من العبادة ما يؤثر حتى لو انتهى من الوضوء، توضأ وضوءً كاملاً، ثم أحس أن في بطنه شيء متهيئ للخروج، فذهب وجلس على الكرسي كرسي قضاء الحاجة، لكن ما خرج شيء وأعاد ولبس سراويله ومشى انتقض وضوؤه وإلا ما انتقض؟ لا ينتقض.
طالب:. . . . . . . . .
هو على وضوء، ما جاء ما ينقض الوضوء.
طالب:. . . . . . . . .(14/11)
لا، الصيام في أثنائه، لكن لو نوى الإفطار في المغرب لو بعد المغرب قال: أنا والله شاكك بصيامي هذا يجزئ وإلا ما يجزئ يبطل صيامه؟ ما يبطل، بعد الفراغ من العبادة لا يلتفت إلى مثل هذا، يا الله يا إخوان ساعدونا، جزآكم الله خيراً في شيء يا شيخ؟ ها يا عبد الله؟ صالح؟ هاه يا شيخ عبد العزيز؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
انحل الإشكال؟ ما انحل.
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ لأن حتى قوله: "ما أوجب الغسل أوجب الوضوء" لا نحتاج إلى ذكرها هنا؛ لأن موجبات الغسل نحتاج أيضاً أن نذكر في مبطلات الوضوء كل موجبات الغسل، جميع موجبات الغسل الآتية ندخلها، وإلا كيف نذكر هذا ولا نذكر غيره؟
طالب:. . . . . . . . .
هو يبي يقرر هذا، يبي يقرره عندك الباب الذي يليه: "وإذا أسلم الكافر يجب الغسل"
طالب:. . . . . . . . .
ثمامة، ثمامة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو نفسه قال: "وإذا أسلم الكافر" هو يقرر هذا، لو ما يراه قلنا، لكن هو يرى أن الكافر إذا أسلم يلزمه الغسل، وهذا سيأتي بحثه -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن ما هو بالحدث الذي يريده الصحابي، وإلا قلنا: كل من أحدث، لو ابتدع نقول: أعد وضوءك؟ هذا حدث تسميته حدث بالنص ((من أحدث في أمرنا)) ((ولا يقبل الله صلاة من أحدث)) يعني النص يفسر بعضه بعضه، هل نقول: إن هذا هو ذا، أو نقول: إن الحدث له حقيقتان شرعيتان ما هي بحقيقة واحدة؟ حقيقة في باب وحقيقة في باب آخر، فلا يكون من باب الحدث.
طالب:. . . . . . . . .
طيب، صحيح، هذا يمكن يستدل به، ((الطهور شطر الإيمان)) هم يذكرون هذا، ((الطهور شطر الإيمان)) فإذا ذهب الإيمان بالكلية ما ذهب شطره؟ صح وإلا لا؟ نعم يستدلون بهذا ((الطهور شطر الإيمان)) وهذا في صحيح مسلم، فإذا ذهب الإيمان ذهب شطره الذي هو الطهور، وبهذا تكون المسألة انحلت وإلا ما انحلت؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
وين؟ الغسل سيأتي.
طالب:. . . . . . . . .
أين؟ لا ما عليه غسل على كلامهم ما عليه غسل ما فيه إلا وضوء.
طالب:. . . . . . . . .(14/12)
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الحديث: ((الطهور شطر الإيمان)) إذا ذهب الإيمان إيش يبقى شطره؟ إذا ذهب الكل يبقى النص ما يبقى شيء، يعني هذا من أوضح ما يستدلون به.
طالب:. . . . . . . . .
الكافر الأصلي سيأتي الكلام فيه -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، ما له وجه هذا؛ لأننا لو قلنا: إن الحدث اللسان قلنا: الكذب والغيبة كلها توجب الوضوء، لا ما يدخل.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يكفي، إذا بطل الإيمان بطل شطره، انتهى الإشكال.
طالب:. . . . . . . . .
هو ما وجب عليه في الأصل غسل، على كل حال إسلام الكافر بيأتي الكلام فيه.
"ومس الفرج" والفرج يشمل القبل والدبر، وأيضاً يشمل الذكر والأنثى، ويشمل أيضاً فرج نفسه وفرج غيره، مس الفرج، والمعول عليه في هذا حديث بسرة ((من مس ذكره فليتوضأ)) في بعض الألفاظ: ((فرجه)) وفي بعض الألفاظ: ((من مس ذكره وأنثييه)) وفي بعض الروايات: ((ورفغه)) المقصود أن مس الفرج المعول في كونه ناقضاً على حديث بسرة، وهو أرجح من حديث طلق لما سُئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن مس الذكر قال: ((هو بضعة منك)) يعني قطعة منك، يعني كما لو لمست أي قطعة منك يدك وإلا رجلك وإلا رأسك وإلا أذنك ((إنما هو بضعة منك)) لكن يبقى أنه بضعة مسه مؤثر، وهناك ما سواه من أبعاض أو أجزاء البدن مسه لا يؤثر، يعني هل يستوي مس الذكر ومس اليد؟ لا يستويان، إذاً قوله: ((إنما هو بضعة منك)).(14/13)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ومس الفرج" وعرفنا أنه يدخل في اللفظ القبل والدبر من الذكر والأنثى الصغير والكبير النفس والغير، كل هذا يدخل في قوله: "ومس الفرج" والمعول في هذه المسألة على حديث بسرة ((من مس ذكره فليتوضأ)) ويعارض حديث طلق بن علي سئل عن مس الذكر فقال: ((إنما هو بضعة منك)) وإذا نظرنا إلى الترجيح ومتى يحتاج إليه مع أنهم بدؤوا به، بدؤوا بالترجيح فقالوا: حديث بسرة أرجح من حيث الإسناد، ومنهم من نظر إلى تقدم حديث طلق؛ لأنه جاء في أول الهجرة، وهم يبنون المسجد وحديث بسرة متأخرٌ عنه بلا ريب، فقالوا: إن حديث طلق منسوخ، ومنهم من يجمع بين الحديثين فيحمل الأمر في قوله: ((فليتوضأ)) على الاستحباب والصارف حديث طلق، هذه مسالك أهل العلم بالنظر إلى الحديثين، منهم من رجح، ومنهم من جمع، ومنهم من قال بالنسخ، الذين رجحوا حديث بسرة على حديث طلق رأوا النقض مطلقاً، فمن مس ذكره فالنص في الذكر، الرواية الأخرى في الفرج ويشمل القبل والدبر، و (من) هذه ((من مس)) تشمل الذكر والأنثى، وإن كان عود الضمير على (من) إذا أريد الذكر قال: مس، وإذا أريدت الأنثى قال: من مست، لكن النساء تدخل في خطاب الرجال، اللهم إلا إذا قلنا: إنه خاصٌ بالذكر دون الأنثى للتنصيص على الذكر، إذا قلنا: إنه خاص، فعلى هذا مس المرأة فرجها قبلاً كان أو دبراً لا ينقض، ومس الرجل الذكر دبره أيضاً لا ينقض، مس فرج الغير لا ينقض؛ لأنه قال: ذكره، طيب الذكر لا يخلو إما أن يكون متصلاً أو منفصلاً، يتصور وإلا ما يتصور؟ مقطوع مثلاً فمسه ينقض وإلا ما ينقض؟ يعني إذا نظرنا إلى العلة وهي الإثارة التي هي سبب خروج شيء من هذا الذكر، وهذه العلة وإن لم تكن مجزوم بها حتى ولا غلبة ظن، أقول: هذه العلة في مس الذكر؛ لأنه مؤثر، يعني فيه غلبة ظن أنه يخرج منه شيء إذا مسه، هل هذه علة وإلا جزء العلة؟ يعني مس الذكر لماذا خص الذكر؟ ما قال: من مس أذنه فليتوضأ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إثارة الشهوة، وإذا تحققت هذه الإثارة في غير الذكر؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، لا تقول هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إذا مست بشهوة فرجها بشهوة.(14/14)
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، في مواضع إثارة يحصل منها هذا وهي غير الفرج، يعني امرأة تسأل: تقول: إنها إذا أرضعت ولدها خرج منها شيء، فلا شك أن هناك مواضع مثيرة في البدن غير الفرج، فهل يحلق به أو لا يلحق؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا لمس، لامستم أو لمستم، هذا بيأتي غير هذا.
طالب: لكن مواضع الإثارة الأخرى ترجع إلى الفرج يا شيخ.
لا.
طالب: بلى، ترجع إلى المقصود الفرج.
إذا قلنا: إن مس الذكر مظنة للخروج قلنا: إن مس بعض الجهات مظنة للخروج، فهل يلحق به غيره، مثل ما ألحقنا بالنوم الإغماء، وألحقنا به زوال العقل بأي شكل كان؛ لأنه مظنة، فهل نقول: إن مس الذكر مظنة لخروج ما ينقض الوضوء إذاً كل ما كان مظنة ينقض الوضوء؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن ما هو النص في زوال العقل ما هو بالنوم، وألحقنا به ألحق أهل العلم به كل ما يزيل العقل؛ لأنه مظنة لخروج الحدث، أنتم معنا وإلا ما أنتم معنا يا إخوان؟
طالب: بلى يا شيخ.
فنلحق بمس الذكر ما كان مثله في المظنة أو أشد منه أحياناً؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني يقتصر عليه، وعلى هذا من مس ذكره على أي وجهٍ كان هذا المس ولو على سبيل الخطأ والسهو ما قصد المس يلزم وإلا ما يلزم؟ يعني يغتسل فمن غير قصد يبي يلبس سراويله فمس ذكره من غير قصد، أو يريد أن يغسل بعض الجهات القريبة من هذه المنطقة فمس الذكر من غير قصد؛ لأن المسألة مسألة. . . . . . . . .
طالب: بعضهم يا شيخ يقول: إن مسه على أنه بضعة كمس سائر بدنه فلا ينتقض، وإن مس بشهوة فإنه ينتقض.
يعني لا بد أن يكون المس بشهوة.
طالب: التشهي بمسه.
لكن هل الفعل مس لا بد أن يكون معه القصد أو يحصل بدون قصد؟
طالب: المس يحصل بدون قصد يا شيخ.
المس يحصل بدون قصد وإلا ما يحصل؟
طالب: بلى يحصل.(14/15)
الآن تدرون أن الكلام إذا لم يكن مقصوداً عند جمع من أهل العلم أنه لا يسمى كلام ولا تبطل به صلاة إذا كان غير مقصود؛ لأن الشراح شرّاح الأجرومية في قوله: الكلام المركب المفيد بالوضع، قالوا: الوضع القصد، فالكلام غير المقصود لا يسمى كلام، والقول الآخر أن قوله: بالوضع يعني بالوضع العربي، فعلى هذا الكلام بغير العربية ليس بكلام، فهل كلام النائم يؤاخذ عليه لأنه غير مقصود؟ أو شخص سبق لسانه بيقول كذا فقال يا كذا، يقول: أنت طاهر فقال: أنت طالق يؤاخذ عليه أو لا يؤاخذ عليه؟ لا يؤاخذ عليه؛ لأنه غير مقصود، فهل القصد له أثر في تحقق الفعل أو لا أثر له؟
طالب: ابن عمر كان يتوضأ بعد الغسل.
. . . . . . . . .
يقول: لم نأت على قول المؤلف: والتقاء الختانين؟
التقاء الختانين سيأتي في الباب الذي يليه.
طالب: لعلها مقحمة يا شيخ.
هو اللي يظهر، وهو جاري على قولهم: إن كل ما أوجب غسل أوجب وضوء، لكن إفراد ما يوجب الوضوء فقط.
طالب: النسخة التي مع المغني ليست فيها.
إيه، واللي مع الزركشي؟ التقاء الختانين موجودة؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه موجودة في الزركشي، أذكر أنها موجودة في الزركشي، لكن إفراد ما يوجب الوضوء عما يوجب الغسل لا شك أنه أدق، وإلا لزم أن يجعل البابين باب واحد، كون تشعبنا وصرنا ما. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
هو يريد أن يغسل شيء جزء من بدنه فوقعت يده على الذكر، وهو غير قاصد، فهل الفعل يتحقق من غير قصد أو لا يتحقق؟ وهل المقصود المس باليد أو بأي جزءٍ من البدن؟ ((من مس ذكره فليت وضأ)) مسه بأي جزء؟
طالب: يا شيخ الله تعالى سمى من قتل خطأً سماه قاتل، وهو خطأ من غير قصد.
لكن هذا يلبس الجوارب فمس ذكره برجله يلزمه وإلا ما يلزمه؟ إذا قلنا: إن المس يحمل على عمومه قلنا: إنه ينقض بأي جزء من البدن، إذا لم نقل: إن المس المراد به باليد بالكف دون سائر اليد كما يقرر أهل العلم بباطنها دون ظاهرها صار نوع خاص من المس، فيخرج ظهر الكف، يخرج الذراع وإن كان من اليد، ويخرج ما فوق ذلك، يخرج ما كان بغير اليد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والأفعال؟
طالب:. . . . . . . . .
من ترك ناسي أو من فعل ناسي؟(14/16)
طالب:. . . . . . . . .
يا أخي لا، القاعدة تقول عكس ما تقول؛ لأن النسيان ينزل الموجود فعل منزلة المعدوم بخلاف العكس، المطالب بشيء ولا فعله لا بد أن يفعله، فأمر التروك أشد من أمر الأفعال.
طالب: لكن المسألة يا شيخ في عدم تسمية غير القاصد فاعل، القاتل يسمى قاتل وإن كان غير قاصد.
إيه، لكن هذا في حقوق العباد، في حقوق العباد هذا.
اللهم صل على محمد ....(14/17)
شرح مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (15)
شرح قول المؤلف: "والقيء الفاحش، والدم الفاحش، والدود الفاحش ... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: من حافظ على تكبيرة الإحرام أربعين يوماً كتب له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق هل هذا الحديث صحيح؟
لا، أكثر أهل العلم على تضعيفه.
يقول: وإذا كان صحيحاً هل تكون تكبيرة الإحرام خمسة أوقات كاملة أو تكبيرة واحدة في اليوم؟
هذا لو افترض صحته مع أنه على رأي الجمهور في فضائل الأعمال فيقبلونه؛ يعني الضعف ليس بشديد، منهم من حسنه، المقصود أنه على افتراض قبوله لا بد من تكبيرة الإحرام في الخمسة الأوقات، يكون هذا في مائتي صلاة، لا تفوته تكبيرة الإحرام في مائتي صلاة، ضابط إدراك تكبيرة الإحرام ما لم يشرع في الركن الذي يليها، يعني قراءة الفاتحة، ما لم يشرع بالركن الذي يليها.
هذا من ليبيا يقول: ما حكم صلاة الجنازة على من شنف نفسه؟
لعله شنق نفسه، يعني انتحر، على كل حال الفقهاء يقولون: لا يصلي الإمام على قاتل نفسه، الإمام لا يصلي على قاتل نفسه، زجراً له وتعزيراً وردعاً لغيره، لكن يصلى عليه من قبل المسلمين.
يقول هذا: الجماع من الخلف شو حكمه؟
يعني ما حكمه؟ برضا الزوجين، إتيان المرأة في دبرها محرم بل كبيرة من كبائر الذنوب بإجماع أهل العلم، محرم ولا يجوز بحال، هذا الكلام إذا كان القصد به الجماع في الدبر، أما ما دونه فلا بأس من الاستمتاع به.
يقول: إذا جاء الحديث من طريق واحدة عمن عرف بالتدليس وقد عنعن علماً بأن ذلك المدلس ثقة، فمتى يمكن تقوية هذا الحديث؟
أولاً: المدلس إذا كان ثقة لا يخلو إما أن يكون ممن احتمل الأئمة تدليسه فهذا تدليسه لا يضر، وإن كان ممن تدليسه مؤثر في حكم أهل العلم بأن كان من الطبقة الثالثة فما دون، فمثل هذا لا بد أن يصرح، وإذا لم يصرح لا بد أن يوجد من يشهد له، لا بد أن يوجد له شاهد أو متابع على روايته، ورواية المدلس تقبل الانجبار.
طالب:. . . . . . . . .(15/1)
معروف، الزهري والحسن تدليسه شديد، والسفيانين وغيرهم، ما سلم منه كبار الأئمة، لكن مع ذلك هؤلاء ينظر في إمامتهم، ينظر لإمامتهم من جهة، وينظر أيضاً لكثرة مروياتهم وما دلسوه بجانب ما صرحوا فيه وهكذا.
طالب:. . . . . . . . .
من قال به؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما يصح عن أحد من الصحابة.
يقول هذا: سؤال شخصي هل سبق لك أن فرغت أشرطة؟
إحنا على وقتنا أيام الطلب ما في أشرطة.
بم تنصح الطالب المبتدئ بالبدء في أصول التفسير؟
أصول التفسير يعني متن على طريقة أهل العلم في المتون مقدمة السيوطي طيبة التي هي من ضمن النقاية وهذه شرحناها، شرحها موجود.
يقول: إذا جئت والإمام في صلاة الجمعة في التشهد الأخير فهل أصليها ظهراً أم جمعة؟
إذا لم تدرك ركعة فتصليها ظهراً.
وقد سمعت أنه حتى وإن انتهى الإمام من الصلاة يصليها الشخص جمعة ما دام وقت الجمعة لم يخرج؟
إن وجد مسجد يصلون الجمعة وأدركها معهم لا بأس، ولو فاتته الجماعة الأولى، ووجد جماعة يصلون في مسجد معتبر، مأذون له أن يصلى فيه جمعة يصلي معهم ويدركها وإلا فيصليها ظهراً.
هل نقول لمن شابه المبتدعة بوصف معين هل نطلق عليه أنه مبتدع أو نقول: فيه من المبتدعة؛ لأنني سمعت من يطلق هذا اللفظ على بعض أهل العلم الذين قد شابهوا المبتدعة في قول من أقوالهم مثلاً النووي والكرماني كلاهما أشعريان؟
نعم النووي والكرماني أشعريان، هؤلاء بدون تردد، لكن لو كانت الموافقة في بعض المذهب لا في جميعه، النووي والكرماني يوافقون الأشعرية في كل شيء، لكن لو كانت الموافقة في بعض المسائل دون بعض لقيل فيه أشعرية أو فيه تمشعر، أو ما أشبه ذلك، كما يقال: فيه جاهلية وفيه اعتزال، وفيه شرك أحياناً.(15/2)
يقول: عندي أخت لها أولاد صغار فيهم شقاوة وهي لا تفتأ ليل نهار عن اللعن، فتارة تلعن الأب، وتارة تلعن الجد أو الأخ، وما تركت أحداً إلا لعنته -نسأل الله السلامة والعافية- ولو قلت: إنها تلعن مائة مرة في اليوم لكان هذا قليلاً، حاولت في نصحها مراراً وبأساليب مختلفة لكن لا فائدة، مع أني مشفق وخائف عليها من كتاب الله، ماذا أفعل هل ممكن أستخدم أسلوب التدرج، بأن أقول لها: أولاً اقتصدي على لعن إبليس في البداية وهكذا؟
على كل حال اللعن شأنه عظيم، وليس المسلم باللعان ولا بالطعان ولعن المؤمن كقتله كما في الحديث الصحيح، وسبب من أسباب كثرة دخول النساء النار أنهن يكثرن اللعن، فلتخف على نفسها هذه المرأة، تعدل عن هذا الأسلوب إلى أسلوب مناسب من أساليب التربية، أما هذا لا يربي، لا تسلم الذمة ولا يربي.
يقول: ما حكم صرف الزكاة لحلقات تحفيظ القرآن؟ وهل تدخل في قوله: {وَفِي سَبِيلِ اللهِ} [(60) سورة التوبة]؟
في قول عامة أهل العلم لا تدخل، وسبيل الله خاص بالجهاد، عند عامة أهل العلم، وإن كان بعضهم لا سيما من المعاصرين والمتأخرين من يرى الدخول، ومنهم من يتوسع في سبيل الله، ويدخل فيه أبواب الخير والبر كلها.
يقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
لا شك أن الصلاة، كما قال الله -جل وعلا-: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} [(45) سورة البقرة] يستعان بها على الأمور المهمة والملمات، وقضايا الحوائج.
يقول: هل اتفق الحكم فيمن أشرك ومن مات مع الشرك؟
كيف؟ يعني أشرك وشخص مات على الشرك ويش الفرق بينهم؟ إن أشرك ثم تاب وأناب ورجع التوبة تهدم ما قبلها، وإن مات على ذلك فالله -جل وعلا- لا يغفر أن يشرك به.
ألا يكون اضطجاع النبي -صلى الله عليه وسلم- تقريراً على جواز الصلاة بعد الاضطجاع خصوصاً أنه لم يرد تخصيص على أن الاضطجاع يكون محدثاً؟
لا، النوم ناقض للوضوء، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يضطجع ويسمع له خطيط، فهذا من خواصه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه تنام عيناه ولا ينام قلبه.(15/3)
هل يمكن أن يستدل على وجوب وضوء المرتد بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة]؟ هو من أقوى ما يستدل به على وجوب الوضوء على المرتد، وأن الردة ناقضة للوضوء ((الطهور شطر الإيمان)) وهو في الصحيح، وإذا بطل الإيمان بطل شطره من باب أولى.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:(15/4)
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب ما ينقض الطهارة، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "والذي ينقض الطهارة ما خرج من قبل أو دبر، وخروج الغائط والبول من غير مخرجهما، وزوال العقل إلا أن يكون النوم اليسير جالساً أو قاعداً، والارتداد عن الإسلام، ومس الفرج" وعرفنا أن في مس الفرج حديث بسرة ((من مس ذكره فليتوضأ)) وبعض الروايات: ((من مس فرجه)) فيدخل فيه القبل والدبر، وعبارة المؤلف -رحمه الله-: "ومس الفرج" يدخل فيه فرج نفسه وفرج غيره الصغير والكبير، مقتضى عبارة المؤلف، وهم يقولون: إذا كان ينتقض وضوؤه بمس فرجه فلئن ينتقض بمس فرج غيره من باب أولى، وعلى هذا الأمهات عند إرادة تنظيف الأولاد الصغار ومست الفرج من غير حائل على كلامه ينقض الوضوء، تنتقض الطهارة، وعرفنا أن في المسألة قولاً آخر، وهو أنه لا ينقض مطلقاً، وفيه حديث طلق بن علي لما سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الفرج وعن مسه، فقال: ((إنما هو بضعة منك)) يعني قطعة منك كأي قطعة من سائر الجسد، وأصحاب القول الأول يقولون: إن حديث طلق متقدم؛ لأنه جاء والنبي -عليه الصلاة والسلام- يعمل في المسجد في بناء المسجد مع صحابته -رضوان الله عليهم-، والمتأخر ينسخ المتقدم، ومنهم من صرف الأمر في حديث بسرة من الوجوب إلى الاستحباب، قال: والصارف حديث طلق، وكأن شيخ الإسلام -رحمه الله- يميل إلى هذا، يميل إلى أن إعادة الوضوء من مس الفرج على سبيل الاستحباب، والأمر صريح في حديث بسرة، لكن حديث طلق صارف، وإن نظرنا إلى الترجيح فحديث بسرة أرجح من حديث طلق من حيث القوة، وأيضاً هو المتأخر، فإن قلنا بالترجيح فحديث بسرة، إن قلنا بالنسخ حديث بسرة، وإن قلنا بالجمع بحمل حديث طلق على بيان الجواز وحديث بسرة على الاستحباب اتفق الحديثان، وعلى كل حال المسألة في النظر للقولين المعتمدين على الحديثين مسألة اجتهادية، فمن ترجح له أحدهما فليعمل به، وقول شيخ الإسلام وجيه؛ لأنهم لا يلجئون إلى الترجيح أو النسخ إلا إذا تعذر الجمع، وهنا الجمع ممكن، فيحمل حديث بسرة على الاستحباب، والصارف حديث طلق.
ثم بعد ذلك قال: "والقيء الفاحش، والدم الفاحش، والدود الفاحش" نعم؟(15/5)
طالب:. . . . . . . . .
أيوه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه قالوا: العلة في نقض الوضوء من مس الفرج إثارة الشهوة، فعلى هذا لو وجد ما يثير الشهوة غير الفرج منطقة من مناطق الجسم وهذا موجود مسه ينقض الوضوء لا ما ينقض، الآن الفرج وفيه الحديث فيه الخلاف القوي فكيف بغيره؟!
"والقيء الفاحش، والدم الفاحش، والدود الفاحش يخرج من الجروح" الخارج الفاحش النجس من الجسد، يعني من غير المخرجين، يخرج قيء فاحش مثلاً، والقيء معروف، وهو خروج الطعام من المعدة عن طريق الفم، والدم الفاحش سواءً كان بسبب جرح، أو كان أيضاً بطريق التقيؤ، أو بالحجامة؛ لأنه كثير، والدود الفاحش الذي يخرج من الجروح والقروح كل هذه إذا كثرت إلى أن وصلت إلى حد الفحش والكثرة فإنها تنقض الوضوء على المذهب، ومثل هذا التقدير للفاحش مثل تقدير الفاحش هذا مرده إلى العرف، فما عُد في العرف فاحشاً -يعني كثيراً- فإنه ينقض الوضوء، وما عد قليلاً لا ينقض الوضوء، وهذا أيضاً لا ينضبط عند كثير من الناس، منهم من يقول: إن هذا مرده إلى أوساط الناس لا أصحاب الابتذال كالجزارين ولا أرباب الوسوسة؛ لأن الموسوس يعتبر الشيء اليسير فاحش، والجزار لملابسته الدماء لا يعتبر، يعتبر الشيء الكثير قليل، وعلى كل حال إذا قيل بمثل هذا فمرده إلى أوساط الناس وإلى أعرافهم.
"القيء الفاحش" ((من قاء أو رعف فليتوضأ)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- جاء عنه أنه قاء فتوضأ، فالقيء من مبطلات الطهارة، والمسألة خلافية بين أهل العلم، منهم من يرى أن القيء لا ينقض الوضوء؛ لأنه على طهارة بيقين فلا ترتفع بمشكوك فيه، وكونه -عليه الصلاة والسلام- قاء فتوضأ يحتمل أمور كثيرة أن الوضوء تعقب القيء ولو لم يكن بسببه، لكن مثل هذا يبطل مفاد الحديث، ومنهم من يقول: قاء فتوضأ وضوءاً لغوياً يعني تمضمض، وغسل إن كان أصابه شيء تطهر، فالتأويلات لأهل العلم، لكن ((من قاء أو رعف فليتوضأ)) وهذا الحديث صحيح وإلا ضعيف؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الكلام فيه معروف، تكلم فيه، هو مضعف عند أهل العلم، ولو صح للزم القول به.(15/6)
"والدم الفاحش" الدم الفاحش الذي يخرج من غير مخرج البول والغائط، وهو أيضاً محل خلاف بين أهل العلم، مبني على القول بطهارته ونجاسته، فالجمهور على نجاسة الدم، جماهير أهل العلم على نجاسته، وقال بعضهم وينصره كثير من المتأخرين: إنه طاهر، وليس بنجس، ولا يوجد ما يدل على نجاسته، وإن كان بعضهم ينقل الإجماع على أنه نجس، من حصل له أو جرح مثلاً أو طعن أو أصيب بإصابة وهو في الصلاة كعمر -رضي الله تعالى عنه-، جاء في الخبر أنه صلى وجرحه يثعب، فدل على أن الدم وإن كان فاحشاً كثيراً لا ينقض الطهارة، ولا يبطل الصلاة، وعلى هذا استدلالاً بهذا الحديث أنه ليس بنجس، لكن لا يتم الاستدلال بمثل هذا الحديث لأنه لا يمكن إيقافه، أثر جرح لا يمكن إيقافه، فحكمه حكم من حدثه دائم يصلي على حسب حاله، فلا يتم الاستدلال بمثل هذا، والمرجح عند جماهير أهل العلم أن الدم نجس، أما بالنسبة للدم المسفوح فنجاسته إجماع، الدم المسفوح إجماع، وغير المسفوح هو محل الخلاف {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [(3) سورة المائدة] وفي قوله -جل علا-: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا} [(145) سورة الأنعام] فعامة أهل العلم على تقييد الآية المطلقة {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [(3) سورة المائدة] بالآية المقيدة {إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا} [(145) سورة الأنعام] للاتحاد في الحكم والسبب، فمثل هذه الصورة يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً، ولا يقال في غير المسفوح أنه في حكم المسفوح، فالمحرم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [(3) سورة المائدة] محمول على المسفوح، أما غير المسفوح كالذي يبقى في اللحم بعد الذبح فإنه لا يؤثر، فإذا وضع اللحم في القدر وعلا هذا الدم على الماء لا يؤثر عند أهل العلم، ولا يلزم غسل اللحم من هذا الدم؛ لأن التحريم مقتصر على المسفوح؛ لأننا حملنا المطلق على المقيد، وعرفنا أن هذا اتفاق للاتفاق في الحكم والسبب، فعلى هذا الدم غير المسفوح، وغير المسفوح الأصل فيه أنه قليل وإلا(15/7)
كثير؟ قليل، وقد جاء عن الصحابة -رضوان الله عليهم- بالنسبة للقليل اليسير ولذا يقول: الدم الفاحش في الكتاب، فالقيد معتبر، جاء عنهم من عصر البثرة خرج منه الدم ولم يتوضأ، ومنهم من حرك أنفه فخرج منه الدم ولم يتوضأ، ومنهم من حرك لثته باللسان فخرج منها الدم ولم يتوضأ، فدل على أن اليسير لا يتوضأ منه، وليس بنجس.
"والدم الفاحش، والدود الفاحش" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الدم المسفوح هو الذي يخرج بعد الذبح، وهذا كثير.
طالب:. . . . . . . . .
نعم هو المتدفق هذا هو.
طالب: ما وقع على شيء. . . . . . . . .
نعم، الحجامة مثلاً ويؤخذ من البدن التبرع بالدم، إذا أخذ منه لتر، ينتقض الوضوء وإلا ما ينتقض؟ على كلامه والدم الفاحش؟ ينتقض، وهل يدخل في المسفوح أو غير المسفوح؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على القول بنجاسته ما في إشكال، يعني سواءً كان مسفوح أو غير مسفوح نجس عند الجمهور، لكن .... هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، يعني التبرع بالدم على هذا يقفل بابه ((تداووا ولا تتداووا بحرام)) وهو نجس.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
حديث عمر لا شك أنه في حكم من حدثه دائم، لا يمكن إيقافه بحال، فهو في حكم من حدثه دائم، أما التبرع، فما يحمل على هذا، التبرع لا يحمل على هذا، التبرع أمره يسير، متى ما بغيت وقف، يسحب الإبرة ويقف، فليس في حكمه حكم من حدثه دائم، بل هو مقدور على إيقافه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل حكم الحدث الدائم ابتداءً مثل حكمه استمراراً؟ طيب مثل هذا الذي طعن مثل عمر -رضي الله تعالى عنه- طعن، ونبي نقول له: انتقض الحدث روح توضأ، والجرح مستمر، يتجه وإلا ما يتجه؟ أولاً الوضع يختلف عن وضع مستحاضة وإلا سلس وإلا شيء من هذا يختلف.(15/8)
على كل حال مثل قصة عمر ما فيها إشكال -إن شاء الله تعالى-، لكن من جاء بطوعه واختياره وتمدد على السرير، وسحبوا منه لتر أو أكثر على القول بأن الدم الفاحش ينقض هذا ناقض بلا شك، وعلى القول بحمل المطلق على المقيد، وهو قول الجمهور فهو حرام للاتحاد في الحكم والسبب، والسبب هو النجاسة التي ينشأ عنها الضرر، فحملوا المطلق على المقيد، وعند من يقول بطهارته، وأنه لا يجد ما يدل على نجاسته، عند من يقول بطهارته يحمل المطلق على المقيد وإلا ما يحمله؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الحكم واحد، كله تحريم، الحكم واحد، والسبب مختلف، يعني كوننا نحرم الدم المسفوح ظاهر وغير المسفوح قلنا: كلاهما محرم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [(3) سورة المائدة] حرام، والثاني: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا} [(145) سورة الأنعام] الحكم واحد، وحينئذٍ يحمل المطلق على المقيد عند الجمهور يحمل المطلق على المقيد في التحريم، لكن السبب مختلف، حكم واحد والسبب مختلف، فالجمهور على أنه يحمل المطلق على المقيد فيحرم كلاهما سواءً كان مسفوحاً أو غير مسفوح، التحريم ظاهر، ولو قلنا: إن السبب اختلف؛ لأن السبب إذا قلنا: إنه في المسفوح سببه النجاسة وغير المسفوح طاهر، قلنا: اختلف الحكم، لكن ما الدليل على أن المسفوح نجس؟ يعني هل من لازم التحريم النجاسة أو من لازم النجاسة التحريم؟ نعم من لازم النجاسة التحريم، لكن ليس من لازم التحريم النجاسة، يعني نظير ذلك الخمر، الخلاف معروف عند أهل العلم في أمور محرمة مقطوع بتحريمها وهي طاهرة، الأصنام مثلاً أو الحشيش أو ما شابه ذلك من الأمور اليابسة فهي طاهرة وإن كانت محرمة.
"والدم الفاحش، والدود الفاحش" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذه حاجة يعني هل تتصور أنه خرج للغزو في سبيل الله وهو بإمكانه أن يكون معه ثياب كثيرة يغير هذا ويلبس هذا، أو يتيسر له الماء بأن يغسل الدم، حالة ضرورة هذه.
طالب:. . . . . . . . .(15/9)
ما يلزم، ما يلزم يكون باستطاعته، ما هو مثل الحضر، ما يلزم.
على كل حال الدم الفاحش نجس في المذهب، وناقض للوضوء، والخلاف مثلما سمعنا.
الدود الذي يخرج من القروح والجروح، القروح المتعفنة يخرج منها دود، والدود طاهر وإلا نجس؟
طالب:. . . . . . . . .
ما تولد من نجس فهو نجس، وما تولد من طاهر فهو طاهر، كسوس التمر مثلاً طاهر، لكن سوس ما تولد عن النجاسة فهو نجس، فهو عندهم متولد عن الدم والقيح والصديد فهو نجس عندهم، فإذا كثر وصار فاحشاً فإنه ينقض الوضوء.
"يخرج من الجروح" هل هذا له مفهوم؟ في دود يخرج من غير الجروح؟ المخرج انتهى، والذي ينقض الطهارة ما خرج من قبل أو دبر انتهى هذا.
طالب:. . . . . . . . .
يتقيأه، يعني قد ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، خل القيء الكثير، يعني يمكن دسعة أو قلس أو شيء من هذا يخرج معه دود، ما خرج من المخرج هذا منتهي موضوعه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه يمكن، يمكن يتقيأ شيئاً يسيراً؛ لأن القيء إذا كان يسيراً لا ينقض الوضوء، فإذا صاحبه دود يسير أيضاً هاه؟ إذا خرج معه دود يسير على كلامه، لكنه إذا اجتمع قيء يسير مع دود يسير، يعني مقتضى كلام المؤلف أنه لا يؤثر.
طالب:. . . . . . . . .
هي مسائل مبني بعضها على بعض، هم نجسوا الدم، وفرعوا عليه هذه المسائل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا تولد من طاهر فهو طاهر مثل الصراصير وغيره، مثل الحشرات، إذا تولدت من طاهر فهي طاهرة، وإذا تولدت من نجس فهي نجسة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، إيه.(15/10)
"وأكل لحم الجزور" الجزور هو الجمل، الإبل، وفيه حديثان حديث البراء وحديث جابر بن سمرة "أنتوضأ من لحم الغنم؟ قال: ((إن شئت)) أنتوضأ من لحم الإبل؟ قال: ((نعم)) وفي رواية: ((توضئوا)) بالأمر، والحديثان صحيحان، والوضوء من أكل لحم الإبل من المفردات، يعني ما قال به إلا الحنابلة، وهو المذهب عندهم، وأما عند غيرهم فكثير من محققي الشافعية قالوا به، وخالفوا إمامهم في هذا، خالفوا الإمام الشافعي في هذا؛ لصحة الحديثين في الباب، وعدم المعارض الصريح؛ لأنه جاء في حديث: "كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار" وقالوا: هذا متأخر، فهو ناسخ للأمر بالوضوء من لحم الإبل، ناسخ له؛ لأنه متأخر، آخر الأمرين معروف، لكن إذا قلنا: بأن لحم الإبل نيئ ما مسته النار ينقض وإلا ما ينقض؟ ينقض، ولحم الإبل الجزور يشمل كل ما حواه الجلد، فيدخل في ذلك الكبد والمصران والكرش وما أشبه ذلك، فهي داخلة؛ لأنها يشملها جلده، يطلق اللحم على ما هو أعم من اللحم الأحمر، بدليل قوله -جل وعلا-: {وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ} [(173) سورة البقرة] ولا يستثنى مما حواه جلده شيء، لكن قد يحوي جلد الخنزير ما هو نجس إجماعاً، ويحوي جلد الإبل الجزور ما هو طاهر إجماعاً، والمسألة كما هو معلوم ليست في الطهارة والنجاسة، لكن أهل العلم حينما يوردون لحم الخنزير من أجل أن يقرروا أن اللحم يطلق على ما حواه الجلد، فكذلك في الجزور، فالوضوء متجه لمن أكل شيئاً مما حواه جلد الجزور سواءً كان ذلك من اللحم أو من المصران أو الكرش أو الكبد كله يقال له: لحم.
طالب: عفا الله عنك إذاً لو حلف ألا يأكل لحماً وأكل من هؤلاء؟
نعم حلف أقسم ألا يأكل لحماً فأكل كبداً يحنث وإلا ما يحنث؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا على رأي المالكية يحمل على قصده، لكن الجمهور على أنه مرده إلى العرف، مرد مثل هذا إلى العرف، فإن كان في العرف يسمى لحم حنث وإلا فلا، وهو في العرف لا يسمى لحم، فلا يحنث، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
عند المالكية قلنا: إن القصد له أثر في الأيمان والنذور عند المالكية، أما عند غيرهم فمرد ذلك إلى العرف.(15/11)
عندنا الأمر بالوضوء من أكل لحم الجزور لا شك أنه خاص بلحم الجزور، لكنه عام فيما مسته النار وما لم تمسه النار، وآخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مسته النار، عمومه في الجزور وغيره، وخصوصه فيما مسته النار، دلالته على لحم الجزور بالمنطوق وإلا بالمفهوم؟ بالمفهوم، ودلالة ((توضئوا من لحم الإبل)) بالمنطوق، عندنا نص متأخر ونص متقدم، وعندنا نص المتقدم بالمنطوق، والمتأخر بالمفهوم فهل ينسخ المنطوق بالمفهوم؟ لأن لدينا في الطرفين جهة قوة وجهة ضعف، جهة القوة في الحديثين حديثي الباب أنه منطوق، وفي الوقت نفسه خاص، وجهة الضعف أنه متقدم، وفي الطرف الثاني جهة القوة أنه متأخر، وجهة الضعف فيه أنه عام ومفهوم أيضاً، إذاً إذا قررنا أنه متأخر لقول الصحابي: "كان آخر الأمرين" فهل نقول: إن المتقدم ينسخ بالمتأخر ولو اختلفا في الرتبة بأن كان أحدهما منطوقاً أو مفهوماً خاصاًَ أو عاماً؟ منهم من يقيد النسخ بالاستواء، فمثلاً المحرم إذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، هذا قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- بالمدينة قبل الحج، سئل عما يلبس المحرم ... إلى آخر الحديث، وخطب بعرفة وبين أن من لم يجد النعلين فإنه يلبس الخفين، يلبس الخفين من غير تقييد بالقطع، فهل نقول في مثل هذه الصورة: يحمل المطلق على المقيد للاتفاق في الحكم والسبب أو لا يحمل؟ لأنه أحياناً يحتاج المجتهد إلى أن يخرج عن بعض القواعد المقررة حتى في مذهبه لوجود عارض، فإذا قلنا بالنسخ قلنا: نسخ الأمر بالقطع؛ لأن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فليلبس الخفين)) من غير تقييد بقطع، قلنا: هو متأخر بعرفة والمتأخر ينسخ المتقدم، وإذا قلنا: بالقطع حملنا المطلق على المقيد، والحكم واحد السبب واحد، فعندنا إما القول بالنسخ والمطلق متأخر بلا شك، أو نقول: بالتقييد وهو المتجه، فيقطع أسفل من الكعبين عملاً بالنص المقيد، لكن من أراد ترجيح القول السابق الأول وعدم القطع، قال: إنه مع تأخره أيضاً الحاجة داعية إلى البيان في مثل هذا الموطن؛ لأنه سمعه في المدينة يمكن ألف أو ألفين أو ثلاثة، لكن سمعه بعرفة كل من حج معه -عليه الصلاة(15/12)
والسلام-، وما سمعوا النص المقيد، ولو كان القيد لازماً لبين، وهذا وقت البيان، وهذا يقوي القول بأنه يلبس الخف من غير قطع.
نعود إلى مسألتنا عندنا خاص بلحم الجزور، وعام بما مست النار، عندنا منطوق وعندنا مفهوم، عندنا متقدم ومتأخر، يعني هل الصحابي لما قال: كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار، ويتناول حديث جابر وحديث البراء بعمومه، هل قصده بذلك النسخ أو لا؟ يعني ظاهر النص أنه يقصد بذلك النسخ، لكن هل يلزم من قصده النسخ أن مراده بالمنسوخ لحم الجزور، أو مراده بالمنسوخ ما يطابق الحديث؛ لأنه جاء الأمر بالوضوء مما مست النار، وهذا في صحيح مسلم، فكان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار ناسخاً للأمر الأول الأمر بالوضوء مما مست النار، فإذا قابلنا هذا بهذا سلم لنا حديث جابر بن سمرة وحديث البراء في وجوب الوضوء من أكل لحم الإبل، وهذا ظاهر جداً لمن تأمل، فالنسخ متجه إلى ما يوافق الخبر، ويبقى أن القول المرجح في هذه المسألة أنه ينقض الوضوء، أن لحم الجزور ينقض الوضوء.
بعد هذا غسل الميت.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تدخل؛ لأنه سئل أنتوضأ من لحم الإبل.
طالب:. . . . . . . . .
ولا مرق إلا إذا وجد فيه لحم ولو كان يسيراً.
طالب:. . . . . . . . .
ينقض نعم، اليسير ينقض الوضوء.
طالب: وإن مما لا يلاك؟
لا شك أنه إذا أطلق عليه لحم فهو ينقض الوضوء.
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ناسخ لأول الأمرين وهو الأمر بالوضوء مما مست النار، ويبقى الأمر بالوضوء من لحم الإبل، وإن كان داخلاً في عموم ما مست النار إلا أنه يبقى سالم من المعارض؛ لأن الأمر آخر الأمرين وقع موقعه ونسخ الأمر المتقدم.
طالب:. . . . . . . . .(15/13)
الشحم إذا أذيب صار حكمه حكم اللبن ما يضر أبداً، أكل لحم إبل وصلى ناسياً، نظراً لقوة الخلاف في المسألة يتجاوزون في مثل هذا وإلا فالأصل أنه يعيد كما لو صلى بغير وضوء، لكن نظراً لقوة الخلاف في المسألة، والمسألة يعني غلبة ظن اجتهاد، والقول الثاني له حظ من النظر يتجاوزون في مثل هذا، ولو أعاد هو الأصل، يعني يتوضأ من جديد وصلى، واحد من المشايخ قال: شخص أكل من لحم الإبل وما دري أنه لحم إبل، فأجاب بأن الذي لا يفرق بين لحم الإبل وغيره من اللحوم هذا رجل مغفل، فقال له السائل: إذا كان بالسنبوسة، يعني مفروم في سنبوسة تفرق وإلا ما تفرق؟ قال: هذه خفيت علي المسألة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يدري، بعضهم يقول: ويش الجزور من أصله، من طلاب العلم قد يخفى عليه التسمية لأنه ما ألفها.
طالب:. . . . . . . . .
أنتوضأ؟ قال: ((نعم)).
طالب:. . . . . . . . .
إيه، مقارنة بقوله: أنتوضأ من لحم الغنم؟ قال: ((إن شئت)) ولو لم يرد الوجوب -عليه الصلاة والسلام- لقال: إن شئت، هذا واضح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يأخذ حكم اللحم أبداً، والمرق إذا لم يكن فيه قطع من اللحم ما يضر، الكلام كله في اللحم.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو الأصل فيه أنه ذائب، يعني في حكم الذائب ما ينقض لا.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، يعني إذا شك فيه يسجد.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو إذا كان ما عنده شك أنه لحم غنم أو بقر، يعني إذا كان الغالب على ظنه أنه لا ينقض الوضوء ما يلزم، المسألة معلقة بغلبة الظن، فإن شك أن ظن أنه لحم إبل يسأل.
طالب:. . . . . . . . .
يتعين عليه، ما دام، هذا يبطل صلاته.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هذا ما يدخل الوسواس، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
القيء؟ إذا كان عن عمد، من استقاء أفطر بلا شك، يعني إذا تعمد الاستقاء، قاء بنفسه يفطر، أما إذا قاء من غير تعمد فإنه لا يضره.
طالب:. . . . . . . . .
إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه بالقوة كلها بقوة.(15/14)
"وأكل لحم الجزور، وغسل الميت" يعني غسل الميت، إذا غسل ميتاً، وفيه الخبر ((من غسل ميتاً فليغتسل)) لكنه ضعيف، فتغسيل الميت لا يلزم منه غسل ولا وضوء؛ لأن حديث: ((من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ)) هذا الحديث خبر ضعيف، وهم يجعلونه مظنة، تغسيل الميت مظنة أن يمس شيئاً مما ينقض الوضوء من بدنه، لكن هو بذاته ليس بناقض، وعلى هذا فالمرجح أنه لا أثر له.
"وملاقاة جسم الرجل للمرأة بشهوة" ويعبرون في كثير من الكتب مس المرأة بشهوة، وهنا يقول: ملاقاة جسم الرجل للمرأة لشهوة، فهنا المسألة مبنية على الملامسة {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] فهو إن كان المراد به المس نفسه فالآية تدل على أنه ينقض الوضوء، وإن كان المراد بالملامسة الجماع كما قال ذلك جمع من الصحابة، فإن مجرد المس لا ينقض الوضوء، والمس مس المرأة إما أن يكون باليد، بالإفضاء بباطن الكف، أو بغيره من أجزاء البدن، ولا يخلو إما أن يكون لشهوة أو لغير شهوة، فكلامه مقيد بالشهوة، لو أفضى بيده إلى المرأة من غير شهوة ينتقض وإلا ما ينتقض؟ لا ينتقض، لكن لو مسها بمرفقه بشهوة انتقض، بينما المس إنما يراد به المس باليد بالإفضاء، هي التي يتحقق فيها الشهوة.(15/15)
"ملاقاة جسم الرجل للمرأة لشهوة" لو لاقى جزءاً من بدنها بآلته بفرجه بشهوة أو بغير شهوة، يعني كلامه كلام المؤلف ملاقاة جسم الرجل للمرأة هو لا شك أن من أجزاء الجسم ما هو أشد من الإفضاء باليد، ومنها ما هو دونه، فلو لاقى جسم المرأة بشيء من جسمه كالذكر مثلاً، هذا أشد من اليد، لكن لو لاقاها بمرفقه مثلاً أو برجله هذا أخف من اليد، والمسألة مبناها على {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] فعلى هذا إذا كان المراد بالمسيس أو بالمس مجرد اللمس الدلالة ظاهرة من الآية، وإن كان المراد بها في الآية الجماع وهو الظاهر من السياق، وهو الذي قال به جمع من الصحابة فلا دلالة في الآية على مجرد المس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه كان يقبل وهو صائم، ويخرج إلى الصلاة ولا يتوضأ، والتقبيل أشد من مجرد المس، والمسألة كما هو معروف عند الحنابلة مقيدة بالشهوة، وعند الشافعية مطلقاً لشهوة أو من دون شهوة، ولذلك يتحرجون حرج شديد في مواطن الزحام؛ لأنه في المطاف مثلاً يمس المرأة ولا بد ولغير شهوة، لكن عليه أن يخرج ويتوضأ عند الشافعية، وعند الحنابلة لا يتوضأ إلا إذا كان لشهوة، عند بقية أهل العلم المس لا أثر له ولا ينقض الوضوء سواءً كان لشهوة أو لغير شهوة، والمراد بالملامسة في الآية الجماع، ولا يوجد ما يدل على أنه ينقض الوضوء.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
القيد؛ لأن المس ما هو بحدث، المس ليس بحدث، كما قيدوا أو نوم في حديث صفوان بن عسال بالمستغرق؛ لأن هذه ليست أحداث وإنما هي مظنة، ولا تكون مظنة إذا لم يوجد شهوة، كما لو قبل ابنته أو أمه، وإن كان بعضهم يطرد فيقول: التقبيل أو المس لجميع الجنس جنس النساء، طيب الممسوس يعني مسته امرأته هل ينتقض وضوؤه أو لا ينتقض؟ معروف عند المتأخرين من الحنابلة أنه لا ينتقض وضوء ملموس ولو وجد منه شهوة، ولو وجدت منه شهوة، والمتوسطون منهم يقولون: إنه إذا وجدت الشهوة انتقض وضوء الملموس وإلا فلا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا يلزم إلا إذا مس فرجه على القول بأن مس الفرج ينقض، المؤمن طاهر حياً وميتاً، لكن تغسيله تعبد ما هو بنجس.(15/16)
طالب:. . . . . . . . .
إن خرج منه شيء انتقض وضوؤه وإلا فلا، بعض المتأخرين يذكرون من النواقض زوال عذر المستحاضة ونحوها، زوال عذر من به حدث دائم، توضأ مع أن المذي يخرج منه، أو السلس يخرج منه باستمرار ما يقف، أو الدم يخرج من المستحاضة باستمرار، إذا زال عذره يتوضأ، فجعلوه من النواقض، وجعلوا من النواقض خروج وقت الصلاة لمن تيمم لها، وهذا كما هو معروف في المسألتين هل الوضوء المقترن بعذر أو رخصة كالتيمم هل هو رافع أو مبيح؟ فمن يقول: إن وضوء المستحاضة ومن به حدث دائم مبيح مجرد إباحة فإنه لا بد أن يتوضأ، كمن مسح على الخف ((الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته)) وهذه إذا ارتفع عنها دم الاستحاضة تتوضأ، تتقي الله وتمسه بشرتها، وكذلك من انقطع حدثه الدائم، وكذلك من تيمم كلهم إذا انتهى العذر يتوضئون ((فليتق الله وليمسه بشرته)).
"بطلان المسح بفراغ مدته أو خلع حائله أو نحو ذلك" يقول بعضهم بأنه ينقض الطهارة، والصواب أنه ليس بناقض، لكنها طهارة ناقصة، فإذا تمت المدة وعليه الخف، انتهت المدة المأذون بها شرعاً، والخف مازال ملبوس فإنه حينئذٍ يتوضأ، يلزمه خلع الخف ويتوضأ؛ لأنه يصلي بخف غير مأذون في مسحه، وكذلك خلع الخف، هو ليس بناقض، لكنه إذا تطهر ومسح على الخف وخلعه يكون حينئذٍ يصلي بطهارة ناقصة، الرجل ليست مغسولة ولا ممسوحة في هذه الصورة.
برء محل الجبيرة، فإذا برئ محلها وجب نزعها ثم بعد ذلك يتق الله وليمس الماء بشرته.
رؤية الماء للمتيمم العادم له، وهذا كله مبني على أن التيمم مبيح وإلا رافع؟ مبيح، ويبقى حتى من قال بأنه رافع منهم من يقول: إنه يرفع رفع مطلق مثل الماء، ومنهم من يقول: هو يرفع رفعاً مؤقتاً إلى أن يجد الماء، ولعل هذا هو الأوجه لحديث: ((فليتق الله وليمسه بشرته)) فإذا رأى المتيمم العادم للماء رأى الماء فإنه يلزمه أن يتوضأ، ويلغزون بهذا، ويقولون: نهق حمار فبطلت صلاة؛ لأن الحمار يحمل الماء، فلما نهق عرف المصلي أنه قادر على الماء على وجوده وعلى استعماله، ومع ذلك يقطع صلاته ثم يتوضأ ويصلي من جديد.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(15/17)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (16)
شرح قوله: "باب ما يوجب الغسل: والموجب للغسل خروج المني، والتقاء الختانين، والارتداد عن الإسلام، وإذا أسلم الكافر، والطهرُ من الحيض والنفاس، والحائض والجنب والمشرك إذا غمسوا أيديهم في الماء فهو طاهر، ولا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة إذا خلت بالماء"
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: يسأل عن الفرق بين الرؤيا في المنام والرؤية وأنت فاتح عينيك تشاهد بأمِّ عينيك؟(16/1)
الفعل (رأى) مصدره (رؤيا) هذا إذا كانت في المنام، و (رؤيةً) إذا كان في اليقظة بأمِّ عينيه، و (رأياً) إذا كان بعقله من المسائل العلمية وغيرها، فهذا الفرق في المصادر وإلا فالفعل واحد، فالرؤيا في المنام، والرؤية في اليقظة بالعينين، والرأي بالعقل، هذا هو الفرق الظاهر، وإن كان يقصد أنه يرى في المنام رؤى، ويرى وهو فاتح عينيه في اليقظة أشياء لا يراها غيره كما يرى في المنام فهذا لا شك أنه لا يكون على يد متبع في الغالب، وإنما قد يدعيه بعض الصوفية أنهم يرون من يريدون في اليقظة، ويدعون أنهم يرون النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويسألونه عما يريدون، ولكن هذا لا شك أنه كلامٌ باطل، لا يدل عليه نقلٌ ولا عقل، فالرسول -عليه الصلاة والسلام- ميتٌ، ومدفون في قبره، وإن كانت حياته أكمل من حياة الشهداء، إلا أنها حياة برزخية ليست كحياة الأحياء الذين أرواحهم في أجسادهم، يستطيعون التصرف فيها، فهذه دعاوى يدعيها بعض المتصوفة، ومع الأسف منهم من ينتسب إلى العلم ويظن بل يزعم أنه يرى النبي -عليه الصلاة والسلام- عياناً يقظة، ويسأله عن بعض الأحكام الشرعية، وعن بعض الأحاديث عن تصحيحها وتضعيفها، لكن لا شك أن مثل هذا لا يحصل على يدي متبع، فلم يحصل لأبي بكر ولا عمر ولا غيرهما من خيار الأمة، وإنما وجد في بعض من ينتسب إلى التصوف، والحافظ الذهبي -رحمه الله تعالى- يتحدث عن هذا النوع، وأنهم يجيعون أنفسهم، يعيشون على الجوع مدة أربعين يوم، يصومون مدة أربعين يوم متواصلة، ثم يتراءون أشياء يظنونها حقائق وهي هوس، الإنسان لا سيما إذا كان مريض أو خرج عن الاستقامة في الصحة قد يتراءى له شيء وغيره لا يراه، وكذلك إذا خرج عن حد الاعتدال العقلي فقد يرى ما لا يراه غيره، فمثل هذا لا شك أنه لا يحصل لمتبع، وإنما يحصل لمنحرف في العقيدة كالصوفية وغيرهم.
يقول: رجلٌ صلى المغرب مع الإمام، وعندما جلس الإمام للتشهد الأول بقي المأموم ساجداً، ثم قام الإمام للركعة الثالثة فقام المأموم معه وأكمل صلاته، فما حكم صلاة المأموم؟ وماذا يلزمه؟(16/2)
هذا إن كان متعمداً لترك الواجب التشهد الأول ولجلسته فإن صلاته باطلة، وأما إذا كان ساهياً غافلاً، أو ما سمع الإمام حينما كبر للتشهد للجلوس فإن الإمام يتحمل عنه مثل هذا الواجب.
طالب: إن كان أخذته نعسة؟
إن كان أخذته نعسة وأطال في السجود فهذه النعسة لا شك أنها مظنة الحدث، وحينئذٍ ينتقض وضوؤه؛ لأن نوم الساجد هو أيسر لخروج الريح من نوم الجالس.
بقيت مسألة من مسائل الباب السابق.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(16/3)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ومن تقين الطهارة وشك في الحدث، أو تقين الحدث وشك في الطهارة فهو على ما تقين منهما" تيقن الطهارة وشك في الحدث فالأصل أنه طاهر؛ لأن الشك لا يزيل اليقين، فهو على هذا طاهر، وإذا تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو محدث؛ لأن الشك لا يزيل اليقين، ولذا يقول المؤلف -رحمه الله-: "فهو على ما تيقن منهما" وعند الفقهاء الشك هنا هو خلاف اليقين، وإن انتهى إلى غلبة الظن، بمعنى أنه ترجح له أحد الطرفين، الشك عندهم في هذا الباب وفي نظائره خلاف اليقين؛ لأنهم يقابلونه باليقين، تيقن وشك، شك تيقن، إذاً هو ما يخالف اليقين، فيشمل الاحتمالات، يعني ما يحتمله الأمر من ظنٍ أو شكٍ أو وهم، فالشك الذي هو مستوي الطرفين لا إشكال في كونه لا يرفع اليقين، ومن باب أولى الوهم وهو الاحتمال المرجوح، أما غلبة الظن وهو الاحتمال الراجح فكونه لا يرفع اليقين السابق هذا اصطلاح عند الفقهاء، وأما عند الأصوليين فالاحتمال الراجح الذي هو الظن يرفع؛ لأن غالب الأحكام مبنية على الظن، مرتبطة ومعلقة بغلبة الظن، فأما الشك الذي هو تساوي الاحتمالين فيتفقُ فيه الفقهاء والأصوليون على أنه لا يرتفع به اليقين، الآن اليقين هل يعنى به عند الفقهاء المقطوع به؛ لأن عندنا يقولون: ما عنه الذكر الحكمي، إما أن يحتمل النقيض أو لا، والثاني: العلم، والأول: إما أن يكون الاحتمال راجحاً وهو الظن، أو مساوياً وهو الشك، أو مرجوحاً وهو الوهم، فهي الاحتمالات أربعة، إن كان لا يتحمل النقيض، يعني نتيجته مائة مائة بالمائة يعني الإنسان متأكد على ما هو عليه، ويحلف عليه هذا يقين؛ لأنه لا يحتمل النقيض مائة بالمائة، وهذا هو الذي يظهر من تصرفهم ومقابلتهم اليقين بما عداه، حتى الظن لا يرفع هذا اليقين، إذاً اليقين الذي لا يحتمل النقيض على الاصطلاح، جاء في الحديث: ((إذا وجد أحدكم شيئاً فلا ينصرف)) أو ظن أنه خرج منه شيء فلا ينصرف ((حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) والشيطان كما جاء في الخبر يتلاعب بمقاعد بني آدم حتى يخيل للإنسان أنه خرج منه شيء ولم يخرج منه شيء في الحقيقة، ولذا مثل هذا الاحتمال لا يبطل الطهارة السابقة سواء كان في الصلاة أو خارج(16/4)
الصلاة، فمن توضأ بيقين لا ينتقض هذا الوضوء بمجرد الشك أو الظن فضلاً عن الوهم، ومن تيقن أنه محدث فإن هذا اليقين لا يرتفع بظنه أنه توضأ أو شكه أنه توضأ فضلاً عن وهمه.
يقول في المغني مع الشرح: "ولا فرق -في المغني في الجزء الأول صفحة 199 المطبوع مع الشرح الكبير - يقول: "ولا فرق بين أن يغلب على ظنه أحدهما أو يتساوى الأمران عنده؛ لأن غلبة الظن إذا لم تكن مضبوطة بضابط شرعي لا يلتفت إليها، كما أن الحاكم لا يلتفت إلى قول أحد المتداعيين إذا غلب على ظنه صدقه بغير دليل" يقول: "ولا فرق بين أن يغلب على ظنه أحدهما أو يتساوى الأمران عنده؛ لأن غلبة الظن إذا لم تكن مضبوطة بضابط شرعي" نعم ليس لها ضابط شرعي "لا يلتفت إليها، كما أن الحاكم لا يلتفت إلى قول أحد المتداعيين إذا غلب على ظنه صدقه بغير دليل".
لكن في مسألتنا في الطهارة الأمر موكول إليه، وفي القضاء الأمر ليس بموكول إليه، ولذا لا يحكم بعلمه، ولو تيقن فضلاً على كونه غلبة ظن، هذا هو المقرر أن القاضي لا يحكم بعلمه، فهناك فرق بين ما معنا وبين المسألة التي قيس عليها، ونحو هذا الكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة.(16/5)
إذا تيقن أنه على طهارة وتيقن أنه محدث، تيقن الطهارة وتيقن الحدث، وجهل السابق منهما، أو شك في السابق منهما، قالوا: فهو على ضد حاله قبلهما، بعد زوال الشمس تيقن أنه توضأ، وتيقن أنه أحدث فلا يدري أيهما السابق نسي، هل السابق الحدث أو السابق الوضوء؟ أحياناً أو هذا الغالب الكثير المطرد أنه يحدث قبل ليتهيأ للصلاة ثم يتوضأ وقد يخرج عن هذا الأصل بأن يتوضأ اغتناماً للوقت ليدرك الراتبة قبل الإقامة، ثم مع نهاية الوضوء يحس بالحاجة إلى نقض الوضوء، ولذا لا يجزم بأنه أحدث قبل أو أحدث بعد، فهو بضد حاله قبلهما، ضد حاله قبل الزوال هل متوضئ لصلاة الضحى مثلاً؟ فهو حينئذٍ محدث، وإن كان ضد حاله قبل الزوال محدثاً كما هو الغالب فإنه حينئذٍ يكون متطهراً؛ لأنه رفع تلك الحالة بيقين، رفع تلك الحالة التي قبل الزوال بيقين، كان قبل الزوال متطهر، ثم بعد ذلك بعد الزوال حصل له الطهارة والحدث وشك في السابق منهما رفع الطهارة بيقين التي قبل الزوال، ثم شُك في رفع النقض، فهو بضد حاله قبل الزوال، يعني محدث، ولو كان محدثاً قبل الزوال ثم شك هل تيقن أنه حصل منه الأمران وشك في السابق منهما فهو بضد حاله؛ لأنه رفع الحالة التي قبل الزوال بيقين، كان محدثاً فرفع هذا الحدث بطهارة، ثم بعد ذلك لا يدرى هل رفعه للطهارة بعد الطهارة أو قبلها؟ هذا كلامهم.
يقولون: ويستوي في ذلك إن كان داخل الصلاة أو خارج الصلاة، أما داخل الصلاة فالاستدلال له من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فلا ينصرف)) ظاهر؛ لأنه إن انصرف خالف هذا النهي، وأبطل الصلاة، وإبطال الصلاة لا يجوز إلا بمبرر شرعي، ولا مبرر هنا، وإن كان خارج الصلاة فمن أهل العلم من يرى أن الأحوط له أن يتطهر، وإذا شرع له أن يجدد الطهارة من غير ناقض فلئن يشرع له أن يتوضأ مع هذا التردد من باب أولى، هذه المسألة رفع أو عدم رفع اليقين بغلبة الظن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
شرح العمدة.
طالب:. . . . . . . . .(16/6)
كل الفقهاء يقولون هذا، الحنابلة كلهم يقولون هذا، هو بضد حاله قبلهما، هم يقولون على ضوء القاعدة التي عندهم: الشك لا يزيل اليقين صحيح، ليش؟ لأنه قبل الزوال متيقن الطهارة، هذه الطهارة ارتفعت بيقين؛ لأنه يجزم أنه أحدث، ويجزم بأنه توضأ، لكن ما يدري أيهما السابق؟ فهو بضد حاله؛ لأن الحالة الأولى ارتفعت بيقين.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان متوضئ فهو محدث الآن؛. . . . . . . . . هذه الطهارة بيقين، وإذا قلنا: إنه محدث قبل الطهارة فهو متوضئ بيقين، ورفعه لهذه الطهارة ونقضه لهذه الطهارة مشكوك فيه.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
إذاً يكون على ضد حاله قبل ذلك؛ لأنه نقض الحالة الأولى بيقين، والنقض لهذا النقض مشكوكٌ فيه فلا يرتفع.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الناقض للطهارة التي قبل الزوال متيقن.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو مشكوك فيه، متيقن، متيقن أنه نقض، ما هو متيقن أنه نقض؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن الشك في النقض وعدمه، يبقى أن المتيقَن ارتفع باليقين الذي معه، باليقين في النقض، وكون هذا النقض ارتفع بالوضوء المتردد فيه لا يرفعه، وقل مثل هذا في العكس، هذه طريقتهم، لكن حقيقةً الأحوط ما لم يكن هذا وسواس لا شك أن الأحوط أن يتوضأ؛ لأنه إذا شُرع تجديد الوضوء مع عدم هذا فلئن يشرع معه من باب أولى، الآن في الصلاة التي هي الغاية ألا يعمل بغلبة الظن في مقابل اليقين؟ مو يقولون الفقهاء إذا بنى الإمام على غالب ظنه فإنه يمضي على غالب ظنه ويسجد بعد السلام؟ وهذا له أصل في الحديث، إذا بنى على غالب ظنه، الآن غالب ظنه أنه في الركعة الثانية، فجلس للتشهد، فسبح به من خلفه بناءً على أنه في الأولى، هذا الغالب الذي يغلب على ظنه إن عورض بمن هو أقوى منه بأن سبح به جمع يرجع إلى قولهم؛ لأن غلبة الظن معهم، وإن لم يسبح به إلا واحد لم يترك غالب ظنه هذا الذي بنى عليه إلى قول واحد؛ لأنه لا يترجح قول هذا المسبح على قوله.(16/7)
طالب: يا شيخ: الآن لما كان عنده تردد في أي اليقينين. . . . . . . . . ما نقول: إن هذا الآن أصبح شك ونُعمل فيه هذه القاعدة. . . . . . . . . القاعدة هذه. . . . . . . . . يعتبر هذا تردد في اليقين شك ويعمل باليقين.
يعني يعمل بما كان عليه قبل؟
طالب: يعني قبل. . . . . . . . .
يعني تريد عكس كلامهم.
هو يقول: ما دم متوضئاً قبل الزوال بيقين ووجود الوضوء مع نقضه على مستوىً واحد من القوة؛ لأن الشك والاحتمال خمسين بالمائة خمسين بالمائة هذا يبطل هذا، هذا النقض أبطل الطهارة والطهارة أبطلت هذا النقض فتساقطا، فيبقى على ما كان عليه قبلهما، يعني عكس ما يقوله الفقهاء: "فهو على ضد حاله قبلهما" واضح كلامه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني عكس كلام الفقهاء.
طالب:. . . . . . . . .
يتوضأ على كل حال؟
طالب:. . . . . . . . .
أما كونه احتياط فهذا لا شك فيه، لكن الفقهاء نظروا إلى إيش؟ قالوا: هذا متوضئ بيقين كونه جدد الوضوء ثم نقض هذا ظاهر، أو كونه نقض ثم جدد هذا يبقيه على أصله هو متطهر ما زال متطهر على الطهارة الأخيرة، شككنا في السابق منهما نرجع إلى الأصل ما هو؟ كان متوضئ، نقول: إنه نقض هذه الطهارة بيقين، لكن هل رفع الحدث بيقين أو لا؟ بشك، إذاً لا يرتفع هذا بشك فيرجع إلى ضد حاله، وقل مثل هذا في العكس.
طالب: رضي الله عنك كلام الشيخ يقول: إنه تردد في اليقينين، أما وجودهما فلا تردد فيه، تردد هو في أيهما أسبق؟ وهو متيقن من الوجود، إذاً فلا يصح أن يكون على حاله الأولى.
ليس على حاله الأولى قطعاً.
طالب: الشيخ يقول: إنه يبقى على حاله الأولى لأنه متردد فيتساقطان فيبقى على حاله.
لا، لا، كلام الفقهاء واضح في هذا، ويبقى أن الأحوط كون الإنسان يؤدي العبادة على وجهٍ لا خلل فيه بوجهٍ من الوجوه هذا هو الأصل، فيتوضأ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
أحدث عبادة بينها الطهارتين، إذا ما أحدث يصير زيادة على القدر المشروع، ولذلك يشترطون في تجديد الطهارة أنه تستعمل الطهارة الأولى في عبادة.
طالب:. . . . . . . . .(16/8)
أقول: لا شك أن مثل هذا إذا لم يصل إلى حد الوسواس فهو أبرأ للذمة، إذا لم يصل إلى حد الوسواس، ويكثر عند الشخص فهو أبرأ للذمة، يعني ما في أحد بيبطل صلاته بوجهٍ من الوجوه.
زاد بعض المتأخرين -أظن ذكرناها يمكن سابقاً- أمور تنتقض بها الطهارة عندهم، زوال عذر المستحاضة ونحوها بشرطه، ذكرنا هذا، ما زاده بعض المتأخرين في النواقض ذكرنا هذا، خروج وقت الصلاة لمن تيمم لها، بطلان المسح بفراغ مدته، أو خلع الحائل الممسوح عليه، برئ محل الجبيرة، رؤية الماء لمتيمم العادم له ونحو ذلك.
اقرأ الفصل الذي يليه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب ما يوجب الغسل
والموجب للغسل خروج المني، والتقاء الختانين، والارتداد عن الإسلام، وإذا أسلم الكافر، والطهرُ من الحيض والنفاس، والحائض والجنب والمشرك إذا غمسوا أيديهم في الماء فهو طاهر، ولا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة إذا خلت بالماء.(16/9)
لما أنهى المؤلف -رحمه الله تعالى- الكلام عن الطهارة الصغرى شرع في بيان الطهارة الكبرى، وبدأ بما يوجب الغسل؛ لأنه في حقيقة الأمر متقدمٌ عليه، قال -رحمه الله تعالى-: "باب ما يوجب الغسل" وهذا يخرج ما يندب من أجل الغسل، ما يوجب الغسل قال -رحمه الله-: "والموجب للغسل خروج المني" خروج المني موجب للغسل، لكن هل هو على كل حال أو لا بد من قيود؟ ولذا المتأخرون من الفقهاء يذكرون قيوداً فيقولون: خروج المني من مخرجه دفقاً بلذة من غير نائم، فخروجه من غير مخرجه كما لو وجد ثقبٌ أو كسرٌ في صلبه فخرج منه يوجب الوضوء أو لا يوجبه؟ لا يوجبه، فلا بد من هذا القيد "من مخرجه دفقاً بلذة" وهما متلازمان، اللذة لا تكون إلا إذا كان دفقاً، ولذا كثيرٌ من الفقهاء لا يذكر الدفق، إنما يقتصر على اللذة، بمعنى أنه لو خرج من غير لذة فأنه لا يوجب الغسل، هذا بالنسبة للمستيقظ، أما بالنسبة للنائم فخروجه من مخرجه موجبٌ للغسل على أي حال، شعر به أو لم يشعر، سواءٌ كان بلذة أو بغير لذة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- علق وجوب الغسل برؤية الماء، ففي حديث أم سلمة أن أم سليم سألت النبي -عليه الصلاة والسلام- عن المرأة تجد في النوم ما يجده الرجل، قال: ((نعم)) هل على المرأة من غسلٍ إذا هي احتلمت؟ قال: ((نعم، إذا هي رأت الماء)) فعلق ذلك برؤية الماء، فعلى هذا لا بد من هذه القيود التي ذكرها أهل العلم، فقول المؤلف: "خروج المني" يدخل فيها كل هذه الصور، سواءٌ كان من مخرجه، أو كان بغير لذة من مرضٍ وشبهه، وأما النائم فلا يحتاج إلى هذه القيود إذا خرج من مخرجه سواءٌ كان بلذة أو بغير لذة، بل لو وجد بللاً في سراويله مثلاً أو على بدنه بعد استيقاظه وتيقن أنه مني فإنه حينئذٍ يلزمه الغسل؛ لأنه بالنسبة للنائم إنما علق وجوب الغسل على رؤية الماء وقد رآه.(16/10)
"والتقاء الختانين" ختان الرجل معروف بأنه بأخذ القلفة التي فوق رأس الذكر، وأما بالنسبة لختان المرأة فهو الأخذ مما يشبه عرف الديك كما يقول الفقهاء، فإذا التقى هذا بهذا وحصل الإيلاج فإنه يجب الغسل ولو لم ينزل، والحديث في الصحيحين وغيرهما: ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل)) يعني ولو لم ينزل، وفي الحديث أيضاً الصحيح: ((الماء من الماء)) وقد نص أهل العلم على أنه منسوخ، وقد جاء في بعض الروايات أنه كانت الرخصة في الماء من الماء ثم نسخت ثم رفعت، وعلى هذا لا يلزم الغسل إلا إذا أنزل، لكن هذا منسوخ، ومنهم من يحمل الحديث على الاحتلام، فيكون موافقاً لحديث أم سلمة: ((نعم إذا هي رأت الماء)) فالماء من الماء وإذا لم يرَ الماء فلا ماء الذي هو الغسل، يعني فلا غسل.
الترمذي -رحمه الله- في علل الجامع يقول: وقد بينَّا علة الحديث في الكتاب، لما ذكر الحديث قال: وقد بينا علته في الكتاب، وعلة هذا الحديث النسخ، ولا شك أن النسخ علة لا لتضعيفه، وإنما لترك العمل به، فعلةً في العمل لا في الثبوت، فالحديث ثابت، ولذا يقولون في كتب المصطلح: الترمذي سمى النسخ علة، وعلى كل حال كان هذا في أول الأمر ثم نسخ، وأنه لا غسل إلا من إنزال، نسخ من وجهين: الوجه الأول: ((الماء من الماء)) في الاحتلام منسوخ وإلا موافق؟
طالب: موافق.
ما زال موافق، الماء من الماء فإذا رأت الماء أو رأى الرجل الماء فلا ... إيش؟
طالب: إذا لم يره لا يلزم.(16/11)
لا يلزم إذا رأى، الماء من الماء إذا رأى الماء لزمه الغسل، إذا لم ير الماء لم يلزمه الغسل، هذا بالنسبة للاحتلام في النوم، وأما بالنسبة لليقظة ((فإذا جلس بين شعبها فقد وجب الغسل ولو لم ينزل)) فهو محكمٌ بالنسبة للاحتلام، ومنسوخٌ بالنسبة لليقظة، لكن هذا يتصور في نصٍ واحدٍ الإحكام والنسخ، أو إذا قلنا: إن النص منسوخ ارتفع حكمه بالكلية؛ لأن النسخ رفعٌ كلي للحكم، بخلاف التخصيص والتقييد، فكلٌ منهما رفعٌ جزئي وليس برفعٍ كلي، فإذا قلنا: إن الحديث منسوخ معناه أننا رفعنا حكمه بالكلية، ظاهر وإلا لا؟ يعني بعض العلماء وهذا مسلك لبعضهم أنه إذا أمكن حمل الخبر على وجهٍ صحيح، إذا أمكن حمل الخبر على وجهٍ صحيح حمله عليه، لا شك أنه إذا أمكن الجمع فإنه يقدم على النسخ والترجيح، كما في قوله -جل وعلا-: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] قال بعضهم: إن الآية محكمة، ومعنى قمتم: يعني من النوم، فكل من قام من النوم إلى الصلاة فإنه يلزمه أن يتوضأ، هل هذا القول له وجه أو ليس له وجه؟ إذا أمكن حمل الخبر على وجهٍ يصح، وأهل العلم يقدمون الجمع بين النصوص على القول بالنسخ، وقد أمكن ((الماء من الماء)) محمولٌ على الاحتلام، فلا غسل إلا إذا رأى الماء، لكن عمومه الماء هذه جنسية، والماء الثانية أيضاً جنسية، الماء الذي هو الاغتسال باستعمال الماء إنما هو من الماء الذي هو المني الذي يخرج من المحتمل أو المجامع، إذا حملناه على الجنس جنس الماء الذي هو الغسل لا غسل إلا لمن رأى الماء، هل نخصص هذا بحديث: ((إذا جلس بين شعبها)) فيكون رفع جزئي، ويبقى من الصور التي يشملها حديث ((الماء من الماء)) مسألة الاحتلام، فيكون هذا تخصيص؟ أو نقول: إنه نسخ رفع كلي للحكم ويبقى أن حديث ((إذا جلس)) يحمل على الجماع، وحديث أم سلمة: ((نعم إذا هي رأت الماء)) محمولٌ على الاحتلام، ولا حاجة لنا بهذا الحديث، مع أن داود الظاهري يرى أن النص محكم، وأنه لا شيء على من جامع إذا لم ينزل، فأيهما أولى حمله على النسخ أو على التخصيص؟
طالب: التخصيص أولى لأنه ليس فيه إبطال.(16/12)
يعني الرفع الجزئي أسهل من الرفع الكلي، وعند أهل العلم في مسائل التعارض والترجيح أنه إذا أمكن الجمع فإنه لا يصار إلى النسخ ولا إلى الترجيح، وقد أمكن الجمع، حمله على صورة أولى من إلغائه بالكلية، وهذا متجه لو لم يرد حديث: ((نعم إذا هي رأت الماء)) لأننا بحاجته، ومع ورود حديث أم سلمة يكون حينئذٍ مؤسس أو مؤكد؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، مؤكد؛ لأن حديث أم سلمة نص صريح للمسألة، وأما ((الماء من الماء)) فهو احتمال، على كل حال الأمر الذي استقر عليه الأمر عند عامة أهل العلم أنه في الاحتلام لا بد أن يرى الماء، وأما في اليقظة فبمجرد الإيلاج ولو لم ينزل.
"والتقاء الختانين، والارتداد عن الإسلام" أهل العلم يذكرون بعض المسائل المتعلقة بهذا أنه لو التقى الختانان من غير إيلاج يلزم الغسل وإلا ما يلزم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، أهل العلم ينصون على أنه لا يلزم، لا يلزم لو التقى الختانان من غير إيلاج، النص في المسألة هو حديث: ((إذا جلس بين شعبها)) وفي بعض الروايات: ((والتقى الختانان)) وإلغاء هذه الجملة مع أن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا جلس بين شعبها)) وقيل: المراد بالشعب أقوال كثيرة بين أهل العلم، والظاهر أنه بين يديها ورجليها ((ثم جهدها)) الجهد لا بد فيه من الإيلاج، ولذا اشترطوا الإيلاج لوجوب الغسل، ولو لم يحصل إيلاج لم يجب الغسل.
"والارتداد عن الإسلام" هذه الجملة سبقت في الباب السابق.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، يتصور، يصورونه.
طالب:. . . . . . . . .(16/13)
لا، لا، يتصور، هم يصورون، لا سيما مع عدم الختان، بالنسبة للمرأة يمكن يتصور، يتصور ويذكرونه، يعني بدون ... ، يعني تصوير مثل هذه المسائل يدقق الفقهاء في مثلها، مع ذلك لو راجعتم المجموع شرح المهذب ذكر صور، وذكر أشياء لا يدركها كل أحد، ولو كان متزوجاً، بينما أنه ما تزوج، ومع ذلك ذكر بالتفصيل أشياء عجيبة بالنسبة لوضعه هو -رحمه الله-، وكان في السابق -رحمه الله- في أول أمره يغتسل من قرقرة البطن؛ لأنه لا يعرف معنى إيلاج حشفة في فرج أصلي وفرج أصلي، ما جرب، وعلى كل حال المسألة ظاهرة، يعني تفصيلها التفصيل فيها أكثر من هذا حقيقةً لا داعي له، لا سيما وأن المأثور في مثل هذا عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- وعن صحابته وسلف هذه الأمة أنه ما في تفصيل، بينما الفقهاء يفصلون أشياء لا داعي لذكرها.(16/14)
"والارتداد عن الإسلام" وقد ذكرت هذه الجملة في الباب السابق، وهذه الجملة غير موجودة في نسخةٍ أصلية من نسخ الكتاب، لا توجد، فهل الارتداد عن الإسلام موجب للغسل أو ناقض للطهارة؟ كونه ناقض للطهارة ظاهر، وسبق الحديث فيه، لكن هل هو موجب للغسل كما يجب في الكافر إذا أسلم، أو يمكن أن نستغني بالجملة التي تليها عنها وإذا أسلم الكافر سواءٌ كان الكافر أصلياً أو مرتداً أمرناه بالاغتسال؟ وعلى هذا يستغنى، أقول: يستغنى عن هذه الجملة بقوله: إذا أسلم الكافر، فإذا أسلم الكافر الأصلي أو المرتد فإنه يلزمه الغسل؛ لحديث قيس بن عاصم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره لما أسلم أن يغتسل، وفي خبر ثمامة أمرهم أن يذهبوا به إلى حائط فلان، وأن يغتسل، فالغسل بعد الدخول في الإسلام واجب، وهو من موجبات الغسل، وإن كان بعضهم يقول: بعدم وجوبه لكثرة من يدخل في الإسلام ولم ينقل عنه -عليه الصلاة والسلام- أمر كل من يدخل في الإسلام أن يغتسل، أمر قيس بن عاصم، وأمر ثمامة بن أثال، أقول: لو كان واجباً لأمر به كل من أراد الدخول في الإسلام، ولما بعث معاذاً إلى اليمن وقال له -عليه الصلاة والسلام-: ((إنك تأتي قوماً هم أهل كتاب فليكن أول ما تدعهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله)) ليس في أمر بالاغتسال، لكان أمره بالاغتسال قبل كل شيء، فدل هذا على عدم وجوب الاغتسال للدخول للإسلام، هذا ما يقوله بعضهم، ومنهم من يفصل: إن كان هذا المسلم الجديد سواءٌ كان أصلياً أو مرتداً إن كان قد احتلم حال كفره وجب عليه الغسل وإلا فلا، ولا شك أن المتجه هو الأمر بالاغتسال، وأنه واجب لكل من دخل في الإسلام؛ لأن الحكم الشرعي إذا ثبت بنص لا يلزم أن يثبت النص عليه في جميع القضايا، يعني إذا ثبت في قضية كفى؛ لأنه قد يوجد التنصيص عليه في كثيرٍ من القضايا فلا ينقل اكتفاءً بما نقل، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ يعني قضايا كثيرة ثبتت بخبرٍ واحد، مع أنها مما تعم بها البلوى، فلا يلزم إذا ثبتت بخبرٍ ملزم لا يلزم أن تثبت بغيره، وكثير من القضايا الهامة إنما ثبتت بخبرٍ واحد؛ لأن التبليغ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فرض كفاية، فإذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، صار في(16/15)
حقهم سنة، فلا يهتمون بتبليغه؛ لأنه سقط الواجب عنهم، فالمتجه أن الكافر إذا أسلم يؤمر بالاغتسال.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هل الوجوب الموجب هنا على سبيل الاشتراط أو على سبيل الوجوب؟ يعني هل هذا على سبيل الوجوب فقط؟ قوله: ما يوجب، وعطفه على ما تقدم يدل على أنه اشتراط، فعلى هذا لو صلى ولم يغتسل صلاته غير صحيحة، فيكون حينئذٍ مثل غسل الجنابة، وإذا قلنا: إنه مجرد وجوب لا اشتراط قلنا: إنه مثل غسل الجمعة عند من يقول بوجوبه، لا يبطل الصلاة بتركه، الصلاة صحيحة ولو لم يغتسل للجمعة، حتى عند من يقول: بوجوب الغسل، لكنه يأثم بتركه، فرقٌ بين الاشتراط والوجوب، فوجوب غسل الجمعة عند من يقول به وجوب تأثيم لا وجوب اشتراط، فالجمعة صحيحة، ويأثم بتركه الغسل هذا عند من يقول بوجوبه، وقل مثل هذا في ستر المنكب في الصلاة ((لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) لكن على سبيل الاشتراط، فإذا صلى وقد ستر ما بين السرة والركبة صلاته صحيحة لكن يأثم بتركه ستر المنكب، فهل غسل الكافر من هذا أو من هذا؟ مقتضى صنيع المؤلف أنه وجوب اشتراط لا وجوب تأثيم فقط، فلا تصح الصلاة منه حتى يغتسل.
"والطهرُ من الحيض والنفاس" الموجب للغسل هل هو الطهر أو الحيض نفسه والنفاس؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الطهر الذي هو انقطاع الحيض والنفاس أو أنه الحيض والنفاس نفسه؟
طالب:. . . . . . . . .
سبب وجوب ووقت وجوب، فسبب الوجوب الحيض والنفاس ووقت الوجوب الطهر، وعلى هذا سبب الوجوب هو الموجب، وعلى هذا الحيض والنفاس هما الموجبان للغسل، لكن هل يرد في مثل هذا الخلاف بين أهل العلم في ما له سبب وجوب ووقت وجوب أنه لا يجوز فعله قبل سبب الوجوب اتفاقاً ويجوز فعله بعد وقت الوجوب اتفاقاً والخلاف في بينهما؟ هل يرد الخلاف في مثل هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، لا يرد؛ لأن الغسل التطهر لا يصح إلا بعد الطهر.(16/16)
عرفنا أن سبب الوجوب هو خروج الدم من الحائض أو النفساء، وأن وقت الوجوب بعد الطهر التام، والقاعدة كما ذكر ذلك ابن رجب وغيره أنه إذا كان هناك سبب للوجوب وقت للوجوب فإنه يجوز الفعل بعد الوقت اتفاقاً، ولا يجوز قبله اتفاقاً، والخلاف فيما بينهما، وهنا لا خلاف فيما بينهما، لا خلاف، يعني هل يمكن أن تغتسل الحائض أو النفساء بعد نزول الدم عليها وقبل الطهر؟! أبداً، فلا يجوز الفعل قبل وقت الوجوب، والحيض معروف وكذلك النفاس، ولهما بابٌ سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
يقول: "الحائض والجنب والمشرك" يعني من لزمه الغسل "الحائض والجنب والمشرك إذا غمسوا أيديهم في الماء فهو طاهر" لأن الحدث الذي اتصفوا به معنوي وليس بحسي، فلا يتعدى وليس بنجاسة، والمؤمن لا ينجس، فالرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يأمر عائشة وهي حائض فتتزر ثم يباشرها، ويأكل مع نسائه وينام مع نسائه -عليه الصلاة والسلام-، المقصود أن بدن الحائض والجنب طاهر، والمشرك على ما جاء في قول الله -جل وعلا-: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] جمهور أهل العلم على أن النجاسة معنوية وليست حسية، فإذا كانت النجاسة معنوية لم تؤثر فيما يلامسه، أما لو كانت حسية فتكون حينئذٍ مؤثرة، كنجاسة الكلب وغيره مما حكم بنجاسته من الأعيان "والحائض والجنب والمشرك إذا غمسوا أيديهم في الماء فهو طاهر" مطهر وإلا غير مطهر؟ سبق أن المؤلف -رحمه الله- أنه يعبر بالطاهر عن الطهور، وعلى هذا لا أثر لغمس أيديهم في الماء، لماذا؟ أبدانهم طاهرة، ولا ينوون بذلك رفع حدث، لكن لو أن شخصاً أراد الوضوء من ذكرٍ أو أنثى ليست بحائض ولا نفساء أراد الوضوء فغمس يده في الإناء، غمس يده في الإناء، يتأثر وإلا ما يتأثر؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان مستيقظ من نوم الليل عند الحنابلة خلاص انتهى لا يرفع الحدث، وعند غيرهم يأثم لمخالفته النهي ولا أثر لذلك في الماء، امرأة مسلمة عليها جنابة وامرأة ذمية عليها جنابة، أو كلٍ منهما طهرت من حيض فانغمست هذه في ماء وهذه انغمست في ماء، ما الذي يتأثر منهما؟
طالب:. . . . . . . . .
يتأثر من المسلمة ولا يتأثر من الذمية؟(16/17)
طالب: يتأثر من المسلمة أما الذمة فقيل: إن العلة هي إزالة مانع فيتأثر بانغماسها من الحيض، فإن قيل: العلة التعبد فلا يتأثر لا من الحيض ولا من غسل الجنابة؛ لأنها لا تتعبد بهما، أما إذا كان إزالة المانع فهي تزيل المانع من قربان الزوج.
لا، عندنا الحدث، المراد رفع الحدث هذه ترفع حدث وهذه لا ترفع حدث.
طالب: لكن -عفا الله عنك- هي لا تصح لزوجها تمتنع عليه ما لم تغتسل.
لكن لم يرتفع حدثها.
طالب: لا تتعبد بها -سلمك الله- لكنها تزيل مانع.
لا، هم يفرقون بين المسلمة والذمية باعتبار أن المسلمة ارتفع حدثها، والذمية لا يرتفع حدثها فهي من هذه الحيثية لا أثر لها في الماء، ومن نظر إلى الأثر الحسي في الماء ولا شك أن المسألة معقولة يعني، تأثر الماء بالانغماس معقول، وحينئذٍ لا فرق بين المسلمة والذمية من هذه الحيثية، وهذا إذا كان الماء دون القلتين وهو جاء على مذهب الحنابلة والشافعية.
يرد على هذا مسائل كثيرة ذكرنا بعضها في مسائل الطهارة، ذكرنا من ذلك أن مذهب الشافعية مطرد، ومذهب الحنابلة غير مطرد، كيف؟ لو انغمس شافعي في هذا الإناء عندهم ارتفع حدثه، وصار الماء مستعملاً، وعند الحنابلة لم يرتفع حدثه وصار الماء مستعملاً شو الفرق؟ ما الفرق بين القولين؟
طالب: الفرق أن الشافعية لا يرون تحقق الغسل إلا بانفصاله كاملاً، بينما الحنابلة يرون أنه يرتفع الحدث عن أي جزء من بدن لامسه فيكون قد. . . . . . . . .(16/18)
إيه، صار الماء مستعملاً من ملامسة أول جزءٍ من أجزاء البدن، فلا يرفع الحدث عن باقي البدن، فصار الماء مستعملاً وهو لم يرفع حدث، الشافعية يقولون: صار مستعمل ورفع الحدث وإلا إيش معنى الاستعمال لو قد رفع به حدث؟ بدليل أنه لو انغمس فيه للتبرد لا لرفع الحدث لم يتأثر، في تفصيلات عندهم في المذهبين وفي مذهب الحنفية أيضاً تفصيلات، لكن على مذهب المالكية ما في أدنى إشكال، ينغمس أو لا ينغمس الماء لا يتأثر، رفع حدث أو لم يرفع للتبرد أو لجنابة أو لحيض لا يتأثر، إنما يتأثر إذا تغيرت أحد أوصافه بالنجاسة، ومذهب مالك -رحمه الله- في هذا مناسب جداً ليُسر الشريعة، ولذا يتمنى بعض الفقهاء من المذاهب أن لو كانوا على مثل مذهب الإمام مالك -رحمه الله-.
قال: "ولا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة إذا خلت به" يقول: في الأصل في الحاشية: "في الأصل وضوء، والتصحيح من "م" و"م ش" لكن لو أبقيناها، ولا يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة، يختلف المعنى وإلا ما يختلف؟
طالب: يعني لا يدخل فيه الغسل يختص بالوضوء.
الطهور يشمل الغسل والوضوء، وعلى ما جرى عليه في الأصل وضوء يختص بالوضوء ...
طالب: الوضوء الظاهر.
ما هو المقصود بالوضوء الماء الذي يتوضأ به؟ فإذا خلت بماء توضأت به بحيث لا يراها أحد فإنه لا يرفع حدث الرجل، ومن باب أولى إذا خلت به للاغتسال اغتسلت به، فما في الأصل أيضاً متجه ولا إشكال فيه.
"لا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة إذا خلت به" في الحديث: ((لا يتوضأ الرجل بفضل المرأة، ولا المرأة بفضل الرجل)) وسيقا مساقاً واحداً، والمعروف في المذهب عند الحنابلة ما ذكر في الكتاب أن وضوء الرجل بفضل المرأة لا يرفع حدثه والعكس صحيح، يعني وضوء المرأة بفضل الرجل يرفع الحدث، وقد جاء في الحديث وسيقا مساقاً واحداً، فإما أن يقال بالجملتين، أو يقال بالعدم في الجملتين، وإلا فالتفريق بين المتماثلات لا سيما ما ورد به النص غير متجه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ بفضل ميمونة، فالصواب أن خلوة المرأة بالماء لا أثر لها على الماء، فيرفع حدث الرجل ولو خلت به.
طالب: لكن -عفا الله عنك- مأخذهم في القيد قيد الخلوة.(16/19)
يعني لماذا قالوا: إذا خلت به والحديث خالي عن القيد؟ هذا قصدك؟ يعني قيدوه بالخلوة، والحديث ليس فيه خلوة؛ لئلا يرد عليهم اغتسال النبي -عليه الصلاة والسلام- مع أزواجه، فكان يغتسل مع أزواجه، ويغتسل مع عائشة والماء قليل، تختلف أيديهما في الإناء حتى يقول لها: ((دعي لي)) وتقول: دع لي -عليه الصلاة والسلام-؛ فلئلا يرد عليهم مثل هذا الذي لا يمكن تأويله، قالوا: إذا خلت به؛ ليتحد النصان، ولا أثر للخلوة لا من الرجل ولا من المرأة، فالماء باقٍ على طهوريته، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(16/20)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (17)
شرح قوله: "باب الغسل من الجنابة: وإذا أجنب غسل ما به من أذى وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ الماء على رأسه ثلاثاً، يروي بهن أصول الشعر، ثم يفيض الماء على سائر جسده، وإن غسل مرة وعم بالماء رأسه وجسده ولم يتوضأ أجزأه بعد أن يتمضمض ويستنشق وينوي به الغسل والوضوء، وكان تاركاً للاختيار، ويتوضأ بالمد، وهو رطل وثلث بالعراقي، ويغتسل بالصاع، وهو أربعة أمداد، فإن أسبغ بدونها أجزأه، وتنقض المرأة شعرها لغسلها من الحيض وليس عليها نقضه من الجنابة إذا روَّت أصوله، والله أعلم".
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: هل شرب مرق لحم الإبل ينقض الوضوء، وكذلك ألبانها وأبوالها؟
هذا لا ينقض الوضوء لأنه ليس بلحم، والسؤال في الحديث جاء عن لحم الإبل "أنتوضأ من لحم الإبل؟ " قال: ((نعم)).
يقول: لو غسل إنسان عضواً من أعضائه بعد تمام الوضوء هل هذا جائز؟ يقول: مثل لاعب الكرة لو مسح على رأسه بعد تمام الوضوء أو استنشق؟
إيش استنشق؟ يعني هل هم يعملون هذا؟ لاعبو الكرة يفعلون هذا؟ يمسح رأسه بعد الوضوء ويستنشق؟! نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، يعني لو زاد يعني على ما أمر به شرعاً، يعني أتى بالوضوء الكامل ثم زاد مسح رأسه بعد ذلك واستنشق لعله يريد هذا، الأصل أنه يقتصر على ما أمره الله به، وإن زاد من غير تعبد بهذا، إن زاد من غير تعبد، يعني عادة أو رأى أنه بحاجة لشيء من هذا من باب زيادة التنظف لا أنه من أعضاء الوضوء فالأمر سهل -إن شاء الله-.
يقول: ما حكم جعل الثوب إلى أنصاف الساقين لأنه وجد من يشكك في سنية ذلك الأمر ويقول: إنه من لباس الشهرة؟
على كل حال جاء في الخبر: ((أزرة المؤمن إلى نصف ساقه)) أزرة المؤمن، ومنهم من يحمله على الإزار، وأما القميص والثوب في حكمه فله حديث: ((ما أسفل من الكعبين)) فيجعل الإزار إلى النصف الساق، والثوب والقميص وما في حكمهما يكون أسفل من ذلك إلى الكعب.
هل ورد أن السلام واجب ورده واجب؟(17/1)
هذا صغير السن جداً، الكاتب هذا يدل على أنه كتابته يدل على أنه صغير، هل ورد أن السلام واجب ورده واجب؟ السلام سنة، بذل السلام من أسباب المحبة والمودة كما جاء في الأحاديث الصحيحة، وهو سنة ليس بواجب، لكن الرد واجب عند أهل العلم.
ما ضابط تيسير الفتوى؟
إذا كان القول اليسر له ما يدل له، ويدل عليه من الكتاب والسنة فالدين يسر بلا شك، أما إذا كان التيسير لا دليل له من الكتاب والسنة، والدليل على خلافه فلا، ليس معنى هذا التيسير أننا نتخير من المذاهب أسهلها، لا، هؤلاء الأئمة الذين قالوا بالقول اليسر في كل مسألة من مسائل الدين لا تجد أن مذهبهم مطرد في التيسر مطلقاً، يعني لا تجد الحنفية أيسر المذاهب مطلقاً، أو مالك أيسر المذاهب مطلقاً، أو أحمد أو الشافعي لا، لكن عندهم مسائل في كل المذاهب الأربعة يكون في هذه المسألة أيسر من المذهب الفلاني والعكس، والسبب في هذا أن الاجتهاد أداهم إلى هذا، أداهم إلى رجحان القول اليسر على القول الأشد في هذه المسألة أو العكس في الأخرى وهكذا، ما تجد أهل العلم عندهم قاعدة مطردة في هذا، مع أن الدين يسر، لكن هم يبحثون المسائل مسألة مسألة، فما ترجح فيها بالأدلة الشرعية سواء كان أيسر أو أشد، هو المعمول به عندهم، وهو الذي يدينون الله به، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، لكنه يدل له اللفظ الآخر وهو الأكل، أكل اللحم، فما توافر فيه الأمران الأكل أو اللحم، وما عدا ذلك المشروب فلا.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: الغسل من الجنابة
وإذا أجنب غسل ما به من أذى، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ الماء على رأسه ثلاثاً، يروي بهن أصول الشعر، ثم يفيض الماء على سائر جسده، وإن غسل مرة وعم بالماء رأسه وجسده ولم يتوضأ أجزأه بعد أن يتمضمض ويستنشق وينوي به الغسل والوضوء، وكان تاركاً للاختيار، ويتوضأ بالمد، وهو رطل وثلث بالعراقي، ويغتسل بالصاع، وهو أربعة أمداد، فإن أسبغ بدونها أجزأه، وتنقض المرأة شعرها لغسلها من الحيض، وليس عليها نقضه من الجنابة إذا روَّت أصوله، والله أعلم.(17/2)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الغسل من الجنابة
هل هذا الغسل خاص بالجنابة أو المقصود به الغسل الواجب سواء كان من جنابة أو من حيض؟ وهل تختلف صفة الغسل بالنسبة للجنابة والحيض أو الغسل واحد؟ لأنه أدخل بعض أحكام غسل الحيض كنقض الشعر مثلاً، والتنصيص عليه يدل على أنه مراد، على أن غسل الحيض مراد، وهو داخلٌ في هذا الباب، وصفته كصفة غسل الجنابة، ولا فرق عنده إلا في نقض الشعر، لو قال: باب صفة الغسل، ويندرج فيه الجنابة والحيض لكان أشمل، يدل على أن هناك باباً لغسل الحيض، الحيض سيأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-، لكن هل غسله يختلف عن غسل الجنابة ليحتاج إلى أن يفرد أو الغسل واحد من الجنابة والحيض؟ نعم، الفرق بينهما أن مدة الحيض تطول، فيحتاج فيه إلى مزيد من العناية، ومدة الجنابة لا تطول غالباً، فهي أخف من الحيض، ولذا جاء التفريق بين الشعر، في آخر الفصل قال: "وتنقض المرأة شعرها لغسلها من الحيض، وليس عليها نقضه من الجنابة إذا روَّت أصوله" دل على أن هناك فرقاً بين غسل الحيض وغسل الجنابة من هذه الحيثية، وإلا فالأصل أن الغسل الكامل في البابين واحد، والغسل المجزئ في البابين واحد.
باب: الغسل من الجنابة
(من) هذه سببية، يعني بسبب جنابة، الناشئ بسبب الجنابة، قال -رحمه الله-: "وإذا أجنب الرجل" وهذا موجود في بعض النسخ دون بعض، هذه اللفظة الرجل موجودة في بعض النسخ دون بعض؛ لأن الحكم في الرجل والمرأة واحد، إلا ما يتعلق بشعر المرأة المظفور على ما سيأتي.(17/3)
"وإذا أجنب الرجل" والمرأة في حكمه "غسل ما به من أذى، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاثاً" بدأ ببيان الغسل الكامل، وقبل ذلك ينوي، فلا غسل إلا بنية؛ لأنه من ضمن الأعمال التي تشترط لها النية، ينوي ثم بعد ذلك يسمي على خلاف في التسمية السابق في الوضوء، ولا يثبت فيها شيء، نعم يتجه القول على ما تقدم بالوضوء أكثر، التسمية مع الوضوء أكثر منها مع الغسل؛ لأن النص في الضوء ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) ومنهم من يقول: الحكم واحد، والغسل وضوء وزيادة، ينوي ثم يسمي، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، بأن يغسل يديه ثلاثاً قبل ذلك يغسل ما به من أذى من أثر الجنابة، ومن ذلك إن احتاج إليه في مسألة الاستنجاء والاستجمار، يغسل ما به من أذى سواء كان نجساً أو طاهراً، بأن كان من أثر الحدث أو من أثر الجنابة، إذا الحدث من بول أو غائط يغسل على ما تقدم من الخلاف في هذه المسألة من صحة الوضوء والتيمم قبل الاستنجاء والاستجمار أو عدم صحته، وتقدمت هذه المسألة والذي ظهر لنا في ذلك الموضع أنه لا يصح قبلهما وضوء ولا تيمم.
"غسل ما به من أذى" أماط به من أذى سواءً كان طاهراً أو نجساً "وتوضأ وضوءه للصلاة" هذا إذا كان الأذى على الفرج أو في الفرج لا بد من إزالته، أما إذا كان الأذى وهو يشمل النجاسة على غير المخرجين، بأن كانت على يده أو على رجله فله أن يتوضأ ويغتسل إذا لم تمنع هذه النجاسة من وصول الماء إلى البشرة، فإن منعت فإنه حينئذٍ لا يصح الوضوء، ولا يصح الغسل حتى تزال.(17/4)
"غسل ما به من أذىً وتوضأ وضوءه للصلاة" فيغسل كفيه ثلاثاً، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثاً ثلاثاً، ثم يغسل وجه ثلاثاً، ثم يغسل يديه اليمنى ثم اليسرى ثلاثاً ثلاثاً، ويمسح برأسه مرةً واحدة، ورجليه ثلاثاً، هذا الوضوء الكامل، وإن توضأ مرةً مرة أجزأه، وإن توضأ مرتين مرتين كفى، وإن توضأ ملفقاً كفى، على ما تقدم في صفة الوضوء، وإن غسل رجليه مع وضوءه، وفرغ من وضوءه كاملاً، فقد جاء ما يدل عليه، وإن أخر غسل الرجلين حتى ينتهي من غسله فقد جاء ما يدل على ذلك، وإن غسل الرجلين مرتين مرة مع الوضوء ومرة بعد تمام الغسل بعد انتقاله من موضعه فالنصوص لا تأبى ذلك، على أنه يمكن التوفيق بين هذه النصوص بأنه إن كان المكان نظيفاً لا يلوث القدمين توضأ الوضوء الكامل، وإن كان المكان يمكن أن يلوث القدمين بطينٍ أو نحوه فإنه يؤخر غسل الرجلين حتى ينتهي من غسله وينتقل من مكانه، وبهذا تجتمع النصوص.
"وتوضأ وضوءه للصلاة"، "غسل ما به من أذى وتوضأ" الواو هذه تقتضي الترتيب وإلا ما تقتضي الترتيب؟ "غسل ما به من أذى وتوضأ وضوءه للصلاة".
طالب: تقتضي الترتيب.
الأصل أن الواو لا تقتضي الترتيب، لكن لو قال: ثم كما قال غيره؛ لأنه تقدم عنده أن التخلية قبل التحلية والإزالة إزالة النجاسة ومن ذلك ما يخرج من السبيلين قبل الوضوء.
"وتوضأ وضوءه للصلاة" يعني كوضوئه للصلاة "ثم أفرغ على رأسه ثلاثاً" ومع ذلك يبدأ بشقه الأيمن "أفرغ على رأسه ثلاثاً ثلاث مرات يروِّي بهن أصول الشعر" يروِّي بهن يعني الثلاث أصول الشعر، أو يروِّي بكل واحدة أصول الشعر؟ هناك فرق وإلا ما في فرق؟ قال: "يروِّي بهن أصول الشعر".
طالب: بالمجموع.
بالمجموع، يعني لو اغترف غرفة وغسل بها رأسه ما وصل إلى أصول الشعر في المرة الأولى، في المرة الثانية وصل إلى البعض، في المرة الثالثة عمَّ الجميع، كلامه يدل على أنه يروِّي بالثلاث، أو بكل واحدة من الثلاث.
طالب: بالثلاث يا شيخ بالمجموع.(17/5)
بالمجموع، هذا ظاهر كلامه بهنّ، يعني بالمجموع، والاحتمال أيضاً قائم بأنه يروِّي بهن أي بكل واحدةٍ منهن أصول الشعر؛ لأنه إذا قلنا: إنه يروِّي بالجميع أصول الشعر صار الجميع في حكم الغسلة الواحدة، إذا قلنا: يروِّي بالجميع، أما إذا قلنا: يروي بكل واحدة من الثلاث أصول الشعر قلنا: ثلاث غسلات كل واحدة كاملة تامة، تؤدي الغرض، بحيث لو اقتصر عليها أجزأه، وعلى كل حال لا بد من إرواء أصول الشعر، وجاء في الحديث وهو حديث ضعيف مضعف عند أهل العلم: ((إن تحت كل شعرةٍ جنابة)) لكنه حديثٌ ضعيف، المقصود أنه يروِّي بهنّ أصول الشعر كما جاء في صفة غسله -عليه الصلاة والسلام- من حديث عائشة وميمونة وغيرهما.
"ثم يفيض الماء على سائر جسده" مرة وإلا ثلاث؟ نعم؟
طالب: ظاهره مرة.
"ثم يفيض الماء على سائر جسده" وإن غسل مرةً أجزأه، وكان تاركاً للاختيار، مفهوم هذا الكلام أنه يفيض الماء على سائر جسده ثلاثاً، وهذه روايةٌ معروفة في المذهب، بل هي الأشهر أنه يغسل شقه الأيمن ثلاثاً، ثم يغسل شقه الأيسر ثلاثاً، وكلامه ليس بصريح إلا إذا ضم بعضه إلى بعض، ثم يفيض الماء على سائر جسده، الظاهر من هذه الجملة أنه يكفيه مرة واحدة إذا أفاض على سائر الجسد، وسائر الجسد هو الباقي أو الجميع؟
طالب: الباقي، السور.
يترتب عليه أمور؛ لأنه الآن انتهى من غسل أعضاء الوضوء، وانتهى من غسل الرأس، فهل يغسل الرأس مع بقية الجسد، ويغسل معه أعضاء الوضوء لأنه سبق أن توضأ، أو نقول: أن أعضاء الوضوء غسلت والرأس غسل، ولا يفيض الماء إلى على باقي جسده باستثناء أعضاء الوضوء، باستثناء الرأس؟
طالب:. . . . . . . . .
السائر، سائر اسم فاعل من سار، أو هو مأخوذ من السؤر وهو البقية التي تبقى في الإناء بعد الشرب، أو من السؤر سؤر البلد، أو سور البلد الذي يحيط بها، يحيط بالبلد، فيشتمل على جميعه، والمسألة لغوية، فمن أهل العلم من يقول من أهل اللغة: إن السائر هو الباقي ولا يتناول الجميع، ومنهم من يقول: إنه يتناول الجميع، وهنا ثم يفيض الماء على سائر جسده، هل يتجه القول بأنه يفيض الماء على الجميع بما في ذلك أعضاء الوضوء، أو أنه الباقي وما غسل انتهى؟ نعم؟(17/6)
طالب:. . . . . . . . .
يعمم على الجميع بما في ذلك ما غسله سابقاً، بما في ذلك الرأس أو انتهى من الرأس؟ لأن إذا قلنا: أعضاء الوضوء فكونه مسح على رأسه ضمن أعضاء الوضوء هذا لا يكفي عن غسله للغسل، وإذا أفرغ على رأسه ثلاثاً يروِّي بهن أصول الشعر كما قال المؤلف هذا من الغسل، فكونه يزيد رابعة مع بقية جسده هذه زيادة على القدر المشروع؛ لئن عندنا وضوء وعندنا غسل، وضوء منفصل كامل بما فيه مسح الرأس، ثم بعد ذلك إذا انتهى من الوضوء أفاض الماء على رأسه ثلاثاً، فكونه يفيضه ثلاثاً، ويزيد عليه رابعة مع غسل سائر بدنه هذا لا شك أن فيه زيادة على القدر المشروع.
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، إذا قلنا: إنه توضأ وضوءً منفك يصير، مثل ما مسح رأسه ويغسله للجنابة ثلاثاً للغسل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، يختلف هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن المسألة مفترضة في الغسل الكامل، وأنه توضأ وضوءاً كاملاً.
طالب:. . . . . . . . .(17/7)
لا عندنا مسألة لفظة سائر هل نقول: إن سائر في الغسل فلا تدخل أعضاء الوضوء؟ ولا يستثنى من ذلك إلا الرأس؛ لأنه غسل للغسل، مع أنه قبل ذلك مسح للوضوء، انتبهوا يا إخوان ترى المسألة تحتاج إلى انتباه؛ لأن عندنا سائر أكثر أهل اللغة على أنها الباقي، فهل نقول: سائر جسده للغسل بغض النظر عن الوضوء؟ أو نقول: إنه سائر بالنسبة للغَسل بكامله بما في ذلك الوضوء؟ ظاهر الفرق؟ لأننا إذا قلنا: سائر يعني باستثناء ما تقدم غسله فإنه حينئذٍ لا يحتاج إلى أن يفيض الماء على رأسه، ولا يحتاج أن يغسل ذراعيه، ولا يحتاج أن يغسل وجهه ولا رجليه، إذا قلنا: إن جميع ما تقدم غسله يستثنى من التعميم؛ لأن سائر يعني الباقي، وقد تقدم غسل أعضاء الوضوء، وتقدم غسل الرأس فلا يعاد، وإذا قلنا: سائر ينظر فيها إلى الغسل فقط، يعني باقي ما يجب غسله في الغسل، فقلنا: إنه ما يستثنى إلا الرأس، ومع ذلك تدخل أعضاء الوضوء في الغسل في التعميم؛ لأننا لو قلنا: سائر ما احتجنا إلى غسل الرأس؛ لأنه مسح مع الوضوء، لكن ننظر إلى الغسل على حدة والوضوء على حدة، يتوضأ وضوء كامل، ثم بعد ذلك يأتي إلى الغسل، ومقتضى غسل البدن وتعميمه بما في ذلك أعضاء الوضوء، فنأتي إلى الغسل مستقلاً فيفيض الماء على رأسه ثلاثاً يروِّي بهن أصول الشعر، ثم يغسل سائر بدنه أو سائر جسده بما في ذلك أعضاء الوضوء؛ لأن الغسل الأول للوضوء والغسل الثاني للغسل، وهذا هو الظاهر.
"ثم يفيض الماء على سائر جسده" وليس فيه تنصيص على الثلاث، مع أن التنصيص على الثلاث رواية معروفة في المذهب، بل هي الأشهر ثلاثاً، وقوله: "إن توضأ مرة، إن غسل مرة وعمّ بالماء رأسه وجسده أجزأه، وكان تاركاً للاختيار" معناه أن الاختيار هو التثليث، التثليث هو الاختيار.(17/8)
وإذا عمّ بدنه بالغسل مرةً واحدة أجزأه ذلك، وكان تاركاً للاختيار، وإن غسل مرة وعمّ بالماء رأسه وجسده ولم يتوضأ أجزأه، يعني الغسل الكامل بعد النية والتسمية على الخلافٍ فيها، يتمضمض ويستنشق ويتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثاً، ثم يغسل بدنه بالماء سائر بدنه بالماء، على الخلاف في ذلك ثلاثاً أو واحدة، والتعميم مرة واحدة هو الذي يدل عليه حديث عائشة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، ورواية معروفة في المذهب مرة واحدة، وليس فيه ما يدل على غسله ثلاثاً.
"وإن غسل مرةً وعمّ رأسه وجسده ولم يتوضأ أجزأه" لأن الوضوء سنة، إفراد الوضوء سنة، ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه توضأ وضوءه للصلاة، ثم بعد ذلك أفاض الماء على رأسه ثلاثاً، ثم عمّ بدنه بهذه الطريقة، هذا الغسل الكامل، وأما المجزئ لا يلزم فيه وضوء؛ لأنه إذا اجتمع عبادتان من جنسٍ واحد فيهما صغرى وكبرى يشترطون في هذا أنه لا تكون إحداهما مقضية والأخرى مؤداة تدخل الصغرى في الكبرى، وهنا يدخل الوضوء في الغسل.
"ولم يتوضأ أجزأه بعد أن يتمضمض ويستنشق" وعرفنا حكم المضمضة والاستنشاق، وأن من أهل العلم وهو الذي مشى عليه المؤلف أن المضمضة والاستنشاق بمسمى الوجه، فهما واجبان من واجبات الوضوء والغسل أيضاً، ومنهم من يفرق بين المضمضة والاستنشاق فيوجب الاستنشاق دون المضمضة؛ لأن ما ورد فيه أكثر، ومنهم من يفرق بين الطهارتين فيوجبهما في الكبرى دون الصغرى، على ما تقدم بيانه.
"وعمّ بالماء رأسه وجسده ولم يتوضأ أجزأه" هذا الغسل المجزئ أن يعمم جسده ورأسه بالماء بعد أن يتمضمض ويستنشق، وينوي به الغسل والوضوء، يعني ينوي به ارتفاع الحدثين الأكبر والأصغر، لا بد من نية رفع الحدث "وكان تاركاً للاختيار" تاركاًَ للأفضل الذي هو الغسل الكامل.(17/9)
"ويتوضأ بالمد وهو رطلٌ وثلث بالعراقي" وهو ملئ كفي الرجل المعتدل، هذا هو المد، المعتدل الخلقة، لا الكبير كبير اليدين ولا صغيرهما، هذا هو المد، والصاع أربعة أمداد، والمد رطل وثلث، فعلى هذا الصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي، وهم يفصلون بالأمداد وبالأرطال العراقية والدمشقية والقدسية وإلى غير ذلك مما لا داعي إلى التطويل بذكره، المقصود أن هذا أمرٌ معروف، ولا يحتاج إلى وزن، وإنما هو مكيل، والشرع يحيل إلى ما ليس بمستحيل ولا بمستبعد، إنما يحيل إلى ما يدركه الإنسان في كل مكان وزمان لا يفارقه، المد معروف، ما يملأ كفي الرجل المعتدل، فلا نحتاج إلى أن نزن كما تقدم في القلتين، ما نحتاج إلى مثل هذا، فيتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع، وهو أربعة أمداد، يعني ملئ كفي الرجل المعتدل أربع مرات.
فإن أسبغ الوضوء والغسل بدون المد والصاع أجزأه، قال: "فإن أسبغ بدونها أجزأه" ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع، وثبت عنه أنه توضأ بثلثي مد، فدل على أنه يجزئ أقل من ذلك شريطة أن يسبغ، فإذا أسبغ بدون ذلك أجزأه، والإسباغ أن يستوعب العضو، ويتردد عليه الماء بحيث لا يكون مسحاً، وبعض الناس يقتصد لكنه يخل بالوضوء، يعني عندنا احتياط للعبادة، وعندنا أيضاً اقتصاد واحتياط للماء، فعلى الإنسان أن يسدد ويقارب، لا يسرف، ولا يزيد على ما شرع الله -جل وعلا-، ولا أيضاً يقصر ويكون مفرطاً.(17/10)
"ويغتسل بالصاع وهو أربعة أمداد، فإن أسبغ بدونها أجزأه" ومنهم من يقول: لا يجزئ بأقل من المد، ولا يتصور الإجزاء بأقل من المد وأقل من الصاع، الآن مع تيسر حصول الماء، وأيضاً وجود هذه المواصير التي تعين على إهدار الماء وتضييعه، لا سيما في الأوقات شديدة البرودة أو شديدة الحرارة، فإنه يضيع من الماء أكثر من هذا قبل أن يعتدل، تعتدل حرارة الماء، يعني في الشتاء يفتح الماء حتى يزن الحار مع البارد فيذهب أكثر من صاع قبل أن يبدأ، وفي الصيف كذلك، ولا شك أنه أيضاً غير مطالب بما يضره، لكن لو حفظ هذا الماء الذي أهدره ليستعمل في شيء آخر لا شك أنه أولى من أن يضيع، وتيسره بين يدي الناس جعله أرخص موجود، ولا شك أنه تبذل الأموال الطائلة لجلبه، يعني ما جاء بسهولة، وعلى كل حال الاقتصاد لا بد منه، والإسراف ممنوع.
"فإن أسبغ بدونها أجزأه" وكثيرٌ من المسلمين مبتلى بالإسراف في الوضوء وإهدار الماء، ولا سيما كبار السن من النساء، بعض النساء ما يكفيها قلتان للوضوء ما يكفيها، وإذا قيل لها: لو رأيت وضوء أهل العلم، وامرأة حاول ابنها أن يقنعها بأن هذا إسراف ويكفيك وضوء فلان من كبار أهل العلم، قالت: أبد يكفي، فجيء له بماء أقل من هذا وتوضأ به، وهي تنظر، فسئلت هل اقتنعت؟ فقالت: تسأل الله -جل وعلا- أن يعينها على قضاء ما صلت خلفه؛ لأنهم ما يقتنعون بمثل هذا، وسببه الجهل، الحرص مع الجهل، ومن هنا ينشأ الوسواس.(17/11)
"وتنقض المرأة شعرها لغسلها من الحيض، وليس عليها نقضه من الجنابة إذا روَّت أصوله" جاء ما يدل على نقض شعر المرأة لغسلها من الحيض، فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عائشة أن تنقض شعرها حينما أرادت أن تحرم بالحج وهي حائض أمرها أن تنقض الشعر، وأم سلمة ذكرت للنبي -عليه الصلاة والسلام- أنها كانت تشد ظفر رأسها، فقالت: أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: ((لا، إنما يكفيك كذا)) المقصود أنه حصل التفريق بين الغسل من الحيضة ومن الجنابة، وجمعاً بين الحديثين حديث عائشة وحديث أم سلمة قال المؤلف: تنقض المرأة شعرها لغسلها من الحيض استدلالاً بحديث عائشة، وليس عليها نقضه من الجنابة إذا روت أصوله، كأنه لمح هذا أن عائشة كانت حائض، وأم سلمة سألت عن الغسل من الجنابة، لكن هل غسل عائشة -رضي الله عنها- بعد انقضاء الحيض أو في أثنائه؟ في أثنائه، فهذا الغسل الذي أمرت فيه بنقض رأسها حكمه؟ حكم الغسل بكامله واجب وإلا سنة؟
طالب: مستحب.
مستحب وليس بواجب، وأما غسل أم سلمة فهو واجب، وعلى هذا المرجح أنه لا فرق بين غسل الحيض ولا الجنابة، وقد يكون الملحظ في التفريق بين عائشة وأم سلمة، وما رأيت من نبه عليه أن عائشة صغيرة وشعرها كثيف، وأم سلمة كبيرة جداً وشعرها خفيف لا يحتاج إلى نقض، قد يكون هذا هو المرد، وهو السبب في التفريق بينهما.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الشعر؟ لا، لا، معروف، أم سلمة شعرها خفيف ما هو مثل عائشة، الكبيرة كل ما تكبر المرأة بسنها إذا تعدت الخمسين بدأ يخف جداً.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ضفائر، لكن إيش عرضها الضفائر؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، فرق كبير.
على كل حال نقضه لا شك أنه أكمل وأسهل إلى وصول الماء إلى أصول الشعر، لكنه لا يجب لا في الحيض ولا في الجنابة، إذا روَّت أصوله يكفي.
طيب الرجل، الرجل إذا كان له ضفائر؟
طالب: لكن عفا الله عنك لو كان لرأس المرأة ما تضع النساء على رؤوسهن ما يمنع وصول الماء؟
لا، إذا وجد ما يمنع من وصول الماء إلى الشعر لا بد من إزالته، وأنواع من أنواع الصبغ ما يوجد طبقة مثل البلاستيك يغلف الشعر، مثل هذا لا بد من إزالته، لا بد من إزالته للوضوء وللغسل أيضاً، نعم؟(17/12)
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الحناء إذا كان طبقة يحول دون وصول الماء إلى الشعر لا بد من إزالته، أما إذا كان مجرد لون فلا.
طالب:. . . . . . . . .
هم قالوا أشياء كثيرة في مثل هذا، قالوا: إن الحائض تستمر مدة طويلة ما تغتسل؛ لأنه لا يتكرر، يعني مرة واحدة للحيضة التي استمرت معها سبعة أيام أو أكثر أو أقل، بينما الجنابة لا تطول مدتها، وهي بيدها متى شاءت اغتسلت، الأمر الثاني أن الحيض لا يتكرر في الشهر إلا مرة واحدة غالباً، وأما الجنابة تتكرر، أحياناً تتكرر في اليوم فضلاً عن الأسبوع والشهر، فيشك نقضه، وعلى كل حال نقضه مثل ما ذكرنا العمدة فيه حديث عائشة، وحديث عائشة إنما أمرت بالغسل للإحرام لا للحيض، لا من أجل الحيض، ولذا لا يجزيها عن غسل الحيض، وهو أيضاً مسنون، فالنقض لا شك أنه أكمل وأولى ليصل الماء بسهولة إلى أصول الشعر، أما إيجابه فلا.
ترتيب الزوائد يختلف عن ترتيب الكتاب، كأنه يتبعه في ترتيبها الهداية لأبي الخطاب، يقول: فصلٌ في نواقض الطهارة: ينقض الوضوء بلمس النساء لشهوة، ولمس الذكر بيده على المشهور من المذهب، وتقدم الكلام في المسألتين، ولا ينقض لمس الشعر والسن والظفر بناءً على الرواية المشهورة أن هذه الأشياء في حكم المنفصل لا في حكم المتصل، ولا ينقض لمس الشعر والسن والظفر والأمرد، ولا لمس الذكر بذراعه؛ لأنه لا يسمى إفضاء، وفي لمس الذكر المقطوع وجهان: الوجه الأول: أنه ينقض لأنه ذكر، والوجه الثاني: أنه لا ينقض لأنه بان عن محله، ولا شهوة بمسه، ولا تثور الشهوة بذلك، وإذا لمس ذكر الخنثى المشكل وقُبله انتقض وضوءه، يعني لمس الاثنين معاً، وإن لمس أحدهما لم ينتقض؛ لأنه على طهارة بيقين، ولمس أحدهما يحتمل أن لا يكون هو الأصلي الذي ينقض الطهارة إلا إن لمس الرجل ذكره والمرأة قبلها لشهوة ... كيف؟ وإن لمس أحدهما لم ينتقض، يعني أحدهما أحد آلتي الخنثى، إلا إن لمس الرجل ذكره ...
طالب:. . . . . . . . .
إن لمس الرجل ذكره، ذكر من؟
طالب:. . . . . . . . .(17/13)
إلا إن لمس الرجل ذكره ذكر الخنثى؛ لأنه إن كان ذكراً فقد مس ذكره، وإن كان أنثى فقد مس الأنثى بشهوة، والمرأة قبلها كذلك لشهوة، وفي مسلم عن جابر بن سمرة أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أأتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: ((نعم، توضأ من لحوم الإبل)) وإن شرب من ألبانها فهل ينقض وضوءه؟ على روايتين، وإن أكل من كبدها أو طحالها فعلى وجهين، وعرفنا أن المسألة مسألة أكل وأيضاً لحم، اللحم الظاهر أنه يشمل ما حواه الجلد مما يؤكل، فيخرج بذلك ما يشرب مما لا يؤكل، ومن تيقن الطهارة وشك في السابق منهما، يعني تيقن الطهارة يعني والحدث، كأن المقصود من تيقن الطهارة والحدث، وشك في السابق منهما نظر في حاله قبل ذلك فإن كان محدثاً فهو متطهر، وإن كان متطهراً فهو محدث؛ لأنه انتقض ما كان عليه مما تيقنه بيقين، ولم يرتفع هذا اليقين إلا بشك، فيكون على ضد حاله قبلهما، وإن كان متطهراً فهو محدث، وإن تيقن ابتداء نقض إيش؟ وإن كان متطهراً فهو محدث، وإن تيقن ابتداء نقض وفعلها في حال -ركيك الكلام- أحد معه نسخة؟ وشك في السابق منهما، تيقن ابتداء نقض كيف وفعلها في حال؟ وشك في السابق منهما نظر في حاله قبلهما، فإن كان متطهراً فهو الآن متطهر، وإن كان محدثاً فهو الآن محدث.
معك الزوائد؟
يقول: وإن تيقن ابتداء نقضٍ -ما هو بظاهر-، وإن تيقن ابتداء نقضٍ وفَعَلها في حالٍ، أو فِعْلها في حالٍ، وشك في السابق منهما نظر في حاله قبلهما فإن كان متطهراً فهو الآن متطهر، وإن كان محدثاً فهو الآن محدث، العبارة ركيكة، العبارة ما هي بواضحة، مع أنهم أشاروا إلى مثل هذا، لكن ما هو بمثل هذه الطريقة.
طالب: هو تقدم لنا لكن ليس بهذه الطريقة.
لا، ليس بهذا الأسلوب، لا الطباعة ما هي متقنة هنا.
ننتقل إلى الغسل.
فصل فيما يوجب الغسل
طالب: عندنا: ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث أو تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو على ما تيقن، يتيقن منهما، تقدم لنا أنه ما. . . . . . . . .
لا، هذا انتهينا منه، لكن هناك مسألتان: مسألة فيما إذا تيقن الطهارة والحدث وشك في السابق منهما -هذه واضحة هذه- فهو بضد حاله قبلهما، المسألة الثانية قريبة من هذه، لكن ما هي بهذه الصورة.(17/14)
طالب: تراجع يا شيخ.
على كل حال ننتقل إلى ما بعده.
فصلٌ: فيما يوجب الغسل، يقول: كل من لزمه الغسل حرم عليه قراءة آية فصاعداً، أما بعض آية فإنه لا يحرم عليه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كتب إلى هرقل خطابه وفيه بعض آية، فأما بعض آية فعلى روايتين، ولا يحرم عليه العبور في المسجد، لا يحرم عليه العبور، وإنما يحرم عليه اللبث {وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ} [(43) سورة النساء] ويحرم عليه اللبث فيه إلا أن يتوضأ، يعني إذا خفف الجنابة بالوضوء، جاز له اللبث، وجاز له الأكل، وجاز له النوم إذا خفف الجنابة، ويجب الغسل بتغييب الحشفة بفرجه قبلاً كان أو دبراً من كل حيوان ناطق، أو بهيمة حياً كان أو ميتاً؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا قعد بين شعبها الأربع، ومس الختان فقد وجب الغسل)) متفقٌ عليه، ويجب بإنزال المني بشهوة فإن خرج لغير شهوة نحو أن يخرج لمرضٍ أو بردٍ لم يجب الغسل، فإن أحس بانتقال المني عند الشهوة فأمسك ذكره فلم يخرج فعلى روايتين: فإن خرج بعد الغسل فهو ككيفية المني يخرج بعد الغسل، وفيه ثلاث روايات، إن أحس بانتقال المني عند الشهوة فأمسك ذكره فلم يخرج فعلى روايتين: الرواية الأولى: أنه لا يجب عليه الغسل؛ لأن الغسل إنما يجب بالشهوة واللذة، هذا من المستيقظ، أما النائم فلا يجب إلا بخروجه ((نعم، إذا رأت الماء)) ومجرد انتقاله من مكانه لا يجب به غسل، الرواية الثانية: أن الانتقال من مكانه وفي طريقه إلى الخروج إذا أمسكه فإنه يجب لغلبة الظن أنه سوف يخرج، لكن إن اغتسل قبل أن يخرج ثم خرج يلزمه إعادة الغسل وإلا فلا؟ لا يلزمه، فإن خرج بعد الغسل فهو ككيفية المني يخرج بعد الغسل، وفيه ثلاث روايات: إحداها: يجب الغسل، والثانية: لا يجب، والثالثة: إن ظهر قبل البول وجب الغسل وإن ظهر بعده لم يجب، يجب الغسل يعني مطلقاً لأنه علق الغسل بخروج المني وقد خرج، والثانية: لا يجب؛ لأنه اغتسل منه ولا يجب بخروجه غسلان، الثالثة: إن ظهر قبل البول دل على أنه بسبب الشهوة السابقة والانتقال السابقة وجب الغسل، وإن ظهر بعده لم يجب؛ لأنه لو كان بسبب التحرك السابق والشهوة السابقة لما سبقه البول.(17/15)
يقول: والأغسال المستحبة: ثلاثة عشر غسلاً، للجمعة، وهو غسلٌ مؤكد، ولذا جاء فيه: ((غسل الجمعة واجبٌ على كل محتلم)) والوجوب هنا بمعنى التأكد والتحتم، وأما التأثيم فلا، والأدلة على ذلك الصارفة كثيرة، لكن يجعلون ((من توضأ فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)) ويستدلون أيضاً بقصة عثمان، وأنه اقتصر على الوضوء، ولم يأمره عمر -رضي الله تعالى عنه- بالإعادة، وأقره الصحابة كله على صلاته في هذا الوضوء وترك الغسل، لا شك أن هذه أدلة قوية تدل على عدم الوجوب، لكن لفظة واجب هل يأتي فيها الصرف من الوجوب إلى الاستحباب مثل صرف اغتسلوا للجمعة؛ لأنه حينما يصرف اللفظ الذي يدل على الوجوب، الصرف للأمر يعني أنه فرق بين أن يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "اغتسلوا للجمعة" والأصل في الأمر الوجوب، ثم يأتي ما يصرف هذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب هذا ظاهر، لكن إذا قال: ((غسل الجمعة واجب)) هل هذا اللفظ يحتمل صرف؟ أو هو لا يحتمل الصرف اللفظي يحتمل الصرف المعنوي؟ ((اغتسلوا)) يحتمل الصرف اللفظي، اللفظ الذي هو الأمر يحتمل صرفه من أمر الوجوب إلى أمر الاستحباب، ((لكن غسل الجمعة واجب)) هذه الاحتمال في صرفها معنوياً لا لفظياً، اللفظ ما يمكن صرفه، يعني ما يمكن أن يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- واجب وتقول: مستحب، لا يحتمل هذا، لكن صرفه من حيث المعنى نحمله على الوجوب، لكن لا على الوجوب الذي يقتضي التأثيم، بدليل ما ورد في ذلك من أدلة أخرى تقتضي عدم التأثيم، وهذه الاصطلاحات التي جاءت في النصوص الشرعية لا يلزم منها مطابقة الاصطلاحات العرفية عند أهل العلم، فالواجب عند أهل العلم في اصطلاحهم يأثم بتركه، ويلزمه فعله، لكن في مثل هذا النص هو عند عامة أهل العلم مختلف عن الاصطلاح العرفي عند أهل العلم، وقل مثل هذا في المكروه، المكروه جاء في النصوص ما يدل على إرادة التحريم، بل التحريم الشديد، وجاء استعماله أيضاً في لسان أهل العلم من المتقدمين على ذلك أيضاً، وأما بعد أن شاع الاصطلاح في تخصيصه فيما لا إثم فيه، بل هو مما يؤجر على تركه ولا يأثم بفعله، لا شك أن هذا الاصطلاح، يعني في كتب المتأخرين جارٍ على الاصطلاح، لكن كلام(17/16)
المتقدمين جارٍ على ما جاء في النصوص {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء] وفيها من عظائم الأمور ما فيها.
الشيخ ابن عثيمين -رحمة الله عليه- يعني شدد في هذه المسألة قال: إن الغسل واجب، ويأثم بتركه، ثم بعد ذلك قال: كيف تواجه النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي قال: "يجب غسل الجمعة" وأنت تقول: لا، يستحب، كيف تواجهه؟ يمكن أن يقال بعد: كيف تواجه الرب الذي قال: يكره الزنا ويكره كذا وكذا مما عده في سورة الإسراء وأنت تقول: لا، يحرم.
يعني جاء في النصوص اصطلاحات تختلف معها الاصطلاحات العرفية، يعني عندنا مخالفة الاصطلاح الشرعي لا شك أنه إن كان من باب المعاندة والمحادة هذا شيء، لكن إن كان من باب مخالفة العرف، يعني العرف جرى على شيء، والنص الشرعي جرى على شيء آخر، لا شك أن الأولى اتحاد العرف الشرعي الحقيقة الشرعية مع الحقيقة العرفية.
يعني في شيء أصفر هنا؟ معنا شيء أصفر؟ نعم هذا أصفر، يعني {جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] لا، هذا يميل إلى البياض، يعني جاء وصف الجمال بأنها صفر في القرآن، لكن لو أقسم شخص أنه ما رأى جمل أصفر منذ أن ولد، والأصفر المراد به في القرآن موجود هنا ومستعمل، يعني موجود يراه كل أحد، لكن لو أقسم شخص أنه منذ أن ولد ما رأى جمل أصفر، شخص عمره مائة سنة، ورأى أنواع الجمال وأشكالها وألوانها هل نقول: تأثم أنت جئت بما يخالف القرآن؟ لا، الحقائق تنزل منازلها، هو يريد الحقيقة العرفية، وما جاء في النص حقيقة شرعية بلا شك، وقل مثل هذا في غسل الجمعة إذا قلت: مستحب، أنت تريد حقيقة عرفية خاصة عند أهل العلم على اصطلاحهم، وما تعارفوا عليه، وما جاء في النص حقيقة شرعية لا تقتضي التأثم كما دلت على ذلك الأدلة الأخرى.
طالب:. . . . . . . . .
هذا لو كنا في وقت الاصطلاحات استطعنا، أما الآن وقد استقرت الاصطلاحات هل بإمكانك أن تنقض جميع اصطلاحات أهل العلم؟ لا يمكن؛ لأنك تتعامل مع كتبهم، كيف تتعامل معها؟
طالب:. . . . . . . . .(17/17)
يعني منهم من يحمل الوجوب في مثل هذا الخبر على أصحاب المهن والحرف التي تقتضي مهنهم وحرفهم الروائح الكريهة التي ... لكن ((محتلم)) يعني ما فيه وصف يمكن أن يحال عليه الوجوب إلا ما نص عليه في الحديث وهو الاحتلام، وليس معنى هذا أنه محتلم يعني صدر منه الاحتلام قبل الجمعة، فيلزم أن يرفع هذا بالغسل؛ لأن هذا حينئذٍ يكون النص مؤكد ما له قيمة؛ لأن حمله على التأسيس أولى، فالمحتلم هنا البالغ، كما جاء في حديث: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) ليس المراد بها الحائض التي متلبسة بالحيض، وإنما المراد بها من بلغت المحيض.
يقول: والأغسال المستحبة ثلاثة عشر غسلاً: الجمعة والعيدين والاستسقاء والكسوف والغسل لمن غسل الميت وغسل المجنون المغمى عليه إذا أفاق من غير احتلام، وغسل المستحاضة لكل صلاة، والغسل للإحرام ولدخول مكة والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة، ولرمي الجمار والطواف، المقصود أن هذه الأغسال تأتي -إن شاء الله- في محلها.
صفة الغسل:
عن ميمونة قالت: وضعت للنبي -صلى الله عليه وسلم- ماءً يغتسل به، فأفرغ عليه يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثاً، ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره، ثم دلك بيده الأرض، ثم تمضمض واستنشق، على ذكر الدلك هنا من أجل إزالة الرائحة التي تعلق باليد من غسل الأذى، وأما بالنسبة لدلك البدن مع غسله فالجمهور على أنه ليس بلازم، إنما يكفي أن يمر الماء ويتردد على البدن كاملاً دون دلك، ويوجب الإمام مالك -رحمه الله- الدلك، وأنه من مسمى الغسل، ولا يسمى غسل إلا بدلك، مع أن اللغة لا تساعده على هذا، وإنما جاء في لغة العرب: غسله المطر، وغسله العرق، ولا يكون هذا مع دلك.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هذا في غسل الرجلين.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، إمام مجتهد مثل الشافعي ومثل مالك، إمام له تبع، لكنه انقرض.
"ثم تمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ويديه ثم غسل رأسه ثلاثاً ثم أفرغ على سائر جسده، ثم تنحى عن مقعده وغسل قدميه" وعرفنا أن مثل هذا يستحب لا سيما إذا كان المكان يلوِّث القدمين، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(17/18)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (18)
شرح قوله: "باب: التيمم: ويتيمم في قصير السفر وطويله إذا دخل وقت الصلاة، وطلب الماء فأعوزه، والاختيار تأخير التيمم إلى آخر الوقت، فإن تيمم في أول الوقت وصلى أجزأه، وإن أصاب الماء في الوقت، والتيمم ضربةٌ واحدة يضرب بيديه على الصعيد الطيب وهو التراب، وينوي به المكتوبة، فيمسح بهما وجهه وكفيه، وإن كان ما ضرب بيديه غير طاهر لم يجزه، وإن كان به قرحٌ أو مرضٌ مخوفٌ وأجنب فخشي على نفسه إن أصابه الماء غسل الصحيح من جسده وتيمم لما لم يصبه الماء، وإذا تيمم صلى الصلاة التي قد حضر وقتها، وصلى به فوائت إن كانت عليه، والتطوع إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى، وإذا خاف العطش حبس الماء وتيمم ولا إعادة عليه، وإذا نسي الجنابة وتيمم للحدث لم يجزه، وإذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة خرج فتوضأ أو اغتسل إن كان جنباً، واستقبل الصلاة، وإذا شد الكسير الجبائر وكان طاهراً ولم يعدُ بها موضع الكسر مسح عليها كلما أحدث إلى أن يحلها".
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: التيمم(18/1)
"ويتيمم في قصير السفر وطويله إذا دخل وقت الصلاة، وطلب الماء فأعوزه، والاختيار تأخير التيمم إلى آخر الوقت، فإن تيمم في أول الوقت وصلى أجزأه، وإن أصاب الماء في الوقت، والتيمم ضربةٌ واحدة يضرب بيديه على الصعيد الطيب وهو التراب، وينوي به المكتوبة، فيمسح بهما وجهه وكفيه، وإن كان ما ضرب بيديه غير طاهر لم يجزه، وإن كان به قرحٌ أو مرضٌ مخوفٌ وأجنب فخشي على نفسه إن أصابه الماء غسل الصحيح من جسده وتيمم لما لم يصبه الماء، وإذا تيمم صلى الصلاة التي قد حضر وقتها، وصلى به فوائت إن كانت عليه، والتطوع إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى، وإذا خاف العطش حبس الماء وتيمم ولا إعادة عليه، وإذا نسي الجنابة وتيمم للحدث لم يجزه، وإذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة خرج فتوضأ أو اغتسل إن كان جنباً، واستقبل الصلاة، وإذا شد الكسير الجبائر وكان طاهراً ولم يعدُ بها موضع الكسر مسح عليها كلما أحدث إلى أن يحلها" انتهى.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:(18/2)
فلما فرغ المؤلف من الطهارة التي هي شرط لصحة الصلاة، الطهارة الأصلية بالماء ثنى بما يقوم مقامها من بدل بالتيمم، ثم بعد ذلك بالمسح الذي هو كالبدل يعني الغسل على ما سيأتي، فالتيمم بدل عن الطهارة الأصلية بالماء، سواءً كانت من حدث أصغر فيكون التيمم بدلاً عن الوضوء، أو من حدث أكبر فيكون التيمم بدلاً عن الغسل، والقاعدة عند أهل العلم أن البدل له حكم المبدل، فيقوم التيمم مقام الوضوء ومقام الغسل في كل ما يفعل به، أو ما يفعل بالوضوء وبالغسل، ويكون مشابهاً له من جميع الوجوه، فلا يصح إلا بشروطه، ولا ينتقض إلا بنواقضه، ويفعل به جميع ما يفعل بالمبدل، وهذا قولٌ معروفٌ عند جمع من أهل العلم، وأنه له حكم الطهارة الأصلية من كل وجه، فيكون حينئذٍ رافعاً للحدث رفعاً مطلقاً، بمعنى أنه إذا لم يجد الماء للوضوء تيمم، ولا ينتقض هذا التيمم إلا بما ينقض الطهارة الأصلية من النواقض السابقة، والمعتمد الذي مشى عليه المؤلف وغيره أنه ينتقض أو ينتهي التيمم بانتهاء الوقت، ولا يتيمم إلا عند دخول الوقت، ولذا المعتمد عند الحنابلة أنه مبيح وليس برافع، يستباح به ما يستباح بالوضوء، وليس برافع للحدث، ويبقى الحدث، ويبقى محدث، وإنما تباح له الصلاة ضرورة، وهذان القولان المتقابلان بينهما قولٌ متوسط، وهو أن التيمم يرفع الحدث رفعاً مؤقتاً إلى وجود الماء، فهو طاهر ما دام العذر قائماً، وإذا انتهى العذر بوجود الماء أو بالقدرة على استعماله ارتفع حكمه.
فعلى هذا لو تيمم لصلاة الظهر مثلاً؛ لأنه عادمٌ للماء، ثم وجد الماء، جاءت صلاة العصر ولم يحدث، يصلي العصر بالتيمم السابق أو لا بد أن يتيمم؟ مقتضى قول من يقول: إنه يرفع رفعاً مطلقاً أنه يصلي به؛ لأنه لم يحدث، ومقتضى قول من يقول: إنه مبيح هذا لا إشكال فيه انتهى، انتهى مفعوله، وكذلك هو مقتضى قول من يقول: إنه يرفع رفعاً مؤقتاً.(18/3)
التيمم جاءت فيه نصوص الكتاب والسنة، وأجمع عليه أهل العلم، لكن يستدل من يقول: إنه يرفع رفعاً مؤقتاً بحديث: ((الصعيد الطيب طهور المسلم، ولو لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته)) وفائدة الخلاف إنما يظهر في الحدث الأكبر، في الحدث الأصغر ظهوره ما هو بواضح، لكن في الحدث الأكبر إذا تيمم عن الجنابة أصبح وقد احتلم، بحث عن ماء فما وجد، تيمم وصلى صلاة الصبح، فلما ارتفع النهار وهو في طريقه وجد ماء، هل نقول: إن حدثه ارتفع رفعاً كلياً فلا يلزمه الغسل، أو نقول: يجب عليه الغسل؟ لأن الرفع مؤقت وليس بمطلق ((فليتق الله وليمسه بشرته)) واللفظ يحتمل أن يكون الأمر بإمساسه البشرة لأحداث مستقبلة يمسه بشرته للأحداث اللاحقة، أو يتقي الله ويمسه بشرته لما مضى من أحداث.
من يقول: إنه يرفع رفعاً مطلقاً يقول: يتقي الله -جل وعلا- ويمس الماء بشرته للأحداث اللاحقة؛ لأن ما مضى من حدث قد ارتفع بالتيمم، والذي يقول: إنه يرفع رفعاً مؤقتاً يقول: عليه أن يتقي الله -جل وعلا- ويمسه بشرته لما مضى، فعليه أن يغتسل إذا وجد الماء؛ لأن الحدث لم يرتفع رفعاً مطلقاً، إنما ارتفع رفعاً مؤقتاً، وأيهما أرجح؟ أي الاحتمالين أرجح؟ نعم؟
أنت
طالب:. . . . . . . . .
رفع مؤقت يعني لما مضى، يعني الجنابة السابقة لا بد أن يرفعها بالماء، ارتفعت رفعاً مؤقتاً وصلى صلاة الصبح، ثم لما وجد الماء في طريقه أو أحضر له الماء بعد ذلك بعد ارتفاع الشمس يتقي الله -جل وعلا- ويمسه بشرته؛ ليرتفع حدثه السابق لا اللاحق، والاحتمال الثاني: أنه يتقي الله -جل وعلا-، ويمس الماء بشرته لما يستقبل من أحداث.(18/4)
طيب الأخ يقول: الراجح أنه يرفع مؤقتاً ويمسه بشرته لما مضى من حدث، وبهذا نكون قد فرقنا بين الطهارتين، الطهارة الصغرى ما في أحد يقول: إنه يتقي الله ويمسه بشرته عن الحدث الماضي، إلا إذا جاء وقت الصلاة الثانية، أو أراد أن يفعل ما يُفعل بالوضوء عليه أن يتوضأ بالماء، أما بالنسبة للغسل فإن عليه أن يغتسل فوراً؛ لأنه وجد الماء ((فليتق الله وليمسه بشرته)) أيهما المرجح؟ أنه رفع مؤقت وإلا رفع مطلق؟ الذين يقولون: بأنه رفع مطلق يقولون: إنه يقوم مقام المبدل، والمبدل يرفع رفعاً مطلقاً إذا بدله يقوم مقامه في الرفع المطلق، ولا يحتاج أن يغتسل عن جنابة مضت، وإنما يغتسل عما يستقبل من أحداث.
الذي يرجح كونه يرفع رفعاً مؤقتاً أن الأمر بالغسل أو بإمساس الماء للبشرة لما يستقبل من أحداث متوقف على هذا الحديث، أو جميع أدلة الطهارة تدل عليه؟ جميع نصوص الطهارة تدل على هذا، وإذا قلنا: يتقي الله -جل وعلا- ويمسه بشرته عما مضى قلنا: إنه نص مؤسس لحكم جديد، والاحتمال الأول يجعله مؤكد لنصوص سابقة.
والمقرر عند أهل العلم والجادة عندهم أن التأسيس أولى من التأكيد، وبهذا يرجح القول بأنه يرفع رفعاً مؤقتاً إلى أن يجد الماء، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، والحدث ما ارتفع رفعاً مطلقاً.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هذا قول من يقول: إنه يرفع مطلقاً، يعني ما معناه أن الجنابة ارتفعت بالتيمم ولا يلزمه غسل، الذي وجد الماء، نعم، افترض أن المسألة من شخص انتبه مع طلوع الفجر فوجد نفسه محتلماً، أصابته جنابة، ثم صلى، بحث عن ماء فلم يجد تيمم، ثم بعد ذلك في منتصف النهار في الضحوة وجد الماء، نقول: اغتسل وإلا لا تغتسل خلاص ارتفع حدثك؟ ويش تقول؟
طالب:. . . . . . . . .
إذاً رفع مؤقت، ما زالت الجنابة في ذمته، ما ارتفعت، وهي أمانة لا بد من أدائها.(18/5)
على كل حال هذا هو أعدل الأقوال، أما القول بأنه مجرد مبيح هذا معروف عند أهل العلم، والمرجح عند الأصحاب، لكن يبقى أنه حكمه حكم المبدل، إيه مقتضى قولهم: إن الرخصة ما جاء على خلاف الدليل الشرعي لمعارض راجح نعم، ومن يقول: بأن كل ما جاء على وفق دليل وإن خالف دليلاً آخر فهو عزيمة يقول: عزيمة، لا سيما مع عدم الماء ما يبقى إلا هو.
على كل حال يقول المؤلف -رحمه الله-: "باب التيمم" التيمم في اللغة هو القصد، {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ} [(267) سورة البقرة] يعني لا تقصدوه، التيمم قصد الصعيد الطيب الطاهر.
ثم قال: "ويتمم في قصير السفر وطويله" ما علاقة التيمم في السفر؟
طالب:. . . . . . . . .
أولاً: لأنه منصوص عليه في آية التيمم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا يأتي ذكره، لكن الآن هو بدأ يتيمم في قصير السفر وطويله، يعني ما الموجب للتيمم؟ نقول: الموجب للتيمم هو السفر أو فقدان الماء أو المرض أو العجز عن استعماله؟ لأن المسألة تحتاج إلى انتباه.
الآن آية التيمم نص فيها على السفر {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ} [(43) سورة النساء] مرضى، أو على سفر، أو جاء أحد منكم من الغائط، أو لامستم النساء، فلم تجدوا ماءً، ننتبه يا إخوان عندنا أربع جمل، مرضى، على سفر، جاء أحد منكم من الغائط، أو لامستم النساء، هذه أربعة أمور عقبت بقول الله -جل وعلا-: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} هذه الأمور هل هي موجبة للتيمم بذاتها، أو لا بد من تحقق الشرط المنصوص عليه فلم تجدوا ماءً؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هذا وجوده مثل عدمه، يعني مع عدم القدرة على استعماله هذا معدوم حكماً، ما هو لهذا.
طالب:. . . . . . . . .(18/6)
الآن عندنا قيد {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} [(6) سورة المائدة] متعقب لأربع جمل، هل يعود إلى الجمل كلها أو إلى الأخيرة فقط؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم، فعندنا المريض والمسافر والصحيح المقيم، عندنا ثلاثة مريض ومسافر وصحيح مقيم، وبعد أن ذكرهم الله -جل وعلا- قال: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ} [(6) سورة المائدة] هل هذا القيد يعود إلى القسم الأخير الصحيح المقيم أو يعود إلى الجميع؟
معروف أنه إذا تعقب القيد جملاً متعددة فمن أهل العلم من يرى أنه يعود إلى الجملة الأخيرة فقط، ومنهم من يرى أنه يعود إلى الجميع، يعني من أوضح الأمثلة على هذا: الاستثناء في قول الله -جل وعلا-: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} في القذف {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(4 - 5) سورة النور] فهل التوبة ترفع الجلد؟ لا ترفع إجماعاً، ترفع قبول الشهادة مع قول الله -جل وعلا-: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النور] هذا محل خلاف، وكونها ترفع الوصف بالفسق هذا محل اتفاق، يعني على القولين مرفوع الفسق، وإذا ارتفع الفسق هل يرتفع رد الشهادة أو لا يرتفع؟ على الخلاف، إذا قلنا: إن الاستثناء إذا تعقب جمل يعود إلى الجميع الجملة الأولى لا يعود إليها اتفاقاً؛ لأنها حق مخلوق، فالتوبة لا ترفع حق المخلوق، وقبول الشهادة والحكم والفسق هما ... ، قبول الشهادة محل خلاف، والوصف بالفسق يرتفع اتفاقاً على القولين.(18/7)
نعود لما معنا، إذا قلنا: قول الله -جل وعلا-: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} [(6) سورة المائدة] قيد يعود إلى الجميع، فالمريض لا يجوز له أن يتيمم إلا إذا فقد الماء حقيقةً أو حكماً؛ لأنه إذا عجز عن استعماله فهو في حكم الفاقد، المسافر لا يجوز له أن يتيمم حتى يفقد الماء حقيقةً أو حكماً؛ لأنه قد يسافر ويجد البئر لكن ليس معه دلو ولا رشاء ولا وسيلة يستخرج بها الماء من البئر هذا عادم للماء حكماً، أو معه ماء لا يكفيه للشرب، هذا عادم للماء حكماً، وكذلك المقيم الصحيح إذا أحدث حدثاً أصغر أو أكبر فلم يجد الماء فإنه حينئذٍ يتيمم.
من أهل العلم لا سيما ممن شهر وممن تأخر أن المرض كافي للتيمم، ولو وجد الماء وقدر على استعماله، وأنه السفر كافي للتيمم ولو كان معه الماء وقدر على استعماله، ويكون القيد إلى الجملة الأخيرة للصحيح المقيم فقط، هذا الذي لا يباح له التيمم حتى يفقد الماء.
وعامة أهل العلم على أن القيد يرجع إلى الجميع، فالمريض لا يجوز له أن يتيمم حتى يفقد الماء حقيقةً أو حكماً بأن يعجز عن استعماله، والمسافر لا يسوغ ولا يجوز له أن يتيمم حتى يفقد الماء حقيقةً أو حكماً، وكذلك المقيم الصحيح.
طالب:. . . . . . . . .
هذه المظنة، يعني غلبة ظن أن السفر كيف يحمل ماء؟ مو مثل الآن متيسر في كل مكان، وحمله سهل بواسطة وسائل النقل سهل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ليس بمظنة، المريض مظنة لا يستطيع استعمال الماء، قد يتسبب في زيادة مرضه، وقد يتسبب في تأخر برئه، فما دام غلبة ظن ينص عليه كالسفر، وهذا لا شك أن هذا قول عامة أهل العلم، والقول الثاني: شاذ، لا يذكر عن أحد من الأئمة أبداً، لكن ينص قد يكون التنصيص والتصريح بالشيء لما هو مجرد توضيح، قد ينص على الشيء لأنه يغلب على الظن أن ...
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن من قال به ممن يقتدى به؟ من فهمه من السلف؟ في النصوص نحن مقيدون بفهم السلف، فهمه ممن تأخر، لا لو كان من الأئمة المعتبرين ما ترددنا، يعني نظرنا بالإنصاف، لكن ما قال به أحد ممن يعتد بقوله، ما في أحد من الأئمة أبداً قال بهذا القول.(18/8)
قوله: "ويتيمم في قصير السفر وطويله" يعني لا يشترط له مسافة القصر؛ لماذا؟ لأنه لو قلنا: يشترط له مسافة القصر لخرجت الأوقات قبل وصوله، قبل وصول الماء، والمسألة مفترضة بالوسائل الموجودة في وقت التنزيل، المسألة مفترضة في الوسائل الموجودة في عصر التنزيل، ومسافة القصر عند الأكثر مسيرة يومين قاصدين، فعلى هذا يفوت عشرة أوقات قبل أن نصل الماء، فلا يشترط للسفر مسافة، فبمجرد ما يسفر، والإسفار هو البروز، ومنه السفور إبراز المرأة شيئاً من محاسنها، ومن بشرتها هذا سفور لأنه بروز، والسفر هو بروز، وخروج عن البلد.
"ويتيمم في قصير السفر وطويله، إذا دخل وقت الصلاة، وطلب الماء فأعوزه" وطلب الماء، إذا دخل هذا بناءً على أن التيمم مبيح، دخل وقت الصلاة فلا يصح التيمم قبل دخول الوقت، والذي يقول: إنه يرفع يصح ولو قبل دخول الوقت مثل الوضوء.
"وطلب الماء فأعوزه" يعني بحث عنه فلم يجده، التفت يميناً وشمالاً وجرى يميناً وشمالاً ما وجد شيء، ولا وجد معالم تدل على وجود ماءٍ من أرض خضراء، أو أشياء مرتفعة يدل على ما تحتها من ماء، ما فيش شيء، فأعوزه طلب الماء فأعوزه، والطلب هو الذي اعتمده المؤلف، وهو قول الأكثر، وهذه من المسائل التي يختلف فيها المؤلف مع غلام الخلال.
معكم؟
معك ويش يقول؟
المسألة الثامنة: أوجب الخرقي طلب الماء في حق المتيمم، وهي الرواية الصحيحة، وبها قال مالك والشافعي؛ لأن كل أصل وجب طلبه إذا غلب على الظن وجوده وجب، وإن لم يغلب كالنص في الأحكام، والرواية الثانية: لا تجب، اختارها أبو بكر، وبها قال أبو حنيفة؛ لأنه غير عالم بموضع الماء، فله التيمم كما لو طلب فلم يجد.
يعني الرواية الأولى أنه لا بد من الطلب؛ لأنه قد يتمم والماء قريبٌ منه، قد يتمم والماء بجانبه، عن يمينه أو عن شماله، وقد يكون بينه وبينه جدار، أو كثيب من رمل، أو ما أشبه ذلك، إذا لم يطلب تيمم ولو كان قريباً منه، لكن ما دام صحة التيمم معلقةً بفقد الماء فلا بد من طلبه ليكون فاقداً له، والرواية الثانية وهو قول أبي حنيفة أنه لا يلزمه الطلب، ليس في رحله ماء إذاً عادم للماء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا بد من الطلب.(18/9)
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، بما لا يشق عليه؛ لأن المشقة تجلب التيسير، المقصود أنه يجتهد في هذا.
طالب:. . . . . . . . .
ما في مسافة؛ لأنه أحياناً تكون الأرض منبسطة وواضحة وترى يميناً. . . . . . . . .
يقول: "والاختيار تأخير التيمم إلى آخر الوقت" لا شك أن الصلاة في أول الوقت أفضل، لكن هذا الفضل معارض بما هو أقوى منه وهو الصلاة بالطهارة الكاملة الأصلية، فإذا أخر الصلاة إلى أن يجد الماء لا سيما الآن، ووسائل النقل تصل الماء بيقين قبل أن يخرج الوقت، نظرت إلى الساعة فإذا وقت الصلاة قد حان، وليس معك ماء في السيارة، وتلفت يمين وشمال ما حولك محطات ولا شيء، لكن تجزم يقيناً أنك بعد ربع ساعة أو نصف ساعة أو ساعة قبل خروج الوقت تجد الماء، الأفضل أن تؤخر التيمم حتى تجزم، أو تخشى من خروج الوقت قبل حصوله.
طالب: ولو دخل عليك وقت الاضطرار يا شيخ؟
نعم؟
طالب: ولو دخل وقت الاضطرار بالنسبة للصلاة التي انتهى وقتها؟
يقول: "والاختيار تأخير التيمم إلى آخر الوقت" المقصود به وقت الصلاة.(18/10)
وهذه المسألة فرع عن مسألة تقدمت، ذكرناها في أول كتاب الطهارة، وهي أن العلماء عنايتهم بالطهارة أولى وأقوى من عنايتهم بالوقت، ذكرنا هذا، ولذلك يقدمون الطهارة على أوقات الصلاة، كلاهما شرط، دخول الوقت شرط، والطهارة شرط، والإمام مالك قدم وقوت الصلاة على الطهارة، لكن هل هذه المسألة بعينها تتفرع عن تلك؟ أو نقول: هذا اتقى الله ما استطاع، ويصلي في أول الوقت أو في أثنائه أو في آخره؟ وأما تأخير الصلاة عن وقتها من أجل الطهارة مع عدم الماء فلا يجوز بحال، وهذه تختلف عن المسألة السابقة التي افترضناها في شخص انتبه قبل طلوع الشمس بعشر دقائق مثلاً أو ربع ساعة، والماء عنده، الماء موجود، لكنه إن اغتسل خرج الوقت، وإن تيمم أدرك الوقت؛ لأن تلك المسألة تختلف عما عندنا هنا، هذا فاقد للماء، والذي انتبه قبيل طلوع الشمس واجد للماء، الماء عنده، ولا يكلفه شيء، ولكنه إن اشتغل بالطهارة الكاملة بالغسل خرج الوقت، وإن تيمم أدرك الوقت، على قول الجمهور يغتسل ولو خرج الوقت، يغتسل ولو خرج الوقت؛ لأنه واجد للماء، وعلى قول من يقدم الوقت على الطهارة يقول: يتيمم.
"والاختيار تأخير التيمم إلى آخر الوقت" ليؤدي الصلاة بطهارةٍ كاملة، وهذا أولى وأهم من الفضل المرتب على أداء الصلاة في أول وقتها، فإن تيمم في أول الوقت وصلى أجزأه لأنه يصدق في حقه أنه عادم للماء، فهو مخاطب بقول الله -جل وعلا-: {فَتَيَمَّمُواْ} [(6) سورة المائدة] وقد أدى ما عليه، وخرج من عهدة الواجب بما أمر به، فتيمم في أول الوقت وصلى فإنه حينئذٍ يجزئه ولو وجد الماء بعد فراغه من الصلاة، وقبل خروج الوقت.
لكن إن وجد الماء وهو في أثناء صلاته يقول: "فإن تيمم في أول الوقت وصلى أجزأه، وإن أصاب الماء في الوقت" لما سلم من صلاته وجد الماء صلاته صحيحة؛ لأنه أديت على وجهٍ شرعي، ولا يلزمه إعادتها، وإن أصاب الماء يعني وجد الماء في الوقت؛ لأنه اتقى الله ما استطاع فخرج من عهدة الواجب، أما إذا أصاب الماء وهو في الصلاة فهل تبطل صلاته ببطلان طهارته؛ لأن التيمم لا يصح مع وجود الماء.(18/11)
سيأتي في قول المؤلف: "وإذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة خرج فتوضأ أو اغتسل إن كان جنباً واستقبل الصلاة" يعني هذه المسألة تأتي، لكن إذا كان قد أتم صلاته فإن صلاته صحيحة ومجزئة ولو أصاب الماء في الوقت نفسه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه طلب الماء، بحث عنه، كم يطلب الماء؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، كم مدة طلب الماء، يعني إذا نظر فوجد مد البصر ما فيه ماء أمامه، ونظر يمين وشمال كذلك يعني، ونظر وبصره يؤدي كيلو من هنا وكيلو من هنا ما يحتاج أكثر من هذا؛ لأن الطلب لا يلزم منه طول الوقت، لكن لو طلب وغلب على ظنه أنه لم يجد فوجد الماء بجانبه، رفع حجر فوجد تحته ماء، أو رفع لوح من الخشب ووجد تحته ماء، وتيمم وصلى وهو قريبٌ منه، تصح صلاته وإلا ما تصح؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(18/12)
إيه، لكن بعض أهل العلم يقول: إنه قصر في الطلب، إذا خاف الماء ليس ببعيد، لكنه خاف أن يذهب إلى الماء، ورأى حيواناً ظنه مفترساً، يعني غلب على ظنه أن هذا الحيوان مفترس، فبان ليس بمفترس، هذا يرى شيء مخوف، فهل يكفيه هذا الظن أو لا بد أن يتأكد أنه مفترس؟ مخوف بالفعل، وقل من باب أولى إذا لم ير شيئاً، لكنه يخاف من الظلام، هو في بيته انقطع عنه الماء، وأراد أن يصلي والمسجد فيه ماء، بضعة أمتار عن بيته، لكنه لا يستطيع أن يخرج من البيت في الظلام، أهل العلم يقولون: لا يصح تيممه في هذه الحالة، ومجرد التوهم لا يكفي ما لم يكن المخوف محققاً، ومن أهل العلم من قال: إن مثل هذا الخوف بالنسبة لهذا الشخص أعظم من الخوف المحقق بالنسبة لغيره؛ لأن بعض الناس توهم الخوف، أو توهم المخوف أعظم من المخوف المحقق عند كثيرٍ من الناس، فمثل هذا يكفيه، هذا لا يكلف أكثر مما يطيق، وهذا لا طاقة له بالبحث عن الماء وهو يخاف أن يخرج في الظلام، لكن إذا كان يخاف أن يخرج في الظلام فهل هذا مبرر له أن يصلي في بيته؟ يعني إذا أجاز بعض أهل العلم التيمم له، يعني هل الطهارة آكد من الجماعة وإلا ليست بآكد؟ آكد بلا شك، فإذا كان يصل به الخوف إلى أن يغلب على الظن أنه لو أكره على ذلك لجنَّ، هذا لا شك أنه عذر، يعدل به إلى التيمم، ويترك به صلاة الجماعة، إذا كان يصل به هذا الخوف المظنون غير المحقق إلى حدٍ لو أكره على اقتحامه لجن مثل هذا لا شك أنه معذور.
قال -رحمه الله-: "والتيمم ضربة واحدة، يضرب بيديه على الصعيد الطيب وهو التراب، وينوي به المكتوبة" التيمم ضربةٌ واحدة، ولا بد له من نية عند جماهير أهل العلم، حتى عند الحنفية الذين لا يشترطون النية للوضوء يشترطونها للتيمم، لا يشترطون النية للوضوء، ويشترطونها للتيمم، قلنا: الوضوء من باب الوسائل لا يحتاج إلى نية، طيب التيمم من باب الغايات؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه وسيلة وليس بغاية الوضوء، كإزالة النجاسة.
طالب:. . . . . . . . .
ورفع الحدث مثل رفع الخبث عندهم.
طالب:. . . . . . . . .
لكن كيف يقولون: إن الوضوء لا يحتاج إلى نية والتيمم يحتاج إلى النية؟
طالب:. . . . . . . . .(18/13)
يعني أضعف فيحتاج إلى ما يقويه، يعني الوضوء متميز بأفعاله وبأثره، لكن التيمم هو تعبد محض، يعني عقل العلة في الوضوء ظاهرة، لكن هي في التيمم ليست ظاهرة، فهو تعبد محض لا بد فيه من نية، وهو ضعيف، لا يقوم بنفسه، بل لا بد فيه من النية، وعلى كل حال هو تفريق بين متماثلين، والنية لا بد منها في الأمرين؛ لأن كلاً منهما عبادة سواءً كان الوضوء أو التيمم.
التيمم صفته: ضربة واحدة، يضرب بيديه على الصعيد الطيب وهو التراب، وينوي به المكتوبة، ضربةٌ واحدة، وجاء ما يدل على أنه ضربتان، ضربةٌ للوجه وضربةٌ لليدين للكفين، أو اليدين إلى المرفقين على ما سيأتي الخلاف في ذلك، والمرجح أنه ضربةٌ واحدة، ((إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا)) فضرب بيديه مرة واحدة، ((مسح بهما وجهه وكفيه)) وفي رواية ((ويديه)) {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} [(6) سورة المائدة] ففروض التيمم الوجه والكفان، يضرب بيديه كلتيهما دفعة واحدة، يمسح بهذه الضربة، وبما علق بها من الصعيد الطيب الطاهر وجهه وكفيه، يضرب بيديه على الصعيد الطيب وهو التراب {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} [(6) سورة المائدة] هذا مأمور به.(18/14)
لكن ما المراد بالصعيد الطيب؟ هل المراد به يعني الطيب يعني الطاهر، يعني الطاهر {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [(58) سورة الأعراف] البلد الطيب هل يقابل البلد الطيب النجس؟ وأهل العلم يقولون ... ، بل الواقع يشهد بذلك، أن ما خلط، ترابه بالأسمدة التي فيها نجاسة يخرج، بل قد يقصد ذلك، فهل الطيب هنا يقابل النجاسة؟ فيكون المراد بالطيب الطاهر، المراد به؟ الطيب المراد به البركة، الآن {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} [(6) سورة المائدة] الوصف له مفهوم وإلا ليس له مفهوم؟ لا شك أن الصعيد النجس لا يجوز التيمم به، ولا يجزئ، فما الذي يقابل الطيب؟ يعني قد يأتي اللفظ في النصوص والسياق على إرادة معنىً في نص دون إرادة المعنى الآخر، فالخبيث في قول الله -جل وعلا-: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] غير الخبيث في قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] الخبيث هذا غير الخبيث هذا، فالسياق هو الذي يحدد {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [(58) سورة الأعراف] قد يكون طيب وقد خلط بأسمدة فيها شيء من النجاسة، والطيب هنا لا شك أن النجس لا يجزئ في التيمم، فلعل المراد به الطاهر، الصعيد، إيش معنى الصعيد؟ الصعيد فسر في كتب اللغة بأنه التراب كما هنا، فسر بأنه التراب، وفسر بأنه جميع ما على وجه الأرض، قال: وهو التراب، خصه ببعض معانيه لا سيما وأنه جاء في حديث الخصائص: ((وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) وجاء أيضاً: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)) فهل التراب قيد في الأرض؟ قيد فيها فيحمل المطلق على المقيد أو هو فرد من أفراد ما على وجه الأرض فيكون من باب التنصيص على بعض أفراد العام فلا يقتضي التخصيص؟ لأن عندنا حديث الخصائص: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) وجاء في رواية صحيحة عند مسلم: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)) فإذا قلنا: إن التراب قيد فيكون تربتها مقيد لما أطلق في حديث: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) كما يقول بذلك الشافعية والحنابلة، فلا يجيزون التيمم بغير التراب الذي له غبار يعلق باليد،(18/15)
الشافعية والحنابلة على هذا أنه لا بد من تراب له غبار يعلق باليد، وإذا قلنا: إن التراب فردٌ من الأفراد التي توجد على وجه الأرض فيوجد على وجه الأرض تراب، يوجد رمل، يوجد أرض سبخة، يوجد أمور أخرى نورة وزرنيخ وأشياء مما يوجد على وجه الأرض، يوجد حصا، فهو فردٌ من أفراد العام، وإذا قلنا: إنه من باب العموم والخصوص قلنا: إنه لا يقتضي التخصيص، لماذا؟ لأن التنصيص على فرد من أفراد العام بحكم موافق لحكم العام، الحكم موافق غير مخالف، فإنه حينئذٍ لا يقتضي التخصيص، وبهذا يقول المالكية والحنفية المالكية والحنفية يقولون بهذا.
والشراح في حديث الخصائص تجدهم كلامهم في كثير من الأحيان يعني كثير من الشراح خلط في هذا، مرةً قال: من باب العام والخاص، ومرة جعله من باب المطلق والمقيد، وعلى كل حال هل التراب فرد أو وصف؟
طالب: فرد.
فرد وإلا وصف؟
طالب: فرد يا شيخ، فرد.
نعم، الأظهر أنه فرد وليس بوصف، وعلى هذا هو من باب الخاص والعام فلا يقتضي التقييد، والموجه هنا هو قول المالكية والحنفية، فيتيمم على بأي شيء على وجه الأرض إذا كان ينفصل منه جزء يعلق بالوجه والكفين، لدلالة قوله: "منه" و (من) هذه للتبعيض.
طالب: قلنا: على وجه الأرض مما هو منها يا شيخ؟
مما هو منها إيه، من الأصل يعني.
منهم من يقول: المقصود هذا البعض الذي يوجد على وجه الأرض وهو الغبار، فإذا وجد الغبار على أي جهةٍ كانت، على جدار مثلاً، وقد تيمم النبي -عليه الصلاة والسلام- من أصل حائط، أو وجد مثلاً على كتاب، أو وجد على حيوان، أو وجد على ثوب، أو ما أشبه ذلك، فكل ما له غبار يعلق باليد يجوز التيمم منه ولو لم يكن على وجه الأرض؛ لأنه لحظ الغاية وهي وصول شيءٍ من هذا الغبار إلى الوجه والكفين، فكأنه تيمم بتراب، يعني هل التراب مقصود لذاته، أو لما ينفصل منه فيعلق بالوجه والكفين.
إذا قلنا: (من) هذه تبعيضية ثبت النفخ، يعني ضرب باليدين ونفخ فيهما، وهل هذا النفخ يزيل جميع ما على اليدين من غبار أو يزيل شيئاً ويبقي شيئاً؟ يصح أن يعلق بالوجه والكفين منه ويبقى شيء، إذاً ما فائدة النسخ؟ لئلاً يكون كثيراً يتأذى به.
طالب:. . . . . . . . .(18/16)
إيه لكن ألا تكون هذه دلالة اقتران، ممكن، يعني مثل ما قلنا في حديث أبي سعيد وابن عمر إن ((الماء طهور لا ينجسه شيء)) وحديث ابن عمر "القلتين" عموم حديث أبي سعيد هل يخص بمفهوم حديث ابن عمر؟ إيه ممكن هذا، ممكن.
قال -رحمه الله-: "والتيمم ضربةٌ واحدة يضرب بيديه على الصعيد الطيب وهو التراب" وعرفنا أن التراب فرد من أفراد ما على وجه الأرض، فالتنصيص عليه في حديث الخصائص لا يقتضي التخصيص.
"وينوي به المكتوبة، فإذا نوى به المكتوبة بعد دخول وقتها صلى به ما شاء" من نوافل، وكذلك فرائض فائتة، ويقرأ به القرآن، ويطوف بالبيت، ويستبيح به ما يستبيح بالوضوء، لكنه لو نوى به النافلة ما نوى به المكتوبة فإنه يصلي به النافلة، وما دونها في الحكم، يعني يقرأ بها القرآن، لكنه لا يصلي بها فريضة، ولا يطوف بالبيت، وهكذا.
لكن عند من يقول: إنه رافع، هذا على القول بأنه مبيح فقط، وعلى القول بأنه رافع يكون حكمه حكم الوضوء، يصلي به ما شاء من فرائض ونوافل.
من المسائل الغريبة التي تذكر يذكرها أهل العلم وإن كانت يعني تحقيقها ووقوعها ضربٌ من المحال، قالوا: لو توضأ ناوياً بوضوئه مس اللوح المحفوظ، وقل مثل هذا فيما إذا تيمم ناوياً به ذلك ما وجد الماء فيتمم، هل يصلي به؟ هل يقرأ به قرآن؟ هل يصلي به نافلة أو فريضة؟ {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة].
طالب: هو الأعلى يا شيخ هو الأعلى فيستبيح ما دونه.
ترى مثل هذه المسائل تذكر، يعني ما هي بمسألة جديدة، هذه في كتب أهل العلم مذكورة.
طالب: هو توضأ أو تيمم بهذه النية، فهل يستبيح بالوضوء أو التيمم ما يستباح به في الأصل؟ أو يقال: إن هذا عبث لا يستباح به شيء، يمكن أن يقال: هذا عبث لا يستباح به شيء؟ هو نوى بوضوئه أو بتيممه ما لا يصح بدون الوضوء بدون الطهارة، ما لا يصح بدون طهارة، فيستعمل فيما تشترط له الطهارة، والمسألة مبحوثة عند أهل العلم، لكنها ضربٌ من المحال.
يعني هم يفترضون أشياء السامع لها من أول وهلة يقول -مثل ما تفضل الأخ-: ضرب من الجنون.(18/17)
قالوا في المضطر لأكل الميتة: يجوز له أن يأكل ما دونه لا ما فوقه أو مثله، يجوز أن يأكل ما دونه لا مثله أو فوقه، كيف؟ قالوا: يجوز أن يأكل الميتة من بهيمة الأنعام، يجوز أن يأكل الميتة مما سواها، يجوز أن يأكل آدمياً ميتاً، لكن آدمي حي؟ لا، لأنه مثله، أما الميت دونه، ميت لكنه نبي لا يجوز؛ لأنه فوقه، تفريعات وأمور أشياء يعني كأن فيها بعد، لكن المسألة متصورة بكل سهولة، يعني ما هي بمثل المسألة السابقة.
هذا شخص جاء لزيارة قبر نبي مثلاً، والله -جل وعلا- حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء، فاضطر إلى أكل ميتة، فما وجد إلا هذا القبر، ينبش وإلا ما ينبش؟ نقول: لا؛ لأنه حرمة النبي فوق حرمته وهو حي.
على كل حال مثل هذه المسائل وهذه التفريعات تذكر يذكرها أهل العلم، وإن كانت يعني المسألة الأولى هذه ضرب من المحال، لا ينبغي أن تذكر، وأما الثانية فوقوعها ممكن، وقوعها ممكن فذكرها لا مانع منه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، لا يجوز له أن يصلي ولا نافلة، لماذا؟ لأن النافلة مجمع على أن الوضوء شرط لها، وقراءة القرآن ليس بمجمع عليه، فالنافلة فوق قراءة القرآن.
هم يبحثون من هذه الحيثية، على كل حال هذا مفرع عن قولهم: مبيح، وإذا قلنا: إنه رافع له أن يصنع ما شاء.
طالب:. . . . . . . . .
لا، غير، الوضوء غير التيمم، الوضوء يرفع الحدث.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الوضوء اصنع ما شئت، تيممت لقراءة لقرآن تصلي فريضة، الحدث ارتفع.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، يختلف هذا.
"ينوي بها المكتوبة فيمسح بهما وجهه وكفيه" وجهه المطلوب غسله في الوضوء يمسح في التيمم يتسامح في التيمم ما لا يتسامح في الوضوء؛ لأن مبناه على التخفيف، فلو لم يستوعب الوجه كامل، ولو لم يمسح جزء من الرأس تبعاً له للوجه، وقل مثل هذا في الشعر وما تحته يتسامح فيه أكثر من الوضوء.(18/18)
"وكفيه" والكف إنما هي من أطراف الأصابع إلى الرسغ إلى المفصل وكفيه؟ وجاء التصريح في حديث التيمم ((فمسح بهما وجهه وكفيه)) وهذا قولٌ معروف عند أهل العلم، والدلالة عليه ظاهرة من الحديث، وأما الآية فمطلقة، الآية مطلقة {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} [(6) سورة المائدة] فجاءت الآية أو اليد مطلقة في آية التيمم وهي مقيدة في آية الوضوء، ولذا قال جمعٌ من أهل العلم: إن المطلق يحمل على المقيد، فتمسح اليد في التيمم إلى المرفق كالوضوء، وجاء ما يدل على ذلك من السنة، لكنه لم يصح، الأصح، بل الصحيح الكفين.
لماذا لا نحمل المطلق على المقيد؟ السبب واحد وهو الحدث، اتحد السبب، لكن لا يحمل المطلق على المقيد للاختلاف في إيش؟ في الحكم، للاختلاف في الحكم، وإذا اختلف الحكم فإنه لا يحمل المطلق على المقيد، وإن اتحد السبب، والعكس في حمل المطلق على المقيد، فإذا اتحد الحكم وإن اختلف السبب يحمل المطلق على المقيد كالرقبة في آية الظهار، والجماع في نهار رمضان ....(18/19)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (19)
تابع شرح قوله: "باب: التيمم ... "
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
يقول: إذا كان في سفر ولم يوجد ماء إلا ماء مساحات السيارة هل يجب عليه أن يتوضأ به؟
نعم، لكن من ينتبه لمثل هذا، أما بالنسبة لماء الرديتر الذي يترتب عليه ضرر في السيارة، وارتفاع في الحرارة هذا لا يتوضأ به، يتيمم ولو كان موجوداً، أما بالنسبة للمساحات فإن كان يترتب على تفريغه وإخلائه منه ضرر بحيث تكون زجاج السيارة بحيث تمنع النظر إلى ما ورائها؛ لأن عليه أوساخ تتراكم، يترتب عليه ضرر فهذا مثل ماء الرديتر، وأما إن كان لا يحتاجه، الجو صحو وصافي، والزجاج نظيف، وبإمكانه أن يصل إلى مكان آخر فيعيد الماء أو مثله إلى مكانه فمثل هذا يستعمله، ولا يتيمم وهو موجود على حسب الحاجة إليه.
طالب:. . . . . . . . .
المشقة ما في شيء.
يقول: هل يصح التيمم بعد أن وجد الماء غير نظيف بعد أداء الصلاة وجده، وصلى الصلاة بالتيمم؟
انتهت صلاته وصحت ولا يحتاج إلى قضاء، بعد ذلك وجد هذا الماء غير النظيف، إيش معنى غير نظيف؟ قذر، متغير اللون بسبب طول المكث، آجن هذا ما يضر، يصح الوضوء به في الإجماع، ولا يصح التيمم مع وجوده إلا ما يذكر عن ابن سيرين من كراهته.
على كل حال إذا كان المقصود بالنظافة هنا عدم الصفاء من كدرة، وما أشبه ذلك فهذه لا تؤثر، وإن كانت عدم النظافة تغير الماء تغيراً ظاهراً في لونه أو طعمه أو ظاهره إما بطاهر فيكون غير مطهر إذا تغير وانتقل من كونه ماء إلى غيره أو تغير بنجاسة، فيتيمم مع وجوده حينئذٍ.
طالب:. . . . . . . . .
مسألة؟
طالب:. . . . . . . . .
يتبخر، أول ما ينزل لونه أبيض كاللبن، ثم بعد ذلك يتبخر، والرائحة أقرب إلى ما تكون من جنس ما يطهر به، فتزيدها نظافة ما فيها إشكال، لكن لم يتغير بنجاسة، ولا انتقل من ماء إلى غيره.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا إذا انتقل، الآن صار أزرق ما صار ماء، من شافه ما قال: هذا ماء؟ إذا سلبه الاسم خلاص انتهى، لكن هذا ما يسلبه الاسم، لو تغير بملح مثلاً ما ضره.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟(19/1)
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا. . . . . . . . .، إذا تغير طعمه بملح إيش تقول؟ إذا تغير بغيره، تغير بشيء من الحلا وقع فيه شيء من السكر وما تغير كل من شافه يقول: هذا ماء، الحلا صار حلا، لونه ما تغير من رآه قال: هذا ماء، ويش المانع؟ لم يتأذى به المتطهر ويش المانع؟ إذا ما سلبه اسمه ما في إشكال -إن شاء الله- إذا لم يسلبه الاسم.
يقول: هل يجوز أن تصلى الشفع والوتر مع قيام الليل؟
يعني الأصل أن يصلي من الليل ما شاء بحسب ما يسعفه من الوقت، على ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من أوله، من أثنائه، من آخره، لكن يجعل آخر الصلاة وتراً.
يقول: كيف يصحح طالب العلم نيته؟ ماذا ينوي بالضبط؟ يعني في الطلب، يقول: وتأتيني أفكار كأن أقول: إذا كنت أطلب العلم لله فماذا أفعل بدراسات كل متون العلم الأخرى وقد لا أحتاج إليها في حياتي؟ وإنما أدرسها ليقول الناس: فلان محيط بكل العلوم، فإذا كان لله فقط وهو ينوي رفع الجهل عن نفسه، وأن يعبد الله على بصيرة، فلا تهمني كل هذه العلوم، وكل هذه الكتب، فهل فهمي صحيح؟ وكيف يصحح نيته من كانت هذه خطراته؟
إذا كان قصده بدراسة كل المتون الأخرى المتون التي لا تعين على فهم الكتاب والسنة، يعني قصده بدراسة العلوم التي لا تعين فهم الكتاب والسنة، يعني يقضي وقته بدراسة كيمياء، بدراسة فيزياء، دراسة هندسة، دراسة طب، الناس يحتاجونها، وهي فرض كفاية، لكن بالنسبة لطالب العلم الشرعي هي لا صلة لها مباشرة بنصوص الكتاب والسنة، وإن وجدنا في التفاسير شيء من هذه العلوم أقحمت وأدخلت في شرح كلام الله -جل وعلا-، فهي بعيدة عن فهم الكتاب والسنة، من قرأ في تفسير الجواهر يدرك مثل هذا الكلام، يعني يقحم أشياء إقحام لا علاقة له بالآية، وصارت على حساب غيرها.(19/2)
العلوم التي تعين على فهم الكتاب والسنة هذه مطلوبة لطالب العلم، كيف يفهم كتاب الله بغير فهم العربية بجميع فروعها؟ قد يقول قائل: أنا أدرس العروض، والعروض ويش الفائدة منه في الكتاب والسنة؟ القرآن ليس بشعر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ليس بشاعر، فماذا أستفيد؟ نقول: تستفيد يا أخي، درسنا الفرائض على الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- سنة (95) فمر بيت في الرحبية فكأن الشيخ رأى أنه منكسر، فقطعه -رحمة الله- وعدله، يعني هل هذا العلم ما يستفاد منه مع أنه علم محصور؟ يمكن الإحاطة به في أسبوع مثلاً، نعم هناك ما هو أهم منه، لكن هذا أيضاً ينفع، فضلاً عن أن تدرس أصول الفقه وقواعد الحديث، وقواعد التفسير، وعلوم العربية بجميع فروعها، كلها لها صلة في فهم الكتاب والسنة.
التواريخ أيضاً لها أيضاً علاقة بالنصوص نصوص الوحيين، لكن لا تكون على حساب الأصل والغاية، كتب الأدب قد يقول قائل: إنها مضيعة للوقت، لا سيما الأدب الذي يسمونه أدب الدرس لا أدب النفس، كتب المطولات التي تسمى في الأدب، والأحرى بكثير منها أن تسمى بكتب قلة الأدب، أو عدم الأدب، ومع ذلك أسوأ كتاب في الأدب كتاب: الأغاني، لو تقرؤون في كلام أهل العلم وجدتموهم استفادوا من هذا الكتاب، ولا يعني أن طالب العلم يضيع وقته في قراءة هذا الكتاب، لا، إنما ما يخلو من فائدة.
وذكر الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في نكته على ابن الصلاح، ذكره السخاوي أيضاً أن قول أبي حاتم في جبارة بن المغلس: "بين يدي عدل" كان الحافظ العراقي يراها من ألفاظ التعديل، ويقرأها: بين يديّ عدلٌ، الحافظ ابن حجر لما رأى أقوال أهل العلم كلها تصب في تضعيف الرجل فكيف يقول أبو حاتم مع أنه من أشد الناس: "بين يديّ عدلٌ" فبحث عن هذه المسألة، ووجد طرف الخيط في أدب الكاتب، فقال: العدل بن جزء بن سعد العشيرة كان على شرطة تبع، فكان تبع إذا أراد أن يقتل أحداً سلمه إلى هذا العدل، فقال الناس: بين يدي عدل، يعني هالك، هذا في أدب الكاتب لابن قتيبة.(19/3)
وفي الأغاني يقول الحافظ -لأبي الفرج الأصبهاني- وهو كتاب سيء جداً، ومؤلفه أسوأ، على كل حال يقول في الأغاني: كان طاهر القائد على مائدة ومعه إبراهيم بن الرشيد، وكان صغيراً وطاهر أعور لا يبصر بإحدى عينيه، وعلى المائدة أخذ إبراهيم هندبات فضرب بها عين طاهر المبصرة، فشكاه إلى أبيه، فقال: فعل إبراهيم ما فعل، والأخرى بين يدي عدل، يعني فعل ما فعل بالصحيحة، والأخرى بين يدي عدل، يعني تالفة هالكة، ويوجد أيضاً يعني يرد من الكتب المستعملة فيها هذه الكتب، وفيها أيضاً ما يدل على أن العلماء قرؤوها، وعلقوا عليها، لكن متى هذا؟ إذا لم يخش الإنسان على نفسه؛ لأن فيها أشياء لا ينبغي أن يطلع عليها صغار الطلاب أو متوسطيهم، فيها إسفاف في الكلام، وفيها أيضاً شرح لبعض الأشياء التي لا ينبغي أن تشرح للشباب.
على كل حال العلوم .. ، التكامل مطلوب، وكم من مشكلة أشكلت في فهم نص وحلت في كتابٍ لا علاقة له بالعلم الشرعي.
وهذا يقول: ماذا أفعل بدراسة كل متون العلم الأخرى وقد لا أحتاج إليها في حياتي، وإنما أدرسها لقول الناس فلان محيط بكل العلوم؟
هذا لو تدرس القرآن ليقول الناس: إن فلان حافظ للقرآن، وضابط للقرآن كنت مع الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار، فكونك تدرس الأغاني، أو تدرس الكامل لابن الأثير ليقال: إنه مطلع على التاريخ أسهل بكثير من أن تدرس الكتاب والسنة ليقال:
ومن يكن ليقول الناس يطلبه ... أخسر بصفقته في موقف الندمِ
وعلى الإنسان أن يهتم لنيته.
فإذا كان لله فقط وهو ينوي رفع الجهل عن نفسه، وأن يعبد الله على بصيرة فلا تهمني كل هذه العلوم؟
نعم إذا وصلت إلى حد البصيرة يكفي، لكن متى تصل إلى البصيرة؟ إذا فهمت الغاية التي هي نصوص الوحيين، ونصوص الوحيين لا تفهمها إلا بالوسائل التي رتبها أهل العلم، بفهم الكتاب والسنة.
يقول: فهل فهمي صحيح؟ وكيف يصحح نيته من كانت هذه خطراته؟(19/4)
على كل حال المقصود الغاية، وكل ما قرب منها، ينال من الأهمية بقدر قربه من هذه الغايات، وما بعد منها يكون على التراخي، بعد أن تضبط الغاية، وما يعين على فهمها، وما يقرب منها، فإن فضل في الوقت شيء فيطلع على مثل هذه الكتب، والاطلاع على التواريخ لا شك أنه في غاية الأهمية؛ لأن فيها العبرة والعظة، وفيها أيضاً متعة واستجمام للذهن، وعلى طالب العلم أن يعنى بها.
أيضاً كتب الأدب يعني تفيد طالب العلم استجمام، وفيها أيضاً تقوية للعبارة والأسلوب، يستفيد منها طالب العلم، وفيها أيضاً تنفيس، تجد المعلم الذي له عناية بهذه الكتب دروسه ماتعة، إذا نوع في الدرس استمتع بها الطلاب، ونشطوا للتحصيل، بينما لو كان في فنه لا يخرج عنه أبداً هو يكسب الوقت، وينهي الكتاب، لكن تجد الطلاب يعني مشدودين، ما في ما ينفس عنهم، والقلوب إذا كلّت مشكلة، إذا تتابع عليها متين العلم تكل وتمل، فلا بد من هذا التنفيس.
بقي مسألة تتعلق بالتيمم وهي تعارض حديث الخصائص مع بعض رواياته: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)) وعرضنا المسألة في الدرس الماضي، وقلنا: إنها إن كانت من باب العموم والخصوص فلا تخصيص؛ لأن حكم الخاص موافق لحكم العام، ويكون التنصيص على الخاص إنما هو لمزيد العناية به، فيحرص المتيمم على أن يتيمم بالتراب، إذا ما وجد فغيره يجزئ؛ لأنه صعيد طيب طاهر، وإذا قلنا: إنه من باب الإطلاق والتقييد، وأن التربة من أوصاف الأرض قلنا: يحمل المطلق على المقيد، وحينئذٍ يتجه قول الشافعي والحنابلة.
وواحد من الإخوان أبدى لفتة طيبة جزاه الله خير، وهي مهمة في الموضوع، يقول: لماذا لا يكون من باب تخصيص العام بالمفهوم، التخصيص بالمفهوم معروف عند أهل العلم، حتى أنا في وقتها قلت: إنه مثل تخصيص حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) خصص بمفهوم حديث: ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)) وهذا عند الشافعية والحنابلة ظاهر، خصصوا بالمفهوم، هذا إذا صححنا حديث القلتين، وإذا ضعف وقد ضعف بالاضطراب، وتقدم الكلام فيه، ما يرد مثل هذا.(19/5)
التخصيص بالمفهوم يقول به بعض أهل العلم؛ لأن عندنا تعارض بين منطوق قوي مع ضعفه من جهة كونه عاماً، وعندنا مفهوم ضعيف معارض لمنطوق قوي إلا أن قوته في خصوصه مقابل عموم النص الآخر، فعندنا في كل حديث جهتان، جهة قوة وجهة ضعف، أظن أشرنا إلى هذا في المياه.
كيف نخصص عموم حديث الخصائص: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) بمفهوم رواية: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً))؟ مفهوم النص نص التربة يعني منطوقه موافق لحكم العام فلا يخصص به، انتهينا، مفهومه الذي هو مفهوم المخالفة مخالف لحكم العام، فيخصص به نظير ما خصصوا حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) بمفهوم حديث القلتين.
طيب شيخ الإسلام -رحمه الله- يصحح حديث القلتين ولم يقل بمفهومه، عمل بمنطوقه؛ لأنه موافق للمنطوق القوي الذي هو أقوى منه، ألغى مفهومه لأنه معارض بمنطوق، يقول: يُعمل بمنطوقه دون مفهومه.
وعندنا أيضاً رواية التربة، إذا قلنا بقول شيخ الإسلام قلنا: يعمل بمنطوقها الموافق للعام، ويلغى مفهومها المخالف للعام؛ لأنه مفهوم يعارض منطوق، وعلى كل حال المسألة مثل ما ترون، يعني تحتاج إلى قشة في الترجيح، يعني عندنا نصان أحدهما قوته بكونه منطوق دلالته في محل نطقه، وضعفه في عمومه، ونصٌ آخر قوته في خصوصيته في كونه خاصاً، وضعفه في كونه مفهوماً لا منطوقاً.
الحافظ العراقي ذكر الروايتين، ذكر حديث الخصائص العام، وذكر الخاص في ألفيته، وفي باب زيادات الثقات، يقول -رحمه الله-:
واقبل زيادات الثقات منهمُ ... ومن سواهم فعليه المعظمُ
وقيل لا وقيل لا منهم وقد ... قسمه الشيخ وقال: ما انفرد
دون الثقات ثقة خالفهم ... فيه صريحاً فهو رد عنده
أو لم يخالف فاقبلنه ... وادعى فيه الخطيب الاتفاق مجمعا
أو خالف الإطلاق -ننتبه لهذه-
أو خالف الإطلاق نحو: جعلت ... فالشافعي وأحمد احتجا بذا
تربة الأرض فهي فردٌ نقلت ... والوصل والإرسال من ذا أخذا
أو خالف الإطلاق ...(19/6)
يعني كأن الحافظ العراقي يجعله من باب الإطلاق والتقييد، وعلى هذا يحمل المطلق على المقيد "فالشافعي وأحمد احتجا بذا" لأن حمل المطلق على المقيد بهذا، حمل المطلق على المقيد لاتحاد في السبب والحكم معروف هذا اتفاق في مثل هذه الصورة "فالشافعي وأحمد احتجا بذا" فقالوا: يحمل المطلق على المقيد بالتربة، الأرض المطلقة تحمل على المقيدة بالتربة، فجعله من باب الإطلاق والتقييد.
نشوف ما قال الشارح، قال: أو خالف الإطلاق فزاد لفظةً معنوية، يعني في معناها ما يخالف ما في اللفظ الآخر، فزاد لفظةً معنوية في حديث لم يذكرها سائر من رواه، نحو جعلت تربة الأرض بالنقل ((تربة الأرض لنا طهوراً)) في حديث: ((فضلت على الناس بثلاث)) ... إلى آخره، و ((جعلت لنا الأرض مسجداً)) فهي -يعني زيادة التربة- فردٌ نقلت، تفرد بروايتها أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي عن ربع بن حذيفة أخرجها مسلم في صحيحه.
وكذا أخرجها ... إلى آخره، وسائر الروايات الصحيحة من غير حديث حذيفة لفظه: ((وجعلت لنا الأرض مسجداً وطهوراً))، فقال: قال -رحمه الله- فهذا وما أشبهه يشبه القسم الأول من حيث إن ما رواه الجماعة عام.
شوف في المتن قال: أو خالف الإطلاق، وهنا قال: إنما رواه الجماعة عام، وهذا الذي نقول: إن بعض الشراح حتى في شراح الحديث خلط بعضهم، أحياناً قال: عام وقال: خاص، وأحياناً مطلق، وأحياناً يقول: مقيد، حتى الواحد منهم قد يجعلها من النوعين.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ويش أجل؟ هو فقيه، فقيه أصولي، له مؤلفات يمكن أكثر من كتبه في الحديث، مع أنه أثري.
نعم قد يغفل الإنسان عند الحديث المرسل كذا، يعني بدون كتابة، لكن في الكتابة يحرر، يعني هو الإنسان يدرس ويتكلم إلقاء قد يسبق لسانه إلى إطلاق أو إلى عموم وما أشبه ذلك، لكنه عند الكتابة لا بد من التحرير.(19/7)
من حيث إن ما رواه الجماعة عامٌ، يعني لشموله جميع أجزاء الأرض، وما رواه المنفرد بالزيادة مخصوص يعني بالتراب، فجعله السخاوي الشارح من العام والخاص، وفي ذلك مغايرة في الصفة، رجعنا إلى كونه تقييد؛ لأن التقييد تقليل الأوصاف، والتخصيص تقليل الأفراد، وفي ذلك مغايرة في الصفة هذا خلط أيضاً، ونوع مخالفة يختلف بها الحكم، ويشبه أيضاً القسم الثاني من حيث إنه لا منافاة بينهما، لا منافاة من حيث الحكم، يعني يجوز التيمم بالعام ويجوز أيضاً بالخاص، فحكم الخاص موافق لحكم العام، فالشافعي بالإسكان، وأحمد احتج بذا، أي باللفظ المزيد هنا، حيث خصا التيمم بالتراب.
يقول النووي في شرح المهذب: مذهبنا أنه لا يصح التيمم بتراب، هذا هو المعروف في المذهب، وبه قطع الأصحاب، وتظاهرت عليه نصوص الشافعي، وبه قال أحمد وابن المنذر وداود، وقال أبو حنيفة ومالك: يجوز بكل أجزاء الأرض حتى بصخرة مغسولة، هذا في شرح المهذب في الجزء الثاني صفحة ثلاثة عشرة ومائتين، ونحوه لابن قدامة في المغني.
الآن اتضح الكلام، يعني من قال بجواز التيمم بغير التراب عمل بالنص العام، ولم ير الخاص معارضاً له للاتحاد في الحكم، ومن قال بعدم جواز التيمم بغير التراب نقول: المعروف عند الشافعية والحنابلة أنه لا يتيمم إلا بتراب له غبار يعلق باليد، وهذا مقتضى قوله -جل وعلا-: {مِّنْهُ} [(6) سورة المائدة] يعني لا بد أن يبقى شيء بحيث يمسح به أعضاء التيمم منه، بشيء منه، وهذه للتبعيض، والحنفية والمالكية عملوا بالعموم، اللي هو العموم ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) هو قويٌ بمنطوقه، المنطوق أقوى من المفهوم.
طالب:. . . . . . . . .(19/8)
لا، المنطوق دلالة المنطوق في الحديث والتيمم بجميع ما على وجه الأرض قوية، باعتبار أنها دلالة منطوق، الضعف من حيث العموم، الخاص أقوى من العام، معارضه الروايات الأخرى ((جعلت تربتها)) قوتها في خصوصها، وضعفها في كونها مفهوم، يعني مثل حديث القلتين مع حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) ولذلك شيخ الإسلام لما نظر إلى قوة المنطوق وضعف المفهوم ألغى المفهوم، بعض الإخوان فهم من عرض المذاهب في كون التيمم مبيح ورافع، وما ذكرناه من أن بعض أهل العلم يراه رافعاً رفعاً مطلقاً كالماء، فهم منه أن الإنسان يستمر على تيممه، ولا ينتقض تيممه إلا بما ينقض الوضوء ولو وجد الماء، يعني يستمر يصلي به ما دام على طهارة، نقول له هذا ما قال به أحد؛ لأن أصل التيمم شرطه عدم وجود الماء، لكن الفرق بين من يقول: إنه رافع رفع مطلق، وبين من يقول: إنه رافع رفع مؤقت الفرق بينهما إنما يظهر في الجنابة، ظهوره في الجنابة، فمن تيمم بعد أن أجنب، ثم وجد الماء هل نقول: عليك الغسل؛ لأن رفعه للجنابة رفع مؤقت، حتى وجدت الماء ((فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته)) أو رفع الحدث رفعاً مطلقاً بمعنى أن الجنابة ارتفعت ولا تعود إلا بسببٍ جديد.
هنا يظهر الخلاف، إذاً ما الفرق بين من يقول: إنه يرفع رفع مؤقت وبين من يقول: إنه مبيح؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، الذين يقولون: إنه مبيح عندهم تقييدات كثيرة تأتي -إن شاء الله- في الدرس القادم، والذين يقولون: إنه يرفع رفع مؤقت قبل وجود الماء مع عدم الماء حكمه حكم الوضوء، والذين يقولون: إنه مبيح يقولون: لا، ليس حكمه حكم المبيح، إذا تيمم للأدنى لا يفعل به الأعلى، وإذا خرج الوقت بطل التيمم ولو لم يجد الماء، الذين يقولون: إنه رافع يقولون: ما يبطل التيمم إلا بمبطلات الوضوء، أو وجود الماء، اشترط نفيه في الأصل الذي هو وجود الماء، وأما كونه مثل الوضوء أو مثل الغسل من كل وجه، بحيث أنه يستمر طاهراً ولو وجد الماء هذا ما قال به أحد، وليس من مقتضى الإطلاق عند من يقول: إنه يرفع رفعاً مطلقاً.
طالب:. . . . . . . . .(19/9)
لا، لا. . . . . . . . . لكن لو أجنب مرة ثانية عليه أن يعود، ولذلك في شرح الحديث: ((فليتق الله وليمسه بشرته)) يتجاذبه القولان، ((فليتق الله وليمسه بشرته)) عما مضى من حدث أو لما يستقبل؟ يعني هل شيخ الإسلام يقول: إن الجنب إذا تيمم عن الجنابة يرجع فيغتسل؟ ما يقول هذا، ما يقول بهذا شيخ الإسلام، وكل من يقول: إنه رافع رفع مطلق، أما الرفع المؤقت وإن كان في كلام شيخ الإسلام ما يفيد أنه يرفع رفع مؤقت في بعض الصور، لكن لا شك أن شيخ الإسلام يرى أنه رافع وليس بمبيح، فهناك اشتراك بين الأقوال، فالقول بأنه يرفع رفعاً مؤقتاً هذا هو القول الوسط في المسألة، ويشبه القول بأنه مبيح من وجه، ويشبه القول بأنه يرفع رفع مطلق من وجه، وقلنا: إن المسألة إنما تظهر فائدتها فيمن تيمم عن الجنابة، ثم صلى بهذا التيمم، ثم وجد الماء.
((فليتق الله وليمسه بشرته)) عن الحدث الماضي عن الجنابة الماضية يتفقون على أنه لا يمسه بشرته عن الوضوء الماضي مثلاً، إلا إذا كان الوقت باقٍ على خلافٍ في المسألة معروف هذا، وأما بالنسبة للجنابة فالمرجح أنه يمسه بشرته عن الجنابة الماضية، ولو قلنا: لما يستقبل من أحداث كما قال بعضهم لقلنا: إن النص مؤكد، وعلى الفهم الأول يكون مؤسس لحكم جديد، والتأسيس عند أهل العلم خيرٌ من التأكيد.
طالب:. . . . . . . . .
ولا أمره بالإعادة؟ الوصف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لو قلنا بمقتضى هذا الوصف لقلنا: عليه الإعادة، الجنب يعيد، لو قلنا: إنه جنب لقلنا بالإعادة، هذا يستدل به من يقول: إنه مبيح لا يرفع، وصف الجنب باقٍ.
طالب:. . . . . . . . .
رفعاً مؤقتاً إلى أن يجد الماء، فالحدث ارتفع أثناء عدم الماء، فإذا وجد الماء عاد الحدث، فيكون رفعاً مؤقتاً، وهذا القول هو الوسط بين القولين، ولعله هو الراجح.
طالب:. . . . . . . . .
الماضي وإلا المستقبل؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، محل إجماع، إلا إذا كان في الوقت، منهم من قال: إنه يعيد في الوقت، على ما سيأتي -إن شاء الله-.
طالب:. . . . . . . . .(19/10)
أقول: هذه المسألة -المسألة اللي أعدناها- مسألة دقيقة ترى يا إخوان، أقول: حتى الشراح يخلطون أثناء الشرح، أثناء الشرح الواحد يخلطون، فيجعلها بعضهم أحياناً في كلامه يومي إلى أنها إطلاق وتقييد، ثم يعود إليها على أنها خاص وعام، فالمسألة تحتاج إلى انتباه.
طالب:. . . . . . . . .
يا دكتور هو في المنطوق ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا قلنا: إنه من باب الخاص والعام، ونظرنا إلى المنطوق فقط، قلنا: المنطوق موافق لحكم العام، موافق؛ لأن الحكم واحد، وإذا قلنا: بمفهومها وهو أن غير التراب لا يصح في التيمم ولا يجزئ قلنا: إنه خاص، فالقوة في المفهوم، وحكمه حينئذٍ مخالف لحكم العام، حكم المفهوم عدم الصحة، وحكم المنطوق -منطوق العام- الصحة، وهذا مخالف لحكم العام فيخص به عند من يقول بالتخصيص بالمفهوم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو المعروف عن مذهب الحنفية أنهم يجيزون مثل هذا، إذا كان التعامل مع غير المكلف كالحربي ونحوه يتعامل معه على أي عقدٍ كان، لكن المسلم يتدين بدين، يكلف بالأوامر والنواهي، عليه أن تكون عقوده موافقة لما جاء عن الله وعن رسوله، بغض النظر عن كونه عقد مع من يتدين بالدين أو لا.
بعضهم معروف عند بعض الحنفية أنهم يجيزون الربا مع الكافر.
طالب:. . . . . . . . .
الخمر ويش بيسوون؟ يبيعون عليه؟ حتى من يتدين بشربه على النصراني أو شبهه، الذين تباح لهم، يعني ممن تباح لهم في دينه.
طالب:. . . . . . . . .
أنا ما يحضرني شيء الآن، يراجع.
طالب:. . . . . . . . .
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(19/11)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (20)
"وإن كان به قرحٌ أو مرضٌ مخوف وأجنب فخشي على نفسه الماء غسل الصحيح من جسده، وتيمم لما لم يصبه الماء ... "
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وإن كان به قرحٌ" يعني جرح أو دمل، أو ما أشبه ذلك مما يؤثر فيه الماء، أو مرض يؤثر فيه مباشرة الماء، والمريض لا شك أنه يتأثر من الوضوء، يعني ترتفع عليه الحرارة والماء يبرد، ومع ذلك يزيد مرضه، وهذه من العجائب، يعني أكثر ما ترتفع الحرارة في الشتاء تزيد الحرارة في الشتاء بسبب البرد، وإذا بوشرت بشيء بارد زاد المرض، وجاءت الرحضاء، وما أشبه ذلك، المقصود أن مثل هذه الأمور إذا كان المريض يتأثر بمباشرة الماء فإنه يتيمم.
"وإن كان به قرحٌ أو مرضٌ مخوف -يخشى على نفسه منه بحيث يغلب على ظنه أنه يهلك- وأجنب فخشي على نفسه الماء غسل الصحيح من جسده، وتيمم لما لم يصبه الماء".
"إن كان به قرحٌ أو مرض مخوف وأجنب" إن كان به قرح يعني جرح أو بثرة أو دمل، أو ما أشبه ذلك، يخشى أن يزيد بسبب استعمال الماء، أو كان به مرض مخوف، قوله: "مخوف" يدل على أن المرض العادي الذي لا يخاف منه وإن زاد قليلاً بمباشرة الماء أنه لا يتيمم له، وأجنب مفهوم عبارة المؤلف أنه لا يتيمم إذا كان حدثه أصغر؛ لأن الوضوء ضرره أقل بكثير من الغسل، ضرر الوضوء أقل بكثير من الغسل، ومع ذلك أهل العلم يقولون: إذا كان المريض يتضرر بالوضوء عدل عنه إلى التيمم، وكذلك إذا كان لا يستطيع استعمال الماء، مريض على سريره لا يستطيع أن يتوضأ، ولا يوجد من يوضئه فإنه حينئذٍ يعدل إلى التيمم.
"أو مرض مخوف وأجنب" عرفنا أن مفهوم عبارة المؤلف أنه في الحدث الأكبر خاصة، في الجنابة، أما في الحدث الأصغر فلا بد من الوضوء، ولو كان به مرض مخوف، ولو كانت به جروح وقروح فإنه لا يتيمم.(20/1)
"فخشي على نفسه الماء" يعني من استعماله على الصحيح "غسل الصحيح من جسده" يغسل الصحيح هذا إذا كانت به قروح، أما إذا كان به مرض مخوف شامل لجميع بدنه فإنه يعدل إلى التيمم ولا يغسل شيئاً إلا إذا كان في بعض أطرافه ما يمكن غسله من غير خوف، أو زيادةً لهذا المرض المخوف "غسل الصحيح من جسده، وتيمم بما لم يصبه الماء" هذا في النسخة، وفي نسخ أخرى (لما) وهذه أظهر وأوجه "وتيمم لما لم يصبه الماء"
لو افترضنا أن في وجهه جرح، أو في ذراعه جرح، أو في رجله جرح، في رأسه جرح، فإنه يغسل ما يستطيع غسله، الأعضاء الأخرى لا بد من غسلها، ويغسل ما يستطيع غسله من هذا العضو، إذا لم يستوعب الجرح العضو فإنه يغسل ما يستطيع غسله، ويتيمم للباقي، فعندنا هذه مسألة غير الجبيرة، في آخر مسألة في الباب الجبائر، في يده جرح، لو أصابه الماء تألم به ألماً شديداً، وتأخر برؤه فإنه يغسل جميع الأعضاء ويغسل هذه اليد إلا موضع الجرح.
عند المؤلف يتيمم، لكن أمكن مسحه وهو أولى من التيمم، إن أمكن مسحه بالماء هو أولى من التيمم.(20/2)
المسألة الثانية: إذا كان هذا الجرح باليد متى يتيمم؟ لأنه قال: "غسل الصحيح من جسده وتيمم لما لم يصبه الماء" ما قال: ثم تيمم، قال: وتيمم في وقته، يعني إذا غسل الوجه، ثم غسل اليد اليمنى التي افترضنا أن فيها الجرح، غسل ما أمكن غسله، وتيمم للجرح؛ لأن الترتيب شرط، بل يسمونه ركن، من فروض الوضوء، لا بد منه الترتيب، فيتيمم ثم يغسل اليد اليسرى ثم يمسح الرأس ويغسل الرجلين، ولو قدر أن الجرح في الوجه يغسل ما يمكن غسله ثم يتيمم، أو يتيمم ثم يغسل ما يمكن غسله؛ لأن الوجه عضو واحد، لكن الكلام فيما إذا كان الجرح في أثناء الوضوء، إذا كان في الوجه، أو في الرجل سهل يعني، إما أن يتيمم قبل أو بعد الفراغ من الوضوء إذا كان في الرجل، لكن إذا كان في أثناء الوضوء، فالذي مشى عليه الأصحاب في المذهب أنه يتيمم في وقته، غسل الوجه، ثم غسل ما يمكن غسله من اليد، وتيمم لما لم يمكن غسله، ثم غسل اليد الثانية ثم أكمل الوضوء، هذا فيه مشقة وإلا ما فيه مشقة؟ فيه مشقة، لكن لو أكمل الوضوء على هذه الطريقة، ثم تيمم ما الذي يترتب عليه؟ يترتب عليه إخلال بالترتيب، الإخلال بالترتيب هذا في الوضوء، أما في الغسل فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ أن يؤخر التيمم ما فيه إشكال؛ لأن الغسل ما يلزم فيه ترتيب، لكن لو أخر التيمم إلى أن انتهى من ما يمكن غسله من الوضوء، ثم تيمم عن المحل الذي يتأثر بالماء.
عرفنا أن المذهب الذي يقرره الأصحاب أنه يتيمم في وقته لوجوب الترتيب، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يميل إلى أنه يتيمم إذا فرغ من وضوئه.
يقول: "والفصل بين أعضاء الوضوء بالتيمم بدعة"
طالب:. . . . . . . . .(20/3)
هذا كلامه، شيخ الإسلام مثل ما سمعتم يقول: "الفصل بين أعضاء الوضوء بالتيمم بدعة" فعلى هذا يتيمم، والتيمم يعني وجه كونه، أقول: وجه كونه يجوز تأخيره ولا يخل بالترتيب أنه بالنسبة للوضوء اتقى الله ما استطاع، ثم أتى بطهارة ترفع الحدث كاملاً، يعني لو تفردت يعني طهارة كاملة، يعني في الوضوء اتقى الله ما استطاع وغسل ما يمكن غسله، حتى انتهى من وضوئه، ثم جبر هذا النقص بطهارة أخرى يعني هل يقال مثلاً: أنت الأصل ضربة واحدة للوجه والكفين، هل يقول قائل: إنك تتيمم تضرب ضربة واحدة بقدر الجرح، أو تضرب كالتيمم الكامل للطهارة الكاملة، إذاً هذه طهارة كاملة، وبالنسبة للغسل اتقى الله ما استطاع، فإذا جبر هذا النقص بتيمم كامل كما لو لم يجد الماء فحينئذٍ لا إشكال، كما قرر ذلك شيخ الإسلام وغيره يعني في المذاهب الأخرى، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟
طالب:. . . . . . . . .
فيه إشكال؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه عطف بالواو، تيمم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هو مفهوم عبارته، لكن لو وجد هذا الجرح في أعضاء الوضوء ما يتيمم له عند المؤلف؟ يعني يفهم من عبارته.
طالب:. . . . . . . . .(20/4)
ترى التأليف عند المتقدمين لا سيما في مثل هذه المتون، وإلا هذا من أوائل المتون، يعني ما يحاسب المؤلف مثل ما يحاسب صاحب الزاد وصاحب الدليل وغيره على منطوق العبارة ومفهومها؛ لأنهم كانوا ماشين على .. ، في أوائل التصنيف ما يحاسبون مثل ما يحاسب المتأخر بعد تحرير المسائل وتنقيحها وتدقيقها، والتصنيف في أوله لا بد أن يكون فيه نقص وفيه خلل، ولو لاحظنا جميع المتون في سائر العلوم في جميع العلوم وجدناها على هذه الطريقة، يعني يبدأ التصنيف فيه شيء من النقص، ثم يأتي من يكمل هذا النقص، ثم يأتي من يكمل هذا النقص، ثم يأتي من يلاحظ ويغير ... إلى آخره، فالتصنيف في بدايته لو نظرنا في علوم الحديث مثلاً، التصنيف في علوم الحديث، يعني من أول ما صنف في علوم الحديث (المحدث الفاصل) يعني هل يمكن أن يتمرن طالب علم في علوم الحديث على المحدث الفاصل؟ ما يمكن، فيه إعواز كبير في الباب، فيه إعواز كبير، وقل مثل هذا لو أخذ المعرفة للحاكم، نعم يستفيد منها ولا غنية له عنها بعد أن يأخذ الكتب للمتأخرين التي فيها تفاصيل العلم.
قد يقول قائل: إذا كان هذا المتن من المتون المتقدمة، والكلام عن المتون المتقدمة بهذه الصورة لماذا عدلنا إلى هذا الكتاب مع وجود الكتب المتأخرة التي احتوت هذا الكتاب؟ ورفت ما فيه من خروق.
إيه بيّنا هذا في أول الأمر أننا نبي نمشي بالفقه على التدريج، ونعرف طريقة المتقدمين في التصنيف، ونعرف ما لهم وما عليهم، ثم بعد ذلك إن كان في العمر بقية يؤخذ متن من متون المتأخرين.
ولأهمية هذا المتن معروف شروحه أوصلها بعضهم إلى ثلاثمائة، متن أقول: معتمد عند أهل العلم، ومع ذلك لا يمكن محاسبته في قوله: "وأجنب" أننا نجزم أن المؤلف لا يرى التيمم في الحدث الأصغر في هذه الصورة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فيكون الحدث الأصغر من باب قياس الأولى.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو يمكن أن يقال هذا، ويمكن أن يقال عكسه؛ لأن الضرر في الوضوء أقل من الضرر في الغسل.
طالب:. . . . . . . . .(20/5)
لا، بس أنت لاحظ أن المتأخر لو تنظر إلى كلام الزاد (الحجاوي) اطلع على الانتقادات على الخرقي وتلافاها، ومن جاء بعده اطلع على الملاحظات عليها وتلافاها، فالشروح بينت بعض الملاحظات، يعني لم قرأ المغني، وعرف ما في عبارة الخرقي من انتقاد تلافاها في كتابه، وهو تصنيف البشر ترى {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [(82) سورة النساء] وأكثر المسائل مبنية على فهوم، فما يعني أن المتون المتقدمة أضبط وأتقن من المتون المتأخرة، ما يلزم.
لا شك أن علم السلف أقوى من علم الخلف، وأشد وأعظم بركة، وإن كان أقل، وابن رجب -رحمه الله- في فضل علم السلف على علم الخلف، قال: "ومن فضل عالماً على آخر بكثرة كلامه فقد أزرى بالمتقدمين" يعني لما توازن بين الإمام أحمد وبين شيخ الإسلام، الإمام أحمد في المسائل يقول كلمة، وشيخ الإسلام يبسط فيها مجلد، إن فضلت شيخ الإسلام بهذه الطريقة؛ لأنه يطيل ويسهب ويفصّل على الإمام أحمد يقول: أزريت بالمتقدمين، هذه طريقتهم، لا يقصدون إلى بسط المسائل بسطاً يعوقهم عن تحصيل غيرها، ولذلك بعض المشايخ من الموجودين يرى أن الكلام على مثل هذا المتن بقدره، يعني يمكن نقرأ خمس صفحات في درس واحد ونمشيها، لكن ما هي بهذه، الآن لا بد من البسط؛ لأن هناك اصطلاحات لا بد من بيانها، وهناك لأنهم بالنسبة للمتقدمين يكفيه كلمة، لماذا؟ لأنه يعرف كيف يتعامل مع هذه الكلمة سليقة، لكن الآن ارتبط الناس بالاصطلاحات لا بد من تفهيمهم العلوم على هذه المصطلحات.(20/6)
"وإذا تيمم صلى الصلاة التي قد حضر وقتها" بعد الزوال تيمم لصلاة الظهر، فصلى صلاة الظهر، وصلى قبلها الراتبة، وصلى بعدها الراتبة، صلى الصلاة التي قد حضر وقتها "وصلى به فوائت" تيمم بعد الزوال لصلاة الظهر، ثم ذكر أن صلاة العشاء باطلة، صلاها بغير طهارة، أو نسيها يصليها بنفس التيمم ما يحتاج إلى تيمم جديد، يصلي به صلاتين في الوقت الواحد "وصلى به فوائت إن كانت عليه" والتطوع، ومقتضى كلامه في صلاة الفوائت بنفس التيمم أنه يجمع بين الصلاتين بنفس التيمم، يجمع وإلا ما يجمع؟ لأنه ربطه بالوقت، فيصلي ما دام الوقت باقياً ما شاء من نوافل، ويصلي به فرائض فريضة الوقت، وما يجمع إليها، وما نسيه أو ما فاته من صلوات؛ لأنه ارتبط بالوقت.
من أهل العلم من يرتبط بالفريضة بالفرض، تيمم لصلاة الفرض ما يصلي إلا صلاة الفرض، يصلي به نوافل لأنها أقل من الفريضة، لكن ما يصلي به فوائت، ولا يصلي به صلاة تجمع إلى هذه الصلاة؛ لأن كل صلاة أصل برأسها، لإباحاتها لا بد من التيمم.
والمذهب معروف الارتباط بالوقت، لكن قوله: إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى، مفهوم هذا الكلام أنه يستمر على طهارة ما لم يجد الماء إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى، وغيره يقول: إلى أن يخرج الوقت، إلى أن يخرج وقت الصلاة التي تيمم لها، فإذا خرج الوقت بطل التيمم.
ما الفرق بين العبارتين؟ الفرق في صورتين: في وقت صلاة الفجر، وأنه ينتهي بطلوع الشمس، ومقتضى كلامه أنه يمتد إلى زوال الشمس، إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى، ما في فرق؟ في فرق، وفي وقت صلاة العشاء في القول المرجح أنه ينتهي بنصف الليل أيضاً لا بد أن يتيمم إذا انتصف الليل، لا بد أن يتيمم يبطل التيمم بخروج وقت صلاة العشاء الذي هو منتصف الليل، ومقتضى كلامه أنه يستمر إلى طلوع الفجر، هذا أمره سهل؛ لأن فيه خلاف في وقت صلاة العشاء يمكن، لكن وقت صلاة الفجر إجماع أنه ينتهي بطلوع الشمس، فهل مراد المؤلف حقيقة اللفظ، أو أنه يريد ما يريده غيره؟ والحكم للغالب أن كل صلاة ينتهي وقتها بدخول وقت صلاة الأخرى، هو يريد الغالب أو يقصد هذا الكلام؟
طالب:. . . . . . . . .(20/7)
هذا الغالب، أو نقول: عزب عنه. . . . . . . . . صلاة الفجر وصلاة العشاء، ولا شك أنه لو قال: إلى أن يخرج الوقت هذا أدق ولا يستدرك عليه شيئاً، ما يستدرك عليه لا في صلاة الصبح اتفاقاً، ولا بصلاة العشاء على القول المرجح؛ لأن المؤلف ما يقول: إن وقت صلاة الفجر يمتد إلى زوال الشمس، ولا يقول به أحد، وبها يقيد حديث: ((ليس في النوم تفريط، إنما التفريط فيمن أخر الصلاة إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى)) يقيد بصلاة الصبح اتفاقاً، فيه تفريط إذا أخره إلى أن تطلع الشمس، ولو لم ينتظر إلى الزوال اتفاقاً، إجماع هذا، وصلاة العشاء إلى منتصف الليل عند من يقول به، وعرفنا أنه هو القول الراجح، وفيه النص الصحيح الصريح، حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم.
فلا بد من تقييد قوله: "إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى" لأننا نجزم أن مراده مراد غيره؛ لأنهم يقيدونه بخروج الوقت.
قال -رحمه الله-: "وإذا خاف العطش حبس الماء وتيمم ولا إعادة عليه" إذا خاف العطش، شخص عنده ماء وحضرت الصلاة، لكن هذا الماء لا يكفيه للوضوء والشرب، وإذا توضأ به عطش وهلك، فهل يتوضأ به باعتبار أن الوضوء شرط لركنٍ عظيم من أركان الإسلام، أو نقول: يحبسه للشرب ويتيمم، ويكون حينئذٍ فاقد للماء حكماً كالمريض الذي بين يديه الماء لكنه لا يستطيع استعماله؟
قال: "وإذا خاف العطش حبس الماء وتيمم، ولا إعادة عليه" هذا عنده ماء طهور وماء نجس، الماء النجس يستطيع أن يشربه ويرفع العطش، ويجزم بأنه لا يضره أيضاً، هل يتمم في مثل هذه الصورة ويشرب الطهور، ويريق النجس، أو يشرب النجس ويتوضأ بالطهور؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ما فيه ضرر، يعني نجاسة يسيرة ما تؤثر.
طالب: يحبس الطهور.
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ويريق؟
طالب: ويريق النجس.
ويريق النجس؛ لأن النجس لا تجوز مزاولته ولا مباشرته إلا لو كان ما معه غيره يخشى الهلاك يشرب، لكن عنده غيره، وحينئذٍ يشرب من الطهور ويحبسه لشربه، ويريق النجس.(20/8)
"وإذا نسي الجنابة وتيمم للحدث لم يجزه" إذا أجنب ثم نسي أن عليه جنابة فتيمم للحدث الأصغر، قال: لم يجزه لماذا؛ لأن الأعمال بالنيات، فلا يرتفع الحدث الأكبر بنية الحدث الأصغر، كما لو انغمس من عليه جنابة بالماء لم ينو رفع الحدث الأكبر، ونوى بذلك رفع الحدث الأصغر، وخرج مرتباً هذا لا يرتفع، لا ترتفع جنابته، الحدث الأكبر لا يرتفع؛ لأنه لم ينوه، لكن لو نواه ارتفع، وارتفع معه الحدث الأصغر.
وإذا نسي الجنابة وتيمم للحدث لم يجزه، وحينئذٍ لو كان عليه جنابة، ونوى رفع الجنابة فقط يجزه عن الحدث الأصغر وإلا ما يجزه؟ يجزيه؛ لأن الصغرى تدخل في الكبرى.
قال -رحمه الله-: "وإذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة خرج فتوضأ أو اغتسل إن كان جنباً واستقبل الصلاة" إذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة، إذا وجده يقيناً أو غلبة ظن؟ بمعنى أنه أقبل سيارة تحمل ماءً، ويرى الماء يسفح من جوانبها هذا يقين أن هذه السيارة فيها ماء، لكن إذا قدم قوماً على سيارة أو على راحلة أو ما أشبه ذلك ولا يدري هل معهم ماء أو ليس معهم ماء؟ يقول: "وإذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة خرج فتوضأ واغتسل" هذا إذا كان يقين هذا ما فيه إشكال، لكن إذا كان غلبة ظن أن هؤلاء معهم ماء، يخرج من صلاته أو يستمر؟ أو نقول: إن الأحكام تبنى على غلبة الظن، إن كان يغلب على ظنه أن معهم ماء يخرج ليؤدي الصلاة بطهارة كاملة، وإن كان غلب على ظنه ألا ماء معهم لم يخرج، وإن استوى الأمران الشك، يبقى أن الشك لا يرفع اليقين؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هذا صاف يصلي، تيمم وصلى ما عنده ماء، ما وجد ماء، في مفازة، ثم أقبل ركب معهم ماء يجزم أن معهم ماء هذه مسألة مفروغ منها، أنه يقطع الصلاة يخرج من صلاته ويتوضأ ويغتسل، ثم يؤدي الصلاة بطهارة.
إذا كان يغلب على ظنه ما شاف معهم ماء، لكن يقول: ها الجمع الكبير يغلب على الظن أن معهم ماء، بنسبة ثمانين بالمائة معهم ماء، مثل هذا أيضاً يخرج من صلاته ويؤدي الصلاة بطهارة كاملة.(20/9)
إذا كان شك خمسين بالمائة والله ما يدري معهم وإلا ما معهم؟ أقبل شخص على دباب، هذا الغالب أن ما معهم ماء؛ لأن الدباب مكشوف لو معه شيء رآه، مثل هذا لا يخرج بحال، أقبل شخص على سيارة، لكن ما يدري هل معه ماء شك؟ ففي هذه الحالة لا يخرج من صلاته إلا في حال اليقين أو غلبة الظن، أما في حال الشك أو الوهم الذي يقابل اليقين لا يقطع صلاته.
لكن جل الأحكام مبنية على غلبة الظن، وهذا شرط للصلاة يعني المسألة ....
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن يغلب على ظنك ... ؛ لأن حتى في مثل هذه الأمور وجود الماء مبطل للصلاة صح وإلا لا؟ فكونك تصلي صلاةً تجزم بأنها صحيحة لتخرج من عهدة الواجب بيقين، والأحكام عند أهل العلم كما هو معروف جلها مبني على غلبة الظن.
طالب:. . . . . . . . .
تعرف أن ...
طالب:. . . . . . . . .
لكن هم يغلب على ظنك أن معهم ماء؛ لأن الظن بتفاوته منه ما يقرب من اليقين ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، الشك قلنا: لا يخرج، قلنا: لا يخرج لا في حال الشك ولا في حالة الوهم من باب أولى، لكن في حالة غلبة الظن الذي يقرب من اليقين مثل هذا لا شك أن له وجه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لو راجعت فروع المسألة لوجدت كلام طويل، منهم يقول: إن الظن في حكم الشك، ونصوا بمسألة أو في قاعدة اليقين لا يزال بالشك أن الظن حكمه حكم الشك، لكن يبقى أن الظن ما هو على درجة واحدة، يعني الظن يبدأ من (51) إلى (99) فما دون النصف بين المرتبتين يقرب من الشك، وما فوق النصف مما بين المرتبتين يقرب من اليقين، يعني فرق بين ظن يصل إلى تسعين بالمائة، وبين ظن يصل إلى ستعين بالمائة فكل ما قرب من اليقين يأخذ حكمه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، يعني لو أتم صلاته جاء الماء وتم صلاته.
طالب:. . . . . . . . .(20/10)
يعني اتقى الله ما استطاع، بحث عن الماء قبل الدخول في الصلاة، ثم بعد ذلك شرع في الصلاة فجاء الماء، نعم من أهل العلم من يقول: إنه دخل الصلاة بطهارة بالنسبة له كاملة، طهارة شرعية، وإبطال العمل جاء النهي عنه، وهذا منه إبطال العمل جاء النهي عنه، لكن إبطال العمل من تلقائه بدون مبرر هذا الممنوع، ولذلك يختلفون في فطر الصائم، إذا أفطر الصائم المتطوع، من أهل العلم من يقول: المتطوع أمير نفسه، ومنهم من يدخل هذه الصورة في الآية، ويلزمونه بالقضاء، الحنفية يلزمونه بالقضاء مطلقاً، سواءً كان لحاجة أو لغير حاجة، والمالكية يلزمونه بالقضاء إذا كان هناك حاجة، والحنابلة والشافعية لا يلزمونه بالقضاء؛ لأن الأصل نفل، ولا مانع من إبطاله في ... ، المقصود أن إبطال العمل المنهي عنه في الآية فيه كلام كثير لأهل العلم، وفيه تفاصيل ويفرقون بين العمل المنهي عنه، وفي الآية فيه كلام كثير لأهل العلم وفيه تفاصيل، يفرقون بين العمل إذا كان فرضاً أو كان نفلاً، ويفرقون أيضاً بين المبطل هل هو لحاجة أو لغير حاجة؟ فمثل هذا لا شك أنها حاجة، إبطال الصلاة من أجل الوضوء حاجة؛ لأن الله -جل وعلا- قيد صحة التيمم بعدم الماء، وهذا واجد للماء، ولو. . . . . . . . . صحة التيمم بعدم الماء وهذا واجد للماء، ولو في جزء من صلاته.
"وإذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة خرج فتوضأ أو اغتسل إن كان جنباً واستقبل الصلاة" يعني من جديد، يبدأ بالصلاة من جديد من تكبيرة الإحرام إلى آخرها، ولا يبني على ما مضى، يعني فيما إذا سبقه الحدث أحدث في صلاته ثم خرج فتوضأ ورجع.
جاء الخبر في أنه يبني ولا يتكلم، معنى أنه لا يبطلها بمبطل آخر، يبني والحدث فيه ضعف، والأصح في هذه المسألة أنه يستقبل؛ لأنه جاء بمبطلات، يستقبل من جديد، يعني يذهب ليتوضأ ثم يبدأ الصلاة، يشرع بها من جديد، وهنا قال: "واستقبل الصلاة" إذا كان يطوف مثلاً، وسبقه الحدث، ثم ذهب ليتوضأ، وهو ممن يرى اشتراط الطهارة للطواف، يستقبل وإلا يبني؟ ويش الفرق بينها وبين الصلاة؟
طالب:. . . . . . . . .
شلون يستقبل؟
طالب:. . . . . . . . .(20/11)
لا ما في فرق هذا، حتى من قال: يبني قال: من أثناء الشوط ويش المانع؟ ارتباط الصلاة ارتباط آخرها بأولها يقتضي ذلك، نعم والطواف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا فيه إباحة مبطلات في الصلاة، يعني في الطواف ما يباح وهو يبطل الصلاة، الكلام مثلاً، لكن إذا قلنا: إن الشوط الواحد مرتبط أوله بآخره، فإنه يستأنف من أول الشوط، وإذا قلنا: إن حكم الطواف واحد، والشوط الواحد كالأشواط يمكن تبعضه، بحيث لو أقيمت الصلاة وهو في أثناء الشوط يؤدي الصلاة ثم يعود إلى طوافه فيكمله من حيث وقف.
فوجوه الاختلاف بين الصلاة والطواف ظاهر؛ لأنه يباح في الطواف ما لا يباح في الصلاة.
قال -رحمه الله-: "وإذا شد الكسير الجبائر وكان طاهراً ولم يعدُ بها موضع الكسر مسح عليها كلما أحدث إلى أن يحلها" شد الكسير الجبيرة على الكسر، أو المجروح يعني في جرح ما هو بكسر جرح، ولفت من قبل الأطباء، ورأوا أن إبقاءها مكشوفة يضر بصاحبها، ولف عليها صار لها حكم الجبيرة "وإذا شد الكسير الجبائر" إلا أن التنصيص على الكسير؛ لأنه هو الذي يحتاج الشد المتواصل، بمعنى أنه لو ربطت عليه الجبائر ما تحل مثلما تحل على الجرح، الجرح يمكن تحل في كل وقت للعلاج مثلاً، لوضع الدواء على هذا الجرح، أما الكسير ما يحتاج إلى علاج إلا الشد، فلا تحل، بل قد يبقى الكسير في جبيرته أيام، بل أسابيع وقد يحتاج إلى أشهر، فالتنصيص على الكسير لا يخرج الجريح، لكن حاجة الكسير إلى مواصلة الشد بحيث تمر عليه الأوقات أكثر من حاجة الجريح، ولهذا ينص عليه وإلا فالحكم واحد.
لو قلنا: إن الجريح أوصى الأطباء أنه لا يحل جرحه إلا بعد شهر صار حكمه حكم الكسير "وإذا شد الكسير الجبائر" والجبائر: جمع جبيرة كالكبائر جمع كبيرة، ما يجبر به الكسر كالأعواد مثلاً فيما يستعمل في السابق، أو الجبس فيما يستعمل في الوقت الحاضر "وإذا شد الكسير الجبائر وكان طاهراً" وكان طاهراً بهذا الشرط، أولاً: لا بد أن تشد الجبائر، وأن يكون على طهارة قبل شد هذه الجبيرة أو الجبائر، كان طاهراً بمعنى أنه لو انكسر ثم شدت عليه الجبيرة ولم يتوضأ ولم يكن طاهراً قبل يجوز له أن يمسح أو لا يجوز؟ على كلامه لا يجوز.(20/12)
الشد ما الذي يفهم من الشد؟ الشد الربط بقوة، هل نفهم من هذا أن لو كانت الجبيرة رخوة بمعنى يمكن تحريكها عن مكانها وإمكان غسل ما تحتها وإرجاعها إلى مكانها؟ يعني هل يمكن أن نفهم هذا وإلا ما يمكن؟
الطالب: الظاهر أنه لا مفهوم له يا شيخ.
لو قال الأطباء مثل هذا الكسر يكفيه أن يوجد جبيرة رخوة بحيث لو حركت عن مكانها ما تضرر؛ لأننا نأخذ من كلمة شد.
طالب:. . . . . . . . .
لا تقل لي: يصلح ما يصلح هذا شيء، لكن أنا أفترض أنه يصلح، قال الأطباء: يصلح، ما يكون حكمه حكم الخاتم وتحريكه وتقديمه وتأخيره إذا أمكن غسل ما تحته من غير ضرر؟
طالب: إذا أمكن نعم.
نقول: إذا شد، يعني أنا أريد أن آخذ من كلمة إذا شد ونجعلها إيش؟ شرط من شروط المسح؛ لأنه إذا شد وكان طاهراً ولم .... كل هذه شروط، فإذا كانت بحيث يمكن حلها ولا يتضرر الكسر، أو يمكن تقديمها أو تأخيرها بحيث لا يتضرر الكسر فإنه لا يجوز المسح؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الجبيرة من لفظها، ما يجبر به الكسر، كون الواقع الذي عليه الجبائر الواقع أن الجبائر لا تنفع إلا إذا شدت بقوة، نحن نفترض أن هناك جبيرة تنفع من غير شد، أو هناك نوع من الكسور ينفع فيها الجبر بدون شد، بحيث يمكن تحريكها كالخاتم.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يلزم التصور يا أخي في افتراض المسائل، ما يلزم التصور، أنت افهم التصور فهم، ما هو بتصور واقع، التصور فهم، يعني مثل ما قالوا: لو تيمم لمس اللوح المحفوظ، تقول: ما هي بمتصورة؟ قالوا هذا يا أخي، فهل يقرأ القرآن أو لا يقرأ بهذا التيمم؟ فكون الفقهاء يوردون مثل هذه الأمور، وما يدريك في يوم من الأيام يمكن يقع مثل هذا الأمر؟(20/13)
لو عرج بالإمام كيف يعرج بالإمام؟ فما الحكم؟ في عروج لغير النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ المعراج خاص به، صلى الإمام بالمأمومين في صالة عمارة ما وجد مكان أنسب منها، وفي مكان القبلة مصعد، والمكان ما يستوعب المأمومين إلا أن يكون الإمام في الصف؛ لأن الإمام بيأخذ مكان صف كامل، قالوا: افتحوا المصعد وخلو المحراب هو المصعد، ولما كبر الإمام عرج به، ارتفع المصعد، طلب من الدور السابع وراح للدور السابع، مسائل ما نستغرب أن يقع مثل هذه الأمور، كيف يعرج به؟ خلاص المعراج للنبي -عليه الصلاة والسلام- ما في غيره، نعم عرج به إلى السماء، وإذا عرج بالإمام هذا متصور يا أخي.
فأنت افترض أن الطبيب جعلها رخوة، يقول: هذا الكسر ما يحتمل الشد الذي بحيث لا تتحرك، فنقول: هذه تتحرك يؤخرها ويغسل ما تحتها كالخاتم، فيكون من شرط المسح أن تكون الجبيرة مشدودة بحيث لا تتحرك، وهذا واضح من كلمة شد، يعني حينما يقول: لا يثبت على الراحلة، إيش معنى ما يثبت على الراحلة؟
طالب: يحتاج إلى شد.
إلا بشده، ويش معنى شده؟ يعني مثل ربط حزام الأمان، أو مثل ربط العفش علشان ما يطيح ولا يتحرك؟ فرق بين الشد وبين ما هنا، اللي عندنا شدّ له مفهوم، ولذلك ما نقول: إنه ما هو متصور جبيرة بدون شد، يمكن، وما يدريك؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هي جبيرة؛ لأنه جبر بها الكسر، لكن إذا شدت بحيث لا تتحرك امسح عليها، إذا كانت بحيث لو حركت تحركت هذه حكمها حكم الخاتم.
طالب:. . . . . . . . .
لكن بحيث لا يتأثر الجرح، بحيث لا يتأثر الكسر، لا بد من هذا.
"وكان طاهراً" لا بد من تقدم الطهارة قياساً على المسح على الخف، قياساً على المسح على الخفين، ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) فلا بد من تقدم الطهارة قياساً على مسح الخف، لكن هذا الشرط محل خلاف ونزاع بين أهل العلم، ومثل هذه الأمور تحصل فجأة، وليس في النصوص التي تدل على المسح على الجبيرة كحديث علي لما انكسر إحدى زنديه، وحيث صاحب الشجة ليس فيها ما يدل على تقدم الطهارة، فالمرجح أنه لا يلزم لها تقدم طهارة.(20/14)
"ولم يعدُ بها موضع الكسر" يعني ما زادت عن قدر الحاجة، الكسر يحتاج واحد سانتي، افترضنا أنه من أجل الحماية لهذا الكسر احتجنا إلى خمس سانتي، زيادة اثنين من هنا وزيادة اثنين من هنا ليمكن الربط، نقول: هذه تعدت موضع الحاجة "ولم يعد بها موضع الكسر" أما لو قال: موضع الحاجة فرق بين موضع الكسر وبين موضع الحاجة، موضع الحاجة أوسع؛ لأنه قد يحتاج إلى ما قبل الكسر وما بعده حاجة، لكن ليس موضع الكسر، يعني لو قال: موضع الحاجة ما احتجنا إلى كلام، لكن إذا تعدى موضع الكسر احتجنا إلى خمسة سانتي قبل وخمسة بعد لنتمكن من الشد، على كلامه يمسح وإلا ما يمسح؟ ما يمسح، لكن لو قال: "ولم يعدُ بها موضع الحاجة" وهذا هو الصحيح؛ لأن ما لا يتم الأمر إلا به فهو منه، كما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فمثل هذا لا يتم التجبير إلا به فهو من التجبير، وحينئذٍ الأصل في العبارة أن يقول: ولم يعد بها موضع الحاجة، والحاجة أوسع من موضع الكسر.
"مسح عليها كلما أحدث إلى أن يحلها" وهذان السطران نعيد الكلام فيهما في بداية الدرس القادم، ونأخذ المسح على الخفين -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(20/15)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (21)
شرح قوله: "وإن شد الكسير الجبائر، وكان طاهراً، ولم يعد بها موضع الكسر مسح عليها كلما أحدث إلى أن يحلها ... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يسأل من الإمارات يقول: إنه يعمل في شركة تأخذ تسهيلات بنكية من البنوك الربوية في حدود خمسة في المائة من أرباح الشركة، فما هو الحكم في مرتبي من هذه الشركة؟ وهل يجوز لي العمل فيها مع العلم أن معظم الشركات تتعامل بهذه الطريقة؟
هؤلاء الذين يقترضون بالربا معروف حكمهم، وأنهم محاربون لله ورسوله، وأن عملهم محرم، والتعاون معهم حرام، فالعمل لديهم محرم، وما كسب به من أجرة فهو سحت محرم.
هذا يقول: لو نوى رفع الحدث الأكبر ولم ينو الطهارة الصغرى فهل يجزئ ذلك؟ وما توجيه حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) عند من يجيز ذلك؟
لو نوى الحدث الأكبر حصل التداخل الذي يقرره أهل العلم أنه متى أجتمع عبادتان من جنس واحد لم تكن إحداهما مقضية والأخرى مؤداة، فإنها تدخل الصغرى في الكبرى، وإذا نوى الغسل نوى رفع الحدث الأكبر ارتفع الحدث الأصغر تبعاً له ولو لم ينو، المقصود أنه نوى رفع الحدث، فإذا نوى رفع الحدث الأكبر فمن باب أولى ارتفاع الحدث الأصغر.
هنا يقول: ألا يكون أفعل التفضيل مثل قولنا: الصلاة خير من النوم في الآذان؟
نفس السؤال، وأجيب عنه في وقته، نسيت المناسبة التي ذكر فيها هذا التفضيل، ومن المعلوم أن أفعل التفضيل الأصل فيها أنها تجمع بين شيئين يشتركان في وصف يزيد أحدهما على الآخر في هذا الوصف، هذا الأصل فيها، وقد تجمع بين شيئين لا يشتركان في الوصف فتكون على غير بابها، وهذا الاستعمال الأخير هو عند أهل الحديث كثير، فيقولون: حديث فلان أصح ما في الباب، وهو ضعيف ليس بصحيح، ويقولون: أضعف ما في الباب مع أنه صحيح وليس بضعيف، لكنه معه أحاديث صحيحة أصح منه، فالصحة والضعف نسبية، ويقولون: فلان أوثق من فلان وكلاهما ضعيف، فابن لهيعة أوثق من الإفريقي، وكلاهما ضعيف، وإذا قيل: إن نافعاً أضعف من سالم لا يعني أن نافعاً أو سالماً ضعيفان، بل هما ثقتان، لكنه أقل منه في المرتبة.(21/1)
يقول: إذا كنت قد أقرضت أحد الأشخاص مبلغ من المال وحال عليه الحول، ولا زال المبلغ معهم ولم يرجعوه لي فهل علي زكاة؟
إذا كانوا موسرين فعليك الزكاة كلما حال عليه الحول، وإذا كانوا معسرين، هو في أول السؤال يقول: أقرضت أحد الأشخاص ثم قال: ولا زال المبلغ معهم ولم يرجعوه لي، والأمر سيان سواء كان المقرض واحد أو أكثر، فإن كان موسراً فتجب الزكاة كلما حال عليه الحول، وإن كان معسراً فيزكيه إذا قبضه سنة واحدة.
وهذا يقول: رجحتم أن الأنبياء لهم دعوة واحدة مستجابة وباقي الدعوات مثل عامة الناس، فما يجاب عن قصة أويس؟ فهل يقال: إنه يفضل على الأنبياء في هذه أم هناك فرقاً بين الدعاء والقسم، وعليه هل يفضل أحد على الأنبياء في خصلة أو أكثر؟ أفتونا.
أنا ما أذكر مثل هذا الكلام، أني قلت: إن الأنبياء لهم دعوة واحدة مستجابة، وإنما قلت: هم أولى الناس بالإجابة، ومن أهل العلم من يرى أنهم مجابون في كل ما دعوا، ولكن النصوص تدل على أنهم مجابون بالجملة؛ لأن الأسباب متوافرة، والموانع منتفية، لكن لا يلزم من هذا أن يجابوا في كل سؤال، وثبت أنهم ومنهم نبينا -عليه الصلاة والسلام- دعا فلم يجب، وليس في هذا حط من قدره -عليه الصلاة والسلام-، وإنما لأمر يريده الله -جل وعلا-، وهم أولى الناس بالإجابة، ولا يفضل عليهم أحد في أي خصلة من الخصال.
هذا يقول: ما هي الأشياء التي تبطل مدة المسح على الخفين أو على العمامة غير انتهاء المدة؟
هذا يأتي -إن شاء الله تعالى- في باب المسح على الخفين، وهو درسنا -إن شاء الله تعالى- في هذا اليوم.
يقول: ما حكم التسوك أثناء الصلاة؟
أثناء الصلاة هذا عبث، أقل أحواله أن يكون عبثاً، أثناء الصلاة عبث، ولا يجوز بحال.
هذا يقول: إن امرأته تعاني من اضطراب في الدورة الشهرية بسبب الهرمونات شهر تنقطع، وشهر تأتيها في بدايته ونهايته، وتنزل الدورة عليها أحياناً بالعلاج وأحياناً بدون علاج، وأحياناً ينزل عليها صفرة وكدرة مع خط أحمر رقيق، وهي لا تعرف كيف تصلي وتصوم، حيث أنه ينزل عليها، وليس لها وقت معين.(21/2)
هذه ليست معتادة، فترد إلى التمييز، فإذا كانت مميزة لون الدم هو دم الحيض، لونه أسود له رائحة، فتجلس متى رأت هذا الدم، وتترك ما عداه، وإذا كانت لا تستطيع التمييز مع أنها ليست معتادة مضطربة، هذه يسمونها المتحيرة، من أهل العلم من يرى أنها تجلس أقل الحيض.
وعلى كل حال النساء لا بد أن يكون لها طريقة تميز بها الدم، إما بلونه أو آلامه أو بعاداته، المقصود كل حالة لها ظرفها.
الطالب: عفا الله عنك ما يستفاد من الأطباء في هذا؟
نعم يرجع إلى الأطباء فإذا قرر الأطباء أن هذا اللون من ألوان دم الحيض لا مانع أن يستفاد منهم.
هذه طالبة من المغرب تقول: عندما نقوم لصلاة الفجر لا نستطيع الوضوء لبرودة الماء، فأحياناً نتيمم ونصلي فهل هذا يكفي أم لا بد من الوضوء؟ وإن كان كذلك فهل علينا أن نقضي الصلوات التي صليناها بالتيمم؟
إذا كان عندكم ما يسخن به الماء تعين عليكم ذلك، ولا تصح الصلاة بالتيمم مع هذه الحالة، إذا لم يكن عندكم ما يسخن به الماء وخشيتم الضرر تعدلون إلى التيمم، وعلى كل حال الصلوات الماضية إن كنتم قد اقتديتم ممن تبرأ الذمة بتقليده لأن من جهاتكم من يتساهل في هذا الأمر، جهات المغرب وموريتانيا وجهات الساحل الغربي، يتساهل في هذا الأمر، فإذا كان قد أفتاهم من أهل العلم من أفتاهم فلا يقضون ما فات، وإن كانوا اعتمدوا على رأيهم واجتهدوا من غير فتوى فإنهم يعيدون ما لا يشق عليهم إعادته، وما يمكن ضبطه.
هذا يقول: في الجنة كل شيء محلل يعني حتى لو كان محرماً في الدنيا أم لا؟
نعم في الجنة كل شيء مباح فيها، مما يوجد فيها، الخمر مباح لكنه مجرد من غوائل خمر الدنيا.
هذه أيضاً تقول: إن زوجها أصابه مرض نفسي كاد يودي بعقله، وقد ذهب إلى طبيب للعلاج متخصص في الأمراض النفسية، وبعد الكشف عليه وصف له علاج منه حبوب يتناولها ولكنها منومة، فبعد تناولها ينام طويلاً وقد تفوته بعض الصلوات في وقتها حتى إذا أفاق من نومه صلاها مع الفرض الحالي، فما الحكم في هذه الحالة؟ وما الحكم في تناول مثل هذا العلاج حيث إنه يتحسن بسببه، وأنا أوقظه في أوقات الصلاة ولكنه لا يشعر؟(21/3)
إذا كان هذا الكلام صحيحاً، وأن هذا العلاج مفيد له بمعنى أنه سبب من أسباب الشفاء من مرضه هذا فلا مانع من أن يأكل هذا العلاج ولو نام نوماً يؤخر بسببه الصلاة، على أن يحرص ويبذل الأسباب لأداء الصلاة
في وقتها.
الطالب:. . . . . . . . .
لا هي تقول: إنه يحسن الحالة، يعني يتحسن بسببها.
الطالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا كان لا بد منه فهذا معذور، لكن مع ذلك يبذل الأسباب للاستيقاظ في الموانع، ويبحث عن علاجات أخرى تخفف مثل هذا النوم، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا هي تتفاوت في تخديرها وتفتيرها؛ لأن هناك من علاجات السعال ما يجلب النوم، فإذا كان النوم من أسباب الشفاء -بإذن الله- كان حكمه حكم البنج، لا يأخذ حكم المخدر؛ لأنه ليس له نشوة ولا لذة ولا كذا، إنما يؤخذ حكم البنج، والبنج مباح ما فيه إشكال، يعني يشبه البنج من هذه الحيثية.
الطالب:. . . . . . . . .
ما هي مسألة محرم، الآن هذا التنويم وهذا التخدير هل إلحاقه بالخمر أو إلحاقه بالنبج؟
الطالب:. . . . . . . . .
إيه لكن الآن كأن أهل العلم مطبقون على جوازه للحاجة، ولا يأخذ حكم الخمر باعتبار ليس له نشوة ولا لذة، ولا يغير من الواقع شيء.
يقول: ما العلة في تضعيف حديث كفارة المجلس؟ وهل يصححه الشيخ؟ ما أدري الشيخ الألباني وإلا ... ؟
على كل حال حديث الكفارة كلام الإمام البخاري وتعليله واضح، لكن أكثر أهل العلم على تصحيحه.
والله ما أدري وش كاتب هذا؟ كأنه يقول: أين أجد جزء كفارة المجلس لابن كثير؟ هل هو مطبوع؟
أنا ما أعرفه مطبوعاً.
ذكر ابن القاسم في حاشية الروض عن ابن تيمية -رحمه الله- قوله: "سجود التلاوة عن قيام أفضل" هل يفهم منه أنه يقام للسجود؟
هذا يذكر عن عائشة -رضي الله عنها- وبعض الصحابة، وهو كأن العمدة فيه على لفظ الخرور الذي جاء في بعض آيات السجود، فالخرور يفهم منه أنه القيام.
يقول: مجموعة من النساء كن على أهبة السفر عند صلاة المغرب فصلين المغرب والعشاء جمع تقديم وهن في بيوتهن احتياطاً للسفر ثم سافرن فهل فعلهن صحيح؟ وما الواجب في حقهن إن كان فعلهن ليس بصحيح؟(21/4)
فعلهن ليس بصحيح يصلين المغرب ويتركن العشاء حتى يحين وقتها، ووقتها ممتد، وعند كثير من أهل العلم أنه يمتد إلى طلوع الصبح، إلى طلوع الفجر، وكونها تأخذ بهذا القول على أنه مرجوح عندي أفضل من أن تجمع جمع تقديم، وإذا حان وقتها وصلت على حالها في الطائرة في السيارة في أي حال تكون أسهل من أن تقدمها عن وقتها، وإذا أخرتها إلى أن تصل شريطة أن لا يخرج الوقت فهو أفضل.
يقول: ما رأيكم في القيام للصف الأول بعد الآذان وترك الحلقة حلقة الدرس؟ وهل يليق؟ وأيهما أفضل؟
إذا قلنا: إن الدرس في حكم الخطبة -خطبة الجمعة- فالدنو من الخطيب مطلوب بقدر الإمكان، والانتباه له وما يقول، فمثل هذه الحالة يبقى في مكانه، ولا يقوم عن حلقة الدرس ولو فاته الصف الأول، لكن الآن الآلات القريب والبعيد حكمهم سواء، بل قد يكون البعيد عن موضع الدرس أفضل من القريب؛ لأن الآلات التي فيها تكبير للصوت سماعاتها موزعة، وقد تكون في الصف الأول أكبر نصيب منها، فأنا عندي أنه يجلس في مكانه ويثبت وينتبه للدرس ولو فاته الصف الأول.
الطالب:. . . . . . . . .
إيه لكن العلة منتفية، والصوت أحياناً بالتجربة في هذا المسجد أحياناً القريب الصوت عنده مشوش، بعض المساجد يكون الدرس في الوسط جربناه في مسجد الراجحي، وفي المسجد قبة، تشوش تشويش بحيث يكون القريب منها لا يسمع شيء، والذين تفرقوا في الجوانب هذه أمور عللها مدركها، الأصل أنه كل ما يقرب من الشيخ ويجتمع الناس ويلتموا هذا هو الأفضل، لكن إذا عورض هذا الأصل بما هو أقوى منه؛ لأن الفائدة الأولى من الدرس الاستماع والفائدة، فإذا كان في مكان أبعد عن الشيخ لكنه أصفى، حتى لو قدر أنه كان في وسط الحلقة يشوش عليه جنبه واحد يسولف مثلاً، أو يكلم في جوال ثم قام عنه بحثاً عن مكان أكثر راحة واطمئنان واستيعاب له ذلك.
طالب: ما يستأنس بحديث النفر الثلاثة، الذي قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله)) ما يستأنس به في مثل هذا يا شيخ؟(21/5)
يستأنس به في الأصل، يعني لو لم يوجد موانع، إنما كان القرب لإيش؟ من أجل إيش القرب؟ إنما هو الاستماع والفائدة، فإذا كان عدمه أفضل فلا شك أن العلة معقولة، يرد على هذا مثلاً مسألة الالتفات في الآذان، كان بلال يلتفت يميناً وشمالاً، يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح، فهذه سنة، فإذا كان الالتفات مع الآلات يضعف الصوت فليلتفت أو لا يلتفت؟ نعم هو إن أمكن أن يدور والآلة بيده يميناً وشمالاً ويجمع بين الأمرين هذا هو الأصل، فإذا لم يمكن ينقطع الصوت إذا قال: حي على الصلاة أنقطع الصوت، والعلة معقولة أن الالتفات من أجل أن يسمع الجهات كلها.
الطالب:. . . . . . . . .
لا هو قد يقول قائل: ما دام الأمر كذلك لماذا لم أجلس في البيت وأستمع وأنا في البيت؟ صح وإلا لا؟ ما يمكن يقول هذا؟ يقول: أنا في بيتي ومرتاح وعلى مكتبي والأقلام عندي وكل حاجة عندي وأستمع بالآلة، لماذا لا يكون لأن هذا يحقق فائدة أكبر؟ نقول: لا يفوته سلوك الطريق ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً)).
المسألة الأخيرة في باب التيمم:
قال -رحمه الله-: "وإن شد الكسير الجبائر، وكان طاهراً، ولم يعد بها موضع الكسر مسح عليها كلما أحدث إلى أن يحلها".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(21/6)
هذه المسألة سبق الكلام فيها، لكن هل الشروط -شروط المسح على الجبائر- هل هي اثنان أو ثلاثة؟ ظاهر كلام الفقهاء أنهما اثنان، أن يكون قد شدها على طهارة، والثاني: أن لا تتجاوز موضع الحاجة، موضع الكسر، قال: "وإذا شد الكسير الجبائر، وكان طاهراً، ولم يعد بها موضع الكسر مسح عليها" وفي الدرس الماضي قلت: إذا شد هل الشد له مفهوم؟ لأن الشد من الشدة، وهي ضد الرخاوة في هذا الموضع، لو كانت رخوة، أو كانت مطاطة يمكن إبعادها عن مكانها في حال الوضوء، هل نعتبر هذا شرطاً أو ما نعتبره شرطاً؟ كسر وما فيه جرح ولا شيء، ولا يتأثر بالماء، وربط برباط مطاطي يمكن أن تجره كالخاتم، تحركه عن موضعه، هل نعتبر كلمة شد قيد وإلا ليست بقيد؟ الفقهاء لا يذكرون إلا شرطين: تكون على طهارة، ولم يعد بها موضع الكسر موضع الحاجة، يعني فرق بين الربط وبين الشد، يعني أظن أشرت إلى مسألة الذي لا يثبت على الراحلة، هل يكفي الذي لا يثبت على الراحلة أن يربط برباط مثل حزام الأمان، أو لا بد من رباط مثل رباط العفش؟ لا تتصورن المسألة سيارة، لا على بعير، يعني رباط الأمان هذا الذي في السيارات يصلح لشده على البعير، ما يصلح ما ينفع، لكن لا بد أن يوثق مثل ما يوثق العفش، علشان ما يتحرك عن مكانه، فنتصور هذا في مسألتنا، قوله: "وإذا شد الكسير الجبائر" افترضنا أن الطبيب قال: هذا ما يحتاج إلى ربط شديد، يحتاج إلى ربط لكنه لا يحتاج إلى شد قوي، ويمكن إزالة الجبيرة عن موضعها وقت الوضوء، أو الغسل كالخاتم، حينئذٍ يلزم تحريكه، ولذلك يختارون وإذا شد، المسألة مسألة شدة، ما قالوا: إذا ربط وإلا فهل نعتبر هذا قيد؟ شرط من الشروط، نعتبره ثالث ولو لم يشيروا إليه، وإنما نأخذه من لفظهم؟ أو نقول: ما دام كسر وربط عليه رباط ولو تحرك نبقى على الأصل؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .(21/7)
لكن إحنا نفترض أن الشد لا يمنع من وصول الماء كالخاتم، يحرك ولو كان مطاط يمكن يسحب إلى أعلى الذراع، ثم يغسل ما تحته ثم يعاد إلى مكانه، إذا أمكن هذا فالأصل الغسل، طيب هذان الشرطان وكان طاهراً ولم يعد بها موضع الكسر، مسح عليها كلما أحدث إلى أن يحلها، وأن يكون قد شدها على طهارة، وأن لا تتجاوز فيها موضع الكسر زيادة على الحاجة، شدها على طهارة معروف أنه محل خلاف بين العلماء؛ لأنه قد يكون الكسر أو الجرح مفاجئ، فإذا ألزمناه بغسله إنما هو في الأصل لدفع الضرر، ولذا القول المرجح في هذه المسألة عدم اشتراطه عند المشقة، لكن إذا كان يمكن فالخروج من الخلاف مطلوب، لما أراد أن يشدها ذهب إلى المستشفى انكسرت يده وأراد أن يشدها قال: أتوضأ الآن الماء عندي أغسلها وبعدين أربط عليها، بلا شك أن الخروج من الخلاف أبرأ للذمة، الشرط الثاني: أن لا يتجاوز بها موضع الكسر زيادة على الحاجة، يعني لو قدرنا أن الكسر يحتاج أو قدره ثلاثة سانتي مثلاً؛ لأنه متعرج مثلاً، يحتاج إلى ثلاثة سانتي، ونحتاج إلى اثنين سانتي قبله وبعده، هذه الأربعة سانتي هذه حاجة أو ليست بحاجة، هي لا شك أنها حاجة مما يتطلبه الشد، لكن من أهل العلم من يرى أن الحاجة بقدر الكسر، وما زاد على ذلك يأخذ حكم آخر، يعني يمسح من أجل الحاجة ويتمم للقدر الزائد، وهنا يكون قد جمع بين ثلاثة أمور في وضوء واحد، يغسل ما يمكن غسله، ويمسح على الجبيرة، ويتيمم للقدر الزائد، إن أختل الشرطان الأول والثاني، إذا أختل الشرطان لم يكن طاهراً وتعدى بها موضع الحاجة يقول العلماء: عليه أن ينزعها، فإن خاف من نزعها فإن كان الخلل في الشرطين معاً أو في الشرط الأول فإنه يتيمم ولا يمسح عليها، لماذا لا يمسح؟ لأنه لم يدخلها على طهارة كالخف، وبقي من مواضع الوضوء ما لم يغسل ولم يمسح، فالبدل هو التيمم، يعني إن أختل الشرطان معاً أو الشرط الأول بمعنى أنه لم يشدها على طهارة فإنه حينئذٍ يتيمم، ولا يمسح عليها، إذا أختل الشرط الثاني إذا تجاوز بها موضع الحاجة قالوا: فإنه يمسح عليها ويتيمم، لكن ما المقصود بالزيادة هذه على موضع الحاجة؟ هل معنى هذا أنه يحتاج إلى خمسة سانتي لشدها مع ما تتطلبه(21/8)
فجبر كل اليد مع أنه لا يحتاج إليها؟ هذا لا يجوز له أن يصنع شيئاً حتى يزيل هذا الزائد ويغسله؛ لأنه فرضه الغسل، ولا حاجة إلى مسحه ولا حاجة إلى التيمم مع إمكان الاستغناء عنه، المقصود أنهم يقولون: إذا تعدى موضع الحاجة، يعني تعدى موضع الجرح بدقة فإنه يمسح عليها ويتيمم للقدر الزائد، فهذا جمع بين الأمور كلها، الثلاثة.
عرفنا الفرق بين الشرطين؟ إذا أختل الشرط الأول يتيمم ولا يمسح؛ لأنه أدخل أو لبس الممسوح على غير طهارة كالخف، فلا يجوز له أن يمسح، وليس له حينئذٍ إلا البدل وهو التيمم، لكن أيهما أولى المسح أو التيمم؟ لماذا؟ لأنه طهارة أصلية، والتيمم طهارة بدل، يعني له جنس في الطهارة الأصلية، يعني مسح الرأس طهارة أصلية، وهذا سيأتي في المسح على الخفين -إن شاء الله تعالى-، حينما نظروا مسح الخف بمسح الرأس، وقالوا: إنه إذا نزع الخف لم تبطل الطهارة، كما لو مسح على شعر رأسه وحلقه، يأتي هذا ويأتي ما فيه أيضاً من انتقاد -إن شاء الله تعالى-، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
وش فيه؟
الطالب:. . . . . . . . .
على كل حال الشد تكلم فيه، في كلام طويل لأهل العلم، حديث علي: "انكسرت إحدى زندي" على ما فيه من كلام.
الطالب:. . . . . . . . .
وش فيه حديث علي؟ تحفظه؟ "انكسرت إحدى زندي" نعم؟ إيش باقيه؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
مسح فقط.(21/9)
الباب الذي يليه باب المسح على الخفين، وهناك تشابه كبير بين المسح على الجبيرة وبين المسح على الخفين، وكثير من أهل العلم يجعل الجبائر مع المسح على الخفين بجامع المسح، لكن لما أدخلوا التيمم بالنسبة للجبائر جعلوه في باب التيمم، ولا شك أن البابين يتنازعان الجبائر، عند من يقول بالتيمم، هناك أيضاً فروق بين مسح الجبيرة ومسح الخف، ذكر صاحب المغني خمسة فروق بين المسح على الجبيرة والمسح على الخفين، فقال: أحدها أنه لا يجوز المسح عليها إلا عند الضرر بنزعها بخلاف الخف يمسح عليه ولو لم يخش الضرر، والثاني: أنه يجب استيعابها بالمسح؛ لأنه لا ضرر في تعميمها بخلاف الخف، فإنه يشق تعميم جميعه ويتلفه المسح، والثالث: أنه يمسح على الجبيرة من غير توقيت بيوم وليلة، أو ثلاثة أيام للمسافر؛ لأن مسحها للضرورة فتقدر بقدرها، الضرورة تدعو في مسحها إلى حلها، فيقدر بذلك دون غيره، قد يكون مسافراً ويحتاج. . . . . . . . . يمسح ثلاثة أيام كالخف؟ لا نقول ذلك، قد يحتاج خمسة أيام هل نقول: أنزع بعد ثلاثة أيام؟ لا، وهذا مما تفارق فيه الجبيرة الخف، الفارق الرابع: أنه يمسح عليها في الطهارة الكبرى بخلاف الخف؛ لأن الضرر يلحق بنزعها بخلاف الخف فإنه لا يلحق بنزعه ضرر، ولا يمسح عليه في الطهارة الكبرى على ما سيأتي كما في حديث صفوان بن عسال، الخامس: وهو محل خلاف في مسألة تقدم الطهارة، اشتراط تقدم الطهارة، ففي إحدى الروايتين لا يشترط تقدم الطهارة بالنسبة للجبيرة، وبالنسبة للخف متفق على اشتراطه، المسح على الخفين، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
حين إيش؟ الخف؟ بالنسبة لإيش؟
الطالب:. . . . . . . . .(21/10)
رخصة، من أهل العلم من يقول: إن المسح رخصة؛ لأنه جاء على خلاف الأصل لمعارض الراجح، ومنهم من يقول: ما دام ثبت بدليل صحيح فهو أصل، المسألة معروفة باعتبار الرخص والعزائم فهل المسح على الخفين على خلاف الأصل أو جارٍ على الأصل؟ كثير من أهل العلم يدخل أبواب ومسائل كثيرة في ما جاء على خلاف الأصل، وشيخ الإسلام وابن القيم في إعلام الموقعين يذهبان إلى أن ما ثبت بدليل صحيح فهو أصل برأسه، ولو لم يكن على خلاف الأصل، والمسألة أظن خلافها شبيه باللفظي، المسخ على الخفين الأصل كما جاء في غسل الرجلين {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [(6) سورة المائدة] فالأصل الغسل والمسح بدل، ثبتت به أحاديث كثيرة جداً تبلع حد التواتر، وليس في النفس منه شيء، كما قال الإمام أحمد وغيره، فعندنا آية المائدة وأحاديث المسح، أحاديث المسح هل هي ناسخة لآية المائدة أو ليست ناسخة؟
الطالب: ليست ناسخة يا شيخ.
نعم رفع الحكم بالكلية، وهنا رفع مؤقت إلى أن يخلع الخف، شيخ الإسلام له كلام في مسألة المسح على الخفين، وأنه خفي على جمع من الصحابة، مع أنه متواتر.
يقول -رحمه الله- في الاختيارات: باب المسح على الخفين، قال أبو العباس: وخفي أصله على كثير من السلف والخلف حتى أنكره بعض الصحابة وطائفة من أهل المدينة وأهل البيت، معروف أن مذاهب المبتدعة كالرافضة إنكار المسح على الخفين، ولذا تدخل هذه المسألة وهي من الفروع تدخل في كتب العقائد؛ لأن المسألة إذا أشتهر الخلاف فيها مع المخالفين في العقائد أدخلت في كتب العقائد كهذه المسألة.(21/11)
قال أبو العباس: وخفي أصله على كثير من السلف والخلف حتى أنكره بعض الصحابة وطائفة من أهل المدينة وأهل البيت، وصنف الإمام أحمد كتاباً كبيراً في الأشربة في تحريم المسكر، ولم يذكر فيه خلافاً عن الصحابة، فقيل له في ذلك، فقال: هذا صح فيه الخلاف في الصحابة، يعني المسح على الخفين بخلاف المسكر، ومالك مع سعة علمه وعلو قدره أنكره في رواية، وأصحابه خالفوه في ذلك، قال: وحكى ابن أبي شيبة إنكاره عن عائشة وأبي هريرة وابن عباس وضعف الرواية عن الصحابة بإنكاره غير واحد، والله أعلم، وهذا هو المتجه، أن أحاديثه رواه الكافة، وهي مستفيضة، وقيل بتواترها، فلا يخفى هذا على آحاد الصحابة، وقد حصل منه -عليه الصلاة والسلام- سفراً وحضراً بمشهد جمع غفير من الصحابة، فالمتجه تضعيف ما جاء عن الصحابة من إنكاره، والله أعلم.(21/12)
قال: والذي خفي عليهم ظنوا معارضة آية المائدة للمسح؛ لأنه أمر فيها بغسل الرجلين، وأختلف في الآية مع المسح على الخفين، فقالت طائفة: المسح على الخفين ناسخ للآية قاله الخطابي, قال: وفيه دلالة على أنهم كانوا يرون نسخ القرآن بالسنة، وقال الطبري: مخصص، وقال طائفة: هو أمر زائد على ما في الكتاب، ومعلوم أن السنة تشتمل على أحكام كثيرة جداً لا ذكر لها في الكتاب، أحكام مستقلة، قالت طائفة: هو أمر زائد على ما في الكتاب، وقالت طائفة: بيان لما في الكتاب، ومال إليه أبو العباس، بيان يعني مثل ما في آية النساء، {حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [(15) سورة النساء] مع حديث عبادة بن الصامت ((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) من أهل العلم من يقول: إن الآية ناسخة لآية النساء، ومنهم من يقول: هي بيان، الذي يرى نسخ القرآن بالسنة ما عنده مشكلة، يقول: نسخت، والذي لا يرى ذلك يقول: هو بيان؛ لأن في الآية ما يشير إلى أن هذا الأمر مؤقت يرفع، وما كان من هذا النوع فليس بنسخ، يعني كما جاء في الأحاديث التي تشير إلى أن عيسى –عليه السلام- إذا نزل في آخر الزمان لا يقبل الجزية، فهذا نسخ للآية وإلا ليس بنسخ؟ {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [(29) سورة التوبة] ليس بنسخ لأنه توقيت، يعني في النصوص ما يدل على ارتفاع الحكم إذا انتهى وقته، وهنا ((قد جعل الله لهن سبيلاً)) وأيضاً جاء في الحديث ما يدل على المسح، والآية نص في الغسل.
قال: وجميع ما يدعى من السنة أنه ناسخ للقرآن غلط، هذا قول الجمهور، السنة لا تنسخ القرآن، لكن جمع من أهل التحقيق يرون أنه لا مانع؛ لأن الكل وحي، أما أحاديث المسح فهي تبين المراد بالقرآن، إذ ليس فيه أن لابس الخف يجب عليه غسل الرجلين، ليس فيه -في القرآن- أن لابس الخف يجب عليه غسل الرجلين، من أهل العلم من يرى أن المسح في القرآن من أين؟ من قراءة الجر، عطفاً على مسح الرأس، وإنما يكون المسح إذا كان على الرجلين خفان.(21/13)
إذ ليس فيه أن لابس الخف يجب عليه غسل الرجلين، وإنما فيه أن من قام إلى الصلاة يغسل، والأصل أنه بدون خفين، هذا الأصل، فيغسل الرجلين، وهذا عام لكل قائم إلى الصلاة، لكن ليس عاماً لكل أحواله، بل هو مطلق في ذلك مسكوت عنه.
قال أبو عمر بن عبد البر: معاذ الله أن يخالف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتاب الله، بل يبين مراده، وطائفة قالت كالشافعي وابن القصار ومال إليه أبو العباس أيضاً -يعني ابن تيمية رحمه الله-؛ لأن الصياغة -صياغة الاختيارات- ليست له، إن الآية قرئت بالخفض والنصب، فيحمل النصب على غسل الرجلين، والخفض على مسح الخفين فيكون القرآن كآيتين، لفظ واحد يؤخذ منه حكمان في نفس المورد هل يمكن أن يؤخذ من لفظ واحد حكمان؟ وهل هذا من باب العمل بحقيقة اللفظ ومجازه الذي يقول به بعض أهل العلم، وإن كان الجمهور على خلافه؟ أو نقول: إن القراءتين كاللفظين؟ لا سيما وأن القراءتين سبعيتان متواترتان، يعني لو كانت القراءة آحاد قلنا: حكمها حكم الخبر، حكمها حكم الحديث، وإن كان بعضهم لا يرى العمل بها أصلاً؛ لأنها إذا لم تثبت قرآن لم تثبت خبر، حديث، هنا لفظ واحد: "أرجلَكم" و"أرجلِكم" يدل على الغسل ويدل على المسح، هل هذا من العمل بحقيقة اللفظ ومجازه الذي ينكره أكثر أهل العلم؟ أو أننا نعتبر أن كل قراءة آية مستقلة؟ وهنا فيكون القرآن كآيتين، هي في الحقيقة آية واحدة، ولذلك قال: كآيتين، ما قال: فيكون القرآن كآيتين، ما قال: فيكون القرآن آيتين، يعني حكماً؛ لأن كل قراءة تدل على غير ما دلت عليه الأخرى، فحكمهما حكم القراءتين.
قال -رحمه الله-: وهل المسح أفضل أم غسل الرجلين؟ أم هما سواء؟ وعطف بـ (أم) والأصل أن يعطف بـ (أو) قال: وهل المسح أفضل أم غسل الرجلين؟ أم هما سواء؟ العطف بـ (أو) لأن العطف بـ (أم) إنما يكون بعد الهمزة.
و (أم) بها اعطف إثر همز التسوية ... أو همزة عن لفظ أي مغنية(21/14)
قال: وهل المسح أفضل أم غسل الرجلين؟ أم هما سواء؟ في الحديث الصحيح، حديث جابر: ((هل تزوجت بكراً أم ثيباً؟ )) نعم، لكن كلام الشراح طويل في تضمين (هل) أو روي بالمعنى، أو غير ذلك، على كل حال هذا الأصل، ثلاث روايات عن أحمد، والأفضل في حق كل أحد بحسب قدمه، يعني ما يلبس الإنسان من أجل المسح تعبداً، ولا يخلع الإنسان من أجل الغسل تعبداً.
الطالب:. . . . . . . . .
بالنسبة للحديث إذا جاءت رواية صحيحة بلفظ، وجاءت رواية أخرى صحيحة بلفظ آخر، واللفظ والخبر واحد ما تعدد ...
اللهم صل وسلم على نبينا محمد ...(21/15)
يقول -رحمه الله-: والأفضل في حق كل أحد بحسب قدمه، فللابس الخف أن يمسح عليه ولا ينزع خفيه، اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ولمن قدماه مكشوفتان الغسل، ولا يتحرى لبسه ليمسح عليه، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يغسل قدميه إذا كانتا مكشوفتين، ويمسح إذا كان لابس الخفين، ثم دخل -رحمه الله- في مسح اللفائف والنعل التي يشق نزعها، ويأتي -إن شاء الله تعالى- تفصيل ذلك من خلال الكتاب، لكنه أشار في النهاية، قال: إذا حل الجبيرة هل تنتقض طهارته كالخف؟ على قول من يقول بالنقض أو لا تنقض كحلق الرأس الذي ينبغي أن لا تنتقض الطهارة؟ بناء على أنها طهارة أصل؛ لوجوبها في الطهارتين وعدم توقيتها؟ وأن الجبيرة بمنزلة باقي البشرة؛ لأن الفرض استتر بما يمنع وصول الماء إليه، فأنتقل الفرض إلى الحائل في طهارتين، طهارة لشدها فألحقها بالحوائل البدلية، فتنتقض الطهارة بزوالها كالعمامة والخف، يقول: إذا حل الجبيرة فهل تنتقض طهارته كالخف؟ على قول من يقول بالنقض أو لا تنتقض كحلق الرأس؟ يعني الفرق بينهما شيخ الإسلام -رحمه الله- ممن يرى أن الطهارة لا تنتقض حتى بالخف، وأن هذا ليس من النواقض على ما سيأتي، لكن هنا أورد التردد بين إلحاق الجبيرة بالخف وبين إلحاقها بشعر الرأس، هو -رحمه الله- يلحق الخف بشعر الرأس إذا حلق، مع أن الخف بدل والرأس أصل، فرق بين البدل والأصل، فرق بين الأصل والبدل، الأصل فيه من القوة ما يجعله بهذه المثابة، والبدل ليس فيه من القوة ما في الأصل، هنا يقول: الذي ينبغي أن لا تنتقض الطهارة بناء على أنها طهارة أصل لوجوبها في الطهارتين وعدم توقيتها، هذا يضعف قوله في مسألة الخف –اسمعوا- الذي ينبغي أن لا تنقض الطهارة بناء على أنها طهارة أصل، لوجوبها في الطهارتين وعدم توقيتها، يعني هذا الكلام يضعف قوله بأن نزع الخف لا يبطل الطهارة؛ لأنه يتفق مع الناس كلهم، أن طهارة الخف طهارة فرع وليست بأصل.
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
إيه لا ليست أصل على كل حال، الأصل غسل الرجل.
الطالب:. . . . . . . . .(21/16)
أنت تنظر إلى أصل الإنسان هل هو بخف وإلا بدون؟ الخف طارئ صح وإلا لا؟ الخف طارئ على المحل، إذاً بأصل.
الطالب:. . . . . . . . .
إذاً نرجع إلى أصله الأصيل في مسألة هل يوجد خلاف الأصل أو لا يوجد خلاف الأصل؟ مع أنه قرر هنا أن الجبيرة طهارتها طهارة أصل، أظن أني ما استطعت أوصل ما أريد.
الطالب:. . . . . . . . .
لا هذا الأفضل، ما قال: الأصل، الأفضل أن يمسح ولا يتعبد بالخلع؛ لأن هذا هو المناسب له، كما يقال: أيهما أفضل الجمع أو التوقيت؟ أيهما أفضل في الرخص؟ نعم نقول: الأرفق بالمسافر هو الأفضل.
الطالب:. . . . . . . . .
قال: كآيتين، ما قال: هما آيتان، كآيتين.
الطالب:. . . . . . . . .
طيب، لكن هذا كلام ما يمشي على قول جماهير أهل العلم، ولا يمشي على كلامه هنا، .... الذي ينبغي أن لا تنتقض الطهارة بناء على أنها طهارة أصل، فدل على أن ما عداها طهارة فرع، إذا أعتبر الجبيرة طهارة أصل لوجوبها في الطهارتين وعدم توقيتها، إذاً الخف طهارة فرع لعدم وجوبها في الطهارتين وتوقيتها، من كلامه، واضح من كلامه، وهذا يضعف قوله -رحمه الله تعالى-: إن خلع الخف على ما سيأتي لا ينقض الطهارة، وأيضاً قدمنا الكلام على هذه المسألة لارتباطها بالجبيرة وإلا الكلام عليها سيأتي بالتفصيل، لكن هل نقول: إن مسح أو خلع الخف مبطل للطهارة ناقض من نواقض الوضوء أو لا؟ ما في أحد يقول هذا، هم يقولونه في التقسيم، لكن ليس هذا مرادهم، مرادهم أن الذي مسح على الخف ثم نزعه يصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، إذاً طهارة ناقصة، يعني ما وجدت الطهارة أصلاً الآن، فيصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، كيف يصلي؟ كشخص غسل جميع أعضاء الوضوء إلا الرجلين يحق له أن يصلي؟ ليس في حقه أن يصلي، وكلام الشيخ هنا إذا ربطناه بكلامه اللاحق في مسألة خلع الخف يتضح، قد يقول قائل: إن الاختيارات التقطت من الفتاوى المصرية ومن غيرها وهي متقدمة على كثير من فتاويه التي في المجموع، ويأتي تفصيل هذا -إن شاء الله تعالى-.
الطالب: أحسن الله إليك على قول من لا يشترط الموالاة في الوضوء؟(21/17)
الذي لا يشترط الموالاة يغسل رجليه فقط، وهذا يأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-، وأن الجبيرة بمنزلة باقي البشرة؛ لأن الفرض أستتر بما يمنع وصول الماء إليه، فأنتقل الفرض إلى الحائل في طهارتين كما ينتقل الوضوء إلى منبت الشعر في الوجه والرأس، نعم هل هو رافع وإلا مبيح؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا هي مسألة إلحاقها بالخف يعني قياسها على الخف هل تنتقض الطهارة؟ والعلة ظاهرة في كون انتقاض الطهارة في الخف؛ لأنه يصلي بعضو لا مغسول ولا ممسوح، وهنا إذا فكت الجبيرة يصلي بنفس العلة، يصلي بعضو لا مغسول ولا ممسوح، وأن الجبيرة بمنزلة باقي البشرة؛ لأن الفرض أستتر بما يمنع وصول الماء إليه، فأنتقل الفرض إلى الحائل في طهارتين كما ينتقل الوضوء إلى منبت الشعر في الوجه والرأس للمشقة لا للشعر، وهذا قوي على قول من لا يشترط الطهارة لشدها، فأما من أشترط الطهارة لشدها فألحقها بالحوائل البدلية فتنتقض الطهارة بزوالها كالعمامة والخف، ويتوجه أن تنبني هذه على الروايتين في اشتراط الطهارة، يقول: قلت: البدل عندنا بحل الجبيرة إن كان بعد البرء وإلا فكالخف إذا خلعه، إن كان بعد البرء وإلا فكالخف إذا خلعه، يقول: البدل عندنا في حل الجبيرة إذا كان بعد البرء وإلا فكالخف إذا خلعه وإن كان قبله -قبل البرء- فوجهان أصحهما كذلك، الشيخ -رحمه الله- في أصل المسألة أجرى الاحتمالات كلها على أن الخف على يعني. . . . . . . . . التنزل لا على رأيه هو، وإلا فمعروف رأيه في الخف، ومن باب أولى الجبيرة، أنها لا تنتقض الطهارة.
الطالب:. . . . . . . . .
مثل حلق الشعر، طهارة أصلية ما تنقض، طهارة أصلية مثل حلق الشعر، طهارة أصلية فيها من القوة ما يجعل الحكم سارياً، ولو أزيل، ولو قطعت الرجل بعد.
الطالب:. . . . . . . . .
قرر مثل ما أنه في حكم الشعر، بمعنى أنه لو حلق الشعر الوضوء صحيح.
الطالب:. . . . . . . . .
نعم نفس الشيء.
الطالب:. . . . . . . . .
لا هو بالنسبة للجبيرة، ما قرر في الخف، لم يلبس البشرة، لا الخف بمنزلة الشعر، هو أورد الاحتمالات شيخ الإسلام يراها أقوى من الخف، فهي بمنزلة البشرة والخف بمنزلة الشعر، في تقريره الذي قرأناه، ويأتي -إن شاء الله- مزيد بيان وإيضاح في الدرس القادم -إن شاء الله تعالى- ....(21/18)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (22)
شرح قوله: "باب المسح على الخفين: ومن لبس خفيه وهو كامل الطهارة ثم أحدث مسح عليهما يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء ولو أحدث وهو مقيم فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح مسافر منذ كان الحدث، ولو أحدث مقيماً ثم مسح مقيماً، ثم سافر أتم على مسح مقيم ثم خلع، وإذا مسح مسافراً يوماً وليلة فصاعداً، ثم أقام أو قدم خلع، ولا يمسح إلا على خفين، أو ما يقوم مقامهما من مقطوع وما أشبهه مما يجاوز الكعبين، وكذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه فإن كان يثبت بالنعل مسح، فإذا خلع النعل انتقضت الطهارة، وإذا كان في الخف خرق يبدو منه بعض القدم لم يجزه المسح عليه، ويمسح على ظاهر القدم، وإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه، والرجل والمرأة في ذلك سواء.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إذا كان على إحدى يدي أو كلتيهما جبس أو بها جروح يضرهما الماء فكيف التيمم؟
قلنا: فيما سبق أنه يمسح على هذا الجبس؛ لأنه حكمه حكم الجبيرة، يمسح عليه، من أهل العلم من يقول: إذا كانت الجبيرة أكثر من القدر المحتاج إليه فإنه يجمع بين المسح والتيمم.
يقول: هل يلزم الإنسان التيمم لكل صلاة أم يجوز له أن يصلي ما شاء من الفروض والنوافل ما دام لم يحدث بعد التيمم؟
على كل حال هذه مسألة مبنية على التيمم، هل هو من رافع أو مبيح؟ من قال: مبيح قال: يتيمم لكل صلاة، وينتهي بخروج الوقت، يتيمم لكل صلاة، يعني كلما يدخل الوقت يتيمم، والذي يقول: إنه رافع يقول: يكفيه مثل الوضوء، يصلي به ما شاء من فروض ونوافل ما لم ينقضه بأحد نواقض الوضوء أو يجد الماء.
يقول: ما الحكم بمسح الجوارب الخاصة بالنساء حيث تكون جوارب شفافة هل يصح المسح من فعلت ذلك جهلاً وصلت به عدة فروض من قبل هل عليها إعادة؟
المسح على مثل هذا الجورب الشفاف الذي يبين منه محل الفرض لا يجزئ ولا يجوز، فما بان من محل الفرض فرضه الغسل على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
الطالب: لكن -أحسن الله إليك- هل تعيد؟(22/1)
نعم هي تقول: ومن فعلت ذلك جهلاً وصلت به عدة فروض من قبل هل عليها إعادة؟
إذا كان بإمكانها أن تحيط بما صلت في هذه المدة عليها أن تعيد، إذا كانت تحيط ولا يشق عليها، أما إذا كانت لا حصر لها، أو يشق عليها إعادتها، أو أفتاها من ترى أن ذمتها تبرأ بفتياه فلا إعادة عليها.
هل يجوز التلثم في الصلاة في حال وجود بعض الروائح السيئة في المسجد؟ وهل يجوز الاستناد إلى جدار إذا كنت متعب؟
التلثم يطلقون الكراهة، أهل العلم يكرهون التلثم، وإذا وجدت الحاجة ارتفعت الكراهة.
يقول: وهل يجوز الاستناد إلى جدار إذا كنت متعب؟
نعم إذا كنت متعب وتستطيع القيام مع الاستناد فهو أحسن من الجلوس؛ لأنه أقرب إلى الفرض.
هذا من ليبيا يقول: أريد أن اسأل عن أفضل طبعات النكت لابن الصلاح؟
النكت يعني على ابن الصلاح، إن كانت للحافظ ابن حجر فطبعة الجامعة الإسلامية بتحقيق الشيخ ربيع جيدة، ورسالة علمية طيبة، وإن كانت نكت الحافظ العراقي فطبعة الشيخ أسامة الخياط طيبة، على أن الشيخ طارق عوض الله يقول: إنه جمع بين الحاشيتين بين نكت الحافظ العراقي ونكت الحافظ ابن حجر وحققهما تحقيقاً على نسخ، يقول: إنه استدرك على الطبعات السابقة، وهي الآن في الطبع.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: المسح على الخفين
ومن لبس خفيه وهو كامل الطهارة ثم أحدث مسح عليهما يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء ولو أحدث وهو مقيم فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح مسافر منذ كان الحدث، ولو أحدث مقيماً ثم مسح مقيماً، ثم سافر أتم على مسح مقيم ثم خلع، وإذا مسح مسافراً يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم خلع، ولا يمسح إلا على خفين، أو ما يقوم مقامهما من مقطوع وما أشبهه مما يجاوز الكعبين، وكذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه، فإن كان يثبت بالنعل مسح فإذا خلع النعل انتقضت الطهارة، وإذا كان في الخف خرق يبدو منه بعض القدم لم يجزه المسح عليه، ويمسح على ظاهر القدم، وإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه، والرجل والمرأة في ذلك سواء.(22/2)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: المسح على الخفين
تقدم الكلام على المسح على الخفين إجمالاً وما ورد فيه من نصوص، وأنه ثبت عن أربعين من الصحابة وأنه ليس في النفس شيء من المسح على الخفين كما يقول الأئمة، فهو ثابت ثبوتاً قطعياً، ودلت عليه الأدلة القطعية من فعله -عليه الصلاة والسلام- ومن قوله، كما أنها .... إلى منتصف الساق يغطي الخف، وهذا حكمه حكم من لبس خفاً على خف على ما سيأتي، وفي حكم الخفين الجوارب، وكانت في السابق تلبس فوق الخف، الجوارب يلبسونها فوق الخف، وهي الآن مما يلبس تحت الخف، على كل حال المسألة مسألة اصطلاح، لعل الأخفاف لا تثبت إلا بالجوارب إذا لبست فوقها، كالشد لها.
قال -رحمه الله-: "ومن لبس خفيه وهو كامل الطهارة" يعني أن جميع فروض الوضوء قد تمت وكملت من غسل اليدين المستحب، المضمضة والاستنشاق، وغسل الوجه، ثم غسل اليدين المفروض، ثم مسح الرأس، ثم غسل الرجلين كلتيهما، بهذا تكمل الطهارة، فإذا غسل الرجل اليسرى التي هي آخر الوضوء، ثم أدخل الخفين في القدمين جاز له أن يمسح عليهما، وماذا عن ما لو غسل إحدى القدمين فألبسها الخف، غسل الرجل اليمنى ثم أدخلها الخف قبل أن يغسل اليسرى، فإذا غسل اليمنى أدخلها الخف، ثم إذا غسل اليسرى أدخلها الخف، فما الحكم؟
الطالب: لم يلبس اليمنى. . . . . . . . .
نعم المذهب على أنه لا يصح المسح في هذه الحالة؛ لأنه في حديث المغيرة لما أهوى لينزع الخفين من قدميه -عليه الصلاة والسلام- قال: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) حال من الاثنتين ليست من واحدة، لكن هل يصلح التفريق بين الحالين وصاحبيهما؟ إذا قلت: جاء زيد وعمرو ضاحكين، يعني تتصور أن زيد جاء الصباح وعمرو جاء المساء كلاهما ضاحك أو مجتمعين؟ ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)).
الطالب:. . . . . . . . .
هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .(22/3)
المثال يحتمل، يعني جاء زيد ضاحكاً، ثم جاء عمرو ضاحكاً هذا في الصباح وهذا في المساء، لكن ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) يعني حال كونهما طاهرتين، السؤال هل يصح أن تغسل القدم اليمنى ثم تدخل الخف ثم تغسل القدم اليسرى ثم تدخل الخف؟ أو نقول مثل ما قال المؤلف: وهو كامل الطهارة؟ لأنه إذا غسل الرجل اليمنى دون اليسرى هل يقال: إنه كامل الطهارة؟ غير كامل الطهارة، ناقص الطهارة، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا الطهارة التي يستباح بها ما تشترط له.
الطالب:. . . . . . . . .
((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) يعني ظاهر السياق أن القدمين طاهرتين، هل يتصور أن المراد بالطاهرتين الخفين؟ لا، ما أحد يقول بهذا، نعم طهارة الخف لا بد منه، لا بد من طهارة الخف، لكن ليست هي المقصودة في الحديث ((دعهما فإني أدخلتهما)) في القدمين حال كون القدمين طاهرتين، وهذا لا يتم إلا بطهارة القدمين معاً، ولهذا يقول المؤلف: "ومن لبس خفيه وهو كامل الطهارة فلا يصح إذا غسل الرجل اليمنى ثم أدخلها في الخف، ثم غسل اليسرى ثم أدخلها في الخف، هذا ظاهر من سياق المؤلف، وهو الذي يؤيده حديث المغيرة، لكن افترض أن شخصاً فعل هذا، غسل اليمنى ثم أدخلها في الخف، ثم غسل اليسرى فأدخلها في الخف، كيف يصحح؟ يغسل القدمين مرة ثانية أو يكتفي بغسلهما؟ نعم؟ قالوا: التصحيح بنزع اليمنى ثم لبسها؛ لأن اليسرى لبسها حال كونهما طاهرتين على الشرط، لكن اليمنى لبسها مع تخلف الشرط فعليه أن ينزع الخف من الرجل اليمنى ثم يلبسها ثانية، هل لهذا أثر أو هو مجرد عبث؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو مرده هذا، مرده أن الرجل اليسرى يصح أنها أدخلت في الخف بعد كمال الطهارة، اليمنى أدخلت في الخف قبل تمام الطهارة.
الطالب: فإذا نزع وغلسها ....
ما يغسل لا هو مجرد ما ينزع ويلبس بس، من دون غسل؛ لأنه غسلها سابقاً.
الطالب: إذاً تقول: لبست بعد تمام الطهارة يا شيخ.(22/4)
يعني هو لبسها قبل تمام الطهارة، قالوا: التصحيح هل يلزم غسل القدم ثانية؟ ما يلزم غسلها، على الوجه المطلوب إنما هذا لاستباحة المسح، ويكون هذا على ما قرروا بنزع الخف من القدم اليمنى فقط ثم لبسها، وأما اليسرى فيصح أنه لبسها بعد كمال الطهارة.
الطالب:. . . . . . . . .
هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .(22/5)
ليكون لبس اليمنى كاليسرى بعد كمال الطهارة، هذا الذي دعا من يقول: إن هذا مجرد عبث، هذا الذي دعا من يقول: إن هذا مجرد عبث، يعني مجرد نزع الخف ولبسه وش صار؟ ما صار شيء، لكن فيه امتثال للخبر، يعني هناك أمور قد لا ندركها، هذه أمور تعبدية الشرط في المسح على الخف أن تدخل بعد كمال الطهارة، واليمنى ما أدخلت بعد كمال الطهارة، قبل كمال الطهارة أدخلت، فعلى هذا لأن الإدخال نفسه ملحوظ، ((دعهما فإني أدخلتهما)) فإذا نزعناها من القدم اليمنى ثم لبسناها صح أننا أدخلناها بعد كمال الطهارة، يعني كوننا ندرك العلة ما ندرك هذا شيء ثاني، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ على كلام المؤلف وهو المتجه، يقول: "ومن لبس خفيه وهو كامل الطهارة" وهو الذي يفيده حديث المغيرة: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) إذا لبس اليمنى قبل غسل الرجل اليسرى هل يصح أنهما أدخلهما طاهرتين أو طاهرة واحدة؟ طاهرة واحدة، ما يكون طاهرتين، اللهم إلا إذا قلنا بالتجزئة، وقلنا: مقابلة التثنية بالتثنية تقتضي الإفراد كالجمع، واضح وإلا ما هو بواضح؟ إذا قلنا: مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، ركب القوم دوابهم يعني كل واحد ركب دابته، كان الرجال والنساء في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- يتوضئون جميعاً، يعني كل واحد مع زوجته، جميعاً يعني كل واحد وزوجته، الجمع مع الجمع يقتضي القسمة أفراد، هل نقول: إن المثنى مع المثنى يقتضي القسمة أفراد أو لا؟ نحن نعلم أن عند من يقول: إن أقل الجمع اثنين ما فيه إشكال، لكن الكلام ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) هل هو حال من الخفين أو حال من القدمين؟ حال من القدمين بلا إشكال، إذاً لا بد من طهارة القدمين، افترض أن شخصاً خالف يعني قبل اللبس نقول: لا تلبس، هذا شخص غسل اليمنى فأدخلها في الخف، ثم غسل اليسرى فأدخلها في الخف، قلنا: أخطأت، كيف أصحح؟ نقول له: انزع الخف اليمنى من القدم اليمنى ثم ألبسها فقط، يقول: يا أخي هذا عبث، بس أفسخ وألبس ليش؟ والذي يقول: بأنه لا يلزمه أن ينزع يقول: هذا مجرد عبث، لكن هل لنا أن نبحث في مثل هذه الأمور والشرط واضح من النص؟ ما قالوا: تجزئه ولا غيره، قالوا: إن مجرد خلعه عبث، وإلا هم يلزمون(22/6)
قبل ذلك، نقول له: النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) ما جزّأت، على كل حال ظاهر النص يقتضي وجوب إدخال الخفين حال كون القدمين معاً طاهرتين، هذا ظاهر من النص، لكن إذا فعل خالف مثلاً هل نقول له: مثلاً اخلع لتلبس على كمال الطهارة؟ أو نقول: أنت فعلت وهذا عملك ما له أثر في مسألة المسح؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا، لا يرتفع الحدث إلا بآخر عضو يغسل.
الطالب:. . . . . . . . .
لكن طاهرتين، ما قال: على طهارة؛ لنقول: الطهارة الكاملة، طاهرتين لما قسم الطهارة على العضوين عرفنا أن المراد بالطهارة هنا الغسل فقط بغض النظر عن ارتفاع الحدث.
الطالب:. . . . . . . . .
طاهرتين؟ هو عليه حدثين؟ لأن التثنية دلالتها أدق من دلالة الجمع والمفرد، دلالتها قطعية على مقابلها، يعني الجمع والمفرد يحتمل أمور، ولذلك لما خلقت بيدي من أقوى نصوص إثبات اليد لله -جل وعلا-؛ لأن التثنية ما تحتمل، فهنا لو كان المراد الطهارة التي هي رفع الحدث ما جاء بتثنية، طاهرتين يعني القدمين، ولا يريد بذلك رفع الحدث؛ لأن رفع الحدث يرتفع بالكل، ما قال: فإني أدخلتهما على طهارة، عرفت الفرق؟
الطالب:. . . . . . . . .
إيه هنا يريد بذلك الغسل، على كل حال مما قيل في المسألة مما يستدل به في المذهب ما ذكره الشيخ صالح، أن الحدث ما أرتفع، ولذلك لو يبقى جزء من القدم اليسرى ما يستبيح به شيء؛ لأنه ما يرتفع به الحدث، وهو كامل الطهارة، يعني بجميع الأعضاء التي أمر الله بغسلها.
مسألة العبث وما العبث يعني كوننا ندرك الحكم أو ما ندرك ما يلزم، إنما ليتم الامتثال وهو إدخال الخفين القدمين حال كون القدمين طاهرتين لا يتم إلا بخلع الخف اليمنى ثم لبسها، ندرك أو ما ندرك هذا ليس علينا علينا الامتثال.
الطالب:. . . . . . . . .
يعني بعد مسح ما هو قبل المسح، يعني لو كملت الطهارة ثم لبس الخفين ثم خلعهما قبل نقض الوضوء، يعني على طهارته الأولى، ما فيه إشكال أبداً، لكن الإشكال فيما لو لبس الخفين بعد كمال الطهارة، ثم أحدث، ثم مسح، ثم خلع.
الطالب:. . . . . . . . .(22/7)
لا، لا، ما هو بهذا، اليمنى في مسألتنا، أما المسألة التي تشير إليها أنه إذا مسح ثم خلع هذا تبطل الطهارة، يقولون: تبطل الطهارة، يورد عليهم أن هذا ليس من نواقض الوضوء، يعني خلع الخف ليس من نواقض الوضوء، نقول: نعم ليس من نواقض الوضوء، لكن إن صليت بهذه الطهارة صليت بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، يعني طهارة ناقصة، كأنك ما غسلت رجليك أصلاً، ويأتي هذا.
"ومن لبس خفيه وهو كامل الطهارة ثم أحدث مسح عليهما يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء" هذه هي المسألة، ثم أحدث، لبس ثم أحدث، يعني بداية المسح تبدأ من أين؟ على كلامه هو؟ على الحدث، تبدأ من أول حدث بعد كمال الطهارة وبعد اللبس، وقوله فيما بعد: ولو أحدث مقيم فلم يمسح حتى سافر أتم مسح مسافر، وش يفهم من هذا؟ أنه علق المدة بالمسح لا بالحدث، الآن في بداية كلامه ثم أحدث مسح عليهما، كأنه يربط بداية المدة بالحدث بعد اللبس، لكن المسألة التي تليها ولو أحدث مقيم، تطهر طهارة كاملة ثم لبس ثم أحدث، وهو مقيم ثم لم يمسح إلا في السفر، تبدأ المدة من المسح، فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح مسافر، منذ كان الحدث؛ لأنه لو بدأت المدة من الحدث لغلبنا جانب الحضر، وهذه جادة المذهب، لو بدأت المدة منذ الحدث لغلبنا جانب الحضر كما هي جادة المذهب، لكن كأنه هنا ما جرى على قاعدة واحدة، ففي الأول قال: " ثم أحدث مسح عليهما يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر" ولو أحدث وهو مقيم فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح مسافر منذ كان الحدث، يعني هو يعتبر المدة تبدأ من الحدث، لكن لو كانت المدة تبدأ من الحدث ثم كان الحدث وجد الحدث وهو مقيم غلبنا جانب الحضر، كما يغلبونه في الجمع والقصر، الجمع والقصر يغلبون جانب الحضر، وكذلك المسح لأنها رخص واحدة من رخص السفر، الذي يرخص في هذا يرخص في هذا، على كل حال الخلاف معروف في المسألة، هل المدة تبدأ من الحدث أو تبدأ من أول مسح؟ فتعليق الحديث المدة على المسح يمسح المقيم كذا ويمسح المسافر كذا يدل على أن المدة تبدأ من المسح، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .(22/8)
لا، لا، عندهم المدة تبدأ من أول حدث بعد اللبس، هذا معروف واضح في المذهب.
الطالب:. . . . . . . . .
لا، لا، كلامهم محسوب بالحرف، لا هم جادتهم أن المدة تبدأ بالحدث بعد اللبس، هذا المعروف في المذهب، القول الثاني: أنها تبدأ من المسح؛ لأن النص علق المدة بالمسح، يمسح المقيم يوماً وليلة، ويمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليها، فعلقه بالمسح، فعلى هذا المدة تبدأ من أول مسح.
الطالب:. . . . . . . . .
وين؟
الطالب:. . . . . . . . .
شوف الآن الثمرة من الخلاف لو توضأ لصلاة العصر توضأ لصلاة العصر ثم مكث طاهراً وصلى به المغرب والعشاء بالطهارة الأصلية ما مسح إلى الآن، أحدث بعد صلاة العشاء مباشرة، ولم يمسح إلا لصلاة الصبح متى تبدأ المدة؟
الطالب: على المذهب تبدأ من حين الحدث.
تبدأ من الحدث، والقول الآخر يبدأ من المسح، يعني يحسب من صلاة الصبح، صلاة الصبح الثانية ما يمسح، يكون مسح يوم وليلة، لكن على المذهب أنه تنتهي المدة بصلاة العشاء من اليوم الثاني، من أول حدث، فعلى هذا لو أراد أن يصلي تهجد فهل يمسح أو لا يمسح؟ وقد أحدث بعد صلاة العشاء، ولم يمسح إلا لصلاة الفجر؟ على المذهب لا؛ لأنه خلاص انتهت المدة، ما يمسح، وعلى القول الآخر الذي يعلق الترخص ويعلق المدة بالمسح يمسح إلى صلاة الفجر.
الطالب:. . . . . . . . .
نعم الوارد في النص.
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
ما دليل الحدث؟
الطالب:. . . . . . . . .
وش قالوا؟
الطالب:. . . . . . . . .
ماذا؟
الطالب:. . . . . . . . .
السبب الموجب للمسح، وإذا كان سبب؟
الطالب:. . . . . . . . .
هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .
علة هي، ما لهم دليل واضح، تعليل، هو المرجح عندي أنا أنه يبدأ من المسح، يبدأ من وقت الترخص، والترخص من أول مسح، كلامه يؤيد هذا أنه إذا مسح فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح سافر، ولو كان يبدأ من الحدث لغلبوا جانب الحضر كما هي قاعدتهم.
الطالب:. . . . . . . . .
من أول مسح، لا هو الحدث، من أول حدث بعد اللبس.
الطالب:. . . . . . . . .(22/9)
وش الفرق بين القولين؟ الفرق بين القولين أنه إذا لبس الخف على طهارة واستمر، قلنا: لبسها لصلاة العصر، توضأ لصلاة العصر، لبس الخف، ثم استمر طاهراً ومسح لصلاة المغرب والعشاء وهو على طهارة تجديد، ولم تنتقض طهارته إلا بعد صلاة العشاء، شوف الآن عكس المسألة الأولى يكون المذهب أوسع من القول الثاني، واضح وإلا ما هو بواضح؟ الفرق بين المسألتين: المسألة الأولى أنه توضأ طهارة كاملة لصلاة العصر فلبس الخفين، واستمر على وضوئه إلى أن صلى العشاء ثم أحدث، ولم يمسح إلا لصلاة الصبح، المذهب ينتهي من بعد صلاة العشاء، في الوقت الذي أحدث فيه، والقول الثاني من أول مسح، يعني لصلاة الفجر، يعني أضيق من هذا فيما لو استمر على طهارته إلى بعد صلاة العشاء لكنه مسح مجدداً الوضوء لصلاة المغرب وصلاة العشاء، ينتهي بالمسح، ينتهي بصلاة المغرب، هذا الذي يعلق بالمسح لا يفرق بين كونه بعد حدث أو لا، والذي يعلقه بالحدث يقول: إذا لم يحدث ما عليه، ما يحسب شيء؛ لأن وضوءه هذا لا أثر له، وضوء التجديد لا أثر له في الواقع، لو تركه ما صار شيء، فكيف يحسب عليه وهو في الحقيقة قدر زائد على القدر المطلوب؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
ظاهر النص يمسح، فمسح هذا، يمسح يوم وليلة ومسح، والنص ما فيه فرق بين المسح في الوضوء الواجب وفي الوضوء المستحب، فالذي يظهر تعليقه بالمسح يعني لو استمر مدة طويلة لم يمسح، لو جّمع جمع تقديم، ثم جّمع جمع تأخير صلى الصلاتين الأوليين ثم جّمع جمع تأخير في منتصف الليل، تبدأ المدة من متى؟ من منتصف الليل، إذا مسح للمغرب والعشاء.(22/10)
"ثم أحدث مسح عليهما يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر" وجاء بهذا الخبر، حديث علي وغيره "فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء" لبس الخف بعد كمال الطهارة لصلاة العصر، ثم صلى المغرب والعشاء بالمسح ثم خلع، بعض الناس يتضايق من النوم بالخفين أو الجوربين، ويخلعهما للنوم، وبعد صلاة العشاء طاهر ما أحدث، فأراد أن يصلي ما كتب له قبل أن ينام، بعد أن خلعهما، على كلامه "فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء" وشيخ الإسلام ومن يقول بقوله يقول: لا إعادة عليه؛ لأن الخلع ليس من نواقض الوضوء، وهو يشبه بهذا المسح على الرأس ثم حلق الشعر، ونقول: أولاً: ليس هذا من نواقض الوضوء، ليس بناقض، لكن الطهارة كاملة أو ناقصة؟ إذا أراد أن يصلي بالوضوء وضوء العشاء الذي مسح به ثم خلع هذه القدم التي يصلي بها مطلوب شرعاً إما الغسل وإما المسح، ولا واحدة منهما، لا قدم مغسولة ولا خف ممسوحة، فكيف يصلي بقدم لا ممسوحة ولا مغسولة؟
سم.
الطالب:. . . . . . . . .
إيه.
الطالب:. . . . . . . . .(22/11)
شيخ الإسلام -رحمه الله- هنا يقول: فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء، مسح واستمر على طهارته ثم خلع، الخلع هذا لا يذكر في نواقض الوضوء، ونظره شيخ الإسلام بمسح الرأس ثم حلق الشعر، لكن وإن لم يذكر في نواقض الوضوء إلا أنه إذا صلى بهذه القدم المكشوفة التي لم يغسلها، ولا يسوغ له مسحها، وليس عليها ما يمسح فكأنه توضأ وضوءاً لم يغسل فيه قدميه، الذين لا يقولون بالموالاة يقولون: يكفيه إذا خلع الخفين يغسل قدميه فقط؛ لأنه الموالاة ليست بلازمة، والذين يشترطون الموالاة لا يكفي أن يغسل قدميه؛ لأن الموالاة غير موجودة، أولاً: القياس قياس القدم الممسوحة على خفها على الرأس بشعره ثم حلق الشعر قياس مع الفارق، لماذا؟ لأن مسح الرأس طهارة أصلية، طهارة أصل، ومسح الخف فرع، وليست بأصل، وفرق بين الأصل وبين الفرع، الأصل فيه من القوة ما يجعله يحتمل مثل هذا، وأما بالنسبة للفرع فليس فيه من القوة ما يحتمل مثل هذا، كما فرق الحنفية بين النية في الوضوء، والنية في التيمم، قالوا: إن الوضوء طهارة أصل لا يحتاج إلى نية، فيه قوة، وطهارة التيمم فرع، طهارة فرع فليس فيه من القوة ما يقويه لينهض أن يكون شرعياً دون نية، شيخ الإسلام أيضاً في كلامه الماضي في الدرس السابق، فيه ما يدل على تفريقه بين الأصل والفرع، في كلامه ما يجعله يفرق بين الفرع والأصل، يقول: وإذا حل الجبيرة فهل تنتقض طهارته كالخف على من يقول بالنقض أو لا تنقض؟ كحلق الرأس الذي ينبغي أن لا تنتقض الطهارة بناء على أنها طهارة أصل، لوجوبها في الطهارتين وعدم توقيتها، المسح على الخف هل يكون مثل الجبيرة، يعني مقتضى قوله بناء على أنها طهارة أصل لوجوبها في الطهارتين وعدم توقيتها إذاً المسح على الخف فرع لماذا؟ لعدم وجوبها في الطهارتين عكس ما قال، وتوقيتها، فيفرق بين الخف وبين الجبيرة؛ لأن الجبيرة أصل والخف فرع، فما دام يفرق بهذا فليفرق بين الخف والرأس من باب أولى، هذا ظاهر من كلامه.
الطالب:. . . . . . . . .(22/12)
يعني لا ينتقض إلا بدليل، لكن الآن ما أنت بتتقرب إلى الله -جل وعلا- بعبادة مشترط فيها الطهارة، يشترط لها الطهارة، قدمك وش مسوي بها أنت؟ غاسله أو ماسحه؟ سؤال؟ ما هي مغسولة ولا ممسوحة واضحة يا أخي، فكما لو توضأت وضوءاً ما غسلت فيه رجليك نفس الشيء.
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
هذا نفسه أنت قدميك ما حالهما؟ حال القدمين وش هو؟ انظر حالك أثناء صلاتك، أنت تصلي بأعضائك التي أمر بغسلها، كلها مغسولة إلا القدمين.
الطالب:. . . . . . . . .
لازم تنظر.
الطالب:. . . . . . . . .
إيه، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
وش يقول؟
الطالب:. . . . . . . . .
درست الخبر؟ أنت درسته؟ لكن درسته صحيح وإلا ما هو بصحيح؟
الطالب:. . . . . . . . .
راجعه، راجع الخبر.
الطالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا ما يصلي، خلاص انتقض وضوؤه.
الآن الشيخ -رحمه الله- يفرق بين طهارة الأصل وطهارة الفرع، يفرق بين الخف والجبيرة؛ لأن الجبيرة أصل يمسح عليها في الطهارتين؛ فلأن يفرق بين الرأس وبين الخفين من باب أولى، يعني الرأس أدخل في الأصل من الجبيرة، يعني الجبيرة لو أردنا أن ننظر إليها من خلال الواقع واقعها، ليست أصل فرع، لكنها تشبه الأصل باعتبار أنها عزيمة من جهة، وباعتبار أنها في الطهارتين، وباعتبار أنها -كما قال الشيخ- عدم التوقيت، وبهذا تختلف عن الخف،. . . . . . . . . الأصل باعتبار أنها عزيمة من جهة، وباعتبار أنها في الطهارتين، وباعتبار أنها كما قال الشيخ عدم التوقيت، وبهذا تختلف عن الخف.
الطالب:. . . . . . . . .
الرأس من باب أولى أجل، إذاً لا نقيس هذا على هذا، لكن إذا الشيخ قال كلام -رحمه الله- انتهى الإشكال، "إذا قالت حذام فصدقوها" هو مشكلة الآن هو إمام من أئمة المسلمين، الغالب معه الإصابة، لكن ليس بمعصوم، وكثير من طلاب العلم إذا وثق بعالم خلاص يسلم له القياد، إذا هجم هذا العالم على عقله وغطاه عن كل شيء، يعني في كلام ابن القيم أحياناً يجلب على مسألة بجميع ما أوتي من قوة وبيان، ثم بعد ذلك طالب العلم يستسلم، ولا يتسنى له أن ينظر في دقائق الأمور.(22/13)
الطالب:. . . . . . . . .
أئمة ما عندنا إشكال، وقدوات وأهل علم وعمل، لكن ليسوا بمعصومين.
يقول: إذا غسل الرجل اليمنى ثم قام بتجفيفها قبل أن يغسل اليسرى هل يجزئ الوضوء؟
مثل هذا لا يقطع الموالاة، إنما إذا جفت في الوقت المعتدل، يعني في الجو المعتدل، انقطعت الموالاة، أما إذا جففها ما يقطع الموالاة هذا.(22/14)
يقول: "إذا أحدث وهو مقيم" توضأ للعصر ثم لبس الخفين صلى العصر أحدث ثم سافر مباشرة، فلم يمسح لصلاة المغرب إلا بعد أن سافر، فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح مسافر، وهذا يجري على قول من يقول: إن العبرة في بداية المسح لا الحدث، أما من يقول: إن العبرة في البداية الحدث يلزمه أن يمسح مسح مقيم تغليباً لجانب الحضر "أتم على مسح مسافر منذ كان الحدث" هو يريد أن يربط بين الأمرين، هو ما دام ما ترخص إلا في السفر فيترخص ترخص مسافر، وما دام أحدث في الحضر قبل الترخص، والبداية تبدأ من الحدث يقول: يمسح ... ، أنت افترض أنه مثل ما قلنا في المسألة: أحدث بعد صلاة العصر ثم سافر وجمع جمع تأخير في منتصف الليل، ومسح لصلاتي المغرب والعشاء قبيل منتصف الليل، يبدأ المسح من بعد صلاة العصر من الحدث، ومع ذلك يمسح ثلاثة أيام مسح مسافر؛ لأنه ما باشر الرخصة إلا في السفر، وعلى القول بأنه إنما يبدأ بمباشرة الرخصة من المسح لا تنتهي المدة إلا قبيل منتصف الليل من اليوم الثاني، يقول: ولو أحدث وهو مقيم فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح مسافر منذ كان الحدث، قال: "ولو أحدث مقيماً" يعني حال كونه مقيماً "ثم مسح مقيماً ثم سافر أتم على مسح مقيم ثم خلع" لأنه باشر المسح في الحضر، في الصورة الأولى باشر المسح في السفر فيتم مسح مسافر، في الصورة الثانية باشر الرخصة في الحضر فيمسح مسح مقيم "ولو أحدث مقيماً ثم مسح مقيماً" يعني في صورتنا الأولى افترض أنه لبس الخف بعد أن توضأ لصلاة الظهر، ثم مسح عليها العصر وهو مقيم صلى العصر ثم سافر، يمسح مسح مقيم؛ لأنه بدأ بالرخصة بالمسح وهو مقيم، إذاً يتم مسح مقيم "أتم على مسح مقيم ثم خلع" يوم وليلة "وإذا مسح مسافراً يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام" مسح مسافراً يوم وليلة فصاعداً، يعني مسح يوم وليلة، أو يوم وليلتين، أو يومين وليلة، يعني نصف المدة، فصاعداً أو يومين، ثم أقام، يعني هو مسافر يريد أن يسافر ثلاثة أيام، ويريد أن يترخص ثلاثة أيام، ثم طرأ له ما يقطع السفر ويعود إلى أهله، مسح يومين مسافراً، ثم عاد إلى أهله نقول: أنت بدأت المسح في السفر كمل مسح السفر.
الطالب: لا.(22/15)
نعم، يقول: "وإذا مسح مسافراً يوم وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم" يعني خلاص كان مسافر وقال: والله جاز لي هذا البلد أبا استمر، نوى الإقامة، ثم أقام أو قدم إلى بلده لظرف اعتراه أتم على مسح مقيم ثم خلع، لماذا في الأول لما باشر في السفر يتم مسح مسافر، باشر في الحضر يتم مسح مقيم، هنا باشر في السفر وقطع السفر، يتم مسح إيش؟ نعم ينتهي بانتهاء ... ، طيب افترض أنه مسح يوم أو يومين في السفر، مسح يوم في السفر، ثم قطع سفره وعاد إلى بلده، أو نوى الإقامة يستأنف مسح مقيم من قطعه نية السفر؟ نعم؟
الطالب: يخلع.
أتم على مسح مقيم ثم خلع، هذا مسح يوم وليلة، أو يومين وليلة، مسح سبعة فروض، أو ثمانية فروض، ثم قطع نوى الإقامة، نقول: اخلع الآن أو استأنف يوم وليلة؟ انظروا في العبارة.
الطالب:. . . . . . . . .
هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .
نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لأننا إذا غلبنا جانب الحضر استوفى مدة الحضر وزيادة، يقول: "وإذا مسح مسافراً يوم وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم ثم خلع" وش عندكم؟
الطالب: عندنا خلع بس.
بس، عندنا أو قدم أتم على مسح مقيم ثم خلع، لا أتم على مسح مقيم ثم خلع، يعني إذا كان مسح يوم وليلة خلاص يخلع فوراً، أو أكثر، وإذا كان ....
الطالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
الطالب:. . . . . . . . .
هي مشوشة بعد، ما هي مجرد زائدة، هي مشوشة؛ لأنه في المسألة كيف يتم مسح مقيم وهو مسافر؟ مسح يوم وليلة أو أكثر، تأملوا العبارة، يقول: "وإذا مسح مسافراً يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم ثم خلع" يعني هذا يتصور فيما إذا لم يكمل اليوم والليلة يتم مسح مقيم، لكن هذا أتم مسح مقيم وزيادة، يوم وليلة كاملة، أو يوم وليلة فصاعداً؟ كيف يقال: أتم على مسح مقيم؟
الطالب:. . . . . . . . .
يقول: وإذا مسح مسافراً -حال كونه مسافراً- يوم وليلة، انتهينا من يوم وليلة.
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
وش الطبعة اللي معك؟ ارفع خلني أشوفها.
اللي مع الزركشي؟ هات أشوف.(22/16)
لا اللي عندنا التوضيح ما هو بتوضيح، هذا يوجد إشكال "وإذا مسح مسافر يوم وليلة ثم أقام أو قدم خلع" وين هي؟ قال، وش اللي بين القوسين أجل؟ قال الثانية.
طالب: وكذلك يا شيخ في نسخة المغنى.
وش يقول؟
الطالب: وإذا مسح مسافر أقل من يوم وليلة ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم وخلع.
هذا واضح، هذه العبارة واضحة، وهنا يقول: وإذا مسح مسافراً أقل من يوم وليلة.
طالب: عندي أقل.
ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم، هذه واضحة العبارة هذه، لكن الإشكال في عبارة المتن اللي معنا، حتى هنا فيه في الشرح، الشيخ لما علق على الكتاب عبارة المتن: "وإذا مسح مسافراً يوم وليلة فصاعداً، ثم أقام وقدم" نفس الشيء الذي عندنا، ثم قال بين قوسين: "وإذا مسح مسافراً يوم وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم خلع" هذا لا شك أنها ركيكة، فالعبارة الصحيحة الأولى: "وإذا مسح مسافراً أقل من يوم وليلة ثم أقام أو قدم أتم" كيف يتمه وهو متم من الأصل؟ يعني العبارة التي معنا في المتن ما تأتي، كيف يتم مسح مقيم وهو مستوفي مسح المقيم في السفر؟ فعلى هذا العبارة: "وإذا مسح مسافراً أقل من يوم وليلة ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم وخلع" هذا واضح ذا، وعلى هذا لو مسح في السفر ثلاثة أوقات ثم نوى الإقامة كان له أن يمسح ثلاثة أيام، لكنه نوى الإقامة قال: وجاز ها البلد خلاص ما أنا براجع، أو رجع جاءه ظرف طارئ ثم رجع إلى بلده وما مسح إلا ثلاثة أوقات يكمل اليوم والليلة خمسة أوقات ثم ينتهي، ثم يخلع الخف، هذا واضح، أما العبارة التي في المتن هنا لا شك أن فيها شيء من الاضطراب، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(22/17)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (23)
المسألة التاسعة: قال الخرقي: "ولو أحدث مقيماً ثم مسح مقيماً ثم سافر أتم على مسح مقيم ثم خلع، وهي الرواية الصحيحة، وبها قال الشافعي لأنها عبادة يختلف قدرها بالحضر والسفر، فإذا تلبس بها في الحضر ثم سافر غلّب حكم الحضر كالصلاة، والثانية يمسح مسح مسافر، وبها قال أبو حنيفة، اختارها أبو بكر وأستاذه الخلال، وقال الخلال: رجع أحمد عن الأولى لأن السفر موجود مع بقاء المدة، فجاز أن يمسح مسح مسافر كما لو أنشأ المسح في السفر.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في آخر مسألة في الدرس الماضي من المسائل التي يختلف فيها المؤلف مع غلام الخلال، مما ذكر في الطبقات معكم وإلا؟
طالب: إيه قرأنها يا شيخ.
قرئت؟
طالب: اللي أذكر أنها قرئت.
لا، لا.
طالب: طيب نقرأها يا شيخ؟
نعم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
المسألة التاسعة: قال الخرقي: "ولو أحدث مقيماً ثم مسح مقيماً ثم سافر أتم على مسح مقيم ثم خلع، وهي الرواية الصحيحة، وبها قال الشافعي لأنها عبادة يختلف قدرها بالحضر والسفر، فإذا تلبس بها في الحضر ثم سافر غلّب حكم الحضر كالصلاة، والثانية يمسح مسح مسافر، وبها قال أبو حنيفة، اختارها أبو بكر وأستاذه الخلال، وقال الخلال: رجع أحمد عن الأولى لأن السفر موجود مع بقاء المدة فجاز أن يمسح مسح مسافر كما لو أنشأ المسح في السفر.
هذه المسألة يمكن إرجاعها إلى قاعدة وهي هل العبرة بالحال أو بالمآل؟ ومن فروع هذه القاعدة أنه لو أحرم قبيل دخول شهر رمضان وأدى العمرة كاملة في رمضان، هل تعتبر عمرته في رمضان كحجة مع النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أو تعتبر باعتبار الحال، حال الإحرام شعبانية وليست رمضانية، وهنا ابتدأ المسح، مسح مقيماً ثم سافر باعتبار أن أكثر المدة في السفر، ومثل هذا لو كبر تكبيرة الإحرام قبل الوقت، فقط ثم دخل الوقت مع بداية القراءة، أو كبر تكبيرة الإحرام في آخر الوقت، ثم خرج الوقت فهل العبرة بالحال أو بالمآل؟
طالب:. . . . . . . . .(23/1)
نعم الأكثر على أن العبرة بالحال، وقد جاء في الحديث الصحيح: ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) وإن كان أكثر الصلاة في خارج الوقت إلا أن أهل العلم يقولون: هي أداء لهذا الحديث الصحيح، ولو كان غالب العبادة وجلها خارج الوقت، بخلاف ما إذا كبر قبيل دخول الوقت، والصلاة كلها وقعت في الوقت فإن الصلاة حينئذٍ تنعقد أو لا تنعقد؟ لا تنعقد، إذاً العبرة بالحال لا بالمآل، وعلى هذا لو أحرم في آخر لحظة من شعبان ثم أدى العمرة في رمضان فإنه حينئذٍ لا يكون معتمراً في رمضان، بخلاف ما لو أحرم بالعمرة في آخر لحظة من رمضان، وأداها ليلة العيد، أو في يوم العيد أو بعده فإنه حينئذٍ في رمضان، عمرة رمضانية، ولا يكون متمتعاً بها، ولا يحكم عليه بالتمتع ولا يلزمه دم بسببها، فالراوية التي أعتمدها الخرقي هي الراجحة، ولو كان أكثر المسح في السفر؛ لأن العبرة بالحال لا بالمآل.
قرأت بقية الفصل؟
طالب: نقرأ يا شيخ؟
تفضل اقرأ.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
وإذا مسح ....
طالب: يا شيخ ترى عندنا خطأ فانأ سأقرأ من المغني؛ لأن في سقط عندنا.
طيب.
وإذا مسح مسافر أقل من يوم وليلة ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم وخلع، وإذا مسح مسافر يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم خلع ....
اعد، اعد يا شيخ.
طالب: أعيد يا شيخ؟
إيه اعد.
طالب: لأن عندنا سقط في الطبعة.
اللي عندنا في الطبعة: "وإذا مسح مسافر يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم خلع، هذا اللي عندنا في الطبعة اللي معنا.
وعندي أنا: أو قدم أتم على مسح مقيم ثم خلع.
طالب: واللي في المغني يا شيخ: وإذا مسح مسافر أقل من يوم وليلة ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم وخلع، وإذا مسح مسافر يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم خلع.
عندكم كذا؟
الطالب:. . . . . . . . .
نسخة الشرح.
طالب: لكن الإخوان اللي معهم شرح الزركشي.
الزركشي موجود؟ مثل المغني؟(23/2)
عندنا: وإذا مسح مسافراً يعني حال كونه مسافراً يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم ما في أتم على مسح مقيم ثم خلع، أنت عندك؟
طالب: سم يا شيخ؟
أتم على مسح مقيم ثم خلع.
طالب: المغني؟
إيه.
طالب: وإذا مسح مسافر -ما بهي على الحال يا شيخ لأنها فاعل- أقل من يوم وليلة ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم وخلع. وإذا مسح مسافر يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم خلع.
إيه عندنا مسألة واحدة وهما مسألتان؛ لأنه إذا كان يوم وليلة فمن باب أولى إذا كان أقل، على كل حال المسألة واضحة ما تحتاج إلى كل هذا، وإن كان التصحيح لا بد منه، يقول في التعليق عبارة المتن: وإذا مسح مسافراً يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم ثم خلع، وسقط منه المتن الذي يليه.
المسألة واضحة باعتبار تغليب جانب الحضر في المسح، وفي الصلاة أيضاً، يعني لو صلى صلاة في الحضر ثم تبين له بطلانها، وأنه يلزمه أو فاتته أو نسيها فذكرها في السفر يصليها صلاة مقيم، وكذا لو كانت في السفر فذكرها في الحضر يصليها صلاة مقيم تغليباً لجانب الحضر، وهذا معروف، هذه جادة المذهب. بعده؟
طالب: ولا يمسح إلا على خفين أو ما يقوم مقامهما من مقطوع أو ما أشبهه مما يجاوز الكعبين، وكذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه، فإن كان يثبت بالنعل مسح، فإذا خلع النعل انتقضت الطهارة، وإذا كان في الخف خرق يبدو منه بعض القدم لم يجز المسح عليه ...
أو لم يجزه؟
طالب: لم يجزه يا شيخ؟ عندي لم يجز.
ترى ما يختلف، المعنى لا يختلف.
طالب: لم يجزه المسح عليه، ويمسح على ظاهر القدم ....
عليه أو عليهما؟
طالب: عليه.
هو الخف على كل حال، إن كان الخف فالمراد الجنس، المراد الجنس، سواء كان في واحد أو في اثنين، كما في حديث: ((لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) والرواية الأخرى في الصحيح أيضاً: ((ليس على عاتقيه)) والمراد بالعاتق الجنس، فيشمل الاثنين، فلا اختلاف هنا، لم يجزه المسح عليه باعتبار أنه الخف، الضمير يعود إلى الخف الذي تقدم ذكره، نعم.
ويمسح على ظاهر القدم وإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه، والرجل والمرأة في ذلك سواء.(23/3)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ولا يمسح إلا على خفين" نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
هو على الإقامة نعم.
الطالب:. . . . . . . . .
ثم أقام على الإقامة أيضاً، على الإقامة.
الطالب:. . . . . . . . .
الاحتياط وتغليب جانب الحضر، هذا من باب الاحتياط، باعتبار أنه لا يقول أحد ببطلان الصلاة في هذه الصورة، بينما لو عملنا بالقول الآخر وجدنا من يقول ببطلانها.
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا عندهم قاعدة مسألة الاحتياط للعبادة، والخروج من عهدة الواجب بيقين هذه قاعدة عامة عند أهل العلم قاطبة، يعني إذا تردد الأمر بين ما يبطل الصلاة وبين من يصححها عُمل بالقول المصحح يعني رجح.
"ولا يمسح إلا على خفين" الحصر هنا "لا يمسح إلا على خفين أو ما يقوم مقامهما" لأن الأصل في النصوص الخف، النصوص المرفوعة في الخف "ولا يمسح إلا على خفين، أو ما يقوم مقامهما من مقطوع" المقطوع الذي دون الخف، ويشترك المقطوع مع الخف في ستر المفروض، بأن يكون يغطي الكعبين، فالخف يتجاوز الكعبين إلى نصف الساق، وقد يزيد عليه، بينما المقطوع دونه "وما أشبهه مما يجاوز الكعبين" بهذا الشرط أن يكون ساتراً للمحل المفروض، وما أنكشف من المحل المفروض فإنه يجب حينئذٍ غسله، ولا يجمع بين البدل والمبدل إذاً لا يصح المسح عليه، إذا انكشف منه شيء من المفروض، قال بعد ذلك: "وما أشبهه مما يجاوز الكعبين وهما العظمان الناتئان" ذكر تعريف الكعبين هنا، وهل ذكره فيما تقدم في غسل الرجلين؟ في فروض الوضوء.
طالب: بلى، قال: "وهما العظمان الناتئان يا شيخ"(23/4)
قال: وغسل الرجلين إلى الكعبين وهما العظمان الناتئان، لكن هل يكفي أن يقال: هما العظمان الناتئان أو لا بد أن يقول: في جانبي القدم؟ إذا قال: إلى الكعبين الكعب لا بد أن يكون ناتئاً ما يحتاج بأن يعرف بأنه ناتئ؛ لأن المادة تدل على ذلك، منه الكعبة لبروزها، ومنها تكعب ثدي المرأة لبروزه ونتوئه، ما يحتاج إلى أن يقول: العظمان الناتئان، بل لا بد أن يقول: على جانبي القدم؛ لأن المخالف ما يخالف في كونهما ناتئين، لكن هو يقول: على ظهر القدم ونحن نقول: في جانبي القدم، وإلا فالرافضة حينما يقولون في الكعبين: إنهما العظمان الناتئان، ما اختلفوا عن المؤلف بشيء، لكن الفرق في قولهم على ظهر القدم، ونحن نقول: على جانبي القدم، وبهذا يختلف تعريف الكعب عند أهل السنة وعند الرافضة.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
معقد الشراك، شوف ظهر القدم فيه شيء ناتئ، الذي قبله أنزل منه، والذي بعده أنزل منه، يعني أشبه ما يكون بسنام البعير إلا أنه صغير، في القدم، في ظهر القدم، وهو في بعض الناس أظهر من بعض، على كل حال هذا مقصودهم بالكعبين الذي هو معقد الشراك، وأما بالنسبة لأهل السنة فتعريفهم للكعبين: أنهما العظمان الناتئان في جانبي القدم، وبهذا يتضح المراد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قالوا في المتن: وهما العظمان الناتئان؛ لأنه سبق أن ذكرهما في غسل الرجلين، فلا يحتاج إلى تكرارهما هنا، بعض النسخ يقول: زيادة غير موجودة في ميم، يعني في النسخة، على كل حال وجودهما هنا هو مجرد تصريح بما هو مجرد توضيح، وإلا سبق تعريفهما في فروض الوضوء، يمسح على الخفين، والأدلة على ذلك متكاثرة، بل متواترة، فقد أهوى المغيرة لينزع الخفين، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)).(23/5)
"أو ما يقوم مقامهما من مقطوع" مما يأخذ حكم الخف، ويؤدي الغرض الذي من أجله يلبس الخف، فعلى هذا لو كان بناء مثلاً وخرج من البناء وهو مستعجل ومسح على الطين الذي يغطي القدمين، هل الغرض الذي يؤديه هذا الطين هو الغرض الذي من أجله يلبس الخف؟ أو ما يقوم مقامهما فالطين لا يقوم مقام الخفين "من مقطوع" وعرفنا أن هذا خف إلا أنه أنزل من الخف المعتاد، يقطع ما على الساق منه، إلى أن يغطي الكعبين، "وكذلك الجورب الصفيق" الخف الذي يمسح عليه لا بد أن يكون ساتراً للمحل المفروض، فلا يكون قصيراً دون الكعب، ولا يكون شفافاً يصف المحل المفروض، ولا يكون فيه خروق؛ لأن ما ظهر من القدم يجب غسله، ومن أهل العلم من يرى جواز المسح على الخف المخرق؛ لأن خفاف الصحابة في الغالب لا تسلم من هذه الخروق، والذين يشترطون أن لا يكون مخرقاً يبالغون. . . . . . . . .، الثقب يسيراً جداً من موضع الخرز، لا يتسامحوا في هذا، وعلى كل حال الأصل الغسل، وما ظهر من القدم يجب غسله، ولا يجمع بين الغسل والمسح، بين البدل والمبدل، وحينئذٍ فلا يجوز المسح على الخف المخرق، ومثله الجورب، يشترطون أيضاً أن يكون مما يثبت بنفسه، الخف يثبت بنفسه، كيف يثبت بنفسه؟ معناه لو ربطناه بحبل صار الخف واسع مقاسك واحد وأربعين اشتريت مقاس خمسين إن مشيت به طاح، ثم ربطته بحبل، تمسح وإلا ما تمسح؟ ما يثبت بنفسه، نعم؟ ويلزم على هذه السعة الزائدة أن يرى منه العضو المفروض غسله، ولا يشق نزعه، إذا كان لا يثبت بنفسه لا يشق نزعه، ولا شك أن المشقة ملاحظة في هذا، لكن هل معنى هذا أننا لو اشترينا نفس المقاس، وكان مما يربط بحبل لأن بعض الخفاف تربط بحبال هل نقول: إن هذا الخف إنما ثبت بالحبل؟ وهو في الأصل يثبت بنفسه بدون حبل، لكنه لو ترك بدون ربط قد ينكشف المحل المفروض منه، الصورة الأولى إذا كان المقاس كبير جداً على اللابس، بحيث لو مشى سقط فربطه بحبل، قلنا: هذا لا يصلح؛ لأن مثل هذا يرى منه القدم، يعني من دقق النظر رأى ما في داخله، لكن الصورة الثانية مقاسك اثنين وأربعين، اشتريت اثنين وأربعين مما يربط بحبل، من النوع الذي فيه حبال، هو يثبت بنفسه، لكن لو لم يربط بالحبل(23/6)
احتمال أن ينكشف ظهر القدم، فإن كان لا ينكشف معه ظهر القدم فالمقصود ما يغطي القدم، وإن كان ينكشف فيمنع من هذه الحيثية، يشترط في الخف الذي يمسح عليه أن يكون مباحاً فلا يكون مغصوباً، ولا يكون من مادة محرمة، من الحرير مثلاً، أو مما لا يطهر بالدباغ، أو مما منع من استعماله، مسألة الدباغ التي تقدمت، وترجح لنا فيما تقدم أن أيما إهاب دبغ فقد طهر، أياً كان مأكول غير مأكول طاهر نجس ما لنا دعوى، إيما إهاب دبغ فقد طهر، وهذه تقدمت المسألة، والمذهب على أنه لا يطهر، إنما يطهر ظاهره دون باطنه، ويستعمل في اليابسات دون المائعات، والمسألة فيها ثمانية أقوال لأهل العلم وتقدمت، لكن ما نهي عن اتخاذه كجلود السباع يطهر في الدباغ، لكنه يحرم استعماله للنهي، لو استعمله في خف، جلد سبع استعمله في خف، وقد نهي عن استعماله هل نقول: إن الجهة منفكة؟ هذا خف يحتاج إليه ويصعب نزعه، ويثبت .... ، لا يرى مما يجب غسله شيء، والحاجة إليه داعية، فيصح المسح عليه باعتبار أنه طهر بالدباغ، وكونه يحرم استعماله المسألة منفكة، يعني يصح أو يجزئ المسح عليه مع التحليل، أو نقول: من الأصل ما يجزئ المسح عليه لأن هذه رخصة ومرتكب المحرم لا يجوز له أن يترخص؟ يعني مثل ما قيل في المسافر العاصي بسفره هذا لا يترخص، ولا يعان في سفر المعصية على تحقيق هدفه الذي من أجله سافر، بل يوضع في طريقه المعوقات، فلا يجمع ولا يقصر، ولا يمسح أكثر من يوم وليلة، اليوم والليلة هذا يستوي فيه. . . . . . . . . إن كان الخف من هذا النوع الذي منع من استعماله مثل المغصوب والحرير وجلود السباع وغيرها مما نهي عن اتخاذه، العاصي لا يعان على معصيته بالترخص، ومذهب أبي حنيفة معروف أنه يترخص، العاصي بسفره يترخص، والعبرة بالسفر بالوصف المؤثر وهو موجود، وإليه ميل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فإذا اتخذ جلد سبع أو خف مغصوب ثم بعد ذلك مسح عليه وصلى، صلاته صحيحة وإلا غير صحيحة؟ أو نقول: الجهة منفكة؟ ظاهر وإلا غير ظاهر؟ إذا عرفنا أن المسح يعني سبق لنا أنه لو توضأ بماء مغصوب، يعني عزيمة الوضوء، وليس برخصة، والماء الذي يسرقه قد يستعمله للوضوء، وقد يستعمله للشرب، وقد(23/7)
يستعمله للطبخ، يعني استعمالاته متعددة، يعني ليس بخاص بهذه العبادة، لنقول: إن الجهة واحدة بل الجهة منفكة، إذا قلنا ذلك في الماء الذي هو أصل وعزيمة لا نقول هذا في المسح، باعتبار أن المسح رخصة، والعاصي لا يترخص على طريقة الجمهور، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
الطالب:. . . . . . . . .
قلنا: العلل معروفة، أولاً كونه لا يثبت بنفسه، وكون المحل المفروض يرى، وأيضاً لا يشق نزعه، إذا انتفت هذه العلل ماذا نقول؟ نرجع إلى المسح.
طالب:. . . . . . . . .
عندهم علة نعم باعتبار أن المشقة في نزعه ملازمة للثبوت، نعم، الذي لا يثبت بنفسه ما يشق نزعه، الآن أنت ما يحتاج إلى أن تنزع هو ينزع نفسه، والمسح إنما هو لمشقة النزع، نعم؟
الطالب: ما يقال: إن هذه الحبال التي مع الخف هي من نفس الخف ما تشترى إلا معه .... ؟
لا لا هذه مسألة ثانية، افترضنا مسألة ... الخف هذا بدون حبال من الأصل، ويثبت بدون حبال، لكن أنت مقاسك أربعين اشتريت خمسين، إذا مشيت طارين قدامك، وإذا نظرت في الرجل رأيتها، جبت حبل وربطتهن، هذا محل البحث.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
يقول: العلل مجتمعة واحدة لا تستقل بالمنع.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
يبقى علة، وأنت لو نظرت في رجلك شفتها، وش تسوي بهذا؟
طالب:. . . . . . . . .
بعد الربط إيه.
طالب:. . . . . . . . .
ما هي أنت تربطه تربط من فوق؟
طالب:. . . . . . . . .
لا المفترض تربطه مع القدم.
طالب:. . . . . . . . .
هين إذا ربط وغطى المفروض شق نزعه، هين معروف، إذا ربط شق نزعه.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
احتمال يربط مع القدم، ظهر القدم هكذا يربط من هنا بحيث لا يسقط إذا مشيت.
طالب:. . . . . . . . .(23/8)
المقصود أن العلل التي يذكرها الفقهاء مجتمعة لا يؤخذ بها منفردة، خذ العلل مجتمعة الآن، هم يقولون: لا بد أن يكون مما يثبت بنفسه، الأمر الثاني: أن لا يرى منه المحل المفروض، احتمال يرى إذا كان واسع سعة بينة واضحة، إذا كان لا يثبت بنفسه بحيث يقع إذا مشيت بيرى المحل المفروض، صح وإلا لا؟ على كل حال إذا اجتمعت هذه العلل ما في داعي للمسح، ما في وجه للمسح، الآن المسح مسح الرأس باليد، مسح الخف باليد، لو جيء بخرقة مبلولة ومسح بها رأسه، أو مسح بها خفه، يجزئ وإلا ما يجزئ؟ المسح تحقق، لكن لو افترضنا أن الشخص استعان بأحد ومسح في إشكال وإلا ما في إشكال؟ ما في إشكال باعتبار أن الفقهاء يقولون: تباح معونته وتنشيف أعضائه، لكن إذا جاء بخرقة لا بأصابعه، ومسح رأسه، أو مسح الخف، الأحاديث التي وصفت وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- كلها تقول: إنه مسح رأسه بيديه، أقبل بهما وأدبر، فهل المسح باليدين قيد في الحكم أو أنها هي الأصل؟ وهذا هو الغالب، أنت افترض أنك تتوضأ مثلاً وأنت تغسل يديك شماغك نزل في المغسلة وتبلل، ثم جيت وقلت: ها مسحت بشماغك يكفي وإلا ما يكفي؟ نحن ننظر إلى الغاية هل تحققت وإلا ما تحققت؟ لو جلس تحت المطر مثلاً ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، تحت المطر من السماء، ورفع رأسه إلى السماء قال: والله أنا غسلت وجهي الآن، ثم بعد ذلك وضع يديه إلى أن ابتلت وجرى عليها الماء لقوة المطر، ثم بعد ذلك رأسه ما يحتاج إلى تعب، عرض رجليه للسيل وانغسلت هل نقول: هذا غسل شرعي أو لغوي؟ مع وجود النية والترتيب، يعني هل الغسل الشرعي من مقتضاه فعل المكلف أو لا؟
طالب:. . . . . . . . .
أو جلس تحت السماء تحت المطر وعمه الماء، عم بدنه، لغة يقال: غسله المطر، غسله العرق، لكن هل يقال هذا شرعاً؟
طالب: لكن الفقهاء ذكروا -يا شيخ- أنه لو انغمس في الماء ثم خرج مرتباً صحت طهارته.
لكنه انغمس.
طالب:. . . . . . . . .
هذا غسل لغوي ما فيه إشكال، يعني غسله العرق، غسله المطر ما فيه إشكال.
طالب: عفواً يا شيخ هناك فعل من المكلف الانغماس وهنا فعل من المكلف وهو الصمود في المطر.(23/9)
يعني مثل ما نصوا عليه في مسألة التيمم، لو صمد إلى الريح ووصل التراب إلى وجهه وكفيه كفى، طيب من غسل الخف، ما مسح غسله غسل مثل ما تغسل الرجل، كما لو غسل الرأس، والمطلوب المسح، نعم هو تعدي بلا شك، كالغسل في الرابعة والخامسة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هل نقول: إن هذا هو المطلوب وزيادة؟ أو نقول: هو خروج عن المطلوب؟ هذا شخص غسل رأسه، وغسل خفيه غسل، هل نقول: إن هذا المطلوب وزيادة، فالمطلوب مسقط للطلب، والزيادة يحاسب عليها، وهل لمثل هذا أن يندرج في القدر الزائد على الواجب، المسألة قاعدة عندهم، القدر الزائد على الواجب، إن كان متميزاً بنفسه له حكم، وإن كان غير متميز بنفسه له حكم، لو أن شخصاً مسح مسْح شرعي ثم غسلهما انتهى الإشكال، لكن غسلهما وما مسح والأصل المسح، وهذه الزيادة غير متميزة، لها حكم عند أهل العلم، وعاد في الأمور المتعدية يعني يُخرِج قدر أكثر مما أوجب الله عليه في الأمور النافعة مما ينفع زيادتها عند أهل العلم ما فيها إشكال، بل يثاب عليها، يعني كمن أخذ -من مثال الروضة- كمن أخرج ديناراً عن عشرين، الواجب عليه نصف دينار، أخرج دينار كامل، في الزكاة عشرين دينار.
طالب: هو أخرج صاعين في الفطر يا شيخ.
أو أخرج صاعين، أو أخرج أكثر، أو ذبح في العقيقة بدنة، أو ما أشبه ذلك، ويأتي قول مالك -رحمه الله- في التضحية أيهما أفضل يضحي بكبش أو ببدنة أو بقرة؟ يعني هل الزيادة على القدر المطلوب شرعاً يثاب عليها؟ مالك يقول: الكبش أفضل، وغيره يقولون: لا ما دام أنفع للفقراء والعلة معقولة البدنة أفضل، لكن الذي معنا لا يتعدى نفعه فلا يخرّج على مثل ....
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكنه قدر زائد على القدر الواجب، يعني لو غسل الوجه سبع مرات.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ترى على قاعدة الشيخ محمد ترى يكثر من مثل هذا ويقول: ((من عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) يصير باطل وضوؤه، الشيخ من أكثر من يتمسك بهذا الحديث، وليس عليه أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-.(23/10)
يقول -رحمه الله-: "وكذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى" يعني لا بد أن يثبت كالخف "فإن كان يثبت بالنعل مسح عليه" الضمير يعود على الجورب وإلا النعل؟ يعني يمسح على الجورب وإلا على النعل؟ هل نقول: يعود على النعل باعتباره أقرب مذكور؟ أو نقول: مسح عليه -يعني على الجورب- لأن الحديث عنه؟ وإذا قلنا: الضمير يعود على الجورب ورد علينا ما ورد في الخف الذي لا يثبت بنفسه، لا يثبت إلا بالشد.
"وكذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه، فإن كان يثبت بالنعل مسح عليه، فإذا خلع النعل انتقضت الطهارة".
طالب: أحسن الله إليك كلمة عليه ليست في نسخة المغني.
مسح على إيش؟ لا بد من عليه.
طالب: بس كلمة مسح بدون عليه يعني توحي برجوعها إلى الجورب، الكلام على الجورب لا على النعل.
هو لا بد {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} [(33) سورة المؤمنون] يعني منه، لا بد من هذا.
طالب: لكن عفواً كلمة مسح، وكلامه عن الجورب، يعني توحي بأنها راجعة إلى الجورب، يعني ما يلتبس الأمر برجوعها للنعل.(23/11)
إذاً لماذا علق انتقاض الطهارة بخلع النعل؟ لأن الجورب لا يثبت، وإذا قلنا: إن المسح على الجورب الذي يثبت بالنعل اعتبرنا الجورب كالخف الأسفل والنعل كالخف الأعلى، وعندهم أن من لبس خفاً على خف فالحكم للفوقاني، الآن عندنا أكثر الخفاف دون الكعب، الخفاف المستعملة دون الكعب، فهل هذه خفاف أو نعال؟ نعال، الذي لا يستر الكعبين نعل، فهل يجوز له في هذه الصورة أن يمسح على الخف التي تحتها الجورب الذي يغطي الكعبين أو لا يجوز؟ لأن نطبق عليه كلامه هنا "الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه، فإن كان يثبت بالنعل مسح عليه، فإذا خلع النعل انتقضت الطهارة" نحن نريد أن ننظر المسألة التي ذكرها المؤلف بالجوربين وعليهما الخفاف التي دون الكعبين، يعني إن كان مسحه على النعلين تعلق الحكم بهما، وإن كان مسحه على الجوربين تعلق الحكم بهما، عندنا جوارب تثبت، الآن الجوارب موجودة تثبت، وعليها الخفاف التي دون الكعبين، فإن مسح على الخفين دون الكعبين مع الجورب واعتبارهما شيء واحد، إذا خلع الخف انتقضت الطهارة، وإن خلع الخف أثناء الوضوء ومسح على الجورب تعلق الحكم بالجورب، وحينئذٍ لا يؤثر خلع الخف القصير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو ينتقض على الوجهين، سواء مسح على الجورب أو على النعل، هنا كلامه هذا الكلام الموجود عندنا "فإن كان يثبت بالنعل مسح عليه، فإن خلع النعل انتقضت الطهارة" على الاحتمالين إن كان المسح على الخف على الجورب انتقضت الطهارة بخلع النعل لماذا؟ لأنه لا يثبت بنفسه، وإن كان المسح على النعل مع الجورب مجتمعين انتقضت لخلع النعل الذي مسح عليه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(23/12)
لا ما له حكم الشعر، انتهينا من مسألة حكم الشعر وفرغنا منها عاماً وخاصاً، يعني للإخوان وخاصاً معك، انتهينا من مسألة ... ، القياس على الشعر قياس فرع على أصل ولا يأتي إلا مع الاستواء، يقول: "كذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه، فإن كان يثبت بالنعل مسح عليه" وقلنا: الضمير يحتمل أن يعود على الجورب ويحتمل أن يعود على النعل، وسواء مسح على النعل الذي لا يغطي الكعب فإذا خلع هذا النعل انخلع هذا النعل بطلت الطهارة، انتقضت الطهارة، وإن مسح على الجورب الذي لا يثبت بنفسه إلا بالنعل كذلك انتقضت الطهارة، فعلى الوجهين منتقضة، والضمير يصلح أن يعود عليهما، لكن إذا صلح في مثل هذه الصورة هل نقول: إنه مقصود أنه يعود إليهما، قدامك اثنين كلاهما اسمه زيد، فأردت الاثنين فتقول: يا زيد، تقصد بزيد الاثنين، ويلتفتان، ثم تشير لهم يجون، يصح عربية وإلا ما يصح؟ تنادي مفرد وأنت تريد اثنين؟ يصح وإلا ما يصح؟ الآن لو أجرينا الضمير على الاثنين فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ لأنه يمكن حمله على الأمرين، كيف يمكن حمله على الأمرين؟ إذا خلع النعل وقلنا بالمسح على الجورب وهو لا يثبت بنفسه انتهى، شرطه تخلف، وإذا قلنا: إن المسح على النعل فهو مع الجورب في حكم الخف الساتر، فإذا مسح على النعل فإنه حينئذٍ خلع الممسوح عليه فتنتهي الطهارة، وحينئذٍ ضمير واحد يعود على أمرين هل يكون هذا مقصود المتكلم وإلا غير مقصود؟ يعني هذه قريبة من مسألة استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه، الجمهور على عدم الجواز، الشافعية يجيزونه، واضح وإلا ما هو بواضح؟ يحتاج إلى إعادة؟ أولاً: احتمال عود الضمير الواحد إلى الأمرين في مسألتنا احتمال قائم وإلا ما هو قائم؟ قائم الاحتمال، يعني عوده على النعل باعتباره الأقرب وهذا هو الأصل، وعوده على الجورب باعتبار أن الحديث عنه، فضمير واحد يعود على أمرين، مثل استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه، من يعطينا مثال على استعمال اللفظ الواحد؟ خلونا في مصطلح الحديث:
"إذ خالفت لفظاً ومعنى ربما"(23/13)
يعني المستخرجات قد تخالف الأصول في الألفاظ كثيراً، وفي المعاني قليلاً، والناظم استعمل ربما للفظ والمعنى؛ لأن ربما تستعمل كثيراً في مخالفة الألفاظ، واستعملها قليلاً في مخالفة المعاني، والأصل في ربما أنها للتقليل، وقد ترد ويراد بها التكثير {رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ} [(2) سورة الحجر] فهذا استعمل ربما في معنييها الأصلي والفرعي، الحقيقي على اصطلاحهم والمجازي، وهو من الشافعية ما عنده مشكلة، لكن هل يسوغ لغيرهم أن يستعملوا مثل هذا الاصطلاح؟ وهل مراد المؤلف عندنا مثل مراد الحافظ العراقي في ألفيته؟ أبداً، فإذا خلع النعل انقضت الطهارة وقلنا: إنه إذا لبس الخف القصير الذي هو في الاصطلاح نعل ليس بخف، وأكثر الخفاف الموجودة الآن نعال؛ لأنها دون الكعب، فإذا مسح عليها مع الجورب، فإن خلع الخف انتهت الطهارة، وإن خلع الخف قبل المسح، ومسح على الجورب تعلق الحكم بالجورب، ولا يؤثر حينئذٍ خلع الخف، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
هو الأقرب على كل حال.
الطالب:. . . . . . . . .
لا هو قال: فإن كان يثبت بالنعل، هذه مسألة الثبوت.
الطالب:. . . . . . . . .
ولو لم تكن مقصودة عنده لما أعادها إحالة على ما تقدم، وش الفرق بين الجورب والخف إذا كان هذا لا يثبت وهذا لا يثبت؟ ما في فرق.
الطالب:. . . . . . . . .
هذا الكلام ما الذي يؤيده؟ مسألة التأسيس والتأكيد، وهل نتعامل مع ألفاظ أهل العلم بمثل معاملة كلام الشارع؟
الطالب:. . . . . . . . .(23/14)
دعنا من مسألة .. ، المقلدون يقولون: إن كلام أئمتهم ككلام الشارع، فإذا أفتى العالم بقولين متعارضين فتوى توجب وفتوى تحرم، يقولون: إن أمكن الجمع بينهما ولو بحمل خاص على عام، ومطلق على مقيد ... إلى آخره فهو المطلوب، إن لم يمكن فإن عرف التاريخ فالمتأخر ينسخ المتقدم وإلا فالترجيح، يعني يعاملون ألفاظ أهل العلم مثل معاملة النصوص، وهذا نصوا عليه في كتبهم، يعني في مقدمة الإنصاف، وخاتمته، في القاعدة الجامعة في آخره، وابن مفلح في الفروع أيضاً في مقدمته تكلم على هذا، لكن هل نخاطب الخرقي ونعامله نقول: إنه يمكن أن يستعمل الضمير في المعنيين ويعود على الأمرين كما يستعمل اللفظ في حقيقته ومجازه؟ أو نقول: إن الخرقي لا يرى هذا، لا يرى مثل هذا الاستعمال، ونقول: إن الأصل أن الضمير يعود على أقرب مذكور؟ لأنه قد يوجد مرجح يرجح لنا غير الأصل، إذا كان أصل المسألة في الحديث عن الجورب لماذا لا يعود الضمير عليه؟ واحتجنا إلى مثل هذا في نصوص من الكتاب والسنة، وأعدنا الضمير على متقدم لوجود ما يمنع من عوده إلى متأخر، على كل حال هذا حكمها وصورتها العملية مثلما قلت، جورب فوقه خف دون الكعب، إن مسح على الخف والجورب لا يخلع الخفاف حتى ينام بهما، فإن خلعهما انتهت الطهارة، إن خلعهما وقت الوضوء ومسح على الجورب تعلق الحكم بالجورب، وله حينئذٍ أن يصلي بالخفاف هذه أو يخلعها سيان.
طالب: لكن -عفا الله عنك- ألا يؤيد رجوع الضمير على الجورب أنه هو المقصود أصلاً ....
والحديث الحديث عنه، الحديث عن الجورب.
طالب: وهذا الذي يوحي به كلام صاحب المغني يا شيخ في شرح الجملة هذه قال: يعني أن الجورب إذا لم يثبت بنفسه وثبت بلبس النعل أبيح المسح عليه، فالمتبادر للذهن أنه يقصد الجورب.
حتى عندنا يعني الحديث عنه يعني هذا خبر عن الجورب "وإن كان في الخف خرق يبدو منه بعض القدم لم يجزه المسح عليهما" هكذا عندنا، وفي بعض النسخ: لم يجز المسح عليه، في نسخة ميم.
طالب: وفي المغني: لم يجز المسح عليه.
على كل حال هذه نسخة الميم، وأظن الميم هي المغني، أظن الميم عندنا في المقابلة هي نسخة المغني.(23/15)
طالب: وفي النسخة التي معنا كذلك يا شيخ لم يجز المسح عليه.
لأنه استفاد من المغني كثيراً، إسماعيل استفاد من المغني.
إذا كان في الخف خرق الأصل أن القدم تغسل، فإذا وجد الخف مسح عليه بالشروط المتقدمة، فإذا ظهر بعض المفروض المفروض يجب غسله، وبعضه كذلك يجب غسله، وإذا ظهر البعض وستر البعض هل نقول: إن ما ظهر منه يجب غسله، وما ستر منه يمسح؟ وقد قيل بهذا بناء على إعطاء كل شيء حكمه، أو نقول: إن الحكم واحد فإما البدل أو المبدل؟ فالمؤلف مشى على الأصل، وأن الأصل الغسل لا بد من الغسل، ولا يجمع بين البدل والمبدل، ومن أهل العلم من يرى أن مثل هذا لا سيما إذا كانت الخروق يسيرة فإن خفاف الصحابة قد لا تسلم من الخروق، والمذهب جار على أنه لا بد من نزعه إذا كان فيه خروق يبدو منها بعض المفروض، وكأن هذا هو الأحوط، وعلى هذا لو كانت الجوارب شفافة ليست صفيقة، أو فيها خروق، رأي شيخ الإسلام معروف أنه يتسامح في مثل هذا ويفتى به من قبل بعض أهل العلم، لكن الاحتياط للعبادة يقتضي أن تكون ساتراً لجميع المحل المفروض.
"ويمسح على ظاهر القدم" يمسح على ظاهر القدم "فإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه، والرجل والمرأة في ذلك سواء" بقيت هذه الجملة، ثم بعد ذلك، وما بقي إلا درس واحد، والحيض يحتاج إلى ثلاثة دروس أو أربعة، فهل ترون أن نقف على الحيض ويستأنف بعد الحج مع بداية الدروس، أو نكمل الحيض ونقف على الصلاة في العشر الأول من ذي الحجة؟ على كل حال أجل نشرح السطرين، ونجيب على الأسئلة في الدرس القادم، ونترك الحيض -إن شاء الله تعالى- بعد الحج.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(23/16)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (24)
شرح قول المؤلف: "ويمسح على ظاهر القدم، فإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه، والرجل والمرأة في ذلك سواء .... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: نريد تفصيلاً لحديث القلتين هل هو مأخوذ به أم لا؟ وما الدليل على أن العبرة بخروج الماء عن طهوريته بتغير لونه أو طعمه أو رائحته؟
أما حديث القلتين فهو مختلف في صحته عند أهل العلم، وهو مضعف بالاضطراب في متنه وسنده، وصحح من قبل جمع من أهل العلم، وممن صححه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن حجر وغيرهما، وعلى كل حال من صححه كشيخ الإسلام عمل بمنطوقه دون مفهومه؛ لأن مفهومه معارض بحديث أبي سعيد ((أن الماء طهور لا ينجسه شيء)) وممن صححه ممن يعمل بمنطوقه ومفهومه الحنابلة والشافعية، يعملون به منطوقاً ومفهوماً، فيجعلونه الحد الفاصل بين القليل والكثير، الذي ينجس بمجرد الملاقاة، هذا هو الحد الفاصل عندهم، والحنفية يفرقون بين القليل والكثير أيضاً، لكن بتفريق آخر على تفصيل تقدم ذكره، فمنهم من يرى أن القليل عشرة بعشرة فما دون، والكثير ما زاد على ذلك، ومنهم من يرى أن القليل إذا حرك طرفه تحرك طرفه الآخر، والكثير ما لم يتأثر طرفه الآخر، وعلى كل حال المرجح في هذه المسألة مذهب مالك، وأن الماء لا يتأثر مطلقاً إلا بالتغير كما تقدم تفصيله، وذكرنا أن الغزالي تمنى أن لو كان مذهب الشافعي كمذهب مالك؛ لأنه أيسر على الناس، وأسهل في التطبيق، والشريعة بعيدة عن مثل هذا التعسير، الذي حصل بسبب التفريق بين القليل والكثير، وجعله حد فاصل، ومن راجع كتب الحنابلة والشافعية، وفروع هذه المسألة عرف أن في هذه المسألة عسر، وتطبيقها شديد، فمذهب مالك هو المتجه في هذه المسألة.
قد يقول قائل: هل نرجح مذهب مالك لأنه أيسر، وعلى هذا فاليسر هو المختار دائماً؟(24/1)
نقول: لا، العبرة بالدليل، والحديث محتمل، ومضعف من قبل جمع من أهل العلم، وضعفه ظاهر بالنسبة لاضطرابه في سنده ومتنه، وعلى فرض التسليم بصحته، مفهومه معارض بمنطوق أقوى منه، وإن كان المنطوق عاماً والمفهوم خاصاً إلا أن المنطوق أقوى في الجملة، وعلى كل حال المتجه في هذه المسألة هو قول مالك، وأن الماء لا يتأثر إلا بالتغير.
يقول: وما الدليل على أن العبرة بخروج الماء عن طهوريته بتغير لونه أو طعمه أو رائحته؟
الاستثناء الموجود في حديث أبي أمامة ((أن الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على لونه أو طعمه أو رائحته)) هذا ضعيف باتفاق الحفاظ، إلا أن الحكم مجمع عليه، إلا أن الحكم إجماع على أن الماء إذا تغير لونه أو طعمه أو رائحته بالنجاسة فهو نجس؛ لأن النجاسة موجودة حقيقة لا حكماً، فالذي يرى تغير الماء بلون نجاسة، أو تغير الرائحة برائحة نجاسة، أو تغير الطعم بطعم نجاسة هذا يباشر النجاسة قطعاً، فالنجاسة موجودة، فالإجماع قائم على هذا، والرواية ضعيفة بالاتفاق.
إذا صلى شخص المغرب ثم أتى إلى مسجد يصلون المغرب هل يصلي معهم ثلاثاً أو أربعاً أو اثنتان؟ وكذلك إذا أراد أن يتصدق على شخص لم يصل المغرب أو العشاء كم يصلي معه؟
لا يصل وتر؛ لأن الوقت ليس بوقت للوتر، فإما أن يتصدق عليه بأن يكون إماماً له ويصلي اثنتين، ويأتي هذا المتخلف بالركعة الثالثة بعد ما يسلم هذا الإمام، أو يصلي معه ثلاثاً، ثم يشفعها برابعة.
ما حكم الصلاة في (الدسوس) القفازات للرجال؟ وهل هي من قبيل المكروهات؟
نعم الفاصل بين الأعضاء السبعة عدا الخفين والركبتين لأنهما عورة، فيبقى عندنا الوجه والكفان يكره أن يفصل بينهما وبين الأرض، بل السنة أن يباشر الأرض، وإذا وجدت حاجة فأهل العلم يقررون أن الكراهة تزول بأدنى حاجة، إذا وجد برد فإنه حينئذٍ يضع حائلاً بين يديه والأرض، وبين جبهته والأرض ولو كان متصلاً به؛ لأنه يطلقون الكراهة في الحائل المتصل، وفي حديث عبد الجبار بن وائل بن حجر أنه جاء في وقت الشتاء، في وقت شديد البرد فوجدهم يصلون وأيديهم تحت الثياب، فإذا وجدت الحاجة زالت الكراهية.(24/2)
يقول: من سافر ليترخص فلا يحل له فهل من لبس الخف في الصيف مثلاً ليتخفف من الغسل هل يحل له المسح؟
من لبس الخف في الصيف مثلاً ليتخفف من الغسل فهل يحل له المسح؟ ما دامت القدمان غطيتا بالخف فالمسح جائز، وليس غسل الرجلين بأسهل أو بأشد من لبس الخفين مع عدم قيام الحاجة الداعية إليهما، فلا يتصور أن إنساناً يلبس الخف من أجل أن يتخفف من الغسل لمجرد المسح، فملازمة الخف ولبس الخف أشق من غسل الرجلين لا سيما في الصيف، يذكر هو يقول: من لبس الخف في الصيف مثلاً ليتخفف من الغسل فهل يحل؟ نعم يحل له المسح.
يقول هذا من الجزائر: ما أفضل الشروح على موطأ مالك ومختصر خليل؟
أفضل الشروح على موطأ مالك التمهيد والاستذكار لابن عبد البر، والمنتقى للباجي، وشرح الزرقاني طيب جامع بين الشروح باختصار، وجيد فيه فوائد، وشرح ابن العربي (القبس) مطبوع ومتداول، وفيه نكات ولطائف، وهناك شروح كثيرة، لكن أهمها الثلاثة الأول: التمهيد والاستذكار والمنتقى للباجي، أما. . . . . . . . . الحطاب.
يقول: هل نظم الشاطبي المقرئ الضرير للتمهيد لابن عبد البر موجود؟ هذا من الجزائر?
هذا النظم لمقاصد التمهيد في خمسمائة بيت، لا شك أن الشاطبي بارع في النظم، لكن خمسمائة بيت بالنسبة للتمهيد في أربعة وعشرين مجلدة، يعني بمعدل المجلد بعشرين بيت، ما تنظم صفحة بعشرين بيت، فإن كان نظم تجريد التمهيد، وأيضاً مقاصد التجريد؛ لأنه في مجلد مطبوع، ما أدري ما حال هذا النظم؟ لكنه ذكر في ترجمة الشاطبي، وهو بارع يمكن أن يأتي بشيء لا نتصوره، ولا أعرف له وجوداً.
يقول هذا: أنا من ليبيا وهنا في هذه الفترة من الشباب من يوجه هجمة شرسة على بعض المشايخ، ثم قال -ذكر بعض المشايخ- الحاجة للسؤال ملحة، ما رأيك فيما يثار اليوم للتفريق بين منهج ... إلى آخره.(24/3)
المقصود أن الكلام في الناس وأعراض المسلمين كما يقول ابن دقيق العيد: حفرة من حفر النار، يقول: وقف على شفيرها العلماء والحكام، ما داموا على شفيرها هم مضطرون للكلام في الناس فكيف بمن عافه الله من هذه المسألة وهذه المشكلة؟! لأن الذي يتكلم في الناس ولو لحاجة لا يكاد أن يسلم، فإما أن يزيد أو ينقص، فمن أبتلي ونصب لهذا الأمر فليستعن بالله، ويتحرى الإنصاف، ومن عافه الله فالسلامة لا يعدلها شيء، وأهم ما على الإنسان أن يحافظ على مكتسباته، فإذا كان يوثق الأموال بالغلق والأبواب خشية اللصوص فكيف بما ينجيه يوم القيامة من الحسنات التي تعب على كسبها وتحصيلها ثم بعد ذلك فرقها على فلان وعلان ممن لا يرتضيهم؟! لأن الذين يرتضيهم لا يأتيهم من حسناته شيء، لماذا؟ لأنه لا يغتابهم، إنما يغتاب أناس لا يرتضيهم، وحسناته تذهب إلى هؤلاء الأشخاص الذين لا يرتضيهم.
فعلى الإنسان أن يحافظ، لا يأتي مفلساً يوم القيامة، فتوزع حسناته على خصومه، فإذا لم يبق لهم شيء انتهى من الحسنات، وإن بقي لهم شيء أخذت من سيئاتهم وألقيت عليه فطرح في النار -نسأل الله السلامة والعافية-، فعلى الإنسان أن يحافظ على مكتسباته، فإذا كان التفريط بالدراهم والدنانير جنون فكيف بمن يفرط بما هو أمس الحاجة إليه يوم يجعل الولدان شيباً؟!
يقول: الحاجة للسؤال ملحة ثانياً: ما رأيك فيما يثار اليوم من التفريق بين منهج المتقدمين والمتأخرين في الحديث؟(24/4)
ذكرنا في مناسبات كثيرة، وأيضاً في مقدمة شرح النخبة بيان لهذا الأمر، وقلنا: إن المتأخرين عالة على المتقدمين، يعني لولا جهود المتقدمين ما صار للمتأخرين أي ذكر في هذا الباب؛ لأن المسألة مسألة رواية، فالمتأخرون عالة على المتقدمين، والأصل في الباب المتقدمون، لكن من يخاطب بهذا الكلام؟ المخاطب المتأهل، الذي يستطيع أن يميز بين أقوال أهل العلم المتقدمين؛ لأنهم يتكلمون بإشارات، لا يتكلمون ببسط العبارات، إنما يتكلمون بإشارات، فمن تأهل لذلك هذا فرضه، مثل الاجتهاد في الأحكام، أما من لم يتأهل لذلك فلا بد له من التعلم والتمرين على طريقة المتأخرين؛ لأنها هي المنضبطة، وأيضاً المتقدمون الذي ينادى بتقليدهم أقوالهم متعارضة في كثير من المسائل، ماذا يفعل المبتدئ في هذه الأقوال المتعارضة وليست لديه أهلية للتوفيق بين هذه الأقوال المتعارضة؟ لا شك أن نداء المبتدئين بهذا الأمر وتقليد المتقدمين ونبذ قواعد المتأخرين هذا تضييع، يعني مثل من يقول لطالب في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة ما عنده شيء من مبادئ العلوم يقول له: اجتهد من الكتاب والسنة، هذا تضييع، لا بد أن يتفقه على طريقة أهل العلم، وهنا لا بد أن يدرك من علوم الحديث ما أدركه غيره وسار عليه، حتى هؤلاء الذين ينادون بنبذ قواعد المتأخرين متى وصلوا إلى هذه المرحلة؟ بعد أن تربوا على قواعد المتأخرين، يعني هل يستطيع طالب علم أن يتربى من البداية على أحكام الأئمة؟ ماذا يصنع هذا المبتدئ إذا قال أبو حاتم: مرسل وقال أحمد: موصول؟. . . . . . . . . السلم الذي وضعوه لطبقات المتعلمين، ثم بعد ذلك إذا تأهل وأكثر من التمرين والتخريج والأسانيد وغيرها، وجمع الطرق، وتأهل فرضه محاكاة الأئمة، كما فعل الذهبي، وكما فعل ابن رجب، وكما فعل ابن حجر، وغيرهم من أهل العلم، تربوا على الجادة، ثم بعد ذلك حاكوا الأئمة، ولذلك تجد ابن حجر حينما قعد القواعد في النخبة، ومشى عليها برهة من الزمن، وأكثر من التخريج، تجده في النتائج يخرج عن النخبة؛ لأنه وجد نتيجته تختلف مع حكم الإمام أحمد، أو مع حكم علي بن المديني، أو مع حكم البخاري، أو أبي حاتم، أو غيرهم، فلا بد من التأهل قبل، ثم بعد(24/5)
ذلك يصنع ما شاء.
يقول: ما هو الضابط في ذكر اسم المخالف من عدم ذكره أثناء التحذير من مخالفته؟
في بداية الأمر يحذر من المخالفة، ويناصح المخالف سراً، والمخالفة تعلن، ويحذر منها، ويناصح المخالف، إن زاد شره ولم يرتدع بالمناصحة السرية، وأصر وعاند، لا مانع أن يذكر بمخالفته بقدر الحاجة بحيث لا يزاد في قدحه أو في النيل من عرضه أكثر من الحاجة؛ لأن الأصل المنع، وأذن في ذكره والتصريح باسمه للحاجة، والحاجة يقتصر عليها بقدرها.
يقول: هذا من الإمارات إذا أردت أن أمسح على شرابي (الجوربين) هل أمسح عليهما سوياً أم أبدأ باليمنى ثم اليسرى؟
منهم من يرى أن تمسحهما معاً في آن واحد كالأذنين، والصواب أن البدل له حكم المبدل، ما دامت الرجل اليمنى تغسل قبل اليسرى، ثم تغسل اليسرى البدل تمسح الرجل اليمنى، ثم تمسح الرجل اليسرى.
يقول: إذا مسحت على جواربي ستة أوقات فما حكم الصلاة السادسة؟ هل أعيد الصلاة السادسة ثم أرتب الصلوات التي وقعت بعدها أم أعيد السادسة فقط؟
الصلوات الخمس المأذون بالمسح فيها هذه صحيحة ما فيها إشكال، الكلام في السادسة الزائدة على اليوم والليلة، هذه لا بد من إعادتها؛ لأنك مسحت في مدة لم يؤذن لك فيها بالمسح، فلا بد من إعادتها، ثم تصلي الصلوات التي بعدها.
يقول: أنا مقيم في مدينة الجبيل، وفي إجازتي أسافر إلى قريتي التي نشأت فيها، ولا أذهب إلا في العطل والإجازات، وأمضي عادة أكثر من أربعة أيام، وأعمل برخص السفر، وأخذ بالرأي الذي يقول: لك أن تأخذ برخص السفر ما دمت مسافراً سواء قلت الأيام أو كثرت، كما فعل ابن عمر في خراسان، وذلك لأن الجماعة في القرية يفيدونني في الصلاة ...
إيش يفيدونني؟
طالب: يقدمونني.
هذه كتابته.
فإنني أتم الصلاة بهم، وأصلي بهم، وأمسح على الخفين يوم وليلة، وفي أحد الأيام نسيت الخفين، ولم أخلعهما لمدة يومين، وأنا أمسح عليهما، فقلت في نفسي: ما دام لي رخصة المسح ثلاثة أيام لأنني مسافر فالصلوات التي صليتها بهذا المسح صحيحة، ولا يلزمني أن أنزع الخفين بعد مضي يوم وليلة، وأنا الآن لا أدري هل لي خمس صلوات أو أكثر؟ وأسأل عن صحة الصلاة التي صليتها بذلك الوضوء ليطمئن قلبي.(24/6)
أولاً: إذا كان لك في هذه القرية بيت مسكن، وأهلك موجودون هناك فأنت من أهلها، لا يجوز لك أن تترخص بمجرد وصولك أنت مقيم ولست بمسافر، لك أن تترخص بين الجبيل وبين هذه القرية في الطريق إن كانت المسافة مسافة قصر تترخص، أما ما دمت في الجبيل فلا؛ لأنها بلدك التي استوطنت بها، وبالنسبة للقرية هي بلدك الأصلي، ولك بيت، ولك أهل هناك، فلا يجوز لك أن تزيد على المسح يوم وليلة، إذا لم يكن لك بها أحد، انتقلت مع أهلك إلى الجبيل ورجعت إلى هذه البلدة للزيارة فليست ببلد لك، ولا بيت لك به، ولا أهل، فلك أن تترخص، على كل حال إذا كان كما ذكرت أنك نشأت فيها، وتقضي الإجازات هناك، فإن كان لك أهل وبيت فلا يجوز لك أن تمسح أكثر من يوم وليلة، وعلى هذا يلزمك الإعادة.
هذا يقول: يقول ابن حجر في النخبة: رواية المبتدع، ثم البدعة -هذا من فرنسا- إما بمكفر أو بمفسق، فالأول: لا يقبل صاحبها الجمهور، والثاني: يقبل من لم يكن داعية إلى بدعته في الأصح، إلا إن روى ما يقوي بدعته فيرد على المختار، وبه صرح الجوزقاني شيخ النسائي، فما هو القول الصحيح في رواية المبتدع؟(24/7)
المبتدع الذي خلع ربقة الإسلام ببدعته، الذي بدعته مكفرة فهؤلاء ذكر الحافظ الذهبي في مقدمة الميزان أنه لا تصح الرواية عنهم، فالخبر المروي من طريقهم لا يقبل، يقول: ولا يوجد في كتب الأئمة من هذا النوع أحد، أما الذي لا يكفر ببدعته فإنه تقبل روايته ما لم يكن داعياً إلى بدعته، وأما النوع الأول أصحاب البدع المغلظة المخرجة من الملة فهؤلاء لا تقبل روايتهم ولا كرامة، النوع الثاني: من لم يكفر ببدعته فإنه تقبل روايته ما لم يكن داعية إلى البدعة، ولم يرو ما يؤيد بدعته، وكتب السنة لا شك أنها طافحة -بما في ذلك الصحيحين- من الرواية عن المبتدعة، بل روى الإمام البخاري عن عمران بن حطان الخارجي المعروف، وهو داعية إلى بدعته، من الدعاة، ابن حجر اعتذر عن الإمام البخاري بأعذار، منها: أن ما رواه مما تحمله قبل ابتداعه، أو تُحمل عنه بعد توبته من البدعة، ومع ذلك يقول ابن حجر: إن الخوارج أبعد المبتدعة بل أبعد الطوائف عن الكذب؛ لأنهم يرونه كبيرة مخرجة من الملة، فيبتعدون عنه فهم أصدق الناس لهجة، ولا مانع من الرواية عن المبتدع ولو كان داعية إذا عرف بصدق اللهجة، حتى شيخ الإسلام يشهد للخوارج أنهم من أصدق الناس لهجة، والعيني يرد على ابن حجر بقوله: وأي صدق في لهجة مادح قاتل علي، الرجل ينصر ما يراه الحق، فالذي ينصر ما يراه الحق هو في حد ذاته صادق ليس بكاذب، وعلى كل حال بالنسبة للخوارج أمرهم أيسر من غيرهم في باب الرواية؛ لأنهم يتقون الكذب ويحذرونه ويخشونه؛ لأن شأنه عظيم عندهم، بخلاف الروافض فإنهم لا يتحاشونهم، ويشهدون بالزور لموافقيهم، لا سيما الخطابية منهم، كما قال الشافعي -رحمه الله-.
يقول: من المعلوم أن المرأة ليست كالرجل في الإسلام شهادتها بنصف شهادة الرجل، وإرثها نصف إرث الرجل فكيف تتساوى مع الرجل في العقوبة كالسارق والسارقة والزاني والزانية والقاتل والقاتلة؟(24/8)
التكليف العام النساء شقائق الرجال، فلعيهن مثل ما على الرجال من العقوبات، ولهن مثل ما للرجال من الأجور، وقرن النساء بالرجال في كثير من المواقف في كثير من النصوص، لكن استثنى من ذلك خمس مسائل: مسألة الإرث النصف، والشهادة والدية والعتق والعقيقة، هذه المسائل الخمس المرأة فيها على النصف من الرجل، والبقية المرأة والرجل سواء.
يقول: اقتربت من زوجتي في نهار رمضان ولم أباشرها، فقط مداعبات بسيطة فأنزلت، فما حكم هذا الأمر؟ هل صيامي صحيح؟ وهل يلزمني كفارة أم لا؟
أولاً: أنت عصيت وبطل صومك، وعليك القضاء، وأما الكفارة فلا، وعليك أن تتوب من هذا الذنب العظيم الذي اقترفته، ولا تعود إليه ثانية.
يقول: هل صح عن شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله- أنهما قالا: بجواز نسبة ابن الزنا لأبيه إن أقر به؟
أنا لا يحضرني قول شيخ الإسلام وابن القيم في هذه المسألة، لكن الحديث الصحيح: ((الولد للفراش، وللعاهر –للزاني- الحجر)) ليس له ولد، إنما له الحجر فقط.
بقي من باب المسح المسألة الأخيرة أظنها قرئت.(24/9)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ويمسح على ظاهر القدم، فإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه، والرجل والمرأة في ذلك سواء" يمسح على ظاهر القدم دون أسفله، ودون جوانبه، وفي الأثر المروي عن علي -رضي الله عنه-: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه" وهو عند أبي داود بسند حسن، جيد، حسن سنده، ثم يقول: "وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح أعلى الخف، فالمسح للخف من أعلاه من الأصابع إلى أن يتجاوز الكعبين، إلى أن يشرع في الساق، ولا يستوعب أيضاً الأعلى بالمسح، وإنما يمسح بأصابعه خطوطاً، وليس المراد بذلك بهذا المسح التنظيف؛ لأن المسح مبناه على التخفيف، نعم قد يزيل هذا المسح يزيل الغبار اللاحق بظهر الخف ليظهر الخف مظهراً مناسباً بين الناس من غير غبار، وأما أسفله الذي يباشر الأرض، يباشر القاذورات فإنه لو مسح لانتشرت النجاسة، وليس بغسل يزيلها، ينتشر القذر الذي فيها، وأما النجاسة لا بد من إزالتها، لكن القذر الذي وطء به وباشر به الأرض لا يمسح بالماء؛ لأنه ينتشر ويزيد، أما بالنسبة لأعلاه فإنه يصيبه من الغبار ما يصيبه فيزيله بالمسح، ولذا قوله -رضي الله عنه-: "لو كان الدين بالرأي" يعني بالرأي المجرد الذي لا يستند إلى دليل، هذا الرأي المجرد الذي لا يستند إلى دليل لا عبرة به، ولا دخل له في الدين، والدين دين نص واتباع، ليس بدين آراء واجتهادات مجردة، واحتمالات عقلية مجردة، ابن حجر وغيره نصوا على أن الاحتمالات العقلية التي لا تؤيد بالدليل لا قيمة لها، نعم إذا خلت المسألة من الدليل ينظر فيها بالأقيسة والاجتهادات، وهل معنى هذا أن الدين يلغي العقل؟ لا، الدين لا يلغي العقل، بل لا بد أن يكون العقل تابعاً للنص، والنص يحكم على العقل ولا عكس، ولا شك أن العقل السليم الصريح هو موافق موافقة تامة للنقل الصحيح، وشيخ الإسلام له كتاب عظيم في هذا الباب، موافقة العقل للنقل، موافقة صريح. . . . . . . . . فلا تعارض بين عقل صريح باقٍ على فطرته مع نقل صحيح، نعم قد يوجد التعارض في الظاهر وجوداً نسبياً(24/10)
عند بعض الناس دون بعض، ومثل هذا يزول بالبحث وبسؤال الأعلم ينتهي، ولا يوجد تعارض بين نصين أو بين نص ورأي صريح، سليم، باقٍ على الفطرة، أما الوجود عند آحاد الناس فإن هذا وجود نسبي يزول بالبحث، والأصل في المسألة النقل، وكونه يبحث عن علل وحكم هذا شيء طيب، لكن يبقى أنه إذا لم يوقف على العلة، أو كان الظاهر من العلة العكس، عكس ما جاء به الدليل، فإن مثل هذا لا أثر له، العبرة بالنص، قول علي -رضي الله عنه-: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى من المسح من أعلاه" يعني الرأي المجرد؛ لأن الإنسان في بادئ الأمر يظن أن المسح للأسفل الذي يباشر الأرض، وعرفنا أن المسح لا يزيل الأثر والقذى الذي لحق بالخف بسبب مباشرته الأرض، وما دام الأمر كذلك فإنه يكتفى بالظاهر، والأصل في المسألة الاتباع، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح أعلى الخف، هذا الأصل، وذكرنا أن الرأي لا يتعارض مع النص، كتاب شيخ الإسلام يعني لو أن بارعاً تصدى لاختصاره، وحذف منه الاستطرادات التي لا يفهمها كثير من أهل العلم، كثير من أهل العلم لا يفهمونها فضلاً عن المتعلمين، يعني أحياناً يمر أكثر من مائة صفحة كأنها طلاسم لقصور القارئ، ما هو لخلل في الكلام، لا، ذكرت أنا في مناسبات أن في المجلد الأول من الرد على ابن مطهر منهاج السنة ما يقرب من ثلاثمائة صفحة كلها لو تلغى من الكتاب ما صار فيه أثر لآحاد المتعلمين الذين لا يستفيدون من مثل هذا الكلام، والمجلد السادس فيه أيضاً أكثر من ثلاثمائة صفحة، أكثر من نصفه، فلا لخلل في كلام شيخ الإسلام، لا، إنما لقصور في كثير من المتعلمين، بالفعل أنا قرأت منهاج السنة في الموضعين ذولي ما تفهم شيء، لماذا؟ لأن المقدمات اللازمة لفهم مثل هذا الكلام ما نعتني بها، نصرف الهمة لما هو أولى منها، المقدمات التي تعيننا على فهم هذا الكلام ما نعتني بها، ولا نهتم بها، ولذا بعض العلماء يطلبون من طلاب العلم النظر في علم الكلام، وفي المنطق لفهم مثل هذا الكلام من شيخ الإسلام، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: إن مثل هذا العلم كلحم جمل غث على رأس جبل، وقال في موضع آخر: لا يستفيد منه الغبي، ولا يحتاج إليه الذكي،(24/11)
يعني بإمكانه أن يفهم النصوص من غير هذا العلم، وهو علم كَل، غث بلا شك، لكن من أراد أن يتصدى للردود على الطوائف المخالفة، وأمن عليه من أن يفتتن ببعض الأقوال مثل هذا يقرأ، وإلا فالنووي وابن الصلاح حرّما النظر في علم الكلام وفي المنطق، ومن أهل العلم من يرى أنه لا بد من قراءته ليتصدى للرد على المخالفين، فدرء تعارض العقل والنقل يعني لو يقتطف منه من الكلام الواضح من كلام شيخ الإسلام ما يجعل في مجلد لطيف انتفع الناس به انتفاعاً عظيماً، بحيث لا يجعل طالب العلم يقتحم غمرات هذا الكتاب العظيم، ولا يمكن أن يستغنى عنه بحال من الأحوال، ابن القيم يقول:
واقرأ كتاب العقل والنقل الذي ... ما في الوجود له نظير ثاني
لكن تجعل طالب العلم يقرأ مثل هذا الكتاب مشكلة، دون تنقيح، وبدون حذف ما لا يفهم منه هذا لا شك أنه يحدث ردة فعل عند بعض طلاب العلم بحيث يترك القراءة بالكلية، فإذا سمع ابن القيم يثني على هذا الكتاب العظيم بادر إلى اقتنائه وقراءته، ثم لا يلبث أن يقرأ فيه يوم أو يومين ثم ينصرف. . . . . . . . .
بالعلل للدارقطني ذهب طالب العلم إلى هذا الكتاب، ثم بعد ذلك ما يفهم منه شيء، فيترك القراءة، لا، طالب العلم عليه أن يبدأ بالأسهل فالأسهل، يعني يترقى، يعني ما يصل السطح ثم يبدأ ينزل، لا، العكس من درجة إلى درجة من درجات السلم حتى يصل إلى المنتهى إلى السطح، أيضاً شيخ الإسلام من كتبه العظيمة وقد تم طبعه -ولله الحمد- ومحقق في ثمانية مجلدات الرد على التأسيس للرازي، تأسيس التقديس، الذي يقول فيه ابن القيم:
وكذلك التأسيس أصبح نقضه ... ومن العجيب أنه بسلاحهم
أعجوبة للعالم الرباني ... أرداهم نحو الحضيض الداني
هذه الكتب يقرأها طالب العلم، لكن الطالب الذي قرأ قبلها من كتب شيخ الإسلام، وعرف أسلوب شيخ الإسلام، وصار يميز بين الكلام الذي يمكن فهمه والذي لا يمكن فهمه.(24/12)
يقول المؤلف -رحمه الله-: "فإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه" أوجب بعضهم أن يمسح الأسفل مع الأعلى، وأن يعمم الخف بالمسح كالرجل كتعميم الرجل بالغسل، وتعميم الرأس بالمسح، لكن الراجح أنه لا يلزم غسل الأسفل بل ولا يستحب، وإنما اللازم غسل ظاهر القدم "إن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه" لأن المطلوب غسل الأعلى دون الأسفل "والرجل والمرأة في ذلك سواء" فتمسح المرأة كالرجل على الخف يوم وليلة، كما أنها أيضاً تمسح على الخمار المحنك الذي يشق نزعه كالعمامة، يمسح على ما يشق نزعه، لكن كل فيما يخصه، هنا يقول في الخف: "الرجل والمرأة في ذلك سواء" لأن كل منهما محتاج إلى الخف، لكن لو لبست المرأة عمامة أو لبس الرجل خماراً يمسح أو ما يمسح؟ ما يمسح؛ لأن هذا تشبه محرم، فلا تمسح المرأة على العمامة ولا يمسح الرجل على الخمار؛ لأنه في النهاية قال: "والرجل والمرأة في ذلك سواء" قد يقول قائل: إن هذا يشمل الممسوحات، نعم تمسح المرأة على الجبيرة، يمسح الرجل على الجبيرة للحاجة إليهما، والرجل يمسح على الخف، والمرأة تمسح على الخف للحاجة الداعية في الطرفين، أما في حال المخالفة فلا، في حال المخالفة فلا؛ لأن هذا تشبه، ويجرنا هذا الكلام إلى ما قاله بعض أهل العلم في تحريم لبس المرأة العباءة على الكتفين؛ لأنه تشبه بالرجل؛ لأن لبس الرجل على الكتفين، نعم، يلبسونه المشالح على الأكتاف، فهل يقال بمثل هذا فيما إذا لبس الرجل عباءته على الرأس؟ نقول: هذا تشبه بالنساء فيحرم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لأن المرأة تقول: ما دام أنا أصلي بالعباءة على الكتف، ولا أبرز لها للرجال، والرأس مغطى بالخمار والعباءة على الكتف؛ لأنه يتعبها لبس العباءة على الرأس، نقول: هذا تشبه، ولا شك أن مثل هذا الكلام يقال من باب الاحتياط، وسد الذريعة؛ لأن لا تخرج بها بين الناس بهذه الحال، لكن إذا أحتاج الرجل في البرد الشديد أن يضع بشته على رأسه، هل نقول: إن هذا تشبه بالمرأة فيمنع أو نقول: إن الرجل له هذا وهذا والمرأة ليس لها هذا؟ ينبغي إذا قلنا: إن تشبه المرأة بالرجال حرام، إذاً نقول: تشبه الرجل بالنساء حرام مثله؟ فهل يطرد هذا أو لا؟(24/13)
الطالب:. . . . . . . . .
هل يكفي في مخالفة النساء بالنسبة للرجل أن تكون مادة الملبوس غير مناسبة للنساء؟
نفس الشيء يعني إذا عكسناها انعكست، يقول القائل: إن لبس المرأة لمادة مخالفة لما يلبسه الرجال يكفي في المخالفة.
الطالب:. . . . . . . . .
هذا قدر زائد؛ لأنه قد تقول: أنا ألبسها على الكتف، واسعة وفضفاضة ما فيها إشكال؛ لأنها تمنع لوجوه، منها هذا الوجه، ولا بد من هذا الوجه في بعض الحالات، وإذا قلنا بمثل هذا نمنع الرجل من لبس عباءته على الرأس لعدم التشبه بالنساء، ولو أجزناه فتحنا باب لمن يقول: لماذا يمنع في النساء دون الرجال؟ فإذا كان هذا من خصائص الرجال فالثاني من خصائص النساء، لا شك أنا نرى الرجال بكثرة لا سيما في شدة الحر أو شدة البرد يلبسون عباءتهم على الرأس لتقيهم شدة الحر، الشمس، وتقيهم أيضاً البرد، هذا موجود بكثرة، لكن هل هذا يكفي في مقابلة التشبه بالنساء؟ أو نقول: إن هذا من الأمور المشتركة التي لا يقع فيها التشبه؟
الطالب:. . . . . . . . .
هي تمنع لأمور كثيرة معروفة ومدونة، لكن منها مما قيل في ذلك تشبه النساء بالرجال، على كل حال وجود لبس الرجل عباءته على رأسه للحاجة ليس هو الأصل، للحاجة، وينبغي أن يقدر بقدرها، ثم يعود الحكم إلى أنه للنساء، فإذا لبسه للحاجة لا شك أن مثل هذا موجود وجود كثرة بالنسبة للرجال، وليس بوجود قلة بحيث لا يرتب عليه حكم.
أسئلة كثيرة جداً، وعلى هذا نقف على باب الحيض إلى الأسبوع الثاني من الدراسة من الفصل الثاني ....(24/14)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (25)
شرح قول المؤلف: "باب: الحيض: وأقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً، فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين ... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله-:
باب: الحيض
وأقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً، فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين.
ثخين منتن.
طالب: ليس عندنا.
موجود في المغني؟
طالب: موجود المغني.
يعني دل عليه الحديث الصحيح.
الطالب:. . . . . . . . .
دل عليه الحديث، أسود يُعرف، يعني له عرف، يعني رائحة، نعم.
وإدباره بأنه رقيق أحمر تركت الصلاة في إقباله، فإذا أدبر اغتسلت وتوضأت لكل صلاة وصلت، فإن لم يكن دمها منفصلاً وكانت لها أيام من الشهر تعرفها أمسكت عن الصلاة فيها واغتسلت إذا جاوزتها، فإن كان لها أيام أنسيتها فإنها تقعد ستاً أو سبعاً في كل شهر.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الحيض(25/1)
وهو آخر أبواب الطهارة، وهو موجب للطهارة الكبرى التي هي الغسل، ختم به المؤلف كتاب الطهارة، وهذا الباب من أبواب الفقه من أعقد الأبواب عند أهل العلم، عند أرباب المذاهب على ما سيأتي من أمثلة هذا التعقيد في هذا الكتاب، وفي غيره من الكتب، في المطولات أشد، يعني نظير ما مضى في تقسيم الماء إلى ثلاثة أقسام، ونشأ عنه من فروع المسائل ما لا يتصوره كثير من طلاب العلم، فيستصعبون دراسة الفقه لوجود مثل هذه التفريعات، مع أن ما ورد في الحيض من النصوص شيء يسير يمكن الإحاطة به، لكن الذي يصعب دراسة مثل هذا الباب، كثرة الوقائع والنوازل، فالنساء تختلف عادتهن قلة وكثيرة، زيادة ونقصاً، انتظاماً واختلافاً واضطراباً، وقائع لا تعد ولا تحصى، ويفترض أهل العلم لكل واقعة جواب نشأ عن ذلك كله تعقيد في فهم مسائل هذا الباب، وإلا فالأصل أن توضع ضوابط تطبق عليها هذه الفروع، إضافة إلى هذه الصعوبة أن في بعضها مخالفة لما جاء في بعض الأحاديث، والسبب في ذلك أن بعض الأحاديث تحتمل أكثر من فهم، وفهم منها بعض أهل العلم ما لم يفهمه الآخر، والأحاديث أيضاً إضافة إلى هذه الاحتمالات تختلف قوة وضعفاً من وجهة أنظار العلماء، فبعضهم يرجح حديث على حديث، ويبني عليه مسائل الباب وهكذا، ثم ازداد الأمر تعقيداً بعد وجود المؤثرات، فالمأكولات لها أثر، وحفظ المواد الغذائية له أثر، واستعمال الموانع والروافع له أثر في الانتظام والاضطراب، ولذا لا تجد وقتاً من الأوقات يخلو عن سؤال من أسئلة الحيض، النساء يتعرضن لهذا الأمر الذي كتبه الله على بنات آدم، فأول امرأة حاضت، وهذا كما جاء في الحديث الصحيح أن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، وإن روي عن ابن مسعود بسند جيد أن أول من حاض نساء بني إسرائيل، عوقبن بالحيض، لكن ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما قال الإمام البخاري أكثر، فهو مكتوب على بنات آدم من أول الأمر؛ لأن هذا جبلي طبيعي يشترك فيه النساء، وهو بالنسبة للنساء وللرجال أيضاً أذى، كما قال الله -جل وعلا-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [(222) سورة البقرة] والخلاف بين أهل العلم في المحيض المانع من العبادات يمنع المرأة(25/2)
وليست حيضتها بيدها في كتابة الأجر والثواب الذي منعت منه مع أنها لو كانت طاهراً لفعلته، ولم تمتنع من تلقاء نفسها، وإنما منعت، شيء كتبه الله على بنات آدم، فمنهم من يقول: إنه يكتب لها الأجر كما كانت تفعل، يعني حينما كانت طاهراً، نظير ذلك المريض والمسافر؛ لأن حيضتها ليست بيدها، ومنهم من يقول: لا يكتب لها من الأجر شيء، ما دام لا تصلي ولا تصوم، نعم ليس عليها إثم لأن الأمر ليس بيدها، وحجة من يقول بهذا القول: إن هذا هو السبب في نقص دينها، ولو كان يكتب لها الأجر الذي كانت تفعله عند ما كانت طاهرة ما صار نقصاً في دينها،. . . . . . . . . في نقص دينها، ولو كان يكتب لها الأجر الذي كانت تفعله عند ما كانت طاهرة ما صار نقصاً في دينها، يصير أجرها كاملاً، ولذا لم يكن السفر والمرض بالنسبة للرجال نقص في دينهم، ظاهر وإلا ما هو ظاهر؟ المرأة تتمنى وتتحسر أن لو كانت طاهراً تصوم مع الناس، وتصلي مع الناس، وتتهجد مع الناس، وتحج مع الناس، وتعتمر مع الناس، وغير ذلك مما يمنعها حيضها، كثير من الحريصات على فعل الخير تتقطع من الأسى إذا نزل عليها الحيض؛ لأنه يمنعها من صلتها بربها، من أعظم العبادات التي هي الصلاة والصيام، فهل نقول: إن أجرها كامل باعتبار أنها منعت؟ أو نقول: إن الأجر ناقص ولذا صارت ناقصة الدين بسببه؟ محل خلاف بين أهل العلم، ولا شك أن الناس يتفاوتون، من النساء من تفرح إذا جاءتها العادة، إذا نزل عليها الحيض تفرح، ترتاح من الصلاة من الصيام، وهي معذورة شرعاً، فهل مثل هذا يكتب له من الأجر ما كان يعمله حينما كان طاهراً؟ هذا بلا إشكال بلا خلاف مثل هذا لا يكتب له، وهذا مطرد في سائر العبادات، يعني الأعمى إذا فرح بالعمى لأنه يعذر عن الجهاد، الأعرج إذا فرح بالعرج لأنه يعذر عن الجهاد، والمريض إذا فرح بالمرض لأنه يعذر عن حضور الجماعة، وما أشبه ذلك، هل يكتب له من الأجور شيء؟ لا، لا يكتب لهم من الأجور شيء؛ لأن المرد في ذلك هو القصد، وكون الإنسان يتمنى الشهادة ويموت على فراشه يكتب له أجر الشهداء، يعني إذا صدق في أمنيته، وأنه لو تيسر له ذلك لبادر إليه، يكتب له من الأجر مثل من يقتل في سبيل الله، بالعكس(25/3)
إذا فرح بما يعذر به فمثل هذا لا يكتب له شيء، فينتبه لمثل هذا من النساء على حسب ما يقر في قلوبهن يكتب لهن من الأجور أو لا، وهذا ظاهر؛ لأن المدار على النيات والمقاصد، وبعض النساء يعني مما يؤكد عدم فرحهن بنزول الحيض وراحتهن بترك الصلاة، بعض النساء تقوم على عادتها، في الثلث الأخير من الليل تقوم وعليها العادة، فتدعو الله -جل وعلا-، وتفعل ما يجوز لها فعله مما يقرب إلى الله -جل وعلا-، وتترك الباقي، مثل هذه أجرها عند الله عظيم، لكن من فرحت بالعذر ونامت إلى أثناء النهار، وقالت: الحمد الذي أراحنا من القيام في الليالي الباردة، مثل هذا لا شك ولا إشكال في كونها لا تؤجر، فهن يتفاوتن، والمدار في ذلك على النيات والمقاصد، ويبقى أن المسألة في الجملة محل خلاف بين أهل العلم، ولكل فريق أدلته.
الحيض يعرفه أهل العلم في اللغة بالسيلان، يقولون: حاض الوادي إذا سال، وفي الاصطلاح الشرعي عند الفقهاء يقولون: دم طبيعة وجبلة، يعني يخرج به الدماء الطارئة، دم طبيعة وجبلة، لا ينشأ عن مؤثر، يعني ليس بجرح ولا قرحة ولا شيء، إنما ينشأ عن صحة، يعني يوجد في حال الصحة كما يوجد في حال المرض، دم طبيعة وجبلة يخرج من عرق في أقصى الرحم، وهو منتظم في الغالب، وله حكمة عظيمة سببها تغذية المولود، الجنين في بطن أمه يتغذى بهذا الدم، فإذا لم يكن ثم جنين خرج في أوقات منتظمة، ولذا المرجح عند أهل العلم أن الحامل لا تحيض، ولو نزل عليها دمها الذي تعرفه في أوقاته وعلاماته، ما دامت حامل فهي لا تحيض، من أهل العلم من يقول: إن الحامل تحيض، فإذا نزل عليها في وقته ولونه ورائحته فإنه يعد حيضاً، وعلى كل حال لو كانت تحيض ما عدت الأقراء علامات على خلو الرحم، لو كانت الحامل تحيض ما عدت الأقراء والحيض علامات على خلو الرحم، لو قلنا: إنها حاضت ثلاث حيض وهي حامل، ولا تخرج بذلك من عدتها، والشرع جاء باعتداد ذات الأقراء بالحيض، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا أغلبي ولا ... ؛ لأن حتى هذا القليل النادر هذا القليل الذي ليس بأغلب تعتد بإيش إذا كانت حامل وتحيض؟
الطالب:. . . . . . . . .(25/4)
لا هو جعل في مقابل الحمل، فالمطلقة إما أن تعتد بوضع الحمل، وإما أن تعتد بالحيض، فلما جعل مقابلاً له علم أنهما لا يجتمعان، يعني لو حاضت ثلاث مرات وقالت: خلاص أنا خرجت من العدة، ثم تبين في بطنها حمل بعد ذلك؟ نقول: الدم الذي نزل عليها دم فساد لا عبرة به، إنما هو نزيف، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
من أين؟
الطالب:. . . . . . . . .
على كل حال وجد من النساء من لا تحيض، ووجد ممن تلد من النساء أنها لا يصاحبها دم، ما يحصل لها نفاس، ولذا نقول: إن أقل النفاس لحظة ولو لحظة، مع أنه نادر جداً، لكنه وجد من النساء من لا تحيض ومن لا يخرج معها الدم مع الولادة.
يقول -رحمه الله تعالى-:(25/5)
"أقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً" هذا هو المذهب وهو المرجح عندهم، عند الحنابلة أقله يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً، ما الدليل على كون أقله يوماً وليلة؟ نعم؟ يعني وجد ممن تحيض يوم وليلة، يعني ما وجد من تحيض أقل؟ إذا وجد من لا تحيض أصلاً، ولا يمكن أن يوجد من ينزل عليها الدم أقل من يوم وليلة، أو هذا باعتبار الحكم الشرعي لا باعتبار الوجود؟ ويستندون في هذا إلى امرأة أدعت أنها خرجت من العدة في شهر، نزلت عليها العادة ثلاث مرات في شهر، في عهد علي -رضي الله عنه وأرضاه-، فسأل عنها شريح، فقال: إن جاءت ببينة صدقت وإلا فلا؛ لأنه خلاف العادة، كيف يكون أقله يوم وليلة من خلال هذا الأثر؟ لما أجاب شريح بقوله: إن جاءت بمن يصدقها قبل قولها وإلا فلا، قال له علي فيما ذكر في الخبر: قالون، قالون يعني جيد بالرومية، فإذا تصور أنها حاضت أول يوم من الشهر ثم طهرت ثلاثة عشر يوماً، الذي هو أقل الطهر بين الحيضتين، ثم حاضت اليوم الخامس عشر ثم طهرت فمن السادس عشر إلى التاسع والعشرين ثم حاضت في آخر يوم من الشهر، تكون بهذا خرجت من العدة، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ أقله يوم وليلة من هذا الخبر، في دليل غيره وإلا ما في؟ في دليل ثاني وإلا ما في؟ من أهل العلم من يرى أن الأقل ثلاثة أيام، والأكثر عشرة، وهذا معروف عند الحنفية، أقله ثلاثة أيام، وأكثره عشرة أيام، ومنهم من يرى أنه لا حد لأقله ولا لأكثره، ولا لأقل الطهر ولا لأكثر الطهر، ولا حد للسن بداية ولا نهاية؛ لأنهم عندهم في المذهب أنه لا حيض قبل تسع سنين، ولا بعد خمسين سنة، فعلى كلامهم الذي يحصل قبل التسع في الثامنة والسابعة هذا لا يعد حيضاً، والذي يحصل بعد الخمسين لا يعد حيضاً، مع أنه وجد بكثرة الحيض بعد الخمسين، أما قبل التسع فهو نادر، المقصود أن المعمول به عند الحنابلة أنه لا حيض قبل تسع سنين، ولا بعد خمسين سنة، وعلى القول بأنه لا حد لأقله ولا لأكثره ولا لأقل الطهر ولا لأكثره، ولا حد للسن في البداية ولا في النهاية فمتى نزل الدم هو الحيض، تجلس له المرأة ولو فرض واحد، ولو زاد عن خمسة عشر يوماً، يستدل العلماء على أن أكثر الحيض خمسة عشر يوماً بحديث:(25/6)
((تمكث شطر دهرها)) وشطر الدهر كم؟ خمسة عشر يوماً، لكن لا يمنع أن يكون الحديث خرج مخرج الغالب، مع أن ((تمكث شطر دهرها)) الحديث متكلم فيه بكلام قوي لأهل العلم، تضعيفه ظاهر عند أهل العلم، وعلى كل حال ليس فيه مستدل، حتى لو قال: ((تمكث شطر دهرها)) هذا ليس هو الغالب على ما قالوا، الغالب ستة أو سبعة، غالب النساء ستة أيام أو سبعة، فلا مستمسك في هذا الحديث لا لأكثره ولا للقصة الأولى بالنسبة لأقله، فالذي رجحه شيخ الإسلام -رحمه الله- وجمع من أهل التحقيق أنه لا حد لأقله ولا لأكثره، ولا لجميع التحديدات التي ذكرت في هذا الباب من قبل أهل العلم لا دليل عليها، يعني لا يوجد نص صحيح صريح، إنما فيه استدلالات واستمساكات من أهل العلم ببعض الأخبار والآثار وببعض الوقائع.
"أكثره خمسة عشر يوماً" نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
يعني مطرد في كل أشهرها أكثر من مرة؟ يعني وجد من تحيض في الشهرين مرة، لكن هل يوجد أنها تحيض في الشهر مرتين؟ إذا قلنا: لا حد لأقله، وش المانع؟
الطالب:. . . . . . . . .
تقصد الواقع أو الحكم؟
الطالب:. . . . . . . . .
الواقع الله أعلم، ما أدري.(25/7)
على كل حال يقول المؤلف: "فمن أطبق بها الدم" هذه هي المستحاضة، والاستحاضة: نزول الدم الذي يختلف عن دم الحيض، كما يقول أهل العلم: إنه دم ينزل من عرق في أدنى الرحم "فمن أطبق بها الدم" استمر معها، واستحيض سبع في عهده -عليه الصلاة والسلام- من النسوة، وبنات جحش مبتليات بالاستحاضة "فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين منتن، وإدباره بأنه رقيق أحمر تركت الصلاة في إقباله، فإذا أدبر اغتسلت وتوضأت لكل صلاة وصلت" الآن المستحاضة التي ينزل عليها الدهر الشهر كامل والشهرين والثلاثة، وقد تستحاض السنين، هذه كيف تصلي؟ وكيف تصوم؟ لأن المستحاضة إما أن تكون معتادة أو لا عادة لها، أو تكون مميزة أو لا تمييز عندها، فهنا عادة وهنا تمييز، وجاء من الأحاديث ما يدل على العمل بالعادة، وجاء ما يدل على العمل بالتمييز ((فإذا أقبلت أيام أقرائك فدعي الصلاة)) عادة ووصف دم الحيض وقال: ((إنه دم أسود يعرف)) أو يعرف، وهذا يدل على التمييز، فمن كان لها عادة ولها تمييز فبأيهما تعمل؟ وأيهما تقدم؟ على كلام المؤلف -رحمه الله تعالى- تقدم التمييز، نعم، يقول: "فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين منتن، وتعلم إدباره بأنه رقيق" يعني يختلف الدم، يأتيها أيام أحمر صافي، وأحياناً أسود، ثم ينتهي الأسود، ثم يكون بعد ذلك أحمر، ويستمر إلى أن يأتي الوقت الذي صار به أسود، وقد يتقدم أو يتأخر، إذا اتفقت العادة مع التمييز، هذا ما فيه إشكال، ولا خلاف في أنها تجلس عادتها المتميزة، يعني إذا كانت عادتها في اليوم السابع إلى منتصف الشهر، ولون دمها في حال صحتها أسود ثخين منتن، ثم في اليوم السابع استحيضت تتابع عليها الدم وأطبق عليها، ففي السابع من كل شهر يأتيها هذا اللون بهذا الوصف، وينتهي في الخامس عشر، هل يحصل في مثل هذه خلاف؟ لا، لا يحصل في مثل هذه خلاف، يعني إذا اتفقت العادة والتمييز، لكن إذا اختلفت العادة مع التمييز، عادتها من سبعة إلى خمسة عشر، وهي تميز دمها، وتعرف لون دم عادتها، فجاءها في اليوم الأول من الشهر دم أسود ثخين منتن، انتهى في اليوم السابع، وهي في العادة تأتي عادتها من اليوم(25/8)
السابع إلى الخامس عشر، الآن اختلفت العادة مع التمييز، فأيهما تقدم؟ على كلام المؤلف تقدم التمييز، يقول: "فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين منتن وإدباره بأنه رقيق أحمر تركت الصلاة بإقباله فإذا أدبر اغتسلت وتوضأت لكل صلاة وصلت" هل تعرض المؤلف لمعارضة العادة وموافقة العادة هنا؟ ما تعرض له، لكن ظاهر كلامه أن التمييز هو المقدم في حال التعارض، أما في حال التوافق فلا إشكال، فعلى كلام المؤلف أول ما تبدأ به المستحاضة التمييز، فإذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة جلست دم الحيض، ثم إذا انتهى الدم الذي تحكم عليه بأنه حيض بصفاته فإنها تغتسل غسل الحيض، يقول: تركت الصلاة في إقباله، يعني المدة التي يكون فيها الدم المتميز، دمها المتميز المعتاد تترك الصلاة في إقباله، وتترك أيضاً الصوم، وتترك الطواف، وتترك قراءة القرآن عند من يقول به، على ما تقدم تقريره، المقصود أنها تترك ما منعت منه في وقت إقباله، فإذا أدبر وتغير اللون من لون العادة إلى غيره فإنها حينئذٍ تغتسل غسل الحيض، كأنها من الطاهرات، يعني ما تختلف عن الطاهرات بشيء "اغتسلت وتوضأت لكل صلاة وصلت" توضأت لكل صلاة كمن حدثه دائم، كمن به سلسل بول، أو جرح مستمر فتتوضأ لكل صلاة وصلت، وجاء الأمر بالوضوء ((توضئي لكل صلاة)) وأما بالنسبة للاغتسال لكل صلاة فإنما فعلته من تلقاء نفسها من غير أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- فكانت تغتسل لكل صلاة، يعني من غير أمره -عليه الصلاة والسلام-، وهذا يدل على أن مثل هذا مستحب، لكن ليس بلازم، وجاء التوجيه النبوي بأنه إذا كان يشق عليها الوضوء لكل صلاة، أو الغسل استحباباً لكل صلاة وأخرت الصلاة الأولى وقدمت الصلاة الثانية على جهة الجمع الصوري فإنه يكون حينئذٍ أفضل من كونها تجمع جمعاً حقيقياً، أو تتيمم عند المشقة "فإذا أدبر اغتسلت وتوضأت لكل صلاة وصلت" توضأت لكل صلاة هل هذا يدل على أن وضوءها رافع أو مبيح؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .(25/9)
لو كان رافعاً ما يلزمها الوضوء لكل صلاة، يمكن أن يقال: إنه رافع انتقض بخروج الدم من مخرجه؟ أو يقال: هو مبيح؟ وش الفرق بين القولين؟ إذا قلنا: إنه رافع لكنه انتقض بخروج الدم، أو نقول: إنه مجرد إباحة تستبيح به هذه العبادات، وإلا ما دام الدم يخرج منها فهو ناقض باستمرار؟ ولا يمكن أن تتمكن من العبادات إلا بهذا الوضوء مع وجود المضاد وهو خروج الدم من مخرجه، يعني لو خرج شيء من السبيلين لو لم يكن دم، أي شيء يخرج من السبيلين ينقض الوضوء على ما تقدم، فهذا من باب أولى، فهل نقول: إنها توضأت وضوءاً رافعاً للحدث ثم انتقض بخروج الدم، أو أن وضوءها لا يرفع الحدث باعتبار أن الدم يخرج متتابعاً حتى في أثناء الوضوء وبعيد الوضوء قبل الصلاة يخرج متتابعاً؟ فهذا يقوي قول من يقول: إنه مبيح، والمبيح .. ، الرافع معروف أنه طهارة كاملة، والمبيح طهارة كاملة وإلا ناقصة؟ ناقصة، إذ لو كانت كاملة ما طلب منها إعادة الوضوء، مثل هذا الوضوء الناقص الطهارة الناقصة يلبس عليهما أو يلبس عليها خفين دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين علشان نربط الأبواب بعضها ببعض، يعني الذي حدثه دائم ونقول: إن وضوءه مبيح وليس برافع، هل يلبس الخفين ويمسح عليهما، أو لا يلبس؟ نعم؟ ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) الآن لما توضأت وقلنا: إنه لا يرفع الحدث هذا؛ لأن الحدث مستمر، فلا يرفع الحدث، بل يبيح العبادات التي تمنع منه، يبيح العبادات، هل يصح أن نقول: إن القدمين طاهرتان حينما أدخلتا في الخفين ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) نعم؟ إذاً نقول للمستحاضة: لا تمسح على الخفين؟
الطالب:. . . . . . . . .(25/10)
بالنسبة لها ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) يعني من مقتضيات كون الوضوء مبيح لا رافع، إذا قلنا: إنه مبيح لا رافع فالحدث موجود، وهل يجتمع الحدث مع الطهارة؟ الطهارة رفع الحدث، فهل نقول: إنها طاهرة طهارة تبيح لها إدخال القدمين في الخفين والمسح عليهما؟ مقتضى قولنا: إنه مبيح يكون في مسحها نظر، لكن أحاديث المسح ما فرقت بين من يتلبس بالطهارة التامة، وبين من يتلبس بالطهارة الناقصة، هذا يذكرنا بمسألة وهي مسألة المسح على الخفين، فإذا تمت المدة عند أهل العلم الجمهور تبطل الطهارة إذا تمت المدة؛ لأنه هذا الوقت المأذون به شرعاً، وكذلك إذا خلع الخف تبطل الطهارة؛ لأنه إذا صلى بالقدم بعد مسح الخف وخلعها يكون مصلياً بقدم ليست مغسولة ولا ممسوحة فطهارته ناقصة، تقدم مسألة قياسه على مسح الرأس ثم حلق الشعر، تقدم الكلام في هذا، والتفريق بين أن هذه طهارة أصلية وهذه طهارة فرعية، لكن يبقى مسألة ما تنبهنا لها سابقاً، وهي أنه إذا خلع الخف لبس الخف على طهارة، ومسح أربعة أوقات، ثم خلعه وهو على طهارة، الذي يقول مثل شيخ الإسلام بأن الطهارة ما زالت باقية ويصلي، هل نقول: إن طهارته هذه كاملة أو ناقصة؟ على كلامنا ناقصة، لكن على كلام شيخ الإسلام كاملة؟ هل يقول شيخ الإسلام بأن مثل هذا له أن يلبس الخفين لأنه قدميه طاهرتين طهارة كاملة ويستأنف من جديد المسح؟ ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) يعني ما يلزم أنه أدخلهما طاهرتين فيمسح يوم وليلة، يلزم بهذا أو ما يلزم؟
الطالب:. . . . . . . . .
هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .
إيش لون لا يرى؟
الطالب:. . . . . . . . .(25/11)
ليش ما يرضى ما دام طهارة كاملة؟ لأنه إذا خلعها فإما أن تكون الطهارة كاملة وإلا ناقصة في ثالث؟ كاملة على رأي الشيخ، أو ناقصة على رأي غيره، إذا كانت كاملة عنده ما الذي يمنعه من لبسها مرة ثانية؟ ما الذي يمنعه من أن يلبسها ثانية ويستأنف المسح يوم وليلة من جديد، في ما يمنعه؟ وهل يقول بهذا شيخ الإسلام أو غير شيخ الإسلام؟ ما يمكن أن يقول بهذا؛ لأنه يلزم عليه أن يستمر يمسح، يعني يمكن يدخل. . . . . . . . . ويطلع ما غسل رجليه على هذا الكلام، ويكون فعله صحيح، وهل يقول بهذا شيخ الإسلام؟ يورد عليه وإلا ما يورد عليه؟ هاه؟ يورد عليه، والذي جرنا إلى الكلام في كون طهارة المستحاضة كاملة وإلا ناقصة؟ وعلى كل حال إذا فعلت ما جاء في النصوص فقد اتقت الله ما استطاعت، وهي داخلة في عموم أحاديث المسح، بغض النظر عن كونها كاملة، ناقصة، هي بالنسبة لها كاملة، هذا ما تستطيعه، لكن أمرها بالوضوء لكل صلاة لا شك أنه يدل على نقص، لكن لا يحرمها مما تندرج فيه بالنسبة للنصوص الأخرى.(25/12)
"فإن لم يكن دمها منفصلاً" كيف يكون دمها منفصلاً؟ يعني متميزاً، يعني كله لونه واحد من بدأ إلى أن انتهى شهرين ثلاثة سنة سنتين اللون ما تغير، ليس بمنفصل، يعني ليس بمتميز، ما في فاصل بين دم ودم، الأولى عرفنا أنه ينفصل دمها، أحياناً يأتي أسود، وأحياناً يأتي أحمر، هذه دمها ليس بمنفصل "وإن لم يكن دمها منفصلاً، وكانت لها أيام من الشهر تعرفها" هذه هي إيش؟ المعتادة، تعرف أيام من الشهر كانت تحيض من اليوم السابع إلى الخامس عشر ثمانية أيام تعرف، فإذا أقبلت الحيضة -يعني أقبل وقتها- تمسك عن الصلاة وعن الصيام وعن جميع العبادات التي يشترط لها الطهارة، تمسك، ثم بعد ذلك إذا انتهت المدة تغتسل غسل الحيض، وتتوضأ لكل صلاة، دعي الصلاة أيام أقرائك، الأيام التي كانت تنزل عليها العادة في السابق حينئذٍ تترك الصلاة فيها، وما يطلب له الطهارة، فإذا انتهت اغتسلت وصلت وتوضأت لكل صلاة "فإن لم يكن دمها منفصلاً وكانت لها أيام من الشهر تعرفها أمسكت عن الصلاة فيها، واغتسلت إذا جاوزتها" يعني إذا جاوزت الأيام المعروفة عندها التي كانت تجلسها قبل تتابع وإطباق الدم "واغتسلت إذا جاوزتها، وإن كانت لها أيام أنسيتها" أو نسيتها؟ وش عندك؟
الطالب:. . . . . . . . .
وأنا عندي كذلك أنسيتها.
الطالب:. . . . . . . . .
لكن هل يقال: أنسي أو نسي؟ يعني الحديث الوارد في الصحيحين النهي عن قول: نسيت بالنسبة للقرآن، فهل يطرد هذا في غيره؟ القرآن لئلا يدخل في قوله -جل وعلا- .. نعم؟ إيش؟
الطالب:. . . . . . . . .
نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .(25/13)
{وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [(126) سورة طه] {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} [(126) سورة طه] في مقابلة نسيانه ينسى، لكن إذا أنسي أنساه الله أو أنساه، لا ينسب هذا الفعل لنفسه، فلا يقول: نسيت؛ لئلا يستحق الجزاء {وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [(126) سورة طه] هذا بالنسبة للآيات التي هي القرآن، أما ما عدا ذلك فالإنسان محل للنسيان، ولا يلام على ذلك؛ لأنه جبل على ذلك، فما أشوف داعي لقوله: أنسيتها، لا مانع أن يقول: نسيتها، "وإن كانت لها أيام أنسيتها فإنها تقعد ستاً أو سبعاً في كل شهر" لأن غالب النساء تتحيض ست أو سبع أيام بلياليها، أو ستاً من الليالي بأيامها في كل شهر، هذا غالب النساء، لكن هل تقدم عادة غالب الناس أو غالب الأسرة؟ يعني إذا كانت أمها عادتها ثلاثة أيام وعمتها كذلك وخالتها وأختها الكبرى وهكذا هل نقول: تجلس ستاً أو سبعاً نظراً لأن غالب النساء تجلس هكذا؟ أو تنظر إلى نسائها القريبات منها؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
عندنا في مسألتنا: وإن كانت لها أيام ترجع إلى عادة نسائها القريبات منها؛ لأنها في الغالب مثلهن، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
طيب هو المجتمع، إحنا ننظر إلى المجتمع الأعم إذا لم يكن هناك ما هو أخص منه، كيف ننظر إلى البعيدات وعندنا نساء قريبات العادة عندهن مطردة؟ أمها عادتها ثلاثة أيام، أختها عادتها ثلاثة أيام، وإن كان في قبيلة من القبائل ستة أيام، وقبيلة أخرى سبعة، وقبيلة أخرى تسعة، وقبيلة أربعة، والغالب المتوسط متوسط النساء ستة أو سبعة، لكن نساءها القريبات منها أمها وأختها، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
إيش قال؟
الطالب:. . . . . . . . .
لولا ها النص، هل العادة العامة مقدمة على العادة الخاصة وإلا لا؟ لأن أهل العلم يردونها إلى قريباتها، الأصل أنها بقريباتها أشبه؛ لأمها أقرب ولأختها، فلعل ما جاء في الحديث أن تكون عادة قريباتها بهذه العدة، وإلا فأهل العلم يردون .... نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
حال الإقامة، النظر إلى حال الإقامة، بغير نظر إلى المؤثرات.
شوف الجملة الأخيرة.
الطالب:. . . . . . . . .
طالب: نقرأ كلام صاحب المغني؟
نعم.(25/14)
طالب: قال -رحمه الله تعالى-: هذا من القسم الرابع من أقسام المستحاضة وهي من لا عادة لها ولا تمييز، وهذا القسم نوعان، أحدهما: الناسية ....
يعني القسم الأول لها عادة وتمييز، الثاني: تمييز فقط، الثالث: عادة فقط، الرابع: لا عادة ولا تمييز، قد يكون هذا القسم أيضاً ينقسم إلى قسمين، قسم لا عادة لها أصلاً، وقسم لها عادة ثم نسيتها، نعم.
طالب: وهذا القسم نوعان، أحدهما: الناسية ولها ثلاثة أحوال، أحدها: أن تكون ناسية لوقتها وعددها، وهذا يسميها الفقهاء المتحيرة، والثانية: أن تنسى عددها وتذكر وقتها، والثالثة: أن تذكر عددها وتنسى وقتها، فالناسية لهما هي التي ذكر الخرقي حكمها، وأنها تجلس في كل شهر ...
الوقت والعدد، يعني هل هي من أول الشهر، أو من أثنائه أو من آخره؟ وهل هي ثلاثة أيام أو أربعة أو خمسة أو أكثر؟
طالب: فالناسية لهما هي التي ذكر الخرقي حكمها، وأنها تجلس في كل شهر ستة أيام أو سبعة، يكون ذلك حيضها ثم تغتسل، وهي في ما بعد ذلك مستحاضة تصوم وتصلي وتطوف، وعن أحمد أنها تجلس أقل الحيض، ثم إن كانت تعرف شهرها وهو مخالف للشهر المعروف جلست ذلك من شهرها، وإن لم تعرف شهرها جلست من الشهر المعروف لأنه الغالب، وقال الشافعي في الناسية لهما ....
في فرق بين شهرها والشهر المعروف؟
طالب: لا يلزم من شهرها أن يبتدئ بالشهر المعروف.
نعم، الذي يشتمل على حيض وطهر، سواء كان شهر هلالي أو أكثر أو أقل.
طالب: قال الشافعي في الناسية لهما: لا حيض لها بيقين، وجميع زمنها مشكوك فيه تغتسل لكل صلاة وتصلي وتصوم، ولا يأيتها زوجها، وله قول آخر ...
يعني لا تجلس، تتوضأ لكل صلاة وتصلي الدهر كله؛ لأن زمن الحيض مشكوك فيه، ولا يأتيها زوجها الدهر كله، هذا لا شك أنه عنت ومشقة شديدة، نعم.
طالب: وله قول آخر أنها تجلس اليقين.
وما دامت تصلي فالصلاة أعظم، كما في صحيح البخاري نقلاً عن ابن عباس، إذا كانت تصلي فالصلاة أعظم، يعني يأتيها زوجها، نعم؟(25/15)
طالب: وله قول آخر أنها تجلس اليقين، وقال بعض أصحابه: الأول أصح؛ لأن هذه لها أيام معروفة، ولا يمكن ردها إلى غيرها، فجميع زمانها مشكوك فيه، وقد روت عائشة أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فأمرها أن تغتسل، وكانت تغتسل لكل صلاة، متفق عليه، ولنا ما روت حمنة بنت جحش قالت: كنت استحاض حيضة كبيرة شديدة، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم –أستفتيه، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول إني استحاض حيضة كبيرة شديدة، فما تأمرني فيها؟ قد منعتني الصيام والصلاة، قال: ((أنعتُ لك الكرسف، فإنه يذهب الدم)) ...
الكرسف هو القطن، نعم.
طالب: "قلت: هو أكثر من ذلك، إنما أثج ثجاً، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((سآمرك أمرين، أيهما صنعت أجزأ عنك، فإن قويت عليهما فأنت أعلم)) فقال لها: ((إنما هي ركضة من الشيطان، فتحيضي ستة أيام، أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي، فإذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي)) ...
نعم تحيضي ستة أيام أو سبعة، وهو معول المؤلف في التحديد، المؤلف عول على هذا الخبر في التحديد، وهل هو قاعدة مطردة للنساء اللواتي بصفتها؟ أو أنه قضية عين خاصة بهذه المرأة؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يعرف أن عادتها؛ لأن أختها تحته -عليه الصلاة والسلام-، يعرف أن عادة هذه الأسرة ستة أيام أو سبعة أيام، نعم.
طالب: ((فإذا رأيتِ أنك قد طهرت واستنقأت فصلي أربعاً وعشرين ليلة، أو ثلاثاً وعشرين ليلة)) وذلك على الخيار يا شيخ؟
نعم، (أو) الأصل فيها التخيير، لكن هل مرد التخيير في هذا إلى التشهي أو لما يتبع غلبة الظن؟ كأن النبي -عليه الصلاة والسلام- عرف أن هذه الأسرة منها من يحيض ست أو سبع، ولا يعرف الغالب هل هو الست أو السبع، فأرجأ ذلك إلى أمرها، يعني كما قال -عليه الصلاة والسلام- في حديث أم عطية: ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً إن رأيتن)) يعني ردهن إلى المصلحة لا إلى التشهي، فمثل هذا يرد إلى المصلحة لا إلى التشهي، ما هي مخيرة يقول: صومي يوم أو لا تصومين، أو صلي يوم أو لا تصلين، الأحكام لا ترد إلى مثل هذا، نعم.(25/16)
طالب: ((فصلي أربعاً وعشرين ليلة، أو ثلاثاً وعشرين ليلة وأيامها، وصومي فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كما تحيض النساء، وكما يطهرن لمقيات حيضهن، وطهرن فإن قويت أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر ثم تغتسلين حتى تطهرين وتصلين الظهر والعصر جميعاً ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين)) ...
يعني أشار عليها بالجمع الصوري، نعم.
طالب: ((وتجمعين بين الصلاتين وتغتسلين للصبح فافعلي وصومي إن قويت على ذلك))
وهكذا يوجه كل من يشق عليه الوضوء في أول الوقت من كل صلاة، إذا كان مريض يشق علي استعمال الماء لكل صلاة، أو في أول وقت كل صلاة، فإنه ينصح بهذا، وهو الجمع الصوري، وهو أفضل من التيمم؛ لأن بعض الناس يشق عليه مشقة تقرب من ما يبح التيمم، فإذا جمع بينهما سهل عليه الأمر، فتوجيهه إلى مثل هذا لا شك أنه أفضل من التيمم، لكن لو كان حاقناً في أول الوقت، وفي أول الوقت لن يجد الماء، وفي آخر يجد الماء، لكنه بعيد عنه، لكنه يصل إليه؛ لأنه مسافر في آخر الوقت، هل يقال له: أخر الصلاة؟ أو سوف يحضر الماء، وهو في البلد بحيث لا يسوغ له جمع التأخير فيؤخر الصلاة، شيخ الإسلام يقول: الصلاة بالتيمم أفضل من صلاة الحاقن، فلو أخر الصلاة إلى آخر وقتها حتى يرد الماء فلا شك أنه أفضل مثل هذه، نعم.(25/17)
طالب: وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وهو أعجب الأمرين إلي)) رواه أبو داود والترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح، قال: وسألت محمداً عنه فقال: هو حديث حسن، وحكى ذلك عن أحمد أيضاً، وهو في ظاهره يثبت الحكم في حق الناسية؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم-: لم يستفصلها هل هي مبتدئة أو ناسية؟ ولو افترق الحال لاستفصل وسأل، واحتمال أن تكون ناسية أكثر، فإن حمنة امرأة كبيرة كذلك قال أحمد، ولم يسألها النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تمييزها لأنه قد جرى من كلامها من تكثير الدم وصفته ما أغنى عن السؤال عنه، ولم يسألها: هل لها عادة فيردها إليها لاستغنائه عن ذلك لعلمه إياه، إذ كان مشتهراً، وقد أمر به أختها أم حبيبة فلم يبق إلا أن تكون ناسية؛ ولأن لها حيضاً لا تعلم قدره فيرد إلى غالب عادات النساء كالمبتدئة؛ ولأنها لا عادة لها ولا تمييز فأشبهت المبتدئة، وقولهم: لها أيام معروفة، قلنا: قد زالت المعرفة وصار وجودها كعدمها، وأما أمره أم حبيبة بالغسل لكل صلاة فإنما هو ندب كأمره لحمنة في هذا الخبر، فإن أم حبيبة كانت معتادة ردها إلى ....
لكن ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرها بالغسل أو اغتسلت من تلقاء نفسها وإنما أمرها بالوضوء؟ يعني هل الاغتسال من اجتهادها أو بأمره -عليه الصلاة والسلام-؟
الطالب:. . . . . . . . .
شوف تخريجه.
متفق عليه.
يقول: روت عائشة أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين، فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فأمرها أن تغتسل، فكانت تغتسل.
أمرها أن تغتسل، إذا قررت انقطاع العادة تغتسل، فكانت تغتسل لكل صلاة، يعني أمرها أن تغتسل عن الحيض كغيرها، كالطاهرات.
الطالب:. . . . . . . . .
أمرها أن تغتسل فكانت تغتسل لكل صلاة، ما يثبت الأمر بالاغتسال لكل صلاة، إنما هو من فهمها، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لكنه على كل حال من فهمها لا من أمره -عليه الصلاة والسلام-، يقول: فكانت تغتسل لكل صلاة، والثابت الأمر بالوضوء لكل صلاة، نعم.(25/18)
الطالب: وأما أمره أم حبيبة بالغسل لكل صلاة فإنما هو ندب كأمره لحمنة في هذا الخبر، فإن أم حبيبة كانت معتادة ردها إلى عادتها، وهي التي استفتت لها أم سلمة، على أن حديث أم حبيبة إنما روي عن الزهري، وأنكره الليث بن سعد، فقال: لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر أم حبيبة أن تغتسل لكل صلاة لكنه شيء فعلته هي.
فصل: قوله: ستاً أو سبعاً، الظاهر أنه ردها إلى اجتهادها ورأيها فيما يغلب على ظنها أنه أقرب إلى عادتها، أو عادة نسائها، أو ما يكون أشبه بكونه حيضاً، ذكره القاضي في بعض المواضع، وذكر في موضع آخر أنه خيرها بين ست وسبع لا على طريق الاجتهاد، كما خير واطئ الحائض بين التكفير بدينار أو نصف دينار، بدليل أن حرف (أو) للتخيير، والأول -إن شاء الله- أصح؛ لأنا لو جعلناها مخيرة أفضى إلى تخييرها في اليوم السابع بين أن تكون الصلاة عليها واجبة، وبين كونها محرمة ...
كذلك الصيام بين أن يكون صحيحاً وبين أن يكون باطلاً، وبين أن يلزمها القضاء أو لا، مثل هذا لا يمكن فيه الاحتياط، نعم.
الطالب: لأفضى إلى تخييرها في اليوم السابع بين أن تكون الصلاة عليها واجبة، وبين كونها محرمة وليس إليها في ذلك خيرة بحال.
يعني ما يمكن الاحتياط بين الواجب والمحرم، يمكن الاحتياط بين واجب ومباح، واجب ومستحب، يمكن، أما بين واجب ومحرم لا يمكن الاحتياط.
الطالب: أما التكفير ففعل اختياري يمكن التخيير فيه بين ....
على أن جمع من أهل العلم جعلوه للتقسيم، فقسم يكفر بدينار، وقسم يكفر بنصف دينار، يعني في أول الحيض وقوته يلزمه دينار، وفي آخر وضعفه نصف دينار، نعم.
الطالب: أما التكفير ففعل اختياري يمكن التخيير فيه بين إخراج دينار أو نصف دينار، والواجب نصف دينار في الحالين؛ لأن الواجب لا يتخير بين فعله وتركه، وقولهم: إن (أو) للتخيير قلنا: وقد يكون للاجتهاد كقول الله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء} [(4) سورة محمد] وإما كـ (أو) في وضعها، وليس للإمام في الأسرى إلا فعل ما يؤديه إليه اجتهاده أنه الأصلح.
يعني ليس مرد ذلك إلى التشهي والتخيير الذي لا يستند إلى مصلحة شرعية، نعم.(25/19)
الطالب: فصل: ولا تخلو الناسية من أن تكون جاهلة بشهرها أو عالمة به، فإن كانت جاهلة بشهرها رددناها إلى الشهر الهلالي فحيضناها في كل شهر حيضة؛ لحديث حمنة ولأنه الغالب فترد إليه كردها إلى الست والسبع، وإن كانت عالمة بشهرها حيضناها في كل شهر من شهورها حيضة؛ لأن ذلك عادتها فترد إليها كما ترد المعتادة إلى عادتها في عدد الأيام، إلا أنها متى كان شهرها أقل من عشرين يوماً لم نحيضها منه أكثر من الفاضل عن ثلاثة عشر يوماً أو خمسة عشر يوماً؛ لأنها لو حاضت أكثر من ذلك لنقص طهرها عن أقل الطهر، ولا سبيل إليه، وهل تجلس أيام حيضها من أول كل شهر، أو بالتحري والاجتهاد؟
قف على هذا.
ونشوف مسألة ست أو سبع، أنت عرفت سبب الأشكال؟
اللهم صل على محمد وعلى آله ...(25/20)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الطهارة (26)
شرح قول المؤلف: "والمبتدأ بها الدم تحتاط فتجلس يوماً وليلة، وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي، فإن انقطع الدم في خمسة عشر يوماً اغتسلت عند انقطاعه، وتفعل مثل ذلك ثانية وثالثة، فإن كان بمعنىً واحد عملت عليه وأعادت الصوم، وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاثة مراراً لفرض فإن استمر بها الدم ولم يتميز قعدت في كل شهر ستاً أو سبعاً؛ لأن الغالب من النساء هكذا يحضن، والصفرة والكدرة في أيام الحيض من الحيض، ويستمتع من الحائض بما دون الفرج، فإذا انقطع دمها فلا توطأ حتى تغتسل، ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه، والمبتلى بسلس البول، وكثرة المذي .... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
"والمبتدأ بها الدم تحتاط فتجلس يوماً وليلة، وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي، فإن انقطع الدم في خمسة عشر يوماً اغتسلت عند انقطاعه، وتفعل مثل ذلك ثانية وثالثة، فإن كان بمعنىً واحد عملت عليه وأعادت الصوم، وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاثة مراراً لفرض فإن استمر بها الدم ولم يتميز قعدت في كل شهر ستاً أو سبعاً؛ لأن الغالب من النساء هكذا يحضن، والصفرة والكدرة في أيام الحيض من الحيض، ويستمتع من الحائض بما دون الفرج، فإذا انقطع دمها فلا توطأ حتى تغتسل، ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه، والمبتلى بسلس البول، وكثرة المذي ....
ما عندك إلا أن يخاف على نفسه العنت؟
طالب: ما عندي العنت يا شيخ.
وهو الزنا؟ نعم؟
طالب: لا عندنا ليس موجود.
والمغني ما فيه؟
طالب: ما فيه شيء يا شيخ، ولا أشار في الحاشية إلى أنها في نسخة منه.
طيب وليست من الشرح؟
طالب: سم.
موجودة في الشرح؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش يقول؟
طالب: ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه العنت.
وهو الزنا.
على كل حال هو المقصود سواءً ذكر أو لم يذكر.(26/1)
"ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه، والمبتلى بسلس البول وكثرة المذي فلا ينقطع كالمستحاضة يتوضأ لكل صلاة بعد أن يغسل فرجه"
نقف؟
والمبتلى بسلس البول أو كثرة (أو)؟
طالب: لا عندنا وكثرة عندكم يا شيخ (أو)؟
إي نعم؛ لأن المقصود أنه مبتلى بالأمرين معاً أو بأحدهما.
طالب: أحسنت.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
طالب: يا شيخ حتى في المغني بدون الهمز، بواو العطف.
بدون الهمز؟
طالب: إيه.
على كل حال هي مقصودة، الواو بمعنى (أو).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"والمبتدأ بها الدم تحتاط" ثم ذكر المستحاضة وهي التي أطبق بها الدم، وذكر الحالات التي تحتمل في مثلها، فذكر إما أن تكون مميزة أو معتادة أو ليست مميزة ولا معتادة، وهذه المستحاضة التي سبق لها الحيض، وهنا المبتدئة المستحاضة المبتدأ بها الدم، المبتدئ بها الدم، يعني مبتدئة مستحاضة، أول ما جاءها الدم ليس على طريق الحيض، وإنما هو على طريق الاستحاضة لاستمرار الدم.(26/2)
"المبتدأ بها الدم تحتاط، تجلس يوم وليلة، وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي" ما معنى الاحتياط هنا؟ "المبتدأ بها الدم تحتاط فتجلس يوماً وليلة" فهل الاحتياط في جلوس الأقل أو في جلوس المعتاد بالنسبة لغالب النساء، أو بالنسبة للأكثر؟ لأنها إن احتاطت للصلاة لم تحتط للصوم، يعني مثل الأذان بالنسبة لصلاة الفجر في رمضان، كيف يحتاط المؤذن لصلاة الصبح في رمضان؟ إن أذن قبل الوقت فصلى أناس بأذانه بطلت صلاتهم، وإن أذن بعد دخول الوقت وأكل الناس واستمروا يأكلون بعد دخول الوقت بطل صيامهم، ففي بعض المسائل لا يمكن فيها الاحتياط؛ لأنه ينتابها أمران كل واحد منهما يحتاج إلى احتياط، والاحتياط لهذا مخل بالاحتياط بهذا، الاحتياط للصلاة بالنسبة للحيض مخل بالصيام، الآن إذا جلست المبتدأ بها الدم يوم وليلة، ثم صلت بعد ذلك وصامت معروف أن الصيام والصلاة بالنسبة للحائض لا يصحان منها، بل يحرمان، فيمكن أن تصلي وتصوم، والصوم والصيام حرام عليها، ولا شيء يحل الإشكال مثل العمل بالنص بإطلاقه إن كان مطلقاً، أو بتقييده إن كان مقيداً، وذكرنا أن بعض ما قعده أهل العلم في هذا الباب أوقع طلاب العلم في حرج شديد فضلاً عن النسوة اللاتي ابتلين بهذا الأذى.(26/3)
يقول: "المبتدأ بها الدم" يعني من المستحاضات من سبق لها أن حاضت قبل ذلك، ولا تدري ما عادتها، ولا تعرف كيف تميز؟ "المبتدأ بها الدم تحتاط، فتجلس يوماً وليلة، وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي" مقتضى كلامه أن المبتدأ بها الدم تجلس يوم وليلة ولو كانت مميزة، ولو كانت معتادة، المبتدأ بها الدم؛ لأن الأول فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز تعلم إقباله بأنه أسود ثخين منتن ... إلى آخره، تركت الصلاة فإذا أدبر وكانت لها أيام ... إلى آخره، لا تخلو إما أن تكون معتادة أو لا عادة لها ثابتة مستقرة بل مميزة، تعمل بالتمييز إن اضطرب أمرها تعمل بالعادة، إن اضطرب أمرها تعمل بعادة غالب النساء، هذا بالنسبة لمن تقدم لها عادة، مع أنه في إطلاقه في أصل المسألة يدخل فيه المبتدئة، فمن أطبق بها الدم فمن كانت تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين منتن، هل يلزم من هذا أن تكون قد حاضت قبل الاستحاضة؟ إنما يلزم منه أن يكون دمها متميز، بعضه أحمر وبعضه أسود، لكن التفصيل لذكر المبتدأ بها الدم على سبيل الاستقلال يخرجها من الإجمال السابق، فدل على أن كلامه الأول فيمن عرفت عادتها، أو من ميزت لمضي العادة مراراً قبل الاستحاضة، وهنا قال: "المبتدأ بها الدم تحتاط فتجلس يوماً وليلة" يعني هكذا المبتدئة بالحيض بدون استحاضة، المبتدأ بها الدم، المبتدئة أول ما يأتيها الدم عند الحنابلة تجلس أقله احتياطاً، ثم تغتسل حتى يتكرر ثلاثاً، إذا تكرر ثلاثاً صار عادة بدون استحاضة، ويطردون هذا حتى في المستحاضة، ولذلك قال: "المبتدأ بها الدم تحتاط فتجلس يوماً وليلة كما لو كانت غير مستحاضة، وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي" وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي، تغتسل كم؟ بعد مضي يوم وليلة تغتسل لكل صلاة أو مرة واحدة كمن طهرت من الحيض؟ مرة واحدة، تتوضأ لكل صلاة وتصلي، لماذا تتوضأ لكل صلاة؟ على ما تقدم لأن حدثها دائم.(26/4)
تتوضأ لكل صلاة وتصلي، فإن انقطع الدم في خمسة عشر يوماً الذي هو أكثر الحيض اغتسلت عند انقطاعه، انقطع الدم، إذا انقطع الدم في خمسة عشر يوماً هل يقال: إنها مستحاضة أو حائض؟ حائض ليست مستحاضة، اغتسلت عند انقطاعه، وماذا عن أربعة عشر يوماً صلتها وصامتها؟ الصلاة باعتبارها لا تقضى ما فيها إشكال عملي، وإن كان في إشكال من حيث تحريم الصلاة عليها، لكن عملي ما في إشكال، نعم لا قضاء عليها، بالنسبة للصيام تقضي ما صامته في الأربعة عشر يوماً؟
يقول: "فإن انقطع الدم في خمسة عشر يوماً اغتسلت عند انقطاعه، وتفعل مثل ذلك ثانية وثالثة" لأنه إن تكرر ثلاثاً صار حيض، صار عادة، وتفعل مثل ذلك ثانية وثالثة، يعني تجلس يوم وليلة وأربعة عشر يوم تصوم وتصلي، تغتسل وتتوضأ لكل صلاة، ويكون حكمها حكم الطاهرات "فإن كان بمعنىً واحد عملت عليه" يعني لا يتغير كله خمسة عشر يوم، لا يتغير "عملت عليه وأعادت الصوم" أعادت الصوم لماذا؟
طالب: لأنه لا يصح منها.
نعم هي صامت هذه الأيام.
طالب: لكنه لم يصح منها.
تبين أن صيامها باطل؛ لأنها صامت وهي حائض، فصيامها باطل، فتعيد الصوم.
يقول: "وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض" يعني إن كان مر عليها رمضان من هذه الأشهر الثلاثة تعيد الصيام.(26/5)
يقول: "إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض" يحتمل أن يكون ابتدائها في محرم وصفر وربيع ما مر عليها فرض، لو قدر أنها ابتدأت في رجب وشعبان ورمضان تعيد صيام أربعة عشر يوماً؛ لأنه تبين أن صيامها في وقته باطل، فعليها الإعادة "وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض" النفل يعاد وإلا ما يعاد؟ يعني سواءً كان مطلقاً أو مقيداً؟ لا يعاد؟ لو أن شخصاً صلى الظهر، جاء إلى المسجد ناسياً أنه ليس على طهارة، بل على ظنه أنه متطهر وناسياً الحدث فجاء إلى المسجد فصلى أربع ركعات السنة القبلية، ثم صلى الفرض، أقيمت الصلاة وصلى، وأتى بالأذكار المشروعة، ثم صلى ركعتين، ثم تبين أنه على غير طهارة، فقام وتوضأ، نقول: يعيد عشر ركعات وإلا أربع ركعات؟ يعيد الأذكار وإلا ما يعيدها؟ نعم؟ يقول: "إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض" مفهومه أنه لو صامته صامت لنفل أنها لا تعيد، نعم؟ "وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض" الآن الذي صلى النافلة القبلية أربع ركعات ثم الفرض ثم النافلة البعدية ثم تبين أنه على غير طهارة يعيد الفرض فقط أو يعيد الجميع؟
طالب: يعيد الجميع.
لأن مقتضى كلامه "وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض".
طالب: الجميع.
نعم؟
طالب: وجوب الإعادة الواجب إعادته وهو الفرض، لكن بالنسبة للصيام يا شيخ فات محله النافلة عرفة أو عاشوراء فات محله فلا يعاد، النافلة المقيدة أو ... أما نافلة الصلاة الآن فعل الصلاة فيعيدها نفلاً واستحباباً.(26/6)
يترتب على هذا مسائل كثيرة، لو أن شخصاً يقرأ القرآن من مصحف أو من حفظ، فقرأ القرآن على غير طهارة، أو قرأ القرآن وهو جنب، حفظاً أو نظر لكنه ناسياً الحدث، ثم ذكر، هل يحتسب بهذه القراءة باعتبارها مكملة لختمة، أو يبدأ يستأنف ما قرأه من جديد؟ لا شك أن الفرائض لها حكم، النوافل أيضاً متفاوتة، منها المؤكد ومنها غير المؤكد، ومنها ما يطلب تسلسله، ويبنى الآخر على الأول، ومنها ما لا يطلب، يعني مسائل كثيرة تتعلق بهذا، هي مقتضى قوله: "وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض" فمقتضى كلامه أنها إذا كانت صامت نفل فإنه لا يعاد، ويطرد في ذلك العبادات كلها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: أعادت.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو السنة إذا فات وقتها لا تشرع إعادتها ولا قضاؤها ولا ...
طالب:. . . . . . . . .
قضاء، جاء ما يدل على الخصوصية.
طالب:. . . . . . . . .
خاصة هذه، لكن لو فاتتك سنة الظهر تقضيها المغرب؟ أو يقول أهل العلم: فات وقتها، فات محلها؟ لو جمعت بين الصلاتين أذكار المغرب تعيدها بعد العشاء؟ لا عندهم هذا مقرر يعني الذي يفوت وقته ينتهي، إلا ما جاء الدليل باستثنائه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في هذه الثلاث.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو إذا قلنا: مراراً هي تمييز هذا إذا نصبناها، وإذا جررناها فهي وصف للثلاث، أولاً: عندنا الثلاث بدل أو بيان من هذه من اسم الإشارة المجرورة بـ (في)، ومراراً الثلاث مراراً ما تجي، لا، الأقرب الوصف، والأصل أن يقال: مرات، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما في ... ، الآن في هذه الثلاث ثلاث مجرور، وإذا وصفناها جرينا الوصف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مرات؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا أقرب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هي تمييز.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إن كانت صامت في هذه الثلاث مرار، هي ثلاث مرات، بعض النسخ ثلاث مرات، المرار جمع مرة كالمرات، ما في إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
تمييز، نعم.(26/7)
تثبت العادة بالتكرار ثلاث مرات، هذا المعروف في المذهب، وهو قول كثير من أهل العلم أنها لا تثبت عادة، ولا تكون معتادة حتى يتكرر حيضها ثلاثاً، ومن أهل العلم من يرى أنها لا تتقيد بمرة ولا مرتين ولا ثلاث، ولا حد لأقله ولا لأكثر، وإنما إذا رأت الدم تجلس، ولو جلست في الأولى خمسة أيام، وفي الثانية ستة أيام، وفي الثالثة أربعة أيام، وعندهم على المذهب أنها تجلس إذا اضطربت، الشهر الأول ثلاثة أيام، والثاني خمسة، والثالث أربعة، تجلس ما تكرر، تكون عادتها ما تكرر وهو الثلاث، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، ما تكرر إلا الثلاث، الأربعة ما تكررت، ما جاءت في أول شهر.
يقول: "وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض، وإن استمر بها الدم ولم يتميز قعدت في كل شهر ستاً أو سبعاً؛ لأن الغالب من النساء هكذا يحضن" وهذا كمن كانت معتادة ثم نسيت عادتها على ما تقدم، وفي قوله: "وإن كانت لها أيام أنسيتها فإنها تقعد ستاً أو سبعاً في كل شهر" لأن هذا هو الذي عليه غالب النساء، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- المستحاضة بهذا أنها تجلس ستاً أو سبعاً ثم تغتسل، وإن استمر بها الدم ولم يتميز قعدت في كل شهر ستاً أو سبعاً؛ لأن الغالب من النساء هكذا يحضن ستة أيام أو سبعاً.
قوله: ولم يتميز، دل على تقديم التمييز على عادة غالب النساء، يعني لا ترد إلى الستة أو السبعة التي هي عادة غالب النساء إلا إذا كانت غير مميزة، يعني دمها لا يتغير على ما تقدم، وأنه قدم التمييز على عادتها، وعلى عادة غيرها، ويستوي في هذا المعتادة والمبتدئة؛ لأنه كرر هذا في الموضعين؛ لأنه قال: "فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين منتن، وإدباره بأنه رقيق أحمر تركت الصلاة في إقباله، فإذا أدبر اغتسلت" يعني تعمل بالتمييز، وكذلك قال في المبتدئة: "وإن استمر بها الدم ولم يتميز" فدل على أنه إذا تميز بأن كان بعضه أسود وبعضه أحمر تجلس الأسود فقط، الثخين المنتن، ولم يتميز قعدت في كل شهر ستاً أو سبعاً، فإذا لم يكن هناك تمييز لها فإنها تتحيض غالب عادة النساء ست أو سبع.(26/8)
هذه الإشكالات وهذا الخلاف الكبير بين أهل العلم سببه النصوص الواردة في الباب، يعني تأتي المستحاضة فتسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- واستحيض في زمنه -عليه الصلاة والسلام- سبع كما هو معروف فسألته إحداهن فردها إلى العادة ((فإذا أقبلت أيام أقرائك)) ردها إلى عادتها، وسألته أخرى فردها إلى التمييز، وسألته ثالثة فردها أن تتحيض ستاً أو سبعاً، فمثل هذه الأحاديث مع عدم الاستفصال لا شك أنه يورث مثل هذا الخلاف، فكل عالم يتمسك بنص، لكن إذا أمكن حمل هذه الإجابات على أحوال لا شك أن مثل هذا يكون أولى؛ لأنه يقتضي العمل بجميع الأحاديث، لكن لو ردت إلى التمييز مطلقاً، أو ردت إلى عادتها هي مطلقاً، أو ردت إلى عادة غيرها مطلقاً، ترتب على ذلك إلغاء بعض النصوص وهي صحيحة، فعلى هذا تقدم العادة أو التمييز؟ هل تقدم على عادتها؟ نعرف أن عادة غيرها لن تلجأ إليها إلا إذا لم تكن معتادة ولا مميزة؛ لأنه لا يمكن أن ترد إلى عادة غيرها مع أن لها عادة، ترد إلى عادة غيرها، تتحيض ستاً أو سبعاً إذا لم تكن هي معتادة، أو لها عادة فنسيتها، ولم تكن مميزة، لكن هل يمكن أن يقال لامرأة مميزة يأتيها دم أسود ثلاثة أيام وباقيه يتغير الدم ونقول لها: اجلسي ستة أيام أو سبعة مع أنها مميزة؟ لا، إذا كان لها عادة هي نفسها لها خمسة أيام معتادة، هل نقول لها: اجلسي ستاً أو سبعاً؟ لا؛ لأن ما يتعلق بها أولى مما يتعلق بغيرها، وكذلك إذا وجد عادة نسائها، يعني عادة أمها، عادة أختها، عادة خالتها، عادة عمتها، أولى من أن تحال إلى الأجنبيات؛ لأنها بأقاربها أشبه، فعندنا إن كانت مميزة تعمل بالتمييز، إن كانت معتادة بنفسها تعمل بعادتها، إن كان لأهلها عادة مستقرة يختلفن فيها عن عادة الناس فهن أولى بها، إن كان لغيرهم أو للعموم عادة، وهذا هو الذي جاء فيه ست أو سبع فتعمل بهذا كما في التوجيه النبوي.
ثم بعد ذلك أيهما أولى إذا كانت معتادة ومميزة فما الذي يقدم؟ عادتها ستة أيام، ثم لما استحيضت جاءها الدم خمسة أيام أسود ثخين، ثم بعد ذلك لما انتهى اليوم الخامس صار أحمر، تعمل بالعادة أو تعمل بالتمييز؟(26/9)
طالب: السائلات اللاتي سألن النبي -صلى الله عليه وسلم- يحتمل أن يكن ما لهن تمييز.
إيه، لكن أنت افترض أن هذه لها عادة وتمييز، إلى عادتها وتمييزها.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكنه دم تغير، هي مستحاضة مستمر معها الدم سنة، وفي كل شهر كان يأتيها ستة أيام، الحيض واضح المعالم من أوله إلى آخره، لما استحيضت جاءها هذا الشهر خمسة أيام أسود كدمها السابق قبل الاستحاضة، لما انتهى اليوم الخامس صار أحمر تغير.
طالب:. . . . . . . . .
لا، عندنا على كلام المؤلف تقدم التمييز؛ لأنه قدم التمييز في الموضعين، قدم التمييز، والمعروف عند الحنابلة تقديم العادة، المعروف في المذهب تقديم العادة، فيه اختلاف بين المؤلف وأبي بكر؟
طالب: ماذا؟
الحيض فيه شيء.
طالب: لا شيء في الحيض مطلقاً يا شيخ.
أقول: دل الدليل الصحيح على أن المستحاضة المميزة تعمل بالتمييز، ودل الدليل الصحيح على أن المستحاضة المعتادة تعمل بالعادة، ودل أيضاً على أنها تدع الصلاة أيام أقرائها، هذه العادة، ودل على أنها تتحيض ستاً أو سبعاً، وعرفنا أنها تتحيض ستاً أو سبعاً إذا لم يكن لديها لا عادة ولا تمييز؛ لأن ما يتعلق بها بنفسها أولى بالمراعاة مما يتعلق بغيرها هذا انتهينا منه، يبقى عندنا إذا كانت معتادة ومميزة، فاختلفت العادة عن التمييز، فما الذي يقدم؟ الذي مشى عليه صاحب الكتاب أنها تقدم التمييز، والمعروف في المذهب تقديم العادة، وأن تقديم التمييز هو عند الشافعية، المرجح عند الشافعية تقديم التمييز، فما الراجح منهما؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو دم أحمر بعد، ما هو بكدرة ولا صفرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الإشكال فيه أن الاحتياط في هذا الباب صعب.
طالب:. . . . . . . . .
للصيام عادتها حيض، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني تغير الدم، تغير الدم من أسود إلى أحمر لا شك أنه له أثر في تغير الحكم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن عندنا نصح صحيح صريح يعيده إلى التمييز، وقد يقول: دعي الصلاة أيام أقرائك إذا لم تكن مميزة.
طالب:. . . . . . . . .(26/10)
لا، هو المسألة يعني متكافئة، يعني الترجيح فيها فيه تكافؤ باعتبار أن النصين صحيحان، وكل منهما يرد إلى شيء، فإذا كانت مميزة غير معتادة هذا ما فيها إشكال تعمل بالتمييز، إذا كانت معتادة ولا تمييز في دمها، ولا يختلف هذه أيضاً لا إشكال فيها، الإشكال إذا تعارضت العادة مع التمييز، هنا يقع الإشكال، فهل تقدم العادة أو يقدم التمييز؟ عرفنا أن المذهب عند الحنابلة تقديم المعروف عندهم تقديم العادة، والشافعية يقولون بتقديم التمييز، وفي المذهبين أيضاً ما يوافق المذهب الآخر؛ لأن تقديم التمييز رواية عند الحنابلة، وتقديم العادة قول عند الشافعية، يعني المسألة ما هي محسومة من كل وجه في المذهبين، لا، فخلاصة المسألة أنه إذا اختلفت العادة مع التمييز وضربنا مثل أنها معتادة سبعة أيام من كل شهر مطرد لمدة عشر سنين ثابت لا يتقدم ولا يتأخر، ثم استحيضت، أطبق عليها الدم، فجاءها الدم الأسود الذي كان يأتيها قبل ذلك بنفس المواصفات خمسة أيام نقص يومين فما الذي يقدم؟ عرفنا الكلام في هذه المسألة، ومن يرجح العادة، وهو المعمول به، والمقدم عند الحنابلة يقول مثلما قال الأخ، مثلما أشار إليه الأخ، أن الصفرة والكدرة في زمن العادة حيض، فكيف بالدم الأحمر وهو في زمن العادة ألا يكون حيضاً من باب أولى؟ نعم؟
يكون عادة من باب أولى، نعم؟ لكن الذي يقول بهذا يقول: ما الفرق بين اليوم السادس الذي اعتبرناه حيض واليوم السابع والثامن؟ لا بد من حد ينتهي إليه الأمر، لكن ردها إلى عادتها ثبت بنص صحيح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بيجي، يجي الحين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تمييز هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، أنت الآن تقول: إنها كانت معتادة سبعة أيام، ثم استحيضت فجاءها الدم الأسود فعملت بالتمييز لمدة خمسة أيام، ثم جاءها أحمر في اليوم السادس، ثم عاد أسود في اليوم السابع، ما دام في وقت العادة ما في إشكال، تجلس وتجزم بأن اليوم الذي صامته أو صلته هو وقت حيض، هين، لكن الكلام على ما إذا تغير واستمر متغير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ولن ترى؛ لأنها مستحاضة.
طالب:. . . . . . . . .(26/11)
لا، هو ما في أقوى من الاستمساك بالصفرة والكدرة، ما دامت في زمن العادة حيض، إذاً الدم في زمن العادة من باب أولى أن يكون حيضاً ولو كان أحمر.
طالب: نقرأ كلام ابن قدامه حول هذه النقطة يا شيخ؟
إيه، اقرأ.
سم.
طالب: العمل برأي أهل الخبر ....
والله هم يردونه إلى المشايخ، الأطباء يردونه إلى المشايخ، يعطونك اللي عندهم ويقولون: عاد الحكم عند أهل العلم، نعم؟
طالب: التحديد .... ببدء. . . . . . . . .
لا، المرأة مميز تعرف دمها العادي.
طالب:. . . . . . . . .
هين، إذا لم تكن مميزة ما في إشكال، الكلام إذا اختلف التمييز مع أيام الأقراء، أيام العادة، نعم.
طالب: يقول -رحمه الله-:
فصل: القسم الثالث من أقسام المستحاضة: من لها عادة وتمييز وهي من كانت لها عادة فاستحيضت، ودمها متميز بعضه أسود وبعضه أحمر، فإن كان الأسود في زمن العادة فقد اتفقت العادة والتمييز في الدلالة، فيعمل بهما.
هذا ما فيه إشكال.
وإن كان أكثر من العادة أو أقل ويصلح أن يكون حيضاً ففيه روايتان، إحداهما: يقدم التمييز فيعمل به، وتدع العادة، وهو ظاهر كلام الخرقي لقوله: فكانت ممن تميز تركت الصلاة في إقباله ولم يفرق بين معتادة وغيرها.
واشترط في ردها إلى العادة أن لا يكون دمها منفصلاً، وهو ظاهر مذهب الشافعي؛ لأن صفة الدم أمارة قائمة به، والعادة زمان منقض؛ ولأنه خارج يوجب الغسل، فرجع إلى صفته عند الاشتباه كالمني.
وظاهر كلام أحمد اعتبار العادة، وهو قول أكثر الأصحاب؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رد أم حبيبة، والمرأة التي استفتت لها أم سلمة إلى العادة، ولم يفرق ولم يستفصل بين كونها مميزة أو غيرها، وحديث فاطمة قد روي فيه ردها إلى العادة، وفي لفظ آخر: ردها إلى التمييز، فتعارضت روايتان، وبقيت الأحاديث الباقية خالية عن معارض فيجب العمل بها.
على أن حديث فاطمة قضية في عين، وحكاية حال، يحتمل أنها أخبرته أنها لا عادة لها، أو علم ذلك من غيرها، أو قرينة حالها، وحديث عدي بن ثابت عام في كل مستحاضة، فيكون أولى؛ ولأن العادة أقوى؛ لكونها لا تبطل دلالتها، واللون إذا زاد على أكثر الحيض بطلت دلالته، فما لا تبطل دلالته أقوى وأولى.(26/12)
هذا ترجيح المؤلف -رحمه الله- أنها ترد إلى عادتها، وهو المعروف عند الحنابلة، الشافعية يردونها إلى التمييز، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المذاهب مطردة في هذا، عند الشافعية تعمل بالتمييز ولو زاد عن عادتها، وعند الحنابلة تعمل بالعادة، ولو تجاوز التمييز، ولو كان أسود ثخين، لو استمر عشرة أيام ما تجلس إلا عادتها، المذاهب مطردة في هذا ما فيها إشكال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يوم وليلة أو ست وسبع؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن ليش ما تجلس دمها هي؟ تجلس مدة طيلة الدم مدة نزول الدم عليها هذا الحيض.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هم المبتدئة هذه حاضت أول شهر ستة أيام، يقولون: لا، ما تجلس إلا يوم وليلة، وبعدها تغتسل وتصوم وتصلي خمسة الأيام، لماذا لا تجلس ستة الأيام؟ فيها إشكال؟ وقت. . . . . . . . . ما فيها إشكال، الشهر الثاني حاضت خمسة أيام تجلس خمسة أيام ويش المانع؟ لا سيما وأنها لم تتجاوز الأكثر ولم تنقص عن الأدنى عندهم، حتى على ما قعدوه في الأقل والأكثر ما فيه اضطراب، الإشكال فيما لو نقص الدم الذي نزل عليها عن يوم وليلة، أو زاد على أكثره يشكل على ما قعدوه، فالحيض هو الدم، والحكم يدور معه وجوداً وعدماً إلا إذا اختلف مع نصوص.
طالب:. . . . . . . . .
نعم رأت الدم ستة أيام تجلس ستة أيام ويش المانع؟ ليش تجلس يوم وليلة؟ يسمى حيض، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الاضطراب له أسباب كثرة الآن، ويعيش كثير من النساء في حيرة، وأيضاً كثير ممن يتصدى لإفتاء النساء قد يضطرب في بعض الأجوبة؛ لأنها تأتي بشيء لم تسبق إليه، تأتي بسؤال ما له نظير في الدنيا، ثم بعد ذلك إن لم تضبط الأمور ضبطاً، وتربط بأشياء محسوسة يدركها المكلف وإلا وجد العنت والمشقة والحرج.
وعلى كل حال يقول: "وإن استمر بها الدم ولم يتميز قعدت في كل شهر ستاً أو سبعاً؛ لأن الغالب من النساء هكذا يحضن" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إن كان هذا مطرد فيمكن تمييزه، يمكن العد من التمييز.(26/13)
الصفرة والكدرة التي أشير إليها سابقاً، وأنها في أيام الحيض من الحيض، ومفهوم ذلك أنها في أيام الطهر لا تعد شيئاً كما قالت أم عطية: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً" هذه الرواية الموجودة في البخاري، وفي سنن أبي داود: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة في أيام" في إيش؟ "بعد الحيض شيئاً" فهل نعمل برواية الصحيح ونقول: إن الصفرة والكدرة ليست بشيء مطلقاً، وأن الحيض هو الدم الصافي والكدرة والصفرة ليست بشيء مطلقاً ولو وجد في أيام الحيض؟ يعني عادتها خمسة أيام ينزل عليها الدم، نزل عليها الدم ثلاثة أيام ويومين صفرة وكدرة، هل نقول: إنها تجلس خمسة أيام أو تجلس ثلاثة أيام؟ إن اعتبرنا القيد في رواية أبي داود، قلنا: تجلس خمسة أيام، والصفرة والكدرة حيض، وأنها لا بد أن تجلس ما لم تر القصة البيضاء، وإذا قلنا بالرواية المطلقة في الصحيح قلنا: إنها لا تعد شيئاً مطلقاً، مجرد ما ينقطع الدم الصافي تغتسل وتصلي ولا تلتفت إلى ما عداه، والذي في، البخاري -رحمه الله تعالى- في الترجمة لما ترجم على خبر أم عطية كأنه عمل بالقيد الذي في سنن أبي داود، يقول -رحمه الله تعالى-: "باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض" قال -رحمه الله-: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا إسماعيل عن أيوب عن محمد عن أم عطية قالت: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئاً" كلام أم عطية يدل على أنه لا يعد مطلقاً لا في زمن الحيض ولا في زمن الطهر، والترجمة فيها القيد "باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض" من أين جاء البخاري بهذا القيد؟ من رواية أبي داود، ولأبي داود من طريق قتادة عن حفصة عن أم عطية: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً" وهو موافق لما ترجم به البخاري.
يعني هل نقول: إن العبرة بما في الصحيح فعلى هذا لا تعد الصفرة والكدرة شيء مطلقاً، وإنما العادة هي الدم الصافي؟ أو نقول: إن المقيد يقضي على المطلق ويقيد به؟ فنعدها في زمن الحيض ولا نعدها في زمن الطهر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الرواية ما فيها إشكال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هل نقول: إن البخاري -رحمه الله- بتخريجه الرواية المطلقة أعل بها الرواية المقيدة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا.(26/14)
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو أيد الرواية المقيدة بالترجمة، يعني ما أعل المقيدة بالمطلقة، لكن المقيدة لم تقع على شرطه، فاكتفى بها في الترجمة نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، "كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئاً" هناك قيد لم يرد على شرطه فلم يورده، ورد عند غيره احتج به واستدل به في الحكم، يعني أيده في الترجمة، وما أعله، يعني لو جاء باب الصفرة والكدرة فقط، ما قال: في غير أيام الحيض، وجاء باللفظ المطلق قلنا: إنه يعل الرواية المقيدة بالرواية المطلقة، لكن ما دام أيد الرواية المقيدة في الترجمة جزمنا بأنه يعمل بها، لكنها لم تقع على شرطه فلم يخرجها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا الكلام أنه أيد الرواية المقيدة بالترجمة وعمل بها في الترجمة؛ لأن الترجمة حكم فقهي اجتهاد الإمام، اجتهاده في تراجمه، فقهه في تراجمه.
"كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً" قد يقول قائل: هل هذا من المرفوع أو من الموقوف؟ كنا نفعل، أو كنا لا نفعل، معروف أنه له حكم الرفع، إذا قال الصحابي: كنا نفعل، أو كنا نتقي ولا نفعل، معروف أنه له حكم الرفع، ولو لم يضفه إلى زمن النبوة، ولذا العمل بهذا هو المتجه، والقيد معتبر كما في رواية أبي داود.(26/15)
ونظير ذلك طواف النبي -عليه الصلاة والسلام- على الدابة، النبي -عليه الصلاة والسلام- طاف راكباً، وأخرج البخاري الرواية المطلقة، وأخرج أبو داود الرواية المقيدة "وكان شاكياً" نظير مسألتنا هذه، فهل نقول: إن الطواف لا يصح راكباً إلا إذا كان شاكياً يعني مريضاً؟ أو نقول: نعمل بالرواية المطلقة لأنها أصح؟ وكان شاكياً لا يعني أنه ينفي ما عداه، لا يعني أنه قيد له مفهوم مخرج للصحيح، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما كثر عليه الناس، وحطمه الناس طاف راكباً، فدل على أن أدنى حاجة ولو لم يكن شاكياً إذا احتاج إلى ذلك فإنه يطوف ويسعى من باب أولى، وإن كان صحيحاً سليماً إلا أنه محتاج لذلك، قد يكون العالم يطوف راكباً ليراه الناس، ويقتدون به، وهذا مقصد صحيح، فهنا قيدنا، وفي الحج في الطواف نقيد وإلا ما نقيد؟ على كل حال عمل بعضهم بالقيد، ولم يصحح الطواف من ركوب، إلا لمن كان عاجزاً عن الطواف لمرض أو شبهه، ومنهم من يعمل به بإطلاقه، وأم سلمة طافت وهي راكبة، وغيرها طاف، فدل على أن المشي ليس بشرط.
ثم قال -رحمه الله تعالى-: "ويستمتع من الحائض بما دون الفرج" جاء الأمر باعتزال النساء في المحيض، ومعروف أن اليهود يخرجون الحائض من البيت، والنصارى يواقعون ويجامعون الحيض، وديننا وسط بينهما، النبي -عليه الصلاة والسلام- كانت ترجله، ترجل شعره وهو معتكف -عليه الصلاة والسلام- وهي حائض، يخرج إليها رأسه فترجله، ويضع رأسه -عليه الصلاة والسلام- في حجرها وهي حائض ويقرأ القرآن، وتنام معه في لحافه وهي حائض، فدل على أن الممنوع مكان الحيض، وأنه هو المأمور باعتزاله؛ لأن المحيض يطلق ويراد به الحيض، ويطلق ويراد به مكانه المحيض، يطلق ويراد به الحيض {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [(222) سورة البقرة] يعني الحيض، يطلق ويراد به مكانه وهو الفرج، ويفسر في كل نص بما يناسبه، نظير ذلك المقام، يطلق ويراد به الحجر، ويطلق ويراد به المكان.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
القيد معتبر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه معتبر.(26/16)
عائشة -رضي الله عنه- يأتيها النساء وتأمرهن بعدم الاستعجال حتى يرين القصة البيضاء.
طالب:. . . . . . . . .
الطهر الكامل.
طالب: يتأكد إذا كانت مقاربة لأيام العادة ...
إذا كانت في وقت العادة.
طالب: وإن تأخرت يا شيخ؟
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
بعد العادة خلاص انتهى.
طالب:. . . . . . . . .
أي حديث؟
طالب:. . . . . . . . .
تنتهي في وقت الطهر ليست بشيء.
يقول -رحمه الله-: "ويستمتع من الحائض بدون الفرج" مقتضى كلامه أنه يجب اجتناب المحيض الذي هو موضع الحيض، وهو الفرج فقط، الذي هو موضع الحرث، دون ما سواه ولو قرب منه، وهذا هو المعروف في المذهب، وجاء ما يدل على أن الحائض يتقى منها ما حول الفرج فضلاً عنه، وأن من حام حوله يوشك أن يواقعه، ولذا كثيراً من أهل العلم يرون أنه يمنع ما بين السرة والركبة، لكن اتقاؤه من باب اتقاء الشبهة، لا يعني أنه محرم، فالممنوع المحرم هو موضع الحيض، فتقول عائشة -رضي الله عنه-: "كان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض" فإذا احتاج إلى ما قرب منه، وأمن من نفسه الوقوع في الحرام فلا بأس -إن شاء الله تعالى-، وإذا غلبته نفسه ووقع في الممنوع فهو آثم، وهل يلزمه كفارة دينار أو نصف دينار على ما جاء في الخبر أو لا يلزمه؟ قولان، سبب الخلاف، الخلاف في ثبوت الخبر، فالإلزام بدينار أو نصفه كفارة جاء في خبر مختلف في صحته، والأكثر على ضعفه، فمن أثبته ألزم بالكفارة، ومن ضعفه قال: لا كفارة في ذلك إلا التوبة والاستغفار.
طالب: هل هو على التخيير؟(26/17)
دينار أو نصف، يعني (أو) هذه، يعني إذا قلنا: بالخبر، وأنه يلزمه كفارة دينار أو نصفه، فهل هذا مرده إلى الاختيار والتشهي إن شاء تصدق بدينار كفر بدينار، وإن شاء كفر بنصف دينار؟ أو نقول: (أو) هذه للتقسيم والتنويع، فإن كانت حاله ميسورة تصدق بدينار، وإن كان دون ذلك فليتصدق بنصف دينار؟ أو يفرق في الوقت، في وقت إقبال الحيض دينار، وفي وقت إدباره بنصف دينار؟ وعلى كل حال الاحتياط أن يكفر؛ لأن الحديث قابل للتحسين، فالاحتياط أن يكفر بدينار أو نصفه، فإن كان قادراً مستطيعاً لا يؤثر عليه التصدق بدينار فهو أبرأ للذمة، وإن كان يشق عليه الدينار فليكَفِر بنصف الدينار.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الإلزام بخبر مثل هذا، القول الآخر له وجه، القول الآخر وهو تضعيفه له وجه، لكنه قابل للتحسين، يعني ما يجزم بحسنه، قابل يعني ضعفه ليس بشديد على كل حال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال ثبوته رفعاً ووقفاً، وفي إسناده من تكلم فيه، على أي الحالين في إسناده من تكلم فيه، وسئل عنه الإمام أحمد فكأنه لينه.
يقول: "فإن انقطع دمها فلا توطأ حتى تغتسل" ودليل ذلك: {فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [(222) سورة البقرة] فالتطهر قدر زائد على مجرد الطهر {حَتَّىَ يَطْهُرْنَ} [(222) سورة البقرة] ينقطع الدم {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} يعني بالاغتسال {فَأْتُوهُنَّ} فإن انقطع دمها فلا توطأ حتى تغتسل، فلا بد من أن تتطهر قبل الوطء "ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه العنت وهو الزنا".
عرفنا أن وطء الحائض محرم بالنص والإجماع، وطء المستحاضة في غير وقت الحيض يقول: لا توطأ، وعبارته تدل على أنه لا يجوز، يعني يحرم وطء المستحاضة إلا أن يخاف على نفسه العنت، ومن أهل العلم من يرى أن المستحاضة كالطاهر، وابن عباس يقول: أليست تصلي؟ قالوا: بلى، قال: الصلاة أعظم.(26/18)
والحيض مدة يسيرة وينقضي، وأما المستحاضة فقد يطول، فقد وجد من استحيضت سنين، فماذا يصنع الزوج؟ فلا شك أن اتقاء مثل هذا الأذى الذي هو الاستحاضة مطلوب، يعني من باب التنزه والتنظف؛ ولئلا يتضرر بذلك، وأما التحريم فلا، إلا أن يخاف على نفسه العنت وهو الزنا، إذا كان الخيار في حال الاستحاضة بين وطئها هنا يعني على كلامه هو وبين الاستمناء؟ يعني يخاف على نفسه الزنا، لا سيما وأن الأسباب قد كثرت، والمثيرات تعددت الآن، وعنده زوجته المستحاضة وعنده طريق آخر، وهو محرم أيضاً عند ... ، لا شك أن المستحاضة أيسر، ولو احتيج إلى المسألة الأخرى فليكن بواسطة الزوجة، وعلى كل حال إذا لم يكف نفسه إلا الوطء فلا شيء في ذلك -إن شاء الله تعالى-، ما دامت المسألة استحاضة.
"والمبتلى" ... نعم؟
طالب: ومثل ذلك لو خاف على المرأة من مشقة عدم الوطء؟
إذا خاف عليها مثلاً العنت أو التطلع للرجال، واحتاجت إلى ذلك، وهي تشتهي كالرجل مثله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال يتقي الدم بقدر الاستطاعة، فإن لم يستطع الصبر ولو كانت في دمها، الصلاة أعظم كما قال ابن عباس، نعم.
ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه، هذا المخاطب الزوج.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
الحائض؟
طالب:. . . . . . . . .
المسألة مسألة تحريم، ولا شك أن التحريم هنا وإن كان مجمع عليه وبالنص الثابت إلا أنه أسهل من الزنا، يعني مع زوجته ومع الشعور بالذنب والتوبة والاستغفار والكفارة إن قال بها، أو عمل بها أسهل من الزنا؛ لأن المحرمات متفاوتة، ما في أحد يقول: إن المرأة الحائض وطئها مثل الزنا، لا أبداً، وإن كان محرماً، ثم يتدرج للمسألة ما في أحد يقول: إن الاستمناء مثل الزنا، أو مثلاً وطء المستحاضة حتى على القول بمنعه مثل الزنا، أو مثل وطء الحائض، لا، تتفاوت المحرمات.(26/19)
يقول: "والمبتلى بسلس البول" هذا الذي لا ينقطع عنه البول "أو كثرة المذي" لا ينقطع كذلك المذي "حكمه حكم الاستحاضة"، "المبتلى بسلس البول أو كثرة المذي، لا ينقطع كالمستحاضة" يعني حدثه دائم، أو به جرح لا يرقى، ولا يقف الدم، أو فتح له للبول مثلاً، وصار له مجرى وكان بكيس معه يحمله وقت الصلاة وفي كل الأوقات هذا حدثه دائم، هؤلاء يطالبون بالوضوء لكل صلاة بعد أن يغسل الفرج يتوضأ لكل صلاة؛ لأنها طهارة ضرورة، وهي مبيحة للصلاة، ولا ترفع الحدث باعتبار أن الحدث مستمر معه يتوضأ لكل صلاة كما سبق في المستحاضة، بعد أن يغسل فرجه ((اغسل فرجك وتوضأ)) بالنسبة للجمع الصوري إذا كان يشق عليه أن يتوضأ لكل صلاة فلا مانع أن يقدم الصلاة الثانية ويؤخر الأولى، ويجمع جمعاً صورياً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المذي نجس يغسل، نعم يغسل، المذي نجس.
على كل حال مثل هذا حتى نجاسة مخففة يكفي فيه النضح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
النضح، يرشه رش.
طالب:. . . . . . . . .
أبداً ((انضح فرجك وتوضأ)) جاء الأمر به النضح.
طالب:. . . . . . . . .
ينضح حتى يغلب على ظنه أنه وصل المكان، النضح أمره سهل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مثل هذه الأحداث تقلل بقدر الإمكان، فالمستحاضة تستسفر أو تتحفظ، ومثلها من به سلس إذا لم يضر به؛ لأن وضع الرجل يختلف عن وضع المرأة، يعني لو قيل له: أربط ذكرك مثلاً، لا شك أنه يضر به، وإن قال به بعض الفقهاء، أنه يلزمه ربط ذكره، هذا يتضرر به، وعلى كل حال يخفف بقدر الإمكان بحيث لا يتعدى المحل، لا يسيل إلى موضع آخر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان دائم أمره أيسر، لكن إذا كان ينقطع فهو مبطل للوضوء.
طالب:. . . . . . . . .
جاء في حديث علي حينما أمر المقداد أن يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "كنت رجلاً مذاءاً فأمرت المقداد أن يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- فأمره بغسل فرجه نعم اغسل ذكرك وتوضأ، فحكمه حكم الاستنجاء، إلا أن نجاسته أخف.
طالب:. . . . . . . . .(26/20)
لا في سؤال غريب جاء من أول الدرس هذا هو يقول: كيف نرد على من يقول: إنكم تتشاغلون بمسائل الحيض والنفاس في وقت يتشاغل العالم بالأسلحة والتطور، وأن لكل مقام مقال، وآيات الحيض فرضت وقت القوة في المدينة، وليس في مكة، وأن في هذا تحييد لطاقات الشباب، وتغفيل عن قضايا مصيرية أراد العدو صد المسلمين عنها، نعم؟
ما أدري والله يبي الناس كلهم يشتغلون، كل الأمة تشتغل بهذا؟! هل رأيت كل الأمة تشتغل بمسائل الحيض والنفاس؟ نعم، هذا له ناس، وهذا له ناس، والحمد لله الأمة متكاملة بمجموعها، ولا يجوز تعطيل باب من أبواب الدين، بل لا بد من القيام به، ولذلك وجدت فروض الكفايات؛ لئلا يتجه الناس كلهم إلى عمل واحد، فلا يتجه الناس كلهم إلى التطور والتسليح ويتركون العلم، والعكس أيضاً؛ لأن هذا فرض كفاية وهذا فرض كفاية، ولا يتنافى هذا مع هذا، فعلى الأمة أن توزع المهام والطاقات حتى تتكامل، ولا تحتاج إلى عدوها، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(26/21)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الطهارة (27)
"وأكثر النفاس أربعون يوماً، وليس لأقله حد، أي وقت رأت الطهر اغتسلت وهي طاهر، ولا يقربها زوجها في الفرج حتى تتم الأربعين استحباباً، ومن كانت لها أيام فزادت على ما كانت تعرف لم تلتفت إلى الزيادة إلا أن تراه ثلاث مرات فتعلم حينئذٍ أن حيضها قد انتقل فتصير إليه وتترك الأول، وإن كانت صامت في هذه الثلاث مرات أعادته، وإذا كان صوماً واجباً ... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
"وأكثر النفاس أربعون يوماً، وليس لأقله حد أي وقت رأت الطهر اغتسلت وهي طاهر، ولا يقربها زوجها في الفرج حتى تتم الأربعين استحباباً، ومن كانت لها أيام فزادت على ما كانت تعرف لم تلتفت إلى الزيادة إلا أن تراه ثلاث مرات فتعلم حينئذٍ أن حيضها قد انتقل فتصير إليه وتترك الأول، وإن كانت صامت في هذه الثلاث مرات أعادته، وإذا كان صوماً واجباً ...
إذا كان.
طالب: هاه عندنا وإذا.
أعادته إذا كان صوماً واجباً.
طالب: أعادته إذا كان صوماً واجباً، وإذا رأت الدم قبل أيامها التي كانت تعرف فلا تلتفت إليه حتى يعاودها ثلاث مرات، ومن كانت لها أيام فرأت الطهر قبل ذلك.
من كانت لها أيام حيض.
طالب: لا بدون حيض عندنا أيام، أحسنت يا شيخ.
إيه.
طالب: ومن كانت لها أيام حيض فرأت الطهر قبل ذلك فهي طاهر تغتسل وتصلي، فإن عاودها الدم لم تلتفت إليه حتى تجيء أيامها، والحامل لا تحيض إلا أن تراه.
والحاملُ
طالب: والحامل ...
إذا رأت الدم فلا تلتفت إليه؛ لأن الحامل لا تحيض.
طالب: عندنا والحامل لا تحيض إلا أن تراه.
المعنى واحد متقارب، يعني واحد هذا مفاده، لكن زيادة توضيح قال: والحامل إذا رأت الدم فلا تلتفت إليه؛ لأن الحامل لا تحيض، نعم.(27/1)
طالب: إلا أن تراه قبل ولادتها بيومين أو ثلاثة فيكون دم نفاس، وإذا رأت الدم ولها خمسون سنة فلا تدع الصلاة ولا الصوم، وتقضي الصوم احتياطاً، فإن رأته بعد الستين فقد زال الإشكال، وتُيقن أنه ليس بحيض فتصوم وتصلي ولا تقضي، والمستحاضة إن اغتسلت لكل صلاة فهو أشد ما قيل فيها، وإن توضأت لكل صلاة أجزأها، والله أعلم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب الحيض من كتاب الطهارة: "وأكثر النفاس أربعون يوماً" والنفاس مأخوذ من النفس وهو الدم، ويقول الفقهاء: كل ما لا نفس له سائلة، يعني دم سائل فهو طاهر، ولا ينجس بالموت، فالنفس هو الدم.
تسيل على حد الضباة نفوسنا ... . . . . . . . . .
يعني دماؤنا، فالنفاس هو الدم، فالحكم مقترن به وجوداً وعدماً، فمن تلد ولادة مقترنة بدم لها حكم، والكلام عنها، وإذا استمر النفس الذي هو الدم فمتى يجزم بانقضائه، وإذا لم يوجد بالكلية، أو وجد شيء قليل فما الحكم؟ يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وأكثر النفاس أربعون يوماً" ولا شك أن هذا هو غالب نفاس النساء، وأنه لا يزيد على الأربعين، ومقتضى كلامه أنه إذا زاد عن الأربعين ولو يوماً واحداً أنها تغتسل وتصلي ما لم يصادف وقت عادة فيكون حيضاً، وبهذا قال الحنابلة والحنفية وجمع من أهل العلم، ومنهم من يرى أن أكثره ستون يوماً، وهو قول الشافعي -رحمه الله-، واختيار كثير من المحققين، والمسألة مردها إلى الوجوب، وأكثر ما وجد هو الأربعون.(27/2)
وليس لأقله حد؛ لأنه وجد من تلد بدون دم، وهو وإن كان نادر إلا أنه يدل على أن الحكم مع الدم وجوداً وعدماً، فإذا عدم الدم فلم يوجد فلا نفاس، وإن وجد يوم أو أقل من يوم أو أكثر فإنها تجلس مدة وجوده وتغتسل عند انقطاعه، ويكون حكمها حكم الطاهرات، ومنهم من حده حد الأقل بخمسة وعشرين يوماً، وهذه الأقوال ليس لها ما ينهض من الأدلة بحيث تكون ملزمة، إلا أنها أمور اعتيادية بالنسبة للنساء، ومع ذلك لا بد من اختيار قول يجزم به؛ لأن المسألة مسألة عبادة، يتعلق بها عبادات من أركان الإسلام، فقد يقضى بلزوم الصلاة ولا تصلي، وقد يقضى ببطلانها وتصلي، وكذلك الصيام، فأكثر أهل العلم على أن النفاس أربعون يوماً، وهذا هو القول الوسط في المسألة، وهو الذي تميل إليه النفس، أنه أربعون يوماً لا ستين، وليس لأقله حد كما ذكرنا، وهو أن من النساء من وجدت منها الولادة دون دم، ومنها من يخرج منها الدم مصاحباً للولادة ثم ينقطع بعد زمن يسير، ومنها من يستمر معها الأيام، بل الأسبوع أو الأكثر، ولا تصل إلى الأربعين "وليس لأقله حد أي وقت رأت الطهر اغتسلت وهي طاهر" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه إذا نزل الدم من مخرجه الطبيعي جلست له، وفي العادة يخرج.
طالب:. . . . . . . . .
يخرج بيوم أو يومين حكمه حكم الولادة، حكمه حكم النفاس.
"أي وقت رأت الطهر اغتسلت وهي طاهر" فإذا اغتسلت لأسبوع مثلاً أو عشرة أيام انتهى نفاسها "فإن عاودها في الأربعين" إن عاودها في الأربعين فما حكمه؟ حكمه نفاس، ومن أهل العلم من يقول: مشكوك فيه، ما دام حكمنا بطهارتها، وأمرناها بالاغتسال والصلاة والصيام فإذا عاودها الدم في الأربعين فإنه حينئذٍ يكون مشكوكاً فيه، تصوم وتصلي وتقضي الصوم.(27/3)
على كل حال إذا طهرت قبل الأربعين لزمها الاغتسال وصامت وصلت، لكن لا يقربها زوجها حتى تتم الأربعين استحباباً "لا يقربها زوجها في الفرج حتى تتم الأربعين استحباباً" ما دام أمرت بالاغتسال إذا انقطع عنها الدم، وأمرت بالصلاة وبالصيام فكيف تمنع من زوجها ويمنع زوجها منها والصلاة أعظم كما يقول ابن عباس؟ الصلاة أعظم "ولا يقربها زوجها في الفرج حتى تتم الأربعين استحباباً" يعني لا على سبيل الوجوب؛ لأن هذه المدة مظنة لأن يعود فيها الدم ما لم تكمل الأربعين يوماً.
"ومن كانت لها أيام حيض فزادت على ما كانت تعرف" من كانت لها أيام حيض عادتها خمسة أيام من أول الشهر اليوم الأول والثاني والثالث والرابع والخامس، هذه عادتها المطردة فزادت على ما كانت تعرف استمر السادس والسابع لم تلتفت إلى الزيادة إلا أن تراه ثلاث مرات؛ ليستقر أنه عادة، والعادة كما تقدم لا تثبت إلا بالتكرار ثلاث مرات، فهذا على ما قرره في المذهب، مع أن في المذهب رواية أخرى أنها تثبت العادة بمرتين، بمرتين فقط "ومن كانت لها أيام حيض فزادت على ما كانت تعرف لم تلتفت إلى الزيادة إلا أن تراه ثلاث مرات فتعلم حينئذٍ أن حيضها قد انتقل فتصير إليه وتترك الأول" يعني انتقلت عادتها من الخمسة إلى السبعة، هذا إذا كانت الزيادة لاحقة، وإذا كانت الزيادة سابقة فما الحكم؟ يعني اليوم الأول والثاني والثالث والرابع والخامس هي العادة المستقرة، ثم جاءها الدم في يوم التاسع والعشرين من الشهر السابق للعادة، والثلاثين ثم العادة مستقرة في الخمسة الأولى من الشهر، هل نقول: إن هذه حكمها حكم الزيادة اللاحقة أو لا تلتفت إليها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
سواءً تقدمت أو تأخرت الحكم واحد، لكنها لا تجلس في هذين اليومين حتى تتكرر ثلاث مرات كما لو كانت الزيادة لاحقة.
طالب: ولا يقربها الزوج احتياطاً؟
لا هذا أشد، هذا يمنع منها الزوج، يعني احتمال كونه عادة قوي، بخلاف ما لو رأت الطهر ثم رجع إليها.
يقول: "ومن كانت لها أيام حيض" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(27/4)
"ومن كانت لها أيام حيض فزادت على ما كنت تعرف لم تلتفت إلى الزيادة إلا أن تراه ثلاث مرات فتعلم حينئذٍ أن حيضها قد انتقل إليه" من الخمسة إلى السبعة "فتصير إليه وتترك الأول، وإن صامت في هذه الثلاث مرات أعادته" يعني صامت في اليومين الزائدين على عادتها المقررة بخمسة أيام، سواءً كانت الزيادة قبل العادة أو بعدها تقدمت أو تأخرت فإن صامت في هذه الثلاث مرات أعادته، لماذا؟ لأنها تؤمر بالصيام؛ لأنه لم يستقر لها عادة، في اليومين الزائدين تؤمر بالصيام "وإن كانت صامت في هذه الثلاث مرات أعادته إذا كان صوماً واجباً"؛ لأنه تبينا بطلانه؛ لأنا تبينا بطلان ما صامته، وماذا عما لو كان الصوم مستحباً؟ يعني صامت الاثنين مثلاً أو الخميس أو البيض، أو صامت أيام جاء الحث عليها، تقضيها أو لا تقضي؟ يقول: إذا كان صوماً واجباً؟
طالب:. . . . . . . . .(27/5)
مفهوم كلامه أنه إذا كان غير واجب فإنها لا تقضيه، وهل يقال: إنه لا تقضيه على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ بمعنى أن من اعتاد على صيام معين من كل شهر، ثم جاءها مثل هذا الظرف الذي شرح، وقد اعتادت، ومعلوم أن ترك المعتاد من العبادة أمر مكروه في الشرع، النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا عمل عملاً أثبته ((عليكم من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)) ترك العمل الذي يداوم عليه الإنسان لا شك أنه بالنسبة للشرع غير مرغب فيه، بل يدل على نكوص كما يقول أهل العلم، وملل من العبادة، وأحياناً يلزم الإنسان عبادة ثم يتبين له أنها تعوق عما هو أفضل منها، شخص التزم أن يقرأ القرآن في سبع مثلاً، ثم تبين له أنه لو قرأ القرآن في عشر كان أرفق به، وأدعى إلى التدبر والتأمل، وأعانه ذلك على مراجعة بعض كتب أهل العلم مما ينفعه فهل يترك قراءة القرآن في سبع إلى عشر، أو بدلاً من أن يقرأه أربع مرات في الشهر يقرأه مرتين، وهل هذا عدول إلى الأفضل أو إلى المفضول؟ لأن بعض الناس يستمر على جادة، كأن يصوم الاثنين والخميس باستمرار، ويقرأ القرآن في سبع، جارٍ على هذا سنين، ثم يتبين له أنه لو اقتصر على الاثنين أو على ثلاثة أيام من كل شهر وأفطر الخميس باستمرار، ويوم اثنين من كل شهر لكان أرفق به، وأفرغ لباله وأيسر لبعض العبادات، مما لو استمر على طريقته مما هو أفضل من الصيام، وقل مثل هذا لو كان يختم في الشهر أربع مرات وقال: لو ختمت في الشهر مرتين لكان أدعى إلى التدبر، وأكثر انتفاع بما كتبه أهل العلم مما يعين على فهم كلام الله -جل وعلا-، يعني لو اتخذ الورد أو الحزب اليومي سُبع طلعت عليه الشمس وجاءه وقت الدوام ما تمكن من مراجعة بعض الآيات المشكلة، لكن لو كان نصف هذا المقدار أمكنه أن يقرأ هذا النصف باستمرار، ويراجع عليه بعض التفاسير التي تحل له بعض الإشكالات، فهل نقول: إن مثل هذا أفضل أو يستمر على عادته، وإن تيسر له وقت آخر لهذه الأعمال الفاضلة وإلا الله -جل وعلا- لا يمل حتى تملوا؟ لأنها مسألة مشكلة، مسألة داخلة في المفاضلة بين العبادات، وفي المفاضلة بينها غموض؛ لأن بعض الناس قد يقول: أترك الجادة التي سلكتها من سنين لأتمكن(27/6)
مما يعينني على فهم كلام الله، ثم لا هذا ولا هذا، يترك نصف قراءته ولا يراجع؛ لأن الشيطان حريص، مجرد ما يجد فرصة يهجم على الإنسان، يقول له: الحمد لله أنت اقرأ الحين اللي أنت قررت أخيراً، والمراجعة في وقت لاحق، فهذا الذي يخشى منه؛ لأن بعض الناس يستشكل مثل هذا، يقول: أنا أقرأ سبع القرآن، فماذا لو اقتصرت على النصف وراجعت التفاسير؟ يخشى أن يترك نصف السُبع، ثم بعد ذلك يسول له الشيطان أن مراجعة كتب التفاسير في غير هذا الوقت أنفع له وأيسر، والوقت -الحمد لله- في سعة، ثم يترك لا هذا ولا هذا، مثل من يقول لبعض الناس أنت اعتمدت السفر إلى مكة والمجاورة في العشر الأواخر، وتنفق الأموال الطائلة هناك، تنفق عشرين ألف ثلاثين ألف، فلو وزعتها على جمع من البيوت المحتاجة وأديت العمرة ورجعت، هذا يقوله بعض الناس ينصح بعض، نعم، ثم بعد ذلك يأخذ بهذه النصيحة فيترك المجاورة ولا يوزع شيء، وهذا حاصل، والشيطان حريص على مثل هذه الفرص يستغلها، فإذا كانت المرأة قد اعتادت أنها تصوم من كل شهر الاثنين والخميس، فجاء الاثنين وصار في هذه الأيام التي لم تستقر فيها العادة صامتها، نقول: تقضيها أو لا تقضيها؟ لأنه قال: إذا كان الصوم واجباً، أما على سبيل اللزوم والوجوب هذا ما فيه إشكال، ولا يقول به أحد، إلا عند من يقول بوجوب القضاء، عند من أفطر من غير عذر في صوم النفل، وهذا معروف عند الحنفية، عند الحنفية إذا أفطر مطلقاً من عذر أو من غير عذر، الذين يقولون بالعذر المالكية، يقول: إذا أفطر وهو صائم نفل إن كان لعذر جاز عند المالكية، وأما بالنسبة للحنفية فلا بد من القضاء سواءً كان لعذر أو لغير عذر، والحنابلة والشافعية ما عندهم إشكال المتطوع أمير نفسه، فهذه صامت هذه الأيام نفلاً دخلت فيها تطوعاً من غير إلزام، ثم تبين أنها باطلة، فهل يقال: إن مثل هذا كما لو أبطلتها فتقضيها؟ لا أحد من أهل العلم في مثل هذه الصورة يقول بالوجوب، وإن كان من باب الاستمرار على العمل الذي التزمه الإنسان على نفسه كما قضى النبي -عليه الصلاة والسلام- راتبة الظهر بعد العصر، يعني في وقت النهي؛ لأنه التزم ذلك، فالأمر فيه سعة، لكن الوجوب لا يقول به أحد.(27/7)
في الصورة التي ذكرناها، يعني من كان معتاداً لحزب من القرآن فأراد أن يتخفف منه هل نقول: إن هذا ترك ومل من العمل الصالح، ودخل في حديث: ((فإن الله لا يمل حتى تملوا)) مع عزمه على التعويض بأمر قد يكون أهم وأنفع له؟ أو شخص اعتاد أن يقرأ القرآن في سبع وهو لم يحفظ القرآن، فقال: لو أقتصر لمدة سنة على ورقة واحدة بدلاً من أربعة أجزاء وزيادة أقرأ ورقة واحدة أرددها حتى أحفظها، وبعد سنة أرجع إلى المنهج الذي سرت عليه، هل يكون هذا عدل من الفاضل إلى المفضول أو العكس؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أهل العلم لا سيما الكبار مثل أحمد والأئمة يرون أن القراءة من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر قلب، فكونه يقرأ السبع من المصحف ويعدل عنه إلى ترديد ورقة واحدة هذا بالنسبة له فاضل وإلا مفضول؟ اللهم إلا إذا قلنا: إن الاعتبار بالحروف، وترديده لهذه الورقة يعادل قراءة السُبع فالأجر واحد، فيكسب الحفظ، ويكسب القدر المرتب على الحروف من الأجر، وعلى كل حال من أمكنه أن يحفظ فلا يعدل بالحفظ شيئاً؛ لأن التلاوة يعني أمرها ميسور، فما حفظه في هذا الوقت بإمكانه أن يردده طول اليوم، ويكسب الأجور، ولا يكون حينئذٍ ناكصاً عما اعتاده من العبادة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
تنوع العبادات أمر مقرر في الشرع، تنوع العبادات من تلاوة إلى ذكر إلى صلاة أمر مقرر في الشرع، لكن هل الأفضل بالنسبة للمعتكف في ليالي العشر أن يمسك المصحف من يسلم إلى أن يأتي وقت السحور؟ أو يصلي عشرات الركعات إلى أن يأتي السحور أو يذكر الله؟ قالوا: التنويع أفضل له.
طالب: القراءة في المصحف يقصد.
لا، لا، القراءة في المصحف مختلف فيها، في الصلاة مختلف فيها، من أهل العلم من لا يجيزها، فكيف يقال بالمفاضلة؟ لا ما يقصدون هذا.
يقول -رحمه الله-: "وإذا رأت الدم قبل أيامها التي كانت تعرف" الصورة الأولى فيما إذا كانت الزيادة لاحقة، والصورة التي تليها فيما إذا كانت الزيادة سابقة، وإذا رأت الدم قبل أيامها التي كانت تعرف فلا تلتفت إليه حتى يعاودها ثلاث مرات، يعني لا تلتفت إلى الدم حتى يعاودها ثلاث مرات كاللاحقة سواءً بسواء، نعم؟(27/8)
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
دم متوقف فيه، حتى يعرف، متوقف فيه، متوقف فيه حتى يتقرر ويتبين أمره، إن لم يعد مرة ثانية فهو فساد، وإن عاد فهو حيض، وإذا كانت صامت في الأيام السابقة وتقرر بالتكرار ثلاثاً أنه حيض كما تقدم، تعيده، تعيد الصيام "ومن كانت لها أيام حيض فرأت الطهر قبل ذلك" يعني عادتها سبعة أيام، فلما نزل عليها الدم في اليوم الأول والثاني والثالث ثم انقطع "ومن كان لها أيام حيض فرأت الطهر قبل ذلك فهي طاهر تغتسل وتصلي، فإن عاودها الدم فلا تلتفت إليه حتى تجيء أيامه" إذا انقطع الدم قبل انتهاء العادة ثم عاد، منهم من يقول: إنها متى رأت الطهر فهي طاهرة ولو كان الزمن قليلاً، يعني أقل من يوم، ومنهم من قال: لا يحكم بطهارتها حتى تكمل يوم وليلة، ومنهم من يقول: إنها ما زالت في حيضها ما لم تر القصة البيضاء، ولو رأت نقاء، وكانت عائشة تقول تأمرهن بالتريث حتى ترين القصة البيضاء.
يقول: "ومن كانت لها أيام حيض فرأت الطهر قبل ذلك فهي طاهر تغتسل وتصلي، فإن عاودها الدم فلا تلتفت إليه حتى تجيء أيامها" يعني طهرت في اليوم الرابع وعادتها سبعة أيام، طهرت الرابع والخامس ثم عاودها السادس والسابع، ماذا نقول؟ مقتضى كلامه فإن عاودها الدم فلا تلتفت إليه حتى تجيء أيامها، أيامها في هذه الحيضة أو في حيضات لاحقة؟ اللاحقة في كلامه، لكن وماذا عن التلفيق؟ إذا رأت يوماً دماً ويوماً طهراً نقاء؟ التلفيق معروف عند الحنابلة وغيرهم من أهل العلم أن الدم حيض والنقاء طهر، فإذا عاودها في الوقت على مقتضى كلامهم يكون إيش؟ يكون حيض، فإذا عاودها في وقت عادتها يكون حيضاً على مقتضى كلامهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كلامه على كل حال من وجوه معترض، نعم كلامه معترض، ويأتي تقرير الخلاصة -إن شاء الله تعالى-، الإمام الموفق له اختيار في مثل هذه المسائل يربط الحكم بالدم وجوداً وعدماً، ولعل الشيخ يطلعه لنا ونشوفه.(27/9)
كل هذه المسائل المشكلة المتشعبة عند الفقهاء والتي أوقعت النساء في حرج عظيم، وأوقعت المستفتي والمفتي كلاهما في حرج من كثير من المسائل التي قرروها في هذا الباب، يعني نظير ما قرروه في أوائل كتب الفقه من نجاسة الماء بمجرد الملاقاة، والفروع المترتبة على هذا مما بيناه سابقاً.
الموفق -رحمه الله- قرر أن المرأة إذا رأت الدم الذي يحتمل أن يكون حيضاً ولو لم يتكرر مجرد ما تراه فإنه حيض تجلس له، ولو لم يتكرر، ولو اضطرب، ما لم يكن أكثر من المدة المعروفة المقررة، ولذا يقول مستدلاً بحديث عائشة لما جاءها الحيض في حجة الوداع، وفزعت من ذلك، يعني لو كان في عادته في وقته المقرر ما فزعت؛ لأنها تعرف أن عادتها في اليوم كذا من الشهر خلاص، وإلا ما بكت، فهو دم في غير وقته، وقال لها النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) وأيضاً من حاضت معه في فراشه وانسلت، يعني رأت الدم، وما في ما يدل على أنها في وقت عادتها أو قبله أو بعده، المقصود أن الموفق ربط الحكم بالدم وجوداً وعدماً، فكل ما يحتمل أنه حيض يعني ما يصل إلى حد الاستحاضة فهو حيض؛ لأن أمر النساء بالصلاة والصيام في وقت الحيض مع أنهما يحرمان عليها في غاية الحرج، الحرج الشرعي، ثم بعد ذلك أمرها بقضاء الصوم الواجب مع أنها صامت هذا أيضاً حرج، فإما أن يحكم عليها بأنها طاهرة وعباداتها مجزئة، أو يحكم عليها بأنها حائض فلا تصح منها هذه العبادات؛ لأن الاحتياط في مثل هذا دونه خرط القتاد، يعني تأمر امرأة يحرم عليها الصيام بأن تصوم، ثم بعد ذلك إذا صامت تلزمها بالقضاء؟! مثل هذا ما يرد على كلام الموفق، ولا على كلام شيخ الإسلام، ولا جمع من أهل التحقيق يرون مثل هذا، أن النفاس هو الدم، والحيض هو الدم هو الأذى، فمتى وجد الدم وجد الأذى، ووجد الاعتزال، ووجد ترك الصلاة والصيام.
وجدته يا شيخ؟
طالب: هذا أقوى عندي.
إي نعم إيه، وفي هذه المسألة، نعم، وقال الشافعي.
طالب: وقال الشافعي: جميعه حيض ما لم تتجاوز أكثر الحيض، وهذا أقوى عندي؛ لأن عائشة -رضي الله عنها- كانت تبعث ...
يعني ولو لم يتكرر، جميعه حيض ولو لم يتكرر.(27/10)
طالب: لأن عائشة -رضي الله عنها- كانت تبعث إليها النساء بالدرجة فيها الصفرة والكدرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، ومعناه لا تعجلن بالغسل حتى ينقطع الدم، وتذهب الصفرة والكدرة، ولا يبقى شيء يخرج من المحل، بحيث إذا دخلت فيه قطنة خرجت بيضاء، ولو لم تعد الزيادة حيضاً للزمها الغسل عند انقضاء العادة وإن كان الدم جارياً؛ لأن الشارع علق على الحيض أحكاماً ولم يحده، فعلم أنه رد الناس فيه إلى عرفهم، والعرف بين النساء أن المرأة متى رأت دماً يصلح أن يكون حيضاً اعتقدته حيضاً، ولو كان عرفهن ....
هذا مريح.
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
طالب: يوماً وليلة هذا أقله.
طيب.
طالب: فكيف يمكن أن تنضبط؟
إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني لو رأت الدم؟ في مسألة التلفيق؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الآن يتكلم عن مسألة فيما لو زادت، في الزيادة نعم، لكن كيف يقال لها: اغتسلي في اليوم الخامس والدم ما تغير وضعه هو هو، كيف يقال: اغتسلي وصلي وصومي؟ وعائشة تأمرهن بالتريث والمسألة صفرة وكدرة ما في دم جارٍ، نعم.(27/11)
طالب: لأن الشارع علق على الحيض أحكاماً ولم يحده، فعلم أنه رد الناس فيه إلى عرفهم، والعرف بين النساء أن المرأة متى رأت دماً يصلح أن يكون حيضاً اعتقدته حيضاً، ولو كان عرفهن اعتبار العادة على الوجه المذكور لنقل، ولم يجز التواطؤ على كتمانه مع دعاء الحاجة إليه، ولذلك لما كان بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- معه في الخميلة، فجاءها الدم فانسلت من الخميلة، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ما لك؟ أنفست؟ )) قالت: نعم، فأمرها أن تأتزر، ولم يسألها النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل وافق العادة أو جاء قبلها؟ ولا هي ذكرت ذلك، ولا سألت عنه، وإنما استدلت على الحيضة بخروج الدم، فأقرها عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك حين حاضت عائشة في عمرتها في حجة الوداع، إنما علمت الحيضة برؤية الدم لا غير، ولم تذكر عادة، ولا ذكرها لها النبي -صلى الله عليه وسلم-، والظاهر أنه لم يأت في العادة؛ لأن عائشة استكرهته، واشتد عليها، وبكت حين رأته، وقالت: وددت أني لم أكن حججت العام، ولو كانت لها عادة تعلم مجيئه فيها وقد جاء فيها ما أنكرته، ولا صعب عليها، ولو كانت العادة معتبرة على الوجه المذكور في المذهب لبينه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته، ولما وسعه تأخير بيانه، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقته، وأزواجه وغيرهن من النساء يحتجن إلى بيان ذلك في كل وقت، فلم يكن ليغفل بيانه، وما جاء عنه -عليه السلام- ذكر العادة ولا بيانها إلا في حق المستحاضة لا غير، وأما امرأة طاهر ترى الدم في وقت يمكن أن يكون حيضاً ثم ينقطع عنها، فلم يذكر في حقها عادة أصلاً؛ ولأننا لو اعتبرنا التكرار فيما خرج عن العادة أدى إلى خلو نساء عن الحيض بالكلية مع رؤيتهن الدم في زمن الحيض وصلاحية أن يكون حيضاً.
نعم؛ لأنه لا يتكرر ثلاثاً، تراه في هذا الشهر أو تكون عادتها ثلاثة أيام مثلاً، ثم في الشهر الذي يليه تكون خمساً، في الشهر الذي يليه تكون يومين، في الشهر الثالث أو الرابع تزيد أو تنقص، لا يتكرر عليها شيء، وحينئذٍ لا نحكم عليها إلا بالأقل؛ لأنه هو الذي يتكرر، نعم؟
طالب: لا سيما في زماننا كثر الاضطراب يا شيخ.(27/12)
بلا شك، الآن كثرة المؤثرات والموانع صار لها أثر في التقديم والتأخير، والاضطراب والانقطاع، والانفجار وغيره، نعم.
طالب: بيانه أن المرأة إذا رأت الدم في غير أيام عادتها، وطهرت أيام عادتها لم تمسك عن الصلاة ثلاثة أشهر، فإذا انتقلت في الشهر الرابع إلى أيام أخر لم نحيضها أيضاً ثلاثة أشهر، وكذلك أبداً، فيفضي إلى إخلائها من الحيض بالكلية ولا سبيل إلى هذا، فعلى هذا القول تجلس ما تراه من الدم قبل عادتها وبعدها، ما لم يزد على أكثر الحيض، فإن زاد على أكثره علمنا أنه استحاضة، فرددناها إلى عادتها، ويلزمها قضاء ما تركته من الصلاة والصيام فيما زاد على عادتها؛ لأننا تبينا أنه ليس بحيض إنما هو استحاضة.
فصل ...
يكفي، يعني ما قرره في المسألة الأخيرة أن المرأة يمكن أن تمكث السنين وليس لها عادة، وتلزم بالصلاة والصيام مع أن الدم ينزل منها، ويمكن أن يكون حيضاً، ففي شهر محرم نزل عليها الدم في الأسبوع الأول، في شهر صفر لا سيما إذا قلنا بعد لا بد من التكرار ثلاث، خلوا في شهر صفر في الأسبوع الأول، ثم في شهر ربيع في الأسبوع الثاني، وربيع الثاني في الأسبوع الثاني، وجماد الأولى في الأسبوع الثالث، ورجب في الأسبوع الثالث، يعني ما في تكرر ثلاثاً، إلى الآن ما تلزم بجلوس؛ لأنه ما تكرر، ما تلزم إلا بأقل الحيض، نعم؛ لأن هذا لا يحتاج إلى تكرار أقل الحيض، وتجلس وينزل عليها الدم مدة أسبوع في سنة كاملة ولا تلزم بالجلوس؛ لأنه لم يتكرر، بل لا يزال متغيراً أو أكثر من ذلك، إذا كان لا يزال متغيراً ما صار عادة.
طالب:. . . . . . . . .
في موضعه إيه، في موضعه، والتغير في الزيادة والنقص هذا كله لا شك أنه فيه حرج على النساء، وفيه أيضاً إخلال بهذين الركنين من أركان الإسلام، فإما أن تصوم وهي حائض أو تترك وهي طاهرة، فلا شك أن إرجاع الحكم والتعويل فيه على وجود الدم وعدمه طهارة وحيضاً لا شك أنه أرفق بالناس وأولى أن يعتمد عليه؛ لأنه هو الوصف المؤثر الوارد في النصوص، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويصلح أن يكون حيض ولو لم يتجاوز مجموع أكثر الحيض؟ يقولون: ما في مانع، ويش اللي يمنع؟ يكون حيض، تصلي.
طالب:. . . . . . . . .(27/13)
إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه إذا حاضت ثلاث مرات في شهر. . . . . . . . .، وقصة شريح مع علي -رضي الله عنه- حينما قال له قال: إن جاءت بامرأتين من ثقات نسائها خرجت من العدة، قال له: قالون.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا أقرب ما يكون إلى قول شيخ الإسلام.
طالب:. . . . . . . . .
إيه العمر كله وإلا مدة؟ وإلا إيش؟ يعني خمسة عشر يوم طهر، وخمسة عشر يوم دم، إذا زاد عن أكثر من النصف عن الخمسة عشر يعد نعم يصبح دم فساد.
طالب:. . . . . . . . .
على كلامهم إذا رأت يوم طهر ويوم حيض، يوم حيض ويوم نقاء، يوم دم ويوم نقاء فالدم حيض، والنقاء طهر، ولعلنا نأتي بالخلاصة في صفحة أو صفحتين في الأسبوع القادم تجمع أطراف الموضوع -إن شاء الله- إذا انتهينا منه قبل الدخول في كتاب الصلاة.
يقول -رحمه الله تعالى-: "والحامل إذا رأت الدم فلا تلتفت إليه" لأن الحامل لا تحيض، يقول: عندنا زيادة من الأصل ليست موجودة في بعض النسخ، لكنها موجودة في الأصل الذي اعتمدوا عليه، الحامل إذا رأت الدم فلا تلتفت إليه؛ لأن الحامل لا تحيض؛ لأن الله -جل وعلا- إنما أوجد هذا الدم لتغذية الجنين، فإذا حملت المرأة انقطع، لكن قد يقول قائل: إنه قد يُرى الدم أثناء الحيض، فهل تجلس له ويكون حيضاً، أو يكون دم فساد كالجرح؟
المؤلف -رحمه الله تعالى- على المذهب وهو أن الحامل لا تحيض، وهذا هو المرجح؛ لأن الحيض جعل دلالة على براءة الرحم فكيف يوجد مع شغل الرحم؟ يعني لو كانت الحامل تحيض ما جعل الحيض دليل على براءة الرحم، وفي سبي أوطاس قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض)) يعني غير الحامل، فجعل الحامل في مقابل من تحيض، فلو كانت الحامل تحيض لرد الجميع إلى الحيض.
طالب: رواية: ((حتى تستبرأ بحيضة)) يا شيخ أليست صريحة في هذا؟
حتى تستبرأ نعم.
طالب: يعني براءة الرحم.(27/14)
معروف أن الاستبراء يكون بحيضة في النسبيات وغيرها، للدلالة على براءة الرحم، ولو كانت الحامل تحيض لما دل الحيض على براءة الرحم "إلا أن تراه قبل ولادتها بيومين أو ثلاث فيكون دم نفاس" لأنه خرج بسبب الولادة، وإن كان قبلها فكان من مقدماتها مرتبطاً بها "فيكون دم نفاس، وإذا رأت الدم ولها خمسون سنة" عندهم –أعني الحنابلة- أنه لا حيض قبل تسع سنين ولا بعد خمسين سنة، لكن المؤلف له تفصيل فيما بين الخمسين والستين "إذا رأت الدم ولها خمسون سنة فلا تدع الصلاة ولا الصوم، وتقضي الصوم احتياطاً" لأن المسألة مردودة إلى عادة الناس، وجرت العادة في بعض الأماكن أن الحيض ينقطع لخمسين، وعلى هذا غالب النساء، ووجد من تحيض بين الخمسين أو الستين، فوجود مثل هذا العدد وإن كان قليلاً من النساء الحيض بعد الخمسين إلى الستين يؤثر على الحكم القاطع بحيث لا يقال: إنه لا حيض بعد خمسين، لكن يقال: الأصل ألا حيض وقد يوجد من تحيض بعد الخمسين، وأثر هذا على الحكم.
"وإذا رأت الدم ولها خمسون سنة فلا تدع الصلاة ولا الصوم" لماذا؟ لأنه ليس بحيض "وتقضي الصوم احتياطاً" لاحتمال أن يكون حيضاً؛ لأنه وجد من تحيض بعد الخمسين إلى الستين، لكن الغالب غالب النساء لا تحيض، فرتب الحكم على الغالب، ولو جود عدد ولو قليل يحيض بين الخمسين والستين جعل في الحكم مثنوية، يعني ما جزم به جزماً كما جزم به غيره، يعني الحنابلة في كتب المتأخرين منهم لا حيض بعد خمسين، هذا لا تصوم وتصلي ولا تقضي وكأنها حكمها حكم الطاهرة.(27/15)
"وتقضي الصوم احتياطاً، وإذا رأته بعد الستين فقد زال الإشكال" يعني هذه إذا رأت الحيض بعد الستين فإنها لا تجلس له، تصوم وتصلي ولا تقضي، فقد زال الإشكال، وتيقن أنه ليس بحيض فتصوم وتصلي ولا تقضي، تيقن أنه ليس بحيض، يعني الذي نزل عليها بعد الخمسين إلى الستين إن استمر بعد الستين جزمنا بأنه ليس بحيض، وما بين الخمسين والستين كله مشكوك فيه تجلس عشر سنوات تصوم وتصلي ثم تؤمر بالقضاء، والله إن هذا فيه حرج شديد، ولا يوجد ما يمنع من الحيض بعد الخمسين، وأما الستين فيندر وجود من تحيض بعد الستين، فلا يعلق عليه حكم، ولو قيل بأنها إذا استمرت عادتها من بلوغها إلى السبعين مثلاً، وهي منتظمة ومرتبة مميزة معتادة، كل العلامات موجودة ما الذي يمنع من أن يكون حيضاً؟ الإشكال فيما إذا كان مضطرب، يعني لما بلغت خمسين اضطربت عليها العادة، وزادت ونقصت يمكن أن يقال بأنه ليس بعادتها المعتادة سابقاً، أو بعد الستين من باب أولى، لكن إذا كان منتظماً من بلوغها إلى أن بلغت السبعين أو بعد ذلك منتظم في مدته تحيض ستة أيام وسبعة، ولونه منتظم من بدايته إلى نهايته، ما الذي يمنع أن يكون حيضاً إذ لا دليل على التحديد إلا من وقائع، وعادات النساء أنها في الغالب تنقطع إلى الخمسين، لكن مثل هذا لا يرد إليه الحكم.
"وإذا رأته بعد الستين فقد زال الإشكال، وتيقن أنه ليس بحيض فتصوم وتصلي، ولا تقضي" الآن لا تقضي، ما هو مثل ما بعد الخمسين، ما بعد الخمسين لاحتمال أنه حيض أقوى، وما بعد الستين انتهى، أدنى احتمال أنه حيض، وحينئذٍ تصوم وتصلي ولا تقضي "والمستحاضة إن اغتسلت لكل صلاة فهو أشد ما قيل فيها" وجاء أنها كانت تغتسل لكل صلاة، والمرجح أن هذا من فعلها من غير أمره -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن مثل هذا أحوط، لكن لا يلزم به، ولا يوجب على المستحاضة "فهو أشد ما قيل فيها، وإن توضأت لكل صلاة أجزأها، ويكفيها عن الغسل" وبين المرتبتين أن تجمع، فتغتسل للظهر والعصر جمعاً صورياً، وتغتسل للمغرب والعشاء، وتغتسل للفجر، هذا أسهل من كونها تغتسل لكل صلاة وأشد من كونها تتوضأ ويجزئها الوضوء لكل صلاة.(27/16)
هذا يقول: هل يجوز لنا الكلام أو التحدث مع الآخرين داخل دورات المياه علماً بأننا نقوم ببعض الأشغال داخل هذه الدورات كغسل الثياب مثلاً؟ هذا سؤال من المغرب.
داخل الدورات لا شك أنها هذه الدورات وهذه الحشوش أماكن قذرة ونجسة، يربأ بالكلام الطيب عنها، والكلام اللائق بها يربأ بالمسلم عنه، لكن إن احتيج إلى ذلك فلا يوجد ما يمنع، ما لم يوجد ذكر الله تعالى، إذا وجدت الحاجة.
يقول: إذا استمر دم النفاس أكثر من أربعين يوماً فماذا يكون حكمه؟ هل يكون استحاضة؟
نعم يكون استحاضة عند أهل العلم إلا إذا كان الزيادة وقت حيض فيكون عادة حيض.
هل يجوز للحائض أن تقرأ وتمس القرآن؟
مس القرآن لا تمس القرآن، لا يجوز لها أن تمس القرآن، وقراءتها عن ظهر قلب مسألة مختلف فيها فمن أهل العلم بل أكثر أهل العلم على أن حكمها حكم الجنب لا تقرأ شيئاً من القرآن، ويفتى الآن من قبل بعض العلماء أنه لا بأس بقراءتها للقرآن، لا سيما إذا احتاجت إليه من معلمة أو متعلمة، أما إذا خشيت النسيان فالأمر فيه أشد.
يقول: سمعت أن الأرض تطهر من نجاسة البول إذا جفت بتأثير الشمس فهل لا بد من تأثير الشمس أم مجرد الجفاف؟ وما صحة هذا القول؟
الجمهور على أن الأرض لا تطهر إلا أن يراق عليها الماء كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ببول الأعرابي ((اهريقوا عليه ذنوباً من ماء)) أو ((سجلاً من ماء)) فلا تطهر إلا بذلك، وأما الجفاف فلا يكفي وإن قال به الحنفية، ومال إليه شيخ الإسلام -رحمه الله- وأن الشمس تطهر عندهم.
طالب: حديث إقبال الكلاب وإدبارها، وأنهم كانوا لا يرشون شيئاً.
هذا في الصحيح كانت الكلاب تقبل وتدبر في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في رواية وهي من رواية الصحيح: وتبول، لكن هذه الرواية مشكوك فيها، ليست يعني من الروايات عند الأربعة الرواة المعتمدين من رواة الصحيح، ومع ذلك حديث بول الأعرابي ما في شك أنه صريح في الباب.
يقول: زوجتي جاءتها الدورة الشهرية في بداية شهر رمضان، واستمرت معها ثمانية أيام، وطهرت من ذلك، وبعد مضي خمسة أيام جاءها دم مشابه للدورة الأولى ولا يزال مستمراً معها وصلت وصامت فما حكم صلاتها وصيامها؟(27/17)
إذا كانت عادتها السابقة لهذا الشهر المعتادة عندها هي الثمانية الأيام، والثمانية لون دمها هو لون عادتها، فلا تلتفت إلى ما ينزل عليها بعد انقطاعه وطهرها.
يقول: بالنسبة لاسترجاع الطفل على ملابس أمه هل هو نجس؟ وهل إذا صلت بهذا الثوب عدة صلوات هل تعيد الصلاة؟ وإذا غسلته وكانت على وضوء هل يبطل وضوؤها؟
أولاً: ما يخرج من جوف الإنسان من القيء بالنسبة للكبير نجس عند عامة أهل العلم، وأما بالنسبة للصبي فحكمه عند كثير من أهل العلم حكم بوله إذا استقر في معدته نجاسة مخففة، ومنهم من يقول بطهارته؛ لأنه أخف بكثير من البول، ونضحه وإزالته هو الأحوط.
إذا صلت بهذا الثوب عدة صلوات هل تعيد الصلاة؟
لا تعيد الصلاة، لا سيما إذا كانت جاهلة بالحكم، لكن عليها أن تنضحه بالماء مستقبلاً.
وإذا غسلته وكانت على وضوء هل يبطل وضوؤها؟
لا، لا يبطل الوضوء.
يقول: إذا توضأت المرأة التي ينزل منها السائل المستمر لصلاة فرض هل يصح لها أن تصلي ما شاءت من النوافل وقراءة القرآن بوضوء ذلك الفرض إلى حين الفرض الثاني؟
نعم يجوز لها ذلك، لكن عليها أن تتحفظ بحيث لا يتعدى هذا النازل الموضع.
وهل لها أن تصلي بوضوء الفجر صلاة الضحى أم ينتقض ذلك الوضوء ويلزمها الإعادة؟
على كل حال هم يقولون: يتوضأ لوقت كل صلاة.
إذا أحست المرأة بألم الدورة هل يلزم منها ترك الصلاة مع تيقنها بأنها آلام الدورة أم تصلي لحين نزول الدم؟
الحكم معلق بنزول الدم، وخروجه من موضعه.
وقد تحس بالآلام ولا ينزل الدم إلا بعد يومين.
لا تترك الصلاة ولا الصيام حتى يخرج الدم.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ....(27/18)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الصلاة (1)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
قال الإمام الخرقي -رحمه الله تعالى-:
كتاب: الصلاة
باب: المواقيت
وإذا زالت الشمس وجبت صلاة الظهر، وإذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقتها، فإذا زاد شيئاً وجبت العصر.
مثله.
أحسن الله إليك.
وإذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقتها، فإذا زاد شيئاً وجبت العصر، فإذا صار ظل كل شيء مثليه خرج وقت الاختيار، ومن أدرك منها ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها مع الضرورة.
ما عندك وهذا مع الضرورة؟
لا، فقد أدركها مع الضرورة.
يقول: وهذا مع الضرورة، في بعض النسخ دون بعض، نعم.
أحسن الله إليك.
فقد أدركها وهذا مع الضرورة، وإذا غابت الشمس وجبت المغرب، ولا يستحب تأخيرها إلى أن يغيب الشفق، فإذا غاب الشفق وهو الحمرة في السفر وفي الحضر البياض؛ لأن في الحضر قد تنزل الحمرة فتواريها الجدران، فيظن أنها قد غابت، فإذا غاب البياض فقد تُيقن ووجبت عشاء الآخرة إلى ثلث الليل، فإذا ذهب ثلث الليل ذهب وقت الاختيار، ووقت الضرورة مبقى إلى أن يطلق الفجر الثاني، وهو البياض الذي يرى من قبل المشرق، فينتشر ولا ظلمة بعده، فإذا طلع الفجر الثاني وجبت صلاة الصبح، والوقت مبقى إلى ما قبل أن تطلع الشمس، ومن أدرك منها ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها، وهذا مع الضرورة، والصلاة في.
بدون "وهذا" في هذا الموضع بدون "وهذا".
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
أي شرح؟
طالب:. . . . . . . . .
بتحقيق؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
والصلاة في أول الوقت أفضل إلا عشاء الآخرة، وفي شدة الحر الظهر، وإذا تطهرت الحائض وأسلم الكافر وبلغ الصبي قبل أن تغرب الشمس صلوا الظهر فالعصر، وإن بلغ الصبي وأسلم الكافر وطهرت الحائض قبل أن يطلع الفجر صلوا المغرب وعشاء الآخرة، والمغمى عليه يقضي جميع الصلوات التي كانت عليه في إغمائه، والله أعلم.(28/1)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: الصلاة
الكتاب مر تعريفه في كتاب الطهارة، والصلاة في اللغة الدعاء {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [(103) سورة التوبة] يعني يدعو لهم ((إذا دعا أحدَكم أخوه فليجب، فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليصل)) أي: فليدعو ثم ينصرف، وإن حمله بعضهم على الصلاة الشرعية، قال: يصلي ركعتين وينصرف، لكن الأكثر على أنها الصلاة اللغوية، ولا شك أن الصلاة الشرعية متضمنة للصلاة اللغوية التي هي الدعاء، والحقائق الشرعية لا تلغي الحقيقة اللغوية، كما قرر شيخ الإسلام -رحمه الله- في كتاب الإيمان، إنما تبقي على الحقيقة اللغوية، وتزيد عليها.
وأما بالنسبة للصلاة في الاصطلاح فإنها هي الأقوال والأفعال المعروفة المفتتحة بالتكبير تكبيرة الإحرام، والمختتمة بالتسليم.
ومثل هذه الألفاظ الشرعية تعريفها حادث، تعريفها وحدها حادث، لا تجد سلف هذه الأمة يعرفون الصلاة، ولا يعرفون الأذان، ولا يعرفون الزكاة، ولا يعرفون الحقائق المعروفة عند الناس كلها، لكنها من باب تتميم الترتيب، ترتيب التأليف عند أهل العلم تجدهم يمشون على هذه الأمور، فيبدؤون بالتعريف، وإلا ما تجد في كتب الأئمة تعاريف وحدود إلا ما يخفى على المتعلمين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني بعد الاصطلاحات الحادثة، وخشية أن يخفى على الطلاب بعض الحقائق الشرعية لا مانع من التأليف لأنه ما يضر؛ لأنه تصوير للأمر عند الطالب، يعني بعد تطاول الزمان حصل على طلاب العلم ما يجعلهم يخفى عليهم بعض الحقائق، وأيضاً تعريف الصلاة مثلاً بالتعريف الاصطلاحي الشرعي المعروف لا شك أنه يرد عليك في النصوص ما يحتاج إلى مثل هذا التعريف؛ لئلا تقف حائراً أمام بعض النصوص، إذا قلنا: الصلاة المعروفة المفتتحة بالتسليم ذات الركوع والسجود وكذا ... إلى آخره، وجاءنا حديث أبي هريرة أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة في الصلاة ما تقول؟ ما يراد بالصلاة؟
طالب:. . . . . . . . .
والنافلة ما تحتاج دعاء استفتاح؟ طيب ويش يخرج هذا؟
طالب:. . . . . . . . .(28/2)
نعم؟ كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، في الصلاة، هل نقول: إن الدعاء يحتاج إلى دعاء استفتاح لأنه صلاة؟ هل نقول: إن صلاة الجنازة تحتاج إلى استفتاح لأنها صلاة؟ نعم؟ إذاً ما الذي يحدد لنا الصلاة المرادة في مثل هذا الحديث؟ الاصطلاح، نعم، طيب.
باب: المواقيت
المواقيت: جمع ميقات، والمواقيت معروف أنها تطلق على الشيء المحدد زماناً كان أو مكاناً، والمراد به هنا الزمان، والمراد مواقيت الصلاة لا مواقيت الزكاة، ولا مواقيت الصيام، ولا مواقيت الحج، إنما هي مواقيت الصلاة؛ لأنها ترجمة فرعية تحت ترجمة أصلية كبرى تندرج فيها، كما سيأتي في مواقيت الحج، معروف أنه ما يحتاج أن يقال: مواقيت الحج، يقال: باب المواقيت، والكتاب كتاب الحج، مثل هذا لا يحتاج إلى تنصيص.
قال -رحمه الله-: "وإذا زالت الشمس وجبت صلاة الظهر" بدأ بصلاة الظهر لأنها هي الصلاة الأولى، واستحقت هذا الوصف لأن جبريل لما نزل يؤم النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويعلمه المواقيت بدأ بها، فهي الأولى.
"إذا زالت الشمس" يعني مالت عن كبد السماء، وهو الدلوك الذي جاء في سورة الإسراء {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(78) سورة الإسراء] نعم، هو الدلوك، سمي الزوال دلوكاً كما قال الزمخشري في الأساس لماذا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؛ لأن الرائي أو الناظر إلى الشمس في هذا الوقت إيش؟ تؤلمه عينه فيحتاج إلى دلكها.
"إذا زالت الشمس" مالت إلى جهة المغرب "وجبت صلاة الظهر" إيش معنى وجبت؟ حلت، يعني حان وقتها، صلاة الظهر وقتها يبدأ من الزوال إلى مصير ظل الشيء مثله، فإذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقتها، وهذا يدل عليه حديث إمامة جبريل، ويدل عليه أيضاً حديث عبد الله بن عمرو في الصحيح ((وقت الظهر إذا زالت الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ما لم يحضر وقت العصر)) ((ما لم يحضر وقت العصر)) ونحتاج إلى هذه الجملة.
"فإذا زاد شيئاً وجبت العصر" زاد شيء يعني بعد مصير ظل الشيء مثله تجب صلاة العصر، يحين وقت صلاة العصر.(28/3)
قوله في حديث عبد الله بن عمرو: ((ما لم يحضر وقت العصر)) يدل على أنه لا اشتراك بين الوقتين، لا اشتراك بين الصلاتين في وقت واحد، وإن كان يفهم من حديث إمامة جبريل أن هناك وقتاً يصلح لصلاة الظهر أداءً ويصلح لصلاة العصر أداءً؛ لأنه أمه في اليوم الثاني في صلاة الظهر حينما صار ظل كل شيء مثله، وأمه في اليوم الأول لصلاة العصر حينما صار ظل كل شيء مثله، فكأنه أمه في اليوم الثاني في صلاة الظهر في الوقت الذي صلى به صلاة العصر بالأمس، فدل على الاشتراك، وبهذا قال بعض أهل العلم أن هناك وقتاً مشتركاً بين الظهر والعصر يصلح لأداء أربع ركعات، يصلح أن تكون ظهر وأن تكون عصر في وقت واحد.
وقوله في حديث عبد الله بن عمرو: ((ما لم يحضر وقت العصر)) يدل على أن لا اشتراك بين الوقتين، ويراد بقوله: "صلى الظهر حينما صار ظل كل شيء مثله، وصلى العصر حينما صار ظل كل شيء مثله" أنه فرغ من صلاة الظهر حينما صار ظل كل شيء مثله، وشرع في صلاة العصر حينما صار ظل كل شيء مثله.
يعني لو افترضنا أن هذا الوقت هو مصير ظل كل شيء مثله، هذا هو، هذا هو، فيكون فرغ هنا من صلاة الظهر، وشرع هنا في صلاة العصر، يعني بدون فاصل، وبدون اشتراك، والدليل على هذا قوله في حديث عبد الله بن عمرو: ((ما لم يحضر وقت العصر)) يدل على أن الاشتراك، وهذا نص مفسر وذاك محتمل، وعلى كل حال القول بعدم الاشتراك هو قول جمهور أهل العلم وهو الراجح، وأن لكل صلاة وقت يخصها، لا تشترك معها غيرها من الصلوات، ما لم يكن ثم عذر، على ما سيأتي.
"فإذا زاد شيئاً وجبت العصر" القول بأن آخر وقت صلاة الظهر هو مصير ظل كل شيء مثله هذا قول الجمهور، قول الأئمة الثلاثة، وعند الحنفية أنه يستمر وقت صلاة الظهر إلى مصير ظل الشيء مثليه، ثم يتلوه وقت صلاة العصر إلى الغروب، ومن الحنفية من يقول: إن وقت صلاة الظهر ينتهي عند مصير ظل كل شيء مثله، ووقت العصر يبدأ من مصير ظل كل شيء مثليه، وما بينهما بين المثل والمثلين وقت لا يصلح للظهر ولا للعصر كالضحى مثلاً، الحنفية يرون أن وقت صلاة العصر لا يبدأ من مصير ظل كل شيء مثله، وإنما يبدأ من مصير ظل كل شيء مثليه إلى الغروب.(28/4)
الجمهور لهم أدلة منها: حديث إمامة جبريل وهو مخرج في السنن، حديث عبد الله بن عمرو أيضاً في الصحيح، كلها تدل على أنه بنهاية وقت صلاة الظهر يبدأ وقت صلاة العصر من غير فاصل، وأن وقت صلاة الظهر إلى مصير ظل كل شيء مثله.
الحنفية يقولون: من مثليه، ويتمسكون بالحديث الصحيح: ((إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمن استأجر أجيراً من أول النهار إلى الزوال بدينار، ثم قال: من يعمل لي إلى وقت العصر بدينار، ثم قال: من يعمل لي إلى الغروب بدينارين، فعملت اليهود إلى الزوال، وعملت النصارى إلى وقت العصر، وعملتم إلى غروب الشمس بدينارين، فاحتجت اليهود والنصارى فقالوا: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً)) احتجاج اليهود ما فيه إشكال؛ لأن الوقت من طلوع الشمس أو من أول النهار إلى الزوال طويل جداً، يعني نصف النهار، أما احتجاج النصارى وأنهم أكثر عملاً وأقل أجراً عند الحنفية لا يتم إلا إذا قلنا: إن وقت الظهر يستمر إلى مصير ظل الشيء مثليه.
وهل هذا الحديث بدلالته التبعية لا الأصلية يقضى به على نصوص صحيحة مفسرة صريحة في الموضوع؟! نعم؟ هذا أولاً؛ لأن الدلالة التبعية مختلف في الاحتجاج بها، يعني الحديث سيق لبيان المواقيت؟ حديث: ((إنما مثلكم)) سيق لبيان المواقيت؟ لا، إنما سيق لبيان فضل هذه الأمة، إلغاء الدلالة التبعية مطلقاً هذا ليس بصحيح، يعني رجحه الشاطبي في الموافقات، لكن ليس بصحيح؛ لأن الشارع حينما يطلق لفظاً لا يخفى عليه ما يترتب على هذا اللفظ من لوازم، ما هو مثل المخلوق حينما يطلق لفظاً يغفل عما يلزم على هذا اللفظ، ولذا عند أهل العلم لازم المذهب ليس بمذهب، والدليل الواحد يستنبط منه أهل العلم مسائل كثيرة، لكن في حالة ما إذا عورض بما هو أصرح منه، يقدم الأصرح بلا شك.
الأمر الثاني: أن وقت صلاة الظهر أطول في كل زمان وفي كل مكان من وقت صلاة العصر حتى على القول أنه ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله، والتقويم شاهد على هذا، الآن لو حسبنا الزوال متى؟ اثنا عشر وخمس، نعم؟ كم؟
طالب:. . . . . . . . .
ثلاث دقائق، العصر؟ ثلاث وثمان وعشرين، المغرب؟
طالب:. . . . . . . . .(28/5)
الآن عندنا وقت الظهر ثلاث ساعات وخمسة وعشرين دقيقة، ووقت العصر كم؟ ساعتين وستة وثلاثين دقيقة أيهما أكثر؟ حتى على مصير ظل كل شيء مثله، يعني على سبيل التنزل أولاً: هي مسألة دلالة تبعية ليست دلالة أصلية، الأمر الثاني: أنه حتى على القول قول الجمهور بأن وقت صلاة الظهر إلى مصير ظل كل شيء مثله هو أطول، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الجواب الثاني قال بعض أهل العلم: إن الجواب جواب الطائفتين معاً، يعني من طلوع احتجت اليهود والنصارى، كلهم احتجوا بالوقتين بالأجرين على الوقت الواحد بالدينارين، هذا قيل به، لكن حتى على سبيل الانفراد ما في إشكال يعني.
"فإذا زاد شيئاً" يعني عن مصير ظل الشيء مثله مع ظل الزوال "وجبت العصر، فإذا صار ظل كل شيء مثليه خرج وقت الاختيار".
في حديث عبد الله بن عمرو: ((ما لم تصفر الشمس)) هذا وقت الاختيار، وأما وقت الاضطرار ووقت أداء إنما ينتهي بغروب الشمس، بدليل: ((من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) يعني أداءً، فلا ينتهي وقت العصر وقت أداء العصر إلا بغروب الشمس، وفي الحديث ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من أخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى، وإن كان هذا عمومه مخصوص على ما سيأتي.
يقول: "ومن أدرك منها ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها" وهذا وقت ضرورة لكنه أداء، ومع ذلك عليه أن يضيف ثلاثة ركعات، عليه أن يضيف ثلاثة ركعات، مو أدركها كاملة بركعة، كما جاء في البيهقي وغيره: ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فليضف إليها أخرى، ومن أدرك من الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى)) وهنا يضيف إليها ثلاث ركعات، وهل تكون الصلاة أداء أو قضاء؟ لأن الغالب حصل بعد أن خرج الوقت، أو ما في الوقت أداء، وما بعده قضاء؟ أقوال لأهل العلم، لكن المرجح أنها أداء كاملة، أداء لمفهوم الإدراك؛ لأنه يقول: أدرك العصر، وليس له إلا هذا المعنى.
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون الاستفتاح؟
طالب: يعني ابتداء الصلاة ...
نشوفه الحين.(28/6)
"من أدرك منها ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها وهذا مع الضرورة" في الحديث الصحيح المخرج في مسلم وغيره: ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) وفي رواية: ((سجدة)) ((من أدرك سجدة)) وهي أيضاً في الصحيح في مسلم، وقال: والسجدة إنما هي الركعة، فهل يشترط إدراك ركعة كاملة بسجدتيها لنقول: إنه أدرك الوقت؟ أو يدرك الوقت بإدراك أي جزء؟ وهناك إدراكات: منها ما تدرك به الركعة، ومنها ما تدرك به تكبيرة الإحرام، ومنها ما يدرك به الوقت، ومنها ما تدرك به الجمعة إلى غير ذلك، إدراكات كثيرة، لكن الذي يهمنا ما الذي يدرك به الوقت؟ منها ما تدرك به الجماعة، هل يحتاج إلى ركعة كاملة، أو أي جزء من الصلاة؟ المذهب على ما سيأتي عند الحنابلة أن من كبر قبل سلام إمامه التسليمة الأولى أدرك الجماعة ولو لم يجلس، فدل على أن الركعة تدرك بأدنى جزء منها ولو بتكبيرة الإحرام، فهل يقولون به في مثل هذا؟ نعم الأكثر على أنه تدرك الصلاة بإدراك أي جزء منها، ورواية: ((من أدرك سجدة)) قد يستدل بها لهذا؛ لأنه مرة قال: ((ركعة)) ومرة قال: ((سجدة)) فالمراد أي جزء من الصلاة، لكنه عند التأمل سجدة لا تخالف الركعة، بل نقول: إن من أدرك سجدة فقد أدرك الركعة قطعاً؛ لأن السجود إنما يقع بعد الركوع، والركوع كما يطلق على السجود، السجود أيضاً يطلق على الركوع {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا} [(154) سورة النساء] إيش المراد؟ ركعاً، نعم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذه غير {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا} [(154) سورة النساء] في أحد يدخل مع الباب ساجد؟ {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص: 24] العكس، المراد به ساجداً، فيطلق هذا على هذا وهذا على هذا، فالمراد أنها –كما قال أكثر أهل العلم- المراد بإدراك جزء منها.
طالب:. . . . . . . . .
ويش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
الصحابي راوي الحديث والسجدة إنما هي الركعة، وذكر كلام الصحابي؟
طالب:. . . . . . . . .(28/7)
إيه، هم أعرف بالحقائق، وفي الحقائق الشرعية أيضاً وردت الركعة ويراد بها السجدة والعكس {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا} [(154) سورة النساء] يعني ممكن أن يدخل شخص وهو ساجد؟ ما يمكن، مستحيل، لكن يدخل راكع {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص: 24] نعم حينما نقتدي به نركع فقط وإلا نسجد؟ نعم المراد سجد، فيطلق هذا على هذا وهذا على ذاك في حقائق شرعية بنصوص شرعية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني لا بد أن يركع، ما تطلق ركعة أبداً إلا إذا كانت بسجدتيها وإلا ما تسمى ركعة.
يقول: "فإذا غابت الشمس فقد وجبت المغرب" يعني وجبت صلاة المغرب، دخل وقتها "ولا يستحب تأخيرها إلى أن يغيب الشفق" لأن جبريل أم النبي -صلى الله عليه وسلم- في اليومين بعدما وجبت الشمس، بعدما غابت الشمس، سقطت، بعدما غابت صلى به في اليوم الأول وفي اليوم الثاني، ولذا يذهب الشافعية إلى أنها ليس لها إلا وقت واحد يتسع لأدائها، لأداء ثلاث ركعات، ويتسع أيضاً للوضوء والاشتغال بشرطها كستر العورة ونحوه، يعني مدة ربع ساعة وقت المغرب، ثم يخرج، والجمهور على أن لها وقتين كغيرها من الصلوات؛ لأنه في حديث عبد الله بن عمرو وهو في الصحيح: ((فإذا غابت الشمس دخل وقت صلاة المغرب إلى أن يغيب الشفق)) فدل على أن الوقت يمتد لمدة ساعة وثلث أحياناً، وقد يصل إلى ساعة ونصف في بعض الأوقات، إلى أن يغيب الشفق، وصلاة العصر التي تقدمت على صلاة المغرب هي الصلاة الوسطى في قول أكثر العلماء، وعليها الأدلة الصحيحة الصريحة: ((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر)) والحديث صحيح، ((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر)) وأما الاستدلال لغيرها من الصلوات الباقية فهو كله إنما هو مجرد استنباط، وليس فيه شيء مرفوع، منهم من قال: الوسطى المغرب لأن قبلها صلاتين: الأولى الظهر، والثانية العصر، وبعدها صلاتين، وهي أيضاً وسطى بالنسبة لعدد الركعات ثلاث ليست باثنتين ولا أربع، ومنهم من يقول: إن الصلاة الوسطى هي الصبح، ومنهم من يقول: الظهر، ومنهم من يقول: العشاء، ولكل قول مأخذ، لكن الصواب من هذه الأقوال أنها العصر.(28/8)
"ولا يستحب تأخيرها إلى أن يغيب الشفق" نعم الوقت يمتد إلى أن يغيب الشفق الأحمر، ولا يستحب تأخيرها إليه؛ لأن جبريل أم النبي -عليه الصلاة والسلام- في اليومين في وقت واحد، فدل على استحباب تقديمها في أول وقتها إلى أن يغيب الشفق.
"فإذا غاب الشفق وهو الحمرة" الشفق يطلق ويراد به الحمرة، وجاء هذا عن عبد الله بن عمر، وهو عربي قح، والحنفية يرون أنه البياض الذي يعقب الحمرة، والجمهور على أن الشفق هو الأحمر، والمؤلف جاء بكلام فيه شيء من التفصيل.
يقول: "فإذا غاب الشفق وهو الحمرة في السفر، وفي الحضر البياض" الآن الاحتياط في هذا التفصيل من المؤلف هل هو احتياط لصلاة المغرب أو لصلاة العشاء؟ لصلاة العشاء؛ لأنه لا يمكن الاحتياط للصلاتين معاً إلا إذا قلنا: إن صلاة المغرب تنتهي بمغيب الشفق الأحمر، وصلاة العشاء بالنسبة لصلاة العشاء الشفق الأبيض.
المقصود أنه يقول:
"فإذا غاب الشفق وهو الحمرة في السفر، وفي الحضر البياض" ثم بين ذلك بقوله: "لأن في الحضر قد تنزل الحمرة فتواريها الجدران" يعني ما يغيب الشفق الأحمر، لكن إذا نزل، نزلت الحمرة، واختفت وراء الجدران سارع الناس إلى صلاة العشاء، فصلوها قبل دخول وقتها، فلا بد من البياض، إذا خرج البياض جزمنا بأن الأحمر انتهى، فتواريها الجدران، "فيظن أنها قد غابت" يعني الحمرة "فإذا غاب البياض فقد تيقن" مغيب الأحمر من باب أولى؛ لأنه قبله "فقد تيقن، ووجبت عشاء الآخرة إلى ثلث الليل" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو بياض يلي الشفق الأحمر، يعني قبل أن يسود الليل، قبل أن يأتي الظلام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
إلى أن تصفر الشمس؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا على ما جاء في النصوص يأثم، لكنها أداء، أداء نعم إلى أن تغرب الشمس.(28/9)
فإذا غاب الشفق وجبت صلاة العشاء إلى ثلث الليل، في حديث إمامة جبريل وهو مخرج في السنن، صلى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- اليوم الأول حينما غاب الشفق، وفي اليوم الثاني في ثلث الليل، فالمذهب على أن وقت الاختيار ينتهي بثلث الليل، وفي المذهب أيضاً رواية إلى النصف، وهو الذي يدل عليه حديث عبد الله بن عمرو صراحة: ((ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط)) وهذا في الصحيح، كيف نصف الليل الأوسط؟ الاثنين فيهم أوسط، الثلاثة فيها أوسط، الخمسة فيها أوسط، السبعة فيها أوسط، لكن الاثنين فيها أوسط؟ الأربعة فيها أوسط؟ يقول: ((إلى نصف الليل الأوسط)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني صارت ثلاثة أنصاف، ثلاثة أنصاف يجي؟ يجي ثلاثة أنصاف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، نصف الليل الأوسط الذي تكون نهايته وسط الليل.
"فإذا ذهب ثلث الليل ذهب وقت الاختيار، ووقت الضرورة إلى أن يطلق الفجر الثاني" يعني على المذهب وقت الاختيار إلى ثلث الليل، ثم بعد ذلك يبقى وقت الضرورة وهو وقت أداء إلى أن يطلع الفجر الثاني، وعلى حديث عبد الله بن عمرو إلى نصف الليل الأوسط ينتهي الوقت، ويكون ما بين نصف الليل إلى طلوع الفجر فعلها فيه قضاء مثل الضحى، وقت لا يصلح لأي صلاة أداء، وعلى كلامه كلام المؤلف -رحمه الله- أنه يستمر الوقت، وتكون أداءً إلى أن يطلع الفجر الثاني، وهو البياض الذي يبدو، ويش عندك؟
طالب:. . . . . . . . .
أو يبدو من قبل المشرق ما في إشكال، نعم.
على كلامه لو أخر الصلاة إلى آخر الليل، لم يبق على طلوع الفجر إلا ربع ساعة، وقام صلى العشاء، يكون قضاء وإلا أداء؟ على كلامه أداء، لكن على حديث عبد الله بن عمرو قضاء.
يدل لما ذهب إليه المؤلف حديث: ((ليس في النوم تفريط، إنما التفريط من يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى)) عموم هذا يدل لقوله لكنه مخصوص، نعم مخصوص دخله تخصيص، فيما بين طلوع الشمس إلى زوالها، هذا لا يمكن أن يقول أحد: إن صلاة الصبح تمتد إلى زوال الشمس، وما دام دخله التخصيص ضعفت دلالته على جميع الأوقات، فيبقى النص المفسر وهو حديث عبد الله بن عمرو أصح ما في الباب.(28/10)
"إلى أن يطلع الفجر الثاني، وهو البياض الذي يبدو من قبل المشرق" يظهر من قبل المشرق "فينتشر" يميناً وشمالاً، بخلاف البياض الذي يسبقه وهو المعترض طولاً كذنب السرحان، هذا الفجر الكاذب، والذي ينتشر ينفجر في السماء هذا هو الفجر الصادق، ويحصل خلط واضطراب في معرفته ترتب عليه كلام طويل، وتشويش وتشكيك في دخول وقت صلاة الصبح، وتعاش آثاره في الأيام الأخيرة مما جعل بعض طلاب العلم يوجد في هذه المسألة إشكال واضطراب، وبعضهم يتخذ تقويماً لنفسه، وبعضهم لا يصلي مع المساجد التي تبادر بصلاة الصبح فيتأخر، وبعضهم يجعلها نافلة يصلي مع الناس، ثم يعيدها إلى كلام فيه اضطراب، وسببه الاختلاف في تحديد الصبح، وتحديد الفجر، ونقف عليه لعلنا أن .. ، بعض الإخوان لعله يحضر في المسألة ما يتيسر له من بحث يبين فيه حقيقة الأمر.
تشوف يا شيخ. . . . . . . . . تشوف لنا المسألة؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه جزاكم الله خيراً؛ لأن المسألة لغوية مع كونها شرعية هي لغوية.
هذا يقول: لو ذكرت شرحين أو ثلاثة يقتصر عليها لنخبة الفكر؟
معروف شرح الحافظ المؤلف، ولا شك أن صاحب الدار أعرف بما فيها، فشرحه مقدم على غيره، شرح المؤلف، وعليه حواشي، منها: شرح الملا علي قاري، ومنها أيضاً حاشية للمناوي، وحاشية أيضاً لعبد الله خاطر السمين، وكلها حواشي نافعة، هناك أيضاً شروح لقاسم قطلوبغا، وأكثرها استدراكات على المؤلف، ومنها أيضاً شروح معاصرة متأخرة لمشايخ تفيد في الباب، منها المطبوع، ومنها المسجل يستفيد منها طالب العلم.
يقول: لو تفضلت على التعليق على هذه المقولة يقول: "أقوال أهل العلم يحتج لها بالأدلة الشرعية ولا يحتج بها على الأدلة الشرعية"؟(28/11)
هذه المقولة ظاهرة، يعني أنك إذا وقفت على حكم صدر من إمام فإنك لا تأخذه تحتج به على غيرك حينما يُطرح مسألة تقول: قال الإمام أحمد، الدليل على ذلك قول الإمام أحمد، والدليل على ذلك قول الإمام الشافعي، لا، لا يحتج بها، وإنما يحتج لها بالأدلة الشرعية، نعم قال الإمام أحمد كذا لقوله -عليه الصلاة والسلام- كذا، أو لقول الله -جل وعلا- كذا، هذا الأصل، لكن بعض الناس ليست لديه أهلية للاستدلال لأقوال أهل العلم والترجيح بينها، مثل هذا يقلد الأئمة، يقلد من تبرأ الذمة بتقليده، ولا يكون مثل بعض المتعصبة الذين يؤتى لهم بالدليل الصحيح الصريح في المسألة، ثم يقال: لكن المذهب كذا، لكن قول الإمام كذا، لكن الذي عليه العمل كذا، ومع الأٍسف أنه يوجد من بعض طلاب العلم مثل هذا، وإذا جيء له بالدليل قال: ولو، الإمام أحمد أعرف منا، ولا يخفى عليه مثل هذا الدليل، نقول: نعم، هو أعرف بلا شك، لكن ليس بالمعصوم، قد يخفى عليه الدليل، وقد يفهم من الدليل غير ما فهمت، وغير ما فهمه غيره، المقصود أن أقوال أهل العلم لا شك أن لها قيمة عند طالب العلم، وكثرتهم وتضافرهم على القول الواحد تورث هيبة لدى طالب العلم، لكن مع ذلك إذا وجد الدليل الصحيح الصريح لا يعارض به أي قول لكائن من كان.(28/12)
يبقى أن المسألة التي يجبن الإنسان عنها في حالة ما إذا اتفق الأئمة الأربعة على قول، وهذه مسألة ذكرناها مراراً، وخالفهم الظاهرية مثلاً، وما بين يديك مما يتعلق بالمسألة يؤيد قول الظاهرية، والأئمة الأربعة كلهم على خلاف هذا القول، والدليل الظاهر الذي بين يديك مما يؤيد قول الظاهرية، فهل تقول العبرة بالدليل ولو خالفه من خالفه كائناً من كان كما هو الأصل؟ وهذا هو الأصل، وترجح حينئذٍ قول الظاهرية ولو لم يقل به أحد من الأئمة المعتبرين، أو تقول: هؤلاء الأئمة اتفاقهم مع اتفاق أتباعهم على مر القرون يدل على أن لهم دليلاً لم أقف عليه، فيكون في هذا اتهام للنفس بالتقصير، وليس اتهاماً للأئمة بمخالفة الدليل، هذا لا شك أن اتفاق الأربعة يورث عند طالب العلم هيبة لا سيما وأن لهم أتباع حرروا مذاهبهم ونقحوها، وفيهم من له عناية بالسنة من هؤلاء الأتباع، ولذلك لا يترددون في ترجيح الأقوال الأخرى على قول إمامهم، يعني عُرف هذا في الشافعية كثير، ترجيح أقوال الأئمة الآخرين على قول الشافعي لظهور الدليل في هذه المسائل، ومع ذلك اتفقوا مع إمامهم مع الأئمة الثلاثة الآخرين على ترجيح هذا القول، وتواطئوا عليه، ولا يعرف لهم مخالف إلا أهل الظاهر، فهل نرجح قول أهل الظاهر لأن الدليل معهم الذي بين أيدينا الذي وقفنا عليه، أو نقول: إن تواطؤ هؤلاء الأئمة لا يمكن أن يحصل من غير دليل؟ بل لهم دليل علنا لم نقف عليه، ونتهم أنفسنا بالتقصير؟ لا شك أن تضافر الأئمة مع أتباعهم إلى يومنا هذا يورث للقول هيبة، أما لو وجد قول لواحد من هؤلاء الأئمة الأربعة ومعه ظاهر الدليل فلا نتردد في ترجيحه على غيره، اتفاق الأئمة الأربعة على قول مع أتباعهم، ما يعرف ولا واحد من الأتباع خالفهم، يعني الحنابلة فيهم أئمة محققون، يعني لو أن قول الإمام أحمد ومشى عليه شيخ الإسلام وابن القيم، وأئمة التحقيق ممن جاء بعدهم، والإمام الشافعي أيد قوله الحافظ البيهقي والذهبي والنووي، وابن المنذر وغيره ممن يعتني بالدليل، لا شك أن مثل هذا له هيبة، وأبو حنيفة ووافقه صاحباه، ومالك وافقه أهل بلده عليه، مثل هذا لا شك أنه يجعل الإنسان يراجع نفسه، ويزيد في البحث.(28/13)
وذكرت أني سألت الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن هذه المسألة وقال: يرجح قول الظاهرية ولو لم يوافقهم أحد، إذا كان قولهم هو الموافق للدليل، وبسطت له المسألة، وقلت له: لعل للأئمة أدلة ما اطلعنا عليها، من تقصيرنا وقصورنا، قال: ولو كان ما دام الدليل معهم قولهم هو الراجح، وهذا هو الأصل الذي لا ينبغي أن يحاد عنه، لكن المسألة ليست اتهام للأئمة أنهم رجحوا قولاً بغير دليل بقدر ما هو اتهام للنفس في التقصير في البحث، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
إحنا ما عندنا إشكال، لكن افترض أن هذه المسألة وجدت، يعني الدليل ظاهر في الوجوب أمر صريح، وعامة أهل العلم على الاستحباب، ولم نجد صارف، لم يقل به إلا أهل الظاهر، ما قال بالوجوب إلا أهل الظاهر، ويش ترجح؟ ما وجدنا صارف، نعم؟
طالب: الدليل.
هذا الأصل نرجح الدليل، لكن هل هذا مجرد اتباع للدليل بقدر ما هو استرواح وميل إلى قول الأئمة؛ لأنه لا يمكن أن يتواطئوا على مثل هذا بغير صارف، وقد يكون الصارف خفي بالنسبة لطالب العلم، يعني على ما قرروه في قواعدهم، لكنه يخفى، أحياناً في بعض الأبواب يوجد الصارف لا يلوح لكل باحث.
طالب:. . . . . . . . .
ما يمكن، ما يمكن، مستحيل، مستحيل، قد يقفون على الدليل ويفهمونه غير ما فهمه غيرهم، وهذا أمر كثير يعني في كتب الخلاف كثير يعني تجد الدليل صريح في الأمر، صريح في النهي، ومع ذلك لا يقول بالوجوب إلا الظاهرية أو لا يقول بالتحريم إلا الظاهرية، وعامة أهل العلم على أنه للاستحباب أو للكراهة، ما الصارف؟ ما وجدنا صارف، دعنا ممن يؤتى له بالحديث الصحيح الصريح من صحيح البخاري، ويقال له: هذا الدليل يدل على المسألة، المسألة وقعت عند قاضي من القضاة، فيقول: لا، أبداً، هذا المذهب وعليه العمل، وعليه أئمة الدعوة، وعليه كذا، ما يكفي يا أخي، أنت ملزم بنص، نحن نتعبد الله -جل وعلا- بما جاء عنه في كتابه أو على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، أو بالعمومات والقواعد التي تستند إلى ما جاء عنه وعن نبيه -عليه الصلاة والسلام-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كلهم يتمسكون بدليل واحد، كلهم، هؤلاء يقولون بالاستحباب، وهؤلاء يقولون بالوجوب.(28/14)
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
كلاهما، إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا هو الصواب عند عامة أهل العلم، وهو الصحيح عند الجمهور.
طالب:. . . . . . . . .
لا، نقول: معهم، ما دام قرر أهل العلم الذين يخالفونهم قرروا أن الأصل في الأمر الوجوب فالدليل معهم، لماذا خالفوا ما قرروه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم هات الصارف.
طالب: بدون صارف.
لا لا، بدون صارف لا، لا لا، الأصل الوجوب.
طالب:. . . . . . . . .
لا، إحنا ماشين على قولهم، ما خالفناهم في أصل تقعيدهم، على ما قعدوه، وعلى ما قرروه، أنت تناقش شخص قرر هذا الأمر أن الأصل الوجوب، وقال: الأمر للاستحباب، وما عنده صارف، ويش تقول؟
طالب:. . . . . . . . .
دعنا من كلمة اتفقوا وإلا ما اتفقوا، إحنا نناقش شخص يقول: الأصل في الأمر الوجوب، وقال بالاستحباب، وبحثنا عن صارف ما وجدنا، ويش تقول؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، قد يكون عنده صارف لم نطلع عليه؛ لأن الصوارف لا يلزم أن يكون وضوحها مثل وضوح الشمس لا، عندهم صوارف يستروحون إليها، ويميلون إليها، بشم ما جاء في الباب؛ لأن الأئمة ما ينظرون إلى المسائل بمفرداتها بقدر ما ينظرون إلى ما جاء في جميع الباب، أهل الاطلاع وأهل الاستقراء لهم طريقة في الاستدلال تختلف عن طلاب العلم والمبتدئين أو أناس ما هم من أهل الاطلاع الواسع.
طالب: لو جاء إمام من الأئمة وقال: إن هذا الأمر يحمل على الندب وليس له صارف، نقول له: أنت نقضت القاعدة التي قعدتها، فمن الممكن أن نرد عليه أن لكل قاعدة شواذ ففعلاً الأصل في الأمر الوجوب لكن في هذه المسألة بعينها ....
إيه، لا بد أن يكون صارف، لا بد أن يوجد صارف، على شان نقول: إنه في هذه المسألة بعينها لا نحمله على الوجوب وإلا صار تحكم.
يقول: هل يجوز تعليل الأحكام بالخلاف؛ لأنه كما يقال: تعليلها بذلك علة باطلة في نفس الأمر؛ لأن الخلاف ليس من الصفات التي يعلق الشارع بها الأحكام في نفس الأمر، وإنما ذلك وصف حادث بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس يسلكه إلا من لم يكن عالماً بالأدلة الشرعية في نفس الأمر لطلب الاحتياط.(28/15)
يعني حينما يقال: الحكم الاستحباب خروجاً من خلاف من أوجبه فقط، خروجاً من خلاف من أوجبه، أو الحكم الكراهة، خروجاً من خلاف من حرم، وإلا فالأصل أن المسألة عارية عن الدليل، يكفي هذا وإلا ما يكفي؟ يعني كون الإنسان يتورع غير كونه يصدر حكم يزعم أنه حكم الله في هذه المسألة، أهل العلم يقولون: إذا وجد تحريم من أهل العلم فإن هذا يورث انكفاف عن الفعل، ولا يكون ذلك حكم شرعي، فالإنسان من باب الاستبراء للدين وترك الشبهات يترك هذا العمل الذي قيل بتحريمه.
يقول: إذا كان لا ينسب لساكت قول فكيف يقال: المقيس على كلام الإمام أحمد على الصحيح من المذهب، ذكره في الإنصاف، ويقول الماوردي -وهو المرداوي- في الإنصاف، أضف إلى ذلك اختلاف وجهات النظر بين المقيس والمقيس عليه، وهذا أمر مشاهد.
ما هي باختلاف وجهات نظر، ما تكون اختلاف وجهات نظر، يعني إذا كان الاختلاف بين المقيس والمقيس عليه إذا لم يكن هناك علة تجمع بينهما وجد الاختلاف بين المقيس والمقيس عليه.
على كل حال التخريج على المسائل المنصوصة معروف في المذاهب كلها، وفرق بين أن يقال: نص عليه أو ذكره، أو قال الإمام أحمد، وبين أن يقال: هذا المذهب، نعم يعني يكون من باب التخريج لا من باب النص.
يقول: هل صحيح أن المراد بالضعيف عند الإمام أحمد هو قسيم الصحيح، وقسم من أقسام الحسن لا أنه المردود، كما ذكر ابن القيم في أصول الإمام أحمد -رحمه الله-، فأشكل علي هل هذا الضعيف هو المقرر في كتب المصطلح، فيكون إطلاق الضعيف عند أحمد باصطلاح خاص للإمام على خلاف ما قعده المتأخرون، ولا مشاحة في الاصطلاح، ويؤيد هذا وجود أحاديث ضعيفة في المسند، واحتجاج الإمام أحمد بالضعيف؟(28/16)
أولاً: شيخ الإسلام -رحمه الله- هو الذي قرر أن مراد الإمام أحمد بقوله: إنه يحتج بالضعيف في فضائل الأعمال، بخلاف الأحكام، شيخ الإسلام ما يرى الاحتجاج بالضعيف في الفضائل كالأحكام، وكذلك ابن القيم، فأرادوا أن يوجهوا كلام الإمام -رحمه الله- بما يناسب ما اختاروه، فقال شيخ الإسلام: إن مراد الإمام أحمد بالضعيف هو ما اصطلح عليه المتأخرون بكونه حسن، وذكرنا أن لنا على هذا الكلام ملحظين؛ لأن شيخ الإسلام يقول: إن الحسن لا يعرف قبل الترمذي، وهو معروف قبل الترمذي، وهو معروف في اصطلاح الإمام أحمد، وأيضاً في طبقة شيوخ الإمام أحمد معروف، معروف يعني قبل الإمام أحمد، وهو في عصر الإمام أحمد، نعم الترمذي أول من شهره، وأكثر من ذكره، كونه معروف معروف.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(28/17)
مسألة الحسن إطلاقه عند المتقدمين والمتأخرين فيه إشكال كبير جداً، حتى قال الحافظ الذهبي: إنه لا مطمع في تمييزه لا عند المتقدمين ولا عند المتأخرين، الحسن، فيه وعورة، وفيه صعوبة، يعني تطبيقه على الواقع من خلال تنظير الأئمة فيه صعوبة شديدة، والسبب أنه في مرتبة متأرجحة بين الأمرين، فالناظر قد يستروح إلى أنه يقرب من الصحيح، أو يقرب من الضعيف فهذا فيه مسافة بعيدة، المقصود أن قول شيخ الإسلام في توجيه كلام الإمام أحمد في كونه لا يعرف قبل الترمذي هو معروف قبل الترمذي، وكونه -رحمه الله- يريد بالضعيف الحسن في اصطلاح الترمذي ومن جاء بعده، نقول: هذا كلام ليس بصحيح، لماذا؟ لأنه يترتب عليه أن الإمام أحمد لا يحتج بالحسن في الأحكام، إذا قلنا: إن الحسن هو الضعيف، وقال: أنا لا أحتج بالضعيف الذي هو الحسن في الأحكام يترتب عليه أنه لا يحتج بالحديث الحسن في الأحكام، وهذا ما قال به أحد، يعني بالنسبة لمذهب الإمام، وإلا وجد من لا يحتج بالحسن مطلقاً، كأبي حاتم وأبي زرعة، وهو المعروف من منهج البخاري ومسلم يعني على طريق الإلزام من دون نص، وهو أيضاً اختيار ابن العربي وجمع من أهل العلم، عدم الاحتجاج بالحسن مطلقاً، لكن يبقى أننا لو قلنا: إن الضعيف عند الإمام أحمد هو الحسن، وهو لا يحتج بالضعيف في الأحكام، إذاً لا يحتج بالحسن في الأحكام، وهذا ما هو معروف في مذهب الإمام -رحمه الله-.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
ويش يسوي؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه نعم، الاستقراء التام ما في شك أنه يوضح المقصود إذا اطرد، لكن إذا رأيته مرة يقول: لا أحتج به، ومرة قال: أحتج به، ويش تسوي؟ ماذا تصنع؟ سئل عن فلان قال: حسن الحديث، أتحتج به؟ قال: لا، ترى علم الحديث ما هو من السهولة بحيث يتطاول عليه صغار المتعلمين، يحتاج إلى عمر، يحتاج إلى تعب شديد، يعني ابن أبي حاتم سأل أباه عن أربعين راوٍ في الجرح والتعديل، فقال: أدخله البخاري في الضعفاء، فقال: ينبغي أن يحول، قلت: أتحتج به؟ قال: لا، وين يحول؟ إلى أين يحول؟ بيحوله عن الضعفاء ولا يحتج به، وين يصير؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
من إيش؟(28/18)
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا لا، هو أخف من الضعيف، الضعيف في المتابعات يمشي، إذا كان الضعف غير شديد، لا، لا في هناك قواعد ما تلوح للمتوسط، ولا لكثير من طلاب العلم، تحتاج إلى عناء وتعب، وكثرة مزاولة، وتطبيق ونظر في كلام أهل العلم، ومقارنة بين التقعيد والتطبيق، يعني النظر إلى القواعد مع مواقع الاستعمال، فهذا هو الذي يحل الإشكال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، عند الترمذي هذا حديث جيد حسن.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما أخص تعريف.
أولاً: مثل هذه المصطلحات التي أوقعت في إشكال كبير لا سيما عند الترمذي، يعني حسن صحيح فيه بعضة عشر قولاً لأهل العلم تدري؟ من يحتاج إلى تتبع مثل هذا الكلام؟ يحتاجه من أراد أن يقلد الترمذي، والذي يريد أن ينظر في الأسانيد ولديه الأهلية، ويحكم بما يليق بها، ما يحتاج إلى أن يقف عند هذه الاصطلاحات، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟
طالب:. . . . . . . . .
ما انتبهت؟ أنت صاحب الشأن ولا تنتبه.
أقول: هذه الاصطلاحات إنما يقف عندها ويستشكلها من أراد أن يقلد الترمذي ويأخذ قوله، على شان يفهم كلامه يقلده، لكن افترض أن كتاب الترمذي مثل كتاب ابن ماجه، ما فيه شيء يسرد الأحاديث فقط، ما في أحكام، ننتظر الترمذي حتى يحكم أو ننظر في الأسانيد بالطرق المتبعة عند أهل العلم ونقارن بين قوله وقول غيره من أهل العلم، ونحكم على كل حديث بما يليق به؟ فقد يصححه ونضعفه أو العكس، أقول: من يحتاج إلى تتبع مثل هذه الاصطلاحات التي أوقعت في إشكالات كثيرة؟ الترمذي إمام على العين والرأس، ما أحد يقدح في إمامته، لكن مع ذلك غير الصحيحين ما في شك أن النظر فيه مجال، وكم من حديث صححه الترمذي وضعفه غيره والعكس، وإن كان العكس قليل ونادر، لكن يبقى أن النظر فيه مجال، وأقول: ليس هذا الكلام لآحاد طلاب العلم أن يتطاولوا على الأئمة وعلى أحكامهم، بل هذا للمتمكن، وأما والله يقول: صححه البخاري وأبو حاتم وفلان وفلان والدارقطني، وهو عندي ضعيف، من يقول هذا الكلام أو العكس؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(28/19)
قول من أقوال الأئمة قوي، صححه الإمام الترمذي، سأل الترمذي البخاري وقال: ضعيف، حسنه أحمد ننظر بين هذه الأقوال، كلهم أئمة، ويبقى الحكم لما أمامنا من الإسناد، وما يشهد له وما يعارضه كلها محل اعتبار، الذي يوافقه ويشهد له ويقويه والذي يعارضه ويضعفه، يعني قول الترمذي: هذا جيد حسن، يعني أطلقها في مرات يسيرة مرتين أو ثلاث، يعني في كتاب الطب مرة، ومرة في كتاب نسيت والله، لكن قالوا: إنها تعني تقوية للحديث، إلا أنها أنزل من كلمة صحيح، جيد حسن أنزل، كما قال الحافظ ابن حجر: إلا أنها عند الجهبذ بعد النظر أنزل من كلمة صحيح، وإن كانت تفيد قوة الحديث.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ...(28/20)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (2)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: إنه شاب مصري حزين حديث التزام بشرع الله وسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو في الظاهر، يقول: نسأل الله أن يسترنا، ولكنه واقع في مشكلة كبرى، ولا يجد لها حلاً، ألا وهي أن أباه هداه الله لا يصلي، ولا يفعل شيئاً مما افترض الله عليه إلا نادراً، بل يظهر منه المعاصي ليس إلا، وأنا لا أستطيع بره، بل أجد في قلبي مشاعر سلبية تجاهه، وقد كنت ممن يعتقدون كفر تارك الصلاة، ثم طلبت العلم على يد شيخ سلفي، وهو على مذهب الجمهور في عدم كفر تارك الصلاة كفراً أكبر.
والسؤال الآن: هل علي إثم ومؤاخذة إن لم أستطع محبته، فما أراه منه يقف حائلاً بيني وبين محبتي له، فإن كان أبي فإنه يخطئ في جناب ربي.
السؤال الآخر: كيف أستطيع بره؟ وأي السبل أطرق؟ ثم يطلب الدعاء لأبيه مؤكداً ذلك بالاستحلاف.
هذه المشكلة لا شك أنه يعاني منها كثير من الشباب في الأوقات المتأخرة، في السابق لا يذكر من كبار السن من هو بهذه المثابة، وإنما الآباء هم الذين يعانون من أولادهم، والآن مع كثرة المغريات والصوارف ومع وجود الإقبال أيضاً من قبل الشباب حصل العكس.(29/1)
على كل حال كون الأب بهذه الصفة وكونك تبغضه ولا تحبه من أجل ما يرتكبه ويجترمه من منكرات، وترك للواجبات، هذا هو الأصل، والذي ينبغي أن يبغض في الله، وأوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، وإذا كان الرجل لا يصلي أو لا يحرص على الصلاة هذا أمره عظيم، وشأنه خطير، والمفتى به والذي عليه الدليل أنه يكفر إذا كان لا يصلي ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) ولا يجوز أن يدعى له لا بمغفرة ولا برحمة، بل يبغض مثل هذا، نعم يدعى له بالهداية، ويسعى إلى هدايته بقدر الإمكان، وشتى الوسائل والطرق المناسبة، بالصلة أحياناً، وبالهجر أحياناً إذا رآه أجدى، المقصود أنه لا بد من دعوته، وله عليك حق كبير، هو أولى الناس ببرك وإحسانك، وأعظم البر والإحسان أن يهديه الله على يديك، فاحرص على هدايته مع كونك تبغضه في حاله الراهنة، وبغض أهل المعاصي والمنكرات لا شك أنه مطلوب، فضلاً عن أن تكون هذه المنكرات والجرائم مكفرة ومخرجة عن الملة، نسأل الله السلامة والعافية.
كيف أستطيع بره؟ وأي السبل أطرق؟
اطرق سبيل الدعوة، واسلك سبيل التأليف بالأسلوب المناسب بالصلة، بدعوة من تراه مؤثراً عليه على كل حال هناك سبل كثيرة وطلاب العلم فيهم خير -إن شاء الله- في بلدك، وسوف تجد من يعينك على هذا -إن شاء الله تعالى-.
وأما بالنسبة للدعاء: أستحلف بالله أن تدعو لأبي ولي.
على كل حال نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق والثبات والسداد.
هذا يسأل عن حكم راتب التقاعد؟
هذا أجبنا عليه في درس مضى.
يقول: هناك بعض الأدوية والعقاقير قد تسبب اضطرابات في الدورة، وتنزل في غير موعدها، هل نقول: إنه حيض مع العلم أنه نفس صفة الحيض، ونترك الصلاة من أجله، أم ماذا؟ علماً أنه قد ينزل عليها الدم في نفس الشهر مرة أخرى، وهذا ما يشكل؟
إذا كان ينزل عليها الدم مرة أخرى في وقت الدورة فلا تلتفت إلى هذا، لا تلتفت إلى ما عداه، وإن كان ينزل مرة واحدة في الشهر إلا أنه أحياناً يتقدم أو يتأخر فهو عادتها إذا كانت مميزة وبصفاته.
ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه العنت، هذا من فرنسا هل هذا خاص بالرجال أم أنه عام للرجال والنساء؟(29/2)
يعني إذا خافت على نفسها وهي مستحاضة تطلب من زوجها أن يقضي شهوتها، هذا عام للرجال والنساء، والنساء شقائق الرجال.
قد يقول: الدم الذي يخرج من الحامل قد يكون نقطاً يسيرة قبل الولادة بيوم أو يومين أو ثلاثة، هل تترك الصلاة من أجله، ويكون من النفاس أم أنه دم فساد؟
إذا كان متصلاً بالولادة فهو نفاس، وإذا انقطع عنها فليس بشيء؛ لأن الحامل لا تحيض.
هذه طالبة علم تقول: تعاني من كدرة تختلف من حين لآخر في كثرتها وقلتها، وفي لونها، وأنها معتادة عليها في كل شهر قبل نزول الدورة بثلاثة أيام، وأحياناً يومين، وأحياناً يوم واحد، علمنا أنه إذا نزلت الدورة تكون مصحوبة بآلام، وهذا ينزل قبل الدورة اعتدت عليه من سنين تقارب العشر، فهل أترك الصلاة والصيام؟
إذا كانت الدورة كاملة بعد ما تمضي هذه الثلاثة الأيام أو اليومين أو اليوم ينزل عليها الدم المعتاد، ويستوعب المدة التي كانت تحيضها فلا تلتفت إليه؛ لأنه في غير وقت العادة، فلا يلتفت إليه.
الكدرة والصفرة التي تسبق الدورة تعتبر من الحيض؟
إذا كانت قبل الدورة بقين فليست من الحيض، وكذا إذا كانت بعد الدورة.
اللولب إذا وضعته المرأة قد ينزل منها الدم لمدة يومين أو ثلاثة أيام أو أكثر ما حكم هذا الدم؟
إذا كان في غير وقت الدورة وقت العادة فلا شك أنه من أثر هذه الآلة التي ركبت، ولها أثر يعرفه النساء، ومعروفة أنها قد ينزل معها دم، لكن لا يلتفت إليه ما لم يكن في وقت العادة.
هذه تقول: هل السائل الذي ينزل من المرأة أبيض كان أم أصفر طاهر أم نجس؟ وهل يجب فيه الوضوء مع العلم أنه ينزل مستمراً؟
إذا كان ينزل من مخرج البول فهو نجس بلا إشكال، إن كان مجرد رطوبات يفرزها الرحم فهذه مختلف فيها، والأظهر القول بنجاستها؛ لأن ما يخرج من الفرج حكمه النجاسة باستثناء المني فقط.
يجب فيه الوضوء؟
نعم يجب فيه الوضوء.
مع أنه ينزل مستمر؟
إذا كان ينزل مستمر بحيث لا يتوقف فحكمها حكم من حدثه دائم، تتوضأ لوقت كل صلاة، وتتحفظ وتصلي، ولو كان وقت النزول.
ما الحكم إذا كان متقطعاً علماً أن بعض النساء يقلن: إن ذلك رطوبة ولا يلزم منه الوضوء؟(29/3)
إذا كان رطوبة إذا كانت بمثابة العرق من خارج الفرج نعم ما يلزم منه الوضوء، أما إذا كانت من داخله فيلزم منه الوضوء.
تقول: فيه مشقة شديدة إذا لزم من ذلك الوضوء لكل صلاة؟
لا مشقة في ذلك كالمستحاضة، وكمن به سلس بول ونحوه.
يقول: إذا توضأ الإنسان ومسح على الخفين وأثناء مدة المسح خلع خفيه قبل صلاة العصر مثلاً فهل يصلي وتصح صلاته أم أن وضوءه ينتقض بخلع الخفين؟
لا نقول: إنه توضأ وضوءاً كاملاً، ولا نقول: إن وضوءه انتقض، الآن إذا أراد أن يصلي بهذه القدم التي كان عليها خف ممسوح ثم خلعه هو يصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، كمن توضأ ولم يغسل رجليه.
هذا من ليبيا يقول: هل يجوز للرجل أن يجامع زوجته في آخر يوم من الدورة قبل أن تغتسل من الحيض؟
لا، لا بد أن تغتسل من الحيض {حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [(222) سورة البقرة] لا بد من التطهر.
ما حكم المسح على الجوارب إذا كان يصف البشرة؟
إذا كان يصف البشرة ما ظهر من محل الفرض فرضه الغسل، وإذا كانت ترى فهي ظاهرة ففرضها الغسل.
يقول: ما حكم شراء الذهب من المحلات عن طريق الشبكة أو بالتقسيط؟
عن طريق الشبكة إذا كان يتحقق فيه التقابض حكم شراء الذهب إذا كان بالذهب فلا بد من التماثل والتقابض، وإذا كان بغيره من العملات سواءً كانت ورقية أو فضية فإنه لا يلزم التماثل، وإنما يلزم أن يكون يداً بيد، فلا يجوز بالتقسيط ألبتة.
إذا طهرت الحائض وقت العصر هل تلزمها صلاة الظهر مع العصر أم أنه لا يلزمها سوى العصر؟
يأتي في درس اليوم -إن شاء الله تعالى-.
يقول: لم أحضر الدرس السابق، ولكن عندي سؤال لا أدري إذا مر فيه: إذا كانت امرأة بالغة أصابتها الجنابة، وأرادت رفع هذا الحدث، فصبت ماءاً داخل إناء كبير، وانغمست فيه، ورفعت عنها الجنابة هل يوجد حجم خاص لهذا الإناء الذي انغمست فيه لرفع الحدث؟ يعني هل يشترط ألا يكون أقل من قلتين، وماذا إذا كان الإناء كبيراً جداً، ويدخل في ذلك المسبح مثلاً، هل إذا سبحت بمسبح بنية رفع حدث الجنابة صار ماء هذا المسبح لا يرفع الحدث؟(29/4)
هذه المسألة سبق، تقدمت بالتفصيل، ويجمع المذاهب كلها النهي عن الاغتسال في الماء الدائم، لا يجوز الاغتسال في الماء الدائم.
وهل يرفع الحدث أو لا يرفع الحدث؟ معروف أن مذهب الإمام مالك أنه يرفع الحدث، وعند الحنابلة والشافعية إذا كان دون القلتين لا يرفع الحدث، فلا بد من أن يكون كثيراً، وأن يغترف منه اغترافاً، لا ينغمس فيه.
يقول من قبرص هذا: نريد أن نسمع رأيكم في النفساء هل لها أن تقرأ القرآن وتمس القرآن؟
لا، ليس لها أن تقرأ القرآن كالحائض والجنب، بعض أهل العلم يقول: إذا طالت بها المدة، وخشيت أن تنسى القرآن كالحائض والنفساء أن لها أن تقرأ، وأما مسه فلا يجوز.
يقول: هل المستحاضة تغتسل لكل صلاة أم تتوضأ فقط؟
تتوضأ لكل صلاة.
ومن به سلس البول هل له حكم المستحاضة أم يختلف؟
نعم له حكم المستحاضة.
وهل عليه أن يغير ملابسه عند كل صلاة؟
إذا تحفظ وأمن من وصول النجاسة إليها لا يلزمه تغييرها، وإذا لم يتحفظ ووصلت إليها النجاسة فلا بد من تغييرها أو غسلها.
أم سهلة من فرنسا تقول: ما حكم نزول الدم من المرأة بعد الاغتسال مباشرة؟
إذا كان هذا الاغتسال بعد رؤية الطهر، بعد رؤية القصة البيضاء فلا أثر له، وإن كان قبل ذلك فهو من الحيض إذا كان متصلاً به.
هذا يقول: ما معنى قولهم: "أعلى ما في الكتب الستة الثلاثيات" ماذا يقصد بالحديث الثلاثي هنا؟
الحديث الثلاثي الذي يكون بين المصنف وبين النبي -عليه الصلاة والسلام- من الرواة ثلاثة فقط، كما يقول البخاري -رحمه الله-: حدثنا المكي ابن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع، ثلاثة، هذه أعلى ما في البخاري، وعدتها اثنان وعشرون حديثاً، خمسة عشرة منها بهذا الإسناد الذي ذكرته.
وما معنى قولهم: أنزل حديث عند البخاري: ((ويل للعرب من شر قد اقترب))؟(29/5)
هذا حديث تساعي، بين البخاري وبين النبي -عليه الصلاة والسلام- تسعة، هذا أنزل ما في صحيح البخاري، والكتب الستة فيها ثلاثيات كالبخاري والترمذي وابن ماجه، أما مسلم فليس فيه شيء، وكذلك النسائي من باب أولى، وأما سنن أبي داود ففيه حديث أبي برزة في الحوض، يختلفون فيه هل هو ثلاثي أو رباعي؟ والقول المحقق أن الموقوف منه ثلاثي، والمرفوع الذي هو في الحوض رباعي؛ لأن فيه رجل لم يسم.
يقول: ما رأيكم في طبعة دار طيبة لفتح الباري؟
أقول: طبعة طيبة هذه التي بتحقيق نظر الفريابي.
إي طبعة بذل فيها جهد واضح، وفيها تصحيح وتعليق على بعض المسائل العقدية التي لا توجد في الطبعات السابقة، فينتفع منها طالب العلم، ولا أقول: إنها بلغت الغاية.
ماذا عن كتابكم مناهج شروح الأحاديث؟
هذا ما زال مفرغ، ويحتاج إلى إعادة نظر، وعندنا تفريغات كثيرة، يعني فرغ من قبل جمع من طلاب العلم، ولعل الله ييسر الوقت لإعادة النظر فيه، وهو قابل للزيادة؛ لأنه مختصر جداً، يناسب دورة، وهو في ستة أشرطة، في دورة في أسبوع، لكنه سارت به الركبان، وانتفع منه طلاب العلم كما يقولون.
يقول: ما قولكم في امرأة أمرها الأطباء بترك العمل ولزوم الراحة لأجل الحمل، فخالفت فأسقطت جنيناً ميتاً في الشهر الخامس؟
أما كونها خالفت وغلب على ظنها أنه لا يسقط، وقد اعتادت مثل هذا الحمل، فمثل هذا وعملت بغلبة ظنها ما عليها شيء، أما إذا كانت اعتادت أنها لو تحركت أو عملت سقط الجنين، أو هذا الجنين الأول، وأخبرها أكثر من طبيب ثقة بأنه إذا عملت أو تحركت أو أكثرت العمل أنه يسقط، فإنها حينئذٍ تكون متسببة في إسقاطه، فهي آثمة بهذا، لا سيما وأن له خمسة أشهر، يعني نفخت فيه الروح.
في حملها الثاني انكبت على وجهها قصداً من آلام البطن، فغلبتها عينها وهي كذلك، ولدت بعد أربعة جنيناً ميتاً، قال الأطباء: إنه مضى على موته أربعة أيام، أي من تاريخ موته يوافق تلك النومة، وهي في شهرها الثامن.(29/6)
أيضاً هنا تكون مفرطة ومتسببة في قتله، فهي آثمة عليها التوبة والاستغفار، وإن أعطت الوالد، والد الجنين دية هذا الجنين باعتبار أنها أسقطته، وغلب على ظنه أنها هي الجانية ديته غرة، يعني عشر دية أمه، الآن تقدر بخمسة آلاف، وإن عفا عنها فالأمر لا يعدوه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، ما تلزمه الكفارة، الجنين ما في كفارة، ما لم ينفصل حياً ما في كفارة.
يقول: سمعتك تقول: إن الراتب التقاعدي أبيح من حيث أنه من بيت المال، وما سواه فهو ربا، فهل التأمينات الاجتماعية التي يدفع لها موظف الشركات حلال أم حرام؟ علماً أن كثيراً من الناس يتعاملون مع التأمينات الاجتماعية؟
على كل حال المسائل التي يلزم عليها الإنسان، يلزم بها، ولا اختيار له في ذلك، فالمكره حكمه معروف في الشرع، لكن في حال الاختيار لا يجوز له أن يتعامل بهذه التأمينات، وهناك أمور، يعني هي تأمينات، وإن كان الناس يتعاملون بها على أنها ضمان، يسمونها ضمان، يعني يكون لهذا الضمان وقع في السعر، في القيمة، جوال مضمون يزيد سعره، هذا تأمين ذا، سيارة مضمونة الزيادة لها وقع في القيمة الأصلية هذا تأمين أيضاً في مقابل إصلاح الخلل الذي يكون في المدة المحددة، والله المستعان.(29/7)
وحقيقة يعجز الإنسان عن تخريج عقود الصيانة أيضاً، عقود الصيانة التي تفعل الآن بغير نكير في جميع الشركات والمؤسسات الحكومية وغيرها عقود صيانة يتداولونها بما في ذلك الجهات الشرعية، وبالفعل أنا عاجز عن تخريجها، والله المستعان؛ لأن عقد الصيانة يتفق مع الشركة على مبلغ معين، ثم بعد ذلك مقابل هذا المبلغ مجهول، يعني هذا المسجد يتفق مع وزارة الشئون الإسلامية مع شركة أن هذا المسجد بخمسة آلاف مثلاً في السنة، الشركة تمسك هذا المسجد على افتراض بخمسة آلاف، ويحتاج هذا المسجد خلال السنة الكاملة قد يحتاج ألف، وقد يحتاج عشرة آلاف، يعني أليس الأمر كذلك؟ هذا غرر وإلا جهالة وإلا إيش؟ وهذا شيء يسير يمكن اغتفاره وإلا ما يمكن؟ فرق كبير، يعني يمكن هذه اللمبات ذي كلها ما يخرب منها شيء، ولا مكيفات، ما يحتاج شيء إلا أجرة العامل، وقد يحتاج إلى أمر عظيم، يشب به حريق وإلا شيء ثم تكلف الصيانة خمسين ألف، فمثل هذه الأمور أنا حقيقة عاجز عن تخريجها، وهي الآن متداولة بين الناس من غير نكير، بما في ذلك الدوائر الشرعية.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا كل شيء على الشركة، على الشركة نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الشيء اليسير المغتفر لا إشكال فيه.
طالب: لكن -عفا الله عنك- مثل ضمان هذه الأجهزة إذا صارت تمنحها الشركة الصانعة منحة منها.
بدون مقابل.
طالب: بدون مقابل.
يعني إذا كانت السيارة مثلاً مضمونة بمائة ألف وغير مضمونة بثمانين ألف، هذا لا شك أن له وقع في الثمن، بعشرة آلاف له وقع في الثمن، لكن إذا كان يقول لهم: بمائة ألف تبي ضمان وإلا ما تبي ما في إشكال، هذا تبرع منه، هذا ما فيه إشكال، لكن وأنا قلت هذا: إذا كان مقابل الضمان له وقع في الثمن، هذا لا إشكال أنه تأمين.
طالب: عفا الله عنك ليس للمشتري خيار في السيارات الجديدة كلها أصلاً يأتي معها من الشركات ضمان، سواءً السيارات أو غيرها من الأجهزة يأتي ضمان.
إذاً يأخذ بقدر ...
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هم يقولون .. ، أنا أقول: إذا كانوا يقولون: السيارة بمائة ألف تبي ضمان وإلا ما تبي هذا شيء ثاني، قيمتها مائة ألف.(29/8)
طالب: إيه لأنك تشتري من الوكيل يا شيخ، لكن الضمان منحة من الصانع.
إذا كانت منحة هذا تبرع لا يعدوه، ولو بعد احترقت وأعطوك غيرها هذا تبرع منهم ما في إشكال.
طالب: لأنهم يرون بهذا أنهم يا شيخ يكسبون قاعدة أكبر بالنسبة للسوق.
على كل حال مثلما قررنا أنه إذا كان هناك في مقابل هذا الضمان ثمن أو قيمة لها وقع فلا شك أنه تأمين، ولو سميناها ما سميناه.
طالب:. . . . . . . . .
ضمان آخر هو الذي يختاره؟
طالب: مثال السيارة مضمونة، لكن لو سويت الصيانة عند غير الوكالة ما تستحق هذا ...
طيب ويأخذون عليك مقابل وإلا ما يأخذون؟
طالب: الصيانة مقابل.
أكثر من غيرهم وإلا ... ؟
طالب: معروف الوضع.
إيه طبيعة الوكالات كذلك؛ لأن عمالها أمهر؛ ولأن قطعها أصلية، ما في إشكال، إذا كان لهذا الغرض يكون الضمان الثاني تبرع.
طالب:. . . . . . . . .
كل امرأة تعرف دمها، هي النساء يعرفن عاداتهن.
طالب:. . . . . . . . .
هذه مسألة، مسألة ذكرناها منهم من يقول: إذا انقطع يوماً كاملاً طهر، لا سيما إذا كان نقاء تام يكون طهر، وتصلي الصلوات الخمس، وإذا كان أقل من ذلك لا يلتفت إليه، ومنهم من يقول: ما دام وقت العادة معروف من أوله وآخره فلا يلتفت إلى النقاء في أثنائه، هذه مسألة بحثناها سابقاً، نعم.
وقرئ الباب كله؟
طالب: إيه.
لا، لا الصلاة وين؟ المواقيت؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني كملنا إلى الآخر؟
طالب: وقفنا على مسألة طلوع الفجر.
لا الشرح هذا إذا طلع الفجر في الشرح، لكن بقية القراءة؟
طالب: إلى باب الأذان.
طيب.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"فإذا طلع الفجر الثاني وجبت صلاة الصبح"
الفجر الثاني هو المعروف الذي ينفجر في السماء، ويمتد يميناً وشمالاً، ويخرج الفجر الأول، والثاني يعرف عند أهل العلم بالصادق، والأول يعرف بالكاذب المستطيل، والثاني مستطير، الأول يشبهونه بذنب السرحان، مستطيل في السماء في طولها، والثاني الصادق في عرضها.
"وجبت صلاة الصبح" يعني دخل وقتها، وبدأ وقتها.(29/9)
"والوقت مبقىً -أو مبقّىً- إلى ما قبل أن تطلع الشمس، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر إلى أن تبزغ الشمس" يعني إلى أن تطلع، فإذا طلعت الشمس فقد انتهى وقت صلاة الصبح، كما في حديث عبد الله بن عمرو وغيره من الأحاديث.
وقوله: "إلا ما قبل أن تطلع الشمس" احتياط؛ لأن الحد الفاصل بين ما بعد الطلوع وما قبل الطلوع شيء يسير، فلا بد من الإمساك عن جزء من الوقت في أوله وآخره احتياطاً للعبادة، كما قالوا بمسح جزء من الرأس احتياطاً للوجه، فالصلاة ينتهي وقتها بطلوع الشمس، لكن هذا الاحتياط من يحتاج إليه؟ لأنه يقول: "إلى ما قبل طلوع الشمس" وهذه ما قبل موجود في بعض النسخ دون بعض؛ لأنها في الحقيقة والواقع لا قيمة لها، يعني الذي في النصوص إلى طلوع الشمس، ومن الذي يحتاج إلى الصلاة في هذا الوقت؟ من يؤخر الصلاة؟ ومن يؤخر الصلاة -على ما سيأتي في الجملة التي تليها- أنه إذا صلى قبل طلوع الشمس ركعة فقد أدرك الوقت، فلا نحتاج إلى قبل طلوع الشمس، نحدد الوقت بأنه من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ولذلك قال بعد ذلك: "ومن أدرك منها ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها" مع الضرورة، يعني كما تقدم في صلاة العصر، وجاء في ذلك الحدث الصحيح في مسلم: ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) وجاء في غيره في البيهقي وغيره: ((وليضف إليها أخرى)) لئلا يقول: أنا تكفي هذه الركعة؛ لأن أفهام الناس قد يوجد فيها من يكتفي بهذه الركعة، مع أن النصوص القطعية دلت على أن الفجر ركعتان سفراً وحضراً، لكن قد يقول: ما دام الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) فجاء البيان ((فليضف إليها أخرى)) وجاء مثل ذلك في الجمعة، وفي العصر: ((فليضف إليها ثلاث ركعات)) كما في البيهقي وغيره.(29/10)
"من أدرك منها ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها" مع الضرورة يعني لا يجوز تأخير الصلاة إلى مثل هذا الوقت كما قيل في صلاة العصر أنه لا يجوز تأخيرها إلى الاصفرار، لكن إذا شغل عنها، أو نام عنها فلم يبق من الوقت إلا هذا المقدار تكون صلاته كلها أداءً، وإن كان بعضها أو أكثرها مفعولاً خارج الوقت، وذكرنا في صلاة العصر أنه لو أدرك ركعة، ثم بعد ذلك خرج الوقت، غابت الشمس، ثم صلى ثلاث ركعات تكون صلاته كلها أداء، ومثلها في الصبح، بل أولى، ومنهم من يقول: الحكم للغالب، ما دام ما أدرك إلا ركعة من أربع ركعات تكون قضاءً، ومنهم من يقول: ما أُدرك في الوقت فهو أداء، وما أدرك بعده وما صلي بعده فهو قضاء، لكن الجمهور على أنها أداء، ولو لم يدرك إلا ركعة على الخلاف فيما دون الركعة.
طالب: عفا الله عنك هل يقاس عليه ما لو أحرم بالعمرة في آخر يوم من رمضان، ثم غابت شمس ذلك اليوم قبل أن يتم أعمال العمرة، هل يكون مدركاً للعمرة؟
أو العكس، إما في آخر رمضان، أو في آخر شعبان.
طالب: أو في آخر شعبان.
هذه المسألة أشرنا إليها سابقاً، وهي مسألة العبرة بالحال أو بالمآل؟ فإذا أحرم قبيل غروب الشمس ليلة الأول قبل أن يعلن دخول شهر رمضان، قبل أن يعلن دخول رمضان بخمس دقائق، يعني قبل غروب الشمس بخمس دقائق أحرم أو قل: ساعة من أجل أن يدرك الصلاة في المسجد، ويتروح مع الناس، هذا يفعله بعض الناس، يقول: ما أنا منتظر إلى أن يعلن الشهر وبعدين تفوت التراويح، هل تكون عمرته رمضانية أو شعبانية؟ أهل العلم يقولون: العبرة بالحال، فعمرته شعبانية وليست رمضانية، فعليه أن ينتظر حتى يعلن الشهر، وإذا أحرم في آخر لحظة من رمضان قبل خروج الشهر، قبل غروب الشمس ليلة العيد، ولو أداءها بعد إعلان الشهر وبعد خروج رمضان فإن عمرته تكون حينئذٍ رمضانية.(29/11)
هنا نعيد ما جاء في الدرس السابق فيما لو أدرك أقل من ركعة، وهذه مسألة تختلف عن مسألة إدراك الجماعة، يعني إدراك الجماعة الخلاف فيما لو جاء والإمام قد رفع من الركوع، عرفنا أن الحنابلة يقولون: يدرك الجماعة، ويقولون أيضاً: من كبر قبل سلام إمامه التسليمة الأولى أدرك الجماعة ولو لم يجلس، ومن أهل العلم أنه لا يدرك الجماعة إلا بإدراك ركعة تامة؛ لأنها هي التي يطلق عليها الصلاة، ولا صلاة بأقل من ركعة.
هنا العكس، هناك يدرك آخر الركعة، وهنا قد يدرك أول الركعة لا آخر الركعة، قد يكبر للإحرام ثم يخرج الوقت، هناك قد يدرك السجود ولا يدرك الركوع، وهنا قد يدرك الركوع ولا يدرك السجود ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ نعم؟ لأن المسألة عكسية، هنا قد يدرك الركوع ثم تغيب الشمس، يركع في الركعة الأولى ثم تطلع الشمس، لكن في إدراك الجماعة قد يدرك السجود ولا يدرك الركوع، وفي المسألة التي معنا يدرك الركوع ولا يدرك السجود، في الحديث الذي أشرنا إليه ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) في بعض الروايات ((سجدة)) وجاء تفسيرها في الكتاب نفسه في صحيح مسلم "والسجدة إنما هي الركعة" وقد لا نحتاج إلى هذا التفسير في هذا الموضع على وجه الخصوص، لماذا؟ لأن مدرك السجدة مدركاً للركعة بلا شك، فلا نحتاج إلى مثل هذا التفسير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذه الرواية استدل بها من يقول: إنه يدرك الوقت بأي جزء من الصلاة، فاحتيج إلى أن يقال: والسجدة إنما هي الركعة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في الصورة هذه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .(29/12)
إيه، تجتمع الصورتان هنا، لكن المسألة مفترضة في شخص هذه حاله، يعني ما يفترض في جماعة أنهم كلهم إلا في حال مثل قصة النبي -عليه الصلاة والسلام- في السفر، وهذه بعد طلوع الوقت، والمسألة متصورة يعني يكون مجموعة من الناس فاتتهم الصلاة مع الجماعة، وتأخروا عن الاستيقاظ لصلاة الصبح، فقال واحد: انتظروني أنا علي غسل، هم توضئوا ونظروا إلى الساعة فإذا به بقي على طلوع الشمس ثلاث دقائق أو أربع دقائق أو خمس انتظروه دقيقة دقيقتين، فقالوا: بيفوتنا الوقت هذا، فكبروا للصلاة، ودخلوا فيها، فانتهى من غسله فإذا هم بالسجود، ما أدرك معهم ركعة، يعني يجتمع فيها الصورتان، هذه متصورة، لكن الأصل أنه الحديث على إدراك الوقت قد يصلي ركعة ثم يخرج .. ، يركع ثم يخرج الوقت، فإدراك الركوع أظهر من إدراك السجود في مثل هذا، وبالنسبة لصلاة الجماعة إدراك السجود أظهر من إدراك الركوع، وإذا اجتمعت الصورتان كما هنا وهذه حالة لا شك أنها متصورة، لكنها أندر من الصور التي شرحت.(29/13)
"من أدرك منها ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها" هذا دليل على أنه إذا صلى ركعة في الوقت ثم طلع الصبح فإن عليه أن يكمل الصلاة، والحنفية يقولون: تبطل صلاته، يلزمه أن يقطعها؛ لأنه الآن دخل في وقت نهي، طلوع الشمس بزوغ الشمس هذا وقت نهي، لا يجوز أن يصلى فيه، لكن هل يقول الحنفية مثل هذا في صلاة العصر؟ لا يقولون، ويش الفرق؟ الفرق هنا أنه دخل وقت نهي، وهناك خرج وقت نهي، مع أن النصوص تقرن بين الطلوع والغروب بأنها تطلع بين قرني شيطان، والغروب مثله، وإذا غربت أو طلعت يسجد لها الكفار، ونهينا عن مشابهتهم، لكن النصوص الواردة في النهي عن الصلاة في هذين الوقتين إنما هي في النافلة دون الفريضة، الحنفية يستدلون بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما فاتتهم الصلاة -صلاة الصبح- أمرهم بالانتقال عن الوادي، وقالوا: إنه إنما أمرهم ليخرج وقت النهي، فدل على أن الصلاة لا تقضى في وقت النهي، وهذا من أدلتهم على هذه المسألة، لكن إذا كان في الروايات ما يدل على أنه إنما أوقظهم حر الشمس، هل يبقى وقت نهي؟ ما في وقت نهي، الأصل أن وقت النهي قد انتهى، وتكون العلة المؤثرة لهذا التأخير هي كون الوادي حضر فيه الشيطان.
"من أدرك منها ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها" عمر -رضي الله عنه- يعني هذا في الفريضة بالنسبة لاستدلالهم بفعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وعمر -رضي الله تعالى عنه- طاف بعد صلاة الصبح، وأخر الركعتين إلى أن بلغ ذا طوى، المعروف بالزاهر، من أجل أن ترتفع الشمس، ويخرج وقت النهي، هذا في النافلة ليس في الفريضة، وأما ما جاء في الفريضة واستدلالهم بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- من انتقالهم من الوادي إلى غيره هذا بعد خروج وقت النهي، وإنما هو للعلة المنصوصة أنه وادٍ حضر فيه الشيطان.
يقول -رحمه الله تعالى-: "والصلاة في أول الوقت أفضل" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(29/14)
إي نعم الإشكال الذي أوردناه في الدرس الماضي، وأن بعض طلاب العلم ذكروا أنهم رقبوا الفجر، وأنه المعمول به الآن في التقويم وغيره أنه متقدم على الوقت الشرعي، بعضهم يقول: عشر دقائق، بعضهم يقول: ثلث ساعة، وبعضهم يختلف من وقت إلى وقت الصيف عن الشتاء وهكذا، وعرفنا أن هذا أوجد إشكالاً كبيراً، واضطراباً لدى بعض طلاب العلم، حتى أن بعضهم صار يؤخر الصلاة، ويؤخر الأذان، وينكر على الناس الذين يصلون قبل مضي نصف ساعة من .. ، وبعضهم صار عنده شيء من المخالفة يصلي مع الجماعة ثم يعيدها إذا تيقن أنه طلع الفجر، وعلى كل حال لا شك أن مثل هذا ...
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال مثل هذا لا شك أنه شر، والناس يعملون على فتوى معتبرة من أهل العلم، والخلاف كله يدور في معنى الفجر، وأنا نسيت وإلا كنت أريد أن أكتب في هذه المسألة كلام مختصر جداً، ما يحتاج أن يكتب فيها مصنف، بس أذكر أن الشيخ عبد الكريم ....
طالب:. . . . . . . . .
جاء؟
طالب:. . . . . . . . .
معك؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول -وفقه الله-: التعريف الشرعي للفجر الصادق:
لا خلاف بين الفقهاء في أن مبدأ وقت الصبح طلوع الفجر الصادق، ويسمى الفجر الثاني، سمي صادقاً لأنه بين وجه الصبح ووضحه، وعلامته بياض ينتشر في الأفق عرضاً، أما الفجر الكاذب، ويسمى الفجر الأول، فلا يتعلق به حكم ولا يدخل به وقت الصبح، وعلامته بياض يظهر طولاً، يطلع في وسط السماء، ثم ينمحي بعد ذلك.
والفرق بين الفجرين مقدر بثلاث درجات، دليله على ذلك حديث إمامة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام- وفيه: "ثم صلى الفجر حين برق الفجر" رواه الإمام أحمد من حديث جابر، والترمذي من حديث ابن عباس وغيرهم.
ثانياً: معنى التبين الوارد في الآية، قال القرطبي في المسألة السابعة على قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [(187) سورة البقرة] "حتى" غاية للتبيين، ولا يصح أن يقع التبيين لأحد ويحرم عليه الأكل إلا وقد مضى لطلوع الفجر قدر.(29/15)
واختلف في الحد الذي بتبينه يجب الإمساك، فقال الجمهور: ذلك الفجر المعترض في الأفق يمنة ويسرة، وبهذا جاءت الأخبار، ومضت عليه الأمصار.
روى مسلم عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا)).
وحكاه حماد بيديه، فقال: يعني معترضاً.
وفي حديث ابن مسعود: ((إن الفجر ليس الذي يقول هكذا)) وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض ((ولكن الذي يقول هكذا)) ووضع المسبحة على المسبحة ومد يديه.
وقالت طائفة: ذلك بعد طلوع الفجر وتبينه في الطرق والبيوت، روي ذلك عن عمر وحذيفة وابن عباس وطلق ... إلى آخره، يجب بتبيين الفجر في الطرق، وعلى رؤوس الجبال.
وقال مسروق: لم يكن يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت.
وروى النسائي عن عاصم عن زر قال: أي ساعة تسحرت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع.
الكلام في الأحاديث طويل، وفي رجالها.
وروي عن حفصة أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: ((من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) ففي هذين الحديثين دليل على ما قاله الجمهور في الفجر، ومنع من الصيام دون نية قبل الفجر، خلافاً لقول أبي حنيفة وهي: الثامنة، هذا كلام القرطبي.
وروى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال: نزلت {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} [(187) سورة البقرة] ولم ينزل "من الفجر" وكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد {مِنَ الْفَجْرِ} [(187) سورة البقرة] فعلموا أنه إنما يعني بذلك بياض النهار.
وسمي الفجر خيطاً؛ لان ما يبدو من البياض يرى ممتداً كالخيط، يعني يدل على ضعفه لا على ظهوره وانتشاره، إذا كان يرى ممتداً كالخيط.(29/16)
والفجر مصدر فجرت الماء أفجره فجراً إذا جرى وانبعث، وأصله الشق، فلذلك قيل للطالع من تباشير ضياء الشمس من مطلعها: فجراً لانبعاث ضوئه، وهو أول بياض النهار الظاهر المستطير في الأفق المنتشر، تسميه العرب الخيط الأبيض كما بينا.
يقول البغوي -رحمه الله- عند تفسير هذه الآية: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} [(187) سورة البقرة] يعني بياض النهار من سواد الليل، سميا خيطين؛ لأن كل واحد منهما يبدو في الابتداء ممتداً كالخيط.
وقت الابتداء إن كان يصليها إذا فجر الفجر، فأقام الفجر حين انشق الفجر، بغلس يغلس بها، وجاء في حديث زيد حين سئل كم كان بين سحوره وقيامه للصلاة؟ قال: قدر خمسين آية، ووقت الانتهاء حين يعرف الرجل وجه جليسه، وفيه أيضاً: ((لا يعرف من الغلس)).
يقول: صفة الصلاة نفسها إطالتها يقرأ ما بين الستين إلى المائة، مع ترسله في القراءة، وكون الركوع والقيام والسجود قريب من السواء، ومع ذلك يخرج منها بغلس.
صفة صلاة أصحابه: أبو بكر قرأ بالبقرة، وعمر قرأ بيوسف في الركعة الأولى، يصلي الصبح إذا طلع الفجر والنجوم مشتبكة بغلس، وأطل القراءة.
يقول: رابعاً اضطراب الفلكيين، نستفيد من كون الصلاة تطال، والنساء ينصرفن لا يعرفن من الغلس، أننا لو فعلنا هذا على التقويم، لو أن أحد قرأ بسورة يوسف، ومع بداية التقويم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يخرج إيه؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يخرجون بسواد إذا قرأ يوسف، نعم تعرف جليسك، وتعرف ...
طالب:. . . . . . . . .
لا لا واضح.
يقول: اضطراب الفلكيين في تحديد زاوية الفجر بنظر كتابة الفلكيين ومن يعتمدها يجد اضطرابهم في تحديد زاوية الفجر بين درجة تسعة عشر ونصف إلى ثلاثة عشر ونصف درجة، منهم من قال: تسعة عشر ونصف، وآخرون كثر قالوا: ثمانية عشر درجة، وهو قول أكثر المتقدمين منهم، وذهب بعض المتأخرين إلى أنه عند خمسة عشر درجة، ومنهم من قال: أربعة عشر، ومنهم من قال: ثلاثة عشر ونصف.(29/17)
تقدم التقويم على الفجر: أما شهادة الشهود بتقدم التقويم على الفجر فقد عارضها شهادة آخرين، منهم أهل الاختصاص والخبرة بعدم ذلك، وأن التقدم يسير كقول أن التقدم ما بين دقيقتين إلى أربع، وربما زاد إلى خمس، وبالتقدم اليسير كان الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- يقول ذلك، حيث قال: إن هناك نحو خمس دقائق.
على كل حال المسألة لن تنتهي ما دام الاختلاف يعني ما هي مسألة درجة، يعني ما حرر محل النزاع، الذين يقولون بالتقدم مردهم إلى فهم الفجر، وفهم الصبح، والذين يقولون بعدمه مردهم إلى فهم الفجر وفهم الصبح، ولعله يتيسر كتابة شيء مختصر في المسألة.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، ما عكسنا الله يوفقك.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، ما هي المسألة بالتأخر، لكن هل التقويم .. ، الآن إذا صلوا .. ، ما هو يقول: متقدم ثلث ساعة؟ متقدم ثلث ساعة، إذا أقمنا الصلاة بعد ثلث ساعة نكون على حسب الوقت بالدقيقة، وما فعلنا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه تأخر عن الوقت، تأخر، نعم مع كونه تأخر وصلى هذه الصلاة خرج في سواد، إحنا لو صلينا بثلث، وقلنا: إنه متقدم صرنا صلينا مع طلوع الفجر مباشرة وصلينا صلاة مدتها خمس دقائق وخرجنا والسفر واضح، كيف نكون متقدمين على الوقت؟ حتى على صنيعنا وعلى التقويم متأخرين.
طالب: يا شيخ لما صلى أبو بكر قرأ البقرة لو أخرنا ثلث ساعة، وقرأ القارئ بالبقرة قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.
لا، تطلع الشمس، تطلع الشمس.
يقول -رحمه الله تعالى-:(29/18)
"والصلاة في أول الوقت أفضل" لا شك أن هذا من باب المسارعة والمسابقة، والمبادرة بإبراء الذمة، جاء الأمر بالمسارعة، وجاء الأمر بالمسابقة، وجاء ما يدل على المبادرة ببعض الصلوات وتأخير البعض، ولذا قال: "الصلاة في أول الوقت أفضل إلا عشاء الآخرة" يعني فإنه يستحب تأخيرها، ولما تأخر النبي -عليه الصلاة والسلام- على أصحابه في صلاة العشاء قال: ((إنه لوقتها لولا أن أشق عليكم)) وتأخر إلى ثلث الليل، لولا المشقة لكان تأخيرها أفضل، ولا يعني أن هذا التأخير وهذا التفضيل للتأخير يفوت به واجب؛ لأن بعض الناس يقول: ما دام وقتها أفضل التأخير، ولا يشق علي أن أؤخر، لماذا لا أؤخر؟ نقول: بذلك تترك الجماعة، والجماعة حيث ينادى بها في المسجد، لو أن جماعة في مسجد لا يشق عليهم التأخير، واتفقوا على ذلك لا شك أنه أفضل، لكن إذا كان يترتب على ذلك ما هو آكد فلا، يصير الفاضل مفضول، والله المستعان.
"إلا عشاء الآخرة، وفي شدة الحر الظهر" ((إذا اشتد الحر فابردوا، فإن شدة الحر من فيح جهنم)) فيستحب تعجيل الظهر كغيرها من الصلوات إلا إذا اشتد الحر فابردوا.
والابراد قد يشكل على كثير من الناس؛ لأنه في الصيف كلما تأخرت يزداد الحر، ولا يحصل البرد الذي يفهم من الابراد بمجرد التأخير، ولو أخرجت الصلاة عن وقتها، يعني الذين يخرجون إلى صلاة العصر مثلاً يكون الحر انتهى؟ ما انتهى ولا المغرب ينتهي في الصيف، فما المقصود بقوله: ((إذا اشتد الحر فابردوا))؟ المقصود أخروا الصلاة حتى يكون للحيطان ظل يستظل به، ويتقى به حر الشمس، أو ليكون خروجكم إلى الصلاتين خروجاً واحداً، فيكون أرفق بكم، فتؤخر صلاة الظهر وتقدم العصر، ويرتاح الناس من الخروج مرتين في الحر الشديد، من تأخير للصلاة عن وقتها، وإلا لو قلنا مثلاً: إن معنى التأخير ابردوا إلى أن يحصل البرد؛ لأن أبرد دخل في البرد، كما تقول: أظلم دخل في الظلام، أنجد إذا دخل نجداً وهكذا، هل نقول: ابردوا من أبرد أي دخل في البرد؟ لن يدخل في برد في الصيف، وشيء معتاد أن العصر من آثار امتصاص الأرض، وما على الأرض من إسفلت وشبهه لحرارة الشمس يكون العصر أحر من الظهر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(29/19)
ما في شك أن المدن أشد، على كل حال معنى الابراد لأحد هذين السببين:
إما أن تؤخر ليكون للحيطان ظل يستظل به الناس كلهم إذا خرجوا أو إذا دخلوا إلى المسجد؛ لأنه قد يقول قائل: إن صلاة الظهر ما تصير إلا بعد الزوال، وللحيطان ظل، نقول: ظل لا يستوعب أحد، ظل الزوال لا يستوعب الناس، لكن إذا أخرت عن أول وقتها إلى منتصفه مثلاً حصل للحيطان ظل يستظل به الناس، يتقون به شر أو حر الشمس، أو يؤخرونها إلى وقت بحيث يكون خروجهم إلى المساجد مرة واحدة، فيرتاحون به من عناء التكرار في هذا الحر الشديد؛ لأن هذا مشكل، يعني كثير من الناس يقول: ((إذا اشتد الحر فابردوا)) كيف نبرد؟ هل نستطيع أن نبرد في الصيف؟ يعني إذا كانت درجة الحرارة في الليل كم؟ مقلقة، فيكف بالظهر أو العصر؟! ولن ندخل في برد إذا كنا في الصيف، نقول: لا، ليس المراد به أن تدخل في البرد، إنما يراد به أن تفعل الأرفق بك وبجماعتك إن كنت إماماً، بحيث تترك فرصة حتى يكون للحيطان ظل يستظل به الناس ذهاباً وإياباً، أو تؤخر الصلاة إلى آخر وقتها تقدم صلاة العصر ليخرجوا مرة واحدة للصلاتين.
طالب:. . . . . . . . .
ما تقل، ما تقل، والله ما تقل، في بعض البلدان يا أخي عندنا بنجد العصر أحر من الظهر، وشوف الحجاز وشوف البلدان الأخرى.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن أنت ...
طالب:. . . . . . . . .
ما دامت الشمس على الرأس فهي حارة.
طالب:. . . . . . . . .
يا أخي زيادة الامتصاص له وقعه، أنا أجزم بأنه لو جلست في غرفة الظهر أبرد من العصر وأنت بظل.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هذا شيء مطرد يعني الشمس حارة في الصيف، وحرارتها لا تزول إلا بغروبها، فلا بد من حمل الحديث على وجه يصح، فليس معنى ابردوا أدخلوا في البرد، ما في برد أصلاً.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تقل، ما تقل، ما تقل.
طالب:. . . . . . . . .
حتى اخرج إلى البرية وشوف أيهم أحر؟ الأرض تمتص الحرارة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إحنا عندنا تطلع لصلاة العشاء ما هو بالمغرب ما تستطيع أن تمشي حافي، لا تستطيع المشي حافياً لصلاة العشاء.(29/20)
يقول -رحمه الله تعالى-: "وإذا تطهرت الحائض، وأسلم الكافر، وبلغ الصبي قبل أن تغرب الشمس صلوا الظهر والعصر" لأن الوقتين وقت الصلاتين في حال العذر مشترك يصلح للصلاتين معاً، الوقت الأول يصلح لهما معاً في جمع التقديم، والوقت الثاني يصلح لهما معاً في جمع التأخير، ومن هذه حاله كالحائض والكافر إذا أسلم والصبي إذا بلغ هو يشبه المعذور، فإذا طهرت الحائض قبل أن تغرب الشمس فعليها أن تصلي الظهر والعصر، وإذا طهرت قبل نصف الليل فعليها أن تصلي العشاء والمغرب؛ لأن وقت الصلاتين في حال العذر وقت لهما على حد سواء.
يقول: "وإن بلغ الصبي وأسلم الكافر وطهرت الحائض قبل أن يطلع الفجر" هذا بناءً على أن المرجح عنده أن وقت صلاة العشاء ينتهي بطلوع الفجر "صلوا المغرب وعشاء الآخرة" مثل المسألة السابقة، وهذا مروي عن عامة التابعين، يقول به عبد الرحمن بن عوف وبعض الصحابة، لكنه مروي عن عامة التابعين، ولم يخالف فيه كما قال ابن قدامه إلا الحسن البصري، فقال: إن الصلاة الأولى خرج وقتها وهو معذور، فكيف تكلف بها، خرج وقتها وهو معذور فكيف يكلف بها؟ الآن صار ظل الشيء مثله وانتهى وقت صلاة الظهر، ودخل وقت صلاة العصر بلغ الصبي، كيف نقول له: صل الظهر، وقد مر عليه الوقت كامل وهو معذور، لا يجب عليه؟ وكذلك الحائض والكافر إذا أسلم، لكن لا شك أن قول الأكثر قول جمهور أهل العلم أنه يلزمه أن يصلي الظهر والعصر ويصلي المغرب والعشاء.
عكس هذه المسألة فيما إذا حاضت بعد دخول وقت صلاة الظهر، أو بعد دخول وقت صلاة المغرب، هل يلزم هذه الحائض إذا طهرت هو يلزمها أن تقضي الظهر، يلزمها أن تقضي المغرب، لكن هل يلزمها أن تقضي العشاء، وتقضي العصر باعتبار أن العلة واحدة، الوقتين وقت واحد في حال العذر وهذا عذر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني في المسألة الأولى ظاهر، لكن في المسألة الثانية؟
طالب:. . . . . . . . .
وحتى في المسألة الأولى وقت الأولى خرج، خرج في حال العذر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(29/21)
هو ليست القوة عند أهل العلم، ليست الصورتان بالقوة بمنزلة واحدة أبداً، المسألة الأولى عندهم أظهر، والقائلون بها أكثر، لكن من أهل العلم من يقول: ما دام المعذور يصلي الصلاتين في وقت واحد، ويجوز له تقديماً وتأخيراً، فإذا ألزمناه بالصلاة الثانية ألزمناه بالصلاة الأولى وقد خرج وقتها، فلنلزمه بالصلاة الثانية ولو لم يدخل وقتها، من أهل العلم من يرى أنه لا فرق، لكن قول الأكثر أن الصورة الأولى متجهة، والثانية لا حظ لها من النظر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وجوه الاختلاف موجودة حتى عند من يجيز جمع التأخير دون جمع التقديم يجيز الصورة الأولى كالأوزاعي مثلاً، يجيز الصورة الأولى ولا يجيز الصورة الثانية، فالفوارق كثيرة، والقول بالصورة الأولى لا شك أنه ظاهر وهو قول كثير من أهل العلم، وأما الصورة الثانية فالقائلون به أقل، ومن أراد أن يحتاط لنفسه ويخرج من الخلاف فالأمر إليه، إلا أن إيجاب صلاة لم تجب بأصل الشرع لا شك أنه فيه ما فيه، ويحتاج إلى خبر ملزم عن المعصوم، والله المستعان.
يقول: "المغمى عليه يقضي جميع الصلوات التي كانت عليه في إغمائه، والله أعلم" المغمى عليه لا يخلو: إما أن يكون الإغماء بتسبب منه أو بغير تسبب، ولا يخلو إما أن يكون مشبهاً للنوم في قصره أو مشبهاً للجنون في طوله، هنا يقول: "المغمى عليه يقضي جميع الصلوات التي كانت عليه في إغمائه" فيشمل ما كان بتسبب منه، وما كان بغير تسبب، ويشمل الطويل والقصير، منهم من يحدد بخمس صلوات؛ لأن النوم مطرد أن ينام الشخص يوم وليلة، كثير يعني، يوجد في الناس بكثرة من ينام يوم وليلة، خمس صلوات فقط، إذا زاد على ذلك لا يقضي، ومنهم من يحدد بثلاثة أيام، وهذا معروف عن عمار أنه أغمي عليه ثلاثة أيام فقضى، ويجعل المغمى عليه ثلاثة أيام في حكم النائم، وما زاد على ذلك في حكم الجنون؛ لأنه لا يمكن أن يوجد من ينام أكثر من ثلاثة أيام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(29/22)
إذا كان بتسبب منه، أو إذا كان بالإمكان إعادة العقل كالبنج مثلاً بتسبب يبنج، أو صارت فيه آلام فصار يعطى من المسكنات والمنومات ما يجعله يتتابع أيام؛ لئلا يحس بالمرض بالأوجاع، مثل هذا يتجه القول بأنه يقضي جميع ما فاته؛ لأن هذا بمقدوره ولمصلحته، ومن باب أولى إذا كان بسبب محرم كالسكر مثلاً، أما إذا كان خارجاً عن طوعه وإرادته، ولا يمكن إعادته كمن دخل في غيبوبة، وزاد عليه الإغماء أكثر من ثلاثة أيام، فالقول بأنه لا يقضي متجه، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(29/23)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (3)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
طالب: يا شيخ في متعلق بما قرئ مسألة من مسائل خلاف الخرقي مع أبي بكر نقرأها يا شيخ؟
إيه تفضل.
طالب: نقرأها.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
قال القاضي أبو الحسين محمد بن أبي يعلى في مسائل خلاف الخرقي وأبي بكر عبد العزيز:
المسألة العاشرة: قال الخرقي: إذا غاب الشفق وهو الحمرة في السفر والحضر البياض؛ لأن في الحضر قد تنزل الحمرة فتواريها الجدران، فيظن أنها قد غابت، فإذا غاب البياض فقد تيقن، ووجبت عشاء الآخرة فذكر الخرقي وجه ما قال، وقال أبو بكر في التنبيه: يصلي المغرب إذا غابت الشمس إلى أن يغيب الشفق وهو الحمرة في الحضر والسفر، وبه قال أبو يوسف ومحمد والشافعي، وقال أبو حنيفة: هو البياض حضراً أو سفراً.
وجه قول أبي بكر ما روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الشفق الحمرة، فإذا غاب الشفق فقد وجبت الصلاة)).
يعني هذا الخبر المروي عن ابن عمر مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، الصواب وقفه على ابن عمر، وإذا ثبت عن ابن عمر وهو من العرب الأقحاح لزم القول به؛ لأن المسألة مسألة لغوية جاءت على لسان الشارع من غير تحديد، فإذا حدد الصحابي الذي يحتج بلغته المراد بها في لغة العرب، والشرع جاء بلسان عربي مبين، سواءً في ذلك نصوص الكتاب أو السنة لزم القول بما يقوله الصحابي؛ لأن المسألة لغوية، يرجع فيها إلى اللغة، نعم.
ودعموا ذلك بقولهم في كتب اللغة: "ثوب أحمر كالشفق" مما يدل على أن المراد به الحمرة، نعم.
قال الخرقي -رحمه الله تعالى-:
باب: الأذان
ويذهب أبو عبد الله -رحمه الله- إلى أذان بلال -رضي الله عنه- وهو: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.(30/1)
والإقامة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.
ويترسل في الأذان، ويحدر الإقامة، ويقول في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم مرتين، ومن أذن لغير الفجر قبل دخول الوقت أعاد إذا دخل الوقت، ولا يستحب أبو عبد الله أن يؤذن إلا طاهراً، فإن أذن جنباً أعاد، ومن صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد، ويجعل أصابعه مضمومة على أذنيه، ويدير وجهه على يمينه إذا قال: حي على الصلاة، وعلى يساره إذا قال: حي على الفلاح، ولا يزيل قدميه، ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الأذان
في بعض النسخ الهمزة ممدودة، آذان، وهذا خطأ، الآذان جمع أذن، والأذان هو الإعلام المراد هنا، الإعلام بدخول وقت الصلاة، أو بقربه كالفجر، أو الإعلام للإيذان بالصلاة، الإعلام والإيذان بالصلاة، ولو كان بعد وقتها؛ لأنه صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أمر بلال حينما ناموا عن صلاة الصبح أن يؤذن، فدل أنه يؤذن للوقت، ويؤذن أيضاً للصلاة.
والمراد والحكمة من شرعيته اجتماع الناس للصلاة، سواءً كانت في وقتها أو في غير وقتها، إذا كانوا جماعة يحتاجون إلى ما يجمعهم فإنه يؤذن، سواءً كان للإعلام بدخول الوقت كما هو الغالب، أو للاجتماع لها كما لو فاتت، والجماعة بحيث يحتاجون إلى من ينبههم ويجمعهم فإنه يؤذن.(30/2)
الأذان: شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، ويعلق عليها الإغارة والكف على من يستحق القتال، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان ينتظر إلى وقت الأذان، فإن أذنوا كف، وإلا أغار -عليه الصلاة والسلام-، ولذا لو يجتمع أهل بلد على ترك الأذان ولو كانوا مسلمين قاتلهم الإمام، يقاتلهم الإمام كترك الشعائر الظاهرة، والأذان يختلف أهل العلم في حكمه، فمنهم من يقول باستحبابه، وأنه سنة، وأنه لا أثر له في الصلاة إذا ترك، ومنهم من يقول: إنه فرض كفاية؛ لأنه شعيرة من شعائر الإسلام لا يسقط، وقد أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((فليؤذن لكما أحدكما، وليؤمكما أكبركما)) فالأمر الأصل فيه أنه للوجوب، لكنه لا يجب على الأعيان، لا يتصور أن كل إنسان إذا دخل الوقت يؤذن، لا، إنما هو فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، ومعلوم أن فرض الكفاية دون فرض العين عند عامة أهل العلم، وإن خالف والد إمام الحرمين فجعل فرض الكفاية أعظم وآكد من فرض العين، يقول: لأن فرض الكفاية يسقط الواجب عنه وعن غيره، بخلاف فرض العين الذي لا يسقطه إلا عن نفسه، وكلامه معروف أنه ضعيف، فليس الواجب الذي يسقط عن عامة الناس إذا قام به أحد منهم، مثل الواجب الذي يلزم كل إنسان بعينه، هذا معروف عند أهل العلم أنه قول ضعيف.(30/3)
على كل حال القول المرجح أنه فرض كفاية، وإن قال جمع من أهل العلم بسنيته واستحبابه، نظراً لأن الصلاة لا تتأثر بتركه، لكن ما دام ثبت الأمر به، وأنه شعيرة من شعائر الإسلام، وأنه علامة على أن البلد مسلم إذا رُفع فيه الأذان، وفعل بحضرته -عليه الصلاة والسلام-، وأمر به على الدوام، ولزمه المسلمون على مختلف العصور، ولم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى في مسجده بغير أذان، وأذن في المشاعر بأمره -عليه الصلاة والسلام-، في عرفة وبمزدلفة وفي منى وفي غيرها من المواقف، فلم يثبت أنه تركه -عليه الصلاة والسلام-، هذا دليل على وجوبه، وأن من تواطأ على تركه يأثم، إذا تواطأ أهل بلد على تركه أثموا، لكن لو ترك الأذان، تركت الإقامة، وصلى الإنسان صلاة تامة بواجباتها وشروطها وأركانها ولو كانوا جماعة، ولو كانوا في مسجد فالصلاة صحيحة؛ لأن النهي عاد إلى أمر خارج عن الصلاة لم يعد إليها ولا إلى شرطها أو جزئها، فالصلاة صحيحة مع الإثم.
قال -رحمه الله-: "ويذهب أبو عبد الله" يعني الإمام أحمد -رحمه الله-، الذي ألف الكتاب في بيان مذهبه -رحمه الله-.
"ويذهب أبو عبد الله -رحمه الله- إلى أذان بلال" أذان بلال هو الذي رآه عبد الله بن زيد بن عبد ربه، في أول الأمر ما كان يؤذن للصلاة، وليست هناك علامة يستدلون بها على الاجتماع للصلاة، فتدارس النبي -عليه الصلاة والسلام- مع أصحابه شيئاً يجتمعون به إلى الصلاة، فقال بعضهم: لو أوقدنا ناراً، قالوا: النار للمجوس، قالوا: لو وضعنا بوقاً؟ قالوا: البوق لليهود، قيل: لو ضربنا ناقوساً؟ قالوا: الناقوس للنصارى، فتفرقوا ولم يتفقوا على شيء، فرأى عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي الأذان غير راوي الوضوء، عبد الله بن زيد بن عاصم، ووهم من جعلهما واحداً، فرأى رجلاً بيده ناقوس، فقال: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فقال: ماذا تفعل به؟ قال: ننادي به للصلاة، قال: ألا أدلك على ما هو خير منه؟ تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر ... إلى آخر الأذان.
في الحديث أيضاً الحديث الصحيح يقول عبد الله بن زيد: "طاف بي وأنا نائم طائف فقال: تقول: الله أكبر الله أكبر ... إلى آخره.(30/4)
هذه رؤيا، ومعلوم أن الأحكام الشرعية لا تثبت بالرؤى، لا تثبت برؤيا، وهذا حكم شرعي ثبت بهذه الرؤيا المقرة من النبي -عليه الصلاة والسلام-، اكتسبت الشرعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام-، وإلا لو كانت مجرد رؤيا قلنا: ما يثبت الحكم بمجرد رؤيا قلنا: ما يثبت الحكم برؤيا، فلما فرغ من أذانه قال: ((ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتاً)) فصار يعرف بأذان بلال، يؤذن به بلال في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- وبحضرته سفراً وحضراً، فعُرف به، وإلا فالأصل أن راوي أو رائي الأذان عبد الله بن زيد.
لما سمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الأذان قال: وأنا رأيت، يعني مثل هذه الرؤيا، فهذه الرؤيا تواطأت واكتسبت الشرعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام-، هكذا: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، بتربيع التكبير ومن غير ترجيع، هذا أذان بلال؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لعبد الله بن زيد: ((ألقه على بلال)) فقال: "الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله" بتربيع التكبير، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الجمل الأربع في التكبير في أوله وفي آخره تكبير من أهل العلم يرى أن الأولى أن يقرن بين كل جملتين، فيقال: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، بدليل حديث: ((إذا سمع أحدكم المؤذن فليقل كما يقول)) فإذا قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، فإذا قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ما قرن بين الشهادتين، إنما قرن بين التكبيرتين، ومأخذه واضح وظاهر من هذا، ومنهم من يقول: تفرد الجمل، كل جملة يوقف عليها؛ لأن هذا أبلغ مع الترسل المطلوب في الأذان لا يقرن بينهما، لكن الذي يتجه والأولى القرن أن يقرن بينهما؛ لأن حديث إجابة المؤذن كالصريح في هذا.(30/5)
الله أكبر الله أكبر، بعد ذلك الله أكبر الله أكبر، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله.
بعض الناس من المؤذنين وغيرهم يشدد النون فيقول: أشهد أنَّ لا إله إلا الله، هذه نسمعها حتى من بعض طلاب العلم يعني، أشهد أنَّ لا إله إلا الله، ما تسمعون مثل هذا؟ موجود كثير بعد، ما هو يعني نادر، و (أن) هنا مخففة، واسمها ضمير الشأن يعود إلى الله -جل وعلا-، أشهد أن لا إله إلا الله، ثم بعد ذلك أشهد أنّ محمداً مشددة، أشهد أنّ محمداً رسولُ الله، محمد اسم (أن) ورسولُ خبرها، تسمعون كثير من المؤذنين يفتح الجزأين، فيقول: أشهد أن محمداً رسولَ الله، ومقتضى القاعدة عند عامة النحاة أن يكون لفظ: "رسول" مرفوع؛ لأنه خبر (أن) وإذا نصب تبقى الجملة بدون خبر، إذا نصب رسول بقيت الجملة بدون خبر، يعني نحتاج إلى أن نقول: أشهد أن محمداً رسولَ الله أفضل البشر مثلاً، أو سيد الخلق، نحتاج إلى تكملة الجملة؛ لأن الخبر هو الجزء المتم الفائدة، يعني مبتدأ بدون خبر لا قيمة له، ما يفيد، ما يفيد السامع، فنحتاج إلى خبر، وبهذا على هذا القول يبطل الأذان، لكن من العرب وهي لغية كما يقول أهل العلم من ينصب الجزأين بـ (أن) فيصحح على هذه اللغية، يعني البحث عن تصويب الأخطاء لا سيما إذا وقعت، وإيجاد مخرج لها في لغة العرب شيء طيب، لكن لا يعني هذا أننا لا ننكر على من نصب الجزأين، يعني ما يلزم أن نقول: أعد أذانك لأنك ما أتممت الخبر؛ لأن في من العرب وهم شواذ من ينصب الجزأين، لكن مع ذلك يبقى أن الصواب أن نرفع رسول؛ لأنه خبر (أن) وهو الخبر الجزء المتم الفائدة، يعني بدونه لا فائدة من الجملة.
"أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله" هنا من غير ترجيع في أذان بلال الذي رآه عبد الله بن زيد ما فيه ترجيع، بينما في أذان أبي محذورة فيه الترجيع، فيأتي بالشهادتين بصوت منخفض، ثم يأتي بهما بصوت مرتفع، والإمام أحمد -رحمه الله- يرجح أذان بلال من غير ترجيع، بينما الأئمة مالك والشافعي يرجحان أذان أبي محذورة، وأبو حنيفة كقول الإمام أحمد يرجح أذان بلال.(30/6)
مالك والشافعي يرجحان أذان أبي محذورة، ويختلفان في التكبير، فمالك عنده تكبيرتان فقط، الله أكبر الله أكبر، بينما عند الشافعي أربع تكبيرات، بتربيع التكبير مع الترجيع، الترجيع عرفناه وهو أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، بصوت منخفض، ثم يرفع بهما صوته، هكذا علمه النبي -عليه الصلاة والسلام-، أعني أبا محذورة، وأبو محذورة شاب يلعب مع الغلمان، لما سمع الأذان أذان بلال استهزأ به وقلده بعد فتح مكة، فقلده بصوت جميل، فدعي وأتي به إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلمه الأذان، وجعله مؤذناً بمكة.
من رجح أذان أبي محذورة قال: علمه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وألقاه عليه بالحرف، وهو بعد الأذان الأول، أذان بلال الذي رآه عبد الله بن زيد، فهو آخر الأمرين، عرفنا أن أذان عبد الله بن زيد الذي ألقاه على بلال اكتسب الشرعية بالإقرار، والإقرار سنة ترفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- كالقول والفعل، فكونه علمه أبا محذورة لا يعني أن غيره لا ينسب إليه، ولا يضاف إليه، وكونه متأخر عن أذان عبد الله بن زيد لا يعني أنه ناسخ بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما رجع إلى المدينة استمر على أذان بلال، فليس بمنسوخ، وإن كان أذان أبي محذورة متأخراً عنه.
غاية ما يقال في مثل هذا أنه يجوز الأمران، يجوز الأذان بالصيغتين المعروفتين أذان بلال وأذان أبي محذورة، ولا إشكال في هذا، هناك من الأذكار ما جاء على صيغ كأدعية الاستفتاح والتشهدات، وقول ربنا ولك الحمد، وغير ذلك كثير كلها ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- واختلافها إنما هو اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، ومن رجح هذا على هذا فلا يلام؛ لأن الكل ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن عمل بهذا مرة وبهذا مرة فقد أصاب؛ لأنها كلها ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.(30/7)
من أهل العلم من لا يرى الترجيع، وأن إلقاؤه على أبي محذورة ليس من باب التشريع، وإنما لأن أبا محذورة أذن مستهزئاً، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام- في أذانه: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، سراً ليكون أقرب إلى الإخلاص؛ لأنه قالها مستهزئاً ما وقر الإيمان في قلبه، ثم بعد ذلك يعلنه للناس كجمل من جمل الأذان، وحينئذٍ لا يكون الترجيع مشروعاً للجميع، إنما هو مشروع لهذا الشخص الذي أذن مستهزئاً؛ ليقول الجملتين الركن الأول من أركان الإسلام ليدخل في الإسلام بصدق وإخلاص يقولهما سراً، ثم بعد ذلك يعلنهما على الملأ؛ لأنه لو قالهما على الملأ لقلنا: إن هذا إنما هو قاله استجابة وتقليد ومجرد امتثال ظاهر، وأما الباطن فيحتاج إلى انقياد واعتراف بإخلاص، ويليق بمثل هذا المستهزئ أن يقال له: اعتقد وأقر بنفسك، واشهد الشهادتين بينك وبين نفسك، ثم أعلن ذلك، هذا قال به بعض أهل العلم ممن لا يرى الترجيع مطلقاً، والمرجح أن الترجيع ثابت، ولا إشكال فيه بتعليمه -عليه الصلاة والسلام-، والعلة والقول الذي أبدوه لا شك أنه وإن كان له وجه إلا أنه لا يعني أن الترجيع لا يكون مشروعاً من أجل هذا؛ لأن ألفاظ الأذان تعبدية لا يجوز الزيادة عليها ولا النقص منها، ما دام ألقاه عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفعله وكرره بجميع أذانه، يعني لو كان الأمر كما قيل لكان في أول مرة أول أذان ثم يترك، ما يستمر عليه، لكن ما دام أبو محذورة استمر على الترجيع، نقول: إنه مشروع تشريعاً عاماً، ويبقى المفاضلة بينه وبين أذان بلال، ولو قيل: إنه من باب اختلاف التنوع فيؤذن مرة بأذان بلال، ومرة بأذان أبي محذورة لكان له وجه، بل أوجه.
"حي على الصلاة، حي على الصلاة" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه أربع، أربع.(30/8)
"حي على الصلاة، حي على الصلاة" وبعض الناس يقف عليها تاء حي الصلاة، حي على الصلاة، معروف أن هذه التاء أصلها الهاء، فإذا وقف عليها يقال: الصلاة، التاء هذه المربوطة المشبهة للهاء إنما تنطق في الدرج لا في الوقف، أما إذا وقف عليها تعود إلى أصلها الهاء حي على الصلاة، حي على الصلاة، وبعض العوام لا سيما من هو موغل في العامية، ممن لم يرفع لتعلم الدين وإن كان عنده عاطفة وعنده صلاح ظاهري غير مبني على علم من النساء، أو من أشباه النساء ممن أوغل في العامية أو من الأطفال أو ما أشبه ذلك أحياناً يقول: حي على الصلاح مثل الفلاح، وهذه سمعناها، هذا مجرد يسمع، ولا يتبين ما يسمع، وهذا يوجد في بعض الألفاظ، بعض الناس يسمع طرف الكلمة ثم يأتي بمثيلتها مما هو على ميزانها الصرفي، ولا يتبين، هذا الكلام ما هو بصحيح، لو أذن به بطل الأذان، وبعض المؤذنين ويوجد في مساجد المسلمين من يؤذن أذان لا يجزئ، لكن الناس يهابون الإنكار، ويتساهلون فيه، وبعض المؤذنين عوام إذا أنكرت عليه قد تثور حفيظته، ويخرج عن طوره، حتى أنه بعض العلماء سمع أذان مؤذن ورث الأذان عن أبيه عن جده من مئات السنين، وقال: أذانه باطل، طيب ماذا نصنع؟ لا يستطيع أن يغير هذا الأذان، قال: يعزل، قالوا: لو عزل لجن، قال: يجن، هذه عبادة هذه، فالأذان مشكلة، يعني بعض المؤذنين لا بد من أن يتعلم الأذان، وأذكر قبل سبع أو ثمان سنوات في جهة في شمال غرب المملكة عُقد دورة للأئمة والمؤذنين، وعلموا الأذان، ما في ما يمنع، بعض الأئمة يقرأ قراءة تبطل الصلاة، سمعناه يعني في وسط مدينة، يقول: "ثم لا تسألن يومئذٍ عن النعيم" الصلاة صحيحة وإلا باطلة؟ هذا قلب للمعنى هذا، فمثل هذا مشكل، لا بد أن يوقف الناس عند حدهم، يعني والمجاملة في مثل هذه الأمور لا تجدي والاستمرار على مثل هذا، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
(حيآ) بعضهم يمدها، ونسمع في مسجدنا هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
عص كذا؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه أسمع مؤذناً جزاه الله خير شف ترى العجب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(30/9)
هذا إذا كان لا يستطيع مثلما يقول: الهمد لله، إذا كان لا يستطيع هذه قدرته، لكن ما يصلي بالناس، إذا وجد غيره لا يجوز؛ لأن هذا تحريف، ما يكفي أن يقال: هذا لحن، لا، هذا تحريف، يعني مثل إبدال الضاد بالظاء مع أنه أشار الأزهري إلى أن من العرب من يقول: ضهري، ويبدل يقول: يبدل الحرفين بعضهما من بعض، هذا موجود في لغة العرب، لكن هذا تخريج ما هو الأصل.
طالب: أحسن الله إليك إمام مسجد يغلبه لسانه على لهجته فيبدل القاف غين فيقول: الصراط المستغيم موجود هذا، اهدنا الصراط المستغيم.
بعض أهل البادية يقول: المستكين، تحريف هذا ليس بمقبول إطلاقاً، لكن إذا كان لسانه لا يطاوعه وصلى بمثله.
طالب: لا يصلي بعامة الناس.
إن صلى بمثله لا بأس.
طالب: لا لا يصلي بعامة الناس.
أما يصلي بعامة الناس فلا، بعض البادية يقول: المستكين، وأما سمع الله لمن حمده يمكن تسمعون كثيراً هذه عند البادية فيها تحريف.
طالب: لكن السؤال يا شيخ هل يصلى خلفه إذا لم يكن إلا هذا المسجد وهو يقول: الصراط المستغيم؟
إذا وجد له تخريج في لغة العرب، وصلي خلفه تصحح الصلاة، أما إذا قبل الصلاة فلا، لا يصلي وراءه، نعم إذا وجد تخريج في لغة العرب ما وجد خلاص تعاد الصلاة، إذا كان اللحن يحيل المعنى، وهذا في الفاتحة كما هو معلوم المستقيم في الفاتحة، ركن من أركان الصلاة.
"حي على الصلاة" هذا النداء للحضور إلى الصلاة، ومعلوم حال السلف، بل كثير منهم أنه لا ينتظر إلى أن يدعى إلى الصلاة، حتى قال قائلهم: إن من لا يحضر إلى الصلاة حتى يدعى أنه رجل سوء، لكن على كل حال معروف أن التقدم إلى الصلاة مطلوب مرغب فيه، لكنه ليس بواجب، ولا يأثم تاركه، وإذا حضر الإنسان وأدرك تكبيرة الإحرام فهو على خير عظيم، وإذا فاته شيء من صلاته، وأدرك الجماعة أيضاً على خير، لكن لا ينبغي أن يعرف طالب العلم بهذا، والله المستعان.
"حي على الفلاح" يعني الفوز التام في الدنيا والآخرة، ولا يوجد كلمة تقوم مقام هذه الكلمة.(30/10)
"الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله" ثم بعد ذلك الإقامة، وهي الدعاء للدخول في الصلاة: "الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله" في الحديث الصحيح أمر بلال أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة، وفي رواية: إلا الإقامة، أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، مقتضى هذا الحديث أن تكون جميع جمل الأذان شفع، لكن يرد على هذا لا إله إلا الله في آخر الأذان مرة واحدة وتر، وعلى هذا يُحمل قوله: "أمر بلال أن يشفع الأذان" على الغالب، ويوتر الإقامة، إذا قال: الله أكبر الله أكبر، هذا شفع وإلا وتر؟
طالب: شفع.
يعني بنفس واحد، إذا جمع بينهما إذا قلنا: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر بنفسين، قلنا: هذا شفع، وهو شفع سواءً كانت اثنتين أو أربع هو شفع على كل حال، لكن في قوله: الله أكبر الله أكبر، وعندنا أيضاً الله أكبر الله أكبر مرة ثانية، وعندنا قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، هل تحقق الأمر بوتر الإقامة؟ إلا إذا قلنا: إن اقتران التكبير الله أكبر الله أكبر يجعله جملة واحدة ينتفي الإشكال، ويبقى قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة شفع؛ لأنها مستثناة إلا الإقامة، المالكية يحققون في هذا، ويدققون أن الإقامة وتر في جميع جملها حتى الله أكبر ما يقولونها إلا مرة واحدة تبعاً للأمر بإيتار الإقامة، لكن إذا جيء بالتكبير مقروناً انتفى الإشكال، فكأن الجملتين جملة واحدة، وتبقى قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة على الاستثناء، لا نستطيع أن نقول: إن هذا بناءً على الغالب كما قلنا في الأذان؛ لأن هذا كثير يعني كم جملة شفع، نعم ثلاث جمل.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تستثني إذا قلت على الغالب، أدخل حتى المستثنى في الحكم، إيه، فإذا قرنا بين لفظي التكبير، أو جملتي التكبير نكون قد جعلنا الإقامة وتراً امتثالاً لأمره -عليه الصلاة والسلام-، ولا يرد علينا هذا الإشكال الذي يورده المالكية.
الحنفية عندهم الإقامة كالأذان جملها سبع عشرة جملة مثل الأذان، ولا فرق، نعم؟(30/11)
طالب: لو كان في بلد يزيدون فيها حي على خير العمل هل يعتد بأذانهم أو يؤذن لنفسه؟
وهو معتد بصلاتهم وإلا ما هو معتد؟
طالب: اللي يصلي هناك لا يعتد بصلاته.
على كل حال إن صلى وحده أو صلت جماعة انفردوا عن هؤلاء أو وجد جماعة تعين عليه، وإن كان ممن يصح الاقتداء بهم وزادوا ابتدعوا، ولا شك أن الزيادة على جمل الأذان بدعة، وبدعة منكرة وشنيعة؛ لأن الأذان توارثته الأمة من عصره -عليه الصلاة والسلام- إلى يومنا هذا بدون زيادة ولا نقصان، نعم يوجد بعض المبتدعة ويتمسكون بشيء يؤثر عن بعض الصحابة، لكن لا يثبت ما يذكر عن ابن عمر من قوله: حي على خير العمل، هذا لا يثبت عنه، ولم يرد بها نص صحيح إطلاقاً، قد يسندون ذلك إلى بعض أئمتهم، لكن العبرة بما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
"ويترسل في الأذان" بعض النسخ: يسترسل، ويحدر الإقامة، يترسل يتريث في الأذان، يمده مداً لا يخرجه عن مقصوده، ولا يلحقه بأصوات المجان من المغنين وغيرهم، وتلحين الأذان معروف كرهه السلف، لا بد أن يكون الأذان سمحاً سهلاً، لكن يترسل فيه، ويترسل فيه ترسلاً معقولاً لا يزيد في المدود بحيث يزيد في الحروف، ولا يكثر الفصل بين الجمل، ويوجد بل وجد توفي منذ سنين من يقطع جمل الأذان بقدر السحور في رمضان مدة نصف ساعة هذا إشكال، الفصل بين الجمل فصل يطول يبطل الأذان، ولا بد من استئنافه، والله المستعان.
على كل حال الاسترسال في الأذان من أجل أن يبلغ البعيد؛ لأنه إذا ألقي بسرعة وانتهى وتدارك فإن البعيد لا يتبين هل هو أذان أو غير أذان، فإذا ترسل فيه ومدت الحروف مداً لا يخرجه إلى زيادة في الحروف أو تغني بألحان أهل المجون، فإن هذا هو المطلوب، يعني يسترسل ويحدر الإقامة، يعني يسرع فيها؛ لأنها إعلام للحاضرين فلا تحتاج إلى ترسل، ولا استرسال.
"يقول في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
بإقامة بلال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو ألقى عليه الأذان، وألقى عليه الإقامة.
طالب:. . . . . . . . .(30/12)
الصفات كثيرة، يعني من نظر إلى اختلاف الرواة؛ لأن مثل هذه الأمور مثل هذه الروايات، يعني لو جمعنا ألفاظ الأذان بالروايات المختلفة، أقول: لو جمعنا لوجدنا فيها اختلاف، لكن العبرة بما تواطأ عليه الرواية مع العمل؛ لأن من أهل العلم من يعد اختلاف الرواة اختلاف في الروايات واضح؟ مجرد اختلاف من راوٍ من الرواة يضيفه إلى اختلاف .. ، يجعلها رواية، فيصحح الجميع، بناءً على أنه اختلاف تنوع، ولو كان مرد ذلك إلى خلاف راوٍ من الرواة دون غيره، ويهاب الحكم على رواية هذا الراوي لأنه ثقة، يهاب أن يحكم عليها بالشذوذ، ومن أهل العلم من يجزم فيحكم على المحفوظ بأنه هو الصحيح، وما عداه شاذ، ولو كان راويه من الثقات، فيجعلون التعدد مخرج، الطائفة الأولى الذين يحملونه على التعدد يجعلونه مخرج من اختلاف الرواة الثقات، صيانة لهؤلاء الرواة عن التوهيم، ومنهم من يقول: لا، يثبت شيء واحد، ويحكم على ما عداه بالشذوذ، لا سيما إذا اتحد المخرج، وعرف أنه لم يحصل إلا مرة واحدة، يعني كم مرة علم النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا محذورة الأذان؟ كم؟ مرة واحدة، كم سمع من عبد الله بن زيد وقال: ((ألقه على بلال))؟ مرة واحدة، فمثل هذا لا بد من ترجيح الراجح، والحكم على ما عداه بالشذوذ، ومن أهل العلم من يرى أنه لو زاد راوٍ خلاص ما دام ثقة تزاد، يعني نظير ما جاء في صفة صلاة الكسوف، يعني الثابت في الصحيحين أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعين، وجاء في مسلم ثلاث ركوعات، وأربع ركوعات، وجاء في غيره خمس ركوعات الذي يصون، الذي يحرص على صيانة الرواة الثقات من الوهم يقول: كل هذه الصفات صحيحة، كلها ثابتة، ومثل هؤلاء لا شك أنهم عندهم صيانة للصحيح، وصيانة للرواة الثقات، لكن هذا إذا لم نعرف أن القصة لم تتعدد، لا يبنون على ذلك تعدد القصة، ويوهمون المؤرخين الذين لم يقولوا بتعدد القصة، لكن من أهل العلم من عنده جرأة، يعني ما جاءت من فراغ هذه الجرأة، جاءت من علم وثبات ورسوخ، فيحكمون على الصحيح بأنه هو المحفوظ وما عداه .. ، أو الراجح هو المحفوظ وما عداه شاذ.(30/13)
شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: الكسوف ما حصل إلا مرة واحدة وإبراهيم لم يمت إلا مرة واحدة، هذا تأكيد من شيخ الإسلام.
مسألة اختلاف الرواة لا شك أنها من المسائل الدقيقة عند أهل الحديث، ولا يتسنى لكل طالب حديث أن يتخلص من مثل هذه المسائل؛ لأنه قد يجرؤ جرأة الأئمة من غير أهلية، فينفي ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقد يجبن عما نفاه الأئمة، فينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لم يثبت عنه، وعلى كل حال أهل العلم في هذا على قولين، وهما صنفان من أهل العلم من لديه الجرأة التي يوهم بواسطتها الرواة، ويجزم بأن الراجح شيء واحد، وأن الأمر لا يقبل التعدد، وما عداه يحكم عليه بالضعف، فيرد، يعني مثلما قلنا في صلاة الكسوف، ومنهم من يقول: تعددت القصة، ويش المانع من أن تتعدد القصة؟ يعني نقل الرواة الأثبات لهذه الصفات دليل على أن القصة تعددت، ولا يقابل هؤلاء الرواة الثقات بأقوال غيرهم من مؤرخين أو أخباريين وما أشبه ذلك، ومثل هذا ما معنا، يعني هذا أقرب إلى عدم التعدد، يعني هما أذانان أذان بلال، وأذان أبي محذورة، والمؤذين، من وجد من المؤذنين كسعد قرض أو غيره يؤذن بأذان أحد هذين المؤذنين، وما يختاره بعض العلماء بناءً على اختلاف هؤلاء الرواة لا شك أن المسألة تحتاج إلى تحري؛ لأن هذه عبادة توقيفية لا تجوز الزيادة عليها ولا النقص منها، فلا بد من تحري الثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
عندنا في الطبعة الأولى وضع على جمل الأذان وجمل الإقامة خطوط، أظن ما عندكم؟
طالب:. . . . . . . . .(30/14)
وضعوا عليها خطوط، على الجمل، وقال المعلق هكذا: إن وضع الخطوط فوق الجمل التي يراد التنبيه عليها هي عادة أسلافنا، الآن تواطأ الناس على وضع الخط تحت الكلمة اشرح ما تحته خط، حتى في العلوم الشرعية والطلاب الشرعيين والمشايخ شيوخ العلوم الشرعية اشرح ما تحته خط، وهذه إنما عرفت من المستشرقين، والذي لديه أدنى خبرة بكتب أهل العلم من المسلمين سواءً في ذلك المخطوطة أو المطبوعة قديماً كلها يضعون الخط فوق الجملة أو فوق الكلمة المهمة، وأذكر مرة في الأسئلة قلت للطلاب: اشرح الكلمات التي فوقها خط فشرحوا الكلمات التي تحتها الخط، مع أنه مبين في السؤال جرياً على العادة ومشياً على الجادة.
هذا سؤال يقول: إن الشيخ فلان يعني من كبار أهل العلم المعروفين المعتبرين قال قبل فترة: إنه لا يوجد في هذا العصر ممن هو عارف بأحوال الرجال أحد فحبذا لو بينتم لنا حتى لا يلتبس الأمر علينا؟
إن كان المقصود بالرجال رجال الحديث الذين على طالب العلم أن يعرف منهم ما يستطيع به التمييز بين الصحيح الضعيف، والمقبول والمردود إذا أراد أن يتأهل ليكون عالم أمة ترجع إليه فهذا بالإمكان، والنفي ليس بوارد، نعم الإحاطة ومعرفة المتأخر كمعرفة المتقدم من أهل العلم الذين عاصروا الرواة وعايشوهم هذا لا يمكن، يعني حتى ابن حجر لا يستطيع أحد أن يقرنه بأبي حاتم أو أبي زرعة أو أحمد بن حنبل أو ابن معين؛ لأن هؤلاء عاصروا الرواة، وهذا تأخر عنهم قرون فكيف بمن جاء بعده؟ يعني كون المعرفة مثل معرفة الأئمة الذين عاصروا الرواة هذا مستحيل، وعليه يتنزل كلام الشيخ؛ لأنه مهما عملت، ومهما بحثت في حال هذا الرجل لن تصل إلى قول مثل ما وصل إليه جاره من أهل العلم، يقول: هذا فلان يصلي معنا جارنا هذا يعرفون من حاله أكثر مما تعرف، ولو قرأت جميع ما كتب عنه، ويعرفون عنه أكثر مما عرف ابن حجر، إذا كان مراد الشيخ هذا صحيح؛ لأنه ليس الخبر كالعيان.(30/15)
وإذا كان المراد أن طالب العلم لن يعرف من أحوال الرجال إذا بذل الجهد في معرفتهم هذا الكلام ليس بصحيح، بل طالب العلم الذي يحرص على معرفة الرجال يحصل لديه خبرة ولديه ملكة بمعرفة أحوالهم لا تحصل لغيره ممن لا يعتني بمثل عنايته، أو يكون اطلاعه أقل أو تكون حافظته أقل، يعني شرحنا مراراً لمعرفة هذا العلم الصعب في مناسبات كثيرة قلنا: طالب العلم يجعل التقريب عنده محور عمل، فيمسك الراوي الأول ويحضر معه تهذيب الكمال مثلاً، وينظر ما قيل في هذا الراوي، ينظر في حكم ابن حجر، وينظر ما قاله الأئمة في كتبهم الأصلية، يرجع إلى التاريخ الكبير، يرجع إلى الجرح والتعديل، يرجع إلى الثقات، يرجع إلى المجروحين، يرجع إلى الكمال، يرجع إلى تهذيبه وتذهيبه كل الكتب يجمعها وينظر ما قيل في هذا الرجل، هذا بعد أن يعرف قواعد الجرح والتعديل، وتتكون لديه أهلية النظر في هذا الفن، يعني يديم النظر في أحكام أهل العلم على الأحاديث، وكيف يتخرجون منها؟ وكيف؟ فقد يضعفون راوٍ في هذا الحديث ويوثقونه في حديث آخر، يضعفونه في هذا الشيخ، ويوثقونه في شيخ آخر، هذا العلم دون الإحاطة به خرط القتاد، لكن من سار على الدرب وصل، ولا يطمع إنسان أنه يصل إلى الغاية في هذا الباب أبداً، لكن تتكون لديه أهلية، وتتكون لديه حصيلة، ومن خلال إدامة النظر في كتب الرجال وأقوال أهل العلم وأحكامهم على الرجال، وأحكامهم على الحديث تتكون لديه أهلية، فإذا مسك التقريب ومسك الرواة واحداً بعد الآخر، وقارن بين أقوال الأئمة وجد هذا الراوي قال فيه ابن حجر: ثقة، ثم رجعنا إلى تهذيب الكمال، وجدنا فيه عشرين قولاً، عشرة وثقوه بإطلاق، وخمسة ضعفوه بإطلاق، وأربعة وثقوه مقرون، وواحد وثقه بالتقييد بالنسبة لفلان أو بالنسبة للحديث الفلاني استطعنا أن ننظر ونوازن بين هذه الأقوال.(30/16)
فالمسألة تحتاج إلى وقت، علماً بأن إدامة النظر في رجال الصحيحين تجعل لدى طالب العلم كمية كبيرة من الرواة، هؤلاء لا يحتاجون إلى نظر في الجملة، لا سيما إذا قرأ في الشروح التي تعتني بالرواة، وتبين أحوالهم والطرائف عنهم التي تجعل الراوي يدخل إلى سويداء القلب، فالقراءة في الشروح تنفع طالب العلم، يعني لو قرأ الطالب في إرشاد الساري مثلاً أو في العيني الذي يترجم للرواة في كل مناسبة، أو في الكرماني الذي يذكر أطرف ما يقال، أو ما يذكر في ترجمة هذا الراوي، يعني لما تنتهي من هذه الشروح يكون لديك كمية كبيرة من الرواة هؤلاء لا يحتاج إلى أن تراجع فيهم أحد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على قلة النووي، والنووي عنايته بالرواة إذا كان لديهم شيء من العمل من العبادة، يبين هذا، ويبرزه إبرازاً ظاهراً، يعني أكثر من عنايته بحفظ الرواة وضبطهم، وهذا شيء نافع أيضاً الإشادة بأهل العمل أمر مطلوب.
طالب:. . . . . . . . .
يصير ملازم لهذا الشيخ، لازمه ملازمة تامة بحيث يعرف جميع ما رواه عنه ويضبطه، وسمع هذا الحديث من الشيخ مراراً، بينما ما لازم هذا الشيخ وما سمع منه مراراً فيضعف فيه.
يقول في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم، وهذا يعرف عند أهل العلم بإيش؟ بالتثويب، وهو مشروع في أذان الصبح الثاني، جاء ما يدل في سنن النسائي على أنه في الأذان الأول، لكنه وإن صرح بأنه الأول إلا أنه الثاني؛ لأن أكثر الروايات على أنه الثاني، تحمل رواية الأول على أنه أول بالنسبة إلى الإقامة؛ لأن الإقامة أذان، وقد جاء في ذلك: ((بين كل أذانين صلاة)) والمراد الأذان والإقامة.
"الصلاة خير من النوم مرتين" الصلاة خير من النوم.(30/17)
"وإن أذن لغير الفجر قبل دخول الوقت أعاد إذا دخل الوقت" وليحذر المؤذن كل الحذر، وينتبه إلى مسألة الوقت؛ لأن الناس يقلدونه في أركان من الإسلام في الصلاة، فقد يؤذن قبل الوقت ولو بدقيقة، ثم النساء وأهل الأعذار في البيوت يدخلون في الصلاة قبل وقتها، فتكون صلاتهم باطلة، وهو الذي غرهم، فيتحمل مسئولية بطلان صلوات مثل هؤلاء، وقد يؤذن قبل الغروب في الصيام، قبل الوقت بدقيقة فيأكل الناس قبل حل الأكل فيتعلقون به، فعلى المؤذن أن يتحرى ويحتاط لذلك.
"فإذا أذن لغير الفجر قبل دخول الوقت أعاد إذا دخل الوقت" لأنه لا يجوز الأذان، ولا يصح قبل دخول الوقت إلا في صلاة الصبح، يجوز تقديم الأذان قبل طلوع الفجر؛ لأنه ثبت أن بلالاً كان يؤذن بليل، ومن أهل العلم من يجوز الأذان قبل طلوع الفجر في حالة ما إذا وجد أكثر من مؤذن، مؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر، والثاني يؤذن بعد طلوع الفجر، كما هو الحال في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الجواب يجي، ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول، يأتي هذا في الدرس القادم -إن شاء الله-، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(30/18)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (4)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"ولا يستحب أبو عبد الله أن يؤذن إلا طاهراً، فإن أذن جنباً أعاد" ولا يستحب أبو عبد الله المراد به الإمام أحمد بن محمد بن حنبل، صاحب المذهب الذي الكتاب المدروس في فقهه.
"ولا يستحب أبو عبد الله أن يؤذن إلا طاهراً" لأنه يلزم على عدم الطهارة الخروج من المسجد بعد الأذان، ويخشى أن يتناوله حديث عمار: "من خرج بعد الأذان فقد عصى أبا القاسم" "أما هذا فقد عصى أبا القاسم" وجاء أيضاً في الموطأ عن بعض التابعين: "وقد رأيتنا وما يخرج من المسجد بعد الأذان إلا منافق" هذا كلام شديد، ونرى الناس يتساهلون في هذا، ولذا لا يستحبون للمؤذن أن يؤذن إلا على طهارة؛ لئلا يحتاج إلى الخروج من المسجد، لكن لو أذن من غير طهارة صح الأذان، وإن كان له عذر بأن جاء متأخراً من مكان بعيد، فلو دخل بيته وتوضأ وتأخر على الأذان مثل هذا يؤذن ثم يتوضأ، هذا بالنسبة للطهارة الصغرى من الحدث الأصغر، أما إذا كان جنباً فالمسألة أشد، لا سيما إذا كان الأذان في المسجد؛ لأنه لا يجوز للجنب أن يدخل المسجد إلا عابر سبيل.
يقول: "فإن أذن جنباً أعاد" اعتمد المؤلف هذه الرواية التي جماهير أهل العلم على خلافها، الرواية الأخرى الموافقة لقول أكثر أهل العلم أن أذانه صحيح، ولا يلزمه الإعادة، ولو كان جنباً إلا أن الجنب أسوأ من المحدث، وأمره أشد، فإذا كان أذان المحدث حدثاً أصغر الذي يسوغ له الدخول في المسجد والبقاء فيه مفضولاً عند أهل العلم لما يترتب عليه من الخروج للطهارة، فلا شك أن الجنب الذي لم يؤذن له بدخول المسجد إلا عابر سبيل أشد، لكن الأذان صحيح، لماذا؟ لأن الجهة منفكة.(31/1)
هذا إذا كان الأذان في المسجد، لكن لو كان بيته مجاوراً للمسجد، وبيته مرتفع، وجرت عادته أن يؤذن في سطح بيته، فيؤذن سواءً كان محدثاً أو جنباً، والأمر في هذا أسهل، إلا أنه جرت عادة النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يذكر الله إلا طاهراً، ولذا تيمم لما سلم عليه المسلم، فرد عليه السلام -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن الطهارة من الحدثين بالنسبة للأذان أكمل، وفرق بينما أن يكون الأذان في المسجد، وبين أن يكون خارج المسجد، والأثر المترتب على أذان المحدث خارج المسجد أخف من الأثر المترتب عليه داخل المسجد.(31/2)
مسألة يحتاجها طلاب العلم يحتاجها بكثرة، لا سيما من له ارتباط بمسجد آخر، إمام أو مؤذن، ويحضر درس كهذا الدرس، ماذا يصنع إذا أذن المؤذن هل يخرج ليصلي بالناس من المسجد بعد الأذان أو يقال له: إذا رأيت المؤذن فاخرج قبل أن يؤذن؟ أو يقال له: لا تخرج؟ إن كان هناك من ينوب عنه في أذانه أو صلاته ممن يرتضيه الجماعة، وهو على مستواه، بحيث لا يفضل الجماعة الإمام الأصلي عليه، لا شك أن مثل هذا يقوم مقامه، وقد تخلف عن الإمامة بعذر، وطلب العلم لا شك أنه عذر، لكن لا يكون ديدن، إذا كان يعوقه عن صلوات كثيرة يترك المسجد، إن كان طلب العلم يعوقه عن صلوات كثيرة، أما الشيء اليسير فمعفو عنه، هذا معروف كما استثني وقت الظهر من أجل الدوام، فيستثنى مثل هذا على ألا يكون ديدناً وعادة بحيث يخل، أو ينيب من لا ترضاه الجماعة، هذا لا يكفي، لا بد أن ترضى الجماعة النائب كرضاهم به، إذا لم يجد من ينوب عنه، أو الجماعة ما يرضون، فإنه حينئذٍ يلزمه الخروج؛ ليصلي بالناس، لا سيما إذا كان يأخذ على ذلك أجراً، فيلزمه الخروج، لكن عليه أن يحقق المصالح الشرعية في هذا، فيخرج قبيل الأذان، لكن أحياناً الدرس ما يبدأ إلا قبيل الأذان، يعني ينشغل المعلم بأشياء هي نافعة في الجملة، إما إجابة أسئلة، أو شيء من هذا، ثم قبيل الأذان يشرع بالدرس، يكون حضوره للدرس قليل الجدوى بالنسبة له الذي حضر من أجله، يسمع له شرح جملة، وإلا حكم واحد، ثم بعد ذلك نقول له: اخرج من أجل ألا تقع في الحرج والمعصية، فلا شك أن المطلوب من الجميع التسديد والمقاربة، فعلى المعلم أن يلاحظ أحوال المتعلمين، وعلى المتعلم أيضاً أن يتسع صدره لمثل هذه التصرفات، لا سيما وأن العادة جرت بها، يعني يأخذ الأسئلة، لكن من أهل العلم من هو مستقل، ومنهم من هو مستكثر، وجاءت الطلبات من كثير من الإخوان يرون أن الأسئلة تترك بين الأذان والإقامة، تترك بين الأذان والإقامة، وهذا ما سيكون -إن شاء الله تعالى-، يبدأ بالدرس مباشرة، وبين الأذان والإقامة يجاب على الأسئلة.
طالب: لكن أحسن الله إليك لو أخر الخروج لأجل الدرس إلى ما بعد الأذان وهو يعني يغلب على ظنه .... يصلي في مسجده.(31/3)
لا شك أن خروجه بعد الأذان لعذر شرعي، وبقاؤه إلى ما بعد الأذان لعذر شرعي، لكن إذا أمكن العمل بالنصوص كلها تعين، وإذا لم يمكن أقول: إذا لم يمكن لا شك أن النظر في بعض النصوص دون بعض أيضاً له وجه، والترجيح معروف عند أهل العلم، ترجيح المصالح والمفاسد والمفاضلة بين العبادات والفضائل لا شك أنه أمر مقرر عند أهل العلم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن لماذا يشبه طالب العلم أمثال هؤلاء؟ وقد يقتدي به من لا يفعل فعله، والأقوى من ذلك كله مشابهة الشيطان؛ لأنه إذا نودي بالصلاة ولى، فيخشى من المشابهة.
طالب:. . . . . . . . .
يشمله حديث أبي هريرة، لا شك أنه بعد الأذان، وأنا سبق لساني في الكلام قلت: عمار الظاهر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا لا، هو معروف من حديث أبي هريرة.
هناك مفاضلة بين العبادات، وهذا أمر قد يحتار فيه كثير من طلبة العلم، يرد عليه أكثر تتزاحم لديه العبادات بحيث يضطر إلى تفويت بعضها، فما الذي يفعله؟ وما الذي يفوته؟ لا شك أنه يسعى إلى تحصيل الأفضل، والأكثر أجر، وإن لزم عليه فوات الأقل، وإن أمكن الجمع بينها هو الأصل، إذا لم يمكن يفاضل، فهل بقاؤه في المسجد وسماع الدرس بحيث لا يترتب عليه تفويت واجب؛ لأننا لا نقارن واجب بسنة، ولا نفاضل بين واجب وسنة، إنما المفاضلة بين السنن هنا، فإذا كان يدرك الصلاة كاملة، وانتظر لئلا يشبه الشيطان إلى قرب الإقامة بقدر يكفيه للذهاب إلى مسجده، لا شك أن مثل هذا قد يتجاوز عنه، ويبقى بعد أيضاً هيبة النص والخروج من المسجد، ومع الأسف أنه يوجد من طلاب العلم من يدخل المسجد، بل يقصد أن يدخل المسجد للأذان، يعني من المؤذنين غير متوضئ ليكون مبرراً له في الخروج، لكن إذا قصد ذلك وقع في المحظور، كما أنه إذا دخل المسجد من غير وضوء من أجل إسقاط تحية المسجد، إذا قصد دخول المسجد من غير وضوء من أجل أن تسقط عنه تحية المسجد لا شك أنه كمن دخل متوضئاً ولم يصل؛ لأن الوسائل لها أحكام الغايات، والوضوء من أجل التحية حكمه حكم التحية، والله المستعان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
الإيش؟
طالب:. . . . . . . . .
الخروج؟(31/4)
طالب:. . . . . . . . .
هذا هو الموافق لفعل الشيطان، إذا ثوب للصلاة أدبر، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
أي حديث؟
طالب:. . . . . . . . .
فقد عصى أبا القاسم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما في إشكال -إن شاء الله-.
يقول: هناك من يحضر الدرس، ويتحجر مكاناً له في الصف الأول من بعد صلاة المغرب؛ ليصلي فيه العشاء، فلعلكم توجهون هؤلاء بالحكم الشرعي في هذه المسألة؟
مسألة حجز الأماكن، هذا الذي حجز المكان لا يخلو إما أن يحجزه ويخرج من المسجد، أو يحجزه ويبقى في المسجد، أو يحجزه ليعود إليه قريباً، فإن حجزه وبقي في المسجد هذا لا شك أنه سبق إليه، ولم يخرج من المسجد فله ذلك، وكذا إذا سبق إليه ثم خرج وعاد إليه قريباً له ذلك، لكن الإشكال فيمن يحجز المكان ويخرج يصلي المغرب ويخرج ولا يأتي إلا لإقامة العشاء من أجل أن يصلي في الصف الأول، ويدرك أجر الصف الأول، هذا ليس له أن يحجز، بل غيره أحق ممن جاء قبله أحق به منه.
"فإن أذن جنباً أعاد" وعرفنا أن قول الجمهور أنه لا يعيد، ويصح أذانه، والجهة منفكة، النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد فأقام بلال، فتذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه جنب، والناس في الصف بعد إقامة الصلاة، فخرج النبي -عليه الصلاة والسلام- واغتسل ورجع، ولم يحتاجوا إلى إعادة الإقامة الأولى تكفي، ومثل هذه التصرفات لا بد من احتمالها من المأمومين، لا يقال: هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، الإمامة لها شأن في الشرع، وما دام رضيه الجماعة في صلاتهم عليهم أن يتحملوا، ولا يفتئتون على الإمام.(31/5)
بعض الأئمة المسكين من كثر ما يسمع من الجماعة من الإهانات، قد يصلي وهو جنب؛ لأن الضغوط من كثرة تكرار الكلام في الإمام أحياناً الإمام جاء يصلي الراتبة وتحية المسجد خلف المؤذن، وخيار الناس الذين جاءوا وبادروا من الأذان مباشرة تجدهم يتكلمون في الإمام تأخر، وين راح؟ وين جاء؟ هذا لا شك أنه يعني أن الإنسان في مثل هذه الحالة يجلس في بيته إلى أن تقام الصلاة أفضل من أن يتقدم ويتكلم في الناس، بل زادت الفضول من بعض الناس الذين يتقدمون إلى الصلاة، شخص من طلاب العلم دخل وكبر لتحية المسجد أو الراتبة إن كان هناك راتبة وبجانبه شخص كبير السن متقدم جاء مع الأذان، فصار يتأمل في ثوبه، ويحسه بيده، ويقول: يمكن ها المسكين مغلوب بها الثوب عنده أنه زين وهو .. ، يقول هذا: والله ما أدري ويش أنا صليت؟ أنا أضحك وإلا؟ ويش دخله بالثوب هذا؟ صحيح الناس عندهم فضول كثير، لكن هذا أسهل من اللي يتكلم في الإمام ويسبه ويذمه ويشتمه.
واحد من طلاب العلم معروف أنه يتأخر في الإتيان إلى الصلاة، وقد يفوته شيء منها، لكنه إذا صلى جلس في المسجد، وقد يطيل المكث في المسجد، فواحد من الجماعة يكلم الثاني يقول: والله إن فلان ما شاء الله عليه يجلس بعد الصلاة، لكن ما أدري ويش اللي يؤخره عن الصلاة؟ يسولفون، وهو يسمع يعني وراهم هو، قال واحد: هو إذا أطلقته المرأة يبي يجي للمسجد، لكن متى ينطرد المسكين؟ هذا كل هذا وهم جايين من أجل الرباط، وحضور المسجد، وتصلي عليهم الملائكة، وتدعو لهم، لكن يأتون بما يناقض هذه الفضائل، فالتنبيه على مثل هذه الأمور لا بد منه، لا سيما بحضرتهم؛ لأنهم مساكين تجشموا وحضروا وتركوا أعمالهم وأشغالهم وجاءوا إلى المسجد، ثم يخرجون بدون فائدة، بل قد يأثم بعضهم إذا وقع في الغيبة، قد يأثم بعضهم، والله المستعان.(31/6)
يقول -رحمه الله-: "ومن صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد" حكم الأذان والإقامة من أهل العلم من يرى أنهما سنة، ومنهم من يقول بالوجوب، ومنهم من يقول بأنه فرض كفاية، ومن قال بالوجوب وأطلق فمراده فرض الكفاية؛ لأنه لا يلزم كل أحد أن يؤذن ويقيم، لكن في بعض الصور يتناولها الوجوب الذي أطلق، ولا يتناولها فرض الكفاية كالمنفرد مثلاً، المسبوق منفرد، من أهل العلم من قال: إنه يؤذن ويقيم، وإذا قلنا: فرض كفاية اكتفينا بالمساجد ولا عليه شيء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الوجوب فيما يتحقق به الأمر، هذا فرض كفاية فيما يتحقق به الأمر، يعني إذا افترضنا أنه في حي من الأحياء عشرة مساجد وأذن خمسة أو ستة، وسمع أهل الحي كلهم سمعوا الأذان، بقي في حق الباقين سنة، وهذا يستفاد منه أنه إذا تأخر على الأذان، إذا تأخر نام عن أذان الصبح إلى ما بعد ربع ساعة من أذان الناس نقول: لا تؤذن تشوش على الناس، خلاص المقصود حصل، وعرف الناس أن الوقت قد دخل بأذان غيرك؛ لأنه فرض كفاية.
"ومن صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك" وهذا يمشي ويجري على قول من يقول: بأن الأذان والإقامة سنة.
(من) هذه من صيغ العموم تتناول الجماعة وتتناول المنفرد؛ لأن (من) إذا أعيد عليها الضمير مفرداً صارت مفرد، وإذا أعيد عليها الضمير جمعاً صارت للجمع، وقد يعاد عليها عدة ضمائر بعضها مفردة، وبعضها إيش؟ جمع، فيعاد الضمير مفرد نظراً إلى اللفظ، ويعاد الضمير مجموعاً نظراً إلى الجماعة.
"من صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد" يعني هل الكراهة هذه في صلاته "من صلى" شوف الحديث عن الصلاة "من صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد" بمعنى أنه هل مثل هذا الفعل أعني ترك الأذان والإقامة من مكروهات الصلاة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(31/7)
يعني نقول: هل هذا من مكروهات الصلاة؟ لأنه يقول: "من صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد" يعني هل الكراهة متجهة إلى الصلاة أو إلى ترك الأذان؟ والصلاة كاملة إذا أديت بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، لا يخدش في الصلاة ذاتها ترك الأذان والإقامة، وإنما باعتبار .. ؛ لأن الأذان والإقامة ليسا بجزء من أجزاء الصلاة.
نتأمل في العبارة مرة ثانية لأنه يقول: "من صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد" "كرهنا" قلنا: إنه جار على قول من يقول بسنية الأذان والإقامة، وهل يلزم من ترك السنة الكراهة أو لا يلزم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ليس بلازم، وقد يلزم؛ لأن الحدود حد المكروه وحد السنة متضادان، فيلزم من ارتفاع أحدهما وجود الآخر إذا لم يكن له إلا ضد واحد، أما إذا كان له أضداد فلا يلزم، وهذا فرع من مسألة معروفة في الأصول، الأمر بالشيء هل هو نهي عن ضده أو لا؟ وعرف أنه إذا لم يكن له إلا ضد واحد نهي عن ضده، وإذا كان له أضداد فلا.
"من صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد" يعني هل الكراهة دخلت في الصلاة، أو دخلت فيما تركه من عمل والصلاة كاملة إذا أديت بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها؟ ولذا لا يذكر مثل هذا في مكروهات الصلاة، كما أنه لا يذكر تمام المدة في نواقض الوضوء، مدة المسح؛ لأن هذا أمر خارج.
"كرهنا له ذلك ولا يعيد" طيب من أوجب الأذان والإقامة يعيد وإلا ما يعيد؟ نعم؟ لا يعيد على مذهب جماهير أهل العلم في مسألة النهي إذا عاد إلى أمر خارج فإنه لا يؤثر، مع ارتكاب المحظور في ترك المأمور، وهذا معروف، لا يعيد، لكن من أهل العلم من يرى أنه يعيد مطلقاً، ومنهم من يرى أنه يعيد في الوقت، لكن عامة أهل العلم على أنه لا يعيد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ترى لا يعيد ليس خاصاً بالصلاة، لا يعيد يحتمل أنه لا يعيد الأذان مع الصلاة، أو لا يعيد الصلاة فقط؟ ومن لازم إعادة الأذان إعادة الصلاة.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ما يلزم إذا قلنا بالانفكاك، وأن الأذان لغير صلاة ممكن؟ ليش يؤذن؟
طالب:. . . . . . . . .(31/8)
إذا قلنا: "كرهنا له ذلك ولا يعيد" من قال: يعيد ما مراده؟ يعيد الأذان وإلا يعيد الصلاة؟ يعيد الصلاة بالأذان، إذ لا يمكن إعادة الأذان فقط؛ لأن الأذان إنما شرع للصلاة، فإذا لم يطلب الغاية والمقصد لا تطلب الوسيلة، يعني كمن جزم يقيناً أن الناس قد صلوا، هل نقول: اذهب إلى باب المسجد وارجع كما لو أدركت الصلاة؟ نقول: الذهاب إلى المسجد إنما شرع للصلاة مع الجماعة، فإذا فاتت الغاية فاتت الوسيلة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، يعني هل يلزم من هذا ذكر ضمن مكروهات الصلاة ترك الأذان والإقامة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا هذا أمر خارج، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أسمع.
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل الجماعة على القول بوجوبها أو القول باشتراطها أو القول باستحبابها هل لها أثر في الصلاة أو لا أثر لها؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
القول بالاشتراط ما فيها أدنى إشكال أن لها أثر؛ لأنه إذا عاد النهي إلى الشرط بطلت العبادة معروف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الشرط نعم مؤثر، أما ما عداه فالصلاة بحد ذاتها صحيحة ومجزئة وكاملة، إلا أنه ترك واجباً يعاقب عليه.
طالب:. . . . . . . . .
مثله، مثله، قريب منه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هذا أمر خارج، أمر خارج رتب عليه أجر ((صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة)) صلاة الرجل وحده لها أجر، صلاته مع الواحد لها أجر، مع الاثنين مع الجماعة كل شيء له أجره.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هذا أمر ينظر فيه إلى أمر خارج لا لذات الصلاة، لا لذاتها.
على كل حال هذه المسألة معروفة عند أهل العلم، والأمر الخارج هل له أثر أو ما له أثر؟ من أهل العلم من يقول: كل نهي يبطل العبادة، وهذا معروف عند الظاهرية، كل نهي ولو لم يعد إلى الشرط ولا إلى الجزء الذي هو الركن.
"كرهنا له ذلك ولا يعيد" في شيء؟
طالب:. . . . . . . . .
المسبوق؟
طالب:. . . . . . . . .(31/9)
المنفرد هل يؤذن أو لا يؤذن؟ من أهل العلم من يستحب له ذلك، ومن أدلتهم: ((أنه ما من صاحب غنم في شعب من الشعاب يؤذن فيسمع أذانه حجر ومدر إلا شهد له)) وهذا معروف، فيستحب للمسبوق المنفرد أن يؤذن هذا لا سيما إذا كان بعيداً عن المساجد التي أذنت، وأسقطت الواجب، أما الإقامة فهي مشروعة في حق كل أحد، والخلاف في المرأة، المرأة يقول أهل العلم: ليس عليها أذان ولا إقامة، وهل حكمها حكم المنفرد تقيم فقط أو لا؟ أهل العلم يطلقون أنها ليس عليها أذان ولا إقامة، ومنهم من يقول: إن أقامت فحسن لعموم الأدلة.
قال -رحمه الله-: "ويجعل أصابعه مضمومة على أذنيه" هل المطلوب الأصابع أو يجعل السبابتين في الأذنين؟ نعم؟ جاء الخبر بهذا وهذا، لكن خبر جعل الأصبعين في الأذنين أصح؛ لأنه في الصحيح، وأما جعل الأصابع مضمومة على أذنيه هكذا فجاء به خبر لا يقوى على معارضة ما في الصحيح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني يقول هكذا؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هو لا شك أنه .. ، أقول: وضع اليد أو الأصبع في السبابة، أو عليها أجمع للصوت، وأبعد عن التشويش، ولذا ترون كثير من القراء يفعل هذا، يضع يديه على أذنيه، لكن مثل هذا لا أعرف فيه مستند، هم يضعون أيديهم على أذانهم؟ يضعونها.
"يجعل أصابعه مضمومة على أذنيه، ويدير وجهه على يمينه إذا قال: حي على الصلاة، وعلى -يساره أو على- يسرته إذا قال: حي على الفلاح".(31/10)
"ويدير وجهه على يمينه إذا قال: حي على الصلاة" ليسمع من على يمينه الذين أمامه، يسمعون بقية الجمل واضحة، والذين على يمينه يسمعون الصوت أقوى إذا قال: حي على الصلاة، يدير وجهه على يمينه، والذين على يساره يسمعون الصوت أقوى إذا قال: حيا على الفلاح، وماذا عن الخلف؟ الذين هم في الخلف، الصوت ضعيف بالنسبة لهم؟ نقول: هكذا ورد، لكن يوجد ما يحقق المصلحة في الجهات كلها من غير استدارة، وهي المكبرات التي تجعل على الجهات الأربع، فيسمع الصوت من أمامه ومن خلفه ومن عن يساره وعن يمينه على حد سواء، ووجود مثل هذه المكبرات هل يلغي مشروعية الاستدارة؟ لا سيما وأن الأذان في السابق كان على مكان مرتفع، ويسمع الناس أكثر إذا استدار، أما الآن فالعلة قد ارتفعت، بل قد وجد ضدها، ضد العلة؛ لأنه إذا استدار عن المكبر ضعف الصوت، فهل نربط الحكم بعلته ويرتفع معها؟ يعني يقترن بها وجوداً وعدماً؟ إذا كان يزيد الصوت إذا التفت يثبت الحكم كما هو الشأن في ما كان قبل المكبرات، وإذا ارتفعت العلة وحل محلها الضد يضعف الصوت أو ينقطع فهل نقول: إنه يرتفع الحكم بحيث لا يشرع الاستدارة؟ أو نقول: إن الحكم ثابت، وقد يشرع الحكم لعلة وترتفع العلة ويبقى الحكم، كالرمل في الطواف، والخوف للقصر، ارتفعت هذه العلل، وبقيت الأحكام، لكن الحكم ما تأثر بعد ارتفاع العلة، أما في مسألتنا لا شك أن الحكم يتأثر ضعفاً أو مفاده يضعف، فالاستدارة إلى جهة اليمين والشمال لا شك أنها مضعفة للصوت، فهل نقول للمؤذن: لا تلتفت لا يمين ولا شمال، أو نقول: عليك ما ورد، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، وليس عليك من وراء ذلك شيء؟ لكن إن أمكن تحقيق العلة مع اتباع ما ورد فهو الأصل، بأن يكون المكبر متحرك يديره معه، إذا أمكن تحقيق هذه العلة مع المحافظة على أصل الحكم تعين، فإذا كان المكبر يدوي يلتفت به يميناً وشمالاً هذا لا ينازع فيه أحد، وأما إذا ارتفعت العلة .... الصوت، أو نقول: إن العلة معقولة ومعروفة والحكم يدور مع علته؟ وهل العلة مستنبطة أو منصوصة؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
منصوصة وإلا مستنبطة؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(31/11)
لفظها: "أتتبع فاه هاهنا وهاهنا" لكن ما في غيرها، هل قال ذلك لأنه أرفع للصوت؟
طالب: نص على الحكم ليس نصاً على العلة.
إيه ليس نصاً على العلة.
والحكم الذي يدور مع علته وجوداً وعدماً إذا كانت العلة منصوصة، أما إذا كانت مستنبطة فتبقى يعني مؤثرة لها أثرها في الإلحاق والقياس وغير ذلك، لكن لا يدور الحكم معها عدماً.
طالب: ليس هذا من باب الوسائل ...
أيو؟
طالب: اللي هو الاستدارة؟
لا، هو حكم مربوط بعلة، والعلة معقولة، ولذا تجد أن كثير من أهل العلم يفتي بأنه لا يستدير، وأحياناً -وهذا يستعمل، يستعمله بعض الحذاق ممن يريد إلفات النظر- يرفع الصوت أحياناً، ويخفضه أحياناً، وخفضه يثير الانتباه بحيث ينتبه لهذا المؤذن، فأنت إذا سمعت المؤذن بصوت على مستوى واحد، وألفت هذا الصوت أحياناً لا يثير انتباهك، وقد تغفل عن إجابته، لكن إذا كان قوي مرة ثم يضعف أحياناً، تساءل الناس انتهى الأذان، وقف الأذان، انقطع الأذان، ضعف الأذان، ثم يتجه ... ، وهذه من وسائل الدعاية للاستماع، تستعمل في أمور الدين والدنيا يعني ما فيها إشكال، ولعل هذا المأخذ الدقيق الغامض يلوح لبعض الإخوان مثلما لاحي لي، ما أدري والله ...
طالب:. . . . . . . . .
هو المقصود تبليغ من يدعى إلى هذه الصلاة، لكن ألا يحصل التبليغ بثلاث عشرة جملة؟ يحصل، وتبقى السنة المنصوصة نحافظ عليها، ولو ضعف الصوت ويش المانع؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، هو بينخفض تلقائياً من غير تعمد إذا استدار.
طالب: دعنا من الاستدارة يا شيخ لكن ما أشرت إليه ...
لا لا هذا في غير الأذان، هذا في غير الأذان يفعل يعني، حتى بعض كبار الدعاة وبعض كبار المعلمين وغيرهم تجده يثير الحاضرين بمثل هذا، يرفع صوته أحياناً، وأحياناً يخفضه.
طالب: هل يشرع هذا للمؤذن؟
لا لا المؤذن لا؛ لأن المقصود التبليغ، لكن إذا ترتب .. ، أقول: إذا كان أثراً للمشروع فمقبول، ما في إشكال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(31/12)
لا يجوز، ما يرفع الصوت مستواه واحد، لكن هذا أثر مترتب على حكم شرعي، الآن المسألة تقرير المسألة في أصلها، يعني كونه يستفاد من خفض الصوت أحياناً لا أقول: هذا في الأذان، لا، لكن من أثر الحكم الشرعي انخفاض الصوت تلقائياً إذا التفت، الحكم الشرعي يلتفت.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا تقصد لا، الأصل رفع الصوت وإبلاغ الناس، نعم؟
قال: "ولا يزيل قدميه" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كون الصوت ندي، مؤثر في السامع هذا مطلوب، ولذا قال: ((ألقه على بلال، فإنه أندى منك صوتاً)) يعني أجمل صوت، لكن لا يلزم من هذا أن يخرجه عن أصله وسمته، ويدخل عليه بعض الأمور التي لا تجوز من تلحينه بلحون أهل الفسق، أحياناً يؤدى بأمور معروف عند أهل العلم حكمها المنع، فإذا مده مدوداً أكثر مما هو عليه، أو مد حرفاً في الأصل لا يُمد كالباء مثلاً في أكبر، هذا يحيل المعنى، يقولون: أكبار، هذا موجود يعني ما يحتاج أن نمثل له، هذا موجود، أكبار، أكبار هذه جمع كبر وهو الطبل، نعم، هذه حالة الحقيقة غير مقبولة، لا سيما وأن الطبل يكون خبراً عن الله -جل وعلا-، وهذا لا يجوز بحال، وهناك أمور كثيرة يعني، مثلما قلنا في محمداً رسول الله، وعلى كل حال المؤذن عليه أن يتقي الله -جل وعلا-؛ لأن هذه عبادة، وإذا كان لا يعرفها بدقة عليه أن يتعلمها، ما في مانع من أن يتعلم من جديد.
والأمر الثالث: أنه إذا لم يستطع ولسانه لا يطاوعه عليه حينئذٍ أن يعتزل؛ لأن إدخال شيء في العبادة مما لم يشرعه الله -جل وعلا- يعرضها للبطلان.
قال: "ولا يزيل قدميه" بمعنى أنه لا يستدير، قدماه ثابتتان في مكانهما حقيقة أو حكماً، يعني ليس معنى هذا أنه لا يرفع رجله، ثم يعيدها، قد يرفع رجله، وقد يحتاج إلى حك إحدى رجليه بالأخرى، وقد يحتاج، مثل المصلي.
على كل حال لا يزيل قدميه بمعنى أنه لا يتحرك، ومع ذلك قالوا في الأذان والمشي فيه إذا أذن وهو يمشي أو احتاج إلى شيء أمامه قالوا: هو خلاف الأولى، والأذان صحيح، وهو خلاف الأولى، وجاء سؤال عن الأذان ما شي هذا هو.
يقول: يوجد مؤذن مشهور يقيم الصلاة وهو يمشي، وقد نصحته فيقول: هذا ليس فيه شيء؟(31/13)
الأذان والإقامة صحيحان، ولو احتاج إلى أن يمشي خطوات لا مانع إذا دعت إلى ذلك الحاجة مع أنه خلاف الأولى.
الكلام أثناء الأذان، وقد يحتاج إلى الكلام حاجة، أولاً: قد يضطر إليه، وهذا لا شك أنه يجوز له أن يتكلم، إذا اضطر إلى الأذان، كما أنه إذا احتاج إليه يخفف أهل العلم في الشيء اليسير، أما مع عدم الحاجة فلا؛ لأنه يفرق بين الجمل بكلام أجنبي عنها، وقد يسمعه السامع فيظنه من الأذان، فيكون قد زاد على ما شرع الله -جل وعلا-.
المؤذن يقولون: يشترط أن يكون ذكراً بالغاً صيتاً أميناً عدلاً، لماذا؟ لأنه يرتبط به عبادات، بل أركان، يرتبط به الصلاة، يرتبط به الصيام، فالمرأة لا يجوز أن تكون مؤذنة، ولا يصح أذانها.
يختلفون في الصبي المميز، وجاء ما يدل عليه، لكن لا يجوز الاعتماد عليه بمفرده، إذا كان في البلد أو في الحي أكثر من مؤذن يقوم بهم الواجب فأذن صبي لا بأس حينئذٍ، وعلى هذا يحمل ما جاء مما يدل على جوازه.
طالب:. . . . . . . . .
وكذلك منها، يعني ما يلتفت بجسمه كله من أعلاه إلى أسفله إذا التفت حي على الصلاة حي على الفلاح لا يزيل قدميه إنما يلتفت بوجهه.
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا حي على الصلاة الجملتين كلاهما على اليمين، وحي على الفلاح الجملتين كلاهما على الشمال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هذا الأصح.
يقول: "ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول" وجاء الأمر بذلك، وجاء الحث عليه، الأمر به وهو أمر إرشاد لا إيجاب، وجاء الحث عليه، وأن من أجاب المؤذن فإذا قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر ... إلى آخره، ثم سأل الوسيلة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته.
جاء في بعض الروايات: "الدرجة العالية الرفيعة" لكنها شاذة، جاء أيضاً: "إنك لا تخلف الميعاد" وهذه أيضاً حكم عليها جمع من أهل العلم بالشذوذ، وأثبتها بعضهم.(31/14)
"يستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول" وعموم الحديث يقتضي أن يقال كما يقول المؤذن في جمل الأذان كلها حتى في الحيعلتين، لكن جاء التخصيص بأن حي على الصلاة يقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وحي على الفلاح كذلك، والسبب في ذلك أن جمل الأذان أذكار، يثاب الإنسان على قولها، عدا الحيعلتين ليستا من الأذكار وإنما .. ، إنما هي دعاء للصلاة ونداء، والإتيان إلى هذه الصلاة، وأداء هذه الصلاة على الوجه المطلوب لا يمكن أن يتم إلا بإعانة الله -جل وعلا-، فيقول المجيب: لا حول ولا قوة إلا بالله.
التثويب لصلاة الفجر الصلاة خير من النوم مرتين، جاء ما يدل عليه، وذكرنا سابقاً أنه يكون في الأذان الثاني؛ لأن الفجر يؤذن لها مرتين، أولاهما قبل الوقت، والثانية مع الوقت، فإذا دخل الوقت قال: الصلاة خير من النوم، وجاء ما يدل على أنه في الأذان الأول، لكنه محمول على الأذان الثاني وهو أولٌ أولية نسبية بالنسبة للإقامة.
"إذا سمع المؤذن أن يقول كما يقول" والتشبيه هنا كما يقول يدل على أنه عليه أن يحرص أن يؤدي الأذان كما أداه مؤذنه؛ لأن التشبيه مطابقته التامة تكون بالكيفية، وأحياناً المؤذن يمد مداً زائداً، فلا يلزم المجيب أن يمد؛ لأن مد المؤذن فائدته أن يبلغ صوته لأكبر قدر ممكن، وأما بالنسبة للمجيب فإنما هو يذكر الله لنفسه، فلا يلزم منه رفع الصوت كالمؤذن، ولا يلزم منه مده كالمؤذن، أحياناً المؤذن يستغرق أذانه خمس دقائق، أهل العلم يقولون: إذا كان يذكر الله، أو يتلو القرآن، أو يقرأ في كتب علم يقطع هذا كله، ويجيب المؤذن؛ لأن الأذان إجابته تفوت، وهذه الأمور لا تفوت، لكن إذا كان يصلي فلا يجيب المؤذن، وإن استروح بعضهم إلى أن هذه أذكار لا تبطل الصلاة، فيجيب المؤذن، لكن الأرجح عدم إجابة المؤذن أثناء الصلاة.
طالب: ولو كان في طواف -أحسن الله إليك- في طواف أو سعي؟
ما في إشكال.
طالب: يجيب.
يجيب لأنه أباح الله فيه الكلام؛ لأن الكلام مباح في الطواف.(31/15)
إذا كان يقرأ القرآن وأهل العلم يقولون: يقطع القراءة أو يذكر الله، الآن هو في وقت الورد أذان المغرب مثلاً يقطع الذكر، إذا كان يقرأ في كتاب علم، والقراءة في كتب العلم لها حكمها وفضلها، والمؤذن يستغرق في أذانه خمس دقائق، وإجابته تتأدى بنصف دقيقة، هل نقول: يقطع القراءة ويتابع المؤذن من أول أذانه إلى آخره؟ أو نقول: يستفيد من الوقت؟ يتابعه إذا قال: الله أكبر، الله أكبر قال: الله أكبر، الله أكبر، ثم عاد إلى قراءته، ثم بعد ذلك يكمل الأذان؟ لأن بعض المؤذنين في الحرمين يستغرق خمس دقائق الأذان، فمثل هذا هل نقول: ينتظر حتى ينتهي المؤذن؟ وهذا هو الأصل، لكن أنت بحاجة إلى إكمال سورة مثلاً، وتحتاج إلى هذه الدقائق الخمس من أجل إكمالها، فهل نقول: تابع قراءتك أو أقبل على الأذان واترك القراءة لأن وقتها غير محدود ولا يفوت؟ وهذا هو الأصل، هو الأولى، بل لو قال قائل: إن القراءة أو الذكر أثناء إجابة المؤذن فيه إدخال لهذه الأذكار في أذان محدد شرعاً، متعبد بألفاظه، كما منع أهل العلم المؤذن أن يتحدث أثناء أذانه، أو يذكر الله أثناء أذانه بغير جمل الأذان، أو يصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، كل هذا يمنع منه المؤذن، نعم؟ فهل يمنع غيره من مثل هذا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هو يقرأ مثلاً، وباقي عليه يكمل السورة خمس دقائق، وهو في مسجد يؤذن ويقيم، والأذان يستغرق خمس دقائق، هل نقول: يكمل القراءة يجيب الله أكبر الله أكبر، ثم يلتفت إلى مصحفه أو قراءته فيتابع؟ بعضهم وهذا قد نفعله أحياناً، وهو خلاف امتثال الأمر بإجابة المؤذن، وأن يقول كما يقول، أحياناً تترك الإجابة إلى آخر شيء، يترك المؤذن يؤذن حتى إذا ما بقي الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله وبالإمكان أن تفرغ معه.
طالب: سردها جميعاً.
سردها جميعاً، هذا لا يتأدى به الحكم.
طالب: أحسن الله إليك قول: "صدقت وبررت"؟
نعم في التثويب في صلاة الفجر يشمله عموم ((فقولوا كما يقول)) يشمله العموم، والفقهاء من الحنابلة وغيرهم يقولون: إذا قال: الصلاة خير من النوم، قال: صدقت وبررت، بكسر الراء وبررِت، لكن ليس عليه دليل، والبقاء على عموم اللفظ هو الأصل.(31/16)
الأمر الثاني: وهو أن من أهل العلم من يرى أن المجيب يقول: حي على الصلاة، لا حول ولا قوة إلا بالله، عملاً بالنص العام والخاص، ولا تعارض بينهما مع إمكان الإتيان بهما، لكن قوله: ((فإذا قال: حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله)) فإذا قال قال، يدل على أنه لا فاصل بينهما، كما في حديث: ((فإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)) فيدل على أنه لا فاصل بين قول الإمام والمأموم، ولا بين قول المؤذن والمجيب، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب: هل يجيب في الإقامة يا شيخ؟
عموم ((إذا سمع أحدكم المؤذن)) مع أن الإقامة أذان، كما دل عليه قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((بين كل أذانين صلاة)) يدل على إجابة المؤذن في الإقامة، وقال به جمع من أهل العلم، ومنهم من خص ذلك بالأذان المعروف، فلا يجاب مع الإقامة، مع أنه إذا قال: قد قامت الصلاة، قالوا: يقول: أقامها الله وأدامها، وفي المسألة حديث في سنن أبي داود وغيره، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب: في وسائل الإعلام.
متابعة الأذان في وسائل الإعلام إن كان الأذان حياً يتابع.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، إذا كان حياً يؤذن، أما إذا كان تسجيل فلا.(31/17)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (5)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
باب: استقبال القبلة
قال: وإذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً وراكباً يومئ إيماء على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، وسواء كان مطلوباً، أو يخشى فوات العدو ...
سواءً كان مطلوباً أو طالباً.
طالب: ليست عندنا أو طالباً عندك يا شيخ؟
وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو.
طالب: إيه ليست عندنا يا شيخ.
وسواءً كان مطلوباً أو طالبا يخشى فوات العدو.
وعن أبي عبد الله -رحمه الله- رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه أن يصلي إلا صلاة أمنٍ، وله أن يتطوع في السفر على الراحلة.
أمن وإلا آمن؟
طالب: لا صلاة أمن عندنا، عندك آمن؟
آمن، آمن.
طالب: إيه عندنا صلاة أمن.
ما يختلف المعنى، المعنى واحد.
وله أن يتطوع في السفر على الراحلة على ما وصفنا من صلاة الخوف، ولا يصلي على غير هاتين ولا يصلي على غير ... ويش عندك يا شيخ؟
على.
ولا يصلي على غير هاتين الحالتين فرضاً ولا نافلة إلا متوجهاً إلى الكعبة، فإن كان يعاينها ...
في أظهر هنا، في أظهر هنا.
طالب: في أظهر يا شيخ?
أظهر نعم.
إلا متوجهاً إلى الكعبة، فإن كان يعاينها فبالصواب، وإن كان غائباً عنها فالاجتهاد بالصواب ...
فبالاجتهاد.
طالب: فبالاجتهاد؟
بالاجتهاد.
طالب: عندي فالاجتهاد.
لا.
وإن كان غائباً عنها فبالاجتهاد بالصواب إلى جهتها، وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه، ويتبع الأعمى أوثقهما في نفسه ...
والعامي والعامي.
طالب:. . . . . . . . .
ويتبع الأعمى والعامي.
طالب:. . . . . . . . .
هنا ويتبع الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه، هي لا بد من إلحاق.
طالب: سم.
العامي يختلف عن الأعمى.
طالب: الجاهل يشمل العامي ومن دونه.
العامي في هذا الباب، عامي في هذا الباب ولو كان من أعلم الناس، العلم في كل باب بحسبه.(32/1)
طالب: كما عندي: ويتبع الأعمى أوثقهما في نفسه.
إيه،. . . . . . . . . على كل حال لا بد مما يكفي، في حكم الأعمى من لا يستطيع الوصول إلى حقيقة الأمر، نعم.
وإذا صلى بالاجتهاد إلى جهة، ثم علم أنه قد أخطأ القبلة لم يكن عليه إعادة، وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ، أو الأعمى بلا دليل أعادا، ولا يتبع دلالة مشرك بحال، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره، ولا روايته ولا شهادته؛ لأنه ليس بموضع أمانة.
طالب: عندنا مكتوب إلى آخره، يعني واضح أنها ليست من كلام المصنف، إلى آخره.
لا لا.
طالب: عندي إلى يتبع دلالة مشرك بها.
طالب: عجيب، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره ليست عندك؟
التعليل ما هو بعندك؟
طالب: يمكن التعليل أدخل.
لا، هو زيادة من نسخة، زيادة من نسخة.
طالب: عندك يا شيخ؟
إيه عندي موجود.
طالب:. . . . . . . . .
إن كانت من المغني فهي من الشارح، فهي من الشارح وليست من ...
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: استقبال القبلة
استقبال القبلة شرط من شروط الصلاة التسعة التي هي ... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هم يجعلونها آخر شيء النية، استقبال القبلة والنية آخر شيء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بدون ترتيب، الإسلام والعقل والتمييز، نعم؟
طالب: ودخول الوقت، وستر العورة.(32/2)
دخول الوقت، وستر العورة، والطهارة، وزوال الخبث، واستقبال القبلة، والنية، تسعة، لا تصح الصلاة إلا إلى القبلة، وكانت القبلة في أول الأمر إلى بيت المقدس، بحيث كان النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل الهجرة يجعل بينه وبين بيت المقدس الكعبة، فلما هاجر إلى المدينة -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر، ثم حولت القبلة، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتشوف إلى تحويلها في أول الأمر، كان يرغب في موافقة أهل الكتاب تأليفاً لهم، ثم لما أيس منهم تشوف إلى تحويل القبلة إلى الكعبة {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [(144) سورة البقرة] فأمر باستقبال الكعبة، ونسخ استقبال بيت المقدس، وهذا من نسخ السنة بالكتاب، ومن أهل العلم من يرى عدم النسخ في مثل هذا إذا اختلفت المرتبة سنة بكتاب، أو كتاب بسنة، الأضعف لا ينسخ الأقوى، والعكس عند بعضهم، إلا أن السنة في مثل هذا الأمر قطعية، مثل هذا الفعل هل يقال: إنه ظني؟ بل هو قطعي، هذا العمل المتواتر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في جميع صلواته هذه المدة الطويلة إلى أن نزل الناسخ لا شك أنه قطعي الثبوت، وقطعي الدلالة باتجاهه إلى تلك الجهة -عليه الصلاة والسلام-، فالقطعي عند أهل العلم ينسخ القطعي، والخلاف القوي في الظني هل ينسخ القطعي أو لا؟ الأكثر على أنه لا ينسخ، ومنهم من يقول: إن النصوص إذا صحت وثبتت عن الشارع جاز نسخ بعضها ببعض، ويستدلون على ذلك بمثل حديث عبادة بن الصامت: ((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) قالوا: هذا ناسخ لقول الله -جل وعلا-: {حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [(15) سورة النساء] جعل الله لهن سبيلاً بالحديث هذا.(32/3)
ومنهم من يقول: إن هذا ليس من باب النسخ وإنما هو من باب البيان، الآية مجملة تحتاج إلى بيان بينت بالحديث، وعلى كل حال إذا صح الخبر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو شرع ملزم يجب العمل به، ولم يخالف في ذلك أحد ممن يعتد به من أهل العلم، وطوائف البدع هذه لا عبرة بها الذين لا يرون العمل بخبر الواحد، وإذا وجب العمل به جاز أن ينسخ ويُنسخ ما دام ثبت عن الشرع.
القبلة الثابتة بيقين إلى بيت المقدس حولت بخبر واحد بالنسبة لأهل قباء حين جاءهم وهم يصلون صلاة الصبح، فأخبرهم أن القبلة قد حولت، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى الكعبة، فاستداروا كما هم، قبلوا خبره إلا أن أهل العلم يرون أن هذا خبر احتفت به القرائن، فيدل على القطع، يفيد العلم اليقيني، احتفت به قرينة، الصحابة كلهم يعرفون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يتشوف إلى تحويل القبلة من جهة بيت المقدس إلى الكعبة، لا سيما بعد نزول قوله -جل وعلا-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء} [(144) سورة البقرة] يتشوف إلى تحويل القبلة ثم حولت، فهذه قرينة على أن خبر هذا الواحد يقين، خلافاً لمن لا يقبل مثل هذا الخبر، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ما لامهم، ولا قال لهم: أعيدوا الصلاة، وأما من لم يلتفت إلى هذه القرينة قال: إن خبر الواحد ينسخ القطعي المتواتر، القبلة والاتجاه هذا الاتجاه إلى الكعبة ... ، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هم يرون لا بد أن يكون المنسوخ أضعف من الناسخ.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [(106) سورة البقرة] فخبر الواحد ليس بخير منه.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال قول جمهور أهل العلم هذا ما أحد ...
طالب:. . . . . . . . .
لا لا قول له هيبة ما في إشكال، لكن كون الراجح غيره أو ... ، لا هذا شيء ثاني هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا عاد التخصيص أمره أسهل، النسخ الجزئي ما هو مثل الكلي.
طالب:. . . . . . . . .(32/4)
القبلة بالنسبة للصلاة شرط من شروطها لا تصح إلا بها، إلا بالاستقبال {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} [(144) سورة البقرة] والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى جهة الكعبة بعد النسخ، ونقل عنه ذلك نقلاً مستفيضاً متواتراً، ولا خلاف في كون استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة إلا في الصور التي ذكرها المؤلف وغيره.
أهل الكتاب يتجهون إلى قبلة، فاليهود قبلتهم؟ نعم؟ {وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} [(87) سورة يونس] ويش معنى قبلة هنا؟ متقابلة، هذا قول كثير من أهل التفسير، فيجعلون بيوتهم متقابلة، وعلى هذا فلا دخل للصلاة في هذا، ومنهم من يقول: إن بيوتكم يعني مساجدكم، اجعلوها متجهة إلى جهة القبلة، والمراد بالقبلة قبلتهم، ولا يعني أنهم يصلون إلى الكعبة قبلتنا، والنصارى يتجهون إلى جهة؟ نعم؟ الشرق.
على كل حال الذي يهمنا ما هو شرط في صلاتنا وهو استقبال القبلة إلى الكعبة المشرقة إلى عينها لمن تمكن من ذلك، ممن هو بقربها بحيث يراها، وإلى جهتها إذا كان لا يتمكن من إصابة العين، شطر يعني جهة، نحو {شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] جهة المسجد الحرام.
التولي والاستقبال إلى عين الكعبة لمن استطاع ذلك هذا متفق عليه، ممن هو داخل المسجد، لكن يحصل في هذا حرج كبير مع أنه لا خلاف فيه أن من كان في داخل المسجد ففرضه إصابة العين، عين الكعبة، أحياناً يكون أمامه صفوف كثيرة، وأحياناً يكون في مكان لا يستطيع الرؤية يحول دونه أعمدة، أو في مكان لا يتسنى له ذلك في الأدوار المرتفعة عن الكعبة، لا سيما الصفوف المتأخرة، فهل نقول: إنه ما دام في سور المسجد لا بد من إصابة العين، أو نقول: حكمه حكم البعيد؟ هم يذكرون -أهل العلم يذكرون- أن من كان في داخل المسجد ففرضه إصابة عين الكعبة.
طالب: ألا يقال يا شيخ: إن كان ما يهتدي به كخطوط أو علامات أو أن الفرش ...
الفرش يتصرف فيها.
طالب: لو فرضنا.
الفرش يتصرف فيها، كثير ما ضل الناس بسبب تصرف بعض الناس، تجده يسحب الفراش من أجل العمود يصلي الناس على هذا.(32/5)
طالب: ألا يخشى عليه من الإثم لأنه يفسد على الناس صفوفهم؟
هو ما استحضر هذا أبداً، ولا جال بخاطره أنه ... ، هو جر ها الفراش من أجل أن يستند إلى العمود، وصلوا الناس عليه، هؤلاء صلاتهم باطلة بلا شك.
طالب: لكن إذا كان ثم خطوط يا شيخ؟
ترى الانحراف اليسير في مثل هذه الخطوط قد لا تصيب العين معه، وكثير من الناس. . . . . . . . . لا يكترثون لمثل هذا، بعض الناس يصلي وهو في صحن الحرم إلى غير الكعبة، كثير من الناس لا يهتم ولا يكترث مع أن هذا شرط، الصلاة بدونه باطلة، فعلى الإنسان أن يتحرى، وأحياناً لا يتسنى للإنسان إصابة عين الكعبة إلا إذا ركع الناس، قد يكبر تكبيرة الإحرام إلى غير الكعبة، ثم يتابع الإمام في قراءة الفاتحة والسورة ثم إذا ركع الإمام رأى أن الكعبة عن يساره أو عن يمينه، عليه أن يستأنف مثل هذا، يجب عليه أن يستأنف، أما إذا استمر أمره بعد اجتهاده ومسامتة الناس في صفهم وكذا القول بإعادة الصلاة في مثل هذا فيه عنت، لكن على الإنسان أن يتحرى؛ لأن هذه صلاة رأس المال، أعظم الأركان بعد الشهادتين، فعليه أن يهتم لذلك ويتحرى، إصابة العين لا بد منها لمن تمكن من ذلك، وأما من عدا ذلك فيكفيه الجهة {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة].
وفي الحديث المخرج في السنن: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) وهذا الخطاب خاص بأهل المدينة، وما سامتها، بحيث إذا جعل المغرب عن يمينه، والمشرق عن شماله أصاب جهة الكعبة، يعني سواءً كان في المدينة أو في الشام مثلاً جهة الكعبة بين المشرق والمغرب، وبالمقابل من كان الجهة الجنوبية يعني شِمال الكعبة، شِمال لا أقول: شَمال، جهتها اليسرى، إيه، من جهة اليمن وما والاها كذلك بين المشرق والمغرب، لكن يجعل المشرق عن يمينه، والمغرب عن يساره، أما من كان في نجد مثلاً، أو في مصر والمغرب فإن جهتهم وقبلتهم ما بين الشمال والجنوب.
ابن المبارك يقول: ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق، يتصور هذا وإلا ما يتصور؟ لا هو يقصد بالمشرق هنا العراق، والعراق في الجهة الشمالية الشرقية.(32/6)
قول أهل العلم: يكفي في ذلك إصابة الجهة هل يتسع لمثل هذا الطول بين المشرق والمغرب، أو أنه يحرص على أن يكون إلى جهتها بالأدلة المعروفة التي ذكرها أهل العلم، ولا يتسع الأمر لمثل هذا؟ لكن النص يقضي على الجميع، يعني لو صلينا إلى جهة زاوية المسجد هنا، أو زاويته هنا، الحديث يتسع لمثل هذا وإلا ما يتسع؟
طالب: الحديث يتسع ....
هاه؟
طالب: ظاهر النص يتسع ...
إيه؛ لأنه بين جهتين متقابلتين، فالحديث فيه سعة، ولا شك أن هذا مناسب لأحوال الناس، كثير من الناس لا يستطيع أن يهتدي إلى الجهة القريبة من إصابة العين، وإن كان بعض الناس بالعلامات عنده من الدقة ما يستطيع أن يصل به إلى ما يقارب الجهة، إلى ما يقارب إصابة العين، فهذه السعة مناسبة ليسر الشريعة، لكن ليس معنى هذا أن الإنسان إذا وجد محراب جعله في يساره وكبر، أو في يمينه وكبر، يقول: تكفي الجهة، أهل العلم يقولون: من وجد محاريب إسلامية عمل بها؛ لأنها في الغالب يعني أن المسلمين يهتمون بهذا الأمر، ولا يقررون جهة المحراب إلا بتحري، إلا بعد التحري، وإن كان بعض الجهات كانوا يصلون إلى جهة، ثم بعد ذلك تبين لهم أن ذلك الجهة إما يمين القبلة، أو جهة الشمال اليسار، فعدلت المحاريب، وعدل الاتجاه، وتعديل يعني ليس باليسير، تعديل كبير يعني في مساجد في جهة القصيم عدلت تعديل بين، واضح، وفي الرياض، وفي جهة حائل، وكان ينقل عن الشيخ ابن بليهد -رحمه الله- أنه يقول: إن أهل القصيم جهتهم يقول: متيامنين جداً، يعني مايلين إلى جهة اليمين، وأهل حائل متياسرين، والقبلة بينهما، وعدلت على ضوء هذا.
طالب: الآن لما ظهرت وسائل يمكن أن تحدد بها القبلة بالدقة.
إن كانت لا تخطئ ويش المانع؟ إن كانت لا تخطئ.
طالب: لكن إذا كانت مع الإنسان.
لكنها غير ملزمة.
طالب: هذا السؤال.
غير ملزمة، وسائل حديثة غير ملزمة {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [(7) سورة الطلاق].
طالب: إذا كانت مع الإنسان موجودة معه هذه الأجهزة، ومدخل فيها إحداثية الكعبة، ويمكن أن يتوصل إلى الكعبة بالدقة.
على كل حال إذا اطردت نتيجتها لا مانع، مثل الدرابيل والمناظير التي ينظر بها، يرى فيها الهلال.(32/7)
طالب: لكن إذا كانت معه ولنفترض أنه خارج البلد، هل يلزمه أن يعمل بها، وإلا يكفي أن يصلي إلى الجهة ويجتهد؟
يكفي، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها.
طالب: ولو كانت معه؟
ولو كانت معه، يعني لو معك دربيل هل يلزمك أن تنظر إلى الهلال ليلة الثلاثين؟ ما يلزمك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، معروف، معروف، هذا ما هو بيسير، يعني تعديل الجهة في بعض المساجد رأينا اختلاف كبير جداً، والإشكال أنه يحصل نزاع، تعدل الجهة من قبل الجهات المسئولة ثم يصر أهل المسجد أن يصلوا إلى الجهة القديمة ثقة بمن قررها ووضعها، والله إحنا على جهة أحضرنا الشيخ فلان العالم الجليل المقتدى به الذي تبرأ الذمة بتقليده، وقرر لنا هذا، وهو مشهود له بالعلم والمعرفة والخبرة، ويستدل بالعلامات التي وضعها أهل العلم بالنجوم وغيرها، على كل حال إذا .. ، الاجتهاد أمره سهل -إن شاء الله-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال المسجد النبوي قطعية قبلته.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، المسجد النبوي النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقر على خطأ، وأهل العلم يتفقون على هذا، يتفقون على أن قبلة المسجد النبوي قطعية، ما عداه اجتهاد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن من الذي قرر أن هذه هي القبلة؟ يعني اطلع عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأقره؟ ما اطلع عليه، وهو مثل مسجد جواثى بالأحساء، صلي فيه على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن لا يلزم أن يصيب عين الكعبة.
طالب: ومسجد قباء يا شيخ هل يقال فيه ما يقال في المسجد النبوي؟
مسجد قباء الذي أسسه النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: هل يقال كذلك يقال: إن قبلته قطعية؟
إيه، لكن تأسيسه قبل تحويل القبلة، لكن يرد على هذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يأتيه في كل سبت ويصلي فيه، نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقر على خطأ، لكن قد يقول قائل: إن إصابة الجهة ليست خطأ، أن إصابة الجهة ليست بخطأ.
طالب: هي فرض.
هي فرض البعيد، مسجد قباء يمكن يصير إلى الجهة، لكن يرد عليه ما يرد على المسجد النبوي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بعد ذلك، ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، إيه.
طالب:. . . . . . . . .(32/8)
لا لا هو قبلته -عليه الصلاة والسلام- ومحرابه ومنبره كلها معروفة، معروفة متوارثة ما فيها إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، متوارثة، هناك تواتر يسميه أهل العلم تواتر العمل والتوارث، وهذا منه.
قال -رحمه الله-: "وإذا اشتد الخوف" صلاة الخوف معروفة، وعقد لها المؤلف باباً مستقلاً يأتي -إن شاء الله تعالى-، وصحت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على أوجه، فإذا كان العدو في غير جهة القبلة، أما إذا كان في جهة القبلة فلا تدخل معاً، إذا اشتد الخوف وهو مطلوب، ابتدأ الصلاة إلى القبلة، صلاة الخوف على ما سيأتي مشروعة بالكتاب والسنة وبعمل الصحابة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، مما يدل على عدم نسخها، وعدم اختصاصها بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، خلافاً لأبي يوسف الذي يقول: إن صلاة الخوف لا تفعل بعده -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ} [(102) سورة النساء] لكن معروف أن الخطاب له ولأمته {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] لا يعني أن الزكاة لا تؤخذ بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- وهكذا.
إذا اشتد الخوف بحيث لا يتمكن المسلمون من أداء الصلاة بشروطها التي منها استقبال القبلة، والحديث عن الاستقبال الذي قد يكون العدو في غير جهة القبلة، فيستحيل حينئذٍ الاستقبال مع مراقبة العدو، وهو مطلوب يعني يطلبه العدو، مفهومه أنه لو كان طالباً هو الذي يطلب العدو فلا؛ لأنه بإمكانه أن يأتي بالصلاة على وجهها.
يقول: "وهو مطلوب" ويأتي بعد قليل "وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" كيف يقول في أول الأمر: وهو مطلوب، ثم يقول: وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو؟ أما بالنسبة للمطلوب فهذا ظاهر، لا يتمكن من استقبال القبلة، وأما بالنسبة للطالب فيتمكن من استقبال القبلة في صلاته كلها، ثم يلتفت إلى عدوه.(32/9)
المطلوب لا يستطيع، إن استقبل القبلة والعدو من جهة اليمين أو الشمال أو الخلف قد يبغته وهو في صلاته، هذا المطلوب، وأما بالنسبة للطالب فبإمكانه إذا سلم من صلاته أن يلحق بعدوه، وفي نفس الباب أو الفصل يقول: "وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" فإما أن نقول: إن قوله: وهو مطلوب يخرج الطالب الذي لا يخشى فوات العدو، المطلوب ما فيه إشكال، وأما بالنسبة للطالب فلا يخلو من حالين: إما أن لا يخشى فوات العدو، وهو المفهوم من القيد الأول، أو يخشى فوات العدو وحينئذٍ يدخل فيما صرح به فيما بعد سواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو، وبهذا تلتئم العبارتان.
اختيار أبي بكر غلام الخلال أن حكم المطلوب يختلف عن حكم الطالب، ماذا يقول؟
الحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله.
قال -رحمه الله تعالى-:
المسألة الحادية عشر:
قال الخرقي: إذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً وراكباً يومئ إيماءاً على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو وهي الرواية الصحيحة؛ لأن المقصود الاحتراز والنكاية بالعدو، فإذا جاز تركها للتحرز كذلك النكاية، والثانية: لا يجوز، اختارها أبو بكر، وبها قال أكثرهم؛ لقوله تعالى: {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} [(239) سورة البقرة] فشرط الخوف في ذلك، وهو في هذه الحالة آمن، انتهى.(32/10)
فإن خفتم والطالب ليس بخائف بخلاف المطلوب، على أنه يمكن أن يقال: إن الخوف أعم من أن يكون على النفس أو على فوات المقصود، مع أن الأمن اشترط للقصر فقد يشرع الحكم لعلة فترتفع العلة، ويبقى الحكم، وهذا نظيره، فيكون لكلام المؤلف وجه، ولا شك أن فوت العدو، وإفلاته من يد المسلمين بعد أن تجهزوا لغزوه فوات أمر مقصود شرعاً، ومطلوب شرعاً، فكلام المؤلف سواءً كان طالباً أو مطلوباً متجه، هو المتجه أما كون المسلمين يهتمون لغزو عدوهم، ويهتمون له، ويبذلون في سبيله ما يستطيعون، ثم بعد ذلك يفوتهم ويفرط بهذا العدو المقدور عليه بسبب استقبال القبلة، لا شك أن مثل هذا يفوت مصلحة عظيمة راجحة فرط بسبب الجهاد والغزو بكثير من الأركان، بل بصورة الصلاة، واكتفي منها بأقل القدر المجزئ الذي لا يجزئ بحال في حال الأمن، يعني الصلاة أحياناً يكتفى فيها بالإيماء في حال المسايفة، وأحياناً يكتفى بأي جزء منها بركعة، فلئن يفرط بشرط من الشروط لهذا المقصد العظيم الجليل من باب أولى، وحينئذٍ يتجه قول المؤلف: "سواءً كان طالباً أو مطلوباً" نعم؟
طالب: أقول: قوله تعالى: {فَإنْ خِفْتُمْ} [(239) سورة البقرة] التي احتج بها أبو بكر ألا يمكن أن يدخل فيها خوف فوات العدو؟
نعم أنا أقول: الفوات أعم من أن يكون على النفس، فوت المقصود والهدف خوف، وأيضاً مسألة القصر اشترط فيها الخوف {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] ومع ذلك القصر مشروع وإن ارتفع الخوف؛ لأن هذا الحكم من الأحكام التي شرعت لعلة، فارتفعت العلة، وبقي الحكم.
"وإذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً أو راكباً" و (أو) هذه كما في النسخة المشار إليها المخطوطة (أو) هذه للتقسيم "وأذن بالناس في الحج يأتوك رجالاً أو ركباناً" فـ (أو) هذه للتقسيم قسم يأتي كذا وقسم يأتي كذا، قسم يأتي راكب، وقسم يأتي راجل، والواو أيضاً سائغة في مثل هذا؛ لأنها للمغايرة، فالرجال غير الركبان، رجالاً وركباناً، يعني تأتي بمعنى (أو) و (أو) تأتي بمعنى الواو أيضاً "ربما عاقبت الواو" كما يقول ابن مالك.(32/11)
"تدع الصلاة إلى القبلة" شوف استفتح الصلاة إلى القبلة ثم ينحرفون إلى جهة غيرها، التي هي جهة العدو، "راجلاً أو راكباً" لئلا يقال: إن الراجل يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك، أن يستفتح إلى القبلة، ويركع إلى القبلة، ويسجد إلى القبلة، نقول: يكتفى بافتتاح الصلاة وابتداء الصلاة إلى جهة القبلة "وصلى إلى غيرها، راجلاً أو راكباً" يعني يستوي في ذلك الراجل الذي يسهل عليه استقبال القبلة في حال الركوع والسجود، والراكب الذي يصعب عليه ذلك.
ابتدأ الصلاة إلى القبلة، هذه رواية معروفة في المذهب، وبها قال جمع من أهل العلم، سواءً كانت الصلاة في خوف، أو في حال التطوع على الراحلة على ما سيأتي، يستفتح ويبتدئ إلى جهة القبلة، هذه رواية معروفة في المذهب، ومنهم من يقول: إنه لا يلزم ولا الاستفتاح إلى جهة القبلة؛ لأن هذا قد يشق.
الآن إذا كانت السيارة متجهة من مكة إلى الرياض القبلة في ظهره، خلفه القبلة، فنقول: إذا افتتحت الصلاة صلاة النافلة عليك أن تستقبل القبلة، تخرج من الخط من الطريق تستقبل القبلة ثم تنحرف إلى جهتك، لا شك أن هذا فيه مشقة، لكن إن أمكن بغير مشقة فهو الأولى، وهو الأحوط والأبرأ، ولذا يستثنون الصلاة على القاطرة، في كتب الفقه يستثنون من الاستفتاح إلى جهة القبلة الصلاة على القاطرة؛ لأنه يشق الاستقبال في حال الافتتاح، القاطرة معناها الإبل المقطورة المربوط بعضها ببعض، ومعناها هذا هو معناها، الإبل المربوط بعضها ببعض، وفي حكمها القاطرة الجديدة المستحدثة المخترعة في العربات المربوط بعضها ببعض.
هناك ألفاظ يظنها كثير من الناس جديدة مثل القاطرة هذه، مثل الفنادق، الفنادق يظنها الناس مستحدثة، وهي قديمة عند .. ، يعرفها أهل العلم، وذكروها في كتبهم، وذكروا أحكامها.
إذا كان يشق الاستقبال إلى جهة القبلة في الافتتاح، فالقول الثاني يحتمل الرجحان في مثل هذه الصورة، لكن إن أمكن من غير مشقة أن يستقبل القبلة فالخروج من الخلاف مطلوب.
طالب:. . . . . . . . .
أي قاطرة؟ قاطرة إبل وإلا قاطرة ... ؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا إن أمكنه أن يستقبل القبلة ما تصح صلاته، يستقبل القبلة في كل صلاته.
طالب:. . . . . . . . .(32/12)
حتى النافلة إيه، إذا أمكنه، لكن إذا ما أمكنه مثل كراسي اتجاهها معروف، ولا يستطيع أن يعكس الاتجاه هذا أمر فيه سعة، إن أمكنه من غير مشقة فهو الأصل، لكن إن أمكنه أن يستقبل القبلة في جميع صلاته هذا هو الأصل أيضاً، مثل لو كان في سفينة، أو سيارة واسعة المراتب شايلينها، ويستدير حيثما دارت القبلة، هذا هو الأصل؛ لأن الرخصة في الصلاة على الراحلة إنما هو خلاف الأصل، وسيأتي الكلام في هذا.
"وصلى إلى غيرها راجلاً أو راكباً، يومئ إيماءً على قدر الطاقة" يأتي بما يستطيع من العبادة، والقدر المستطاع لا بد منه، إذا كان مقصوداً لذاته، كما في القاعدة المقررة عند أهل العلم؛ لأن من عجز عن بعض العبادة واستطاع البعض يأتي بما يستطيع إذا كان مقصوداً في العبادة، أما إذا كان مما يثبت تبعاً للمعجوز عنه فلا يأت به، يعني عاجز عن القراءة نقول: حرك شفتيك؟ نعم؟ ما نقول: حرك شفتيك، كما قالوا في الأصلع في الحج من أهل العلم من يقول: يمر الموسى على رأسه، نقول: ما يلزم يا أخي، إن إمرار الموسى ليس مقصوداً لذاته، وإنما هو تبع للمعجوز عنه.
"يومئ إيماءً على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه" يعني مثل العاجز عن القيام يصلي جالس ((صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) القاعد هذا يجعل ركوعه أعلى من سجوده؛ لأن بعض الناس خلاص حافظ له جملة، وإذا جيء به بسرعة مشى على .. ، يعني عندنا مر بنا في الدرس الماضي هنا يقول: إن وضع الخطوط فوق الجمل التي يراد التنبيه إليها هي عادة أسلافنا، معروف أن الكتب القديمة الطبعات القديمة الخط فوق الكلمة المهمة، المخطوطات كلها بدون استثناء، الخط يجعله أهل العلم والنساخ فوق الكلمة، والناس تتابعوا تبعاً للمستشرقين وضع الخط تحت الكلمة، وذكرت أنا في الدرس الماضي أو الذي قبله أنه مرة في الأسئلة قلت: اشرح الكلمات التي فوقها خط، فالطلاب جلهم شرحوا الكلمات التي فوق الخط، لا التي تحت الخط، جرياً على العادة.
فنقول: يجعل ركوعه أعلى أو أرفع من سجوده، والمؤلف يقول: "يجعل سجوده أخفض من ركوعه" لتتميز العبادات بعضها عن بعض، ولو جعلنا الركوع مثل السجود ما تميزت.(32/13)
"وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" على ما تقدم.
"وعن أبي عبد الله -رحمه الله- رواية أخرى" أبو عبد الله هو الإمام، إمام المذهب، الإمام المبجل أحمد بن محمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- "رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه أن يصلي إلا صلاة آمن" لأنه بإمكانه أن يؤدي الصلاة وهي أعلى مطلوب، وآكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، ثم بعد ذلك يلتفت إلى عدوه، وهذه الرواية سبق الكلام فيها، وهي التي يرجحها أبو بكر غلام الخلال.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، على كلامهم أنه لا يصلي إلا صلاة آمن، على الرواية الثانية، لكن إذا رجحنا الرواية الأولى التي اختارها المؤلف، وقلنا: إن أقل الأحوال أن يستقبل القبلة، لكن مع ذلك يلاحظ فيه المشقة.
طالب:. . . . . . . . .
الخوف معروف، لا يحتاج إلى تفسير، والمخوف متعدد، سواءً كان عدواً من آدمي أو حيوان سبع صائل أو ماء غرق، أو نار أو ما أشبه ذلك، كل هذا مخوف.
يبقى الخوف الموهوم، بعض الناس يتوهم أن هذا المكان مخوف، أو يخاف في الظلام مثلاً، فهل يلحق به أو لا يلحق؟ يعني ليس بخوف حقيقي، وإنما هو متوهم، فهل يصلي صلاة خوف، ولا يخرج لطلب الماء، ويقال: إنه خوف، مبرر لترك مثل هذه الأمور؟ معروف أن أهل العلم عامتهم يعلقون الحكم بالأمر المحقق، وأنه لا مدخل إلى الأوهام في مثل هذا، مع أن بعض الأوهام بالنسبة لبعض الناس أشد من الخوف المحقق عند بعضهم.
يقول -رحمه الله-: "وعن أبي عبد الله -رحمه الله تعالى- رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه إلا أن يصلي إلا صلاة آمن" يعني يأتي بالصلاة كاملة بشروطها وواجباتها وأركانها، ولا يتنازل عن شيء من صلاته؛ لأنه لا يسمى خائف، ولا يدخل في الخوف، والمقصود بالخوف الخوف على النفس، وإذا قلنا بالمعنى الأعم بالنسبة للخوف فالذي يخاف فوت المطلوب خائف.(32/14)
هناك خوف لكنه لا يصل إلى حد تضيع فيه الصلاة، وتؤدى على غير وجهها الشرعي، في صلاة الخوف {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(103) سورة النساء] يعني أتوا بها على الوجه المطلوب {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(103) سورة النساء] هناك خوف من غريم مثلاً، عرفنا أن الخوف من عدو، من صائل، سبع وإلا ماء، وإلا يخشى غرق، يخشى حرق، يخشى من انهدام بيوت، أو ما أشبه ذلك، أو سقوط شيء يغلب على الظن سقوطه، هذا لا شك أنه خوف ومبرر، لكن خوف غريم، غريم طالب أو مطلوب؟ يقول: إن صليت صلاة كاملة واتجهت إلى القبلة وركعت وسجدت يفوت هذا الشخص الذي هو غريم بالنسبة لي، هل هذا مبرر لئن يتنازل عن جوهر الصلاة؟ لا، ليس بمبرر، ولذا يتحايل بعضهم فإذا رأى الغريم الدائن كبر حتى يخرج، يطيل الصلاة، وقد يتحايل الدائن، فإذا رأى غريمه وأراد أن يطمئنه كبر، وهو لا يريد الصلاة، فإذا اطمأن؛ لأنه يحسب حساب الصلاة، هذا مسلم كبر، والصلاة أقل شيء ركعتين، يعني بدقيقتين، يعني ما يلزم أن تكون سرعته بقدر سرعته لو كان غريمه خارج الصلاة، ولذا أدخل الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- الصلاة في كتاب الحيل، باب الحيل في الصلاة، وأشكل أمر إدخال الصلاة في الحيل على كثير، بل على جميع الشراح، يعني أنا ما وجدت جواب كافٍ إلا أن يمكن هذا، فلا شك أنه إذا كان الدائن يخافه المدين ثم بعد ذلك يصلي صلاة خوف، خوفاً من دائنه أن يطالبه بالدين، أو يتسبب في إذائه بسجن ونحوه، هل يكون هذا مبرر مثل خوف العدو أو مثل خوف السبع والغرق والحرق؟ لا، هذا لا يبرر له أن يصلي صلاة خوف، هذا إذا كان مطلوباً فضلاً عن أن يكون طالباً.
"وله أن يتطوع في السفر على الراحلة".
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(32/15)
هذا لم يرد به وجه الله، لكن على حسب ما وقر في قلبه، إذا كان يخشى من غريمه أنه يؤذيه أو يسجنه وتحايل بمثل هذا لا شك أن أمره أخف ممن لا مبرر له، ويذكر عن أبي حنيفة -ولا أخاله يثبت عنه- أن شخصاً فقد مالاً فجاء يستشير أبا حنيفة، فقال: صل ركعتين تذكر -إن شاء الله-، ما يمكن يثبت هذا عن الإمام، وإن تداوله الناس، ولاكته ألسنتهم، ودون في الكتب، هذا موجود، لكن ما يمكن إمام كأبي حنيفة يرشد إنسان إلى أن يصلي من أجل الدنيا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، هذه مرجحات للرواية الثانية، هذه مرجحات للرواية.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، لوجود المعنى المنطوق فيه، هذا خوف كله خوف، هذه مرجحات للرواية الثانية، هذه مرجحات للرواية التي اختارها المؤلف.
ثم قال -رحمه الله-: "وله أن يتطوع في السفر على الراحلة على ما وصفنا من صلاة الخوف" له أن يتطوع، يعني يجوز له أن يتطوع، يعني نفلاً لا فرضاً، وجاء في الحديث الصحيح: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يوتر على الراحلة، ولا يفعل ذلك في الفريضة، وهذا من أدلة الجمهور على أن الوتر ليس بواجب؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يصلي على الراحلة الفريضة، ويوتر إذاً الوتر ليس بواجب ليس بفريضة.(32/16)
"وله أن يتطوع في السفر" فليس له أن يتطوع في الحضر، مع أنه قد يحتاج إليه، قد يحتاج إلى ذلك، صلى المغرب، وزيارة مريض مثلاً في مستشفى، تنتهي بعد الصلاة بمسافة الطريق فقط، ولو تنفلت صليت الراتبة فاتت زيارة المريض، فأتنفل في السيارة، الجمهور على أنه ليس له أن يتنفل على الراحلة في الحضر، وإن ذُكر عن أنس -رضي الله عنه- أنه كان يفعله، ولا شك أن أمر التطوع مبني على التيسير والتخفيف، التيسير في أداء العبادة، بمعنى أنه يتجاوز عن بعض الأركان في النافلة دون الفريضة، كالصلاة من قيام مثلاً، الصلاة من قعود صحيحة إذا كان نافلة على النصف من أجر صلاة القائم، لكن الفريضة لا تجوز بحال، وبعضهم يطرد هذا التيسير والتسهيل والتخفيف بالنسبة للنافلة إلى ما تثبت به يعني فرق بين أن نقول: مبنى التطوع على التخفيف، يعني في الأداء، والفرض يحتاط له أكثر، وبين أن نثبت نافلة تطوع بما لا تثبت به الفريضة من خبر لا يصلح للاحتجاج، يعني من أهل العلم يقول: النافلة مبناها على التخفيف، فنخفف من كل وجه، يعني نثبت نافلة تطوع بخبر ضعيف، ويتوسعون في مثل هذا، على رأي من يقول: بقبول الضعيف في فضائل الأعمال، وهو قول الأكثر، لكن ليس معنى هذا أننا حتى على قول الجمهور ما يثبتون صلاة بخبر ضعيف، لا سيما إذا كان الضعف لا وجه لتحسينه، يعني لا يقرب من الحسن ولا لغيره، يعني هل مثلاً الذي يقول بقبول الضعيف في فضائل الأعمال يثبت صلاة الرغائب بالحديث الضعيف؟ منهم من أثبت، لكن أكثرهم لم يثبت، وإن كانوا ممن يقول بقبول الضعيف في فضائل الأعمال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(32/17)
لا لا ضعيف، على أنه ضعيف، يقر بضعفه ويقول: لكنه في فضائل الأعمال، صلاة التسابيح الحديث ضعيف لكنه في فضائل الأعمال، نعم هو جارٍ على قاعدتهم، لكن يتفاوتون في إثبات مثل هذه الصلاة تبعاً لتفاوتهم في تقرير ضعفه قوة وضعفاً، فمن قال: إنه شديد الضعف قال: ما نقبله في مثل هذا، ومن قال: إنه خفيف الضعف قال: نقبله، وأقول: إن التخفيف الوارد في النصوص، والتفريق بين الفرض والتطوع إنما هو في كيفية الأداء لا في الثبوت، الثبوت كله شرع، لا يجوز أن تثبت شرع بما لا يثبت به بقية الأبواب، لا تثبت تطوع بما لا يثبت به فرض والعكس، فلا بد من ملاحظة مثل هذا، يعني لا يعني أن جمهور أهل العلم يقبلون الضعيف في فضائل الأعمال أنهم يثبتون عبادة لم تثبت به، لا تثبت إلا بهذا الضعيف، ولذلك يشترطون أن يكون له أصل، تكون العبادة هذه مندرجة تحت أصل عام، أما العبادات التي لا يوجد لها ما يشهد لها فمثل هذه لا تثبت، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
يعني من الرياض إلى مكة، بإمكانه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني صلى جالساً على النصف من الأجر.
طالب: النوافل مطلقة يا شيخ في الحضر السيارة كما يفتي به بعضهم.
هو مرد الاختلاف أنه ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى النافلة في الحضر، ومن يقول بأنه تصلى النافلة على الراحلة في الحضر يقول: النافلة مبناها على التخفيف، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى النوافل على الراحلة والسفر والحضر ليسا من الأوصاف المؤثرة في مثل هذا، المؤثر أن هذه العبادة مبناها على التخفيف أو على التشديد؟ نعم؟ التخفيف، وهذه مبناها على التشديد، إذاً الوصف المؤثر كونها نافلة، بغض النظر عن كونه سفراً أو حضراً؛ لأن الوصف وصف السفر لا ينظر إليه في مثل هذه الحالة بدليل أنهم لا يفرقون بين السفر الطويل والقصير، ولو كان السفر وصفاً مؤثراً لجعلوا طول السفر وقصره مؤثر كما في بقية الرخص، فيصلي على الراحلة النافلة في السفر الطويل والقصير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(32/18)
قائد السيارة إذا كان يترتب على صلاته النافلة ضرر، ويخشى من وقوع الضرر بسبب صلاته، لا يجوز له أن يصلي، أما إذا أمن من ذلك، وأمكنه الركوع والسجود بالإيماء ومع مطالعة الطريق فهو كغيره.
طالب:. . . . . . . . .
هنا ما هو أهم من ذلك، ويتفرع عليه ما ذكرت.
الصلاة في السفر على الراحلة قبلته -قبلة المصلي على الراحلة- جهته التي يقصدها، جاء من مكة إلى الرياض جهته جهة الشرق، وهو في أثناء صلاته احتاجت السيارة إلى وقود، ومحطة الوقود عن يمين أو عن شمال الخط، الطريق، هل له أن ينصرف عن جهته وقبلته التي أرادها باعتبار أنها هي القبلة بالنسبة له كالكعبة بالنسبة للمتجه إليها، أو نقول: ما دام ساغ له أن يصلي إلى جهة الشرق تاركاً القبلة المشترطة لصحة الصلاة فله أن يصلي إلى أي جهة كانت؟ منهم من يقول: إن جهته حيثما توجهت به راحلته من الطريق الذي يقصده، فإذا احتاج أن ينصرف يمين وإلا شمال ليس له ذلك، نعم؟
طالب: لكن عفواً التفاته للحاجة في سيارته قد يلتفت يحتاج ينظر عن يمينه ينظر جانب الطريق عن يمينه وعن يساره، وهو في صلاته، لازالت السيارة متجهة إلى ...
إذا كان لحاجة العلماء إذا كان بالرأس فقط ...
طالب: بالرأس.
يطلقون الكراهة، والكراهة عندهم تزول لأدنى حاجة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مفسد يعني مفسد.
طالب:. . . . . . . . .
هذا يكثر السؤال عنه، إن أمكن التناوب فهو الأصل، بحيث تؤدى الصلاة على وجهها.
طالب:. . . . . . . . .
وخشوا فوات مثل هذا الذي يخشى ضرره، يخشى ضرره متعدي.
طالب: ألا يقال بالجميع يا شيخ، وتبقى الصلاة على صورتها الأصلية، ويسوغ لهم الجمع في مثل هذه الحالة يا شيخ.
بنتأملها جزاكم الله خير.
اللهم صل على محمد ...
هذه يكثر السؤال عنها، والناس بحاجة إليها ...(32/19)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (5)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
باب: استقبال القبلة
قال: وإذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً وراكباً يومئ إيماء على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، وسواء كان مطلوباً، أو يخشى فوات العدو ...
سواءً كان مطلوباً أو طالباً.
طالب: ليست عندنا أو طالباً عندك يا شيخ؟
وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو.
طالب: إيه ليست عندنا يا شيخ.
وسواءً كان مطلوباً أو طالبا يخشى فوات العدو.
وعن أبي عبد الله -رحمه الله- رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه أن يصلي إلا صلاة أمنٍ، وله أن يتطوع في السفر على الراحلة.
أمن وإلا آمن؟
طالب: لا صلاة أمن عندنا، عندك آمن؟
آمن، آمن.
طالب: إيه عندنا صلاة أمن.
ما يختلف المعنى، المعنى واحد.
وله أن يتطوع في السفر على الراحلة على ما وصفنا من صلاة الخوف، ولا يصلي على غير هاتين ولا يصلي على غير ... ويش عندك يا شيخ؟
على.
ولا يصلي على غير هاتين الحالتين فرضاً ولا نافلة إلا متوجهاً إلى الكعبة، فإن كان يعاينها ...
في أظهر هنا، في أظهر هنا.
طالب: في أظهر يا شيخ?
أظهر نعم.
إلا متوجهاً إلى الكعبة، فإن كان يعاينها فبالصواب، وإن كان غائباً عنها فالاجتهاد بالصواب ...
فبالاجتهاد.
طالب: فبالاجتهاد؟
بالاجتهاد.
طالب: عندي فالاجتهاد.
لا.
وإن كان غائباً عنها فبالاجتهاد بالصواب إلى جهتها، وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه، ويتبع الأعمى أوثقهما في نفسه ...
والعامي والعامي.
طالب:. . . . . . . . .
ويتبع الأعمى والعامي.
طالب:. . . . . . . . .
هنا ويتبع الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه، هي لا بد من إلحاق.
طالب: سم.
العامي يختلف عن الأعمى.
طالب: الجاهل يشمل العامي ومن دونه.
العامي في هذا الباب، عامي في هذا الباب ولو كان من أعلم الناس، العلم في كل باب بحسبه.(33/1)
طالب: كما عندي: ويتبع الأعمى أوثقهما في نفسه.
إيه،. . . . . . . . . على كل حال لا بد مما يكفي، في حكم الأعمى من لا يستطيع الوصول إلى حقيقة الأمر، نعم.
وإذا صلى بالاجتهاد إلى جهة، ثم علم أنه قد أخطأ القبلة لم يكن عليه إعادة، وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ، أو الأعمى بلا دليل أعادا، ولا يتبع دلالة مشرك بحال، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره، ولا روايته ولا شهادته؛ لأنه ليس بموضع أمانة.
طالب: عندنا مكتوب إلى آخره، يعني واضح أنها ليست من كلام المصنف، إلى آخره.
لا لا.
طالب: عندي إلى يتبع دلالة مشرك بها.
طالب: عجيب، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره ليست عندك؟
التعليل ما هو بعندك؟
طالب: يمكن التعليل أدخل.
لا، هو زيادة من نسخة، زيادة من نسخة.
طالب: عندك يا شيخ؟
إيه عندي موجود.
طالب:. . . . . . . . .
إن كانت من المغني فهي من الشارح، فهي من الشارح وليست من ...
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: استقبال القبلة
استقبال القبلة شرط من شروط الصلاة التسعة التي هي ... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هم يجعلونها آخر شيء النية، استقبال القبلة والنية آخر شيء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بدون ترتيب، الإسلام والعقل والتمييز، نعم؟
طالب: ودخول الوقت، وستر العورة.(33/2)
دخول الوقت، وستر العورة، والطهارة، وزوال الخبث، واستقبال القبلة، والنية، تسعة، لا تصح الصلاة إلا إلى القبلة، وكانت القبلة في أول الأمر إلى بيت المقدس، بحيث كان النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل الهجرة يجعل بينه وبين بيت المقدس الكعبة، فلما هاجر إلى المدينة -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر، ثم حولت القبلة، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتشوف إلى تحويلها في أول الأمر، كان يرغب في موافقة أهل الكتاب تأليفاً لهم، ثم لما أيس منهم تشوف إلى تحويل القبلة إلى الكعبة {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [(144) سورة البقرة] فأمر باستقبال الكعبة، ونسخ استقبال بيت المقدس، وهذا من نسخ السنة بالكتاب، ومن أهل العلم من يرى عدم النسخ في مثل هذا إذا اختلفت المرتبة سنة بكتاب، أو كتاب بسنة، الأضعف لا ينسخ الأقوى، والعكس عند بعضهم، إلا أن السنة في مثل هذا الأمر قطعية، مثل هذا الفعل هل يقال: إنه ظني؟ بل هو قطعي، هذا العمل المتواتر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في جميع صلواته هذه المدة الطويلة إلى أن نزل الناسخ لا شك أنه قطعي الثبوت، وقطعي الدلالة باتجاهه إلى تلك الجهة -عليه الصلاة والسلام-، فالقطعي عند أهل العلم ينسخ القطعي، والخلاف القوي في الظني هل ينسخ القطعي أو لا؟ الأكثر على أنه لا ينسخ، ومنهم من يقول: إن النصوص إذا صحت وثبتت عن الشارع جاز نسخ بعضها ببعض، ويستدلون على ذلك بمثل حديث عبادة بن الصامت: ((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) قالوا: هذا ناسخ لقول الله -جل وعلا-: {حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [(15) سورة النساء] جعل الله لهن سبيلاً بالحديث هذا.(33/3)
ومنهم من يقول: إن هذا ليس من باب النسخ وإنما هو من باب البيان، الآية مجملة تحتاج إلى بيان بينت بالحديث، وعلى كل حال إذا صح الخبر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو شرع ملزم يجب العمل به، ولم يخالف في ذلك أحد ممن يعتد به من أهل العلم، وطوائف البدع هذه لا عبرة بها الذين لا يرون العمل بخبر الواحد، وإذا وجب العمل به جاز أن ينسخ ويُنسخ ما دام ثبت عن الشرع.
القبلة الثابتة بيقين إلى بيت المقدس حولت بخبر واحد بالنسبة لأهل قباء حين جاءهم وهم يصلون صلاة الصبح، فأخبرهم أن القبلة قد حولت، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى الكعبة، فاستداروا كما هم، قبلوا خبره إلا أن أهل العلم يرون أن هذا خبر احتفت به القرائن، فيدل على القطع، يفيد العلم اليقيني، احتفت به قرينة، الصحابة كلهم يعرفون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يتشوف إلى تحويل القبلة من جهة بيت المقدس إلى الكعبة، لا سيما بعد نزول قوله -جل وعلا-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء} [(144) سورة البقرة] يتشوف إلى تحويل القبلة ثم حولت، فهذه قرينة على أن خبر هذا الواحد يقين، خلافاً لمن لا يقبل مثل هذا الخبر، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ما لامهم، ولا قال لهم: أعيدوا الصلاة، وأما من لم يلتفت إلى هذه القرينة قال: إن خبر الواحد ينسخ القطعي المتواتر، القبلة والاتجاه هذا الاتجاه إلى الكعبة ... ، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هم يرون لا بد أن يكون المنسوخ أضعف من الناسخ.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [(106) سورة البقرة] فخبر الواحد ليس بخير منه.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال قول جمهور أهل العلم هذا ما أحد ...
طالب:. . . . . . . . .
لا لا قول له هيبة ما في إشكال، لكن كون الراجح غيره أو ... ، لا هذا شيء ثاني هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا عاد التخصيص أمره أسهل، النسخ الجزئي ما هو مثل الكلي.
طالب:. . . . . . . . .(33/4)
القبلة بالنسبة للصلاة شرط من شروطها لا تصح إلا بها، إلا بالاستقبال {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} [(144) سورة البقرة] والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى جهة الكعبة بعد النسخ، ونقل عنه ذلك نقلاً مستفيضاً متواتراً، ولا خلاف في كون استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة إلا في الصور التي ذكرها المؤلف وغيره.
أهل الكتاب يتجهون إلى قبلة، فاليهود قبلتهم؟ نعم؟ {وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} [(87) سورة يونس] ويش معنى قبلة هنا؟ متقابلة، هذا قول كثير من أهل التفسير، فيجعلون بيوتهم متقابلة، وعلى هذا فلا دخل للصلاة في هذا، ومنهم من يقول: إن بيوتكم يعني مساجدكم، اجعلوها متجهة إلى جهة القبلة، والمراد بالقبلة قبلتهم، ولا يعني أنهم يصلون إلى الكعبة قبلتنا، والنصارى يتجهون إلى جهة؟ نعم؟ الشرق.
على كل حال الذي يهمنا ما هو شرط في صلاتنا وهو استقبال القبلة إلى الكعبة المشرقة إلى عينها لمن تمكن من ذلك، ممن هو بقربها بحيث يراها، وإلى جهتها إذا كان لا يتمكن من إصابة العين، شطر يعني جهة، نحو {شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] جهة المسجد الحرام.
التولي والاستقبال إلى عين الكعبة لمن استطاع ذلك هذا متفق عليه، ممن هو داخل المسجد، لكن يحصل في هذا حرج كبير مع أنه لا خلاف فيه أن من كان في داخل المسجد ففرضه إصابة العين، عين الكعبة، أحياناً يكون أمامه صفوف كثيرة، وأحياناً يكون في مكان لا يستطيع الرؤية يحول دونه أعمدة، أو في مكان لا يتسنى له ذلك في الأدوار المرتفعة عن الكعبة، لا سيما الصفوف المتأخرة، فهل نقول: إنه ما دام في سور المسجد لا بد من إصابة العين، أو نقول: حكمه حكم البعيد؟ هم يذكرون -أهل العلم يذكرون- أن من كان في داخل المسجد ففرضه إصابة عين الكعبة.
طالب: ألا يقال يا شيخ: إن كان ما يهتدي به كخطوط أو علامات أو أن الفرش ...
الفرش يتصرف فيها.
طالب: لو فرضنا.
الفرش يتصرف فيها، كثير ما ضل الناس بسبب تصرف بعض الناس، تجده يسحب الفراش من أجل العمود يصلي الناس على هذا.(33/5)
طالب: ألا يخشى عليه من الإثم لأنه يفسد على الناس صفوفهم؟
هو ما استحضر هذا أبداً، ولا جال بخاطره أنه ... ، هو جر ها الفراش من أجل أن يستند إلى العمود، وصلوا الناس عليه، هؤلاء صلاتهم باطلة بلا شك.
طالب: لكن إذا كان ثم خطوط يا شيخ؟
ترى الانحراف اليسير في مثل هذه الخطوط قد لا تصيب العين معه، وكثير من الناس. . . . . . . . . لا يكترثون لمثل هذا، بعض الناس يصلي وهو في صحن الحرم إلى غير الكعبة، كثير من الناس لا يهتم ولا يكترث مع أن هذا شرط، الصلاة بدونه باطلة، فعلى الإنسان أن يتحرى، وأحياناً لا يتسنى للإنسان إصابة عين الكعبة إلا إذا ركع الناس، قد يكبر تكبيرة الإحرام إلى غير الكعبة، ثم يتابع الإمام في قراءة الفاتحة والسورة ثم إذا ركع الإمام رأى أن الكعبة عن يساره أو عن يمينه، عليه أن يستأنف مثل هذا، يجب عليه أن يستأنف، أما إذا استمر أمره بعد اجتهاده ومسامتة الناس في صفهم وكذا القول بإعادة الصلاة في مثل هذا فيه عنت، لكن على الإنسان أن يتحرى؛ لأن هذه صلاة رأس المال، أعظم الأركان بعد الشهادتين، فعليه أن يهتم لذلك ويتحرى، إصابة العين لا بد منها لمن تمكن من ذلك، وأما من عدا ذلك فيكفيه الجهة {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة].
وفي الحديث المخرج في السنن: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) وهذا الخطاب خاص بأهل المدينة، وما سامتها، بحيث إذا جعل المغرب عن يمينه، والمشرق عن شماله أصاب جهة الكعبة، يعني سواءً كان في المدينة أو في الشام مثلاً جهة الكعبة بين المشرق والمغرب، وبالمقابل من كان الجهة الجنوبية يعني شِمال الكعبة، شِمال لا أقول: شَمال، جهتها اليسرى، إيه، من جهة اليمن وما والاها كذلك بين المشرق والمغرب، لكن يجعل المشرق عن يمينه، والمغرب عن يساره، أما من كان في نجد مثلاً، أو في مصر والمغرب فإن جهتهم وقبلتهم ما بين الشمال والجنوب.
ابن المبارك يقول: ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق، يتصور هذا وإلا ما يتصور؟ لا هو يقصد بالمشرق هنا العراق، والعراق في الجهة الشمالية الشرقية.(33/6)
قول أهل العلم: يكفي في ذلك إصابة الجهة هل يتسع لمثل هذا الطول بين المشرق والمغرب، أو أنه يحرص على أن يكون إلى جهتها بالأدلة المعروفة التي ذكرها أهل العلم، ولا يتسع الأمر لمثل هذا؟ لكن النص يقضي على الجميع، يعني لو صلينا إلى جهة زاوية المسجد هنا، أو زاويته هنا، الحديث يتسع لمثل هذا وإلا ما يتسع؟
طالب: الحديث يتسع ....
هاه؟
طالب: ظاهر النص يتسع ...
إيه؛ لأنه بين جهتين متقابلتين، فالحديث فيه سعة، ولا شك أن هذا مناسب لأحوال الناس، كثير من الناس لا يستطيع أن يهتدي إلى الجهة القريبة من إصابة العين، وإن كان بعض الناس بالعلامات عنده من الدقة ما يستطيع أن يصل به إلى ما يقارب الجهة، إلى ما يقارب إصابة العين، فهذه السعة مناسبة ليسر الشريعة، لكن ليس معنى هذا أن الإنسان إذا وجد محراب جعله في يساره وكبر، أو في يمينه وكبر، يقول: تكفي الجهة، أهل العلم يقولون: من وجد محاريب إسلامية عمل بها؛ لأنها في الغالب يعني أن المسلمين يهتمون بهذا الأمر، ولا يقررون جهة المحراب إلا بتحري، إلا بعد التحري، وإن كان بعض الجهات كانوا يصلون إلى جهة، ثم بعد ذلك تبين لهم أن ذلك الجهة إما يمين القبلة، أو جهة الشمال اليسار، فعدلت المحاريب، وعدل الاتجاه، وتعديل يعني ليس باليسير، تعديل كبير يعني في مساجد في جهة القصيم عدلت تعديل بين، واضح، وفي الرياض، وفي جهة حائل، وكان ينقل عن الشيخ ابن بليهد -رحمه الله- أنه يقول: إن أهل القصيم جهتهم يقول: متيامنين جداً، يعني مايلين إلى جهة اليمين، وأهل حائل متياسرين، والقبلة بينهما، وعدلت على ضوء هذا.
طالب: الآن لما ظهرت وسائل يمكن أن تحدد بها القبلة بالدقة.
إن كانت لا تخطئ ويش المانع؟ إن كانت لا تخطئ.
طالب: لكن إذا كانت مع الإنسان.
لكنها غير ملزمة.
طالب: هذا السؤال.
غير ملزمة، وسائل حديثة غير ملزمة {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [(7) سورة الطلاق].
طالب: إذا كانت مع الإنسان موجودة معه هذه الأجهزة، ومدخل فيها إحداثية الكعبة، ويمكن أن يتوصل إلى الكعبة بالدقة.
على كل حال إذا اطردت نتيجتها لا مانع، مثل الدرابيل والمناظير التي ينظر بها، يرى فيها الهلال.(33/7)
طالب: لكن إذا كانت معه ولنفترض أنه خارج البلد، هل يلزمه أن يعمل بها، وإلا يكفي أن يصلي إلى الجهة ويجتهد؟
يكفي، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها.
طالب: ولو كانت معه؟
ولو كانت معه، يعني لو معك دربيل هل يلزمك أن تنظر إلى الهلال ليلة الثلاثين؟ ما يلزمك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، معروف، معروف، هذا ما هو بيسير، يعني تعديل الجهة في بعض المساجد رأينا اختلاف كبير جداً، والإشكال أنه يحصل نزاع، تعدل الجهة من قبل الجهات المسئولة ثم يصر أهل المسجد أن يصلوا إلى الجهة القديمة ثقة بمن قررها ووضعها، والله إحنا على جهة أحضرنا الشيخ فلان العالم الجليل المقتدى به الذي تبرأ الذمة بتقليده، وقرر لنا هذا، وهو مشهود له بالعلم والمعرفة والخبرة، ويستدل بالعلامات التي وضعها أهل العلم بالنجوم وغيرها، على كل حال إذا .. ، الاجتهاد أمره سهل -إن شاء الله-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال المسجد النبوي قطعية قبلته.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، المسجد النبوي النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقر على خطأ، وأهل العلم يتفقون على هذا، يتفقون على أن قبلة المسجد النبوي قطعية، ما عداه اجتهاد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن من الذي قرر أن هذه هي القبلة؟ يعني اطلع عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأقره؟ ما اطلع عليه، وهو مثل مسجد جواثى بالأحساء، صلي فيه على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن لا يلزم أن يصيب عين الكعبة.
طالب: ومسجد قباء يا شيخ هل يقال فيه ما يقال في المسجد النبوي؟
مسجد قباء الذي أسسه النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: هل يقال كذلك يقال: إن قبلته قطعية؟
إيه، لكن تأسيسه قبل تحويل القبلة، لكن يرد على هذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يأتيه في كل سبت ويصلي فيه، نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقر على خطأ، لكن قد يقول قائل: إن إصابة الجهة ليست خطأ، أن إصابة الجهة ليست بخطأ.
طالب: هي فرض.
هي فرض البعيد، مسجد قباء يمكن يصير إلى الجهة، لكن يرد عليه ما يرد على المسجد النبوي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بعد ذلك، ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، إيه.
طالب:. . . . . . . . .(33/8)
لا لا هو قبلته -عليه الصلاة والسلام- ومحرابه ومنبره كلها معروفة، معروفة متوارثة ما فيها إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، متوارثة، هناك تواتر يسميه أهل العلم تواتر العمل والتوارث، وهذا منه.
قال -رحمه الله-: "وإذا اشتد الخوف" صلاة الخوف معروفة، وعقد لها المؤلف باباً مستقلاً يأتي -إن شاء الله تعالى-، وصحت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على أوجه، فإذا كان العدو في غير جهة القبلة، أما إذا كان في جهة القبلة فلا تدخل معاً، إذا اشتد الخوف وهو مطلوب، ابتدأ الصلاة إلى القبلة، صلاة الخوف على ما سيأتي مشروعة بالكتاب والسنة وبعمل الصحابة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، مما يدل على عدم نسخها، وعدم اختصاصها بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، خلافاً لأبي يوسف الذي يقول: إن صلاة الخوف لا تفعل بعده -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ} [(102) سورة النساء] لكن معروف أن الخطاب له ولأمته {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] لا يعني أن الزكاة لا تؤخذ بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- وهكذا.
إذا اشتد الخوف بحيث لا يتمكن المسلمون من أداء الصلاة بشروطها التي منها استقبال القبلة، والحديث عن الاستقبال الذي قد يكون العدو في غير جهة القبلة، فيستحيل حينئذٍ الاستقبال مع مراقبة العدو، وهو مطلوب يعني يطلبه العدو، مفهومه أنه لو كان طالباً هو الذي يطلب العدو فلا؛ لأنه بإمكانه أن يأتي بالصلاة على وجهها.
يقول: "وهو مطلوب" ويأتي بعد قليل "وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" كيف يقول في أول الأمر: وهو مطلوب، ثم يقول: وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو؟ أما بالنسبة للمطلوب فهذا ظاهر، لا يتمكن من استقبال القبلة، وأما بالنسبة للطالب فيتمكن من استقبال القبلة في صلاته كلها، ثم يلتفت إلى عدوه.(33/9)
المطلوب لا يستطيع، إن استقبل القبلة والعدو من جهة اليمين أو الشمال أو الخلف قد يبغته وهو في صلاته، هذا المطلوب، وأما بالنسبة للطالب فبإمكانه إذا سلم من صلاته أن يلحق بعدوه، وفي نفس الباب أو الفصل يقول: "وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" فإما أن نقول: إن قوله: وهو مطلوب يخرج الطالب الذي لا يخشى فوات العدو، المطلوب ما فيه إشكال، وأما بالنسبة للطالب فلا يخلو من حالين: إما أن لا يخشى فوات العدو، وهو المفهوم من القيد الأول، أو يخشى فوات العدو وحينئذٍ يدخل فيما صرح به فيما بعد سواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو، وبهذا تلتئم العبارتان.
اختيار أبي بكر غلام الخلال أن حكم المطلوب يختلف عن حكم الطالب، ماذا يقول؟
الحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله.
قال -رحمه الله تعالى-:
المسألة الحادية عشر:
قال الخرقي: إذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً وراكباً يومئ إيماءاً على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو وهي الرواية الصحيحة؛ لأن المقصود الاحتراز والنكاية بالعدو، فإذا جاز تركها للتحرز كذلك النكاية، والثانية: لا يجوز، اختارها أبو بكر، وبها قال أكثرهم؛ لقوله تعالى: {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} [(239) سورة البقرة] فشرط الخوف في ذلك، وهو في هذه الحالة آمن، انتهى.(33/10)
فإن خفتم والطالب ليس بخائف بخلاف المطلوب، على أنه يمكن أن يقال: إن الخوف أعم من أن يكون على النفس أو على فوات المقصود، مع أن الأمن اشترط للقصر فقد يشرع الحكم لعلة فترتفع العلة، ويبقى الحكم، وهذا نظيره، فيكون لكلام المؤلف وجه، ولا شك أن فوت العدو، وإفلاته من يد المسلمين بعد أن تجهزوا لغزوه فوات أمر مقصود شرعاً، ومطلوب شرعاً، فكلام المؤلف سواءً كان طالباً أو مطلوباً متجه، هو المتجه أما كون المسلمين يهتمون لغزو عدوهم، ويهتمون له، ويبذلون في سبيله ما يستطيعون، ثم بعد ذلك يفوتهم ويفرط بهذا العدو المقدور عليه بسبب استقبال القبلة، لا شك أن مثل هذا يفوت مصلحة عظيمة راجحة فرط بسبب الجهاد والغزو بكثير من الأركان، بل بصورة الصلاة، واكتفي منها بأقل القدر المجزئ الذي لا يجزئ بحال في حال الأمن، يعني الصلاة أحياناً يكتفى فيها بالإيماء في حال المسايفة، وأحياناً يكتفى بأي جزء منها بركعة، فلئن يفرط بشرط من الشروط لهذا المقصد العظيم الجليل من باب أولى، وحينئذٍ يتجه قول المؤلف: "سواءً كان طالباً أو مطلوباً" نعم؟
طالب: أقول: قوله تعالى: {فَإنْ خِفْتُمْ} [(239) سورة البقرة] التي احتج بها أبو بكر ألا يمكن أن يدخل فيها خوف فوات العدو؟
نعم أنا أقول: الفوات أعم من أن يكون على النفس، فوت المقصود والهدف خوف، وأيضاً مسألة القصر اشترط فيها الخوف {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] ومع ذلك القصر مشروع وإن ارتفع الخوف؛ لأن هذا الحكم من الأحكام التي شرعت لعلة، فارتفعت العلة، وبقي الحكم.
"وإذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً أو راكباً" و (أو) هذه كما في النسخة المشار إليها المخطوطة (أو) هذه للتقسيم "وأذن بالناس في الحج يأتوك رجالاً أو ركباناً" فـ (أو) هذه للتقسيم قسم يأتي كذا وقسم يأتي كذا، قسم يأتي راكب، وقسم يأتي راجل، والواو أيضاً سائغة في مثل هذا؛ لأنها للمغايرة، فالرجال غير الركبان، رجالاً وركباناً، يعني تأتي بمعنى (أو) و (أو) تأتي بمعنى الواو أيضاً "ربما عاقبت الواو" كما يقول ابن مالك.(33/11)
"تدع الصلاة إلى القبلة" شوف استفتح الصلاة إلى القبلة ثم ينحرفون إلى جهة غيرها، التي هي جهة العدو، "راجلاً أو راكباً" لئلا يقال: إن الراجل يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك، أن يستفتح إلى القبلة، ويركع إلى القبلة، ويسجد إلى القبلة، نقول: يكتفى بافتتاح الصلاة وابتداء الصلاة إلى جهة القبلة "وصلى إلى غيرها، راجلاً أو راكباً" يعني يستوي في ذلك الراجل الذي يسهل عليه استقبال القبلة في حال الركوع والسجود، والراكب الذي يصعب عليه ذلك.
ابتدأ الصلاة إلى القبلة، هذه رواية معروفة في المذهب، وبها قال جمع من أهل العلم، سواءً كانت الصلاة في خوف، أو في حال التطوع على الراحلة على ما سيأتي، يستفتح ويبتدئ إلى جهة القبلة، هذه رواية معروفة في المذهب، ومنهم من يقول: إنه لا يلزم ولا الاستفتاح إلى جهة القبلة؛ لأن هذا قد يشق.
الآن إذا كانت السيارة متجهة من مكة إلى الرياض القبلة في ظهره، خلفه القبلة، فنقول: إذا افتتحت الصلاة صلاة النافلة عليك أن تستقبل القبلة، تخرج من الخط من الطريق تستقبل القبلة ثم تنحرف إلى جهتك، لا شك أن هذا فيه مشقة، لكن إن أمكن بغير مشقة فهو الأولى، وهو الأحوط والأبرأ، ولذا يستثنون الصلاة على القاطرة، في كتب الفقه يستثنون من الاستفتاح إلى جهة القبلة الصلاة على القاطرة؛ لأنه يشق الاستقبال في حال الافتتاح، القاطرة معناها الإبل المقطورة المربوط بعضها ببعض، ومعناها هذا هو معناها، الإبل المربوط بعضها ببعض، وفي حكمها القاطرة الجديدة المستحدثة المخترعة في العربات المربوط بعضها ببعض.
هناك ألفاظ يظنها كثير من الناس جديدة مثل القاطرة هذه، مثل الفنادق، الفنادق يظنها الناس مستحدثة، وهي قديمة عند .. ، يعرفها أهل العلم، وذكروها في كتبهم، وذكروا أحكامها.
إذا كان يشق الاستقبال إلى جهة القبلة في الافتتاح، فالقول الثاني يحتمل الرجحان في مثل هذه الصورة، لكن إن أمكن من غير مشقة أن يستقبل القبلة فالخروج من الخلاف مطلوب.
طالب:. . . . . . . . .
أي قاطرة؟ قاطرة إبل وإلا قاطرة ... ؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا إن أمكنه أن يستقبل القبلة ما تصح صلاته، يستقبل القبلة في كل صلاته.
طالب:. . . . . . . . .(33/12)
حتى النافلة إيه، إذا أمكنه، لكن إذا ما أمكنه مثل كراسي اتجاهها معروف، ولا يستطيع أن يعكس الاتجاه هذا أمر فيه سعة، إن أمكنه من غير مشقة فهو الأصل، لكن إن أمكنه أن يستقبل القبلة في جميع صلاته هذا هو الأصل أيضاً، مثل لو كان في سفينة، أو سيارة واسعة المراتب شايلينها، ويستدير حيثما دارت القبلة، هذا هو الأصل؛ لأن الرخصة في الصلاة على الراحلة إنما هو خلاف الأصل، وسيأتي الكلام في هذا.
"وصلى إلى غيرها راجلاً أو راكباً، يومئ إيماءً على قدر الطاقة" يأتي بما يستطيع من العبادة، والقدر المستطاع لا بد منه، إذا كان مقصوداً لذاته، كما في القاعدة المقررة عند أهل العلم؛ لأن من عجز عن بعض العبادة واستطاع البعض يأتي بما يستطيع إذا كان مقصوداً في العبادة، أما إذا كان مما يثبت تبعاً للمعجوز عنه فلا يأت به، يعني عاجز عن القراءة نقول: حرك شفتيك؟ نعم؟ ما نقول: حرك شفتيك، كما قالوا في الأصلع في الحج من أهل العلم من يقول: يمر الموسى على رأسه، نقول: ما يلزم يا أخي، إن إمرار الموسى ليس مقصوداً لذاته، وإنما هو تبع للمعجوز عنه.
"يومئ إيماءً على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه" يعني مثل العاجز عن القيام يصلي جالس ((صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) القاعد هذا يجعل ركوعه أعلى من سجوده؛ لأن بعض الناس خلاص حافظ له جملة، وإذا جيء به بسرعة مشى على .. ، يعني عندنا مر بنا في الدرس الماضي هنا يقول: إن وضع الخطوط فوق الجمل التي يراد التنبيه إليها هي عادة أسلافنا، معروف أن الكتب القديمة الطبعات القديمة الخط فوق الكلمة المهمة، المخطوطات كلها بدون استثناء، الخط يجعله أهل العلم والنساخ فوق الكلمة، والناس تتابعوا تبعاً للمستشرقين وضع الخط تحت الكلمة، وذكرت أنا في الدرس الماضي أو الذي قبله أنه مرة في الأسئلة قلت: اشرح الكلمات التي فوقها خط، فالطلاب جلهم شرحوا الكلمات التي فوق الخط، لا التي تحت الخط، جرياً على العادة.
فنقول: يجعل ركوعه أعلى أو أرفع من سجوده، والمؤلف يقول: "يجعل سجوده أخفض من ركوعه" لتتميز العبادات بعضها عن بعض، ولو جعلنا الركوع مثل السجود ما تميزت.(33/13)
"وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" على ما تقدم.
"وعن أبي عبد الله -رحمه الله- رواية أخرى" أبو عبد الله هو الإمام، إمام المذهب، الإمام المبجل أحمد بن محمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- "رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه أن يصلي إلا صلاة آمن" لأنه بإمكانه أن يؤدي الصلاة وهي أعلى مطلوب، وآكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، ثم بعد ذلك يلتفت إلى عدوه، وهذه الرواية سبق الكلام فيها، وهي التي يرجحها أبو بكر غلام الخلال.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، على كلامهم أنه لا يصلي إلا صلاة آمن، على الرواية الثانية، لكن إذا رجحنا الرواية الأولى التي اختارها المؤلف، وقلنا: إن أقل الأحوال أن يستقبل القبلة، لكن مع ذلك يلاحظ فيه المشقة.
طالب:. . . . . . . . .
الخوف معروف، لا يحتاج إلى تفسير، والمخوف متعدد، سواءً كان عدواً من آدمي أو حيوان سبع صائل أو ماء غرق، أو نار أو ما أشبه ذلك، كل هذا مخوف.
يبقى الخوف الموهوم، بعض الناس يتوهم أن هذا المكان مخوف، أو يخاف في الظلام مثلاً، فهل يلحق به أو لا يلحق؟ يعني ليس بخوف حقيقي، وإنما هو متوهم، فهل يصلي صلاة خوف، ولا يخرج لطلب الماء، ويقال: إنه خوف، مبرر لترك مثل هذه الأمور؟ معروف أن أهل العلم عامتهم يعلقون الحكم بالأمر المحقق، وأنه لا مدخل إلى الأوهام في مثل هذا، مع أن بعض الأوهام بالنسبة لبعض الناس أشد من الخوف المحقق عند بعضهم.
يقول -رحمه الله-: "وعن أبي عبد الله -رحمه الله تعالى- رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه إلا أن يصلي إلا صلاة آمن" يعني يأتي بالصلاة كاملة بشروطها وواجباتها وأركانها، ولا يتنازل عن شيء من صلاته؛ لأنه لا يسمى خائف، ولا يدخل في الخوف، والمقصود بالخوف الخوف على النفس، وإذا قلنا بالمعنى الأعم بالنسبة للخوف فالذي يخاف فوت المطلوب خائف.(33/14)
هناك خوف لكنه لا يصل إلى حد تضيع فيه الصلاة، وتؤدى على غير وجهها الشرعي، في صلاة الخوف {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(103) سورة النساء] يعني أتوا بها على الوجه المطلوب {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(103) سورة النساء] هناك خوف من غريم مثلاً، عرفنا أن الخوف من عدو، من صائل، سبع وإلا ماء، وإلا يخشى غرق، يخشى حرق، يخشى من انهدام بيوت، أو ما أشبه ذلك، أو سقوط شيء يغلب على الظن سقوطه، هذا لا شك أنه خوف ومبرر، لكن خوف غريم، غريم طالب أو مطلوب؟ يقول: إن صليت صلاة كاملة واتجهت إلى القبلة وركعت وسجدت يفوت هذا الشخص الذي هو غريم بالنسبة لي، هل هذا مبرر لئن يتنازل عن جوهر الصلاة؟ لا، ليس بمبرر، ولذا يتحايل بعضهم فإذا رأى الغريم الدائن كبر حتى يخرج، يطيل الصلاة، وقد يتحايل الدائن، فإذا رأى غريمه وأراد أن يطمئنه كبر، وهو لا يريد الصلاة، فإذا اطمأن؛ لأنه يحسب حساب الصلاة، هذا مسلم كبر، والصلاة أقل شيء ركعتين، يعني بدقيقتين، يعني ما يلزم أن تكون سرعته بقدر سرعته لو كان غريمه خارج الصلاة، ولذا أدخل الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- الصلاة في كتاب الحيل، باب الحيل في الصلاة، وأشكل أمر إدخال الصلاة في الحيل على كثير، بل على جميع الشراح، يعني أنا ما وجدت جواب كافٍ إلا أن يمكن هذا، فلا شك أنه إذا كان الدائن يخافه المدين ثم بعد ذلك يصلي صلاة خوف، خوفاً من دائنه أن يطالبه بالدين، أو يتسبب في إذائه بسجن ونحوه، هل يكون هذا مبرر مثل خوف العدو أو مثل خوف السبع والغرق والحرق؟ لا، هذا لا يبرر له أن يصلي صلاة خوف، هذا إذا كان مطلوباً فضلاً عن أن يكون طالباً.
"وله أن يتطوع في السفر على الراحلة".
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(33/15)
هذا لم يرد به وجه الله، لكن على حسب ما وقر في قلبه، إذا كان يخشى من غريمه أنه يؤذيه أو يسجنه وتحايل بمثل هذا لا شك أن أمره أخف ممن لا مبرر له، ويذكر عن أبي حنيفة -ولا أخاله يثبت عنه- أن شخصاً فقد مالاً فجاء يستشير أبا حنيفة، فقال: صل ركعتين تذكر -إن شاء الله-، ما يمكن يثبت هذا عن الإمام، وإن تداوله الناس، ولاكته ألسنتهم، ودون في الكتب، هذا موجود، لكن ما يمكن إمام كأبي حنيفة يرشد إنسان إلى أن يصلي من أجل الدنيا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، هذه مرجحات للرواية الثانية، هذه مرجحات للرواية.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، لوجود المعنى المنطوق فيه، هذا خوف كله خوف، هذه مرجحات للرواية الثانية، هذه مرجحات للرواية التي اختارها المؤلف.
ثم قال -رحمه الله-: "وله أن يتطوع في السفر على الراحلة على ما وصفنا من صلاة الخوف" له أن يتطوع، يعني يجوز له أن يتطوع، يعني نفلاً لا فرضاً، وجاء في الحديث الصحيح: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يوتر على الراحلة، ولا يفعل ذلك في الفريضة، وهذا من أدلة الجمهور على أن الوتر ليس بواجب؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يصلي على الراحلة الفريضة، ويوتر إذاً الوتر ليس بواجب ليس بفريضة.(33/16)
"وله أن يتطوع في السفر" فليس له أن يتطوع في الحضر، مع أنه قد يحتاج إليه، قد يحتاج إلى ذلك، صلى المغرب، وزيارة مريض مثلاً في مستشفى، تنتهي بعد الصلاة بمسافة الطريق فقط، ولو تنفلت صليت الراتبة فاتت زيارة المريض، فأتنفل في السيارة، الجمهور على أنه ليس له أن يتنفل على الراحلة في الحضر، وإن ذُكر عن أنس -رضي الله عنه- أنه كان يفعله، ولا شك أن أمر التطوع مبني على التيسير والتخفيف، التيسير في أداء العبادة، بمعنى أنه يتجاوز عن بعض الأركان في النافلة دون الفريضة، كالصلاة من قيام مثلاً، الصلاة من قعود صحيحة إذا كان نافلة على النصف من أجر صلاة القائم، لكن الفريضة لا تجوز بحال، وبعضهم يطرد هذا التيسير والتسهيل والتخفيف بالنسبة للنافلة إلى ما تثبت به يعني فرق بين أن نقول: مبنى التطوع على التخفيف، يعني في الأداء، والفرض يحتاط له أكثر، وبين أن نثبت نافلة تطوع بما لا تثبت به الفريضة من خبر لا يصلح للاحتجاج، يعني من أهل العلم يقول: النافلة مبناها على التخفيف، فنخفف من كل وجه، يعني نثبت نافلة تطوع بخبر ضعيف، ويتوسعون في مثل هذا، على رأي من يقول: بقبول الضعيف في فضائل الأعمال، وهو قول الأكثر، لكن ليس معنى هذا أننا حتى على قول الجمهور ما يثبتون صلاة بخبر ضعيف، لا سيما إذا كان الضعف لا وجه لتحسينه، يعني لا يقرب من الحسن ولا لغيره، يعني هل مثلاً الذي يقول بقبول الضعيف في فضائل الأعمال يثبت صلاة الرغائب بالحديث الضعيف؟ منهم من أثبت، لكن أكثرهم لم يثبت، وإن كانوا ممن يقول بقبول الضعيف في فضائل الأعمال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(33/17)
لا لا ضعيف، على أنه ضعيف، يقر بضعفه ويقول: لكنه في فضائل الأعمال، صلاة التسابيح الحديث ضعيف لكنه في فضائل الأعمال، نعم هو جارٍ على قاعدتهم، لكن يتفاوتون في إثبات مثل هذه الصلاة تبعاً لتفاوتهم في تقرير ضعفه قوة وضعفاً، فمن قال: إنه شديد الضعف قال: ما نقبله في مثل هذا، ومن قال: إنه خفيف الضعف قال: نقبله، وأقول: إن التخفيف الوارد في النصوص، والتفريق بين الفرض والتطوع إنما هو في كيفية الأداء لا في الثبوت، الثبوت كله شرع، لا يجوز أن تثبت شرع بما لا يثبت به بقية الأبواب، لا تثبت تطوع بما لا يثبت به فرض والعكس، فلا بد من ملاحظة مثل هذا، يعني لا يعني أن جمهور أهل العلم يقبلون الضعيف في فضائل الأعمال أنهم يثبتون عبادة لم تثبت به، لا تثبت إلا بهذا الضعيف، ولذلك يشترطون أن يكون له أصل، تكون العبادة هذه مندرجة تحت أصل عام، أما العبادات التي لا يوجد لها ما يشهد لها فمثل هذه لا تثبت، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
يعني من الرياض إلى مكة، بإمكانه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني صلى جالساً على النصف من الأجر.
طالب: النوافل مطلقة يا شيخ في الحضر السيارة كما يفتي به بعضهم.
هو مرد الاختلاف أنه ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى النافلة في الحضر، ومن يقول بأنه تصلى النافلة على الراحلة في الحضر يقول: النافلة مبناها على التخفيف، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى النوافل على الراحلة والسفر والحضر ليسا من الأوصاف المؤثرة في مثل هذا، المؤثر أن هذه العبادة مبناها على التخفيف أو على التشديد؟ نعم؟ التخفيف، وهذه مبناها على التشديد، إذاً الوصف المؤثر كونها نافلة، بغض النظر عن كونه سفراً أو حضراً؛ لأن الوصف وصف السفر لا ينظر إليه في مثل هذه الحالة بدليل أنهم لا يفرقون بين السفر الطويل والقصير، ولو كان السفر وصفاً مؤثراً لجعلوا طول السفر وقصره مؤثر كما في بقية الرخص، فيصلي على الراحلة النافلة في السفر الطويل والقصير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(33/18)
قائد السيارة إذا كان يترتب على صلاته النافلة ضرر، ويخشى من وقوع الضرر بسبب صلاته، لا يجوز له أن يصلي، أما إذا أمن من ذلك، وأمكنه الركوع والسجود بالإيماء ومع مطالعة الطريق فهو كغيره.
طالب:. . . . . . . . .
هنا ما هو أهم من ذلك، ويتفرع عليه ما ذكرت.
الصلاة في السفر على الراحلة قبلته -قبلة المصلي على الراحلة- جهته التي يقصدها، جاء من مكة إلى الرياض جهته جهة الشرق، وهو في أثناء صلاته احتاجت السيارة إلى وقود، ومحطة الوقود عن يمين أو عن شمال الخط، الطريق، هل له أن ينصرف عن جهته وقبلته التي أرادها باعتبار أنها هي القبلة بالنسبة له كالكعبة بالنسبة للمتجه إليها، أو نقول: ما دام ساغ له أن يصلي إلى جهة الشرق تاركاً القبلة المشترطة لصحة الصلاة فله أن يصلي إلى أي جهة كانت؟ منهم من يقول: إن جهته حيثما توجهت به راحلته من الطريق الذي يقصده، فإذا احتاج أن ينصرف يمين وإلا شمال ليس له ذلك، نعم؟
طالب: لكن عفواً التفاته للحاجة في سيارته قد يلتفت يحتاج ينظر عن يمينه ينظر جانب الطريق عن يمينه وعن يساره، وهو في صلاته، لازالت السيارة متجهة إلى ...
إذا كان لحاجة العلماء إذا كان بالرأس فقط ...
طالب: بالرأس.
يطلقون الكراهة، والكراهة عندهم تزول لأدنى حاجة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مفسد يعني مفسد.
طالب:. . . . . . . . .
هذا يكثر السؤال عنه، إن أمكن التناوب فهو الأصل، بحيث تؤدى الصلاة على وجهها.
طالب:. . . . . . . . .
وخشوا فوات مثل هذا الذي يخشى ضرره، يخشى ضرره متعدي.
طالب: ألا يقال بالجميع يا شيخ، وتبقى الصلاة على صورتها الأصلية، ويسوغ لهم الجمع في مثل هذه الحالة يا شيخ.
بنتأملها جزاكم الله خير.
اللهم صل على محمد ...
هذه يكثر السؤال عنها، والناس بحاجة إليها ...(33/19)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (6)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فما زال الكلام في باب استقبال القبلة، وهو شرط من شروط الصلاة، ثبت بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم، ومضى الحديث في الصلاة إلى جهة غير القبلة، أو إلى غير جهة القبلة في حالتين:
في حالة صلاة الخوف إذا كان العدو إلى غير جهة القبلة، والثانية: في حال التنفل في السفر على الراحلة.
ثم قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"ولا يصلي على" هكذا عندنا في الطبعة الأولى، وفي نسخ: "في غير هاتين الحالتين فرضاً ولا نفلاً" التطوع في السفر على الراحلة معروف أنه خاص بالنافلة، والسفر وصف لا شك أنه مؤثر، ولذا يمنع أكثر أهل العلم التطوع على الراحلة في الحضر، ويُذكر عن بعض السلف قول قل من قال به أنهم يتطوعون بالحضر، وهذا مناسب لمثل أوقاتنا التي تقضى فيها الأوقات الطويلة على السيارات، وبعض المشاوير كما يقولون: يأخذ ساعة في بعض البلدان، نعم قد يستغل الوقت بتلاوة أو ذكر، لكن التنوع في العبادات أمر مطلوب شرعاً، ومن نعم الله -جل وعلا- على المسلمين أن نوع عندهم العبادات، وأحياناً قد يحتاج إلى أن يتطوع على الراحلة في النوافل المقيدة التي تفوت بفوات وقتها، ولا يستطيع أن يصلي النافلة إلا على الراحلة، فلو قدر أن مريضاً تنتهي الزيارة بمسافة الطريق وشيء يسير بحيث يتمكن من الزيارة قبل خروج الوقت، فهل نقول: صل النافلة على الوجه الأكمل ولو فاتت الزيارة، أو نقول: أدرك الزيارة ولو فاتت الراتبة؟ أو نقول: صل الراتبة على الراحلة، واجمع بين هذه الأمور، وصلاة النافلة على الراحلة له أصل؟ أما كونها نافلة لا شك أنه وصف مؤثر في الحكم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكن يفعل ذلك في الفريضة، في المكتوبة، هذا وصف مؤثر.(34/1)
أما بالنسبة للسفر فلا شك أنه علق عليه وصف مؤثر في الرخص المتعلقة به، وهذه الرخص الوصف فيها مؤثر -أعني السفر- مع أنه وجد شيء من الترخص بدون هذا السبب، فالجمع قد يحصل في الحضر، وهو رخصة، لكن المسح يحصل في الحضر ثلاثة أيام بلياليها؟ نعم لا، القصر يحصل في الحضر؟ لا، الفطر يحصل في الحضر بغير المرض أو المشقة الشديدة التي لا تبقى معها الحياة الفطر في رمضان؟ لا، فالسفر وصف مؤثر في غير الجمع، يعني السفر وصف مؤثر في الجمع، لكن هناك حالات يجمع فيها بالحضر على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.(34/2)
فهل نقول لمثل هذا أنت بين أمرين: إما أن تترك عيادة المريض، وقد يكون من أقاربك، وقد يكون أحد أبويك، أو ممن له حق عليك، أدرك عيادة المريض ولو فاتت هذه الراتبة، أو أدرك الراتبة ولو فاتت عيادة المريض؟ عيادة المريض لا شك أنه أحياناً لا يكون هناك بديل لهذا الوقت، قد يقول قائل: لماذا لا يتقدم ويصلي في المستشفى؟ نقول: هذا شخص ما في خيار له، مرتبط بعمل إلى أذان المغرب، ولو قلنا له: تصلي الصلاة في الطريق تختصر خمس دقائق قد تفوته الصلاة، وهذه العادة جرت بالنسبة لمن يقول: "الصلاة أمامك" يعني إذا خرج من بيته بعد الأذان فالغالب أنه تفوته الصلاة، الغالب؛ لأنه قد لا يتيسر له مسجد ملائم على طريقه، وقد يحصل ما لم يحسب له حساب فتفوته الصلاة، فنقول: اضمن الفريضة الآن، صل في مسجدك قبل أن تسير، فعندنا مفاضلة بين إدراك الراتبة على الوجه الكامل، وبين إدراك العيادة التي أوجبها بعض أهل العلم، ترجم البخاري -رحمه الله-: باب وجوب عيادة المريض، والمسألة مفترضة في شخص ما عنده إلا الخيارين فقط، وإلا فبالإمكان أن يقال: قدم لك نصف ساعة، وصل في المسجد -مسجد المستشفى- وعلى الراحة يعني تدرك، لكن المسألة مفترضة في شخص لا يستطيع إلا أن يفوت أحد الأمرين، والمفاضلة بين هذه العبادات لا شك أنه معروف في الشرع أيهما أفضل؟ والذي يفوت، والذي يمكن تعويضه، احتمال هذا المريض يموت بعد، أو لا توفق في زيارته مرة أخرى، فهل يقال في مثل هذه الحالة: صل على الراحلة أحسن من لا شيء، أو نقول: العبرة بالشرع؟ كونك لا تصلي النافلة هذه الراتبة أفضل من أن تصلي على وجه غير مشروع، يعني قول من قال -وهذا يميل إليه شيخ الإسلام- أن صلاة الجنازة إذا خشي أن ترفع يصليها بالتيمم، مع أنه واجد للماء، الماء موجود، فهل نقول: أدرك هذه الصلاة التي تفوت ترفع الجنازة وينتهي وقتها صلي عليها بالتيمم، أو نقول: لا تصل؛ لأن الله لا يعبد إلا بما شرع، وإنما شرع التيمم لفاقد الماء أو للعاجز عن استعماله؟ هذه مضايق، مضايق أنظار تحتاج إلى دقة في النظر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(34/3)
ما عنده فرصة، هذا في طريق، افترض أنه في طريق مسافر، أنت لا تفترض المسألة في حال سعة، تقول: والله ويش اللي حده، يقدم له عشر دقائق ويتوضأ، لا، يعني افترض المسألة ما في حل غير هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا متصور حتى في الحضر، هذا في الحضر، يعني كانت الطرق في الرياض أحياناً تستغرق بالسيارة ساعتين سرة، ما تقدر تروح يمين ولا يسار، ولا تلبق ولا شيء، يعني قبل هذه الجسور، وقبل هذه الأنفاق كانت أزمة الرياض، كان في أزمة شديدة، فمثل هذه الحالة يمكن أن تنزل على "جمع في المدينة بين الظهرين وبين العشاءين، صلى سبعاً، وصلى ثمانياً من غير خوف ولا مطر" والعلة: أراد ألا يحرج أمته، والنزول من السيارة فيه حرج عظيم، والصلاة على الراحلة المكتوبة مع أنه جاء التنصيص على نفيها ما يمكن، فالجمع في مثل هذه الحالة أولى، له أصل، أولى من الصلاة على الراحلة؛ لأن الصلاة على الراحلة يلزم عليها تنازل عن شروط، وعن أركان، وعن .. ، لا، فنعود إلى مسألتنا.
سم.
طالب: أحسن الله إليك انصرف أناس من عرفة إلى مزدلفة فلن يصلوا عرفة إلا مع الفجر.
انتهى الوقت، أو من مزدلفة إلى منى ما وصلوا إلا الساعة إحدى عشر الصبح.
طالب: ولم يستطيعوا الوقوف يا شيخ يصلوا المغرب والعشاء يا شيخ.
ومثله، هذا حصل، يحصل كثير في الانصراف من مزدلفة إلى منى، فما يصلون، ينصرفون قبل طلوع الفجر، ولا يصلون إلا في العاشرة أحياناً صباحاً، وهذا من شؤم مخالفة السنة، وإلا فالأصل أن ينصرف، نعم؟
طالب: هذا انصرف من عرفة على السنة يا شيخ.
على السنة، نعم، لكن الذي يحصل أكثر لأنه الوقت بالنسبة للمغرب والعشاء طويل، الذي يحصل كثير تفويت صلاة الفجر إلى أن تطلع الشمس، أو يصلون في السيارات، ولا يمكن الجمع يعني على الصورة الأولى بالنسبة للفجر، نعم، بالنسبة للمغرب والعشاء هذا الإشكال أنه ينصرف بعد غروب الشمس، وقد لا يصل إلى المزدلفة إلا بعد طلوع الفجر، وهذا يحصل، وإن كان قليل، لكنه يحصل.
طالب:. . . . . . . . .(34/4)
إيه، فمثل هذه الحالة إحنا رأينا بعض أهل التحري في مثل هذه الصور يقول: الصلاة هي رأس المال، أترك السيارة وأنزل وأصلي على التمام، أتوضأ وأصلي ويروحون، لاحق على ...
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، بعض النساء، وصحبنا واحد من المشايخ أهل الفضل والتحري، هو نزل وصلي، لكن أمه ويش يسوي بها؟ يدفها بعربية، وبالفعل أنزلها وصلت والسيارة ما تحركت، وإذا نزل غيره تحركت السيارة مباشرة، نزل وتوضأ وصلى، ثم بعد ذلك أنزل أمه في مرة، في وقفة أخرى، وتوضأت وصلت على التمام، والسيارة واقفة، وإذا نزل غيره مشت السيارة على طول، هذا حاصل، والله أنا معهم في الباص، لكن الله المستعان.
في مثل هذه الظروف لا شك أن الله -جل وعلا- يعذر، لكن الفريضة لا بد من أدائها على الوجه المطلوب، لا بد أن تؤدى كاملة، لكن هناك صور ذكرها أهل العلم الصلاة في الباخرة مثلاً، وهي متحركة يمين وشمال، وقل مثل هذا الصلاة في الطائرة، هو يستطيع القيام ويستطيع الركوع والسجود والطهارة إلا أن الطائرة قد تنحرف عن القبلة، فمثل هذا أمره يسير -إن شاء الله-، هذا أمره يسير.
طالب:. . . . . . . . .
والله لا شك أن هذه الأمور مشكلة، والمسألة مسألة اتباع، والصحابي يقول: وكان لا يفعل ذلك في المكتوبة، فنقف عند هذا، قد نتنازل عن أمور، شرط في مقابل شروط، ركن في مقابل أركان.
طالب: يا شيخ إن راعينا الوقت فرطنا في كثير من الأمور، ولو راعينا أركان الصلاة فرطنا في ....
وهناك أيضاً العلماء يرجحون بين هذه الأركان، وبين هذه الشروط، بعض الشروط ألزم من بعض عند بعض أهل العلم، فتجد مثلاً محافظة مالك على الوقت أعظم من محافظته على الطهارة، وغيره يقولون: الطهارة أهم من الوقت، مثل هذه المفاضلات تحتاج إلى دقة في النظر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا بس أوجد بديل للوقت، وإذا وجد البديل صار أخف مما لا بديل له، الشرط الذي له بدل أخف من الشرط الذي لا بدل له، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(34/5)
نعم إيه، إيه لكن قوله: "وكان لا يفعل" هذاك الوتر، الوتر آكد من الرواتب، ونحتاج إلى مثل هذا إذا قلنا: إن الرواتب في الحضر تصلى على الراحلة، وفي المسألة التي تصورناها قريباً لا شك أن يسر الشريعة يتناول مثل هذا، وتصلي على الراحلة وعلى السيارة ولو .. ، أفضل من كونك تهدرها مرة؛ لأن له أصل، يعني الصلاة على الراحلة في النافلة له أصل، ما هو مثل الشيء الذي لا أصل له، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا لا عامة أهل العلم على خلاف هذا، إيه عامة أهل العلم على أنها لا تصلى في الحضر.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
صحيح.
طالب:. . . . . . . . .
وقد صلى الظهر، وأزف الغروب، ومثله صلاة الصبح وقد أزف طلوع الشمس.
طالب:. . . . . . . . .
يعني كما شغل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الصلوات في غزوة الخندق، كما شغل، جاءه ما يشغله، وهو يحرص ويبذل الجهد، ويستفرغ، ولا يعرض صلاته، ولا يتهاون في أمره، إذا جاءه أمر لا يستطيعه.
قال: "ولا يصلي في غير هاتين الحالتين فرضاً ولا نافلة إلا متوجهاً إلى الكعبة، فإن كان يعاينها فبالصواب" يعني لا بد من إصابة عين الكعبة، لا بد من إصابة عينها، وهذا من في داخل المسجد، وعرفنا أنه مع كثرة الناس، وكثرة الأعمدة، وكثرة الحوائل إصابة العين حتى داخل المسجد فيها عسر أحياناً، وأحياناً تعاد تكبيرة الإحرام إذا ركع الناس، كيف؟ يصلي، يكبر مع الناس، فإذا ركعوا وجده منحرف عن الكعبة يمين وإلا شمال، إذا انحرف وجد الكعبة أمامه، وإذا أول صلاته ما هو بعلى الكعبة، هذا لا بد أن يعيد تكبيرة الإحرام؛ لأنه في المسجد الذي أوجب أهل العلم فيه الإصابة إصابة العين، أو نقول: يكفيه ما مضى على اجتهاده، هل هو محل اجتهاد داخل المسجد؟ ليس بمحل اجتهاد، لا بد من إصابة العين.(34/6)
"فإن كان يعاينها فبالصواب، وإن كان غائباً عنها فبالاجتهاد بالصواب إلى جهتها" فالمطلوب الجهة عند الجمهور، وإن كان الشافعية يوجبون إصابة العين، ويكتفى عندهم في ذلك بغلبة الظن؛ لئلا يقول أحد: إنه مستحيل يصيب العين، إذا كان بعيداً مستحيل يصيب العين، فقول الشافعية لا وجه له، نقول: لا، الشافعية يقولون: لا بد من إصابة العين بغلبة الظن، إذا غلب على ظنه أنه أصاب العين، ولا شك أن هذا القول أضيق من قول الجمهور، ففيه من التحري أكثر.
يقول: "وإن كان غائباً عنها فبالاجتهاد بالصواب إلى جهتها، وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه" اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه، لماذا؟ لأن كل واحد يعتقد خطأ الآخر، كل واحد منهما يعتقد خطأ الآخر، يعني من الغرائب أن امرأتين من كبار السن يصليان في بيت إلى جهتين، كل واحدة ظهرها إلى ظهر الأخرى، وهما في بيت، بإمكانهم أن يسألوا أهل البيت فيقولون لهم الجهة، واحدة تصلي إلى الشمال، والثانية إلى الجنوب، وهذا سببه الجهل؛ لأن البلدان فضلاً عن البيوت البلدان ليست محلاً للاجتهاد، فمن اجتهد في بلد -بلد إسلامي- اجتهد في بلد إسلامي، ثم بعد ذلك وجد أنه أخطأ في الاستقبال يعيد الصلاة كما سيأتي.
"وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه" لأنه عنده أن صلاته باطلة، إذا كانت صلاته باطلة؛ لأنه يجزم بخطئه، أو يغلب على ظنه خطأه فإنه لا يجوز أن يقتدي به "ويتبع ... " نعم؟
طالب: لو كان الفرق بينهما يسير؟
الفرق يسير مما يعفى فيه عند الجمهور أو لا يعفى؟
طالب:. . . . . . . . .
مما يعفى سهل، الأمر سهل، يعني مثلما يقال في استقبال القبلة أو استدبارها ببول أو غائط لا يكفي أن ينحرف قليلاً يعفى فيه في الاستقبال في الصلاة ما يكفي هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن عنده في قرارة نفسه.
طالب:. . . . . . . . .(34/7)
أخطأ نعم، لكنه باجتهاده هو، وما يعتقد، وما يدين الله به أنه صلى إلى جهة فقد فيها الشرط، فهي باطلة عنده، لكنه مع هذا البطلان يعذره باجتهاده، مثل من يرى نقض الوضوء بلحم الإبل، يرى أن صلاة فلان ليست بصحيحة لو صلاها هو، يعني الصلاة حسب اعتقاده وحسب ترجيحه ليست بصحيحة، لكن هو معذور في اجتهاده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب "ويتبع ... " نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا يجوز، ما يجوز أن ينحرف عن القبلة ولو يسير، إذا كان يعرف أن هذه القبلة هي التي اعتمدت ووضعت وأقرت من قبل ولي الأمر، ثم انحرف عنها من غير مبرر ما يصلح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا اطلع على خطأ في تحديد الجهة ينحرف عنه، ينحرف إلى الجهة، هذا ما فيه إشكال، لكن إذا كان بالاتفاق جهة هذا المسجد إلى هنا، ثم قال: والله ما دام اليسير معفو عنه ألتفت يسار، أصلي يسار وإلا يمين، ما أنتم تقولون: معفو عنه والمطلوب الجهة، وبين المشرق والمغرب قبلة؟ نقول: لا يا أخي، لا لا، أبداً.
طالب: لكن -أحسن الله إليك- لو كان في صف في الحرم، وتبين له أن في الصف انحراف عن القبلة، فقلنا له: استأنف، هل يعتبر في حكم المنفرد لأن من في الصف صلاتهم باطلة منحرفون عن القبلة.
يعني ما في ولا واحد من ... ؟
طالب: نعم أحياناً تكون فرشة، مثل ما تفضلت في الدرس الماضي فرشة تكون ...
إيه يتصرفون، في الفرشات.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الآن في الفنادق والشقق في البلدان يضعون علامات إلى جهة القبلة، وقد يضعونها على ماسة، الماسة أحياناً يغير مكانها، ثم يصلون إلى الشرق وإلا إلى الشمال وإلا إلى الجنوب، فالتحري والتثبت لا بد منه، لا بد من التحري، الآن بعضهم يقول: أحياناً أنا أصف مع شخص أجزم ببطلان صلاته، إما في مثل هذه الصورة ذكرها الشيخ يعني منحرف عن جهة القبلة، أو لأنه مرتكب بدعة مكفرة، هذا إذا كان يوجد غيره فالأمر فيه سعة، يعني هو في حكم السواري للحاجة لا بأس؛ لأنهم يطلقون الكراهة، والكراهة تزول بالحاجة، فهو في حكم السواري، لكن الإشكال إذا لم يوجد غيره فأنت فذ، الآن فذ.(34/8)
لكن من صلى صلاة يرى هو، أو يرى المصاف له أنها صحيحة، يعني افترض أنك أنت وثاني خلف الصف معك ثاني، ثم لما سلم قال له: أنا ما أنا على طهارة، تبين له بعد أنه ليس على طهارة، نقول: صلاتك صحيحة، ما عليك منه.
"ويتبع الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه" لأن المطلوب من العامي سؤال أهل العلم في جميع أبواب الدين، وفي مسائل الدين وأحكامه، هذا فرضه {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(43) سورة النحل] لكن إذا اختلف عنده اثنان لا يجوز أن يتبع المفضول، أو من يرى مرجوحيته، يعني يراه مرجوحاً مع وجود الراجح إلا بمرجح، قد يقول: إن هذا العامي ليست لديه أهلية لمعرفة الراجح من المرجوح، أولاً: اختيار الأوثق والأعلم تكفي فيه الاستفاضة؛ لأنه ليست لديه أهلية، ولو قلنا: إنه لا بد أن تكون له أهلية لزم الدور، ألزمناه باجتهاده هو، هو مطالب بسؤال أهل العلم، ويكفي في مثل هذا الاستفاضة، يعني استفاض في مجالس الناس أن فلان من أهل العلم، والله -جل وعلا- يضع في قلوب العباد لأهل التحقيق من أهل العلم المنزلة اللائقة بهم.
ومن خفي أمره على الناس مدة من الوقت لا بد أن ينكشف على حقيقته، يعني ولو لبس على الناس وعنده أساليب، وعنده أشياء، وظهر في وسائل الإعلام وغيره، ثم تبعه فئام من الناس، لا بد أن يظهر على حقيقته، فالاستفاضة في مثل هذا كافية.
الاستفاضة دلت على أن هذا عالم وهذا عالم، لكن هذا فاضل وهذا مفضول، نقول: لا، تتبع الأوثق؛ لأن هذه مسألة ديانة، الأعلم الأوثق الأورع، فلا بد من توافر من أجل التقليد العلم والدين والورع.
وليس في فتواه مفتٍ متبع ... ما لم يضف للعلم والدين الورع
لأن بعض الناس عنده شيء من العلم، لكن الورع قليل، تجده ينحرف في فتواه لأمر من الأمور، أو لشيء رغبة أو رهبة، والآن في هذه القنوات ما خفي أمر مثل هؤلاء، ولا على عامة الناس، يعرفون، والله المستعان.(34/9)
"يتبع الأعمى" الأعمى لا يستطيع أن يجتهد في مسائل القبلة لأنها مرئية؛ لأنها متعلقة بالبصر، هناك أشياء يعرفها من دقت ملاحظته من العميان كاتجاه الرياح، أو اختلاف التربة، التربة يعرف الأعمى وهو سائر إلى بلد من البلدان، أو قرية من القرى، أو ضاحية إذا اختلفت التربة عرف أنه انحرف يمين وإلا شمال، وبعض المبصرين لا يفرق بين السهل والوعر، ترى ما هي مبالغة يا الإخوان، بعض المبصرين -سبحان الله العظيم- ما عنده الحس الذي يستطيع به أن يفرق بين الواضحات، وبعض العميان عندهم من الحس المرهف ما يستطيع أن يفرق به بين الدقائق، والأمثلة كثيرة، يعني ما نحتاج إلى ضرب أمثلة، صحيح هذا الواقع يشهد بهذا، واحد من الشيوخ أعمى، ويقوده زميله مدة الدراسة خمس أو ست سنوات، وفي طريقهم من البيت إلى المسجد حصاة عقبة، أقسم بالله المبصر أنه لم يذكر له ولا مرة واحدة أن الحصاة وصلناها، مجرد ما يصل يرفع رجله، ويقول: أنا سقطت فيها مراراً، فالأعمى لا شك أنه في أمور المبصرات ما يكلف، لا يكلف فيما يكلف به المبصر؛ لأن الله لا يكلف نفسا ًإلا ما آتاها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
فيه أعمى رأيته في بلد من البلدان، وأنا في الصف الثالث الابتدائي، سنة ثلاثة وثمانين، فرأيته في مناسبة زواج، وهو ما يسمع الرادو، وإلا كان نقول: يمكن سمع الراديو وعرف الصوت، ما يسمع الراديو، سلمت عليه، قال واحد: أنت تعرف هذا؟ قال: عبد الكريم! قلت: نعم، ما شاء الله من أربعين عاماً؟ قال: لا، خمسة وأربعين، عجب، عجب، أمور أمور يعني شيء، كأن فيها شيء من الإعانة.
وشخص أعمى يخرج من المسجد، ويذهب إلى بيته من غير قائد، ولا تختل خطواته، وإذا وصل إلى الباب أخرج المفتاح ولا يحتاج إلى أن .. ، ما يتلمس ولا شيء على طول على الفتحة، المفتاح الحديد هذا الصغير، يا أخي الواحد المبصر لازم يفتح، يمسك واحد بيد، والثاني بيد، وأحياناً يفتح باب غيره بعد، فالأمور يعني ما تنتهي، لا ينقضي العجب، يعني وإذا كان الصوت يمكن تمييزه، فكيف يمكن تمييز النَفَس؟ كيف تمييز النَفَس من فلان إلى فلان إلى ألوف من الناس؟!
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟(34/10)
طالب:. . . . . . . . .
ضرير سلم عليه شخص بعد عشر سنوات ولا تكلم، قال: فلان؟ قال: كيف عرفت؟ قال: نفسك، كل شخص له نفسه، عجب.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا لا، عجائب، عجائب، يعني في آلات الكترونية الآن يوجد مرجع لها أعمى، هو الذي يقوم بإصلاحها، آلات الكترونية دقيقة، والله المستعان.
"وإذا صلى بالاجتهاد إلى جهة ثم علم أنه قد أخطأ القبلة لم يكن عليه إعادة" لأنه بذل ما في وسعه واجتهد، فلا يكلف غير ما بذله، لكن إن صلى من غير اجتهاد إلى جهة ثم علم أنه أخطأ القبلة هذا لا بد أن يعيد، إذا لم يجتهد، أما إذا اجتهد فإنه لا إعادة عليه، وفي هذا حادثة الصحابة صلوا في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- كل اجتهد لنفسه، ووضعوا علامات إلى الجهات التي صلوا عليها، فلما أصبحوا وجدوا أنهم أخطأوا، فنزل قول الله -جل وعلا-: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [(115) سورة البقرة] فالإنسان إذا اجتهد لا يكلف غير ما يستطيع.
"وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ، أو الأعمى بلا دليل أعادا" لماذا؟ يعني ولو اجتهد البصير، أو اقتدى الأعمى بغيره في حضر، يعني ولو اجتهد البصير، أو اقتدى الأعمى بغيره فإن عليهم الإعادة، لماذا؟ لأن البلدان ليست محل اجتهاد، لكن البلدان الإسلامية التي فيها المحاريب أمرها معروف، لكن هناك بلدان غير إسلامية، ذهب فلان إلى علاج، وبحث عن مسجد، وبحث عن محاريب، وبحث عمن يخبر ضاقت به الدنيا ذرعاً، كأنه في برية، لا يجد من يكلمه بلغته، ولا يجد من يخبره، هل نقول: إن هذا حكمه حكم السفر، وإلا نقول: حكمه حكم الحضر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان لا يصل إلى الحقيقة وإصابة الجهة جهة القبلة، فإنه لا يصل بحال، هذا معذور حكمه حكم السفر؛ لأن وجود مثل هذا المجتمع ببنيانه وسكانه وجوده مثل عدمه.(34/11)
"ولا يتبع دلالة مشرك بحال" لأن المسألة شرعية، والمقتدى به في مثل هذه الأمور حكمه حكم المخبر، والمخبر لا بد أن يكون ثقة؛ ليعمل بخبره، والمشرك ليس بثقة، وقد يتعمد تضليل المسلم، لكن إن كانوا في أعمالهم يحتاجون إلى تحديد الجهات، هم في أعمالهم يحتاجون إلى تحديد الجهات؛ لأن عملهم يقتضي هذا، فدخل محل من المحلات وقال: هذه جهة كذا، وهذه جهة كذا، ليس من أجل الصلاة، ولا من أجل إخبار هذا المسلم يعتمد على مثل هذا؟ هل نقول: إن هذا إخبار ولا يقبل خبره؟ لأن الخبر إما أن يكون خبر دين فيشترط في المخبر ما يشترط في الرواة، أو يكون خبر دنيا، انتبهوا يا الإخوان.
عرفنا أنه لو قال المشرك للمسلم: هنا القبلة، لا يقبل خبره؛ لأنه ليس من أهل الرواية الذين تقبل روايتهم، لكن عمله أو عمل هذه الجهة يتطلب تحديد الجهات، فدخل هذا المحل، هذا المصنع، هذه الورشة، هذا المكتب وجد فيه هذه الجهات من أجل عملهم الدنيوي، فليس الخبر حينئذٍ خبر ديني بالنسبة لصدوره منهم إليه، هذا ليس بخبر ديني، يعني كما لو سأل عن السفارة مثلاً، دخل بلد كفار، وقال: أين محل السفارة؟ وقالوا له: السفارة هناك، هل نقول: لا تقبل لأنهم كفار؟ نعم؟ لأنه ليس بخبر دين، الأصل في تحديد القبلة والدلالة عليها أمر دين، لكن هم ما تعمدوا هذا من أجل الدين، من أجل أمور دنياهم، فهل نقول: إن خبرهم يقبل في مثل هذا؟ خبرهم يقبل في مثل هذا؛ لأنهم حددوا ووضبوا أمورهم على تحديد الجهات؛ لأن عملهم يتطلب التحديد، أو نقول: هذه قرينة إن وجد ما هو أقوى منها وإلا إن كان من أهل الاجتهاد لم يعمل بها، وإن كان من غير أهل الاجتهاد هذا أقصى ما يمكنه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الفاسق هل يقبل خبره في الدلالة إلى القبلة؟ نعم؟ لا، إن كان مجرد خبر نحتاج إلى تثبت، وإن عمل به وهو يتدين بالصلاة، إن عمل به وصلى إلى هذه الجهة، وهو أعرف من القادم إلى هذه المنطقة من غيره، نقول: ما دام يتدين بهذا فلا يظن به أنه يخون نفسه، وإن ظن به أنه يغرر بغيره، وإلا ويش الداعي يصلي وهو يعرف القبلة؟ عرفنا الفرق؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه؟
طالب:. . . . . . . . .(34/12)
هذا يحتاج إلى وجود قرائن تدل على صدقه، وجود القرائن الدالة على صدقه، لا سيما وأن مثل هؤلاء الذين يجعلون في الاستقبال، يجعلون على قدر من حسن التعامل مع الناس، التجار يقصدون هذا، سواءً كان في الشقق أو في غيرها، فإذا دلت القرينة على صدقه يقبل قوله.
طالب:. . . . . . . . .
وهو من أهل البلد؟ وغلب على ظنك صدقه؟ شوف ويش يقول: "وإذا صلى البصير في حضر" يعني ولو اجتهد، وعرف العلامات ونظر فيها ثم تبين خطأه لا بد من الإعادة.
طالب:. . . . . . . . .
ثقة هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هل هو ثقة وإلا لا؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان ثقة فمثل الاجتهاد هذا، مثل الاجتهاد إذا لم يجد غيره، يعني إذا لم يكن هناك معارض، إذا لم يكن هناك معارض، ولو سأل أكثر من شخص ليتأكد لكان هذا هو الأصل؛ لأن مثل هذا يوجد ريبة فيتأكد منه.
"ولا يتبع دلالة مشرك بحال وذلك ... " وهذا موجود التعليل في بعض النسخ "وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره ولا روايته ولا شهادته؛ لأنه ليس بموضع أمانة" يعني من شروط قبول الرواية أن يكون عدلاً ضابطاً، يعني يكون ثقة، أما إذا تخلف، تخلفت العدالة فلا قبول؛ لأنه لا يؤمن أن يغرر وأن يفسد صلاة المسلم، لا يؤمن من الكافر، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره، يعني من شرط قبول الخبر ارتفاع الفسق {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [(6) سورة الحجرات] وإذا كان هذا في الفاسق المسلم فكيف بالكافر؟(34/13)
لكن لو افترضنا أن كافراً عرف القبلة حال كفره، ثم أسلم فأخبر بعد إسلامه، يعني بعد أن انتقل عن البلد، أنت تصور كافر في بلد كفار، ويعرف جهة هذا البلد، ثم انتقل إلى بلد آخر فأسلم، فاتصل عليه من بلده الأصلي، وقيل له: أين جهة القبلة؟ قال: جهة القبلة وين أنت الحين؟ قال: أنا في المحل الفلاني، قال: حط كذا على يمينك، وكذا على يسارك وصل، هو يعرف القبلة حال كفره، ثم أدى هذه المعرفة بعد إسلامه، يصح قياساً على روايته وإلا لا؟ نعم هناك فرق بين التحمل والأداء، يعني في حال التحمل لا يشترط الإسلام ولا الثقة ولا البلوغ، فيتحمل الكافر، يتحمل الفاسق، يتحمل الصبي، لكن في حال الأداء لا يقبل إلا بعد استيفاء الشروط، ولا روايته ولا شهادته، تقبل شهادة الكافر المشرك في الوصية في السفر؛ لأنه ليس بموضع أمانة، وإذا ردت شهادة الفاسق، ورد خبر الفاسق فلئن يرد خبر الكافر من باب أولى.
طالب: شهادته على مثله يا شيخ؟
يفرقون بين الشهادة للشخص والشهادة على الشخص.
طالب: لا، عليه.
افترض أنه كافر شهد على أبيه أو على ابنه، فاسق شهد على أبيه أو على ابنه، هذا مثل اعترافه على نفسه يقبل، لكن ما يقبل على غيره إلا بعد توافر الشروط.
الصغير أهل العلم قد يقبله منهم من يقبله إذا كانت القضايا بينهم بين الصغار قبل أن يتفرقوا؛ لأنهم إذا تفرقوا أثر عليهم، وأما هم في مكانهم فبراءتهم تدل على صدقهم.
طالب: أحسن الله إليك لما أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- الحد على اليهوديين ألم يقمه بشهادة اليهود عليهم؟
اليهوديين لما أحضر التوراة؟
طالب: لما أقام الحد على هذين بوصفهما زانيين.
إيه، لكنهما ما أنكرا الزنا، لكن أنكرا الرجم.
طالب: إيه، لكن الكلام على إقامة الحد عليهم؟
إقامة الحد بشرعهم الموافق لشرعنا.
طالب: لكن أليس بشهادة أهل ملتهم عليهم بالزنا؟
لا، هم ما أنكروا، شهد عليهم أهل ملتهم واعترفوا، لكن الخلاف في الحد ما هو؟ هل يسودون؟ هل يشهر بهم؟ هل كذا؟ "إنا لا نجد الرجم" فلما بحثوا وجدوا فرجموا، ما أنكروا الزنا.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
اتجاه من أمر لأمر، هو يعرف أنك تسأله لأمر دين وإلا أمر دنيا؟(34/14)
طالب:. . . . . . . . .
يعني أنت في بلد كفار قلت له: وين السفارة؟ قال: في المحل الفلاني، هذا ما يتهم في هذا، ما يتهم.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما في ثقة.
طالب:. . . . . . . . .
بس ما هو بثقة مهما كان، لكن قد يخبرك ثقة مسلم من خيار الناس، ويخطئ في خبره، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا تعينت، ما في وسيلة إلا هم، نعم، إذا لم يوجد غيرهم، على كل حال إذا لم يوجد غيرهم من يشهد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما تقبل؛ لأن العبرة في حال الأداء لا في حال التحمل، جبير بن مطعم لما جاء في فداء أسرى بدر، سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في المغرب بسورة الطور وهو كافر في وقتها، ثم لما أسلم حدث بهذا الخبر، وتحمل عنه وقبل، وخرج في الصحيحين وغيرهما، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
من هو إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
ما دام يقبل خبرها في الرواية يقبل خبرها في العبادة، سواءً كان ذكراً أو أنثى، حر أو عبد، النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل تزكية بريرة.
طالب: بعض النساء تقول: لها كذا سنة تصلي في هذا البيت تصلي إلى غير القبلة جهلاً، ولا تنبه لها أهل البيت فينبهونها هل تؤمر بالإعادة يا شيخ ... ؟
تحصي وإلا ما تحصي؟
طالب: ما تحصي.
ما تحصي، المشقة تجلب التيسير، لكن عليها أن تعتني، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
اشتبه طاهر بنجس؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، لا يتحرى ولا شيء يتركه، ما دام طاهر بنجس يتركه.
يقول: إذا كان هناك عالمان متماثلان في العلم والورع، واختلف قولاهما، فأيهما يتبع؟ هل يأخذ بالأسهل على قاعدة: الشريعة بإرادة التسهيل على العباد، أو يأخذ بالقاعدة الأخرى: العمل بالأحوط وإبراء الذمة، وما الفرق بين هاتين القاعدتين؟(34/15)
إذا وجد عالمان بهذه المثابة، ولم يستطع الترجيح بينهما، أو وجد مرجحات لهذا، ومرجحات لهذا، فلم يستطع الترجيح فإنه يسعى لإبراء ذمته، يعني مثلما قال أهل العلم فيما إذا تعارض دليلان من غير ترجيح، لم نستطع أن نرجح بينهما، لكن أحدهما يدل على اليسر والسهولة، والثاني يدل على الاحتياط، فيه احتياط، فمن أهل العلم من يقول: يأخذ بالأيسر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وهذا له من ينصره، والأكثر يقولون: يأخذ بالأحوط؛ لأنه أبرأ للذمة، والمراد بالأيسر يختار الأيسر في وقت التخيير، أما الآن ما في تخيير، عندك راجح وإلا مرجوح، إن لم تستطع فالتوقف حتى يترجح لك أحد الأمرين، وإذا أمكن الاحتياط والخروج من العهدة بيقين فهذا أليق بلا شك، هذا هو الأليق، الخروج من العهدة بيقين، أما القول بأن إطلاق القول بأن الشريعة مبنية على اليسر والدين يسر، ولن يشاد الدين أحد .. ، هذا على العين والرأس صحيح، لكنه أيضاً دين تكاليف، والجنة حفت بالمكاره، وإذا حصل مثل هذا فلا يكن ميلك إلى ما يوافق هواك، يعني سألت من أهل العلم في مسألة من مسائل الحج، فقال: عليك دم، ثم بحثت لتسأل غيره وإن كان أعلم منه، فقال: ما عليك شيء، ما الدافع إلى السؤال؟ هل الدافع إلى السؤال مزيد التثبت والتحري، أو الدافع له البحث عما يوافق الهوى هوى النفس؟ وهذا لا شك أن الإنسان المطلوب منه إبراء الذمة، وأن يخرج من العهدة بيقين، قد يقول قائل: وقعت أنا وزميلي في أمر، في محظور واحد، فزميلي سأل شيخه قال: ما عليك شيء، وأنا سألت شيخ: وقال: عليك دم، فما هو معقول أن قضيتنا واحدة، هو ما عليه شيء، وأنا علي، لا بد أروح أسأل، هذا اتباع للهوى، بل الثاني اللائق به أن يتحرى ويتثبت، هو عرف أن في المسألة قولين يذهب يطلب مرجح، هذا الذي أفتي بأنه ليس عليه شيء، وإن كانت الفتوى ليست بصحيحة فإثمه على من أفتاه.
يقول: أيهما أفضل شرح الطيبي أو مرقاة المفاتيح شرح الملا علي القاري؟(34/16)
لا، الأفضل الطيبي، والطيبي شيخ لصاحب المشكاة، أشار عليه بتأليف الكتاب، ثم شرحه، شرح الكتاب، وكثير من الناس يأنف أن يُعنى بكتاب لشخص دونه في السن أو في المنزلة، يأنف، يرى أن قدره أكبر، وهذا كما قال: لا يتعلم العلم مستحي ولا متكبر، فلا بد أن يأخذ العلم عمن هو فوقه ومثله ودونه.
الطيبي ذكروا في ترجمته أنه يجلس لدرس التفسير بعد صلاة الصبح إلى أذان الظهر جلسة واحدة، ثم يجدد الوضوء، ويصلي الظهر، ثم يجلس لدرس الحديث درس البخاري إلى أذان العصر، ثم العصر كذلك، والمغرب كذلك، وعاش على ذلك مدة، ثم مات وهو ينتظر صلاة الظهر بعد درس التفسير، همم، هذه همم، قد يعدها كثير من طلاب العلم في عصرنا ضرب من الخيال، ما يمكن يجلس الواحد جلسة واحدة من .. ، يصلي الصبح إلى الظهر إذا كان هذا في تعليم، والتعليم لا شك أنه شاق، لكن إذا كانت المسألة قراءة كتاب وتعليق، فالمسألة أسهل، لكن أي التعليم أسهل والصلاة؟
الحافظ عبد الغني حفظ عنه أنه يصلي من ارتفاع الشمس إلى قرب الزوال، هذا أيضاً شاق، لكن بعض الناس ييسر له بعض الأمور، ويشرب حبها فتهون عليه، تسهل عليه، يعني ييسر له، ويفتح له باب التعليم، ويتجاوز مرحلة المجاهدة إلى مرحلة التلذذ، ويوجد في السابق، وفي الوقت الحاضر من يتلذذ بالتعليم، ومنهم من يحتاج إلى جهاد لكل درس على حدة، مثل هذا لا شك أنه يعجب السامع لسيرته وحياته، وموجود من الشيوخ المعاصرين من يتناوب عليه الشباب، يملون من كثرة دروسه وارتباطاته ولقاءاته، يملون، يتناوب عليه خمسة، ستة، وهم شباب، وهو كبير في السن، لا شك أن هذا فتح من الله -جل وعلا-، وتيسير لليسرى، والله المستعان.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد ...(34/17)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (7)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: صفة الصلاة
وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، وينوي بها المكتوبة، يعني بالتكبيرة ...
طالب: ثم عندنا زيادة ثلاثة أسطر يبدو أنها مقحمة.
ولا نعلم خلافاً؟
طالب: إيه ولا نعلم خلافاً بين الأمة إلى قوله: {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة] في النسخة اللي بخط الوالد ليست فيها.
ولا نعلم خلافاً بين الأمة؟
طالب: سم.
إيه من قوله: "ولا نعلم خلافاً بين الأمة في وجوب النية للصلاة، وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها، والأصل فيه قول الله تعالى: {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة].
ما عندي هذا، عندي بس ولا نعلم خلافاً بين الأمة في وجوب النية للصلاة، وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها، فإن تقدمت النية.
طالب: لا عندي: والأصل فيه قول الله تعالى: {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة] وكل هذه الأسطر الثلاثة ليست في النسخة ....
موجود المغني؟
طالب: موجود المغني.
وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها زيادة من ميم، يعني من المغني.
طالب: وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، موجودة في نسخة المغني، ولا نعلم خلافاً بين الأمة في وجوب النية للصلاة، وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها.
فإن تقدمت.
طالب: وإن تقدمت نعم.
يعني الأصل هذا زيادة مقحمة، ولا يبين من أين أخذها؟
طالب: ولا شيء أبداً، ولا أشار إلى ذلك.
نعم، الزركشي ويش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
وأن الصلاة، والأصل، فيه وإلا ما في عندك؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، فإن تقدمت بعده على طول في الأصل، في المتن، طيب، إذاً الزيادة، أقول: الزيادة عندك؟ الأصل فيها قول الله تعالى.
طالب: والأصل فيه قول الله تعالى: {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة].(35/1)
هذا الذي لا يوجد في المتن ولا في الشرح، يعني هذا لا يوجد في المتن ولا في الشرح، ما هو عندكم بالطبعة هذه وإلا؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا لو بين أصله.
طالب:. . . . . . . . .
هذه زائدة، ينبه عليها أنها زائدة.
طالب: لكن قوله: ولا نعلم خلافاً يا شيخ هي أقرب إلى الشرح من كونها من المتن يا شيخ، حتى كأن كلام الشيخ عبد الله يوحي بهذا.
هذه من الشرح.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، نعم أما الزيادة الأولى موجودة في الشرح ما في إشكال، موجودة في الشرح على أنها من المتن وإلا ... ؟
طالب: موجودة أنا عندي في المتن.
المتن المشروح.
طالب: المتن المشروح.
ما في ما يمنع أنها تكون من المتن، كونها توجد في بعض النسخ دون بعض هذا معروف مألوف، لكن الإشكال فيما لا يوجد في أي متن، أو في أي شرح، ولا يشار إليه، هذا لا بد من الإشارة إليه، والأصل فيه قول الله تعالى: {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة] هذا لا بد من التنبيه عليه.
طالب: أحسنت.
أنه لا يوجد لا في المتن ولا في الشرح، أما وجود الكلمة في الشرح أو الكلمة في الشرح وتدخل في المتن على أنها منه، أو تخرج منه على أنها ليست منه، هذا له وجه، وهذا له وجه، المقصود أنها موجودة، نعم.
ولا نعلم خلافاً بين الأمة في وجوب النية للصلاة، وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها.
يعني هذا مما تختلف فيه نسخ المتن، فمنهم من يجعله .. ، فمن النسخ ما هي مثبتة فيه على أنها متن، ومن النسخ ما لا يوجد في مثل هذا، وهي موجودة في الشرح على كل حال، وكونها من الشرح أو من المتن هي إما للإمام أو .. ، للماتن أو للشارح، على كل حال هي موجودة يعني، الكلام هذا له أصل، وله وجود، وكونها ينتابها كونها من المتن أو من الشرح هذا كثير، لكن الإشكال فيما لا يوجد لا في المتن، ولا في الشرح، وهو قوله.
والأصل فيه قول الله تعالى: {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة].
هذا لا بد أن يبين من أي شيء، أو على أي شيء اعتمد في إثبات هذا الكلام؟ لا بد أن يبين على أي شيء اعتمد.
في طبعة لمختصر الخرقي.
طالب:. . . . . . . . .(35/2)
لا لا، هي موجودة اللي عندك هذه نفس اللي يقرأ، لا، في طبعة قبل هذه، مفيد الخيمي، إيه، الخافقين نعم، ما توجد مع أحد من الإخوان؟ عندي أنا بس ما دريت أن المسألة تحتاج.
طالب: لكن في طبعة الشيخ ابن مانع عندك يا شيخ موجودة؟
لا لا، موجود إلى: "وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها" ما ندري على أي شيء اعتمد في إقحام هذه الجملة، ولا بد من التنبيه عليها، وأنها لا توجد في المتن ولا في ...
طالب:. . . . . . . . .
نعم موجودة في المغني، موجودة في المتن المطبوع مع المغني.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، لا هين الزركشي قرأناه، نعم.
وإن تقدمت النية قبل التكبير وبعد دخول الوقت ما لم يفسخا أجزأه، ويرفع يديه إلى فروع أذنيه، أو إلى حذو منكبيه، ثم يضع يده اليمنى على كوعه اليسرى ويجعلهما تحت سرته، ويقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يستعيذ، ثم يقرأ: الحمد لله رب العالمين، ويبتدئها ببسم الله الرحمن الرحيم، ولا يجهر بها، فإذا قال: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة].
طالب: سطران ساقطان من هذه النسخة يا شيخ أنا استدركتهما.
ويش هما؟
طالب: من قوله: "وتعالى جدك" إلى قوله: "فإذا قال: ولا الضالين" هذان السطران ساقطان.
عجيب.
إيه لا النسخة، النسخة عليها، يعني العناية فيها في الحاشية، يعني هو كتب الحواشي، واجتهد في انتقائها وتحريرها، وأما المتن فهو ما هو بأجود المتون، ما هو بأجود الطبعات، نعم.
فإذا قال: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] قال: آمين، ثم يقرأ سورة في ابتدائها بسم الله الرحمن الرحيم، فإذا فرغ كبر.
ولا يجهر بها، ما عندك ولا يجهر بها؟
طالب: لا، عندي في الأولى يا شيخ.
موجودة في الأولى، لكن حتى بسم الله الرحمن الرحيم الثانية ولا يجهر بها.
طالب: لا عندنا ليست، عندك يا شيخ موجودة؟
لأني صليت خلف إمام في الحي الجنوبي من حي السلام القسم الجنوبي، إمام مشهور ومقصود، لكنه ما هو بفقيه، فإذا به يقرأ في قصار السور، وعمل مطرد لا يجهر بالبسملة مع الفاتحة ويجهر بها مع السور، هذا الحاصل، لا يجهر بالبسملة مع الفاتحة، لكنه يجهر بها مع كل سورة بعد الفاتحة، يمكن قرأ في هذا الكتاب؟(35/3)
طالب: يمكن.
لا لا إخاله قرأ، لكن قلد، يرى بعض الأئمة يجهر بها أحياناً، يعني من أهل العلم يجهر بها أحياناً، فقلده فيظن، وهذا اجتهاده، وهو ليس من أهل الفقه كما هو معروف، هو واعظ.
طالب: حتى في نسخة الوالد ما فيها ...
ولا يجهر بها؟
طالب: نعم ليست فيها.
فإذا فرغ كبر للركوع، ويرفع يديه كرفعه الأول، ثم يضع يديه على ركبتيه، ويفرج أصابعه، ويمد ظهره، ولا يرفع رأسه، ولا يخفضه، ويقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثاً، وهو أدنى الكمال، وإن قال مرة أجزأه، ثم يرفع رأسه ...
يكفي، يكفي.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: صفة الصلاة
الصفة والنعت مترادفان، ومنهم من يجعل الصفة للعارض، والنعت للثابت، ومنهم من يعكس، المقصود أنهما متقاربان، ويتقارضان بمعنى أنه يوضع هذا في موضع هذا، وذاك في موضع هذا، فيقال: جاء زيد الكريم، منهم من يعربها صفة، ومنهم من يقول: نعت، ولا يختلف الأمر هنا، هل قال أحد من أهل العلم سواءً كان في كتب الحديث، أو في كتب الفقه: باب نعت الصلاة؟ جاء: "أنعت لكم كذا" من فعله -عليه الصلاة والسلام- يعني أصف، لكن لا تجدهم يقولون: باب نعت الصلاة؛ لأن الدارج على الألسنة، والمعروف والمفهوم عند العوام والمتعلمين الصفة، فلو قال: نعت الصلاة لأشكل على بعض الناس، فهم يأتون بالبين الواضح الذي لا يوقع في إشكال، وإن كان المعنى واحد.
باب: صفة الصلاة(35/4)
صفتها من الشروع فيها، أو من القيام إليها إلى الفراغ منها، من التكبير إلى التسليم، على ضوء ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من قوله وفعله، وصفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- هي ما ثبت عنه من فعله، وما يدخل في هذه الكتب التي ألفت في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، من الخلاف الذي يدل عليه القول، أو يدل عليه الفعل، لا شك أنه توسع، لما يذكر مثلاً صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- كتاب، ثم يذكر لي أنواع النسك، هل هذا دقيق؟ ما هو بدقيق، النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمد نسكاً واحداً، أو يذكر كتاباً في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم يتعرض لخلاف مثلاً عمدة بعض الأقوال فيه إلى أوامر من النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعمدة بعضها إلى أفعاله -عليه الصلاة والسلام-، لا شك أن هذا توسع، أو يقول: صفة حجة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم يأتي بالمحظورات، حج النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فيه محظورات، لكن هذا استطراد وتوسع.(35/5)
فصفة الصلاة المقصود بها الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، سواءً كان ذلك من فعله، ولزوم ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ومشروعيته من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وأما مشروعية أوامره ونواهيه في الصلاة فهذا لا إشكال فيه أنها المقصود بها الأمة، وإذا خالف فعله قوله هل يقال: إن هذا خاص به -عليه الصلاة والسلام-، أو يقال: إن هذا يقتدي به من هو في صفته كالإمام مثلاً، ويبقى الأمر لسائر الناس؟ فمثلاً قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد)) قول: سمع الله لمن حمده يقتدي به من؟ كل مصلٍ باعتباره القدوة والأسوة، أو الإمام والمنفرد؟ الشافعية يقولون: يقتدي به كل مصلٍ، فالمأموم يقول: سمع الله لمن حمده؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وقد قال: ((سمع الله لمن حمده)) إذاً نقول: سمع الله لمن حمده، والأكثر قالوا: لا، المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول ... فقولوا؛ لأن الفاء تقتضي التعقيب، يعني بمجرد قوله: سمع الله لمن حمده فقولوا، ولا مجال لقول المأموم: سمع الله لمن حمده؛ لأن التعقيب بالفاء يقتضي هذا، فإما أن نوافق الإمام بقولنا: سمع الله لمن حمده، أو يقتضي ذلك إذا قلناها أن نؤخر ربنا ولك الحمد، بعد قولنا: سمع الله، ولا يتم بذلك الامتثال، فالاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- في قوله: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) الرسول -عليه الصلاة والسلام- له أحوال، فأحياناً يفعل الشيء على أنه الإمام الأعظم، ويقتدي به الأئمة من الخلفاء والأمراء ممن يقوم مقامه، ويفعل الشيء باعتباره القاضي يقتدي به القضاة، يفعل الشيء باعتباره إمام الصلاة فيقتدي به الأئمة.
طيب إذا قلنا مثل هذا في سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، فماذا عن قوله: ((فإذا قال: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] فقولوا: آمين)) هل معنى هذا أننا لا نقول: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة]؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .(35/6)
لأن عمل المأموم في هذا الجزء من الصلاة لا ارتباط له بعمل الإمام، يعني رفعه من الركوع مرتبط بالإمام، لكن هل قراءة الفاتحة للمأموم مرتبطة بقراءة الإمام؟ لا، فإذا قال: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] فقولوا: آمين، يعني ولو لم تقرءوا الفاتحة، لكن إذا قرأتم الفاتحة فقولوا: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] لأنها إيش؟ آية منها، ما يمكن أن يتنازل عنها، ثم بعد ذلك نقول: آمين لقراءتنا، وآمين مشروعة -كما سيأتي- في الصلاة، وفي خارج الصلاة.
قال -رحمه الله-. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، يعني الحنفية في قوله: ((وإذا قال: سمع الله لمن حمده قولوا: اللهم ربنا ولك الحمد)) يقولون: إن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد، المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، والإمام لا يقول: ربنا ولك الحمد، لكل ما يخصه، طيب إذا قال الإمام: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] فقولوا: آمين، طرداً لهذا أن الإمام لا يقول: آمين، لكن هذا سيأتي الكلام والحديث عنه -إن شاء الله-.
قال -رحمه الله-: "وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر" إذا قام إلى الصلاة أي صلاة؟ أولاً: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] يعني آية الوضوء تقدم الكلام فيها، في مبحث الطهارة، بعد ذلك إذا انتهى من طهارته، وتوجه إلى المسجد، أو إلى مكان صلاته، إذا قام إلى الصلاة، أي صلاة، كل ما يسمى شرعاً صلاة قال: الله أكبر، فالصلوات كلها تتفتح بالتكبير، سواءً كانت صلاة مفروضة، أو نافلة، طارئة أو معتادة، الصلوات الخمس، النوافل، الجنائز، العيد، الكسوف، كلها تفتتح بالتكبير.(35/7)
"إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر" يعني شرع في صلاته بقوله: الله أكبر، وقيامه إلى الصلاة هو النية، ولا يحتاج مع ذلك إلى شيء، لا تلفظ، ولا يقول أي ذكر قبل التكبير، لا سراً ولا جهراً، وهناك ألفاظ كلها مبتدعة نص عليها ابن القيم، لم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، ولا عن صحابته الكرام بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف أنه إذا قام إلى الصلاة قال: نويت أن أصلي صلاة الظهر فرض الوقت أربع ركعات خلف الإمام، ولا يقول شيء من هذا ألبتة، كل هذه بدع، لم تثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، إنما وجدت في بعض كتب المذاهب المتأخرة، يعني قالوا بالنسبة للشافعي -رحمه الله تعالى- نسبوا إليه أن الفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة في أولها نطق، لكن الذي يقول: نويت أن أصلي ألا يلزمه أن يقول: نويت أن أصوم؟ لأن الباب واحد، فإذا قال هذا قاله في هذا، ويُسمع من بعض الناس: نويت أن أصوم فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، يعني خلط، وكل هذه من البدع، يعني هذا سُمع، وكان معتمد في بعض الجهات، لكنه بعد هذه الصحوة العلمية -ولله الحمد- تُرك، كان موجود عند بعض العامة حتى في هذه البلاد، نويت أن أصوم فإن حبسني حابس .. ، تلفيق.
قول الشافعية -رحمه الله-: الفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة في أولها نطق، المقصود بالنطق تكبيرة الإحرام، ولذا قال: "وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر" ولا يقول كلاماً آخر مما ابتدع.(35/8)
الله أكبر بهذا اللفظ ثبتت من قوله وفعله -عليه الصلاة والسلام-، ولم يثبت عنه غير هذا اللفظ لا من فعله ولا من قوله وتعليمه -عليه الصلاة والسلام-، فهذا اللفظ هو المتعين، من أهل العلم من يقول: قول الله الكبير يكفي عن أكبر، وأفعل التفضيل أبلغ من صيغة المبالغة؛ لأن كونه كبير لا ينفي أن يوجد كبير آخر، لما يقال من الناس: والله زيد كبير، عمرة مائة سنة، يعني هل معنى هذا أنه لا يوجد من عمره أكثر من مائة سنة؟ نعم؟ نعم هذه لا ينفي وجود المماثل، بل لا ينفي وجود من هو أكبر منه، لكن إذا قلنا: الله أكبر، يعني من كل شيء، فلا يغني عن هذه الصيغة غيرها من الصيغ، لا صيغة المبالغة ولا غيرها، من أهل العلم من يرى أنه يأتي بأي لفظ مناسب، الله الأعز، الله الأجل، وكل هذا لا أثارة عليه من علم، كل هذه اجتهادات وأقيسة، والعبادات لا يدخلها القياس، والألفاظ في مثل هذه الموطن توقيفية، لا يجوز الزيادة عليها ولا النقص، فلا يجزئ عن هذه التكبيرة إلا قولنا: الله أكبر، والله أكبر هنا هي تكبيرة الإحرام، ويقول: ينوي بها المكتوبة، الآن ينوي بالصلاة وإلا ينوي بالتكبيرة؟ نعم ينوي بإيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الصلاة لا بد من هذه الصيغة في جميع الصلوات، لا بد إذا قام إلى الصلاة أن يقول: الله أكبر في جميع الصلوات فريضة وإلا نافلة وإلا أي نوع من أنواع مما يسمى صلاة، حتى سجدة التلاوة وسجدة الشكر عند من يقول: إنها صلاة يقول: لا بد من أن تفتتح بالتكبير، هنا ينوي بها المكتوبة، يعني بالتكبيرة، ينوي بها المكتوبة، وهذا يحتاج إليه المسبوق؛ لأن من جاء من أول الصلاة أو قبل ركوع الإمام ما يحتاج أن ينوي بها مكتوبة، هي متمحضة للمكتوبة، فلا تلتبس بشيء آخر، لكن إذا جاء والإمام راكع لا بد أن ينوي بها المكتوبة إن اقتصر عليها، ينوي بها المكتوبة، ثم إن كبر ثانية للانتقال كان أكمل، وإن خاف أن يرفع الإمام واكتفى بتكبيرة الإحرام دخلت تكبيرة الانتقال بتكبيرة الإحرام.(35/9)
"قال: الله أكبر" الله أكبر هذه ركن من أركان الصلاة عند جمهور العلماء، عند الجمهور ركن، وعند المالكية والشافعية والحنابلة ركن، وعند الحنفية شرط، تكبيرة الإحرام عندهم شرط، والفرق بينهما أن الركن داخل الماهية، والشرط خارج الماهية، قد يقول قائل: إن استعمال هذا اللفظ الماهية وادخل وخارج وكذا، اصطلاح كلامي، ونحن نبحث في عبادات خاصة، وأثّر علم الكلام في .. ، نقول: لا يا أخي ما له داعي الكلام هذا كله، هل أثر على الحكم الشرعي؟ ما أثر شيء، إنما هو مجرد ألفاظ قد تكون مكتسبة من علم أو من آخر، المقصود أنها لا أثر لها في الأحكام الشرعية، وإذا وجدنا لفظاً استعمل شرعاً بدل من هذه اللفظة على العين والرأس، فهل نستطيع أن نبدل الماهية بغيرها؟ إذا قلنا: داخل الصلاة أو خارج الصلاة، لكننا نريد لفظاً يعم الصلاة ويعم غيرها، داخل الصيام، داخل الحج، نحتاج إلى لفظ يشمل الأمور كلها، فالماهية تشمل، يعني لو قلنا: الشرط عموماً خارج الماهية، والركن داخل الماهية شمل لنا جميع الأبواب، ولا نحتاج إلى أن نفصل بين صلاة وصيام وزكاة، ونأتي في كل باب بما يناسبه، هذا هو السبب في استعمال مثل هذا اللفظ، وأيضاً لا يترتب عليه مجاراة لهم في اصطلاحاتهم المؤثرة على العلم الشرعي.
ماذا يترتب على قول الجمهور؟ وماذا يترتب على قول الحنفية؟ أو ما الفرق بينهما؟ وما الفائدة العملية التي تترتب على مثل هذا الخلاف؟ إذا قلنا: الشرط خارج، والركن داخل، لا شك أنهما يجتمعان في أن الصلاة باطلة على كلا القولين لو لم يأت بتكبيرة الإحرام، صحيحة وإلا باطلة؟ باطلة، على كلا القولين، لكن باعتبار أن التكبيرة خارج الماهية عند الحنفية لو كبر وهو حامل نجاسة، نفترض أن هذا متنجس، هذه العين متنجسة ثم قال بيده هكذا: الله أكبر، وضعها مع نهاية التكبير قالوا: الصلاة صحيحة عند الحنفية، وباطلة عند الجمهور، لماذا؟ لأن حمله للنجاسة عند الحنفية خارج الصلاة، هذا لا يؤثر، واليابس لا ينجس اليابس، وعند الجمهور مؤثر؛ لأنه حمل النجاسة داخل الصلاة.(35/10)
مقتضى قول الحنفية أن تكبيرة الإحرام شرط، هل يقولون: بأنها مثل الوضوء؟ يمكن أن تكبر في بيتك وتأتي للصلاة؟ مثل ما تتوضأ في بيتك وتأتي للصلاة؟ قالوا: إنها شرط مقارن لأول جزء من أجزاء الصلاة.
يعني الخلاف ما فيه إلا مثل هذه الأمور اليسيرة، يعني بإمكانه أن يكبر وهو ناوي النافلة، ومع نهاية التكبير يقلبها إلى فريضة؛ لأن الشرط المطلوب للنافلة مطلوب للفريضة، ولا فرق، بينما عند الجمهور لا يصح إذا نوى بصلاته النفل أن يقلبها فرضاً، يجوز عندهم العكس، إذا صلى المنفرد الفريضة، وقلبها إلى نفل في وقته المتسع جاز، لا سيما إذا كان هناك غرض صحيح، إن كان يدرك جماعة مثلاً، لا شك أن مثل هذا يجوز عندهم، أما العكس لا يجوز، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، النية شرط عند الجميع، منهم من يقول: إن النية ركن من أركان الصلاة، نعم وتكبيرة الإحرام شرط، لا شك أن هذا إذا نظرنا إلى النية مع التكبير وجدنا العكس هو الصحيح.
"قال: الله أكبر، وينوي بها المكتوبة" يعني بالتكبيرة، وعرفنا أنه متى يحتاج أن ينوي بها المكتوبة؟ أنه إذا جاء والإمام راكع؛ لأنه قد ينوي بها تكبيرة الانتقال، ويصنع كما يصنع الإمام، لكن صلاته لم تنعقد؛ لأنها لا تنعقد إلا بتكبيرة الإحرام، تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة.
تكبيرة الإحرام جاء الحث على إدراكها، وجاء أن من أدركها أربعين صلاة وإلا أربعين يوم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كتبت له براءتان، هذا الحديث مضعف عند أهل العلم، وإن أثبته بعضهم، على كل حال قد يقول قائل: أنا أعمل بهذا الخبر، وعلى رأي الجمهور قلنا: نعم، في فضائل الأعمال احرص على إدراك تكبيرة الإحرام أربعين يوماً، وجاء الحث على إدراك الصلاة من أولها، فبم تدرك تكبيرة الإحرام؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هما؟
طالب:. . . . . . . . .
قبل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .(35/11)
هو لا بد أن يكبر هو، بم يدرك هذه التكبيرة؟ هل تدرك تكبيرة الإحرام بمجرد فراغ الإمام منها؟ يعني إذا كبر فكبروا؟ أو تدرك قبل أن يشرع الإمام في الركن الثاني؟ أو تدرك قبل قول الإمام: آمين، كما جاء في حديث بلال: ((لا تسبقني بآمين))؟ المعروف أنها تدرك قبل الشروع في الركن الثاني، فإذا شرع في الركن الثاني بدأ بالفاتحة انتهى إدراك تكبيرة الإحرام، فاتته تكبيرة الإحرام.
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم؟ لأن بعض الأئمة حتى على مذاهب غيرهم ما يمديك تتسوك إلا وهو شارع في القراءة، لا سيما في التراويح والقيام ما يترك فرصة الله أكبر الحمد لله رب العالمين، فمثل هذا لا شك أنه يعرض المأمومين لفوات هذا الأجر العظيم، وعلى كل حال المسبوق بغير اختياره، وبغير تراخٍ، وبغير تفريط منه هذا لا يضيره شيء، المقصود أنه قصد الجماعة، وقصد إدراك تكبيرة الإحرام، لكن ما في ذهنه أن هذا الإمام يستعجل هذه العجلة، كما لو ركع الإمام قبل أن يكمل المأموم الفاتحة، هذا حكمه حكم المسبوق، صلاته صحيحة، يركع مع الإمام، لكن لا ينبغي أن يكون مسبوقاً في كل صلواته، مثل هذا الإمام لا بد أن .. ، الذي يستعجل ولا يمكن المأمومين من قراءة الفاتحة لا بد من النظر في أمره، هذا يعرض صلاة المأمومين لهذا النقص، لماذا يكون المأموم باستمرار مسبوق؟ إن استطعت أن تؤثر عليه بالتراخي قليلاً، وتمكين المأمومين من قراءة الفاتحة، أو بتكليم المسئولين بتغييره، إن لم تستطع شوف لك مسجد ثاني، لا تصير مسبوق باستمرار، فتكبيرة الإحرام إنما تدرك بالشروع في الركن الذي يليها، وهو قراءة الفاتحة.
عند المالكية لا استفتاح ولا تعوذ ولا بسملة، الله أكبر، الحمد لله رب العالمين، لا شك أن مثل هذا فيه ما فيه من مخالفة السنة على ما سيأتي، وفيه أيضاً تعريض للمأمومين للتفويت المستمر لتكبيرة الإحرام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، ليش؟
طالب:. . . . . . . . .(35/12)
يصير فاته، يا أخي فاتته تكبيرة الإحرام؛ لأنه انتقل إلى الركن الذي بعده، فاته الركوع لأنه انتقل إلى الركن الذي بعده، لكن يشكل على هذا أن بعض الأركان لا يفوت إلا بفوات ركنين، يعني لو رفع من السجود الإمام وأنت ما سمعت تكبيرته وإلا شيء، وعرفت من جيرانك أنه رفع من السجود تدرك، تسجد وتلحقه، وهذا كله سيأتي -إن شاء الله-، هو ما بالإشكال في التأخر الإشكال في أمر ثاني على ما سيأتي بيانه -إن شاء الله تعالى-.
"ولا نعلم خلافاً بين الأمة بوجوب النية للصلاة" يعني من خالف في وجوب النية للوضوء كالحنفية لا يخالفون في وجوب النية للصلاة، الحنفية كما تقدم لا يوجبون النية للوضوء، يوجبونها للتيمم، ومن أهل العلم من لا يوجبها لا للوضوء ولا للتيمم، وأما بالنسبة للصلاة فهي محل إجماع، حديث عمر -رضي الله عنه-: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها، يعني بالنية، وإن عدناها إلى أصل المسألة وهي التكبير فالقول صحيح؛ لأن الصلاة لا تنعقد إلا بالنية، ولا تنعقد إلا بالتكبير، مع أنه أثر عن بعض التابعين أن تكبيرة الإحرام سنة، لكنه قول شاذ، لا يعول عليه عند أهل العلم، وإنما هي ركن من أركان الصلاة، والنية شرط من شروط الصلاة المتفق عليها.
"ولا نعلم خلافاً بين الأمة بوجوب النية للصلاة" قول العالم: "لا نعلم خلافاً" ليس كقوله: إن النية شرط بالإجماع؛ لأن التصريح بالإجماع أقوى من مجرد نفي العلم بوجود المخالف؛ لأنه فيما يعلم، حتى لو قال: لا أعلم مخالفاً، أو لا خلاف فيما أعلم، كل هذا يجعل في المسألة ثنيا، أن المسألة على حد علمه، وأنه يتورع من النفي المطلق؛ لأنه لو قال: ولا خلاف، كأن المسألة إجماع، لكن "لا نعلم" على حد علمه، وقد يعلم غيره، وهذا هو الواقع في كثير من المسائل، يعني مالك حينما قال: "ولا نعلم قائلاً برد اليمين على المدعي" يعني إذا نكل المدعى عليه وجد الخلاف من بعض قضاة عصره، ابن أبي ليلة وابن شبرمة يرون رد اليمين، وهم من قضاة عصره.(35/13)
وقول الشافعي: "لا نعلم في أقل من الثلاثين من البقر زكاة" العشر معروف زكاتها عند بعض السلف، بعض الصحابة، فكونه يقول: لا أعلم، ليس مثل قوله: بالإجماع، والإجماع لا شك أنه حجة عند من يعتد بقوله من أهل العلم، لكن إثبات الإجماع دونه بعد تفرق الأمة في الشرق والغرب، وعدم ضبط الأقوال وحصرها، دونها خرط القتاد، حتى نفى بعضهم الإجماع فيمن بعد الصحابة، وبعض أهل العلم ينقل الإجماع ويتساهل في نقله، ويكثر من الإجماعات المخروقة التي وجد فيها المخالف حتى عند من نقل الإجماع، وهذا ما دعا الشوكاني أن يقول: "ونقل هذه الإجماعات المخروقة تجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع" وعلى كل حال الإجماع له هيبة، والجمهور لهم هيبة، لكن يبقى أنه إذا وجد المخالف فلا إلزام، يبقى النظر للمجتهد، أما إذا حفظ الإجماع من الخلاف فلا شك أن الإنسان ليس له مندوحة حينئذٍ، لا بد أن يهاب هذا الإجماع، وأن يقف عنده.
"وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها، فإن تقدمت النية قبل التكبير وبعد دخول الوقت ما لم يفسخها أجزأه" كلام الفقهاء في النية وتفريعاتهم الكثيرة حول النية تجعل استحضار هذه النية فيه شيء من الصعوبة.(35/14)
أولاً: النية هي مجرد القصد إلى العبادة، والجهر بها بدعة، وكون الإنسان يعلم الله -جل وعلا- بدينه هذا منهي عنه، فالله -جل وعلا- يعلم السر وأخفى، فمجرد قصدك إلى الميضأة هذه نية الوضوء، ومجرد وقوفك في الصف، أو في المصلى وقولك: الله أكبر هذه هي نية الصلاة، ولا أكثر من ذلك، والتفريعات التي فرعت في النية في كتب بعض الفقهاء لا شك أنها عقدت هذه المسألة حتى أوقعت بعض طلاب العلم في حرج فضلاً عن العامة، لا شك أن النية شرط، لكن لا يعني أن من ذهب إلى الميضأة قاصداً بذلك الوضوء أنه يحتاج إلى أكثر من ذلك، نعم قد توجد بعض الصور مجردة عن النية مع قصده إلى الميضأة، انتهى من طعامه وذهب إلى المغسلة وغسل يديه، وجرت عادته أنه يتوضأ، بعد ذلك غسل وجهه من غير قصد، هذا يحصل، هل نقول: إن هذا الوضوء مجزئ؟ لا، ليس مجزئ؛ لأنه ما قصد الميضأة للوضوء، إنما قصدها لغسل يديه، فمثل هذا لا شك أنه أوقع كثيراً من الناس في الوسوسة، إلى أن وقع في أمر عظيم، وداء عضال، لم يستطع الانفكاك منه إلا بلطف وعناية إلهية.
طالب:. . . . . . . . .
سهل، المهم أنه ما غسل وجهه قبل النية.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، سهل، سهل، الإشكال لو فرغ من وضوئه أو في أثنائه استدرك ما يكفي، لا بد أن يعيد من أوله؛ لأن هذا إنسان يغسل يديه وما يشعر إلا وهو في رجليه، يغسل رجليه، هذا يحصل كثير لأنه تعود، لكن هذا الوضوء لا يجزئ.
طالب:. . . . . . . . .
نية العبادة لا بد من استمرارها، ولا بد من استصحاب حكمها، هذا لا بد منه إلى أن تؤدى هذه العبادة، فإذا وجد هذا في الذهن من غير قطع لها أجزأه، كفى.
طالب:. . . . . . . . .(35/15)
وقوفه في المصلى، وقصده للصلاة هذه هي النية، نعم لو كان ناوياً أن يصلي في أول الوقت، ثم بعد ذلك قطع هذه النية لعارض، قال: بدلاً من أن أصلي في أول الوقت أصلي في آخر الوقت، هنا لا بد أن يستحضر النية عند الدخول في الصلاة، والنية أمرها أخف مما يتصوره كثير من الناس، وتفريعات بعض الفقهاء المتأخرين هي التي أوقعت بعض الناس في الحرج، وإلا مجرد القصد هو النية، أن تقصد بذلك وجه الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة] ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) فلا بد من النية.
يقول المؤلف: "فإن تقدمت النية قبل التكبير، وبعد دخول الوقت ما لم يفسخها" يعني نوى بذلك استصحاب الحكم، ولا يلزم من ذلك استصحاب الذكر، يعني لو نوى الصلاة، الآن كل واحد من المسلمين ناوٍ أن يصلي إلى أن يأتيه اليقين، هذه النية العامة، وأنه لو عمر إلى آخر الدهر ناوٍ بهذه النية الطيبة أنه يفعل ما أوجب الله عليه، ويترك ما حرم الله عليه، وبهذه النية يستحق بذلك الخلود في الجنة، كما أن نية الكافر في عدم الإسلام ولا يقول: أنا نويت أن أسلم بعد عشر سنين، بعد عشرين سنة أو كذا؛ لأنه لو نوى ذلك، وكانت نية صحيحة لقادته إلى أن يسلم فوراً، وهذا كما قال أهل العلم هو سبب الخلود، والبقاء في الجنة أكثر من عمره الدنيوي، والبقاء في النار أكثر من عمره الدنيوي، وإلا فالأصل أن الجزاء من جنس العمل، تعبدت ستين سنة، تمكث في الجنة ستين سنة، عصيت سنة تمكث في النار ستين سنة، لكن قالوا: إن استصحاب هذه النية ولو عمر أبد الآباد يستحق بها الخلود في الجنة، كما أن الثاني يستحق بها الخلود في النار.(35/16)
"إن تقدمت النية قبل التكبير" وهذه النية مبيتة عند كل مسلم، يزاول هذه العبادات ابتغاء وجه الله -جل وعلا- موجودة، لكنها إذا طال الوقت عرضة لئن تنقض، وعرضة لئن تعزب عن الذهن "فإن طال الوقت ولم يفسخها" يعني ما أتى بمضاد لها، فعند أهل العلم يجب استصحاب الحكم بأن لا ينوي نقضها قبل تمام العبادة، وعندهم أيضاً لا يجب استصحاب الذكر، بمعنى أنه لو نسيها وغفل عنها مع أنه نواها تكفيه، فإذا قام إلى الصلاة وقصد الصلاة إذا أقيمت الصلاة عرف أنه يؤدي هذه العبادة لله -جل وعلا-.
أحياناً النية يطرأ عليها ما يطرأ، فمثلاً شخص يصلي الإمام يصلي العشاء مع جماعة كثيرة نتصور في المسجد الحرام مثلاً، وهو في نيته هو ناسي أنه مصلي المغرب، مصلياً مع الجماعة في المسجد نفسه المغرب، لما دخل في الصلاة نسي أنه صلى المغرب، وظن أن الإمام يصلي المغرب، ظاناً أن الإمام يصلي المغرب، لما قام الإمام إلى الرابعة -هذه مسألة واقعة- لما قام الإمام إلى الركعة الرابعة جلس، قال: والله الإمام زاد ركعة، ولا تجوز متابعته، ثم راجع نفسه فقال: الأمة كلها هذه مخطئة وأنا على الصواب! إذاً هي العشاء، ثم قام، ما حكم صلاته في هذه الحالة؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الإمام يصلي العشاء، وقد صلى المغرب وهو معه، لكنه نسي أنه صلى المغرب، فدخل مع الإمام على أنها المغرب.
طالب:. . . . . . . . .
دخل مع الإمام على أنها المغرب، لما قام الإمام إلى الرابعة قال: زاد ركعة، لا تجوز متابعته وجلس، ثم راجع نفسه، وقال: هذه الأمة الألوف المؤلفة كلهم على خطأ، وأنا على صواب، ولا واحد قال: سبحان الله، هاه؟ صلاته صحيحة وإلا باطلة؟ باطلة، صلاته باطلة.(35/17)
يعني مثل هذه القضايا لا تشكل إشكال بالنسبة للناس بحيث يفرع عليها، ويستطرد فيها مما يزيد المسألة تعقيد، مثل هذه المسألة نادرة، يعني تحصل في عمر الإنسان مرة واحدة، ما تحصل مراراً، هذا إذا حصلت، فمثل هذا الافتراض إذا أودع في الكتب عقد المسألة، لا سيما وأن مسألة النية حساسة جداً، وليس فيها في الشرع أكثر من أن تقصد العمل الشرعي، تريد بذلك وجه الله تعالى، وأمر النية عند الموسوسين شأنه خطير، حتى قال قائلهم: إن كل عقدة من عقد الأصابع يحتاج إلى نية، وحاول بعضهم الصلاة صلاة العشاء يحاول فيها إلى الثامنة صباحاً في ليالي الشتاء، كم ساعة؟ يمكن عشر ساعات، أو أكثر من عشر ساعات، أكثر من اثنتي عشرة ساعة، وهو يحاول أن يصلي العشاء، مثل هذا لا شك أن النية شرط، وأن الصلاة بدونها باطلة، لكنها أقل .. ، لا نقول: شأنها أقل، لكن حقيقتها، ومراد الشرع منها أقل مما يتصوره بعض الموسوسين، ويصوره بعض الفقهاء الذين أوجدوا بعض التعقيدات لدى عامة الناس، فالمسالة لا تحتاج إلى أكثر من أن تقصد الميضأة فتتوضأ، أو تقصد مكانك في الصف، أو مصلاك إذا كنت منفرداً وتكبر، وتدخل في الصلاة بالتكبير، الذي هو مفتاح الصلاة.
"ما لم يفسخها" فإن فسخها قال: ما أنا ناوٍ .. ، مثلاً يبي يصلي في أول الوقت، ثم قال: أنا لا أصلي في هذا الوقت لأني مسافر في آخر وقت الثانية، ثم عاد إلى النية، لا بد من أن ينوي من جديد، نعم؟
طالب: عفا الله عنك أحياناً يخرج الإنسان مثلاً إلى صلاة ما معينة، فإذا قام ليكبر مع إمامه تخطر عليه خواطر عارضة وكذا فيعزب عن ذهنه أنه في صلاة الظهر، فيسبق ذهنه أنها صلاة العصر، مع أنه جاء قاصداً صلاة الظهر؟
يعني هل يؤثر تعيين صلاة دون صلاة مع أنها مثلها في الصورة؟
طالب: لا، لا بس خطر في ذهنه خاطر وهو يكبر ...(35/18)
شوف الخواطر والهواجس وحديث النفس هذه كلها أمور معفو عنها، لكن يبقى أنه أحياناً يتردد هل أدرك الركوع أو لم يدرك الركوع؟ وهذه يحصل فيها حرج، هل أدرك الركوع أو لم يدرك الركوع؟ لا سيما وهو ممن يترجح عنده أن الصلاة تدرك بالركوع، فإن كان قد أدرك الركوع فزاد ركعة لا شك أنه يعرض صلاته للبطلان، وإن كان لم يدرك الركوع، واقتصر على ما فعله عرض صلاته للبطلان، فهذه مسألة في غاية الحساسية، ماذا يصنع؟ جاء وركع، فما يدري عن الإمام هل ركع قبل أن يستتم الركوع أو لا؟ ما يشوفه، قال: احتمال أنني ركعت ولم استتم الركوع حتى رفع الإمام، فهل يعتد بهذه الركعة أو لا يعتد بها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الأصل عدم الإدراك أو أن الأصل الإدراك لأنه ما سمع صوت ولا يرى فعل الإمام؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ لأن الاحتياط في مثل هذه الصورة فيه صعوبة، إن لم تعتد بهذه الركعة وزدت ركعة على الصلاة عرضت الصلاة للبطلان والعكس، فصلاة الظهر لا تصح خمساً ولا ثلاثاً بحال، لكن مثل هذا الشك هل ينزل مثل هذا الشك منزلة النسيان أو منزلة الجهل بحيث ينزل الموجود منزلة المعدوم؟ أو نستصحب الأصل، وأنك لم تدرك؟ أو نقول: إن الأظهر أنك أدركت، باعتبارك أنك ما سمعت صوت الإمام، وحينئذٍ يتعارض الأصل مع الظاهر، فنحتاج إلى مرجح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لمبرر، لمبرر، يزاد لمبرر.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال مثل هذه المسألة فيها تعارض الأصل مع الظاهر فنحتاج إلى مرجح، وهل للإنسان ... ، المسائل ستأتي لكن باعتبار أن المسألة متعلقة بالنية، ومسائل الاقتداء فيها ما فيها، فيها أمور فيها عضل المسائل ستأتي -إن شاء الله-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال باعتبارها فريضة باطلة.
كم باقي الآن؟
هذا كتب عن: لماذا سميت فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالزهراء؟(35/19)
يقول: ذكر الصالحي في سبل الهدى والرشاد: أن سبب تسمية فاطمة -رضي الله عنها- بالزهراء هو ما أشيع عن أنها لم تحض، ولما ولُدت طهرت من نفاسها بعد ساعة، أو ولَدت؟ ولدت نعم، حتى لا تفوتها الصلاة، ولذلك سميت الزهراء، ونسب ذلك لصاحب الفتاوى الظاهرية من الحنفية والمحب الطبري.
وقال المناوي في إتحاف السائل: "لفاطمة من المناقب إيش؟ الثالثة: أنها كانت لا تحيض أبداً، إلى أن قال: وإن هذا من افتراءات الشيعة، وطول في هذا، وناقل من المواقع، ومن الكتب.
معجم المناهي اللفظية: قال: فاطمة الزهراء، الزهراء المرأة المشرقة الوجه البيضاء المستنيرة، ومنه جاء حديث في سورة البقرة وآل عمران الزهراوان أي المنيرتان، ولم أقف على تاريخ لهذا اللقب لدى أهل السنة، والله أعلم.
والرافضة عاد كلامهم كثير في هذا، ويغلون فيها -رضي الله عنها وأرضاها-.
على كل حال إذا كان مأخوذاً من اللون فجاء في وصفه -عليه الصلاة والسلام- أنه أزهر اللون، وإن كانت أشبه الناس به، أو تشبهه فهي زهراء من هذه الحيثية من أجل اللون، لا أكثر ولا أقل، لكن ماذا عن وصف المدينة بأنها المنورة؟ هذا الذي فيه الكلام، وأن التسمية تسمية صوفية، وليس لها أصل في الشرع، وأنها المدينة النبوية، ونحتاج إلى تاريخ لهذه التسمية.
طالب: لو توضأ ثم دخل دورة المياه ثم بدا له ألا يقضي حاجته؟
ما يضر، ما يضر، لا، ما يضر.
طالب: لا يعتبر هذا إرادة للفسخ يا شيخ؟
في أثناء العبادة مؤثر، لكن إذا نوى النقض في أثناء العبادة يؤثر، لكن بعد الفراغ من العبادة لا يلتفت إليه، نعم يختلف هذا عن قولهم: ومن نوى الإفطار أفطر؛ لأنه ما زال في أثناء العبادة، لكن نوى الإفطار المغرب ما يؤثر ...(35/20)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (8)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قرأت إلى "فإذا فرغ كبر"؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه "ثم يرفع رأسه".
خلاص، طيب.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"ويرفع يديه إلى فروع أذنيه، أو إلى حذو منكبيه" يرفع يديه مع تكبيرة الإحرام، ومع تكبيرة الركوع، ومع قول سمع الله لمن حمده إذا رفع من الركوع، هذا هو المعروف في المذهب في المواضع الثلاثة، وأما الموضع الرابع فالحنابلة لا يقولون به، بعد الركعتين، إذا قام من التشهد، الحنابلة لا يقولون به، مع أن دليله في البخاري، من حديث ابن عمر، لكن الحنابلة لا سيما المقلدين منهم لا يلامون على هذا، المقلد إنما يتبع إمامه، لكن العبرة بمن يبلغه الدليل، ويعرف ثبوته هو الذي يلام، أما المقلد الذي يأخذ قول الإمام بلا حجة هذا معذور، والإمام أحمد -رحمه الله تعالى- يرى أن حديث ابن عمر من فعله ليس بمرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو موقوف عنده على ابن عمر، وما يوقف على ابن عمر ليس بحجة ملزمة؛ لأنه فعل صحابي، والإمام البخاري خرج الحديث مرفوعاً فثبت عنده رفعه، هذا بالنسبة للموضع الرابع.
الموضع الأول: وهو رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام لم يختلف فيه في مشروعيته في الجملة، وعامة أهل العلم على أنه سنة، وأوجبه بعض أهل العلم، الحميدي شيخ البخاري، وداود الظاهري، وبعض أهل العلم أوجبوا رفع اليدين في هذا الموضع، وأما مجرد المشروعية والقول بالاستحباب، فهذا لم يختلف فيه، حتى الحنفية الذين لم يقولوا برفع اليدين في بقية المواضع يرون مشروعية الرفع في هذا الموضع.(36/1)
يرفع يديه مكبراً قائلاً: الله أكبر، على ما تقدم في تكبيرة الإحرام، إلى فروع أذنيه، أو إلى حذو منكبيه، وبهما جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من حديث وائل بن حجر، وحديث ابن عمر وغيرهما، ومنهم من يرجح، والإمام أحمد كأنه يميل إلى حذو المنكبين، ولو رفع إلى فروع الأذنين فحسن، لكن المرجح عنده حذو المنكبين، ولا شك أن دليله صحيح، وهو في الصحيحين وغيرهما حديث أبي حميد وغيره.
"حذو منكبيه" يعني مقابل منكبيه، بإزاء منكبيه، وجاء أيضاً من حديث ابن عمر وغيره "إلى فروع أذنيه" وهذا الاختلاف ليس باختلاف تضاد إنما هو تنوع، فلو رفع حذو المنكبين أحياناً، وإلى فروع الأذنين أحياناً فقد عمل بالسنة، ومنهم من يرى التوفيق بين هذه الأحاديث بأن تكون ظهور اليدين حذو المنكبين، وأطراف الأصابع إلى فروع الأذنين، ويرون أن فروع الأذنين منتهى الرفع، وحذو المنكبين بدايته، يعني أوله.
على كل حال الأمر في هذا سهل، لكن الإشكال فيما يفعله كثير من المصلين ويشاهد بكثرة من غير نكير، بل بعض من ينتسب إلى طلب العلم يفعل ذلك، يرفع رفعاً لا يجاوز السرة، وهذا عبث لا تتأدى به السنة، ولا تتحقق به إلا شخص في يديه عسر، لا يستطيع رفعهما أكثر من ذلك، فهو معذور، يرفع إلى القدر الذي يستطيعه، وإذا كانت يده لا تطاوعه فتنثني بحيث إذا رفعها تعدت رأسه؛ لأن بعض الناس يده ما تطاوعه، فإن رفعها تعدت الرأس، فمثل هذا يقال له: ارفع ولو تعديت السنة أو لا ترفع؟ لأنه بين أمرين، إما أن يترك الرفع بالكلية، أو يرفع رفعاً زائداً على القدر المشروع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم يرفع.
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما هو مشاهد بعض الناس ما يستطيع أن يثني يده، فإما أن يرفع رفعاً يسيراً، أو يرفع رفعاً .. ؛ لأنه لا يستطيع أن يثني يده فترتفع يده فوق رأسه هكذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل مجرد تحريك اليد هكذا هو رفع وإلا .. ؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الأولى إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
الأولى عدم الرفع يقول أخونا، نعم؟
طالب: يفعل الذي يستطيع.(36/2)