كِتَابُ الصِّيَامِ(1)
..................................................................................................................
الشرح:
(1) قوله =كِتَابُ الصِّيَامِ+: الصيام لغة: الإمساك، والامتناع، والكف.
قال تعالى حكاية عن مريم [إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً](1)، أي إمساكاً عن الكلام.
وقال النابغة:
خيل صيام وخيل غير صائمة ... ** ... تحت العجاج وخيل تعلك اللجما
أي خيل ممسكة عن العلف، وخيل غير ممسكة.
يقال صام الفرس: إذا قام على غير اعتلاف. ويقال: هو الذي أمسك عن الصهيل(2).
قال شيخ الإسلام ×:=جماع معنى الصيام في اللغة: الكف، والإمساك، والامتناع، وذلك هو السكون، وضده الحركة، ولهذا قرن الله تعالى بين الصوم والصلاة، لأن الصلاة حركة إلى الحق، والصوم سكون عن الشهوات، فيعم الإمساك عن القول والعمل من الناس والدواب وغيرها+(3).
أما تعريف الصيام في الشرع:
فقد اختلفت فيه أقوال الفقهاء:
..................................................................................................................
فقال الحنفية(4) في تعريف الصيام: هو الإمساك عن أشياء مخصوصة، وهي الأكل والشرب والجماع بشرائط مخصوصة.
وقال المالكية(5):هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج وما يقوم مقامهما مخالفة للهوى في طاعة المولى في جميع أجزاء النهار بنية قبل الفجر أو معه إن أمكن فيما عدا زمن الحيض والنفاس وأيام الأعياد.
وقال الشافعية(6): الصيام هو: إمساك مخصوص عن شيء مخصوص في زمن مخصوص من شخص مخصوص.
__________
(1) سورة آل عمران: 26.
(2) انظر في ذلك: القاموس المحيط، والمصباح المنير، ومختار الصحاح، مادة: صوم.
(3) شرح العمدة (1/23).
(4) بدائع الصنائع (2/75).
(5) الشرح الصغير (2/217).
(6) المجموع للنووي (6/47).(9/1)
وقال الحنابلة(1) في تعريفه: بأنه إمساك مخصوص عن أشياء مخصوصة في وقت مخصوص.
ومن خلال تعريفات الفقهاء لمعنى الصوم شرعاً يتبين لنا أن منهم الموسع ومنهم المضيق في تعريفه، لكن المعنى الذي يجمع بين هذه التعريفات هو: الإمساك بنية التعبد لله تعالى عن أشياء مخصوصة في زمن معين من شخص مخصوص بشروط مخصوصة.
ولبيان هذا التعريف نقول:
قولنا:=الإمساك بنية+ مؤداه أن الصوم لا يصح إلا بالنية، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك كما نقله البهوتي في كشاف القناع(2).
..................................................................................................................
وقولنا:=التعبد لله+ حتى لا يكون مجرد إمساك عن الطعام فقط، وحتى لا يكون تعبداً لغير الله، كأن يصوم رياء وسمعة، أو خوفاً من كلام الناس عليه.
وقولنا:=عن أشياء مخصوصة+ المقصود بها مفسدات الصوم، وهي الأكل والشرب وما يقوم مقامهما والجماع. وما ينبغي الإمساك عنه كاللغو والرفث والفسوق.
وقولنا:=في زمن معين+ المراد به من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، قال تعالى:[وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ](3).
وقولنا:=من شخص مخصوص+ وهو المسلم البالغ العاقل القادر المقيم، غير الحائض والنفساء، فلا يجوز فعله مع وجود العذر من الحيض والنفاس، بل يجب القضاء مع زوال العذر.
وقولنا:=بشروط خاصة+ هناك شروط للإجزاء وشروط للصحة كما سيأتي بيان ذلك بالتفصيل إن شاء الله تعالى. وبناءً على الكلام الذي ذكرناه يتبين لنا أن أركان الصوم أربعة:
(1) النية. ... ... ...
(2) الإمساك عن المفطرات. ...
(3) الصائم. ... ...
(4) الزمان.
..................................................................................................................
__________
(1) المغني (4/325).
(2) الإجماع لابن المنذر، ص52، كشاف القناع عن متن الإقناع (2/324).
(3) سورة البقرة: 187.(9/2)
ذكر بعض الفوائد:
? فائدة (1): متى فرض الصيام:
أجمع أهل العلم على أن صيام رمضان فرض في السنة الثانية من الهجرة، وفرض في أول الأمر على
التخيير بين الصيام والإطعام، كما في قوله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ] (1)، ثم أمر الله تعالى بفرضه، فقال [شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..](2)، ثم استثنى بعض أهل الأعذار [وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ..] (3) .
والسبب في التدرج ـ والله أعلم ـ في فرضيته ليكون أسهل في قبوله كما في تحريم الخمر.
? فائدة (2) في ذكر بعض فضائل الصوم:
وردت أدلة كثيرة تدل على فضل الصيام، وعلى ما أعده الله تعالى للصائمين،فمن ذلك: ما رواه البخاري عن أبي هريرة ÷ عن النبي "
قال:=مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ+(4).
..................................................................................................................
__________
(1) سورة البقرة: 183، 184.
(2) سورة البقرة: 185.
(3) سورة البقرة: 185.
(4) أخرجه البخاري ـ كتاب الإيمان ـ باب صوم رمضان احتسابا من الإيمان (37).(9/3)
وروى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد ÷ عن النبي " قال:=إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ+(1) .
ومن فضائله أيضاً ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة ÷ قال: قال رسول الله ":=قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ..+ (2) .
? فائدة (3): في بيان الحكمة من الصوم:
في كل أمر من أوامر الله تعالى، بل وفي كل نهي مما نهى الله عنه تتجلى الحكم، وهذه الحكم قد يعلمها العالم بالأمر والنهي، وقد لا يعلمها، ومما ذكره أهل العلم في بيان الحكمة من الصوم ما يلي:
(1) أنه وسيلة للتقوى، وهي الغاية المنشودة، قال تعالى[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ](3)، فالصوم وسيلة لتحقيق التقوى لأنه إذا انقادت النفس للامتناع عن الحلال طمعاً في مرضات الله تعالى، وخوفاً من أليم عقابه فأولى أن تنقاد للامتناع عن الحرام، فكان الصوم سبباً لاتقاء محارم الله تعالى.
وَيَجِبُ صِيَامُ رَمَضَانَ(1)................................................................................
(
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب الريان للصائمين (1673)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب فضل الصيام (1947).
(2) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب هل يقول إني صائم إذا شئتم (1771)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب فضل الصيام (1944).
(3) سورة البقرة: 183.(9/4)
2) أنه وسيلة إلى شكر النعمة، إذ هو كف النفس عن الأكل والشرب والجماع، وهذه الثلاث من أجل النعم، والامتناع عنها زمناً معتبراً يعرف قدرها، إذ النعم مجهولة فإذا فقدت عرفت، فيحمل ذلك العباد على قضاء حقها بالشكر، وإلى هذا أشار الرب سبحانه وتعالى في آية الصيام بقوله [يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] (1) .
(3) أن فيه قهر الطبع وكسر الشهوة، لأن النفس إذا شبعت تمنت الشهوات، وإذا جاعت امتنعت عما تهوى، لذا فقد قال " للشباب =يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ+ (2) .
(4) أنه موجب للرحمة والعطف على المساكين، فإن الصائم إذا ذاق ألم الجوع في بعض الأوقات فإنه يتذكر من هذا حاله في جميع الأوقات، فيسارع بمد يد العون لهم والرحمة بهم والإحسان إليهم.
وإذا أردنا أن نتلمس الحكمة من تشريع الصوم فيحتاج ذلك إلى وقت طويل ولكن ما ذكرناه فيه غنية ولله الحمد.
(1) قوله =وَيَجِبُ صِيَامُ رَمَضَانَ+: صيام رمضان هو أحد أركان الإسلام، وفرض من فروض الله، معلوم من الدين بالضرورة وإجماع المسلمين، بل من العلم العام الذي توارثته الأمة خلفاً عن سلف، وقد دل على ركنيته =
..................................................................................................................
=الكتاب والسنة والإجماع. وأجمعت الأمة على أن من أنكر وجوبه كفر.
__________
(1) سورة البقرة: 185.
(2) أخرجه البخاري ـ كتاب النكاح ـ باب من لم يستطع الباءة فليصم (4678)، مسلم ـ كتاب النكاح ـ باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة (2485).(9/5)
أما دليل الكتاب على ركنيته فقوله تعالى:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ..] (1) . ومعنى كُتب: أي فُرض.
وقوله تعالى:[فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] (2) . والأمر للوجوب.
وأما دلالة السنة على ركنيته:
فقوله " من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ":=بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ+(3).
أما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على فرضيته، وأنه الشهر التاسع من شهور العام بين شعبان وشوال.
وقول المؤلف =ويجب صيام رمضان+ بدون ذكر اسم الشهر دليل على جواز تسميته رمضان دون قولنا =شهر رمضان+ وقد كره ذلك بعض أهل العلم(4)، أي كرهوا أن يقال =رمضان+، بل يقال =شهر رمضان+، وذلك موافقة للفظ القرآن، وأكثر الأحاديث ومنها =لاَ تَقُولُوا رَمَضَانَ، فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، وَلَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضَانَ+(5).
والذي يظهر والله أعلم أنه لا مانع من ذكر =رمضان+ مجرداً لورود ذلك في=
عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ(1).........................................................................................
__________
(1) سورة البقرة: 183.
(2) سورة البقرة: 185.
(3) أخرجه البخاري ـ كتاب الإيمان ـ باب بني الإسلام على خمس (7)، مسلم ـ كتاب الإيمان ـ باب بيان أركان الإسلام ودعائمه (21).
(4) انظر في ذلك: شرح العمدة لشيخ الإسلام ، المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/324ـ 325).
(5) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (4/201) رقم (8158).(9/6)
=السنة، كما في الحديث الصحيح =إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ+(1) .
وقوله ":=مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ+ (2) .
وقوله ":=مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ+(3) .
وغير ذلك مما جاءت به السنة.
(1) قوله =عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ+: هذا شروع في بيان الشروط المعتبرة في الصائم، فلا يجب على الكافر، أي لا يخاطب بفعله، ولا يجب عليه قضاؤه إذا أسلم، ولا يصح منه ابتداء ولا دوماً، لكن هل يعاقب على تركه في الآخرة إذا لم يسلم؟ نعم يعاقب على تركه في الآخرة، وعلى ترك جميع واجبات الدين لأن الراجح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، والدليل على ذلك قوله تعالى:[مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ](4). فذكروا أموراً أربعة أوجبت دخولهم النار.
? فائدة (1): في حكم من أسلم في رمضان:
من أسلم في رمضان لا يخلو من حالين:
الأول: أن يسلم في شهر رمضان بعد غروب شمس يوم منه، فهذا يجب عليه صيام ما يستقبله من بقية شهره بلا خلاف، أما قضاء ما مضى قبل إسلامه=
..................................................................................................................
=فمحل خلاف بين الفقهاء.
__________
(1) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب فضل شهر رمضان (1793).
(2) سبق تخريجه، ص114.
(3) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعاً (1984).
(4) سورة المدثر: 42 ـ 46.(9/7)
فالجمهور(1) على عدم القضاء لأن ما مضى عبادة خرجت في حال كفره، فلم يلزمه قضاؤه كرمضان الماضي. وقال عطاء: عليه قضاؤه.
والصحيح ما ذهب إليه الجمهور فلا يلزم الكافر قضاء ما فاته حال كفره، قال تعالى:[قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ] (2).
الثاني: أن يسلم في شهر رمضان في جزء من نهار يوم من أيامه، فهنا يلزمه الإمساك بقية اليوم، وهل يقضي هذا اليوم؟
قولان لأهل العلم:
القول الأول: أنه يلزمه الإمساك والقضاء، وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد(3)، وهو قول ابن قدامة(4).
القول الثاني: لا يلزمه الإمساك ولا القضاء لأنه لم يدرك في زمن العبادة ما يمكنه التلبس بها فيه، فأشبه ما لو أسلم بعد خروج اليوم. وهذا مذهب مالك(5)، والشافعي(6)، واختاره شيخ الإسلام(7).
? فائدة (2): في حكم من ارتد عن الإسلام في رمضان:
من ارتد عن الإسلام في رمضان أفطر وحبط عمله،فإن عاد إلى الإسلام في=
بَالِغٍ (1).......................................................................................................
=بقية النهار صام ما بقى.
وهل يلزمه قضاء ما أفطر منه بعد الردة أم لا؟ على روايتين:
الأولى: أنه لا يجب عليه قضاؤه إذا أسلم لقوله تعالى :[قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ] (8)، وهذا هو الصحيح من المذهب(9).
__________
(1) المغني (4/415).
(2) سورة الأنفال: 38.
(3) المغني (4/415).
(4) المرجع السابق.
(5) الشرح الصغير (2/226).
(6) روضة الطالبين (2/372).
(7) شرح العمدة ـ كتاب الصيام (1/52، 53).
(8) سورة الأنفال: 38.
(9) انظر في ذلك: شرح الزركشي على مختصر الخرقي (2/623)، المقنع والشرح الكبير مع الإنصاف (7/355)، الإقناع (1/499).(9/8)
والرواية الأخرى: أن القضاء يجب على المرتد إذا أسلم، وهذا هو قول الشافعي(1)، لأنه قد اعتقد وجوبها عليه بخلاف الكافر الأصلي.
والصحيح: أنه لا يجب قضاؤه إذا عاد إلى الإسلام حكمه في ذلك حكم الكافر الأصلي.
(1) قوله: = بَالِغٍ+: هذا هو الشرط الثاني من الشروط المعتبرة في الصائم، فيشترط فيه كونه بالغاً، والبلوغ لا يكون التكليف إلا به، لأن الغرض من التكليف الامتثال، ولا يحصل التكليف إلا بالقدرة على الفعل والإدراك وهما منعدمان قبل البلوغ.
ويحصل البلوغ كما ذكرنا في كتاب الصلاة بواحد من ثلاثة أشياء للذكر وللأنثى بواحد من أربعة أشياء.
أما الذكر: فيحصل البلوغ فيه بإتمام خمسة عشر عاماً، وإنبات شعر العانة، وإنزال المني بشهوة.
أما الأنثى: فيحصل بواحد من هذه الثلاث المذكورات، ويضاف إليها رابع=
..................................................................................................................
=وهو الحيض، فإذا حاضت فقد بلغت ولو كانت في سن أقل من خمسة عشر عاماً.
أما دليل عدم وجوب الصوم على غير البالغ فقوله ":=رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ+(2).
ومعنى رفع القلم: أي لا يكتب عليه إثم وذلك لعدم تكليفه.
لكن مع القول باشتراط البلوغ للصائم فيجب على ولي الصبي أن يأمره به ليعتاده. وسيأتي في كلام المؤلف ما يدل على ذلك.
? فائدة: متى بلغ الصبي في جزء من نهار رمضان هل يلزمه الإمساك والقضاء؟
__________
(1) المجموع (6/256).
(2) أخرجه الترمذي (1343)، وأبو داود (3822)، والنسائي(3378)، واللفظ له، وصححه الألباني في سنن النسائي (6/156) رقم (3432).(9/9)
اختلفت الرواية في المذهب(1) في الصبي إذا بلغ في أثناء النهار وهو مفطر، ففي رواية: أنه يلزمه الإمساك، وهذا هو قول أبي حنيفة(2)، وعللوا لذلك بأنه معنى لو وجد قبل الفجر أوجب الصيام، فإذا طرأ وجب الإمساك.
والرواية الثانية(3) لا يلزمه الإمساك، وإليه ذهب مالك(4)، والشافعي(5)، واحتجوا لذلك بما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال:=من أكل أول النهار فليأكل آخره+(6)، وأنه أبيح له الفطر أول النهار ظاهراً وباطناً، فإذا =
عَاقِلٍ (1) .....................................................................................................
=أفطر كان له استدامة الفطر، كما لو دام الضرر.
هذا بالنسبة للإمساك، أما القضاء ففيه أيضاً روايتان(7):
الأولى وهي ظاهر المذهب أنه يجب القضاء لأنه أدرك جزءًا من وقت العبادة، فلزمه القضاء، كما لو أدرك بعض وقت الصلاة.
الثانية: لا يلزمه القضاء، وهو قول مالك(8)، وذلك لأنه لم يدرك وقتًا يمكنه التلبس بالعبادة فيه أشبه ما لو زال عذره بعد الوقت.
__________
(1) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/361، 362).
(2) شرح فتح القدير لابن الهمام (2/282).
(3) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/361، 362).
(4) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/514).
(5) نهاية المحتاج (3/182).
(6) أخرجه بن أبي شيبة في مصنفه ـ كتاب الصيام ـ باب في الرجل يتسحر وهو عليه ليلا (2/286) رقم (9044).
(7) المراجع السابقة للحنابلة.
(8) المراجع السابقة للمالكية.(9/10)
والراجح عندي أنه يلزمه الإمساك دون القضاء، وهي رواية كما ذكرنا في المذهب، وهو مذهب الإمام مالك، واختيار شيخ الإسلام(1)، وشيخنا محمد بن صالح العثيمين(2)، ووجه ذلك أنه لا يلزمه الإمساك في أول النهار لعدم شرط التكليف، فلما بلغ في أثناء النهار ووجد شرط التكليف لزمه
الإمساك، ومن أتى بما أمر به لم يكلف الإعادة.
(1) قوله =عَاقِلٍ+: ضده فاقد العقل من مجنون، ومعتوه، ومهذر(3)، والمغمى عليه، وغيرهم ممن فقد عقله، فهؤلاء لا يجب عليهم الصوم وهم في مثل حالتهم هذه لقوله " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ+(4)، فإن أفاقوا في أثناء النهار فالخلاف فيهم كالخلاف في الصبي إذا بلغ في أثناء النهار.
قَادِرٍ عَلَى الصَّوْمِ(1)، وَيُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ إِذَا أَطَاقَهُ (2)،..........................................
(1) قوله:=قَادِرٍ عَلَى الصَّوْمِ+: هذا هو الشرط الرابع من شروط من يلزمه الصوم في رمضان وهو أن يكون قادراً على الصوم وخرج من هذا الشرط العاجز عن الصيام كالمريض الذي يرجى برؤه يفطر ويقضي بعد شفائه، أما المريض الذي لا يرجى برؤه حسب تقرير الأطباء فيطعم عنه، وكذلك الكبير الذي لا يطيق، ودليل ذلك قوله تعالى:[وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ..] (5). أي يطيقونه بمشقة وثبت أن أنس ÷ أفطر سنتين لما كبر.
والعجز إما أن يكون عجزاً عن الصيام في وقته قادراً عليه بعد خروج وقته، كالحامل والمريض مرضاً يرجى برؤه فإنه
__________
(1) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام بن تيمية ( ).
(2) الشرح الممتع (6/334، 335).
(3) مهذر: معناه المخرف.
(4) سبق تخريجه، ص121.
(5) سورة البقرة: 184.(9/11)
يجب عليهما القضاء، وإما أن يكون عاجزاً عنه في الوقت وبعد الوقت كالشيخ الكبير والمرأة العجوز والمريض مرضاً لا يرجى برؤه فإنهما يفطران ويطعمان كما سيأتي إن شاء الله.
ومن شروطه أيضاً التي لم يذكرها المؤلف: كون الصائم مقيماً فلا يجب على المسافر، وكونه أيضاً
خالياً من الموانع كالحائض والنفساء، فلا يصح منهما الصوم،ولا يجزئهما إن صاما، كما سيأتي ذكر ذلك قريباً إن شاء الله.
(2) قوله:=وَيُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ إِذَا أَطَاقَهُ+: ذكرنا فيما سبق أنه يشترط في الصائم كونه بالغاً، فلا يجب الصوم على غير البالغ لكن نص جمهور الفقهاء(1) على أن الصبي يؤمر به لسبع كالصلاة إن أطاقه، ويضرب على تركه لعشر، بل=
وَيَجِبُ بِأَحَدِ ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ: (1) كَمَالِ شَعْبَانَ (2)،................................................
=قالوا يجب على وليه أمره بالصوم إذا أطاقه، وضربه عليه ليعتاده كالصلاة، ولمَّا كان الصوم أشق اشترطوا له الطاقة لأنه قد يطيق الصلاة ولا يطيق الصوم. وقال المالكية(2): لا يؤمر الصبيان بل يكره لهم الصوم بخلاف الصلاة، فلا صيام على الصبيان حتى يحتلم الغلام، وتحيض الفتاة، وبالبلوغ لزمتهم أعمال الأبدان فريضة.
والصحيح ما ذهب إليه الجمهور، فقد ثبت عن جماعة من السلف أنهم كانوا يأمرون الصبيان بالصوم إذا أطاقوا، ثبت ذلك عن عروة بن الزبير، ومحمد بن سيرين، وقتادة،والزهري(3).
__________
(1) المغني (4/412، 413).
(2) الشرح الصغير (2/218).
(3) انظر: مصنف عبد الرزاق (4/153).(9/12)
بل كان صوم الصبيان معهوداً في زمن النبي "، كما في حديث الربيع بنت معوذ المتقدم وفيه قالت: =أَرْسَلَ النَّبِيُّ " غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ قَالَتْ فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا وَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنْ الْعِهْنِ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ+(1).
(1) قوله:=وَيَجِبُ بِأَحَدِ ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ+: بدأ المؤلف ببيان متى يجب الصوم، فقال:=بأحد ثلاثة أشياء:+ أي يجب صيام رمضان بواحد من ثلاثة أشياء:
(2) قوله:=كَمَالِ شَعْبَانَ+: ويكون الإكمال بجعله ثلاثين يوماً، دليل ذلك ما رواه
البخاري ومسلم عن أبي هريرة ÷ مرفوعاً:=صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا =
وَرُؤْيَةِ هِلاَلِ رَمَضَانَ (1).................................................................................
= لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ+(2).
(1) قوله:= وَرُؤْيَةِ هِلاَلِ رَمَضَانَ+: أي ويجب الصوم أيضاً برؤية هلال رمضان للحديث المتقدم، ولقوله تعالى:[فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ](3).
ذكر بعض الفوائد:
? فائدة (1): هل يجب الصوم بمقتضى الحساب؟:
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب صوم الصبيان (1824)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب من أكل في عاشوراء فليكف بقية يومه(1919).
(2) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب قول النبي=إذا رأيتم...+ (1776)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية..(1810).
(3) سورة البقرة: 185.(9/13)
أقول: نظراً لأهمية هذه المسألة، ـ أعني إثبات الأهلة بالحساب الفلكي ـ وكثرة من يدندن حولها ويدعوا للأخذ بها وبخاصة في الأزمنة المتأخرة ووقوع الخوض فيها فلابد من بيان الحكم الشرعي، وبيان أقوال الأئمة فيها.
فأقول وبالله التوفيق: ذهب بعض المتأخرين إلى أنه إن لم تمكن رؤية الهلال عدل الناس إلى العمل بالحساب الفلكي، واحتجوا لقولهم بأنه قول بعض التابعين كمطرف بن عبد الله الشخير، وأبي العباس بن سريج من الشافعية، وابن قتيبة من المحدثين، واحتج هؤلاء بحديث ابن عمر مرفوعاً: =صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ+(1).
فقالوا معنى التقدير هنا هو الحساب، ذكر ذلك العيني في عمدة القاري(2)، وابن رشد في المقدمات(3)، وغيرهم.
..................................................................................................................
قلت: وذهب جمهور الفقهاء(4) إلى عدم إثبات الأهلة بالحساب الفلكي، بل نقل شيخ الإسلام(5) الإجماع على عدم اعتبار الحساب الفلكي في رؤية الهلال.
وهذا طرف من أقوال الفقهاء في هذه المسألة:
قال الحنفية(6): إن شرط وجوب الصوم والإفطار رؤية الهلال، وأنه لا عبرة بقول المؤقتين ولو عدولا، ومن رجع إلى قولهم فقد خالف الشرع.
__________
(1) أخرجه البيهقي في معرفة السنن (7/109)(2581)، ابن أبي شيبة (2/284(9023)، الطيالسي (1/249)(1810).
(2) عمدة القاري للعيني (10/261).
(3) المقدمات لابن رشد (1/188).
(4) انظر في ذلك: رسائل بن عابدين (1/224، 225)، المنتقى لأبي الوليد الباجي (2/38)، المجموع للنووي (6/276)، كشاف القناع (2/272).
(5) مجموع الفتاوى (3/132، 133).
(6) رسائل ابن عابدين (1/224، 225).(9/14)
وقال المالكية(1): منع مالك من اعتماد الحساب في إثبات الهلال، فقال:=إن الإمام الذي يعتمد على الحساب لا يقتدى به ولا يتبع+.
وبيَّن أبو الوليد الباجي(2) من المالكية حكم صيام من اعتمد على الحساب فقال:=فإن فعل ذلك أحد فالذي عندي أنه لا يعتمد بما صام منه على الحساب، ويرجع إلى الرؤية في إكمال العدد، فإن اقتضى ذلك قضاء شيء من صومه قضاه+.
وقال النووي من الشافعية: قال أصحابنا(3) وغيرهم لا يجب صوم رمضان إلا بدخوله، ويعلم دخوله برؤية الهلال، فإن غمَّ وجب استكمال شعبان ثلاثين، ثم يصومون سواء كانت السماء مصبحة أو مغيمة غيماً قليلاً أو=
..................................................................................................................
=كثيراً، وفي هذا حصر طرق إثبات هلال رمضان في الرؤية وإكمال شعبان ثلاثين، وفي هذا الحصر نفي لاعتماد الحساب.
وقال شيخ الإسلام(4) أيضاً:=فإنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم والحج أو العدة أو الإيلاء، أو غير ذلك من الأحكام المتعلقة بالهلال بخبر الحاسب أنه يرى أو لا يرى لا يجوز..+ إلى أن قال:=والنصوص المستفيضة عن النبي " بذلك كثيرة، وقد أجمع المسلمون بذلك عليه، ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلاً، ولا خلاف حديث، إلا أن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه إذا غم الهلال جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب، فإن كان الحاسب دل على الرؤية صام، وإلا فلا. وهذا القول وإن كان مقيداً بالإغمام ومختصاً بالحاسب =في نفسه+ فهو شاذ مسبوق بالإجماع على خلافه، أما اتباع ذلك ـ يعني الحساب ـ في الصحو، أو تعليق عموم الحكم العام به فما قاله مسلم+.
__________
(1) مواهب الجليل في شرح مختصر خليل للخطاب (2/387).
(2) المنتقى لأبي الوليد الباجي (2/38).
(3) المجموع للنووي (6/270).
(4) مجموع الفتاوى (3/132، 133).(9/15)
أما الحنابلة فلا يعتمد أيضاً عندهم الحساب الفلكي ولو كثرت إصابته(1).
قال ابن عبد البر:=لا يصح عن مطرف ـ يعني الأخذ بالحساب ـ ونفى نسبة ما عرف عن ابن سريج إلى الشافعي لأن المعروف عنه ما عليه الجمهور.
قلت: أما دليل ما احتج به من قال بجواز الأخذ بالحساب الفلكي في حديث ابن عمر المتقدم فهذا لم يقل به أحد من السلف، فالسلف اختلفوا في معنى التقدير المراد في الحديث، هل معناه إتمام شهر شعبان ثلاثين يوماً؟ أم المراد=
..................................................................................................................
=تضييق عدد أيام الشهر وذلك بجعل شعبان تسعة وعشرين يوماً، وسيأتي بحث هذه المسألة قريباً إن شاء الله تعالى.
ومن الأدلة أيضاً على عدم صحة تفسيرهم لهذا الحديث ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي " قال:=إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لا نَكْتُبُ وَلا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا+(2).
يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين.
قال ابن حجر × في شرح هذا الحديث:=المراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها، ولو لم يكونوا يعرفون من ذلك إلا النزر اليسير، فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لدفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير، واستمر الحكم في الصوم، ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك، بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً ويوضحه قوله في الحديث الماضي =فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين+، ولم يقل فسلوا أهل الحساب، والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الاختلاف والنزاع عنهم.
__________
(1) كشاف القناع (2/272).
(2) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب قول النبي "=لا نكتب..+(1780)، مسلم ـ الصيام ـ باب وجوب صوم رمضان لرؤية الخلال والفطر لرؤية الهلال (1806).(9/16)
وقال سماحة شيخنا ابن باز (1)×:=إن علماء الأمة في صدر الإسلام قد أجمعوا على اعتبار الرؤية في إثبات الشهور القمرية دون الحساب، فلم يعرف أن أحداً منهم رجع إليه في ذلك عند الغيم ونحوه، أما عند الصحو فمن باب أولى+.
..................................................................................................................
وقال أيضاً ×:=الحسابون لا يلتفت إليهم ولا يعول على حسابهم، ولا ينبغي لهم أن ينشروا حسابهم، وينبغي منعهم من نشر حساباتهم لأنهم بذلك يشوشون على الناس. لا في مسألة رؤية الهلال ولا في مسألة الكسوفات لما في إعلانهم من التشويش على الناس، ولأنه لا يجوز العمل بقولهم+.
وقال شيخنا (2) ×:=في قوله " =إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا+، قال: علم منه أنه لا يجب الصوم بمقتضى الحساب، فلو قرر علماء الحساب المتابعون لمنازل القمر أن الليلة من رمضان ولكن لم ير الهلال فإنه لا يصام لأن الشرع علق هذا الحكم بأمر محسوس وهو الرؤية+.
قلت: وبعد ذكر هذه الأدلة وأقوال أهل العلم في هذه المسألة أعني الأخذ برؤية الأهلة لا بالحساب الفلكي تبين لنا أن ما تقوم به بلادنا ـ رعاها الله حكومة وشعباً ـ من الأخذ برؤية الهلال هو الحق الموافق للشريعة، والموافق لما أجمع عليه الفقهاء، ولا يسوغ لأحد بعد ذلك أن يبدي برأيه في أمر انعقد فيه الإجماع، لأنه بذلك يكون قد خالف النصوص الشرعية التي أمر الله تعالى بالرجوع إليها في قوله تعالى:[فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ..] (3).
? فائدة (2): في الأخذ بالآلات الحديثة كالمراصد، والدرابيل(4)، في رؤية الأهلة:
..................................................................................................................
__________
(1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/136).
(2) الشرح الممتع (6/301).
(3) سورة النساء: 59.
(4) الدرابيل: معناها المنظار المقرب.(9/17)
قال سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز(1) × في هذه المسألة:=ظاهر الأدلة الشرعية عدم تكليف الناس بالتماس الهلال بالآلات الحديثة مثل المراصد والدرابيل، بل يكفي رؤية العين، ولكن من طالع الهلال بها وجزم بأنه رآه بواستطها بعد غروب الشمس وهو مسلم عدل فلا أعلم مانعاً من العمل برؤيته الهلال لأنها من رؤية الهلال بالعين+.
وقال شيخنا(2) ×:=فإن كان هناك رؤية ولو عن طريق المراصد الفلكية فإنها معتبرة لعموم قوله "=إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا+(3)، أما الحساب فإنه لا يجوز العمل به، ولا الاعتماد عليه..+، إلى أن قال ×:=وعلى كل حال متى ثبتت رؤيته بأي وسيلة فإنه يجب العمل بمقتضى هذه الرؤية+.
? فائدة (2): قد يقول قائل: قول النبي " =إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لا نَكْتُبُ وَلا نَحْسُبُ..+
هذا باعتبار حالهم وقت النبي "، أما الآن فالأمة عندها علماء الحساب والفلك والأرصاد وغيرها مما ينفي عنها صفة الأمية.
نقول: إن من فهم الحديث بهذا الفهم قد غلط في فهمه، لأن الحديث في الحقيقة فيه صفة مدح وكمال للأمة وذلك من وجوه:
الأول: من جهة الاستغناء عن الكتاب والحساب بما هو أبين منه وأظهر =
..................................................................................................................
=وهو الهلال.
الثاني: أن الكتاب والحساب هنا يدخلها غلط، ولذا لا يخفى على من له معرفة بأحوال الحاسبين من أهل الفلك ما يقع بينهم من الاختلاف في كثير من الأحيان في إثبات ولادة الهلال أو عدمها، وفي
__________
(1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/69).
(2) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين ×(19/36، 37).
(3) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان(1767)، مسلم ـ الصيام ـ باب وجوب صوم رمضان لرؤية الخلال والفطر لرؤية الهلال (1799).(9/18)
إمكان رؤيته على ولادته أو عدمه، ولو فرضنا إجماعهم في وقت من الأوقات على ولادته لم يكن إجماعهم حجة لأنهم ليسوا معصومين، بل يجوز عليهم الخطأ جميعاً، وإنما الإجماع المعصوم الذي يحتج به هو إجماع سلف الأمة في المسائل الشرعية.
ثالثاً: أن في الكتاب والحساب تعباً كثيراً بلا فائدة، فإن ذلك شغل عن المصالح إذ هذا مقصود لغيره لا لنفسه.
رابعاً: أن دعوى زوال وصف الأمية بعلم النجوم عن الأمة غير مسلمة ولو سلمت فذلك لا يغير حكم الله لأنه تشريع عام للأمة في جميع الأزمنة.
خامساً: أن تعليق إثبات الشهر القمري بالرؤية يتفق مع مقاصد الشريعة السمحة، لأن رؤية الهلال أمرها عام يتيسر لأكثر الناس من العامة والخاصة في الصحاري والبنيان، بخلاف ما لو علق الحكم بالحساب فإنه يحصل به الحرج ويتنافى مع مقاصد الشريعة لأن أغلب الأمة لا يعرف الحساب.
ومن أراد الزيادة في الإجابة على هذه الإشكالية التي قد تقع عنده فليقرأ كلام شيخ الإسلام(1) × في هذا الموضوع فإنه من أنفس ما كتب في الرد على هذه الشبهة.
وَوُجُوْدِ غَيْمٍ أَوْ قَتْرٍ لَيْلَةَ الثَّلاَثِيْنَ يَحُوْلُ دُوْنَهُ(1)..................................................
(1) قوله =وَوُجُوْدِ غَيْمٍ أَوْ قَتْرٍ لَيْلَةَ الثَّلاَثِيْنَ يَحُوْلُ دُوْنَهُ+: هذا هو القيد الثالث الذي يجب به صوم رمضان، والغيم هو السحاب، والقتر هو الغبار الذي ينتج عن الرياح فيمنع رؤية الهلال.
__________
(1) مجموع الفتاوى (25/126) رسالة خاصة في رؤية الهلال.(9/19)
وقد اختلف الفقهاء في هذا القيد، فالمشهور من مذهب الإمام أحمد(1) أنه يجب الصوم بذلك، وهذا القول هو قول عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وعائشة، وأسماء بنتا أبي بكر، ذكر ذلك عنهم ابن القيم ×(2). واحتج أصحاب هذا القول بما يلي:
(1) حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي " قال:=إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ+(3).
(2) ما رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً:=إِنَّمَا الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ+ قَالَ نَافِعٌ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا مَضَى مِنْ شَعْبَانَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ يَبْعَثُ مَنْ يَنْظُرُ فَإِنْ رُئِيَ فَذَاكَ وَإِنْ لَمْ يُرَ وَلَمْ يَحُلْ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ وَلا قَتَرٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا وَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أَوْ قَتَرٌ أَصْبَحَ صَائِمًا(4).
وفسر هؤلاء قوله ":=فَاقْدُرُوا لَهُ+،أي ضيقوا عليه الحساب فاجعلوه تسعة=
..................................................................................................................
=وعشرين يوماً.
(3) أنه يحتمل أن يكون الهلال قد هل ولكن منعه وجود الغيم أو القتر فيصام احتياطاً.
__________
(1) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/331،332).
(2) زاد المعاد (2/93).
(3) سبق تخريجه، ص 130.
(4) أخرجه أحمد ـ كتاب مسند المكثرين من الصحابة ـ باب مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (4258).(9/20)
القول الثاني في هذه المسألة: هو ما ذهب إليه الحنفية(1)، والمالكية(2)، والشافعية(3)، وهو رواية عن الإمام أحمد(4)، واختارها شيخ الإسلام(5)، وابن القيم(6): أنه لا يجب صيام هذا اليوم، واحتجوا بما يلي:
(1) ما رواه أبو هريرة ÷ عن النبي " قال:=صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ+(7)، وهذه الرواية مفسرة لقوله ":=فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ+(8). فالتقدير هنا يكون بجعل شعبان ثلاثين يوماً.
(2) ما جاء في النهي عن صيام يوم الشك: فقد روى الإمام البخاري معلقاً مجزوماً به عن عمار بن ياسر ÷ عن النبي " قال:=مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ "+(9).
ولا ريب أن هذا اليوم أعني الذي حصل فيه غيم أو قتر هو مشكوك فيه.
... ......................................................................................................
__________
(1) بدائع الصنائع (2/78).
(2) الشرح الصغير (2/224).
(3) المجموع (6/452).
(4) المرجع السابق.
(5) الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص191.
(6) زاد المعاد (2/39).
(7) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب قول النبي "=إذا رأيتم الهلال..+(1776).
(8) سبق تخريجه، ص125.
(9) أخرجه أبو داود ـ كتاب الصوم (1987)، الترمذي ـ كتاب الصوم (622)، وصححه الألباني في الإرواء(ج4 رقم 961).(9/21)
... (3) ما ورد من النهي في أن يتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين: فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ÷ أن النبي " قال:=لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ+(1).
وبالنظر إلى هذه الأدلة يتبين لنا أن الصواب ما ذهب إليه الجمهور: أنه لا يصام هذا اليوم الذي حصل فيه غيم أو قتر، لكن هل النهي عن الصيام هنا للتحريم، أم الكراهة، أم للاستحباب؟
نقول: على خلاف بين الفقهاء، والراجح أن النهي هنا للتحريم، وهو اختيار الشيخين(2) رحمهما الله، فإن وافق هذا اليوم ما كان من عادته صيامه كيوم الاثنين أو الخميس مثلاً فلا يحرم ولا يكره صيامه.
? فائدة: هل يجزيء صيام يوم الثلاثين بأن يقول:=إن كان غداً من رمضان فأنا صائم+؟
قد يقول قائل: ما دام أن الأمر أنه لم تظهر رؤيته لوجود غيم أو قتر فأنا أصبح صائماً إن كان من رمضان فهو عن رمضان، وإلا فهو تطوع، أو يقصد صيام هذا اليوم تطوعاً ولم يجزم في ذلك بنية كونه من رمضان.
فإن بان أن غداً من رمضان فهل يجزئه صومه عن رمضان؟
نقول: اختلف الفقهاء في هذه المسألة: فذهب جمهور المالكية(3)، والشافعية(4)، والحنابلة(5) أنه لا يجزئه لأنه يجب تعيين النية في كل صوم=
وَإِذَا رَأَى الْهِلاَلَ وَحْدَهُ، صَامَ(1)،..................................................................
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب لا يتقدم رمضان بصوم يوم ولا يومين (1781)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين (1812).
(2) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/407، 408)، الشرح الممتع (6/306).
(3) القوانين الفقهية، ص80.
(4) روضة الطالبين (2/353).
(5) المغني (4/337).(9/22)
=واجب، وذلك بأن يعتقد أنه يصوم غداً من رمضان، أو من قضائه، أو من كفارته، أو نذره، وذلك لقوله ":=إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى..+(1).
وذهب الحنفية(2)، وهو رواية في مذهب الإمام أحمد(3)، واختارها شيخ الإسلام(4) ×، وهو أيضاً قول شيخنا(5) أنه يجزئه لأن هذا هو غاية قدرته، وكثير من الناس ينامون في ليلة الثلاثين من شعبان على هذه النية، وهذا هو الراجح ـ إن شاء الله تعالى ـ.
(1) قوله =وَإِذَا رَأَى الْهِلاَلَ وَحْدَهُ، صَامَ+: أي من رأى هلال رمضان وحده وجب عليه الصوم، ولو ردت شهادته، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد(6)، وهو مذهب الحنفية(7)، والمالكية(8)، والشافعية(9)، واحتجوا بقوله تعالى:[فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] (10).
وقوله ":=صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ.+(11)،قالوا هذا الرجل الذي=
فَإِنْ كَانَ عَدْلاً، صَامَ النَّاسُ بِقَوْلِهِ(1)،..............................................................
=رآه وحده رأى الهلال وتيقن أنه من رمضان، فلزمه الصوم كما لو حكم به الحاكم.
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب بدء الوحي ـ باب بدء الوحي (1)، مسلم ـ كتاب الإمارة ـ باب قوله "=إنما الأعمال..+(3530).
(2) الهداية (2/248).
(3) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/399).
(4) الاختيارات الفقهية، 191.
(5) الشرح الممتع (6/357).
(6) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/346، 347).
(7) الدر المختار ورد المحتار (2/90).
(8) جواهر الإكليل (1/144، 145).
(9) المجموع (6/289).
(10) سورة البقرة: 185.
(11) سبق تخريجه، ص124.(9/23)
وذهب الإمام أحمد(1) في رواية عنه، واختارها شيخ الإسلام(2) أنه لا يلزمه الصوم، بل يصوم مع الناس لأن الهلال هو ما هل واستهل واشتهر لا ما رئي، وهذا هو اختيار سماحة شيخنا بن باز(3) ×، حيث قال:=من رأى الهلال وحده في الدخول أو الخروج ولم يعمل بشهادته فإنه يصوم مع الناس، ويفطر مع الناس، ولا يعمل بشهادة نفسه في أصح أقوال أهل العلم+.
أما شيخنا(4)× فقال:=بأن الأظهر أنه يصوم إذا رآه وحدده، ولا يفطر إذا رأى هلال شوال وحده عملاً بالأحوط+.
والصواب عندي أنه لا يصوم إلا إذا قبلت شهادته أو لم تقبل ولم ترد، أما إذا ردت فلا يصوم وهكذا يقال في الفطر لقوله ":=الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ..+(5).
(1) قوله:=فَإِنْ كَانَ عَدْلاً، صَامَ النَّاسُ بِقَوْلِهِ+: أي متى ثبتت رؤية هلال رمضان من رجل عدل، فالواجب على الناس الصيام بقوله.
وقال المالكية(6) في حالة الغيم والصحو، في المصر الصغير والكبير فلا تثبت=
..................................................................................................................
=الرؤية إلا بالعدلين في الصوم، والفطر وشهر ذي الحجة، واشترطوا في العدلين ما تقتضيه العدالة من العقل والبلوغ والالتزام بالإسلام.
__________
(1) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/346، 347).
(2) الاختيارات الفقهية، ص90.
(3) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/63).
(4) الشرح الممتع (6/320).
(5) أخرجه الترمذي، وصححه الألباني في جامع الترمذي (3/80) رقم (697).
(6) بداية المجتهد (1/293)، المدونة (1/174)(9/24)
والصحيح هو القول الأول، فمتى رآه العدل الثقة وجب على الناس الصيام بقوله، وهذا هو المذهب(1)، وهو قول الحنفية(2)، والصحيح عند الشافعية(3).
فائدة: الشروط المعتبرة فيمن رأى الهلال:
اشترط الفقهاء لمن رأى الهلال شروطاً منها:
(1) العدالة: وحدها الالتزام بالإسلام، بأن يقوم بالواجبات، ولا يفعل كبيرة ولا يصر على صغيرة، هذا هو حدها الشرعي.
والأظهر عندي والله أعلم ما ذكره شيخنا(4) في حدها حيث قال:=لو قلنا بقول الفقهاء لم نجد عدلاً، فمن يسلم من الغيبة، والسخرية بالناس، والتهاون بالواجبات، وأكل المحرم وغير ذلك. ولهذا كان الصحيح بالنسبة للشهادة فإنه يقبل منها ما يرجح أنه حق وصدق لقوله تعالى:[مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ] (5)، ولأن الله لم يأمرنا برد شهادة الفاسق، بل أمرنا بالتبين فقال:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا](6)+.
..................................................................................................................
ذكر بعض الفوائد:
? فائدة(1): يشترط مع العدالة أن يكون قوي البصر، بحيث يحتمل صدقه فيما ادعاه، فإن كان ضعيف البصر لم تقبل شهادته وإن كان عدلاً.
? فائدة(2): لو تراءى عدل الهلال مع جماعة كثيرين وهو قوي البصر ولم يره غيره فهل يصام برؤيته؟
نقول: نعم يصام، وهذا هو المشهور من المذهب، وعليه أكثر أهل العلم.
? فائدة (3): من رأى الهلال وهو ممن يفعل كبيرة كشرب الخمر مثلاً: يلزمه أن يخبر أنه رأى الهلال، ولا يلزم أن يخبر أنه يفعل كبيرة لأن الأحكام تتبعض.
__________
(1) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/338).
(2) بدائع الصنائع (2/81).
(3) المجموع شرح المهذب (6/285).
(4) الشرح الممتع (6/317).
(5) سورة البقرة: 282.
(6) سورة الحجرات: 6.(9/25)
? فائدة (4): في شهادة مستور الحال: مستور الحال هو من تُجهل عدالته، فالمذهب(1) لا تقبل شهادته، والأصح عند الشافعية(2) قبول شهادته.
والأظهر عندي أن هذا راجع للقاضي، فإن وثق به فلا يحتاج للبحث في عدالته، وإن لم يثق بقوله أو تردد في أمره فله أن يسأل عنه.
(2) الحرية: وهذا هو قول المالكية(3)، والشافعية(4)، وعللوا لذلك بأن الرؤية من قبيل الشهادة، فلا تقبل فيها شهادة العبد.
والصحيح عندي أنه لا يشترط في ترائي هلال رمضان الحرية، وهذا هو قول الحنفية(5)، والحنابلة(6)، وذلك لأن الإعلام بالرؤية هو من قبيل الإخبار.
صَامَ النَّاسُ بِقَوْلِهِ(1)......................................................................................
(3) الذكورية: فيشترط فيمن رأى الهلال أن يكون ذكراً، وهذا هو قول المالكية(7)، والشافعية(8)، واختاره سماحة شيخنا بن باز(9) × حيث قال:=اختلف العلماء في المرأة هل تقبل شهادتها في الدخول كالرجل؟ على قولين: والأرجح عدم قبولها في هذا الباب، لأن هذا المقام مقام الرجال،
ومما يختص به الرجال ويشاهده الرجال،ولأنهم أعلم بهذا الأمر وأعرف به+.
__________
(1) الإقناع (1/486).
(2) المجموع (6/286).
(3) الشرح الصغير (2/219).
(4) المجموع (6/290).
(5) بدائع الصنائع (2/81).
(6) الإقناع (1/486).
(7) مواهب الجليل (2/382).
(8) المجموع شرح المهذب (6/295)..
(9) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/62).(9/26)
وذهب الحنفية(1)، وهو قول عند الشافعية(2)، والحنابلة(3) أن المرأة إذا أخبرت برؤيتها للهلال قبل قولها لأنه خبر ديني أشبه الرواية والخبر عن القبلة، ودخول وقت الصلاة، وهذا هو الراجح عندي، وهو اختيار شيخنا(4) ×.
(4) البلوغ: فلا يقبل في رؤية الهلال المميز ولا الصبي الموثوق به، وهذا هو المذهب عند الشافعية(5)، والحنابلة(6)، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى.
(1) قوله:=صَامَ النَّاسُ بِقَوْلِهِ+: هل المراد عموم الناس، أم هو خاص بطائفة معينة من الناس؟
نقول: هذه المسألة هي ما يسميها الفقهاء: =اعتبار اختلاف المطالع+:
..................................................................................................................
وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة: فالمعتمد عند الحنفية(7)، وهو ظاهر الرواية عندهم، وهو مذهب المالكية(8)، والحنابلة(9) أنه إذا رأى الهلال أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم، حتى لو رئي في المشرق ليلة الجمعة، وفي المغرب ليلة الخميس وجب على أهل المغرب العمل بما رآه أهل المشرق، فبثبوت الرؤية يعم الصوم سائر البلاد القريبة والبعيدة، ولا يراعى في ذلك مسافة قصر، ولا اتفاق المطالع ولا عدمها.
واحتج هؤلاء بأن الأدلة التي جاءت بالأمر بالصوم أدلة عامة يستوي فيها القريب والبعيد.
__________
(1) بداع الصنائع (2/81).
(2) مغني المحتاج (1/420)، المجموع (6/295).
(3) الفروع (2/14)، المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/343).
(4) الشرح الممتع (6/317).
(5) المجموع شرح المذهب (6/286).
(6) الإقناع (1/486).
(7) حاشية ابن عابدين (2/393).
(8) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/510)، حاشية العدوي على الخرشي (2/236).
(9) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/336).(9/27)
القول الثاني: وهو ما ذهب إليه الشافعية(1) أنه إذا رأي هلال رمضان في بلد ولم ير في غيره نظر؛ فإذا تقارب البلدان فحكمهما حكم بلد واحد، ويلزم أهل البلد الآخر الصوم بلا خلاف عندهم، وإن تباعدا فوجهان؛ أصحهما لا يجب الصوم على أهل البلد الأخرى، والثاني يجب.
قال النووي(2)×:=والصحيح الأول، يعني لا يجب الصوم+.
لكن ما هو حد التقارب الذي يلزم فيه الصوم عند الشافعية؟ هذه المسألة على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: قال النووي: أصحها أ التباعد يختلف باختلاف المطالع
كالحجاز والعراق وخراسان، والتقارب أن لا يختلف باختلاف المطالع،=
..................................................................................................................
=كبغداد، والكوفة، والري، وقزوين، لأن مطلع هؤلاء
مطلع هؤلاء، فإذا رأى هؤلاء فعدم رؤيته للآخرين لتقصيرهم في التأمل أو العارض، بخلاف مختلفي المطالع.
الوجه الثاني:الاعتبار باتحاد الإقليم، واختلافه، فإن اتحدا فمتقاربان وإلا فمتباعدان.
الوجه الثالث: أن التباعد مسافة قصر والتقارب دونها. انتهى كلامه ×.
القول الثالث في المسألة: أن الناس تبع الإمام، فإذا صام صاموا، وإن أفطر أفطروا، ولو كانت الخلافة عامة لجميع المسلمين فرآه الناس في بلد الخليفة ثم حكم الخليفة بالثبوت لزم من تحت ولايته في مشارق الأرض ومغاربها أن يصوموا أو يفطروا لئلا تختلف الأمة وهي تحت ولاية واحدة، فيحصل التنازع والتفرق.
أما دليلهم على ذلك فهو حديث أبي هريرة ÷ أن النبي " قال:=الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ+(3).
__________
(1) المجموع (6/274).
(2) المرجع السابق.
(3) سبق تخريجه، ص 136.(9/28)
ذكر هذا القول ابن حجر(1)في الفتح، وهذا القول هو ما عليه غالب البلدان الآن، فإن عمل الناس اليوم أنه إذا ثبتت عند ولي الأمر لزم جميع من تحت ولايته أن يلتزموا الصوم أو الفطر.
وبعد ذكر الخلاف في هذه المسألة، وذكر أقوال المذاهب فيها، فالذي يترجح
عندي أنه إذا كانت البلاد متقاربة والمطالع متحدة فيلزمهم الصيام،وإلا فلا=
..................................................................................................................
وهذا هو اختيار شيخنا(2)×
وتوسط سماحة شيخنا ابن باز(3) × في هذه المسألة فقال:=الأمر واسع بحمد الله، فلكل أهل بلد رؤيتهم، كما ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما لما قدم عليه كريب+.
وبهذا قال جماعة من أهل العلم، ورأوا أنه لكل أهل بلد رؤيتهم، فإذا ثبتت في المملكة العربية السعودية مثلاً وصام برؤيته أهل الشام ومصر وغيرهم فحسن لعموم الأحاديث، وإن لم يصوموا
وتراءوا الهلال وصاموا برؤيتهم فلا بأس.
ذكر بعض الفوائد:
? فائدة (1): أثر الخطأ في رؤية الهلال: قد يحصل خطأ في رؤية الهلال في رمضان، ويترتب عليه إفطار يوم من رمضان، أو ينتج عن رؤية هلال شوال خطأ ويترتب عليه إفطار يوم من رمضان، أو صيام يوم العيد، وهذا الخطأ ناتج إما عن وجود غيم أو التقصير في رؤية الهلال، فما الحكم إذاً في هذه المسألة: نقول: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي بكرة ÷ قال: قال رسول الله ":=شَهْرَا عِيدٍ لا يَنْقُصَانِ رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ+(4).
__________
(1) فتح الباري لاين حجر (4/123).
(2) الشرح الممتع (6/310).
(3) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/85 ـ 99 ـ 102).
(4) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب شهرا عيد لا ينقصان(1779) مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب قول النبي "=شهرا عيد..+(1822)(9/29)
قال الطيبي(1):=ظاهر سياق الحديث بيان اختصاص الشهرين بمزية ليست في غيرهما من الشهور، وليس المراد أن ثواب الطاعة في غيرهما ينقص وإنما=
..........................................................................................................
=المراد رفع عما عسى أن يقع فيه خطأ في الحكم لاختصاصهما بالعيدين، وجواز احتمال وقوع الخطأ فيهما، ومن ثم قال:=شهرا عيد+ قبل قوله =شهران لا ينقصان+، ولم يقتصر على قوله:=رمضان وذو الحجة+.
قال العيني(2):قال ابن بطال:=قالت طائفة: من وقف بعرفة ..............شامل لجميع أهل الموقف في يوم قبل عرفة أو بعده أنه يجزيء عنه، وهو قول عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وأبي حنيفة، والشافعي. واحتج أصحابه على جواز ذلك بصيام من التبست عليه الشهور، وأنه جائز أن يقع صيامه قبل رمضان أو بعده+.
وقال ابن حجر(3) ×:=الحديث يطمئن من صام رمضان تسعة وعشرين ووقف بعرفات في غير يومها اجتهاداً+.
قلت: فلو صام الناس ثمانية وعشرين يوماً ثم رأوا هلال شوال أفطروا قطعاً، وقضوا يوماً فقط على الصحيح من المذهب(4).
وفي وجه آخر في المذهب أنهم يقضون يومين. لكن الصحيح عندي القول الأول.
? فائدة (2): اختلف الفقهاء فيما إذا رئي الهلال نهاراً وذلك لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في هذه المسألة، هل هو لليلة الماضية أم المقبلة؟
فالشافعية(5)، والحنابلة(6) على أنه إذا رئي نهاراً فهو لليلة المستقبلة، واحتجوا لذلك بما جاء عن عمر ابن الخطاب ÷ =أن الأهلة بعضها =
__________
(1) فتح الباري لابن حجر (4/126).
(2) عمدة القارىء للعيني (10/285، 286).
(3) فتح الباري لابن حجر (4/126).
(4) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/346).
(5) المهذب (1/179).
(6) كشاف القناع (2/272)، المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/334)..(9/30)
وَلاَ يُفْطِرُ إِلاَّ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ(1)........................................................................
=أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهاراً فلا تفطروا حتى يشهد رجلان مسلمان أنهما رأياه بالأمس+(1).
وعن الإمام مالك بن أنس(2) ×:=من رأى هلال شوال نهاراً فلا يفطر ويتم صيام يومه ذلك، فإنما هو هلال الليلة التي تأتي+. وفي رواية أخرى عنه وهي قول أبي يوسف صاحب أبي حنيفة(3):=التفريق بين كونه رئي قبل الزوال أم بعده، فإن رئي قبل الزوال فهو لليلة الماضية، فيمسكون إن وقع ذلك في شعبان، ويفطرون إن وقع ذلك في رمضان، ويصلون العيد، وإذا رئي بعد الزوال فهو للقادمة سواء أصليت الظهر أم لم تصل+.
أما أبو حنيفة(4) فقال:=لا يعتبر في رؤية الهلال قبل الزوال ولا بعده، وإنما العبرة لرؤيته بعد غروب الشمس. وبعد ذكر أقوال الفقهاء في هذه المسألة نقول بأن ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة هو الصواب، أي متى رئي الهلال نهاراً فهو لليلة المقبلة لا لليلة الماضية، وهذا هو اختيار شيخنا(5)×.
(1) قوله =وَلاَ يُفْطِرُ إِلاَّ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ+: أي فلا يثبت هلال شوال إلا إذا رآه
عدلان.
=قال الترمذي(6) وغيره:=لم يختلف أهل العلم في الإفطار أنه لا يقبل إلا =
وَلاَ يُفْطِرُ إِذَا رَآهُ وَحْدَهُ (1)، ..........................................................................
=شهادة رجلين، أي عدلين يشهدان لأنه مما يطلع عليه الرجال غالباً، وإنما أجزيء بواحد في الصوم احتياطاً للعبادة+.
__________
(1) المدونة (1/174).
(2) الموطأ (1/287)، المدونة (1/175).
(3) بدائع الصنائع (2/82)، رسائل ابن عابدين (1/217ـ 218).
(4) بدائع الصنائع (2/82)، رسائل ابن عابدين (1/218ـ 220).
(5) الشرح الممتع (6/307).
(6) تحفة الأحوذي (3/373).(9/31)
قلت: واحتج لذلك بما رواه عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أصحاب رسول الله " أنه " قال:=..فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا+(1).
وقال ابن عبد البر(2) ×:=أما الشهادة على رؤية الهلال فأجمع العلماء على أنه لا تقبل في شهادة شوال في الفطر إلا رجلان عدلان+.
وقال النووي(3)×:=فلا يجوز بشهادة عدل واحد على هلال شوال عند جميع العلماء إلا أبا ثور فجوزه بعدل+.
قلت: وهذا هو الصواب: أي لا تقبل في الشهادة على الفطر إلا رؤية عدلين بخلاف ما ذهب إليه أبو ثور، والشوكاني(4) كما في نيل الأوطار.
(1) قوله:=وَلاَ يُفْطِرُ إِذَا رَآهُ وَحْدَهُ+: وعلل لذلك لاحتمال خطئه وتهمته، فوجب الاحتياط، وهذا هو المذهب(5)، وهو مذهب الحنفية(6)، والمالكية(7)، وذهب الشافعية(8) إلى أنه يفطر سراً، وبه قال بعض الحنفية(9)، والحنابلة(10).
وَإِنْ صَامُوْا بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثَلاَثِيْنَ يَوْمًا، أَفْطَرُوْا(1)، وَإِنْ كَانَ بِغَيْمٍ، أَوْ قَوْلِ وَاحِدٍ، لَمْ يُفْطِرُوْا، إِلاَّ أَنْ يَرَوْهُ، أَوْ يُكْمِلُوْا الْعِدَّةَ (2)،..........................................
والصحيح في هذه المسألة ما ذهب إليه شيخ الإسلام(11)، وهو قول الجمهور من أنه لا يفطر وحده، بل يفطر مع الناس، وهو أيضاً اختيار شيخنا(12)×.
(
__________
(1) أخرجه النسائي ـ كتاب الصيام (2087)، وصححه الألباني في سنن النسائي (4/132) رقم (2116).
(2) التمهيد لابن عبد البر (14/254).
(3) شرح النووي على صحيح مسلم (7/190).
(4) نيل الأوطار (8/229).
(5) الإنصاف (3/278).
(6) فتح القدير مع الهداية (2/325).
(7) القوانين لابن جزي ، ص102.
(8) المجموع شرح المهذب (6/276).
(9) فتح القدير (2/325).
(10) الإنصاف (3/278).
(11) مجموع الفتاوى (15/114).
(12) الشرح الممتع (6/320).(9/32)
1) قوله:=وَإِنْ صَامُوْا بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثَلاَثِيْنَ يَوْمًا، أَفْطَرُوْا+: وإن لم يروا الهلال، ودليل ذلك حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أصحاب النبي " قال:= فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا+(1).
ولأن الشهر لا يزيد عن الثلاثين، وهذا هو المذهب(2).
(2) قوله:=وَإِنْ كَانَ بِغَيْمٍ، أَوْ قَوْلِ وَاحِدٍ، لَمْ يُفْطِرُوْا، إِلاَّ أَنْ يَرَوْهُ، أَوْ يُكْمِلُوْا الْعِدَّةَ+: معنى كلامه × أنه إن كان صومهم لرمضان بسبب الغيم أو بشهادة واحد فلابد أن يروا الهلال أو يكملوا رمضان ثلاثين يوماً.
أي إن صام الناس بسبب الغيم لليلة الثلاثين من شعبان أو صاموا بشهادة واحد برؤية هلال رمضان فإنه يلزمهم ثبوت رؤية هلال شوال، أو إكمال رمضان ثلاثين يوماً ليس فيها اليوم الأول لأنه إنما صاموا احتياطاً فلا يجوز الخروج منه للاحتياط أيضاً. وما ذكره المؤلف فيه مسألتان:
الأولى: أن يصوم الناس ليلة الثلاثين من شعبان بسبب وجود الغيم أو القتر وهذا هو يوم الشك الذي بينا حكمه سابقاً وقلنا لا يشرع صومه، بل يحرم على الصحيح، وإذا قلنا بذلك فإن هذه المسألة لا ترد.
الثانية: أن يصام بشهادة واحد ثلاثين يوماً ولم يروا الهلال، وهذه المسألة=
..........................................................................................................
=على وجهين في المذهب:
الوجه الأول: أنهم لا يفطرون لحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب المتقدم(3).
__________
(1) سبق تخريجه، ص145.
(2) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/344).
(3) سبق تخريجه، ص145.(9/33)
الوجه الثاني: أنهم إن صاموا بشهادة واحد ثلاثين يوماً ولم يروا الهلال أفطروا لأن الصوم إذا وجب وجب الفطر لاستكمال العدة لا بالشهادة، ولأن الصوم إنما ثبت بدليل شرعي، وقد صاموا ثلاثين يوماً، ولا يمكن أن يزيد الشهر عن ثلاثين يوماً، وهذا هو الصحيح، وهو رواية في المذهب(1)، واختارها شيخنا(2)×.
ذكر بعض الفوائد:
? فائدة (1): لو صام شخص برؤية بلد ثم سافر لبلد آخر قد صاموا بعدهم بيوم، وأتم هو ثلاثين يوماً ولم ير الهلال في تلك البلد التي سافر إليها فهل يفطر أو يصوم معهم؟
نقول: هذه المسألة على قولين:
الأول: أنه يفطر سراً لأنه لا عبرة باختلاف المطالع، فمتى رئي في بلد لزم الجميع الصوم والفطر على هذه الرؤية.
الثاني: أنه لا يفطر، بل يلزمه الصوم، وإن زاد على ثلاثين يوماً لدخوله في عموم الخطاب الموجه إليهم، ولأن العبرة في بدء صيام رمضان في البلد التي=
وَإِذَا اشْتَبَهَتِ الأَشْهُرُ عَلَى الأَسِيْرِ، تَحَرَّى، وَصَامَ، فَإِنْ وَافَقَ الشَّهْرَ أَوْ مَا بَعْدَهُ، أَجْزَأَهُ، وَإِنْ وَافَقَ ماَ قَبْلَهُ، لَمْ يَجْزِهِ(1)......................................................
=سافر منه وفي نهايته في البلد التي قدم إليها، ولأن النبي " قال:=الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ+(3).
وهذا هو القول الصحيح، وهو اختيار اللجنة الدائمة(4)، وشيخنا(5)×.
? فائدة (2): لو صام شخص برؤية بلد، ثم سافر إلى بلد آخر قد صاموا قبلهم بيوم، وأتموا هم تسعة وعشرين يوماً وهو يعتبر في حقه اليوم الثامن والعشرين، ثم رأى الهلال فهل يفطر معهم أم يصوم؟
__________
(1) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/344، 345).
(2) الشرح الممتع (6/317).
(3) سبق تخريجه، ص136.
(4) فتاوى اللجنة الدائمة (10/1291) رقم الفتوى (5084)، (35940).
(5) الشرح الممتع (6/318).(9/34)
الصواب في هذه المسألة: أنه يفطر معهم ثم يقضي هذا اليوم الذي يكون في حقه التاسع والعشرون.
? فائدة (3): متى يفطر المسافر إذا كان في الطائرة؟
نقول: الأصل أن لكل شخص في إمساكه في الصيام وإفطاره وأوقات صلاته حكم الأرض التي هو عليها، أو الجو الذي يسير فيه، وعلى ذلك فمن كان في الطائرة وهو يرى الشمس لم تغرب فلا يجوز له الفطر حتى تغرب الشمس، حتى وإن كان غروبها يتأخر عن وطنه بنصف ساعة مثلاً أو أكثر من ذلك أو أقل لأنه كما قلنا لكل صائم حكم المكان الذي هو فيه سواء كان على سطح الأرض أم كان على طائرة.
قوله:=وَإِذَا اشْتَبَهَتِ الأَشْهُرُ عَلَى الأَسِيْرِ، تَحَرَّى، وَصَامَ، فَإِنْ وَافَقَ الشَّهْرَ أَوْ مَا بَعْدَهُ، أَجْزَأَهُ، وَإِنْ وَافَقَ ماَ قَبْلَهُ، لَمْ يَجْزِهِ+: جملة ما ذكره المؤلف =
..................................................................................................................
(1) =في هذه المسألة أن من عمي عن الشهر كالأسير في بلاد الكفار أو المسجون في مكان خفي، أو النائي عن الأمصار وغيرهم ممن عمي عليه الشهر، فهؤلاء الواجب في حقهم أن يجتهدوا ويتحروا في معرفة عين الشهر ودخوله كما يتحرون في معرفة وقت الصلاة وجهة القبلة، وغير ذلك عند الاشتباه لأنه لا يمكنهم أداء العبادة إلا بالتحري والاجتهاد وهذا الاجتهاد والتحري قد يكون صواباً وقد يكون خطأً، فإن كان الاجتهاد والتحري صواباً، بمعنى أنه اجتهد وتحرى في دخول شهر رمضان فوافق اجتهاده وتحريه الشهر فهنا صومه صحيح وليس عليه شيء، وإن كان اجتهاده وتحريه خطأ، بمعنى أنه أخطأ في صيام الشهر فهنا لا يخلو من أحوال:
الأول: أن يصوم قبل شهر رمضان كشعبان مثلاً، فهنا لم يجزئه صومه لأنها عبادة لم يصح قضاؤها في غير وقتها كالصلاة.(9/35)
الثاني: أن يصوم بعد شهر رمضان كشوال مثلاً، فهنا أجزئه صومه لأن أكثر ما فيه أنه قضاء، وقد نواه أداء، وهذا يجوز في حال الاشتباه كالصلاة.
الثالث: أن يتبين له أنه صام بعضه في رمضان وبعضه قبله، فهنا أجزأه ما صام في رمضان دون ما صام قبله.
الرابع: أن يتبين له أنه صام بعضه في رمضان وبعضه بعده فهنا أجزأه جميع ما صام.
بَابُ أَحْكَامِ الْمُفْطِرِيْنَ فِيْ رَمَضَانَ (1)
وَيُبَاحُ الْفِطْرُ فِيْ رَمَضَانَ لأَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ(2): أَحَدُهَا: الْمَرِيْضُ الَّذِيْ يَتَضَرَّرُ بِهِ (3)،...
(1) قوله =بَابُ أَحْكَامِ الْمُفْطِرِيْنَ فِيْ رَمَضَانَ+: المفطرون في رمضان على ثلاثة أقسام: الأول: من يرخص لهم الفطر، ويجب عليهم القضاء، وهم المريض الذي يرجى برؤه، والمسافر.
الثاني: من يرخص لهم الفطر ويجب عليهم الفدية وهم الشيخ الكبير، والمرأة العجوز، والمريض الذي لا يرجى برؤه.
الثالث: من يجب عليهم الفطر والقضاء معاً، وهم الحائض والنفساء.
وسيأتي بيان المؤلف لهؤلاء في هذا الباب.
(2) قوله =وَيُبَاحُ الْفِطْرُ فِيْ رَمَضَانَ لأَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ+: المباح ما استوى فيه الفعل والترك، أي ما لم يكن في فعله و تركه ثواب ولا عقاب، لكن هل هذا مسلَّم فيما سيذكره المؤلف؟
نقول: لا لأن ممن ذكرهم المؤلف فيمن يباح له الفطر الحائض والنفساء، وهما ممن يحرم عليهما الصوم ويجب عليهما القضاء، وكذا المريض الذي يتضرر بالمرض، وكذا المسافر الذي يشق عليه الصوم، فهؤلاء أيضاً يجب عليهم الفطر كما سنذكره.
(3) قوله =أَحَدُهَا: الْمَرِيْضُ الَّذِيْ يَتَضَرَّرُ بِهِ+: دليل ذلك: قوله تعالى:[وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] (1). قال ابن قدامة(2)×:=أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة+.
..................................................................................................................
__________
(1) سورة البقرة: 185.
(2) المغني (4/403).(9/36)
وقوله:=الذي يتضرر به+: هذا قيد في المرض المبيح للفطر، فلابد أن يتضرر به كأن يكون بسبب الصوم يزداد ألماً ومشقة، أو يكون الصيام سبباً في زيادة المرض أو بسببه يتأخر شفاء المريض منه.
فمتى حصل للمريض الضرر بذلك أبيح له الفطر، لكن ما هو الطريق الذي يتعرف به على ذلك؟
نقول: هناك طريقان لمعرفة الضرر:
الأول: إما عن طريق التجربة، وذلك عن طريق المريض نفسه كأن يجرب الصوم يوماً أو أكثر ثم يشق عليه أو يزيد وجعه، أو عن طريق رجل آخر عنده نفس المرض فيخبره بمدى الضرر الذي قد يلحقه به إذا صام.
الثاني: أن يخبر الطبيب بما قد يلحقه من ضرر إذا صام، فهنا يجوز له الفطر ولكن ينبغي له أن يسأل الطبيب المتخصص الذي يثق به في طبه، وهل يلزم أن يكون الطبيب مسلماً؟ المذهب(1) يشترط فيه الإسلام، والثقة.
والصحيح: عدم اشتراط الإسلام في الطبيب، بل يكفي كونه ثقة في مهنته، وهذا هو اختيار شيخنا(2)×.
ذكر بعض الفوائد:
? فائدة (1):إذا كان الصوم يضر المريض فيحرم عليه الصوم لقوله تعالى:[وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ..](3).
وجه الدلالة من الآية: أن الله تعالى نهى عن قتل النفس، والنهي عام في =
..................................................................................................................
=قتل النفس بكل ما كان فيه ضرر عليها، لكن إن صام أجزأه صومه.
وقوله:=الذي يتضرر به+: فيه أيضاً أنه إذا كان لا يتضرر بالمرض فيجب عليه الصوم.
وقيل: بل يباح الفطر بكل مرض حتى من وجع الأصبع، والضرس، ولا يشترط كونه يضر الصائم لأن الآية عامة في المرض، ولأن المسافر يباح له الفطر من غير حاجة إليه فكذلك المرض.
__________
(1) الإقناع (1/490).
(2) الشرح الممتع (6/329)
(3) سورة النساء: 29 .(9/37)
والذي يظهر لي أنه لابد من اعتبار الضرر والمشقة في المرض الذي يجوز فيه الفطر، فالمرض لا ضابط له، والأمراض تختلف، منها ما يضر صاحبه ومنها ما لا يضر، ولا أثر للصوم عليه، كجرح في الأصبع، ودمل، وزكام يسير، وصداع يسير، وأشباه ذلك، ولا يصلح للمرض ضابط دقيق وعليه فلابد من اعتبار الحكمة هنا وهي ما يخاف منه الضرر.
وخلاصة ما ذكرناه في هذه المسألة: أن للمريض حالات مع الصوم:
الحالة الأولى: أن لا يتأثر بالصوم كيسير المرض مثل الزكام والصداع اليسير، ووجع الأصبع، والضرس، فهؤلاء لا يجوز لهم الفطر، ويجب عليهم الصوم إلا أن يكون الفطر أرفق بهم فهنا يفطرون.
الحالة الثانية: أن يشق عليه الصوم لكن لا يضره فهنا يسن له الفطر ويكره له الصوم.
الحالة الثالثة: أن يشق عليه الصوم ويضره كمرضى الكلى، والسكر، وأشباه ذلك، فهنا يحرم عليه الصوم وإن صام أجزأه.
الحالة الرابعة: أن يستوي عنده الصوم والفطر،فالأفضل له أن يصوم لأمور=
..................................................................................................................
=أربعة هي:
(1) لأنه بصومه يدرك فضيلة الزمن.
(2) ولأن ذلك أسرع في إبراء الذمة.
(3) لأن حال النبي " أنه كان يصوم في السفر أكثر مما يفطر فيه، وما قيل في السفر يقال في المرض.
(4) ولأن الصيام مع الناس أيسر.
? فائدة (2): إذا خاف الصحيح شدة، أو التعب بسبب الصوم هل له أن يفطر؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة:
فقال الحنفية(1): إذا خاف الصحيح المرض بغلبة الظن فله الفطر، فإن خافه بمجرد الوهم فليس له الفطر.
وقال المالكية(2): إذا خاف حصول أصل المرض بصومه فإنه لا يجوز له الفطر على المشهور، إذ لعله لا ينزل به المرض إذا صام، وقيل: يجوز له الفطر.
__________
(1) الدر المختار ورد المحتار (2/116).
(2) حاشية الدسوقي (1/535).(9/38)
وقال الحنابلة(1): والصحيح أن الذي يخشى المرض بالصيام كالمريض الذي يخاف زيادة المرض أنه يباح له الفطر.
قلت: وهذا هو الصحيح، لكن لا يكون ذلك إلا باستشارة طبيب ثقة يخبره بأنه لو صام فإن الصوم يضره، أو بالتجربة كما ذكرنا ذلك في المريض الذي يضره الصوم.
وَالْمُسَافِرُ الَّذِيْ لَهُ الْقَصْرُ (1)،.........................................................................
(1) قوله:=وَالْمُسَافِرُ الَّذِيْ لَهُ الْقَصْرُ+: أي وكذلك المسافر الذي يشرع له قصر الصلاة فيباح له الفطر في رمضان، دليل ذلك قوله تعالى:[فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ](2).
وروى مسلم عن حمزة الأسلمي ÷ قال: قلت يا رسول الله: أجد مني قوة على الصوم في السفر، فهل عليَّ جناح؟ فقال:=هِيَ رُخْصَةٌ مِنْ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ+(3).
وروى مسلم أيضاً عن أبي سعيد الخدري ÷ قال: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ " إِلَى مَكَّةَ وَنَحْنُ صِيَامٌ قَالَ فَنَزَلْنَا مَنْزِلا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ":=إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَكَانَتْ رُخْصَةً فَمِنَّا مَنْ صَامَ وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ، ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلا آخَرَ فَقَالَ إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا وَكَانَتْ عَزْمَةً فَأَفْطَرْنَا، ثُمَّ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُنَا نَصُومُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ " بَعْدَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ+(4).
__________
(1) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/367).
(2) سورة البقرة:184.
(3) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب التخيير في الصوم والفطر في السفر (1891).
(4) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل (1888).(9/39)
وعن أبي سعيد ÷ أيضاً قال:=كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ " فِي رَمَضَانَ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ فَلا يَجِدُ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ، يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ قُوَّةً فَصَامَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ ضَعْفًا فَأَفْطَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ+(1).
فهذه نصوص الكتاب والسنة تدل دلالة واضحة على إباحة الفطر للمسافر،
..................................................................................................................
لكن أيهما أفضل في حقه الصوم أم الفطر؟ نقول: اختلف الفقهاء في هذه المسألة:
فذهب الحنفية(2)، والمالكية(3)، والشافعية(4) إلى أن الصيام أفضل لمن قوي عليه، والفطر أفضل لمن لم يقوى عليه. دليلهم في ذلك الأدلة السابقة، وأيضاً بما رواه البخاري عن أبي الدرداء ÷ قال:=خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ " فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلا مَا كَانَ مِنْ النَّبِيِّ " وَابْنِ رَوَاحَةَ+(5).
وعللوا أيضاً لذلك بتعليلات منها:
أن الصوم في السفر إذا كان لا يتضرر به الإنسان أفضل لأنه أسرع في إبراء الذمة، ولأن الصوم عزيمة والفطر رخصة، ولاشك أن العزيمة الأخذ بها أفضل كما تقرر في أصول الفقه.
فهذا ملخص ما ذهب إليه الجمهور.
__________
(1) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر (1882).
(2) الدر المختار (2/117).
(3) بداية المجتهد (1/345).
(4) حاشية القليوبي (2/64).
(5) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب إذا صام أياماً من رمضان ثم سافر (1809)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب التخيير في الصوم والفطر في السفر (1892).(9/40)
وذهب الحنابلة(1) إلى أن الفطر للمسافر أفضل، بل قال الخرقي:=والمسافر يستحب له الفطر+، قال الماوردي:=وهذا هو المذهب+.
قال صاحب الإقناع:=المسافر يسنُّ له الفطر ويكره له الصوم ولو لم يجد مشقة+.
..................................................................................................................
واستدل الحنابلة على ذلك بما رواه البخاري ومسلم عن جابر ÷ عن النبي " قال:=لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ+(2)، وزاد في رواية:=عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّذِي رَخَّصَ لَكُمْ+(3).
وعن جابر ÷ رضي الله عنهما =أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ " خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ+(4).
قلت: وبعد عرض أدلة الفريقين فالذي يترجح لي أن المسافر الأفضل في حقه فعل الأسهل عليه من الصيام والفطر، فإن تساويا فالصوم أفضل لما يأتي:
(1) لأنه أسرع في إبراء الذمة.
(2) أنه أنشط له إذا صام مع الناس.
(3) أنه يدرك بصومه فضيلة الزمن.
(4) ولأنه فعل النبي " كما في حديث أبي الدرداء ÷ المتقدم(5).
__________
(1) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/373) .
(2) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب قول النبي " لمن ظلل عليه (1810)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر (1879).
(3) مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر (1879).
(4) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر (1878).
(5) سبق تخريجه، ص155.(9/41)
أما إذا كان الصوم يشق على المسافر فإنه يفطر ولا يصوم كما فعل النبي "
ذكر بعض الفوائد المتعلقة بهذه المسألة:
? الفائدة الأولى: يشترط في السفر المبيح للفطر شروط وهي:
..................................................................................................................
(1) أن يكون السفر طويلاً مما تقصر فيه الصلاة، والسفر الذي يجوز فيه قصر الصلاة هو ما كانت مسافته (80) كيلو متراً فأكثر.
(2) أن لا يعزم المسافر الإقامة خلال سفره أكثر من أربعة أيام.
(3) أن لا يكون سفراً في معصية، بل في غرض صحيح، وهذا ما ذهب إليه الجمهور(1)، وذلك لأن الفطر رخصة وتخفيف فلا يستحقها عاص بسفره عند جمع من أهل العلم.
وذهب الحنفية(2) إلى جواز فطر المسافر ولو كان سفر معصية عملاً بإطلاق النصوص المرخصة، ولأن نفس السفر ليس بمعصية وإنما المعصية ما يكون بعده أو بجواره. والصحيح في ذلك ما ذهب إليه الجمهور.
(4) أن يجاوز مدينته وما يتصل بها من البناءات والأقنية، وسيأتي بيان هذا الشرط مستوفى إن شاء الله.
? الفائدة الثانية: في وقت جواز الفطر للمسافر:
للمسافر في هذه المسألة ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى: أن يبدأ السفر قبل الفجر، أو يطلع عليه الفجر وهو مسافر وينوي الفطر فيجوز له الفطر إجماعاً.
الحالة الثانية: أن يبدأ السفر بعد الفجر، بأن يطلع عليه وهو مقيم ثم سافر، فهذا محل خلاف بين الفقهاء، فذهب الحنفية(3)،والمالكية(4)،وهو الصحيح=
..........................................................................................................
__________
(1) مراقي الفلاح، ص230، القوانين الفقهية، ص59، حاشية البيجوري على ابن القاسم (1/210)، الروض المربع على زاد المستقنع (1/89).
(2) الدر المختار ورد المحتار (1/527).
(3) الدر المختار (2/122).
(4) القوانين الفقهية، ص82.(9/42)
=في مذهب الشافعية(1) إلى أنه لا يحل له الفطر بعدما أصبح صائماً تغليباً لحكم
الحضر.
وذهب الحنابلة(2) وهو رواية عند الشافعية(3) وذهب إليه المزني وغيره من الشافعية أن من نوى الصوم في الحضر ثم سافر في أثناء اليوم فله الفطر بعد خروجه ومفارقته بيوت قريته العامرة. وهذا هو الصحيح.
دليل ذلك ظاهر الآية في قوله تعالى[وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ](4)، ولحديث جابر(5)، وابن عباس(6) المتقدمين.
وإن كان الأفضل عندي لمن سافر في أثناء يوم نوى صومه إتمام صوم ذلك اليوم خروجاً من الخلاف، وهو قول أكثر العلماء، لكنه لا يجب في حقه أن يتم ذلك اليوم.
الحالة الثالثة: أن يفطر قبل مغادرة بلده، وهذا كما قلنا لا يجوز له،لأن رخصة السفر لا تتحقق بدونه كما لا تبقى بدونه، ولأنه في الحقيقة مقيم، وشاهد للشهر، ولا يوصف بكونه مسافراً حتى يخرج من البلد، فمتى كان فيها فله أحكام المقيمين، ولذلك لا يقصر الصلاة، وهذا ما ذهب إليه الجمهور(7).
وخالف في ذلك بعض أهل العلم فقالوا: يجوز للمسافر أن يفطر قبل خروجه=
..................................................................................................................
__________
(1) شرح المحلى على المنهاج (2/64).
(2) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/377).
(3) روضة الطالبين (2/369).
(4) سورة البقرة: 185.
(5) سبق تخريجه، ص 156.
(6) سبق تخريجه، ص 142.
(7) انظر في ذلك: حاشية رد المحتار (2/122، 123)، القوانين الفقهية، ص82، جواهر الإكليل (1/153).(9/43)
=من الموضع الذي أراد السفر منه، وهذا قول الحسن، حيث قال:=يفطر إن شاء وهو في بيته يوم يريد أن يخرج+. وقال به إسحاق بن راهوية، واختار هذا القول الشوكاني، واحتج أصحاب هذا القول بحديث أنس الذي رواه الترمذي عن محمد بن كعب قال:=أتيت في رمضان أنس بن مالك وهو يريد سفراً، وقد رحلت له راحلته، ولبس ثياب السفر، فدعا بطعام فأكل، فقلت له سنة؟ فقال سنة ثم ركب+(1).
واحتجوا أيضاً لذلك بما رواه أبو داود عن عبيد بن جبير قال:=رَكِبْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ " فِي سَفِينَةٍ مِنْ الْفُسْطَاطِ فِي رَمَضَانَ فَدَفَعَ ثُمَّ قَرَّبَ غَدَاءَهُ ثُمَّ قَالَ اقْتَرِبْ فَقُلْتُ أَلَسْنَا نَرَى الْبُيُوتَ فَقَالَ أَبُو بَصْرَةَ أَرَغِبْتَ عَنْ سُنَّةِ "+(2).
قال الشوكاني(3) تعليقاً على هذه الآثار:=والحديثان يدلان على أن المسافر له أن يفطر قبل خروجه من الموضع الذي أراد السفر منه+.
وقال ابن العربي(4):=وأما حديث أنس فصحيح يقتضي جواز الفطر مع أهبة السفر وهذا هو الحق+.
قلت:والصحيح في ذلك المذهب(5)،وهو اختيار شيخنا(6)× فلا يجوز له الفطر حتى يغادر عامر قريته شأنه في ذلك كشأن الصلاة، فكما لا يجوز أن=
فَالْفِطْرُ لَهُمَا أَفْضَلُ(1)، وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ(2)، ....................................................
=يقصرها حتى يخرج من البلد، فكذلك الصوم.
__________
(1) أخرجه الترمذي ـ كتاب الصوم ـ باب من أكل ثم خرج يريد سفراً، وصححه الألباني في جامع الترمذي (3/163) رقم (799).
(2) أخرجه أبو داود ـ كتاب الصوم ـ باب متى يفطر المسافر إذا خرج.
(3) نيل الأوطار (5/306ـ 307).
(4) عارضة الأحوذي (3/229).
(5) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/379ـ 380).
(6) الشرح الممتع (6/346ـ 347).(9/44)
الثاني: أن ينوي المسافر الإقامة مطلقاً، أو يتيقن أن حاجته لا تنقضي إلا بعد أربعة أيام فأكثر، كأن يكون مرافقاً لمريض في سفر، أو له معاملة يدري أنها ستنتهي بعد أربعة أيام، أو له غرض تجاري في بلد ما يدري أنه لا يفرغ منه إلا بعد المدة المحددة لجواز الفطر فهنا يلزمه الصوم.
أما إذا كان لم ينو الإقامة لكنه أقام لقضاء حاجة له بلا نية إقامة ولا يدري متى تنقضي كأن يكون كما ذكرنا مرافقاً لمريض أو له معاملة، أو له غرض تجاري لا يدري متى تنقضي معاملته، ولم ينو الإقامة، فهنا يجوز له الفطر كما يقصر الصلاة ولو بقي على ذلك سنين.
(1) قوله:=فَالْفِطْرُ لَهُمَا أَفْضَلُ+: ذكرنا الخلاف في هذه المسألة، وقلنا أن الراجح في حقهما فعل الأيسر إلا إذا استوى عندهما الأمران فالصوم لهما أفضل، وهذا هو اختيار شيخنا(1)×.
(2) قوله:=وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ+: أي قضاء الأيام التي أفطروها لقوله تعالى[فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] (2).
وهنا فائدة: لو سافر من لا يستطيع الصوم لكبر سنه، أو مرض لا يرجى زواله، فماذا يصنع؟
نقول: المذهب(3) أنه لا صوم ولا فدية عليه لأنه مسافر والفدية بدل عن الصوم، والصوم يسقط في السفر ولا صوم عليه لأنه عاجز.
وَإِنْ صَامَا، أَجْزَأَهُمَا(1) .
الثَّانِيْ: الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، تُفْطِرَانِ وَتَقْضِيَانِ(2)، ...........................................
والصحيح: أنه يلزمه الفدية لأن الصوم لم يكن واجباً في حقه أصلاً، وإنما الواجب عليه الفدية، والفدية لا فرق فيها بين السفر والحضر، وهذا هو اختيار شيخنا(4)×.
(1) قوله:=وَإِنْ صَامَا، أَجْزَأَهُمَا+: وهذا مذهب الأئمة الأربعة، وجماهير الصحابة والتابعين، فالصوم في السفر جائز صحيح منعقد.
__________
(1) الشرح الممتع (6/341ـ 342).
(2) سورة البقرة: 184.
(3) الشرح الممتع (6/344).
(4) انظر: المرجع السابق.(9/45)
وجاء عن ابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة رضي الله عنهم أن الصوم غير صحيح(1) ويجب القضاء، واختار هذا القول ابن حزم(2)× كما في المحلى، والقاعدة عنده في ذلك أن ما نهي عنه لذاته فإنه لا يقع مجزئاً.
فالصوم عنده في السفر محرم، ومقتضى القول بالتحريم أنه إذا صام لم يجزئه لأنه صام ما نهى عنه، كالصوم في أيام التشريق وأيام العيدين فإنه لا يحل ولا يصح.
قلت: والصحيح كما ذكرنا ما ذهب إليه المؤلف وجمهور الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة.
(2) قوله:=الثَّانِيْ: الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، تُفْطِرَانِ وَتَقْضِيَانِ+: أي الثاني ممن يفطر في رمضان الحائض والنفساء، وقد ذكرنا آنفاً أن المؤلف × أدرج هذا القسم فيمن يباح له الفطر في رمضان، وهذا فيه إشكال.
والصواب: أن هذا القسم ممن يجب عليه الفطر فإنا صاما أثما ويلزمهما =
..........................................................................................................
=القضاء.
أما دليل عدم صومهما فما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد ÷ وفيه:=.. أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا+(3). فمتى رأت المرأة الدم ساعة من نهار وكذلك إذا نفست في أي ساعة من نهار فسد صومها.
أما القضاء فهو لازم في حقهما إذا طهرتا لقول عائشة رضي الله عنها:=.. كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ+(4).
ذكر بعض الفوائد:
? فائدة (1): لا خلاف بين الفقهاء أن المرأة إذا انقطع عنها دم الحيض بعد الفجر فإنه لا يجزيها صوم ذلك اليوم، لكن هل يلزمها الإمساك باقي اليوم إذا طهرت؟
__________
(1) المغني (4/406).
(2) المحلى (6/247).
(3) أخرجه البخاري ـ كتاب الحيض ـ باب ترك الحائض الصوم (293).
(4) أخرجه مسلم ـ كتاب الحيض ـ باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة (508).(9/46)
ذهب الحنفية(1)، والحنابلة(2) إلى أنه يلزمها الإمساك. وذهب المالكية(3) إلى أنه لا يستحب لها الإمساك. وقال الشافعية(4) لا يلزمها الإمساك.
والصحيح عندي: ما ذهب إليه الشافعية، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد(5)، واختارها شيخنا(6)×، أنه لا يلزمها الإمساك لأنها أفطرت=
وَإِنْ صَامَتَا،لَمْ يُجْزِئْهُمَا(1). الثَّالِثُ:الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ(2)،.................................
=بعذر شرعي وهو الحيض، ولأنه لا فائدة من إمساكها، والقاعدة في ذلك أن من أفطر في رمضان بعذر يبيح الفطر ثم زال العذر أثناء النهار لم يلزمه
الإمساك بقية اليوم.
? فائدة (2): اتفق الفقهاء أنه إذا طهرت المرأة قبل الفجر فإنه يجب عليها صوم ذلك اليوم، لكن اختلفوا في الفترة التي إذا انقطع عنها الدم فإنه يجزيها صوم ذلك اليوم:
فذهب الحنفية(7) إلى أنه لا يجزيها صوم ذلك اليوم إذا لم يبق من الوقت قدر الاغتسال والتحريمة لأنه لا يحكم بطهارتها إلا بهذا.
وقال المالكية(8)، والشافعية(9)، والحنابلة(10) بل متى انقطع دم الحيض وجب عليها الصوم ولو بلحظة، وإن لم تغتسل إلا بعد الفجر، بل إن لم تغتسل أصلاً لأن الطهارة ليست شرطاً في الصوم. وهذا هو الراجح.
(1) قوله:=وَإِنْ صَامَتَا، لَمْ يُجْزِئْهُمَا+: وذلك للأدلة السابقة فالحائض والنفساء لا تصومان ولا يجوز لهما أن تنويا الصوم والكف عن الأكل، ولعل هذا من باب الرحمة بهما، فإن صامتا أثمتا ولم يجزئهما الصوم.
(
__________
(1) بدائع الصنائع (2/102 وما بعدها).
(2) غاية المنتهى (1/320).
(3) حاشية الدسوقي (1/514، 525)، الشرح الصغير (1/705 وما بعدها).
(4) المجموع (6/259، 260).
(5) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/362).
(6) الشرح الممتع (6/334).
(7) المرجع السابق للحنفية.
(8) المرجع السابق للمالكية.
(9) المرجع السابق للشافعية.
(10) المرجع السابق للحنابلة.(9/47)
2) قوله:=الثَّالِثُ: الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ+: أي القسم الثالث ممن يباح له الفطر في رمضان هما الحامل والمرضع، وذلك لأن الحمل والرضاعة فيهما مشقة، فالحمل يشق على المرأة من أجل كونه حملاً لاسيما في الأشهر الأخيرة عند=
إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، أَفْطَرَتَا، وَقَضَتَا(1)، وَإِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا، أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا، وَأَطْعَمَتَا عَنِ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيْنًا(2) .........................................................
=المرأة، وأيضاً يؤثر على الجنين من جهة نموه إذا لم يكن في جسمها غذاء فربما يضعف ويتضرر.
وأيضاً في الرضاعة إذا صامت يقل لبنها فيتضرر بذلك الطفل، ولهذا رخص لهما الشارع بالفطر رحمة بهما.
ولمَّا كان الفطر قد يكون مراعاة لحالهما وقد يكون مراعاة لحال الولد، وقد يكون لحالهما جميعاً ذكر المؤلف هنا الأحكام الخاصة بكل حالة.
(1) قوله:=إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، أَفْطَرَتَا، وَقَضَتَا+: هذه هي الحالة الأولى، فمتى خافت الحامل والمرضع على نفسيهما فأفطرتا فالواجب عليهما الفطر والقضاء فقط، وهذا بغير خلاف لأنها بمنزلة المريض، أو بمنزلة من يخاف حدوث مرض، وهذا هو الراجح.
وفي رواية عن الإمام أحمد(1) يطعمان ويقضيان، لكن الراجح عندي جواز الفطر لهما وعليهما القضاء فقط ولا يلزمهما الإطعام.
عليهما من غير إطعام لأنهما بمنزلة المريض والخائف على نفسه.
(
__________
(1) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/381).(9/48)
2) قوله:=وَإِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا، أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا، وَأَطْعَمَتَا عَنِ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيْنًا+: هذه هي الحالة الثانية، وهي أن الحامل والمرضع إذا خافتا من الصوم على الولد، إما لأن الجوع يضر به، أو لاحتياجه إلى دواء تشربه، فإنه يجوز لها أن تفطر لأنها أحوج إلى الفطر من المسافر، وبعض المرضى، ويجب عليها القضاء والفدية وهي أن تطعم عن كل يوم مسكيناً، وهذا هو=
..........................................................................................................
=المذهب، وهو المشهور من مذهب الشافعي(1).
وفي رواية عند الإمام مالك (2) الكفارة على المرضع دون الحامل لأن المرضع يمكنها أن تسترضع لولدها، بخلاف الحامل، ولأن الحمل متصل بالحامل والخوف عليه كالخوف على بعض أعضائها.
وقال أبو حنيفة(3) لا كفارة عليهما بل تستحب، وعليهما القضاء فقط.
والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول: إن ثبتت الرواية في الإطعام عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما من قوله تعالى:[وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ] (4)، قال ابن عباس رضي الله عنهما =كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا+ قَالَ أَبُو دَاوُد يَعْنِي عَلَى أَوْلادِهِمَا =أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا+(5).
وجاء أيضاً عن ابن عمر(6) مثل ذلك ولا مخالف لهما من الصحابة.
__________
(1) المجموع (6/272ـ 274).
(2) الشرح الصغير (2/269).
(3) بدائع الصنائع (2/97).
(4) سورة البقرة: 184.
(5) أخرجه أبو داود في الصيام ـ باب من قال: هي مثبتة للشيخ والحبلى (1974).
(6) أخرجه الشافعي (1/266)، الدار قطني (2/207) والبيهقي (4/230)، وصححه الألباني (4/20).(9/49)
ذكر بعض الفوائد:
? فائدة (1): بقيت حالة أخرى لم يذكرها المؤلف وهي إذا خافت المرأة على
ولدها وعلى نفسها، والصحيح في هذه المسألة تغليب جانب الأم أي يجب=
وَإِنْ صَامَتَا، أَجْزَأَهُمَا(1) الرَّابِعُ(2): الْعَاجِزُ عَنِ الصَّوْمِ، لِكِبَرٍ(3)، أَوْ مَرَضٍ لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ(4)،............................................................................................
=عليها القضاء فقط.
? فائدة (2): متى عجزت الحامل والمرضع عن الإطعام سقط عنهما بالعجز ككفارة الوطء وهي رواية في المذهب(1).
والصحيح في المذهب عدم الإسقاط، لكن الرواية الأولى هي الراجحة عندي لوجود العذر، وهو العجز، هذا إذا قلنا بوجوب الإطعام عليهما.
? فائدة(3):ظاهر المذهب أن الإطعام واجب على من تلزمه النفقة،وقال بعض الفقهاء بل الإطعام واجب على الحامل والمرضع، والأظهر عندي أن الإطعام مستحب في حق الحامل والمرضع إلا إن صح الحديث فهو واجب عليهما.
? فائدة (4): الواجب في الإطعام مد بر، أو نصف صاع شعير، والخلاف فيه كالخلاف في كفارة الجماع على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
(1) قوله:=وَإِنْ صَامَتَا، أَجْزَأَهُمَا+: أي متى صامتا الحامل والمرضع أجزئهما الصوم لأن الفطر لهما مباح ورخصة.
(2) قوله:=الرَّابِعُ+: أي القسم الرابع ممن يباح له الفطر في رمضان.
(3) قوله:=الْعَاجِزُ عَنِ الصَّوْمِ، لِكِبَرٍ+: كالشيخ الفاني، وهو الذي فنيت قوته أو أشرف على الفناء، وكذا المرأة المسنة =العجوز+.
(4) قوله:=أَوْ مَرَضٍ لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ+: أي المرض الذي تحقق اليأس من صحته، كسرطان وغسيل كلى، وغيره مما يقر الأطباء أنه لا يرجى برؤه، فَحُكمُ هؤلاء بيَّنه المؤلف بقوله:
فَإِنَّهُ يُطْعَمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيْنٌ(1)، وَعَلَى سَائِرِ مَنْ أَفْطَرَ الْقَضَاءُ لاَ غَيْرُ(2)...
(
__________
(1) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/385).(9/50)
1) =فَإِنَّهُ يُطْعَمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيْنٌ+: أي لا يلزمه الصوم في رمضان، ولا يلزمه كذلك القضاء، وهذا بإجماع أهل العلم إذا كان الصوم يجهدهم ويشق عليهم.
والأصل في مشروعية فطر هؤلاء قوله تعالى:[..فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ]،قال ابن عباس رضي الله عنهما:=لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا+(1).
(2) قوله:=وَعَلَى سَائِرِ مَنْ أَفْطَرَ الْقَضَاءُ لاَ غَيْرُ+: نقول المفطرون في نهار رمضان على قسمين:
أحدهما: من يباح له الفطر، وهم من ذ كرهم المؤلف: كالمريض، والمسافر، والمرضع، والحامل،والعاجز عن الصوم، وهؤلاء تقدم حكمهم.
الثاني: من أفطر بغير عذر من الأعذار التي سيأتي بيانها، فهؤلاء يجب عليهم القضاء عن كل يوم يوماً. إلا في حالتين:
الأولى: الجماع: وسيأتي بيانه في كلام المؤلف.
الثانية: العاصي بفطره: فإنه يلزمه مع القضاء التوبة إلى الله تعالى.
وهل هناك عقوبة على من أفطر عمداً من غير عذر؟
نقول: للفقهاء في هذه المسألة خلاف، وتفصيل، والأظهر عندي أنه يؤدب=
إِلاَّ مَنْ أَفْطَرَ بِجِمَاعٍ فِي الْفَرْجِ (1)،..................................................................
=بما يراه الإمام من ضرب أو سجن أو بهما معاً.
(1) قوله =إِلاَّ مَنْ أَفْطَرَ بِجِمَاعٍ فِي الْفَرْجِ+: يعد الجماع من أعظم المفطرات تحريماً وأشدها تكفيراً، لكن يشترط لذلك شروط:
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب تفسير القرآن ـ باب قوله تعالى[أياماً معدودات فمن كان منكم مريضا..](4145).(9/51)
الأول: أن يكون ممن يلزمه الصوم، فإن كان ممن لا يلزمه الصوم كالصغير، فإنه لا قضاء عليه ولا كفارة.
الثاني: أن لا يكون هناك مسقط للصوم كأن يكون مسافراً وهو صائم فجامع زوجته، فإنه لا إثم عليه ولا كفارة وإنما عليه القضاء فقط.
الثالث: أن يكون الجماع في الفرج، فإن كان قد جامع دون الفرج فأنزل فسد صومه بغير خلاف، لكن اختلف الفقهاء في وجوب الكفارة على من جامع دون الفرج.
فعن أحمد روايتان(1)، أحدهما: تجب الكفارة، اختارها الخرقي والقاضي، وهو قول الإمام مالك(2).
الثانية: لا كفارة عليه، وهو مذهب أبي حنيفة(3)، والشافعي(4)، ورواية عن الإمام أحمد(5) اختارها شيخنا(6) ×، وهذا هو الراجح.
ذكر بعض الفوائد:
? الفائدة الأولى: إذا جامع في نهار رمضان في الفرج قبلاً كان أو دبراً فعليه=
..................................................................................................................
=القضاء والكفارة.
وقال الشافعي في أحد قوليه(7) لا يجب القضاء على من لزمته الكفارة.
والصحيح: الأول وهو المذهب عند الشافعية(8)، واختيار سماحة شيخنا بن باز(9) × أي يلزمه القضاء والكفارة لقوله " للمجامع في نهار رمضان =وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ+(10) ولأنه أفسد يوماً من نهار رمضان فلزمه قضاؤه.
__________
(1) المغني (4/373)، المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/452، 453).
(2) الشرح الصغير (2/250).
(3) تبيين الحقائق (1/329).
(4) المجموع (6/378).
(5) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/453).
(6) الشرح الممتع (6/401).
(7) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/443).
(8) المجموع (6/386).
(9) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/302). .
(10) أخرجه ابن ماجة في كتاب الصيام ـ باب ما جاء في كفارة من أفطر يوماً من رمضان (1661).(9/52)
? الفائدة الثانية: أن من جامع في نهار رمضان وجب عليه القضاء والكفارة سواء أنزل أو لم ينزل، بخلاف ما ذهب إليه الشعبي والنخعي(1) أنه لا كفارة عليه إلا بالإنزال.
? الفائدة الثالثة: أن الكفارة إنما تجب على من جامع في نهار رمضان ذاكراً متعمداً، فإن كان مكرهاً، أو ناسياً، فلا تجب عليه الكفارة على الصحيح من أقوال أهل العلم.
? الفائدة الرابعة: إذا جامع في غير صوم رمضان عامداً أفسده، ويجب عليه القضاء إن كان واجباً بغير خلاف، أما إن كان نفلاً ففيه خلاف، والصحيح أنه لا يجب عليه القضاء.
? الفائدة الخامسة: إذا كانت المرأة معذورة بجهل أو نسيان أو إكراه فإن عليها القضاء دون الكفارة، أما لو كانت مطاوعة فعليها القضاء والكفارة.
فَإِنَّهُ يَقْضِيْ، وَيُعْتِقُ رَقَبَةً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَإِطْعَامُ سِتِّيْنَ مِسْكِيْنًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، سَقَطَتْ عَنْهُ(1)،..........................
(
__________
(1) المجموع (6/386).(9/53)
1) قوله =فَإِنَّهُ يَقْضِيْ، وَيُعْتِقُ رَقَبَةً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَإِطْعَامُ سِتِّيْنَ مِسْكِيْنًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، سَقَطَتْ عَنْهُ+: أجمع العلماء على وجوب الكفارة في حق من جامع عامداً مختاراً في نهار رمضان، ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال =بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ " إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ مَا لَكَ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ " هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا قَالَ لا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لا فَقَالَ فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لا قَالَ فَمَكَثَ النَّبِيُّ " فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ " بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ فَقَالَ أَنَا قَالَ خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَضَحِكَ النَّبِيُّ " حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ+(1).
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق (1800).(9/54)
لكن اختلف الفقهاء في وجوب قضاء هذا اليوم الذي أفطره بالجماع، فالجمهور(1) يوجبون القضاء والكفارة، وفي قول ثان للشافعية(2) لا يجب القضاء لأن الخلل انجبر بالكفارة، وفي قول ثالث أيضاً للشافعية(3) إن كفر بالصوم دخل فيه القضاء وإلا فلا يدخل فيجب القضاء.
فَإِنَّهُ يَقْضِي(1)، وَيُعْتِقُ رَقَبَةً(2)، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ(3)،............
والصحيح ما ذهب إليه الجمهور، وهو قول سماحة شيخنا بن باز(4) ×، فيجب عليه القضاء والكفارة.
(1) قوله =فَإِنَّهُ يَقْضِي+: أي يقضي مكان اليوم الذي أفسده بالجماع، فيصوم يوماً مكانه، وهذا هو الصحيح كما ذكرنا ذلك آنفاً بخلاف ما نقل عن الشافعي بأنه لا يلزمه القضاء وإلا فالمذهب عند الشافعية(5) وجوب القضاء.
(2) قوله =وَيُعْتِقُ رَقَبَةً+: أي فكها من الرق، قال شيخنا(6) ووجه المناسبة هو أن هذا الرجل لما جامع في نهار رمضان مع وجوب الصوم عليه استحق أن يعاقب ففدى نفسه بعتق الرقبة.
(3) قوله =فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ +: أي إن لم يجد الرقبة أو ثمنها فيلزمه صيام شهرين متتابعين، أي يتبع بعضهم بعضاً، فلا يفطر فيها يوماً واحداً إلا لعذر شرعي كالحيض والنفاس للمرأة، وكالعيدين، وأيام التشريق، أو عذر حسي كالمرض والسفر للرجل والمرأة بشرط ألا يسافر لأجل أن يفطر فإن سافر ليفطر انقطع التتابع.
والقاعدة في ذلك أن الصيام الواجب والفطر الواجب لا يقطع التتابع.
ذكر بعض الفوائد:
? فائدة (1): الصيام المتتابع يكفي فيه النية من أول الصيام كرمضان وصيام الكفارة.
__________
(1) انظر في ذلك: بدائع الصنائع (2/98)، الشرح الصغير (2/251)، المغني (4/372).
(2) المجموع (6/362).
(3) المرجع السابق.
(4) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/302).
(5) المجموع (6/362).
(6) الشرح الممتع (6/412).(9/55)
? فائدة (2): من عليه صيام كفارة لم يجز لأكثر من شخص أن يصوم عنه.
فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَإِطْعَامُ سِتِّيْنَ مِسْكِيْنًا(1)، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، سَقَطَتْ عَنْهُ(2)،.............
(1) قوله =فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَإِطْعَامُ سِتِّيْنَ مِسْكِيْنًا+: أي إن عجز عن الصيام لزمه أن يطعم ستين مسكيناً عن كل يوم مسكين، يعطى نصف صاع من البر وغيره، وإن قال سأقوم بجمعهم في مكان واحد وأعشيهم أو أغديهم أجزأ ذلك، لكن لابد من اعتبار العدد في الإطعام.
(2) قوله =فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، سَقَطَتْ عَنْهُ+: وذلك لعجزه، وهذا هو المذهب(1)، وفي رواية أخرى عن الإمام أحمد(2) أنها لا تسقط بالعجز.
والصحيح القول الأول، وهو اختيار شيخنا(3) ×.
ذكر بعض الفوائد:
? الفائدة(1):إذا أغنى الله هذا الرجل الذي لم يكفر لعجزه ـ في المستقبل ـ هل يلزمه أن يكفر أم لا؟
نقول: هذه المسألة على روايتين في المذهب(4)،والصحيح عندي أنه لا يلزمه لأنها سقطت عنه، وكما أن الفقير لو أغناه الله لم يلزمه أن يؤدي الزكاة عما مضى من سنواته لأنه فقير، فكذلك هذا الذي لم يجد الكفارة إذا أغناه الله تعالى لم يجب عليه قضاؤها.
قيل للإمام أحمد(5) فإن كان المجامع محتاجاً فأطعمه عياله. قال: يجزيء عنه.
قيل: ولا يكفر إذا وجد؟ قال: لا؛ إلا أنه خاص في الجماع وحده.
..................................................................................................................
__________
(1) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/472).
(2) المرجع السابق.
(3) الشرح الممتع (6/416).
(4) المرجع السابق للحنابلة.
(5) التمهيد لابن عبد البر (7/177).(9/56)
? الفائدة (2): الكفارة في الوطء في نهار رمضان على الترتيب لا التخيير، وفي رواية عن الإمام أحمد(1) أنها على التخيير، والصحيح القول الأول، وهي كما جاء في الحديث:=عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً+، والكفارة هنا هي نفس كفارة الظهار، مع أن كفارة الظهار ثابتة بالكتاب، وهذه ثابتة بالسنة، فلا يتحول من عتق الرقبة إلى الصيام إلا عند العجز عن العتق، ولا يتحول من الصيام إلى الإطعام إلا إذا لم يقدر على الصيام لمانع صحيح، كأن يكون به مرض، أو يخشى حدوث المرض بالصوم، أما من تلحقه المشقة المحتملة بالصوم فليس ذلك مسوغاً له للانتقال إلى الإطعام.
? الفائدة (3): لابد أن يكون الصيام متتابعاً كما قال المؤلف [فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ]، فلا يفطر فيها إلا بعذر شرعي كأيام العيدين، والتشريق، وأيام الحيض والنفاس للمرأة، أو لعذر حسي كالمرض والسفر لغير قصد الفطر، فإن أفطر بغير عذر ولو يوماً واحداً لزمه استئناف الصوم من جديد ليحصل التتابع.
? الفائدة (4): إذا شرع في الكفارة بالصيام، ثم قدر على العتق في أثناء الصيام هل يلزمه أن يعدل إلى العتق؟
نقول: لا يلزمه الانتقال.
? الفائدة (5): من كفَّر بالصيام يباح له الوطء قبل التكفير بخلاف كفارة الظهار، فإنه يحرم عليه الوطء قبل التكفير.
فَإِنْ جَامَعَ وَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى جَامَعَ ثَانِيَةً، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ(1).
(1) قوله:=فَإِنْ جَامَعَ وَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى جَامَعَ ثَانِيَةً، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.+: هذه المسألة لها حالتان:
الأولى: أن يجامع في يوم واحد مرتين، فهذا لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن يجامع ثم يكفر، ثم يجامع في نفس اليوم، فالمذهب(2) أنه يلزمه كفارة ثانية.
__________
(1) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/468).
(2) المغني (4/385، 386).(9/57)
والجمهور(1) على عدم الإلزام، لأن الجماع لم يرد على صوم صحيح، وإنما ورد على إمساك فقط، وهذا هو الصحيح.
الأمر الثاني: أن يجامع في يوم واحد مرتين، ولم يكفر عن الجماع الأول، أجزأته كفارة واحدة بغير خلاف في المذهب(2).
الحالة الثانية: أن يجامع في يومين، فهو أيضاً لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن يجامع في يوم، ويكفر عنه، فهنا يلزمه الكفارة عن الثاني.
الأمر الثاني: أن يجامع في يوم ولم يكفر، ثم يجامع في آخر، فهل تلزمه كفارتان، عن كل يوم كفارة؟ على روايتين في المذهب(3).
إحداهما: تجزئه كفارة واحدة، وهو مذهب أبي حنيفة(4)، وذلك لأنها كفارات من جنس واحد، فاكتفى فيها بكفارة واحدة، كما لو حلف على أيمان متعددة ولم يكفر.
وَإِنْ كَفَّرَ، ثُمَّ جَامَعَ، فَكَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ(1). وَكُلُّ مَنْ لَزِمَهُ الإِمْسَاكُ فِيْ رَمَضَانَ، فَجَامَعَ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ(2).
الثانية: أنه يلزمه عن كل يوم كفارة، وهو قول المالكية(5)، والشافعية(6)، فإن جامع في يومين فإنه يلزمه كفارتان، وإن جامع في ثلاثة أيام فثلاث كفارات، وهكذا.
قلت: ولو راعى المفتي أحوال المستفتي وظروف وقوعه في المحظور لكان ذلك أرفق.
(1) قوله =وَإِنْ كَفَّرَ، ثُمَّ جَامَعَ، فَكَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ. +: سبق بيان هذه المسألة آنفاً.
(
__________
(1) مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (1/240)، مواهب الجليل (2/436)، المجموع (6/336، 337).
(2) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/458).
(3) المرجع السابق.
(4) بدائع الصنائع (2/101).
(5) مواهب الجليل (2/346).
(6) المجموع (6/333، 337).(9/58)
2) قوله =وَكُلُّ مَنْ لَزِمَهُ الإِمْسَاكُ فِيْ رَمَضَانَ، فَجَامَعَ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ.+: ذكرنا فيما سبق أن من أفطر بعذر شرعي لا يلزمه إمساك بقية اليوم لأنه لا فائدة في الإمساك، قال ابن مسعود ÷:=من أكل أول النهار فليأكل آخره+(1) وعلى ذلك ما ذهب إليه المؤلف في هذه المسألة الراجح خلافه.
فالمسافر المفطر الذي قدم إلى بلده نهاراً، وكذا الحائض والنفساء تطهران نهاراً، والمريض الذي يفطر لمرضه ثم يشفى أثناء النهار، ونحو هؤلاء ممن أفطروا لعذر شرعي لا يلزمهم الإمساك، ومتى جامع هؤلاء في نهار رمضان لا يجب عليهم الكفارة، بل يلزمهم القضاء فقط.
ذكر بعض الفوائد:
? فائدة (1): من رأى هلال رمضان وحده، ولم تقبل شهادته ثم جامع في نهار رمضان فهل يجب عليه القضاء والكفارة؟
..................................................................................................................
نقول على الخلاف المذكور سابقاً، فالمذهب(2) يوجب القضاء والكفارة، والصحيح أنه لا يلزمه القضاء ولا الكفارة لأن الصوم في حقه غير ملزم به، لأن الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام(3) ×.
? فائدة (2): هل تجب الكفارة على من أفطر متعمداً في نهار رمضان؟
نقول: قال بعض الفقهاء: الكفارة إذا وجبت بالوطء مع قلة الداعي إليه في الصوم، فلأن تجب بالأكل أولى وأحرى، لأن الكفارة تجب زاجرة عن المعاودة، وماحية للسيئة، وجابرة لما دخل من النقص على العبادة، وهذا يستوي فيه الأكل والوطء، ولأن الأكل مما تدعو إليه الطباع، وتشتهيه
النفوس كالجماع، وما كان من المحرمات تشتهيه الطباع كالزنا، وشرب الخمر فلابد من زاجر شرعي، والزواجر إما حدود، أو كفارات، فلما لم يكن في الأكل حد فكان لابد فيه من الكفارة.
__________
(1) سبق تخريجه، ص121.
(2) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/457، 458).
(3) المرجع السابق.(9/59)
قلت: والصحيح أن الكفارة إنما تجب بالجماع فقط، ولا يجوز أن تلحق سائر المفطرات بالجماع وذلك لأمور:
الأول: أن الأصل براءة الذمة من هذه الكفارة، والحديث إنما يوجبها في الوقاع، فإلحاق غيره به يحتاج إلى دليل، والقياس في ذلك ليس بالبين كما ذكر ذلك شيخ الإسلام.
الثاني: أن الجماع يفارق غيره بقوة داعيه وشدة باعثه، فإنه إذا هاجت =
وَمَنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ؛ لِعُذْرٍ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِنْ فَرَّطَ،أَطْعَمَ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيْنًا(1)،...................................................
=شهوته، لم يكد يزعها وازع العقل، ولم يمنعها حارس الدين.
الثالث: أنه لو وجب لأجل الإفطار لاستوى فيه جميع المفطرات، فإن تخصيص بعضها دون بعض نوع تشريع يحتاج إلى دلالة الشرع.
الرابع: أن هذه الكفارة العظمى لا تجب إلا في نوع النكاح المحرم لعارض، ولهذا وجبت على المظاهر لما حرم عليه فرج امرأته بالظهار، كما حرم على الصائم فرج امرأته بالصيام، ووجب نحوها على المحرم لما حرم عليه فرج امرأته بالإحرام.
الخامس: أن هذه الكفارة لو كانت واجبة بالفطر لكان من أبيح له الفطر من غير قضاء تجب عليه هذه الكفارة، كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة.
فهذه جملة من الفروق بين وجوب الكفارة بالجماع، وبين وجوب الكفارة بغيره، ذكرها شيخ الإسلام(1) في شرحه للعمدة.
ومن هنا نقول: بأن وجوب الكفارة إنما تكون على من جامع في نهار رمضان وفق الشروط المذكورة سابقاً، وما عداه لا تجب عليه الكفارة.
(
__________
(1) شرح عمدة الفقه لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/279)، تحقيق زائد بن أحمد النشيري.(9/60)
1) قوله =وَمَنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ؛ لِعُذْرٍ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِنْ فَرَّطَ،أَطْعَمَ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيْنًا+: ذهب جمهور الفقهاء(1) إلى أن قضاء رمضان على التراخي لكن قيدوه بما إذا لم يفت وقت قضائه كأن يهل رمضان آخر وهو لم يقض.
..................................................................................................................
فعن عائشة رضي الله عنها قالت:=كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ " أَوْ بِرَسُولِ اللَّهِ "+(2).
فإن أخر القضاء لغير عذر حتى دخل عليه رمضان آخر أثم بذلك، وهل يلزمه الفدية مع القضاء؟
نقول: ذهب إلى لزوم الفدية أبو هريرة، وابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم حيث قالوا فيمن عليه صوم فلم يصمه حتى أدركه رمضان آخر: عليه القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم، وهذه الفدية للتأخير.
وذهب الحنفية(3) بإطلاق التراخي بلا قيد، فلو جاء رمضان آخر ولم يقض الفائت جاز له أن يقدم صوم الأداء على القضاء ولا فدية عليه بالتأخير.
واحتجوا لذلك بأن الله تعالى لم يوجب إلا عدة من أيام أخر، ولم يوجب أكثر من ذلك، وكون الصحابة أفتوا بذلك فقولهم حجة ما لم يخالف النص، وهنا خالف ظاهر النص فلا يعتد به.
__________
(1) الشرح الكبير للد ردير (1/537)، القوانين الفقهية، ص84، شرح المحلى على المنهاج (2/68، 69)، المجموع شرح المذهب (6/363)، الإقناع (2/343)، كشاف القناع (2/334).
(2) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب قضاء رمضان في شعبان (1933).
(3) الفتاوى الهندية (1/208).(9/61)
وذهب شيخنا(1) × إلى أن من أخر القضاء حتى أدركه رمضان آخر فإنه يأثم بذلك ولا يجب عليه إلا القضاء فقط لقوله تعالى:[فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ](2)، ولم يذكر إطعاماً.
وذهب بعض الفقهاء(3)إلى أن من أخر القضاء بلا عذر وجب عليه الإطعام=
وَإِنْ تَرَكَ الْقَضَاءَ حَتَّى مَاتَ لِعُذْرٍ،فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ(1)، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أُطْعِمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيْنٌ(2)، .............................................................................
=فقط، ولا يصح منه الصيام بقوله ":=مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ+(4). فهذا عمل عملاً ليس عليه أمر الله ولا رسوله فيكون عملاً باطلاً.
قلت: والراجح عندي القول الأول، فمتى أخر القضاء حتى دخل عليه رمضان آخر فعليه القضاء والكفارة لاسيما أن هذا فتوى بعض صحابة النبي "، وهو اختيار سماحة شيخنا بن باز(5)×.
هذا إذا كان قادراً على الإطعام، أما إذا عجز عن الإطعام فلا تلزمه الفدية.
(1) قوله:=وَإِنْ تَرَكَ الْقَضَاءَ حَتَّى مَاتَ لِعُذْرٍ،فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ+: أي إن لم يتمكن من قضاء رمضان فلا شيء عليه لعدم تقصيره ولا إثم لأنه فرض لم يتمكن منه إلى الموت فسقط حكمه كالحج.
(2) قوله =وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أُطْعِمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيْنٌ+: أي إن ترك القضاء لغير عذر مع تمكنه منه ولم يقضي حتى مات فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة:
__________
(1) الشرح الممتع (6/446).
(2) سورة البقرة: 184.
(3) الفروع (3/93).
(4) أخرجه البخاري ـ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ـ باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ.. ، مسلم ـ كتاب الأقضية ـ باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور (3243).
(5) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/340).(9/62)
ذهب جمهور الفقهاء(1) إلى أنه لا يصام عنه لأن الصوم الواجب بأصل الشرع لا يقضى عنه، ولأن الصوم لا تدخله النيابة في الحياة، فكذلك بعد الموت. =
..................................................................................................................
=وذهب النووي وأبو الخطاب من الحنابلة(2) إلى أنه يجوز لوليه أن يصوم عنه، ويجزئه عن الإطعام، وتبرأ به ذمة الميت، ولا يلزم الولي الصوم بل هو إحسان منه للميت.
واحتج هؤلاء بحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي " أنه قال:=مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ +(3).
والراجح أنه يستحب لولي الميت أن يقضي عنه للحديث المتقدم، فإن لم يفعل أطعم عن كل يوم مسكيناً.
قال سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز(4) =حديث من مات وعليه صوم صام عنه وليه+ الصواب أنه عام وليس خاصاً بالنذر، وقد روي عن بعض الأئمة كأحمد وجماعة أنهم قالوا: إنه خاص بالنذر، ولكنه قول مرجوح، ولا دليل عليه، والصواب أنه عام. والرسول " قال:=من مات وعليه صيام صام عنه وليه+، ولم يقل صوم النذر، ولا يجوز تخصيص كلام النبي " إلا بدليل والحديث عام يعم صوم النذر وصوم الكفارات، فمن ترك ذلك صام عنه وليه، والولي هو القريب من أقاربه، وإن صام غيره أجزأ عنه، فقد سئل النبي "....+ إلى أن قال ×:=والأحاديث كثيرة دالة على قضاء رمضان وغيره، وأنه لا وجه لتخصيص النذر، بل هو قول مرجوح ضعيف، والصواب العموم+.
__________
(1) انظر في ذلك: مراقي الفلاح، ص375، جواهر الإكليل (1/163)، المجموع (6/368)، الإنصاف (3/334ــ 336).
(2) المراجع السابقة.
(3) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب من مات وعليه صوم (1816)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب قضاء الصيام عن الميت (1935).
(4) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/373، 374).(9/63)
إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ الصَّوْمُ مَنْذُوْرًا،فَإِنَّهُ يُصَامُ عَنْهُ(1)، وَكَذالِكَ كُلُّ نَذْرِ طَاعَةٍ(2).
(1) قوله =إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ الصَّوْمُ مَنْذُوْرًا،فَإِنَّهُ يُصَامُ عَنْهُ+: المذهب(1) يفرقون بين ما هو واجب بأصل الشرع، وبين ما أوجبه الإنسان على نفسه كالنذر،ففي الأول الواجب في حقه الإطعام عنه، أما الثاني فيستحب لوليه قضاؤه عنه ولا يجب وإنما يستحب، وذلك لحديث المرأة التي أتت إلى النبي "، فقد روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:=جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ " فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا قَالَ أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنْهَا قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ+(2).
والصحيح عندي أنه لا فرق بين ما كان بأصل الشرع وما أوجبه الإنسان على نفسه، فيجوز لوليه أن يصوم عنه كما مرَّ آنفاً، فإن صام أجزأه عن الفدية كما سنذكر ذلك قريبا.
? فائدة: من أخر القضاء بغير عذر ثم مات قبل رمضان أخر أو بعده هل يلزم الولي إخراج الفدية عنه؟ نقول: إذا لم يخلف الميت تركة لأداء الفدية عنه فيستحب لوليه أخراجها عنه عن كل يوم مد لمسكين. أما إذا كان للميت تركة فيجب على الولي إخراجها عنه من تركته قبل تقسيم التركة.
(1) قوله =وَكَذالِكَ كُلُّ نَذْرِ طَاعَةٍ+: أي يستحب لولي الميت أن يقضي عن الميت كل نذر طاعة، كأن يكون نذر أن يحج أو أن يصوم يومين أو ثلاثة أو أن يصلي ركعتين أو أن يعتكف، وهكذا كل طاعة نذر أن يفعلها ولم يفعلها حتى مات.
بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ(1)
..................................................................................................................
__________
(1) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/506ــ 512).
(2) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب قضاء الصيام عن الميت (1938).(9/64)
(1) قوله:=بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ+: أي ما يبطله، والصوم هنا يشمل صوم الفرض وصوم النفل، ومبطلات الصوم أصولها ثلاثة ذكرها الله تعالى في قوله [أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ] (1).
فذكر الله تعالى في هذه الآية ثلاثة مفسدات للصوم وهي:
الجماع: حيث أباحه الله تعالى في الليل، قال تعالى:[أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ..] فدل على أنه أثناء النهار يحرم على الصائم فعله، وقد سبق بيان هذا النوع من مفسدات الصوم.
الأكل، والشرب: في نهار رمضان، حيث قيده سبحانه وتعالى [حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ..] فدل ذلك على أنه بعد تبين الخيطين لا يحل للصائم أن يأكل أو يشرب لقوله تعالى:[ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ].
فهذه هي المفسدات الثلاثة التي ذكرها الله تعالى في كتابه، وما عداها إما ثابت بالسنة أو ثابت بالاجتهاد. وسنقوم بذكر ذلك إن شاء الله مع بيان الراجح.
وَمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ(1)،..................................................................................
(
__________
(1) سورة البقرة: 187.(9/65)
1) قوله:=وَمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ+: أي من أكل أو شرب فسد صومه لقوله تعالى:[.. وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ..].
لكن يشترط لفساد الصوم بالأكل والشرب ما يلي:
(1) أن يكون ذاكراً، فإن كان ناسياً فلا يفطر بذلك، وهذا هو قول الجمهور(1). دليل ذلك قوله ":=مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ+(2). ولعموم قوله تعالى:[رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا..](3)، قَالَ قَدْ فَعَلْتُ+(4).
وذهب المالكية(5)، إلى أن من نسي في رمضان فأكل أو شرب عليه القضاء، أما لو نسي فأكل أو شرب في غير رمضان فإنه يتم صومه.
والصحيح قول الجمهور كما ذكرنا.
لكن يجب تذكير الناسي إذا كان يأكل أمامك لقوله تعالى[وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى..] (6).
(2) أن يكون متعمداً، فإن كان قد أدخل إلى جوفه أكلاً أو شرباً من غير
تعمد منه فلا يفطر بذلك لقوله تعالى:[وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ
..................................................................................................................
وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ..] (7).
(
__________
(1) انظر في ذلك: روضة الطالبين (2/356)، المغني (4/364، 365).
(2) أخرجه البخاري ـ كتاب الأيمان والنذور ـ باب إذا حنث ناسياً في الأيمان (6176)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1902).
(3) سورة البقرة: 286.
(4) أخرجه مسلم ـ كتاب الإيمان ـ باب أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ..(180).
(5) القوانين الفقهية، ص83.
(6) سورة المائدة: 2.
(7) سورة الأحزاب: 5.(9/66)
3) أن يكون مختاراً، فإن كان مكرهاً على الفطر فإنه لا يفطر، وهذا هو قول الشافعية(1)، والحنابلة(2)، وذهب الحنفية(3)، والمالكية(4) إلى أن الإكراه على الإفطار يفسد الصوم ويوجب القضاء.
والصحيح القول الأول لعموم قوله ":=إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ+(5).
(4) أن يكون عالماً، فإن كان جاهلاً بالحكم أو بالحال فالصحيح من الأقوال أنه لا يفطر بذلك.
مثال: الجهل بالحكم الشرعي: حديث عدي بن حاتم ÷ حيث ذكر فيه قول النبي ":=إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ..+ (6).
والشاهد من الحديث أن النبي " لم يأمره بالقضاء لأنه جاهل لم يقصد المخالفة.
مثال: الجهل بالحال: حديث أسماء بنت أبي بكر في صحيح البخاري وفيه قالت:=أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ " يَوْمَ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ...+ (7).
..................................................................................................................
الشاهد من الحديث أنهم أفطروا في النهار بناء على أن الشمس قد غربت، فهم جاهلون بالحال ومع فطرهم لم يأمرهم النبي " بالقضاء فلو كان القضاء واجباً لأمرهم به النبي ".
ذكر بعض الفوائد:
? الفائدة (1): قول المؤلف =مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ+ هو عام يشمل كل مأكول أو مشروب ينفع ويضر وما لا ينفع ولا يضر، وهذا هو قول جمهور الفقهاء.
__________
(1) شرح المحلى على المنهاج (2/57، 58).
(2) الإقناع (1/329).
(3) رد المحتار (2/102)، بدائع الصنائع (2/96).
(4) الشرح الصغير (2/246).
(5) أخرجه أحمد، والنسائي، وابن ماجة، والبيهقي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1731).
(6) أخرجه البخاري ـ كتاب تفسير القرآن ـ باب قوله تعالى [وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط..](4149).
(7) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس(1823).(9/67)
فما ينفع كاللحم والخبز وما أشبه ذلك.
وما يضر كالدخان والحشيش ونحو ذلك.
وما لا ينفع ولا يضر كالخرزة والحصاة وما أشبههما وهذا ما ذهب إليه الجمهور(1)، وذهب بعض الفقهاء إلى أن ما لا يغذي لا يحصل به الفطر.
والصحيح: أنه يحصل به الفطر وذلك لإطلاق الآية، قال تعالى:[وَكُلُوا وَاشْرَبُوا] (2) وهذا يسمى أكلا.
? الفائدة (2): هل الحقن تفطر؟
نقول: نظراً لحاجة الناس إلى بيان هذا الحكم فسوف نتوسع في بيانه شيئاً ما، ثم نبين الراجح من أقوال أهل العلم في هذه الأشياء فنقول وبالله التوفيق:
الحقن التي يستعملها المرضى لمعالجة العوارض الصحية التي تطرأ عليهم لها منفذان، إما عن طريق الوريد، وإما عن طريق الشرج.
أولاً: الحقن الشرجية:
..................................................................................................................
هذا النوع من الحقن عرفه الإنسان من زمن بعيد، وهي حقن تعطى للإنسان لأغراض متعددة منها:
أن الأمعاء قد يكون فيها بعض الفضلات التي تسبب مغصاً وألماً، فتعطى الحقنة الشرجية لتطهيرها من الفساد، كما أن الأمعاء قد تتعرض لحالة من الانقباض والجفاف فيدخل إليها السائل من خلال الحقنة الشرجية لتليينها، وقد تعطى هذه الحقنة للتغذية والتقوية كما لو كان في المعدة مرض يمنع من قبولها الطعام أو الشراب، فالمعطى هنا يقوم مقام الأطعمة في التغذية.
حكم هذا النوع من الحقن:
__________
(1) انظر في ذلك: بداية المجتهد (1/339)، القوانين الفقهية، ص80، جواهر الإكليل (1/149).
(2) سورة البقرة: 187.(9/68)
نقول: ذهب جمهور الفقهاء(1) إلى أن الحقن الشرجية تفطر الصائم مطلقاً أيًّا كان غرض استعمالها، وقد استدلوا لذلك بأن هذه السوائل تدخل الأمعاء وما يدخل فيها اختياراً مفطر لحديث:=الفطر مما دخل+(2)، وقالوا: بأن كل ما وصل إلى الجوف بفعل الصائم من حقنة وغيرها يفطر قياساً على أن كل ما وصل إلى الدماغ يفطر الصائم إذا كان يفعله لقوله ":=.. وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا..+(3).
وعليه فكل ما وصل إلى موضع الطعام والغذاء أو غيره من حشو جوفه يفطر، وهذا يصدق على الحقنة الشرجية.
وقال بعض أهل العلم(4) إن الحقنة الشرجية لا تفطر الصائم مطلقاً،=
..................................................................................................................
=واستدلوا لذلك بأن من محظورات الصوم الأكل والشرب، وحقيقتهما هو دخول شيء من الحلق إلى المعدة، والمعدة هي محل الطعام والشراب من الإنسان كالحويصلة من الطائر، والكرش من الحيوان، فالمبطل للصوم ما دخل فيها بخصوصها مغذياً أو غير مغذ من طريق المنفذ المعتاد، فما دخل الجوف، وما يصل إليها لا يفسد الصوم، فالحقنة الشرجية يدخل بها الماء إلى الجوف ولكن لا يصل إلى المعدة فلا تفطر ولأنها لا تدخل محل الطعام والشراب.
قال شيخنا (5) ×:=الحقن الشرجية التي يحقن بها المرضى في الدبر ضد الإمساك اختلف فيها أهل العلم: فذهب بعضهم إلى أنها مفطرة بناء على أن كل ما يصل إلى الجوف فهو مفطر.
__________
(1) انظر في ذلك: الهداية (1/25)، شرح الدردير (1/258)، المجموع (6/361).
(2) انظر في ذلك: فتاوى محمود شلتوت، ص132.
(3) أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم _927).
(4) انظر في ذلك: القوانين الفقهية، ص80، مواهب الجليل للخطاب (2/424).
(5) مجموع فتاوى ورسائل شيخنا محمد الصالح العثيمين × (19/204).(9/69)
وقال بعضهم: أنها ليست مفطرة، وممن قال بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية × وعلل ذلك بأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب.
ثم قال شيخنا ×:=والذي أرى أن ينظر إلى رأي الأطباء في ذلك، فإذا قالوا: إن هذا كالأكل والشرب وجب إلحاقه به وصار مفطراً.
وإذا قالوا: إنه لا يعطي الجسم ما يعطيه الأكل والشرب فإنه لا يكون مفطراً.
قلت: وبعد الرجوع إلى الأطباء وسؤالهم عن الحقنة الشرجية هل تصل إلى الجوف أم لا أكدوا لنا أنها لاتصل إلى الجوف، وبناءًا على ذلك نقول بأن الحقن الشرجية لا تفطر وهو ما اختاره شيخنا(1)× في الشرح الممتع، =
..................................................................................................................
=حيث قال ×:=وإذا كانت الحقنة وهي التي تدخل عن طريق الدبر لا تفطر على القول الراجح فما دخل عن طريق الإحليل من باب أولى.
? تنبيه: ما ينطبق على الحقنة الشرجية ينطبق على التحميلة التي تعطى في الشرج.
ثانياً: الحقن التي تعطى عن طريق الوريد والشرايين:
اختلف أهل العلم في هذا النوع من الحقن في مدى تأثيرها على الصيام.
فذهب بعض أهل العلم إلى جوازها مطلقاً، وأنها لا تؤثر على الصوم لأنها ليست مما ينفذ إلى الجوف بواسطة المنافذ المعتادة كالفم والأنف والعين والأذن والدبر، وأن هذه الإبر لا تدخل محل الطعام والشراب فلا تفطر، فالمفطر هو الداخل من المنافذ الطبيعية.
وقالوا أيضاً: إن ما تحدثه هذه الحقن من انتعاش في الجسم لا يضر لأنها لا تدفع عطشاً ولا جوعاً، فلا تأخذ حكم الأكل والشرب وإن أدت شيئاً من مهمته.
وقال بعض أهل العلم: إن الحقن بجميع أنواعها تفطر سواء كانت للدواء أو الغذاء وذلك للاحتياط للعبادة.
__________
(1) الشرح الممتع (6/371).(9/70)
وقال بعض العلماء: أنها إذا كانت أي الحقن مما يؤخذ في العضل فلا بأس به للمريض ... المحتاج، أما إبرة العرق سواء كانت للتغذية أو غيرها فلا يأخذها المريض وهذا احتياط في الدين والاحتياط في الدين أمر شرعي حسن.
وبعد ذكر أقوال العلماء في هذه المسألة التي يحتاج إليها الناس نقول وبالله التوفيق:
..................................................................................................................
بأن الراجح عندي أن الحقن إذا كانت تعطى عن طريق الوريد وكانت مغذية كالمغذي الذي يعطى للمريض أو الإبر المغذية، فهذه تفطر لأنها تأخذ معنى الأكل والشرب.
أما إن كانت تؤخذ في العضل أو كانت في الوريد ولم تكن مغذية فلا تفطر، وهذا هو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز(1)، وشيخنا ابن عثيمين(2) رحمهما الله.
? الفائدة (3): في حكم استعمال بخاخات الربو والأكسجين ونحوهما:
قد يصاب بعض الناس بمرض الربو، وهو مرض يضيق معه النفس، فيستعمل المريض له شيئاً يسمى بخاخاً يبخ به في فمه أو يعطى الأكسجين فتنفتح عروقه فيسهل التنفس.
وهذا البخاخ أو الأكسجين وأمثالهما في الحقيقة لا يصل إلى المعدة وإنما يصل إلى القصبات الهوائية، فليس هو بمعنى الأكل والشرب، ولذا نقول: لا بأس باستعمال ذلك لمن احتاج له، اللهم إلا إذا كانت هذه الأشياء تضاف لها سوائل أخرى تصل من خلالها إلى المعدة، فهنا تفطر الصائم ويجب عليه القضاء.
? الفائدة (4): في حكم استعمال قطرة العين والأذن والأنف:
أما قطرة العين والأذن فإنهما لا تفطران وإن وجد طعمهما في الحلق لأنهما ليستا منفذاً للأكل والشرب.
أَوْ اسْتَعَطَ(1)،...........................................................................................
__________
(1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة شيخنا بن باز (15/258).
(2) مجموع فتاوى ورسائل شيخنا بن عثيمين (19/215، 216).(9/71)
أما قطرة الأنف فإذا وصلت المعدة فإنها تفطر لقول النبي " للقيط ابن صبرة:=وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً+(1)، فلا يجوز للصائم أن يقطر في أنفه ما يصل إلى معدته، وأما ما لا يصل إلى المعدة من قطرة الأنف فإنها لا تفطر.
(1) قوله:=أَوْ اسْتَعَطَ،+: السعوط هو ما يصل إلى الجوف عن طريق الأنف، وهو منفذ إلى المعدة، ولذا نهى النبي " لقيط بن صبرة عن المبالغة في الاستنشاق،فقال:=وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً+(2)، فالمبالغة في الاستنشاق قد تكون سبباً في وصول الماء إلى المعدة، ولهذا نهاه النبي ".
وعلى ذلك فكل ما وصل إلى المعدة عن طريق الفم أو الأنف فإنه مفطر لأنها منفذ واحد، ولذا نجد بعض المرضى توضع له قسطرة في أنفه ثم يوضع له الطعام، وإذا شرب من خلالها يتغذى به.
قوله:= أَوْ أَوْصَلَ إِلَى جَوْفِهِ شَيْئًا، مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ+: كأنفه وبطنه وصدره، وغير ذلك لكن بشرط أن تجعل هذه المواضع بغرض دخول الطعام والشراب منها لانسداد المريء أو تقرحه ونحو ذلك، فيكون ما أدخل فيها مفطراً كما لو أدخل إلى الفم.
? فائدة: المنظار نوع من الاستكشافات الحديثة يستخدمه الأطباء لمعرفة موضع المرض في الجسم ونوعيته، فيقومون بإدخاله عن طريق الفم إلى المعدة حتى يصل إلى موقع المرض، فهل هذا المنظار يكون مفطراً؟ نقول: على كلام=
أَوِ اسْتَقَاءَ (1)،..............................................................................................
=المؤلف يكون مفطراً.
والصحيح أنه لا يفطر إلا إذا كان فيه شيء يصل إلى الجوف مثل دهن أو علاج أو تقىء به فإنه يفطر به، وأما إذا لم يكن كذلك فإنه لا يفطر به، والغالب أنه يكون فيه شيء.
(1) قوله:=أَوِ اسْتَقَاءَ+: فرق الفقهاء بين ما إذا خرج القيء بنفسه وبين ما إذا خرج من الجوف عمداً، وهو ما يسمى بالاستقاءة أو تكلف القيء.
__________
(1) سبق تخريجه، ص186.
(2) نفس المرجع السابق.(9/72)
والقيء إذا خرج بنفسه أي غلب القيء الصائم فلا خلاف بين الفقهاء في عدم الإفطار به قل القيء أم كثر، لكن بشرط أن لا يدخل منه شيء إلى جوفه باختياره.
دليل ذلك ما رواه أهل السنن عن أبي هريرة ÷ عن النبي " قال:=مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ+(1)، ومعنى ذرعه القيء: غلبه.
قلت: وذهب بعض العلماء(2) إلى أن القيء لا يفطر مطلقاً، وضعف حديث أبي هريرة المتقدم =مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ+.
وقال أيضاً: مما يدل على ضعف الحديث أن أبا هريرة ÷ كان يقول بعدم الفطر بالقيء، كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة ÷ قال:=إِذَا قَاءَ فَلا يُفْطِرُ إِنَّمَا يُخْرِجُ وَلا يُولِجُ+(3).
..................................................................................................................
وقال أيضاً نقل عن ابن بطال عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما عدم الإفطار بالقيء مطلقاً ذرعه أو تعمده.
قال القرضاوي(4) في كتابه =فقه الصيام+ بعد ذكر ما أوردناه: والحقيقة أن التفطير بالقيء لا يتفق مع مقاصد الصيام، وقد جاء في حديث مرفوع آخر ما يعارض، هذا وهو ما روي عنه عليه الصلاة والسلام:=ثَلاثٌ لا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ الْحِجَامَةُ وَالْقَيْءُ وَالاحْتِلامُ+ (5).
__________
(1) أخرجه الترمذي(653)،أبو داود(2032)،ابن ماجة(1666)،وصححه الألباني في الإرواء(930).
(2) انظر في ذلك: كتاب الصيام للقرضاوي، ص91، 92.
(3) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب الحجامة والقيء للصائم.
(4) كتاب الصيام للقرضاوي، ص91، 92.
(5) أخرجه الترمذي، وابن خزيمة، وضعفه الألباني في صحيح ابن خزيمة رقم (1978).(9/73)
قلت: والراجح عندي ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، فمتى استقاء الإنسان عمداً مختاراً ذاكراً لصومه عالماً بالحكم فإنه يفطر بذلك، والحجة في ذلك حديث أبي هريرة المتقدم، وقد صحح إسناده العلامة الألباني في الإرواء(1)، ورد على من قال بضعفه بما فيه الكفاية.
أما لو ذرعه القيء ثم عاد بنفسه بغير صنع من الصائم ولو كان ملء الفم فلا يفسد صومه لأنه كالمكره.
أما ما جاء عن ابن عباس وابن مسعود ففيه نظر من جهة الإسناد وإن ثبت ذلك عنهم فإنه اجتهاد منهم، ولا اجتهاد مع وجود النص الصريح عن المعصوم " في ذلك. وهذا هو المذهب(2).
وذهب المالكية(3) إلى أن رجوع القيء مفطر قل أو كثر، رجع عمداً أو سهواً، وعليه القضاء.
أَوِ اسْتَمْنَى (1)، أَوْ قَبَّلَ، أَوْ لَمَسَ، فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى (2)،.....................................
والصحيح ما عليه المذهب لأن رجوع القيء ليس باختياره فهو كالمكره في ذلك.
أما الاستقاءة وهي كما ذكرنا استخراج ما في الجوف عمداً، أو هي تكلف القيء، فإنها مفسدة للصوم موجبة للقضاء عند جمهور الفقهاء(4).
أما الحنفية(5) فلهم روايات وتفصيلات وتفريعات نعرض عنها لأن الحديث حجة في هذا المقام، ولذا أخذ به الجمهور.
(1) قوله:=أَوِ اسْتَمْنَى+: أي طلب خروج المني بأي وسيلة كانت كالاستمناء باليد أو التفخيذ أو باللمس وما شابه ذلك حتى أنزل، فإن صومه يفسد بذلك، وهذا هو قول عامة الفقهاء.
وذهب الظاهرية(6) إلى أن الاستمناء غير مفطر لعدم الدليل من الكتاب والسنة، ولأن أصول المفطرات ثلاثة وهذا ليس منها.
__________
(1) الإرواء (3/51) رقم (923).
(2) كشاف القناع (2/321)، المغني (4/368، 369).
(3) القوانين الفقهية، ص81..
(4) انظر في ذلك: المراجع السابقة والمجموع (6/320)، الإنصاف (3/300).
(5) فتح القدير (2/260).
(6) المحلى (6/300 ).(9/74)
والصحيح أنه مفطر لقوله ":=كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي..+(1). والاستمناء بلا شك شهوة، لكن يجب أن يقيد الاستمناء بالإنزال، أما إذا لم ينزل فلا شيء عليه.
(2) قوله:=أَوْ قَبَّلَ، أَوْ لَمَسَ، فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى+: فإنه يفطر.
قلت: قال في الشرح الكبير(2):=المقبِّل لا يخلو من ثلاثة أقسام:
..................................................................................................................
أحدهما: أن يكون ذا شهوة مفرطة يغلب على ظنه أنه إذا قبل أنزلـ أو أمذى، فهذا تحرم عليه القبلة لأنها مفسدة لصومه أشبهت الأكل.
الثاني: أن يكون ذا شهوة لكنه لا يغلب على ظنه ذلك فيكره له التقبيل لأنه يعرض نفسه للفطر ولا يأمن عليه الفساد، ولأن العبادة إذا منعت الوطء منعت دواعيه كالإحرام، ولا تحرم القبلة في هذه الحال لما روي =أن رجلاً قبل وهو صائم فأرسل امرأته فسألت النبي " فأخبرها النبي " أنه يقبل وهو صائم+(3).
الثالث: أن يكون ممن لا تحرك القبلة الشهوة عنده كالشيخ الكبير ففيه، روايتان:
إحداها: لا تكره له لأنها مباشرة لغير شهوة أشبهت لمس اليد لحاجة.
الثانية: أنه يكره لأنه لا يأمن حدوث الشهوة، ولأن الصوم عبادة تمنع الوطء، فاستوى في القبلة فيها من تحرك شهوته ومن لا تحرك كالإحرام+انتهى كلامه مختصرًا.
__________
(1) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب فضل الصيام (1945).
(2) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/482، 483).
(3) أخرجه مالك في الموطأ (3/416)، والبيهقي في السنن والآثار(7/159)، والشافعي في مسنده(1/240).(9/75)
قلت: والذي يظهر لي أن القبلة لا بأس بها مطلقاً لقول عائشة رضي الله عنها:=كَانَ النَّبِيُّ " يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ+(1).
فمتى ملك الإنسان إربه ـ يعني شهوته ـ جاز له ذلك، فمجرد القبلة لا تفسد الصوم إلا إذا كان معها إنزال، لكن من خشي الوقوع في المحذور فلا يقبل.
أَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ حَتَّى أَنْزَلَ (1)، ..........................................................................
لكن إذا قبل، أو لمس فأمذى هل يفسد صومه؟
إذا قبل أو لمس وباشر فأمذى فالمذهب(2)، وهو قول مالك(3) أنه يفسد صومه، واختار شيخ الإسلام(4) عدم إفساد الصوم بالمذي، وهو قول أبي حنيفة(5)، والشافعي(6)، واستظهر هذا القول صاحب الفروع(7)، وصوَّبه صاحب الإنصاف(8)، وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين(9) وهو الراجح عندي.
(1) قوله:=أَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ حَتَّى أَنْزَلَ+: أي إذا كرر النظر إلى ما فيه تهييج لشهوته حتى أنزل بذلك فإنه يفطر وتكرار النظر على ثلاثة أحوال:
الأول: أن يكرر النظر ولا يقترن بذلك إنزال فلا يفسد الصوم بغير خلاف.
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب المباشرة للصائم(1792)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة(1854).
(2) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/417، 418).
(3) حاشية الدسوقي (1/529)، جواهر الإكليل (1/150)، القوانين الفقهية، ص81.
(4) الاختيارات الفقهية، ص123.
(5) الدر المختار (2/98).
(6) حاشية القليوبي (2/59)، المجموع (6/350).
(7) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/417، 418).
(8) المرجع السابق.
(9) الشرح الممتع (6/376).(9/76)
الثاني: أن يكرر النظر فينزل معه مني فالمذهب(1)، وهو قول مالك(2) يفسد الصوم، وقال أبو حنيفة(3)، والشافعي(4) لا يفسد لأنه من غير مباشرة أشبه الإنزال بالفكر.
والصحيح عندي أنه يفسد الصوم بذلك لأنه إنزال للمني بفعل يتلذذ به،=
أَوْ حَجَمَ أَوِ احْتَجَمَ(1)،.................................................................................
=وقد قال الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي:=يدع شهوته وطعامه من أجلي+(5).
الثالث: أن يكرر النظر فينزل منه مذي فظاهر المذهب أنه لا يفطر بذلك لعدم ورود النص بالفطر به، وقياسه على المني لا يصح لمخالفته له في الأحكام فيبقى على الأصل.
وفي رواية أخرى في المذهب(6) أنه يفطر به لأنه خارج بشهوة، فأشبه المني.
قلت: والصحيح عندي عدم الإفطار به، وهو كما ذكرنا اختيار شيخ الإسلام، وشيخنا ابن عثيمين، وغيرهم من الفقهاء.
(1) قوله:=أَوْ حَجَمَ أَوِ احْتَجَمَ+: الحجامة هي استخراج الدم المحتقن في الجسم، والحاجم هو الذي يحجم غيره، والمحجوم هو الذي يطلب الحجامة من غيره.
وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة، فالمذهب(7) وهي من مفرداته أنها تفطر ويجب على الحاجم والمحجوم القضاء.
وذهب جمهور الفقهاء(8) أنها لا تفطر ولكنهم كرهوها بوجه عام.
__________
(1) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/418، 419).
(2) حاشية الدسوقي (1/529)، منح الجليل (1/402، 403).
(3) الدر المختار (2/98).
(4) المجموع (6/349).
(5) سبق تخريجه، ص 193.
(6) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/418، 419).
(7) المقنع ومعه الشرح الكبير (7/419، 420).
(8) انظر في ذلك: المبسوط (3/56)، القوانين الفقهية، ص105، المجموع (6/349).(9/77)
والصحيح عندي ما ذهب إليه الحنابلة، وهو اختيار شيخ الإسلام بن تيمية(1)، والشيخين(2) لقوله ":=أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ+(3).
عَامِدًا، ذاَكِرًا لِصَوْمِهِ، فَسَدَ صَوْمُهُ (1)، ..........................................................
ذكر بعض الفوائد:
? فائدة (1): هل يلحق بالحجامة الفصد، والشرط، والإرعاف، والتبرع بالدم؟
نقول: أما المذهب فعندهم لا يلحق الفصد، والشرط وغيرهما بالحجامة لأن العلة في الحجامة تعبدية، وذهب شيخ الإسلام إلى أن الفصد والشرط يفسدان الصوم وكذلك لو أرعف حتى خرج الدم من أنفه.
والراجح عندي أن هذه الأشياء المذكورة إذا أضعفت الشخص مثل الحجامة فإنه يفطر بها، وهذا ما يميل إليه شيخنا(4)ر×.
? فائدة (2): الحجامة بالآلات الحديثة لا يفطر بها الحاجم، أما المحجوم فإنه يفطر بها.
? فائدة (3): التبرع بالدم كما ذكرنا يفطر إذا كان يضعف الشخص مثل الحجامة، لكن لا يسوغ إلا بثلاثة أمور:
... (1) أن لا يتضرر المتبرع.
(2) الحاجة الماسة للمتبرع له.
(3) أن يكون بدون عوض لأنه لا يجوز بيع الدم.
? فائدة (4): الدم الذي يفطر هو الكثير الذي في معنى الحجامة، أما القليل مثل إبرة تحليل السكر فلا تفطر.
(1) قوله:=عَامِدًا، ذاَكِرًا لِصَوْمِهِ، فَسَدَ صَوْمُهُ+: هذه شروط فساد الصوم، وقد سبق بيان هذه الشروط.
..................................................................................................................
__________
(1) الاختيارات الفقهية، ص193.
(2) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/258)، الشرح الممتع (6/378).
(3) أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، وابن خزيمة، والدارمي، وصححه الألباني في الإرواء(ج4 رقم 931).
(4) الشرح الممتع (6/383).(9/78)
فالشرط الأول: أن يكون =عامداً+ فيخرج بذلك غير العامد كالمكره، ومن يحصل له الفطر بغير اختياره بلا إكراه مثل أن يدخل إلى فمه غبار أو حشرة أو يتمضمض فيدخل إلى جوفه الماء بغير اختياره فهذا لا يفطر لقوله تعالى:[وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ](1).
وقد ذكرنا الخلاف في هذه المسألة قريباً وسبق بيان الراجح.
الشرط الثاني: كونه =ذاكراً+ أي ذاكراً لصومه فيخرج بذلك الناسي لقوله تعالى:[رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا..] (2) فقال تعالى: قد فعلت+(3)، وقوله ":=إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ+(4). وقوله ":=إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ+(5). وهذا ما ذهب إليه الجمهور كما ذكرنا.
وذهب المالكية(6) إلى أن من نسي فأكل أو شرب في رمضان فعليه القضاء، وفي غير رمضان فإنه يتم صومه.
والصحيح ما ذهب إليه الجمهور، لقوله " =إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ
صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ+(7). فهو عام يتناول صوم الفريضة وغيره،=
__________
(1) سورة الأحزاب:5.
(2) سورة البقرة: 286.
(3) سبق تخريجه، ص183.
(4) أخرجه ابن ماجه، وصححه الألباني في سنن ابن ماجة (1/659) رقم (2043).
(5) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا (1797)، مسلم ـ الصيام ـ باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1952).
(6) القوانين الفقهية، ص83.
(7) سبق تخريجه، ص183.(9/79)
وَإِنْ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا، لَمْ يَفْسُدْ (1)، وَإِنْ طَارَ إِلَى حَلْقِهِ ذُبَابٌ أَوْ غُبَارٌ، أَوْ تَمَضْمَضَ أَوِ اسْتَنْشَقَ، فَوَصَلَ إِلَى حَلْقِهِ مَاءٌ (2)، أَوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ(3)،....................
فتخصيص ذلك بصوم النافلة يحتاج إلى دليل ولا دليل على التخصيص.
(1) قوله:=وَإِنْ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا، لَمْ يَفْسُدْ+: وهذا كما ذكرنا آنفاً يشترط لفساد الصوم أن يكون عالماً، ذاكراً لصومه، فإن فعله ناسياً أو مكرهاً لم يفسد صومه.
? فائدة: هل يلحق بهذه الشروط أن يكون عالماً؟
نقول: سبق بيان ذلك وقلنا أن الصواب اشتراط العلم بالمفطر، فإذا كان يجهل الحكم الشرعي كأن يجهل أن الجماع في رمضان مفسد للصوم فإنه لا يفسد صومه بذلك، لكن إن جهل ما يترتب عليه الجماع وهو يعرف أنه مفطر للصوم كأن يعرف أن الجماع مفسد للصوم لكن يجهل أن عليه الكفارة والقضاء فإنه يُلزم بالكفارة والقضاء ولا عبرة بجهله هنا ما دام أنه يعرف الحكم.
وقال سماحة شيخنا بن باز(1) ×: من جامع في نهار رمضان جهلاً منه، وهو ممن يجب عليه الصيام فقد اختلف أهل العلم في شأنه.
والأحوط له الكفارة من أجل تفريطه وعدم سؤاله عما يحرم عليه.
(2) قوله:=وَإِنْ طَارَ إِلَى حَلْقِهِ ذُبَابٌ أَوْ غُبَارٌ، أَوْ تَمَضْمَضَ أَوِ اسْتَنْشَقَ، فَوَصَلَ إِلَى حَلْقِهِ مَاءٌ+: أي فإنه لا يفطر لأن ذلك حصل بغير اختياره ولا قصد منه.
(3) قوله:=أَوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ+: أي فكر في الجماع فأنزل، فإنه لا يفسد صومه لقوله ":=إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ+(2).
أَوْ قَطَّرَ فِيْ إِحْلِيْلِهِ(3)، أَوِ احْتَلَمَ(4)، ...............................................................
__________
(1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/304).
(2) سبق تخريجه، ص184.(9/80)
وهذا لم يعمل ولم يتكلم إنما حدث نفسه، ونلاحظ أن المذهب يفرق بين الفكر والنظر، فالفكر لا يمكن التحرز منه بخلاف النظر فإنه يمكن التحرز منه، فإن أنزل بالفكر لا يفطر وإن أنزل بالنظر أفطر.
والصحيح كما ذكرنا أنه لا يفطر بالفكر ولا بالنظر.
(1) قوله =أَوْ قَطَّرَ فِيْ إِحْلِيْلِهِ+: الإحليل هي ما تسمى بقناة الذكر، فلو دخل عن طريقها مفطر من المفطرات فإنه لا يفطر لأن الذَّكر ليس طريقاً إلى الجوف، وما أدخل عن طريق الإحليل لا يسمى أكلاً ولا شرباً.
(2) قوله =أَوِ احْتَلَمَ+: أي نام وفي أثناء نومه احتلم، فإنه لا يفطر بذلك لأنه غير قاصد، وقد رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ لكن يلزمه الغسل.
? فائدة: من أجنب مثلاً ثم أصبح صائماً فصومه صحيح ولا قضاء عليه عند جمهور العلماء وذلك لحديث عائشة، وكذا أم سلمة رضي الله عنهما قالتا:=إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ " لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلامٍ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ يَصُومُ+(1).
لكن قد يقول قائل: أخرج الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو القاري قال سمعت أبا هريرة يقول: =لا وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا أَنَا قُلْتُ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلا يَصُومُ مُحَمَّدٌ وَرَبِّ الْبَيْتِ قَالَهُ... +(2)، كيف يجاب عن هذا؟
نقول: بأن العلماء أجابوا عن هذا الحديث فقالوا بأنه يحمل على النسخ أو=
أَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ (1)، وَمَنْ أَكَلَ يَظُنُّهُ لَيْلاً، فَبَانَ نَهَارًا، أَفْطَرَ (2)، وَمَنْ أَكَلَ شَاكًّا فِيْ طُلُوْعِ الْفَجْرِ،لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ(3)،وَإِنْ أَكَلَ شَاكًّا فِيْ غُرُوْبِ الشَّمْسِ فَسَدَ صَوْمُهُ(4)
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب اغتسال الصائم(1796) مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب (1867).
(2) أخرجه أحمد في مسند أبي هريرة ÷(7083)، وصححه الألباني في الصحيحة (1/10) رقم (1012).(9/81)
=الإرشاد إلى الأفضل، وهو أنه يستحب أن يغتسل قبل الفجر ليكون على طهارة من أول الصوم. وإلا فقد قال شيخ الإسلام(1) ×:=ويصح صوم الجنب باتفاق الأئمة+.
(1) قوله:=أَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ+: أي قاء بغير اختياره وقد سبق بيان هذه المسألة.
(2) قوله:=وَمَنْ أَكَلَ يَظُنُّهُ لَيْلاً، فَبَانَ نَهَارًا، أَفْطَرَ+: لأن العبرة بالواقع، وبناءً على الأصل، فالأصل بقاء النهار.
(3) قوله:=وَمَنْ أَكَلَ شَاكًّا فِيْ طُلُوْعِ الْفَجْرِ، لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ+: وهذا أيضاً بناء على الأصل، فالأصل هنا بقاء الليل، فلم يفسد صومه بذلك.
(4) قوله:=وَإِنْ أَكَلَ شَاكًّا فِيْ غُرُوْبِ الشَّمْسِ فَسَدَ صَوْمُهُ+: لأن الأصل عدم غروبها. قلت: وهذه المسائل الثلاث التي ذكرها المؤلف وهي فيمن شك في طلوع الفجر، أو دخول المغرب، فأكل أو شرب فتبين له خلاف ما اعتقد هل يلزمه القضاء أم لا؟
فالمذهب(2)يوجب القضاء إلا في حالة واحدة، وهي من أفطر شاكاً في طلوع الفجر فبان طلوعه فلا يفسد صومه، وما عداها فعليه القضاء. وقد اختلف الفقهاء في هاتين المسألتين: هل يفسد صومه أم لا؟
فالحنفية(3)، والمالكية(4)، والشافعية(5)، والحنابلة(6)، وهو قول سماحة =
..................................................................................................................
= شيخنا ابن باز (7) ×أنه يلزم القضاء لمن أكل أو شرب أو جامع ظانًّا غروب الشمس، وذلك لأن الأصل بقاء النهار.
__________
(1) الاختيارات الفقهية، ص194.
(2) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/437 ـ 439).
(3) الهداية مع فتح القدير (2/372).
(4) القوانين الفقهية لابن جزي، ص105، 106.
(5) المجموع للنووي (6/309، 328).
(6) الإنصاف (3/311)، المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/437 ـ 441).
(7) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/290).(9/82)
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية(1)، وابن القيم(2)، وشيخنا ابن عثيمين(3) رحمهم الله أنه لا قضاء عليه، واحتج هؤلاء بما رواه البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت:=أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ " يَوْمَ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ..+(4).
وبما أخرجه مالك × =أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَفْطَرَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي رَمَضَانَ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ أَمْسَى وَغَابَتْ الشَّمْسُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ عُمَرُ الْخَطْبُ يَسِيرٌ وَقَدْ اجْتَهَدْنَا+(5).
فقالوا: أنه لم يصرح في هذه الأدلة بالقضاء ولو كانوا قد قضوا لعلم ذلك.
والراجح عندي ما ذهب إليه الجمهور وهو وجوب القضاء إلا في حالة واحدة وهي ما إذا أكل أو شرب شاكاً في طلوع الفجر فلا شيء عليه ما دام لم يتبين له أنه أكل أو شرب بعد طلوع الفجر، وهو قول شيخنا بن باز(6) × لما جاء في حديث أسماء بنت أبي بكر المتقدم =قُلْتُ لِهِشَامٍ أُمِرُوا بِالْقَضَاءِ قَالَ وَبُدٌّ مِنْ ذَلِكَ+(7).
..................................................................................................................
ولأن هذا هو الأحوط، والأخذ بالأحوط في العبادات مطلب شرعي ينبغي على المسلم أن يسلكه.
ذكر بعض الفوائد العامة على ما سبق بيانه في كتاب الصوم:
? فائدة (1): ما يبقى في الفم بعد المضمضة مع الريق:
__________
(1) مجموع الفتاوى (25/216)، الاختيارات الفقهية، ص194.
(2) .تهذيب السنن مع هون المعبود (6/484، 487).
(3) الشرح الممتع (6/396).
(4) سبق تخريجه، ص184.
(5) أخرجه مالك ـ في الصوم ـ باب ما جاء في قضاء رمضان والكفارات (1072).
(6) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/290).
(7) سبق تخريجه، ص184.(9/83)
إذا ابتلعه الصائم لا يضره ما دام أنه بصق بعد ما مج الماء، ولا يشترط المبالغة في البصق لأن ما يبقى بعد بلل الفم أو رطوبته لا يمكن التحرز منه.
? فائدة (2): من أصبح وفي فيه أو بين أسنانه طعام:
فالواجب عليه أن يلفظه أي يخرجه ولا يبتلعه سواء كان قليلاً أو كثيراً.
وذهب المالكية(1) إلى عدم الإفطار بذلك سواء ابتلعه عامداً أو ناسياً، وذلك لأنه أخذه في وقت يجوز أخذه فيه.
وفي رواية أخرى عندهم، أي المالكية: أنه إن تعمد بلعه أفطر، أما لو سبق إلى جوفه فلا يفطر. والصحيح عندي أنه لا يفطر من ابتلع ذلك إلا بشرطين:
الأول: أن يقصد ابتلاعه.
الثاني: أن لا يعجز عن تمييزه أو مجه لأنه معذور فيه غير مفرط.
فإن قدر عليهما أفطر ولو كان مثل الحمصة لأنه لا مشقة في لفظه والتحرز عن ذلك ممكن، وهذا هو قول الشافعية(2)، والحنابلة(3).
? فائدة (3): في البصاق، ودم اللثة، وكذا الشفتين:
قد يحصل مع الصيام تشقق للثة، وكذا للشفتين فتنزف هذه الأماكن دماً فما=
..................................................................................................................
= الحكم إذاً؟
نقول: مجرد البصاق لا يفطر إلا إذا كان مخلوطاً بدم بسبب تشقق اللثة، أو الشفة ونحوه، فإنه يحرم عليه ابتلاعه ويفطر به إذا ابتلعه لتغير الريق، والدم نجس لا يجوز ابتلاعه،وهذا هو قول الشافعية(4)، والحنابلة(5)، وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين(6) ×.
? فائدة (4): في النخامة:
النخامة هي ما يخرجه الإنسان من الحلق أو من الخيشوم عند التنحنح، وهي إما أن تكون بلغماً، أو مخاطاً نازلاً من الرأس.
__________
(1) القوانين الفقهية لابن جزي، ص82 .
(2) روضة الطالبين (1/361).
(3) المغني والشرح الكبير (3/42، 43).
(4) روضة الطالبين (2/359).
(5) كشاف القناع (2/329).
(6) الشرح الممتع (6/424).(9/84)
وقد اختلف الفقهاء في حكمها: فمنهم من قال بأنها لا تفطر مطلقاً، وهو قول الحنفية(1)، والمالكية(2)، ورواية في مذهب أحمد(3).
والمذهب(4) عند الحنابلة أنه يحرم على الصائم ابتلاع النخامة، ويفطر بها إذا بلعها سواء كانت في جوفه أو صدره، لكن بشرط أن تصل إلى فمه، فإذا بلعها بعد وصولها إلى الفم أفطر بذلك لأنه أمكن التحرز منها.
والصحيح عندي: أنه لا يفطر بها مطلقاً، وهو قول الحنفية(5)، والمالكية(6)، ورواية في مذهب الإمام أحمد(7)، وهو اختيار شيخنا محمد بن صالح =
..........................................................................................................
=العثيمين(8) × وذلك لما ذكره أصحاب هذا القول، ولأنه أيضاً لا يعد بلعها أكلاً ولا شرباً، بل يحرم ابتلاعها لما فيها من الاستقذار والضرر.
? فائدة (5): من سافر من جهة الغرب وقبل ركوب الطائرة أذن المغرب فأفطر فلما حلقت الطائرة في السماء رأى الشمس:
نقول: الصواب أنه لا يمسك لأنه أفطر بمقتضى دليل شرعي وهو قوله تعالى:[ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ] (9)، وقوله ":=إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ+(10).
__________
(1) الدر المختار ورد المحتار (2/101ـ 111) .
(2) الشرح الكبير للدردير (1/525).
(3) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/477).
(4) المرجع السابق.
(5) الدر المختار ورد المحتار (3/101، 111).
(6) جواهر الإكليل (1/149).
(7) المغني والشرح الكبير (2/43)، المقنع ومعه الشرح الكبير (7/477).
(8) الشرح الممتع (6/424).
(9) سورة البقرة: 187 .
(10) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب متى يحل فطر الصائم(1818)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب بيان وقت انقضاء الصوم (1841)(9/85)
? فائدة (6): من سافر من الرياض مثلاً إلى بلاد الهند، وقد صام ثمانية وعشرين يوماً، ووجدهم قد صاموا قبله بيومين وعندهم عيد: فالصواب أنه يفطر معهم ويقضي ذلك اليوم. وقد سبق بيان ذلك(1).
? فائدة (7): من صام ثلاثين يوماً ثم جاء لمكان آخر ووجدهم صياماً: فيلزمه الصيام معهم إلى حين فطرهم لأن العبرة بالمكان الذي هو فيه، وقد سبق بيان ذلك(2).
? فائدة (8): من رأى الشمس قد غربت وهو في البلد والمؤذن لم يؤذن: فالذي ينبغي عليه أن ينتظر المؤذن لأنه يتبعه في الصلاة،وهو مؤتمن. ثم إنه قد =
..................................................................................................................
=يكون حجب ضوء الشمس شيءٌ ما فيظن أنها قد غربت، لكن إذا كان في البلد وتيقن غروبها فله أن يفطر.
? فائدة (9): من كان عليه صيام شهرين متتابعين وسافر أو مرض فهل له أن يفطر؟:
الجواب: نعم له أن يفطر لأنها رخصة لو كان في رمضان، وكذلك المرأة إذا جاءها الحيض أو نفست فإنها تقطع التتابع وتواصل بعد طهارتها.
? فائدة (10): من كان عليه كفارة صيام شهرين متتابعين وصام فما حكم الجماع له بالليل؟:
نقول: المسألة محل خلاف كما ذكرنا، فبعض أهل العلم قال: يجوز له ذلك، وقال بعضهم: لا يجوز له ذلك ككفارة الظهار. والصواب عندي: جواز ذلك.
بَابُ صِيَامُ التَّطَوُّعِ(3)
..................................................................................................................
(1) قوله =بَابُ صِيَامُ التَّطَوُّعِ+: أي باب ما يتقرب به إلى الله تعالى بما ليس بفرض من الصوم.
__________
(1) انظر الفائدة رقم (2): ص27.
(2) انظر الفائدة رقم (1): ص26.
(3) انظر: حاشية ابن عابدين (2/373)، بداية المجتهد لابن رشد (1/298)، مواهب الجليل للخطاب (3/405)، المجموع للنووي (6/378)، الإنصاف للمرداوي (3/342).(9/86)
والصيام يدور مع الأحكام الشرعية الخمسة، فمنه ما هو واجب، ومنه ما هو محرم، ومنه ما هو مكروه، ومنه ما هو مستحب.
فالواجب: مثل صيام رمضان، وقضائه، وصوم النذر، وصوم الفدية، وصوم الكفارة.
والمحرم: صيام العيدين، وصيام أيام التشريق لنص النبي " عليها، وصيام أيام الحيض والنفاس بالنسبة للمرأة، وصيام التطوع للمرأة بدون رضا زوجها وهو حاضر لأن طاعته أوجب الواجبات، وصيام يوم الشك كما رجحنا سابقاً.
والمكروه: صيام يوم عرفة للحاج وذلك لتفرغه للدعاء والذكر، ولأن النبي " لم يصمه في حجة الوداع.
وصيام يوم الجمعة منفرداً إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده، فلا حرج. وكذلك أن يوافق يوم الجمعة يوم عرفة أو يوم عاشوراء، أو قضاء رمضان، أو صامه على أنه من الست من شوال منفرداً، فهذا كله لا بأس به. فالمهم أن النهي عن صيام يوم الجمعة إذا كان مطلقاً، أما إن كان مقيداً فلا حرج.
وصيام يوم السبت منفرداً، وصيام الدهر.
أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُدَ - عليه السلام - ، كَانَ يَصُوْمُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا (1)، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الَّذِيْ يَدْعُوْنَهُ الْمُحَرَّمَ (2)،.......................................
والصوم المستحب: وهو ما سيذكره المؤلف هنا.
((9/87)
1) قوله =أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُدَ - عليه السلام - ، كَانَ يَصُوْمُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا+: أي أفضل أقسام صوم التطوع هو صيام داود وذلك لورود النص في ذلك، فقد روى البخاري من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي " قال:=أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَأَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُدَ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ+(1).
ولقول النبي " لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:=..صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا وَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلام وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ قَالَ قُلْتُ فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ " لا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ+(2).
قلت: لكن هذا مشروط بأن لا يضعف البدن حتى يعجز عما هو أفضل من الصيام، كالقيام بحقوق الله تعالى، وحقوق عباده اللازمة وإلا فتركه أفضل.
(2) قوله =وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الَّذِيْ يَدْعُوْنَهُ الْمُحَرَّمَ+: أي ومن أفضل صوم التطوع أيضاً صيام شهر الله المحرم، لما رواه مسلم عن أبي هريرة ÷ مرفوعاً أن النبي " قال: =أَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ+(3).
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب أحاديث الأنبياء.ـ باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود (3167)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب النهي عن ثوم الدهر لمن تضرر به (1969)
(2) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به (1962).
(3) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب فضل صوم المحرم (1983).(9/88)
وَمَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيْهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ(1)، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ(2)،........................
(1) قوله =وَمَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيْهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ+: اتفق الفقهاء على صيام الثمانية أيام من شهر ذي الحجة التي من أوله قبل يوم عرفة، ودليل ذلك ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً:=مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ ـ يَعْنِي أَيَّامُ الْعَشْرِ ـ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بمَالِهِ وِنَفْسِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ+(1).
وآكد هذه الأيام هو يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة.
لكن هل يسن للحاج صيام هذه الأيام أيضاً؟ نقول: نعم يستحب صيامها للحاج أيضاً كما صرح بذلك المالكية(2)، والشافعية(3).
(2) قوله =وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ+: دليل ذلك حديث أبي أيوب ÷ عن النبي " قال:=مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ+(4).
فيسن صيام ستة أيام من شوال بعد صيام رمضان.
__________
(1) أخرجه.البخاري مرفوعا عن ابن عباس رضي الله عنهما ـ كتاب العيدين ـ باب فضل العمل في أيام التشريق (926).
(2) حاشية الدسوقي (1/515).
(3) مغني المحتاج (1/446).
(4) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب استحباب صوم ستة أيام من شوال اتباعا (1984).(9/89)
ونقل عن أبي حنيفة(1) كراهة صيام هذه الست متفرقاً كان أو متتابعاً، وعن أبي يوسف(2) كراهته متتابعة لا متفرقاً.
..................................................................................................................
لكن ذهب عامة متأخري الحنفية(3) إلى أنه لا بأس بصيام هذه الست، وعللوا كراهة ذلك بأنه لا يؤمن أن يعد بعد ذلك من رمضان، فيكون ذلك تشبهاً بالنصارى.
وذهب المالكية(4) إلى كراهية صيام هذه الست لمقتدىً به، ولمن خيف عليه اعتقاد وجوبها إن صامها متصلة برمضان متتابعة وأظهرها أو كان يعتقد سنية اتصالها، فإن انتفت هذه القيود استحب صيامها.
قلت: والصحيح أنه لا وجه في الكراهة مطلقاً في صيام هذه الست عملاً بالنص الوارد في صيامها، ولا يزال الناس يصومونها ويحرصون على صيامها ويعلمون أنها سنة وليس بواجب، والمحذور الذي يخشى على الناس حصوله يزول ببيانه لهم.
ذكر بعض الفوائد:
? فائدة (1): هل يستحب صيام هذه الست لمن لم يصم رمضان؟
نقول: ذهب الشافعية(5) إلى استحباب صومها لكل أحد سواء صام رمضان أم لا، كمن أفطر لمرض أو سفر أو غير ذلك.
وذهب الحنابلة(6) إلى أنه لا يستحب صيامها إلا لمن صام رمضان.
والصحيح عندي: أنها لا تسن لمن لم يصم رمضان لأنها مرتبطة بصيامه لظاهر النص.
..................................................................................................................
__________
(1) حاشية ابن عابدين (2/125)، بدائع الصنائع (2/78)، الفتاوى الهندية (1/201).
(2) المراجع السابقة.
(3) المراجع السابقة.
(4) حاشية الدسوقي (1/717)، حاشية الخرشي على خليل (2/243).
(5) مغني المحتاج (1/447).
(6) كشاف القناع (1/337).(9/90)
? فائدة (2): الأفضل صيام هذه الست متتابعة، أي عقب العيد مبادرة إلى العبادة ومسابقة إلى فعل الخيرات، كما قال تعالى:[فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ] (1).
ولما في التأخير من الآفات، ولا فرق في حصول الأجر بين التتابع والتفريق.
أما الحنفية(2) فالمستحب عندهم أن تصام هذه الست متفرقة، كل أسبوع يومان.
وأما المالكية(3) فذهبوا إلى كراهيتها متصلة برمضان متتابعة.
والصحيح: القول الأول، أي أن الأفضل صيامها متتابعة بعد العيد.
? فائدة (3) إذا أخَّر السِّت من شوال حتى انتهى الشهر، هل يحصل له أجرها إن صامها بعد فوات الشهر؟
نقول: ذهب المالكية(4) إلى حصول الفضيلة، ولو صامها في غير شوال، بل استحبوا صيامها في عشر ذي الحجة، وقالوا عن تعيين النبي " لها في شوال إنما هو من باب التخفيف في حق المكلف لاعتياده الصيام لا لتخصيص حكمها بذلك، وقالوا أيضاً أن كل ما بَعُد زمنه كثر ثوابه لشدة المشقة.
وقال سماحة شيخنا ابن باز ×:=ولا يشرع قضاؤها بعد انسلاخ شوال لأنها سنة فات محلها سواء تركت لعذر أو لغير عذر+(5).
والصحيح عندي في هذه المسألة: أنه لا يحصل الثواب المترتب على صيام هذه الست إلا في الشهر الذي عينت فيه، يعني شهر شوال. وذهب بعض أهل العلم إلى أن من لمن لم يتمكن من صيام هذه الست في شوال لعذر أصابه=
..................................................................................................................
=كمرض أو قضاء رمضان كاملاً حتى خرج شوال، فإنه يقضيها ويكتب له أجرها كالفرض إذا أخره عن وقته لعذر، وكالراتبة إذا أخرها عن وقتها لعذر حتى خرج وقتها فإنه يقضيها كما جاءت به السنة، وهو اختيار شيخنا محمد بن صالح العثيمين(6) ×.
__________
(1) سورة البقرة: 48.
(2) المراجع السابقة للحنفية.
(3) المراجع السابقة.
(4) المراجع السابقة.
(5) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/389).
(6) الشرح الممتع (6/467).(9/91)
? فائدة (4): من أخر صيام هذه الست عن أول الشهر ولم يبادر بها: فله أن يصومها في أي وقت شاء في شوال في أوله، أو آخره، أو أوسطه. لقوله ":=ثم أتبعه ستاً من شوال+ فظاهر النص أنه ما دامت الست في شوال فيحصل الأجر بذلك.
? فائدة (5): يستثنى من صيام هذه الست يوم العيد: لأنه لا يجوز صومه كما سيأتي إن شاء الله.
? فائدة (6): الأولى أن يصوم هذه الست بعد الانتهاء من قضاء رمضان: فلو كان عليه قضاء ثم صام النافلة قبل القضاء فهل يحصل على ثوابها هذا يتبين من فهم قوله ":=مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ+(1)، ومن بقي عليه شيء لا يصدق عليه أنه صام رمضان،
بل صام بعضه، ولذا نقول لمن عليه قضاء الأولى لك أن تؤدي الواجب الذي عليك أولاً ثم تصوم الست من شوال، وإن فاتتك الست بسبب الضرر فلعلك تدرك أجرها، وفضل الله واسع ولله الحمد.
قلت: وسيأتي إن شاء الله بيان حكم التطوع بالصوم قبل القضاء، وبيان=
وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُوْرَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ (1)،................................................................
=اختلاف المذاهب في هذه المسألة وبيان الراجح فيها.
(1) قوله =وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُوْرَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ+: دليل ذلك حديث أبي قتادة ÷ عن النبي " قال: =.. صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ+(2).
ويوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، وقد كان صوم هذا اليوم فرضاً في الإسلام ثم نسخت فرضيته بصوم رمضان، ثم خيَّر النبي " المسلمين في صومه.
ذكر بعض الفوائد:
__________
(1) سبق تخريجه، ص118.
(2) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر (1976).(9/92)
? فائدة (1) صرح الحنفية(1) بكراهة صوم يوم عاشوراء منفرداً عن التاسع، أو الحادي عشر، وصرح الحنابلة(2) بعدم الكراهة في إفراد عاشوراء بالصوم.
وهو الصحيح فلا يكره أن يصام العاشر منفرداً بل المستحب صوم يوم قبله أو يوم بعده، وهذا هو اختيار شيخنا محمد بن صالح العثيمين(3) ×.
? فائدة (2): قوله " في فضل عاشوراء:=أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله+ هل التكفير عام لجميع الذنوب؟:
نقول: على خلاف بين الفقهاء، فذهب البعض إلى أن المراد في الحديث كفارة الصغائر، وقال البعض: بل هو عام في جميع الذنوب صغائرها وكبائرها.
قلت: والذي يظهر أنه خاص بالصغائر، لكن إذا كان معه توبة فإنها تكفي=
..................................................................................................................
=جميع الذنوب كبائرها وصغائرها بما فيها الشرك بالله.
? فائدة (3): ذكرنا أنه لا يكره إفراد يوم عاشوراء وحده بالصيام، لكن يستحب صيام يوم قبله أو يوم بعده، فما الحكمة في صوم يوم قبله أو يوم بعده؟
نقول: ذكر بعض الفقهاء لذلك أوجهاً منها:
أحدها: مخالفة لليهود حيث أنهم يخصون العاشر بالصيام فقط، وهذا ما ذكره سماحة شيخنا ابن باز(4) ×.
الثاني: أن المراد به وصل يوم عاشوراء بصوم كما نهى أن يفرد يوم الجمعة وحده بصوم.
الثالث: الاحتياط في صوم العاشر خشية نقص الهلال ووقوع الغلط.
? فائدة (4): من أراد صيام يوم عاشوراء فعليه بالاعتماد على الرؤية، وعند عدم ثبوت الرؤية يعمل بالاحتياط وذلك بإكمال ذي الحجة ثلاثين يوماً.
__________
(1) حاشية الطحاوي على مراقي الفلاح، ص350.
(2) كشاف القناع (2/339).
(3) الشرح الممتع (6/469)..
(4) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/397).(9/93)
? فائدة (5): ذكر بعض الفقهاء أن الأكمل في صيام عاشوراء صيام يوم قبله ويوم بعده: فيصوم التاسع والعاشر والحادي عشر، ويليه في الكمال صوم التاسع مع العاشر أو العاشر مع الحادي عشر، ويليه في ذلك صوم العاشر وحده.
? فائدة (6): من صام التاسع والعاشر ثم تبين له بعد ذلك أنه صام الثامن والتاسع، فليس عليه قضاء وله الأجر إن شاء الله كاملاً على حسب نيته.
وَصِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ (1)، وَلاَ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ أَنْ يَصُوْمَهُ(2)،......
(1) قوله =وَصِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ+: وذلك لحديث أبي قتادة ÷ أن النبي " قال:=صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ..+(1).
وهو من أفضل أيام العام لما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي " قال:=مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ..+(2).
(2) قوله =وَلاَ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ أَنْ يَصُوْمَهُ+: وهذا هو قول الجمهور من المالكية(3)، والشافعية(4)، والحنابلة(5). بل صرح بعضهم بكراهة صومه للحاج، واحتجوا لذلك بحديث أم الفضل بنت الحارث رضي الله عنهما =... أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ فَشَرِبَهُ+(6).
__________
(1) سبق تخريجه، ص213.
(2) أخرجه مسلم ـ كتاب الحج ـ باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة (2402).
(3) حاشية الدسوقي (1/515).
(4) مغني المحتاج (1/446).
(5) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (4/524ـ 525).
(6) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب صوم يوم عرفة(1852)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب استحباب الفطر للحاج بعرفات(1894)(9/94)
وأيضاً بما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال:=حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ " فَلَمْ يَصُمْهُ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ وَمَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ وَمَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ وَأَنَا لا أَصُومُهُ وَلا آمُرُ بِهِ وَلا أَنْهَى عَنْهُ+(1). ولأن صيامه يضعف عن الوقوف والدعاء. =
وَيُسْتَحَبُّ صِيَامُ أَيَّامِ الْبِيْضِ (1)،.....................................................................
=وقال الحنفية(2) بل يستحب للحاج أيضاً صوم يوم عرفة إذا لم يضعفه عن الوقوف بعرفات ولا يخل بالدعوات، فلو أضعفه كره له الصوم.
وما ذهب إليه الجمهور هو الراجح فلا يستحب صومه للحاج مطلقاً.
قال سماحة سيخنا ابن باز(3) ×:=الحاج لا يجوز له أن يصوم يوم عرفة لأن النبي " وقف في ذلك اليوم وهو مفطر، وإن صام يخشى عليه الإثم لأن النبي " نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة ولم يصم+.
وقال شيخنا محمد بن صالح العثيمين(4)×:=فالصواب أن صوم يوم عرفة للحاج مكروه، وأما لغير الحاج فسنة مؤكدة+.
(1) قوله =وَيُسْتَحَبُّ صِيَامُ أَيَّامِ الْبِيْضِ+: قول المصنف =أيام البيض+ هكذا بإضافة أيام البيض وهذا هو الصواب ووقع في كثير من كتب الفقه وغيرها =الأيام البيض+ بإضافة الألف واللام وهذا خطأ عند أهل العربية معدود في لحن العوام لأن الأيام كلها بيض وإنما صوابه أيام الليالي البيض.
وأيام البيض هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر عربي سميت بذلك لتكامل ضوء الهلال وشدة البياض فيها.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم ـ باب كراهية صوم يوم عرفة بعرفة، وصححه الألباني في جامع الترمذي (3/124) رقم(750).
(2) حاشية ابن عابدين (2/83).
(3) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/405، 406).
(4) الشرح الممتع (6/471).(9/95)
دليل سنية صيام ثلاثة أيام من كل شهر ما رواه الترمذي عن أبي ذر ÷أن النبي " قال:=.. مَنْ صَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ..+(1).
وَالاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيْسِ(1)،.................................................................................
وأيضاً ثبت عنه " أنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر كما في حديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم =أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ " يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ قَالَتْ نَعَمْ فَقُلْتُ لَهَا مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ قَالَتْ لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ يَصُومُ+(2).
فتعيين صيام الثلاثة أيام من كل شهر في الأيام البيض إنما هو على سبيل الأفضلية، وقد ورد عند الترمذي من حديث أبي ذر ÷ أن النبي " قال له =إِذَا صُمْتَ مِنْ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَصُمْ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ+ (3).
وباستحباب صيام هذه الثلاثة أعني أيام البيض قال جمهور الفقهاء، وذهب المالكية (4) إلى كراهة صوم أيام الليالي البيض فراراً من التحديد ومخافة اعتقاد وجوبها واعتقاد أن الثواب لا يحصل إلا بصيام هذه الثلاث خاصة.
والراجح عندي ما ذهب إليه الجمهور وتعليل المالكية يزول ببيان السنن للناس وتوضيحها لهم.
(
__________
(1) أخرجه الترمذي ـ كتاب الصوم ـ باب ما جاء في صوم ثلاثة أيام من كل شهر(693)، وصححه الألباني في جامع الترمذي(3/135) رقم (762).
(2) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر (1974).
(3) أخرجه الترمذي ـ كتاب الصوم ـ باب ما جاء في صوم ثلاثة أيام من كل شهر(692) وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم(7817)
(4) حاشية الدسوقي (1/517)، مواهب الجليل (2/414).(9/96)
1) قوله =وَالاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيْسِ+: أي ويسن صيام يوم الاثنين والخميس من كل أسبوع دليل ذلك ما رواه مسلم عن أبي قتادة ÷ أن رسول الله "سئل عن صوم الاثنين فقال =.. فِيهِ وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ+(1).
وجاء في سنن أبي داود وغيرها من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما =
وَالصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيْرُ نَفْسِهِ،إِنْ شَاءَ صَامَ،وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ،وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ(1)
= أن النبي " كان يصوم يوم الاثنين والخميس فسئل عن ذلك؟ فقال:=..إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ " كَانَ يَصُومُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ+(2).
(1) قوله =وَالصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيْرُ نَفْسِهِ، إِنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ، وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ+: اختلف الفقهاء في هذه المسألة فالحنفية(3)، والمالكية (4) ذهبوا إلى لزوم صوم التطوع بالشروع فيه وأنه يجب على الصائم المتطوع إتمامه إذا بدأ فيه واحتجوا لذلك بما رواه مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي " قال =إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ+(5). فليُصَلِّ أي فليدع.
__________
(1) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر (1978).
(2) أخرجه أبو داود ـ كتاب الصوم ـ باب في صوم الاثنين والخميس(2080) وصححه الألباني في سنن أبي داود(2/325) رقم(2436)
(3) .تبيين الحقائق (1/377)
(4) حاشية الدسوقي (1/527).
(5) أخرجه مسلم ـ كتاب النكاح ـ باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة (2584).(9/97)
وذهب الشافعية (1) والحنابلة (2) إلى عدم لزوم صوم التطوع بالشروع فيه ولا يجب على الصائم إتمامه وله قطعه في أي وقت شاء واحتجوا لذلك بما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت =..أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقَالَ أَرِينِيهِ فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا+فأكل (3). وزاد النسائي =..إِنَّمَا مَثَلُ صَوْمِ الْمُتَطَوِّعِ مَثَلُ الرَّجُلِ يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ الصَّدَقَةَ فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهَا+(4).
إِلاَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ إِتْمَامُهُمُا، وَقَضَاءُ مَا أَفْسَدَ مِنْهُمَا(1) وَنَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ (2)،.................................................
والصحيح ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة، لكن إن أراد أن يقطع صوم النفل فلا ينبغي أن يقطعه إلا لغرض صحيح لقوله تعالى[وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ](5).
=وَكذالِكَ سَائِرُ التَّطَوُّعِ+: من صلاة وصدقة واعتكاف ووضوء ونحوه.
(1) قوله =إِلاَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ إِتْمَامُهُمُا، وَقَضَاءُ مَا أَفْسَدَ مِنْهُمَا +: لقوله تعالى [وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ] (6).
__________
(1) معنى المحتاج(1/448).
(2) المقنع ومعه لشرح الكبير و الانصاف (7/545 -555).
(3) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب جواز صوم النافلة بنية من النهار (1951).
(4) أخرجه النسائي ـ كتاب الصيام ـ باب النية في الصيام (2283)، وحسنه الألباني في سنن النسائي (4/193) رقم (2322).
(5) سورة محمد: 33 .
(6) سورة البقرة: 196 .(9/98)
فمتى أحرم بالحج أو بالعمرة لزمه المضي فيهما ولا يجوز له أن يخرج منهما، ولو أفسدهما وجب عليه المضي فيهما وإتمام ما أفسده وعليه قضاؤهما من العام المقبل إن كانت حجة وعلى الفور إن كانت عمرة، والأصل في ذلك الآية المذكورة أنفاً وهي قوله تعالى [وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ]، ووجه الدلالة من الآية أن أهل التفسير أجمعوا على أنها نزلت في الحديبية لما كان رسول الله " قد أحرم هو وأصحابه بالعمرة وساقوا الهدي فصده المشركون فأنزل الله تعالى هذه الآية يأمر فيها بإتمام الحج والعمرة و يذكر شأن الإحصار.
والأمر بالإتمام في الآية إنما هو لمن دخل متطوعاً، لأن الحج لم يكن قد فرض بعد فإن الآية نزلت سنة ست، والحج إنما فرض بعد فتح مكة. ثم أن الله تعالى أمر بالإتمام مطلقاً، فدخل فيه كل منسّىء للحج والعمرة.
(2) قوله =وَنَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ+: اتفق=
وَنَهىَ عَنْ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيْقِ(1)،.............................................................
=الفقهاء على أن صوم يومي العيدين محرم في التطوع والنذر المطلق والمعين أيضاً وكذا القضاء والكفارة دليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة ÷ قال =نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ+(1).
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب صوم يوم الفطر (1855)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب النهي عن صوم يوم الفطر ويوم النحر (1923) واللفظ له.(9/99)
وأيضاً ما جاء عن عمر بن الخطاب ÷ أنه خطب الناس فقال:=هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ " عَنْ صِيَامِهِمَا يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَالْيَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ+(1).
والنهي عن صيام هذين اليومين يقتضي الفساد وكذا التحريم.
(1) قوله =وَنَهىَ عَنْ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيْقِ+: أي ويحرم صيام أيام التشريق وأيام التشريق هي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة وسميت بذلك لأن الناس كانوا يشرقون فيها اللحم أي يقددونه ثم ينشرونه في الشمس من أجل أن ييبس حتى لا يتعفن ولا يفسد.
ودليل النهي عن صيام هذه الأيام ما رواه مسلم عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - =أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ+، وزاد في رواية: =وَذِكْرٍ لِلَّهِ+(2). فلا يحل صيام هذه الأيام عند أكثر أهل العلم(3)، وفي رواية في المذهب(4) يجوز صيامها، واحتج له بما جاء عن ابن الزبير وابن عمر ويزيد=
إِلاَّ أَنَّهُ أَرْخَصَ فِيْ صَوْمِهَا لِلْمُتَمَتِّعِ، إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ(1)، وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ (2)،.................................................................
=وأبي طلحة رضي الله عنهم أنهم كانوا يصومونها.
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب صوم يوم الفطر (1854)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى (1920).
(2) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب تحريم صوم أيام التشريق (1926).
(3) انظر في ذلك: حاشية الطحاوي على مراقي الفلاح، ص351، بدائع الصنائع (2/78)، القوانين الفقهية، ص78، شرح المحلى على المنهاج (2/60)(4/290)، كشاف القناع (2/342).
(4) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (7/543، 544).(9/100)
والراجح عدم جواز صيام هذه الأيام ويحرم صيامها للحديث المتقدم لكن يستثنى من هذا التحريم ما ذكره المؤلف.
(1) قوله =إِلاَّ أَنَّهُ أَرْخَصَ فِيْ صَوْمِهَا لِلْمُتَمَتِّعِ، إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ+: اختلفت الرواية (1) في المذهب في صيام أيام التشريق بالنسبة للحاج ففي رواية أنه لا يجوز لأنه نهى عن صيامها.
والرواية الأخرى وهي الراجحة عندي وهي المذهب(2) وهي أيضاً قول المالكية(3) يجوز لما جاء عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما أنهما قالا =لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ+(4) وهو حديث صحيح رواه البخاري وغيره. حتى من عليه صيام شهرين متتابعين يجب عليه أن يفطر يوم العيد وأيام التشريق ثم يواصل صيام التتابع من اليوم الرابع عشر من ذي الحجة، والقاعدة عند أهل العلم =أن الصيام الواجب والفطر الواجب لا يقطع التتابع+.
(2) قوله =وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ+: دليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - =.. فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْر.. +(5).
وهنا نذكر بعض الفوائد:
..................................................................................................................
? فائدة (1): ليلة القدر اختلف العلماء في تعيينها على أكثر من أربعين قولاً ذكرها الحافظ ابن حجر(6) في شرح صحيح البخاري.
__________
(1) المقنع ومعه لشرح الكبير الإنصاف(7/543 -544 ).
(2) المرجع السابق.
(3) القوانين الفقهية، ص78.
(4) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب صوم أيام التشريق (1859).
(5) فتح الباري شرح صحيح البخاري (4/263، 264).
(6) أخرجه البخاري ـ كتاب الاعتكاف ـ باب الاعتكاف في العشر الأواخر (887)، مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب فضل ليلة القدر(1993).(9/101)
? فائدة (2): هل هي باقية أم رفعت؟
الصحيح أنها باقية وما جاء في الحديث أنها رفعت، فقد روى البخاري عن عبادة بن الصامت =أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ " خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَإِنَّهُ تَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ+(1)، فالمراد رفع العلم عنها في تلك السنة.
? فائدة (3): هل هي في رمضان أو غيره؟
لا شك أنها في رمضان وذلك لأدلة منها قوله تعالى [شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ] (2).
فالقرآن أنزل في شهر رمضان وقد قال تعالى [إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ] (3)، فإذا ضمت هذه الآية إلى تلك تعين أن تكون في شهر رمضان.
? فائدة (4): في أي ليلة من رمضان تكون ليلة القدر؟ ليس في القرآن بيان في تعيينها لكن ثبتت الأحاديث أنها في العشر الأواخر من رمضان والسبع الأواخر أرجى.
..................................................................................................................
? فائدة (5): الصحيح أن ليلة القدر تنتقل: فتكون عاماً في ليلة إحدى وعشرين، وعاماً في ليلة تسع وعشرين، وعاماً في ليلة خمس وعشرين، وعاماً في ليلة أربع وعشرين، وهكذا.
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الإيمان ـ باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر (47).
(2) سورة البقرة: 185.
(3) سورة القدر: 1.(9/102)
? فائدة (6): في سبب تسميتها بليلة القدر: قيل لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك ألسنة فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام وقيل سميت بذلك لأن للقيام فيها قدراً عظيماً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - = مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ..+(1)، لكن قال شيخ الإسلام × كل حديث ورد فيه =وما تأخر+ غير صحيح لأن هذا من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - .
? فائدة (7): بعض الناس يعتقد أن العمرة في ليلة القدر لها مزية خاصة: ونحن نقول تخصيص تلك الليلة بالعمرة بدعة لأنه تخصيص لعباده في زمن لم يخصصه الشارع بها. لكن يلزم من تلبس بالعمرة في هذه الليلة أن يتمها وإنما البدعة في تخصيص العمرة بتلك الليلة.
ذكر بعض الفوائد المتعلقة بصوم التطوع:
? فائدة (1): ذهب جمهور أهل الفقهاء من الحنفية(2)، والشافعية(3)، والحنابلة(4) إلى أنه لا يشترط تبييت النية في صوم التطوع بخلاف صوم الفرض فإنه يجب تبييت النية واحتجوا لذلك بما جاء عن عائشة رضي الله عنها =
..................................................................................................................
= قالت =دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ " ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ فَقُلْنَا لا قَالَ فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ..+(5).
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الصوم ـ باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا (1768)، مسلم ـ كتاب صلاة المسافرين ـ باب الترغيب في قيام رمضان (1268).
(2) حاشية ابن عابدين(2/85) .
(3) مغني المحتاج (1/445).
(4) كشاف القناع (2/317).
(5) أخرجه مسلم ـ كتاب الصيام ـ باب جواز صوم النافلة بنية من النهار (1951).(9/103)
وذهب المالكية(1) إلى اشتراط تبييت النية في صوم التطوع كالفرض لقوله - صلى الله عليه وسلم - =مَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلا صِيَامَ لَهُ+(2)، والحديث عام لم يخصص بصيام فرض دون نفل.
والصحيح عندي ما ذهب إليه الجمهور للحديث الوارد في ذلك.
? فائدة (2): صوم التطوع منه ما هو مطلق ومنه ما هو معين بيوم أي ـ مقيد ـ كصوم يوم عرفة وعاشوراء و الست من شوال والليالي البيض وهذا النوع أي الصوم المقيد ينبغي أن يعين فيه النية لينال الأجر المترتب على صيامه وهذا هو أحد الوجوه عند الشافعية(3).
وقيل بل لو نوى غيرها حصل الأجر المترتب على ذلك لأن المقصود وجود الصوم فيها.
والذي يظهر لي أنه ينبغي عند الصوم أن يعين الإنسان نوع الصوم الذي يصومه.
? فائدة (3): من لم يتناول أي مفطر حتى زالت الشمس هل يشرع له أن ينوي الصيام؟
نقول اختلف الفقهاء في وقت تعيين نية الصيام في النافلة: =
..................................................................................................................
=فالحنفية(4) يقولون بأن آخر وقت نية صوم التطوع هو نصف النهار ونصف النهار من استطارة الضوء في أفق المشرق إلى غروب الشمس.
وقال المالكية(5) لا بد من أن تكون النية قبل الفجر كالفرض سواء.
وقال الشافعية(6) آخر وقت نية صوم التطوع قبل الزوال.
__________
(1) الخرشي على خليل (2/246) ـ حاشية الدسوقي (1/530) .
(2) أخرجه الترمذي ـ كتاب الصوم ـ باب ما جاء =لا صيام لمن لم يعزم من الليل+(662)، وصححه الألباني في جامع الترمذي (3/108) رقم (730).
(3) المجموع (6/295).
(4) حاشية ابن عابدين(2/85).
(5) حاشية الدسوقي (1/530).
(6) مغني المحتاج (1/424).(9/104)
وقال الحنابلة(1) وقت نية صوم التطوع ممتد إلى ما بعد الزوال واحتجوا لذلك بأن هذا قول معاذ وابن مسعود وحذيفة ولم ينقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ما يخالفه صريحاً ولأن النية وجدت في جزء من النهار فأشبه وجودها قبل الزوال بلحظة. وهذا هو الأقرب عندي.
? فائدة (4): اختلف الفقهاء في التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان كصيام ست من شوال أو عاشوراء لمن أخر القضاء مثلاً.
فذهب الحنفية(2) إلى جواز التطوع بالصوم قبل القضاء من غير كراهة لأن القضاء لا يجب على الفور.
وذهب المالكية(3)، والشافعية(4) إلى كراهة صوم التطوع قبل القضاء لكن إن فعله جاز ذلك.
أما الحنابلة(5) فقد اختلفت الرواية عن أحمد في جواز التطوع بالصوم ممن=
..........................................................................................................
=عليه صوم فرض ففي رواية لا يجوز بل يبدأ بالفرض حتى يقضيه وفي رواية يجوز له التطوع لأنها عبادة تتعلق بوقت موسع فجاز التطوع في وقتها قبل فعلها كالصلاة يتطوع في وقتها قبل فعلها.
__________
(1) كشاف القناع (2/317).
(2) حاشية ابن عابدين (2/117).
(3) حاشية الدسوقي (1/518).
(4) مغني المحتاج (1/445).
(5) كشاف القناع (2/334).(9/105)
والأظهر عندي ـ كما ذكرت ذلك سابقاً ـ أنه لا ينبغي أن يصوم الإنسان صوم تطوع قبل قضاء ما عليه من فرضٍ لقوله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: =.. وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ..+(1) فإن قدم التطوع على الفرض كُره ذلك مع صحة صوم ما تطوع به.
بَابُ الاِعْتَكَافِ(1)
..................................................................................................................
(1) قوله =بَابُ الاِعْتَكَافِ+: الاعتكاف في اللغة هو لزوم الشيء وحبس النفس عليه.
أما في الاصطلاح فقال المؤلف:=وَهُوَ: لُزُوْمُ الْمَسْجِدِ لِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى فِيْهِ+: هذا هو التعريف الاصطلاحي للاعتكاف لكن لو قال المؤلف في تعريفه هو لزوم مسجد بنية الطاعة لله متفرغاً لذلك مع صفة مخصوصة لكان أولى.
الحكمة من مشروعية الاعتكاف:
لما كان المرء لا يلزم ويواظب إلا من يحبه ويعظمه كما كان المشركون يعكفون على أصنامهم وتماثيلهم، ويعكف أهل الشهوات على شهواتهم شرع الله سبحانه وتعالى لأهل الإيمان أن يعكفوا على ربهم سبحانه وتعالى، والقلوب هي الأوعية التي يصلح بها البدن أو يفسد.
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الرقاق ـ باب التواضع (6021).(9/106)
قال ابن القيم(1) ×:=لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى متوقفاً على جمعيته على الله، وَلَمِّ شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى ، فإن شعث القلب لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى ولهذا شرع الله تعالى لعباده الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستول عليه بدلها ويصير الهم كله به والخطرات كلها بذكره،والتفكر في تحصيل مرضاته وما يقرب منه،فيصير أنسه بالله بدلاً من=
لُزُوْمُ الْمَسْجِدِ(1)، لِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى فِيْهِ (2)، وَهُوَ سُنَّةٌ(3)،..................................
= أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له ولا ما يفرح به سواه فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم+.
(1) قوله=لُزُوْمُ الْمَسْجِدِ+: أجمع الفقهاء على أنه لا يصح اعتكاف إلا في مسجد لقوله تعالى [وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ](2) ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعتكف إلا في المسجد فخرج بذلك لزوم الدار ولزوم المدرسة، بل ولزوم المصلى، فلو أن قوماً في عمارة لها مصلى وليس بمسجد فإن لزوم هذا المصلى لا يعتبر اعتكافاً.
(
__________
(1) انظر: زاد المعاد (2/86، 87).
(2) سورة البقرة: الآية 187.(9/107)
2) قوله =لِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى فِيْهِ+: اللام هنا للتعليل أي لطاعة الله لا للعزلة عن الناس ولا من أجل أن يأتيه أصحابه فيكثر معهم الكلام بل لزمه للتفرغ لطاعة الله قال شيخ الإسلام(1) لو قال المؤلف هنا =لزوم المسجد لعبادة الله+ لكان أحسن. فإن الطاعة موافقة الأمر، وهذا يكون بما هو في الأصل عبادة كالصلاة، وبما هو في الأصل غير عبادة وإنما يصير عبادة بالنية كالمباحات كلها بخلاف العبادة فإنها للإله سبحانه وتعالى.
وأيضاً فإن ما لم يؤمر به من العبادات بل رغب فيه هو عبادة، وإن لم يكن طاعة لعدم الأمر.
(3) قوله =وَهُوَ سُنَّةٌ+: قد دل على سنتيه الكتاب والسنة والإجماع:
أما دليل الكتاب فقوله تعالى [أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ](2).
..................................................................................................................
وقوله تعالى [وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ](3).
وقوله [وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ] (4).
أما دليل السنة: فما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال =كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى ــ ثم اعتكف أزواجه من بعده+.
أما الإجماع: فقد قال ابن المنذر(5): أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف سنة وأنه لا يجب على الناس فرضاً إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذراً فيجب عليه. لكن هل يشرع الاعتكاف في غير رمضان؟
__________
(1) كتاب الصيام من شرح العمدة (2/708).
(2) سورة البقرة: 125.
(3) سورة البقرة: 187.
(4) سورة الحج: 26.
(5) المغني(4/456).(9/108)
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الاعتكاف مشروع في كل وقت في رمضان وغيره قال سماحة شيخنا بن باز ×(1)وهو مشروع في كل وقت في رمضان وغيره واستدلوا لذلك بما رواه البخاري عن عمر بن الخطاب ÷ قال يا رسول الله إني نذرت أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - =أَوْفِ بِنَذْرِكَ+(2)، وقال شيخنا محمد بن صالح العثيمين ×(3) لا يسن الاعتكاف إلا في العشر الأواخر
فقط ـ أي من رمضان ـ لكن من تطوع وأراد أن يعتكف في غير ذلك فإنه لا ينهى عن ذلك استناداً لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولا نقول إن=
..................................................................................................................
=فعله بدعة لكن نقول الأفضل أن نقتدي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - .
? فائدة: هل يشرع الاعتكاف في كل مسجد؟
اتفق الفقهاء على أنه يشرع الاعتكاف في كل مسجد فكل مسجد مكان للاعتكاف لكن بشروط سنذكرها قريباً إن شاء الله.
وذهب بعض الصحابة إلى أنه لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة يعني المسجد الحرام والمسجد النبوي و المسجد الأقصى وما عداها لا يصح الاعتكاف فيه، واختار هذا القول العلامة الألباني(4) ×.
والصحيح أنه يشرع الاعتكاف في أي مسجد والاعتكاف في المساجد الثلاثة أفضل من غيرها والمسجد الحرام أفضل ثم المسجد النبوي ثم المسجد الأقصى، وقد فصلنا ذلك قريباً.
__________
(1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/438).
(2) أخرجه البخاري ـ كتاب الاعتكاف ـ باب إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف (1902).
(3) الشرح الممتع (6/505).
(4) قيام رمضان وفضله وكيفية أداءه، ومعه بحث قيم للاعتكاف للعلامة الألباني، ص35، 36 .(9/109)
دليل ذلك قوله تعالى [وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ](1) الألف واللام للعموم فلو كان الاعتكاف لا يصح إلا في المساجد الثلاثة لزم أن تكون =ال + هنا للعهد الذهني ولا دليل على كونها للعهد الذهني فإذا عدم الدليل على كونها للعهد الذهني لزم أن تكون للعموم.
... أما دليل من قال بعدم صحة الاعتكاف إلا في المساجد الثلاثة فما رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن حذيفة بن اليمان ÷ قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - =لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة+(2).
وجواباً على ذلك نقول: هذا الحديث ضعفه بعض أهل العلم حتى قال ابن=
إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ نَذْرًا، فَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ (1)، وَيَصِحُّ مِنَ الْمَرْأَةِ فِيْ كُلِّ مَسْجِدٍ (2)، غَيِّرِ مَسْجِدْهَا(3)،...............................................................................................
=مسعود ÷ لحذيفة حين ذكر له الخبر قال =لعلهم أصابوا فأخطأت وذكروا فنسيت+(3)، والإنسان معرض للنسيان.
إذاً فالصحيح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء بأن الاعتكاف عام في كل مسجد لكن كونه في المساجد الثلاثة أفضل كما أن الصلاة فيها أفضل وعلى هذا يحمل الأثر أي الاعتكاف أفضل في هذه المساجد.
(
__________
(1) سورة البقرة: 187.
(2) أخرجه الطحاوي، والإسماعيلي، والبيهقي، وصححه الألباني في الصحيحة رقم (2786).
(3) نفس المرجع السابق.(9/110)
1) وقوله =إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ نَذْرًا، فَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ+: النذر هو أن يلزم العبد نفسه بعبادة لم تكن واجبة عليه بأصل الشرع كصوم وصلاة وحج وصدقة ونحو ذلك ومن جملة ذلك أن ينذر الإنسان اعتكافاً فهنا يلزمه الوفاء بهذا النذر لقوله - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها =مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ+(1).
(2) قوله =وَيَصِحُّ مِنَ الْمَرْأَةِ فِيْ كُلِّ مَسْجِدٍ+: لكن لابد من إذن وليها وأمن الفتنة فإن كان اعتكافها فتنة فإنها لا تُمَكَّنْ منه لان المستحب إذا ترتب عليه ممنوع وجب أن يمنع.
والمرأة كالرجل في جواز الاعتكاف لها فقد اعتكفت زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته وبعد مماته.
(3) قوله =غَيِّرِ مَسْجِدْهَا+: هذا استثناء لما ذكره قبل فلا يصح أن تعتكف المرأة في مسجد بيتها وهو مصلاها الذي اتخذته في بيتها من أجل الصلاة فقد كانت=
..................................................................................................................
=النساء تجعل لها مكاناً في بيتها كحجرة معينة خاصة تصلي فيه فهذا لا يصح للمرأة أن تعتكف فيه. لأنه ليس مسجداً في الحقيقة ولذا يجوز لها أن تجلس فيه وهي حائض وتبيع وتشتري فيه وتبقى فيه وهي جنب ومثل ذلك المصليات التي تكون في مكاتب الأعمال الحكومية فلا تأخذ حكم المسجد.
فالحاصل أن المرأة لا يصح اعتكافها في مسجد بيتها وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء وقد جاء في السنن الكبرى عند البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن المرأة جعلت عليها ـ أي نذرت ـ أن تعتكف في مسجد بيتها، فقال بدعة، وأبغض الأعمال إلى الله البدع(2).
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الأيمان والنذور ـ باب النذر في الطاعة (6202).
(2) السنن الكبرى للبيهقي (4/316).(9/111)
وخالف أبو حنيفة(1) فقال بجواز اعتكاف المرأة في مسجد بيتها لأنه هو موضع لصلاتها يتحقق انتظارها فيه، وقال لو اعتكفت في مسجد الجماعة جاز مع الكراهية التنزيهية والبيت أفضل من مسجد حيها ومسجد الحي أفضل من المسجد الأعظم.
وقال الحنفية وليس للمرأة أيضاً أن تعتكف في غير موضع صلاتها من بيتها وإن لم يكن لها في البيت مكاناً تتخذه للصلاة فلا يجوز لها الاعتكاف في بيتها.
والصحيح خلاف ما ذكره الحنفية في هذا، بل لا يشرع لها أن تعتكف في غير المسجد كما ذكرنا.
? فائدة: ينبغي للمرأة إذا اعتكفت أن تستتر بخباء ونحوه: لفعل عائشة رضي
وَمَنْ نَذَرَ الاِعْتِكاَفَ،أَوِ الصَّلاَةَ فِيْ مَسْجِدٍ،فَلَهُ فِعْلُ ذالِكَ فِيْ غَيْرِهِ(1)، إِلاَّ الْمَسَاجِدَ الثَّلاَثَةَ (2)،.....................................................................................
=الله عنها وحفصة وزينب في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وتجعل خباءها في مكان لا يصلى فيه الرجال لأنه أبعد في التحفظ لها، قال أبو داود عن الإمام أحمد قوله =يعتكفن في المسجد ويضرب لهن فيه بالخيم+ (2).
(1) قوله =وَمَنْ نَذَرَ الاِعْتِكاَفَ، أَوِ الصَّلاَةَ فِيْ مَسْجِدٍ، فَلَهُ فِعْلُ ذالِكَ فِيْ غَيْرِهِ+: أي إذا نذر شخص الاعتكاف أو الصلاة في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة فله فعل ذلك فيه وفي غيره من المساجد وذلك لأن الله تعالى لم يعين لعبادته موضعاً فلم يتعين بالنذر، فليس قصد مسجد بعينه دون غيره طاعة إلا المساجد الثلاثة كما سيذكره المؤلف وهذا هو قول المالكية(3) والشافعية (4)
لكن إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عينه فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين في المذهب؟
__________
(1) انظر في ذلك تبيين الحقائق (1/350)ــ حاشية ابن عابدين(2/441).
(2) مسائل الإمام أحمد (1/96).
(3) حواجز الإكليل (1/158).
(4) المجموع (6/505).(9/112)
الصحيح عندي أنه لا يلزمه الكفارة لما ذكرناه آنفاً.
(2) قوله =إِلاَّ الْمَسَاجِدَ الثَّلاَثَةَ+: وهي المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى وذلك لفضلها على شتى المساجد ولقوله " =لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ " وَمَسْجِدِ الأَقْصَى+(1)،وقوله =صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ=
فَإِذَا نَذَرَ ذالِكَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، لَزِمَهُ(1)، وَإِنْ نَذَرَ الاِعْتِكَافَ فِيْ مَسْجِدِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، جَازَ لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحْدَهُ(2)، وَإِنْ نَذَرَهُ فِي الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، فَلَهُ فِعْلُهُ فِيْ أَيِّهِمَا أَحَبَّ(3)،............................................................
=إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ+(2). فإذا عين أحد المساجد الثلاثة لم يجز أن يعتكف في غيره إلا فيما هو أفضل منه على ما سيذكره المؤلف.
(1) قوله =فَإِذَا نَذَرَ ذالِكَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، لَزِمَهُ+: أي لم يجزئه في المسجد النبوي ولا المسجد الأقصى لأنه عين الأفضل في نذره فلم يجزئه الاعتكاف فيما دونه لعدم مساواته له.
(2) قوله =وَإِنْ نَذَرَ الاِعْتِكَافَ فِيْ مَسْجِدِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، جَازَ لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحْدَهُ+: لأن غاية ما فيه أنه انتقل من الأفضل إلى ما هو أفضل منه في الأجر.
(
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الجمعة ـ باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (1115)، مسلم ـ كتاب الحج ـ باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد (2475).
(2) أخرجه البخاري ـ كتاب الجمعة ـ باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (1116)، مسلم ـ كتاب الحج ـ باب فضل الصلاة بمسجد مكة والمدينة (2469).(9/113)
3) قوله =وَإِنْ نَذَرَهُ فِي الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، فَلَهُ فِعْلُهُ فِيْ أَيِّهِمَا أَحَبَّ+: جملة ما ذكره المؤلف هنا أنه من عين اعتكافه في المسجد الحرام لا يجزئه في المسجد النبوي ولا المسجد الأقصى وإن عين مسجد النبي " لا يجزئه المسجد الأقصى والعكس صحيح فإن عين المسجد الأقصى جاز في مسجد النبي " وفي المسجد الحرام وإن عين مسجد النبي " جاز في المسجد الحرام.
فأفضلية المسجد الحرام مقدمة على مسجد النبي " ومسجد النبي " مقدم على المسجد الأقصى في الفضل وقد مر ذكر دليل ذلك، أما الأجر المترتب على الصلاة في المسجد الأقصى فهو مذكور في قوله " =.. وَالصَّلاة فِي =
..................................................................................................................
= بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ بِخَمْسمِائَة صَلاة+(1).
ومن الأدلة أيضاً ما رواه أحمد وغيره عن جابر ÷ =أَنَّ رَجُلا قَامَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ لِلَّهِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ مَكَّةَ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ رَكْعَتَيْنِ قَالَ صَلِّ هَاهُنَا ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ صَلِّ هَاهُنَا ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ شَأْنُكَ+(2) فأذن له - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة في مكة لأنها أفضل.
ذكر بعض الفوائد المتعلقة بما سبق:
? فائدة (1): هل التفضيل في المساجد الثلاثة في صلاة الفريضة والنافلة؟
__________
(1) أخرجه البزار، والطبراني في الكبير، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع رقم (2569).
(2) أخرجه أحمد ـ مسند جابر بن عبد الله (14390)، أبو داود ـ كتاب الأيمان والنذور ـ باب من نذر أن يصلي في بيت المقدس(2875)، وصححه الألباني في الإرواء (ج4 رقم 972).(9/114)
نقول أما الفريضة فلا إشكال أنها إنما شرعت في المسجد فلا يستثنى منها شيء وأما النوافل فما كان مشروعاً في المسجد، شمله هذا التفضيل كقيام رمضان وتحية المسجد وما كان أفضل في البيت ففعله في البيت أفضل كالرواتب ونحوها.
? فائدة (2): هل تضاعف بقية الأعمال الصالحة في هذه المساجد كما تتضاعف الصلاة؟
نقول لا ريب أن للمكان الفاضل والزمان أثراً في تضعيف الثواب وعلى ذلك إذا كان الشهر فاضلاً والزمان فاضلاً ضوعفت فيه الحسنات وعظم فيه أثم السيئات فسيئة في رمضان أعظم إثماً من سيئة في غيره، والحسنات في الأماكن الفاضلة كالحرمين الشريفين تضاعف في الكمية والكيفية أما السيئات فلا تضاعف بالكمية ولكن بالكيفية.
..................................................................................................................
أما تضاعف الأعمال بعدد معين فأمره إلى الله لا نعلمه لأنه أمر توقيفي أما الصلاة فقد ورد فيها بيان مقدار مضاعفتها كما مرَّ ذلك.
? الفائدة (3): هل مضاعفة الأجر خاص في المساجد الثلاثة أو كل ما حوله فهو مثله؟
نقول أما المسجد الأقصى فليس له حرم بالاتفاق ولذا يخطىء بعض الناس حينما يقول =أولى القبلتين وثالث الحرمين+، فقد أجمع العلماء على أنه لا حرم إلا المسجد الحرام والمسجد النبوي. لكن ما هو حد الحرم فيهما؟
نقول: أما مسجد النبي " فالحرم فيه ما كان عليه في عصر النبي " وأما ما زيد عليه فهل يلحقه الثواب المترتب على فعل الطاعة فيه؟(9/115)
نقول اختلف في ذلك الفقهاء: فذهب الحنفية (1) والحنابلة (2) وهو اختيار شيخ الإسلام(3) أن كل ما طرأت على المسجد النبوي من توسعة وزيادات في بنائه تأخذ حكم المسجد من جهة نيل الثواب. وذهب الشافعية (4) وابن عقيل وابن الجوزي وجمع من الحنابلة(5) إلى أن هذه الفضيلة مختصة بنفس مسجده - صلى الله عليه وسلم - الذي كان في زمانه دون ما زيد فيه بعده والصحيح ما ذهب إليه الأولون وهو اختيار شيخنا (6) × حيث قال =لكن ما زيد فيه فهو منه، والدليل على ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم صلوا في الزيادة التي زادها عثمان ÷ مع أنها=
وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ الاِشْتِغَالُ بِالقُرَبِ (1)،......................................................
=خارج المسجد الذي كان على عهد النبي "+.
أما المسجد الحرام فقد اختلف الفقهاء في المراد بالمسجد الحرام، هل المراد به الحرم أم المسجد الخاص الذي فيه الكعبة؟
اختلف فيه الفقهاء على نحو من سبعة أقوال(7) أشهرها قولان:
الأول: أنه الحرم كله إلى الحدود الفارقة بين الحل والحرم، وهذا اختيار أكثر أهل العلم، ورجحه سماحة شيخنا بن باز(8) ×،وذهب ابن مفلح من الحنابلة (9) أن الأجر المترتب على الصلاة في الحرم إنما يكون في المسجد فقط، وإليه ذهب شيخنا محمد صالح العثيمين (10) ×.
__________
(1) حاشية ابن عابدين (1/427) .
(2) الإقناع (1/323).
(3) مجموع الفتاوى (26/146).
(4) مغني المحتاج (1/563) – المجموع (8/277).
(5) الإقناع (1/323) .
(6) الشرح الممتع (6/515) .
(7) انظر في ذلك: حاشية ابن عابدين (2/188)، وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (1/800)، تحفة الراكع والساجد ، ص30.
(8) مجموع فتاوى سماحة الشيخ × للمؤلف (1/160).
(9) الفروع لابن مفلح (2/456)، مؤسسة الرسالة، تحقيق الدكتور/ عبد الله بن عبد المحسن التركي.
(10) الشرح الممتع (6/515).(9/116)
والراجح عندي ما ذهب إليه الأولون، فمن صلى صلاة في أي موضع في الحرم حصل له الأجر المترتب على فعل هذه الصلاة.
(1) قوله =وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ الاِشْتِغَالُ بِالقُرَبِ+: بدأ المؤلف هنا ببيان ما ينبغي أن يكون عليه المعتكف في معتكفه فذكر جملة من الآداب فقال:=يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ الاِشْتِغَالُ بِالقُرَبِ+. القرب جمع قربه والمراد به كل ما يتقرب به لله تعالى من العبادات الخاصة غير الواجبة ومن هذه القرب: قراءة القرآن، والذكر، والصلاة في غير وقت النهي وما شابه ذلك.
لكن إذا كان يقام في المسجد دروس علم ونحوه، فهل الأفضل له أن يحضر هذه الدروس؟
وَاجْتِنَابُ مَا لاَ يَعْنِيْهِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ (1)، وَلاَ يَبْطُلُ الاِعْتِكاَفُ بِشَيْءٍ مِنْ ذالِكَ(2)، وَلاَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ، إِلاَّ لِمَا لاَبُدَّ لَهُ مِنْهُ(3)،...............................................
=نقول إن كانت حلقات العلم ليست بكثيرة بحيث لا تنافي مقصود الاعتكاف فالأفضل له حضورها أما أن كانت كثيرة بحيث تشغله عن القراءة والذكر فالأفضل الانشغال بالقرب المذكورة أنفاً.
(1) قوله =وَاجْتِنَابُ مَا لاَ يَعْنِيْهِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ+: أي يستحب للمعتكف اجتناب مالا يعنيه أي ما لا يهمه من قول أو فعل لقوله " =مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ+(1).
(2) قوله =وَلاَ يَبْطُلُ الاِعْتِكاَفُ بِشَيْءٍ مِنْ ذالِكَ+: ولا يبطل الاعتكاف إن ارتكب شيئاً من المكروهات أو المحرمات أيًّا كانت غير الجماع وأما المحرمات كالغيبة والنميمة والسب وشتم الناس ونحو ذلك من المحرمات فلا يبطل الاعتكاف بها بل تنقص الأجر وتنافي ما شرع من أجله الاعتكاف.
(
__________
(1) أخرجه مالك، وأحمد، والترمذي، وابن ماجة، وصححه الألباني في المشكاة (ج3 رقم 4839).(9/117)
3) قوله =وَلاَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ، إِلاَّ لِمَا لاَبُدَّ لَهُ مِنْهُ+: اتفق الفقهاء على أن الخروج من المسجد لغير حاجة يفسد الاعتكاف أما إذا كان لحاجة فلا يبطل الاعتكاف ولكنهم اختلفوا في الحاجة التي يجوز فيها الخروج.
والراجح أنها كل ما يحتاجه الإنسان مما لا بد له منه كقضاء حاجة ووضوء وغسل واجب وأكل وشرب إذا كان هناك من لا يأتيه به ونحو ذلك فيجوز له فعله. دليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت =.. كَانَ لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا+(1).
إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ (1)، وَلاَ يُبَاشِرُ امْرَأَةً (2)، وَإِنْ سَأَلَ عَنِ الْمَرِيْضِ أَوْ غَيْرِهِ فِيْ طَرِيْقِهِ، وَلَمْ يُعَرِّجْ إِلَيْهِ، جَازَ(3)،..............................................................................
(1) قوله =إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ+: ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز الاشتراط في الاعتكاف كأن ينوي الاعتكاف ثم يقول يا رب استثني من اعتكافي عيادة مريض أو شهود جنازة ونحو ذلك، أما لو اشترط الخروج للبيع والشراء أو الإجارة أو التكسب بالصناعة ونحو ذلك فلا يصح الشرط بلا خلاف عند الفقهاء. وإن قلنا بجواز الاشتراط في بعض الأمور فنقول: المحافظة على الاعتكاف بلا شك أفضل وأولى إلا إذا كان المريض من أقاربه الذين يعتبر عدم عيادتهم قطيعة رحم فهنا يستثنى وكذا شهود جنازته.
(2) قوله =وَلاَ يُبَاشِرُ امْرَأَةً+: لقوله تعالى [وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ] (2).
__________
(1) أخرجه البخاري ـ كتاب الاعتكاف ـ باب لا يدخل البيت إلا لحاجة (1889)، مسلم ـ كتاب الحيض ـ باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله (446).
(2) سورة البقرة: 187.(9/118)
أما دواعي الجماع كاللمس والقبلة ونحو ذلك فقد اختلف فيه الفقهاء فالحنفية(1)، والحنابلة(2) أنه إذا أنزل بذلك أفسد اعتكافه فإن لم ينزل لم يفسد اعتكافه وهذا هو الصحيح.
(3) قوله =وَإِنْ سَأَلَ عَنِ الْمَرِيْضِ أَوْ غَيْرِهِ فِيْ طَرِيْقِهِ، وَلَمْ يُعَرِّجْ إِلَيْهِ، جَازَ+: وذلك لما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت =..إِنْ كُنْتُ لأَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَةِ وَالْمَرِيضُ فِيهِ فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إِلا وَأَنَا مَارَّةٌ..+ فلا يدخل على المريض بل يسلم عليه وهو مار.
..................................................................................................................
ذكر بعض الفوائد في الاعتكاف:
فائدة(1):بعض الناس يكون إماماً أو مؤذناً في مسجد لكن يرغب الاعتكاف في مسجد آخر لاعتبارات أخرى فيترك جماعته ويعتكف وهذا خطأ، وإن لم يستأذن من الجهة المسؤولة فهو آثم لأنه ترك واجباً وفعل مستحباً.
فائدة(2): بعض الموظفين يرغب الاعتكاف، لكن يشترط الخروج للدوام، ونقول: هذا خلاف المقصود من الاعتكاف، والأولى لمثل هؤلاء أداء الواجبات عليهم ومتى انتهت أعمالهم جلسوا في المسجد حسب الاستطاعة.
فائدة(3): ومن الأمور أيضاً التي تعد منافية لروح الاعتكاف ما يحصل من اجتماع الشباب داخل الاعتكاف لغير فائدة، إما لكلام بلا فائدة، أو باللعب بما في أيديهم من الجوالات، وغير ذلك مما هو ليس فيه نفع، وهذا بلا شك مخالف لمقصود الاعتكاف، بل على الشباب أن يجتهدوا في طاعة الله، وأن لا يضيعوا وقت الاعتكاف فيما لا خير فيه ولا نفع.
__________
(1) بدائع الصنائع (3/1071، 1072).
(2) كشاف القناع (2/361)، المغني (4/475).(9/119)
فائدة(4): بعض الشباب ـ هداهم الله ـ يعتكف بغير إذن وليه، وقد يكون الأب أو الأم في حاجة له ومع ذلك يعتكف دون رضاهم، وهذا خطأ كبير، بل على الابن أن يستأذن والديه في الاعتكاف، فإن أذنا له فحسن، وإلا فلا يجوز له أن يعتكف بغير رضاهما.
فائدة (5): المشروع في حق المعتكف أن يدخل معتكفه قبل غروب شمس يوم العشرين من رمضان، ويخرج منه بغروب شمس آخر يوم من رمضان إن تم ثلاثين يوماً أو أعلن خبر العيد.
..................................................................................................................
فائدة (6): يلاحظ عند بعض المعتكفين كثرة الولائم والإسراف في المأكول والمشروب، وهذا فيه نوع إسراف وهو منهي عنه، وفيه نوع من شبع البطن التي تؤدي إلى الكسل عن العبادة، وهذا أمر ملاحظ ومشاهد، فالذي تمتلىء معدته بكل مأكول ومشروب تراه يتكاسل عن أداء العبادة، وإن أداها فهي خالية من خشوع القلب الذي هو لب العبادة، فعلى المعتكفين أن يقللوا من الأكل والشرب وأن يتذكروا قوله ":=مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ+(1).
__________
(1) أخرجه الترمذي ـ كتاب الزهد ـ باب ما جاء في كراهية كثرة الأكل(2302)وصححه الألباني في جامع الترمذي(4/590) رقم(2380).(9/120)
فهرس كتاب الزكاة والصيام
م ... الموضوع ... الصفحة
1 ... كِتَابُ الزَّكَاةِ ... 5
2 ... قوله =كِتَابُ الزَّكَاةِ+: ... 5
تعريف الزكاة في اللغة والاصطلاح ......................................................
فوائد الزكاة..........................................................................................
3 ... قوله =وَهِيَ وَاجِبَةٌ+: ... 6
درجات الوجوب .................................................................................
أدلة وجوب الزكاة................................................................................
حكم مانع الزكاة ..................................................................................
لا يخلو مانع الزكاة من أمرين .................................................................
الأول: أن يمنعها إنكاراً لفرضيتها...........................................................
حكم هذا النوع ...............................................................................
الثاني: أن يمنعها بخلاً أو تأولاً مع إقراره لوجوبها......................................
حكم هذا النوع ...................................................................................
4 ... قوله =عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حُرٍّ+: ... 8
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
5 ... قوله =مَلَكَ نِصَابًا، مِلْكًا تَامًّا+: ... 9
دليل ملك النصاب ...............................................................................
معنى قوله ملكاً تاماً .............................................................................
6 ... قوله =وَلاَ زَكَاةَ فِيْ مَالٍ حَتَّى يَحُوْلَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ+: ... 9(9/1)
دليل حلول الحول ................................................................................
معنى حلول الحول ...............................................................................
7 ... قوله =إِلاَّ الْخَارِجَ مِنَ الأَرْضِ+: ... 10
بيان معنى الخارج من الأرض ................................................................
8 ... قوله =وَنَمَاءَ النِّصَابِ مِنَ النِّتَاجِ وَالرِّبْحِ، فَإِنَّ حَوْلَهُمَا حَوْلُ أَصْلِهِمَا+ ... 10
معنى كلام المؤلف ................................................................................
هل يشترط في النتاج حلول الحول ..........................................................
تنبيهان:
أولاً: هل تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون؟..........................................
ذكر أقوال الفقهاء مع بيان الراجح ..........................................................
ثانياً: يشترط في الزكاة نماء المزكى ............................................................
9 ... قوله =وَلاَ تَجِبُ الزَّكَاةُ إِلاَّ فِيْ أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ: السَّائِمَةِ مِنْ بَهِيْمَةِ الأَنْعَامِ + ... 12
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
10 ... قوله =وَالْخَارِجِ مِنَ الأَرْضِ+ ... 12
المراد بالخارج من الأرض ......................................................................
11 ... قوله =وَالأَثْمَانِ + ... 12
المراد بالأثمان .......................................................................................
12 ... قوله =وَعُرُوْضِ التِّجَارَةِ + ... 12
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
13 ... قوله =وَلاَ زَكَاةَ فِيْ شَيْءٍ مِنْ ذالِكَ حَتَّى يَبْلُغَ نِصَابًا+ ... 12(9/2)
اختلاف النصاب حسب أجناس الأموال الزكوية .....................................
دليل ملك النصاب ...............................................................................
14 ... قوله =وَتَجِبُ فِيْمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِحِسَابِهِ + ... 14
معنى كلام المؤلف ................................................................................
15 ... قوله =إِلاَّ السَّائِمَةَ، فَلاَ شَيْءَ فِيْ أَوْقَاصِهَا + ... 15
معنى الأوقاص مع التمثيل ...................................................................
16 ... قوله =بَابُ زَكَاةِ السَّائِمَةِ+
تعريف السائمة ...................................................................................
اختلاف الفقهاء في اشتراط السوم ...........................................................
بيان الراجح من أقوالهم ........................................................................
17 ... قوله =وَهِيَ الرَّاعِيَةُ+ ... 16
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
18 ... قوله =وَهِيَ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ+ ... 16
المراد ببهيمة الأنعام ...............................................................................
أقسام بهيمة الأنعام من جهة الزكاة .........................................................
19 ... قوله =أَحَدُهَا:الإِبِلُ،وَلاَ شَيْءَ فِيْهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا، فَيَجِبُ فِيْهَا شَاةٌ + ... 17
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
20 ... وقوله =وَلاَ شَيْءَ فِيْهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا+ ... 17
دليل ما ذكره المؤلف .............................................................................(9/3)
21 ... قوله =وَفِي الْعَشْرِ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلاَثُ شِيَاهٍ، وَفِي الْعِشْرِيْنَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ+ ... 17
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
22 ... قوله =إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ، فَفِيْهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، وَهِيَ: بِنْتُ سَنَةٍ + ... 18
معنى بنت مخاض .................................................................................
ما حكم ما لو أخرج المزكي عن خمس وعشرين من الإبل خمس شياه؟.....
23 ... قوله =فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ، فَابْنُ لَبُوْنٍ، وَهُوَ: ابْنُ سَنَتَيْنِ + ... 18
معنى ابن لبون وسبب تسميته بذلك .......................................................
24 ... قوله =إِلَى سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ، فَيَجِبُ فِيْهَا ابْنَةُ لَبُوْنٍ + ... 18
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
25 ... قوله =إِلَى سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ، فَيَجِبُ فِيْهَا حِقَّةٌ لَهَا ثَلاَثُ سِنِيْنَ+ ... 18
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
26 ... قوله =إِلَى إِحْدَى وَسِتِّيْنَ، فَيَجِبُ فِيْهَا جَذَعَةٌ، وَلَهَا أَرْبَعُ سِنِيْنَ + ... 19
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
27 ... قوله =إِلَى سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، فَفِيْهَا ابْنَتَا لَبُوْنٍ + ... 19
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
28 ... قوله =إِلَى إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ، فَفِيْهَا حِقَّتَانِ، إِلَى عِشْرِيْنَ وَمِائَةٍ+ ... 19
شرح كلام المؤلف ...............................................................................(9/4)
29 ... قوله =فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيْهاَ ثَلاَثُ بَنَاتِ لَبُوْنٍ+ ... 19
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
30 ... قوله =ثُمَّ فِيْ كُلِّ خَمْسِيْنَ حِقَّةٌ، وَفِيْ كُلِّ أَرْبَعِيْنَ بِنْتُ لَبُوْنٍ + ... 19
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
31 ... قوله =إِلَى مِئَتَيْنِ، فَيَجْتَمِعُ الْفَرْضَانِ، فَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ، وَإِنْ شَاءَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُوْنٍ+ ... 20
معنى كلام المؤلف ................................................................................
32 ... قوله =وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ سِنٌّ فَلَمْ يَجِدْهَا، أَخْرَجَ أَدْنَى مِنْهَا وَمَعَهَا شَاتَانِ، أَوْ عِشْرُوْنَ دِرْهَمًا+ ... ... 20
معنى كلام المؤلف ................................................................................
هل العشرون درهماً تقويم للشاتين أم تعيين بدلاً من الشاتين؟...................
33 ... قوله =وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَعْلَى مِنْهَا وَأَخَذَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِيْنَ دِرْهَمًا + ... 21
معنى كلام المؤلف مع التمثيل لما ذكر .......................................................
ذكر بعض التنبيهات في زكاة الإبل ..........................................................
جدول تفصيلي لبيان زكاة الإبل .............................................................
34 ... قوله =النَّوْعُ الثَّانِيْ: الْبَقَرُ+. ... 23
لماذا سميت بذلك؟ ..............................................................................
إلحاق الجواميس بالبقر في الزكاة .............................................................
35 ... قوله =وَلاَ شَيْءَ فِيْهَا حَتَّى تَبْلُغَ ثَلاَثِيْنَ+ ... 23(9/5)
اتفاق الفقهاء على ذلك ........................................................................
قول سعيد بن المسيب والزهري ..............................................................
بيان الراجح مع ذكر الدليل ...................................................................
36 ... قوله =فَيَجِبُ فِيْهَا تَبِيْعٌ، أَوْ تَبِيْعَةٌ، لَهَا سَنَةٌ + ... 23
معنى التبيع والتبعية ..............................................................................
37 ... قوله =إِلَى أَرْبَعِيْنَ، فَفِيْهَا مُسِنَّةٌ، لَهَا سَنَتَانِ + ... 23
معنى المسنة .........................................................................................
هل يجوز إخراج الذكر المسن؟ ...............................................................
بيان أوجه الخلاف مع بيان الراجح .........................................................
38 ... قوله =إِلَى سِتِّيْنَ، فَفِيْهَا تَبِيْعَانِ، إِلَى سَبْعِيْنَ فَفِيْهَا تَبِيْعٌ وَمُسِنَّةٌ + ... 25
معنى كلام المؤلف ................................................................................
39 ... قوله =ثُمَّ فِيْ كُلِّ ثَلاَثِيْنَ تَبِيْعٌ، وَفِيْ كُلِّ أَرْبَعِيْنَ مُسِنَّةٌ + ... 25
معنى كلام المؤلف ................................................................................
جدول تفصيلي يبين زكاة البقر ...............................................................
40 ... قوله =النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْغَنَمُ+ ... 26
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
41 ... قوله =وَلاَ شَيْءَ فِيْهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِيْنَ، فَفِيْهَا شَاةٌ، إِلَى عِشْرِيْنَ وَمِائَةٍ + ... 26(9/6)
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
42 ... قوله =فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيْهَا شَاتَانِ، إِلَى مِئَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيْهَا ثَلاَثُ شِيَاهٍ + ... 26
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
43 ... قوله =ثُمَّ فِيْ كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ + ... 26
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
جدول تفصيلي لبيان زكاة الغنم ...........................................................
44 ... قوله =وَلاَ يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ، وَلاَ ذَاتَ عَوَارٍ، وَلاَ هَرِمَةٌ + ... 27
تعريف التيس ......................................................................................
العلة في عدم أخذه ...............................................................................
التعريف بذات العوار والهرمة ................................................................
45 ... قوله =وَلاَ الرُّبَّى، وَلاَ الْمَاخِضُ، وَلاَ الأَكُوْلَةُ + ... 27
معنى الربى والماخض والأكولة ..............................................................
العلة في عدم أخذهم في الزكاة ...............................................................
46 ... قوله =وَلاَ يُؤْخَذُ شِرَارُ الْمَالِ + ... 28
دليل ذلك ...........................................................................................
47 ... قوله =وَلاَ كَرَائِمُهُ، إِلاَّ أَنْ يَتَبَرَّعُوْا بِهِ + ... 28
دليل ذلك ...........................................................................................
دليل قبولها عند تبرع المزكي ...................................................................(9/7)
48 ... قوله =وَلاَ يُخْرِجُ إِلاَّ أُنْثَى صََحِيْحَةً + ... 28
اختلاف الفقهاء في جواز إخراج الذكر في زكاة الغنم .................................
بيان الراجح من الأقوال ........................................................................
49 ... قوله =إِلاَّ فِيْ ثَلاَثِيْنَ مِنَ الْبَقَرِ + ... 29
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
50 ... قوله =وَابْنَ لَبُوْنٍ مَكَانَ بِنْتِ مَخَاضٍ إِذَا عَدِمَهَا + ... 29
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
51 ... قوله =إِلاَّ أَنْ تَكُوْنَ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا ذُكُوْرًا + ... 29
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
52 ... قوله =أَوْ مِرَاضًا، فَيُجْزِئُ وَاحِدٌ مِنْهَا + ... 29
ذكر الخلاف في المسألة مع بيان الراجح ....................................................
53 ... قوله =وَلاَ يُخْرِجُ إِلاَّ جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ، أَوْ ثَنِيَّةً مِنَ الْمَعْزِ + ... 29
انضمام الضأن إلى الماعز في تكميل النصاب .............................................
54 ... قوله =أَوِ السِّنَّ الْمَنْصُوْصَ عَلَيْهَا+ ... 30
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
55 ... قوله =إِلاَّ أَنْ يَخْتَارَ رَبُّ الْمَالِ إِخْرَاجَ سِنٍّ أَعْلَى مِنَ الْوَاجِبِ+ ... 30
أحوال إعطاء الساعي سناً أكبر من السن المطلوب .....................................
56 ... قوله =أَوْ تَكُوْنَ كُلُّهَا صِغَارًا،فَيُجْزِئُ صَغِيْرَةً+ ... 30
اختلاف الفقهاء في هذه المسألة مع بيان الراجح .........................................(9/8)
57 ... قوله =وَإِنْ كَانَ فِيْهَا صِحَاحٌ وَمِرَاضٌ، وَذُكُوْرٌ وَإِنَاثٌ، وَصِغَارٌ وَكِبَارٌ، أَخْرَجَ صَحِيْحَةً كَبِيْرَةً، قِيْمَتُهَا عَلَى قَدْرِ قِيْمَةِ الْمَالَيْنِ+ ... 31
شرح ما ذكر المؤلف مع بيان الطريقة في الإخراج ......................................
58 ... قوله =وَإِنْ كَانَ فِيْهَا بَخَاتِيُّ وَعِرَابٌ + ... 31
تعريف البخاتي والعراب ......................................................................
59 ... قوله =وَبَقَرٌ وَجَوَامِيْسُ + ... 31
نقل الإجماع على إلحاق البقر بالجاموس في الزكاة.....................................
60 ... قوله =وَمَعْزٌ وَضَأْنٌ+. ... 32
شرح كلام المؤلف ............................................................................... ... 32
61 ... قوله =وَكِرَامٌ وَلِئَامٌ + ... 32
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
62 ... قوله =وَسِمَانٌ وَمَهَازِيْلُ+ ... 32
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
63 ... قوله =أُخِذَ مِنْ أَحَدِهِمَا بِقَدْرِ قِيْمَةِ الْمَالَيْنِ+ ... 32
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
64 ... قوله =وَإِنِ اخْتَلَطَ جَمَاعَةٌ فِيْ نِصَابٍ مِنَ السَّائِمَةِ حَوْلاً كَامِلاً، وَكَانَ مَرْعَاهُمْ وَفَحْلُهُمْ، وَمَبِيْتُهُمْ وَمِحْلَبُهُمْ، وَمَشْرَبُهُمْ وَاحِدًا، فَحُكْمُ زَكَاتِهِمْ حُكْمُ زَكَاةِ الْوَاحِدِ+ ... 32
أنواع الخلطة ........................................................................................
ضوابط الخلطة ....................................................................................(9/9)
65 ... قوله =وَإِذَا أُخْرِجَ الْفَرْضُ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمْ، رَجَعَ عَلَى خُلَطَائِهِ بِحِصَصِهِمْ مِنْهُ+ ... 33
شرح ما ذكره المؤلف ............................................................................
66 ... قوله =وَلاَ تُؤَثِّرُ الْخِلْطَةُ فِيْ غَيْرِ السَّائِمَةِ + ... 34
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
67 ... قوله =بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنَ الأَرْضِ+ ... 35
بيان أن ما ذكر المؤلف هنا أشمل من كلام غيره .........................................
68 ... قوله =وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: النَّبَاتُ، فَتَجِبُ الزَّكَاةُ مِنْهُ فِيْ كُلِّ حَبٍّ وَثَمَرٍ، يُكَالُ وَيُدَّخَرُ + ... 35
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
ذكر اختلاف الفقهاء .............................................................................
تنبيهات:
أولاً: العبرة فيما يكال ويدخر................................................................
ثانياً: ذكر اختلاف الفقهاء في العنب الذي لا يصير زبيباً.............................
ثالثاً: التين لا تجب فيه الزكاة على المذهب ...............................................
رابعاً: لا عبرة بوسائل الادخار الصناعي..................................................
خامساً: هل في الزيتون زكاة؟ ................................................................
ذكر اختلاف الفقهاء والقول الراجح .......................................................
69 ... قوله =إِذَا خَرَجَ مِنْ أَرْضِهِ+ ... 38
دليل ذلك ...................................................... ....................................(9/10)
على من يعود الضمير في قوله =أرضه+....................................................
70 ... قوله =وَبَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ؛ لِقَوْلِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - =لَيْسَ فِيْ حَبٍّ وَلاَ ثَمَرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ+. وَاْلوَسْقُ: سِتُّوْنَ صَاعًا، وَالصَّاعُ: رِطْلٌ بِالدِّمَشْقِيِّ وَأُوْقِيَّةُ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ أُوْقِيَّةٍ. فَجَمِيْعُ النِّصَابِ: مَا قَارَبَ ثَلاَثَمِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ رِطْلاً وَسِتَّةَ أَسْبَاعِ رِطْلٍ+
تفصيل لما ذكر المؤلف ...........................................................................
71 ... قوله =وَيَجِبُ الْعُشْرُ فِيْمَا سُقِيَ مِنَ السَّمَاءِ وَالسُّيُوْحِ، وَنِصْفُ الْعُشْرِ فِيْمَا سُقِيَ بِكُلْفَةٍ، كَالدَّوَالِيْ وَالنَّوَاضِحِ+. ... 39
دليل ما ذكره المؤلف .............................................................................
معنى النواضح والدوالى ........................................................................
72 ... قوله =وَإِذَا بَدَا الصَّلاَحُ فِيْ الثَّمَرِ،وَاشْتَدَّ الْحَبُّ، وَجَبَتِ الزَّكَاةُ + ... 39
كيف يعرف بدو صلاح واشتداد الحب؟ .................................................
ذكر أقوال الفقهاء مع بيان الراجح من هذه الأقوال ...................................
73 ... قوله =وَلاَ يُخْرَجُ الْحَبُّ إِلاَّ مُصَفًّى،وَلاَ الثَّمَرُ إِلاَّ يَابِسًا+ ... 40
دليل ما ذكره المؤلف .............................................................................
74 ... قوله =وَلاَ زَكَاةَ فِيْمَا يَكْسِبُهُ مِنْ مُبَاحِ الْحَبِّ وَالثَّمَرِ، وَلاَ فِيْ اللَّقَاطِ، وَلاَ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةً لِحَصَادِهِ+ ... 40(9/11)
شرح ما ذكره المؤلف ............................................................................
معنى اللقاط ........................................................................................
75 ... قوله =وَلاَ يُضَمُّ صِنْفٌ مِنَ الْحَبِّ وَالثَّمَرِ إِلَى غَيْرِهِ فِيْ تَكْمِيْلِ النِّصَابِ + ... 41
شرح ما ذكره المؤلف ............................................................................
76 ... قوله =فَإِنْ كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا، مُخْتَلِفَ الأَنْوَاعِ، كَالتُّمُوْرِ، فَفِيْهِ الزَّكَاةُ + ... 41
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
77 ... قوله =وَيُخْرِجُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ زَكَاتَهُ+ ... 41
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
78 ... قوله =وَإِنْ أَخْرَجَ جَيِّدًا عَنِ الرَّدِيْءِ، جَازَ، وَلَهُ أَجْرُهُ + ... 41
دليل ذلك ...........................................................................................
79 ... قوله =النَّوْعُ الثَّانِيْ+ ... 41
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
80 ... قوله =الْمَعْدِنُ + ... 42
المراد بالمعدن ........................................................................................
81 ... قوله =فَمَنِ اسْتَخْرَجَ مِنْ مَعْدِنٍ نِصَابًا مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ + ... 42
نصاب الذهب والفضة .........................................................................
82 ... قوله =أَوْ مَا قِيْمَتُهُ ذالِكَ مِنَ الْجَوَاهِرِ،أَوِ الْكُحْلِ أَوِ الصُّفْرِ، أَوِ الْحَدِيْدِ، أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ+ ... 42(9/12)
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
83 ... قوله =وَلاَ يُخْرَجُ إِلاَّ بَعْدَ السَّبْكِ وَالتَّصْفِيَةِ + ... 42
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
84 ... قوله =وَلاَ شَيْءَ فِي اللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ، وَالْعَنْبَرِ وَالسَّمَكِ+ ... 43
دليل ما ذكره المؤلف .............................................................................
85 ... قوله =وَلاَ فِيْ شَيْءٍ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ+ ... 43
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
86 ... قوله =وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ + ... 43
تعريف الركاز ......................................................................................
ذكر الخلاف في تعريف الركاز ................................................................
الراجح من أقوال الفقهاء ......................................................................
تنبيهان:
الأول: فيما تخرجه الدولة من نفط ومشتقاته...........................................
الثاني: إذا وجد في الركاز ما يدل على صيرورته لمسلم ..............................
87 ... قوله =أَيَّ نَوْعٍ كَانَ مِنَ الْمَالِ+ ... 44
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
88 ... قوله =قَلَّ أَوْ كَثُرَ+ ... 44
ذكر الخلاف في المسألة مع بيان الراجح.....................................................
89 ... قوله =لأَهْلِ الْفَيْءِ+ ... 45
تعريف الفيء ......................................................................................
هل الفيء زكاة؟ ..................................................................................(9/13)
ذكر الخلاف مع بيان الراجح ..................................................................
90 ... قوله =وَبَاقِيْهِ لِوَاجِدِهِ+ ... 45
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
91 ... قوله =بَابُ زَكَاةِ الأَثْمَانِ+ ... 46
المراد بالأثمان ...................................................... .................................
دليل زكاة الأثمان ..................................................................................
92 ... قوله =وَهِيَ نَوْعَانِ: ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ + ... 46
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
93 ... قوله =وَلاَ زَكَاةَ فِي الْفِضَّةِ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ + ... 46
دليل نصاب الذهب والفضة ..................................................................
نصاب الذهب والفضة .........................................................................
كيفية إخراج زكاة الفضة؟ ....................................................................
94 ... قوله =فَيَجِبُ فِيْهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ+ ... 47
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
95 ... قوله =وَلاَ فِيْ الذَّهَبِ حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِيْنَ مِثْقَالاً+. ... 47
نصاب الذهب وكيفية حسابه .................................................................
ذكر قول الشيخين مع بيان الراجح عندي.................................................
96 ... قوله =فَيَجِبُ فِيْهِ نِصْفُ مِثْقَالٍ+ ... 48
زكاة العملات المتداولة ..........................................................................(9/14)
كيفية إخراج زكاتها؟ ...........................................................................
97 ... قوله =فَإِنْ كَانَ فِيْهِمَا غِشٌّ+ ... 49
بما يحصل الغش في الذهب والفضة؟.......................................................
تعريف الذهب الخالص ........................................................................
98 ... قوله =فَلاَ زَكَاةَ فِيْهِمَا حَتَّى يَبْلُغَ قَدْرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ نِصَابًا + ... 49
ذكر أقوال الفقهاء مع بيان الراجح في المسألة .............................................
99 ... قوله =فَإِنْ شَكَّ فِيْ ذالِكَ+ ... 51
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
100 ... قوله =خُيِّرَ بَيْنَ الإِخْرَاجِ وَبَيْنَ سَبْكِهِمَا؛ لِيَعْلَمَ قَدْرَ ذالِكَ + ... 51
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
101 ... قوله =وَلاَ زَكَاةَ فِي الْحُلِّيِّ الْمُبَاحِ، الْمُعَدِّ لِلاِسْتِعْمَالِ، وَالْعَارِيَةِ + ... 51
ذكر أقوال الفقهاء مع بيان الراجح في المسألة..............................................
تنبيهان:
أولاً: إذا خرج الذهب عن المألوف كتفصيل ثوب ذهب ونحوه................... ... 52
ثانيًا: إذا لم تستعمل المرأة ذهب الحلي خلال العام فتجب فيه الزكاة............ ... 52
102 ... قوله =وَيُبَاحُ لِلنِّسَاءِ كُلُّ مَا جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِلُبْسِهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ+ ... 52
شرح ما ذكره المؤلف.............................................................................
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
103 ... قوله =وَيُبَاحُ لِلرِّجَالِ مِنَ الْفِضَّةِ: الْخَاتَمُ، وَحِلْيَةُ السَّيْفِ، وَالْمِنْطَقَةُ، وَنَحْوُهَا+ ... 52(9/15)
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
104 ... قوله =فَأَمَّا الْمُعَدُّ لِلْكِرَاءِ وَالاِدِّخَارِ، أَوِ الْمُحَرَّمُ، فَفِيْهِ الزَّكَاةُ + ... 53
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
105 ... قوله =بَابُ حُكْمِ الدَّيْنِ+ ... 54
تعريف الدين ......................................................................................
الدائن لا يخلو دينه من أمرين .................................................................
الدين الحال المرجو الأداء ......................................................................
حكم هذا النوع من الدين؟ ...................................................................
بيان الراجح من أقوال أهل العلم ...........................................................
الدين الغير مرجو الأداء ........................................................................
حكم هذا النوع من الدين؟ ...................................................................
بيان الراجح من أقوال أهل العلم............................................................
106 ... قوله =وَمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَلِيْءٍ +. ... 56
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
107 ... قوله =أَوْ مَالٌ يُمْكِنُ خَلاَصُهُ، كَالْمَجْحُوْدِ الَّذِيْ لَهُ بِهِ بَيِّنَةٌ، وَالْمَغْصُوْبِ الَّذِيْ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ، فَعَلَيْهِ زَكَاتُه إِذَا قَبَضَهُ، لِمَا مَضَى+ ... 56
شرح كلام المؤلف ...............................................................................(9/16)
108 ... قوله =وَإِنْ كَانَ مُتَعَذِّرًا كَالدَّيْنِ عَلَى الْمُفْلِسِ،أَوْ عَلَى جَاحِدٍ، وَلاَ بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ، وَالْمَغْصُوْبِ، وَالضَّالِّ الَّذِيْ لاَ يُرْجَى وُجُوْدُهُ، فَلاَ زَكَاةَ فِيْهِ+ ... 56
ذكر أقوال الفقهاء مع بيان الراجح...........................................................
109 ... قوله =وَحُكْمُ الصَّدَاقِ حُكْمُ الدَّيْنِ+ ... 57
صحة ما ذكره المؤلف هنا .......................................................................
110 ... قوله =وَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ النِّصَابَ الَّذِيْ مَعَهُ، أَوْ يَنْقُصُهُ، فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيْهِ + ... 57
ذكر أقوال الفقهاء: ...............................................................................
القول الأول: ......................................................................................
القول الثاني: ......................................................................................
القول الثالث: .....................................................................................
الراجح من الأقوال ..............................................................................
111 ... قوله =بَابُ زَكَاةِ الْعُرُوْضِ+ ... 59
تعريف العروض: ...............................................................................
ذكر الخلاف في المسألة ...........................................................................
بيان الراجح من أقوال أهل العلم ...........................................................
تنبيه في شروط عروض التجارة ..............................................................
112 ... قوله =وَلاَ زَكَاةَ فِيْهاَ حَتَّى يَنْوِيَ بِهَا التِّجَارَةَ + ... 60(9/17)
ذكر أقوال الفقهاء مع بيان الراجح...........................................................
113 ... قوله =وَهِيَ نِصَابٌ+. ... 61
ذكر نصاب عروض التجارة....................................................................
114 ... قوله =حَوْلاً كَامِلاً+ ... 61
هل يعتبر كل الحول كما في النقدين؟........................................................
115 ... قوله =ثُمَّ يُقَوِّمُهَا+ ... 61
كيفية تقويم عروض التجارة؟................................................................
تنبيهات:
أولاً: زكاة المواد الخام............................................................................
ثانياً: إذا قوَّم السلعة فلما باعها زاد ثمنها .................................................
ثالثاً: السعر الذي تقوَّم به السلعة............................................................
رابعاً: هل المعتبر التقويم لقيمة السلعة يوم الوجوب.................................
خامساً: إذا كانت هناك سلع لم يقومها ...................................................
سادساً: لا يعتبر عند تقويم السلع ما اشتريت به.......................................
116 ... قوله =فَإِذَا بَلَغَتْ أَقَلَّ نِصَابٍ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ + ... 62
اختلاف الفقهاء فيما تقوم به عروض التجارة...........................................
الراجح من الأقوال...............................................................................
117 ... قوله =أَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ قِيْمَتِهَا+ ... 63
شرح كلام المؤلف................................................................................
ذكر الخلاف في هذه المسألة.....................................................................(9/18)
بيان الراجح من الأقوال.........................................................................
118 ... قوله =وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ، ضَمَّهُمَا إِلَى قِيْمَةِ الْعُرُوْضِ فِيْ تَكْمِيْلِ النِّصَابِ + ... 64
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
119 ... قوله =وَإِذَا نَوَى بِعَرْضِ التِّجَارَةِ الْقُنْيَةَ، فَلاَ زَكَاةَ فِيْهِ+ ... 64
تعريف القنية .......................................................................................
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
120 ... قوله =ثُمَّ إِنْ نَوَى بِهِ بَعْدَ ذالِكَ التِّجَارَةَ، اسْتَأْنَفَ لَهُ حَوْلاً+ ... 64
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
ذكر الأقوال في هذه المسألة .....................................................................
الصحيح من الأقوال ............................................................................
121 ... قوله =بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ+ ... 65
تعريف زكاة الفطر في اللغة والاصطلاح .................................................
الحكمة من مشروعيتها .........................................................................
122 ... قوله =وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ+ ... 65
دليل ما ذكر المؤلف ..............................................................................
حكم إخراجها عن الجنين .....................................................................
123 ... معنى قوله =عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ+ ... 66
شرح كلام المؤلف................................................................................(9/19)
هل يخرجها الكافر عن أقاربه المسلمين؟...................................................
الصحيح في هذه المسألة .........................................................................
124 ... قوله =مَلَكَ فَضْلاً عَنْ قُوْتِهِ وَقُوْتِ عِيَالِهِ+ ... 66
هل يشترط ملك النصاب لإخراج زكاة الفطر؟.........................................
ذكر الخلاف مع بيان الراجح ..................................................................
125 ... قوله =لَيْلَةَ الْعِيْدِ وَيَوْمَهُ، صَاعًا+ ... 67
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
126 ... قوله =وَقَدْرُ الْفِطْرَةِ: صَاعٌ مِنَ الْبُرِّ أَوِ الشَّعِيْرِ، أَوْ دَقِيْقِهِمَا أَوْ سَوِيْقِهِمَِا+ ... 67
بيان قدر صدقة الفطر بالكيلو جرام ........................................................
127 ... قوله =أَوْ مِنَ التَّمْرِ أَوِ الزَّبِيْبِ+ ... 68
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
تنبيهان:
أولاً: إذا لم تكن هناك المذكورات في الحديث...........................................
ثانياً: اختلاف الفقهاء في إخراج القيمة في زكاة الفطر................................
ذكر الراجح من الأقوال.........................................................................
128 ... قوله =فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ، أَخْرَجَ مِنْ قُوْتِهِ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ، صَاعًا + ... 69
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
تنبيه هل يجزئ إخراج الخبز في زكاة الفطر................................................
ذكر الخلاف مع بيان الراجح ..................................................................(9/20)
129 ... قوله =وَمَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ نَفْسِهِ، لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ لَيْلَةَ الْعِيْدِ+ ... 70
أقوال العلماء في هذه المسألة ...................................................................
بيان الراجح من أقوالهم ........................................................................
130 ... قوله =إِذَا مَلَكَ مَا يُؤَدِّيْ عَنْهُ+ ... 70
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
131 ... قوله =فَإِنْ كَانَتْ مُؤْنَتُهُ تَلْزَمُ جَمَاعَةً، كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ+ ... 71
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
132 ... قوله =وَالْمُعْسِرِ الْقَرِيْبِ لِجَمَاعَةٍ+. ... 71
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
ذكر الخلاف في المسألة ...........................................................................
بيان القول الصحيح من الأقوال..............................................................
133 ... قوله =فَفِطْرُتُهُ عَلَيْهِمْ عَلَى حَسَبِ مُؤْنَتِهِ+ ... 71
شرح كلام المؤلف................................................................................
134 ... وقوله =فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا، فَفِطْرَتُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى سَيِّدِهِ+ ... 72
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
135 ... قوله =وَيُسْتَحَبُّ إِخْرَاجُ الْفِطْرَةِ يَوْمَ الْعِيْدِ قَبْلَ صَلاَةِ الْعِيْدِ+ ... 72
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
136 ... قوله =وَلاَ يَجُوْزُ تَأْخِيْرُهَا عَنْ يَوْمِ الْعِيْدِ+ ... 72(9/21)
ذكر أقوال الفقهاء مع بيان الراجح من الأقوال...........................................
تنبيه: زكاة الفطر لا تسقط بخروج وقتها ..................................................
137 ... قوله =وَيَجُوْزُ تَقْدِيْمُهَا عَلَيْهِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ+ ... 73
ذكر الخلاف في المسألة............................................................................
بيان القول الراجح................................................................................
138 ... قوله =وَيَجُوْزُ أَنْ يُعْطَى الْوَاحِدُ مَا يَلْزَمُ الْجَمَاعَةَ، وَالْجَمَاعَةُ مَا يَلْزَمُ الْوَاحِدَ+ ... 74
شرح كلام المؤلف................................................................................ ... 74
139 ... قوله =بَابُ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ+
المراد بقوله إخراج الزكاة........................................................................
140 ... قوله =لاَ يَجُوْزُ تَأْخِيْرُ الزَّكَاةِ عَنْ وَقْتِ(*) وُجُوْبِهَا+ ... 75
ذكر الخلاف في المسألة............................................................................
بيان القول الراجح................................................................................
تنبيه: الحالات التي يجوز فيها تأخير الزكاة:..............................................
الحالة الأولى: إذا كان في تأخير إخراجها مصلحة للفقير..............................
الحالة الثانية: أن لا يتمكن من إخراجها عند حلول الحول..........................
الحالة الثالثة: إذا كان يتضرر بإخراجها في وقتها......................................... ... 76
140 ... قوله =إِذَا أَمْكَنَ إِخْرَاجُهَا+ ... 76
كيف تخرج الجمعيات الخيرية زكاة الفطر؟................................................(9/22)
141 ... قوله =فَإِنْ فَعَلَ فَتَلِفَ الْمَالُ، لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ الزَّكاَةُ+ ... 76
التفصيل في هذه المسألة..........................................................................
بيان الراجح بعد التفصيل .....................................................................
142 ... قوله =وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَهُ، سَقَطَتْ+ ... 77
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
143 ... قوله =وَيَجُوْزُ تَعْجِيْلُهَا إِذَا كَمُلَ النِّصَابُ+ ... 77
ذكر الخلاف في هذه المسألة ....................................................................
بيان الراجح من أقوال الفقهاء.................................................................
هل يكون التعجيل لحول أو حولين أو أكثر؟ ............................................
ذكر الخلاف مع بيان الراجح ..................................................................
تنبيه: لو عجل الإنسان زكاته ثم زادت عما كانت عليه عند إخراجها..........
144 ... قوله =وَلاَ يَجُوْزُ قَبْلَ ذالِكَ+ ... 78
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
145 ... قوله =وَإِنْ عَجَّلَهَا إِلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا، لَمْ تُجْزِئْهُ+ ... 78
معنى كلام المؤلف.................................................................................
146 ... قوله =وَإِنْ صَارَ عِنْدَ الْوُجُوْبِ مِنْ أَهْلِهَا+ ... 79
بيان وتفصيل ما ذكره المؤلف .................................................................
أولاً: إن عجلها فأعطاها إلى غير مستحقيها وهو يعلم...............................
ثانياً: إن عجلها فأعطاها إلى مستحقيها وهم لا يعلم ................................(9/23)
بيان الخلاف مع القول الصحيح..............................................................
147 ... قوله =وَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى مُسْتَحِقِّهَا، فَمَاتَ أَوِ اسْتَغْنَى أَوِ ارْتَدَّ، أَجْزَأَتْ+ ... 79
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
لا يخلو إخراج الزكاة معجلة من أربعة أقسام:.........................................
الأول: أن لا يتغير حال من أخرجها إليه .................................................
الثاني: أن يتغير حال من أخرجها إليه.....................................................
ذكر أقوال الفقهاء في هذه الحالة مع بيان الراجح........................................
الثالث: أن يتغير حال رب المال بموت أو ردة.............................................
ذكر أقوال المذاهب مع بيان الراجح.........................................................
الرابع: أن يتغير حال رب المال والمستحق للزكاة .......................................
حكم هذه الحالة...................................................................................
148 ... قوله =وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الآخِذِ+ ... 80
شرح كلام المؤلف مع بيان الراجح..........................................................
149 ... قوله =وَلاَ تُنْقَلُ الصَّدَقَةُ إِلَى بَلَدٍ تُقْصَرُ إِلَيْهِ الصَّلاَةُ إِلاَّ أَنْ لاَ يَجِدَ مَنْ يَأْخُذُهَا فِيْ بَلَدِهَا+ ... 81
شرح هذه المسالة وبيان اختلاف الفقهاء فيها مع بيان الراجح من الخلاف.....
150 ... قوله =بَابُ مَنْ يَجُوْزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَيْهِ+. ... 83
معنى كلام المؤلف.................................................................................
151 ... قوله =وَهُمْ ثَمَانِيَةُ أَصْنَافٍ+ ... 83(9/24)
شرح كلام المؤلف................................................................................
152 ... قوله =الْفُقَرَاءُ، وَهُمُ: الَّذِيْنَ لاَ يَجِدُوْنَ مَا يَقَعَ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِمْ بِكَسْبٍ وَلاَ غَيْرِهِ+ ... 83
لماذا بدأ الصنف بهذا القسم من أهل الزكاة؟............................................
153 ... قوله =وَالثَّانِيْ: الْمَسَاكِيْنُ، وَهُمُ: الَّذِيْنَ يَجِدُوْنَ ذالِكَ، وَلاَ يَجِدُوْنَ تَمَامَ الْكِفَايَةِ+ ... 83
وصفهم بالمسكنة..................................................................................
تعريف المسكين....................................................................................
الفرق بين الفقير والمسكين؟....................................................................
154 ... قوله =الثَّالِثُ الْعَامِلُوْنَ عَلَيْهَا، وَهُمُ: السُّعَاةُ عَلَيْهَا، وَمَنْ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِيْهَا+ ... 84
تعريف العاملين على الزكاة....................................................................
هل يشترط أن يكون العاملون على الزكاة فقراء؟.....................................
ما القدر الذي يعطاه العاملون على الزكاة؟ ..............................................
ذكر أقوال الفقهاء مع بيان الراجح ..........................................................
الشروط المعتبرة في العاملين على الزكاة.....................................................
155 ... قوله =وَالرَّابِعُ: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوْبُهُمْ+ ... 85
ذكر اختلاف الفقهاء في إعطاء هذا الصنف من الزكاة.................................
بيان الراجح من أقوال الفقهاء.................................................................(9/25)
156 ... قوله =وَهُمُ: السَّادَةُ الْمُطَاعُوْنَ فِيْ عَشَائِرِهِمْ، الَّذِيْنَ يُرْجَى بِعَطِيَّتِهِمْ إِسْلاَمُهُمْ، أَوْ دَفْعُ شَرِّهِمْ، أَوْ قُوَّةُ إِيْمَانِهِمْ، أَوْ دَفْعُهُمْ عَنِ الْمُسْلِمِيْنَ، أَوْ مَعُوْنَتُهُمْ عَلَى أَخْذِ الزَّكَاةِ مِمَّنْ يَمْتَنِعُ مِنْ دَفْعِهَا+ ... 87
تعريف المؤلفة قلوبهم ...........................................................................
الكفار ضربان ......................................................................................
الأول: من يرجى إسلامه .....................................................................
الثاني: من يخشى شره...........................................................................
المسلمون أربعة أضرب في إعطاءهم من الزكاة: ........................................
الأول: قوم من المسلمين لهم أصدقاء من الكفار .....................................
الثاني: قوم من المسلمين سادات مطاعون في قومهم ..................................
الثالث: قوم في طرف بلاد المسلمين.........................................................
الرابع: من ذكرهم المؤلف......................................................................
فائدة في هذا الصنف من أهل الزكاة ........................................................
157 ... قوله =الْخَامِسُ: الرِّقَابُ، وَهُمُ : الْمُكَاتَبُوْنَ، وَإِعْتَاقُ الرَّقِيْقِ+ ... 89
تعريف الرقاب ....................................................................................
أنواع هذا الصنف ................................................................................
الأول: المكاتبون ـ تعريف المكاتب ـ ما يعطاه المكاتب................................(9/26)
الثاني: إعتاق الرقيق ............................................................................
اختلاف الرواية في المذهب في إعطاء مع بيان الراجح.................................
الثالث: فكاك الأسير.............................................................................
158 ... قوله =السَّادِسُ: الْغَارِمُوْنَ، وَهُمُ: الْمَدِيْنُوْنَ لإِصْلاَحِ نُفُوْسِهِمْ فِيْ مُبَاحٍ، أَوْ لإِصْلاَحٍ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ+ ... 90
تعريف هذا الصنف من أهل الزكاة..........................................................
الغارمون نوعان: .................................................................................
الأول: غارم لإصلاح نفسه...................................................................
تعريف هذا النوع مع ذكر المثال الذي يوضحه ..........................................
قدر ما يعطاه هذا النوع من الزكاة ...........................................................
الثاني: غارم لإصلاح ذات البين ............................................................
تعريفه مع ذكر المثال الذي يوضحه..........................................................
ما يعطاه هذا النوع؟ .............................................................................
فائدة: إذا وفى لرجل من ماله هل يعطى من الزكاة؟..................................
فائدة: الغارم للإصلاح يعطى من الزكاة ولو كان غنياً...............................
159 ... قوله =السَّابِعُ: فِيْ سَبِيْلِ اللهِ، وَهُمُ: الْغُزَاةُ الَّذِيْنَ لاَ دِيْوَانَ لَهُمْ+ ... 92
تعريف هذا الصنف من أهل الزكاة..........................................................(9/27)
العساكر الذين لهم رواتب هل يعطوا من الزكاة .......................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): هل يشمل =في سبيل الله+ ما يعين الغزاة كالأسلحة ونحوها؟......
فائدة (2): هل يعطى من يريد الحج من الزكاة؟.......................................
ذكر الخلاف في المسألة مع بيان الراجح ....................................................
160 ... قوله =الثَّامِنُ: ابْنُ السَّبِيْلِ، وَهُوَ: الْمُسَافِرُ الْمُنْقَطِعُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَا يَسَارٍ فِيْ بَلَدِهِ+ ... 93
تعريف ابن السبيل................................................................................
الشروط المعتبرة في ابن السبيل.................................................................
فائدة: هل يشترط عدم وجود يفرضه......................................................
ذكر الخلاف مع بيان الراجح...................................................................
161 ... قوله =فَهَؤُلاَءِ أَهْلُ الزَّكَاةِِ+ ... 94
عود الضمير إلى المذكور سابقاً.................................................................
162 ... قوله =لاَ يَجُوْزُ دَفْعُهَا إِلَى غَيْرِهِمْ+ ... 94
دليل ذلك............................................................................................
لا تصرف الزكاة في المشاريع الخيرية كالمساجد والمدارس ودور الأيتام ونحو ذلك...................................................................................................
163 ... قوله =وَيَجُوْزُ دَفْعُهَا إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ+ ... 94
بيان أن هذا هو قول الجمهور ................................................................
ذكر الخلاف في المسألة مع بيان الراجح.....................................................(9/28)
164 ... قوله =لأَنَّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بَنِيْ زُرَيْقٍ بِدَفْعِ صَدَقَتِهِمْ إِلَى سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ+ ... 95
قصة الصحابي الجليل سلمة بن صخر حين ظاهر من امرأته.......................
165 ... وقوله =وَقَالَ لِقَبِيْصَةَ:أَقِمْ يَا قَبِيْصَةُ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا+ ... 96
قصة قبيصة بن مخارق الهلال..................................................................
166 ... قوله =وَيُدْفَعُ إِلَى الْفَقِيْرِ، وَالْمِسْكِيْنِ مَا تَتِمُّ بِهِ كِفَايَتُهُ...+ ... 97
ذكر ما يعطاه الأصناف الثمانية من الزكاة .................................................
ذكر أقوال الفقهاء في هذه المسألة مع بيان الراجح.......................................
167 ... قوله =وَإِلَى الْعَامِلِ قَدْرُ عُمَالَتِهِ+ ... 98
ذكر الخلاف في المسألة مع بيان الراجح ....................................................
168 ... قوله =وَإِلَى الْمُؤَلَّفِ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَأْلِيْفُهُ+ ... 98
شرح كلام المؤلف................................................................................
169 ... قوله =وَإِلَى الْمُكَاتَبِ وَالْغَارِمِ مَا يَقْضِيْ بِهِ دَيْنَهُ+ ... 99
ما يعطاه المكاتب والغارم.......................................................................
170 ... قوله =وَإِلَى الْغَازِيْ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِغَزْوِهِ+ ... 99
شرح كلام المؤلف................................................................................
171 ... قوله =وَإِلَى ابْنِ سَبِيْلٍ مَا يُوْصِلُهُ إِلَى بَلَدِهِ، وَلاَ يُزَادُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى ذالِكَ+ ... 99
شرح كلام المؤلف................................................................................(9/29)
172 ... قوله =وَخَمْسَةٌ مِنْهُمْ لاَ يَأْخُذُوْنَ إِلاَّ مَعَ الْحَاجَةِ، وَهُمُ: الْفَقِيْرُ، وَالْمِسْكِيْنُ، وَالْمُكَاتَبُ، وَالْغَارِمِ لِنَفْسِهِ، وَاْبنُ سَبِيْلٍ+ ... 99
شرح كلام المؤلف................................................................................
173 ... قوله =وَأَرْبَعَةٌ يَجُوْزُ الدَّفْعُ إِلَيْهِمْ مَعَ الْغِنَى، وَهُمُ: الْعَامِلُ، وَالْمُؤَلَّفُ، وَالْغَازِيْ، وَالْغَارِمُ لإِصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ+ ... 100
شرح كلام المؤلف................................................................................
174 ... قوله =بَابُ مَنْ لاَ يَجُوْزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَيْهِ+ ... 101
التعريف بهذا الباب ..............................................................................
175 ... قوله =لاَ تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلاَ لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ+ ... 101
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
ذكر بعض الفوائد:
176 ... قوله =وَلاَ تَحِلُّ لآلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ،وَهُمْ: بَنُوْ هَاشِمٍ وَمَوَالِيْهِمْ+ ... 101
المراد ببني هاشم ..................................................................................
دليل ذلك...................................................... .....................................
ما ذكره شيخ الإسلام في هذه المسألة وبيان صحة ما قاله.............................
ذكر بعض الفوائد في هذه المسألة: ...........................................................
177 ... قوله =وَمَوَالِيْهِمْ+ ... 101
تعريف الموالي......................................................................................
178 ... قوله =وَلاَ يَجُوْزُ دَفْعُهَا إِلَى الْوَالِدَيْنِ، وَإِنْ عَلَوْا+ ... 104(9/30)
شرح ما قاله لمؤلف...............................................................................
ذكر القول الثاني في المسألة مع بيان الراجح من القولين..............................
179 ... قوله =وَلاَ إِلَى الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ+ ... 105
شرح ما قاله المؤلف..............................................................................
180 ... قوله =وَلاَ إِلَى الزَّوْجَةِ+ ... 105
شرح كلام المؤلف................................................................................
هل يجوز إعطاء الزوجة زوجها من الزكاة؟...............................................
بيان الخلاف في المسألة والقول الراجح من هذه الأقوال...............................
181 ... قوله =وَلاَ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَلاَ إِلَى رَقِيْقٍ+ ... 106
شرح كلام المؤلف................................................................................
اختلاف الرؤية في المذهب في هذه المسألة..................................................
الراجح من القولين ...............................................................................
فائدة: هل يجوز دفع الزكاة للعاملين في المؤسسات إذا كانوا من أهل الحاجات
182 ... قوله =وَلاَ إِلَى كَافِرٍ+ ... 107
أقسام الكفار........................................................................................
183 ... قوله =فَأَمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ، فَيَجُوْزُ دَفْعُهَا إِلَى هَؤُلاِءِ، وَإِلَى غَيْرِهِمْ+ ... 107
شرح كلام المؤلف................................................................................
184 ... قوله =وَلاَ يَجُوْزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلاَّ بِنِيَّةٍ+ ... 108
دليل هذا الشرط...................................................................................(9/31)
185 ... قوله =إِلاَّ أَنْ يَأْخُذَهَا الإِمَامُ مِنْهُ قَهْرًا+ ... 108
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
هل تجزئ الزكاة عن المزكي إذا أخذها الإمام قهراً؟....................................
ذكر الخلاف مع بيان الراجح...................................................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): لا تغني الضريبة عن الزكاة....................................................
فائدة (2): فيما إذا أخذ العامل الزكاة غير كاملة.......................................
186 ... قوله =وَإِذَا دَفَعَ الزَّكَاةَ إِلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا، لَمْ تَجْزِهِ+ ... 109
ذكر الخلاف في المسألة............................................................................
الراجح من أقوال أهل العلم...................................................................
187 ... قوله =إِلاَّ الْغَنِيَّ إِذَا ظَنَّهُ فَقِيْرًا+ ... 109
شرح كلام المؤلف................................................................................
188 ... كِتَابُ الصِّيَامِ: ... 111
189 ... قوله =كِتَابُ الصِّيَامِ+: ... 111
تعريف الصيام في اللغة..........................................................................
تعريف الصيام في الشرع........................................................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): متى فرض الصيام................................................................
فائدة (2): في ذكر بعض فضائل الصوم...................................................
فائدة (3): في بيان الحكمة من الصوم....................................................
190 ... قوله = وَيَجِبُ صِيَامُ رَمَضَانَ+: ... 116(9/32)
شرح كلام المؤلف................................................................................
أدلة وجوب الصيام من الكتاب والسنة والإجماع......................................
هل يقال صيام رمضان بدون ذكر اسم الشهر .........................................
191 ... قوله = عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ+: ... 118
شرح كلام المؤلف................................................................................
هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؟.......................................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): في حكم من أسلم في رمضان ................................................
ذكر الخلاف في المسألة مع بيان الراجح.....................................................
فائدة (2): في حكم من ارتد عن الإسلام في رمضان ...............................
ذكر الخلاف في المسألة مع بيان الراجح ....................................................
192 ... قوله = بَالِغٍ+: ... 120
شرح كلام المؤلف................................................................................
ما يحصل به البلوغ بالنسبة للذكر والأنثى..................................................
دليل عدم وجوب الصوم على من لم يبلغ...............................................
فائدة: متى بلغ الصبي في نهار رمضان هل يلزمه الإمساك؟........................
ذكر الخلاف في هذه المسألة وبيان الراجح..................................................
193 ... قوله =عَاقِلٍ+:. ... 122
شرح كلام المؤلف مع ذكر دليل ما ذكره...................................................
194 ... قوله =قَادِرٍ عَلَى الصَّوْمِ+: ... 123
شرح كلام المؤلف................................................................................(9/33)
بيان أن العجز عن الصيام نوعان ............................................................
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
ذكر بعض الشروط التي لم يذكرها المؤلف................................................
195 ... قوله =وَيُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ إِذَا أَطَاقَهُ+: ... 123
شرح كلام المؤلف................................................................................
ما ذهب إليه الجمهور في أمر الصبي بالصوم..............................................
مخالفة المالكية لما ذهب إليه الجمهور.........................................................
196 ... قوله =وَيَجِبُ بِأَحَدِ ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ:+ ... 124
شرح كلام المؤلف................................................................................
197 ... قوله =كَمَالِ شَعْبَانَ+ ... 124
بما يكون الإكمال..................................................................................
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
198 ... قوله = وَرُؤْيَةِ هِلاَلِ رَمَضَانَ+ ... 125
شرح كلام المؤلف................................................................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): هل يجب الصوم بمقتضى الحساب؟........................................
ذكر أقوال الفقهاء مع بيان الراجح من أقوالهم .........................................
فائدة (2): في الأخذ بالآلات الحديثة كالمراصد والدرابيل في رؤية الهلال.....
فائدة (3): حول قوله " =إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب+....................
199 ... قوله =وَوُجُوْدِ غَيْمٍ أَوْ قَتْرٍ لَيْلَةَ الثَّلاَثِيْنَ يَحُوْلُ دُوْنَهُ+ ... 132(9/34)
شرح كلام المؤلف................................................................................
اختلاف الفقهاء في هذه المسألة................................................................
بيان الراجح من أقوال الفقهاء.................................................................
فائدة: هل يجزئ صيام يوم الثلاثين بأن يقول إن كان غداً من رمضان فأنا صائم .................................................................................................
ذكر أقوال الفقهاء مع بيان الراجح من الأقوال ..........................................
200 ... قوله =وَإِذَا رَأَى الْهِلاَلَ وَحْدَهُ، صَامَ+ ... 135
شرح كلام المؤلف ...............................................................................
ذكر أقوال الفقهاء في هذه المسألة .............................................................
بيان الراجح من الأقوال.........................................................................
201 ... قوله =فَإِنْ كَانَ عَدْلاً، صَامَ النَّاسُ بِقَوْلِهِ+ ... 136
شرح كلام المؤلف................................................................................
ذكر الخلاف في المسألة............................................................................
الشروط المعتبرة فيمن رأى الهلال ...........................................................
(1) العدالة: .......................................................................................
تعريف العدالة .....................................................................................
ذكر بعض الفوائد المتعلقة بالعدالة: ........................................................
((9/35)
2) الحرية: ........................................................................................
ذكر أقوال الفقهاء في اعتبار الحرية فيمن رأى الهلال..................................
القول الراجح في المسألة.........................................................................
(3) الذكورية: ....................................................................................
اختلاف الفقهاء في اعتبار الذكورية فيمن رأى الهلال.................................
الراجح من الأقوال...............................................................................
(4) البلوغ: ........................................................................................
202 ... قوله =صَامَ النَّاسُ بِقَوْلِهِ+ ... 139
شرح كلام المؤلف................................................................................
اختلاف الفقهاء في اختلاف المطالع..........................................................
بيان الراجح من أقوال الفقهاء.................................................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): أثر الخطأ في رؤية الهلال .......................................................
ذكر الخلاف مع بيان الراجح...................................................................
فائدة (2): إذا رأى الهلال نهاراً.............................................................
ذكر الخلاف في هذه المسألة مع بيان الراجح ..............................................
203 ... قوله =وَلاَ يُفْطِرُ إِلاَّ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ+ ... 144
شرح كلام المؤلف................................................................................(9/36)
ذكر الخلاف مع بيان الراجح...................................................................
204 ... قوله =وَلاَ يُفْطِرُ إِذَا رَآهُ وَحْدَهُ+ ... 145
شرح كلام المؤلف................................................................................
ذكر الخلاف مع بيان الراجح ..................................................................
205 ... قوله =وَإِنْ صَامُوْا بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثَلاَثِيْنَ يَوْمًا، أَفْطَرُوْا+ ... 146
شرح كلام المؤلف مع ذكر الدليل............................................................
206 ... قوله =وَإِنْ كَانَ بِغَيْمٍ، أَوْ قَوْلِ وَاحِدٍ، لَمْ يُفْطِرُوْا، إِلاَّ أَنْ يَرَوْهُ، أَوْ يُكْمِلُوْا الْعِدَّةَ+ ... 146
شرح كلام المؤلف................................................................................
بيان أن ما ذكره المؤلف مسألتان...............................................................
ذكر كل مسألة مع بيان الراجح فيها..........................................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1):لو صام شخص برؤية بلد ثم سافر لبلد آخر قد صاموا بعدهم بيوم ...................................................................................................
ذكر أقوال أهل العلم مع بيان الراجح......................................................
فائدة (2): لو صام شخص برؤية بلد ثم سافر لبلد قد صاموا قبلهم............
بيان الصواب في هذه المسألة....................................................................
فائدة (3): متى يفطر المسافر إذا كان في الطائرة.........................................(9/37)
207 ... قوله =وَإِذَا اشْتَبَهَتِ الأَشْهُرُ عَلَى الأَسِيْرِ، تَحَرَّى، وَصَامَ، فَإِنْ وَافَقَ الشَّهْرَ أَوْ مَا بَعْدَهُ، أَجْزَأَهُ، وَإِنْ وَافَقَ ماَ قَبْلَهُ، لَمْ يَجْزِهِ+ ... 148
شرح كلام المؤلف................................................................................
لا يخلو الأسير عند خطأه في الرؤية من الأحوال........................................
208 ... قوله =بَابُ أَحْكَامِ الْمُفْطِرِيْنَ فِيْ رَمَضَانَ+ ... 150
شرح كلام المؤلف................................................................................
209 ... قوله =وَيُبَاحُ الْفِطْرُ فِيْ رَمَضَانَ لأَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ+ ... 150
شرح كلام المؤلف................................................................................
210 ... قوله =أَحَدُهَا: الْمَرِيْضُ الَّذِيْ يَتَضَرَّرُ بِهِ+ ... 150
إجماع أهل العلم على مشروعية الفطر للمريض في الجملة........................
طرق معرفة الضرر الذي يبيح الفطر للمريض...........................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): إذا كان المرض يضر المريض ..................................................
ذكر أقوال الفقهاء مع بيان الراجح ..........................................................
ذكر أحوال المريض مع الصوم................................................................
فائدة (2): إذا خاف الصحيح شدة التعب...............................................
ذكر أقوال الفقهاء مع بيان الراجح ..........................................................
211 ... قوله =وَالْمُسَافِرُ الَّذِيْ لَهُ الْقَصْرُ+ ... 154
شرح كلام المؤلف................................................................................(9/38)
أدلة ما قاله المؤلف.................................................................................
أيهما أفضل في حق المسافر الصوم أم الفطر؟............................................
ذكر أقوال الفقهاء مع بيان الراجح...........................................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): شرط السفر المبيح للفطر.......................................................
فائدة (2): في وقت جواز الفطر للمسافر ................................................
ذكر الأقوال في هذه المسألة وبيان الراجح..................................................
212 ... قوله = فَالْفِطْرُ لَهُمَا أَفْضَلُ+ ... 160
شرح كلام المؤلف................................................................................
213 ... قوله = وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ+ ... 160
شرح كلام المؤلف................................................................................
بيان الراجح في هذه المسألة.....................................................................
لو سافر من لا يستطيع الصوم لكبر سنه أو مرض لا يرجى برؤه..................
ذكر الخلاف في المسألة مع بيان الراجح.....................................................
214 ... قوله = وَإِنْ صَامَا، أَجْزَأَهُمَا+ ... 161
شرح كلام المؤلف................................................................................
ما جاء عن ابن عباس وأبو هريرة وابن عمر في هذه المسألة..........................
215 ... قوله =الثَّانِيْ: الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، تُفْطِرَانِ وَتَقْضِيَانِ+ ... 161
شرح كلام المؤلف................................................................................
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................(9/39)
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): إذا انقطع الدم عن المرأة بعد الفجر هل يلزمها الإمساك باقي اليوم...................................................... ............................................
فائدة (2): إذا انقطع الدم عن المرأة قبل الفجر.........................................
216 ... قوله = وَإِنْ صَامَتَا، لَمْ يُجْزِئْهُمَا+ ... 163
شرح كلام المؤلف................................................................................
217 ... قوله = الثَّالِثُ: الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ+ ... 163
الحكمة من إباحة الفطر للحامل والمرضع.................................................
218 ... قوله = إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، أَفْطَرَتَا، وَقَضَتَا+ ... 164
شرح كلام المؤلف................................................................................
اختلاف الرواية في المذهب في هذه المسألة وبيان الراجح..............................
219 ... قوله =وَإِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا،أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا، وَأَطْعَمَتَا عَنِ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيْنًا+ ... 164
شرح كلام المؤلف................................................................................
اختلاف الفقهاء في لزوم الكفارة في هذه الحالة...........................................
بيان الراجح من الأقوال ........................................................................
على من تجب الكفارة هل على المرضع أم الحامل؟....................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): حالة لم يذكرها المؤلف.........................................................
فائدة (2): سقوط الكفارة عند العجز ....................................................
فائدة (3): هل الكفارة على من تلزمه النفقة؟.........................................(9/40)
فائدة (4): القدر الواجب في الإطعام......................................................
220 ... قوله =وَإِنْ صَامَتَا، أَجْزَأَهُمَا+ ... 166
شرح كلام المؤلف................................................................................
221 ... قوله =الرابع+ ... 166
222 ... قوله =الْعَاجِزُ عَنِ الصَّوْمِ، لِكِبَرٍ+ ... 166
شرح كلام المؤلف................................................................................
223 ... قوله =أَوْ مَرَضٍ لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ+ ... 166
شرح كلام المؤلف................................................................................
224 ... قوله =فَإِنَّهُ يُطْعَمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيْنٌ+ ... 167
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
225 ... قوله =وَعَلَى سَائِرِ مَنْ أَفْطَرَ الْقَضَاءُ لاَ غَيْرُ+ ... 167
أحوال المفطرين في رمضان.....................................................................
الأول: من يباح له الفطر.......................................................................
الثاني: من أفطر بغير عذر من الأعذار.....................................................
226 ... قوله = إِلاَّ مَنْ أَفْطَرَ بِجِمَاعٍ فِي الْفَرْجِ+ ... 168
الشروط المعتبرة في الجماع الذي يجب فيه الكفارة.......................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): من جامع في نهار رمضان في الفرج قبلاً أو دبراً.........................
فائدة (2): من جامع في نهار رمضان فأنزل أو لم ينزل عليه القضاء.............
فائدة (3): أن الكفارة إنما تكون على من جامع متعمداً ذاكراً.....................
فائدة (4): من جامع في غير صوم رمضان عامداً......................................(9/41)
فائدة (5): إذا كانت المرأة معذورة بجهل أو نسيان.....................................
227 ... قوله =فَإِنَّهُ يَقْضِيْ، وَيُعْتِقُ رَقَبَةً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَإِطْعَامُ سِتِّيْنَ مِسْكِيْنًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، سَقَطَتْ عَنْهُ+ ... 170
إجماع العلماء على وجوب الكفارة على من جامع عامداً مختاراً في نهار رمضان...............................................................................................
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
اختلاف الفقهاء في وجوب قضاء اليوم الذي أفطر فيه المجامع......................
بيان الراجح من الأقوال.........................................................................
228 ... قوله =فَإِنَّهُ يَقْضِيْ+ ... 171
شرح كلام المؤلف................................................................................
بيان الراجح في المسألة ...........................................................................
229 ... قوله =وَيُعْتِقُ رَقَبَةً+ ... 171
معنى الإعتاق ......................................................................................
وجه مناسبة الإعتاق في الكفارة...............................................................
230 ... قوله =فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ+ ... 171
شرح كلام المؤلف................................................................................
معنى التتابع ........................................................................................
231 ... قوله =فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَإِطْعَامُ سِتِّيْنَ مِسْكِيْنًا+ ... 172(9/42)
شرح كلام المؤلف................................................................................
232 ... قوله =فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، سَقَطَتْ عَنْهُ+ ... 172
اختلاف الرواية في المذهب في هذه المسألة.................................................
بيان الراجح من الروايتين.......................................................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): من كانت عليه الكفارة وسقطت عنه هل يلزمه أن يكفر إذا أغناه الله......................................................................................................
فائدة (2): الكفارة في الوطء في نهار رمضان على الترتيب لا على التخيير....
فائدة (3): لا بد أن يكون الصيام متتابع في الكفارة...................................
فائدة (4): إذا شرع في الكفارة بالصيام ثم قدر على العتق.........................
فائدة (5): من كفر بالصيام يباح له الوطء وقبل التكفير ...........................
233 ... قوله =فَإِنْ جَامَعَ وَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى جَامَعَ ثَانِيَةً، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ+ ... 174
ذكر أحوال هذه المسألة...........................................................................
الحالة الأولى: إذا جامع في يوم واحد مرتين..............................................
الحالة الثانية: إذا جامع في يومين.............................................................
234 ... قوله =وَإِنْ كَفَّرَ، ثُمَّ جَامَعَ، فَكَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ+ ... 175
سبق بيان المسألة...................................................................................
235 ... قوله =وَكُلُّ مَنْ لَزِمَهُ الإِمْسَاكُ فِيْ رَمَضَانَ، فَجَامَعَ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ+ ... 175
شرح كلام المؤلف... ............................................................................
ذكر بعض الفوائد:(9/43)
فائدة (1): من رأى هلال رمضان وجده ولم تقبل شهادته ثم جامع في نهار رمضان...............................................................................................
فائدة (2): هل تجب الكفارة على من أفطر متعمداً من غير جماع؟.............
ذكر الخلاف مع بيان الراجح...................................................................
236 ... قوله =وَمَنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ؛ لِعُذْرٍ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِنْ فَرَّطَ،أَطْعَمَ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيْنًا+ ... 177
شرح كلام المؤلف................................................................................
هل يكون قضاء رمضان على التراخي؟...................................................
اختلاف الفقهاء في هذه المسألة مع بيان الراجح.........................................
237 ... قوله = وَإِنْ تَرَكَ الْقَضَاءَ حَتَّى مَاتَ لِعُذْرٍ،فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ+ ... 179
شرح كلام المؤلف................................................................................
238 ... قوله = وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أُطْعِمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيْنٌ+ ... 179
اختلاف الفقهاء في المسألة......................................................................
بيان الراجح من الأقوال.........................................................................
239 ... قوله =إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ الصَّوْمُ مَنْذُوْرًا،فَإِنَّهُ يُصَامُ عَنْهُ+ ... 181
شرح كلام المؤلف................................................................................
دليل ما ذكره........................................................................................(9/44)
بيان القول الصحيح في المسألة ................................................................
فائدة: فيمن آخر القضاء لغير عذر حتى مات...........................................
240 ... قوله =وَكَذالِكَ كُلُّ نَذْرِ طَاعَةٍ+ ... 181
شرح كلام المؤلف................................................................................
241 ... قوله = بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ+ ... 182
مبطلات الصوم أصولها ثلاثة.................................................................
ذكر دليل المبطلات الثلاثاء.....................................................................
242 ... قوله = وَمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ+ ... 183
شروط فساد الصوم بالأكل والشرب........................................................
(1) أن يكون ذاكراً...............................................................................
ذكر أقوال الفقهاء في هذا الشرط..............................................................
بيان الراجح من الأقوال ........................................................................
(2) أن يكون متعمداً............................................................................
(3) أن يكون مختاراً..............................................................................
(4) أن يكون عالماً................................................................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): قول المؤلف أكل أو شرب تشمل كل مأكول أو مشروب............
فائدة (2): هل الحقن تفطر...................................................................
أولاً: الحقن الشرجية............................................................................(9/45)
اختلاف العلماء مع بيان الراجح.............................................................
ثانياً: الحقن التي تعطي عن طريق الوريد والشرايين..................................
اختلاف العلماء في هذا النوع مع بيان الراجح ..........................................
فائدة (3): في حكم استعمال بخاخات الربو والأكسجين ونحوها ................
فائدة (4): في حكم استعمال قطرة العين والأنف.....................................
243 ... قوله =أَوْ اسْتَعَطَ+ ... 190
معنى كلام المؤلف.......................................... ......................................
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
فائدة: حكم استعمال المنظار في نهار رمضان للصائم.................................
قوله = أَوِ اسْتَقَاءَ+ ... 191
الفرق بين ما إذا خرج القيء بنفسه وبين ما إذا خرج متعمداً.......................
دليل ما ذكره المؤلف.......................................... ...................................
ذكر الخلاف في المسألة مع بيان الراجح.....................................................
244 ... قوله =أَوِ اسْتَمْنَى+ ... 193
معنى الاستمناء.......................................... .........................................
ما ذهب إليه الظاهرية في هذه المسألة........................................................
القول الراجح ......................................................................................
245 ... قوله =أَوْ قَبَّلَ، أَوْ لَمَسَ، فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى+ ... 193
المقبل لا يخلو من ثلاثة أقسام: ...............................................................
بيان كل قسم مع القول الراجح...............................................................(9/46)
246 ... قوله =أَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ حَتَّى أَنْزَلَ+ ... 195
تكرار النظر له ثلاثة أحوال: .................................................................
الحالة الأولى: إذا كرر النظر ولم ينزل......................................................
الحالة الثانية: إذا كرر النظر بإنزال معه مني ..............................................
ذكر الخلاف في المسألة مع بيان الراجح ....................................................
الحالة الثالثة: إذا كرر النظر فأمذى..........................................................
ذكر لرواية في المذهب ............................................................................
247 ... قوله =أَوْ حَجَمَ أَوِ احْتَجَمَ+ ... 196
معنى الحجامة .......................................... ...........................................
اختلاف الفقهاء في أن الحجامة تفسد الصوم.............................................
بيان الراجح من الأقوال.........................................................................
ذكر بعض الفوائد:
الفائدة (1): هل يلحق بالحجامة الفصد..................................................
الفائدة (2): حكم الحجامة بالآلات الحديثة............................................
الفائدة (3): حكم التبرع بالدم..............................................................
الفائدة (4): حكم إبر التحليل..............................................................
248 ... قوله = عَامِدًا، ذاَكِرًا لِصَوْمِهِ، فَسَدَ صَوْمُهُ+ ... 197
شرح كلام المؤلف......................................... ......................................
ذكر الخلاف في المسألة مع بيان الراجح.....................................................(9/47)
249 ... قوله =وَإِنْ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا، لَمْ يَفْسُدْ+ ... 199
شرح كلام المؤلف.......................................... .....................................
فائدة: هل يلحق بهذه الشروط أن يكون عالماً؟.........................................
ذكر الخلاف مع بيان الراجح...................................................................
250 ... قوله =وَإِنْ طَارَ إِلَى حَلْقِهِ ذُبَابٌ أَوْ غُبَارٌ، أَوْ تَمَضْمَضَ أَوِ اسْتَنْشَقَ، فَوَصَلَ إِلَى حَلْقِهِ مَاءٌ+ ... 199
شرح كلام المؤلف.......................................... .....................................
251 ... قوله =أَوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ+ ... 199
شرح كلام المؤلف.......................................... .....................................
252 ... قوله =أَوْ قَطَّرَ فِيْ إِحْلِيْلِهِ+ ... 200
معنى الإحليل.......................................... ...........................................
شرح كلام المؤلف.......................................... .....................................
253 ... قوله =أَوِ احْتَلَمَ+ ... 200
شرح كلام المؤلف.......................................... .....................................
فائدة: من أصبح جنباً فصومه صحيح.....................................................
254 ... قوله =أَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ+ ... 201
معنى كلام المؤلف.......................................... ......................................
255 ... قوله =وَمَنْ أَكَلَ يَظُنُّهُ لَيْلاً، فَبَانَ نَهَارًا، أَفْطَرَ+ ... 201
شرح كلام المؤلف.......................................... .....................................
256 ... قوله =وَمَنْ أَكَلَ شَاكًّا فِيْ طُلُوْعِ الْفَجْرِ، لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ+. ... 201(9/48)
شرح كلام المؤلف.......................................... .....................................
257 ... وقوله =وَإِنْ أَكَلَ شَاكًّا فِيْ غُرُوْبِ الشَّمْسِ فَسَدَ صَوْمُهُ+ ... 201
بيان اختلاف الفقهاء في المسألة الثلاث المذكورة آنفاً...................................
القول الراجح في كل مسألة....................................................................
ذكر بعض الفوائد العامة على ما سبق بيانه في كتاب الصوم:
فائدة (1): ما يبقى في الفم بعد المضمضة مع الريق...................................
فائدة (2): من أصبح وفي فيه أو بين أسنانه طعام......................................
فائدة (3):في البصاق ودم اللثة وكذا الشفتين...........................................
فائدة (4): في النخامة...........................................................................
فائدة (5): من سافر من جهة الغرب وقبل الركوب الطائرة أذن المغرب فلما حلقت الطائرة رأى الشمس..................................................................
فائدة (6): من سافر من الرياض إلى بلاد الهند........................................
فائدة (7): من صام ثلاثين يوماً ثم جاء إلى مكان آخر فوجدهم صياماً.......
فائدة (8): من رأى الشمس قد غربت والمؤذن لم يؤذن ............................
فائدة (9): من كان عليه صيام شهرين متتابعين وسافر...............................
فائدة (10): حكم الجماع في الليل لمن عليه كفارة صيام رمضان ................
258 ... قوله =بَابُ صِيَامُ التَّطَوُّعِ+ ... 207
معنى التطوع.......................................... .............................................
شرح كلام المؤلف................................................................................(9/49)
259 ... قوله =أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُدَ - عليه السلام - ، كَانَ يَصُوْمُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا+ ... 208
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
بيان أن هذا مشروط إذا لم يضعف البدن..................................................
260 ... قوله = وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الَّذِيْ يَدْعُوْنَهُ الْمُحَرَّمَ+ ... 208
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
261 ... قوله =وَمَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيْهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ+ ... 209
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
هل يسن للحاج صيام هذه الأيام؟ .........................................................
262 ... قوله =وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ+ ... 209
شرح كلام المؤلف................................................................................
اختلاف الفقهاء في صيام هذه الست........................................................
الراجح من الأقوال.......................................... ....................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): هل يستحب صيام هذه الست لمن لم يصح رمضان؟................
فائدة (2): الأفضل صيام هذه الست متتابعة............................................
فائدة (3): إذا أخر الست من شوال حتى انتهى الشهر..............................
الخلاف في هذه المسألة مع بيان الراجح.....................................................(9/50)
فائدة (4): من أخر هذه الست عن أول الشهر ولم يبادر بها.......................
فائدة (5): يستثنى من صيام هذه الست يوم العيد....................................
فائدة (6): الأولى أن يصوم هذه الست بعد الانتهاء من قضاء رمضان.........
263 ... قوله = وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُوْرَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ+ ... 213
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
ذكر بعض الفوائد:
فائدة (1): تصريح الحنفية بكراهة صيام يوم عاشوراء..............................
فائدة (2): هل التكفير في صيام يوم عاشوراء عام لجميع الذنوب؟.............
فائدة (3): ما الحكمة في صوم يوم قبله أو يوم بعده؟................................
فائدة (4): اعتماد الرؤية في صيام يوم عاشوراء.......................................
فائدة (5): الأكمل في صيام عاشوراء.....................................................
فائدة (6): من صام التاسع والعاشر ثم تبين أنه صام الثامن والتاسع ..........
264 ... قوله =وَصِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ+ ... 215
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
265 ... قوله =وَلاَ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ أَنْ يَصُوْمَهُ+ ... 215
اختلاف الفقهاء في هذه المسألة................................................................
الراجح من الأقوال...............................................................................
266 ... قوله =وَيُسْتَحَبُّ صِيَامُ أَيَّامِ الْبِيْضِ + ... 216
تعريف أيام البيض................................................................................
دليل سنية صيام هذه الثلاث...................................................................(9/51)
اختلاف الفقهاء في صوم أيام البيض........................................................
الراجح من الأقوال...............................................................................
267 ... قوله =وَالاِثْنَيْنِ وَالْخَمِيْسِ + ... 217
دليل صوم يوم الاثنين والخميس.............................................................
268 ... قوله =وَالصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيْرُ نَفْسِهِ، إِنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ، وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ+ ... 218
اختلاف الفقهاء في المسألة مع بيان الراجح................................................
269 ... قوله = إِلاَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ إِتْمَامُهُمُا، وَقَضَاءُ مَا أَفْسَدَ مِنْهُمَا + ... 219
شرح كلام المؤلف................................................................................
270 ... قوله = وَنَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ + ... 219
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
271 ... قوله = وَنَهىَ عَنْ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيْقِ+ ... 220
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
اختلاف الفقهاء في صيام أيام التشريق.....................................................
القول الراجح في المسألة.........................................................................
272 ... قوله = إِلاَّ أَنَّهُ أَرْخَصَ فِيْ صَوْمِهَا لِلْمُتَمَتِّعِ، إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ + ... 221
اختلاف الرواية في المذهب.....................................................................
الراجح من الروايتين.............................................................................(9/52)
273 ... قوله = وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ+ ... 221
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
ذكر بعض الفوائد المتعلقة بليلة القدر:
فائدة (1): اختلاف الفقهاء في تعيين ليلة القدر........................................
فائدة (2): هل هي باقية أم رفعت؟........................................................
فائدة (3): هل هي في رمضان أو غيره؟..................................................
فائدة (4): في أي ليلة من رمضان تكون ليلة القدر؟.................................
فائدة (5): في انتقال ليلة القدر...............................................................
فائدة (6): في سبب تسميتها بليلة القدر..................................................
فائدة (7): حكم العمرة في ليلة القدر؟...................................................
ذكر بعض الفوائد المتعلقة بصوم التطوع:
فائدة (1): هل يشترط تبيت النية في صوم التطوع؟...................................
اختلاف الفقهاء مع بيان الراجح.............................................................
فائدة (2): صوم التطوع منه ما هو مطلق ومنه ما هو مقيد.........................
فائدة (3): من لم يتناول أي مفطر حتى زالت الشمس.............................
اختلاف الفقهاء مع بيان الراجح.............................................................
فائدة (4): حكم التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان؟ ...............................
اختلاف الفقهاء .......................................... ........................................
الراجح من الأقوال.......................................... ....................................(9/53)
274 ... قوله =بَابُ الاِعْتَكَافِ+ ... 227
تعريف الاعتكاف في اللغة والاصطلاح...................................................
الحكمة من الاعتكاف...........................................................................
275 ... قوله =لُزُوْمُ الْمَسْجِدِ+ ... 228
إجماع العلماء على اشتراط المسجد للاعتكاف.........................................
276 ... قوله =لِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى فِيْهِ+ ... 228
شرح كلام المؤلف.......................................... .....................................
277 ... قوله =وَهُوَ سُنَّةٌ+ ... 228
دليل ما ذكره المؤلف.......................................... ...................................
هل الاعتكاف مشروع في كل وقت؟.......................................................
فائدة: هل يشرع الاعتكاف في كل مسجد؟..............................................
ذكر الخلاف مع بيان الراجح...................................................................
278 ... وقوله =إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ نَذْرًا، فَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ+ ... 231
شرح كلام المؤلف.......................................... .....................................
279 ... قوله =وَيَصِحُّ مِنَ الْمَرْأَةِ فِيْ كُلِّ مَسْجِدٍ+ ... 231
شرح كلام المؤلف.......................................... .....................................
280 ... وقوله =غَيِّرِ مَسْجِدْهَا+ ... 231
شرح كلام المؤلف.......................................... .....................................
ما ذهب إليه الحنفية في عدم اشتراط المسجد للمرأة....................................
القول الصحيح مع بيان الراجح..............................................................(9/54)
281 ... قوله =وَمَنْ نَذَرَ الاِعْتِكاَفَ، أَوِ الصَّلاَةَ فِيْ مَسْجِدٍ، فَلَهُ فِعْلُ ذالِكَ فِيْ غَيْرِهِ+ ... 233
شرح كلام المؤلف................................................................................
282 ... قوله =إِلاَّ الْمَسَاجِدَ الثَّلاَثَةَ+ ... 233
شرح كلام المؤلف................................................................................
283 ... قوله =فَإِذَا نَذَرَ ذالِكَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ+ ... 234
شرح كلام المؤلف................................................................................
284 ... قوله =وَإِنْ نَذَرَ الاِعْتِكَافَ فِيْ مَسْجِدِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، جَازَ لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحْدَهُ+ ... 234
شرح كلام المؤلف................................................................................
285 ... قوله =وَإِنْ نَذَرَهُ فِي الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، فَلَهُ فِعْلُهُ فِيْ أَيِّهِمَا أَحَبَّ+ ... 234
شرح كلام المؤلف................................................................................
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
ذكر بعض الفوائد المتعلقة بالاعتكاف:
فائدة (1): هل التفضيل في المساجد الثلاثة الفرضية والنافلة......................
فائدة(2): هل تضاعف بقية الأعمال الصالحة في هذه المساجد كما تتضاعف الصلاة؟................................................................................
فائدة (3): هل مضاعفة الأجر خاص في المساجد الثلاثة أو كل ما حوله فهو مثله؟..................................................................................................
الخلاف في المسألة مع بيان الراجح...........................................................(9/55)
286 ... قوله =وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ الاِشْتِغَالُ بِالقُرَبِ+ ... 237
شرح كلام المؤلف................................................................................
287 ... قوله =وَاجْتِنَابُ مَا لاَ يَعْنِيْهِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ+ ... 238
شرح كلام المؤلف................................................................................
288 ... قوله =وَلاَ يَبْطُلُ الاِعْتِكاَفُ بِشَيْءٍ مِنْ ذالِكَ+ ... 238
شرح كلام المؤلف................................................................................
289 ... قوله =وَلاَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ، إِلاَّ لِمَا لاَبُدَّ لَهُ مِنْهُ+ ... 238
شرح كلام المؤلف................................................................................
حد الحاجة التي يجوز الخروج لها............................................................
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
290 ... قوله =إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ+ ... 239
شرح كلام المؤلف................................................................................
هل الأولى الاشتراط أم عدمه؟...............................................................
291 ... قوله =وَلاَ يُبَاشِرُ امْرَأَةً+ ... 239
دليل ما ذكره المؤلف..............................................................................
حكم دواعي الجماع كالمس والقبلة؟.......................................................
الراجح من الأقوال.......................................... ....................................
292 ... قوله =وَإِنْ سَأَلَ عَنِ الْمَرِيْضِ أَوْ غَيْرِهِ فِيْ طَرِيْقِهِ، وَلَمْ يُعَرِّجْ إِلَيْهِ، جَازَ+ ... 239(9/56)
شرح كلام المؤلف.......................................... .....................................
ذكر بعض الفوائد في الاعتكاف:
فائدة (1): بعض الناس يكون إماماً أو مؤذناً في مسجد لكن يرغب الاعتكاف في مسجد آخر... ...................................................................
فائدة (2): بعض الموظفين يرغب الاعتكاف، لكن يشترط الخروج للدوام..
فائدة (3): ومن الأمور أيضاً التي تعد منافية لروح الاعتكاف ما يحصل من اجتماع الشباب داخل الاعتكاف لغير فائدة..............................................
فائدة (4): بعض الشباب ـ هداهم الله ـ يعتكف بغير إذن وليه....................
فائدة (5): المشروع في حق المعتكف أن يدخل معتكفه..............................
فائدة (6): يلاحظ عند بعض المعتكفين كثرة الولائم والإسراف في المأكول والمشروب............................................................................................
293 ... الفهرس: ... 242(9/57)