طهرت ولم تغتسل فأقل ما وصفنا ؛ لأن حكم الدينار على فور الدم . 3449 - قال إسحاق : وأمَّا الشَّاةُ يعدو عليها الذئبُ فيبقر بطنَهَا حتى تخرجَ المصارين فَيُخاف عليها موت من ذَلِكَ حَتَّى يُعلمَ أنَّه لا يعيشُ مثلها ، فالسنة ما وصفَ ابنُ عباسٍ ( رَضِي اللهُ عَنْهما ) ؛ لأَنَّه وإِنْ ألقى المصارين فإِنَّ الشَّاةَ حيةٌ بعدُ ، فإنَّما يقعُ الذبحُ والذكاة على الحي ولا ينظر أيعيشُ مثلها أم لا . ( وكذلك لو عرض لها الموتُ حَتَّى أشرفَتْ فخشي أنْ لا يعيشَ مثلها ) ، فمادام الروح فيها فله أن يذكيها ويأكلها ، فإن ذبحهَا وهي مريضةٌ أو بها ( علة ) ، قد عرضَ لها الموتُ ولم ( يسل ) منها الدم أو تحركت أو لم تتحرك وسَالَ منها الدم ، وكلما بلغ المذبح وقطع الحلقوم والودجين فإَنَّ لَهُ أَنْ يأكلَها ؛ لأنَّ ذَلِكَ مبلغ الذبح . وأمَّا مَا قَالَ هؤلاءِ : إذا خرجَ الأمعاء فإِنَّه لا يحلُّ أكلُهَا وإن ذكيتها لما لا يعيشُ مثلُهَا ، فإِنَّ ذَلِكَ خطأ خلاف السنة ؛ لما مضت السنة بما وصفنا ، وإنما ينظرُ عند الذبحِ أحية هي أم ميتة ، ولا يمنع الذكاة مما يخشى من العوارض بعد ، وكذلك لو عرضَ لها الموتُ أو نزل بها داء يخاف أن لا يعيش مثلها ، فذكاها وهي حية ، فلا بأس بها .
____________________
(2/581)
3450 - قَالَ إسحاق : وأمَّا الذي نختارُ مِنَ الأذانِ والإقامة أن يؤذن مَثنى مَثنى ويقيم واحدة إلا قوله : قد قامت الصلاة مرتين ، وكذلك : الله أكبر الله أكبر ، في أوله وآخره . قَالَ إسحاقُ : الله أكبر ( الله أكبر ) هو مرة . 3451 - قَالَ إسحاق : الذي نختارُ أنْ يُصلِّيَ صلاةَ الفجر بغلس ، ولا يكون التغليس عند ابتداءِ طلوع الفجر ، يؤخر قليلاً عن أوَّلِ طلوعها ، ولكن إذا ابتدأ حينئذ طول القراءة قليلاً ، وإنما أخطأ هؤلاء حين سمعوا عن النبي ( / 220 ظ / ( أنه ) قَالَ : ( أسفروا بالفجرِ فَإِنَّه أعظم للأجرِ ) وذلك أن يؤخر عن أول الفجر قليلاً ، ليس يعني : أن يؤخرها حتى تكون قرب طلوع الشمس ، ثم يصليها ويقرأ فيها قصار المفصل . 3452 - قَالَ إسحاق : وأما المتسحر في البيتِ وهو يرى أَنَّ عليه ليلاً ، فإذا هو قد أصبح أيقضي يومًا مكانه أو لا ؟ فإنه ليس عليه القضاءُ ، وحكمه كمن أكلَ ناسيًا نهارًا ؛ لأنَّه أكلَ وهو عند نفسِه في حد مَن يَحِلُّ له الأكل ؛ لأنَّ الأكلَ بالليلِ مباحٌ ، فهو كمن أكلَ نهارًا ناسيًا وهو يرى أنَّه غيرُ صائمٍ ، فإن أخذَ
____________________
(2/582)
بالاحتياطِ فقضى يومًا مكانه ؛ لما لم يجمع العلماء ( عليه ) كما ( لم يجمعوا ) على الأكل ناسيًا فهو أحبُّ إلينا . 3453 - قَالَ إسحاقُ : وأَمَّا الذي يأتي امرأتَه في دبرِها ، ثم يندمُ ما كفارته ؟ فَإِنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَدْ صَحَّ عنه أَنَّه قَالَ : ( لا ينظرُ اللهُ يومَ القيامةِ إلى رجلٍ أتى امْرَأتَه في دبرِهَا ) وقالَ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : / 361 ع / ( ملعون من أتى ذَلِكَ من الرجال والنساء ) وقد ذكر عن أبي هريرة ( رَضِي اللهُ عَنْهُ ) عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن : ( من أتى حائضًا ، أو كاهنًا فصدقه ، أو امرأة في دبرِها فقد كفر بما أُنْزِلَ على محمَّدٍٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ) . فإذا ابتلي الرجل فارتكب ذَلِكَ من امرأتِه أو جاريتِه فليخلصِ التوبةَ ، فإِنِّي لا آمن أن يكون كفرًا ، وإن رأى قوم أن ذَلِكَ على استحلالٍ يكون كفرًا فقد ذهبوا مذهبًا حسنًا ، وليتقرب إلى اللهِ
____________________
(2/583)
بما استطاعَ مِنَ الصَّدقةِ وغير ذَلِكَ ، فإنا وإن لم نَجدْ سُنَّةً في الكفَّارَةِ لفاعلِه فقد وَجَدْنَا عَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيمن أتى الحائضَ كفارة صحيحة قال : ( يتصدق بدينارٍ إذا كانَ الدَّم عَبِيطًا ، وإن كان فيه صُفْرةٌ فنصف دينار ) . وحتى ذكر عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَنَّه أمَرَ عمر ( بن الخطاب ) ( رَضِي اللهُ عَنْهُ ) بخمسي دينار ، وذلك على قدرِ رقة الدم وغلظه وقرب طهره من بعده . فرأى الصدقة على قدر عِظَم الذنب وصغره ، وكذلك يعمل التائب من إتيانها على ما وصَفْتُ ، فكفارته أغلظ من كفارة الحيْض ؛ لأن ذَلِكَ الذنب أعظم من ذنب إتيان الحائض فيما نرى والله ( سبحانه وتعالى ) أعلم . وقد ثبتنا أن الكفارات إنما تجيء على قدر الذنوب ، وأخطأ هؤلاءِ في الحائضِ حيث لم يروا على صاحبِه كفارة ، وتأولوا قول إبراهيم وضُرَبائِه : إنه ذنب ، فليستغفر ( الله ) وصدقوا في
____________________
(2/584)
ذلك ( ولم يزيلوا عنه الكفارة ) ، وإن لم يأمروا بالكفارة فهو مما لم يسمعوا ، ولو سمعوا كانوا متبعين لأمرِ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فلا يستوي من سمع سنة عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فهجرها مع من لم يسمع بها ، وإنما الحجة ( على ) مَنْ ( رَدّ ) السُنَّة بعينها استخفافًا ( ورغبة عنها إلى قول من لا يعلم علمها ، وقد قَالَ ابن عباس ) : كيف لا تخافون أنْ يُخسفُ بكم ( أو تعذبوا ) وأنتم تقولون : قَالَ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، وقال فلان . 3454 - قَالَ إسحاقُ : أما الميزاب الذي كان مصبه في دارِ رجل ، وإن الرجل بنى بناء منع ذَلِكَ الميزاب من المصب ، فإن كان يعلم ( أن ذَلِكَ ) ملكًا لرب الميزاب من ذَلِكَ الموضع فله أن يمنعه من البناء لموضع مصبه ، وإن لم يكن ذَلِكَ على قدر المعاينة فأراد الباني أن يكونَ مصبه على سطح آخر ، ولا يكون على صاحب الميزاب ضرر ( فإن ) ذَلِكَ له ، إنما عليه أن لا يمنعه مَصَبَّ ماءِ ذَلِكَ الميزاب كالمجْرى يكون في دارِ قوم وأرضهم فأراد صاحب الملك أن يحول مسيل مائه ناحية من أرضه أو داره ، ولا ضرر على صاحب المسيل فله ذَلِكَ ، ( وكذلك ) قضى عمر بن الخطاب ( رَضِي اللهُ عَنْهُ ) في ذَلِكَ ،
____________________
(2/585)
ولا ضرر في الإسلام ، وأخطأ هؤلاء حيث فرقوا بين المسيل والمجرى فقالوا : إذاكان مسيلٌ فلرب الأرض تحويله ؛ لأن عليه مرور الماء ( لأرضه ) وإذا كان المجرى فليس له التحويل ولا التحريك من موضعه ؛ لأن الذي له المجرى ملك الرقبة ، إلاَّ أنَّهم قالوا : إذا أقر الرجل أن له مجرى في أرضي أو داري ، فقد أقر بالرقبة ( وإذا أقر أن له المسيل في داري ، لم يكن ذَلِكَ منه إقرار بالرقبة ) ففصلوا بين القولين بغير سنة ، ولا ( قياس ) عليها ، ولم يفكروا أن ( صيروا ) هذين القولين بغير العربية كيف يتكلم عليها أنها كلمة واحدة مذهبهما واحد ، أو أن يحتمل الشيء أسامي كثيرة ، ( فلذلك قُلْتُ ) : لو تفكروا في غير العربية لعلموا أنه اسم واحد وأن الفعلين ( مختلفان ) . 3455 - قَالَ إسحاق في طلاق / 362 ع / السكران : ( إن ) كانَ مَا تكلَم به السَّكرانُ مِنْ طلاقِ أو عتاق أو بيع أو شراء وهو يذكرُ ذَلِكَ ، فإنَّ ذَلِكَ واقعٌ عليه ، وَأَمَّا إذا كان ذاهب العقل كالمجنون ، ويُذَكَّرُ فلا يذكر وَسَعَهُ فيما بينه وبين الله عزَّ وجلَّ إن شاء الله ( تعالى ) .
____________________
(2/586)
وَأَمَّا المرأةُ فإِنَّها إِنْ عقلت ما كان منه أَنَّه لم يعقلْ حين تكلَّم ( ثم ) رافعته إلى الحاكم حتى يحلفه باللهِ ( تبارك وتعالى ) ما طلقها ثَمَّ حينئذ يسعها / 220 ظ / . 3456 - قَالَ إسحاقُ : وأما قبض أرواح السباع والبهائم وسائر الدواب فَإِنَّ بقيةَ ( بن الوليد ) أخبرنا في حديثٍ عن ابنِ عباسٍ ( رَضِي اللهُ عَنْهما ) أَنَّه سُئِلَ عن أرواحِ البهائمِ : من يقبضها ؟ فقال : ملكُ الموتِ ( صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ) . وقد ذُكر في حديثٍ آخر أنَّها أنفاس تخرج ، وكل قد جاء ، وليس على المتعلم في ( مثل ) هذا أو شبهه مضرة ( إلا ) أن يكون سقط عليه ، بل يؤدي ما سمع كما سمعَ ، فأمَّا أَنْ يحكمَ بأمرٍ ليس بمجمع عليه فليسَ ذَلِكَ له . 3457 - قَالَ إسحاقُ : وأمَّا المصلي وحدَه وهو ينظرُ في المصحفِ ( أو يَقلب الورق ) أو يُقلب له ، وكل ما كان ( من ) ذلك منه إرادة أن يختم القرآن ، أو يؤم قومًا ليسوا ممن يقرءون فهو سنة ، كان أهلُ العلم عليه ، قد فعلَتْ ذَلِكَ عائشةُ ( رَضِي اللهُ عَنْها ) ومَنْ بعدها مِنَ التابعينَ اقتدوا بفعلها ( رَضِي اللهُ
____________________
(2/587)
عَنْها ) ، ولم يجئ ضده من أهل العلم وإِنْ قُلب له الورق كان أفضل ، فإِنْ لم يكن له من يقلب قلب هو لنفسِهِ . 3458 - قَالَ إسحاقُ : وأمَّا العالمُ ( يعني ) بالشيء يكون مخالفًا لما جاءَ من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أو التابعين بإحسان لما يكون قد عزب عنه معرفة العلم الذي جاء فيه ، فإِنَّ على المتعلمين أَنْ يهجروا ذَلِكَ القولَ بعينه من العالم الذي خفي عليه سنته ، ولا يدخل على الراد ذَلِكَ نقض ما رد على من هو أعلم منه ليتبع في ذَلِكَ ما أمر ؛ لما قَالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( إِنَّ مما أتخوفُ على أُمَّتي اتِّبَاعَ زلة العالمِ ) ثم فسر النجاة من ذَلِكَ ؟ فقال : ( أما العالم إذا زل فلا تتبعوا زَلتَه ) فهذا يصدق ما وصفنا . ولقد قَالَ ابن المبارك ، وجرى ذكر من يسئل الرأي في عصر سفيان فقال : ما رأت ( عيناي ) قط أعلم من سفيان ، ثم ذكر لابن المبارك مسائل كثيرة قالها سفيان يخالفه ، من ذَلِكَ رفع الأيدي في المكتوبات إذا ركع وإذا رفع رأسه ، فقال : ما يمنع هؤلاء الذين لا يرفعون إلا الكسل حتى أنه قَالَ يومًا ( للشيخ ) ( قَالَ أبو محمد يعني : أبا حنيفة ) وذكر أنه من رفع يديه عند الركوع يريد أن ( يطير ) ، فقال ابن المبارك : إذا كان إذا رفع عند الركوع يطير فإنه في الاستفتاح ، كذلك أخبرني
____________________
(2/588)
بذلك وكيع ( عنه ) حتى أنه قَالَ : ما رأيت جوابًا أحسن من جواب ابن المبارك . فلم يمنع عبد الله ما قَالَ في سفيان من أنه أعلم أهل الأرض . أن يرد عليه خطأه ؛ لقول النبي ( ويظن به الظن الحسن أنه قد فاته ، وكذلك من اقتدى بابن المبارك يلزمه مثل ما لزمه . 3459 - قَالَ إسحاقُ : أخبرني أبو وهب أَنَّ ابنَ المبارك قَالَ : حاجَّني أهلُ الكوفةِ في المسكرِ ، فقلتُ / 363 ع / لهم : إِنَّه حرامٌ فأنكروا ذَلِكَ ، وسموا من التابعين رجالاً مثل إبراهيم ونظرائه فقالوا : ألقوا الله ( عزَّ وجلَّ ) وهم يشربون الحرام ؟ فقلت لهم ردًّا عليهم : لا تسموا الرجال عند الحجاج ، فإن أبيتم فما قولكم في عطاء وطاوس ونظرائهم من أهل الحجاز ؟ فقالوا : خيار . فقلت : ( فما ) يقولون في الدرهم بالدرهمين ؟ فقالوا : حرام . ( فقلت لهم ) : أيلقون الله ( عزَّ وجلَّ ) وهم يأكلون الحرام ، دعوا عند الحجاج تسمية الرجال . 3460 - قَالَ إسحاقُ : الإيمانُ قولٌ وعملٌ ، يزيدُ وينقص ، ينقص حَتَّى لا يبقى ( منه ) شيءٌ . ( قَالَ إسحاقُ بنُ منصور : وأنا أقول بها ) .
____________________
(2/589)
3461 - سُئِلَ إسحاقُ عَنِ الْحج . فقالَ : يتمتع . 3462 - سُئِلَ إسحاق عن الصَّومِ في السفرِ . قَالَ : لا أراه ، الإفطارُ أحبُّ إليَّ . 3463 - ( قال إسحاق : إن لم يسلم في ركعتي الوتر ففيه شي ، وأما الذي لا اختلاف فيه أن يدعو الإمام ويؤمن من خلفه ) . 3464 - سألتُ إسحاقَ عَنِ الرجلِ يُصلِّي ويشد وسطه بخيط ، فكرهه إلاَّ أَنْ يكونَ عمامة . 3465 - سُئِلَ إسحاقُ : كم يقرأ في قيامِ شهرِ رمضان ؟ فلم يرخص في دون عشر آيات . فَقِيلَ ( له ) : إِنَّهم لا يرضون . قَالَ : لا رَضوا ، فلا تأمهم إذا لم يرضوا بعشرِ آيات مِنَ البقرةِ ، ثم إذا صرت إلى الآياتِ الخفاف ، فبقدرِ عشر آيات مِنَ البقرةِ . 3466 - سُئِلَ إسحاقُ عن الرواح ، فكرهه . ( قال أبو محمد الطيالسي : الرواح : يعني : في الصَّلاةِ ) . 3467 - وكان إسحاقُ : يوتر بنا فربما ، قرأَ في أوَّلِ ركعة بالأعرافِ ، ويصادف وتره ( بعد ) الصبح ،
____________________
(2/590)
3468 - وكان إسحاقُ يرى قضاءَ الوترِ بعدَ الصبحِ ما لم يصل الفجرَ ، ويرفع يديه في القنوتِ الشهر كله ، ويقنت قبلَ الركوعِ ، ويضع يديه على ثديه أو تحت الثديين ، ويقرأُ ( بالسورتينِ ) ويقرأُ في كلِّ واحدةٍ : بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم يدعو ويؤمنُ مَنْ خلفه ، يدعو للمؤمنينَ والمسلمين ، ويدعو على الكافرين ، ويصَلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، ويدعو بدعاءِ الحسن بن علي ( رَضِي اللهُ عَنْهما ) ويقرأ بآخر ( سورة ) البقرة ، ثم يسكت ساعة ، ثم يركع . 3469 - قَالَ إسحاق في القُرعَةِ : يؤخذ ( في القرعة ) عود شبه القدح فيكتب عليه عبد ( وعلى الآخر عبد ) وعلى الآخر حر . 3470 - كره إسحاقُ أَنْ يُعطَى صدقَةَ الفطرِ قبلَ يومِ الفطرِ المساكينُ ، فإن أَعْطى الذين يقبضون قبل الفطر فلا بأس به ؛ لأنهم يقسمونها بعد الفطر . ودعا ( إسحاق ) يوم الفطر ببر إلى المسجد ، فربما أعطى الرجل ثلاثة آصعٍ وربما / 222 ظ / أعطى صاعين ، وأعطى رجلاً ستة آصع ، وكره أن يُعطَى مسكين أقل من صاع .
____________________
(2/591)
3471 - ورأيتُ إسحاقَ يشربُ الفقاع ، وكان لا يرى بشربهِ بأسًا . 3472 - قُلْتُ لإسحاقَ : رجلٌ صَلَّى صلوات ، ولم يقرأ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ مع الحمد . قَالَ : يعيدُ الصلوات . 3473 - قَالَ إسحاقُ : لا بأسَ أَنْ يكونَ بين يدي المصلي ( شيء موضوع ) بالأرضِ إلاَّ أنْ يكونَ ( بُعد ) ولا يكون معلقًا بالقبلة . 3474 - سُئِلَ إسحاقُ عَن ركعتي الفجرِ . قَالَ : إذا أقيمت الصَّلاة لا يصليهما في بيته أحبُّ إليَّ ، وأمَّا في المسجدِ / 364 ع / فلا وإن قضاهما بعد الصَّلاةِ بعد طلوعِ الشمسِ أحبُّ إليَّ ، وإن شاء لم يصلهما . 3475 - ( سُئِلَ إسحاقُ عَن رجلٍ قَالَ : زوجتُ ابنتي من ابْنِكَ . فقالَ أبو الغلام : قبلتُ ولم يذكرِ المهرَ . قَالَ : النكاح جائزٌ ، ولها مهرُ مثلِهَا . قيل : فزوَّجَهَا الولي مِنَ آخر . قَالَ : ليسَ له نكاحٌ ، ولا مهرَ لها عليه إلاَّ أَنْ يكونَ دَخَلَ بها ) . 3476 - قَالَ إسحاقُ : سنةُ الإبلِ والشاء واحدةٌ في الصدقاتِ ( أحد وعشرين ) .
____________________
(2/592)
3477 - واعتكفَ ( إسحاقُ ) في العشرِ الأواخر ، وكان يستنجي في الطستِ في المسجد ، وباتَ ليلةَ الفطرِ في المسجدِ ، ثم دخلَ بسحر الحمام ، ثم صلَّى الغداةَ ثُمَّ قَعدَ في المسجدِ ، واجتمعَ إليه بعضُ أصحابِه فأفطر بما حضر ، ثم تطيب فلمَّا طلعتِ الشمس حسنا خرجَ إلى المصلى فكانَ يُكبِّرُ في الطريقِ . 3478 - سُئِلَ إسحاق عن رجلٍ أراد ( سفتجة ) من رجل إلى سجستان . فقال : المطلوب أنا أكتري لصاحبك إلى سجستان ليقبض المال رجلاً بأربعة آلاف درهم . قَالَ : بكم يوخد إلى سجستان رجل ؟ . قُلْتُ أنا : بمائة درهمٍ . قَالَ : ثلاثة آلاف وتسعمائة ربا . 3479 - قَالَ إسحاق : وأما المكاري والجمّال ( وملاحو ) السفينة والرعاء ومن يخرج إلى ( محسره ) في ضيعة لا يؤم سفرًا في غزو ولا حج ولا عمرة ولا غير ذَلِكَ ، فإن الاختيار لهم أن يتموا الصلاة ؛ لما ( رأى ) عثمان وابن مسعود ( رَضِي اللهُ عَنْهما ) وغيرهما ( من ) التقصير في الحج والعمرة والجهاد وغير
____________________
(2/593)
ذَلِكَ مما يشبهه ، فقد خرج من معنى ما وصفنا من المكاري والرعاء والجمّال ؛ لذلك قلنا الاختيار لهم إتمام الصلاة مع ما فسر عطاء ونظراؤه من التابعين ذَلِكَ كما وصفنا وبينا . 3480 - ( سُئِلَ ) إسحاقُ في موتان الأرضِ الموات في كل موضع ، ويحتاجُ إلى إقطاعِ السلطانِ أم لا ؟ وكيفَ يكونُ إحياؤه ؟ وإنْ ماتَ قبلَ أن يحيى يكون لورثته منه شيءٌ ، أم ( هي ) لمنِ اسْتحيَاها ؟ قَالَ : كُلُّ موات يكونُ في أرضِ العرب ، وكلّ أرضٍ لم يوضع عليها خراج ، وإن كان حوالي القرية بعدَ أَنْ يكونَ عامرًا لا يعلوها الماء فهي لمن أحياها لا يحتاجُ فيها إلى السلطانِ ، فَأَمَّا الأرضون التي وضع على قريتِه الخراج فإِنَّه لا بد مِنْ أَنْ يقطع السلطان ؛ لأنه ما أخد من هذا الذي أحيا ، وليس لورثةٍ أخذ الموات شيء ، إذا لم يكن أحياها بزراعة أو حائط يحوط أو ما أشبه ذَلِكَ من المسبيات حواليها . 3481 - قُلْتُ لأحمد ( بن حنبل ) : يُكتبُ في الخاتمِ ذكرُ اللهِ ( عزَّ وجلَّ ) ، أو شيءٌ مِنَ القرآنِ ؟ قَالَ : لا يكتب فيه ذكر الله ( عزَّ وجلَّ ) . قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ ؛ لما يدخل فيه الخلاء .
____________________
(2/594)
3482 - قُلْتُ : تكره إتيان المعادن ؟ قَالَ : أليس يروى أَنَّه لا يأتيها إلاَّ شرار الخلقِ . قَالَ إسحاق : في إتيان المعادن إذا أتاها لطلب المعيشة ، وفيه استصلاح الرعية لما تكون لبيت المال فحسنٌ . 3483 - قُلْتُ : هديةٌ المشركِ . قَالَ : أليس يُقال : إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رد وقبل . قَالَ إسحاقُ : يقبل ويكافئ إذا لم يكن حاكمًا . 3484 - قُلْتُ : القطيعة تثبت عن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم . قَالَ : هو ثبت عن النبي ( . قَالَ إسحاق : شديدًا . 3485 - قُلْتُ : قطع السدر . قَالَ : إني أحبُّ أَنْ أتوقاه . قُلْتُ : الحديث في الحرم ( أو الحرم ) وغير الحرم . قَالَ : ( الحرم وغير الحرم ) . 3486 - قُلْتُ : فالرجل يريد أن يبني في مكانِه كيف يصنع ؟ قَالَ : إذا كان في موضع الضرورة فهو أهون من أن يقطعه من غير شيء . قَالَ إسحاق : كما قَالَ / 365 ع / ومعنى ذَلِكَ في الأصل في الحرم إلا أن التوقي في غير الحرم أيضًا حسن .
____________________
(2/595)
3487 - قُلْتُ : السحرُ حقٌّ ؟ قَالَ : بلى ، أليسَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد سحرَ ؟ ! قَالَ إسحاق : ( أليس ) كما قَالَ ؟ ! 3488 - قُلْتُ : تكره أَنْ يَجْلِسَ الرجلُ بين الظلِّ والشَّمسِ ؟ قَالَ : هذا مكروه ، أليس قد نهى عن ذا ؟ ! قَالَ إسحاقُ : قَدْ صَحَّ النهي فيه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ( ولكن ) لو ابتدى فجلس فيه أهون . 3489 - قُلْتُ : يُكره التفل في الرقيةِ ؟ قال : أليس يُقالُ : إذا رَقى نفخَ ولم يتفل ؟ ! قَالَ ( إسحاق ) : كمَا قَالَ . 3490 - قُلْتُ : تكره للمرأةِ أن تستلقيَ على قفاها ؟ فقال : إي والله ، يروى عن عمر بن عبد العزيز ( رَضِي اللهُ عَنْهُ ) أنه كرهه . قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ . 3491 - قُلْتُ : تكره أَنْ يقولَ الرجل : ما شئتَ ؟ قَالَ : كان عثمان ( رَضِي اللهُ عَنْهُ ) يكرهه ، وإن قَالَ : إن شئتَ أحسن / 223 ظ / . قال إسحاق : نَهيُهُما واحد إلا أنه يبدأ ما شاء الله عزَّ وجلَّ ، ثم شئتَ .
____________________
(2/596)
3492 - قُلْتُ : تكره أن يكنى المشرك ؟ قَالَ : أليسَ قَدْ قَالَ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين دخلَ على سعدِ بن زرارة فقال له : ( أما ترى ما يقولُ أبو الحباب ) . قَالَ ( إسحاق ) : ليس في هذا بيان ، ولكن له أن يكنيه إذا كان يعرض عليه الإسلام أو يكون سبب آخِرهٍ ، وإن كانت حاجة ( للدنيا ) فكنيته فلا بأس . 3493 - قُلْتُ : ( تكره ) أن يكنّى بأبي القاسم أو بأبي عيسى ؟ قَالَ : عمر ( رَضِي اللهُ عَنْهُ ) كره أبا عيسى ، وأما إذا لم يكن اسمه محمدًا فهو أهون ، وهو يثقل عليَّ يعني : أن يكنى بأبي القاسم . قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ . 3494 - قُلْتُ : تكتني المرأة ؟ قَالَ : عائشةُ ( رَضِي اللهُ عَنْها ) كناها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أم عبد الله . قَالَ إسحاق : ( حسن ) كمَا قَالَ . 3495 - قُلْتُ : تكره السير الشديد ؟ قَالَ : أما في الأمر الذي يحدث فإنه لشديد على الدابة . قَالَ إسحاق : هو واسع إذا احتمل أو لم يثقله ، وهذا فيه سنة ابن عمر ( رَضِي اللهُ عَنْهما ) سار مسيرة ثلاث في يوم ( حين ) حزّبه أمر .
____________________
(2/597)
3496 - قُلْتُ : يُكره الخضاب بالسواد ؟ قَالَ : إي والله ، مكروه . قَالَ إسحاق : شديدًا كما قَالَ ، إلا أن يريد ( به ) تزيينًا لأهله ، ولا تُغَرُّ به امرأة . 3497 - قُلْتُ : يكره للرجلِ أَنْ يقولَ للرجل : فداكَ أبي وأُمِّي ؟ قَالَ : يكره أن يقولَ : جعلني الله ( تعالى ) فداك . ولا بأس أن يقول : فداك أبي وأمي . قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ . 3498 - قُلْتُ : يكره أن يزينَ المصحف بالذهبِ أو يعشر ؟ قَالَ : أما يعشر فليس به بأسٌ ، وأما النقط ما أنفعه ، والتزين بالذهبِ والفضة مكروه . قَالَ إسحاق : كُلُّ هذا مكروه ، لأنَّه محدثٌ . 3499 - قُلْتُ : يكره أن يجتمع القوم يدعون الله ( سبحانه وتعالى ) ويرفعون أيديهم ؟ قَالَ : ما أكرهه للإخوان إذا لم يجتمعوا ( على ) عمد إلا أن يكثروا . قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ ، وإنما معنى : أن ( لا ) يكثروا يقول : ( أن ) لا يتخذوها / 366 ع / عادة ( حَتَّى ) يعرفوا به .
____________________
(2/598)
3500 - قُلْتُ : قَالَ جابر استأذنت ( على ) النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فقال : ( من هذا ؟ ) قُلْتُ : أنا . ( قال : ( أنا أنا ) ) . قَالَ : هو بمنزلة دق الباب حتى يقول : أنا فلان . قَالَ إسحاق : إنما يعني : كراهيته إن لم يسم ( من ) يعرف ( حتى يقول ) أنا فلان . 3501 - قُلْتُ : أتكره أَنْ يمشيَ الرجلُ في نعلٍ واحدة ( أو خف واحدة ) . قَالَ : إي لعمري ، ولا ينتعل ( الرجل ) قائمًا . قَالَ إسحاق : كما قال . ( قُلْتُ ) : أو ينتعل اليسرى قبلَ اليمنى ، أو ينزع اليمنى قبلَ اليسرى ؟ قَالَ : أكره هذا كلَّه . قَالَ إسحاق : كمَا ( قَالَ ) . 3502 - قُلْتُ : يقطع الرجل رِجْلَه من الأكلة ؟ قَالَ : عروة ، أليس قد فعل ؟ ! إذا كان يخاف على أكثر من ذَلِكَ . قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ .
____________________
(2/599)
3503 - قُلْتُ : يكره التحريش بين الدواب ؟ قَالَ : سبحان الله ؛ إي لعمري . قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ . 3504 - قُلْتُ : الديباجُ في الحربِ ؟ قَالَ : ما يعجبني في الحربِ ، ولا ( في ) غيره . قَالَ إسحاق : بل هو جائز ( في الحرب ) إذا كان ذَلِكَ أهيب للعدو . 3505 - قُلْتُ : يقيدُ العبد أو يجعل في عنقه راية ؟ قَالَ : أما الراية فمثلة ، وأما القيد على ذاك إذا كان يحبسه . قال إسحاق : ( لا تجوز ) الرايةُ إلاَّ أَنْ يكون آبقًا معروفًا ( به ) فيجعل ذاك في عنقِه لكي يعرف به فيرد ، وأما القيد فأكرهه لحالِ الصَّلاة إلا أن يحله في وقتِ الصَّلاةِ . 3506 - قُلْتُ : كيف يكتحلُ الرجلُ ؟ قَالَ : وترًا ، وليس له إسنادٌ . قَالَ إسحاق : السنة أن يكتحل وترًا ثلاثًا في الأول ، وثنتين في ( الآخرة ) فإن اكتحل في ( كل ) عين ثلاثًا جاز .
____________________
(2/600)
3507 - قُلْتُ : يُسبحُ الرجل بالنوى ؟ قَالَ : قَدْ فَعلَ ذَلِكَ أبو هريرةَ وسعد ( رَضِي اللهُ عَنْهما ) ، وما بأس بذلك ، النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد عَدَّ . قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ . 3508 - قُلْتُ : الخاتمُ من ذهبٍ أو حديد يكره ؟ قَالَ : إي والله ، الحديد يكره . قَالَ إسحاقُ : كلاهما كما قَالَ . 3509 - قُلْتُ : ( قولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لعمار رضي الله عنه : ( تقتلك ) الفئةُ الباغيةُ ) . قَالَ : لا أتكلَّمُ فيه ، ( ترْكُه أسلم ) . ( قال إسحاق : بل هو معاوية وأصحابه ) . 3510 - قُلْتُ : يكره لعمري ولعمرك ؟ قَالَ : ما أعلمُ به بأسًا . قال إسحاق : ( تركه أسلمُ ) لما قَالَ إبراهيم : كانوا يكرهون
____________________
(2/601)
( ويقولون : ليقل ) : لعمر الله / 224 ظ / . 3511 - قُلْتُ : تكره زعموا أو زعم فلان ؟ قَالَ : أما زعموا فهو مكروه ، قَالَ : بئس مطية الرجل زعموا . قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ . 3512 - قُلْتُ : التسليمُ على النساءِ ؟ قَالَ : إذا كانت عجوزًا ، فلا بأسَ به . قَالَ إسحاقُ : كمَا قَالَ . 3513 - قُلْتُ : الذهبُ والحرير للنساءِ ؟ قَالَ : أرجو أن لا يكونَ به بأسٌ ، ولكن الذهب لا تظهره . قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ ، وقوله : لا تظهره . يعني : لا تباهي به ، تظهره للناسِ . 3514 - قُلْتُ : تحف المرأةُ جبينها ؟ قَالَ : أكره النتف ، والحلق ليس به بأسٌ . قَالَ إسحاقُ : كمَا قَالَ . 3515 - قُلْتُ : العزل ؟ قَالَ : أمَّا الحرة فبأمرِهَا ، وأمَّا الأمةُ فأرجو أن لا يكونَ به بأسٌ . قَالَ إسحاقُ : كمَا قَالَ .
____________________
(2/602)
3516 - قُلْتُ : نثر السكر في العرس ؟ قَالَ : أعجبُ إليَّ أن يُعطَى كل إنسان . قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ ، ويكره النثر ؛ لأنه شبه النهبة ، وإن كان مأذونًا لا يدري ( كل واحد ) ما حقه الذي يأخذه . 3517 - قُلْتُ : يقبلُ ( الرجلُ ) يدَ الرجلِ ؟ قَالَ : على الإخاءِ . قَالَ إسحاقُ : نعم ، هو سنة إذا كان على وجه الحبِّ / 367 ع / في اللهِ ( عزَّ وجلَّ ) وعلى غير ذَلِكَ بدعة . 3518 - قُلْتُ : ( بيع الرجل الدراهم الزيف ؟ ) قَالَ : أما اليوم فلا يعجبني . قَالَ إسحاق : له أن يبيع ويبتاع إذا بين ذَلِكَ ؛ لما قَالَ عمر ( عليه السلام ) : من زافت ( عليه دراهمه ) . 3519 - قُلْتُ : إذا اشترى جاريةً عذراء ؟ قَالَ : لابد من أن تُستبرأ . قَالَ إسحاق : إن شاء لم يستبرئها . 3520 - قُلْتُ : ( الرجلُ ) يصرع من الجنونِ ؟ قَالَ : إذا أفاقَ اغتسلَ . قَالَ : لا ، أما الوضوء فلا بأسَ به .
____________________
(2/603)
قَالَ إسحاقُ : الوضوءُ ( لازم ) ، والغسلُ أحب إلينا لما أغمي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلما أفاقَ اغتسلَ ، وبه أخذَ الحسن . 3521 - قُلْتُ : في الزيتون العشرُ ؟ قَالَ : نعم ، العشر . قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ . 3522 - قلت : الصحف تجتمعُ عند الرجلِ فيها اسم الله ( عزَّ وجلَّ ) أيحرقها ؟ قَالَ : يمحوها أعجب إلي . قال إسحاقُ : يمحو ذكرَ اللهِ ( تعالى ) منها ، ثم يحرقُ إِنْ شَاءَ أو يدفن . 3523 - قُلْتُ : إذا علمَ مِنَ الرجلِ الفجور أيخبرُ به الناس . قَالَ : لا ، بل يستر عليه ، إلاَّ أَنْ يكونَ داعيةً . قَالَ إسحاق : لا ، بل عند الحاجة في تعديل أو تزويج أو ما أشبهه فليخبر به ؛ لأنه ليس بغيبة حينئذ . 3524 - قُلْتُ : سأل سعيد بن زيد ابن مسعودٍ ( رَضِي اللهُ عَنْهما ) : قبض النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأين هو ؟ قَالَ : لا أدري ما هذا الحديث . قَالَ إسحاق : هذا واضح بَيّن ؛ لأنه يدل على كراهية نصب
____________________
(2/604)
الشهادة لمن لم يسمع ذَلِكَ من النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فمن سمعه لزمه أن يشهد . 3525 - قُلْتُ : أخذَ ابن عمر ( رَضِي اللهُ عَنْهما ) لصًا في داره فأصلت عليه السيف . قَالَ : إذا كان مقبلاً ، فأمَّا موليًا فلا . قَالَ إسحاقُ : كمَا قَالَ . 3526 - ( قُلْتُ : ما يكره من المعاليق ) ؟ قَالَ : كلُّ شيءٍ يعلق فهو مكروه . قَالَ : من يعلق ( تميمة ) وكل ( إليها ) . قَالَ إسحاق : كما قَالَ ، إلا أن يفعله بعد نزول البلاء ، فهو حينئذ مباح له ؛ ( لما ) قالت عائشة ( رَضِي اللهُ عَنْها ) ( ذَلِكَ ) . 3527 - ( حَدَّثَنَا إسحاقُ بنُ منصور المروزي الكوسج قَالَ : قُلْتُ
____________________
(2/605)
لإسحاق بن إبراهيم : يتزوجُ العرب في الموالي ، وموالي تميم في تميم ، وغيرهم من الموالي فيمن يتوالون ؟ وهل يجوز لغير مواليهم أن يتزوجوا فيهم ؟ قَالَ : السنة أن لا يتزوج العرب إلا بعضهم في بعض ، وبعضهم لبعض أكفاء . وإن كنا لا نرى لقريش خاصة أن يزوجوا أو يتزوجوا إلا بعضهم في بعض ؛ لما لهم فضل على سائر العرب ، ولكن أن يزوجوا غير قريش بعد إذ هم عرب لم يجز التفريق بينهم ، وقد ذكر عن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه قَالَ : ( أكفاؤنا من العربِ بنو هلال ) ، ومؤدى التفريق بين قريش وسائر العرب لم يعلم به حجة . فأما أن يتزوج الموالي إلى العربيات فإنا نكره ذَلِكَ ، ونرى إن فعل ذَلِكَ أن يفرق بينهما إلا أن يكون مولى القوم خاصة ، فإنّا وإن كرهنا أن يتزوج عربية من موالياته جبنًا عن التفريق بينهما لقول النبي ( : ( إِنَّ الصدقةَ لا تحل لبني هاشم ) . قال : مولى القوم من أنفسهم فحرم عليهم الصدقة أيضًا . وقد قيلَ : الولاءُ لحمة كلحمة النسب ، فكان هذا بيانا لما خفنا من التفريق ، وكذلك فعل ابن سيرين أنه يزوح واطٍ ، وزعموا بذلك تصحيح النسب ؛ لما دخل السباء في الأحرار في زمن
____________________
(2/606)
الحجاج وبعده ، فيرى أن العربية إذا سبيت لم تملك أبدًا ؛ لما جاء أن يفدون ، فلذلك رغب في تزويج العربيات لصحة النسب ، وكذلك قَالَ ابن عون . وأَمَّا العجمُ فإذَا تزوَّجُوا العربيات / 368 ع / فرقَ بينهم ، وإن كانوا ذا يسارٍ وصلاح ، كذلك رأى الأوزاعي وسفيان ومالك وابن أبي ليلى . تَمَّ الكتابُ ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين ، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركا كما يحبُّ رَبُّنَا ويرضى ، وسبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، ولا حولَ ولا قوة إلاَّ باللهِ العلي العظيم بكرة وأصيلاً ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وصلى الله على سيدنا محمد خير البرية وأكرم العبيد ، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا ، دائمًا بدوام دار هو منقول إليها ، وعلى آله وصحبه وسلم ، ونسألُ اللهَ العفو والعافية في الدنيا والآخرة ، والنجاةَ مِنَ النارِ ، والنظرَ إلى وجهِه الكريم ، بفضله ورحمته ، إِنَّه على كلِّ شيءٍ قدير . وكتبه لنفسه أفقر عبيده إلى رَبِّه عزَّ وجلَّ : محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عمر بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن محمد بن مقدام بن نصر بن فتح بن حارثة بن محمد بن القاسم يعقوب بن إسماعيل بن إبراهيم بن حسين بن محمد بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أمير المتقين
____________________
(2/607)
رَضِي اللهُ عَنْهُ ، وعن صاحبِهِ الصديق وعن المسلمين ، آمين . وكان الفراغُ منه يوم السبت شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين وسبعمائة بمحلة الصالحين بمنزله بصالحية دمشق المحروسة . وغَفَرَ اللهُ تعالى له وللمسلمين أجمعين ، آمين ) .
____________________
(2/608)