كِتَابُ أَخْصَرِ اَلْمُخْتَصَرَاتِ
عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ بَدْرَانَ
http://www.taimiah.org/
تَقْدِيمُ حَضْرَةِ صَاحِبِ اَلْفَضِيلَةِ اَلْعَلَّامَة
اَلشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ اَلْجَرَّاحُ
بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى آلَائِهِ, وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ, وَمَنْ اِهْتَدَى بِهَدْيِهِ .
وَبَعْدُ:
فَإِنَّ اَلتَّفَقُّهَ فِي اَلدِّينِ مِنْ أَشْرَفِ اَلْعُلُومِ وَأَجَلِّهَا, وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ; لِيَعْبُدَ اَللَّهَ عَلَى عِلْمٍ, وَفِي "اَلصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ ( قَالَ : ( قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ ( مَنْ يُرِدِ اَللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي اَلدِّينِ ( (1) .
فَقَدْ أَفَادَ هَذَا اَلْحَدِيثُ اَلشَّرِيفُ أَنَّ اَلتَّفَقُّهَ فِي اَلدِّينِ جِمَاعُ اَلْخَيْرِ وَعُنْوَانُ اَلسَّعَادَةِ بِتَوْفِيقِ اَللَّهِ وَرِضَاهُ, قَالَ اَلْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- : "لَا يُثَبِّطُ (2) عَنْ طَلَبِ اَلْعِلْمِ إِلَّا جَاهِلٌ". وَهَذِهِ اَلْكَلِمَةُ غَايَةٌ فِي ذَمِّ اَلْجَهْلِ وَقُبْحِهِ .
وَقَالَ اِبْنُ اَلْجَوْزِيِّ : "لَا يَخْفَى فَضْلُ اَلْعِلْمِ بِبَدِيهَةِ اَلْعَقْلِ; لِأَنَّهُ اَلْوَسِيلَةُ إِلَى مَعْرِفَةِ اَلْخَالِقِ وَسَبَبُ اَلْخُلُودِ فِي اَلنَّعِيمِ اَلدَّائِمِ, وَلَا يُعْرَفُ اَلتَّقَرُّبُ إِلَى اَلْمَعْبُودِ إِلَّا بِهِ, فَهُوَ سَبَبٌ لِمَصَالِحِ اَلدَّارَيْنِ". وَقَالَ اَلْحَسَنُ : "إِذَا اِسْتَرْذَلَ اَللَّهُ عَبْدًا زَهَّدَهُ فِي اَلْعِلْمِ".(1/1)
وَقَالَ اِبْنُ عَطَاءِ اَللَّهِ: مَتَى وَفَّقَكَ لِلطَّلَبِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَكَ . هَذَا وَلَمَّا رَأَى اَلشَّيْخُ اَلْفَاضِلُ مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ اَلْعَجَمِيُّ أَنَّ أَسْهَلَ كِتَابٍ يَبْدَأُ بِهِ اَلْمُتَفَقِّهُ فِي اَلدِّينِ عَلَى مَذْهَبِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ هُوَ أَخْصَرُ اَلْمُخْتَصَرَاتِ; لِأَنَّهُ سَهْلُ اَلْعِبَارَةِ, وَاضِحُ اَلْمَعَانِي, بِعِبَارَتِهِ اَلْوَجِيزَةِ, مَعَ مَا اِشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامٍ وَفَوَائِدَ قَدْ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ, وَهُوَ مِنْ اَلْكُتُبِ اَلْمُعْتَمِدَةِ فِي اَلْمَذْهَبِ عِنْدَ اَلْأَصْحَابِ .(1/2)
فَلَمَّا أَعْجَبَتْ اَلشَّيْخَ اَلْأَدِيبَ تِلْكَ اَلْمَعَانِي اَلسَّامِيَةُ اَلَّتِي اِنْفَرَدَ بِهَا هَذَا اَلْمُخْتَصَرُ عَنْ غَيْرِهِ, قَامَ وَشَدَّ اَلْمِئْزَرَ, وَجَدَ وَاجْتَهَدَ كَعَادَتِهِ اَلْحَمِيدَةِ فِي مُسَابَقَتِهِ إِلَى نَشْرِ اَلْفَضِيلَةِ; لِيَطْبَعَهُ طَبْعَةً جَدِيدَةً تَلِيقُ بِهِ . فَبَدَأَ يُفَتِّشُ فِي خَبَايَا اَلزَّوَايَا, وَيَبْحَثُ عَنْ مَخْطُوطَةٍ مُتْقَنَةٍ ; لِيَكُونَ اَلطَّبْعُ عَلَيْهَا صَحِيحًا, وَبِحُسْنِ نِيَّتِهِ فِي إِخْلَاصِ عَمَلِهِ وَقَفَ -بِتَوْفِيقِ اَللَّهُ تَعَالَى- عَلَى ضَالَّتِهِ اَلْمَنْشُودَةِ, أَلَا وَهِيَ اَلْمَخْطُوطَةُ اَلَّتِي خَطَّهَا اَلْمُصَنُّفُ بِيَدِهِ, فَقَامَ -حَامِدًا لِلَّهِ عَلَى تَوْفِيقِهِ- فَطَبَعَ عَلَيْهَا هَذِهِ اَلطَّبْعَةَ اَلْمُتْقَنَةَ اَلْبَالِغَةَ فِي اَلصِّحَّةِ غَايَتَهَا, وَزَيَّنَهَا مَعَ جَمَالِهَا بِمَا ضَمَّهُ إِلَيْهَا مِنْ حَوَاشٍ وَفَوَائِدَ قَيِّمَةٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ, وَوَشَّحَهَا بِصُوَرٍ مِنْ خَطِّ مُؤَلِّفِهَا, ثُمَّ جَلَّاهَا لِكُلِّ مُحِبٍّ لِلْعِلْمِ, فَجَزَاهُ اَللَّهُ خَيْرًا, وَشَكَرَ سَعْيَهُ, وَأَدَامَ تَوْفِيقَهُ لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ .(1/3)
وَهَذَا اَلْمُخْتَصَرُ قَدْ شُرِحَ بِعِدَّةِ شُرُوحٍ, وَمِنْ جُمْلَةِ مَنْ شَرَحَهُ بِشَرْحٍ قَيِّمٍ مُفِيدٍ اَلْعَلَّامَة اَلْبَعْلِيُّ اَلَّذِي سَمَّى شَرْحَهُ بِـ "كَشْفُ اَلْمُخَدَّرَاتِ" ,وَهَذَا اَلشَّرْحُ قَدْ طُبِعَ مَرَّتَيْنِ, وَعِنْدِي مِنْهُ نُسْخَةٌ مِنْ اَلطَّبْعَةِ اَلْأُولَى جَاءَتْنِي مِنْ اَلشَّيْخِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ -تَغَمَّدَهُ اَللَّهُ بِرَحْمَتِهِ- وَلَمَّا رَأَيْتُ كَثْرَةَ مَا فِيهَا مِنْ اَلْخَطَأِ وَالنَّقْصِ وَالتَّحْرِيفِ, وَكَانَ فِي مَكْتَبَةِ اَلْمَوْسُوعَةِ اَلْفِقْهِيَّةِ فِي دَوْلَةِ اَلْكُوَيْتِ مَخْطُوطَةٌ لِهَذَا اَلشَّرْحِ بِرَقْم (383) مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا أَنَّهَا مَنْقُولَةٌ مِنْ نُسْخَةِ اَلْمُصَنِّفِ بِخَطِّهِ, وَهَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ اَلْمَخْطُوطَاتِ اَلَّتِي مَلَكَهَا اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ خَلَفٍ الدّحيَانُ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- وَقَدْ أَوْقَفَهَا بِخَطِّ يَدِهِ عَلَى طَلَبَةِ اَلْعِلْمِ مِنْ اَلْحَنَابِلَةِ, فَاسْتَعَرْتُ هَذِهِ اَلدُّرَّةَ اَلْيَتِيمَةَ, وَالْجَوْهَرَةَ اَلَّتِي لَيْسَ لَهَا قِيمَةٌ, فَصَحَّحْتُ عَلَيْهَا نُسْخَتِي, وَبَعْدَ اِنْتِهَاءِ اَلتَّصْحِيحَ اَلَّذِي أَخَذَ مِنْ وَقْتِي.(1/4)
وَأَمَّا اَلطَّبْعَةُ اَلثَّانِيَةُ (3) فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ أَيْضًا; لِأَنَّهَا لَمْ تَصَحَّحْ, وَمَا زَادَهَا طَبْعُهَا إِلَّا زِيَادَةَ خَطَأٍ; وَذَلِكَ لِأَنَّ اَلطَّبْعَةَ اَلْأُولَى وَالثَّانِيَةَ مَطْبُوعَتَانِ عَنْ اَلْمَخْطُوطَةِ اَلْمَحْفُوظَةِ فِي مَكْتَبَةِ اَلْحَرَمِ اَلْمَكِّيِّ, اَلَّتِي وَصَفَهَا اَلشَّيْخُ عَبْدُ اُلرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى اَلْمُعَلِّمِيُّ بِأَنَّهَا رَدِيئَةٌ جِدًّا كَثِيرَةُ اَلْخَطَأِ, وَالنَّقْصِ وَالتَّحْرِيفِ, كَتَبَهَا هِنْدِيٌّ لَا يَعْرِفُ اَلْعَرَبِيَّةَ, فَضْلاً عَنْ اَلْفِقْهِ, فَأَخَذَ اَلشَّيْخُ اَلْمُعَلِّمِيُّ يُرَقِّعُهَا مِنْ" اَلْإِقْنَاعِ" و "اَلْمُنْتَهَى" وَغَيْرِهِمَا مِمَّا بَذَلَ مَجْهُودَهُ فِيهِ; لَمَّا رَآهَا غَيْرَ صَالِحَةٍ لِلطَّبْعِ عَلَى حَالِهَا, وَوَكَّلَ مَا قَصَرَ عَنْهُ إِلَى مَنْ يُحَقِّقُ اَلْكِتَابَ بَعْدَهُ, رَحِمَهُ اَللَّهُ .
هَذَا وَإِنَّمَا حَدَا بِي عَلَى مَا ذَكَرْتُ اَلرَّجَاءُ مِنْ اَللَّهِ -تَعَالَى- أَنْ يُهَيِّئَ اَلْفُرْصَةَ لِمَنْ يَقُومُ مِنْ اَلْعُلَمَاءِ اَلْأَعْلَامِ بِطَبْعِ هَذَا اَلشَّرْحِ اَلْجَلِيلِ طَبْعَةً مُتْقَنَةً عَلَى اَلْمَخْطُوطَةِ اَلْوَحِيدَةِ اَلْفَرِيدَةِ اَلَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا; لِيُخَصِّبَ بِهَا اَلْمَكْتَبَةَ اَلْعَرَبِيَّةَ, وَيَنَالَ مِنَ اَللَّهِ -تَعَالَى- أَجْرًا عَظِيمًا, قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ نَجْمُهَا, وَيَتَقَلَّصَ ظِلُّهَا فَتَكُونُ نَسْيًا مَنْسِيًّا . وَاَللَّهُ اَلْمُسْتَعَانُ .
اَلْكُوَيْت 3 شَعْبَانَ 1416 هِـ
يُوَافِقُ 25/ 12/ 1995 مْ
كَتَبَهُ
مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ آل اَلْجَرَّاحِ
تَقْدِيمُ سَمَاحَةِ اَلشَّيْخِ اَلْعَالِمِ اَلْجَلِيلِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سَبِيلِ
بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ(1/5)
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ, وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ وَآلِهِ وَصَحِبِهُ .
وَبَعْدُ:
فَإِنَّ كِتَابَ "أَخْصَرِ اَلْمُخْتَصَرَاتِ" فِي فِقْهِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- لِمُؤَلِّفِهِ اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخِ شَمْسِ اَلدِّينِ مُحَمَّدٍ بْنِ بَدْرِ اَلدِّينِ بْنِ عَبْدِ اَلْقَادِرِ البَلْبَانِيّ اَلْحَنْبَلِيِّ اَلْمُتَوَفَّى سَنَةَ 1083 هـ مِنَ اَلْمُتُونِ اَلْمُعْتَمَدَةِ فِي فِقْهِ اَلْحَنَابِلَةِ, اِخْتَصَرَهُ مُؤَلِّفُهُ مِنْ كِتَابِهِ "كَافِي اَلْمُبْتَدِي" بِقَصْدِ تَسْهِيلِهِ عَلَى اَلْمُبْتَدِئِينَ, فَجَاءَ سَلِسَ اَللَّفْظِ, وَاضِحَ اَلْمَعْنَى, مَسْبُوكَ اَلْعِبَارَةِ, مُشْتَمِلاً عَلَى أَهَمِّ اَلْمَسَائِلِ, وَقَدْ أَشَارَ اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بْنُ بَدْرَانَ اَلْحَنْبَلِيّ اَلْمُتَوَفَّى سَنَةَ 1346 هـ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ إِلَى بَعْضِ مَزَايَاهُ, وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ : "فَتَأَمَّلْتُهُ فَوَجَدْتُهُ سَهْلَ اَلْعِبَارَةِ, وَاضِحَ اَلْمَعَانِي, وَهُوَ عَلَى صِغَرِ حَجْمِهِ إِذَا تَأَمَّلَهُ اَلذَّكِيُّ لَا يَحْتَاجُ فِي فَهْمِهِ إِلَى مَوْقِفٍ, وَيَنْتَفِعُ بِهِ اَلصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ, وَهُوَ مِنْ اَلْمُتُونِ اَلْمُتَعَدِّدَةِ فِي اَلْمَذْهَبِ " .
وَنَظَرًا لِقِيمَة اَلْكِتَابِ اَلْعِلْمِيَّةِ عُنِيَ بِهِ اَلْفُقَهَاءُ اَلْحَنَابِلَةُ وَتَنَاوَلُوهُ بِالتَّدْرِيسِ وَالشَّرْحِ وَالتَّعْلِيقِ, فَمِنْ أَشْهَرِ ذَلِكَ : اَلشَّرْحُ اَلنَّفِيسُ اَلْمُسَمَّى بْـ "كَشَفِ اَلْمُخَدِّرَاتِ وَالرِّيَاضَ اَلْمُزَهَّرَات شَرْحِ أَخْصَرِ اَلْمُخْتَصَرَات " لِمُؤَلِّفِهِ اَلْفَقِيهِ اَلنِّحْرِيرِ اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخِ .(1/6)
وَكَانَ شَيْخُنَا اَلْعَلَّامَة فَقِيهُ عَصْرِهِ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ حُمَيْدٍ رَئِيسُ مَجْلِسِ اَلْقَضَاءِ اَلْأَعْلَى ـ رَحِمَهُ اَللَّهُ ـ يُثْنِي كَثِيرًا عَلَى هَذَا اَلشَّرْحِ; لِمَا اِحْتَوَاهُ مِنْ تَحْرِيرَات دَقِيقَةٍ, وَفَوَائِدَ جَمَّةٍ نَفِيسَةٍ عَلَى اِخْتِصَارِهِ .
وَقَدْ سَمَتْ هِمَّةُ اَلْأَخِ اَلْفَاضِلِ, وَالْأَدِيبِ اَلْأَرِيبِ فَضِيلَةِ اَلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِرٍ اَلْعَجَمِيِّ إِلَى إِعَادَةِ طَبْعٍ, وَتَحْقِيقِ كِتَابِ "أَخْصَرِ اَلْمُخْتَصَرَات" مَعَ حَاشِيَتِهِ اَلنَّفِيسَةِ لِلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ, وَقَدْ عَلَّقَ عَلَى هَذِهِ اَلْحَاشِيَةِ بِتَعْلِيقَاتٍ وَجِيزَةٍ مُفِيدَةٍ, وَثَّقَ فِيهَا اَلنُّقُولَ, وَعَزَا اَلْأَحَادِيثَ إِلَى أُصُولِهَا, كَمَا تَرْجَمَ فِي اَلْمُقَدِّمَةِ بِتَرْجَمَةٍ حَافِلَةٍ لِلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ .
فَجَزَاهُ اَللَّهُ عَلَى هَذَا اَلْعَمَلِ اَلْحَسَنِ خَيْرَ اَلْجَزَاءِ, وَبَارَكَ فِي جُهُودِهِ فِي نَشْرِ كُتُبِ اَلتُّرَاثِ اَلنَّافِعَةِ, فَإِنَّ لَهُ جُهُودًا كَثِيرَةً فِي هَذَا اَلْمَجَالِ تُذْكَرُ فَتُشْكَرُ . وَصَلَّى اَللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحِبَهُ .
وَكَتَبَهُ
اَلرَّئِيسُ اَلْعَامُّ لِشُئُونِ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ اَلنَّبَوِيِّ
وَإِمَامُ وَخَطِيبُ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنُ سَبِيلٍ
كَلِمَةُ اَلْعَلَّامَة اَلْأُصُولِيِّ
اَلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ اَلْأَشْقَرِ
بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ(1/7)
كَانَ مِنْ عَادَةٍ فُقَهَائِنَا مُلَاحَظَةُ قُدُرَاتِ اَلطَّلَبَةِ عَلَى اَلتَّحْصِيلِ, وَمِنْ هُنَا اِتَّبَعُوا سَنَةً جَمِيلَةً, فَقَدْ قَدَّمُوا مِنَ اَلْمَعْلُومَاتِ اَلْفِقْهِيَّةِ إِلَى اَلْأُمَّةِ بِأَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ اَلْعَرْضِ, لِكَيْ تُتَاحَ اَلْفُرْصَةُ لِأَكْبَرِ قَدْرٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَلَقَّوْا عِلْمَ أَحْكَامِ اَلشَّرْعِ حَسْبَ مَقْدِرَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ, وَمَا أُتِيحُ لَهُ مِنْ اَلْوَقْتِ وَالْفِطْنَةِ .
وَمِنْ هُنَا نَجِدُ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ مِنَ اَلْمَذَاهِبِ اَلْمُعْتَبَرَةِ : اَلْكُتُبَ اَلْمُطَوَّلَةَ, وَالْمُتَوَسِّطَةَ, وَالْمُخْتَصَرَةَ, وَنَجِدُ اَلْكُتُبَ اَلْمُسْتَوْعِبَةَ لِلِاسْتِدْلَالِ, وَالْمُقْتَصِدَةَ فِيهِ وَالْخَالِيَةَ مِنْهُ . وَمِنْ جُمْلَةِ فَوَائِدِ اَلْمُخْتَصَرَاتِ: أَنْ يُحِيطَ اَلطَّالِبُ بِمَجْمُوعِ الْمَوْضُوعَاتِ اَلرَّئِيسِيَّةِ لِلْفِقْهِ, فَتَتَرَكَّزُ فِي ذَاكِرَتِهِ وَفَهْمِهِ مُنْذُ اَلصِّغَرِ, ثُمَّ لَا يَزَالُ يَتَوَسَّعُ فِي اَلْبِنَاءِ عَلَى اَلْأُسُسِ اَلَّتِي اِسْتَقَرَّتْ لَدَيْهِ كُلَّمَا عَلَا سِنُّهُ, وَتَوَسَّعَتْ مَدَارِكُهُ, وَنَمَتْ مَقْدِرَتُهُ عَلَى اَلِاسْتِيعَابِ .(1/8)
وَيُصَاحِبُ ذَلِكَ تَوَسُّعُهُ اَللُّغَوِيُّ, وَنُمُوُّ حَصِيلَتِهِ مِنْ مُخْتَلَفِ اَلْعُلُومِ اَلْأُخْرَى, وَنُمُوُّ قُدْرَتِهِ عَلَى تَصَوُّرِ اَلْوَقَائِع وَاخْتِلَافِ أَنْمَاطِهَا, وَاحْتِيَاجِ اَلْأُمُورِ اَلْمُشْكَلَةِ إِلَى حُكْمِهَا اَلْفِقْهِيِّ. وَهَذَا يُؤَهِّلُهُ لِأَنْ يَنْهَلَ مِنْ مَصَادِرَ فِقْهِيَّةٍ أَكْثَرَ تَفْصِيلاً وَاسْتِدْلَالاً, إِلَى أَنْ يَصِلَ فِي اَلنِّهَايَةِ -عِنْدَ مَنْ أَرَادَ اَللَّهُ بِهِ خَيْرًا وَفِقْهًا فِي اَلدِّينِ, وَأَنْ يَكُونَ مِنْ حَمَلَةِ اَلْعِلْمِ وَأَوْعِيَتِهِ اَلَّذِينَ يَنْتَفِعُ بِهِمُ اَلْخَلْقُ- إِلَى أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِ اَلْعِلْمِ مِنْ اَلْمُطَوَّلَاتِ, وَيَسِيرُ فِي فَهْمِهَا عَلَى هُدًى وَبَصِيرَةٍ . وَرُبَّمَا وَصَلَ إِلَى دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ, كَمَا قَالَ اَللَّهُ -تَعَالَى- : ( أَنْزَلَ مِنَ اَلسَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ( (4) "اَلرَّعْد : 17 "(1/9)
وَلِذَلِكَ نَرَى اَلْفَقِيهَ اَلْوَاحِدَ يَكُونُ لَهُ اَلْعَدَدُ مِنْ اَلْمُؤَلَّفَاتِ اَلْفِقْهِيَّةِ اَلْمُتَدَرِّجَةِ فِي سَعَتِهَا, وَمِنْ أُولَئِكَ اَلْإِمَامُ اَلْمُوَفَّقُ اِبْنُ قُدَامَةَ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- : لَهُ "اَلْعُمْدَةُ", ثُمَّ "اَلْكَافِي", ثُمَّ "اَلْمُقْنِع", ثُمَّ "اَلْمُغْنِي", وَمِنْ خَيْرٍ اَلْمُخْتَصَرَاتِ فِي مَذْهَبِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ هَذَا اَلْمُخْتَصَر اَلَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ أَخِي اَلْقَارِئِ, فَهُوَ مِنْ عَمَلِ اَلشَّيْخِ بَدْرِ اَلدِّينِ البَلْبَانِيِّ اَلدِّمَشْقِيِّ, وَمَا حَصَلَ فِيهِ مِنَ اَلْإِيجَازِ اَلَّذِي قَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِ اَلْمَوَاضِعِ مُخِلًّا, قَامَ بَلَدِيُّهُ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بْنُ بَدْرَانَ بِإِيضَاحِهِ, وَالتَّنْبِيهِ عَلَى مُرَادِ اَلْمُؤَلِّفِ فِيهِ, وَتَضْمِينِهِ فَوَائِدَ أُخْرَى زَائِدَةً ذَاتَ بَالٍ فِي حَاشِيَةِ مُمْتِعَةٍ .
وَقَدْ قَامَ اَلْأَخُ اَلشَّيْخُ اَلْفَاضِلُ مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ اَلْعَجَمِيُّ, زَادَهُ اَللَّهُ عِلْمًا, بِإِعْدَادِ هَذَا اَلْمَتْنِ وَحَاشِيَتِهِ, مَعَ تَعْلِيقَاتٍ وَتَوْثِيقٍ, وَمَزِيدِ تَصْحِيحٍ وَتَدْقِيقٍ, لِيَكُونَ هَذَا اَلْمُخْتَصَرُ بَيْنَ يَدَي طَلَبَةِ اَلْعِلْمِ أَدَاةً مُيْسَرَةً تُسَهِّلُ لَهُمُ اَلتَّحْصِيلُ اَلْفِقْهِيُّ, وَصَنَعَ لِلْكِتَابِ مُقَدِّمَةً حَافِلَةً .
أَسْأَلُ اَللَّهَ تَعَالَى لَهُ اَلْمَزِيدَ مِنَ اَلتَّوْفِيقِ, وَالْحِرْصِ عَلَى اَلنَّفْعِ فِي كُلِّ مَجَالٍ, وَبِخَاصَّة مَجَالُ تَقْدِيمِ نَفَائِسِ اَلْفِقْهِ اَلْإِسْلَامِيِّ إِلَى اَلنَّاشِئَةِ.
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ .
عُمَانَ 27 رَجَبٍ 1416 هِـ
29/12/1995 مْ
كَتَبَهُ
مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ اَلْأَشْقَرُ .
مُقَدِّمَةُ اَلتَّحْقِيقِ(1/10)
بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْحَقِّ اَلْمُبِينِ, وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ خَالِقُ اَلْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اَلْقَائِلُ : "مَنْ يُرِدْ اَللَّهَ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي اَلدِّينِ" صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحِبِهُ أُولِي اَلنَّجَابَةِ وَالْفَضْلِ الْمَكِينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَهَذَا كِتَابٌ رَشِيقٌ, وَمُخْتَصَرٌ أَنِيقٌ, لِلْإِمَامِ اَلزَّاهِدِ اَلْفَقِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ بَدْرِ اَلدِّينِ البَلْبَانِيِّ اَلْحَنْبَلِيِّ اَلدِّمَشْقِيِّ, أَلَّفَهُ فِي فِقْهِ اَلْحَنَابِلَةِ, بِعِبَارَةٍ وَجِيزَةٍ, وَأَحْكَامٍ غَزِيرَةٍ, وَقَدْ اِخْتَصَرَهُ مِنْ كِتَابِهِ "كَافِي اَلْمُبْتَدِي" لِيُقَرِّبَ عَلَى طَالِبِهِ تَنَاوُلَهُ وَحَفِظَهُ .
وَلِمَكَانَةِ هَذَا اَلْمُخْتَصَرِ عِنْدَ اَلْحَنَابِلَةِ فَقَدْ شَرَحَهُ وَحْشَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ, وَقَالَ عَنْهُ اَلْمُحِبِّي: "وَلَهُ - أَيْ البَلْبَانِيّ - مُخْتَصَرٌ فِي مَذْهَبِهِ صَغِيرُ اَلْحَجْمِ كَثِيرُ اَلْفَائِدَةِ" (5) .
وَقَالَ اَلشَّيْخُ عُثْمَانُ بْنُ جَامِعٍ اَلنَّجْدِيُّ اَلْحَنْبَلِيُّ : "وَجَدْتُهُ - أَيُّ هَذَا اَلْمُخْتَصَرَ - مَعَ كَوْنِهِ فِي غَايَةِ الِاخْتِصَارِ يَشْتَمِلُ عَلَى جُلِّ اَلْمَسَائِلِ الْكِبَارِ, وَلَا يَسْتَغْنِي طَالِبُ اَلْعِلْمِ عَنْ حِفْظِهِ" (6) .
وَقَالَ اَلشَّيْخُ اَلْعَلَّامَة مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَلْعَزِيزِ بْنُ مَانِعٍ اَلْحَنْبَلِيُّ : "وَهُوَ - أَيُّ هَذَا اَلْمُخْتَصَرُ - عُمْدَةٌ فِي اَلْمَذْهَبِ" (7) .(1/11)
وَأَوَّلُ مَنْ شَرَحَهُ بِشَرْحٍ وَافٍ اَلْعَلّامَةُ اَلشَّيْخُ زَيْنُ اَلدِّينِ عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ اَلْخَلْوَتِي اَلْحَلَبِيُّ اَلْبَعْلِيّ ثُمَّ اَلدِّمَشْقِيُّ اَلْمُتَوَفَّى سَنَةَ 1192 هِـ فِي مُؤَلَّفِهِ اَلَّذِي سَمَّاهُ : "كَشَفَ اَلْمُخَدّرَاتِ شَرْحَ أَخْصَرِ اَلْمُخْتَصَرَاتِ" وَهُوَ مَطْبُوعٌ, وَشَرَحَهُ جَمَاعَةٌ آخَرُونَ كَالشَّيْخِ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ فَيْرُوزَ اَلْمُتَوَفَّى سَنَةَ 1205 هـ, وَالشَّيْخِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْعُقَيْلِ اَلنَّجْدِيِّ اَلْمُتَوَفَّى سَنَةَ 1234 هـ, وَالشَّيْخِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ جَامِعٍ اَلنَّجْدِيِّ اَلْمُتَوَفَّى 1240 هـ (8) . فَيَكْفِي هَذَا اَلْمُخْتَصَرَ اَلْمُفِيدَ اَلْحَفَاوَةُ اَلْبَالِغَةُ بِهِ مِنْ أَهْلِ اَلْعِلْمِ.(1/12)
وَمِمَّا زَادَ هَذَا اَلْمُخْتَصَرَ - فِي هَذِهِ اَلطَّبْعَةِ- جَمَالاً وَرَوْنَقًا اَلْحَاشِيَةُ اَلَّتِي دَبَّجَتْهَا يَرَاعَةُ اَلْعَلّامَةِ اَلْمُتَفَنِّنِ عَبْدِ اَلْقَادِرِ بْنِ بَدْرَانَ, فَأَوْضَحَ اَلْمُشْكِلَ وَشَرَحَ اَلْغَرِيبَ, وَذَكَرَ اَلْمَسَائِلَ اَلَّتِي تَفَرَّدَ بِهَا اَلْمَذْهَبَ عَنْ بَقِيَّةِ اَلْمَذَاهِبِ, كَمَا ذَكَرَ بَعْضَ اَلْمَسَائِلِ اَلَّتِي حَدَثَتْ فِي هَذَا اَلْعَصْرِ, مَعَ مُقَدِّمَةٍ لَطِيفَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى بَعْضِ رُءُوسِ اَلْمَسَائِلِ اَلْأُصُولِيَّةِ اَلَّتِي يَمُرُّ ذِكْرُهَا فِي ثَنَايَا اَلْمُتُونِ, ثُمَّ تَرْجَمَ لِلْمُؤَلِّفِ تَرْجَمَةً حَسَنَةً (9) فَأَبْدَعَ غَايَةِ اَلْإِبْدَاعِ, وَبِهَذَا يَصِحُّ وَصْفُ هَذَا اَلْحَاشِيَةِ بِأَنَّهَا نَفِيسَةٌ, وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهَا أَحَدُ كِبَارِ عُلَمَاءِ اَلْحَنَابِلَةِ فِي اَلْقَرْنِ اَلْمَاضِي, أَلَا وَهُوَ اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ خَلَفٍ بْنُ دِحْيَان اَلْحَنْبَلِيّ -رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى- حَيْثُ قَالَ : "وَأَمَّا أَخْصَرُ اَلْمُخْتَصَرَاتِ فَهُوَ مَشْرُوحٌ بِشَرْحٍ مُفِيدٍ جِدًّا مِنْ إِمْلَاءِ اَلشَّيْخِ عَبْدِ اَلْقَادِرِ ..." (10) .(1/13)
وَبِمَا أَنَّ اَلْعَلَّامَة اِبْنَ بَدْرَانَ لَمْ يَقُمْ أَحَدٌ بِتَرْجَمَةٍ تَلِيقُ بِهِ وَبِعِلْمِهِ, رَغْمَ مَا كَانَ لَهُ مِنْ مَزَايَا حَمِيدَةٍ وَصِفَاتٍ جَلِيلَةٍ, فَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَتَشَرَّفَ بِخِدْمَتِهِ وَإِظْهَارِ فَضْلِهِ وَمَنَاقِبِهِ, فَجَعَلْتُ تَرْجَمَتَهُ بَعْدَ هَذِهِ اَلْمُقَدِّمَةِ, سَائِلاً اَللَّهَ أَنْ يَنْفَعَ بِهَذَا اَلْمُخْتَصَرِ قَارِئَهُ وَحَافِظَهُ, وَأَنْ لَا يَحْرِمَنِي اَلْأَجْرَ وَالثَّوَابَ, وَأَسْأَلُهُ اَلتَّوْفِيقَ لِلصَّوَابِ, وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ .
مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ اَلْعَجَمِيُّ
اَلْكُوَيْت - اَلْجَهْرَاء اَلْمَحْرُوسَة
22/4/1416 هـ
17 /9 /1995م
تَرْجَمَةُ اَلْعَلَّامَة عَبْدِ اَلْقَادِرِ بْنِ بَدْرَانَ
اِسْمُهُ وَنَسَبُهُ :
هُوَ اَلْإِمَامُ اَلْعَلَّامَة اَلْمُحَقِّقُ اَلْمُفَسِّرُ اَلْمُحَدِّثُ اَلْأُصُولِيُّ اَلْمُتَبَحِّرُ اَلْمُتَفَنِّنُ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ مُصْطَفًى بْنُ عَبْدِ اَلرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنُ عَبْدِ اَلرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْمَشْهُورُ كَأَسْلَافِهِ بِابْنِ بَدْرَانَ (11) اَلسَّعْدِيُّ (12) اَلْحِجَازِيُّ اَلْأَصْلِ (13) الدُّومِيُّ, اَلدِّمَشْقِيُّ, اَلْحَنْبَلِيُّ, اَلْأَثَرِيُّ, اَلسَّلَفِيُّ (14) .
مَوْلِدُهُ وَنَشْأَتُهُ:(1/14)
وُلِدَ اَلْعَلَّامَة اِبْنُ بَدْرَانَ فِي بَلْدَتِهِ دُومَا سَنَةَ 1280 هـ (15) وَنَشَأَ بِهَا إِلَى أَنْ أُخْرِجَ مِنْهَا نَحْوَ سَنَةِ 1318 هِـ كَمَا صَرَّحَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ "مَوَارِد اَلْأَفْهَامِ " حَيْثُ يَقُولُ: "وَلَقَدْ كُنْتُ اِبْتَدَأَتُ هَذَا اَلشَّرْحِ فِي عَامِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثمِائَةٍ وَأَلْفٍ, فَوَصَلْتُ فِيهِ إِلَى بَابِ اَلتَّشَهُّدِ فِي اَلصَّلَاةِ, ثُمَّ تَلَاعَبَ بِي اَلزَّمَانُ, وَهَجَرْتُ اَلْأَوْطَانَ وَالْخِلَّانَ, إِلَى أَنْ أَنَخْتُ رِكَابِي بِدِمَشْقَ... " (16) .
طَلَبُهُ لِلْعِلْمِ وَمَشَايِخُهُ:
تَلَقَّى اِبْنُ بَدْرَانَ اَلْعِلْمَ مِنْ جَدِّهِ اَلشَّيْخِ مُصْطَفى (17) .
كَمَا أَخَذَ عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدٍ بْنِ عُثْمَانَ اَلْحَنْبَلِيِّ اَلْمَشْهُورِ بِخَطِيبٍ دُومَا , (18) وَقَدْ تَأَثَّرَ بِشَيْخِهِ . وَاسْتَفَادَ مِنْهُ طَرِيقَةً حَمِيدَةً حَيْثُ يَقُولُ نَقْلاً عَنْ شَيْخِهِ هَذَا: " وَكَانَ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- يَقُولُ لَنَا: لَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَقْرَأُ كِتَابًا أَنْ يَتَصَوَّرُ أَنَّهُ يُرِيدُ قِرَاءَتَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً ; لِأَنَّ هَذَا اَلتَّصَوُّرَ يَمْنَعُهُ عَنْ فَهْمٍ جَمِيعِ اَلْكُتُبِ, بَلْ يَتَصَوَّرُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ مَرَّةً ثَانِيَةً أَبَدًا."
وَكَانَ يَقُولُ : كُلِّ كِتَابٍ يَشْمَلُ عَلَى مَسَائِلَ مَا دُونَهُ وَزِيَادَةً, فَحَقَّقَ مَسَائِلَ مَا دُونَهُ لِتَوَفُّرَ جَدُّكَ عَلَى فَهْمِ الزِّيَادَةِ " (19) اِنْتَهَى .(1/15)
وَقَدْ رَحَلَ اَلْعَلَّامَة اِبْنُ بَدْرَانَ فِي طَلَبِ اَلْعِلْمِ بَعْدَ أَخْذِهِ عَنْ مَشَايِخِهِ فِي بَلْدَتِهِ دُومَا, فَهُوَ يَقُولُ -رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى- : "هَذَا وَلَمَّا كَانَ اَلْأَمْرُ كَمَا قُرِّرَ وَخُلِّدَ فِي بُطُونِ اَلدَّفَاتِرِ وَسُطِّرَ, وَكَانَتْ اَلرِّحْلَةُ فِي طَلَبِ اَلْعِلْمِ عَلَّامَة اَلنُّبْلِ, وَدَلِيلٍ اَلْحِلْمِ, لَا جَرَمَ هَجَرْتُ اَلْأَوْطَانَ وَوَاصَلْتُ دِمَشْقَ وَغَيْرَهَا مِنْ اَلْبُلْدَانِ . . . " (20)
وَقَدْ أَخَذَ فِي دِمَشْقَ عَنِ شَّيْخِ اَلشَّامِ, وَرَئِيسِ عُلَمَائِهَا اَلشَّيْخِ سُلَيْمِ بْنِ يَاسِينَ اَلْعَطَّارِ, اَلشَّافِعِيِّ (21) وَقَدْ أَجَازَهُ بِالْحَدِيثِ إِجَازَةً عَامَّةً, وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ 1306 هـ . (22)
قَالَ اِبْنُ بَدْرَانَ: "وَقُلْتُ لَمَّا خَتَمَ شَيْخُنَا ـ أَيْ: سُلَيْمُ اَلْعَطَّارُ ـ "صَحِيحَ اَلْبُخَارِيِّ" وَبَقِيَّةَ دُرُوسِنَا حِينَ جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَدَعَانَا لِبَيْتِهِ اَلْعَامِرِ:
طِيبِي ثَنَاءً يَا دِمَشْقُ وَغَرِّدِي فَلَكِ اَلْمَنَازِلُ فَوْقَ هَامَ اَلْفَرْقَدِ
وَاشْدِي عَلَى أَغْصَانِ دَوْحَاتِ الهَنَا وَاتْلِي اَلْمَحَامِدِ فِي الصَّبَاحِ وَرَدِّدِي
فَلَقَدْ حَوَيْتِ اَلْيَوْمَ شَهْمًا قَدْ سَمَا عِنْدَ اَلْمَفَاخِرِ كُلَّ شَهْمٍ أَوْحَدِ
تَتَقَاسَمُ اَلْأَقْطَارُ طِيبَ ثَنَائِهِ فَتَعُودُ فِي سَعَةِ اَلْمَلِيكِ اَلْأَمْجَدِ
مَوْلَى اَلْفَضَائِلِ شَيْخُ أَهْلِ اَلْحَقِّ مَنْ كُلِّ اَلْأَنَامِ لِمَجِْهِ كَالْأَعْبدِ
بَحْرُ اَلْعُلُومِ سَلِيمُ طَبْعٍ مَا لَهُ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ نَظِيرٍ مُرْشِدِ
بِمَكَارِمِ اَلْأَخْلَاقِ وَالْعَلَمِ اَلَّذِي بَهَرَ اَلْعُقُولَ أَنَارَ نَهْجَ اَلْمُهْتَدِي(1/16)
طُوبَى لَنَا هُوَ شَيْخُنَا بُشْرَى لَنَا فَلَقَدْ وَرَدْنَا صَفْوَ عَذْبِ اَلْمَوْرِدِ
يَا سَيِّدًا بَهَرَ اَلْأَنَامَ بِفَضْلِهِ أَنْتَ اَلْإِمَامُ لِكُلِّ شَهْمٍ مُقْتَدِي
فَاسْلَمْ وَدُمْ مَا غَنَّتِ الْوَرْقَا عَلَى دَوْحِ اَلرِّيَاضِ وَجَادَهَا اَلطَّلُّ اَلنَّدِي (23)
وَأَخَذَ عَنِ اَلْعَلَّامَة مُحَمَّدِ بْنِ مُصْطَفًى اَلطَّنْطَاوِيِّ اَلْأَزْهَرِيِّ, نَزِيلِ دِمَشْقٍ, وَقَدْ كَانَ بَارِعًا فِي عِلْمٍ اَلْهَيْئَةِ وَالْحِسَابِ وَالْمِيقَاتِ (24) فَأَخَذَ عَنْهُ هَذِهِ اَلْعُلُومَ, كَمَا أَنَّهُ أَخَذَ عَنِ اَلشَّيْخِ عَلَاءِ اَلدِّينِ عَابِدِين اَلْحَنَفِيِّ (25)
وَأَخَذَ عَنْ مُفْتِي اَلْحَنَابِلَةِ اَلشَّيْخِ أَحْمَدَ بْنِ حَسَنٍ اَلشَّطِّيِّ (26) وَكَذَلِكَ اَلشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ يَاسِينِ اَلْعَطَّارُ (27) .
وَمِنْ مَشَايِخِهِ كَذَلِكَ عَلَّامَة اَلْمَعْقُولِ اَلصُّوفِيُّ اَلشَّيْخُ عُمَرُ اَلْعَطَّارُ (28)
وَحِينَمَا كَانَ مِنْ شُيُوخِهِ اَلشَّيْخُ اَلْمُحَدِّثُ مُحَمَّدُ بْنُ بَدْرِ اَلدِّينِ اَلْحَسَنِي (29) اَلْعَلْمُ بِدِمَشْقٍ كَانَ يَسْكُنُ فِي غُرْفَةٍ عُلْوِيَّةٍ فِي دَارِ اَلْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ اَلْأُولَى (30) وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ سَنَةِ 1304 هـ (31) . كَمَا أَنَّهُ أَخَذَ عَنْ شَيْخِ اَلْأَزْهَرِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَنْبَابِي (32) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَحَلَ إِلَى مِصْرَ .(1/17)
وَاتَّصَلَ بِالْأَمِيرِ عَبْدِ اَلْقَادِرِ اَلْجَزَائِرِيِّ, وَرَافَقَهُ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى أُورُبَّا وَالْمَغْرِبِ, وَمَكَثَ فِيهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ (33) وَذَكَرَ فِي كِتَابِهِ "تَسْلِيَةِ اَللَّبِيبِ" أَنَّهُ زَارَ فِي بُلْدَانِ اَلْمَغْرِبِ اَلْجَزَائِرَ وَتُونِسَ (34) . وَمِنْ أُورُبَّا: إِيطَالْيَا وَفَرَنْسَا, وَقَالَ فِي ذَمِّ اَلْأَخِيرَةِ (35) .
أَقَمْتُ فِي فَرَنْسَا عِنْدَ قَوْمٍ
يَمِيلُونَ إِلَى اَلْفِعْلِ اَلْخَسِيسِ
لَهُمْ بِالشُّحِّ سَبْقٌ وَاجْتِهَادُ
فَسِيَّانِ الخَدِيمُ مَعَ اَلرَّئِيسِ
فَفِي أَشْغَالِهِمْ أَتْعَبْتُ نَفْسِي
وَمَنْ فَقُرِيَ لَقَدْ مَزَّقْتُ كِيسِي
هَذَا حَوْلَ رِحْلَتِهِ فِي طَلَبِهِ لِلْعِلْمِ وَالِاسْتِفَادَةِ, وَقَدْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ مُطَالَعَتِهِ وَتَكْرَارِ اَلْبَحْثِ وَالْمُرَاجَعَةِ وَمُلَازِمَةِ اَلْخَلَوَاتِ, يُرَوِّحُ اَلنَّفْسَ بِبَعْضِ اَلْأَبْيَاتِ, وَكَانَ مِمَّا قَالَ فِي اَلْعِلْمِ: (36)
وَقَفْتُ اَلنَّفْسَ فِي طَلَبِ اَلْمَعَالِي
وَفِي نَشْرِ اَلْعُلُومِ مَدَى اَلزَّمَانِ
أُحَرِّرُ كُلَّ مُعْضِلَةٍ بِشَوْقٍ
كَشَوْقِ الْوَالِهِينَ إِلَى اَلْأَغَانِي
وَطَبْعِي لَا يَمِيلُ لِغَيْرِ حَبْرٍ
تَرَبَّى بَيْنَ أَزْهَارِ اَلْمَعَانِي
أُسَامِرُ فِي اَلدُّجَى نَدْمَانَ كُتُبِي
فَأَسْكَرُ لَا بِكَاسَاتِ اَلدِّنَانِ
أُحِبُّ اَلْكُتُبَ وَهِيَ اَلْيَوْمَ مِنِّي
مَكَانَ اَلرُّوحِ مِنْ بَدَنِ اَلْجَبَانَ(1/18)
وَحِينَمَا سَمِعَ نَصِيحَةَ شَيْخِهِ ـ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ خَطِيبِ دُومَا ـ اَلَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا (37) عَمِلَ بِهَا حَيْثُ يَقُولُ اِبْنُ بَدْرَانَ عَنْ نَفْسِهِ : "وَلَمَّا أَخَذْتَ نَصِيحَتَهُ مَأْخَذَ اَلْقَبُولِ لَمْ أَحْتَجْ فِي اَلْقِرَاءَةِ عَلَى اَلْأَسَاتِذَةِ اَلْعُلُومَ وَالْفُنُونَ إِلَى أَكْثَرِ مِنْ سِتِّ سِنِينَ . . . " .
وَقَالَ أَيْضًا عَنْ عِنَايَتِهِ بِعِلْمِ أُصُولِ اَلْفِقْهِ وَغَيْرِهِ مِنَ اَلْعُلُومِ اَلْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ : ". . . وَإِنَّنِي كُنْتُ أَيَّامَ اَلطَّلَبِ صَحِبْتُهُ ـ أَيُّ أُصُولُ اَلْفِقْهِ ـ مُنْذُ اَلْبِدَايَةِ, وَنَزَّهَتْ اَلطَّرْفَ فِي حَدَائِقِهِ اَلْغَنَّاءِ, وَنَادَمْتُهُ مُنَادَمَةَ اَلْعَاشِقِ لِمَعْشُوقِهِ, وَالْتَقَطْتُ فَرَائِدَهُ مِنْ أَفْوَاهِ اَلشُّيُوخِ اَلَّذِينَ كَانَ اَلزَّمَنُ سَمْحَ بِبَقَائِهِمْ, وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ اَلطَّلَبَةِ يَذْكُرُ هَذَا اَلْفَنَّ أَوْ يَتَكَلَّمُ بِهِ بِشَفَتَيْهِ, زَاعِمِينَ أَنَّهُ يَفْتَحُ بَابُ اَلِاجْتِهَادِ, وَذَلِكَ اَلْبَابُ قَدْ أُوصِدَ مُنْذُ قُرُونٍ مُتَطَاوِلَةٍ, حَتَّى كُنْتُ أَسْمَعُ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ يَدَّعِي اَلْعِلْمَ يَقُولُ : مَا ضَرَّ اَلْأُمَّةَ إِلَّا فَنُّ اَلْأُصُولِ; لِأَنَّهُ يَعْلَمُ اَلنَّاظِرُ فِيهِ اَلْأَخْذَ بِالدَّلِيلِ, فَكُنْتُ لَا أَعْبَأُ بِالْوَاشِي, وَلَا أَمِيلُ إِلَى اَللَّاحِي, مَهْمَا كَانَتْ رُتْبَتُهُ, فَشَرَعْتُ بِقِرَاءَةِ " شَرَحِ اَلْوَرَقَاتِ " و" شَرَحِ شَرْحِهَا " لِلْعَبَّادِي, و"حُصُولِ اَلْمَأْمُولِ مِنْ فَنِّ اَلْأُصُولِ ", ثُمَّ بِـ "شَرَحِ جَمْعِ اَلْجَوَامِعِ ", لِلْمُحَلِّي مَعَ مُطَالَعَةِ حَوَاشِيهِ, و"شَرْحِهِ لِلْعِرَاقِيِّ ", و بِـ " شَرَحِ اَلْمِنْهَاجِ " لِلْبَيْضَاوِيِّ, وبـ"شَرْحِ اَلْعَضُدِ(1/19)
عَلَى مُخْتَصَرِ اِبْنِ اَلْحَاجِبِ ", وَبِمُطَالَعَةِ شَرْحِهِ و بِـ "اَلتَّوْضِيحِ شَرْحِ اَلتَّنْقِيحِ ", وَحَاشِيَتِهِ "اَلتَّلْوِيح", و بِـ "شَرَحِ الْمِرْآةِ " مَعَ مُطَالَعَةِ حَوَاشِيهَا, هَذَا مَعَ مَا كُنْتُ أَشْتَغِلُ بِهِ مِنَ اَلْفُنُونِ اَلَّتِي هِيَ مَوَادُّ هَذَا اَلْفَنِّ, وَلَا يَخْفَى مَكَانُهَا وَمَوَادُّ اَلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ .
وَإِنِّي -بِحَمْدِ اَللَّهِ تَعَالَى- لَمْ أَقْرَأْ عَلَى اَلشُّيُوخِ إِلَّا مُدَّةً لَا تَزِيدُ عَنْ خَمْسِ سِنِينَ, مَعَ اَلْإِشْرَافِ عَلَى فُنُونِ اَلْمَعْقُولِ, وَمِنْهَا اَلْهَيْئَةُ, وَفَنُّ اَلْمَوَاقِيتِ وَغَيْرُ ذَلِكَ, وَلَا أَذْكُرُ ذَلِكَ تَبَجُّحًا وَافْتِخَارًا, وَإِنَّمَا أَذْكُرُهُ شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ, وَفَتَحَ عَلِيَّ بِهِ, فَلَهُ اَلْحَمْدُ حَمْدًا يَدُومُ عَلَى اَلدَّوَامِ... " (38) .
وَيَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ اَلْحَنْبَلِيُّ اَلْعَمَّانِيُّ : "ثُمَّ بَعْدَ تِلْكَ اَلْمُدَّةِ ـ أَيُّ اَلسِّتِّ سَنَوَاتِ ـ عَكَفَ عَلَى اَلْمُطَالَعَةِ لِنَفْسِهِ حَتَّى بَرَعَ فِي اَلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَالْأَصْلَيْنِ وَالْمَذْهَبِ, وَمَعْرِفَةِ اَلْخِلَافِ وَسَائِرِ اَلْعُلُومِ اَلْعَقْلِيَّةِ وَالْأَدَبِيَّةِ وَالرِّيَاضِيَّةِ ... " (39) .(1/20)
وَقَدْ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ مَنْ لَا يُحْسِنُ اَلْعِلْمَ فَانْتَقَدَ طَرِيقَتَهُ وَمَنْهَجَهُ فِي اَلتَّدْرِيسِ فَقَالَ : " وَلَقَدْ كُنْتُ فِي بَدْءِ أَمْرِي أَقْرَأُ كِتَابَ "دَلِيلِ اَلطَّالِبِ" عَلَى بَعْضِ مَنْ يَدَّعِي اَلتَّدْرِيسَ, فَمَرَرْنَا بِمَسْأَلَةِ عَدَمِ نَقْضِ اَلْوُضُوءِ بِمَسّ اَلْفَرْجِ اَلْبَائِنِ فَقُلْنَا لَهُ: مَا هُوَ اَلْفَرَجُ اَلْبَائِنُ ? فَقَالَ : هُوَ مَا بَيْنَ اَلذَّكَرِ وَحَلْقَةِ اَلدُّبُرِ . وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ اَلْمَقْطُوعُ .
وَكَانَ بَعْضُ أَتْرَابِي يَقْرَأُ عَلَيْهِ فِي بَابِ اَلْعِتْقِ, فَقَالَ لَهُ : مَا مَعْنَى اَلْعَبْدُ اَلْمُدَبَّرُ يَا سَيِّدِي ? فَقَالَ لَهُ اَلشَّيْخُ :هُوَ مَنْ سَيِّدُهُ وَطِئَهُ فِي دُبُرِهِ ! وَمَعَ هَذَا فَقَدْ كَانَ مَصْدَرًا لِلْإِفْتَاءِ فِي بَلَدِهِ . وَأَيْضًا حَضَرْتُ فِي اِبْتِدَاءِ شَرْحِ "اَلْإِقْنَاعِ" عَلَى رَجُلٍ كَانَ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْبَنَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد, وَكَانَ وَلَدُهُ يَقْرَأُ مَعَنَا, فَكَانَتْ اَلْمَسْأَلَةُ تَأْتِي, فَيَخْتَرِعُ وَلَدُهُ قَاعِدَةً عَامِّيَّةً, وَيُحَاوِلُ أَنْ يَبْنِيَ اَلْمَسْأَلَةَ عَلَيْهَا, فَيُسَلِّمُهَا لَهُ وَالِدُهُ, وَيُصَعِّبُ عَلَيْهِ تَطْبِيقَ اَلْمَسْأَلَةِ عَلَيْهَا, فَيَكْثُرُ اَلشَّغَبُ وَالْجِدَالُ بَيْنَهُمَا, وَكِلَاهُمَا لَا خِبْرَةَ لَهُ بِفَنّ اَلْأُصُولِ, فَأَقُولُ لِلشَّيْخِ : لِيَنْظُرْ مَوْلَانَا أَوَّلاً فِي اَلْقَاعِدَةِ هَلْ هِيَ مِنَ اَلْأُصُولِ أَمْ هِيَ مَأْخُوذَةٌ عَنْ عَجَائِزِ أَهْلِهِ وَيُرِيحُنَا مِنْ هَذَا اَلْعَنَاءِ... " (40) .
عَقِيدَتُهُ وَمَذْهَبُهُ(1/21)
عَاشَ اَلْعَلَّامَة اِبْنُ بَدْرَانَ فِي بِيئَةٍ كَانَتْ فِيهَا اَلصُّوفِيَّةُ مُنْتَشِرَةٌ, وَالْجَهْلَ فِيهَا مُتَفَشٍّ, وَقَدْ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ اَلشُّيُوخِ اَلَّذِينَ كَانَ مَسْلَكُهُمْ صُوفِيًّا كَمَا مَرَّ فِي ذِكْرِ شُيُوخِهِ, وَقَدْ صَرَّحَ -بِفَضْلِ اَللَّهِ عَلَيْهِ- وَأَنَّهُ اِتَّبَعَ مَنْهَجَ اَلسَّلَفِ اَلَّذِي هُوَ أَحْكَمُ وَأَعْلَمُ, وَهُوَ طَرِيقَةُ اَلْقُرُونِ اَلْمُفَضَّلَةِ, وَمِنْهَاجُ اَلْأَئِمَّةِ اَلْمُصْلِحِينَ.(1/22)
يَقُولُ اِبْنُ بَدْرَانَ -ذَاكِرًا فَضْلَ اَللَّهِ عَلَيْهِ فِي اَلْيُسْرِ عَلَى هَذَا اَلنَّهْجِ اَلسَّوِيِّ وَالطَّرِيقِ اَلْأَثَرِيِّ- : ". . . إِنَّنِي لَمَّا مَنَّ اَللَّهُ عَلِيَّ بِطَلَبِ اَلْعِلْمِ, هَجَرْتُ لَهُ اَلْوَطَنَ وَالْوَسَنَ, وَكُنْتُ أُبَكِّرُ فِيهِ بُكُورَ اَلْغُرَابِ, وَأَطُوفُ اَلْمَعَاهِدَ لِتَحْصِيلِهِ, وَأَذْهَبُ فِيهِ كُلَّ مَذْهَبٍ, وَأَتَّبِعُ فِيهِ كُلَّ شِعْبٍ وَلَوْ كَانَ عَسِرًا, أُشْرِفُ عَلَى كُلِّ يِفَاعٍ, وَأَتَأَمَّلُ كُلّ غَوْرٍ, فَتَارَةً أُطَوِّحُ بِنَفْسِي فِيمَا سَلَكَهُ اِبْنُ سِينَا فِي " اَلشِّفَا" و "اَلْإِشَارَاتِ" وَتَارَةً أَتَلَقَّفُ مَا سَبَكَهُ أَبُو نَصْرٍ اَلْفَارَابِيِّ مِنْ صِنَاعَةِ اَلْمَنْطِقِ وَتِلْكَ اَلْعِبَارَاتُ, وَتَارَةً أَجُولُ فِي مَوَاقِفِ "اَلْمَقَاصِدِ", و "اَلْمَوَاقِفِ", وَأَحْيَانًا أَطْلُبُ "اَلْهِدَايَةَ" ظَنًّا مِنِّي أَنَّهَا تَهْدِي إِلَى رُشْدٍ, فَأَضُمُّ إِلَيْهَا مَا سَلَكَهُ اِبْنُ رُشْدٍ, ثُمَّ أُرَدِّدُ فِي اَلطَّبِيعِي وَالْإِلَهِيِّ نَظَرًا, وَفِي تَشْرِيح اَلْأَفْلَاكِ أَتَطَلَّبُ خُبْرًا أَوْ خَبَرًا, ثُمَّ أَجُولُ فِي مَيَادِينِ اَلْعُلُومِ مُدَّةً كَعَدَدِ اَلسَّبْعِ اَلْبَقَرَاتِ اَلْعِجَافِ, فَارْتَدَّ إِلَيَّ اَلطَّرْفُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ, وَلَمْ أَحْصُلْ مِنْ مَعْرِفَةِ اَللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِلَّا عَلَى أَوْهَامٍ وَخَطَرَاتٍ, وَوَسَاوِسَ وَإِشْكَالٍ, نَشَأَ مِنَ اَلْبَحْثِ وَالتَّدْقِيقِ, فَأَدْفَعُهُ بِمَا أُقْنِعُ نَفْسِي بِنَفْسِي, فَلَمَّا هِمْتُ فِي تِلْكَ اَلْبَيْدَاءِ اَلَّتِي هِيَ عَلَى حَدِّ قَوْلِ أَبِي اَلطِّيبِ :
يَتَلَوَّنُ اَلْخِرِّيتُ مِنْ خَوْفِ التَّوى
فِيهَا كَمَا تَتَلَّوْنُ اَلْحِرْبَاءُ(1/23)
نَادَانِي مُنَادِي اَلْهُدَى اَلْحَقِيقِيُّ : هَلُمَّ إِلَى اَلشَّرَفِ وَالْكَمَالِ, وَدَعْ نَجَاةَ اِبْنِ سِينَا اَلْمَوْهُومَةَ إِلَى اَلنَّجَاةِ اَلْحَقِيقِيَّةِ, وَمَا ذَلِكَ إِلَّا بِأَنْ تَكُونَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ اَلسَّلَفُ اَلْكِرَامُ مِنْ اَلصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ, وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ, فَإِنَّ اَلْأَمْرَ لَيْسَ عَلَى مَا تَتَوَهَّمُ, وَحَقِيقَةُ اَلرَّبِّ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْرِكَهَا اَلْمَرْبُوبُ, وَمَا اَلسَّلَامَةُ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ, وَكِتَابُ اَللَّهِ حَقٌّ, وَلَيْسَ بَعْدَ اَلْحَقِّ إِلَّا اَلضَّلَالُ .
فَهُنَالِكَ هَدَأَ رَوْعِي, وَجَعَلْتُ عَقِيدَتِي كِتَابَ اَللَّهِ, أَكِلُ عَلِمَ صِفَاتِهِ إِلَيْهِ بِلَا تَجْسِيمٍ وَلَا تَأْوِيلٍ وَلَا تَشْبِيهٍ وَلَا تَعْطِيلٍ, وَانْجَلَى مَا كَانَ عَلَى قَلْبِي مِنْ رَيْنٍ أَوْرَثَتْهُ قَوَاعِدُ أَرِسْطُوطَالِيسَ, وَقُلْتُ : مَا كَانَ إِلَّا مِنَ اَلنَّظَرِ فِي تِلْكَ اَلْوَسَاوِسِ وَالْبِدَعِ وَالدَّسَائِسِ, فَمِنْ أَيْنَ لِعُبَّادِ اَلْكَوَاكِبِ أَنْ يُرْشِدُونَا إِلَى اَلصِّرَاطِ اَلْمُسْتَقِيمِ, وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ? ! وَمِنْ أَيْنَ لِأَصْحَابِ اَلْمَقَالَاتِ أَنْ يَعْلَمُوا حَقِيقَةَ قَيُّومِ اَلْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ ?(1/24)
وَلَوْ كَانَتْ حَقِيقَةُ صِفَاتِ اَللَّهِ -تَعَالَى- تُدْرَكُ بِالْعُقُولِ, لَوَصَلَ أَصْحَابُ رَسَائِلِ "إِخْوَانِ اَلصَّفَا" إِلَى اَلصَّفَا, وَلَوَصَلَ صَاحِبُ "اَلنَّجَاةِ" و "اَلشِّفَا " إِلَى اَلنَّجَاةِ وَغَلِيلُ لُبِّهِ شَفَا, وَلَكِنْ ( وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ( (41) اَلْبَقَرَة : 255 , ( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ اَلْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ( (42) اَلْإِسْرَاء : 85 , وَأَيْنَ هُمْ مِنْ قَوْلِهِ ( ( عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ اَلْخُلَفَاءِ اَلرَّاشِدِينَ اَلْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي, عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ, وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ اَلْأُمُورِ, فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ, وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ( ? لَكِنْ مَنِ اِتَّبَعَ هَوَاهُ هَامَ فِي كُلِّ وَادٍ, وَلَمْ يُبَالِي بِأَيِّ شِعْبٍ سَلَكَ, وَلَا بِأَيِّ طَرِيقٍ هَلَكَ . . . " (43) .
هَذَا نَقْلٌ مِنْ كِتَابِ اِبْنِ بَدْرَانَ يُبَيِّنُ لَنَا حَقِيقَةَ مُعْتَقَدِهِ اَلسَّلِيمِ, وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ, وَقَدْ قَرَّرَ عَقِيدَتَهُ فِي أَكْثَرِ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِهِ, فَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَالَهُ فِي مَعْرِضِ كَلَامٍ لَهُ حَوْلَ شَرْطِ وَاقِفِ اَلْمَدْرَسَةِ الرَّوَاحِيَة بِدِمَشْقَ حَيْثُ قَالَ : " قَالَ اَلْحَافِظُ اَلذَّهَبِيُّ : إِنَّ وَاقِفَ الرَّوَاحِيَةِ اِشْتَرَطَ عَلَى مَنْ يُقِيمُ بِهَا مِنَ اَلْفُقَهَاءِ وَالْمُدَرِّسِينَ شُرُوطًا صَعْبَةً, لَا يُمْكِنُ اَلْقِيَامُ بِبَعْضِهَا . وَلَمْ يُبَيِّنْ اَلذَّهَبِيُّ تِلْكَ اَلشُّرُوطِ . ثُمَّ قَالَ : وَشَرْطٌ أَنْ لَا يَدْخُلَ مَدْرَسَتَهُ يَهُودِيٌّ, وَلَا نَصْرَانِيٌّ وَلَا حَنْبَلِيٌّ حَشَوِيٌّ .انْتَهَى " .(1/25)
فَاشْتِرَاطُهُ عَدَمُ دُخُولِ اَلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى إِلَى مَدْرَسَتِهِ عِلَّةٌ مَفْهُومَةٌ, وَأَمَّا اِشْتِرَاطُهُ عَدَمُ دُخُولِ حَنْبَلِيٍّ حَشَوِيٍّ, فَلَيْسَ بِمَفْهُومٍ; لِأَنَّ اَلْحَنَابِلَةَ لَا يَتَّصِفُونَ بِهَذِهِ اَلصِّفَةِ, وَهَذَا مِنْ اَلتَّعَصُّبِ اَلنَّاشِئِ عَنِ اَلْجَهْلِ, وَالسَّعْي فِي تَفْرِيقِ اِجْتِمَاعِ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ اَلْمُحَمَّدِيَّةِ .
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْحَشَوِيَّةِ اَلَّذِينَ يَقْرَءُونَ آيَاتٍ اَلصِّفَاتِ, وَيَقُولُونَ : نُمِرُّهَا كَمَا جَاءَتْ, وَنَكِلُ تَفْسِيرَهَا إِلَى اَللَّهِ -تَعَالَى- مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلَا تَشْبِيهٍ وَلَا تَعْطِيلٍ . فَالِاسْتِوَاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( اَلرَّحْمَنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوَى ( (44) طَه :5 اِسْتِوَاءٌ يَلِيقُ بِذَاتِهِ تَعَالَى لَا نَعْلَمُ حَقِيقَتَهُ; لَأَنَا إِذَا فَسَّرْنَاهُ بِقَوْلِنَا : اِسْتَوْلَى, نَكُونُ أَخْطَأْنَا; لِأَنَّ مَنِ اِسْتَوْلَى عَلَى شَيْءٍ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْ يَدِهِ قَبْلَ اِسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ, كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُ اَلشَّاعِرِ :
قَدِ اِسْتَوْلَى بِشْرٌ عَلَى اَلْعِرَاقِ
مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ أَوْ دَمٍ مُهْرَاقِ(1/26)
وَمَعْنَاهُ أَنَّ بِشْرًا اِسْتَوْلَى عَلَى اَلْعِرَاقِ, وَاسْتَخْلَصَهَا مِنْ يَدِ غَيْرِهِ, بِدُونِ سَلِّ سَيْفٍ, أَوْ إِرَاقَةِ دَمٍ . وَتَعَالَى اَللَّهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ اِسْتَوْلَى عَلَى مُلْكِهِ بِهَذِهِ اَلصِّفَةِ, وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي اَلسَّمِيعِ وَالْبَصِيرِ وَأَشْبَاهِهِمَا : إِنَّ اَللَّهَ أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ صِفَةَ اَلسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ, وَأَخْبَرَنَا فِي كِتَابِهِ اَلْعَزِيزِ بِأَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِذَلِكَ, وَلَكِنَّنَا لَا نَعْلَمُ حَقِيقَةَ تِلْكَ اَلصِّفَاتِ . وَلَيْسَ يَجِبُ عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نُؤْمِنَ بِهَا وَنَتْرُكُ عَلَمِهَا إِلَى اَلْمُتَّصِفِ بِهَا ... " (45)
هَذَا جَانِبٌ مِنْ عَقِيدَتِهِ, وَهُنَاكَ جَانِبٌ آخَرُ لَا يَقِلُّ عَنْهُ أَهَمِّيَّةٌ, أَلَا وَهُوَ نَبْذُ اَلْخُرَافَةِ وَالْبِدَعِ اَلْمُنْكَرَةِ مِنَ اَلصُّوفِيَّةِ اَلَّتِي تَخْتَلِقُ اَلْكَرَامَات وَتَنْقُلُهَا عَنْ أَقْطَابِهَا .
فَمِنْهُ قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى - : ". . . أَقُولُ : إِنَّ نَقْلَ اَلْكَرَامَاتِ أَصْبَحَ أَمْرًا عَسِيرًا; لِأَنَّ أَصْحَابَ اَلرَّجُلِ يَسْتَعْمِلُونَ اَلْغُلُوُّ دَائِمًا, وَالْأَخْبَارُ تَحْتَمِلُ اَلصِّدْقَ وَالْكَذِبَ .
وَكَثِيرًا مَا أَرَى كَرَامَةً لِرَجُلٍ قَدْ نَسَبَهَا لَهُ اَلْمُتَأَخِّرُونَ, ثُمَّ أَرَاهَا بِعَيْنِهَا فِي تَرْجَمَةِ مَنْ قَبْلَهُ وَمَنْ قَبْلَهُ .(1/27)
وَتَارَةً يَنْقُلُ اَلْمُتَرْجِمُ اَلْكَرَامَةَ وَلَا يَتَفَطَّنُ لِمُنَاقَضَتِهَا اَلشَّرْعَ وَالْعَقْلَ, وَأَنَا أَضْرِبُ لَكَ مِثَالاً لِيَتَّضِحَ بِهِ اَلْمَرَامُ, وَهُوَ مَا حَكَاهُ اِبْنِ خِلِّكَانَ وَصَاحِبُ " شَذَرَاتِ اَلذَّهَبِ" عَنِ اَلشَّيْخِ يُوسُفَ, ذَلِكَ أَنَّ اِبْنَ خِلِّكَانَ قَالَ: سَأَلْتُ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ. فَقَالَ : كُنَّا مُسَافِرِينَ, وَالشَّيْخُ يُونُسُ مَعَنَا, فَنَزَلْنَا فِي اَلطَّرِيقِ بَيْنَ سَنْجَارَ وَعَانَةَ, وَهِيَ مُخَوِّفَةٌ, فَلَمْ يَقْدِرْ وَاحِدٌ مِنَّا أَنْ يَنَامَ مِنْ شِدَّةِ اَلْخَوْفِ, وَنَامَ اَلشَّيْخُ يُوسُفُ, فَلَمَّا اِنْتَبَهَ قُلْنَا : كَيْفَ قَدَرْتَ تَنَامُ ? فَقَالَ : وَاَللَّهُ مَا نِمْتُ حَتَّى جَاءَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمَا اَلسَّلَامُ - وَتَدَرَّكَ اَلْقُفْلَ, وَدَخَلْنَا سَالِمِينَ بِبِرْكَة اَلشَّيْخِ يُونُسَ .(1/28)
فَانْظُرْ أَوَّلاً إِلَى اَلْمُتَكَلِّمُ, وَلَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى مَحْمَلٍ حَسَنٍ, وَقُلْنَا : إِنَّهُ صَادِقٌ, فَهَلْ يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَجْعَلَ سَيِّدَنَا إِسْمَاعِيلَ أَوْ وَالِدَهُ اَلْخَلِيلَ - عَلَيْهِمَا اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَارِسَينِ عِنْدَهُ لِيَنَامَ نَوْمًا هَنِيئًا, وَهُمَا سَاهِرَانِ كَالْأَجِيرِ اَلَّذِي يَأْخُذُ أُجْرَتَهُ, وَيُدَافِعُ عَنْ مَالِ سَيِّدِهِ ? ! وَهَبْ أَنَّ اَلْأَمْرَ صَحِيحٌ, فَكَيْفَ جَازَ لَهُ اَلِاتِّكَالُ عَلَى غَيْرِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ? ! نَعَمْ ! لَوْ قَالَ: إِنِّي قَبْلُ نَوِّمِي دَعَوْتُ اَللَّهَ تَعَالَى, وَفَوَّضْتُ أَمْرِي وَأَمْرَ اَلْقَافِلَةِ إِلَيْهِ, لَكَانَ كَلَامُهُ مَقْبُولاً ! ثُمَّ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ ذَلِكَ اَلرَّاوِي صَادِقٌ فِيمَا نَقَلَهُ, أَوْ هُوَ عَدْلٌ مَرَضِيُّ اَلشَّهَادَةِ أَمْ لَا ?, مَعَ أَنَّ رُوَاةَ اَلْحَدِيثِ لَا نُصَدِّقُهُمْ حَتَّى تَتَحَقَّقَ لَنَا عَدَالَتُهُمْ, وَنَعْلَمَ صِدْقَهُمْ! فَكَيْفَ نُجِيزُ قَبُولَ خَبَرِ وَاحِدٍ مَجْهُولِ اَلْحَالِ ? ! تَالَلَّهِ مَا هَذَا إِلَّا هَذَيَان, وَعَدَمُ تُمَكُّنٍ مِنَ اَلْعِلْمِ اَلصَّحِيحِ ! ... " (46) .(1/29)
وَقَالَ مُحَمَّدُ تَقِيّ اَلدِّينِ اَلْحِصْنِي : "وَكَانَ سَلَفِيَّ اَلْعَقِيدَةِ ...". ثُمَّ قَالَ : "قَالَ أَحَدُ اَلْأُدَبَاءِ -عِنْدَ كِتَابَتِهِ عَنْ وَفَاتِهِ فِي اَلصُّحُفِ-: إِنَّهُ كَانَ خَصْمًا شَدِيدَ اَلْخُصُومَةِ لِرِجَالِ اَلْحَشِوِيِّينَ اَلَّذِينَ مَلَئُوا هَذَا اَلدِّينَ اَلسَّهْلَ خُرَافَاتٍ وَسَخَافَاتٍ هُوَ بَرَاءٌ مِنْهَا, حَتَّى رَمَوْهُ بِأَنَّهُ زِنْدِيقٌ أَوْ أَنَّهُ وَهَّابِيٌّ, كَمَا كَانَتْ اَلْوَهَّابِيَّةُ إِثْمًا زَمَنَ اَلسُّلْطَانِ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ يُرْمَى بِهَا كُلُّ مَنْ أَتَاهُ اَللَّهُ نَصِيبًا مِنَ اَلْحِكْمَةِ وَبُعْدَ اَلنَّظَرِ ... " (47) .
وَقَالَ اَلْمُؤَرِّخُ خَيْرُ اَلدِّينِ اَلزِّرِكْلِيّ : "كَانَ سَلَفِيَّ اَلْعَقِيدَةِ ..." .
وَحَدَّثَنِي اَلْأَدِيبُ اَلْكَبِيرُ اَلشَّيْخُ عَلِيٌّ اَلطَّنْطَاوِيُّ - أَجْزَلَ اَللَّهُ لَهُ اَلْأَجْرَ وَالْمَثُوبَةَ - حِينَمَا سَأَلْتُهُ عَنْ اَلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ فَقَالَ : "كَانَتْ اَلْوَهَّابِيَّةُ تُعَدُّ تُهْمَةً خَطِيرَةً مُخِيفَةً, وَكَانُوا يُحَذِّرُونَنَا مِنَ اَلِاجْتِمَاعِ بِهِمْ, فَوَقَفْتُ مَرَّةً فِي حَلْقَةِ اِبْنِ بَدْرَانَ اَلْعَالِمِ اَلْحَنْبَلِيِّ اَلْمَعْرُوفِ, وَكَانَ هُنَاكَ طُلَّابٌ يَمُرُّونَ فِي اَلْأَسْوَاقِ, فَرَأَوْنِي فِي حَلْقَةِ اِبْنِ بَدْرَانَ وَقَدَّمُوا فِيَّ تَقْرِيرًا إِلَى اَلْمَشَايِخِ, فَضُرِبَتْ (فَلَقَةٌ) (48) . فِي رِجْلَيَّ "
قُلْتُ : وَسَبَبُ هَذَا اَلْأَمْرِ أَنَّ اِبْنَ بَدْرَانَ كَانَ عَلَى مَنْهَجِ اَلسَّلَفِ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- وَكَتَبَ لَهُ اَلْأَجْرَ وَالْمَثُوبَةَ .(1/30)
وَأَمَّا مَذْهَبُهُ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ اَلْحَنْبَلِيّ : "... وَكَانَ شَافِعِيًّا, ثُمَّ تَحَنْبَلَ, وَسَبَبُ ذَلِكَ - كَمَا قَالَ بَعْضُ اَلْخَوَّاصِ عَنْهُ - : كُنْتُ فِي أَوَّلِ عُمْرِي مُلَازِمًا اَلْإِمَامَ اَلشَّافِعِيَّ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- سَالِكًا فِيهِ سَبِيلَ اَلتَّقْلِيدِ, ثُمَّ مَنَّ اَللَّهُ عَلَيَّ فَحَبَّبَ إِلَيَّ اَلِاطِّلَاعَ عَلَى كُتُبِ اَلتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَشُرُوحهَا وَأُمَّهَاتِ كُتُبِ اَلْمَذَاهِبِ 30 اَلْأَرْبَعَةِ, وَعَلَى مُصَنَّفَاتِ شَيْخِ اَلْإِسْلَامِ وَتِلْمِيذِهِ اَلْحَافِظِ اِبْنِ اَلْقَيِّمِ, وَعَلَى كُتُبِ اَلْحَنَابِلَةِ, فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ فَتَحَ اَللَّهُ بَصِيرَتِي وَهَدَانِي لِلْبَحْثِ عَنْ اَلْحَقِّ مِنْ غَيْرِ تَحَزُّبٍ لِمَذْهَبٍ دُونَ مَذْهَبٍ, فَرَأَيْتُ أَنَّ مَذْهَبَ اَلْحَنَابِلَةِ أَشَدُّ تَمَسُّكًا بِمَنْطُوق اَلْكِتَابِ اَلْعَزِيزِ وَالسُّنَّةِ اَلْمُطَهَّرَةِ وَمَفْهُومِهَا, فَكُنْتُ حَنْبَلِيًّا مِنْ ذَلِكَ اَلْوَقْتِ " . (49)
وَقَدْ قَامَ ـ رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى ـ بِخِدْمَةِ اَلْمَذْهَبِ اَلْحَنْبَلِيِّ وَكُتُبِهِ خِدْمَةً جَلِيلَةً بِتَأْلِيفٍ مَاتِعٍ أَلَا وَهُوَ "اَلْمَدْخَلُ إِلَى مَذْهَبِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ " وَمَا مِنْ دَارِسٍ لِمَذْهَبِ اَلْحَنَابِلَةِ إِلَّا وَاسْتَفَادَ مِنْهُ, كَيْفَ لَا وَقَدْ تَحَدَّثَ اِبْنُ بَدْرَانَ فِي كِتَابِهِ هَذَا عَنْ كُتُبِ اَلْحَنَابِلَةِ وَمُؤَلِّفِيهَا, وَوَصَفَهَا وَصْفَ اَلْعَارِفِ بِهَا اَلْخَبِيرِ بِفَحْوَاهَا, إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اَلْمَقَاصِدِ اَلَّتِي أَلَّفَ مِنْ أَجْلِهَا اَلْكِتَابِ (50) .(1/31)
كَمَا أَنَّهُ أَبْدَى أَسْفَهُ اَلشَّدِيدَ فِي اِضْمِحْلَالِ هَذَا اَلْمَذْهَبِ مِنْ بِلَادِهِ فَقَالَ : " . . . مَعَ أَنَّهُ تَمْضِيَ عَلِيَّ اَلشُّهُورُ بَلِ اَلْأَعْوَامُ, وَلَا أَرَى أَحَدًا يَسْأَلُنِي عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي مَذْهَبِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ; لِانْقِرَاضِ أَهْلِهِ فِي بِلَادِنَا, وَتَقَلُّصِ ظِلُّهِ مِنْهَا... " (51) .
مَحَبَّتُهُ لِأَهْلِ نَجْدٍ وَعَلَاقَتُهُ بِهِمْ
إِنَّ اَلْعَقِيدَةَ اَلسَّلَفِيَّةَ وَالتَّوْحِيدَ اَلْخَالِصَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ اِبْنِ بَدْرَانَ وَإِخْوَانِهِ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ, كَمَا أَنَّ نُصْرَتَهُمْ لِهَذَا اَلْمَنْهَجِ وَنَشْرَهُمْ لَهُ قَدْ أَثْلَجَ صَدْرَ اِبْنِ بَدْرَانَ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- وَهُنَاكَ أَمْرٌ آخَرُ أَلَا وَهُوَ عِنَايَتُهُمْ بِفِقْهِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ـ رَحِمَهُ اَللَّهُ ـ وَنَشْرِ كُتُبِهِ .(1/32)
يَقُولُ اِبْنُ بَدْرَانَ حِينَمَا ذَكَرَ كِتَابَ "مُخْتَصَرِ اَلشَّرْحِ اَلْكَبِيرِ وَالْإِنْصَافِ " لِلْإِمَامِ اَلْمُجَدِّدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ ـ رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى ـ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اَلشَّيْخَ وَطَلَبَهُ لِلْعِلْمِ : ". . . وَلَمَّا اِمْتَلَأَ وَطَابَهُ مِنَ اَلْآثَارِ وَعِلْمِ اَلسُّنَّةِ, وَبَرَعَ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ, أَخَذَ يَنْصُرُ اَلْحَقُّ, وَيُحَارِبُ اَلْبِدَعَ, وَيُقَاوِمُ مَا أَدْخَلَهُ اَلْجَاهِلُونَ فِي هَذَا اَلدِّينِ اَلْحَنَفِيِّ وَالشَّرِيعَةِ اَلسَّمْحَاءِ . وَأَعَانَهُ قَوْمٌ, وَأَخْلَصُوا اَلْعِبَادَةَ لِلَّهِ وَحْدَهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ اَلَّتِي هِيَ إِقَامَةُ اَلتَّوْحِيدِ اَلْخَالِصِ, وَالدَّعَايَةِ إِلَيْهِ, وَإِخْلَاصِ اَلْوَحْدَانِيَّةِ وَالْعِبَادَةِ كُلِّهَا بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا لِخَالِقِ اَلْخَلْقِ وَحْدَهُ, فَحَبَا إِلَى مُعَارَضَتِهِ أَقْوَامٌ أَلِفُوا اَلْجُمُودَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ اَلْآبَاءُ, وتَدَرَّعُوا بِالْكَسَلِ عَنْ طَلَبِ اَلْحَقِّ, وَهُمْ لَا يَزَالُونَ إِلَى اَلْيَوْمِ يَضْرِبُونَ عَلَى ذَلِكَ اَلْوِتْرِ, وَجُنُودُ اَلْحَقِّ تُكَافِحُهُمْ فَلَا تُبْقِي مِنْهُمْ وَلَا تَذَرُ, وَمَا أَحَقُّهُمْ بِقَوْلِ اَلْقَائِلِ :
كَنَاطِحِ صَخْرَةٍ يَوْمًا لِيُوهِنَهَا
فَلَمْ يَضِرْهَا وَأَعْيَا قَرْنَهُ اَلْوَعْلُ
وَلَمْ يَزَلْ مُثَابِرًا عَلَى اَلدَّعْوَةِ إِلَى دِينِ اَللَّهِ -تَعَالَى- حَتَّى تَوَفَّاهُ اَللَّهُ تَعَالَى سَنَةَ سِتٍّ وَمِئَتَيْنِ وَأَلْفٍ . . . " (52) .(1/33)
وَحِينَمَا ذَكَرَ اَلْكُتُبَ اَلْمَشْهُورَةَ فِي اَلْمَذْهَبِ اَلْحَنْبَلِيِّ وَبَيَانَ طَرِيقَةِ بَعْضِهَا قَالَ ". . . وَلَوْلَا أَمَلِي بِنَفْعِ سُكَّانِ جَزِيرَةِ اَلْعَرَبِ مِنَ اَلْحَنَابِلَةِ لَمَّا حَرَّكْتُ ـ فِيمَا رَأَيْتُ مِنْ اَلْفَوَائِدِ قَلَمًا-, وَلَا خَاطَبْتُ رَسْمًا مِنْهَا وَلَا طَلَلاً, وَلَكِنْ إِنَّمَا اَلْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ, وَاَللَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى اَلسَّرَائِرِ.
نَعَمْ إِنَّ كَثِيرًا مِنْ سُكَّانِ اَلْجَزِيرَةِ وَخُصُوصًا أَهْلَ نَجْدٍ ـ أَكْثَرَ اَللَّهُ مِنْ أَمْثَالِهِمْ ـ يَبْذُلُونَ اَلْآنَ اَلنَّفِيسَ وَالنَّفِيسَ بِطَبْعِ كَتَبِ هَذَا اَلْمَذْهَبِ, وَيُحْيُونَ رُفَاةَ اَلْكُتُبِ اَلْمُنْدَرِسَةِ مِنْهُ, فَأَحْبَبْتُ مُشَارَكَتَهُمْ فِي هَذَا اَلْأَجْرِ, وَأَقْدَمْتُ عَلَى ذِكْرِ اَلْكُتُبِ اَلْمَشْهُورَةِ, لِيَتَنَبَّهَ أَهْلُ اَلْخَيْرِ إِلَيْهَا, فَيُبْرِزُونَهَا مَطْبُوعَةً طَبْعًا حَسَنًا; لِيَنْتَفِعَ بِهَا أَهْلُ هَذَا اَلْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِمْ, كَمَا هِيَ عَادَتُهُمْ فِي عَمَلِ اَلْخَيْرِ (53) .
وَقَالَ أَيْضًا : "فَمِنْ ثَمَّ تَقَلَّصَ ظِلُّهُ ـأَيْ مَذْهَبُ اَلْحَنَابِلَةِ ـ مِنْ بِلَادِنَا اَلسُّورِيَّةِ وَخُصُوصًا دِمَشْقَ إِلَّا قَلِيلاً, وَأَشْرَقَ نُورُهُ فِي اَلْبِلَادِ اَلنَّجْدِيَّةِ مِنْ جَزِيرَةِ اَلْعَرَبِ, وَهَبَّ قَوْمٌ كِرَامٌ مِنْهُمْ لِطَبْعِ كُتُبِهِ, وَأَنْفَقُوا اَلْأَمْوَالَ اَلطَّائِلَةَ لِإِحْيَاءِ هَذَا اَلْمَذْهَبِ لَا يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ إِلَّا وَجْهَ اَللَّهِ -تَعَالَى-, وَلَا يَقْصِدُونَ إِلَّا أَحْيَاءَ مَذْهَبِ اَلسَّلَفِ, وَمَا كَانَ عَلَيْهِ اَلصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ . فَجَزَاهُمْ اَللَّهُ خَيْرًا وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ " (54) .(1/34)
وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ اَلْفُضَلَاءِ مِنْهُمْ زَارُوهُ وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَشْرَحَ "رَوْضَةَ اَلنَّاظِرِ" لِابْنِ قُدَامَةَ, فَأَجَابَ إِلَى طَلَبَتِهِمْ, فَقَالَ بَعْدَ كَلَامٍ حَوْلَ اَلْأُصُولِ :". . . إِلَى أَنْ زَارَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَفْضَلِ اَلْحَنَابِلَةِ اَلنَّجْدِيِّينَ, وَطَلَبُوا مِنِّي أَنْ أَخْتَارَ لَهُمْ كِتَابًا فِي أُصُولِ مَذْهَبِ إِمَامِ اَلْأَئِمَّةِ وَنَاصِر اَلسُّنَّةِ, اَلْإِمَامِ اَلْمُبَجَّلِ, اَلْحَبْرِ اَلْمُفَضَّلِ, اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ حَنْبَلٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ وَجَعَلَ اَلْجَنَّةَ مُنْقَلَبَهُ وَمَثْوَاهُ- ; لِيَشْتَغِلَ بِهِ طُلَّابُ هَذَا اَلْفَنِّ, فَأَرْشَدَتْهُمْ إِلَى كِتَابِ "رَوْضَةِ اَلنَّاظِرِ وَجَنَّةِ اَلْمَنَاظِرِ" لِأَحَدِ اَلْأَئِمَّةِ اَلْأَعْلَامِ, اَلْفَقِيهِ اَلْأُصُولِيِّ اَلْمُحَقِّقِ اَلزَّاهِدِ مُوَفَّقِ اَلدِّينِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ قُدَامَةَ اَلْمَقْدِسِيِّ اَلصَّالِحِيِّ اَلْحَنْبَلِيِّ; لِمَا هُوَ مُتَّصِفٌ بِهِ مَعَ اِخْتِصَارِهِ مِنْ اَلنَّفْعِ اَلْجَزِيلِ وَالْفَوَائِدِ اَلْكَثِيرَةِ .
ثُمَّ إِنَّهُمْ بَعْدَ أَنْ قَبِلُوا اِخْتِيَارَهُ أَلَحُّوا بِأَنْ أَكْتُبَ عَلَيْهِ مَا عَسَاهُ يَكْشِفُ مَا يُشْكِلُ مِنْ مَطَالِبِهِ, وَيُذَلِّلُ مَا يَسْتَعْصِي فَهْمُهُ عَلَى طَالِبِهِ, فَأَجَبْتُ مُقْتَرَحَهمْ مُسْتَعِينًا بِاَللَّهِ -تَعَالَى- وَأَخَذْتُ بِكِتَابَةِ تَعْلِيقَاتٍ عَلَيْهِ تُقَرِّبُ مَا نَأَى مِنَ اَلْمَطَالِبِ, وَتَفْتَحُ بَابَ تِلْكَ اَلرَّوْضَةِ لِكُلِّ طَالِبٍ . . . " (55)(1/35)
كَمَا أَنَّهُ - رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا رَأَى اِهْتِمَامَهُمْ بِالْفَرَائِضِ أَلَّفَ كِتَابَهُ "الْبَدْرَانِيُّةُ شَرْحُ اَلْمَنْظُومَةِ الفَارِضِيَّةِ" وَقَدْ طُبِعَ عَلَى نَفَقَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ القَرْعَاوِيّ .
كَمَا أَنَّ اَلْمَلِكَ عَبْدِ اَلْعَزِيزِ بْنِ سُعُودٍ كَانَ يَثِقُ بِهِ, وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي مُحَارَبَةِ اَلْبِدَعِ, وَكَانَ مُفْتِي اَلدِّيَارِ اَلْحِجَازِيَّةِ فِي سُورِيَةَ (56) وَقَدْ أَمَرَ اَلْمَلِكُ عَبْدُ اَلْعَزِيزِ بِطَبْعِ شَرْحِ اِبْنِ بَدْرَانَ لِلرَّوْضَةِ عَلَى نَفَقَتِهِ, وَذَلِكَ سَنَةِ 1342 هِـ.
عَلَاقَتُهُ بِعَالِمِ اَلْكُوَيْتِ
اِمْتَدَّتْ عَلَاقَةُ اَلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ فِي اَلْجَزِيرَةِ, فَكَانَ لَهُ صِلَةٌ وَثِيقَةٌ بِالْعَالِمِ اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ دِحْيَانَ, ذَاكَ اَلْعَالِمُ اَلْجَلِيلُ, فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا مَوَدَّةٌ وَصِلَةٌ مَتِينَةٌ مِنْ مُرَاسَلَةٍ عِلْمِيَّةٍ وَمُذَاكَرَاتٍ فِقْهِيَّةٍ, حَتَّى وَصَلَ بِهَا اَلْحَالُ إِلَى أَنْ صَارَتْ فِي مُؤَلَّفٍ مُسْتَقِلٍّ أَلَّفَهُ اِبْنُ بَدْرَانَ جَوَابًا عَلَى أَسْئِلَةِ اِبْنِ دِحْيَانَ عَلَّامَة اَلْكُوَيْتِ (57) كَمَا أَنَّ بَيْنَهُمَا رَسَائِلَ وَدِيَةً مِمَّا حَدَا بِالْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ أَنْ يَقُولَ لِلشَّيْخِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ دِحْيَانَ: "وَأَرْجُوكُمْ لَا تَقْطَعُوا اَلْمُرَاسَلَةَ بَيْنَنَا" (58) وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ رِسَالَةٍ لِابْنِ دِحْيَانَ إِلَى اِبْنِ أُخْتِهِ أَحْمَدَ اَلْخَمِيسِ يَذْكُرْ فِيهَا وُصُولَ رَسَائِلِ اِبْنِ بَدْرَانَ إِلَيْهِ وَسُرُورَهُ بِهَا . رَحِمَ اَللَّهُ اَلْجَمِيعِ .
شَكْوَاهُ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ وَقِيَامُهمْ عَلَيْهِ(1/36)
اُبْتُلِيَ اِبْنُ بَدْرَانَ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ اِبْتِدَاءً مِنْ أَهْلِ بَلْدَتِهِ دُومَا, اَلَّتِي أَخْرَجَهُ أَهْلُهَا مِنْهَا بَعْدَ أَنْ عَادَ إِلَيْهَا مِنْ سَفَرِهِ إِلَى أُورُبَّا وَالْمَغْرِبِ, حَيْثُ قَالَ عَلَى لِسَانِ دِمَشْقَ فِي كِتَابِ "مُنَادَمَةِ اَلْأَطْلَالِ":
"...ثُمَّ لَجَجْتُ فِي اَلْهَجْرِ قَافِلاً إِلَى دُومَاكَ, جُرْثُومَةِ اَلْهَمَجِيَّةِ, اَلْعَرِيقَةِ بِبُغْضِ اَلْحُكَمَاءِ وَالْعُلَمَاءِ (59) فَذُقْتُ بِهَا أَلَمَ اَلتَّعَدِّيَ وَالْحَسَدَ .
وَأَضْنَى حُمُرُهَا اَلْمُسْتَنْفِرَةُ مِنْكَ اَلْعَقْلَ وَالْجَسَدَ, وَتَأَلَّبَ أُولَئِكَ اَلْمُتَوَحِّشُونَ عَلَيْهِ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اَلْحِكْمَةِ اَلَّذِي أَطْلَعُهُ اَللَّهُ فِي فُؤَادِكَ بِبَغْيِهِمْ وَحَسَدِهِمْ, قَلَبُوا لَكَ ظَهْرَ اَلْمِجَنِّ, وَرَمَوْك بِالْإِفْكِ لِيَسُوقُوا لَكَ اَلْمِحَنَ . . " (60) .
وَمَنَ اَلْأَسْبَابِ اَلَّتِي أُخْرِجَ مِنْ أَجْلِهَا: مَا ذَكَرَهُ فَخْرِيُّ اَلْبَارُودِيُّ (61) فِي "مُذَكِّرَاتِهِ " (62) حَيْثُ قَالَ : ". . . اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بَدْرَانَ, أَحَدُ عُلَمَاءِ قَصَبَةِ دُومَا, اَلْفُقَهَاءِ عَلَى اَلْمَذْهَبِ اَلْحَنْبَلِيِّ, وَهُوَ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ اَلْمُجَدِّدِينَ . وَكَانَ لِسَانُهُ سَلِيطًا جَرِيئًا لَا يَهَابُ أَحَدًا, فَوَقَعَتْ مَرَّةً مُشَادَّةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَئِيسِ بَلَدِيَّةِ دُومَا صَالِحِ طَه, وَتَبَادَلاَ اَلْهِجَاءَ, وَعَلَى اَلْإِثْرِ اِسْتَصْدَرَ طَه مِنَ اَلْوَالِي أَمْرًا بِإِبْعَاد اَلشَّيْخِ بَدْرَانَ عَنْ دُومَا, فَانْتَقَلَ إِلَى دِمَشْقَ, وَحَلَّ ضَيْفًا عَلَيْنَا فِي بَيْتِنَا, مُدَّةَ سَنَتَيْنِ, حَتَّى اِنْتَهَتْ مُدَّةُ نَفْيِهِ . . . " .(1/37)
كَمَا أَنَّ اِبْنَ بَدْرَانَ اِشْتَكَى مِنَ اَلْجَهَلَةِ اَلْمُتَعَالِمِينَ فِي زَمَانِهِ فَقَالَ : "وَمِمَّا اُبْتُدِعَ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ أَهْلَ اَلْعَمَائِمِ, فَيَنْتَخِبُونَ مُفْتِيًا, وَيَحْصُرُونَ اَلْفَتْوَى فِيهِ, فَكَثِيرًا مَا يَنَالُ هَذَا اَلْمَنْصِبَ اَلْجَاهِلُ اَلْغَمْرُ اَلَّذِي لَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ عِبَارَةُ بَعْضِ كُتُبِ اَلْفُرُوعِ مَا عَرَفَ لَهَا قَبِيلاً مِنْ دَبِيرٍ, فَنَسْأَلُ اَللَّهَ حُسْنَ اَلْعَافِيَةِ .
عَلَى أَنَّ اِخْتِصَاصَ وَاحِدٍ بِمَنْصِبِ اَلْإِفْتَاءِ, لَا يَقْبَلُ اَلْحَاكِمُ اَلْفَتْوَى إِلَّا مِنْهُ - 35 لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا فِي اَلْقُرُونِ اَلْأُولَى, وَإِنَّمَا كَانَ اَلْإِفْتَاءُ مَوْكُولاً إِلَى اَلْعُلَمَاءِ اَلْأَعْلَامِ, وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إِلَى أَنْ دَخَلَ اَلسُّلْطَانُ سَلِيمُ اَلْعُثْمَانِيُّ دِمَشْقَ سَنَةَ اِثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَتِسْعِ مِائَةٍ مِنَ اَلْهِجْرَةِ وَامْتَلَكَهَا, فَرَأَى كَثْرَةَ اَلْمُشَاغَبَاتِ بَيْنَ اَلْمُبْدِعِينَ لِلْعِلْمِ, خَصَّصَ إِفْتَاءَ كُلِّ مَذْهَبِ بِرَجُلٍ مِنْ عُلَمَائِهِ اَلْأَفَاضِلِ قَطْعًا لِلْمُشَاغَبَاتِ, ثُمَّ طَالَ اَلزَّمَنُ فَتَوَلَّى هَذَا اَلْمَنْصِبَ اَلْجَلِيلَ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَا يَدْرِي مَا هِيَ اَلْأُصُولُ وَمَا هِيَ اَلْفُرُوعُ, فَوُسِّدَ اَلْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ, وَأُعْطِيَ اَلْقَوْسُ غَيْرَ بَارِيهَا " (63)
وَقَالَ فِي هَذَا اَلصِّنْفِ أَيْضًا : ". . . لَا سِيَّمَا فِي زَمَانَنَا هَذَا اَلَّذِي صَارَ فِيهِ اَلْعِلْمُ جَدَاوِلَ بِلَا مَاءٍ وَخِلَافًا بِلَا ثَمَرٍ, وَعَمَائِمَ كَالْأَبْرَاجِ, وَأَكْمَامٍ كَالْأَخْرَاجِ, وَالْعَلَمُ عِنْدَ اَللَّهِ تَعَالَى " (64)(1/38)
وَأَمَّا حَسَدُهُمْ لَهُ فَقَدْ ذَكَرَهُ اِبْنُ بَدْرَانَ غَيْرَ مَرَّةٍ, فَمِنْهُ قَوْلُهُ -حِينَمَا أَلْفَ "شَرْحَ اَلرَّوْضَةِ"- : "ثُمَّ إِنِّي مَارَسْتُ هَذَا اَلْكِتَابَ مُنْفَرِدًا عَنْ كَثْرَةِ اَلْمَوَادِّ, وَالْخِلِّ اَلصَّادِقِ اَلْمَوَّادِّ, مَعَ تَرَادُفِ بَلَايَا وَمِحَنٍ, وَحَسَدٍ حَتَّى عَلَى اَلْوُجُودِ فِي هَذَا اَلْكَوْنِ, وَانْدِرَاسِ اَلْعِلْمِ وَقَبَضِ اَلْعُلَمَاءِ " (65)
هَذَا حَالُ اِبْنِ بَدْرَانَ مَعَ أَهْلِ بَلَدِهِ وَزَمَانِهِ, وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ غُرْبَةِ اَلْحَقِّ بَيْنَهُمْ, فَاَللَّهُ اَلْمُسْتَعَانُ .
صِفَاتُهُ وَثَنَاءُ اَلْعُلَمَاءِ عَلَيْهِ
أَثْنَى عَلَى اِبْنِ بَدْرَانَ كُلُّ عَالِمٍ مُنْصِفٍ عَرَفَ قَدْرَهُ وَفَضْلَهُ, قَالَ اَلْعَلَّامَة خَيْرُ اَلدِّينِ اَلزِّرِكْلِيّ : "فَقِيهٌ أُصُولِيٌّ حَنْبَلِيٌّ, عَارِفٌ بِالْأَدَبِ وَالتَّارِيخِ . . . حَسَنَ اَلْمُحَاضَرَةِ, كَارِهًا لِلْمَظَاهِرِ, قَانِعًا بِالْكَفَافِ, لَا يُعْنَى بِمَلْبَسٍ أَوْ بِمَأْكَلٍ, يَصْبُغُ لِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ, وَرُبَّمَا ظَهَرَ أَثَرُ اَلصَّبْغِ عَلَى أَطْرَافِ عِمَامَتِهِ. ضَعُفَ بَصَرُهُ قَبْلَ اَلْكُهُولَةِ, وَفُلِجَ فِي أَعْوَامِهِ اَلْأَخِيرَةِ . وَلِيَ إِفْتَاءَ اَلْحَنَابِلَةِ " (66) .
وَقَالَ اَلْأُسْتَاذُ أَدْهَمُ الْجِنْدِيُّ : "وَبَرَعَ - أَيْ اِبْنُ بَدْرَانَ - فِي سَائِرِ اَلْعُلُومِ اَلْعَقْلِيَّةِ وَالْأَدَبِيَّةِ وَالرِّيَاضِيَّةِ, وَتَبَحَّرَ فِي اَلْفِقْهِ وَالنَّحْوِ, فَكَانَ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- عَلَمًا مِنْ اَلْأَعْلَامِ " .(1/39)
وَقَالَ أَيْضًا: "كَانَ شَيْخًا جَلِيلاً زَاهِدًا فِي حُطَامِ اَلدُّنْيَا, مُتَقَشِّفًا فِي مَلْبَسِهِ وَمَسْكَنِهِ وَمَعِيشَتِهِ . . . كَانَ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- ذُا قُرْعَةٍ طَوِيلَةٍ اِمْتَدَّتْ إِلَى أَسْفَلِ رَقَبَتِهِ, أَعْمَشَ اَلْعَيْنَيْنِ, شَبِيهَ اَلْحُورَانِيّ وَابْنِ اَلْحَافِظِ فِي اَلْخِلْقَةِ, يَمْتَازُ بِمَنَاقِبِهِ اَلْحَمِيدَةِ" (67)
وَقَالَ اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ خَلَفٍ بْنُ دِحْيَان اَلْحَنْبَلِيّ - رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى- : "اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بْنُ أَحْمَدَ بَدْرَانَ, مُدَرِّسُ اَلْجَامِعِ اَلْأُمَوِيِّ, وَشَيْخُ اَلْحَنَابِلَةِ فِي اَلْبِلَادِ اَلثَّوْرِيَّةِ, وَمُحَدِّثُ اَلشَّامِ, وَأَحَدُ أَعْضَاءِ اَلرِّئَاسَةِ اَلْعِلْمِيَّةِ بِدِمَشْقَ" .
وَقَالَ أَيْضًا : "اَلْعَلَّامَة اَلْمُحَقَّقُ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بْنُ أَحْمَدَ بَدْرَانَ, خَاتِمَةُ اَلْمُحَقِّقِينَ فِي اَلشَّامِ . . . " (68)
وَقَالَ عَنْهُ مُحَمَّدُ تَقِيِّ اَلدِّينِ اَلْحِصْنِيُّ : "وَهُوَ مُتَضَلِّعٌ مِنْ اَلْعُلُومِ اَلْعَصْرِيَّةِ وَالْفُنُونِ اَلْكَثِيرَةِ, اُشْتُهِرَ فِي اَلشِّعْرِ وَالتَّارِيخِ . . . كَانَ سَلَفِيَّ اَلْعَقِيدَةِ, يُحِبُّ اَلتَّقَشُّفَ وَيَمِيلُ طَبْعُهُ إِلَى اَلِانْفِرَادِ عَنِ اَلنَّاسِ وَالْبُعْدِ عَنْ اَلْأُمَرَاءِ . . . وَلَهُ اِخْتِصَاصٌ فِي عِلْمٍ اَلْآثَارِ وَالْكُتُبِ اَلْقَدِيمَةِ, وَمَعْرِفَةِ أَسْمَاءِ اَلرِّجَالِ وَمُؤَلِّفَاتِهِمْ مِنْ صَدْرِ اَلْإِسْلَامِ إِلَى اَلْيَوْمِ " (69)(1/40)
وَقَالَ اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخُ مُحَمَّدُ بَهْجَةِ اَلْبَيْطَارِ فِي كَلَامِهِ عَنْ شَيْخِهِ جَمَالِ اَلدِّينِ اَلْقَاسِمِيِّ وَابْنِ بَدْرَانَ : "وَكَانَتْ صِلَتُهُ - أَيْ اِبْنُ بَدْرَانَ - بِالسَّيِّدِ اَلْقَاسِمِيِّ حَسَنَةً, وَكَانَ لَهُ وَلِشَيْخِنَا اَلْقَاسِمِيِّ أَمَلٌ كَبِيرٌ, وَسَعْيٌ عَظِيمٌ فِي تَجْدِيدِ اَلنَّهْضَةِ اَلدِّينِيَّةِ اَلْعِلْمِيَّةِ فِي هَذِهِ اَلدِّيَارِ, فَقَدْ أَشْبَهَا -رَحِمهُمَا اَللَّهُ تَعَالَى- أَئِمَّةَ اَلسَّلَفِ تَعْلِيمًا لِلْخَوَاصِّ, وَإِرْشَادًا لِلْعَوَامِّ, وَتَأْلِيفًا لِلْكُتُبِ اَلنَّافِعَةِ, وَزُهْدًا فِي حُطَامِ اَلدُّنْيَا اَلزَّائِلَةِ " (70) .
وَقَالَ أَيْضًا : "وَكَانَ لِي شَرَفُ ضِيَافَةِ اَلْأُسْتَاذِ اَلْمُتَرْجَمِ - أَيْ اِبْنِ بَدْرَانَ - لَيْلَةً مَعَ صَدِيقِهِ اَلرَّحَّالَةِ اَلْجَلِيلِ اَلْأُسْتَاذِ خَلِيلِ اَلْخَالِدِيِّ اَلْمَقْدِسِيِّ (71) فَأَخَذَ اَلْأُسْتَاذُ بَدْرَانَ يَسْأَلُهُ عَمَّا رَأَى مِنْ نَفَائِسِ اَلْكُتُبِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ اَلْخَطِّيَّةِ فِي دِيَارِ اَلْمَغْرِبَ لَاسِيَّمَا اَلْأَنْدَلُسَ, وَالْأُسْتَاذُ اَلْخَالِدِيُّ يُجِيبُهُ مِنْ حِفْظِهِ بِلَا تَلَعْثُمٍ وَلَا تَرَيُّثَ كَأَنَّمَا يُمْلِي مِنْ كِتَابٍ, وَقَدْ كُنْتُ مُعْجَبًا بِالسُّؤَالِ وَالْجَوَابِ غَايَةَ اَلْإِعْجَابِ " (72) .(1/41)
وَقَالَ اَلْكَاتِبُ اَلْكَبِيرُ مُحِبٌّ اَلدِّينِ اَلْخَطِيبُ حِينَ ذَكَرَ وَفَاتَهُ فِي مَجَلَّةِ "اَلْفَتْحِ " : "وَهُوَ - أَيْ اِبْنُ بَدْرَانَ - مِنْ أَفَاضِلِ اَلْعُلَمَاءِ . . . وَتَلْقَّى اَلْعِلْمَ عَنِ اَلْمَشَايِخِ مُدَّةَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ, ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى تَعْلِيمِ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ, فَكَانَ مِنْ أَهْلِ اَلصَّبْرِ عَلَى اَلتَّوَسُّعِ فِي اِكْتِسَابِ اَلْمَعَارِفِ مِنَ اَلْعُلُومِ اَلشَّرْعِيَّةِ وَالْأَدَبِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ وَالرِّيَاضِيَّةِ, وَهُوَ حَنْبَلِيُّ اَلْمَذْهَبِ . . . " (73)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ اَلْعُمَانِيُّ اَلْحَنْبَلِيُّ: اَلشَّيْخُ اَلْعَلَّامَة اَلْمُحَقِّقُ اَلْمُفَسِّرُ, اَلْمُحَدِّثُ اَلْأُصُولِيُّ اَلْكَبِيرُ اَلْفَقِيهُ اَلْمُتَبَحِّرُ اَلنَّحْوِيُّ اَلْمُتَفَنِّنُ . . . "
وَقَالَ أَيْضًا : "كَانَ - رَحِمَهُ اَللَّهُ - شَيْخًا جَلِيلاً, مُقْتَفِيًا لِطَرِيقَةِ اَلسَّلَفِ اَلصَّالِحِ, مُدَافِعًا عَنْهَا, صَابِرًا عَلَى أَذَى اَلْأَعْدَاءِ فِيهَا تَارِكًا لِلتَّعَصُّبِ, مَعَ اَلدِّينِ وَالتَّقْوَى وَالْعِفَّةِ وَالصَّلَاحِ, زَاهِدًا فِي حُطَامِ اَلدُّنْيَا, مُتَقَلِّلاً مِنْهَا . . . " (74)
هَذِهِ أَقْوَالُ أَهْلِ اَلْعِلْمِ وَالْأَدَبِ فِي اِبْنِ بَدْرَانَ, وَبَيَانِ عَلِمِهِ, وَاتِّسَاعِ مَعَارِفِهِ وَوَصْفِهِ بِالدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَالْعِفَّةِ وَالتُّقَى, مَعَ إِعْرَاضِهِ عَنْ اَلدُّنْيَا وَحُطَامِهَا اَلْفَانِي .
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا وَاتَّضَحَ لَكَ اَلْحَقُّ -بَانَ لَكَ بُطْلَانُ وَجَوْرُ كَلِمَةِ اَلشَّيْخِ مُحَمَّدٍ جَمِيلٍ اَلشَّطِّيِّ عَنْ هَذَا اَلْإِمَامِ حَيْثُ قَالَ عَنْهُ : "عَالِمٌ مُتَطَرِّفٌ" (75)(1/42)
وَلَا يُسْتَغْرَبُ مَوْقِفُهُ هَذَا مِنْ اِبْنِ بَدْرَانَ, فَإِنَّهُ مِمَّنْ شَرَّقَ بِالدَّعْوَةِ اَلَّتِي يَدْعُو إِلَيْهَا اِبْنُ بَدْرَانَ (76) مَعَ اِعْتِرَافِهِ بِأَنَّ اِبْنَ بَدْرَانَ عَالِمٌ, وَلَا يَضُرُّ كَلَامُهُ اِبْنَ بَدْرَانَ, فَإِنَّ فَضْلَهُ ظَاهِرٌ لِكُلِّ مِنْصِفٌ .
أَعْمَالُهُ وَسَكَنُهُ
لَمَّا كَانَ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بْنُ بَدْرَانَ فِي بَلْدَتِهِ دَوْمًا تَوَلَّى اَلتَّدْرِيسَ, وَكَانَ مِمَّا دَرَّسَهُ بَعْضَ كُتُبِ اَلْحَنَابِلَةِ, وَاَلَّتِي مِنْهَا كِتَابِ "شَرْحِ مُنْتَهَى اَلْإِرَادَاتِ" لِلْبَهُوتِي, يَقُولُ اِبْنُ بَدْرَانَ : ". . . وَلَقَدْ كُنْتُ فِي حُدُودِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلَاثمِائَةٍ بَعْدَ اَلْأَلْفِ أَقَمْتُ مُدَّةً فِي قَصَبَةٍ دُومَا دِمَشْقَ فَأَقْرَأْتُ هَذَا اَلشَّرْحِ, وَكَتَبْتُ عَلَيْهِ حَاشِيَةً وَضَعْتُهَا أَثْنَاءِ اَلْقِرَاءَةِ, وَصَلْتُ فِيهَا إِلَى بَابِ اَلسَّلَمِ, فِي مُجَلَّدٍ ضَخْمٍ, ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْهَا إِلَى دِمَشْقَ, وَهُنَالِكَ لَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَطْلُبُ اَلْعِلْمَ مِنْ اَلْحَنَابِلَةِ, بَلْ يَنْدُرُ وُجُودُ حَنْبَلِيٍّ بِهَا . . . " (77)
وَكَانَ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بْنُ بَدْرَانَ عُضْوًا فِي شُعْبَةِ اَلْمَعَارِفِ فِي دُومَةَ, وَعُيِّنَ مُصَحِّحًا وَمُحَرِّرًا بِمَطْبَعَةِ اَلْوِلَايَةِ وَجَرِيدَتِهَا (78) كَمَا أَنَّهُ اِشْتَرَكَ فِي عَهْدِ اَلْأَتْرَاكِ بِتَحْرِيرِ جَرِيدَةِ اَلْمُقْتَبَسِ (79) وَكَتَبَ فِي صُحُفِ دِمَشْقَ كَالْمِشْكَاةِ وَالشَّامِ وَالْكَائِنَاتِ وَالرَّأْيِ اَلْعَامِّ (80) وَفِي 9 تِشْرِينَ اَلثَّانِي سَنَةً 1909 م أَيْ سَنَةَ 1329هـ أَنْشَأَ مَجَلَّةَ "مَوَادَّ اَلْحِكْمَةِ" (81)(1/43)
ثُمَّ اِشْتَغَلَ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بِالتَّدْرِيسِ وَالْعِلْمِ, فَكَانَ يُدَرِّسُ فِي اَلْجَامِعِ اَلْأُمَوِيِّ, قَالَ اَلْأُسْتَاذُ أَدْهَمُ آلُ الْجِنْدِيِّ : "وَأَقَامَ أَكْثَرَ حَيَاَتِهِ يُدَرِّسُ تَحْتَ قُبَّةِ النَّسْرِ " (82) فِي اَلْجَامِعِ اَلْأُمَوِيِّ اَلتَّفْسِيرَ وَالْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ . . . " (83) وَكَانَ مِمَّا دَرَّسَهُ كِتَابُ "عُمْدَةِ اَلْأَحْكَامِ " لِلْحَافِظِ عَبْدِ اَلْغَنِيِّ اَلْمَقْدِسِيِّ - رَحِمَهُ اَللَّهُ - حَيْثُ يَقُولُ : ". . . وَقَدْ كُنْتُ طَالِعْتُهُ قَدِيمًا أَثْنَاءِ اَلطَّلَبِ, ثُمَّ إِنِّي كُنْتُ مِمَّنْ وَلِعَ فِي هَذَا اَلْكِتَابِ, وَقَرَأْتُهُ فِي جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ (84) تحْتَ قُبَّةِ النَّسْرِ . . . " (85)
وَقَالَ اَلْعَلَّامَة مُحَمَّدُ بَهْجَةَ اَلْبَيْطَارُ - رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى - : "وَكَانَ - أَيْ اِبْنُ بَدْرَانَ - يَقْرَأُ دَرْسًا عَامًّا فِي جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ يَمِيلُ فِيهِ إِلَى اَلتَّجْدِيدِ وَالْفَلْسَفَةِ " (86) .
وَقَالَ اَلْعَلَّامَة خَيْرُ اَلدِّينِ اَلزَّرْكَلِيُّ -رَحِمَهُ اَللَّهُ - : "وَلِيَ إِفْتَاءَ اَلْحَنَابِلَةِ, وَانْصَرَفَ مُدَّةً إِلَى اَلْبَحْثِ عَمَّا بَقِيَ مِنْ اَلْآثَارِ فِي مَبَانِي دِمَشْقَ اَلْقَدِيمَةِ, فَكَانَ أَحْيَانًا يَسْتَعِيرُ سُلَّمًا خَشَبِيًّا, وَيَنْقُلُهُ بِيَدَيْهِ لِيَقْرَأَ كِتَابَةً عَلَى جِدَارٍ أَوْ اِسْمًا فَوْقَ بَابٍ " (87)
قُلْتُ : وَالسَّبَبُ فِي اِنْصِرَافِهِ إِلَى هَذَا اَلْعَمَلِ, أَنَّ قَاضِيَ دِمَشْقَ اَلشَّيْخَ عَبْدَ اَلْمُحْسِنِ اَلْأُسْطُوَانِيَّ (88) .(1/44)
كَلَّفَ لَجْنَةً عَلَى رَأْسِهَا اَلْعَلَّامَة اِبْنُ بَدْرَانَ لِلطَّوَافِ عَلَى مَدَارِسِ دِمَشْقَ وَوَصْفِ حَالَتِهَا, وَمَا فِيهَا مِنْ اَلطُّلَّابِ, وَمَا قَدْ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ إِصْلَاحٍ وَتَرْمِيمٍ فَقَامَتْ اَللَّجْنَةُ بِالْعَمَلِ اَلْمُكَلَّفَةِ بِهِ, وَقَدَّمَتْ اَلتَّقْرِيرَ إِلَى اَلْقَاضِي فِي 18 صَفَرَ سَنَةَ 1328 هـ (89) وَالسَّبَبُ اَلْآخَرُ تَأْلِيفُهُ لِكِتَابِ "مُنَادَمَةُ اَلْأَطْلَالِ " فِي اَلْآثَارِ اَلدِّمَشْقِيَّةِ وَالْمَدَارِسِ اَلْعِلْمِيَّةِ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ اَلْحَنْبَلِيُّ : "وَكَانَ . . . كَثِيرَ اَلتَّنَقُّلِ بَيْنَ قُرَى غُوطَةِ اَلشَّامِ لِتَبْلِيغِ اَلْعِلْمِ لِلْعَامَّةِ, وَتَعْلِيمِهِ لِلطَّلَبَةِ اَلَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ اَلرِّحْلَةَ . . . وَكَانَ فِيمَا مَضَى يُدَرِّسُ تَحْتَ قُبَّةِ اَلنَّسْرِ فِي اَلْجَامِعِ اَلْأُمَوِيِّ اَلتَّفْسِيرَ وَالْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ, ثُمَّ اِنْتَقَلَ إِلَى مَدْرَسَةِ عَبْدِ اَللَّهِ بَاشَا اَلْعَظْمِ اَلْمُشْرِفَةِ عَلَى اَلْقَلْعَةِ الْفَرَنْسَوِيَّةِ" (90) .
هَذَا وَقَدْ اِسْتَقَرَّ اَلشَّيْخُ اِبْنُ بَدْرَانَ فِي هَذِهِ اَلْمَدْرَسَةِ, يَقُولُ اَلْحِصْنِيُّ : "وَمَكَثَ مَا يَقْرُبُ نِصْفَ قَرْنٍ فِي مَدْرَسَةِ عَبْدِ اَللَّهِ بَاشَا اَلْعَظْمِ مِنْ مَعَاهِدِ اَلْعَلَمِ اَلشَّهِيرَةِ . . . " (91)(1/45)
وَقَالَ اَلشَّيْخُ مُحَمَّدُ بَهْجَةَ اَلْبَيْطَارُ حِينَمَا ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَطْلُبُ اَلْعِلْمَ عِنْدَ اَلْقَاسِمِيِّ : ". . . وَفِي فَصْلِيْ اَلرَّبِيعِ وَالصَّيْفِ, فِي غُرْفَةٍ عَالِيَةٍ مِنْ مَدْرَسَةِ عَبْدِ اَللَّهِ بَاشَا اَلْعَظْمِ . وَكُنَّا نَرَى اَلْعَلَّامَة اَلْجَلِيلَ اَلشَّيْخَ عَبْدَ اَلْقَادِرِ بَدْرَانَ عِنْدَهُ بَعْضُ اَلطَّلَبَةِ يَقْرَءُونَ عَلَيْهِ, إِذْ كَانَ مُقَامُهُ طَعَامًا وَمَنَامًا وَتَدْرِيسًا فِي غُرْفَةٍ كَبِيرَةٍ مِنْ اَلْمَدْرَسَةِ اَلْمَذْكُورَةِ . . . " (92) . وَقَالَ اِبْنُ بَدْرَانَ عَنْ غُرْفَتِهِ هَذِهِ : "وَغُرْفَتِي يَصْعَدُ إِلَيْهَا بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ دَرَجَةً . . . " (93)
وَقَالَ أَدْهَمُ الْجِنْدِيُّ : "وَكَانَ يُدَرِّسُ فِي مَدْرَسَةِ عَبْدِ اَللَّهِ بَاشَا اَلْعَظْمِ فِي البَزُورِيَّةِ, وَيَنَامُ فِيهَا, وَيَعِيشُ مِنْ اَلرَّاتِبِ اَلْمُخَصَّصِ لَهُ مِنْ دَائِرَةِ اَلْأَوْقَافِ " (94)
وَقَالَ اِبْنُ بَدْرَانَ ذَاكِرًا لِغُرْبَتِهِ فِي مَسْكَنِهِ, وَذَلِكَ فِي خَاتِمَةِ اَلْمُجَلَّدِ اَلْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِهِ "مَوَارِدِ اَلْأَفْهَامِ" : "وَهُنَا اِنْتَهَى اَلْمُجَلَّدُ اَلْأَوَّلُ مِنْ "مَوَارِدِ اَلْأَفْهَامِ" عَلَى يَدِ مُنْشِئِهِ اَلْعَاجِزِ اَلْحَقِيرِ اَلْغَرِيبِ فِي أَوْطَانِهِ, اَلسَّاكِنِ مَسَاكِنَ اَلْغُرَبَاءِ, اَلْفَقِيرِ 42 عَبْدِ اَلْقَادِرِ بْنِ أَحْمَدَ اَلشَّهِيرِ كَأَسْلَافِهِ بِابْنِ بَدْرَانَ, وَذَلِكَ فِي مَدْرَسَةِ عَبْدِ اَللَّهِ بَاشَا اَلْعَظْمِ فِي دِمَشْقَ اَلزَّاهِرَةِ . . . "
مَحَبَّتُهُ لِدِمَشْقَ(1/46)
أَحَبَّ اِبْنُ بَدْرَانَ دِمَشْقَ - حَمَاهَا اَللَّهُ وَسَائِرَ بِلَادِ اَلْإِسْلَامِ - فَقَامَ بِخِدْمَتِهَا, وَأَلَّفَ كِتَابًا فِي مَدَارِسِهَا, كَمَا أَنَّهُ هَذَّبَ "تَارِيخُ دِمَشْقَ " لِابْنِ عَسَاكِرَ حَيْثُ يَقُولُ فِي مَطْلَعِ اَلْمُجَلَّدِ اَلْأَوَّلِ : ". . . وَأَرْجُو اَللَّهَ أَنْ يَكُونَ كِتَابًا أَخْدُمُ بِهِ أَهْلِ اَلْوَطَنِ, وَهَدِيَّةً لِمُحِبِّي اَلْعِلْمِ اَلنَّاهِجِينَ فِيهِ عَلَى أَقْوَمَ سُنَنٍ . . . " .
كَمَا أَلَّفَ أَيْضًا فِي اَلْمُفْتِينَ بِالشَّامِ كِتَابًا سَمَّاهُ : "اَلرَّوْضُ البَّسَّامُ فِي تَرَاجِمِ اَلْمُفْتِينَ بِدِمَشْقِ اَلشَّامِ " .
وَقَالَ فِي "مُنَادَمَةُ اَلْأَطْلَالِ" : "لَجَّ بِي اَلسَّهَرُ لَيْلَةً مِنْ اَللَّيَالِي مُنْفَرِدًا أُنَادِمُ اَلْأَطْلَالَ وَالْخَيَالَ, فَتَجَلَّتْ لِي دِمَشْقُ غَادَةً حَسْنَاءَ مُسْفِرةً عَنْ جَمَالِ وَجْهِهَا, تَقُولُ: أَلَا لَفْتَةٌ لِأَحَادِيثِ آثَارِي? وَهَلَّا سَاعَةٌ فِي تِذْكَارِ أَخْبَارِي? . . ." إِلَى أَنْ قَالَ : ". . . فَخَلَبَ لُبِّي لَطِيفُ كَلَامِهَا, وَاتَّقَدَتْ فِيهِ جَذْوَةُ غَرَامِهَا وَقُلْتُ : (95)
مَا بَعْدَ جِلَّقَ لِلْغِرَامِ مَرَامُ
وَغَيْرُهَا وَطَنٌ عَلِيَّ حَرَامُ
لَكِنْ هِيَ اَلْأَقْدَارُ تَفْعَلُ مَا تَشَا
صَبْرًا جَمِيلاً وَالْكَلَامُ كَلَامُ
لَبَّيْكِ يَا لَيْلَى اَلْجَمَالِ, وَسَلْمَى اَلْمَحَاسِنِ ! أَنَا اَلْخَاضِعُ لِمَا تَأْمُرِينَ مَا دُمْتُ عَبْدَ اَلْقَادِرِ وَدُعِيَتْ بِابْنِ بَدْرَانَ, أَنَا اَلْهَائِمُ فِي إِظْهَارِ صِفَاتِكِ, اَلْمُقِيمِ عَلَى مَحَبَّتِكِ مَا كَرَّ اَلْجَدِيدَانِ . . . " (96)
وَحِينَمَا كَانَ فِي اَلْجَزَائِرِ مِنْ بِلَادِ اَلْمَغْرِبِ اَلْإِسْلَامِيِّ أَرْسَلَ رِسَالَةً إِلَى بَلْدَتِهِ دُومَا يَقُولُ فِيهَا :(1/47)
حَيَّ اَلْحَيَا "دُومَا" اَلْبَدِيعَةَ إِنَّهَا
أَضْحَتْ جَمَالَ اَلْغُوطَةِ اَلْفَيْحَاءِ
وَسَمَتْ عَلَى اَلْمَرْجَيْنِ فِي عِزٍّ وَفِي
طِيبِ اَلْهَوَاءِ وَبِالْيَدِ اَلْبَيْضَاءِ
وَرِيَاضُهَا طَابَ اَلنَّسِيمُ بِهَا فَكَمْ
شُفِيَ اَلْمَرِيضُ بِهَا مِنَ الْبَلْوَاءِ
أَطْيَارُهَا غَنَّتْ عَلَى اَلْعِيدَانِ إِذْ
رَقَصَ اَلنَّسِيمُ لِرِقَّةِ اَلنُّدَمَاءِ
وَالْمَاءُ يَمْشِي فِي اَلرِّيَاضِ مُقَسَّمًا
يَسْعَى لِخِدْمَةِ أَهْلِ ذَاكَ اَلْمَاءِ
لِلَّهِ رَاسُ اَلْعَيْنِ فِيهَا إِنَّهُ
مَجْلَى اَلْهُمُومِ وَمَكْمَدُ اَلْأَعْدَاءِ
جَمَعَ اَلْحَرَارَةَ وَالْبُرُودَةَ مَاؤُهَا
فَاعْجَبْ لِتِلْكَ اَلرَّوْضَةِ اَلْحَسْنَاءِ
كَرُمَتْ بِكَرْمَةِ أَرْضِهَا وَتَفَاخَرَتْ
وَالْكَرْمُ مَنْشَؤُهُ مِنْ اَلْكُرَمَاءِ
زَيْتُونُهَا قَدْ أَقْسَمَ اَلْبَارِي بِهِ
فَالتِّينُ وَالزَّيْتُونُ جَلَّ مُنَائِي
أَعْنَابُهَا مَا إِنْ لَهَا مِنْ مُشْبِهٍ
مَا بَيْنَ أَنْدَلُسٍ إِلَى صَنْعَاءِ
مَنْ قَالَ: إِنَّ اَلْغَرْبُ أَحْسَنُ مَوْطِنًا
فَلَقَدْ رَآهُ بِمُقْلَةٍ عَمْيَاءِ
إِلَى إِنْ قَالَ :
مِنْ أَيْنَ لِلْمُدُنِ اَلْعَظِيمَةِ مَا لَهَا
بالنَّيْرَبَيْنِ مِنْ كَمَالِ بَهَاءِ
بَرَدَى يَصْفُقُ بِالرَّحِيقِ وَبَانْيَا
سُ لَهُ اَلنَّدِيمُ مُعَنْبِرُ اَلْأَرْجَاءِ
وَالْمِرْجَةُ اَلْفَيْحَاءُ أَفْدِيهَا بِمَا
فِي اَلْغَرْبِ مِنْ جَبَلٍ وَمِنْ صَحْرَاءِ
مَا جِلَّقٌ إِلَّا رِيَاضُ مَحَاسِنٍ
وَمَفَاخِرٍ وَمَكَارِمٍ وَهَنَاءِ
هِيَ جَنَّةُ اَلدُّنْيَا وَدُرَّةُ تَاجِهَا
وَمَعَادِنُ اَلْعُلَمَاءِ وَالْأُدَبَاءِ
تَسْمُو بِغُوطَتِهَا وَتَرْفُلُ بِالْبَهَا
لِطَرَائِفِ اَلْأَنْوَاءِ وَالْأَنْدَاءِ
إِلَى آخِرِ مَا قَالَ رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى (97)
عَلَاقَتُهُ بِصَدْرِ سُورِيَّةَ أَمِيرِ اَلرَّكْبِ اَلْحِجَازِيِّ(1/48)
كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ كَرِيمٌ يَتَّصِفُ بِصِفَاتِ اَلشَّهَامَةِ وَالرُّجُولَةِ وَالْأَخْلَاقِ اَلْكَرِيمَةِ, أَلَا وَهُوَ صَدْرُ سُورِيَّةَ, وَأَمِيرُ اَلْحَجِّ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بَاشَا اَلْيُوسُفِ, وَقَدْ اِمْتَدَحَهُ اَلشُّعَرَاءُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ اَلْفُضَلَاءُ, وَمِمَّنْ أَثْنَى عَلَيْهِ بَلْ وَأَفْرَدَهُ بِالتَّرْجَمَةِ بَعْدَ وَفَاتِه ِ (98) اَلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ بِرِسَالَةٍ بِعُنْوَانِ "اَلْكَوَاكِبُ اَلدُّرِّيَّةِ فِي تَارِيخِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بَاشَا اَلْيُوسُفِ صَدْرِ سُورِيَّةَ" وَهِيَ تَرْجَمَةٌ وَافِيَة ٌ (99)
وَمِمَّا قَالَ فِيهَا : "إِنَّ فِيمَا مَضَى مِنْ تَرْجَمَةِ ذَلِكَ اَلسَّيِّدِ لَمَمًا يُومِئُ وَيُشِيرُ إِلَى إِجْمَالِ مَا أُوتِيهِ مِنْ اَلْفَضَائِلِ وَالْفَوَاضِلِ, وَلَكِنَّ اَلْمُكَرَّرَ أَحْلَى, وَهُوَ لِصَدَإِ اَلصَّوَابِ أَجْلَى, وَإِنِّي لَذَاكِرٌ مِنْ بَعْضِ ذَلِكَ جُمَلاً, لَا أَرْضَى أَنْ تَذْهَبَ هَمَلاً, وَذَلِكَ أَنَّ اَلْحَظَّ سَاعَدَنِي سَنَةً مِنْ اَلسِّنِينَ بِصُحْبَةِ اَلسَّيِّدِ اَلْمُشَارِ إِلَيْهِ, فَكُنْتُ عِنْدَهُ فِي مَنْزِلِهِ فِي سُوقِ اَلْغَرْبِ مِنْ جَبَلِ لُبْنَانَ أُقْرِئُ أَشْبَالَهُ سَاعَةً مِنْ زَمَانٍ, ثُمَّ أَكُونُ أَحْيَانًا مُسَامِرًا لِحَضْرَتِهِ, فَشَاهَدْتُ مِنْ لُطْفِهِ وَكَرَمِهِ مَا لَمْ أَكُنْ أَعْهَدُ مِنْ بَقِيَّةِ اَلسَّادَّةِ . . . " (100) .
وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا رَآهُ بِنَفْسِهِ مِنْ هَذَا اَلشَّهْمِ مِنْ اَلنَّخْوَةِ وَالنَّجْدَةِ, وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قَصِيدَةٍ, مِنْهَا "صِدْقُ اَلْمَقَالِ اَلْمُنْصِفِ فِي مَدْحِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بَاشَا اَلْيُوسُفِ " (101) .
عُزُوبَتُهُ:(1/49)
اَلْعَلَّامَة اِبْنُ بَدْرَانَ فِي عِدَادِ اَلْعُلَمَاءِ اَلْعُزَّابِ يَقُولُ -رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى- فِي خَاتِمَةِ شَرْحِ اَلرَّوْضَةِ : ". . . وَأَسْأَلُهُ تَعَالَى أَنَّهُ كَمَا عَوَّدَنِي لُطْفُهُ وَإِحْسَانُهُ اَلْجَمِيلُ فِيمَا مَضَى, أَنْ يُدِيمَ ذَلِكَ عَلَيَّ فِيمَا بَقِيَ, وَأَنْ يُعِينَنِي عَلَى نَشْرِ اَلْعِلْمِ, وَيَجْعَلَ بَيْنِي وَبَيْنَ اَلْقَوَاطِعِ سَدًّا مَسْدُودًا, وَيَمْنَعَ عَنِّي مُرَاوَغَةَ اَلْأَعْدَاءِ وَكَيْدَ اَلْحُسَّادِ وَمَكْرَ أَعْدَاءِ اَلْعِلْمِ وَأَهْلِهِ, فَإِنَّهُ لَا مَالٌ لِي وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَعُونَتُهُ -سُبْحَانَهُ تَعَالَى- وَرِزْقُهُ اَلَّذِي تَفَضَّلَ بِهِ عَلَيَّ كَفَافًا . . . " (102)
وَقَالَ اَلْأُسْتَاذُ أَدْهَمُ آلُ الْجِنْدِيِّ : ". . . لَقَدْ آثَرَ اَلْعُزُوبَةَ فِي حَيَاتِهِ لِيَتَفَرَّغَ لِطَلَبِ اَلْعِلْمِ وَالتَّدْرِيسِ"(103)
شِعْرُهُ :
وَصَفَ غَيْرُ وَاحِدٍ اَلْعَلَّامَة اِبْنَ بَدْرَانَ بِأَنَّهُ أَدِيبٌ وَشَاعِرٌ, قَالَ اَلْعَلَّامَة خَيْرُ اَلدِّينِ اَلزَّرْكَلِيُّ : ". . . عَارِفٌ بِالْأَدَبِ وَالتَّارِيخِ, لَهُ شِعْرٌ . . . " (104)
وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَقِيُّ اَلدِّينِ اَلْحِصْنِيُّ : "سَبَقَ كَثِيرًا مِنْ إِخْوَانِهِ وَأَقْرَانِهِ فِي اَلْأَدَبِ وَاللُّغَةِ " (105) وَقَالَ اَلْأُسْتَاذُ أَدْهَمُ آلُ الْجِنْدِيِّ : "كَانَ شَاعِرًا وَأَدِيبًا وَقُطْبًا وَعَالِمًا فَذًّا بَلِيغًا, وَجَمَعَ شِعْرَهُ فِي دِيوَانٍ " (106) .(1/50)
وَقَدْ تَنَوَّعَ شِعْرُ اِبْنِ بَدْرَانَ فَمِنْهُ فِي اَلْمَرْثِيَّاتِ, وَمِنْهُ بَعْضُ اَلْغَزَلِيَّاتِ, وَمِنْهُ مَا كَانَ فِي تَذَكُّرِ اَلْأَطْلَالِ حِينَمَا كَانَ مُسَافِرًا إِلَى اَلْمَغْرِبِ, كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي مُقَدِّمَةِ دِيوَانِهِ, قَالَ بَعْدَ دِيبَاجَةٍ لَطِيفَةٍ : ". . . لَمَّا كَانَتْ بَنَاتُ اَلْأَفْكَارِ أَغْلَى مِنْ بَنَاتِ اَلْأَبْكَارِ, وَمَحَاسِنُ اَلتَّشْبِيهِ رِيَاضَ اَلْأَدِيبِ اَلنَّبِيهِ, وَبَدَائِعُ اَلْبَدِيعِ أَبْدَعَ مِنْ أَزْهَارِ اَلرَّبِيعِ, وَتَذَكُّرُ اَلدِّمَنِ وَالْمَنَازِل أَسْكَرَ مِنْ اِحْتِسَاءِ اَلْبَلَابِلِ, وَأَسْحَرَ مِنْ سِحْرِ بَابِلَ, وَالْغَزْلُ وَالنَّسِيبُ نَسِيبِينَ لِذِكْرَى حَبِيبٍ, وَشَكْوَى اَلْأَرَقِ وَالْهَجْرِ أَرَقَّ مِنْ نَسِيمِ اَلْفَجْرِ . . . " .
إِلَى أَنْ قَالَ -بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ سَفَرَهُ إِلَى اَلْمَغْرِبِ, وَضَيَاعَ بَعْضِ اَلْأَوْرَاقِ اَلَّتِي فِيهَا شِعْرُهُ- :"وَلَمَّا قَدَّرَ اَللَّهُ اَلرُّجُوعَ إِلَى اَلْوَطَنِ تَذَكَّرْتُ تِلْكَ اَلْأَطْلَالَ وَالدِّمَنَ, فَرَأَيْتُهَا شَيْئًا يَسِيرًا فَأَرَدْتُ جَمْعَهَا لِتَكُونَ لِي تِذْكَارًا عَلَى مَا مَضَى وَسَمِيرًا, مَعَ أَنِّي لَمْ أُكَلِفْ نَفْسِي نَظْمًا, وَلَا أَتْعَبْتُ لَهُ قَرِيحَةً وَلَا فَهْمًا, بَلْ وَقَعَ عَفْوًا تَرْوِيحًا لِلْبَالِ, وَفِي اَلْخَلَوَاتِ نَجْوَى, وَجَعَلْتُ مَا نَظَمْتُهُ مُرَتَّبًا عَلَى أَبْوَابٍ وَفُصُولٍ .... " . (107) .(1/51)
فَدَلَّ هَذَا عَلَى مَعْرِفَةِ اِبْنِ بَدْرَانَ بِالشِّعْرِ, وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عِنَايَتِهِ بِهِ أَنَّهُ أَلَّفَ كِتَابًا أَسْمَاهُ : "اَلْمَنْهَلُ اَلصَّافِي " فِي شَرْحِ اَلْكَافِي فِي اَلْعَرُوضِ وَالْقَوَافِي " وَقَدْ دَرَسَ عَلَيْهِ غَيْرَ وَاحِدٍ فِي اَلْعَرُوضِ وَالْقَوَافِي, كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي ذِكْرِ تَلَامِيذِهِ, وَمَضَى ذِكْرُ بَعْضِ شَعْرِهِ, وَمِمَّا قَالَ أَيْضًا حِينَمَا كَانَ مُسَافِرًا.
حَلَفَ اَلزَّمَانُ لَيُنْسِينِي عَهْدَهُ
حَنَثَتْ يَمِينُكَ يَا زَمَانُ فَكَفِّرِ
مَنْ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّنِي أَسْلُوهُ أَوْ
يَحْلُو لِعَيْنِي اَلْغَيْرُ فَهُوَ اَلْمُفْتَرِي
لَوْ أَنَّ بِي سَعَةً لَمَا فَارَقْتُهُ
وَلَكُنْتُ خُضْتُ اَلْيَوْمَ مَتْنَ اَلْأَبْحُرِ
وَقَالَ -اِرْتِجَالاً عِنْدَمَا تَكَلَّمَ عَلَى "لَوْ" فِي "حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ اَلْأَلْفِيَّةِ لِابْنِ اَلنَّاظِمِ بَدْرِ اَلدِّينِ":
وَكَمْ مِنْ قَائِلٍ لَوْ بَعْدَ عَضٍّ
كُفُوفًا قَارِعا سِنّا زَمَانا
يُعَاتِبُ دَهْرَهُ حِينًا وَيَشْكُو
فَلَا يُعْطِيهِ مِنْ جَوْرٍ أَمَانا
تَحَيَّرَ فِي صُرُوفِ اَلدَّهْرِ حَتَّى
بِحَبْلٍ اَللَّهِ قَدْ أَمْسَى مُصَانا
وَقَالَ اَلْأُسْتَاذُ أَدْهَمُ آلُ الْجِنْدِيّ ِ (108) "وَمِنْ شِعْرِهِ اَلْبَدِيعِ تَخْمِيسُهُ بَيْتَيْنِ مِنْ نَظْمِ شَاعِرِ دُومَا اَلْأُسْتَاذِ مَحْمُودِ خَيْتِي طَلَبَ إِلَيْهِ تَخْمِيسَهُمَا فَقَالَ -وَقَدْ أَبْدَعَ- :
اَلْيُسْرُ يَعْلُو وَلِلْإِعْسَارِ إِدْبَارُ وَاَللَّهُ يُحْكِمُ مَا يَقْضِي وَيَخْتَارُ
إِنْ أُمُّ دَفْر ٍ (109) جَفَتْ أَوْ أَهْلُهَا جَارُوا خَفِّضْ عَلَيْكَ فَلِلْأَقْدَارِ أَدْوَارُ
كُنْ كَالمُهَنَّدِ فِي اَلرَّمْضَاءِ إِنْ خَطَرَتْ
وَحَاذِرِ اَلدَّهْرَ إِنَّ اَلدَّهْرَ غَدَّارُ(1/52)
ظَلْمَاءُ كَرْبٍ وَجَلِّيهَا إِذَا اِنْفَطَرَتْ
وَكُنْ بِنَفْسِ عِنَانِ اَلدَّهْرِ قَدْ أَسَرَتْ
وَلَا تَكُنْ وَجِلاً مِنْ كُتْلَةٍ غَدَرَتْ
فَلِلْبُغَاةِ لَيَالٍ نُورُهَا نَارُ
مُؤَلِّفَاتُهُ
جَادَتْ قَرِيحَةُ اَلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ بِمُؤَلِّفَاتٍ جَلِيلَةٍ, وَمُصَنَّفَاتٍ مُفِيدَةٍ, دَلَّتْ عَلَى عُنْوَانِ عَقْلِهِ, وَلِسَانِ فَضْلِهِ, وَلَا شَكَّ أَنَّ مُؤَلَّفَاتِ اَلْعَالِمِ هِيَ وَلَدُهُ اَلْمُخَلَّدُ, قَالَ اَلْأُسْتَاذُ أَدْهَمُ آلُ الْجِنْدِيِّ : "أَلَّفَ - رَحِمَهُ اَللَّهُ - اَلْمُؤَلَّفَاتِ اَلَّتِي تَشْهَدُ لَهُ بِالْفَضْلِ وَسَعَةِ اَلِاطِّلَاعِ, غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهَا لَمْ يَكْمُلْ لِإِصَابَتِهِ بَدَاءِ اَلْفَالِجِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ, وَقَدْ تَخَدَّرَتْ يُمْنَاهُ مِنْ اَلْكِتَابَةِ . . . " (110)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ اَلْحَنْبَلِيُّ : "وَأَلَّفَ اَلْمُؤَلَّفَاتِ اَلنَّافِعَةَ اَلَّتِي تَشْهَدُ لَهُ بِالْفَضْلِ وَسَعَةِ اَلِاطِّلَاعِ, غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهَا لَمْ يَكْمُلْ, وَوَجْهُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا أُصِيبَ بِهِ مِنْ دَاءِ اَلْفَالِجِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ حَتَّى تَخَدَّرَتْ يُمْنَاهُ عَنْ اَلْكِتَابَةِ, وَاسْتَعَانَ عَلَيْهَا بِالْيُسْرَى " (111)
وَهَذَا أَوَانُ اَلشُّرُوعِ فِي ذِكْرِهَا مَرْتَبَةً عَلَى حُرُوفِ اَلْمُعْجَمِ :(1/53)
1- آدَابُ اَلْمُطَالَعَةِ . قَالَ فِي "اَلْمَدْخَلُ" لَهُ ص 487 : "ثُمَّ إِنَّهُ بَعْدَ اَلْأَلْفِ مِنْ اَلْهِجْرَةِ أَلَّفَ اَلْفَاضِلُ اَلْمُحَدِّثُ اَلشَّيْخُ أَحْمَدُ اَلْمَنِينِيُّ اَلدِّمَشْقِيُّ كِتَابًا لَطِيفًا سَمَّاهُ :"اَلْفَرَائِدُ اَلسَّنِيَّةُ فِي اَلْفَوَائِدِ اَلنَّحْوِيَّةِ", وَأَشَارَ فِيهِ إِلَى طَرَفٍ مِنْ آدَابِ اَلْمُطَالَعَةِ, وَقَدْ لَخَّصْتُ ذَلِكَ اَلطَّرْفَ فِي رِسَالَةٍ, وَزِدْتُ عَلَيْهِ أَشْيَاءَ اِسْتَفَدْتُهَا بِالتَّجْرِبَةِ ... ".
2- إِيضَاحُ اَلْمَعَالِمِ مِنْ شَرْحِ اَلْعَلَّامَة اِبْنِ اَلنَّاظِم ِ (112) وَهُوَ شَرْحٌ عَلَى أَلْفِيَّةِ اِبْنِ مَالِكٍ فِي اَلنَّحْوِ .يَقَعُ فِي ثَلَاثَةِ أَجْزَاء ٍ (113)
وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي "اَلْمَدْخَلُ " ص 487 و "تَسْلِيَةُ اَللَّبِيبِ " (46/ب) .
قُلْتُ : كَانَ يُوجَدُ مِنْهُ اَلْجُزْءُ اَلثَّانِي وَالثَّالِثُ فِي مَكْتَبَةِ شَامِلِ اَلشَّاهِينِ اَلْخَاصَّة ِ (114) وَيَقَعُ اَلْجُزْءُ اَلثَّانِي فِي 245 وَرَقَةٍ وَهُوَ بِخَطِّ مُصَنِّفِهِ اِبْنِ بَدْرَانَ -رَحِمَهُ 49 اَللَّهُ- وَقَدْ اِنْتَهَى مِنْ هَذَا اَلْجُزْءِ فِي يَوْمِ اَلْجُمُعَةِ فِي اَلْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ مُحَرَّمِ سَنَةِ 1317هـ .
وَأَوَّلُهُ : "نَائِبُ اَلْفَاعِلِ : اَلتَّرْجَمَةُ بِذَلِكَ مُصْطَلَحُ اِبْنِ مَالِكٍ, وَأَمَّا اَلْجُمْهُورُ فَيَقُولُونَ: اَلْمَفْعُولُ اَلَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ . . . " .(1/54)
وَآخِرُهُ : "قَالَ اَلْخَطِيبُ اَلتَّبْرِيزِيُّ فِي "شَرْحُ اَلْحَمَاسَةِ" : وَالْمَعْنَى أَنَّ اَلرَّاكِبَ خَلْفِي, وَعَنْ تِلْكَ اَلْإِبِلِ فَفَزِعْنَ لِأَجْلِ صَوْتِهِ اَلْعِطَاشِ اَلشَّدِيدِ, اَلْعَطَشِ مِنْ اَلزَّجْرِ . . . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ, قَدْ نَجَزَ اَلْجُزْءُ اَلثَّانِي مِنْ حَاشِيَةِ اِبْنِ اَلنَّاظِمِ عَلَى يَدِ جَامِعِهِ وَمُؤَلِّفِهِ وَمُهَذِّبِهِ وَمُرْصِفِهِ عَبْدِ اَلْقَادِرِ بْنِ اَلْمَرْحُومِ أَحْمَدَ بْنِ اَلْمَرْحُومِ مُصْطَفَى اَلشَّهِيرِ بِابْنِ بَدْرَانَ" .
وَيَقَعُ اَلْجُزْءُ اَلثَّالِثُ مِنْ هَذِهِ اَلْحَاشِيَةِ فِي 212 وَرَقَةٍ, وَهُوَ بِخَطِّ مُصَنِّفِهِ, وَقَدْ اِنْتَهَى مِنْ هَذَا اَلْجُزْءِ فِي يَوْمِ اَلثُّلَاثَاءِ قُبَيْلَ اَلظُّهْرِ فِي اَلْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ اَلثَّانِي سَنَةَ 1318هـ .
وَأَوَّلُهُ : "نُونا اَلتَّوْكِيدِ, قَوْلُهُ : لِلْفِعْلِ, قُدِّمَ اَلْمَعْمُولُ لِإِفَادَة اَلْحَصْرِ, قَوْلُهُ : بِنُونَيْنِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى اِنْفِرَادِهِ . . . " .
وَآخِرُهُ : ". . . وَعَطْفُ اَلْأَصْحَابِ عَلَى اَلْآلِ مِنْ عَطْفِ اَلْعَامِّ عَلَى اَلْخَاصِّ, إِنْ أُرِيدَ بِالْآلِ اَلْقَرَابَةُ, وَمَنْ عَطْفِ اَلْخَاصِّ عَلَى اَلْعَامِّ إِنْ أُرِيدَ بِهِمْ كُلُّ تَقِيٍّ, وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ تَخْصِيصًا لَهُمْ بِمَزِيد اَلشَّرَفِ وَوَفَاءً بِبَعْضِ اَلثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ اَلْمَطْلُوبِ . . . " .
3- اَلْأَجْوِبَةُ الْبَدْرَانِيَّةُ عَنْ اَلْأَسْئِلَةِ اَلْكُوَيْتِيَّة ِ (115) مَخْطُوطٌ يَقَعُ فِي 11 وَرَقَةً بِخَطِّ اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ خَلَفٍ بْنِ دَحْيَانَ اَلْحَنْبَلِيِّ, وَهَذَا اَلْكِتَابُ غَيْرُ اَلْعُقُودِ اَلْيَاقُوتِيَّةِ لَهُ .(1/55)
4- الْبَدْرَانِيَّةُ شَرْحُ اَلْمَنْظُومَةِ الْفَارَضِيَّةِ . وَهِيَ شَرْحٌ لِمَنْظُومَةِ اَلْفَرَائِضِ لِلْعَلَّامَة شَمْسِ اَلدِّينِ مُحَمَّدٍ الفارضيِّ اَلْمِصْرِيِّ اَلْمُتَوَفَّى سَنَةَ 981هـ, وَقَدْ طُبِعَتْ فِي مَطْبَعَةِ اَلْمَكْتَبَةِ اَلسَّلَفِيَّةِ بِدِمَشْقَ لِصَاحِبِهَا اَلشَّيْخِ مُحَمَّدِ أَحْمَدَ دَهْمَانَ, وَذَلِكَ عَلَى نَفَقَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ الْقَرْعَاوِيِّ فِي 15 جُمَادَى اَلْأُولَى عَامَ 1342هـ .
5- تَشْنِيفُ اَلْأَسْمَاعِ فِي بَيَانِ تَحْرِيرِ اَلْمُدِّ وَالصَّاعِ . مَخْطُوطٌ يُوجَدُ لِدَى اَلْأُسْتَاذِ اَلشَّيْخِ زُهَيْرِ اَلشَّاوِيش ِ (116) .
6- تَعْلِيقٌ عَلَى مُخْتَصَرِ اَلْإِفَادَاتِ لِلْبَلْبَانِيِّ . أَشَارَ إِلَيْهِ فِي "اَلْمَدْخَلُ" ص 445 حَيْثُ يَقُولُ : "وَلَقَدْ كُنْتُ قَرَأْتُ هَذَا اَلْكِتَابَ عَلَى شَيْخِنَا اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ اَلْمَشْهُورِ بِخَطِيبٍ دُومَا, وَعَلَّقْتُ عَلَى هَوَامِشِهِ تَعْلِيقَاتٍ اِنْتَخَبْتُهَا أَيَّامَ بِدَايَتِي فِي اَلطَّلَبِ" .
7- تَعْلِيقٌ عَلَى "لُمْعَةُ اَلِاعْتِقَادِ اَلْهَادِي إِلَى سَبِيلِ اَلرَّشَادِ" لِابْنِ قُدَامَةَ . طُبِعَ عَلَى نَفَقَةِ عِيسَى بْنِ رُمَيْحٍ الْعَقِيلِيِّ, وَذَلِكَ بِمَطْبَعَةِ اَلتَّرَقِّي بِدِمَشْقَ سَنَةَ 1338هـ .
8- تَهْذِيبُ تَارِيخِ اَلْأَمِيرِ عَبْدِ اَلْقَادِرِ اَلْجَزَائِرِيِّ . ذَكَرَهُ عِيسَى مَعْلُوفٍ فِي مَجَلَّةِ اَلْآثَارِ (4 /5 31) .
9- تَهْذِيبُ تَارِيخِ دِمَشْقَ لِابْنِ عَسَاكِرٍ . طُبِعَ مِنْهُ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ فِي حَيَاةِ اَلْمُؤَلِّفِ, وَذَلِكَ عَلَى نَفَقَةِ مَطْبَعَةِ رَوْضَةِ اَلشَّامِ لِصَاحِبِهَا خَالِدِ فَارَصْلِي سَنَةَ(1/56)
51 1330 هـ وَمَا بَعْدَهَا, إِلَى سَنَةِ 1332 هـ, وَالْجُزْءَانِ اَلسَّادِسُ وَالسَّابِعُ وَقَفَ عَلَى طَبْعِهِمَا اَلْأُسْتَاذُ أَحْمَدُ عُبَيْدٍ -رَحِمَهُ اَللَّهُ - وَالْكِتَابُ يَقَعُ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ مُجَلَّدًا . وَقَدْ صَوَّرَتْ دَارُ اَلْمَسِيرَةِ فِي بَيْرُوتَ اَلْأَجْزَاءَ اَلسَّبْعَةَ سَنَةَ 1399 هِـ .
10- جَوَاهِرُ اَلْأَفْكَارِ وَمَعَادِنُ اَلْأَسْرَارِ فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ اَلْعَزِيزِ اَلْجَبَّارِ . ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ "اَلْمَدْخَلُ" ص 447 . وَهُوَ لَمْ يُكْمَلْ, وَأَخْبَرَنِي اَلشَّيْخُ زُهَيْرُ اَلشَّاوِيشِ أَنَّهُ يَطْبَعُ اَلْمَوْجُودَ مِنْهُ وَهُوَ جُزْءٌ لَيْسَ بِالْكَبِيرِ .
11- حَاشِيَةٌ عَلَى أَخْصَرِ اَلْمُخْتَصَرَاتِ لِلْبَلْبَانِيِّ . (وَهِيَ اَلَّتِي بَيْنَ يَدَيْكَ) .
12- حَاشِيَةٌ عَلَى رِسَالَةِ "ذَمُّ اَلْمُوَسْوِسِينَ" لِابْنِ قُدَامَةَ . ذَكَرَهَا فِي "اَلْمَدْخَلُ" ص 459 .
13- حَاشِيَةٌ عَلَى شَرْحِ مُنْتَهَى اَلْإِرَادَاتِ . يَقَعُ فِي جُزْئَيْنِ, وَصَلَ فِيهِ إِلَى بَابِ اَلسَّلَمِ . ذَكَرَهُ فِي "اَلْمَدْخَلُ" ص 441, وَفِي "اَلْعُقُودُ اَلْيَاقُوتِيَّةُ فِي جَيِّدِ اَلْأَسْئِلَةِ اَلْكُوَيْتِيَّةِ" ص 162 .
قُلْتُ : كَانَ يُوجَدُ مِنْهُ اَلْجُزْءُ اَلثَّانِي بِخَطِّ مُصَنِّفِهِ فِي مَكْتَبَةِ شَامِلِ اَلشَّاهِينِ اَلْخَاصَّةِِ, أَوَّلُهُ : (. . . لَمَّا فَرَغْتُ مِنْ اَلتَّعْلِيقِ عَلَى رُبُعِ اَلْعِبَادَاتِ مِنْ شَرْحِ اَلْمُنْتَهَى, أَتْبَعْتُهُ بِالْمُجَلَّدِ اَلثَّانِي, طَالِبًا مِنْهُ اَلتَّوْفِيقَ . . . ) .
وَآخِرُهُ : (. . . وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ اَلزِّيَادَةُ فِي عَدَدِ . . . ) . وَقَدْ فَرَغَ مِنْهُ فِي سَنَةِ 1314 هِـ .(1/57)
14- "حَاشِيَةُ اَلرَّوْضِ اَلْمُرْبِعِ شَرْحِ زَادِ اَلْمُسْتَقْنِعِ" . اَلْجُزْءُ اَلْأَوَّلُ; إِذْ لَمْ يَتِمْ اَلْبَاقِي مِنْهُ, مَخْطُوطٌ .
قُلْتُ : كَانَ يُوجَدُ مِنْهُ اَلْجُزْءُ اَلْأَوَّلُ فِي مَكْتَبَةِ شَامِلِ اَلشَّاهِينِ اَلْخَاصَّةِ وَيَقَعُ فِي 111 وَرَقَةٍ, وَهُوَ بِخَطِّ مُصَنِّفِهِ, وَقَدْ اِنْتَهَى مِنْهُ سَنَةَ 1304 هـ وَهُوَ مِنْ أَوَائِلِ تَأْلِيفِهِ, وَكَانَ تَأْلِيفُهُ لَهُ بِإِشَارَةٍ مِنْ شَيْخِهِ اَلشَّيْخِ أَحْمَدَ بْنِ حَسَنٍ اَلشَّطِّيِّ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ خَلَفٍ بْنِ دَحْيَان َ (117) .
أَوَّلُهُ: "قَالَ اَلْفَقِيرُ إِلَى مَوْلَاهُ عَبْدِ اَلْقَادِرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَدْرَانَ : اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى, وَصَلَّى اَللَّهُ عَلَى اَلرَّسُولِ اَلْمُصْطَفَى, وَعَلَى أَهْلِ الوفا وَبَعْدُ . . . قَوْلُهُ: بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ, اُعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذِهِ اَلْجُمْلَةَ لَا تَخْلُوَ مِنْ أَنْ تَكُونَ إِخْبَارِيَّةً أَوْ إِنْشَائِيَّةً . . . " .(1/58)
وَآخِرُهُ : "لِأَنَّ اَلشَّهْرَ فِي اَلْحَقِيقَةِ مَا بَيْنَ اَلْهِلَالَيْنِ, وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ هَذَا اَلْيَوْمَ مِنْهُ فِي جَمِيعِ اَلْأَحْكَامِ, فَكَذَا اَلصَّوْمُ . إِلَى هُنَا اِنْتَهَى مَجَالُ اَلْقَلَمِ فِي مَيْدَانِ اَلتَّحْرِيرِ, وَحَالَتْ مَوَاقِعُ عَنْ اَلْإِتْمَامِ, وَكَانَ رَوْضُ اَلْإِقْبَالِ عَلَى هَذَا اَلْكِتَابِ فَأَصْبَحَ لَا نَجِدُ فِيهِ مُنَادِمًا وَلَا سَمِيرًا, فَإِلَيْهِ تَعَالَى اَلْمُشْتَكَى, وَبِهِ اَلْحَوْلُ وَالْقُوَّةُ, وَقَدْ قَضَيْتُ ظُرُوفَ هَذِهِ اَلْأَوْقَاتِ بِالِاشْتِغَالِ بِغَيْرِ هَذَا اَلْكِتَابِ وَاَللَّهُ تَعَالَى مُقَلِّبُ اَلْقُلُوبِ. وَكَانَ اَلْفَرَاغُ مِنْ تَحْرِيرِ هَذِهِ اَلْقِطْعَةِ أَثْنَاءِ قِرَاءَتِي هَذَا اَلشَّرْحَ مَبْدَأَ اَلطَّلَبِ فِي دِمَشْقَ ذَاتَ اَلْمَحَاسِنِ اَلْبَاهِرَةِ سَنَةَ 1304هـ" .
15- دُرَّةُ اَلْغَوَّاصِ فِي حُكْمِ اَلزَّكَاةِ بِالرَّصَاصِ. طُبِعَتْ عَلَى نَفَقَةِ اَلْمَكْتَبَةِ اَلسَّلَفِيَّةِ بِدِمَشْقَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لِلتَّارِيخ ِ (118) .
16- دِيوَانُ تَسْلِيَةِ اَللَّبِيبِ عَنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ . مَخْطُوطٌ مِنْهُ نُسْخَةٌ فِي اَلظَّاهِرِيَّةِ (رَقَمُ 6656) بِخَطِّ اَلْمُصَنِّفِ وَتَقَعُ فِي 95 وَرَقَةً كُتِبَ فِي آخِرِهِ : "هَذَا آخِرُ مَا أَتْمَمْتُ نَظْمَهُ فِي اَلْمُسْتَشْفَى, وَكَتَبْتُهُ بِيَدِي اَلْيُسْرَى, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ " (119)
17- ـ دِيَوانُ اَلْخُطَبِ اَلْمِنْبَرِيَّةِ مُجَلَّدَةٌ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي آخِرِ كِتَابِهِ "كِفَايَةُ اَلْمُرْتَقَى " ص 52 .
18- ذَيْلٌ عَلَى طَبَقَاتِ اَلْحَنَابِلَةِ لِابْنِ اَلْجَوْزِيِّ ذَكَرَهُ نَاشِرُ اَلْكَوَاكِبِ اَلدُّرِّيَّةِ فِي فِهْرِسِ مُؤَلَّفَاتِ اِبْنِ بَدْرَانَ اَلْمَذْكُورَةِ عَلَى طُرَّة اَلْكِتَابِ .(1/59)
19- اَلرِّحْلَةُ اَلْمَغْرِبِيَّةُ : أَشَارَ إِلَيْهِ فِي "تَسْلِيَةِ اَللَّبِيبِ " (28/أَ).
20- رِسَالَةٌ تَهَكُّمِيَّةٌ عَلَى اَلصُّوفِيَّةِ . ذَكَرَهَا اَلْعَلَّامَة اَلزَّرْكَلِيُّ فِي اَلْأَعْلَامِ (4/ 38 ) وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهَا مَخْطُوطَةٌ وَقَالَ : إِنَّ اِبْنَ بَدْرَانَ شَرَحَ بِهَا أَبْيَاتًا مِنْ هَزْلِ اِبْنِ سُودُونَ الْبَشْبَغَاوِيِّ, فَحَوَّلَهَا اِبْنُ بَدْرَانَ إِلَى أَغْرَاضٍ صُوفِيَّةٍ تَهَكُّمِيَّةٍ عَلَى لِسَانِ "اَلْقَوْمِ" .
21- رِسَالَةُ فِي اَلرُّبُعِ اَلْمُجَيَّبِ. ذَكَرَهَا اَلْبَيْطَارُ فِي تَقْدِيمِهِ لِمُنَادَمَةِ اَلْأَطْلَالِ ص (ن), وَالْعُمَانِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ لِابْنِ بَدْرَانَ فِي آخِرِ اَلْمَدْخَلِ ص (بِ) .
22- رِسَالَةُ فِي اَلرُّبُعِ اَلْمُقَنْطَرِ . ذَكَرَهَا اَلْبَيْطَارُ فِي تَقْدِيمِ اَلْمُنَادِمَةِ ص (ن), وَالْعُمَانِيُّ ص(بِ) .
23- رِسَالَةٌ فِي عِلْمٍ اَلْبَدِيعِ. مَخْطُوطٌ لَدَى اَلشَّيْخِ زُهَيْرِ اَلشَّاوِيشِ.
24- رَوْضَةُ اَلْأَرْوَاحِ . مَخْطُوطٌ . كَانَ فِي مَكْتَبَةِ شَامِلِ اَلشَّاهِينِ, وَيَقَعُ فِي 11 وَرَقَةً بِخَطِّ مُصَنِّفِهِ, إِلَّا أَنَّ فِيهِ بَعْضَ اَلْوَرَقَاتِ لَيْسَتْ بِخَطِّهِ, وَقَدْ اِنْتَهَى مِنْهُ فِي سَنَةِ 1343 هـ.
أَوَّلُهُ : "... هَذَا كِتَابٌ وَضَعْتُهُ أَخِيرًا مَنَاطًا لِخَوَاطِرِي, وَمُقَيِّدًا لِمَا يَرِدُ عَلِيَّ مِنْ اَلْأَسْئِلَةِ وَالْجَوَابِ عَنْهَا ... " .
وَآخِرُهُ "وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا اَلْقَوْلَ مُخْتَصٌّ بِحَالِ عَدَمِ اَلْوَلِيِّ وَالسُّلْطَانِ ; لِأَنَّهُ شَرْطٌ أَلَّا يَكُونَ فِي اَلِاسْتِرْقَاقِ".(1/60)
25- اَلرَّوْضُ اَلْبَسَّامُ فِي تَرَاجُمِ اَلْمُفْتِينَ بِدِمَشْقِ اَلشَّامِ . ذَكَرَهُ فِي اَلْكَوَاكِبِ اَلدُّرِّيَّةِ ص 8, وَقَدْ لَخَّصَهُ مِنْ كِتَابِ "عَرْفُ اَلشَّامِ" لِلْمَرَادِي, وَزَادَ عَلَيْهِ مَنْ أَتَى بَعْدَهُ .
26- سَبِيلُ اَلرَّشَادِ إِلَى حَقِيقَةِ اَلْوَعْظِ وَالْإِرْشَادِ . جُزْءَانِ, ذَكَرَهُ اَلْعُمَانِيُّ فِي آخِرِ " اَلْمَدْخَلُ" ص ب, وَالْبَيْطَارُ فِي مُقَدِّمَةِ "مُنَادَمَةُ اَلْأَطْلَالِ" ص (ن) .
27- شَرْحُ اَلْأَرْبَعِينَ حَدِيثًا الْمُنْذِرِيَّةِ . ذَكَرَهُ اِبْنُ بَدْرَانَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ "كِفَايَةُ اَلْمُرْتَقِي" ص 52 .
28- شَرْحُ ثُلَاثِيَّاتِ مُسْنَدِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ. ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ " اَلْمَدْخَلُ " ص 471 حَيْثُ قَالَ : " وَقَدْ طَلَبَ مِنِّي أَحَدُ أَفَاضِلِ اَلنَّجْدِيِّينَ شَرْحَهَا فَابْتَدَأْتُ بِهِ, وَأَنَا أَسْأَلُ اَللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ بِإِتْمَامِهِ وَطَبْعِهِ" .
29- شَرْحُ حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ فِي صَلَاةِ اَلضُّحَى. مَخْطُوطٌ لِدَى زُهَيْرِ اَلشَّاوِيشِ .
30- شَرْحُ سُنَنِ النَّسَائِيُّ. ذَكَرَهُ فِي " اَلْمَدْخَلُ " ص 477 و " كِفَايَةُ اَلْمُرْتَقِي " ص 52 .
31- شَرْحُ شِهَابِ اَلْأَخْبَارِ لِلْقُضَاعِيِّ. مَخْطُوطٌ . لَهُ نُسْخَةٌ بِخَطِّ مُؤَلِّفِهِ سَنَةَ 1325 هـ فِي اَلْمَكْتَبَةِ اَلتَّيْمُورِيَّةِ بِرَقَمِ (531) وَيَقَعُ فِي مُجَلَّدٍ, وَقَدْ جَعَلَ اَلْمَتْنَ بِأَعْلَى اَلصَّفَحَاتِ وَالشَّرْحَ بِأَسْفَلِهَا, وَأَوْرَدَ فِي أَوَّلِهِ تَرْجَمَةَ اَلْقُضَاعِيِّ وَأَوَّلُ اَلْكِتَابِ : " اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي مَنَّ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ ... " (120)
32- شَرْحُ نُونِيَّةِ اِبْنِ اَلْقَيِّمِ . أَشَارَ إِلَيْهِ فِي " اَلْمَدْخَلُ " ص 61 و " كِفَايَةُ اَلْمُرْتَقِي " ص 52 .(1/61)
33- اَلصَّحِيحُ مِنْ حَدِيثِ اَلْمِعْرَاجِ . مَخْطُوطٌ لِدَى زُهَيْرِ اَلشَّاوِيشِ .
34- اَلْعُقُودُ اَلدُّرِّيَّةُ فِي اَلْأَجْوِبَةِ الْقَازَانِيَّةِ . ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ " اَلْعُقُودُ اَلْيَاقُوتِيَّةُ فِي جَيِّدِ اَلْأَسْئِلَةِ اَلْكُوَيْتِيَّةِ " ص 75 وَهُوَ مُجَلَّدٌ كَبِيرٌ مَخْطُوطٌ لِدَى اَلشَّيْخِ زُهَيْرِ اَلشَّاوِيشِ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ فِي مَنْزِلِهِ بِبَيْرُوتَ .
35- اَلْعُقُودُ اَلْيَاقُوتِيَّةُ فِي جَيِّدِ اَلْأَسْئِلَةِ اَلْكُوَيْتِيَّةِ . طَبَعَتْهُ جَمْعِيَّةُ اَلشَّيْخِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلنُّورِيِّ اَلْخَيْرِيَّةِ بِالْكُوَيْتِ, بِتَحْقِيقِ اَلدُّكْتُورِ عَبْدِ اَلسَّتَّارِ أَبُو غُدَّةَ سَنَةَ 1404هـ 1984م . ثُمَّ صَوَّرَتْهُ بَعْضُ اَلْمَطَابِعِ فِي مِصْرَ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ مِنْ اَلْجَمْعِيَّةِ اَلْمَذْكُورَةِ !! .
36- اَلْفَرِيدَةُ الْلُّؤْلُؤِيَّةُ فِي اَلْعُقُودِ اَلْيَاقُوتِيَّةِ . طُبِعَ مَعَ اَلْكِتَابِ اَلسَّابِقِِ .
37- كِفَايَةُ اَلْمُرْتَقِي إِلَى مَعْرِفَةِ فَرَائِضِ اَلْخِرَقِيِّ . وَهُوَ شَرْحٌ لِنَظْمِ الصَّرْصَرِيِّ اَلْبَغْدَادِيِّ فِي اَلْفَرَائِضِ اَلَّتِي فِي مُخْتَصَرِ اَلْخِرَقِيِّ . طُبِعَ فِي دِمَشْقَ سَنَةَ 1342هـ .
38- اَلْكَشْفُ عَنْ حَالِ قِصَّةِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ . مَخْطُوطٌ لِدَى زُهَيْرِ اَلشَّاوِيشِ .
39- اَلْكَوَاكِبُ اَلدُّرِّيَّةِ فِي تَارِيخِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ اَلْيُوسُفِ صَدْرِ سُورِيَّةَ, طُبِعَتْ فِي مَطْبَعَةِ اَلْفَيْحَاءِ بِدِمَشْقَ سَنَةَ 1339 هـ .(1/62)
40- اَلْمَدْخَلُ إِلَى مَذْهَبِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. طُبِعَ ثَلَاثَ طَبَعَاتٍ: اَلْأُولَى فِي إِدَارَةِ اَلطِّبَاعَةِ الْمُنِيرِيَّةِ بَعْدَ وَفَاةِ مُصَنِّفِهِ, وَالطَّبْعَةُ اَلثَّانِيَةُ فِي مُؤَسَّسَةِ اَلرِّسَالَةِ سَنَةَ 1401هـ بِتَحْقِيقِ اَلدُّكْتُورِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُحْسِنِ اَلتُّرْكِيِّ, وَالطَّبْعَةُ اَلثَّالِثَةُ بِتَحْقِيقِ أُسَامَةَ اَلرِّفَاعِيِّ, وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا لِأَعْرِفَ مَكَانَ اَلطَّبْعِ .
41- مُنَادَمَةُ اَلْأَطْلَالِ وَمُسَامَرَةُ اَلْخَيَالِ. طُبِعَ فِي اَلْمُكْتِبِ اَلْإِسْلَامِيِّ بِتَقْدِيمِ اَلْعَلَّامَة اَلْجَلِيلِ اَلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بَهْجَةِ اَلْبَيْطَارِ -رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى- وَإِشْرَافِ اَلشَّيْخِ زُهَيْرِ اَلشَّاوِيشِ, اَلطَّبْعَةُ اَلْأُولَى فِي دِمَشْقَ 1379هـ, وَالطَّبْعَةُ اَلثَّانِيَةُ فِي بَيْرُوتَ سَنَةَ 1405هـ.
قُلْتُ : وَلَهُ مُخْتَصَرٌ لِمُؤَلِّفِهِ فِي اَلظَّاهِرِيَّةِ بِرَقَمِ (4102) فِي 62 وَرَقَةٍ .
42- اَلْمَنْهَلُ اَلصَّافِي فِي شَرْحِ اَلْكَافِي فِي اَلْعَرُوضِ وَالْقَوَافِي. ذَكَرَهُ نَاشِرُ " اَلْكَوَاكِبُ اَلدُّرِّيَّةُ " فِي ضِمْنِ مُؤَلَّفَاتِ اِبْنِ بَدْرَانَ, وَذَكَرَهُ اَلْعَلَّامَة مُحَمَّدُ بَهْجَةِ اَلْبَيْطَارِ فِي مُقَدِّمَةِ " مُنَادَمَةُ اَلْأَطْلَالِ " ص ( ن ), وَقَالَ: " قَرَّظَهُ جَدِّي لِوَالِدَتَي شَقِيقِ جَدِّي لِوَالِدِي اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخِ عَبْدِ اَلرَّازِقِ اَلْبَيْطَارِ بِعِبَارَاتٍ جَيِّدَةٍ, أَثْنَى فِيهَا عَلَى اَلْمُؤَلِّفِ اَلثَّنَاءِ اَلْعَاطِرِ" .(1/63)
43- مَوَارِدُ اَلْأَفْهَامِ عَلَى سَلْسَبِيلِ عُمْدَةِ اَلْأَحْكَامِ. فِي مُجَلَّدَيْنِ . قَالَ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ " اَلْمَدْخَلُ " ص 470 حِينَمَا تَكَلَّمَ عَنْ عُمْدَةِ اَلْأَحْكَامِ لِعَبْدِ اَلْغَنِيِّ اَلْمَقْدِسِيِّ: " ... ثُمَّ شَرَحْتُهُ فِي مُجَلَّدَيْنِ, وَسَمَّيْتُهُ " مَوَارِدُ اَلْأَفْهَامِ عَلَى سَلْسَبِيلِ عُمْدَةِ اَلْأَحْكَامِ " سَائِلاً مِنْهُ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَ بِهِ مَنْ يُطَالِعُهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ " .
قُلْتُ: وَهُوَ مَخْطُوطٌ كَانَ يُوجَدُ مِنْهُ اَلْمُجَلَّدُ اَلْأَوَّلُ فِي مَكْتَبَةِ شَامِلِ اَلشَّاهِينِ اَلْخَاصَّةِ, وَيَقَعُ فِي 243 وَرَقَةٍ بِخَطِّ مُصَنِّفِهِ, وَقَدْ اِنْتَهَى مِنْهُ فِي اَلْعَاشِرِ مِنْ رَمَضَانَ اَلْمُبَارَكِ سَنَةَ 1336هـ .
أَوَّلُهُ : " اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لَا يَزَالُ يَغْرِسُ فِي هَذَا اَلدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُ فِي طَاعَتِهِ, وَجَعَلَهُمْ مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ اَلسَّاعَةُ, وَلَاحَظَهُمْ بِعَيْنِ عِنَايَتِهِ فَفَرَضَ لَهُمْ مِنْ صَحِيحِ اَلسُّنَّةِ ... مُقَدِّمَاتٌ ; اَلْأُولَى فِي تَرْجَمَةِ اَلْمُصَنَّفِ, وَهُوَ اَلْإِمَامُ اَلزَّاهِدُ حَافِظُ اَلْوَقْتِ وَمُحَدِّثُهُ عَبْدُ اَلْغَنِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلْوَاحِدِ " .
وَآخِرُهُ : " فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ ... وَجَوَازَ رَدِّ اَلْهَدِيَّةِ لِعِلَّةٍ, وَالِاعْتِذَارِ عَنْ رَدَّهَا تَطِيبَا لِقَلْبِ اَلْمَهْدِيِّ, وَأَنَّ اَلْهَدِيَّةَ لَا تَدْخُلُ فِي اَلْمِلْكِ إِلَّا بِالْقَبُولِ " .(1/64)
44- نُزْهَةُ اَلْخَاطِرِ اَلْعَاطِرِ شَرْحِ رَوْضَةِ اَلنَّاظِرِ وَجَنَّةِ اَلْمَنَاظِرِ لِابْنِ قُدَامَةَ . مَطْبُوعٌ فِي اَلْمَطْبَعَةِ اَلسَّلَفِيَّةِ بِمِصْرَ سَنَةَ 1342هـ بِأَمْرِ اَلْمَلِكِ عَبْدِ اَلْعَزِيزِ بْنِ سُعُودٍ رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ اَلْحَنْبَلِيُّ :"هَذَا سِوَى مَا لَدَيَّ مِنْ اَلرَّسَائِلِ وَالْفَتَاوَى فِي أَصْنَافِ اَلْعُلُومِ, مِمَّا لَوْ جُمِعَ لَبَلَغَ مُجَلَّدَاتٍ, وَمَا كَانَ مِنْهَا مَا يَقَعُ فِي كُرَّاسٍ وَكُرَّاسَيْنِ أَضْرَبْنَا عَنْهُ خَوْفَ اَلْإِطَالَةِ " (121) .
تَلَامِيذُهُ
سَبَقَ ذِكْرُ أَنَّ اَلْعَلَّامَة اِبْنَ بَدْرَانَ قَدْ دَرَّسَ فِي اَلْجَامِعِ اَلْأُمَوِيِّ, وَمَدْرَسَةِ عَبْدِ اَللَّهِ بَاشَا اَلْعَظْمِ, وَمِنْ اَلطَّبِيعِي أَنْ يَكُونَ لَهُ طُلَّابٌ وَتَلَامِيذُ, وَأَبْرَزُ مَنْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ طُلَّابِهِ :(1/65)
1- اَلْعَلَّامَة اَلْأَدِيبُ اَلشَّاعِرُ مُحَمَّدِ سَلِيمِ الْجِنْدِيُّ . مِنْ أَعْضَاءِ اَلْمَجْمَعِ اَلْعِلْمِيِّ بِدِمَشْقَ, تُوُفِّيَ سَنَةَ 1357 هـ (122) وَقَالَ عَنْهُ اَلْأَدِيبُ اَلْكَبِيرُ اَلشَّيْخُ عَلِيٌّ اَلطَّنْطَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ "دِمَشْقَ" ص 141 : "مَا أَعْرَفُ تَحْتَ أَدِيمِ اَلسَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَعُلُومِهَا", وَقَدْ قَرَأَ عَلَى اَلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ عِدَّةَ كُتُبٍ, قَالَ مُخْبِرًا عَنْ نَفْسِهِ :" وَقَرَأْتُ عَلَى اَلشَّيْخِ عَبْدِ اَلْقَادِرِ بَدْرَانَ الدُومَانِيِّ اَلْأَصْلِ, اَلدِّمَشْقِيِّ اَلْمَنْشَأِ وَالْوَفَاةِ, وَقَدْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ كِتَابَ "اَلتَّلْوِيحُ شَرْحُ اَلتَّوْضِيحِ" فِي اَلْأُصُولِ لِسَعْدِ اَلدِّينِ اَلتَّفْتَازَانِيِّ, وَشَرْحَ اَلْمُخْتَصَرِ فِي عِلْمِ اَلْمَعَانِي وَالْبَدِيعَ لِسَعْدِ اَلدِّينِ أَيْضًا, وَشَرْحَ شَيْخِ اَلْإِسْلَامِ عَلَى الْخَزْرَجِيَّةِ فِي اَلْعَرُوضِ وَالْقَوَافِي, وَكَانَ يَقْرَأُ فِي اَلْمَدْرَسَةِ السُّمَيْسَاطِيةِ (123)
2- اَلشَّاعِرُ اَلْأَدِيبُ مُحَمَّدُ مَحْمُودِ اَلْبَزْمِ . اَلدِّمَشْقِيُّ اَلْمَوْلِدِ وَالْوَفَاةِ, اَلْعِرَاقِيُّ اَلْأَصْلِ, تُوُفِّيَ سَنَةَ 1357 هـ تَرْجَمَ لَهُ اَلزَّرْكَلِيُّ فِي "اَلْأَعْلَامُ" (7 /91 ) وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ أَخَذَ عَنْ اِبْنِ بَدْرَانَ .(1/66)
3- فَخْرِي بْنُ مَحْمُودِ اَلْبَارُودِيِّ . مِنْ رِجَالِ اَلسِّيَاسَةِ, تُوُفِّيَ سَنَةَ 1386 هـ كَمَا فِي اَلْمُسْتَدْرِكِ عَلَى مُعْجَمِ اَلْمُؤَلِّفِينَ ص 544, وَقَدْ نَزَلْ عَلَيْهِمْ اِبْنُ بَدْرَانَ حِينَمَا أُخْرِجَ مِنْ بَلَدِهِ, حَيْثُ يَقُولُ فِي كَلَامٍ لَهُ مَضَى ذِكْرُهُ :"وَمُنْذُ ذَلِكَ اَلْحِينِ أَصْبَحَ لِي مَيْلٌ إِلَى نَظْمِ اَلشِّعْرِ, وَقَدْ سَاعَدَنِي عَلَى ذَلِكَ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بَدْرَانَ ... كُنْتُ يَوْمَئِذٍ طَالِبًا فِي اَلْمَدْرَسَةِ اَلْإِعْدَادِيَّةِ, فَأَفَادَنِي وُجُودُهُ فِي دَارِنَا إِذْ سَاعَدَنِي عَلَى تَعَلُّمِ اَللُّغَةِ اَلْعَرَبِيَّةِ, وَكَانَ لَهُ فَضْلٌ كَبِيرٌ بِتَوْجِيهِي وَإِرْشَادِي إِلَى كُتُبِ اَللُّغَةِ, وَمُطَالَعَةِ كُتُبِ اَلْأَدَبِ وَدَوَاوِينِ اَلشِّعْرِ. وَقَدْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ مَقَامَاتِ اَلْحَرِيرِيِّ بِأَجْمَعِهَا, فَكَانَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي تَوْجِيهِي نَحْوَ اَلْأَدَبِ اَلْعَرَبِيِّ, خِلَافًا لِرُفَقَائِي اَلَّذِينَ اِتَّجَهُوا نَحْوَ اَلْآدَابِ اَلتُّرْكِيَّةِ !! (124)
4- مُنِيفُ بْنُ رَاشِدِ اَلْيُوسُفِ . وَهُوَ اِبْنُ أَخِ اَلْوَزِيرِ أَمِيرِ اَلْحَجِّ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بَاشَا اَلْيُوسُفِ, قَالَ اَلْعَلَّامَة اِبْنُ بَدْرَانَ مُثْنِيًا عَلَيْهِ : "لَمْ يَتْرُكْ اَلْمُطَالَعَةَ, وَلَمْ يَمَلّ مِنْ تَحْصِيلِ اَلْفُنُونِ, فَقَدْ قَرَأَ عَلِيَّ اَلْعَرُوضَ وَالنَّحْوَ وَالصَّرْفَ وَفُنُونَ اَلْبَلَاغَةِ, مُحِبًّا لِلْأَدَبِ وَالْأُدَبَاءِ وَجَمْعِ اَلْكُتُبِ اَلنَّفِيسِيَّةِ" (125) .(1/67)
5- اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخُ مُحَمَّدُ صَالِحِ اَلْعَقَّادِ اَلشَّافِعِيُّ: اَلَّذِي كَانَ يُقَالُ عَنْهُ "اَلشَّافِعِيُّ اَلصَّغِيرُ" تُوُفِّيَ سَنَةَ 1309 هـ وَقَدْ أَخَذَ عَنْ اَلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ اَلنَّحْوَ كَمَا فِي كِتَابِ "عُلَمَاءِ دِمَشْقَ فِي اَلْقَرْنِ اَلرَّابِعِ عَشَرَ" (2/894) .
6- اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخُ مُحَمَّدُ أَحْمَدِ دَهْمَانَ . وَهُوَ مِنْ أَخَصِّ تَلَامِيذِ اِبْنِ بَدْرَانَ, فَقَدْ تَرَكَ فِيهِ أَبْلَغَ اَلْأَثَرِ وَزَرَعَ فِيهِ مَحَبَّةَ اَلْعِلْمِ وَالْإِصْلَاحِ, وَقَدْ أَسَّسَ فِي حَيَاةِ شَيْخِهِ اَلْمَطْبَعَةَ وَالْمَكْتَبَةَ اَلسَّلَفِيَّةَ بِدِمَشْقَ, حَيْثُ طَبَعَ بَعْضَ مُؤَلَّفَاتِ شَيْخِهِ اِبْنِ بَدْرَانَ . وَتَرَكَ مُؤَلَّفَاتٍ وَتَحْقِيقَاتٍ عَدِيدَةً خَصَّ بَلَدَهُ دِمَشْقَ بِمَزِيدٍ مِنْهَا . تُوُفِّيَ -رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى- سَنَةَ 1408 هـ. (126)
مَرَضُهُ وَوَفَاتُهُ(1/68)
أُصِيبُ اَلْعَلَّامَة اِبْنُ بَدْرَانَ رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى بِدَاءِ اَلْفَالِجِ فِي آخِرِ أَعْوَامِهِ مِمَّا أَثَّرَ فِي صِحَّتِهِ إِلَى وَفَاتِهِ -رَحِمَهُ اَللَّهُ-, وَلْنَتْرُكْهُ يُحَدِّثُنَا بِذَلِكَ حَيْثُ يَقُولُ : "نِمْتُ لَيْلَةَ اَلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ عَامَ اِثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ بَعْدَ اَلْأَلْفِ فِي غُرْفَتِي فِي مَدْرَسَةِ عَبْدِ اَللَّهِ بَاشَا اَلْعَظْمِ فِي دِمَشْقَ, فَانْتَبَهْتُ وَقْتَ اَلْفَجْرِ, فَإِذَا بِي أُصِبْتُ فِي رِجْلِي وَفِي يَدِي اَلْيُمْنَاوَيْنِ بِحَيْثُ بَطَلَتْ حَرَكَتُهُمَا, فَنُقِلْتُ فِي اَلْيَوْمِ اَلثَّانِي إِلَى اَلْمُسْتَشْفَى اَلْعَامِّ بِدِمَشْقَ, اَلْمَبْنِيِّ بِالْبَرَامِكَةِ, فَكُنْتُ فِيهِ كَالْغَرِيبِ, وَصَارَ مَنْ كُنْتُ أَعْلَمُهُ وَأُصَفِّي لَهُ قَلْبِي كَالْعَدُوِّ اَلْمُهَاجِرِ اَلْمُحْتَالِ, وَمَنْ بِهِ مِنْ اَلنَّصَارَى يَعْرِفُونَ قِدْرِي وَيُلَاطِفُونِي أَحْسَنَ مُلَاطَفَةٍ, فَكُنْتُ أُسَلِّي نَفْسِي بِنَظْمِ اَلشِّعْرِ بَعْدَ أَنْ كُنْتُ تَرَكْتُهُ, وَأُرَوِّضُ يَدِي اَلْيُسْرَى عَلَى مَا كُنْتُ أُنْظِمُهُ, وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ تِذْكَارًا لِمَا بُلِيتُ بِهِ قَيَّدْتُهُ فِي هَذَا اَلدِّيوَانِ, لِيَكُونَ سَانِحَةً مِنْ اَلسَّوَانِحِ, وَيَعْلَمَ مَا كُنْتُ أُلَاقِيهِ مِنْ تَقَلُّبَاتِ اَلدَّهْرِ, وَهَذِهِ طَلِيعَةُ اَلسَّوَانِحِ :
اَللَّهَ أَشْكُو اَلَّذِي قَاسَيْتُ مِنْ أَلَمِ
وَمِنْ هُمُومٍ بِهَا زَادَ اَلضَّنَا ضَرِمِي
قَدْ بِتُّ لَيْلِي فِي أَمْنٍ وَفِي دَعَةٍ
وَفِي صَبَاحِي لَا أَمْشِي عَلَى قَدَمِي
أَيْقَظْتُ طَرْفِي وَرِجْلِي مَسَّهَا خَدَرٌ
وَجَاوَبَتْهَا يَدِي بِالضَّعْفِ وَالْوَرَمِ
نِصْفِي اَلْيَمِينُ أَرَاهُ لَا حَرَاكَ بِهِ
وَلَسْتُ أُظْهِرُ مَا أُبْدِيهِ مِنْ كَلِمِي(1/69)
مِنْ قَبْلُ كُنْتُ كَسَحْبَانٍ بِلَا مَلَلِ
وَمُرْهَفُ اَلْقَلَمِ اَلْمَحْبُوبِ فِي خَدَمِي
مَكَثْتُ فِي غُرْفَتِي وَالْوَهْمُ خَامَرَنِي
فِي وَحْدَةٍ عَنْ جَمِيعِ اَلنَّاسِ وَالْأُمَمِ
سُكَّانُ مَدْرَسَتِي ثَارَتْ مَطَامِعُهَا
فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ لِلْغَدْرِ بِالذِّمَمِ
جَاءُوا عِجَالاً وَقَالُوا لِي:اَلْوَصِيَّةُ قَدْ
جَاءَتْ بِهَا سُنَنٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَنَمِ
غَدْرًا وَمَكْرًا أَتَوْا لِلِاسْتِلَابِ فَمَا
فِيهِمْ صَدِيقٌ سِوَى لِصٍّ وَمُجْتَرِمٍ
فَقُلْتُ:مَا لِي سِوَى اَلْأَسْفَارِ مِنْ سَبَبٍ
مَمْلُوءَةٌ بِصَحِيحِ اَلْعِلْمِ وَالْحِكَمِ
وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ اَلْقَصِيدَةَ حَالَهُ فِي اَلْمُسْتَشْفَى, وَأَحْوَالَ اَلْمَرْضَى مِمَّنْ يَصِيحُ نَسْأَلُ اَللَّهَ اَلْعَافِيَةَ مِنْ شِدَّةِ اَلْأَلَمِ, وَيَئِنُّ مَنْ طُولِ اَللَّيْلِ إِلَى أَنْ مَدَحَ اَلطَّبِيبَ اَلَّذِي كَانَ يُعَالِجُهُ فَقَالَ:
جَاءَ اَلطَّبِيبُ يَرُومُ اَلْفَحْصَ عَنْ مَرَضِي ??????فِي دِقَّةٍ وَلَهِيبُ اَلْقَلْبِ فِي ضَرَمِ
أَضْحَى يُلَاطِفُنِي أَحْلَى مُلَاطَفَةٍ ???????حَسْنَاءَ تُنْبِئُ عَنْ لُطْفٍ وَعَنْ شَمَمٍ
حُسْنِي اَلطَّبِيبُ جَزَاهُ اَللَّهُ صَالِحَةً ????????وَزَادَهُ شَرَفًا فِي سَائِرِ اَلْأُمَمِ
إِلَى اَلْأَكَارِمِ يُنْمَى مِنْ بَنِي سَبَحٍ ??????????لَا زَالَ مُشْتَهِرًا فِي اَلْعُرْبِ وَالْعَجَمِ (127)
بَدْرُ اَلْأَطِبَّاءِ فِي بَلْدَاتِنَا وَلَهُ ?????????مَآثِرُ مِنْ جَمِيلِ اَلْحِلْمِ وَالشِّيَمِ
إِلَى أَنْ قَالَ -رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى- : "هَذَا مَا جَرَى بِهِ اَلْقَلَمُ وَأَنَا فِي حَالَةِ اَلْمَرَضِ اَلشَّدِيدِ أَكْتُبُ بِيَدِي اَلشِّمَالِ". (128) .(1/70)
وَقَدْ مَكَثَ فِي اَلْمُسْتَشْفَى نَحْوَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ خَرَجَ, كَمَا أَنَّهُ أُصِيبَ فِي أَوَاخِرِ أَعْوَامِهِ بِضَعْفٍ فِي بَصَرِهِ مِنْ كَثْرَةِ اَلْكِتَابَةِ, رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى .
تُوُفِيَ اَلْعَلَّامَة اِبْنُ بَدْرَانَ بِمَدِينَةِ دِمَشْقَ, فِي شَهْرِ رَبِيعٍ اَلثَّانِي مِنْ عَامِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثمِائَةٍ وَأَلْفٍ لِلْهِجْرَةِ اَلْمُوَافِقِ 25 /9 1927 م وَذَلِكَ فِي مُسْتَشْفَى اَلْغُرَبَاءِ. (129) . وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ اَلْبَابِ اَلصَّغِيرِ بِدِمَشْقَ. (130)
قَالَ مُحَمَّدٌ تَقِيُّ اَلدِّينِ اَلْحِصْنِيُّ نَقْلاً عَنْ أَحَدِ أُدَبَاءِ دِمَشْقَ : "وَإِنَّهُ لِيُؤْلِمَكَ كَثِيرًا أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ هَذَا اَلْفَاضِلَ اَلرَّاحِلَ قَدْ تُوُفِّيَ فِي مَدْرَسَةٍ مِنْ مَدَارِسِ اَلْأَوْقَافِ فِي غُرْفَةٍ حَقِيرَةٍ, وَإِنَّ اَلْأَلَمَ لَيَزْدَادُ فِي نَفْسِكَ إِذْ تَعْلَمُ أَنَّ جَنَازَةَ هَذَا اَلْعَالِمِ اَلشَّيْخِ اِبْنِ بَدْرَانَ لَمْ يَمْشِ وَرَاءَهَا أَدِيبٌ أَوْ عَالِمٌ, وَلَمْ يَحُسَّ بِهَا أَحَدٌ عَلَى اَلْأَرْجَحِ, تِلْكَ هِيَ حَالَةُ هَذَا اَلْعَالِمِ اَلْأَدِيبِ عَاشَ شَرِيفًا فَقِيرًا, وَمَاتَ كَمَا عَاشَ . اِنْتَهَى كَلَامُهُ.
أَقُولُ - أَيْ اَلْحِصْنِيُّ - : مَا ذَهَبٌ إِلَيْهِ اَلْكَاتِبُ اَلْفَاضِلُ هُوَ اَلصَّوَابُ, وَالرَّاجِحِ أَنَّ وَفَاتَهُ لَمْ تَبْلُغْ اَلنَّاسَ لِيُشَيِّعَ جِنَازَتَهُ اَلْعَالِمُ وَالتَّاجِرُ وَالْأَدِيبُ, وَاَلَّذِي عَلِمْتُهُ أَنَّهُ مَاتَ فِي مُسْتَشْفَى اَلْغُرَبَاءِ . (131) رَحِمَ اَللَّهُ اِبْنَ بَدْرَانَ فَقَدْ عَاشَ غَرِيبًا, وَمَاتَ غَرِيبًا, فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ .
رِثَاؤُهُ(1/71)
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ اَلْحَنْبَلِيُّ : "وَبِالْجُمْلَةِ, فَقَدْ كَانَ غُرَّةَ عَصْرِهِ وَنَادِرَةَ دَهْرِهِ, ذَا مَزَايَا حَمِيدَةٍ لَا يُمْكِنُ اِسْتِقْصَاؤُهَا إِلَّا بِتَأْلِيفٍ خَاصٍّ -رَحِمَهُ اَللَّهُ رَحْمَةً وَاسِعَةً- وَقَدْ رَثَاهُ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ بِأَبْيَاتٍ أَثْبَتْنَاهَا بِتَمَامِهَا, وَهِيَ قَوْلُهُ (132) ." :
نَارُ اَلْجَوَى قَدْ سِرْتُ فِي اَلْجِسْمِ بِالسَّقَمِ ???????????فَالدَّمْعُ مَا بَيْنَ مَسْجُونٍ وَمُنْسَجِمِ
عَمَّ اَلْأَسَى وَعَلَا اَلسَّيْلُ اَلزُّبَى وَرَبَا ???????????وَكِدْتُ لَوْلَا اَلْحَيَا أَصْبُو مِنْ اَلْأَلَمِ
أَيَحْسَبُ اَلْغُمْرِ أَنَّ اَلْعُمْرِ لَا نَحْسٌ ????????? (133) بِهِ فَيَا قُرْبَ هَذَا اَلْوَهْمِ لِلْوَهَمِ
يَا عَيْنَ جُودِي دَمًا سَحَّا عَلَى أَدَمٍ (134) ?????وَاسْتَنْزِلِي عِبَرًا أَدْهَى مِنْ اَلدِّيَمِ
لَامَ اَلْعَذُولُ بِإِلْحَاحٍ فَقُلْتُ لَهُ: إِلَيْكَ عَنِّي فَلَوْ أَصَبْتَ لَمْ تَلُمِ
إِنِّي كَفَانِي مِنْ أَمْرٍ دُهِمْتُ بِهِ فَالْحُزْنُ مِنِّي وَدَائِي غَيْرُ مُنْحَسِمِ
بِاَللَّهِ دَعْنِي أَنُوحُ هَائِمًا وَأَقُلْ: وَا لَهْفَ نَفْسِي لِفَقْدِ اَلْبَدْرِ فِي اَلظُّلَمِ
بَحْرِ اَلْعُلُومِ بُحُورُ اَلْعِلْمِ تَغْبِطُهُ وَابْنُ اَلْكَرِيمِ فَقُلْ مَا شِئْتَ مِنْ كَرْمِ
لَاحَ اِسْمُهُ (135) قَمَرًا فِي اَللَّحْدِ مُنْخَسِفًا حِسًّا وَمَعْنَى فَحَالَ اَلْقَلْبَ فِي ضَرَمِ
هُوَ اَلَّذِي تُشْرِقَ اَلدُّنْيَا بِطَلْعَتِهِ لَا شَمْسُهَا وَأَبُو إِسْحَاقَ ذُو اَلشِّيَمِ
سَقَى ضَرِيحَ حِمَاهُ صَوْبُ مَغْفِرَةٍ مِنْ اَلْإِلَهِ مُزِيلِ اَلْكَرْبِ وَالنِّقَمِ
يَا نَفْسُ لَا تَجْزَعِي مِمَّا دَهَى فَلَكَمْ لِلَّهِ مِنْ فَرَجٍ يَشْفِيكَ مِنْ أَلَمِ(1/72)
فَاسْتَسْلِمِي وَدَعِي اَلْأَقْدَارَ جَارِيَةً فَأَنْتِ صَائِرَةٌ لَا شَكَّ فِي اَلْعَدَمِ
وَانْهَيْ (136) صَلَاةً بِتَسْلِيمٍ يُقَارِنُهَا عَلَى شَفِيعِ اَلْوَرَى فِي مَجْمَعِ اَلْأُمَمِ
تِلْكَ إِلْمَامَةٌ يَسِيرَةٌ وَشَذْرَةٌ عَبِقَةٌ مِنْ عُيُونِ تَرْجَمَةِ هَذَا اَلْإِمَامِ اَلْجَلِيلِ, اَلَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِي اَلْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ وَالتَّصْنِيفِ, اَللَّهُمَّ أَسْبِلْ عَلَيْهِ وَابِلَ مَغْفِرَتِكَ وَرَحْمَتِكَ آمِينَ.
وَصْفُ اَلنُّسَخِ اَلْمُعْتَمَدَةِ
فِي نَشْرِ اَلْكِتَابِ وَالْعَمَلِ فِيهِ
اِعْتَمَدْتُ فِي نَشْرِ هَذَا اَلْكِتَابِ عَلَى نُسْخَتَيْنِ جَلِيلَتَيْنِ :
أَوْلَاهُمَا: نُسْخَةٌ نَفِيسَةٌ بِخَطِّ اَلْمُؤَلِّفِ الْبَلْبَانِيِّ, وَهَذَا أَعْلَى دَرَجَاتِ اَلصِّحَّةِ وَالْإِتْقَانِ فِي عَالَمِ اَلْمَخْطُوطَاتِ, وَقَدْ كَتَبَهَا اَلْمُصَنِّفُ بِخَطِّ يَدِهِ اَلْحَسَنِ مَعَ اَلضَّبْطِ وَالشَّكْلِ لَكَثِيرٍ مِنْ اَلْكَلِمَاتِ, وَانْتَهَى مَنْ نَسْخِهَا فِي نَهَارِ اَلْأَرْبِعَاءِ سَادِسَ عَشَرَ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةً 1054هـ .
وَهَذِهِ اَلنُّسْخَةُ اَلْقَيِّمَةُ مِنْ تَمَلُّكَاتِ اَلْعَلَّامَة اَلْجَلِيلِ اَلشَّيْخِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ خَلَفِ بْنِ دَحْيَانَ اَلْحَنْبَلِيِّ; وَهِيَ مُودَعَةٌ فِي مَكْتَبَةِ اَلْمَوْسُوعَةِ اَلْفِقْهِيَّةِ بِوِزَارَةِ اَلْأَوْقَافِ تَحْتَ رَقْمِ (204), وَتَقَعُ فِي 34 وَرَقَةً, وَعَدَدُ اَلْأَسْطُرِ فِيهَا 17 سَطْرًا, وَمَقَاسُهَا 20 x 14 سم (137) وَمِنْ أَقْدَمِ التَّمَلُّكَاتِ عَلَيْهَا بِاسْمِ أَمِينِ اَلدِّينِ اَلنُّورِيِّ سَنَةً 1074هـ وَقَدْ رَمَزَتْ لَهَا بِحَرْفِ (أَ) .(1/73)
اَلنُّسْخَةُ اَلثَّانِيَةُِ: وَهِيَ صَحِيحَةٌ تُعَدُّ فِي اَلطَّبَقَةِ اَلَّتِي تَلِي نُسْخَةِ اَلْمُؤَلِّفِ, أَلَا وَهِيَ نُسْخَةٌ بِخَطِّ اَلشَّارِحِ, وَهُوَ اَلْعَلَّامَة عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْخَلْوَتِيُّ اَلْحَلَبِيُّ اَلْأَصْلِ اَلْبَعْلِيُّ, اَلَّذِي شَرَحَ اَلْكِتَابَ بِشَرْحِهِ "كَشْفُ اَلْمُخَدِّرَاتِ" وَهِيَ مَنْسُوخَةٌ وَمُقَابَلَةٌ عَلَى نُسْخَةِ اَلْمُؤَلَّفِ اَلَّتِي نُقِلَتْ عَنْهَا, فَإِنَّهُ لَا تَكَادُ تَخْلُوَ وَرَقَةٌ مِنْ قَوْلِهِ "بَلَغَ مُقَابَلَةً عَلَى نُسْخَةِ اَلْمُؤَلَّفِ" وَفِي آخِرِهَا كَتَبَ "بَلَغَ مُقَابَلَةً لِمَا فِيهِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ عَلَى نُسْخَةِ مُؤَلَّفِهِ وَكُتِبَتْ مِنْهَا".
ثُمَّ قَالَ "تَمَّتْ هَذِهِ اَلنُّسْخَةُ -بِمَعُونَة اَللَّهِ تَعَالَى- عَلَى يَدِ كَاتِبِهَا اَلْفَقِيرِ إِلَيْهِ تَعَالَى أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحَنْبَلِيِّ اَلْحَلَبِيِّ أَصْلاً, وَذَلِكَ بِمَدِينَةِ حَلَبَ اَلشَّهْبَاءِ اَلْمَحْمِيَّةِ, فِي اَلْمَدْرَسَةِ الْخَلْوَتِيَّةِ, نَهَارَ اَلْجُمْعَةِ اَلْمُبَارَكِ حَادِيَ عَشَرَ رَجَبٍ اَلْفَرْدِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ" (138) .
وَهَذِهِ اَلنُّسْخَةُ مُصَوَّرَةٌ عَنْ مَكْتَبَةِ اَلدُّكْتُورِ مُحَمَّدٍ (?) بِبَغْدَادَ, وَقَدْ صَوَّرَهَا مَرْكَزُ اَلْبَحْثِ اَلْعِلْمِيِّ وَإِحْيَاءِ اَلتُّرَاثِ اَلْإِسْلَامِيِّ بِجَامِعَةِ أُمِّ اَلْقُرَى بِمَكَّةَ اَلْمُكَرَّمَةِ, وَرَقْمُهَا فِي اَلْمَرْكَزِ (213) وَتَقَعُ فِي 25 وَرَقَةً, وَعَدَدُ اَلْأَسْطُرِ فِيهَا 27 سَطْرًا, وَرَمَزْتُ لَهَا بِحَرْفِ (ب) .(1/74)
كَمَا إنَّنِي اِعْتَمَدْت عَلَى اَلنُّسْخَةِ اَلْمَطْبُوعَةِ سَنَةَ 1339 هِـ بِدِمَشْقَ, وَمَعَهَا حَاشِيَةُ اَلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ أَنَّهُ اِعْتَمَدَ عَلَى نُسْخَةِ اَلْمُؤَلِّفِ (139) إِلَّا أَنَّ هَذِهِ اَلطَّبْعَةَ بِكُلِّ أَسَفٍ قَدْ كَثُرَتْ فِيهَا اَلْفُرُوقُ وَبَعْضُ اَلْأَخْطَاءِ اَلْمَطْبَعِيَّةِ, وَلَمْ أَذْكُرُهَا كُلَّهَا لِعَدَمِ اَلْجَدْوَى بِذَلِكَ, وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى نُسْخَةٍ خَطِّيَّةٍ فِي مَكْتَبَةِ اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَلْعَزِيزِ -رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى- اَلْمُودَعَةِ فِي مَكْتَبَةِ اَلْمَلِكِ فَهْدٍ اَلْوَطَنِيَّةِ بِالرِّيَاضِ (140) .
إِلَّا أَنَّ اَلْفَرَحِ بِهَذِهِ اَلنُّسْخَةِ لَمْ يَتِمَّ, فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ مِنْ نُسْخَةِ اَلْعَلَّامَة اِبْنِ دَحْيَانَ حَيْثُ قَالَ اَلنَّاسِخُ فِي آخِرِ اَلنُّسْخَةِ : "هَذِهِ اَلتَّرْجَمَةُ -أَيْ تَرْجَمَةُ الْبَلْبَانِيِّ- لِلشَّيْخِ اَلْعَالِمِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ خَلَفٍ اَلْكُوَيْتِيِّ, كَتَبَهَا عَلَى اَلنُّسْخَةِ اَلَّتِي نَقَلْنَاهَا عَنْهَا جَزَاهُ اَللَّهُ خَيْرًا". وَقَدْ نُسِخَتْ فِي 1339هـ. وَعَلَيْهِ فَإِنِّي لَمْ أَعْتَمِدْ عَلَيْهَا, وَاسْتَأْنَسْتُ بِنُسْخَةِ اَلشَّرْحِ "كَشْفُ اَلْمُخَدَّرَاتِ" ; وَكَذَا أَصْلُ اَلْكِتَابِ "كَافِي اَلْمُبْتَدِي".(1/75)
وَقَدْ جَعَلْتُ نُسْخَةَ اَلْمُصَنَّفِ هِيَ اَلْأَصْلَ وَقَابَلْتُهَا بِبَقِيَّةِ اَلنُّسَخِ, وَنَبَّهْتُ عَلَى اَلْفُرُوقِ اَلْمُهِمَّةِ, أَمَّا حَاشِيَةُ اَلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ فَإِنِّي قَدْ لَقِيتُ فِي بَعْضِهَا شَيْئًا مِنْ اَلنَّصَبِ ; إِذْ كَانَتْ بَعْضُ أَرْقَامِ اَلْحَوَاشِي تُوضَعُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا مِمَّا يَعْسُرَ أَحْيَانًا تَمْيِيزُهُ ; مَعَ بَعْضِ أَخْطَاءٍ مَطْبَعِيَّةٍ, وَلَكِنْ تَمَّ بِحَمْدِ اَللَّهِ اَلتَّغَلُّبُ عَلَيْهَا, وَلَمْ أُرِدْ أَنْ أُثْقِلَ هَذَا اَلْمَتْنَ اَلْمُخْتَصَرَ بِالتَّعْلِيقَاتِ ; حِفَاظًا عَلَى مَقْصِدِ اَلْمُؤَلِّفِ فِي اِخْتِصَارِهِ, وَاكْتِفَاءً بِتَعْلِيقَاتِ اَلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ ; إِلَّا أَنِّي وَثَّقْتُ اَلنُّقُولَ اَلَّتِي فِي حَاشِيَتِهِ بِالْإِحَالَةِ إِلَى مَصَادِرِهَا, وَتَخْرِيجِ مَا فِيهَا مِنْ اَلْأَحَادِيثِ عَلَى قِلَّتِهَا, وَحَرَصْتُ عَلَى ضَبْطِ أَكْثَرِ كَلِمَاتِ اَلْمَتْنِ بِالشَّكْلِ لِئَلَّا يَحْصُلَ لَبْسٌ فِي اَلْقِرَاءَةِ. هَذَا هُوَ جُهْدُ اَلْمُقِلِّ, وَاَللَّهَ أَسْأَلُ اَلنَّفْعَ بِهِ .
مُقَدِّمَةُ اَلْعَلَّامَة اَلْإِمَامِ اَلشَّيْخِ عَبْدِ اَلْقَادِرِ بَدْرَانَ
بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ
اَللَّهُمَّ يَا وَاهِبَ اَلْعَقْلِ فَقِّهْنَا فِيمَا أَنْزَلْتَهُ عَلَى أَنْبِيَائِكَ, وَأَفِضْ عَلَى قُلُوبِنَا أَسْرَارَ شَرْعِكِ حَتَّى نُشَاهِدَ بِهِ آثَارَ رَحْمَتِكَ وَبَدِيعَ آلَائِكَ, وَصَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى جَمِيعِ رُسُلِكَ وَأَصْفِيَائِكَ, خُصُوصًا نَبِيَّكَ صَاحِبَ اَلْمَقَامِ اَلْمَحْمُودِ اَلْمُرْسَلَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ, وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ:(1/76)
فَيَقُولُ -اَلْمُفْتَقِرُ لِرَحْمَةِ رَبِّهِ اَلْمَنَّانِ- عَبْدُ اَلْقَادِرِ بْنُ أَحْمَدَ البَدْرَانِيُّ اَلْمَعْرُوفُ بِابْنِ بَدْرَانَ : لَمَّا كَانَ مَذْهَبُ إِمَامِ أَهْلِ اَلسُّنَّةِ وَقَامِعِ اَلْبِدْعَةِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ اَلْعَرَبِيِّ اَلْأَصْلِ, قَدْ كَادَ ظِلُّهُ يَتَقَلَّصُ مِنْ بِلَادِنَا اَلسُّورِيَّةِ, مَعَ أَنَّهُ هُوَ اَلْمَذْهَبُ اَلْمَبْنِيُّ عَلَى اَلدَّلِيلِ اَلْخَالِي عَنِ اَلرَّأْيِ وَالتَّأْوِيلِ, قَامَ بِنُصْرَتِهِ أُمَرَاءُ جَزِيرَةِ اَلْعَرَبِ وَذَوُو اَلْيَسَارِ مِنْهُمْ قِيَامًا لَمْ يَسْبِقْ لَهُ نَظِيرٌ مُنْذُ أَعْصَارٍ, فَأَنْفَقُوا اَلْأَمْوَالَ اَلطَّائِلَةَ فِي نَشْرِ كُتُبِهِ وَطَبْعِهَا, كَشَرْحَيِ "اَلْإِقْنَاعِ " و"اَلْمُنْتَهَى", و"اَلْمُقْنِعِ ", وَكَكِتَابِ "اَلْمُغْنِي", و"شَرَحِ اَلْمُقْنِعِ اَلْكَبِيرِ" اَلْمُسَمَّى "بِالشَّافِي", و "اَلْفُرُوعِ ", وَأَمْثَالِ هَذِهِ اَلْكُتُبِ, فَلَبِسَ هَذَا اَلْمَذْهَبُ بِذَلِكَ فِي عَصْرِنَا ثَوْبًا قَشِيبًا, وَفُتِحَ اَلْبَابُ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ فَتْحًا عَجِيبًا, وَعَلِمَ اَلْمَهَرَةُ مِنْ أَصْحَابِهِ كَيْفَ تُؤْخَذُ اَلْأَحْكَامُ مِنَ اَلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَكَيْفَ تُسْتَنْبَطُ اَلْفُرُوعُ مِنَ اَلْأُصُولِ , وَحَصَّلَ اَلنَّاظِرُ فِي "اَلْمُغْنِي", "وَالشَّافِي", "وَالْفُرُوعِ" عِلْمًا بِمَسَالِكِ اَلْمَذَاهِبِ اَلْمُتَدَاوَلَةِ وَالْمُنْدَرِسَةِ وَبِمَسَائِلِهَا, فَهَبَّ اَلْمُتَمَذْهِبُونَ بِهِ فِي دِيَارِنَا مِنْ رَقْدَتِهِمْ وَحَصَلَ لَهُمْ بَعْضُ اِنْتِبَاهٍ :
وَلَكِنْ بَكَتْ قَبْلِي فَهَيَّجَ لِي البُكَا
بُكَاهَا, فَقُلْتُ: اَلْفَضْلُ لِلْمُتَقَدِّمِ(1/77)
عَلَى أَنَّا نَشْكُرُ سَعْيَهُمْ وَنَعُدُّهُ فَتْحًا جَدِيدًا, فَجَاءَ أَكْثَرُهُمْ إِلَيَّ وَقَالُوا: إِنَّ أُمَرَاءَ اَلْجَزِيرَةِ قَدْ أَحْيَوا رُفَاتَ اَلْمُطَوَّلَاتِ, وَإِنَّنَا نَأْمُلُ أَنْ تَخْرُجَ اَلْمُخْتَصَرَاتِ مِنْ دَفَائِنِهَا, وَأَنْ نُظْهِرَهَا مِنْ مَكَانِهَا, وَإِنَّنَا نَرْغَبُ إِلَيْكَ أَنْ تَكُونَ اَلسَّاعِيَ بِذَلِكَ, فَقُلْتُ : لَبَّيْكَ, ثُمَّ أَخَذْتُ أُنَقِّبُ فِي خِزَانَةِ كُتُبِي, وَفِيمَا أَبْقَاهُ اَلزَّمَانُ مِنْ خِزَانَةِ كُتُبِ جَدِّي, وَالِدِ وَالِدَتِي اَلْفَقِيهِ اَلشَّيْخِ أَحْمَدَ بْنِ مُصْطَفَى بْنِ حُسَيْنٍ رَمَضَانَ اَلْمَعْرُوفِ بِالنَّعْسَانِيِّ (141) اَلْمُتَوَفَّي سَنَةَ 1281 فَظَفِرَتُ مِنْ بَقَايَا كُتُبِهِ بِكِتَابِ "أَخْصَرِ اَلْمُخْتَصَرَاتِ" بِخَطِّ مُؤَلِّفِهِ اَلْعَلَّامَة اَلْمُتْقِنِ اَلشَّيْخِ مُحَمَّدٍ البَلْبَانِيِّ اَلدِّمَشْقِيِّ -رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى-, فَتَأَمَّلْتُهُ فَوَجَدْتُهُ سَهْلَ اَلْعِبَارَةِ, وَاضِحَ اَلْمَعَانِي.(1/78)
وَهُوَ عَلَى صِغَرِ حَجْمِهِ, إِذَا تَأَمَّلَهُ اَلذَّكِيُّ لَا يَحْتَاجُ فِي فَهْمِهِ إِلَى مَوْقِفٍ, وَيَنْتَفِعُ بِهِ اَلصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ, وَهُوَ مِنَ اَلْمُتُونِ اَلْمُعْتَمَدَةِ فِي اَلْمَذْهَبِ, فَأَبْرَزْتُهُ لِلطَّبْعِ قَصْدَ اَلنَّفْعِ, وَبَذَلَ اَلْمُشْتَرِكُونَ اَلنَّفَقَةَ عَلَى طَبْعِهِ حَسْبَ مَا يَقْدِرُونَ, وَذَيَّلْتُهُ بِتَقْرِيرَاتٍ لَطِيفَةٍ يَحْتَاجُ اَلْمُطَالِعُ فِيهِ إِلَيْهَا, وَحَقَّقْتُ أَحْكَامَ مَسَائِلَ حَدَثَتْ فِي زَمَنِنَا هَذَا حَسْبَ اَلْإِمْكَانِ, مَقِيسَةً عَلَى اَلْأُصُولِ, وَأَبْرَزْتُهُ فِي قَالَبٍ لَطِيفٍ, رَاجِيًا مِنْهُ تَعَالَى أَنْ يُنْهِضَ هِمَّةَ اَلْقَوْمِ لِطَبْعِ غَيْرِهِ مِنْ فُرُوعِ هَذَا اَلْمَذْهَبَ وَأُصُولِهِ, وَعَقَائِدِهِ اَلسَّلَفِيَّةِ اَلْمَحْضَةِ, وَقَدَّمْتُ أَمَامَ هَذِهِ اَلْعُجَالَةِ ثَلَاثَ مُقَدِّمَاتٍ, وَاَللَّهُ -تَعَالَى- هُوَ اَلْمُعِينُ وَالْهَادِي إِلَى سَوَاءِ اَلسَّبِيلِ .
اَلْمُقَدِّمَةُ اَلْأُولَى
اَلْحُكْمُ اَلشَّرْعِيُّ: هُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ خِطَابُ اَلشَّرْعِ.
اَلْوَاجِبُ, لُغَةً: اَلسَّاقِطُ وَالثَّابِتُ. وَشَرْعًا: مَا ذُمَّ تَارِكُهُ شَرْعًا مُطْلَقًا.
قَالَ اِبْنُ حِمْدَانَ (142) وَمِنْهُ مَا لَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ كَنَفَقَةٍ وَاجِبَةٍ, وَرَدِّ وَدِيعَةٍ وَغَصْبٍ وَنَحْوِهِ إِذَا فَعَلَهُ مَعَ غَفْلَةٍ, وَمِنَ اَلْمُحَرَّمِ مَا لَا يُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ كَتَرْكِهِ غَافِلًا. اِنْتَهَى.
قُلْتُ: هَذَا إِذَا لَمْ يَفْعَلِ اَلْوَاجِبَ أَوْ يَتْرُكِ اَلْمُحَرَّمَ اِمْتِثَالًا لِأَمْرِ اَللَّهِ تَعَالَى, وَأَمَّا إِذَا فَعَلَهُ مُمْتَثِلًا, فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ, لِحَدِيثِ : "إِنَّمَا اَلْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ".(1/79)
اَلْفَرْضُ لُغَةً:اَلتَّقْدِيرُ وَالتَّأْثِيرُ وَالْإِلْزَامُ وَالْعَطِيَّةُ. وَشَرْعًا: مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ, أَوْ يُقَالُ: مَا لَا يَسْقُطُ فِي عَمْدٍ وَلَا سَهْوٍ, وَقَالَ اَلْإِمَامُ أَحْمَدُ : هُوَ مَا لَزِمَ بِالْقُرْآنِ .
اَلْعِبَادَةُ, إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ مِنْ جِهَةِ اَلشَّارِعِ كَصَلَاةِ اَلنَّافِلَةِ, لَا يُقَالُ لَهَا : أَدَاءٌ وَلَا قَضَاءٌ وَلَا إِعَادَةٌ, وَإِنْ جَعَلَ لَهَا اَلشَّارِعُ وَقْتًا مُعَيَّنًا كَالصَّلَوَاتِ اَلْخَمْسِ وَالْحَجِّ, فَإِنْ فُعِلَتْ فِي اَلْوَقْتِ اَلْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا سُمِّيَتْ أَدَاءً, وَإِنْ فُعِلَتْ بَعْدَ اَلْوَقْتِ سُمِّيَتْ قَضَاءً, وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَأْخِيرُهَا لِعُذْرٍ تَمَكَّنَ مِنْ فِعْلِهِ فِي وَقْتِهِ كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ, أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ, أَوْ عَقْلِيٍّ كَنَوْمٍ; لِأَنَّ اَلْعِبَادَةَ وَاجِبَةٌ مَعَ وُجُودِ اَلْعُذْرِ.
وَأَمَّا اَلْإِعَادَةُ فَهِيَ مَا فُعِلَ فِي وَقْتِهِ اَلْمُقَدَّرِ ثَانِيًا, سَوَاءٌ كَانَتِ اَلْإِعَادَةُ لِخَلَلٍ فِي اَلْفِعْلِ اَلْأَوَّلِ أَوْ لِغَيْرِ خَلَلٍ, فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ صَلَّى اَلصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا صَحِيحَةً, ثُمَّ أُقِيمَتِ اَلصَّلَاةُ, وَهُوَ فِي اَلْمَسْجِدِ وَصَلَّى, فَإِنَّ هَذِهِ اَلصَّلَاةَ تُسَمَّى مُعَادَةً عِنْدَ اَلْأَصْحَابِ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ خَلَلٍ وَلَا عُذْرٍ.(1/80)
اَلْعِبَادَةُ, إِنْ طُلِبَ فِعْلُهَا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِالذَّاتِ كَالصَّلَوَاتِ اَلْخَمْسِ تُسَمَّى فَرْضَ عَيْنٍ, وَإِنْ كَانَتْ كَالنَّوَافِلِ كَسُنَّةِ اَلْفَجْرِ مَثَلًا تُسَمَّى سُنَّةَ عَيْنٍ, وَإِنْ طُلِبَ فِعْلُهَا مُطْلَقًا كَصَلَاةِ اَلْجِنَازَةِ وَالْعِيدَيْنِ سُمِّيَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ, فَإِذَا قَامَ بِهِ مَنْ يَكْفِي سَقَطَ عَنِ اَلْجَمِيعِ, وَسُنَّةُ اَلْكِفَايَةِ كَالسَّلَامِ .
اَلْحَرَامُ, مَا ذُمَّ فَاعِلُهُ وَلَوْ قَوْلًا, وَعَمَلَ قَلْبٍ شَرْعًا, فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِنَا: "وَلَوْ قَوْلًا": اَلْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يَحْرُمُ اَلتَّلَفُّظُ بِهِ, وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِنَا : "وَلَوْ عَمَلَ قَلْبٍ": اَلنِّفَاقُ وَالْحِقْدُ وَالْحَسَدُ وَغَيْرُهُمَا.
وَقَوْلُنَا: "شَرْعًا" إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اَلذَّمَّ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ اَلشَّرْعِ, فَلَا عِبْرَةَ بِذَمِّ اَلنَّاسِ, وَيُسَمَّى اَلْحَرَامُ: مَحْظُورًا, وَمَمْنُوعًا, وَمَزْجُورًا, وَمَعْصِيَةً, وَذَنْبًا, وَقَبِيحًا, وَسَيِّئَةً, وَفَاحِشَةً, وَإِثْمًا.
اَلْمَنْدُوبُ, لُغَةً : اَلْمَدْعُو لِمُهِمٍّ, مَأْخُوذٌ مِنَ اَلنَّدْبِ وَهُوَ اَلدُّعَاءُ, وَشَرْعًا: مَا أُثِيبَ فَاعِلُهُ, وَلَوْ قَوْلًا وَعَمَلَ قَلْبٍ, وَلَمْ يُعَاقَبْ تَارِكُهُ مُطْلَقًا, فَقَوْلُهُ:" مَا أُثِيبَ فَاعِلُهُ" كَالسُّنَنِ وَالرَّوَاتِبِ, وَقَوْلُهُ: "وَلَوْ كَانَ قَوْلًا " كَأَذْكَارِ اَلْحَجِّ, وَسُنَنِ اَلصَّلَاةِ اَلْقَوْلِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: "عَمَلَ قَلْبٍ" كَالْخُشُوعِ فِي اَلصَّلَاةِ, وَيُسَمَّى اَلْمَنْدُوبُ : سَنَّةً, وَمُسْتَحَبًّا, وَتَطَوُّعًا, وَطَاعَةً, وَنَفْلًا, وَقُرْبَةً, ومُرَغَّبًا فِيهِ, وَإِحْسَانًا, وَأَعْلَاهُ سَنَّةٌ, ثُمَّ فَضِيلَةٌ, ثُمَّ نَافِلَةٌ .(1/81)
اَلْمَكْرُوهُ, ضِدُّ اَلْمَنْدُوبِ, وَهُوَ مَا مُدِحَ تَارِكُهُ وَلَمْ يُذَمَّ فَاعِلُهُ.
اَلْمُبَاحُ, لُغَةً: اَلْمُؤْذَنُ وَالْمَعْلُومُ, وَشَرْعًا: مَا خَلَا مِنْ مَدْحٍ وَذَمٍّ لِذَاتِهِ, وَيُسَمَّى طَلْقًا وَحَلَالًا .
اَلسَّبَبُ, لُغَةً : مَا تُوُصِّلَ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ, وَشَرْعًا : مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ اَلْوُجُودُ, وَمِنْ عَدَمِهِ اَلْعَدَمُ لِذَاتِهِ, فَيُوجَدُ اَلْحُكْمُ عِنْدَهُ لَا بِهِ, كَزَوَالِ اَلشَّمْسِ, فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِوُجُوبِ صَلَاةِ اَلظُّهْرِ مَثَلًا لِذَاتِهِ, وَقَدْ يُوجَدُ اَلزَّوَالُ وَلَا تَجِبُ صَلَاةُ اَلظُّهْرِ; لِأَمْرٍ خَارِجٍ كَالْحَيْضِ وَالْجُنُونِ وَعَدَمِ اَلْبُلُوغِ .
اَلشَّرْطُ, لُغَةً : اَلْعَلَّامَة, وَشَرْعًا: مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ اَلْعَدَمُ, وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ, كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ, فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اَلطَّهَارَةِ عَدَمُ صِحَّةِ اَلصَّلَاةِ, وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ اَلطَّهَارَةِ عَدَمُ اَلصَّلَاةِ وَلَا وُجُودُهَا.
اَلْمَانِعُ ,هُوَ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ اَلْعَدَمُ, وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمَهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ, كَالدَّينِ فِي اَلزَّكَاةِ مَعَ مِلْكِ اَلنِّصَابِ .
اَلصِّحَّةُ فِي اَلْعِبَادَةِ سُقُوطُ اَلْقَضَاءِ بِالْفِعْلِ .
اَلْبُطْلَانُ وَالْفَسَادُ, لَفْظَانِ مُتَرَادِفَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَعْنَى اَلْآخَرِ عِنْدَ اَلْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ, إِلَّا أَنَّ اَلشَّافِعِيَّةَ فَرَّقُوا فِي اَلْفِقْهِ بَيْنَهُمَا فِي مَسَائِلَ .
اَلْعَزِيمَةُ, لُغَةً: اَلْقَصْدُ اَلْمُؤَكَّدُ, وَشَرْعًا: اَلْحُكْمُ اَلثَّابِتُ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ خَالٍ عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ.(1/82)
اَلرُّخْصَةُ, لُغَةً: اَلسُّهُولَةُ, وَشَرْعًا: مَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ, كَأَكْلِ اَلْمُضْطَرِّ لَحْمَ اَلْمَيْتَةِ, وَكَقَصْرِ اَلصَّلَاةِ فِي اَلسَّفَرِ وَكَالْجَمْعِ.
هَذَا مَا رَأَيْنَا لِإِثْبَاتِهِ لُزُومًا فِي هَذِهِ اَلْمُقَدِّمَةِ, وَمَنْ أَرَادَ اَلزِّيَادَةَ وَالتَّفْصِيلَ فَعَلَيْهِ بِكُتُبِ أُصُولِ اَلْفِقْهِ, وَمِنْهَا كِتَابُنَا: "اَلْمَدْخَلُ إِلَى مَذْهَبِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ", و"اَلرَّوْضَةُ" لِلْإِمَامِ مُوَفَّقِ اَلدِّينِ اِبْنِ قُدَامَةَ وَشَرْحُهَا لَنَا.
اَلْمُقَدِّمَةُ اَلثَّانِيَةُ فِي تَرْجَمَةِ اَلْمُؤَلِّفِ
قَالَ عَنْهُ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ اَلدِّمَشْقِيُّ ثُمَّ اَلْحَنْبَلِيُّ فِي شَرْحِ "أَخْصَرِ اَلْمُخْتَصَرَاتِ ": هُوَ اَلْحَبْرُ اَلْعُمْدَةُ اَلْعَلَّامُ, فَرِيدُ عَصْرِهِ وَزَمَانِهِ, وَوَحِيدُ دَهْرِهِ وَأَوَانِهِ, زَيْنُ اَلْعُلَمَاءِ اَلْعَامِلِينَ, عُمْدَةُ أَهْلِ اَلتَّحْقِيقِ, وَزُبْدَةُ أَهْلِ اَلتَّدْقِيقِ, مُحَمَّدُ بْنُ بَدْرِ اَلدِّينِ بْنِ عَبْدِ اَلْقَادِرِ بْنِ بَلْبَانَ الْخَزْرَجِيُّ اَلْقَادِرِيُّ, اَلْحَنْبَلِيُّ (143) .(1/83)
وَقَالَ اَلشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ كِنَانٍ فِي كِتَابِهِ "اَلرِّيَاضِ اَلسُّنْدُسِيَّةِ فِي تَلْخِيصِ تَارِيخِ الصَّالِحِيَّةِ ": وَمِمَّنْ أَدْرَكْنَاهُ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ شَيْخُ اَلْإِسْلَامِ مُحَمَّدُ بْنُ بَلْبَانَ, كَانَتِ اَلْأَفَاضِلُ تَخْرُجُ مِنَ اَلشَّامِ إِلَى اَلْمَدْرَسَةِ اَلْعُمَرِيَّةِ ـ يَعْنِي بِالصَّالِحِيَّةِ ـ لِلْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ, مَعَ مَا كَانَ بِدِمَشْقَ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ فِي عَصْرِهِ كَالصّفُورِيِّ, والعَيْثِيِّ, والإِسْطُوانِيِّ, والحَصْكَفِيِّ, وَالْفَتَّالِ, وَقَرَأَ عَلَيْهِ مَا لَا يُحْصَى.
قَالَ: وَمَا مِنْ عَالِمٍ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ اَلْآنَ إِلَّا وَقَرَأَ عَلَيْهِ, وَأَخَذَ عَنْهُ اَلْأَجِلَّاءُ مُسْنَدَ اَلْحَدِيثِ, وَقَرَأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَاهِيرِ عُلَمَاءِ اَلْإِسْلَامِ كَالْخَفَاجِيِّ, وَإِبْرَاهِيمَ الكُورَانِيِّ وَأَمْثَالِهِمَا, وَكَانَ أَعْيَانُ اَلْبَلَدِ وَالْوُزَرَاءُ يَخْرُجُونَ لِزِيَارَتِهِ, وَلَا يَنْزِلُ هُوَ مِنَ الصَّالِحِيَّةِ إِلَى دِمَشْقَ إِلَّا قَلِيلًا, وَكَانَ مِنْ جَهَابِذَةِ اَلْعِلْمِ, وَمِنْ تَلَامِذَتِهِ اِبْنُ اَلْحَائِكِ اَلْمُفْتِي, وَالْكَامِدِيُّ, وَأَبُو اَلْمَوَاهِبِ اَلْحَنْبَلِيُّ, وَالشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ التَّغْلِبِيُّ الدُّومِيُّ, وَالْعَلَّامَة حَمْزَةُ الدُّومِيُّ, وَالْعَلَّامَة اَلْقَاضِي أَحْمَدُ الدُّومِيُّ (الدُّومِيُّ نِسْبَةً إِلَى دُومَا عَلَى اَلْقِيَاسِ, والدُّومَانِيِّ عَلَى غَيْرِ اَلْقِيَاسِ ), وَأَبُو اَلْفَلَاحِ عَبْدُ اَلْحَيِّ بْنُ اَلْعِمَادِ, ثُمَّ ذَكَرَ جَمَاعَةً مِنْ تَلَامِذَتِهِ يُطُولُ بِنَا سَرْدَهُمْ .(1/84)
وَتَرْجَمَهُ أَمِينٌ أَفَنْدِي اَلْمُحِبِّيُّ فِي تَارِيخِهِ "خُلَاصَةِ اَلْأَثَرِ" (144) فَقَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ بَدْرِ اَلدِّينِ بْنِ بَلْبَان اَلْبَعْلِيُّ اَلْأَصْلِ, اَلدِّمَشْقِيُّ اَلصَّالِحِيُّ اَلْفَقِيهُ اَلْمُحَدِّثُ اَلْمُعَمِّرُ, أَحَدُ اَلْأَئِمَّةِ اَلزُّهَّادِ, وَمِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ اَلشِّهَابِ اِبْنِ أَبِي اَلْوَفَاءِ اَلْوَفَائِيِّ فِي اَلْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ, ثُمَّ زَادَ عَلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ اَلْمَذَاهِبِ اَلْأَرْبَعَةِ, وَكَانَ يُقْرِئُ فِيهَا, وَأَفْتَى مُدَّةَ عُمْرِهِ, وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةُ اَلْعِلْمِ بِالصَّالِحِيَّةِ, وَكَانَ عَالِمًا وَرِعًا قَطَعَ أَوْقَاتَهُ بِالْعِبَادَةِ وَالْعِلْمِ, وَالْكِتَابَةِ وَالدَّرْسِ وَالطَّلَبِ, حَتَّى مَكَّنَ اَللَّهُ مَنْزِلَتَهُ مِنَ اَلْقُلُوبِ, وَأَحَبَّهُ اَلْخَاصُّ وَالْعَامُّ, وَكَانَ دَيِّنًا صَالِحًا, حَسَنَ اَلْخُلُقِ وَالصُّحْبَةِ, مُتَوَاضِعًا, حُلْوَ اَلْعِبَارَةِ, كَثِيرَ اَلتَّحَرِّي فِي أَمْرِ اَلدِّينِ وَالدُّنْيَا, مُنْقَطِعًا إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى, وَكَانَ كَثِيرًا مَا يُورِدُ كَلَامَ اَلْحَافِظِ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ اَلزَّيْدِيِّ وَهُوَ قَوْلُهُ : "اِجْعَلُوا اَلنَّوَافِلَ كَالْفَرَائِضِ, وَالْمَعَاصِي كَالْكُفْرِ, وَالشَّهَوَاتِ كَالسُّمِّ, وَمُخَالَطَةَ اَلنَّاسِ كَالنَّارِ, وَالْغِذَاءَ كَالدَّوَاءِ" .(1/85)
وَكَانَ فِي أَحْوَالِهِ مُسْتَقِيمًا عَلَى أُسْلُوبٍ وَاحِدٍ مُنْذُ عُرِفَ, فَكَانَ يَأْتِي مِنْ بَيْتِهِ إِلَى اَلْمَدْرَسَةِ اَلْعُمَرِيَّةِ بِالصَّالِحِيَّةِ فِي الصَّبَاحِ, فَيَجْلِسُ فِيهَا وَأَوْقَاتُهُ مُنْقَسِمَةٌ أَقْسَامًا: صَلَاةٌ, وَقِرَاءَةُ قُرْآنٍ, وَكِتَابَةٌ وَإِقْرَاءٌ, وَانْتَفَعَ بِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ, وَأَخَذَ عَنْهُ اَلْحَدِيثَ جَمْعٌ مِنْ أَعْيَانِ اَلْعُلَمَاءِ, وَاتَّفَقَ أَهْلُ عَصْرِهِ عَلَى تَقْدِيمِهِ وَتَفْضِيلِهِ.
وَلَهُ كِتَابُ "كَافِي اَلْمُبْتَدِي" فِي اَلْفِقْهِ, وَاخْتَصَرَهُ فِي كِتَابٍ لَطِيفٍ سَمَّاهُ أَخْصَرَ اَلْمُخْتَصَرَاتِ.
وَلَهُ كِتَابُ "مُخْتَصَرُ اَلْإِفَادَاتِ فِي رُبْعِ اَلْعِبَادَاتِ مَعَ اَلْآدَابِ وَزِيَادَاتٍ" .
وَرِسَالَةٌ فِي اَلْعَقِيدَةِ اَلسَّلَفِيَّةِ اِخْتَصَرَهَا مِنْ كِتَابِ "نِهَايَةِ اَلْمُبْتَدِئِينَ" لِابْنِ حِمْدَانَ اَلْحَنْبَلِيِّ (145) .
وَكَانَ لَهُ مَحَاسِنُ وَلِطَائِفُ مَعَ اَلْعُلَمَاءِ, وَوَلِيَ خَطَابَةَ اَلْجَامِعِ اَلْمُظَفَّرِيِّ اَلْمُسَمَّى بِجَامِعِ اَلْحَنَابِلَةِ فِي الصَّالِحِيَّةِ, وَكَانَ اَلنَّاسُ يَقْصِدُونَ اَلْجَامِعَ اَلْمَذْكُورَ لِلصَّلَاةِ وَالتَّبَرُّكِ بِهِ (146) .
قَالَ اَلْمُحِبِّيُّ : وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ كَانَ بَقِيَّةَ اَلسَّلَفِ وَبَرَكَةَ اَلْخَلَفِ, وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَأَلْفٍ, وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيونَ. هَذِهِ خُلَاصَةُ مَا قَالَهُ اَلْمُحِبِّيُّ.(1/86)
وَذَكَرَهُ اَلشَّيْخُ يَحْيَى اَلْمُصَالِحِيُّ فِي "مَنَاقِبِ اَلْعُلَمَاءِ اَلْعَامِلِينَ" فَقَالَ : هُوَ شَيْخُ اَلْإِسْلَامِ زُهْدًا وَعِبَادَةً وَعِلْمًا, كَانَ أَحَدُ اَلْأَئِمَّةِ اَلْعُلَمَاءِ اَلْمُنْقَطِعِينَ إِلَى اَللَّهِ لِلْعِبَادَةِ, وَإِقْرَاءِ اَلْعُلُومِ اَلنَّافِعَةِ, وَكَانَ إِذَا رَآهُ أَحَدٌ عَرَفَ -بِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِهِ- وِلَايَتَهُ; لِإِحَاطَةِ اَلنُّورِ بِهِ, كَثِيرَ اَلتَّحَرِّي فِي أُمُورِ اَلدِّينِ وَالدُّنْيَا. اهـ (147) .
اَلْمُقَدِّمَةُ اَلثَّالِثَةُ فِي اِصْطِلَاحٍ خَاصٍّ
إِنَّنِي سَلَكْتُ فِي هَذِهِ التَّعْلِيقَةِ اِصْطِلَاحًا خَاصًّا, فَحَيْثُ قُلْتُ : " قَالَ اَلشَّيْخُ" أَوْ عِنْدَ "اَلشَّيْخِ", فَمُرَادِي بِهِ اَلْإِمَامُ بَحْرُ اَلْعُلُومِ اَلنَّقْلِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ تَقِيٌّ اَلدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ تَيْمِيَّةَ. وَحَيْثُ ذَكَرْتُ "اَلْعُمْدَةَ " فَمُرَادِي بِهَا كِتَابُ "اَلْعُمْدَةِ " لِلْإِمَامِ مُوَفَّقِ اَلدِّينِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ قُدَامَةَ اَلْمَقْدِسِيِّ. وَحَيْثُ قُلْتُ :" قَالَ اَلشَّارِحُ" فَإِنِّي أَقْصِدُ بِهِ اَلشَّيْخَ عَبْدَ اَلرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ اَلدِّمَشْقِيَّ صَاحِبَ كِتَابِ "كَشْفِ اَلْمُخَدِّرَاتِ شَرْحِ أَخْصَرَ اَلْمُخْتَصَرَاتِ " .
وَاعْلَمْ أَنَّنِي ذَكَرْتُ فِي هَذِهِ اَلْعُجَالَةِ مِنَ اَلْمَسَائِلِ اَلَّتِي اِنْفَرَدَ بِهَا اَلْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ غَيْرِهِ, وَمَا كَانَ مِنَ اَلْمَسَائِلِ اَلَّتِي اِسْتَنْبَطْتُ لَهَا حُكْمًا أَوْ كَانَتْ حَادِثَةً, فَإِنِّي أُصَدِّرُهَا بِقَوْلِي :"أَقُولُ" وَهَذِهِ طَلَائِعُ مَا أَرَدْنَا بَيَانَهُ, وَبِاَللَّهِ اَلتَّوْفِيقُ وَهُوَ اَلْمُعِينُ .
خُطْبَةُ اَلْمُؤَلِّفِ
بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ(1/87)
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلْمُفَقِّهِ (148) مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ فِي اَلدِّينِ, وَالصَّلَاةُ (149) وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا (150) مُحَمَّدٍ اَلْأَمِينِ (151) اَلْمُؤَيَّدِ (152) بِكِتَابِهِ اَلْمُبِينِ ,اَلْمُتَمَسِّكِ بِحَبْلِهِ اَلْمَتِينِ (153) وَعَلَى أَهْلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
وَبَعْدُ:
فَقَدْ سَنَحَ بِخَلَدِي (154) أَنْ أَخْتَصِرَ كِتَابِي اَلْمُسَمَّى بِـ "كَافِي اَلْمُبْتَدِي" (155) اَلْكَائِنَ فِي فِقْهِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ اَلصَّابِرِ (156) لِحُكْمِ اَلْمَلِكِ اَلْمُبْدِي ; (157) لِيَقْرُبَ تَنَاوُلُهُ عَلَى اَلْمُبْتَدِئِينَ, وَيَسْهُلَ حِفْظُهُ عَلَى اَلرَّاغِبِينَ, وَيَقِلَّ حَجْمُهُ (158) عَلَى اَلطَّالِبِينَ ,وَسَمَّيْتُهُ "أَخْصَرَ اَلْمُخْتَصَرَاتِ" ; لِأَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى أَخْصَرَ مِنْهُ جَامِعٍ لِمَسَائِلِهِ فِي فِقْهِنَا مِنَ اَلْمُؤَلَّفَاتِ, وَاَللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَ قَارِئِيهِ وَحَافِظِيهِ وَنَاظِرِيهِ (159) إِنَّهُ جَدِيرٌ (160) بِإِجَابَةِ اَلدَّعَوَاتِ, وَأَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ اَلْكَرِيمِ, مُقَرِّبًا إِلَيْهِ فِي جَنَّاتِ اَلنَّعِيمِ, وَمَا تَوْفِيقِي [وَاعْتِصَامِي] (161) إِلَّا بِاَللَّهِ ,عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ. (162)
كِتَابِ اَلطَّهَارَة ِ (163)
اَلْمِيَاهُ ثَلَاثَةٌ (164) (165)
اَلْأَوَّلُ: طَهُورٌ, وَهُوَ اَلْبَاقِي عَلَى خِلْقَتِه ِ (166) وَمِنْهُ مَكْرُوهٌ كَمُتَغَيِّرٍ بِغَيْرِ مُمَازِج ٍ (167) وَمُحَرَّمٌ لَا يَرْفَعُ اَلْحَدَثَ, وَيُزِيلُ اَلْخَبَثَ, وَهُوَ اَلْمَغْصُوب ُ (168) وَغَيْرُ بِئْرِ النَّاقَةِ مِنْ ثَمُود َ (169) .(1/88)
اَلثَّانِي: طَاهِرٌ لَا يَرْفَعُ اَلْحَدَثَ, وَلَا يُزِيلُ اَلْخَبَثَ, وَهُوَ اَلْمُتَغَيِّرُ بِمُمَازِجٍ طَاهِر ٍ (170) وَمِنْهُ يَسِيرٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي رَفْعِ حَدَث ٍ (171) .
اَلثَّالِثُ: نَجِسٌ يَحْرُمُ اِسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا, وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ بِنَجَاسَةٍ فِي غَيْرِ مَحِلِّ تَطْهِير ٍ (172) أَوْ لَاقَاهَا فِي غَيْرِهِ وَهُوَ يَسِيرٌ, وَالْجَارِي كَالرَّاكِد ِ (173) وَالْكَثِيرُ قُلَّتَانِ, وَهُمَا مِائَةُ رِطْلٍ وَسَبْعَةُ أَرْطَالٍ وَسُبْعُ رِطْلٍ بِالدِّمَشْقِيِّ, وَالْيَسِيرُ مَا دُونَهُمَ ا (174) .
طَهَارَةُ اَلْآنِيَةِ
كُلُّ إِنَاءٍ طَاهِرٍ يُبَاحُ اِتِّخَاذُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَهَبًا, أَوْ فِضَّةً أَوْ مُضَبَّبًا (175) بِأَحَدِهِمَا, لَكِنْ تُبَاحُ ضَبَّةٌ يَسِيرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ لِحَاجَة ٍ (176) وَمَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ آنِيَةِ كُفَّارٍ, وَثِيَابُهُمْ طَاهِرَةٌ, وَلَا يَطْهُرُ جِلْدُ مَيِّتَةٍ بِدِبَاغ ٍ (177) وَكُلُّ أَجْزَائِهَا نَجِسَةٌ إِلَّا شَعْرًا وَنَحْوَه ُ (178) وَالْمُنْفَصِلُ مِنْ حَيٍّ كَمَيْتَتِهِ (179) .
اَلِاسْتِنْجَاءُ وَالِاسْتِجْمَارُ
اَلِاسْتِنْجَاءُ وَاجِبٌ مِنْ كُلِّ خَارِجٍ إِلَّا اَلرِّيحَ وَالطَّاهِرَ وَغَيْرَ اَلْمُلَوَّث ِ (180) وَسُنَّ عِنْدَ دُخُولِ خَلَاءٍ قَوْلُ : ( بِسْمِ اَللَّهِ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ اَلْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ (181) (182) وَبَعْدَ خُرُوج ٍ (183) مِنْهُ : ( غُفْرَانَكَ ( ( اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي اَلْأَذَى وَعَافَانِي (184) (185) .(1/89)
وَتَغْطِيَةُ رَأْسٍ وَانْتِعَالٌ, وَتَقْدِيمُ رِجْلِهِ اَلْيُسْرَى دُخُولًا, وَاعْتِمَادُهُ عَلَيْهَا جُلُوسًا, وَالْيُمْنَى خُرُوجًا, عَكْسُ مَسْجِدٍ وَنَعْلٍ وَنَحْوِهِمَا, وَبُعْد ٌ (186) فِي فَضَاءٍ, وَطَلَبُ مَكَانٍ رَخْو ٍ (187) لِبَوْلٍ, وَمَسْحُ اَلذِّكْرِ بِالْيَدِ اَلْيُسْرَى إِذَا اِنْقَطَعَ اَلْبَوْلُ مِنْ أَصْلِهِ إِلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا, وَنَتْرُهُ ثَلَاثًا .
وَكُرِهَ دُخُولُ خَلَاءٍ بِمَا فِيهِ ذَكَرُ اَللَّهِ -تَعَالَى - وَكَلَامٌ فِيهِ بِلَا حَاجَةٍ, وَرَفْعُ ثَوْبٍ قَبْلَ دُنُوٍّ مِنَ اَلْأَرْضِ, وَبَوْلٌ فِي شَقّ ٍ (188) وَنَحْوِهِ, وَمَسُّ فَرْجٍ بِيَمِينٍ بِلَا حَاجَةٍ, وَاسْتِقْبَالُ اَلنَّيِّرَيْن ِ (189) وَحَرُمَ اِسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ وَاسْتِدْبَارُهَا فِي غَيْرِ بُنْيَانٍ, وَلُبْثٌ فَوْقَ اَلْحَاجَةِ, وَبَوْلٌ فِي طَرِيقٍ مَسْلُوكٍ وَنَحْوِه ِ (190) وَتَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ ثَمَرًا مَقْصُودًا.
وَسُنَّ اِسْتِجْمَارٌ ثُمَّ اِسْتِنْجَاءٌ بِمَاءٍ, وَيَجُوزُ اَلِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا, لَكِنَّ اَلْمَاءَ أَفْضَلُ حِينَئِذٍ, وَلَا يَصِحُّ اِسْتِجْمَارٌ إِلَّا بِطَاهِرٍ مُبَاحٍ يَابِسٍ مُنَقّ ٍ (191) وَحَرُمَ بِرَوْث ٍ (192) وَعَظْمٍ وَطَعَامٍ وَذِي حُرْمَة ٍ (193) وَمُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ, وَشُرِطَ لَهُ عَدَمُ تَعَدِّي خَارِجٍ مَوْضِعَ اَلْعَادَة ِ (194) وَثَلَاثُ مَسَحَاتٍ مُنَقِّيَةٍ فَأَكْثَر ُ (195) .
اَلسِّوَاكُ وَتَوَابِعُهُ
يَسُنُّ اَلسِّوَاكُ بِالْعُودِ (196) (197) كُلَّ وَقْتٍ, إِلَّا لِصَائِمٍ بَعْدَ اَلزَّوَالِ فَيُكْرَه ُ (198) . وَيَتَأَكَّدُ عِنْدَ صَلَاةٍ وَنَحْوِهَا وَتَغَيُّر ِ (199) فَمٍ وَنَحْوِهِ .(1/90)
وَسُنَّ بُدَاءَةٌ بِالْأَيْمَنِ فِيهِ, وَفِي طُهْرٍ وَشَأْنِهِ كُلِّهِ, وَادِّهَانٌ غِبًّا, وَاكْتِحَالٌ فِي كُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثًا, وَنَظَرٌ فِي مِرْآةٍ, وَتَطَيُّبٌ, وَاِسْتِحْدَاد ٌ (200) وَحَفُّ شَارِب ٍ (201) وَتَقْلِيمُ ظُفُرٍ, وَنَتْفُ إِبِط ٍ (202) وَكُرِهَ قَزَع ٌ (203) وَنَتْفُ شَيْبٍ, وَثَقْبُ أُذُنِ صَبِيٍّ, وَيَجِبُ خِتَانُ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (204) "بُعَيْدَ بُلُوغٍ مَعَ أَمِنِ اَلضَّرَرِ, وَيُسَنُّ قَبْلَهُ, وَيُكْرَهُ سَابِعَ وِلَادَتِهِ وَمِنْهَا إِلَيْهِ".
فُرُوضُ اَلْوُضُوءِ وَسُنَنُهُ
فُرُوضُ اَلْوُضُوءِ سِتَّةٌ
غَسْلُ اَلْوَجْهِ مَعَ مَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ، وَغَسْلُ اَلْيَدَيْنِ, وَالرِّجْلَيْنِ وَمَسْحُ جَمِيعِ اَلرَّأْسِ مَعَ اَلْأُذُنَيْنِ, وَتَرْتِيبٌ وَمُوَالَاةٌ.
وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِكُلِّ طَهَارَة ٍ (205) شَرْعِيَّةٍ غَيْرَ إِزَالَةِ خَبَثٍ، وَغُسْلِ كِتَابِيَّة ٍ (206) لِحِلِّ وَطْء ٍ (207) وَمُسْلِمَةٍ مُمْتَنِعَةٍ.
وَالتَّسْمِيَةُ وَاجِبَةٌ فِي وُضُوءٍ وَغُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ وَغَسْلِ يَدَيْ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٍ لِوُضُوء ٍ (208) وَتَسْقُطُ سَهْوًا وَجَهْلاً .
وَمِنْ سُنَنِهِ اِسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ, وَسِوَاكٌ, وَبُدَاءَةٌ بِغَسْلِ يَدِي غَيْرِ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ, وَيَجِبُ لَهُ ثَلَاثًا تَعَبُّدًا, وَبِمَضْمَضَةٍ فَاسْتِنْشَاقٍ وَمُبَالَغَةٌ فِيهِمَا لِغَيْرِ صَائِمٍ, وَتَخْلِيلُ شَعْرٍ كَثِيف ٍ (209) وَالْأَصَابِعِ [وغسْلَةٌ ] (210) ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ, وَكُرِهَ أَكْثَرُ.
وَسُنَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ رَفْعُ بَصَرِهِ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَقَوْلُ مَا وَرَد َ (211) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
اَلْمَسْحُ عَلَى اَلْخُفَّيْنِ وَالْجَبِيرَةِ وَالْعَمَائِمِ(1/91)
يَجُوزُ اَلْمَسْحُ عَلَى خُفٍّ وَنَحْوِه ِ (212) وَعِمَامَةِ ذَكَرٍ مُحَنَّكَةٍ أَوْ ذَاتِ ذُؤَابَةٍ, وَخُمُرِ نِسَاءٍ مُدَارَةٍ تَحْتَ حُلُوقِهِنّ َ (213) وَعَلَى جَبِيرَةٍ (214) لَمْ تُجَاوِزْ قَدْرَ اَلْحَاجَةِ إِلَى حَلِّهَا, وَإِنْ جَاوَزَتْهُ أَوْ وَضَعَهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ لَزِمَ نَزْعُهَا, فَإِنْ خَافَ اَلضَّرَرَ تَيَمَّمَ, مَعَ مَسْحِ مَوْضُوعَةٍ عَلَى طَهَارَةٍ. وَيَمْسَحُ مُقِيمٌ وَعَاصٍ بِسَفَرِهِ مِنْ حَدَثٍ بَعْدَ لُبْسٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَمُسَافِرٌ سَفَرَ قَصْرٍ ثَلَاثَةً بِلَيَالِيهَ ا (215) .
فَإِنْ مَسَحَ فِي سَفَرٍ ثُمَّ أَقَامَ أَوْ عَكَس َ (216) فَكَمُقِيمٍ, وَشُرِطَ تَقَدُّمُ كَمَالِ طَهَارَة ٍ (217) وَسَتْرُ مَمْسُوحٍ مَحَلَّ فَرْضٍ وَثُبُوتُهُ بِنَفْسِهِ, وَإِمْكَانُ مَشْيٍ بِهِ عُرْفًا وَطَهَارَتُهُ وَإِبَاحَتُهُ.
وَيَجِبُ مَسْحُ أَكْثَرِ دَوَائِرِ عِمَامَةٍ, وَأَكْثَرِ ظَاهِرِ قَدَمِ خُفٍّ, وَجَمِيعُ جَبِيرَةٍ، وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ مَحَلِّ فَرْضٍ أو تمَّتْ اَلْمُدَّةُ اسْتَأْنَفَ اَلطَّهَارَةَ .
نَوَاقِضُ اَلْوُضُوءِ
نَوَاقِضُ اَلْوُضُوءِ ثَمَانِيَةٌ:
خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ مُطْلَقً ا (218) وَخَارِجٌ مِنْ بَقِيَّةِ اَلْبَدَنِ مِنْ بَوْلٍ وَغَائِطٍ وَكَثِيرِ نَجَسِ غَيْرِهمَ (219) وَزَوَالُ عَقْلٍ إِلَّا يَسِيرَ نَوْمٍ مِنْ قَائِمٍ أَوْ قَاعِد ٍ (220) وَغُسْلُ مَيِّت ٍ (221) وَأَكْلُ لَحْمِ إِبِلٍ, وَالرِّدَّةُ, وَكُلُّ مَا أَوْجَبَ غُسْلاً غَيْرَ مَوْتٍ, وَمَسُّ فَرْجِ آدَمِيٍّ مُتَّصِل ٍ (222) أَوْ حَلْقَةِ دُبُرِهِ بِيَدٍ، وَلَمْسُ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى اَلْآخَرَ لِشَهْوَة ٍ (223) بِلَا حَائِلٍ فِيهِمَا, لَا لِشَعْرٍ وَسِنٍّ وَظُفْرٍ وَلَا بِهَا وَلَا مَنْ دُونَ سَبْعٍ.(1/92)
وَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ مَلْمُوسٍ مُطْلَقًا, وَمَنْ شَكَّ فِي طَهَارَةٍ أَوْ حَدَثٍ بَنَى عَلَى يَقِينِهِ.
وَحَرُمَ عَلَى مُحْدِثٍ مَسُّ مُصْحَفٍ وَصَلَاةٌ وَطَوَافٌ, وَعَلَى جُنُبٍ وَنَحْوِه ِ (224) ذَلِكَ, وَقِرَاءَةُ آيَةِ قُرْآنٍ, وَلُبْث ٌ (225) فِي مَسْجِدٍ بِغَيْرِ وُضُوءٍ.
مُوجِبَاتُ اَلْغُسْلِ وَتَوَابِعُهُ
مُوجِبَاتُ اَلْغُسْلِ سَبْعَةٌ:
خُرُوجُ اَلْمَنِيِّ مِنْ مَخْرَجِهِ بِلَذَّةٍ وَانْتِقَالُه ُ (226) وَتَغْيِيبُ حَشَفَة ٍ (227) فِي فَرْجٍ أَوْ دُبُرٍ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ أَوْ مَيِّتٍ بِلَا حَائِلٍ, وَإِسْلَامُ كَافِرٍ, وَمَوْتٌ, وَحَيْضٌ, وَنِفَاسٌ .
وَسُنَّ لِجُمُعَةٍ, وَعِيدٍ, وَكُسُوفٍ, وَاسْتِسْقَاء ٍ (228) وَجُنُونٍ, وَإِغْمَاءٍ لَا اِحْتِلَامَ فِيهِمَا, وَاسْتِحَاضَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ, وَإِحْرَامٍ, وَدُخُولِ مَكَّةَ, وَحَرَمِهَا, وَوُقُوفٍ بِعَرَفَةَ, وَطَوَافِ زِيَارَةٍ, وَوَدَاعٍ, وَمَبِيتٍ بِمُزْدَلِفَةَ, ورَمْيِ جمارٍ
وَتَنْقُضُ اَلْمَرْأَةُ شَعْرَهَا لِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ, لَا جَنَابَةٍ إِذَا رَوَتْ أُصُولَهُ .
وَسُنَّ تَوَضُّؤٌ بِمُدٍّ, وَاغْتِسَالٌ بِصَاع ٍ (229) وَكُرِهَ إِسْرَاف ٌ (230) وَإنْ نَوَى بالغُسْلِ رَفْعَ اَلْحَدَثَيْنِ أَوْ اَلْحَدَثِ ِوَأَطْلَقَ اِرْتَفَعَا.
وَسُنَّ لِجُنُبٍ غَسْلُ فَرْجِهِ, وَالْوُضُوءُ لَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ, وَمُعَاوَدَةِ وَطْءٍ، وَالْغُسْلُ لَهَا أَفْضَلُ, وَكُرِهَ نَومُ جُنُبٍ بِلَا وُضُوءٍ .
اَلتَّيَمُّمُ وَتَوَابِعُهُ(1/93)
يَصِحُّ اَلتَّيَمُّمُ بِتُرَابٍ طَهُور ٍ (231) مُبَاحٍ لَهُ غُبَارٌ إِذَا عُدِمَ اَلْمَاءُ لِحَبْس ٍ (232) أَوْ غَيْرِهِ, أَوْ خِيفَ بِاسْتِعْمَالِهِ, أَوْ طَلَبِهِ ضَرَرٌ بِبَدَنٍ أَوْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِمَا, وَيُفْعَلُ عَنْ كُلِّ مَا يُفْعَلُ بِالْمَاء ِ (233) سِوَى نَجَاسَةٍ عَلَى غَيْرِ بَدَنٍ إِذَ ا (234) دَخَلَ وَقْتُ فَرْضٍ َوَأُبِيحُ غَيْرُهُ.
وَإِنْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِي طَهَارَتَهُ اِسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ.
وَيَتَيَمَّمُ لِلْجُرْحِ عِنْدَ غَسْلِهِ, إِنْ لَمْ يُمْكِنُ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ وَيَغْسِلُ اَلصَّحِيحَ.
وَطَلَبُ اَلْمَاءِ شَرْطٌ (235) فَإِنْ نَسِيَ قُدْرَتَهُ عَلَيْه ِ (236) وَتَيَمَّمَ أَعَادَ .
وَفُرُوضُهُ: مَسْحُ وَجْهِهِ, وَيَدَيْهِ إِلَيَّ كُوعَيهِ, وَفِي أَصْغَرَ تَرْتِيبٌ وَمُوَالَاةٌ أَيْضًا .
وَنِيَّةُ اَلِاسْتِبَاحَةِ شَرْط ٌ (237) لِمَا يَتَيَمَّمُ لَهُ, وَلَا يُصَلِّي بِهِ فَرْضًا, إِنْ نَوَى نَفْلاً أَوْ أَطْلَقَ. وَيَبْطُلُ بِخُرُوجِ اَلْوَقْتِ, وَمُبْطِلَاتِ اَلْوُضُوءِ, وَبِوُجُودِ مَاءٍ إِنْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِهِ. وَسُنَّ لِرَاجِيهِ تَأْخِيرٌ لِآخِرِ وَقْتِ مُخْتَارٍ.
وَمَنْ عَدِمَ اَلْمَاءَ وَالتُّرَابَ أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ اِسْتِعْمَالُهُمَا صَلَّى اَلْفَرْضَ فَقَط ْ (238) عَلَى حَسَبِ حَالِهِ, وَلَا إِعَادَةَ, وَيَقْتَصِرُ عَلَى مُجْزِئٍ, وَلَا يَقْرَأُ فِي غَيْرِ اَلصَّلَاةِ إِنْ كَانَ جُنُبًا.
طَهَارَةُ اَلْأَرْضِ وَالثِّيَابِ(1/94)
تَطْهُرُ أَرْضٌ وَنَحْوُهَ ا (239) بِإِزَالَةِ عَيْنِ اَلنَّجَاسَةِ وَأَثَرِهَا بِالْمَاءِ, وَبَوْلُ غُلَامٍ لَمْ يَأْكُلْ طَعَامًا بِشَهْوَةٍ, وَقَيْئُهُ يَغْمُرُهُ بِهِ, وَغَيْرُهُمَ ا (240) بِسَبْعِ غَسَلَاتٍ, أَحَدُهَا بِتُرَابٍ وَنَحْوِه ِ (241) فِي نَجَاسَةِ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ فَقَطْ مَعَ زَوَالِهَا, وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ هُمَا عَجْزً ا (242) وَتَطْهُرُ خمْرَةٌ اِنْقَلَبْتْ بِنَفْسِهَا خَلًّا, وَكَذَا دَنُّهَا (243) لَا دُهْنٌ وَمُتَشَرِّبٌ نَجَاسَة ً (244) .
وَعُفِيَ فِي غَيْرِ مَائِعٍ وَمَطْعُومٍ عَنْ يَسِيرِ دَمٍ نَجِسٍ وَنَحْوِه ِ (245) مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ لَا دَمَ سَبِيلٍ إِلَّا مِنْ حَيْضٍ, وَمَا لَا نَفْسَ لَه ُ (246) سَائِلَةٌ, وَقَمْلٌ وَبَرَاغِيثُ وَبَعُوضٌ وَنَحْوُهَا طَاهِرَةٌ مُطْلَقً ا (247) وَمَائِعٌ مُسْكِرٌ, وَمَا لَا يُؤْكَلُ مِنْ طَيْرٍ وَبَهَائِمَ مِمَّا فَوْقَ اَلْهِرِّ خِلْقَةً, وَلَبَنٌ وَمَنِيٌّ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ وَبَوْلٌ وَرَوْثٌٍ, وَنَحْوُهَا مِنْ غَيْرِ مَأْكُولِ اَللَّحْمِ نَجِسَةٌ, وَمِنْهُ طَاهِرَة ٌ (248) كَمِمَّا لَا دَمَ لَهُ سَائِلٌ . وَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِ طِينِ شَارِعٍ عُرْفًا إِنْ عُلِمَتْ نَجَاسَتُهُ وَإِلَّا فَطَاهِرٌ .
فَصْلٌ فِي اَلْحَيْضِ
لَا حَيضَ مَعَ حَمْلٍ, وَلَا بَعْدَ خَمْسِينَ سَنَة ً (249) وَلَا قَبْلَ تَمَامِ تِسْعِ سِنِينَ.
وَأَقَلُّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَغَالِبُهُ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ, وَأَقَلُّ طَهُرٍ بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ, وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ, وَحَرُمَ عَلَيْهِمَا فِعْلُ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ, وَيَلْزَمُهَا قَضَاؤُه ُ (250) وَيَجِبُ بِوَطْئِهَا فِي اَلْفَرْجِ دِينَارٌ أَوْ نِصْفُه ُ (251) كَفَّارَةً, وَتُبَاحُ اَلْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَهُ .(1/95)
وَالْمُبْتَدَأَة ُ (252) تَجْلِسُ أَقَلَّهُ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي, فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ دَمُهَا أَكْثَرَهُ اِغْتَسَلَتْ أَيْضًا إِذَا اِنْقَطَعَ, فَإِنْ تَكَرَّرَ ثَلَاثًا فَهُوَ حَيْضٌ تَقْضِي مَا وَجَبَ فِيهِ, وَإِنْ أَيِسَتْ قَبْلَهُ, أَوْ لَمْ يَعُدْ فَلَا, وَإِنْ جَاوَزَهُ فَمُسْتَحَاضَةٌ تَجْلِسُ اَلْمُتَمَيِّزَ إِنْ كَانَ, وَصَلُحَ فِي اَلشَّهْرِ اَلثَّانِي, وَإِلَّا أَقَلَّ اَلْحَيْضِ حَتَّى تَتَكَرَّرَ اِسْتِحَاضتُهَا ثُمَّ غَالِبَه
وَمُسْتَحَاضَةٌ مُعْتَادَةٌ تُقَدِّمُ عَادَتَهَا, وَيَلْزَمُهَا وَنَحْوَهَا غَسْلُ اَلْمَحَلِّ وَعَصْبُهُ وَالْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِنْ خَرَجَ شَيْءٌ, وَنِيَّةُ اَلِاسْتِبَاحَةِ, وَحَرُمَ وَطْؤُهَا إِلَّا مَعَ خَوْفِ اَلزِّنَا .
وَأَكْثَرُ مُدَّةِ اَلنِّفَاسِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا, وَالنَّقَاءُ زَمَنُهُ طُهْر ٌ (253) يُكْرَهُ اَلْوَطْءُ فِيهِ, وَهُوَ كَحَيْضٍ فِي أَحْكَامِهِ غَيْرَ عِدَّةٍ وَبُلُوغ ٍ (254) .
كِتَابُ اَلصَّلَاةِ
تَجِبُ اَلْخَمْسُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّف ٍ (255) إِلَّا حَائِضًا وَنُفَسَاءَ, وَلَا تَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا صَغِيرٍ غَيْرِ مُمَيَّز ٍ (256) وَعَلَى وَلِيِّهِ أَمْرُهُ بِهَا لِسَبْعٍ, وَضَرْبُهُ عَلَى تَرْكِهَا لِعَشْرٍ, وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا إِلَى وَقْتِ اَلضَّرُورَةِ إِلَّا مِمَّنْ لَهُ اَلْجَمْعُ بِنِيَّتِهِ, وَمُشْتَغِلٌ بِشَرْطٍ لَهَ ا (257) يَحْصُلُ قَرِيبًا, وَجَاحِدُهَا كَافِر ٌ (258) .
اَلْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ
اَلْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ فَرْضَا كِفَايَةٍ عَلَى اَلرِّجَالِ اَلْأَحْرَارِ اَلْمُقِيمِينَ لِلْخَمْس ِ (259) اَلْمُؤَدَّاةِ وَالْجُمْعَةِ.(1/96)
و لَا يَصِحُّ إِلَّا مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا مَنْوِيَّا مِنْ ذَكَرٍ مُمَيَّزٍ عَدْل ٍ (260) وَلَوْ ظَاهِرًا وَبَعْدَ اَلْوَقْتِ لِغَيْرِ فَجْر ٍ (261) وَسُنَّ كَوْنُهُ صَيِّتًا أَمِينًا عَالِمًا بِالْوَقْت ِ (262)
وَمَنْ جَمَعَ أَوْ قَضَى فَوَائِتَ أَذَّنَ لِلْأُولَى, وَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةِ .
وَسُنَّ لِمُؤَذِّنٍ وَسَامِعِهِ مُتَابَعَةُ قَوْلِه ِ (263) سِرًّا إِلَّا فِي اَلْحَيْعَلَةِ, فَيَقُولُ: اَلْحَوْقَلَة َ (264) وَفِي اَلتَّثْوِيب ِ (265) صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ, وَالصَّلَاةُ عَلَى اَلنَّبِيِّ -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ- بَعْدَ فَرَاغِهِ, وَقَوْلُ مَا وَرَد َ (266) وَالدُّعَاءُ.
(وَحَرُمَ خُرُوجٌ مِنْ مَسْجِدٍ بَعْدَهُ بِلَا عُذْر ٍ (267) أَوْ نِيَّةِ رُجُوعٍ ) (268) .
شُرُوطُ صِحَّةِ اَلصَّلَاةِ وَالْمَبَاحِثُ اَلْمُتَعَلِّقَةُ بِهَا
شُرُوطُ صِحَّةِ اَلصَّلَاةِ سِتَّةٌ:
طَهَارَةُ اَلْحَدَثِ وَتَقَدَّمْتْ, وَدُخُولُ اَلْوَقْتِ, فَوَقْتُ اَلظُّهْرِ مِنَ اَلزَّوَالِ حَتَّى يَتَسَاوَىَ مُنْتَصِبٌ وَفَيْؤُهُ سِوَى ظِلِّ اَلزَّوَال ِ (269) .
وَيَلِيه اَلْمُخْتَارُ لِلْعَصْرِ حَتَّى يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ, سِوَى ظِلِّ اَلزَّوَالِ, وَالضَّرُورَةُ إِلَى اَلْغُرُوبِ, وَيَلِيه اَلْمَغْرِبُ حَتَّى يَغِيبَ اَلشَّفَقُ اَلْأَحْمَرُ, وَيَلِيَهُ اَلْمُخْتَارُ لِلْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اَللَّيْلِ اَلْأَوَّلِ, وَالضَّرُورَةُ إِلَى طُلُوعِ فَجْرٍ ثَانٍ, وَيَلِيه اَلْفَجْرُ إِلَى اَلشُّرُوقِ.
وَتُدْرَكُ مَكْتُوبَةٌ بِإِحْرَامٍ فِي وَقْتِهَا, لَكِنْ يَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا إِلَى وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا, وَلَا يُصَلِّي حَتَّى يَتَيَقَّنَه ُ (270) أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ إِنْ عَجَزَ عَنِ اَلْيَقِينِ, وَيُعِيدُ إِنْ أَخْطَأَ.(1/97)
وَمَنْ صَارَ أَهْلاً لِوُجُوبِهَ ا (271) قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا بِتَكْبِيرَةٍ لَزِمَتْهُ, وَمَا يُجْمَعُ إِلَيْهَا قَبْلَهَا. وَيَجِبُ فَوْرًا قَضَاءُ فَوَائِتَ مُرَتَّبًا مَا لَمْ يَتَضَرَّرْ أَوْ يَنْس َ (272) أَوْ يَخْشَ فَوْتَ حَاضِرَةٍ أَوْ اِخْتِيَارِهَا.
اَلثَّالِثُ: سَتْرُ اَلْعَوْرَةِ, وَيَجِبُ حَتَّى خَارِجَهَا, وَفِي خَلْوَةٍ, وَفِي ظُلْمَةٍ بِمَا لَا يَصِفُ اَلْبَشَرَةَ.
وَعَوْرَةُ رَجُلٍ وَحُرَّةٍ مُرَاهَقَة ٍ (273) وأَمَةٍ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ, وَابْنِ سَبْعٍ إِلَى عَشْرٍ اَلْفَرْجَانِ, وَكُلُّ اَلْحَرَّةِ عَوْرَةٌ إِلَّا وَجْهَهَ ا (274) فِي اَلصَّلَاةِ.
وَمَنِ اِنْكَشَفَ بَعْضُ عَوْرَتِهِ وَفَحُشَ أَوْ صَلَّى فِي نَجَسٍ أَوْ غَصْبٍ ثَوْبًا أَوْ بُقْعَة ً (275) أَعَادَ, لَا مَنْ حُبِسَ فِي مَحَلٍّ نَجِسٍ (أَوْ غَصْبٍ ) (276) لَا يُمْكِنُهُ اَلْخُرُوجُ مِنْهُ.
اَلرَّابِعُ: اِجْتِنَابُ نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فِي بَدَنٍ وَثَوْب ٍ (277) وَبُقْعَةٍ مَعَ اَلْقُدْرَة ِ (278) .
وَمَنْ جَبَرَ عَظْمَهَ أَوْ خَاطَهُ بِنَجَسٍ وَتَضَرَّر بِقَلْعِهِ لَمْ يَجِبْ, وَيَتَيَمَّمُ إِنْ لَمْ يُغَطِّهِ اَللَّحْمُ.
وَلَا تَصِحُّ بِلَا عُذْرٍ فِي مَقْبَرَةٍ وَخَلَاء ٍ (279) وَحَمَّامٍ وَأَعْطَانِ إِبِل ٍ (280) وَمَجْزَرَة ٍ (281) وَمَزْبَلَةٍ وَقَارِعَةِ طَرِيق ٍ (282) وَلَا فِي أَسْطِحَتِهَا(1/98)
اَلْخَامِسُ: اِسْتِقْبَالُ اَلْقِبْلَةِ, وَلَا تَصِحُّ بِدُونِهِ إِلَّا لِعَاجِز ٍ (283) وَمُتَنَفِّلٍ فِي سَفَرٍ مُبَاحٍ. وَفرْضُ قَرِيبٍ مِنْهَا إِصَابَةُ عَيْنِهَا, وَبَعِيدٍ جِهَتِهَا, وَيُعْمَلُ وُجُوبًا بِخَبَرِ ثِقَةٍ بِيَقِين ٍ (284) وَبِمَحَارِيبِ اَلْمُسْلِمِينَ, وَإِنِ اِشْتَبَهَتْ فِي اَلسَّفَرِ اِجْتَهَدَ عَارِفٌ بِأَدِلَّتِهَا (285) وَقلَّدَ غَيْرَهُ إِنْ صَلَّى بِلَا أَحَدِهِمَا مَعَ (اَلْقُدْرَةِ ) (286) قَضَى مُطْلَقًا . (287)
اَلسَّادِسُ: اَلنِّيَّةُ, فَيَجِبُ تَعْيِينُ مُعَيَّنَة ٍ (288) وَسُنَّ مُقَارَنَتُهَا لِتَكْبِيرَةِ إِحْرَامٍ, وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا بِيَسِيرٍ.
وَشُرِطَ نِيَّةُ إِمَامَةٍ وَائْتِمَامٍ, وَلِمُؤْتَمٍّ اِنْفِرَادٌ لِعُذْرٍ, وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إِمَامِهِ, لَا عَكْسَ إِنْ نَوَى إِمَامٌ اَلِانْفِرَادَ.
بَاب صِفَةِ اَلصَّلَاةِ
يُسَنُّ خُرُوجُهُ إِلَيْهَا مُتَطَهِّرًا بِسَكِينَة ٍ (289) وَوَقَارٍ مَعَ قَوْلِ مَا وَرَد َ (290) .
وَقِيَامُ إِمَامٍ, فَغَيْرُ مُقِيمٍ إِلَيْهَا عِنْدَ قَوْلِ مُقِيمٍ :"قَدْ قَامَتْ اَلصَّلَاةُ", فَيَقُولُ :"اَللَّهُ أَكْبَرُ" وَهُوَ قَائِمٌ فِي فَرْضٍ رَافِعًا يَدَيْهِ إِلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْه ِ (291) ثُمَّ يَقْبِضُ بِيُمْنَاهُ كُوعَ يُسْرَاهُ وَيَجْعَلُهُمَا تَحْتَ سُرَّتِهِ, وَيَنْظُرُ مَسْجِدَهُ فِي كُلِّ صَلَاتِهِ ثُمَّ يَقُولُ : "سُبْحَانَكَ اَللَّهُمّ َ (292) وَبِحَمْدِكَ, وَتَبَارَكَ اِسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ, وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ".
ثُمَّ يَسْتَعِيذ ُ (293) ثُمَّ يُبَسْمِلُ (سِرًّا ) (294) .(1/99)
ثُمَّ يَقْرَأُ اَلْفَاتِحَةَ مُرَتَّبَةً مُتَوَالِيَةً, وَفِيهَا إِحْدَى عَشْرَةَ تشديدةً, وَإِذَا فَرَغَ قَالَ : "آمِينَ " (295) يَجْهَرُ بِهَا إِمَامٌ وَمَأْمُومٌ مَعًا فِي جَهْرِيَّةٍ وَغَيْرُهُمَا (296) فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ.
وَيُسَنُّ جَهْرُ إِمَامٍ بِقِرَاءَةِ صُبْحٍ وَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ, وَأُولَيَيْ مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ, وَيُكْرَهُ لِمَأْمُومٍ, وَيُخَيَّرُ مُنْفَرِدٌ وَنَحْوُهُ. ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَهَا سُورَةً فِي اَلصُّبْحِ مِنْ طِوَالِ اَلْمُفَصَّل ِ (297) وَالْمَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ, وَالْبَاقِي مِنْ أَوْسَاطِهِ.
ثُمَّ يَرْكَعُ مُكَبِّرًا رَافِعًا يَدَيْهِ, ثُمَّ يَضَعُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُفَرَّجَتَيْ اَلْأَصَابِعِ وَيُسَوِّي ظَهْرَهُ, وَيَقُولُ : "سُبْحَانَ رَبِّي اَلْعَظِيمِ" ثَلَاثًا, وَهُوَ أَدْنَى اَلْكَمَالِ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ مَعَه ُ (298) قَائِلاً : "سَمِعَ اَللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ" وَبَعْدَ اِنْتِصَابِهِ: "رَبَّنَا وَلَكَ اَلْحَمْدُ مِلْءَ اَلسَّمَاءِ وَمِلْءَ اَلْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ " (299) وَمَأْمُومٌ : "رَبَّنَا وَلَكَ اَلْحَمْدُ" فَقَطْ . ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَسْجُدُ عَلَى اَلْأَعْضَاءِ اَلسَّبْعَةِ, فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ.(1/100)
وَسُنَّ كَوْنُهُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِه ِ (300) وَمُجَافَاةُ عَضُدَيْه ِ (301) عَنْ جَنْبَيْهِ, وَبَطْنُهُ عَنْ فَخِذَيْهِ, وَتَفْرِقَةُ رُكْبَتَيْهِ وَيَقُولُ: "سُبْحَانَ رَبِّي اَلْأَعْلَى" ثَلَاثًا, وَهِيَ أَدْنَى (اَلْكَمَالِ ) (302) . ثُمَّ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا وَيَجْلِسُ مُفْتَرِشً ا (303) وَيَقُولُ : "رَبِّ اِغْفِرْ لِي" ثَلَاثًا, وَهُوَ أَكْمَلُهُ, وَيَسْجُدُ اَلثَّانِيَةَ كَذَلِكَ, ثُمَّ يَنْهَضُ مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ, فَإِنْ شَقَّ فَبِالْأَرْضِ, فَيَأْتِي بِمِثْلِهَ ا (304) غَيْرَ اَلنِّيَّةِ والتحريمةِ وَالِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ, إِنْ كَانَ تَعَوَّذ َ (305) ثُمَّ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا.
وَسُنَّ وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَبْضُ اَلْخِنْصَرِ وَالْبِنْصَرِ مِنْ يُمْنَاهُ, وَتَحْلِيقُ إِبْهَامِهِمَا مَعَ اَلْوُسْطَى, وَإِشَارَتُهُ بِسَبَّابَتِهَا فِي تَشَهُّدٍ وَدُعَاءٍ عِنْدَ ذِكْرِ اَللَّهِ مُطْلَقً ا (306) وَبَسْطُ اَلْيُسْرَى, ثُمَّ يَتَشَهَّدُ فَيَقُولُ: "اَلتَّحِيَّات ُ (307) لِلَّهِ, وَالصَّلَوَاتُ اَلطَّيِّبَاتُ, اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اَللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ, اَلسَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ, أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ " .(1/101)
ثُمَّ يَنْهَضُ فِي مَغْرِبٍ وَرُبَاعِيَّة ٍ (308) مُكَبِّرًا وَيُصَلِّي اَلْبَاقِي كَذَلِكَ سِرًّا مُقْتَصِرًا عَلَى اَلْفَاتِحَةِ, ثُمَّ يَجْلِسُ مُتَوَرِّكً ا (309) فَيَأْتِي بِالتَّشَهُّدِ اَلْأَوَّلِ, ثُمَّ يَقُولُ: "اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ, وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ", وَسُنَّ أَنْ يَتَعَوَّذَ فَيَقُولَ: "أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ, وَمِنْ عَذَابِ اَلْقَبْرِ, وَمِنْ فِتْنَةِ اَلْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ اَلْمَسِيحِ اَلدَّجَّالِ, اَللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ اَلْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ " (310) وَتَبْطُلُ بِدُعَاءٍ بِأَمْرِ اَلدُّنْيَا (311) ثُمَّ يَقُولُ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ عِنْ يَسَارِهِ: "اَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اَللَّهِ ", مُرَتَّبًا مُعَرَّفًا (312) وُجُوبًا.
وَاِمْرَأَةٌ كَرَجُلٍ, لَكِنْ تَجْمَعُ نَفْسَهَا, وَتُجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً, أَوْ مُسْدِلَةً رِجْلَيْهَا عَنْ يَمِينِهَا وَهُوَ أَفْضَلُ.
وَكُرِهَ فِيهَا اِلْتِفَاتٌ وَنَحْوُهُ بِلَا حَاجَةٍ وَإِقْعَاء ٌ (313) .
وَافْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ سَاجِدًا, وَعَبَث ٌ (314) وَتَخَصُّر ٌ (315) وَفَرْقَعَةُ أَصَابِعَ وَتَشْبِيكُهَا, وَكَوْنُهُ حَاقِنً ا (316) وَنَحْوَهُ, وَتَائِقًا لِطَعَامٍ وَنَحْوِه ِ (317) .
وَإِذَا نَابَه ُ (318) شَيْءٌ سَبَّحَ رَجُلٌ, وَصَفَّقَتْ اِمْرَأَةٌ بِبَطْنِ كَفِّهَا عَلَى ظَهْرِ اَلْأُخْرَى, وَيُزِيلُ بُصَاقًا وَنَحْوَهُ بِثَوْبِهِ, وَيُبَاح ُ (319) فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ عَنْ يَسَارِهِ, وَيُكْرَهُ أَمَامَهُ وَيَمِينَهُ .
أَرْكَانُ اَلصَّلَاةِ(1/102)
وَجُمْلَةُ أَرْكَانِهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ:
اَلْقِيَامُ, والتحريمة ُ (320) وَالْفَاتِحَةُ, وَالرُّكُوعُ, وَالِاعْتِدَالُ عَنْهُ, وَالسُّجُودُ, وَالِاعْتِدَالُ عَنْهُ, وَالْجُلُوسُ بَيْنَ اَلسَّجْدَتَيْنِ, وَالطُّمَأْنِينَة ُ (321) وَالتَّشَهُّدُ اَلْأَخِيرُ, وَجِلْسَتُهُ, وَالصَّلَاةُ عَلَى اَلنَّبِيِّ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ, وَالتَّسْلِيمَتَانِ, وَالتَّرْتِيبُ.
وَوَاجِبَاتُهَا ثَمَانِيَةٌ:
اَلتَّكْبِيرُ غَيْرَ التحريمةِ, وَالتَّسْمِيع ُ (322) وَالتَّحْمِيدُ, وَتَسْبِيحُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ, وَقَوْلُ : "رَبِّ اِغْفِرْ لِي", مَرَّةً مَرَّة ً (323) وَالتَّشَهُّدُ اَلْأَوَّلُ, وَجِلْسَتُهُ, وَمَا عَدَا ذَلِكَ, وَالشُّرُوطُ سُنَّةٌ, فَالرُّكْنُ وَالشَّرْطُ لَا يَسْقُطَانِ سَهْوًا وَجَهْلاً, وَيَسْقُطُ اَلْوَاجِبُ بِهِمَا (324) .
سُجُودُ اَلسَّهْوِ
وَيُشْرَعُ سُجُودُ اَلسَّهْو ِ (325) لِزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ وَشَكٍّ, لَا فِي عَمْدٍ, وَهُوَ وَاجِبٌ لِمَا تَبْطُلُ بِتَعَمُّدِه ِ (326) وَسُنَّةٌ لِإِتْيَانٍ بِقَوْلِ مَشْرُوعٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ سَهْوًا, وَلَا تَبْطُلُ بِتَعَمُّدِهِ, وَمُبَاحٌ لِتَرْكِ سُنَّةٍ.
وَمَحَلُّهُ قَبْلَ اَلسَّلَامِ نَدْبًا إِلَّا إِذَا سَلَّمَ عَنْ نَقْصِ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ فَبَعْدَهُ نَدْبًا. وَإِنْ سَلَّمَ قَبْلَ إِتْمَامِهَا عَمْدًا بَطَلَتْ, وَسَهْوًا فَإِنْ ذَكَرَ قَرِيبًا أَتَمَّهَا وَسَجَدَ.(1/103)
وَإِنْ أَحْدَثَ أَوْ قَهْقَهَ بَطَلَتْ كَفِعْلِهِمَا (327) فِي صُلْبِهَا, وَإِنْ نَفَخَ أَوْ اِنْتَحَبَ لَا مِنْ خَشْيَةِ اَللَّهِ, أَوْ تَنَحْنَحَ بِلَا حَاجَة ٍ (328) . فَبَانَ حَرْفَانِ بَطَلَتْ, وَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا غَيْرَ التحريمةِ فَذَكَرَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى بَطَلَتْ اَلْمَتْرُوكُ مِنْهَا, وَصَارَتْ اَلَّتِي شَرَعَ فِي قِرَاءَتِهَا مَكَانَهَا, وَقَبْلَهُ يَعُودُ فَيَأْتِي بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ, وَبَعْدَ سَلَامٍ فَكَتَرْكِ رَكْعَة ٍ (329) .
وَإِنْ نَهَضَ عَنْ تَشَهُّدٍ أَوَّلَ نَاسِيًا لَزِمَ رُجُوعُه ُ (330) وَكُرِهَ إِنْ اِسْتَتَمَّ قَائِمًا, وَحَرُم َ (331) وَبَطَلَتْ إِنْ شَرَعَ فِي اَلْقِرَاءَةِ لَا إِنْ نَسِيَ أَوْ جَهِلَ, وَيَتْبَعُ مَأْمُوم ٌ (332) وَيَجِبُ اَلسُّجُودُ لِذَلِكَ مُطْلَقًا (333) .
وَيَبْنِي عَلَى اَلْيَقِينِ -وَهُوَ اَلْأَقَلُّ- مَنْ شَكَّ فِي رُكْنٍ أَوْ عَدَد ٍ (334) .
صَلَاةُ اَلتَّطَوُّعِ وَالْوِتْرِ وَالتَّرَاوِيحِ
آكَدُ صَلَاةِ تَطَوُّعٍ: كُسُوفٌ فَاسْتِسْقَاءٌ فتراويحُ فَوِتْرٌ.(1/104)
وَوَقْتُهُ مِنْ صَلَاةِ اَلْعِشَاءِ إِلَى اَلْفَجْرِ, وَأَقَلُّهُ رَكْعَةٌ, وَأَكْثَرُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ: مَثْنًى مَثْنًى, وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ, وَأَدْنَى اَلْكَمَالِ ثَلَاثٌ بِسَلَامَيْنِ, وَيَقْنُتُ بَعْدَ اَلرُّكُوعِ نَدْبًا, فَيَقُولُ: "اَللَّهُمَّ اِهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت َ (335) وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ, وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ, وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ, وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ, إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ, إِنَّهُ لَا يَذِلّ ُ (336) مَنْ وَالَيْتَ, وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ, تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ, اَللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سُخْطِكَ, وَبِعَفْوِك مِنْ عُقُوبَتِكَ, وَبِكَ مِنْكَ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ" ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى اَلنَّبِيِّ ( وَيُؤَمِّنُ مَأْمُومٌ, وَيَجْمَعُ إِمَامٌ اَلضَّمِير َ (337) وَيَمْسَحُ اَلدَّاعِي وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ مُطْلَقًا (338) .
وَالتَّرَاوِيحُ عِشْرُونَ رَكْعَةً بِرَمَضَانَ تُسَنُّ, وَالْوِتْرُ مَعَهَا جَمَاعَةً, وَوَقْتُهَا بَيْنَ سُنَّةِ عِشَاءٍ وَوِتْرٍ.
ثُمَّ اَلرَّاتِبَةُِ رَكْعَتَانِ قَبْلَ اَلظُّهْرِ, وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهَا, وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ اَلْمَغْرِبِ, وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ اَلْعِشَاءِ, وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ اَلْفَجْرِ, وَهُمَا آكَدُهَا (339) وَتُسَنُّ صَلَاةُ اَللَّيْلِ بِتَأَكُّدٍ, وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ اَلنَّهَارِ.
وَسُجُودُ تِلَاوَةٍ لِقَارِئٍ وَمُسْتَمِع ٍ (340) وَيُكَبِّرُ إِذَا سَجَدَ وَإِذَا رَكَعَ وَيَجْلِسُ وَيُسَلِّمُ, وَكُرِهَ لِإِمَامٍ قِرَاءَتُهَا فِي سِرِّيَّة ٍ (341)
وَسُجُودُهُ لَهَا (342) وَعَلَى مَأْمُومٍ مُتَابَعَتُهُ فِي غَيْرِهَا.(1/105)
وَسُجُودُ شُكْرٍ عِنْدَ تَجَدُّدِ نِعَمٍ, وَانْدِفَاعِ نِقَمٍ, وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاةُ غَيْرِ جَاهِل ٍ (343) وَنَاسٍ, وَهُوَ كَسُجُودِ تِلَاوَةٍ.
وَأَوْقَاتُ اَلنَّهْيِ خَمْسَةٌِ: مِنْ طُلُوعِ فَجْرٍ ثَانٍ إِلَى طُلُوعِ اَلشَّمْسِ, وَمِنْ صَلَاةِ اَلْعَصْرِ إِلَى اَلْغُرُوبِ, وَعِنْدَ طُلُوعِهَا إِلَى اِرْتِفَاعِهَا قَدْرَ رُمْحٍ, وَعِنْدَ قِيَامِهَا حَتَّى تَزُول َ (344) وَعِنْدَ غُرُوبِهَا حَتَّى يَتِمَّ.
فَيَحْرُمُ اِبْتِدَاءُ نَفْلٍ فِيهَا مُطْلَقًا (345) لَا قَضَاءُ فَرْضٍ, وَفِعْلُ رَكْعَتَيْ طَوَافٍ, وَسُنَّةُ فَجْرٍ أَدَاء ً (346) قَبْلَهَا, وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ بَعْدَ فَجْرٍ وَعَصْرٍ.
صَلَاةُ اَلْجَمَاعَةِ
تَجِبُ اَلْجَمَاعَةُ لِلْخَمْسِ اَلْمُؤَدَّاةِ عَلَى اَلرِّجَالِ اَلْأَحْرَارِ اَلْقَادِرِينَ, وَحَرُمَ أَنْ يُؤَمّ َ (347) قَبْلَ رَاتِبٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ, أَوْ عُذْرِهِ, أَوْ عَدَمِ كَرَاهَتِهِ.
وَمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ تَسْلِيمَةِ اَلْإِمَامِ اَلْأُولَى أَدْرَكَ اَلْجَمَاعَةَ, وَمَنْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا أَدْرَكَ رَكْعَةً, بِشَرْطِ إِدْرَاكِهِ رَاكِعًا, وَعَدَمِ شَكِّهِ فِيهِ, وتحريمتِهِ قَائِمًا (348) .
وَتُسَنُّ ثَانِيَة ٌ (349) لِلرُّكُوعِ, وَمَا أَدْرَكَ مَعَهُ آخِرُهَا, وَمَا يَقْضِيهِ أَوَّلُهَ ا (350) .
وَيَتَحَمَّلُ عَنْ مَأْمُومٍ قِرَاءَةً, وَسُجُودَ سَهْو ٍ (351) وَتِلَاوَةٍ, وَسُتْرَة ً (352) وَدُعَاءَ قُنُوتٍ, وَتَشَهُّدًا أَوَّلَ إِذَا سُبِقَ بِرَكْعَةٍ, لَكِنْ يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي سَكَتَاتِهِ وَسِرِّيَّةٍ, وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْهُ لِبُعْدٍ لَا طَرَشٍ.
وَسُنَّ لَهُ اَلتَّخْفِيفُ مَعَ اَلْإِتْمَامِ, وَتَطْوِيلُ اَلْأُولَى عَلَى اَلثَّانِيَةِ, وَانْتِظَارُ دَاخِلٍ مَا لَمْ يَشُقَّ (353) .
اَلْإِمَامَةُ وَمَا يَلْحَقُهَا(1/106)
اَلْأَقْرَأُ اَلْعَالِمُ فِقْهَ صَلَاتِهِ أَوْلَى مِنْ اَلْأَفْقَهِ, وَلَا تَصِحُّ خَلْفَ فَاسِق ٍ (354) إِلَّا فِي جُمُعَةٍ وَعِيدٍ تَعَذُّرًا خَلْفَ غَيْرِهِ, وَلَا إِمَامَةُ مَنْ حَدَثُهُ دَائِم ٌ (355) وَأُمِّيٌّ وَهُوَ مَنْ لَا يُحْسِنُ اَلْفَاتِحَةَ, أَوْ يُدْغِمُ فِيهَا حَرْفًا لَا يُدْغَمُ أَوْ يَلْحَنُ (فِيهَا ) (356) لَحْنًا يُحِيلُ اَلْمَعْنَ ى (357) إِلَّا بِمِثْلِهِ.
وَكَذَا مَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ وَعَاجِزٍ عَنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ, أَوْ قُعُودٍ وَنَحْوِهَا, أَوْ اِجْتِنَابِ نَجَاسَةٍ أَوْ اِسْتِقْبَالٍ, وَلَا عَاجِزٍ عَنْ قِيَامٍ بِقَادِرٍ إِلَّا رَاتِبًا رُجِيَ زَوَالُ عِلَّتِهِ, وَلَا مُمَيِّزٍ لِبَالِغٍ فِي فَرْضٍ، وَلَا اِمْرَأَةٍ لِرِجَالٍ وَخُنَاث ٍ (358) وَلَا خَلْفَ مُحْدِثٍ أَوْ نَجِسٍ, فَإِنْ جَهِلَا حَتَّى اِنْقَضَتْ صَحَّتْ لِمَأْمُومٍ, وَتُكْرَهُ إِمَامَةُ لَحَّانٍ وَفَأْفَاءٍ وَنَحْوِه ِ (359) .
وَسُنَّ وُقُوفُ اَلْمَأْمُومِينَ خَلْفَ اَلْإِمَامِ, وَالْوَاحِدُ عَنْ يَمِينِهِ وُجُوبًا, وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ, وَمَنْ صَلَّى عَنْ يَسَارِ اَلْإِمَامِ مَعَ خُلُوِّ يَمِينِهِ أَوْ فَذًّا (360) رَكْعَةً لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ, فَإِذَا جَمَعَهُمَا مَسْجِدٌ صَحَّتْ اَلْقُدْوَةُ مُطْلَقًا, بِشَرْطِ اَلْعِلْمِ بِانْتِقَالَاتِ اَلْإِمَام ِ (361) وَإِلَّا شُرِط َ (362) رُؤْيَةُ اَلْإِمَامِ أَوْ مَنْ وَرَاءَهُ أَيْضًا, وَلَوْ فِي بَعْضِهَا.(1/107)
وَكُرِهَ عُلُوُّ إِمَامٍ عَلَى مَأْمُومٍ ذِرَاعًا (363) فَأَكْثَرَ, وَصَلَاتُهُ فِي مِحْرَابٍ يَمْنَعُ مُشَاهَدَتَهُ, وَتَطَوُّعُهُ مَوْضِعَ اَلْمَكْتُوبَةِ, وَإِطَالَتُهُ اَلِاسْتِقْبَالَ بَعْدَ اَلسَّلَامِ, وَوُقُوفُ مَأْمُومٍ بَيْنَ سَوَار ٍ (364) تَقْطَعُ اَلصُّفُوفَ عُرْفًا إِلَّا لِحَاجَةٍ فِي اَلْكُلِّ, وَحُضُورُ مَسْجِدٍ وَجَمَاعَةٍ لِمَنْ رَائِحَتُهُ كَرِيهَةٌ مِنْ بَصَلٍ أَوْ غَيْرِه ِ (365) .
وَيُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ مَرِيضٌ, وَمُدَافِعُ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْن ِ (366) وَمَنْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ, وَخَائِفٌ ضَيَاعَ مَالِه ِ (367)أَوْ مَوْتَ قَرِيبِهِ أَوْ ضَرَرًا مِنْ سُلْطَان ٍ (368) أَوْ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ, أَوْ مُلَازَمَةَ غَرِيمٍ وَلَا وَفَاءَ لَهُ, أَوْ فَوْتَ رُفْقَتِهِ وَنَحْوِهِم ْ (369) .
صَلَاةُ اَلْمَرِيضِ
يُصَلِّي اَلْمَرِيضُ قَائِمًا, فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا, فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ, وَالْأَيْمَنُ أَفْضَلُ, وَكُرِهَ مُسْتَلْقِيًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى جَنْبٍ وَإِلَّا تَعَيَّنَ, وَيُومِئُ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَيَجْعَلُهُ أَخْفَضَ, فَإِنْ عَجَزَ أَوْمَأَ بِطَرْفِه ِ (370) وَنَوَى بِقَلْبِهِ كَأَسِيرٍ خَائِفٍ, فَإِنْ عَجَزَ فَبِقَلْبِهِ مُسْتَحْضِرَ اَلْقَوْلِ وَالْفِعْلِ, وَلَا يَسْقُطُ فِعْلُهَا مَا دَامَ اَلْعَقْلُ ثَابِتًا, فَإِنْ طَرَأَ عَجْزٌ أَوْ قُدْرَةٌ فِي أَثْنَائِهَا اِنْتَقَلَ وَبَنَى. (371)
صَلَاةُ اَلْقَصْرِ وَالْجَمْعِ
وَيُسَنُّ قَصْرُ اَلرُّبَاعِيَّةِ فِي سَفَرٍ طَوِيلٍ مُبَاح ٍ (372) وَيَقْضِي صَلَاةَ سَفَرٍ فِي حَضَرٍ وَعَكْسُهُ تَامَّةً.(1/108)
وَمَنْ نَوَى إِقَامَةً مُطْلَقَةً بِمَوْضِعٍ, أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ, أَوْ اِئْتَمَّ بِمُقِيمٍ أَتَمَّ, وَإِنْ حُبِسَ ظُلْمًا, أَوْ لَمْ يَنْوِ إِقَامَةً قَصَرَ أَبَدً ا (373) وَيُبَاحُ لَه ُ (374) اَلْجَمْعُ بَيْنَ اَلظُّهْرَيْن ِ (375) والْعِشَائَيْن ِ (376) بِوَقْتِ إِحْدَاهُمَا.
وَلِمَرِيضٍ وَنَحْوِهِ يَلْحَقُهُ بِتَرْكِهِ مَشَقَّة ٌ (377) وَبَيْنَ الْعِشَائَيْنِ فَقَطْ لِمَطَرٍ وَنَحْوِه ِ (378) يَبُلُّ اَلثَّوْبَ, وَتُوجَدُ مَعَهُ مَشَقَّةٌ, وَلِوَحْلٍ وَرِيحٍ شَدِيدَةٍ بَارِدَةٍ لَا بَارِدَةٍ فَقَطْ, إِلَّا بِلَيْلَةٍ مُظْلِمَة ٍ (379) .
وَالْأَفْضَلُ فِعْلُ اَلْأَرْفَقِ مِنْ تَقْدِيمٍ أَوْ تَأْخِيرٍ, وَكُرِهَ فِعْلُهُ فِي بَيْتِهِ وَنَحْوِهِ بِلَا ضَرُورَة ٍ (380) وَيَبْطُلُ جَمْعُ تَقْدِيم ٍ (381) بِرَاتِبَةٍ بَيْنَهُمَا, وَتَفْرِيقٍ بِأَكْثَرَ مِنْ وُضُوءٍ خَفِيفٍ وَإِقَامَة ٍ (382) .
وَتَجُوزُ صَلَاةُ اَلْخَوْفِ بِأَيِّ صِفَةٍ صَحَّتْ عَنْ اَلنَّبِيِّ ( وَصَحَّتْ عَنْ سِتَّةِ أَوْجُه ٍ (383) وَسُنَّ فِيهَا حَمْلُ سِلَاحٍ غَيْرِ مُثْقِلٍ.
صَلَاةُ اَلْجُمُعَةِ
تَلْزَمُ اَلْجُمُعَةُ كُلَّ مُسْلِمٍ مُكَلَّف ٍ (384) ذَكَرٍ حُرٍّ مُسْتَوْطِنٍ بِبِنَاءٍ .
وَمَنْ صَلَّى اَلظُّهْرَ مِمَّنْ عَلَيْهِ اَلْجُمُعَةُ قَبْلَ اَلْإِمَامِ لَمْ تَصِحَّ, وَإِلَّا صَحَّت ْ (385) وَالْأَفْضَلُ بَعْدَهُ, وَحَرُمَ سَفَرُ مَنْ تَلْزَمُهُ بَعْدَ اَلزَّوَال ِ (386) وَكُرِهَ قَبْلَهُ مَا لَمْ يَأْتِ بِهَا فِي طَرِيقِهِ أَوْ يَخَفْ فَوْتَ رُفْقَةٍ . (387)(1/109)
وَشُرِطَ لِصِحَّتِهَا اَلْوَقْتُ, وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ اَلْعِيد ِ (388) إِلَى آخِرِ وَقْتِ اَلظُّهْرِ, فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ التحريمةِ صَلَّوْا ظُهْرًا وَإِلَّا جُمُعَةً, وَحُضُورُ أَرْبَعِينَ بِالْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا (389) فَإِنْ نَقَصُوا قَبْلَ إِتْمَامِهَا اِسْتَأْنَفُوا جُمُعَةً إِنْ أَمْكَن َ (390) وَإِلَّا ظُهْرًا, وَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ اَلْإِمَامِ رَكْعَةً أَتَمَّهَا جُمُعَةً.
وَتَقْدِيمُ خُطْبَتَيْنِ مِنْ شَرْطِهِمَا: اَلْوَقْتُ, وَحَمْدُ اَللَّهِ, وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ -عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ-, وَقِرَاءَةُ آيَةٍ, وَحُضُورُ اَلْعَدَدِ اَلْمُعْتَبَرِ, وَرَفْعُ اَلصَّوْتِ بِقَدْرِ إِسْمَاعِهِ, وَالنِّيَّةُ, وَالْوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اَللَّهِ, وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا, وَأَنْ تَكُونَا مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا لَا مِمَّنْ يَتَوَلَّى اَلصَّلَاةَ.
وَتُسَنُّ اَلْخُطْبَةُ عَلَى مِنْبَرٍ أَوْ مَوْضِعٍ عَالٍ, وَسَلَامُ خَطِيبٍ إِذَا خَرَجَ, وَإِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَجُلُوسُهُ إِلَى فَرَاغِ اَلْأذَانِ, وَبَيْنَهُمَا قَلِيلاً, وَالْخُطْبَةُ قَائِمًا مُعْتَمِدًا عَلَى سَيْفٍ أَوْ عَصًا قَاصِدًا تِلْقَاءَهُ, وَتَقْصِيرُهُمَا, وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُ, وَالدُّعَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ, وَأُبِيحَ لِمُعَيَّنٍ كَالسُّلْطَانِ.
وَهِيَ رَكْعَتَانِ يَقْرَأُ فِي اَلْأُولَى بَعْدَ اَلْفَاتِحَةِ اَلْجُمُعَةَ وَالثَّانِيَةِ اَلْمُنَافِقِينَ . وَحَرُمَ إِقَامَتُهَا وَعِيدٍ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ بِبَلَدٍ إِلَّا لِحَاجَة ٍ (391) .
وَأَقَلُّ اَلسُّنَّةِ بَعْدَهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهَا سِتٌّ.
وَسُنَّ قَبْلَهَا أَرْبَعٌ غَيْرُ رَاتِبَةٍ, وَقِرَاءَةُ اَلْكَهْفِ فِي يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَا,(1/110)
وَكُرِهَ لِغَيْرِهِ تَخَطِّي اَلرِّقَابِ إِلَّا لِفُرْجَة ٍ (392) لَا يَصِلُ إِلَيْهَا إِلَّا بِهِ, وَإِيثَارٌ بِمَكَانٍ أَفْضَلَ لَا قَبُولٌ.
وَحَرُمَ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَ صَبِيٍّ مِنْ مَكَانِهِ فَيَجْلِسُ فِيهِ, وَالْكَلَامُ حَالَ اَلْخُطْبَةِ عَلَى غَيْرِ خَطِيبٍ, وَمَنْ كَلَّمَهُ لِحَاجَةٍ, وَمَنْ دَخَلَ -وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ- صَلَّى اَلتَّحِيَّةَ خَفِيفَةً.
صَلَاةُ اَلْعِيدَيْنِ
وَصَلَاةُ اَلْعِيدَيْنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ, وَوَقْتُهَا كَصَلَاةِ اَلضُّحَى (393) وَآخِرُهُ اَلزَّوَالُ. فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِالْعِيدِ إِلَّا بَعْدَهُ صَلَّوْا مِنْ اَلْغَدِ قَضَاءً .
وَشُرِطَ لِوُجُوبِهَا شُرُوطُ جُمُعَةٍ, وَلِصِحَّتِهَا اِسْتِيطَانٌ, وَعَدَدُ اَلْجُمُعَةِ, لَكِنْ يُسَنُّ لِمَنْ فَاتَتْهُ أَوْ بِبَعْضِهَا أَنْ يَقْضِيَهَا, وَعَلَى صِفَتِهَا أَفْضَلُ.(1/111)
وَتُسَنُّ فِي صَحْرَاءَ, وَتَأْخِيرُ صَلَاةِ فِطْرٍ, وَأَكْلٌ قَبْلَهَا, وَتَقْدِيمُ أَضْحَى, وَتَرْكُ أَكْلٍ قَبْلَهَا لِمُضَحّ ٍ (394) . وَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ اَلْخُطْبَةِ, يُكَبِّرُ فِي اَلْأُولَى بَعْدَ اَلِاسْتِفْتَاحِ, وَقَبْلَ اَلتَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ سِتًّا, وَفِي اَلثَّانِيَةِ قَبْلَ اَلْقِرَاءَةِ خَمْسًا, رَافِعًا يَدَهُ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ, وَيَقُولُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ: "اَللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا, وَسُبْحَانَ اَللَّهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً, وَصَلَّى اَللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا " أَوْ غَيْرَهُ, ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَ اَلْفَاتِحَةِ فِي اَلْأُولَى "سَبَّحَ" وَالثَّانِيَةِ "اَلْغَاشِيَةَ", ثُمَّ يَخْطُبُ كَخُطْبَتَيْ اَلْجُمُعَةِ لَكِنْ يَسْتَفْتِحُ فِي اَلْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَالثَّانِيَةُ بِسَبْعٍ, وَيُبَيِّنُ لَهُمْ فِي اَلْفِطْرِ مَا يُخْرِجُون َ (395) وَفِي اَلْأَضْحَى مَا يُضَحُّون َ (396) .
وَسُنَّ اَلتَّكْبِيرُ اَلْمُطْلَقُ لَيْلَتَيْ اَلْعِيدِ, وَالْفِطْرُ آكَدُ, وَمِنْ أَوَّلِ ذِي اَلْحِجَّةِ إِلَى فَرَاغِ اَلْخُطْبَةِ, وَالْمُقَيَّدُ عَقِبَ كُلِّ فَرِيضَةٍ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ فَجْرِ عَرَفَةَ لِمُحِلٍّ وَلِمُحْرِمٍ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ اَلنَّحْرِ إِلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ اَلتَّشْرِيقِ.
صَلَاةِ اَلْكُسُوفِ
وَتُسَنُّ صَلَاةُ كُسُوفٍ رَكْعَتَيْنِ, كُلُّ رَكْعَةٍ بِقِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ, وَتَطْوِيلُ سُورَةٍ وَتَسْبِيحٍ, وَكَوْنُ أَوَّلِ كُلٍّ أَطْوَلَ, وَاسْتِسْقَاءٍ إِذَا أَجْدَبَتِ اَلْأَرْضُ وَقُحِطَ اَلْمَطَر ُ (397) .
وَصِفَتُهَا وَأَحْكَامُهَا كَعِيدٍ, وَهِيَ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا جَمَاعَةً أَفْضَلُ .(1/112)
وَإِذَا أَرَادَ اَلْإِمَامُ اَلْخُرُوجَ لَهَا وَعَظَ اَلنَّاسَ, وَأَمَرَهُمْ بِالتَّوْبَةِ, وَالْخُرُوجِ مِنْ اَلْمَظَالِمِ, وَتَرْكِ اَلتَّشَاحُن ِ (398) وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ, وَيَعِدُهُمْ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ, وَيَخْرُجُ مُتَوَاضِعًا مُتَخَشِّعًا مُتَذَلِّلًا مُتَضَرِّعًا مُتَنَظِّفًا لَا مُطَيَّبًا, وَمَعَهُ أَهْلُ اَلدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَالشُّيُوخُ, وَمُمَيَّزُ اَلصِّبْيَانِ, فَيُصَلِّي ثُمَّ يَخْطُبُ وَاحِدَةً يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ كَخُطْبَةِ عِيدٍ, وَيُكْثِرُ فِيهَا اَلِاسْتِغْفَارَ, وَقِرَاءَةِ اَلْآيَاتِ اَلَّتِي فِيهَا اَلْأَمْرُ بِهِ, وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَظُهُورُهُمَا نَحْوَ اَلسَّمَاءِ فَيَدْعُو بِدُعَاءِ اَلنَّبِيِّ ( وَمِنْهُ : "اَللَّهُمَّ اِسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا" إِلَى آخِرِه ِ (399) .
وَإِنْ كَثُرَ اَلْمَطَرُ حَتَّى خِيفَ سُنَّ قَوْلُ: "اَللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا, اَللَّهُمَّ عَلَى اَلظِّرَابِ وَالْآكَام ِ (400) وَبُطُونِ اَلْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ اَلشَّجَرِ" ( رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ( (401) اَلْبَقَرَةِ: 286 اَلْآيَةَ.
كِتَابُ اَلْجَنَائِزِ
تَرْكُ اَلدَّوَاءِ أَفْضَل ُ (402) وسُنُّ اِسْتِعْدَادٌ لِلْمَوْتِ, وَإِكْثَارٌ مِنْ ذِكْرِهِ, وَعِيَادَةُ مُسْلِمٍ غَيْرِ مُبْتَدِع ٍ (403) وَتَذْكِيرُهُ اَلتَّوْبَةَ وَالْوَصِيَّةَ, فَإِذَا نَزَلَ بِهِ سُنَّ تَعَاهُدُ بَلّ ِ (404) حَلْقِهِ بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ, وَتَنْدِيَةُ شَفَتَيْهِ, وَتَلْقِينُهُ : "لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ" مَرَّةً, وَلَا يُزَادُ عَنْ ثَلَاثٍ إِلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ فَيُعَادَ بِرِفْقٍ, وَقِرَاءَةُ اَلْفَاتِحَةِ وَيَاسِينٍ عِنْدَه ُ (405) .(1/113)
وَتَوْجِيهُهُ إِلَى اَلْقِبْلَةِ, وَإِذَا مَاتَ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ وَشَدُّ لَحْيَيْهِ, وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ وَخَلْعُ ثِيَابِهِ, وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ وَوَضْعُ حَدِيدَةٍ أَوْ نَحْوِهَا عَلَى بَطْنِهِ, وَجَعْلُهُ عَلَى سَرِيرِ غَسْلِهِ مُتَوَجِّهًا مُنْحَدِرًا نَحْوَ رِجْلَيْهِ, وَإِسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ, وَيَجِب ُ (406) فِي نَحْوِ تَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ.
غُسْلُ اَلْمَيِّتِ
وَإِذَا أَخَذَ فِي غُسْلِهِ سَتَرَ عَوْرَتَهُ, وَسُنَّ سَتْرُ كُلِّهِ عَنْ اَلْعُيُونِ, وَكُرِهَ حُضُورُ غَيْرِ مُعِين ٍ (407) ثُمَّ نَوَى وَسَمَّى, وَهُمَا كَفِي غُسْلِ حَيّ ٍ (408) ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَ غَيْرِ حَامِلٍ إِلَى قُرْبِ جُلُوسٍ, وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ بِرِفْقٍ, وَيُكْثِرُ اَلْمَاءَ حِينَئِذٍ ثُمَّ يَلُفُّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً فَيُنَجِّيهِ بِهَا, وَحَرُمَ مَسُّ عَوْرَةِ مَنْ لَهُ سَبْعٌ.
ثُمَّ يُدْخِلُ إِصْبَعَيْه ِ (409) وَعَلَيْهَا خِرْقَةٌ مَبْلُولَةٌ فِي فَمِهِ, فَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ, وَفِي مَنْخِرَيْهِ فَيُنَظِّفُهُمَا بِلَا إِدْخَالِ مَاءٍ, ثُمَّ يُوَضِّئُهُ وَيَغْسِلُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِرَغْوَةِ اَلسِّدْر ِ (410) وَبَدَنَهُ بِثُفْلِهِ, ثُمَّ يُفِيضُ عَلَيْهِ اَلْمَاءَ, وَسُنَّ تَثْلِيثٌ وَتَيَامُنٌ وَإِمْرَارُ يَدِهِ كُلَّ مَرَّةٍ, وَمَاءٌ حَارٌّ وَخِلَال ٌ (411) وَأُشْنَانٌ بِلَا حَاجَةٍ, وَتَسْرِيحُ شَعْرِهِ.(1/114)
وَسُنَّ كَافُورٌ وَسِدْرٌ فِي اَلْأَخِيرَةِ, وَخِضَابُ شَعْرٍ, وَقَصُّ شَارِبٍ, وَتَقْلِيمُ أَظْفَارٍ إِنْ طَالَا, وَتَنْشِيفٌ, وَيُجَنَّبُ مُحْرِمٌ مَاتَ مَا يُجَنَّبُ فِي حَيَاتِه ِ (412) وَسِقْط ٌ (413) لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَوْلُودٍ حَيًّا, وَإِذَا تَعَذَّرَ غُسْلُ مَيِّتٍ يُمِّمَ, وَسُنَّ تَكْفِينُ رَجُلٍ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ بَعْدَ تَبْخِيرِهَا, وَيُجْعَلُ اَلْحَنُوط ُ (414) فِيمَا بَيْنَهَا, وَمِنْهُ بِقُطْنٍ بَيْنَ أَلْيَيْهِ, وَالْبَاقِي عَلَى مَنَافِذِ وَجْهِهِ وَمَوَاضِعِ سُجُودِهِ, ثُمَّ يَرُدَّ طَرَفَ اَلْعُلْيَا مِنْ اَلْجَانِبِ اَلْأَيْسَرِ عَلَى شِقِّهِ اَلْأَيْمَنِ, ثُمَّ اَلْأَيْمَنَ عَلَى اَلْأَيْسَرِ, ثُمَّ اَلثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ كَذَلِكَ, وَيَجْعَلُ أَكْثَرَ اَلْفَاضِلِ عِنْدَ رَأْسِهِ.
وَسُنَّ لِاِمْرَأَةٍ خَمْسَةُ أَثْوَابٍ: إِزَارٌ وَخِمَارٌ وَقَمِيصٌ وَلِفَافَتَانِ, وَصَغِيرَةٍ قَمِيصٌ وَلِفَافَتَانِ, وَالْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ اَلْمَيِّتِ.
اَلصَّلَاةُ عَلَى اَلْمَيِّتِ وَأَحْكَامُ اَلزِّيَارَةِ وَالْقُبُورِ(1/115)
وَتَسْقُطُ اَلصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِمُكَلَّفٍ, وَتُسَنُّ جَمَاعَةً, وَقِيَامُ إِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ عِنْدَ صَدْرِ رَجُلٍ وَوَسَطِ اِمْرَأَةٍ, ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا, يَقْرَأُ بَعْدَ اَلْأُولَى وَالتَّعَوُّذِ اَلْفَاتِحَةَ بِلَا اِسْتِفْتَاحٍ, وَيُصَلِّي عَلَى اَلنَّبِيِّ ( بَعْدَ اَلثَّانِيَةِ, وَيَدْعُو بَعْدَ اَلثَّالِثَةِ, وَالْأَفْضَلُ بِشَيْءٍ مِمَّا وَرَدَ, وَمِنْهُ : ( اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا, وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا, وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا, وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا, إِنَّكَ تَعْلَمُ مُنْقَلَبَنَ ا (415) وَمَثْوَانَا, وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( ( اَللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى اَلْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ, وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَيْهِمَا, اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ, وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ, وَأَوْسِعْ مُدْخَلَهُ, وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَد ِ (416) ونَقِّهِ مِنْ اَلذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى اَلثَّوْبُ اَلْأَبْيَضُ مِنْ اَلدَّنَسِ, وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ, وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ, وَأَدْخِلْهُ اَلْجَنَّةَ, وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ اَلْقَبْرِ, وَعَذَابِ اَلنَّارِ, وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ ( .(1/116)
وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا قَالَ : ( اَللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ ذُخْرًا لِوَالِدَيْهِ وَفَرَطًا (417) وَأَجْرًا وَشَفِيعًا مُجَابًا, اَللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا, وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا, وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ اَلْمُؤْمِنِينَ, وَاجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إِبْرَاهِيمَ, وقِهِ بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ اَلْجَحِيمِ ( وَيَقِفُ بَعْدَ اَلرَّابِعَةِ قَلِيلًا, وَيُسَلِّمُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ .
وَسُنَّ تَرْبِيعٌ فِي حَمْلِهَا, وَإِسْرَاعٌ وَكَوْنُ مَاشٍ أَمَامَهَا, وَرَاكِبٍ لِحَاجَةٍ خَلْفَهَا, وَقُرْبٌ مِنْهَا, وَكَوْنُ قَبْرٍ لَحْدًا, وَقَوْلُ مُدْخِلٍ : ( بِسْمِ اَللَّهِ, وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ ( وَلَحْدُهُ عَلَى شِقِّهِ اَلْأَيْمَنِ, وَيَجِبُ اِسْتِقْبَالُهُ اَلْقِبْلَةَ, وَكُرِهَ -بِلَا حَاجَةٍ- جُلُوسُ تَابِعِهَا قَبْلَ وَضْعِهَا, وَتَجْصِيصُ قَبْرٍ, وَبِنَاءٌ وَكِتَابَةٌ, وَمَشْيٌ, وَجُلُوسٌ عَلَيْهِ, وَإِدْخَالُهُ شَيْئًا مَسَّتْهُ اَلنَّارُ, وَتَبَسُّمٌ, وَحَدِيثٌ بِأَمْرِ اَلدُّنْيَا عِنْدَه ُ (418) . وَحَرُمَ دَفْنُ اِثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي قَبْرٍ إِلَّا لِضَرُورَةٍ, وَأَيُّ قُرْبَةٍ فُعِلَتْ وَجُعِلَ ثَوَابُهَا لِمُسْلِمٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ نَفَعَهُ .(1/117)
وَسُنَّ لِرِجَالٍ زِيَارَةُ قَبْرٍ مُسْلِمٍ, وَالْقِرَاءَةِ عِنْدَهُ, وَمَا يُخَفِّفُ عَنْهُ, وَلَوْ بِجَعْلِ جَرِيدَةٍ رَطْبَةٍ فِي اَلْقَبْرِ, وَقَوْلُ زَائِرٍ وَمَارٍّ بِهِ : ( اَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ, وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اَللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ, يَرْحَمُ اَللَّهُ اَلْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ, نَسْأَلُ اَللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ اَلْعَافِيَةَ, اَللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ, وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ, وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ ( .
وَتَعْزِيَةُ اَلْمُصَابِ بِالْمَيِّتِ سُنَّةٌ, وَيَجُوزُ اَلْبُكَاءُ عَلَيْهِ, وَحَرُمَ نَدْبٌ, وَنِيَاحَةٌ, وَشَقُّ ثَوْبٍ, وَلَطْمُ خَدٍّ وَنَحْوُهُ.
كِتَاب اَلزَّكَاةَ
تَجِبُ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ:
بَهِيمَةِ اَلْأَنْعَام ِ (419) وَنَقْد ٍ (420) وَعَرْضِ تِجَارَةٍ, وَخَارِجٍ مِنْ اَلْأَرْضِ, وَثِمَارٍ, بِشَرْطِ إِسْلَامٍ, وَحُرِّيَّةٍ, وَمِلْكِ نِصَابٍ, وَاسْتِقْرَارِه ِ (421) وَسَلَامَةٍ مِنْ دَيْنٍ يُنْقِصُ اَلنِّصَابَ, وَمُضِيِّ حَوْلٍ إِلَّا فِي مُعَشَّر ٍ (422) وَنِتَاج ِ (423) سَائِمَةٍ, وَرِبْحِ تِجَارَة ٍ (424) وَإِنْ نَقَصَ فِي [بَعْضِ ] (425) اَلْحَوْلِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا فِرَارًا (426)
وَإِذَا قَبَضَ اَلدَّيْنَ زَكَّاهُ لِمَا مَضَ ى (427) وَشُرِطَ لَهَا فِي بَهِيمَةِ اَلْأَنْعَامِ سَوْمٌ أَيْضًا (428) .(1/118)
وَأَقَلُّ نِصَابِ إِبِلٍ: خَمْسٌ, وَفِيهَا شَاةٌ, وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ, وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثٌ, وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعٌ, وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ: بِنْتُ مَخَاضٍ, وَهِيَ اَلَّتِي لَهَا سَنَةٌ, وَفِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ, وَهِيَ اَلَّتِي لَهَا سَنَتَانِ, وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ, وَهِيَ اَلَّتِي لَهَا ثَلَاثٌ, وَفِي إِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَة ٌ (429) وَهِيَ اَلَّتِي لَهَا أَرْبَعٌ, وَفِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ, وَفِي إِحْدَى وَسِتِّينَ حِقَّتَانِ, وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ, ثُمَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ, وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ.
وَأَقَلُّ نِصَابِ اَلْبَقَرِ: ثَلَاثُونَ, وَفِيهَا تَبِيعٌ, وَهُوَ اَلَّذِي لَهُ سَنَةٌ, أَوْ تَبِيعَةٌ, وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ, وَهِيَ اَلَّتِي لَهَا سَنَتَانِ, وَفِي سِتِّينَ تَبِيعَانِ, ثُمَّ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ, وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ.
وَأَقَلُّ نِصَابِ اَلْغَنَمِ: أَرْبَعُونَ, وَفِيهَا شَاةٌ, وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ, وَفِي مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ [إِلَى أَرْبَعِمِائَةٍ ] (430) ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ, وَالشَّاةُ بِنْتُ سَنَةٍ مِنْ اَلْمَعْزِ, وَنِصْفُهَا مِنْ اَلضَّأْنِ, وَالْخِلْطَة ُ (431) فِي بَهِيمَةِ اَلْأَنْعَامِ بِشَرْطِهَا تُصَيِّرُ اَلْمَالَيْنِ كَالْوَاحِدِ.
زَكَاةُ اَلْمَكِيلِ(1/119)
وَتَجِبُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ مُدَّخَرٍ خَرَجَ مِنْ اَلْأَرْضِ, وَنِصَابُهُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ, وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَاِثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ بِالدِّمَشْقِيّ ِ (432) وَشُرِطَ مِلْكُهُ وَقْتَ وُجُوبٍ, وَهُوَ اِشْتِدَادُ حَبٍّ, وَبُدُوُّ صَلَاحِ ثَمَرٍ, وَلَا يَسْتَقِرُّ إِلَّا بِجَعْلِهَا فِي بَيْدَرٍ وَنَحْوِهِ .
وَالْوَاجِبُ عُشْرُ مَا سُقِيَ بِلَا مَئُونَة ٍ (433) وَنِصْفُهُ فِيمَا سُقِيَ بِهَا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فِيمَا سُقِيَ بِهِمَا (434) فَإِنْ تَفَاوَتَا اُعْتُبِرَ اَلْأَكْثَرُ, وَمَعَ اَلْجَهْلِ اَلْعُشْرُ.
وَفِي اَلْعَسَلِ اَلْعُشْرُ سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْ مَوَاتٍ أَوْ مُلْكِهِ إِذَا بَلَغَ مِائَةً وَسِتِّينَ رِطْلًا عِرَاقِيَّة ً (435) .
وَمَنْ اِسْتَخْرَجَ مِنْ مَعْدِنٍ نِصَابًا فَفِيهِ رُبُعُ اَلْعُشْرِ فِي اَلْحَالِ, وَفِي اَلرِّكَازِ اَلْخُمُسُ مُطْلَقًا, وَهُوَ مَا وُجِدَ مِنْ دَفْنِ اَلْجَاهِلِيَّةِ.
زَكَاةُ اَلذَّهَبِ
وَأَقَلُّ نِصَابِ ذَهَبٍ عِشْرُونَ مِثْقَالًا (436) وَفِضَّةٍ مِائَتَا دِرْهَمٍ, وَيُضَمَّانِ فِي تَكْمِيلِ اَلنِّصَابِ, وَالْعُرُوضُ إِلَى كُلٍّ مِنْهَا, وَالْوَاجِبُ فِيهِمَا رُبْعُ اَلْعُشْرِ .
وَأُبِيحَ لِرَجُلٍ مِنْ اَلْفِضَّةِ خَاتَمٌ وَقَبِيعَةُ سَيْفٍ, وَحِلْيَةُ مِنْطَقَةٍ وَنَحْوِهِ, وَمِنْ اَلذَّهَبِ قَبِيعَةُ سَيْفٍ وَمَا دَعَتْ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَأَنْفٍ (437) وَلِنِسَاءٍ مِنْهُمَا مَا جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِلُبْسِهِ, وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ أُعِدَّ لِاسْتِعْمَالٍ أَوْ عَارِيَةٍ .
وَيَجِبُ تَقْوِيمُ عَرْضِ اَلتِّجَارَةِ بِالْأَحَظِّ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُمَا, وَتَخْرُجُ مِنْ قِيمَتِهِ, وَإِنْ اِشْتَرَى عَرْضًا بِنِصَابٍ غَيْرَ سَائِمَةٍ بَنَى عَلَى حَوْلِهِ .
زَكَاةُ اَلْفِطْرِ(1/120)
وَتَجِبُ اَلْفِطْرَةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِذَا كَانَتْ فَاضِلَةً عَنْ نَفَقَةٍ وَاجِبَةٍ يَوْمَ اَلْعِيدِ وَلَيْلَتَهُ وَحَوَائِجَ أَصْلِيَّةٍ, فَيُخْرِجُ عَنْ نَفْسِهِ وَمُسْلِمٍ يَمُونُهُ, وَتُسَنُّ عَنْ جَنِينٍ .
وَتَجِبُ بِغُرُوبِ اَلشَّمْسِ لَيْلَةَ اَلْفِطْرِ, وَتَجُوزُ قَبْلَهُ بِيَوْمَيْنِ فَقَطْ, وَيَوْمَهُ قَبْلَ اَلصَّلَاةِ أَفْضَلُ, وَتُكْرَهُ فِي بَاقِيهِ, وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ, وَتُقْضَى وُجُوبًا, وَهِيَ صَاعٌ مِنْ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ سَوِيقِهِمَا أَوْ دَقِيقِهِمَا, أَوْ تَمْرٍ, أَوْ زَبِيبٍ, أَوْ أَقِطٍ, وَالْأَفْضَلُ تَمْرٌ فَزَبِيبٌ فَبُرٌّ فَأَنْفَعُ, فَإِنْ عَدِمَتْ أَجْزَأَ كُلُّ حَبٍّ يُقْتَات ُ (438) وَيَجُوزُ إِعْطَاءُ جَمَاعَةٍ مَا يَلْزَمُ اَلْوَاحِدَ وَعَكْسُهُ.
بَيَانُ إِخْرَاجِ اَلزَّكَاةِ وَأَهْلِهَا
وَيَجِبُ إِخْرَاجُ زَكَاةٍ عَلَى اَلْفَوْرِ مَعَ إِمْكَانِهِ, وَيُخْرِجُ وَلِيُّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ عَنْهُمَا, وَشُرِطَ لَهُ نِيَّةٌ.
وَحَرُمَ نَقْلُهَا إِلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ, إِنْ وُجِدَ أَهْلُهَا, فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ وَمَالُهُ فِي آخَرَ أَخْرَجَ زَكَاةَ اَلْمَالِ فِي بَلَدِ اَلْمَالِ, وَفِطْرَتَهُ وَفِطْرَةً لَزِمَتْهُ فِي بَلَدِ نَفْسِهِ, وَيَجُوزُ تَعْجِيلُهَا لِحَوْلَيْنِ فَقَطْ.
وَلَا تُدْفَعُ إِلَّا إِلَى اَلْأَصْنَافِ اَلثَّمَانِيَةِ وَهُمْ : الْفُقَرَاء ُ (439)
كِتَابُ اَلصِّيَامِ
يَلْزَمُ كُلَّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ (440) قَادِرٍ بِرُؤْيَةِ اَلْهِلَالِ (441) وَلَوْ مِنْ عَدْلٍ, أَوْ بِإِكْمَالِ شَعْبَانَ, أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ مِنْ رُؤْيَتِهِ لَيْلَةَ اَلثَّلَاثِينَ مِنْهُ كَغَيْمٍ وَجَبَلٍ وَغَيْرِهِمَا, وَإِنْ رُئِيَ نَهَارًا فَهُوَ لِلْمُقْبِلَةِ.(1/121)
وَإِنْ صَارَ أَهْلًا لِوُجُوبِهِ فِي أَثْنَائِهِ (442) . أَوْ قَدِمَ مُسَافِرٌ مُفْطِرًا, أَوْ طَهُرَتْ حَائِضٌ أَمْسَكُوا وَقَضَوْا. وَمَنْ أَفْطَرَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا.
قَضَتَا فَقَطْ, أَوْ عَلَى وَلَدَيْهِمَا مَعَ اَلْإِطْعَامِ مِمَّنْ يَمُونُ اَلْوَلَد َ (443) وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ, أَوْ جُنَّ جَمِيعَ اَلنَّهَارِ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ, وَيَقْضِي اَلْمُغْمَى عَلَيْهِ.
وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ فَرْضٍ إِلَّا بِنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بِجُزْءٍ مِنْ اَللَّيْلِ, وَيَصِحُّ نَفْلٌ مِمَّنْ لَمْ يَفْعَلْ مُفْسِدًا بِنِيَّةٍ نَهَارًا مُطْلَقًا .
بَيَانُ اَلْمُفْطِرَاتِ وَأَحْكَامُهَا
وَمَنْ أَدْخَلَ إِلَى جَوْفِهِ, أَوْ مُجَوَّفٍ فِي جَسَدِهِ كَدِمَاغٍ وَحَلْقٍ شَيْئًا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ غَيْرَ إِحْلِيلِه ِ (444) أَوْ اِبْتَلَعَ نُخَامَةً بَعْدَ وُصُولِهَا إِلَى فَمِهِ أَوْ اسْتَقَاءَ فَقَاءَ, أَوْ اِسْتَمْنَى, أَوْ بَاشَرَ دُونَ اَلْفَرْجِ فَأَمْنَى, أَوْ أَمْذَ ى (445) أَوْ كَرَّرَ اَلنَّظَرَ فَأَمْنَى, أَوْ نَوَى اَلْإِفْطَارَ, أَوْ حَجَمَ, أَوْ اِحْتَجَمَ عَامِدًا مُخْتَارًا (446) ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ أَفْطَرَ, لَا إِنْ فَكَّر َ (447) فَأَنْزَلَ, أَوْ دَخَلَ مَاءُ مَضْمَضَةٍ أَوْ اِسْتِنْشَاقٍ حَلْقَهُ, وَلَوْ بَالَغَ أَوْ زَادَ عَلَى ثَلَاثٍ .(1/122)
وَمَنْ جَامَعَ بِرَمَضَانَ نَهَارًا بِلَا عُذْرِ شَبَقٍ وَنَحْوِه ِ (448) فَعَلَيْهِ اَلْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ مُطْلَقً ا (449) وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا مَعَ اَلْعُذْرِ: كَنَوْمٍ, وَإِكْرَاهٍ، وَنِسْيَانٍ وَجَهْلٍ, وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ, وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ, فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ, فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا, فَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَقَطَتْ.
وَكُرِهَ أَنْ يَجْمَعَ رِيقَهُ فَيَبْتَلِعَه،ُ وَذَوْقُ طَعَامٍ, وَمَضْغُ عِلْك ٍ (450) لَا يَتَحَلَّلُ, وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُمَا فِي حَلْقِهِ أَفْطَرَ, وَالْقُبْلَة ُ (451) وَنَحْوِهَا مِمَّنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ.
وَيَحْرُمُ إِنْ ظَنَّ إِنْزَالاً, وَمَضْغُ عِلْكٍ يَتَحَلَّلُ, [وَكَذِبٌ[ (452) وَغَيْبَةٌ, وَنَمِيمَةٌ وَشَتْمٌ وَنَحْوُهُ بِتَأَكُّد ٍ (453) .
وَسُنَّ تَعْجِيلُ فِطْرٍ, وَتَأْخِيرُ سُحُورٍ وَقَوْلُ مَا وَرَدَ عِنْدَ فِطْر ٍ (454) وَتُتَابِعُ اَلْقَضَاءَ فَوْرًا (455) وَحَرُمَ تَأْخِيرُهُ إِلَى آخِر ِ (456) بِلَا عُذْرٍ, فَإِنْ فَعَلَ وَجَبَ مَعَ اَلْقَضَاءِ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ, وَإِنْ مَاتَ اَلْمُفَرِّط ُ (457) وَلَوْ قَبْلَ آخَرَ أُطْعِمَ عَنْهُ كَذَلِكَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ, وَلَا يُصَامُ, وَإِنْ كَانَ عَلَى اَلْمَيِّتِ نَذْرٌ مِنْ حَجٍّ, أَوْ صَوْمٍ, أَوْ صَلَاةٍ, أَوْ نَحْوِهَ ا (458) سُنَّ لِوَلِيِّهِ قَضَاؤُهُ وَمَعَ تَرِكَةٍ يَجِبُ, لَا مُبَاشَرَةُ وَلِيّ ٍ (459) .
مَا يُسَنُّ صَوْمُهُ مِنْ اَلْأَيَّامِ وَمَا يَحْرُمُ(1/123)
يُسَنُّ صَوْمُ أَيَّامِ اَلْبِيض ِ (460) وَالْخَمِيس وَالْاِثْنَيْنِ, وَسِتٍِّ مِنْ شَوَّالٍ, وَشَهْرِ اَللَّهِ اَلْمُحْرِمُ, وَآكَدُهُ اَلْعَاشِرُ ثُمَّ اَلتَّاسِعُ, وَتِسْعِ ذِي اَلْحِجَّةِ, وَآكَدُهُ يَوْمُ عَرَفَةَ لِغَيْرِ حَاجٍّ بِهَا .
وَأَفْضَلُ اَلصِّيَامِ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ, وَكُرِهَ إِفْرَادُ رَجَبٍ وَالْجُمْعَةِ وَالسَّبْتِ وَالشَّكِّ, وَكُلِّ عِيدٍ لِلْكُفَّارِ, وَتَقَدُّمُ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ مَا لَمْ يُوَافِقْ عَادَةً فِي اَلْكُلِّ.
وَحَرُمَ صَوْمُ اَلْعِيدَيْنِ مُطْلَقًا, وَأَيَّامُ اَلتَّشْرِيقِ إِلَّا عَنْ دَمِ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ. وَمَنْ دَخَلَ فِي فَرْضٍ مُوَسَّعٍ حَرُمَ قَطْعُهُ بِلَا عُذْر ٍ (461) أَوْ نَفْلٍ غَيْرَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ كُرِهَ بِلَا عُذْرٍ .
أَحْكَامُ اَلِاعْتِكَافِ وَلَوَاحِقُه
وَالْاعْتِكَافُ سُنَّةٌ, وَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ اَلْجَمَاعَةُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ إِنْ أَتَى عَلَيْهِ صَلَاةٌ, وَشُرِطَ لَهُ طَهَارَةٌ مِمَّا يُوجِبُ غُسْلاً.
وَإِنْ نَذَرَهُ أَوْ اَلصَّلَاةُ فِي مَسْجِدٍ غَيْرَ اَلثَّلَاثَةِ -فَلَهُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ, وفِي أَحَدِهَا فَلَهُ فِعْلُهُ فِيهِ, وَفِي اَلْأَفْضَلِ, وَأَفْضَلُهَ ا (462) اَلْمَسْجِدُ اَلْحَرَامُ ,ثُمَّ مَسْجِدُ النَّبِيِّ-عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ- [فَالْأَقْصَى ] (463) .
وَلَا يَخْرُجُ مَنْ اِعْتَكَفَ مَنْذُورًا مُتَتَابِعًا إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْه ُ (464) وَلَا يَعُودُ مَرِيضًا, وَلَا يَشْهَدُ جِنَازَةً إِلَّا بِشَرْط ٍ (465) .
وَوَطْءُ اَلْفَرَجِ يُفْسِدُهُ, وَكَذَا إِنْزَالٌ بِمُبَاشِرَةٍ, وَيَلْزَمُ لِإِفْسَادِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
وَسُنَّ اِشْتِغَالُهُ بِالْقُرَبِ, وَاجْتِنَابُ مَا لَا يَعْنِيه (466) .
كِتَاب اَلْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ(1/124)
يَجِبَانِ عَلَى اَلْمُسْلِمِ اَلْحُرّ ِ (467) اَلْمُكَلَّفِ اَلْمُسْتَطِيع ِ (468) فِي اَلْعُمْرِ مَرَّةً عَلَى اَلْفَوْرِ, فَإِنْ زَالَ مَانِعُ حَجٍّ بِعَرَفَةَ وَعُمْرَةٍ قَبْلَ طَوَافِهَا وَفُعِلَا إِذَنْ وَقَعَا فَرْضًا.
وَإِنْ عَجَزَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَيَعْتَمِرُ مِنْ حَيْثُ وَجَبَا, ويُجْزِآنِهِ مَا لَمْ يَبْرَأْ قَبْلَ إِحْرَامِ نَائِبٍ.
وَشُرِطَ لِاِمْرَأَةٍ مَحْرَمٌ أَيْضًا, فَإِنْ أَيِسَتْ مِنْهُ اِسْتَنَابَت ْ (469) .
وَإِنْ مَاتَ مَنْ لَزِمَاهُ أُخْرِجَا مِنْ تَرِكَتِه ِ (470) .
وَسُنَّ لِمُرِيدِ إِحْرَامٍ غُسْلٌ أَوْ تَيَمُّمٌ لِعُذْرٍ, وَتَنَظُّفٌ, وَتَطَيُّبٌ فِي بَدَنٍ, وَكُرِهَ فِي ثَوْبٍ, وَإِحْرَامٌ بِإِزَارٍ وَرِدَاءٍ أَبْيَضَيْنِ عَقِبِ فَرِيضَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فِي غَيْرِ وَقْتِ نَهْيٍ.
وَنِيَّتُهُ شَرْطٌ, وَالِاشْتِرَاطُ فِيهِ سُنَّة ٌ (471) .
وَأَفْضَلُ اَلْأَنْسَاكِ اَلتَّمَتُّعِ, وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ اَلْحَجِّ وَيَفْرُغَ مِنْهَا, ثُمَّ بِهِ فِي عَامِهِ.
ثُمَّ اَلْإِفْرَادُ وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ ثُمَّ بِعُمْرَةٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ. وَالْقِرَانُ أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا أَوْ بِهَا ثُمَّ يُدْخِلَهُ عَلَيْهَا قَبْلَ اَلشُّرُوعِ فِي طَوَافَهَا.
وَعَلَى كُلٍّ مِنْ مُتَمَتِّعٍ وَقَارِنٍ -إِذَا كَانَ أُفُقِيًّا- دَمُ نُسُكٍ بِشَرْطِه ِ (472) .
وَإِنْ حَاضَتْ مُتَمَتِّعَةٌ فَخَشِيَتْ فَوَاتَ اَلْحَجِّ أَحْرَمَتْ بِهِ وَصَارَتْ قَارِنَةً.
وَتُسَنُّ اَلتَّلْبِيَةُ, وَتَتَأَكَّدُ إِذَا عَلَا نَشْزً ا (473) أَوْ هَبَطَ وَادِيًا أَوْ صَلَّى
بَيَانُ اَلْمَوَاقِيتِ وَالْإِحْرَامِ(1/125)
وَمِيقَاتُ أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ الحُلَيْفَةُ, وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ اَلْجُحْفَة ُ (474) وَالْيَمَنِ يَلَمْلَمَ, وَنَجْدٍ قَرْن ٌ (475) وَالْمَشْرِقِ ذَاتُ عِرْقٍ.
وَيُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ لِحَجٍّ مِنْهَا, وَلِعُمْرَةٍ مِنَ اَلْحِلِّ.
وَأَشْهُرُ اَلْحَجِّ شَوَّالٌ, وَذُو اَلْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي اَلْحِجَّةِ.
مَحْظُورَاتُ اَلْإِحْرَامِ تِسْعَةٌ:
إِزَالَةُ شَعْرٍ, وَتَقْلِيمُ أَظْفَارٍ, وَتَغْطِيَةُ رَأْسِ ذَكَرٍ, وَلَبْسُهُ اَلْمَخِيطِ إِلا سَرَاوِيلَ لِعَدَم إِزَارٍ, وَخُفَّيْنِ لِعَدَم نَعْلَيْنِ, وَالطِّيبُ, وَقَتْلُ صَيْدِ اَلْبَرّ ِ (476) وَعَقْدُ نِكَاحٍ, وَجِمَاعٌ, وَمُبَاشَرَةٌ فِيمَا دُونَ فَرْجٍ.
فَفِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ شَعرَاتٍ وَثَلَاثَةَ أَظْفَارٍ فِي كُلِّ وَاحِدٍ فَأَقَلَّ طَعَامُ مِسْكِينٍ, وَفِي اَلثَّلَاثِ فَأَكْثَرَ دَمٌ, وَفِي تَغْطِيَةِ اَلرَّأْسِ بِلَاصِق وَلُبْسَ مَخِيطٍ وَتَطَيُّبٍ فِي بَدَنٍ, أَوْ ثَوْبٍ, أَوْ شَمٍّ, أَوْ دَهْن ٍ (477) اَلْفِدْيَةُ, وَإِنْ قَتَلَ صَيْدًا مَأْكُولاً بَرِّيًّا أَصْلاً فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ.
وَالْجِمَاعُ قَبْلَ اَلتَّحَلُّلِ اَلْأَوَّلِ فِي حَجٍّ وَقَبْلَ فَرَاغِ سَعْيٍ فِي عُمْرَةٍ مُفْسِدٌ لِنُسُكِهِمَا مُطْلَقًا, وَفِيهِ لِحَجٍّ بَدَنَةٌ, وَلِعُمْرَةٍ شَاةٌ, وَيَمْضِيَانِ فِي فَاسِدِهِ, وَيَقْضِيَانِهِ مُطْلَقًا إِنْ كَانَا مُكَلَّفَيْنِ فَوْرًا, وَإِلَّا بَعْدَ اَلتَّكْلِيفِ, وَحَجَّةِ الإسْلامِ فَوْرًا.(1/126)
وَلَا يَفْسُدُ اَلنّسكُ بِمُبَاشَرَةٍ, وَيَجِبُ بِهَا بَدَنَةٌ إِنْ أَنْزَلَ وَإِلَّا شَاةٌ, وَلَا بِوَطْءٍ فِي حَجٍّ بَعْدَ اَلتَّحَلُّلِ اَلْأَوَّلِ وَقَبْلَ اَلثَّانِي, لَكِنْ يَفْسُدُ اَلْإِحْرَامُ فَيُحْرِمُ مِنْ اَلْحِلِّ لِيَطُوفَ للزِّيَارَةِ فِي إِحْرَامٍ صَحِيحٍ, وَيَسْعَى إِنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى, وَعَلَيْهِ شَاةٌ.
وَإِحْرَامُ امْرَأَةٍ كَرَجُلٍ إِلَّا فِي لُبْسِ مَخِيطٍ, وَتَجْتَنِبُ اَلْبُرْقُعَ وَالْقُفَّازَيْن ِ (478) وَتَغْطِيَةَ اَلْوَجْهِ, فَإِنْ غَطَّتْهُ بِلَا عُذْرٍ فَدَتْ.
اَلْفِدْيَةُ
يُخَيَّرُ بِفِدْيَةِ حَلْقٍ وتَقْلِيمٍ وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ وَطِيبٍ بَيْنَ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ, أَوْ إِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ, كُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّ بُرٍّ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ تَمْرٍ, أَوْ زَبِيبٍ أَوْ شَعِيرٍ, أَوْ ذَبْحِ شَاةٍ.
وَفِي جَزَاءِ صَيْدٍ بَيْنَ مِثْلِ مِثْلِيٍّ أَوْ تَقْوِيمِهِ بِدَرَاهِمَ
وَإِنْ عَدِمَ مُتَمَتِّعٌ أَوْ قَارِنٌ اَلْهَدْيَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي اَلْحَجِّ, وَالْأَفْضَلُ جَعْلُ آخِرِهَا يَوْمُ عَرَفَةَ, وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ لِأَهْلِهِ, وَالْمُحْصَر (479)
إِذَا لَمْ يَجِدْهُ صَامَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ, ثُمَّ حَلَّ, وَتَسْقُطُ بِنِسْيَانٍ فِي لُبْسٍ, وَطِيبٍ وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ.
وَكُلُّ هَدْيٍ أَوْ طَعَامٍ فَلِمَسَاكِين اَلْحَرَمِ, إِلَّا فِدْيَةَ أَذًى وَلُبْسٍ وَنَحْوِهَا, فَحَيْثُ وُجِدَ سَبَبُهَا, وَيُجْزِئُ اَلصَّوْمُ بِكُلِّ مَكَانٍ, وَالدَّمُ شَاةٌ أَوْ سُبْع ُ (480) بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ.
وَيُرْجَعُ فِي جَزَاءِ اَلصَّيْدِ إِلَى مَا قَضَتْ فِيهِ اَلصَّحَابَةُ, وَفِيمَا لَمْ تَقْضِ فِيهِ إِلَى قَوْلِ عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ, وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ تَجِبُ قِيمَتُهُ مَكَانَهُ.(1/127)
وَحَرُمَ مُطْلَقًا صَيْدُ حَرَمِ مَكَّةَ, وَقَطْعُ شَجَرِهِ وَحَشِيشِهِ إِلَّا اَلْإِذْخِر َ (481) وَفِيهِ اَلْجَزَاءُ, وَصَيْدُ حَرَمِ اَلْمَدِينَةِ, وَقَطْعُ شَجَرِهِ وَحَشِيشِهِ لِغَيْرِ حَاجَةِ عَلَفٍ وَقَتَب ٍ (482) وَنَحْوِهِمَا وَلَا جَزَاءَ.
بَاب دُخُولُ مَكَّةَ
يَسُنُّ نَهَارًا مِنْ أَعْلَاهَا, وَالْمَسْجِدُ مِنْ بَابِ أَبِي شَيْبَةَ, فَإِذَا رَأَى اَلْبَيْتَ رَفَعَ يَدَهُ وَقَالَ مَا وَرَدَ, ثُمَّ طَافَ مُضْطَبِعًا (483) لِلْعُمْرَةِ اَلْمُعْتَمِرُ, وَلِلْقُدُومِ غَيْرُهُ, وَيَسْتَلِمُ اَلْحَجَرِ اَلْأَسْوَدِ وَيُقَبِّلُهُ, فَإِنْ شَقَّ أَشَارَ إِلَيْهِ, وَيَقُولُ مَا وَرَدَ, وَيَرْمُل ُ (484) اَلْأُفُقِيّ فِي هَذَا اَلطَّوَافِ, فَإِذَا فَرَغَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ اَلْمَقَام ِ (485) ثُمَّ يَسْتَلِمُ اَلْحَجَرَ اَلْأَسْوَدَ وَيَخْرُجُ إِلَى اَلصَّفَا مِنْ بَابِه ِ (486) فَيَرْقَاهُ حَتَّى يَرَى اَلْبَيْتَ, فَيُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيَقُولُ مَا وَرَدَ, ثُمَّ يَنْزِلُ مَاشِيًا إِلَى اَلْعَلَمِ اَلْأَوَّل ِ (487) فَيَسْعَى شَدِيدًا إِلَى اَلْآخَرِ, ثُمَّ يَمْشِي وَيَرْقَى إِلَى اَلْمَرْوَةِ, وَيَقُولُ مَا قَالَهُ عَلَى اَلصَّفَا, ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَمْشِي فِي مَوْضِعِ مَشْيِهِ وَيَسْعَى فِي مَوْضِعِ سَعْيِهِ إِلَى اَلصَّفَا, يَفْعَلُهُ سَبْعًا, وَيَحْسِبُ ذَهَابَهُ وَرُجُوعَهُ .
وَيَتَحَلَّلُ مُتَمَتِّعٌ لَا هَدْيَ مَعَهُ بِتَقْصِيرِ شِعْرِهِ, وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا حَجّ َ. وَالْمُتَمَتِّعِ يَقْطَعُ اَلتَّلْبِيَةَ إِذَا أَخَذَ فِي اَلطَّوَافِ.
صِفَةُ اَلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ(1/128)
يُسَنُّ لِمُحِلٍّ بِمَكَّةَ اَلْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ يَوْمَ اَلتَّرْوِيَة ِ (488) وَالْمَبِيتُ بِمِنًى, فَإِذَا طَلَعْتِ اَلشَّمْسُ سَارَ إِلَى عَرَفَةَ, وَكُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَ ة (489) وَجَمَعَ فِيهَا بَيْنَ اَلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا, وَأَكْثَرَ اَلدُّعَاءَ مِمَّا وَرَدَ.
وَوَقْتُ اَلْوُقُوفِ: مِنْ فَجْرِ عَرَفَةَ إِلَى فَجْرِ اَلنَّحْرِ, ثُمَّ يَدْفَعُ بَعْدَ اَلْغُرُوبِ إِلَى اَلْمُزْدَلِفَةَ بِسَكِينَة ٍ (490) وَيَجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ العِشَاءَيْنِ تَأْخِيرًا وَيَبِيتُ بِهَا, فَإِذَا صَلَّى اَلصُّبْحَ أَتَى اَلْمَشْعَر َ (491) اَلْحَرَامَ, فَرَقَاهُ وَوَقَفَ عِنْدَهُ, وَحَمِدَ اَللَّهَ وَكَبَّرَ وَقَرَأَ : ( فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ ( (492) اَلْبَقَرَةِ : 198 اَلْآيَتَيْنِ.
وَيَدْعُو حَتَّى يُسْفِرَ, ثُمَّ يَدْفَعُ إِلَى مِنَى, فَإِذَا بَلَغَ مُحَسِّرًا (493) أَسْرَعَ رَمْيَةَ حَجَرٍ, وَأَخَذَ حَصَى اَلْجِمَارَ سَبْعِينَ أَكْبَرَ مِنْ اَلْحِمِّصِ وَدُونَ اَلْبُنْدُقِ, فَيَرْمِي جَمْرَةَ اَلْعَقَبَةِ (وَحْدَهَا ) (494) بِسَبْعِ, يَرْفَعُ يُمْنَاهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبِطِهِ, وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ, ثُمَّ يَنْحَرُ, وَيَحْلِقُ, أَوْ يُقَصِّرُ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ, وَالْمَرْأَةُ قَدْرَ أُنْمُلَة ٍ (495) ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا اَلنِّسَاءَ ثُمَّ يُفِيضُ إِلَى مَكَّةَ(1/129)
وَسُنَّ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ زَمْزَمَ لِمَا أَحَبَّ, وَيَتَضَلَّع َ (496) مِنْهُ, وَيَدْعُوَ بِمَا وَرَدَ, ثُمَّ يَرْجِعَ فَيَبِيتُ بِمِنًى ثَلَاثَ لَيَالٍ, وَيَرْمِي اَلْجِمَارَ فِي كُلِّ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامٍ اَلتَّشْرِيقِ بَعْدَ اَلزَّوَالِ وَقَبْلَ اَلصَّلَاةِ, وَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ, إِنْ لَمْ يَخْرُجْ قَبْلَ اَلْغُرُوبِ لَزِمَهُ اَلْمَبِيتُ وَالرَّمْيُ مِنْ اَلْغَدِ.
وَطَوَافُ اَلْوَدَاعِ وَاجِبٌ يَفْعَلُهُ, ثُمَّ يَقِفُ فِي اَلْمُلْتَزمِ دَاعِيًا بِمَا وَرَدَ, وَتَدْعُو اَلْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ عَلَى بَابِ اَلْمَسْجِد ِ (497) .
وَسُنَّ زِيَارَةُ قَبْرِ اَلنَّبِيِّ ( وَقَبْرَيْ صَاحِبَيْه ِ (498) .
وَصِفَةُ اَلْعُمْرَةِ: أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مَنْ بِالْحَرَمِ مِنْ أَدْنَى اَلْحِلِّ, وَغَيْرُهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ, إِنْ كَانَ دُونَ اَلْمِيقَاتِ, وَإِلَّا فَمِنْهُ, ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى وَيُقَصِّرُ.
أَرْكَانُ اَلْحَجِّ وَأَحْكَامُ اَلْأُضْحِيَّةِ
أَرْكَانُ اَلْحَجِّ أَرْبَعَةٌ: إِحْرَامٌ, وَوُقُوفٌ, وَطَوَافٌ, وَسَعْيٌ.
وَوَاجِبَاتُه سَبْعَةٌ: إِحْرَامُ مَارٍّ عَلَى مِيقَاتٍ مِنْهُ, وَوُقُوفٌ إِلَى اَللَّيْلِ إِنْ وَقَفَ نَهَارًا, وَمُبَيَّتٌ بِمُزْدَلِفَةَ إِلَى بَعْدِ نِصْفِهِ, إِنْ وَافَاهَا قَبْلَهُ, وَبِمَنَى لَيَالِيَهَا, وَالرَّمْيُ مُرَتَّبًا, وَحَلْقٌ أَوْ تَقْصِيرٌ, وَطَوَافُ وَدَاعٍ.
وَأَرْكَانُ اَلْعُمْرَةِ ثَلَاثَةٌ إِحْرَامٌ, وَطَوَافٌ, وَسَعْيٌ.
وَوَاجِبَاتُهَا اِثْنَانِ: اَلْإِحْرَامُ مِنَ اَلْحِلِّ, وَالْحَلْقُ أَوْ اَلتَّقْصِيرُ.
وَمَنْ فَاتَهُ اَلْوُقُوفُ فَاتَهُ اَلْحَجُّ, وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَة ٍ (499) وَهَدْيٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ اِشْتَرطَ.(1/130)
وَمَنْ مُنِعَ اَلْبَيْتِ هَدَى ثُمَّ حَلَّ, فَإِنَّ فَقْدَه ُ (500) صَامَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ, وَمَنْ صُدَّ عَنْ عَرَفَةَ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وَلَا دَمَ.
وَالْأُضْحِيَّة ُ (501) سُنَّةٌ, يُكْرَهُ تَرْكُهَا لَقَادِرٍ.
وَوَقْتُ اَلذَّبْحِ: بَعْدَ صَلَاةِ اَلْعِيدِ أَوْ قَدْرِهَا إِلَى آخَرِ ثَانِيَ اَلتَّشْرِيقِ .
وَلَا يُعْطَى جَازِرٌ أَجَرْتَه ُ (502) مِنْهَا, وَلَا يُبَاعُ جِلْدُهَا وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا بَلْ يُنْتَفَعُ بِهِ.
وَأَفْضَلُ هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ: إِبِلٌ, ثُمَّ بَقَرٌ, ثُمَّ غَنَمٌ.
وَلَا يُجْزِئُ إِلَّا جِذْعُ ضَأْن ٍ (503) أَوْ ثَنِيٌّ غَيْرِهِ, فَثَنِيُّ إِبِلٍ مَا لَهُ خَمْسُ سِنِينَ, وَبَقَرٍ سَنَتَانِ, وَتُجْزِئُ اَلشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ, وَالْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ, وَلَا تُجْزِئُ هُزَيْلَة ٌ (504) وَبَيِّنَةُ عَوَرٍ أَوْ عَرَجٍ, وَلَا ذَاهِبَةُ اَلثَّنَايَا, أَوْ أَكْثَرِ أُذُنِهَا أَوْ قَرْنِهَا.
وَالسُّنَّةُ نَحْرُ إِبِلٍ قَائِمَةً مَعْقُولَةً يَدُهَا اَلْيُسْرَى وَذَبْحُ غَيْرِهَا, وَيَقُولُ : "بِسْمِ اَللَّهِ اَللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ".
وَسُنَّ أَنْ يَأْكُلَ وَيُهْدِيَ وَيَتَصَدَّقَ أَثْلَاثًا مُطْلَقً ا (505) وَالْحَلْقُ بَعْدَهَا, وَإِنْ أَكَلَهَا إِلَّا أُوقِيَّةً جَازَ, وَحَرُمَ عَلَى مُرِيدِهَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ, وَظُفُرِهِ وَبَشْرْتِه ِ (506) فِي اَلْعَشْرِ.
وَتُسَنُّ اَلْعَقِيقَةُ (507) (508) وَتُسَنُّ الْعَقِيَقَةُ وَهِيَ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ تُذْبَحُ يَوْمَ اَلسَّابِعِ, فَإِنْ فَاتَ فَفِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ, فَإِنْ فَاتَ فَفِي أَحَدَ وَعِشْرِينَ, ثُمَّ لَا تَعْتَبِرُ اَلْأَسَابِيعُ, وَحُكْمُهَا كَأُضْحِيَّ ة (509) .
كِتَاب اَلْجِهَادُ(1/131)
هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ, إِلَّا إِذَا حَضَرَهُ أَوْ حَصَرَهُ أَوْ بَلَدَهُ عَدُوٌّ, أَوْ كَانَ اَلنَّفِيرُ عَامًا فَفَرْضَ عَيْنٍ, وَلَا يَتَطَوَّعُ بِهِ مَنْ أَحْدُ أَبَوَيْهِ حُرٌّ مُسْلِمٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ .
وَسُنَّ رِبَاط ٌ (510) وَأَقَلُّهُ سَاعَةٌ, وَتَمَامُهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا.
وَعَلَى اَلْإِمَامِ مَنْعُ مُخَذِّل ٍ (511) وَمُرْجِفٍ, وَعَلَى اَلْجَيْشِ طَاعَتُهُ وَالصَّبْرُ مَعَهُ.
وَتُمْلَكُ اَلْغَنِيمَةُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فِي دَارِ حَرْبٍ, فَيُجْعَلُ خُمُسُهَا خَمْسَةَ أَسْهُمٍ : سَهْمٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ, وَسَهْمٌ لِذَوِي اَلْقُرْبَى وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ, وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى اَلْفُقَرَاءِ, وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ, وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ اَلسَّبِيلِ. وَشُرِطَ فِيمَنْ يُسْهَمُ لَهُ إِسْلَامٌ .
ثُمَّ يُقْسَمُ اَلْبَاقِي بَيْنِ مَنْ شَهِدَ اَلْوَقْعَةَ: لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ, وَلِلْفَارِسِ عَلَى فَرَسٍ عَرَبِيّ ٍ (512) ثَلَاثَةٌ, وَعَلَى غَيْرِهِ اِثْنَانِ. وَيُقْسَمُ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ وَيُرْضَخ ُ (513) لِغَيْرِهِمْ.
وَإِذَا فَتَحُوا أَرْضًا بِالسَّيْفِ خُيِّرَ اَلْإِمَامُ بَيْنَ قَسْمِهَا وَوَقْفِهَا عَلَى اَلْمُسْلِمِينَ, ضَارِبًا عَلَيْهَا خَرَاجًا مُسْتَمِرًّا, يُؤْخَذُ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِه ِ (514) .
وَمَا أُخِذَ مِنْ مَالِ مُشْرِكٍ بِلَا قِتَالٍ كَجِزْيَةٍ وَخَرَاجٍ وَعُشْرِ فَيْء ٍ (515) لِمَصَالِح اَلْمُسْلِمِينَ, وَكَذَا خُمُسُ خُمْسِ اَلْغَنِيمَةِ.
عَقْدُ اَلذِّمَّةِ(1/132)
وَيَجُوزُ عَقْدُ اَلذِّمَّةِ لِمَنْ لَهُ كِتَاب أَوْ شُبْهَتُهُ (516) (517) وَيُقَاتَلُ هَؤُلَاءِ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا اَلْجِزْيَةَ, وَغَيْرُهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُقْتَلُوا, وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ مُمْتَهَنِينَ مُصَغَّرِينَ، وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ صَبِيٍّ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَفَقِيرٍ عَاجِزٍ عَنْهَا وَنَحْوِهِمْ .
وَيَلْزَمُ أَخْذُهُمْ بِحُكْمِ اَلْإِسْلَامِ فِيمَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ مِنْ نَفْسٍ وَعِرْضٍ وَمَالٍ وَغَيْرِهَا .
وَيَلْزَمُهُمْ اَلتَّمَيُّزُ عَنْ اَلْمُسْلِمِينَ, وَلَهُمْ رُكُوبُ غَيْرِ خَيْلٍ بِغَيْرِ سَرْجٍ.
وَحَرُمَ تَعْظِيمُهُمْ, وَبُدَاءَتُهُمْ بِالسَّلَامِ .
وَإِنْ تَعَدَّى اَلذِّمِّيُّ عَلَى مُسْلِمٍ, أَوْ ذَكَرَ اَللَّهَ أَوْ كِتَابَهُ, أَوْ رَسُولَهُ بِسُوءٍ اِنْتَقَضَ عَهْدُهُ, فَيُخَيَّرُ اَلْإِمَامُ فِيهِ كَأَسِيرٍ حَرْبِيٍّ .
كِتَابُ اَلْبَيْعِ وَسَائِرِ اَلْمُعَامَلَاتِ
يَنْعَقِدُ بِمُعاْطَاةٍ (518) وَبِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِسَبْعَةِ شُرُوطٍ :
اَلرِّضَا مِنْهُمَا, وَكَوْنُ عَاقِدٍ جَائِزَ اَلتَّصَرُّفِ (519) وَكَوْنُ مَبِيعٍ مَالاً, وَهُوَ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ, وَكَوْنُهُ مَمْلُوكًا لِبَائِعِهِ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِيهِ (520) وَكَوْنُهُ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ, وَكَوْنُهُ مَعْلُومًا لَهُمَا بِرُؤْيَةِ أَوْ صِفَةٍ تَكْفِي فِي اَلسَّلَمِ, وَكَوْنُ ثَمَنٍ مَعْلُومًا, فَلَا يَصِحُّ بِمَا يَنْقَطِعُ بِهِ اَلسِّعْرُ (521) .
وَإِنْ بَاعَ مُشَاعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ, أَوْ عَبْدَهُ (522) وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذَنٍ, أَوْ عَبْدًا وَحُرًّا, أَوْ خَلًّا وَخَمْرًا صَفْقَةً وَاحِدَةً (523) صَحَّ فِي نَصِيبِهِ وَعَبْدِهِ وَالْخَلِّ بِقِسْطِهِ, وَلِمُشْتَرٍ اَلْخِيَارُ.(1/133)
وَلَا يَصِحُّ -بِلَا حَاجَةٍ- (524) بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ مِمَّنْ تُلْزِمُهُ اَلْجُمْعَةُ بَعْدَ نِدَائِهَا اَلثَّانِي. وَتَصِحُّ سَائِرِ اَلْعُقُودِ (525) وَلَا بَيْعُ عَصِيرٍ أَوْ عِنَبٍ لِمُتَّخِذِهِ خَمْرًا, وَلَا سِلَاحٍ فِي فِتْنَةٍ, وَلَا عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ (526) .
وَحَرُمَ وَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ, وَشِرَاؤُهُ عَلَى شِرَائِهِ, وَسَوْمُهُ عَلَى سَوْمِهِ.
شُرُوطُ اَلْبَيْعِ وَأَقْسَامُ اَلْخِيَارِ
وَالشُّرُوطُ فِي اَلْبَيْعِ ضَرْبَانِ:
صَحِيحٌ: كَشَرْط رَهْنٍ وَضَامِنٍ وَتَأْجِيلِ ثَمَنٍ, وَكَشَرْطِ بَائِعٍ نَفْعًا مَعْلُومًا فِي مَبِيعٍ كَسُكْنَى اَلدَّارِ شَهْرًا, أَوْ مُشْتَرٍ نَفْعَ بَائِعٍ كَحَمْلِ حَطَبٍ أَوْ تَكْسِيرِهِ, وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ بَطَلَ اَلْبَيْع ُ (527) .
وَفَاسِدٌ: يُبْطِلُهُ, كَشَرْطِ عَقْدٍ آَخَرَ مِنْ قَرْضٍ وَغَيْرِهِ, أَوْ مَا يُعَلِّقُ اَلْبَيْعَ كَبِعْتُكَ إِنْ جِئْتَنِي بِكَذَا, أَوْ رَضِيَ زَيْدٌ.
وَفَاسِدٌ لَا يُبْطِلُه ُ (528) كَشَرْطِ أَنْ لَا خَسَارَةَ, أَوْ مَتَى نَفَقَ وَإِلَّا رَدَّهُ, وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَإِنْ شَرَطَ اَلْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ مَجْهُولٍ لَمْ يَبْرَأْ.
وَالْخِيَارُ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ:
خِيَارُ مَجْلِسٍ, فَالْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا عُرْفًا.
وَخِيَارُ شَرْطٍ, وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِطَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا مُدَّةً مَعْلُومَةً.
وَحَرُمَ حِيلَة ً (529) وَلَمْ يَصِحَّ اَلْبَيْعُ, وَيَنْتَقِلُ اَلْمِلْكُ فِيهِمَا لِمُشْتَرٍ, لَكِنْ يَحْرُمُ.
وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفٌ فِي مَبِيعٍ وَعِوَضِهِ مُدَّتَهُمَا إِلَّا عِتْقَ مُشْتَرٍ مُطْلَقًا, وَإِلَّا تَصَرُّفَهُ فِي مَبِيعٍ, وَالْخِيَارُ لَهُ.(1/134)
وَخِيَارُ غَبْنٍ يَخْرُجُ عَنْ اَلْعَادَةَ لِنَجْش ٍ (530) أَوْ غَيْرِهِ, لَا لِاسْتِعْجَالٍ.
وَخِيَارُ تَدْلِيسٍ بِمَا يَزِيدُ بِهِ اَلثَّمَنُ كَتَصْرِيَةٍ وَتَسْوِيدِ شَعْرِ جَارِيَةٍ.
وَخِيَارُ غَبْنٍ, وَعَيْبٍ, وَتَدْلِيسٍ عَلَى اَلتَّرَاخِي مَا لَمْ يُوجَدْ دَلِيلُ اَلرِّضَا إِلَّا فِي تَصْرِيَةٍ فَثَلَاثَةُ أَيَّام ٍ (531) .
وَخِيَارُ عَيْبٍ يُنْقِصُ قِيمَةَ اَلْمَبِيعِ, كَمَرَضٍ وَفَقْدِ عُضْوٍ وَزِيَادَتِهِ. فَإِذَا عَلِمَ اَلْعَيْبِ خُيِّرَ بَيْنَ إِمْسَاكِ مَعَ أَرْش ٍ (532) أَوْ رَدٍّ وَأَخْذِ ثَمَنٍ.
وَإِنْ تَلِفَ مَبِيعٌ, أَوْ أُعْتِقَ وَنَحْوُهُ تَعَيَّنَ أَرْشٌ, وَإِنْ تَعَيَّبَ أَيْضًا خُيِّرَ فِيهِ بَيْنَ أَخْذِ أَرْشٍ وَرَدٍّ مَعَ دَفْعِ أَرْشٍ وَيَأْخُذُ ثَمَنَهُ.
وَإِنْ اِخْتَلَفَا عِنْدَ مَنْ حَدَثَ فَقَوْلُ مُشْتَرٍ بِيَمِينِه ِ (533) .
وَخِيَارُ تَخْبِيرِ ثَمَنٍ, فَمَتَى بَانَ أَكْثَرَ, أَوْ أَنَّهُ اِشْتَرَاهُ مُؤَجَّلاً, أَوْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُةُ لَه ُ (534) أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ حِيلَةً, أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِقِسْطِهِ, وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ, فَلِمُشْتَرٍ اَلْخِيَارُ.
وَخِيَارٌ لِاخْتِلَافِ اَلْمُتَبَايِعَيْنِ, فَإِذَا اِخْتَلَفَا فِي قَدْرِ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ, وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ لَهُمَا حَلَفَ بَائِعٌ, وَمَا بِعْتُهُ بِكَذَا, وَإِنَّمَا بِعْتُهُ بِكَذَا, ثُمَّ مُشْتَرٍ مَا اِشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا, وَإِنَّمَا اِشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا, وَلِكُلٍّ اَلْفَسْخُ إِنْ لَمْ يَرْضَ بِقَوْلِ اَلْآخَرِ, وَبَعْدَ تَلَفٍ يَتَحَالَفَانِ, وَيَغْرَمُ مُشْتَرٍ قِيمَتَهُ.
وَإِنْ اِخْتَلَفَا فِي أَجَلٍ أَوْ شَرْط ٍ (535) وَنَحْوِهِ فَقَوْلُ نَافٍ, أَوْ عَيْنِ مَبِيعٍ أَوْ قَدْرِهِ فَقَوْلُ بَائِعٍ(1/135)
وَيَثْبُتُ لِلْخِلْفِ فِي اَلصِّفَةِ وَتَغَيُّر مَا تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ.
شِرَاءُ اَلْمَكِيْلِ وَنَحْوِهِ
وَمَنْ اِشْتَرَى مِكْيَالاً وَنَحْوَهُ لَزِمَ بِالْعَقْدِ, وَلَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ.
وَيَحْصُلُ قَبْضُ مَا بِيعَ بِكَيْلٍ وَنَحْوِهِ بِذَلِكَ مَعَ حُضُورِ مُشْتَرٍ أَوْ نَائِبهِ, وَوِعَاؤُهُ كَيَدِهِ (536) وصُبْرَةٍ وَمَنْقُولٍ بِنَقْلٍ, وَمَا يُتَنَاوَلُ بِتَنَاوُلِهِ, وَغَيْرُهُ بِتَخْلِيَةٍ .
وَالْإِقَالَةُ (537) فَسْخٌ تُسَنُّ لِلنَّادِمِ .
رِبَا اَلْفَضْلِ وَرِبَا اَلنَّسِيئَةِ
اَلرِّبَا نَوْعَانِ: رِبَا فَضْلٍ وَرِبَا نَسِيئَةٍ.
فَرِبَا اَلْفَضْلِ: يَحْرُمُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ بِيعَ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلاً, وَلَوْ يَسِيرًا لَا يَتَأَتَّ ى (538) وَيَصِحُّ بِهِ مُتَسَاوِيًا وَبِغَيْرِه ِ (539) مُطْلَقًا بِشَرْطٍ قَبْضٍ قَبْلَ تَفَرُّقٍ, لَا مَكِيْلٌ بِجِنْسِهِ وَزْنًا, وَلَا عَكْسُهُ, وَإِلَّا إِذَا عُلِمَ تَسَاوِيهِمَا فِي اَلْمِعْيَارِ اَلشَّرْعِيّ ِ (540)
يَحْرُمُ فِيمَا اِتَّفَقَا فِي عِلَّةِ رِبَا فَضْلٍ كَمَكِيْلٍ بِمَكِيْلٍ, وَمَوْزُونٍ بِمَوْزُونٍ نِسَاء ً (541) إِلَّا أَنْ يَكُونَ اَلثَّمَنُ أَحَدَ اَلنَّقْدَيْنِ فَيَصِحُّ, وَيَجُوزُ بَيْعُ مَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ وَعَكْسُهُ مُطْلَقًا, وَصَرْفُ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ وَعَكْسُه ُ (542) .
وَإِذَا اِفْتَرَقَ مُتَصَارِفَانِ بَطَلَ اَلْعَقْدُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ.
فَصْلٌ وَإِذَا بَاعَ دَارًا... إِلَخْ
وَإِذَا بَاعَ دَارًا شَمِلَ اَلْبَيْعُ أَرْضَهَا, وَبِنَاءَهَا, وَسَقْفَهَا, وَبَابًا مَنْصُوبًا, وَسُلَّمً ا (543) وَرَفًّا مَسْمُورَيْنِ, وَخَابِيَةً مَدْفُونَةً, لَا قُفْلاً, وَمِفْتَاحًا,(1/136)
وَلَا زَرْعٍ قَبْلَ اِشْتِدَادِ حَبِّهِ لِغَيْرِ مَالِكٍ أَصْلٍ أَوْ أَرْضِه ِ (544) إِلَّا بِشَرْطِ قَطْعٍ إِنْ كَانَ مُنْتَفِعًا بِهِ وَلَيْسَ مُشَاعًا, وَكَذَا بَقْلٌ وَرَطْبَة ٌ (545) وَلَا قِثَّاءٍ وَنَحْوِهِ إِلَّا لَقْطَةً لَقْطَةً أَوْ مَعَ أَصْلِهِ, وَإِنْ تُرِكَ مَا شُرِطَ قَطْعُهُ بَطَلَ اَلْبَيْعُ بِزِيَادَةٍ غَيْرِ يَسِيرَةٍ إِلَّا اَلْخَشَبَ [فَلَا ] (546) وَيَشْتَرِكَانِ فِيهَا.
وَحَصَادٌ وَلُقَاطٌ وَجِدَاد ٌ (547) عَلَى مُشْتَرٍ, وَعَلَى بَائِعٍ سَقْيٌ وَلَوْ تَضَرَّرَ أَصْلٌ .
وَمَا تَلِفَ سِوَى يَسِيرٍ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَعَلَى بَائِعٍ مَا لَمْ يُبَعْ مَعَ أَصْلٍ, أَوْ يُؤَخَّرْ أَخْذٌ عَنْ عَادَتِهِ.
وَصَلَاحُ بَعْضِ ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ صَلَاحٌ لِجَمِيعِ نَوْعِهَا اَلَّذِي فِي اَلْبُسْتَانِ, فَصَلَاحُ ثَمَرِ نَخْلٍ أَنْ يَحْمَرَّ أَوْ يَصْفَرَّ, وَعِنَبٍ أَنْ يَتَمَوَّهَ بِالْمَاءِ اَلْحُلْوِ وَبَقِيَّةُ ثَمَرٍ بُدُوّ ُ (548) نُضْجٍ وَطِيِبُ أَكْلٍ, وَيَشْمَلُ بَيْعَ دَابَّةٍ عِذَارَهَا وَمِقْوَدَهَ ا (549) وَنَعْلهَا, وَقِنٍّ لِبَاسَهُ لِغَيْرِ جَمَالٍ.
اَلسَّلَمُ وَشُرُوطُهُ
وَيَصِحُّ اَلسَّلَم ُ (550) بِسَبْعَةِ شُرُوطٍ :
أَنْ يَكُونَ فِيمَا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَاتِهِ كَمَكِيلٍ وَنَحْوِهِ, وَذِكْرُ جِنْسٍ وَنَوْعٍ, وَكُلِّ وَصْفٍ يَخْتَلِفُ بِهِ اَلثَّمَنُ غَالِبًا, وَحَدَاثَةٍ وَقِدَمٍ, وَذِكْرُ قَدْرِهِ, وَلَا يَصِحُّ فِي مَكِيلٍ وَزْنًا وَعَكْسُهُ, وَذِكْرُ أَجَلٍ مَعْلُومٍ كَشَهْرٍ, وَأَنْ يُوجَدَ غَالِبًا فِي مَحِلِّه ِ (551) فَإِنْ تَعَذَّرَ أَوْ بَعْضُهُ صَبَرَ, أَوْ أَخَذَ رَأْسَ مَالِهِ, وَقَبْضُ اَلثَّمَنِ قَبْلَ اَلتَّفَرُّقِ, وَأَنْ يُسْلِمَ فِي اَلذِّمَّةِ فَلَا يَصِحُّ فِي عَيْنٍ وَلَا ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ.(1/137)
وَيَجِبُ اَلْوَفَاءُ مَوْضِعَ اَلْعَقْدِ إِنْ لَمْ يَشْرُطُ فِي غَيْرِهِ .
وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مُسْلَمٍ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا اَلْحَوَالَةُ بِهِ وَلَا عَلَيْهِ, وَلَا أَخْذُ رَهْنٍ وَكَفِيلٍ بِهِ, وَلَا أَخْذُ غَيْرِهِ عَنْهُ .
أَحْكَامُ اَلْقَرْضِ وَالرَّهْنِ
وَكُلُّ مَا صَحَّ بَيْعُهُ صَحَّ قَرْضُهُ (552) (553) إِلَّا بَنِي آَدَمَ.
وَيَجِبُ رَدٌّ مِثْلِ فُلُوسٍ, وَمَكِيْلٍ وَمَوْزُونٍ, فَإِنْ فُقِدَ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ فَقْدِهِ وَقِيمَةُ غَيْرِهَا يَوْمَ قَبْضِهِ.
وَيَحْرُمُ كُلُّ شَرْطٍ يَجُرُّ نَفْعً ا (554) وَإِنْ وَفَّاهُ أَجْوَدَ أَوْ أَهْدَى إِلَيْهِ هَدِيَّةً بَعْدَ وَفَاءٍ بِلَا شَرْطٍ فَلَا بَأْسَ.
وَكُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ رَهْنُهُ, وَكَذَا ثَمَرٌ وَزَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُمَا, وَقِنٌّ دُونَ وَلَدِهِ وَنَحْوِه ِ (555) .
وَيَلْزَمُ فِي حَقِّ رَاهِنٍ بِقَبْض ٍ (556) .
وَتَصَرُّفُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ بِغَيْرِ إِذَنِ اَلْآَخَرِ بَاطِلٌ إِلَّا عِتْقَ رَاهِنٍ وَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ مِنْهُ رَهْنً ا (557) .
وَإِذَا حَلَّ اَلدَّيْنُ وَامْتَنَعَ مِنْ وَفَائِهِ, فَإِنْ كَانَ أَذِنَ لِمُرْتَهِنٍ فِي بَيْعِهِ بَاعَهُ, وَإِلَّا أُجْبِرَ عَلَى اَلْوَفَاءِ, أَوْ بَيْعِ اَلرَّهْنِ, فَإِنْ أَبَى حُبِسَ أَوْ عُزِّرَ, فَإِنْ أَصَرَّ بَاعَهُ حَاكِمٌ, وَوَفَّى دَيْنَه ُ (558) وَغَائِبٌ كَمُمْتَنِعٍ.
وَإِنْ شَرَطَ أَلَّا يُبَاعُ إِذَا حَلَّ اَلدَّيْنُ, أَوْ إِنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ فِي وَقْتِ كَذَا, وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ [بِالدَّيْنِ ] (559) لَمْ يَصِحَّ اَلشَّرْط ُ (560) .(1/138)
وَلِمُرْتَهِنٍ أَنْ يَرْكَبَ مَا يُرْكَبُ وَيَحْلِبَ مَا يُحْلَبُ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ بِلَا إِذَنْ, وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِلَا إِذَنِ رَاهِنٍ مَعَ إِمْكَانِه ِ (561) لَمْ يَرْجِعْ, وَإِلَّا رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَهُ, وَنَفَقَةِ مِثْلَهِ إِنْ نَوَاهُ.
وَلَوْ خَرِبَ فَعَمَرَهُ رَجَعَ بِآلَتِهِ فَقَط ْ (562) .
أَحْكَامُ اَلضَّمَانِ
وَيَصِحُّ ضَمَانُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ مَا وَجَبَ أَوْ سَيَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ, لَا الأَمَانَاتِ بَلِ التَّعَدِّي فِيهَا, وَلَا جِزْيَة ٍ (563) وَشُرِطَ رِضَاءُ ضَامِنٍ فَقَطْ, وَلِرَبِّ حَقٍّ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا.
وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدْنِ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ مَالِيٌّ, وَبِكُلِّ عَيْنٍ يَصِحُّ ضَمَانُهَ ا (564) .
وَشُرِطَ رِضَاءُ كَفِيلٍ فَقَطْ, فَإِنْ مَاتَ, أَوْ تَلِفَتِ العَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَ ى (565) قَبْلَ طَلَبٍ بَرِئَ.
وَتَجُوزُ اَلْحَوَالَةُ عَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرّ ٍ (566) إِنِ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ جِنْسًا وَوَقْتًا وَوَصْفًا وَقَدْرًا, وَتَصِحُّ بِخَمْسَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ وَعَكْسُهُ.
وَيُعْتَبَرُ رِضَا مُحِيلٍ وَمُحْتَالٍ عَلَى غَيْرِ مَلِيء ٍ (567) .
مَبَاحِث الصُّلْحِ
وَالصُّلْحُ (568) فِي الْأَمْوَالِ قِسْمَانِ:
أَحَدُهُمَا: عَلَى الْإِقْرَارِ, وَهُوَ نَوْعَانِ: اَلصُّلْحُ عَلَى جِنْسِ الْحَقِّ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ (569) فَيَضَعَ أَوْ يَهَبَ لَهُ اَلْبَعْضَ وَيَأْخُذَ اَلْبَاقِي, فَيَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ بِغَيْرِ لَفْظِ صُلْحٍ بِلَا شَرْطٍ. (570)
اَلثَّانِي: عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ, فَإِنْ كَانَ بِأَثْمَانٍ عَنْ أَثْمَانٍ فَصَرْفٌ, وَبِعَرْضٍ عَنْ نَقْدٍ, وَعَكْسُهُ فَبَيْعٌ.(1/139)
الْقِسْمُ اَلثَّانِي: عَلَى الْإِنْكَارِ, بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ فَيُنْكِرَ, أَوْ يَسْكُتَ ثُمَّ يُصَالِحَهُ فَيَصِحُّ, وَيَكُونُ إِبْرَاءً فِي حَقِّهِ, وَبَيْعاً فِي حَقِّ مُدَّعٍ.
وَمَنْ عَلِمَ كَذِبَ نَفْسِهِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ فِي حَقِّهِ.
مَبَاحِث اَلْجِوَارِ
وَإِذَا حَصَلَ فِي أَرْضِهِ أَوْ جِدَارِهِ أَوْ هَوَائِهِ غُصْنُ شَجَرَةِ غَيْرِهِ أَوْ غُرْفَتِهِ (571) لَزِمَ إِزَالَتَهُ وَضِمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ (572) بَعْدَ طَلَبٍ, فَإِنْ أَبَى لَمْ يُجْبَرْ فِي اَلْغُصْنِ وَلَوَاهُ, فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَلَهُ قَطْعُهُ بِلَا حُكْمٍ.
وَيَجُوزُ فَتْحُ بَابٍ لِاسْتِطْرَاقٍ فِي دَرْبٍ نَافِذٍ, لَا إِخْرَاجُ جَنَاحٍ وَسَابَاطٍ وَمِيزَابٍ إِلَّا بِإِذْنِ إِمَامٍ (573) مَعَ أَمْنِ الضَّرَرِ, وَفِعْلُ ذَلِكَ فِي مُلْكِ
وَإِنْ طَلَبَ شَرِيكٌ فِي حَائِطٍ أَوْ سَقْفٍ اِنْهَدَمَ (574) شَرِيكَهُ لِلْبِنَاءِ مَعَهُ أُجْبِرَ كَنَقْضٍ خَوْفَ سُقُوطٍ, وَإِنْ بَنَاهُ بِنِيَّةِ اَلرُّجُوعِ رَجَعَ.
وَكَذَا نَهْرٌ وَنَحْوُهُ. (575)
الْكَلَام عَلَى اَلْحَجْرِ
وَمَنْ مَالُهُ لَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ حَالاًّ وَجَبَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِطَلَبِ بَعْضِ غُرَمَائِهِ
وَسُنَّ إِظْهَارُهُ, وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ وَلَا إِقْرَارُهُ عَلَيْهِ, بَلْ فِي ذِمَّتِهِ فَيُطَالَبُ بَعْدَ فَكِّ حَجْرٍ.
وَمَنْ سَلَّمَهُ عَيْنَ مَالِ جَاهِلِ الْحَجْرِ أَخَذَهَا إِنْ كَانَتْ بِحَالِهَا, وَعِوَضُهَا كُلُّهُ بَاقٍ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ, وَيَبِيعُ حَاكِمٌ مَالَهِ وَيُقْسِمُهُ(1/140)
وَلَا يَحِلُّ مُؤَجَّلٌ بِفَلَس ٍ (576) وَلَا بِمَوْتٍ إِنْ وَثَّقَ الْوَرَثَةُ بِرَهْنٍ مُحْرِز ٍ (577) أَوْ كَفِيلٍ مَلِيءٍ , وَإِنْ ظَهَرَ غَرِيمٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ رَجَعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِقِسْطِهِ.
مَا يُحْفَظُ بِهِ مَالُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ
وَيُحْجَرُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيه ِ (578) لِحَظِّهِمْ .
وَمَنْ دَفَعَ إِلَيْهِمْ مَالَهُ بِعَقْدٍ أَوْ لَا رَجَعَ بِمَا بَقِيَ لَا مَا تَلِفَ, وَيَضْمَنُونَ جِنَايَة ً (579) وَإِتْلَافِ مَا يُدْفَعُ إِلَيْهِمْ.
وَمَنْ بَلَغَ رَشِيدًا أَوْ مَجْنُونًا ثُمَّ عَقَلَ وَرَشَدَ, انْفَكَّ الْحِجْرُ عَنْهُ بِلَا حُكْمٍ, وَأُعْطِيَ مَالَهُ لَا قَبْلَ ذَلِكَ بِحَال ٍ (580) .
وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَالُهُ حَتَّى يُخْتَبَر َ (581) بِمَا يَلِيقُ بِهِ, وَيُؤْنَسَ رُشْدُهُ, وَمَحَلُّهُ قَبْلَ بُلُوغٍ, وَالرُّشْدُ هُنَا إِصْلَاحُ الْمَالِ بِأَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ فَلَا يُغْبَنَ غَالِبًا, وَلَا يَبْذُلَ مَالَهُ فِي حَرَامٍ وَغَيْرِ فَائِدَة ٍ (582) .
وَوَلِيُّهُمْ حَالَ الْحِجْرِ الْأَبُ, ثُمَّ وَصِيُّهُ, ثُمَّ الْحَاكِمُ, وَلَا يَتَصَرَّفُ لَهُمْ إِلَّا بِالْأَحَظِّ, وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ فَكِّ حَجْرٍ فِي مَنْفَعَةٍ وَضَرُورَةٍ وَتَلَفٍ لَا فِي دَفْعِ مَالٍ بَعْدَ رُشْد ٍ (583) إِلَّا مِنْ مُتَبَرِّعٍ .
وَيَتَعَلَّق ُ (584) دَيْنُ مَأْذُونٍ لَهُ بِذِمَّةِ سَيِّدٍ, وَدِينُ غَيْرِهِ وَأَرْشُ جِنَايَةِ قِنٍّ, وَقِيَمُ مَتْلَفَاتِهِ بِرَقَبَتِهِ.
الْوَكَالَةُ
وَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِكُلِّ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَى إِذْنٍ وَقَبُولُهَا بِكُلِّ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ دَالٍّ عَلَيْهِ.
وَشُرِطَ كَوْنُهُمَ ا (585) جَائِزَي التَّصَرُّفِ, وَمَنْ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي شَيْءٍ فَلَهُ تَوَكُّلٌ وَتَوْكِيلٌ فِيهِ.(1/141)
وَتَصِحُّ فِي كُلِّ حَقِّ آدَمِيٍّ, لَا ظِهَارٍ وَلِعَانٍ وَأَيْمَانٍ, وَفِي كُلِّ حَقٍّ لِلَّهِ تَدْخُلُهُ اَلنِّيَابَة ُ (586) .
وَهِيَ وَشَرِكَةٌ وَمُضَارَبَةٌ وَمُسَاقَاةٌ وَمُزَارَعَةٌ وَوَدِيعَةٌ وَجُعَالَةٌ -عُقُودٌ جَائِزَةٌ لِكُلٍّ فَسْخُهَا.
وَلَا يَصِحُّ بِلَا إِذْنٍ بَيْعُ وَكِيلٍ لِنَفْسِه ِ (587) وَلَا شِرَاؤُهُ مِنْهَا لِمُوَكِّلِهِ, وَوَلَدُهُ وَوَالِدُهُ وَمُكَاتِبُهُ كَنَفْسِهِ.
وَإِنْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلٍ أَوْ اِشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ صَحَّ وَضَمِنَ زِيَادَةً أَوْ نَقْصًا . وَوَكِيلُ مَبِيعٍ يُسْلِمُهُ وَلَا يَقْبِضُ ثَمَنَه ُ (588) إِلَّا بِقَرِينَةٍ, وَيُسَلِّمُ وَكِيلُ اَلشِّرَاءِ اَلثَّمَنَ وَوَكِيلُ خُصُومَةٍ لَا يَقْبِضُ, وَقَبْضٍ يُخَاصِمُ.
وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ لَا يُضْمَنُ إِلَّا بِتَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيط ٍ (589) وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي نَفْيهِمَ ا (590) وَهَلَاكٍ بِيَمِينِهِ, كَدَعْوَى مُتَبَرِّعٍ رَدَّ اَلْعَيْنِ أَوْ ثَمَنِهَا لِمُوَكِّلٍ لَا لِوَرَثَتِهِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ.
الشَّرِكَةُ
وَالشَّرِكَةُ خَمْسَةُ أَضْرُبٍ
شَرِكَةُ عِنَانٍ (591) (592) وَهِيَ أَنْ يُحْضِرَ كُلٌّ مِنْ عَدَدٍ جَائِزِ اَلتَّصَرُّفِ مِنْ مَالِهِ نَقْدًا مَعْلُومًا; لِيَعْمَلَ فِيهِ كُلٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ اَلرِّبْحِ جُزْءًا مُشَاعًا مَعْلُومًا.
اَلثَّانِي: اَلْمُضَارَبَة ،وَهِيَ دَفْعُ مَالٍ مُعَيَّنٍ مَعْلُومٍ لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ [مَعْلُوم] ٍ (593) مُشَاعٍ مِنْ رِبْحِه ِ (594) .
وَإِنْ ضَارَبَ لِآخَرَ فَأَضَرّ َ (595) الْأَوَّلَ حَرُمَ, وَرَدَّ حِصَّتَهُ فِي الشَّرِكَةِ.
وَإِنْ تَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ تَصَرُّفٍ أَوْ خَسِرَ, جُبِر َ (596) مِنْ رِبْحٍ قَبْلَ قِسْمَةٍ.(1/142)
اَلثَّالِثُ: شَرِكَةُ الْوُجُوهِ: وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي رِبْحِ مَا يَشْتَرِيَانِ فِي ذِمَمِهِمَا بِجَاهَيْهِمَ ا (597) وَكُلٌّ وَكَيْلُ الْآخَرِ وَكَفِيلُهُ بِالثَّمَنِ.
اَلرَّابِعُ: شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ: وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَتَمَلَّكَانِ بِأَبْدَانِهِمَا مِنْ مُبَاحٍ كَاصْطِيَادٍ وَنَحْوِه ِ (598) أَوْ يَتَقَبَّلَانِ فِي ذِمَمِهِمَا مِنْ عَمَلٍ كَخِيَاطَةٍ.S
فَمَا تَقَبَّلُهُ أَحَدُهُمَا لَزِمَهُمَا عَمَلُهُ وَطُولِبَا بِهِ, وَإِنْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا الْعَمَلَ لِعُذْرٍ أَوْ لَا فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا, وَيَلْزَمُ مَنْ عُذِر َ (599) أَوْ لَمْ يَعْرِفِ الْعَمَلَ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ بِطَلَبِ شَرِيكٍ.
الْخَامِسُ: شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ ،وَهِيَ أَنْ يُفَوِّضَ كُلٌّ إِلَى صَاحِبِهِ كُلَّ تَصَرُّفٍ مَالِيّ ٍ (600) وَيَشْتَرِكَا فِي كُلِّ مَا يَثْبُتُ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا, فَتَصِحُّ إِنْ لَمْ يُدْخِلَا فِيهِمَا كَسْبًا نَادِرًا (601) .
وَكُلُّهَا جَائِزَةٌ, وَلَا ضَمَانَ فِيهَا إِلَّا بِتَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ.
الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ
وَتَصِحُّ الْمُسَاقَاة ُ (602) عَلَى شَجَرٍ لَهُ ثَمَرٌ يُؤْكَلُ, وَثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ بِجُزْءٍ مِنْهَا, وَعَلَى شَجَرٍ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَلُ عَلَيْه ِ (603) حَتَّى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ أَوْ اَلشَّجَرِ أَوْ مِنْهُمَا, فَإِنْ فَسَخَ مَالِكٌ قَبْلَ ظُهُورِ ثَمَرَةٍ فَلِعَامِلٍ أُجْرَتُهُ, أَوْ عَامِلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ.
وَتُمْلَكُ اَلثَّمَرَةُ بِظُهُورِهَا, فَعَلَى عَامِلٍ تَمَامُ عَمَلٍ إِذَا فُسِخَتْ بَعْدَه ُ (604) وَعَلَى عَامِلٍ كُلَّ مَا فِيهِ نُمُوٌّ أَوْ إِصْلَاحٌ وَحَصَادٌ وَنَحْوُهُ, وَعَلَى رَبِّ أَصْلٍ حِفْظٌ وَنَحْوُه ُ (605) وَعَلَيْهِمَا -بِقَدْرِ حِصَّتَيْهِمَا- جَدَادٌ.(1/143)
وَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ بِشَرْطِ عِلْمِ بَذْر ٍ (606) وَقَدْرِهِ وَكَوْنِهِ مِنْ رَبِّ الْأَرْض ِ (607) .
الْإِجَارَةُ
وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ
مَعْرِفَةُ مَنْفَعَةٍ, وَإِبَاحَتُهَ ا (608) وَمَعْرِفَةُ أُجْرَةٍ إِلَّا أَجِيرًا وَظِئْرًا (609) بِطَعَامِهِمَا وَكِسْوَتِهِمَا.
وَإِنْ دَخَلَ حَمَّامًا, أَوْ سَفِينَةً, أَوْ أَعْطَى ثَوْبَهُ خَيَّاطًا وَنَحْوَه ُ (610) صَحَّ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ.
وَهِيَ ضَرْبَانِ:
إِجَارَةُ عَيْنٍ: (611) (612) وَشُرِطَ مَعْرِفَتُهَا, وَقُدْرَةٌ عَلَى تَسْلِيمِهَا, وَعَقْدٌ فِي غَيْرِ ظِئْرٍ عَلَى نَفْعِهَا دُونَ أَجْزَائِهَا, وَاشْتِمَالُهَا عَلَى اَلنَّفْعِ, وَكَوْنُهَا لِمُؤَجِّرٍ, أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِيهَ ا (613)
وَإِجَارَةُ الْعَيْنِ قِسْمَانِ: إِلَى أَمَد ٍ (614) مَعْلُومٍ يَغْلِبُ عَلَى اَلظَّنِّ بَقَاؤُهَا فِيهِ.
لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ, كَإِجَارَةِ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ إِلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّن ٍ (615)
الضَّرْبُ اَلثَّانِي: عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فِي الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَوْصُوفٍ, فَيُشْتَرَطُ تَقْدِيرُهَا بِعَمَلٍ أَوْ مُدَّةٍ كَبِنَاءِ دَارٍ وَخِيَاطَةٍ, وَشُرِطَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ وَضَبْطُه ُ (616) وَكَوْنُ أَجِيرٍ فِيهَا آدَمِيًّا جَائِزَ التَّصَرُّفِ, وَكَوْنُ عَمَلٍ لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَة ِ (617)
وَعَلَى مُؤَجِّرٍ كُلُّ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ وَعُرْفٌ, كَزِمَامِ مَرْكُوبٍ وَشَدٍّ, وَرَفْعٍ وَحَطٍّ, وَعَلَى مُكْتِرٍ نَحْوَ مَحَمِلٍ وَمِظَلَّة ٍ (618) وَتَعْزِيلُ نَحْوَ بَالُوعَةٍ إِنْ تَسَلَّمَهَا فَارِغَةً, وَعَلَى مُكْرٍ تَسْلِيمُهَا كَذَلِكَ.(1/144)
وَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ, فَإِنْ تَحَوَّلَ مُسْتَأْجِرٌ فِي أَثْنَاءِ اَلْمُدَّةِ بِلَا عُذْرٍ فَعَلَيْهِ كُلُّ الْأُجْرَةِ, وَإِنْ حَوَّلَهُ مَالِكٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ.
وَلَا يَضْمَنُ أَجِيرٌ خَاصٌّ مَا جَنَتْ يَدُهُ خَطَأً, وَلَا نَحْوَ حَجَّامٍ, وَطَبِيبٍ, وَبَيْطَارٍ, عُرِفَ حِذْقُهُمْ إِنْ أَذِنَ فِيهِ مُكَلَّفٌ أَوْ وَلِيُ غَيْرِه ِ (619) وَلَمْ تَجْنِ أَيْدِيهِمْ, وَلَا رَاعٍ مَا لَمْ يَتَعَدَّ أَوْ يُفَرِّطْ.
وَيَضْمَنُ مُشْتَرَكٌ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ لَا مِنْ حِرْزِهِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ.
وَالْخَاصُّ مَنْ قُدِّرَ نَفْعُهُ بِالزَّمَن ِ (620) وَالْمُشْتَرِكُ بِالْعَمَلِ.
وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ بِالْعَقْدِ مَا لَمْ تُؤَجَّلْ.
وَلَا ضَمَانَ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ إِلَّا بِتَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ, وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نَفْيِهِمَا.
اَلْمُسَابَقَةُ
وَتَجُوزُ أَوْ بَعُوضٌ, إلِاَّ عَلَى إِبِلٍ, وَخَيْلٍ, وِسِهَامٍ.
وَشَرْطُ تَعْيِينِ مَرْكُوبَيِْنِ, وَاتِّحَادُهُمَا, وَتَعْيِينُ رُمَاةٍ, وَتَحْدِيدُ مَسَافَةٍ, وَعِلْمُ عِوَضٍ, وَإِبَاحَتُهُ, وَخُرُوجٌ عَنْ شَبَهِ قِمَارٍ (621) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
اَلْعَارِيَةُ
وَالْعَارِيَةُ سُنَّةٌ .
وَكُلُّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ نَفْعًا مُبَاحًا تَصِحُّ إِعَارَتُهُ إِلَّا اَلْبُضْع َ (622) وَعَبْدًا مُسْلِمًا لِكَافِرٍ, وَصَيْدًا وَنَحْوَهُ لِمُحْرِمٍ, وَأَمَةً, وَأَمْرَدَ لِغَيْرِ مَأْمُونٍ.
وَتُضْمَنُ مُطْلَقًا بِمِثْلِ مِثْلِيّ,ٍ وَقِيمَةِ غَيْرِهِ يَوْمَ تَلَفٍ, لَا إِنْ تَلِفَتْ بِاسْتِعْمَالٍ بِمَعْرُوفٍ كَخَمْل ِ (623) مِنْشَفَةٍ, وَلَا إِنْ كَانَتْ وَقْفًا كَكُتُبِ عِلْمٍ؛ إِلَّا بِتَفْرِيطٍ, وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ رَدِّهَا .
وَإِنْ أَرْكَبَ مُنْقَطِعًا لِلَّهِ لَمْ يَضْمَنْ.
اَلْغَصْبُ وَتَوَابِعُهُ(1/145)
وَالْغَصْبُ كَبِيرَةٌ , (624) فَمَنْ غَصَبَ كَلْبًا يُقْتَنَى, أَوْ خَمْرَ ذَمِّيٍّ مُحْتَرَمَةً؛ رَدَّهُمَا, لَا جِلْدَ مَيْتَةٍ .
وَإِتْلَافُ اَلثَّلَاثَةِ هَدَرٌ.
وَإِنْ اِسْتَوْلَى عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ لَمْ يَضْمَنْهُ, بَلْ ثِيَابَ صَغِيرٍ وَحُلِيَّهُ , (625) وَإِنْ اِسْتَعْمَلَهُ كُرْهًا أَوْ حَبَسَهُ ؛ فَعَلَيْهِ أُجَرَتُهُ كَقِنٍّ .
وَيَلْزَمُهُ رَدُّ مَغْصُوبٍ بِزِيَادَتِهِ, وَإِنْ نَقَصَ لِغَيْرِ تَغَيُّرِ سِعْرٍ ؛ (626) فَعَلَيْهِ أَرْشُهُ.
وَإِنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ؛ لَزِمَهُ قَلْعٌ, وَأَرْشُ نَقْصٍ, وَتَسْوِيَةُ أَرْضٍ, وَالْأُجْرَةُ.
وَلَوْ غَصَبَ مَا اتَّجَر,َ أَوْ صَادَ, أَوْ حَصَدَ بِهِ ؛ فَمَهْمَا حَصَلَ بِذَلِكَ فَلِمَالِكِهِ .
وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ , (627) أَوْ صَبَغَ اَلثَّوْبَ؛ فَهُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا, وَإِنْ نَقَصَتِ اَلْقِيْمَةُ بَطَلَ.
وَمَنِ اِشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ, أَوْ بَنَى, ثُمَّ اسْتُحِقَّتْ , وقُلِعَ ذَلِكَ ؛ رَجَعَ عَلَى بَائِعٍ بِمَا غَرِمَهُ .
وَإِنْ أَطْعَمَهُ لِعَالَمٍ بِغَصْبِهِ ؛ ضَمِنَ آكِلٌ .
وَيُضْمَنُ مِثْلِيٌّ بِمِثْلِهِ, وَغَيْرُهُ بِقِيمَتِهِ.
وَحَرُمَ تَصْرِفُ غَاصِبٍ بِمَغْصُوبٍ, وَلَا يَصِحُّ عَقْدٌ, وَلَا عِبَادَةٌ , (628) وَاَلْقَوْلُ فِي تَالِفٍ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ قَوْلُهُ, وَفِي رَدِّهِ وَعَيْبٍ فِيهِ قَوْلُ رَبِّهِ.
وَمَنْ بِيَدِهِ غَصْبٌ, أَوْ غَيْرُهُ , وَجَهِلَ رَبَّهُ ؛ فَلَهُ اَلصَّدَقَةُ بِهِ عَنْهُ بِنِيَّةِ اَلضَّمَانِ, وَيَسْقُطُ إِثْمُ غَصْبٍ .
وَمَنْ أَتْلَفَ -وَلَوْ سَهْوًا- مُحْتَرَمًا ؛ ضَمِنَهُ .
وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ ؛ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ مُطْلَقًا . (629) .(1/146)
وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ رَاكِبٍ, أَوْ قَائِدٍ, أَوْ سَائِقٍ ؛ ضَمِنَ جِنَايَةَ مَقْدِمِهَا, وَوَطْئِهَا بِرِجْلِهَا.
اَلشُّفْعَةُ
وَتُثْبِتُ اَلشَّفْعَةُ (630) فَوْرًا لِمُسْلِمٍ تَامٍّ اَلْمَلِكِ فِي حِصَّةِ شَرِيكَهُ اَلْمُنْتَقِلَةِ لِغَيْرِهِ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ بِمَا اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ اَلْعِقْدَ.
وَشَرْطُ تَقَدَّمَ مَلَكٍ شَفِيعٍ (631) وَكَوْنِ شِقْصٍ مُشَاعًا مِنْ اَلْأَرْضِ تَجِبُ قَسَمْتُهَا.
وَيَدْخُلُ غِرَاسٍ وَبِنَاءٍ تِبَاعًا, لَا ثَمَرَةٌ وَزَرْعٍ, وَأَخَذَ جَمِيعِ مَبِيعٍ, فَإِنْ أَرَادَ أَخْذِ اَلْبَعْضِ, أَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ اَلثَّمَنِ بَعْدَ إِنْذَارِهِ ثَلَاثًا, أَوْ قَالَ لِمُشْتَرٍ: بِعْنِي أَوْ صَالِحْنِي, أَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ فَكَذَّبَهُ وَنَحْوِهِ: سَقَطَتْ, فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ أَخَذَ باقيهم اَلْكُلَّ أَوْ تَرَكَهُ.
وَإِنْ مَاتَ شَفِيعٌ قَبْلَ طَلَبِ بَطَلَتْ.
وَإِنْ كَانَ اَلثَّمَنُ مُؤَجِّلاً أَخْذَ مَلِيءٌ بِهِ وَغَيْرُهُ بِكَفِيلٍ مَلِيءٍ (632) .
وَلَوْ أَقَرَّ بَائِعٌ بِالْبَيْعِ وَأَنْكَرَ مُشْتَرٍ ثَبَتَتْ.
الْوَدِيعَةُ
وَيُسَنُّ قَبُولُ وَدِيعَةٍ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْأَمَانَةَ، وَيَلْزَمُ حِفْظُهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا (633) وَإِنْ عَيَّنَهُ رَبُّهَا فَأَحْرَزَ بِدُونِهِ أَوْ تَعَدَّى أَوْ فَرَّطَ أَوْ قَطَعَ عَلَفَ دَابَّةٍ عَنْهَا بِغَيْرِ قَوْلٍ (634) ضَمِنَ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُودِعٍ إِلَى رَبِّهَا أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ لَا وَارِثِهِ، وَفِي تَلَفِهَا وَعَدَمِ تَفْرِيطٍ وَتَعَدٍّ وَفِي الْإِذْنِ .
وَإِنْ أَوْدَعَ اثْنَانِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا يُقْسَمُ فَطَلَبَ أَحْدُهُمَا نَصِيبَهُ لِغَيْبَةِ شَرِيكٍ أَوِ امْتِنَاعِهِ (635) سُلِّمَ إِلَيْهِ.(1/147)
وَلِمُودِعٍ وَمُضَارِبٍ وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ إِنْ غُصِبَتِ الْعَيْنُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا .
إِحْيَاءُ اَلْمَوَاتِ
وَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مُنْفَكَّةً عَنْ اَلِاخْتِصَاصَاتِ (636) وَمِلْكٍ مَعْصُومٍ ؛ مَلَكَهَا .
اَلْجَعَالَةُ
وَيَجُوزُ جَعَلُ شَيْءٍ مَعْلُومٍ لِمَنْ يَعْمَلُ عَمَلاً وَلَوْ مَجْهُولاً, لَا كَرَدِّ عَبْدٍ , وَلُقَطَةٍ , وَبِنَاءِ حَائِطٍ, فَمَنْ فَعَلَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ ؛ اِسْتَحَقَّهُ . (637) .
وَلِكُلٍّ فَسْخُهَا, فَمِنْ عَامِلٍ لَا شَيْءَ لَهُ, وَمِنْ جَاعِلٍ لِعِامِلٍ أُجْرَةَ عَمَلِهِ .
وَإِنْ عَمِلَ غَيْرُ مُعَدٍّ لِأَخْذِ أُجْرَةٍ لِغَيْرِهِ عَمَلاً بِلَا جُعْلِ, أَوْ مُعَدٌ بِلَا إِذَنٍ ؛ فَلَا شَيْءَ لَهُ , إِلَّا فِي تَحْصِيلِ مَتَاعٍ , مِنْ بَحْرٍ أَوْ فَلَاةٍ ؛ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ . وَفِي رَقِيقِ دِينَارٌ, أَوْ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا.
اَلْلُّقَطَةُ
وَالْلُّقَطَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ
مَا لَا تَتْبَعُهُ هِمَّةُ أَوْسَاطِ اَلنَّاسِ كَرَغِيفٍ وَشِسْعٍ ؛ (638) فَيَمْلِكُ بِلَا تَعْرِيفٍ.
اَلثَّانِي: اَلضَّوَالُّ اَلَّتِي تَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ اَلسِّبَاعِ, كَخَيْلٍ, وَإِبِلٍ, وَبَقَرٍ, فَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهَا, وَلَا تُمْلَكُ بِتَعْرِيفِهَا.
اَلثَّالِثُ: بَاقِي اَلْأَمْوَالِ كَثَمَنٍ, وَمَتَاعٍ, وَغَنَمٍ, وَفُصْلَانٍ , وَعَجَاجِيلَ ؛ (639) فَلِمَنْ أَمِنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا أَخَذَهَا .
وَيَجِبُ حِفْظُهَا , وَتَعْرِيفُهَا فِي مَجَامِعِ اَلنَّاسِ , غَيْرِ اَلْمَسْجِدِ حَوْلاً كَامِلاً , (640) وَتَمْلَكُ بَعْدَهُ حُكْمًا .
وَيَحْرُمُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا قَبْلَ مَعْرِفَةِ وِعَائِهَا , (641) وَوِكَائِهَاَ , عِفَاصِهَا , وَقَدْرِهَا , وَجِنْسِهَا , وَصِفَتِهَا .
وَمَتَى جَاءَ رَبُّهَا فَوَصْفهَا ؛ لَزِمَ دَفْعُهَا إِلَيْهِ .(1/148)
وَمَنْ أُخِذَ نَعْلُهُ وَنَحْوُهُ وَوَجَدَ غَيْرَهُ مَكَانَهُ ؛ فَلَقْطَةٌ .
وَاَللَّقِيطُ: طِفْلٌ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ وَلَا رِقُّهُ ؛ نُبِذ َ (642) أَوْ ضَلَّ إِلَى اَلتَّمْيِيزِ.
وَالْتِقَاطُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ, فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ , وَتَعَذَّرَ بَيْتُ اَلْمَالِ ؛ أَنْفَقَ عَلَيْهِ عَالِمٌ بِهِ بِلَا رُجُوعٍ.
وَهُوَ مُسْلِمٌ إِنْ وُجِدَ فِي بَلَدٍ يُكْثِرُ فِيهِ اَلْمُسْلِمُونَ, وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ مَنْ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ ؛ أُلْحِقَ بِهِ.
الْوَقْفُ وَمَبَاحِثُهُ
وَالْوَقْف ُ (643) سُنَّةٌ.
وَيَصِحُّ بِقَوْلٍ وَفِعْلٍ دَالٍّ عَلَيْهِ عُرْفًا كَمَنْ بَنَى أَرْضَهُ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً وَأَذِنَ لِلنَّاس ِ (644) أَنْ يُصَلُّوا فِيهِ وَيَدْفِنُوا فِيهَا.
وَصَرِيحُهُ: وَقَفْتُ وَحبَّسْتُ وَسَبَّلْتُ, وَكِنَايَتُهُ : تَصَدَّقْتُ وَحَرَّمَتُ وَأَبَّدْت ُ (645) .
وَشُرُوطُهُ خَمْسَةٌ: كَوْنُهُ فِي عَيْنٍ مَعْلُومَةٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا غَيْرَ مُصْحَف ٍ (646) وَيُنْتَفَعُ بِهَا مَعَ بَقَائِهَا, وَكَوْنُهُ عَلَى بِرّ ٍ (647) وَيَصِحُّ مِنْ مُسْلِمٍ عَلَى ذِمِّيٍّ وَعَكْسُهُ, وَكَوْنُهُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ يَمْلِكُ, وَكَوْنُ وَاقِفٍ نَافِذَ اَلتَّصَرُّفِ, وَوَقْفِهِ نَاجِزً ا (648) .
وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِشَرْطِ وَاقِفٍ إِنْ وَافَقَ اَلشَّرْعَ, وَمَعَ إِطْلَاقٍ يَسْتَوِي غَنِيٌّ وَفَقِيرٌ, وَذَكَرٌ وَأُنْثَى.
وَالنَّظَرُ عِنْدَ عَدَمِ اَلشَّرْطِ لِمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مَحْصُورًا, وَإِلَّا فَلِحَاكِمٍ (649) كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ.(1/149)
وَإِنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ فَهُوَ لِذِكَرٍ وَأُنْثَى بِالسَّوِيَّةِ, ثُمَّ لِوَلَدِ بَنِيهِ, وَعَلَى بَنِيهِ أَوْ بَنِي فُلَانٍ فَلِذُكُورٍ فَقَطْ, وَإِنْ كَانُوا قَبِيلَةً دَخَلَ النِّسَاءُ دُونَ أَوْلَادِهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ, وَعَلَى قَرَابَتِهِ أَوْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْ قَوْمِهِ دَخَلَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدِّ أَبِيهِ لَا مُخَالِفُ دِينِهِ.
وَإِنْ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُم ْ (650) وَجَبَ تَعْمِيمُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ, وَإِلَّا جَازَ اَلتَّفْضِيلُ وَالِاقْتِصَارُعَلَى وَاحِدٍ.
الْهِبَةُ
وَالْهِبَةُ مُسْتَحَبَّة ٌ (651)
وَتَصِحُّ هِبَةُ مُصْحَفٍ, وَكُلُّ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ, وَتَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا عُرْفًا.
وَتَلْزمُ بِقَبْضٍ بِإِذْنِ وَاهِبٍ.
وَمَنْ أَبْرَأَ غَرِيمَهُ بَرِئَ, وَلَوْ لَمْ يَقْبَل ْ (652) .
وَيَجِبُ تَعْدِيلٌ فِي عَطِيَّةِ وَارِثٍ بِأَنْ يُعْطِيَ كَلًّا بِقَدْرِ إِرْثِهِ, فَإِنْ فَضَّل َ (653) سَوَّى بِرُجُوعٍ, وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ ثَبَتَ تَفْضِيلُهُ.
وَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ بِقَبْضٍ مَعَ قَوْلٍ أَوْ نِيَّةٍ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ غَيْرِ سُرِّيَّة ٍ (654) مَا شَاءَ مَا لَمْ يَضُرَّهُ , أَوْ لِيُعْطِيَهُ لِوَلَدٍ [آخَرَ ] (655) أَوْ يَكُنْ بِمَرَضِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا, أَوْ يَكُنْ كَافِرًا, وَالابْنُ مُسْلِمًا.
وَلَيْسَ لِوَلَدٍ وَلَا لِوَرَثَتِهِ مُطَالَبَةُ أَبِيهِ بِدَيْنٍ وَنَحْوِه ِ (656) بَلْ بِنَفَقَةٍ وَاجِبَةٍ.
وَمَنْ مَرَضُهُ غَيْرُ مُخَوِّفٍ تَصَرُّفُهُ كَصَحِيحٍ, أَوْ مُخَوِّفٍ كَبِرْسَام ٍ (657) أَوْ إِسْهَالٍ مُتَدَارَكٍ .(1/150)
وَمَا قَالَ طَبِيبَانِ مُسْلِمَانِ عَدْلَانِ عِنْدَ إِشْكَالِهِ: إِنَّهُ مُخَوِّفٌ لَا يَلْزَمُ تَبَرُّعُهُ لِوَارِثٍ بِشَيْءٍ, وَلَا بِمَا فَوْقَ اَلثُّلُثِ لِغَيْرِهِ إِلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ.
كِتَابِ الْوَصَايَا (658)
يُسَنُّ لِمَنْ تَرَكَ مَالاً كَثِيرًا عُرْفًا (659) الْوَصِيَّةُ بِخُمْسِهِ.
وَتَحْرُمُ مِمَّنْ يَرِثُهُ غَيْرُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِوَارِثٍ بِشَيْءٍ.
وَتَصِحُّ مَوْقُوفَةً عَلَى الْإِجَازَة ِ (660) .
وَتُكْرَهُ مِنْ فَقِيرٍ وَارِثُهُ مُحْتَاجٌ, فَإِنْ لَمْ يَفِ اَلثُّلُثُ بِالْوَصَايَا تَحَاصُّوا فِيهِ كَمَسَائِل اَلْعَوْل ِ (661) وَتُخْرَجُ اَلْوَاجِبَاتُ مِنْ دَيْنٍ وَحَجٍّ وَزَكَاةٍ مِنْ رَأْسِ اَلْمَالِ مُطْلَقً ا (662) .
وَتَصِحُّ لِعَبْدِهِ بِمَشَاعٍ كَثُلُثٍ, وَيُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِهِ, فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَخْذَهُ وَبِحَمْلٍ تَحَقَّقَ وُجُودُهُ , لَا لِكَنِيسَةٍ وَبَيْتِ نَارٍ وَكُتُبِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَنَحْوِهِمَا , وَتَصِحُّ بِمَجْهُولٍ وَمَعْدُومٍ, وَبِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِه ِ (663) .
وَمَا حَدَثَ بَعْدَ اَلْوَصِيَّةِ يَدْخُلُ فِيهَا, وَتَبْطُلُ بِتَلَفٍ مُعَيَّنٍ وُصِّيَ بِهِ, وَإِنْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ فَلَهُ مِثْلُهُ مَضْمُومًا إِلَى الْمَسْأَلَة ِ (664) وَبِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهُ لَهُ مِثْلُ مَا لِأَقَلِّهِمْ, وَبِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ لَهُ سُدُس ٌ (665) وَبِشَيْءٍ أَوْ حَظٍّ أَوْ جُزْءٍ يُعْطِيهِ الْوَارِثُ مَا شَاءَ.
مَنْ تَصِحُّ لَهُ اَلْوَصِيَّةُ
وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ عَدْلٍ, وَلَوْ ظَاهِرًا, وَمِنْ كَافِرٍ إِلَى مُسْلِمٍ وَعَدْلٍ فِي دِينِهِ.(1/151)
وَلَا يَصِحُّ إِلَّا فِي مَعْلُومٍ يَمْلِكُ اَلْمُوصِي فِعْلَهُ (666) وَمَنْ مَاتَ بِمَحَلٍّ لَا حَاكِمَ فِيهِ, وَلَا وَصِيَّ , فَلِمُسْلِمٍ حَوْزُ تَرِكَتِهِ, وَفِعْلُ الْأَصْلَحِ فِيهَا مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَتَجْهِيزِهِ مِنْهَا, وَمَعَ عَدَمِهَا مِنْهُ (667) وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ تُلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ, إِنْ نَوَاهُ, أَوْ اسْتَأْذَنَ حَاكِمًا.
كِتَابُ الْفَرَائِض ِ (668)
أَسْبَابُ الْإِرْثِ رَحِم ٌ (669) وَنِكَاحٌ, وَوَلَاءٌ.
وَمَوَانِعَهُ : قَتْلٌ, وَرِقٌ, وَاخْتِلَافُ دِينٍ.
وَأَرْكَانُهُ : وَارِثٌ , وَمُوَرِّثٌ , وَمَالٌ مَوْرُوثٌ.
وَشُرُوطُهُ : تَحَقُّقُِ مَوْتِ مُوَرِّثٍ , وَتَحَقَّقُ وُجُودِ وَارِثٍ , وَالْعِلْمُ بِالْجِهَةِ اَلْمُقْتَضِيَةِ لِلْإِرْثِ.
وَالْوَرَثَةُ : ذُو فَرْضٍ، وَعَصَبَةٌ , وَذُو رَحِمٍ.
فَذَوُو اَلْفَرْضِ عَشْرَةٌ: الزَّوْجَانِ وَالْأَبَوَان ِ (670) وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ , وَالْبِنْتُ, وَبِنْتُ الِابْنِ, وَالْأُخْتُ, وَوَلَدُ الْأُمّ ِ (671) .
وَالْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اَللَّهِ سِتَّةٌ: النِّصْفُ, وَالرُّبْعُ , وَالثُّمُنُ, وَالثُّلُثَانِ, وَالثُّلُثُ, وَالسُّدُسُ.
فَالنِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ: اَلزَّوْجُ, إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلُزُوجَةِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ , وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْن ِ (672) مَعَ عَدَمِ وَلَدِ الصُّلْبِ, وَالْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ اَلْوَلَدِ وَوَلَدِ اَلِابْنِ, وَالْأُخْتُ للْأَبِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَشِقَّاءِ.
وَالرُّبْعُ فَرْضُ اِثْنَيْنِ: الزَّوْجُ مَعَ اَلْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ اَلِابْنِ , وَالزَّوْجَةُ فَأَكْثَرُ مَعَ عَدَمِهِمَ ا (673)
والثُمُنُ فَرْضُ وَاحِدٍ: وَهُوَ اَلزَّوْجَةُ فَأَكْثَرُ مَعَ اَلْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ اَلِابْنِ.(1/152)
وَالثُّلُثَانِ فَرْضُ أَرْبَعَةٍ: اَلْبِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ, وَبِنْتَيْ الِابْنِ فَأَكْثَرَ , وَالْأُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ فَأَكْثَرَ, وَالْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ فَأَكْثَرَ.
وَالثُّلُثُ فَرْضُ اِثْنَيْنِ: وَلَدِيِ الْأُمِّ فَأَكْثَرَ, يَسْتَوِي فِيهِ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ, وَالْأُمِّ حَيْثُ لَا وَلَدَ وَلَا وَلَدَ اِبْنٍ وَلَا عَدَدَ مِنْ الْأُخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ , لَكِنْ لَهَا ثُلُثُ اَلْبَاقِي فِي اَلْعُمَرِيَّتَيْنِ , وَهُمَا أَبَوَانِ وَزَوْجٌ أَوْ زَوْجَة ٌ (674) .
والسُدُسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ: الْأُمِّ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ أَوْ عَدَدٍ مِنَ الْأُخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ , وَالْجَدَّةِ فَأَكْثَرَ مَعَ تَحَاذ ٍ (675) وَبِنْتِ الِابْنِ فَأَكْثَرَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْب ِ (676) وَأُخْتٍ فَأَكْثَرَ مَعَ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ, وَالْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ , وَالْأَبِ مَعَ اَلْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الِابْنِ, وَالْجَدُّ كَذَلِكَ.
أَحْكَامُ الْجَدِّ
وَالْجَدُّ مَعَ الْأُخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ كَأَحَدِهِمْ (677) .
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ فَلَهُ خَيْرُ أَمْرَيْنِ: الْمُقَاسَمَةُ , أَوْ ثُلُثُ جَمِيعِ اَلْمَالِ , وَإِنْ كَانَ فَلَهُ خَيْرُ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: الْمُقَاسَمَةُ , أَوْ ثُلُثُ اَلْبَاقِي بَعْدَ صَاحِبِ الْفَرْضِ, أَوْ سُدُسُ جَمِيعِ اَلْمَالِ, فَإِنْ لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ أَخَذَهُ, وَسَقَطُوا إِلَّا فِي "الْأَكْدَرِيَّةِ" وَهِيَ: زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ, فَلِلزَّوْجِ نِصْفٌ, وَلِلْأُمِّ ثُلُثٌ, وَلِلْجَدِّ سُدُسٌ, وَلِلْأُخْتِ نِصْفٌ فَتَعُولُ إِلَى تِسْعَةٍ , ثُمَّ(1/153)
وَإِذَا كَانَ مَعَ اَلشَّقِيقِ وَلَدُ أَبٍ عَدَّهُ عَلَى اَلْجَدِّ, ثُمَّ أَخَذَ مَا حَصَلَ لَهُ (678) وَتَأْخُذُ أُنْثَى لِأَبَوَيْنِ تَمَامَ فَرْضِهَا, وَالْبَقِيَّةُ لِوَلَدِ الْأَبِ.
الْحَجْبُ
حَجْبُ الْحَرْمَانِ لَا يَدْخُلُ عَلَى الزَّوْجَيْنِ وَالْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَدِ
وَيَسْقُطُ الْجَدُّ بِالْأَبِ, وَكُلُّ جَدٍّ وَابْنٍ أَبْعَدَ بِأَقْرَبَ, وَكُلُّ جَدَّةٍ بِأُمٍّ, وَالْقُرْبَى مِنْهُنَّ تَحْجُبُ البُعْدَى مُطْلَقً ا (679) لَا أَبَ أُمَّهُ أَوْ أَمَّ أَبِيه ِ (680) وَلَا يَرِثُ إِلَّا ثَلَاثٌ: أُمُّ أُمٍّ , وَأُمُّ أَبٍ , وَأُمُّ أَبِ أَبٍ , وَإِنْ عَلَوْنَ أُمُومَةً , وَلَذَّاتِ قَرَابَتَيْنِ مَعَ ذَاتِ قَرَابَةٍ ثُلُثا السُّدُسِ.
وَيَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ بِابْنٍ وَإِنْ نَزَلَ وَأَبٍ, وَوَلَدُ الْأَبِ بِهَؤُلَاءِ وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَابْنُ أَخٍ بِهَؤُلَاء ِ (681) وَجَدٌّ وَوَلَدُ الْأُمِّ بِوَلَدٍ وَوَالِدِ ابْنٍ وَإِنْ نَزَلَ, وَأَبٍ وَأَبِيهِ وَإِنْ عَلَا.
وَمَنْ لَا يَرِثُ لِمَانِع ٍ (682) فِيهِ لَا يَحْجُبُ.
الْعَصَبَاتُ
وَالْعَصَبَةُ يَأْخُذُ مَا أَبْقَتِ الْفُرُوضُ , وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ سَقَطَ (683) مُطْلَقًا , وَإِنِ انْفَرَدَ أَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ, لَكُنْ لِلْجَدِّ وَالْأَبِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ: فَيَرِثَانِ بِالتَّعْصِيبِ فَقَطْ مَعَ عَدَمِ اَلْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ , وَبِالْفَرْضِ فَقَطْ مَعَ ذُكُورِيَّتِهِ , وَبِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ مَعَ أُنُوثِيَّتِهِ.
وَأُخْتٌ فَأَكْثَرُ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ يَرِثْنَ مَا فَضَلَ.
وَالِابْنُ وَابْنُهِ وَالْأَخُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ فَلِذَّكَرٍ مَثَلُ مَا لِأُنْثَى.(1/154)
وَمَتَى كَانَ اَلْعَاصِبُ عَمًّا أَوْ اِبْنَهُ أَوْ ابْنَ أَخٍ , اِنْفَرَدَ بِالْإِرْثِ دُونَ أَخَوَاتِهِ (684) .
وَإِنْ عُدِمَتْ عَصَبَةُ النَّسَبِ وَرِثَ الْمَوْلَى اَلْمُعْتَقُ مُطْلَقًا, ثُمَّ عَصَبَتُهُ اَلذُّكُورُ, الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ كَالنَّسَبِ.
أُصُولُ الْمَسَائِلِ
أُصُولُ الْمَسَائِلِ سَبْعَةٌ:
أَرْبَعَةٌ لَا تَعُولُ: (685) (686) وَهِيَ مَا فِيهَا فَرْضٌ, أَوْ فَرْضَانِ مِنْ نَوْعٍ فَنِصْفَانِ أَوْ نِصْفٌ , وَالْبَقِيَّةُ مِنْ اثْنَيْنِ, وَثُلُثَانِ أَوْ ثُلُثٌ, وَالْبَقِيَّةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ, وَرُبُعٌ, وَالْبَقِيَّةُ أَوْ مَعَ اَلنِّصْفِ مِنْ أَرْبَعَةٍ, وَثُمُنٌ, وَالْبَقِيَّةُ أَوْ مَعَ اَلنِّصْفِ ِمنْ ثَمَانِيَةٍ.
وَثَلَاثَةٌ تَعُولُ: وَهِيَ مَا فَرْضُهَا نَوْعَانِ فَأَكْثَرُ, فَنِصْفٌ مَعَ ثُلُثَيْنِ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ سُدُسٍ مِنْ سِتَّةٍ, وَتَعُولُ إِلَى عَشْرَةٍ شَفْعًا وَوِتَرًا (687) وَرُبُعٌ مَعَ ثُلُثَيْنِ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ سُدُسٍ مِنْ اِثْنَيْ عَشْرَ, وَتَعُولُ إِلَى سَبْعَةَ عَشْرَ وِتْرًا , وَثُمُنٌ مَعَ سُدُسٍ أَوْ ثُلُثَيْنِ أَوْ هُمَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ, وَتَعُولُ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ.
وَإِنْ فَضَلَ عَنْ اَلْفَرْضِ شَيْءٌ وَلَا عَصَبَةَ رُدَّ عَلَى كُلٍّ بِقَدْرِ فَرْضِهِ مَا عَدَا اَلزَّوْجَيْنِ.
وَإِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ مَعْلُومَةً, وَأَمْكَنَ نِسْبَةُ سَهْمِ كُلِّ وَارِثٍ مِنَ الْمَسْأَلَةِ فَلَهُ مِنْ اَلتَّرِكَةِ مِثْلُ نِسْبَتِه ِ (688) وَإِنْ شِئْتَ ضَرَبْتَ سِهَامَهُ فِي اَلتَّرِكَةِ
ذَوُو الْأَرْحَامِ
فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ ,وَهُمْ أَحَدَ عَشَرَ صِنْفًا:(1/155)
وَلَدُ الْبَنَاتِ لِصُلْبٍ أَوْ لِابْنٍ , وَوَلَدُ الْأَخَوَاتِ, وَبَنَاتُ الْأُخْوَةِ, وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ, وَوَلَدُ وَلَدِ الْأُمِّ, وَالْعَمُّ لِأُمٍّ, وَالْأَخْوَالُ, وَالْخَالَاتُ, وَأَبُو اَلْأُمِّ, وَكُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِأَبٍ بَيْنَ أُمَّيْنِ أَوْ أَبٍ أَعَلَى مَنْ اَلْجَدِّ, وَمَنْ أَدْلَى بِهِمْ.
وَإِنَّمَا يَرِثُونَ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ فَرْضٍ وَلَا عَصَبَةٌ بِتَنْزِيلِهِمْ مَنْزِلَةَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ (689) وَذَكَرُهُمْ كَأُنْثَاهُمْ , وَلِزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ مَعَهُمْ فَرْضُهُ بِلَا حَجْبٍ وَلَا عَوْلٍ , وَالْبَاقِي لَهُمْ.
مِيرَاثُ اَلْحَمْلِ
وَالْحَمْلُ يَرِثُ وَيُورَثُ إِنْ اِسْتَهَلَّ صَارِخً ا (690) أَوْ وُجِدَ دَلِيلُ حَيَاتِهِ سِوَى حَرَكَةٍ أَوْ تَنَفُّسٍ يَسِيرَيْنِ أَوْ اِخْتِلَاجٍ.
وَإِنْ طَلَبَ اَلْوَرَثَةُ اَلْقِسْمَةَ وُقِفَ لَهُ اَلْأَكْثَرُ مِنْ إِرْثِ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ.
وَيُدْفَعُ لِمَنْ لَا يَحْجُبُهُ إِرْثُهُ كَامِلاً وَلِمَنْ يَنْقُصُهُ اَلْيَقِينُ.
فَإِذَا وُلِدَ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَرَدَّ مَا بَقِيَ, وَإِنْ أَعْوَزَ شَيْئًا رَجَعَ.
وَمَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ, وَلَوْ بِمُشَارَكَةٍ, أَوْ سَبَبٍ لَمْ يَرِثْهُ إِنْ لَزِمَهُ قَوَدٌ, أَوْ دِيَةٌ, أَوْ كَفَّارَةٌ.
وَلَا يَرِثُ رَقِيقٌ وَلَا يُوَرِّثُ, وَيَرِثُ مُبَعَّضٌ وَيُورَثُ, وَيَحْجُبُ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ.
كِتَابُ اَلْعِتْقِ
يَسُنُّ عِتْقُ مَنْ لَهُ كَسْبٌ وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ , وَلَا كَسْبٌ .
وَلَا تَصِحُّ اَلْوَصِيَّةُ بِهِ بَلْ تَعْلِيقُهُ بِالْمَوْتِ وَهُوَ اَلتَّدْبِيرُ, وَيُعْتَبَرُ مِنْ اَلثُّلُثِ.
وَتَسُنُّ كِتَابَةُ مَنْ عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا, وَهُوَ اَلْكَسْبُ وَالْأَمَانَةُ, وَتُكْرَهُ لِمَنْ لَا كَسْبَ لَهُ.(1/156)
وَيَجُوزُ بَيْعُ اَلْمُكَاتَبِ, وَمُشْتَرِيه يَقُومُ مَقَامِ مُكَاتِبِهِ, فَإِنْ أَدَّى عُتِقَ وَوَلَاؤُهُ لِمُنْتَقِلٍ إِلَيْهِ.
وَأُمُّ اَلْوَلَدِ تُعْتَقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا مِنْ كُلِّ مَالِهِ, وَهِيَ مَنْ وَلَدْتَ مَا فِيهِ صُورَةٌ وَلَوْ خُفْيَةً مِنْ مَالِكٍ, وَلَوْ بَعْضَهَا أَوْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ, أَوْ مِنْ أَبِيهِ, إِنْ لَمْ يَكُنْ وَطْئِهَا اَلِابْنُ.
وَأَحْكَامُهَا كَأَمَةٍ إِلَّا فِيمَا يَنْقُلُ اَلْمِلْكَ فِي رَقَبَتِهَا, أَوْ يُرَادُ لَهُ.
وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً, أَوْ عُتِقَتْ عَلَيْهِ فَلَهُ عَلَيْهَا اَلْوَلَاءُ , وَهُوَ أَنَّهُ يَصِيرُ عَصَبَةً لَهَا مُطْلَقًا عِنْدَ عَدَمِ عَصَبَةِ اَلنَّسَبِ.
كِتَابُ اَلنِّكَاحِ
يَسُنُّ مَعَ شَهْوَةٍ لِمَن ْ (691) لَمْ يَخَفْ اَلزِّنَا, وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَخَافُهُ.
وَيَسُنُّ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ حَسِيبَةٍ (692) (693) دَيِّنَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ بَكْرٍ وَلُودٍ, وَلِمُرِيدِ خِطْبَةِ اِمْرَأَةٍ -مَعَ ظَنِّ إِجَابَةٍ- نَظَرٌ إِلَى مَا يَظْهَرُ مِنْهَا (694) غَالِبًا بِلَا خُلْوَةٍ إِنْ أَمِنْ اَلشَّهْوَةَ, وَلَهُ نَظَرُ ذَلِكَ وَرَأْسٍ وَسَاقٍ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ وَمِنْ أُمِّةِ.
وَحَرُمَ تَصْرِيحٌ بِخِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ تَحِلُّ لَه ُ (695) وَتَعْرِيضٌ بِخِطْبَةِ رَجْعِيَّةٍ, وَخِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةِ مُسْلِمٍ أُجِيبَ.
وَسُنَّ عَقْدُهُ يَوْمَ اَلْجُمْعَةِ مَسَاءً بَعْدَ خُطْبَةِ اِبْنِ مَسْعُود ٍ (696) .
اَلزَّوْجَانِ اَلْخَالِيَانِ عَنْ اَلْمَوَانِع ِ (697) وَإِيجَابٌ بِلَفْظٍ : "أَنَكَحْتُ" أَوْ "زَوَّجْتُ" وَقَبُولٌ بِلَفْظٍ : "قَبِلْتُ" أَوْ "رَضِيتُ" فَقَط ْ (698) أَوْ مَعَ هَذَا اَلنِّكَاحِ أَوْ تَزَوَّجْتُهَا.(1/157)
وَمَنْ جَهِلَهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ تَعَلُّمٌ , وَكَفَّاهُ مَعْنَاهُمَا اَلْخَاصُّ بِكُلِّ لِسَان ٍ (699)
وَشُرُوطُهُ أَرْبَعَةٌ:
تَعْيِينُ اَلزَّوْجَيْن ِ (700) وَرِضَاهُمَا , لَكُنَّ لِأَبٍ وَوَصِيِّهِ فِي نِكَاحٍ تَزْوِيجُ صَغِيرٍ وَبَالِغٍ مَعْتُوه ٍ (701) وَمَجْنُونَةٍ , وَثَيِّبٍ لَهَا دُونَ تِسْعٍ , وَبِكْرٍ مُطْلَقًا كَسَيِّدٍ مَعَ إِمَائِهِ وَعَبْدِهِ اَلصَّغِيرِ فَلَا يُزَوِّجُ بَاقِي اَلْأَوْلِيَاءِ صَغِيرَةً بِحَال ٍ (702) وَلَا بِنتَ تسعٍ إِلَّا بِإِذْنِهَا , وَهُوَ صُمَاتُ بِكْرٍ وَنُطْقُ ثَيِّبٍ.
وَالْوَلِيُّ, وَشُرُوطُهُ: تَكْلِيفٌ , وَذُكُورَةٌ , وَحُرِّيَّةٌ , وَرُشْدٌ, وَاتِّفَاقُ دِينٍ وَعَدَالَةٌ - وَلَوْ ظَاهِرًا - إِلَّا فِي سُلْطَان ٍ (703) وَسَيِّدٍ.
وَيُقَدَّمُ وُجُوبًا أَبٌ ثُمَّ وَصِيُّهُ فِيهِ, ثُمَّ جَدٌّ لِأَبٍ وَإِنْ عَلَا, ثُمَّ اِبْنٌ, وَإِنْ نَزَلَ, وَهَكَذَا عَلَى تَرْتِيبِ اَلْمِيرَاث ِ (704) ثُمَّ اَلْمَوْلَى اَلْمُنْعِمُ ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ نَسَبًا, ثُمَّ وَلَاءٌ , ثُمَّ اَلسُّلْطَان ُ (705) فَإِنْ عَضَلَ اَلْأَقْرَبُ, أَوْ لَمْ يَكُنْ
وَشَهَادَةُ رَجُلَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ عَدْلَيْنِ, وَلَوْ ظَاهِرًا سَمِيعَيْنِ نَاطِقَيْنَ. وَالْكَفَاءَة ُ (706) شَرْطٌ لِلُزُومِهِ, فَيَحْرُمُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِهِ إِلَّا بِرِضَاهَا.
اَلْمُحَرَّمَاتُ فِي اَلنِّكَاحِ
وَيَحْرُمُ أَبَدًا أمٌ وَجَدَّةٌ وَإِنْ عَلَتْ , وَبِنْتٌ , وَبِنْتُ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَتْ , وَأُخْتٌ مُطْلَقًا , وَبِنْتُهَا , وَبِنْتُ وَلَدِهَا وَإِنْ سَفَلَتْ , وَبِنْتُ كُلِّ أَخٍ, وَبِنْتُهَا , وَبِنْتُ وَلَدِهَا وَإِنْ سَفَلَتْ , وَعَمَّةٌ وَخَالَةٌ مُطْلَقًا.(1/158)
وَيَحْرُمُ بِرَضَاعٍ مَا يَحْرُمُ بِنَسَبٍ, وَيَحْرُمُ بِعَقْدٍ حَلَائِل ُ (707) عَمُودَيْ نَسَبِهِ, وَأُمَّهَاتُ زَوْجَتِهِ, وَإِنْ عَلَوْنَ , وَبِدُخُولٍ رَبِيبَةٌ وَبِنْتُهَا وَبِنْتُ وَلَدِهَا, وَإِنْ سَفَلَتْ , وَإِلَى أَمَدٍ أُخْتُ مُعْتَدَّتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ, وَزَانِيَةٌ حَتَّى تَتُوبَ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا, وَمُطَلَّقَتُهُ ثَلَاثًا حَتَّى يَطَأَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ بِشَرْطِه ِ (708) وَمَسْلِمَةٌ عَلَى كَافِرٍ, وَكَافِرَةٌ عَلَى مُسْلِمٍ إِلَّا حُرَّةً كِتَابِيَّةً , وَعَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ , مَا لَمْ يَخَفْ عَنَت َ (709) عُزُوبَةٍ لِحَاجَةِ مُتْعَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ , وَيَعْجِزُ عَنْ طَوْلِ حُرَّةٍ أَوْ ثَمَنِ أَمَةٍ , وَعَلَى عَبْدٍ سَيِّدَتُهُ وَعَلَى سَيِّدٍ أَمَتُهُ وَأَمَةُ وَلَدِهِ, وَعَلَى حُرَّةٍ قِنُّ وَلَدِهَا.
وَمَنْ حَرُمَ وَطْؤُهَا بِعَقْد ٍ (710) حَرُمَ بِمِلْكِ يَمِينٍ إِلَّا أَمَةً كِتَابِيَّةً.
شُرُوطُ اَلنِّكَاحِ
وَالشُّرُوطُ فِي اَلنِّكَاحِ نَوْعَانِ:
صَحِيحٌ, كَشَرْطِ زِيَادَةٍ فِي مَهْرِهَا, فَإِنْ لَمْ يَفِ بِذَلِكَ فَلَهَا اَلْفَسْخُ.
وَفَاسِدٌ يُبْطِلُ اَلْعَقْدَ, وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءٍ:
نِكَاحُ اَلشِّغَارِ (711) وَالْمُحَلِّلِ , وَالْمُتْعَةِ , وَالْمُعَلَّقِ عَلَى شَرْطٍ غَيْرَ
وَفَاسِدٌ لَا يُبْطِلُهُ كَشَرْطِ أَلَّا مَهْرَ, أَوْ لَا نَفَقَةَ, أَوْ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِنْ ضَرَّتِهَا أَوْ أَقَلَّ , وَإِنْ شَرِطَ نَفْيَ عَيْبٍ لَا يُفْسَخُ بِهِ اَلنِّكَاحُ (712) فَوُجِدَ بِهَا فَلَهُ اَلْفَسْخُ.
بَيَانُ اَلْعُيُوبِ فِي اَلنِّكَاحِ
وَعَيْبُ نِكَاحٍ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:(1/159)
نَوْعٌ مُخْتَصٌّ بِالرَّجُلِ كَجَبٍّ وَعُنَّة ٍ (713) وَنَوْعٌ مُخْتَصٌّ بِالْمَرْأَةِ كَسَدِّ فَرْجٍ وَرَتَقٍ , وَنَوْعٌ اِشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ , فَيُفْسَخُ بِكُلِّ مِنْ ذَلِكَ.
وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ دُخُولٍ لَا بِنَحْوِ عَمًى وَطَرَشٍ وَقَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ إِلَّا بِشَرْط ٍ (714) وَمَنْ ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ أُجِّلَ سَنَةً مِنْ حِينِ تَرْفَعُهُ إِلَى اَلْحَاكِمِ, فَإِنْ لَمْ يَطَأْ فِيهَا فَلَهَا اَلْفَسْخُ.
وَخِيَارُ عَيْبٍ عَلَى اَلتَّرَاخِي لَكِنْ يَسْقُطُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى اَلرِّضَا, لَا فِي عُنَّة ٍ (715) إِلَّا بِقَوْلٍ.
وَلَا فَسْخَ إِلَّا بِحَاكِم , فَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ دُخُولٍ فَلَا مَهْرَ , وَبَعْدَهُ لَهَا اَلْمُسَمَّى يُرْجَعُ بِهِ عَلَى مُغِرٍّ.
وَيُقَرُّ اَلْكُفَّارُ عَلَى نِكَاحٍ فَاسِدٍ إِنْ اِعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ, وَإِنْ أَسْلَمُ اَلزَّوْجَانِ -وَالْمَرْأَةُ تُبَاحُ إِذَنْ - أُقِرَّ ا (716) .
بَابُ اَلصَّدَاقِ وَتَوَابِعِهِ (717)
يُسَنُّ تَسْمِيَتُهُ فِي اَلْعُقَدِ وَتَخْفِيفُهُ, وَكُلُّ مَا صَحَّ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً صَحَّ مَهْرًا , فَإِنْ لَمْ يُسَمَّ أَوْ بَطَلَتِ اَلتَّسْمِيَةُ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ بِعَقْدٍ.
وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا صَحَّ, فَلَوْ طَلَّقَ قَبْلَ دُخُولٍ رَجَعَ بِأَلْفِهَا و لَا شَيْءَ عَلَى اَلْأَبِ لَهُمَا (718) وَإِنْ شُرِطَ لِغَيْرِ اَلْأَبِ شَيْءٌ فَالْكُلُّ لَهَا وَيَصِحُّ تَأْجِيلُهُ, وَإِنْ أُطْلِقَ اَلْأَجَلُ فَمَحَلُّهُ اَلْفُرْقَةُ (719) وَتَمْلِكُهُ بِعَقْد.
وَيَصِحُّ تَفْوِيضُ بُضْعٍ بِأَنْ يُزَوِّجَ أَبٌ اِبْنَتَهُ اَلْمُجْبَرَةَ , أَوْ وَلِيُّ غَيْرِهَا بِإِذْنِهَا بِلَا مَهْرٍ, كَعَلَى مَا شَاءَتْ أَوْ شَاءَ فُلَانٌ.(1/160)
وَيَجِبُ لَهَا بِعَقْدٍ مَهْرُ مِثْلٍ وَيَسْتَقِرُّ بِدُخُولٍ. وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ دُخُولٍ وَفَرْضٍ (720) وَرِثَهُ اَلْآخَرُ , وَلَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا كَأُمِّهَا وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا.
وَإِنْ طُلِّقَتْ قَبْلَهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ إِلَّا اَلْمُتْعَةُ (721) وَهِيَ بِقَدْرِ يُسْرِهِ وَعُسْرِهِ.
وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ لِمَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا كَرْهَا, لَا أَرْشُ بَكَارَةٍ مَعَهُ (722) وَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرًا حَالاًّ, لَا إِذَا حَلَّ قَبْلَ تَسْلِيمٍ
وَيُقَرِّرُ اَلْمُسَمَّى كُلَّهُ مَوْتٌ, وَقَتْلٌ , وَوَطْءٌ فِي فَرْجٍ وَلَوْ دُبُرًا , وَخَلْوَةٌ عَنْ مُمَيِّزٍ مِمَّنْ يَطَأُ مِثْلَهُ مَعَ عِلْمِهِ إِنْ لَمْ تَمْنَعْهُ, وَطَلَاقٌ فِي مَرَضِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا, وَلَمْسٌ أَوْ نَظَرٌ إِلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ فِيهِمَا وَتَقْبِيلُهَا, وَيُنَصِّفُهُ (723) كُلُّ فُرْقَةٍ مِنْ قِبَلِهِ قَبْلَ دُخُولٍ. وَمِنْ قِبَلِهَا قَبْلَهُ تُسْقِطُهُ.
اَلْوَلِيمَةُ
وَتُسَنُّ اَلْوَلِيمَةُ لِعُرْسٍ (724) (725) وَلَوْ بِشَاةٍ فَأَقَلَّ.
وَتَجِبُ اَلْإِجَابَةُ إِلَيْهَا بِشَرْطِه ِ (726) .
وَتُسَنُّ لِكُلِّ دَعْوَةٍ مُبَاحَةٍ, وَتُكْرَهُ لِمَنْ فِي مَالِهِ حَرَامٌ كَأَكْلٍ مِنْهُ, وَمُعَامَلَتِهِ وَقَبُولِ هَدِيَّتِهِ, وَهِبَتِهِ.
وَيُسَنُّ اَلْأَكْلُ, وَإِبَاحَتُهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى صَرِيحِ إِذَنٍ أَوْ قَرِينَةٍ مُطْلَقًا.
وَالصَّائِمُ فَرْضًا يَدْعُو , وَنَفْلاً يُسَنُّ أَكْلُهُ مَعَ جَبْرِ خَاطِرٍ.
وَسُنَّ إِعْلَانُ نِكَاحٍ وَضَرْبٌ بِدُفّ ٍ (727) مُبَاحٍ , فِيهِ وَفِي خِتَانٍ وَنَحْوِهِ.
مُعَاشَرَةُ اَلزَّوْجَيْنِ(1/161)
وَيَلْزَمُ كَلَّا مِنْ اَلزَّوْجَيْنِ مُعَاشَرَةُ اَلْآخَرِ بِالْمَعْرُوفِ وَأَلَّا يَمْطِلَهُ بِمَا يَلْزَمُهُ , وَلَا يَتَكَرَّهُ لِبَذْلِهِ.
وَيَجِبُ بِعَقْدٍ تَسْلِيمُ حُرَّةٍ يُوطَأُ مِثْلُهَا فِي بَيْتِ زَوْجٍ إِنْ طَلَبَهَا, وَلَمْ تَكُنْ شَرَطَتْ دَارَهَا, وَمَنْ اِسْتُمْهِلَ أَمْهَلَ اَلْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لَا لِعَمَلِ جِهَازٍ.
وَتَسْلِيمُ أَمَةٍ لَيْلاً فَقَطْ .
وَلِزَوْجٍ اسْتِمْتَاعٌ بِزَوْجَةٍ كُلَّ وَقْتٍ مَا لَمْ يَضُرَّهَا, أَوْ يَشْغَلْهَا عَنْ فَرْضٍ, وَالسَّفَرُ بِحُرَّةٍ مَا لَمْ تَكُنْ شَرَطَتْ بَلَدَهَا, وَلَهُ إِجْبَارُهَا عَلَى غُسْلِ حَيْضٍ وَجَنَابَةٍ وَنَجَاسَةٍ, وَأَخْذِ مَا تَعَافُهُ اَلنَّفْسُ مِنْ شَعَرٍ وَغَيْرِهِ (728) وَيَلْزَمُهُ اَلْوَطْءُ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً -إِنْ قَدَرَ- وَمَبِيتٌ بِطَلَبٍ عِنْدَ حُرَّةٍ لَيْلَةً مِنْ كُلِّ أَرْبَعٍ , وَأَمَةٍ مِنْ كُلِّ سَبْعٍ .
وَإِنْ سَافَرَ فَوْقَ نِصْفِ سَنَةٍ وَطَلَبَتْ قُدُومَهُ رَاسَلَهُ حَاكِمٌ, فَإِنْ أَبَى بِلَا عُذْرٍ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِطَلَبِهَا, وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ خَبَرَهُ فَلَا فَسْخَ لِذَلِكَ بِحَالٍ.
وَحَرُمَ جَمْعُ زَوْجَتَيْهِ بِمَسْكَنٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ يَرْضَيَا.
وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ اَلْخُرُوجِ .
وَعَلَى غَيْرِ طِفْلٍ اَلتَّسْوِيَةُ بَيْنَ زَوْجَاتٍ فِي اَلْقَسْمِ (729) لَا فِي وَطْءٍ وَكِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا إِذَا قَامَ بِالْوَاجِبِ وَعِمَادُهُ اَللَّيْلُ إِلَّا فِي حَارِسٍ وَنَحْوِهِ فَالنَّهَارُ.(1/162)
وَالنُّشُوزُ (730) حَرَامٌ , وَهُوَ: مَعْصِيَتُهَا إِيَّاهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا , فَمَتَى ظَهَرَتْ أَمَارَتُهُ وَعَظَهَا , فَإِنْ أَصَرَّتْ هَجَرَهَا فِي اَلْمَضْجَعِ مَا شَاءَ , وَفِي اَلْكَلَامِ ثَلَاثًا, فَإِنْ أَصَرَّتْ ضَرَبَهَا غَيْرَ شَدِيدٍ , وَلَهُ ضَرْبُهَا عَلَى تَرْكِ فَرَائِضِ اَللَّهِ تَعَالَى.
بَابُ الخُلْعُ وَأَحْكَامُهُ (731) (732)
يُبَاحُ لِسُوءِ عِشْرَةٍ وَبُغْضَةٍ وَكِبَرٍ , وَقِلَّةِ دِيْنٍ , وَيُكْرَهُ مَعَ اسْتِقَامَة ٍ (733) .
وَهُوَ بِلَفْظِ خُلْعٍ, أَوْ فَسْخٍ, أَوْ مُفَادَاةٍ, فَسْخ ٌ (734) وَبِلَفْظِ طَلَاقٍ, أَوْ نِيَّتِهِ, أَوْ كِنَايَتِهِ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ.
وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِعَوَضٍ, وَيُكْرَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا. وَيَصِحُّ بَذْلُهُ مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ مِنْ زَوْجَةٍ وَأَجْنَبِيٍّ.
وَيَصِحُّ بِمَجْهُولٍ وَمَعْدُومٍ , لَا بِلَا عِوَضٍ , وَلَا بِمُحَرَّمٍ , وَلَا حِيلَةً لِإِسْقَاطِ طَلَاقٍ.
وَإِذَا قَالَ : مَتَى أَوْ إِذَا أَوْ إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ , طَلُقَتْ بِعَطِيَّتِهِ وَلَوْ تَرَاخَتْ.
وَإِنْ قَالَتْ: اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ, بَانَتْ وَاسْتَحَقَّهَا.
وَلَيْسَ لَهُ خَلْعُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَلَا طَلَاقُهَا , وَلَا ابْنَتِهِ اَلصَّغِيْرَةِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا.
وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى صِفَة ٍ (735) ثُمَّ أَبَانَهَا فَوُجِدَتْ أَوَّلًا ثُمَّ نَكَحَهَا فَوُجِدَتْ طَلُقَتْ, وَكَذَا عِتْقٌ.
كِتَابُ الطَّلَاقُ
يُكْرَهُ بِلَا حَاجَةٍ وَيُبَاحُ لَهَا (736) وَيُسَنُّ لِتَضَرُّرِهَا بِالْوَطْءِ وَتَرْكِهَا صَلَاةً وَعِفَّةً وَنَحْوِهِمَا.
وَلَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ زَوْجٍ وَلَوْ مُمَيِّزًا يَعْقِلُهُ.(1/163)
وَمَنْ عُذِرَ (737) بِزَوَالِ عَقْلِهِ, أَوْ أُكْرِهَ أَوْ هُدِّدَ مِنْ قَادِرٍ فَطَلَّقَ لِذَلِكَ: لَمْ يَقَعْ.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْ فِيهِ , وَإِنْ طَلَّقَ مَدْخُولًا بِهَا فِي حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ جَامَعَ فِيهِ فَبِدْعَةٌ مُحَرَّمٌ وَيَقَعُ (738) لَكِنْ تُسَنُّ رَجْعَتُهَا.
وَلَا سُنَّةَ وَلَا بِدْعَةَ لِمُسْتَبِينٍ حَمْلُهَا , أَوْ صَغِيرَةٍ , وَآيِسَةٍ وَغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا.
وَيَقَعُ بِصَرِيْحِهِ مُطْلَقًا , وَبِكِنَايَتِهِ مَعَ اَلنِّيَّةِ , وَصَرِيْحُهُ لَفْظُ طَلَاقٍ وَمَا تَصْرَّفَ مِنْهُ غَيْرَ أَمْرٍ وَمُضَارِعٍ وَ"مُطَلِّقَةٍ" بِكَسْرِ اَللَّامِ.
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ , أَوْ كَظَهْرِ أُمِّي , وَمَا أَحَلَّ اَللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ , فَهُوَ ظِهَارٌ وَلَو نَوَى طَلَاقًا, وَإِنْ قَالَ كَالمَيَّتَةِ أَوْ اَلدَّمِ , وَقَعَ مَا نَوَاهُ (739) وَمَعَ عَدَمِ نِيَّةٍ ظِهَارٌ, وَإِنْ قَالَ: حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ وَكَذِبَ دُيِّنَ (740) وَلَزِمَهُ حَكْمًا.
وَيَمْلِكُ حُرٌّ وَمُبَعَّضٌ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ, وَعَبْدٌ اثْنَتَيْنِ.
وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ فَأَقَلُّ مِنْ طَلَقَاتٍ وَمُطْلِقَاتٍ.
وَشُرِطَ (741) تَلَفُّظٌ وَاتِّصَالٌ مُعْتَادٌ وَنِيَّتُهُ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ, وَيَصِحُّ بِقَلْبٍ مِنْ مُطَلَّقَاتٍ لَا طَلَقَاتٍ.(1/164)
وَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي تُطَلَّقُ فِي الْحَالِ وَبَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ لَا تُطَلَّقُ, وَفِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ اليَوْمِ أَوْ السَّنَةِ تُطَلَّقُ فِي الحَالِ, فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ آخِرَ الكُلِّ , قُبِلَ حُكْمًا , وَغَدًا أَوْ يَوْمَ اَلسَّبْتِ وَنَحْوِهِ تُطَلَّقُ بِأَوَّلِهِ, فَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ اَلْآخِرَ لَمْ يَقْبَلْ, وَإِذَا مَضَتْ سَنَةٌ (742) فَأَنْتِ طَالِقٌ, تُطَلَّقُ بِمُضِيِّ اِثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا , وَإِنْ قَالَ: اَلسَّنَةَ , فَبِانْسِلَاخِ ذِي اَلْحِجَّةِ.
تَعْلِيقُ اَلطَّلَاقِ
وَمَنْ عَلَّقَ طَلَاقًا وَنَحْوَهُ بِشَرْطٍ (743) لَمْ يَقَعْ حَتَّى يُوجَدَ , فَلَوْ لَمْ يَلْفِظْ بِهِ وَادَّعَاهُ لَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا.
وَلَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ زَوْجٍ بِصَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ مَعَ قَصْدٍ, وَيَقْطَعُهُ (744) فَصْلٌ بِتَسْبِيحٍ وَسُكُوتٍ, لَا كَلَامٌ مُنْتَظِمٌ, كَأَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إِنْ قُمْتِ.
وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ نَحْوَ "إِنْ" (745) و "مَتَى" و"إِذَا" , وَإِنْ كَلَّمَتْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَحَقِّقِي أَوْ تَنَحَّى وَنَحْوُهُ تُطَلَّقُ, وَإِنْ بَدَأْتُكِ بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ: إِنْ بَدَأْتُكَ بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ, انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَتَبْقَى يَمِينُهَا, وَإِنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إِذْنِي وَنَحْوُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ, ثُمَّ أَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ, ثُمَّ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذَنٍ, أَوْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ تَعْلَمْ طَلُقَتْ (746) .(1/165)
وَإِنْ حَلِفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا , أَوْ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا , فَأَدْخَلَ أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ جَسَدِهِ أَوْ دَخَلَ طَاقَ اَلْبَابِ (747) أَوْ لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ, أَوْ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا اَلْإِنَاءِ فَشَرِبَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ , وَلِيَفْعَلْنَّ شَيْئًا لَا يَبَرُّ إِلَّا بِفِعْلِهِ كُلِّهِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ, وَإِنْ فَعَلَ المَحْلُوفُ عَلَيْهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا حَنِثَ فِي طَلَاقٍ وَعِتَاقٍ (748) .
وَيَنْفَعُ غَيْرَ ظَالِمٍ تَأَوُّلٌ بِيَمِينِهِ (749) .
وَمِنْ شَكَّ فِي طَلَاقٍ أَوْ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ , أَوْ فِي عَدَدِهِ رَجَعَ إِلَى اليَقِينِ. وَإِنْ قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ, لَا عَكْسُهَا (750)
وَمَنْ أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً وَشَكَّ هَلْ هِيَ طَلَاقٌ أَوْ ظِهَارٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.
وَإِذَا طَلَّقَ حُرٌّ مَنْ دَخَلَ أَوْ خَلَا بِهَا أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ, أَوْ عَبْدٌ وَاحِدَةً لَا عِوَضَ فِيهِمَا فَلَهُ وَلِوَلِيٍّ مَجْنُونٍ رَجْعَتُهَا فِي عِدَّتِهَا مُطْلَقًا (751) وَسُنَّ لَهَا إِشْهَادٌ , وَتَحْصُلُ بِوَطْئِهَا مُطْلَقًا (752) وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فِي غَيْرِ قَسْمٍ.
وَتَصِحُّ بَعْدَ طُهْرٍ مِنْ حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ قَبْلَ غُسْلٍ, وَتَعُودُ بَعْدَ عِدَّةٍ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا.
وَمَنْ ادَّعَتْ اِنْقِضَاءَ عِدَّتِهَا, وَأَمْكَنَ قُبِلَ لَا فِي شَهْرٍ بِحَيْضٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ.(1/166)
وَإِنْ طَلَّقَ حُرٌّ ثَلَاثًا أَوْ عَبْدٌ اثْنَتَيْنِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يَطَأَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ فِي قُبُلٍ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ مَعَ اِنْتِشَارٍ, وَيَكْفِي تَغْيِيبُ حَشَفَةٍ, وَلَوْ لَمْ يُنْزِلْ أَوْ يَبْلُغْ عَشْرًا, لَا فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إِحْرَامٍ أَوْ صَوْمِ فَرْضٍ أَوْ رَدَّةٍ.
الإِيلَاءُ
وَالإِيلَاءُ (753) حَرَامٌ, وَهُوَ حَلِفُ زَوْجٍ عَاقِلٍ يُمْكِنُهُ الوَطْءُ, بِاللَّهِ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ (754) عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ اَلْمُمْكِنِ فِي قُبُلٍ أَبَدًا أَوْ مُطْلَقًا أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ, فَمَتَى مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَمِينِهِ لَمْ يُجَامِعْ فِيهَا بِلَا عُذْرٍ أُمِرَ بِهِ, فَإِنْ أَبَى أُمِرَ بِالطَّلَاقِ, فَإِنْ اِمْتَنَعَ طَلَّقَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ.
وَيَجِبُ بِوَطْئِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
وَتَارِكُ الوَطْءِ ضِرَارًا بِلَا عُذْرٍ كَمُوْلٍ (755) .
الظِّهَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
وَالظِّهَارُ مُحَرَّمٌ, وَهُوَ أَنْ يُشَبِّهَ زَوْجَتَهُ أَوْ بَعْضَهَا (756) بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَوْ بَعْضِهَا, أَوْ بِرَجُلٍ مُطْلَقًا, لَا بِشَعْرٍ وَسِنٍّ وَظُفُرٍ وَرِيقٍ وَنَحْوِهَا. 234
وَإِنْ قَالَتْهُ لِزَوْجِهَا فَلَيْسَ بِظِهَارٍ , وَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهُ بِوَطْئِهَا مُطَاوَعَةً (757) .
وَيَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ.
وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا وَطْءٌ وَدَوَاعِيهِ قَبْلَ كَفَّارَتِهِ, وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ, فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ, فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا.
وَيُكَفِّرُ كَافِرٌ بِمَالٍ وَعَبْدٌ بِالصَّوْمِ, وَشُرِطَ فِي رَقَبَةٍ كَفَّارَةٍ وَنُذُرِ عِتْقٍ مُطْلَقٍ إِسْلَامٌ , وَسَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ مُضِرٍّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا.(1/167)
وَلَا يُجْزِئُ التَّكْفِيرُ إِلَّا بِمَا يُجْزِئُ فِطْرَةً , وَيُجْزِئُ مِنْ البُرِّ مُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَمِنْ غَيْرِهِ مُدَّانِ. 235
اللِّعَانُ
وَيَجُوزُ اللِّعَانِ بَيْنَ زَوْجَيْنِ بَالِغَيْنِ عَاقِلَينِ لِإِسْقَاطِ الحَدِّ
فَمَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ لَفْظًا وَكَذَّبَتْهُ فَلَهُ لِعَانُهَا بِأَنْ يَقُولَ أَرْبَعًا: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَصَادِقٌ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا.
وَفِي الخَامِسَةِ: وَأَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الكَاذِبِينَ.
ثُمَّ تَقُولُ هِيَ أَرْبَعًا: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا.
وَفِي الخَامِسَةِ : وَأَنْ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ.
فَإِذَا تَمَّ سَقَطَ الحَدُّ, وَثَبَتَتْ الفُرْقَةُ المُؤَبَّدَةُ (758) وَيَنْتَفِي الوَلَدُ بِنَفْيهِ.
وَمَنْ أَتَتْ زَوْجَتُهُ بِوَلَدٍ بَعْدَ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِهَا , أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا وَلَوْ ابْنُ عَشْرٍ , لَحِقَهُ نَسَبُهُ , وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ مَعَ شَكٍّ فِيهِ.
وَمَنْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ مَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا , فَوَلَدَتْ لِدُونِ نِصْفُ سَنَةٍ لَحِقَهُ , والبَيْعُ بَاطِلٌ.
بَابُ العِدَدِ (759)
لَا عِدَّةَ فِي فُرْقَةِ حَيٍّ قَبْلَ وَطْءٍ وَخَلْوَةٍ
وَشُرِطَ لِوَطْءٍ كَوْنُهَا يُوطَأُ مِثْلُهَا, وَكَوْنُهُ يَلْحَقُ بِهِ الوَلَدُ (760) وَلِخَلْوَةٍ مُطَاوَعَتُهُ وَعِلْمُهُ بِهَا وَلَوْ مَعَ مَانِعٍ, 236 وَتَلْزَمُ لِوَفَاةٍ مُطْلَقًا (761) .
وَالمُعْتَدَّاتُ سِتٌّ:(1/168)
الحَامِلُ وَعِدَّتُهَا مُطْلَقًا إِلَى وَضْعِ كُلِّ حَمْلٍ تَصِيرُ بِهِ أَمَةٌ أُمَّ وَلَدٍ. وَشُرِطَ لُحُوقُهُ لِلزَوْجِ, وَأَقَلُّ مُدَّتِهِ سِتَةُ أَشْهُرٍ , وَغَالِبُهَا تِسْعَةٌ, وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعُ سِنِينَ, وَيُبَاحُ إِلْقَاءُ نُطْفَةٍ قَبْلَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا بِدَوَاءٍ مُبَاحٍ.
الثَّانِيَةُ: المُتَوَفَّى عَنْهَا بِلَا حَمْلٍ فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَ لَيَالٍ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ , وَأَمَةٌ نِصْفَهَا, وَمُبَعَّضَةٌ بِالْحِسَابِ, وَتَعْتَدُّ مَنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ (762) الأَطْوَلَ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ إِنْ وَرِثَتْ, وَإِلَّا عِدَّةَ طَلَاقٍ.
الثَّالِثَةُ: ذَاتُ الحَيْضِ المُفَارَقَةُ فِي الحَيَاةِ , فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ وَمُبَعَّضَةٌ بِثَلَاثِ حَيْضَاتٍ , وَأَمَةٌ بِحَيْضَتَيْنِ.
الرَّابِعَةُ: المُفَارَقَةُ فِي الحَيَاةِ, وَلَمْ تَحِضْ لِصِغَرٍ أَوْ إِيَاسٍ , فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ , وَأَمَةٌ بِشَهْرَيْنِ , وَمُبَعَّضَةٌ بِالْحِسَابِ.
الخَامِسَةُ: مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ تَعْلَمْ مَا رَفَعَهُ, فَتَعْتَدُّ لِلْحَمْلِ غَالِبَ مُدَّتِهِ (763) ثُمَّ تَعْتَدُّ كَآيِسَةٍ, وَإِنْ عَلِمَتْ مَا رَفَعَهُ فَلَا تَزَالُ حَتَّى يَعُودَ فَتَعْتَدَّ بِهِ , أَوْ تَصِيرَ آيِسَةً فَتَعْتَدَّ عِدَّتَهَا . وَعِدَّةُ بَالِغَةٍ لَمْ تَحِضْ وَمُسْتَحَاضَةٍ مُبْتَدَأَةٍ, أَوْ نَاسِيَةٍ كَآيِسَةٍ (764) .
السَّادِسَةُ: امْرَأَةُ المَفْقُودِ تَتَرَبَّصُ وَلَوْ أَمَةً أَرْبَعَ سِنِينَ (765) إِنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا الهَلَاكُ , وَتِسْعِينَ مُنْذُ وُلِدَ إِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا اَلسَّلَامَةَ, ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ, وَإِنْ طَلْقَ غَائِبٌ أَوْ مَاتَ , فَابْتِدَاءُ العِدَّةِ مِنْ الفُرْقَةِ.(1/169)
وَعِدَّةُ مَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا كَمُطْلَقَةٍ إِلَّا أَمَةً غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ فَتُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ. وَإِنْ وُطِئَتْ مُعْتَدَّةٌ بِشُبْهَةٍ, أَوْ زِنًا, أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَتَمَّتْ عِدَّةَ الأَوَّلِ وَلَا يُحْتَسَبُ مِنْهَا مُقَامُهَا عِنْدَ ثَانٍ , اعْتَدَّتْ لِثَانٍ.
وَيَحْرُمُ إِحْدَادٌ (766) عَلَى مَيِّتٍ غَيْرَ زَوْجٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ. وَيَجِبُ عَلَى زَوْجَةِ مَيِّتٍ, وَيُبَاحُ لِبَائِنٍ.
وَهُوَ تَرْكُ زِينَةٍ وَطِيبٍ وَكُلِّ مَا يَدْعُو إِلَى جِمَاعِهَا وَيُرَغِّبُ فِي النَّظَرِ إِلَيْهَا.
وَيَحْرُمُ -بِلَا حَاجَةٍ- تَحَوُّلُهَا مِنْ مَسْكَنٍ وَجَبَتْ فِيهِ (767) وَلَهَا الخُرُوجُ لِحَاجَتِهَا نَهَارًا.
وَمِنْ مَلَكَ أَمَةً يُوطَءُ مِثْلُهَا مِنْ أَيِّ شَخَصٍ كَانَ , حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْءٌ وَمُقَدِّمَاتُهُ اسْتِبْرَاءِ حَامِلٍ بِوَضْعٍ, وَمَنْ تَحِيضُ بِحَيْضَةٍ, وَآيِسَةٍ وَصَغِيرَةٍ بِشَهْرٍ.
الرَّضَاعِ
وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ (768) عَلَى رَضِيعٍ وَفَرْعِهِ وَإِنْ نَزَلَ فَقَطْ.
وَلَا حُرْمَةَ إِلَّا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ فِي الحَوْلَيْنِ , وَتَثْبُتُ بِسَعُوطٍ , وَوَجُورٍ (769) وَلَبَنِ مَيِّتَةٍ وَمَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ , وَمَشُوبٍ.
وَكُلُّ امْرَأَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بَنْتُهَا كَأُمِّهِ وَجَدَّتِهِ وَرَبِيبَتِهِ إِذَا أَرْضَعَتْ طِفْلَةً حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ.
وَكُلُّ رَجُلٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتَهُ كَأَخِيهِ وَأَبِيهِ وَرَبِيبِهِ إِذَا أَرْضَعَتْ امْرَأَتُهُ بِلَبَنِهِ طِفْلَةً حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّ زَوْجَتَهُ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ بَطَلَ نِكَاحُهُ.(1/170)
وَلَا مَهْرَ قَبْلَ دُخُولٍ إِنْ صَدَّقَتْهُ, وَيَجِبُ نِصْفُهُ إِنْ كَذَّبَتْهُ , وَكُلُّهُ بَعْدَ دُخُولٍ مُطْلَقًا (770) وَإِنْ قَالَتْ هِيَ ذَلِكَ (771) وَكَذَّبَهَا فَهِيَ زَوْجَتُهُ حَكُمًا.
وَمَنْ شَكَّ فِي رَضَاعٍ أَوْ عَدِدِهِ بَنَى عَلَى اليَقِينِ.
وَيَثْبُتُ بِإِخْبَارِ مُرْضِعَةٍ مَرْضِيَّةٍ وَبِشَهَادَةِ عَدْلٍ مُطْلَقًا (772) .
بَاب اَلنَّفَقَاتِ (773)
وَعَلَى زَوْجٍ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَكِسْوَةٍ وَسُكْنَى بِالْمَعْرُوفِ , فَيُفْرَضُ لِمُوسِرَةٍ مَعَ مُوسِرٍ عِنْدَ تَنَازُعٍ مِنْ أَرْفَعِ خُبْزِ البَلَدِ وَأُدْمِهِ (774) عَادَةَ اَلْمُوسِرِينَ وَمَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا وَيَنَامُ عَلَيْهِ.
وَلِفَقِيرَةٍ مَعَ فَقِيرٍ كِفَايَتُهَا مِنْ أَدْنَى خُبْزِ اَلْبَلَدِ وَأُدْمِهِ وَمَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا وَيَنَامُ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ. وَلِمُتَوَسِّطَةٍ مَعَ مُتَوَسِّطٍ , وَمُوسِرَةٍ مَعَ فَقِيرٍ وَعَكْسِهَا مَا بَيْنَ ذَلِكَ , لَا القِيمَةُ إِلَّا بِرِضَاهُمَا , وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ نَظَافَتِهَا (775) لَا دَوَاءَ , وَأُجْرَةُ طَبِيبٍ , وَثَمَنُ طِيبٍ.
وَتَجِبُ لِرَجْعِيَّةٍ وَبَائِنٍ حَامِلٍ , لَا لِمُتَوَفَّى عَنْهَا (776) .
وَمَنْ حُبِسَتْ أَوْ نَشَزَتْ (777) أَوْ صَامَتْ نَفْلًا, أَوْ لِكَفَّارَةٍ , أَوْ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَوَقْتُهُ مُتَّسِعٌ , أَوْ حَجَّتْ نَفْلًا بِلَا إِذْنِهِ أَوْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا بِإِذْنِهِ, سَقَطَتْ.
وَلَهَا الكِسْوَةُ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً فِي أَوَّلِهِ.
وَإِنْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ فِي غَيْبَتِهِ فَبَانَ مَيِّتًا رَجَعَ عَلَيْهَا وَارِثٌ (778) .
وَمَنْ تَسْلَمَ مَنْ يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا, أَوْ بَذَلَتْهُ هِيَ أَوْ وَلِيِّهَا , وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا وَلَوْ مَعَ صِغَرِهِ وَمَرَضِهِ وعِنَّتِهِ وَجَبِهِ (779) .(1/171)
وَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا قَبْلَ دُخُولٍ لَقَبْضِ مَهْرٍ حَالٍّ (780) وَلَهَا النَّفَقَةُ.
وَإِنْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ مُعْسِرٍ أَوْ بَعْضِهَا إِلَّا بِمَا فِي ذِمَّتِهِ أَوْ غَابَ وَتَعَذَّرَتْ بِاسْتِدَانَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلَهَا الفَسْخُ بِحَاكِمٍ (781) وَتَرْجِعُ بِمَا اسْتَدَانَتْهُ لَهَا أَوْ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ مُطْلَقًا.
وَإِنْ عَجَزَ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ إِجَارَةٍ, أَوْ ذَبْحِ مَأْكُولٍ , وَحَرُمَ تَحْمِيلُهَا مُشِقًّا (782) وَلَعْنُهَا وَحَلْبُهَا مَا يَضُرُّ بِوَلَدِهَا , وَضَرْبُ وَجْهٍ وَوَسْمٍ فِيهِ, وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ.
اَلْحَضَانَةُ
وَتَجِبُ اَلْحَضَانَةُ (783) لِحِفْظِ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ.
وَالْأَحَقُّ بِهَا أُمٌ , ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا اَلْقُرْبَى فَالْقُرْبَى, ثُمَّ أَبٌ, ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ كَذَلِكَ (784) ثُمَّ جَدٌّ , ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ كَذَلِكَ , ثُمَّ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ , ثُمَّ لِأُمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ , ثُمَّ خَالَةٌ , ثُمَّ عَمَّةٌ , ثُمَّ بِنْتُ أَخٍ , وَأُخْتٍ , ثُمَّ بِنْتُ عَمٍّ وَعَمَّةٍ ثُمَّ بِنْتُ عَمِّ أَبٍ وَعَمَّتِهِ عَلَى مَا فُصِّلَ , ثُمَّ لِبَاقِي اَلْعَصَبَةِ اَلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ , وَشُرِطَ كَوْنُهُ مَحْرَمًا لِأُنْثَى (785) ثُمَّ لِذِي رَحِمٍ ثُمَّ لِحَاكِمٍ.
وَلَا تَثْبُتُ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ , وَلَا لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ, وَلَا لِفَاسِقٍ وَلَا لِمُزَوِّجَةٍ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ مَحْضُونٍ مِنْ حِينِ عَقْدٍ.
وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ نَقْلَهُ إِلَى بَلَدٍ آمَنٍ, وَطُرُقُهُ مَسَافَةُ قَصْرٍ فَأَكْثِرْ لِيَسْكُنَهُ فَأَبٌ أَحَقٌّ, أَوْ إِلَى قَرِيبٍ لِلسُّكْنَى فَأُمٌّ , وَلِحَاجَةٍ مَعَ بُعْدٍ أَوْ لَا فَمُقِيمٌ.
وَإِذَا بَلَغَ صَبِيٌّ سَبْعَ سِنِينَ عَاقِلاً خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ.(1/172)
وَلَا يُقَرُّ مَحْضُونٌ بِيَدِ مَنْ لَا يَصُونُهُ وَيُصْلِحُهُ.
وَتَكُونُ بِنْتُ سَبْعٍ عِنْدَ أَبٍ, أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ إِلَى زِفَافٍ (786) .
كِتَابُ اَلْجِنَايَاتِ (787)
اَلْقَتْلُ: عَمْدٌ, وَشِبْهُ عَمْدٍ, وَخَطَأٌ
فَالْعَمْدُ يَخْتَصُّ اَلْقَوَدُ بِهِ , وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ مَنْ يَعْلَمُهُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا , فَيَقْتُلُهُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى اَلظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ كَجُرْحِهِ بِمَا لَهُ نُفُوذٌ فِي اَلْبَدَنِ وَضَرْبِهِ بِحَجَرٍ كَبِيرٍ.
وَشِبْهُ اَلْعَمْدِ أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةً لَا تَقْتُلُ غَالِبًا, وَلَمْ يَجْرَحْهُ بِهَا كَضَرْبٍ بِسَوْطٍ أَوْ عَصَا.
وَالْخَطَأُ أَنْ يَفْعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ كَرَمْي صَيْدٍ وَنَحْوِهِ فَيُصِيبُ آدَمِيًّا. وَعَمْدُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ خَطَأٌ, وَيُقْتَلُ عَدَدٌ بِوَاحِدٍ, وَمَعَ عَفْوٍ يَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ.
اَلْقِصَاصُ
وَلِلْقِصَاصِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ
تَكْلِيفُ قَاتِلٍ, وَعِصْمَةُ مَقْتُولٍ, وَمُكَافَأَتُهُ لِقَاتِلٍ بِدَيْنٍ وَحُرِّيَّةٍ, وَعَدَمُ اَلْوِلَادَةِ (788) .
وَلِاسْتِيفَائِهِ ثَلَاثَةٌ.
تَكْلِيفُ مُسْتَحِقٍّ لَهُ, وَاتِّفَاقُهُمْ عَلَيْهِ , وَأَنْ يُؤْمَنَ فِي اِسْتِيفَائِهِ تَعَدِّيِهِ إِلَى غَيْرِ جَانٍ.
وَيُحْبَسُ لِقُدُومِ غَائِبٍ وَبُلُوغٍ وَإِفَاقَةٍ.
وَيَجِبُ اِسْتِيفَاؤُهُ بِحَضْرَةِ سُلْطَانٍ, أَوْ نَائِبِهِ, وَبِآلَة مَاضِيَةٍ, وَفِي اَلنَّفْسِ بِضَرْبِ اَلْعُنُقِ بِسَيْفٍ.
اَلدِّيَاتُ وَبَيَانُهَا فِي اَلنَّفْسِ وَالْأَعْضَاءِ
وَيَجِبُ بِعَمْدٍ اَلْقَوَدُ أَوْ اَلدِّيَةُ , فَيُخَيَّرُ وَلَيٌّ , وَالْعَفْوُ مَجَّانًا أَفْضَلُ.
وَمَتَى اِخْتَارَ اَلدِّيَةَ أَوْ عَفَا مُطْلَقًا (789) أَوْ هَلَكَ جَانٍ , تَعَيَّنَتِ الدِّيَةُ.(1/173)
فِي اَلطَّرَفِ, فَيُؤْخَذُ كُلٌّ مِنْ عَيْنٍ وَأَنْفٍ وَأُذُنٍ وَسِنٍّ وَنَحْوِهِمَا (790) بِمِثْلِهِ , بِشَرْطِ مُمَاثَلَةٍ , وَأَمْنٍ مِنْ حَيْفٍ (791) وَاسْتِوَاءٍ فِي صِحَّةٍ وَكَمَالٍ.
اَلثَّانِي: فِي اَلْجُرُوحِ, بِشَرْطِ اِنْتِهَائِهَا إِلَى عَظْمٍ كَمُوضِحَةٍ (792) وَجُرْحِ عَضُدٍ وَسَاقٍ وَنَحْوِهِمَا.
وَتُضْمَنُ سَرَايَةُ جِنَايَةٍ لَا قَوَدٍ , وَلَا يُقْتَصُّ عَنْ طَرَفٍ وَجُرْحٍ , وَلَا يَطْلُبُ لَهُمَا دِيَةً قَبْلَ اَلْبُرْءِ.
وَدِيَةُ اَلْعَمْدِ عَلَى اَلْجَانِي, وَغَيْرُهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ.
وَمَنْ قَيَّدَ حُرًّا مُكَلَّفًا أَوْ غَلَّهُ (793) أَوْ غَصَبَ صَغِيرًا فَتَلِفَ بِحَيَّةٍ أَوْ صَاعِقَةٍ فَالدِّيَةُ, لَا إِنْ مَاتَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةً.
وَإِنْ أَدَّبَ اِمْرَأَتَهُ بِنُشُوزٍ أَوْ مُعَلِّمٌ صَبِيَّهُ, أَوْ سُلْطَانٌ رَعِيَّتَهِ بِلَا إِسْرَافٍ, فَلَا ضَمَانَ بِتَلَفٍ مِنْ ذَلِكَ.
وَدِيَةُ جَنِينٍ حُرٍّ غُرَّةٌ (794) مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ قِيمَتُهَا عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ , وَقِنٍّ عُشْرُ
وَمَنْ أَتْلَفَ مَا فِي اَلْإِنْسَانِ مِنْهُ وَاحِدٌ كَأَنْفٍ, فَفِيهِ دِيَةُ نَفْسِهِ, أَوْ اِثْنَانِ أَوْ أَكْثَرَ فَكَذَلِكَ, وَفِي أَحَدِ ذَلِكَ نِسْبَتُهُ مِنْهَا, وَفِي اَلظُّفُرِ بَعِيرَانِ, وَتَجِبُ كَامِلَةً فِي كُلِّ حَاسَّةٍ (795) وَكَذَا كَلَامٌ وَعَقْلٌ وَمَنْفَعَةُ أَكْلٍ وَمَشْيٌ وَنِكَاحٌ , وَمِنْ وَطْءِ زَوْجَةٍ يُوطَأُ مِثْلُهَا لِمِثْلِهِ فَخَرَقَ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ , أَوْ مَا بَيْنَ اَلسَّبِيلَيْنِ , فَهَدَرٌ (796) وَإِلَّا فَجَائِفَةٌ (797) إِنْ اِسْتَمْسَكَ بَوْلٍ, وَإِلَّا فَالدِّيَةُ.(1/174)
وَفِي كُلٍّ مِنْ شَعْرِ رَأْسٍ وَحَاجِبَيْنِ وَأَهْدَابِ عَيْنَيْنِ وَلِحْيَةٍ اَلدِّيَةُ , وَحَاجِبٍ نِصْفُهَا وَهُدْبٍ رُبْعُهَا , وَشَارِبٍ حُكُومَةٌ, وَمَا عَادَ سَقَطَ مَا فِيهِ.
وَفِي عَيْنِ اَلْأَعْوَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ, وَإِنَّ قَلْعَهَا صَحِيحٌ أُقِيدَ بِشَرْطِهِ, وَعَلَيْهِ أَيْضًا نِصْفُ اَلدِّيَةِ.
وَإِنْ قَلَعَ مَا يُمَاثِلُ صَحِيحَتَهُ مِنْ صَحِيحٍ عَمْدًا فِدْيَةٌ كَامِلَةٌ, وَإِلَّا قَطْعٌ (798) كَغَيْرِهِ.
وَفِي اَلْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ اَلْإِبِلِ, وَالْهَاشِمَةِ (799) عَشْرٌ, وَالْمُنَقِّلَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ, وَالْمَأْمُومَةُ ثُلُثُ اَلدِّيَةِ كَالْجَائِفَةِ وَالدَّامِغَةِ, وَفِي اَلْخَارِصَةِ وَالْبَازِلَةِ وَالْبَاضِعَةِ وَالْمُتَلَاحِمَةِ والسِّمْحَاقِ حُكُومَةٌ.
وَعَاقِلَةُ جَانٍ ذُكُورُ عُصْبَتِهِ نَسَبًا وَوَلَاءً , وَلَا عَقْلَ عَلَى فَقِيرٍ وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ وَمُخَالِفٍ دِينَ جَانٍ.
وَلَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا , وَلَا صُلْحًا وَلَا اِعْتِرَافًا, وَلَا مَا دُونَ ثُلُثِ اَلدِّيَةَ.
وَمَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُحَرَّمَةً غَيْرَ عَمْدٍ, أَوْ شَارَكَ فِيهِ فَعَلَيْهِ اَلْكَفَّارَةُ, وَهِيَ كَكَفَّارَةِ ظِهَارٍ إِلَّا أَنَّهَا لَا إِطْعَامَ فِيهَا, وَيُكَفِّرُ عَبْدٌ بِالصَّوْمِ.
وَالْقَسَامَةُ (800) أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ فِي دَعْوَى قَتْلِ مَعْصُومٍ.
وَإِذَا أَتَمَّتْ شُرُوطَهَا بُدِئَ بِأَيْمَانِ ذُكُورِ عُصْبَتِهِ اَلْوَارِثِينَ, فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا كُلٌّ بِقَدْرِ إِرْثِهِ وَيُجْبَرُ كَسْرٌ , فَإِنْ نَكَلُوا, أَوْ كَانَ اَلْكُلُّ نِسَاءً حَلَّفَهَا مُدَّعًى عَلَيْهِ وَبَرِئَ.
كِتَابُ اَلْحُدُودِ (801)
لَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى مُكَلَّفٍ مُلْتَزِمٍ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ, وَعَلَى إِمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ إِقَامَتُهَا.(1/175)
وَيُضْرَبُ رَجُلٌ قَائِمًا بِسَوْطٍ لَا خَلَقٍ وَلَا جَدِيدٍ, وَيَكُونُ عَلَيْهِ قَمِيصٌ وَقَمِيصَانِ, وَلَا يُبْدِي ضَارِبٌ إِبْطَهُ.
وَيُسَنُّ تَفْرِيقُهُ عَلَى اَلْأَعْضَاءِ, وَيَجِبُ اِتِّقَاءُ وَجْهٍ وَرَأْسٍ وَفَرْجٍ وَمَقْتَلٍ.
وَاِمْرَأَةٌ كَرَجُلٍ, لَكِنْ تُضْرَبُ جَالِسَةً, وَتُشَدُّ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا, وَتُمْسَكُ يَدَاهَا, وَلَا يُحْفَرُ لِمَرْجُومٍ, وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَدٌّ سَقَطَ.
فَيُرْجَمُ زَانٍ مُحْصَنٌ حَتَّى يَمُوتَ, وَغَيْرُهُ يُجْلَدُ مِائَةً وَيُغَرَّبُ (802) عَامًا, وَرَقِيقٌ خَمْسِينَ, وَلَا يُغَرَّبُ, وَمُبَعَّضٌ بِحِسَابِهِ فِيهِمَا.
وَالْمُحْصَنُ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ فِي قُبُلِهَا وَلَوْ مَرَّةً.
وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ:
تَغْيِيبُ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ لِآدَمِيٍّ وَلَوْ دُبُرًا وَانْتِفَاءُ اَلشُّبْهَةِ.
وَالْقَاذِفُ (803) مُحْصَنًا يُجْلَدُ, حُرٌّ ثَمَانِينَ, وَرَقِيقٌ نِصْفَهَا, وَمُبَعَّضٌ بِحِسَابِهِ.
وَالْمُحْصَنُ هُنَا: اَلْحُرُّ اَلْمُسْلِمُ اَلْعَاقِلُ اَلْعَفِيفُ (804) .
وَشُرِطَ كَوْنُ مِثْلِهِ يَطَأُ أَوْ يُوطَأُ لَا بُلُوغُهُ.
وَيُعَزَّرُ بِنَحْوِ: يَا كَافِرٌ, يَا مَلْعُونٌ, يَا أَعْوَرُ, يَا أَعْرَجُ.
وَيَجِبُ اَلتَّعْزِيرُ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ, وَمَرْجِعُهُ إِلَى اِجْتِهَادِ اَلْإِمَامِ.
أَحْكَامُ اَلسُّكْرِ
وَكُلُّ شَرَابٍ مُسْكِرٍ يَحْرُمُ مُطْلَقًا (805) إِلَّا لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غُصَّ بِهَا مَعَ خَوْفِ تَلَفٍ, وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ بَوْلٍ.
فَإِذَا شَرِبَهُ أَوْ اِحْتَقَنَ بِهِ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ مُخْتَارًا عَالِمًا أَنَّ كَثِيرَهُ يُسْكِرُ حُدَّ حُرٌّ ثَمَانِينَ وَقِنٌّ نِصْفَهَا.
وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً كَقَذْفٍ أَوْ شَهَادَةِ عِدْلَيْنِ.(1/176)
وَحَرُمَ عَصِيرٌ وَنَحْوُهُ إِذَا غَلَا أَوْ أَتَى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ (806) .
اَلسَّرِقَةُ
وَيُقْطَعُ اَلسَّارِقُ بِثَمَانِيَةِ شُرُوطٍ
اَلسَّرِقَةُ, وَهِيَ أَخْذُ مَالِ مَعْصُومٍ خُفْيَةً, وَكَوْنُ سَارِقٍ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا عَالِمًا بِمَسْرُوقٍ وَتَحْرِيمِهِ, وَكَوْنُ مَسْرُوقٍ مَالًا مُحْتَرَمًا, وَكَوْنُهُ نِصَابًا وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فِضَّةً أَوْ رُبْعِ مِثْقَالٍ ذَهَبًا أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا, وَإِخْرَاجُهُ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ, وَحِرْزُ كُلِّ مَالٍ مَا حُفِظَ بِهِ عَادَةً, وَانْتِفَاءُ اَلشُّبْهَةِ (807) وَثُبُوتُهَا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ يَصِفَانِهَا أَوْ إِقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ مَعَ وَصْفٍ وَدَوَامٍ عَلَيْهِ, وَمُطَالَبَةُ مَسْرُوقٍ مِنْهُ, أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ.
فَإِذَا وَجَبَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنْ مَفْصِلِ كَفِّهِ وَحُسِمَتْ (808) فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ اَلْيُسْرَى مِنْ مَفْصِلِ كَعْبِهِ وَحُسِمَتْ, فَإِنْ عَادَ حُبِسَ حَتَّى يَتُوبَ.
وَمَنْ سَرَقَ تَمْرًا أَوْ مَاشِيَةً مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ غُرِّمَ قِيمَتَهُ مَرَّتَيْنِ وَلَا قَطْعَ, وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِيهِ أَوْ يُشْتَرَى بِهِ زَمَنَ مَجَاعَةٍ غَلَاءٍ لَمْ يُقْطَعْ بِسَرِقَةٍ.
فَصْلٌ فِي قُطَّاعُ اَلطَّرِيقِ
وَقُطَّاعُ اَلطَّرِيقِ أَنْوَاعٌ:
فَمَنْ مِنْهُمْ قَتَلَ مُكَافِئًا (809) أَوْ غَيْرَهُ كَوَلَدٍ وَأَخَذَ اَلْمَالَ, قُتِلَ ثُمَّ صُلِبَ مُكَافِئٌ حَتَّى يَشْتَهِرَ .
وَمَنْ قَتَلَ فَقَطْ قُتِلَ حَتْمًا وَلَا صَلْبَ.
وَمَنْ أَخَذَ اَلْمَالَ فَقَطْ قُطِعَتْ يَدُهُ اَلْيُمْنَى ثُمَّ رِجْلُهُ اَلْيُسْرَى فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَحُسِمَتَا وَخُلِّيَ.(1/177)
وَإِنْ أَخَافَ اَلسَّبِيلَ فَقَطْ نُفِيَ وَشُرِّدَ, وَشُرِطَ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ, وَحِرْزٍ وَنِصَابٍ.
وَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ اَلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ حَقٌّ اَللَّهِ -تَعَالَى- وَأُخِذَ بِحَقِّ آدَمِيٍّ.
وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ لِلَّهِ فَتَابَ قَبْلَ ثُبُوتِهِ سَقَطَ.
وَمَنْ أُرِيدَ مَالُهُ أَوْ نَفْسُهُ أَوْ حُرْمَتُهُ, وَلَمْ يَنْدَفِعْ اَلْمُرِيدُ إِلَّا بِالْقَتْلِ أُبِيحَ, وَلَا ضَمَانَ.
وَالْبُغَاةُ ذُو شَوْكَةٍ (810) يَخْرُجُونَ عَلَى اَلْإِمَامِ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ فَيَلْزَمُهُ
أَحْكَامُ اَلْمُرْتَدِّ
وَالْمُرْتَدُّ: مَنْ كَفَرَ طَوْعًا وَلَوْ مُمَيِّزًا بَعْدَ إِسْلَامِهِ.
فَمَتَى اِدَّعَى اَلنُّبُوَّةَ أَوْ سَبَّ اَللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ أَوْ جَحَدَهُ (811) أَوْ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ, أَوْ كِتَابًا أَوْ رَسُولًا أَوْ مَلَكًا, أَوْ إِحْدَى اَلْعِبَادَاتِ اَلْخَمْسِ, أَوْ حُكْمًا ظَاهِرًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ (812) كَفَرَ, فَيُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ.
وَلَا تُقْبَلُ ظَاهِرًا مِمَّنْ سَبَّ اَللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ, أَوْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ, وَلَا مِنْ مُنَافِقٍ وَسَاحِرٍ.
وَتَجِبُ اَلتَّوْبَةُ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ, وَهِيَ: إِقْلَاعٌ وَنَدَمٌ وَعَزْمٌ أَنْ لَا يَعُودَ مَعَ رَدِّ مَظْلَمَةٍ لَا اِسْتِحْلَالٌ مِنْ نَحْوِ غَيْبَةٍ وَقَذْفٍ.
أَحْكَامُ الْأَطْعِمَةِ
وَكُلُّ طَعَامٍ طَاهِرٍ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ حَلَالٌ, وَأَصْلُهُ الْحِلُّ.(1/178)
وَحَرُمَ نَجِسٌ كَدَمٍ, وَمَيْتَةٍ، وَمُضِرٌّ كَسُمٍّ (813) وَمِنْ حَيَوَانِ بَرٍّ مَا يَفْتَرِسُ بِنَابِهِ كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ (814) وَفَهْدٍ, وَثَعْلَبٍ وَابْنِ آوَى لَا ضَبُعٌ, وَمِنْ طَيْرٍ مَا يَصِيدُ بِمِخْلَبٍ كَعُقَابٍ وَصَقْرٍ, وَمَا يَأْكُلُ اَلْجِيَفَ كَنَسْرٍ وَرَخْمٍ, وَمَا تَسْتَخْبِثُهُ اَلْعَرَبُ ذُو اَلْيَسَارِ كَوَطْوَاطٍ وَقُنْفُذٍ ونِيصٍ, وَمَا تًوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ كَبَغْلٍ.
وَيُبَاحُ حَيَوَانُ بَحْرٍ كُلُّهُ سِوَى ضِفْدَعٍ وَتِمْسَاحٍ وَحَيَّةٍ.
وَمَنْ اُضْطُرَّ أَكَلَ وُجُوبًا مِنْ مُحَرَّمٍ غَيْرِ سُمٍّ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ (815) .
وَيَلْزَمُ مُسْلِمًا ضِيَافَةُ مُسْلِمٍ مُسَافِرٍ فِي قَرْيَةٍ لَا مِصْرٍ يَوْمًا وَلَيْلَةٍ قَدْرَ كِفَايَتِهِ وَتُسَنُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
أَحْكَامُ ذَكَاةِ الْحَيَوَانِ
لَا يُبَاحُ حَيَوَانٌ يَعِيشُ فِي اَلْبَرِّ غَيْرُ جَرَادٍ وَنَحْوِهِ (إِلَّا بِذَكَاةٍ) (816) .
وَشُرُوطُهَا أَرْبَعَةٌ: كَوْنُ ذَابِحٍ عَاقِلاً مُمَيِّزًا وَلَوْ كِتَابِيًّا.
وَالْآلَةُ, وَهِيَ كُلُّ مُحَدَّدٍ غَيْرُ سِنِّ وَظُفُرٍ, وَقَطْعُ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ (817) .
وَكُرِهَتْ بِآلَةٍ كَالَّةٍ (818) وَحَدُّهَا بِحَضْرَةِ مُذَكٍّ, وَسَلْخٌ, وَكَسْرُ عُنُقٍ قَبْلَ زُهُوقٍ, وَنَفْخُ لَحْمٍ لِبَيْعٍ.
وَسُنَّ تَوْجِيهُهُ إِلَى اَلْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ, وَرِفْقٌ بِهِ, وَتَكْبِيرٌ.
أَحْكَامُ الصَّيْدِ
اَلصَّيْدُ مُبَاحٌ , وَشُرُوطُهُ أَرْبَعَةٌ(1/179)
كَوْنُ صَائِدٍ مِنْ أَهْلِ ذَكَاةٍ, وَالْآلَةُ, وَهِيَ آلَةُ ذَكَاةٍ, أَوْ جَارِحٌ مُعَلَّمٌ (819) وَهُوَ أَنْ يَسْتَرْسِلَ إِذَا أُرْسِلَ, ويَنْزَجِزَ إِذَا زُجِرَ, وَإِذَا أَمْسَكَ لَمْ يَأْكُلْ, وَإِرْسَالُهَا قَاصِدًا, فَلَوِ اسْتَرْسَلَ جَارِحٌ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ صَيْدًا لَمْ يَحِلَّ وَالتَّسْمِيَةُ عِنْدَ رَمْيٍ أَوْ إِرْسَالِ (820) وَلَا تَسْقُطُ بِحَالٍ, وَسُنَّ تَكْبِيرٌ مَعَهَا.
وَمَنْ أَعْتَقَ صَيْدًا, أَوْ أَرْسَلَ بَعِيرًا أَوْ غَيْرَهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ (821) .
بَابُ الْأَيْمَانِ (822)
تَحْرُمُ بِغَيْرِ اللَّهِ, أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ, أَوْ اَلْقُرْآنِ, فَمَنْ حَلَفَ وَحَنِثَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.
وَلِوُجُوبِهَا أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ:
قَصْدُ عَقْدِ الْيَمِينِ, وَكَوْنُهَا عَلَى مُسْتَقْبَلٍ, فَلَا تَنْعَقِدُ عَلَى مَاضٍ كَاذِبًا عَالِمًا بِهِ وَهِيَ اَلْغَمُوسُ (823) وَلَا ظَانًّا صِدْقَ نَفْسِهِ فَيَبِينُ بِخِلَافِهِ, وَلَا عَلَى فِعْلِ مُسْتَحِيلٍ (824) وَكَوْنُ حَالِفٍ مُخْتَارًا, وَحِنْثِهِ بِفِعْل مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ, أَوْ تَرْكِ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ غَيْرَ مُكْرَهٍ أَوْ جَاهِلٍ أَوْ نَاسٍ.
وَيُسَنُّ حِنْثٌ وَيُكْرَهُ بِرٌّ إِذَا كَانَتْ عَلَى فِعْلِ مَكْرُوهٍ أَوْ تَرْكِ مَنْدُوبٍ, وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ.
وَيَجِبُ إِنْ كَانَتْ عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ, أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ, وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ (825) .
فَصْلٌ وَإِنْ حَرَّمَ أَمَتَهُ
وَإِنْ حَرَّمَ أَمَتَهُ أَوْ حَلَالاً غَيْرَ زَوْجَةٍ (826) لَمْ يَحْرُمْ, وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إِنْ فَعَلَهُ.(1/180)
وَتَجِبُ فَوْرًا بِحِنْثٍ, وَيُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ إِطْعَامِ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ (827) أَوْ كِسْوَتِهِمْ كُسْوَةً تَصِحُّ بِهَا صَلَاةُ فَرْضٍ, أَوْ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ, فَإِنْ عَجَزَ (828) كَفِطْرَةٍ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ.
وَمَبْنَى يَمِينٍ عَلَى الْعُرْفِ, وَيُرْجَعُ فِيهَا إِلَى نِيَّةِ حَالَفٍ لَيْسَ ظَالِمًا -إِنْ اِحْتَمَلَهَا لَفْظُهُ- كَنِيَّتِهِ بِبِنَاءٍ وَسَقْفٍ اَلسَّمَاءَ .
النَّذْرُ مَكْرُوهٌ وَلَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ (829) (830)
وَالْمُنْعَقِدُ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ:
الْمُطْلَقُ: كَ: لِلَّهِ عَلِيَّ نُذُرٌ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا وَلَا نِيَّةَ, فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ إِنْ فَعَلَهُ .
الثَّانِي: نَذَرُ لِجَاجٍ وَغَضَبٍ, وَهُوَ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ يَقْصِدُ الْمَنْعَ مِنْهُ أَوْ الْحَمْلَ عَلَيْهِ, كإنْ كَلَّمَتُكَ فَعَلِيَّ كَذَا, فَيُخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِهِ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ.
اَلثَّالِثُ: نَذْرُ مُبَاحٍ, كَلِلَّهِ عَلِيَّ أَنْ أَلْبِسُ ثَوْبِي, فَيُخَيَّرُ أَيْضًا.
اَلرَّابِعُ: نَذْرُ مَكْرُوهٍ كَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ فَالتَّكْفِيرُ أَوْلَى.
اَلْخَامِسُ: نَذَرُ مَعْصِيَةٍ, كَشُرْبِ خَمْرٍ, فَيَحْرُمُ اَلْوَفَاءُ وَيَجِبُ التَّكْفِيرُ.
اَلسَّادِسُ: نَذَرُ تَبَرُّرٍ, كَصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَاعْتِكَافٍ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ مُطْلَقًا, أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ, كَإنْ شَفَا اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلِيَّ كَذَا فَيَلْزَمُ اَلْوَفَاءُ بِهِ.
وَمَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِكُلِّ مَالِهِ أَجْزَهُ ثُلُثُهُ, أَوْ صَوْمَ شَهْرٍ وَنَحْوَهُ: لَزِمَهُ التَّتَابُعُ, لَا إِنْ نَذَرَ أَيَّامًا مَعْدُودَةً.
وَسُنَّ اَلْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ, وَحَرُمَ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ . (831) .
كِتَابُ الْقَضَاءِ(1/181)
وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالْإِمَامَةِ, فَيُنْصِبُ الْإِمَامُ بِكُلِّ إِقْلِيمٍ (832) قَاضِيًا, وَيَخْتَارُ أَفْضَلَ مَنْ يَجِدُ عِلْمًا وَوَرَعًا, وَيَأْمُرُهُ بِالتَّقْوَى وَتَحَرِّي الْعَدْلِ, وَتُفِيدُ وِلَايَةُ حَكَمٍ عَامَّةً فَصْلَ الْحُكُومَةِ, وَأَخْذَ الْحَقِّ وَدَفَعَهُ إِلَى رَبِّهِ, وَالنَّظَرَ فِي مَالِ يَتِيمٍ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ وَغَائِبٍ وَوَقْفِ عَمَلِهِ (833) لِيُجْرِيَ عَلَى شَرْطِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَهُ عُمُومَ اَلنَّظَرِ فِي عُمُومِ اَلْعَمَلِ, وَخَاصًّا فِي أَحَدِهِمَا أَوْ فِيهِمَا.
وَشُرِطَ كَوْنُ قَاضٍ بَالِغًا, عَاقِلًا, ذَكَرًا, حُرًّا, مُسْلِمًا, عَدْلًا, سَمِيعًا, بَصِيرًا, مُتَكَلِّمًا, مُجْتَهِدًا وَلَوْ فِي مَذْهَبِ إِمَامِهِ (834)
وَحَرُمَ الْقَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَانُ كَثِيرًا , أَوْ حَاقِنٌ (835) أَوْ فِي شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ, أَوْ هَمٍّ, أَوْ مَلَلٍ, أَوْ كَسَلٍ, أَوْ نُعَاسٍ, أَوْ بَرْدٍ مُؤْلِمٍ, أَوْ حَرٌٍ مُزْعِجِ, وَقَبُولُ رِشْوَةٍ وَهَدِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ مَنْ كَانَ يُهَادِيه قَبْلَ وِلَايَتِهِ وَلَا حُكُومَةَ لَهُ .
وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ عَلَى عَدُوِّهِ, وَلَا لِنَفْسِهِ, وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ.
وَمَنْ اِسْتَعْدَاهُ عَلَى خَصْمٍ فِي اَلْبَلَدِ بِمَا تَتْبَعُهُ اَلْهِمَّةُ لَزِمَهُ إِحْضَارُهُ (836) إِلَّا غَيْرَ بَرْزَةٍ فَتُوَكِّلُ, كَمَرِيضٍ وَنَحْوِهِ, وَإِنْ وَجَبَ يَمِينٌ أَرْسَلَ مَنْ يُحَلِّفُهُمَا.
شَرْطُ كَوْنِ مُدَّعٍ جَائِزَ اَلتَّصَرُّفِ
وَشُرِطَ كَوْنُ مُدَّعٍ وَمُنْكِرٍ جَائِزَيْ اَلتَّصَرُّفِ, وَتَحْرِيرُ اَلدَّعْوَى, وَعِلْمُ مُدَّعًى بِهِ إِلَّا فِيمَا نُصَحِّحُهُ مَجْهُولًا كَوَصِيَّةٍ .(1/182)
فَإِنِ ادَّعَى عَقْدًا ذَكَرَ شُرُوطَهُ, أَوْ وَارِثًا ذَكَرَ سَبَبَهُ, أَوْ مُحَلًّا بِأَحَدِ اَلنَّقْدَيْنِ قَوَّمَهُ بِالْآخَرِ, أَوْ بِهِمَا فَبِأَيّهِمَا شَاءَ .
وَإِذَا حَرَّرَهَا, فَإِنْ أَقَرَّ اَلْخَصْمُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِسُؤَالِ مُدَّعٍ, وَإِنْ أَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ (837) فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ, فَإِنْ نَكَلَ (838) حُكِمَ عَلَيْهِ بِسُؤَالِ مُدَّعٍ فِي مَالٍ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ.
وَيُسْتَحْلَفُ فِي كُلِّ حَقِّ آدَمِيٍّ سِوَى نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَنَسَبٍ وَنَحْوِهَا لَا فِي حَقِّ اَللَّهِ كَحَدٍّ وَعُبَادَةٍ.
وَالْيَمِينُ اَلْمَشْرُوعَةُ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ أَوْ بِصِفَتِهِ.
وَيُحْكَمُ بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ اَلتَّحْلِيفِ, وَشُرِطَ فِي بُنَيَّةٍ عَدَالَةٌ ظَاهِرًا, وَفِي غَيْرِ [عَقَدِ] (839) نِكَاحٍ بَاطِنًا أَيْضًا, وَفِي مُزَكٍّ مَعْرِفَةُ جَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ (840)
اَلْقِسْمَةُ نَوْعَانِ
وَالْقِسْمَةُ نَوْعَانِ:
قِسْمَةُ تَرَاضٍ: وَهِيَ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ إِلَّا بِضَرَرٍ أَوْ رَدِّ عِوَضٍ كَحَمَّامٍ وَدُورٍ صِغَارٍ.
وَشُرِطَ لَهَا رِضَا كُلِّ اَلشُّرَكَاءِ وَحُكْمُهَا كَبَيْعٍ, وَمَنْ دَعَا شَرِيكَهُ فِيهَا, وَفِي شَرِكَةِ نَحْوِ عَبْدٍ وَسَيْفٍ وَفَرَسٍ إِلَى بَيْعٍ أَوْ إِجَارَةٍ أُجْبِرَ, فَإِنْ أَبَى بِيعَ أَوْ أُوجِرَ عَلَيْهِمَا, وَقُسِمَ ثَمَنٌ أَوْ أُجْرَةٌ.
اَلثَّانِي: قِسْمَةُ إِجْبَارٍ: وَهِيَ مَا لَا ضَرَرَ فِيهَا وَلَا رَدَّ عَوَضٍ كَمُكَيَّلٍ وَمَوْزُونٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَدُورٍ كِبَارٍ, فَيُجْبَرُ شَرِيكٌ أَوْ وَلِيُّهُ عَلَيْهَا.
وَيَقْسِمُ حَاكِمٌ عَلَى غَائِبٍ بِطَلَبِ شَرِيكٍ أَوْ وَلِيِّهِ, وَهَذِهِ إِفْرَازٌ (841)(1/183)
وَشُرِطَ كَوْنُ قَاسِمٍ مُسْلِمًا, عَدْلًا, عَارِفًا بِالْقِسْمَةِ مَا لَمْ يَرْضَوْا بِغَيْرِهِ, وَيَكْفِي وَاحِدٌ وَمَعَ تَقْوِيمٍ اثْنَانِ.
وَتُعَدَّلُ اَلسِّهَامُ بِالْأَجْزَاءِ إِنْ تَسَاوَتْ, وَإِلَّا بِالْقِيمَةِ أَوْ اَلرَّدِّ إِنِ اِقْتَضَتْهُ, ثُمَّ يُقْرَعُ وَتَلْزَمُ اَلْقِسْمَةُ بِهَا, وَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا اَلْآخَرَ صَحَّتْ وَلَزِمَتْ بِرِضَاهُمَا وَتَفَرُّقِهِمَا.
كِتَابُ اَلشَّهَادَاتِ
تَحَمُّلُهَا فِي غَيْرِ حَقِّ اَللَّهِ فَرْضُ كَافِيَةٍ, وَأَدَاؤُهَا فَرْضُ عَيْنٍ مَعَ اَلْقُدْرَةِ, بِلَا ضَرَرٍ (842) .
وَحَرُمَ أَخْذُ أُجْرَةٍ وَجُعْلٍ عَلَيْهَا, لَا أُجْرَةُ مَرْكُوبٍ لمُتَأذٍ بِمَشْيٍ, وَأَنْ يَشْهَدَ إِلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ بِرُؤْيَةٍ, أَوْ سَمَاعٍ, أَوْ اِسْتِفَاضَةٍ عَنْ عَدَدٍ يَقَعُ بِهِ اَلْعِلْمُ فِيمَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ غَالِبًا بِغَيْرِهَا, كَنَسَبٍ, وَمَوْتٍ, وَنِكَاحٍ, وَطَلَاقٍ, وَوَقْفٍ, وَمَصْرِفِهِ.
وَاعْتُبِرَ ذِكْرُ شُرُوطِ مَشُهُودٍ بِهِ (843) وَيَجِبُ إِشْهَادٌ فِي نِكَاحٍ وَيُسَنُّ فِي غَيْرِهِ.
وَشُرِطَ فِي شَاهِدٍ إِسْلَامٌ, وَبُلُوغٌ, وَعَقْلٌ, وَنُطْقٌ, لَكِنْ تُقْبَلُ مِنْ أَخْرَسَ بِخَطِّهِ, وَمِمَّنْ يُفِيقُ حَالَ إِفَاقَتِهِ, وَعَدَالَةٌ, وَيُعْتَبَرُ لَهَا شَيْئَانِ:
اَلْأَوَّلِ: اَلصَّلَاحُ فِي اَلدِّينِ, وَهُوَ أَدَاءُ اَلْفَرَائِضِ بِرَوَاتِبِهَا, وَاجْتِنَابُ اَلْمَحَارِمِ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ كَبِيرَةً, وَلَا يُدْمِنَ عَلَى صَغِيرَةٍ .
اسْتِعْمَالُ اَلْمُرُوءَةِ بِفِعْلِ مَا يُزَيِّنُهُ وَيُجَمِّلُهُ وَتَرْكِ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ (844) .(1/184)
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِ عَمُودَيْ نَسَبِهِ لِبَعْضٍ وَلَا أَحَدِ اَلزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ, وَلَا مَنْ يَجُرُّ بِهَا إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا, أَوْ يَدْفَعُ بِهَا عَنْهَا ضَرَرًا , وَلَا عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ فِي غَيْرِ نِكَاحٍ.
وَمَنْ سَرَّهُ مَسَاءَةُ أَحَدٍ أَوْ غَمَّهُ فَرَحُهُ فَهُوَ عُدُوُّهُ, وَمَنْ لَا تُقْبَلُ لَهُ تُقْبَلُ عَلَيْهِ.
فَصْلٌ فِي كَمْ يُشْتَرَطُ مِنْ اَلشُّهُودِ
وَشُرِطَ فِي اَلزِّنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ يَشْهَدُونَ بِهِ أَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ أَرْبَعًا.
وَفِي دَعْوَى فَقْرٍ مِمَّنْ عُرِفَ بِغِنًى: ثَلَاثَةٌ.
وَفِي قَوَدٍ وَإِعْسَارٍ وَمُوجِبِ تَعْزِيزٍ, أَوْ حَدٍّ وَنِكَاحٍ وَنَحْوِهِ وَمِمَّا لَيْسَ مَالًا , وَلَا يُقْصَدُ بِهِ اَلْمَالُ, أَوْ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ اَلرِّجَالُ غَالِبًا رَجُلَانِ.
وَفِي مَالٍ, وَمَا يُقْصَدُ بِهِ: رَجُلَانِ , أَوْ رَجُلٌ وَاِمْرَأَتَانِ, أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينُ اَلْمُدَّعِي .
وَفِي دَاءٍ وَدَابَّةٍ وَمُوَضِّحَةٍ وَنَحْوِهِمَا قَوْلُ اِثْنَيْنِ , وَمَعَ عُذْرٍ وَاحِدٌ.
وَمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ اَلرِّجَالُ غَالِبًا كَعُيُوبِ نِسَاءٍ تَحْتَ ثِيَابٍ, وَرَضَاعٍ , وَاسْتِهْلَالٍ (845) وَجِرَاحَةٍ وَنَحْوِهَا فِي حَمَّامٍ, وَعُرْسٍ : امْرَأَةٌ عَدْلٌ أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ .
تُقْبَلُ اَلشَّهَادَةُ عَلَى اَلشَّهَادَةِ
وَتُقْبَلُ اَلشَّهَادَةُ عَلَى اَلشَّهَادَةِ فِي كُلِّ مَا يُقْبَلُ فِيهِ كِتَابُ اَلْقَاضِي إِلَى اَلْقَاضِي .(1/185)
وَشُرِطَ (846) تُعْذَرُ شُهُودِ أَصْلٍ بِمَوْتٍ, أَوْ مَرَضٍ, أَوْ غَيْبَةٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ, أَوْ خَوْفٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ, وَدَوَامُ عَدَالَتِهِمَا, وَاسْتِرْعَاءُ (847) أَصْلٍ لِفَرْعٍ أَوْ لِغَيْرِهِ, وَهُوَ يَسْمَعُ فَيَقُولُ: اشْهَدْ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَشْهَدَنِي عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا وَنَحْوِهِ, أَوْ يَسْمَعُهُ يَشْهَدُ عِنْدَ حَاكِمٍ, أَوْ يَعْزُوهَا إِلَى سَبَبٍ كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ, وَتَأْدِيَةُ فَرَعٍ بِصِفَةِ تَحَمُّلِهِ وَتَعْيِيِنُهُ لِأَصْلٍ, وَثُبُوتُ عَدَالَةِ اَلْجَمِيعِ .
وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ قَبْلَ حَكَمٍ -لَمْ يُحْكَمْ وَبَعْدَهُ لَمْ يُنْقَضْ وَضَمِنُوا.
وَإِنْ بَانَ خَطَأٌ مُفْتٍ (848) أَوْ قَاضٍ فِي إِتْلَافِ لِمُخَالِفَةِ قَاطِعٍ ضَمِنَا.
كِتَابُ اَلْإِقْرَارِ
يَصِحُّ مِنْ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ بِلَفْظٍ أَوْ كِتَابَةٍ, أَوْ إِشَارَةٍ مِنْ أَخْرَسَ لَا عَلَى اَلْغِيَرِ إِلَّا مِنْ وَكِيلٍ وَوَلِيٍّ وَوَارِثٍ .
وَيَصِحُّ مِنْ مَرِيضٍ مَرَضَ اَلْمَوْتِ لَا لِوَارِثٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِجَازَةٍ, وَلَوْ صَارَ عِنْدَ اَلْمَوْتِ أَجْنَبِيًّا.
وَيَصِحُّ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ صَارَ عِنْدَ اَلْمَوْتِ وَارِثًا .
وَإِعْطَاءٍ كَإِقْرَارٍ.
وَإِنْ أَقَرَّتْ أَوْ وَلِيُّهَا بِنِكَاحٍ لَمْ يَدَعِهِ اثْنَانِ قُبِلَ .
وَيُقْبَلُ إِقْرَارُ صَبِيٍّ لَهُ عَشَرٌ أَنَّهُ بَلَغَ بِاحْتِلَامٍ
وَمَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَقَالَ : "نَعَمْ" أَوْ "بَلَى" وَنَحْوَهُمَا أَوِ "اتَّزِنْهُ" أَوْ"خُذْ" (849) فَقَدْ أَقَرَّ, لَا "خُذْ" أَوِ "اتَّزِنْ" وَنَحْوِهِ .
وَلَا يَضُرُّ اَلْإِنْشَاءُ فِيهِ .
وَلَهُ عَلِيَّ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُنِي, أَوْ ثَمَنُ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ يَلْزَمُهُ اَلْأَلْفُ .(1/186)
وَلَهُ أَوْ كَانَ عَلِيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ أَوْ بَرِئْتُ مِنْهُ فَقَوْلُهُ.
وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ عَزَاهُ لِسَبَبٍ فَلَا (850) .
وَإِنْ أَنْكَرَ سَبَبَ اَلْحَقِّ, ثُمَّ ادَّعَى اَلدَّفْعَ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يُقْبَلْ.
وَمَنْ أَقَرَّ بِقَبْضٍ أَوْ إِقْبَاضٍ أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهِنَّ, ثُمَّ أَنْكَرَ, وَلَمْ يَجْحَدْ إِقْرَارَهُ وَلَا بَيِّنَةَ, وَسَأَلَ أَحْلَافَ خَصْمِهِ لَزِمَهُ.
وَمَنْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ أَعْتَقَ, ثُمَّ أَقَرَّ بِذَلِكَ لِغَيْرِهِ لَمْ يُقْبَلْ, وَيَغْرَمُهُ لِمُقَرٍّ لَهُ.
وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِلْكِي, ثُمَّ مَلَكْتُهُ بَعْدُ, قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ مَا لَمْ يُكَذِّبْهَا بِنَحْوِ قَبَضْتُ ثَمَنَ مِلْكِي.
وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُ مُقِرٍّ إِلَّا فِي حَدٍّ لِلَّهِ.
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلِيَّ شَيْءٌ, أَوْ كَذَا, أَوْ مَالٌ عَظِيمٌ وَنَحْوُهُ, وَأَبَى تَفْسِيرَهُ, حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَهُ, وَيُقْبَلُ بِأَقَلِّ مَالٍ, وَبِكَلْبٍ مُبَاحٍ , لَا بِصَبِيَّةٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ قِشْرِ جَوْزَةٍ وَنَحْوِهِ.
وَلَهُ تَمْرٌ فِي جِرَابٍ (851) أَوْ سِكِّينٌ فِي قِرَابٍ, أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ, وَنَحْوُ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ اَلْأَوَّلُ.
وَإِقْرَارٌ بِشَجَرٍ لَيْسَ إِقْرَارًا بِأَرْضِهِ, وَبِأَمَةٍ لَيْسَ إِقْرَارًا بِحَمْلِهَا, وَبِبُسْتَانٍ يَشْمَلُ أَشْجَارَهُ.
وَإِنِ اِدَّعَى أَحَدُهُمَا صِحَّةَ اَلْعَقْدِ, وَالْآخَرُ فَسَادَهُ فَقَوْلُ مُدَّعِي اَلصِّحَّةِ (852) .
وَاَللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.(1/187)
تَمَّتْ هَذِهِ اَلنُّسْخَةُ اَلنَّافِعَةُ - إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى - بِعَوْنِ اَللَّهِ تَعَالَى وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ, نَهَارَ اَلْأَرْبِعَاءِ سَادِسَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَأَلْفٍ بِقَلَمِ مُؤَلِّفِهَا مُحَمَّدِ الْبِلْبَانِيِّ الْخَزْرَجِيِّ اَلْحَنْبَلِيِّ عَفَا اَللَّهُ عَنْهُ بِمَنِّهِ.
1 - البخاري (1/ 164)، ومسلم (2/ 719).
2 - يقال : ثَبِط أي ضَعف وثقُل وحمُق في عمله فهو ثبط، أي: مخذول ناقص العقل.
3 - وهي المطبوعة في المؤسسة السعيدية بالرياض.
4 - وهي المطبوعة في المؤسسة السعيدية بالرياض.
5 - خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (3 /402) .
6 - الفوائد المنتخبات (2/أ) .
7 - من طرة نسخة ابن مانع لأخصر المختصرات .
8 - له نسخة بخط مصنفه في مكتبة الموسوعة الفقهية برقم (39) وتقع في 375 ورقة .
9 - ولذا اكتفيت بها فلم أكتب للمؤلف ترجمة وإنما عزوت للمصادر المترجمة له .
10 - "علامة الكويت الشيخ عبد الله الدحيان " لراقمه ص 191 .
11 - ذكر الأستاذ الباحث معروف زريق في كتابه "تاريخ دومة" ص 172 أنها عائلة حجازية من بني سعد، ينتسب أفرادها إلى جدهم الكبير (بدران السعدي) وأقدم أعلامهم في دومة محمد بن محمد بن بدران، وهي أسرة كبيرة .(1/188)
12 - صرح ابن بدران - رحمه الله - غير مرة بنسبته إلى بني سعد فقال في "تهذيب تاريخ دمشق " (1/6) : ". . . المشهور كأسلافه بابن بدران المنتمي أصله ونجاره لبني سعد جيران الصفا . . . " وقال أيضا في "تهذيبه" (3/6) : ". . . المشهور كأسلافه بابن بدران السعدي مَحْتدا وقبيلة ممن مضغوا الشيح والقيصوم" . والشيح : نبات له رائحة طيبة وطعم مر، ومنابته القيعان والرياض . والقيصوم : من نبات السهل - وهو طيب الرائحة - من رياحين البر . لسان العرب (2 /5 02،124/68) . والسعدي نسبة إلى جدهم سعد بن بكر بن هوازن، من عدنان، وقد امتاز بنوه بالفصاحة، وفيهم نشأ النبي -صلى الله عليه وسلم- في طفولته . انظر : ثمار القلوب للثعالبي ص 28، و"الأعلام" للعلامة الزركلي (3/84) .
13 - ذكر ابن بدران هذه النسبة على طرَّة ديوانه "تسلية اللبيب، والدومي نسبة إلى بلدة دومة، أو دوما تبعد عن دمشق ثلاثة عشر كيلا إلى جهة الشرق، وأهل بلدة الدومة حنابلة، كما صرح به غير واحد، منهم محمد كرد علي في كتابه "غوطة دمشق" ص 35 . ".
14 - النسبة إلى الأثري السلفي، ذكرها عن نفسه في كتابه "العقود الياقوتية" ص 204 .
15 - ذكر ابن بدران في "تسلية اللبيب " ( 27/ب ) أن والده أخبره بسنة ولادته هذه، وذكر الأستاذ أدهم آل جندي في "أعلام الأدب والفن" (1/ 224) أن ولادته كانت سنة 1848 م أي نحو سنة 1264 هـ، والعمدة على ما ذكره ابن بدران عن نفسه .
16 - نهاية المجلد الأول من " موارد الأفهام " كما في وصف مخطوطات ابن بدران في مكتبة شامل الشاهين الخاصة، كما أنني لم أقف على معلومات عن نشأته في بلدة دومة .(1/189)
17 - لم أقف له بعد البحث في مظانه على ترجمة لجده هذا، وكان كذلك جده من جهة والدته عالما جليلا، وهو الشيخ أحمد بن مصطفى بن حسين رمضان الشهير بابن النعسان توفي سنة 1281 هـ وقد أشار إلى جده هذا في كتابه"البدرانية شرح المنظومة الفارضية " ص3 ومقدمته "لأخصر المختصرات" ص 76 .
18 - هو العلامة محمد بن عثمان بن عباس بن محمد بن عباس الحنبلي الشهير بخطيب دوما، أخذ عن أَجِلَّة من علماء عصره، كان نادرة وقته، تخرج على يده طلاب كثيرون، ثم استقر في بلدته دوما، وولي الخطابة في جامعها الكبير ثم حصل له فتنة فيها، فرحل إلى دمشق واستوطنها، وفي سنة 1305 سافر إلى الحج، وزار المدينة النبوية فاستقر بها، وولي تدريس الحنابلة فيها ورحل الطلاب إليه، وتوفي فيها سنة 1308 هـ، انظر ترجمته في "مختصر طبقات الحنابلة" للشطي ص 169، و"منتخبات التواريخ لدمشق" للحصني (2 /766).
19 - "المدخل" لابن بدران ص 448 .
20 - "تسلية اللبيب" له (2/ب) .
21 - هو الشيخ المسند سليم بن ياسين بن الشيخ حامد العطار، قرأ على علماء كثيرين، وأجاز كثير من علماء الأقطار منهم محمود الآلوسي، ومن طلابه العلامة جمال الدين القاسمي حيث قال عنه : ". . . شيخنا مسند الشام، وعمدة فضلائها الأعلام، الشيخ سليم . . . " انظر: كتاب "جمال الدين القاسمي " ص 25، وقد توفى الشيخ سليم سنة 1307 هـ، انظر ترجمته في : "حلية البشر" لعبد الرازق البيطار (2 /6 80)، وأعيان دمشق للشطي ص 338، 339 .
22 - ذكر ابن بدران في مقدمة موارد الأفهام أنه أخذ الإجازة العامة عن شيخه سليم العطار رحمه الله تعالى .
23 - "تسلية اللبيب" ( 4/ب ) .(1/190)
24 - هو الشيخ محمد مصطفى الطنطاوي الشافعي، الأزهري، حصَّل علوما عقلية ونقلية في بلده مصر، ثم قدم دمشق وتلقى على علمائها، وأخذ الطريقة النقشبندية ثم عاد إلى بلده، وأتقن علوما كثيرة، لكنه برع براعة عجيبة في الهيئة والحساب والميقات، وصار بينه وبين الأمير عبد القادر الجزائري علاقة جيدة، وطلب منه الأمير المذكور أن يسافر إلى مدين قونية لمقابلة "الفتوحات المكية" لابن عربي فقابلها له، ومنه يعلم مشربه هو والأمير الجزائري، توفي سنة 1306 هـ، انظر ترجمته في حلية البشر (3/ 1284 ـ 1288)، و"تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر" (1/73 ـ 77 ).
25 - هو الشيخ علاء الدين بن محمد أمين بن عمر عابدين، الحنفي، الخلوتي، أخذ عن كبار علماء دمشق ومصر والحجاز، وقد كان صوفي المشرب والطريقة، توفي سنة 1306هـ . انظر ترجمته في حلية البشر ( 3/ 1335 ـ 1337)، وأعيان دمشق ص 330، 331 . ( تنبيه) : هؤلاء المشايخ لابن بدران الذين ورد ذكرهم في بعض المصادر المترجمة له، وأما البقية فإنها حصلت بالتتبع لمصنفاته ولمصادر أخرى .
26 - ذكر العلامة ابن دحيان أن الشيخ أحمد الشطي شيخ لابن بدران، وقد أشار عليه بتأليف حاشية الروض المربع (انظر كتاب علامة الكويت ص 84) وقد توفي الشيخ أحمد الشطي سنة 1306 هـ انظر ترجمته في : "أعيان دمشق" (ص 385،386 )، "حلية البشر" (3/16/25 ) .
27 - أشار ابن بدران إلى أنه شيخ له في طرَّة تملكه لكتاب "المقصد الأرشد" لابن مفلح نسخة الظاهرية برقم (7850 م)وقد كانت في حوزة ابن بدران. والشيخ محمد بن ياسين العطار هو شقيق شيخ ابن بدران السابق الشيخ سليم العطار، وآل العطار من العوائل العلمية بدمشق، وقد أخذ عن أخيه الشيخ سليم وصدور من أهل العلم في زمانه، توفي سنة 1307 هـ، انظر ترجمته في : "منتخبات التواريخ" (2 /768)، و"أعيان دمشق" ص 346.(1/191)
28 - "تسلية اللبيب" (6/أ) والعطار هو عمر بن طه بن أحمد العطار الشافعي، أخذ العلم عن علماء بلده دمشق، ورحل إلى مصر، تفرد بعلميْ النحو والمنطق وعلوم أخرى، وكان صوفيا عارفا بمصطلحاتهم، وألف فيها بعض المؤلفات، توفي سنة 1308 هـ انظر ترجمته في : "حلية البشر" (2/1129)، و "منتخبات التواريخ لدمشق" (2 /751 ) .
29 - أشار إليه في تسلية اللبيب (5/ب) في كلام له حيث يقول : ". . . وأنا في صحبة أستاذنا الولي الصالح الشيخ بدر الدين ابن العلامة يوسف المغربي البياني" وهو محدِّث مشهور يعتز به أهل دمشق غاية الاعتزاز، فكانوا يقولون عنه : "المحدث الأكبر" وهو الشيخ محمد بدر الدين بن يوسف بن بدر الدين الحسن المغربي المراكشي، الدمشقي مولدا وسكنا، أخذ العلم في بلده دمشق، وارتحل إلى مصر، وأخذ عن الشيخ إبراهيم السقا شيخ الأزهر في وقته، وكان يضرب به المثل في الصلاح، توفي سنة 1354 هـ، وقد أفرده بالترجمة غير واحد من تلاميذه، منهم الشيخ محمود بن رشيد العطار (ت 1362 هـ )، وهي مخطوطة في الظاهرية برقم (8522 )، والشيخ صالح الفرفور في ترجمة مطبوعة بعنوان "المحدث الأكبر وإمام العصر" . وانظر : "علماء دمشق في القرن الرابع عشر (1/494) .
30 - ذكره العلامة محمد بهجة البيطار في مقدمته "لمنادمة الأطلال" ص (ح).
31 - كما ذكره عن نفسه في نهاية "حاشيته على الروض المربع".
32 - قال في تسلية اللبيب (27/ب) : "وكتبت على ظهر جزء من مؤلفات أستاذنا العلامة الشيخ محمد الأنبابي شيخ الأزهر ما صورته" : وكم بهذا العصر من شخص سما هام السماك وليس كالأنبابي فهو الجدير بأن يقول السائل مهلا فإن الدهر قد أنبابي والأنبابي هو الشيخ محمد بن محمد بن حسين الشافعي، وَلِيَ مشيخةَ الأزهر مرتين، وله رسائل وحواش كثيرة، توفي سنة 1313 هـ . انظر ترجمته في : "الأعلام" (7 /75) .
33 - "تاريخ دومة" ص 104، و"مجلة الآثار" لمعلوف (4 /531) .(1/192)
34 - "تسلية اللبيب" (33/ب).
35 - "تسلية اللبيب" (32/ب).
36 - المصدر السابق (2/ب، 8/ب).
37 - ص 17.
38 - " نزهة الخاطر العاطر شرح روضة الناظر" لابن بدران (2/473) وقد أشار إلى الطريقة التي كان يستعملها في قراءة المتون وشرحها في كتابه "المدخل" ص 489، 490 .
39 - نبذة من ترجمة ابن بدران في آخر كتابه "المدخل " ( ص) أ . ط المنيرية.
40 - "العقود الياقوتية في جَيِّد الأسئلة الكويتية" ص 135.
41 - "العقود الياقوتية في جَيِّد الأسئلة الكويتية" ص 135.
42 - "العقود الياقوتية في جَيِّد الأسئلة الكويتية" ص 135.
43 - "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد" ص 42، 43 .
44 - "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد" ص 42، 43 .
45 - "منادمة الأطلال" ص100، 101 .
46 - "منادمة الأطلال " ص 312/1/0/4.
47 - "منتخبات التواريخ لدمشق" (2 763 ).
48 - خشبة مثقوبة الجانبين يدخل فيهما حبل ويعقد طرفاه، ثم توضع رِجْلاَ مَن يراد تعذيبه، ثم تبرم الخشبة، وتُضْرب الرِّجْلان بالعصا أو المقرعة . "موسوعة حلب المقارنة" للأسدي (6/95).
49 - نبذة من ترجمة ابن بدران في آخر "المدخل" ص (أ) .
50 - انظر ص47 من "المدخل ".
51 - "المدخل" له ص 423.
52 - "المدخل" ص 446، 447.
53 - "المدخل" ص 423، 424.
54 - "المدخل " ص 45، وانظر كذلك مقدمته لحاشية "أخصر المختصرات " ص 75.
55 - "نزهة الخاطر العاطر بشرح روضة الناظر" (1/9،10) .
56 - "أعلام الأدب والفن" لأدهم الجندي (1/225)، و "تاريخ دومة" ص 104.
57 - سيأتي ذلك -إن شاء الله- في ذكر مؤلفات ابن بدران ص 50 .
58 - "علامة الكويت الشيخ عبد الله الدحيان " لراقمه ص 113 و 190 .(1/193)
59 - لعله يشير بذلك إلى ما فعله أهل دومة مع شيخه العلامة محمد بن عثمان الشهير بخطيب دوما، فقد قال جميل الشطي في "مختصر طبقات الحنابلة" ص 169 بعد أن ترجم له : "... ولم يزل يقرئ ويفيد إلى أن حصل له فتنة عظيمة من أهالي بلده، فآذوه وتكلموا فيه بما لا يليق بمنصب العلم، فرحل إلى دمشق واستوطنها وهجر دوما، وخذل الله أعداءه ..".
60 - "منادمة الأطلال" ص 2.
61 - هو فخري بن السيد محمود البارودي ولد عام 12/1/0/889 في مدينة دمشق . انظر ترجمته في كتاب "من هو في سورية " ص 82، 83.
62 - المطبوعة في بيروت سنة 1951 م، ص34.
63 - "المدخل" ص 391.
64 - "العقود الياقوتية " ص 106 .
65 - "نزهة الخاطر العاطر" (2/472) .
66 - "الأعلام" (4 /37) .
67 - "أعلام الأدب والفن" (1/224، 225) .
68 - "علامة الكويت الشيخ عبد الله الدحيان" ص 83، 84 .
69 - "منتخبات التواريخ لدمشق " (2/ 762، 763 ) .
70 - مقدمة "منادمة الأطلال" ص (ك).
71 - هو الشيخ خليل بن بدر مصطفى بن خليل الخالدي الديري المقدسي، رحالة، كان أعجوبة في معرفة المخطوطات وأماكنها، وكان من فقهاء الحنفية، وقد رحل إلى المغرب والأندلس، وتنقل في بلاد الشام، توفي في القاهرة سنة 1360 هـ له "الاختيارات الخالدية" في الأدب، في نحو 30 كراسة . انظر ترجمته في : "الأعلام للزركلي (2 /316 ،317) .".
72 - مقدمة "منادمة الأطلال " ص (م).
73 - "مجلة الفتح" عدد، (67) 25 /4 /1346 هـ .
74 - نبذة من ترجمة ابن بدران في آخر "المدخل " ص (أ) .
75 - "أعيان دمشق" لجميل الشطي ص 345 .
76 - ألف الشيخ محمد جميل الشطي رسالة بعيدة عن الصواب بعنوان : "الوسيط بين الإفراط والتفريط إفراط الحشوية وتفريط الوهابية " وقد علق الشيخ محمد نصيف - رحمه الله تعالى - على نسخته الخاصة في مكتبته بقوله : "هذه الرسالة فيها من التخليط والتخبيط ما لا مزيد عليه ! ! " .
77 - "المدخل" ص 441 .(1/194)
78 - "معجم المطبوعات العربية " (1 /541 ).
79 - "تاريخ دومة" ص 104 .
80 - "مجلة الآثار" (4 /531، 532) .
81 - "تاريخ الصحافة العربية" لفيليب دي طرازي (4 4/2) وقد ذكرها تحت عنوان : "جرائد الدولة السورية مدينة دمشق" .
82 - ذكر العلامة الشيخ عبد الرازق البيطار أول من درس تحت قبة النسر بالجامع الأموي كما أفاض في ذكر بقية مَن درَّس بها، انظر : "حلية البشر" مع تعليق حفيده الشيخ محمد البيطار (1/148 - 167) .
83 - "أعلام الأدب والفن" له (1/224).
84 - أي الجامع الأموي .
85 - "المدخل " ص 470 .
86 - مقدمة "منادمة الأطلال " ص (ك).
87 - "الأعلام" (4/37) .
88 - هو الشيخ المعمر عبد المحسن بن عبد القادر الشهير بالأسطواني الحنفي، عالم فقيه حنفي من أسرة علم، توفي سنة (1383 هـ)، انظر ترجمته : في "منتخبات التواريخ لدمشق " (2/838 )، و "علماء دمشق في القرن الرابع عشر " (2 /770- 776) . (فائدة) ذكر الشيخ جميل الشطي الحنبلي في كتبه "الفتح الجلي في القضاء الحنبلي" ص 5 لما ذكر القضاة في دمشق، وذكر آل مفلح العائلة الحنبلية المشهورة قال: "تنبيه: بنو مفلح الآن هم بنو الأسطواني العائلة العلمية المعروفة في دمشق" . وقال الحصني في "منتخبات التواريخ" (2/837) : ". . . ينتمون إلى آل مفلح إلا أنه في القرن الحادي عشر انتقلوا إلى مذهب الإمام أبي حنيفة".
89 - انظر مقالة "وثيقة رسمية عن مدارس دمشق القديمة" في "مجلة المجمع العلمي " بدمشق (48 /316) للدكتور صلاح المنجد، وقد ذكر فيها الوثيقة كاملة مع صورتها وتوقيع ابن بدران عليها .
90 - نبذة من ترجمة ابن بدران في آخر "المدخل" ص (أ).
91 - "منتخبات التواريخ لدمشق" (2/862) .
92 - مقدمة "منادمة الأطلال" ص (ك) .
93 - "علامة الكويت ابن دحيان" ص 116 .
94 - "أعلام الأدب والفن" (1/224) .
95 - انظر ديوان ابن بدران المسمى بـ "تسلية اللبيب " (21/ب) .
96 - "منادمة الأطلال" ص 2و3 .(1/195)
97 - "تسلية اللبيب" (30/ب، 33/أ) .
98 - توفي هذا الفاضل في سنة 1339هـ رحمه الله تعالى .
99 - تقع في 118.
100 - انظر : "الكواكب الدرية" ص 86 وانظر ما قبلها ص 83.
101 - قال ابن بدران : "وقد طبعت - أي هذه القصيدة - يومئذ ووزعت " وهي مذكورة في "الكواكب الدرية" ص 92- 96، وكذلك ذكرها في ديوانه "تسلية اللبيب" (68/أ- 69/أ).
102 - "نزهة الخاطر" (2/474 ) .
103 - "أعلام الأدب والفن" (1/ 225 ) .
104 - "الأعلام" (4/ 37 ) .
105 - " منتخبات التواريخ لدمشق" (2/763 ).
106 - أعلام الأدب والفن" (1/ 224).
107 - "تسلية اللبيب" له (2/ أ، ب ).
108 - "أعلام الأدب والفن" (1/ 224 ) .
109 - أم دفر: الداهية.
110 - "أعلام الأدب والفن" (1/224) .
111 - "أعلام الأدب والفن" (1/224) .
112 - شَرَحَ ألفيةَ ابن مالك جمعٌ من العلماء، منهم ابنه العلامة بدر الدين محمد بن محمد بن عبد الله بن مالك الجيانيّ الدمشقي، قال عنه صلاح الدين الصفدي في "الوافي بالوافيات " (1/204) : "الإمام البليغ النحوي بدر الدين ابن الإمام العلامة جمال الدين الطائي الجياني ثم الدمشقي، كان إماما ذكيا حاد الخاطر، إماما في النحو، إماما في المعاني والبيان والبديع والعروض . . . " إلى أن قال : "ومن تصانيف الشيخ بدر الدين "شرح ألفية والده المعروفة بالخلاصة" وهو شرح ضاضل منضى منقح . . . ولم تشرح الخلاصة بأحسن ولا أسد ولا أجزل منه " .
113 - قال ابن بدران في الورقة الأخيرة من حاشيته على "معونة أولي النهى" للبهوتي : "ثم جعلت أروح الفؤاد في الفوائد الأدبية، وأنزه الطرف في نزهة محاسنها، فأتممت كتابي الذي سميته : "إيضاح المعالم من شرح العلامة ابن الناظم"في ثلاثة أسفار".(1/196)
114 - حصل للأستاذ شامل الشاهين - المقيم بتركيا - مجموعة من المخطوطات اقتناها من مكتبة الشيخ عبد الغني الدرة الدومي، المعروف بابن الدرة، وكان في ضمن هذه المخطوطات خمس من مؤلفات ابن بدران بخطه، وقد نشر الأستاد إبراهيم السمك تقريرا وصفيا عن هذه المخطوطات في مجلة معهد المخطوطات العربية الصادرة في الكويت المجلد الثاني والثلاثون، الجزء الثاني، وذلك في ذي القعدة سنة 1408هـ من ص 213 إلى 239. ولما اطلعت على هذا العدد اتصلت بعد محاولات كثيرة وأسفار متعددة بالأستاذ شامل الشاهين فوجدت منه - جزاه الله خيرا - كل ترحيب، إلا أنه بكل أسف شديد بعد محاولة مني ومنه للوصول إليها تبين أنه قد امتدت إليها يد أثيمة بالسرقة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وما بقي لنا إلا وصفها الذي فيه ذكر أول المخطوط وآخره، والله المستعان، ومعذرة إليك أيها القارئ في الإطالة.
115 - هذه التسمية من عندي وهو في الطريق -إن شاء الله- إلى الطبع بتحقيقي .
116 - ذكره الشيخ البيطار في تقديمه لمنادمة الأطلال ص (ن).
117 - انظر كتاب : "علامة الكويت الشيخ عبد الله الدحيان" ص 84.
118 - قلت : انتهيت بفضل الله من تحريرها وهي تحت الطبع إن شاء الله .
119 - وفي هذا المقام فإنه لا يفوتني شكر الأخ الأستاذ المحقق مأمون الصاغجري على سعيه لي في الحصول على هذه النسخة من مكتبة الأسد بدمشق، وكذلك الصديق الأستاذ الدكتور يحيى مير علم، فجزاهما الله خيرا .
120 - انظر " فهرس الخزانة التيمورية " ( 2/299 ).
121 - "ترجمته في آخر "المدخل" ص (ج)".
122 - "انظر ترجمته في "الأعلام" (6/ 148)".
123 - "تاريخ معرة النعمان" لسليم الجندي (1/7، 8 ) .
124 - "مذكرات البارودي ص 34، 35" .
125 - "الكواكب الدرية " لابن بدران ص 107.
126 - "انظر ترجمته في "تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر" (3 /532 ـ 537) " .(1/197)
127 - هو الدكتور حسني سبح ولد سنة 1900 م وقد تسنم عدة مناصب والتي منها رئاسة الجامعة السورية، ومن آخرها رئاسة المجمع العلمي العربي بدمشق، وقد كان يعتبر كبير الأطباء في دمشق الشام، توفي سنة 1406 هـ انظر ترجمته في "من هو في سورية "ص 355.
128 - "تسلية اللبيب"(81/ب ـ82).
129 - هو المستشفى الذي سبق ذكره ابن بدران، وهو المعروف اليوم بالمستشفي الوطني".
130 - آخر "المدخل" ص (أ)، و(أعلام الأدب والفن) (1/225).
131 - "منتخبات التواريخ لدمشق" (2 /763) .
132 - آخر "المدخل" ص (ج).
133 - "الوهم" مُسَكَّنًا: الظن، ومُحَرَّكًا : الغلط .
134 - أي جلد الخدين .
135 - أي في لفظة "البدر" الموافق للقبه في أكثر الحروف.
136 - بإسقاط الهمزة للوزن.
137 - قلت : ولقرب المكان مني - ولله الحمد - فقد قابلت الكتاب من أوله إلى آخره على النسخة الأصلية المخطوطة بخط المؤلف، فلله الحمد على فضله .
138 - انتهى العلامة البعلي من تأليفه لكشف المخدرات في سنة 1138هـ كما في النسخة الخطية بمكتبة الموسوعة الفقهية، فيكون بين تأليفه للشرح وبين نسخه لهذه النسخة تسع سنوات .
139 - ذكر في ترجمة البلباني أنه كثير النسخ، ولهذا تعددت نسخ أخصر المختصرات التي بخطه رحمه الله تعالى .
140 - وبهذه المناسبة فإنه لا يفوتني شكر الأخ الصفي والصديق الحفي الشيخ البحاثة عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم - حفظه الله ورعاه - وذلك لسعيه الحثيث في وصول هذه النسخة إليَّ، فجزاه الله خير الجزاء .
141 - هو الشيخ أحمد بن مصطفى بن حسين رمضان الشهير بالنعساني الدومي، تفوق في العلوم الشرعية، وكان مؤمل كثير من طالبي العلم، توفي عام 1281 هـ . انظر : تاريخ دومة لمعرفة رزيق ص 99.
142 - هو العلامة أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان الحراني، توفى سنة 695 هـ، انظر ترجمته في :"ذيل طبقات الحنابلة" لابن رجب (2/331،332 ).
143 - كشف المخدرات (1/ 12).(1/198)
144 - (3/ 401، 402 ).
145 - ذكروا في ترجمته أن له "الرسالة الزيدية في أجوبة أسئلة الزيدية " و "بغية المستفيد في التجويد" ورسالة في قراءة عاصم.
146 - البركة من الله تعالى، وقد ملأ المحبي كتابه بمثل هذه الألفاظ وأشدّ، وفيه بعض التراجم التي فيها ضرب من الخيال في نسج الخرافات والكرامات المفتعلة، نسأل الله العافية .
147 - ولمزيد ترجمته انظر : "مشيخة أبي المواهب " الحنبلي ص 50،51 و"السحب الوابلة " لابن حميد الحنبلي ص 373 ،374، و"النعت الأكمل" للغزي ص 231 ـ 233، و "مختصر طبقات الحنابلة " للشطي ص12/1/0/11 و 112، و "الأعلام " للزركلي (6/ 51 ).
148 - المفهِّم ،والخلق: المخلوقات، فالمصدر بمعنى اسم المفعول، والدين: ما شرعه الله من الأحكام من حلال وحرام وواجب ومكروه ومندوب . هذا التعريف فيه قصور فالدين أشمل من ذلك .وانظر له :"الموسعة الفقهية " (4/ 265).
149 - الصلاة من الله رحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن غيرهم التضرع والدعاء والسلام التحية أو السلامة من النقائص والرذائل.
150 - في (ب)و (ط) : "نبيه ".
151 - الأمين على وحي الله تعالى.
152 - من أيَّد قوَّاه، والكتاب القرآن، والمبين المشتمل على بيان ما يحتاج إليه الناس في دينهم ودنياهم.
153 - بحبله أي بكتاب الله المتين، أي: الشديد، فشبه الضلال بهاوية بعيدة القعر، والقرآن بحبل ممتد من محل السلامة إلى تلك الهاوية، فإذا تمسك به الهاوي في تلك الهاوية رفعه إلى منازل السلامة".
154 - سنح: عرض من باب دخل (الصواب أنها من باب منع. انظر: "القاموس المحيط" ص288، ط الرسالة)، والخلد بفتح الخاء واللام البال يقال: وقع ذلك في خلدي أي في قلبي.
155 - كتاب مختصر يبلغ مثليْ هذا المختصر، وقد شرحه العلامة الزاهد الشيخ أحمد بن عبد الله الحلبي الأصل ثم الدمشقي المتوفى في سنة 1188، وسماه :"الروض الندي شرح كافي المبتدي" (طبع هذا الكتاب في المطبعة السلفية بمصر).(1/199)
156 - عند المحنة بخلق القرآن.
157 - المبدع الخالق لجميع الكائنات على غير مثال سبق.
158 - الحجم من الشيء: ملمسه الناتئ أي: البارز تحت يدك.
159 - لا توجد هذه الكلمة في (ط).
160 - يقال: هو جدير بكذا أي: خليق، وهو جدير أن يفعل كذا.
161 - (سقطت هذه الكلمة من (أ) وأثبتها من (ب) و(ط) ) . امتناعي من المعاصي والزلل يقال: اعتصم بالله أي: امتنع بلطفه من المعصية.
162 - يقال: أناب إلى الله أقبل وتاب.
163 - لغة: التنزه أي: عن الأدناس، وشرعا: ارتفاع حدث، وما في معنى الارتفاع كالحاصل بغسل الميت؛ لأنه تعبدي لا عن حدث بماء طهور مباح، وزوال خبث به.
164 - هذا التقسيم طريقة جمهور الأصحاب، وطريقة الشيخ أن الماء ينقسم إلى طاهر وإلى نجس فقط (انظر التفصيل في "الإنصاف" للمرداوي (1/21،22 )).
165 - هذا التقسيم طريقة جمهور الأصحاب، وطريقة الشيخ أن الماء ينقسم إلى طاهر وإلى نجس فقط (انظر التفصيل في "الإنصاف" للمرداوي (1/21،22 )).
166 - التي خلق عليها، وأوضح منه أن يقال: ما نزل من السماء، أو نبع من الأرض على أيّ حالة كان.
167 - أي مخالط له كالزيت والدهن، فإن أجزاءهما لا تمتزج مع الماء.
168 - هو المأخوذ ظلما، ومثله الماء بثمن حرام، فإذا لم يجد قاصد الطهارة غيرهما -تيمم مع وجودهما، ومثل المغصوب: المسروق والمنهوب، والماء المسبل للشرب قاله البهوتي في "شرح المفردات " (المنح الشافيات بشرح المفردات" للبهوتي (1/ 128)). وهذه المسألة، والتي بعدها من المفردات، ومنها: أنه تكره الطهارة بماء سخن بوقود نجس، وأنه يكره رفع الحدث بماء زمزم، وعنه: لا يكره وهو الصحيح عند جماعة من الأصحاب.(1/200)
169 - ثمود قوم صالح -عليه السلام-، وبئر الناقة هو البئر الذي ترده الحجاج في مدائن صالح. وسببه "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا كانت غزوة تبوك نزل بمن معه ديار ثمود، فعجنوا العجين من الآبار التي كانت هناك فأمرهم أن يعلفوا الإبل العجين، وأن يهرقوا الماء الذي أخذوه، ويستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة أي: ناقة صالح" رواه مسلم. (أخرجه البخاري (6/ 378)، ومسلم (4/ 2286) من حديث ابن عمر).
170 - كاللبن والسكر وماء الزبيب والدبس وغير ذلك.
171 - أي ماء القلتين اغتسل فيه جنب أو توضأ منه ونزل ماء وضوئه به.
172 - يعني أن الماء الذي تغسل به النجاسة، متى انفصل عن المغسول صار نجسا، وما دام على المغسول مترددا، أو باقيا لم يعصر لم يحكم بنجاسته، وإذا صب الماء القليل على نجاسة، أو سقطت فيه نجاسة تنجس بمجرد الملاقاة إلا إذا كان لاقى النجاسة لسلها كما تقدم.
173 - ركد الماء سكن يعني: أن الماء الجاري والواقف في الحكم سواء إذا كان يسيرا.
174 - الرطل الدمشقي ستمائة درهم قديما، وأما اليوم فهو ثمانمائة درهم فتكون القلتان بالرطل الدمشقي المعروف اليوم ثمانين رطلا وربع بنقص شيء يسير يجبره زيادة الدرهم الآن عما قبل. (تتمة ) روي عن أحمد أن الزيت والسمن واللبن ونحوهم كالماء إذا وقعت فيه نجاسة، وكان قلتين لم ينجس إلا بالتغير حكاه في الفروع ("الفروع" (1/ 93)) .
175 - الضبة أن تُلَبَّس الإناء بحديد أو ذهب أو فضة يقال: ضببت الخشب ونحوه ألبسته الحديد، قاله في "شرح القاموس" ("تاج العروس" للزبيدي (2/164)) .
176 - إذا عجز عن إناء آخر، واحتاج إلى الإناء المضبب بذهب أو فضة.
177 - (في (ط) : "بالدباغ").
178 - ومثله الريش والصوف، هذا إذا كان من حيوان طاهر في الحياة.
179 - المنفصل المقطوع من الحي حكمه حكم الميتة، فالمقطوع من السمك والجراد في حياتهما طاهر، وغيرهما لا.
180 - كالبعر والحصى.(1/201)
181 - ذكور الشياطين وإناثهم.
182 - ذكور الشياطين وإناثهم.
183 - في (ب) : "وإذا خرج " وفي (ط) ونسخة الشرح : "الخروج".
184 - حديث دعاء الدخول إلى الخلاء أخرجه البخاري (1/242) ومسلم (1/283) من حديث أنس بن مالك، وأما دعاء الخروج منه فقد أخرجه أحمد (6/155) وأبو داود (30) والترمذي (7)، وابن ماجه (30) وغيرهم، عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج من الغائط قال : "غفرانك"، وهو حديث صحيح قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/216) : "حسن صحيح"، وأما الحديث الآخر "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى . . . " فأخرجه ابن ماجه (301) من حديث أنس، وإسناده ضعيف، فيه إسماعيل بن مسلم، وقد حكم على ضعف هذا الحديث غير واحد من العلماء كالنووي والبوصيري وغيرهما.
185 - حديث دعاء الدخول إلى الخلاء أخرجه البخاري (1/242) ومسلم (1/283) من حديث أنس بن مالك، وأما دعاء الخروج منه فقد أخرجه أحمد (6/155) وأبو داود (30) والترمذي (7)، وابن ماجه (30) وغيرهم، عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج من الغائط قال : "غفرانك"، وهو حديث صحيح قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/216) : "حسن صحيح"، وأما الحديث الآخر "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى . . . " فأخرجه ابن ماجه (301) من حديث أنس، وإسناده ضعيف، فيه إسماعيل بن مسلم، وقد حكم على ضعف هذا الحديث غير واحد من العلماء كالنووي والبوصيري وغيرهما.
186 - بضم الباء وسكون العين.
187 - بتثليث الراء.
188 - بفتح الشين.
189 - الشمس والقمر.
190 - وفي (ط) : "ومقبرة".
191 - فلا يجزئ برخو، ولا بأملس كالبلور والرخام؛ لأنه لا يزيل النجاسة.
192 - هو زبل الدواب.
193 - الطعام مطلقا سواء كان للإنسان أو لبهيمة، وذي حرمة هو المحترم ككتب العلم النافع، والمتصل بالحيوان كذنبه وشعره.(1/202)
194 - فمن به إسهال وإطلاق بطن، وكان الخارج منه يلوث أكثر من المعتاد لا يجزيه إلا الماء.
195 - المقصود حصول نظافة المحل إذا لم ينظف بثلاث، والإنقاء أن يبقى أثر لا يزيله إلا الماء" .
196 - أي: بكل عود لا يجرح ولا يتفتت ولا يضر، قلت: وله أن يستاك بإصبعه، وبالفرشاة المعروفة اليوم؛ لأن الغرض من تنظيف الأسنان (إن استاك بإصبعه أو خرقة، هل يصيب السنة ؟ على وجهين في المذهب، وقيل: الخرقة والمسواك سواء في الفضل، ثم الإصبع. انظر بتوسع "الإنصاف" (1/247))، وبعود الصفصاف والحور، لكنَّ الأراك أفضل.
197 - أي: بكل عود لا يجرح ولا يتفتت ولا يضر، قلت: وله أن يستاك بإصبعه، وبالفرشاة المعروفة اليوم؛ لأن الغرض من تنظيف الأسنان (إن استاك بإصبعه أو خرقة، هل يصيب السنة ؟ على وجهين في المذهب، وقيل: الخرقة والمسواك سواء في الفضل، ثم الإصبع. انظر بتوسع "الإنصاف" (1/247))، وبعود الصفصاف والحور، لكنَّ الأراك أفضل.
198 - وعنه : لا يكره واختاره الشيخ، وهو الأقوى من جهة الدليل (انظر "الإنصاف" للمرداوي (1/118)).
199 - في (ط) : "وتغيير".
200 - حلق الشعر الذي فوق الذكر وحلقة الدبر.
201 - المبالغة في قصه.
202 - ويجوز حلقه.
203 - حلق بعض الرأس وترك بعضه.
204 - وعن الإمام أنه يجب على الذكر دون الأنثى، قاله في "الفروع" ("الفروع" لابن مفلح (1/133)) والعمل اليوم على هذه الرواية وعنه : أن الختان مستحب، وقوله : "بُعَيْد" بضم الباء تصغير بعد.
205 - في (ط) : "عبادة".
206 - القاعدة المتبعة أن اليهود والنصارى يقال لهم: أهل الكتاب، وأما عبدة الأوثان والنجوم وغيرهما فيقال عنهم كفار ومشركون.
207 - في (ب) و (ط) : وغسل كتابية ومسلمة ممتنعة لحل وطء" والمثبت من (أ) ومن سياق "الروض الندي".(1/203)
208 - أي: يجب للقيام من نوم الليل غسل اليدين ثلاثا بنية وتسمية، وهذا الغسل تعبدي أمرنا به الشارع، ولم نعلم سببه، فلو استعمل الماء، ولم يدخل يده في الإناء لم يصح وضوءه، وفسد الماء قاله في "الفروع"، وقال في "المبدع" : إذا نسي غسلهما سقط مطلقا ("الفروع" (1/144)، "المبدع" (1/108) ).
209 - الكثافة : الغلظ وبابه ظرف.
210 - سقطت هذه الكلمة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ط) ونسخة الشرح والفوائد المنتخبات لعثمان النجدي .
211 - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله : اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، فُتِحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء"، رواه مسلم والترمذي بمعناه، ولم يذكر مسلم: "اللهم اجعلني من التوابين" (أخرجه مسلم (1/210) والزيادة المذكورة أخرجها الترمذي (55) وهي صحيحة، وقد أفاض العلامة الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله تعالى - في الكلام عليها في حاشيته على سنن الترمذي (1/78-83)) إلخ.
212 - أصل الخف خف البعير ثم أطلق على جميع ما يلبس في الرجل بالشروط الآتية (يعني الآتية في ص 96).
213 - هاتان المسألتان من المفردات (انظر : "المنح الشافيات بشرح المفردات" للبهوتي ( 1/150، 151 ))، والمُحنكة أن يؤخذ طرف من العمامة ويدار تحت الحلق، والذؤابة الطرف المرخي من العمامة وراء المعتمم. والخمار ما تجعله المرأة على رأسها وتدير طرفه تحت حلقها. (تنبيه) قال في "الفروع": قال الشيخ: ويتوجه أن العمامة لا يشترط فيها ابتداء المسح على طهارة وتكفي الطهارة المستدامة وإليه مال ابن هبيرة، وهو مذهب داود ("الفروع" ( 1/165، 166 ) .).(1/204)
214 - الجبيرة في الأصل: العيدان التي تجبر بها العظام، ثم أطلقت على سائر ما يُرْبَطُ به جرح أو دُمَّل أو كي، وقوله قدر الحاجة أي: ما يحتاج إليه في الربط، وليس المراد أن تكون قدر الجرح أو الدمل، والدواء على محل الداء كالجبيرة قاله في "الفروع" ("الفروع" (1/166))، واختار الخلال والموفق أن الجبيرة لا يشترط فيها الوضع على طهارة، فعليه يمسح إن خاف بنزعها الضرر يسمح سواء وضعها على طهارة أو لا (انظر: "المغني" لابن قدامة ( 1/278)، و "فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" (21/176-182) ).
215 - وقال الليث: يسمح بلا مدة، وبه قال أكثر أصحاب مالك .
216 - بأن مسح، وهو مقيم ثم سافر.
217 - وقيل : لا يشترط، وهو اختيار الشيخ وقال : يجوز المسح على المُخَرَّق ما لم يظهر أكثره، وقال المجد: يجوز المسح على الخف المُخَرَّق الذي لا يمنع متابعة المشي (انظر : "الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية" ص 16، و "الفروع" (1/179)، و "الإنصاف" (1/179) ) . قلت : وهو المختار نظرا إلى ظاهر خفاف الصحابة .
218 - السبيل القبل والدبر، وقوله: مطلقا أي: سواء كان قليلا أو كثيرا .
219 - كالقيء والدم والقيح إذا كثر، وتعتبر الكثرة من كل واحد بحسبه.
220 - أما النوم اليسير من غير متمكن كراكع وساجد فينقض.
221 - الغاسل من يباشر الميت ويقلبه لا من يصب الماء.
222 - خرج المنفصل وهو المقطوع، ويقال له: الفرج البائن أي: المقطوع.
223 - أي: من النواقض أن تلمس المرأةُ الرجلَ، والرجلُ المرأةَ بشهوةٍ . وقال الشيخ : مس الأمرد بشهوة ينقض الوضوء، وهو المشهور من مذهب مالك، وقال الشافعية: لا ينقض. قلت : والأول هو المختار .
224 - كالحائض والنفساء. وقوله : ذلك أي ما تقدم.
225 - إقامة.
226 - أي: انتقاله من محله، ولو لم يخرج من الذكر.
227 - العامة تسميها الثمرة وهي رأس الذكر.
228 - أي: لصلاة هذه المذكورات.(1/205)
229 - الصاع: ستمائة درهم وخمسة وثمانون درهما، والمد ربعه؛ لأن الصاع أربعة أمداد، فالصاع هو الإناء الذي يسع القدر المتقدم .
230 - بالماء في الوضوء والغسل.
231 - قال القاضي أبو يعلى: يصح التيمم بالرمل إذا كان له غبار (نقله عنه في "الإنصاف" (1/284))، وقال الشيخ في "الاختيارات" : عادم الماء إذا لم يجد ترابا، وعنده رمل تيمم به وصلى، ولا إعادة عليه عند جمهور العلماء . انتهى ("الاختبارات الفقهية" ص 21) ولو تيمم على شيء طاهر له غبار جاز له، ولو وجد ترابا، قاله في "الفروع" ((1/224)) .
232 - أي: لحبس الماء عنه، أو حبسه عن الماء، أو قطع عدو ماء بلده، أو كان الماء في بئر وعجز عن الوصول إليه، أو كان الماء موجودا يباع وليس معه ثمنه، أو كان يباع، ولكن زادت قيمته عنى ثمن مثله زيادة كثيرة، أو كان الماء قريبا منه، ولكنه يخاف إن طلبه أن تشرد دابته أو تسرق، أو تفوته رفقته. وقال الشيخ : المرأة التي تريد الذهاب إلى الحمام، ومعها أولادها، وأدركها وقت الصلاة، ولا يمكنها الخروج من الحمام إلا بعد الوقت، وهي جُنُب يجوز لها أن تتيمم للجنابة، وتصلي في بيتها ثم تذهب إلى الحمام (نقله عنه بمعناه ابن مفلح في "الفروع" (1/220))، وقال أيضا: إذا استيقظ المكلف، وعليه غسل، وقد ضاق الوقت، فإنه يصلي بالتيمم على قول جمهور العلماء (نقله عنه العلامة المحقق الشيخ ابن قاسم في "حاشيته على الروض المربع" ( 1/ 314 )) .
233 - أي: أن التيمم يقوم مقام استعمال الماء إلا في النجاسة، إذا كانت على غير البدن فإنها تُزَال بالماء، ولا يجوز التيمم عنها.
234 - إذا: متعلق "يصح" أي: يصح التيمم إذا دخل الوقت، وأما قبله فلا يصح.
235 - (في (ط) : "فرض" ).
236 - كأن كان الماء يباع ونسي أن معه ما يشتريه به.(1/206)
237 - بأن ينوي التيمم لاستباحة الصلاة. (فائدة) يجوز عند فقد الماء التيمم عن النجاسة التي على البدن، وهذه من المفردات ("المنح الشافيات بشرح المفردات" (1/170)).
238 - سقطت هذه الكلمة من (ط).
239 - كصخر وأجرنة حمام وبرود الدبس الحجر والحيطان.
240 - غير بول الغلام وقيئه.
241 - كالصابون والأشنان والنخالة.
242 - أي: إذا عجز عن إزالة اللون أو الريح، وأما بقاء اللون فإنه يضر؛ لدلالته على بقاء النجاسة.
243 - وعاؤها.
244 - كالعجين والحب.
245 - كقيح وصديد.
246 - تطلق النفس على الدم كما قال : تسيل على حد الظباة نفوسنا أي: دماؤنا.
247 - أي في الحياة وبعد الموت.
248 - أي من مأكول اللحم، ومَنِيّ الآدمي طاهر . (فوائد) روي عن الإمام أن نجاسة غير الكلب والخنزير تغسل ثلاثا، واختاره الشيخ، واختار في "المغني" أن المعتبر زوال العين، وبه أقول للدليل. وقال الشيخ : يعفى عن يسير بعر الفأر، وقال: المائعات التي هي كالسمن والزيت والخل واللبن والدبس المائع إذا وقعت فيه نجاسة كالفأرة الميتة ونحوها من النجاسات، حكمه حكم الماء إذا كان قلتين لم ينجس إلا بالتغير، وإن كان دونهما وزيد عليه قلتان، أو زيد عليه حتى يبلغ قلتين صار طاهرا. وحكي في "الفروع" رواية عن الإمام أحمد أنه يعفى عن يسير بول البغل والحمار وعرقهما وفضلة شرابهما (انظر: "المغني" لابن قدامة (1/54)، و"الفروع" (1/256، 258 ) و "اختيارات شيخ الإسلام " ص 23، 26 و 27. وقال الشيخ : إذا صارت النجاسة رمادًا أو +قصرملا+ فالصواب المقطوع به أنها تطهر، وهو إحدى الروايتين عن أحمد (انظر : "حاشية الروض المربع " (1/349 ) فقد نقل معنى كلام شيخ الإسلام، وانظر كذلك : "الفروع" (1/242 )).
249 - فإذا رأت دما بعد الخمسين فهو استحاضة لا حيض، وهذه من المفردات ("المنح الشافيات" (1/172)) .
250 - أي الصوم.(1/207)
251 - الدينار: مثقال من الذهب وتجزيء قيمته من الفضة .. . . (تتمة) قال ناظم المفردات : (هو الإمام محمد بن علي بن عبد الرحمن العمري، توفي سنة 820هـ ومنظومته هي التي شرحها الإمام منصور بن يونس البهوتي، وانظر "المنح الشافيات" (1/174)) يجوز بالحائض الاستمتاع بدون فرج ليس ذا جماع .
252 - حاصل حكم المبتدأة، وهي ما كان حيضها أول مرة، أنها أولا تفرض حيضها يوما وليلة، فإذا مضت اغتسلت وفعلت العبادة التي عليها، ولو كان دمها موجودا، ثم تفعل في الشهر الثاني والثالث كذلك، ثم تنظر الأيام التي تكررت معها هل هي يوم وليلة مثلا أو أربعة أو سبعة، فما تكرر فهو عادتها، ويبطل ما صامته أو طافته وعليها قضاؤه، فإن لم يتكرر الدم بأن جاءها في الشهر الأول، أو لم يجيء في الثاني، ولم يجيئها حيض أصلا، فلا قضاء عليها، وإن زاد دمها على خمسة عشر كان الزائد استحاضة لا حيضا، ثم إن كان دمها على صفة واحدة تفرض أولا أن حيضها يوم وليلة، والباقي استحاضة، فتكرر ذلك ثلاثة أشهر، فإذا تكرر بلا تغيير صفته تعتبر حينئذ أن مدة حيضها ست أو سبع أيام والباقي استحاضة. وإن كان دمها متميزا تارة أسود، وتارة ثخينا ثم رقيقا، فإنها تعتبر صفة الدم أول مجيئه، فإن بقي على صفة من الصفات يوما وليلة فأكثر كان ذلك المتميز هو الحيض، والمتميز الثاني استحاضة، ولا تكرار هنا هذا في المبتدأة. وأما التي كان لها عادة كَسِتٍّ أو سبع مثلا، ثم استرسل دمها، فإنها تعتبر عادتها هي الحيض، سواء تميَّز الدم أو لم يتميز، والباقي استحاضة، وإذا كان لها عادة أن تحيض في أول الشهر فانتقل إلى نصفه مثلا، أو كانت عادتها سبعا فجرى دمها عشرا، فإنها تكرر ذلك ثلاثة أشهر، فإن تكرر فإن عادتها قد تغيرت، وإن لم يتكرر رجعت إلى عادتها الأولى.
253 - فتغتسل النفساء وتفعل ما يفعله الطاهرات.(1/208)
254 - أي: لا يحكم على النفساء بأنها بلغت من أول النفاس، وإنما يحكم ببلوغها من أول حملها؛ لأنه حصل عن إنزال .
255 - بالغ عاقل.
256 - المميز من بلغ سبع سنين ووليه من يقوم بأمره.
257 - كمشتغل بالوضوء والغسل وستر العورة إذا علم أن ذلك يحصل والوقت باق، وإلا تيمم المحدث عن الجنابة وصلى.
258 - أي منكر أن الصلاة فرض.
259 - في القرى والأمصار.
260 - أي: لم يرتكب كبيرة ولم يصر على صغيرة.
261 - يصح الأذان للفجر بعد نصف الليل .
262 - أقول: إما بآلة فلكية كالربع المجيب، أو المقنطر، أو البسائط، وإلا فبساعة قد تكررت إصابتها، ومنه تعلم أن الميقات من الفنون الدينية .
263 - أي: يقول مثل قوله، والحيعلة قول: حي على الصلاة، حي علي الفلاح .
264 - قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
265 - الصلاة خير من النوم .
266 - روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال :"من قال حين يسمع المؤذن :أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، غفر له ذنبه" (أخرجه مسلم (1/290)).
267 - بعد الأذان قبل الصلاة .
268 - ما بين المعكوفين من (ب) و (ط ).
269 - بيانه: أنك ترصد الشمس فإذا رأيتها وصلت إلى خط نصف النهار، ومالت عنه قليلا، كان حينئذ الزوال، فتقيم شاخصا من حديد أو من أعواد، فإن كان طوله عشر أصابع مثلا، ووجدت ظله إصبعين تحفظهما، فإذا تساوى الشاخص وفيؤه بعد طرح ظل الزوال الذي هو إصبعان، فقد خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر، ثم إذا صار ظل الشاخص عشرين إصبعا بعد طرح إصبعين منه خرج وقت العصر المختار، وبقي وقت الضرورة إلى الغروب. وقِسْ على هذا كل منتصب.(1/209)
270 - أي: يتيقن دخول الوقت بالنظر، أو يغلب دخوله على ظنه بآلة فلكية، أو ساعة تكررت إصابتها، واعلم أن كثيرا من الناس يقول: أنا ضبطت ساعتى على أذان المغرب أو على أذان الجامع الأموي، ويتخذ ذلك حجة لصحة ساعته، وهذا اعتبار فاسد الآن؛ لأن المؤذنين يعتمدون على الساعات تقليدا، فاللازم ضبط ساعات المؤذنين على الزوال، استنادا على الآلات الفلكية من البسائط والمزوال، وقد كان هذا معتبرا سابقا، وجعل مَن قبلنا في الجوامع العظيمة مؤقتين، وجعلوا لهم راتبا، ثم تراخى الأمر واستلم الراتب الجهلة بهذا الفن، وأصبحت الآلات مهملة لا يلتفت إليها أحد .
271 - بأن بلغ الصغير وعقل المجنون، فلو بلغ عند الغروب قضى الظهر والعصر، أو عند غروب الشفق الأحمر قضى المغرب والعشاء.
272 - من (ب) و(ط).
273 - قاربت البلوغ والأمة المملوكة.
274 - وقال جمع: وكفيها. قلت: وهو المختار .
275 - يعني طال الزمان سواء كان المغصوب عينًا بأن أخذ أرضا أو دارا من مالكها ظلما أو غصب منفعة، بأن أخذ أرضًا إيجارا بدعوى باطلة، أو ادعى امتلاك أرض أو إيجار بشهود زور، أشار إلى بعض هذا في "الشرح" (انظر : "كشف المخدرات" (1/61)).
276 - من (ب) و(ط) ولا يوجد في الشرح.
277 - تقدمت هذه الكلمة على التي قبلها في (ب) و(ط).
278 - على اجتنابها .
279 - ما أُعِدَّ لقضاء الحاجة.
280 - هو المكان الذي تقيم فيه الإبل وتأوي إليه.
281 - المكان المُعَدّ للذبح .
282 - أي: محل قرع الأقدام من الطريق سواء كان فيه سالك أو لا، ولا بأس بطريق الأبيات القليلة، ولا بما علا عن جادة الطريق يمنة ويسرة، قاله في "الشرح" (انظر: "كشف المخدرات" (1/63)) .
283 - كما في صلاة الخوف .
284 - أي: إذا لم يعرف المصلي جهة القبة، وأخبره بها رجل صادق عن يقين لا عن ظنٍّ وجب عليه العمل بقوله. قلت: وأما بيت الإبرة المسمى بقبلة نامه، فإنه يجوز العمل به إن تكررت إصابته.(1/210)
285 - الاجتهاد في القبلة لا يكون إلا للعارف بأدلتها فيستدل عليها بالجبال والنجوم، أو بالآلات الفلكية، أو بسمت القبلة الموضوع في جداول مخصوصة .
286 - من (ب) و(ط) ونسخة الشرح.
287 - سواء أخطأ أو أصاب.
288 - ينوي كون الصلاة ظهرا أو عصرا أو تراويح، وله غير ذلك، كذا قالوا، وقال ابن القيم في "زاد المعاد" : "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة قال : "الله أكبر" ولم يقل شيئا قبلها، ولا تلفظ بالنية ألبتة، ولا قال : أصلي صلاة كذا مستقبل القبلة أربع ركعات إماما أو مأموما، ولا قال : أداء ولا قضاء، ولا فرض الوقت، وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مسند ولا مرسل لفظة واحدة منها ألبتة، بل ولا عن أحد من أصحابه ولا استحسنه أحد من التابعين، ولا الأئمة الأربعة ("زاد المعاد" (1/ 201 )) . انتهى. فتحصل أن النية محلها القلب، فمتى استقبل القبلة بقصد الصلاة، أو بقصد أنه إمام أو مأموم أو يصلي ظهرا، أو غيره فتلك النية التي يقصدها الفقهاء، سواء تلفظ بها أو لم يتلفظ.
289 - بفتح السين وكسر الكاف: التأني في الحركات، والوقار -بفتح الواو-: غض النظر وعدم الالتفات.
290 - من الأدعية المذكورة في المطولات .
291 - حذو: بفتح الحاء وسكون الذال- معناه: مقابل، والمنكب: مجمع عظم العضد والكتف، أي: يرفعهما إلى رأس كتفه.
292 - معنى سبحانك: أنزهك تنزيهك اللائق بجلالك، وبارك وتبارك بمعنى واحد، ومعناه: أن البركة تحصل بذكر اسمك، وتعالى جدك: ارتفعت عظمتك .
293 - يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويُبَسْمِل يقول : بسم الله الرحمن الرحيم.
294 - ما بين المعكوفين من (ب) و(ط).
295 - معناه: اللهم استجب.
296 - (غير) مرفوع مبتدأ، أي: غير الإمام والمأموم .(1/211)
297 - طوال بكسر الطاء، والمفصل أوله سورة (ق) قال ابن عقيل في "الفنون": أوله الحجرات وآخره آخر القرآن. فطواله منها إلى عم، وأوساطه من عم إلى الضحى، والباقي قصاره.
298 - أي يرفع يديه مع رأسه إلى مقابل منكبيه .
299 - أي: أحمده حمدا لو كان أجساما لملأ السماوات والأرض.
300 - أصابع رجليه.
301 - المجافاة المباعدة، والعضد: الساعد وهو من المرفق إلى الكتف، وفيه أربع لغات: ضم الضاد، وكسرها، وسكونها، وضم العين وسكون الضاد.
302 - ما بين المعكوفين من (ب) و(ط).
303 - أي: يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها، وينصب اليمنى ويخرجها من تحته، ويجعل بطون أصابعها على الأرض مفرَّقة معتمدا عليها؛ لتكون أطراف أصابعها إلى القبلة باسطا يديه على فخذيه مضمومة الأصابع .
304 - أي يأتي بالركعة الثانية مثل الأولى.
305 - في الركعة الأولى وإلا يتعوذ .
306 - في الصلاة وغيرها .
307 - التحيات: جمع تحية، وهي البقاء والعظمة والملك، والصلوات والرحمة التي تفضَّل الله بها على عباده، وأن الصلوات كلها لله لا يجوز أن يُقْصَد بها غيره، وهذا المعنى هو المختار، والصالحون القائمون بما عليهم من حقوق الله وحقوق عباده، وليس الصالحون هم الأغبياء الكسالى الذين يجعلون التلفظ بالدين آلة لجلب الدنيا يتلبسون بالتصوف ليتحيلوا إلى أكل أموال الناس.
308 - أي ما عدا الفجر فإنه ركعتان.
309 - يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى، ويخرج رجليه من تحته عن يمينه ويجعل أليتيه على الأرض .
310 - الإثم: الذنب، والمأثم: محله، أي: أعوذ أن أتحصن بك من الذنب ومن محله، والمغرم: الشر الدائم والعذاب، أي: أتحصن بك من الشر الدائم والعذاب ومن محلهما، وهذا أولى من تفسيره بالغرامة .
311 - أي بما يكون مختصا بالدنيا كقوله: اللهم ارزقني دارا واسعة وبساتين، وأما لو قال: اللهم ارزقني مالا؛ لأنفقه في الخير، ودارا واسعة للضيفان فلا تبطل.
312 - بالألف واللام بأن يقول: السلام.(1/212)
313 - هو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه أو بينهما ناصبًا قدميه .
314 - اللعب.
315 - وضع يده على خاصرته.
316 - محتبس البول، وقوله: ونحوه، كالحاقب وهو محتبس الغائط، ومثله حابس الريح.
317 - التَّوْق: الشوق إلى الشيء والنزوع إليه. وقوله: ونحوه، كالشراب والجماع.
318 - أي: قصده وعرض له.
319 - أي: البصاق.
320 - تكبيرة الإحرام.
321 - في الأفعال المتقدمة، والطمأنينة السكون.
322 - سمع الله لمن حمده، والتحميد : ربنا ولك الحمد.
323 - وما زاد عليها سنة.
324 - بالسهو والجهل، كما تقدم في المقدمة.
325 - أي: يكون واجبا وسنة ومباحا، فإذا ترك المصلي واجبا من واجبات الصلاة سهوا كالتسميع والتحميد، والتشهد الأول وجب عليه سجود السهو، وإذا أتى بقول مشروع في غير محله، كأن قرأ الفاتحة في محل التشهد، أو التشهد في محل الفاتحة مثلا سهوًا سُنَّ في حقه سجود السهو، وإذا ترك سنة سهوا كالتسبيح الزائد على المرة ونحوه من سنن الصلاة، كان سجود السهو مباحا له.
326 - ومنه السلام عن نقص، وزيادة ركوع وسجود سهوا.
327 - كما لو أحدث أو قهقه في صلب الصلاة أي: في أثناء فعلها.
328 - اختار الشيخ أن الصلاة لا تبطل بالتنحنح والأنين، سواء كان لعذر أو لا . وأطال في "الفتاوى المصرية " ("مختصر الفتاوى المصرية " ص 52، وانظر كذلك : "الفتاوى الكبرى" (1/107-112)) الاستدلال على ذلك.
329 - فيأتي بركعة ويسجد للسهو إن لم يطل الفصل أو يحدث أو يتكلم .
330 - إن تذكر قبل أن يستتم قائما .
331 - رجوعه، وبطلت صلاته يعني: إن فعل ذلك عمدا .
332 - أي : إذا فعل الإمام شيئا ناسيا لزم المأموم متابعته.
333 - أي: سواء ذكر الركن المتروك قبل شروعه في قراءة التي تليها أو بعده، وسواء كان رجوعه قبل أن يستتم قائما أو بعده .
334 - فلو شك هل ركع أو سجد نقول له: الأصل عدم الركوع أو السجود، أو شك هل صلى ركعة أو ركعتين يبنى على الأقل وهي ركعة وَقِسْ عليه.(1/213)
335 - ثبتني على الهداية وزدني منها.
336 - بكسر الذال المنقوطة ويعِز بكسر العين .
337 - بأن يقول المنفرد: اللهم اهدني ويقول الإمام: اللهم اهدنا وعافنا، ضمير الجمع .
338 - أي: إمام وغيره بعد دعاء القنوت وغيره من الأدعية في غير الصلاة.
339 - أي: أن ركعتي الفجر مؤكدة أكثر من غيرها من الرواتب.
340 - هو من يقصد الاستماع في الصلاة، والذي لا يقصد الاستماع لا يسن له السجود.
341 - أي: يكره للإمام أن يقرأ آية سجدة في الصلاة السرية. (فائدة) قال الشيخ: إذا صلى الإنسان ليلة النصف من شعبان وحده أو في جماعة خاصة، كما كان يفعل الطوائف من السلف، فهو أحسن، وأما الاجتماع في المساجد على صلاة مقدرة، كالاجتماع على مائة ركعة بقراءة ألف : (قل هو الله أحد) دائما فهي بدعة لم يستحبها أحد من السلف ("مجموع الفتاوى" (23/131)) .
342 - أي: يكره للإمام إن سجد لقراءته آية سجدة في الصلاة السرية، فإذا سجد لم تلزم المأمومَ متابعتُه .
343 - أي: جاهل الحكم. (تنبيه) حفظ القرآن فرض كفاية إجماعا، ويتعين حفظ الفاتحة، ويجب على المكلف أن يتعلم من العلم ما يحتاج إليه من أمور دينه.
344 - اعلم أن الشمس إذا وصلت إلى خط نصف النهار تسمى قائمة؛ لأنها وصلت إلى أعلى نقطة في دائرتها، فمتى فارقت تلك النقطة تسمى مفارقتها لها زوالا.
345 - سواء كان عالِمًا، أو ناسيا أو جاهلا، فلو دخل وقت النهي، وهو في صلاة تطوع أثم بإتمامه .
346 - لا قضاء .
347 - بضم الياء وفتح الهمزة .
348 - الإدراك له ثلاثة شروط: أن يكبر الإمام قائما. وأن يركع والإمام راكع. وأن لا يشك في أن ركوعه كان في حال ركوع الإمام، أو في حال رفعه من الركوع.
349 - تكبيرة ثانية .(1/214)
350 - ما صلاه مع الإمام هو آخر صلاته، وما يقضيه يفعل فيه مثل ما لو كان في ابتداء صلاته، في الركعة الأولى من القضاء يستفتح بها، ويتعوذ، ويقرأ الفاتحة وسورة، لكن لو أدرك مسبوقٌ مع إمامه ركعة من رباعية أو مغرب تشهد عقب ركعة أخرى؛ لئلا يغير هيئة الصلاة .
351 - إذا سها في الحركات التي صلاها مع الإمام، فلو كان مسبوقا وسها في القضاء لم يتحمل الإمام عنه .
352 - ما يجعله المصلي قدامه؛ لأن الإمام يتحمل عن المأموم ستر العورة ( كذا في الأصل، ولعله سَبْق قلم أراد به أن سترة الإمام سترة لمن خلفه).
353 - الانتظار كما في المساجد الكبار، فإن الإمام لو انتظر فيها كل داخل لخرج الوقت وهو ينتظر.
354 - بالأفعال كالزاني والسارق والكاذب وآكل الربا، وبالاعتقاد كالمبغض للصحابة والمبتدع بِدَعًا لا تعرف في الشرع.
355 - كمن به سلس بول أو تعقيبة أو كي.
356 - ما بين المعكوفين من (ب) و(ط) ونسخة الشرح.
357 - (كفتح همزة "اهدنا" وضم تاء أنعمت أو كسرها).
358 - الخنثى مَن له فرج امرأة وذكر رجل.
359 - أي: لحنا لا يغير المعنى كجرِّ دال الحمد، وفتح هاء الجلالة. والفأفاء: الذي يكرر الفاء في التكلم. ومثله التأتاء: الذي يكرر التاء . وعند الشيخ تكره إمامة من يقرأ على الجنائز، وعلى القبور، وفي التهاليل؛ لأن القراءة على الجنائز مكروهة، وأخذ الأجرة عليها أعظم كراهة، قاله في "الفتاوى المصرية" (انظر : "مختصر الفتاوى المصرية" ص 63). وأما الاستئجار على الإمامة، فالمشهور من مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد أنه لا يجوز، وقيل: يجوز، وهو مذهب الشافعي، ورواية عن أحمد، وقول في مذهب مالك.
360 - أي: صلى مع الإمام، ولكنه كان وحده صفا.(1/215)
361 - وصورتها أن يكون الإمام داخل المسجد والمأمومون في صحن الجامع صح الاقتداء إذا علموا بركوع الإمام وسجوده وقيامه ، وإذا كان الإمام في المسجد والمقتدون خارجه اشترط أن يروا الإمام أو بعض المأمومين الذين في المسجد في بعض الأحيان ، وأن يعلموا انتقالات الإمام.
362 - في (ب) و(ط) ونسخة الشرح : "وإن لم يجمعهما شرط . . . " والمثبت من الأصل.
363 - بذراع اليد.
364 - بفتح السين: الأعمدة والعضادات.
365 - لا توجد فيه (ب) و(ط).
366 - البول أو الغائط.
367 - كغلة في بيدرها، وقطاف أيام قطفه، والماء وقت نوبته، وكالراعي والناطور يخاف ضياع ما تحت يده وأمثال ذلك.
368 - السلطان: كل مَن له سلطة حتى شيوخ القرية.
369 - أي: نحو المذكورين، ومثله لو خاف نقض وضوئه بانتظار الجمعة والجماعة، قاله ابن الجوزي. ومن العذر: الوحلُ والريحُ الباردة الشديدة والزلزلة والحر المزعج، ومثله ما لو خاف ضياع معيشة يحتاجها كمن استُؤْجِرَ لحصادٍ ونحوه. قال ذلك في "الفروع" (2 /41، 42) لابن مفلح .
370 - أي: أشار إلى أفعال الصلاة بعينيه.
371 - إن صلى المريض جالسا أو نحوه، ثم حصل له قدرة على القيام أتم صلاته قائما، وإن صلى قائما ونحوه، ثم حصل له عجز أتم صلاته بما يقدر عليه، ولا يقطعها في الصورتين.(1/216)
372 - لقصر الصلاة ثلاثة شروط : أحدهما: أن يكون السفر مباحا، كسفره للتجارة والنزهة وصلة الرحم . ثانيهما: المدة، وهي أن تكون مسافة يومين فأكثر من ابتداء سفره إلى محل قصده، وتقدير المسافة إنما هي بسير الدواب المحملة الأحمال الثقيلة، ويسير الماشي على قدميه سيرا معتادا، مع اعتبار حط الأحمال للراحة وتحميلها، فلو قطع تلك المسافة بزمن يسير كالمسافر بالسكة الحديد، أو بالطيارة، أو بالعربة، أو غير ذلك جاز له القصر، والبحر مثل البر. ثالثهما: أن ابتداء القصر من مفارقة المسافر بيوت قريته أو خيام قومه إن كان من أهل البادية. (تنبيه) الجندي تبع لآمره، والمرأة تبع لزوجها، قاله في "الشرح" ("كشف المخدرات" (1/102 ) ).
373 - من أقام في بلد لحاجة، ولا يدري متى تنقضي، أو مرض أو حبسه مطر أو ثلج، أو عدو قصر الصلاة، ولو أقام سنين.
374 - أي: للمسافر، ومن حبس ظلما ونحوه.
375 - الظهر والعصر.
376 - المغرب والعشاء.
377 - ومثله المرضع والمستحاضة، ومن به سلس بول، أو تعقيبه أو كي، والمعذور عذرا يبيح ترك الجمعة والجماعة، ومن يخاف ضررا في معيشة يحتاجها كالحصاد وغيره: ذكر أكثر هذا في "الشرح"( "كشف المخدرات" (1/104 ) ).
378 - كثلج وبرد وجليد.
379 - اشتراط المظلمة ترجيح من المصنف، تبع فيه الشيخ وفي "شرح المنتهى" أن الجمع يصح للريح الباردة، وإن لم تكن بليلة مظلمة (انظر : "شرح منتهى الإرادات" لمنصور البهوتي (1/281)) .
380 - سقطت من (ط) وفي (ب) : "بلا عذر".
381 - سقطت هاتين الكلمتين من (ط) .
382 - من شروط الجمع: الترتيب، ونية الجمع عند إحرام الأولى في جمع التقديم، وأن يوجد العذر عند افتتاح الصلاتين وسلام الأولى، وأن يبقى العذر المبيح في غير جمع مطر ونحوه إلى فراغ الثانية، ويشترط لجمع التأخير: الترتيب، ونية الجمع بوقت الأولى، وبقاء العذر إلى دخول وقت الثانية.
383 - التفصيل في الكتب المطولة في الحديث والفقه.(1/217)
384 - بالغ عاقل.
385 - أي : وإن لم يكن ممن تجب عليه الجمعة صحت صلاته قبل صلاة الإمام.
386 - حتى يصليها ومتى صلاها جاز له السفر.
387 - قلت: ومثله من أخذ جوازا للسفر في البوابير البحرية، أو في السكة الحديدية، أو غيرها مما له وقت معين، بحيث لو تأخر لفاته السفر وذهب ما دفعه من الأجرة.
388 - من ارتفاع الشمس قدر رمح.
389 - اختلفت الروايات عن أحمد في تعيين العدد فروي عنه أنها تصح بسبعة، وعنه بخمسة، وعنه بأربعة، وعنه بثلاثة، وهو اختيار الشيخ، وعنه بثلاثة في القرى دون الأمصار، حكى هذه الروايات في "الفروع" ("الفروع" لابن مفلح (2 /99) ) . قلت: وتحديد العدد لم يصح فيه دليل فالمختار الثلاثة.
390 - بأن بقي أربعون بعد النقص، وإن بقي أقل صلوا ظهرا.
391 - كضيق مسجد البلد عن أهله، وكبعد وخوف فتنة ونحوه، فتصح الجمعة اللاحقة، والسابقة نص عليه، قاله في "شرحه" ("كشف المخدرات" (1/110 )). قال في "المقنع": ويجوز إقامة الجمعة في موضعين من البلد للحاجة، ولا يجوز مع عدمها، فإن فعلوا فجمعة الإمام هي الصحيحة، فإن استوتا، فالثانية باطلة، فإن وقعتا معا، أو جهلت الأولى بطلتا معا ("المقنع" لابن قدامة (1/250، 251))، وقال القاضي أبو يعلى في كتابه "التخريج" : يجوز تعدد الجمعة لحاجة وغيرها، وقاله ابن عقيل في موضعين (انظر "الإنصاف" للمرداوي (2/400، 441) ).
392 - بضم الفاء: المكان الواسع في الصف.
393 - من ارتفاع الشمس قدر رمح.
394 - لمن يريد أن يضحي.
395 - من الفطرة جنسا وقدرا.
396 - أي يعلمهم أحكام الأضحية.
397 - الجدب ضد الخصب، والقحط حبس المطر، ومثله لو غار ماء العيون والأنهر.
398 - التباغض والعداوة.
399 - تمامه مذكور في المطولات، قال أبو الخطاب في "الهداية": ويستحب أن يستسقوا عقيب صلواتهم، وذكر شيخه أبو يعلى أنه يستحب للإمام أن يدعو للمطر في خطبة الجمعة ("الهداية" لأبي الخطاب الكلوذاني (1/57) ).(1/218)
400 - الظِّرَاب -بكسر الظاء-: الرابية الصغيرة يعني: التل، والآكام الجبال الصغار. "تتمة" الخروج إلى الاستسقاء بالطبل والمزامير والطرق المبتدعة بدعة محرمة، ومن البدع أيضا: صلاة الرغائب.
401 - الظِّرَاب -بكسر الظاء-: الرابية الصغيرة يعني: التل، والآكام الجبال الصغار. "تتمة" الخروج إلى الاستسقاء بالطبل والمزامير والطرق المبتدعة بدعة محرمة، ومن البدع أيضا: صلاة الرغائب.
402 - اختار القاضي أبو يعلى وابن عقيل وابن الجوزي أن فعل الدواء أفضل من تركه وهو المختار.
403 - المبتدع مَن خالف ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين.
404 - بتشديد اللام. "فائدة": إذا غفل عن إغماض الميت فيمسك رجل بعَضُدَيْه، وآخر بإبهامي رجليه فإنها تُغْمَض.
405 - الأحاديث التي في فضل سورة ياسين، وفضل قراءتها عند الأموات لا تصح . انظر : الفوائد المجموعة للشوكاني ص 300.
406 - أي: الإسراع.
407 - بضم الميم وفتح العين، وهو الذي يعاون الغاسل.
408 - أي: أن التسمية، والنية واجبان هنا كما هما واجبان في غسل الحي.
409 - الإبهام والسبابة.
410 - السدر: شجرة النبق، والمراد ورقه، وهذا النوع غير مشهور في بلادنا ويقوم مقامه الصابون. وقوله: بِثُفْلِهِ -بضم الثاء- وهو ما سفل من كل شيء.
411 - أي: يكره أن يخلل أسنانه بعود ونحوه.
412 - يعني أن المحرم بالحج إذا مات لا يطيب ولا يفعل له شيء مما لا يجوز للمحرم الحي فعله.
413 - بتثليث السين: الولد الذي يسقط من بطن أمه قبل تمام مدة الحبل.
414 - ما يوضع للميت من كافور ونحوه.
415 - منصرفنا، ومثوانا ومأوانا.
416 - بفتح الباء والراء.
417 - أي سابقا مهيئا لمصالح أبويه في الآخرة، سواء مات في حياتهما أو بعد موتهما.(1/219)
418 - من جملة بدع الجنائز في بلادنا التي سَرَت إلينا من عُبَّاد الأوثان: حرونُ الجنازة، وذلك قبيح؛ لأن الميت إن كان من أهل الجنة فلماذا كرهها ولم يقبل عليها ؟ وإن كان من أهل النار فله أن يرجع إلى الوراء ويحرن فلماذا يعد حرونه كرامة له؟ ومنها حزن النساء على الميت المدة الطويلة، ولبس السواد، وتغطية الجدران به، وإنفاق المال العظيم على الطرق المبتدعة، وبناء القبور بالرخام والتغالي به، فيشبه القبر سواع ويغوث ويعوق ومناة، وبناء الجدران حوله مما يعد غصبا من المقابر، وضرب الخيمة فوقه، والجلوس فيها للغيبة والنميمة والمعاصي، وذبح الغنم عند القبر الشبيه بما كان أهل الجاهلية يذبحون لأصنامهم، وغير ذلك من البدع التي لا تُحْصَى والتي ترجع أصولها إلى قواعد أهل الجاهلية من عباد الأوثان، ولم يقل بجوازها أحد من أئمة الأمة المحمدية ألهمنا الله رشدنا.
419 - هي الإبل والبقر والغنم.
420 - الذهب والفضة.
421 - ثبوته، فاستقرار الزرع وضعه في البيدر، والتمر كذلك، وَقِسْ عليه.
422 - كالحبوب والتمر، ومثله العسل، والرِّكَاز: أي الكنز.
423 - بكسر النون: ما تلده الدابة فإنه لا يشترط فيه مضي الحول؛ لأنه يُزَكَّى مع أصله إذا كان نصابا إذا حال حوله.
424 - فإن الربح تَبَعٌ لرأس المال في حوله إن كان نصابا.
425 - ما بين المعكوفين من (ب) و(ط).
426 - أي: كأن يهبه لغيره قبل تمام الحول، ثم يسترده كما يفعله المتحيلون على إسقاط الزكاة.
427 - وعنه يخرج عنه زكاة سنة واحدة ؛ لأنه يعتبر لوجوب الزكاة إن كان الأداء، ولم يوجد فيما مضى حكاه ابن مفلح في "الفروع" (انظر : الفروع (2/344)) .
428 - السَّوْم هو: أن تَرْعَى الماشيةُ رعيًا مباحًا بلا ثمن أكثر الحول أو كله.
429 - بفتح الجيم والذال.
430 - ما بين المعكوفين من (ب) و(ط).
431 - بضم الخاء الشركة، وبكسرها العشرة، وهي بكسر العين.(1/220)
432 - الرطل الدمشقي قديما ستمائة درهم، هو الآن ثمانمائة درهم، فإذا اعتبرنا النصاب برطل دمشق الآن كان مائتين وسبعة وخمسين رطلا وسبع رطل، والدمشقي الآن كان يقال له: القدسي وهو الرطل الدمشقي الآن.
433 - إيضاح هذا أن يقال: الذي يُسْقَى بكُلْفَةٍ هو ما يحتاج سقيه إلى دراهم في استخراج الماء، كالنواعير التي تديرها الدواب، وكالآلات الرافعة للماء التي يحركها البخار المحتاجة إلى الحطب، وإلى زيت الكاز، وكالتي تديرها الكهرباء، وأمثال ذلك كالشلاف والشرد أي: السوداني . وأما الذي يسقي بماء العيون والأنهار والقنوات فهو مما لا يسقى بكلفة، لا يقال: إن له كلفة في حفر النهر أو كرايته أو شوايته؛ لأنا نقول: إن مثل هذا كمثل كلفة الأرض في حراثتها وشغلها فلا تأثير له، ومِن الذي لا كلفة في سقيه البعل. (انظر المزيد في شرح هذا "كشف المخدرات" (1/143)).
434 - كالذي يُسْقي تارة بكلفة، وتارة من غير كلفة.
435 - نصاب العسل بالرطل الذي هو ثمانية درهم خمسة وعشرون رطلا وخمسة أسباع رطل.
436 - المثقال درهم، وثلاثة أسباع درهم، فنصاب الذهب بالدراهم ثمانية وعشرون درهم، وأربعة أسباع درهم، والدينار الفرنسوي درهمان، فيكون النصاب على حسابه أربعة عشر دينارا فرنسويا ذهبا، وأربعة أسباع الدينار. أقول: وأما الكاغد، أي: الورق الذي يتعامل به الناس اليوم فقد أطلت الكلام في كتابي "العقود الدرية في الفتاوي الكويتية " (ص320 ـ 238)، وحاصل ما حققته هناك أن الأوراق النقدية ليس حكمها حكم عروض التجارة، ولا حكم الذهب والفضة، وإنما حكمها حكم الدَّيْن فمن معه شيء منها، فإنما معه صك بدين على الحكومة، إن كانت هي التي أصدرت الورق أو على البنك إن كانت بنك نوط، والمعاملة بها معاملة بالحوالة، فمن قبض شيء منها كان قبضها رضاء بالحوالة على من أصدر الأوراق وحكم زكاتها كحكم زكاة الدين -إن كان- على قادر على الوفاء.(1/221)
437 - وإن أمكن اتخاذه من غير الذهب. قلت: ومثله الأسنان التي تصنع من الذهب فإنها مباحة، وإن قام المعدن والفضة مقامها، والمخالف في هذا مكابر أو جاهل بالأصول.
438 - الصاع أربع حفنات بحفنة رجل معتدل، وبالدراهم ستمائة درهم وخمسة وثمانون درهما وخمسة أسباع درهم . وقوله : "كل حب" هذا ليس بقيد، ومن ثم قال الموفق في "العمدة": فإن لم يجد أخرج من قوته أيّ شيء كان ("العمدة لابن قدامة " ص 138/ من العدة شرح العمدة) .ا هـ. وقال الإمام ابن عقيل: يجزي الخبز، واختار الشيخ أنه يجزي قوت بلده مثل الأرز وغيره، وروي عن أحمد أنه تجزي القيمة وفاقًا لأبي حنيفة ذكر ذلك في "الفروع" ((2/537، 538)) .
439 - قال في "الإقناع" : ويجزي دفع الزكاة إلى الخوارج والبغاة، نص عليه في الخوارج إذا غلبوا على بلد، وأخذوا منه العشر وقع موقعه. وكذلك من أخذها من السلاطين قهرا، أو اختيارا: عدل فيها أو جار. انتهى ( "الإقناع للحجاوي" (1/284 - ط التجارية الكبرى )) . أقول: السلطان كل ذي سلطة، فيؤخذ من كلام القاضي في كتاب "الأحكام السلطانية" أن ما يأخذه الحكام اليوم من الأعشار، وما يأخذونه عن الغنم والزكاة بعينها، ويبرأ منها الذي دفعها إلى الحاكم. وقال في "الأحكام السلطانية": إذا كان السلطان لا يضع الزكاة مواضعها يجب كتمها انتهى. ("الأحكام السلطانية " لأبي يعلى ص 130). قلت : هو الموافق للأصول، ومثله لو أخذ زائدا على ما تقرر شرعا، فإنه يجب كتم الزائد .
440 - فلا يجب على الصغير والمجنون ولا على عاجز عن الصوم لمرض.
441 - قال في "الصحاح" : الهلال : أول ليلة والثانية والثالثة، ثم هو قمر ("الصحاح" للجوهري (5/1851)).(1/222)
442 - أي: لو كانت الرؤية من شخص واحد، قال في "العمدة" : إن كان الرآئي للهلال عدلا صام الناس بقوله، وإن كان فاسقا لزمه الصوم وحده ("العمدة" ص 148).(تتمة) قال في "الفروع" وتبعه في "الإقناع" وغيره: وإن ثبتت رؤية الهلال بمكان قريب أو بعيد لزم جميعَ البلاد الصومُ، وحكم مَن لم يره كمن رآه، ولو اختلفت المطالع نص عليه. انتهى. ("الفروع" (3/12 )، "الإقناع" (1/303)) . وقال الشيخ: إن اتفقت مطالع البلدان وجب الصوم على الكل، وإن اختلفت المطالع لم يجب (انظر: "الفروع " (3 /13)) . فإذا ثبت رمضان عند أهل دمشق مثلا ولم يثبت بمصر، هل يجب على أهل مصر أو لا يجب ؟ فعلى قول الشيخ: لا يجب لاختلاف العروض بين البلدين، وعلى قول الأصحاب: يجب، وهل يلزم الصومُ بالإخبار بالتلغراف أم لا ؟ قد تكلمنا على هذه المسألة في كتابنا "الفتاوي الكويتية" ("العقود الياقوتية" ص 270) بكلام طويل، حاصله أن المخبر إن كان عادلا وجب الصوم وإلا فلا .وقوله: "إن صار أهلا" بأن بلغ الصغير أو عقل المجنون في أثناء اليوم.
443 - المؤنة النفقة، والإطعام مد حنطة، أي: حفنة بحفنة رجل معتدل، أو نصف صاع من غيره وهو حفنتان،.
444 - ذكره.
445 - المني ما يخرج من الذكر رفقا بلذة، والمذي ما يخرج بعد انتصابه.
446 - غير مكره، وإفطار الحاجم والمحجوم من المفردات ("المنح الشافيات" (1/288)) . قال في "العمدة القدامية " : وإن فعله ناسيا أو مكرها لم يفسد صومه ("العمدة" ص 154).
447 - بتشديد الكاف أي: تفكر.
448 - الشبق: شدة شهوة الجماع، وقوله : "ونحوه" هو مَن به مرض ينتفع بالجماع فيه.
449 - سواء كان جاهلا أو ناسيا أو مخطئا.
450 - كل صمغة تعلك.
451 - بضم القاف ونحوها المعانقة واللمس وتكرار النظر.
452 - ما بين المعكوفين من (ب) و(ط) وكافي المبتدي للمصنف.
453 - أي: كراهة مؤكدة، ومثله سائر المعاصي.(1/223)
454 - ومنه : "اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم" (أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (481) من حديث ابن عباس وقال الحافظ بن حجر: "غريب، وسنده وَاهٍ وجدًّا" . "الفتوحات الربانية" (4/341)).
455 - أي بلا تأخير.
456 - إلى رمضان آخر.
457 - بضم الميم وتشديد الراء مكسورة أي: المفرط في القضاء.
458 - كطواف ونذر واعتكاف.
459 - حاصله أن المفرِّط إذا مات لا يخلو من أن يكون قد أخَّر القضاءَ لعذرٍ أو لغير عذر، فإن كان لعذر -فلا شيء عليه، وإن كان لغير عذر -أطعم عنه وليه لكل يوم مسكينا فقط، سواء مات بعده، أو أدركه رمضان آخر أو لا . قلت : ومن هنا يؤخذ جواز إخراج الكفارة عن الصوم بعد الموت على نحو ما يفعله الحنفية في إسقاط الصلاة ونحوها كطواف واعتكاف . وقوله: "سُنَّ لوليه قضاؤه" معناه قضاء النذر المذكور، ويجوز لغير الولي فعله ولا يحتاج إلى إذن الولي، ويجوز صوم جماعة عنه في يوم واحد، وإن خلَّف الميت الذي عليه النذر المتقدم تركةً وجب قضاء النذر، لكن لا يجب على الولي قضاؤه بنفسه بل يجوز أن يقضيه هو وأن يدفع من تركته إلى مَن يصوم عنه عن كل يوم طعام مسكين.
460 - هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر.
461 - كقضاء رمضان قبل رمضان الثاني والمكتوبة في أول وقتها.
462 - بيان للمساجد الثلاثة وترتيبها في الفضل.
463 - ما بين المعكوفين من (ط) وكافي المبتدي ونسخه الشرح.
464 - كإتيانه بمأكل ومشرب لعدم خادم.
465 - أي: إلا إذا قال: نذرت اعتكاف عشرة أيام مثلا بشرط أني أخرج في أثنائها إلى ما يلزمني فعله كسقي أرض ومصالح بيتي ونحو ذلك.(1/224)
466 - يعنيه بفتح الياء، قال في "المطلع" : ولا يجوز ضمها، قال الجوهري: أي: ما لا يهمه ("المطلع" للبعلي ص 159) . (تنبه) قال المصنف في "كافي المبتدي": وينبغي أن يصان كل مسجد عن كل وسَخ ومستقْذَر ولَغَطٍ، وخصومة ومجنون وسكران، وغير مميز، وعن مزامير الشيطان ونحو ذلك، وأن ينوي داخله الاعتكاف، وحرم فيه بيع وشراء وإجارة، وتكسب بصنعة لا كتابة، ويُمْنَع فيه من اختلاطُ رجالٍ بنساءِ ("كافي المبتدي " ص 53).
467 - هو الذي غير مملوك.
468 - قال في "العمدة": هو أن يجد زادًا وراحلة بآلتها، مما يصلح لمثله فاضلا عما يحتاج إليه لقضاء دينه ومؤنة نفسه وعياله على الدوام .انتهى. (العمدة ص 162). قلت : معنى : "على الدوام" أن لا يبيع دارًا له يسكنها، ولا أرضا معيشتُه من مغلها، واشترط أيضا أمن الطريق، فلو كان به أعراب يخيفونها وكرنتينا تجلب الضرر للحجاج، أو تسلب راحتهم سقطت الاستطاعة.
469 - المحرم مَن يحرم عليها نكاحه على التأبيد، ومن الجهل ما يقوله الناس: هذا أخي تخاويت أنا وإياه على زمزم، وتقول المرأة: هذا ابني أنزلته من طوقي ونحوه مما يفعله الجاهلون. قوله: "فإن أيست" أي: فإن لم تجد مَحْرَمًا أقامت من يحج عنها، ولا تحج بنفسها.
470 - ومَن لم يوص به.
471 - فيقول: اللهم إني أريد النسك الفلاني فيسره لي وتقبله مني، وإن حبسني حابس فمحِلي حيث حبستني، فيستفيد بذلك أنه متى حُبِسَ عن الحج بمرض، أو عدو ونحوه حَلَّ ولا شيء عليه.
472 - الأفقي -بضمتين-: من ليس من أهل مكة. والشروط سبعة: أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام. وأن تكون عمرته في أشهر الحج. وأن يحج من عامه. وأن لا يسافر بين الحج والعمرة مسافة قصر فأكثر. وأن يحل من العمرة قبل إحرامه بالحج. وأن يُحرم بالعمرة من الميقات أو من مسافة القصر فأكثر من مكة. وأن ينوي التمتع في ابتداء العمرة أو أثنائها.
473 - بالتحريك المكان العالي.
474 - بضم الجيم.(1/225)
475 - بفتح القاف وسكون الراء وفتحها غلط، وعرق بكسر العين، وذو القعدة بفتح القاف وكسرها، وذي الحجة بالفتح، وأجاز بعضهم الكسر، ونفاه آخرون.
476 - المأكول وذبحه.
477 - بفتح الدال.
478 - البرقع -بفتح القاف وضمها-: ما تجعله المرأة على وجهها، والقفاز -بوزن العكاز-: شيء يعمل لليدين يُحْشَى بقطن، ويكون له أَزْرَار تُزَرُ على الساعدين من البرد، تلبسه المرأة وهما قُفَّازَان، وهو الذي تسميه العامة بالكفوف.
479 - وهو مَن أحصره أي: حبسه مرض أو غيره عن تتمة أفعال الحج.
480 - بسكون الباء واحد من سبعة، والبدنة: الناقة.
481 - بكسر الهمزة والخاء نبت طيب الرائحة، الواحدة إذخرة.
482 - ما يُجْعَل على ظهر البعير وهو أكبر من الرحل.
483 - يجعل وسط الرداء تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر.
484 - الرَّمَل -بفتحتين- الهرولة بين الصفا والمروة، والأفقي -بضم الهمزة، والفاء- الذي لم يحرم من مكة أو من قربها.
485 - مقام إبراهيم عليه السلام.
486 - باب المسجد.
487 - للبيت علمان، وهما الميلان الأخضران اللذان في ركني المسجد الحرام.
488 - هو اليوم الثامن من ذي الحجة، ومِنَى بكسر الميم وفتح النون.
489 - بضم العين وفتح الراء والنون، وهو الوادي الذي يقال له: مسجد عرفة.
490 - بفتح السين وكسر الكاف الحلم والرزانة كما في "الصحاح".
491 - المشعر بفتح الميم وكسرها لغة.
492 - المشعر بفتح الميم وكسرها لغة.
493 - بكسر السين وتشديدها موضع بين مزدلفة ومنى.
494 - ما بين المعكوفين من (ب) و(ط) ونسخة الشرح.
495 - أي: تقصر المرأة من شعرها قدر المفصل الأعلى من الإصبع.
496 - أي: يملأ أضلاعه من الماء، وقوله: "لِمَا أَحَبَّ" أي: أحب أن يعطيه الله من خير الدنيا والآخرة.
497 - ولا يدخلان المسجد، والدعاء مستحب لا واجب.(1/226)
498 - (الحق أن المشروع زيارة مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-. فإذا زاره استُحِبَّ له السلامُ على النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبَيْهِ -رضي الله عنهما-) "قال الشيخ في مناسكه: يسلم الزائر على النبي -صلى الله عليه وسلم- واتفق الأئمةُ على أنه لا يستلم الحُجْرة، ولا يقبلها، ولا يطوف بها، ولا يصلي إليها، ولا يقبلها، ولا يدعو هناك مستقبلَ الحجرة، فإن هذا كله نُهِيَ عنه باتفاق الأئمة، ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك ("مجموعة الرسائل الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/408)) . وقال ابن عقيل وابن الجوزي: يكره قصد القبور للدعاء. الصواب الذي لا محيد عنه أنه لا يكره فحسب بل هو بدعة منكرة تفضي بصاحبها إلى الشرك، نسأل الله العافية. انظر "مجموعة الرسائل الكبرى" لشيخ الإسلام (2/410)) .
499 - أي: يقلب حَجَّهُ عمرةً، إن لم يكن قال: وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني.
500 - أي: فقد الهدي.
501 - فيه أربع لغات: ضم الهمزة، وكسرها، وتشديد الياء، وتخفيفها.
502 - هو الذي ينحر الإبل ويذبح الغنم.
503 - الجذع ما له ستة أشهر كوامل، وثني المعز ما له سنة كاملة.
504 - الهزيل ضد السمين، وبَيِّنَة العَوَر ما كان عورُها ظاهرًا، فلو كان خَفِيًّا جازَ، ومنه بَيِّنَة العَرَج، والثنايا مُقَدَّم الأسنان.
505 - أي: واجبة كانت كالمنذورة أو غير واجبة.
506 - جلده.
507 - الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم سابعه قال في "المطلع" ("المطلع" ص 208) سميت باسم الشعر الذي على رأس الغلام وهو أنسب من الأول.
508 - الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم سابعه قال في "المطلع" ("المطلع" ص 208) سميت باسم الشعر الذي على رأس الغلام وهو أنسب من الأول.
509 - فلا يجزي فيها إلا ما يجزي في الأضحية، وكذا فيما يستحب ويكره . (تتمة) قال في "نظم المفردات" ("المنح الشافيات بشرح المفردات" (1/328)) . : في عشر ذي الحجة أخذ الظفر على المضحي حرموا والشعر.(1/227)
510 - لزوم الثغر لإخافة العدو، والثغر موضع المخافة من حصن أو غيره من أطراف البلاد.
511 - بضم الميم، وفتح الخاء المنقوطة، وتشديد الذال المنقوطة وكسرها: الذي ينفر عن القتال، والمُرْجِف بسكون الراء وكسر الجيم: الذي يُحَدِّثُ بقوة الأعداء ويمهِّد للجيش ظفرَ العدو به.
512 - منسوب إلى العرب، ويقال له اليوم: أصيل.
513 - هو إعطاء الشيء القليل.
514 - هذا ما يسميه الناس الويركو، فإنه يؤخذ في مقابلة إيجار الأرض.
515 - الفيء الخراج والغنيمة.
516 - قال أبو عبيد: الذمة الأمان، ومن له شبهة كتاب المجوس يقال: إنه كان لهم كتاب شريعة وتلف.
517 - قال أبو عبيد: الذمة الأمان، ومن له شبهة كتاب المجوس يقال: إنه كان لهم كتاب شريعة وتلف.
518 - المعطاة لغة: المناولة، ومثالها أن يقول المشتري للبائع: أعطني بهذا الدرهم خبزا أو نحوه، فيعطيه ما يرضيه من غير أن يقول له بعتك، ويقول الآخر اشتريت، أو يمر على بائع كعك مثلا فيأخذ واحدة فيضع ثمنها ويذهب من غير أن يتكلم، أو يساومه سلعة بثمن، فيقول بائعها: خذها أو أعطيتكها بدرهم أو نحوه فيأخذها مشتر أو يسكت أو نحو ذلك، ويصح بيع المعطاة في القليل والكثير، وقال أبو الخطاب في "الهداية" ((1/133)) : وقال شيخنا -يعني أبا يعلى-: يصح ذلك في الأشياء اليسيرة دون الكثيرة انتهى. قلت: والمعتمد الأول.
519 - حرا مكلفا رشيدا.
520 - أي: وقت العقد كالوكيل وولي الصغير، وناظر الوقف. وقوله: "مقدورا على تسليمه" خرج بيع الطير في الهواء، والسمك في الماء وغير ذلك.
521 - ويسمى البيع بالسعر كما يفعله بعض الناس اليوم، ولا يصح بأن يبيع كما يبيع الناس، وقال في "الهداية ((1/129)) : "ولا يجوز بيع الوقف إلا أن أصحابنا قالوا: إذا خرب، أو كان فرسا فعطب جاز بيعه وصرف ثمنه في مثله".
522 - بالنصب معطوف على وله مشاعا.
523 - الصفقة: بيع أشياء بعقد واحد.(1/228)
524 - الحاجة هنا الاضطرار كمن اضطر إلى طعام أو شراب أو غيرهما، فوجده يباع وقت النداء ويخاف من أنه إذا تركه لم يجده بعد الصلاة، أو كان جائعا وقت النداء.
525 - من نكاح وإجارة وصلح وقرض ورهن وضمان.
526 - فإذا كان يعتق عليه كأبيه وابنه صح شراؤه له؛ لأنه يعتق بمجرد الشراء .
527 - ولو كان الشرطان صحيحين كحمل حطب وتكسيره، أو خياطة ثوب وتفصيله، هذا إذا لم يكن الشرط من مقتضى البيع، فإن كان من مقتضاه كاشتراط رهن، أو ضمين معينين بالثمن، فإنه حينئذ يصح.
528 - ابتداء بذكر الشروط الفاسدة التي لا تبطل البيع.
529 - أي: ليربح فيما أقرضه؛ لأنه يتوصل به إلى قرض يجر نفعًا، وصورة ذلك أن يشتري منه أرضا أو دارًا مثلا بألف مثلا، ويجعل الخيار إلى مدة معلومة كشهر أو سنة أو سنتين، على أنه إذا مضت المدة ولم يأتي بالثمن كان البيع نافذا، وإن أتاه بالثمن عند رأس المدة، أو قبل المدة تخلى له عن المبيع، ثم إنه يتصرف أثناء المدة بإيجار ما اشتراه، أو سكناه أو بغلة الأرض ويجعله نفعا في مقابلة ما أعطاه من الثمن، وهذا يسمى بيعًا بالوفاء، وأكثر الناس يستعملونه حيلة على قرض يجر نفعا، أما إذا اشترى شيئا على هذه الصورة، وأبقاه بيد بائعه ولم يستفيد المشتري منه شيئا في مقابلة الثمن، كان هذا جائزا؛ لأنه لم يَجُرَّ به لنفسه نفعا، غاية الأمر أنه فعل ذلك حفظا للثمن.
530 - بسكون الجيم قال ابن الشجري: "هو أن يمدح السلعة، أو يزيد في ثمنها؛ لِيُنَفِّقَهَا ويُرَوِّجَهَا وهو لا يريد شرائها؛ ليقع غيرُهُ فيها (انظر: "المطلع " ص 235). وقوله: "أو غيره كالمسترسل اسم فاعل هو: الجاهل بالقيمة، ولا يعرف أن يساوم.(1/229)
531 - التدليس في البيع: كتمانُ عيبٍ في المبيع عن المشتري. والتصرية أن تُصَرَّ أي: تُرْبَط أخلاف الشاة، أو الناقة أو البقرة، ولا تُحْلَب أياما حتى يجتمع اللبن في ضرعها، فإذا حلبها المشتري استغزرها، قاله الإمام الشافعي ("المطلع" ص 236). وقوله: "ثلاثة أيام" أي: مبدأها منذ علم، ثم لا يخلو إما أن يرضى بها أو لا، فإن رضي بها فليس له خيار، وإن لم يرض بها فإن لم يكن حلبها ردها بذاتها، وإن كان حلبها ردها ومعها صاع تمر.
532 - الأرش بفتح الهمزة، هو الذي يأخذه المشتري من البائع إذا اطلع على عيب في المبيع وصورته: أن يُقَوَّم المبيعُ سليمًا من العيب بألفٍ مثلا ، ثم يُقَوَّمُ مَعِيبًا بستمائة فالأربعمائة الباقية التي يأخذها المشتري من البائع يقال لها: أرش.
533 - فيحلف على القطع أنه اشتراه وبه هذا العيب، أو أنه ما حدث عنده.
534 - كأبيه وأمه وجده أو زوجته ونحوهم، ومثل هذا البيع بإخبار البائع المشتري، ومن المحرم في ذلك أن بعض التجار يشتري الشيء بمائة، ثم يعرضه للبيع من جيرانه، فيزيدون فيه عشرين مثلا، ثم يقسمون الربح نصفين ويضموا صاحبه إليه فإذا جاء مشتر حلف له أنه اشتراه بمائة وعشرين، ثم يتوافقان على ربح زائد عن القيمة ويبيعه، وهذه حيلة محرمة فاشية بين التجار.
535 - بأن قال المشتري: اشتريته بدينار مؤجل وأنكر البائع، أو قال أحدهما: اشتريته بشرط كذا، وأنكر الآخر.
536 - أي: لو أرسل المشتري وعاءه لوضع ما اشتراه به كان كحضوره بذاته. والصبرة: الكومة المجموعة.
537 - نقض البيع وإبطاله .
538 - كيله تمرة بتمرتين.
539 - أي: يصح بيع المكيل والموزون بمثله بشرطين : أولهما: القبض قبل التفرق من مجلس المقعد. وثانيهما: التساوي بالجنس كبُرٍّ بِبُرٍّ وشعير بشعير، فإذا بيع الجنس بغيره كحنطة بشعير، أو ذرة بتمر مثلا جاز التفاضل، واشتُرط القبض قبل التفرق.(1/230)
540 - قال أبو الخطاب في "الهداية " ((1/138)) : المرجع في الكيل والوزن إلى العرف بالحجاز زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن كان المبيع مما عرف له بالحجاز فيحتمل وجهان: أحدهما: اعتبار عرفه في موضعه، والآخر : أن يرد إلى أقرب الأشياء به شبها بالحجاز .انتهى . قلت: والأول أقرب إلى الصواب، وحاصله أن المكيل يعتبر ما كان مكيالا في الحجاز، والموزون كذلك مهما تغير اعتباره فيما بعد.
541 - النسيئة، والنساء -بفتح النون- للتأخير، فقوله :"في علة ربا" هي الكيل والوزن، وإن اختلف الجنس، وغايته أنه يشترط في ربا النسيئة الحلول والقبض في المجلس، وإلا إذا كان الثمن ذهبا أو فضة فلا يشترط هذا الشرط، وشاع في بلادنا أنهم يبيعون الريال العتيق بريال جديد، والدينار العتيق بدينار جديد، ويأخذون زيادة مع أن كلا من جنس واحد ووزن واحد، فهذه الزيادة هي ربا قطعا فلا يجوز أخذها.
542 - صورتها أن يصرف دينارا مثلا بفضة، فهذا بيع لا ينعقد إلا بقبض جميع الثمن، فلو قبض النصف، وافترقا صح البيع فيما قبض، وبطل في الباقي.
543 - بضم السين، والقُفْل بضم القاف وسكون الفاء، والجزة بكسر الجيم ما تهيأ؛ لأن يجز كالفصة. واللقطة ما يلقط من أصوله كالخيار والقثاء، والطلع وعاء العنقود وقوله : "مُبَقَّى" بتشديد القاف، والجداد بفتح الجيم: صرم النخل أي: قطعه، ومعنى بادٍ: ظاهر، والنور بفتح النون: الزهر، والأحكام غلاف الثمر.(1/231)
544 - إيضاحه: أنه لو استأجر إنسان أرضا أو عقد المزارعة على أرض أو المسلاة على شجر، ثم أراد أن يبيع الزرع قبل اشتداد حبه أو الثمر قبل بدو صلاحه ، فلا يخلو من أن يكون المشتري هو صاحب الأرض بالنسبة إلى الزرع، أو صاحب الأصل يعني الشجر بالنسبة إلى الثمر أو لا، فإن كان الأول صح البيع سواء اشترط البائع القطع في الحال أو لا، وإن كان غيره فإن اشترط القطع في الحال، وكان إذا قطع ينتفع بع كالحصرم والقصيل (هو الشعير يُجَزُّ أخضر لعلف الدواب، وسمي قصيلا؛ لأنه يُقْصَل وهو رطب. "المصباح المنير" (2/506 )) وليس مشاعا أيضا صح البيع، وإن كان مشاعا، ولم يشترط القطع في الحال، أو اشترطه، ولكن كان غير منتفع به كثمر الجوز قبل صلاحه، لم يصح البيع، نعم لو كان ثمر الجوز يصلح أن يكون مربى (معقود) واشتراه لذلك صح، فالقصد الانتفاع بأي وجه كان.
545 - كل نبات اخضرت له الأرض يقال له: بقل، والرطبة الفصة، ويقال لها: القَضْب، والحصاد -بفتح الحاء وكسرها-: قطع الزرع، ولُقَاط السنبل بضم اللام، والجذاذ -بضم الجيم وكسرها- والجذ: الكسر والقطع.
546 - ما بين المعكوفين من (ب) و(ط) ونسخة الشرح وكافي المبتدي للمصنف.
547 - في (ط) : "جذاذ " والمثبت من (أ) و (ب)، وكلاهما جائز. انظر: "المطلع " ص 243.
548 - بتشديد الواو أي: ظهور.
549 - العِذَار: اللجام قاله في "شرحه"، و"شرح المنتهى" ("كشف المخدرات " (1/242)، و"شرح منتهى الإرادات " للبهوتي (2/213) ) والمِقْوَد بكسر الميم.
550 - السلم والسلف بمعنى واحد.(1/232)
551 - بكسر الحاء أي: وقت حلول السلم، فلا يصح السلم في العنب والمشمش مثلا على أن يكون التسليم في كانون أو آذار، قال الإمام أبو الخطاب في "الهداية" ((1/147)) : فإن أسلم فيما يؤمن انقطاعه - يعني كالزبيب، وقشر القِنَّب - فانقطع في محله فالمشتري بالخيار بين أن يصبر إلى أن يوجد، وبين أن يفسخ العقد ويرجع بالثمن إن كان موجودا، أو بمثله إن كان من ذوات الأمثال، أو بقيمته إن لم يكن مكيلا أو موزونا في أحد الوجهين . والوجه الآخر أن العقد ينفسخ بنفس التعذر .انتهى. والأول هو ما في "المنتهى" وغيره.
552 - القرض بفتح القاف، وكسرها لغة.
553 - القرض بفتح القاف، وكسرها لغة.
554 - مثل أن يقرضه على أن يسكنه داره أو يعطيه أجود مما أخذ مثل ما يفعله المُتَحَيِّلون على الربا، فيقولون: دار بلا أجرة ودراهم بلا فائدة.
555 - فلا يصح أن يجعل ابنه ولا أخيه ولا أبيه رهنا، وما يفعله الأعراب من رهن أولادهم أو إخوتهم باطل.
556 - أي: متى قبضه المرتهن صار الرهن لازما.
557 - إذا كان الرهن عبدا فأعتقه من هو عنده صح العتق، وصارت قيمته رهنًا عوضًا عنه.
558 - أي فإن لم يَفِ الدَّيْن عزَّرَه الحاكمُ أي: حبسه، فإن امتنع بعد الحبس من الوفاء باع الحاكم الرهن، ووفَّى الدينَ من ثمنه، والغائب في الحكم كالممتنع.
559 - ما بين المعكوفين من (ب) و(ط) وكافي المبتدي.
560 - والعقد صحيح في المسألتين فيجبره الحاكم على الوفاء كما تقدم.
561 - أي: إمكان الإذن. وقوله: "وإلا" معناه: وإن لم يقدر على استئذانه لغيبته. وقوله : "وإن نواه" أي: نوى الرجوع، ولو لم يستأذن حاكمًا مع قدرته عليه، ولو لم يشهد قاله في "شرحه" ("كشف المخدارت" (1/252))، ويصدق بيمينه. وقوله : "ومُعَارٌ" هو وما بعده بضم الميم اسم مفعول.(1/233)
562 - أما الآلة فإنها ملك المرتهن، وأما غير الآلة كثمن الماء والقصرمل والطين والأحجار، واللبن، وأجرة المعمرين، فإنه لا يأخذ ثمنها إلا إذا كان البناء بإذن صاحب الرهن.
563 - أي: لا يصح الضمان في الأمانات كالوديعة والشركة والمضاربة، ولا يصح ضمان التعدي في الأمانات؛ لأن هذه الأشياء غير مضمونة في التلف.
564 - كالغصوب والعواري.
565 - وكذا لو سلم كفيل مكفولا به لمكفول له بمحل العقد.
566 - ثابت في الذمة فخرج المهر قبل الدخول، ولا تصح الحوالة إلا بجنس على جنس، فلا يصح أن يحيل بدنانير على دراهم.
567 - المليء بالهمز وتركه وهو الموسر غير المماطل، قاله في "الكافي" (الكافي لابن قدامة (2/221 )).
568 - الصلح مُعَاقَدة يُتَوَصَّل بها إلى الإصلاح بين المختلفين، ولا يقع في الغالب إلا عن انحطاط رتبة إلى ما دونها على سبيل المداراة لبلوغ بعض الغرض.
569 - العين كالدابة والدار. وقوله : "فيضع" أي فيسقط ويترك له شيئا من الدين أو العين، والذي يصح تبرعه هو العاقل المالك .
570 - أي: فلا يصح إذا كان بشرط مثل أن يقول: أسقطت من المائة عشرة إذا بعتني الشيء الفلاني، أو أعطيتني كذا.
571 - الغرفة بضم الغين العُلِّية بضم العين وتشديد اللام مكسورة.
572 - أي: يضمن جميع ما أفسده الغصن، فإن أضر غصن الجوز بالزيتون مثلا طالب صاحب الزيتون صاحب الجوز بإزالة الضرر، وبتعويض ما خسر زيتونه بسبب الغصن، فإن امتنع من إزالته لَوَاهُ صاحب الزيتون، فإذا لم يمكن لَيُّهُ قطعه بلا حكم حاكم.(1/234)
573 - الإمام في الأصل السلطان، ويطلق الآن في مثل هذه المسائل على رئيس البلدية، والمجلس البلدي كان يسمى قديما بالحِسْبَة بكسر الحاء وسكون السين، ويسمى رئيسه مُحْتَسِبًا، ففتح الأبواب في الدرب النافذ وإخراج الجناح وهو الروشن، والساباط وهو السقف الذي فوق الطريق، والميزان الذي يصب على الطريق لا يجوز إلا بشرطين: أحدهما: عدم الضرر على العامة. والثاني: الإذن من المجلس البلدي. وكذلك لا يجوز وضع المصاطب في الطريق النافذ، سواء حصل منها ضرر أو لم يحصل، وسواء أذن رئيس البلدية أو لم يأذن قاله أصحابنا. وفعل هذه المذكورات كلها في درب مشترك، أي: غير نافذ بلا إذن أهل المحلة حرامٌ، فالميازيب التي تضر بالمارة يحرم وضعُها، وعلى الحاكم أن يزيلها وليس إزالتها من الظلم، بل هو من العدل، وكذلك فعل ذلك في ملك جاره بلا إذنه فإذا بنى غرفة فوق سطح جاره بلا إذنه كان غصبا لا تصح الصلاة به، وإذا تعدى على المسجد فبنى غرفة على سطحه، أو سطح بعضه كان غصبا، وكل تَعَدٍّ عليه حرام، والذين يغتصبون المساجد بالحِيَل يحرم عليهم، ولا تصح صلاتهم فيما اغتصبوه، وأكثر أهل بلادنا واقع في ذلك، وحكم الحاكم لا يُحِل حرامًا ولا يُحَرِّم حلالا.
574 - سواء كان السقف مُشَاعًا بينهما أو بين سفل أحدهما وعلو الآخر.
575 - ومثله البئر والناعورة والقناة المشتركة بين اثنين فأكثر، فيجبر الشريك على العمارة إن امتنع، ومن له علو أو طبقة ثالثة لم يشارك في ما انهدم تحته من سفل أو وسط، وأجبر مالكه على بنائه؛ ليتمكن رب العلو من انتفاعه به .".
576 - أي: إذا كان الدين مؤجلا فأفلس مَن هو عليه لا يصير الدين حالاًّ بتشديد اللام، والمفلس هنا مَن دينُه أكثر من ماله، وخرْجه أكثر من دخْله، قاله في "المطلع على أبواب المقنع" (ص 254).
577 - المحرز الذي يمكن الوفاء منه، والمليء القادر على الأداء.
578 - السفيه ضد الرشيد، وسيأتي بيانه.
579 - على نفس ومال.(1/235)
580 - ولو صار شيخا كبير السن.
581 - بضم الياء، والحاصل أن اختبار الزارع بمعرفته بشؤون أرضه وزراعته وما ينفعها وما يضرها، واختبار ذي الصنعة بمعرفته صنعته، واختبار التاجر بما ذكره المصنف.
582 - فالذي يبذل ماله في المحرمات يُعَدُّ سفيها فيُحْجَر عليه لتوفير ماله. وقوله: "وليهم" أي: ولي من ذكر فيما قبل.
583 - أي: فإن قول الولي لا يقبل حينئذ إذا كان الولي متبرعا بتوليته من غير أجرة.
584 - المراد بالمأذون هنا العبد الذي أذن له سيده أن يستدين، فإن استدان بإذنه كان الدين على سيده، وإلا تعلق برقبته فيفديه سيده.
585 - أي: الوكيل والموكل، وجائز التصرف خرج به السفيه.
586 - كصدقة ونذر وزكاة وكفارة وحج وعمرة.
587 - بأن يشتري ما وُكِّلَ في بيعه من نفسه لنفسه، ولا يصح أيضا إذا وكل في شراء شيء، فاشتراه من نفسه لموكله خوفا من التهمة. وقوله: "وولده" بالرفع أي ولد الوكيل فلا يجوز للوكيل في البيع أن يبيع لولده أو والده.
588 - إذا وكله إنسان بتسليم شيء إلى مَن اشتراه، فإن وكالته لا تتضمن الوكالة بقبض الثمن إلا إذا دلَّ على القبض قرينة كأن تكون له عادة في ذلك.
589 - التفريط مصدر فرَّط أي: قصَّر في الشيء وضيَّعه حتى فات.
590 - أي: التعدي والتفريط.
591 - الشركة بفتح الشين مع كسر الراء وسكونها، وبكسر الشين مع سكون الراء، والعنان بكسر العين وهو في اللغة: السير الذي يُمسك به اللجام. وقوله: "يُحضر" بضم الياء. وقوله : "من عدد" اثنان فأكثر كل منهما غير سفيه ولا صغير. والنقد: الذهب والفضة، ومثلهما الزبيب والدبس والقماش والورق المتعامَل به الآن.(1/236)
592 - الشركة بفتح الشين مع كسر الراء وسكونها، وبكسر الشين مع سكون الراء، والعنان بكسر العين وهو في اللغة: السير الذي يُمسك به اللجام. وقوله: "يُحضر" بضم الياء. وقوله : "من عدد" اثنان فأكثر كل منهما غير سفيه ولا صغير. والنقد: الذهب والفضة، ومثلهما الزبيب والدبس والقماش والورق المتعامَل به الآن.
593 - ما بين المعكوفين من (ب) و(ط) ونشخة الشرح و "كافي المبتدي" .
594 - كنصفه أو عُشْره أو غير ذلك.
595 - أي: تعدى كان حكمُه حكمَ الغاصبِ، تُقَوَّم حصته من الربح مقام ما أضَرَّ فتُضَمُّ إلى رأس المال.
596 - بضم الجيم وكسر الباء أي: يكمل رأس المال من الربح، ثم يكون الزائد عليه ربحا.
597 - أي: ثقة التجار بهما كاحتشاش وصيد سمك، وقلع عرق السوس، وغير ذلك.
598 - بأن كان حاضرا صحيحا.
599 - من عذر بضم العين وكسر الذال، أي حصل له عذر من نحو مرض في ترك عمل مع شريكه لزمه أن يقيم مقامه مَن يعمل إذا طلب ذلك منه شريكه.
600 - كبيع وشراء في الذمة ومضاربة وتوكيل.
601 - كوجدان لقطة وكنز، أو ما يحصل لهما من الميراث، فإذا أدخل ذلك في الشركة فسدت، وكان لكل منهما ربح ماله وأجرة عمله.
602 - هي أن يدفع الرجل شجره إلى رجل آخر ليقوم بسقيه وسائر ما يحتاج إليه بجزء معلومٍ له مِن ثمره.
603 - هذا النوع يسمى في بلادنا المناصبة.
604 - أي: بعد ظهور الثمرة، قال في "التنقيح" : يؤخذ منه دوام العمل على العامل في المناصب، ولو فسخت إلى أن يبيد الثمر ("التنقيح المشبع" لعلاء الدين المرداوي ص 161) أي: يجز.
605 - أي: حفظ الشجر أو الثمر وتحصيل ذبل وما يصلح الأرض.
606 - بفتح الباء البذار، ورب الأرض صاحبها.
607 - هذه الرواية الأولى عن أحمد والرواية الثانية: لا يشترط أن يكون البذر من رب الأرض ذكرها في "الهداية" ((1/178)) وقَوَّاهَا.(1/237)
608 - فلا تصح الإجارة على الزنا والزمر والغناء، ولا على التياترو والنياحة، ولا إيجار الدار أو الحانوت لبيع الخمر، أو القمار سواء شرط في العقد أم لا.
609 - المرضعة فإنها إذا استأجرت بطعامها وكسوتها صح الإيجار.
610 - كالدلال والحمال والحلاق والصباغ.
611 - سواء كانت معينة أو موصوفة في الذمة.
612 - سواء كانت معينة أو موصوفة في الذمة.
613 - بطريق الولاية كحاكم يؤجر مال السفيه أو الغائب، والوقف الذي لا ناظر له، والوكيل من جملة المأذون له.
614 - الأَمَد: المدة كالشهر والسنة وأشباههما.
615 - إذا استأجر دابة ليركبها إلى محل معين جاز له أن يسلك طريقا ممثلا للمعقود عليه مسافة وسهولة لا طريقا أبعد.
616 - أي : لا يختلف فيقول خِطْ لي هذا الثواب، ويذكر جنسه وقدره وصفة الخياطة، وإذا استأجره لبناء دار فعلية أن يبين صفتها، وقد اعتاد بعض البلدان عادة حسنة وهي بالمناقصة بين العمل، فإذا تم الأمر على قدر معلوم شرع العامل في العمل، فإذا تم طبق ما رسمه المهندس استوفى الأجرة، وألا أجبر على الإتمام فيستريح البَنَّاءُ وصاحبُ العمل.
617 - كالأذان والإمامة والإقامة.
618 - المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثانية، والمظلة بكسر الميم وفتحها: الكبير من الأخبية.
619 - عدم الضمان له شرطان: الأول: إذن المكلف أو ولي الصغير أو المجنون. والثاني: أن لا تكون أيديهم جانية كأن يقطع الخاتن فوق المعتاد، أو لا يشق الطبيب أكثر من اللازم، فإذا فُقِدَ شرطٌ من هذين الشرطين ضمنوا.
620 - الأجير الخاص يستحق المستأجر نفعَه في جميع المقدرة سوى فعل الصلوات الخمس في أوقاتها بسننها وصلاة جمعة وعيد. قلت: ومثله وقت الأكل المعتاد والشرب وقضاء الحاجة.(1/238)
621 - القِمَار بكسر القاف، والمقامرة المغالبة، يقال: قامره إذا راهنه فغلبه، ومما يستعمله العوام، وهو من القمار، أن يصور المقامران مسألة شرعية وكل منهما يدعي صحة قوله، ثم يقول أحدهما للآخر: نحن نسأل الشيخ الفلاني فمن كان المخطئ عليه أن يدفع دراهم أو عليه فطور أو غداء، أو نحو ذلك.
622 - فلا يصح إعارة المرأة للجماع.
623 - هو الهدب الذي يكون للطنفسة والمنشفة.
624 - الغصب لغة: أخذ الشيء ظلما، واصطلاحا الاستيلاء على ملك الغير قهرا بغير حق. وقوله : "كبيرة" هي ما فيه حَدٌّ في الدنيا أو وعيد في الآخرة ومن الوعيد هنا ما أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن ظلم قِيدَ شبرٍ من الأرض طُوِّقَهُ من سبع أراضين " (البخاري (5/103)، ومسلم (3/ 1232)) . القيد: بكسر القاف وسكون الياء أي: قدر شبر، وطوقه بضم الطاء المهملة وكسر الواو المشددة، أي: جعل ذلك الشبر طوقا له يوم القيامة. وفي بعض النسخ والغصب حرام من الكبائر . وقوله: "يُقْتَنَى" بضم الياء كالكلب المتخذ للصيد أو لنظارة الزروع والأشجار والماشية والدور. وقوله: "هَدَر" بفتح الدال: باطل ليس فيه ضمان.
625 - أي: يضمن ثياب حر صغير اغتصبه ويضمن ما عليه من الزينة.
626 - إذا اغتصب شيئا وكان وقت الغصب نَافِقًا ثم رده، وقد تنازل السعر لا يضمن النقصان، وإن أخذه سمينا مثلا، ثم رده هزيلا ضمن النقص.
627 - الذي لا يتميز كأن يخلط دقيق حنطة بدقيق شعير. وقوله: "فهما شريكان" معناه أنه يباع ويوزع الثمن على قدر القيمتين، وكذا لو غصب زيتا فجعله صابونًا.
628 - أي: لا تصح العبادة بالمغصوب فلا يصح استجمارٌ بحجر مغصوب، ولا الوضوء ولا التيمم بما هو مغصوب، ولا تصح الصلاة بثوب مغصوب أو بقعة مغصوبة، ولا الحج ولا الزكاة ولا سائر القُرُبَات بالمال المغصوب.
629 - سواء كانت له أو لغيره، يده عليها أو لا ، ضربها أو لا.(1/239)
630 - هي انتزاع الإنسان حصة شريكه من يد مشتريها، قاله في "الهداية" ((1/ 197)). وقال في "المغني" ((5/ 307)) : هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقلة عنه من يد مَن انتقلت إليه. وقوله: "فورا" بأن يشهد بالطلب حينما علم بالبيع إن لم يكن له عذر، ثم له أن يخاصم ولو بعد أيام ، قال ابن حامد وأبو يعلى: شرط الثبوت المطالبة في مجلس العلم، فإن ترك المطالبة بعد علمه أو آخرها سقطت شفعته (انظر :"التمام" لابن أبي يعلى (2 /82)، و"الفروع" (4/539،540)، و"الإنصاف" (6/260).
631 - فإن اشترى اثنان دارا صفقة واحدة فلا شفعة لأحدهما على صاحبه، والشِّقْص بكسر الشين: القطعة من الأرض، والطائفة من الشيء .
632 - إن كان الثمن مؤجلا، فإن كان الطلب للشفعة قادرًا على الوفاء مأمونها، أخذ ما طلبه وأجل له الثمن، وإن لم يكن كذلك طُلِبَ منه كفيلٌ بالثمن قادرٌ على الوفاء.
633 - الحِرْز بكسر الحاء المكان الحصين وحرز كل شيء بحسبه.
634 - أي: من غير أن يقول له صاحبها: لا تطعم الدابة ولا تسقها.
635 - أي: امتناع الشريك عن القسمة. وقوله : "سُلِّم" بضم السين مبني للمجهول .
636 - أي: ومن أحيا أرضا قد انفكت عن أن يختص بها أحد، وهذه العبارة وما بعدها شاملة لصورتين: إحداهما: الأراضي التي لا يُعلم أنها ملكت، ولم يوجد فيها أثر عمارة ملك، ثم جاء من أحياها بأن جعل لها حدودا، وأجرى لها ماء من نهر أو قناة أو بئر. والثانية: ما جرى عليها ملك مسلم أو ذمي ثُم تركها حتى دثرت وصارت مواتا . ففي الصورة الأولى يملكها مَن أحياها، وفي الصورة الثانية لم تملك بالإحياء إن كانت من قبلُ مملوكة لمعصوم أي: لمن له حق الملك، وإن كانت لا لمعصوم بأن كان مالكها أخذها بغصب ونحوه ملكت بإحيائها.(1/240)
637 - ضمير علمه واستحقه للجعل، وأما الجعالة فهي بكسر الجيم وفتحها [وضمها] . قال ابن فارس في "المجمل" : الجُعل بالضم، والجعالة والجعيلة ما يعطاه الإنسان على الأمر يفعله "مجمل اللغة لابن فارس" (1/440)، وانظر: "المطلع" ص 281).
638 - بكسر الشين المعجمة: أحد سيور النعل يدخل بين الإصبعين. والضوال جمع ضالة، وهي الضائعة من كل ما يُقْتَنَى من الحيوان وغيره، قاله في "النهاية" ("النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (3/ 98)). وقال في "المختار": هي ما ضَلَّ من البهيمة للذكور والأنثى ("مختار الصحاح للرازي" ص 383). وقوله: "من صغار السباع كذئب وابن آوى".
639 - الفصلان: بضم الفاء جمع فصيل، وهو ولد الناقة إذا فصل عن أمه. والعجاجيل: جمع عجل، وهو ولد البقرة. وقوله "أَمِن" بفتح الهمزة وكسر الميم.
640 - أي: سنة كاملة، وهو أن ينادي عليها في الأسواق وأبواب المساجد من ضاع منه شيء، من ضاع منه ذهب أو فضة، قاله في "الهداية" ((1/202)) . وقال في "المغني" ((5/697)) : يذكر جنسها لا غير، فيقول من ضاع منه ذهب أو فضة أو دنانير أو دراهم أو ثياب ونحو ذلك. انتهى. وهو موافق لما في "الهداية الحنبلية" . وقوله : "حكما" أي: كالميراث فيتصرف فيها بما شاء بشرط ضمانها إذا جاء صاحبها.
641 - الوعاء: ما كانت موضوعة به، والوكاء: ما يربط به الوعاء كالخيط وشبهه. والعِفاص بكسر العين وهو صفة الشد من كونه أنشوطة أو عقدة.
642 - بضم النون وكسر الباء، أي : طرح في شارع أو غيره وضَلَّ أي: ضاع.
643 - تحبيسُ الأصل وتسبيل المنفعة.
644 - إذنًا عامًا، فأما الإذن الخاص فلا يعتبر، فإن كل أحد يأذن لصاحبه أن يصلي في محله.
645 - هذه ألفاظ لا يثبت الوقف بها إلا إذا دلتْ نيةٌ أو قرينةٌ على أنه أراد قائلها الوقف.(1/241)
646 - أي: يصح وقفه ولا يصح بيعه، وهو ما ذهب إليه صاحب "الإقناع" والمصنف تابع له في مصنفاته (انظر: "الإقناع" للحجاوي (3/2)). وقال الفتوحي في "شرحه على المنتهى": يصح بيعه ووقفه.
647 - كالمساكين والمساجد والقناطر والأقارب.
648 - أي: غير معلق كأن رضي فلان، ومؤقت بوقت كسنة وشهر ونحوه.
649 - أي: وإن لم يكن محصورا كالفقراء وطلبة العلم كان النظر للحاكم. (فروع) قال الشيخ قولهم: "شرط الواقف كنص الشارع" يعني في فهم الألفاظ ودلالتها على معانيها لا في وجوب العمل به. وقال: كل متصرف بولاية إذا قيل فيه: إنه يفعل ما يشاء، وليس لأحد أن يعترض عليه، فإنما هو لمصلحة شرعية، ولو صرح الواقف بشرط غير شرعي كان باطلا (انظر: بنحوه "الاختيارات الفقهية " ص 176، 177). وقال في "الفروع" : ولا يجوز بيع الوقف، وكذا المناقلة به إلا أن يكون بحال لا ينتفع به، قال: وقد جوزهما شيخنا يعني شيخ الإسلام ابن تيمية للمصلحة ("الفروع" (4/622)). قال في "الفروع" : وكل وقف تعطل نفعُه المقصود بخرابٍ أو غيره ولو بضيق مسجد عن أهله أو بخراب محلته بيع ذلك ("الفروع" (4/624)) أي: جاز نقله إلى غيره بأن يصرف ثمنه في بناء غيره أو بعضه، وقال في "المغني": ولو أمكن بيع ذلك بعضه لتعمر به بقيته، بيع وإلا بيع جميعه ((5/632)). وتفصيل المسألة في "الإقناع" و"شرحه" فليراجع (انظر: "الإقناع" (3/27)، وشرحه "كشاف القناع" للبهوتي (4/292)) .
650 - كبنيه وإخوته أو بني فلان وليسوا قبيلة.
651 - الهبة تمليك عين بلا عوض، فإن قصد بها طلب التقرب إلى الله -تعالى- بإعطاء محتاج فهي صدقة، وإن حملت من مكان إلى المهدى له إليه إعظاما له وإكراما وتوددًا فهي هدية، وإن كانت لغير ما تقدم فهي هبة، وإن كانت في مرض الموت فهي عطية، والهبة مستحبة إذا قصد بها وجه الله كالهبة للعلماء والفقراء وأهل الصلاح، وما قصد به صلة الرحم، وتحرم مباهاة ورياء وسمعه.(1/242)
652 - الغريمُ الإبراءَ.
653 - أي: فضَّل -بتشديد الضاد- بعضَ الورثة لزمه أن يعود في العطية ويسوي بينهم.
654 - بضم السين وتشديد الراء مكسورة أمة ابنه التي وطئها، وليس لأبيه أن يتملكها؛ لأنها ملحقة بالزوجة.
655 - ما بين المعكوفين من (ب)و(ط) ونسخة الشرح .
656 - كأجرة أرض وزرعها ودار يسكنها.
657 - البرسام- بكسر الباء- مرض في الدماغ يتغير به عقل الإنسان ويهذي. والإسهال المتدارك الذي لا يستمسك وإن كان ساعة، ومثله الفالج في ابتدائه والسل في انتهائه.
658 - جمع وصية، سميت بذلك؛ لأن الميت لما وَصَّى بها وصل ما كان فيه من أيام حياته بما بعده من أيام مماته.
659 - أي: اعتبار المال الكثير باعتبار عرف بلد الموصي، وصنعته إذ المال يُعَدُّ قليلا عند بعض الناس وكثيرا عند غيرهم. وقوله: "بخمسه" بضم الخاء وسكون الميم.
660 - فإن أجازها الورثة صحتْ وإلا فلا.
661 - أي: إذا أوصى بأكثر من الثلث، كما لو كان له ثلاثة آلاف وأوصى بألفين لزيد الربع، ولآخر الثلث، ولآخر الباقي ، ولم يجز الورثة الزيادة على الثلث كانت المسألة عَوْلا فيؤخذ الثلث والربع من الألف والباقي للباقي.
662 - أي: سواء أوصى به أو لم يوص.
663 - مجهول كثوب ونحوه، ويعطي ما يقع عليه الاسم والمعدوم، كما إذا أوصى بما ستحمله دابته، أو شجرته، أو كرمه أو زيتونه، وغير المقدور كالطير في الهواء والحمل في البطن.
664 - فإذا كان له ولدان ذكر وزوجة ووصى بمثل حصة زوجته كانت المسألة من ثمانية، والباقي فثمن للزوجة وثمن للوصية، والباقي للوالدين.
665 - هذه المسألة من المفردات قال ناظمها: ("المنح الشافيات بشرح المفردات "(2/465)) : من قال في الإيصا لزيد سهم فالسدس يعطى حيث كان السهم .
666 - أي: لا تصح الوصية إلا حيث يعلم الموصى إليه ما وَصَّى به إليه حتى يتمكن الموصى من فعله.(1/243)
667 - أي: وإن لم يكن للميت تركة جَهَّزَه من حضره منه، ويرجع على تركة الميت إن كانت، أو على مَن تلزمه نفقته إن لم يكن متبرعا.
668 - العلم بقسمة المواريث.
669 - قرابة ، والولاء بفتح الواو والمد، ثبوت حكم شرعي بالعتق أو تعاطي أسبابه.
670 - الأم والأب.
671 - ذكرا كان أو أنثى.
672 - منفردة وإن نزل أبوها كبنت ابن ابن أو بنت ابن ابن ابن .
673 - أي الابن، وابن الابن.
674 - لو ماتت امرأة عن زوج وأم وأب ، فالمسألة من اثني عشر للزوج النصف ستة، وللأم ثلث الباقي وهو اثنان والباقي للأب. ولو مات عن زوجة وأبوين. فالمسألة من أربعة للزوجة الربع واحد، وثلث الباقي وهو واحد للأم، والباقي للأب.
675 - أي تساووا في الدرجة بحيث لا تكون واحدة منهن أعلى من الأخرى، ولا أنزل منها كأم أمٍ، وأم أم أب.
676 - تكملة الثلثين إذا لم يمكن معها من يعصبها.
677 - ما لم يكن الثلث أحظ له، فإن كان أحظ له أخذه، والباقي لهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وتفصيل مسائل الجد يضيق عنه هذا المختصر، ومحله المُطَوَّلات. (تنبيه) انفرد مذهب الإمام أحمد بأن الجدة من جهة الأب ترث من ابن ابنها، ولو كان الأب حيا وارثا لا يحجبها، وكذلك إذا أسلم الوارث قبل قسم الميراث قريبه المسلم وبعد موت المورث فإنه يرث، وكذلك إذا مات متوارثان فأكثر بغرق أو حرق أو انهدام شيء عليهم ونحوه، ولم يعلم السابق من اللاحق ورث كل منهم من تلاه مال رفقائه، وهو ماله الذي مات عنه دون ما تجدد له بالإرث من رفقته، أي: فيكون كل واحد منهم وارثا من الأخر. (انظر تفصيل ذلك في: "المنح الشافيات" (2/466 - 469)).
678 - فلو مات ميت عن جد وأخ لأبوين وأخ لأب فالمسألة من ثلاثة: للجد سهم، ويأخذ الأخ لأبوين السهمين الباقيين ويسقط الأخ لأب.
679 - سواء كانت من جهة واحدة أو واحدة من قِبَل الأم وواحدة من قِبَل الأب.(1/244)
680 - أي: أن الأب لا يحجب أم نفسه، ولا أم أبيه بل ترث كما تقدم في المفردات.
681 - أي: بالابن وابنه مهما نزل وبالأب والأخ الشقيق والأخ للأب.
682 - من موانع الإرث، وهو الرق، والقتل، واختلاف الدين.
683 - كما لو ماتت امرأة عن زوج وأخت لغير أم وعم، فأخذ الزوجُ النصفَ، وأخذت الأخت النصف الآخر، فإن العم يسقط؛ لأنه من العصبات. وقوله: "مطلقا" أي: سواء كان العاصب في المسألة المشتركة أو غيرها، ولو مات ميت عن ابن أو أخ أو عم ونحوه فإن ذلك الواحد يحوز جميعَ المال. وقوله: "فقط" أي: دون الفرض، ومثال الحالات الثلاث الأولى أن يموت عن أب وابن أو جد وابن، فإن الأب أو الجد يرث الواحد منهما السدس فرضا والباقي للابن. الثانية: مات عن بنت وأب أو جد فإن للأب أو الجد السدس فرضا، وللبنت النصف فرضا، والباقي للأب أو الجد تعصيبا. الحالة الثالثة: أن يموت ميت عن أب فقط، أو عن جد فقط، فإن الأب أو الجد يرثان جميع المال تعصيبا.
684 - البنات؛ لأن بنات العم من ذوي الأرحام فلا يرثون مع وجود العصبة.
685 - وهي الاثنان والثلاثة والأربعة والثمانية.
686 - وهي الاثنان والثلاثة والأربعة والثمانية.
687 - فتعول إلى سبعة وثمانية وتسعة.(1/245)
688 - لو ماتت امرأة عن زوج وأبوين وابنتين، وكانت التركة مائة دينار، فالمسألة عائلة إلى خمسة عشر: للزوج ثلاثة، وهي خُمُس المسألة، فله خمس التركة عشرون دينار، ولكل واحد من الأبوين اثنان من الخمسة عشر، وهما ثلثا خمسها فلكل واحد منها ثلثا خمس التركة ثلاثة عشر دينارا، ولكل واحدة من البنتين أربعة من المسألة، ونسبتها إلى الخمسة عشر وثلث خمس، فأعط كل واحدة منهما ستة وعشرين دينارا وثلثي دينار. وأما طريقة الضرب فهي أن تضرب الثلاثة التي هي سهام الزوج في مائة فتكون ثلاثمائة ثم تقسمها على أصل المسألة، وهي خمسة عشر ، وهكذا تضرب نصيب كل واحد في مائة ثم تقسمه على أصل المسألة فيما حصل فهو المطلوب، ولك أن تأخذ نصيب الزوج مثلا ، وهو ثلاثة، ثم تقسم أصل المسألة عليها فيخرج خمسة ، ثم اقسم المائة على الخمسة يخرج عشرون وهو المطلوب، ثم تفعل بالباقي كذلك، ولك أن تستعمل غير هذه الطرق.
689 - فولد بنت لصلب أو لابن وولد أخت كأم كل منهم، فينزل الأول منزلة البنت ، والثاني منزلة بنت الابن، والثالثة منزلة الأخت، ثم يجعل نصيب كل وارث بفرض أو تعصيب لمن أدلى به من ذوي الأرحام.
690 - أي: إذا صاح عند الولادة ، ويرث إذا وُجِدَ دليل حياته كحركة طويلة وسعال.
691 - لفظ "من" شامل للرجل والمرأة والغني والفقير، ولو كان عاجزا عن الإنفاق.
692 - أصل الحسب: الشرف بالآباء أو ما يعده الإنسان من مفاخرهم. "ودَيِّنَة" ذات دين ، ونكاح الأجنبية البعيدة عن قرابة الزوج يكون ولدها أنجب. "والولود" التي تكثر ولادتها. والخِطبة هنا بكسر الخاء: طلب النكاح وبضمها ما يقوله الخطيب.
693 - أصل الحسب: الشرف بالآباء أو ما يعده الإنسان من مفاخرهم. "ودَيِّنَة" ذات دين ، ونكاح الأجنبية البعيدة عن قرابة الزوج يكون ولدها أنجب. "والولود" التي تكثر ولادتها. والخِطبة هنا بكسر الخاء: طلب النكاح وبضمها ما يقوله الخطيب.(1/246)
694 - ويكرر النظر ويتأمل المحاسن بلا إذن المرأة .وقوله: "غالبا" ووجه ورقبة ويد وقدم.
695 - فإذا خلع رجل زوجته أو طلقها دون ثلاث على عوض لا تحل له إلا بعقد جديد، فيجوز له أن يصرح بخطبتها.
696 - (مذكورة في المطولات) وردت هذه الخطبة في "مسند الإمام أحمد" (3720) و"سنن النسائي" (1404) وغيرهما من دواوين الإسلام، وقد أفاض في تخريجها فضيلة الشيخ ناصر الدين الألباني في رسالته "خطبة الحاجة" فلتراجع.
697 - المذكورة في الفصل الآتي.
698 - من غير لفظ نكاح.
699 - أي: بكل لغة ويصح بقوله: زوجتك إن فتح التاء، سواء كان عالما بالعربية أو لا، ذكره في "المنتهى " ((2/157)) . وقال الشيخ: ينعقد النكاح بما عدَّه الناس نكاحًا بأيِّ لغة ولفظ كان ، ومثل النكاح كل عقد، وإن الشرط بين الناس ما عدوه شرطا، فالأسماء تُعْرَف حدودُها تارةً بالشرع، وتارة باللغة، وتارة بالعرف. وكذلك العقود، نقله عنه في "الإقناع" ((3/167) وانظر : "الاختيارات الفقهية " ص 203). فالنكاح ينعقد بأي لغة كان وبأي لفظ كان من المصطلح عليه.
700 - لا بد أن يكون التعيين في العقد، فلا يصح أن يقول زوجتك ابنتي وله بنت غيرها حتى يميزها باسم أو صفة لا يشاركها فيه غيرها ، كالكبرى، أو الطويلة أو البيضاء، أو الأبيض أو هذه ويشير إليها أو إلى الزوج ، ومن لم يكن له غير بنت واحدة فقال لرجل: زوجتك ابنتي سلمى وكان اسم ابنته +سعدى مثلا صح النكاح، ويشترط أيضا رضا الزوج والزوجة بالنكاح.
701 - المعتوه: ناقص العقل.
702 - أي: بحال من الأحوال سواء أذنت أو لا؛ لأنه لا إذن لها، وغير الأب ووصيه لا إجبار له. وقوله : "صمات" بضم الصاد أي: سكوت بكر، ومثله ضحكها وبكاؤها.
703 - السلطان الوالي ونائبه هو القاضي فلا تشترط العدالة فيه لأن ولايته عامة.
704 - فيقدم أخٌ لأبوين ثم أخ لأب ثم عم لأبوين، ثم عم لأب ثم بنوهما كذلك، والمنعم هو المعتق.(1/247)
705 - قال الإمام أحمد: القاضي أحبُّ إليَّ من الأمير، وقال في دهقان قرية يعني رئيسها يزوج مَن لا ولي لها عند عدم الحاكم: إذا احتاط في الكفء والمهر (انظر: "المغني" لابن قدامة (6/461، 462)). وقوله: "عضل" معناه منعها من النكاح، وقد طلبها كفوءٌ.
706 - الكفاءة المساواة، وهي معتبرة في خمسة أشياء: الديانة والصناعة، والميسرة، والحرية والنسب.
707 - الحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة، والمعنى يحرم على الرجل زوجة أبيه وجده لأبيه وأمه، وإن علا ، والربيبة بنت الزوجة من غير الزوج، والحاصل أن العقد على البنات يُحَرِّمُ الأمهات، والدخولُ بالأمهات يحرم البنات.
708 - هو أن يطأها في قبلها بنكاح صحيح مع الانتشار، وتنقضي عدتها من الزوج الذي نكحته.
709 - العنت: الفجور والزنا. وقوله: "عن طَول" بفتح الطاء الفضل أي: لا يجد معه شيئا فاضلا ينكح به حرة.
710 - كالمجوسية والوثنية والدرزية.
711 - قال أبو الخطاب في "الهداية" : نكاح الشغار هو أن يزوج الرجل وليته لرجل، بشرط أن يزوجه الآخر وليته ولا مهر بينهما، قال: فإن سموا مع ذلك مهرا صح النكاح، نص عليه الخرقي. قال : ونكاح المحلل هو أن يتزوجها بشرط أنه إذا أحلها للأول فلا نكاح بينهما، فإن نوى ذلك ولم يشترطه نقل حنبل أنه لا يصح نكاحه أيضا، ونقل حرب أنه كرهه وظاهره الصحة مع الكراهة .انتهى. ("الهداية" (1/ 254)). قلت: ونص في "المقنع" أنه لا يصح (انظر : "المقنع" ابن قدامة (3/ 46)) . وهو المفتي به. ونكاح المتعة أن يتزوجها إلى مدة ، وهو حرام باطل، والمعلق كأن يقول له: زوجتك إن جاء شهر كذا، أو إن رضيت أمها. فهذا باطل من أصله.
712 - كأن يشترط كونها سميعة أو بصيرة أو ناطقة ونحوه.(1/248)
713 - الجب قطع الذكر، والمراد هنا أن يقطع كله أو بعضه بحيث لا يمكن الجماع بما بقي، والعُنَّة -بضم العين المهملة وتشديد النون- والعنين: مَن لا يمكنه الوطء لمرض أو كبر. والرَّتَق بفتح الراء والتاء وهو التحام الفرج قاله في "المطلع". وقال : الجذام داء معروف تتهافت منه الأطراف ، ويتناثر منه اللحم ("المطلع" ص 323،324) .
714 - أي: إلا إذا اشترط الزوج نفيُ ذلك، وقوله : "أُجِّلَ" بضم الهمزة وتشديد الجيم مكسورة.
715 - فإن الخيار لا يسقط برضا الزوجة بالوطء؛ لأنه يجب عليها أن تمكن زوجها من الوطء لتعلم أن به عُنَّة أو لا، لكن لو قالت: رضيت به عِنِّينًا سقط خيارُها.
716 - أي: وكانت المرأة تباح، فإن لم تكن مباحة بأن كانت خالة مثلا أو كان العقد في عدة، أو بلا شهود، أو ولي لم يُقَرَّا على النكاح.
717 - الصداق العِوَض المسمى في عقد النكاح وما قام مقامه، ويقال له: المهر والفريضة والأجر والنِّحْلَة بكسر النون المشددة والحِبَاء بكسر الحاء.
718 - أي: للزوج والزوجة إن قبض الألف بنية التمليك؛ لأنا قدرنا أن الجميع صار لهم، ثم أخذه الأب منها فصار كأنها قبضته ثم أخذه منها.
719 - بموت أو طلاق.
720 - أي: قبل أن يفرض لها الحاكم مهر المثل.
721 - المتعة: ما يتمتع به الإنسان، فأعلاها خادم ذكرا كان أو أنثى إذا كان الزوج موسرا، وأدناها كسوة تجزئها في صلاتها إذا كان فقيرا، وهي درع أي: قميص ، وخمار وهو ما تغطي به رأسها، أو ثوب يستر جميع بدنها.
722 - أي: ليس مع المهر أرش البكارة ، أي: لا ينظر إلى مهرها إذا كانت بكرا، ثم إلى مهرها وهي ثيب ويؤخذ ما بينهما.
723 - أي: يجعل المهر نصفا.
724 - قال ثعلب: الوليمة اسم لطعام العرس خاصة، لا يقع على غيره .انتهى ("المطلع" ص 328) فقول المصنف: "للعرس" زائد على أصل المراد.(1/249)
725 - قال ثعلب: الوليمة اسم لطعام العرس خاصة، لا يقع على غيره .انتهى ("المطلع" ص 328) فقول المصنف: "للعرس" زائد على أصل المراد.
726 - بأن لم يكن عذرٌ ولا هنالك منكرٌ، وأن يكون الداعي مكسبه طيب.
727 - بضم الدال وحكي فتحها، والمباح ما لا حِلَق فيه ولا صنوج.
728 - كظفر وعانة.
729 - بفتح القاف وسكون السين: وهو توزيع الزمان على زوجاته، إن كن أكثر من واحدة.
730 - النشوز كراهة كل من الزوجين صاحبه وسوء عشرته. والوعظ: تذكيرك الإنسان بما يلين قلبه من ثواب وعقاب. قال الشيخ شمس الدين محمد بن عبد القوي بن بدران في "منظومة الآداب " ("الألفية في الآداب الشرعية" لابن عبد القوي ص 41): فمن أغضبتْ زوجًا بعصيانها تَبِتْ ملائكةُ الرحمن تلعنها أسند.
731 - الخلع أن يفارق امرأته على عوض تبذله له، وفائدته تخلصها من الزوج على وجه لا رجعة له عليها إلا برضاها وعقد جديد، وهل هو فسخ أو طلاق على التفصيل الآتي.
732 - الخلع أن يفارق امرأته على عوض تبذله له، وفائدته تخلصها من الزوج على وجه لا رجعة له عليها إلا برضاها وعقد جديد، وهل هو فسخ أو طلاق على التفصيل الآتي.
733 - قال في "الهداية": الخلع على ثلاثة أضرُبٍ: محذور ، ومكروه ، ومباح . فالمحظور : أن يمنعها حقها ويُكْرِهها على أن تفدي نفسها، فإن فعلت فالخلع باطل، والعِوَض مردود، وهي على الزوجية التي كانت عليها إلا أن يقول الخلع طلاق أو نوى به الطلاق، فتقع طلقة رجعيا. والمكروه أن يخلعها مع استقامة الحال بينهما ، فيصح الخلع على قول الخرقي وشيخه - يعني أبا يعلى - ويحتمل أن لا يصح على ما حكاه عنه أبو بكر في "زاد المسافر" . وأما المباح فهو ما إذا كانت المرأة مبغضة للرجل وتخشى أن لا تقيم حدود الله فيما يلزمها له من الاستمتاع والمعاشرة فتفدي نفسها منه .انتهى. ("الهداية" (1/ 272)) .
734 - أي: لا ينقص به عدد الطلاق ولو لم ينو الخلع.(1/250)
735 - كقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق ثم أبانها بخلع أو طلاق واحد أو ثلاث، ثم نكحها بعد ذلك فدخلت الدار وهي في عصمته وقع الطلاق المعلق.
736 - أي: للحاجة كسوء خلقه أو خلقها.
737 - بضم العين وكسر الذال. وقوله : "بزوال عقله" فيه تفصيل، وهو أنه إن كان زوال العقل بجنون أو بمرض لم يقع طلاقه ، وإن كان بغيره فقال في "الهداية" ((2/3)) : ومن زال عقله بما لا يُعْذَر فيه كالسكران، ومَن شرب ما يزيل عقله لغير حاجة هل يقع طلاقه أو لا ؟ على روايتين، وكذا قال في "المقنع" ((3/132 ، 133)) وحاصله أن الرواية الأولى: يقع، وهو المذهب. والثانية: لا يقع، وبه قال جماعة من الأصحاب. قال الزركشي: ولا يخفى أن أدلة هذه الرواية أظهر ("شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (5/ 386)) .
738 - اختار الشيخ وابن القيم عدم الوقوع وقال الشيخ : اختار عدم الوقوع طائفة من أصحاب الإمام أحمد (نقله المرداوي في "الإنصاف" (8/ 448)). (تنبيه) لو تزوج الحنبلي بلا ولي ثم طلق فهل يقطع طلاقه أم لا ؟ فقال في "المقنع": ويقع الطلاق في النكاح المختلف فيه كالنكاح بلا وولي عند أصحابنا ، واختار أبو الخطاب أنه لا يعتقد صحته .انتهى. وعبارة أبي الخطاب في "الهداية" ((2/ 3) ، وانظر كذلك "المقنع" لابن قدامة (3/ 135)) : وعندي أن كلام الإمام في الوقوع محمول على مَن اعتقد صحة النكاح ، إما باجتهادٍ أو بتقليدٍ ، فأما مَن اعتقد أنه نكاح باطل فطلاقه لا يقع .انتهى. قلت: هذا في حق مَن يعرف ما هو الاجتهاد وما هو التقليد، وأما العاميّ فمذهبه مذهبُ من يفتيه.
739 - أي: من ظهار أو طلاق ، وإن لم ينو شيئا فقال فيه "الهداية" ((2/8)) : احتمل وجهين أحدهما: أن يكون يمينا. والثاني: يكون ظهارا.
740 - بضم الدال وكسر الياء المشددة أي: دُيِّنَ فيما بينه وبين الله تعالى، وأما في حكم الحاكم فإن نيته لم تنفعه.
741 - أي لاتصال الاستثناء.
742 - أي أتى بلفظ السنة نكرة.(1/251)
743 - سواء كان مقدما كإن دخلت الدار فأنت طالق ، أو مؤخرا كأنت طالق إن دخلت الدار، لم يقع الطلاق حتى يوجد الشرط وهو دخول الدار.
744 - أي: لو قال: إن دخلت الدار سبحان الله أو سكت ثم قال: فأنت طالق طلقت في الحال.
745 - بكسر الهمزة وسكون النون.
746 - هذه المسألة مشروطة بأن لم يأذن لها إذنا عاما، فإن أذن لها إذنا عاما لم تطلق ويدل لهذا ما قاله في "الفروع" : ثم إن خرجت بعد ذلك بلا إذنه، ولا نية له حنث. وعنه أي: عن الإمام لا حنث، وإنما هو كإذنه لها في الخروج كلما شاءت نص عليه ("الفروع" (5/ 448)). قلت: وهذه الرواية هي المختار وهو ما ذهب إليه الشافعية.
747 - الطاق ما عقد من الأبنية والمراد هنا باب الدار.
748 - وعنه لو فعل المحلوف عنه ناسيا أو جاهلا لم يحنث قاله في "المقنع" ((3/ 210)) قال في "الفروع" : وهو الأظهر. وقال في "الإنصاف": وهو الصواب واختاره الشيخ (انظر : "الإنصاف" (9/ 114) فقد نقله عن الفروع، وعن شيخ الإسلام .
749 - وهو أن يريد باللفظ ما يخالف ظاهره ، ومنه لو حلف ليطبخن قدرا برطل ملح ويأكل منه ولا يجد طعم الملح، فإنه يسلق به بيضا ومثل هذا كثير مذكور في المطولات، وأطال الكلام عليه في "الهداية" ((2/ 34)) وتأول غير الظالم هنا أن يقول: امرأته طالق إن فعل كذا، ويريد بطالق معناه لغة، وهو أنها مُطْلَقة بضم الميم وسكون الطاء، ونحو ذلك.
750 - بأن لقي امرأته فظنها أجنبية فقال: أنت طالق، أو تَنَحِّي يا مطلقة لم تطلق امرأته قاله في "الإقناع" ((4/65)) وخالفه في "المنتهى" ((2 /311)). فجزم بوقوع الطلاق.
751 - سواء رضيت أو كرهت.
752 - أي: سواء نوى به الرجعة أو لا، لكن لا ترجع بمباشرة ونظر لفرج.
753 - الإيلاء بالمد الحلف.
754 - كالرحمن والرحيم ورب العالمين.
755 - أي: إذا ترك وطء زوجته نكاية لها وضررا، فحكمه حكمُ المُولِي من ضرب المدة وطلب الوطء والأمر بالطلاق.(1/252)
756 - بالنصب أي: بعض زوجته كظهرها ويدها. وقوله: "أو بعضها" معطوف على الضمير المجرور في عليه، أي أن يشبهها بكل من تحرم عليه أو ببعض المحرمات كأمه أو أخته، أو أن يشبهها برجل مطلقا سشواء كان من أقاربه أم لا؛ لأن الرجل يحرم نكاحه على كل حال.
757 - يعني: إذا قالت المرأة لزوجها: أنتَ عليَّ كظهر أبي ثم تزوجته فلا يكون ذلك ظهارا ، ولكن عليها كفارة الظهار إن مكَّنَت زوجها من نفسها مطاوعة له لا مكرهة ، ووجوب الكفارة تغليظ عليها، وهذه المسألة من المفردات، وروي عن الإمام أن عليها كفارة يمين (انظر "الفروع " (5/ 489 ،490 ) ، و"المنح الشافيات" (2/ 557 )) . قال في "المقنع": وهو قياس المذهب، وعنه لا شيء عليها ("المقنع" (3/ 241)) ، وهو قول أكثر العلماء.
758 - فلا تجوز له بعد ذلك بحال من الأحوال ، وإن قال: هذا الولد ليس بابني انتفى أيضا.
759 - العِدَد: جمع عِدَّة بكسر العين فيهما، وهي ما تعده المرأة من أيام حيضها أو أيام حملها أو أربعة أشهر وعشر ليال للمتوفى عنها زوجها.
760 - بأن تكون الزوجة بنت تسع فأكثر والزوج ابن عشر فأكثر.
761 - أي: كبيرا كان الزوج أو صغيرا ، يمكنه الوطء أو لا ، خلا بها أو لا ، كبيرة كانت أو صغيرة. وقوله: "وعدتها مطلقا" أي من موت أو غيره. وقوله : "لحوقه للزوج" فإن لم يلحقه لصغره أو لكونه ممسوحا أو خَصِيًّا ، أو لكونها أتت به لدون نصف سنة منذ نكحها ما لم تنقض به عدتها.
762 - أي: إذا طلقها في مرض موته المخوف فرارا من الإرث.
763 - أي تسعة أشهر . وقوله "كآيسة" أي حتى تبلغ سن الإياس.
764 - أي: ثلاثة أشهر إن كانت حرة إجماعا، وشهران إن كانت أمة.(1/253)
765 - أي منذ فُقِدَ . وقوله :"لغيبة " ظاهرها الهلاك كمن نَدَّ من بين أهله، أو في برية، أو بين الصفين حال الحرب، فيقتل قوم ويسلم قوم قال في "الإقناع ": ولا يفتقر الأمر إلى حاكم ليحكم بضرب المدة، وعدة الوفاء والفرقة ولا إلى طلاق ولي زوجها بعد اعتدادها ، فلو مضت المدة والعدة تزوجت، وإذا حكم الحاكم بالفرقة نفذ الحكم في الظاهر، ولو لم ينفذ لما كان لحكمه فائدة دون الباطن فلو طلق الأول صح طلاقه لبقاء نكاحه ("الإقناع " (4/113)).
766 - الإحداد مصدر أحَدَّت المرأة على زوجها إذا تركت الزينة لموته.
767 - وهو الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه، ولو كان مؤجرا أو معارا.
768 - أي جميع ما تقدم من المحرمات في النكاح يحرم مثلُه في الرضاع، وهذا حديث خرَّجه مسلم عن عائشة مرفوعا ولفظه : "يحرم من الرضاعة من يحرم من النسب" (أخرجه مسلم (2/ 1070)) . ولفظه في "الصحيحين" عنها: "الرضاعة تحرِّم ما تحرِّم الولادة" ( أخرجه البخاري (6/ 112) ، ومسلم (1068)) فيحرم بالرضاع أمهاته، وإن علون من جهة أمه وأبيه ، وبناته وبنات أولاده وإن سفلن، وأخواته من الأبوين أو من أحدهما، وبناتهن وبنات الإخوة وأولادهم وإن سفلن ، وعماته وخالاته، وعمات الأبوين وخالاتهما، وإن علون، فلم يبق من الأقارب حلالا للرجل سوى بنات العم وبنات العمات، وبنات الخال، وبنات الخالات ، ويحرم على المرتضع زوجة ابنه من الرضاع، وهكذا على ترتيب المحرمات في النكاح.
769 - الوجور بفتح الواو: الدواء يوضع في الفم، والمشوب المخلوط.
770 - أي سواء صدقته أو كذبته ما لم تطاوعه الحرة على الوطء عالمة بالتحريم، فلا مهر لها لأنها إذن زانية مطاوعة.
771 - أي: أنه أخوها من الرضاع.
772 - أي: سواء كان العدل الشاهد ذكرا أو أنثى.
773 - هي لغة : الدراهم ونحوها من الأموال. وشرعا: كفاية من يمونه خبزا وإدما وكسوة وتوابعها كماء شرب وطهارة وإعفاف ونحوه.(1/254)
774 - بضم الهمزة والإدام: ما يُؤْتَدَمُ به.
775 - أي: كلفة نظافتها من صابون أو أشنان ، وثمن ماء، وأجرة التي تغسل شعرها وتنظفه وتسرحه.
776 - أي: لا تجب النفقة من التركة لمن توفى عنها زوجها، لكن لو كانت حاملا أنفق على الحمل من نصيبه من الإرث.
777 - يقال نشزت المرأة إذا استعصتْ على بعلها وأبغضته وبابه دخل.
778 - أي: بما أنفقته بعد موته سواء أنفقته بنفسها أو بأمر لانقطاع وجوب النفقة عليها بموته.
779 - العنين -بوزن سكين-: من لا يأتي النساء عجزا ، ولا يريدهن، والاسم العنانة والتعنين ، والعنة بضم العين قيل إنه لا يقال به عنة. وقال في "المغرب" العنة: بالضم كلام مردود ساقط ("المغرب " للمطرزي ص 330).
780 - بتشديد اللام.
781 - يعني أن الزوج إذا عجز عن نفقة زوجته الواجبة ، أو عجز عن بعضها ، أو غاب عنها، ولم يترك لها نفقة، ولم يوكل وكيل ينفق عليها كان لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم، فإن كان له ملك أو عقار باعه وأنفق عليها النفقة الشرعية ، فإن لم يجد شيء تنفقه المرأة أمر المرأة أن تطلق نفسها وينفذه الحاكم أو طلقها الحاكم ، سواء كانت غنية أو فقيرة، وبمثل ذلك قال المالكية. وقوله: "مطلقا "أي سواء استدانت بإذن الحاكم أو لا.
782 - بضم الميم وكسر الشين وتشديد القاف أي حملا ثقيلا يشق عليه حمله ، وحرم حلب ماشية حلبا يضر بولدها، والوسم العلامة بكي أو غيره.
783 - بفتح الحاء: تربية الولد سميت بذلك؛ لأن الحاضنة تضم الطفل إلى حضنها. وقوله: "ومعتوه" أي: ناقص العقل.
784 - أي القربى فالقربى ، ومثله كذلك الثانية.
785 - بفتح الميم وسكون الحاء أي: ممن يحرم عليه نكاحها.
786 - بكسر الزاي إحضارها إلى زوجها.(1/255)
787 - قال أبو السعادات ("النهاية في غريب الحديث " (1/ 309) ، و"جامع الأصول" (1/ 260) كلاهما لأبي السعادات ابن الأثير) : الجناية: الجرم والذنب وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه القصاص والعقاب في الدنيا والآخرة. والقَوَد -بفتحتين-: القصاص. ويقصِد بكسر الصاد. وقوله : "نفوذ" بالذال المعجمة أي: دخول.
788 - بأن لا يكون المقتول ولدا للقاتل، ولا ولد بنت وإن سفلت.
789 - بأن قال: عفوت عن القود ، ولم يقل على مال أو بلا مال تعينت الدية.
790 - كجفن وشفة ويد ورجل ونحو ذلك.
791 - الحيف: الجور والظلم.
792 - الموضحة: الشجة التي تُبْدِي وَضَحَ العظم، أي: بياضه.
793 - قيده بالغُل بالضم، وهو القيد من حديد .
794 - الغرة العبد أو الأمة.
795 - الحواس الخمس: السمع والبصر والشم والذوق واللمس.
796 - أي لا شيء فيه.
797 - الجائفة: الطعنة التي تبلغ الجوف، والأهداب -واحِدُها هُدْب بضم الهاء-: الشعر النابت على أشعار العين.
798 - من يد أو رجل.
799 - الهاشمة التي تهشم العظم وتكسره. "والمنقلة" بكسر القاف: الشجة التي تنقل العظم أي: تكسره حتى يخرج منها فراش العظام. و "المأمومة" الضربة التي تصل إلى جلدة الدماغ. و"الدامغة" بالغين المعجمة هي التي تصل جلدة الدماغ وتخرقها. و"الحارصة" بالحاء والصاد المهملتين التي تحرص الجلد، أي: تشقه ولا تُدْمِيه فإذا أدمته فهي البازلة. و"الباضعة" التي تبضع اللحم أي تشقه. و"المتلاحمة" الضربة التي تغوص في اللحم. و"السِّمْحاق" قشرة رقيقة فوق عظم الرأس، وبها سميت الشجة إذا وصلت إليها سمحاقا.
800 - بفتح القاف: اليمين وفي الاصطلاح ما قاله المصنف.
801 - العقوبات المقدرة شرعا. وقوله :"ملتزم" أي: للأحكام الشرعية. وقوله : "بسوط " هو ما بين العصا والقضيب، وقوله :"لا خَلَق" بفتح اللام هو البالي.".
802 - بفتح الراء مشددة.
803 - الرامي غيره بالزنا أو اللواط أو شهد عليه بأحدهما ولم تكمل البينة .(1/256)
804 - عن الزنا ظاهرا، ولو تائبا منه، والتعزير التأديب، والذي لا كفارة فيه: المباشرةُ دون الفرج وسرقة لا قطع فيها.
805 - سواء كان من العنب أو الشعير، أو غيرها من أصناف المسكرات كالبيرة أو الحشيش، وسواء سمي باسم الخمر أو غيره.
806 - يحرم عصير العنب والقطن بشرطين الأول: إذا غلا ، والثاني: إذا أتى عليه ثلاثة أيام، ولو لم يَغْل فالعصير في المَعَاصر إذا أتى عليه ثلاثة أيام بلياليها حرُم شربُه بعدها.
807 - فلا قطع بسرقة من مال أبيه وجده وأمه، وأما سائر أقاربه إذا سرق من مالهم فإنه يقطع.
808 - أي: غمست بعد القطع بزيت مغلي.
809 - مكافئا له كالحر المسلم يقتل مثله.
810 - البغاة هم الظلمة الخارجون عن طاعة الإمام المعتدون عليه. والشوكة: شدة البأس والحد في السلاح، والتأويل السائغ الجائز شرعا. وقوله "فاؤا " أي رجعوا عن بغيهم.
811 - الجحد: الإنكار.
812 - مثل أن يُحِلَّ الزنا والخمر أو الربا أو غير ذلك من الأمور الظاهر تحريمها.
813 - بضم الميم وفتحها وكسرها، وهو كل ما يقتل شربا أو أكلا.
814 - النمر بفتح أوله وكسر ثانيه، والذنب بالهمز، والمخلب بكسر الميم، هو للطائر والسباع بمنزلة الظفر للإنسان، والضبع بضم الباء، ويجوز إسكانها، والعُقَاب بضم العين.
815 - بفتحتين، أي: بقية روحه أو قوته.
816 - الذكاة بالذال المنقوطة الذبح.
817 - المريء بالمد: مجرى الطعام والشراب، وهو تحت الحلقوم، والوَدَج بفتحتين، والوداج بالكسر: عرق في العنق، وهما وَدَجَان. و"المتردي" الساقط من علوٍ كسطح وجبل، والتردي أيضا: الهلاك.
818 - بتشديد اللام مفتوحة أي: لا تقطع، وشرط جرحه بها فلا يباح بالمثقل كالحجر والفخ، وأما الرصاص المعروف اليوم والخردق فلا يقتل بثقله كما يتوهمه بعض الناس، ولكنه يجرح وينهر الدم فيحل ما صيد به كما حققته في رسالة خاصة بهذه المسألة وذكرت الأدلة هناك (انظر : ص 52 من المقدمة).(1/257)
819 - الجوارح من السباع ذوات الصيد كالفهد والكلب والصقر والباز، والمعلَّم بتشديد اللام مفتوحة.
820 - قوله: عند رمي راجع إلى الآلة. وقوله : "أو إرسال" راجع إلى الجارح المعلم ففيه لَفٌّ ونشرٌ مرتبٌ.
821 - يَزُل بفتح الياء وضم الزاي.
822 - الأيمان بفتح الهمزة، واحدها يمين، وهو القسم بفتح القاف والسين. وقوله : "أو صفة من صفاته " أي كعظمته وكبريائه وجلاله وعهده، والصحيح من المذهب أن الأيمان لا تنعقد إلا بالله تعالى، وقال بعض الأصحاب: تنعقد اليمين بالرسول قاله في" شرح المفردات" ("المنح الشافيات بشرح المفردات" (2/ 657)).
823 - أي: أن يكون اليمين مقصودا فلو سبق إليه لسانه من غير قصد كان لغوا، واليمين الغموس هي الكاذبة الفاجرة كالتي يَقْتَطِع بها الحالفُ مالَ غيره، سميت غموسا فيه؛ لأنها تغمس صاحبه في الإثم ثم في النار.
824 - كإن حلف ليشربن ماء هذا الكوز، ولا كان ماء فيه، فلو حلف لا يدخل دارا مثلا، فأجبر على دخولها، أو دخلها ناسيا، أو جاهلا أنها الدار التي حلف عليها لا يحنث.
825 - من قوله "مندوب" إلى قوله : "وعكسه " سقط من (ب ) و (ط).
826 - بأن قال: والله إن فعلت كذا فالأكل عليَّ حرام أو هو يعبد غير الله تعالى.
827 - لكل مسكين مُدّ بُرّ أو نصف صاع من غيره من الأجناس التي تقدمت في الفطرة . و"المُدّ" حفنة بحفنة رجل معتدل، واختار الخرقي وأبو يعلى وصاحب "المغني" أن الخبز يجزي في إطعام الكفارة. قال في "المغني" وهذا أحسن (انظر "مختصر الخرقي" ص 218، و "شرح مختصر الخرقي" لأبي يعلى (2/ 193 /أ ـ نسخة الظاهرية )، و"الم0غني" (7/374، 375 )). وقدر الخبز مائتان وسبعون وخمسون درهما، وسبع درهم من خبز الحنطة، والشعير والذرة ثلاثمائة وأربعة عشر درهما وسبعا درهم.(1/258)
828 - أي: فإن عجز عن الإطعام. وقوله :"كفطرة" تمثيل، أي: فإن عجز عجزًا مثل العجز عن أداء زكاة الفطر بأن لم يكن عنده ما يكفيه يوما وليلة عدل إلى الصيام.
829 - هو ما يوجبه الإنسان على نفسه تبرعا إلى غير متعلق بشرط. (تنبيه) من النذر المحرم نذر إسراج بئر، أو قبر أو شجرة كما يفعله الجاهلون، وتحرم المجاورة عند قبر أو شجرة، وقال الشيخ: من يعظم شجرة أو جبلا أو مغارة أو قبرا إذا نذر له أو لمن جاور عنده ونحو ذلك، ولم يجز، ولم يجز الوفاء به إجماعا انتهى. ("الاختيارات الفقهية" لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 329) . قلت: وكل هذا من أفعال الجاهلية، وأشبه ما يكون بعبادة الأوثان، وقال ابن عقيل البغدادي في "الفنون" : "يكره إشعال القبور وتبخيرها". وقال الشيخ أيضا: "والنذر للقبور أو لأهل القبور كالنذر لإبراهيم الخليل، والشيخ فلان نذرُ معصيةٍ، لا يجوز الوفاء به، وإن تصدق بما نذره من ذلك على ما يستحقه من الفقراء والصالحين كان خيرا له عند الله -تعالى- وأنفع". نقله عنه في "الإقناع" ((4/ 358)).(1/259)
830 - هو ما يوجبه الإنسان على نفسه تبرعا إلى غير متعلق بشرط. (تنبيه) من النذر المحرم نذر إسراج بئر، أو قبر أو شجرة كما يفعله الجاهلون، وتحرم المجاورة عند قبر أو شجرة، وقال الشيخ: من يعظم شجرة أو جبلا أو مغارة أو قبرا إذا نذر له أو لمن جاور عنده ونحو ذلك، ولم يجز، ولم يجز الوفاء به إجماعا انتهى. ("الاختيارات الفقهية" لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 329) . قلت: وكل هذا من أفعال الجاهلية، وأشبه ما يكون بعبادة الأوثان، وقال ابن عقيل البغدادي في "الفنون" : "يكره إشعال القبور وتبخيرها". وقال الشيخ أيضا: "والنذر للقبور أو لأهل القبور كالنذر لإبراهيم الخليل، والشيخ فلان نذرُ معصيةٍ، لا يجوز الوفاء به، وإن تصدق بما نذره من ذلك على ما يستحقه من الفقراء والصالحين كان خيرا له عند الله -تعالى- وأنفع". نقله عنه في "الإقناع" ((4/ 358)).
831 - يحرم أي أن يعد وعدًا ولم يُتْبِعْه بقوله: إن شاء الله.
832 - الإقليم: بكسر الهمزة قال أبو منصور هو ليس بعربي محض (ذكر في "لسان العرب" (12/491) عن ابن دريد قال : "لا أحسب الإقليم عربيا". قال الأزهري: "وأحسبه عربيا").
833 - بإضافة وقف إلى عمله أي: وقف حاصل في البلد التي صار قاضيا فيها.
834 - أي شرط القاضي أن يكون من أهل الاجتهاد إما المطلق أو المقيد في مذهب إمامه، فلا يصح قضاء المقلد، وبيان الاجتهاد محله أواخر كتب أصول الفقه.
835 - هو الذي به بول شديد.
836 - أي: وإن جاء القاضي أحدٌ وطلب منه إحضار خصمه، وكانت الدعوة على شيء تتبعه همة أوساط الناس لزم القاضيَ إحضارُهُ، وإن كان المدَّعَى به شيئا حقيرًا لا تتبعه الهمة كبصلة أو خيارة لا يلزمه إحضاره. و"البرزة " المرأة إذا كانت كهلة لا تحتجب احتجاب الشواب، ومع ذلك عفيفة عاقلة تجلس للناس وتحدثهم، مأخوذ من البروز والظهور والخروج.(1/260)
837 - حقق ابن القيم أن البينة لا تنحصر بالشهود، بل هي أعمّ منها، وهي كل ما يتبين ويظهر به الحق، ويدل عليه على أيِّ وجه أو طريقة كانت، وهذا هو معناها اللغوي فليتنبه (انظر "إعلام الموقعين" (1/90، 221)).
838 - أي: امتنع عن حلف اليمين.
839 - ما بين المعكوفين من (ب) و (ط ) ونسخة الشرح.
840 - الجرح هنا الطعن في الشهود بما يمنع قبول شهادتهم.
841 - أي: عزل حصته عن حصته، ومن هنا يعلم أن فن المساحة وفن الهندسة مما يحتاج إليه في علم الفقه ويُضطر إليه .
842 - فإن كان عليه ضرر في التحمل أو الأداء في دينه أو ماله، أو ولده -لم يلزمه التحمل ولا الأداء.
843 - أي: يعتبر ذكر شروط العقد المشهور به لاختلاف الشرط باختلاف المذاهب.
844 - أي: يعيبه كالمتمسخر والرَّقاص والمضحك، واللاعب بألعاب تُخِلُّ بالمروءة ، وملاعب القرود، وكل صاحب صنعة بها يكون سخرية.
845 - أي: في أن الولد حينما خرج من بطن أمه استهل أي: صاح فيكون حيا، أم لا فيكون ميتا.
846 - بضم أوله مبنيا للمفعول.
847 - الاسترعاء: الحفظ والفهم، أي: يطلب من شاهد الفرع أن يحفظ ألفاظ شهادة الأصل، ويؤديها كما سمعها. وقوله: "فيقول " تفسير لذلك.
848 - كان الإفتاء فيما مضى موكولا إلى كل من كان عالما بالفقه بارعا فيه، وليس محصورا بشخص معين إلى أن دخل السلطان سليم العثماني دمشق سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة فخصص إفتاء كل مذهب بواحد من علمائه، ثم صار الإفتاء منصبا يخطبه العالم والجاهل والفقيه وغير الفقيه، فاستحكم التقليد، وكثرت المشاغبات، وادعى العلم غير أهله، وكثر فيه الجمود على ما قاله المتأخرون، وإن لم يكن له دليل ولا تعليل.
849 - بكسر الهمزة وتشديد التاء مفتوحة .
850 - أي: نسبة لسبب كأن قال له عليَّ كذا من قرض وثمن مبيع .
851 - الجراب بكسر الجيم، والقراب بكسر القاف.(1/261)
852 - أي: بيمينه. وهنا انتهى ما أردنا تعليقه على هذا المختصر، وأرجو منه تعالى أن يكون نافعها للمبتدئين، وخالصا لوجه الكريم . وأنا الفقير إليه تعالى عبد القادر بن أحمد بن مصطفى بن عبد الرحيم بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد المعروف كأسلافه بابن بدران، وذلك في شعبان سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة وألف من الهجرة، ونرجو منه تعالى حسن الختام".
??
??
??
??
كِتَابُ أَخْصَرُ اَلْمُخْتَصَرَاتِ
كِتَابُ أَخْصَرِ اَلْمُخْتَصَرَاتِ
4
11(1/262)