ولا ما قيل فيه وقال في رواية عبد الله هو الذي يدخل الحمام بلا مئزر ولا يبالي على أي معصية رئي
إذا حلف بالطلاق ليفعلن محرما في وقت معين لم يحل له فعله وتطلق نص عليه فيمن حلف بالطلاق ليطأن زوجته في وقت بعينه فإذا هي حائض قال لا يطؤها وتطلق فإن فعله فقد عصى الله ولم تطلق وإن لم يعين وقتا لفعله لم يحنث إلا في آخر وقت الإمكان
( وإن قال أنت طالق إن شاء زيد فمات أو جن أو خرس قبل المشيئة لم تطلق ) اختاره ابن حامد لأن شرط الطلاق لم يوجد وقال أبو بكر يقع لأنه علقه على شرط تعذر الوقوف عليه فوقع كقوله أنت طالق إن شاء الله تعالى وليس بصحيح لأن الطلاق المعلق على شرط لا يقع إذا تعذر شرطه كالمعلق على دخول الدار وعلم منه أنه إذا شاء وهو مجنون لا يقع طلاقه لأنه لا حكم لكلامه ويستثنى منه أنه إذا فهمت إشارة أخرس فهي كنطقه وقيل إن خرس بعد يمينه فلا ( وإن شاء وهو سكران خرج على الروايتين في طلاقه ) قاله أصحابنا لأن قوله قد شئت يترتب عليه وقوع الطلاق فوجب كونه بمنزلة نفس الطلاق قال في المغني والصحيح أنه لا يقع لأنه زائل العقل أشبه المجنون ثم الفرق بين إيقاع طلاقه وبين المشيئة أن إيقاعه عليه تغليظ عليه لئلا تكون المعصية سببا للتخفيف عنه وهنا إنما يقع الطلاق بغيره فلا يصح منه في حال زوال عقله ( وإن كان صبيا ) أي مميزا قاله في الكافي وغيره ( يعقل المشيئة فشاء طلقت ) لأن له مشيئة بدليل صحة اختياره لأحد أبويه والثانية لا لأن شرطه التكليف ( وإلا فلا ) أي إذا كان صبيا لا يعقل المشيئة لم تطلق كالمجنون
____________________
(7/362)
( وإن قال أنت طالق إلا أن يشاء زيد فمات أو جن أو خرس طلقت ) في الحال لأنه أوقع الطلاق وعلقه بشرط ولم يوجد وقيل في آخر حياته وقيل يتبين حنثه منذ حلف
فرع إذا قال أنت طالق وعبدي حر إن شاء زيد ولاينه فشاءهما ونقل أبو طالب أو تعذر بموت ونحوه اختاره أبو بكر وابن عقيل وحكي عنه أو غاب وقعا
( وإن قال أنت طالق واحدة إلا أن يشاء ثلاثا فشاء ثلاثا طلقت ثلاثا في أحد الوجهين ) وكذا عكسه قدمه في الكافي والرعاية والفروع وجزم به في الوجيز لأن هذا هو السابق إلى الفهم من ذلك كما لو قال له علي درهم إلا أن يقيم بينة بثلاثة وخذ درهما إلا أن يريد أكثر منه ( وفي الآخر لا تطلق ) لأن الاستثناء من الإثبات نفي ولأنه علق وقوع الواحدة على عدم مشيئتها الثلاث ولم يوقع بمشيئتها شيئا أشبه قوله إلا أن يشاء زيد فأما إذا لم يشأ زيد أو شاء أقل من ثلاث فواحدة
( وإن قال أنت طالق إن شاء الله طلقت وإن قال لأمته أنت حرة إن شاء الله عتقت ) نص عليه وفي زاد المسير لا تختلف الرواية فيه وهو قول سعيد والحسن ومكحول وقتادة والزهري والأوزاعي لما روى أبو حمزة قال سمعت ابن عباس يقول إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إن شاء الله فهي طالق رواه أبو حفص وروى ابن عمر وأبو سعيد
____________________
(7/363)
قالا كنا معشر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نرى الاستثناء جائزا في كل شيء إلا في الطلاق والعتاق ولأنه استثناء يرفع جملة الطلاق حالا ومآلا فلم يصح كاستثناء الكل ولأنه تعليق على ما لا سبيل إلى علمه أشبه تعليقه على المستحيل ( وحكي عنه أنه يقع العتق دون الطلاق ) وعلله أحمد بأن العتق لله تعالى والطلاق ليس هو لله ولا فيه قربة إليه ولأنه لو قال لأمته كل ولد تلدينه فهو حر فهذا تعليق للحرية على الملك وهو صحيح ولأن نذر العتق يلزم الوفاء به بخلاف الطلاق فافترقا قال في المحرر ولا يصح عن أحمد التفرقة بينهما لكن حكاها أبو حامد الإسفراييني قال أبو الخطاب في الانتصار ولقد أبطل في حكاية ذلك عنه وعكس في الترغيب هذه الرواية وقال يا طالق إن شاء الله تعالى أولى بالوقوع وعنه لا يقعان اختاره أكثر العلماء كما لو علقه على مشيئة زيد ولقوله عليه السلام من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث رواه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه من حديث ابن عمر وإسناده ثقات قال الشيخ تقي الدين ويكون معناه هي طالق إن شاء الله الطلاق بعد هذا والله لا يشاؤه إلا بتكلمه به والجواب عنه أن الطلاق والعتاق ليسا من الإيمان قاله أحمد وإن سمي بذلك فمجاز ثم إن الطلاق إنما يسمى يمينا إذا كان معلقا على شرط يمكن فعله وتركه ومجرد قوله أنت طالق ليس بيمين حقيقة ولا مجازا وكذا إذا قدم الاستثناء كقصده تأكيد الإيقاع وذكر الخرقي أن أكثر الروايات عن أحمد توقف عن الجواب عنها
( وإن قال أنت طالق إلا أن يشاء الله طلقت ) في المنصوص لأنه أوقع الطلاق وعلق رفعه بمشيئة لم تعلم قال أحمد قال قتادة قد شاء الله
____________________
(7/364)
الطلاق حين أذن فيه قال ابن حمدان ويحتمل ألا تطلق كالأول ( وإن قال إن لم يشاء الله ) أو ما لم يشاء الله ( فعلى وجهين ) أحدهما تطلق قدمه في الكافي وصححه في الفروع لتضاد الشرط والجزاء فلغا تعليقه بخلاف المستحيل والثاني لا لأنه بمنزلة تعليقه الطلاق على المحال كقوله إن جمعت بين الضدين أو شربت ماء الكوز ولا ماء فيه قال في الرعاية وكذا العتق ( وإن قال إن دخلت الدار فأنت طالق ) أو حرة ( إن شاء الله فدخلت فهل تطلق على روايتين ) إحداهما تطلق قدمه في الرعاية لما تقدم والثانية لا لأن الطلاق المعلق بشرط يمين فيدخل في عموم الخبر وفارق إذا لم يعلقه فإنه ليس بيمين فلا يدخل في العموم قال في المحرر و الفروع إلا أن ينوي رد المشيئة إلى الفعل فلا تطلق كقوله أنت طالق لا فعلت أو لأفعلن إن شاء الله وإن أراد بالاستثناء والشرط رده إلى الطلاق فقط ففيه الخلاف وإن لم تعلم نيته والظاهر رجوعه إلى الفعل
غريبة إذا قال أنت طالق يوم أتزوجك إن شاء الله فتزوجها لم تطلق وإن قال أنت حر يوم أشتريك إن شاء الله فاشتراه عتق
( وإن قال أنت طالق لرضى زيد أو مشيئته ) أو لدخول الدار ( طلقت في الحال ) لأن معناه أنت طالق لكونه قد شاء ذلك أو رضيه وذلك كقوله هو حر لوجه الله أو لرضى الله بخلاف قوله لقدوم زيد ( وإن قال أردت الشرط ) فيما ظاهره التعليل ( دين ) لأنه أعلم بمراده ( وهل يقبل في الحكم
____________________
(7/365)
يخرج على روايتين ) أصحهما يقبل لأن ذلك يستعمل للشرط كقوله أنت طالق للسنة والثانية لا وجزم به في الوجيز لأنه خلاف الظاهر
فرع إذا قال إن رضي أبوك فأنت طالق فقال ما رضيت ثم قال رضيت وقع لأنه مطلق وكان متراخيا ذكره في الفنون وإن قوما قالوا ينقطع بالأول
( وإن قال إن كنت تحبين أن يعذبك الله بالنار ) أو تبغضين الجنة ( فأنت طالق أو قال إن كنت تحبينه بقلبك فقالت أنا أحبه فقد توقف أحمد عنها ) لتعارض الأدلة عنده وسئل عنها فلم يجب فيها بشيء ( وقال القاضي تطلق ) قدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز وفي الفنون هو مذهبنا لأن ما في القلب لا يوقف عليه إلا من اللفظ فاقتضى تعليق الحكم بلفظها به صادقة أو كاذبة كالمشيئة ( والأولى أنها لا تطلق إذا كانت كاذبة ) وهو المذهب وقاله أبو ثور لأن المحبة في القلب ولا توجد من أحد محبة ذلك وخبرها بالمحبة كاذب لا يلتفت إليه واختار في الفنون أنها لا تطلق لاستحالته عادة كقوله إن كنت تعتقدين أن الجمل يدخل في خرم الإبرة فأنت طالق فقالت أعتقده فإن عاقلا لا يجوز فضلا عن اعتقاده ثم إن قال كذبت لم تطلق وهي يعتبر نطقها أو تطلق بإقرار الزوج فيه احتمالان وقيل لا تطلق إن لم يقل بقلبك
فرع إذا قال إن كنت تحبين زيدا أو تبغضيني فأنت طالق فأخبرته به طلقت وإن كانت كاذبة فإذا قال أنت طالق إن أحببت أو
____________________
(7/366)
إن أردت أو إن كرهت احتمل أن يتعلق الطلاق بلسانها كالمشيئة واحتمل أن يتعلق الحكم بما في القلب من ذلك ويكون اللسان دليلا عليه فعلى هذا لو أقر الزوج بوجوده طلقت ولو أخبرت به ثم قالت كنت كاذبة لم تطلق ذكره في الشرح
فرع إذا قالت أريد أن تطلقني فقال إن كنت تريدين فأنت طالق فيقتضي أنها تطلق بإرادة مستقبلة ودلالة الحال على أنه أراد إيقاعه للإرادة التي أخبرته بها قاله في الفنون قال ولو قال إن كان أبوك يرضى بما فعلتيه فأنت طالق فقال ما رضيت ثم قال رضيت طلقت لأنه علقه على رضى مستقبل وقد وجد بخلاف إن كان أبوك راضيا به لأنه ماض وتعليق كطلاق ويصح بالموت فصل في مسائل متفرقة
( إذا قال أنت طالق إذا رأيت الهلال طلقت إذا رؤي ) بعد الغروب أو أكملت العدة لأن رؤيته في الشرع عبارة عما يعلم به دخوله لقوله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فانصرف لفظ الحالف إلى عرف الشرع كما لو قال إذا صليت فأنت طالق فإنه ينصرف إلى الشرعية وفارق رؤية زيد فإنه لم يثبت له عرف شرعي ( إلا أن ينوي حقيقة رؤيتها فلا يحنث حتى تراه )
____________________
(7/367)
لأنها رؤية حقيقية ويقبل ذلك حكما على الأصح وقيل يقبل بقرينة ويتعلق الحكم برؤيتها له بعد الغروب لأن هلال الشهر ما كان في أوله وقيل تطلق برؤيتها له قبل الغروب لأنه يسمى رؤية والحكم يتعلق برؤيته في الشرع فإن قال أردت إذا رأيته أنا بعيني فلم يره حتى أقمر لم تطلق لأنه ليس بهلال وهو هلال إلى الثالثة ثم يقمر وقيل إلى الثانية وقيل إذا استدار وبهر ضوؤه
فرع إذا قال إذا رأيت فلانا فأنت طالق فرأته ولو ميتا أو في ماء أو زجاج شفاف طلقت إلا مع نية أو قرينة لا خياله في ماء ومرآة وفي مجالستها له وهي عمياء وجهان أصحهما لا حنث
( وإن قال من بشرتني بقدوم أخي فهي طالق فأخبره به امرأتاه طلقت الأولى منهما ) إذا كانت صادقة لأن البشارة خبر تتغير به بشرة الوجه من سرور أو غم وإنما يحصل بالأول لأنها عند الإطلاق للخير كقوله تعالى { فبشر عباد } الزمر 17 فإن أريد الشر قيدت قال تعالى { فبشرهم بعذاب أليم } التوبة 34 ( إلا أن تكون الثانية هي الصادقه وحدها فتطلق وحدها ) لحصول الغرض ببشارتها وإن كانتا كاذبتين لم تطلق واحدة منهما لأنه لا سرور في الكذب وعلم منه أنه إذا بشره نساؤه معا طلقن لأن من تقع على الواحد فما زاد لقوله تعالى { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } الزلزله 7 ويتوجه تحصل البشارة بالمكاتبة
____________________
(7/368)
وإرسال رسول بها ( وإن قال من أخبرتني بقدومه فهي طالق فكذلك عند القاضي ) وجزم به في الوجيز لأن المراد من الخبر الإعلام ولا يحصل إلا بالخبر الصادق ( وعند أبي الخطاب تطلقان ) أي تطلق الصادقة والكاذبة لأن الخبر يدخله الصدق والكذب قال في المحرر وعندي يطلقن مع الصدق ولا تطلق منهما كاذبة وفي المستوعب حكى ابن أبي موسى فيمن قال لعبيده أيكم جاءني بخبر كذا فهو حر فجاءه به اثنان أو أكثر فيه روايتان إحداهما يعتق واحد منهم بالقرعة والثانية يعتقون جميعا ولم يفرق بين الصدق والكذب ولا بين المتقدم والمتأخر
تنبيه إذا قال أول من تقوم منكن فهي طالق فقام الكل دفعة واحدة لم تطلق واحدة منهن وإن قامت واحدة ولم يقم أحد بعدها فوجهان فإن قلنا لا يقع لم يحكم بوقوع ذلك ولا انتفائه حتى ييأس من قيام واحدة منهن فتنحل يمينه وكذا العتق وإن قام اثنتان أو ثلاثة معا وقام بعدهن أخرى وقع بمن قام أولا والعتق كذلك وقال القاضي فيمن قال أول من يدخل من عبيدي فهو حر فدخل اثنان دفعة واحدة ثم دخل آخر لم يعتق واحد منهن وهو بعيد وإن قال آخر من تدخل منكن الدار فهي طالق فدخل إحداهن لم يحكم بطلاق واحدة منهن حتى ييأس من دخول غيرها فيتبين وقوع الطلاق بآخرهن دخولا من حين دخولها
( وإن حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا ) أو جاهلا ( حنث في الطلاق
____________________
(7/369)
والعتاق ولم يحنث في اليمين المكفرة في ظاهر المذهب نقله عن أحمد جماعة واختاره الخلال وصاحبه وذكر القاضي في المجرد أنه هو المعمول به في المذهب لأن الكفارة تجب لرفع الإثم ولا إثم عليهما وأما الطلاق والعتاق فهو معلق بشرط فيقع بوجود شرطه من غير قصد كما لو قال أنت طالق إن قدم الحاج ولأن هذا يتعلق به حق آدمي فتعلق الحكم مع النسيان كالإتلاف ( وعنه يحنث في الجميع ) قدمها في الرعاية لأنه فعل ما حلف عليه قاصدا لفعله أشبه الذاكر وكالطلاق والعتاق وحينئذ يلزمه الكفارة في اليمين المكفرة وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد والزهري ( وعنه لا يحنث في الجميع ) وقاله عطاء وعمرو بن دينار ولقوله تعالى { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم } ) الأحزاب 5 ولقوله عليه السلام إن الله تجاوز لأمتى عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولأنه غير قاصد للمخالفة أشبه النائم ولأنه أحد طرفي اليمين فاعتبر به القصد كحالة الابتداء على الأول ولو فعله حين جنونه لم يحنث كالنائم وقيل هو كالناسي وإن حلف على غيره ممن يقصد منعه كالزوجة والولد ففعله ناسيا أو جاهلا فعلى الخلاف قال في الرعاية وإن قصد بمنعهم أن لا يخالفوه أو فعلوه كرها لم يحنث وعنه يحنث المكره فيتخرج ألا يحنث إلا في الطلاق والعتاق قال في المستوعب فإن كان يمكنه الامتناع فلم يمتنع فوجهان فإن قلنا لا يحنث فأقام بعد دخولها فهل يحنث ينبني على ما إذا حلف لا يدخل الدار وهو فيها وإن عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلافه فكمن حلف على مستقبل وفعله ناسيا يحنث في طلاق وعتاق فقط
____________________
(7/370)
( وإن حلف لا يدخل على فلان بيتا ولا يكلمه ولا يسلم عليه أو لا يفارقه حتى يقضيه حقه فدخل بيتا هو فيه ولم يعلم أو سلم على قوم هو فيهم ولم يعلم أو قضاه حقه ففارقه فخرج رديئا أو أحاله بحقه ففارقه ظنا منه أنه قد بر خرج على الروايتين في الناسي والجاهل ) لأنه غير قاصد للمخالفة أشبه الناسي وظاهره أنه إذا دخل بيتا هو فيه عالما حنث وصرح به غيره لأن شرط الحنث أنه قد وجد سالما عن المعارض وكذا ما بعده لأنه معطوف عليه فإن نوى السلام على الجميع أو كلامهم حنث رواية واحدة وإن نوى غيره فلا وإن أطلق فالخلاف وإن علم به ولم ينوه ولم يستثنه بقلبه فروايتان أصحهما الحنث وكذا إن حلف لا يكلم فلانا فسلم عليه يحسبه أجنبيا أو حلف لا بعت لزيد ثوبا فوكل زيد من يدفعه إلى من يبيعه فدفعه إلى الحالف فباعه من غير علمه
( وإن حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه لم يحنث ) نص عليه في رواية صالح وحنبل ) اختاره أبو الخطاب كالإثبات ولأنه عليه السلام كان يخرج رأسه وهو معتكف إلى عائشة لترجله وهي حائض والمعتكف ممنوع من الخروج من المسجد والحائض عكسه ( وعنه يحنث ) اختاره الخرقي وصححه في المغني لأن اليمين تقتضي المنع من المحلوف عليه فاختص المنع بشيء منه كالنهي ( إلا أن ينوي جميعه ) فعلم منه أن الخلاف إنما هو في اليمين المطلقة فإن نوى الجميع أو البعض عمل بنيته وكذا إن كانت قرينة وعلى الأولى
____________________
(7/371)
لو حلف على من يمتنع بيمينه كزوجة وقرابة وقصد منعه ولا نية ولا سبب ولا قرينة لم يحنث بفعل بعضه
( وإن حلف ليفعلنه لم يبر حتى يفعل جميعه ) لأن ذلك حقيقة اللفظ ولأن مطلوبه تحصيل الفعل فهو كالأمر ولو أمر الله تعالى بشيء لم يخرج عن العهدة إلا بفعل جميعه فكذا هنا ( وإذا حلف لا يدخل دارا فأدخلها بعض جسده أو لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس ثوبا فيه منه أو لا يشرب ماء هذا الإناء فشرب بعضه خرج على الروايتين ) في فعل بعض المحلوف عليه والمذهب أنه لا يحنث كما لو حلف لا يبيع عبده ولا يهبه فباع أو وهب بعضه ( وإن حلف لا شربت ماء هذا النهر فشرب منه حنث ) وجها واحدا لأن فعل الجميع ممتنع فلا تصرف اليمين إليه وكذلك إن قال والله لا آكل الخبز ولا أشرب الماء مما علق على اسم جنس أو جمع كالمسلمين فإنه يحنث بفعل البعض فإن نوى فعل الجميع أو كان في لفظه ما يقتضي ذلك لم يحنث إلا بفعل الجميع بلا خلاف
فرع إذا حلف لا شربت من ماء الفرات فشرب منه حنث سواء كرع منه أو اغترف منه فشربه وإن شرب من نهر يأخذ منه حنث في وجه اقتصر عليه في المستوعب كما لو حلف لا يشرب من شيء فاستقى أو لا يشرب من شاة فحلب وشربه والثاني لا يحنث لأنه يضاف إلى النهر لا إلى الفرات وكغيره فلو حلف لا يأكل من هذه النخلة فلقط من تحتها
____________________
(7/372)
وأكل وحنث بخلاف أكل ورقها وأطراف أغصانها
مسألة إذا قال إن قربت بكسر الراء دار أبيك فأنت طالق لم يقع حتى تدخلها فلو قاله بضم الراء وقع بوقوفها تحت فنائها ولصوقها بجدارها لأن مقتضاهما كذلك ذكرهما في الروضة ولم يذكر الجوهري قرب بالكسر بمعنى دخل ولعله عرف خاص
( وإن حلف لا يلبس ثوبا اشتراه زيد أو نسجه أو لا يأكل طعاما طبخه زيد فلبس ثوبا نسجه هو وغيره أو اشترياه أو أكل من طعام طبخاه فعلى روايتين ) أشهرهما يحنث جزم به في الوجيز كما لو حلف لا يلبس شيئا من غزل فلانة فلبس ثوبا من غزلها وغزل غيرها والثانية لا يحنث لأنه لم يلبس ثوبا كاملا كما لو حلف لا يلبس ما خاطه زيد فإنه يحنث بكل ثوب خاطاه جميعا بخلاف ما لو قال ثوبا خاطه زيد وإذا حلف لا يأكل طعاما اشتراه زيد فأكل طعاما اشتراه هو وغيره حنث إلا أن يكون أراد أن لا ينفرد أحدهما بالشراء وذكر أبو الخطاب احتمالا لا حنث لأن كل جزء لم ينفرد أحدهما بشرائه كما لو حلف لا يلبس ثوبا اشتراه زيد فلبس ثوبا اشتراه هو وغيره ( فإن اشترى غيره شيئا فخلطه بما اشتراه فأكل أكثر مما اشتراه شريكه حنث ) وجها واحدا لأنه يعلم بالضرورة أنه أكل مما اشتراه زيد وهو شرط الحنث ( وإن أكل مثله فعلى وجهين ) أحدهما يحنث لأنه يستحيل في العادة انفراد ما اشتراه زيد من غيره فيكون الحنث ظاهرا
____________________
(7/373)
والثاني لا يحنث وجزم به في الوجيز لأن الأصل عدم الحنث ولم نتيقنه فعلى هذا كل موضع لا يحنث فحكمه حكم ما لو حلف لا يأكل تمرة فوقعت في تمر فأكل منه واحدة على ما نذكره وإن قابل زيد في مأكول كان باعه شيئا فأكل منه فهل يحنث على وجهين فإن كان اشترى شيئا سلما أو أخذه على وجه الصلح فأكل منه حنث & باب التأويل في الحلف &
( ومعنى التأويل أن يريد بلفظه ما يخالف ظاهره ) مثل أن يحلف أنه أخي يريد أخوة الإسلام وبالسقف والبناء السماء وبالبساط والفراش الأرض وبالأوتاد الجبال وباللباس الليل أو يقول ما رأيت فلانا أي ما ضربت رئته وما ذكرته أي ما قطعت ذكره وكقوله جواري أحرار يعني سفنه ونسائي طوالق أي أقاربه أو يقول ما كاتبت فلانا ولا عرفته ولا علمته ولا سألته حاجة ولا أكلت له دجاجة ولا فروجة ولا شربت له ماء ولا في بيتي فراش ولا حصير ولا بارية ويعني بالمكاتبة مكاتبة الرقيق وبالتعريف جعله عريفا وبالإعلام جعله أعلم الشفة والحاجة الشجرة الصغيرة والدجاجة الكبة من الغزل والفروجة الدراعة والفرش صغار الإبل والحصير الجيش والبارية السكين التي يبرى بها فهذا وأشباهه مما يسبق إلى فهم السامع خلافه إذا عناه بيمينه فهو تأويل لأنه خلاف الظاهر
____________________
(7/374)
( فإن كان الحالف ظالما لم ينفعه تأويله ) بغير خلاف نعلمه ( لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينك على ما يصدقك به صاحبك ) وفي لفظ اليمين على نية المستحلف رواهما مسلم وعلم منه أنه إذا كان مظلوما فله تأويله نص عليه لحديث سويد بن حنظلة قال خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدو له فتحرج القوم أن يحلفوا فحلفت أنه أخي فخلي سبيله فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا له ذلك فقال كنت أبرهم وأصدقهم المسلم أخو المسلم رواه أبو داود وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب رواه الترمذي قال محمد بن سيرين الكلام أوسع من أن يكذب ظريف خص الظريف بذلك يعني به الكيس الفطن فإنه يفطن التأويل فلا حاجة إلى الكذب فإن كان لا ظالما ولا مظلوما فظاهر كلام أحمد أن له تأويله لأنه عليه السلام كان يمزح ولا يقول إلا حقا ومزاحه أن يوهم السامع بكلامه غير ما عناه وهو التأويل فقال عليه السلام لعجوز لا تدخل الجنة عجوز يعني أن الله تعالى ينشئهن أبكارا عربا أترابا
مسائل الأولى إذا حلف ليقسمن بين ثلاث نسوة ثلاثين قارورة عشر مملوءة وعشر فرغ وعشر منصف قلب كل منصفة في أخرى فلكل واحدة خمس مملوءة وخمس فرغ
الثانية إذا كان له ثلاثون نعجة عشر ولدت كل واحدة سخلة وعشر اثنتين وعشرة ثلاثا وحلف ليجعلن لكل امرأة ثلاثا ولا يفرق بين سخلة وأمها أعطى الكبرى عشرة نتجت عشرين والوسطى نصف ما نتج سخلة
____________________
(7/375)
ونصف ما نتج ثلاثا بسخالها وكذا الصغرى
الثالثة إذا حلف أنه رأى ثلاث إخوة لأبوين أحدهم عبد والآخر مولى والآخر عربي لا ولاء عليه هذا رجل تزوج بأمة فولدت ابنا فهو عبد ثم كوتبت فأدت وهي حامل فأتت بابن فتبعها فهو مولى ثم ولدت بعد الأداء ابنا فهو عربي بلا ولاء
الرابعة إذا حلف أن خمسة زنوا بامرأة فلزم الأول القتل والثاني والرجم والثالث الجلد والرابع نصف الحر ولم يلزم الخامس شيء فالأول ذمي والثاني محصن والثالث بكر والرابع عبد والخامس حربي
الخامسة إذا حلف ليخبرنه بشيء رأسه في عذاب وأسفله في شراب وأوسطه في طعام وحوله سلاسل وأغلال وحبسه في بيت ضيق فهو فتيلة القنديل
السادسة إذا حلف أنه يحب الفتنة ويكره الحق ويشهد بما لم يره وهو بصير ولا يخاف من الله ولا رسول الله وهو مؤمن عدل فجوابه أنه يحب المال والولد ويكره الموت ويشهد بالغيب والحساب ولا يخاف من الله ولا رسوله الظلم والجور
السابعة لو سئل عن طعم نجو الآدمي قيل إنه أولا حلو لسقوط الذباب عليه ثم حامض لأنه يدود ثم مر لأنه يلدح
( فإذا أكلا تمرا فحلف لتخبرني بعدد ما أكلت أو لتميزن نوى ما أكلت فإنها تفرد كل نواة وحدها وتعد من واحد إلى عدد يتحقق دخول ما أكل فيه ) ولا يحنث إذا كان نيته ذلك وإن نوى الإخبار بكميته من غير زيادة ولا نقص
____________________
(7/376)
لم يبرأ إلا بذلك وإن أطلق فقياس المذهب أنه كذلك لأن الأيمان تنبني على المقاصد إلا أن تكون حيلة فيحنث
فرع لو كان في فيها تمرة فقال أنت طالق إن أكلتها أو ألقيتها أو أمسكتها فأكلت بعضها وألقت بعضها انبنى على فعل بعض المحلوف عليه
( وإن حلف ليقعدن على بارية في بيته ولا تدخله بارية فإنه يدخل قصبا وينسجه فيه ) ويجلس عليها في البيت ولا يحنث لأنه لم يدخله بارية وإنما أدخله قصبا وفي المحرر وإن حلف لا يدخل بيته بارية فأدخل قصبا لذلك فنسجت فيه حنث وإن طرأ قصده والقصب فيها فوجهان ( وإن حلف ليطبخن قدرا برطل ملح ويأكل منه فلا يجد طعم الملح فإنه يسلق فيه بيضا ) لأن الصفة وجدت لكون أن الملح لا يدخل في البيض ( وإن حلف لا يأكل بيضا ولا تفاحا وليأكلن مما في هذا الوعاء فوجده بيضا وتفاحا فإنه يعمل من البيض ناطفا ومن التفاح شرابا ) ويأكل منه بغير حنث لأن ذلك ليس ببيض ولا تفاح وقيل يحنث مع التعيين ( وإن كان على سلم فحلف لا صعدت إليك ولا نزلت إلى هذه ولا أقمت مكاني ساعة فلتنزل العليا وتصعد السفلى فتنحل يمينه ) لأن ما فعله سبب إلى عدم حنثه وأما كونه تنحل يمينه فلأنه لم يبق حنثه ممكنا لزوال الصورة المحلوف عليها
( وإن حلف لا أقمت عليه ولا نزلت منه ولا صعدت فيه فإنه ينتقل
____________________
(7/377)
إلى سلم آخر ) فتنحل يمينه لأنه إنما نزل أو صعد من غيره ( وإن حلف لا أقمت في هذا الماء ولا خرجت منه فإن كان جاريا لم يحنث ) لأن الماء المحلوف عليه جرى وصار في غيره فلم يحنث سواء أقام أو خرج لأنه إنما يقف في غيره أو يخرج منه ذكره القاضي في المجرد لأن الأيمان تنبنى على اللفظ لا على القصد وقال في موضع آخر قياس المذهب أنه لا يحنث ( إذا نوى ذلك الماء بعينه ) لأن ذلك الماء بعينه يصدق أنه ما أقام فيه ولا خرج منه ضرورة كونه جاريا فلم تحصل المخالفة في المحلوف عليه ( وإن كان واقفا حمل منه مكرها ) فلا ينسب إليه فعل
فرع إذا حلف لا لبست أنت هذا القميص ولا وطئتك إلا فيه فلبسته ووطئها لم يحنث وإن حلف ليجامعن على رأس رمح فنقب السقف وأخرج منه رأس الرمح يسيرا وجامع عليه بر في الأشهر ( وإن استحلفه ظالم ما لفلان عندك وديعة وكانت له عنده وديعة فإنه يعني ب ما ) الذي أي الموصولة أو ينوي غير الوديعة أو غير مكانها أو يستثنى بقلبه ( ويبر في يمينه ) لأنه صادق
مسألة إذا حلف لتصدقني هل سرقت مني شيئا أم لا وخافت أن تصدقه فتقول سرقت منك ما سرقت منك وتعني ما الذي ( وإن حلف له ما فلان هاهنا وعنى موضعا معينا بر في يمينه ) لصدقه في ذلك وروي أن مهنا والمروذي كانا عند أحمد فجاء رجل يطلب المروذي ولم يرد المروذي أن
____________________
(7/378)
يكلمه فوضع مهنا اصبعه في كفه وقال ليس المروذي هاهنا يريد ليس هو في كفه فلم ينكره أحمد ( وإن حلف على امرأته لا سرقت مني شيئا فخانته في وديعته لم يحنث ) لأن الخيانة ليست بسرقة ( إلا أن ينوي ) ذلك فيحنث لأن اللفظ صالح أن يراد به ذلك وقد نواه فوجب الحنث ضرورة المخالفة في المحلوف عليه أو يكون له سبب
فرع إذا استحلفه ظالم هل رأيت فلانا أو لا وكان قد رآه فإنه يعني برأيت ما ضربت رئته وإن قال إن كانت امرأتي في السوق فعبدي حر وإن كان عبدي في السوق فامرأته طالق وكانا في السوق عتق العبد ولم تطلق لأنه عتق باللفظ الأول فلما عتق لم يبق له في السوق عبد ويحتمل أن يحنث إن أراد عبدا بعينه بناء على من حلف على معين تعلق اليمين بعينه دون صفته
مسائل إذا حلف أنه يطأ في يوم ولا يغتسل فيه مع قدرته على استعمال الماء ولا تفوته صلاة مع الجماعة فإنه يصلي الفجر والظهر والعصر ويطأ بعدها ويغتسل بعد المغرب ويصلي معه
إذا قال أنت طالق إن لم أطأك في رمضان ثم سافر ثلاثة أيام ثم وطىء فقال أحمد لا يعجبني لأنها حيلة وقال في رواية بكر بن محمد إذا حلف على فعل شيء ثم احتال بحيلة فصار إليها فقد صار إلى ذلك الذي حلف عليه بعينه وقال القاضي الصحيح أنها تنحل به اليمين ويباح به الفطر لأن إرادة حل اليمين من المقاصد الصحيحة
إذا حلف في شعبان ليجامعن امرأته في شهرين متتابعين فدخل
____________________
(7/379)
رمضان سافر بها فإن حاضت فوطىء فيه كفر عن كل وطء في الحيض كفارته وعنه لا يطأ وتطلق كمن حلف ليسقين ولده خمرا نص عليه سئل أحمد عن رجل حلف لا يفطر في رمضان فقال للسائل اذهب إلى بشر ابن الوليد فاسأله ثم ائتني فأخبرني فذهب فسأله فقال له بشر إذا أفطر أهلك فاقعد معهم ولا تفطر فإذا كان السحر فكل واحتج بقوله عليه السلام هلموا إلى الغداء المبارك فاستحسنه أحمد رضي الله عنه & باب الشك في الطلاق & الشك في الاصطلاح تردد على السواء وهنا مطلق التردد ( إذا شك هل طلق أم لا ) أوشك في وجود شرطه ( لم تطلق ) نص عليه وهو قول أكثرهم لأن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بالشك ويشهد له قوله عليه السلام فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا فأمره بالبناء على اليقين واطراح الشك قال المؤلف والورع إلزام الطلاق وعن شريك أنه إذا شك في طلاقه طلقها واحدة ثم راجعها لتكون الرجعة عن طلقة صحيحة فتكون صحيحة في الحكم وفيه نظر لأن التلفظ بالرجعة ممكن مع الشك في الطلاق ولا يفتقر إلى ما تفتقر إليه العبادات من النية ولأنه لو شك في طلقتين فطلق واحدة لصار شاكا في تحريمها عليه فلا تفيده الرجعة وقيل يلزمه حكمه مع شرط عدمي نحو لقد فعلت كذا أو إن لم أفعله اليوم فمضى وشك
____________________
(7/380)
في فعله لزمه الطلاق قال في المحرر وتمام الورع في الشك قطعه برجعة أو عقد إن أمكن وإلا فتفرقة متيقنة بأن يقول إن لم تكن طلقت فهي طالق
( وإن شك في عدده بنى على اليقين ) نص عليه لأن ما زاد على اليقين طلاق مشكوك فيه فلم يقع كما لو شك في أصل الطلاق فلو شك هل طلق اثنتين أو واحدة فهي واحدة لأنها اليقين وأحكامه أحكام المطلق دون الثلاث من إباحة الرجعة وحل الوطء وإذا راجع عادت إلى ما كانت عليه قبل الطلاق وكذا لو قال لها أنت طالق بعدد ما طلق فلان زوجته وجهل عدده فطلقة ( وقال الخرقي إذا طلق فلم يدر أواحدة طلق أم ثلاثا لا يحل له وطؤها حتى يتيقن ) هذا رواية عن أحمد أنه يحرم عليه وطؤها لأنه متيقن للتحريم شاك في التحليل وعليه نفقتها ما دامت في العدة لأن الأصل بقاؤها استنادا لبقاء النكاح ولأنه لو تنجس ثوبه ولم يدر موضع النجاسة منه لا يحل له أن يصلي فيه حتى يغسل ما تيقن به طهارته فكذا هنا والجامع بينهما تيقن الأصل والشك فيما بعده وظاهر كلام الإمام والأصحاب أنه إذا راجعها حلت له لأن الرجعة مزيلة لحكم المتيقن من الطلاق فإن التحريم أنواع تحريم تزيله الرجعة وتحريم يزيله نكاح جديد وتحريم يزيله نكاح بعد زوج وإصابة ومن تيقن الأدنى لا يثبت فيه حكم الأعلى كمن تيقن الحدث الأصغر لا يثبت فيه حكم الأكبر ويخالف الثوب فإن غسل بعضه لا يرفع ما تيقنه من النجاسة ومن أصحابنا من منع حصول التحريم بالطلاق
____________________
(7/381)
لكون الرجعة مباحة فلم يكن التحريم متيقنا ( وكذلك قال فيمن حلف بالطلاق لا يأكل تمرة فوقعت في تمر فأكل منه واحدة منع من وطء امرأته حتى يتيقن أنها ليست التي وقعت اليمين عليها ولا يتحقق حنثه حتى يأكل التمر كله ) إذا تيقن أكل التمرة المحلوف عليها أو أنه لم يأكلها فلا إشكال في ذلك بغير خلاف فإن أكل منها شيئا قل أو كثر ولم يدر أكلها أو لا فلا يتحقق حنثه لأن الباقية يحتمل أنها المحلوف عليها ويقين النكاح ثابت فلا يزول بالشك فعلى هذا حكم الزوجية باق إلا في الوطء فإن الخرقي يمنع منه لأنه شاك في حلها كما لو اشتبهت امرأته بأجنبية وذكر أبو الخطاب وغيره أنها باقية على الحل لأن الأصل الحل فلا يزول بالشك كسائر أحكام النكاح وكما لو شك هل طلق أم لا فإن كانت يمينه ليأكلن هذه التمرة فلا يتحقق بره حتى يعلم أنه أكلها
فرع إذا قال لزوجتيه أو أمتيه إحداكما طالق أو حرة غدا فماتت إحداهن قبل الغد طلقت وعتقت الباقية في ظاهر المذهب وقيل يقرع بينهما كموتهما وهل تطلق إذن أو منذ طلق فيه وجهان
( وإن قال لامرأتيه إحداكما طالق ينوي واحدة معينة طلقت وحدها ) لأنه عينها بنيته أشبه ما لو عينها بلفظه فإن قال أردت فلانة قبل لأن ما قاله محتمل ولا يعرف إلا من جهته ( وإن لم ينو أخرجت المطلقة بالقرعة ) نص عليه في رواية جماعة روي عن علي وابن عباس ولا مخالف لهما في
____________________
(7/382)
الصحابة وقاله الحسن وأبو ثور ولأنه إزالة ملك بني على التغليب والسراية فتدخله القرعة كالعتق وقد ثبت الأصل بقرعته عليه السلام بين العبيد الستة ولأن الحق لواحد غير معين فوجب تعيينه بقرعة كإعتاق عبيده في مرضه وكالسفر بإحدى نسائه وكالمنسية وعنه يعين أيتهما شاء وقاله أكثر العلماء وذكرها بعضهم في العتق لأنه لا يمكن إيقاعه ابتداء ويعينه فإذا أوقعه ولم يعينه ملك تعيينه لأنه استيفاء ما ملكه وقال قتادة يطلقن جميعا ورد بأنه إضاف الطلاق إلى واحدة فلم تطلق الجميع كما لو عينها
فرع لا يطأ إحداهما قبل القرعة أو التعيين وهل وطء إحداهما تعيين لغيرها قال ابن حمدان يحتمل وجهين والأصح أنه ليس تعيينا لغيرها ولا يقع بالتعيين بل يتبين وقوعه في المنصوص فإن مات أقرع الورثة فمن قرعت لم تورث نص عليه
تنبيه إذا قال امرأتي طالق أو أمتي حرة ونوى معينة انصرف إليها وإن نوى مبهمة فهي مبهمة فيهن وإن لم ينو شيئا فالمذهب تطلق نساؤه وتعتق إماؤه روي عن ابن عباس لأن الواحد المضاف يراد به الكل لقوله تعالى { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } ابراهيم 34 وقال الجماعة يقع على واحدة مبهمة كما لو قال إحداكما طالق لأن لفظ الواحد لا يستعمل في الجميع إلا مجازا ولو احتمل وجب صرفه على الواحدة لأنها اليقين وما زاد مشكوك فيه قال في الشرح وهذا أصح
____________________
(7/383)
( وإن طلق واحدة بعينها وأنسيها فكذلك عند أصحابنا ) أي ذهب أكثر الأصحاب إلى أنه إذا طلق امرأة من نسائه وأنسيها أنها تخرج بالقرعة قال في المحرر هو المشهور لأنه بعد النسيان لا تعلم المطلقة منهما فوجب أن تشرع القرعة فيها وحينئذ تجب النفقة حتى يقرع وقد روى إسماعيل بن سعيد عن أحمد أن القرعة لا تستعمل هنا لمعرفة الحل وإنما تستعمل لبيان الميراث قال في الشرح لا ينبغي أن يثبت الحل بالقرعة وهو قول أكثر أهل العلم فالكلام إذا في شيئين أحدهما في استعمال القرعة في المنسية في التوريث الثاني استعمالها في الحل فالأول جائز لأن الحقوق إذا تساوت على وجه لا يمكن التمييز إلا بالقرعة صح كالشركاء في القسمة وأما الثاني فلا يصح استعمالها لأنها اشتبهت زوجته بأجنبية فلم تحل إحداهما بالقرعة ( وإن تبين أن المطلقة غير التي خرجت عليها القرعة ردت إليه في ظاهر كلامه ) لأنه ظهر أنها غير مطلقة والقرعة ليست بطلاق ولا كناية وهذا إذا لم تكن تزوجت لأنه أمر لا يعرف إلا من جهته فقبل قوله ( إلا أن تكون قد تزوجت ) لأنها قد تعلق بها حق الزوج الثاني ( أو تكون ) القرعة ( بحكم حاكم ) نص عليه في رواية الميموني لأن قرعة الحاكم بينهما حكم بالتفريق وليس لأحد رفع ما حكم به الحاكم قال ابن أبي موسى وفي هذا دليل على أن لحكم الحاكم تأثيرا في التحريم ( وقال أبو بكر وابن حامد ) وقدمه في الرعاية ( تطلق المرأتان ) أما المطلقة فحقيقة وأما التي خرجت بالقرعة فلأن الطلاق إذا
____________________
(7/384)
وقع يستحيل رفعه ولأنها حرمت عليه بقوله وترثه إن مات ولا يرثها وعلى قولهما يلزمه نفقتها ولا يحل له وطؤها والأولى بالقرعة قاله في الشرح وذكر في الرعاية على قولهما إن مات قبلها أقرع الورثة فمن قرعت لم ترث وإن ماتتا أو إحداهما قبله فمن قرعت لم يرثها مع طلاق بائن ( والصحيح ) عند المؤلف وهو رواية ( أن القرعة لا مدخل لها ها هنا ) أي في المعينة المتقدم ذكرها ( وتحرمان عليه جميعا كما لو اشتبهت امرأته بأجنبية ) ولأن القرعة لا تزيل حكم المطلقة ولا ترفع الطلاق عمن وقع عليها لأنه لو ارتفع لما عاد إذا تبين أنها مطلقة وفارق ما قاسوا عليه فإن الحق لم يثبت لواحد بعينه
تنبيه إذا طلق واحدة لا بعينها أو بعينها ثم نسيها فانقضت عدة الجميع فله نكاح خامسة قبل القرعة في الأصح ومتى علمناها بعينها فعدتها من حين طلقها وقيل من حين التعيين فإن مات الزوج قبل التعيين فعلى الجميع عدة الوفاة عند أهل الحجاز والعراق والصحيح أنه يلزم كل واحدة الأطول من عدة وفاة أو طلاق
( وإن طار طائر فقال إن كان هذا غرابا ففلانة طالق وإن لم يكن غرابا ففلانة طالق ) ولم يعلم حاله ( فهي كالمنسية ) لأن الطائر لابد أن يكون أحدهما فيقع الطلاق بمن وجد شرط طلاقها وقد تقدم ذكر الخلاف فيها لكن لو قال إن كان غرابا فامرأتي طالق ثلاثا وقال آخر إن لم يكن غرابا
____________________
(7/385)
فامرأتي طالق ثلاثا ولم يعلماه لم تطلقا وحرم عليهما الوطء إلا مع اعتقاد أحدهما خطأ الآخر ( وإن قال إن كان غرابا ففلانة طالق وإن كان حماما ففلانة طالق لم تطلق واحدة منهما إذا لم يعلم ) لأنه يحتمل أنه غيرهما فلا يزول يقين النكاح بالشك في الحنث فإن ادعت حنثه قبل قوله لأن الأصل معه واليقين في جانبه ( وإن قال إن كان غرابا فعبدي حر وقال آخر إن لم يكن غرابا فعبدي حر ولم يعلماه لم يعتق عبد واحد منهما ) لأن الأصل بقاء الرق فلا يزول بالشك بخلاف ما إذا كان العبدان لواحد ولأنه معلوم زوال رقه عن أحدهما فلذلك شرعت القرعة
( وإن اشترى أحدهما عبد الآخر أقرع بينهما حينئذ ) قاله أبو الخطاب ونصره في الشرح لأن العبدين صارا له وقد علم عتق أحدهما لا بعينه فيعتق لقرعة إلا أن يكون أحدهما أقر أن الحانث صاحبه فيؤخذ بإقراره ( وقال القاضي ) وقدمه في الرعاية ( يعتق الذي اشتراه ) لأنه ينكر حنث نفسه وذلك يقتضي حنث رفيقه في الحلف فيكون مقرا بحريته فإذا اشتراه وجب الحكم عليه بالعتق ولم يفرق المؤلف بين ما إذا اشتراه بعد أن انكر حنث نفسه وبين شرائه قبل أن ينكر وفرق بينهما في المغني وقال في المحرر فاشترى أحدهما نصيب صاحبه وقيل إنما يعتق إذا تكاذبا وإلا أحدهما بالقرعة وهو الأصح وولاء المبيع إن عتق لبيت المال وقيل للمشتري
فرع إذا كان الحالف واحدا فقال إن كان هذا غرابا فعبدي حر
____________________
(7/386)
وإن لم يكن غرابا فأمتي حرة عتق أحدهما بالقرعة فإن ادعى أحدهما أنه الذي عتق أو ادعى ذلك كل واحد منهما قبل قول السيد مع يمينه وإذا قال إن كان غرابا فنساؤه طوالق وإن لم يكن فعبيده أحرار وجهل أقرع بين النساء والعبيد وعليه نفقة الكل قبلها فإن ادعى كل منهم أنه عتق قبل قول السيد وفي يمينه وجهان وكل موضع قلنا يستحلف فنكل قضى عليه فإن قال أنا أعلم أنه كان غرابا أو غير غراب قبل منه وإن مات أقرع الورثة وقيل لهم التعيين
مسألة إذا زوج بنتا من ثلاث ثم مات وجهلت حرمن ونقل أبو طالب وحنبل تخرج بقرعة قال القاضي وأبو الخطاب وكذا يجيء إذا اختلطت أخته بأجنبيات وفي عيون المسائل لا يجوز اعتبار ما لو اختلط ملكه بملك لأجنبي ما لو اختلط ملكه بملكه لأنه إذا اختلط عبده بعبد غيره لم يقرع
( وإن قال لامرأته وأجنبية إحداكما طالق أو سلمى طالق واسم امرأته سلمى طلقت امرأته ) لأن الأصل اعتبار كلام المكلف دون إلغائه فإن أضافه إلى إحدى امرأتين وإحداهما زوجته أو إلى اسم وزوجته مسماة بذلك وجب صرفه إلى امرأته لأنه لو لم يصرف إليها لوقع لغوا ( فإن أراد الأجنبية لم تطلق امرأته ) لأنه لم يصرح بطلاقها ولا لفظ بما يقتضيه ولا نواه فوجب بقاء نكاحها على ما كان عليه ( وإن ادعى ذلك دين ) لأنه يحتمل ما قاله
____________________
(7/387)
( وهل يقبل في الحكم يخرج على روايتين ) أشهرهما أنه لا يقبل ونصره في الشرح لأن غير زوجته ليست محلا لطلاقه والثانية بلى وقاله أبو ثور لما قلنا وعلى الأولى إذا كان ثم قرينه دالة على إرادة الأجنبية مثل أن يدفع بيمينه ظلما أو يتخلص بها من مكروه فإنه يقبل في الحكم ونقل أبو داود فيمن له امرأتان اسمهما واحد ماتت إحداهما فقال فلانة طالق ينوي الميتة فقال الميتة تطلق كأن أحمد أراد لا يصدق حكما وفي الانتصار خلاف في قوله لها ولرجل إحداكما طالق فإن لم ينو زوجته ولا الأجنبية طلقت زوجته لأنها محل للطلاق
( وإن نادى امرأته فأجابته امرأة له أخرى فقال أنت طالق يظنها المناداة طلقتا في إحدى الروايتين ) اختارها ابن حامد لأنها خاطبها بالطلاق فطلقت كما لو قصدها ( والأخرى تطلق التي ناداها ) فقط قدمها في المحرر و الفروع لأنه قد تعلق بخطابه المناداة وليست الأخرى مناداة ولأنه لم يقصدها بالطلاق فلم تطلق كما لو أراد أن يقول طاهر فسبق لسانه فقال أنت طالق قال أبو بكر لا يختلف كلام أحمد أنها لا تطلق ( وإن قال علمت أنها غيرها وأردت طلاق المناداة طلقتا معا ) في قولهم جميعا لأن المناداة توجه إليها لفظ الطلاق ونيته والمجيبة توجه إليها بخطابها بالطلاق ( وإن قال أردت طلاق الثانية طلقت وحدها ) لأنه خاطبها بالطلاق ونواها به ولا تطلق غيرها لأن لفظه غير موجه إليها ولا هي منوية
____________________
(7/388)
( وإن لقي أجنبية ظنها امرأته فقال فلانة أنت طالق ) هذا قول في المذهب أنها تطلق إذا سمى زوجته والمذهب أنه يقع لقوله ( طلقت امرأته ) نص عليه لأنه قصد زوجته بصريح الطلاق كما لو قال علمت أنها أجنبية وأردت طلاق زوجتي ويحتمل أنها لا تطلق لأنه لم يخاطبها بالطلاق وكما لو علم أنها أجنبية فإن لقي امرأته ظنها أجنبية فقال أنت طالق فهل تطلق فيه روايتان هما أصل المسائل قال ابن عقيل وغيره وجزم به في الوجيز على أنه لا يقع وكذا العتق قال أحمد فيمن قال يا غلام أنت حر يعتق عبده الذي نوى وفي المنتخب أو نسي أن له عبدا أو زوجة فبان له
فرع إذا لقي امرأته يظنها أجنبية فقال أنت طالق أو قال تنحي يا مطلقة أو قال لأمته يظنها أجنبية تنحي يا حرة فقال أبو بكر لا يلزمه عتق ولا طلاق ونصره في الشرح لأنه لم يردهما بذلك فلم يقع بهما شيء كسبق اللسان ويخرج على قول ابن حامد أنهما يقعان ويحتمل ألا يقع العتق فقط لأن عادة الناس مخاطبة من لا يعرفها بقوله يا حرة بخلاف المرأة فإنها تطلق
تذنيب إذا أوقع كلمة وجهلها هل هي طلاق أو ظهار فقيل يقرع بينهما لأنها تخرج المطلقة بها فكذا أحد اللفظين وقيل لغو قدمه في الفنون كمني في ثوب لا يدري من أيهما هو قال في الفروع ويتوجه مثله من حلف يمينا ثم جهلها يريد أنه لغو في قول أحمد في رجل قال له حلفت بيمين لا أدري أي شيء هي قال ليت أنك إذا دريت دريت أنا وذكر ابن عقيل رواية تلزمه كفارة يمين
____________________
(7/389)
= كتاب الرجعة =
الرجعة بفتح الراء أفصح من كسرها قاله الجوهري وقال الأزهري الكسر أكثر وهي لغة المرة من الرجوع وشرعا عبارة عن إعادة مطلقة غير بائن إلى ما كانت عليه بغير عقد والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى { وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا } البقرة 228 أي رجعة قاله الشافعي والعلماء وقوله تعالى { فأمسكوهن بمعروف } الطلاق 65 فخاطب الأزوج بالأمر ولم يجعل لهن اختيارا وقد روى ابن عمر قال طلقت امرأتي وهي حائض فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال مره فليراجعها متفق عليه وطلق عليه السلام حفصة ثم راجعها رواه أبو داود من حديث عمر رضي الله عنه
( إذا طلق الحر امرأته بعد دخوله بها أقل من ثلاث والعبد واحدة بغير عوض فله رجعتها ما دامت في العدة ) أجمع أهل العلم على ذلك ذكره ابن المنذر وإذا فقد قيد منها لم يملك الرجعة فالأول يحترز عن غير المدخول بها لأنه إذا طلقها قبل الدخول فلا رجعة لأنه لا عدة عليها فلا تربص في حقها برجعتها فيه وبالثاني عن المطلقة تمام العدد وبالثالث عن الخلع ونحوه وبالرابع عن انقضاء العدة والمنصوص أن الخلوة هنا كالدخول وقيل لا رجعة لمن خلا بها ولم يطأ وهو قول أكثرهم ( رضيت أو كرهت ) لعموم المنصوص
____________________
(7/390)
ولأن الرجعة إمساك للمرأة بحكم الزوجية فلم يعتبر رضاها في ذلك كالذي في صلب نكاحه ولو بلا إذن سيد وغيره ولو كان مريضا مسافرا نص عليه وقال الشيخ تقي الدين لا يمكن من الرجعة إلا من أراد إصلاحا وأمسك بمعروف وظاهره للحر رجعة أمة وإن كان تحته حرة وشرط المرتجع أهلية النكاح بنفسه فخرج بالأهلية المرتد وبنفسه الصبي والمجنون ولو طلق فجن فلوليه الرجعة على الأصح حيث يجوز له ابتداء النكاح فلو كانت حاملا فوضعت بعض الولد فله رجعتها لأنها لم تضع جميع حملها فإذا كانت حاملا باثنين فله رجعتها قبل وضع الثاني في قول عامتهم وقال عكرمة تنقضي عدتها بوضع الأول
( وألفاظ الرجعة راجعت امرأتي أو رجعتها أو ارتجعتها أو رددتها أو أمسكتها ) لقوله تعالى { وبعولتهن أحق بردهن } البقرة 228 { فأمسكوهن بمعروف } الطلاق 65 والرجعة ورد بها السنة واشتهرت في العرف كاشتهار اسم الطلاق فيه وقيل الصريح لفظها لاشتهاره دون غيره كقولنا في صريح الطلاق وذكره في الرعاية تخريجا وذكر الحلواني ألفاظها الصريحة ثلاثاة أمسكتك وراجعتك وارتجعتك ( فإن قال نكحتها أو تزوجتها فعلى وجهين ) وفي الإيضاح روايتان إحداهما لا تحصل بذلك قدمه السامري وجزم به في الوجيز لأن هذا كناية والرجعة استباحة بضع مقصود فلا تحصل بالكناية كالنكاح
والثاني بلى أومأ إليه أحمد واختاره ابن حامد لأن الأجنبية تباح
____________________
(7/391)
به فالرجعية أولى وعلى هذا يحتاج أن ينوي به الرجعة ذكره في الوجيز والتبصرة والمغني والشرح لأن ما كان كناية تعتبر له النية ككنايات الطلاق وفي الترغيب هل يحصل بكناية أعدتك أو استدمتك فيه وجهان وفيه وجه لا يحصل بكناية رجعة ( وهل من شرطها الإشهاد على روايتين ) كذا أطلقهما في الفروع إحداهما يجب قدمه الخرقي وجزم به أو إسحاق بن شاقلا ونص عليه في رواية مهنا لقوله تعالى { فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف } الطلاق 65 وظاهر الأمر الوجوب ولأنه استباحة بضع مقصود فوجبت الشهادة فيه كالنكاح فلو ارتجع بغير إشهاد لم يصح وإن أشهد وأوصى الشهود بكتمانها فالرجعة باطلة نص عليه وقال القاضي يخرج على الروايتين في التواصي بكتمان النكاح
والثانية لا يشترط نص عليه في رواية ابن منصور واختارها أبو بكر والقاضي وأصحابه ورجحها في المغني والشرح وجزم بها في الوجيز لأنها لا تفتقر إلى قبول فلم تفتقر إلى شهادة كسائر حقوق الزوج ولأن ما لا يشترط فيه الولي لا يشترط فيه الإشهاد كالبيع وإذا يحمل الأمر على الاستحباب ولا شك أن الإشهاد بعد الرجعة مستحب بالإجماع فكذا عندها حذارا من الجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ واحد وما قيل إنها استباحة بضع فغير مسلم إذ الرجعة مباحة وجعل المجد هاتين الروايتين على قولنا إن الرجعة لا تحصل إلا بالقول وهو ظاهر وأما على القول بأنها تحصل بالوطء فلا يشترط الإشهاد رواية واحدة وعامة الأصحاب كالقاضي
____________________
(7/392)
في التعليق يطلقون الخلاف والزم الشيخ تقي الدين بإعلان الرجعة والتسريح أو الإشهاد كالنكاح والخلع عنده لا على ابتداء الفرقة ولئلا يكتم طلاقها وعلى كل تقدير فالاحتياط أن يقول اشهدا علي أني قد راجعت زوجتي إلى نكاحي أو راجعتها لما وقع عليها طلاقي
( والرجعية زوجة يلحقها الطلاق والظهار والإيلاء ) ويرث أحدهما صاحبه إن مات بالإجماع وعنه لا يصح الإيلاء منها فإن خالعها صح خلعه وفيه رواية حكاها في الترغيب لأنه يراد للتحريم وهي محرمة وجوابه أنها زوجة يصح طلاقها فصح خلعها كما قبل الطلاق وليس مقصود الخلع التحريم بل الخلاص من ضرر الزوج على أننا نمنع كونه محرمة وتستحق النفقة كالزوجة
( ويباح لزوجها وطؤها والخلوة والسفر بها ولها أن تتزين وتتشرف له ) في ظاهر المذهب وصححه في المستوعب قال أحمد في رواية أبي طالب لا تحتجب عنه وفي رواية أبي الحارث تتشرف له ما كانت في العدة لأنها في حكم الزوجات كما قبل الطلاق ( وتحصل الرجعة بوطئها نوى الرجعة أم لم ينو ) على المذهب اختاره ابن حامد والقاضي وقاله كثير من العلماء لأنه سبب زوال الملك انعقد مع الخيار والوطء من المالك يمنع زواله كوطء البائع في مدة الخيار وكما ينقطع به التوكيل في طلاقها وقال ابن أبي موسى تكون رجعة إذا أراد بها الرجعة وقاله إسحاق ( ولا تحصل بمباشرتها والنظر إلى
____________________
(7/393)
فرجها والخلوة بها لشهوة نص عليه ) لأن ذلك كله ليس في معنى الوطء إذ الوطء يدل على ارتجاعها دلالة ظاهرة بخلاف ما ذكر وقال بعض أصحابنا تحصل الرجعة بها لأنه معنى يحرم من الأجنبية والحل من الزوجة فحصلت به الرجعة كالاستمتاع والصحيح الأول لأنه لا يبطل خيار المشتري للأمة وكاللمس لغير شهوة ( وخرجه ابن حامد على وجهين ) مبنيين على الروايتين في تحريم المصاهرة به أحدهما هو رجعة لأنه استمتاع يباح بالزوجة فحصلت الرجعة به كالوطء والثاني ليس برجعة لأنه أمر لا يتعلق به إيجاب عدة ولا مهر فلا تحصل به كالوطء ( وعنه ليست مباحة ) لأنها مطلقة فوجب عدم إباحتها كالمطلقة بعوض ( ولا تحصل الرجعة بوطئها ) بل لا تحصل إلا بالقول وهو ظاهر الخرقي لأنه استباحة بضع مقصود أمر بالإشهاد فيه فلم يحصل من القادر بغير قول كالنكاح ولأن غير القول فعل من قادر على القول فلم تحصل الرجعة به كالإشارة من الناطق فعليها لا مهر لها ( وإن أكرهها عليه فلها المهر ) لأن وطأها حرمه الطلاق فأوجب المهر كوطء البائن ( إن لم يرتجعها بعده ) وقاله جمع لأنه إذا ارتجعها بعده تبينا أن الطلاق السابق لم يكن مفضيا إلى البينونة فوجب ألا يكون محرما فلا يكون موجبا والمذهب أنه لا مهر بوطئها فلزمه سواء رجع أم لا لأنه وطئ زوجته التي يلحقها طلاقه فلم يلزمه مهرها كالزوجات قال في الشرح والأول أولى لظهور الفرق فإن البائن ليست زوجة له وهذه زوجة يلحقها طلاقه
____________________
(7/394)
فرع لا حد عليه في هذا الوطء وهل يعزر فيه خلاف
( ولا يصح تعليق الرجعة بشرط ) لأنه استباحة فرج مقصود أشبه النكاح فلو قال كلما طلقتك فقد راجعتك أو راجعتك إن شئت أو إن قدم أبوك لم يصح لأنه تعليق على شرط لكن لو قال كلما راجعتك فقد طلقتك صح وطلقت ( ولا الارتجاع في الردة ) أي إذا راجع في الردة من أحدهما لم يصح كالنكاح وقال القاضي إن قلنا تتعجل الفرقة بالردة لم تصح الرجعة لأنها قد بانت بها وإن قلنا لا تتعجل الفرقة فالرجعة موقوفة إن أسلم المرتد منهما صحت الرجعة وإن لم يسلم لم يصح كما يقف الطلاق والنكاح وهذا قول المزني واختاره ابن حامد وكذا إذا راجعها بعد إسلام أحدهما
( وإن طهرت من الحيضة الثالثة والأمة من الحيضتين ولما تغتسل فهل له رجعتها على روايتين ) ذكرهما ابن حامد إحداهما لا تنقضي حتى تغتسل ولزوجها رجعتها نص عليه في رواية حنبل قدمها السامري وابن حمدان وهي قول كثير من الأصحاب روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعلي وقاله شريك وإن فرطت في الغسل عشرين سنة ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فكان كالإجماع ولأن أكثر أحكام الحيض لا تزول إلا بالغسل والثانية أنها تنقضي بانقطاع الدم وإن لم تغتسل اختارها أبو الخطاب والحلواني قال ابن حمدان وهي أولى وفي الوجيز والصحيح ما لم يمض عليها وقت صلاة لقوله تعالى { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء }
____________________
(7/395)
البقرة 228 والقرء الحيض وقد زالت فيزول التربص ويحمل قول الصحابة حتى تغتسل أي يلزمها الغسل ولأن انقضاء العدة يتعلق ببينونتها من الزوج وحلها لغيره فلم تتعلق بفعل اختياري من جهة المرأة بغير تعليق الزوج كالطلاق فإن كانت العدة بوضع الحمل فله رجعتها بعد وضعه وقبل أن تغتسل من النفاس قال ابن عقيل له رجعتها على رواية حنبل والصحيح لا نص عليه سواء طهرت من النفاس أم لا
( وإن انقضت عدتها ولم يرتجعها بانت ولم تحل له إلا بنكاح جديد ) بشروطه بالإجماع ( وتعود إليه على ما بقي من عدد طلاقها سواء رجعت بعد نكاح زوج غيره أو قبله ) وجملته أنها إذا رجعت إليه قبل زوج ثان فإنها تعود إليه على ما بقي من طلاقها بغير خلاف علمناه وإن عادت إليه بعد زوج وإصابة وكان الأول طلقها ثلاثا عادت إليه بطلاق ثلاثا إجماعا حكاه ابن المنذر وإن طلقها دون الثلاث فأظهر الروايتين أنها تعود إليه على ما بقي من طلاقها وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وأبي هريرة وابن عمر وعمران وقاله أكثر العلماء لأن وطء الثاني لا يحتاج إليه إلا في الإحلال للأول فلا يغير حكم الطلاق كوطء السيد وكما لو عادت إليه قبل نكاح آخر ( وعنه إن رجعت بعد نكاح زوج غيره رجعت بطلاق ثلاث ) وهي قول ابن عمر وابن عباس لأن وطء الثاني يهدم الطلقات الثلاث فأولى أن يهدم ما دونها ولأن وطء الثاني سبب للحل وجوابه أنه لا يثبت الحل لأنه في الطلقات الثلاث غاية للتحريم وإنما سماه محللا تجوزا ولأن الحل إنما يثبت
____________________
(7/396)
في محل فيه تحريم وهي المطلقة ثلاثا وها هنا هي حلال له فلا يثبت فيها حل
( وإن ارتجعها في عدتها وأشهد على رجعتها من حيث لا تعلم فاعتدت وتزوجت من أصابها ردت إليه ) وحاصله أن زوج الرجعية إذا راجعها من حيث لا تعلم صحت المراجعة لأنها لا تفتقر إلى رضاها فلم تفتقر إلى علمها كطلاقها فإذا راجعها ولم تعلم فانقضت عدتها وتزوجت ثم جاء وادعى أنه كان راجعها قبل انقضاء عدتها وأقام البينة على ذلك فهي زوجته وإن نكاح الثاني فاسد لأنه تزوج امرأة غيره وترد إلى الأول سواء دخل بها الثاني أولا وهو قول أكثرهم لأنها رجعة صحيحة وتزوجت وهي زوجة الأول فلم يصح كما لو لم يطلقها ( ولا يطؤها حتى تنقضي عدتها ) من الثاني لأنها معتدة من غيره أشبه ما لو وطئت في أصل نكاحه ( وعنه أنها زوجة الثاني ) إن دخل بها ويبطل نكاح الأول روي عن عمر وسعيد بن المسيب وغيرهما لأن كل واحد منهما عقد عليها وهي ممن يجوز له العقد عليها في الظاهر ومع الثاني مزية وجوابه ما سبق فإن لم يدخل الثاني بها فلا مهر وإن دخل فعليه مهر المثل ومقتضاه أنه إذا لم يدخل بها فإنها ترد إلى الأول بغير خلاف في المذهب وأنه إذا تزوجها مع علمه بالرجعة فالنكاح باطل وحكم العالم كالزاني في الحد وغيره
( وإن لم تكن له بينة برجعتها لم تقبل دعواه ) لقوله عليه السلام لو يعطى الناس بدعواهم الخبر ولأن الأصل عدم الرجعة فإذا اعترفا له بها
____________________
(7/397)
كان كإقامة البينة بها في أنها ترد إليه ( لكن إن صدقه الزوج الثاني بانت منه ) لأنه اعترف بفساد نكاحه فتبين منه وعليه مهرها إن كان دخل بها أو نصفه ولا تسلم إلى المدعي لأن قول الزوج الثاني لا يقبل عليها وإنما يقبل في حقه ويقبل قولها وفي اليمين وجهان وصحح في المغني أنها لا تستحلف لأنها لو أقرت لم يقبل
( وإن صدقته المرأة لم يقبل تصديقها ) على الزوج إذا أنكر وإنما يقبل على نفسها في حقها ولا يستحلف الزوج الثاني في وجه اختاره القاضي لأنه دعوى في النكاح والثاني بلى وهو قول الخرقي للعموم وعلى هذا يمينه على نفي العلم لأنه على نفي فعل الغير ( ومتى بانت منه ) بموت أو طلاق أو فسخ ( عادت إلى الأول بغير عقد جديد ) لأن المنع من ردها إنما كان لحق الثاني كما لو شهد بحرية عبد ثم اشتراه فإنه يعتق عليه ولا يلزمها مهر الأول إن صدقته في الأصح وفي الواضح إن صدقته لم يقبل إلا أنه يحال بينهما وقال القاضي له عليها المهر لأنها أقرت أنها حالت بينه وبين نصفها بغير حق أشبه شهود الطلاق إذا رجعوا ولنا أن ملكها قد استقر على المهر فلم يرجع به عليها كما لو ارتدت أو أسلمت ويلزمها للثاني مهرها أو نصفه وهل يؤمر بطلاقها فيه روايتان فإن مات الأول وهي في نكاح الثاني ورثته لإقراره بزوجيتها وتصديقها له وإن ماتت لم يرثها لأنها لا تصدق في إبطال نكاحه وإن مات الثاني لم ترثه لأنها تنكر صحة نكاحه فتنكر
____________________
(7/398)
ميراثه وإن ماتت ورثها لأنه زوجها في الحكم من إباحة النظر والوطء وكذا في الميراث
فرع إذا تزوجت الرجعية في عدتها وحملت من الثاني انقطعت عدة الأول فإذا وضعت أتمت عدة الأول وله رجعتها في هذا التمام وجها واحدا وإن راجعها قبل الوضع صحت لأن الرجعة باقية وإنما انقطعت لعارض كما لو وطئت في صلب نكاحه وقيل لا لأنها في عدة غيره والأول أولى فعلى الثاني لو حملت حملا يمكن أن يكون منهما وراجعها في هذا الحمل ثم بان أنه من الثاني لم يصح وإن بان من الأول صحت على أصح الاحتمالين فصل
( وإذا ادعت المرأة انقضاء عدتها ) بولادة أو غيرها ( قبل قولها إذا كان ممكنا ) لقوله تعالى { ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن } البقرة 228 أي من الحمل والحيض فلولا أن قولهن مقبول لم يحرم عليهن كتمانه ولأنه أمر يختص بمعرفته فكان القول قولها فيه كالنية أو أمر لا يعرف إلا من جهتها فقبل قولها فيه كما يجب على التابعي قبول خبر الصحابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إلا أن تدعيه بالحيض في شهر فلا يقبل إلا ببينة ولو أنه امرأة واحدة ) نص عليه لقول شريح إذا ادعت أنها حاضت ثلاث حيض في شهر وجاءت ببينة فقد انقضت عدتها وإلا فهي كاذبة فقال له علي قالون ومعناه بلسان الرومية أصبت وأحسنت ولأنه يندر جدا حصول ذلك في شهر فيعمل بالبينة بخلاف ما زاد على الشهر وكخلاف عادة منتظمة
____________________
(7/399)
في الأصح وعنه يقبل قولها مطلقا واختاره الخرقي وأبو الفرج كثلاثة وثلاثين يوما ذكره في الواضح والطريق الأقرب ولا فرق بين المسلمة والفاسقة وضدهما
فرع إذا قالت انقضت عدتي ثم قال ما انقضت فله رجعتها ولو قال أخبرتني بانقضاء عدتها ثم راجعتها ثم أقرت بكذبها بانقضاء عدتها وأنكرت ذلك وادعت أن عدتها لم تنقض فالرجعة صحيحة لأنها لم تقر بانقضاء عدتها وإنما أخبرت به وقد رجعت عنه
( وأقل ما يمكن انقضاء العدة به ) أي عدة الحرة ( من الأقراء تسعة وعشرون يوما ولحظة إذا قلنا الأقراء الحيض وأقل الطهر ثلاثة عشر يوما ) وذلك بأن يطلقها مع آخر الطهر ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر ثلاثة عشر يوما ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر ثلاثة عشر يوما ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر لحظة ليعرف بها انقطاع الحيض وإن لم تكن هذه اللحظة من عدتها فلا بد منها لمعرفة انقطاع الحيض ومن اعتبر الغسل فلا بد من وقت يمكن الغسل فيه بعد الانقطاع ( وإن قلنا الطهر خمسة عشر فثلاثة وثلاثون يوما ولحظة ) لأن الطهرين يزيدان أربعة أيام ( وإن قلنا القروء الأطهار فثمانية وعشرون يوما ولحظتان ) وهو أن يطلقها من آخر لحظة من طهرها فيحسب به قرءا ثم يحسب طهرين آخرين ستة وعشرين يوما وبينهما حيضتان فإذا طغت على الحيضة الثالثة لحظة انقضت عدتها ( وإن قلنا الطهر خمسة عشر يوما
____________________
(7/400)
فاثنان وثلاثون يوما ولحظتان ) زدنا أربعة أيام في الطهرين فأما إن كانت أمة انقضت عدتها بخمسة عشر يوما ولحظة على الأول وفي الرعاية مع بينة على الأصح وعلى الثاني بسبعة عشر يوما ولحظة وعلى الثالث بأربعة عشر يوما ولحظتين وعلى الرابع بستة عشر يوما ولحظتين فمتى ادعت انقضاء عدتها بالقروء في أقل من هذا لم يقبل قولها عند أحد فيما أعلم لأنه لا يحتمل صدقها
تنبيه إذا قالت انقضت عدتي بوضع حمل مصور وأمكن صدقت في المضغة وفي يمين من يقبل قوله روايتان فإذا عينا وقت حيض أو وضع واختلفا في سبق الطلاق قبل قوله في العدة في الأشهر
قال في الشرح وكل موضع قلنا القول قولها فأنكر الزوج فقال الخرقي عليها اليمين وأومأ إليه أحمد في رواية أبي طالب وقال القاضي قياس المذهب لا يمين وأومأ إليه أحمد فقال لا يمين في نكاح ولا طلاق لأن الرجعة لا يصح بذلها فلا يستحلف فيها كالحدود والأول أولى فإن نكلت عن اليمين فقال القاضي لا يقضى بالنكول وقال المؤلف ويحتمل أن يستحلف الزوج وله رجعتها بناء على القول برد اليمين لأنه لما وجد النكول منها ظهر صدقه وقوي جانبه واليمين تشرع في حقه كما شرعت في حق المدعى عليه لقوة جانبه بالعين في اليد
( وإذا قالت انقضت عدتي فقال قد كنت راجعتك فأنكرته فالقول قولها ) لأن قولها في انقضاء عدتها مقبول فصارت دعواه للرجعة بعد الحكم بانقضاء عدتها وهذا بخلاف ما إذا ادعى الزوج رجعتها في عدتها
____________________
(7/401)
فأنكرته ونبه عليها بقوله ( وإن سبق فقال ارتجعتك فقالت قد انقضت عدتي قبل رجعتك ) فأنكرها ( فالقول قوله ) ذكره القاضي وأبو الخطاب وصححه ابن حمدان لأنه ادعى الرجعة قبل الحكم بانقضائها ولأنه يملك الرجعة وقد صحت في الظاهر فلا يقبل قولها في إبطالها ( وقال الخرقي ) والشيرازي وابن الجوزي ونص عليه ذكره في الواضح ( القول قولها ) لأن الظاهر البينونة والأصل عدم الرجعة ولأن من قبل قوله سابقا قبل مسبوقا كسائر الدعاوى والأصح قوله جزم به في الترغيب ولم يتعرض الأصحاب لسبق الدعوى هل هو عند الحاكم أم لا ( وإن تداعيا معا قدم قولها ) على المذهب ذكره ابن المنجا وصححه في الشرح وجزم به في الوجيز لأنه تساقط قولهما مع التساوي والأصل عدم الرجعة ( وقيل يقدم قول من تقع له القرعة ) ذكره أبو الخطاب وغيره لأن القرعة مرجحة عند الاستواء بدليل الإمامة والأذان والعتق ونحوها وقيل يقبل قوله لأن المرأة تدعي ما يرفع الطلاق وهو ينكره فقبل قوله كالمؤلي والعنين إذا ادعيا إصابة امرأته وأنكرته وحكى في الفروع الأقوال الثلاثة من غير ترجيح كالمحرر في القولين المحكيين هنا وهذا إذا لم تكن المرأة قد نكحت فإذا نكحت بعد انقضاء العدة فادعى الزوج الرجعة في العدة فإن أقام بينة أو صدقاه سلمت إليه وإن كذباه ولا بينة قبل قولها مع يمينها وإن صدقته وكذبه الزوج الثاني صدق الثاني بيمينه
أصل إذا اختلفا في الإصابة فقال قد أصبتك فلي الرجعة فأنكرته
____________________
(7/402)
أو قالت قد أصابني فلي المهر قبل قول المنكر منهما لأن الأصل معه فلا يزول إلا بيقين وليس له رجعتها في الموضعين فإن كان اختلافهما بعد قبض المهر وادعى إصابتها فأنكرته لم يرجع عليها بشيء لأنه يقر لها به ولا يدعيه وإن كان هو المنكر رجع عليها بنصفه والخلوة كالإصابة في إثبات الرجعة للزوج على المرأة التي خلا بها وقال أبو بكر لا رجعة له عليها إلا أن يصيبها لأنها غير مصابة فلا تستحق رجعتها كالتي لم يخل بها ووجه الأول أنها معتدة يلحقها طلاقه فملك رجعتها كالتي أصابها
فرع إذا ادعى زوج الأمة بعد عدتها أنه كان راجعها في عدتها فأنكرته وصدقه مولاها قبل قولها نص عليه وقيل قوله فعلى الأول إن علم مولاها صدق الزوج لم يحل له وطؤها ولا تزويجها وإن علمت هي صدق الزوج في رجعتها فهي حرام على سيدها ولا يحل لها تمكينه من وطئها إلا مكرهة كما قبل الطلاق فصل
( وإن طلقها ) أي الحر ( ثلاثا ) والعبد اثنتين ولو عبر ك الفروع بقوله من طلق عدد طلاقه لكان أولى ( لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ) إجماعا وسنده قوله تعالى { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } البقرة 230 وحديث امرأة رفاعة القرظي وقال سعيد بن المسيب إذا تزوجها تزويجا صحيحا لا يريد به إحلالا فلا بأس أن يتزوجها الأول قال
____________________
(7/403)
ابن المنذر لا نعلم أحدا قال بهذا إلا الخوارج ولإجماعهم على أن المراد بالنكاح في الآية الجماع
وحاصله أن حلها للأول مشروط بأن تنكح زوجا غيره فلو كانت أمة فوطئها السيد فلا وأن يكون النكاح صحيحا على المذهب فلو كان فاسدا فلا وأن يطأها في الفرج لحديث عائشة ونبه عليه بقوله ( ويطؤها في القبل ) لأنه عليه السلام علق الحل على ذواق العسيلة ولا تحصل إلا بالوطء في الفرج ( وأدنى ما يكفي من ذلك تغييب الحشفة ) مع الانتشار ( في الفرج وإن لم ينزل ) لأن أحكام الوطء تتعلق به فلو أولج من غير انتشار لم يحلها لأن الحكم يتعلق بذواق العسيلة ولا يحصل من غير انتشار وليس الإنزال شرطا فيه لأنه عليه السلام جعل ذواق العسيلة غاية للحرمة وذلك حاصل بدون الإنزال والذي يظهر أن هذا في الثيب فأما البكر فأدناه أن يفتضها بآلته ( وإن كان مجبوبا بقي من ذكره قدر الحشفة فأولجه ) أحلها لأن ذلك منه بمنزلة الحشفة من غيره وفي الترغيب وجه بقيته ( أو وطئها زوج مراهق ) أحلها في قولهم إلا الحسن لظاهر النص ولأنه وطء من زوج في نكاح صحيح أشبه البالغ وبخلاف الصغير فإنه لا يمكنه الوطء ولا تذاق عسيلته وفي المستوعب يعتبر أن يكون له عشر سنين فصاعدا وقال القاضي يشترط له اثنتا عشرة سنة ونقله مهنا لأن من دون ذلك لا يمكنه المجامعة ولا معنى لهذا فإن الخلاف في المجامع ومتى أمكنه الجماع فقد
____________________
(7/404)
وجد منه المقصود ( أو ذمي وهي ذمية أحلها ) لمطلقها المسلم نص عليه وقال هو زوج وبه تجب الملاعنة والقسم ولظاهر النص ولأنه وطء من زوج في نكاح صحيح أشبه وطء المسلم ( وإن وطئها في الدبر أو وطئت بشبهة أو بملك يمين لم تحل ) لأن الوطء في الدبر لا تذوق به العسيلة والوطء بشبهة أو ملك يمين وطء من غير زوج فلا يدخل في عموم النص فيبقى على المنع ( وإن وطئت في نكاح فاسد لم تحل في أصح الوجهين ) نص عليه لأن النكاح المطلق في الكتاب والسنة إنما يحمل على الصحيح وقاله الأئمة وخرج أبو الخطاب وجها يحلها لأنه زوج فيدخل في عموم النص وسماه عليه السلام محللا مع فساد نكاحه والأول المذهب ونصره في الشرح بدليل ما لو حلف لا يتزوج فتزوج تزويجا فاسدا لا يحنث ولأن أكثر أحكام التزويج غير ثابتة فيه من الإحصان واللعان والظهار ونحوها وسماه محللا لقصده التحليل فيما لا يحل ولو أحل حقيقة لما لعن ولا لعن المحلل له لقوله عليه السلام ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ولأنه وطء في غير نكاح كوطء الشبهة ( وإن وطئها زوجها في حيض أو نفاس أو إحرام ) أو صوم واجب منهما أو من أحدهما أحلها في اختيار المؤلف وصححه في الشرح لدخوله في العموم ولأنه وطء تام في نكاح تام فأحلها كما لو وطئها مريضة يضر بها وطؤه فإنه لا خلاف في حلها قاله في الكافي وكما لو تزوجها وهو مملوك ووطئها وكما لو وطئها وقد ضاق وقت صلاة ومسجد وكقبض مهر ونحوه لأن الحرمة لا لمعنى فيها لحق الله تعالى بخلاف وطئها في إحرام ونحوه
____________________
(7/405)
فإن الحرمة هناك لمعنى فيها وفي عيون المسائل والمفردات منع وتسليم ( وقال أصحابنا لا يحلها ) قدمه في الفروع وهو المنصوص في الكل لأنه وطء حرم لحق الله فلم يحلها كوطء المرتدة أو نكاح باطل
مسائل الأولى إذا وطئها في ردتها أو ردته لم يحلها لأنه إن عاد إلى الإسلام فقد وقع الوطء في نكاح غير تام لانعقاد سبب البينونة وإن لم يسلم في العدة فلم يصادف الوطء نكاحا وكذا لو أسلم أحد الزوجين فوطئها قبل إسلام الآخر
الثانية إذا كانا مجنونين أو أحدهما فوطئها أحلها على المذهب لظاهر النص وكالبالغ العاقل وقال ابن حامد لا يحلها لأنه لا يذوق العسيلة والأول أصح لأن العقل ليس شرطا في الشهوة بدليل البهائم قال في الشرح لكن إن كان المجبوب ذاهب الحس كالمصروع والمغمى عليه فلم يحصل الحل بوطئه
الثالثة إذا وطئ مغمى عليها أو نائمة لا تحس بوطئه لم تحل حكاه ابن المنذر ويحتمل حصول الحل للعموم ولو وطئها يعتقدها أجنبية فإذا هي امرأته حلت لأنه صادف نكاحا صحيحا
الرابعة إذا استدخلت ذكره وهو نائم حلت وقدم في الشرح خلافه لأنه لم يذق عسيلتها وإن وطئها مع إغمائه فوجهان وإن كان خصيا أو مسلولا أو موجوءا حلت لدخوله في عموم الآية في قول الأكثر وعنه
____________________
(7/406)
لا لعد ذوقان العسيلة قال أبو بكر والعمل على الأول لأنه يطأ كالفحل ولم يفقد إلا الإنزال وهو غير معتبر في الإحلال
( وإن كانت أمة فاشتراها مطلقها لم تحل ) نص عليه رواه مالك والبيهقي عن زيد بن ثابت وقاله الأكثر للآية ولأن الفرج لا يجوز أن يكون محرما مباحا ( ويحتمل أن تحل ) لأن الطلاق يختص الزوجية فأثر في التحريم
( وإن طلق العبد امرأته طلقتين لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ) هذا هو المذهب أن الطلاق معتبر بالرجال والتفريع عليه فعلى هذا إذا طلقها طلقتين حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره ( سواء عتقا أو بقيا على الرق ) لاستواء حالين في السبب المقتضي للتحريم قبل نكاح زوج آخر وذلك أن سبب التحريم استكمال العدد وهو موجود في حالتي العتق بعد الرق وبقاء الرق والمذهب أنه إذا عتق بعد طلقة ملك تمام الثلاث وإن كان بعد طلقتين فعلى روايتين لأنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى به وقال في رواية أبي طالب يتزوجها ولا يبالي في العدة عتقا أو بعد العدة وقال هو قول ابن عباس وجابر لأن ابن عباس أفتى به وقال قضى به النبي صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وقال لا أرى شيئا يدفعه وأبو داود والنسائي من رواية عمر بن معتب عن أبي حسن مولى بني نوفل ولا يعرفان وقال النسائي في عمر ليس بقوي وقال ابن المبارك ومعمر لقد تحمل أبو حسن هذا صخرة عظيمة وقال أحمد حديث عثمان وزيد في تحريمها عليه جيد وحديث ابن عباس يرويه عمر بن معتب ولا أعرفه وأما أبو حسن فهو عندي معروف وقال أبو بكر إن صح
____________________
(7/407)
الحديث فالعمل عليه وإلا فالعمل على حديث عثمان وزيد وبه أقول
فرع إذا علق ثلاثا في الرق بشرط فوجد بعد عتقه لزمته الثلاث وقيل ثنتان ويبقى له واحدة كتعليقها بعتقه في الأصح
( وإذا غاب عن مطلقته ثلاثا فأتته فذكرت أنها نكحت من أصابها أو انقضت عدتها وكان ذلك ممكنا فله نكاحها إذا غلب على ظنه صدقها ) المطلقة المبتوتة إذا مضى بعد طلاقها زمن يمكن فيه انقضاء عدتين بينهما نكاح ووطء ولم يرجع قبل العقد وأخبرته بذلك وغلب على ظنه صدقها مثل أن يعرف أمانتها أو بخبر غيرها ممن يعرف حالها وفي الترغيب وجه إن كانت ثقة فله أن يتزوجها في قول عامتهم لأنها مؤتمنة على نفسها وعلى ما أخبرت به عنها ولا سبيل إلى معرفة هذه الحال على الحقيقة إلا من جهتها فتعين الرجوع إلى قولها كما لو أخبرت بانقضاء عدتها ( وإلا فلا ) أي إذا لم يوجد ما ذكر ولم يغلب على ظنه صدقها فلا تحل له لأن الأصل التحريم فوجب البقاء على الأصل وكما لو أخبره عن حالها فاسق فلو كذبها الثاني في وطء قبل قوله في تنصيف مهر وقولها في إباحتها للأول وكذا لو تزوجت حاضرا وفارقها وادعت إصابته وهو منكرها ومثل الأولة لو جاءت حاكما وادعت أن زوجها طلقها وانقضت عدتها فله تزويجها إن ظن صدقها بمعاملة وعبد لم يثبت عتقه قاله الشيخ تقي الدين لا سيما إن كان الزوج لا يعرف وظهر مما سبق لو اتفقا أنه طلقها وانقضت العدة فإنها تزوج
____________________
(7/408)
فرع لو شهدا بأن فلانا طلق امرأته ثلاثا ووجد معها بعد وادعى العقد ثانيا بشروطه يقبل منه وسئل عنها المؤلف فلم يجب ولو وطئ من طلقها ثلاثا حد نص عليه فإن جحد طلاقها ووطئها فشهد بطلاقه فلا لأنا لا نعلم معرفته به وقت وطئه إلا بإقراره به | 8
____________________
(7/409)
= كتاب الإيلاء =
الإيلاء بالمد الحلف وهو مصدر ل يولي إيلاء ويقال تألى يتألى وفي الخبر من يتأل على الله يكذبه والآلية بوزن فعيلة اليمين وجمعها ألايا بوزن خطايا قال كثير % قليل الألايا حافظ ليمينه % إذا صدرت منه الألية برت %
وكذلك الالوة بسكون اللام وتثليث الهمزة والأصل فيه قوله تعالى { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر } وكان أبي بن كعب وابن عباس يقرآن يقسمون الآية وقال ابن عباس الذين يؤلون يحلفون حكاه عن أحمد وكان أهل الجاهلية إذا طلب الرجل من امرأته شيئا فأبت أن تطيعه حلف أن لا يقربها السنة والسنتين والثلاث فيدعها لا أيما ولا ذات بعل فلما كان الإسلام جعل الله ذلك للمسلمين أربعة أشهر وهو محرم في ظاهر كلام جماعة لأنه يمين على ترك واجب وكان الإيلاء والظهار طلاقا في الجاهلية وذكره أحمد في الظهار عن أبي قلابة وقتادة وحاصله أن الشرع غير حكمه الذي كان معروفا عندهم
وهو الحلف على ترك الوطء في القبل هذا بيان لمعنى الإيلاء شرعا وفيه نظر لأنه لم يقيده بحلف الزوج بالله تعالى أو صفة من صفاته على ترك وطء الزوجة في القبل ولم يقيده بالمدة وهذا ليس بداخل في حقيقته وإنما
____________________
(8/3)
و يشترط له شروط أربعة أحدهما الحلف على ترك الوطء في القبل فإن تركه بغير يمين لم يكن مؤليا لكن إن تركه مضرا بها من غير عذر فهل تضرب له مدة الإيلاء ويحكم بحكمه على روايتين وإن حلف على ترك الوطء في الدبر أو دون الفرج لم يكن مؤليا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + هي شروط والأولى فيه أن يقال كل زوج صح طلاقه صح إيلاؤه فهو إذن حلف زوج يمكنه الوطء بالله تعالى أو صفة من صفاته على ترك الوطء ولو قبل بالدخول في القبل فالزوج يحترز به عما لو قال لأجنبية والله لا أطؤك أبدا ويمكنه الوطء احترازا من الصبي والمجنون وقوله في القبل يحترز به عن الرتقاء ونحوها
( ويشترط له شروط أربعة أحدها الحلف على ترك الوطء في القبل ) لأنه الذي يحصل به الضرر ويجب على الزوج فعله ويضر الزوجة فقده ( فإن تركه بغير يمين لم يكن مؤليا ) لأن الإيلاء هو الحلف ولم يوجد ( لكن إن تركه مضرا بها من غير عذر فهل تضرب له مدة الإيلاء ويحكم بحكمه على روايتين ) أشهرهما نعم لأنه تارك لوطئها ضرارا بها أشبه المؤلي ولأن ما لا يجب إذا لم يحلف لا يجب إذا حلف على تركه كالزيادة على الواجب وثبوت حكم الإيلاء له لا يمنع من قياس غيرة علية إذا كان في معناه كسائر الأحكام الثابتة بالقياس الثانية لا تضرب له مدة لانه ليس بمؤل فلا يثبت له حكمه كما لو تركه لعذر و لأن تخصيص الإيلاء بحكم يدل على انه لا يثبت بدونة وكذا حكم من ظاهر ولم يكفر و قصد الإضرار بها
( و إن حلف على ترك الوطء في الدبر أو دون الفرج لم يكن مؤليا ) أما أولا فإنة لم يترك الوطء الواجب عليه و لا تتضرر المرأة بتركه لانه وطء محرم وقد أكد منع نفسه منه بيمينه و أما ثانيا فلأنه لم يحلف على
____________________
1-
(8/4)
وإن حلف ألا يجامعها إلا جماع سوء يريد به جماعا ضعيفا لا يزيد على التقاء الختانين لم يكن مؤليا وإن أراد به الوطء في الدبر أو دون الفرج صار مؤليا وإذا حلف على ترك الوطء في الفرج بلفظ لا يحتمل غيره كلفظه الصريح و قوله لا أدخلت ذكري في فرجك و للبكر خاصة لا اقتضضتك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الوطء الذي يطالب به في الفيئة ولا ضرر على المرأة في تركة
( إن حلف ألا يجامعها إلا جماع سوء يرد جماعا ضعيفا ولا يزيد على التقاء الختانين لم يكن مؤليا ) لأن الضعيف كالقوي في الحكم و ان قال أردت وطئا لا ابلغ التقاء الختانين فهو مؤل لأنه لا يمكنه الوطء الواجب عليه في الفيئة بغير حنث وإن لم يكن له نية فليس بمؤل لأنه محتمل و إن قال و الله لا جامعتك جماع سوء لم يكن مؤليا بحال لأنه لم يحلف على ترك الوطء إنما حلف على ترك صفته المكروهة ( وإن أراد به الوطء في الدبر أو دون الفرج صار مؤليا ) لأنه حالف على ترك الوطء في القبل لأن حلفه أن لا يجامعها يشتمل المجامعة في الفرج فإذا قصد بالاستثناء الوطء في الدبر أو دون الفرج بقي الوطء في الفرج تحت الحلف ولم يتعرض المؤلف الى اليمين إذا خلت عن الإرادة وفي المغني أنه ليس بإيلاء لأنه مجمل فلا يتعين لكونه مؤليا به
( وإذا حلف على ترك الوطء في الفرج بلفظ لا يحتمل غيرة كلفظه الصريح ) نحو لا أنيكك ( وقوله لا أدخلت ذكري في فرجك ) أو لا أغيب أو أولج ذكري في فرجك لانه محصل معناه ( وللبكر خاصة لا اقتضضتك ) هو بالقاف و التاء المثناة من فوق واقتضاض البكر وافتراعها بالفاء بمعنى و هو وطؤها و إزالة بكارتها بالذكر مأخوذ من قضضت اللؤلؤة إذا ثقبتها و مثله ما ذكر في المستوعب و الرعاية لا أبتني بك زاد في الرعاية
____________________
1-
(8/5)
لم يدين فيه وإن قال والله لا وطئتك أو لا جامعتك أو لا باضعتك أو لا باشرتك أو لا باعلتك أو لا قربتك أو لا مسستك أو لا أتيتك أو لا اغتسلت منك فهو صريح في الحكم ويدين فيما بينه وبين الله تعالى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + من العربي ( لم يدين فيه ) لأنه لا يحتمل غير الإيلاء ومثله لا أدخلت حشفتي في فرجك لأن الفيئة لا تحصل بدون ذلك بخلاف لا أدخلت كل ذكري في فرجك
( وإن قال و الله لا و طئتك أولا جامعتك أولا باضعتك أولا باشرتك أولا باعلتك أولا قربتك او لا مسستك ) هو بكسر السين الاولى وفتحها لغة أي لا و طئتك ( أو لا أتيتك او لا اغتسلت منك فهو صريح في الحكم ) لأنها تستعمل في الوطء عرفا زاد في الكافي و الشرح ولا أصبتك زاد جماعة ولا افترشتك والمنصوص و لا غشيتك والأصح لا أفضيت إليك لأن الكتاب و السنة ورد ببعضها كقولة تعالى { ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن } { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } و { من قبل أن تمسوهن } و أما الوطء و الجماع فهما اشهر الألفاظ في الاستعمال والباقي قياسا عليها فلو قال أردت بالوطء الوطء بالقدم و بالجماع اجتماع الأجسام وبالإصابة الإصابة باليد و بالمباضعة التقاء بضعة من البدن بالبضعة منه وبالمباشرة من المباشرة وبالمباعلة الملاعبة والاستمتاع دون الفرج وبالمقاربة و يريد قرب بدنه منها و الممارسة ويريد بها مس بدنها وبالإتيان ويراد به المجيء و بالاغتسال ويريد به الاغتسال من الإنزال عن مباشرة من قبله أو جماع دون الفرج ( ويدين فيما بينه و بين الله تعالى ) مع عدم قرينة على المذهب لان صدقة غير ممتنع ولم يقبل في الحكم لانه خلاف الظاهر والعرف وفي
____________________
1-
(8/6)
وسائر الألفاظ لا يكون مؤليا فيها إلا بالنية فصل الشرط الثاني أن يحلف في الرضى والغضب بالله تعالى أو صفة من صفاته فإن حلف بنذر أو عتق أو طلاق لم يصر مؤليا في الظاهر عنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الانتصار لمستم ظاهر في الجس باليد ولامستم ظاهر في الجماع فيحمل الأمر عليهما لأن القراءتين كالآيتين وظاهر نقل عبد الله في لا اغتسلت منك أنه كناية تقف على نية أو قرينة
( وسائر الألفاظ ) أي باقيها وهي الكناية لا يكون مؤليا فيها إلا بالنية لأنها ليست بصريح في الجماع ولا ظاهر فافتقرت إلى النية ككنايات الطلاق وفي الرعاية والفروع أو القرينة كقوله والله لا جمعتنا مخدة ولا اجتمعنا تحت سقف لأضاجعك لا دخلت علي لامس جلدي جلدك ونحوه وتكفي نية ترك الوطء فيها إلا في قوله ليطولن تركي لجماعك فتكفي نية المدة وتعتبر نية الوطء والمدة في قوله لتطولن غيبتي عنك فصل
( الشرط الثاني أن يحلف في الرضى والغضب بالله تعالى أو صفة من صفاته ) لا خلاف أن الحلف بذلك إيلاء وعن ابن عباس في قوله تعالى { للذين يؤلون من نسائهم } أي يحلفون بالله تعالى يؤيده قوله تعالى { فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم } لأن الغفران إنما يدخل في اليمين بالله تعالى ( فإن حلف بنذر أو عتق أو طلاق ) أو صدقة مال أو الحج أو الظهار ( لم يصر مؤليا في الظاهر عنه ) واختاره
____________________
1-
(8/7)
وعنه يكون مؤليا وإن قال إن وطئتك فأنت زانية أو فلله علي صوم هذا الشهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الخرقي والقاضي وأصحابه قال في المستوعب هو المشهور في المذهب لقوله تعالى { فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم } والمغفرة إنما تكون في الحنث في اليمين بالله بخلاف الطلاق وغيره ولأنه لم يحلف بالله تعالى أشبه ما لو حلف بالكعبة ولأن التعليق بشرط ولهذا لا يؤتى فيه بحرف القسم و لا يجاب بجوابه ولا ذكره أهل العربية في باب القسم وإنما يسمى حلفا تجوزا لمشاركته القسم في الحث على الفعل أو المنع منه ( وعنه يكون مؤليا ) لقول ابن عباس كل يمين منعت جماع المرأة فهي إيلاء كالحلف بالله وعنه بيمين مكفرة كنذر وظهار اختاره أبو بكر وعنه وبعتق وطلاق بأن يحلف بهما لنفعهما أو على رواية تركه ضرارا ليس كمؤل اختاره الشيخ تقي الدين وألزم عليه كونه يمين مكفرة لا يكون مؤليا لأنه لا يلزمه كفارة بالحنث فلم يكن الحنث موجبا لحق عليه وخرج على الأول أن الحلف بغير الله وصفته لغو
فرع إذا علق طلاق غير مدخول بها بوطئها فروايتان فلو وطئها وقع رجعيا وهما في إن وطئتك فضرتك طالق فإن صح إيلاء فأبان الضرة انقطع فإن نكحها وقلنا تعود الصفة عاد الإيلاء وتبنى على المدة
( وإن قال إن وطئتك فأنت زانية أو فلله علي صوم هذا الشهر
____________________
1-
(8/8)
لم يكن مؤليا فصل الثالث أن يحلف على أكثر من أربعة أشهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لم يكن مؤليا ) لا يختلف المذهب فيه أما أولا فلأنه لا يصح تعليق القذف بشرط فلا يلزمه بالوطء حق فلا يكون مؤليا وأما ثانيا فلأنه إذا قال إن وطئتك فلله علي صوم أمس أو صوم هذا الشهر لم يصح لأنه يصير عند وجوب الفيئة ماضيا ولا يصح نذر الماضي فلو قال إن وطئتك فلله علي صوم الشهر الذي أطؤك فيه فكذلك فإذا وطئ صام بقيته وفي قضاء يوم وطئ فيه وجهان ومثله والله لا وطئتك في هذا البلد أو مخضوبة نص عليه أو حتى تصومي نفلا أو تقومي أو بإذن زيد فيموت زيد
فرع إذا قال إن وطئتك فعبدي حر عن ظهاري وكان ظاهر فوطئ عتق بالظهار وإلا فليس بمؤل فلو وطئ لم يعتق في الأصح فلو قال إن وطئتك فهو حر قبله بشهر فابتداء المدة بعد مضيه فلو وطئ في الأول لم يعتق والمطالبة في شهر سادس فصل
( الثالث أن يحلف على أكثر من أربعة أشهر ) قاله ابن عباس وهو المشهور عن أحمد لأنه لم يمنع نفسه من الوطئ باليمين أكثر من أربعة أشهر فلم يكن مؤليا كما لو حلف على ترك قبلها ولأن الله تعالى جعل له تربص أربعة أشهر فما دونها فلا معنى للتربص لأن مدة الإيلاء تنقضي قبل ذلك أو مع انقضائه وتقدير التربص بأربعة أشهر يقتضي كونه في مدة تناولها الإيلاء ولأن المطالبة إنما تكون بعدها فإذا انقضت مدتها فما دون لم
____________________
1-
(8/9)
أو يعلقه على شرط يغلب على الظن أنه لا يوجد في أقل منها مثل أن يقول والله لا وطئتك حتى ينزل عيسى أو يخرج الدجان أو ما عشت أو قال والله لا وطئتك حتى تحبلي لأنها لا تحبل إذا لم يطأها وقال القاضي إذا قال حتى تحبلي وهي ممن يحبل مثلها لم يكن مؤليا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تصح المطالبة من غير إيلاء فلو قال والله لا وطئتك كان مؤليا لأنه يقتضي التأبيد وعنه أنه إذا حلف على أربعة أشهر كان مؤليا ذكرها القاضي أبو الحسين وقاله عطاء والثوري لأنه يمتنع عن الوطء باليمين أربعة أشهر فكان مؤليا كما لو حلف على ما زاد ( أو يعلقه على شرط يغلب على الظن أنه لا يوجد في أقل منها مثل أن يقول والله لا وطئتك حتى ينزل عيسى أو يخرج الدجال أو ما عشت ) أو حتى أموت أو تموتي أو يموت زيد لأن ذلك لا يوجد في أربعة أشهر ظاهرا أشبه ما لو قال والله لا وطئتك في نكاحي هذا ولأن حكم الغالب حكم القطع في كثير من الصور فكذا هنا وكذا لو علق الطلاق على مرضها أو مرض إنسان بعينه أو قيام الساعة
فرع إذا علق الإيلاء بشرط مستحيل كقوله والله لا وطئتك حتى تصعدي السماء ونحوه فهو مؤل لأن معناه ترك وطئها فإن ما يراد حالة وجوده تعلق على المستحيل كقوله تعالى في الكفار { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط } وكقول الشاعر % إذا شاب الغراب أتيت أهلي % % وصار القار كاللبن الحليب % %
( أو قال والله لا وطئتك حتى تحبلي ) فهو مؤل لأنها لا تحبل إذا لم يطأها لأن حبلها بغير وطئ مستحيل عادة كصعود السماء وفي بالمحرر والفروع إذا قال حتى تحبلي ولم يكن وطئها أو وطئ ونيته حبل متجدد فمؤل وإلا فالروايتان وقال القاضي وأبو الخطاب إذا قال حتى تحبلي وهي ممن يحبل مثلها لم يكن مؤليا لأنه يحتمل أنها تحبل قبل مدة الإيلاء قال
____________________
1-
(8/10)
وإن قال والله لا وطئتك مدة أو ليطولن تركي لجماعك لم يكن مؤليا حتى ينوي أربعة أشهر وإن حلف على ترك الوطء حتى يقدم زيد ونحوه مما يغلب على الظن عدمه في أربعة أشهر أو لا وطئتك في هذه البلدة لم يكن مؤليا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المؤلف لا أعلم لهذا وجها وهو صحيح إن كان مقصود الحالف حتى تحبلي من وطء فلو كانت صغيرة أو آيسة فهو مؤل فإن قال أردت ب حتى السببية أي لا أطؤك لتحبلي قبل منه لأنه ليس بحالف على ترك الوطء
تنبيه لو علقه على ما يعلم وجوده قبل أربعة أشهر كجفاف بقل أو ما يغلب على الظن وجوده قبلها كنزول الغيث في أوانه أو ما يحتمل الأمرين كقدوم زيد من سفر قريب لم يكن مؤليا لأنه يغلب على الظن وجود الشرط فلا يثبت حكمه وكذا لو قال والله لا أطؤك حتى أعطيك مالا بخلاف ما لو قال والله لا وطئتك طاهرا أو وطئا مباحا فإنه يصير مؤليا
( وإن قال والله لا وطئتك مدة أو ليطولن تركي لجماعك لم يكن مؤليا ) لأن ذلك يقع على القليل والكثير فلا يصير مؤليا به ( حتى ينوي ) أكثر من ( أربعة أشهر ) ليتمحض اليمين للمدة المعتبرة وفي قول المصنف ليطولن تركي لجماعك صريح في الإيلاء وصرح به في المغني لأن الجماع نص في إدخال الذكر في الفرج وذكره أبو الخطاب في الكنايات لأن الجماع يطلق ويراد به الجماع دون الفرج فعلى هذا تعتبر فيه نية إدخال الذكر في الفرج كما تعتبر نية المدة
( وان حلف على ترك الوطء حتى يقدم زيد ونحوه مما لا يغلب على الظن عدمه في أربعة أشهر أو لا وطئتك في هذه البلدة لم يكن مؤليا ) لأنه لا يعلم حلفه على أكثر من أربعة أشهر ولا يمكنه وطؤها في غير البلدة المحلوف
____________________
1-
(8/11)
فإن قال إن وطئتك فوالله لا وطئتك أو إن دخلت الدار فوالله لا وطئتك لم يصر مؤليا حتى يوجد الشرط ويحتمل أن يصير مؤليا في الحال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عليها وقال ابن أبي ليلى وإسحاق هو مؤل لأنه حالف على ترك وطئها وجوابه أنه يمكن وطؤها بغير حنث فلم يكن مؤليا كما لو استثنى في يمينه
فرع إذا علقه على فعل مباح لا مشقة فيه كقوله والله لا أطؤك حتى تدخلي الدار لم يكن مؤليا بخلاف ما لو علقه على محرم كقوله والله لا أطؤك حتى تشربي الخمر أو أقتل زيدا لأنه علقه بممتنع شرعا أشبه الممتنع حسا فإن علقه على ما على فاعله فيه مضرة كقوله والله لا أطؤك حتى تسقطي صداقك عني أو حتى تكفلي ولدي فهو مؤل لأن أخذه لمالها أو مال غيرها عن غير رضى صاحبه محرم أشبه شرب الخمر فإن قال إن وطئتك فوالله لا وطئتك أو إن دخلت الدار فوالله لا وطئتك لم يصر مؤليا في الحال لأنه لا يلزمه في الوطء حق حتى يوجد الشرط ونصره في الشرح وغيره لأنه يصير مؤليا بالوطء أو دخول الدار لأنها تبقى يمينا بمنع الوطء على التأبيد ويحتمل أن يصير مؤليا في الحال لأنه لا يمكنه الوطء إلا بأن يصير مؤليا بالوطء أو دخول الدار فيلحقه بالوطء ضرر أشبه ما لو منع نفسه من وطئها في الحال في المدة المعتبرة وجوابه بأنه يمكنه الوطء من غير حنث فلم يكن مؤليا كما لو لم يقل شيئا وإن قال إن وطئتك فوالله لا أطؤك فأولج الحشفة ثم زاد حنث بالزيادة وقيل لا كمن نوى
فرع إذا قال والله لا وطئتك إلا برضاك لم يكن مؤليا لإمكان وطئها بغير حنث وكذا إن قال والله لا وطئتك مريضة إلا أن يكون بها مرض لا يرجى برؤه أو لا يزول في أربعة أشهر فينبغي أن يكون مؤليا لأنه حالف على ترك وطئها أربعة أشهر فإن قال ذلك وهي صحيحة فمرضت
____________________
1-
(8/12)
و إن قال و الله لا وطئتك في السنة الامرة لم يصير مؤليا حتى يطأها وقد بقي منها أكثر من أربعة أشهر وإن قال إلا يوما فكذلك في أحد الوجهين وفي الآخر يصير مؤليا في الحال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مرضأ يمكن برؤه قبل أربعة أشهر لم يصر مؤليا وإلا فلا
وإن قال والله لا وطئتك في السنة إلا مرة لم يصر مؤليا في الحال لأنه يمكنه الوطء بغير حنث فلم يكن ممنوعا من الوطء بحكم يمينه حتى يطأها بقي منها أكثر من أربع أشهر فيكون مؤليا لأنه صار ممنوعا من وطئها بيمينه وفيه وجه يصير مؤليا في الحال لأنه لانه لا يمكنه إلا بأن يصير مؤليا فيلحقه بالوطء ضرر وجوابه بأنه ممنوع فيما إذا وطئ وقد بقي من السنة ثلثها فأقل لأنه لم تبق المدة الممنوع من الوطء فيها المدة المعتبرة في الإيلاء
وإن قال إلا يوما فكذلك في أحد الوجهين جزم في الوجيز وهو المذهب لأن اليوم يتنكر فلا يختص يوما دون يوم وحينئذ فيجوز أن يكون اليوم المستثنى في الحال ويجوز أن يكون في المال فلا يتحقق الإيلاء لفوات شرطه فعليه إن وطئها وقد بقي من السنة أكثر من ثلثها صار مؤليا وإلا فلا ومثله لو قال صمت رمضان إلا يوما أو لا كلمتك في السنة إلا يوما فإنه لا يختص بيوم وفي الآخر يصير مؤليا في الحال وهو قول القاضي وأصحابه لأن اليوم المستثنى يكون في آخر المدة كالتأجيل ومدة الخيار بخلاف المسألة الأولى فإن المدة لا تختص وقتا بعينه ومن نصر الأول قال التأجيل في مدة الخيار تجب الموالاة فيهما لأنه لو جازت له المطالبة لزم قضاء الذين فيسقط التأجيل بالكلية ولو لزم العقد في أثناء مدة الخيار لم يعد إلى الجواز وجواز الوطء في يوم من أول السنة وأوسطها لا يمنع حكم اليمين فيما بقي منها
____________________
1-
(8/13)
وإن قال و الله لا وطئتك إن شئت فشاءت صار مؤليا وإن قال إلا أن تشائي أو إلا باختيارك أو إلا أن تختاري لم يصر مؤليا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإن قال والله لا وطئتك أربعة أشهر فإذا مضت فو الله لا وطئتك أربعة أشهر لم يصر مؤليا قدمه في الكافي والمستوعب والرعاية والمحرر لأن كل واحد من الزمانين لا تزيد مدته على أربعة أشهر ويحتمل أن يصير مؤليا صححه في الشرح لأنه يمتنع بيمينه من وطئها مدة متوالية أكثر من أربعة أشهر وأطلق في الفروع الخلاف وكذا الحكم في كل مدتين متواليتين يزيد مجموعهما عن أربعة أشهر كثلاثة أشهر وشهرين
وإن قال والله لا وطئتك إن شئت فشاءت صار مؤليا بوجوده في قول أكثرهم لأنه لا يصير ممتنعا من الوطء حتى تشاء ولأنه علق اليمين على المشيئة بحرف إن أشبه مشيئة غيرها فإن حنث فهل لا يكون مؤليا كقوله والله لا وطئتك إلا برضاك فالجواب الفرق بينهما بأنها إذا شاءت انعقدت يمينه بحيث لا يمكنه الوطء بغير حنث بخلاف والله لا وطئتك إلا برضاك فإنه لم يحلف إلا على وطئها حال سخطها فيمكنه وطؤها في حال رضاها بغير حنث فإن قالت ما أشاء أو سكتت لم يصر مؤليا قاله في المستوعب
فرع إذا قال والله لا وطئتك إلا أن يشاء أبوك أو فلان لم يكن مؤليا لأنه علقه بوجود فعل يمكن وجوده في ثلث سنة إمكانا غير بعيد وليس بمحرم ولا فيه مضرة أشبه ما لو علقه على دخولها الدار وإن قال إلا أن تشائي أو إلا باختيارك أو إلا أن تختاري لم يصر مؤليا اقتصر
____________________
1-
(8/14)
و قال ابو الخطاب إن لم تشأ في المجلس صار مؤليا و إن قال لنسائه و الله لا وطئت واحدة منكن صار مؤليا منهن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عليه في الكافي ونصره في الشرح لأنه منع نفسه من وطئها بيمينه إلا عند إرادتها أشبه ما لو قال إلا برضاك أو حتى تشائي وكما لو علقه على مشيئة غيرها لو قال القاضي تنعقد يمينه فإن شاءت انحلت وإلا فهي منعقدة وقال أبو الخطاب وابن الجوزي وجزم به في التبصرة إن لم تشأ في المجلس صار مؤليا لأنه يصدق بمضي المجلس أنها ما شاءت فوجب تحقق ذلك لفوات الاستثناء فظاهره بل صريحه يعتمد أن المشيئة تعتبر في المجلس والمذهب لا فرق بين وجودها في الحال أو التراخي
فرع إذا حلف لا يطؤها حتى تفطم ولدها أو ترضعه كان مؤليا إذا كان بينه وبين مدة الفطام والرضاع أكثر من أربعة أشهر فإن مات الولد قبل مضي أربعة أشهر سقط الإيلاء
مسألة إذا حلف على وطء امرأته عاما ثم كفر يمينه انحل الإيلاء فإن كان تكفيره قبل مضي أربعة أشهر لم ينحل الإيلاء حين التكفير وإن كفر بعد الأربعة قبل الوقت صار كالحالف على أكثر منها إذا مضت يمينه على وفقه
وإن قال لنسائه والله لا وطئت واحدة منكن صار مؤليا منهن جزم به الجماعة لأن النكرة في سياق النفي فإنها تعم ولا يمكنه وطء واحدة منهن إلا بالحنث وقال القاضي يكون مؤليا من واحد غير معينه لأن لفظه تناول واحد منكرة فلا يقتضي العموم و جوابه مما سبق لقوله تعالى { لم يتخذ ولدا } { ولم يكن له كفوا أحد }
____________________
1-
(8/15)
إلا أن يريد واحدة بعينها فيكون مؤليا منها وحدها وإن أراد واحدة مبهمة فقال أبو بكر تخرج بالقرعة و إن قال و الله لا وطئت كل واحدة منكن كان مؤليا من جميعهن و تنحل يمينه بوطء واحدة و قال القاضي لا تنحل في البواقي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فيجب حمل اللفظ على الإطلاق على مقتضاه في العموم فعلى الأول إذا طلق واحد منهن أو ماتت كان مؤليا من البواقي لأنه تعلق بكل واحد منفردة وإن وطئ واحدة منهن خنث و سقط الإيلاء من الباقيات لأنها يمين واحد إلا أن يريد واحد بعينها فيكون مؤليا منها وحدها لأن اللفظ يحتمله و هو أعلم بنية وإن أراد واحدة مبهمة قبل منه و لا يصير مؤليا منهن في الحال فإذا وطئ ثلاثا كان مؤليا من الرابعة فقال أبو بكر يحرج بالقرعة قدمه في المحرر و الرعاية وجزم به في الوجيز وفي الكافي هو قياس المذهب كما إذا طلق واحدة من نسائه لا بعينها و كالعتق و قيل يرجع إلى يعيينه
وإن قال و الله لا وطئت كل واحدة منكن كان مؤليا من جميعهن لأن لفظه صريح في التعميم و لا يقبل قوله نويت واحدة معينة أو مبهمة و لفظه صريح في التعميم و لا يقبل قوله نويت واحدة معينة أو مبهمة و لفظة كل أزالت الخصوص و تنحل يمينه بوطء واحدة جزم به في الكافي و قدمه في الرعاية لأنها يمين واحدة تعلقت بأشياء فإذا حنث فيها لم تتبعض و يسقط حكم المهر في الباقي و قال القاضي لا تنحل في البواقي قدمه في المستوعب كما لو أطلق إحداهن أو ماتت ولأنه صريح بمنع نفسه من كل و احد أشبه ما لو حلف على كل واحد يمينا
فرع إذا قال كلما وظئت واحدة منكن فضرائرها طوالق و قلنا هو إيلاء فهو مؤل منهن
____________________
1-
(8/16)
وإن قال و الله لا أطؤكن فهي كالتي قبلها في أحد الوجهين و في الأخر لا يصير مؤليا حتى يطأ ثلاثا فيصير مؤليا من الرابعة فعلى هذا لو طلق واحدة منهن أو ماتت أنحلت يمينه ها هنا و في التي قبلها لا تنحل في البواقي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإن قال و الله لا أطؤكن فهي كالتالي قبلها في أحد الوجهين و هو ينبئي على أصل و هو هل يحنث بفعل البعض و فيه روايتان إحداهما يحنث فيكون مؤليا في الحال منهن و جزم به في الوجيز لأنه لا يمكنه وطء واحدة منهن إلا بحنث فإذا وطئ واحدة أنحلت يمينه لأنها يمين واحدة فتنحل بالحنث فيها كما لو خلف على واحدة و الثانية لا يحنث بفعل البعض و لا يكون مؤليا في الحال لأنه يمكنه وطء كل واحدة بغير حنث و في الآخر لا يصير مؤليا حتى يطأ ثلاثا فيصير مؤليا من الرابعة لأن المنع حينئذ يصير في الرابعة محققا ضرورة الحنث بوطئها و ابتداء المدة حينئذ فعلى هذا لو طلق واحدة منهن أو ماتت أنحلت يمينه هاهنا لأنه يمكنه وطء الباقيات بغير حنث و في التي قبلها لا تنحل في البواقي لأنه يقتضي كون المحلف عليه المنع من كل واحدة وطلاق واحدة أو موتها لا يوجب انحلال اليمين في غيرها كما لو حلف بالله لا وطئت هذه ثم حلف لا وطئت هذه ثم ماتت إحداهما أو طلقها و ذكر القاضي أنه إذا قلنا يحنث بفعل البعض فوطئ واحدة حنث و لم ينحل الإيلاء في البواقي و نصره في الشرح خلاف قوله و قبل إن ماتت لم تبق يمين ولا إيلاء على الوجهين و على الاول إذا قلنا صار مؤليا منهن فإذا طالبن بالفيئة وقف لهن كلهن فإن اختلفت مطالبتهن و قف لكل و احدة عند طلبها أختاره أبو بكر لأنه لا يؤخذ بحقها قبل طلبها وعنه يوقف للجميع وقت مطالبة أولاهن قال القاضي هو ظاهر كلام احمد لأنها يمين واحدة فكان الوقف لها واحدا و الكفارة واحدة و قيل تجب
____________________
1-
(8/17)
وإن الى من واحدة و قال للأخرى اشتركت معها لم يصير مؤليا من الثانية و قال القاضي يصير مؤليا منهما فصل الشرط الرابع ان يكون من زوج (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بفيئته الى كل واحدة كفارة
و إن آلى من واحدة و قال للأخرى شركتك معها لم يصر مؤليا من الثانية لأن اليمين بالله لا تصح إلا بلفظ صريح من اسم أو صفة و التشريك بينهما كناية فلم تصح به اليمين و قال القاضي يصير مؤليا منهما كالطلاق لكن الفرق بينهما أن الطلاق ينعقد بالكناية و ليس كذلك اليمين فلو إلى رجل من زوجته فقال آخر لامرأته أنت مثل فلانة لم يكن مؤليا و علم مما سبق أنة لا يصح إلا من زوجة فلو خلف على ترك وطء أمته لم يكن مؤليا للنص و كذا لو حلف على ترك وطء أجنبية ثم نكحها نص عليه ونصره في الشرح لآن الإيلاء حكم من أحكام النكاح فلم يتقدمه كالطلاق و قال الشريف أبو جعفر قال أحمد يصح الظهار قبل النكاح فكذا الإيلاء وقيل بشرط اضافته الى النكاح كما لو قال إن تزوجت فلانة فوالله لا وطئتها و مثله نكاح فاسد
تنبيه يصح الإيلاء بكل لغة مطلقا فإن آلى بالعجمية أو العربية من لا يدري معناها لم يكن مؤليا وإن نوى موجبها عند أهلها فإن آلى عربي أو عجمي بلغته ثم قال جرى على لساني من غير قصد لم يقبل قوله في الحكم لأنه خلاف الظاهر فصل الشرط الرابع أن يكون من زوج نص عليه يشترط أن يكون مكلفا
____________________
1-
(8/18)
يمكنه الجماع و تلزمه الكفارة بالحنث مسلما كان او كافر حرا او عبدا سليما أو خصيا أو مريضا يرجى برؤه فأما العاجز عن الوطء فيجب او شلل فلا يصح ايلاؤه و يحتمل أن يصح و فيئته أن يقول لو قدرت لجامعتك و لا يصح ايلاء الصبي والمجنون (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + للآيه ولأن غير الزوج موطوءته أمته و الأمة لاحق لها في الوطء كالأجنبية و الذمي كالمسلم إذا ترافعوا إلينا في قول أكثرهم فإن أسلم لم ينقطع إيلاؤه و يتخرج و أجنبي تلزومه الكفارة يمكنه الجماع لأنه إذا لم يمكنه الجماع كالمجبوب فيمينه يمين على مستحيل فلم ينعقد كما لو حلف ليقلب الحجر ذهبا و لأن الإيلاء اليمين المانعه من الجماع و يمين من شأنه ما ذكر لا يمنعه بل فعل ذلك متعذرا منه و تلزم أي الزوج الكفارة بالحنث لأنه إذا كان صبيا أو مجنونا فلا يعتبر قوله و لا يمينه مضرورة عدم الأهلية مسلما كان أو كافرا حرا أو عبدا سليما أو خصيا أو مريضا يرجى برؤه أو مرضوضا أو مجبوبا من ذكره ما يمكنه الجماع به و كذا إن كان لعارض مرجو الزوال كحبس و نحوه لأنه قادر على الوطء فصح منه الامتناع منه وعنه أولا كرتق اختاره القاضي و أصحابه فأما العاجز عن الوطء بجب أو شلل فلا يصح إيلاؤه لأن من شروطه إمكان الجماع و هو معدوم و كذا إن كان لعارض غير مرجو الزوال لأنه حلف على ترك مستحيل فلم يصح كالحلف على ترك الطيران و يحتمل أن يصح لمرض مرجو الزوال و الأولى أولى و عليه لو حلف ثم جب ففي بطلانه وجهان قاله في الترغيب و فيئته أن يقول لو قدرت لجامعتك لأنه يقدر على أكثر منه و عنه فيئة كل معذور فئت إليك و لا حنث بفيئة اللسان
و لا يصح إيلاء الصبي و المجنون لرفع القلم عنهما و المذهب صحة إيلاء المميز
____________________
1-
(8/19)
و في إيلاء السكران وجهان و مدة الايلاء في الاحرار و الرقيق سواء و عنه في العبد أنها على النصف ولا حق لسيد الامه في كلب الفيئة و العفو عنها و انما ذلك اليهما فصل وإذا صح الايلاء ضربت له مدة أربعة أشهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأنه يصح طلاقة و في إيلاء السكران وجهان بناء على طلاقة و الأشهر صحته و مدة الايلاء في الاحرار والرقيق سواء في ظاهر المذهب و نصره في الشرح لعموم النص و لأنها ضربت للوطء أشبهت مدة العنة و عنه أنها في العبد على النصف نقل أبو طالب أن أحمد رجع إليه و أنه قول التابعين كلهم إلا الزهري وحده و أختاره أبو بكر كالطلاق و النكاح و لأن مدة الإيلاء ثبت ابتداؤها بقول الزوج فوجب أن تختلف كمدة العدة و ظاهرها ما سبق أنه لا يشترط لصحته الغضب و لا قصد الإضرار وقاله ابن مسعود و أهل العراق و قال ابن عباس إنما الإيلاء في الغضب و لاحق لسيد الأمة في طلب الفيئة والعفو عنها وإنما ذلك إليها وجملة ذلك أن الحرة والأمة سواء في استحقاق المطالبة عفى السيد أو لا لن الحق لها لكون الاستمتاع يحصل لها فإن تركت المطالبة لم يكن لمولاها المطالبة به لأنه لا حق له لا يقال حقه في الولد لأنه لا يعزل عنها إلا بإذنه لأنه لا يستحق على الزوج استيلاد المرأة بدليل أنه لو حلف ليعزلن عنها أولا يستولده لم يكن مؤليا فصل
وإذا صح الإيلاء ضربت له مدة أربعة أشهر فالمؤلي يتربص أربعة أشهر كما كما أمره الله تعالى ولا يطالب بالوطء فيهن فإذا مضت ورافعته امرأته إلى الحاكم أمره بالفيئة فإن أبى أمر بالطلاق و لا تطلق بمقضى المدة قال أحمد يوقف عن أكابر الصحابة و قال في روايه أبي طالب قال ذلك عمر
____________________
1-
(8/20)
فإن كان بالرجل عذر بمنع الوطء احتسب عليه بمدته و إن كان ذلك بها لم تحتسب عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و عثمان و على و ابن عمر و جعل و جعل يثبت حديث على ورواره البخاري عن ابن عمر قال و يذكر عن أبي الدراداء و عائشة و أثني عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقال سليمان بن يسار أدركت بضعة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يوقف المؤلي رواه الشافعي و الدارقطني بإسناد جيد و قال ابن مسعود وابن عباس إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة و قال مكحول و الزهري تطليقة رجعية لأن هذه المدة ضربت لاستدعاء الفعل منه أشبه مده العنة و جوابه ظاهر الآية و الفاء للتعقيب ثم قال { وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم } و لو وقع يمضى المدة لم يحتج إلى عزم عليه و قوله { سميع عليم } بقتضى أن الطلاق مسموع و لا يكون المسموع إلا كلاما و لأنها مدة ضربت تأجيلا فلم تستحق المطالبة فيها كسائر الآجال و مدة العنة حجة لنا فإن الطلاق لا يقع إلا بمضيها و لأن مدة العنة ضربت ليختبر فيها و يعرف عجره عن الوطء بتركه في مدتها وهذه ضربت تأخيرا له و تأجيلا ولا يستحق المطالبة إلا بمضي الأجل كالدين وفي الوجيز تضرب للكافر المدة بعد إسلامه والمذهب أن ابتداءها من حين اليمين ولا يفتقر إلى ضرب لأنها تثبت بالنص والإجماع كمدة العنة فإن كان بالرجل عذر يمنع الوطء كمرض وصوم احتسب عليه بمدته لأن المانع من جهته وقد وجد التمكين الذي عليها وكذلك لو أمكنته من نفسها وامتنع وجبت لها النفقة وإن طرأ شيء من هذه الأعذار بعد الإيلاء أو جن لم تنقطع المدة وإن كان ذلك بها كصغرها ومرضها وصيامها واعتكافها المفروضين وإحرامها لم تحتسب عليه
____________________
1-
(8/21)
و إن طرأبها استؤنفت العدة عند زواله ألا الحيض فإنه يحتسب عليه بمدته و في النفاس وجهان و إن طلقها في أثناء المدة انقطعت فإن راجعها أو نكحها إذا كانت بائنا أستؤنفت المدة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أي إذا وجد ذلك حال الإيلاء لم تضرب له المدة حتى تزول لأن المدة تضرب لامتناعه من وطئها والمنع هنا من قبلها وإن طرأ بها هو بالهمز وقد يترك استؤنفت المدة عند زواله ولم تبن على ما مضى لقوله تعالى { تربص أربعة أشهر } يقتضي أنها موالية فإذا قطعها وجب استئنافها كمدة الشهرين في صوم الكفارة وقيل تبنى كحيض إلا الحيض فإنه يحتسب عليه بمدته ولا يمنع ضرب المدة إذا كان موجودا وقت الإيلاء لأنه لو منع لم يمكن ضرب المدة لأن الحيض في الغالب لا يخلو منه شهر فيؤدي ذلك إلى إسقاط حكم الإيلاء وفي النفاس وجهان وقيل روايتان أحدهما هو كالحيض لأنه مثله في أحكامه والثاني وهو الأشهر إنه كالمرض لأنه عذر نادر وقيل مجنونة لها شهوة كعاقلة وفي الرعاية فإن تعذر الوطء بسبب من جهتها كحيض وحبس ومرض وصغر لم يحتسب عليه في المدة وقيل بلى وإن طرأ بعض ذلك فيها ثم زال استؤنفت وقيل على ما مضى وإن طلقها في أثناء المدة انقطعت لأنها صارت ممنوعة بغير اليمين فانقطعت المدة كما لو كان الطلاق بائنا سواء بانت بفسخ أو خلع أو بانقضاء عدتها من الطلاق الرجعي لأنها صارت أجنبية ولم يبق شيء من أحكام نكاحها فإن راجعها أو نكحها إذا كانت بائبا استؤنفت المدة لأن الإيلاء يعود حكمه بذلك والتربص واجب فوجب استئنافها ضرورة الوفاء بالواجب وظاهره أن الطلاق الرجعي كالبائن في انقطاع مدة التربص وفي استئنافها بالرجوع إلى زوجته
____________________
1-
(8/22)
وإن انقضت المدة وبها عذر يمنع الوطء لم تملك طلب الفيئة و إن كان العذر به وهو مما يعجز به عن الوطء أمر أن يفئ بلسانه فيقول متى قدرت جامعتك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وصرح به في المغني وأنه لا يحتسب المدة على الزوجة من الرجعة في قول الخرقي والقاضي لأنها صارت ممنوعة من غير يمين فانقطعت كمن لو كان الطلاق بائنا وقال ابن حامد إذا طلق استؤنفت مدة أخرى من حين طلاقه وتحتسب مدة الإيلاء في زمن عدة الرجعة فإذا تمت أربعة أشهر قبل انقضاء عدة الطلاق وقف فإن فاء وإلا أمر بالطلاق وإن انقضت العدة قبل مدة الإيلاء تربص به تمام أربعة أشهر من حين طلق والمذهب أنه إذا طلق رجعيا في المدة لم تنقطع قبل فراغ عدتها وقيل تنقطع وتستأنف كما لو ارتدا أو أحدهما بعد الدخول أو أسلما في العدة وإن انقضت المدة وبها عذر يمنع الوطء كمرض وإحرام لم تملك طلب الفيئة لأن الوطء ممتنع من جهتها ولأن المطالبة مع الاستحقاق وهي لا تستحق الوطء في هذه الأحوال وليس لها المطالبة بالطلاق لأنها إنما تستحق عند امتناعه ولم يجب عليه شيء لكن تتأخر المطالبة إلى زوال العذر إن لم يكن قاطعا للمدة كالحيض أو كان العذر حدث بعد انقضاء المدة وفي الرعاية لم تطالب بفيئة الوطء حتى يزول ذلك وفي فيئة القول وجهان وإن كان العذر به وهو مما يعجز به عن الوطء كمرض وحبس مطلقا أمر أن يفيء بلسانه ولا يمهل لفيئة اللسان فيقول متى قدرت جامعتك هذا قول ابن مسعود وجمع لأن القصد بالفيئة ترك ما قصده من الإضرار وقد ترك قصد الإضرار بما أتى به من الاعتذار والقول مع العذر يقوم مقام فعل القادر بدليل إشهاد الشفيع على الطلب بها ولا يحتاج أن يقول ندمت لأن الغرض أن يظهر رجوعه عن المقام عن اليمين وحكى أبو الخطاب عن
____________________
1-
(8/23)
ثم متى قدر على الوطء لزمه ذلك أو يطلق وقال أبو بكر لا يلزمه و إن كان ظاهر فقال أمهلوني حتى أطلب رقبة أعتقها عن ظهاري أمهل ثلاثة أيام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القاضي أن فيئة المعذور أن يقول فئت إليك وقاله الثوري وأبو عبيد واختاره الخرقي وأبو بكر والحلواني لأن وعده بالفعل عند القدرة عليه دليل على ترك قصد الإضرار ثم متى قدر على الوطء لزمه ذلك أو يطلق صححه ابن حمدان ونصره المؤلف لأنه أخر حقها لعجزه عنه فإذا قدر عليه لزمه أن يوفيها إياه كالدين على المعسر إذا قدر عليه وقال أبو بكر لا يلزمه وهو قول الحسن وعكرمة والأوزاعي لأنه فاء مرة فلا يلزمه أخرى كالوطء والمذهب الأول لأن فيئته بالقول ليس عين حقها وإنما هو وعد بإيفاء حقها فحقها الأصلي باق ولا مانع من فعله فلزمه كما لم يفء بلسانه فإن رضيت بالمقام مع العاجز لم تضرب له مدة في الأصح وعلم منه أن من أفاء بلسانه فلا كفارة عليه ولا حنث لأنه لم يفعل بالمحلوف عليه وإنما وعد بفعله كالمدين إذا أعسر وإن كان مظاهرا لم يطأ حتى يكفر فإذا وطئ صار مظاهرا منها وزال حكم الإيلاء فقال أمهلوني حتى أطلب رقبة أعتقها عن ظهاري أمهل ثلاثة أيام لأنها مدة قربية فالظهار كالمرض عند الخرقي وكذا الاعتكاف المنذور وذكر بعض أصحابنا أن المظاهر لا يمهل ويؤمر بالطلاق فيخرج من هذا أن كل عذر من فعله يمنع الوطء لا يمهل من أجله لأن الامتناع بسب منه فلا يسقط حكما واجبا ووجه الأول أنه عاجز عن الوطء بأمر لا يمكنه الخروج منه أشبه المريض فإن قال أمهلوني حتى أطلب رقبة أو أطعم فإن علم أنه قادر على التكفير في الحال لم يمهل لأنه إنما يمهل للحاجة ولا حاجة هنا وإن لم يعلم أمهل ذكره المؤلف ولا يمهل لصوم شهرين متتابعين لأنه كثير وقيل بلى فإن وطئها فقد عصى وانحل
____________________
1-
(8/24)
و إن قال أمهلوني حتى أقضي صلاتي أو أتغدى أو حتى ينهضم الطعام أو أنام فإني ناعس أمهل بقدر ذلك و إذا لم يبق له عذر وطلبت الفيئة وفي الجماع فجامع انحلت يمينه وعليه كفارتها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إيلاؤه ولها منعه وقال القاضي يلزمها التمكين فإن امتنعت سقط حقها لأن حقها في الوطء وقد بذله لها وجوابه بأنه وطء حرام فلا يلزم التمكين منه كالوطء في الحيض وإن قال أمهلوني حتى أقضي صلاتي أو أتغدى أو حتى ينهضم الطعام أو أنام فإني ناعس أمهل بقدر ذلك لأنه زمن يسير ولا يمهل أكثر من قدر الحاجة كالدين الحال وإن طلب المهلة حتى ينظر في صومه أو يرجع إلى بيته أو يحل من إحرامه أمهل لأن لعاده تقتضيه
فرع إذا كانت صغيرة أو مجنونة فليس لها المطالبة لأن قولها غير معتبر ولا لي لوليها لأن هذا طريقه الشهوة وإن كانتا ممن لا يمكن وطؤهما لم يحتسب عليه بالمدة لأن المنع من جهتها وأن كان ممكنا فأفاقت المجنونة وبلغت الصغيرة قبل انقضاء المدة له تممت ثم لهما المطالبة وإن كان بعد انقضاء المدة فلهما المطالبة يومئذ لأن الحق لهما ثابت وإنما تأخر لعدم إمكان المطالبة و إذا لم يبق له عذر وطلبت الفيئة وهي الجماع بغير خلاف وأصل الفيء الرجوع إلى فعل ما تركته و الفيئة بكسر الفاء مثل الصيغة ذكره في الصحاح فجامع القادر عليه إن حل وطؤها وقيل ذكره ابن عقيل رواية وطئا مباحا لا في حيض ونحوه انحلت يمينه لتحقق حنثه وعليه كفارتها في قول أكثر العلماء لعموم النص وقال الحسن لا كفارة عليه قال قتادة الحسن قد خالف الناس
فرع إذا كفر عن يمينه بعد المدة قبل الوطء أو استدخلت ذكره وهو
____________________
1-
(8/25)
وإن وطئها دون الفرج أو الدبر لم يخرج من الفيئة و إن وطئها في الفرج وطأ محرما مثل أن يطأ حالة الحيض أو النفاس أو الإحرام أو صيام فرض من أحدهما فقد فاء إليها لان يمينه انحلت به و قال أبو بكر الأصح أنه لا يخرج من الفيئة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نائم أو وطئها ناسيا يمينه أوفي حال جنونه وقلنا لا يحنث فهل ينحل إيلاؤه على وجهين وفي المذهب يفي بما يبيحها لزوج أول والجاهل كالناسي في الحنث وأدنى ما يكفيه تغييب الحشفة أو قدرها في الفرج لأن أحكام الوطء تتعلق به وظاهره ولو من مكره وناس ونحوهما وإن وطئها دون الفرج أو في الدبر لم يخرج من الفيئة لأنه ليس بمحلوف عليه ولا يزول الضرر بفعله وفي الرعاية فما فاء ولو حنث بهما في وجه لدخوله في يمينه وإن وطئها في الفرج وطئا محرما مثل أن يطأ حالة الحيض أو النفاس أو صيام فرض من أحدهما فقد فاء إليها لأن يمينه انحلت بع فزال حكمها وزال الضرر عنها وكان كالوطء الحلال وكما لو وطئها مريضة وقال أبو بكر الأصح وحكاه في المغني والشرح قياس المذهب أنه لا يخرج من الإيلاء لأنه وطء لا يؤمر به في الفيئة فلم يخرج به من الإيلاء كالوطء في الدبر والذي ذكره لا يصح لأن يمينه انحلت ولم يبق ممتنعا من الوطء بحكم اليمين فلم يبق الإيلاء كما لو كفر يمينه وقد نص أحمد على من حلف ثم كفر يمينه لا يبقى مؤليا لعدم حكم اليمين فهذا أولى وقد ذكر القاضي في المحرم والمظاهر انهما إذا وطئا فقد وفياها حقها بخلاف الوطء في الدبر لأنه ليس بمحل للوطء
مسألتان الأولى إذا آلى بعتق أو طلاق وقع بنفس الوطء لأنه معلق بصفة وإن لم يفعل فكفارة يمين وإن الى بنذر أو صوم أو صلاة أو حج أو غير ذلك من الطاعات أو المباحات فهو مخير بين الوفاء به وبين التكفير لأنه نذر لجاج وغضب وهذا حكمه
____________________
1-
(8/26)
و إن لم يفء و أعفته المرأة سقط حقها و يحتمل إلا يسقط و لها المطالبة بعد و إن لم تعفه أمر بالطلاق فإن طلق واحدة فله رجعتها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
الثانية إذا الى بطلاق ثلاث أمر بالطلاق لأن الوطء غير ممكن لأنها تبين منه بإيلاج الحشفة فيصير مستمتعا بأجنبية وذكر المؤلف أن الأليق بالمذهب تحريمه وعنه لا ومتى أولج وتمم أو لبث لحقه نسبه وفي المهر وجهان وقيل يجب الحد جزم به في المستوعب وفيه ويعزر جاهل وفي المنتخب فلا مهر ولا نسب وإن نزع فلا حد ولا مهر لأنه تارك وإن نزع ثم أولج فإن جهلا التحريم فالمهر والنسب ولا حد والعكس بعكسه وإن علمه لزمه المهر والحد ولا نسب وإن علمته فالحد والنسب ولا مهر وكذا إن تزوجت في عدتها وإن لم يفء وأعفته المرأة سقط حقها وليس لها المطالبة في قياس المذهب قاله القاضي لأنها رضيت بإسقاط حقها من الفسخ فسقط حقها منه كامرأة العنين إذا رضيت منه ويحتمل أن لا يسقط ولها المطالبة بعد أي متى شاءت لأنها ثبتت لدفع الضرر بترك ما يتجدد مع الأحوال كما لو أعسر في بالنفقة فعفت عن المطالبة ثم طالبت وفارق الفسح للعنه فإنه فسخ لعيبه فمتى رضيت بالعيب سقط حقها كما لو عفى المشتري عن عيب المبيع وإن سكتت عن المطالبة ثم طالبت فلها ذلك وجها وحدا لان حقها ثبت على التراخي فلم يسقط بتأخير المطالبة كاستحقاق النفقة ( وإن لم تعفه أمر بالطلاق ) إن طلبت ذلك لقوله تعالى { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } فإذا امتنع من أداء الواجب فقد أمتنع من الإمساك بالمعروف فيؤمر بالتسريح بالإحسان فإن طلق واحدة فله رجعتها سواء
____________________
1-
(8/27)
و عنه أنها تكون بائنه و إن لم يطلق حبس و ضيق عليه حتى يطلق في إحدى الروايتين و الأخرى يطلق عليه الحاكم فان طلقها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولا استيفاء عدد فكان رجعيا كالطلاق في غير الايلاء و يفارق فرقة العنة لأنها فسخ لعيب و عنه أنها تكون بائنة و قاله أبو ثور لأنها فرقة لدفع الضرر فكانت بائنة كالمختلعة و عنة من حاكم لا منه قال القاضي المنصوص عن أحمد في فرقة الحاكم أنها تكون بائنا و قال الاثرم فأما تفريق السلطان فليس فيه رجعة كاللعان و علم منه ان الزوج أو الحاكم إذا طلق ثلاثا فإنها تحرم عليه و لا تحل له إلا بعد زوج و إصابة
فرع إذا و قع الطلاق ثم أرتجعها أو تركها حتى أنقضت عدتها ثم تزوجها أو طلق ثلاثا فتزوجت غيره ثم تزوجها و قد بقى من مدة الايلاء أكثر من أربعه اشهر و قف لها لانه يمتنع من وطئها بيمين في حال الزوجية أشبه ما لو راجعها و إن بقي أقل من أربعة أشهر و لم يثبت حكم الايلاء لقصوره عن مدته ( و أن لم يطلق حبس و ضيق عليه حتى يطلق في إحدى الروايتين ) قدمها في الرعاية و الفروع و جزم بها في الوجيز لأنه مفض الى زوال ضرر المرأة المطلوب زواله فعليها ليس للحاكم الطلاق لأن الزوج إذا خير بين أمرين لم يقم غيره مقامه كاختياره لبعض الزوجات إذا أسلم على أكثر من أربع ( والأخرى يطلق عليه الحاكم ) قدمها في الكافي و صححها في الشرح قال في الفروع و هي أظهر لأنه حق تعين مستحقه فدخلت النيابة فيه كقضاء الدين و الفرق بين طلاق الحاكم و التخيير أن المستحق من النسوة عير معين بخلاف الايلاء و لأنها خيرة تشه بخلاف الخيرة هنا و ليس هو خيرة بين أمرين لأنه يؤمر بالفيئة ثم بالطلاق فإن طلقها
____________________
1-
(8/28)
واحدة فهو كطلاق المؤلي و إن طلق ثلاثا أو فسخ صح ذلك وإن ادعى أن أدعى أن المدة لم تنقض أو انه وطئها و كانت ثيبا فالقول قوله وإن كانت بكرا وادعت أنها عذراء فشهدت بذلك امرأة عدل و كانت ثيبا فالقول قولها و إلا فالقول قوله و هل يحلف من القول قوله على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحاكم واحدة فهو كطلاق المؤلي لأنه نائبه و قائم مقامه فوجب أن يكون كحكمه و إن طلاق ثلاثا أو فسخ صح ذلك لآن الحاكم قائم مقام الزوج فملك ما يمكله و قدم في التبصرة أنه لا يملك ثلاثا للمساواة و عنه يتعين الطلاق و عنه الفسخ فإن قال الحاكم فرقت بينكما فروايتان أنصهما أنه فرقة بغير طلاق فلا تحل له إلا بعقد جديد و الأخرى تقع عليه طلقة
فرع إذا أدعى عجزه عن الوطء و لم يكن علم انه عنين فقيل لا يقبل قوله صححه في الرعاية لأن الأصل سلامته فيؤمر بالطلاق و قيل بلى لأنه لا يعرف إلا من جهته و إن أدعي أن المدة لم تنقض و ادعت في أنقضاءها أو أنه وطئها و كانت ثيبا فالقول قوله لأن الأصل بقاء النكاح والمرأة تدعي رفعه فهو يدعي ما يوافق الأصل كما لو أدعى الوطء من العنة وفيه احتمال و في اليمين روايتان إحداهما يحلف أختاره الخرقي للخبر وكالدين و لأن ما تدعيه المرأة محتمل فوجب نفيه باليمين و الثانية و نص عليهما في رواية الأثرم و أختارها أبو بكر أنه لا يمين عليه لأنه لا يقضى فيها بالنكول و أن كانت بكرا و أدعت أنها عذراء فشهدت بذلك امرأة عدل فالقول قولها لأن قولها اعتضد بالبينة إذ لو وطئها زالت بكارتها و عنه لا يقبل فيه إلا امرأتان و إلا فإن لم يشهد لها أحد بذلك و إلا فالقول قوله كما لو كانت ثيبا و هل فيها والله وأعلم يحلف من القول قوله من الزوج و الزوجة على وجهين حكاهما
____________________
1-
(8/29)
= كتاب الظهار = و هو محرم و هو أن يشبه امرأته أو عضوا منها بظهر من تحرم عليه على التأبيد بها أو بعضو منها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب الظهار =
هو مشتق من الظهر سمي بذلك لتشبيه الزوجة بظهر الأم و إنما خصوا الظهر دون غير لأنه موضع الركوب إذا المرأة مركوبة إذا غشيت فقوله أنت على كظهر أمي أي ركوبها للنكاح حرام علي كركوب أمي للنكاح فأقام الظهر مقام الركوب لأنه مركوب و أقام الركوب مقام النكاح لأن الناكح راكب و يقال كانت المرأة بالظهار تحرم على زوجها و لا تباح لغيره فنقل الشارع حكمه لا تحريمها ووجب الكفارة بعد العود و أبقى محله و هو الزوجية و هو محرم إجماعا حكاه بن المنذر و سنده قوله تعالى { وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا } و قول المنكر و الزور من أكبر الكبائر للخبر و معناه أن الزوجة ليست كالأم في التحريم لقوله تعالى { ما هن أمهاتهم } { وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم } و السنة حديث أوس بن الصامت حين ظاهر من زوجته خويلة بنت مالك بن ثعلبة فجائت النبي صلى الله عليه وسلم تشتكيه فأنزل الله أول سورة المجادلة رواه أبو داود و صححه أبن حبان و الحاكم و فيه أحاديث أخر ستأتي و هو أن يشبه امرأته أو عضوا منها بظهر من تحرم عليه على التأبيد بها أو بعضو منها إذا شبه امرأته بظهر من تحرم عليه على التأييد كقوله أنت علي كظهر أمي فهو مظاهر إجماعا و إن شبهها إجماعا و إن يظهر من تحرم من ذوي رحمة كجدته
____________________
1-
(8/30)
فيقول أنت علي كظهر أمي أو كيد أختي أو كوجه حماتي أو ظهر أو يدك على كظهر أمي أو كيد أختي أو خالتي من نسب او رضاع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و خالته فكذلك في قول أكثرهم لأنهن محرمات بالقرابة أشبهن الام فيقول أنت علي كظهر أمي أو كيد أختي أو كوجه حماتي الاحماء في اللغة أقارب الزوج و الأختان أقارب المرأة و الأصهار لكل واحد منهما و نقل أبن فارس أن الإخماء كالأصهار فعلى هذا فيقال هذا حماه زيد و حماة هند أو ظهرك أو يدك علي كظهر أمي على الأصح فيه أو كيد أختي أو خالتي لأنه تشبيه لعضو منها من تحرم عليه على التأبيد أشبه ما لو قال أنت على كظهر أمي و إنما كان ذلك ظهارا لأنه قد أتى بالمنكر من القول و الزور و ذلك موجود في تشبيه عضو منها بذلك من نسب كالأمهات و الجدات أو رضاع المرضعات و الأخوات من الرضاعة لاستوائهما في التحريم على التأبيد و عنه لا يكون ظهارا قاله الحلواني حتى يشبه جمله امرأته لأنه لو حلف بالله لا يمس عضوا منها لم يسر الى غيره والأول المذهب لأن تحريم المحرمات من النسب و الرضاع إنما كان لمعان نظر إليها الشارع فيهن فحرمهن لتلك المعاني وأباح الزوجة لمعنى فيها فإلحاقها في التحريم بمن حرمه الله عز وجل افتراء على الله و تحريم لما أباحه الله منهن و ظاهره و لو وقع منه بغير العربية فإن قال كشعر أمي أو سنها أو ظفرها فلغو لأنها ليست من الأعضاء الثابتة و كذا الريق و الدم و الروح و كوجهي من وجهك حرام و ليس بظهار نص عليه و أمي امرأتي أو مثلها و في المبهج أنه كطلاق
تنبيه إذا قال أنت علي أو عندي أو مني أو معي كأمي أو مثل
____________________
1-
(8/31)
و إن قال أنت علي كأمي كانت مظاهرة و إن قال أردت كأمي في الكرامة دين و هل يقبل في الحكم يخرج على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أمي و أطلق فهو ظهار و عنه لا أختاره في الإرشاد و المغني و إن نوى في الكرامة و نحوها دين و في الحكم روايتان و إن قال جملتك أو بدبك أو جسمك أو ذاتك أو كللك علي كظهر أمي كان ظهارا كقوله أنت لأنه أتى بما يقضي تحريمها عليه فانصرف الحكم اليه كما لو قال أنت طالق و إن قال أنت كظهر أمي طالق أو عكسه لزما
فائدة يكره أن يسمى الرجل زوجته بمن تحرم عليه لما روي أبو داود ان رجلا قال لامرأته يا أخته فقال النبي صلى الله عليه وسلم أختك في فكره ذلك و نهي عنه و لانه لفظ يشبه الظهار و لا يثبت حكمه
و إن قال أنت علي كأمي كان مظاهرا لأنه شبه امرأته بأمه أشبه ما لو شبهها بعضو من أعضائها و هذا إذا نوى به الظهار فإن أطلق فروايتان قال ابن ابي موسى أظهرهما أنه ليس حتى ينويه و قال أبو بكر هو صريح في الظهر و نص عليه قال المؤلف و قياس المذهب عندي أنه أن و جدت قرينة تدل على الظهار مثل أن يخرجه مخرج أو قال ذلك حال الخصومة و الغضب
وإن قال أردت كأمي في الكرامة ونحوه دين لأنه أعلم بمراده و هل يقبل في الحكم يخرج على روايتين أصحهما و أختاره المؤلف أنه يقبل لأنه لما أحتمل الظهار و غيره ترجح عدم الظهار بدعوى الإرادة و الثانية لا يقبل لأنه لما قال أنت علي كأمي اقتضى أن يكون فيها تحريم أشبه ما لو قال أنت علي كظهر أمي
____________________
1-
(8/32)
و إن قال أنت كأمي أو مثل أمي فذكر أبو الخطاب فيها روايتين و الاولى أن هذا ليس بظهار الا ان ينويه أو يقترن به ما يدل إرادته و إن قال أنت علي كظهر أبي أو كالأجنبية أو أخت زوجتي أو عمتها أو خالتها فعلى روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وإن قال أنت كأمي أو مثل أمي بإسقاط علي أو عندي فهو مظاهر إن نواه لأنه يحتمله ذكره في الشرح فذكر أبو الخطاب فيها روايتين مثل أنت علي كأمي و كذا يتخرج في قوله رأسك كرأس أمي أو يدك كيدها وما أشبه فلو قال امي امرأتي أو مثل امرأتي لم يكن ظهارا لأنه تشبي لأمه ووصف لها وليس بوصف لامرأته والأولى أن هذا ليس بظهار لأن اللفظ ظاهر في الكرامة فتعين حمله عليه عند الإطلاق و لأنه ليش بصريح فيه لكونه غير اللفظ المستعمل فيه كما لو قال أنت كبيرة مثل أمي إلا أن ينويه أو يقترن به ما يدل على إرادته لأن النية تعين اللفظ في المنوي و القرينة شبيهة بها و إن قال أنت علي كظهر أبي أو كأبي أو مثل أبي أو كمظهر أجنبية أو أخت زوجتي أو عمتها أو خالتها فعلى روايتين إذا قال أنت علي كظهر أبي فعنه ظهار لأنه شبهها بظهر من يحرم عليه على التأبيد أشبه الأم و كذا إن شبهها بالميتة و الثانية ليس بظهار و هي قول أكثر العلماء أنه تشيبه بما ليس بمحل للاستمتاع أشبه ما لو قال أنت علي كما لزيد فعلى هذا عليه كفارة يمين أنه نوع تحريم أشبه ما لو حرم ماله و عنه لا شيء عليه أشبه التشبيه بمال غيره و اما إذا شبه امرأته بظهر من تحرم عليه تحريما ؤقتا كأخت امرأته وعمتها او الأجنبية فالأشبه أنه ظهار اختاره الخرقي و أبو بكر و رجحه في الشرح لأنه شبهها بمحرمة أشبه تشبيهها بالأم و الثانية ليس بظهار لأنها غير محرمة على التأبيد فلا يكون التشبيه بها كافيا كالحائض
____________________
1-
(8/33)
و إن قال انت على كظهر البهيمة لم يكن مظاهرا و ان قال انت على حرام فهو مظاهر ألا أن ينوي طلاقا أو يمينا فهل يكون ظهارا أو ما نواه على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
و إن قال أنت علي كظهر البهيمة لم يكن مظاهرا لأنه ليس بمحل للاستمتاع وفيه وجه كما لو شبهها بظهر أبيه و أطلقهما في المحرر و الفروع و ذكر في الرعاية إذا نوى الظهار فليس مظاهرا و قيل بلى و إن قال أنت علي حرام فهو مظاهر إذا لم ينو به طلاقا ولا يمينا في قول أكثر العلماء لان اللفظ ظاهر فيه فوجب كونه ظهارا كسائر الألفاظ الظاهرة فلو زاد إن شاء الله فليس بظهار نص عليه إلا أن ينوي طلاقا أو يمينا فهل يكون ظهارا أو ما نواه على روايتين إذا نوى به الطلاق فالأشهر أنه ظهار نص عليه في رواية جماعة و حكاه إبراهيم الحربي عن عثمان و ابن عباس و غيرهما لأنه تحريم أوقعه في الزوجة فكان بإطلاقه ظهارا لشببها بظهر أمه و كما لو قال أنت علي كظهر أمي ونوى به الطلاق و الثانية أنه ما نواه لأن النية إذا لم تكن موجبة فلا أقل من أن تكون صادقة و عنه أن التحريم يمين وروي عن ابن عباس لقوله تعالى { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } وأكثر القهاء على أن التحريم إذا لم ينو به الظهار فليس بظهار و إن نوى الظهار والطلاق معا كان ظهارا لأن اللفظ الواحد لا يكون كذلك
فرع إذا قال ما أحل الله علي حرام من أهل و مال فكفارة ظهر تجزئه كفارة واحدة في ظاهر كلامه و نصره المؤلف لأنه يمين واحدة فلا توجب كفارتين وأختر ابن عقيل أنه يلزمه كفارتان للظهار و لتحريم المال لأنه لو أنفرد أوجب بذلك فكذا إذا اجتمعا
____________________
1-
(8/34)
فصل و يصح من كل زوج يصح طلاقه مسلما كان او ذميا و الأقوى عندي انه لا يصح من الصبي ظهار ولا ايلاء لأنه يمين مكفرة فلم ينعقد في حقه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
و يصح من كل زوج يصح طلاقه فكل من صح طلاقه صح ظهاره لأنه قول يختص النكاح أشبه الطلاق قال في عيون المسائل فإن أحمد سوى بينه وبين الطلاق وفي الموجز مكلف و في الرعاية و الوجيز من صح طلاقه صح ظهاره إلا الأب و السيد مسلما كان أو ذميا على الأصح فيه لأنه يجب عليه كفارة إذا حنت فوجب صحة ظهاره كالمسلم و كجزاء صيد و يكفر بمال فقط و قال ابن عقيل و يعتق بلا نية و أنه أو قول لمنكر وزور والذمي أهل لذلك و الثانية لا يصح منه لأن الكفارة لا تصح منه لأنها عبادة تفتقر الى النية كسائر العبادات و جوابه بأنه يبطل بكفارة الصيد إذا قتله في الحرم و يصح منه العتق لا الصيام و لا تمتنع صحة الظهار بامتناع بعض أنواع الكفارة كما في حق العبد و النية إنما تعتبر لتعيين الفعل للكفارة فلا يمتنع ذلك في حق الكافر كالنية في كنايات الطلاق و اقتضى ذلك صحته من الصبي و العيد و قيل لا يصح من العبد و إن من لا يصح طلاقه وهو الطفل وزائل العقل بجنون أو إغماء أو نوم لا يصح بغير خلاف نعلمه
و الأقوى عندي أنه لا يصح من الصبي ظهار و لا إيلاء لأنه يمين مكفرة فلم ينعقد في حقه كاليمين بالله تعالى و لأن الكفارة و جبت لما فيه
____________________
1-
(8/35)
و يصح من كل زوجة فإن ظاهر من أمته او أم ولده لم يصح و عليه كفارة اليمين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + من قول المنكر و الزور و ذلك مرفوع عن الصبي لأن القلم مرفوع عنه و في المذهب في يمينه وجهان و في عيون المسائل يحتمل ألا يصح ظهاره لأنه تحريم مبني على قول الزور و حصول التكفير و المأثم و إيجاب مال أو صوم قال و اما الايلاء فقال يعض أصحابنا تصح ردته و إسلامه و ذلك متعلق بذكر الله وان سلمنا فإنما لم يصح لأنه ليس اهل اليمين بمجلس الحكم لرفع الدعوى و يصح من كل زوجة كبيرة كانت أو صغيرة مسلمة أو ذمية أمكن وطؤها أولا لعموم الآية و قال أبو ثور لا يصح ممن لا يمكن وطؤها لأن الظهار لتحريم وطئها و هو ممتنع منه بغير اليمين و جوابه العموم و لأنها زوجة يصح طلاقها فصح الظهار منها كغيرها
( فإن ظاهر من أمته أو أم ولد لم يصح و قال عبد الله بن عمر و ابن عمرو ورواه الدارقطني عن ابن عباس لقوله تعالى { الذين يظاهرون منكم من نسائهم } فخصهن به و لأنه لفظ تعلق به تحريم الزوجة فلا تحرم به الأمة كالطلاق و عليه كفارة اليمين نقله الجماعة و قدمه في الكافي و صححه في الشرح كتحريم سائر ماله و قال نافع حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريته فأمره الله أن يكفر يمينه
____________________
1-
(8/36)
و يحتمل ان تلزمه كفارة ظهار و إن قالت المرأة لزوجها انت علي كظهر ابي لم تكن مظاهرة و عليها كفارة ظهار (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( ويحتمل أن تلزمه كفارة ظهار ) ونقله حنبل عن أحمد لأنه أتى بالمنكر من القول والزور ولكن قال أبو بكر لا يتوجه هذا على مذهبه لأنه لو كان عليه كفارة ظهار كان مظاهرا ويحتمل ألا يلزمه شيء قاله أبو الخطاب كما لو قال أنت علي كظهر أبي وفي عمد الأدلة والترغيب رواية أنه يصح قال أحمد وإن اعتقها فهو كفارة يمين ويتزوجها إن شاء
( وإن قالت المرأة لزوجها أنت علي كظهر أبي ) أو إن تزوجت فلانا فهو علي كظهر أبي ( لم تكن مظاهرة ) رواية واحدة قاله القاضي وهو قول أكثر العلماء للآية ولأنه قول يوجب تحريم الزوجة يملك الزوج رفعه فاختص به الرجل كالطلاق وعنه ظهار اختاره أبو بكر وابن أبي موسى وقاله الزهري والأوزاعي فتكفر إن طاوعته وإن استمتعت به أو عزمت فكمظاهر ( وعليها كفارة ظهار ) قدمه في المستوعب والفروع وصححه الحلواني لأن عائشة بنت طلحة قالت إن تزوجت مصعب بن الزبير فهو علي كظهر أبي فاستفتت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأمروها أن تعتق رقبة وتتزوجه رواه سعيد والأثرم و الدارقطني ولأنها زوج أتى بالمنكر من القول والزور كالآخر ولأن الظهار يمين مكفرة فاستوى فيها المرأة والرجل
____________________
1-
(8/37)
و عليها التمكين قبل التفكير و عنه كفارة يمين و هو قياس المذهب و عنه لا شئ عليها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قاله أحمد وقال في رواية حرب عن ابن مسعود الظهار من الرجل والمرأة سواء ( وعليها التمكين قبل التكفير ) نص عليه لأن ذلك حق عليها فلا يسقط بيمينها كاليمين بالله تعالى وقيل لا وهو ظاهر كلام أبي بكر كالرجل والفرق واضح ونقل صالح له أن يطأ قبل أن تكفر لأنه ليس لها عليها شيء وفي المحرر يحرم عليها ابتداء قبله يعني كمظاهر ( وعنه كفارة يمين وهو قياس المذهب ) وأشبه بأصوله لأنه تحريم لحلال كتحريم الأمة وما روي عن عائشة يتعين حمله على ذلك لكون الموجود منها ليس بظاهر وظاهر كلامه في رواية الأثرم لا يقتضي وجوب كفارة الظهار إنما قال الأحوط ولا شك أن الأحوط التكفير بأغلظ الكفارات ليخرج من الخلاف ( وعنه لا شيء عليها ) وهو قول أكثر العلماء لأنه قول منكر وزور وليس بظهار فلم تجب كفارة كالنسب وإذا قلنا بوجوب الكفارة عليها لم تجب إلا بوطئها مطاوعة فإن طلقها أو مات أحدهما قبل وطئها أو أكرهها عليه فلا كفارة ولأنها يمين فلم تجب الكفارة قبل الحنث كسائر الإيمان
فرع إذا علقته بتزوجها لم تكن مظاهرة في قول الأكثر وهو ظاهر نصوصه ولم يفرق بينهما أحمد إنما سئل في رواية أبي طالب فقال ظهار وقطع به المحرر وقيل له في المفردات هذا ظهار قبل النكاح وعندكم لا يصح قلنا يصح على رواية وإن قلنا لا يصح فالخبر أفاد الكفارة وصحته قام الدليل على أنه لا يصح قبله بقيت الكفارة وذكر ابن
____________________
1-
(8/38)
و ان قالت لأجنبية انت علي كظهر أمي لم يطأها إن تزوجها حتى يكفر و إن قال لأجنبية أنت علي حرام يريد في كل حال فكذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عقيل على المذهب أن قياسه قولها أنا عليك كظهر أمك فإن التحريم عليه تحريم عليها
( وإن قال لأجنبية أنت علي كظهر أمي ) فهو صحيح مطلقا نصره في الشرح وقدمه في المحرر ورواه أحمد عن عمر ولأنها يمين مكفرة فصح عقدها قبل النكاح كاليمين بالله تعالى والآية الكريمة خرجت محرج الغالب وقيل لا يصح وقاله الأكثر من العلماء كالطلاق والإيلاء وجوابه أن الطلاق حل قيد النكاح ولا يمكن حله قبل عقده والظهار تحريم للوطء فيجوز تقديمه على العقد كالحيض وإنما اختص حكم الإيلاء بنسائه لكونه يقصد الإضرار بهن والكفارة وجبت هنا لقول المنكر والزور فلا يختص ذلك بنسائه ( لم يطأها إن تزوجها حتى يكفر ) نص عليها لأنها إذا تزوجها تحقق معنى الظهار فيها وحيث كان كذلك امتنع وطؤها قبل التكفير لأنه شأن المظاهر
فرع إذا قال كل امرأة أتزوجها فهي علي كظهر أمي فعلى القول بصحته إذا تزوج نساء وأراد العود فكفارة واحدة سواء تزوجهن في عقد أو عقود نص عليه وعنه لكل عقد كفارة فإن قال لأجنبية إن تزوجت فلانة فهي علي كظهر أمي وقال أردت أن مثلها في التحريم في الحال دين وفي الحكم وجهان أحدهما لايقبل لأنه صريح للظهار والثاني بلى لأنها جرام عليه كأمه
( وإن قال لأجنبية أنت علي حرام يريد في كل حال فكذلك ) أي
____________________
1-
(8/39)
وان أراد في تلك الحال فلا شيء عليه لأنة صادق و يصح الظهار معجلا و معلقا بشرط ومطلقا و مؤقتا نحو أنت على كظهر أمي شهر رمضان أو إن دخلت الدار فمتى انقضت الوقت زال الظهار و إن أصابها فيه وجبت عليه الكفارة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فهو ظهار لأن لفظة الحرام أذا أريد بها فهو ظهار من الزوجة فكذا الأجنبية فعليه لا يطؤها إذا تزوجها حتى يكفر وان أراد في تلك الحال فلا شي عليه لأنه صادق وكذا ان أطلق قاله في الشرح وفي الترغيب وجه
( ويصح الظهار معجلا ومعلقا بشرط فإذا وجد فمظاهر نص عليه ومطلقا ان قصد اليمين واختاره ومثل بالحل علي حرام لأفعلن ومؤقتا نحو أنت علي كظهر أمي شهر رمضان الحديث سلمة بن صخر قال ظاهرت من امرأتي شهر رمضان وأنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أصابها في الشهر فأمره بالكفارة ولم ينكر عليه التقييد ولم يعبه ولأنها يمين مكفرة فصح توقيتها كاليمين بالله تعالى ولأنه يمنع نفسه بيمين لها كفارة فصح ان تكون مؤقتة كالايلاء لا يقال الظهار طلاق في الأصل فيجب آلا يصح تقييده كالنكاح لانه تقدم الفرق بينهما في تعليقه ولا يكون عائدا إلا بالوطء في المدة ( أو ان دخلت الدار ) لأنه يمين فجاز تعليقه على شرط كالايلاء ولأنه قول تحرم به الزوجة فصح تعليقه على شرط كالطلاق ( فمتى انقضى الوقت زال الظهار ) لأن التحريم صادف ذلك الزمن دون غيره فوجب أن ينقضي بانقضائه ( وان أصابها فيه ) أي في الوقت ( وجبت عليه الكفارة ) لأنه عليه السلام أوجبها على سلمة
تنبيه إذا قال أنت علي كظهر أمي ان شاء الله لم يلزمه شئ نص
____________________
1-
(8/40)
فصل في حكم الظهار يحرم وطء المظاهر منه قبل التفكير و هل يحرم الاستمتاع لها دون الفرج على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عليه وقال ابن عقيل هو مظاهر ذكره في المجرد وان قال ما أحل الله علي حرام ان شاء الله وله أهل هي يمين ولم يلزمه شئ بغير خلاف نعلمه لأنها يمين مكفرة فصح الاستثناء فيها كاليمين بالله تعالى وكذا ان قال أنت حرام ان شاء الله أو عكسه فلا ظهار نص عليه خلافا لابن شاقلا وابن بطة وابن عقيل وان قال أنت حرام ان شاء الله وشاء زيد فشاء زيد لم يكن مظاهرا لأنه علقه على شيئين فلا يحصل بأحدهما فصل في حكم الظهار
( يحرم وطء المظاهر منها قبل التكفير ) إذا كان بالعتق أو الصيام بغير خلاف للآية وكذا ان كان بالإطعام في قول الجمهور لما روى عكرمة عن ابن عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر فقال ما حملك على ذلك يرحمك الله فقال رأيت خلخالها في ضوء القمر فقال لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وقال المرسل أولى بالصواب ( وهل يحرم الاستمتاع بها دون الفرج على روايتين ) أظهرهما أنه يحرم واختاره أبو بكر وابن عقيل وقدمه في المستوعب و الفروع لأن ما حرم الوطء من القول حرم دواعيه كالطلاق والإحرام والثانية يجوز
____________________
1-
(8/41)
و عنه لا يحرم وطؤها إذا كان التفكير بالإطعام أختاره أبو بكر و تجب الكفارة بالعود و هو الوطء نص عليه أحمد و أنكر قول مالك إنه العزم على الوطء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نقلها الأكثر وفي الترغيب هي أظهرهما لأنه تحريم يتعلق بالوطء فيه كفارة فلم يتجاوزه التحريم كوطء الحائض والمراد من التماس في الآية الجماع ( وعنه لا يحرم وطؤها اذا كان التكفير بالإطعام اختاره أبو بكر ) وأبو إسحاق وقاله أبو ثور لأن الله لم يذكر المسيس فيه كما ذكره في العتق والصيام وجوابه ان يحمل المطلق على المقيد لاتحاد الواقعة
( وتجب الكفارة ) أي تثبت في ذمته بالعود وهو الوطء نص عليه أحمد ) اختاره الخرقي وقدمه في الكافي و الرعاية الفروع وجزم به في الوجيز لقوله تعالى { والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة } المجادلة فأوجب الكفارة عقب العود وذلك يقتضي تعلقها به فمتى وطىء لزمته الكفارة ولا تجب قبل ذلك صرح به في المغني وغيره لأنه علق الكفارة بشرطين ظهار وعود والمعلق لا وجود له عند عدم أحدهما الا أنها شرط كل الوطء فيؤمر بها من أراده ليستحله بها كما يؤمر بعقد النكاح من أراد حلها ذكره في الشرح ولآن العود في القول هو فعل ضد ما قال كما أن العود في الهبة استرجاع ما وهب ويلزمه إخراجها بعزمه على الوطء نص عليه ويجوز قبله وفي الانتصار في الطلاق ان عزم فيقف مراعا ( أنكر قول مالك انه العزم على الوطء ) لما تقدم وقال أبو حنيفة تجب الكفارة على من وطىء وهي
____________________
1-
(8/42)
و قال القاضي و أبو الخطاب هو العزم و إن مات أحدهما أو طلقها قبل الوطء فلا كفارة عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عنده في حق وطىء كمن لم يطأ وقال الشافعي العود امساكها بعد ظهاره زمنا يمكن طلاقها فيه وقال داود العود تكرار الظهار مرة ثانية
( وقال القاضي وأبو الخطاب ) وغيرهما ( هو العزم على الوطء ) وذكره ابن رزين رواية لأنة قصد تحريمها فإذا عزم على الوطء فقد عاد فيما قصد ولأن الوطء تحريم فإذا عزم على استباحتها فقد رجع عن ذلك التحريم فكان عائدا ولأن الله تعالى أمر بالتكفير عقب العود قبل التماس وكلامه مشعر بأن العود ليس هو إمساك المظاهر منها عقب يمينه وصرح به في المغني وعلله بأن الظهار تحريم قصده وفعل ما حرمه دون الإمساك ولأن العود فعل والإمساك ترك الطلاق ولقوله تعالى { ثم يعودون لما قالوا } وثم للتراخي والمهلة وذلك ينافي الامساك عقب الظهار وحاصله أنهم لم يوجبوا الكفارة على العازم على الوطء إذا مات أحدهما أو طلق قبل الوطء إلا أبا الخطاب فإنه قال إذا مات بعد العزم أو طلق فعليه الكفارة وهذا قول مالك وأبي عبيدة وأنكره أحمد وقال القاضي وأصحابه لا كفارة عليه حكاه المؤلف وقطع في المحرر بالكفارة وحكاه عن القاضي وأصحابه
( وإن مات أحدهما أو طلقها قبل الوطء فلا كفارة عليه ) وحاصله أن الكفارة لا تجب بمجرد الظهار فإن مات أحدهما أو فارقها قبل العود فلا كفارة عليه لأن الموجب لها هو الوطء ولم يوجد على المنصوص وأيهما مات ورثه الآخر وقال قتادة إن ماتت لم يرثها حتى يكفر وجوابه أن من
____________________
1-
(8/43)
و إن عاد فتزوجها لم يطأها حتى يكفر وإن وطىء قبل التفكير أثم واستقرت عليه الكفارة و تجزئه كفارة واحدة وإن ظاهر من امرأته الأمة ثم اشتراها لم تحل له حتى يكفر و قال أبو بكر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ورثها إذا كفر ورثها وإن لم يكفر كالمؤلى منها ( وإن عاد فتزوجها لم يطأها حتى يكفر ) سواء كان الطلاق ثلاثا أو لا وسواء رجعت إليه بعد زوج آخر أو لا نص عليه وهو قول الحسن وعطاء للآية وهي ظاهرة في امرأته فلا يحل أن يتماسا حتى يكفر كالتي لم يطلقها ولأن الظهار يمين مكفرة فلم يبطل حكمها بالطلاق كالإيلاء ( وإن وطىء قبل التكفير أثم ) مكلف لأنه بوطئه قبل التكفير عاص ربه لمخالفته أمره ( واستقرت عليه الكفارة ) ولو مجنونا نص عليه لئلا يسقط بعد ذلك كالصلاة إذا غفل عنها في وقتها وتحريم زوجته باق عليه حتى يكفر في قول الأكثر وظاهر كلام جماعة لا وأنه كاليمين قال في الفروع وهو أظهر وكذا في الترغيب وجهان كالإيلاء وفي الانتصار وغيره إن أدخلت ذكره نائما فلا عود ولا كفارة وعلى الأول ( وتجزئة كفارة واحدة ) لحديث سلمة بن صخر ولأنه وجد الظهار والعود فيدخل في عموم الآية وحكي عن عمرو بن العاص أن عليه كفارتين رواه الدارقطني وبه قال جمع وعن بعض العلماء أن ا لكفارة تسقط لأنه قد فات وقتها لكونها وجبت قبل المسيس
( وإن ظاهر من امرأته الأمة ثم اشتراها لم تحل له حتى يكفر ) وحاصله أنه إذا ظاهر من زوجته الأمة ثم ملكها انفسخ النكاح وحكم الظهار باق ذكره الخرقي واختاره ابن حامد قال القاضي وهو المذهب للآية ولأن الظهار لا يسقط بالطلاق المزيل للملك والحل فبملك اليمين أولى ( وقال أبو بكر )
____________________
1-
(8/44)
يبطل الظهار و تحل له و إن وطئها فعليه كفارة يمين و إن كرر الظهار قبل التفكير فكفارته واحدة و عنه إن كرره في مجالس فكفارات فإن ظاهر من نسائه بكلمة واحدة فكفارة واحدة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وأبو الخطاب ( يبطل الظهار ) لأن شرطه الزوجية وقد زالت فوجب أن يزول لزوال شرطه ( وتحل له وإن وطئها فعليه كفارة يمين ) لا غير كما لو كان تظاهر منها وهي أمته ويتخرج بلا كفارة ومقتضى كلامهما هنا أنها تباح له قبل التكفير لأنه أسقط الظهار وجعله يمينا لتحريم أمته فإن أعتقها عن كفارته أجزأ على القولين فإن تزوجها بعد ذلك حلت له بغير كفارة وإن أعتقها عن غير الكفارة ثم تزوجها لم تحل له حتى يكفر ( وإن كرر الظهار قبل التكفير فكفارته واحدة ) في ظاهر المذهب سواء كان في المجلس أو مجالس ينوي به الاستئناف أو التأكيد أو يطلق نقله عن أحمد جمع لأنه قول لم يؤثر تحريم الزوجة فلم تجب به كفارة ظهار كاليمين بالله تعالى وظاهره أنه إذا كفر عن الأول لزمه للثاني كفارة بغير خلاف لأنها أثبتت في المحل تحريما أشبهت الأولى وعنه إن نوى الاستئناف فكفارات بعدده وقاله الثوري وعنه بعدده ( وعنه إن كرره في مجالس فكفارات ) روي عن علي وعمرو بن مرة لأن الظاهر أنه قول مستأنف فوجب أن يتعلق به مثل ما تعلق بالأول بخلاف ما إذا كان في مجلس واحد فإن ظاهره أنه أراد التأكيد ( فإن ظاهر من نسائه بكلمة واحدة ) بأن قال أنتن علي كظهر أمي ( فكفارة واحدة ) بغير خلاف في المذهب قاله في الشرح وهو قول عمر وعلي رواه عنهما الأثرم ولا يعرف لهما في الصحابة مخالف ولأنها يمين واحدة فلم يجب لها أكثر من كفارة كاليمين بالله تعالى وعنه لكل إمرأة كفارة كما لو أفردها والفرق أن كل كلمة تقتضي كفارة ترفعها وتكفر
____________________
1-
(8/45)
و إن كان بكلمات فكل واحدة كفارة فصل في كفارة الظهار و ما في معناها كفارة الظهار على الترتيب فيجب عليه تحرير رقبه فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إثمها والظهار بكلمة واحدة الكفارة الواحدة ترفع حكمها وتمحو إثمها بخلاف الكلمات ( وإن كان بكلمات فلكل واحدة كفارة ) قاله عروة وعطاء وقال ابن حامد والقاضي هذا المذهب رواية واحدة لأنها أيمان في محال مختلفة أشبه ما لو وجدت في عقود متفرقة وعنه تجزئة كفارة واحدة اختاره أبو بكر وقال هذا الذي قلناه اتباعا لعمر والحسن وإبراهيم وإسحاق لأن كفارة الظهار حق الله فلم تتكرر بتكرر سببها كالحد وجوابه أن الحد عقوبة يدرأ بالشبهة وعنه إن كرره في مجالس فكفارات وإلا فواحدة قال القاضي وكذلك يخرج في كفارة القتل يعني بفعل أو أفعال فصل في كفارة الظهار وما في معناها
الكفارة مأخوذ معناها من الكفر وهو الستر لأنها تستر الذنب ( كفارة الظهار على الترتيب فيجب عليه تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع ) لكبر أو مرض وفي الكافي غير مرجو زواله أو يخاف زيادته أو أبطأه وذكر المؤلف وغيره أو لشبق وفي الترغيب أو لضعفه عن معيشة تلزمه وفي الروضة لضعف عنه أو أكثر شغل أو شدة حر { فإطعام ستين مسكينا } لقوله تعالى { والذين يظاهرون } الآيتين ولحديث خويلة امرأة أوس بن الصامت حين ظاهر منهما فقال له النبي صلى الله عليه وسلم
____________________
1-
(8/46)
و كفارة الوطء في رمضان مثلها في ظاهر المذهب و كفارة القتل مثلهما الا في الإطعام ففي وجوبه روايتان و الاعتبار في الكفارات بحال الوجوب في إحدى الروايتين فإذا وجبت و هو موسر ثم أعسر لم يجزئه الا العتق و ان وجبت و هو معسر فأيسر لم يلزمه العتق و له الانتقال اليه ان شاء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تعتق رقبة قالت يعني امرأته لا يجد قال فيصوم شهرين متتابعين قالت شيخ كبير ما به من صيام قال فيطعم ستين مسكينا وهذا الترتيب لا خلاف فيه إذا كان المظاهر حرا ويأتي حكم العبد ( وكفارة الوطء في ) نهار ( رمضان مثلها في ظاهر المذهب ) وقد سبق ( وكفارة القتل مثلها ) لأن التحريم والصيام منصوص عليهما في كتاب الله تعالى ( إلا في الإطعام ففي وجوبه روايتان ) أصحهما لا يجب واختاره الأكثر لأنه لم يذكر في كتاب الله تعالى ولو كان واجبا لذكره كالعتق والصيام والثانية بلى اختارها في التبصرة والطريق الأقرب لأنها كفارة فيها عتق وصوم فكان فيها إطعام ككفارة الظهار ( والاعتبار في الكفارات بحال الوجوب في إحدى الروايتين ) وهي ظاهر الخرقي وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية والفروع لأنها تجب على وجه الطهرة فكان الإعتبار بحال الوجوب كالحد نص عليه فإذا وجب وهو عبد فلم يكفر حتى عتق فعليه الصوم لا يجزئه غيره وقاله الأثرم ( فإن وجبت وهو موسر ثم أعسر لم يجزئه إلا العتق ) لأنه هو الذي وجب عليه فلا يخرج عن العهدة إلا به
( وإن وجبت وهو معسر فأيسر لم يلزمه العتق ) لأنه غير ما وجب عليه لا يقال الصوم بدل عن العتق فإذا وجد من يعتقه وجب الانتقال إليه كالمتيمم يجد الماء قبل الصلاة أو فيها للفرق بينهما فإن الماء إذا وجد بعد التيمم بطل بخلاف الصوم فإن العتق لو وجد بعد فعله لم يبطل ( وله الانتقال إليه إن شاء ) لأن العتق هو الأصل فوجب أن يجزئه كسائر الأصول
____________________
1-
(8/47)
و عنه في العبد إذا عتق لا يجزئه غير الصوم و الرواية الثانية الاعتبار بأغلظ الأحوال فمن أمكنه العتق من حين الوجوب الى حين التفكير لا يجزئه غيره فإن شرع في الصوم ثم ايسر ثم يلزمه الانتقال عنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( وعنه في العبد اذا اعتق لا يجزئه غير الصوم ) بناء على قولنا ان الاعتبار بحالة الوجوب لانه حنث وهو عبد فلم يكن يجزئه الا الصوم وقد نص احمد على انه يكفر كفارة عبد قال القاضي وفيه نظر ومقتضاه انه لا يلزمه التكفير بالمال فإن كفر به اجزأه ولانه حكم تعلق بالعبد في رقه فلم يتغير بحريته كالحد وهذا على القول الذي لا يجوز للعبد التكفير بالمال بإذن سيده وعلى الأخرى هو كالحر لان رقه جعله كالمعسر فإذا أتى بالعتق وجب ان يجزئه كالحر المعسر ( والرواية الثانية الاعتبار بأغلظ الأحوال ) لأنها حق يجب في الذمة بوجود المال فاعتبرت بأغلظ الأحوال كالحج وجوابه ان الحج عبادة العمر وجميعه وقت لها فمتى قدر عليه في جزء من وقته وجب بخلافه هنا ) فمن أمكنه العتق من حين الوجوب الى حين التكفير لا يجزئه غيره ) لانه هو الواجب عليه ولا يجزئه غيره لان فعله غير واجب عليه ( فإن شرع في الصوم ثم ايسر لم يلزمه الانتقال عنه ) وقاله اكثر العلماء لانه لم يقدر على العتق قبل تلبسه بالصيام أشبه ما لو استمر العجز الى ما بعد الفراغ ولانه وجد المبدل بعد الشروع في البدل فلم يلزمه الانتقال اليه كالمتمتع يجد الهدي بعد الشروع في صيام الأيام السبعة ويفارق ما اذا وجد الماء في الصلاة فان قضاءها يسير وروى البيهقي من حديث أبي القاسم البغوي ثنا علي بن الجعد ثنا ابن أبى ذئب عن ابن شهاب قال السنة فيمن صام من الشهرين ثم ايسر ان يمضي وذكر في المبهج وابن عقيل رواية أنه يعتبر وقت الأداء لأنه حق له بدل من غير جنسه فاعتبر فيه حالة الأداء كالوضوء
____________________
1-
(8/48)
و يحتمل أن يلزمه فصل فمن ملك رقبة أو أمكنه تحصيلها بما هو فاضل عن كفايته و كفاية من يمونه على الدوام و غيرها من حوائجه الأصلية بثمن مثلها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( ويحتمل أن يلزمه ) الانتقال اليه وقاله ابن سيرين والحكم لأنه قدر على الأصل كالمتيمم يجد الماء قبل الصلاة أو فيها
أصل اذا تكلف العتق ممن فرضه الصيام أجزأه في الأصح و اذا قلنا الاعتبار بحال الوجوب فوقته في الظهار من حين العود لا وقت المظاهرة لان الكفارة لا تجب حتى يعود ووقته في اليمين من الحنث لا وقت اليمين فلو كان المظاهر ذميا فتكفيره بغير الصوم لانه ليس من أهله ويتعين رقبة مؤمنة إذا كانت في ملكه فإن لم يكن فلا سبيل إلى شرائه التكفير بالإطعام الا ان يقول لمسلم أعتق عبدك عن كفارتي وعلي ثمنه فيصح في رواية فلو ظاهر وهو مسلم ثم ارتد وصام فيها لم يجزئه وان كفر بغيره فقال احمد لا يجزئه وقال القاضي المذهب أنه موقوف فصل
( فمن ملك رقبة ) لزمه فلو اشتبه عبده بعبيد غيره أمكنه العتق بأن يعتق الرقبة التي في ملكه ثم يقرع بين الرقاب فيعتق من وقعت عليه القرعة هذا قياس المذهب قاله القاضي وغيره ( أو أمكنه تحصيلها بما هو فاضل عن كفايته وكفاية من يمونه على الدوام ) لقوله عليه السلام ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ولان ذلك مقدم على دين المفلس المقدم على الكفارة فلأن يقدم عليها بطريق الاولى ( وغيرها من حوائجه الأصلية ) لأنها قريبة من كفايته ومساوية لها بدليل تقديمها على غرماء المفلس ( بثمن مثلها ) لأن ما حصل بأكثر من ثمن المثل يجوز له
____________________
1-
(8/49)
لزمه العتق و من له خادم يحتاج اليه أو دار يسكنها أو دابة يحتاج الى ركوبها أو ثياب يتجمل بها أو كتب يحتاج إليها أو لم يجدر قبة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الانتقال كاليتيم لزمة العتق إجماعا و ليس له لانتقال إلى الصيام إذا كان مسلما حرا مع شرط آخر و هو أن يكفر فاضلا عن و فاء دينه وفيه رواية لا مال يحتاجه لأكل الطيب و لبس الناعم و هو من أهله لعدم عظم المشقة ذكره ابن شهاب و غيره و من له خادم يحتاج إلى خدمته لكبر أو مرض و نحوه أو كان ممن لا يخدم نفسه عادة فليس عليه إعتاق لأنه في حكم العدم كمن معه ما يحتاج إليه العطش و نحوه فإن كان يخدم امرأته وهو ممن عليه إخدامها أو كان له رقيق يتقوت بخراجهم فكذلك بخلاف ما إذا كان له خادم و هو يخدم نفسه عادة لزمه الإعتاق لأنه فاضل عن حاجته
فرع إذا كان له سرية لم يلزم إعتاقها فإن أمكنه بيعها و شراء سرية غيرها و رقبة يعتقها لم يلزمه لأن العرض قد يتعلق بعينها بخلاف ما إذا كان له رقبة يمكنه بيعها و شراء رقبتين بثمن يستغني بخدمة إحداهما و يعتق الأخرى أو دار يسكنها أو دابة يحتاج الى ركوبها لأن ذلك من حوائجة الأصلية فإن كان له دار يمكنه بيعها و شراء ما يكفيه لسكن مثله أو رقبة أو ضيعة يفضل منها عن كفايته ما يمكنه شراء رقبة لزمه ويراعي في ذلك الكفاية التي يحرم معها أخذ الزكاة أو ثياب يتجمل بها لانه غير قادر على العتق لكن لو كان له ملابس فاخرة تزيد على ملابس مثله يمكنه بيعها و شراء ما يكفيه في لباسه ورقبة لزمه يعتقها أو كتب علم يحتاج إليها أو عقار يحتاج الى غلته أو عرض للتجارة
____________________
1-
(8/50)
الا بزيادة عن ثمن مثلها تجحف به لم يلزمه العتق و إن وجدها بزيادة لا تجحف به فعلى وجهين و إن ذهبت له رقبة لم يلزمه قبولها و إن كان ماله غائبا و أمكنه شراؤها بنسيئة لزمه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تجحف به لم يلزمه العتق لأن عليه ضررا في ذلك ( وإن وجدها بزيادة لا تجحف فعلى وجهين وقيدهما في المحرر والرعاية بما لا يتغابن الناس بمثلها أحدهما يلزمه وهو أشهر لأنها زيادة لا تجحف به أشبه ما لو بيعت بثمن مثلها والثاني لا لأنه يجد رقبة بثمن مثلها أشبه العادم وأصلهما العادم للماء إذا وجده بزيادة على ثمن مثله فإن وجد رقبة رفيعة يمكن أن يشتري بثمنها رقبتين من غير جنسها لزمه لا ضرر في الشرط وإنما الضرر في إعتاقها وذلك لا يمنع الوجوب كما لو كان مالكا لها ( وإن وهبت له رقبة لم يلزمه قبولها ) لأن عليه منة في قبولها وذلك ضرر في حقه ( وإن كان ماله غائبا وأمكنه شراؤها بنسيئة ) لغيبة ماله وفي الرعاية أو لكونه دينا ( لزمه ) في الأصح وقد ذكر المؤلف أنه إذا عدم الماء فبذل له بثمن في الذمة يقدر على أدائه في بلده وجهين أحدهما يلزمه واختاره القاضي لأنه قادر على أخذه بما لا مضرة فيه والثاني وقاله أبو الحسن التميمي لا لأن عليه ضررا في بقاء الدين في ذمته وربما تلف ماله قبل أدائه فيخرج من هاهنا على الوجهين قال في الشرح والأولى إن شاء الله تعالى أنه لا يلزمه وظاهره أنها إذا لم تبع نسيئة فإنه يجوز الصوم قدمه في المحرر والفروع للحاجة وكالعادم وقيل لا وقيل في غير ظهار للحاجة لتحريمها قبل التكفير وفي الشرح إذا كان مرجو الحضور قريبا لم يجز الانتقال إلى الصيام لأن ذك بمنزلة الانتظار لشراء الرقبة وإن كان بعيدا جاز الانتقال إليه في غير كفارة الظهار
____________________
1-
(8/51)
و لا تجزئه في كفارة القتل الا رقبة مؤمنة و كذلك سائر الكفارات في ظاهر المذهب و لا تجزئه الا رقبة سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا كالعمى و شلل اليد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع لا يجوز تقديم كفارة الظهار قبله فلو قال لعبده أنت حر الساعة عن ظهاري عتق ولم يجزئه عنه فإن قال إن ظاهرت فأنت حر عن ظهاري ثم قال لامرأته أنت علي كظهر أمي عتق وفي إجزائه عن الكفارة وجهان ( ولا تجزئه في كفارة القتل إلا رقبة مؤمنة رواية واحدة قاله في المستوعب وحكاه ابن حزم إجماعا وسنده قوله تعالى { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } وكذلك في سائر الكفارات في ظاهر المذهب وهو قول الحسن وإسحاق والأكثر قياسا على كفارة القتل ولقوله عليه السلام أعتقها فإنها مؤمنة رواه مسلم من حديث معاوية وعنه يجزئه في غير كفارة قتل عتق رقبة وقيل كافرة وقيل كتابية وقيل ذمية وهو قول عطاء والثوري لأن الله تعالى أطلق الرقبة في كفارة الظهار فوجب أن يجزئ ما تناوله الإطلاق وجوابه بأن المطلق يحمل على المقيد إذا اتحد الحكم ولأن الإعتاق يتضمن تفريغ العبد المسلم لعبادة ربه وتكميل أحكامه ومعونة للمسلمين فناسب ذلك إعتاقه في الكفارة تحصيلا لهذه المصالح وذكر أبو الخطاب وجمع منع حربية ومرتدة اتفاقا قال في الفرع و يتوجه في نذر عتق مطلق رواية محرجة من فعل منذر في وقت نهي ومن منفعة زوجته من حجة نذر بناء على أنه ليس كالواجب بأصل الشرع و لا يتجزئه إلا رقبه سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا لان المقصود تمليك العبد منفعته و تمكينه من التصرف ولا يحصل هذا مع ما يضر بالعمل ضررا بينا بينا كالعمى لأنه لا يمكنه العمل في أكثر الصنائع لفقده البصر الذي يهتدي به الى العمل و شلل اليد
____________________
1-
(8/52)
و الرجل أو قطعهما أو قطع إبهام اليد أوسبابتهما او الوسطى أو الخنصر و البنصر من يد واحدة و لا يجزئ المريض المايوس منه و لا النحيف العاجز عن العمل و لا غائب و لا يعلم خبره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و الرجل أو قطعهما لأن اليد آله البطش و الرجل آله المشى فلا يتهيأ كثير من العمل مع حصول ذلك وكذا لا يجرئ مقعد و مجنون مطبق لانه وجد فيه المعيبان ذهاب منفعة الحس و حصول الضرر و لأنه إذا لم يستقل بكفاية نفسه يكون كلا على غيره و قد نظر الشافعي في العيوب من كل باب الى ما يليق به فاعتبر هنا ما يضر بالعمل و في الأضحية ما ينقص اللحم و في النكاح ما يخل بمقصود الجماع و في البيع ما يخل بالمالية أو قطع إبهام اليد أو سبابتها أو الوسطى أو الخنصر و البنصر من يد واحدة لأن نفع اليد يزول أكثره بذلك و مقتضاه أنه لو قطع خنصره و وبنصره من يدين جاز عتقه و صرح به في الوجيز لأن نفع الكفين باق و قطع أنملة الإبهام كقطعها و إن قطع من إصبع أنملتان فهو كقطعها لأنه ذهب بمنفعتها و إن قطع من أصبع غير الإبهام أنملة لم يمنع و في الواضح أن مقطوع الإبهامين لا يجزئ بخلاف ما إذا قطع أحدهما و لا يجرئ المريض المأيوس منه كمرض السل لأن برأه يندر و لا يتمكن من العمل مع بقائه و قيل أولا ثم مات وظاهره أنه لم يكن مأيوسا منه كالحمى و نحوها لم يمنع و لا النحيف العاجز عن العمل العجزه عما هو المقصود بعتق الرقبة و ظاهره أنه إذا تمكن من العمل فإنه يجرئ و في معناه الزمن و المقعد و فيما رواية و لا غائب لا يعلم خبره لأنه مشكوك في حياته و الأصل بقاء شغل الذمة فلا تبرأ بالشك لا يقال الأصل الحياة لأنه قد علم أن الموت لا بد منه و قد وجدت دلالة عليه و هو انقطاع خبره وفيل يجرئ كما لو علم بعد و فيل يعتق ولا يجرئ فإن لم ينقطع خبره
____________________
1-
(8/53)
و لا مجنون مطبق و لا أخرس لا تفهم إشارته و لا عتق من علق عتقه بصفة عتق وجودها و لا من يعتق عليه بالقرابة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أجزأ عتقه لأنه عتق صحيح و لا مجنون مطبق لأنه معدوم النفع ضرورة استغراق زمانه في الجنون وقيل أو أكثر وقته و هو أولى لعدم قدرته على تمام العمل و في معناه الهرم قاله في الرعاية و لا اخرس لا تفهم إشارته لأن منفعته زائلة أشبه زوال العقل و لأن الخرس نقص كثير يمنع كثيرا من الأحكام كالقضاء و الشهادة و كثير من الناس لا تفهم إشارته فيتضرر بترك استعماله و ظاهره أنه إذا فهمت إشارته أجزأ صححه في الشرح كذهاب الشم و المنصوص عدم الأجزاء ذكره في الكافي و قيل يجرئ مطلقا حكاه في التعليق و أبو الخطاب عن أحمد فإن كان به صمم لم يجرئ و ألا أجزأ و في المعني الاولى أنه متى فهمت إشارته و فهم إشارة غيره أنه يجرئ لأن الإشارة تقوم مقام الكلام و في الواضح المذهب أنه يجرئ الأصم لان الصمم لا يمنع من التصرف في العمل و لا عتق من علق عتقه بصفة عن وجودها أي إذا اشترى من يعتق عليه إذا ملكه ينوي بشرائه عتقه عن الكفارة عتق و لم يجزئه لأنه حينئذ يستحق العتق بسبب غير الكفارة فلم يجرئ عتقه كالذي يعتق عليه بالشراء و ظاهره انه إذا علق عتقة للكفارة أو أعتقه فيل وجود الصفة أنه يجرئ لانه أعتق العبد الذي يملكه عن الكفارة لأن عتقه مستحق في غير الكفارة ولا من يعتق عليه بالقرابة لقوله تعالى { فتحرير رقبة } و التحرير فعل العتق و لم يحصل هنا بتحرير منه و لا إعتاق فلم يكن ممتثلا للأمر و لان عتقه مستحق بسبب آخر فلم يجزئه كما لو ورثه ينوي يه العتق عن كفارته و يخالف المشتري البائع من
____________________
1-
(8/54)
و لا من اشتراه بشرط العتق في ظاهر المذهب ولا أم ولده في الصحيح عنه ولا مكاتب قد أدى من كتابته شيئا في اختيار شيوخنا و عنه يجزىء وعنه لا يجزىء مكاتب بحال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وجهين إحداهما أن البائع يعتقه و المشتري لم يعتقه و انما يعتق بإعتاق الشارع من غير أختيار منه و الثاني أن البائع لا يستحق عليه إعتاقه و المشتري بخلافه و لا من اشتراه بشك العتيق في ظاهر المذهب و هو قول معقل بن يسار لأنه إذا فعل ذلك فالظاهر أن البائع نقصه من الثمن لأجل هذا الشرط فكأنه أخذ عن العتيق عوضا فلم يجزئه عن الكفارة وعنه بلى فعلى الاول لو شرط عليه مالا أو خدمة لم يجزئه و لا أم و لده في الصحيح عنه و قال الاوزاعي و أبو عبيد و الأكثر لأن عتقها مستحق بسبب آخر كما لو اشترى قربيه أو عبد بشرط العتق فأعتقه و كما لو قال أنت حر إن دخلت الدار و نوى عتقه عن كفارته عند دخوله و الثانية يجرئ قاله الحسن و طاووس لقوله تعالى { فتحرير رقبة } و معتقها قد حررها و جوابه الآية مخصوصة بما ذكرناه فنقيس عليه ما اختلفوا فيه و لا مكاتب قد أدى من كتابته شيئا في اختيار شيوخنا و هو قول الليث و الاوزاعي قال القاضي هو الصحيح و قدمه في الفروع و اختاره الأكثر لأنه إذا أدى شيئا فقد حصل العوض عن بعضه فلم يجز كما لو أعتق بعض رقبة وظاهره أنه إذا لم يؤد شيئا أنه يجزئ على المذهب لأنه أعتق رقبه مؤمنة سالمة الخلق تامة الملك فأجزأ كالمدبر و عنه يجزئ و قاله أبو ثور و أختاره أبو بكر و قدمه في المحرر لآن المكاتب عبد يجوز بيعه فأجزأ عتقه عنها كالمدبر و لأنه رقبة فيدخل في مطلق الآية و عنه لا يجرئ مكاتب بحال قاله أبو عبيد و الأكثر لأن عتقه مستحق بسبب الكتابة و لهذا لا يملك إبطال كتابته أشبه
____________________
1-
(8/55)
و يجزئ الأعرج يسيرا و المجدوع الأنف وأذن و المجبوب و الخصي و من (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أم الولد و قيل يجزئ من كتابة فاسدة و قال أبن حمدان إن جاز بيعها و الصحيح الاول و الفرق بينه و بين المدير أن المدبر لم يحصل في مقابلة منه عوض بخلاف مكاتب أدى بعض كتابته و الفرق بينه وبين أم الولد أنه لا يجوز بيعها على الصحيح بخلاف المكاتب
فرع لا يجزىء إعتاق الجنين في قول أكثرهم لأنه لا تثبت له أحكام بعد و فاته فإنه لا يملك إلا بالإرث و الوصية و لا يشترط لهما كونه آدميا لكونه يثبت له ذلك و هو نطفة أو علقه و ليس بآدمي في تلك الحال
تنبيه إذا اشترى عبدا ينوي إعتاقه عن كفارته فوجد به عيبا لا يمنع من الأجزاء فاخذ أرشه ثم أعتقه عنها أجزأه و الارش له فإن أعتقه قبل العلم بالعيب ثم ظهر على عيبه و أخذ أرشه فهو له كما لو أخذه قبل إعتاقه وعنه أنه يصرف الارش في الرقاب فإن علم العيب ولم يأخذ أرشه كان الارش للمعتق لأنه أعتقه معيبا عالما بعيبه فلم يلزمه أرش كما لو باعه لمن يعلم عيبه فلو قال أعتق عبدك عن كفارتك و لك خمسة دنانير ففعل لم يجزئه عنها لان الرقبة لم تقع خالصة عن الكفارة و ذكر القاضي أن العتق يقع عن باذل العوض و له ولاؤه و يجزئ الأعرج يسيرا لانه قليل الضرر بالعمل بخلاف الفاحش الكثير فهو كقطع الرجل و في المستوعب يجزئ الأعرج يسيرا إذا كان يتمكن من المشي و المجدع و الانف و الأذن الجدع قطع الانف و الأذن و الشفه و هو بالأنف أخص لآن ذلك لا تعلق له بالعمل فهو كمقطوع الأذنين و كنقص السمع و المجبوب و الخصي و من
____________________
1-
(8/56)
يخنق في الأحيان و الأصم و الأخرس الذي يفهم الإشارة و تفهم إشارته و المدبر و المعلق عتقه بصفة وولد الزنى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يخنق في الأحيان والأصم والأخرس الذي يفهم الإشارة ونفهم إشارته ) لما ذكرنا وخالف في الموجز والتبصرة في الأصم لنقصه وتجزئ الرتقاء والكبيرة التي تقدر على العمل لأن ما لا يضر في العمل لا يمنع تمليك العبد منافعه وتكميل أحكامه
مسائل يجزئ مستأجر ومرهون وأحمق والجاني مطلقا إن قتل قصاصا و الأمة الزوجة و الحامل و إن استثنى حملها كما لا يضر قطع أصابع قدم و كذهاب نور إحدى العينين و قال أبو بكر فيه قول آخر لأنه يمنع التضحية و الأجزاء في الهدي أشبه العمى و المدبر في قول طاووس لأنه عبد كامل المنفعة لم يحصل عن شئ منه عوض كالقن و لأنه يجوز بيعه و إن قيل بعدم جوزه لم يجر عتقه قاله الأوزاعي و أبو عبيد و لأكثر لأن عتقه مستحق بسبب آخر أشبه أم الولد و المعلق عتقه بصفة قبل و جودها لأن ملكه فيه تام وولد الزنى في قول أكثر العلماء لدخوله في الآية و لأنه مملوك مسلم كامل العقل لم يعتق عن شئ و لا أستحق عتقه بسبب آخر أشبه ولد الرشيده قال الطحاوي هو الملازم للزنى كما يقال بن السبيل الملازم لها وولد الليل الذي يسير فيه و قال عطاء الأوزاعي لا يجرئ استدلالا بقوله عليه السلام و لد الزنى شر الثلاثة رواه أبو داود من حديث أبي هريرة قال الخطابي هو شر الثلاثة أصلا و عنصرا و نسبا لأنه خلق من ماء الزنى وهو خبيث و أنكر قوم هذا التفسير وقالوا ليس عليه من وزر و الدية لقوله تعالى { ولا تزر وازرة وزر أخرى }
____________________
1-
(8/57)
و الصغير و قال الخرقي إذا صام و صلى وإن عتق نصف عبد و هو معسر ثم أشترى باقيه فأعتقه أجزأه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و قد ورد في بعض الأحاديث أنه شرهم إذا عمل عملهم فإن صح ذلك أندفع الإشكال وبالجملة فهذا يرجع الى أحكام الآخرة و أما أحكام الدنيا فهو كغيره في صحة إمامته و بيعه و عتقه و قبول شهادته فكذا في عتقه عن الكفارة و يجزئ مع كمال أجرة قال الشيخ تقي الدين و يشفع مع صغره في أمه لا أبيه و الصغير كذا عبر به الأصحاب و عنه له سبع سنين إن أشترط الإيمان قاله في الوجيز لدخوله في الآية و لأنه يرجى منافعه فأجزأ كالمريض و المراد بالإيمان الإسلام بدليل إعتاق الفاسق قال الثوري المسلمون كلهم مؤمنون عندنا في الأحكام و لا ندري ما هم عند الله و لهذا تعلق حكمه بكل مسلم و قال الخرقي إذا صلى و صام لأن المعتبر الفعل دون السن فمن صلى و صام ممن له عقل يعرفهما و يتحقق منه الآيتان بيته و أركانه فإنه يجرئ في الكفارة و إن لم يبلغ السبع و ظاهره أنه إذا لم يوجد منه أنه لا يجزىء و إن كان كبيرا لأنه عاجز من كل وجه أشبه الزمن و قدم في الرعاية أنه يجزئ أبن سبع إذا صلى و صام و ظاهر كلام أحمد أنه لا يجرئ إعتاق من له دون سبع لأنه لا تصح منه العبادات أشبه المجنون و قال القاضي في إعتاق الصغير في جميع الكفارات إلا كفارة القتل فإنها على روايتين و نقل الميموني يعتق الصغير إلا في قتل الخطأ فإنه لا تجرىء إلا مؤمنة فأراد التي صلت و الأول أقرب الى الصواب و الصحة لأن الإيمان و الإسلام هو حاصل في حق الصغير و هو مؤمن تبعا و إن أعتق نصف عبد و هو معسر ثم أشترى باقيه فأعتقه أجزأه لأنه أعتقة رقبة كاملة في و قتين كما لو أطعم المساكين في و قتين
____________________
1-
(8/58)
الا على رواية وجوب الاستسعاء و ان اعتقه و هو موسر فسرى الى نصيب شريكه لم يجزئه نص عليه و يحتمل أن يجزئه و إن أعتق نصفا أخر أجزأه عند الخرقي و لم يجزئه عند أبي بكر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إلا على رواية وجوب الاستسعاء لأنه حينئذ مستحق العتق فلم يجز كما لو اشتراه بشرط العتق و الأصح في المذهب خلافها و إن أعتقه عن كفارته و هو موسر فسرى الى نصيب شريكه عتق لم يجزئه نص عليه أختاره الخلال و صاحبه و صححه في الشرح لآن عتق نصفه لم يحصل بالمباشرة بل بالسراية كما لو عتق نصف عبد و يحتمل أن يجزئه إذا نوى إعتاق جميعه عن كفارته أختاره القاضي و أصحابه و زعم أنه قياس المذهب لأنه أعتق عبدا كامل الرق سليم الخلق غير مستحق للعتق ناويا به الكفارة فأجزأ كما لو كان الجميع ملكه
فرع إذا كان له عبد فأعتق جزءا منه معينا أو مشاعا عتق كله و إن نوى به الكفارة أجزأ عنه و إن نوى إعتاق الجزء الذي باشره عن الكفارة دون غيره لم يجزئه عتق غيره وهل يحتسب له بما نوى عن الكفارة على وجهين وإن أعتق نصفا آخر أي نصف عبدين أو أمتين أو نصف عبد ونصف أمة أجزأه عند الخرقي وفي الروضة هو الصحيح في المذهب لأن الأشقاص كالأشخاص فيما لا يمنع العيب اليسير دليله الزكاة إذا كان نصف ثمانين شاة مشاعا وجبت الزكاة كما لو ملك أربعين منفردة وكالضحايا والهدايا إذا اشتركوا فيها ولم يجزئه عند أبي بكر لأن المقصود تكميل الأحكام ولا تحصل من إعتاق نصفين وذكر ابن عقيل وصاحب الروضة روايتين وقيل إن كان باقيهما حرا أجزأه اختاره القاضي زاد في المحرر إذا
____________________
1-
(8/59)
فصل فمن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين حرا كان أو عبدا و لا تجب نية التتابع فإن تخل صومها شهر رمضان أو فطر واجب كفطر العيد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الرقبة إنما ينصرف إلى الكاملة ولا يحصل من الشخصين ما يحصل من الرقبة الكاملة في تكميل الأحكام وتخليص الآدمي من ضرر الرق ويمتنع قياس الشقصين على الرقبة الكاملة بدليل الشراء
فرع الأصح أنه لا يجزئ المغصوب وأطلق الخلاف في الترغيب وفي موصى بخدمته أبدا منع وتسليم في الانتصار وأما نضو الخلق ضعيف التركيب فإن كان لا يضعف عن العمل مع بقائه أجزأه فصل
فمن لم يجد رقبة يشتريها أو وجدها ولم يجد ثمنها أو وجده لكن بزيادة كثيرة تجحف بماله أو وجدها ولكن احتاجها لخدمة ونحوه فعليه صيام شهرين متتابعين إذا قدر عليه إجماعا وسنده قوله تعالى { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا } وأجمعوا على وجوب التتابع ومعناه الموالاة بين صيام أيامهما فلا يفطر فيهما ولا يصوم عن غير الكفارة حرا كان المكفر أو عبدا بغير خلاف نعلمه ولا تجب نية التتابع بل يكفي فعله لأنه شرط وشرائط العبادات لا تحتاج إلى نية وإنما تجب النية لأفعالها وقيل تجب النية ففي الاكتفاء بالليلة الأولة والتجديد لكل ليلة وجهان ويبيت النية وفي تعيينها جهة الكفارة وجهان فإن تخلل صومها شهر رمضان بأن يبتدئ الصوم من أول شعبان فيتخلله رمضان أو فطر واجب كفطر العيد بأن يبتدئ مثلا من ذي الحجة فيتخلله يوم
____________________
1-
(8/60)
أو الفطر لحيض أو نفاس أو جنون أو مرض مخوف أو فطر الحامل و المرضع لخوفهها على أنفسهما لم ينقطع التتابع و كذلك إن خافتا على و لديهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + النحر وأيام التشريق فإن التتابع لا ينقطع بهذا ويبنى على ما مضى من صيامه لأنه زمن منعه الشرع عن صومه في الكفارة كالحيض والنفاس وفي مفردات ابن عقيل في صوم العيد يقطع التتابع لأنه خلله بإفطار يمكنه أن يحترز عنه ثم سلم أنه لا يقطعه لانه لا يقبل الصوم كالليل ويتخرج في أيام التشريق أنه يصومها فعلى هذا إن أفطرها استأنف لأنها أيام أمكنه صيامها في الكفارة ففطرها يقطع التتابع كغيرها أو الفطر بحيض أو نفاس أجمع أهل العلم ونص عليه أحمد على أن الصائمة متتابعا إذا حاضت قبل إتمامه تقضي إذا طهرت وتبني لأن الحيض لا يمكن التحرز منه في الشهرين إلا بتأخيره إلى الإياس و فيه تغرير بالصوم لأنها ربما ماتت قبله و النفاس كالحيض لأنه بمنزلته في أحكامه في وجه و في آخر يقطع التتابع لأنه فطر أمكن التحرر منه ولا يتكرر في العام أشبه الفطر لغير عذر و لا يصح قياسه على الحيض لأنه أندر منه لا يقال الحيض و النفاس لا يمكن التحرز منهما لأنه قد يمكن التحرز من النفاس بأن لا تبتدىء الصوم في حال الحمل و في الحيض إذا كان طهرها يزيد على الشهرين بإن تبتدىء الصوم عقب طهرها من الحيض و مع هذا لا ينقطع التتابع به أو جنون قال جماعة أو مرض مخوف روي عن ابن عباس و سعيد بن المسيب و الحسن لأنه أفطر بسبب لا صنع له فيه كالحيض أو فطر الحامل و الموضع لخوفها على أنفسهما لم ينقطع التتابع لأنه فطر أبيح لعذر من عير جهتها فلم ينقطع كالمريض و كذلك إن خافتا على و لديهما لم ينقطع التتابع و جزم به معظم الأصحاب لأنه فطر أبيح لهما بسبب
____________________
1-
(8/61)
و يحتمل أن ينقطع و إن افطر لغير عذر أو صام تطوعا أو قضاء أو عن نذر أو كفارة أخرى لزمه الاستئناف و إن افطر لعذر يبيح الفطر كالسفر والمرض غير المخوف فعلى وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لا يتعلق باختيارهما كما لو أفطرتا خوفا على أنفسهما ويحتمل أن ينقطع لأن الخوف على غيرهما ولهذا تلزمهما الفدية مع القضاء وأطلق في المحرر الخلاف والأول المذهب لاشتراكهما في إباحة الفطر والمشقة اللاحقة فقطع التتابع وبفطره ناسيا أو مكرها أو مخطئا كجاهل به وإن أفطر أي تعمده لغير عذر أو صام تطوعا أو قضاء أو عن نذر أو كفارة أخرى لزمه الاستئناف لأنه أخل بالتتابع المشروط ويقع صومه عما نواه لأن هذا الزمان ليس بمستحق متعين للكفارة بخلاف شهر رمضان فإن كان عليه صوم نذر غير معين أخره إلى فراغه من الكفارة وإن كان متعينا أخر الكفارة عنه او قدمها عليه وإن أمكن وإن كان أياما من الشهر كالخميس وأيام البيض قدم الكفارة عليه لأنه لو صامه لا يقطع التتابع ولزمه الاستئناف فيفضي إلى أنه لا يتمكن من التكفير بحال والنذر يمكنه قضاؤه بعد صوم الكفارة وفيه شيء لأنه النذر المتعين زمانه متعين للصوم فهو كرمضان فيلزم عدم انقطاع التتابع به لتعينه أو انقطاع التتابع بصوم رمضان ضرورة مساواة أحدهما للآخر في تعيين الزمان بل الأولى أن يقال النذر آكد من رمضان لأن النذر السابق مقدم بخلاف رمضان فإن التكفير سابق عليه قاله ابن المنجا
وإن أفطر لعذر يبيح الفطر كالسفر والمرض غير المخوف فعلى وجهين ذكرهما أبو الخطاب في الثانية أحدهما لا ينقطع التتابع كالمرض المخوف والثاني بلى كما لو أفطر لغير عذر وإن أفطر لسفر يبيح الفطر فالأظهر عن أحمد في رواية الأثرم أنه لا ينقطع وقاله الحسن لأنه أفطر لعذر يبيح
____________________
1-
(8/62)
و إن أصاب المظاهر منها ليلا أو نهارا أنقطع التتابع و عنه لا ينقطع بفعله ناسيا ون أصاب غيرها ليلا لم ينقطع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الفطر في رمضان كفطر الحائض وقيل بلى وقاله الأكثر لأن السفر حصل باختياره فقطعه كما لو أفطر لغير عذر وفي الروضة إن أفطر لعذر كمرض وعيد بنى وكفر كفارة يمين قيل لأحمد مظاهر أفطر لمرض يعيد قال أرجو أنه في عذر
فرع إذا أكل يظن أن الفجر لم يطلع وكان قد طلع أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب أفطر وفي انقطاع التتابع وجهان وإن أصاب المظاهر منها ليلا أو نهارا انقطع التتابع وقاله الثوري وأبو عبيد والأكثر لقوله تعالى { فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا } أمر بهما خاليين من التماس ولم يوجد ولأن تحريم الوطء لا يختص الصيام فاستوى فيه الليل والنهار كالاعتكاف لا يقال الوطء ما بقي إلى كفارته سبيل لأن الآية دلت ألا يوجد التماس قبل الشهرين ولا فيها فإذا تعذر اشتراط أحدهما وجب الآخر لإمكانه وعنه لا ينقطع بفعله ناسيا أي لا ينقطع التتابع بفعله ليلا ولا نهارا ناسيا ورجحه في الشرح لأنه وطء لا يفطر به كوطء غيرها وعنه لا يفطر ولا ينقطع لأنه فعل الفطر ناسيا وإن أبيح له الفطر لعذر فوطئ غيرها لم ينقطع لأن الوطء لا أثر له في قطع التتابع وإن وطئها كان كوطئها ليلا وهل يقطع التتابع فيه وجهان ودل ذلك على أن وطأة في أثناء إطعام كما نقله ابن منصور وعتق لا يقطعه ومنعهما في الانتصار ثم سلم الإطعام لأنه بدل والصوم مبدل كوطء لا تطيق الصوم في الإطعام وإن أصاب غيرها ليلا لم ينقطع بغير خلاف
____________________
1-
(8/63)
فصل فإن لم يستطع لزمه إطعام ستين مسكينا مسلما حرا صغيرا كان أو كبيرا إذا أكل الطعام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نعلمه لأن ذلك غير محرم عليه ولا هو مخل باتباع الصوم كالأكل ودل على أنه إذا لمس المظاهر منها أو باشرها دون الفرج على وجه يفطر به قطع التتابع لإخلاله بموالاة الصيام وفي الرعاية روايتان فصل
فإن لم يستطع الصوم لكبر أو مرض ولو رجي زواله أو يخاف زيادته أو بطأه قال جماعة أو شبق لزمه إطعام ستين مسكينا إجماعا وسنده الآية الكريمة والخبر وعلم منه أنه لا يجوز الانتقال إليه لأجل السفر لأنه لا يعجزه عن الصيام وله نهاية ينتهي إليها وهو من أفعاله الاختيارية بخلاف المرض مسلما حرا صغيرا كان أو كبيرا إذا أكل الطعام وحاصله أن من أعطي الزكاة لحاجتكم ويدخل فيه الفقراء لأنهم وإن كانوا صنفين فهم صنف واحد واقتصر في الهدي عليهما لظاهر القرآن وشرطه الإسلام وهو قول الأكثر لأنه شرط في دفع الزكاة إليه والكفارة جارية مجراها وذكر أبو الخطاب وغيره في ذمي يخرج من عتقه وخرج الخلال دفعها إلى كافر قال ابن عقيل لعله من المؤلفة ولأنه مسكين من أهل دار الإسلام فأجزأ الدفع إليهم منها كالمسلم وقال الثوري يعطيهم إذا لم يجد غيرهم وجوابه أنهم كفار فلم يجز إعطاؤهم منها كمساكين أهل الحرب والآية مخصوصة بهذا والجزية لا يجوز دفعها إلى عبد ولا مكاتب ولا أم ولد لوجوب نفقتهم على السيد ولا فرق فيه بين الكبير والصغير لأنه مسكين فجاز
____________________
1-
(8/64)
و لا يجوز دفعها الى مكاتب ولا الى من تلزمه مؤنته و إن دفعها الى من يظنه مسكينا فبان غنيا فعلى روايتين و إن رددها على مسكين واحد ستين يوما لم يجزئه الا أن لا يجد غيره فيجزئه في ظاهر المذهب و عنه لا يجزئه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إطعامه كالكبير وهذا إذا أكل الطعام فإن لم يأكله لم يدفع إليه في ظاهر الخرقي وقاله القاضي وهي أشهر الروايتين قاله المجد وهو ظاهر كلام المؤلف كزكاة في رواية نقلها جماعة وسواء كان محجورا عليه أو لا لكن من لا حجر عليه يقبض لنفسه أو وكيله والمحجور عليه كالصغير والمجنون يقبض له وليه والأخرى يدفع إلى الصغير الذي لم يطعم ذكرها أبو الخطاب المذهب وقاله أكثر الفقهاء لأنه مسلم حر محتاج أشبه الكبير
ولا يجوز دفعها إلى مكاتب لأنه عبد واختار الشريف جواز دفعها إليه اختاره في المحرر وغيره وقال أبو الخطاب يتخرج دفعها إليه بناء على جواز إعتاقه لأنه يأخذ من الزكاة لحاجته أشبه المسلمين وجوابه بأنه ليس في معنى المسكين لأن حاجته من غير جنس حاجتهم والكفارة إنما هي للمساكين للآية ولأن المسكين يدفع إليه ليتم كفايته والمكاتب إنما يأخذ لفكاك رقبته وكفايته في كسبه ولا إلى من تلزمه مؤنته لأن الزكاة لا تدفع إليهم فكذا الكفارة وفي دفعها إلى الزوج وجهان بناء على الروايتين في دفع الزكاة إليه وإن دفعها إلى من يظنه مسكينا أي ظاهره الفقر فإن غنيا فعلى روايتين وفي الشرح وجهان بناء على الروايتين في الزكاة وظاهره أنه إذا بان كافرا أو عبدا أنه لا يجزئه وجها واحدا وإن رددها على مسكين واحد ستين يوما لم يجزئه لأن الله تعالى أوجب إطعام ستين مسكينا ولم يطعم إلا مسكينا واحدا إلا أن لا يجد غيره فيجزئه في ظاهر المذهب وهو الصحيح لأنه مع عدم الوجدان لغيره معذور وعنه لا يجزئه مطلقا اختاره في الانتصار لظاهر الآية لمن احتج لعدم بزكاة ووصية للفقراء وخمس الخمس بأن
____________________
1-
(8/65)
و عنه يجزئه و إن وجد غيره و إن دفع الى مسكين في يوم واحد من كفارتين أجرأه و عنه لا يجزئه و المخرج في الكفارة ما يجزئ و المخرج في الكفارة ما يجرى في الفطرة و في الخبز روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فيه نظرا وصححها في عيون المسائل وقال اختارها أبو بكر واحتج ابن شهاب بأنه مال أضيف إلى عدد محصور فلم يجز صرفه إلى واحد كما لو قال لله علي أن أطعم ستين مسكينا أو أوصي لهم وعنه يجزئه وإن وجد غيره اختارها ابن بطة و أبو محمد الجوزي لأن هذا المسكين لم يستوف قوت يوصه من هذه الكفارة فجاز أن يعطي منها كاليوم الأول و إن دفع الى مسكين في يوم واحد من كفارتين أجزأه على المذهب لأنه دفع القدر الواجب إلى العدد الواجب فأجزأ كما لو دفع ذلك إليه في يومين و عنه لا يجزئه لأنه استوفى قوت يوم من كفارة فلم يجز أن يدفع إليه ثانيا كما لو دفعها إليه من كفارة واحدة فعلى هذا يجزئه عن إحدى الكفارتين و يرجع في الأخرى إن كان أعلمه أنها كفارة وإلا فلا و يتخرج ألا يرجع بشى كالزكاة و الأول أقيس و أصح فإن اعتبار عدد المساكين أولى من أعتبار عدد الأيام و إن دفع الى الستين من كفارتين فروايتان و المخرج في الكفارة ما يجزىء في الفطرة وهو التمر و الزبيب و البر و الشعير و نحوها و إخراج الحب أفضل للخروج من الخلاف و هي حاله كماله لأنه يدخر و يهيأ لمنافعه كلها بخلاف غيره و نقل أبن هانى التمر و الدقيق أحب الى مما سواهما و في الترغيب التمر أعجب إلى أحمد فإن أخرج دقيقا جاز لأنه أجزاء الحب و قد كفاهم مؤنته و هيأه لهم بخلاف الهريسة فأنها تفسد عن قرب و في السويق الخلاف السابق و في الخبز روايتان المنصوص الأجزاء أختارها الخرقي لقوله تعالى { من أوسط ما تطعمون أهليكم } و المطعم للخبر من أوسط ما يطعم أهله و لأنه مهيأ للأكل و الثانية لا و هي ظاهر المحرر
____________________
1-
(8/66)
فإن كان قوت بلده غير ذلك اجزأه منه لقول منه لقول الله تعالى ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) و قال القاضي لا يجزئه ولا يجزىء من البر أقل من مد ولا من غيره أقل من مدين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و الفروع لأنه خرج عن حال الكمال و الادخار أشبه الهريسة قال القاضي و أصحابه الأولى الجواز و في المغني هو أحسن و هذا من أوسط ما يطعم أهله و ليس الادخار مقصودا في الكفارة فإنها مقدرة بما يقوت المسكين في يومه و هذا مهيأ للأكل المعتاد للاقتيات به و أما الهريسة فإنها خرجت عن الاقتيات المعتاد إلى خبز الادام و إن كان قوت بلده غير ذلك كذرة و الأرز أجزأ منه في قول أبي الخطاب و المؤلف و غيرهما لقول الله تعالى ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) و هذا مما يطعمه أهله فوجب أن يجزئه بظاهر النص فإن أخرج عن قوت بلده أجود منه فقد زاده خيرا و أعتبر في الواضح غالب قوت بلده وأوجب الشيخ تقى الدين وسطه قدرا مطلقا بلا تقدير و قال القاضي لا يجزئه سواء كان قوت بلده أو لم يكن لأن الخبز ورد بإخراج هذه الأصناف في الفطرة فلم يجز غيره كما لو لم يكن قوت بلده و الأول أجود و لا يجزىء من البر أو دقيقه أقل من مد و قال زيد و ابن عباس و ابن عمر لما روى أحمد ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبي يزيد المدني قال جاءت امرأة من بنى بياضة بنصف و سق شعير فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمظاهر أطعم هذا فإن مدي شعير مكان مد بر و على هذا يحمل ما روى عن سلمة بن صخر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه مكتلا فيه خمسة عشر صاعا فقال أطعمه ستين مسكينا و ذلك لكل مسكين مد رواه الدارقطني و هو الترمذي بمعناه و لا من غيره أقل من مدين لقوله عليه السلام فإن مدى شعير مكان مد بر و هو مرسل جيد و لآبي داود عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال يعني بالعرق زنبيلا يأخذ خمسة عشر صاعا و إذن العرقان
____________________
1-
(8/67)
و لا من الخبز من رطلين بالعراقي الا ان يعلم انه مد و إن أخرج القيمة أو غدي المساكين أو عشاهم لم يجزئه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ثلاثون صاعا فيكون لكل مسكين نصف صاع ولأبي داود في رواية العرق مكتل يسع ثلاثين صاعا و قال هذا أصح و عنه مدان لكل و احد لحديث عطاء عن اوس أن النبي صلى الله عليه وسلم إعطاء خمسة عشر صاعا من شعير إطعام ستين مسكينا رواه أبو داود و قال عطاء لم يدرك أوسا و روي الاثرم عن أبي هريرة في حديث المجامع أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بعرق فيه خمسة عشر صاعا فقال خذه و تصدق به و لأنه إطعام و اجب فلم يختلف باختلاف أنواع المخرج كالفطرة و جوابه بأنه يحتمل بأنه لم يجد سواه و لذلك لما أخبره بحاجته اليه أمره بأكله وفي المتفق عليه قريب من عشرين صاعا و ليس ذلك مذهبا لاحد و لا من الخبز إذا قلنا بإجزائه أقل من رطلين بالعراقي أي مع عدم العلم بأنه مد لان الغالب أن ذلك لا يبلغ مدا لأنه ثلاثة أسباع الدمشقي وهو به خمس أواق و سبع أوقية فإن كان من الشعير فلا يجزىء إلا ضعف إلا أن يعلم أنه مد من الحنطة فيجزىء لأنه الواجب ز طاهر ما سبق أنه لا يجب الادم بل هو مستحب نص عليه وعنه أنه ذكر قول بن عباس بأدمة و ذكره الشيخ تقي الدين رواية و أنه لا يجب التمليك في قياس المذهب كزوجة و أن الادم يجب إذا كان يطعمه أهله و إن أخرج القيمة لم يجزئه نقلها الميموي و الاثرم و هو قول الأكثر منهم عمر و ابن عباس لأن الواجب هو الإطعام و إعطاء القيمة ليس بإطعام فهو باق في عهده الواجب او غذي المساكين أو عشاهم لم يجزئه مطلقا في ظاهر المذهب لآن المنقول عن الصحابة إعطاؤهم و لحديث كعب في فدية الأذى
____________________
1-
(8/68)
و عنه يجزئه فصل و لا يجزئ الإخراج الا بنية و كذلك الإعتاق و الصيام فإن كان عليه كفارة واحدة فنوى عن كفارتي أجزأه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولأنه مال وجب للفقراء شرعا أشبه الزكاة ( وعنه يجزئه ) أما أولا فلأن المقصود دفع حاجة المسكين وهو يحصل بدفع القيمة وأما ثانيا فالأجزاء مشروط فإذا أطعمهم القدر الواجب لهم ولم يقل الشيخ تقي الدين بالواجب و هو ظاهر نقل أبي داود و غيره عنه فإنه قال أشبعهم قال ما أطعمهم قال خبزا و لحما إن قدرت أو من أوسط طعامكم و أطعم أنس فدية الصيام قال أحمد أطعم شيئا كثيرا فعلى المذهب لو قدم إليهم مدا و قال هذا بينكم فقلبوه فإن قال بالسوية أجزأ وإلا فوجهان و قال القاضي إن علم أنه و صل الى كل و احد قدر حقه أجزأ و إلا فلا فصل
و لا يجزىء الإخراج إلا بنية لا نية التقرب لأنه حق على سبيل الطهرة فافتقر الى النية كالزكاة و كذلك الإعتاق و الصيام لحديث الأعمال بالنيات ولقوله لا عمل إلا بنية لأن العتق يقع متبرعا به وعن كفارة أخرى أو نذر فلم ينصرف إلى هذه الكفارة إلا بنية و صفتها أن ينوي العتق او الصيام أو الإطعام عن الكفارة فإن زاد الواجبة فتأكيد و إن نوى و جوبها ولم ينو الكفارة ولم يجزئه لأن الواجب يتنوع فوجب تمييزه و موضعها مع التكفير أو قبله بيسير فإن كانت الكفارة صياما أشترط نية الصيام عن الكفارة في كل ليلة للخبر فإن كان عليه كفارة واحدة لم يلزمه تعيين سببها سواء علمها أو جهلها فإن عينه فغلط أجزأه عما يتداخل و هي الكفارات عن جنس فنوى عن كفارتي أجزأه لان النية تعينت له و لأنه
____________________
1-
(8/69)
و إن كان عليه كفارات من جنس فنوى احدها اجزاه و إن كانت من أجناس فكذلك عند أبى الخطاب و عند القاضي لا يجزئه حتى يعين سببها فإن كانت عليه كفارة واحدة فنسي سببها أجزأته كفارة واحدة على الوجه الاول (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نوى عن كفارته ولا مزاحم لها فوجب تعليق النية بها و إن كان عليه كفارات من جنس كما لو ظاهر من نسائه الأربع فنوى إحداهما أجزأه لا نعلم فيه خلافا فإذا عتق عبدا عن ظهاره اجزأه عن إحداهن وحلت له واحدة غير معينه لأنه واجب من جنس واحد فأجزأتة نية مطلقة كما لو كان عليه صوم يومين من رمضان و قياس المذهب أنه يقرع بينهن فتخرج المحللة منهن بالقرعة و قاله أبو ثور و قال بعض العلماء له أن يصرفها إلى أيتهن شاء فتحل فعلى الاول لو كان الظهار من ثلاث نسوة فأعتق ثم صام ثم أطعم حل الجميع من غير قرعة لأن التكفير حصل عن الثلاث أشبه ما لو أعتق ثلاثة أعبد عن الجميع دفعة واحدة و إن كانت من أجناس كظهار و قتل و يمين فأعتق رقبة عن إحداها و لم يعينه فكذلك عن أبي الخطاب و صححه في المحرر و قدمه في الفروع و جزم به في الوجيز لأنها عبادة واجبة فلم تفتقر الى صحة أدائها الى تعيين سببها كما لو كانت من جنس قال ابن شهاب بناء على أن الكفارات كلها من جنس و لأن آحادها لا تفتقر الى تعيين النية بخلاف الصلوات و عند القاضي لا يجزئه حتى يعين سببها قدمه في الرعاية وحكى عن احمد لانهما عبادتان من جنسين كما لو وجب عليه صوم من قضاء ونذر وكتيممه لأجناس وكذبحه في دم نسك ودم محظور وكعتق نذر وعتق كفارة في الأصح قاله في الترغيب ( فان كانت عليه كفارة واحدة فنسي سببها أجزأته كفارة واحدة على الوجه الاول ) قاله ابو بكر لان تعيين السبب ليس شرطا فإذا اخرج كفارة وقعت عن
____________________
1-
(8/70)
وعلى الثاني يجب عليه كفارات بعدد الأسباب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كفارته فتخرج عن العهدة ( وعلى الثاني ) لا بد من تعيين السبب ( يجب عليه كفارات بعدد الأسباب ) كما لو نسي صلاة ( 1 ) خمس وكما لو علم ان عليه يوما لا يعلم هل هو قضاء او نذر فإنه يلزمه صوم يومين فان كان عليه صيام ثلاثة ايام لا يدري أهي من كفارة او نذر او قضاء لزمه صوم تسعة ايام كل ثلاثة عن واحدة من الجهات واختار في الانتصار ان اتحد السبب فنوع والا فجنس قال في الفروع ولو كفر مرتد بغير الصوم فنصه لا يصح وقال القاضي المذهب صحته
مسألة اذا كان عليه كفارتان فأعتق عنهما عبدين فله اقسام
1 ان يقول اعتقت هذا وهذا عن الاخرى فيجزئه إجماعا
2 ان يقول اعتقت هذا عن إحداهما وهذا عن الاخرى من غير تعيين فان كانا من جنس واحد جاز وان كانا من جنسين خرج على الخلاف في اشتراط السبب
3 ان يقول اعتقتهما عن الكفارتين أجزاه ان كانا من جنس والا فالخلاف
4 ان يعتق كل واحد منهما جميعا فيكون معتقا عن كل واحدة من الكفارتين نصف العبدين وفيه الخلاف السابق وذكر القاضي وجها ثالثا ان كان باقيهما حرا جاز لانه حصل تكمبل الأحكام والتصرف
فرع لا يجوز تقديم الكفارة على سببها كتقديم الزكاة على الملك وان
____________________
1-
(8/71)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كفر بعد السبب وقبل الشرط جاز فلو كفر عن الظهار بعده وقبل العود جاز لانه حق مالي فجاز تقديمه قبل شرطه كالزكاة
فلو قال لعبده ان ظاهرت فأنت حر عن ظهاري ثم قال لامرأته آنت علي كظهر امي عتق لوجود الشرط وهل يجزئه عن الكفارة فيه وجهان
____________________
1-
(8/72)
= كتاب اللعان = (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب اللعان =
هو مصدر لاعن لعانا اذا فعل ما ذكر او لعن كل واحد منهما الآخر وهو مشتق من اللعن لان كل واحد منهما يلعن نفسه في الخامسة وقال القاضي سمي به لان احد الزوجين لا ينفك عن ان يكون كاذبا فتحصل اللعنة عليه وهي الطرد والابعاد يقال لعنه الله أي باعده والتعن الرجل اذا لعن نفسه من قبل نفسه
واللعان لا يكون الا من اثنين يقال لاعن امرأته لعانا وملاعنة وتلاعنا بمعنى ولاعن الإمام بينهما ورجل لعنة بوزن همزة اذا كان يلعن الناس كثيرا او لعنة بسكون العين اذا كان يلعنه الناس
وشرعا شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين مقرونة باللعن والغضب قائمة مقام حد قذف في جانبه وحد زنى في جانبها
والأصل فيه قوله تعالى { والذين يرمون أزواجهم } الآيات نزلت سنة تسع منصرفة عليه السلام من تبوك في عويمر العجلاني او هلال ابن أمية ويحتمل أنها نزلت فيهما ولم يقع بعدها بالمدينة الا في زمن عمر ابن عبد العزيز والسنة شهيرة بذلك ولان الزوج يبتلي بقذف امراته لنفي العار والنسب الفاسد ويتعذر عليه إقامة البينة فجعل اللعان بينة له ولهذا لما نزلت آية اللعان قال النبي صلى الله عليه وسلم ابشر ياهلال فقد جعل الله لك فرجا ومخرجا
____________________
1-
(8/73)
و إذا قذف الرجل امرأته بالزنى فله إسقاط الحد باللعان و صفته أن يبدأ الزوج فيقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنى و يشير إليها و إن لم تكن حاضرة سماها و نسبها حتى يكمل ذلك أربع مرات ثم يقول في الخامسة و إن لعنه الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنى ثم تقول هي أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى أربع مرات (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( وإذا قذف الرجل العاقل ( امرأته بالزني ) ولو في طهر وطئ فيه في قبل أو دبر فكذبته لزمه ما يلزم بقذف أجنبية من إيجاب الحد عليه وحكم بفسقه ورد شهادته إلا أن يأتي ببينة أو يلاعن ولهذا أعقبه بقوله ( فله إسقاط الحد باللعان ) لقوله تعالى { الذين يرمون المحصنات } الآية وهو عام في الزوج وغيره وإنما خص الزوج بأن أقام لعانه مقام الشهادة في نفي الحد والفسق ورد الشهادة ويدل عليه قوله عليه السلام لهلال البينة وإلا حد في ظهرك ولأنه قاذف فلزمه الحد كما لو أكذب نفسه كالأجنبي وله إسقاطه بلعانه ولو بقي سوط واحد ولو زنت قبل الحد ويسقط بلعانه وحده ذكره في المغني والترغيب وصفته أن يبدأ الزوج فيقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنى ويشير إليها ) ولا يحتاج مع الحضور والإشارة إلى تسمية ونسب كما لا يحتاج إلى ذلك في سائر العقود ( وإن لم تكن حاضرة سماها ونسبها ) حتى تنتفي المشاركة بينها وبين غيرها
قلت ولا يبعد أن يقوم وصفها بما هي مشهورة به مقام الرفع في نسبها ( حتى يكمل ذلك أربع مرات ثم يقول في الخامسة وأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنى وقيل لا يشترط أن يذكر الرمي بالزنى قاله في الرعاية ( ثم تقول هي أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى ) أربع مرات وتشير إليه إن كان حاضرا وإن كان غائبا أسمه ونسبته
____________________
1-
(8/74)
ثم تقول في الخامسة و ان غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى فإن نقص أحدهما من الألفاظ الخمسة شيئا أو بدأت باللعان قبله أو تلاعنا بغير حضرة الحاكم أو نائبه لم يعتد به و إن أبدل لفظة أشهد بأقسم أو أحلف أو لفظة اللعنة بالابعاد أو الغضب بالسخط فعلى وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( ثم تقول في الخامسة وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى للآية والأخبار وإنما خصت هي في الخامسة بالغضب لأن النساء يكثرن اللعن كما ورد
( فإن ) هذا شروع في بيان شروطه هي ستة
أحدها استعماله الألفاظ الخمسة فإن نقص أحدهما من الألفاظ الخمسة شيئا ) ولو قل لم يصح لأن الله تعالى علق الحكم عليها ولأنها بينة فلم يجز النقص من عددها كالشهادة ( أو بدأت باللعان قبله ( 1 ( لم يعتد به لأنه خلاف المشروع وكذا إن قدم الرجل اللعنة على شيء من الألفاظ الأربعة أو قدمت هي الغضب عليها لأن لعان الرجل بينة لإثبات ولعانها بينة لإنكار فلم يجز تقديم الإنكار على الإثبات ( أو تلاعنا بغير حضرة الحاكم أو نائبه لم يعتد به ( 2 ) لأنه يمين في دعوى فاعتبر فيه أمر الحاكم كسائر الدعاوى
الرابع أن يأتي كل واحد منهما باللعان بعد إلقائه عليه فإن بادر قبل أن يلقيه الإمام أو نائبه لم يصح كما لو حلف قبل أن يحلفه الحاكم
الخامس الإشارة من كل منهما إلى صاحبه إن كان حاضرا أو يسميه وينسبه إن كان غائبا ولا يشترط حضورهما معا بل لو كان أحدهما غائبا عن صاحبه مثل أن يكون الرجل في المسجد و المرأة على بابه لعذر جاز
و إن أبدل لفظة أشهد بأقسم أو احلف أو لفظة اللعنة بالإبعاد أو الغضب بالسخط فعلى وجهين هذا هو الشرط السادس لصحة اللعان و هو أن
____________________
1-
(8/75)
و من قدر على اللعان بالعربية لم يصح منه الا بها فإن عجز عنها لزمه تعلمها في أحد الوجهين و في الآخر يصح بلسانه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يأتي بالألفاظ على صوره ما ورد الشرع لأن أتباع لفظ النص أولى و لأنه موضع ورد الشرع فيه بلفظ الشهادة أشبه الشهادة في الحقوق و هذا أظهر الوجهين قاله في المستوعب و صححه المؤلف و غيره و الآخر يعتد به لأنه أتى بالمعنى أشبه ما لو أبدل إني لمن الصادقين بقوله لقد زنت قال الخرقي يقول الرجل أشهد بالله لقد زنت و ليس هذا لفظ النص فدل على أنه لم يشترط ذكر اللفظ و لكن نقل أبن منصور على ما في كتاب الله تعالى
و إن أبدلت لفظة الغضب باللعنة لم يجز لأن الغضب أبلغ و لهذا اختصت المرأة به لأن إثمها أعظم و المعرة بزنها أقبح و إن أبدلها بالسخط خرج على الوجهين فيما إذا أبدل لفظة اللعنة بالأبعاد و إن أبدل لفظة اللعنة بالغضب فاحتمالان الجواز لأنه أبلغ و عدمه لمخالفة المنصوص
و لا يصح تعليقة على شرط قاله ابن عقيل و غيره وفي الترغيب تشترط موالاة الكلمات وأمأ في رواية ابن منصور أن الخامسة لا تشترط فينفذ حكمه لا على الاولى قاله في الانتصار
و من قدر على اللعان بالعربية لم يصح منه إلا بها لأن الشرع ورد بالعربية فلم يصح بغيرها كأذكار الصلاة فإن عجز عنها لزمه تعلمها في احد الوجهين لأنه منصوص عليه فلزمه تعلمها كالفاتحة و في الآخر يصح بلسانه في ظاهر المذهب قاله في الواضح و صححه في الشرح و جزم
____________________
1-
(8/76)
و إذا فهمت إشارة الأخرس أو كتابته صح لعانه بها و الا فلا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + به في الكافي و الوجيز و لأنه موضع حاجة كالنكاح فإن كان الحاكم يحسن لسانهما أجزأ ذلك و يستحب أن يحضر معه أربعة يحسنون لسانهما فإن كان الحاكم لا يحسن فلا بد من ترجمان و لا يجزى فيها أقل من عدلين على المذهب و إذا فهمت إشارة الأخرس أو كتابته صح لعانه بها قاله القاضي و أبو الخطاب و ذكره في المستوعب و الرعاية و قدمه في الفروع و جزم به في الوجيز كطلاقه و عنه لا يصح أختاره المؤلف
قال أحمد إذا كانت المرأة خرساء لم تلاعن لأنه لا تعلم مطالبتها و لأن اللعان يفتقر الى الشهادة أشبه الشهادة الحقيقية ولأن الحد يدرأ بالشبهة و الإشارة ليست صريحة كالنطق ولا يخلو من احتمال و تردد و جوابه أن الشهادة يمكن حصولها من غيره فلم تدع الحاجة إليه فيها و اللعان لا يحصل إلا منه فدعت الحاجة الى قبوله منه كالطلاق و قال المؤلف و قولنا أحسن إذ الشهادة قد لا تحصل إلا منه لاختصاصه برؤية المشهود عليه أو سماعه إياه و جوابه بأن موجب القذف وجوب الحد و هو يدرأ بالشبهة و مقصود اللعان نفي السبب و هو يثبت بالإمكان مع ظهور انتفائه و إلا فلا أي إذا كان غير معلوم الإشارة و الكتابة لم يصح
فرع إذا قذف الأخرس و لاعن ثم تكلم فأنكرهما لم يقبل إنكاره للقذف لأنه يتعلق به حق لغيره بحكم الظاهر و يقبل إنكاره للعان فيما عليه فيطالب بالحد ويلحقه النسب و لا تعود الزوجة فإن قال أنا ألا عن لسقوط
____________________
1-
(8/77)
و هل يصح لعان من اعتقل لسانه و ايس من نطقه بالإشارة على وجهين فصل و السنة أن يتلاعنا قياما بحضرة جماعة في الأوقات و الأماكن المعظمة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الخد نفي النسب كان له ذلك و إن أعترف بالزنى ثم أنكر فكا للمعان و هل يصح لعان من أعتقل لسانه و أيس من نطقه بالإشارة على وجهين كذا في المحرر و الفرع أحدهما و جزم به في الوجيز يصح كالأخرس الأصلي والثاني لا لأنه عجز عن النطق لعارض أشبه غير المأيوس فإن قال لم أرد قذفا و لعانا قبل في لعان في حد ونسب فقط و يلاعن لهما فإن رجي نطقه أنتظر و في الترغيب ثلاثة أيام و فائدته صحة قذف الأخرس و لعانه لأنا لا نأمرة باللعان و نحبسه إذا نكل حتى يلاعن ذكره في عيون المسائل و كلام غيره يقضي انه يحد فصل
و السنة أن يتلاعنا قياما لقوله عليه السلام لهلال بن أمية قم فأشهد أربع شهادات و لأنه أبلع في الردع فيبدأ الزوج فيلتعن و هو قائم فإذا فرغ قامت المرأة فالتعنت بحضره جماعة لحضور أبن عباس و أبن عمر و سهل بن سعد مع حداثة أسنانهم فدل على أنه حضر جميع كثير لأن الصبيان إنما يحضرون تبعا للرجال إذ اللعان مبني على التغليظ للردع والزجر وفعله في الجماعة أبلغ في ذلك و يستحب ألا ينقصوا عن أربعة لأن بينة الزنى التي شرع اللعان من أجل الرمي به أربعة و ليس بواجب بغير خلاف نعلمه في الأوقات و الأماكن المعظمة هذا قول أبي الخطاب و جزم به في المستوعب و المحرر و الوجيز ففي الزمان بعد العصر لقول الله تعالى { تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله } و المراد صلاة العشاء في قول
____________________
1-
(8/78)
وإذا بلغ كل واحد كل واحد منهما الخامسة أمر الحاكم رجلا فأمسك يده على في الرجل و امرأة تضع يدها على في المرأة ثم يعظه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المفسرين و قال أبو الحطاب و بين الاذانين لأن الدعاء بينهما لا يرد و في المكان بمكة بين الركن الذي فيه الحجر الأسود و المقام و هو المسمى بالحطيم و لو قيل بالحجر لكان أولى لأنه من البيت و بالمدينة عند المنبر مما يلي القبر الشريف لقوله عليه السلام ما بين قبري و منبري روضة من رياض الجنة و ببيت المقدس عند الصخرة وفي سائر البلدان في جوامعها و هل يجوز أن يرتقيا على المنابر أولا و إن كان في الناس كثرة فيه احتمال أو وجه قاله في الواضح و حائض و نحوها بباب المسجد لتحريم مكثها فيه فلو رأى الإمام تأخيره الى انقطاع الدم و غسلها لم يبعد و الوجه الثاني لا يستحب التغليظ مطلقا قاله القاضي و قدمة في الكافي لأن الله تعالى أطلق الأمر به ولأنه عليه السلام أمر الرجل بإحضار امرأته و لم يخصه بزمن و لو خصه لنقل و أطلق الخلاف في الفروع و خصهما في الترغيب بالذمة و ظاهره على الاول و لو كانا كافرين فعلى هذا يحضرهم في أوقاتهم المعظمة و بيوت عبادتهم كالكنائس لأهل الكتاب و بيوت النار للمجوس و يحتمل ان يغلظ بالمكان فإن كانت المسلمة حائضا و قفت على باب المسجد و إذا بلغ كل و احد منهما الخامسة أمر الحاكم رجلا فأمسك يده على في الرجل و امرأة تضع يدها على في المرأة ثم يعظه لما روى أبن عباس قال تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ثم أمر به فأمسك على فيه فوعظه و قال و يحك كل شء أهون عليك من لعنة الله ثم أرسل فقال لعنه الله عليه إن كان من الكاذبين ثم دعا بها فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ثم أمر
____________________
1-
(8/79)
فيقول اتق الله فإنها الموجبة وعذاب الدنيا أهون من عذاب الاخره وان يكون ذلك بحضرة الحاكم فإن كانت المرأة خفرة بعث من يلاعن بينهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بها فأمسكت على فيها فوعظها و قال ويلك كل شي أهون عليك من غضب الله أخرجه الجوز جاني
و ظاهره أن الواعظ هو الحاكم وحكاه في الرعاية قولا فيقول أتق الله فإنها الموجبة للعنه و الغضب من الله و عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة لما روي أبن عباس قال لما كانت الخامسة قيل لهلال بن أمية أتق الله فإنها الموجبة و فيه فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة لأن عذاب الدنيا منقطع و عذاب الآخرة دائم ليتوب الكاذب منهما و يرتدع عما عزم عليه و أن يكون ذلك بحضرة الحاكم أو نائبه و قد تقدم أن هذا شرط لصحة اللعان فإن تحاكما الى رجل يصلح للقضاء فحكماه بينهما فلاعن لم يصح لأن اللعان مبني على التغليظ فلم يجز لغير الحاكم كالحد و حكى المؤلف أنه ينفذ في ظاهر كلام أحمد و سواء كان الزوجان حرين أو مملوكين في ظاهر كلام الخرقي و قال الشافعي للسيد أن يلاعن بين عبده و أمته كالحد و جوابه أنه لا يملك إقامته على أمته المزوجة ثم لا يشبه اللعان الحد لأنه زجز و تأديب و اللعان إما شهادة أو يمين فأفترقا فإن كانت المرأة خفرة بفتح الخاء و كسر الفاء يعني شديدة الحياء و هي ضد البرزة بعث من يلاعن بينهما يعني نائبه و عدولا فلو أقتصر على نائبه جاز لأن الجمع غير واجب كما يبعث من يستخلفهما في الحقوق و لأن الغرض يحصل ببعث من يثق الحاكم به فلا ضرورة الى إحضارها و ترك عاداتها مع حصول الغرض بدونه وفي عيون المسائل للزوج أن يلاعن مع غيبتها و تلاعن مع غيبته
____________________
1-
(8/80)
و إذا قذف الرجل نساءه فعليه أن يفرد كل واحدة بلعان و عنه يجزئه لعان واحد يقول اشهد بالله أنى لمن الصادقين فيما رميتكن به من الزنى و تقول كل واحدة أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى وعنه إن كان القذف بكلمة واحدة أجزأه لعان واحد و إن قذفهن بكلمات أفراد كل واحدة بلعان فصل ولا يصح الا بشروط ثلاثة أحدها أن يكون بين زوجين عاقلين بالغين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
وأذا قذف الرجل نساءه فعليه أن يفرد كل واحدة بلعان على المذهب سواء قذفهن بكلمة أو كلمات لأنه قاذف لكل واحدة منهن أشبه ما لو لم يقذف غيرهما و يبدأ بلعان التي تبدا بالمطالبة فإن طالبن جميعا أو تشاححن فالقرعة و إن لم يتشاححن بدأ تمن شاء بمن و لو بدأ بواحدة منهن من غير قرعة مع المشاحة جاز و عنه يجزئه لعان واحد لأن اللعان تابع للقذف و القذف وإن تعدد فكلمته واحدة فعلى هذا يقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتكن به من الزنى و تقول كل واحدة أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى لأن حلفهن جملة لا يمكن و عنه إن كان القذف بكلمه واحدة أجزأه لعان و احد لأنه قذف و احد فخرج عن عهدته بلعان و احد كما لو قذف و احد و إن قذفهن بكلمات أفرد كل واحدة بلعان كما لو قذف كل واحدة بعد لعان الأخرى وعنه إن طالبوا عند الحاكم مطالبة واحدة فحد واحد و إلا فحدود حكاها في المستوعب فصل
ولا يصح إلا بشروط ثلاثة أحدهما أن يكون بين زوجين لقوله تعالى { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } ثم خص الأزواج من عمومها بقوله { والذين يرمون أزواجهم } فيبقى ما عداه على مقتضى العموم عاقلين بالغين لأنه إما يمين أو شهادة و كلاهما لا يصح من مجنون و لا غير بالغ إذ لا عبرة
____________________
1-
(8/81)
سواء كانا مسلمين أو ذميين أو رقيقين أو فاسقين أو كان أحدهما كذلك في إحدى الروايتين و الأخرى لا يصح الا بين زوجين مسلمين حرين عدلين فإن أختل شرط في أحدهما فلا لعان بينهما و إن قذف أجنبية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بقولهما سواء كانا مسلمين أو ذميين أو رقيقين أو فاسقين أو كان أحدهما كذلك في إحدى الروايتين أي يصح بينهما مطلقا إذا كانا مكلفين نقله و اختاره الأكثر و ذكر ابن هبيرة أنه أظهر الروايتين لعموم قوله تعالى { والذين يرمون أزواجهم } الآية و لأن اللعان يمين بدليل قوله عليه السلام لولا الإيمان لكان لى و لها شأن و لأنه يفتقر الى اسم الله تعالى و يستوى فيه الذكر والانثى ولان الزوج يحتاج الى نفي الولد فشرع له اللعان طريقا الى نفيه كما لو كانت ممن يحد بقذفها ( والأخرى لا يصح إلا بين زوجين مسلمين حرين عدلين ) اختاره الخرقي وعلله احمد بأنه شهادة لقوله تعالى { ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم } فجعلهم شهداء وقال تعالى { فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } وعنه لا لعان بقذف غير المحصنة وهي الأمة والذمية والمحدودة في الزنى لزوجها لعانها لنفي الولد خاصة وليس له لعانها لإسقاط حد القذف والتعزير ذكره القاضي وعنه المحصنة وزوجها المكلف لقوله تعالى ( والذين يرمون المحصنات ) وأما تسمية شهادة فلقوله في يمينه أشهد بالله وحاصلة أن الملاعنة كل زوجة عاقلة بالغة وعنه مسلمة حرة عفيفة ( فإن اختل شرط منها في أحدهما فلا لعان بينهما ) لأن المشروط يفوت بفوات شرطه والأولى هي المنصوصة عن أحمد في رواية الجماعة وما يخالفها شاذ في النقل
وإذا قذف أجنبية ثم تزوجها و لم يلاعن لأنه وجب في حال كونها أجنبية أشبه ما لو لم يتزوجها فلو قذفها و لم يتزوجها فعليه الحد إن
____________________
1-
(8/82)
أو قال لامرأته زنيت قبل ان نكحك حد ولم يلاعن و ان أبان زوجته ثم قذفها بزنى في النكاح أو قذفها في نكاح فاسد و بينهما و لد لاعن لنفيه وإلا حد ولم يلاعن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كانت محصنة و إلا عزر أو قال لامرأته زنيت قبل أن أنكحك حد و لم ولم يلاعن وقاله ابو ثور سواء كان ثم ولد أو لا لأنه قذفها بزني مضافا إلى حال البينونة أشبه ما لو قذفها و هي بائن و فارق قذف الزوجة لأنه محتاج إليه و عنه له لعانها لعموم الآية و عنه لنفي الولد قدمه في الكافي و الاول المذهب لأنه إن كان بينهما و لد فهو محتاج الى نفيه و هنا إذا تزوجها و هو يعلم زناها فهو المفرط في نكاح حامل من الزنى
فرع إذا ملك أمة و قذفها فلا لعان و يعزر فقط وإن أبان زوجته ثم قذفها بزنى في النكاح إذا أبان زوجته ثم قذفها يزنى أضافه الى حال الزوجية أو العدة و بينهما و لد لأعن لنفيه لأنه يلحقه نسبة بحكم عقد النكاح فكان له نفيه ويفارق إذا لم يكن له و لد فإنه لا حاجة الى القذف لكونها أجنبية وسائر الأجنبيات لا يلحقه و لدهن فلا حاجة الى قذفهن و حكى في الانتصار عن أصحابنا إن أبانها ثم قذفها بزنى في الزوجية أنه يلاعن و على الأول متى لأعنها لنفي و لدها أنتفى و سقط عنه الحد و في ثبوت التحريم المؤبد وجهان أو قذفها في نكاح فاسد و بينهما و لد لاعن لنفيه و إلا حد ولم يلاعن لما ذكرناه فلو لاعنها من غير و لد لم يسقط الحد و لم يثبت التحريم المؤبد لأنه لعان فاسد وسواء أعتقد أن النكاح صحيح أم لا
فرع إذا قال أنت طالق يا زانية ثلاثا لاعن نص عليه لأبانتها بعد قذفها و كقذف الرجعية قيل لأحمد فأنهم يقولون يحد و لا يلزمها إلا
____________________
1-
(8/83)
و إن أبان امرأته بعد قذفها فله أن يلاعن سواء كان بينهما ولد أو لم يكن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + واحدة فقال بئس ما يقولون و إن قال أنت طالق ثلاثا يا زانية لم يلاعن نص عليه وهو محمول على من بينهما و لد لأنه يعين إضافة قذفها الى حال الزوجية لاستحالة الزنى منها بعد طلاقه لها
فائدة سئل أحمد عن رجل طلق واحدة أو أثنين ثم قذفها قال قال ابن عباس لا يلاعن و يجلد و قال أبن عمر يلاعن ما كانت في العدة قال وقول أبن عمر أجود لأنها زوجه
و أن أبان امرأته بعد قذفها فله أن يلاعن سواء كان بينهما و لد أولم يكن نص علية وهو قول أكثر العلماء لعموم الآية فإذا لم يلاعن وجب عليه الحد لقوله تعالى { والذين يرمون المحصنات } ولأنه قاذف لزوجته فوجب أن يلاعن كما لو بقيا على النكاح الى حاله اللعان فلو قالت قذفني قبل أن يتزوجني و قال بل بعده أو قالت قذفني بعد ما بنت منه فقال بل قبله قبل قوله لأن القول قوله في أصل القذف فكذا في وقته
مسألة إذا أشترى زوجته الأمة ثم أقر بوطئها تم أتت بولد لستة أشهر كان لاحقا به إلا أن يدعي الاستبراء فينتفي عنه و إن لم يكن أقر بوطئها أو أقر به فأتت بولد لدون ستة أشهر منذ وطىء كان ملحقا بالنكاح إن أمكن وله نفيه بلعان ذكره في المغني و الشرح
و كل موضع قلنا لا لعان فيه فالنسب لاحق به و يجب بالقذف موجبه
____________________
1-
(8/84)
و إن قذف زوجته الصغيرة أو المجنونة عزر ولا لعان بينهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + من الحد أو التعزير إلا ان يكون القاذف صغيرا أو مجنونا فلا شيء فيه في قول أكثر العلماء
و إن قذف زوجته الصغيرة أبو المجنونة عزر لأن القذف لا يسقط عن درجة السب و هو يوجبه فكذا هنا و ظاهره أنه لا حد و صرح به في المغنى و غيره لأن الحد لا يجب عليهما بفعل الزنى ولا لعان بينهما لأنه قول تحصل به الفرقة فلا يصح من غير مكلف كالطلاق أو يمين فلا يصح من غير مكلف كسائر الأيمان فإن أدعى أنه كان زائل العقل حين قذفه فأنكرت ذلك و لأحدهما بينة عمل بها و الا قبل قولها مع يمينها لأن الأصل والظاهر السلامة و الصحة و إن عرفت له حال جنون و حالة إفاقة قبل قولها في الأصح
و أن قذفها و هي طفلة لا يجامع مثلها فلا حد لتيقننا كذبه لكنه يعزز للسب و لا يحتاج في التعزير الى مطالبة فإن كانت يجامع مثلها كابنة تسع حد و ليس لها و لا لوليها المطالبة به حتى تبلغ فإذا بلغت و طالبت حد و له إسقاطه باللعان و ليس له لعان قبل البلوغ لأنه يراد لإسقاط الحد أو نفي الولد
فرع إذا قذف امرأته المجنونة بزنى أضافه الى حال إفاقتها أو قذفها و هي عاقلة ثم جنت لم يكن لها المطالبة و لا لوليها قبل إفاقتها لأن هذا طريقة التشفى فإذا أفاقت فلها المطالبة و له اللعان فإن أراد لعانها في حال جنونها و لا و لد ينفيه لم يكن له ذلك وإن كان ثم و لد يريد نفيه
____________________
1-
(8/85)
فصل الشرط الثاني أن يقذفها بالزنى فيقول زنيت أو يا زانية أو رأيتك تزنين سواء قذفها بزنى في القبل أو الدبر و إن قال وطئت بشبهة أو مكرهة فلا لعان بينهما و عنه إن كان ثم ولد لاعن لنفيه وإلا فلا و إن قال لم تزن و لكن ليس هذا الولد مني فهو ولده في الحكم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فالذي يقتضيه المذهب أنه لا يلاعن و يلحقه الولد و قال القاضي له أن يلاعن لنفيه لأنه محتاج الى ذلك فصل الشرط الثاني أن يقذفها بالزني لأن كل قذف يجب به الحد و سواء في ذلك الأعمى و البصير نص عليه و قال أبو الزناد لا يكون اللعان إلا بأحد أمرين إما رؤية و إما إنكار الحمل لأن آية اللعان نزلت في هلال بن أمية و كان قال رأيت بعيني و سمعت بأذني وجوابه عموم الآية و الا اخذ بعموم اللفظ أولى من خصوص السبب فيقول زنيت أو يا زانية أو رأيتك تزنين هذا بيان لمعنى القذف فإن قال يا زانية فقالت بل أنت زان فله اللعان و تحد في لقذفه فإن قال زنى قال زنى بك زيد في الدار فلا سواء قذفها بزنى في القبل و هو ظاهر أو الدبر لأنه قذفها بزنى في الفرج فوجب أن يكون حكمه كالقبل و علم منه أنه إذا قذفها بالوطء دون الفرج أو بشىء من الفواحش غير الزني فلا حد و لا لعان كما لو قذفها بضرب الناس أو أذاهم و إن قال وطئت بشبهة أو مكرهة أو مع نوم أو إغماء أو جنون لزمه الولد فلا لعان بينهما أختاره الخرقي و المؤلف و جزم به في الوجيز لأنه لم يقذفها بما يوجب الحد و عنه إن كان ثم و لد لاعن لنفيه أختاره الأكثر فينتفي يلعنه وحده لأنه يحتاج اليه و في المحرر روايتان منصوصتان ثم قال عن الثانية و هي الأصح عندي و الا فلا و إن قال لم تزن و لكن ليس هذا الولد مني فهو ولده في الحكم لقوله عليه السلام
____________________
1-
(8/86)
ولا لعان بينهما و إن قال ذلك بعد أن أبانها فشهدت أمرأة مرضية انه ولد على فراشه لحقه نسبه و إن ولدت توأمين فأقر بأحدهما و نفي الأخر لحقه نسبهما و يلاعن لنفي الحد و قال القاضي يحد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و الولد للفراش و لا لعان بينهما لأن هذا ليس بقذف بظاهره لاحتمال أنه يريد أنه من زوج آخر أو من وطء شبهة أو غير ذلك وإن قال ما ولدته وإنما التقطته أو استعارته فقالت بل هو ولدي منك لم يقبل قولها إلا ببينة وهو قول أكثر العلماء فعلى هذا لا يلحقه الولد إلا أن تقيم بينة وهي امرأة مرضية تشهد بولادتها له وقيل يقبل قولها فيلحقه النسب وهل له نفيه باللعان فيه وجهان ( وإن قال ذلك بعد أن أبانها فشهدت امرأة مرضية أنه ولد على فراشه لحقه نسبه ) لأن شهادتها بالولادة مقبولة لأنها مما لا يطلع عليه الرجال ( وإن ولدت توأمين فأقر بأحدهما ونفى الآخر لحقه نسبهما ) أي إذا ولدت توأمين وبينهما أقل من ستة أشهر لأنه حمل واحد فلا يجوز أن يكون بعضه منه وبعضه من غيره لأن النسب يحتاط لإثباته لا لنفيه فإن قلت لم لم يحكم بنفي ما أقر به تبعا للذي نفاه قلت ثبوت النسب مبني على التغليب وهو يثبت بمجرد الإمكان وإن لم يثبت الوطء ولا ينتفي لإمكان النفي فافترقا ( ويلاعن لنفي الحد ) لأن اللعان تارة يراد لنفي الولد وتارة لإسقاط الحد فإذا تعذر نفي الولد لما سبق بقي اللعان لإسقاط الحد ( وقال القاضي يحد ) ولا يملك إسقاطه باللعان لأنه باستلحاقه اعترف بكذبه في قذفه فلم يسمع إنكاره بعد ذلك فإن ماتا معا أو أحدهما فله أن يلاعن لنفي نسبهما وقال بعض العلماء يلزمه نسب لحي ولا يلاعن إلا لنفي الحد ولأنه بالموت انقطع نسبه كموت أمه وجوابه أن الميت ينسب إليه فيقال ابن فلان ويلزمه تجهيزه وتكفينه
____________________
1-
(8/87)
فصل الثالث أن تكلمه الزوجة و يستمر ذلك الى أنقضاء اللعان فإن صدقته أو سكتت لحقه نسبه و لا لعان في قياس المذهب و إن مات أحدهما قبل اللعان ورثه صاحبه و لحقه نسب الولد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل الثالث أن تكذبه الزوجة ويستمر ذلك إلى انقضاء اللعان ) لأنه لا يتم إلا أن يوجد من الزوجين فإذا أقرت المرأة بالزنى تعذر اللعان منهما لأن الإنسان لا يستحلف على ما أقر به ( فإن صدقته ) مرة أو أكثر ( أو سكتت ) أو عفت عنه أو ثبت زناها بأربعة سواه أو قذف مجنونة بزني قبله أو محصنة فجنت أو ناطقة فخرست نقل ابن منصور أو صماء ( لحقه النسب ) لأن الولد للفراش وإنما ينتفي عنه اللعان ولم يوجد شرطه ( ولا لعان في قياس المذهب ) ونص عليه لأن اللعان كالبينة وهي لا تقام مع الإقرار ثم إن كان تصديقها له قبل لعانه فلا لعان لأن اللعان كالبينة إنما تقام مع الإنكار و ان كان بعد لعانه لم تلاعن هي لأنها لا تحلف مع الإقرار و حكمها كما لو أمتنعت من غير إقرار و إن أقرت أربعا و جب الحد و لا لعان إذا لم يكن ثم نسب ينفي و إن رجعت سقط الحد عنها بغير خلاف علمناه لأن الرجوع عن الإقرار بالحد مقبول و لا لعان بينهما لا للحد لتصديقها إياه و لا لنفي النسب لأن نفي الولد إنما يكون بلعانهما معا و قد تعذر منهما و إن مات أحدهما قبل اللعان أو قبل تتمته فقد مات على الزوجية لأن الفرقه لا تحصل إلا بكمال اللعان و رثه صاحبه و لحقه نسب الولد نص عليه لأن النكاح إنما يقطعه اللعان كالطلاق و قيل ينتفي بلعانة و حده مطلقا كدرء حد و الاول المذهب لأن الشرع إنما رتب الأحكام على اللعان التام
____________________
1-
(8/88)
و لا لعان و إن مات الولد فله لعانها و نفيه وإن لاعن و نكلت الزوجة عن اللعان خلي سبيلها و لحقة الولد ذكره الخرقي و عن أحمد أنها تحبس حتى تقر أو تلاعن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و الحكم لا يثبت قبل إكمال سببه فإن ماتت بعد طلبها للحد قام وارثها مقامها و لا لعان لأن شرطه مطالبة الزوجة و قد تعذر بموتها وإن مات الولد فله لعانها و نفيه لأن شروط اللعان تتحقق بدون الولد فلا ينتفي بموته لأنه ينسب اليه
و إن لاعن و نكلت الزوجة عن اللعان خلي سبيلها و لحقه الولد ذكره الخرقي و أبو بكر قال ابن حمدان و هي الأصح و جزم بها في الوجيز لأنه لم يثبت عليها شىء ويلحقه الولد لأن نكول الزوجة بمنزله إقرارها و علم منه أنه لا حد لأن زناها لم يثبت فإنه لو ثبت زناها بلعان الزوج لم يسمع لعانها كما لو قامت به البينة و لا يثبت بنكولها لأن الحد يدرأ بالشبهة و هي متمكنة منه و قال الجوزجاني و أبو الفرج و الشيخ تقي الدين تحد قال في الفروع و هو قوي لقوله تعالى { ويدرأ عنها العذاب } و يؤيد الاول قول عمر الرجم على من زنى و قد أحصن إذا كان بينة أو كان الحمل أو الاعتراف فلم يذكر اللعان قال أحمد فإن أبت أن تلتعن بعد التعان الزوج أجبرتها على اللعان و هبت أن أحكم عليها بالرجم لأنها لو أقرت بلسانها لم أرجمها إذا رجعت فكيف إذا أبت اللعان و عن أحمد أنها تحبس قيل قدمها في الكافي و المحرر و الرعاية و صححها القاضي حتى تقر أربعا ثلاثا أو تلاعن لقوله تعالى { ويدرأ عنها العذاب } الآية فإذا لم تشهد وجب ألا يدرأ عنها العذاب و لا يسقط النسب إلا بالتعانهما جميعا لأن الفراش قائم و الولد للفراش و حكى في الفروع الخلاف
____________________
1-
(8/89)
و لا يعرض للزوج حتى تطالبه الزوجة فإن أراد اللعان من غير طلبها فإن كان بينهما و لا يريد نفيه فله ذلك و الا فلا فصل و إذا تم اللعان بينهما ثبت أربعة أحكام أحدها الحد عنه أو التعزير (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + من غير ترجيح و لا يعرض بضم الياء على البناء للمفعول للزوج حتى تطالبه الزوجة يعنى لا يتعرض له بإقامة الحد عليه و لا طلب اللعان منه حتى تطالبه زوجته بذلك لأنه حق لها فلا يقام من غير طلبها كسائر الحقوق فإن عفت عن الحد أو لم تطالب لم تجز مطالبته بنفيه و لا حد و لا لعان و لا يملك ولى الجنونة و الصغيرة وسيد الامه المطالبة بالتعزير من أجلهن لأن هذا حق ثبت للتشفي فلا يقوم الغير فيه مقام المستحق كالقصاص
فإن أراد اللعان من غير طلبها فإن كان بينهما ولد يريد نفيه فله ذلك و قاله القاضي لأنه عليه السلام لاعن بين هلال بن أمية وزوجته ولم تكن طالبته و لأنه محتاج الى نفيه فيشرع له طريق اليه كما لو طالبته و لأن نفي النسب الباطل حق له فلا يسقط برضاها به كما لو طالبت باللعان و رضيت بالولد و يحتمل إلا يشرع اللعان كما لو قذفها فصدقته لأنه أحد موجي القذف فلا يشرع مع عدم المطالبة كالحد و الا فلا أي إذا لم يكن هناك و لد يريد نفيه لم يكن له أن يلاعن بغير خلاف نعلمه لأن الحاجة الى اللعان لإسقاط الحد أو لنفي الولد و الحد لم يطالب به و الولد معدوم فصل
و إذا تم اللعان بينهما ثبت أربعة أحكام أحدهما سقط الحد عنه أي عن الزوج أن كانت زوجته محصنه أو التعزير أن لم تكن محصنه لقول هلال بن أميه و الله لا يعذبني الله عليهما كما لم يجلدني عليهما و لأن
____________________
1-
(8/90)
و لو قذفها برجل بعينه سقط الحد عنه لهما الثاني الفرقة بينهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + شهادته أقيمت مقام بينته وبينته تسقط الحد كذلك لعانه وان نكل عن اللعان او عن إتمامه فعليه الحد فإن ضرب بعضه فقال أنا ألاعن سمع ذلك منه لأن ما اسقط كله اسقط بعضه كالبينة ولو نكلت المرأة عن الملاعنة ثم بذلتها سمع منها كالرجل ولو قذفها برجل بعينة سواء ذكره في لعانه او لا سقط الحد عنه لهما لان هلال بن أمية قذف زوجته بشريك ابن سحماء ولم يحده الني صلى الله عليه وسلم ولا عزره له ولان اللعان بينة في احد الطرفين فكان بينة في الأخر كالشهادة لكن ان لم يلاعن فلكل واحد منها المطالبة وأيهما طلب حد له دون من لم يطالب كما لو قذف رجلا بالزنى بامرأة معينة وقال أبو الخطاب يلاعن لإسقاط الحد لها وللمسمى
فرع من نفى توأمين او اكثر كفاه لعان واحد ولو بعد موت أحدهما قال في الشرح وان أتت بولد فلاعن لنفيه ثم ولدت أخر لأقل من ستة أشهر لم ينتف الثاني باللعان الأول ويحتمل ان ينتفي بنفيه من غير حاجة الى لعان ثان
الثاني الفرقة بينهما بتمام تلاعنهما اختاره أبو بكر وقدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز وقاله ابن عباس وغيره لقول ابن عمر المتلاعنان يفرق بينهما ولا يجتمعان أبدا رواه سعيد ولأنه معنى يقتضي التحريم المؤبد فلم يقف على حكم حاكم كالرضاع ولأنها لو وقفت على تفريق الحاكم لساغ ترك التفريق إذا لم يرضيا به كالتفريق للعنت
____________________
1-
(8/91)
و عنه لا تحصل حتى يفرق الحاكم بينهما الثالث التحريم المؤبد و عنه إن أكذب نفسه حلت له (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والإعسار وتفريقه صلى الله عليه وسلم بينهما بمعنى إعلامه لهما بحصول الفرقة ( وعنه لا تحصل حتى يفرق الحاكم بينهما ) في ظاهر الكلام الخرقي و اختاره القاضي و الشريف و أبو الخطاب وابن البنا والمؤلف لما روى نافع عن ابن عمر أن رجلا لا عن امرأته في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها ففرق ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بالمرأة رواه الجماعة وعن سعيد بن جبير قال قلت لابن عمر رجل قذف امرأته قال فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني عجلان وقال الله يعلم أحدكما كاذب فهل منكما تائب يرددها ثلاث مرات فأبيا ففرق بينهما متفق عليه فدل أن الفرقة لم تحصل بمجرد اللعان فعلى هذه إن طلقها قبل التفريق لحقها طلاقه ويلزم الحاكم الفرقة من غير طلب لأنه عليه السلام فرق بينهما من غير استئذانهما وعليها لو لم يفرق الحاكم بينهما كان النكاح بحاله قاله المؤلف وقال الشافعي تحصل الفرقة بلعان الزوج وحده وإن لم تلتعن هي كالطلاق قال المؤلف ولا نعلم أن أحدا وافقه على ذلك وعليهما فرقة اللعان فسخ لأنها فرقة توجب تحريما مؤبدا فكانت فسخا كالرضاع
( الثالث التحريم المؤبد ) نقله واختاره الأكثر لقول سهل بن سعد مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا رواه الجوز جاني وأبو داود ورجاله ثقات وروى الدار قطني ذلك عن علي ولأنه تحريم لا يرتفع قبل الحد والتكذيب فلم يرتفع بهما كتحريم الرضاع ( وعنه إن أكذب نفسه حلت له ) وعاد فراشه كما لو يلاعن ولكن هذه ا الرواية شذ
____________________
1-
(8/92)
و إن لاعن زوجته الأمة ثم اشتراها لم تحل له الا أن يكذب نفسه على الرواية الأخرى و إذا قلنا تحل له الزوجة بإكذب نفسه فإن لم يكن وجد منه طلاق فهي باقية على النكاح و إن وجد منه طلاق دون الثلاث فله رجعتها الرابع انتقاء الولد عنه بمجرد الولد عنه بمجرد اللعان ذكره أبو بكر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بها حنبل عن أصحابه قال أبو بكر لا نعلم أحدا رواها غيره قال المؤلف وينبغي أن يحمل على ما إذا لم يفرق الحاكم فأما مع تفريقه فلا وجه لبقاء النكاح بحاله وأغرب منه قول سعيد بن المسيب إنه إذا أكذب نفسه فهو خاطب من الخطاب ( وإن لاعن زوجته الأمة ثم اشتراها لم تحل له ) لأنه تحريم مؤبد كالرضاع ولأن المطلق ثلاثا إذا اشترى مطلقته لم تحل له قبل زوج وإصابة فهنا أولى لأن هذا التحريم مؤبد وتحريم الطلاق يختص النكاح ( إلا ان يكذب نفسه على الرواية الأخرى ) أي الضعيفة فإنها تحل له ( وإذا قلنا تحل له الزوجة بإكذب نفسه فإن لم يكن وجد منه طلاق فهي باقية على النكاح ) لأن اللعان على هذا القول لا يحرم على التأبيد وإنما يؤمر بالطلاق كما يؤمر المؤلي به إذا لم يأت بالفيئة فإذا لم يأت بالطلاق بقي النكاح بحاله وزال الإجبار على الطلاق لتكذيب نفسه ( وإن وجد منه طلاق دون الثلاث فله رجعتها ) كالمطلقة دون الثلاث بغير عوض
( الرابع انتفاء الولد عنه بمجرد اللعان ذكره أبو بكر ) لما روى سهل ابن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بينهما وقضى ألا يدعي ولدها لأب وفي حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما لاعن بين هلال وامرأته ففرق بينهما وقضى ألا يدعى ولدها لأب ولا ترمى ولا يرمى ولدها ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد رواه أحمد وأبو داود فظاهره أنه لا يشترط ذكره فيه ولأنه أحد مقصودي اللعان فيثبت به كإسقاط الحد والذهب كما اختاره الخرقي
____________________
1-
(8/93)
و ينتفي عنه حملها و إن لم يذكره و قال الخرقي لا ينتقي عنه حتى يذكره في اللعان فإذا قال أشهد بالله لقد زنت يقول و ما هذا الولد و لدي و تقول هي أشهد بالله لقد كذب و هذا الولد ولده و إن نفي الحمل في التعانة لم ينتف حتى ينفيه عند و ضعها له و يلاعن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والقاضي وصححه في الكافي وجزم به في الوجيز أنه لا ينتفي إلا بذكره لأنه شخص يسقط باللعان فكان ذكره شرطا كالزوجية ورجحه في المغني و الشرح وأجابا عن حديث سهل بأن ابن عمر روى القصة وذكر فيها أن رجلا لاعن امرأته في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها فغرق بينهما وألحق الولد بالمرأة الزيادة من الثقة مقبولة فعلى هذا لا بد من ذكر الولد في كل لفظة ومع اللعن في الخامسة لأنها من لفظات اللعان ( وينتفي عنه حملها وإن لم يذكره ) هذا هو ظهر كلام أبي بكر لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن على الحمل رواه أحمد ولأن الحمل تثبت له الأحكام الثابتة بعد الوضع من وجوب النفقة والمسكن ونفي طلاق البدعة ووجوب الاعتداد به فكان كالمتيقن ( وقال الخرقي لا ينتفي عنه حتى يذكره في اللعان ) منصوص أحمد في رواية الجماعة أنه لا يصح نفي الحمل وقال لعله يكون ريحا وعلى هذا عامة الأصحاب معتمدين بأنه قد يكون ريحا وقد يكون غيره فيصير نفيه مشروطا بوجوده ولأن الأحكام التي ينفرد بها الحمل تقف على ولادته بدليل الميراث والوصية فعلى هذا لا بد أن ينفيه عند وضعها له ويلاعن ( فإذا قال أشهد بالله لقد زنت يقول وما هذا الولد ولدي وتقول هي أشهد بالله لقد كذب وهذا الولد ولده ) وقال القاضي يشترط أن يقول هذا الولد من زنى وليس مني والصحيح خلافه ( وإن نفى الحمل في التعانه لم ينتف حتى ينفيه عند وضعها له ويلاعن ) لأن ذلك زمن لحوق الولد والأول أولى وأصح لأنه عليه السلام لاعن بين هلال وامرأته قبل أن تضع ونفى
____________________
1-
(8/94)
فصل و من شرط نفي الولد الا يوجد دليل على الإقرار به فإن أقر به أو بتوأمه أو نفام و سكت عن توأمه أو هنئ به فسكت أو أمن على الدعاء أو أخر نفيه مع إمكانه لحقه نسبه ولم يملك نفيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحمل عنه وينبني على الخلاف واستلحاقه والمنصوص في رواية ابن القاسم أنه لا يصح استلحاقه قبل وضعه وقيل بلى وله نفيه بعده باللعان نص عليه ولا ينفيه في لعانه حتى ينفيه بعد وضعه وقت العلم به وقيل أو في مجلس العلم ويلاعن له وقيل ينتفي بذكره فيه وقيل وبدونه وإن أخر نفيه لم يسقط وقيل إن أقر به ثم نفاه بعد وضعه صح نفيه نص عليه فصل
( ومن شرط نفي الولد ألا يوجد دليل على الإقرار به ) لأن الدليل على الإقرار به بمنزله الإقرار به ( فإن أقر به ) لم يملك نفيه في قول أهل العلم ( أو ) أقر ) بتوأمه أو نفاه وسكت عن توأمه ) لحقه نسبه ولم يكن له نفيه لأن إذا أقر بأحدهما كان إقرارا بالآخر ( أو هنئ به فسكت ) كان إقرارا به ذكره أبو بكر لأن السكوت دليل على الرضى في حق المنكر فهنا أولى ( أو أمن على الدعاء لزمه في قولهم جميعا وكذا إن قال أحسن الله جزاءك أو بارك الله عليك أو رزقك الله مثله ( أو أخر نفيه مع إمكانه وقيل له نفيه في مجلس علمه فقط ( لحقه نسبة ) لأن ذلك كله دليل على الإقرار به ( ولم يملك نفيه ) لأن نفيه يثبت لنفي ضرر متحقق فكان على الفور كخيار الشفعة قال أبو بكر لا يتقدر ذلك بثلاث بل هو على ما جرت به العادة إن كان ليلا فحتى يصبح وتنتشر الناس وإن كان جائعا أو ظمآن فحتى
____________________
1-
(8/95)
و إن قال أخرت نفيه رجاء موته لم يطر بذلك وإن قال لم اعلم به أو لم أعلم أن لي نفيه أو لم أعلم أن ذلك على الفور وأمكن صدقه قبل قوله ولم يسقط نفيه وإن أخره لحبس أو مرض أو غيبة أو شيء يمنعه ذلك لم يسقط نفيه ومتى أكذب نفسه بعد نفيه لحقه النسب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يأكل ويشرب فإن كان ناعسا فحتى ينام أو يلبس ثوبه ويسرج دابته ويركب ويصلي إن حضرت ( وإن قال أخرت نفيه رجاء موته لم يعذر بذلك ) لأن الموت قريب وغير متيقن فتعليق النفي عليه تعليق على أمر موهوم ( وإن قال لم أعلم به ) أي بالولادة وأمن صدقه بأن يكون في مكان يخفي عليه بخلاف ما إذا كان معها في الدار لأن الأصل عدم العلم ( أو لم أعلم أن لي نفيه أو أعلم أن ذلك على الفور ) وكان ذلك مما يخفي عليه كعامة الناس قبل منه ولأنهم يخفى عليهم كحديث العهد بالإسلام والناشئ ببادية فأن كان فقيها لم يقبل منه لأنه لا يخفى عليه مثله وقيل بلى لأن الفقيه يخفى عليه كثير من الأحكام ( وأمكن صدقه ) بما ذكرنا ( قبل قوله ) لأنه محتمل ( ولم يسقط نفيه ) لأنه معذور ( وإن أخره لحبس أو مرض أو غيبه أو شيء يمنعه ذلك لم يسقط نفيه ) أي إذا كان عذر يمنعه الحضور كما مثله وكالاشتغال بحفظ مال يخاف ضيعته فإن كانت مدة ذلك قصيرة لم يبطل نفيه لأنه بمنزلة من علم ليلا فأخره إلى الصبح وإن كانت طويلة وأمكنه السفر إلى حاكم ليبعث إليه من يستوفي عليه اللعان والنفي فلم يفعل سقط نفيه وإن لم يمكنه أشهد على نفيه أنه ناف لولد امرأته فإن لم يفعل بطل خياره لأنه إذا لم يقدر على نفيه قام الإشهاد مقامه فرع إذا قال لم أصدق المخبر به وهو عدل أو قد استفاض الخبر لم يقبل قوله وإلا قبل منه وكل موضع لزمه الولد لم يكن له نفيه بعد ذلك ( ومتى أكذب نفسه بعد نفيه لحقه النسب ) أي إذا لاعن امرأته ونفى
____________________
1-
(8/96)
ولزمه الحد أن كانت المرأة محصنة أو التعزير إن لم تكن محصنة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولدها ثم أكذب نفسه لحقه الولد إذا كان حيا غنيا كان او فقيرا بغير خلاف وكذا إن كان ميتا وقال الثوري إذا استلحق الولد الميت وكان ذا مال لم يلحقه لأنه إنما يدعي مالا وإلا لحقه وقال الحنفية إن كان الولد الميت ترك ولدا ثبت نسبه من المستلحق وتبعه نسب ابنه وإن لم يكن ترك ولدا لم يحص استلحاقه ولم يثبت نسبه ولا يرث منه المدعي شيئا لأن نسبه منقطع بالموت وجوابه أن هذا ولد نفاه باللعان فكان له استلحاقه كما لو كان حيا ولانهم جعلوا نسب ولد الولد تابعا لنسب ابنه أي يتبع الأصل الفرع وهو مردود وعن الثوري إنما يدعي النسب والميراث تبع له ( ولزمه الحد إن كانت المرأة محصنة ) سواء أكذبها قبل لعانه أو بعده بغير خلاف نعلمه لأن اللعان أقيم مقام البينة في حق الزوج فإذا أكذب نفسه فإن لعانه كذب وزيادة في هتكها وتكرار لقذفها فلا أقل من أن يجب الحد الذي كان واجبا بالقذف المجرد فإن عاد عن إكذاب نفسه وقال لي بينة أقيمها بزناها أو أراد إسقاط الحد باللعان لم يسمع لأن البينة واللعان لتحقق ما قاله وقد أقر بكذب نفسه فلا يقبل منه خلافه ( أو التعزير إن لم تكن محصنة ) كقذف غير زوجته وحينئذ ينجر النسب من جهة الأم إلى جهة الأب كالولاء وتوارثا وقد علم منه إذ استلحقه ورثه وقد نفاه باللعان أنه لا يلحق به نص عليه وفي المستوعب رواية لا يحد وإن نفى من لا ينتفي وأنه من زنى حد في رواية اختارها القاضي وغيره وعنه إن لم يلاعن اختارها أبو الخطاب والمؤلف ومن نفى أولادا فلعان واحد
____________________
1-
(8/97)
فصل فيما يلحق من النسب من أتت امرأته بولد يمكن كونه منه وهو أن تأتي به بعد ستة أشهر منذ أمكن اجتماعه بها ولأقل من أربع سنين منذ أبانها وهو ممن يولد لمثله لحقه نسبه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل فيما يلحق من النسب
( من أتت امرأته بولد يمكن كونه منه ) ولو مع غيبته عشرين سنة ذكره في المغني وعليه نصوص أحمد والمراد ويخفى مسيره وإلا فالحلاف على ما ذكره في التعليق وغيره ولا ينقطع الامكان عنه بالحيض قاله في الترغيب ( وهو أن تأتي به بعد ستة أشهر منذ أمكن اجتماعه بها ولأقل من أربع سنين منذ أبانها وهو ممن يولد لمثله ) كابن عشر سنين وقيل وتسع وقيل ثنتي عشرة واختار أبو بكر وابن عقيل وأبو الخطاب لا يلحقه حتى يبلغ كما لا يملك نفيه حتى يعلم بلوغه للشك في جهة يمينه والمذهب ما ذكره المؤلف كغيره ( لحقه نسبه ) ما لم ينفعه بلعان لقوله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش ولأنه يمكن كونه منه لقوله عليه السلام واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع وعلى هذا لا يصير بالغا ولا يتقرر به مهر ولا تثبت به عدة ولا رجعة قال في الفروع ويتوجه فيه قول كثبوت الأحكام بصوم يوم الغيم ونقل حرب فيمن طلق قبل الدخول فأتت بولد فأنكره ينتفي بلا لعان وأخذ شيخنا من هذه الرواية أن الزوجة لا تصير فراشا إلا بالدخول واختاره وفي الانتصار لا يلحق بمطلق إن اتفقا انه لم يمسها ونقل مهنا لا يلحق الولد حتى يوجد الدخول والأصح الأول لأنه زمن يمكن البلوغ فيه فيلحقه الولد كالبالغ وقد روي أن عمرو بن العاص وابنه عبد الله لم يكن بينهما إلا اثنتا عشرة سنة وما عهد بلوغ لتسع
____________________
1-
(8/98)
وإن لم يمكن كونه منه مثل أن تأتي به لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها أو لأكثر من أربع سنين منذ أبانها أو أقرت بانقضاء عدتها بالقروء ثم أتت به لأكثر من ستة أشهر بعدها أو فارقها حاملا فوضعت ثم أتت بآخر بعد ستة أشهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ويلحق النسب في النكاح الفاسد كالصحيح وقيل إن اعتقد فساده فلا
فرع إذا تحملت ماء زوجها لحقه نسب من ولدته منه وفي العدة والمهر وجهان فإن كان حراما أو ماء من ظنته زوجها فلا نسب ولا مهر ولا عدة في الأصح فيها
( وإن لم يكن كونه منه مثل أن تأتي به لأقل من ستة أشهر منذ تزوجها أو لأكثر من أربع سنين منذ أبانها ) لم يلحقه لأنا علمنا أنها علقت به قبل النكاح ولا يحتاج إلى نفيه باللعان ولأن اللعان يمين واليمين جعلت لتحقق أحد الجائزين ونفي أحد المحتملين وما لا يجوز لا يحتاج إلى نفيه ( أو أقرت بانقضاء عدتها بالقروء ثم أتت به لأكثر من ستة أشهر بعدها ) لم يلحقه وقال ابن شريح لأنها أتت به بعد الحكم بانقضاء عدتها في وقت يمكن ألا يكون منه فلم يلحقه كما لو انقضت عدتها بالحمل وإنما يعتبر الإمكان مع بقاء الزوجية والعدة و أما بعدهما فلا يكتفي بالإمكان للحاقه وإنما يكتفي بالإمكان لنفيه و ذلك لأن الفراش سبب ومع وجود السبب يكتفي بإمكان الحكمة فإذا انتفى السبب انتفى الحكم لانتفائه ولا يلتفت إلى مجرد الإمكان وظاهره أنها إذا أقرت بانقضاء عدتها بالقروء ثم أتت به لأقل من ستة أشهر من آخر أقرائها يلحقه صرح به في المغني والشرح لعلمنا أنها كانت حاملا في زمن رؤية الدم فيلزم الا يكون الدم حيضا ( أو فارقها حاملا فوضعت ثم أتت بآخر بعد ستة أشهر ) لم يلحقه لأنه لا يمكن أن يكون الوالدان حملا
____________________
1-
(8/99)
أو مع العلم بأنه لم يجتمع بها كالتي يتزوجها بحضرة الحاكم ثم يطلقها في المجلس أو يتزوجها وبينهما مسافة لا يصل إليها في المدة التي أتت بالولد فيها أو يكون صبيا له دون عشر سنين أو مقطوع الذكر والأنثيين لم يلحقه نسبه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + واحدا وبينهما مدة الحمل فعلم أنها علقت به بعد زوال الزوجية وانقضاء العدة وكونها أجنبية كسائر الأجنبيات وظاهره أنها إذا وضعت لدون ستة أشهر أنه يلحقه ( أو مع العلم بأنه لم يجتمع بها ) وله صور ( كالتي يتزوجها بحضرة الحاكم ثم يطلقها في المجلس ) قبل غيبته عنهم وتأتي به لستة أشهر وذلك علم حسي ونظري ( أو يتزوجها بينهما مسافة ) بعيدة ( لا يصل إليها في المدة التي أتت بالولد فيها ) كمشرقي يتزوج مغربية فإن الوقت لا يسع مدة الولادة وقدومه ووطأ ه بعده وأقل مدة الحمل للقطع بأن الوطء ليس ممكنا والمراد وعاش وإلا لحقه بالإمكان كما بعدها قاله في الفروع لأنه لم يحصل منه إمكان الوطء في هذا العقد فلم يلحق به كزوجة الطفل أو كما لو ولدته لدون ستة أشهر و الإمكان إذا وجد لم يعلم أنه ليس منه قطعا لجواز أن يكون وطئها من حيث لا تعلم ولا سبيل إلى معرفة حقيقة الوطء فعلقنا الحكم على إمكانه في النكاح ولم يجز حذف الإمكان عن الاعتبار لأنه إذا انتفى حصل اليقين بانتفائه عنه وفي التعليق والوسيلة والانتصار ولو أمكن ولا يخفي السير كأمير وتاجر كبير ومثل في عيون المسائل بالسلطان والحاكم ونقل ابن منصور إن علم أنه لا يصل مثله لم يقض بالفراش وهي مثله ( أو يكون صبيا له دون عشر سنين ) وقد ذكرناه ( أو مقطوع الذكر و الأنثين لم يلحقه نسبه ) في قول عامتهم لأنه يستحيل منه الإيلاج والإنزال نقل ابن هانئ فيمن قطع ذكره وأنثاياه قال إن دفق فقد كون الولد من الماء القليل فإن شك في ولده فالقافة وساقه المروزي عن خصي قال إن كان
____________________
1-
(8/100)
وإن قطع أحدهما فقال أصحابنا يلحقه نسبه وفيه بعد وإن طلقها طلاقا رجعيا فولدت لأكثر من أربع سنين منذ طلقها ولأقل من أربع سنين منذ انقضت عدتها فهل يلحقه نسبه على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مجبوبا ليس له شيء فإن أنزل فإنه يكون الولد منه وإلا فالقافة ( وإن قطع أحدهما فقال أصحابنا يلحقه نسبه ) لأنه إذا قطع الذكر بقيت الأنثيان فساحق وأنزل وإن قطع الأنثيان بقي الذكر فأولج به ( وفيه بعد ) لأن الولد لا يوجد إلا من مني ومن قطعت أنثياه لا مني له وحاصله أنه إذا قطعت أنثياه فقط لا يلحقه و هو الصحيح لأنه لا ينزل إلا ماء رقيقا لا يخلق منه الولد ولا وجد ذلك ولا اعتبار بإيلاج لا يخلق منه الولد كما لو أولج الصغير وجزم الأكثر بلحوق نسبه به لما ذكرنا وإن قطع الذكر لحقه لأنه يمكن أن يساحق فينزل ما يخلق منه الولد ولهذا ألحقنا ولد الأمة بسيدها إذا اعترف بوطئها دون الفرج ( وإن طلقها طلاقا رجعيا فولدت لأكثر من أربع سنين منذ طلقها ) وقبل انقضاء عدتها ( ولأقل من أربع سنين منذ انقضت عدتها فهل يلحقه نسبه على وجهين ) أحدهما يلحقه صححه في المستوعب وجزم به في الوجيز لأنها في حكم الزوجات أشبه ما قبل الطلاق والثاني لا يلحقه لأنها علقت به بعد طلاق أشبهت البائن وإن حملت الرجعية بعد أكثر مدة الحمل منذ طلقت وقبل نصف سنة منذ فرغت عدتها لحقه في الأشهر سواء أخبرت بفراغ العدة أولا
فرع إذا أخبرت بموت زوجها فاعتدت ثم تزوجت لحق بالثاني ما وضعته لنصف سنة فأكثر نص عليه وقاله أكثر العلماء وقال أبو حنيفة الولد للأول وما ولدت البائن بموت أو طلاق وقبل انقضاء عدة الرجعية أو فسخ
____________________
1-
(8/101)
فصل ومن اعترف بوطء أمته في الفرج أو دونه فأتت بولد لستة أشهر لحقه نسبه وإن ادعى العزل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأكثر مدة الحمل فأقل منذ بانت ولم تنكح لحقه وانقضت به عدتها منه وما ولدته بعد أكثرها لم يلحقه وفي انقضاء العدة به وجهان
مسألة إذا تزوجت في العدة وولدت قبل نصف سنة منذ تزوجت وقبل أربع سنين منذ بانت من الأول فهو له وإن كان لنصف سنة فأكثر منذ تزوجت وبعد أربع سنين من فرقة الأول فهو للثاني فصل
( ومن اعترف بوطء أمته في الفرج أو دونه ) صارت فراشا له ( فأتت بولد لستة أشهر لحقه نسبه ) نقله الجماعة مطلقا لحديث عائشة في ابن زمعة و لقول عمر لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أنه ألم بها إلا ألحقت به ولدها فأنزلوا بعد ذلك أو اتركوا رواه الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر و قياسا على النكاح
وقال أبو حنيفة لا تصير فراشا حتى يقر بولدها فإذا أقر به صارت فراشا ولحقه أولاده بعد ذلك لأنها لو صارت فراشا بالوطء لصارت فراشا بإباحته كالزوجة وجوابه بأن الملك لا يتعلق به تحريم المصاهرة و لا ينعقد في محل يحرم الوطء فيه كالمجوسية وذوات محارمه فلو وطئها في الدبر لم تصر فراشا في الأشهر لأنه ليس بمنصوص عليه ولا في معناه ( وإن ادعى العزل ) لأن كل حكم تعلق بالوطء لم يعتبر فيه الإنزال فوجب ألا يعتبر
____________________
1-
(8/102)
إلا أن يدعي الاستبراء وهل يحلف على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + هنا كسائر الأحكام وحينئذ لا ينتفي عنه بلعان ولا غيره قال أحمد الولد يكون من الريح قال ابن عقيل وهذا منه يدل على أنه لم ينزل في الفرج لأنه لا ريح يسير إليها إلا رائحة المني وذلك يكون بعد إنزاله فيتعلق بها قال وهذا من أحمد علم عظيم ( إلا أن يدعي الاستبراء ) لأنه دليل على براءة الرحم والقول قوله في حصوله لأنه أمر خفي لا يمكن الاطلاع عليه إلا بعسر ومشقة ( وهل يحلف على وجهين ) كذا في المحرر والفروع
أحدهما لا يحلف لأن من قبل قوله في الاستبراء قبل بغير يمين كما لو ادعت المرأة انقضاء عدتها
والثاني وهو الأشهر وجزم به في الوجيز يستحلف للخبر ولأن الاستبراء غير مختص به أشبه سائر الحقوق وقال أبو الحسين أو يري القافة نقله الفضل وذكر أحمد عن زيد وابن عباس وأنس و في الانتصار ينتفي بالقافة لا بدعوى الاستبراء ونقل حنبل يلزمه الولد إذا نفاه وألحقته القافة وأقر بالوطء وعلم مما سبق أنه إذا ملكها لا تصير فراشا به لأنه قد يقصد بملكها التمول والتجارة والخدمة فلم يتعين لإرادة الوطء وإن أتت بولد ولم يعترف به لم يلحقه نسبه لأنه لم يولد على فراشه قال في الفروع ويتوجه احتمال في أمة تراد للتسري عادة أنها تصير فراشا بالملك وقاله بعض متأخري المالكية لقصة عبد بن زمعة واحتياطا للنسب
فرع إذا استلحق ولدا ففي لحوق ما بعده بدون إقرار آخر وجهان ونصوصه تدل على أنه يلحقه لثبوت فراشه
____________________
1-
(8/103)
فإن اعتقها أو باعها بعد اعترافه بوطئها فأتت بولد لدون ستة أشهر فهو ولده والبيع باطل وكذلك إن لم يستبرئها فأتت به لأكثر من ستة أشهر فادعى المشتري أنه منه سواء ادعاه البائع أو لم يدعه وإن استبرئت ثم أتت بولد لأكثر من ستة أشهر لم يلحقه نسبه وكذلك إن لم تستبرئ ولم يقر المشتري له به فأما إن لم يكن البائع أقر بوطئها قبل بيعها لم يلحقه الولد بحال إلا أن يتفقأ عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
( فإن أعتقها أو باعها بعد اعترافه بوطئها فأتت بولد لدون ستة أشهر فهو ولده ) لأنها حملت به وهي فراش لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر ( والبيع باطل ) لأنها صارت أم الولد ( وكذلك إن لم يستبرئها فأتت به لأكثر من ستة أشهر فادعى المشتري أنه منه ) أي من البائع لحقه نسبه لأنه وجد منه سببه وهو الوطء ولم يوجد ما يعارضه ولا يمنعه فتعين إحالة الحكم عليه ( سواء ادعاه البائع أو لم يدعه ) لأن الموجب لإلحاقه أنها لو أتت به في ملكه في تلك المدة للحق به وانتقال الملك عنه لم يتجدد به شيء وحكاه في الفروع قولا
وقيل يري القافة نقله صالح و حنبل و نقل الفضل هو له قلت في نفسه منه قال فالقافة وإن ادعى كل منهما أنه للآخر والمشتري مقر بالوطء فالخلاف كذلك
( وإن إسترئت ثم أتت بولد لأكثر من ستة أشهر لم يلحقه نسبه ) لأن الاستبراء يدل على براءتها من الحمل وقد أمكن أن يكون من غيره لوجود مدة الحمل بعد الاستبراء مع قيام الدليل فلو أتت به لأقل من ستة أشهر كان الاستبراء غير صحيح ( وكذلك إن لم تستبرىء ولم يقر المشتري له به ) لأنه ولد أمة المشتري فلا تقبل دعوى غيره له إلا بإقرار من المشتري ( فأما إن لم يكن البائع أقر بوطئها قبل بيعها لم يلحقه الولد بحال ) سواء ولدته لستة أشهر أو لأقل منها لأنه يحتمل أن يكون من غيره ( إلا أن يتفقا عليه ) أي على
____________________
1-
(8/104)
فيلحقه نسبه وإن ادعاه البائع فلم يصدقه المشتري فهو عبد للمشتري ويحتمل أن يلحقه نسبه مع كونه عبدا للمشتري وإذا وطىء المجنون من لا ملك له عليها ولا شبهة ملك فولدت منه لم يلحقه النسب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الولد أنه ابن للبائع ( فيلحقه نسبه ) لأن الحق لهما يثبت باتفاقهما ( وإن ادعاه البائع فلم يصدقه المشتري فهو عبد للمشتري ) ولا يقبل قول البائع في الإيلاد لأن الملك انتقل إلى المشتري في الظاهر فلا يقبل قول البائع فيما يبطل حقه كما لو باع عبدا ثم أقر أنه كان أعتقه ( ويحتمل أن يلحقه نسبه مع كونه عبدا للمشتري ) لأنه يجوز أن يكون ولد الواحد مملوكا لآخر كولد الأمة المزوجة والقول الآخر إنه لا يلحقه وهو الظاهر لأن فيه ضررا على المشتري فلو أعتقه كان أبوه أحق بميراثه منه وقال الشيخ تقي الدين فيما إذا ادعى البائع أنه ما باع حتى استبرأ أو حلف المشتري أنه ما وطئها فقال إن أتت به بعد الاستبراء لأكثر من ستة أشهر فقيل لا يقبل قوله ويلحقه النسب قال القاضي في تعليقه وهو ظاهر كلام أحمد وقيل ينتفي النسب اختاره القاضي في المجرد وابن عقيل وأبو الخطاب وهل يحتاج إلى اليمين على الاستبراء فيه وجهان
( إذا وطئ المجنون من لا ملك له عليها ولا شبه ملك فولدت منه لم يلحقه النسب ) لأنه لا يستند إلى ملك ولا اعتقاد إباحة وعليه مهر المثل إن أكرهها على الوطء لأن الضمان يستوي فيه المكلف وغيره
أصل تبعية النسب للأب إجماعا ما لم ينتف منه فولد قرشي من غير قرشية قرشي ولا عكس وتبعية وحرية ورق للأم إلا من عذر للعيب أو غرور ويتبع خيرهما دينا وقال الشيخ تقي الدين ويتبع ما أكل أبواه أو أحدهما
____________________
1-
(8/105)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وفي عيون المسائل أنه يوجد عبد من حرة وهو ولد الأمة المعلق عتقها بمجيئه عبدا وفيه شيء
مسائل الأولى ولد الزاني لا يلحق به وإن اعترف به نص عليه واختار الشيخ تقي الدين أنه إذا استحلق ولده من الزنى ولا فراش لحقه وفي الانتصار يسوغ فيه الاجتهاد وذكره ابن اللبان عن الحسن وابن سيرين وعروة و النخعي وإسحاق وفي الانتصار يلحقه بحكم الحاكم وذكر أبو يعلى الصغير مثله
الثانية إن أولد أمة له ولغيره أو أمة ولده لحقه نسبه وإن كان عبدا بخلاف أمة أحد أبويه وفي أمة زوجته بإذنها روايتان ومن خلا بزوجته الكتابية وهو مسلم صائم ثم طلق قبل الدخول فولدت من يمكن أنه منه لحقه على الأصح
الثالثة إذا زوج أمة من صغير لا يولد لمثله ثم وطئها سيدها فأتت يولد من وطئه لم يلحق نسبه به ولا بالزوج و ذكر أبن أبي موسى لا يسترقه السيد بل يعتقه قال و إن لم يلحقه نسبه فهو منه و إن أشترى أمة فوطئها قبل أستبرائها فأتت بولد لأقل من سته أشهر لم يلحقه نسبة و ذكر أبن أبي موسى أنه يعتقه و لا يبيعه لأن الماء يزيد في السمع و البصر
____________________
1-
(8/106)
= كتاب العدد = كل امرأة فارقها زوجها في الحياة قبل المسيس والخلوة فلا عدة عليها وإن خلا بها وهي مطاوعة فعليها العدة سواء كان بهما أو بأحدهما مانع من الوطء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب العدد =
العدد جمع عدة بكسر العين فيهما وهي ما تعده من أيام أقرائها وحملها أو أربعة أشهر وعشر ليال قال ابن فارس والجوهري عدة المرأة أيام أقرائها والمرأة معتدة وهي في الشرع اسم لمدة معلومة تتربص فيها المرأة لتعرف براءة رحمها وذلك يحصل بوضع حمل أو مضي إقراء أو أشهر والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } والأحاديث شهيرة في ذلك والمعنى يشهد له لأن رحم المرأة ربما كان مشغولا بماء شخص وتمييز الأنساب مطلوب في نظر الشارع والعدة طريق إليه كل امرأة فارقها زوجها في الحياة قبل المسيس وهو اللمس باليد ثم استعير للجماع لأنه مستلزم للمس غالبا والخلوة فلا عدة عليها إجماعا لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات } ولأن العدة إنما وجبت في الأصل لبراءة الرحم وكذا إذا كان بعدها والزوج ممن لا يولد لمثله
وإن خلا بها خلافا دعمد الأدلة وهي مطاوعة مع علمه بها فعليها العدة سواء كان بهما أو بأحدهما مانع من الوطء شرعيا كان أو
____________________
1-
(8/107)
كالإحرام والصيام والحيض والنفاس والمرض والجب والعنة أو لم يكن إلا أن لا يعلم بها كالأعمى والطفل فلا عدة عليها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + حقيقيا كالإحرام والصيام والحيض والنفاس والمرض والجب والعنة أو لم يكن لما روى أحمد والأثرم عن زرارة بن أوفى قال قضى الخلفاء الراشدون أن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة وهذه قضية اشتهرت ولم تنكر فكانت كالإجماع وضعف أحمد ما روي خلافه ولأنه عقد على المنافع فالتمكين منه يجري مجرى الاستيفاء في الأحكام كعقد الأجارة والآية مخصوصة بما ذكرناه ولا فرق بين أن يخلو بها مع المانع حقيقيا كان كالجب أو شرعيا كالصوم أو مع عدمه لأن الحكم من هاهنا معلق على الخلوة التي هي مظنة الإصابة دون حقيقتها وعنه لا يكمل الصداق مع وجود المانع فكذا يخرج في العدة وعنه أن صوم رمضان يمنع كمال الصداق مع الخلوة وهذا يدل على أن المانع متى كان متأكدا كالإحرام منع كمال الصداق مع الخلوة ولم تجب العدة فلو خلا بها واختلفا في المسيس قبل قول من يدعي الوطء احتياطا للأبضاع وأقرب إلى حال الخلوة وقيل يقبل قول المنكر وإن أنكر وطأها اعتدت كالموطوءة وقيل إن صدقته فلها حكم المدخول بها مطلقا إلا في حلها لمطلقها ثلاثا أو في الزنى فإنهما يجلدان فقط إلا ألا يعلم بها كالأعمى والطفل فلا عدة عليها ولا يكمل صداقها لأن المظنة لا تتحقق وكذا إن كانت صغيرة لا يوطأ مثلها أو لم تكن مطاوعة لعدم تحقق المظنة مع ظهور استحالة المسيس
فرع إذا تحملت ماء رجل أو قبلها أو لمسها فوجهان قال ابن حمدان إن كان ماء زوجها اعتدت وإلا فلا ولو وطئت في الدبر اعتدت
____________________
1-
(8/108)
والمعتدات على ستة أضرب إحداهن اولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن حرائر كن أو إماء من فرقة الحياة أو الممات والحمل الذي تنقضي به العدة ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والمعتدات على ستة أضرب وسيأتي الكلام عليهن ولم يجعل الآيسات من المحيض ضربا واللائي لم يحضن ضربا لاستواء عدتهما إحداهن أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن بغير خلاف للآية حرائر كن أو إماء من فرقة الحياة أو الممات إلا ما روي عن ابن عباس وعن علي من وجه منقطع أنها تعتد أطول الأجلين وقاله أبو السنابل بن بعكك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قوله وروي عن ابن عباس أنه رجع إلى قول الجماعة وآية الحمل متأخرة عن آية الأشهر قال ابن مسعود من شاء باهلته أو لاعنته أن الآية التي في سورة النساء القصرى { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } نزلت بعد أيه البقرة { والذين يتوفون منكم } الآية والخاص مقدم على العام ولأنها معتدة حامل فتنقضي عدتها بوضعه كالمطلقة إذ الوضع أدل الأشياء على براءتها فلو ظهر بعضه فهي في عدتها حتى ينفصل باقيه وإن كانا اثنين أو أكثر لم تنقض عدتها إلا بوضع الآخر وعنه بالأول ذكرها ابن أبي موسى وقاله أبو قلابة وعكرمة ولكن لا تتزوج حتى تضع الآخر منهما وهذا شاذ مخالف لظاهر الكتاب وقول أهل العلم واحتج القاضي والأزجي بأن أول النفاس من الأول وآخره منه بأن أحكام الولادة تتعلق بأحد الولدين لأن انقطاع الرجعة وانقضاء العدة تتعلق بأحدهما لا بكل واحد منهما كذلك مدة النفاس وفيه نظر فلو وضعت واحدا وشكت في آخر لم تنقض عدتها حتى تزول الريبة والحمل الذي تنقضي به العدة ما تصير به أم ولد وهو ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان كالرأس
____________________
1-
(8/109)
فإن وضعت مضغة لا يتبين فيها شيء من ذلك فذكر ثقات من النساء أنه مبتدأ خلق آدمي فهل تنقضي به العدة على روايتين وإن أتت بولد لا يلحقه نسبه كامرأة الطفل لم تنقض عدتها به وعنه تنقضي به وفيه بعد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + واليد والرجل فتنقضي به العدة إجماعا حكاه ابن المنذر لأنه علم أنه حمل فيدخل في عموم النص
الثاني ألقت مضغة لم يتبين فيها شيء من الخلقة فشهد ثقات من القوابل أن فيه صورة خفية بان بها أنها خلقة آدمي فكذلك فإن وضعت مضغة لا يتبين فيها شيء من ذلك فذكر ثقات من النساء أنه مبتدأ خلق آدمي فهل تنقضي به العدة على روايتين هذا هو الثالث وفيه روايتان أحدهما تنقضي وجزم به في الوجيز وغيره كما لو تصور والثانية لا قدمها في الكافي وذكر أنها المنصوص وهي اختيار أبي بكر لأنه لم يصر ولدا أشبه العلقة
الرابع ألقت نطقة أو دما لا تدري هل هو ما يخلق منه آدمي أو لا فهذا لا يتعلق به شيء من الأحكام لأنه لم يثبت أنه ولد بالمشاهدة ولا بالبينة
الخامس إذا وضعت مضغة لا صورة فيها ولم تشهد القوابل أنه مبتدأ خلق آدمي لم تنقض ولا تنقضي بما قبل المضغة لا نعلم قيه خلافا إلا الحسن قال إذا علم أنه حمل انقضت به وفيه الغرة وإن أتت بولد لا يلحقه نسبه كامرأة الطفل ومجبوب ونطلقة عقب عقد ومن أتت به لدون نصف سنة منذ عقد عليها لم تنقض عدتها به نص عليه لأنه حمل ليس منه يقينا فلم يعتد بوضعه كما لو ظهر بعد موته فعلى هذا تعتد بالأشهر وعنه تنقضي به لأنه حمل فيدخل في عموم النص وفيه بعد ووجهه أن شرط انقضاء
____________________
1-
(8/110)
وأقل مدة الحمل ستة أشهر وغالبها تسعة وأكثرها أربع سنين وعنه سنتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + العدة بالحمل أن يكون حمل المفارق وهذا ليس حملا منه ضرورة أنه لا يلحقه نسبه وعنه من غير طفل للحوقه باستلحاقه وقيل تنقضي به العدة ولا يلحقه وفيه نظر وأقل مدة الحمل ستة أشهر وفاقا لما روى الأثرم والبيهقي فقال له علي ليس لك ذلك قال الله تعالى { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } وقال { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } فحولان وستة أشهر ثلاثون شهرا لا رجم عليها فخلى عمر سبيلها وقال ابن عباس كذلك رواه البيهقي وذكر ابن قتيبة أن عبد الملك بن مروان ولد لستة أشهر وغالبها تسعة أشهر لأن غالب النساء كذلك يحملن وهذا أمر معروف بين الناس أكثرها أربع سنين في ظاهر المذهب وقاله أكثر العلماء لأن ما لا نص فيه يرجع فيه إلى الوجود وقد وجد أربع سنين فروى الدار قطني عن الوليد بن مسلم قلت لمالك بن أنس عن حديث عائشة قالت لا تزيد المرأة في حملها على سنتين فقال سبحان الله من يقول هذا هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة وقال الشافعي بقي محمد بن عجلان في بطن أمه أربع سنين وقال أحمد نساء بني عجلان تحمل أربع سنين وإذا تقرر وجوده وجب أن يحكم به ولا يزاد عليه لعدم وجوده وعنه سنتان اختاره أبو بكر وغيره وقدمه في الرعاية لما روى الدارقطني بإسناد جيد عن جميلة بنت سعد قالت قالت عائشة لا تزيد المرأة في الحمل على سنتين رواه سعيد والبيهقي وقد أنكره مالك
____________________
1-
(8/111)
وأقل ما يتبين به الولد أحد وثمانون يوما فصل الثاني المتوفى عنها زوجها عدتها أربعة أشهر وعشر وإن كانت حرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وأقل ما يتبين به الولد أحد وثمانون يوما وهو أقل ما تنقضي به العدة من الحمل وهو أن تضعه بعد ثمانين يوما عن أبي الأسود انه رفع إلى عمر أن امراة ولدت لستة اشهر فهم عمر برجمها نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ولا شك أن العدة لا تنقضي بما دون المضغة فوجب أن يكون بعد الثمانين فأما بعد أربعة أشهر فليس فيه إشكال وقيل بل ثمانون ولحظتان وهو إذن مضغة غير مصور ويصور بعد أربعة أشهر فصل الثاني المتوفى عنها زوجها ما لم تكن حاملا عدتها أربعة أشهر وعشر إن كانت حرة بالإجماع وسنده الآية وقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا أي عشر ليال بعشرة أيام ولا شك أن اليوم مقدم على الليلة لا يجزئها إلا أربعة أشهر وعشرة أيام وسواء كانت بالغة أو غير بالغة ولا يعتبر وجود الحيض في عدة الوفاة في قول عامتهم والعشر المعتبرة فيها هي عشر ليال بأيامها وقاله الأكثر وقال الأوزاعي تجب عشر ليال وتسعة أيام لأن العشر تستعمل في الليالي دون الأيام وإنما دخلت الأيام اللاتي في أثناء الليالي تبعا وجوابه أن العرب تغلب منكم التأنيث في العدد خاصة على المذكر فتطلق لفظ الليالي وتريد الليالي بأيامها لقوله تعالى لزكريا { آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا }
____________________
1-
(8/112)
وشهران وخمسة أيام إن كانت أمة وسواء مات قبل الدخول أو بعده وإن مات زوج الرجعية استأنفت عدة الوفاة من حين موته وسقطت عدة الطلاق وإن طلقها في الصحة طلاقا بائنا ثم مات في عدتها لم تنتقل عن عدتها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يريد بأيامها وبقوله تعالى { آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا } يريد بلياليها لو نذر اعتكاف العشر الأخير من رمضان لزمه الليالي والأيام وشهران وخمسة أيام إن كانت أمة لأن الصحابة أجمعوا على أن عدة الأمة على النصف من عدة الحرة وقال ابن سيرين ما أرى عدة الأمة إلا كالحرة إلا ان تكون قد مضت سنة بعموم الآية وجوابه ما سبق فإن كان حملها من غيره اعتدت للزوج بعد وضع الحمل
فرع معتق بعضها بالحساب من عدة حرة وأمة وجبر الكسر وسواء مات قبل الدخول أو بعده لعموم الآية لا يقال هلا حمل على المدخول بها لقوله تعالى { والمطلقات يتربصن بأنفسهن } لأنه لا يصح قياسها على المطلقة إذ النكاح عقد عمر فإذا مات انتهى والشيء إذا انتهى تقررت أحكامه كالصيام بدخول الليل بخلاف الطلاق فإنه قطع للنكاح قبل حصول مقصودة أشبه فسخ الإجارة قبل التسليم ولأن المطلقة إذا أتت بولد أمكن تكذيبها بنفيه بخلاف الميت
وان مات زوج الرجعية استأنفت عدة الوفاة من حين موته لأنها زوجة فتدخل في عموم قوله تعالى { والذين يتوفون منكم } وسقطت عدة الطلاق لأنها معتدة الوفاة فلا يجتمع معها غيرها إجماعا حكاه ابن المنذر وعنه تعتد أطول الأجلين وبعده في الشرح وإن طلقها في الصحة طلاقا بائنا ثم مات في عدتها لم تنتقل عن عدتها وتبني على
____________________
1-
(8/113)
وإن كان الطلاق في مرض موته اعتدت أطول الأجلين من عدة الطلاق وعدة الوفاة وإن ارتابت المتوفى عنها لظهور امارات الحمل من الحركة وانتفاخ البطن وانقطاع الحيض قبل أن تنكح لم تزل في عدة حتى تزول الريبة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عدة الطلاق مطلقا ولا تعتد للوفاة للآية ولأنها أجنبية منه في نكاحه وميراثه وتحل له أختها فلم تعتد لوفاته كما لو انقضت عدتها وعنه تعند للوفاة إن ورثت اختارها جماعة كما لو طلقها في مرض موته وليس بشيء فإن الحمل تنقضي بوضعه كل عدة ولا يجب عليها الاعتداد بغيره وإن كان الطلاق في مرض موته اعتدت أطول الأجلين من عدة الطلاق وعدة الوفاة نص عليه وهو المذهب لأنها وارثة فيجب عليها أن تعتد للوفاة ومن حيث إنها مطلقة يجب عليها أن تعتد للطلاق فيجب أن تعتد بأطولهما ضرورة أنها لا تخرج عن العهدة بيقين إلا بذلك وعنه تعتد لطلاق لأنه مات وليست زوجة له لأنها بائن من النكاح فلا تكون منكوحة وكالتي لا ترث وعنه تعتد للوفاة فقط ذكرهما في المجرد ولأنها ترثه أشبهت الرجعية وعلم منه أن من لا ترثه كالأمة والذمية ومن جاءت البينونة من قبلها فلا يلزمها سوى عدة الطلاق رواية واحدة ذكره في المحرر وفي الواضح تعليله يدل على التفرقة
فرع إذا مات المريض المطلق بعد عدة طلاق رجعي أو كان طلاقه قبل الدخول فليس عليها عدة وفاة وعنه بلى إن ورثته اختارها أبو بكر وكذا من أبانها في مرضه قبل الدخول أو بعده فاعتدت ثم مات وإن ارتابت المتوفى عنها لظهور أمارات الحمل من الحركة وانتفاخ البطن وانقطاع الحيض قبل أن تنكح لم تزل في عدة حتى تزول الريبة وتبقى في حكم الاعتداد إلى أن تزول الريبة فإن بان حملا انقضت عدتها بوضعه فإن زالت وبان
____________________
1-
(8/114)
وإن تزوجت قبل زوالها لا يصح النكاح وإن ظهر بها ذلك بعد نكاحها لم تفسد به لكن إن اتت بولد لأقل من ستة أشهر منذ نكحها فهو باطل وإلا فلا وإذا مات عن امرأة نكاحها فاسد فقال القاضي عليها عدة الوفاة نص عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أنه ليس بحمل تبينا أن عدتها انقضت بالشهور أو بالأقراء إن كان فارقها في الحياة وإن تزوجت قبل زوالها أي زوال الريبة لا يصح النكاح لأنها تزوجت وهي في حكم المعتدات وقيل يصح إذا كان بعد انقضاء العدة وإن ظهر بها ذلك بعد نكاحها لم تفسد به لأنه وجد بعد قضاء العدة ظاهرا والحمل مع الريبة مشكوك فيه فلا يزول ما حكمنا بصحته ولا يحل لزوجها وطؤها حتى تزول الريبة لشكنا في حل وطئها لقوله عليه السلام من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يحل له أن يسقي ماءه زرع غيره لكن إن أتت بولد لأقل من ستة أشهر منذ نكحها الثاني ووطئها فهو أي النكاح باطل لأنه نكحها وهي حامل من غيره وإلا فلا أي إذا أتت به لأكبر من ذلك فإن النكاح صحيح لأن الولد أمكن أن يكون من الثاني فلم يصادف نكاحها له مبطل فلم يبطل لأن الولد لا حق به فلو ظهرت الريبة بعد العدة وقبل النكاح أو بعده قبل الدخول فوجهان أحدهما لا يحل لها أن تتزوج وإن فعلت لم يصح لأنها شاكة في انقضاء عدتها والثاني يحل لها ويصح لأنا حكمنا بانقضاء عدتها فلا يتغير الحكم بالشك بدليل أن حكم الحاكم لا يتغير بتغيير اجتهاده ورجوع الشهود وإذا مات عن امرأة نكاحها فاسد فقال القاضي عليها عدة الوفاة نص عليه في رواية جعفر بن محمد واختارها أبو بكر وقدمها الأكثر لأنه نكاح يلحق به النسب فوجبت به العدة كالصحيح وإن فارقها في الحياة بعد الإصابة اعتدت بثلاثة قروء أو بثلاثة أشهر إن لم يكن بغير خلاف وإن كان قبل الخلوة فلا عدة عليها كالصحيح بل أولى
____________________
1-
(8/115)
وقال ابن حامد لا عدة عليها للوفاة في ذلك فان كان النكاح مجمعا على بطلانه لم تعتد للوفاة من أجله فصل الثالث ذات القرء التي فارقها في الحياة بعد دخوله بها وعدتها ثلاثة قروء إن كانت حرة وقرءان إن كانت أمة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وإن كان بعدها قبل الإصابة فالمنصوص أن عليها العدة لأنه أجري مجرى الصحيح في لحوق النسب فكذا في العدة وقال ابن حامد لا عدة عليها للوفاة في ذلك لأنه لا يثبت الحمل فلم يوجب العدة كالباطل فعلى هذا إن كان قبل الدخول فلا عدة عليها وإن كان بعده اعتدت فإن كان النكاح مجمعا على بطلانه كذات محرم ومطلقته ثلاثا لم تعتد للوفاة من أجله لأن النكاح المذكور وجوده كعدمه للإجماع على بطلانه فصل الثالث ذات القرء التي فارقها في الحياة بعد دخوله بها ولو بطلقة ثالثة إجماعا وعدتها ثلاثة قروء إن كانت حرة أو بعضها لقوله تعالى { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } وقرءان إن كانت أمة في قول أكثر العلماء لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان رواه أبو داود والترمذي وقال حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث مظاهر بن أسلم ولا نعرف له في العلم غير هذا الحديث وعن ابن عمر نحوه رواه ابن ماجة والدار قطني من رواية عطية وهو ضعيف وهو قول عمر وعلي وابن عمر ولا يعرف لهم في الصحابة مخالف وكالحد وكان القياس يقتضي أن تكون حيضة ونصفا كما كان حدها على النصف من الحرة إلا أن الحيض لا يتبعض فوجب تكميله كالمطلقة ولهذا قال عمر لو
____________________
1-
(8/116)
والقرء الحيض في اصح الروايتين ولا تعتد بالحيضة التي طلقها فيها حتى تأتي بثلاث كاملة بعدها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أستطيع أن أجعل العدة حيضة ونصفا لفعلت رواه البيهقي ولا يصح للجهالة أو الانقطاع والمدبرة والمكاتبة وأم الولد كالأمة
والقراء الحيض في أصح الروايتين القروء في كلام العرب تقع على الحيض والطهر جميعا فهو من الأسماء المشتركة قال الخليل يقال أقرأت المرأة إذا دنا حيضها وأقرأت إذا دنا طهرها وقال أحمد بن يحيى ثعلب القروء الأوقات فقد يكون حيضا وقد يكون طهرا والقول بأنه الحيض هو الأشهر لأنه يطلق تارة ويراد به الانتقال يقال قرأ النجم أي انتقل من محل إلى آخر ويراد به الجمع يقال ما قرأت الناقة أي لم تجمع في بطنها ولدا فالأخذ به أولى لأن فيه جمعا بين حقيقتين وهذا هو الأظهر عن أحمد صححه في المستوعب وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية والفروع وهو قول عمر وعلي وابن عباس وروي عن أبي بكر وعثمان وأبي موسى وعبادة وأبي الدر داء قال أحمد في رواية الأثرم كنت أقول إنه الأطهار ثم وفقت لقول الأكابر ولأنه لم يعهد في لسان الشرع استعماله بمعنى الطهر في موضع واستعمل بمعنى الحيض في غير حديث وظاهر النص يقتضي وجوب التربص بثلاثة كاملة ومن جعل القروء الأطهار لم يوجب ثلاثة ولأن العدة استبراء فكانت بالحيض كاستبراء الأمة ولا تعتد بالحيضة التي طلقها فيها حتى تأتي بثلاث كاملة بعدها لا نعلم فيها خلافا ورواه البيهقي بإسناد رجاله ثقات عن لبن عمر ولأن المطلقة فيها لم يبق منها ما يتم مع اثنتين ثلاثة كاملة فلا يعتد بها ولأن الطلاق في الحيض إنما حرم للضرر
____________________
1-
(8/117)
فإذا انقطع دمها من الثالثة حلت في إحدى الروايتين والأخرى لا تحل حتى تغتسل والرواية الثانية القروء الأطهار (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بتطويل العدة فلو اعتدت بالحيضة المطلق قيها لكانت العدة حينئذ أقصر فإذا انقطع دمها من الثالثة حلت في إحدى الروايتين قدمها في الكافي والرعاية واختارها أبو الخطاب للآية وقد كملت القروء بوجوب الغسل عليها ووجوب الصلاة وفعل الصيام وصحته منها ولأنه لم يبق حكم العدة في الميراث ووقوع الطلاق بها واللعان والنفقة فكذا هنا والأخرى لا تحل حتى تغتسل اختارها الخرقي والقاضي والشريف والشيرازي اعتمادا على أن هذا قول أكابر الصحابة قال أحمد روي عن ابن عباس أنه كان يقول إذا انقطع الدم من الحيضة الثالثة فقد بانت منه وهو أصح في النظر قيل له فلم لا تقول به قال ذلك يقول به عمر وعلي وابن مسعود فأنا انتهيت أن أخالفهم يعني اعتبار الغسل ويرشحه أن الظاهر إنما تركوه عن توقيف ممن له البيان وروي عن أبي بكر وعثمان وأبي موسى وعبادة وأبي الدرداء وظاهره ولو فرطت في الغسل سنين حتى قال به شريك عشرين سنة وحكاه في الهدي رواية ولكن إذا طلقها وهي حاول فوضعت بعد ذلك انقضت عدتها وإن لم تغتسل نص عليه وعنه أنها في عدتها وله رجعتها حتى يمضي وقت الصلاة التي طهرت في وقتها وجزم به في الوجيز فعلى هذا تنقطع بقية الأحكام من قطع الإرث والطلاق واللعان والنفقة بانقطاع الدم رواية واحدة وجعلها ابن عقيل على الخلاف والرواية الثانية القروء الأطهار وهو قول زيد وابن عمر وعائشة رواه الشافعي عنهم بإسناد جيد وقال الشافعي أنا مالك عن ابن شهاب سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول ما أدركت أحدا من
____________________
1-
(8/118)
ويعتد بالطهر الذي طلقها فيه قرءا ثم إذا طعنت في الحيضة الثالثة حلت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فقهائنا إلا وهو يقول هذا قال ابن عبد البر ورجع إليه أحمد قال في رواية الأثرم رأيت الأحاديث عمن قال القروء الحيض تختلف والأحاديث عمن قال إنه الأطهار صحاح قوية والعمدة فيه قوله تعالى { فطلقوهن لعدتهن } أن في عدتهن كقوله { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة } أي في يوم القيامة والمشروع الطلاق في الأطهار لا في الحيض إجماعا وحديث ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بمراجعتها ولأنها عدة عن طلاق مجرد مباح فوجب أن يعتبر عقيب الطلاق كعدة الآيسة والصغيرة وجوابه بأن المراد بقوله تعالى { فطلقوهن لعدتهن } ثلاث مستقبلات لعدتهن كما تقول لقيته لثلاث بقين من الشهر أي مستقبلات لثلاث وقال ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن رواه أبو داود والنسائي ويعتد بالطهر الذي طلقها فيه قرءا لأن الطلاق إنما حرم في الحيض دفعا للضرر عنها بتطويل العدة عليها فلو لم تعتد ببقية الطهر قرءا كان الطلاق في الطهر أضر بها وأطول عليها وقال الزهري إنها تعتد بثلاثة قروء سوى الطهر الذي طلقها فيه ثم إذا طعنت في الحيضة الثالثة أو الأمة في الثانية حلت قاله ابن عمر وزيد وعائشة رواه عنهم الأثرم لأنها لو لم تحل بذلك لأدى إلى إيجاب أكثر من ثلاثة قروء وذلك مخالف للنص وقيل لا تنقضي العدة حتى يمضي من الدم يوم وليلة لجواز أن يكون الدم دم فساد فلا تنقضي العدة حتى يزول الاحتمال وليس من العدة في الأصح وإن طلقها في سلخ طهر أو علقه على سلخه فأول عدتها
____________________
1-
(8/119)
فصل الرابع اللائى يئسن من المحيض واللائى لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر إن كن حرائر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أول طهر يأتي بعد حيضة
فرع كل فرقة بين زوجين بعد الدخول فعدتها عدة طلاق في قول أكثر العلماء وعن ابن عباس عدة الملاعنة تسعة أشهر عن عثمان وابن عمر وابن عباس وإسحاق عدة المختلعة بحيضة ورواه ابن القاسم عن أحمد واختاره الشيخ تقي الدين في بقية الفسوخ وأومأ إليه في رواية صالح لما روى ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال حسن غريب وجوابه عموم الآية وكفرقة غير الخلع وحديثهم قال أبو بكر هو ضعيف مرسل وقول عثمان وابن عباس قد خالفة عمر وعلي وقولهما أولى والصحيح عن ابن عمر أن عدتها عدة المطلقة رواه مالك فصل الرابع اللائي يئسن من المحيض واللائي لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر إن كن حرائر إجماعا لقوله تعالى واللائي يئسن من الحيض من نسائكم اللآية الطلاق 4 فإن كان الطلاق في أول الشهر كفى ثلاثة أشهر بالأهلة للنص وإن كان في أثنائه اعتدت بقيتهم ثم اعتدت شهرين بالأهلية ثم من الثالث تمام ثلاثيت يوما جزم به في الكافي وغيره وقدمه في المستوعب ونصره في الشرح وقاله أكثر العلماء لأن الأصل الهلال فلا يرجع إلى العدد إل عند التعذير وعنه يعتبر الجميع بالعدد وهو قول بنت الشافعي لأنه إذا حسب الأول بالعدد كان ابتداء الثاني من نصف الشهر وكذلك
____________________
1-
(8/120)
وإن كن إماء فشهران وعنه ثلاثة وعنه شهر ونصف وعدة أم الولد عدة الأمة المعتق بعضها بالحساب من عدة حرة وأمة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الثالث قلنا لا يلزم إتمام الشهر الأول من الثاني بل من الرابع ويحتسب من الساعة التي فارقها فيها الأكثر وقال ابن حامد يحتسب بأول الليل أو النهار لأن حساب الساعات يشق فسقط اعتباره وجوابه قوله تعالى فعدتهن ثلاثة أشهر فلا تجوز الزيادة بغير دليل وحساب الساعات ممكن إما يقينا وإما استظهارا وأن كن إماء فشهران هذا أكثر الروايات عنه واختصارها الأكثر واحتج فيه بقول عمر رواه الأثرم ولأن كل شهر مكان قرء وعدتها بالأقراء قرآن فكذا هنا وعنه ثلاثة روي عنه الحسن ومجاهد وقدمه في الرعاية الكبرى لعموم الآية ولأن اعتبار الشهور لمعرفة براءة الرحم ولا يحصل بأقل من ثلاثة وعنه شهر ونصف نقلها الميموني والأثرم واختارها وقاله علي وابن عمر لأن عدتها نصف عدة الحرة وإنما كملنا الإقراء لتعذر تنصيفها ومن رد الرواية الثانية قال هي مخالفة لإجماع الصحابة لأنهم اختلفوا على القولين أي الأول والثالث فلا يجوز إحداث ثالث لأنه يفضي إلى تخطئتهم وخروج الحق عن قول جميعهم ولا يجوز ذلك ولأنها معتدة بغير الحمل فكانت دون الحرة كذات القروء والمتوفى عنها زوجها وأغرب منه رابعة أن عدتها شهر فقط وعدة أم الولد والمكاتبة والمدبرة عدة الأمة لأنها أمة مملوكة ولأن أم الولد أمة في كل أحكامها إلا في جواز بيعها وعدة المعتق بعضها بالحساب من عدة حرة وأمة فإذا كان نصفها حرا فعلى الأولى عدتها شهران ونصف وعلى الثالثة شهران وسبعة أيام ونصف وقال السامري شهران وثمانية أيام وعلى الثانية تساوي الحرة
____________________
1-
(8/121)
وحد الإياس خمسون سنة وعنه إن ذلك حده في نساء العجم وحده في نساء العرب ستون سنة وإن حاضت الصغيرة في عدتها انتقلت الى القروء ويلزمها إكمالها وهل يحسب ما قبل الحيض قرءا إذا قلنا القروء الأطهار على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وذكر أبو بكر وقدمه في الترغيب أن عدتها كحرة على الروايات وهي كالحرة إذا اعتدت بالحمل لأن عدة الحامل لا تختلف بالحرية والرق وحد الإياس خمسون سنة لقول عائشة لن ترى في بطنها ولدا بعد خمسين سنة وعنه أن ذلك حده في نساء العجم وحده في نساء العرب ستون سنة ذكر الزبير ابن بكار في كتاب النسب أن هندا بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة ولدت موسى بن عبد الله بن حسين بن حسن بن علي بن أبي طالب ولها ستون سنة وقال يقال إنه لن تلد بعد خمسين سنة إلا عربية ولا تلد بعد الستين إلا قرشية ولأنهن أقوى حيلة وطبيعة قال المؤلف والصحيح أنها متى بلغت خمسين سنة فانقطع حيضها عن عادتها مرات بغير سبب فقد صارت آسية وإن انقطع قبل ذلك فكمن انقطع حيضها لا تدري ما رفعه وإن رأت الدم بعد الخمسين على العادة فهو حيض على الصحيح وإن رأته بعد الستين فقد تيقن أنه ليس بحيض فلا تعتد به وتعتد بالأشهر كالتي لا ترى دما وإن حاضت الصغيرة في عدتها انتقلت إلى القروء لأن الشهور بدل عنها فإذا وجد المبدل بطل حكم البدل كالتيمم مع الماء ويلزمها إكمالها أي إكمال ثلاثة قروء لأن إكمالها واجب على معتدة بها وهل يحسب ما قبل الحيض قرءا إذا قلنا القروء الأطهار على وجهين كذا أطلقهما في المحرر والفروع
أحدهما تعتد به لأنه طهر قبل الحيض أشبه الطهر بين الحيضتين
____________________
1-
(8/122)
وإن يئست ذات القروء في عدتها انتقلت إلى عدة الآيسات وإن عتقت الأمة الرجعية في عدتها بنت على عدة حرة وإن كانت بائنا بنت على عدة أمة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والثاني لا يحسب وهو أشهر لان القرء هو الطهر بين الحيضتين وهذا لم يتقدمه حيض أما لو حاضت بعد انقضاء عدتها بالشهور ولو بلحظة لم يلزمها استئناف العدة لأنه حدث بعد انقضاء العدة أشبه ما لو حدث بعد طول الفصل وإن يئست ذات القروء في عدتها انتقلت إلى عدة الآيسات أي تبدأ بثلاثة أشهر لأن العدة لا تلفق من جنسين وقد تعذر الحيض فتنتقل إلى الأشهر لأنها عجزت عن الأصل وكالمتيمم وإن عتقت الأمة الرجعية في عدتها بنت على عدة حرة نص عليه لأن الحرية وجدت وهي زوجة فوجب أن تعتد عدة الحرة كما لو عتقت قبل الطلاق وإن كانت بائنا بنت على عدة أمة نص عليه لأن الحرية لم توجد وهي زوجة فوجب أن تبني على عدة أمة وكالمدبرة ولم يلزمها الانتقال إلى عدة الحرة كما بعد انقضاء العدة
فرع إذا أعتقت الأمة تحت عبد فاختارت نفسها اعتدت كحرة لأنها بانت من زوجها وهي حرة وروى الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بريرة بذلك وإن طلقها رجعيا فأعتقها سيدها بنت على عدة حرة سواء فسخت أو أقامت على النكاح وإن لم تفسخ فراجعها في عدتها فلها الخيار فإن اختارت الفسخ قبل المسيس فهل تستأنف أو تبني على ما مضى فيه وجهان فإن قلنا تستأنف فإنها تستأنف عدة حرة ولذلك تبني عليها
____________________
1-
(8/123)
فصل الخامس من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه اعتدت سنة تسعة أشهر للحمل وثلاثة للعدة وإن كانت أمة اعتدت بأحد عشر شهرا ويحتمل أن يقعد الحمل أربع سنين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل الخامس من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه أي لا تعلم سببه اعتدت سنة تسعة أشهر للحمل أي منذ أن انقطع لتعلم براءتها من الحمل ابن المسيب عن عمر قال الشافعي هذا قضاء عمر في المهاجرين والأنصار لا ينكره منهم منكر علمناه وقال تكون في عدة أبدا حتى تحيض أو تبلغ سن الإياس فتعتد ثلاثة أشهر وقاله أهل العراق واعتمد على قول ابن مسعود رواه البيهقي ولأن الاعتداد بالأشهر جعل بعد الإياس فلم يجز قبله كما لو تباعد حيضها لعارض وجوابه الإجماع ولأن الغرض بالاعتداد معرفة براءة رحمها وهذا يحصل به براءة الرحم فاكتفي به ولهذا اكتفي في حق ذات القروء بثلاثة أقراء وفي حق الآية بثلاثة أشهر ولو روعي اليقين لاعتبر أقصر مدة الحمل وإن كانت أمة اعتدت بأحد عشر شهرا تسعة للحمل وشهرين للعدة لأن مدة الحمل تتساوى فيه الحرة والأمة لكونه أمرا حقيقيا وإذا قلنا عدتها شهر ونصف فتكون عدتها عشرة أشهر ونصف وعلى الثانية هي كالحرة ويحتمل أن يقعد الحمل أربع سنين حكاه في المحرر وغيره قولا لأنه أكثر مدة الحمل فلا تعلم البراءة يقينا إلا بذلك ثم تعتد كآيسة وجوابه قول ابن عباس لا تطولوا عليها الشقة كفاها تسعة أشهر لظهور براءتها من الحمل يغالب مدته ولأن في قعودها أربع سنين ضررا تمنع من الأزواج
____________________
1-
(8/124)
وعدة الجارية التي أدركت فلم تحض والمستحاضة الناسية لعادتها ثلاثة أشهر وعنه سنة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وتحبس عنه ويتضرر الزوج بإيجاب النفقة والسكنى عليه
تنبيه إذا حاضت بعدها لم تنقض به العدة وقيل بلى ما لم تتزوج جزم به السامري وغيره وإن حاضت فيها اعتدت بالأقراء وإن حاضت بعد النكاح فلا والنكاح باق قال ابن حمدان وكذا الخلاف إن اعتدت الكبيرة بالشهور ثم حاضت قبل النكاح أو بعده وفيه شيء فإن حاضت حيضة ثم ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه اعتدت سنة في وقت انقطاع الحيض نص عليه وقال أذهب إلى حديث عمر قال ابن المنذر قضى به عمر بين المهاجرين والأنصار وعدة الجارية التي أدركت فلم تحض ثلاثة أشهر في قول الخرقي وأبي بكر وقدمه في الكافي والرعاية وجزم به في الوجيز لقوله تعالى واللائي يئس من المحيض الآية ولأن الاعتبار بحال المعتدة لا بحال غيرها ولهذا لو حاضت لعشر سنين اعتدت بالحيض وفارق من ارتفع حيضها فإنها من ذوات القروء والمستحاضة الناسية لعادتها ولا تمييز لها ثلاثة أشهر قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حمنة بنت جحش أن تجلس في كل شهر ستة أيام أو سبعة فجعل لها حيضة في كل شهر بدليل أنها تترك فيها الصلاة ونحوها ويثبت فيه سائر أحكام الحيض كذا هنا ومنه لها عادة أو تمييز عملت بهما وإن عملت لها حيضة في كل مدة كشهر اعتدت بتكرارها نص عليه وفي عمد الأدلة المستحاضة الناسية لوقت حيضها تعتد ستة أشهر وعنه سنة أما في الأولى فاختاره القاضي وأصحابه وقدمه في المستوعب قال القاضي
____________________
1-
(8/125)
فأما التي عرفت ما رفع الحيض من مرض أو رضاع ونحوه فلا تزال في عدة حتى يعود الحيض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + هذه الرواية أصح لأنه أتى عليها زمن الحيض فلم تحض أشبه من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه وضعفها أبو بكر وقال رواه أبو طالب فخالف فيها أصحابه وأما في الثانية فلأنها لم تتيقن لها حيضا مع أنها من ذوات القروء أشبهت التي ارتفع حيضها قال في الكافي والأول أولى فينبغي أن يقال متى حكمنا بأن حيضها سبعة أيام من كل شهر فمضى لها شهران بالهلال وسبعة أيام من أول الثالث فقد انقضت عدتها فإن قلنا القروء الأطهار فطلقها في آخر شهر ثم مر لها شهران وهل الثالث انقضت عدتها ( فأما التي عرفت ما رفع الحيض من مرض أو رضاع ونحوه فلا تزال في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به ) لما روى الشافعي عن سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي بكر أنه أخبره أن حبان بن منقذ طلق امرأته وهو صحيح وهي مرضع فمكثت سبعة أشهر لا تحيض يمنعها الرضاع ثم مرض حبان فقيل له إن مت ورثتك فجاء إلى عثمان وأخبره بشأن امرأته وعنده علي وزيد فقال لهما عثمان ما تريان فقالا نرى أنها ترثه إن مات ويرثها إن ماتت فإنها ليست من القواعد اللائي يئس من المحيض وليست من اللائي لم يحضن ثم هي على عدة حيضها ما كان من قليل وكثير فرجع حبان إلى أهله فانتزع البنت منها فلما فقدت الرضاع حاضت حيضة ثم أخرى ثم مات حبان قبل أن تحيض الثالثة فاعتدت عدة الوفاة وورثته ورواه البيهقي عن محمد بن يحيى حبان أنه كان عنده امرأتان هاشمية وأنصارية فطلق الأنصارية هي ترضع فمرت لها سنة ثم مات ولم تحض فاختصموا إلى
____________________
1-
(8/126)
إلا أن تصير آيسة فتعتد عدة آيسة حينئذ فصل السادس امرأة المفقود الذي انقطع خبره لغيبة ظاهرها الهلاك كالذي يفقد من بين أهله أو في مغارة أو بين الصفين إذا قتل قوم أو من غرق مركبه ونحو ذلك فإنها تتربص أربع سنين ثم تعتد الوفاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عثمان فقضى لها بالميراث فلامت الهاشمية عثمان فقال هذا عمل ابن عمك يعني علي بن أبي طالب وليس فيه ذكر زيد ومحمد هذا توفي سنة إحدى وعشرين ومائة وهو ابن أربع وتسعين سنة ولأنها من ذوات القروء والعارض الذي منع الدم يزول فانتظر زواله ( إلا أن تصير آيسة فتعتد عدة آيسة حينئذ ) لأنها آيسة أشبهت سائر الآيسات وعنه ينتظر زواله ثم إن حاضت اعتدت به وإلا بسنة وهو ظاهر عيون المسائل والكافي ونقل ابن هانئ تعتد سنة ونقل حنبل إن كانت لا تحيض او ارتفع حيضها أو صغيرة فعدتها ثلاثة أشهر ونقل أبو الحارث في أمة ارتفع حيضها لعارض تستبرأ بتسعة أشهر للحمل وشهر للحيض واختار الشيخ تقي الدين إن علمت عدده فكآيسة وإلا سنة فصل ( السادس امرأة المفقود ) حرة كانت أو أمة ( الذي انقطع خبره لغيبة ظاهرها الهلاك كالذي يفقد من بين أهله ) ليلا أو نهارا ( أو في مفازة ) مهلكة كبرية الحجاز ( أو بين الصفين إذا قتل قوم أو من غرق مركبه ونحو ذلك ) كالذي يخرج إلى الصلاة فلا يرجع أو يمضي إلى مكان قريب ليقضي حاجته ثم يرجع ولا يظهر له خبر ( فإنها تتربص أربع سنين أكثر مدة الحمل ( ثم تعتد للوفاة ) هذا المذهب قال الأثرم قلت لأبي عبد الله تذهب إلى حديث عمر وهو أن رجلا فقد فجاءت امرأته إلى عمر فذكرت ذلك له فقال
____________________
1-
(8/127)
وهل يفتقر الى رفع الأمر الى الحاكم ليحكم بضرب المدة وعدة الوفاة على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تربصي أربع سنين ففعلت ثم أتته فقال تربصي أربعة أشهر وعشرا ففعلت ثم أتته فقال أين ولي هذا الرجل فجاؤوا به فقال طلقها ففعل فقال عمر تزوجي من شئت رواه الأثرم والجوزجاني والدارقطني قال أحمد هو أحسنها يروى عن عمر من ثمانية وجوه ثم قال زعموا أن عمر رجع عن هذا هؤلاء الكذابين وقال من ترك هذا أي شيء يقول هو عن خمسة من الصحابة عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن الزبير ونقل عنه أبو الحارث كنت أقول ذلك وقد ارتبت فيه اليوم وهبت الجواب لاختلاف الناس وكأني أحب السلامة قال أصحابنا هذا توقف يحتمل الرجوع عما قاله أولا وتكون زوجته حتى يثبت موته أو يمضي زمن لا يعيش في مثله ويحتمل التورع عما قاله أولا قال القاضي أكثر أصحابنا أن المسألة رواية واحدة وعندي أنها على روايتين وقال أبو بكر إن صح الاختلاف ألا يحكم بحكم ثان إلا بدليل على الانتقال وإن ثبت الإجماع فالحكم فيه على ما نص عليه وعنه لا يحل حتى تمضي مدة لا يعيش في مثلها غالبا قدمه الحلواني وعنه حتى يعلم خبره فيقف ما رأي الحاكم وعنه يعتبر أن يطلقها الولي بعد تربصها اختاره ابن أبي موسى فتعتد عدة طلاق لقول عمر وعلي وجابر والمذهب أنه لا يعتبر ذلك وهو قول ابن عمر وابن عباس وهو القياس وقال ابن عقيل لا يعتبر فسخ النكاح الأول على الأصح ( وهل يفتقر إلى رفع الأمر إلى الحاكم بضرب المدة وعدة الوفاة على روايتين كذا في المحرر والفروع
____________________
1-
(8/128)
وإذا حكم الحاكم بالفرقة نفذ حكمه في الظاهر دون الباطن فلو طلق الأول صح طلاقه ويتخرج أن ينفذ حكمه باطنا فينفسخ نكاح الأول ولا يقع طلاقه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إحداهما يفتقر قدمها في الرعاية وجزم بها في الوجيز لأنها مدة مختلف فيها أشبهت مدة العنة فعلى هذا يكون ابتداء من حين ضربها الحاكم وقيل منذ انقطع خبره جزم به في الرعاية
والثانية وهي الأصح أنه لا يفتقر فلو مضت المدة والعدة تزوجت بلا حكم ولأن هذا ظاهر في موته أشبه ما لو قامت به بينة فيكون ابتداء المدة من حين انقطع خبره وبعد أثره
فرع إذا اختارت المقام فلها النفقة مدة حياته وإن رفعت أمرها إلى الحاكم فضرب لها المدة فلها النفقة مدة التربص والعدة وبعدها حتى يحكم بالفرقة وإن حكم بفراقها انقطعت نفقتها وذكر ابن الزاغوني أنها إذا شرعت في عدة الوفاة لا نفقة لها ( وإذا حكم الحاكم بالفرقة ) وفي المستوعب والرعاية أو انقضت المدة ( نفذ حكمه في الظاهر ) لأن عمر لما حكم بالفرقة نفذ ظاهرا ولو لم ينفذ لما كان في حكمه فائدة ( دون الباطن ) لأن حكم الحاكم لا يغير الشيء عن صفته في الباطن ( فلو طلق الأول صح طلاقه ) لأنا حكمنا بالفرقة بناء على أن الظاهر هلاكه فإذا ثبتت حياته انتقض الظاهر ولم يبطل طلاقه كما لو شهدت به بينة كاذبة وكذا إن ظاهر أو آلى أو قذف لأن نكاحه باق بدليل تخييره في أخذها ( ويتخرج أن ينفذ حكمه باطنا ) هذا رواية قال أبو الخطاب وهو القياس لأنه ينفذ باطنا في العقود والفسوخ في قول وهذا فسخ فتكون زوجة الثاني ولا خيار للأول ( فينفسخ نكاح الأول ولا يقع طلاقه ) لأنها بانت بفرقة الحاكم في محل مختلف فيه كما لو فسخ
____________________
1-
(8/129)
وإذا فعلت ذلك ثم تزوجت ثم قدم زوجها الأول ردت إليه إن كان قبل دخول الثاني بها وإن كان بعده خير الأول بين أخذها منه وبين تركها مع الثاني ويأخذ صداقها منه وهل يأخذ صداقها الذي أعطاها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نكاحها لعسرته أو عنته فلهذا لم يقع طلاقه ويتوجه عليهما الإرث ( وإذا فعلت ذلك ) أي تربصت أربع سنين واعتدت للوفاة ( ثم تزوجت ثم قدم زوجها الأول ردت إليه ) لأنا تبينا حياته أشبه ما لو شهدت بينة بموته فبان حيا ولأنه أحد الملكين أشبه ملك المال وعلم منه أنها إذا لم تتزوج فإنها ترد إليه مطلقا وكذا إن كان بعد أن تزوجت ( إن كان قبل دخول الثاني بها ) فتكون زوجة الأول رواية واحدة لأن النكاح كان باطلا لأنه صادف امرأة ذات زوج وتعود إليه بالعقد الأول وليس على الثاني صداق لبطلان نكاحه ولم يتصل به دخول وعنه يخير حكاها القاضي وأخذها من قول أحمد إذا تزوجت امرأته فجاء خير بين امرأته وبين الصداق ( وإن كان بعده ) أي بعد دخول الثاني بها ووطئه ( خير الأول بين أخذها منه ) فتكون امرأته بالعقد الأول ( وبين تركها مع الثاني لقول عمر وعثمان وعلي وقضى به ابن الزبير ولم يعرف لهم مخالف فكان كالإجماع فعلى هذا إن أمسكها الأول فهي زوجته بالعقد السابق ولا يحتاج الثاني إلى طلاق في المنصوص لأن نكاحه كان باطلا في الباطن وقال القاضي قياس قوله أنه يحتاج إلى طلاق كسائر الأنكحة الفاسدة ويجب اعتزالها حتى تنقضي عدتها وإن لم يخترها كانت عند الثاني من غير تجديد عقد في الأشهر قاله في الرعاية لأن الصحابة لم ينقل عنهم تجديد عقد والقياس بلى وصححه المؤلف لأنا تبينا بطلان عقده بمجيء الأول ويحتمله قول الصحابة ( ويأخذ صداقها منه ) أي من الثاني لقضاء الصحابة ولأنه حال بينه وبين زوجته بعقد ودخول ( وهل يأخذ صداقها الذي أعطاها
____________________
1-
(8/130)
أو الذي أعطاها الثاني على روايتين والقياس أن ترد إلى الأول ولا خيار إلا أن يفرق الحاكم بينهما ونقول بوقوع الفرقة باطنا فتكون زوجة الثاني بكل حال فأما من انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة كالتجارة والسياحة فإن امرأته تبقى أبدا حتى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو الذي أعطاها الثاني على روايتين ) كذا في المحرر والفروع إحداهما يرجع بالصداق الذي أعطاها هو اختارها أبو بكر وقدمها في الكافي لقضاء عثمان وعلي ولأن الثاني أتلف المعوض فرجع عليه بالعوض كشهود الطلاق إذا رجعوا فعليها إن لم يكن دفع إليها الصداق لم يرجع بشيء وإلا رجع في قدر ما قبض منه والأشهر أنه يرجع بالمهر بالذي أصدقها الثاني لأنه بذله عوضا عما هو مستحق للأول فكان أولى ويرجع الثاني عليها بما أخذ منه في رواية وجزم بها في الوجيز وقال ابن عقيل والقياس لا رجوع ثم قال المؤلف وجمع ( والقياس أن ترد إلى الأول ولا خيار ) له لأنه زوجها ولم ينفسخ نكاحه فردت إليه كما لو تزوجت لبينة قامت بوفاته ثم تبين كذبها بقدومه حيا ( إلا أن يفرق الحاكم بينهما ونقول بوقوع الفرقة باطنا فتكون زوجة الثاني بكل حال ) لأن نكاحه وقع بعد بطلان نكاح الأول وقضاء عدتها أشبه ما لو طلقها الأول ونقل أبو طالب لا خيار للأول مع موتها وقال الشيخ تقي الدين هي زوجة الثاني ظاهرا وباطنا وترثه ذكره أصحابنا وهل ترث الأول قال أبو جعفر ترثه وخالفه غيره وأنه متى ظهر الأول فالفرقة ونكاح الثاني موقوفا فإن أخذها بطل نكاح الثاني حينئذ وإن أمضى ثبت نكاح الثاني ( فأما من انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة كالتجارة ) في غير مهلكة ( والسياحة ) في الأرض للتعبد والترهب وقيل هو الغازي وقيل طالب العلم ( فإن امرأته تبقى أبدا حتى
____________________
1-
(8/131)
تتيقن موته وعنه أنها تتربص لتسعين عاما مع سنة يوم ولد ثم تحل وكذلك امرأة الأسير (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نتيقن موته ) روي عن علي وابن شبرمة والثوري وهو قول أكثرهم وصححه في الكافي فيجتهد الحاكم كغيبة ابن تسعين ذكره في الترغيب ولأن النكاح ثابت فلا يزول بالشك وقدم في الرعاية أنها تبقى ما رأى الحاكم ثم تعتد للوفاة وفي المستوعب تبقى إلى أن يثبت موته أو يمضي عليه زمان لا يعيش مثله في الغالب واختاره أبو بكر ( وعنه أنها تتربص لتسعين عاما مع سنة يوم تولد ) نقلها عنه أحمد بن أصرم وجزم بها في المحرر والوجيز وقدمها في الفروع لأن الظاهر أنه لا يعيش أكثر منها وقال ابن عقيل مائة وعشرين سنة منذ ولد لأنه العمر الطبيعي قلنا التحديد لا يصار إليه إلا بالتوقيف ولأن تقديره بذلك يفضي إلى اختلاف العدة في حق المرأة ولا نظير له وخبر عمر ورد فيمن ظاهر غيبته الهلاك فلا يقاس عليه غيره ( ثم تحل ) لأنه قد حكم بموته أشبه امرأة المفقود الذي غيبته ظاهرها الهلاك ولكن بعد أن تعتد عدة الوفاة قال في المغني والشرح والمذهب الأول لأن هذه غيبة ظاهرها السلامة فلم يحكم بموته كما قبل التسعين ومتى ظهر موته باستفاضة أو بينة فكمفقود وتضمن البينة ما تلف من ماله ومهر الثاني ( وكذلك امرأة الأسير ) وكذا في الوجيز وغيره أي حكمها حكم امرأة المفقود لغيبة ظاهرها السلامة لأنهما يتساويان فوجب تساويهما حكما لكنهم أجمعوا أنها لا تتزوج حتى تتيقن وفاته
فرع إذا كانت غيبته غير منقطعة يعرف خبره ويأتي كتابه فليس لامرأته أن تتزوج في قولهم أجمعين إلا أن يتعذر عليها الإنفاق من ماله فلها أن تطلب
____________________
1-
(8/132)
ومن طلقها زوجها أو مات عنها وهو غائب عنها فعدتها من يوم مات أو طلق وإن لم تجتنب ما تجتنبه المعتدة وعنه إن ثبت ذلك ببينة فكذلك وإلا فعدتها من يوم بلغها الخبر وعدة الموطوءة بشبهة عدة مطلقة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فسخ النكاح فيفسخ نكاحه وفي الرعاية وإن غاب وعلم خبره بقيت الزوجة مع النفقة وعدم الإضرار بترك الوطء الواجب
مسألة إذا أبق العبد فزوجته باقية حتى يعلم موته أو ردته فإن تعذر الإنفاق عليها من ماله فحكمه في الفسخ ما ذكرنا إلا أن العبد نفقة زوجته على سيده أو في كسبه فيعتبر تعذر الإنفاق من محل الوجوب ( ومن طلقها زوجها أو مات عنها وهو غائب عنها فعدتها من يوم مات أو طلق ) هذا هو المشهور وصححه في الكافي وقدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز وهو قول ابن عمر وابن عباس وابن مسعود رواه عنهم البيهقي لأنها لو كانت حاملا فوضعت غير عالمة بفرقة زوجها لانقضت عدتها فكذا سائر أنواع العدد كما لو كان حاضرا ولأن القصد غير معتبر في العدة بدليل الصغيرة والمجنونة ( وإن لم تجتنب ما تجتنبه المعتدة ) لأن الإحداد الواجب ليس بشرط في العدة لظهر النصوص ( وعنه إن ثبت ذلك ببينة فكذلك ) كوضع الحمل لتحقق السبب فوجب أن تعتد به ( وإلا فعدتها من يوم بلغها الخبر ) روي عن علي والحسن لأن العدة اجتناب أشياء ولم تجتنبها وجوابه بأنه ينتقض ما إذا ثبت ببينة وحكى البيهقي عن علي كالأول وما ذكرناه عنه أشهر قاله البيهقي ( وعدة الموطوءة بشبهة ) أو نكاح فاسد ( عدة المطلقة ) ذكره في الانتصار إجماعا لأن الوطء في ذلك في شغل الرحم ولحرق النسب كالوطء في النكاح الصحيح لكن عدة الأولى منذ وطئت وعكسه
____________________
1-
(8/133)
وكذلك عدة المزني بها وعنه أنها تستبرا بحيضة فصل إذا وطئت المعتدة بشبهة أو غيرها أتمت عدة الأول ثم استأنفت العدة من الوطء وإن كانت بائنا فأصابها المطلق عمدا فكذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الثانية ( وكذلك عدة المزني بها ) قدمه في الكافي والمستوعب والمحرر والفروع لأنه وطء يقتضي شغل الرحم كوطء الشبهة ولأنه لو لم تجب العدة لاختلط ماء الواطئ والزوج فلم يعلم لمن الولد منهما ( وعنه أنها ) لا عدة عليها بل ( تستبرأ بحيضة ) اختاره الحلواني وابن رزين لأن المقصود معرفة البراءة من الحمل كأمة مزوجة واختاره الشيخ تقي الدين في الكل وفي كل فسخ وطلق ثلاث وعنه تستبرأ بثلاث حيض وهي كالأولى إلا أن يريد تسميتها عدة فيجب فيها الإحداد ولا تتداخل في عدة مطلقها بخلاف الاستبراء كما إذا اشترى أمة فطلقها زوجها بعد الدخول بها فتعتد عن طلاقها ويدخل الاستبراء في العدة
فرع إذا وطئت زوجته أو سريته بشبهة أو زنى حرمت عليه حتى تعتد وفيما دون الفرج وجهان فصل
( إذا وطئت المعتدة بشبهة أو غيرها ) كنكاح فاسد ( أتمت عدة الأول ) لأن سببها سابق على الوطء المذكور ولا يحسب منها مقامها عند الثاني في الأصح وله رجعة الرجعية في التتمة في الأصح ( ثم استأنفت العدة من الوطء ) لأن العدتين من رجلين لا يتداخلان كالديتين ( وإن كانت بائنا فأصابها المطلق عمدا فكذلك ) لأنه وطء محرم ولا يلحق فيه النسب ولأن عدة الأولى عدة طلاق والثانية عدة زنى فلم تدخل إحداهما في الأخرى لاختلاف سببهما
____________________
1-
(8/134)
وإن أصابها بشبهة استأنفت العدة للوطء ودخلت فيها بقية الأولى وإن تزوجت في عدتها لم تنقطع عدتها حتى يدخل بها فتنقطع حينئذ ثم إذا فارقها بنت على عدة الأول واستأنفت العدة من الثاني وإن أتت بولد من أحدهما انقضت عدتها به منه ثم اعتدت للآخر أيهما كان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إذ اختلاف السبب لا يوجب التداخل وإن اتحد الحكم دليله الكفارات ( وإن أصابها بشبهة استأنفت العدة للوطء ) لأن الوطء قطع العدة الأولى وهو موجب للاعتداد والاحتياج إلى العلم ببراءة الرحم من الحمل ( ودخلت فيها بقية الأولى ) لأن الوطء بشبهة يلحق به النسب فدخلت بقية الأولى في العدة الثانية ( وإن تزوجت في عدتها ) لم يجز نكاحها إجماعا وسنده قوله تعالى { ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله } ولأن العدة إنما اعتبرت لمعرفة براءة الرحم لئلا يفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب ( ولم تنقطع عدتها ) لأنه باطل لا تصير به المرأة فراشا ولا تستحق عليه نفقة ولا سكنى لأنها ناشز ( حتى يدخل بها فتنقطع حينئذ ) سواء علم التحريم أو جهله لأنها تصير بالدخول فراشا لغيره بذلك وهو يقتضي ألا تبقى في عدة غيره ( ثم إذا فارقها بنت على عدة الأول ) لأن حقه أسبق ولأن عدته وجبت عن وطء في نكاح صحيح ( واستأنفت العدة من الثاني ) ولا تتداخل العدتان رواه مالك والشافعي والبيهقي بإسناد جيد عن عمر وعلي ولا نعرف لهما مخالفا في الصحابة ولأنهما حقان مقصودان لآدميين كالديتين ولأنه حبس يستحقه الرجال على النساء فلم يجز أن تكون المرأة في حبس رجلين كالزوجة ( وأن أتت بولد من أحدهما ) عينا أو ألحقته به قافة وأمكن أن تأتي به لستة أشهر فأكثر من وطء الثاني نقله الجماعة ولأربع سنين فأقل من بينونة الأول لحقه ( وانقضت عدتها به منه ) لأن عدة الشخص تنقضي بوضع حمله وقد وجد ( ثم اعتدت للآخر أيهما كان )
____________________
1-
(8/135)
وإن أمكن أن يكون منهما أرى القافة معهما فالحق بمن ألحقوه به منهما وانقضت به عدتها منه واعتدت للآخر وإن ألحقته بهما الحق بهما وانقضت عدتها به منهما وللثاني أن ينكحها بعد انقضاء العدتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأنه لا يجوز أن يكون الحمل من إنسان والعدة من غيره ( وإن أمكن أن يكون منهما ) بما ذكرنا ( أري القافة معهما ) لأن القافة تلحقه بأشبههما ويصير ذلك بمنزلة ما لو علم ذلك بطريقة ( فألحق بمن ألحقوه به منهما ) لأن قولها في ذلك حجة ( وانقضت به عدتها منه ) لأن الولد له حكما أشبه ما لو علم ذلك يقينا ( واعتدت للآخر ) لما ذكرنا ( وإن ألحقته بهما ألحق بهما وانقضت عدتها به منهما ) لأن الولد محكوم به لهما فتكون قد وضعت حملها منهما وفي الانتصار احتمال تستأنف عدة الآخر كموطوءة لاثنين وعند أبي بكر إن أتت به لستة أشهر من نكاح الثاني فهو له ذكره القاضي وابن عقيل ونقل ابن منصور مثله وزاد فإن أدعياه فافاقة ولها المهر بما أصابها ويؤدبان ولم يتكلم المؤلف على ما إذا نفته القافة عنهما أو أشكل عليهم أو لم توجد قافة والحكم فيه أنها تعتد بعد وضعه بثلاثة قروء لأنه إن كان من الأول فقد أتت بما عليها من عدة الثاني وإن كان من الثاني فعليها أن تكمل عدة الأول لتسقط الفرض بيقين وعلم مما سبق أنها إذا ولدت لدون ستة أشهر من وطء الثاني ولأكثر من أربع سنين من فراق الأول لم يلحقه بواحد منها ولا تنقضي عدتها به منه لأنا نعلم أنه من وطء آخر ( وللثاني أن ينكحها بعد انقضاء العدتين ) وهو قول علي و روي عن عمر أنه رجع إليه رواه البيهقي بإسناد جيد وكما لو زنى بها و آيات الإباحة عامة وقال الشافعي له نكاحها بعد قضاء عدة الأول لأن العدة إنما شرعت لحفظ النسب وصيانة للماء والنسب لاحق به أشبه ما لو خالعها ثم نكحها في عدتها قال في المغني وهذا
____________________
1-
(8/136)
وعنه أنها تحرم عليه على التأبيد وإن وطئ رجلان امرأة فعليها عدتان لهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قول حسن موافق للنص ووجه تحريمها قبل انقضاء العدتين قوله تعالى { ولا تعزموا عقدة النكاح } ولأنه وطء يفسد به النسب فلم يجز النكاح في العدة كوطء الأجنبي وأما الأول فإن طلقها ثلاثا لم تحل له بهذا النكاح وإن وطىء فيه لأنه باطل وإن كان دون الثلاث فله رجعتها بعد العدتين وإن كانت رجعية فله رجعتها في عدتها منه ( وعنه أنها تحرم عليه على التأبيد لقول عمر لا تنكحها أبدا رواه مالك والشافعي والبيهقي بإسناد جيد وأنه استعجل الحق قبل وقته فحرمه في وقته كالوارث إذا قتل مورثه وكاللعان وقيل في النكاح الفاسد وحكاه في المحرر والرعاية رواية
فرع كل معتدة من غير النكاح الصحيح كالزانية والموطوءة بشبهة فقياس المذهب تحريم نكاحها على الواطئ وغيره قال في المغني والأولى حل نكاحها لمن هي معتدة منه إن كان يلحقه نسب ولدها لأن العدة لحفظ مائه وصيانة نسبه ولا يصان ماؤه المحترم عن مائه المحرم ولا يحفظ نسبه عنه ( وإن وطىء رجلان امرأة ) بشبهة أو زنى ( فعليها عدتان لهما ) لقول عمر وعلي ولأنهما حقان مقصودان لآدميين فلم يتداخلا كالديتين واختار ابن حمدان إذا زنى بها تكفيه عدة سواء قلنا هي حيضة او أكثر
فرع إذا خالع امرأته أو فسخ نكاحه فله أن يتزوجها في عدتها في قول الأكثر وشذ بعض المتأخرين فقال لا يحل نكاحها ولا خطبتها
____________________
1-
(8/137)
فصل إذا طلقها واحدة فلم تنقض عدتها حتى طلقها ثانية بنت على ما مضى من العدة وإن راجعها ثم طلقها بعد دخوله بها استأنفت العدة وإن طلقها قبل دخوله بها فهل تبني أو تستأنف على روايتين وإن طلقها طلاقا بائنا ثم نكحها في عدتها ثم طلقها فيها قبل دخوله بها فعلى روايتين أولاهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل إذا طلقها واحدة فلم تنقض عدتها حتى طلقها ثانية بنت على ما مضى من العدة ) لأنهما طلاقان لم يتخللهما وطء ولا رجعة أشبها الطلقتين في وقت واحد ( وإن راجعها ثم طللقها بعد دخوله بها استأنفت العدة ) من الطلاق الثاني لأنها طلاق في نكاح اتصل به المسيس ( وإن طلقها قبل دخوله بها فهل تبني أو تستأنف على روايتين ) أولاهما أنها تستأنف لأنه طلاق في نكاح صحيح وطئ فيه كما لو لم يتقدمه طلاق والثانية تبني لأنه لو نكحها ثم طلقها قبل المسيس لم يلزمه لذلك الطلاق عدة كذلك الرجعة وإن فسخ نكاحها قبل الرجعة بخلع أو غيره احتمل أن يكون حكمه حكم الطلاق لأن موجبه في العدة موجب الطلاق واحتمل ان تستأنف العدة لأنهما جنسان بخلاف الطلاق وإن وطئها في عدتها وقلنا تحصل به الرجعة فحكمها حكم من ارتجعها بلفظة ثم وطئها وإذا لزمها استئناف العدة كوطء الشبهة وتدخل عدة الطلاق فيها وإن حملت من هذا الوطء دخلت فيها بقية الأولى في وجه لأنهما من رجل واحد وفي آخر لا لأنهما من جنسين فإذا وضعت حملها أتمت عدة الطلاق وإن وطئها وهي حامل ففي تداخل العدتين وجهان فإن قلنا بالتداخل فانقصاؤهما معا بوضع الحمل وإن قلنا بعدمه فانقضاء عد الطلاق بوضع الحمل ويستأنف عدة الوطء بالقروء ( وإن طلقها طلاقا بائنا ثم نكحها في عدتها ثم طلقها فيها قبل دخوله بها فعلى روايتين أولاهما
____________________
1-
(8/138)
أنها تبني على ما مضى من العدة الأولى لأن هذا طلاق من نكاح لا دخول فيه فلا يوجب عدة فصل ويجب الإحداد على المعتدة من الوفاة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أنها تبني على ما مضى من العدة الأولى ) اختارها المؤلف وجزم بها في الوجيز وقدمها في الفروع لأنها تنقطعه بعقد التزويج لكونها تصير به فراشا فلا تبقى معتدة منه مع كونها فراشا له ( لأن هذا طلاق من نكاح لا دخول فيه ) ولا مسيس ( فلا يوجب عدة ) كما لو لم يتقدمه نكاح وذكر القاضي في موضع أنه لا يلزمها استئناف العدة رواية واحدة لكن يلزمها بقية عدة الأولى لأن إسقاطها يفضي إلى اختلال المياه لأنه يتزوج امرأة ويطؤها ويخلعها ثم يتزوجها ويطلقها في الحال ويتزوجها الثاني في يوم واحد والثانية تستأنف لأنه طلاق لا يخلو من عدة كالأول ولو أبانها حاملا ثم نكحها حاملا ثم طلقها حاملا فرغت بوضعه عليهما ولو أتت به قبل طلاقه فلا عدة على الأولى فصل
( ويجب الإحداد ) وهو المنع إذا المرأة تمنع نفسها مما كانت تتهيأ به لزوجها من تطيب وتزين يقال أحدت المرأة إحدادا فهي محدة وحدت تحد بالضم والكسر فهي حادة سمي الحديد حديدا للامتناع به أو لامتناعه على من يحاوله ( على المعتدة من الوفاة ) بغير خلاف نعلمه إلا عن الحسن فإنه ذهب إلى أنه ليس بواجب وهو قول شاذ فلا يعرج عليه احتج بعضهم بقوله تعالى { فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف } فإن ظاهره ما تنفرد به المرأة والنكاح لا يتم إلا مع الغير فحمل على ما يتم به وحدها من الزينة والطيب وقد روت أم عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تحد
____________________
1-
(8/139)
وهل يجب على البائن على روايتين ولا يجب على الرجعية والموطوءة بشبهة أو زنى أو نكاح فاسد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + امرأة فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب ولا تكتحل ولا تمس طيبا متفق عليه فائدة العصب بفتح العين وإسكان الصاد المهملتين وهو نوع من البرود يصبغ غزله ثم ينسج ( وهل يجب على البائن ) كالمطلقة ثلاثا والمختلعة ( على روايتين ) كذا أطلقهما في المستوعب والرعاية إحداهما لا يجب لما روت أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشق ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل رواه أحمد وأبو داود والنسائي ولأن الإحداد في عدة الوفاة لإظهار الأسف على فراق زوجها وموته فأما البائن فإنه فارقها باختياره وقطع نكاحها فلا معنى لتكلفها الحزن عليه ولأن المتوفى عنها لو أتت بولد لحق الزوج به وليس له من ينفيه فاحتيط عليها بالإحداد لئلا يلحق بالميت من ليس منه بخلاف المطلقة البائن والثانية يجب واختاره الأكثر والرجعية زوجة والحديث مدلوله تحريم الإحداد على ميت غير الزوج ونحن نقول به ولهذا جاز الإحداد من هنا بالإجماع لكن لا يسن قاله في الرعاية مع أنه يحرم فوق ثلاث على ميت غير زوج فعلى هذا حكمها حكم المتوفى عنها في توقي الزينة والطيب والصحيح أنه لا يجب على المختلعة لأنها يحل لزوجها الذي خالعها أن يتزوجها في عدتها بخلاف البائن بالثلاث وفي الانتصار لا يلزم بائنا قبل دخول ( ولا يجب على الرجعية ) بغير خلاف نعلمه لأنها في حكم الزوجات ( والموطوءة بشبهة ) لأنها ليست معتدة من نكاح فلم تكمل الحرمة ( أو زنى أو نكاح فاسد ) لأن من ذكر ليس بزوج وفي الجامع أن المنصوص
____________________
1-
(8/140)
أو بملك يمين وسواء في الإحداد المسلمة والذمية والمكلفة وغيرها والإحداد اجتناب الزينة والطيب والتحسين كلبس الحلي والملون من الثياب للتحسين كالأحمر والأصفر والأخضر الصافي والأزرق الصافي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يلزم الإحداد في نكاح فاسد ( أو يملك يمين ) كالسرية وأم الولد وهي كالحرة وللسيد إمساكها نهارا وإرسالها ليلا فإن أرسلها ليلا ونهارا اتعدت زمانها كله في بالمنزل وعلى الورثة إسكانها فيه كالحرة سواء ( وسواء في الإحداد ) أي وجوبه ( المسلمة والذمية والمكلفة وغيرها ) لعموم الأحاديث ولأن غير المكلفة تساوي المكلفة في اجتناب المحرمات وإنما يفترقان في الإثم فكذا في الإحداد ( والإحداد اجتناب الزينة والطيب ) يجب على الحادة اجتناب ما يدعو إلى جماعها ويرغب في النظر إليها ويحسنها وذلك أمور أحدها الطيب ولا خلاف في تحريمه للأخبار الصحيحة ولأنه يحرك الشهوة ويدعو إلى المباشرة وذلك كزعفران ونحوه وإن كان بها سقم نقله أبو طالب ويلحق به في التحريم الأدهان المطيبة كدهن ورد وبان لأنه طيب والثاني اجتناب الزينة في قول عامتهم وقالت أم سلمة دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة وقد جعلت على عيني صبرا فقال ما هذا يا أم سلمة فقلت إنما هو صبر ليس فيه طيب قال إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا في الليل وتنزعينه بالنهار رواه أبو داود والنسائي والبيهقي بإسناد فيه جماعة لا يحتج بهم ( والتحسين كلبس الحلي ) كالسوار والدملج والخاتم ولا فرق فيه بين أن يكون من فضة أو ذهب وقال عطاء تباح حلي الفضة فقط وجوابه عموم النهي ( والملون من الثياب للتحسين كالأحمر والأصفر والأخضر الصافي والأزرق الصافي ) لقوله عليه السلام ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب وفي حديث أم سلمة ولا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشق وفيه تنبيه
____________________
1-
(8/141)
واجتناب الحناء والخضاب والكحل الأسود والحفاف واسفيداج العرائس وتحمير الوجه ونحوه ولا يحرم عليها الأبيض من الثياب وإن كان حسنا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + على أن الأخضر غير الصافي والأزرق غير الصافي لا يحرم عليها لبسه لأن ذلك لا يلبس للتحسين عادة فلم يكن ذلك زينة والمذهب أنه يحرم ما يصبغ غزله ثم نسج كالمصبوغ بعد نسجه وقيل لا لقوله عليه السلام إلا ثوب عصب وفيه نظر ( واجتناب الحناء والخضاب ) لقوله عليه السلام في حديث أم سلمة ولا تختضب ولأنه يدعو إلى الجماع أشبه الحلي بل أولى ولا تمنع من جعل الصبر على غير وجهها لأنها إنما منعت منه على الوجه لأنه يصفره فيشبه الخضاب قال في الفروع فيتوجه واليدين ( والكحل الأسود ) لقوله عليه السلام في حديث أم عطية ولا تكتحل ولأنه أبلغ في الزينة والمراد به الإثمد ولا فرق فيه بين البيضاء والسوداء فإن اضطرت إلى الكحل بالإثمد للتداوي فلها ذلك ليلا وتمسحه نهارا وفي الرعاية فإن احتاجت كحلا اكتحلت وقيل ليلا وغسله نهارا إن لم تكن سوداء أو عينها ( والحفاف ) المحرم عليها إنما نتف شعر وجهها فأما حلقه وحفه فمباح عند أصحابنا قاله في المطلع وفيه قول وهو سهو ( واسفيداج العرائس ) وهو شيء معروف يعمل من الرصاص ذكره الأطباء إذا دهن به الوجه يربو ويبرق ( وتحمير الوجه ) بالحمرة ( ونحوه ) أي ونحو ذلك مما فيه زينة وتحسين
فائدة لها التنظيف بغسل وأخذ شعر وظفر وتدهن بدهن غير مطيب ولا تدهن رأسها ولها غسله بماء وسدر وخطمي لا بحناء ( ولا يحرم عليها الأبيض من الثياب سواء ) كان من قطن أو كتان أو صوف أو إبرسيم وإن كان حسنا لأن حسنه من أصل خلقته فلا يلزم تغييره
____________________
1-
(8/142)
ولا الملون لدفع الوسخ كالكحلي ونحوه وقال الخرقي وتجتنب النقاب فصل وتجب عدة الوفاة في المنزل الذي وجبت فيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وظاهره ولو كان معدا للزينة وفيه وجه ( ولا الملون لدفع الوسخ كالكحلي ونحوه ) كالأسود لأن الصبغ لدفع الوسخ لا لحسنه لأنه ليس بزينة ( وقال الخرقي وتجتنب النقاب ) وما في معناه كالبرقع ونحوه لأن المعتدة شبيهة بالمحرمة فإن احتاجت إليه سدلته على وجهها كمحرمة والمذهب المنصوص عليه أن لها أن تنتقب لأنه ليس في معنى المنصوص وإنما منعت المحرمة لأنها ممنوعة من تغطية وجهها بخلاف الحادة ولأن المحرمة يحرم عليها لبس القفازين ويجوز لها لبس سائر الثياب بخلاف الحادة ولأن المبتوتة لا يحرم عليها النقاب وإن وجب عليها الإحداد فكذا المتوفى عنها وظاهره أن الزينة تباح في غير ذلك من الفرش وآلة البيت وأثاثه وإن تركت الواجب أتمت وتمت عدتها بمضي الزمن كالصغيرة فصل
( وتجب عدة الوفاة في المنزل الذي وجبت فيه ) لا غير روي عن عمر وابنه وابن مسعود وأم سلمة وغيرهم لقوله عليه السلام لفريعة امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله فاعتددت أربعة أشهر وعشرا فلما كان عثمان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به رواه مالك وأحمد وأبو داود وصححه الترمذي وقال جابر بن زيد والحسن وعطاء تعتد حيث شاءت ورواه البيهقي عن علي وابن عباس وعائشة وجوابه ما سبق وسواء كان المنزل لزوجها أو غيره فإن أتاها الخبر في غير مسكنها رجعت إليه فاعتدت فيه وقال ابن المسيب والنخعي لا تبرح من مكانها الذي أتاها
____________________
1-
(8/143)
إلا أن تدعو ضرورة إلى خروجها منه بأن يحولها مالكه أو تخشى على نفسها فتنتقل ولا تخرج ليلا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فيه نعي زوجها وجوابه امكثي في بيتك واللفظ الآخر قضية في عين ولا عموم لها ولا يمكن حمله على العموم فإنه قد يأتيها الخبر وهي في السوق والطريق والبرية ولا يلزمها الاعتداد فيه قال أحمد في رواية ابن هانىء وسئل عن امرأة مات زوجها وهي مريضة أتتحول إلى بيت أمها قال لا يجوز إلا أن تدعو ضرورة إلى خروجها منه بأن يحولها مالكه أو تخشى على نفسها أو لم تجد ما تكتري به إلا من مالها أو طلب به أكثر من أجرة مثله ذكره في المغني ( فتنتقل ) لأنها حالة عذر فإن تعذرت السكنى سكنت حيث شاءت اختاره القاضي والمؤلف وذكر أبو الخطاب أنها تنتقل إلى أقرب ما يمكنها النقلة إليه وقطع به في المحرر والمستوعب والوجيز وقدمه في الفروع كنقل الزكاة في موضع لا يجد فيه أهل السهمان وجوابه أن الواجب سقط كما لو سقط الحج للعجز عنه ويفارق أهل السهمان فإن القصد نفع الأقرب فلو اتفق الوارث والمرأة على نقلها لم يجز لأن السكنى هنا حق لله تعالى بخلاف سكنى النكاح لكن لهم نقلها لطول لسانها وأذاهم بالسب ونحوه وهو قول الأكثر لقوله تعالى { لا تخرجوهن من بيوتهن } وهي ( 1 ) اسم للزنى و غيره من الأقوال الفاحشة وقيل ينتقلون هم وفي الترغيب وهو ظاهر كلام جماعة إن قلنا لا سكنى لها فعليها الأجرة وأنه ليس للورثة تحويلها منه وظاهر المغني وغيره خلافه ( ولا تخرج ليلا ) لما روى مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
____________________
1-
(8/144)
ولها الخروج نهارا لحوائجها وإن إذن لها زوجها في النقلة إلى بلد للسكنى فيه فمات قبل مفارقة البنيان لزمها العود إلى منزلها وإن مات بعده فلها الخيار بين البلدين وإن سافر بها فمات في الطريق وهي قريبة لزمها العود وإن تباعدت خيرت بين البلدين وإن أذن لها في الحج (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تحدثن عند إحداكن حتى إذا أردتن النوم فلتأت كل واحدة إلى بيتها ولأن الليل مظنة الفساد وظاهره ولو لحاجة وهو وجه وقيل بلى وظاهر الواضح مطلقا ( ولها الخروج نهارا لحوائجها لأنه موضع حاجة قال الحلواني مع وجود من يقضيها وقيل مطلقا نص عليه نقل حنبل تذهب بالنهار ونقل أبو داود لا تخرج قلت بالنهار قال بلى لكن لا تبيت قلت بعض الليل قال تكون أكثره ببيتها ( وإن أذن لها زوجها في النقلة إلى بلد السكنى فيه فمات قبل مفارقة البنيان لزمها العود إلى منزلها ) لأنها مقيمة بعد والاعتداد في منزل الزوج واجب ( وإن مات بعده فلها الخيار بين البلدين ) على المذهب لتساويهما ولأن في وجوب الرجوع مشقة وقيل بلى في الثاني كما لو وصلته وهكذا حكم ما لو أذن لها في النقلة من دار إلى أخرى وسواء مات قبل نقل متاعها من الدار أو بعده لأنه مسكنها ما لم تنتقل عنه ( وإن سافر بها فمات في الطريق وهي قريبة لزمها العود ) لأنها في حكم الإقامة ( وإن تباعدت ) أي بعد مسافة القصر ( خيرت بين البلدين ) لتساويهما وكل موضع يلزمها السفر فهو مشروط بوجود محرم يسافر معها للخبر ( وإن أذن لها في الحج ) نقول المعتدة ليس لها الخروج لحج ولا غيره روي عن عمر وعثمان وقاله الأكثر فإن خرجت فمات في الطريق رجعت إن كانت قريبة لأنها في حكم الإقامة وإن تباعدت مضت في سفرها ولأنه أمكنها الاعتداد في منزلها قبل أن تبعد فلزمها كما لو لم تفارق البنيان
____________________
1-
(8/145)
فأحرمت به ثم مات فخشيت فوات الحج مضت في سفرها وإن لم تخش وهي في بلدها أو قريبة يمكنها العود أقامت لتقضي العدة في منزلها وإلا مضت في سفرها وإن لم تكن أحرمت أو أحرمت بعد موته فحكمها حكم من لم يخش الفوات (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فإن اختارت البعيدة الرجوع فلها ذلك إذا كانت تصل إلى منزلها في عدتها ومتى كان عليها في الرجوع خوف أو ضرر فلها المضي في سفرها كالبعيدة ومتى رجعت وقد بقي عليها شيء من عدتها لزمها أن تأتي به في منزل زوجها بغير خلاف بينهم لأنه أمكنها الاعتداد فهو كما لو لم تسافر منه ( فأحرمت به ثم مات فخشيت فوات الحج مضت في سفرها ) سواء كان حجة الإسلام أو غيرها أحرمت بها قبل موته فإن لم يمكن الجمع لزمها المضي فيه وذكره في التبصرة عن أصحابنا ولأنهما عبادتان استوتا في الوجوب وضيق الوقت فوجب تقديم الأسبق منهما كما لو سبقت العدة ولأن الحج آكد لأنه أحد أركان الإسلام والمشقة بتفويته تعظم فوجب تقديمه وفي المحرر هل تقدم مع القرب العدة أو أسبقهما فيه روايتان وإن أمكن لزمها العود ذكره المؤلف وغيره وفي المحرر تخير مع البعد وتتم تتمة العدة في منزلها إن عادت تعد الحج وتتحلل لفوته بعمرة وإن أحرمت بعد موته وخشيت فواته فاحتمالان ( وإن لم تخش وهي في بلدها أو قريبة يمكنها العود أقامت لتقضي العدة في منزلها ) لأنه أمكنها الجمع بين الحقين من غير ضرر الرجوع فلم يجز إسقاط أحدهما ( وإلا مضت في سفرها ) أي إذا لم تكن في بلدها ولا قريبة منه لأن في الرجوع عليها مشقة وحرجا وهو منتف شرعا وإن لم تكن أحرمت أو أحرمت بعد موته فحكمها حكم من لم يخش الفوات لأن العدة سابقة على الإحرام والسابق هو المقدم
فرع لا سكنى للمتوفى عنها إذا كانت حائلا رواية واحدة وإن كانت
____________________
1-
(8/146)
وأما المبتوتة فلا تجب عليها العدة في منزله وتعتد حيث شاءت نص عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + حاملا فروايتان لأن الله جعل لها ثمن التركة أو ربعها وجعل باقيها للورثة والمسكن من التركة فوجب ألا تستحق منه أكثر من ذلك وأما إذا كانت حاملا وقلنا لها السكنى فلأنها حامل من زوجها قياسا على المطلقة وإن قلنا لا سكنى لها فتبرع الوارث أو غيره بسكناها لزمها السكنى به وإن قلنا لها السكنى ضربت بقدر أجرته مع الغرماء والحامل تضرب بأقل مدته وإن رجعت فله دون الفضل على الغرماء وإن وضعت لأكثرها رجعت عليهم بالنقص ( وأما المبتوته ) مطلقا ( فلا تحب عليها العدة في منزله ) لما روت فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها بشيء فسخطته فقال والله مالك علينا من شيء فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال لها ليس لك عليه نفقة ولا سكنى وأمرها أن تعتد عند أم شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي في بيت أم مكتوم متفق عليه وإنكار عمر وعائشة ذلك يجاب عنه ( وتعتد حيث شاءت نص عليه ) إذا كان مأمونا قال أصحابنا سواء قلنا لها السكنى أو لا بل يتخير الزوج بين إقرارها في موضع طلاقها وبين نقلها إلى مسكن مثلها لحديث فاطمة والمستحب إقرارها لقوله تعالى { لا تخرجوهن من بيوتهن } وعنه تعتد حيث كانت ساكنة وقت الفرقة ولا تثبت في غيره ولا تفارق البلد على الأصح فيهما وعنه هي كمتوفى عنها وإن شاء إسكانها في منزله أو غيره إن صلح لها تحصينا لفراشه ذكره القاضي وغيره وإن لم تلزمه كمعتدة لشبهة أو نكاح فاسد أو مستبرأة لعتق وظاهر
____________________
1-
(8/147)
باب في استبراء الإماء ويجب الاستبراء في ثلاثة مواضع أحدها إذا ملك أمة لم يحل له وطؤها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كلام جماعة لا يلزمها وقال الشيخ تقي الدين إن شاء وأنفق عليها فله ذلك وإن سكنت علو دار وسكن بقيتها وبينهما باب مغلق أو معها محرم جاز ورجعية في لزوم المنزل كمتوفى عنها نص عليه
تذنيب له الخلوة مع زوجته وأمته ومحرم أحدهما وقيل مع زوجته فأكثر قال في الترغيب وأصله النسوة المنفردات هل لهن السفر مع أمن بلا محرم وقال الشيخ تقي الدين يحرم سفره بأخت زوجته ولو معها ولا يخلو الأجنبي بأجنبيات ويتوجه وجه قال القاضي من عرف بالفسق منع من الخلوة بأجنبية والأشهر يحرم مطلقا إجماعا وفي آداب صاحب النظم أنه تكره الخلوة بالعجوز وهو غريب وإطلاق الأصحاب تحريم الخلوة بمن لعورته حكم فأما من لا عورة له كدون سبع فلا تحريم وله إرداف محرم ويتوجه في غيرها مع الأمن وعدم سوء الظن خلاف & باب في استبراء الاماء &
الاستبراء بالمد طلب براءة الرحم كالاستعطاء والاستمناء طلب العطاء والمني وخص هذا بالأمة للعمل ببراءة رحمها من الحمل والحرة وإن شاركت الأمة في هذا الغرض فهي مفارقة لها في التكرار فلذلك يستعمل فيها لفظ العدة ( ويجب الاستبراء في ثلاثة مواضع أحدها إذا ملك أمة ) تحل له ومثلها يوطأ لمثله قاله في الرعاية ( لم يحل له وطؤها ) حتى يستبرئها
____________________
1-
(8/148)
ولا الاستمتاع بها بمباشرة ولا قبلة حتى يستبرئها إلا المسبية هل له الاستمتاع بها فيما دون الفرج على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بكرا كانت أو ثيبا صغيرة كانت أو كبيرة ممن تحمل أو لا في قول أكثر العلماء وقال ابن عمر لا يجب استبراء البكر ذكره البخاري لأن الغرض بالاستبراء معرفة براءتها من الحمل وهذا معلوم في البكر وقال الليث إن كانت ممن لا تحمل لم يجب استبراؤها وجوابه ما رواه أحمد وأبو داود والبيهقي بإسناد جيد وفيه شريك القاضي عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض وعن رويفع ابن ثابت مرفوعا فلا يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها بحيضة رواه أبو داود وقوله بحيضة ليس بمحفوظ ورواه الترمذي وغيره ولفظه لا يسقي ماؤه زرع غيره وإسناده حسن وقال أحمد بلغني أن العذراء تحمل ولأنه يفضي إلى اختلاط المياه وفساد الأنساب ( ولا الاستمتاع بها بمباشرة ولا قبلة ) ونظر لشهوة ( حتى يستبرئها رواية واحدة قاله في الشرح لأنه لا يأمن أن تكون حاملا من مالكها الأول فتكون أم ولد فيحصل الاستمتاع بأم ولد غيره وبهذا فارق الحيض وعنه لا يحرم إلا بالوطء ذكره في الإرشاد واختاره في الهدي واحتج بجواز الخلوة والنظر وأنه لا يعلم في جواز هذا نزاعا ( إلا المسبية هل له الاستمتاع بها فيما دون الفرج على روايتين إحداهما تحرم مباشرتها والنظر إليها لشهوة في ظاهر الخرقي وقدمه في الرعاية والفروع قال في الشرح هو الظاهر عن أحمد لأنه استبراء يحرم الوطء فحرم دواعيه كالعدة وكالمبيعة والثانية لا يحرم لفعل ابن عمر ولأنه لا يخشى انفساخ ملكه لها بحملها فلا يكون مستمتعا إلا
____________________
1-
(8/149)
سواء ملكها من صغير أو كبير أو رجل أو امرأة وإن أعتقها قبل استبرائها لم يحل له نكاحها حتى يستبرئها ولها نكاح غيره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بمملوكه والأول أصح قاله في المغني وقال حديث ابن عمر لا حجة فيه لأنه ذكره على سبيل العيب على نفسه لقوله فقمت إليها فقبلتها والناس ينظرون فأن كانت غير المسبية آيسة أو صغيرة لا تحيض فهل له التلذذ بلمسها وتقبيلها في زمان الاستبراء فيه روايتان وإن كانت حاملا حرم ذلك في الصحيح من المذهب وظاهر أن فيه قولا آخر أنه يباح وعنه لا استبراء لمن لا تحيض لصغر أو تأخر حيض أو إياس قاله في الرعاية ( سواء ملكها من صغير أو كبير أو رجل أو امرأة ) أو مجبوب أومن رجل قد استبرأها ثم لم يطأها لحديث أبي سعيد ولأنه يجب للملك المتجدد وذلك موجود في كل واحد منهما ولأنه يجوز أن تكون حاملا من غير البائع فوجب استبراؤها كالمسبية من امرأة وعنه لا يلزم مالكا من طفل أو امرأة كامرأة على الأصح وعنه وطفل وعنه لا يلزم في مسبية ذكره الحلواني وفي الترغيب وجه لا يلزم في إرث وخالف الشيخ تقي الدين في بكر كبيرة أو آيسة ( وإن أعتقها قبل استبرائها لم يحل له نكاحها حتى يستبرئها ) فلو خالف وفعل لم يصح لأن النكاح يراد للوطء وذلك حرام وقال الحنفية له ذلك ويروي أن الرشيد اشترى جارية فأفتاه أبو يوسف بذلك أي يعتقها ويتزوجها ويطؤها قال الإمام أحمد ما أعظم هذا أبطلوا الكتاب والسنة فإن كانت حاملا كيف يصنع وهذا لا يدري أهي حامل أم لا ما أسمج هذا وعنه يصح ولا يطأ لما ذكرنا وعنه يتزوجها إن كان بائعها استبرأ ولم يطأ صححه في المحرر وغيره ولها نكاح غيره
____________________
1-
(8/150)
إن لم يكن بائعها يطؤها والصغيرة التي لا يوطا مثلها هل يجب استبراؤها على وجهين وإن اشترى زوجته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إن لم يكن بائعها يطؤها ) لأنها حرة لم تكن فراشا فكان لها نكاح غير معتقها كما لو أعتقها مالكها وعبر المؤلف بالبائع لأن البيع أغلب من غيره وظاهره أنه ليس له ذلك إن كان البائع يطؤها لما فيه من اختلاط المياه واشتباه الأنساب والتمكين من وطء امرأة لا يعلم براءة رحمها والفرق بين الموطوءة وغيرها أن الموطوءة فراش فلم يحل وطؤها حتى يعلم براءة رحمها كزوجة الغير وغير الموطؤة فإنها ليست فراشا فلم يتوقف على ذلك وبين المشتري وغيره أن المشتري لا يحل له وطؤها بملك اليمين فكذا النكاح لأنه يتخذ حيلة لإبطال الاستبراء والحيل كلها خداع باطلة ( والصغيرة التي لا يوطأ مثلها هل يجب استبراؤها على وجهين ) كذا أطلق الخلاف في المحرر والفروع وحكياه روايتين إحداهما يجب وهو ظاهر كلامه في أكثر الروايات عنه فإنه قال تستبرأ وإن كانت في المهد وتحرم مباشرتها كالكبيرة لأن الاستبراء يجب عليها بالعدة كذلك هذا والثانية لا يجب وجزم به في الوجيز وصححه في الشرح واختاره ابن أبي موسى لأن سبب الإباحة متحقق وليس على تحريمها دليل فإنه لا نص فيه ولا هو في معنى المنصوص ولا يراد لبراءة الرحم ولا يوجد الشغل في حقها ( وإن اشترى زوجته ) لم يلزمه استبراء لأنها فراش له لكن يستحب ذلك ليعلم هذا الولد من النكاح ليكون عليه ولاؤه لأنه عتق بملكه ولا تصير به أم ولد وأوجبه بعض أصحابنا لتجدد الملك قاله في الروضة قال ومتى ولدت لستة أشهر فأكثر فأم ولد أنكر الولد بعد أن يقر بوطئها لا لأقل
____________________
1-
(8/151)
أو عجزت مكاتبته أو فك أمته من الرهن أو أسلمت المجوسية أو المرتدة أو الوثنية أو التي حاضت عنده أو كان هو المرتد فأسلم أو اشترى مكاتبه ذوات رحمه فحضن عنده ثم عجز (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + منها ولا مع دعوى استبراء وكذا لو اشترى مطلقته دون الثلاث لم يجب وله وطؤها وقيل يكره ( أو عجزت مكاتبته ) حلت لسيدها بغير استبراء لأنه لم تزل ملكه ( أو فك أمته من الرهن ) حلت بغير خلاف لأن الاستبراء إنما شرع لمعنى مظنة تجديد الملك فلا يشرع مع تخلف المظنة والمعنى ( أو أسلمت المجوسية أو المرتدة أو الوثنية أو التي حاضت عنده ) فإنها تحل وهذا هو الأصح لأن الملك لم يتجدد بالإسلام ولا أصاب واحدة منهن وطء غير فلم يلزمه استبراء أشبه ما لو حلت المحرمة من إمائه والآخر لا تحل له حتى يجدد استبراءها بعد إسلامها لأن ملكه تجدد على استمتاعها أشبه ما لو تجدد ملكه على رقبتها وجوابه أن الاستبراء إنما وجب كي لا يفضى إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب ومظنة ذلك تجديد الملك على رقبتها ولم يوجد أما إذا ملكهن قبل الاستبراء لم تحل له واحدة منهن حتى يستبرئها أو تتم ما بقي من استبرائها ومفهوم كلامه أن من ذكر إذا لم يحضن عنده أنه لا يجوز للمشتري الوطء قبل الاستبراء وصرح به في المغني وغيره لدخوله في عموم الأخبار ولأن ذلك تجديد ملك لم يحصل فيه استبراء فلم يحل الوطء فيه كالمسلمة ( أو كان هو المرتد فأسلم ) فهي حلال بغير استبراء لأن إسلامه لم يتجدد له به ملك أشبه إسلام المرتدة ( أو اشترى مكاتبة ذوات رحمه فحضن عنده ثم عجز ) حلت للسيد بغير استبراء ذكره أصحابنا لأنه يصير حكمها حكم المكاتب إن رق رقت وإن عتق عتقت والمكاتب عبد ما بقي
____________________
1-
(8/152)
أو اشترى عبده التاجر أمة فاستبرأها ثم أخذها سيده حلت من غير استبراء وإن وجد الاستبراء في يد البائع قبل القبض أجزأ ويحتمل ألا يجزىء وإن باع أمته ثم عادت بفسخ أو غيره بعد القبض وجب استبراؤها وإن كان قبله فعلى روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عليه درهم وفي الوجه يجب الاستبراء صححه في المحرر للعموم وظاهره أن المكاتب إذا اشترى غير محارمه ثم عجز لاتحل له بغير استبراء وصرح به في الكافي وغيره لأنه ليس للسيد ملك على ما في يد مكاتبه ولأنه تجدد له ملك ( أو اشترى عبده التاجر أمة فأستبرأها ثم أخذها سيده ) أي بعد استبرائها ( حلت له من غير استبراء ) لأن ملكه ثابت على ما في يد عبد وقيل إن كان عليه دين قضاه سيده ثم استبرأها لنفسه ( وإن وجد الاستبراء في يد البائع قبل القبض أجزأ ) في أظهر الوجهين لأن الملك ينتقل به ( ويحتمل ألا يجزىء ) لأن القصد معرفة براءة رحمها من ماء البائع ولا يحصل ذلك مع كونها في يده وعنه لا يجزىء إلا في الموروثة ويكفي قبض الوكيل على الأصح فلو ملك بعضها ثم ملك باقيها لم يحتسب إلا من حين ملك باقيها فإن ملكها ببيع خيار فهل يجزىء استبراؤها إذا قلنا ينقل الملك على وجهين وان كان المبيع معيبا فابتداؤه من حين البيع لأن العيب لا يمنع نقل الملك بغير خلاف ( وإن باع امته ثم عادت إليه بفسخ أو غيره بعد القبض وجب استبراؤها ) أي حيث انتقل الملك لأنه تجديد ملك سواء كان المشتري لها رجلا أو امرأة ( وأن كان قبله فعلى روايتين ) قال ابن هبيرة أظهرهما أنه يجب لأنه تجديد ملك والثانية لا وهي قول أكثر العلماء لأنه لا فائدة في الاستبراء مع يقين البراءة وكما لو اشتراها منه امرأة ولو فسخ كخيار شرط وقلنا يمنع نقل الملك لم يلزمه استبراء وإن قبضت منه قاله في المحرر ويكفي استبراء من ملك بشراء ووصية وغنيمة
____________________
1-
(8/153)
وإن اشترى أمة مزوجة فطلقها الزوج قبل الدخول لزم استبراؤها وإن كان بعده لم يجب في احد الوجهين الثاني إذا وطئ أمته ثم أراد تزوجها لم يجز حتى يستبرئها وإن أراد بيعها فعلى روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وغيرها قبل قبض ( وإن اشترى أمة مزوجة فطلقها الزوج قبل الدخول لزم استبراؤها ) نص عليه وقال هذه حيلة وضعها بعضهم لأنه تجديد ملك كما لو لم تكن مزوجة ولأن إسقاطه هنا ذريعة إلى إسقاطه في حق من أراد إسقاطه بأن تزوجها عند بيعها ثم يطلقها زوجها بعد تمام البيع والحيل حرام وكذا لو اشترى مطلقة قبل الدخول فإن طلقت بعد الدخول أو مات زوجها قبله أو بعده أو اشترى معتدة ففي وجوب الاستبراء بعد العدة وجهان أحدهما لا يجب لأن براءتها قد علمت بها والثاني بلى كالعدتين من رجلين ( وإن كان بعده لم يجب في أحد الوجهين ) صححه ابن المنجا وهو ظاهر الوجيز لأن الاستبراء لبراءة رحمها وذلك حاصل بالعدة كما لو عتقت والثاني يجب لما سبق
فرع إذا زوج أمته فطلقت لم يلزمه استبراء إلا إن كان دخل بها أو مات فإنها تعتد ( الثاني إذا وطئ أمته ثم أراد تزويجها لم يجز حتى ستبرئها ) وجها واحدا لأن الزوج لا يلزمه استبراء فيفضي إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب وعنه يصح بدونه ولا يطأ الزوج قبله نقله الأثرم وغيره وجوابه أنها فراش لسيدها فلم يجز أن تنتقل إلي فراش غيره بغير استبراء كما لو مات عنها ( وان أراد بيعها ) ونحوه ( فعلى روايتين ) كذا أطلقها في الفروع إحداهما يجب صححها في الشرح فيما إذا كانت تحمل لأن عمر أنكر على عبد الرحمن بن عوف باع جارية له كان يطؤها قبل استبرائها
____________________
1-
(8/154)
وإن لم يطأها لم يلزمه استبراؤها في الموضعين الثالث إذا أعتق أم ولده أو أمة كان يصيبها أو مات عنها لزمها استبراء نفسها إلا أن تكون مزوجة أو معتدة فلا يلزمها استبراء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولأنه يجب على المشتري لحفظ مائه فكذلك البائع ولأنه قبل الأستبراء مشكوك في صحة البيع وجوازه لاحتمال أن تكون أم ولد وحينئذ يجب الأستبراء لإزالة الاحتمال فعلى هذا في صحة البيع روايتان جزم في الشرح بصحته في الظاهر لأن الأصل عدم الحمل والثانية لا يجب قدمها في المحرر وجزم بها في الوجيز وهي قول الأكثر لأنه يجب على المشتري فأغنى عن استبراء البائع قال في المغني وذكر أصحابنا الروايتين في كل أمة يطؤها من غير تفريق بين الآيسة وغيرها والأولى انه لا يجب في الآيسة لان علة الوجوب احتمال الحمل وهو بعيد والأصل عدمه فلا يثبت به حكما بمجرده والثالثة يلزمه ولو لم يطأ ذكرها أبو بكر في مقنعة واختارها ونقل حنبل فإن كانت البائعة امرأة قال لا بد أن يستبرئها وما يؤمن أن تكون قد جاءت بحمل وهو ظاهر ما نقله جماعة ( وان لم يطأها لم يلزمه استبراؤها في الموضعين ) لانه قد حصل يقين براءتها منه ( الثالث إذا اعتق أم ولده أو أمة كان يصيبها أو مات عنها لزمها استبراء نفسها ) لان كل واحدة منهما موطوءة وطئا له حرمة فلزمها استعلام براءة رحمها كالموطوءة بشبهة ( إلا أن تكون مزوجة أو معتدة أو فرغت عدتها من زوجها فاعتقها واراد تزويجها قبل وطئها ( فلا يلزمها استبراء ) لانه زال فراشه عنها قبل وجوب الاستبراء كما لو طلق امرأته قبل دخوله بها وكذا لو أراد تزويجها أو استبرأ بعد وطئه ثم اعتقها أو باعها فأعتقها مشتر قبل وطئها فإن بانت من الزوج قبل الدخول بطلاق أو بانت زوجها أو طلاقه بعد الدخول
____________________
1-
(8/155)
وإن مات زوجها وسيدها ولم يعلم السابق منهما وبين موتهما أقل من شهرين وخمسة أيام لزمها بعد موت الآخر منهما عدة الحرة من الوفاة حسب وإن كان بينهما أكثر من ذلك أو جهلت المدة لزمها بعد موت الآخر منهما أطول الأمرين من عدة الحرة أو الاستبراء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فأتمت عدتها ثم مات سيدها لزمها الاستبراء لأنها عادت ألي فراشه ونقل ابن القاسم وسندي انه لا استبراء ان لم يطأ لزوال فراشه بتزويجها ( وان مات زوجها وسيدها ولم يعلم السابق منهما ) او علم ثم نسي ( وبين موتها اقل من شهرين وخمسة أيام لزمها بعد موت الأخر منهما عدة الحرة من الوفاة حسب ) لان السيد ان كان مات أولا فقد مات وهي زوجة وان كان مات آخرا فقد مات وهي معتدة ولا استبراء عليها على التقديرين وفي الواضح تعتد بأربعة اشهر وعشرة أيام فيها حيضة في ظاهر المذهب لانه يحتمل أن يكون السيد مات أولا فيجب عليها عدة حرة ويحتمل أن يكون الزوج اسبق فيجب عليها حيضة فجمعنا بينهما احتياطا وعلى الرواية بان أم الولد تعتد بثلاث حيضات هنا مثله وقول المؤلف بعد موت الأخر معناه إن عدة الوفاة يجب أن يكون ابتداؤها بعد موت الآخر موتا لأنها لا تعلم خروجها من عهدة العدة بيقين ألا بذلك لان الزوج أن كان الميت آخرا فالعدة واجبة من ذلك الوقت فالخروج عن العهدة بيقين لا يحصل إلا بالاعتداد من موت الأخر ( وان كان بينهما اكثر من ذلك أو جهلت المدة لزمها بعد موت الأخر منهما أطول الأمرين من عدة الحرة أو الاستبراء ) لانه يحتمل أن الزوج مات أخرا فعليها عدة الحرة ويحتمل أن السيد مات آخرا فعليها الاستبراء بحيضة فوجب الجمع بينهما ليسقط الفرض بيقين قال ابن عبد البر على هذا جميع القائلين بأن عدة أم الولد من سيدها حيضة ومن زوجها شهران وخمسة
____________________
1-
(8/156)
وإن اشترك رجلان في وطء أمة لزمها استبراآن فصل والاستبراء يحصل بوضع الحمل إن كانت حاملا أو بحيضة إن كانت ممن تحيض أو بمضي شهر إن كانت صغيرة أو آيسة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أيام وعنه تعتد أم ولد بموت سيدها لوفاة كحرة وعنه كأمة وان ادعت موروثة تحريمها على وارث بوطء موروثه ففي تصديقها وجهان
فرع لا ترث من الزوج لأنه الأصل فلا ترث مع الشك وإيجاب العدة استظهارا لا ضرر فيه على غيرها بخلاف الإرث وان اشترك رجلان في وطء أمة لزمها استبرا آن استبراء منهما حقان مقصودان لآدميين فلم يدخل أحدهما في الآخر كانعدتين واختار ابن حمدان استبراء واحد لآن القصد به معرفة براءة الرحم وصرح به في الشرح فقال إذا كانت الآمة لرجلين فوطئاها ثم باعاها لآخر أجرأ استبراء واحد لأته تحصل به براءة الرحم فلو أعتقاها لزمها استبرا آن لأن وجوبه في حق المعتدة معلل بالوطء وقد وجد من اثنين وفي مسألتنا معلل بتجديد الملك والملك واحد فصل
( والاستبراء يحصل بوضع الحمل ان كانت حاملا ) للآية والخبر والمعنى ( أو بحيضة ان كانت من تحيض ) لا ببقيتها وفي لفظ حتى تستبرأ حيضة وتصدق في حيض فلو أنكرته فقال أخبرتني به فوجهان ووطؤه في مدة الاستبراء حرام ولا يقطعه وان أحبلها فيه استبرئت بوضعه وان أحبلها في الحيضة حلت في الحال لآن ما مضى حيضة ( أو بمضي شهر ان كانت صغيرة أو آيسة ) قدمه في المحرر و الفروع وجزم به في الوجيز
____________________
1-
(8/157)
وعنه بثلاثة أشهر اختاره الخرقي وإن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه فبعشرة أشهر نص عليه وعنه في أم الولد إذا مات سيدها اعتدت أربعة أشهر وعشرا والأول أصح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لآن الشهر أقيم مقام الحيضة في عدة الحرة والآمة وكذا بالغة لم تحض فان حاضت فيه اعتدت بحيضة ( وعنه بثلاثة أشهر ) نقلها الجماعة ( اختاره الخرقي ) وبن عقيل قال في الكافي وهي أظهر وقال ابن حمدان وهي أولى قال أحمد وانما قلنا بثلاثة أشهر من اجل الحمل فان عمر بن عبد العزيز سأل عن ذلك جمعأ من أهل العلم والقوابل فأخبروه أن الحمل لا يتبين في أقل من ثلاثة اشهر فآما شهر فلا معنى ولا نعلم به قائلا وعنه بشهرين وعنه بشهر ونصف كالآمة المطلقة ( وان ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه فبعشرة أشهر ونصف علية ) لآن مدة التربص تسعة أشهر والشهر العاشر بدل الحيضة وقيل ونصف وقيل بأحد عشر شهرا وعنه بسنة كالآيسة والفرق أن اعتبار تكرارها في الآيسة لتعلم براءتها منه بسنة بمضي غالب مدته فجعل أحمد الشهر مكان الحيضة على وفق القياس و ظاهره أنها إذا علمت ما رفعه فعه فإنها تعتد كحرة وعنه في أم الولد إذا مات سيدها اعتدت أربعة أشهر و عشرأ ) وقال الثوري وإسحاق وروى أبو داود وابن ماجة والدارقطني والبيهقي عن قبيصة بن ذؤيب عن عمرو بن العاص قال لا تفسدوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشر قال الدارقطني الصواب أنه موقوف وهو مرسل لآن قبيضة لم يسمع من عمرو ومارية اعتدت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث حيض رواه البيهقي وقال هو منقطع ( والأول أصح ) آي تستبرأ بحيضة رواه مالك عن نافع عن ابن عمر وقال ذلك الأمر عندنا وقال ابن المنذر ضعف أحمد وأبو عبيد حديث عمرو ولان الغرض براءة رحمها وهو يحصل بحيضة وعنه بشهرين وخمسة
____________________
1-
(8/158)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أيام قال المؤلف ولا أظنها صحيحة وروي ذلك عن عطاء وطاووس وقتادة كما لو مات عن زوجته الآمة ثم عتقت بعد موته وجوابه أنه استبراء لزوال الملك عن الرقبة فكانت حيضة في حق من تحيض كسائر استبراء المعتقات المملوكات وانما لم يعتبر استبراء الزوجة لآن له نفي الولد باللعان ذكره ابن عقيل عن أبي بكر الشاشي
مسألة إذا اشترى جارية فظهر بها حمل لم يخل من خمسة أحوال
1 أن يكون البائع أقر بوطئها عند البيع أو قبله وأتت به لدون ستة أشهر أو يكون البائع ادعاه وصدقه المشتري فهو ولد البائع والبيع باطل
2 أن يكون كل واحد منهما استبرأها وآنت به لأكثر من ستة أشهر من حين وطئها المشتري فالولد للمشتري وهي أم ولده
3 أن تأتي به لأكثر من ستة أشهر بعد استبراء أحدهما ولأقل من ستة أشهر منذ وطئها المشتري فلا يلحق واحدا منهما ويكون ملكا للمشتري ولا يملك فسخ البيع لآن الحمل تجدد في ملكه ظاهرا
4 أن تأتي به بعد ستة أشهر منذ وظئها المشتري قبل استبرائها فنسبه لاحق بالمشتري فان ادعاه البائع فأقره المشتري لحقه وبطل البيع وان كذبه فالقول قول المشتري وان ادعاه كل منهما عرض على القافة
5 أتت به لأقل من ستة أشهر منذ باعها ولم يكن أقر بوطئها فالبيع صحيح في الظاهر والولد مملوك للمشتري فان ادعاه البائع فالحكم على ما ذكرنا في القسم الثالث والله أعلم بالصواب
____________________
1-
(8/159)
= كتاب الرضاع = يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وإذا حملت المرأة من رجل يثبت نسب ولدها منه فثاب لها لبن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب الرضاع =
الرضاع بفتح الراء و كسرها مصدر رضع الثدي إذا مصه بفتح الضاد و كسرها قال ابن الأعرابي الكسر أفصح و له سبع مصادر و قال المطرزي في شرحه امرأة مرضع إذا كانت ترضع و لدها ساعة بعد ساعة وامرأة مرضعة إذا كان ثديها في في و لدها قال ثعلب و يدل عليه قوله تعالى { تذهل كل مرضعة عما أرضعت } و قيل المرضعة الأم و المرضع التي معها صبي ترضعه و الولد رضيع وراضع و شرعا وصول لبن آدمية الى جوف صغير الحي و أولى منه مص لبن ثاب من حمل من ثدي امرأة أو شربة و نحوه وأصل التحريم ثابت بالإجماع و سنده قوله تعالى { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } و الأحاديث شهيرة بذلك و قد ثبت تحريم الأم و الأخت بالنص و تحريم البنت وغيرها ثبت بالسنة و لأنها إذا حرمت الأخت فالبنت أولى يحرم من الرضاع ما يجرم من النسب قال النبي صلى الله عليه وسلم حين أراد علي ابنه حمزة فقال إنها لا تحل لي إنها لابنة أخي من الرضاعة و يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب متفق عليه من حديث أبن عباس و عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الرضاع يحرم ما تحرم الولادة متفق عليه و إذا حملت المرأة من رجل يثبت نسب ولدها مني أي يكون لاحقا بالواطىء يحترز بذلك عن الولد المنفي باللعان و نحوه فثاب لها لبن يخرج
____________________
1-
(8/160)
فأرضعت به طفلا صار ولدا لهما في تحريم النكاح وإباحة النظر والخلوة وثبوت المحرمية وأولاده وإن سفلوا أولاد ولدهما وصار أبويه وآباؤهما أجداده وجداته واخوة المرأة وأخواتها أخواله وخالاته واخوة الرجل وأخواته أعمامه وعماته وتنتشر حرمة الرضاع من المرتضع الى أولاده وأولاد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بذلك ما لو كان لها لبن من غيره فإنه لا يكون و لدا للرجل لأن اللبن ليس منه فأرضعت به طفلا صار و لدا لهما أي للمرضعة بغير خلاف و كذا لمن ينسب الحمل إليه في تحريم النكاح لأن الله تعالى عطف الأم من الرضاع على المحرمات نكاحهن من النسب وإباحة النظر والخلوة لأن الأم من الرضاع محرمة على التأبيد أشبهت الأم من النسب و ثبوت المحرمية لأنها فرع على التحريم إذا كان بسبب مباح و في ذلك إشعار بأنه لا يصير و لدا في شئ من بقية أحكام النسب من النفقة والعتق ورد الشهادة و غير ذلك لآن النسب أقوى منه فلا يقاس عليه و أولاده و إن سفلوا أولاد و لدهما لأنهم أولاد الطفل و هو ولدهما صار أبويه لانه ولدهما و آباؤهما أجداده و جداته و جميع أقاربهما ينسبون الى المرتضع كما ينسبون الى ولدهما من النسب لأن اللبن الذي ثاب للمرأة مخلوق من ماء الرجل والمرأة فنشر التحريم إليهما و نشرت الحرمة الى الرجل وإلى أقاربه و هو الذي يسمى لبن الفحل لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما سألته عن أفلح حين قال لها أتحتجبين مني و أنا عمك فقال كيف ذلك فقال أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي فقال صدق أفلح ائذني له متفق عليه و لفظه للبخاري و سئل ابن عباس عن رجل له جاريتان فأرضعت إحداهما جارية و الأخرى غلاما أيحل للغلام أن يتزوج الجارية فقال لا اللقاح واحد رواه مالك و الترمذي و قال هذا تفسير لبن الفحل و أخوة المرأة و أخواتها أخواله و خالاته لأنه و لد أختهم و إخوه الرجل و أخواته أعمامه وعماته لأنه و لد أخيهم و تنتشر حرمة الرضاع من المرتضع الى أولاده و أولاد
____________________
1-
(8/161)
أولاده وإن سفلوا فيصيرون أولادا لهما ولا تنتشر إلى من في درجته من اخوته وأخواته ولا من هو أعلا منه من آبائه وأمهاته وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته فلا تحرم المرضعة على أبي المرتضع ولا أخيه ولا أم المرتضع ولا أخته على أبيه من الرضاع ولا أخيه وإن أرضعت بلبن ولدها من الزنى طفلا صار ولدا لها وتحرم على الزاني تحريم المصاهرة ولم تثبت حرمة الرضاع في حقه في ظاهر قول الخرقي (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أولاده و إن سفلوا فيصيرون أولادا لهما لأن الرضاع كالنسب و التحريم في النسب يشمل ولد الولد و إن سفل فكذا في الرضاع و لا تنتشر الى من في درجته أي المرتضع من أخوته لأنها لا تنتشر في النسب فكذا في الرضاع ولا من هو أعلا منه من أبائه و أمهاته وأعمامه و عماته و أخواله و خالاته لأن الحرمة إذا لم تنتشر الى من هو في الدرجة فلأن لا تنتشر الى من هو أعلا منه بطريق الأولى فلا تحرم المرضعة على أبي المرتضع و لا أخيه و لآ أم المرتضع و لا أخته على أبيه من الرضاع و لا أخيه فيجوز للمرضعة نكاح أبي الطفل المرتضع و أخيه و عمه و خاله و لا يحرم على زوج المرضعة نكاح أم الطفل المرتضع و لا أخته و لا عمته و لا خالته و لا بأس أن يتزوج أولاد المرضعة و أولاد زوجها إخوة الطفل المرتضع و أخواته قال أحمد لا بأس أن يتزوج الرجل أخت أخيه من الرضاع ليس بينهما رضاع و لا نسب و إنما الرضاع بين الجارية و أخيه و في الروضة لو ارتضع ذكر وأنثى من امرأة صارت أما لهما فلا يجوز لأحدهما أن يتزوج بالآخر ولا بأخواته الحادثات بعده ولا بأس بتزويج أخواته الحادثات قبله ولكل منهما أن يتزوج أخت الآخر ( وإن أرضعت بلبن ولدها من الزنى طفلا صار ولدا لها ) لأنها رضع من لبنها حقيقة ( وتحرم على الزاني تحريم المصاهرة ) جزم به في الوجيز لأنه ولد موطوءته من الوطء الحرام وهو كالحلال ( ولم تثبت حرمة الرضاع في حقه في ظاهر قول الخرقي ) واختاره ابن حامد لأن من شرط ثبوت المحرمية بين
____________________
1-
(8/162)
وقال أبو بكر تثبت قال أبو الخطاب وكذلك الولد المنفي باللعان ويحتمل ألا يثبت حكم الرضاع في حق الملاعن بحال لأنه ليس بلبنه حقيقة ولا حكما وإن وطئ رجلان امرأة بشبهة فأتت بولد فأرضعت بلبنه طفلا صار ابنا لمن ثبت نسب المولود منه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إلى الواطئ فأما ولد الزنى ونحوه فلا ( وقال أبو بكر تثبت ) أي تنشر الحرمة بينهما أي بينه وبين الواطئ لأنه معنى ينشر الحرمة فاستوى مباحة ومحظوره كالوطء ولأنه رضاع ينشر الحرمة إلى المرضعة فنشرها إلى الواطئ كصورة الإجماع وفي مسائل صالح حدثنا أبي عن سفيان عن عمرو عن أبي الشعثاء عن عكرمة في رجل فجر بامرأة فرآها ترضع جارية هل تحل له أم لا قال لا قال أبي وبهذا أقول أنا والأول أولى ويفرق بينهما وبين ابنته من الزنى فإنها من نطفته حقيقة ويفارق تحريم المصاهرة فإن التحريم لا يقف على ثبوت النسب ولهذا تحرم أم زوجته وابنتها من غير نسب وتحريم الرضاع مبني على النسب بقوله عليه السلام يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قال أبو الخطاب وكذلك الولد المنفي باللعان ) هذا هو المذهب أي حكمه حكم ولد الزنى لاشتراكهما في ارتضاعهما لبن امرأة الرجل وعدم ثبوت نسبهما منه فيكون فيه الخلاف السابق ( ويحتمل ألا يثبت حكم الرضاع في حق الملاعن بحال لأنه ليس بلبنه حقيقة ولا حكما ) بخلاف ولد الزنى لأن الولد من الزاني حقيقة فكان اللبن منه واللبن لم يثبت من الملاعن حقيقة ولا حكما فعلى الأول إن أرضعت أنثى حرمت عليهما بالصهرية لأنها بنت موطوءة الزاني وربيبة الملاعن وإن أرضعت ذكرا حرم عليه بنتاهما وأولادهما وتحرم بنته وبنتها عليهما وقيل لا ( وإن وطىء رجلان امرأة بشبهة فأتت بولد فأرضعت بلبنه طفلا صار ابنا لمن ثبت نسب المولود منه ) لأن تحريم الرضاع
____________________
1-
(8/163)
وإن الحق بهما كان المرتضع ابنا لهما وإن لم يلحق بواحد منهما ثبت التحريم بالرضاع في حقهما وإن ثاب لامرأة لبن من غير حمل تقدم لم ينشر الحرمة نص عليه في لبن البكر وعنه ينشرها ذكرها ابن أبي موسى والظاهر أنه قول ابن حامد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فرع على ثبوت النسب وظاهره لا فرق بين أن يثبت بقائفة أو غيرها ذكره في الشرح واقتصر في الفروع على الأول وإن ألحق بهما قال في الترغيب وغيره أو مات ولم يثبت نسبه ( كان المرتضع ابن لهما ) لأن المرتضع في كل موضع تبع للمناسب فمتى لحق المناسب بشخص فالمرتضع مثله وإن أشكل أمره فقيل كنسب وقيل هو لأحدهما مبهما فيحرم عليهما وجزم به في المغني فيما لم يثبت نسبه ( وإن لم يلحق بواحد منهما ثبت التحريم بالرضاع في حقهما ) تغليبا للحظر كما لو اختلطت أخته بأجنبيات وإن انتفى عنهما جميعا بأن تأتي به لدون ستة أشهر من وطئها أو لأكثر من أربع سنين من وطء الآخر انتفى المرتضع عنهما فإن كان المرتضع أنثى حرمت عليهما تحريم المصاهرة ويحرم أولادها عليهما أيضا ابنة موطوءتهما ( وإن ثاب لامرأة لبن من غير حمل تقدم ) قال جماعة أو وطء ( لم ينشر الحرمة نص عليه في لبن البكر ) وهو ظاهر المذهب وجزم به في الوجيز لأنه نادر لم تجر العادة به لتغذية الأطفال أشبه لبن الرجل والبهيمة وقال جماعة لأنه ليس بلبن حقيقة بل رطوبة متولدة لأن اللبن ما أنشر العظم وأنبت اللحم وهذا ليس كذلك ( وعنه ينشرها ذكرها ابن أبي موسى والظاهر أنه قول ابن حامد ) وصححه في الشرح وقاله أكثر العلماء لقوله تعالى ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ولأنه لبن امرأة فتعلق به التحريم كما لو ثاب بوطء ولأن لبن المرأة خلق
____________________
1-
(8/164)
ولا ينشر الحرمة غير لبن المرأة فلو ارتضع طفلان من بهيمة أو رجل أو خنثى مشكل لم ينشر الحرمة وقال ابن حامد يوقف أمر الخنثى حتى يتبين أمرها فصل ولا تثبت الحرمة بالرضاع إلا بشرطين أحدهما أن يرتضع في العامين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + غير لبن المرأة فلو ارتضع طفلان من بهيمة ) لم ينشر الحرمة ولم يصيرا أخوين في قول عامتهم لأنه ليس بمنصوص عليه ولا هو في معناه وقال بعض السلف يصيران أخوين ورد بأن الأخوة فرع على الأمومة ولا تثبت الأمومة بهذا الرضاع فالأخوة أولى ولأنه لم يخلق لغذاء المولود الآدمي أشبه الطعام ( أو رجل ) فكذلك في قول الجمهور لما ذكرنا وقال الكرابيسي يتعلق به التحريم لأنه لبن آدمي أشبه المرأة ( أو خنثى مشكل لم ينشر الحرمة ) على المذهب لأنه لم يثبت كونه امرأة فلا يثبت التحريم مع الشك ( وقال اين حامد يوقف أمر الخنثى حتى يتبين أمره فعلى هذا يثبت التحريم إلى أن يتبين كونه رجلا لأنه لا يؤمن كونه محرما كما لو اختلطت أخته بأجانب وقيل إن حرم لبن بغير حمل ولا وطء ففي الخنثى المشكل وجهان وإن يئس من انكشاف حاله بموت أو غيره فالأصل الحل فصل
( ولا تثبت الحرمة بالرضاع إلا بشرطين أحدهما أن يرتضع في العامين ) لقوله تعالى { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل قاعد فسألها عنه فقالت هو أخي من الرضاعة فقال انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة متفق عليه وعن أم سلمة مرفوعا لا يحرم الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان
____________________
1-
(8/165)
فلو ارتضع بعدهما بلحظة لم تثبت الثاني أن يرتضع خمس رضعات في ظاهر المذهب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قبل الفطام رواه الترمذي وصححه ورواه الدارقطني والبيهقي عن عمر ورواه سعيد عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم عن عبد الله ورواه سعيد عن عمرو ابن دينار عن ابن عباس ورواه الداقطني والبيهقي عن ابن عباس قال البيهقي هذا هو الصحيح أنه موقوف ورواه ابن عدي وغيره من حديث الهيثم بن جميل عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس مرفوعا لا يحرم من الرضاع إلا كان في الحولين والهيثم ثقة حافظ وثقة أحمد وإبراهيم الحربي والعجلي وابن حبان وغيرهم ( فلو ارتضع بعدهما بلحظة لم تثبت لأن شرط ثبوته كونه في الحولين ولم يوجد وقيده أبو الخطا بعدهما بساعة و قال القاضي لو شرع في الخامسة فحال الحول قبل كمالها لم يثبت التحريم و جوابه أن ما وجد من الرضعة في الحولين كاف في التحريم بدليل ما لو أنفصل مما بعده و أغتفر الشيخ تقي الدين ما لو رضع قبل الفطام قال أو كبير لحاجة نحو جعله محرما لما روت عائشة أن سهلة أن بنت سهيل بن عمرو جاءت الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان سالما مولى أبي حذيفة معنا في بيتنا و قد بلغ ما تبلغ الرجال و علم ما تعلم الرجال فقال أرضعيه تحرمي عليه رواه مسلم و جوابه بأنه خاص به دون سائر الناس جميعا بين الأدلة و علم مما سبق أن الاعتبار بالحولين فلو فطم قبلهما ثم أرتضع فيهما حصل التحريم و لو لم يفطم حتى جازوهما ثم ارتضع قبل الفطام لم يثبت الثاني أن يرتضع خمس رضعات في ظاهر المذهب و هو الصحيح وهو قول عائشة و ابن مسعود و ابن الزبير و غيرهم لما روت عائشة قالت كان فيما نزل من
____________________
1-
(8/166)
وعنه ثلاث يحرمن وعنه واحدة ومتى أخذ الثدي فامتص ثم تركه أو قطع عليه فهي رضعة فمتى عاد فهي رضعة أخرى بعدما بينهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس رضعات معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم و هن فيما يقرأ من القران رواه مسلم ورواه مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة عن سهلة بنت سهيل أرضعي سالما خمس رضعات و عنه ثلاث يحرمن و به قال أبو عبيد و أبو ثور لقوله عليه السلام لا تحرم المصة ولا المصات و في لفظ لا تحرم الاملاجة و لا الاملاجتان رواهما مسلم و لأن ما لا يعتبر فيه العدد يعتبر فيه الثلاث كالعادة في الحيض و عنه واحدة و هي قول على و ابن عباس و قاله أكثر العلماء و زعم الليث أنهم اجمعوا على ذلك كما يفطر به الصائم و عموم الكتاب و السنة لذلك و لأنه فعل يتعلق به التحريم المؤبد فلم يعتبر تعداد الرضعات كتحريم أمهات النساء و عن حفصة عشر رواه البيهقي بإسناد جيد ورواه أيضا عن عائشة و ابن عباس ورجاله ثقات و الاول اصح لأنه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه بحلاف غيره فإنه ثابت بالعموم أو بالمفهوم و الصريح راجح عليهما و المطلق من كلام الله تعالى مقيد بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم و قال ابن المنذر لم يقف الليث على الخلاف في هذه المسألة و متى أخذ الثدي فامتص ثم تركه أو قطع عليه فهي رضعه كذا قاله أبو بكر في حد الرضعة و قدمه في الفروع و غيرة لأن المرجع فيها الى العرف لأن الشرع ورد بها مطلقا و لم يحدها بزمن و لا مقدار فدل على أنه ردهم الى العرف فإذا ارتضع ثم قطع عليه فهي رضعة فمتى عاد فهي رضعة أخرى لأن العود ارتضاع فكان رضعة أخرى كالاولى بعد ما بينهما
____________________
1-
(8/167)
أو قرب وسواء تركه شبعا أو لأمر يلهيه أو لانتقاله من ثدي إلى غيره أو امرأة إلى غيرها وقال ابن حامد إن لم يقطع باختياره فهما رضعة إلا أن يطول الفصل بينهما والسعوط والوجور كالرضاع في إحدى الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و لم يحدها بزمان فوجب أن يكون القريب كالبعيد و سواء تركه شبعا أو لأمر يلهيه لأن الفصل موجود في الكل أو لانتقاله من ثدي الى غيره أو امرأة الى غيرها أختاره أبو بكر و هو ظاهر كلامه في رواية حنبل فإنه قال أما ترى الصبي يرضع من الثدي فإذا أدركه النفس أمسك عن الثدي ليتنفس و يستريح فإذا فعل ذلك فهي رضعة و لأن اليسير من السعوط و الوجود رضعة فكذا هنا و قال ابن حامد إن لم يقطع باختياره فهما رضعة لأن القطع لا ينسب اليه فلا يحسب عليه الا أن يطول الفصل بينهما فيكونا رضعتين جعلها رضعة يلغي الزمان مع طوله أو انتقاله من امرأة الى غيرها لأن الآكل لو قطع الآكل للشرب أو عارض و عاد في الحال كان أكلة واحدة فكذا الرضاع و الأول أولى و قال ابن أبي موسى حد الرضعة أن يمص ثم يمسك عن الامتصاص لتنفس أو غيره سواء الثدي خرج من فيه أو لم يخرج لقوله عليه السلام لا تحرم المصة و لا المصتان فدل على أن لكل مصه اثرا و لأن القليل من الوجود و السعوط رضعة فالامتصاص أولى و السعوط هو أن يصب في أنفه اللبن من إناء أو غير فيدخل حلقه و الوجود هو ان يصبه في حلقه من غير الثدي قاله في الشرح كالرضاع في إحدى الروايتين و هي الأصح و فاقا لما روي ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم لا رضاع الا ما أنشر العظم و انبت اللحم رواه ابو داود و غيره و لأن هذا يصل اليه اللبن كما يصل بالارتضاع و الثانية لا يحرم أبو بكر و قاله عطاء
____________________
1-
(8/168)
ويحرم لبن الميتة واللبن المشوب ذكره الخرقي وقال أبو بكر لا يثبت التحريم بهما وقال ابن حامد إن غلب اللبن حرم وإلا فلا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الخراساني في السعوط لأن هذا ليس برضاع أشبه ما لو حصل من جرح في بدنه وعلى الأولى إنما يحرم من ذلك ما يحرم بالرضاع وهو خمس على الأشهر فإنه فرع على الرضاع فيأخذ حكمه والاعتبار بشرب الطفل له فأما إن سقاه جرعة بعد أخرى متتابعة فرضعة في ظهر قول الخرقي لأن المعتبر في الرضعة العرف وهم لا يعدون هذا رضعات ويحتمل أن يخرج على ما إذا قطعت عليه الرضاع وتحرم لبن الميتة وهو كلبن الحية نص عليه اختاره أبو بكر ونصره المؤلف لأنه ينبت اللحم ونجاسته لا تؤثر كما لو حلب في إناء نجس وكما لو حلب منها في حياتها فشربه بعد موتها وقال الخلال لا ينشر الحرمة وتوقف عنه أحمد في رواية مهنا لأنه لبن ليس بمحل للولادة أشبه لبن الرجل واللبن المشوب بغيره سواء اختلط بشراب أو غيره ذكره الخرقي واختاره القاضي وهو الأصح لأن ما تعلق الحكم به لم يفرق فيه بين الخالص والمشوب كالنجاسة في الماء والنجاسة الخالصة وقال أبو بكر لا يثبت التحريم بهما وهو قياس قول أحمد لأن المشوب ليس بلبن خالص فلم يحرم كالماء وقال ابن حامد إن غلب اللبن حرم وذكره في عيون المسائل الصحيح من المذهب لأن الحكم للأغلب في كثير من الصور فكذا هنا فلا أي إذا لم يغلب اللبن لم يحرم لأنه يزول بذلك الاسم والمعنى المراد وهذا كله إذا كانت صفات اللبن باقية ذكره في المغني والشرح فلو صبه في ماء كثير لم يتغير به لم يثبت التحريم لأن هذا ليس بمشوب ولا يحصل به التغذي ولا إنبات اللحم ولا إنشار العظم وقال
____________________
1-
(8/169)
والحقنة لا تنشر الحرمة نص عليه وقال ابن حامد تنشرها فصل وإذا تزوج كبيرة ولم يدخل بها وثلاث صغائر فارضعت الكبيرة إحداهن في الحولين حرمت الكبيرة على التأبيد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القاضي يحرم لأن أجزاء اللبن حصل في بطنه أشبه ما لو كان ظاهرا وجوابه أن هذا ليس برضاع ولا هو في معناه
فرع إذا عمل اللبن جبنا حرم في الأصح لأنه واصل من الحلق يحصل به إنبات اللحم وعنه لا لزوال الاسم وإذا قلنا الوجور لا يحرم فهذا أولى والحقنة لا تنشر الحرمة نص عليه وقدمه في المستوعب والرعاية ونصره المؤلف لأن هذا ليس برضاع ولا يحصل به التغذي فلم ينشر الحرمة كما لو قطر في إحليله وكما لو وصل من جرح وقال ابن حامد وابن أبي موسى تنشرها لأنه سبيل يحصل بالواصل منه الفطر فيتعلق به التحريم كالرضاع والأول أولى إذ الفرق بين الفطر والرضاع ثابت من حيث إن الرضاع يعتبر فيه إنشار العظم وإنبات اللحم وهو مفقود في الحقنة موجود في الرضاع وهذا كله لبن أنثى تم لها تسع سنين وإن ثاب بعدها فقد حاضت و بلغت و إن ثاب حمل وطء و قلنا ينشر الحرمة صار المرتضع ابنا لها و إن شكت والمرضعة في الرضاع أو كماله في الحولين و لا بينة تحريم فلا تحريم
فرع إذ حلب من نسوة و سقى طفلا فهو كما لو رضع من كل و احد منهن فصل
وإذا تزوج كبيرة و لم يدخل بها و ثلاث صغائر فأرضعت الكبيرة إحداهن في الحولين حرمت الكبيرة على التأبيد و هو قول الثوري و أبي ثور
____________________
1-
(8/170)
وثبت نكاح الصغرى وعنه ينفسخ نكاحها وإن أرضعت اثنتين منفردتين انفسخ نكاحهما على الرواية الأولى وعلى الثانية ينفسخ نكاح الأولى ويثبت نكاح الثانية وإن أرضعت الثلاث متفرقات انفسخ نكاح الأولتين وثبت نكاح الثالثة على الرواية الأولى وعلى الثانية ينفسخ نكاح الجميع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأنها صارت من أمهات نسائه و قال الاوزاعي نكاحها ثابت و تنزع منه الصغيرة و جوابه ما تقدم و ثبت نكاح الصغرى أختاره الخرقي و قدمه في الرعاية و جزم به في الوجيز لأنها ربيبة لم يدخل بأمها و عنه ينفسخ نكاحها لأنها اجتمعت مع أمها في النكاح كما لو صارتا أختين كما لو عقد عليهما بعد الرضاع عقدا واحدا و جوابه أن الكبرى أولى بفسخ نكاحها لتحريمها على التأبيد كما لو ابتدأ العقد على أخته و أجنبية ولأن الجمع طرأ على نكاح الأم و البنت فأختص الفسخ بنكاح الأم كما لو أسلم و تحته امرأة وبنتها و الأختان ليست إحداهما أولى بالفسخ من الأخرى وفارق ما لو ابتدأ العقد عليها لأن الدوام أقوى من الابتداء وإن أرضعت اثنتين منفردتين انفسخ نكاحهما على الرواية الأولى لأنهما صارتا أختين واجتمعتا في الزوجية كما لو أرضعتهما معا وعلى الثانية ينفسخ نكاح الأولى ويثبت نكاح الثانية لأن الكبيرة لما أرضعت الصغيرة أولا انفسخ نكاحهما ثم أرضعت الأخرى فلم تجتمع معهما في النكاح فلم ينفسخ نكاحها وإن أرضعت الثلاث متفرقات انفسخ نكاح الأولتين لأنهما صارتا أختين في نكاحه وثبت نكاح الثالثة لأن رضاعها بعد انفساخ نكاح الكبيرة والصغيرتين اللتين قبلها فلم تصادف إخوتها جمعا في النكاح على الرواية الأولى وهي أن الكبيرة تحرم ولا ينفسخ نكاح الصغيرة وعلى الثانية وهي انفساخ نكاح الصغيرة ينفسخ نكاح لجميع لأن الصغيرة إذا انفسخ نكاحها ثم أرضعت الكبيرة الثانية لم ينفسخ نكاحها لأنها لم
____________________
1-
(8/171)
وإن أرضعت إحداهن منفردة واثنتين بعد ذلك معا انفسخ نكاح الجميع على الروايتين وله أن يتزوج من شاء من الأصاغر وإن كان دخل بالكبرى حرم الكل عليه على الأبد وكل امرأة تحرم ابنتها عليه كأمه وجدته وأخته وربيبته إذا أرضعت طفلة حرمتها عليه وكل رجل تحرم عليه ابنته كأخيه وأبيه وابنه وإذا أرضعت امرأته بلبنه طفلة حرمتها عليه وفسخت نكاحها منه إن كانت زوجة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تصادف إخوتها جمعا في النكاح فإذا أرضعت الثالثة انفسخ نكاحهما لأنهما اجتمعتا في نكاحه وهما أختان وحينئذ ينفسخ نكاح الجميع وإن أرضعت منفردة إحداهن منفردة واثنتين بعد ذلك معا انفسخ نكاح الجميع على الرواي لأنهن صرن أخوات في نكاحه لأنها إذا أرضعت إحداهن منفردة فلم ينفسخ نكاحها لأنها منفردة ثم إذا أرضعت اثنتين بعدها مجتمعات انفسخ نكاح الجميع لأنهن أخوات في النكاح على الأولى وعلى الثانية ينفسخ نكاح الأم والأولى بالاجتماع ثم ينفسخ نكاح الاثنتين لكونهما أختين معا وله أن يتزوج من شاء من الأصاغر لأن تحريمهن تحريم جمع فإنهن ربائب لم يدخل بأمهن و إن كان دخل بالكبرى حرم الكل عليه على الأبد لأنهن ربائب دخل بأمهن و كل امرأة تحرم ابنتها عليه كأمه و جدته و أخته و ربيبته إذا أرضعت طفلة حرمتها عليه لأنها تصير أبنتها من الرضاع فعلى هذا إذا كانت المرضعة أمه فالمرضعة أخته و إن كانت جدته فهي عمته وكل رجل تحرم عليه أبنته كأخيه و أبيه و أبنه إذا أرضعت امرأته بلبنه طفلة حرمتها عليه لأنها تصير ابنته فعلى هذا إن كانت المرضعة امرأة اخيه فالمرتضعة بنت أخيه وإن كانت امرأة ابيه فالمرتضعة أخته وإن كانت امرأة ابنه فالمرتضعة بنت ابنه فلو أرضعتها امرأة أحد هؤلاء بلبن غيره لم تحرم عليه ربيبة زوجها و على الأول و فسخت نكاحها منه إن كانت زوجته لأن التحريم إذا طرأ أوجب الفسخ كما لو كان الزوج طفلا فأرضعته زوجته الكبيرة
مسائل إذ تزوج بنت عمه فأرضعت جدتهما أحدهما صغيرا أنفسخ النكاح
____________________
1-
(8/172)
فصل وكل من أفسد نكاح امرأة برضاع قبل الدخول فإن الزوج يرجع عليه بنصف مهرها الذي يلزمه لها وإن أفسدت نكاح نفسها سقط مهرها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأنها إن أرضعت الزوج صار عم زوجته و إن أرضعت الزوجة صارت عمته و إن تزوج بنت عمته فأرضعت جدتهما أحدهما صغيرا انفسخ النكاح لأنها إن أرضعت الزوج صار خالها و إن أرضعت الزوجة صارت عمته و إن تزوج بنت خاله فأرضعت جدتهما الزوج صار عم زوجته و إن أرضعتهما صارت خالته
و إن تزوج بنت خالته فارضعت الزوج صار خال زوجته و إن ارضعتها صارت خالة زوجها
و إن أرضعت أم رجل و أبنته و أخته وزوجته ابنه طفلة رضعة رضعة لم تحرم على الرجل في الأصح فصل
و كل من أفسد نكاح امرأة برضاع قبل الدخول فإن الزوج يرجع عليه بنصف مهرها الذي يلزمه لها لأنه قرره عليه بعد أن كان بعرض السقوط كشهود الطلاق إذا رجعوا و أنما لزمه نصف مهر الصغيرة لأن نكاحها أنفسخ قبل الدخول بها من غير جهتها و الفسخ من أجنبي كطلاق الزوج في وجوب الصداق عليه و إن أفسدت نكاح نفسها قبل الدخول سقط مهرها بغير خلاف نعلمه لأن الفسخ بسبب من جهتها كما لو ارتدت فعلى هذا إذا أرضعت امرأته الكبرى فعلى الزوج نصف مهر الصغرى يرجع به على الكبرى وفاقا للشافعي و قال بعض أصحابه ترجع بجميع صداقها لأنها أتلفت البضع فوجب ضمانه و قال أبو حنيفة إن كانت المرضعة أرادت الفساد رجع عليها بنصف الصداق و إلا فلا و قال مالك لا يرجع بشيء و جوابه أنه
____________________
1-
(8/173)
وإن كان بعد الدخول وجب مهرها ولم يرجع به على أحد وذكر القاضي أنه يرجع به ورواه عن أحمد ولو أفسدت نكاح نفسها لم يسقط مهرها بغير خلاف في المذهب وإذا أرضعت امرأته الكبرى الصغرى فانفسخ نكاحهما فعليه نصف مهر الصغرى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يرجع عليها بالنصف لأنها قررته عليه وألزمته إياه وأتلفت عليه ما في مقابلته فوجب عليها الضمان كما لو أتلفت عليه المبيع والواجب نصف المسمى لا نصف مهر المثل لأنه إنما يرجع بما غرم ولأن خروج البضع من ملك الزوج غير متقوم بدليل ما لو أفسدت نكاحها بقتل أو فيره فإنها لا تغرم له شيئا وإن كان بعد الدخول وأفسده غيرها وجب مهرها المسمى لها ولم يرجع به على أحد قال في المحرر هو الأقوى وفي المغني هو الصحيح إن شاء الله تعالى لأنه لم يقرر على الزوج شيئا ولم يلزمه إياه فلم يرجع عليه بشيء كما لو أفسدت نكاح نفسها ولأنه لو ملك الرجوع بالصداق بعد الدخول لسقط إذا كانت المرأة هي المفسدة للنكاح كما قبل الدخول وذكر القاضي أنه يرجع به أيضا ورواه عن أحمد أي نص عليه في رواية ابن القاسم وقدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لأن المرأة تستحق المهر كله على زوجها فترجع بما لزمه كنصف المهر في غير المدخول بها ولهما الأخذ من المفسد نص عليه واعتبر ابن أبي موسى الرجوع العمد والعلم بحكمه ولو أفسدت نكاح نفسها بعد الدخول لم يسقط مهرها بغير خلاف في المذهب وفي المغني لا نعلم خلافا في ذلك كما لو ارتدت ولان المهر استقر بالدخول والمستقر لا يسقط بعد استقراره ولا يرجع عليها الزوج بشيء إذا كان أداه إليها وقيل يجب نصف المسمى إن أفسدته بعد الدخول وذكر القاضي أن لها نصف مهرها قاله في المستوعب وإذا أرضعت امرأته الكبرى الصغرى فانفسخ نكاحهما فعليه نصف مهر الصغرى لأن
____________________
1-
(8/174)
يرجع به على الكبرى ولا مهر للكبرى إن كان لم يدخل بها وإن كان دخل بها فعليه صداقها وإن كانت الصغرى هي التي دبت إلى الكبرى وهي نائمة فارتضعت منها فلا مهر لها ويرجع عليها بنصف مهر الكبرى إن كان لم يدخل بها أو بجميعه إن كان دخل بها على قول القاضي وعلى ما اخترناه لا يرجع بعد الدخول بشيء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نكاحها انفسخ بغير سبب من جهتها وذلك يوجب نصف المهر على الزوج لأن الفسخ إذا جاء من أجنبي كان كطلاق الزوج في كون المهر عليه يرجع به على الكبرى لأنها هي التي تسببت في انفساخ نكاحه كما لو أتلفت عليه المبيع فإن كانت أمة ففي رقبتها لأن ذلك من جنايتها وإن أرضعت أم ولده زوجته الصغرى حرمت الصغيرة لأنها ربيبة دخل بأمها وتحرم أم الولد أبدا لأنها من أمهات نسائه ولا غرامة عليها لأنها أفسدت على سيدها ويرجع على المكاتبة لأنه يلزمها أرش جنايتها ولا مهر للكبرى إن كان لم يدخل بها لأنها هي التي تسببت إلى انفساخ نكاحها فسقط صداقها كما لو ارتدت وإن كان دخل بها فعليه صداقها لأنه استقر بالدخول بدليل أنه لا يسقط بردتها و لا بغيرها و إن كانت الصغرى هي التي دبت الى الكبرى و في نائمة فأرتضعت منها فلا مهر لها لأنها فسخت نكاح نفسها و قاس في الواضح نائمة على مكرهة و يرجع عليها بنصف مهر الكبرى إن كان لم يدخل بها لأنها تسببت الى فسخ نكاحها الموجب لتقدير نصف المسمى و أتلفت على الزوج البضع أشبه ما لو أتلفت عليه مبيعا أو بجميعه إن كان دخل بها على قول القاضي و نسبه في الشرح الى الأصحاب لما تقدم و على ما اخترناه لا يرجع بعد الدخول بشيء فإن أرتضت الصغيرة منها رضعتين و هي نائمة ثم أنتبهت الكبيرة فأتمت لها ثلاث رضعات فقد حصل الفساد بفعلهما فيتقسط الواجب عليهما و عليه مهر الكبيرة و ثلاثة أعشار مهر الصغيرة يرجع به على الكبرى و إن لم يكن دخل
____________________
1-
(8/175)
ولو كان لرجل خمس أمهات أولاد لهن لبن منه فأرضعن امرأة له صغرى كل واحدة منهن رضعة حرمت عليه في أحد الوجهين ولم تحرم أمهات الأولاد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بالكبيرة فعليه خمس مهرها به إلى الصغيرة و هل ينفسخ نكاح الصغيرة على روايتين فرع إذا أرضعت أم زوجته الكبرى المدخول بها زوجته الصغرى بطل نكاحها لأنهما أختان و له نكاح أيتهما شاء و تغرم المرضعة كل مهر الكبرى للزوج في الأصح و إن أرضعت بنت زوجته الكبرى فهي كأمها و إن أرضعتها جدتها صارت الصغرى خالة الكبرى أو عمتها فانفسخ نكاحهما و نكح من شاء منهما و كذلك إن أرضعتها أختها أو زوجة أخيها بلبنه لأنها صارت بنت أخت الكبيرة أو بنت أخيه و كذلك إن أرضعتها بنت أخيها و بنت أختها و لا تحرم واحدة منهن على التأبيد و لو كان لرجل خمس أمهات أولاد لهن لبن منه فأرضعن امرأة له صغرى كل واحدة منهن رضعة حرمت عليه في أحد الوجهين صححه في الرعاية و قدمه في الفروع و غيره لأنها أرضعت من لبنه خمس رضعات كما لو أرضعتها واحدة منهن فعلى هذا تثبت الأبوة و لم تحرم أمهت الأولاد لأنه لم يثبت لهن أمومة و الثاني لا يصير أبا لها لانه رضاع لم تثبت به الأمومة فلم تثبت به الأبوة كلبن البهيمة فلو أرضعن طفلا لم يصيروا أمهات له و صار المولى أبا له و قاله ابن حامد و غيرة لأنه أرتضع من لبنه خمس رضعات و قيل لا تثبت الأبوة كالأمومة و كلبن الرجل و الاول أصح فإن الابوه إنما تثبت لكونه رضع من لبنه لا لكون المرضعة اما له و إذا قلنا بثبوت الأبوة حرمت عليه المرضعات
____________________
1-
(8/176)
ولو كان له ثلاث نسوة لهن لبن منه فأرضعن امرأة له صغرى كل واحدة رضعتين لم تحرم المرضعات وهل تحرم الصغرى على وجهين أصحهما تحرم وعليه يصف مهرها يرجع به عليهن على قدر رضاعهن يقسم بينهن أخماسا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + السيد أبا له بحال و لا يحرم أحدهما على الآخر في أصح الوجهين قاله في الكافي
فرع إذا كان له خمس بنات فأرضعن طفلا رضعى رضعة لم يصرن أمهات له و هل يصير الرجل جدا وأولاده إخوة المرضعات أخواله و خالاته على و جهين أحدهما يصير لأنه قد كمل للمرتضة خمس رضعات من لبن بناته كما لو كان من واحدة و الأخر لا لأن كونه جدا فرع على كون ابنته أما و كونه خالا فرع على كون أخته أما و لم يثبت ذلك فلا يثبت الفرع و هذا الوجه أرجح لأن الفرعية متحققة فإن قلنا يصير أخوهن خالا لم تثبت الخؤولة في حق واحدة منهن و لكن يحتمل التحريم لأنه قد أجتمع من اللبن المحرم خمس رضعات ولو كمل للطفل خمس رضعات من أمه و أخته و أبنته وزوجته وزوجة أبنه فعلى الخلاف و لو كان له ثلاث نسوه لهن لأن عدد الرضعات لم يكمل لكل واحدة منهن و هل تحرم الصغرى على وجهين أصحهما تحرم لأنها أرتضعت من لبنه خمس رضعات و الثاني علم من المسألة الأولى و جمع بينهما المؤلف في الكافي و صحح التحريم فيهما و عليه نصف مهرها لأن نكاحها انفسخ لا بسبب منها يرجع به عليهن لأنهن قررن ذلك عليه و تسببن الى إتلاف البضع أشبه ما لو أتلفن مبيعه على قدر رضاعهن يقسم بينهن أخماسا لأنه إتلاف اشتركوا فيه فكان على كل واحدة بقدر ما أتلف كما لو أتلفوا عينا و تفاوتوا في الإتلاف
____________________
1-
(8/177)
فإن كان لرجل ثلاث بنات امرأة لهن لبن فأرضعن ثلاث نسوة صغارا حرمت الكبرى وإن كان دخل بها حرم الصغار أيضا وإن لم يكن دخل بها فهل ينفسخ نكاح من كمل رضاعها أولا على روايتين وإن أرضعن واحدة كل واحدة منهن رضعتين فهل تحرم الكبرى بذلك على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا أرضعت امرأته طفلا ثلاث رضعات بلبن رجل ثم أنقطع لبنها فتزوجت غيره فصار لها لبن فأرضعت رضعتين صار أمه بغير خلاف علمناه عند القائلين بإن الخمس محرمات و لم يصر الرجلان أبويه لأنه لم يكتمل عدد الرضاع من لبن واحد منهما و يحرم عليهما لكونه ربيبيهما لا لكونه و لدهما فإن كان لرجل ثلاث بنات امرأة لهن لبن فأرضعن ثلاث نسوة صغارا حرمت الكبرى لأنها من جدات النساء وجدة الزوجة محرمة و إن كان دخل بها خرم الصغار أيضا لأنهن ربائب مدخول بأمهن و ان لم يكن دخل بها فهل ينفسخ نكاح من كمل رضاعها أو لا على روايتين لأن كل واحدة اجتمعت مع جدتها في النكاح أشبه ما لو أمها و قد تقدمت الروايتان فيما إذا اجتمعت مع أمهات و أرضعن واحدة كل واحدة منهن رضعتين فهل تحرم الكبرى بذلك على وجهين أصحهما تحرم لأنها صارت جدة بكون الصغرى قد كمل لها خمس رضعات من بناتها و الثاني قال في الشرح و هو أولى لا تصير جدة و لا ينسخ نكاحها لأن كونها حدة فرع على كون ابنتها اما و لم تثبت الأمومة فما هو فرع عليها أولى
فرع تزوج رجلان كبرى و صغرى ثم طلقها و تزوج كل واحد منهما زوجة الآخر فأرضعت الكبرى الصغرى حرمت الكبرى عليهما لأنها صارت من أمهات نسائهما و تحرم الصغرى على من دخل بالكبرى لأنها ربيبة مدخول بأمها
____________________
1-
(8/178)
فصل إذا طلق امرأته ولها لبن منه فتزوجت بصبي فأرضعته بلبنه انفسخ نكاحها منه وحرمت عليه وعلى الأول أبدا لأنها صارت من حلائل أبنائه ولو تزوجت الصبي أولا ثم فسخت نكاحه لعيب ثم تزوجت كبيرا فصار لها منه لبن فأرضعت به الصبي حرمت عليهما على الأبد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
( إذا طلق امرأته ولها لبن منه فتزوجت بصبي فأرضعته بلبنه انفسخ نكاحها منه وحرمت عليه ) لأنها صارت أمه من الرضاع وعلى الأول أبدا وعلله المؤلف بقوله لأنها صارت من حلائل أبنائه وذلك أن الصبي صار ابنا للمطلق لأنه رضع من لبنه رضاعا محرما وهي زوجته فلزم من صيرورتها من حلائل أبنائه وإن تزوجت بآخر ودخل بها ومات عنها لم يجز أن يتزوجها الأول لأنها صارت من حلائل الأبناء لما أرضعت الصبي الذي تزوجت به ولو تزوجت الصبي أولا ثم فسخت نكاحه لعيب ثم تزوجت كبيرا فصار لها منه لبن فأرضعت به الصبي حرمت عليهما على الأبد على الكبير لأنها صارت من حلائل أبنائه وعلى الصبي لأنها صارت أمه
مسألة إذا زوج أم ولده صغيرا مملوكا فأرضعته بلبن سيدها انفسخ نكاحها وحرمت على سيدها أبدا لأنها صارت من حلائل أبنائه ولو زوجها حرا صغيرا لم يصح نكاحه لعدم خوف العنت وإن أرضعته بلبن السيد لم يصر السيد أباه ولم يحرم أحدهما على الآخر في الأصح لأنه ليس بزوج في الحقيقة
____________________
1-
(8/179)
فصل إذا شك في الرضاع أو عدده بنى على اليقين وإن شهد به امرأة مرضية ثبت بشهادتها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
إذا شك في الرضاع أو عدده بنى على اليقين لأن الأصل عدمه و الأصل عدم وجود الرضاع المحرم وإن شهد به امرأة مرضية ثبت بشهادتها هذا المذهب وهو قول طاووس والزهري والأوزاعي لما روى عقبة ابن الحارث قال تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب فجاءت أمه سوداء فقالت قد أوضعتكما فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال وكيف و قد زعمت ذلك فنهاه عنها و في رواية دعها عنك رواه البخاري و قال الزهري فرق بين أهل أبيات في زمن عثمان بشهادة امرأة واحدة و لأن هذه شهادة على عورة فتقبل فيه شهادة النساء منفردات كالولادة لأنه معنى يقبل فيه قول النساء المنفردات فتقبل فيه شهادة امرأة يؤيده ما روي محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني في أبيه عن ابن عمر قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما يجوز في الرضاع من الشهود فقال رجل أو امرأة رواه أحمد و قال البيهقي فهذا إسناد ضعيف و قد أختلف في متنه و ظاهره أنها إذا لم تكن مرضية انه لا يقبل قولها و هو كذلك و تقبل شهادة المرضعة على فعل نفسها للخبر و المتبرعة و غيرها سواء قيل مع اليمين قاله ابن حمدان و لأنه فعل يحصل لها به نفع مقصود و لا يدفع عنها ضررا لا يقال أنها تستبيح الخلوة و السفر معه و تصير محرما له لأن هذا ليس من الأمور المقصود التي ترد بها الشهادة الا ترى لو أن رجلين شهدا أن فلانا طلق
____________________
1-
(8/180)
وعنه إنها إن كانت مرضية استحلفت فإن كانت كاذبة لم يحل الحول علبها حتى يبيض ثدياها وذهب في ذلك الى قول ابن عباس رضي الله عنهما وإذا تزوج امرأة ثم قال قبل الدخول هي أختي من الرضاع انفسخ النكاح فإن صدقته فلا مهر وإن كذبته فلها نصف المهر وإن قال ذلك بعد الدخول انفسخ النكاح ولها المهر بكل حال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + زوجته و أعتق أمته قبلت شهادتهما وإن حل لهما نكاحها بذلك و عنه أنها إن كانت مرضية استحلفت مع شهادتها فإن كانت كاذبة لم يحل الحول عليها حتى يبيض ثدياها أي يصيبها فيهما برص عقوبة على شهادتهما الكاذبة و ذهب في ذلك الى قول ابن عباس رضي الله عنهما فالظاهر أنه لا يقول ذلك الا عن توقيف لأن هذا لا يقتضيه القياس ولا يهتدي اليه رأى و عنه لا تقبل الا شهادة أمرأتين و هو قول الحكم لأن الرجل أكمل من النساء
تنبيه قال ابن حمدان يقبل فيه قول أم المنكر و بنته لا المدعي الا أن يبتدئا حسبة و لا يقبل في الإقرار به شهادة النساء فقط حتى أم المرضعة و قال ابن حمدان ان الظئر إذا قالت أشهد أني أرضعتكما لم يقبل و إن قالت أشهد أنهما ارتضعا مني قبل و إذا تزوج امرأة ثم قال قبل الدخول هي أختى من الرضاع أنفسخ النكاح و حرمت عليه لأنه أقر بما يتضمن تحريمها عليه كما لو أقر بالطلاق ثم رجع أو أقر أن أمته أخته من النسب و لو أدعي خطأ و هذا في الحكم فأما فيما بينه و بين الله تعالى فإن علم أن الأمر كذلك فهي محرمة عليه وإن علم كذب نفسه سقط فالنكاح باق بحاله فإن صدقته فلا مهر لأنهما اتفقا على أنه نكاح باطل من اصله لا يستحق فيه مهرا كما لو ثبت بينه و إن كذبته قيل قولها لأن قوله غير مقبول عليها في إسقاط حقوقها وتحريمها عليه حق له فقيل فلها نصف المهر لأنها فرقة قبل الدخول و إن قال ذلك بعد الدخول أنفسخ النكاح و لها المهر بكل حال
____________________
1-
(8/181)
وإن كانت هي التي قالت هو أخي من الرضاع واكذبها فهي زوجته في الحكم ولو قال الزوج هي ابنتي من الرضاع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأنه استقر بالدخول و هذا ما لم تطاوعه عالمة بالتحريم و قيل أن صدقته سقط قال في الفروع ولعل مراده المسمى فيجب مهر المثل لكن قال في الروضة لا مهر لها عليه و قال ابن حمدان بل يجب لها مهر المثل مع جهلها بالتحريم و إن كانت هي التي قالت هو أخي من الرضاع و أكذبها و لا بينة و حلف قاله في الرعاية فهي زوجته في الحكم لأنه لا يقبل قولها في فسخ النكاح لأنه حق عليه و لا مهر لها ان طلقها قبل الدخول لأنها تقر بأنها لا تستحقه و إن كانت قبضته لم يطلبه الزوج لأنه بقر بأنه حق لها و إن كان بعد الدخول وجب قدمه في الرعاية و في الشرح و الفروع إن كانت عالمة بأنها أخته و بتحريمها عليه و طاوعته في الوطء فلا مهر لأقرارها بأنها زانية مطاوعة و إن أنكرت شيئا من ذلك فلها المهر لأنه وطء شبهة و هي زوجته حكما لأن قولها غير مقبول عليه
تنبيه إذا علمت صحة ما أقرت به لم يحل لها تمكينه و تفتدي نفسها بما أمكنها و ينبغي أن يكون الواجب أقل الأمرين من المسمى أو مهر المثل فإن كان اقرارها باخوته قبل النكاح لم يجر لها نكاحه و لا يقبل رجوعها عن إقرارها في ظاهر الحكم و كذلك الرجل لو أقر أنها أخته من الرضاع أو محرمه عليه بغيره و أمكن صدقة لم يحل له تزويجها بعد ذلك في ظاهر الحكم أما فيما بينه وبين الله فينبني على علمه بحقيقة الحال و يحلف مدعي الرضاع على البت و منكره على نفي العلم به و إذا ادعت أمة أخوة سيدها بعد وطء لم يقبل و إن كان قبله فوجهان ولو قال الزوج هي أبنتي من الرضاع
____________________
1-
(8/182)
وهي في سنه أو اكبر منه لم تحرم لتحققنا كذبه ولو تزوج رجل بامرأة لها لبن من زوج قبله فحملت منه ولم يزد لبنها فهو للأول وإن زاد لبنها فأرضعت به طفلا صار ابنا لهما وإن انقطع لبن الأول ثم ثاب بحملها من الثاني فكذلك عند أبي بكر وعند أبي الخطاب هو ابن الثاني وحده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و هي في سنه أو أكبر منه لم تحرم و جزم به الأصحاب لتحققنا كذبه كما لو قال أرضعتني و إياها حواء قال ابن المنجا و لا بد أن يلحظ أن الزوج لو قال ذلك و هي في سن لا يولد مثلها لمثله و إن كان أصغر كان كما لو قال ذلك و هي في سنه لتحقق ما ذكر
فرع إذا ادعى أن زوجته أخته من الرضاع فأنكرته فشهد بذلك أمه أو أبنته لم يقبل لأنها شهادة الوالد لولده و إن شهدت أمها أو ابنتها فبلت و عنه لا بناء على شهادة الوالد على و لده و الولد على والده و ان ادعت ذلك المرأة و أنكرها الزوج فشهدت لها أمها أو ابنتها لم يقبل و إن شهدت لها أم الزوج أو ابنته قبل في أصح الوجهين قاله في الشرح و لو تزوج رجل بامرأة لها لبن من زوج قبله فحملت منه و لم يزد لبنها أو زاد قبل أوانه فهو للأول لأن اللبن إذا بقي بحاله لم يزد و لم ينقص و لم تلد من الثاني فهو للأول لأن اللبن كان له والاصل بقاؤه وعلم منه أنها إذا لم تحمل من الثاني أنه للأول مطلقا و أنها إذا و لجت من الثاني فاللبن له خاصة إجماعا و عن زاد لبنها في أوانه فأرضعت به طفلا صار بنا لهما في قول أصحابنا كما لو كان الولد منهما لأن زيادته عند حدوث الحمل ظاهر في أنه منه و بقاء لبن الاول يقتضي كون أصله منه فيجب أن يضاف إليهما و إن أنقطع لبن الأول ثم ثاب بحملها من الثاني فكذلك عند أبي بكر أي هو ابن لهما اختاره أكثر أصحابنا و قدمه في الفروع كما لو لم ينقطع و عند أبي الخطاب هو ابن الثاني و حده
____________________
1-
(8/183)
قال الحلواني و هو الأحسن لأن لبن الاول أنقطع فزال حكمه بانقطاعه و حدث بالحمل من الثاني فكان له كما لو لم لكن لهما لبن من الاول و إن لم يزد و لم ينقص حتى ولدت فهو لهما نص عليه و ذكر المؤلف انه للثاني كما لو زاد
فائدة كره أحمد الارتضاع بلبن فاجرة و مشركة لقول عمر بن الخطاب و ابنه و كذا حمقاء و سيئة الخلق لقوله عليه السلام ( لا تزوجوا الحمقاء فإن صحبتها بلاء و في و لدها ضياع و لا تستر ضعوها فإن لبنها بغير الطباع و في المجرد و بهيمة لأنه يكون فيه بلد الهيمة و في الترغيب و عمياء و في المستوعب و زنجية
____________________
(8/184)
= كتاب النفقات = تجب على الزوج نفقة آمراته ما لا غنى لها عنه وكسوتها بالمعروف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب النفقات =
و هي جمع نفقة و تجمع على نفاق كتمرة و تمار و هي الدراهم و نحوها من الأموال لكن النفقة كفاية من يمونه خبزا و ادما و نحوها و أصلها الإخراج من النافق و هو موضع يجعله الضب في مؤخر الحجر رقيقا يعده للخروج إذا آتى من بابه رفعه برأسه و خرج منه ومنه سمي النفاق لأنه خروج من الإيمان أو خروج الأيمان من القلب فسمي الخروج نفقة لذلك و هي أصناف نفقة الزوجات وهي المقصودة هنا و نفقة امرأته الأقارب و المماليك تجب على الزوج نفقة امرأته إجماعا و سنده قوله تعالى { لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها } و معنى قدر ضيق و قوله تعالى { قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم } وقوله صلى الله عليه وسلم فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمه الله و لهن عليكم نفقتهن و كسوتهن بالمعروف رواه مسلم و قوله عليه السلام الا و حقهن عليكم أن تحسنوا اليهن في طعامهن و كسوتهن رواه الترمذي و صححه من حديث عمرو بن الاحوص ولأنها محبوسة على الزوج يمنعها من التصرف والاكتساب فوجبت نفقتها كالعبد مع سيده ما لا غنى لها عنه بيان لما تجب النفقة و كسوتها بالمعروف أي إذا أسلمت نفسها اليه على الوجه الواجب فلها عليه جميع حاجتها
____________________
1-
(8/185)
ومسكنها بما يصلح لمثلها وليس ذلك مقدرا لكنه معتبر بحال الزوجين فإن تنازعا فيه رجع الأمر الى الحاكم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + من مأكول ومشروب و ملبوس و مسكنها لأنه تعالى أوجبه للمطلقة بقوله { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } فيجب لمن هي في صلب النكاح بطريق الاولى و هو من جملة معاشرها بالمعروف لأنها لا تستغني عنه للاستتار عن العيون في الاستمتاع و التصرف و الحفظ بما يصح لمثلها الظاهر أنه يعود الى المسكن خاصة لأن صلاحية ما قبل ذلك علم بقوله ( بالمعروف و يكون ذلك على قدر اليسار و الإعسار و كالنفقة و الكسوة و ليس ذلك مقدرا ) لحديث هند لكنه معتبر بحال الزوجين جميعا هكذا ذكره الأصحاب و قال أبو حنيفة و مالك يعتبر حال المرأة على قدر كفايتها لقوله تعالى { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } و المعروف الكفاية و لأن الكسوة على قدر حالها فكذا النفقة وقال الشافعي يعتبر حال الزوج وحده لقوله تعالى ( لينفق ذو سعة من سعته ) و لقوله عليه السلام ( أطعموهن مما تأكلون و أكسوهن مما تلبسون ) رواه أبو داود و البيهقي و جوابه بأن ما ذكرناه فيه جمع بين الأدلة ورعاية لكل من الجانبين فكان أولى و حينئذ فالنفقة مقدرة بالكفاية و قال القاضي الواجب رطلان من خبز في كل يوم في حق الموسر و المعسر اعتبارا بالكفارات و أنما يختلفان في صفته و جودته و المذهب لا يجب فلو تراضيا مكان الخبر على حب أو دقيق جاز لأنه ليس بمعاوضه حقيقية لأن الشارع لم يعين الواجب بأكثر من الكفاية فبأي شئ حصلت كان هو الواجب فان تنازعا فيه رجع الامر الى الحاكم أو نائبه لأنه أمر يختلف باختلاف حال الزوجين فرجع فيه
____________________
1-
(8/186)
فيفرض للموسرة تحت الموسر قدر كفايتها من ارفع خبز البلد وأدمه الذي جرت عادة أمثالها بأكله وما تحتاج إليه من الدهن وما يلبس مثلها من جيد الكتان والقطن والخز والأبريسم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الى أجتهاد الحكم أو نائبه كسائر المختلفات و لأنه وضع لقطع النزاع فيفترض الموسر للموسرة تحت قدر كفايتها من أرفع خبز البلد الخاص و أدمه المعتاد لمثلها الذي جرى عادة أمثالها بأكله لأنه عليه السلام جعل ذلك بالمعروف و ليس من المعروف إطعام الموسرة خبز المعسرة و لأن الله تعالى فرق بين الموسر و المعسر في الإنفاق ولم يبين ما فيه التفريق فوجب الرجوع الى العرف و أهل العرف يتعارفون فيما بينهم أن جنس نفقه الموسرين أعلا من جنس نفقه المعسرين و يعدون المنفق من الموسرين من جنس نفقة المعمرين بخيلا و لأن النفقة من مؤنة الزوجة على الدوام فأختلف جنس اليسار و الإعسار كالكسوة فلو تبرمت من أدم نقلها الى غيره و ظاهر كلامهم أنه يفرض لحما عادة الموسرين بذلك الموضع و قدم في الرعاية كل جمعة مرتين قال في الفروع و يتوجه العادة لكن يخالف في إدمانه و لعل هذا مرادهم و ما تحتاج اليه و ما تحتاج اليه من الدهن على اختلاف أنواعه كالسمن و الزيت و الزيت و الشحم و السيرج و في كل موضع على حدته لأن الحاجة داعية الى ذلك أشبه كنس المستأجر الدار و ما يلبس مثلها من جيد الكتان بفتح الكاف و هو فارسي معرب و القطن و الخز الابريسم قال أبو السعادات الخز ثياب ننسج من صوف و الإبريسم الحرير المصمت و قال أبو منصور هو أعجمي معرب بفتح الهمزة و الراء وقيل بكسر الهمزة وقال ابن الأعرابي هو بكسر الهمزة والراء و فتح السين و علم منه أن كسوتها واجبة إجماعا لأنه لا بد لها منها على الدوام فلزمته النفقة وهي معتبرة بكفايتها و لسيت مقدرة بالشرع كالنفقة و يرجع
____________________
1-
(8/187)
واقله قميص وسراويل ووقاية ومقنعة ومداس وجبة في الشتاء وللنوم الفراش واللحاف والمخدة والزلي للجلوس ورفيع الحصير وللفقيرة تحت الفقير قدر كفايتها من أدنى خبز البلد وادمه ودهنه وما تحتاج إليه من الكسوة مما يلبسه أمثالها وينامون فيه ويجلسون عليه للمتوسطة تحت المتوسط أو إذا كان أحدهما موسرا والآخر معسرا ما بين ذلك كل حسب عادته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فيما الى اجتهادهم الحاكم كاجتهاده في المتعة للمطلقه و أقله قميص و سراويل ووقاية و هي ما تضعه فوق المقنعة و تسمى الطرحة و مقنعة ومداس لأن ذلك أقل ما تقع به الكفاية لأن الشخص لا بد له من شئ يواري جسده وهو القميص و من شئ يستر به و هو السراويل و من شئ على رأسه و هو الوقاية ومن شئ في رجله وهو المداس و من شئ يدفئه و هو جبة في الشتاء و من شئ ينام فيه نبه عليه بقوله وللنوم و الفراش و اللحاف و المخدة ومن شئ يجلس عليه و هو المراد بقوله ( والزالي للجلوس و رفيع الحصير و الكسوه بالمعروف و هي التي جرت عادة أمثالها بلبسه ذكره في الشرح و غيره فإن كانت عادتها النوم في الاكسية و البسط فعليه ذلك و يزيد في عدد الثياب ما جرت العادة بلبسه مما غنى لها عنه زاد في التبصيرة و إزار و ظاهر كلامه أنه لا يجب لها خف و لا ملحفة لأنها ممنوعة من الدخول و الخروج لحق الزوج فلا تجب علية مؤونة ما هي ممنوعة منه لأجله و للفقيرة تحت الفقير قدر كفايتها من أدنى خبز البلد و أدمه ودهنه لأنها إحدى الزوجين فوجب بحالها كالموسرة و يجب عليه زيت للمصباح و لا يقطعها اللحم فوق أربعين و قدم في الرعاية مرة في كل شهر و ظاهر كلام الأكثر العادة و ما تحتاج اليه من الكسوة مما يلبسه أمثالها و ينامون فيه و يجلسون عليه على قدر عاداتها و عادة أمثالها وللمتوسطة تحت المتوسط أو إذا كان أحدهما موسورا و الآخر معسرا ما بين ذلك كل على حسب عادته لأن إيجاب نفقة الموسر على
____________________
1-
(8/188)
وعليه ما يعود بنظافة المرأة من الدهن والسدر وثمن الماء ولا تجب الأدوية وأجرة الطبيب فأما الطيب والحناء والخضاب ونحوه فلا يلزمه إلا أن يريد منها التزين به (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المعسر و إنفاق المعسر نفقة الموسر ليس من المعروف و فيه أضار بصاحبه فكان اللائق بحالهما هو المتوسط و قيل للموسرة على المعسر أقل كفاية و الباقي في ذمته و حكاه ابن هيبرة عن الأصحاب و غيرهم و على الكل لا بد من ماعون الدار و يكتفي بخزف و خشب و العدل ما يليق بهما
أصل الموسر من يقدر علة النفقة بماله او كسبه و عكسه المعسر و قيل هو الذي لا شئ له و المتوسط من يقدر على بعض النفقة بماله أو كسبه قال ابن حمدان و مسكين الزكاة معسر و من فوقه متوسط و إلا فهو موسر و عليه ما يعود بنظافة المرأة من الدهن والمشط السدر و ثمن الماء و أجرة قيمة و نحو ذلك لأن ذلك يراد للتنظيف كتنظيف الدار و في الواضح وجه قال في عيون المسائل لأن ما كان من تنظيف على مكتر كرش و كنس و تنقية الآبار و ما كان من حفظ البنية كبناء حائط و تغيير الجذع على مكر فالزوج كمكر و الزوجة كمكتر و انما يختلفان فيما يحفظ البنية دائما من الطعام فإنه يلزم الزود وفي الرعاية يلزمه ما يقطع صنانها ورائحة كريهة لا ما يراد للاستمتاع و الزينة و لا تجب الأدوية وأجرة الطبيب لأن ذلك يراد لإصلاح الجسم كما لا يلزم المستأجر بناء ما يقع من الدار و كذا أجرة حجام وفاصد و كحال فأما الطيب أي ثمنه و في الواضح وجه يلزمه و الحناء و الخضاب و نحوه فلا يلزمه لأن ذلك من الزينة فلم يجب عليه كشراء الحلي إلا أن يريد منها النزين به لأنه هو المريد لذلك وفي المغني والشرح والترغيب يلزمه ما يراد لقطع رائحة كريهة و يلزمها ترك حناء وزينة نهي عنها
____________________
1-
(8/189)
وإن احتاجت الى من يخدمها لكون مثلها لا تخدم نفسها أو لمرضها لزمه ذلك فإن كان لها وإلا أقام لها خادما إما بشراء أو كراء أو عارية وتلزمه نفقته بقدر نفقة الفقيرين إلا في النظافة ولا يلزمه أكثر من نفقة خادم واحد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع المكاتب و العبد كالمعسر لأنهما ليسا بأحسن حالا منه و من نصفه حر فعليه نصف نفقة نفسه و نصف نفقه زوجته و على سيده باقيهما و ذكر ابن حمدان إن كان معسرا فكمعسرين و إن كان موسرا فكمتوسطين و إن احتاجت الى من يخدمها لكون مثلها لا تخدم نفسها أو لمرضها لزمه ذلك لقوله تعالى { وعاشروهن بالمعروف } ولأنه مما يحتاج اليه في الدوام أشبه النفقة و قيل لا يلزمه إحداهم مريضة و جزم به في الترغيب و لأمة و قيل غير جميلة فإن كان لها أجرا لأن الغرض الخدمة و هي حاصلة بخادمها و يشترط رضاها به و الا إذا لم يكن لها خادم أو كان و لم ترض به أقام لها خادما إما بشراء أو كراء أو رعاية لأن المقصود الخدمة كما إذا اسكنها دار بأجرة فان ملكها الخادم فقد زاد خيرا و تجوز كتابية في الأصح إن جاز نظرها و في الكافي وجهان بناء على إباحة النظر لهن فان قلنا بجوازه فهل يلزم المرأة قبولها فيه وجهان أحدهما يلزمها لأنهم يصلحون للخدمة و الثاني لا لان النفس تعافهم وتلتزم نفقته لأنه محبوس بسبب من جهته أشبه نفقة الزوجة بقدر نفقة الفقير لأنه معسر و حاله حال المعسرين و حينئذ يجب لها ثوب وأدم و مسكن و ماعون مع خف و ملحفة لقضاء الحاجة و قيل دون نفقة سيدها الا في النظافة فأنها لا تلزمه في الأشهر لان المشط و الدهن و نحوهما يراد للزينة و التنظيف و لا يراد هذا من الخادم و قال ابن حمدان ان كثر وشخ الخادم و هوام رأسها أو تأذت به هي أو سيدتها فعليه مؤونة تنظيفها و لا يلزمه أكثر من نفقة خادم واحد
____________________
1-
(8/190)
فإن قالت أنا أخدم نفسي وآخذ ما يلزمك لخادمي لم يكن لها ذلك وإن قال أنا اخدمك فهل يلزمها قبول ذلك على وجهين فصل وعليه نفقة المطلقة الرجعية وكسوتها ومسكنها كالزوجة سواء وأما البائن بفسخ أو طلاق فإن كانت حاملا فلها النفقة والسكنى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + نص عليه لأن المستحق خدمتها في نفسها وذلك يحصل بالواحد و قيل وأكثر بقدر حالها و جوابه أن الخادم الواحد يكفيها لنفسها و الزيادة عليه تراد لحفظ ملكها و للتجمل و ليس عليه ذلك و تعيين خادمها إليهما والا فاليه وله إبداله لسرقه و نحوها فان كان الخادم لها ورضيته فنفقته على الزوج و كذا نفقة المؤجر و المعار في وجه قاله في الرعاية و ليس بمراد في الموجز فإن نفقته على مالكه فإن قالت أنا أخدم نفسي وآخذ ما يلزمك لخادمي لم يكن لها ذلك لأن الأجرة عليه فتعين الخادم اليه ولأن ذلك يؤدي الى توفيرها على حقوقه و ترفيهها ورفع قدرها وذلك يفوت بخدمتها وإن قال أنا أخدمك فهل يلزمها قبول ذلك على وجهين كذا في المحرر و الفروع أحدهما لا يلزمها قبول ذلك قدمه في الشرح لأنها تحتشمه و فيه غضاضة عليها لكون زوجها خادما لها والثاني بلى قدمه في الرعاية و جزم به في الوجيز لأن الكفاية تحصل به قال ابن حمدان له ذلك فيما يتولاه مثله لمن يكفيها خادم واحد ولا تلزمه أجرة من يوضئ مريضة بخلاف رقيقة ذكره أبو المعالي فصل ( وعليه نفقة المطلقة الرجعية وكسوتها و مسكنها كالزوجة سواء ) لقوله تعالى { وبعولتهن أحق بردهن } ولأنها زوجة يلحقها طلاقه و ظهاره أشبه ما قيل الطلاق و أما البائن بفسخ أو طلاق فإن كانت حاملا فلها النفقة و السكنى
____________________
1-
(8/191)
وإلا فلا شيء لها وعنه لها السكنى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إجماعا وسنده قوله تعالى { وإن كن أولات حمل } الآية وقوله تعالى { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } وفي بعض أخبار فاطمة بنت قيس لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملا ولأن الحمل ولده و الاتفاق عليه دونها متعذر فوجب كما وجبت أجرة الرضاعة وفي حكاية لإجماع نظر فإن أحمد نص في رواية ذكرها الخلال أن لها النفقة دون السكنى و في لموجز التبصرة رواية لا يلزمه وهي سهو وفي الروضة نلزمه النفقة وفي السكنى روايتان ( وإلا فلا شيء لها ) إذا لم تكن حاملا جزم به في الوجيز وقدمه في الرعاية ونصره في المغني والشرح وقال ابن هبيرة هي أظهر الروايتين وقاله جمع من الصحابة ومنهم علي وابن عباس وجابر ومن بعدهم لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس ليس لك نفقة رواه البخاري ومسلم وزاد ولا سكنى وفي لفظ قال النبي صلى الله عليه وسلم انظري يا ابنة قيس إنما النفقة للمرأة على زوجها ما كانت له عليها الرجعة فإن لم تكن له عليها الرجعة فلا نفقة ولا سكنى رواه أحمد و الحميدي ( وعنه لها السكنى ) وهي قول عمر وابنه وابن مسعود وعائشة والفقهاء السبعة وبه قال أكثر العلماء واختارها أبو محمد الجوزي لقوله تعالى { أسكنوهن } الآية فأوجبت لها السكنى مطلقا ثم خص الحامل بالإنفاق عليها لقوله تعالى { وإن كن أولات حمل } الآية وفي الانتصار لا يسقط بتراضيهما كعدة وعنه ولها النفقة أيضا قاله أكثر فقهاء العراق ويروى عن عمر وابن مسعود لأنها مطلقة فوجبت لها النفقة والسكنى كالرجعية
____________________
1-
(8/192)
فإن لم ينفق عليها يظنها حائلا ثم تبين أنها حامل فعليه نفقة ما مضى وإن انفق عليها يظنها حاملا فبانت حائلا فهل يرجع عليها بالنفقة على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وردوا خبر فاطمة بقول عمر لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة رواه مسلم وأنكره أحمد قال عروة لقد عابت عائشة ذلك أشد العيب وقالت إنها كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها والأول أولى قال ابن عبد البر قول أحمد ومن تابعه أصح وأرجح لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نصا صريحا فأي شيء يعارض هذا وقول عمر ومن وافقه فقد خالفه علي وابن عباس وجابر وقول عمر لا ندع كتاب ربنا إلا لما هو موجود في كتاب الله تعالى وهو قوله تعالى { وإن كن أولات حمل } الآية وقد روى أبو داود بإسناده عن ابن عباس قال ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقضى ألا بيت لها ولا قوت ولأنها محرمة عليه تحريما لا تزيله الرجعة فلم يكن لها سكنى ولا نفقة كالملاعنة وتفارق الرجعية فإنها زوجة ( فإن لم ينفق عليها يظنها حائلا ثم تبين أنها حامل فعليه نفقة ما مضى ) على الأصح لأنه تبينا استحقاقها له فرجعت به عليه كالدين وقال ابن حمدان إن قلنا النفقة لها ورجعت وإلا فلا ( وإن أنفق عليها يظنها حاملا فبانت حائلا فهل يرجع عليها بالنفقة على روايتين ) أصحهما يرجع عليها أشبه ما لو قضاها دينا ثم تبين براءته منها والثانية لا رجوع بشيء لأنه أنفق عليها بحكم آثار النكاح فلم يرجع به كالنفقة في النكاح الفاسد إذا تبين فساده وفي الوسيلة إن نفي الحمل ففي رجوعه روايتان وإن علمت براءتها من الحمل بالحيض فكتمته فينبغي أن يرجع قولا واحدا
فرع إذا ادعت حملا ممكنا أنفق عليها ثلاثة أشهر نص عليه وعنه إن شهد به النساء فإن مضت ولم يبن رجع بما أنفق وعنه لا كنكاح تبين
____________________
1-
(8/193)
وهل تجب النفقة للحامل لحملها أولها من اجله على روايتين إحداهما أنها لها فتجب لها إذا كان أحد الزوجين رقيقا ولا تجب للناشز ولا للحامل من وطء شبهة أو نكاح فاسد والثانية أنها للحمل فتجب لهؤلاء الثلاثة ولا تجب لها إذا كان أحدهما رقيقا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فساده لتفريطه كنفقته على أجنبية على أجنبية وقال ابن حمدان إن قلنا يجب تعجيل النفقة رجع وإلا فلا وكذا إن ظنها حاملا فبانت حائلا أو ولدت بعد أكثر مدة الحمل فأنكره وقيل يرجع بنفقة ستة أشهر فقط ( وهل تجب النفقة للحامل لحملها أو لها من أجله على روايتين ) كذا في المحرر ( إحداهما أنها لها ) أي من أجل الحمل اختارها ابن عقيل في التذكرة وجزم بها في الوجيز لأنها تجب مع الإعسار ولا تسقط بمضي الزمان ( فتجب لها إذا كان أحد الزوجين رقيقا ) لأن الزوج عليه نفقة زوجته ( ولا تجب للناشز ) لأن النفقة في مقابلة تمكينها ومع النشوز لا تمكين ( ولا للحامل من وطء شبهة أو نكاح فاسد ) لأنها ليست زوجة يجب الإنفاق علها ( والثانية أنها للحمل ) اختاره الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه قال الزركشي وهي أشهرهما لأنها تجب وجوده وتسقط بعدمه ( فتجب لهؤلاء الثلاثة ) لأنه ولده فلزمته نفقته ( ولا تجب لها إذا كان أحدهما رقيقا لأن العبد لا يلزمه نفقة ولده والأمة نفقتها على سيدها لأنها ملكه وأوجبها الشيخ تقي الدين له ولها لأجله وجعلها كمرضعة باجرة وفي الواضح في مسألة الرق روايتان كحمل في نكاح صحيح أولا حرمة له وإن قلنا هي لها فلا نفقة ومما يتفرع على الخلاف إذا كان الزوج غائبا أو معسرا فعلى الأول لا شيء لها إذا نفقة الغائب تسقط بمضي الزمان وبالإعسار وعلى الثانية تثبت في ذمة الغائب ويلزم المعسر فإن وطئت زوجته فحملت فالنفقة على الواطئ إن وجبت للحمل
____________________
1-
(8/194)
واما المتوفى عنها فإن كانت حائلا فلا تفقة لها ولا سكنى وإن كانت حاملا فعلى روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولها على الأصح إن مكرهة أو نائمة وإن كانت مطاوعة تظنه زوجها فلا
مسألة إذا بان الحمل دفع النفقة إليها يوما فيوما نص عليه للنص ولأن الحمل يتحقق حكما في منع النكاح والأخذ من الزكاة ووجوب الدفع في الدية والرد بالعيب فكذا في وجوب النفقة لها وقال أبو الخطاب لا يجب دفع النفقة حتى تضع الحمل لأنه لا يتحقق ولهذا وقفنا الميراث ولا يصح اللعان عليه قبل وضعه على إحدى الروايتين فعلى هذا إذا أرضعت استحقت نفقة الحمل والمذهب الأول والميراث يشترط له الوضع والاستهلال فإن أنكر حملها قبل قول امرأة من أهل الخبرة ( وأما المتوفى عنها فإن كانت حائلا فلا نفقة لها ولا سكنى ) رواية واحدة لأن ذلك يجب للتمكين من الاستمتاع وقد فات وكزانية وعنه لها السكنى اختارها أبو محمد الجوزي فهي كغريم وفي المغني إن مات وهي في مسكنه قدمت به ويستدل لها بقوله تعالى { والذين يتوفون منكم } تبيح بعض المدة وبقي باقيها على الوجوب ولو لم تجب السكنى لفريعة لم يكن لها أن تسكن إلا بإذنهم وجوابه أن الآية منسوخة وقصة فريعة قضية في عين ( وإن كانت حاملا فعلى روايتين ) إحداهما لا شيء لها صححه القاضي وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والرعاية والفروع لأنه قد صار للورثة ونفقة الحامل وسكناها إنما هو للحمل أولها من أجله ولا يلزم ذلك للورثة لأنه إن كان للميت ميراث فنفقة الحمل في نصيبه وإلا لم يلزم وارث
____________________
1-
(8/195)
فصل وعليه دفع النفقة إليها في صدر كل يوم إلا ان يتفقا على تأخيرها او تعجيلها لمدة قليلة او كثيرة فيجوز وان طلب أحدهما دفع القيمة لم يلزم الآخر ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الميت الإنفاق على حمل امرأته كما بعد الولادة والثانية لها ذلك لأنها معتدة من نكاح صحيح أشبهت البائن في الحياة وعنه يجبان لها مع الحمل لها أو له وعنه بل حقه منها فقط سواء قلنا النفقة له أو لها وقيل تجب نفقة الحمل من حقه وحكم أم الولد كالمتوفى عنها زوجها ونقل الكحال ينفق من مال حملها ونقل جعفر من جميع المال وإذا قلنا لها السكنى فهي أحق بسكنى المسكن الذي كانت تسكنه ولا تباع في دينه بيعا يمنعها السكنى حتى تقضي العدة وإن تعذر ذلك اكترى الوارث لها مسكنا من مال الميت فإن لم تفعل أجبره الحاكم فصل ( وعليه دفع النفقة إليها ) وهو دفع القوت لا بدله ولا حب ( في صدر كل يوم ) بطلوع الشمس لأنه أول وقت الحاجة وقيل وقت الفجر ( إلا أن يتفقا على تأخيرها أو تعجيلها لمدة قليلة أو كثيرة فيجوز ) لأن الحق لهما لا يخرج عنهما كالدين بغير خلاف علمناه وتملكه بقبضه قاله في الترغيب ( وإن طلب أحدهما دفع القيمة لم يلزم الآخر ذلك ) لأنها معاوضة فلا يجبر عليها واحد منهما كالبيع وإن تراضيا عليه جاز لأنه طعام وجب في الذمة لآدمي معين فجازت المعاوضة عنه كالطعام في الفرض وظاهره أن الحاكم لا يملك فرض غير الواجب كدراهم مثلا إلا باتفاقهما فلا يجبر من امتنع قال في الهدي لا أصل له في كتاب ولا سنة ولا نص عليه أحد من الأئمة لأنها معاوضة بغير الرضى عن غير مستقر قال في الفروع وهذا
____________________
1-
(8/196)
وعليه كسوتها في كل عام فإن قبضتها فسرقت او تلفت لم يلزمه عوضها وان انقضت السنة وهي صحيحة فعلية كسوة السنة الأخرى ويحتمل الا يلزمه وان ماتت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + متوجه مع عدم الشقاق وعدم الحاجة فأما مع الشقاق والحاجة كالغائب مثلا فيتوجه الفرض للحاجة إليه على ما لا يخفى ولا يقع الغرض بدون ذلك بغير الرضى ( وعليه كسوتها في كل عام ) لأنه العادة ويكون الدفع في أوله لأنه وقت الوجوب وقال الحلواني وابنه وابن حمدان في أول الصيف كسوة وفي أول الشتاء كسوة وفي الواضح كل نصف سنة وتملكها في الأصح بقبضها ( فإن قبضتها فسرقت أو تلفت لم يلزمه عوضها ) لأنها قبضت حقها فلم يلزمه غيره كالدين إذا وفاها إياه ثم ضاع منها لكن لو بليت في الوقت الذي يبلى فيه مثلها لزمه بدلها لأن ذلك من تمام كسوتها وأن بليت في قبله لكثرة خروجها ودخولها فلا أشبه ما لو أتلفتها وإن مضى زمن يبلى فيه مثلها بالاستعمال ولم تبل فوجهان أحدهما لا يلزمه بدلها لأنها غير محتاجة إلى الكسوة والثاني بلى لأن الاعتبار بمضي الزمان دون حقيقة الحاجة فلو أهدى إليها كسوة لم تسقط كسوتها ( وأن انقضت السنة وهي صحيحة فعليه كسوة السنة الأخرى ) قدمه في المستوعب و المحرر وصححه في الفروع لأن الاعتبار بمضي الزمان دون بقائها بدليل ما لو تلفت ( ويحتمل ألا يلزمه ) لأنها غير محتاجة إلى الكسوه وفي الرعاية فإن كساها السنة أو نصفها فسرقت أو تلفت فيها وقيل في وقت يبلى مثله أو تلفت فلا بدل عليه وقيل هي إمتاع فيلزمه بدلها ككسوة القريب وان بقيت صححيه لزمه كسوة سنة أخرى إن قلنا هي ملك وان قلنا إمتاع فلا كالمسكن وأوعية الطعام والماعون والمشط ونحوها وفي غطاء ووطاء ونحوهما الوجهان ( وان ماتت
____________________
1-
(8/197)
او طلقها قيل مضى السنة فهل يرجع عليها بقسط بقية السنة على وجهين واذا قبضت النفقة فلها التصرف فيها على وجه لا يضر بها ولاينهك بدنها وان غاب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو طلقها قبل مضي السنة فهل يرجع عليها بقسط بقية السنة على وجهين ) أحدهما يرجع به قدمه في المحرر و الرعاية وصححه في الفروع لأنه دفع لمدة مستقبلة كما لو دفع إليها نفقة مدة ثم طلقها قبل انقضائها والثاني لا رجوع لأنه دفع إليها الكسوة بعد وجوبها عليه كما لو دفع إليها النفقة بعد وجوبها ثم طلقها قبل إكمالها بخلاف النفقة المستقبلة وكنفقة اليوم وقيل ترجع بالنفقة وقيل بالكسوة وقيل كزكاة معجلة جزم به في المنتخب وقال ابن حمدان لا يرجع فيهما إن بانت ويرجع إن أبانها بطلاق أو فسخ وعلى الأول يرجع الا يوم الفرقة والسلف وهو أصح الا على الناشز فيرجع عليها في الأصح وفي عيون المسائل لا ترجع بما وجب كيوم وكسوة سنة بل بما لم يجب ويرجع بنفقتها من مال غائب بعد موته بظهوره على الأصح ( وإذا قبضت النفقة فلها التصرف فيها ) من بيع وهبة وصدقة ونحو ذلك لأنها حقها فملكت التصرف فيها كسائر مالها لكن ذلك مشروط بقوله ( على وجه لا يضربها ولا ينهك ) بفتح الياء إي بجهده ( بدنها ) فان عاد عليها ضرر في بدنها أو نقص من استمتاعها لم تملكه ألانه يفوت حقه بذلك والكسوة كالنفقة في ذلك ويحتمل المنع لان له استرجاعها لو طلقها في وجه بخلاف النفقة
فرع إذا أكلت معه عادة أو كساها بلا إذن ولم يتبرع سقطت وفي الرعاية وهو ظاهر المغني أن نرى أن يعتد بها ( وان غاب
____________________
1-
(8/198)
مدة ولم ينقق فعليه ما مض وعنه لانفقة لها إلا ان يكون الحاكم قد فرضها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مدة ولم ينفق فعليه نفقة ما مضى ) ولم تسقط بل تكون دينا في ذمته سواء تركها لعذر أو غيره في ظاهر المذهب وقاله الأكثر لما روى الشافعي قال أنا مسلم بن خالد عن عبيد الله بن عمر أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم فأمرهم أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا فان طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا ورواه البيهقي أيضا قال ابن المنذر وهو ثابت عن عمر ولانه حق لها وجب عليه بحكم العوض فرجعت به عليه كالدين قال ابن المنذر هذه نفقة وجبت بالكتاب والسنة والإجماع ولا يزول ما وجب بهذه الحجج إلا بمثلها والكسوة والسكنى كالنفقة ذكره في الرعاية الكبرى ( وعنه لا نفقة لها ) اختاره في الإرشاد وفي الرعاية أو الزوج برضاها لأنها نفقة تجب يوما فيوما فتسقط بتأخيرها إذا لم يفرضها الحاكم كنفقة الأقارب وجوابه بان نفقة الأقارب وصلة يعتبر فيها اليسار من المنفق والإعسار ممن تجب له بخلاف نفقة الزوجة وتثبت في ذمته حسبما وجبت لها موسرا كان أو معسرا ويصح ضمانها على الأول لان مآله إلى الوجوب ( إلا أن يكون الحاكم قد فرضها ) فيلزم بحكمه رواية واحدة لان فرضه حكم وحكمه لا ينقض وفي الانتصار أن احمد أسقطها بالموت وعلل في الفصول الثانية بأنه حق ثبت بقضاء القاضي فلو استدانت وانقضت رجعت نقله احمد بن هاشم ذكره في الإرشاد
تتمة الذمية كالمسلمة فيما ذكرنا في قول عامة العلماء لعموم النص والمعنى
____________________
1-
(8/199)
فصل وإذا بذلت المرأة تسليم نفسها إليه وهي ممن يوطأ مثلها أو يتعذر وطؤها لمرض أو حيض أو رتق أو نحوه لزم زوجها نفقتها سواء كان الزوج (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
( وإذا بذلت المرأة تسليم نفسها إليه وهي ممن يوطأ مثلها ) كذا أطلقه المؤلف تبعا للخرقي وأبى الخطاب وابن عقيل والشيرازي وأناط القاضي ذلك بابنة تسع سنين وتبعه في المحرر و الوجيز وهو مقتضى نص أحمد في رواية صالح وعبد الله وسئل متى يؤخذ من الرجل نفقة الصغيرة فقال إذا كان مثلها يوطأ كبنت تسع سنين ويمكن حمل الإطلاق على هذا لقول عائشة إذا بلغت الجارية تسعا فهي امرأة وظاهره أنها لا تجب النفقة عليه إلا بالتسليم أو بذلت له بذلا يلزمه قبوله في الأشهر لأن النفقة تجب في مقابلة الاستمتاع وذلك ممكن منه وعنه تلزمه بالعقد مع عدم منع كمن يلزمه تسلمها لو بذلته وقيل ولصغيرة وهو ظاهر الخرقي فعليها لو تشاكتا بعد العقد مدة لزمه ( أو يتعذر وطؤها لمرض أو حيض أو رتق أو نحوه ) ككونها نضوة الخلق لا يمكن وطؤها ( لزم زوجها نفقتها ) لما ذكرنا فأن حدث بها شيء من ذلك لم تسقط لأن الاستمتاع ممكن ولا تفريط من جهتها فلو بذلت الصحيحة الاستمتاع بما دون الوطء لم تجب نفقتها فلو ادعت أن عليها ضررا في وطئه لضيق فرجها أو قروح به أريت امرأة ثقة ويعمل بقولها وأن ادعت عبالة ذكره وعظمه جاز أن تنظر المرأة إليهما حال اجتماعهما لأنه موضع حاجة ويجوز النظر للعورة للحاجة والشهادة ( سواء كان الزوج
____________________
1-
(8/200)
كبيرا أو صغيرا يمكنه الوطء أو لا يمكنه كالعنين و المجبوب والمريض وإن كانت صغيرة لا يمكن وطؤها لم تجب نفقتها ولا تسلمها ولا تسليمها إذا طلبها فإن بذلته والزوج غائب لم يفرض لها حتى يراسله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كبيرا ) إجماعا ( أو صغيرا ) هذا هو المشهور لأن الاستمتاع بها ممكن وانما تعذر بسبب من جهة الزوج كما لو كان كبيرا فهرب ويجبر الولي على نفقتها من مال الصبي لأنها عليه والولي ينوب عنه في أداء الواجبات كالزكاة والثانية لا تجب عليه مع صغره لأن الزوج لا يتمكن من الاستمتاع بها فلم تلزمه نفقتها كما لو كانت صغيرة وجوابه الفرق بينهما فإن الصغير لم تسلم نفسها تسليما صحيحا ولم تبذل ذلك وكذلك إذا كان يتعذر عليه الوطء كالمريض والمجبوب لأن التمكين وجد من جهتها وانما تعذر من جهته فوجبت النفقة ( يمكنه الوطء أولا يمكنه كالعينين والمريض وأعجبوء ) لما ذكرنا ( وان كانت صغيرة لا يمكن وطؤها لم تجب نفقتها ) في قول الأكثر لانه لم يوجد التمكين من الاستمتاع لامر من جهتها قال في الرعاية لم تجب كما لو تزوج من لا يطأ مثله بمن لا يوطأ مثلها في الأصح لعدم الموجب ولا يجب على الزوج ( تسلمها ولا تسليمها ) اليه ( إذا طلبها ) لانه لا يمكنه استيفاء حقه منها ولان وجوب التسليم انما كان لضرورة تمكينه من تسليم الحقوق المتعلقة بالزوجية وهي منتفية هنا وظاهره ان الصغيرة التي يمكن وطؤها إذا سلمت نفسها فانه يلزمه نفقتها كالكبيرة وان غاب الزوج فبذل وليها تسليمها فهو كما لو بذلت المكلفة التسليم لان وليها يقوم مقامها وان بذلت هي دور وليها فلا نفقة لها لانه لا حكم لكلامها ذكره في الشرح ( فان بذلته والزوج غائب لم يفرص لها ) لأنها بذلت في حال لا يمكنه التسليم فيه ( حتى يراسله
____________________
1-
(8/201)
الحاكم و يمضي زمن يمكن أن يقدم في مثله و إن منعت تسليم نفسها أو منعها أهلها فلا نفقة لها إلا أن تمنع نفسها قبل الدخول حتى تقبض صداقها الحال فلها ذلك وتجب نفقها وإن كان بعد الدخول فعلى وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحاكم ) أي يكتب الحاكم الى حاكم البلد الذي هو فيه ليستدعيه ويعلمه بذلك ( ويمضي زمن يمكن ان يقدم في مثله لان البذل قبل ذلك وجوده كعدمه فإذا سار إليها او وكل في تسليمها وجبت النفقة حينئذ فإن لم يفعل فرض الحاكم عليه نفقتها في أول الوقت الذي يمكنه الوصول إليها وتسلمها فيه ذكره في المغني والشرح لأن الزوج امتنع من تسلمها لا مكان ذلك وبذلها له فلزمه نفقتها كما لو كان حاضرا و ان منعت تسليم نفسها او منعها أهلها فلا نفقة لها ) لان البذل شرط لوجوب النفقة ولم يوجد وفي الفروع إذا بذلت التسليم فحال بينها وبينه اولياؤها فظاهر كلام جماعة لها النفقة وفي الروضة لا ذكره الخرقي قال وفيه نظر وكذا إذا بذلت تسليما غير تام كتسيلمها في منزل او في بلد دون آخر ما لم يكن مشروطا في العقد ( إلا ان تمنع نفسها قبل الدخول حتى تقبض صداقها الحال فلها ذلك ) لان تسلمها قبل تسليم صداقها يفضي الى تسليم منفعتها المعقود عليها بالوطء ثم لا تسلم صداقها فلا يمكنه الرجوع فيما استوفى منها بخلاف المبيع إذا تسلمه المشتري ثم اعسر بثمنه فانه يمكنه الرجوع فيه ( وتجب نفقتها ) لأنها فعلت ما لها ان تفعله فلو منعت نفسها لمرض لم يكن لها نفقة والفرق بينهما ان امتناعها لقبض صداقها امتناع من جهة الزوج فهو يشبه تعذر الاستمتاع كصغر الزوج بخلاف الامتناع لمرضها لأنه امتناع من جعتها فهو يشبه تعذر الاستمتاع لصغرها ( وان كان بعد الدخول فعلى وجهين ) أحدهما لها النفقة كما قبل الدخول والأشهر انه لا نفقة لها كما لو
____________________
1-
(8/202)
بخلاف الآجل وإن سلمت الأمة نفسها ليلا ونهارا فهي كالحرة فإن كانت تاوي إليه ليلا وعند السيد نهارا فعلى كل واحد منهما النفقة مدة مقامها عنده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + سلم المبيع ثم أراد منعه منه ( بخلاف الآجل ) أي منعت نفسها لقبض صداقها الآجل وظاهره انه ليس لها ان تمنع نفسها حتى تقبض ذلك لان قبضه غير مستحق فيكون منعها منعا للتسليم الموجب للنفقة ولا فرق فيه بين الدخول وعدمه ( وان سلمت الأمة نفسها ليلا ونهارا فهي كالحرة ) في وجوب النفقة على زوجها الحر ولو أبى للنص ولأنها زوجة ممكنة من نفسها فوجبت نفقتها على زوجها كالحرة فإن كان مملوكا فالنفقة واجبة لزوجته إجماعا إذا بوأها بيتا ويلزم السيد لأنه أذن في النكاح المفضي الى ايجابها وعنه في كسب العبد لانه لم يمكن ايجابها في ذمته ولا رقبته ولا ذمة السيد ولا إسقاطها فتعلقت بكسبه فإن عدم أو تعذر فعلى سيده وقال في الرعاية تجب في ذمته وقال القاضي تتعلق برقبته لأن الوطء في النكاح كالجناية وجوابه أنه دين أذن فيه السيد فلزمه كاستدانة وكيله والنفقة تجب من غير وطء كالرتقاء ونحوها وليس هو بجناية ولا قائم مقامها ( فإن كانت تأوي إليه ليلا وعند السيد نهارا فعلى كل واحد منهما النفقة مدة مقامها عنده ) أي يلزم الزوج نفقتها ليلا من العشاء وتوابعه من غطاء ووطاء ودهن للمصباح ونحوه لأنه وجد في حقه التمكين ليلا فوجبت نفقته وعلى السيد نفقتها نهارا بحكم أنها مملوكته فلم تجب على غيره في هذا لزمن وقيل كل ولنفقه إذن عليهما نصفين قطعا للتنازع ولو سلمها نهارا فقط لم يجز
تذنيب المعتق بعضه عليه من النفقة بقدر ما فيه من الحرية ويبقيها على سيده أو في ضريبته أو رقبته وما وجب عليه بالحرية يعتبر فيه حاله إن
____________________
1-
(8/203)
وإذا نشزت المرأة أو سافرت بغير إذنه أو تطوعت بصوم أو حج أو أحرمت بحج منذور في الذمة فلا نفقة لها وإن بعثها في حاجة أو أحرمت بحجة الإسلام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كان موسرا فنفقة الموسرين وإن كان معسرا فنفقة المعسرين والباقي تجب فيه نفقة المعسرين
( وأن نشزت المرأة ) فلا نفقة لها في قول عامتهم ولو بنكاح في عدة قال ابن المنذر لا نعلم أحدا خالف إلا الحكم ولعله قاسه على المهر ولا يصح لأن النفقة وجبت في مقابلة التمكين والمهر وجب بالعقد بدليل الموت وفي الترغيب من مكنته من الوطء لا من بقية الاستمتاع فسقوط النفقة يحتمل وجهين فإن كان لها منه ولد دفع نفقته إليها إذا كانت هي الحاضنة والمرضعة ويلزمه تسليم أجرة رضاعها ويشطر لناشز ليلا فقط أو نهارا فقط لا بقدر الأزمنة ويشطر لها بعض يوم فإن أطاعت في حضوره أو غيبته فعلم ومضى زمن يقدم في مثله عادت وفي الشرح لا تعود إلا بحضوره أو وكيله أو حكم حاكم بالوجوب ومجرد إسلام مرتدة أو متخلفة عن الإسلام في غيبته تلزمه فإن صامت لكفارة أو نذر أو قضاء رمضان ووقته متسع فيهما بلا إذنه أو حبست ولو ظلما في الأصح فلا نفقة لها ( أو سافرت بغير إذنه ) سقطت لأنها ناشز وكذا إن انتقلت من منزلها بغير إذنه ( أو تطوعت بصوم أو حج أو أحرمت بحج منذور في الذمة فلا نفقة لها ) لأنها في معنى المسافرة ولما فيه من تفويت الاستمتاع الواجب للزوج فإن أحرمت بأذنه فقال القاضي لها النفقة والصحيح أنها كالمسافرة لأنها بإحرامها مانعة له من التمكين ( وإن بعثها في حاجة ) فهي على نفقتها لأنها سافرت في شغله ومراده ( أو أحرمت بحجة الإسلام أو العمرة الواجبة أو
____________________
1-
(8/204)
فلها النفقة وإن أحرمت بمنذور معين في وقته فعلى وجهين وأن سافرت لحاجتها بإذنها فلا نفقة لها ذكره الخرقي ويحتمل أن لها النفقة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أحرمت بفريضة أو مكتوبة في وقتها ( فلها النفقة ) لأنها فعلت الواجب عليها بأصل الشرع فكان كصيام رمضان فإن قدمت الإحرام على الميقات أو قبل الوقت خرج فيها من القول ما في المحرمة بحج التطوع
فرع إذا اعتقلت فالقياس أنه كسفرها فإن كان بغير إذنه فلا نفقة لها لخروجها من منزل زوجها فيما ليس واجبا بأصل الشرع وأن كان بإذنه فوجهان ( وأن أحرمت بمنذور معين في وقته ) أو صامت نذرا معينا في وقته ( فعلى وجهين ) أحدهما لها النفقة ذكره القاضي لأن أحمد نص على أنه ليس له منعها ولأن النذر المعين وقته متيقن أشبه حجة الإسلام والثاني تسقط لأنها فوتت على زوجها حقه من الاستمتاع باختيارها ولأن النذر صدر من جهتها بخلاف حجة الإسلام فإنها واجبة بأصل الشرع وقيل إن نذرت بإذنه أو قبل النكاح فلها النفقة وإن كان في نكاحه بلا إذنه فلا نفقة لها لأنها فوتت عليه حقا من الاستمتاع باختيارها ونقل أبو زرعة الدمشقي تصوم النذر بلا إذن وفي الواضح في حج نفل إن لم يملك منعها وتحليلها لم تسقط وإن في صلاة وصوم واعتكاف منذور في الذمة وجهين وفي بقائها في نزهة أو تجارة أو زيارة أهلها احتمال ( وإن سافرت لحاجتها بإذنه فلا نفقة لها ذكره الخرقي ) لأنها فوتت التمكين لأجل نفسها أشبه ما لو استنظرته قبل الدخول مدة فأنظرها إلا أن يكون متمكنا من استمتاعها فلا تسقط ( ويحتمل أن لها النفقة ) لأن السفر بإذنه فسقط حقه من الاستمتاع وتبقى النفقة على ما كانت عليه كالثمن وحكى في المغني
____________________
1-
(8/205)
وإن اختلفا في نشوزها أو تسليم النفقة إليها فالقول قولها مع يمينها وإن اختلفا في بذل التسليم فالقول قوله مع يمينه فصل وإن أعسر الزوج بنفقتها أو ببعضها أو بالكسوة خيرت بين فسخ النكاح والمقام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عن القاضي أن الزوج إن كان معها فنفقتها عليه لأنها في قبضته وإن كانت منفردة فلا لأنها فوتت التمكين عليه والصحيح أنه لا نفقة لها هنا بحال ( وأن اختلفا في نشوزها أو تسليم النفقة ) والكسوة ( إليها فلقول قولها مع يمينها لأن الأصل عدم ذلك وقال الآمدي إن اختلفا في النشوز فإن وجب بالتمكين صدق وعليها إثباته وأن وجبت بالعقد صدقت وعليه إثبات المنع ولو اختلفا بعد التمكين لم يقبل قوله وفي التبصرة يقبل قوله قبل الدخول وقولها بعده واختار الشيخ تقي الدين في النفقة والكسوة قول من يشهد له العرف لأنه يعارض الأصل والظاهر الغالب أنها تكون راضية وإنما تطالبه عند الشقاق كما لو أصدقها تعليم شيء فادعت أن غيره علمها وأولى لأن هنا تعارض أصلان ( وأن اختلفا في بذل لتسليم فالقول قوله مع يمينه ) لأنه منكر والأصل عدم التسليم وكذا لو اختلفا في وقته فقالت كان من شهر قال بل من يوم فصل
( وإن أعسر الزوج بنفقتها أو ببعضها أو الكسوة ) أو ببعضها ( خيرت بين فسخ النكاح والمقام ) على الأصح وهو قول عمر وعلي وأبي هريرة وأختاره الأكثر لقوله تعالى { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } وليس الإمساك مع ترك الإنفاق إمساكا بمعروف فتعين التسريح وقال النبي صلى الله عليه وسلم
____________________
1-
(8/206)
وتكون النفقة دينا في ذمته فإذا اختارت المقام ثم بدا لها الفسخ فلها ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + امرأتك تقول أطعمني وإلا طعمني وإلا فارقني رواة أحمد والدارقطني والبيهقي بإسناد صحيح ورواه الشيخان من قول أبي هريرة وروى الشافعي وسعيد عن سفيان عن أبي الزناد قال سألت سعيد بن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال يفرق بينهما قال أبو الزناد لسعيد سنة قال سعيد سنة ولأن هذا أولى بالفسخ من العجز بالوطء وهو على التراخي أو على الفور كخيار العيب وذكر ابن البنا وجها يؤجل ثلاثا ولها المقام ولا تمكنه ولا يحبسها فلو وجد نفقة يوم بيوم أو وجد في أول النهار ما يغديها وفي آخره ما يعشيها أو كان صانعا يعمل في الأسبوع ما يبيعه في يوم بقدر كفايتها في الأسبوع كله فلا فسخ وكذا إن تعذر عليه الكسب في بعض زمانه أو البيع لأنه يمكنه الاقتراض إلى زوال المانع فإن عجز عنه أياما يسيرة أو مرض مرضا يرجى زواله في أيام يسيرة فلا فسخ وأن كثر فلها الفسخ ( وتكون النفقة ) أي نفقة فقير وكسوته ومسكن ( دينا في ذمته ) ما لم تمنع نفسها لأن ذلك واجب على الزوج فإذا رضيت بتأخير حقها فهو في ذمته كما لو رضيت بتأخير مهرها ويجبر قادر على التكسب على الأصح ( فإذا اختارت المقام ثم بدا لها الفسخ فلها ذلك ) على الأصح لأن وجوب النفقة يتجدد كل يوم فيتجدد لها الفسخ ولا يصح إسقاطها حقها فيما لم يجب لها كإسقاط شفعتها قبل البيع فإن تزوجته عالمة بعسرته أو شرط ألا ينفق ثم عن لها الفسخ ملكته فلو أسقطت النفقة المستقبلة لم تسقط وقال القاضي ظاهر كلام أحمد أنه ليس لها الفسخ لأنها رضيت بعيبه فإن رضيت بالمقام مع
____________________
1-
(8/207)
وعنه ما يدل على أنها لا تملك الفسخ بالإعسار والمذهب الأول وإن اعسر بالنفقة الماضية أو نفقة الموسر أو المتوسط أو الأدم أو الخادم فلا فسخ لها وتكون النفقة دينا في ذمته وقال القاضي تسقط وإن اعسر بالسكنى أو المهر فهل لها الفسخ على الوجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ذلك لم يلزمها التمكين من الاستمتاع لانه لم يسلمها عوضه كالمشتري اذا اعسر بثمن المبيع وعليه تخليتها لتكسب وتحصل ما ينفقه عليها وان كانت موسرة لانه انما يملك حبسها اذا كفاها المؤونة ( وعنه ما يدل علي إنها لا تملك الفسخ بالاعسار ) وقاله عطاء والزهري لانه إعسار عن حق الزوجه فلم تملك الفسخ كما لو اعسر عن دين لها عليه فعلي هذا لا تملك فراقه ويرفع يده عنها لتكسب لانه حق لها عليه ( والمذهب الاول ) لما ذكرنا وان اعسر بالنفقه الماضيه فلا فسخ لان البدن قد قام بدونها والنفقه الماضيه دين او نفقه الموسر او المتوسط او الادم في الاصح في او نفقه الخادم فلا فسخ لها لان الزياده تسقط باعتباره ويمكن الصبر عنها وفي الانتصار احتمال في الكل مع ضررها وتكون النفقه دينا في ذمته لأنها نفقه تجب علي سبيل العوض فتثبت في الذمة كالنفقه الواجبة للمرأه قوتا وهذا فيما عدا الزائد علي نفقه المعسر فان ذلك يسقط بالاعسار وقال القاضي تسقط أي زياده يسار وتوسط لانه من الزوائد فلم تثبت في ذمته كالزائد عن الواجب عليه وقال ابن حمدان نغير الادم
تتمه اذا اعتادت الطيب والناعم فعجز عنها فلها الفسخ قال ابن حمدان فبالأدم اولي وان اعسر بالسكني أي بأجرته او المهر قد تقدم في الصداق فهل لها الفسخ علي وجهين أحدهما لا فسخ وقاله القاضي لان البيتيه تقوم بدونه والثاني لها الفسخ وقاله ابن عقيل وهو
____________________
1-
(8/208)
وإن اعسر زوج الأمة فرضيت أو زوج الصغير أو المجنونة لم يكن أوليهن الفسخ ويحتمل أن له ذلك فصل وأن منعها النفقة أو بعضها مع اليسار وقدرت له على مال أخذت منه ما يكفيها وولدها بالمعروف بلا إذنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند حين قالت له إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي قال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اشهر لان المسكن مما لابد منه كالنفقه وان اعسر زوج الامه فرضيت به لم يكن لسيدها الفسخ نقول نفقه الامه المزوجة حق لها ولسيدها لكل واحد منهما طلبها ولا يملك واحد منهما إسقاطها لما في ذلك من الإضرار فعلي هذا ان اعسر الزوج بها فلها الفسخ كالحرة وان لم فسخ فقال القاضي لسيدها الفسخ لان عليه ضررا في عدمها لما يتعلق بقواتها من فوات ملكه وتلفه فان انفق عليها سيدها محتسبا بالرجوع رجع علي الزوج رضيت او كرهت وقال ابو الخطاب وهو المنصوص لسيدها الفسخ اذا كانت راضيه لأنها حق لها فلم يملك سيدها الفسخ كالفسخ بالعيب او اعسر زوج الصغيرة او المجنونة لم يكن لوليهن الفسخ لانه فسخ لنكاحها فلم يملكه الولي كالفسخ بالعيب ويحتمل ان له ذلك لانه فسخ لفوات العوض فملكه كفسخ البيع لتعذر الثمن فصل
وان منعها النفقه او بعضها او الكسوة او بعضها مع اليسار وقدرت له علي مال أخذت منه ما يكفيها وولدها الصغير بالمعروف بلا إذنه نص علي لقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند حين قالت له ان أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني من النفقه ما يكفيني وولدي قال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف متفق عليه من حديث عائشة ولفظه للبخاري وظاهره يدل علي انه يعطيها بعض الكفاية ولا يتمها لها فرخص النبي صلى الله عليه وسلم لاخذ
____________________
1-
(8/209)
فإن لم تقدر أجبره الحاكم وحبسه فإن لم ينفق دفع النفقة من ماله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تمام الكفاية بغير علمه لانه موضع حاجه فان النفقه لاغني عنها ولا قوام إلا بها ولأنها تتجدد بتجدد الزمان شيئا فشيئا فتشق المرافعة الي الحاكم والمطالبه بها في كل الأوقات وذكر القاضي أنها تسقط بفوات وقتها عند جمع ما لم يفرضها حاكم بخلاف الدين فإنه لا يسقط عند احد بترك المطالبة وفي الروضة القياس منعها تركناه للخبر وفي ولدها وجه في الترغيب لكن يرد علي المذهب قوله عليه السلام أد الامانه الي من ائتمنك ولاتخن من خانك فانه يقتضي المنع من الأخذ مطلقا وجوابه حديث هند لانه خاص بالنفقه فقدم علي غيره
فرع لا نفترض علي الأب ولا تتفق علي الصغير من ماله الا بإذن وليه فان لم تقدر أي علي الأخذ من ماله رافعته الي الحاكم فيأمره بالاتفاق اجبره الحاكم أي علي الانفاق و ان أبى حبسه لان الحاكم وضع لفصل الخصومات والحبس طريق الي الفصل فتعين فعله فان لم ينفق دفع الحاكم النفقه من ماله لأنها حق واجب عليه فإذا امتنع من عليه ذلك من أدائه وجب الدفع الي مستحقه من مال خصمه كالدين بل اولي لأنها أكد من الدين بدليل جواز الأخذ بغير اذن المالك فان لم يجد الا عروضا او عقارا باعه ودفع أليها من ثمنه كالنقدين ويدفعها منه يوما بيوم
تنبيه حكم وكيله حكمه في المطالبة والأخذ من المال عند امتناعه فان ادعت يساره فأنكر فان عرف له مال قبل قولها والا قوله وان اختلفا في فرض الحاكم لها او في وقتها فقال فرضها منذ شهر فقالت بل منذ
____________________
1-
(8/210)
فإن غيبه وصبر على الحبس فلها الفسخ وقال القاضي ليس لها ذلك وإن غاب ولم يترك لها نفقة ولم تقدر على مال له ولا الاستدانة عليه فلها الفسخ إلا عند القاضي فيما إذا لم يثبت إعساره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عام قبل قوله لان الأصل معه فان غيبه وصبر علي الحبس فلها الفسخ اذا غيب الزوج ماله وتعذر الإنفاق من جهته وصبر علي الحبس فلها الفسخ كما لو كان معسرا وهو ظاهر الخرقي واختاره أبو الخطاب وقدمه في المحرر والفروع لحديث عمر انه كتب في رجال غابوا عن نسائهم فأمرهم ان ينفقوا او يطلقوا وهذا إجبار علي الطلاق عند الامتناع من الانفاق لان الانفاق عليها من ماله متعذر فكان لها الخيار كحال الاعسار بل هذا اولي بالفسخ فانه اذا جاز الفسخ علي المعذور فغيره اولي وقال القاضي واختاره الاكثر قاله في الترغيب ليس لها ذلك أي لا تملك الفسخ لان الفسخ لعيب المعسر ولم يوجد هنا ولان الموسر في مظنه الاخذ من ماله ولان الحاضر قد ينفق لطول الحبس وان غاب موسر ولم يترك لها نفقه ولم تقدر علي مال له ولا الاستدانه عليه فلها الفسخ لأنها تقدر علي الوصول الي نفقتها أشبه ما لو ثبت إعساره وظاهره انه اذا ترك لها نفقه او قدرت علي مال له او علي الاستدانة عليه انه لا فسخ لها لان الانفاق عليها من جهته غير متعذر الا عند القاضي فيما اذا لم يثبت إعساره لان الفسخ ثبت لعيب الاعسار ولم يثبت الاعسار هنا وهذه مثل الأولي في الفسخ بل اولي لان الحاضر ربما اذا طال عليه الحبس انفق وهذا قد تكون غيبته بحيث لا يعلم خبره فيكون الضرر فيه اكثر وعلم انه اذا ثبت إعساره ان لها الفسخ مطلقا
تذنيب اذا كان له عليها دين من جنس الواجب لها من النفقه فأراد ان
____________________
1-
(8/211)
ولا يجوز الفسخ في ذلك كله إلا بحكم حاكم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يحتسب عليها وهي موسره فله ذلك وان كانت معسره فلا لان قضاء الدين في الفاضل عن الكفاية ولا فضل لها فلو انفق عليها من مال زوجها الغائب ثم تبين انه مات قبل إنفاقه حسب عليها أنفقته بنفسها او بأمر الحاكم بغير خلاف نعلمه قال ابن الزاغوني اذا ثبت عند الحاكم صحه النكاح ومبلغ المهر فان علم مكانه كتب ان سلمت إليها حقها والا بعث عليك بقدره فان ابي او لم يعلم بمكانه باع بقدر نصفه لجواز طلاقه قبل الدخول ولا يجوز الفسخ في ذلك كله الا بحكم حاكم لانه فسخ مختلف فيه فافتقر الي الحاكم كالفسخ للعنه ولا يفسخ الا بطلبها لانه لحقها او تفسخ هي بأمره فإذا فرق الحاكم بينهما فهو فسخ لا رجعه له فيه فإذا ثبت اعساره فسخ بطلبها او فسخت بأمره ولا ينفذ بدونه وقيل ظاهرا وفي الترغيب ينفذ مع تعذره زاد في الرعاية مطلقا وان قلنا هو طلاق لأمره بطلبها بطلاق او نفقه فان ابي طلق عليه جزم به في التبصرة فان راجع فقيل لا تصح مع عسرته وقيل بلي فيطلق ثانيه ثم ثالثه وقيل ان طلب المهلة ثلاثة أيام أجيب فلو لم يقدر فقيل ثلاثة أيام وقيل الي أخر اليوم المتخلفة نفقته وفي المغني يفرق بينهما وهي فسخ فان اجبره علي الطلاق فطلق فراجع ولم ينفق فللحاكم الفسخ وظاهر كلام القاضي ان الحاكم يملك الطلاق والفسخ وان ايسر في العدة فله ارتجاعها لانه تفريق لامتناعه من الواجب أشبه تفريقه بين المؤلي وامرأته
____________________
1-
(8/212)
& باب نفقة الأقارب والمماليك & تجب على الإنسان نفقة والدية وولده بالمعروف إذا كانوا فقراء وله ما ينفق عليهم فاضلا عن نفقة نفسه وامرأته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب نفقة الأقارب و المماليك &
وهي واجبة مع اليسار فقط تجب على الإنسان نفقة والديه لقوله تعالى { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ولقوله تعالى { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا } ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما ولقوله تعالى { وصاحبهما في الدنيا معروفا } ومن المعروف القيام بكفايتهما عند حاجتها ولقوله عليه السلام إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم رواه أبو داود والترمذي وحسنه وقال ابن المنذر أجمع أهل العلم أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد ولأن الإنسان يجب عليه أن ينفق على نفسه وزوجته وكذا على بعضه وأصله وولده بالمعروف الجار متعلق تجب أو بعضها لقوله تعالى { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } الطلاق إذا كانوا فقراء أي لا مال لهم و لاكسب يستعينون به من غيرهم والكسوة والكسنى كالنفقة وشرطه الحرية فمتى كان أحدهما رقيقا فلا نفقة قاله الزركشي وجزم في الخرقي والمغني أن الولد الرقيق لا نفقة له على أبيه وإن كان الأب حرا وله ما ينفق عليهم فاضلا عن نفقة نفسه وامرأته ورقيقة يومه وليلته من كسبه وأجرة ملكه لقوله عليه السلام ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ولأنها مواساة فلم تجب على
____________________
1-
(8/213)
وكذلك تلزمه نفقة سائر آبائه وإن علوا وأولاده وإن سفلوا وتلزمه نفقة كل من يرثه بفرض أو تعصيب ممن سواهم سواء ورثة الآخر أو لا كعمته وعتيقه وحكي عنه إن لم يرثه الآخر فلا نفقة له (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المحتاج كالزكاة وكذلك تلزمه نفقة سائر آبائه وإن علوا وأولاده وإن سفلوا في قول الجمهور لدخولهم في اسم الآباء والأولاد لقوله تعالى { يوصيكم الله في أولادكم } فيدخل فيه ولد البنين وقال لأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد وقال { ملة أبيكم إبراهيم } ولأن بينهما قرابة فوجب العتق ورد الشهادة أشبه الولد والوالدين القريبين وتلزمه نفقة كل من يرثه بفرض أو تعصيب ممن سواهم ظاهر المذهب أن النفقة تجب على كل وارث لموروثه بشرط إرث المنفق وغناه وفقر المنفق عليه سواء ورثه الآخر لقوله تعالى { وعلى الوارث مثل ذلك } وأوجب النفقة على الأب ثم عطف الوارث عليه وذلك يقتضي الاشتراك في الوجوب أولا يرثه كعمته وعتيقه أي كابن الأخ مع عمته والمعتق مع عتيقه للايه وحكي عنه إن لم يرثه الآخر فلا نفقة له لأن الوارث أحد القرابتين فلم تلزمه نفقة قريبة كالآخر وعنه تختص العصبة مطلقا نقلها جماعة فيعتبر أن يرثهم بفرض أو تعصيب في الحال لقضاء عمر على بني عم منفوس بنفقته احتج به أحمد وكالعقل فلا يلزم بعيدا موسرا يحجبه قريب معسر وعنه بلى إن ورثه وحده لزمته مع يساره ومع فقره تلزم بعيدا موسرا فلا تلزم جدا مع أب فقير وأخا موسرا مع ابن فقير على الأولى وتلزم على الثانية وإن أعتبر إرث في غير عمودي نسبه لزمت الجد قال المؤلف وهو الظاهر وأطلق في الترغيب ثلاثة أوجه وعنه
____________________
1-
(8/214)
فأما ذوو الأرحام فلا نفقة عليهم رواية واحدة ذكره القاضي وقال أبو الخطاب يخرج في وجوبها عليهم روايتان وإن كان للفقير وارث فنفقة عليهم على قدر إرثهم منه فإذا كان أم وجد فعلى الأم الثلث والباقي على الجد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يعتبر توارثهما اختاره ابو محمد الجوزي والأول أصح لما روي أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم من أبر قال أمك وأباك وأختك وأخاك ومولاك الذي يلي ذاك حق واجب ورحم موصولة رواه أبو داود وبه يظهر الفرق بينه وبين قريبه لأنه يرثه بخلاف العكس فأما ذوو الأرحام وهم الذين لا يرثون بفرض ولا تعصيب فلا نفقة عليهم رواية واحدة ذكره القاضي لعدم النص فيهم ولأن قرابتهم ضعيفة وإنما يأخذون ماله عند عدم الوارث فهم كسائر المسلمين بأن المال يصرف إليهم إذا لم يكن للميت وارث بدليل تقديم الرد عليهم وقال أبو الخطيب يخرج في وجوبها عليهم روايتان إحداهما ما سبق وهي المذهب والثانية تجي لكل وارث واختاره الشيخ نقي الدين لأنه من صلة الرحم وهو عام لعموم الميراث من ذوي الأرحام بل أولى قال وعلى هذا ما ورد من حمل الخال للعقل في قوله ابن أخت القوم منهم وقوله مولى القوم منهم وكان مسطح ابن خالة أبي بكر فيدخلون في قوله { وآت ذا القربى حقه } ولأوجبها جماعة لعمودي نسبه فقط وإن كان الفقير وارث فنفقته عليهم على قدر إرثهم منه لأن الله تعالى رتب النفقة على الإرث فيجب أن يترتب على المقدار عليه وحاصله أن الصغير إذا لم يكن له أب فالنفقة على وارثه مطلقا ( فإذا كان أم وجد فعلى الأم الثلث والباقي على الجد ) لأنهما يرثانه كذلك
مسائل ابن وبنت النفقة عليهما أثلاثا
____________________
1-
(8/215)
وإن كانت له جدة وأخ فعلى الجدة السدس والباقي على الأخ وعلى هذا المعنى حساب النفقات إلا أن يكون له أب فالنفقة عليه وحده ومن له ابن فقير وأخ موسر فلا نفقة له عليهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
أم وابن على الأم السدس والباقي على الابن فإن كانت بنت وابن ابن فالنفقة عليهما نصفان
أم وبنت النفقة عليهما أرباعا كميراثهما منه فإن كانت بنت وابن بنت فالنفقة على البنت
( وإن كانت له جدة وأخ فعلى الجدة السدس والباقي على الأخ ) لأن ميراثهما منه كذلك ( وعلى هذا المعنى حساب النفقات ) يعني أن ترتيب النفقات على ترتيب الميراث فكما أن للجدة السدس من الميراث كذلك عليها سدس النفقة والباقي على الأخ لأن الباقي له ولو اجتمع بنت وأخت أو بنت وأخ أو ثلاث أخوات مفترقات فالنفقة بينهم على قدر الميراث في ذلك سواء كان في المسألة رد أو عول أو لا
ولو اجتمع أم أم وأم أب فهما سواء في النفقة لإستوائهما في الميراث ( إلا أن يكون له أب فالنفقة عليه وحده ) بغير خلاف نعلمه وسنده قوله تعالى { فإن أرضعن لكم } الآية { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } وفي الواضح مادامت أمه أحق به وقال ابن عقيل ومثله الولد أي يختص الولد بنفقة والده وقال القاضي وأبو الخطاب القياس في أب وابن أن يلزم الأب سدس فقط لكن تركه أصحابنا لظاهر الآية ذكره في المستوعب ( ومن له ابن فقير وأخ موسر فلا نفقة له عليهما ) الابن لعسرته والأخ لعدم ميراثه ويتخرج في كل وارث لولا
____________________
1-
(8/216)
ومن له أم فقيرة وجدة موسرة فالنفقة عليها ومن كان صحيحا مكلفا لا حرفة له سوى الوالدين فهل تجب نفقته على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الحجب إذا كان من يحجبه معسرا وجهان أحدهما لا نفقة له عليه لأنه غير وارث كالأجنبي والثاني عليه النفقة لوجود القرابة المقتضية للإرث والإنفاق صححه السامري وصرح ابن عقيل بذلك والمانع من الإرث لا يمنع من الإنفاق لأنه معسر لا يمكنه الإنفاق فوجوده بالنسبة الى الإنفاق كعدمه ( ومن له أم فقيرة وجدة موسرة فالنفقة عليها ) أي على الجدة وذلك أن الوارث القريب المعسر إذا أجتمع مع بعيد موسر من عمود النسب كهذه المسألة وجبت النفقة على الموسر فأب معسر مع جد موسر النفقة على الجد قال أحمد لا يدفع الزكاة إلى ولد ابنته لقوله عليه السلام للحسن إن ابني هذا سيد فسماه ابنه وهو ابن بنته فإذا منع من دفع الزكاة إليهم لقرابتهم وجب أن تلزمه نفقتهم مع حاجتهم وبناه في المحرر على ما تقدم من الروايات ( ومن كان صحيحا مكلفا لا حرفة له سوى الوالدين فهل تجب نفقته على روايتين ) لا يشترط في نفقة الوالدين والمولودين نقص الخلقة ولا نقص الأحكام في ظاهر المذهب لقوله عليه السلام لهند خدي ما يكفيك وولدك بالمعروف ولم يستثن منهم بالغا ولا صحيحا ولأنه ولد فقير فاستحق النفقة على والده الغني كالزمن وقال القاضي لا يشترط ذلك في الوالدين وهل يشترط في الولد فكلام أحمد يقتضي روايتين إحداهما يلزم لأنه فقير والثانية إن كان يكتسب فينفق على نفسه لم تلزم نفقته وهذا يرجع الى الذي لا يقدر على كسب ما يقوم به فتلزم نفقته رواية واحدة سواء كان ناقص الأحكام أو الخلقة وظاهره إذا لم يكن صحيحا فتجب نفقته بغير خلاف أو ليس
____________________
1-
(8/217)
ومن لم يفضل عنه إلا نفقة واحد بدا بالأقرب فالأقرب فإن كان له أبوان فهو بينهما وإن كان معهما ابن ففيه ثلاثة أوجه أحدها يقسمه بينهم بينهم والثاني يقدمه عليهما والثالث يقدمهما عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بمكلف كالصبي والمجنون فإنها تجب بل أولى لأن عجزهما أبلغ من عجز غير الصحيح وكذا إذا كان له حرفة فإنها لا تجب نفقته بغير خلاف لأن الحرفة تغنيه ونفقة القريب لا تجب إلا مع الفقر ولا بد أن تكون الحرفة يحصل بها غناه فإن لم تغنه فالخلاف وعنه لا نفقة لفقير غير عمودي النسب وهل يلزم المعدم الكسب لنفقة قريبه على الروايتين في الأولة قاله في الترغيب وجزم جماعة يلزمه
( ومن لم يفضل عنه إلا نفقة واحد بدأ ) بامرأته لأنها تجب على سبيل المعاوضه ثم برقيقه لحديث جابر ولأنها تجب مع اليسار والإعسار ويقدم من يخدمه على غيره ثم ( بالأقرب فالأقرب ) لأن نفقة القريب تجب على سبيل المواساه ثم العصبة ثم التساوي وقيل يقدم وارث ثم التساوي وفي المحرر فإن استويا قدم العصبة على غيره وإلا فهما سواء وقيل يقدم من امتاز بفرض أو تعصيب فإن تعارضت المزيتان أو فقدتا فهما سواء ( فإن كان له ابوان فهو بينهما ) هذا هو أحد الوجوه لتساويهما وقيل تقدم الأم لأنها أحق بالبر ولها فضيلة الحمل والرضاعة والتربية فهو أضعف منها والمذهب يقدم الأب عليها لفضيلته وانفراده بالولاية واستحقاق الأخذ من ماله والأول أولى قاله في الشرح ( وإن كان معهما ابن ) وهما صحيحان ( ففيه ثلاثة أوجه أحدها يقسمه بينهم ) لتساويهم في القرب ( والثاني يقدمه عليهما ) لوجوب نفقته بالنص نقل أبو طالب الابن أحق بالنفقة منها وهي أحق بالبر ( والثالث يقدمهما عليه لأن حرمتهما آكد وقال
____________________
1-
(8/218)
وإن كان له أب وجد أو ابن وابن ابن فالأب والابن أحق ولا تجب نفقة الأقارب مع اختلاف الدين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القاضي إن كان الابن صغيرا او مجنونا قدم لأن نفقته وجبت بالنص مع انه عاجز عن الكسب وإن كان كبيرا والاب زمن فهو أحق لان حرمته اكد وحاجته أشد
مسالة أم أم وأم أب بينهما نصفان أبو أب أولي من أبي الأم لامتيازه بالتعصب ومع أبي أبي أب يستويان وقيل يقدم أبو أم وفي الفصول احتمال عكسه وجزم به المؤلف وفي المستوعب يقدم الأحوج في الكل واعتبر في الترغيب بإرث وإن مع الاجتماع يوزع لهم بقدر إرثهم
فرع إذا كان من تجب عليه خنثي مشكل فالنفقة عليه على قدر ميراثه فإن انكشف حاله فبان أنه أنفق أكثر رجع بالزيادة وإن أنفق أقل رجع عليه فان كان احد الورثة موسرا لزمه بقدر إرثه وعنه الكل قال ابن حمدان ومثله إذا كان أحدهما حاضرا وتعذر أحذ نصيب الغائب ( وإن كان له أب وجد أو ابن وابن ابن فالأب والابن أحق ) لأنهما أقرب وأحق بميراثه كالأب مع الأخ وقيل بالتساوي أي يستوي الجد والأب والابن وابنه لتساويهما في الولادة والتعصيب قال أبو الخطاب هو سهو من القاضي قال في الشرح إذا اجتمع ابن وجد أو أب وابن ابن احتمل وجهين أحدهما تقديم الابن والأب لقربهما ولا يسقط إرثهما بحال ويحتمل التسوية بينهما لأنهما سواء في الإرث والتعصيب والولادة والأول أولى ( ولا تجب نفقة الأقارب مع اختلاف الدين ) أي إذا كان دين القريبين
____________________
1-
(8/219)
وقيل في عمودي النسب روايتان وإن ترك الإنفاق الواجب مدة لم يلزمه عوضه ومن لزمته نفقة رجل فهل تلزمه نفقة امرأته على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مختلفا فلا نفقة لأحدهما على الآخر لأنه لا توارث بينهما ولا ولاية أشبه ما لو كان أحدهما رقيقا ( وقيل في عمودي النسب روايتان ) ذكرهما القاضي إحداهما تجب لأن نفقته مع اتفاق الدين فتجب مع اختلافه كنفقة الزوجة والثانية لا تجب ونصرها في الشرح لأنها مواساة على سبيل البر والصلة فلم تجب مع اختلاف الدين كأداء زكاته إليه وعقله عنه وإرثه منه ( وإن ترك الإنفاق الواجب مدة لم يلزمه عوضه ) كذا أطلقه الأكثر وجزم به في ( الفصول ) لأن نفقة القريب وجبت لدفع الحاجة وإحياء النفس وقد حصل ذلك في الماضي بدونها وذكر جماعة لا بفرض حاكم لأنه تأكد بفرضه كنفقة الزوجة وفي المحرر لا تلزمه وإن فرضت إلا أن يستدان عليه بإذن الحاكم وظاهر ما اختاره الشيخ تقي الدين وتستدين عليه فلا ترجع إن استغنى بكسب أو نفقة متبرع وظاهر كلامهم يأخذ من وجبت له النفقة بلا إذن كزوجة نقل ابناه يأخذ من مال والده بلا إذنه بالمعروف إذا احتاج ولا يتصدق ( ومن لزمته نفقة رجل فهل تلزمه نفقة امرأته على روايتين ) أشهرهما أنه تلزمه نفقتها وخادم تحتاجه لأنه لا يتمكن من الإعفاء إلا به والثانية لا تلزمه لأن بنيته تقوم بدون المرأة بخلاف نفقة نفسه وحملها في الشرح على أن الابن كان يجد نفقتها وعنه تجب كزوجة الأب فقط وعنه تجب في عمودي النسب وهي مسألة الإعفاف ويلزمه إعفاف أبيه إذا احتاج إلى ذلك وكذا ابنه إذا لزمته نفقته وهو أن يزوجه حرة تعفه أو بسرية ولا يملك استرجاع أمة أعفه بها مع غناه في الأصح ويصدق في أنه تائق بلا يمين ويعتبر
____________________
1-
(8/220)
فصل وتجب نفقه ظئر الصبي على من تلزمه نفقته وليس للأب منع المرأة من رضاع ولدها إذا طلبت ذلك وإن طلبت أجرة مثلها ووجد من يتبرع برضاعه فهي أحق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عجزه ويكفي إعفافه بواحدة ويعفه ثانية إن ماتت وقيل لا كمطلق كعذر في الأصح ويلزمه إعفاف أمه كالأب قال القاضي ولو سلم فالاب آكد لأنه لا يتصور ولاية بالتزويج ونفقتها عليه وقيل يلزمه إعفاف كل إنسان تلزمه نفقته فصل
( وتجب نفقة ظئر الصبي ) كذا في المحرر وعبر في الفروع صغير وهو أولى حولين ( على من تلزمه نفقته ) لأن نفقة ظئر الصغير كنفقة الكبير ويختص وجوبها بالأب وحده ( وليس للأب منع المرأة من رضاع ولدها إذا طلبت ذلك ) أي إذا طلبت الأم رضاع ولدها بأجرة مثلها ولو أرضعه غيرها مجانا فهي أحق به سواء كانت تحته أو بائنا منه لقوله تعالى { والوالدات يرضعن أولادهن } الآية وهو خبر يراد به الأمر وهو عام في كل والدة لقوله تعالى { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } ولأنها أشفق وأحق بالحضانة ولبنها امرأ وقيل بلى في حباله كخدمته نص عليها ( وإن طلبت أجرة مثلها ووجد من يتبرع برضاعه فهي أحق ) لما تقدم ولأن في إرضاع غيرها تفويتا لحق الأم من الحضانة وإضرارا بالولد فإن طلبت أكثر من أجر مثلها ووجد من ترضعه متبرعة أو بأجرة مثلها جاز انتزاعه منها لقوله تعالى { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } ونقل أبو طالب هي أحق بما يطلب به من الأجرة لا بأكثر وفي المنتخب
____________________
1-
(8/221)
وإن امتنعت من رضاعه لم تجبر إلا أن يضطر إليها ويخشى عليه ولا تجب عليه أجرة الظئر لما زاد على الحولين وإن تزوجت المرأة فلزوجها منعها من رضاع ولدها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إن استأجرها من هي تحته لرضاع ولده لم يجز لأنه استحق نفعها كاستئجارها للخدمة شهرا وإن لم يجد مرضعة إلا بتلك الأجرة فالأم أحق ( وإن امتنعت من رضاعه لم تجبر ) إذا كانت مفارقة لا نعلم فيه خلافا وكذا إن كانت في حبال الزوج في قول أكثرهم لقوله تعالى { وإن تعاسرتم } الآية إن اختلفا فقد تعاسرا ولأن الإجبار على الرضاع إما أن يكون لحق الولد أو الزوج أو لهما لا يجوز أن يكون لحق الزوج فإنه لا يملك إجبارها على رضاع ولده من غيرها ولا على خدمته فيما يختص به ولا لحق الولد لأنه لو كان له للزمها بعد الفرقة ولأنه مما يلزم الوالد لولده كالنفقة ولا يجوز أن يكون لهما لأنه لو كان لهما لثبت الحكم به بعد الفرقة والآية محمولة على حال الإنفاق وعدم التعاسر ( إلا أن يضطر إليها ويخشى عليه ) بأن لا توجد مرضعة سواها أو لا يقبل الصغير الإرضاع من غيرها فإنه يجب عليها التمكين من رضاعه لأنه حال ضرورة وحفظ لنفس ولدها كما لو لم يكن له أحد غيرها ( ولا تجب عليه أجرة الظئر لما زاد على الحولين ) لقوله تعالى { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } فلم تلزمه على ما زاد على ذلك لأنه زائد على الكمال أشبه الحلوى وعلم منه أنه لا يفطم قبل تمام الحولين إلا برضى أبويه ما لم ينضر وفي الرعاية هنا يحرم رضاعة بعدهما ولو رضيا وظاهر عيون المسائل إباحته مطلقا ( وإن تزوجت المرأة فلزوجها منعها من رضاع ولدها ) مطلقا لأن عقد النكاح يقتضي تمليك الزوج من الاستمتاع في كل الزمان سوى أوقات الصلوات فالرضاع
____________________
1-
(8/222)
وإلا إن يضطر إليها فصل وعلى السيد الإنفاق على رقيقه قدر كفايتهم وكسوتهم وتزويجهم إذا طلبوا ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يفوت عليه الاستمتاع في بعض الأوقات فكان له منعها كالخروج من منزله ( الا ان يضطر إليها ) فانه حال ضرورة وحفظ لنفس ولدها فقدم على الزوج كتقديم المضطر على المالك اذا لم يكن به مثل ضرورته
فرع اذا استأجرها للرضاع ثم تزوجت صح النكاح ولم يملك الزوج فسخ الاجارة ولا منعها من الرضاع حتى تمضي المدة لان منافعها ملكت بعقد سابق أشبه ما لو اشترى أمة مزوجة ذكره في ( الشرح ( وللزوج الثاني وطؤها ما لم يفسد اللبن فإن فسد فللمستأجر فسخ الاجارة والأشهر تحريم الوطء فان شرطت قي عقد النكاح أنها ترضعه فلها شرطها فصل
( وعلى السيد الانفاق على رقيقه ) عرفا ولو آبق وأمة ناشز ( قدر كفايتهم ) من غالب قوت البلد سواء كان قوت سيده أو دونه أو فوقه أدم مثله بالمعروف ( وكسوتهم ) مطلقا أي لامثال الرقيق في ذلك البلد الذي هو فيه وكذا المسكن لما روى أبو هريرة مرفوعا قال ( للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل ما لا يطيق رواه الشافعي والبيهقي بإسناد جيد واتفقوا على وجوب ذلك على السيد لانه أخص الناس به فوجبت نفقته عليه كبهيمته ومحله ما لم يكن للرقيق صنعه يتكسب بها ( و ) له ( تزويجهم اذا طلبوا ذلك ) كالنفقة لقوله تعالى { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم } والأمر يقتضي الوجوب ولانه يخاف من ترك
____________________
1-
(8/223)
إلا الأمة إذا كان يستمتع بها ولا يكلفهم من العمل ما لا يطيقون (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إعفافه الوقوع في المحظور وهو مخير بين تزويجه او تمليكه أمة ولا يجوز تزويجه الا باختياره اذا كان كبيرا ( الا الأمة اذا كان يستمتع بها ) لان المقصود قضاء الحاجة وإزالة ضرر الشهوة وان شاء زوجها اذا طلبت ذلك وظاهره ولو مكاتبة بشرطه وفي ( المستوعب ) يلزمه تزويج المكاتبة بطلبها ولو وطئها وأبيح بالشرط ذكره ابن البنا لما فيه من اكتساب المهر فملكته كأنواع التكسب وظاهر كلامهم خلافه وهو اظهر لما فيه من إسقاط حق السيد وإلغاء الشرط وعلى الاول ان أبى اجبر عليه وتصدق في انه لا يطأ على الاصح
فرع من غاب عن أم ولد زوجت نص عليه لحاجة نفقة وكذا او وطء عند من جعله كنفقة وفي ( الانتصار ) يزوجها من يلي ماله أومأ اليه في رواية بكر وتلزمه نفقة ولد أمته الرقيق دون زوجها ويلزم حرة نفقة ولدها من عبد نص عليه ومكاتبة نفقة ولدها وكسبه لها وينفق على من بعضه حر بقدر رقه وبقيتها عليه ( ولا يكلفهم من العمل ما لا يطيقون ) لحديث ابي ذر ( ولا تكلفوهم ما يغلبهم فان كلفتموهم فأعينوهم ( رواه البخاري ولانه مما يشق عليه والمراد مشقة كثيرة ولا يجوز تكليف الأمة بالرعي لان السفر مظنة الطمع لبعدها عن من يذب عنها وقد ذكر صاحب ( المحرر ) عن نقل أسماء النوى على رأسها للزبير من نحو ثلثي فرسخ من المدينة انه حجة في سفر المرأة القصير بغير محرم ورعي جارية ابن الحكم في معناه و أولى وقال غيره يجوز ذلك قولا واحدا لانه ليس بسفر شرعا ولا عرفا ولا يتأهب
____________________
1-
(8/224)
ويريحهم وقت القيلولة والنوم وأوقات الصلوات ويداويهم إذا مرضوا ويركبهم عقبة إذا سافر بهم وإذا ولي أحدهم طعامه أطعمه معه فإن أبى أطعمه منه ولا يسترضع الأمة لغير ولدها إلا أن يكون فيها فضل عن ريه ولا يجبر العبد على المخارجة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + له أهبته ( ويريحهم وقت القيلولة والنوم وأوقات الصلوات ) لان العادة جارية بذلك ( يداويهم اذا مرضوا ) وجوبا قاله جماعة لان نفقتهم تجب بالملك ولهذا تجب مع الصغر وظاهر كلام آخرين يستحب قال في ( الفروع ) وهو اظهر قال ابن شهاب في كفن الزوجة العبد لا مال له فالسيد أحق بنفقته ومؤنته ولهذا النفقة المختصة بالمرض تلزمه من الدواء واجرة الطبيب بخلاف الزوجة ( ويركبهم عقبة ) بوزن غرفة وهي النوبة ( اذا سافر بهم ) لئلا يكلفهم ما لا يطيقون ومعناه يركبه تارة ويمشيه أخرى ( وإذا ولي أحدهم طعامه أطعمه معه فان أبى أطعمه منه ) لما روى أبو هريرة مرفوعا ( اذا كفى أحدكم خادمه طعامه حره ودخانه فليجلسه معه فان أبى فليروغ له اللقمة واللقمتين ومعنى الترويغ غمسها في المرق والدسم ودفعها اليه ولان الحاضر تتوق نفسه الى ذلك ولكن لا يأكل الا بإذنه نص عليه ( ولا يسترضع الأمة لغير ولدها ) لان فيه اضرارا بولدها للنقص من كفايته وصرف اللبن المخلوق له الى غيره مع حاجته اليه كنقص الكبير عن كفايته ( الا ان يكون فيها فضل عن ريه ) لانه ملكه وقد استغنى عنه الولد فكان له استيفاؤه كما لو مات ولدها وبقي لبنها ولا يجوز له إجارتها بلا إذن زوج قال المؤلف لاشتغالها عنه برضاع وحضانة وهذا انما يجيء اذا آجرها في مدة حق الزوج فلو آجرها في غيره توجه الجواز و إطلاقه مقيد بتعليله وقد يحتمل الا يلزم تقيده به فأما ان ضر ذلك بها لم يجز ولا يجبر العبد على المخارجة ومعناه ان يضرب عليه خراجا معلوما يؤديه الى سيده وما فضل للعبد لان ذلك عقد بينهما فلا يجبر عليه
____________________
1-
(8/225)
فإن اتفقا عليها جاز ومتى امتنع السيد من الواجب عليه فطلب العبد البيع لزمه بيعه وله تأديب رقيقه بما يؤدب به ولده وامرأته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كالكتابة ( فإن اتفقا عليها جاز ) بشرط ان يكون قدر كسبه فأقل بعد نفقته لما روي ان أبا طيبة حجم النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه اجره وامر مواليه ان يخففوا عنه من خراجه وكان كثير من الصحابة يضربون على رقيقهم خراجا وروي ان الزبير كان له ألف مملوك على كل واحد منهم درهم كل يوم وجاء ابو لؤلؤة الى عمر بن الخطاب فسأله ان يسأل المغيرة بن شعبة ان يخفف عنه من خراجه فإن لم يكن له كسب او وضع عليه اكثر من كسبه لم يجز وفي ( الترغيب ( ان قدر خراجا بقدر كسبه لم يعارض وهو كعبد مأذون له في التصرف في هدية طعام وإعارة متاع وعمل دعوة وظاهر كلام جماعة لا يملك ذلك وان فائدة المخارجة ترك العمل بعد الضريبة ( ومتى امتنع السيد من الواجب عليه فطلب العبد البيع لزمه بيعه ) نص عليه كزوجة وقاله في ( عيون المسائل وغيرها في ام الولد وهو ظاهر كلامهم سواء امتنع السيد من ذلك لعجز او غيره لان بقاء ملكه عليه مع الإخلال بسد أمره أضرار به وإزالة الضرر واجبة وقد روي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال جاريتك تقول أطعمني واستعملني الى من تتركني رواه احمد والدار قطني بإسناد صحيح ورواه البخاري من قول ابي هريرة ونقل أبو داود عنه أتباع الجارية وهو يكسوها ويطعمها قال لا الا ان تحتاج الى زوج لان الملك للسيد فلا يجبر على إزالته من غير ضرر كما لا يجبر على طلاق زوجته مع القيام بما يجب لها ولا على بيع بهيمة مع الانفاق عليها ( وله تأديب رقيقه ) عبدا كان او أمة ( بما يؤدب به ولده وامرأته ) أي له تأديبهما بالتوبيخ والضرب كما يؤدب ولده وامرأته في النشوز
____________________
1-
(8/226)
وللعبد أن يتسرى بإذن سيده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولا بأس بالزيادة على ذلك للأخبار الصحيحة وليس له ضربه على غير ذنب ولا ان يضربه ضربا مبرحا ان أذنب ولا لطمه في وجهه لما روى ابن عمر مرفوعا ( من لطم غلامه فكفارته عتقه رواه مسلم ونقل حرب لا يضرب الا في ذنب بعد عفوه مرة او مرتين ولا يضربه شديدا ونقل حنبل لا يضربه الا في ذنب عظيم لقوله عليه السلام اذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ويقيده اذا خاف عليه ويضربه غبر مبرح فإن وافقه والا باعه لقوله عليه السلام لا تعذبوا عباد الله ( وللعبد ان يتسرى بإذن سيده ) نص عليه وهو قول قدماء الأصحاب من غير بناء على روايتي الملك وعدمه بل الخرقي وجماعة قالوا انه لا يملك ويباح له التسري نقل ابو طالب أيتسرى العبد قال نعم قال ذلك ابن عمر وابن عباس وغير واحد من التابعين وعطاء ومجاهد وأهل المدينة على هذا قيل لأبى عبد الله فمن احتج بهذه الرواية { والذين هم لفروجهم حافظون } الآية فأي ملك للعبد قال اذا ملكه ملك يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من اشترى عبدا وله مال فقد جعل له ملكا ) وابن عمر وابن عباس اعلم بكتاب الله ممن احتج بهذه الآية ولانه يملك في النكاح فملك التسري كالحر ولانه ادمي فيملك المال كالحر وذلك لانه بآدميته يتمهد لأهلية الملك اذا كان الله تعالى خلق الأموال للآدميين ليستعينوا بها على القيام بوظائف التكاليف واذا ثبت الملك للجنين مع كونه نطفة لا حياة فيها باعتبار مآله الى الآدمية فالعبد الذي هو ادمي مكلف أولى وظاهره أنه تسرى بغير آذنه ان الولد ملك للسيد فإن أذن له فيه واطلق تسرى بواحدة فقط كالتزويج وان اذن له في
____________________
1-
(8/227)
وقيل يبنى ذلك على الروايتين في ملك العبد بالتمليك ولو وهب له سيده أمة لم يكن له التسري بها إلا بإذنه فصل وعليه إطعام بهائمه وسقيها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اكثر من واحدة فله التسري بما شاء نص عليه لان من جاز له التسري جاز له بغير حصر كالحر ( وقيل يبنى ذلك على الروايتين في ملك العبد بالتمليك ) كذا بناه القاضي وعامة من بعده احتج المانع بان العبد لا يملك المال والوطء لا يكون الا في نكاح او ملك يمين للنص واحتج المجيز بما سلف اذ الشارع يثبت من الملك ما فيه مصلحة العباد ويمنع ما فيه فسادهم والعبد محتاج الى النكاح فالمصلحة تقتضي ثبوت ملك البضع له والا فكون العبد يملك مطلقا اضرارا بالسيد ومنعه مطلقا اضرارا به فالعدل ثبوت قدر الحاجة وقولهم انه لا يملك المال ممنوع ( ولو وهب له سيدة أمة لم يكن له التسري بها الا بإذنه ) لان الهبة ان لم تصح فظاهر وان صحت فالعبد محجور عليه لانه لا يملك هبة ما في يده ولا شك ان ذلك يؤدي الى تنقيص المال مرة والى الإعدام أخرى لأنها ربما حملت وذلك تنقيص ولذلك جعل عيبا في المبيع وربما ماتت منه وذلك إعدام فإن اذن له في التسري لم يصح رجوعه فيه نص عليه في رواية محمد بن ماهان وإبراهيم بن هانئ كالنكاح قال ابن حمدان حيث يجب اعفافه ولانه ملكه بضعا ابيح له وطؤه كما لو زوجه
فرع اذا ملك المعتق بعضه بجزئه الحر فله وطؤها بلا اذن سيده في الاقيس ولا يتزوج الا باذنه فصل ( وعليه إطعام بهائمه وسقيها ) واقامة من يرعاها لما روى ابن عمر مرفوعا
____________________
1-
(8/228)
وألا يحملها مالا تطيق ولا يحلب من لبنها ما يضر بولدها وإن عجز عن الإنفاق عليها اجبر على بيعها أو إجازتها أو ذبحها إن كانت مما يباح أكله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال ( عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا ولا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الارض متفق عليه قال في ( الغنية ) ويكره له إطعامه فوق طاقته واكراهه على الآكل على ما اتخذه الناس عادة لاجل التسمين ويحرم عليه ان يقتله عبثا قاله ابن حزم ( والا يحملها ما لا تطيق ) لان الشارع منع تكليف العبد ما لا يطيق والبهيمة في معناه ولان فيه تعذيبا للحيوان الذي له حرمة في نفسه وأضرارا به وذلك غير جائز ( ولا يحلب من لبنها ما يضر بولدها ) لان كفايته واجبة على مالكه أشبه ولد الأمة ويكره ان يعلق عليها جرسا او وترا او جز معرفة وناصية وفي جز ذنبها روايتان أظهرهما الكراهة ( وان عجز عن الانفاق عليها اجبر على بيعها او أجارتها او ذبحها ان كانت مما يباح اكله لأنها نفقة حيوان واجبة عليه فكان للحاكم إجباره عليها كنفقة العبد فان امتنع من البيع بيعت عليه كما يباع العبد اذا طلبه بإعسار سيده بنفقته فان كانت مما لا يؤكل اجبر على الانفاق عليها كالعبد الزمن وذكر في ( الكافي ) انه اذا امتنع من الانفاق عليها اجبر على بيعها فان أبي اكريت وانفق عليها فان أمكن والا بيعت وقال ابن عقيل يحتمل الا يجبر ويأمره به بالمعروف وينهاه عن المنكر لان البهيمة لا يثبت لها حق من جهة الحكم بدليل أنه لا تصح منه الدعوى ولا ينصب عنها خصم فصارت كالزرع والشجر وجيفتها له ونقلها عليه قاله أبو يعلى الصغير
____________________
1-
(8/229)
& باب الحضانة & أحق الناس بحضانة الطفل والمعتوه أمه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الحضانة &
الحضانة بفتح الحاء مصدر حضنت الصغير حضانة أي تحملت مؤنثه وتربيته والحاضنة التي تربي الطفل سميت به لأنها تضم الطفل إلى حضنها وهي واجبة لأنه يهلك بتركه فوجب حفظه عن الهلاك كما يجب الإنفاق عليه وإنجاؤه من المهالك ومستحقها رجل عصبة وامرأة وارثة أو مدلية بوارث كخالة وبنات أخوات أو مدلية بعصبة كبنات أخوة وأعمام ثم هل تكون لحاكم أو لبقية الأقارب من رجل وامرأة ثم لحاكم فيه وجهان
أحق الناس بحضانة الطفل والمعتوه وهو المختل العقل أمه أي إذا كانت حرة عاقلة عدلا في الظاهر لا نعلم فيه خلافا لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة قالت يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أنت أحق به ما لم تنكحي رواه أحمد وأبو داود ولفظه له ولقضاء أبي بكر على عمر بعاصم بن عمر لأمه فقال ريحها وشمها ولطفها خير له منك رواه سعيد واشتهر ذلك ولم ينكر ولأنها أشفق عليه وأقرب ولا يشاركها في القرب إلا الأب وليس له مثل شفقتها ولا يتولى الحضانة بنفسه وإنما يدفعه إلى من يقوم به وظاهره ولو بأجرة مثل كرضاع قاله في الواضح واقتصر عليه في الفروع فإن لم تكن موجودة أو كانت ولم تستوعب الشروط انتقل إلى من يليها في الاستحقاق وهو المنبه
____________________
1-
(8/230)
ثم أمهاتها الأقرب فالأقرب ثم الأب ثم أمهاته ثم الجد ثم أمهاته ثم الأخت للأبوين ثم الأخت للأب ثم الأخت للأم ثم الخالة ثم العمة في الصحيح عنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عليه بقوله ثم أمهاتها لأن ولادتهن متحققة فهن في معنى الأم الأقرب فالأقرب لأن الأقرب أكمل شفقة من الأبعد وأقرب شبها بالأم ثم الأب في الصحيح عنه لأنه أقرب من غيره وليس لغيره كمال شفقته يترجح بها فوجب أن يكون أحق بها بعد من ذكر ثم أمهاته لأنهن يدلين بمن هو أحق فإن قيل الجد يدلي بالأقرب فساواهن في ذلك فلم يقدمن عليه قيل الأبوية مع التساوي فوجب الرجحان دليله الأم مع الأب وعنه أن أم الأب مقدمة على أم الأم لأنها تدلي بعصبة فعليها يكون الأب أولى بالتقديم لأنهن يدلين به فيكون الأب بعد الأم ثم أمهاته ثم الجد لأنه أب أو بمنزلته ومقتضاه تقديمه بعد الأب ترك العمل به في أمهات الأب لما ذكر من الترجيح بالأبوية ثم أمهاته لما ذكر في أمهات الأب فإن قيل الأخوات يدلين بالأب وهو أحق من الجد فيجب أن يكون من يدلي به أحق ممن يدلي بالجد قيل أمهات الجد اجتمع فيهن الإدلاء بالجد وكون الطفل بعضا منهن وذلك مفقود في الأخوات ثم الأخت للأبوين ثم الأخت للأب ثم الأخت للأم قدمن على سائر القرابات لأنهن يشاركن في النسب وقدمن في الميراث وتقدم الأخت للأبوين لقوة قرابتها ثم من كانت لأب ثم لأم نص عليه ثم الخالة لأنها تدلي بالأم ولأن الشارع قدم خالة ابنة حمزة على عمتها صفية لأن صفية لم تطلب وجعفر طلب نائبا عن خالتها فقضى الشارع بها لها في غيبتها ثم العمة أي لأبوين ثم لأب ثم لأم في الصحيح عنه كالأخوات قد تبع المؤلف القاضي وأصحابه في تقديم الخالة على العمة والأخت من الأب
____________________
1-
(8/231)
وعنه الأخت من الأم والخالة أحق من الأب فتكون الأخت من الأبوين أحق ويكون هؤلاء أحق من الأخت من الأب ومن جميع العصبات وقال الخرقي وخالة الأب أحق من خالة الأم ثم تكون للعصبة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + على الأخت من الأم قال بعضهم فتناقضوا وقدمن على الأعمام لأنهن نساء من أهل الحضانة فقدمن على من في درجتهن من الرجال كتقديم الأم على الأب ثم خالات أبويه ثم عمات أبيه ثم بنات الأعمام وقيل تقدم بنات الأخوة والأخوات على العمات والخالات ومن بعدهن وهل تقدم أم أمه على أم أبيه وأخته لأمه على أخته لأبيه وخالته على عمته وخالة أمه على خالة أبيه وخالات أبيه على عماته ومن أدلى بعمة وخالة بأم على من أدلى بأب أو بالعكس فيه روايتان وعنه الأخت من الأم والخالة أحق من الأب فتكون الأخت من الأبوين أحق لأنهن نساء يدلين بالأم فكن أولى من الأب كالجدات ويكون هؤلاء أحق من الأخت من الأب ومن جميع العصبات لأنهن أحق من الأب والأب أحق من الأخت من الأب ومن جميع العصبات فعلى هذه تقدم نساء الحضانة على كل رجل وقيل إن لم يدلين به ويحتمل تقديم نساء الأم على الأب وجهته وقيل تقدم العصبة على امرأة مع قربه فإن تساويا فوجهان وقال الخرقي وخالة الأب أحق من خالة الأم فيؤخذ منه تقديم قرابة الأب على قرابة الأم لأنهن يدلين بعصبة فقدمن كتقديم الأخت من الأب على الأخت من الأم لأن الخالات أخوات الأم فيجرين في الاستحقاق والتقديم فيما بينهن مجرى الأخوات المفترقات وإن قلنا بتقديم الخالات فبعدهن العمات والعكس بالعكس فإذا عدمن انتقلت إلى خالة الأب على قول الخرقي وعلى الصحيح إلى خالة الأم ثم تكون للعصبة وأقربهم أب ثم جدثم أقرب عصبة على ترتيب الميراث ولأن لهم ولاية
____________________
1-
(8/232)
إلا أن الجارية ليس لابن عمها حضانتها لأنه ليس من محارمها وإذا امتنعت الأم من حضانتها انتقلت إلى أمها ويحتمل أن تنتقل إلى الأب فإن عدم هؤلاء كلهم فهل للرجال من ذوي الأرحام حضانة على وجهين أحدهما لهم ذلك فيكون أبو الأم وأمهاته أحق من الخال وفي تقديمهم على الأخ من الأم وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وتعصيبا بالقرابة فتثبت لهم الحضانة كالأب بخلاف الأجانب فإنه لا قرابة لهم ولا شفقة إلا أن الجارية ليس لابن عمها حضانتها وعلله لأنه ليس من محارمها وليس هذا خاصا بابن العم بل يجري ذلك في كل عصبة غير ذي محرم وظاهره ولو كانت مميزة وفي المغني والشرح إذا بلغت سبعا لم تسلم إليه وفي الترغيب تشتهى واختار صاحب الهدي مطلقا وحينئذ يسلمها إلى ثقة نختارها هو أو إلى محرمه لأنه أولى من أجنبي وحاكم وهذا إذا لم يكن بينهما رضاع محرم فإن كان فيجوز له حضانتها وكذا قال فيمن تزوجت وليس للولد غيرها وهذا متوجه وليس بمخالف للخبر لعدم عمومه وإذا امتنعت الأم من حضانتها انتقلت إلى أمها في أظهر الوجهين لأن حق القريب سقط لمعنى اختص به فاختص السقوط به كما لو سقط المانع ويحتمل أن تنتقل إلى الأب لأن أمهاتها فرع عليها في الاستحقاق فإذا أسقطت حقها سقط فرعها وكذا الخلاف في الأب إذا أسقط حقه بخلاف الأخت للأبوين وأنها إذا أسقطت حقها لم يسقط حق الأخت من الأب وجها واحدا لأن استحقاقها من غير جهتها وليست فرعا عليها فإن عدم هؤلاء كلهم فهل للرجال من ذوي الأرحام حضانة على وجهين أحدهما لهم ذلك لأن لهم رحما وقرابة يرثون بها عند عدم من هو أولى منهم أشبه البعيد من العصبة فيكون أبو الأم وأمهاته أحق من الخال لأنه يسقطه في الميراث وفي تقديمهم على الأخ من الأم وجهان أحدهما يقدم الأخ من
____________________
1-
(8/233)
ولا حضانة لرقيق ولا فاسق ولا كافر على مسلم ولا امرأة مزوجة لأجنبي من الطفل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الأم لأنه يرث بالفرض ويسقط ذوي الأرحام كلهم فيقدم عليهم في الحضانة والثاني أبو الأم وأمهاته أولى منه لأن أبا الأم يدلي إليها بالأبوة والأخ يدلي بالبنوة والأب يقدم على الابن في الولاية فيقدم في الحضانة لأنها ولاية والوجه الثاني لا حق لهم فيها وينتقل الأمر إلى الحاكم لأنهم ليسوا ممن يحضن بنفسه ولا لهم ولاية لعدم تعصيبهم أشبهوا الأجانب ولا حضانة لرقيق لعجزه عنها بخدمة مولاه وظاهره ولو كان فيه جزء رقيق لأنه لا يملك نفعه الذي يحصل الكفالة وفي المغنى والشرح في معتق بعضه قياس قول أحمد يدخل في مهايأة أي له الحضانة في أيامه وفي الفنون لم يتعرضوا لأم ولد فلها حضانة ولدها من سيدها وعليه نفقتها لعدم المانع وهو الاشتغال بزوج وسيد وقال في الهدي لا دليل على اشتراط الحرية ولا فاسق لأنه لا يوفي الحضانة حقها ولا حضانة للولد لأنه ينشأ على طريقته وخالف صاحب الهدي لأنه لا يعرف أن الشرع فرق لذلك وأقر الناس ولم يبينه واضحا عاما ولاحتياط الفاسق وشفقته على ولده ولا كافر على مسلم بل ضرره أعظم لأنه يفتنه عن دينه ويخرجه عن الإسلام بتعليمه الكفر وتربيته عليه وفي ذلك كله ضرر فكان منفيا ولا امرأة مزوجة اقتصر عليه الخرقي والحلواني وكذا أطلقه أحمد لقوله عليه السلام أنت أحق به ما لم تنكحي فجعل استحقاقها مشروطا بعدم النكاح وشرطه أن تكون مزوجة لأجنبي من الطفل وكذا في المحرر والوجيز لأنها تشتغل عن الحضانة بحقوق الزوج وظاهره ولو رضي الزوج قال صاحب الهدي لا تسقط إن رضي بناء على أن سقوطها لمراعاة حق الزوج ومقتضاه أنها إذا
____________________
1-
(8/234)
فإن زالت الموانع منهم رجعوا إلى حقهم منها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كانت مزوجة بنسيب للطفل لم يمنع ذلك من الحضانة وقيل لحضانة لها وإن تزوجت بنسيب إلا أن يكون جدا للطفل والأشهر وقريبه وهو معنى قول بعضهم ونسيبه ويتوجه احتمال ذا رحم محرم وعنه لها حضانة الجارية فقط إلى سبع سنين لما روي أن عليا وجعفرا وزيد بن حارثة تنازعوا في حضانة بنت حمزة فقال علي بنت عمي وقال زيد بنت أخي لأنه عليه السلام آخى بينهما وقال جعفر بنت عمي وخالتها عندي فقال النبي صلى الله عليه وسلم الخالة أم وسلمها إلى جعفر رواه أبو داود بنحوه فجعل لها الحضانة وهي مزوجة لأن الحاضنة إذا تزوجت بمن هو من أهل الحضانة كالجدة المزوجة بالجد لم تسقط لأنه يشاركها في الولادية والشفقة عليه أشبه الأم إذا كانت مزوجة بالأب وظاهره لا يعتبر الدخول في الأصح لأنه بالعقد ملك منافعها واستحق زوجها منعها من الحضانة أشبه ما لو دخل بها والثاني لا تسقط إلا بالدخول لأنها به تشتغل عن الحضانة
فرع كل عصبتين تساويا وأحدهما متزوج بمن هي أهل للحضانة قدم بذلك فإن زالت الموانع منهم فأسلم الكافر وعقل المجنون وعتق الرقيق وعدل الفاسق رجعوا إلى حقهم منها لأن سببها قائم وإنما امتنعت لمانع فإذا زال المانع عاد الحق بالسبب السابق الملازم كالزوجة إذا طلقت وعنه لا يعود حقها في طلاق رجعي بعد العدة وصححه في المستوعب لأن الزوجية قائمة بدليل أنه يلحقها طلاقه وظهاره فلذلك لا تعود إليه قبل انقضاء عدتها وجوابه أنها مطلقة فعاد حقها من الحضانة كالبائن ونظيرها لو وقف على أولاده فمن تزوج من البنات فلا حق لها قاله القاضي وهل يسقط
____________________
1-
(8/235)
ومتى أراد أحد الأبوين النقلة إلى بلد بعيد آمن ليسكنه فالأب أحق وعنه الأم أحق فإن اختل شرط من ذلك فالمقيم منهما أحق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + حقها بإسقاطها فيه احتمالان
فائدة هل الحضانة حق للحاضن أو عليه فيه قولان وهل لمن له الحضانة أن يسقطها وينزل عنها فيه قولان وأنه لا تجب عليه خدمة الولد أيام حضانته إلا بأجرة إن قلنا الحق له وإلا وجبت عليه خدمته مجانا وللفقير الأجرة على القولين وإن وهبت الحضانة للأب وقلنا الحق لها لزمت الهبة ولم ترجع فيها وإن قلنا الحق عليها فلها العود إلى طلبها ذكره في الهدي ونسبه إلى أنه كلام أصحاب مالك ومتى أراد أحد الأبوين النقلة إلى بلد بعيد آمن ليسكنه فالأب أحق هذا هو المشهور سواء كان المقيم هو الأب أو المنتقل لأنه اختلف في مسكنهما فكان الأب أحق كما لو انتقلت من بلد إلى قرية وعنه الأم أحق وقيدها في الترغيب والمستوعب بإقامتها لأنها أتم شفقة أشبه ما لو لم يسافر واحد منهما وقيل للمقيم منهما وقال في الهدي إن أراد المنتقل مضارة الآخر وانتزاع الولد لم يجب إليه بل يعمل ما فيه مصلحة الولد وهو مراد الأصحاب لكن الأول هو الصحيح لأن الأب هو الذي يقوم بتأديب ولده وتخريجه وحفظ نسبه فإذا لم يكن في بلده ضاع أشبه ما لو كان في قرية والبعيد هو مسافة القصر جزم به الأكثر لأن ما دونه في حكم القريب ونصه ما لم يمكنه العود في يومه اختاره في المغني ونصره في الشرح لأن مراعاة الأب له ممكنة في ذلك بخلاف ما زاد فإن اختل شرط من ذلك فالمقيم منهما أحق لأنه لا معنى في انتزاعه وهو صور منها إذا كان السفر لحاجة ثم يعود فالمقيم أولى لأن
____________________
1-
(8/236)
فصل وإذا بلغ الغلام سبع سنين خير بين أبويه فكان مع من أختار منهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في المسافرة بالطفل إضرارا به وقيل للأم وقيل مع قربه ومنها إذا كان الطريق أو البلد الذي ينتقل إليه مخوفا فالمقيم أحق لأن في السفر خطرا أو تغريرا بالولد ومنها إذا كان للسكنى مع قربه فكذا وقيل للأم فلو انتقلا جميعا إلى بلد واحد فالأم على حضانتها وكما لو أخذه الأب ثم اجتمعا فإنه يعود حقها
فرع غير الأب من العصبات وغير الأم ممن له الحضانة يقوم مقامها في ذلك فصل
وإذا بلغ الغلام سبع سنين وهو عاقل خير بين أبويه على المذهب فكان مع من اختار منهما قضى به عمر رواه سعيد وعلي رواه الشافعي والبيهقي وعنه أبوه أحق وعنه أمه وقيل حتى يأكل ويشرب ويتوضأ ويلبس وحده فيكون أبوه أحق به بلا تخيير والأول هو المنصور لما روى أبو هريرة قال جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عنبة ونفعني فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت فأخذ بيد أمه فانطلقت به رواه الشافعي وأحمد والترمذي وصححه ورجاله ثقات ولأنه إذا مال إلى أحد أبويه دل على أنه أرفق به وأشفق عليه وقيد بالسبع لأنها أول حال أمر الشرع فيها بمخاطبته بالصلاة بخلاف الأم فإنها قدمت في حال الصغر لحاجته
____________________
1-
(8/237)
فإن أختار أباه كان عنده ليلا ونهارا ولا يمنع من زيارة أمه ولا تمنع هي تمريضه وإن اختار أمه كأن عندها ليلا وعند أبيه نهارا ليعلمه الصناعة والكتابة ويؤدبه فإن عاد فأختار الآخر نقل إليه ثم إن اختار الأول رد إليه فإن لم يختر أحدهما أقرع بينهما وإن استوى اثنان في الحضانة كالأختين قدم أحدهما بالقرعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إلى حمله ومباشرة خدمته لأنها أعرف بذلك وهذا إذا كانا من أهل الحضانة فإن كانا معدومين أو من غير أهلها فإلى امرأة كأخته أو عمته فإنها تقوم مقام الأم فلو بلغ سبع سنين غير مميز أو خمس عشرة معتوها فأمه فلو اختار الصبي أباه ثم زال عقله رد إلى الأم وعلم منه أنه لا حضانة على البالغ الرشيد ويقيم أين شاء وأحب ويستحب ألا ينفرد عنهما فأما الجارية فليس لها ذلك ولأبيها منعها منه فإن لم يكن لها أب قام الولي مقامه فإن اختاره أباه كان عنده ليلا ونهارا ولا يمنع من زيارة أمه لما فيه من الإغراء بالعقوق وقطيعة الرحم ولا تمنع هي تمريضه لأنه صار بالمرض كالصغير في الحاجة وإن اختار أمه كان عندها ليلا لأنه مستحق الحضانة وعند أبيه نهارا ليعلمه الصناعة والكتابة ويؤدبه لأن ذلك هو القصد من حفظ الولد فإن عاد فاختار الآخر نقل إليه ثم إن اختار الأول رد إليه هكذا أبدا لأن هذا اختيار تشه وقد يشتهي أحدهما في وقت دون آخر فأتبع بما يشتهيه وقيل إن أسرف تبين قلة تمييزه أخذته أمه وقيل يقرع بينهما ولا يقر بيد من لا يصونه ويصلحه فإن لم يختر أحدهما أقرع بينهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر وفي الترغيب احتمال أمه أحق كبلوغه غير رشيد وإذا قدم أحدهما بالقرعة ثم اختار الآخر نقل إليه وإن استوى اثنان في الحضانة كالأختين قدم أحدهما بالقرعة أي قبل السبع ويكون لمن اختاره الطفل بعدها إن خير
____________________
1-
(8/238)
وإذا بلغت الجارية سبعا كانت عند أبيها ولا تمنع الأم من زيارتها وتمريضها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فرع سائر العصبة كالأب في التخيير والإقامة والنقلة بالطفل إن كان محرما وذو الحضانة من عصبة وذوي رحم في التخيير مع الأم كالأب وحضانة رقيق لسيده فإن كان بعضه حرا تهيأ فيه سيده وقريبه وإذا بلغت الجارية سبعا كانت عند أبيها لأن الغرض من الحضانة الحضن وهو لها بعد السبع لأنها تحتاج إلى الحفظ وإنما تخطب من أبيها فكان أولى من غيره وعنه الأم أحق قال في الهدي وهي الأشهر عن أحمد وأصح دليلا وعنه تخير وجوابه أن الشرع لم يرد بها فيها والفرق بينهما واضح والمذهب الأول تبرعت بحضانته أم لا وعنه بعد تسع فإن بلغت فهي عنده حتى يتسلمها زوج وعنه عندها وقيل إن حكم برشدها فحيث أحبت كغلام وقاله في الواضح وخرجه على عدم إجبارها والمراد بشرط كونها مأمونة ولا تمنع الأم من زيارتها وتمريضها لأن الحاجة داعية إلى ذلك وهي أحق بالسهر والصيانة لأنها مخدرة بخلاف أمها فإن تخرجت وعرفت وعقلت فلا يخاف عليها فرع لم أقف في الخنثى المشكل بعد البلوغ على نقل والذي ينبغي أن يكون كالبنت البكر حتى يجيء في جواز استقلاله وانفراده عن أبويه الخلاف والله أعلم
____________________
1-
(8/239)
= كتاب الجنايات = القتل على أربعة أضرب عمد وشبه عمد وخطأ وما أجرى مجرى الخطأ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب الجنايات =
وهي جمع جناية وجمعت وإن كانت مصدرا لتنوعها إلى عمد وخطأ والمراد بها جنايات الجراحة ونحوها وهي كل فعل عدوان على نفس أو مال لكنها في العرف مخصوصة بما يحصل فيه التعدي على الأبدان بما يوجب قصاصا أو نحوه وسموا الجناية على الأموال غصبا ونهبا وسرقة وإتلافا وأجمع العلماء على تحريم القتل بغير حق وسنده قوله تعالى { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } وقوله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة متفق عليه من حديث ابن مسعود فإذا فعل ثم تاب قبلت عند الأكثر للآية والخبر المتفق عليه وكالكافر وعنه لا تقبل ذكرها أبو الخطاب في انتصاره وهي قول ابن عباس لقوله تعالى { ومن يقتل مؤمنا متعمدا } وحملت على من قتله مستحلا ولم يتب أو على أن هذا جزاؤه إن جازاه الله تعالى
القتل على أربعة أضرب عمد وشبه عمد وخطأ وما أجري مجرى الخطإ كذا ذكره المؤلف تبعا لأبي الخطاب وجزم به في الوجيز ووجهه أنه إذا قصد قتله بما يصلح غالبا عرفا فهو عمد وإن كان بما لا يصلح للقتل غالبا فهو شبه عمد وإن لم يقصد القتل فهو خطأ وما ألحق به كالقتل بالسبب وكالنائم
____________________
1-
(8/240)
فالعمد أن يقتله بما يغلب على الظن موته به عالما بكونه آدميا معصوما وهو تسعة أقسام أحدهما أن يجرحه بماله مور في البدن من حديد أو غيره مثل أن يجرحه بسكين أو يغرزه بمسلة فيموت إلا أن يغرزه بإبرة أو شوكة ونحوهما في غير مقتل فيموت في الحال ففي كونه عمدا وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ينقلب على إنسان لكن الأولى أن الحكم الشرعي لا يزيد على ثلاثة عمد وشبه عمد وخطأ صرح به الخرقي والمؤلف في الكافي والمجد في محرره والجد في فروعه لأن ما أجري مجرى الخطإ الخطإ لأن فاعله لم يقصده إذ هو من فعل من لا يصح قصده فالعمد يختص القود به أن يقتله بما يغلب على الظن موته به عالما بكونه آدميا معصوما هذا بيان للعمد الموجب للقصاص شرعا فالأول احتراز من شبه العمد والثاني احتراز من الخطإ والثالث وهو معصوما احتراز من الحربي ونحوه لأنه غير معصوم وهو تسعة أقسام وسيأتي بيانها أحدها أن يجرحه بماله أمور أي نفوذ في البدن من حديد أو غيره كرصاص وذهب وفضة فهذا كله إذا جرحه جرحا كبيرا فمات فهو عمد بغير خلاف نعلمه ولو طالت علته منه مثل أن يجرحه بسكين أو يغرزه بمسلة فيموت فهذا عمد محض ثم أشار إلى محل الخلاف فقال إلا أن يغرزه بإبرة أو شوكة ونحوهما كشرطة الحجام في غير مقتل فيموت في الحال ففي كونه عمدا وجهان وجملته أنه إذا جرحه جرحا صغيرا في غير مقتل فمات في الحال فقال ابن حامد لا قود فيه لأن الظاهر أنه لم يمت منه كالعصي والثاني وهو الأشهر فيه القصاص وهو ظاهر الخرقي لأن المحدد لا يعتبر فيه غلبة الظن في حصول القتل به بدليل ما لو قطع شحمة أذنه أو أنملته ولأنه لما لم يمكن إدارة الحكم وضبطه بغلبة الظن وجب ربطه بكونه محددا ولأن في البدن مقاتل خفية وهذا له
____________________
1-
(8/241)
وأن بقي من ذلك ضمنا حتى مات أو كان الغرز بها في المقتل كالفؤاد والخصيتين فهو عمد محض وإن قطع سلعة من أجنبي بغير إذنه فمات فعليه القود وإن قطعها حاكم من صغير أو وليه فمات فلا قود الثاني أن يضربه بمثقل كبير فوق عمود الفسطاط (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + سراية ومور أشبه الجرح الكبير وإن بقي من ذلك ضمنا أي متألما وهو بفتح الضاد وكسر الميم وقال الجوهري هو الذي به الزمانة في جسده وقيل هو الذي لزمته علة حتى مات فاتفقوا على أن فيه القود قاله في الشرح والترغيب لأن الظاهر أنه مات منه وقيل لا يجب به القصاص لأنه لما احتمل حصول الموت بغيره ظاهرا كان شبهة في درء القصاص أو كان الغرز بها في مقتل كالفؤاد والخصيتين والعين والخاصرة والصدغ وأصل الأذن فهو عمد محض لأن الإصابة بذلك في مقتل كالإصابة بالسكين في غير مقتل وكذا إن بالغ في إدخال الإبرة ونحوها في البدن لأنه يشتد ألمه ويؤدي إلى القتل كالكبير وإن قطع سلعة خطرة أو بطها من أجنبي بغير إذنه فمات فعليه القود لأنه متعد بفعله أشبه ما لو قتله وإن قطعها حاكم من صغير أو مجنون أو وليه فمات فلا قود جزم به في الوجيز لأنه فعله لمصلحته أشبه ما لو ختنه ولو عبر بقوله إن قطعها من صغير ونحوه وليه لكان أولى لشموله الحاكم وغيره الثاني أن يضربه بمثقل كبير فوق عمود الفسطاط وهو بيت من شعر وعموده الخشبة التي يقوم عليها قال القاضي وهو ما فيه دقة ورشاقة وحاصله أنه إذا قتله بمثقل يغلب على الظن حصول الزهوق به عند استعماله فهو عمد موجب للقصاص وهو قول النخعي والزهري وابن سيرين والأكثر لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى } ولما روى أنس أن يهوديا قتل
____________________
1-
(8/242)
او بما يغلب على الظن انه يموت به كاللت والكوذين والسندان أو حجر كبير أو يلقي عليه حائطا أو سقفا أو يلقيه من شاهق أو يعيد الضرب بصغير أو يضربه به في مقتل أو في حال ضعف قوة من مريض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + جارية على أوضاح لها بحجر فقتله النبي صلى الله عليه وسلم بين حجرين ولما روى أبو هريرة قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يؤدى وإما أن يقاد متفق عليهما ولأن المثقل يقتل غالبا فوجب القصاص به كالمحدد ومقتضاه أنه إذا ضربه بمثل عمود الفسطاط أنه لا يجب القود نص عليه لأنه عليه السلام لما سئل عن المرأة التي ضربت جارتها بعمود الفسطاط فقتتلها وجنينها فقضا في الجنين بغرة وقضى بالدية على عاقلتها ولا شك أن العاقلة لا تحمل ما يوجب القصاص ونقل ابن مشيش عنه أنه يجب ولعله ضربه بالعمود الذي يتخذه الترك لخيمتهم فإنه يقتل غالبا أو بما يغلب على الظن أنه يموت به كاللت وهو بضم اللام نوع من آلة السلاح معروف في زماننا وهو لفظ مولد ليس من كلام العرب والكوذين وهو لفظ مولد أيضا وهو عبارة عن الخشبة الثقيلة التي يدق بها الدقاق الثياب والسندان الظاهر أنه مولد وهو عبارة عن الآلة المعروفة من الحديد الثقيلة يعمل عليها الحداد صناعته أو حجر كبير لاشتراك الكل في كونه يقتل غالبا ولأن القصاص هنا لكونه مثقلا فلا أثر للفرق أو يلقي عليه حائطا أو سقفا أو يلقيه من شاهق لاشتراك الكل في القتل أو يعيد الضرب بصغير كالعصي والحجر الصغير لأن الإعادة تقوم مقام المثقل الكبير كذا نقله أبو طالب أو يضربه به مرة في مقتل لأن القتل حصل به وفيهما وجه في الواضح وفي الأولى في الانتصار هو ظاهر كلامه أو في حال ضعف قوة من مريض
____________________
1-
(8/243)
أو صغر أو كبر أو حر أو برد ونحوه الثالث ألقاه في زبية أسد أو أنهشه كلبا أو سبعا أو حية أو السعه عقربا من القواتل ونحو ذلك فقتله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو صغر أو كبر أو حر أو برد أو نحوه ) لأنه قتله بما يقتل غالبا أشبه المثقل الكبير ومثله لو قتله بلكمة ذكره ابن عقيل وفي الرعاية يعلمه وقيل أو يجهله فإن قال لم أقصد قتله لم يصدق ( الثالث ألقاه في زبية أسد ) الزبية بوزن غرفة وهي الرابية التي لا يعلوها الماء ( أو أنهشه ) بالمعجمة والمهملة سواء وقيل بالمهملة الأخذ بأطراف الأسنان وبالمعجمة بالأضراس ( كلبا أو سبعا أو حية أو ألسعة عقربا من القواتل ونحو ذلك فقتله ) نقول إذا جمع بينه وبين سبع أو نمر في مكان ضيق كزبية ونحوها فقتله فهو عمد فيه القود لأنه إذا تعمد الإلقاء فقد تعمد قتله بما يقتل غالبا وإن فعل به فعلا لو فعله الآدمي لم يكن عمدا لم يجب القود لأن السبع صار آلة للآدمي فكان فعله كفعله فإن ألقاه مكتوفا في فضاء فقتله فعليه القود وكذا إن جمع بينه وبين حية في مكان ضيق فنهشته وقتلته وقال القاضي لا يجب الضمان في الصورتين لأن الأسد والحية يهربان من الآدمي وجوابه أن هذا يقتل غالبا فكان عمدا محضا والأسد يأخذ الآدمي المطلق فكيف يهرب من مكتوف والحية إنما تهرب في مكان واسع وذكر القاضي فيمن ألقي مكتوفا في أرض مسبعة أو ذات حيات فقتلته أن في وجوب القصاص روايتين وهذا تناقض فإنه نفى الضمان بالكلية في صورة كان القتل فيها أغلب وأوجب القصاص في صورة كان فيها أندر والأصح أنه لا قصاص هنا ويجب الضمان لأنه فعل فعلا تلف به وهو لا يقتل مثله غالبا وقوله من القواتل يحترز به عن حية الماء وثعبان الحجاز أو سبع صغير فقيل هو شبه عمد كالسوط
____________________
1-
(8/244)
الرابع ألقاه في ماء يغرقه أو نار لا يمكنه التخلص منها الخامس خنقه بحبل أو غيره أو سد انفه وفمه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وكما لو كتفه وطرحه في أرض مسبعة فقتله سبع أو نهشته حية فمات وقيل عمد
فرع قال ابن حمدان إذا أغرى كلبه على رجل فقتله لم يضمن بخلاف ما لو عقره أو خرق ثوبه ( الرابع ألقاه في ماء يغرقه أو نار لا يمكنه التخلص منها ) فمات به لأن الموت حصل بعد فعل يغلب على الظن إسناد القتل إليه فوجب كونه عمدا وظاهره أنه إذا ألقاه في ماء يسير فلبث فيه اختيارا حتى مات فهدر وإن تركه في نار يمكنه التخلص منها فلم يخرج حتى مات فلا قود ولا يضمن في وجه لأنه مهلك لنفسه بإقامته كماء يسير في الأصح لكن يضمن ما أصابت النار منه ويضمنه في آخر لأنه جان بالإلقاء المفضي إلى الهلاك لأن يسير النار مهلك بخلاف يسير الماء وقيل إن قدر أن ينجو منهما فلم يفعل حتى مات وجبت الدية
مسألة إذا حفر في بيته بئرا وستره ليقع فيه أحد فوقع فمات وقد دخل بإذنه فهو عمد وقيل لا كما لو دخل بلا إذنه أو كانت مكشوفة بحيث يراها الداخل ويقبل قول المالك في عدم الإذن ( الخامس خنقه بحبل أو غيره ) وهو نوعان أحدهما أن يخنقه في حبل في عنقه ثم يعلقه في خشبة أو نحوها فيموت فهو عمد سواء مات في الحال أو بقي زمنا لأن هذا جرت به عادة اللصوص والمفسدين الثاني أن يخنقه وهو على الأرض ( أو سد أنفه و فمه ) حتى مات أي فعل ذلك في مدة يموت في مثلها غالبا فهو عمد وهو قول عمر بن عبد العزيز والنخعي وإن كان في مدة لا يموت في
____________________
1-
(8/245)
أو عصر خصيتيه حتى مات السادس حبسه ومنعه الطعام والشراب حتى مات جوعا وعطشا في مده يموت في مثلها غالبا السابع سقاه سما لا يعلم به أو خلطه بطعام فأطعمه أو خلطه بطعامه فأكله وهو لا يعلم به فمات فإن علم آكله به وهو بالغ عاقل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مثلها غالبا فهو عمد خطإ ذكره في المغني والشرح وظاهره أنه يعتبر سدهما جميعا لأن الحياة في الغالب لا تفوت إلا بسدهما نقل أبو داود إذا غمه حتى يقتله قتل به ( أو عصر خصيتيه حتى مات ) أي عصرهما عصرا يقتله غالبا فمات أو بقي سالما من ذلك كله مدة يموت فيها غالبا فالقود وإن صح ثم مات لم يضمنه لأنه لم يقتله أشبه ما لو برئ الجرح ثم مات ( السادس حبسه ومنعه الطعام والشراب ) ويتعذر عليه الطلب حتى مات جوعا وعطشا في مدة يموت في مثلها غالبا لأن الله تعالى أجرى العادة بالموت عنده فإذا تعمده الإنسان فقد تعمد القتل وقوله في مدة يموت في مثلها غالبا لأن الناس يختلفون في ذلك لأن الزمان إذا كان شديد الحرارة وكان الشخص جائعا مات في الزمان القليل وإن كان شبعان والزمن معتدل أو بارد لم يمت إلا في الزمن الطويل و مقتضاه أنه إذا كان في مدة لا يموت في مثلها غالبا فهو عمد الخطإ وإن شككنا فيها لم يجب لم يجب القود أو ترك الأكل والشرب مع القدرة فمات فهدر ( السابع سقاه سمعا لا يعلم به ) فمات فعليه القود لأنه فعل فعلا يقتل مثله غالبا فكان عمدا كما لو ضربه بمجدد ( أو خلطه ) سما ( بطعام فأطعمه أو خلطه بطعامه فأكله وهو لا يعلم به فمات ) لما روى أنس أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها النبي صلى الله عليه وسلم فاعترفت فأمر بقتلها رواه أبو داود وأطلق ابن رزين فيما إذا ألقمه سما أو خلطه به قولين ( فإن علم آكله به وهو بالغ عاقل ) فلا ضمان عليه أشبه ما لو قدم
____________________
1-
(8/246)
أو خلطه بطعام نفسه فأكله إنسان بغير إذنه فلا ضمان عليه فان ادعى القاتل بالسم أنني لم اعلم انه سم قاتل لم يقبل قوله في أحد الوجهين ويقبل في الأخر ويكون شبه عمد الثامن أن يقتله بسحر يقتل مثله غالبا التاسع أن يشهدا على رجل بقتل عمد او رده أو زنى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إليه سكينا فقتل بها نفسه وعلم منه أنه يشترط لنفي الضمان أمران البلوغ والعقل لأن الصبي والمجنون لا عبرة بفعلهما ويشترط له أيضا شرط آخر لم يذكره المؤلف وهو العلم بكون السم قاتلا لأن من جهل ذلك لا يصح أن يقال علم بكونه قاتلا ذكره ابن المنجا إذ هو شيء يضاد القوة الحيوانية ( أو خلطه بطعام نفسه فأكله إنسان بغير إذنه فلا ضمان عليه ) لأنه لم يقتله وإنما الداخل قتل نفسه أشبه ما لو حفر في داره بئرا ليقع فيها اللص إذا دخل يسرق منها وكذا لو دخل بإذنه فأكل الطعام المسموم بلا إذنه ( فإن ادعى القاتل بالسم أنني لم أعلم أنه سم قاتل لم يقبل قوله في أحد الوجهين ) جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع لأن السم يقتل غالبا أشنه ما لو جرحه وقال لا أعلم أنه يموت به ( ويقبل في الآخر ) وقيل ويجهله مثله لأنه يجوز أن يخفي عليه أنه قاتل وهذا شبهة تسقط القود ( ويكون شبه عمد ) لأنه من حيث أنه قصد فعل الشيء الداعي إلى القتل بشبه العمد كما لو كان لا يقتل مثله غالبا ( الثامن أن يقتله بسحر يقتل مثله غالبا ) إذا كان الساحر يعلم ذلك أشبه المحدد وكذا إذا بقي مدة يموت في مثلها غالبا ومقتضاه أنه إذا كان مما لا يقتل غالبا أنه خطأ العمد وعلى الأول لو ادعى الجهل بكونه يقتل ومثله يجهله أو كان غير قاتل أو ادعى قاتل المريض الجهل بمرضه في وجه فشبه عمد ( التاسع أن يشهدا على رجل بقتل عمد أو ردة أو زنى ) كذا في المحرر وعبارة الوجيز والفروع ولو شهدت بينة
____________________
1-
(8/247)
فيقتل بذلك ثم يرجعا ويقولا عمدنا قتله أو الحاكم علمت كذبهما وعمدت قتله أو يقول الولي ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بما يوجب قتله وهي أحسن ( فيقتل بذلك ثم يرجعا ) أو يرجع واحدا من ستة ذكره في الروضة ( ويقولا عمدنا قتله ) وفي الكافي وعلمنا أنه يقتل وفي المغني لم يجز جهلهما به وفي الترغيب وفي الرعاية وكذبتهما قرينة فعليهما القود لما روى القاسم بن عبد الرحمن أن رجلين شهدا عند علي رضي الله عنه أنه سرق فقطعه ثم رجعا عن شهادتهما فقال علي لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما ولأنهما توصلا إلى قتله بسبب يقتل غالبا أشبه المكره ( أو يقول الحاكم علمت كذبهما وعمدت قتله أو يقول الولي ذلك ) لزم القود لأنهما في معنى الشهود فكان الحاصل بسببهما عمدا كالقتل الحاصل بسبب الشاهدين فلو أقر الشاهدان والحاكم والولي جميعا بذلك فعلى الولي القصاص لأنه باشر القتل عمدا وعدوانا وقال في الشرح ينبغي ألا يجب على غيره شيء لأنهم متسببون والمباشرة تبطل حكم التسبب كالدافع مع الحافر وفي الترغيب وجه هما كممسك مع مباشر وإن لم يقر الولي فالقصاص على الشهود والحاكم لأنهم متسببون وحاصله أنه يختص بالمباشر العالم ثم وليا ثم البينة والحاكم وقيل ثم حاكما لأن سببه أخص من البينة فإن حكمه واسطة بين شهادتهم وقتله فلو باشر القتل وكيل الولي وأقر بالعلم وتعمد القتل ظلما فهو القاتل وإلا فالحكم يتعلق بالولي وقيل في قتل حاكم وجهان كمزك فإن المزكي لا يقتل عند القاضي لأنه غير ملجئ ويقتل عند أبي الخطاب وغيره وإذا صار الأمر إلى الدية على البينة والحاكم فقيل على عددهم وقيل نصفين ولو رجع الولي والبينة ضمنه الولي
____________________
1-
(8/248)
فهذا كله عمد محض موجب للقصاص إذا كملت شروطه فصل وشبه العمد أن يقصد الجناية بما لا يقتل غالبا فيقتل إما لقصد العدوان عليه أو لقصد التأديب له فيسرف فيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا قال بعضهم عمدت قتله وبعضهم أخطأت فلا قود على المتعمد على الأصح وعليه بحصته من الدية المغلظة و المخطئ من المخففة ولو قال كل واحد تعمدت وأخطأ شريكي فوجهان في القود ولو قال كل واحد عمدنا والآخر أخطأنا لزم المقر بالعمد القود والآخر نصف الدية ( فهذا كله ) أي الأقسام التسعة وشبهه ( عمد محض ) أي لا شبهة فيه ( موجب للقصاص ) بغير خلاف نعلمه ( إذا كملت شروطه ) أي بالشروط السابقة فصل
( وشبه العمد أن يقصد الجناية بما لا يقتل غالبا ) هذا بيان لشبه العمد سمي بذلك لأنه قصد الفعل وأخطأ في القتل وسمي خطأ العمد وعمد الخطإ لاجتماعهما فيه فقوله يقصد الجناية يحترز به عن الخطإ وبما لا يقتل غالبا يحترز به عن العمد المحض زاد في المحرر والوجيز والفروع ولم يجرحه بها وقال جماعة ولم يقصد قتله ( فيقتل إما لقصد العدوان عليه أو لقصد التأديب له فيسرف فيه ) فهذا لا قود فيه في قول الأكثر لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال عقل شبه العمد مغلظ مثل عقل العمد ولا يقتل صاحبه رواه أحمد وأبو داود وعن عبد الله بن عمرو مرفوعا ألا إن في قتل الخطإ شبه العمد قتيل السوط والعصا فيه مائة من الإبل ومنها أربعون في بطونها أولادها رواه أبو داود وابن ماجة
____________________
1-
(8/249)
نحو أن يضره بسوط أو عصا أو حجر صغير أو يلكزه أو يلقيه في ماء قليل أو يسحره بما لا يقتل غالبا أو يصيح بصبي أو معتوه وهما على لسطح فيسقطان أو يقتل عاقلا فيصبح به فيسقط أو نحو ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولهم من حديث ابن عمر مثله ورواهما النسائي والدارقطني مسندا ومرسلا سماه خطأ العمد وأوجب فيه الدية لا القصاص وهذا قسم ثبت بالسنة والقسمان الآخران ثبتا بالكتاب ( نحو أن يضربه بسوط أو عصا أو حجر صغير ) لأن العادة لم تجر بقتله بذلك ( أو يلكزه ) اللكز الضرب بجميع الكف أي موضع من جسده وقال في النهاية هو الضرب بالكف في الصدر ( أو يلقيه في ماء قليل أو يسحره بما لا يقتل غالبا ) والمرجع في ذلك إلى أهل العلم به لأن ما يقتل غالبا هو عمد ( أو يصيح بصبي أو معتوه ) وفي الواضح أو امرأة وقيل أو مكلف ( وهما على سطح فيسقطان ) لأن الصياح في العادة لا يقتل غالبا فإذا تعقبه الموت كان شبه عمد ( أو يغتفل عاقلا فيصيح به فيسقط أو نحو ذلك ) كذهاب عقله فالدية على العاقلة لما روى أبو هريرة قال اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن دية جنينها عبد أو وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها متفق عليه فأوجب ديتها على العاقلة وهي لا تحمل العمد نقل الفضل في رجل بيده سكين فصاح به رجل فرمى بها فعقرت رجلا هل على من صاح به شيء قال هذا أخشى عليه قد صاح به
فرع إذا أمسك الحية كمدعي المشيخة فقتلته فقاتل نفسه وإن قيل إنه ظن أنها لا تقتل فشبه عمد بمنزلة من أكل حتى بشم فإنه لم يقصد
____________________
1-
(8/250)
فصل و الخطأ على ضريبن أحدهما ان يرمي الصيد أو يفعل ماله فعله فيقتل إنسانا فعليه الكفارة و الدية على العاقلة الثاني أن يقتل في دار الحرب من يظنه حربيا و يكون مسلما أو يرمي الى صف الكفار فيصيب مسلما أو يتترس الكفار بمسلم و يخاف على المسلمين إن يرمهم فيرميهم فيقتل المسلم فهذا فيه الكفارة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قتل نفسه وإمساك الحيات جناية وهو محرم ذكره الشيخ تقي الدين فصل
( والخطأ على ضربين أحدهما أن يرمي الصيد أو يفعل ماله فعله فيقتل إنسانا فعليه الكفارة و الدية على العاقلة ) قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه أن القتل الخطإ أن يرمي شيئا فيصيب غيره لا أعلمهم يختلفون وتجب الكفارة على القاتل لقوله تعالى { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } فالدية على العاقلة لأنها إذا وجبت الدية عليها في شبه العمد فلأن تجب في الخطأ بطريق الأولى ولأن الخطأ يكثر فلو وجبت الدية على القاتل لأجحف به فناسب تعليقها بالعاقلة لتحصيل مجموع الأمرين من إيفاء المجني عليه حقه مع عدم الإجحاف بالجاني
مسألة من قال كنت يوم قتله صغيرا أو مجنونا وأمكن صدق بيمينه
( الثاني أن يقتل في دار الحرب من يظنه حربيا ويكون مسلما أو يرمي إلى صف الكفار فيصيب مسلما أو يتترس الكفار بمسلم ويخاف على المسلمين إن لم يرمهم فيرميهم فيقتل المسلم فهذا فيه الكفارة ) وروى عن ابن عباس وقاله عطاء ومجاهد وعكرمة وقتادة وغيرهم لقوله تعالى { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة }
____________________
1-
(8/251)
و في وجوب الدية على العاقلة روايتان و الذي أجري مجرى الخطأ كالنائم ينقلب على إنسان فيقتله أو يقتل بالسبب مثل أن يحفر بئرا أو ينصب سكينا أو حجرا فيؤول الى أتلاف إنسان و عند الصبي و المجنون فهذا كله لا قصاص فيه و الدية على العاقلة و عليه الكفارة في ماله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ( وفي وجوب الدية على العاقلة روايتان ) إحداهما تجب لقوله تعالى { ومن قتل مؤمنا خطأ } الآية للخبر السابق ولأنه قتل مسلما خطأ فوجبت كما لو كان في دار الإسلام والثانية لا تجب وهي ظاهر المذهب لقوله تعالى { فإن كان من قوم عدو لكم } الآية فلم يذكر دية في هذا القسم وذكرها في الذي قبله وبعده وهذا ظاهر في أنها غير واجبة وبها يحض عموم ما ذكر وعنه تجب في الأخيرة وفي عيون المسائل عكسها لأنه فعل الواجب هنا ( والذي أجري مجرى الخطإ كالنائم ينقلب على إنسانا فيقتله أو يقتل بالسبب مثل أن يحفر بئرا أو ينصب سكينا أو حجرا ) تعديا ولم يقصد جناية ( فيؤول إلى إتلاف إنسان ) لأنه يشارك الخطأ في الإتلاف وأنما لم يجعل خطإ لعدم القصد في الجملة وقال بعض أصحابنا الأقسام ثلاثة فيكون ما ذكر خطأ وصرح به في الفروع قال في المحرر والقتل بالسبب ملحق بالخطأ إذا لم يقصد به الجناية فإن قصدها فشبه عمد وقد يقوى فيلحق بالعمد كما ذكرنا في الإكراه والشهادة ( وعمد الصبي والمجنون فهذا كله لا قصاص فيه ) لأنه إذا لم يجب بالخطأ فهذا أولى ( والدية على العاقلة ) لأنها تحمل دية الخطأ فما أجري مجراه كذلك وعليه الكفارة في ماله لأن الأمر في الخطإ كذلك في الذي أجري مجراه
____________________
1-
(8/252)
فصل و تقتل الجماعة بالواحد و عنه لا يقتلون و المذهب الاول (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل ( وتقتل الجماعة بالواحد ) على الأشهر لما روى ابن عمر أن غلاما قتل غيلة فقال عمر لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلهم رواه البخاري وهذا إذا كان فعل كل واحد منهم صالحا للقتل به وإلا فلا ما لم يتواطؤوا على ذلك ( وعنه لا يقتلون ) نقلها حنبل روي ذلك عن ابن عباس وابن الزبير لقوله تعالى { النفس بالنفس } يدل على أنه لا يوجد أكثر من نفس واحدة بنفس واحدة ولأن كل واحد من الجماعة مكافيء للمقتول فلا يؤخذ أبدال بمبدل واحد كما لا تؤخذ ديات بمقتول واحد ولأن التفاوت في الأوصاف يمنع بدليل أن الحر لا يؤخذ بالعبد فالتفاوت في العدد أولى و عليها تلزمهم دية واحدة قال ابن المنذر لا حجة مع من أوجب قتل الجماعة بواحد وعلى الأولى تلزمهم دية واحدة نص عليه وهو أشهر كخطأ و نقل ابن ماهان تلزمهم ديات كما لو انفرد كل واحد منهم ونقل ابن منصور والفضل إن قتله ثلاثة فله قتل أحدهم والعفو عن آخر وأخذ الدية كاملة من أحدهم ( والمذهب الأول ) لقوله تعالى { ولكم في القصاص حياة } لأنه إذا علم أنه متى قتل قتل به انكف عنه فلو لم يشرع القصاص في الجماعة بالواحد لبطلت الحكمة في مشروعية القصاص ولإجماع الصحابة فروى سعيد عن هشيم عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر قتل سبعة من أهل صنعاء قتلوا رجلا وعن علي وابن عباس معناه ولم نعرف لهم في عصرهم مخالفا فكان كالإجماع ولأنها عقوبة تجب للواحد على الواحد
____________________
1-
(8/253)
وإن جرحه أحدهما جرحا و الأخر مائة فيما سواء في القصاص و الدية وإن قطع أحدهما من الكوع ثم قطعه الآخر من المرفق فهما قاتلان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فوجبت على الجماعة كحد القذف والفرق بين قتل الجماعة والدية أن الدم لا يتبعض بخلاف الدية وهذا إذا قلنا إن موجب العمد أحد شيئين القصاص أو الدية فمتى عفا عن القود تعينت الدية وإن قلنا موجبة القود فقط فللأولياء أن يعفو عن القليل والكثير من غير تقدير ( وإن جرحه أحدهما جرحا والآخر مائة ) جرح أو أوضحه أحدهما أو شجه الآخر آمة أو أحدهما جائفة والآخر غير جائفة ( فهما سواء في القصاص والدية ) لأن اعتبار التساوي يفضي إلى سقوط القصاص عن المشتركين إذ لا يكاد جرحان يتساويان من كل وجه ولو احتمل التساوي لم التساوي لم يثبت الحكم لأن الشرط يعتبر العلم بوجوده ولا يكتفى باحتمال الوجود بل الجهل بوجوده كالعلم بعدمه في انتفاء الحكم ولأن الجرح الواحد يحتمل أن يموت به دون المائة
فرع إذا اشترك ثلاثة فقطع أحدا يده والآخر رجله والثالث أوضحه فمات فللولي قتل جميعهم والعفو عنهم إلى الدية ويأخذ من كل واحد ثلثها وله أن يعفو عن واحد فيأخذ منه ثلث الدية ويقتل الآخرين وأن يعفو عن اثنين فيأخذ منهما ثلثي الدية ويقتل الثالث
وإن قطع أحدهما من الكوع ثم قطعه الآخر من المرفق فهما قاتلان أي فهما سواء في القصاص أو الدية إذا قطع الثاني قبل بروء جراحة الأول على المذهب لأنهما قطعان فإذا مات بعدهما وجب عليهما القصاص كما لو كانا في يدين وقيل القاتل هو الثاني فيقاد الأول لأن قطع الثاني قطع
____________________
1-
(8/254)
و إن فعل أحدهما فعلا لا تبقى الحياة منه كقطع حشوته أو مرئيه أو ودجيه ثم ضرب عنقه آخر و فالقاتل هو الاول و يعزر الثاني و إن شق الاول بطنه أو قطع يده ثم ضرب الثاني عنقه فالقاتل هو الثاني و على الاول ضمان ما أتلف بالقصاص أو الدية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + سراية قطعه ومات بعد زوال جنايته وعلى الأول إن سقط القود بعفو غرما ديته نصفين وإن اندمل الجرحان فعلى من قطع من الكوع القود وعلى الآخر حكومة وعنه ثلث دية اليد ولو قتلوه بأفعال لا يصلح واحد لقتله نحو أن يضربه كل منهم سوطا في حاله أو متواليا فلا قود وفيه عن تواطىء وجهان قاله في الترغيب وإن فعل أحدهما فعلا لا تبقى الحياة معه كقطع حشوته بضم الحاء وكسرها أمعاؤه أو مريئه بالهمز وهو مجرى الطعام والشراب في الحلق ( أو ودجيه ) بفتح الواو وكسرها والودجان هما عرقان في العنق ( ثم ضرب عنقه آخر فالقاتل هو الأول ) لأن الحياة لا تبقى مع جنايته ( ويعزر الثاني كما لو جنى على ميت فلهذا لا يضمنه ودل على أن هذا التصرف فيه كميت لو كان عبدا فلا يصح بيعه كذا جعلوا الضابط من يعيش مثله ومن لا يعيش وكذا علل الخرقي المسألتين مع أنه قال في الذي لا يعيش خرق بطنه وأخرج حشوته فقطعها فأبانها منه وهذا يقتضي أنه لو لم يبنها لم يكن حكمه كذلك مع أنه بقطعها لا يعيش فاعتبر كونه لا يعيش في موضع خاص فتعميم الأصحاب فيه نظر ( وإن شق الأول بطنه أو قطع يده ثم ضرب الثاني عنقه فالقاتل هو الثاني ) لأنه هو المفوت للنفس جزءا فعلى هذا عليه القصاص في النفس والدية إن عفا عنه لأنه لم يخرج بجرح الأول من حكم الحياة ( وعلى الأول ضمان ما أتلف لأنه حصل بجنايته ( بالقصاص أو الدية ) لأن الحياة تارة تكون موجبة للقصاص كقطع اليد عمدا وتارة لا تكون كذلك كقطعها خطأ لكن جرح الأول إن كان موجبا
____________________
1-
(8/255)
وان رماه من شاهق فتلقاه أخر بسيف فقده فالقاتل هو الثاني و إن رماه في لجة فتلقاه حوت فابتلعه فالقود على الرامي في أحد الوجهين و إن أكره إنسانا على القتل فقتل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + للقصاص خير بين قطع طرفه والعفو عن ديته والعفو مطلقا وإن كان لا يوجب قودا كالجائفة فعليه الأرش وإنما جعلنا عليه القصاص لأن الثاني بفعله قطع سراية الأول وإن كان جرح الأول يفضي إلى الموت لا محالة إلا أنه لا يخرج به من حكم الحياة وتبقى معه الحياة المستقرة فالقاتل هو الثاني لأن عمر لما جرح وسقي لبنا فخرج من جوفه فعلم أنه ميت وعهد إلى الناس وجعل الخلافة في أهل الشورى فقبل الصحابة عهده وعملوا به ( وإن رماه من شاهق فتلقاه آخر بسيف فقده فالقاتل هو الثاني ) لأنه فوت حياته قبل المصير إلى حال ييأس فيها من حياته أشبه ما لو رماه بسهم فبادره آخر فقطع عنقه قبل وصول السهم إليه ولأن الرمي سبب والقتل مباشرة ( وإن رماه في لجة فتلقاه حوت فابتلعه فالقود على الرامي في أحد الوجهين ) جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع وهو المذهب لأنه تسبب إلى قتله ولم توجد مباشرة فصلح إسناد القتل إليه فوجب أن يعمل السبب عمله وبه فارق بما تقدم والثاني لا قود عليه لأنه متسبب والإتلاف حصل بالمباشرة وهو يوجب قطع التسبب وكما لو منعه موج أو غيره أو كان الماء غير مغرق والأول أصح لأن قطع التسبب لا يكون إلا بشرط صلاحية إسناد التلف إلى المباشرة وهو مفقود هنا وعلى هذا لا فرق بين أن يلتقمه قبل أن يمس الماء أو بعده وقيل إن التقمه بعد حصوله فيه قبل غرقه وقيل شبه عمد ومع قلة فإن علم بالحوت فالقود وإلا دية ( وإن أكره إنسانا ) مكلفا ( على القتل ) أي على قتل مكافئه ( فقتل
____________________
1-
(8/256)
فالقصاص عليهما و إن أمر من لا يميز أو مجنونا أو عبده الذي لا يعلم أن القتل محرم فقتل فالقصاص على الآمر و إن أمر كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل فقتل فالقصاص على القاتل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فالقصاص ) أو الدية قاله في المحرر والوجيز ( عليهما ) لأن المكره تسبب إلى قتله بما يفضي إليه غالبا أشبه ما لو أنهشه حية والمكره قتله ظلما لاستبقاء نفسه كما لو قتله في المجاعة ليأكله فعلى هذا إن صار الأمر إلى الدية فهي عليهما كالشريكين وفي الموجز إذا قلنا تقتل الجماعة بالواحد وخصه بعضهم بمكره ويتوجه عكسه لا يقال المكره ملجأ لأنه غير صحيح لأنه متمكن من الامتناع ولهذا يأثم بالقتل وقوله عليه السلام عفي لأمتي عما استكرهوا عليه محمول على غير القتل ( وإن أمر من لا يميز أو مجنونا ) أو أعجميا لا يعلم خطر القتل وفي الرعاية والفروع أو كبيرا يجهل تحريمه ( أو عبده الذي لا يعلم أن القتل محرم ) كمن نشأ في غير بلاد الإسلام ( فقتل فالقصاص على الآمر ) لأن القاتل هنا كالآلة أشبه ما لو أنهشه حية ونقل مهنا إذا أمر صبيا أن يضرب رجلا فضربه فقتله فعلى الآمر ولا شيء عليه بدفع سكين إليه ولم يأمره وفي الانتصار إن أمر صبيا وجب على آمره وشريكه في رواية وإن سلم لا يلزمهما فلعجزه غالبا وظاهره أنه إذا أقام في بلاد الإسلام بين أهله فلا يخفى عليه تحريم القتل ولا يعذر فيه إذا كان عالما وحينئذ يقتل العبد ويؤدب سيده الآمر نص عليه وعنه يقتل الآمر ويحبس العبد حتى يموت كممسكه وعلى أنه إذا أمره بزنى أو سرقة فعلى المباشر ( وإن أمر كبيرا عاقلا بتحريم القتل فقتل فالقصاص على القاتل ) بغير خلاف نعلمه لأنه مقتول ظلما فوجب عليه القصاص كما لو لم يؤمر وقال ابن المنجا
____________________
1-
(8/257)
و أن أمر السلطان بقتل إنسانا بغير حق من يعلم ذلك فالقصاص على القاتل و إن لم يعلم فعلى الآمر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المراد بالكبير هنا من يميز وليس بكبير فلا قود عليه ولا على الآمر لأنه غير مكلف ولأن تمييزه يمنع كونه كالآلة وليس بظاهر فرع إذا قال لغيره اقتلني أو اجرحني ففعل غير مكره وهما مكلفان فهدر نص عليه وعنه تلزم الدية وعنه عليه دية نفسه إرثا ويحتمل القود ولو قال ذلك عبد لمن يقتل به فقتله ضمنه لسيده بمال فقط نص عليه ولو قال اقتلني وإلا قتلتك فخلاف كإذنه وفي الانتصار لا إثم ولا كفارة وفي الرعاية اقتل نفسك وإلا قتلتك إكراه كاحتمال في اقتل زيدا أو عمرا وإن أمر السلطان بقتل إنسان بغير حق من يعلم ذلك فالقصاص على القاتل لأنه غير معذور في فعله لقوله عليه السلام لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولأن غير السلطان لو أمره في ذلك كان القصاص على المباشر علم أو لم يعلم ويحتمل إن خاف السلطان قتل كما لو أكره وإن لم يعلم فعلى الآمر لأن المأمور معذور لوجوب طاعة الإمام في غير المعصية والظاهر من حاله أنه لا يأمر إلا بالحق
فرع إذا أكره السلطان على قتل أحد بغير حق فالقود أو الدية عليهما فإن كان الإمام يعتقد جواز القتل دون المأمور كمسلم قتل ذمي فقال القاضي الضمان عليه دون الإمام لأنه قتل من لا يحل له قتله قال في المغني ينبغي أن يفرق بين المجتهد والمقلد فإن كان مجتهدا فهو كقول القاضي وإن كان مقلدا فلا ضمان عليه لأن له تقليد الإمام فيما رآه وإن كان الإمام يعتقد تحريمه والمأمور يعتقد حله فالضمان على الآمر كما لو أمر السيد عبده الذي
____________________
1-
(8/258)
و إن أمسك إنسانا لآخر فقتله فقتله قتل القاتل و حبس الممسك حتى يموت في إحدى الروايتين و الآخرى يقتل أيضا و إن كتف إنسانا وطرحه في أرض مسبعة او ذات حيات فقتله فحكمة حكم الممسك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لا يعتقد تحريم القتل به ( وإن أمسك إنسانا لآخر ليقتله فقتله قتل القاتل ) بغير خلاف نعلمه لأنه قتل من يكافئه عمدا بغير حق ( وحبس الممسك حتى يموت في إحدى الروايتين ) نصره في الشرح وقدمه في الفروع وجزم به في الوجيز لما روى ابن عمر مرفوعا قال إذا أمسك الرجل وقتله الآخر قتل القاتل ويحبس الذي أمسك رواه الدارقطني وروى الشافعي نحوه من قضاء علي رضي الله عنه ولأنه حبسه إلى الموت فيحبس الآخر عن الطعام والشراب حتى يموت ( والأخرى يقتل أيضا ) اختارها أبو محمد الجوزي وقدمها في الرعاية وادعاه سليمان بن موسى إجماعا لأن قتله قد حصل بفعلهما كما لو جرحاه لكن إن لم يعلم الممسك أنه يقتله إنه لا شيء عليه وكذا الخلاف لو فتح واحد فمه وسقاه آخر سما قاتلا فمات وجزم في الوجيز بقتله ومثله لو أمسكه ليقطع طرفه ذكره في الانتصار أو تبع رجلا ليقتله فهرب فأدركه آخر فقطع رجله ثم أدركه الثاني فقتله فإن كان الأول حبسه بالقطع ليقتله الثاني فعليه القود في القطع وحكمه في النفس حكم الممسك فإن لم يقصد حبسه فعليه القطع دون القتل كالذي أمسكه غير عالم ( وإن كتف إنسانا وطرحه في أرض مسبعة أو ذات حيات فقتلته فحكمه حكم الممسك ) ذكره القاضي قال المؤلف والصحيح أنه لا قصاص فيه لأنه لا يقتل غالبا وتجب فيه الدية لأنه فعل به فعلا متعمدا لا يقتل غالبا فهو شبه عمد فرع إذا أمسك زيد عبدا فقتله آخر ضمنه زيد ورجع على عاقلته
____________________
1-
(8/259)
فصل إن اشترك في القتل اثنان لا يجب القصاص على أحدهما كالأب و أجنبي في قتل الولد و الحر و العبد في قتل العبد و الخاطئ و العامد ففي وجوب القصاص على الشريك روايتان أظهرهما و جوبه على شريك الأب والعبد و سقوطه عن شريك الخاطىء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وله تضمين أيهما شاء وإن أمسكه لغير قتله لم يضمنه الممسك بحال قاله في الرعاية ومن تعرض لقتل زيد ولم يدفعه عن نفسه وسكت فقتله ضمنه إن قلنا الدية إرث وإن قلنا له فوجهان فصل
إن أشترك في القتل اثنان لا يجب القصاص على أحدهما كالأب وأجنبي في قتل الولد والحر والعبد في قتل العبد والخاطئ والعامد ففي وجوب القصاص على الشريك روايتان إحداهما لا قصاص عليه لأنه تركب من موجب وغير موجب فلم يجب القصاص لكون القتل لم يتمحض موجبا والثانية يجب على الشريك قدمها في الرعاية واختارها أبو محمد الجوزي لأن سقوطه عن شريكه لمعنى مختص به فلم ينفذ إلى غيره وكما لو أكره أبا على قتل ابنه أظهرهما وجوبه على شريك الأب والعبد لأن قتلهما محض عمد عدوان و لأنه شارك في القتل العمد العدوان فيقتل به كشريك الأجنبي وفعل الأب يقتضي الإيجاب لكونه تمحض عمدا عدوانا والجناية به أعظم إثما ولذلك خصه الله بالنهي وإنما امتنع الوجوب في حق الأب لمعنى مختص بالمحل لا لقصور في السبب الموجب وكذلك كل شريكين امتنع القود في حق أحدهما لمعنى فيه من غير قصور في السبب كمسلم وذمي في قتل ذمي وسقوطه عن شريك الخاطئ في قوله أكثر العلماء لأنه لم يتمحض عمدا فلم يجب به قود كشبه العمد وكما
____________________
1-
(8/260)
و في شريك السبع و شريك نفسه وجهان و لو جرحه إنسان عمدا فداوى جرحه بسم أو خاطه في اللحم أو فعل ذلك و ليه أو الأمام ففي وجوب القصاص على الجارح وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لو قتله واحد بجرحين عمدا وخطأ وكذا الخلاف لو أشترك المكلف وغير مكلف والأصح في المذهب أنه لا قصاص على البالغ وهو قول الحسن والأوزاعي لأنه شارك من لا أثم عليه في فعله كشريك خاطئ وفي شريك السبع وشريك نفسه وجهان وصورته أن يجرحه أسد أو نمر أو يجرحه إنسان ثم يجرح نفسه متعمدا وهما في شريك الولي المقتص وشريك القاطع حدا وشريك دفع الصائل أحدهما لا قصاص فيه لأنه شارك من لا يجب عليه القصاص كشريك الخاطئ بل أولى والثاني عليه القصاص واختاره أبو بكر وجزم به في الوجيز وهو المنصوص لأنه قتل عمد متمحض ووجب القصاص على الشريك كشريك الأب فأما إن جرح نفسه خطأ فلا قصاص على شريكه في الأصح وإذا قلنا لا قود عليه أو عدل إلى طلب المال منه لزمه نصف الدية وقيل يلزمه كما لها في شريك السبع خاصة وقيل يلزمه كما لها في شريكه المقتص وديه شريك مخطئ في ماله لا على عاقلته على الأصح قاله القاضي ولو جرحه إنسان عمدا فداوى جرحه بسم أو خاطه في اللحم الحي او فعل ذلك وليه أو الإمام فمات ففي وجوب القصاص على الجارح وجهان أحدهما لا قصاص عليه وهو أشهر لأن المداوي قصد مداواة النفس فكان فعله عمدا خطأ كشريك الخاطئ والثاني بلى لأنه شريك في القتل لكن إن كان سم ساعة يقتل في الحال فقد قتل نفسه وقطع سراية الجرح وجرى مجرى من ذبح نفسه بعد أن جرح وينظر في الجرح فإن مكان موجبا للقصاص فلوليه إستيفاؤه وإلا أخذ الأرش وإن كان السم لا يقتل غالبا ففعل الرجل في نفسه
____________________
1-
(8/261)
& باب شروط القصاص & و هي أربعة أحدها أن يكون الجاني مكلفا فإما الصبي و المجنون فلا قصاص عليهما و في السكران و شبهه روايتان أصحهما و جوبه عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عمد الخطإ وشريكه كشريك الخاطئ وإن خاطه غيره بغير إذنه كرها فهما قاتلان عليهما القود & باب شروط القصاص &
وهي أربعه وسيذكرها المؤلف أحدهما أن يكون الجاني مكلفا لأن القصاص عقوبة وغير المكلف ليس محلا لها فأما الصبي والمجنون فلا قصاص عليهما بغير خلاف لأن التكليف من شروطه وهو معدوم وكذا إذا كان زائل العقل بسبب يعذر فيه كالنائم والمغمى عليه لأنه لا قصد لهم صحيح فلو قال القاتل كنت يوم القتل صغيرا صأو مجنونا صدق مع الإمكان بيمينه وإن قال أنا الآن صغير فلا قود ولا يمين وفي السكران وشبهه كمن زال عقله بسبب غير معذور فيه كمن يشرب الأدوية المخبثة روايتان وذكر أبو الخطاب أن ذلك مبني على طلاقه وفيه روايتان فيكون في وجوب القصاص عليه وجهان أحدهما لا يجب عليه لأنه زائل العقل أشبه المجنون ولأنه غير مكلف أشبه الصبي أصحهما وجوبه عليه نصره في المغني والشرح وجزم به القاضي وصاحب الوجيز لأن الصحابة أوجبوا عليه حد القذف وإذا وجب الحد فالقصاص المتمحض حق آدمي أولى ولأنه يفضي إلى أن يصير عصيانه سببا لإسقاط العقوبة عنه و الطلاق قول يمكن إلغاؤه بخلاف القتل
____________________
1-
(8/262)
فصل الثاني أن يكون المقتول معصوما فلا يجب القصاص بقتل حربي و لا مرتد و لا زان محصن و إن كان القاتل ذميا ولو قطع مسلم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
الثاني أن يكون المقتول معصوما أي معصوم الدم لأن القصاص إنما شرع حفظا للدماء المعصومة وزجرا عن إتلاف البنية المطلوب بقاؤها وذلك معدوم في غير المعصوم فلا يجب القصاص بقتل حربي لا نعلم به خلافا ولا تجب بقتله دية ولا كفارة لأنه مباح الدم على الإطلاق كالخنزير ولأن الله تعالى أمر بقتله فقال { فاقتلوا المشركين } وسواء كان القاتل مسلما أو ذميا ( ولا مرتد لأنه مباح الدم أشبه الحربي ( ولا زان محصن ) أي لا يجب بقتله قصاص ولا دية ولا كفارة كالمرتد وحكي بعضهم وجها أن على عاقلته القود لأن قتله إلى الإمام كمن عليه القصاص إذا قتله غير مستحق وجوابه بأنه مباح الدم متحتم قتله فلم يضمن كالحربي وظاهره ولو قبل ثبوته عند حاكم قال في الرعاية والفروع والمراد قبل التوبة فهدر وإن بعدها إن قبلت ظاهرا فكإسلام طارىء فدل أن طرف محصن كمرتد لاسيما وقولهم عضو من نفس وجب قتلها ولكن يعزز للافتئات على ولي الأمر كمن قتل حربيا ( وإن كان القاتل ذميا فيه تنبيه على مساواة الذمي للمسلم في ذلك لأن القتل منهما صادف محله ويحتمل في قتل الذمي بالزاني المحصن قاله في الترغيب لأن الحد لنا والإمام نائب قال في الروضة إن أسرع ولي قتيل أو أجنبي فقتل قاطع طريق قبل وصوله الإمام فلا قود لأنه أنهدر دمه وظاهره ولا دية وليس كذلك ( ولو قطع مسلم
____________________
1-
(8/263)
أو ذمي يد مرتد أو حربي فأسلم ثم مات أو رمى حربيا فأسلم قبل أن يقع به السهم فلا شئ عليه و إن رمى مرتدا فأسلم قبل وقوع السهم به فلا قصاص و في الدية وجهان و إن قطع يد مسلم فأرتد و مات فلا شئ على القاطع في احد الوجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو ذمي يد مرتد أو حربي فأسلم ثم مات أو رمى حربيا فأسلم قبل أن يقع به السهم فلا شيء عليه ) لأنه لم يجن على معصوم ولأنه رمى من هو مأمور برميه فلم يضمن لأن الاعتبار في التضمين بحال ابتداء الحياة لأنها موجبة وحالها لم يكن كل من الحربي والمرتد أهلا لأن يضمن فلم يكن على الجاني شيء لفوات الأهلية المشترطة لوجوب الضمان وظاهره أنه لا قصاص و لا دية عليه وجعله في الترغيب كمن اسلم قبل الإصابة ( وإن رمى مرتدا فأسلم قبل وقوع السهم به فلا قصاص ) لأنه رمى من ليس بمعصوم أشبه الحربي ( وفي الدية وجهان ) أحدهما لا تجب وهو الآشهر كردة مسلم وكالحربي والثاني تجب لأن الرمي هنا محرم لمات فيه من الافتئات على الإمام وكتلفه ببئر حفرت وقيل كمرتد لتفريطه إذ قتله ليس إليه والعمل على الأول قاله الحلواني
فائدة قال في الرعاية وان رمى مرتدا أو حربيا فأصابه بعد إسلامه فمات فهدر كما لو بان أن الحربي كان قد أسلم قبل الرمي وكتم إسلامه وقيل تجب الدية وقيل للمرتد فقط وهي دية حر مسلم مخففة على عاقلته وقيل يقتل به ( وإن قطع يد مسلم فارتد ومات فلا شيء على القاطع في أحد الوجهين ) هذا هو الأصح لأنها نفس مرتد غير معصوم ولا مضمون بدليل ما لو قطع طرف ذمي فصار حربيا ثم مات من جراحه وأما اليد فالصحيح أنه لا قود فيها أصلهما هل يفعل به كفعله أم في النفس
____________________
1-
(8/264)
و في الآخر يجب القصاص في الطرف أو نصف الدية و إن عاد الى الإسلام ثم مات و جب القصاص في النفس في ظاهر كلامه و قال القاضي إن كان زمن الرزة مما تسري فيه الجناية فلا قصاص فيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فقط وهل يستوفيه الإمام أم قريبه فيه وجهان أصلهما هل ماله فىء أم لورثته والوجه الثاني يجب كما لو قطع طرفه ثم جاء آخر فقتله وجوابه بأنه قطع صار قتلا لم يجب به القتل فلم يجب به القطع كما لو قطع من غير مفصل وظاهره أنه لا تجب دية الطرف في وجه لأنه قتل لغير معصوم وتجب في آخر لأن سقوط حكم سراية الجرح لا يسقط ضمانه كما لو قطع طرف رجل ثم قتله آخر فعلى هذا يجب ضمانه فلو قطع يديه ورجليه ثم ارتد ومات ففيه ديتان لأن الردة قطعت حكم السراية وعلى الأول يجب عليه الأقل من دية النفس أو الطرف يستوفيه الإمام ( وفي الآخر يجب القصاص في الطرف ) لأن المجني عليه حال القطع كان مكافئا والقتل بسب القطع غير موجب للقصاص هنا فوجب القطع لانتفاء إفضائه إلى القصاص في النفس ( أو نصف الدية ) لما سبق وقيل لا قود ولا دية في عمد ذلك ولا خطئه لأن الجرح صار بالسراية نفسا فيدخل القطع فيه تبعا ولو قتله في تلك الحال لم يضمنه فكذا إذا مات بالسراية ( وإن عاد إلى الإسلام ثم مات وجب القصاص في النفس ) مع العمد أو الدية مع الخطأ ( في ظاهر كلامه ) ونص عليه في رواية محمد بن الحكم لأنه مسلم حال الجناية والموت فوجب القصاص بقتله كما لو لم يرتد وأما الدية فتجب كاملة وقيل نصفها لأنها من جرح مضمون وسراية غير مضمونة كما لو جرحه إنسان وجرح نفسه ومات منهما ( وقال القاضي ) يتوجه عندي واختاره في التبصرة ( إن كان زمن الردة مما تسري فيه الجناية فلا قصاص فيه ) كما لو
____________________
1-
(8/265)
فصل الثالث أن يكون المجني عليه مكافئا للجاني و هوان يساويه في الدين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عفى بعض المستحقين ولهذا لو وجدت الردة في أحد الطرفين لم يجب القصاص ويجب نصف الدية وقيل كلها وهل تجب في الطرف الذي قطع في إسلامه فيه وجهان
تنبيه إذا رمى مسلما فلم يقع به السهم حتى ارتد فلا ضمان عليه وفي دية الجرح روايتان إحداهما حال الإصابة والثانية حال السراية وهل الاعتبار في القتل بحال الرامي أو بحال الإصابة فيه وجهان قال في الرعاية والأولى أن كل جناية تهدر ابتداء تهدر دواما وإن تغير الحال بعد وما ضمن ابتداء ضمن دواما ويعتبر المقدار بالآخرة فلو تبدل حال الرامي والمرمي بين الإصابة والرمي فلا قود حتى يكمل حالها في الطرفين وفي تحمل العقل يعتبر الطرفان والواسطة وإذا كان المرمي مضمون الدم في الطرفين اعتبر الضمان بالآخرة وإن كان مضمونا حين الرمي دون الإصابة فهدر وإن انعكس ضمن حال الإصابة فصل الثالث أن يكون المجني عليه مكافئا للجاني لأن المجني لأن المجني عليه إذا لم يكن مكافئا للجاني فيكون آخذه آخذا به لأكثر من الحق وهو أن يساويه في الدين لقوله عليه السلام المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ولا يقتل مؤمن بكافر رواه أحمد وأبو داود والنسائي وفي لفظ ولا يقتل مسلم بكافر وعن علي قال من السنة ألا يقتل مؤمن مسلم بكافر رواه
____________________
1-
(8/266)
و الحرية و الرق فيقتل كل واحد من المسلم الحر أو العبد و الذمي الحر أو العبد بمثله و يقتل الذكر بالأنثى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أحمد ولأن الكافر منقوص بالكفر فلا يقتل به المسلم كالمستأمن لا يقال الآيات والأخبار الدالة على قتل المسلم بمثله شاملة لقتل المسلم بالكافر لأنه يجب تخصيصها بما ذكر وقد روى السلماني أقاد مسلما بذمي قتل قال أحمد ليس له إسناد وقال أيضا هو مرسل وقال الدارقطني السلماني ضعيف إذا أسند فكيف إذا أرسل والحرية والرق لقول على وابن عباس لا يقتل حر بعبد رواه الدارقطني ولأنهما شخصان لا يجري بينهما القصاص في الأطراف السليمة فلم يجب في النفس كالأبوة ولأنه منقوص بالرق فلم يقتل به الحر لرجحانه عليه بوصف الحرية فيقتل كل واحد من المسلم الحر أو العبد والذمي الحر أو العبد بمثله لحصول المكافأة بينهما ويقتل الذمي بمثله اتفقت أديانهم أو اختلفت نص عليه في النصراني يقتل بالمجوسي وذمي بمستأمن وعكسه والعبد المسلم بمثله في قول أكثرهم لقوله تعالى { كتب عليكم القصاص في القتلى } الآية وكتفاوت الفضائل كالعلم والشرف لا مكاتب بعبده ويقتل بعبده ذي الرحم المحرم في الأشهر فإن قتل رقيق مسلم رقيقا مسلما لذمي ففي جواز القود وجهان وإن تساوت القيمة وإن قتل عبد ذمي عبدا مسلما قتل به ويقتل قن بمكاتب في الأصح فإن كانا لسيد فلا قود في وجه ويقتل كل منهما بالمدبر وأم الولد وبالعكس
فرع أذا قيل من بعضه حر مثله أو أكثر منه حرية قتل به في الأصح
ولا يقتل بعيد ولا يقتل به حر ويقتل الذكر بالأنثى بغير خلاف
____________________
1-
(8/267)
و الأنثى بالذكر في الصحيح عنه و عنه يعطي الذكر نصف الدية إذا قتل بالأنثى و عنه لا يقتل العبد بالعبد إلا أن تستوفي قيمتها و لا عمل عليه و يقتل الكافر بالمسلم و العبد بالعصر و المرتد بالذمي و إن عاد الى الإسلام نص عليه ولا يقتل مسلم بكافر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لقوله تعالى { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } ولأنه عليه السلام قتل يهوديا رض رأس جارية بين حجرين ولأنهما شخصان يحد كل واحد منهما بقذف الآخر فقتل به كالرجل بالرجل والأنثى بالذكر في الصحيح عنه في قول عامتهم لأنها دونه وعنه يعطي الذكر نصف الدية اذا قتل بالأنثى لما روى سعيد ثنا هشيم أنا يونس عن الحسن عن علي قال يقتل الرجل بالمرأة ويعطي أولياؤه نصف الدية ولأن ديتها نصف ديته فوجب أن يعطى ذلك ليحصل التساوي وعنه لا يقتل العبد بالعبد إلا أن تستوي قيمتها لأنه بدل مال فيعتبر فيه التساوي كالقيمة ولا عمل عليه والصحيح الأول للنص ولأنه قصاص فلا يعتبر فيه التساوي في القيمة كالأحرار ولم يتعرض المؤلف للخنثى وحاصلة أنه يقتل كل واحد من الذكر والأنثى بالخنثى ويقتل بهما لأنه إما رجل أو امرأة ويقتل الكافر بالمسلم لأنه عليه السلام قتل يهوديا بجارية ولأنه إذا قتل بمثله فمن فوقه أولى والعبد بالحر لأنه أكمل منه أشبه قتل الكافر المسلم والمرتد بالذمي لأنه المرتد كافر فيقتل بالذمي كالأصلي لأن المرتد أسوأ حالا من الذمي لأنه مهدر الدم بخلاف الذمي فعلى هذا لا فرق بين أن يبقى على ردته أو يعود الى الاسلام ونبه عليه السلام بقوله ( وان عاد إلى الأسلام نص عليه ) لأن الاعتبار في القصاص بحال الجناية وحالة المرتد والذمي سواء بالنسبة إلى نفس الكفر ولا يقتل مسلم بكافر مطلقا في قول أكثر العلماء منهم عمر وعثمان وعلي وزيد لقوله عليه السلام لا يقتل مسلم بكافر رواه البخاري وظاهره ولو أرتد ولأنه منقوص بالكفر فلا يقتل به
____________________
1-
(8/268)
و لا حر بعبد إلا أن يقتله و هو مثله أو يجرحه ثم يسلم القاتل أو الجارح أو يعتق و يموت المجروح فإنه يقتل به (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المسلم كالمستأمن وقيل يقبل به للعمومات وإن الخبر في الحربي كما يقطع بسرقة ماله وفي كلام بعضهم حكم المال غير حكم النفس بدليل القطع بسرقة مال زان محصن و قاتل في محاربة ولا يقتل قاتلهما والفرق أن ما لهما باق على العصمة كمال غيرهما وعصمة دمهما زالت وعجب أحمد من قوله الشعي والنخعي إنه يقتل المسلم بالمجوسي واستشنعه لأنه ليس بمحقون الدم ولا حر بعبد لقوله تعالى { الحر بالحر والعبد بالعبد } فدل على أنه لا يقتل به الحر ولما روى أحمد عن علي أنه قال من السنة أنه لا يقتل حر بعبد وعن ابن عباس مرفوعا مثله رواه الدارقطني ولأنه لا يقطع طرفه بطرفه مع التساوي في السلامة فلا يقتل به كالأب مع ابنه ويتوجه عكسه وهو قول ابن المسيب والنخعي ولأنه آدمي معصوم أشبه الحر وجوابه أنه منقوص بالرق فلم يقتل به الحر كالمكاتب إذا ملك ما يؤدي إلا أن يقتله وهو مثله أو يجرحه ثم يسلم القاتل أو الجارح أو يعتق ويموت المجروح فإنه تقتل به نص عليه وحاصله أن الاعتبار في التكافئ بحالة الوجوب كالحد فعلى هذا إذا قتل ذمي ذميا أو جرحه ثم اسلم الجارح ومات المجروح أو قتل عبد عبدا أو جرحه ثم عتق القاتل أو الجارح ومات المجروح وجب القصاص لأنهما متكافئان حال الجناية ولأن القصاص قد وجب فلا يسقط بما طرأ كما لو جن ذكره الأصحاب وقيل لا يقتل به وقاله الأوزاعي كما لو كان مؤمنا حال قتله والأول أقيس لا يقال لم اعتبرت المكافأة عند ذلك لأن القصاص عقوبة فكان الاعتبار فيها بحال الوجوب دون الاستيفاء
____________________
1-
(8/269)
و لو جرح مسلم ذميا أو جرح حر عبدا ثم أسلم المجروح وعتق و مات فلاقود و عليه دية حر مسلم في قول ابن حامد و في قول أبي بكر عليه في الذمي دية ذمي و في العبد قيمته لسيده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولأن القصاص حق وجب عليه قبل إسلامه وعتقه فلم يسقطه الإسلام كسائر الحقوق ولو جرح مسلم ذميا أو جرح حر عبدا ثم أسلم المجروح وعتق ومات فلا قود لأن المكافأة معدومة حالة الجناية وعليه دية حر مسلم في قول ابن حامد قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لأن الاعتبار في الأرش بحال استقرار الجناية بدليل ما لو قطع يدي رجل ورجليه فسرى إلى نفسه ففيه دية واحدة اعتبارا بحال استقرار الجناية ولو اعتبر حال الجناية وجبت ديتان وللسيد أقل الأمرين من نصف قيمته أو نصف دية حر والباقي لورثته وقيل الدية لسيده لوجوبها عليه قبل العتق وما زاد منها على أرش الجناية إرث وفي قول أبي بكر والقاضي وأصحابه وابن حامد فيما حكاه ابن عقيل عنه في التذكره وهو ظاهر كلام أحمد عليه في الذمي دية ذمي وفي العبد قيمته لسيده ودية مسلم لوارث مسلم لأن حكم القصاص معتبر بحال الجناية فكذا إذا أسلم أو عتق نقل حنبل يأخذ قيمته وقت جنايته وكذا ديته نقله حرب إلا أن يجاوز أرش الجناية فالزيادة للورثة وإن وجب في هذه الجناية قود فطلبه للورثة على هذه وعلى الأخرى للسيد
فرع قتل أو جرح ذمي ذميا أو عبد عبدا ثم أسلم أو عتق مطلقا قتل به في المنصوص كجنونه في الأصح وعدم قتل من أسلم ظاهر نقل بكر كإسلام حربي قاتل وكذا إن جرح مرتد ذميا ثم أسلم وليست التوبة بعد الجرح أو بعد الرمي قبل الإصابة مانعة من القود في ظاهر كلامهم
____________________
1-
(8/270)
وإن رمي مسلم ذميا عبدا فلم يقع به السهم حتى عتق و اسلم فلا قود وعليه دية حر مسلم إذا مات من الرمية ذكره الخرقي و قال أبو بكر عليه القصاص (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وجزم به شيخنا كما بعد الزهوق ذكره في الفروع وأن رمى مسلم ذميا عبدا فلم يقع به السهم حتى عتق وأسلم فلا قود لعدم المكافأة وعليه دية حر مسلم للورثة ولاشيء للسيد إذا مات من الرمية ذكره الخرقي لانزاع في وجوب دية حر مسلم إذا مات من الرمية لأن الإتلاف حصل لنفس حر مسلم فتعين ألا قود قاله الخرقي والقاضي وابن حامد إذ الرمي جزء من الجناية ولا ريب في انتفاء المكافأة حال الرمي وإذا عدمت المكافأة في بعض الجناية عدمت في كلها إذ الكل ينتفي بانتفاء بعضه وكما لو رمى مرتدا فأسلم وقال أبو بكر وجزم به في الوجيز وهو ظاهر كلام أحمد عليه القصاص لأنه قتل مكافئا له عمدا عدوانا فوجب القود كما لو كان حرا مسلما حال الرمي ولأن الاعتبار بالإصابة بدليل ما لو رمى فلم يصبه حتى ارتد وكقتله من علمه أو ظنه ذميا أو عبدا فكان قد أسلم أو عتق أو قاتل أبيه فلم يكن في الأصح وفي الروضة إذا رمى مسلم ذميا هل تلزمه دية مسلم أودية كافر فيه روايتان اعتبارا بحال الإصابة أو الرمية ثم بنى مسألة العبد على الروايتين في ضمانه بدية أو قيمه ثم بنى عليهما من رمى مرتدا أو حربيا فأسلم قبل وقوعه هل يلزمه دية مسلم أو هدر
فرع إذا رمى كافرا فأصابه السهم بعد أن أسلم كانت ديته لورثته المسلمين وفي الشرح وجوب المال معتبر في بحال الإصابة لأنه بدل عن المحل فيعتبر عن المحل الذي فات بها فيجب بقدره وقد فات بها نفس مسلم
____________________
1-
(8/271)
و لو قتل من يعرفه ذميا عبدا فبان انه قد أسلم و عتق فعليه القصاص و إن كان يعرفه مرتدا فكذلك قاله أبو بكر قال و يحتمل الا يلزمه الا الدية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + حر والقصاص جزاء الفعل فيعتبر الفعل فيه الإصابة معا لأنها طرفاه فلذلك لم يجب القصاص في بقتله قال في الرعاية في الأصح ولو قتل من يعرفه ذميا عبدا فبان أنه قد أسلم وعتق فعليه القصاص جزم به الشيخان وصاحب الوجيز لأنه قتل من يكافئه بغير حق أشبه ما لو علم حاله وإن كان يعرفه مرتدا فإن أنه قد أسلم فكذلك قاله أبو بكر لأنه قتل مكافئا عدوانا عمدا والظاهر أنه لا يخلى في دار الإسلام إلا بعد إسلامه بخلاف من في دار الحرب قال ويحتمل ألا يلزمه القصاص لأنه لم يقصد قتل معصوم فلم يلزمه قصاص كما لو قتل في دار الحرب من يعتقده حربيا بعد أن أسلم ولا يلزمه إلا الدية لأن الارتداد سلطه عليه ووجبت الدية لئلا يفوت القصاص إلى بدل
تنبيه يقتل المكلف بطفل ومجنون والعالم والشريف بضدهما والصحيح بالمريض ولو قارب الموت والسمين بالهزيل وكذا فيما دون النفس
مسألة إذا قتل حر مسلم في دار الحرب من علمه أو ظنه حربيا فبان أنه قد أسلم فقد فهدر فلو دخلها مسلم بأمان فقتل بها حربيا قد أسلم وكتم إيمانه ففي وجوب الدية روايتان وكذلك الحكم لو قتل هذا المستأمن بدار الحرب مسلما قد دخلها بأمان ولم يعلم إسلامه فعلى الأول يجب على المسلم المستأمن دية ذمي
____________________
1-
(8/272)
فصل الرابع الا يكون أبا للمقتول فلا يقتل و الد بولده وإن سفل و الأب و الام في ذلك سواء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل الرابع ألا يكون أبا للمقتول لأنه لو لم يكن من شروطه لقتل به واللازم منتف فلا يقتل الوالد بولده نص عليه لما روى ابن عباس مرفوعا لا يقتل والد بولده رواه ابن ماجه والترمذي من رواية إسماعيل بن مسلم المكي ورواه أحمد والترمذي وابن ماجه من رواية حجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر قال ابن عبد البر هو حديث مشهور عن أهل العلم بالحجاز والعراق يستغنى بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد حتى يكون الإسناد في مثله مع شهرته تكلفا وقال عليه السلام أنت ومالك لأبيك فمقتضى هذه الإضافة تمليكه إياه فإذا لم تثبت حقيقة الملكية تثبت الإضافة شبهة في إسقاط القصاص وظاهره ولو اختلفا دينا وحرية لأنه كان سببا في إيجاده فلا يكون سببا في إعدامه إلا أن يكون ولده من رضاع أو زنى فإنه يقتل به قال في عيون المسائل ولا يلزم الزاهد العابد فإن معه من الدين والشفقة ما يردعه عن القتل لأن رادعه حكمي وهو ضعيف ورادع الأب طبعي وهو أقوى بدليل أنه لا يمكنه إزالته وإن سفل أي لا يقتل والد بولده وإن نزل لأن الجد وإن علا والد فيدخل في الحديث ولأن ذلك حكم يتعلق بالولاده فاستوى فيه القريب و البعيد كالمحرمية والمعتق عليه إذا ملكه فوجب تساويهما في الحكم و الأب و الام في ذلك سواء لأنها أحد الوالدين فيشملها الخبر ولأنها أولى بالبر منه فعلى هذا الجده وإن
____________________
1-
(8/273)
و يقتل الولد بكل واحد منهما في أظهر الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + علت من قبل الأب والأم كالأم ولو قال وأم كأب في ذلك لكان أولى وعنه تقتل أم به نقلها منها في أم الولد قتلت سيدها عمدا تقتل قال من يقتلها قال ولدها وكالأخ وعنه يقتل أب به وقاله ابن عبد الحكم وابن المنذر للعمومات وكالأجنبيين وقال مالك إن قتله حذفا بالسيف ونحوه لم يقتل به وإن أضجعه وذبحه قتل به وجوابه أن الأب يفارق سائر الناس فإنهم لو قتلوا بالحذف بالسيف وجب عليهم القصاص والأب بخلافه وقيل يقتل أبو أم بولد بنته وعكسه وفي الروضة لا تقتل أم والأصح وجدة وفي الانتصار ولا يجوز للإبن قتل أبيه بردة وكفر بدار حرب ولا رجمه بزنى ولو قضي عليه برجم وعنه لا قود بقتل في دار حرب فتجب دية إلا لغير مهاجر
تذنيب ادعى اثنان نسب لقيط ثم قتلاه قبل لحوقه بأحدهما فلا قود فإن رجع أحدهما عن الدعوى أو ألحقته القافة بغيرها قطع نسبه منه وعليه القود وإن رجعا عنه لم يقبل منهما لأن النسب حق للولد فإن بلغ انتسب إلى أحدهما وقلنا يصح انتسابه فهل يقتل الآخر به فيه وجهان وإن اشترك اثنان في وطء امرأة فأتت بولد يمكن أن يكون منهما فقتلاه قبل لحوقه بأحدهما فلا قود ولو أنكر أحدهما النسب لم يقتل به لبقاء فراشه مع إنكاره ويقتل الولد بكل واحد منهما في أظهر الروايتين هذا هو الصحيح في للآية والأخبار وموافقة القياس والثاني لا يقتل به لأنه ممن لا تقبل شهادته لحق النسب فلا يقتل به كالأب مع ابنه وجوابه بأن قياسه على الأب
____________________
1-
(8/274)
و متى ورث ولده القصاص أو شيئا منه أو ورث القاتل شيئا من دمه سقط القصاص فلو قتل امرأته و له منها ولد أو قتل أخاها فورثته ثم ماتت فورثها أو ولده سقط عنه القصاص (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ممتنع لتأكد حرمته ولأنه إذا قتل بالأجنبي فبأبيه أولى ولأنه يحد بقذفه فيقتل به كالأجنبي لايقال قد روى سراقة مرفوعا أنه قال لا يقاد الأب من ابنه ولا الابن من أبيه وروي عنه أنه كان يقيد الابن من أبيه لأنهما خبران لا يعرفان ولا يوجدان في الكتب المشهورة وإن كان لهما أصل فهما متعارضان فيتعين سقوطهما و العمل بالنصوص الواضحة غيرهما ومتى ورث ولده القصاص أو شيئا منه سقط القصاص لأنه لو لم يسقط لوجب للولد على الوالد وهو ممنوع لأنه إذا لم يجب بالجناية عليه فلأن لا يجب بالجناية على غيره بطريق الأولى أو ورث القاتل شيئا من دمه سقط القصاص لأنه لو لم يسقط لوجب القصاص له على نفسه وهو ممنوع فلو قتل امرأته وله منها ولد فلا قود لأنه لو وجب لولده عليه وإذا لم يجب للولد بالجناية عليه فغيره أولى سواء كان الولد ذكرا أو أنثى أو كان للمقتول من يشاركه في الميراث لأنه لو ثبت القود له وجب له جزء منه ولا يمكن وجوبه وإذا سقط بعضه سقط كله لأنه لا يتبعض كما لو عفا أحد الشريكين أو قتل أخاها فورثته ثم ماتت فورثها أو ولده سقط عنه القصاص لأنها ترث النصف إن كان الأخ لأبويها أو أبيها والسدس إن كان لأمها إذا كان معها من يرث بقية المال والجميع إن لم يكن معها أحد وهو ظاهر كلام المؤلف فلما ماتت ورث شيئا من الدم أو ورث ولده ذلك وهومقتضى سقوط القصاص سواء كان لها ولد من غيره أو لا لأنه لا يتبعض وعنه لا يسقط بإرث الولد اختاره بعضهم فإن لم يكن للمقتول ولد منها وجب
____________________
1-
(8/275)
و لو قتل أباه أو أخاه فورثه أخواه ثم قتل أحدهما صاحبه سقط القصاص عن الاول لأنه ورث بعض دم نفسه ولو قتل احد الابنين أباه و الآخر أمه وهي زوجة الأب سقط القصاص عن الاول كذلك و له أن يقتص من أخيه و يرثه و إن قتل من لا يعرف و أدعى كفره أورقه أو ضرب ملفوفا فقده و أدعى أنه كان ميتا و أنكر وليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القصاص في قول أكثرهم لأنهما شخصان متكافئان يحد كل منهما بقذف الآخر فيقتل به كالأجنبيين ولو قتل أباه أو أخاه فورثه أخواه ثم قتل أحدهما صاحبه سقط القصاص عن الأول لأنه ورث بعض دم نفسه لأن أخويه يستحقان دم أبيهما فإذا قتل أحدهما صاحبه ورث القاتل الأول ما كان يستحقه المقتول لأنه أخوه فعلى هذا يستحق نصف دمه لأن دم الأب بين الأخوين نصفان ضرورة أن القاتل لا يرث وأن قتل الثاني الأول ثم الثالث الرابع قتل الثالث دون الثاني لإرثه نصف دمه عن الرابع وعليه نصف دية الأول للثالث ولو قتل أحد الإبنين أباه والآخر أمه وهي زوجة الأب سقط القصاص عن الأول كذلك وهو قاتل الأب لأنه ورث بعض دم نفسه فذلك ثمن دم الأب وله أن يقتص من أخيه ويرثه إذا قتل أكبر الأخوين لأبوين أباهما وأصغرهما أمهما مع الزوجية فلا قود على الأكبر لما ذكرنا لإرثه ثمن دمه عن أمه وعليه سبعة أثمان دية أبيه للأصغر له قتله و إرثه في الأصح لأن القتل بحق لا يمنع الميراث و إن كانت بائنا أو قتلاها معا مطلقا فلكل واحد قتل أخيه فإن تنازعا في السبق بالاستيفاء قدم من قرع ويحتما أن يبدأ بقتل القاتل الأول و اختاره ابن حمدان وإن قتل من لا يعرف وادعى كفره أو رقه لم يقبل لأنه محكوم بإسلامه بالدار ولهذا يحكم بإسلام اللقيط ولأن الأصل الحرية والرق طارئ أو ضرب ملفوفا فقده وادعى أنه كان ميتا وأنكر وليه لم يقبل قوله لأن الأصل الحياة كما لو قطع طرفه وادعى أنه كان مثله لأن الأصل السلامة وذكر في الواضح عن أبي
____________________
1-
(8/276)
أو قتل رجلا في داره و ادعى أنه دخل يكابره على أهله أو ماله فقتله دفعا عن نفس وأنكر وليه أو تجارح اثنان و ادعى كل واحد أنه جرحه دفعا عن نفسه وجب القصاص و القول قول المنكر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بكر لا يضمنه وأطلق ابن عقيل في موته وجهين وسأل القاضي أفلا يعتبر بالدم وعدمه قال لا لم يعتبره الفقهاء قال في الفروع ويتوجه يعتبر أو قتل رجلا في داره وداعي أنه دخل يكابره على أهله أو ماله فقتله دفعا عن نفسه وأنكر وليه وجب القصاص بغير خلاف نعلمه لأن الأصل عدم ما يدعيه سواء وجد في دار القاتل أو غيرها معه سلاح أو لا لما روي عن علي أنه سئل عمن وجد مع امرأته رجلا آخر فقتله فقال أن لم يأت بأربع فليعط برمته رواه سعيد ورجاله ثقاط قال في الفروع و يتوجه عدمه في معروف بالفساد وظاهره أن الولي إذا اعترف بذلك فلا قصاص ولا دية لقول عمر رواه سعيد وهو من منقطع وروي عن الزبير نحوه ولأن الخصم اعترف بما يبيح قتله فسقط حقه كما لو أقر بقتله قصاصا أو تجارح اثنان وادعى كل واحد أنه جرحه دفعا عن نفسه وأنكره الآخر وجب القصاص لأن سبب القصاص قد وجد وهو الجرح والأصل عدم ما يدعيه الآخر والقول قول المنكر وفي المذهب والكافي تجب الدية ونقل أبو الصقر و حنبل في قوم اجتمعوا في دار فجرح وقتل بعضهم بعضا وجهل الحال أن على عاقلة المجروحين دية القتلى يسقط منها أرش الجراح قضى به علي رضي الله عنه رواه أحمد وهل على من ليس به جرح من دية القتلى شيء فيه وجهان قال ابن حامد
فرع ادعى زنى محصن بشاهدين نقله ابن منصور ونقل أبو طالب
____________________
1-
(8/277)
& باب استيفاء القصاص و يشترط له ثلاثة شروط أحدها أن يكون من يستحقه مكلفا فإن كان صبيا أو مجنونا لم يجز استيفاؤه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بأربعة قبل وإلا ففيه باطنا وجهان وقيل وظاهرا لكن كلام أحمد وغيره لا فرق بين كونه محصنا أولا روي عن عمر وعلي وصرح به الشيخ تقي الدين لأنه ليس بحد وإنما هو عقوبة على فعله وإلا لاعتبرت شروط الحد وقال الشافعي له قتله فيما بينه وبين الله تعالى إذا كان الزاني محصنا وللمالكية قولان في اعتبار إحصانه & باب استيفاء القصاص وهو فعل مجني عليه أو وليه بجان مثل ما فعل أو شبهه ويشترط له ثلاثة شروط أحدهما أن يكون من يستحقه مكلفا لأنه غير المكلف ليس أهلأ للاستيفاء لعدم تكليفه بدليل أنه لا يصح إقراره ولا تصرفه لأن غير المكلف إما صبي أو مجنون وكلاهما لا يؤمن منه الحيف على الجاني ولا يقوم وليه مقامه لأن القصاص شرع للتشفي فلم يقم غيره مقامه فإن كان صبيا أو مجنونا لم يجز استيفاؤه لما ذكرنا والقود ليس لأبيه ولا لغيره استيفاؤه وعنه بلى حكاها أبو الخطيب وقالها الأكثر لأن القصاص أحد بدلي النفس فكان للأب استيفاؤه كالدية وكذلك الحكم في الوصي والحاكم في الطرف دون النفس والأول هو ظاهر المذهب لأنه لا يملك إيقاع الطلاق بزوجته فلم يملك استيفاء القصاص كالوصي ولأن القصد التشفي وترك الغيظ و لا يحصل ذلك باستيفاء الأب بخلاف الدية فأن الغرض يحصل باستيفائه
____________________
1-
(8/278)
يحبس القاتل حتى يبلغ الصبي و يعقل المجنون الا أن يكون لهما أب فهل له استيفاؤه لهما على روايتين فإن كانا محتاجين الى النفقة فهل لوليهما العفو على الدية يحتمل وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولأن الدية إنما يحصل استيفاؤها إذا تعينت والقصاص لا يتعين فعلى هذا ( يحبس القاتل حتى يبلغ الصبي ويعقل المجنون ) ويقدم الغائب لأن فيه حظا للقاتل بتأخير قتله وحظا للمستحق بإيصاله إلى حقه ولأنه يستحق إتلاف نفسه ومنفعته فإذا تعذر استيفاء النفس لعارض بقي إتلاف المنفعة سالما عن المعارض وقد حبس معاوية هدبة بن حشرم في قود حتى يبلغ ابن القتيل فلم ينكر ذلك وبذل الحسن والحسين وسعيد بن العاص لابن القتيل سبع ديات فلم يقبلها لا يقال يجب أن يخلي سبيله كالمعسر لما في تخليته من تضييع الحق لأنه لا يؤمن هربه والفرق بينهما من وجوه أحدهما أن قضاء الدين لا يجب مع الإعسار فلا يحبس بما لا يجب والقصاص واجب وانما تعذر لمانع الثاني أن المعسر لو حبس تعذر عليه الكسب لقضاء الدين الثالث أنه قد استحق قتله وفيه تفويت نفسه ونفعه فإذا تعذر تفويت النفس لمانع جاز تفويت نفعه لإمكانه ولو كان القود لحي في طرفه لم يتعرض لمن هو عليه فإن لأقام كفيلا بنفسه ليخلي سبيله لم يجز لأن الكفالة لا تصح في القصاص كالحد ( إلا أن يكون لهما أب فهل له استيفاؤه لهما على روايتين ) الأصح أنه ليس له ذلك لان مقصود شرعية القصاص مفقود في الأب وكوصي وحاكم والثانية بلى لأن له ولاية كاملة بدليل أنه يملك أن يبيع من نفسه لنفسه بخلاف غيره ( فإن كانا محتاجين إلى النفقة فهل لوليهما العفو على الدية
____________________
1-
(8/279)
و إن قتلا أبيهما أو قطعا فاقطمها قهرا احتمل أن يسقط أن تجب لهما دية ابيهما في مال الجاني و تجب دية الجاني على عاقلتهما و إن اقتصا مما لا تحتمل ديته العاقلة سقط حقها وجها واحدا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و المؤلف و قدمه في الرعاية و الثاني المنع لأنه لا يملك إسقاط قصاصه و نفقته في بيت المال و كما لو كانا موسرين و الأول أصح لأن وجوب نفقته في بيت المال لا يغنيه إذا لم يحصل و لا يجوز عفوه مجانا و لولي الفقير المجنون العفو على مال لأنه ليس له حالة معتادة ينتظر فيها إفاقته ورجوع عقله بخلاف الصبي وهذا هو المنصوص وجزم به في الوجيز وعنه لأب وعنه ووصي وحاكم استيفاؤه لهما في نفس أو دونهما فيعفو إلى الدية نص عليه ( وإن قتلا قاتل أبيهما أو قطعا قاطعهما قهرا احتمل أن يسقط حقهما ) هذا وجه قدمه في الفروع وجزم به في الوجيز لأنه أتلف غير حقه فسقط الحق أشبه ما لو كانت لهما وديعة عند شخص فأخذاها منه قهرا وكما لو اقتصا ممن لا تحمل العاقلة ديته ( واحتمل أن تجب لهما دية أبيهما في مال الجاني وتجب دية الجاني على عاقلتهما ) جزم به في الترغيب وعيون المسائل لأنه ليس من أهل الاستيفاء فلا يكون مستوفيا لحقه فتجب لهما دية أبيهما في مال الجاني لأن عمد الصبي والمجنون خطأ وعلى عاقلتهما دية القاتل كما لو أتلف أجنبيا بخلاف الوديعة فإنها لو تلفت بغير تعد برئ منها المودع ولو هلك الجاني من غير فعل لم يبرأ من الجناية فلو مات قبل تكليفه فحقه من القود إرث وقيل يسقط إلى الدية كما لو مات المستحق الغائب وجهل عفوه قاله في الرعاية ( وإن اقتصا ممن لا تحمل ديته العاقلة ) كالعبد ( سقط حقهما وجها واحدا ) لأنه لا يمكن إيجاب ديته على العاقلة فلم يكن إلا سقوطه
____________________
1-
(8/280)
فصل الثاني اتفاق جميع الأولياء على استيفائه و ليس لبعضهم استيفاؤه دون بعض فإن فعل فلا قصاص عليه و عليه لشركائه حقهم من الدية و يسقط عن الجاني في احد الوجهين و في الآخر لهم ذلك في تركة الجاني و يرجع ورثة الجاني على قاتله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
( الثاني اتفاق جميع الأولياء على استيفائه ) لأن الاستيفاء حق مشترك لا يمكن تنقيصه فلم يجز لأحد التصرف فيه بغير أذن شريكه لأنه لا ولاية عليه أشبه الدين ( وليس لبضهم استيفاؤه دون بعض ) لأن اتفاق الكل شرط ولم يوجد ( فان فعل ) من منعناه منه غير زوج ( فلا قصاص عليه ) لأنه قتل نفسا يستحق بعضها فلم يجب قتله بها لأن النفس لا تؤخذ ببعض نفس ولأنه مشارك في استحقاق القتل فلم يجب عليه قود كما لو كان مشاركا في ملك الجارية ووطئها ويفارق إذا قتل الجماعة واحدا فإنا لم نوجب القصاص بقتل بعض النفس وانما يجعل كل واحد منهم قاتلا لجميعها ولو سلم فمن شرطه المشاركة ( وعليه لشركائه حقهم من الدية ) أي للذي لم يقتل قسطه من الدية لأنه حقه من القود سقط بغير اختياره أشبه ما لو مات القاتل أو عفا بعض الأ ولياء وهل يجب ذلك على قاتل الجاني أو في تركة الجاني فيه وجهان وأشار اليهما بقوله ويسقط عن الجاني في أحد الوجهين لأن المقتص قد وجب عليه فيجب على قاتل الجاني لأنه أتلف محل حقه فكان له الرجوع عليه بعوض نصيبه كما لو كانت له وديعة فأتلفها ( وفي الآخر لهم ذلك ) أي حقهم من الدية ( في تركة الجاني و يرجع ورثة الجاني على قاتله قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز أي يجب في تركة الجاني كما لو أتلفه أجنبي أو عفا شريكه عن القصاص أي ويأخذ وارثه من
____________________
1-
(8/281)
و إن عفا بعضهم سقط القصاص وإن كان العافي زوجا أو زوجة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المقتص الزائد عن حقه لأنه أتلف ذلك بغير حق وقولنا أتلف محل حقه يبطل بما إذا أتلف مستأجره أو غريمه ويفارق الوديعة فإنها مملوكة لهما فوجب عوض ملكه والجاني ليس بمملوك المجني عليه إنما عليه حق وهذا أقيس وقال الحلواني والأول أولى فلو قتلت امرأة رجلا له ابنان فقتلها أحدهما فللآخر نصف دية أبيه في تركة المرأة التي قتلته ويرجع ورثتها على قاتلها بنصف ديتها وعلى الأول يرجع الابن الذي لم يقتل على أخيه بنصف دية المرأة لأنه لم يفوت على أخيه إلا نصف دية المرأة و لا يمكن أن يرجع على ورثة المرأة بشيء لأن أخاه الذي قتلها أتلف جميع الحق قال في الشرح وهذا يدل على ضعف هذا الوجه وفي الواضح احتمال يسقط حقهم على رواية وجوب القود عينا وقال ابن حمدان إن قلنا يجب القود عينا غرم الدية قاتل الجاني وإن قلنا يجب أحد أمرين أخذت من تركة الجاني ( وإن عفا بعضهم سقط القصاص ) لأن القتل عبارة عن زهوق الروح بآلة صالحة له وذلك لا يتبعض ( وإن كان العافي زوجا أو زوجة ) إشارة منه إلى أنهما من مستحقي الدم كبقية ذوي الفروض وهو قول أكثرهم وقال الحسن وقتادة ليس للنساء عفو وعن أحمد هو موروث للعصبات خاصة ذكرها ابن البنا واختاره الشيخ تقي الدين لأنه ثبت لدفع العار فاختص به العصبة كولاية النكاح وفيه وجه أنه يختص بذوي الأنساب فقط وقال قوم لا يسقط بعفو بعض الشركاء لأن حق غير العافي لم يرض بإسقاطه والأول هو المشهور لما روى أحمد وأبو داود والنسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن يعقل عن المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثوا منها
____________________
1-
(8/282)
و للباقين حقهم من الدية على الجاني فإن قتله الباقون عالمين بالعفو و سقوط القصاص به فعليهم القود و الا فلا قود عليهم و عليهم ديته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + إلا ما فضل عن ورثتها وإن قتلت فعقلها بين ورثتها وهم يقتلون قاتلها ولحديث عائشة وقول عمر رواه سعيد وأبو داود وعموم قوله عليه السلام ( فأهله بين خيرتين ) وهو عام في جميع أهله و المرأة منهم وكسائر حقوقه وذا سقط بعضه سقط كله لأنه لا يتبعض كالطلاق و العتاق والمرأة مستحقة فسقط بإسقاطها كالرجل وزوال الزوجية لا يمنع استحقاق القود كما لم يمنع استحقاق الدية وكذا لو شهد أحدهم ولو مع فسقه بعفو بعضهم ( وللباقين حقهم من الدية على الجاني ) سوء عفا مطلقا أو إلي الدية لا نعلم فيه خلافا لأن حقه من القصاص سقط بغير رضاه فثبت له البدل كما لو ورث القاتل بعض دمه أو مات وفي التبصرة ان عفا أحدهم فللبقية الدية وهل يلزمهم حقهم من الدية فيه روايتان ( فان قتله الباقون عالمين بالعفو وسقوط القصاص به فعليهم القود ) لأنه قتل عمد عدوان أشبه ما لو قتلوه ابتداء سواء حكم به حاكم أو لا ( و الا فلا قود عليهم أي اذا قتله غير عالم بالعفو أو غير عالم بأن العفو مسقط للقود لم يجب قود لأن لك شبهة قد درأت القود كالوكيل اذا قتله بعد العفو وقبل العلم ولا فرق بين أن يكون الحاكم قد حكم بالعفو أولا لان الشبهة موجودة مع انتفاء العلم معدومة عند وجوده ( وعليهم ديته ) في كل موضع لا قود فيه لأن القتل قد تعذر والدية بدله وهي متعينة عند تعذره أما العفو عن القصاص فإنه يسقط عنه منها ما قابل حقه على القاتل قصاصا ويجب عليه الباقي فإن كان الولي عفا الى غير مال
____________________
1-
(8/283)
و سواء كان الجميع حاضرين أو بعضهم غائبا فإن كان بعضهم صغيرا أو مجنونا فليس للبالغ العاقل الاستيفاء حتى يصير مكلفين في المشهور عنه و عنه له ذلك و كل من ورث المال ورث القصاص على قدر ميراثه من المال حتى الزوجين و ذوي الأرحام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فالواجب لورثة القاتل ولاشيء عليهم وإن كان عفا إلى الدية فالواجب لورثة القاتل وعليهم نصيب العافي من الدية وقيل حق العافي من الدية على القاتل وفيه نظر لأن الحق لم يبق متعلقا بعينه وإنما الدية واجبة في ذمته كما لو قتل غريمه ( وسواء كان الجميع حاضرين أو بعضهم غائبا ) لاستوائهما معنى فكذا يجب أن يكون حكما فإن كان القاتل هو العافي فعليه القود في قول الجمهور ولو ادعى نسيانه أو جوازه ( فإن كان بعضهم صغيرا أو مجنونا ) أو غائبا ( فليس للبالغ العاقل الاستيفاء حتى يصيرا مكلفين ) ويقدم الغائب ( في المشهور ) وهو الأصح نصره في المغني والشرح لأنه حق مشترك بينهما أشبه ما لو كانا بالغين عاقلين وكدية وكعبد مشترك بخلاف محاربة لتحتمه وحد قذف لوجوبه لكل واحد كاملا ( وعنه له ذلك ) وقاله الأوزاعي والليث لأن الحسن بن علي قتل ابن ملجم قصاصا وفي الورثة صغار فلم ينكر ذلك أحد فإن ماتا أو أحدهما فوارثهما كهما وعند ابن أبي موسى تتعين الدية والأول المذهب لأنه قصاص غير متحتم فلم يجز لأحدهما استيفاؤه استقلالا كما لو كان لحاضر وغائب قال الأصحاب وإنما قتل الحسن ابن ملجم حدا لكفره لأن من اعتقد إباحة ما حرم الله كافر وقيل لسعيه في الأرض بالفساد ولذلك لم ينتظر الحسن غائبا من الورثة فيكون كقاطع الطريق وقتله متحتم وهو إلى الإمام والحسن هو الإمام ولأن استيفاء الإمام بحكم الولاية لا بحكم الأدب ( وكل من ورث المال ورث القصاص على قدر ميراثه من المال حتى الزوجين وذوي الأرحام ) لأنه حق يستحقه
____________________
1-
(8/284)
و من لا وارث له وليه الأمام إن شاء اقتص و إن شاء عفا فصل الثالث أن يؤمن في الاستيفاء التعدي الى غير القاتل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الوارث من جهة موروثه أشبه المال وعنه يختص العصبة وهل يستحقه ابتداء أم ينتقل عن مورثه فيه روايتان
فائدة الأحسن أن يكون الزوجان مرفوعا بالألف عطفا على كل من ورث ووجد بخط المؤلف مجرورا و تكون حتى حرف جر بمعنى انتهاء الغاية أي وكل من ورث المال ورث القصاص ينتهي ذلك إلى الزوجين وذوي الأرحام
( ومن لا وارث له وليه الأمام ) لأنه ولي من لا ولي له ( إن شاء اقتص ) وفي الانتصار وعيون المسائل منع وتسليم لأن بنا حاجة إلى عصمة الدماء فلو لم يقتل لقتل كل من لا وارث له قالا ولا رواية فيه وفي الواضح وغيره وجهان كوالد ( وإن شاء عفا ) لأنه يفعل ما يرى فيه المصلحة للمسلمين من القصاص أو العفو على مال وهو الدية لا أقل ولا مجانا ذكره في المحرر والوجيز فلو عفا إلى غير مال لم يملكه وإن كان هو ظاهر المتن لأن ذلك للمسلمين ولاحظ لهم فيه ذكره في المغني والشرح وقيل له أن يعفو مجانا لقصة عثمان وهو ظاهر هنا لكن الأول أولى فصل
( الثالث أن يؤمن في الاستيفاء التعدي إلى غير القاتل ) لقوله تعالى { فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا } والقتل المفضي إلى
____________________
1-
(8/285)
فلو وجب القصاص على حامل أو حملت بعد وجوبه و لم تقتل حتى تضع الولد و تسقيه اللبا ثم أن وجدت من ترضعه وإلا تركت حتى تفطمه ولا يقتص منه في الطرق حال حملها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + التعدي فيه إسراف وفي المحرر والوجيز والفروع الجاني وهو أحسن ( فلو وجب القصاص على حامل أو حملت بعد وجوبه لم تقتل ) وحبست فإذا ولدت جلدت وأقيد منها في الطرف ( حتى تضع الولد وتسقيه اللبأ ) بغير خلاف نعلمه لما روى ابن ماجة بإسناده عن عبد الرحمن بن غنم قال ثنا معاذ بن جبل وأبو عبيده بن الجراح وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس قالوا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قتلت المرأة عمدا فلا تقتل حتى تضع ما في بطنها إن كانت حاملا وحتى تكفل ولدها وإن زنت لم ترجم حتى تضع ما في بطنها وحتى تكفل ولدها ولأنه يخاف على ولدها وقتله حرام والولد يتضرر بترك اللبأ ضررا كثيرا وقال في الكافي لا يعيش إلا به ( ثم إن وجدت من ترضعه ) قتلت لأن تأخير قتلها إنما كان للخوف على ولدها وقد زال ذلك وفي الترغيب يلزم برضاعه بأجرة ( وإلا ) أي إذا لم يوجد من يرضعه ( تركت حتى تفطمه ) لحولين للخبر والمعنى إلا أن يكون فيما دون النفس والغالب عدم ضرر الاستيفاء منها ولأن القتل إذا أخر من أجل سقط الحمل فلأن يؤخر من أجل حفظ الولد بطريق الأولى وظاهره إنه إذا أمكن سقيه لبن شاة فإنها تترك وصرح في المغني و الشرح بأنها تقتل لأن له ما يقوم به وظاهره أنها لا تؤخر لمرض وحر وبرد و قيل بلى كمن خيف تلفها لحديث علي رواه مسلم ( ولا يقتص منها في الطرف حال حملها ) لأن القصاص في الطرف لا يؤمن معه التعدي إلى
____________________
1-
(8/286)
و حكم الحد في ذلك حكم القصاص فإن ادعت الحمل أحتمل أن يقبل منها فتحبس حتى يتبين أمرها و احتمل الا يقبل الا ببينة و إن اقتص من حامل وجب ضمان جنينها على قاتلها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + تلف الولد أشبه الاقتصاص في النفس بل يقاد منها فيه بمجرد الوضع صرح به في الفروع وغيره وفي المغني وسقي اللبأ وهو ظاهر وفي المستوعب وغيره ويفرغ نفاسها وفي البلغة هي فيه كمريض ( وحكم الحد في ذلك حكم القصاص ) لأنه في معناه وللخبر السابق و استحب القاضي تأخير الرجم مع وجود مرضعة لترضعه بنفسها وقيل يجب نقل الجماعة تترك حتى تفطمه ولا تحبس لحد قاله في الترغيب و الرعاية بل القود ولو مع غيبة ولي مقتول لا في مال غائب ( فإن ادعت الحمل احتمل أن يقبل منها فتحبس حتى يتبين أمرها ) جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع لأن للحمل إمارات خفية تعلمها من نفسها دون غيرها فوجب أن يحتاط له كالحيض وعليه في الترغيب لا قود من منكوحة مخالطة لزوجها وهو ممنوع من وطئها لأجل الظهار ففيه احتمالان ( واحتمل ألا يقبل إلا بينة ) ولو امرأة ذكر في الفروع وفي المحرر والشرح أنها تري أهل الخبرة فإن شهدن بحملها أخرت وإن شهدن ببراءتها لم تؤخر لأن الحق حال عليها فلا تؤخر بمجرد دعواها فإن أشكل على القوابل أو لم يوجد من يعرف ذلك أخرت حتى يتبين أمرها لأنه إذا أسقطنا القصاص من خوف الزيادة فتأخير أولى ( وإن اقتص من حامل ) حرم و أخطأ السلطان الذي مكنه من الاستيفاء و عليهما الإثم إن كانا عالمين أو كان منهما تفريط وإلا فالإثم على العالم والمفرط و ( وجب ضمان جنينها على قاتلها ) لأنه المباشر فلو انفصل ميتا أو حيا لوقت لا يعيش في مثله ففيه غرة وإن انفصل حيا
____________________
1-
(8/287)
و قال ابو الخطاب يجب على السلطان الذي مكنه من ذلك فصل و لا يستوفي القصاص إلا بحضرة السلطان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لوقت يعيش مثله فيه ثم مات من الجناية ففيه الدية وينظر فإن كان الإمام والولي عالمين بالحمل وتحريم الاستيفاء أو جاهلين بالأمرين أو بأحدهما أو كان الولي عالما بذلك دون الممكن له من الاستيفاء فالضمان عليه وحده لأنه مباشر والحاكم الذي مكنه صاحب سبب وأن علم الحاكم دون الولي فالضمان على الحاكم وحده كالسيد إذا أمر عبده الأعجمي الذي لا يعرف تحريم القتل به وإن كانا عالمين ضمن الحاكم فقط وإن كانا جاهلين فقيل الضمان على الحاكم وقيل على الولي ذكره في المغني والشرح وقيل يضمنه السلطان إلا أن يعلم المقتص وحده بالحمل فيضمن ( وقال أبو الخطاب يجب على السلطان الذي مكنه من ذلك ) لأنه مكنه من الإتلاف فاختص الضمان به كما لو أمر عبده الجاهل بتحريم القتل به فعلى هذا هل الغرة في بيت المال أو ماله فيه روايتان
فرع قال في الرعاية فإن قتلها فتلف جنينها ضمن السلطان الممكن منها بغرة وعنه في بيت المال فإن رمته حيا فمات بذلك وجبت ديته أو قيمته إن كان قيميا من بيت المال وعنه من عاقلته وقيل يضمنه قاتلها وقيل إن علم وحده بالحمل فصل
( ولا يستوفي القصاص إلا بحضرة السلطان ) أو نائبه لأنه يفتقر إلى اجتهاده ولا يؤمن فيه الحيف مع قصد التشفي فلو خالف وقع الموقع لأنه
____________________
1-
(8/288)
و عليه تفقد الآدلة التي يستوفي بها القصاص فإن كانت كالة منعه الاستيفاء بها و ينظر في الولي فإن كل يحسن الاستيفاء و يقدر عليه أمكنه منه و الا أمره بالتوكيل فإن احتاج الى أجرة فمن مال الجاني (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + استوفى حقه وفي المغني والشرح يعزره لافتئاته على السلطان وفي عيون المسائل لا يعزره لأنه حق له كالمال ويحتمل جوازه بغير حضرته إذا كان القصاص في النفس لأنه عليه السلام أتاه رجل يقود آخر فقال إن هذا قتل أخي فاعترف بقتله فقال النبي صلى الله عليه وسلم اذهب فاقتله رواه مسلم ولأن اشتراط حضوره لا يثبت إلا بدليل ولم يوجد ويستحب حضور شاهدين لئلا ينكر المقتص الاستيفاء ( وعليه تفقد الآلة التي يستوفي بها القصاص ) لأن منها ما لا يجوز الاستيفاء به ( فإن كانت كالة ) أو مسمومة ( منعه الاستيفاء بها لقوله صلى الله عليه وسلم إذا قتلتم فأحسنوا القتلة رواه مسلم من حديث شداد ولئلا يعذب المقتول ولأن المسمومة تفسد البدن وربما منعت غسله وإن عجل فاستوفى بذلك عزر لفعله ما لا يجوز ( وينظر في الولي فإن كان يحسن الاستيفاء ويقدر عليه ) بالقوة والمعرفة ( أمكنه منه ) لقوله تعالى { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } وللخبر وكسائر حقوقه ولأن المقصود التشفي وتمكينه منه أبلغ في ذلك فإن ادعى المعرفة بالاستيفاء فأمكنه السلطان منه بضرب عنقه فأبانه فقد استوفى حقه وإن أصاب غيره وأقر بتعمد ذلك عزر فإن قال أخطأت وكانت الضربة في موضع قريب من العنق قبل قوله مع يمينه ثم إن أراد العود فقيل لا يمكن لأنه ظهر منه أنه لا يحسن وقيل بلى واختاره القاضي لأن الظاهر أنه يحترز عن مثل ذلك ثانيا ( وإلا أمره بالتوكيل ) لأنه عاجز عن استيفائه فيوكل فيه من يحسنه لأنه قائم مقامه ( فإن احتاج إلى أجرة فمن مال الجاني ) كالحد
____________________
1-
(8/289)
و الولى مخير بين الاستيفاء بنفسه إن كان يحسن و بين التوكيل و قيل ليس له أن يستوفي في الطرف بنفسه بحال و إن تشاح أولياء المقتول الاستيفاء قدم أحدهم بالقرعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولأنها أجرة لإيفاء ما عليه من الحق فكانت لازمة له كأجرة الكيال وقال أبو بكر تكون من الفيء فإن لم تكن فمن الجاني وذكر المؤلف في الكافي أن بدل العوض من بيت المال فإن لم تكن فمن الجاني والذي ذكره أبو بكر والقاضي في خلافيهما أن الأجرة على الجاني قال في الشرح وذهب بعض أصحابنا أنه يرزق من بيت المال رجل يستوفي الحدود والقصاص لأن هذا من المصالح العامة فإن لم يحصل فعلى الجاني لأن الحق عليه فيلزمه أجرة الاستيفاء كأجرة الوزان ويتوجه لو قال أنا أقتص من نفسي ولا أؤدي أجرة هل يقبل منه أم لا وقيل على المقتص لأنه وكيله فكانت الأجرة على موكله كسائر المواضع والذي على الجاني التمكين دون الفعل ولو كانت عليه أجرة الوكيل للزمه أجرة الولي إذا استوفى بنفسه والولي مخير بين الاستيفاء بنفسه إن كان يحسن وبين التوكيل ) هذا المذهب لأن التوكيل حق له فكان الخيرة فيه كسائر حقوقه ( وقيل ليس له أن يستوفي في الطرف بنفسه بحال ) قدمه في الكافي لأنه لا يؤمن أن يجنى عليه بما لا يمكن تلافيه وقيل يمنع منه فيهما كجهله واختاره ابن عقيل والأول أولى قال القاضي ظاهر كلام أحمد أنه يمكن منه لأنه أحد نوعي القصاص فيمكن منه كالقصاص في النفس ( وإن تشاح أولياء المقتول في الاستيفاء قدم أحدهم ) لأنه لا يجوز اجتماعهم على القتل لما فيه من تعذيب الجاني وتعدد أفعالهم ولا مزية لأحدهم فوجب التقديم ( بالقرعة ) كما لو تشاحوا في تزويج موليتهم فمن خرجت له القرعة استأذن شركاءه في الاستيفاء ولا يجوز بغير إذنهم لأن الحق لهم
____________________
1-
(8/290)
فصل و لا يستوفي القصاص في النفس الا بالسيف في إحدى الروايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فإن لم يتفقوا على توكيل أحد لم يستوف حتى يوكلوا وقال ابن أبي موسى إذا تشاحوا أمر الإمام من شاء باستيفائه
تنبيه إذا اقتص جان من نفسه برضى ولي جاز قدمه في المحرر والرعاية وجزم به في الوجيز وفي المغني والشرح خلافه وأطلقهما في الفروع وصحح في الترغيب لا يقع قودا وفي البلغة يقع قال في الرعاية ولو أقام حد زنى أو قذف على نفسه بإذن لم يسقط بخلاف قطع سرقة وله أن يختن نفسه إن قوي عليه وأحسنه نص عليه لأنه يسير لا قطع في سرقة لفوات الردع وقال القاضي على أنه لا يمتنع القطع بنفسه وإن منعناه فلأنه ربما اضطربت يده فجنى على نفسه ولم يعتبر على جوازه إذنا قال في الفروع ويتوجه اعتباره وهل يقع الموقع يتوجه على الوجهين في القود ويتوجه احتمال في حد زنى وقذف وشرب كحد سرقة وبينهما فرق لحصول المقصود في القطع في السرقة وهو قطع العضو الواجب قطعه وعدم حصول الردع والزجر بجلده نفسه فصل
( ولا يستوفى القصاص في النفس إلا بالسيف ) في العنق وإن كان القتل بغيره ( في إحدى الروايتين ) قدمها في المحرر والفروع وجزم بها في الوجيز واختارها الأصحاب لما روى النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا قود إلا بالسيف رواه ابن ماجة والدارقطني والبيهقي من غير طريق وقال أحمد ليس إسناده بجيد ولأن القصاص أحد بدلي النفس فدخل الطرف
____________________
1-
(8/291)
و الأخرى يفعل له كما فعل لو قطع يده ثم قتله فعل به ذلك و إن قتله بحجر أو غرقه أو غير ذلك فعل به مثل ذلك (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في حكم الجملة كالدية ونهى عن المثلة ولأن فيه زيادة تعذيب وكما لو قتله بالسيف قال في الانتصار وغيره في قود وحق الله لا يجوز في النفس إلا بسيف لأنه أوحى لا بسكين ولا في طرف إلا بها لئلا يحيف وإن الرجم بحجر لا يجوز بسيف ( والأخرى يفعل به كما فعل ) وقتله بسيف وقاله الأكثر واختاره الشيخ تقي الدين لقوله تعالى { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } ولقوله تعالى { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } ولأنه عليه السلام رض رأس يهودي الخبر ولقوله عليه السلام من حرق حرقناه ومن غرق غرقناه رواه البيهقي من حديث البراء بن عازب وفي إسناده مقال ولأن القصاص موضوع على المماثلة ولفظه مشعر به فيجب أن يستوفي منه ما فعل كما لو ضرب العنق آخر غيره وعليها إن مات وإلا ضربت عنقه وفي الانتصار احتمال أو الدية بغير رضاه ( فلو قطع يده ثم قتله فعل به ذلك ) لما عرفت ( وإن قتله بحجر أو غرقه أو غير ذلك ) من أنواع القتل غير ما استثني ( فعل به مثل ذلك ) لما ذكرنا واختاره أبو محمد الجوزي وعنه يفعل به كفعله إن كان فعله موجبا وعنه أو موجبا لقود طرفه لو انفرد فعلى المذهب لو فعل لم يضمن وأنه لو قطع طرفه ثم قتله قبل البرء ففي دخول قود طرفه في قود نفسه لدخوله في الدية روايتان قال في الترغيب فائدته لو عفا عن النفس سقط القود في الطرف لأن قطع السراية كاندماله ومتى فعل به الولي كما فعل لم يضمنه بشيء وإن حرمناه وإن زاد أو تعدى بقطع طرفه
____________________
1-
(8/292)
و إن قطع يده من مفصل أو غيره أو أوضحه فمات فعل به كفعله فإن مات و إلا ضربت عنقه و قال القاضي يقتل ولا يزاد على ذلك رواية واحدة وإن قتله بمحرم في نفسه كتحريم الخمر و اللواط و نحوه قتل بالسيف رواية واحدة و لا تجوز الزيادة على ما أتى به رواية واحدة و لا قطع شئ من أطرافه فإن فعل فلا قصاص فيه و تجب فيه ديته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فلا قود ويضمنه بديته عفا عنه أو لا وقيل إن لم يسر القطع ( وإن قطع يده من مفصل أو غيره أو أوضحه فمات فعل به كفعله ) للكتاب والسنة واعتبار المماثلة ( فإن مات وإلا ضربت عنقه ) لأن ذلك مستحق لكونه ترتب على فعله القتل فإذا لم يحصل بمثل ما فعل تعين ضرب العنق لكونه وسيلة إلى استيفاء القتل المستحق عليه ( وقال القاضي يقتل ) لأن القصاص أحد بدلي النفس فدخل بالقطع وغيره في القتل كالدية ( ولا يزاد على ذلك رواية واحدة ) أي لا يقتص منه في الطرف رواية واحدة لإفضائه إلى الزيادة قال المؤلف والصحيح تخريجه على الروايتين وليس هذا بزيادة لأن فوات النفس بسراية فعله وهو كفعله أشبه ما لو قطعه ثم قتله ( وإن قتله بمحرم في نفسه كتجريع الخمر واللواط ونحوه ) كالسحر لم يقتله بمثله وفاقا ( قتله بالسيف رواية واحدة ) لأن هذا محرم لعينه فوجب العدول عنه إلى القتل بالسيف لأن قتله بمثل فعله غير ممكن وإن حرقه فقال بعض أصحابنا لا يحرق للنهي عنه وقال القاضي الصحيح أن فيه روايتين كالتغريق والثانية يحرق وقاله مسروق وقتادة وحملوا النهي على غير القصاص ( ولا تجوز الزيادة على ما أتى به رواية واحدة ) لأن الزيادة على فعله تعد عليه فلم يجز كما لو لم يكن قاتلا ( ولا قطع شيء من أطرافه ) لأن ذلك زيادة على ما أتى به ( فإن فعل فلا قصاص فيه لأن القصاص عقوبة تدرأ بالشبهة وهي هنا متحققة لأنه مستحق لإتلاف الطرف ضمنا لاستحقاقه إتلاف الجملة ( وتجب فيه ) أي في الزائد ( ديته ) لأن ذلك
____________________
1-
(8/293)
سواء عفا عنه أو قتله فصل وإن قتل واحد جماعة فرضوا بقتله قتل لهم ولا شئ لهم سواه و إن تشاحوا فيمن يقتله منهم على الكمال أقيد للأول (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + حصل بالتعدي أشبه ما لو لم يكن المقطوع مكافئا ( سواء عفا عنه أو قتله لأن استحقاق إتلاف الطرف موجود في حالتي العفو والقتل
لواحق إذا كان الجاني قطع يده فقطع المستوفي رجله فقيل كقطع يده لاستوائهما وقيل دية رجله لأن الجاني لم يقطعها وإن استحق قطع إصبع فقطع ثنتين فحكمه حكم القطع ابتداء وإن ظن ولي دم أنه اقتص في النفس فلم يكن وداواه أهله حتى برئ فإن شاء الولي دفع إليه دية فعله وقتله وإلا تركه هذا رأي عمر وعلي ويعلى بن أمية ذكره أحمد وإذا اقتص بآلة كالة أو مسمومة فسرى فقال القاضي عليه نصف الدية لأنه تلف بفعل جائز ومحرم كما لو جرحه في ردته وإسلامه فمات منهما ويحتمل يلزمه ضمان السراية كلها لأن هذا الفعل كله محرم فصل
( وإن قتل ) أو قطع ( واحد جماعة ) في وقت أو أكثر لم تتداخل حقوقهم لأنها حقوق مقصودة لآدميين فلم تتداخل كالديون لكن إن رضي الكل بقتله جاز وقد أشار إليه بقوله ( فرضوا بقتله قتل لهم ) لأن الحق لهم كما لو قتل عبد عبيدا خطأ فرضوا بأخذه لأنهم رضوا ببعض حقهم كما لو رضي صاحب اليد الصحيحة بالشلاء ( ولا شيء لهم سواه ) أي سوى القتل لأنهم رضوا بقتله فلم يكن لهم سواه وإن طلب أحدهم القصاص والباقون الدية فلهم ذلك ( وإن تشاحوا فيمن يقتله منهم على الكمال أقيد للأول )
____________________
1-
(8/294)
و للباقين دية قتيلهم فإن رضى الاول بالدية أعطيها و قتل للثاني و إن قتل وقطع طرفا قطع طرفه ثم قتل لولي المقتول و إن قطع أيدي جماعة فحكمه حكم القتل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وذكره في الفروع قولا لأن حقه أسبق ولأن المحل صار مستحقا له بالقتل فعلى هذا إذا كان الولي غائبا أو صغيرا انتظر لأن الحق له وقيل يقاد لمن بعده وقال ابن حمدان مع السبق يقاد بالسابق ومع المعية هل يقاد بواحد بقرعة أو بالكل أو يرجع كل واحد ببقية حقه فيه أوجه وقدم في المحرر أنه يقدم أحدهم بالقرعة وحكاهما في الفروع من غير ترجيح ( وللباقين دية قتيلهم ) لأن القتل إذا فات تعينت الدية كما لو بادر بعضهم فاقتص بجنايته وفي الانتصار إذا طلبوا القود فقد رضي كل واحد بجزء منه وإنه قول أحمد قال ويتوجه أن يجبر له باقي حقه بالدية ويتخرج يقتل بهم فقط على رواية يجب بقتل العمد القود
فرع إذا بادر أحدهم فاقتص بجنايته فلمن بقي الدية على جان وفي كتاب الآمدي ويرجع ورثته على المقتص وقدم في التبصرة وابن رزين على قاتله وكما لو قتل مرتدا كان مستوفيا لقتل الردة وإن أساء في الافتئات على الإمام ( فإن رضي الأول بالدية أعطيها ) لأنه رضي بدون حقه ( وقتل للثاني ) لأن الأول إنما قدم عليه لسبقه وقد سقط حقه لرضاه بالدية ( وإن قتل وقطع طرفا قطع طرفه ) أولا لأنه لو بدأ بالقتل لفات القطع وفيه تفويت لحق المقطوع فوجب تقديم القطع لما فيه من الجمع بين حقي القطع والقتل ( ثم قتل لولي المقتول ) لأنه لا معارض له تقدم أو تأخر لأنهما جنايتان على رجلين فلم يتداخلا كقطع يد رجلين ولأنه أمكن الجمع بين الحقين فلم يجز إسقاط أحدهما ( وإن قطع أيدي جماعة فحكمه حكم القتل ) لأن القطع
____________________
1-
(8/295)
& باب العفو عن القصاص & (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
كالقتل فعلى هذا إن رضي الجماعة بقطع يده قطعت لهم ولا شيء لهم سواه وإن تشاحوا فعلى الخلاف وإن رضي الأول بالدية أعطيها وقطع للباقين
مسالة إذا قطع يد رجل ثم قتل آخر ثم سرى القطع إلى النفس ومات وتشاحا قتل بالذي قتله لسبقه وتأخر السراية وأما القطع فإن قلنا إنه يستوفي منه بمثل ما فعل قطع له أولا ثم قتل الذي قتله ويجب للأول نصف الدية وإن قلنا لا يستوفي القطع وجبت له الدية كاملة ولم يقطع طرفه وقيل يجب القطع بكل حال وإن قطع يد واحد واصبع آخر قدم رب اليد إن كان أولا وللآخر دية اصبعه ومع أوليته تقطع اصبعه ثم يقتص رب اليد بلا أرش وفيه وجه وهذا بخلاف النفس فإنها لا تنقص بقطع الطرف بدليل أخذ صحيح الأطراف بمقطوعها & باب العفو اعن القصاص &
أجمعوا على جواز العفو عن القصاص وهو افضل وسنده قوله تعالى ( فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ) والعفو المحو والتجاوز والهاء في له وأخيه ل من وهو القاتل ويكون القتيل أو الولي على هذا أخا للقاتل من حيث الدين والصحبة وإن لم يكن بينهما نسب ونكر شيئا للإيذان بأنه إذا عفا له عن بعض الدم أو عفا
____________________
1-
(8/296)
و الواجب بقتل العمد أحد شيئين القصاص أو الدية في ظاهر المذهب و الخيرة فيه الى الولي إن شاء أقتص وإن شاء أخذ الدية و إن شاء عفا الى غير شئ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بعض الورثة سقط القصاص ووجبت الدية فيكون العفو على هذا بمعنى الإسقاط ذلك أي المذكور من العفو وأخذ الدية تخفيف من ربكم ورحمة لأن القصاص كان حتما على اليهود وحرم عليهم العفو والدية وكانت الدية حتما على النصارى وحرم عليهم القصاص فخيرت هذه الأمة بين القصاص وأخذ الدية والعفو تخفيفا ورحمة وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع إليه أمر فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو رواه الخمسة إلا الترمذي من حديث أنس والقياس يقتضيه لأن القصاص حق له فجاز تركه كسائر الحقوق
( والواجب بقتل العمد أحد شيئين القصاص أو الدية في ظاهر المذهب ) هذا قول الجماعة لقوله تعالى { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } أوجب الاتباع بمجرد العفو ولو وجب بالعمد القصاص عينا لم تجب الدية عند العفو المطلق ( والخيرة فيه إلى الولي إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا إلى غير شيء ) وإن شاء قتل البعض إذا كان القاتلون جماعة ولا يسقط القصاص عن البعض بالعفو عن البعض فمتى اختار الأولياء الدية من القاتل أو من بعض القتلة كان لهم ذلك من غير رضى الجاني لقول ابن عباس كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية فأنزل الله تعالى هذه الآية { كتب عليكم القصاص في القتلى } الآية رواه البخاري وعن أبي هريرة مرفوعا من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدي وإما أن يقتل متفق عليه وعن أبي شريح الخزاعي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أصيب بدم
____________________
1-
(8/297)
و العفو افضل فإن اختار القصاص فله العفو على الدية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو خبل والخبل الجراح فهو بالخيار بين إحدى ثلاث إما أن يقتص أو يأخذ العقل أو يعفو فإن أراد رابعة فخذوا على يديه رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة من رواية سفيان بن أبي العوجاء وفيه ضعف ولأن له أن يختار أيهما شاء فكان الواجب أحدهما كالهدي والطعام في جزاء الصيد ( والعفو ) مجانا ( أفضل ) لقوله تعالى { فمن تصدق به فهو كفارة له } ولقوله تعالى { فمن عفا وأصلح فأجره على الله } وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر به ثم لا عقوبة على جان لأنه إنما عليه حق واحد وقد سقط كعفو عن دية قاتل خطأ ذكره المؤلف وغيره قال الشيخ تقي الدين العدل نوعان أحدهما هو الغاية وهو العدل بين الناس والثاني ما يكون الإحسان افضل منه وهو عدل الإنسان بينه وبين خصمه من الدم والمال والعرض فإن استيفاء حقه عدل والعفو إحسان والإحسان هنا أفضل لكن هذا الإحسان لا يكون إحسانا إلا بعد العدل وهو ألا يحصل بالعفو ضرر فإذا حصل منه ضرر كان ظلما من العافي إما لنفسه وإما لغيره فلا يشرع ومحله ما لم يكن كمجنون أو صغير فإنه لا يصح العفو إلى غير مال لأنه لا يملك إسقاط حقه فرع يصح بلفظ الصدقة والإسقاط كالعفو لأنه إسقاط للحق بكل لفظ يؤدي معناه ( فإن اختار القصاص فله العفو على الدية ) لما فيه من المصلحة له وللجاني أما أولا فلما في العفو عن القصاص من الفضيلة وأما ثانيا فلما فيه من سقوط القصاص عنه وله الصلح على أكثر من الدية في الأصح وخرج ابن عقيل
____________________
1-
(8/298)
وان أختار الدية سقط القصاص ولم يملك طلبه و عنه أن الواجب القصاص عينا و له العفو الى الدية و إن سخط الجاني فان عفا مطلقا و قلنا الواجب أحد شيئين فله الدية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في غير الصلح لا يجب شيء كطلاق من أسلم وتحته فوق أربع قيل له في الانتصار لو كان المال بدل النفس في العمد لم يجز الصلح على أكثر من الدية فقال كذا نقول على رواية يجب أحد شيئين اختاره بعض المتأخرين ( وإن اختار الدية ) تعينت ( سقط القصاص ) لأن من وجب له أحد شيئين يتعين حقه باختيار أحدهما قال احمد إذا أخذ الدية فقط عفا عن الدم ( ولم يملك طلبه ) لأن القصاص إذا سقط لا يعود فلو قتله بعد أخذ الدية قتل به ( وعنه أن الواجب القصاص عينا ) لقوله تعالى { كتب عليكم القصاص في القتلى } والمكتوب لا يتخير فيه ولقوله عليه السلام من قتل عمدا فهو قود ولأنه بدل متلف فكان معينا كسائر المتلفات وجوابه بأن قوله فهو قود المراد به وجوب القود وهو محل وفاق والفرق بينه وبين المتلفات متحقق لأن بدلها يختلف بالقصد وعدمه بخلاف القتل ( وله العفو إلى الدية وإن سخط الجاني ) لأن الدية أقل منه فكان له أن ينتقل إليها لأنها أقل من حقه وعنه موجبه القود عينا مع التخيير بينه وبين الدية وعنه موجبه القود عينا وليس له العفو على الدية بدون رضى الجاني فيكون قوده بحاله وله الصلح بأكثر ( فإن عفا مطلقا وقلنا الواجب أحد شيئين فله الدية ) على الأولى خاصة لأن الواجب أحدهما فإذا ترك أحدهما تعين الآخر وإن هلك الجاني تعينت في ماله كتعذره في طرفه وقيل تسقط بموته وعنه ينتقل الحق إذا قتل إلى القاتل الثاني فيخير أولياء القتيل الأول بين قتله والعفو واختار الشيخ تقي الدين أنه لا يصح العفو في قتل الغيلة لتعذر الاحتراز
____________________
1-
(8/299)
و إن قلنا الواجب القصاص عينا فلا شئ له و إن مات القاتل وجبت الدية في تركته و إذا قطع إصبعا عمدا فعفا عنه تم سرت جنايته الى الكف أو النفس و كان العفو على مال فله تمام الدية و إن عفا على غير مال فلا شئ له على أثر كلامه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كالقتل مكابرة وذكر القاضي وجها في قاتل الأئمة يقتل حدا لأن فساده عام أعظم من محارب ( وإن قلنا الواجب القصاص عينا فلا شيء له ) لأن الدية غير واجبة فإذا سقط الدم لم يبق له شيء وإن اختار القود تعين قال القاضي وله الرجوع إلى المال لأن الدية أدنى ولهذا قلنا له المطالبة بها وإن كان القود واجبا عينا وقيل ليس له ذلك لأنه تركها كما لو عفا عنها ( وإن مات القاتل ) أو قتل ( وجبت الدية في تركته ) لأنه تعذر استيفاء القود من غير إسقاط فوجبت الدية في تركته كقتل غير المكافئ وقيل إن قلنا الواجب أحد شيئين فكذلك وإن قلنا الواجب القود فوجهان
فرع إذا جنى عبد على حر بما يوجب قودا فاشتراه بأرشها المقدر بذهب أو فضة صح وسقط القود لأن شراءه بالأرش اختيار للمال وأن قدر بإبل فلا لأن صفتها مجهولة
أصل يصح عفو السفيه والمفلس عن القود لأنه ليس بمال فإن عفا إلى مال ثبت وإن كان إلى غير مال وقلنا الواجب أحد شيئين ثبت المال لأنه واجب وليس لهما إسقاطه وإن قلنا الواجب القود عينا صح عفوهما لأنه لم يجب إلا القود وقد أسقطاه ذكره في الكافي ولو رمى من له قتله قودا ثم عفا عنه فأصابه السهم فهدر قاله في الرعاية ( وإذا قطع إصبعا عمدا فعفا عنه ثم سرت جنايته إلى الكف أو النفس وكان العفو على مال فله تمام الدية ) أي دية ما سرت إليه ( وإن عفا على غير مال فلا شي له على ظاهر كلامه نقول إذا جنى جناية توجب قودا فيما دون النفس كالإصبع
____________________
1-
(8/300)
و يحتمل أن له تمام الدية و إن عفا مطلقا انبنى على الروايتين في موجب العمرة وإن قال الجاني عفوت مطلقا أو عفوت عنها و عن سرايتها قال بل عفوت الى مال أو عفوت عنها دون سرايتها فالقول قوله مع يمينه و إن قتل الجاني العافي فلوليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فعفي عنها ثم سرت إلى النفس فلا قود فيها وقاله الأكثر لأن القود لا يتبعض وقد سقط في البعض فسقط في الكل وإن كانت لا توجب قودا كالجائفة وجب القود في النفس لأنه عفا عن القود فيما لا قود فيه فلم يؤثر عفوه فإن كان عفوه على مال فله الدية كاملة في الموضعين لأن كل موضع تعذر فيه القصاص تعينت الدية وإن عفا على غير مال فلا شيء له لأن العفو حصل عن الإصبع فوجب أن يحصل عن الذي سرى إليه ( ويحتمل أن له تمام الدية ) وصححه بعضهم لأن المجني عليه إنما عفا عن دية الإصبع فوجب أن يثبت له تمام الدية ضرورة كونه غير معفو عنه
فرع إذا عفا عن دية الجرح صح عفوه لأن ديته تجب بالجناية فعلى هذا تجب دية النفس لا دية الجرح وقال القاضي ظاهر كلامه أنه لا يجب شي لأن القطع غير مضمون فكذا سرايته والأول أولى لأن القطع موجب وإنما سقط الوجوب بالعفو فيختص السقوط بمحل العفو ( وإن عفا مطلقا انبنى على الروايتين في موجب العمد ) فإن قلنا الواجب أحد شيئين فهو كما لو عفا على مال وإن قلنا الواجب القصاص عمدا فهو كما لو عفا على غير مال وإن قال الجاني عفوت مطلقا أو عفوت عنها وعن سرايتها قال بل عفوت إلى مال أو عفوت عنها دون سرايتها فالقول قوله مع يمينه لأن الأصل معه وفي الرعاية إذا قال لم أعف عن السراية ولا الدية بل عليها قبل قوله مع يمينه ولو دية كفه وقيل دون إصبع وقيل تهدر كفه بعفوه وإن سرت إلى نفسه ( وإن قتل الجاني العافي ) قبل البرء ( فلوليه
____________________
1-
(8/301)
القصاص أو الدية كاملة و قال القاضي له القصاص أو تمام الدية و إذا و كل رجلا في القصاص ثم عفا ولم يعلم الوكيل حتى أقتص فلا شئ عليه و هل يضمن العافي يحتمل وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + القصاص ) في النفس لأن قتله انفرد عن قطعه أشبه ما لو كان القاطع غيره ( أو الدية كاملة ) قاله أبو الخطاب وجزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والفروع لأن القتل منفرد عن القطع فلم يدخل حكم أحدهما في الآخر ولأن القتل موجب له فأوجب إلية كاملة كما لو لم يتقدمه عفو ( وقال القاضي له القصاص أو تمام الدية ) لأن القتل إذا تعقب الجناية قبل الاندمال صار بمنزلة سرايته ولو سرى لم يجب إلا تمام الدية فكذا فيما هو بمنزلته وهذا إن نقص مال العفو عنها وإلا فلا شيء له سواه ذكره في المحرر ( وإذا وكل رجلا في القصاص ) صح نص عليه فلو وكله ثم غاب وعفا الموكل عن القصاص واستوفى الوكيل فإن كان عفوه بعد القتل لم يصح لأن حقه قد استوفي وإن كان قبله وقد علم الوكيل به فقد قتله ظلما فعليه القود كما لو قتله ابتداء وإن كان قبل العلم بعفو الموكل وهو المراد بقوله ثم عفا و لم يعلم الوكيل حتى اقتض فلا شئ عليه قاله أبو بكر و جزم به في الوجيز لأنه لا تفريط منه كما لو عفا بعد ما رماه و هل يضمن العافي و هو الموكل يحتمل وجهين أحدهما لا ضمان عليه جزم به في الوجيز و قدمه في الرعاية و الفروع لأن عفوه لم يصح لأنه عفا في حال لا يمكنه تلافي ما وكل فيه كالعفو بعد رمي الحربة الى الجاني و لأن العفو إحسان فلا يقتضي وجوب الضمان و الثاني بلى لأنه حصل بأمره على وجه لا ذنب للمباشر فيه كما لو أمر عبده الأعجمي بقتل معصوم و قيل للمستحق تضمين من شاء منهما و القرار على العافي و قال جماعة يحرج في صحة العفو
____________________
1-
(8/302)
و يتخرج أن يضمن الوكيل و يرجع به على الموكل في احد الوجهين لأنه غره والآخر لا يرجع به و يكون الواجب حالا في ماله و قال أبو الخطاب يكون على عاقلته و إن عفا عن قاتله بعد الجرح صح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وجهان بناء على الروايتين في الوكيل هل ينعزل بعزل الموكل قبل علمه فعلى الأول لا ضمان على أحد لأنه قتل من يجب قتله بأمر يستحقه وعلى الثاني وهو صحة العفو لا قصاص فيه لأن الوكيل قتل من يعتقد إباحة قتله كالحربي ولكن تجب الدية عليه وقد نبه على ذلك بقوله ( ويتخرج أن يضمن الوكيل ) لأنه قتل معصوما ( ويرجع به على الموكل في أحد الوجهين لأنه غره ) أشبه المغرور بحرية أمة وتزويج معيبة ( والآخر لا يرجع به ) اختاره القاضي لأنه محسن بالعفو بخلاف الغار بالحرية وذلك لا يقتضي الرجوع عليه ( ويكون الواجب حالا في ماله ) أي الوكيل لأنه متعمد للقتل وإنما سقط القود عنه لمعنى آخر فهو كقتل الأب ( وقال أبو الخطاب يكون على عاقلته ) وهو ظاهر الخرقي واختاره المؤلف قال الحلواني وهو الأظهر لأنه ليس بعمد محض ولهذا لم يجب به قود فيكون عمد الخطأ أشبه من رمى صيدا فبان آدميا فعلى قول القاضي إن كان الموكل عفا إلى الدية فله الدية في تركة الجاني ولورثة الجاني مطالبة الوكيل بديته وليس للموكل مطالبة الوكيل بشيء وإن كان عفوه بعد القتل لم يصح وإن علم الوكيل بالعفو فعليه القود
فائدة إذا استحق قتله وقطعه فعفا عن أحدهما بقي الآخر وقال ابن حمدان إن عفا عن القتل لم يكن له القطع وإن عفا عنه فله القتل في الأصح ولو تصالحا عن القود بمائتي بعير وقلنا يجب القود أو دية بطل وإلا فلا ( وإن عفا عن قاتله بعد الجرح صح ) لأنه أسقط حقه بعد انعقاد سببه فسقط كما لو أسقط الشفعة بعد البيع وكعفو وارثه بعد موته وسواء
____________________
1-
(8/303)
وإن ابراه من الدية أو وصي له بها فهي وصيته لقاتل هل تصح على روايتين إحداهما تصح و تعتبر من الثلث و يحتمل الا يصح عفوه عن المال ولا وصيته به لقاتل و لا غيره إذا قلنا إنها تحدث على ملك الورثة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كان عمدا أو خطأ أو كان العفو بلفظه أو الوصية لأن الحق له فصح عفوه عنه كماله وعنه في القود إن كان الجرح لا قود فيه لو برئ وعنه لا يصح عن الدية وفي الترغيب وجه يصح بلفظ الوصية وفيه تخريج في السراية في النفس روايات الصحة وعدمها وثالثها يجب النصف بناء على أن صحة العفو ليس بوصية ويبقى ما قابل السراية لا يصح الإبراء منه واختار ابن أبي موسى صحته في العمد وفي الخطأ من ثلاثة فعلى الأول إن قال عفوت عن الجناية وما يحدث منها فلا قصاص في سرايتها ولا دية لأنه إسقاط للحق بعد انعقاد سببه وعنه إن مات من سرايتها لم يصح العفو لأنها وصية لقاتل ولا يعتبر خروج ذلك من الثلث نص عليه لأن الواجب القود عينا أو أحد شيئين فما تعين إسقاط أحدهما وعنه يصح ويعتبر من الثلث كبقية ماله ( وإن أبرأه من الدية أو وصى له بها فهي وصية لقاتل هل تصح على روايتين إحداهما تصح ) لأنها بدل عنه ( وتعتبر من الثلث ) كبقية ماله ( ويحتمل هذا وجه ( ألا يصح عفوه عن المال ولا وصيته به لقاتل ولا غيره إذا قلنا إنها تحدث على ملك الورثة لأنه يكون مال غيره فلم يكن له التصرف فيه كسائر أموال الورثة وفي الفروع وغيره من صح عفوه مجانا فإن أوجب الجرح مالا عينا فكوصية وإلا فمن رأس المال لا من ثلثه على الأصح لأن الدية لم تتعين
مسألة إذا صولح عن الجراحة بمال أو قال في العمد عفوت عن قودها على ديتها أو لم يقل على ديتها وقلنا له ديتها ضمنت سرايتها بقسطها من
____________________
1-
(8/304)
و إن ابرأ القاتل من الدية الواجبة على عاقلتة أو العبد من جنايته التي يتعلق أرشيد برقبته لم يصح و إن ابرأ العاقلة و السيد صح و إن وجب لعبد القصاص أو تعزير قذف فله طلبه و العفو عنه و ليس ذلك للسيد الا أن يموت العبد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الدية رواية واحدة ولو قال عفوت عن قود هذه الشجة وهي مما لا قود فيه ككسر العظام فعفوه باطل ولوليه مع سرايتها القود أو الدية ( وإن أبرأ القاتل من الدية الواجبة على عاقلته أو العبد من جنايته التي يتعلق أرشها برقبته لم يصح ) لأنه أبرأه من حق على غيره لأن الدية الواجبة على العاقلة غير واجبة على القاتل والجناية المتعلق أرشها برقبة العبد غير واجبة عليه بل متعلقة بملك السيد ( وإن أبرأ العاقلة والسيد صح ) لأنه أبرأهما من حق عليهما كالدين الواجب عليهما وفي الرعاية وجه وفي الفروع وغيره يصح إبراء عاقلة إن وجبت الدية للمقتول كإبراء سيد لعفوه عنها ولم يسم المبرئ
تنبيه إذا قال المجروح لمن عليه قود في نفس أو طرف أو جرح أبرأتك وحللك من دمي أو قتلي أو وهبتك ذلك ونحوه معلقا بموته صح فلو برئ بقي حقه بخلاف عفوت عنك ولو قال لمن عليه قود عفوت عن جنايتك أو عنك برئ من قود ودية نص عليه ( وإن وجب لعبد قصاص أو تعزير قذف فله طلبه والعفو عنه ) لأنه مختص به والقصد منه التشفي ( وليس ذلك للسيد ) لأنه ليس يحق له إلا أن يموت العبد ) فينتقل إليه وحينئذ فله طلبه وإسقاطه كالوارث فرع إذا عفا من حجر عليه لسفه أو فلس أو مرض عن قود مجانا أو عفا الوارث لذلك مع دين مستغرق ففي بقاء ديته وجهان ولا يصح عفوهم
____________________
1-
(8/305)
& باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس & كل من أقيد بغيره في النفس أقيد به فيما دونها ومن لا فلا ولا يجب إلا بمثل الموجب في النفس وهو العمد المحض (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عن الدية في الأصح ويصح عفو المريض بعد البرء في قدر ثلاثة والوارث في الزائد عن قدر الدين وقيل للمفلس القود والعفو مجانا نص عليه وقيل المبذر كالصبي & باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس &
كل من أقيد بغيره في النفس أقيد به فيما دونها لأن من أقيد به في النفس إنما أقيد به لحصول المساواة المعتبرة للقود فوجب أن يقاد به فيما دونها فعلى هذا لو قطع مسلم يد مسلم قطعت يده لأنه يقاد به في النفس ومن لا فلا أي من لا يقاد بغيره في النفس فلا يقاد به فيما دونها فلو قطع مسلم يد كافر لم تقطع يده لأنه لا يقاد به في النفس وعنه لا قود بين العبيد في الأطراف لأنها أموال وعنه في النفس والطرف حتى تستوي القيمة ذكره في الأنتصار والمذهب ما ذكره المؤلف لأن ما دون النفس كالنفس في وجوب القود فكان كالنفس فيما نذكره وهو قول الأكثر ولا يجب إلا بمثل الموجب في النفس وهو العمد المحض لقوله تعالى { والجروح قصاص } وحديث أنس في قضية الربيع فقال النبي صلى الله عليه وسلم كتاب الله القصاص متفق عليه وأجمعوا على جريان القصاص فيما دون النفس إذا أمكن لأن ما دون النفس كالنفس في الحاجة إلى حفظه بالقصاص فكان كالنفس في وجوبه وظاهره أنه لا يحب في الخطإ وهو
____________________
1-
(8/306)
وهو نوعان أحدهما في الأطراف فتؤخذ العين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجفن بالجفن والشفة بالشفة واليد باليد والرجل بالرجل ويؤخذ كل واحد من الأصابع والكف والمرفق والذكر والأنثيين بمثله وهل يجري في الإلية والشفر على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كذلك إجماعا لا في شبه العمد وقاله السامري وصححه في المغني والشرح وعنه يجب فيه اختارها ابن أبي موسى وأبو بكر لعموم الآية ولأن العضو يتلف بأيسر مما تتلف به النفس وجوابه بأن الآية مخصوصة بالخطإ فكذا هذا وهو نوعان أحدهما في الأطراف لما ذكرنا فتؤخذ العين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن للنص والخبر والجفن بالجفن لأنه في معنى المنصوص عليه فوجب أن يلحق به ويؤخذ جفن كل واحد من البصير والضرير بالآخر
فائدة الجفن بفتح الجيم وحكى ابن سيدة كسرها
والشفة بالشفة وهو ما جاوز الذقن والخدين علوا وسفلا واليد باليد والرجل بالرجل لما ذكرنا وظاهره لا فرق بين أن يقوى بطشها أو يضعف ويؤخذ كل واحد من الأصابع والكف والمرفق والذكر والأنثيين بمثله لأن المماثلة موجودة والقصاص ممكن فوجب كالعين بمثلها وهل يجري في الإلية والشفر على وجهين كذا في المحرر والفروع أحدهما يجب جزم به في الوجيز لظاهر الآية لأن الإلية متصلة باللحم والشفر لحم لا مفصل له والثاني لا قود فيهما قدمه في الرعاية كلحم الفخذ
فائدة الشفر بضم الشين أحد شفري المرأة فأما شفر العين فهو منبت الهدب وقد حكي فيه الفتح
____________________
1-
(8/307)
فصل ويشترط للقصاص في الطرف ثلاثة شروط أحدها الأمن من الحيف بأن يكون القطع من مفصل أو له حد ينتهي إليه كمارن الأنف وهو ما لان منه فإن قطع القصبة أو قطع من نصف الساعد أو الساق فلا قصاص في أحد الوجهين وفي الآخر يقتص من أحد المارن ومن الكوع والكعب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
( ويشترط للقصاص في الطرف ثلاثة شروط أحدها الأمن من الحيف ) إذ هو جور وظلم وإذا لم يمكن القصاص إلا به لم يجب فعله بأن يكون القطع من مفصل لأن المماثلة في غير ذلك غير ممكنة ولا يؤمن أن يستوفي أكثر من الحق أو له حد ينتهي إليه كمارن الأنف وهو ما لان منه دون القصبة لأن ذلك حد ينتهي إليه فهو كاليد ويؤخذ البعض بالبعض فيقدر ما قطعه بالأجزاء كالنصف والثلث ولا يؤخذ بالمساحة لأنه يفضي إلى أخذ جميع أنف الجاني لصغره ببعض أنف المجني عليه لكبره وكذا في الأذن واللسان والشفة وقيل لا يؤخذ بعض اللسان ببعض فإن قطع القصبة أي قصبة أنفه أو قطع من نصف الساعد أو الساق فلا قصاص في أحد الوجهين وهو المنصوص عن أحمد وفي الخبر أن رجلا ضرب آخر على ساعده بالسيف فقطعها من غير مفصل فاستعدى عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأمر له بالدية فقال إني أريد القصاص قال خذ الدية بارك الله لك فيها رواه ابن ماجة ولأن القطع ليس من مفصل فلا يؤمن فيه الحيف فلو قطع يده من الكوع ثم تآكلت إلى نصف الذراع فلا قود اعتبارا بالاستقرار قاله القاضي قال في المحرر وعندي يقتص هاهنا من الكوع وفي الآخر يقتص من حد المارن ومن الكوع والكعب لأنه دون حقه لعجزه عن استيفاء حقه أشبه ما لو شجه هاشمة واستوفى موضحة وكذا الخلاف فيما لو قطع من عضد
____________________
1-
(8/308)
وهل يجب له أرش الباقي على الوجهين ويقتص من المنكب إذا لم يخف جائفة وإذا أوضح إنسانا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو ورك وهل يجب له أرش الباقي عليهما ولو خطأ على وجهين كذا أطلقهما في الفروع أحدهما ليس له ذلك جزم به في الوجيز لأنه يجمع في عضو واحد بين قصاص ودية والثاني بلى لأنه حق له تعذر استيفاؤه فوجب أرشه كغيره ويقتص من المنكب إذا لم يخف جائفة لأنه مفصل يؤمن فيه الحيف فوجب كالقطع من الطوع ويردع في الخوف في هذا إلى أهل الخبرة فإن خيف فله أن يقتص من مرفقه ومتى خالف وأقص مع خشية الحيف أو من مأمومة أو جائفة أو نصف ذراع ونحوه أجزأ وإن اختار الدية فله دية اليد وحكومة لما زاد فإن قطع من نصف الذراع ففي جواز قطع الأصابع وجهان فإن قطع منها لم نكن له حكومة في الكف لأنه أمكنه أخذه قصاصا كما لو كانت الجناية من الكوع وإن قطعت من العضد لم يملك قطعها من كوع لأنه أمكنه استيفاء الذراع قصاصا كما لو قطع من المرفق وفي الشرح وجهان
مسألة إذا قطع بعض أذنه فالتصق فله أرش الجرح ولا قود فيه وإن شقها فألصقها صاحبها فالتصقت فكذلك وإن قطعها فأبانها فألصقها صاحبها فالتصقت فله القود في قول القاضي لأنه وجب بالإبانة وقال أبو بكر لا قود فيها لأنها لم تبق على الدوام أشبه الشق وعلى هذا له أرش الجرح فإن سقطت بعد ذلك قريبا أو بعيدا رد الأرش وملك القود أو الدية إن اختارها على القولين
وإذا أوضح إنسانا أو شجه دون موضحة أو لطمه فذهب ضوء
____________________
1-
(8/309)
فذهب ضوء عينه أو سمعه أو شمه فإنه يوضحه فإن ذهب ذلك وإلا استعمل فيه ما يذهبه من غير أن يجني على حدقته أو أذنه أو أنفه فإن لم يمكن إلا بالجناية على هذه الأعضاء سقط فصل الثاني المماثلة في الموضع والاسم فتؤخذ كل واحدة من اليمنى واليسرى والعليا والسفلى من الشفتين والأجفان بمثلها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عينه أو سمعه أو شمه فإنه يوضحه أي فعل به كما فعل لأنه يمكن القود منه من غير حيف لأن له حدا ينتهي إليه فإن ذهب ذلك وإلا استعمل فيه ما نذهبه أي ما يذهب ضوء عينه إلى آخره من غير أن يجني على حدقته أو أذنه أو أنفه لأنه يستوفي حقه من غير زيادة فيطرح في العين كافورا او يقرب منه مرآة أو يحمي له حديدة أو مرآة ثم يفطر عليها ماء ثم يقطر منه في العين ليذهب بصرها و لا يقتص منه مثل شجته بغير خلاف علمناه و لا يقتص منه باللطمة لأن المماثلة فيها غير ممكنة و يعالجة بما يذهب بصرة من غير أن يقلع عينة و قال القاضي له أن يلطمه مثل لطمته فان ذهب ضوء عينة و إلا أذهبة بما ذكر و لا يصح لان اللطمة لا يقتص منها منفردة فكذا إذا سرت الى العين كالشجة دون الموضحة ولا قود إلا أن تكون اللطمة تذهب بالبصر غالبا قاله القاضي قال أبو بكر يجب القود بكل حال فإن لم يمكن إلا بالجناية على هذه الأعضاء سقط القود لتعذر المماثلة ولان توهم الزيادة تسقط القود فحقيقته أولى وتتعين الدية فصل
( الثاني المماثلة في الموضع والاسم ) قياسا على النفس ( فتؤخذ كل واحدة من اليمنى الى اليسرى والعليا والسفلي من الشفتين والأجفان بمثلها ) في قول اكثر أهل العلم لان القصاص يعتمد المماثلة ولأنها جوارح مختلفة المنافع والأماكن
____________________
1-
(8/310)
والإصبع والسن والأنملة بمثلها في الموضع والاسم ولو قطع أنملة رجل العليا وقطع الوسطى من تلك الإصبع من آخر لم يكن له عليا فصاحب الوسطى مخير بين أخذ عقل أنملته وبين أن يصبر حتى يقطع العليا ثم يقتص من الوسطى ولا يؤخذ شيء من ذلك بما يخالفه ولا تؤخذ أصلية بزائدة ولا زائدة بأصلية وإن تراضيا عليه لم يجز فإن فعلا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فلم يأخذ بعضها ببعض كالعين بالأنف وكذا كل ما انقسم الى يمين ويسار وأعلا واسفل ( والإصبع والسن والأنملة بمثلها في الموضع والاسم ) لان الشرط المماثلة فتؤخذ الإبهام والسبابة والوسطى بمثلها وكذا البنصر والخنصر والثنية والضاحك والناب والأنملة العليا من الإصبع بمثله لان المماثلة موجودة في ذلك كله ( ولو قطع أنملة رجل العليا وقطع الوسطى من تلك الإصبع من أخر لم يكن له عليا فصاحب الوسطى مخير بين اخذ عقل أنملته و بين أن يصبر حتى يقطع العليا ثم يقتص من الوسطى ) لأنه لا يمكن القصاص في الحال لما فيه من الحيف و أخذ الزيادة على الواجب و لا سبيل الى تأخير حقه حتى يمكن من القصاص لما فيه من الضرر فوجب الخيرة بين الأمرين فإن قطع من ثالث السفلي فللأول أن يقتص من العليا ثم للثاني أن يقتص من الوسطى ثم للثالث أن يقتص من السفلي سواء جاءوا جميعا أو واحدا بعد و احد ( ولا يؤخذ شئ من ذلك بما يخالفة ) لأن المماثلة شرط و لم توجد فلا تؤخذ يمين بيسار و لا عكسه و لا العليا من الشفتين و الأجفان بالأسفل و لا عكسه و لا الإبهام بالسبابة و لا الوسطى و الخنصر و البنصر بغيرها و على هذا فقس ( و لا تؤخذ أصلية بزائدة ) لأن الزائدة دونها ( ولا زائدة بأصلية ) لأنها لا تماثلها و يؤخذ زائد بمثله موضعا و خلقة و لو تفاوتا قدرا ( وإن تراضيا عليه لم يجز ) لأن ما لا يجوز أخذه قصاصا لا يجوز بتراضيهما لأن الدماء لا تستباح بالإباحة ( فإن فعلا ) ذلك بلا تعد مثل أن يأخذ باختيار الجاني
____________________
1-
(8/311)
أو قطعها تعديا أو قال أخرج يمينك فأخرج يساره فقطعها أجزأت على كل حال وسقط القصاص وقال ابن حامد إن أخرجها عمدا لم يجز ويستوفى من يمينه بعد اندمال اليسار (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فيجرئ و يسقط القود لأن القود سقط في الأولى بإسقاط صاحبها و في الثانية بإذن صاحبها في قطعها و ديتهما متساوية قال أبو بكر ( أو قطعها تعديا ) لأنهما متساويان في الدية و الألم و الاسم متساقطا و لأن إيجاب القود يفضي الى قطع يد كل منهما و إذهاب منفعة الجنس و كل من القطعين مضمونة سرايته لأنه عدوان و قال ابن حامد إن كان أخذها عدوانا فلكل منهما القود على صاحبه و إن كان بتراضيهما فلا قود في الثانية لرضى صاحبها بيدها و في و جوبه في الأول وجهان احداهما لا يسقط لأنه رضى بتركه بعوض لم يثبت له كما لو باعه سلعة بخمر و قبضه إياه فعلى هذا له القود بعد اندمال الأحرى و للجاني دية يده ( أو قال أخرج يمينك فأخرج يساره فقطعها أجزأت على كل حال و سقط القصاص ) سواء قطعها عالما بها أو جاهلا و كما لو قطع يسار السارق بدل يمينه ( وقال أبن حامد أن أخرجها عمدا لم يجز ) لأنه تعمد ترك الواجب عليه من القطع فلم يعذر في استيفاء الواجب عليه و لا يصح القياس على السارق لوجوه لأن الحد مبنى على الإسقاط و يساره تقطع إذا عدمت يمينه و لو سقطت يده بآكلة أو قصاص سقط القطع بخلاف القصاص فإنه لا يسقط ( ويستوفي من يمينه ) لأن قطع اليسار كلاقطع فيوجب ذلك قطع اليمين ضرورة استيفاء الواجب عليه و ذلك مشروط ( بعد اندمال اليسار ) لأنه لو قطعها قبل ذلك أدى الى هلاكه و هو منفي شرعا بخلاف ما إذا قطع يمين رجل و يسار آخر فإنه لا يؤخر أحدهما الى اندمال الآخر لأن القطعين
____________________
1-
(8/312)
وإن أخرجها دهشة أو ظنا إنها تجزيء فعلى القاطع ديتها وإن كان من عليه القصاص مجنونا فعلى القاطع القصاص وإن كان عالما بها وأنها لا تجزيء وإن جهل أحدهما فعليه الدية وإن كان المقتص مجنونا والآخر عاقلا ذهبت هدرا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مستحقان قصاصا فلهذا جمع بينهما و في هذه أحدهما غير مستحق
تتمة فإن أخرجها عمدا عالما أنها يساره و أنها لا تجزئ فهدر و يفارق هذا ما إذا قطع يد إنسان و هو ساكت لأنه لم يوجد منه البدل فإن سرى قطع يساره الى نفسه فهدر و تجب في تركته دية اليمين لتعذر الاستيفاء ( وإن أخرجها دهشة أو ظنا أنها تجزئ فعلى القاطع ديتها ) إن علم أنها يسار و أنها لا تجرئ و يعزر و عليه الضمان بالدية لأنه لو كان عالما بها كانت مضمونة علية و ما و جب ضمانه في العمد و جب في الخطإ كإتلاف المال و القصاص باق في اليمين و لا يقتص حتى تندمل اليسار فإن عفا و جب بدلها و يتقاضان وإن سرت اليسار الى نفسه فلورثة الجاني نصف الدية لأن اليسار مضمونة و تساقطا به و يقبل قول الجاني في العلم و عدم إباحتها لأنه أعلم بنيته ( و إن كان من علية القصاص مجنونا ) مثل أن يجن بعد وجوب القصاص عليه ( فعلى القاطع القصاص إن كان عالما بها و أنها لا تجزئ ) لأنه قطعها متعديا ( وإن جهل أحدهما فعلية الدية ) لأن بذل المجنون ليس بشبهة ( و إن كان المقتص مجنونا و الآخر عاقلا ذهبت هدرا ) لأنه لا يصح منه الاستيفاء ولا يجوز البذل له ولا ضمان عليه لأنه أتلفها ببذل صاحبها لكن إن كان المقطوع اليمنى فقد تعذر استيفاء القود فيها لتلفها فيكون للمجنون ديتها وإن وثب المجنون فقطع يمينه قهرا سقط حقه كما لو اقتص ممن لا تحمله العاقلة وقيل لا تسقط قال في الرعاية وهو أظهر ودية يده على الجاني وعلى عاقلته دية الجاني
____________________
1-
(8/313)
فصل الثالث استواؤهما في الصحة والكمال فلا تؤخذ صحيحة بشلاء ولا كاملة الأصابع بناقصة ولا عين صحيحة بقائمة ولا لسان ناطق بأخرس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
( الثالث استواؤهما في الصحة والكمال ) لأن القصاص يعتمد المماثلة فلا تؤخذ صحيحة بشلاء بغير خلاف نعلمه إلا ما حكي عن داود لاشتراكهما في الاسم كالآدميين وجوابه أن الشلاء لا نفع فيها سوى الجمال فلا تؤخذ بما فيه نفع وإذا لم يؤخذ القود في العينين لأجل تفاوتهما في الصحة والعمى فلأن لا يوجب ذلك فيما لا نص فيه أولى و كالة الأصابع بناقصة لأنها جناية زائدة على ما جني علية فلو قطع من له خمس أصابع يد من له أقل من ذلك لم يجز القصاص لأنها فوق حقه و هل له أن يقطع من أصابع الجاني بعدد أصابعه فيه وجهان و إن قطع ذو اليد الكاملة يدا فيها إصبع شلاء و باقيها صحاح لم يجر أخذ الصحيحة بها و في القود من الأصابع الصحاح وجهان فإن قلنا له القود فله الحكومة في الشلاء وارش ما تحتها من الكف وهل يدخل ما تحت الأصابع الصحيحة في قصاصها او تجب فيه حكومة على وجهين فإن كانت الزائدة من أصابع الجاني زائدة في الخلقة لم يمنع القود عند ابن حامد لأنها عيب ونقص في المعنى كالسلعة واختار القاضي إنها تمنع كالأصلية ولا تؤخذ ذات أظفار بما لا أظفار لها ولا عين صحيحة بقائمة وهي صحيحة في موضعها وانما ذهب نورها وأبصارها لانتفاء استوائهما في الصحة وتؤخذ القائمة بالصحيحة لأنها دون حقه ولا ارش له معها لأن التفاوت في الصفة ( و لا لسان ناطق بأخرس ) لأنه ليس بمماثل له و لأنه يأخذ أكثر من حقه
____________________
1-
(8/314)
ولا ذكر فحل بذكر خصي ولا عنين ويحتمل أن يؤخذ بهما إلا مارن الأشم الصحيح ويؤخذ بمارن الأخشم وبالمخروم والمستحشف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أشبهت اليد الصحيحة بالشلاء و لا ذكر فحل بذكر خصي و لا عنين على المذهب لأنه لا منفعة فيهما لأن الخصي لا يولد و لا ينزل و لا يكاد العنين أن يقدر على الوطء فيهما كالاشل و يحتمل أن يؤخذ بهما هذا رواية عن أحمد و اختارها أبو بكر و أبو الخطاب لأنهما عضوان ينقبضان و ينبسطان فيؤخذ بهما كذكر الفحل و عنه يؤخذ بذكر العنين و لا الخصي أختارها لأبن حامد لتحقيق نقصه و لاياس من برئه بخلاف العنين فإن العنة علة في الظهر فلم يمنع القصاص كأذن الأصم و مارن الأحشم و قال القاضي لا يؤخذ بخصى و في أخذه بعينن وجهان أحدهما يؤخذ به الصحيح لأنه غير مأيوس من زوال عنته و لذلك يؤجل سنة و صحح في المغني و الشرح الأول لأنه إذا تردد الحال بين كونه مساويا لآخر و عدمه لم يجب قصاص لأن الأصل عدمه إلا مارن الأشم الصحيح يؤخذ بمارن الأحشم و هو الذي لا يجد رائحة شئ و هذا استثناء من استوائهما في الصحة و الكمال و ليس هو عائدا الى الاحتمال و إن قرب منه إذ الاستثناء من الإثبات نفي فقوله يؤخذ بهما إثبات و المستثنى نفى فيكون المعنى استواؤهما شروط إلا في أشياء لآن عدم الشم علة في الدماغ و نفس الأنف صحصح فوجب أخذ الأخشم به لأنه مثله و إذا كان كذلك فلا يحتاج الى الاستثناء قيل هو بالنظر الى فوات الشم غيره و الثاني لا يؤخذ به لأن منفعة الشم قد زالت فهو بالنسبة الى الاسم كاليد الصحيحة مع الشلاء و يؤخذ الصحيح بالمخروم و هو المقطوع و تر أنفه و المستحشف و هو الرديء لأن ذلك مرض و لأنه يقوم مقام الصحيح و الثاني لا يؤخذ بذلك لأنه معيب ذكره في الكافي
____________________
1-
(8/315)
وإذن السميع بأذن الأصم الشلاء في أحد الوجهين ويؤخذ المعيب من ذلك كله بالصحيح وبمثله إذا آمن من قطع الشلاء التلف ولا يجب مع القصاص أرش في أحد الوجهين وفي الآخر له دية الأصابع الناقصة ولا شيء له من أجل الشلل واختار أبو الخطاب أن له أرشه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و أقتصر علية في الشرح و أذن السميع بأذن الأصم الشلاء في أحد الوجهين و كذا أطلقهما في المحرر والفروع إحداهما و جزم به في الوجيز و هو ظاهر نقل المؤلف يؤخذ به لأن العضو صحيح و مقصوده الجمال لا السمع و ذهاب السمع لنقص في الرأس لأنه محله و ليس بنقص في الأذن و الثاني لا يؤخذ به لأنه عضو ذهب نفعة فهو كاليد الشلاء و تؤخذ الأذن الصحيحة بالمثقوبة و يؤخذ المعيب من ذلك كله بالصحيح لأنه رضي بدون حقه كما لو رضي المسلم بالقود من الذمي و الحر من العبد و بمثله لأن المانع من القصاص عدم الاستواء و هو منتف هنا بشرط و هو إذا أمن من قطع الشلاء التلف و خاصة أن القاطع إذا كان أشل و المقطوعة سالمة فإن شاء المجني علية أخذ الدية فله ذلك بغير خلاف نعلمه لعجزه عن استيفاء حقه على الكمال و إن أختار القصاص سئل أهل الخبرة فإن قالوا إنه إذا قطع لم تفسد العروق و لم يدخل الهواء أجيب الى ذلك و إن قالوا يدخل الهواء في البدن فيفسدة سقط القصاص و لا يجب له مع القصاص أرش في أحد الوجهين قدمه في المحرر و الفروع و جزم به في الوجيز لأن الشلاء كالصحيحة في الخلقة و إنما نقصت في الصفة و لأن الفعل الواحد لا يوجب مالا و قودا و في الآخر له دية الأصابع الناقصة قاله القاضي و شيخه و لا شئ له من أجل الشلل لأن الجمال ينقص بنقصان الأصابع بخلاف الشلاء فإنها كاملة صورة و عليه مبنى القصاص لأن المماثلة في المعاني لا تعتبر لأنه كان يفضي الى سقوط القصاص و أختار أبو الخطاب أن له أرشه لأن له دية
____________________
1-
(8/316)
وإن اختلفا في شلل العضو وصحته فأيهما يقبل قوله فيه وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الاصابع و ارش الشلل على قياس قوله في عين الاعور اذا قلعت و أنما كان كذلك تكميلا لحقه لأنه أستوفى بالقصاص بعض حقه فيأخذ ديه باقية كما لو قطع الإقطاع يد الصحيح فإنه يأخذ دية اليد لفوات حقه منها و هذا أشبه بكلام أحمد و قيل الشلل موت و ذكر في الفنون أنه سمعه من جماعة من البله المدعيين للفقه قال وهو بعيد و إلا لأنتن و استحال كالحيوان و في الواضح إن ثبت فلا قود في ميت و إن اختلفا في شلل العضو و صحته فأيهما يقبل قوله فيه وجهان أي إذا أدعى الجاني نقص العضو بشلل أو غيره فأنكره و لى الجناية قبل قوله نص عليه و اختاره الخلال و جزم به في الوجيز لأن الظاهر السلامة و الثاني و أختاره أبن حامد يقبل قول الجاني لأن الأصل براءة ذمته من دية عضو سالم و لأنه لو كان سالما لم يخف لأنه يظهر فيراه الناس و اختار في الترغيب عكسه في أعضاء باطنة لتعذر البينة و قبل قول الولي إن اتفقا على سابقة السلامة و إلا فقول الجاني
مسألة إذا قطع ذكر خنثي مشكل و أثنييه و شفره فلا قود له حتى يتبين لأنا لا نعلم أن المقطوع فرج أصلي و إن طلب الدية و كان يرجي أنكشاف حاله أعطي اليقين و هو دية شفري امرأه و حكومة في الذكر و الانثيين و إن كان مأيوسا من انكشاف حاله أعطئ نصف دية ذلك كله و حكومة في نصفه الباقي و على قول أبن حامد لا حكومة فيه لأنه نقص
____________________
1-
(8/317)
فصل وإن قطع بعض لسانه أو مارنه أو شفته أو حشفته أو أذنه أخذ مثله يقدر بالأجزاء كالنصف والثلث والربع وإن كسر بعض سنه برد من سن الجاني مثله إذا أمن قلعها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
و إن قطع بعض لسانه أو مارنه أو حشفته أو أذنه أحذ مثله يقدر بالأجزاء كالنصف و الثلث و الربع للنص و قال أبو الخطاب و صححه في المحرر لا يؤخذ بعض اللسان ببعض و المذهب عند المؤلف و صاحب الوجيز بلى كالأذن و لأنه يؤخذ جميعه بجمعيه فأخذ بعضه ببعض كالأنف و يقدر بالأجراء كالنصف ولا يؤخذ بالمساحة لئلا يفضى الى أحد جميع عضو الجاني ببعض عضو المجني عليه و إن كسر بعض سنه يرد من سن الجاني مثلها لحديث الربيع و يقدر بما ذكرنا و يتعين القود بالمبرد لتؤمن الزيادة لأنه لو أخذ بالكسر لأدى الى الصداع أو القلع أو الكسر من غير موضع القصاص و شرط إذا أمن قلعها أي لا يقتص حتى يقول أهل الخبرة إنه يؤمن أنقلاعها لأن توهم الزيادة يمنع القود كما لو قطعت يده من غير مفصل لا يقال قد أجزتم القصاص في الأطراف مع توهم سرايتها الى النفس فلم منعتم منه لتوهم السراية الى بعض العضو لأن توهم السراية الى النفس لا سبيل الى التحرز منه فلو اعتبر سقط القصاص في الطرف فسقط اعتباره و أما السراية الى بعض العضو فتارة نقول يمنع القصاص إذا أحتمل الزيادة في العمل لا في السراية كما إذا أستوفي من بعض الذراع فإنه يحتمل ان يفعل
____________________
1-
(8/318)
ولا يقتص من السن حتى ييأس من عودها فإن اختلفا في ذلك رجع إلى قول أهل الخبرة فأن مات قبل الأياس من عودها فعليه ديتها ولا قصاص فيها وإن اقتص من سن فعادت غرم سن الجاني ثم إن عادت سن الجاني رد ما أخذ وإن عادت سن المجني عليه قصيرة أو معيبة فعلى الجاني أرش نقصها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أ كثر مما فعل به فلو قلع سنا زائدة و كان للجاني مثلها في موضعها فللمجني عليه القود أو حكومة في سنه و إن لم يكن له مثلها في محلها فليس له إلا الحكومة و إن كانت إحداهما أكبر من الأخرى فالأشهر أنه يؤخذ به لأنهما سنان متساويان في الموضع كالأصليتين و لعموم النص و لا يقتص من السن حتى ييأس من عودها و هي سن من قد ثغر أي سقطت رواضعه ثم نبتت لأن سن من لم يثغر تعود عادة فلم تضمن كالشعر فإن عاد بدل السن على صفتها في موضعها فلا شئ على الجاني فإن اختلفا في ذلك رجع الى قول أهل الخبرة أي إذا مضى زمان عودها و لم بعد سئل أهل الخبرة فإن اختلفا في ذلك رجع الى قول أهل الخبرة أي إذا مضى زمان عودها و لم تعد سئل أهل الخبرة فإن قالوا قد يئس من عودها خير المجني عليه بين القصاص و بين دية السن فإن مات المجني عليه قبل الاياس من عودها فعليه ديتها لأنها القلع موجود و العود مشكوك فيه و قيل لا يجب شئ كحلق شعره و موته قبل نباته و لا قصاص فيها لأن الاستحقاق غير متحقق فيكون ذلك شبهة في درء القود و إن أقتص من سن فعادت غرم سن الجاني لأنه لم يجب القصاص ويضمنها بالدية فقط لأنه لم يقصد التعدي ثم إن عادت سن الجاني رد ما أخذ و لم تقلع في وجه لئلا يأخذ سنين بسن و قيل تقلع و إن برئت لأنه أعدم سنه بالقلع فكان له إعدام سنه به و في المذهب فيمن قلع سن كبير ثم نبتت لم يرد ما أخذ ذكره أبو بكر و إن عادت سن المجني عليه قصيرة أو معيبة فعلى الجاني أرش نقصها بالحساب ففي نصفها ديتها و إن عادت و الدم يسيل منها أو مائلة عن محلها ففيها حكومة و إن قلع سن
____________________
1-
(8/319)
فصل النوع الثاني الجروح فيجب القصاص في كل جرح ينتهي إلى عظم كالموضحة وجرح العضد والساعد والفخذ والساق والقدم ولا يجب في غير ذلك من الشجاج والجروح كما دون الموضحة أو أعظم منها إلا أن يكون أعظم من الموضحة كالهاشمة والمنقلة والمأمومة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كبير فله القود في الحال لأن الظاهر عدم عودها وإن قلع سنا فاقتص منه ثم عادت سن المجني عليه فقلعها الجاني ثانية فلا شئ عليه لأن سن المجني عليه لما عادت و جب للجاني عليه دية سنه فلما قلعها و جب على الجاني ديتها للمجني عليه فقد و جب لكل منهما دية سن فيتقاصان
مسألة تؤخذ المكسورة بالصحيحة و هل له أرش الباقي فيه وجهان فصل النوع الثاني الجروح للآية و الخبر فيجب القصاص في كل جرح ينتهي إلى عظم كالموضحة لأنه يمكن استفاؤه من غير حيف و لا زيارة لانتهائه الى عظم أشبه قطع الكف من الكوع ولا نعلم فيه خلافا ولأن الله نص على القصاص فلو لم يجب في كل جرح ينتهي الى عظم لسقط حكم الآية وجرح العضد والساعد والفخذ والساق والقدم في قول أكثر العلماء وكالموضحه ولا يستوفي في ذلك إلا من له علم وخبره كالجرائحي ونحوه فإن لم يكن للولي علم بذلك أمره بالإستبابه وإن كان له علم به فظهر كلام احمد انه يمكن منه لأنه أحد نوعي القصاص كالنفس ولا يجب في غير ذلك من الشجاج والجروح كما دون الموضحة أو أعظم منها لأنها جراحة لا تنتهي إلى عظم و لا تؤمن فيها الزيادة أشبه الجائفه وكسر العظام إلا أن يكون أعظم من الموضحة كالهاشمة والمنقلة والمأمومة لأنه ليس له حد ينتهي إليه و يمكن الاستيفاء من
____________________
1-
(8/320)
فله أن يقتص موضحه ولا شيء له على قول أبي بكر و قال ابن حامد له ما بين دية موضحة ودية تلك الشجة فيأخذ في الهاشمة خمسا من الإبل وفي المنقلة عشرا ويعتبر قدر الجرح بالمساحة فلو أوضح إنسانا في بعض رأسه مقدار ذلك البعض جميع رأس الشاج وزيادة كان له أن يوضحه في جميع رأسه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + غير حيف وذلك شرط في وجوب القصاص فله ان يقتص موضحه بغير خلاف بين أصحابنا لأنه يقتصر على بعض حقه ويقتص من محل جنايته فإنه إنما وضع السكين في موضع وضعها الجاني لأن سكين الجاني وصلت العظم ثم تجاوزته بخلاف قاطع الساعد فإنه لم يضع سكينه في الكوع ولا شيء له على قول أبى بكر لأنه جرح واحد لم يجمع فيه بين قصاص وأرش كالشلاء بالصحيحة وقال ابن حامد وقدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز له ما بين دية موضحه ودية تلك الشجه لأنه تعذر فيه القصاص فوجب الأرش كما لو تعذر في جميعها وفارق الشلاء بالصحيحة فإن الزيادة ثم من حيث المعنى وليست متميزة بخلاف مسألتنا فيأخذ في الهاشمه خمسا من الإبل وفي المنقلة عشرا لأن التفاوت في الأولى خمس وفي الثانية عشر وفي المأمومة ثمانية وعشرون بعيرا وثلث بعير لأن الواجب فيها ثلث الدية فإذا ذهب منها دية موضحة بقي ذلك ويعتبر قدر الجرح بالمساحة دون كثافة اللحم ليعلم حتى يقتص من الجاني مثله فلو أوضح إنسانا في بعض رأسه مقدار ذلك البعض جميع رأس الشاج وزيادة كان له أن يوضحه في جميع رأسه وحاصلة أنه يجب في الموضحة قدرها طولا وعرضا لأن القصاص المماثلة و لا يراعي العمق لأن حده العظم ولو روعي لتعذر الاستيفاء لأن الناس يختلفون في قلة اللحم وكثرته فإذا كانت في الرأس حلق موضعها من رأس الجاني وعلم القدر المستحق بسواد أو غيره ثم أقتص فإن كانت في مقدم الرأس أو مؤخره أو وسطه فأمكن أن يستوفي قدرها من موضعها لم يجز من غيره وإن زاد قدرها على موضعها
____________________
1-
(8/321)
وفي الأرش للزائد وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + من رأس الجاني استوفى بقدرها وإن جاوز الموضع الذي شجه في مثله لأن الجميع رأس وإن زاد قدرها على رأس الجاني كله لم يجز أن ينزله إلى الوجه والقفا لأنه قصاص في غير العضو المجروح فيقتص من رأس الجاني كله ( وفي الأرش للزائد وجهان ) أحدهما لا أرش له فيما بقي وقاله أبو بكر وهو الأشهر لئلا يجمع في عضو واحد قصاص ودية والثاني وهو قول ابن حامد له أرش موضحة ما بقي وهو تفاوت ما بين جنايته والموضحة كما سبق وإن كانت بقدر ثلثها فله أرش ثلث موضحة وإن زادت على هذا أو نقصت فبالحساب من أرش الموضحة ولا يجب له أرش الموضحة كاملة
تنبيه إذا أوضح كل الرأس ورأس الجاني أكبر فللمجني عليه قدر شجته من أي جانب شاء لأن الجميع محل الجناية وله أن يستوفي بعض حقه من مقدم الرأس وبعضه من مؤخره إلا أن يكون في ذلك زيادة ضرر أو شين فيمتنع لذلك لأنه لم يجاوز موضع الجناية ولا قدرها وقيل بالمنع لأنه يأخذ موضحتين بموضحة قدمه في الشرح وإن أوضحه موضحتين قدرهما جميع رأس الجاني فللمجني عليه الخيار بين أن يوضحه في جميع رأسه موضحة واحدة وبين أن يوضحه موضحتين يقتصر فيهما عن قدر الواجب ولا أرش له في الباقي وجها واحدا لأنه ترك الإستيفاء مع إمكانه ويقبل قول المقتص مع يمينه في أنه أخطأ في الزيادة فإن قال هذه الزيادة حصلت باضطرابه فأنكره الجاني فوجهان
____________________
1-
(8/322)
فصل وان اشترك جماعة في قطع طرف أو جرح وتساوت أفعالهم مثل أن يضعوا الحديدة على يده ويتحاملوا عليها جميعا حتى تبين فعلى جميعهم القصاص في إحدى الروايتين فان تفرقت أفعالهم أو قطع كل إنسان من جانب فلا قصاص رواية واحدة وسراية الجناية مضمونة بالقصاص أو الدية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
( وإن اشترك جماعة في قطع طرف أو جرح ) موجب للقصاص ( وتساوت أفعالهم مثل أن يضعوا الحديدة على يده ويتحاملوا عليها جميعا حتى تبين ) أو يدفعوا حائطا ونحوه على شخص قاله في الوجيز ( فعلى جميعهم القصاص في إحدى الروايتين ) اختارها الخرقي وقدمها في الكافي والرعاية والفروع وجزم بها في الوجيز لقول علي للشاهدين لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما فأخبر أن القصاص على كل منهما لو تعمد ولأنه أحد نوعي القصاص فيؤخذ الجماعة بالواحد كالنفس وفي الانتصار لو حلف كل منهما لا يقطع يدا حنث بذلك والثانية لا قود عليهم لأن الأطراف يعتبر التساوي فيها فإنه لا تؤخذ صحيحة بشلاء ولا كاملة الأصابع بناقصتها ولا تساوي بين الطرف والأطراف ولا يعتبر التساوي في النفس وكما لو تميزت أفعالهم وفي الرعاية بعد ذكر الخلاف وعلى كل واحد دية الطرف والجرح كما لو قطع كل إنسان من جانب او في وقت قال ابن حمدان ويحتمل ان يشتركوا في ديته ( فان تفرقت أفعالهم او قطع كل إنسان من جانب فلا قصاص رواية واحدة ) لان كل واحد منهم لم يقطع اليد ولم يشارك في قطع جميعها ( وسراية الجناية مضمونة ) بغير خلاف لأنها اثر الجناية والجناية مضمونة فكذا أثرها ( بالقصاص او الدية ) وهو مبني على ان موجب العمد احد أمرين ثم ان
____________________
1-
(8/323)
فلو قطع إصبعا فتآكلت أخرى الى جانبها وسقطت من مفصل أو تأكلت اليد وسقطت من الكوع وجب القصاص في ذلك وان شل ففيه ديته دون القصاص وسراية القود غير مضمونة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + سرت إلى النفس وما لا تمكن مباشرته بالإتلاف مثل أن يهشمه في رأسه فيذهب ضوء عينه وجب القود فيه ولا خلاف في ذلك في النفس وفي ضوء العين خلاف وإن سرت إلى ما تمكن مباشرته بالإتلاف ونبه عليه بقوله فلو قطع إصبعا فتآكلت أخرى إلى جانبها وسقطت من مفصل أو تآكلت اليد وسقطت من الكوع وجب القصاص في ذلك في قول إمامنا لأن ما وجب فيه القود بالجناية وجب بالسراية كالنفس وقال أكثر الفقهاء لا قود في الثانية توجب ديتها لأن ما أمكن مباشرته بالجناية لا يجب القود فيه بالسراية كما لو رمى سهما إلى شخص فمرق منه إلى آخر وجوابه ما سبق وبأنه أحد نوعي القصاص وفارق ما ذكروه لأن ذلك فعل وليس بسراية ولو قصد قطع إبهامه فقطع سبابته وجب القصاص وإن شل بفتح الشين وقيل بضمها ففيه ديته دون القصاص إذا شل وجب القود في الأول وقيل بضمها ففيه ديته دون القصاص إذا شل وجب القود في الأولى والأرش في الثانية لأن الشلل حصل بالسراية وحكمها حكم المباشرة ولأنها جناية موجبة للقود كما لو لم تسر وكما لو قطع يد حبلى فسرى إلى جنينها وقال ابن أبي موسى لا قود بنقصه بعد برئه ويجب الأرش في ماله فلا تحمله العاقلة لأنه جناية عمد وإذا قطع له اصبعا فشلت أصابعه الباقية وكفه وجب له نصف الدية وإن اقتص من الإصبع فله في الباقية أربعون من الإبل ويتبعها ما حاذى الكف وهو أربعة أخماس فيدخل أرشه فيها ويبقى خمس منها للكف وفيه وجهان وسراية القود غير مضمونة في قول الجمهور لما روى سعيد أن عمر وعلي بن أبي طالب قالا من مات من حد أو قصاص
____________________
1-
(8/324)
فلو قطع اليد قصاصا فسرى الى النفس فلا شى على القاطع ولا يقتص من الطرف الا بعد برئة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لا دية له الحق قتله ولأنه قطع مستحق مقدر فلا تضمن سرايته كقطع السارق ولا فرق بين سرايته إلى النفس أو إلى ما دونها فلو قطع اليد قصاصا فسرى إلى النفس فلا شيء على القاطع لأنه مستحق له بخلاف قسم الخطأ واحتج الأصحاب بمسألة اقتلني أو اجرحني مع تحريم الإذن والقطع فهنا أولى ويستثنى من ذلك ما إذا استوفاه قهرا مع الخوف منها كحر أو برد أو كلول آلة أو مسمومة فإنه يضمن بقية الدية وقال القاضي يضمن نصفها وقال ابن عقيل من له قود في نفس أو طرف فقطع طرقه فسرى إلى أوصال من عليه الدية فدفعه دفعا جائرا فقتله هل يكون مستوفيا لحقه كما يجزئ إطعام مضطر من كفارة قد وجب عليه بذله له وكذا من دخل مسجدا فصلى قضاء ونوى كفاء عن تحية المسجد فيه احتمالان ولا يقتص من الطرف إلا بعد برئه في قول الأكثر وهو الأصح لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا طعن رجلا بقرن في ركبته فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أقدني فقال جاء إليه فقال حتى تبرأ ثم جاء إليه فقال اقدني فأقاده ثم جاء إليه يا رسول الله عرجت فقال قد نهيتك فعصيتني فأبعدك الله وبطل عرجك ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتص من جرح حتى يبرأ رواه أحمد والدارقطني ولأن الجرح لا يدرى أيؤدي إلى القتل أم لا فيجب أن ينتظر ليعلم حكمه وفي ثانية وحكاها في الشرح تخريجا يجب قبل البرء بناء على قولنا إنه إذا سرى إلى النفس يفعل به كما فعل لأن القصاص في الطرف لا يسقط بالسراية فوجب أن يملكه في الحال كما لو برىء لكن الأولى تركه قاله في المحرر وفي
____________________
1-
(8/325)
فان اقتص قبل ذلك بطل حقه من سراية جرحه فإن سرى إلى نفسه كان هدرا وان سرى القصاص إلى نفس الجاني كان هدرا أيضا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الروضة لو قطع كل منهما يدا فله أخذ دية كل منهما في الحال قبل الاندمال وبعده لا القود قبله فإن اقتص قبل ذلك بطل حقه من سراية جرحه لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس لك شيء إنك عجلت رواه سعيد مرسلا ولأنه استعجل حقه فبطل حقه كقتل موروثه فإن سرى إلى نفسه كان هدرا اي سراية الجرح إلى نفس المجني عليه هدر إذا اقتص من الجاني قبل برء جرحه لأن حقه بطل باستعجاله ومع بطلانه يتعين كون السراية إلى نفسه هدرا وإن سرى القصاص إلى نفس الجاني كان هدرا أيضا قال أحمد قد دخله العفو بالقصاص واحتج الأصحاب بخبر رواه الدار قطني ولأن سراية القود غير مضمونة
فرع إذا اقتص بعد الاندمال ثم انتقض جرح الجناية فسرى إلى النفس وجب القود به لأنه اقتص بعد جواز الاقتصاص فإن اختار الدية فله دية إلا دية الطرف المأخوذ في القصاص فإن كان دية الطرف كدية النفس فليس له العفو على مال كذلك فإن كان الجاني ذميا فقطع أنف مسلم فاقتص منه بعد البرء ثم سرى إلى نفس المسلم فلوليه قتل الذمي وهل له أن يعفو على نصف دية المسلم فيه وجهان أحدهما له ذلك لأن دية اليهودي نصف دية المسلم فيبقى له النصف والثاني ليس له ذلك لأنه استوفى بدل أنفه أشبه ما لو كان الجاني مسلما
____________________
1-
(8/326)
= كتاب الديات = كل من أتلف إنسانا أو جزءا منه بمباشرة أو جزءا منه بمباشرة أو بسبب فعليه ديته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + = كتاب الديات =
الديات واحدتها دية مخففة وأصلها ودي والهاء بدل من الواو كالعدة من الوعد والزنة من الوزن يقال وديت القتيل أديه دية إذا سقط أخذت الدية وهي في الأصل مصدر سمي به المال المؤدي إلى المجني عليه أو أوليائه كالخلق بمعنى المخلوق وهي ثابتة بالإجماع وسنده قوله تعالى { ودية مسلمة إلى أهله } وفي الخبر في النفس مائة من الإبل كل من أتلف إنسانا أو جزءا منه بمباشرة أو سبب فعليه ديته لقوله تعالى { ومن يقتل مؤمنا متعمدا } الآية وقول النبي صلى الله عليه وسلم لما كتب إلى أهل اليمن كتابا في الفرائض والسنن والديات في النفس مائة من الإبل رواه مالك والنسائي من حديث عمرو بن حزم قال ابن عبد البر هو كتاب مشهور عند أهل السير ومعروف عند أهل العلم معرفة يستغني بشهرتها عن الإسناد أشبه المتواتر وسواء كان مسلما أو ذميا مستأمنا أو مهادنا فقوله أو جزءا منه هذه الزيادة انفرد بها المؤلف عن المحرر والوجيز والفروع لأن ما ضمنت جملته ضمنت أجزاؤه وقوله بمباشرة لأنه أتلفه بها فوجبت ديته كالنفس إذا أتلفت بها وقوله أو سبب لأنه مؤد إلى تلفه
____________________
1-
(8/327)
فإن كان عمدا محضا فهي في مال الجاني حالة وان كان شبه عمد أو خطأ أو ما أجري مجراه فعلى عاقلته ولو ألقى على إنسان أفعى أو ألقاه عليها فقتلته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أشبه المباشرة فإن كان عمدا محصنا فهي في مال الجاني بالإجماع لأن بدل المتلف يجب على المتلف وأرش الجناية على الجاني ولأن العامد لا عذر له فلا يستحق التخفيف ولا يوجد فيه المعنى المقتضي للمواساة في الخطإ حالة لأن ما وجب بالعمد المحض كان حالا كأرش أطراف العبد ودية شبه العامد ودية شبه العمد القاتل فيها معذور لكونه لم يقصد القتل وإن كان شبه عمد فعلى عاقلته في ظاهر المذهب لما روى أبو هريرة قال اقتتلت امرأتان من هديل فرمت إحداهما بحجر فقتلتها وما في بطنها فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية المرأة على عاقلتها متفق عليه ولأن نوع قتل لا يوجب قصاصا فأوجب الدية على العاقلة كالخطإ فعلى هذا تجب مؤجلة بغير خلاف نعلمه وروي عن عمر وعلي ولا مخالف لهما في عصرهما ولأن الدية تخالف سائر المتلفات لأنها تجب على غير الجاني على سبيل المواساة فاقتضت الحكمة تخفيفها عنهم وقال جماعة هي على القاتل في ماله اختاره أبو بكر لأن شبه العمد كالعمد أو خطأ أو ما أجرى مجراه فعلى عاقلته لا نعلم فيه خلافا حكاه ابن المنذر إذ الحكمة فيه أن جنايات الخطإ تكثر ودية الآدمي كثيرة فإيجابها على الجاني في ماله تجحف به فاقتضت الحكمة إيجابها على العاقلة على سبيل المواساة للقاتل والإعانة له تخفيفا لأنه معذور في فعله فعلى هذا لا يلزم القاتل شيئا من دية الخطإ لا أنه واحد من العاقلة وما أجرى مجرى الخطأ يعطى حكمه كالخطإ ولو ألقى على إنسان أفعى وهو حية معروفة والأكثر على صرفها كعصا وقيل بالمنع لوزن الفعل وشبهها بالمشتق وهو تصور أذاها أو ألقاه عليها فقتلته فعليه
____________________
1-
(8/328)
أو طلب إنسانا بسيف مجرد فهرب منه فوقع في شيء تلف به بصيرا كان أو ضريرا أو حفر بئرا في فنائه أو وضع حجرا أو صب ماء في طريق أو بالت فيها دابته ويده عليها أو رمى قشر بطيخ فيها فتلف به إنسان وجبت عليه الدية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ضمانه لأنه تلف بعدوانه أشبه ما لو جنى عليه ولأنه تلف بالسبب فوجب الضمان كالمباشرة وفي الرعاية وغيرها أنه شبه عمد أو طلب إنسانا بسيف مجرد فهرب منه فوقع في شيء تلف به بصيرا كان أو ضريرا عاقلا كان أو مجنونا سواء سقط من شاهق أو انخرق به سقف أو خر في بئر لأنه هلك بسبب عدوانه فضمنه كما لو نصب له سكينا قال في الترغيب وعندي ما لم يتعمد إلقاء نفسه مع القطع بتلفه لأنه كمباشر قال في الفروع ويتوجه أنه مراد غيره فلو طلبه بشيء يخوفه كاللت فهو كما لو طلبه بسيف مشهور فلو شهر سيفا في وجهه أو دلاه من شاهق فمات من روعته أو ذهب عقله فعليه ديته أو حفر بئرا في فنائه حيث يحرم فتلف به إنسان فعليه ديته روي عن علي وقضى به شريح لأنه تلف بعدوانه أشبه ما لو تلف بجنايته وكذا لو حفرها في مشترك بينه وبين غيره بغير إذنه فإنه يضمن الجميع لتعديه بالحفر وظاهره أنه لا يضمن إذا حفرها في ملكه لأنه لا يعد متعديا أو وضع حجرا أو صب ماء في طريق ضمنه لأنه هلك بسببه أو بالت فيها دابته ويده عليها فزلق به حيوان فمات به فعلى صاحب الدابة الضمان إذا كان راكبا أو قائدا أو سائقا كما لو جنت بيدها أو فمها قاله الأصحاب وفي الشرح قياس المذهب أنه لا يضمن ما تلف بذلك وكما لو سلم على غيره أو أمسك يده حتى مات لعدم تأثيره ولأنه لا يمكن التحرز منه كما لو أتلفت برجلها ويفارق ما إذا أتلفت بيدها أو فمها لأنه يمكنه حفظها أو رمى قشر بطيخ فيها فتلف به إنسان وجبت عليه الدية لأن التلف
____________________
1-
(8/329)
وان حفر بئرا ووضع آخر حجرا فعثر به إنسان فوقع في البئر فالضمان على واضع الحجر وان غصب صغيرا فنهشته حية أو أصابته صاعقة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + منسوب إلى فاعله فوجبت عليه الدية كالمتسبب إلى القتل بغير ذلك وفي المحرر والرعاية والوجيز إذا قصده فهو شبه عمد وإلا فهو خطأ وإن حفر بئرا ووضع آخر حجرا فعثر به إنسان فوقع في البئر فالضمان على واضع الحجر في رواية وهي الأشهر لأنه كالدافع لأنه لم يقصد القتل عادة لمعين بخلاف مكره واقتضى ذلك أنه لا ضمان على الحافر لأن المباشر قطع بسببه وعنه عليهما الضمان لأنه اجتمع سببان مختلفان فيخرج منه ضمان المتسبب اختاره ابن عقيل وغيره وجعله أبو بكر كقاتل وممسك وإن تعدى أحدهما اختص به الضمان وإن وضع حجرا ثم حفر آخر عنده بئرا أو نصب سكينا فعثر بالحجر فسقط عليها فهلك احتمل أن يضمن الحافر وناصب السكين لأن فعلهما متأخر عن فعله واحتمل أن يكون الضمان على واضع الحجر
تنبيه إذا أعمق بئرا قصيرا ضمن هو وحافر ما تلف بها نص عليه وإن دعا من يحفر له بداره بئرا أو معدن فمات بهدم لم يلقه أحد فهدر نقله حرب وإن حفر ببيته بئرا أو ستره ليقع فيها أحد فمن دخل بإذنه فالقود في الأصح وإلا فلا مكشوفة بحيث يراها ويقبل قوله في عدم إذنه في الأشهر ولو وضع فيها آخر سكينا قوقع في البئر عليها فمات فقال ابن حامد وجزم به السامري الضمان على الحافر ونص أحمد أن الضمان عليهما فيخرج من هذا أن يجب الضمان على جميع المتسببين وإن غصب صغيرا فنهشته حية أو أصابته صاعقة قال الجوهري هي نار تنزل من السماء في رعد شديد
____________________
1-
(8/330)
ففيه الدية وان مات بمرض فعلى وجهين وان اصطدم نفسان فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر وان كانا راكبين فماتت الدابتان فعلى كل واحد منهما قيمة دابة الآخر وان كان أحدهما يسير والآخر واقفا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ففيه الدية لأنه تلف في يده العادية و قال ابن عتيل لا يضمن إذا لم تعرف الارض بذلك و إن مات بمرض أو فجاءة فعلى وجهين و في الفروع روايتان إحداهما يضمن نصره أبو الخطاب و جزم به في الوجيز و نقله أبن منصور كالعبد الصغير و الثاني لا و نقله أبو الصقر لآنه حر لا تثبت اليد عليه في الغضب أشبه الكبير و إن قربه من هدف فأصابه سهم ضمنه المقرب و إن أرسله في حاجة فأتلف مالا أو نفسا فهو كجناية الخطإ من مرسله و مقتضاه أنه إذا قيد حرا مكلفا و غله فتلف بصاعقة أو حية و جبت الدية في الأشهر و إن جني عليه أحد ضمنه مرسله قال ابن حمدان إن تعذر تضمين الجاني و إن اصطدم نفسان راجلان وراكبان أو ماش وراكب قال في الروضة بصيران أو ضريران أو إحداهما فما فعلى عاقلة كل و احد منهما ديه الآخر روي عن على لأن كل واحد منهما مات من صدمه صاحبه و ذلك قتل خطأ فكانت دية كل واحد منهما على عاقلة الآخر و قيل بل نصفها و جزم في الترغيب و قدمه في الرعاية إن غلبت الدابة راكبها بلا تفريط فلا ضمان وعلى كل منهما كفارة في تركته و قيل بل كفارتان في الخطإ و شبهه بشبه العمد و خرج أن على عاقلة كل قتيل نصف الدية لورثته و على عاقلة الآخر النصف لهم و في الكافي والفروع إن تصادما عمدا و ذلك مما يقتل غالبا فهدر وإلا شبه عمد و إن كانا راكبين فماتت الدابتان فعلى كل واحد منهما قيمة دابة الآخر في تركته نص عليه لأن كلا منهما تلف بصدمة الآخر و قيل نصفها و إن كان أحدهما يسير و الآخر واقفا
____________________
1-
(8/331)
فعلى السائر ضمان الواقف ودابته إلا أن يكون في طريق ضيق قاعدا أو واقفا فلا ضمان فيه وعليه ضمان ما تلف به وان اركب صبيين لا ولاية له عليهما فاصطدما فماتا فعلى عاقلته ديتهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فعلى السائر ضمان الواقف والقاعد و دابته لأنهما تلفا بصدمة السائر من غير تعد في الوقوف و ضمان النفس على العاقلة لأنه قتل خطأ و ضمان المال على المتلف لأن العاقلة لا تحمله صرح به في النهاية و على هذا يحمل كلام المؤلف هذا إذا و قف أو قعد في طريق و اسع و ما تلف للسائر فهدر نص عليه إلا أن يكون في طريق ضيق قاعدا أو واقفا فلا ضمان فيه لأن السائر لم يتعد عليه بل الواقف و القاعد هو المتعدي و محله ما لم يكن الطريق مملوكا له فإن كان مملوكا له لم يكن متعديا بوقوفه بل السائر هو المتعدي بسلوكه ملك غيره بغير إذنه و عليه ضمان ما تلف به من السائر و ماله لأنه تعدى بالوقوف فيه أشبه واضع الحجر و فيه وجه لا ضمان
فرع إذا أصطدم عبدان ماشيان فماتا فهدر و إن مات أحدهما فقيمته في رقبة الآخر كسائر جنايته و إن كانا حرا و عبدا وماتا ضمنت قيمة العبد في تركة الحر ووجبت دية الحر كاملة في تلك القيمة و لو تجاذب حران حبلا و نحوه فانقطع و سقطا و ماتا فكمتصادمين مطلقا لكن نصف دية المنكب مغلظة و المستلقي مخففة و إن أركب صبيين و عبارة غيره صغيرين لا ولاية له عليهما أي ليس و ليهما فاصطدما فماتا فعلى فمتا عاقلته ديتهما لأنه تعدى بركوبهما و تصادمهما إثر ركوبهما و فعلها غير معتبر فوجب إضافة القتل الى من اركبهما و هو خطأ تحمله عاقلته و كذا قاله في الترغيب و الأشهر أنه يضمن ذلك في ماله و في الوجيز عليه ما تلف بصدمتهما إن كان مالا و إلا فعلى عاقلته و ظاهره أنه إذا كان له ولاية عليهما أنه لا ضمان عليه و لا على عاقلته لأنه أركاب مأذون فيه
____________________
1-
(8/332)
وان رمى ثلاثة بمنجنيق فقتل الحجر إنسانا فعلى عاقلة كل واحد منهم ثلث ديته وان قتل أحدهم ففيه ثلاثة أوجه أحدها يلغي فعل نفسه وعلى عاقلة صاحبيه ثلثا الدية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فلم يترتب عليه ما يترتب على المتعدي و قيده في الفروع بما إذا كان فيه مصلحه و هو ظاهر قال أبن عقيل و يثبتان بأنفسهما و في الترغيب إن صلحا للركوب و أركبهما ما يصلح لركوب مثلهما و إلا ضمن و إن ركباه بأنفسهما فكبالغين مخطئين قال في الرعاية وكذا المجنون و إن كانا عبدين ضمنهما من أركبهما
فرع يضمن كبير صدم صغيرا و إن مات الكبير ضمنه الذي أركب الصغير نقل حرب إن حمل رجل صبيا على دابة سقط ضمن إلا أن يأمر أهله مجمله و إن رمى ثلاثة بمنجنيق فقتل الحجر إنسانا رابعا فعلى عاقلة كل واحد منهم ثلث ديته إن لم يقصدوه كذا ذكره معظم الأصحاب لأن العاقلة تحمل الثلث فما زاد و لا قود لعدم إمكان القصد غالبا و في الفصول احتمال كرمية عن قوس و مقلاع و حجر عن يد و نقل المروذي تجب الدية في بيت المال فإن تعذر فعلى عواقلهم و هو قتل خطأ و إن قتل أحدهم فعلى كل واحد كفارة كما لو شارك في قتل غيره ففيه ثلاثة أوجه أحدها يلغي فعل نفسه قياسا على المتصادمين و على عاقلة صاحبيه ثلثا الدية كما لو مات من جراحتهم وجراحه نفسه و كما لو شارك في قتل بهيمة و لانه شارك في القتل فلم تكمل الدية على شركته كما لو قتلوا واحدا من غيرهم أقتصر علية في المجرد و هو أحسن و أصلح في النظر قاله المؤلف وروي عن على في مسألة القارضة و الواقصة قال الشعبي و ذلك أن ثلاث جوار اجتمعن فركبت إحداهن على عنق الأخرى و قرصت الثالثة المركوبة فقمصت فسقطت
____________________
1-
(8/333)
والثاني عليهما كمال الدية والثالث على عاقلته ثلث الدية لورثته وثلثاها على عاقلة الآخرين وان كانوا أكثر من ثلاثة فالدية حالة في أموالهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الراكبة فوقصت عنقها فماتت فرفع ذلك الى على فقضى بالدية أثلاثا على عواقلهن و ألغى الثلث الذي قابل فعل الواقصة لأنها أعانت على قتل نفسها و هذه شبيهة بمسألتنا و الثاني عليهم كمال الدية قال أبو الخطاب هذا قياس المذهب و قدمه في الرعاية و الفروع و جزم به في الوجيز كالمتصادمين و الثالث على عاقلته ثلث الدية لورثته و ثلثاها على عاقلة الآخرين لأن كل و احد منهم شارك في قتل نفس معصومة مؤمنة خطأ فلزمه ديتها كالأجانب و هذا ينبني على أن جناية المرء على نفسه أو أهله خطأ يتحمل عقلها العاقلة و إن كانوا أكثر من ثلاثة فالدية حالة في أموالهم أي إذا كانوا أربعة فقتلوا أحدهم أو غيرهم فالدية عليهم كالخمسة في الأصح لأن العاقلة لا تحمل ما دون الثلث لأن المقتول يلغي فعل نفسه و يكون هدرا لأنه لا يجب عليه لنفسه شئ و يكون باقي الدية في أموالهم حالة لأن التأجيل في الديات إنما يكون فيما تحمله العاقلة و هذا دون الثلث و لكن هذا على الثاني و الثالث ظاهر و على الأول فلا لأن الرمي لو كان من أربعة و جعل فعل المقتول هدرا بقيت الدية على الثلاثة الباقية أثلاثا عنه على عواقلهم لاتحاد فعلهم و لأصح الأول لأن حمل العاقلة إنما شرع للتخفيف عن الجاني فيما يشق و يكثر وما دون الثلث يسير و فعل كل واحد غير فعل الآخر و إنما موجب الجميع و احد أشبه ما لو جرحه كل واحد جرحا فماتت النفس بجميعها و إذا ثبت هذا فالضمان يتعلق بمن مد الحبل و رمى الحجر دون من و ضعه في الكفة اعتبارا بالمباشر كمن و ضع سهما في قوس أو قربه و رمى به صاحبه و قال القاضي و أبن عقيل
____________________
1-
(8/334)
وإذا جنى إنسان على نفسه أو طرفه خطأ فلا دية له وعنه على عاقلته ديته لورثته ودية طرفه لنفسه وان نزل رجل بئرا فخر عليه آخر فمات الأول من سقطته فعلى عاقلته ديته وان سقط ثالث فمات الثاني به فعلى عاقلته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يتوجه روايتا و ممسك وإذا جنى إنسان على نفسه او طرفه خطأ فلا دية له بل هو هدر كالعمد وهذا هو الأصح قال السامري وهو الاقيس لحديث عامر بن الاكوع حين رجع سيفه عليه يوم خيبر فمات ولو وجبت عليه لبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنقل ظاهرا ( وعنه على عاقلته ديته لورثته ودية طرفه لنفسه ) اختارها الخرقي وأبو بكر والقاضي وذكر أنها اظهر عنه لقول عمر ولم يعرف به مخالف في عصره و لأنه قتل خطأ فكانت ديته على عاقلته كما لو قتل غيره فعليها إن كانت الجناية قتلا نظرت فإن كانت العاقلة غير الورثة و جبت ديه النفس عليهم لورثه الجاني و أن كانوا هم الورثة فلا شئ عليهم لأنه لا يجب على الإنسان شئ لنفسه و إن كانت الجناية على غير النفس و وجبت دية ذلك على العاقلة للجاني و إن كان بعضهم وراثا سقط عن الورثة ما يقابل ميراثه ولا يحمله دون الثلث في الأصح قاله في الترغيب و نقل حرب من قتل نفسه لا يودي من بيت المال و الأول أصح في القياس و يفارق ما إذا كانت الجناية على غيره فإنه لو لم تحمله العاقلة لأجحف به وجوب الدية لكثرتها
فرع إذا كانت الجناية على نفسه شبه عمد فوجهان ( وإن نزل رجل بئرا فحر عليه آخر فمات الأول من سقطته فعلى عاقلته ديته ) أي لأن الأول مات من سقطته فيكون هو قاتله فوجبت الدية على عاقلته كما لو باشره بالقتل خطأ وإن كان رمي بنفسه عليه عمدا و هو مما يقتل غالبا فعليه القصاص و إلا فهو شبه عمد ( و إن سقط ثالث فمات الثاني به فعلى عاقلته
____________________
1-
(8/335)
ديته وان مات الأول من سقطتهما فديته على عاقلتهما وان كان الأول جذب الثاني وجذب الثاني الثالث فلا شيء على الثالث وديته على الثاني في أحد الوجهين وفي الثاني على الأول والثاني نصفين ودية الثاني على الأول (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ديته ) لأنه تلف من سقطته فإن مات الثاني بوقوعه على الاول فدم الثاني هدر لأنه مات بفعله و قد روى على بن رباح اللخمي أن رجلا كان يقود أعمى فوقعا في بئر وقع الاعمى فوق البصير فقتلة فقضى عمر بعقل البصير على الاعمى فكان الاعمى ينشد في الموسم في خلافه عمر % يا آيها الناس رأيت منكرا % هل يعقل الأعمى الصحيح المبصرا % % خرا معا كلاهما تكسرا %
رواه الدارقطني و قاله الزبير و شريح و النخعي قال في المغنى لو قال قائل ليس على الأعمى ضمان البصير لانه الذي قاده الى المكان الذي وقعا فيه و كان سبب و قوعه عليه ولذلك لو فعله قصدا لم يضمنه بغير خلاف و كان عليه ضمان الأعمى إلا ان يكون مجمعا عليه ( و ان مات الاول من سقطتهما فديته على عاقلتهما ) لانه مات بوقوعهما عليه و دية الثاني على الثالث لأنه انفرد بالوقوع عليه فانفرد بديته ( و ان كان الاول جذب الثاني و جذب الثاني الثالث فلا شئ على الثالث ) لانه لا فعل له ( و ديته على الثاني في إحدى الوجهين ) قدمه في المحرر و الرعاية و جزم به في الوجيز لانه هو جذبه و باشره بذلك و المباشرة تقطع حكم المتسبب كالحافر مع الدافع ( و في ) الوجه ( الثاني على الاول و الثاني نصفين ) لان الاول جذب الثاني الجاذب للثالث فصار مشاركا للثاني في إتلافه و قيل بل عليهما ثلثاها و بقيتها تقابل جذبتة فتسقط أو تجب على عاقلته و قيل دمه كله هدر اختاره في المحرر ( و دية الثاني على الاول ) لانه هلك بجذبته و قدم في المحرر
____________________
1-
(8/336)
وان كان الأول هلك من وقعة الثالث احتمل أن يكون ضمانه على الثاني وأحتمل أن يكون نصفها على الثاني وفي نصفها الآخر وجهان وان خر رجل في زبية أسد فجذب آخر وجذب الثاني ثالثا وجذب الثالث رابعا فقتلهم الأسد فالقياس أن دم الأول هدر وعلى عاقلته دية الثاني وعلى عاقلة الثاني دية الثالث وعلى عاقلة الثالث دية الرابع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و جزم به في الوجيز انها على الاول و الثالث لمشاركته إياه و قيل بل عليهما ثلثاها و الباقي و يقابل نفسه وفيه الوجهان قال المجد وعندي لا شئ منها على الاول بل على الثالث كلها أو نصفها و الباقي يقابل فعل نفسة و قال بعض أصحابنا يجب على الاول نصف ديته و يهدر نصفها في مقابله فعل نفسه و يتخرج وجه و هو وجوب نصف ديته إلى عاقلته لورثته كما إذا رمى ثلاثة بمنجنيق فقتل الحجر أحدهم و إن كان الثالث جذب رابعا فديته على الثالث فقط و قيل على الثالثة
فرع إذا لم يسقط بعضهم على بعض بل ماتوا بسقوطهم و في المغني أو وقع و شك في تأثيره أو قتلهم في الحفرة أسد و لم يتجاذبوا فدماؤهم مهدرة و إن كان الاول هلك من وقعه الثالث احتمل ان يكون ضمانه على الثاني لأن هلاكه حصل بجذبه و جذب الثاني وفعله كالمتصادمين فتعين إضافة التلف الى الثاني و احتمل ان يكون نصفها على الثاني لان الهلاك حصل بفعله و فعل غيرة و في نصفها الأخر وجهان لانه متسبب على جناية نفسه و في جناية الإنسان على نفسه الروايتان و ان خر رجل في زبية أسد فجذب آخر و جذب الثاني ثالثا و جذب الثالث رابعا فقتلهم الأسد فالقياس أن دم الاول هدر ذكرة في المحرر و جزم به في الوجيز و الفروع لأنه لا صنع لاحد في إلقائه و على عاقلته دية الثاني لانه تسبب في قتلة و على عاقلته ديه الثالث لما ذكرنا و على عاقلة الثالث ديه الرابع كذلك المبدع ج 8 م 22
____________________
1-
(8/337)
وفي وجه آخر أن دية الثالث على عاقلة الأول والثاني نصفين ودية الرابع على عاقلة الثلاثة أثلاثا وروي عن علي أنه قضى للأول بربع الدية وللثاني بثلثها وللثالث بنصفها وللرابع بكمالها على من حضرهم ثم رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجاز قضاءه فذهب إليه أحمد توقيفا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ولاشيء على الرابع لأنه لم يفعل شيئا وفيه وجه آخر أن دية الثالث على عاقلة الاول والثاني نصفين لأن جذب الاول للثاني سبب في جذب الثالث كما لو قتلاه خطأ ودية الرابع على عاقلة الثلاثة أثلاثا لأن جذب الثلاثة سبب إتلافه وكذا لو تدافع وتزاحم عند الحفرة جماعة فسقط منهم أربعة متجاذبين وتسمي هذه المسألة مسألة الزبية وروى عن علي أنه قضى للأول بربع الدية وللثاني بثلثها وللثالث بنصفها وللرابع بكمالها على من حضرهم روى حنش الصنعاني أن قوما من أهل اليمن حفروا زبية للأسد فاجتمع الناس على رأسها فهوى فيها واحد فجذب ثانيا وجذب الثاني ثالثا وجذب الثالث رابعا فقتلهم الأسد فرفع ذلك إلى علي رضي الله عنه فقضى فيها بما ذكر وقال فإني أجعل الدية على من حضر رأس البئر ثم رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجاز قضاءه رواه سعيد بن منصور ثنا أبو عوانه وأبو الاحوس عن سماك بن حرب عن حنش نحو هذا المعني ورواه أحمد أيضا فذهب إليه أحمد توقيفا وفي رواية لاحمد وجعل الدية على قبائل الذين ازدحموا أي عواقلهم وهو ظاهر في الثلث والنصف واما الربع فلا يتوجه حمل العاقلة لها لكن ذكر بعض أهل العلم أن هذا الحديث لا يثبته أهل النقل وانه ضعيف والقياس ما قلناه فلا ينتقل عنه إلى مالا يدرى ثبوته ولا معناه قاله في المغني و الشرح
تنبيه نقل جماعة أن ستة تعاطوا في الفوات فمات واحد فرفع إلى علي
____________________
1-
(8/338)
ومن أضطر إلى طعام إنسان أو شرابه وليس به مثل ضرورته فمنعه حتى مات ضمنه نص عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فشهد رجلان على ثلاثة وثلاثة على اثنين فقضى بخمس الدية على الثلاثة وثلاثة أخماس الدية على الاثنين ذكره الخلال وصاحبه وذكر ابن عقيل إن نام على سطحه فهوى سقفه من تحته على قوم لزمه المكث كما قاله المحققون فيمن ألقي في مركبه نار ولا يضمن ما تلف بسقوطه لأنه ملجأ لم يتسبب وإن تلف شيء بدوام مكثه أو بانتقاله ضمنه واختار في التائب العاجز عن مفارقة المعصية في الحال أو العاجز عن إزالة أثرها كمتوسط المكان المغصوب ومتوسط الجرحى تصح توبته مع العزم والندم وأنه ليس عاصيا بخروجه من الغصب ومن اضطر إلى طعام إنسان أو شرابه وليس به مثل ضرورته فمنعه حتى مات ضمنه نص عليه لما روى أن رجلا أتى أهل أبيات فاستسقاهم فلم يسقوه حتى مات فأغرمهم عمر رضي الله عنه الدية حكاه أحمد في رواية ابن منصور وقال أقول به قال القاضي وابو الخطاب في رؤؤس مسائله ولم يعرف له مخالف ولأنه تسبب إلى هلاكه بمنعه ما يستحقه فضمنه كما لو منعه طعامه حتى هلك وكأخذه ذلك لغيره وهو عاجز فيتلف أو دابته وظاهر كلام أحمد أن الدية تجب على مانع الطعام لأنه تعمد الفعل الذي يقتل مثله غالبا وقال القاضي هو على عاقلته لانه قتل لا يوجب القصاص فيكون شبه عمد وشرطه الطلب من مالكه صرح به في الفروع وغيره فعلى هذا إن لم يطلبه فلا ضمان عليه لانه لم يتسبب إلى هلاكه وظاهره انه إذا كان به مثل ضرورته فطلب منه فمنعه فمات لم يضمنه لأنه لا يجب عليه بذل طعامه في هذا الحال ومثل الأول لو أخذ منه ترسا يدفع به عن نفسه
____________________
1-
(8/339)
وخرج عليه أبو الخطاب كل من أمكنه إنجاء إنسان من مهلكة فلم يفعل وليس ذلك مثله ومن أفزع إنسانا فأحدث بغائط فعليه ثلث ديته وعنه لا شيء عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ضربا ذكره في الانتصار ( وخرج عليه أبو الخطاب ) وحكاه في المستوعب عن الأصحاب ( كل من أمكنه إنجاء إنسان من مهلكة فلم يفعل حتى هلك أنه يلزمه ديته لاشتراكهما في القدرة على سلامته وخلاصه من الموت قال في الفروع وخرج الأصحاب ضمانه على المسألة الأولى فدل أنه مع الطلب وفرق المؤلف فقال وليس ذلك مثله لانه هنا لم يتسبب إلى هلاكه فلم يضمنه بخلاف التي قبلها فلا يصح القياس فدل أن كلامهم عنده ولو لم يطلبه فإن كان مرادهم فالفرق ظاهر نقل محمد بن يحيى فيمن مات فرسه في غزاة لم يلزم من معه فضل حمله نقل أبو طالب يذكر الناس فإن حملوه وإلا مضى معهم
( ومن أفزع إنسانا ) أو ضربه ( فأحدث بغائط فعليه ثلث ديته قضى بذلك عثمان قال أحمد لا أعلم شيئا يدفعه وهو قول إسحاق لأنه فعل تعدى فيه اقتضى خروج الحدث فتعلق به الضمان كما لو استكره امرأة فأفضاها فاستطلق الحدث ابن عقيل إنما ذهب الى قضية عثمان بذلك ولم يخالفه أحد فدل على التوقيف لأنه لا يقتضيه القياس وظاهره أنه أذا أحدث بغير الغائط لا شيء فيه والمذهب أن البول كذلك وصرح بهما وزاد القاضي والريح وفرق في الشرح بين الريح وغيره فإنهما أفحش منه وعنه لا شيء لاشيء عليه جزم به في الوجيز وغيره وهو قول اكثر العلماء لأن الدية تجب لإزالة منفعة أو عضو أو آلة جمال وليس هنا شيء من ذلك قال في الشرح وهذا هو القياس والمراد ما لم يدم قال ابن عقيل وغيره إن دام فثلث دية
____________________
1-
(8/340)
فصل ومن أدب ولده أو امرأته في النشوز أو المعلم صبيه أو السلطان رعيته ولم يسرف فأفضى إلى تلفه لم يضمنه ويتخرج وجوب الضمان على ما قاله فيما أرسل السلطان إلى امرأة ليحضرها فأجهضت جنينها أو ماتت فعلى عاقلته الدية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا وطئ أجنبية كبيرة مطاوعة ولا شبهة أو امرأته ومثلها توطأ لممثله فأفضاها بين مخرج البول والمني أو بين السبيلين فهدر لعدم تصور الزيادة وهو حق له أي له طلبه عند الحاكم بخلاف أجير مشترك فصل
ومن أدب ولده أو امرأته في النشوز أو المعلم صبيه أو السلطان رعيته ولم يسرف أي فوق الضرب المعتاد فأفضى إلى تلفه لم يضمنه لأنه أدب مأذون فيه شرعا فلم يضمن ما تلف به كالحد فعلى هذا إن أسرف أو زاد على المقصود أو ضرب من لا عقل له من صبي وغيره ضمن ويتخرج وجوب الضمان وهو قول في المذهب قال ابن حمدان ولا يسقط بإذن أبيه وهل يسقط بإذن سيده على وجهين وقيل إن أدب ولده فقلع عينه ففي ضمانها وجهان على ما قاله أي الإمام أحمد فيما إذا أرسل السلطان إلى امرأة ليحضرها فأجهضت وقال أهل اللغة أجهضت الناقة ألقت ولدها قبل تمامه ثم استعمل الإجهاض في غير الناقة جنينها أو ماتت فعلى عاقلته الدية أما ضمان الجنين فلما روي أن عمر بعث إلى امرأة مغيبة كان يدخل عليها فقالت ياويلها ما لها ولعمر فبينا هي في الطريق إذ فزعت فضربها الطلق فألقت ولدا فصاح الصبي صيحتين ثم مات فاستشار عمر الصحابة فأشار بعضهم أن ليس عليك شيء إنما أنت وال ومؤدب وصمت علي فأقبل عليه عمر فقال
____________________
1-
(8/341)
(1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ما تقول يا أبا الحسن فقال إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأ رأيهم وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك إن ديته عليك لأنك أفزعتها فألقته فقال عمر أقسمت عليك ألا تبرح حتى تقسمها على قومك وأما المرأة فلأنها نفس هلكت بإرسال السلطان إليها فضمنها كجنينها أو نفس هلكت بسببه فوجب أن تضمن كما لو ضربها فماتت وقيل هدر لأنه ليس بسبب عادة وجوابه بأنه سبب عادي بخلاف الضربة والضربتين فإنه ليس سببا للهلاك في العادة
تنبيه إذا أدب حاملا فأسقطت جنينا ضمن وكذا إن شربت الحامل دواء لمرض فأسقطته فأما إن طلب السلطان امرأة لكشف حق لله من حد أو تعزير أو استعدى عليها رجل بالشرطة في دعوى له فأسقطت ضمنه السلطان في الأولى والمستعدي في الثانية نص عليهما كقطع لم يأذن سيد فيها وإن ماتت فزعا فوجهان وفي المغني والشرح إن استعدى إنسان على امرأة فألقت جنينها أو ماتت فزعا فعلى عاقلة المستعدي الضمان أن كان ظالما لها وإن كانت هي الظالمة فأحضرها عند الحاكم فينبغي ألا يضمنها وإن زنى بامرأة مكرهة فأحبلها وماتت من الولادة ضمنها لأنها تلفت بسبب تعديه
فائدة قال في الفنون إن شمت حامل ريح طبيخ فاضطرب جنينها فماتت أو مات فقال حنبلي وشافعيان إن لم يعلموا بها فلا إثم ولا ضمان وإن علموا وكان عادة مستمرة الرائحة تقتل احتمل الضمان أو الإضرار
____________________
1-
(8/342)
وان سلم ولده إلى السابح ليعلمه فغرق لم يضمنه ويحتمل أن تضمنه العاقلة وأن أمر عاقلا ينزل بئرا أو يصعد شجرة فهلك بذلك لم يضمنه ألا أن يكون الآمر السلطان فهل يضمنه على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + واحتمل لا لعدم تضرر بعض النساء وكريح الدخان يتضرر بها صاحب السعال وضيق نفس قال في الفروع والفرق واضح وإن سلم ولده الى السابح الحاذق ليعلمه فغرق فلم يضمنه في الاصح قال القاضي هو قياس المذهب لأنه فعل ما جرت العادة به لمصلحته كضرب المعلم الصبي الضرب المعتاد وكذا لو سلم بالغ عاقل نفسه ويحتمل أن تضمنه العاقلة قدمه في الشرح وغيره لأنه سلمه إليه ليحتاط في حفظه فإذا غرق فقد نسب الى التفريط في حفظه
فرع إذا قال له سبح عبدي هذا فسبحه ثم رقاه ثم عاد وحده يسبح فغرق فهدر وإن استؤجر ليسبحه ويعلمه ومثله لا يغرق غالبا وإن استؤجر لحفظه ضمنه إن غفل عنه أولم يشد ما يسبحه عليه شدا جيدا أو جعله في ماء كثير جار أو واقف لا يحمله أو عميق معروف بالغرق قاله في الرعاية وإن أمر عاقلا ينزل بئرا أو يصعد شجرة فهلك بذلك لم يضمنه لأنه لم يجن ولم يتعد أشبه ما لو أذن له ولم يأمره وكاستئجاره قبضه الأجرة أولا إلا أن يكون الآمر السلطان فهل يضمنه على الوجهين أحدهما لا ضمان جزم به في الوجيز وهو ظاهر ما قدموه كغيره و الثاني يضمنه واختاره القاضي في المجرد وهو من خطإ الإمام ولأنه يخاف منه إذا خالفه وهو مأمور بطاعته وظاهره أنه إذا كان المأمور صغيرا لا يميز قال في المغني والشرح وذكر الأكثر منهم صاحب الترغيب والرعاية غير
____________________
1-
(8/343)
وأن وضع جرة على سطحه فرمتها الريح على إنسان فتلف لم يضمنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مكلف ضمنه لأنه تسبب إلى إتلافه قال في الفروع ولعل مراد الشيخ ما جرى به عرف وعادة كالقرابة وصحبة وتعليم ونحوه فهذا متجه وإلا ضمنه وقد كان ابن عباس يلعب مع الصبيان فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاوية ورواه مسلم قال في شرحه لا يقال هذا تصرف في منفعة الصبي لأنه قدر يسير ورد الشرع بالمسامحة به للحاجة واطرد به العرف وعمل المسلمين وإن وضع جرة على سطحه أو حائط وعبارة الفروع وإن وضع شيئا على علو فهي أجود وفيه شيء فرمتها الريح على إنسان فتلف لم يضمنه على المذهب لأن ذلك بغير فعله ووضعه لذلك كان في ملكه وقيل يضمن إذا وضعها متطرفة جزم به في الوجيز لأنه تسبب إلى إلقائها وتعدى بوضعها أشبه ما لم بنى حائطا مائلا ولم تدحرج فدفعه عن نفسه لم يضمن ذكره في الانتصار وفي الترغيب وجهان وإنهما في بهيمة حالت بين مضطر وطعامه لا تندفع إلا بقتلها مع أنه يجوز
مسألة من نزل بئرا في محل عدوانا أو سقط فيه فسقط فوقه آخر فماتا ضمنهما عاقلة الحافر وقيل بل هو وقيل على عاقلة الثاني نصف دية الأول ويرجع به على عاقلة الحافر والله أعلم
____________________
1-
(8/344)
& باب مقادير ديات النفس دية الحر المسلم مائة من الإبل أو مائتا بقرة أو ألفا شاة أو ألف مثقال أو اثنا عشر ألف درهم فهذه الخمس أصول في الدية إذا أحضر من عليه الدية شيئا منها لزمه قبوله وفي الحلل روايتان إحداهما ليست أصلا في الدية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب مقادير ديات النفس &
المقادير واحدها مقدار و هو مبلغ الشئ و قدره ( دية الحر المسلم مائه من الابل أو مائتا بقرة أو ألفا شاة أو ألف مثقال ذهبا ( أو أثنا عشر ألف درهم ) قال القاضي لا تختلف المذهب أو أصول الدية الابل و البقر والغنم والذهب و الورق و هو قول الفقهاء السبعة و غيرهم لما في كتاب عمرو بن حزم ان النبي صلى الله عليه وسلم كتب الى أهل اليمن و إن في النفس المؤمنة مائة من الابل و على أهل ألف الورق ألأف دينار رواه النسائي و عن عكرمة عن بن عباس أن رجلا قتل فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثنى عشر ألفا رواه أبو داود والترمذي وروي عن عكرمة مرسلا وهو أصح وأشهر وعن عطاء عن جابر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدينة على أهل الإبل مائة من الإبل و على أهل البقر مائتي بقرة و على اهل الشاه الفي شاة رواه أبو داود و عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ( قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من كان عقله في البقر مائتي بقرة ومن كان عقله في الشاء ألفي شاه رواة أحمد و أبو داود و النسائي فهذه الخمس أصول في الدية إذا أحضر من عليه الدية شيئا منها لزم قبوله بغير خلاف سواء كان من أهل ذلك النوع أو النوع أو لم يكن لأنها أصول في قضاء الواجب يجزئ واحد منها فكانت الخيرة إلى من وجبت عليه كخصال الكفارة ( و في الحلل روايتان إحداهما ليست أصلا في الدية )
____________________
1-
(8/345)
وفي الأخرى أنها أصل وقدرها مائتا حلة من حلل اليمن كل حلة بردان وعنه أن الإبل هي الأصل خاصة وهذه إبدال عنها فإن قدر على الإبل وإلا انتقل إليها فان كان القتل عمدا أو شبه عمد وجبت أرباعا خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و هو ظاهر كلام الأصحاب و جزم به في الوجيز للأخبار و لأنها تختلف و لا تنضبط و في الأخرى أنها أصل نصرها القاضي و أصحابه و قدمها في الرعاية و صححها السامري لحديث عمر و علي أهل الحلل مائتا حلة رواه أبو داود فعلى هذه تكون الأصول ستة و قدرها مائتا حلة من حلل اليمن لأنها تنسب إليه كل حلة بردان لأن ذلك هو المتعارف إزار ورداء و في المذهب جديدان من جنس قال الخطابي الحلة ثوبان إزاء ورداء و لا تسمى حلة حتى تكون جديدة تحل عن طيها ولم يقل من جنس و عنه أن الابل هي الأصل خاصة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتيل السوط و العصا مائه من الابل و لأنه فرق بين دية العمد و الخطإ فغلظ بعضها و خفف بعضها و لا يتحقق هذا في غير الابل و على هذه بقية ما ذكر أبدل عنها أشبه المتيمم إذا عدم الماء لأن ذلك أقل ما تحمل الأحاديث عليه فعلى من عليه الدية تسليمها الى مستحقها سليمة من العيوب و من أراد العدول عنها الى غيرها فللأخر منعه لأن الحق متعين فيها فاستحقت كالمثل في المثليات المتلفة فإن تعذرت قال جماعة أو زاد ثمنها أنتقل الى الباقي ( فإن قدر على الابل ) لزمه إخراجها لأن الحق متعين فيها ( و إلا أنتقل اليها ) و هذه الرواية أقتصر عليها الخرقي و هي أصح من حيث الدليل ( فإن كان القتل عمدا أو شبه عمد و جبت أرباعا خمس و عشرون بنت مخاض و خمس و عشرون بنت لبون و خمس و عشرون حقه و خمس و عشرون جذعة قدمه في المحرر و الفروع
____________________
1-
(8/346)
وعنه أنها ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة في بطونها أولادها وهل يعتبر كونها ثنايا على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و جزم به في الوجيز و ذكره الخرقي و هو قول أكثر العلماء رواه سعيد عن أبي عوانه عن منصور عن إبراهيم عن أبن مسعود ورواه الزهري عن السائب بن يزيد مرفوعا ولأنه حق يتعلق بجنس الحيوان فلا يعتبر فيه الحمل كالزكاة والأضحية و عنه أنها ثلاثون حقه و ثلاثون جذعة و أربعون خلقة نصره في الانتصار في بطونها أولادها لما روي عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل متعمدا رفع الى أولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوا و إن شاؤوا أخذوا الدية و هي ثلاثون حقه و ثلاثون جذعة و أربعون خلفة و ما صولحوا عليه فهو لهم رواه الترمذي و قال حسن غريب ورواه سعيد عن هشيم أنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن زيد بن ثابت ورواه أيضا عن هشيم أنا المغيرة عن الشعبي عن أبي موسى الاشعري و المغيرة أبن شعبة أنها كذلك ورواه مالك عن عمر و في حديث عبد الله بن عمر مرفوعا منها أربعون خلفة في بطونها أولادها رواه أحمد و أبو داود و يتوجه تخريج من حمل العاقلة كخطأ و في الروضة رواية العمد أثلاثا و شبهه أرباعا ( وهل يعتبر ) في الحلفيات ( كونها ثنايا على وجهين كذا في المحرر أحدهما لا يعتبر ذكره القاضي و هو الأشهر لأنه عليه السلام أطلق الخلفات و لم يقيدها فاعتبار السن تقييد لا يصار اليه بدليل و الثاني يعتبر لقوله في الحديث من ثنيه الى بأزل عامها رواه احمد و أبو داود و لأن سائر الأنواع مقدرة بالسن فكذا الخلفات و قيل إنما يجزئ من منها ما بين ثنية و هي ما لها خمس سنين و بازل عام و هو ماله سبع سنين و قلما تحمل الأثنية
____________________
1-
(8/347)
وان كانت خطأ وجبت أخماسا عشرون بنت مخاض وعشرون ابن مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة ويؤخذ من البقر النصف مسنات والنصف أتبعه وفي الغنم النصف ثنايا والنصف أجذعة ولا تعتبر القيمة في شيء من ذلك إذا كان سليمان من العيوب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لاحقة لو أحضرها خلفة فأسقطت قبل وضعها فعليها بدلها فإن اختلفا في حملها رجع إلى أهل الخبرة فإن تسلمها الولي بقولهم ثم قال لم تكن حاملا قبل قول الجاني ( وإن كانت خطأ وجبت أخماسا عشرون بنت مخاض وعشرون ابن مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون حقة عشرون جذعة ) لا يختلف المذهب في ذلك وقاله جمهور العلماء لما روى الحجاج بن أوطأة عن زيد بن جبير عن ابن مالك الطائي عن ابن مسعود مرفوعا كذلك رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وقال في إسناده عن الحجاج ثنا زيد بن جبير والترمذي وقال لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه ورواه الدارقطني وقال هذا حديث غير ثابت ( ويؤخذ من البقر النصف مسنات والنصف أتبعة ) لأن ذلك هو العدل لأنه لو أخذ الكل مسنات لكان فيه إجحاف على الجاني وبالعكس فيه تحامل على المجني عليه وفي الخطإ يؤخذ معهما سن ثالث من أسنان الزكاة على وجه التخفيف وسن خامس لا يؤخذ في الزكاة وهو ابن مخاض ويجب أن يكون ذكرا من أسنان الزكاة المذكورة كما جعل ابن مخاص عوض بنت مخاض ( وفي الغنم النصف ثنايا والنصف أجذعة ) لما ذكرنا ولأن دية الإبل من الأسنان المقدرة في الزكاة فكذلك البقر والغنم قال في الفروع ويتوجه ألا يكونا مناصفة ( ولا يعتبرالقيمة في شيء من ذلك إذا كان سليما من العيوب ) المذهب أنه لا تعتبر قيمة الإبل بل متى وجدت على الصفة المشروطة وجب أخذها سواء قلت قيمتها أو كثرت نصره في المغني والشرح وقدمه معظم
____________________
1-
(8/348)
وقال أبو الخطاب يعتبر أن تكون قيمة كل بعير مائة وعشرين درهما فظاهر هذا أنه يعتبر في الأصول كلها أن تبلغ دية الأثمان والأول أولى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الأصحاب لأنه عليه السلام عليه السلام أطلقها فتقييدها بالقيمة يخالف ظاهر الخبر ولأنه خالف بين أسنان دية العمد والخطأ تخفيفا كدية الخطأ عن دية العمد واعتبارها بقيمة واحدة تسوية بينهما وإزالة التخفيف المشروع وفي الرعاية لا يجزئ مريض ولا عجيف ولا معيب ولا دون دية الأثمان على الأصح فيها من إبل وبقر وغنم وحلل ( وقال أبو الخطاب يعتبر أن تكون قيمة كل بعير مائة وعشرين درهما ) ذكره بعض أصحابنا مذهب أحمد لأن عمر قوم الإبل على أهل الذهب بألف مثقال وعلى أهل الورق باثني عشر ألف درهم رواه سعيد ثنا هشيم أنا يونس عن الحسن عنه ولأنها أبدال محل واحد فوجب أن تستوي قيمتها كالمثلي والقيمي من المتلفات ( فظاهر هذا أنه يعتبر في الأصول كلها أن تبلغ دية الأثمان ) واختاره القاضي وأصحابه لأنه إذا اعتبرت القيمة في الإبل وهي أصل رواية واحدة فكذلك تعتبر القيمة في غيرها ( والأول أولى ) لأن تقويم عمر لأجل أخذ الدراهم عوضا عن الإبل وذلك لا نزاع فيه لأن الإبل كانت تؤخذ على عهده عليه السلام وقيمتها ثمانية آلاف ثم قومها عمر لغلائها باثني عشر ألفا وهو يدل على أنها في حال رخصها أقل قيمة من ذلك فكانت تؤخذ على عهده عليه السلام وأبي بكر وصدرا من خلافة عمر مع رخصها وقلة قيمتها ونقصها عن مائة وعشرين وإذا لم تعتبر القيمة في الإبل فلا تعتبر فيما سواها قياسا عليها ولا يعتبر فيها أن تكون من جنس إبله وقال القاضي الواجب عليه أن تكون من جنس إبله سواء كان القاتل أو العاقلة فإن لم تكن له إبل فمن غالب إبل بلده فإن لم يكن فيها إبل وجب من
____________________
1-
(8/349)
ويؤخذ في الحلل المتعارف فان تنازعا فيها جعلت قيمة كل واحده ستين درهما فصل ودية المرأة نصف دية الرجل وتساوي جراحها جراحه الى ثلث الدية فإذا زادت صارت على النصف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + غالب إبل أقرب بالبلاد إليه فإن كانت إبله عجافا أو مراضا كلف تحصيل صحاح من جنس ما عنده لأنها بدل متلف فلا يؤخذ فيها معيب كقيمة المتلف والبقر والغنم كذلك ( ويؤخذ في الحلل المتعارف ) لأن ما لم يكن له حد في الشرع فيرجع فيه إلى العرف كالقبض والحرز ( فإن تنازعا فيها جعلت قيمة كل حلة ستين درهما ) لأن الأصل تساوي الإبدال ولتبلغ قيمة الجميع اثني عشر ألف درهم
فرع تغلظ دية طرف كقتل ولا تغلظ في غير إبل فصل
( ودية المرأة نصف دية الرجل ) إجماعا حكاه ابن المنذر وابن عبد البر لما روى عمرو بن حزم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في كتابه دية المرأة نصف دية الرجل لكن حكي عن ابن علية والأصم أن ديتها كدية الرجل لقوله عليه السلام في النفس المؤمنة مائة من الإبل وهو قول شاذ يخالف إجماع الصحابة مع أنهما في كتاب واحد فيكون الأول مفسرا ومخصصا له ( وتساوي جراحها جراحه إلى ثلث الدية ) لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى تبلغ الثلث من ديتها رواه النسائي والدارقطني من رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج ( فإذا زادت صارت على النصف ) وهو قول عمر ورواه سعيد ثنا هشيم انا الشيباني وابن أبى ليلى و زكريا عن الشعبي عن زيد لما روى ربيعة قلت لسعيد بن المسيب كم في اصبع المرأة
____________________
1-
(8/350)
ودية الخنثى المشكل نصف دية ذكر ونصف دية انثى وكذلك ارش جراحه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قال عشر من الإبل قلت ففي اصبعين قال عشرون قلت في ثلاث أصابع قال ثلاثون قلت ففي أربع أصابع قال عشرون قلت لما عظمت مصيبتها قل عقلها قال هكذا السنة يا ابن أخي رواه مالك عن ربيعة وعن أحمد أنها على النصف فيما قل أو كثر رواه سعيد عن علي كالزائد فلو بلغ جراحها الثلث ففيه روايتاه إحداهما وهي الأظهر قاله ابن هبيرة وقدمها السامري أنهما يستويان فيه لأنه لم يغير حد القلة ولهذا صحت الوصية به والثانية وقدمها في الرعاية وصححها في المغني والشرح يختلفان فيه لقوله حتى يبلغ الثلث وحتى للغاية فيجب أن يكون مخالفا لما قبلها والثلث في حد الكثير لقوله والثلث كثير ولأن العاقلة تحمله فدل على أنه يخالف ما دونه فأما دية نساء سائر الأديان فتساوي دياتهن ديات رجالهن إلى الثلث ويحتمل أن تساوي المرأة الرجل إلى ثلث دية الرجل المسلم لأنه القدر الكثير الذي ثبت له التنصيف في الأصل وهو دية المسلمين ( ودية الخنثى المشكل نصف دية ذكر ونصف دية أنثى ) لأن ميراثه كذلك فكذا ديته لا يقال الواجب دية أنثى لتيقنها لأنه يحتمل الذكورية والأنوثية احتمالا واحدا فيجب التوسط بينهما والعمل بكلا الاحتمالين ( وكذلك ارش جراحه ) لأن الجراح كالتابع للقتل فإذا كان في القتل نصف دية ذكر ونصف دية أنثى فلأن يجب أرش الجراح كذلك بطريق الأولى لكن إن كان دون الثلث فيستوي الذكر والخنثى لأن أدنى حالاته أن يكون امرأة وهي تساويه وفيما زاد ثلاثة أرباع جرح ذكر
____________________
1-
(8/351)
فصل ودية الكتابي نصف دية المسلم وعنه ثلث دية وكذلك جراحهم ونساؤهم على النصف من دياتهم ودية المجوسي والوثني ثمانمئه درهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
ودية الكتابي نصف دية المسلم في ظاهر المذهب وقدمه ونصره الأكثر لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال دية الكتابي نصف دية المسلم رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وعنه ثلث ديته اختارها أبو محمد الجوزي لما روى عبادة بن الصامت مرفوعا قال دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف ورواه الشافعي بإسناد جيد عن عمر والأول أصح وقد رجع أحمد عن الثانية وحديث عبادة لم يذكره أصحاب الحديث فالظاهر أنه ليس بصحيح وحديث عمر إنما كان ذلك حين كانت الدية ثمانية آلاف درهم فأوجب فيها نصفها وكذلك جراحهم من دياتهم كجراح المسلمين من دياتهم وهو الثلث أو النصف على الخلاف ونساؤهم على النصف من دياتهم بغير خلاف نعلمه قاله ابن المنذر كنساء المسلمين ودية المجوسي والوثني ثمانمئة درهم أما الأول فهو قول عمر وعثمان وابن مسعود والأكثر لما روى عقبة بن عامر مرفوعا قال دية المجوسي ثمانمئة درهم رواه انن عدي وطعن فيه بعضهم مع قوله عليه السلام سنوا بهم سنة أهل الكتاب فوجب أن تكون ديته كدية الكتابي لكنه محمول على أخذ الجزية وحقن الدم لا في كل شيء بدليل أن ذبائحهم ونساءهم لا تحل لنا وأما الثاني فلأنه كافر لا تحل ذبيحته أشبه المجوسي وكذا كل من لا يجوز قتله كالذمي والمستأمن والمعاهد ونساؤهم عن النصف من دياتهم وجراح كل أحد معتبر من ديته كالمسلم
____________________
1-
(8/352)
ومن لم تبلغه الدعوة فلا ضمان فيه وعند أبي الخطاب ان كان ذا دين ففيه دية أهل دينه فصل ودية العبد وآلامه قيمتها بالغة ما بلغت (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع عبدة الأوثان وسائر من لا كتاب له لا ذمة لهم وإنما تحقن دماؤهم بالأمان فإذا قتل من له أمان منهم فديته دية مجوسي لأنها أقل الديات فلا تنقص عنها ومن لم تبلغه الدعوة فلا ضمان فيه لأنه لا عهد له ولا أمان أشبه الحربي لكن لا يجوز قتله حتى يدعى وعند أبي الخطاب إن كان ذا دين ففيه دية أهل دينه لأنه محقون الدم أشبه من له أمان وقال أبو الفرج كدية مسلم لأنه ليس له من يتبعه والأول أولى فإن هذا ينتقض بصبيان أهل الحرب ومجانينهم لأنه كافر لا عهد له فإن كان له عهد ففيه دية أهل دينه فإن لم يعرف دينه فدية مجوسي لأنه اليقين والزيادة مشكوك فيها مسألة نساء أهل الحرب وذريتهم وراهب يتبعون أهل الدار أو الآباء فصل
ودية العبد والأمة قيمتهما بالغة ما بلغت أي يضمن الرقيق في العمد والخطأ بقيمته من نقد البلد وإن كثرت في المشهور عنه وهو قول سعيد والحسن وعمر بن عبد العزيز لأنه مال متقوم فيضمن بكمال قيمته بالغة ما بلغت كالفرس ويخالف الحر فإنه يضمن بما قدره الشارع فلم يتجاوزه ولأنه ليس بضمان مال بدليل أنه لم يختلف باختلاف صفاته وهذا ضمان مال يزيد بزيادة الملكية وينقص بنقصانها فاختلفا وحكم المدبر وأم الولد والمكاتب والمعلق عتقه بصفة كذلك قال الخطابي أجمع الفقهاء على أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم إلا النخعي فإنه قال يودى بقدر ما أدى من
____________________
1-
(8/353)
وعنه لا يبلغ بها دية الحر وفي جراحه ان لم يكن مقدرا من الحر ما نقصه وان كان مقدرا في الحر فهو مقدر في العبد من قيمته ففي يده نصف قيمته وفي موضحته نصف عشر قيمته نقصته الجناية اقل من ذلك أو اكثر وعنه انه يضمن بما نقص اختاره الخلال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كتابته دية حر وما بقي دية عبد وعنه لا يبلغ بها دية الحر لأن الحر أشرف منه ولأنه تعالى لما أوجب في الحر دية لا تزيد وهو أشرف لخلوه من نقص الرق كان تنبيها على أن العبد المنقوص لا يزاد عليها وفي جراحه إن لم يكن مقدرا من الحر كالعصعص وخرزة الصلب ما نقصه بعد البرء بغير خلاف نعلمه لأن حق المجني عليه ينجبر فلا تجب الزيادة وإن كان مقدرا في الحر كاليد والرجل والموضحة فهو مقدر من العبد من قيمته قدمها في المستوعب والكافي وروي عن علي قال أحمد هذا قول سعيد بن المسيب لأن قيمته كدية الحر ففي يده نصف قيمته لأن الواجب فيها من الحر نصف الدية وفي موضحته نصف عشر قيمته لأن الواجب فيها من الحر خمس من الإبل نقصته الجناية أقل من ذلك أو أكثر لأنه ساوى الحر في ضمان الجناية بالقصاص والكفارة فساواه في اعتبار ما دون النفس ببدل النفس كالرجل والمرأة وعنه أنه يضمن بما نقص اختاره الخلال قدمها في الرعاية وجزم بها في الوجيز قال أحمد إنما يأخذ قيمة ما نقص منه على قول ابن عباس لأن ضمانه ضمان الأموال فيجب فيه ما نقص كالبهائم وذكر في المغني والشرح أن هذه الرواية أقيس وأولى لأن القياس على الحر غير صحيح لعدم المساواة بينهما فعلى الأولى إن بلغت الجناية ثلث قيمتها احتمل أن ترد إلى النصف فيكون في ثلاثة أصابع ثلاثة أعشار قيمتها وفي أربعة أصابع خمسها كالحرة فإذا بلغت الثلث ردت إلى النصف واحتمل ألا
____________________
1-
(8/354)
ومن نصفه حر ففيه نصف دية حر ونصف قيمته وهكذا في جراحه وإذا قطع خصيتي عبد أو انفه أو أذنيه لزمته قيمته للسيد ولم يزل ملكه عنه وان قطع ذكره ثم خصاه لزمته قيمته لقطع الذكر وقيمته مقطوع الذكر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ترد لأن ذلك في الحرة على خلاف الأصل لكون الأصل زيادة لأرش بزيادة الجناية وأن كل ما زاد نقصها وضررها زاد في ضمانها فإذا خولف في الحرة بقينا في الأمة على وفق الأصل ومن نصفه حر فلا قود عليه لأنه ناقص بالرق أشبه ما لو كان كله رقيقا وإن كان قاتله عبدا أقيد منه لأنه أكمل من الجاني وإن كان القاتل نصفه حر أوجب القود لتساويهما وإن كانت الحرية في القاتل أكثر لم يجب القود لعدم التساوي ففيه نصف دية حر ونصف قيمته أي إذا قتله حر عمدا ضمن نصف دية حر ونصف قيمته وإن قبله خطأ فعليه نصف قيمته وعلى عاقلته نصف ديته لأنها دية حر في الخطأ وهكذا في جراحه أي إذا كان قدر الدية من أرشها بلغ ثلث الدية مثل أن يقطع أنفه أو يديه فإن قطع إحدى يديه فالجمع على الجاني لأن نصف دية اليد ربع ديته فلا تحملها العاقلة لنقصها عن الثلث ذكره في الشرح وإن قطع خصيتي عبد أو أنفه أو أذنيه لزمته قيمته أي قيمة العبد لأن القيمة بدل عن الدية للسيد لأنها بدل عن الأعضاء المملوكة للسيد ولم يزل ملكه عنه لأنه لم يوجد سبب يقتضي الزوال فوجب بقاؤه على ملكه عملا باستصحاب الحال لأن قطع يد العبد منزل منزلة تلف بعض ماله وإن قطع ذكره ثم خصاه لزمته قيمته لقطع الذكر لأن الواجب في ذلك من الحر دية كاملة وقيمته مقطوع الذكر لأن الواجب في قطع الخصيتين ممن الحر بعد الذكر دية كاملة لا يقال القيمة هنا نقصت لأن المؤلف قيدها بقطع الذكر بخلاف الحر فإنهما سواء لأن القيمة في مقابله لكنها تزيد وتنقص بخلاف الدية
____________________
1-
(8/355)
وملك سيده باق عليه فصل ودية الجنين الحر المسلم إذا سقط ميتا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وملك سيده باق عليه لما مر وفي ذلك اختلاف يلزمه ما نقص من قيمته وفي سمعه وبصره أو أنفه وأذنيه قيمتاه مع بقاء ملك السيد قال ابن حمدان فإن أذهب إحداهما أولا غرم قيمته كاملا ثم قيمته ناقصا
فرع إذا جرح اثنان في وقتين عبدا أو حيوانا ولم يوجباه ثم سرى الجرحان فقال القاضي يلزم كل واحد منهما ما نقصه بجرحه من قيمه ويتساويان في بقيتها قال المجد وعندي يلزم الثاني نصف قيمته مجروحا بالجرح الأول ويلزم الأول تتمة قيمته سلفا فصل ودية الجنين وهو اسم للولد في البطن مأخوذ من الإجنان وهو الستر لأنه أجنه بطن أمه أي ستره لقوله تعالى { وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم } الحر المسلم إذا سقط فلو ظهر بعضه ولم يخرج باقيه ففيه الغرة كما لو سقط جميعه ميتا في قول أكثر العلماء لما روي أن عمر استشار الناس في إملاص المرأة فقال المغيرة بن شعبة شهدت النبي صلى الله عليه وسلم قضي فيه بغرة عبد أو أمة قال لتأتيني بمن شهد معك فشهد له محمد بن مسلمة متفق عليه ولما روى أبو هريرة قال اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو أمة وقضى أن دية المرأة على عاقلتها رواه البخاري ومسلم وزاد وورثها ولدها ومن معهم فقام حمل بن النابغة الهذلي فقال
____________________
1-
(8/356)
غرة عبد أو أمة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو من إخوان الكهان من أجل سجعه الدي سجع فإذا ألقته ميتا فقد تحقق أنه من الضربة فوجب ضمانه سواء ألقته في حياتها أو بعد موتها لأنه تلف بالجناية عليه أشبه ما لو سقط في حياتها وظاهره بجناية عمدا أو خطأ غرة عبد أو أمة الأحسن تنوين غرة وعبد بدل منه وتجوز الإضافة على تأويل أضافة الجنس إلى النوع وسميا بذلك لأنهما من أنفس الأموال والأصل في الغرة الخيار وأصلها البياض في وجه الفرس وقال أبو عمرو بن العلاء الغرة عبد أبيض أو أمة بيضاء قلت وليس البياض شرطا عند الفقهاء وإنما تجب إذا سقط من الضربة ويعلم ذلك بأن يسقط عقيب الضربة أو تبقى متألمة منها إلى أن يسقط أو يكون منها كشرب دواء ونحوه فلو قتل حاملا ولم يسقط جنينها فلا لأنه لا يثبت حكم الولد إلا بخروجه فلا يجب الضمان بالشك والغرة هي عبد أو أمة في قول الأكثر وما روي عن عروة ومجاهد وطاووس أو فرس فجوابه أنه وهم انفرد به عيسى بن موسى عن الرواة وهو متروك في النقل وجعل ابن سيرين مكان الفرس مائة شاة لما روى أبو داود أنه عليه السلام جعل في ولدها مائة شاة وظاهره أنه لا تجب في مضغة ولا علقة وقال قتادة إذا كان علقة فثلث غرة وإن كان مضغة فثلثي غرة فإن القت مضغة فشهد ثقات من النساء القوابل أن فيه صورة خفية ففيه غرة وإن شهدن أنه مبتدأ خلق آدمي ولو بقي تصور فوجهان أصحهما لا شيء فيه كالعلقة والثاني
____________________
1-
(8/357)
قيمتها خمس من الإبل موروثه عنه كأنه سقط حيا ذكرا كان أو انثى ولا يقبل في الغرة خنثى ولا معيب ولا من له دون سبع سنين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وقدمه في الرعاية فيه غرة أشبه ما لو تصور فلو ألقت رأسين فغرة لأنه يجوز أن يكون من جنين وأكثر فلم تجب بالشك قيمتها خمس من الإبل وذلك نصف عشر الدية روي عن عمر وزيد وهو قول الجماعة لأن ذلك أقل ما قدره الشرع في الجناية وهو أرش الموضحة فرددناه إليه لا يقال قد وجب في الأنملة ثلاثة أبعرة وثلث وهو دون ذلك لأن الشارع أوجبها في أرش الموضحة والسن وأما الأنملة فيجب فيها ما ذكر بالحساب من دية الأصبع
فرع إذا اختلف قيمة الإبل ونصف عشر الدية من غيرها فظاهر الخرقي أنها تقوم بالإبل لأنها الأصل وقال غيره تقوم بالذهب أو الورق فتجعل قيمتها خمسين دينارا أو ستمائة درهم ويتفرع عليهما إذا لم يجد غيره وذكر في الكافي وإن أعوزت وجبت قيمتها من أحد الأصول في الدية موروثة عنه كأنه سقط حيا لأنها دية له وبدل عنه فورثها ورثته كما لو قتل بعد الولادة وقال الليث هي لأمه وجوابه أنها دية آدمي حر فوجب أن تكون موروثة عنه كما لو ولدته حيا ثم مات ذكرا كان الولد أو انثى لأنه عليه السلام قضى في الجنين بغرة وهو يطلق على الذكر والأنثى ولأن المرأة تساوي الذكر فيما دون الثلث ولا يقبل في الغرة خنثى ولا معيب يرد به في البيع ولا خصي ولا هرمة وإن كثرت قيمته لأنه حيوان يجب بالشرع فلم يقبل فيه ذلك بخلاف الكفارة فإن الغرة بدل فاعتبرت فيها السلامة كإبل الصدقة وهي خيار ولا من له دون سبع سنين في الاشهر فإنه محتاج إلى من يكفله وليس من الخيار وقيل أو أقل لإطلاق الخبر
____________________
1-
(8/358)
وان كان الجنين مملوكا ففيه عشر قيمة أمه ذكرا كان أم انثى وإن ضرب بطن فعتقت ثم أسقطت الجنين ففيه غرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + و ظاهره أن من جاوز السبع أنه مقبول و هو كذلك و قال أبن حمدان الغرة من له سبع سنين الى عشر و ظاهر الخرقي أن سنها غير مقدر و بالجملة البالغ أكمل من الصغير و أقدر على التصرف و أنفع في الخدمة وإن كان الجنين مملوكا ففيه عشر قيمة أمه هذا هو المذهب لأنه جنين آدمية فوجب فيه عشر دية أمه كجنين الحرة ولأنه جزء منها فقدر بدله من قيمتها كسائر أعضائها ونقل حرب الواجب فيه نصف عشر قيمة أمه ولا يحمل عليه الواجب هنا لأن الرقيق الواجب قيمته بخلاف الحر وتعتبر القيمة نقدا يوم الجناية كموضحتها إذا ساوتها حرية ورقا وإلا فبالحساب إلا أن يكون دين أبيه أو هو أغلى منها دية فيجب عشر ديتها لو كانت على ذلك الدين ذكرا كان أو أنثى لأن حكمه كذلك إذا كان حرا فكذا إذا كان رقيقا ونص المؤلف على ذلك إشارة منه إلى خلاف أبي حنيفة فإنه قال يجب فيه نصف عشر قيمته إن كان ذكرا أو عشر قيمته إن كان أنثى لأنه متلف فاعتباره بنفسه أولى من اعتباره بأمه وجوابه أنه جنين خالف سائر المتلفات في عدم اعتبار قيمة جميعه فوجب اعتباره بأمه ولأنه مات من الجناية في بطن أمه فلم يختلف ضمانه بهما كجنين الحرة
فرع جنين المعتق بعضها يجب بالحساب فإذا كان نصفها حرا فنصفه حر فيه نصف غرة لورثته وفي النصف الباقي نصف عشر قيمة أمه لسيده وإن ضرب بطن أمة فعتقت أو أعتق جنينها قبل الجناية أو بعدها ثم أسقطت الجنين ففيه غرة قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز
____________________
1-
(8/359)
وان كان الجنين محكوما بكفره ففيه عشر دية أمه وان كان أحد أبويه كتابيا والأخر مجوسيا اعتبر أكثرهما وان سقط الجنين حيا ثم مات ففيه دية حر ان كان حرا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + لأنه سقط حرا والعبرة بحال السقوط لأن قبل ذلك لا يحكم فيه بشيء وعنه بضمان جنين مملوك نقلها حرب وابن منصور وعنه إن سبق العتق الجناية ضمن بالغرة وإلا فبضمان الرقيق ونقل حرب التوقف وحكى في الفروع الخلاف ولم يرجح شيئا فإن ألقته حيا فالدية كاملة مع سبق العتق الجناية وإلا ففيه الروايتان في الرقيق يجرح ثم يعتق وإن كان الجنين محكوما بكفره ففيه غرة قيمتها عشر دية أمه لأن جنين الحرة المسلمة مضمون بعشر دية أمه فكذا جنين الكافرة وإن كان أحد أبويه كتابيا والآخر مجوسيا اعتبر أكثرهما أي أكثر الأمرين من عشر دية أمه أو نصف عشر دية أبيه لأن ذلك ضمان متلف فغلب فيه الأكثر تغليظا على الجاني ولأنه لو اجتمع في المتلف ما يجب ضمانه وعكسه غلب الوجوب كالمحرم إذا قتل متولدا بين وحشي وأهلي والحاصل أنها تؤخذ غرة قيمتها عشر الدية ولا فرق فيها بين الذكر والأنثى لأن السنة لم تفرق بينهما فلو كان بين كتابيين فأسلم أحدهما بعد الضرب قبل الوضع ففيه غرة في ظاهر كلامه وقاله ابن حامد والقاضي اعتبارا بحال استقرار الجناية وقال أبو بكر وأبو الخطاب فيه عشر دية كتابية اعتبارا بحال المجانية وإن سقط الجنين حيا ثم مات ففيه دية حر إن كان حرا لأنه حر مات بجناية أشبه ما لو باشره بالقتل وقد حكاه ابن المنذر إجماعا وعن أحمد لا يثبت هذا الحكم إلا إذا استهل روي عن عمر وابن عباس والحسن بن علي والأول نصره في المغني والشرح لأن الارتضاع ونحوه أدل على الحياة من الاستهلال فأما بمجرد الحركة فلا
____________________
1-
(8/360)
أو قيمته ان كان عبدا إذا كان سقوطه لوقت يعيش في مثله وهو أن تضعه لستة اشهر فصاعدا وإلا فحكمه حكم الميت وان اختلفا في حياته ولا بينه ففي أيهما يقدم قوله وجهان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو قيمته إن كان عبدا لأن القيمة في العبد بمنزلة الدية في الحر إذا كان سقوطه لوقت يعيش في مثله لأنه إذا لم يكن كذلك لا يعلم فيه حياة يجوز بقاؤها فلم تجب فيه دية ولا قيمة كما لو سقط ميتا وهو أن تضعه لستة أشهر فصاعدا لأن من ولد قبل ذلك لم تجز العادة ببقائه وفيه شئ فإن من ولد لثمانية أشهر لم يعش إلا ما كان من مريم وابنها عليهما السلام إلا فحكمه حكم الميت قال في الروضة وغيرها كحياة مذبوح فإنه لا حكم لها وحينئذ تجب فيه غرة لأنه لم تعلم حياته وإن اختلفا في حياته ولا بينة ففي أيهما يقدم قوله وجهان كذا أطلقهما في المحرر والفروع أحدهما وقدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز يقدم قول الجاني لأن الأصل براءة ذميه والثاني يقدم قول الولي لأن الأصل حياته كحياته في بطن أمه والأصل بقاؤه ومقتضاه أنه إذا كان ثم بينة عمل بها لأنها تظهر الحق وتثبته
أصل الغرة والدية يرثهما من يرثه كأنه سقط حيا ولا يرث قاتل ولا رقيق فترث عصبة سيد قاتل جنين أمته وفي الروضة هنا إن شرط زوج الأمة حرية الولد كان حرا وإلا عبدا وعلى المذهب لو شربت الحامل دواء فألقت جنينا ميتا فعلبها غرة هو لورثتها دونها لأنها قاتلة وعليها
عتق رقبة فرع يجب في جنين دابة ما نقص نص عليه وهو قول عامة العلماء وقال أبو بكر كجنين أمة أي عشر قيمة أمه وجوابه أن البهيمة إنما يجب بالجناية عليها قدر نقصها فكذا في جنينها
____________________
1-
(8/361)
فصل ذكر أصحابنا أن القتل تغلظ ديته بالحرم والإحرام والأشهر الحرم والرحم المحرم فيزداد لكل واحد ثلث الدية فإذا اجتمعت الحرمات الأربع وجب ديتان وثلث (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
ذكر أصحابنا أن القبل إذا كان خطأ وقال القاضي قياس المذهب أو عمدا جزم به جماعة قال في الانتصار كما يجب بوطء صائمة محرمة كفارتان ثم قال تغلظ إذا كان موجبة الدية وفي المفردات تغلظ عندنا في الجميع ثم دية الخطأ لا تغليظ فيها وفي المغني والترغيب وطرف تغلظ ديته بالحرم والإحرام والأشهر الحرم نقله فيها الجماعة والرحم المحرم اختاره أبو بكر والقاضي وأصحابه ولم يقيده في التبصرة والطريق الأقرب وغيرهما الرحم بالمحرم كالعتق وظاهر كلام أحمد أنها لا تغلظ بالرحم وقدمه في المحرر فيزاد لكل واحد ثلث الدية لما روي أن امرأة وطئت في طواف فقضى عثمان فيها بستة آلاف وألفين تغليظا للحرم وعن ابن عمر أنه قال من قتل في الحرم أو ذا رحم أو في الشهر الحرام فعليه دية وثلث وعن ابن عباس أن رجلا قتل رجلا في الشهر الحرام وفي البلد الحرام فقال ديته اثنا عشر ألفا وللشهر الحرام أربعة آلاف وللبلد الحرام أربعة آلاف وهو قول التابعين القائلين بالتغليظ واحتجوا بقول ابن عمر فإذا اجتمعت الحرمات الأربع وجب ديتان وثلث لأن القتل يجب به دية وقد تكرر التغليظ أربع مرات فكان كذلك
فائدة قال بعض أصحابنا حرم المدينة كمكة وفي الترغيب يخرج روايتان وقيل التغليظ بدية عمد وقيل بديتين وفي المبهج ان لم
____________________
1-
(8/362)
وظاهر كلام الخرقي أنها لا تغلظ بذلك وهو ظاهر الاية والأخبار وان قتل مسلم كافرا عمدا أضعفت الدية لازالة القود كما حكم عثمان رضي الله عنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يقتل بأبوية ففي لزومة ديتان أم دية وثلث روايتان وظاهر كلام الخرقي واختاره المؤلف ونصره في الشرح وذكره ابن رزين الأظهر وهو قول الفقهاء السبعة وعمر بن عبد العزيز انها لا تغلظ بذلك كجنين وعبد وهو ظاهر الآية وهو قوله تعالى { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله } وهذا يقتضي ان تكون الدية واحدة في كل مكان وعلى كل حال والأخبار منها قوله عليه السلام في النفس المؤمنة مائة من الإبل وعلى أهل الذهب ألف مثقال وروى الجوزجاني عن أبي الزناد أن عمر ابن عبد العزيز كان يجمع الفقهاء فكان مما أحيا من تلك السنن أي أنه لا تغليظ قال أبن المنذر ليس بثابت ما روي عن الصحابة في هذا ولو صح ففعل عمر في حديث قتادة أولى فيقدم على من خالفه وهو أصح في الرواية مع موافقة الكتاب والسنه والقياس
وإن قتل مسلم وقدم في الانتصار او كافر وجعله ظاهر كلامه كافرا سواء كان كتابيا او غيره حيث حقن دمه عمدا أضعفت الدية نص عليه لإزالة القود لان المسلم لا يقتل بكافر و لان القود شرع زجرا عن تعاطيه كما حكم عثمان رضي الله عنه رواه احمد عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه ان رجلا قتل رجلا من أهل الذمة فرفع إلى عثمان فلم يقتله وغلظ الدية ألف دينار فذهب إليه أحمد وله نظائر منها الأعور إذا قلع عين صحيح تجب دية كاملة لا حيث قصاص ومنها أن سارق الثمر يلزمه مثلا قيمته حيث لا قطع ومذهب الجماهير من العلماء
____________________
1-
(8/363)
فصل وان جني العبد خطأ فسيده بالخيار بين فدائه بالأقل من قيمته بالأقل من قيمته أو أرش جنايته أو تسليمه ليباع في الجناية وعنه ان أبي تسليمه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أن دية الذمي في العمد والخطأ واحد للعموم وكما لو قتل حر عبدا عمدا لأنه بدل متلف فلم تتضاعف كسائر الأموال وعلى الأول يودى المجوسي بألف وستمائة والكتابي بثلثي دية المسلم إن قلنا ديته ثلثها نص عليه ونقل ابن هانيء أنها تغلظ بثلث فصل
وإن جنى العبد خطأ فسيده بالخيار بين فدائه بالأقل من قيمته أو أرش جنايته أو تسليمه ليباع في الجناية إذا جنى رقيق خطأ أو عمدا لا قود فيه أو واختير فيه المال أو أتلف مالا وجب اعتبار جنايته لأن جناية الصغير والمجنون غير ملغاة مع عذره وعدم تكليفه فالعبد أولى ولا يمكن تعليقها بذمته لأنه يفضي إلى إلغائها أو تأخير حق المجني عليه إلى غير غاية ولا بذمة السيد لأنه لم يجن فتعين تعليقها برقبة العبد كالقصاص والمذهب بأن سيده بالخيار بين فدائه لأنه إذا فدى عبده بقيمته فقد أدى عوض المحل الذي تعلقت به الجناية أو بيعه في الجناية لأنه دفع المحل الذي تعلقت به الجناية والمذهب أنه يلزمه في الفداء الأقل من قيمته او أرش جنايته لأنه إذا فداه بقيمته أدى قدر الواجب لأن حق المجني عليه لا يتعلق بغير رقبة الجاني وإذا فداه بأرش جنايته فهو الذي وجب للمجني عليه فلم يملك مطالبته بأكثر منها وعليه لو أعتقه بعد علمه بالجناية لزمه جمع أرشها بملاف ما إذا لم يعلم نقله ابن منصور وعنه يفديه أو يسلمه فيها وعنه يخير بينهن وعنه فيما فيه القود خاصة يلزمه فداؤه بجميع قيمته وعنه إن أبى تسليمه
____________________
1-
(8/364)
فعليه فداؤه بأرش الجناية كله وان سلمه فأبى ولي الجناية قبوله وقال بعه أنت فهل يلزمه ذلك على روايتين وان جنى عمدا فعفا الولي عن القصاص على رقبته فهل يملكه بغير رضى السيد على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فعليه فداؤه بأرش الجناية كله لأنه إذا عرض للبيع ربما رغب فيه راغب بأكثر من قيمته فإذا أمسكه فوت على المجني عليه ذلك وإن سلمه فأبى ولي الجناية قبوله وقال بعه أنت فهل يلزمه ذلك على روايتين أظهرهما لا يلزمه قاله ابن هبيرة وقاله أكثر العلماء لأن حق المجني عليه لا يتعلق بأكثر من الرقبة وقد سلمها ويبيعه الحاكم بغير إذن وله التصرف فيه بعتق وغيره وقيل بإذن والثانية يلزمه صححها في الرعاية لأن الجناية تقتضي وجوب أرشها وأرشها هو قيمة العبد
فرع إذا مات العبد الجاني أو هرب قبل مطالبة سيده بتسليمه أو بعده ولم يمنع منه فلا شيء عليه فلو جنى ففداه ثم جنى فحكمها كالأولى ولا يرجع الثاني على الأول بشيء ومحله ما لم يكن بإذن سيده أو أمره فإن كان فضمانها عليه بالغة ما بلغت رواية واحدة وإن جنى عمدا فعفا الولي عن القصاص على رقبته فهل يملكه بغير رضى السيد على روايتين أظهرهما عنه لا يملكه لأنه إذا لم يملكه بالجناية فلأن لا يملكه بالعفو أولى ولأنه إذا عفا عن القصاص انتقل حقه إلى المال فصار كالجناية الموجبة للمال والثانية يملكه قدمها في الرعاية لأنه مملوك استحق إتلافه فاستحق إبقاءه على ملكه كعبده الجاني عليه فعلى هذه إن عفا عنه على رقبته وقيمته فوق الأرش وقلنا يجب أحد شيئين تعين الأرش ولو قال عفوت عنه وهو حر عتق ولا دية وإن قلنا لا يملك فلا قود ولا دية وهو ملك سيده وذكر ابن عقيل والوسيلة رواية يملكه بجناية عمد وله قتله ورقه وعتقه
____________________
1-
(8/365)
وان جنى على اثنين خطا اشتركا فيه بالحصص فان عفا أحدهما أومات المجني عليه فعفا بعض ورثته فهل يتعلق حق الباقين بجميع العبد أو بحصتهم منه على وجهين وان جرح حرا فعفا عنه ثم مات من الجراحة ولا مال له وقيمة العبد عشر ديته فاختار السيد فداءه وقلنا يفديه بقيمته صح العفو في ثلثه وان قلنا يفديه بالدية صح العفو في خمسه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وينبني عليه لو وطئ الأمة ونقل مهنا لا شيء عليه وهي له وولدها وإن جنى على اثنين خطأ اشتركا فيه بالحصص نص عليه سواء جنى عليهم بفي وقت أو أوقات لأنهم تساووا في سبب تعلق به الحق فتساووا في الاستحقاق كما لو جنى عليهم دفعة واحدة بل لو قدم عضهم كان الأول أولى لأن حقه أسبق وقال ابن حمدان يقاد بالكل اكتفاء كما لو جنى عليهم معا ويحتمل أن يقاد بالأول أو يؤخذ حقه بالقرعة مطلقا ويدخل بالقتل حق من بقي لفوت محله إن علق بالعين فإن عفا أحدهما أو مات المجني عليه فعفا بعض ورثته فهل يتعلق حق الباقين بجميع العبد أو بحصتهم منه على وجهين أحدهما يتعلق بجميع العبد قدمه في المحرر والرعاية والفروع وجزم به في الوجيز لأن سبب استحقاقه موجود وإنما امتنع ذلك لمزاحمة الآخر وقد زال المزاحم أشبه ما لو جنى على إنسان ففداه سيده ثم جنى على آخر والثاني يتعلق بحصتهم منه لا غير لأن كل واحد تعلق بقسط من رقبته فلا يتعلق بزيادة عليه كما لو لم يوجد عفو أصلا
فرع قتل عبدان عبدا عمدا فقتل الولي أحدهما وعفا عن الآخر تعلق برقبته نصف الدية وبناه السامري على قتل الجماعة بالواحد وإن جرح حرا فعفا عنه ثم مات من الجراحة ولا مال له وقيمة العبد عشر ديته فاختار السيد فداءه وقلنا يفديه بقيمته صح العفو في ثلثه لأنه ثلث ما فات عنه ويبقى الثلثان للورثة وإن قلنا يفديه بالدية صح العفو في خمسة
____________________
1-
(8/366)
أسداسه وللورثة سدسه لان العفو صح في شيء من قيمته وله بزيادة الفداء تسعة أشياء بقي للورثة ألف الا عشرة أشياء تعدل شيئين أجبر وقابل يخرج الشيء نصف سدس الدية وللورثه شيئان فتعدل السدس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أسداسه وللورثة سدسه لأن العفو صح في شيء من قيمته فسقط وله بزيادة الفداء تسعة أشياء بقي للورثة ألف إلا عشرة أشياء تعدل شيئين أجبر وقابل تصير ألف تعدل اثني عشر شيئا فالشي إذا يعدل نصف سدس الدية يخرج الشيء نصف سدس الدية وللورثة شيئان فتعدل السدس لأن الشيء إذا عدل نصف سدس كان الشيء يعدل السدس ضرورة فعلى هذا لو كان قيمة العبد ثلث الدية صح العفو على القول بأن الفداء يكون بالدية في ثلاثة أخماسه ولو كان قيمة العبد الربع صح في ثلثه ولو كانت قيمته الخمس صح في خمسة أسباعه وطريق الباب في هذه المسائل أن تزيد قيمة العبد على نصف دية المجني عليه وتنسب قيمة العبد مما بلغا فما كان فهو الذي يفديه به سيده
تنبيه إذا قتل عبد عبدين لآخر فله قتله والعفو عنه فإن قتله سقط حقه وإن عفا على مال تعلقت قيمة العبدين برقبته وإن كانا لاثنين فكذلك إلا أن القاتل يقتل بالأول منهما فإن عفا قتل للثاني وإن قتلهما معا أقرع بين العبدين فمن وقعت له القرعة اقتص وسقط حق الآخر فإن عفا عن القصاص وعلى سيد الأول مال تعلق برقبة العبد وللثاني القصاص فإن قتله سقط حق الأول من القيمة وإن عفا الثاني تعلقت قيمة القتيل الثاني برقبته ويباع فيهما ويقسم ثمنه على قدر القيمتين لا يقال حق الأول أسبق فيقدم لأنه لا يراعى بدليل ما لو أتلفت أموال لجماعة على الترتيب ولو قتل عبد عبدا لاثنين كان لهما القصاص والعفو فإن عفا أحدهما سقط القصاص
____________________
1-
(8/367)
& باب ديات الأعضاء ومنافعها & ومن أتلف ما في الإنسان منه شيء واحد ففيه الدية وهو الذكر والأنف واللسان الناطق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب ديات الأعضاء ومنافعها & المنافع واحده منفعة وهي اسم مصدر من نفعني كذا نفعا وهي نوعان أحدهما الشجاج وهي في الرأس والوجه والثاني في سائر البدن وهو قسمان أحدهما قطع عضو والآخر قطع لحم وذلك كله مضمون من الآدمي ويضاف إليه تفويت المنفعة كالسمع والبصر ونحوهما ومن أتلف ما في الإنسان منه شيء واحد ففيه الدية أي دية نفسه نص عليه وهو الذكر إجماعا لما روى عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وفي الذكر الدية وفي الأنف إذا أوعب جدعا الدية وفي اللسان الدية رواه احمد والنسائي ولفظه له وقال روى يونس هذا الحديث عن الزهري مرسلا وظاهره ولو من صغير نص عليه وشيخ فان ذكره جماعه وقيد إبن حزم الإجماع بأن ينتشر وهذا إذا أبقى الأنثيين سالمتين
أصل وفي حشفة الذكر الدية بغير خلاف نعلمه لأن منفعته تكمن بالحشفة كما تكمل منافع اليد بالأصابع فلو قطعها وبعض القصبة لم يجب أكثر من دية كما لو قطع الأصابع وبعض الكف والأنف وظاهره ولو مع عوجه وصرح به في الترغيب وتجب إذا قطع مع مارنه وهو ما لان منه واللسان الناطق السليم إذا أستوعب كله حطا من المسلم الحر إجماعا ذكره ابن حزم وذكر المؤلف أنهم أجمعوا على وجوب الدية فيه لأنه أعظم الأعضاء نفعا وأتمها
____________________
1-
(8/368)
ولسان الصبي الذي بحركة بالبكاء وما فيه منه شيئان ففيهما الدية وفي أحدهما نصفها كالعينين والأذنين والشفتين واللحيين وثديي المرأة وثندوتي الرجل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + جمالا وإن قطع لسان كبير وادعى أنه كان أخرس فكما إذا اختلفا في شلل العضو ولسان الصبي الذي يحركه بالبكاء لأن في إتلافه إذهاب منفعة الجنس وإتلافها كإذهاب النفس في الكل وظاهره ولو لم يبلغ حد النطق فلو بلغه ولم يتكلم لم تجب فيه الدية كلسان الأخرس وإن كبر فنطق ببعض الحروف وجب فيه بقدر ما ذهب من الحروف لأنا تبينا أنه كان ناطقا وما فيه منه شيئان ففيهما لدية وفي أحدهما نصفها نص عليه كالعينين إذا أذهبهما من المسلم خطأ لحديث عمرو بن حزم ويستوي فيه الصغيرتان والصحيحتان وضدهما فإن كان فيها بياض ينقص البصر نقص من الدية بقدره وإلا فلا وعنه تجب دية كاملة جزم به في الترغيب كحولاء وعمشاء مع رد المبيع بهما والأدنين وفاقا قضى به عمر وعلي وما روي أن أبا بكر قضى في الأذن بخمسة عشر بعيرا رواه سعيد فمنقطع وذكر بن المنذر أنه لا يثبت وفي الوسيلة وإشرافهما وهو جلد بين الغدار والبياض الذي حولهما نص عليه وفي الواضح وأصداف الأذنين والشفتين أي إذا استوعبتا من المسلم خطأ إجماعا وفي أحدهما نصفها واللحيين وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان لأن فيهما نفعا وجمالا وليس في البدن مثلهما وثديي المرأة أي فيهما الدية وفي أحدهما نصفها بالإجماع وفي قطع حلمتي الثديين ديتهما نص عليه لأنه ذهب منهما ما تذهب المنفعة بذهابه كحشفة الذكر وإن حصل مع قطعهما جائفة وجب فيهما ثلث الدية مع ديتهما وإن ضربهما فأشلهما فالدية وثندوتي الرجل نص عليه وهي مغرز الثدي والواحدة ثندوة بفتح
____________________
1-
(8/369)
واليدين والرجلين والأليتين والأنثيين واسكتي المرأة وعنه في الشفة السفلى ثلثا الدية وفي العليه ثلثها وفي المنخرين ثلثا الدية وفي الحاجز ثلثخها وعنه في النخزن الدية ونفي الحاجز حكومة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الثاء بلا همزة وبضمها مع الهمز وقال الجوهري الثدي للمرأة والرجل وهو أصح في اللغة ومنهم من أنكره ولانه يحصل بهما الجمال وليس في البدن غيرهما من جنسهما ( واليدين ) أي فيهما الدية وفي أحدهما نصفها للأخبار حتى يد مرتعش ويد اعسم وهو عوج في الرسغ ( والرجلين ) لما ذكرنا حتى قدم اعرج وقال أبو بكر حكومة ( والإليتين ) وهما ما علا واشرف على الظهر وعن استواء الفخذين وان لم يصل الى العظم الدية ذكره جماعه و نقل ابن منصور فيهما الدية إذا قطعتا حتى الى العظم ( و الانثيين ) ففيهما الدية لخبر عمرو بن حزم و في أحدهما نصفها في قول أكثرهم
فرع إذا رض انثييه أو اشلهما كملت ديتهما كما لو أشل يديه أو ذكره و ان قطع إحداهما فذهب النسل لم يجب أكثر من نصف الدية ( و اسكتي المرأة ) بكسر الهمزة و فتحها و هما شفراها و قال أهل اللغة الشفران حاشيتا الاسكتين و فيهما الدية لأن فيهما منفعة و جمالا و ليس في البدن غيرهما من جنسهما و إن أشلهما ففيهما الدية كما لو جني على شفته فأشلها و لا فرق بين الرتقاء وغيرها و في عانة الرجل و المرأة حكومة ( و عنه في الشفة السفلي ثلثا الدية و في العليا ثلثها روي عن زيد لأن نفع السفلي أعظم لأنها هي التي تدور و تتحرك و تحفظ الريق و الطعام و الاول أصح و قول زيد معارض بقول أبي بكر و على ( وفي المنخرين ثلثا الدية و في الحاجز ثلثها ) على المذهب لأن المارن يشمل ثلاثة أشياء منخران و حاجز فوجب توزيع الدية على عددها كسائر ما فيه عدد من الأصابع و الأجفان و عنه في المنخرين الدية و في الحاجز حكومة حكاها أبو
____________________
1-
(8/370)
وفي الأجفان الأربعة الدية وفي كل واحد ربعها وفي أصابع اليدين الدية وفي أصابع الرجلين الدية وفي كل صبع عشرها وفي كل أنملة ثلث عقلها الا الإبهام فإنها مفصلان ففي كل مفصل نصف عقلها وفي الظفر خمس دية الإصبع وفي كل سن خمس من الإبل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الخطاب لأن المنخرين ليس في البدن لهما ثالث و لأنه بقطعهما يذهب الجمال كله و المنفعة أشبه قطع اليدين و الاول اظهر و قدمه الأكثر فلو قطع أحد المنخرين و نصف الحاجز و جب نصف الدية و إن شق الحاجز بينهما ففيه حكومة و إن بقي منفرجا فالحكومة فيه أكثر و في الأجفان الأربعة الدية و في كل و احد ربعها و عليه الأئمة لأنها أعضاء فيها جمال ظاهر و نفع كامل فإنها تكن العين و تحفظها من الحر و البرد و لولاها لقبح منظرها و يجب في أشفار عين الأعمى وهن الأجفان لأن ذهاب البصر عيب غير الأجفان وفي أصابع اليدين الدية إذا كانت سليمة و في أصابع الرجلين الدية لما روي الترمذي و صححه عن ابن عباس مرفوعا ( دية أصابع اليدين و الرجلين عشر من الإبل لكل إصبع و في البخاري عنه مرفوعا قال ( هذه و هذه سواء ) يعني الخنصر الإبهام ( وفي كل إصبع عشرها ) و فيه خلاف شاذ ( و في كل أنملة ثلث عقلها ) لأن ديه الأصبع تقسم عليها كما قسمت دية اليد على الأصابع بالسويه ( إلا الإبهام فإنها مفصلان ففي كل مفصل نصف عقلها ) أي نصف عشر الدية ( و في الظفر خمس دية الإصبع ) نص علية لقول زيد ورواه أبن عباس و معناه إذا قلعه ولم يعد و في ( الرعاية ) و كذا إن اسود و دام و التقديرات يرجع فيها الى التوفيق فإن لم يكن فيها توقيف فالقياس أن فيه حكومة كسائر الجراح التي ليس فيها مقدر و في ( الكافي ) إن ما لا توقيف فيه من سائر الجراح تجب فيه الحكومة ( و في كل سن ) قلع بسنخها أو الظاهر فقط خمس من الإبل روي عن عمر و أبن عباس و لخبر عمرو بن حزم بن عمرو بن
____________________
1-
(8/371)
إذا قلعت ممن قد ثغر والأضراس الأنياب كالا سنان ويحتمل أن تجب في جميعها دية واحدة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + شعيب و هي أثنا عشر سنا و أربع ثنايا وأربع رباعيات و أربعة أنياب قاله بن حزم و غيره و فوق ضاحكان و ناجذان و ست طواحين و أسفل مثلها فعلى هذا يجب في جميعها مائة و ستون بعيرا لأنها أثنان و ثلاثون فإن كانت إحدى ثنيه قصيرة نقص من ديتها بقدر نقصها ذكره في ( الشرح ) و غيرة و شرطه ( إذا قلعت ممن قد ثغر ) بضم الثاء أي إذا سقطت رواضعه يقال ثغر و أثغر يحترز بذلك من الصغير الذي لم يثغر فإنه لا يجب بقلعها شئ في الحال بغير خلاف نعلمه لأن العادة عود سنه فينتظر فإن مضت مدة ييأس من عودها و جبت ديتها قال أحمد يتوقف سنة لأنه غالب في نباتها ( والأضراس و الأنياب كالأسنان ) و هو قول أبن عباس و معاوية و الأكثر لما روى أبو داود عن أبن عباس مرفوعا قال ( الأسنان سواء الثنية و الضرس سواء و هذا نص و لأن كل ديه و جبت في جملة كانت مقسومة على العدد دون المنافع كالأصابع و الأجفان و عنه إن لم يكن ثغر فحكومة أختاره القاضي و قال إذا سقطت أخواتها و لم تعد أخذت ديتها لأن الغالب أنها لا تعود بعد ذلك ( ويحتمل أن تجب في جميعها دية واحدة ) هذا رواية حكاه في المغني و الفروع لأن في كل ضرس بعيرين لقول سعيد بن المسيب رواه مالك و عن عطاء نحوه و الاجماع أن في كل سن خمسا لأنها منفعة جنس فلم تزد ديتها على الدية كسائر منفعة الجنس و في المحرر و قيل إن قلع الكل أو فوق العشرين دفعة لم يجب سوى الدية و قال أبو محمد الجوزي إن قلع أسنانه دفعة واحدة فالدية
____________________
1-
(8/372)
وفي مارن الأنف وحشفة الذكر وحلمتي الثديين وكسر ظاهر السن دية العضو كاملة يزد على الدية في ظاهر كلامه وقال القاضي في الزائد حكومة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ويحتمل أن يلزم من استوعب الأنف جدعا دية وحكومة في القصبة وفي قطع بعض المارن والآذن والحلمة واللسان والشفة والحشفة والأنملة والسن وشق الحشفة طولا بالحساب من ديته تقدر بالأجزاء (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
فرع إذا قلع سنا مضطربة لكبر أو مرض و كانت منافعها أو بعضها باقية و جبت ديتها و إن ذهبت منافعها فهي كيد شلاء و إن قلع سنا فيها داء أو آكلة فإن لم يذهب شي من أجزائها ففيها دية سن صحيح و إن ذهب سقط من ديتها بقدر الذاهب ووجب الباقي ( و تجنب دية اليد و الرجل في قطعهما من الكوع و الكعب ) لأن اليد في الشرع محمولة على ذلك بدليل قطع السارق و المسح في التيمم و الكعب بمنزلة الكوع بدليل ما لو سرق ثانيا قطعت رجله من كعبها فإن قطعهما من فوق ذلك لم يزد على الدية في ظاهر كلامه و نص عليه في رواية أبي طالب و قاله قتادة و عطاء و هو المنصور عند معظم أصحابنا لأن اليد أسم للجميع للمنكب لأنه لما نزلت آية التيمم مسح الصحابة الى المناكب لا يقال يجب أن لا يجب بقطعهما من فوق الكوع و الكعب الدية لأنه لا يلزم من وجوب الدية في شيء عدم و جوبها فيما دونه بدليل أن الدية تجب في اليدين من الكوع و تجب في قطع الأصابع دون الكف ( و قال القاضي في الزائد حكومة ) لأن المنفعة المقصودة في اليد من البطش و الأخذ و الدفع بالكف و ما زاد تابع له و الدية تجب في قطعها من الكوع و الكعب فيجب في الزائد حكومة و لأن أسم اليد و الرجل الى الكوع و الكعب و على الاول لو قطع من الكوع قطعها من فوق ذلك ففيه حكومة لأنها و جبت عليه الدية بالقطع الاول كما لو قطع الأصابع ثم قطع الكف
فرع إذا كان له كفان على ذراع أو يد و ذراعان على عضد و إحداهما باطشة دون الأخرى أو إحداهما اكثر بطشا أو في سمت الذراع و الأخرى منحرفة
____________________
1-
(8/373)
أو تامة و الأخرى ناقصة فالأولى هي الأصلية ففيها ديتها والقصاص بقطعها عمدا و في الأخرى حكومة لأنها زائدة سواء قطعها منفردة أو مع الأصلية و قال أبن حامد لا شئ فيها لأنها عيب فلو أستويا و كانتا غير باطشتين ففيهما ثلث دية اليد أو حكومة و إن كانتا باطشتين ففيهما دية اليد و هل تجب الحكومة فيه وجهان ( وفي مارن الأنف ) وهو ما لان منه ( وحشفة الذكر و حلمتى الثديين و كسر ظاهر السن دية العضو كاملة ) لأن قطع المارن يذهب الجمال أشبه الأنف كله وحشفة الذكر لأن منفعته كمنفعة اليد بالأصابع وحلمتي الثديين لأنه ذهب من الثديين ما تذهب المنفعة بذهابه فوجب دية كاملة وفي كسر ظاهر السن ديته وهو ما ظهر من اللثة لأن ذلك هو المسمى سنا فيدخل في عموم النص وما في اللثة يسمى سنخا فإذا كسر السن ثم قلع هو أو غيره السنخ ففي السن ديتها وفي السنخ حكومة والدية في قدر الظاهر عادة وإن اختلفا في قدر الظاهر اعتبر بأخواتها فإن لم يمكن أن يعرف ذلك أهل الخبرة قبل قول الجاني ( ويحتمل أن يلزم من استوعب الأنف جدعا دية وحكومة في القصبة ) لما روى طاووس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الأنف إذا أوعب جدعا الدية رواه الشافعي والحكومة في القصبة لما مر في قطع اليد من فوق الكوع فإن قطع الأنف وما تحته من اللحم ففي اللحم حكومة لأنه ليس من الأنف أشبه ما لو قطع الذكر واللحم الذي تحته ( وفي قطع بعض المارن والأذن والحلمة واللسان والشفة والحشفة والأنملة والسن وشق الحشفة طولا بالحساب من ديته تقدر بالأجزاء )
____________________
(8/374)
وفي شلل العضو او إذهاب نفعه والجناية على الشفتين بحيث لا ينطبقان على الاسنان وتسويد السن والظفر بحيث لا يزول ديته وعنه في تسود السن ثلث ديتها وقال أبو بكر فيها حكومة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + كالثلث والربع ثم يؤخذ مثله من الدية لأن ما وجبت الدية في جميعه وجبت في بعضه وكما تقسط دية اليد على الأصابع وفي الترغيب رواية تجب ثلث دية كشحمة أذن وفي الواضح فيما بقي من أذن بلا نفع الدية وإلا حكومة ( وفي شلل العضو أو إذهاب نفعه والجناية على الشفتين بحيث لا ينطبقان على الأسنان ) الدية لأنه عطل نفعهما أشبه ما لو أمسك يده أو لسانه أو شفاته وسائر الأعضاء إلا الأذن والأنف قال في المغني والشرح وكذا إذا استرخيا فصارا لا ينفصلان عن الأسنان لأنه عطل جمالها وفي التبصرة والترغيب في التقلص حكومة ( وتسويد السن والظفر بحيث لا يزول ) عنه ( ديته ) روي عن زيد بن ثابت وقاله ابن سيرين وابن المسيب والحسن وهو ظاهر الخرقي ( وعنه في تسويد السن ثلث ديتها ) وهو قول بعض الصحابة لأن التقدير لا يثبت إلا بالتوقيف وكتسويد أنفه مع بقاء نفعه قاله في الواضح ( وقال أبو بكر فيها حكومة ) وهو رواية عن أحمد لأنه لم يذهبها بمنفعتها فلم تكمل ديتها كما لو احمرت أو اصفرت أو كلت وعنه إن ذهبت منفعتها من المضغ عليها ففيها ديتها وإلا فحكومة قاله القاضي والأول أصح لأنه قول زيد ولم يعرف له مخالف من الصحابة فكان كالإجماع ولأنه أذهب الجمال على الكمال فكملت ديتها كما لو قطع أذن الأصم
فرع إذا جنى على سنه فاخصرت فعنه كتسويدها جزم به في المنتحب وعنه حكومة قال في الفروع وهي أشهر وذكرهما في
____________________
1-
(8/375)
وفي العضو الاشل من اليد والرجل والذكر والثدي ولسان الأخرس والعين القائمة وشحمة الإذن وذكر الخصي والعنين والسن السوداء والثدي دون حلمته والذكر دون حشفته وقصبة الأنف واليد والإصبع الزائدتين حكومة وعنه ثلث ديته وعنه في ذكر الخصي والعنين كمال ديته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الشرح احتمالين ( وفي العضو الأشل من اليد ولرجل والذكر والثدي ولسان الأخرس والعين القائمة ) في موضعها صحيحة غير أنه أذهب نظرها ( وشحمة الأذن وذكر الخصي والعنين والسن السوداء والثدي دون حلمته والذكر دون حشفته وقصبة الأنف واليد والأصبع الزائدتين حكومة ) قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لأنه لا يمكن إيجاب دية كاملة لكونها قد ذهبت منفعتها ولا مقدر فيها فتجب الحكومة ( وعنه ثلث ديته ) لما روى النسائي ورحاله ثقات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في العين العوراء السادة لمكانها بثلث الدية وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها وفي السن السوداء إذا قلعت بثلث ديتها وعن عمر معنى ذلك رواه سعيد وحكم الرجل الشلاء كاليد الشلاء رجحه المؤلف وقال قولهم لا يمكن إيجاب مقدر ممنوع فإنا قد ذكرنا التقدير وبيناه فأما اليد والرجل والإصبع والسن الزوائد ففيها حكومة ولا يصح قياس هذا على العضو الذي ذهبت منفعته وبقي جماله لأن هذه الزوائد لا جمال فيها إنما هي شين في الخلقة وعيب يراد به المبيع وتنقص به القيمة وقيل لا يجب فيها شيء قال القاضي هو في معنى اليد الشلاء فيتخرج على الروايتين وكذا كل عضو ذهبت منفعته وبقيت صورته والكف الذي لا أصابع عليه وساق لا قدم فيه وذراع لا كف عليه وذكر لا حشفة له ( وعنه في ذكر الخصي والعنين كمال ديته ) ذهب الأكثر إلى وجوب الدية في ذكر العنين لخبر عمر بن حزم وفي الذكر دية ولأنه غير مأيوس من جماعه وهو عضو سليم في نفسه
____________________
1-
(8/376)
فلو قطع الذكر والانثيين معا أو الذكر ثم الانثيين لزمه ديتان ولو قطع الانثيين ثم قطع الذكر وجبت الانثيين وفي الذكر روايتان إحداهما دية والأخرى حكومة أو ثلث ديته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أشبه ذكر الشيخ وعنه لا تكمل ديته لأن منفعة الإنزال والإحبال بالجماع وقد عدم ذلك منه في حال الكمال أشبه الأشل وبهذا فارق ذكر الشيخ وأما ذكر الخصي فعنه دية كاملة لظاهر الخبر ولأن منفعته وهي الجماع باقية فيه وعنه لا لأن المقصود منه تحصيل النسل ولا يوجد ذلك منه فلم تكمل ديته وعنه تكميلها لذكر العنين دون الخصي وخرج منه في الانتصار في لسان أخرس وقدم في الروضة في ذكر الخصي إن لم يجامع بمثله فثلث ديته وإلا دية قال في عين قائمة نصف دية
فرع إذا نبتت أسنان صبي سوداء ثم ثغر ثم عادت سوداء فديتها تامة كمن خلق أسود الوجه والجسم جميعا وإن نبتت أولا بيضاء ثم ثغر ثم عادت سوداء فإن قال أهل الخبرة ليس السوداء لمرض ولا علة ففيها كمال ديتها وإلا فثلث دية أو حكومة ( فلو قطع الذكر والأنثيين معا ) أي دفعة واحدة ( أو الذكر ثم الأنثيين لزمه ديتان ) لأن كل واحد منهما لو انفرد لوجب في قطعه الدية فكذا لو اجتمع ( ولو قطع الأنثيين ثم قطع الذكر وجبت دية الإنثيين ) لأن قطعهما لم يصادف ما يوجب نقصهما عن ديتهما ( وفي الذكر روايتان ) كذا في المحرر ( إحداهما دية ) لقوله عليه السلام وفي الذكر الدية ( والأخرى ) وهي أشهر ( حكومة أو ثلث ديته ) لأنه ذكر خصي
فرع إذا قطع نصف الذكر طولا فقال أصحابنا يجب نصف الدية ونصر في المغني والشرح أن تجب الدية كاملة لأنه ذهب منفعة الجماع
____________________
1-
(8/377)
وأن اشل الأنف او الأذن او عوجهما ففيه حكومة وفي قطع الاشل منهما كمال ديته وتجب الدية في الأنف الاخشم والمخروم وأذني الأصم وان قطع انفه فذهب شمه او أذنيه فذهب سمعه وجبت ديتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + به أشبه ما لو أشله وإن قطع منه قطعة فما دون الحشفة وخرج البول على عادته وجب بقدر القطعة من جميع الذكر من الدية وإن خرج من موضع القطع وجب الأكثر من الدية أو الحكومة ( وإن أشل الأنف أو الأذن أو عوجهما ففيه حكومة ) لأن نفع الأنف والأذن باق مع الشلل بخلاف اليد فإن نفعها قد زال وإنما قلنا ببقاء نفع الأذن كونها تجمع الصوت وتمنع دخول الهواء في الصماخ وهذا باق مع الشلل وكذلك الأنف فنفعه جمع الرائحة ومنع وصول شيء إلى دماغه قال المؤلف أو تغيير لونهما وقيل الدية كشلل يد ومثانة ونحوهما ( وفي قطع الأشل منهما كمال ديته ) لأنه قطع أذنا فيها جمالها ونفعها كالصحيحة وكما لو قطع عينا عمشاء أو حولاء
فرع إذا قطع الأنف إلا جلدة بقية معلقا بها فلم يلتحم واحتيج إلى قطع الجلدة ففيه ديته وإن رده فالتحم فحكومة وإن أبانه فرده فالتحم فقال أبو بكر فيه حكومة وقال القاضي فيه ديته كما لو لم يلتحم ( وتجب الدية في أنف الأخشم ) لأنه لا عيب فيه وإنما العيب في غيره ( والمخروم ) لأن أنفه كامل غير أنه معيب كالعضو المريض ( وأذني الأصم ) لأن الصمم نقص في غير الأذن وفي الرعاية و المحرر إذا قلنا يؤخذ به السالم من ذلك في العمد وإلا ففيه حكومة ( وإن قطع أنفه فذهب شمه ) لزمه ديتان لأن الشم من غير الأنف فلا تدخل دية أحدهما في الأخر ( أو أذنيه فذهب سمعه وجبت ديتان ) لأن السمع من غير الأذن فهو كالبصر مع الأجفان
____________________
1-
(8/378)
وسائر الأعضاء إذا أذهبها بمنافعها لم تجب إلا دية واحدة فصل في دية المنافع وفي كل حاسة دية كاملة وهي السمع والبصر والشم والذوق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + والنطق مع الشفتين فلو ذهب شم أحدهما فنصف الدية وفي بعضه حكومة ( وسائر الأعضاء ) كالعينين ونحوهما ( إذا أذهبها بمنافعها لم تجب إلا دية واحدة ) لأن نفعها فيها وهو تابع لها يذهب بذهابه فوجبت دية العضو دون المنفعة كما لو قتله لم تجب ديته فصل في دية المنافع
لما تمم الكلام على ديات الأعضاء كالعينين ونحوهما شرع يتكلم في دية المنافع وهي السمع والبصر ونحوهما ( وفي كل حاسة دية كاملة كذا عبارة الأصحاب يقال حس وأحس أي علم وأيقن وبألف أفصح وبها جاء القرآن وإنما يصح قولهم الحاسة والحواس الخمس على اللغة القليلة والأشهر في حس بلا ألف بمعنى قتل وقال الجوهري الحواس المشاعر الخمس السمع والبصر والشم والذوق واللمس ( وهي السمع ) بغير خلاف وسنده قوله عليه السلام وفي السمع الدية وروي أن عمر قضى في رحل رمى آخر بحجر في رأسه فذهب سمعه وعقله ولسانه ونكاحه بأربع ديات والرجل حي رواه أبو المهلب ولأنها حاسة تختص بنفع فكان فيها الدية كالبصر فإن ذهب من أحدهما فقط وجب نصفها كالبصر ( والبصر ) من العينين المبصرتين من المسلم دية كاملة إجماعا ( والشم ) لأن ذلك في كتاب عمرو بن حزم قال القاضي ولأنه حاسة تختص بمنفعة كسائر الحواس ( والذوق ) ذكره أبو الخطاب والمعظم لأن الذوق حاسة أشبه الشم وقياس المذهب
____________________
1-
(8/379)
وكذلك تجب في الكلام والعقل والمشي والآكل والنكاح وتجب في الحدب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أنه لا دية فيه وإنما تجب الحكومة صححه المؤلف لأن لسان الأخرس لا دية فيه إجماعا على أنها لا تكمل في ذهاب الذوق بمفرده لأن كل عضو لا تكمل الدية فيه بمنفعته لا تكمل في منفعته كسائر الأعضاء قال في الشرح ولا تفريع على هذا القول ( وكذلك تجب في الكلام ) لأن كل ما تعلقت الدية بإتلافه تعلقت بإتلاف منفعته كاليد ( والعقل ) بالإجماع وسنده ما في كتاب عمرو بن حزم لأنه أكثر المعاني قدرا وأعظم الحواس نفعا فإنه يتميز به عن البهيمة ويعرف به صحة حقائق المعلومات ويهتدي به إلى المصالح ويدخل به في التكليف وهو شرط في ثبوت الولايات وصحة التصرفات وأداء العبادات فكان أولى من بقية الحواس
فرع إذا نقص نقصا معلوما وجب بقدره وإن لم يعرف قدره فحكومة وإن كانت الجناية المذهبة للعقل ولها أرش كالموضحة وجبت الدية وأرش الجرح ولا تدخل أرش الجناية المذهبة له في ديته نص عليه كما لو أوضحه فذهب بصره وقيل بلى ويدخل الأقل في الأكثر ( والمشي ) لأن منفعته مقصودة أشبه الكلام ( والأكل ) لأنه نفع مقصود كالشم ( والنكاح ) أي إذا كسر صلبه فذهب نكاحه ففيه الدية وروي عن علي لأنه مقصود أشبه ذهاب المشي ( وتجب في الحدب ) بفتح الحاء والدال مصدر حدب بكسر الدال إذا صار أحدب لأن بذلك تذهب المنفعة والجمال لأن انتصاب القامة من الكمال والجمال وبه يشرف الآدمي على سائر الحيوانات وهذا الذي ذكره المؤلف في الكلام وما بعده هو رواية عن أحمد واختاره المجد وجزم به
____________________
1-
(8/380)
والصعر وهو أن يضربه فيصير الوجه في جانب وفي تسويد الوجه إذا لم يزل وإذا لم يستمسك الغائط او البول ففي كل واحد من ذلك دية كاملة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في الوجيز وخالف فيه القاضي وغيره وهو ظاهر المذهب قاله ابن الحوزي ( والصعر وهو أن يضربه فيصير الوجه في جانب ) نص عليه وأصل الصعر داء يأخذ البعير في عنقه فيلتوي منه عنقه قال الله تعالى { ولا تصعر خدك للناس } أي لا تعرض عنهم بوجهك تكبرا وهو قول زيد رواه مكحول ولم نعرف له مخالفا فكان كالإجماع ولانه اذهب الجمال والمنفعة فوجب فيه ديته كسائر المنافع وقال في المغني والشرح والترغيب أولا يبلع ريقه ففيه الدية لانه تفويت منفعة ليس لها مثل في البدن وفي تسويد الوجه إذا لم يزل لانه فوت الجمال على الكمال فضمنه بديته كما لو قطع أذني الأصم وظاهره انه إذا صفر وجهه او حمره تجب حكومة لانه لم يذهب الجمال على الكمال وفي المبهج والترغيب إذا أزال لونه الى غيره ففيه الدية وإذا لم يستمسك الغائط او البول بان ضرب بطنه فلم يستمسك الغائط او المثانة فلم يستمسك البول ففي كل واحد من ذلك دية كاملة بغير خلاف نعلمه إلا ان أبا موسى ذكر في المثانة رواية ثلث الدية كإفضاء المرأة و الصحيح الاول لأن كل واحد من هذين المحلين عضو فيه منفعة كثيرة ليس في البدن مثلها فإن نفع المثانة حبس البول و حبس البطن الغائط منفعة مثلها و الضرر بفواتهما عظيم فكان في كل واحد منهما الدية كالسمع والبصر فإن فاتت المنفعتان بجناية واحدة و جب ديتان
فرع إذا جنى عليه فذهب عليه و سمعه و بصره و لسانه و جب أربع ديات لقضاء عمر ذكره أحمد في رواية و لده عبد الله كما لو جنى عليه جنايات
____________________
1-
(8/381)
وفي نقص شيء من ذلك أن علم بقدره مثل نقص العقل بأن يجن يوما ويفيق يوما او ذهاب بصر إحدى العينين او سمع إحدى الأذنين وفي بعض الكلام بالحساب يقسم على ثمانية وعشرين حرفا ويحتمل أن يقسم على الحروف التي للسان فيها عمل دون الشفوية كالباء والفاء والميم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فأدهبها و يجب مع ذلك أرش الجراح فإن من مات من الجناية لم تجب إلا دية واحدة لان ديات المنافع تدخل في دية النفس كدريات الأعضاء و في نقص شيء من ذلك إن علة بقدره لأن ما و جب في جميع الشيء و جب في بعضه بقدر كإتلاف المال مثل نقص العقل بأن يجن يوما و يفيق يوما أو ذهاب بصر إحدى العينين أو سمع إحدى الأذنين لما و هو أن ما و جبت فيه الدية وجب بعضها كالأصابع و اليدين
مسألة قال في الترغيب و غيره و منفعة الصوت و منفعة البطش فلكل و احد الدية و في الفنون لو سقاه ذرق حمام فذهب صوته لزمه حكومة و في بعض الكلام بالحساب يقسم على ثمانية و عشرين حرفا سوى لا فإن مخرجها مخرج اللام و الألف فمنها من الحروف نقص من الدبة بقدرة لأن الكلام يتم بجميعها فالذاهب يجب أن يكون عوضه من الدية كقدره من الكلام ففي الحرف الواحد ربع سبع الدية و في الحرفين نصف سبعها و لا فرق بين ما خف على اللسان أو ثقل لأن كل ما وجب فيه المقدر لم يختلف لاختلاف قدره كالأصابع و يحتمل أن يقسم على الحرف التي للسان فيها عمل دون الشفوية كالباء و الفاء و الميم و الواو دون حرف الحلق الستة و هي الهمزة و الهاء والخاء و العين و الغين فهذه عشرة بقي ثمانية عشر فاللسان تقسم ديته عليها لأن الدية تجب بقطع اللسان و ذهاب هذه الحروف و حدها مع بقائه فإذا و جبت الدية فيها بمفردها و جبت في بعضها بقسطه منها وفي الكافي إن اللسان لا عمل له فيها والأول
____________________
1-
(8/382)
وإن لم يعلم قدره مثل أن صار مدهوشا او نقص سمعه او بصره او شمه او حصل في كلامه تمتة او عجلة او نقص مشيه او انحنى قليلا او تقلست شفته بعض التقلس او تحركت سنه او ذهب اللبن من ثدي المرأة ونحو ذلك ففيه حكومة وان قطع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أولى لأن هذه الحروف ينطق بها اللسان أيضا بدليل أن الأخرس لا ينطق بشيء منها و إن لم يعلم قدره مثل صار مدهوشا يفزع مما لا يفزع منه و يستوحش إذا خلا أو نقص سمعه أو بصره و ذكر جماعة في نقص بصر نزنه بالمسافة فلو نظر الشخص على مائتي ذراع فنظره على مائة فنصف الدية و في الوسيلة لو لطمه فذهب بعض بصره فالدية في ظاهر كلامه أو شمه أو حصل في كلامه تمتة أو عجلة أو صار الثغ مشيه أونقص أو انحنى قليلا أو تقلست شفته بعض التقلس أو تحركت سنه أو ذهب اللبن من ثدي المرأة و نحو ذلك ففيه حكومة لما حصل من النقص و الشين ولم تجب الدية لأن المنفعة باقيه و قيل ن أذهب اللبن فالدية وإن جنى عليه جان آخر فأذهب كلامه فالديه كاملة كنا لو جنى على عينه جان فعمشت ثم جنى عليه آخر فأذهب بصرها
فرع إذا أذهب كلام الألثغ فإن كان مأيوسا من ذهاب لثغته ففيه بقسط ما ذهب من الحروف وغير المأيوس كصغير فيه الدية و و كذا كبير إذا أمكن إزالة لثغته بالتعليم
أصل إذا نقص ذوقه نقصا غير مقدر بأن يحسن المذاق الخمس وهي الحلاوة و الحموضة والمرارة والملوحة والعذوبة إلا أنه لا يدركه على الكمال ففيه حكومة كنقص بصره نقصا لا يتقدر وإن لم يدرك أحدها وأدرك الباقي ففيه خمس الدية وفي اثنين خمساها وفي ثلاثة ثلاثة أخماسها وأن لم يدرك واحدة فعليه الدية أن قلنا بوجوبها فيه وإلا فحكومة ( وإن قطع
____________________
1-
(8/383)
بعض اللسان فذهب بعض الكلام اعتبر أكثرهما فلو ذهب ربع اللسان ونصف الكلام او ربع الكلام ونصف اللسان وجب نصف الدية فإن قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام ثم قطع آخر بقيته فعلى الأول نصف الدية وعلى الثاني نصفها ويحتمل أن يجب عليه نصف الدية وحكومة لربع اللسان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + بعض اللسان فذهب بعض الكلام اعتبر أكثرهما أي تجب دية الأكثر فإن استويا مثل أن يقطع ربع لسانه فيذهب ربع كلامه وجب ربع الدية بقدر الذاهب منهما كما لو قلع إحدى عينيه فذهب بصرها ( فلو ذهب ربع اللسان ونصف الكلام أو ربع الكلام ونصف اللسان وجب نصف الدية لأن كل واحد منهما مضمون بالدية منفردا فإذا انفرد نصفه بالذهاب وجب النصف لأنه لو ذهب نصف اللسان فقط وجب نصف الدية وكذا عكسه ( فإن قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام ثم قطع آخر بقيته فعلى الاول نصف الدية ) لأنه أذهب بجنايته نصف الكلام ( وعلى الثاني نصفها ) وهو قول القاضي وقدمه في الفروع لأن السالم نصف اللسان وباقيه أشل بدليل ذهاب نصف الكلام ( ويحتمل أن يجب عليه ) أي على الثاني ( نصف الدية وحكومة لربع اللسان ) هذا وجه وجزم به في الكافي والمستوعب وقدمه في الرعاية قال في الفروع وهو الأشهر لأنه لو كان جميعه أشل كان فيه حكومة فكذا في بعضه وقيل عليه ثلاثة أرباع الدية كما لو قطعه أولا وجزم به في الوجيز ولا يصح القول بأن بعضه أشل لأن العضو شيء كان فيه منفعة فلم يكن فلم يكن بعضه أشل كضعف بصر العين وبطش اليد فلو قطع نصف لسانه فذهب ربع كلامه فعليه نصف الدية فإن قطع آخر بقيته فعليه ثلاثة أرباع الدية اقتصر عليه في الكافي والشرح لأنه ذهب بثلاثة أرباع الكلام فلو ذهب ثلاثة أرباع كلام من غير قطع وجب ثلاثة أرباع الدية
____________________
1-
(8/384)
وان قطع لسانه فذهب نطقه وذوقه لم تجب الا دية وان ذهبا مع بقاء اللسان ففيه ديتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فمع قطع نصفه أولى وقيل النصف فقط
فرع إذا جنى على لسانه فاقتص منه مثل جنايته فذهب من كلام الجاني مثل جنايته وذهب من كلام الجاني كذلك أو أكثر لم يجب شيء لأنه استوفى حقه وسراية القود غير مضمونة وإن ذهب أقل فللمقتص دية ما بقي لأنه لم يستوف بدله ولو كان اللسان ذا ظرفين فقطع أحدهما ولم يذهب من الكلام شيء وكانا متساويين في الخلقة فهما كلسان مشقوق فيهما الدية وفي أحدهما نصفها وإن كان أحدهما تام الخلقة والآخر ناقص فالتام فيه الدية والناقص وإن قطع لسانه فذهب نطقه وذوقه أو كان أخرس قاله في الوجيز والفروع وسبقها إلى ذلك المحرر لم تجب إلا دية واحدة لأنها ذهبا تبعا فوجب ديته دون ديتهما كما لو قتل إنسانا فلو عاد أو أحدهما لم تجب لأنه لم يذهب ولو ذهب لم يعد وإن كان قبضها ردها وإن قطع لسانه ثم عاد فلا شيء عليه قاله أبو بكر وقيل حكومة وفي المستوعب يجب أرش القطع فإن قطعه قاطع فالقصاص أو الدية بخلاف ما لو أوضحه فاندملت ثم أوضحه آخر فلا قصاص ولا دية بل تجب حكومة لأن الجلد لا يعود بخلاف اللسان ففيه ديتان على الأصح كما لو ذهبت منافع الإنسان مع بقائه فعلى هذا في كل منفعة دية وعنه تجب دية واحدة
فرع إذا قطع نصف لسانه فذهب كلامه ثم قطع آخر بقيته فعاد كلامه لم يجب رد الدية لأن الكلام الذي كان باللسان قد ذهب ولم يعد إلى
____________________
1-
(8/385)
وان كسر صلبة فذهب مشيه ونكاحه ففيه ديتان ويحتمل آن تجب دية واحدة وان اختلفا في نقص بصرة آو سمعة فالقول قول المجني علية وان اختلفا في ذهاب بصرة أرى آهل الخبرة وقرب الشيء الى عينة في وقت غفلته وان اختلفا في ذهاب سمعة او شمه او ذوقه صيح به في أوقات غفلته وتتبع بالرائحة المنتنة واطعم الأشياء المرة فان فزع مما يدنو من بصرة او انزعج للصوت او عبس للرائحة او الطعم المر سقطت دعواه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + اللسان وإنما عاد إلى محل آخر ( وأن كسر صلبه فذهب مشيه ونكاحه ففيه ديتان ) على المذهب لأن في كل منهما دية منفردا فكذا إذا اجتمعا وكذهاب شم أو سمع بقطع أنفه أو أذنه ( ويحتمل أن تجب دية واحدة ) هذا رواية لأنهما منفعة عضو كبقية الأعضاء الذاهبة بنفعها فلو ضعف المشي والجماع أو نقص فحكومة
فرع إذا كسر صلبه فجبر وعاد إلى حالة فحكومة للكسر وإن احدودب فحكومة لهما وإن ذهب ماؤه أو إحباله فالدية ذكره في الرعاية وكذا في الروضة إن ذهب نسله فالدية وفي المغني في ذهاب مائه احتمالان ( وإن اختلفا في نقص بصره أو سمعه فالقول قول المجني عليه ) مع يمينه أنه لا يعرف إلا من جهته ولا سبيل إلى إقامة البينة عليه كقبول قول المرأة في الحيض وتجب بقدر نقصه وقيل حكومة كما لو جهل قدر نقصه فإن قال أهل الخبرة إنه يرجى عوده إلى مدة انتظر إليها ( وإن اختلفا في ذهاب بصره أري أهل الخبرة به بأن يمتحن في ذلك وقرب الشيء إلى عينه في وقت غفلته ) لأن ذلك يمكن معرفته منهم فيما يخبرون به كالبينة ( وإن اختلفا في ذهاب سمعه أو شمه أو ذوقه صيح به في أوقات غفلته وتتبع بالرائحة المنتنة وأطعم الأشياء المرة فإن فزع مما يدنو من بصره أو انزعج للصوت أو عبس للرائحة أو الطعم المر سقطت دعواه لأن ذلك دليل على كذبه وقيل يقبل
____________________
1-
(8/386)
وإلا فالقول قول مع يمينه فصل ولا تجب دية الجرح حتى يندمل ولا دية سن ولاظفر ولامنفعة حتى ييأس من عودها ولو قلع سن كبير او ظفر ثم نبتت او رده فالتحم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + قول الجاني لأن الظاهر معه ويحلف لئلا يكون ما ظهر من أمارات ذلك اتفاقا ( وإلا فالقول قوله ) أي قول المجني عليه لأنت الظاهر معه مع يمينه لئلا يكون ذلك بمجرد تحفظه ومتى حكم له بالدية ثم انزعج عند صوت أو غطى أنفه عند رائحة منتنة فطولب بالدية فادعى أنه فعل ذلك اتفاقا قبل قوله لأنه محتمل فلا ينقض الحكم بالاحتمال وإن تكرر ذلك من حيث يعلم صحة سمعه وشمه رد ما أخذ لأنا تبينا كذبه فإن ادعى الجاني أنه ولد أبكم ولا بينة تكذبه قبل قوله مع يمينه وقيل ترد كما لو ولد ناطقا ثم خرس فصل
( ولا تجب دية الجرح حتى يندمل ) لأنه لا يدري أقتل هو أم ليس بقتل فينتظر ليعلم حكمه وما الواجب فيه ولها لا يجوز الاستيفاء في العمد قبل الاندمال فكذا في الخطأ ( ولا ) تجب ( دية سن ولا ظفر ولا منفعة حتى ييأس من عودها ) لأنه مما يحتمل العود فلا يجب شيء مع الاحتمال كالشعر وإنما يعرف ذلك بقول عدلين من أهل الخبرة إنها لا تعود أبدا لكن إن مات قبله وجبت ( ولو قلع سن كبير أو ظفر ثم نبتت أورده فالتحم ) لم تجب دية نص عليه في السن في رواية جعفر بن محمد و هو قول أبي بكر و الظفر في معناه و قال القاضي تجب ديتها و على الاول حكومة إن نقصت أو ضعفت و إن قلعها بعد ذلك وجبت ديتها و على الثاني نبنى حكمها على وجوب قلعها فإذا قبل به فلا شيء على قالعها و إن قلنا بعدمه فاحتمالان فإن جعل
____________________
1-
(8/387)
مكانها سنا أخرى أو عظما فنبت و جبت ديتها وجها واحدا كما لو يجعل مكانها شيئا و إن قلعت الثانية فحكومة في الأشهر أو ذهب سمعه أو بصره أو شمه أو ذوقه أو عقله ثم عاد سقطت ديته لزوال سببها و إن كان قد أخذها ردها لأنه تبينا أنه أخذها بغير حق وان عاد ناقصا أو عادت السن أو الظفر قصيرا أو متغيرا فعليه أرش نقصه خاصة نص عليه لأنه نقص حصل بجنايته كما لو نقصه مع بقائه و إن قلع سن صغير وئيس من عودها و حد الإياس سنة نص عليه لأنه هو الغالب في نباتها و قال القاضي إذا سقطت إخواتها ولم تنبت و جبت ديتها لأنه أذهبها بجنايته إذهابا مستمرا كسن الكبير و قال القاضي فيها حكومة لأن العادة عودها فلم تكمل ديتها كالشعر و الصحيح الاول لأن الشعر لو لم يعد وجب ديته مع أن العادة عوده و عنه في قلع الظفر إذا نبت على صفته ففيه خمسه دنانير وإن نبت أسود ففيه عشرة إذ التقديرات بابها التوقيف و لا نعلم فيه توقيفا و القياس يقضيها في كل الجروح خولف ذلك فيما ورد الشرع بتقديره فيبقى ما عداه على مقتضى القياس و إن مات المجني عليه و أدعي الجاني عود ما أذهبه في نقص سمعه و بصره فأنكره الولى فالقول قول الولى لأن الأصل عدم العود و إن جنى على سنه أثنان و اخلتفا فالقول قول المجني عليه في قدر ما أتلف كل و احد منهما لأن ذلك لا يعرف إلا من جهته أشبه ما لو أدعي نقص سمعه
____________________
(8/388)
فصل وفي كل واحد من الشعور الأربعة الدية وهي شعر الرأس واللحية والحاجبين وأهداب العينين وفي كل حاجب نصفها وفي كل هدب ربعها وفي بعض ذلك بقسطه من الدية وانما تجب ديته إذا أزاله على وجه لا يعود فان عاد سقطت الدية وإذا أبقي من لحيته مالا جمال فيه احتمل أن يلزمه بقسطه واحتمل أن يلزمه كمال الدية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فصل
و في كل و احد من الشعور الأربعة الدية و هي شعر الرأس و اللحية و الحاجبين وأهداب العينين و نص عليه وري عن علي و زيد أنهما قالا في الشعر الدية رواه سعيد بإسنادين ضعيفين و عنه فيه حكومة كالشارب و قاله أكثرهم إتلاف جمال من غير منفعة كاليد الشلاء والعين القائمة و جوابه أنه أذهب الجمال على الكمال فوجب فيه دية كأذن الأصم و أنف الأخشم و الحاجب يرد العرق عن العين و يفرقه و هدب العين يرد عنها و يصونها فجرى مجرى أجفانها واليد الشلاء ليس جمالها كاملا و ظاهره لا فرق فيها بين كونها كثيفة أو خفيفة جميلة أو قبيحه من صغيره أو كبير لأن سائر ما فيه الدية من الأعضاء لا يفرق الحال فيه بذلك ذكره في الشرح و في كل حاجب نصفها كاليدين وفي كل هدب ربها كالأجهان ونقل حنبل كل شيء من الإنسان فيه أربعه ففي كل واحد ربع الدية و طرده القاضي في جلدة وجه و في بعض ذلك بقسطه من الدية يقدر بالمساحة كالأذنين و مارن الأنف و ذكر أبو الخطاب احتمالا تجب حكومة و إنما تجب ديته إذا أزاله على وجه لا يعود يمنع من الوجوب كالسن الصغير فإن عاد بصفته سقطت الدية نص عليه كالسن و إذا أبقى من لحيته أو من غيرها من الشعور ما لا جمال فيه احتمل أن يلزمه قسطه كما لو أبقى من أذنه يسيرا واحتمل أن يلزمه كمال الدية قدمة في الرعاية و الفرع لأنه
____________________
1-
(8/389)
وان قلع الجفن بهدبه لم تجب الا دية الجفن وان قلع اللجيين بما عليهما من الاسنان فعليه ديتهما ودية الاسنان وان قطع كفا بأصابعه لم تجب الدية الاصابع كفا عليه بعض الاصابع دخل ما حذى الأصابع في ديتها وعليه ارش باقي الكف (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أذهب المقصود أشبه ما لو أذهب ضوء العين و لأن جنايته ربما أحوجت الى ذهاب الباقي لزيادة في القبح على ذهاب الكل فتكون جنايته سببا لذهاب الكل و قيل تجب حكومة لأنه لا مقدر فيها و علم منه أنه لا قصاص في شيء من الشعور لأن إتلافها أنما يكون بالجناية على محلها و هو غير معلوم المقدار و لا يمكن المساواة فيها فلا تجب و إن قلع الجفن بهدبه لم تجب إلا دية الجفن ) لأن الشعور تزول تبعا كالأصابع إذا قطع الكف وهي عليه ( وإن قلع اللحيين بما عليهما من الأسنان فعليه ديتهما ودية الأسنان ) أي عليه دية الكل ولم تدخل دية الأسنان في اللحيين كما تدخل دية الأصابع في اليد لوجوه
أولها أن الأسنان ليست متصلة باللحيين وإنما هي مفردة فيها بخلاف الأصابع
ثانيها أن أحدهما ينفرد باسمه عن الآخر بخلاف الأصابع
ثالثها أن اللحيين يوجدان منفردين عن الأسنان لوجودهما قبل وجود الأسنان ويبقيان بعد قلعها بخلاف الكف مع الأصابع
( وإن قطع كفا بأصابعه لم تجب إلا دية الأصابع ) لدخول الجميع في مسمى اليد وكما لو قطع ذكرا بحشفته لم تجب دية الحشفة لدخولها في مسمى الذكر وظاهره يقتضي سقوط ما يجب في مقابلة الكف وهو غير مراد والأولى أن نقول لم تجب إلا دية اليد ( وإن قطع كفا عليه بعض الأصابع دخل ما حاذى الأصابع في ديتها ) لأن حصول الكل في اليد يقتضي دخول البعض ( وعليه أرش باقي الكف ) لأن الأصابع لو كانت سالمة كلها لدخل أرش الكف كله في دية الأصابع وكذا ما
____________________
1-
(8/390)
وان قطع انملة بظفرها ، فليس عليه الا ديتها فصل وفي عين الاعور دية كاملة ، نص عليه (1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)+ ما حاذى الأصابع السالمة يدخل في ديتها وما حاذى المقطوعات ليس بداخل في ديته فوجب أرشه كما لو كانت الأصابع كلها مقطوعة وذكر ابن أبي موسى يلزمه دية اليد كاملة ينقص منها دية الأصابع المعدومة ( وإن قطع أنملة بظهرها فليس عليه إلا ديتها ) كما لو قطع كفا بأصابعه
فرع إذا قطع كفا بلا أصابع وذراعا بلا كف فثلث ديته قال أحمد كعين قائمة وعنه حكومة ذكرهما في المنتخب وغيره وكذا العضد ومفصل الرجل فصل
وفي عين الأعور دية كاملة نص عليه ) وهو قول الزهري والليث وجماعة وقيل فيها نصف الدية وقاله الأكثر لقوله عليه السلام وفي العين خمسون من الإبل وفي العينين الدية يقتضي أنه لا يجب فيها أكثر من ذلك لأن ما ضمن بنصف الدية مع نظيره ضمن مع ذهابه كالأذن وجوابه أن عمر وعثمان وعليا وابن عمر قضوا في عين الأعور بالدية و لم يعلم لهم مخالف في الصحابة روى ذلك أحمد و أخذ به ذكره بن الزاغواني و لأنه يحصل بها ما يحصل بالعينين من رؤية الأشياء البعيدة و أدرك الأشياء اللطيفة و يجوز ان يكون قاضيا و يجزئ في الكفارة و ككمال قيمه صيد الحرم الأعور لا يقال ينبغي أن لا يجب في ذهاب أحد العينين نصف الدية لعدم نقصانه لأنه لا يلزم من و جوب شئ في دية العينين نقص دية الباقي بدليل ما لو جنى
____________________
1-
(8/391)
وان قلع الأعور عين صحيح مماثلة لعينه الصحيحة عمدا فعليه دية كاملة ولاقصاص ويحتمل ان تقلع عينه ويعطى نصف الدية وان قلعها خطأ فعليه نصف الدية وان قلع عيني صحيح عمدا خير بين قلع عينه ولا شيء له غيرها وبين الدية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + عليهما فعمشا فإنه يجب أرش النقص و لا تنقص ديتهما بذلك فإن قلعها صحيح عمدا فله نظيرتها منه و أخذ و أخذ نصف الدية في المنصوص و قيل لا شئ له مع القلع و في الروضة إن قلعها خطأ فنصف الدية وإن قلع الأعور عين صحيح مماثلة لعينه الصحيحة عمدا فعليه دية كاملة و لا قصاص قاله أبن المسيب و عطاء نقل مهنا عمر و عثمان و على قالوا الأعور إذا فقئت عينه له دية كاملة و لا يقتص منه إذا فقأ عين صحيح ولا أعلم أحدا قال بخلافة إلا إبراهيم و لأنه منعناه من إتلاف ضوء يضمن كاملة و كما لو قلع عيني سليم ثم عمى و لانه منع القصاص مع وجود سببه فأضعفت الدية كقاتل الذمي عمدا و يحتمل أن تقلع عينه لأثر في ذلك و كقتل الرجل بامرأة و الأشهر يعطي نصف الدية لما روي أن عليا قضى في رجل قتل امرأته يقتل بها و يعطى نصف الدية و خرجه في التعليق و الانتصار من قتل رجل بامرأة و إن قلعها خطأ فعليه نصف الدية لأن الأصل يجب في إحداهما نصف الدية ترك العمل به فيما تقدم لقضاء الصحابة فيبقى ما عداه على مقتضى الدليل كما لو قلع الأعور عينا لا تماثل عينه الصحيحة ( وإن قلع عيني صحيح عمدا خير بين قلع عينه ولا شيء له غيرها وبين الدية ) هذا هو المجزوم به لان هذا مبني على قضاء الصحابة لأنه أذهب بصره كله فلم يكن له أكثر من إذهاب بصره وإن عين الأعور تقوم مقام العينين وذهب جماعة من العلماء إلى أن له القصاص ونصف الدية وذكر القاضي قياس المذهب وجوب ديتين إحداهما في العين التي استحق بها قلع عين الأعور والأخرى
____________________
1-
(8/392)
وفي يد الا قطع نصف الدية وكذلك في رجله وعنه فيها دية كاملة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في الأخرى عين الأعور وجوابه قوله عليه السلام و في العينين الدية كما لو كان القالع صحيحا و ظاهره أنه فعل ذلك خطأ فليس عليه إلا الدية كما لو قلعهما صحيح العينين و في يد الاقطع نصف الدية و كذلك في رجله إذا أزيلت عمدا لأن فيهما دية واحدة ففي كل واحد منهما نصفها كما لو قلع أذن من له أذن واحدة لأن هذا احد العضوين اللذين تحصل يهما منفعة الجنس لا يقوم مقام العضوين و كسائر الأعضاء و علم منه أنه إذا أختار القود فله ذلك لأنه عضو أمكن القود في مثله فكان الواجب فيه القصاص و عنه فيها دية كاملة قياسا على الأعور و عنه إن ذهبت الاولى هدرا ففي الثانية دية كاملة و إلا فنصفها لانه عطل منافعه من العضوين جملة أشبه ما لو قلع عين أعور وفي الروضة إن ذهبت بحد فنصف الدية وإن كانت ذهبت بجهاد فروايتان و الاولى أصح لأنه لا يصح القياس على عين الأعور لأنه يحصل بها ما يحصل بالعينين ولم يختلفا في الحقيقة و الأحكام إلا اختلافا يسيرا بخلاف أقطع اليد والرجل و لأن التقدير لا يصار إليه إلا بتوقيف ولم يوجد هنا فلو قطع يد صحيح قطعت يده بعون تعالى و توفيقه تم طبع الجزء الثامن من المبدع في شرح المقنع في بيروت 10 محرم 1399 ه و يليه الجزء التاسع و أوله باب الشجاج ( 1 ) أي من يوم لا يعلم عينها فانه يلزمه خمس صلوات ( 1 ) و هذا هو الشرط الثاني من شروط اللعان الستة إلى ذكر المؤلف ( 2 ) و هذا هو الشرط الثالث ( 1 ) الضمير عائد إلى الفاحشة في قوله تعالى في الآية التي ذكر بعضها المؤلف وهي قوله تعالى إلا أن يأتين بفاحشة مبينة
____________________
1-
(8/393)
& باب الشجاج وكسر العظام &
الشجة اسم لجرح الرأس والوجه خاصة وهي عشر خمس لا مقدر فيها أولها الحارصة التي تحرص الجلد أي تشقه قليلا ولاتدميه ثم البازلة التي يسيل منها الدم ثم الباضعة التي تبضع اللحم ثم المتلاحمة التي أخذت في اللحم ثم السمحاق التي بينها وبين العظم قشرة رقيقة فهذه الخمس فيها حكومة في ظاهر المذهب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + & باب الشجاج وكسر العظام &
الشجة واحدة الشجاج قاله الجوهري وهي اسم لجرح الرأس والوجه خاصة وقد يستعمل في غير ذلك من الاعضاء قاله ابن أبي الفتح وهي عشر خمس لا مقدر فيها لأن التقدير من الشرع ولم يرد فيها أولها الحارصة بالحاء والصاد المهملتين التي تحرص الجلد أي تشقه قليلا ولا تدميه ومنه حرص القصار الثوب إذا شقه قليلا وهي القاشرة والمقشرة قال ابن هبيرة تبعا للقاضي وتسمى الملطا ثم البازلة وهي التي يسيل منها الدم وتسمى الدامية والدامعة لقلة سيلان دمها تشبيها له بخروج الدمع من العين وقدم في الرعاية أن البازلة ما سلا دمها لأنها تنضح اللحم وتقطع فيه عروقا وقيل هي التي تدمي ولا تشق اللحم ثم الباضعة وقدمها السامرى وابن هبيرة على البازلة وهي التي تبضع اللحم أي تشق اللحم بعد الجلد وقيل ولم يسل دمها ثم المتلاحمة وهي التي أخذت في اللحم أي دخلت فيه دخولا كثيرا تزيد على الباضعة ثم السمحاق التي بينها وبين العظم قشرة رقيقة فوق العظم تسمى تلك القشرة سمحاقا فسميت الجراح الواصلة إليها بها ويسميها أهل المدينة الملطا والملطاة فهذه الخمس فيها حكومة في ظاهر المذهب وهي قول أكثر الفقهاء وذكر ابن هبيرة أنها المنصورة عند الأصحاب لأنها
____________________
1-
(9/3)
وعنه في البازلة بعير وفي الباضعة بعيران وفي المتلاحمة ثلاثة وفي السمحاق أربعة فصل وخمس فيها مقدر أولها الموضحة التي توضح العظم أي تبرزه وفيها خمسة أبعرة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + جراحات لم يرد فيها توقيت من الشرع أشبه جراحات البدن وكالحارصة وذكر القاضي أنه متى أمكن اعتبار هذه الجراحات من الموضحة مثل أن يكون في رأس المجني عليه موضحة الى جانبها قدرت هذه الجراحات منها فإن كانت تقدر النصف وجب نصف أرش الموضحة إلا أن تزيد الحكومة على قدر ذلك لأن هذا اللحم فيه مقدر فكان في بعضه بقدره من ديته كالمارن والحشفة ورده المؤلف وقال لا نعلمه مذهبا لأحمد ولا يقتضيه مذهبه ولا يصح لأن هذه جراحة تجب فيها الحكومة لجراحة البدن ولا يصح قياس هذا على ما ذكروه فإنه لا تجب فيه الحكومة ولا نعلم لما ذكروه نظيرا وعنه في البازلة بعير وفي الباضعة بعيران وفي المتلاحمة ثلاثة وفي السمحاق أربعة رواه سعيد عن زيد وهذه نقلها أبو طالب عنه وقال أنا أذهب الى قول زيد واختاره أبو بكر في التنبيه وقد اعتمد أصحابنا على قول زيد في تقدير أرش الهاشمة بعشر من الإبل ولم يعتمدوا عليه هنا فصل
وخمس فيها مقدر من الشرع فوجب المصير إليه أولها الموضحة والجمع المواضح التي توضح العظم أي تبرزه ولو بقدر إبرة ذكره ابن القاسم والقاضي والوضح البياض يعني أنها أبدت وضح العظم أي بياضه وفيها خمسة أبعرة أي أجمعوا على أن أرشها مقدر قاله ابن المنذر وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم وفي الموضحة خمس من الإبل رواه
____________________
1-
(9/4)
وعنه في موضعة الوجه عشرة والأول المذهب فإن عمت الرأس ونزلت إلى الوجه فهل هي موضحة أو موضحتان على وجهين وأن أوضحه موضحتين بينهما حاجز فعليه عشرة فإن خرق ما بينهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + الشافعي والنسائي وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال وفي المواضح خمس من الإبل رواه أحمد وابو داود والترمذي وقال حديث حسن والعمل على هذا عند أهل العلم وقال غيره إسناده ثقات وقد تقدم موضحة المرأة والعبد وظاهره أن موضحة الرأس والوجه سواء وهو كذلك في ظاهر المذهب للعموم ويشمل الصغيرة والكبيرة والبارزة والمستترة بالشعر لأن اسم الموضحة يشمل الجميع وعنه في موضحة الوجه عشرة من الإبل وهي قول سعيد بن المسيب لأن شينها أكثر وموضحة الرأس يسترها الشعر والعمامة والأول المذهب لأنه قول أبي بكر وعمر ولأن موضحة الوجه موضحة فكان أرشها خمسة أبعرة كغيرها وكثرة الستر لا عبرة به بدليل التسوية بين الصغيرة والكبيرة وعلم مما سبق أنه لا شيء مقدر في موضحة غير الوجه والرأس وهو قول الأكثر لأن اسم الموضحة إنما يطلق على الجراحة المخصوصة في الوجه والرأس وقول الخليفتين الموضحة في الوجه والرأس سواء لأن الشين فيهما أكثر وأخطر فلا يلحق بهما غيرهما فإن عمت الرأس ونزلت الى الوجه فهل هي موضحة أو موضحتان على وجهين كذا أطلقهما في المحرر أحدهما واحدة قدمه في الفروع وجزم به في الوجيز لأنه أوضحه في عضوين فكان لكل منهما حكم نفسه كما لو أوضحه في الرأس ونزل الى القفا واطلق في المغني والكافي إذا كان بعضها في الرأس وبعضها في الوجه وإن لم تعم الرأس فيها الوجهان وهو الذي يقتضيه الدليل وإن أوضحه موضحتين بينهما حاجز فعليه عشرة من ابل لأنهما موضحتان فإن خرق ما بينهما
____________________
1-
(9/5)
أو ذهب بالسراية صارا موضحة واحدة وأن خرقه المجني عليه أو أجنبي فهي ثلاثة مواضح وأن أختلفا فيمن خرقه فالقول قول المجني عليه ومثله لو قطع ثلاث أصابع إمرأة فعليه ثلاثون من الإبل فإن قطع الرابعة عاد إلى عشرين فإن اختلفا في قاطعها فالقول قول المجني عليه وأن خرق ما بين الموضحتين في الباطن فهل هي موضحة أو موضحتان على وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + صارا موضحة واحدة كما لو أوضح الكل من غير حاجز يبقى بينهما أو ذهب بالسراية قبل الاندمال صارا موضحة واحدة لأن سراية الجناية لها حكم أصل الجناية بدليل ما لو أتلف ما بينهما بنفسه وإن خرقه المجني عليه أي المجروح أو أجنبي فهي ثلاث مواضح لأنه استقر عليه أرش الأولتين بالاندمال ثم لزمته الثالثة بالخرق فإن اندملت احداهما وزال الحاجز بفعله أو سراية الاخرى فعليه أرش موضحتين لأن سراية فعله كالفعل وأما إذا خرقه أجنبي فعلى الأول أرش موضحتين وعلى الثاني أرش موضحة لأن فعل أحدهما لا ينبني على فعل الآخر فانفرد كل واحد منهما بجنايته وإن اختلفا فيمن خرقه فالقول قول المجني عليه لأن سبب أرش موضحتين قد وجد والجاني يدعي زواله والمجني عليه ينكره والقول قول المنكر وفي الترغيب يصدق من يصدقه الظاهر بقرب زمن وبعده فإن تساويا فالمجروح قال وله أرشان وفي ثالث وجهان ومثله أي مثل ماإذا أوضحه موضحتين بينهما حاجز ثم خرق ما بينهما لو قطع ثلاث أصابع امرأة فعليه ثلاثون من الإبل فإن قطع الرابعة عاد إلى عشرين لأن جراح المرأة تساوي جراح الرجل إلى الثلث فإذا زادت صارت على النصف فإن اختلفا في قاطعها فالقول قول المجني عليه أي في بقاء الثلثين عليه وإن خرق ما بين الموضحتين في الباطن فهل هي موضحة أو موضحتان على وجهين أحدهما يلزمه أرش موضحتين لانفصالهما في الظاهر والثاني يلزمه أرش واحدة قدمه
____________________
1-
(9/6)
وأن شج جميع رأسه سمحاقا إلا موضعا منه أوضحه فعليه أرش موضحة ثم الهاشمة وهي التي توضح العظم وتهشمه ففيها عشر من الإبل فإن ضربه بمثقل فهشمه من غير أن يوضحه ففيه حكومة وقيل يلزمه خمس من الإبل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + في الرعاية والفروع وجزم به في الوجيز لاتصالهما في الباطن فإن أوضحه جماعة موضحة فهل يوضح من كل واحد بقدرها أو يوزع فيه الخلاف
فرع لو أوضح رأسه ومد السكين الى قفاه فدية موضحة وحكومة لجرح القفا ويراعى نسبة الموضحة في العبد والذمي ويتعدد الأرش بتعدد موضحة وإن شج جميع رأسه سمحاقا إلا موضعا منه أوضحه فعليه أرش موضحة لأنه لو أوضح الجميع لم يلزمه أكثر من أرش موضحة فلأن لا يلزمه في الإيضاح في البعض وشج الباقي أكثر من ذلك بطريق الأولى وكذا لو شجه شجة بعضها هاشمة وباقيها دونها لم يلزمه أكثر من ذلك ثم الهاشمة وهي التي توضح العظم وتهشمه سميت به لهشمها العظم ففيها عشر من الإبل وهو قول زيد ومثل ذلك الظاهر أنه توقيف ولا يعرف له مخالف في عصره ولأنها شجة فوق الموضحة تختص باسم فكان فيها مقدر كالمأمومة فإن ضربه بمثقل فهشمه من غير أن يوضحه ففيه حكومة قدمه في المحرر والمستوعب والرعاية وجزم به في الوجيز لأنه كسر عظم لا جرح معه أشبه قصبة الأنف وقيل يلزمه خمس من الإبل لأنه لو أوضح وهشم لوجب عشر فإذا وجد أحدهما وجب خمس كالإيضاح وحده وكما لو هشمه على موضحة وعلم مما سبق أنه لا يجب أرش الهاشمة بغير خلاف لأن الأرش المقدر وجب في هاشمة معها موضحة
____________________
1-
(9/7)
ثم المنقلة وهي التي توضح وتهشم وتنقل عظاما ففيها خمسة عشر من الإبل ثم المأمومة وهي التي تصل إلى جلدة الدماغ وتسمى أم الدماغ وتسمى المأمومة آمة ففيها ثلث الدية ثم الدامغة وهي التي تخرق الجلدة ففيها ما في المأمومة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
أصل إذا هشمه هاشمة لها مخرجان فثنتان فلو أوضح إنسانا في رأسه ثم أخرج رأس السكين من موضع آخر فموضحتان وكذا إذا أوضحه موضحتين هشم العظم في كل منهما واتصل الهشم في الباطن فهما هاشمتان لأن الهشم يكون تبعا للإيضاح فإذا كانتا موضحتين كان الهشم هاشمتين بخلاف الموضحة فإنها ليست تبعا لغيرها ثم المنقلة وهي التي توضح وتهشم وتنقل عظامها سميت بذلك لأنها تنقل عظامها وهي زائدة على الهاشمة وقيل تنقل من حال الى حال ففيها خمسة عشر من الإبل بالإجماع حكاه ابن المنذر وسنده ما رواه سعيد عن علي بإسناد حسن وحديث عمرو بن حزم وحديث عمرو ابن شعيب عن أبيه ثم المأمومة وهي التي تصل الى جلدة الدماغ وتسمى أم الدماغ لأنها تحوطه وتجمعه وتسمى المأمومة آمة قال ابن عبد البر أهل العراق يقولون لها الآمة وأهل الحجاز المأمومة وهي الجراحة الواصلة الى أم الدماغ وهي جلدة فيها الدماغ يقال أم الرجل آمة ومأمومة ففيها ثلث الدية في قول أكثرهم لما في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى عمرو بن حزم في المأمومة ثلث الدية ورواه سعيد عن علي بإسناد حسن ووافق مكحول على ذلك إذا كانت خطأ فإن كانت عمدا ففيها ثلثاها وجوابه أنها شجة فلا يختلف أرشها بالعمد والخطإ كسائر الشجاج ثم الدامعة بالعين المهملة وهي التي تخرق الجلدة أي جلدة الدماغ ففيها ما في المأمومة قال القاضي لم يذكر أصحابنا الدامعة لمساواتها المأمومة في أرشها ويحتمل أنهم تركوا ذكرها لكونها لا يسلم صاحبها في الغالب ولهذا قال ابن حمدان بل يجب فيها كل الدية لأنه لا يعيش وقيل
____________________
1-
(9/8)
فصل وفي الجائفة ثلث الدية وهي التي تصل إلى باطن الجوف من بطن أو ظهر أو صدر أو نحر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فيها مع ما ذكر حكومة لخرق جلدة الدماغ
مسألة أوضحه رجل ثم هشمه آخر ثم جعلها ثالث منقلة ثم جعلها رابع مأمومة فعلى الأول أرش موضحة وعلى الثاني خمس تمام أرش الهاشمة وعلى الثالث خمس تمام أرش المنقلة وعلى الرابع ثمانية عشر وثلث تمام أرش المأمومة ذكره في الشرح وغيره وفي الرعاية الكبرى على كل واحد خمس من الإبل وقيل على من هشم خمس أخرى وعلى من نقله عشر أخرى وعلى من أمه ثمانية عشر بعيرا وثلث بعير وكمن أوضحه إيضاحة فقط فصل وفي الجائفة ثلث الدية في قول عامتهم لقوله عليه السلام في كتاب عمرو ابن حزم وفي الجائفة ثلث الدية ولحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ولأنها جراحة فيها مقدر فلم يختلف أرشها بالعمد والخطإ كالموضحة ولا نعلم في جراح البدن الخالية عن قطع الأعضاء وكسر العظام مقدرا غير الجائفة وهي التي تصل الى باطن الجوف ولو لم يخرق الأمعاء من بطن أو ظهر أو صدر أو نحر قال في الفروع وحلق ومثانة وبين خصيتين ودبر وفي الرعاية وهي ما وصل جوفا فيه قوة محيلة للغذاء من ظهر أو بطن وإن لم يخرق الأمعاء أو صدر أو نحر أو دماغ وإن لم يخرق الخريطة أو مثانة أو ما بين وعاء الخصيتين والدبر
فرع إذا أجافه جائفتين بينهما حاجز فثلثا الدية وإن خرق الجاني ما بينهما
____________________
1-
(9/9)
فإن خرقه من جانب فخرج من جانب آخر فهي جائفتان وإن طعنه في خده فوصل الجرح إلى فمه ففيه حكومة ويحتمل أن تكون جائفة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو ذهب بالسراية فجائفة فيها ثلث الدية لا غير فإن خرق ما بينهما أجنبي أو المجني عليه فعلى الأول ثلثا الدية وعلى الأجنبي الثاني ثلثها ويسقط ما قابل فعل المجني عليه وإن احتاج الى خرق ما بينهما للمداواة فخرقها المجني عليه أو غيره بأمره أو خرقها ولي المجني عليه أو الطبيب بأمره فلا شيء في خرق الحاجز و على الأول ثلث الدية فإن خرقه من جانب فخرج من جانب آخر فهي جائفتان في قول الأكثر لما روى سعيد ثنا هشيم أنا حجاج قال أخبرني عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر قضى في جائفة نفذت بثلثي الدية وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن عمر قضى في الجائفة إذا نفذت بأرش جائفتين وكما لو طعنه من جانبين فالتقيا ولأنه أنفذه من موضعين كما لو أنفذه بضربتين وقيل واحدة لأن الجائفة هي التي تنفذ من ظاهر البدن الى الجوف وهذه أي الثانية إنما نفذت من الباطن إلى الظاهر وجوابه أن الاعتبار بوصول الجرح الى الجوف لا بكيفية إيصاله إذ لا أثر لصورة الفعل مع التساوي في المعنى وإن طعنه في خده فوصل الجرح الى فمه أو نفذ أنفا أو ذكرا أو جفنا الى بيضة العين ففيه حكومة في ظاهر المذهب لأن باطن الفم حكمه حكم الظاهر لا الباطن ويحتمل أن تكون جائفة لأنه وصل الى جوف مخوف أشبه ما لو وصلت الى الباطن
فرع إذا وطىء زوجة صغيرة أو نحيفة لا يوطأ مثلها فخرق ما بين مخرج بول ومني أو ما بين السبيلين فالدية إن لم يستمسك بول وإلا فجائفة وإن كانت توطأ مثلها لمثله أو أجنبية كبيرة مطاوعة ولا شبهة فيه ففعل ذلك فهدر لعدم تصور الزيادة وهو حق له أي له طلبه عند الحاكم بخلاف أجير
____________________
1-
(9/10)
فإن جرحه في وركه فوصل الجرح إلى جوفه أو أوضحه فوصل الجرح إلى قفاه فعليه دية جائفة وموضحة وحكومة لجرح القفا والورك وأن أجافه ووسع أخر الجرح فهي جائفتان وإن وسع ظاهره دون باطنه أو باطنه دون ظاهره فعليه حكومة وأن التحمت الجائفة ففتحها أخر فهي جائفة أخرى فصل وفي الضلع بعير وفي الترقوتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + مشترك ولها مع الشبهة والإكراه الدية إن لم يستمسك بول وإلا ثلثها ويجب أرش بكارة مع الفتق ولا يندرج في دية إفضاء على الأصح فإن جرحه في وركه فوصل الجرح إلى جوفه أو أوضحه فوصل الجرح الى قفاه فعليه دية جائفة وموضحة وحكومة لجرح القفا والورك لأن الجراح في غير موضع الجائفة فانفرد فيه بالضمان كما لو لم يكن معها جائفة وأما الحكومة فلأنه لا توقيت فيه وقد جرح قفاه وكما لو انفرد وإن أجافه ووسع آخر الجرح فهي جائفتان لأن فعل كل منهما لو انفرد كان جائفة فلا يسقط حكمه بإنضمامه الى فعل غيره وإن وسع ظاهره دون باطنه أو باطنه دون ظاهره فعليه حكومة لتوسيعه لأن جنايته لم تبلغ الجائفة وفي الترغيب وجه عليه حق جائفة وإن التحمت الجائفة ففتحها آخر فهي جائفة أخرى عليه أرشها لأنه عاد الى الصحة فصار كالذي لم يجرح وحاصله إن فتق موضحة نبت شعرها فجائفة وإلا فحكومة وفي الترغيب إن اندملت فأوضحها آخر فقيل موضحة وقيل فحكومة وذكر الخلال وغيره رواية ابن منصور إن أوضحه فبريء ولم ينبت الشعر ثم أوضحه آخر فحكومة وإن التحم ما أرشه مقدر لم يسقط
مسألة إذا أدخل خشبه في دبره وفتح جلده في الباطن فوجهان فصل وفي الضلع قال في المحرر والوجيز والنظم والحاوي والفروع وغيرهم إن جبر مستقيما بعير وإلا فحكومة وفي الترقوتين
____________________
1-
(9/11)
بعيران وفي كل واحد من الذراع والزند والعضدة والفخذ والساق بعيران (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + احدهما ترقوة وهو العظم المستدير حول العنق من النحر إلى الكتف بعيران وفي كل واحدة منهما بعير نص عليه في رواية أبي طالب لما روى سعيد عن سفيان عن زيد بن أسلم عن سالم بن جندب عن أسلم مولى عمر قال عمر في الضلع جمل والترقوة جمل وظاهر الخرقي وجزم به في الإرشاد أن في الواحدة بعيرين فيكون فيهما أربعة أبعرة وروي عن زيد لكن قال القاضي المراد بقول الخرقي الترقوتان معا وإنما اكتفى بلفظ الواحد لإدخال الألف واللام المقتضية للاستغراق فيكون في كل ترقوة بعير وفي كل واحد من الذراع والزند والعضد والفخذ والساق بعيران في رواية نقلها أبو طالب لما روى سعيد ثنا هشيم أنا يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن عمرو بن العاص كتب إلى عمر في أحد الزندين إذا كسر فكتب إليه عمر أن فيه بعيرين وإذا كسر الزندين ففيهما أربعة أبعرة ولم يظهر له مخالف في الصحابة فكان كالإجماع والثانية وقدمها في المحرر وجزم بها في الوجيز أن الواجب بعير نص عليها في رواية صالح ورواه عن عمر وعن أحمد في الزند الواحد أربعة أبعرة لأنهما عظمان وفيما سواه بعيران وزاد أبو الخطاب فجعل في عظم القدم بعيرين قال في المستوعب والزند هو الذراع ويسمى الساعد أيضا قال في الرعاية وهو بعيد قال المؤلف والصحيح أنه لا تقدير في غير الضلع والترقوتين والزندين ومقتضى الدليل وجوب الحكومة في هذه الأعضاء الباطنة كلها وإنما خالفناه في هذه العظام لقضاء عمر ففيما عداها يبقى على مقتضى الدليل وذكر ابن عقيل فيها
____________________
1-
(9/12)
وما عدا ما ذكرنا من الجروح وكسر العظام مثل خرزة الصلب والعصعص ففيه حكومة والحكومة أن يقوم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به ثم يقوم وهي به قد برئت فما نقص فله مثله من الدية فإن كان قيمته وهو صحيح عشرين وقيمته وبه الجناية تسعة عشر ففيه نصف عشر ديته ألا أن تكون الحكومة في شيء فيه مقدر فلا يبلغ بها أرش المقدر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + وفي ضلع حكومة ونقل حنبل فيمن كسرت يده أو رجله فيها حكومة وإن انجبرت وما عدا ما ذكرنا من الجروح وكسر العظام مثل خرزة الصلب والعصعص والعانة ففيه حكومة لأن الجناية على ذلك لا توقيت فيها أشبه الجراح التي لا توقيت فيها ولا نعلم فيه خلافا وإن خالف فيه أحد فهو قول شاذ لا يصار اليه
فائدة خرزة الصلب فقاره إن أريد بها كسر الصلب ففيه الدية وقال القاضي فيه حكومة والعصعص بضم العين عجب الذنب وهو العظم الذي في أسفل الصلب والحكومة أن يقوم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به ثم يقوم وهي به قد برئت فما نقص من القيمة فله مثله من الدية هذا هو قول الجمهور لأن جملته مضمونة بالدية فأجزاؤه مضمونة منها كما أن المبيع لما كان مضمونا على البائع بالثمن كان أرش عيبه مقدرا من الثمن ولا يقبل الحكومة إلا من عدلين خبيرين بالقيمة ولا تقويم إلا بعد البرء لأن أرش الجرح المقدر لا يستقر إلا بعد برئه فإن كان قيمته وهو صحيح عشرين وقيمته وبه الجناية تسعة عشر ففيه نصف عشر ديته لأن الناقص بالتقويم درهم من عشرين وهو نصف عشرها فيكون فيه هنا نصف عشر الدية ضرورة أن الواجب مثل ذلك من الدية إلا أن تكون الحكومة في شيء فيه مقدر فلا يبلغ بها أرش المقدر هذا استثناء مما تقدم وحاصله أن الحكومة إنما تجب فيه على نوعين أحدهما أن يكون في شيء مقدر وحكمه سبق الثاني أن
____________________
1-
(9/13)
وإذا كانت في الشجاج التي دون الموضحة لم يبلغ بها أرش الموضحة وإن كانت في أصبع لم يبلغ بها دية الأصبع وإن كانت في أنملة لم يبلغ بها ديتها وإن كانت مما لاتنقص شيئا بعد الاندمال قومت حال جريان الدم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + يكون في شيء هو بعض المقدر فهذا لابد أن يلحظ فيه عدم مجاوزة أرش المؤقت مثل أن يشجه سمحاقا وهو دون الموضحة فإن بلغ بالتقويم أرشها أكثر من موضحة مثل أن تنقص الجناية أكثر من نصف عشر قيمته لم يجب الزائد لأنه لو وجب ذلك لكان قد وجب في شيء لا يبلغ موضحة أكثر من أرش الموضحة وهو غير جائز لأن الموضحة أكثر من ذلك والشين بها أعظم والمحل واحد وإذا كانت في الشجاج التي دون الموضحة لم يبلغ بها أرش الموضحة وهل يبلغ بها أرش المؤقت على روايتين ظاهر المذهب أنه لا يبلغ به أرش المؤقت قاله ابن هبيرة والنقص على حسب اجتهاد الحاكم ولا يزاد بحكومة في مقدر على ديته وفي جواز مساواته وجهان وعلى المنع ينقص الحاكم ما شاء لا يقال قد وجب في بعض البدن أكثر مما وجب في جميعه ووجب في منافع الانسان أكثر من الواجب فيه لأنه إنما وجب دية النفس دية عن الروح وليست الأطراف بعضها بخلاف مسألتنا ذكره القاضي وإن كانت في اصبع لم يبلغ بها دية الاصبع لأنه إذا جرح اصبعا فبلغ أرشه أكثر من عشر الدية لا يجب أكثر من عشرها وإن كانت في أنملة لم يبلغ بها ديتها أي إذا كانت الجراح في أنملة فبلغ أرشه أكثر من ثلاثة وثلث من الأول لا يجب أكثر من ثلاثة وثلث لأنه دية الأنملة وإن كانت مما لا تنقص شيئا بعد الاندمال قومت حال جريان الدم لأنه لابد من نقص لأجل الجناية فإذا كان التقويم بعد الاندمال يبقى ذلك وجب أن يقوم في حال اندمال جريان الدم
____________________
1-
(9/14)
فإن لم تنقص شيئا بحال أو زادته حسنا فلا شيء فيها والله أعلم & باب العاقلة وما تحمله & (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + ليحصل النقص فإن لم تنقص شيئا بحال أو زادته حسنا فلا شيء فيها والله أعلم إذا لم يحصل بالجناية نقص في جمال ولا نفع كقطع أصبع زائدة أو قلع سن زائدة ولحية امرأة فاندمل الموضع من غير نقص أو نقص فلم يجب شيء كما لو لكمه فلم يؤثر والثاني يجب ضمانه لأنه جزء من مضمون فوجب ضمانه كغيره وقال أبو الخطاب إذا قطع لحية امرأة فإنها تقوم كأنها رجل له لحية ثم يقوم رجل قد ذهبت فما نقص وجب بقسطه وفيه نظر لأن لحية الرجل زين له وعيب في المرأة وتقدير العيب بالزين لا يصح
فرع إذا جنى عليه جناية لها أرش ثم قتله قبل اندمال الجرح دخل أرشه في دية النفس كما لو مات من سراية الجرح وإن قتله غيره وجب أرش الجرح كما لو اندمل وإن لطمه على وجهه فلم يؤثر فيه فلا ضمان كما لو شتمه & باب العاقلة وما تحمله &
العاقلة جمع عاقل وهو المؤدي للدية يقال عقلت فلانا إذا أعطيته ديته وعقلت عن فلان إذا عزمت عنه ديته وأصله من عقل الأبل بالعقل وهي الحبال التي تثنى بها أيديها الى ركبها وقيل اشتقاقه من العقل وهو المنع لأنهم يمنعون عن القاتل والعقل المنع ويسمى بعض العلوم عقلا لأنه يمنع من الإقدام على المضار وقيل لأنهم يتحملون العقل وهو الدية
____________________
1-
(9/15)
عاقلة الإنسان عصباته كلهم قريبهم وبعيدهم من النسب والولاء إلا عمودي نسبه آباؤه وأبناؤه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + سميت بذلك لأنها تعقل لسان ولي المقتول وهي من غرم ثلث الدية فأكثر بسبب جناية غيره وما تحمله أي ما تحمله العاقلة هل يجب عليها ابتداء أو على القاتل ثم تحمله عنه فيه قولان كما قيل في فطرة الزوجة والولد ونحوهما مما يخرج عنه غيره هل يجب عليه ابتداء أو على المخرج
ومن لا عاقلة له هل تجب في ذمته الدية أو لا على قولين
عاقلة الأنسان عصباته كلهم قريبهم وبعيدهم من النسب والولاء وهم الأحرار العاقلون البلغ الاغنياء على المشهور لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قضى النبي صلى الله عليه وسلم أن عقل المرأة على عصبتها من كانوا لا يرثون منها شيئا إلا ما فضل عن ورثتها وإن قتلت فعقلها بين ورثتها رواه أبو داود ولأنهم عصبة أشبهوا سائر العصبات يحققه أن العقل موضوع على التناصر وهم من أهله ولأن العصبة في تحمل العقل ك هم في الميراث في تقديم الأقرب فالأقرب وكون البعيد عصبة لأنه يرث المال إذا لم يكن وارث أقرب منه فهو كالقريب وكون عصبات الأنسان في الولاء من العاقلة لعموم قوله عليه السلام الولاء لحمة كلحمة النسب إلا عمودي نسبه آباؤه وأبناؤه اختاره الخرقي وجزم به في الوجيز قال ابن المنجا وهو المذهب لما روى جابر أن امرأتين من هذيل قتلت إحداهما الأخرى ولكل واحدة منهما زوج وولد فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المقتولة على عاقلة القاتلة وبرأ زوجها وولدها فقال عاقلة المقتولة ميراثها لنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا ميراثها لزوجها وولدها رواه أبو داود وهذا يقتضي أن الاولاد ليسوا من العاقلة وكذا الآباء قياسا لإحدى
____________________
1-
(9/16)
وعنه أنهم من العاقلة أيضا وليس على فقير ولا صبي ولا زائل العقل ولا إمرأة ولاخنثى مشكل ولا رقيق ولامخالف لدين الجاني حمل شيء وعنه أن الفقير يحمل من العقل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + العمودين على الآخر ولأن مال ولده ووالده كماله وخرج منه الإخوة بدليل لأن الخرقي خص العاقلة بالعمومة وأولادهم وعنه أنهم من العاقلة أيضا قدمه في الكافي والرعاية واختاره أبو بكر والشريف بل والأكثر لأنهم أحق من العصبات بميراثه فكانوا أولى بتحمل عقله وعنه هم عصبته إلا أبناءه إذا كان امرأة قال في المحرر وهو الاصح نقل حرب الابن لا يعقل عن أمه لأنه من قوم آخرين وفي المستوعب إلا أن يكون الابن من عصبة أمه فيكون من عاقلتها وكذا في البلغة وعلم منه أن العصبات من الاخوة من الأم وذوي الأرحام والنساء ليسوا من العاقلة بغير خلاف لأنهم ليسوا من أهل النصرة وعمدة العقل النصرة وليسوا منها كأهل المحلة والديوان وليس على فقير على المذهب لأن حمل العاقلة مواساة فلا يلزم الفقير كالزكاة ولأنه وجب على العاقلة تخفيفا عن القاتل فلا يجوز التثقيل عليه لأنه كلفة ومشقة ولا صبي ولا زائل العقل حمل شيء منها لأن الحمل للتناصر وهما ليسا من أهلها وقيل يحمل المميز لأنه قارب البلوغ ولا امرأة لما ذكرنا ولا خنثى مشكل لاحتمال كونه امرأة فيحمل جناية عتيقهما من تحمل جنايتهما وعنه تعقل امرأة وخنثى بولاء ولا رقيق لأنه أسوأ حالا من الفقير ولا مخالف لدين الجاني حمل شيء لأن حملها للنصرة ولا نصرة لمخالف له في دينه وعنه أن الفقير المعتمل أي المحترف يحمل من العقل حكاها أبو الخطاب وهي قول أكثر العلماء لأنه من أهل النصرة فكان من العاقلة كالغني وظاهره أن المريض والشيخ يحملان وصرح به في
____________________
1-
(9/17)
الرعاية وفي هرم وزمن وأعمى وجهان فلو عرف نسب قاتل من قتيله ولم يعلم من أي بطونها لم يعقلوا عنه ذكره في المذهب ويحمل الغائب كما يحمل الحاضر للخبر ولأنهم استووا في التعصيب والإرث فاستووا في تحمل العقل كالحاضرين
وخطأ الإمام والحاكم في أحكامه في بيت المال قدمه في الرعاية والفروع لأن خطأه يكثر فيجحف بهم ولأنه نائب عن الله فكان أرش جنايته في مال الله وكخطإ وكيل وعليها للإمام عزل نفسه ذكره القاضي وغيره وعنه على عاقلته أي على عاقلتهما قدمه السامري لقول علي لعمر ديته عليك لأنك أفزعتها ولأنه جان فكان خطؤه على العاقلة كغيره وكخطئهما في غير حكم وكذا الخلاف إن زاد سوطا كخطإ في حد أو تعزيز أو جهلا حملا أو بان من حكم بشهادته غير أهل وهل يتعاقل أهل الذمة على روايتين الأصح أنهم يتعاقلون لأن قرابتهم تقتضي التوريث فاقتضت التعاقل ولأنهم من أهل النصرة كالمسلمين والثانية لا لأن حمل العاقلة يثبت على خلاف الأصل لحرمة قرابة المسلمين فلا يقاس عليهم غيرهم لعدم المساواة في الحرمة فإن اختلفت الملة كاليهود والنصارى فوجهان وفي الترغيب روايتان بناء على توريثهم وعدمه ولا يعقل ذمي عن حربي ولا حربي عن ذمي لعدم التوارث وكمسلم وكافر وقيل بلى إن توارثا وقال ابن حمدان يعقل المعاهد إن بقي عهده إلى أصل الواجب وإلا فلا
تذنيب المرتد لا يعقل عنه لأنه ليس بمسلم فيعقل عنه المسلمون ولا ذمي فيعقل عنه أهل الذمة فتكون جنايته في ماله وفيه وجه ومن لا عاقلة له
____________________
(9/18)
أو لم تكن له عاقلة تحمل الجميع فالدية أو باقيها عليه إن كان ذميا وإن كان مسلما أخذ من بيت المال فإن لم يمكن فلا شيء على القاتل ويحتمل أن تجب في مال القاتل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + أو لم تكن له عاقلة تحمل الجميع فالدية أو باقيها عليه إن كان ذميا جزم به في الوجيز لأن بيت المال لا يعقل عنه وكمن رمى سهما ثم أسلم أو كفر قبل إصابته في الأصح وقدم في المحرر أنه يكون في بيت المال كمسلم ولم يرجح في الفروع شيئا وإن كان مسلما أخذ من بيت المال على الأصح لأن المسلمين يرثون من لا وارث له فيعقلون عنه عند عدم عاقلته كعصباته والثانية لا يحمل العقل بحال رجحها في المغني والشرح لأن بيت المال فيه حق للصبيان والنساء والمجانين ومن لا عقل عليه فلا يجوز صرفه فيما لا يجب عليهم فعلى الأول تكون حالة تؤخذ دفعة واحدة لأنه عليه السلام أدى دية الأنصاري دفعة واحدة وكذا عمر ولأن الدية بدل متلف وإنما أجل على العاقلة تخفيفا ولا حاجة الى ذلك في بيت المال وقيل تؤخذ في ثلاث سنين كالعاقلة فإن لم يمكن أي إذا تعذر سقطت نقله الجماعة وهو المراد بقوله فلا شيء على القاتل لأن الدية لزمت العاقلة ابتداء بدليل أنها لا يطالب بها غيرهم ولا يعتبر تحملهم ولا رضاهم بها فلا تجب على غير من وجبت عليه كما لو عدم القاتل فإن الدية لا تجب على أحد ويحتمل أن تجب في مال القاتل لعموم قوله تعالى { ودية مسلمة إلى أهله } النساء 92 ولأن مقتضى الدليل وجوبها على الجاني جبرا للمحل الذي فوته وإنما سقط عنه لقيام العاقلة مقامه في جبر المحل فإذا لم يوجد ذلك بقي واجبا عليه بمقتضى الدليل ولأن الأمر تردد بين إبطال دم المقتول وبين إيجاب ديته على المتلف ولا يجوز الأول لمخالفة الكتاب والسنة وأصول الشريعة فتعين الثاني ولأن إهدار الدم
____________________
1-
(9/19)
وهو أولى كما قالوا في المرتد يجب أرش خطئه في ماله ولو رمي وهو مسلم فلم يصب السهم حتى أرتد كان عليه في ماله ولو رمي الكافر سهاما ثم أسلم ثم قتل السهم إنسانا فديته في ماله ولو جنى ابن المعتقة ثم أنجر ولاؤه ثم سرت جنايته فأرش الجناية في ماله لتعذر حمل العاقلة فكذا وهذا فصل ولا تحمل العاقلة عمدا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + المضمون لا نظير له وإيجاب الدية على قاتل الخطإ له نظائر وهو أولى من إهدار دم الأحرار في أغلب الأحوال فإنه لا تكاد توجد عاقلة تحمل الدية كلها ولا سبيل الى الأخذ من بيت المال فتضيع الدماء والدية تجب على القاتل ثم تتحملها العاقلة وإن سلمنا وجوبها عليهم ابتداء لكن مع وجودهم كما قالوا في المرتد يجب أرش خطئه في ماله لأنه لا عاقلة له تحملها ولو رمى وهو مسلم فلم يصب السهم حتى ارتد كان عليه في ماله ولو رمى الكافر سهما ثم أسلم ثم قتل السهم إنسانا فديته في ماله إذا تغير دين جارح حالتي حرج وزهوق فالمذهب تحمله العاقلة حال الجرح وقيل أرش الجرح والزيادة بالسراية في ماله وقيل الكل في ماله وهو المرجح هنا لأنه قتيل قتل في دار الإسلام معصوم فتعذر حمل عاقلته عقله فوجب على قاتله ولو جنى ابن المعتقة ثم انجر ولاؤه ثم سرت جنايته فأرش الجناية في ماله لتعذر حمل العاقلة فكذا هذا وصورتها إذا رمى من عليه ولاء لموالي أمه فانجر ولاؤه الى موالي ثم وقع سهمه في شخص فالدية في ماله ولهذا قال في المحرر والفروع فهو كتغير دين
فصل ولا تحمل العاقلة عمدا سواء كان مما يجب فيهالقصاص أو لا لما روى ابن عباس مرفوعا قال لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا وروي عن ابن عباس موقوفا ولم يعرف له في الصحابة مخالف
____________________
1-
(9/20)
لا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا ولا ما دون ثلث (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) + فيكون كالإجماع وعن عمر قال العمد والعبد والصلح والاعتراف لا تعقله العاقلة رواه الدارقطني وحكى أحمد عن ابن عباس نحوه قال الزهري مضت السنة أن العاقلة لا تحمل شيئا من دية العمد إلا أن يشاؤوا رواه مالك ولأن حمل العاقلة إنما ثبت في الخطإ لكون الجاني معذورا تخفيفا عنه ومواساة له والعامد غير معذور ثم يبطل بقتل الأب ابنه فإنه لا قصاص فيه ولا تحمله العاقلة فلو قتله بحديدة مسمومة فسرى إلى النفس فوجهان أحدهما تحمله العاقلة لأنه ليس بعمد والثاني لا لأنه قتل بما لم يقتل مثلها غالبا أشبه من له القصاص ولا عبدا وهو قول ابن عباس وجماعة من التابعين ومعناه إذا قتل العبد قاتل وجبت قيمته في مال القاتل ولا شيء على عاقلته خطأ كان أو عمدا ولا صلحا لأنه لو حملته العاقلة أدى الى أن يصالح بمال غيره ويوجب عليه حقا بقوله ومعناه أن يدعي عليه القتل فينكره ويصالح المدعي على مال فلا تحمله العاقلة لأنه مال ثبت بمصالحته واختياره كالذي ثبت باعترافه وفسره القاضي وغيره بأن يصالح الأولياء عن دم العمد الى الدية والأول أولى قاله في المغني والشرح لأن هذا يستغنى عنه بذكر العمد بل معناه صالح عنه صلح إنكار وجزم به في الروضة ولا اعترافا أي لم تصدقه به بغير خلاف نعلمه لأنه متهم في أن يواطيء من يقر له بذلك ليأخذ الدية من عاقلته فيقاسمه إياها ولأنه لا يقبل إقرار شخص على غيره وحينئذ يلزمه ما اعترف ومعناه بأن يقر على نفسه بجناية خطإ أو شبه عمد فوجب ثلث الدية فأكثر إن لم تصدقه العاقلة ولا ما دون ثلث
____________________
1-
(9/21)
كأرش الموضحة نص على ذلك لقضاء عمر أنها لا تحمل شيئا حتى يبلغ عقل المأمومة ولأن الأصل وجوب الضمان على الجاني لأنه هو المتلف فكان عليه كسائر المتلفات لكن خولف في الثلث لإجحافه بالجاني لكثرته فما عداه يبقى على الأصل والثلث حد الكثير للخبر ويكون ذلك أي دية العمد وما بعده في مال الجاني لما ذكرنا أن مقتضى الأصل وجوب الجناية على الجاني حالا لأنه بدل متلف فكان حالا كقيمة المتلف من المتاع إلا غرة الجنين إذا مات مع أمه فإن العاقلة تحملها مع دية أمه نص عليه لأن ديتهما وجبت في حال واحدة بجناية واحدة مع زيادتها على الثلث وظاهره سواء سبقته بالزهوق أو سبقها به لأن الجناية واحدة وإنما تأخر بعض أثرها عن بعض وذلك لا يضر وقال أحمد هذا من قبل أنها نفس واحدة وقال الجناية عليهما واحدة فقيل له النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل في كل منهما دية فقد فصل بينهما فلم يجب بشيء وفي عيون المسائل خبر المرأة التي قتلت المرأة وجنينها قال فوجه الدليل أنه قضى بدية الجنين على الجانية حيث لم تبلغ الثلث ونقل ابن منصور إذا شربت دواء عمدا فإسقطت جنينا فالدية على العاقلة قال في الفروع فيتوجه منه احتمال تحمل القليل وقد يقال هذا مختص بالجنين لكونه ديته دية نفس فيكون منزلا منزلة الدية الكاملة و إن كان دون الثلث لكونه دية نفس وإن ماتا منفردين بجنايتين صرح به في الوجيز لم تحملها العاقلة نص عليه لنقصها عن الثلث لأن الواجب في ذلك غرة قيمتها خمس من الإبل وهي دون ثلث الدية وتحمل جناية الخطإ على الحر إذا بلغت
____________________
(9/22)
الثلث لحديث أبي هريرة و في تقييده بالخطأ والحر وبلوغ الثلث احتراز عن العمد والعبد وما دون الثلث وقال أبو بكر ولا تحمل شبه العمد هذا رواية وصححه ابن حمدان وقاله ابن شبرمة والزهري وقتادة لأنها موجب فعل قصده فلم تحمله العاقلة كالعمد المحض وهي دية مغلظة أشبهت دية العمد ويكون في مال القاتل في ثلاث سنين قال في الشرح ولا نعلم خلافا في أنها تجب مؤجلة روي عن عمر وعلي وابن عباس وقال أبو بكر مرة هو في مال الجاني حالا وحكاه في الشرح عن قوم لأنها بدل متلف وجوابه بأنها تخالف سائر المتلفات واقتضى تغليظها من وجه وهو الأسنان وتخفيفها من وجه وهو حمل العاقلة لها وتأجيلها وقال الخرقي تحمله العاقلة هذا ظاهر المذهب في ثلاث سنين نص عليه قدمه في الكافي لحديث أبي هريرة اقتتلت امرأتان من هذيل الحديث لأنه لا يوجب قصاصا كالخطء وعنه يجب مؤجلا كذلك في مال الجاني وقيل حالا قدمه في التبصرة والرعاية كغيره وذكر أبو الفرج تحمله العاقلة حالا وفي التبصرة لا تحمل عمدا ولا صلحا ولا اعترافا ولا ما دون الثلث وجميع ذلك في مال جان في ثلاث سنين وفي الروضة دية الخطإ في خمس سنين في كل سنة خمسها وما يحمله كل واحد من العاقلة غير مقدر لأن التقدير من الشرع ولم يرد به ولكن يرجع فيه الى اجتهاد الحاكم لأنه لا نص فيه فوجب الرجوع في تقديره الى اجتهاد الحاكم كتقدير النفقات فيحمل كل إنسان منهم ما يسهل ولا يشق نص عليه لأن التحمل على سبيل المواساة للقاتل والتخفيف عنه ولا
____________________
(9/23)
يخفف عن الجاني ما يثقل على غيره ويجحف به كالزكاة ولأن الإجحاف لو كان مشروعا كان الجاني أحق به فإذا لم يشرع في حقه فغيره أولى وقال أبو بكر يجعل على الموسر وهو مالك نصاب عند حلول الحول فاضلا عنه كحج وكفارة ظهار نصف دينار لأنه أقل ما يتقدر في الزكاة وعلى المتوسط ربعا قوله رواية عن أحمد لأن ما دون ذلك تافه لا تقطع اليد فيه وهل يتكرر ذلك في الأحوال الثلاثة أو لا على وجهين كذا في المحرر والفروع أحدهما يتكرر لأنه حق يتعلق بالحول على سبيل المواساة فيتكرر بتكرار الحول كالزكاة والثاني لا لأنه يفضي إلى إيجاب أكثر من أقل الزكاة فيكون مضرا فعلى الأول يجب على الموسر دينار ونصف وعلى المتوسط ثلاثة أرباع لتكرره وعلى الثاني نصف على الموسر وربع على المتوسط لأنه لا يتكرر ويبدأ بالأقرب فالأقرب كالميراث سواء فمتى اتسعت أموال الأقربين لها لم يتجاوزهم لأنه حق يستحق بالتعصيب فقدم الأقرب فالأقرب ويقدم من يدلي بأبوين على من يدلي بأب في الأشهر كالميراث وفي الآخر سواء لأنه لا يستفاد بالتعصيب وذكر ابن عقيل في مساواة أخ لأبوين روايتين وخرج منها مساواة بعيد لقريب ويؤخذ من بعيد لغيبة قريب وقيل يكتب الإمام الى قاضي بلد الأقرب الغائب ليطالبه بها وإلا أي وإن لم تتسع أموال الأقربين لها انتقل الى من يليهم لأن الأقربين لم يكونوا موجودين فعلقت الدية بمن يليهم وكذا إذا تحمل الأقربون ما وجب عليهم وبقيت بقية وإن تساوى جماعة في القرب وزع القدر الذي يلزمهم بينهم نص عليه لأنهم استووا في
____________________
(9/24)
القرابة فكانوا سواء كما لو قتلوا وكالميراث وقال ابن حمدان ويحتمل أن يأخذ الإمام ممن شاء فصل
وما تحمله العاقلة يجب مؤجلا في ثلاث سنين لا خلاف في وجوب دية الخطإ على العاقلة في ثلاث سنين لقول عمر وعلي ولم يعرف لهما في الصحابة مخالف إن كان دية كاملة لأنه لا مرجح لبعض السنين على بعض ولأنه مال يجب على سبيل المواساة فلم يجب حالا كالزكاة وحينئذ يجب في آخر كل حول ثلثها ويعتبر ابتداء السنة من حين وجوب الدية وإن كان الواجب ثلث الدية كأرش الجائفة وجب في رأس الحول أي في آخر السنة الأولى ولم يجب منه شيء حالا لأن العاقلة لا تحمل حالا وإن كان نصفها كدية اليد وجب في رأس الحول الأول الثلث لأنه قدر ما يؤدي من الدية الكاملة فوجب لتساويهما في وقت الوجوب وباقية في رأس الحول الثاني لأن ذلك محل القسط الثاني من الكاملة وإن كان دية امرأة أو كتابي لم يقتل عمدا قاله في الوجيز وفيه شيء فكذلك لأن هذا ينقص عن دية كاملة أشبهت أرش الطرف ويحتمل أن تقسم في ثلاث سنين لأن ذلك دية نفس كاملة أشبه دية المسلم وإن كان أكثر من دية كما لو جنى عليه فأذهب سمعه وبصره لم يزد في كل حول على الثلث لأن الواجب لو كان دون الدية لم ينقص في السنة عن الثلث فكذا لا يزيد عليه إذا زاد على الثلث وكذا إذا قتلت المرأة وجنينها بضربة
____________________
(9/25)
بعد ما استهل لم تزد في كل حول على قدر الثلث وقال القاضي وأصحابه دية نفس في ثلاث سنين وقيل الكل فلو قتل اثنين فديتهما في ثلاث لأن كل واحد له دية فيستحق ثلثها كما لو انفرد حقه وقيل في ست سنين فأما إذا كان الواجب دون الثلث كدية الاصبع لم تحملها العاقلة ويجب حالا لأنها بدل متلف وابتداء الحول في الجرح من الاندمال لأن الأرش لا يستقر إلا بالبرء وفي القتل من حين الموت لأنه حالة الوجوب سواء كان قتلا موجبا أو عن سراية جرح وقال القاضي إن لم يسر الجرح الى شيء فحوله من حين القطع لأن تلك حالة الوجوب ولهذا لو قطع يده وهو ذمي فأسلم ثم اندملت وجب نصف دية ذمي وحاصله أن عنده أن ابتداءه في القتل الموحي والجرح الذي لم يسر عن محله من حين الجناية وقيل في الكل عند الترافع إلى الحاكم ومن مات من العاقلة أو افتقر قبل تمام الحول سقط ما عليه بغير خلاف نعلمه لأنه مال يجب في آخر الحول على سبيل المواساة أشبه الزكاة وإن مات بعد الحول لم يسقط ما عليه لأنه حق تدخله النيابة لا يملك إسقاطه في حياته أشبه الدين ولأنه وجب عليه لحولان الحول فلم يسقط كالزكاة وعمد الصبي والمجنون خطأ نص عليه في رواية ابن منصور لأنه لا يتحقق منهما كمال القصد فوجب أن يكون كخطإ البالغ تحمله العاقلة لأنه لا يوجب القود فحملته كغيره وعنه في الصبي العاقل أن عمده في ماله لأنه عمد يجوز تأديبه عليه أشبه البالغ العاقل والمراد به المميز لكن قال ابن
____________________
(9/26)
عقيل والحلواني تجب مغلظة وفي الواضح رواية في ماله بعد عشر سنين ونقل أبو طالب ما أصاب الصبي من شيء فعلى الأب إلى قدر ثلث الدية فإذا جاوز ثلث الدية فعلى العاقلة فهذا رواية لا تحمل الثلث والأول أولى وما ذكروه ينتقض بشبه العمد & باب كفارة القتل &
الكفارة مأخوذة من الكفر وهو الستر لأنها تغطي الذنب وتستره والأصل فيها الإجماع وسنده قوله تعالى { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } النساء 97 فذكر في الآية ثلاث كفارات
إحداهن يقتل المسلم في دار الاسلام خطأ
الثاني يقتل في دار الحرب وهو لا يعرف إيمانه بقوله { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } الثالث يقتل المعاهد وهو الذمي في دار الإسلام لقوله عز وجل { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة } النساء 92 فأوجب الكفارة بالقتل في الجملة وسواء كان المقتول ذكرا أو أنثى صغيرا كان أو كبيرا ومن قتل نفسا محرمة خطأ للأية الكريمة سواء قتلها بمباشرة أو بسبب بعد موته نص عليه بغير حق ولو مستأمنا وظاهره ولو قتل نفسه أو ما أجرى مجراه لأنه أجري مجراه في
____________________
(9/27)
عدم القصاص فكذا يجب أن يجري مجراه في الكفارة أو شارك فيها أي على كل واحد من المشتركين كفارة في قول الأكثر لأن الكفارة موجب قتل الآدمي فوجب تكميلها على كل واحد من الشركاء كالقصاص أو ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا أو حيا ثم مات فعليه الكفارة لأنه قتل نفسا محرمة أشبه قتل الآدمي بالمباشرة وفي الإرشاد إن جنى عليها فألقت جنينين فأكثر فقيل كفارة وقيل تتعدد قال في الفروع فيخرج مثله في جنين وأمه والمذهب أنه لابد من إلقاء جنين كامل لأنه قتل نفسا بغير حق فكان فيه الكفارة كالمولود وقيل تجب ولو بإلقاء مضغة لم تتصور مسلما كان المقتول أو كافرا لأن الكافر آدمي مقتول ظلما فوجبت الكفارة بقتله كالمسلم حرا أو عبدا في قول أكثرهم لعموم قوله تعالى { ومن قتل مؤمنا خطأ } ولأنه يجب بقتله القصاص في الجملة فوجب بقتله الكفارة كالحر ولأنه مؤمن أشبه الحر وسواء كان القاتل كبيرا عاقلا أو صبيا أو مجنونا حرا أو عبدا مسلما أو كافرا لأنه حق مالي يتعلق بالقتل فتعلقت بهم كالدية والصلاة والصوم عبادتان بدنيتان وهذه مالية أشبهت نفقة الأقارب وكفارة اليمين تتعلق بالقول ولا قول لهما وهذه تتعلق بالفعل وفعلهما متحقق ويتعلق بالفعل ما لا يتعلق بالقول بدليل إحبالهما وأما الكافر فتكون عقوبة له كالحدود وعنه لا تجب عليه نقلها بكر بن محمد وزاد أبو حنيفة عليه الصبي والمجنون لأنها عبادة محضة تجب بالشرع فلم تجب عليهم كالصوم وكفارة
____________________
(9/28)
اليمين وجوابه ما سبق ويكفر العبد بالصيام لأنه لا مال له وعنه على المشتركين كفارة واحدة لعموم قوله تعالى { ومن قتل مؤمنا خطأ } الآية و من تتناول الواحد والجماعة ولأن الدية لا تتعدد فكذا الكفارة ولأنها كفارة قتل فلم تتعدد بتعدد القاتلين مع اتحاد المقتول ككفارة الصيد الحرمي فأما القتل المباح كالقصاص والحد وقتل الباغي والصائل فلا كفارة فيه لأنه قتل مأمور به والكفارة لا تجب لمحو المأمور به والخطأ لا يوصف بتحريم ولا إباحة لأنه كقتل المجنون لكن النفس الذاهبة به معصومة محرمة فلذلك وجبت الكفارة فيها وقال قوم الخطأ محرم ولا إثم فيه وقيل ليس بمحرم لأن المحرم ما أثم فاعله والاستثناء في الآية منقطع وإلا في موضع لكن وقيل في موضع لا أي ولا خطأ وهو بعيد لأن الخطأ لا يتوجه إليه النهي لعدم إمكان التحرز منه فصل
لا تلزم قاتلا حربيا قاله في الترغيب وغيره ولا قاتلا نساء حرب وذريتهم ومن لم تبلغه الدعوة قال الخطابي من لم تبلغه الدعوة تجب فيه الكفارة والدية وفي وجوب الدية خلاف بين العلماء وجوابه بأنه لا أيمان لهم ولا أمان وإنما منع من قتلهم لانتفاع المسلمين بهم بصيرورتهم أرقاء وفي قتل العمد وشبه العمد روايتان إحداهما لا كفارة فيه اختارها أبو بكر والقاضي والأخرى فيه الكفارة أما العمد فالمشهور في المذهب أنه لا كفارة فيه
____________________
(9/29)
قدمه في الكافي ونصره في الشرح لمفهوم قوله تعالى { ومن قتل مؤمنا خطأ } واحتج جماعة بقوله تعالى { فجزاؤه جهنم } النساء 93 فمن زعم أن ذلك يسقط بالتكفير احتاج دليلا يثبت بمثله نسخ القرآن زاد في عيون المسائل وأين الدليل القاطع على أنه إذا تاب أو كفر قد شاء الله أن يغفر له ولا فرق في العمد الموجب للقصاص و غيره والثانية تجب اختاره الخرقي وأبو محمد الجوزي لما روى واثلة بن الاسقع قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بصاحب لنا قد أوجب القتل فقال أعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار رواه أبو داود بإسناد ضعيف ولأنها إذا وجبت في قتل الخطأ فلأن تجب في العمد بطريق الأولى والأولى أصح لأنه يقال ذكر قتل الخطأ وأوجب فيه الكفارة ثم ذكر قتل العمد من غير ذكر كفارة فيه مع أن سويد بن الصامت قتل رجلا فأوجب النبي صلى الله عليه وسلم القود ولم يوجب كفارة وحديث واثلة يحتمل أنه كان خطأ وسماه موجبا لأنه فوت النفس بالقتل ويحتمل أنه كان شبه عمد ويحتمل أنه أمرهم تبرعا وأما شبه العمد فالأصح أنها تجب به في الكافي والمستوعب وغيرهما وفي المغني تجب فيه الكفارة ولا أعلم لأصحابنا فيه قولا لأنه أجري مجرى الخطإ في نفس القصاص وحمل العاقلة ديته وتأجيلها في ثلاث سنين فجرى مجراه في وجوب الكفارة والثانية لا تجب وبعدها ابن المنجا واختارها أبو بكر لأن ديته مغلظة
تذنيب من لزمته ففي ماله وقيل ما حمله بيت المال من خطإ أمام
____________________
(9/30)
وحاكم ففيه ويكفر عن غير مكلف وليه نقل مهنا القتل له كفارة وكذا الزنى ونقل الميموني ليس بعد القتل شيء أشد من الزنى & باب القسامة &
القسامة اسم للقسم أقيم مقام المصدر من أقسم إقساما وقسامة هي الحلف قال الأزهرى هم القوم الذين يقسمون في دعواهم على رجل أنه قتل صاحبهم سموا قسامة باسم المصدر كعدل ورضى وإنما هي الأيمان إذا كثرت على وجه المبالغة وهي الأيمان المكررة في دعوى القتل أي في دعوى قتل معصوم وظاهر الخرقي موجب للقود والأصل فيها ما روي عن سهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج أن محيصة بن مسعود وعبد الله بن سهل انطلقا إلى خيبر فتفرقا في النخل فقتل عبدالله بن سهل فاتهموا اليهود به فجاءه أخوه عبد الرحمن وابنا عمه حويصة ومحيصة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم عبد الرحمن في أمر أخيه وهو أصغرهم فقال كبر كبر فتكلما في أمر صاحبهما فقال أتحلفون وتستحقون دم قاتلكم قالوا كيف نحلف ولم نشهد ولم نر قال فتبرئكم يهود بخمسين يمينا قالوا كيف نأخذ أيمان قوم كفار قال فعقله النبي صلى الله عليه وسلم من عنده رواه الجماعة وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية رواه أحمد ومسلم قال ابن قتيبة في المعارف أول من 2 قضى بالقسامة في الجاهلية الوليد بن المغيرة فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم في الإسلام ولا
____________________
(9/31)
تثبت إلا بشروط أربعة
أحدها دعوى القتل عمدا كان أو خطأ نص عليه في رواية حنبل لأن كل حق لآدمي لا يثبت لشخص إلا بعد دعواه أنه له والقتل من الحقوق فيندرج تحت ذلك وقيل لا قسامة في خطإ ذكرا كان المقتول أو أنثى للخبر السابق ولأن القصاص يجري فيها فشرعت القسامة فيها كذلك حرا أو عبدا مسلما أو ذميا ولأن العبد والذمي يوجب القصاص في المماثل له فأوجب القسامة في ذلك كالحر والمسلم أما المقتول إذا كان حرا مسلما فلا خلاف فيه سواء كان المدعي عليه مسلما أو كافرا لقضية عبد الله ابن سهل والمدبر والمكاتب وأم الولد والمعلق عتقه بصفة كالقن وإن قتل مسلم كافرا أو حر عبدا فظاهر الخرقي لا تجب القسامة وحكاه في الفروع قولا لأن القسامة إنما تكون فيما يوجب القود وكقتل البهيمة وقال القاضي وهو ظاهر المتن وكلام الأكثر تشرع لأنه قتل آدمي يوجب الكفارة فشرعت القسامة فيه كالحر المسلم ولأن ما كان حجة في قتل المسلم الحر كان حجة في قتل العبد والذمي وأما الجراح فلا قسامة فيه لا نعلم فيه خلافا لأن القسامة ثبتت في النفس لحرمتها فاختصت بها كالكفارة وكالأطراف نص عليه والدعوى فيه كالدعوى في سائر الحقوق البينة على المدعي واليمين على من أنكر يمينا واحدة لأنها دعوى لا قسامة فيها فلا تغلظ بالعدد كالدعوى في المال
الثاني اللوث وهو العداوة الظاهرة ولو مع سيد عبد قال في الرعاية وعصبة مقتول كنحو ما كان بين الأنصار وأهل خيبر
____________________
(9/32)
الله تبارك وتعالى رضي الله عنهن الرب عز وجل وكما بين القبائل التي يطلب بعضها بعضا بثأر في ظاهر المذهب وكما بين البغاة وأهل العدل وبين الشرطة واللصوص على الأشهر لأن مقتضي الدليل أن لا تشرع القسامة ترك العمل به في العداوة الظاهرة ونقل علي بن سعيد أو عصبية للخبر وظاهره أنه لا يشترط مع العداوة ألا يكون في الموضع الذي به القتل غير العدو نص عليه وهو ظاهر الخرقي ونصره المؤلف لأنه عليه السلام لم يسأل الأنصار هل كان بخيبر غير اليهود أم لا مع أن الظاهر وجود غيرهم فيها لأنها كانت أملاكا للمسلمين يقصدونها لأخذ غلال أملاكهم وشرطه القاضي لأن الأنصاري قتل في خيبر ولم يكن بها إلا اليهود وهم أعداء ثم ناقض قوله بأن قال في قوم ازدحموا في مضيق وتفرقوا عن قتيل فقال إن كان في القوم من بينه وبينه عداوة وأمكن أن يكون هو قتله فهو لوث فجعل العداوة لوثا مع وجود غير العدو وعنه ما يدل على أنه يغلب على الظن صحة الدعوى به كتفرق جماعة عن قتيل ووجود قتيل عند من معه سيف ملطخ بدم وشهادة جماعة ممن لا يثبت القتل بشهادتهم كالنساء والصبيان ويعتبر مجيئهم متفرقين لئلا يتطرق إليهم التواطؤ على الكذب ونحو ذلك كشهادة عدل واحد اختاره أبو محمد الجوزي وابن رزين والشيخ تقي الدين لأنه يغلب على الظن صدق المدعي أشبهت العداوة ورد بأن هذا ليس بلوث لقوله في الذي قتل في الزحام يوم الجمعة ديته في بيت المال وقال فيمن وجد مقتولا في المسجد الحرام ينظر من كان بينه وبينه في حياته عداوة لأن اللوث إنما يثبت بالعداوة لقضية الأنصاري ولا يجوز القياس عليها لأن الحكم يثبت
____________________
(9/33)
بالمظنة ولا يقاس في المظان لأن الحكم إنما يتعدى بتعدي سببه والقياس في المظان جمع بمجرد الحكمة وغلبة الظنون
فرع إذا شهدا أنه قتل أحد هذين القتيلين لم تثبت الشهادة ولم يكن لوثا بغير خلاف علمناه وإن شهدا أن هذا القتيل قتله أحد هذين أو شهد أحدهما أن هذا قتله وشهد الآخر أنه أقر بقتله أو شهد أحدهما أنه قتله بسيف وشهد الآخر أنه قتله بسكين لم تكمل الشهادة ولم يكن لوثا اختاره القاضي لكن المنصوص أنه إذا شهد أحدهما بقتله والآخر بالإقرار بقتله أنه يثبت القتل واختاره أبو بكر هنا وفيما إذا شهد أحدهما أنه قتله بسيف والآخر بسكين لأنهما اتفقا على القتل واختلفا في صيغته فأما قول القتيل فلان قتلني فليس بلوث في قول أكثرهم لقوله عليه السلام لو يعطى الناس بدعواهم الخبر وكالولي وقال هو لوث لأن قتيل بني اسرائيل قال فلان قتلني فكان حجة وجوابه أنه لا قسامة فيه فإن ذلك كان من آيات الله تعالى ومعجزات نبيه موسى عليه السلام ثم ذاك في تبرئة المتهمين فلا يجوز تعديته إلى تهمة البريئين لكن نقل الميموني أذهب الى القسامة إذا كان ثم لطخ إذا كان سبب بين إذا كان ثم عداوة إذا كان مثل المدعي عليه يفعل ذلك
تنبيه إذا وجد قتيل في موضع فادعى أولياؤه على رجل أو جماعة وليس بينهم عداوة ولا لوث فهي كسائر الدعاوي وإن كان لهم بينة حكم بها وإلا قبل قول المنكر وقال الحنفية إذا ادعى أولياؤه قتله على أهل المحلة أو على معين فللولي أن يختار من الموضع خمسين رجلا يحلفون خمسين يمينا
____________________
(9/34)
والله ما قتلناه ولا علمنا قاتله فإن نقصوا عن الخمسين كررت الأيمان عليهم حتى تتم فإن حلفوا وجبت الدية على باني الخطة فإن لم يكن وجبت على سكان الموضع فإن لم يحلفوا حبسوا حتى يقروا أو يحلفوا لأثر عن عمر على أنه محتمل قال ابن المنذر سن النبي صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين على المدعي عليه وسن القسامة في القتيل الذي وجد بخيبر وعلم مما سبق أنه لا تسمع الدعوى على غير معين كسائر الدعاوي وأنه لا يشترط أن يكون بالقتيل أثر في قول الجماعة لأنه عليه السلام لم يسأل الأنصار هل بقتيلهم أثر أم لا مع أن القتل يحصل بما لا أثر له كغم الوجه وعنه يشترط ذلك اختاره أبو بكر لأنه إذا لم يكن به أثر احتمل أنه مات حتف أنفه فعلى هذه إن خرج دم من أذنه فهو لوث وكذا إن خرج من أنفه في وجه وقيل أو شفته وجوابه ما تقدم ومتى ادعى القتل مع عدم اللوث عمدا فقال الخرقي لا يحكم له بيمين ولا غيرها هذا رواية قال في الفروع وهي أشهر سواء كانت الدعوى خطأ او عمدا لأنها دعوى فيما لا يجوز بذله أشبه الحدود ولا يحكم له بالقسامة لأن من شرطها المرتب عليها القتل أو الدية وجود اللوث وهو منتف هنا وعن أحمد يحلف يمينا واحدة قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز لقوله عليه السلام ولكن اليمين على المدعى عليه رواه مسلم وكدعوى المال وهي الأولى والأصح فعلى هذه إن حلف المدعى عليه فظاهر وإن امتنع لم يقض عليه بقود بل بدية وقيل لا يجب ويخلى سبيله وعنه يحلف خمسين يمينا لأنه دعوى في قتل أشبه ما لو كان بينهم لوث وإن كان خطأ
____________________
(9/35)
حلف يمينا واحدة لأن النكول هنا يقضى به لأن موجبه مال بخلاف القصاص
الثالث اتفاق الأولياء على الدعوى لأنها دعوى قتل فاشترط اتفاق جميعهم فيها كالقصاص فإن ادعى بعضهم وأنكر بعض بأن قال قتله هذا أو قال الآخر لم يقتله هذا أو قال بل قتله هذا الآخر لم تثبت القسامة نص عليه سواء كان المكذب عدلا أو فاسقا لأنه مقر على نفسه بتبرئة من ادعى عليه بقتل كما لو ادعيا دينا لهما
الرابع أن يكون في المدعين رجال عقلاء لقوله عليه السلام يقسم خمسون رجلا منكم ولأن القسامة حجة يثبت بها قتل العمد فاعتبر كونها من رجال عقلاء كالشهادة ويستثنى منه المرتد وقت موت مورثه الحر لعدم إرثه ولو اسلم بل بعد موته ولا مدخل للنساء في القسامة أي لم يستحلفن لما ذكرناه ولأن الجناية المدعاة التي تجب القسامة عليها هي القتل ولا مدخل لهن في إثباته وقال ابن عقيل تقسم في الخطإ فلو كان جميع الذرية نساء فاحتمالان وفي الخنثى وجهان
أحدهما يقسم لأن سبب الاستحقاق وجد في حقه وهو الاستحقاق من الدية ولم يتحقق المانع من يمينه
والثاني لا يقسم كالمرأة والصبيان والمجانين في القسامة لأن قولهما ليس بحجة بدليل أنهما لو أقرا على أنفسهما لم يقبل فكذا لا يقبل قولهما في حق غيرهما بطريق الأولى عمدا كان القتل أو خطأ لأن الخطأ أحد القتلين أشبه الآخر لا يقال الخطأ يثبت المال وللنساء مدخل فيه لأن المال يثبت ضمنا لثبوت القتل ومثله لا يثبت بالنساء بدليل ما لو ادعى زوجية امرأة بعد موتها ليرتها وأقام رجلا وامرأتين انه لا يقبل فإن كانا اثنين أو أكثر
____________________
(9/36)
أحدهما غائب أو غير ملكف أو ناكل عن اليمين قاله في المحرر والوجيز فللحاضر المكلف أن يحلف ويستحق نصيبه من الدية لأن القسامة حق له ولغيره فقيام المانع بصاحبه لا يمنع من حلفه واستحقاقه نصيبه كالمال المشترك بينهما وهل يحلف خمسين يمينا أو خمسا وعشرين على وجهين كذا في المحرر والفروع أحدهما يحلف خمسين لأن الحكم لا يثبت إلا بالبينة الكاملة والبينة هنا هي الأيمان بدليل ما لو ادعى أحدهما دينا لأبيهما
الثاني يحلف بقسطه جزم به في الوجيز وهو أشهر لأنه لو كان الجميع حاضرين لم يلزمه أكثر من قسطه من الأيمان فكذا مع المانع لكن لا قسامة حتى يحضر الغائب ويبلغ الصبي لأن الحق لا يثبت إلا بالبينة وهي الأيمان هنا ولأن الحق إن كان قصاصا فلا يمكن تبعيضه وغيره لا يثبت إلا بواسطة ثبوت القتل وقال القاضي إن كان القتل عمدا فكذلك وإن كان موجبا للمال فللحاضر المكلف أن يحلف ويستحق نصيبه من الدية وهذا قول أبي بكر وابن حامد ونصره المؤلف وغيره وقال ابن حامد يقسم بقسطه من الأيمان لأنه لا يستحق أكثر من قسطه من الدية كما لو كان الجميع حاضرين وإذا قدم الغائب أو بلغ الصبي حلف خمسا وعشرين وجها واحدا وله بقيتها لأنه يبني على أيمان صاحبه المتقدمة وقال أبو بكر والقاضي يحلف خمسين كصاحبه فكذا هو فلو قدم ثالث أو بلغ فعلى قولهما يحلف سبع عشرة يمينا وعلى الآخر خمسين وإذا قدم رابع فهل يحلف ثلاثة عشر يمينا أو خمسين فيه الخلاف والأولى عندي ألا يستحق شيئا حتى يحلف الآخر لأن ذلك
____________________
(9/37)
موجب أيمانه وذكر الخرقي من شروط القسامة أن تكون الدعوى عمدا لأن اللوث من شروطها وفاقا ولا يتحقق إلا في العمد لأن الخطأ يصدر عن غير قصد فيستوى فيه العدو وغيره وإذا كان كذلك صار الخطأ في المعنى كالعمد الذي لا لوث فيه ولا قسامة توجب القصاص إذا ثبت القتل لأن الغرض من القسامة في العمد القصاص فإذا لم تكن موجبة له كدعوى قتل المسلم بالكافر لم يوجد الغرض وأن تكون الدعوى على واحد لا يختلف المذهب فيه لقوله عليه السلام فيحلف خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته ولأنها بينة ضعيفة خولف بها الأصل من قتل الواحد فيقتصر عليه ويبقى على الأصل ما عداه ويشترط في القاتل أن يكون مكلفا لتصح الدعوى وإمكان القتل وصفة القتل فلو استحلفه الحاكم قبل تفصيله لم يعتد به لعدم تحرير الدعوى وطلب الورثة وقال غيره ليس بشرط لأن القسامة حجة فوجب أن يثبت بها الخطأ كالعمد لكن إن كانت الدعوى عمدا محضا لم يقسموا إلا على واحد معين ويستحقون دمه لخبر سهل وإن كانت خطأ أو شبه عمد فلهم القسامة على جماعة معينين ويستحقون الدية لأنها حجة يثبت بها العمد الموجب للقصاص فيثبت بها غيره وهو المال كالبينة فصل
ويبدأ في القسامة بأيمان المدعين أي ذكور العصبة العدول أولا نص عليه لقوله عليه السلام فيحلف خمسون منكم فيحلفون خمسين يمينا
____________________
(9/38)
أيمان القسامة خمسون بالإجماع على المدعى عليه أنه قتله فإذا حلف ثبت الحق في قبله لحديث سهل ولما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال البينة على المدعي واليمين على من أنكر إلا في القسامة رواه الداقطني من رواية مسلم بن خالد الزنجي وذكر أنه روى مرسلا وروى أيضا بإسناد فيه ضعف عن أبي هريرة مرفوعا كذلك وهذه الزيادة يتعين العمل بها لأن الزيادة من الثقة مقبولة ولأنها أيمان مكررة فيبدأ فيها بأيمان المدعين كاللعان وظاهره أنه لا يشترط اتفاق المجلس من جميعهم وفيه قول حكاه في الرعاية ويختص ذلك بالوارث في ظاهر المذهب لأنها أيمان في دعوى فلم تشرع في حق غير الوارث كسائر الأيمان فتقسم الأيمان بين الرجال على قدر ميراثهم أي تقسم بين الرجال من ذوي الفروض والعصبات على قدر إرثهم إن كانوا جماعة فإن كان الوارث واحدا حلفها لأنه قائم مقام الجماعة في استحقاق الدية فكذا في الأيمان ونقل الميموني لا أجترىء عليه النبي صلى الله عليه وسلم يقول يحلف منكم خمسون فمن احتج للأول يحتج بحديث معاوية فرددها على الثلاثة الذين ادعي عليهم فحلفوا خمسين يمينا وفي مختصر ابن رزين يحلف ولي يمينا وإن كانوا جماعة قسمت عليهم على قدر ميراثهم لأن موجبها الدية وهي تقسم كذلك فكذا يجب أن تقسم هي فإن كانوا أكثر من خمسين حلف خمسون كل واحد يمينا فإن كان فيها كسر جبر عليهم مثل زوج وابن يحلف الزوج ثلاثة عشر يمينا والابن ثمانية وثلاثين لأن تكميل الخمسين واجب ولا يمكن تبعيضها والخبر في كل واحد لعدم المزية فالزوج له الربع اثنى عشر ونصفا
____________________
(9/39)
فيكمل والابن له الباقي وهو سبع وثلاثون ونصفا فيكمل فيصير كما ذكره فيهما فإن كان معهما بنت حلف الزوج سبع عشرة يمينا والابن أربعا وثلاثين ولو خلف ثلاثة بنين حلف كل واحد سبع عشرة يمينا لأن لكل ابن ثلث الأيمان ست عشرة يمينا وثلثين ثم تكمل وعنه يحلف من العصبة الوارث منهم وغير الوارث خمسون رجلا كل واحد يمينا لقوله عليه السلام يحلف خمسون منكم مع علمه أنه لم يكن لعبد الله بن سهل خمسون رجلا وارثا لأنه لا يرثه إلا أخوه أو من هو في درجته أو أقرب منه نسبا ولأنه خاطب ابني عمه وهما غير وارثين لكن يحلف الوارث منهم الذين يستحقون دمه فإن لم يبلغوا يؤخذ الأقرب فالأقرب من قبيلته التي ينسب اليها ويعرف لنفسه نسبه من المقتول فأما من عرف أنه من القبيلة ولم يعرف وجه النسب لم يقسم ذكره جماعة وسأله الميموني إن لم يكن له أولياء قال فقبيلته التي هو فيها وأقربهم منه فرع إذا مات المستحق فوارثه كهو ويستأنف وارثه الأيمان سواء حلف قبل موته شيئا أو لا لأنه لا يجوز أن يأخذ شيئا بيمين غيره ولو حلف المستحق بعض الأيمان ثم جن ثم أفاق أو عزل الحاكم فإنه يبني فإن لم يحلفوا حلف المدعى عليه خمسين يمينا وبريء في ظاهر المذهب وهو قول الأكثر لقوله عليه السلام فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم أي يبرؤون منكم وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغرم اليهود وأنه أداها من عنده ولأنها أيمان مشروعة في حق المدعى عليه فتبرأ بها كسائر الأيمان وعنه أنهم يحلفون
____________________
(9/40)
ويغرمون الدية لقضاء عمر بالدية مع اليمين والأول أولى لأن عمر إنما قضى على أهل المحلة وليس ذلك مذهبا لأحمد ويعتبر حضور المدعى عليه وقت يمينه كالبينة وحضور المدعي ذكره المؤلف وإن لم يحلف المدعون ولم يرضوا بيمين المدعى عليه فداه الإمام من بيت المال أي أدى ديته من بيت المال لقضية عبد الله بن سهل ولم يجب على المدعى عليهم شيء وإن طلبوا أيمانهم أي أيمان المدعى عليهم فنكلوا لم يحبسوا في الأشهر لأنها يمين مشروعة في حق المدعى عليه فلم يحبس عليه كسائر الأيمان وعنه يحبس حتى يقرأ أو يحلف لأنها دعوى فيحبس فيها بالنكول كالمال وعلى الأولى لا يجب قود بنكول لأنه حجة ضعيفة كشاهد ويمين ذكره في المغني وهل تلزمهم الدية أو تكون في بيت المال على روايتين أظهرهما تلزمه الدية اختارها أبو بكر وقدمها في الرعاية وهو الصحيح لأنه حكم ثبت بالنكول فيثبت في حقهم كسائر الدعاوي ولو لم يجب على المدعي عليه مال بنكوله ولم يجبر على اليمين لخلا من وجوب شيء عليه بالكلية والثانية في بيت المال لأنهم امتنعوا عن اليمين أشبه امتناع المدعيين إذا لم يرضوا بيمين المدعي عليه
فائدة يقول تالله وبالله ووالله بالجر فإن قاله مضموما أو منصوبا فقد لحن قال القاضي ويجزئه إن تعمد أو لم يتعمد لأنه لحن لا يحيل المعنى ويستحب أن يستظهر في ألفاظ اليمين في القسامة تأكيدا فرع سأله ابن منصور عن قتيل بين قريتين قال هذا قسامة قال المروذي احتج أحمد بأن عمر جعل الدية على أهل القرية ونقل حنبل أذهب
____________________
(9/41)
إلى حديث عمر قيسوا ما بين الحيين فإلى أيهما كان أقرب فخذهم به وعن أبي سعيد الخدري قال وجد قتيل بين قريتين فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فذرع ما بينهما فوجد إلى أحدهما أقرب فكأني أنظر إلى شبر النبي صلى الله عليه وسلم فألقاه على أقربهما رواه أحمد في مسنده
____________________
(9/42)
& كتاب الحدود &
وهي جمع حد وهو المنع وحدود الله تعالى محارمه لقوله تعالى { تلك حدود الله فلا تقربوها } البقرة 187 وهي ما حده وقدره فلا يجوز أن يتعدى كتزويج الأربع ونحوه وما حده الشرع فلا يجوز فيه الزيادة والنقصان والحدود العقوبات المقدرة يجوز أن تكون سميت بذلك من المنع لأنها تمنع من الوقوع في مثل ذلك الذنب وأن تكون سميت الحدود التي هي المحارم لكونها زواجر عنها أو بالحدود التي هي المقدرات وشرعا عقوبة مقدرة لتمنع من الوقوع في مثله
لا يجب الحد إلا على بالغ عاقل ولا خلاف في اعتبارهما للنصوص ولأنه إذا سقط عنه التكليف في العبادات والإثم في المعاصي فالحد المبني على الدرء بالشبهات أولى فإن كان يفيق في وقت فأقر فيه أنه زنى وهو يفيق فعليه الحد بغير خلاف نعلمه لكن لو أقر في إفاقته أنه زنى ولم يضفه إلى حال أو شهدت عليه بينة به ولم تضفه إلى حال إفاقته فلا حد للإحتمال ولا يجب على نائم ولا نائمة عالم بالتحريم لعموم النصوص وقاله الأئمة سواء جهل تحريم الزنى أو تحريم عين المرأة زاد في الوجيز ملتزم وهو مراد ولا يجوز أن يقيم الحد إلا الإمام أو نائبه لأنه حق لله تعالى ويفتقر إلى اجتهاد ولا يؤمن معه الحيف فوجب تفويضه إلى نائب الله في
____________________
(9/43)
خلقه ولأنه عليه السلام كان يقيم الحدود في حياته وخلفاؤه من بعده واختار الشيخ تقي الدين إلا لقرينة كتطلب الإمام له ليقتله وعلى الأول لو أقامه غيره لم يضمنه نص عليه لكنه تعدى على الإمام وذلك لا يوجب ضمانا كالمرتد ولا يلزم الإمام حضور إقامته لقوله واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ولغيره فرع من اقام على نفسه ما لزمه من حد زنى أو قذف بإذن إمام أو نائبه لم يسقط عنه قاله ابن حمدان إلا السيد الحر المكلف العالم فإن له إقامة الحد بالجلد خاصة على رقيقه القن أي الكامل رقه في قول عامتهم لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها متفق عليه وعن علي مرفوعا أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم رواه أحمد وأبو داود والدارقطني ولأن للسيد تأديب أمته بتزويجها فملك إقامة الحد عليها كالسلطان وبهذا فارق الصبي وعنه ليس له ذلك لأنه يفتقر إلى اجتهاد فلم يملكه كالقطع وحد الحر وعلى الأول له سماع بينة تقتضي العقوبة والعمل بها إن عرف شروطها وإلا سمعها الحاكم أو سيده بإذنه وقيل لا يسمعها غير حاكم قدمه في الكافي والشرح وهل له القتل في الردة والقطع في السرقة على روايتين
إحداهما لا يملكه قدمه في الكافي ونصره في الشرح وذكر أنه قول أكثر أهل العلم لأنه عليه السلام إنما أمر بالجلد فلا يثبت في غيره ولأن في الجلد سترا على رقيقه لئلا يفتضح بإقامة الإمام له فتنقص قيمته وذلك منتف فيهما والثانية له ذلك لأن عمر قطع
____________________
(9/44)
عبدا له سرق وحفصة قتلت أمة لها سحرتها ولا يملك إقامته على مكاتبه قطع به في المغني والوجيز والآدمي وابن عبدوس وغيرهم لأنه معه كالأجنبي وفيه وجه وذكره بعضهم المذهب لأنه عبد ولا من بعضه حر لأنه ليس له ولاية على كله والحد تصرف في الكل ولا أمته المزوجة نص عليه لقول ابن عمر ولا مخالف له في الصحابة لأنه لم يكمل أشبه من بعضه حر وفيها وجه صححه الحلواني ونقل مهنا إن كانت ثيبا ونقل ابن منصور إن كانت محصنة فالسلطان وإنه لا يبيعها حتى تحد ويخرج في مرهونة ومستأجرة وجهان وجعل في الانتصار وغيره مرهونة ومكاتبة أصلا كمزوجة وإن كان السيد فاسقا أو امرأة فله إقامته في ظاهر كلامه لأنها ولاية ثبتت بالملك أشبهت ولاية التأديب والمرأة تامة الملك من أهل التصرفات أشبهت الرجل ولأن فاطمة جلدت أمة لها وعائشة قطعت أمة لها سرقت ويحتمل ألا يملكه لأنها ولاية وليسا من أهلها فعلى هذا يختص بالذكر العدل وقيل يقيمه ولي امرأة وهل للوصي حد رقيق موليه فيه وجهان ولا يملكه المكاتب صححه في المستوعب وغيره لأنه ليس من أهل الولاية وملكه على عبده ناقص بدليل أنه لا تجب عليه الزكاة ويحتمل أن يملكه لأنه يستفاد بالملك أشبه تصرفاته وسواء ثبت ببينة أو إقرار إن كان يعلم شروطه لأن كل واحد منهما حجة في ثبوته فوجب ألا يختلف حال السيد فيه فعلى هذا للسيد أن يسمع إقراره ويقيم الحد عليه ويقدم سماع البينة وإن ثبت بعلمه فله
____________________
(9/45)
إقامته نص عليه لأنه قد ثبت عنده فملك إقامته كما لو أقر به ولأنه يملك تأديبه بعلمه فكذا هنا ويحتمل ألا يملكه كالإمام هذا رواية واختارها القاضي لأن ولاية الإمام للحد أقوى من ولاية السيد لكونها متفقا عليها فإذا لم يثبت الحد بالعلم فها هنا أولى ولأن الحاكم متهم ولا يقيم الإمام الحد بعلمه لقوله تعالى { فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } ثم قال { فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون } النور 13 ولأنه متهم في حكمه بعلمه وذلك شبهة يدرأ بها الحد
مسألة نقل الميموني وجوب بيع رقيق زنى في رابعة قال الشيخ تقي الدين إن عصى الرقيق علانية أقام السيد عليه الحد وإن عصى سرا فينبغي ألا تجب عليه إقامته بل يتخير بين ستره واستتابته بحسب المصلحة في ذلك كما تخير الشهود على إقامة الحد عند الإمام وبين الستر على المشهود عليه واستتابته بحسب المصلحة فإن ترجح عنده أنه يتوب ستروه وإن كان في ترك إقامة الحد عليه ضرر للناس كان الراجح رفعه إلى الإمام ولا تقام الحدود في المساجد جلدا كان أو غيره لما روى حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تقام الحدود في المساجد روي أن عمر أتى برجل زنى فقال أخرجوه من المسجد واضربوه وعن علي أنه أتى بسارق فأخرجه من المسجد وقطع يده ولأنه لا يؤمن أن يحدث فيه فينجسه ويؤذيه وفي المذهب ينبغي تنزيه المسجد عنه وروي عن الشعبي أنه أقام الحد على ذمي في المسجد ويضرب الرجل في الحد قائما في الأشهر وقاله علي ونصره المؤلف لأن قيامه وسيلة
____________________
(9/46)
إلى إعطاء كل عضو حظه من الضرب ونقل حنبل قاعدا لأنه أستر له بسوط قال في شرح المذهب للحنفية السوط فوق القضيب ودون العصا وفي المختار لهم بسوط لا ثمرة له فتعين أن يكون من غير الجلد لا جديد ولا خلق نص عليه بفتح اللام وهو البالي لخبر رواه مالك عن زيد بن أسلم مرسلا وروي عن أبي هريرة مسندا وروي عن علي ولأن الغرض الإيلام دون الجرح إذ الجديد يجرح والبالي لا يؤلم فلو كان السوط مغصوبا أجزأ على خلاف مقتضى النهي للإجماع ذكره في التمهيد ولا يمد نص عليه لأنه محدث ولا يربط ولا يجرد لأنه لم ينقل قال ابن مسعود ليس في ديننا مد ولا قيد ولا تجريد بل يكون عليه القميص والقميصان صيانة له عن التجريد مع أن ذلك لا يرد ألم الضرب ولا يضر بقاؤهما عليه نقل أبو الحارث والفضل عليه ثيابه وعنه يجوز تجريده لأنه أبلغ فلو كان عليه فرو أو جبة محشوة نزعت لأنه لو ترك عليه ذلك لم يبال بالضرب ولا يبالغ في ضربه بحيث يشق الجلد لأن الغرض تأديبه وزجره عن المعصية لا قتله والمبالغة تؤدي إلى ذلك ويفرق الضرب على أعضائه لأن توالي الضرب على عضو واحد يؤدي إلى القتل وأوجبه القاضي ولا يبدي إبطه في رفع يده نص عليه إلا الرأس والوجه لقول علي للجلاد أضرب وأوجع واتق الرأس والوجه ولأنهما أجمل ما في الإنسان وفي إصابة الضرب لهما خطر لأنه ربما عمي أو ذهب عقله أو قتله والفرج وموضع المقتل لأن ضرب ذلك يؤدي إلى القتل وهو غير مأمور به بل مأمور بعدمه ويكثر منه في مواضع اللحم
____________________
(9/47)
كالإليتين والفخذين ولا تعتبر الموالاة في الحد ذكره القاضي وغيره في موالاة العضو لزيادة العقوبة ولسقوطه بالشبهة قال الشيخ تقي الدين فيه نظر ولم يعتبروا نية من يقيمه أنه حد مع أن ظاهر كلامهم يقيمه الإمام أو نائبه بدليل أن الإمام لو أمر عبدا عجميا يضرب لا علم له بالنية أجزأت نيته والعبد كالآلة ويحتمل أن تعتبر نيتهما كما نقول في غسل الميت تعتبر نية غاسله واحتج في منتهى الغاية في اعتبار نية الزكاة بأن الصرف إلى الفقير له جهات فلا بد من نية التمييز كالجلد في الحدود والمرأة كذلك أي المرأة كالرجل فيما ذكرنا عملا بالأصل السالم عن المعارض إلا أنها تضرب جالسة وتشد عليها ثيابها نص عليهما وتمسك يداها لئلا تنكشف لقول علي تضرب المرأة جالسة والرجل قائما ولأن المرأة عورة وهذا أستر لها وهو مطلوب في نظر الشرع بدليل أنه يشرع لها في الصلاة أن تجمع نفسها في الركوع والسجود والجلد في الزنى أشد الجلد ثم جلد القذف ثم الشرب نص عليه ثم التعزير قال مالك كلها واحد لأن المقصود بها الزجر فيجب تساويها في الصفة وقال أبو حنيفة أشدها التعزير ثم الزنى ثم شرب الخمر ثم القذف قال في الكشاف لأن سبب عقوبته محتمل للصدق والكذب إلا أنه عوقب صيانة للأعراض وردعا بمن هتكها وجوابه أن الله خص الزنى بمزيد التأكيد بقوله تعالى { ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله } النور 2 ولأن ما دونه أخف منه عددا فلا يجوز أن يزيد في إيلامه ووجعه ولأن ما خف في عدده كان أخف في صفته وحد القذف حق آدمي وحد الشرب محض حق الله والتعزير لا يبلغ به الحد وقيل أخفها حد الشرب إن قلنا
____________________
(9/48)
هو أربعون جلدة ثم حد القذف وإن رأى الإمام أو نائبه الضرب في حد الخمر بالجريد والنعال فله ذلك لأنه عليه السلام أتي بشارب فقال اضربوه بالأيدي والنعال وأطراف الثياب وحثوا عليه التراب وفي المذهب والبلغة وأيد للخبر وفي الوسيلة يستوفى بالسوط في ظاهر كلام أحمد والخرقي وفي الموجز لا يجزىء بيد وطرف ثوب وفي التبصرة لا يجزىء بطرف ثوب ونعل ويؤخر سكران حتى يصحو نص عليه فلو خالف وفعل احتمل السقوط وهو أولى واحتمل عدمه فرع يحرم حبسه بعد حد نص عليه وأذاه بكلام كاتعيير على كلام القاضي وابن الجوزي لنسخه بشرع الحد كنسخ حبس المرأة قال أصحابنا ولا يؤخر الحد للمرض وقاله في الوجيز وزاد والضعف لأنه لا فائدة فيه إذا كان قتله متحتما وكذا إن كان جلدا عند أكثر الأصحاب وقاله إسحاق وأبو ثور لأن عمر أقام الحد على قدامة بن مظعون في مرضه ولم يؤخره وانتشر ذلك في الصحابة ولم ينكر فكان كالإجماع ولأن الحد واجب على الفور ولا يؤخر ما أوجبه الله بغير حجة وقال القاضي ظاهر قول الخرقي له تأخيره وهو قول الأكثر لحديث علي في التي هي حديثة عهد بنفاس ولأن في تأخيره إقامة الحد على الكمال من غير إتلاف فكان أولى ومرض قدامة يحتمل أنه كان خفيفا لا يمنع من إقامة الحد على الكمال ثم إن فعل النبي صلى الله عليه وسلم تقدم على فعل عمر مع أنه اختيار علي وفعله وكذا الحكم في تأخيره لحر أو برد
____________________
(9/49)
مفرط فإن كان جلدا وخشي عليه من السوط لم يتعين على الأصح أقيم بأطراف الثياب والعثكول لما روى أبو أمامة بن سهل عن سعد بن عبادة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يأخذوا شمراخا فيضربوه بها ضربة رواه أحمد وابن ماجة ورواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن عن أبي أمامة عن بعض الصحابة من الأنصار ورواه سعيد عن سفيان عن أبي الزناد ويحيى بن سعيد سمعا أبا أمامة مرسلا قال ابن المنذر في إسناده مقال ولأنه لا يجوز تركه بالكلية لأنه يخالف الكتاب والسنة ولا جلده تاما لأنه يفضي إلى إتلافه فتعين ما ذكرنا ويحتمل أن يؤخر في المرض المرجو زواله لأن في تأخيره استيفاء الحد على وجه الكمال من غير خوف فواته وبه فارق المريض الذي لا يرجى زواله لأنه يخاف فوات الحد فرع ذكر الخرقي أن العبد يضرب بدون سوط الحر لأن حده أقل عددا فيكون أخف سوطا والظاهر التسوية بينهما فيه لقوله تعالى { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } النساء 25 ولا يتحقق التنصيف إذا نصفنا العدد إلا مع تساوي الشريطين وإذا مات المحدود في الجلد ولو حد خمر نص عليه أو تأديب أو تعزير ولم يلزم تأخيره فالحق قتله ولا ضمان على أحد جلدا كان أو غيره لأنه حد وجب لله تعالى فلم يجب فيه شيء كالقطع في السرقة وهذا إذا أتى به على الوجه المشروع من غير زيادة لأنه نائب عن الله تعالى فكان التلف منسوبا إليه وقيل يضمن المؤدب وإن زاد سوطا أو في السوط أو أكثر فتلف ضمنه بغير خلاف نعلمه لأنه تلف بعدوانه أشبه
____________________
(9/50)
ما لو ضربه في غير الحد وهل يضمن جميعه أو نصف الدية على وجهين
أحدهما وهو رواية أنه تجب الدية كلها ذكر القاضي في الخلاف أنه أشبه بالمذهب وقدمه في الرعاية والفروع وجزم به في الوجيز لأنه قتل حصل من جهة الله تعالى وعدوان الضارب فكان الضمان على العادي كما لو ضرب مريضا سوطا فقتله وكما لو ضربه بسوط لا يحتمله
والثاني نصف الدية وقاله الأكثر لأنه تلف بفعل مضمون وغيره فوجب نصفها كما لو جرح نفسه أو جرحه غيره فمات وسواء زاد خطأ أو عمدا لأنه يضمن كالعمد وكذا إن قال له الإمام اضرب ما شئت وقيل ديته على الأسواط إن زاد على الأربعين وفي واضح ابن عقيل إن وضع في سفينة كذا فلم تغرق ثم وضع قفيزا فغرقت فقرقها بهما في أقوى الوجهين والثاني بالقفيز وكذا الشبع والري والسير بالدابة فراسخ والسكر بالقدح أو الأقداح كما ينشىء الغضب بكلمة بعد أخرى ويمتلىء الإناء بقطرة بعد قطرة ويحصل العلم بواحد بعد واحد فرع إذا أمر بزيادة فزاد جهلا ضمنه الآمر وإلا فوجهان وإن تعمده العاد فقط أو أخطأ وادعى الضارب الجهل ضمنه العاد وتعمد الإمام الزيادة شبه عمد تحمله العاقلة وقيل كخطأ فيه الروايتان وإذا كان الحد رجما لم يحفر له رجلا كان أو امرأة في أحد الوجهين نص عليه لأنه عليه السلام لم يحفر لماعز قال أبو سعيد لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم ماعز خرجنا به إلى البقيع فوالله ما حفرنا له ولا أوثقناه ولكن قام لنا رواه أحمد
____________________
(9/51)
ومسلم والمرأة كذلك نصره في المغني وقدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز لأن أكثر الأحاديث على ترك الحفر وفي الآخر إن ثبت على المرأة بإقرارها لم يحفر لها وإن ثبت ببينة حفر لها إلى الصدر اختاره في الهداية والفصول والتبصرة وصححه أبو الخطاب لما روى أبو بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم امرأة فحفر لها إلى الصدر رواه أبو داود ولأن الحفر أستر لها ولا حاجة إلى تمكينها من الهرب بخلاف من أقرت لأن رجوعها عن الإقرار مقبول والحفر يمنعها من الهرب الذي هو في معنى الرجوع قولا وأطلق في عيون المسائل وابن رزين يحفر لها فهو ستر بخلاف الرجل وإذا ثبت ذلك شد عليها ثيابها لئلا تنكشف لأمره عليه السلام بذلك رواه أبو داود من حديث عمران بن حصين ويستحب أن يبدأ الشهود بالرجم أي إذا ثبت بها ويجب حضور الإمام أو نائبه وقال أبو بكر عن قول ماعز ردوني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإن قومي غروني يدل على أنه عليه السلام لم يحضر رجمه فبهذا أقول وحضور طائفة ولو واحدا ذكره أصحابنا وهو قول ابن عباس رواه ابن أبي طلحة وهو منقطع واختار في البلغة اثنان لأن الطائفة الجماعة وأقلها اثنان نقل أبو داود يجيء الناس صفوفا لا يختلطون ثم يمضون صفا صفا وذكر أبو المعالي أن الطائفة تطلق على الأربعة لقوله تعالى { وليشهد عذابهما طائفة } لأنه أول شهود الزنى وأن ثبت بإقرار استحب أن يبدأ الإمام به أو من يقيمه ومتى رجع المقر بالحد أي بحد الزنى أو سرقة أو شرب عن إقراره قبل منه أي يشترط لإقامة الحد بالإقرار البقاء عليه
____________________
(9/52)
إلى تمام الحد فإن رجع قبله كف عنه وهو قول أكثر العلماء قال ابن عبد البر ثبت من حديث أبي هريرة وجابر ونعيم ونصر بن دهر وغيرهم أن ماعزا لما هرب وقال لهم ردوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فهلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ولأن رجوعه شبهة وكالبينة إذا رجعت قبل إقامة الحد عليه وقيل يقبل رجوعه في الزنى فقط وقيل يقبل رجوع مقر بمال وعلى الأول إذا تمم ضمن الراجع بالمال لا الهارب ولا قود للاختلاف في صحة الرجوع وكان شبهة وإن رجع في أثناء الحد لم يتمم لأن جميعه يسقط بالرجوع فلأن يسقط تمامه بطريق الأولى وإن رجم ببينة فهرب لم يترك لأنه ثبت على وجه لا يبطل برجوعه أشبه سائر الأحكام وإن كان بإقرار ترك لقوله عليه السلام هلا تركتموه فإن لم يترك وقيل فلا ضمان لقصة ماعز ولأن بذلك ليس بصريح في رجوعه فإن قال ردوني إلى الحاكم وجب رده ولم يجز إتمام الحد فإن أتم فلا ضمان لما ذكر في هربه
مسائل إذا أتى حدا ستر نفسه نقل مهنا رجل زنى يذهب يقر قال بل يستر نفسه واستحب القاضي إن شاع رفعه إلى حاكم ليقيمه عليه وقال ابن حامد إن تعلقت التوبة بظاهر كصلاة وزكاة أظهرها وإلا أسر وإن قال لإمام أصبت حدا لم يلزمه شيء ما لم يبينه نقله الأثرم ويحد من زنى هزيلا ولو بعد سمنه كذا عقوبة الآخرة كمن قطعت يده ثم زنى أعيدت بعد بعثه وعوقب ذكره في الفنون فالحد كفارة لذلك الذنب للخبر نص عليه
____________________
(9/53)
فصل
وإذا اجتمعت حدود الله تعالى فيها قتل استوفي القتل وسقط سائرها قال في المغني لا يشرع غيره لقول ابن مسعود رواه سعيد من رواية مجالد وقد ضعفه الأكثر ولم نعرف له في الصحابة مخالفا وكالمحارب إذا قتل وأخذ المال فإنه يكتفى بقتله ولأن هذه الحدود لمجرد الزجر وقتله بخلاف القصاص فإن فيه غرض التشفي والانتقام وإن لم يكن فيها قتل فإن كانت من جنس مثل إن زنى أو سرق أو شرب مرارا أجزأ حد واحد بغير خلاف علمناه قال ابن المنذر أجمع عليه كل من نحفظ عنه قال أحمد يقام عليه الحد مرة لأن الغرض الزجر عن إتيان مثل ذلك في المستقبل وهو حاصل بالحد الواحد لأن الواجب هنا من جنس واحد فوجب التداخل كالكفارات وذكر ابن عقيل رواية لا تداخل في السرقة وفي البلغة يقطع واحد على الأصح وفي المستوعب رواية إن طالبوا متفرقين قطع لكل واحد قال أبو بكر العمل على خلافها ثم قال شيخنا قول الفقهاء تتداخل دليل على أن الثابت أحكام وإلا فالشيء الواحد لا يعقل فيه تداخل فالصواب أنها أحكام وعلى ذلك نص الأئمة قال أحمد في لحم خنزير ميت فأثبت فيه تحريمين وإن كانت من أجناس استوفيت كلها بغير خلاف علمناه لأن التداخل إنما هو في الجنس الواحد فلو سرق وأخذ المال في المحاربة قطع لذلك ويدخل فيه القطع في السرقة لأن محل القطعين واحد ويبدأ بالأخف فالأخف
____________________
(9/54)
وجوبا قاله في الفروع فعلى هذا يبدأ بالحد للشرب ثم للسرقة ثم للزنى لأن الأول أخف ولا يوالي بين هذه الحدود لأنه ربما يقضي إلى التلف وفي المغني والشرح إنه على سبيل الاستحباب فلو بدأ بغير الأخف جاز وأما حقوق الآدميين فتستوفى كلها سواء كان فيها قتل أو لم يكن لأنها حقوق آدميين أمكن استيفاؤها فوجب كسائر حقوقهم لا يقال يكتفى بالقتل في حقوق الله تعالى لأنها مبنية على السهولة بخلاف حق الآدمي فإنه مبني على الشح والضيق ويبدأ بغير القتل لأن البداءة به تفوت استيفاء باقي الحقوق وإن اجتمعت مع حدود الله تعالى بديء بها أي إذا اجتمعت حقوق الله وحقوق الآدميين فهي أنواع
أحدها ألا يكون فيها قتل فهذه تستوفى كلها في قول الأكثر فيبدأ بحد القذف إلا إذا قلنا حد الشرب أربعون فإنه يبدأ به لخفته ثم حد القذف وأيهما قدم فالآخر يليه ثم الزنى ثم القطع وقال أبو الخطا يبدأ بالقطع قصاصا ثم بالقذف ثم للشرب ثم للزنى
الثاني إذا كان فيها قتل فإنها تدخل حقوق الله تعالى في القتل سواء كان من حدود الله كالرجم في الزنى أو لحق الآدمي كالقصاص وأما حقوق الآدميين فتستوفى كلها وإن كان القتل حقا لله تعالى استوفيت الحقوق كلها متوالية لأنه لابد من فوات نفسه فلا فائدة في التأخير وإن كان القتل حقا لآدمي انتظرنا لاستيفاء الثاني برءه من الأول لأن الموالاة بينهما يحتمل أن
____________________
(9/55)
تفوت نفسه قبل القصاص فيفوت حق الآدمي ولأن العفو جائز فيحتمل بتأخيره أن يعفو الولي فيحيى
الثالث أن يتفق الحقان في محل واحد كالقتل والقطع قصاصا قدم القصاص على الرجم في الزنى ويبدأ بالأسبق من القتل في المحاربة والقصاص لأن كلا منهما حق آدمي وإن سبق القصاص قتل قصاصا ولم يصلب كما لو مات ويجب لولي المقتول في المحاربة ديته وإن مات القاتل في المحاربة وجبت الدية في تركته وقدم القصاص على الحد المتمحض في القطع ولو تأخر سببه فإن عفا ولي الجناية استوفى الحد والقطع في المحاربة حد محض وليس بقصاص والقتل يتضمن القصاص ولهذا لو فات القتل في المحاربة وجبت الدية ولو فات القطع لم يجب له بدل فإذا زنى وشرب وقذف وقطع يدا قطعت يده أولا لأنه متمحض حق آدمي بدليل سقوطه بإسقاطه ثم حد للقذف لأنه مختلف في كونه لآدمي ثم للشرب لأنه أخف ثم للزنى لأنه أشد الحدود وفي المحرر والوجيز إذا اجتمع عليه قتلان بردة وقود وقطعان بسرقة وقود قطع وقتل لهما وقيل للقود خاصة وفي الشرح إذا سرق وقتل في المحربة ولم يأخذ المال قتل حتما ولم يصلب ولم تقطع يده ولا يستوفى حد حتى يبرأ من الذي قبله لئلا يؤدي إلى تلفه بتوالي الحدود عليه فصل
ومن قتل أو جرح أو أتى حدا خارج الحرم أي حرم مكة المشرفة للنص وفي
____________________
(9/56)
التعليق وجه أن حرم المدينة كمكة لما روى مسلم عن أبي سعيد مرفوعا قال إني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها ألا يهراق فيها دم ولا يحمل فيها سلاح لقتال ثم لجأ إليه أي إلى الحرم لم يستوف منه فيه في ظاهر المذهب قال أبو بكر والعمل عليه وعنه يستوفى فيه كل شيء إلا القتل لقوله عليه السلام لا يسفك فيها دم ولا شك أن حرمة النفس أعظم فلا يقاس عليها غيرها وقال بعض الأئمة يستوفى منه الكل للعمومات ولأنه عليه السلام قتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة ولأنه حيوان أبيح قتله لعصيانه أشبه الكلب العقور وجوابه قوله تعالى { ومن دخله كان آمنا } آل عمران 97 أي فأمنوه لأنه خبر أريد به الأمر ولأنه عليه السلام حرم سفك الدم بها وقوله عليه السلام فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدفع ما احتجو به من قتل ابن خطل وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن أعدى الناس على الله من قتل في الحرم رواه أحمد من حديث عبد الله بن عمرو وأبي شريح وقال ابن عمر لو وجدت قاتل عمر في الحرم ما هيجته رواه أحمد وكذا إذا لجأ إليه حربي أو مرتد لم يجز أخذه به فيه كحيوان صائل ذكره المؤلف ولكن لا يبايع ولا يشاري لقول ابن عباس وفي المستوعب والرعاية ولا يكلم نقله أبو طالب زاد في الروضة ولا يأكل ولا يشارب لأنه لو أطعم أو أووي لتمكن من الإقامة دائما فيضيع الحق حتى يخرج فيقام عليه في قول ابن عباس في الذي يصيب حدا ثم
____________________
(9/57)
يلجأ إلى الحرم يقام عليه الحد إذا خرج من الحرم حكاه أحمد نقله الأثرم وروي عن عمر وابن الزبير قال الزهري من قتل في الحل ثم دخل الحرم أخرج إلى الحل فيقتل فيه ومن قتل في الحرم قتل فيه وهذا هو السنة والآدمي حرمته عظيمة وإنما أبيح قتله لعارض أشبه الصائل من الحيوانات المباحة فإن الحرم لا يعصمها فلو استوفى من له الحق فيه أساء ولا شيء عليه فرع ذكر جماعة أن من أتى حدا ثم لجأ إلى داره فهو كالحرم وحينئذ لا يخرج منها بل يضيق عليه حتى يخرج فيقام عليه وإن فعل ذلك في الحرم استوفي منه فيه بغير خلاف نعلمه روى الأثرم عن ابن عباس أنه قال من أحدث حدثا في الحرم أقيم عليه ما أحدث فيه ولقوله تعالى { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام } الآية البقرة 191 فأباح قتلهم عند قتالهم في الحرم ولأن أهل الحرم يحتاجون إلى الزجر عن ارتكاب المعاصي حفظا لأنفسهم وأموالهم وأعراضهم ولو لم يشرع الحد فيه لتعطلت الحدود في حقهم وفاتت المصالح التي لابد منها
تذنيب إذا قوتلوا في الحرم دفعوا عن أنفسهم فقط لقوله تعالى { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام } قرىء بهما واستدلالهم بالخبر المشهور صححه ابن الجوزي في تفسيره وقاله الماوردي وذكر ابن الجوزي أن مجاهدا وغيره قالوا الآية محكمة وفي التمهيد أنها نسخت بقوله { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } التوبة 5 وفي الأحكام السلطانية يقاتل البغاة إذا لم يندفع بغيهم
____________________
(9/58)
إلا به لأنه من حقوق الله وحفظها في حرمه أولى من إضاعتها وذكره الماوردي عن جمهور الفقهاء ونص عليه الشافعي وحمل الخبر على ما يعم إتلافه كالمنجنيق إذا أمكن إصلاح بدون ذلك وذكر أبو بكر بن العربي لو تغلب فيها كفار أو بغاة وجب قتالهم بالإجماع وذكر الشيخ تقي الدين إن تعدى أهل مكة على الركب دفع الركب كما يدفع الصائل وللإنسان أن يدفع مع الركب بل يجب إن احتيج إليه ومن أتى حدا في الغزو وفي المغني و الشرح أو ما يوجب قصاصا لم يستوف منه في أرض العدو لأنه ربما يحمله الغضب على أن يدخل والعياذ بالله في الكفر حتى يرجع إلى دار الإسلام فيقام عليه وقاله الأوزاعي وإسحاق قال أحمد لا تقام الحدود بأرض العدو ونقل صالح وابن منصور إن زنى الأسير أو قتل مسلما ما أعلمه إلا أن يقام عليه الحد إذا رجع لما روى بشر بن أرطأة أنه أتى برجل في الغزاة قد سرق فقال لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقطع الأيدي في الغزاة لقطعتك رواه أبو داود وغيره وهو إجماع الصحابة ولأنه إذا رجع أقيم عليه الحد في دارنا لعموم الآيات والأخبار فإن تأخيره لعارض من مرض أو شغل جائز فإذا زال أقيم عليه لوجود المقتضى السالم عن المعارض
مسألة تقام الحدود في الثغور بغير خلاف نعلمه لأنها من بلاد الإسلام والحاجة داعية إلى زجر أهلها كالحاجة إلى زجر غيرهم وقد كتب عمر رضى الله عنه إلى أبي عبيدة أن يجلد من شرب الخمر ثمانين وهو بالشام بالثغور والله أعلم
____________________
(9/59)
& باب حد الزنى &
وهو فعل الفاحشة في قبل أو دبر وهو من أكبر الكبائر لقوله تعالى { ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا } الإسراء 32 { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر } الآية الفرقان 68 ولما روى ابن مسعود قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قال ثم أي قال أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك قال ثم أي قال أن تزاني حليلة جارك متفق عليه وكان حده في ابتداء الإسلام الحبس في البيت والأذى بالكلام لقوله تعالى { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم } الآية النساء 15 والمراد الثيب لأن قوله { من نسائكم } إضافة زوجية لقوله تعالى { للذين يؤلون من نسائهم } البقرة 226 ولا فائدة في الإضافة هنا إلا اعتبار الثيوبة وقد ذكر عقوبتين إحداهما أغلظ من الأخرى فأثبت الأغلظ للثيب والأخرى للبكر ثم نسخ بما رواه مسلم من حديث عبادة مرفوعا خذوا عني خذوا عني البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ونسخ القرآن بالسنة جائز ومن منع قال ليس هذا نسخا إنما هو تفسير وتبين له ويمكن أن يقال نسخه حصل بالقرآن فإن الجلد في كتاب الله والرجم كان فيه فنسخ رسمه وبقي حكمه قاله في المغني والشرح إذا زنى الحر المحصن وإنه لا يجب الرجم إلا عليه باتفاق فحدة الرجم حتى يموت وهو قول عامتهم وحكاه
____________________
(9/60)
ابن حزم إجماعا وقد ثبت أنه عليه السلام رجم بقوله وفعله في أخبار تشبه التواتر وقد أنزله الله تعالى في كتابه ثم نسخ رسمه وبقي حكمه لقول عمر كان فيما أنزل الله آية الرجم الخبر متفق عليه فإن قيل لو كانت في المصحف لاجتمع العمل بحكمها وثواب تلاوتها قال ابن الجوزي أجاب ابن عقيل فقال إنما كان ذلك ليظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استقصاء لطلب طريق مقطوع به كما سارع الخليل عليه السلام إلى ذبح ولده بمنام وهو أدنى طرق الوحي وأقلها قوله فحده الرجم حتى يموت أي يرجم بالحجارة وغيرها قال في اللغة ولتكن الحجارة متوسطة قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن المرجوم يدام عليه الرجم حتى يموت وهل يجلد قبل الرجم على روايتين
إحداهما يجلد ثم يرجم قال ابن هبيرة هي أظهر وأثبت اختارها الخرقي والقاضي وجماعة قال أبو يعلى الصغير اختارها شيوخ المذهب وجزم بها في الوجيز وهي قول ابن عباس وأبي بن كعب لقوله تعالى { الزانية والزاني } الآية النور 2 ولهذا قال علي جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه البخاري ولحديث عبادة وهذا صريح فلا يترك إلا بمثله وله أن يوالي بين الجلد والرجم
والثانية ترجم فقط قدمه في المحرر والرعاية ونقله الأكثر واختاره الأثرم والجوزجاني وابن حامد وأبو الخطاب وهو وفاق وروي عن عمر وعثمان لأنه عليه السلام رجم ماعزا والغامدية ولم يجلدهما وقال
____________________
(9/61)
واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ولم يأمره بجلدها وكان هذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأثرم وسمعت أبا عبد الله يقول في حديث عبادة إنه أول حد نزل وإن حديث ماعز بعده وليس فيه الجلد ولأنه حد فيه قتل فلم يجتمع معه كالردة والمحصن من وطىء امرأته في قبلها في نكاح صحيح وهما بالغان عاقلان حران أقول يشترط للإحصان شروط
أحدها الوطء في القبل ولابد من تغييب الحشفة في الفرج فلو وجد النكاح من غير وطء أو وطىء دون الفرج أو في الدبر لم يحصل ذلك لأنها لا تصير ثيبا ولا تخرج عن حد الإبكار
الثاني أن تكون في نكاح لأن النكاح يسمى إحصانا لقوله تعالى { والمحصنات من النساء } النساء 24 يعني المزوجات ولا خلاف أن وطء الزنى والشبهة لا يصير به الواطىء محصنا وأن التسري لا يحصل به الإحصان لواحد منهما لأنه ليس بنكاح ولا تثبت له أحكامه
الثالث أن يكون صحيحا وهو قول أكثرهم
الرابع البلوغ والعقل في قول الجماهير فلو وطىء وهو صبي أو مجنون ثم بلغ أو عقل لم يكن محصنا لقوله عليه السلام الثيب بالثيب جلد مائة فاعتبر الثيوبة خاصة ولو كانت تحصل قبله لكان عليه الرجم قبل بلوغه وعقله وهو خلاف الإجماع
الخامس الحرية في قول الجميع إلا أبا ثور لقوله تعالى { فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } النساء 25 والرجم لا يتنصف وإيجابه كله يخالف النص مع مخالفة الإجماع وعلى كل حال فلابد أن يوجد الكمال فيهما جميعا حال الوطء فيطأ الرجل البالغ العاقل الحر امرأة عاقلة حرة وهو قول عطاء
____________________
(9/62)
والحسن وابن سيرين وذكر القاضي أن أحمد نص أنه لا يحصل إحصان بوطئه في حيض وصوم وإحرام ونحوه وفي الارشاد وهو وجه وفي المحرر يحصن مراهق بالغة ومراهقة بالغا وذكره الشيخ تقي الدين رواية وفي الترغيب إن كان أحدهما صبيا أو مجنونا أو رقيقا فلا إحصان لواحد منهما على الأصح ونقله الجماعة وجوابه أنه وطء لم يحصن أحد المتواطئين فلم يحصن الآخر كالتسري فإن اختل شرط من ذلك في أحدهما فلا إحصان لواحد منهما لأن ما كان معلقا على شروط لا يوجد بدونها ولا يثبت الاحصان بالوطء بملك اليمين وهو التسري ولا في نكاح فاسد خلافا لأبي ثور وهو مروي عن الليث والأوزاعي وجوابه أنه وطء في غير ملك أشبه وطء الشبهة ويثبت الإحصان للذميين لأن اليهود جاؤوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة ورجل منهم قد زنيا فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما متفق عليه ولأن الجناية بالزنى استوت بين المسلم والذمي فوجب أن يستويا في الحد وكذا يثبت لمستأمنين وهل تحصن الذمية مسلما على روايتين
إحداهما تحصنه ولا يشترط الإسلام قدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز ونصره في الشرح لحديث ابن عمر السابق المتفق عليه واقتصر عليه في الكافي
والثانية لا تحصنه لأن الإحصان من شرطه الحرية فكان من شرطه الإسلام كإحصان القذف وجوابه أنه لا يصح القياس بإحصان القذف لأن من شرطه العفة وليست شرطا هنا ولو كان لرجل ولد من امرأته فقال ما وطئتها لم يثبت احصانه ولا يرجم إذا زنى لأن الولد يلحق بإمكان الوطء واحتماله والاحصان
____________________
(9/63)
لا يثبت إلا بحقيقة الوطء فلا يلزم من ثبوت ما يكتفى فيه بالإمكان وجود ما تعتبر فيه الحقيقة ويثبت بقوله وطئتها أو جامعتها والأشهر أو دخلت بها فرع إذا زنى محصن ببكر فلكل حده نص عليه
وإن زنى الحر غير المحصن جلد مائة جلدة ولا يجب غيره نقله أبو الحارث والميموني قاله في الانتصار لقوله تعالى { الزانية والزاني } الآية النور 2 ولقوله عليه السلام البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام وذلك وإن كان عاما فيخرج منه الرقيق كما يأتي والمحصن لما سبق فيبقى ما عداه على مقتضاه ولأن الخلفاء الراشدين فعلوا ذلك بالحر غير المحصن وانتشر ولم يعرف لهم مخالف فكان كالإجماع وغرب عاما في قول الجمهور الى مسافة القصر لأن ما دون ذلك في حكم الحضر فإن عاد قبل الحول أعيد تغريبه ويبني على ما مضى ونقل الأثرم أنه لا يشترط مسافة القصر بل ينفى من عمله إلى عمل غيره وإن زنى في البلد الذي غرب إليه غرب منه إلى بلد آخر وظاهره أن المرأة تغرب إلى مسافة القصر لوجوبه كالدعوى وعنه أن المرأة تنفى إلى دون مسافة القصر قدمه في المحرر وجزم به في الوجيز لتقرب من أهلها فيحفظوها وعنه تغرب إلى مسافة قصر مع محرمها ومع تعذره إلى دونها ويخرج معها محرمها وجوبا إن تيسر لأنه سفر واجب أشبه سفر الحج والمراد إذا كان بادلا فإن أراد أجرة بذلت من مالها لأن ذلك من مؤنة سفرها أشبه المركوب والنفقة فإن تعذر
____________________
(9/64)
فمن بيت المال لأن فيه مصلحة أشبه نفقة نفسها وهذا قول ويقيد بما إذا أمكن فإن أبى الخروج معها استؤجرت امرأة ثقة اختاره جماعة لأنه لابد من شخص يكون معها لأجل حفظها وحينئذ لم يكن بد من امرأة ثقة ليحصل المقصود من الحفظ وأجرتها على الخلاف فإن تعذر نفيت بغير محرم قاله إمامنا والشافعي كسفر الهجرة والحج إذا مات المحرم في الطريق وفي الترغيب وغيره مع الأمن وعنه بلا محرم تعذر أو لا لأنه عقوبة ذكره ابن شهاب ويحتمل أن يسقط النفي عنها إذن كسقوط سفر الحج عنها فكذا هنا قال المؤلف وهذا الاحتمال هو اللائق بالشريعة فإن نفيها بغير محرم إغراء لها بالفجور وتعريض لها بالفتنة لا يقال حديث التغريب عام لأنه يخص بقوله عليه السلام لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم وإن كان الزاني رقيقا فحده خمسون جلدة لما روى أبو هريرة وزيد بن خالد قالا سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال إذا زنت فاجلدوها الخبر متفق عليه وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي إذا تعالت من نفاسها فاجلدها خمسين رواه عبد الله بن أحمد ورواه مالك عن عمر بكل حال سواء كان مزوجا أو غير مزوج للعموم وخرق أبو ثور الإجماع في إيجاب الرجم على المحصنات كما خرق داود الإجماع في تكميل الحد على العبد وتضعيف حد الأبكار على المحصنات ولا يغرب ولا يعير نص عليهما وهو المشهور لأنه عليه السلام لم يذكره ولو كان واجبا لبينه كغيره لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ولأنه مشغول بخدمة السيد وفي تغريبه ضياع لها
____________________
(9/65)
من غير جناية منه بدليل سقوط الجمعة ويتوجه احتمال بالنفي لأن عمر نفاه رواه البخاري قال في كشف المشكل يحتمل قوله نفاه أي أبعده من صحبته وإن كان نصفه حرا فحده خمس وسبعون جلدة لأن أرش جراحه على النصف من الحر والنصف من العبد فكذا حده وفي الأول خمسون وفي الثاني خمس وعشرون وفي الفروع وغيره والمعتق بعضه بالحساب وهو أولي وتغريب نصف عام في المنصوص لأن الحر تغريبه عام والعبد لا تغريب عليه فنصف الواجب من التغريب نصف عام وإن كان بعضه فبالحساب كالحد ويحتمل ألا يغرب لأن حق السيد بعضه فيقتضي بقاءه في بلده ليتمكن من الانتفاع بحصته فغلب حقه على التغريب لما في حق السيد من التأكيد فرع إذا زنى عبد ثم عتق فعليه حد الرقيق وإن كان أحد الزانيين حرا والآخر رقيقا فعلى كل منهما حده وإن زنى بعد العتق وقبل العلم به فعليه حد حر وإن عفا السيد عنه لم يسقط حده في قول عامتهم وحد اللوطي كحد الزاني سواء قدمه في المحرر والمستوعب والرعاية وجزم به في الوجيز لقوله عليه السلام إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان ولأنه زنى فكان فاحشة كالإيلاج في فرج المرأة فعلى هذا إن كان محصنا رجم وإن كان غير محصن جلد مائة وغرب عاما وإن كان عبدا جلد خمسون من غير تغريب وعنه حده الرجم بكل حال بكرا كان أو ثيبا محصنا أو غيره وهي قول علي وابن عباس وغيرهما قال بعضهم وهي أظهر الروايتين
____________________
(9/66)
وصححه ابن هبيرة لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به رواه أحمد وأبو داود والترمذي وإسناده ثقات وعن ابن عباس في البكر يرجم رواه أبو داود بإسناد جيد واحتج به أحمد وبالجملة فالإجماع منعقد على تحريمه وقد عابه الله في كتابه وذم فاعله ولهذا قال أبو بكر الصديق يحرق اللوطي وهو قول ابن الزبير وقال أبو بكر لو قتل بلا استتابة لم أر به بأسا وأنه لما كان مقيسا على الزاني في الغسل كذلك الحد وإن الغسل قد يجب ولا حد لأنه يدرأ بالشبهات بخلاف الغسل فدل أنه يلزم من نفي الغسل نفي الحد وأولى ونصره ابن عقيل لأنه أبعد من أحد فرجي الخنثى المشكل لخروجه عن هيئة الفروج وأحكامها
مسائل يعزر غير البالغ منهما ولا حد على من وطىء زوجته أو مملوكته في دبرها بل يعزر قال في الفروع ومملوكه كأجنبي وفي الترغيب ودبر أجنبية كلواط وقيل كزنا وزان بذات محرم كلواط ونقل جماعة ويؤخذ ماله لخبر البراء وأوله الأكثر على عدم وارث وأول جماعة ضرب العنق فيه على ظن الراوي قال أحمد يقتل ويؤخذ ماله على خبر البراء إلا رجلا يراه مباحا فيجلد قلت فالمرأة قال كلاهما في معنى واحد يقتل وقال أبو بكر هو محمول عند أحمد على المستحل وإن غير المستحل كزان ومن أتى بهيمة ولو سمكة فعليه حد اللوطي عند القاضي لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة
____________________
(9/67)
رواه أحمد وأبو داود والترمذي واختار الخرقي وأبو بكر والأكثر وجزم به في الوجيز وهي قول ابن عباس وعطاء أنه يعزر وهو المشهور لأنه لم يصح فيه نص ولا يمكن قياسه على الوطء في فرج الآدمي لأنه لا حرمة لها والنفوس تعافه ويبالغ في تعزيره لعدم الشبهة له فيه كوطء الميتة وقال الترمذي لا يعرف الحديث الأول إلا من رواية عمرو بن أبي عمرو وهو مخرج عنه في الصحيحين وقال الطحاوي هو ضعيف وقد صح عن ابن عباس أنه قال من أتى بهيمة فلا حد عليه وقال إسماعيل بن سعيد سألت أحمد عن الرجل يأتي البهيمة فوقف عندها ولم يثبت حديث عمرو ولأن الحد يدرأ بالشبهة وتقتل البهيمة عليهما مأكولة كانت أو غير مأكولة له أو لغيره للخبر وذكر ابن أبي موسى في قتلها على الثاني روايتين قال أبو بكر والاختيار قتلها وإن تركت فلا بأس ولا يجوز قتلها حتى يتبين ذلك إما بالشهادة على فعله بها أو بإقراره إن كانت ملكه فإن كانت لغيره لم يجز قتلها بحال لأنه إقرار على ملك غيره فلم يقبل كما لو أقر لغير مالكها وقيل إن كانت تؤكل دبحت وحلت مع الكراهة وكره أحمد أكل لحمها لاختلاف الناس في حل الأكل وهل ذلك حرام على وجهين
أحدهما يحرم قدمه في الفروع وغيره روي عن ابن عباس ولأنه لحم حيوان وجب قتله لحق الله تعالى فحرم أكله كسائر المقتولات فعلى هذا يضمن الواطىء كمال قيمتها وفي الانتصار احتمال
والثاني يحل أكلها لقوله تعالى { أحلت لكم بهيمة الأنعام } المائدة 1 ولأنه حيوان ذبحه ذابح من أهل الزكاة فجاز
____________________
(9/68)
أكله كما لو لم يفعل به ذلك لكن يكره للشبهة فعليها يضمن نقصها فصل
ولا يجب الحد إلا بشروط ثلاثة لما يأتي
أحدها أن يطأ في الفرج أي فرج أصلي سواء كان قبلا أو دبرا أصليين لأن الدبر فرج مقصود أشبه القبل ولأنه إذا وجب بالوطء في الفرج وهو مما يستباح فهذا أولى ويقال إن أول ما بدأ قوم لوط بوطء النساء في أدبارهن ثم انتقلوا بعد ذلك الى الرجال وأقل ذلك تغييب الحشفة الأصلية من خصي أو فحل أو قدرها لعدم في الفرج لأن أحكام الوطء تتعلق به فإن وطىء دون الفرج فلا حد عليه لما روى ابن مسعود قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني وجدت امرأة فأصبت منها كل شيء إلا النكاح فقال استغفر الله رواه النسائي فلم يوجب عليه حدا وظاهره أنه لا يعزر إذا جاء تائبا أو أتت المرأة المرأة فلا حد عليهما أي إذا تساحقت امرأتان فهما ملعونتان قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان رواه مسلم ذكره في الشرح وأما كونه لا حد عليهما لأنه لا يتضمن إيلاجا أشبه المباشرة دون الفرج وعليهما التعزير لأنه زنى لا حد فيه أشبه مباشرة الرجل الأجنبية من غير جماع وكذا لو جامع الخنثى المشكل بذكره أو جومع في قبله فلا حد
فرع إذا وجد رجل مع امرأة كل منهما يقبل الآخر ولم يعلم أنه وطئها
____________________
(9/69)
فلا حد فإن قالا نحن زوجان قبل قولهما في قول الأكثر فإن شهد عليهما بالزنى فقالا نحن زوجان فقيل عليهما الحد إن لم تكن بينة بالنكاح وقيل لا إذا لم يعلم أنها أجنبية منه لأن ذلك شبهة كما لو شهد عليه بالسرقة فادعى أن المسروق ملكه فصل
الثاني انتفاء الشبهة لقوله عليه السلام ادرؤا الحدود بالشبهات ما استطعتم فإن وطىء جارية ولده فلا حد عليه في قول أكثرهم لأنه وطء تمكنت الشبهة فيه كوطء الجارية المشتركة يدل عليه قوله عليه السلام أنت ومالك لأبيك أضاف مال ولده إليه وجعله له فإذا لم تثبت حقيقة الملك فلا أقل من جعله شبهة دارئة للحد الذي يدرأ بالشبهة وفي الرعاية من وطىء أمة ولده ولم ينو تملكها به ولم يكن ابنه وطئها وقيل أو كان عزر في الأشهر بمائة سوط وقيل إن حملت منه ملكها وإلا عزر وإن كان ابنه وطئها حد الأب مع علمه به أو جارية له فيها شرك فكذلك لأنه فرج له فيه ملك أشبه المكاتبة والمرهونة وظاهره ولو لبيت المال صرح به في الرعاية إذا كان له فيه حق أو لولده لأن الشرك في إسقاط الحد كملك الكل أو وجد امرأة على فراشه ظنها امرأته أو جاريته فوطئها فلا حد عليه لأنه وطء اعتقد إباحته بما يعذر مثله فيه أشبه ما لو قيل له هذه زوجتك بغير خلاف نعلمه لكن عليها الحد إن علمت أنه أجنبي أو دعا الضرير
____________________
(9/70)
امرأته أو جاريته فأجابه غيرها فوطئها وظنها المدعوة كما لو زفت اليه غير زوجته وقيل له هذه زوجتك بخلاف ما لو دعا محرمة عليه فأجابه غيرها فوطئها يظنها المدعوة فعليه الحد سواء كانت المدعوة ممن له فيها شبهة كالجارية المشتركة أو لم يكن لأنه لا تعذر بهذا أشبه ما لو قتل رجلا يظنه ابنه فبان أجنبيا أو وطىء في نكاح أو ملك مختلف في صحته يعتقد تحريمه كمتعة وبلا ولي وشراء فاسد بعد قبضه وقيل أو قبله لأن الوطء فيه شبهة وعنه يحد اختاره الأكثر في وطء بائع بشرط خيار ولو لم يجد ذكره أبو الحسين وغيره فلو حكم بصحته توجه خلاف وكذا وطؤه بعقد فضولي وفي ثالث إن وطىء قبل الإجازة حد وإلا عزر واختار في المحرر يحد قبلها إن اعتقد أنه لا ينفذ بها وحكى رواية أو وطىء امرأته في دبرها أو حيضها أو نفاسها لأن الوطء قد صادف ملكا فكان شبهة وقد حكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه أنه يدرأ بالشبهة أو لم يعلم بالتحريم لحداثة عهده بالإسلام أو نشوئه ببادية بعيدة قبل منه لأنه يجوز أن يكون صادقا وظاهره أنه إذا لم يكن كذلك أو نشأ بين المسلمين أنه لا يقبل منه لأنه لم يخف عليه أو أكره على الزنى فلا حد عليه نقول لا حد على مكرهة على الزنى في قول عامتهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه رواه النسائي وعن عبد الجبار بن وائل عن أبيه أن امرأة استكرهت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدرأ عنها الحد رواه الأثرم ورواه سعيد عن عمر ولأن هذا شبهة والحد يدرأ بها ولا فرق في الإكراه
____________________
(9/71)
بالإلجاء وهو أن يغلبها على نفسها أو بالتهديد بالقتل ونحوه نص عليه في راع أو منع طعام مع اضطرار وكذا المفعول له لواطا قهرا وقال أصحابنا إن أكره الرجل فزنى حد نص عليه وقدمه في الفروع وهو المذهب لأن الوطء لا يكون إلا بالانتشار الحادث والاختيار بخلاف الإكراه وعنه لا حد عليه صححه في المغني والشرح لعموم الخبر ولأن الإكراه شبهة وكما لو استدخلت ذكره وهو نائم وعنه فيهما لا حد إلا بتهديد ونحوه قال الشيخ تقي الدين بناء على أنه لا يباح بالإكراه الفعل لا القول قال القاضي وغيره إن خافت على نفسها القتل سقط عنها الدفع كسقوط الأمر بالمعروف بالخوف وإن وطىء ميتة أو ملك أمه أو أخته من الرضاع فوطئها فهل يحد أو يعزر على وجهين وهما روايتان
إحداهما يحد بوطء ميتة قدمها في الرعاية لأنه إيلاج في فرج محرم لا شبهة له فيه أشبه الحية ولأنه أعظم ذنبا
والثانية لا يحد اختارها أبو بكر وجزم بها في الوجيز لأنه لا يقصد فلا حاجة إلى الزجر عنه فعليها يعزر ونقل عبد الله بعض الناس يقول عليه حدان فظننته يعني نفسه قال أبو بكر وهو قول الأوزاعي وهذا بخلاف طرف ميت لعدم ضمان الجملة لعدم وجود قتل بخلاف الوطء وأما من تحرم عليه بالرضاع إذا وطئها فعنه يحد وذكره القاضي عن أصحابنا لأنه لا يستباح بحال كالمحرمة بالنسب وكفرج الغلام وعنه لا وجزم بها في الوجيز لأنها مملوكة أشبهت مكاتبته ولأنه وطء اجتمع فيه موجب ومسقط والحد يبنى على الدرء والإسقاط
____________________
(9/72)
فإذا لم يحد عزر وعنه مائة سوط وكذا إذا وطىء أمته المزوجة أو المعتدة أو المرتدة والمجوسية وإن وطىء في نكاح مجمع على بطلانه والمنصوص مع علمه كنكاح المزوجة لأنه وطء لم يصادف ملكا ولا شبهة ملك فأوجب الحد عملا بالمقتضى وقد روي عن عمر أنه رفع إليه امرأة تزوجت في عدتها فقال هل علمتما فقالا لا فقال لو علمتما لرجمتكما رواه أبو نصر المروزي ولأنه إذا وجب الحد بوطء المعتدة فلأن يجب بوطء المزوجة بطريق الأولى والمعتدة فلو قال جهلت فراغ المعتدة وأمكن صدقه صدق والخامسة لعدم إباحتها وذوات المحارم من النسب والرضاع للعموم وعنه فيمن وطىء ذوات محارمه يقتل بكل حال رجحه في الشرح لأخبار وعنه ويؤخذ ماله لبيت المال لما روى البراء قال لقيت عمي ومعه الراية فقلت إلى أين تريد فقال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ ماله رواه أبو داود والجوزجاني
مسألة حكم من زنى بحربية مستأمنة أو نكح بنته من الزنى كذلك نص عليه وحمله جماعة على أنه لم يبلغه الخلاف أو استأجر امرأة للزنى أو لغيره وزنى بها لعموم الآية والأخبار ووجود الإجارة كعدمها ولأنه وطء في غير ملك أشبه ما لو كان له عليها دين وتغير الحال لا يسقط الحد كما لو مات أو زنى بامرأة له عليها القصاص لأن استحقاق قتلها لا يوجب إباحة وطئها فلا تؤثر فيه شبهة فوجب أن يجب الحد عملا بالنصوص وقيل من وطىء أمة له عليها قود لم يحد إن قلنا إنه يملكها به وسئل أحمد هل عليه عقرها قال لا شيء عليه هي له أو بصغيرة يوطىء مثلها
____________________
(9/73)
نقله الجماعة وصححه في المغني والشرح لأنها كالكبيرة في ذلك وقيل أو لا وهو ظاهر كلامه هنا وقال القاضي لا حد على من وطىء صغيرة لم تبلغ تسعا لأنه لا يشتهى مثلها وكما لو استدخلت ذكر صبي لم يبلغ عشرا ورده المؤلف لعدم التوقيف فيه أو مجنونة لأن الواطىء من أهل وجوب الحد وقد فعل ما يوجبه فوجب أن يترتب عليه مقتضاه أو بامرأة ثم تزوجها أو بأمة ثم اشتراها لأن النكاح والملك وجدا بعد وجوب الحد فلم يسقط كما لو سرق نصابا ثم ملكه أو أقر عليها فجحدت كسكوتها أو أمكنت العاقلة أي المكلفة من نفسها مجنونا أو صغيرا وقيل ابن عشر فوطئها فعليهم الحد أي عليها الحد لأن سقوطه عن أحد المتواطئين لمعنى يخصه لا يوجب سقوطه عن الآخر كما لو زنى المستأمن بمسلمة فصل
الثالث أن يثبت الزنى ولا يثبت زناه ولا يلزمه الحد إلا بشيئين
أحدهما أن يقر به أربع مرات في مجلس أو مجالس نص عليه لما روى أبو هريرة قال أتى رجل من الأسلميين إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال إني زنيت فأعرض عنه فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبك جنون قال لا قال هل أحصنت قال نعم قال
____________________
(9/74)
اذهبوا به فارجموه متفق عليه وفي مختصر ابن رزين بمجلس سأله الأثرم بمجلس أو مجالس قال الأحاديث ليست تدل إلا على مجلس إلا عن ذاك الشيخ بشير بن المهاجر عن ابن بريدة عن أبيه وذلك منكر الحديث وقال الحكم وابن أبي ليلى يكفي الإقرار مرة لقوله عليه السلام واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها وغيره من الأحاديث المطلقة وجوابه ما سبق وبأنه لو وجب الحد بمرة لم يعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يجوز ترك حد وجب لله تعالى وروى نعيم بن هزال قال له النبي صلى الله عليه وسلم قلتها أربع مرات قال نعم رواه أبو داود وهو بالغ عاقل حر وعبد محدود في قذف أو لا ولا نعلم خلافا أن المكره لا يجب عليه حد وكذا النائم لرفع القلم عنه والسكران سبق حكمه وفي الكافي والشرح لا يصح إقراره به لكن عليه حد الزنى والسرقة والشرب والقذف إذا فعله حال سكره لفعل الصحابة فأما الأخرس إن لم تفهم إشارته فلا يتصور منه إقرار وإن فهمت إشارته فإنه يؤاخذ بها فإن أقر العاقل أنه زنى بامرأة فكذبته فعليه الحد دونها لحديث سهل بن سعد رواه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات ويصرح بذكر حقيقة الوطء لتزول التهمة ولقوله عليه السلام لماعز لعلك قبلت أو غمزت قال لا قال أفنكنها لا يكني قال نعم فعند ذلك أمر برجمه رواه البخاري وعنه وبمن زنى بها وفي الرعاية وهي أظهر وأطلق في الترغيب وغيره الخلاف ولا ينزع عن إقراره حتى يتم عليه الحد لأن من شرط إقامة الحد بالإقرار البقاء عليه إلى تمام الحد فإن رجع عن إقراره أو هرب كف عنه في قول الجمهور لقصة ماعز
____________________
(9/75)
فرع إذا شهد أربعة على إقراره به أربعا فأنكر أو صدقتهم دون أربع فلا حد عليه في الأظهر ولا على الشهود وهما في الترغيب إن أنكر وإنه لو صدقهم لم يقبل رجوعه الثاني أن يشهد عليه أي على فعله أربعة إجماعا لقوله تعالى { والذين يرمون المحصنات } الآية النور 4 ولقوله عليه السلام لسعد بن عبادة حين قال له أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم رواه مالك رجال فلا تقبل فيه شهادة النساء إلا ما روي عن عطاء وحماد أنه يقبل فيه ثلاثة وامرأتان وهو خلاف النص لأن في شهادة النساء شبهة لما في قبولها من الاختلاف والحدود تدرأ بالشبهات أحرار في الأشهر وقاله الأكثر وعنه يقبل العبد لعموم النص وهو عدل مسلم ذكر فقبل كالحر وجوابه أنه مختلف في قبول شهادته وذلك شبهة فلا تقبل فيما يدرأ بالشبهة عدول ولا خلاف في اشتراطها كسائر الشهادات فلا تقبل فيه شهادة فاسق ولا مستور الحال لجواز أن يكون فاسقا واكتفى بذلك عن ذكر الإسلام لأن أهل الذمة كفار لا تتحقق العدالة فيهم فلا تقبل روايتهم ولا خبرهم الديني كعبدة الأوثان وسواء كانت الشهادة على مسلم أو ذمي يصفون الزنى أي زنى واحد يصفونه نقله أبو طالب فيقولون رأينا ذكره في فرجها كالميل في المكحلة ولأنه إذا اعتبر التصريح في الإقرار كان اعتباره في الشهادة أولى وقال طائفة يجوز أن ينظروا إلى ذلك منهما لإقامة الشهادة عليهما ليحصل الردع بالحد فإن شهدوا أنهم رأوا ذكره قد غيبه في فرجها كفى ويجيئون في مجلس
____________________
(9/76)
واحد على الأصح لأن عمر شهد عنده أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد على المغيرة بن شعبة ولم يشهد زياد فحد الثلاثة ولو كان المجلس غير مشترط لم يجز أن يحدهم لجواز أن يكملوا برابع في مجلس آخر ولأنه لو شهد ثلاثة فحدهم ثم جاء رابع فشهد لم تقبل شهادته ولو اشتراط المجلس لكملت شهادتهم وبهذا يفارق سائر الشهادات والثانية ليس بشرط لقوله تعالى { لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء } النور 3 ولم يذكر المجلس ولأن كل شهادة مقبولة إذا افترقت كغيرها وجوابه أن الآية لم تتعرض للشروط سواء جاؤوا متفرقين أي واحدا بعد آخر لقصة المغيرة فإنهم جاؤوا مفترقين وسمعت شهادتهم وإنما حدوا لعدم كمالها وفي الحديث أن أبا بكرة قال لعمر أرأيت لو جاء آخر فشهد أكنت ترجمه فقال عمر أي والذي نفسي بيده ولأنهم اجتمعوا في مجلس واحد أشبه ما لو جاؤوا أو مجتمعين ولأن المجلس كله بمنزلة ابتدائه ولهذا يجزىء فيه القبض فيما هو شرط فيه فإن جاء بعضهم بعد أن قام الحاكم من مجلسه فهم قذفه لأن شهادته غير مقبولة ولا صحيحة أشبه ما لو لم يشهد أصلا وعليهم الحد أو شهد ثلاثة وامتنع الرابع من الشهادة أو لم يكملها فهم قذفة وعليهم الحد في قول أكثر العلماء لقوله تعالى { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } النور 4 وهذا يوجب الحد على كل رام لم يشهد بما قاله أربعة ولأن عمر جلد أبا بكرة وأصحابه حيث لم يكمل الرابع شهادته بمحضر من الصحابة ولم ينكره أحد فكان كالإجماع وحكى أبو الخطاب رواية أنه لا حد عليهم
____________________
(9/77)
لأنهم شهود فلم يجب عليهم الحد كما لو كانوا أربعة أحدهم فاسق فرع كل زنى يوجب الحد لا يقبل فيه إلا أربعة شهود بالاتفاق ويدخل فيه اللواط ووطء المرأة في دبرها ووطء البهيمة إن قلنا يجب الحد به وإن قلنا يعزر فيقبل بشاهدين وقيل بأربعة وعلى قياس هذا كل وطء يوجب التعزير فقط فإن لم يكن وطئا كمباشرة دون الفرج تثبت بشاهدين وجها واحدا وإن كانوا فساقا أو عميانا أو بعضهم أو بأن فيهم صبي مميز أو امرأة أو عبد ولم يقبله فعليهم الحد على المذهب وصححه القاضي كما لو لم يكمل العدد وكما لو كان المشهود عليه مجبوبا أو رتقاء وعنه لا حد عليهم وهو قول الحسن والشعبي لأنهم أربعة فدخلوا في عموم الآية وكما لو شهد أربعة مستورون ذكره في المغني والشرح أو مات أحدهم قبل وصفه الزنى وإن شهدوا عليها عذراء نص عليه وفي الواضح تزول حصانتها بهذه الشهادة والثالثة تحد العميان خاصة وقاله الثوري وإسحاق لأنه معلوم كذبهم والباقي يجوز صدقهم وقد كمل عددهم أشبه مستوري الحال وإن كان أحدهم زوجا حد الثلاثة لأنهم قذفة حيث لم تكمل البينة لأن شهادة الزوج غير مسموعة ولا عن الزوج إن شاء لأن الزوج إذا قذف زوجته له الخيرة بين اللعان وتركه وعلى الثانية لا حد ولا لعان بحال وإن شهد اثنان أنه زنى بها في بيت أو بلد واثنان أنه زنى بها في بيت أو بلد آخر أو اختلفا في اليوم فهم قذفة وعليهم الحد اختاره الخرقي وقدمه في الرعاية ونصره في الشرح وجزم به في الوجيز
____________________
(9/78)
وصححه في الفروع لأنه لم يكمل أربعة على زنى واحد فوجب عليهم الحد كما لو انفرد بالشهادة اثنان وعنه يحد المشهود عليه فقط اختاره أبو بكر وفي التبصرة والمستوعب وظاهرها أنه لا تعتبر شهادة الأربع على فعل واحد وإنما يعتبر عدد الشهود في كونها زانية وهو بعيد لأنه لم يثبت زنى واحد بشهادة أربعة فلم يجب الحد ولآن جميع ما تعتبر له البينة يعتبر كمالها في حق واحد فالموجب للحد أولى ولأنه مما يحتاط له ويندرئ بالشبهات قال أبو بكر لو شهد اثنان أنه زنى بامرأة بيضاء وآخران بامرأة سوداء فهم قذفة ذكره القاضي وهذا يناقض قوله وإن شهدا أنه زنى بها في زاوية بيت صغير وشهد الآخران أنه زنى بها في زاويته الأخرى كملت شهادتهم إن كانت الزاويتان متقاربتين وحد المشهود عليه على المذهب لأن التصديق ممكن فلم يجز التكذيب لا يقال يمكن أن يكون المشهود به فعلين فلم أوجبتم الحد مع الاحتمال وهو يدرأ بالشبهة لأنه لا شبهة فيه بدليل ما لو اتفقا على موضع واحد فإنه يمكن أن تكون الشهادة على فعلين بأن يكون قد فعل ذلك مرتين أما لو كانت الزاويتان متباعدتين فالقول فيهما كالقول في البيتين وعلى قول أبي بكر تكمل الشهادة سواء تقاربتا أو تباعدتا أو شهدا أنه زنى بها في قميص أبيض وشهد ألآخران أنه زنى بها في قميص أحمر كملت شهادتهم على المذهب لأنه لا تنافي بينهما فإنه يمكن أن يكون عليها قميصان فذكر كل اثنين واحدا منهما كما لو شهد اثنان أنه زنى بها في قميص كتان وآخران في قميص خز ويحتمل ألا تكمل كالتي قبلها وقاله أبو الخطاب لأن شهادتهم مختلفة أشبه ما لو اختلفوا في البيتين
____________________
(9/79)
فعلى هذا هل يحدون للقذف على وجهين وإن شهدا أنه زنى بها مطاوعة وشهد آخران أنه زنى بها مكرهة لم تكمل شهادتهم على الأشهر لأن فعل المطاوعة غير المكرهة فعلى هذا لا يحد الرجل اختاره أبو بكر والقاضي وأكثر الأصحاب ولا المرأة بغير خلاف نعلمه لأن الشهادة لم تكمل على فعل موجب للحد عليهما وهل يحد الجميع أي الأربعة لقذفهم الرجل أو شاهدا المطاوعة على وجهين
أحدهما يجب الحد على شاهدي المطاوعة اختاره أبو بكر لأنهما قذفا المرأة بالزنى ولم تكمل شهادتهم عليها ولا يجب على شاهدي الإكراه لأنهما لم يقذفا المرأة وقد كملت شهادتهم على الرجل وإنما انتفى الحد للشبهة
والثاني يحد الجميع لأنهم شهدوا بالزنى فلزمهم الحد كما لو لم يكمل عددهم وعند أبي الخطاب يحد الزاني المشهود عليه واختاره في التبصرة لأن الشهادة كملت على وجود الزنى منه واختلافها إنما هو في فعلها فلا يمنع كمال الشهادة عليها دون المرأة لأنه لم يشهد عليها أربعة بزنى يوجب الحد لأنه لا حد مع الاكراه والشهود لأن المقتضي له لم يوجد وفي الواضح لا حد على أحد منهم
فرع إذا شهد اثنان أنها بيضاء وآخران غيره لم تقبل لأن الشهادة لم تجتمع على عين واحدة وكما لو اختلفوا في تعدد المكان أو الزمان بخلاف السرقة وحدوا للقذف وإن شهد أربعة فرجع أحدهم قبل الحد فلا شيء على الراجع ويحد الثلاثة اختاره أبو بكر وابن حامد وجزم به في الوجيز
____________________
(9/80)
لأن الراجع كالتائب قبل تنفيذ الحكم بقوله ولأن في درء الحد عنه تمكينا له من الرجوع الذي تحصل به مصلحة المشهود عليه وإنما حد الثلاثة لأن برجوع الراجع نقص عدد الشهود فوجب أن يحدوا كما لو كانوا في الابتداء كذلك والثانية يحد الجميع قدمها في المحرر لنقص العدد كما لو كانوا ثلاثة قال في المحرر ويتخرج ألا يحد سوى الراجع إذا رجع بعد الحكم وقبل الحد ولو رجع الكل فهل يحدون على الروايتين في الواحد وإن كان رجوعه بعد الحكم فلا حد على الثلاثة لأن الشهادة كملت واتصل بها الحكم فلم يجب عليهم شيء لعدم كونهم قذفة ويغرم الراجع ربع ما أتلفوه لأنه أقر على نفسه برجوعه أن التلف حصل بفعله وفعل غيره فيقبل على نفسه فقط وظاهره أنه لا حد على الراجع أيضا ونقله أبو النصر لأنه تائب والمذهب أنه يحد وحده إن ورث حد القذف فإن كان رجما ضمن ربع المتلف بدية أو غيرها إن صرح بالخطإ وإن قال عمدنا الكذب ليقتل قتل وحده وإن قال عمدت ذلك وحدي فهل يلزمه قود على الروايتين في مشاركة العامد للمخطىء وإن شهد أربعة بالزنى بامرأة فشهد ثقات من النساء أنها عذراء فلا حد عليها لأن البكارة تثبت بشهادة النساء ووجودها يمنع من الزنى ظاهرا والشهود صدقهم محتمل فإنه يحتمل أنه وطئها ثم عادت عذرتها لكن ذكر في الشرح أنه يكتفي بشهادة واحدة لأن شهادتها مقبولة فيما لا يطلع عليه الرجال ونقل أبو النصر في مسألة المجبوب أن الشهود قذفة وقد أحرزوا ظهورهم فذكر له قول الشعبي العذراء قال عنه اختلاف فإن رجمه
____________________
(9/81)
القاضي فالخطأ منه قلت فترى في هذا أو في من شهد عليه بالزنى فلم يسأل القاضي عن إحصانه حتى رجمه أن الدية في بيت المال لأن الحاكم ليس عليه غرم قال نعم وأطلق ابن رزين في مجبوب ونحوه قولين بخلاف العذراء وفي الشرح إن شهد بأنها رتقاء أو ثبت أن الرجل مجبوب فينبغي أن يجب الحد على الشهود لأنه متيقن كذبهم ولا على الشهود نص عليه لأن صدقهم محتمل وفي الرعاية ولا على الرجل وإن شهد أربعة على رجل أنه زنى بامرأة فشهد أربعة آخرون على الشهود أنهم هم الزناة بها لم يحد المشهود عليه لأن شهادة الآخرين تضمنت جرح الأولين وشهادة الآخرين تتطرق إليها التهمة وهل يحد الشهود الأولون حد الزنى على روايتين كذا في المحرر والفروع
إحداهما لا يجب الحد عليهم لأن الأولين قد جرحهم الآخرون بشهادتهم عليهم والآخرون تتطرق إليهم التهمة
والثانية يحدون لها اختارها أبو الخطاب لأن شهادة الآخرين صحيحة فيجب الحكم بها وعلى كلتيهما في حدهم القذف روايتان أشهرهما بأنهم يحدون وإن حملت امرأة لا زوج لها ولا سيد لم تحد بذلك بمجرده نقله الجماعة وذكر ابن هبيرة أنها الأظهر لكنها تسأل فإن ادعت أنها أكرهت أو وطئت بشبهة أو لم تعترف بالزنى لم تحد وهو قول الأكثر من العلماء وعن أحمد بلى إن لم تدع شبهة وفي الوسيلة والمجموع رواية ولو ادعت شبهة وأقوال الصحابة مختلفة في ذلك حتى بالغ بعض العلما وقال إن المرأة تحمل من غير
____________________
(9/82)
وطء بأن تدخل ماء الرجل في فرجها ولهذا تصور حمل البكر ووجد
مسألة إذا شهد عليه بزنى قديم أو أقر به وجب عليه الحد لعموم الآية وكسائر الحقوق وقال ابن حامد لا أقبل بينة على زنى قديم وأحده بالإقرار به وذكره ابن أبي موسى مذهبا لأحمد وهو مروي عن عمر لأن تأخير الشهادة إلى هذا الوقت يدل على التهمة وتقبل الشهادة به من غير مدع نص عليه لقضية أبي بكرة & باب حد القذف &
وهو محرم بالإجماع وسنده قوله تعالى { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم } النور 23 وقوله عليه السلام اجتنبوا السبع الموبقات قالوا وما هي يا رسول الله قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات متفق عليه وهو الرمي بالزنى فبيان لمعنى القذف وكذا رميه بلواط أو شهادة عليه به ولم تكمل البينة وأصله الرمي بالحجر بخلاف الخذف بالخاء المعجمة فإنه الرمي بالحصى وهو في الأصل رمي الشيء بقوة ثم استعمل في الرمي بالزنى ونحوه من المكروهات يقال قذف يقذف قذفا فهو قاذف وجمعه قذاف وقذفه كفاسق وفسقة وكافر وكفرة ومن قذف وهو مكلف
____________________
(9/83)
مختار حرا محصنا فعليه جلد ثمانين جلدة إن كان القاذف حرا وأربعين إن كان عبدا أجمعوا على وجوب الحد على من قذف محصنا حرا كان القاذف أو عبدا وأن حده ثمانون إن كان حرا لقوله تعالى { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } والرقيق على النصف من ذلك في قول أكثر العلماء ويروى أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم جلد عبدا قذف حرا ثمانين وبه قال قبيصة وعمر بن عبد العزيز لعموم الآية والصحيح الأول لإجماع الصحابة قال عبد الله بن عامر بن ربيعة أدركت أبا بكر وعمر وعثمان والخلفاء هلم جرا ما رأيت أحدا جلد عبدا في فرية أكثر من أربعين رواه مالك كحد الزنى والآية وإن كانت عامة فدليلنا خاص والخاص مقدم وتقدم قول الخرقي يكون بدون سوط الحر وظاهره ولو ذات محرم أو مجبوبا سوى ولده وإن نزل نص على الثلاثة ولو عتق قبل حد ومعتق بعضه بالحساب وقيل كعبد وهل حد القذف حق لله تعالى أو للآدميين على روايتين
إحداهما وهي الأظهر والأشهر وقاله الجمهور هو حق لآدمي فعليه يسقط بعفوه عنه قال القاضي وأصحابه لا عفوه عن بعضه
والثانية هو حق لله قدمها في الرعاية وعليها لا يسقط بالعفو أو الإبراء ولا يستوفيه إلا الإمام أو نائبه وعليهما لا يحد ولا يجوز أن يعرض له إلا بطلب وذكره الشيخ تقي الدين إجماعا ويتوجه على الثانية وبدونه ولا يستوفيه بنفسه خلافا لأبي الخطاب وإنه لو فعل لم يعتد به وعلله القاضي بأنه تعتبر نية الإمام أنه حد وفي البلغة لا يستوفيه بدونه
____________________
(9/84)
فإن فعل فوجهان وإن هذا في القذف الصريح وإن غيره يبرأ به سواء على خلاف في المذهب كاعتبار الموالاة أو النية وقذف غير المحصن كمن قذف مشركا أو عبدا أو مسلما له دون عشر سنين أو مسلمة لها دون تسع سنين أو من ليس بعفيف يوجب التعزير ردعا له عن أعراض المعصومين وكفالة عن أذاهم وقيل سوى سيد لعبده
فرع يحد أبواه وإن علوا بقذفه وإن نزل كقود فلا يرثه عليهما وإن ورثه أخوه لأمه وحد له لتبعيضه وفي الترغيب لا يحد أب وفي أم وجهان والمحصن هنا هو الحر المسلم العاقل العفيف الذي يجامع مثله هذه صفة المحصن الذي يحد بقذفه أما الحرية والإسلام فلأن العبد والكافر حرمتهما ناقصة فلم ينتهض لإيجاب الحد والآية الكريمة وردت في الحرة المسلمة وغيرهما ليس في معناهما وأما العقل فلأن المجنون لا يعير بالزنى لعدم تكليفه وغير العاقل لا يلحقه شين بإضافة الزنى إليه لكونه غير مكلف وأما العفة عن الزنى فلأن غير العفيف لا يشينه القذف والحد إنما وجب من أجل ذلك وقد أسقط الله الحد عن القاذف إذا كان له بينة بما قال وأما كونه يجامع مثله فلأن غير ذلك لا يعير بالقذف لتحقق كذب القاذف وأقله أن يكون له عشر سنين إن كان ذكرا أو تسع سنين إن كانت أنثى وظاهره أنه لا تشترط فيه العدالة بل لو كان المقذوف فاسقا كشربه الخمر أو لبدعة ولم يعرف بالزنى أنه يجب الحد بقذفه وقال الشيرازي لا يجب الحد بقذف مبتدع ولا مبتدعة وقال ابن أبي موسى إذا قذف أم ولد رجل وله منها ولد
____________________
(9/85)
حد وإذا قذف مسلم ذمية تحت مسلم أو لها منه ولد حد في رواية وإن قذف عبد عبدا جلد أربعين قاله في الرعاية وهل يشترط بلوغه على روايتين
إحداهما يشترط قيل إنها مخرجة وليست بمنصوصة لأن غير البالغ غير مكلف أشبه المجنون
والثانية ليس بشرط وهو مقتضى كلام الخرقي وقطع بها القاضي والشريف وأبو الخطاب وصاحب الوجيز لأن ابن عشر سنين ونحوه يلحقه الشين بإضافة الزنى إليه ويعير بذلك ولهذا جعل عيبا في الرقيق أشبه البالغ وفي اشتراط سلامته من وطء الشبهة وجهان ولعله مبني على أن وطء الشبهة هل يوصف بالتحريم أم لا فذكر عن القاضي أنه وصفه به وظاهر كلام جماعة عدم وصفه بذلك وظاهر كلام آخرين أنه لا تشترط السلامة في ذلك
فرع إذا وجب الحد بقذف من لم يبلغ لم يقم عليه حتى يبلغ ويطالب لعدم اعتبار كلامه قبل البلوغ وليس لوليه المطالبة حذارا من فوات التشفي ولو قذف غائبا اعتبر قدومه وطلبه إلا أن يثبت أنه طالب في غيبته فيقام على المذهب وقيل لا لاحتمال عفوه ولو قذف عاقلا فجن أو أغمي عليه قبل الطلب لم يقم حتى يفيق ويطالب وإن كان بعد الطلب جازت إقامته
مسألة يشترط لإقامة الحد على القاذف أمران
أحدهما مطالبة المقذوف لأنه حق له كسائر حقوقه
الثاني ألا يأتي ببينة فإن كان القاذف زوجا اعتبر آخر وهو امتناعه من اللعان وتعتبر استدامة الطلب إلى إقامته فلو طلب ثم عفا سقط ويحد بقذف على جهة الغيرة بفتح الغين ويتوجه احتمال
____________________
(9/86)
وأنها عذر في غيبة ونحوها وإن قال لمحصنة زنيت وأنت صغيرة وفسره بصغر عن تسع سنين لم يحد لأن حد القذف أنما وجب لما يلحق بالمقذوف من العار وهو منتف للصغر بل يعزر زاد في المغني إن رآه الإمام وأنه لا يحتاج إلى طلب لأنه لتأديبه وإلا خرج على الروايتين وكذا في الفروع في اشتراط البلوغ جزم في الوجيز بالحد وإن قال لحرة مسلمة زنيت وأنت نصرانية أو أمة ولم تكن كذلك فعليه الحد لأنه يعلم كذبه وإن لم يثبت ذلك على الأصح فإن ثبت فلا حد على الأصح وإن كانت كذلك لم يحد على الأشهر وقالت أردت قذفي في الحال فأنكرها فهل يحد أو يعزر على وجهين الأصح أنه لا حد عليه لأن ظاهر لفظه يقتضي تعليق وأنت نصرانية أو أمة بقوله زنيت فيصير كأنه قال لها زنيت حال النصرانية أو الرق ولا حد مع ذلك لأن ارتباط الكلام بعضه ببعض أولى من عدم ارتباطه قال في الفروع ويتوجه مثله إن أضافه إلى جنون وفي الترغيب إن كان ممن يجن لم يقذفه وفي المغني إن ادعى أنه كان مجنونا حين قذفه فأنكرت وعرفت له حالة جنون وإفاقة فوجهان وإن ادعى رق مجهولة فروايتان وإن ادعى أن قذفا متقدما كان في صغر أو قال زنيت مكرهة أو قال يا زانية ثم ثبت زناها في كفر لم يحد كثبوته في إسلام وفي المبهج إن قذفه بما أتى في الكفر حد لحرمة الإسلام وسأله ابن منصور رجل رمى امرأة بما فعلت في الجاهلية قال يحد وذكر القاضي لو قال ابن عشرين لابن خمسين زنيت من ثلاثين سنة لم يحد
____________________
(9/87)
وهو سهو ومن قذف محصنا فزال إحصانه قبل إقامة الحد لم يسقط الحد عن القاذف نص عليه حكم حاكم بوجوبه أم لا لأن الحد يعتبر بوقت وجوبه وكما لا يسقط بردته وجنونه وبخلاف فسق الشهود قبل الحكم لضيق الشهادة وعلله المؤلف بأنه حق آدمي وبأن الزنى نوع فسق واحتمال وجود الجنس أكثر من النوع إلا أن يتقدم مزيله على القذف بإقرار أو بينة فصل
والقذف محرم إلا في موضعين
أحدهما أن يرى امرأته تزني في طهر لم يصبها فيه زاد في الترغيب والرعاية ولو دون الفرج وفي المغني أو تقر به فيصدقها فيعتزلها وتأتي بولد يمكن أن يكون منه أي من الزاني زاد في المحرر والرعاية وكذا لو وطئها في طهر زنت فيه وظن الولد من الزاني فيجب عليه قذفها لأن نفي الولد واجب ولا يمكن إلا بالقذف لأن ما لا يتم الواجب إلا به واجب ونفي ولدها لأن ذلك يجري مجرى اليقين في أن الولد من الزاني لكونها أتت به لستة أشهر من حين الوطء وفي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته ولا شك أن الرجل مثلها وكذا لو أقرت بالزنى ووقع في نفسه صدقها
الثاني ألا تأتي بولد يجب نفيه لأن بالزوج حاجة إلى فسخ النكاح ليتخلص من زوجة شأنها كذلك لحديث عويمر العجلاني وهلال بن أمية أو استفاض في الناس زناها وقدم في المغني
____________________
(9/88)
والشرح لا تكفي استفاضة بلا قرينة أو أخبره به ثقة فلو كان يخبر من لا يوثق به لم يجز لأنه غير مأمون على الكذب عليها أو رأى رجلا يعرف بالفجور يدخل إليها زاد في الترغيب خلوة فيباج قذفها لأنه يغلب على ظنه بجورها ولا يجب لأنه يمكنه فراقها والسكوت هنا أولى لأنه أستر ولأن قذفها يلزم منه أن يحلف أحدهما كاذبا أو يقر فيفتضح
فرع قال الشيخ تقي الدين إذا قال أخبرتني أنها زنت فكذبته ففي كونه قاذفا نزاع في مذهب أحمد وغيره فإن جعل قذفا أو قذفها صريحا فله اللعان ولو حلف بالطلاق أنها قالت له فأنكرته لم تطلق باتفاق الأئمة ولو أسقطت جنينا بسبب القذف لم يضمنه واختار أبو محمد الجوزي المباح أنه يراها تزني أو يظنه ولا ولد وإن أتت بولد يخالف لونه لونهما كأبيض بين أسودين أو بالعكس لم يبح نفيه بذلك اختاره ابن حامد لخبر أبي هريرة وهو متفق عليه وقال لعله نزعة عرق ولأن دلالة الشبه ضعيفة ودلالة الفراش قوية بدليل قضية سعد وعبد بن زمعة وقال القاضي وأبو الخطاب ظاهر كلامه إباحته لقوله عليه السلام إن جاءت به جعدا الخبر فجعل الشبه دليلا على نفيه عنه والأول أصح وهذا الحديث إنما يدل على نفيه عنه مع ما تقدم من لعانه ونفيه إياه عن نفسه فجعل الشبه مرجحا والمذهب أن له نفيه بقرينة جزم به في الوجيز وقدمه في الفروع وإن استبرأها بحيضة جاز النفي في الاشهر وإن كان يعزل عنها فلا لخبر أبي سعيد فصل
____________________
(9/89)
وألفاظ القذف تنقسم إلى صريح وكناية لأنها ألفاظ ترتب عليها حكم شرعي فانقسمت الى ذلك كالطلاق فالصريح قوله يا زاني يا عاهر زنى فرجك ونحوه كزنيت ويا منيوك مما لا يحتمل غير القذف فلا يقبل قوله بما يحيله لأنه صريح فيه أشبه صريح الطلاق وإن قال يا لوطي يا معفوج هو مفعول من عفج يعني نكح فكأنه بمعنى منكوح أي موطوء فهو صريح في المنصوص وعليه الحد فيهما إذا قذفه بعمل قوم لوط فاعلا أو مفعولا اختاره الأكثر لأن اللوطي الزاني بالذكور أشبه ما لو قال يا زاني وحينئذ لا يسمع تفسيره بما يحيل القذف وعنه مع غضب لأن قرينة الغضب تدل على إرادة القذف بخلاف حالة الرضى وقال الخرقي إذا قال أردت أنك من قوم لوط فلا حد عليه وهذا رواية نقلها المروذي لأنه فسر كلامه بما لا يوجب الحد كما لو فسره به متصلا بكلامه وهو بعيد لأن إطلاق لفظه وإرادة مثل ذلك فيه بعد مع أن قوم لوط لم يبق منهم أحد ولو قذف امرأة أنها وطئت في دبرها أو قذف رجلا بوطء امرأة في دبرها فعليه الحد وقيل لا ومبنى الخلاف هنا على الخلاف في وجوب حد الزنى على من فعل ذلك وإن قال أردت أنك تعمل عمل قوم لوط غير إتيان الرجال احتمل وجهين
أشهرهما أنه لا يقبل لأنه فسر اللفظ بما لا يحتمله غالبا أشبه ما لو قال يا
____________________
(9/90)
زاني
والثاني أنه لا يحد لأن ما فسر به كلامه محتمل الارادة والحد يدرأ بالشبهات فرع إذا فسر يا منيوكة بفعل زوج فليس قذفا ذكره في الرعاية والتبصرة وزاد إن أراد بزاني العين أو يا عاهر اليد لم يقبل مع سبقه ما يدل على قذف صريح وإن قال لست بولد فلان فقد قذف أمه في المنصوص إلا منفيا بلعان لم يستلحقه أبوه ولم يفسره بزنى أمه لأن ذلك يقضي أن أمه أتت به من غير أبيه وذلك قذف لها وكذا إن نفاه عن قبيلته وقال المؤلف القياس يقتضي أنه لا يجب الحد لنفي الرجل عن قبيلته لأن ذلك لا يتعين فيه الرمي بالزنى أشبه ما لو قال لأعجمي إنك عربي وإن قال لست بولدي فعلى وجهين
أظهرهما أنه كناية في قذفها نص عليه لأن للرجل أن يغلظ في القول والفعل لولده
والثاني هو صريح لأنه نفاه عن نفسه أشبه نفي ولد غيره عن أبيه فرع إذا قال إن لم تفعل كذا فلست ابن فلان فلا حد لأن القذف لا يتعلق بالشرط وإن قال لست ابن فلانة عذر نص عليه لأنه لم يقذف أحدا بالزنى وإن قال أنت أزنى الناس فهو قاذف في قول أبي بكر وقدمه في الرعاية لأنه أضاف اليه الزنى بصيغة المبالغة أو أزنى من فلانة فكذلك في قول القاضي لأن أزنى معناه المبالغة ففيه الزنى وزيادة وقدم في الكافي لا لأن لفظة أفعل تستعمل للمنفرد بالفعل وقال ابن حامد ليس بقذف إلا أن يريده لأن موضوع اللفظ يقتضي ذلك
____________________
(9/91)
مسألة إذا قال أنت أزنى من زيد فقد قذفهما صريحا وقيل كناية وقيل ليس بقذف لزيد وهو أقيس أو قال لرجل يا زانية أو لمرأة يا زاني فصريح نصره في الشرح وقدمه في الفروع لأن اللفظ صريح في الزنى وزيادة الهاء وحذفها خطأ لا يغير المعنى كاللحن وكفتح التاء وكسرها لهما خلافا للرعاية في عالم بعربية واختار ابن حامد كما يأتي أنه ليس بصريح إلا أن يفسر به لأنه يحتمل أن يريد بذلك أنه علامة في الزنى كما يقال للعالم علامة أو قال زنت يداك ورجلاك فهو صريح في القذف عند أبي بكر لأن ذلك يطلق ويراد به زنى الفرج وليس بصريح عند ابن حامد في ظاهر المذهب في الأخيرة لأن زنى هذه الاعضاء لا يوجب الحد لقوله عليه السلام العينان تزنيان وزناهما النظر قال في الشرح والأولى أن يرجع إلى تفسيره انتهى وكذا الخلاف لو أفرد فلو قال زنت يدك فقذف قاله في الرعاية وكذا العين في الترغيب وفي المغني وغيره لا
مسألة إذا قال يا زاني ابن الزانية لزمه حدان فإن تشاحا قدم حد الابن وعنه حد واحد وقيل إن كانت أمه حية فقد قذفها معه وإن كانت ميتة فقد قذفه وحده وإن قال زنأت في الجبل مهموزا فهو صريح عند أبي بكر وأبي الخطاب وقدمه في الرعاية والفروع وجزم به في الوجيز لأن عامة الناس لا يفهمون من ذلك إلا القذف وقال ابن حامد إن كان يعرف العربية لم يكن صريحا لأن معناه في العربية طلعت وعليهما إن
____________________
(9/92)
قال أردت الصعود في الجبل قبل وإن لم يقل في الجبل أي زنأت فهل هو صريح أو كالتي قبلها على وجهين
أحدهما أنه صريح قدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز لأن مع عدم القول في الجبل يتمحض القذف وقيل هو كالتي قبلها أحدهما يكون صريحا في حق العامي والعالم بالعربية والثاني الفرق بينهما وقيل لا قذف قال في الفروع ويتوجه مثلها لفظة علق وذكرها شيخنا صريحة ومعناه قول ابن رزين كل ما يدل عليه عرفا والكناية نحو قوله لامرأته قد فضحته أي بشكواك وغطيت أو نكست رأسه أي حياء من الناس من ذلك وجعلت له قرونا أي أنه مسخر لك مطيع منقاد كالثور وعلقت عليه أولادا من غيره أي من زوج آخر أو وطء شبهة وأفسدت فراشه أي بالنشوز أي بالشقاق وبمنع الوطء أو يقول لمن يخاصمه يا حلال يا ابن الحلال لأنه كذلك حقيقة ما يعرفك الناس بالزنى حقيقة النفي أي ما أنت بزان ولا أمك زانية يا عفيف كونه كذلك حقيقة وكذا يا نظيف يا خنيث بالنون وذكره بعضهم بالباء أو يا فاجرة أي كونها مخالفة لزوجها فيما يجب طاعتها فيه يا قحبة قال السعدي قحب البعير والكلب سعل وهي في زماننا المعدة للزنى يا خبيثة وهي صفة مشبهة من خبث الشيء فهو خبيث أو يقول لعربي يا نبطي منسوب إلى النبط وهم قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين يا فارسي منسوب إلى فارس وهي بلاد معروفة وأهلها الفرس وفارس أبوهم يا رومي نسبة إلى الروم
____________________
(9/93)
وهو في الأصل الروم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم أو يسمع رجلا يقذف رجلا فيقول صدقت أي في غير الإخبار المذكور أو أخبرني فلان أنك زنيت وكذبه الآخر أي موافق للكذب أو ما أنا بزان أو ما أمي بزانية فهذا كله كناية إن فسره بما يحتمله غير القذف وعنه بقرينة ظاهرة قبل قوله في أحد الوجهين قدمه في الفروع وجزم به في الوجيز وصححه في المغني والشرح لأنه يحتمل غير الزنى كما ذكرناه فهو إذا فسر الكلام بما يحتمله وعليه يعزر وفي الآخر جميعه صريح فيحد به اختاره القاضي وجماعة وذكره في التبصرة عن الخرقي لأن الظاهر من حاله أنه لم يرد شيئا فوجب حملها عليه بظاهر الحال والاستعمال فعلى هذا إذا قال أردت هذه الاحتمالات لم يقبل كالزاني وعنه لا يحد إلا بنية اختارها أبو بكر وغيره والقرينة ككناية طلاق وفي الترغيب هو قذف بنية ولا يحلف منكرها ويلزمه الحد باطنا وفي لزوم إظهارها وجهان
تنبيه لا حد بالتعريض كقوله يا حلال ابن الحلال نص عليه في رواية حنبل وهو ظاهر الخرقي واختاره أبو بكر وقاله أكثر العلماء لأن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن امرأتي ولدت غلاما أسود يعرض بنفيه فلم يلزمه بذلك حد ولأن الله تعالى أباح التعريض بالخطبة دون التصريح بها ونقل الآثرم عليه الحد روى عن عمر وعثمان وهي أظهرهما قاله ابن هبيرة فأما في غير حالة خصومة ولا وجدت قرينة فلا يكون قذفا وإن قذف أهل بلدة أو جماعة لا يتصور الزنى من جميعهم عادة وعرفا عزر ولم يحد
____________________
(9/94)
لأنه لا عار على المقذوف بذلك للقطع بكذب القاذف ويعزر على ما أتى به من المعصية والزور كما لو سبهم بغير القذف وظاهره أنه يعزر ولو لم يطلبه أحد وفي المغني لا يحتاج التعزير إلى مطالبة وفي مختصر ابن رزين يعزر حيث لا حد
مسائل يعزر في يا كافر يا فاجر يا حمار يا تيس يا رافضي يا خبيث البطن أو الفرج يا عدو الله يا ظالم يا كذاب يا خائن يا شارب الخمر يا مخنث نص على ذلك وقيل فاسق كناية ومخنث تعريض ويعزر في قرنان وقواد وسأله حرب عن ديوث فقال يعزر وفي المبهج ديوث قذف لامرأته ومثله كشخان وقرطبان ويتوجه في مأبون كمخنث وفي الرعاية لم أجدك عذراء كناية وإن من قال لظالم ابن ظالم جبرك الله ورحم سلفك يعزر قاله في الفروع وإن قال لرجل اقذفني فقذفه فهل يحد أو يعزر على وجهين
أحدهما يعزر جزم به في الوجيز لأن المقذوف رضي بقذفه أشبه ما لو قذف نفسه
والثاني يحد لأن الموجب له القذف وقد وجد وقوله لا أثر له لأن القذف لا يباح بالإباحة وفي النهاية والشرح هما مبنيان على الاختلاف في حد القذف وهل هو حق لله فلا يسقط بالإذن فيه كالزنى أو لآدمي فيسقط كما لو أذن في إتلاف ماله ويعزر لأنه فعل محرما لا حد فيه وإن قال لامرأته يا زانية فقالت بك زنيت لم تكن قاذفة لأنها صدقته فيما قال فلم يجب حد كما لو قالت صدقت ويسقط عنه الحد بتصديقها لأنه يمكن الزنى منها به من غير أن
____________________
(9/95)
يكون زانيا بأن يكون قد وطئها بشبهة ولا يجب عليها حد لأنها لم تقر أربع مرات وإن قال زنى بك فلان فقد قذفها نص عليه وخرج فيها روايتان فعلى أنها لم تقذفه يتخرج لو أقر بأنه زنى بامرأة لم يقذفها لاحتمال أنها مكرهة أو نائمة وجزم به في الترغيب في الزوجة ولو كان قولها أنت أزنى مني أو زنيت وأنت أزنى مني فقد قذفته وفي الرعاية وجه وإن قال يا زانية قالت بل أنت زان حدا وعنه لا لعان وتحد هي فقط وهي سهو عند القاضي وإذا قذفت المرأة لم يكن لولدها المطالبة إذا كانت الأم في الحياة لأنه حق ثبت للتشفي فلا يقوم فيه غير المستحق مقامه كالقصاص وظاهره أنها إذا ماتت وورثت حد القذف فلوارثه المطالبة إذن وإن قذفت وهي ميتة مسلمة كانت أو كافرة حرة أو أمة حد القاذف إذا طالب الابن وكان حرا مسلما ذكره الخرقي لأنه قدح في نسب الحي لأنه بقذف أمه ينسبه إلى أنه من زنى ولا يستحق ذلك بطريق الإرث فكذلك يعتبر الإحصان فيه ولا يعتبر في أمه لأن القذف له وشرط فيه الطلب لأنه حق من الحقوق فلا يستوفى بغير طلب مستحقه كسائر الحقوق واسلامه وحريته لأن الحد وجب للقدح في نسبه وقال أبو بكر لا يجب الحد بقذف ميتة وذكره المؤلف ظاهر المذهب في غير أمهاته وقطع به في المبهج لأنه قذف لمن لا يصح منه المطالبة أشبه قذف المجنون أو يقال الميتة لا تعير والحي لم يقدح فيه وذلك شبهة يدرأ بها الحد والمذهب الأول لأنه إذا قذف ميت محصن أو لا حد القاذف إذا طالب وارث محصن خاصة
____________________
(9/96)
فعلى هذا لو كان الوارث عبدا أو مشركا فلا حد وإن قذفت جدته فقياس قول الخرقي أنه كقذف أمه إن كانت حية فيعتبر إحصانها وليس لغيرها المطالبة وإن كانت ميتة فله المطالبة إذا كان محصنا لأنه قدح في نسبه وإن قذف أباه أو أحدا من أقاربه غير أمهاته بعد موته لم يجب الحد وإن مات المقذوف سقط الحد عن القاذف إذا كان قبل المطالبة بالحد فإن كان بعدها قام وارثه مقامه لأنه حق له يجب بالمطالبة كالرجوع فيما وهب ولده وكالشفيع فعلى هذا هو حق للورثة نص عليه وقيل سوى الزوجين وفي المغني للعصبة وإن عفا بعضهم حد الباقي كاملا وقيل يسقط ومن قذف أم النبي صلى الله عليه وسلم قتل مسلما كان أو كافرا يعني أن حده القتل ولا تقبل توبته نص عليه لما في ذلك من التعرض للقدح في النبوة الموجب للكفر وعنه إن تاب لم يقتل وقاله أكثر العلماء مسلما كان أو كافرا لأن هذا منه ردة والمرتد تصح توبته وجوابه أن هذا حد قذف فلا يسقط بالتوبة كقذف غير أم النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه لو قبلت توبته وسقط حده لكان أخف حكما من قذف آحاد الناس قال في المنثور وهذا كافر قتل من سبه فيعايا بها فلو كان كافرا فأسلم فأشهر الروايتين عنه أنه لا يسقط بإسلامه كقذف غيرها وعنه بلى لأنه لو سب الله في كفره ثم أسلم سقط عنه القتل ولأن الإسلام يجب ما قبله والخلاف إنما هو في سقوط القتل فأما في ما بينه وبين الله تعالى فمقبولة وقذفه عليه السلام كقذف أمه ويسقط سبه بالإسلام كسب الله تعالى فرع قال الشيخ تقي الدين قذف نسائه كقدحه في دينه وإنما لم تقتلهم لأنهم
____________________
(9/97)
تكلموا قبل علمه براءتها وأنها من أمهات المؤمنين لإمكان المفارقة فتخرج بها منهن وتحل لغيره وقيل لا وقيل في غير مدخول بها وسأله حرب رجل افترى على رجل فقال يا ابن كذا وكذا إلى آدم وحواء فعظمه جدا وقال عن الحد لم يبلغني فيه شيء وذهب إلى حد واحد وإن قذف الجماعة بكلمة واحدة يتصور منهم الزنى فحد واحد إذا طالبوا أو واحد منهم ثم لا حد نقله الجماعة وهو المشهور لقوله تعالى { والذين يرمون المحصنات } الآية النور 5 لم يفرق بين قذف واحد أو جماعة لأن الحد إنما وجب بإدخال المعرة على المقذوف بقذفه وبحد واحد يظهر كذب هذا القاذف ونزول المعرة فوجب أن يكتفى به بخلاف ما إذا قذف كل واحد قذفا مفردا فإن كذبه في قذف لا يلزم منه كذبه في الآخر ولا تزول المعرة فإن طلبوه أو واحد منهم أقيم الحد لأن الحق ثابت لهم على سبيل البدل فأيهم طلب واستوفى سقط ولم يكن لغيره الطلب به كحق المرأة على أوليائها في تزويجها وإن أسقطه أحدهم فلغيره المطالبة به وعنه إن طالبوا متفرقين حد لكل واحد حدا لأنه إذا طالب واحد أولا لزم إقامة الحد من أجله ثم إذا طلب الآخر لزم أيضا وعنه لكل واحد حد وقاله أبو ثور وابن المنذر لأنه قذف كل واحد منهم فلزمه له حد كامل وعنه إن قذف امرأته وأجنبية تعدد الواجب هنا اختاره القاضي وغيره كما لو لاعن امرأته فإن قال يا ناكح أمه الروايات ونص فيمن قال لرجل يا ابن الزانية يطالبه قيل إنما أراد أمه قال اليس قد قال له هذا قصد له وإن قذفهم بكلمات حد
____________________
(9/98)
لكل واحد حدا على الأصح كالديون والقصاص وعنه إن طالبوا مجتمعين فحد واحد وإلا تعدد وعنه حد واحد مطلقا كما لو سرق من جماعة أو زنى بنساء أو شرب أنواعا من المسكر فلو قال يا ابن الزانيين فهو قذف لهما بكلمة واحدة فإن كانا ميتين ثبت الحق لولدهما ولم يجب إلا حد واحد وإن قال يا زاني ابن الزاني فهو قذف لهما بكلمتين فإن كان أبوه حيا فلكل منهما حد وإن كان ميتا فالظاهر في المذهب أنه لا يجب الحد بقذفه وإن حد للقذف فأعاده لم يعد عليه الحد في قول عامتهم لأنه حد به مرة فلم يحد به ثانية بخلاف السرقة وعلم منه أنه إذا تعدد قذفه ولم يحد فحد واحد رواية واحدة نص عليه وقيل يتعدد وإن أعاده بعد لعانه فنقل حنبل يحد اختاره أبو بكر والمذهب يعزر وعليهما لا لعان وقدم في الترغيب يلاعن إلا أن يقذفها بزنى لاعن عليه مرة واعترفت أو قامت البينة واختار ابن عقيل يلاعن لنفي تعزير ولو قذفها بزنى آخر بعد حده فروايات ثالثها يحد مع طول الفصل فرع إذا تاب من زنى حد قاذفه وقيل يعزر واختار في الترغيب يحد بزنى جديد لكذبه يقينا بخلاف من سرق عينا ثانية فإنه وجد منه ما وجد في الأولة وإن قذف من أقرت به مرة وفي المبهج أربعا أو شهد به اثنان أو شهد به أربعة بالزنى فلا لعان ويعزر وفي المستوعب لا
مسألة لا يشترط لصحة توبة من قذف وغيبة ونحوهما إعلامه والتحلل منه وحرمه القاضي والشيخ عبد القادر ونقل مهنا لا ينبغي أن يعلمه قال الشيخ
____________________
(9/99)
تقي الدين والأشبه أنه يختلف وعنه يشترط وقيل إن علم به المظلوم وإلا دعا له واستغفر ولم يعلمه وظاهره أنه لو أصبح وتصدق بعرضه على الناس لم يملكه ولم يبح ولا يصح إسقاط الحق قبل وجود سببه وإذنه في عرضه كإذنه في قذفه وهي كإذنه في دمه وماله & باب حد المسكر &
المسكر اسم فاعل من أسكر الشراب فهو مسكر إذا جعل صاحبه سكران أو كان فيه قوة يفعل ذلك قال الجوهري السكران خلاف الصاحي والجمع سكرى وسكارى بضم السين وفتحها والمرأة سكرى ولغة بني أسد سكرانة
وهو محرم بالإجماع وما نقل عن قدامة بن مظعون وعمرو بن معدي كرب وأبي جندل بن سهيل أنها حلال فمرجوع عنه نقله المؤلف وسنده قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب } الآيات المائدة 90 و 91
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر كل مسكر خمر وفي لفظ كل مسكر خمر وكل خمر حرام رواهما مسلم
كل شراب أسكر كثرة فقليله حرام لما روي جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أسكر كثيره فقليله حرام رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وحسنه من أي شيء كان لما روى ابن عمر أن عمر قال على منبر النبي صلى الله عليه وسلم أما بعد أيها الناس إن الله نزل تحريم الخمر وهي من خمسة من العنب والتمر
____________________
(9/100)
والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل متفق عليه واباح إبراهيم الحربي من نقيع التمر إذا طبخ ما دون السكر قال الخلال فتياه على قول أبي حنيفة قال الامام أحمد ليس في الرخصة حديث صحيح وقال ابن المنذر جاء أهل الكوفة بأحاديث معلولة وقيل إن خبر ابن عباس أنه عليه السلام قال حرمت الخمر لعينها والسكر من كل شراب موقوف عليه مع أنه يحتمل أنه أراد بالسكر المسكر من كل شراب ويسمى خمرا لقوله عليه السلام كل مسكر خمر لأن الخمر ما خامر العقل أي غطاه وستره وهذا موجود في كل مسكر وحكم عصير غير العنب كحكمه روي عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وسعد وأبي وأنس وعائشة وهو قول الأكثر وقال أبو حنيفة عصير العنب إذا طبخ وذهب ثلثاه ونقيع التمر والزبيب إذا طبخ ولم يذهب ثلثاه ونبيذ الحنطة والشعير نقيعا كان أو غيره حلال إلا ما بلغ السكر وجوابه ما روت عائشة مرفوعا ما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام رواه أحمد وسعيد وأبو بكر والترمذي وحسنه وإسناده ثقات وظاهره يقتضي أن الحشيشة لا تسكر لكن قوله كل مسكر خمر يقتضي أنه تسكر قال في الفتاوى المصرية الحشيشة المسكرة حرام وإنما توقف بعض الفقهاء في الحد لأنه ظن أنها تغطي العقل كالبنج والصحيح أنها تسكر وإنما كانت نجسة بخلاف البنج وجوزه الطبيب لأنها تسكر بالاستحالة كالخمر يسكر بالاستحالة والبنج يغيب العقل ويسكر بغير الاستحالة كجوزة الطبيب ولا يحل شربه للذة لعموم ما أسكر كثيره فقليله حرام ولا للتداوي لما روى وائل بن حجر أن طارق بن سويد الجعفي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر
____________________
(9/101)
فنهاه أو كره له أن يصنعها فقال إنما أصنعها للدواء فقال إنه ليس بدواء ولكنه داء رواه مسلم وقال ابن مسعود إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم رواه البخاري ورواه أحمد من حديث حسان بن مخارق عن أم سلمة مرفوعا وصححه ابن حبان ولأنه يحرم لعينه فلم يحل شربه للتداوي كلحم الخنزير ولا لعطش لأنه لا يذهبه ولا يزيله ولا يدفع محذوره فوجب بقاؤه على تحريمه عملا بالأدلة المقتضية لذلك مع سلامته من المعارض ولا لغير إلا لدفع لقمة غص بها فيجوز تناوله إذا لم يجد غيره وخاف التلف لقوله تعالى { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه } البقرة 173 ولأن حفظ النفس مطلوب بدليل أنه تباح الميتة عند الاضطرار إليها وهو موجود هنا فوجب جوازه تحصيلا لحفظ النفس المطلوب حفظها ويقدم عليه بولا ويقدم عليهما ماء نجسا ومن شربه وهو مكلف مختارا عالما أن كثيره يسكر وظاهره أنه إذا لم يعلم فلا حد عليه وهو قول عامتهم وكذا إذا ادعى الجهالة بإسكار غير الخمر أو تحريمه أو بوجود الحد به ومثله يجهله صدق ولم يحد وكذا اذا شربها مكرها لحله له وعنه لا تحل له اختارها أبو بكر وفي حده روايتان والظاهر أنهما مبنيان على حله له وعدمه والصبر أفضل نص عليه وكذا كل ما جاز فعله للمكره ذكره القاضي وغيره قال الشيخ تقي الدين يرخص أكثر العلماء فيما يكره عليه من المحرمات لحق الله تعالى كأكل الميتة وشرب الخمر وهو ظاهر مذهب أحمد قليلا كان ما شربه أو كثيرا فعليه الحد لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من شرب الخمر فاجلدوه رواه
____________________
(9/102)
أحمد وأبو داود والنسائي وقد ثبت أن أبا بكر وعمر وعليا جلدوا شاربها ولأن القليل خمر فيدخل في العموم ولأنه شراب فيه شدة مطربة فوجب الحد به كالكثير ويلحق بذلك ما لو احتقن بها في المنصوص كما لو استعط أو عجن به دقيقا فأكله ونقل حنبل أو تمضمض حد وذكره في الرعاية قولا وهو غريب وفي المستوعب إن وصل جوفه حد وفي عيون المسائل يثبت بعدلين يشهدان أنه شرب مسكرا ولا يستفسرهما الحاكم عما شرب لأن كل مسكر يوجب الحد فدل أنه إن لم يره الحاكم موجبا استفسرهما فعليه الحد ثمانون جلدة قدمه في الرعاية والفروع وجزم به في الوجيز لإجماع الصحابة لما روي أن عمر استشار الناس في حد الخمر فقال عبد الرحمن اجعله كأخف الحدود ثمانين فضربه عمر ثمانين وكتب به إلى خالد وأبي عبيدة بالشام وروي أن عليا قال في المشورة إذا سكر هذي وإذا هذي افترى وعلى المفتري ثمانون رواه الجوزجاني والداقطني وجوزهما الشيخ تقي الدين للمصلحة وأنه الرواية الثانية وعنه أربعون إن كان حرا اختاره أبو بكر والمؤلف وغيرهما لما روي أن على بن أبي طالب جلد الوليد بن عقبة أربعين ثم قال جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي رواه مسلم لا يقال فعل عمر كان بمحضر من الصحابة فيكون إجماعا ولأن فعله عليه السلام حجة لا يجوز تركه لفعل غيره ولا ينعقد الإجماع مع مخالفة أبي بكر وعلي بل يحتمل أن عمر فعل الزيادة على أنها تعزير يجوز فعلها إذا رآها الإمام وضرب علي النجاشي بشربه في رمضان ثمانين ثم حبسه ثم عشرين من الغد نقل صالح أذهب
____________________
(9/103)
إليه ونقل حنبل يغلظ عليه كمن قتل في الحرم واختار أبو بكر يعزر بعشرة فأقل وفي المغني عزره بعشرين لفطره والرقيق عبدا كان أو أمة على النصف من ذلك كالزنى والقذف فكذا من شرب الخمر من باب أولى فعلى الأولى يحد أربعين وعلى الثانية عشرين صرح به في المغني والشرح إلا الذمي فإنه لا يحد بشربه في الصحيح من المذهب لأنه يعتقد حله فلم يحد بفعله كنكاح المجوس ذوات محارمهم والثانية بلى لأنه شرب مسكرا عالما به مختارا أشبه شارب النبيذ إذا اعتقد حله قال في المحرر وعندي يحد إن سكر وإلا فلا والمذهب خلافه قال في البلغة ولو رضي بحكمنا لأنه لم يلتزم الانقياد في مخالفة دينه وهل يجب الحد بوجود الرائحة على روايتين
أظهرهما لا يجب وقدمه في الكافي والرعاية والفروع وهو قول أكثر العلماء فعلى هذا يعزر نص عليه واختاره الخلال كحاضر مع من يشربها نقله أبو طالب
والثانية أنه يحد قال ابن أبي موسى في الإرشاد وهي الأظهر عنه روي عن عمر وابن مسعود لأن الرائحة تدل على شربه لها فجرى مجرى الإقرار قال في الشرح والأول أولى لأن الرائحة تحتمل أنه تمضمض بها أو ظنها ماء أو أكل نبقا بالغا أو شرب شراب تفاح فإنه يكون منه كرائحة الخمر والحد يدرأ بالشبهة
فائدة يستعمل لقطع رائحة الخمر الكسفرة وعرق البنفسج والثوم وما أشبه ذلك مما له رائحة قوية
____________________
(9/104)
فرع إذا وجد سكران أو تقيأ الخمر فعنه لا حد قال بعضهم وهي الأظهر وعنه بلى على الثانية التي يحد بالرائحة لفعل عثمان وهو بمحضر من الصحابة رواه مسلم
تنبيه لا يثبت الحد إلا بأحد شيئين إما البنية العادلة أو الإقرار ويكفي مرة كحد القذف وعنه مرتين نصره القاضي واصحابه وجعل أبو الخطاب بقية الحدود بمرتين وفي عيون المسائل في حد الخمر بمرتين وإن سلمنا فلأنه لا يتضمن إتلافا بخلاف حد السرقة ولم يفرقوا بين حد القذف وغيره إلا بأنه حق آدمي كالقود فدل على رواية فيه وهذا متجه قاله في الفروع والعصير إذا أتت عليه ثلاثة أيام زاد بعضهم بلياليها حرم لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشربه إلى مساء ثالثة ثم يأمر به فيسقي الخدم أو يهراق رواه مسلم وحكى أحمد عن ابن عمر أنه قال في العصير أشربه ما لم يأخذه شيطانه قيل وفي كم يأخذه شيطانه قال في ثلاث قال أحمد فإذا أتى عليه ثلاثة أيام فلا تشربه ولأن الشدة تحصل في ثلاث غالبا إلا أن يغلى قبل ذلك فيحرم نص عليه إذا غلى العصير وقذف بزبده فلا خلاف في تحريمه لصحة إطلاق اسم الخمر عليه وعنه إذا غلى أكرهه وإن لم يسكر فإذا أسكر فحرام وعنه الوقف فيما نش وعند أبي الخطاب أن هذا محمول على عصير يتخمر في ثلاث غالبا لقوله عليه السلام اشربوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرا ولأن علة التحريم الشدة المطربة وذلك في المسكر لا غيره وأجاب عن إطلاق أحمد بأن المراد عصير يتخمر في ثلاث غالبا
____________________
(9/105)
فرع إذا طبخ منه قبل التحريم حل إن ذهب ثلثاه وبقي ثلثه نقله الجماعة وذكره أبو بكر إجماع المسلمين قال أبو داود سألت أحمد عن شرب الطلا فقال إذا ذهب ثلثاه وبقي ثلثه فقال لا بأس قال يقولون إنه يسكر فقال لا لو كان يسكر ما أحله عمر وجعل أحمد وضع زبيب في خردل كعصير وإنه إن صب فيه خل أكل ولا يكره أن يترك في الماء تمرا أو زبيبا ونحوه ليأخذ ملوحته لما روي أنه عليه السلام كان ينبذ له الزبيب فيشربه ما لم يشتد عليه أو يأتي عليه ثلاث تمام نص عليه ولأنه إذا بلغ ذلك صار مسكرا ونقل ابن الحكم إذا نقع زبيبا أو تمر هندي أو عنابا ونحوه لدواء غدوة وشربه عشية وبالعكس هذا نبيذ أكرهه ولكن يطبخه ويشربه على المكان فهذا ليس بنبيذ فإن غلي العنب وهو عنب فلا بأس به نقله أبو داود فرع أذا سكر من النبيذ فسق وكذا إن شرب قليله على الأصح ولا يكره الانتباذ في الدباء وهي القرعة اليابسة المجعولة وعاء والحنتم وهي جدار مدهونة واحدتها حنتمة والنقير وهو أصل النخلة ينقر ثم ينبذ فيه التمر فعيل بمعنى مفعول والمزفت وهو الوعاء المطلي بالزفت نوع من القار لما روى بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرا رواه مسلم وعنه يكره قال الخلال وعليها العمل لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الانتباذ فيها وعنه يحرم ذكرها في الهدي والأول أصح لأن دليله ناسخ وعنه وغيره من الأوعية
____________________
(9/106)
إلا سقاء يوكى حيث بلغ الشراب ويكره الخليطان وهو أن ينبذ شيئين كالتمر والزبيب أو المذنب وحده نقله الجماعة لما روت عائشة قالت كنا ننبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنأخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب فنطرحهما فيه ثم نصب عليه الماء فننبذه غدوة فيشربه عشية وننبذه عشية فيشربه غدوة رواه أبو داود وابن ماجة فلما كانت مدة الإنباذ قريبة وهي يوم أو ليلة لا يتوهم الإسكار فيها فعلى هذا لا يكره ويكره إذا كان في مدة تحتمل إفضاؤه إلى الإسكار لأنه عليه السلام نهى عن الخليطين وأدنى أحوال النهي الكراهة وعنه يحرم واختاره في التنبيه لما روى أبو قتادة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين التمر والزهو والتمر والزبيب ولينبذ كل واحد منهما على حدة متفق عليه وعنه لا يكره اختاره في الترغيب واختاره في المغني ما لم يحتمل إسكاره قال القاضي هو حرام إذا اشتد واسكر وإذا لم يسكر لم يحرم وهذا هو الصحيح إن شاء الله تعالى ولا بأس بالفقاع أي يباح ولا أعلم فيه خلافا لأنه لا يسكر ويفسد إذا بقي وليس المقصود منه الإسكار وإنما يتخذ لهضم الطعام وصدق الشهوة وعنه يكره وعنه يحرم ذكرها في الوسيلة والمذهب الأول وسئل الشيخ تقي الدين عن شرب الأقسماء فأجاب بأنها إذا كانت من زبيب فقط فإنه يباح شربها ثلاثة أيام ما لم تشتد باتفاق العلماء أما ما كان من خليطين يفسد أحدهما الآخر فهذا فيه نزاع فلو وضع فيه ما يحمضه كالخل والليمون كما يوضع في الفقاع المشذب فهذا يجوز شربه مطلقا فإن حموضته تمنعه أن يشتد والله أعلم
____________________
(9/107)
& باب التعزير &
التعزير في اللغة المنع يقال عزرته أي منعته ومنه سمي التأديب ولأنه يمنع من تعاطي القبيح ومنه التعزير بمعنى النصرة لأنه منع لعدوه من أذاه وقال السعدي يقال عزرته ووقرته وأيضا أدبته وهو من الأضداد وهو طريق الى التوقير لأنه إذا امتنع به وصرف عن الدناءة حصل له الوقار والنزاهة وهو التأديب فبيان لمعنى التعزير وفسره في المغني بالعقوبة المشروعة على جناية لا حد فيها وهو قريب مما ذكره هنا قاله ابن المنجا وفيه نظر وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة وكذا ذكره في المحرر والوجيز وغيرهما من كتب الأصحاب قال الشيخ تقي الدين إن عنى به فعل المحرمات وترك الواجبات فاللفظ جامع وإن عنى فعل المحرمات فقط فغير جامع بل التعزير على ترك الواجبات أيضا ولأن المعصية تفتقر إلى ما يمنع من فعلها فإدا لم يجب فيها حد ولا كفارة وجب أن يشرع فيها التعزير لتحقيق المانع من فعلها وفي الشرح هو واجب إذا رآه الإمام فيما شرع فيه التعزير وعنه يعزر المكلف ندبا نص عليه في تعزير رقيقه على معصية وشاهد زور وفي الواضح في وجوب التعزير روايتان والأشهر كما ذكره المؤلف ونص عليه الإمام في سب صحابي كحد وكحق آدمي طلبه وقولنا ولا كفارة فيه فائدته في الظهار وشبه العمد لكن يقال يجب التعزير فيه لأن الكفارة حق الله تعالى
____________________
(9/108)
بمنزلة الكفارة في الخطأ ليست لأجل الفعل بل بدل النفس الفائتة فأما نفس الفعل المحرم الذي هو الجناية فلا كفارة فيه ويظهر هذا بما لو جنى عليه فلم يتلف شيئا استحق التعزير ولا كفارة ولو أتلف بلا جناية محرمة لوجبت الكفارة بلا تعزير وإنما الكفارة في شبه العمد بمنزلة الكفارة على المجامع في الصيام والإحرام لا في اليمين الغموس إذ وجبت الكفارة لاختلاف سببها لأن سبب الكفارة الحنث ويمين الغموس كذبة نزلت منزلة الحنث وسبب التعزير شيء آخر وهو إقدامه على الحلف كذبا وحاصله أن ما كان من التعزير منصوصا عليه وجب وما لم يكن ورأى الإمام المصلحة فيه وجب كالحد وإن رأى العفو جاز للأخبار وإن كان لحق آدمي فطلبه لزمه إجابته وفي الكافي يجب التعزير في موضعين ورد الخبر فيهما وما عداهما إلى اجتهاد الإمام فإن جاء تائبا معترفا قد أظهر الندم والإقلاع جاز ترك تعزيره وإلا وجب وقال القاضي ومن تبعه إلا أذا شتم نفسه أو سبها ولا يحتاج إلى مطالبة كالاستمتاع الذي لا يوجب الحد لأنه عليه السلام جعله سيئة وإتيان المرأة المرأة لقوله عليه السلام إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان وسرقة ما لا يوجب القطع لدخوله في قوله عليه السلام لا يحل مال امرء مسلم إلا عن طيب نفسه والجناية على الناس بما لا قصاص فيه لأنه تعد على الغير أشبه التي فيها القصاص لا يقال القياس يقتضي مشروعية القصاص في ذلك أيضا والتقدير خلافه لأنه تعذر القصاص لمعنى يختص به وهو لا يمنع من ثبوت الحرمة لأن الجناية تقتضي الإيجاب مطلقا ترك العمل به لما ذكرنا فيبقى
____________________
(9/109)
ما عداه على مقتضاه والقذف بغير الزنى بأن يرميه بالكذب أو بالفسق فعلى هذا إن تشاتم اثنان عزرا ويحتمل عدمه فدل أنما رآه تعين فلا يبطله غيره وأنه يتعين قدر تعزير عينه ونحوه روي عن علي أنه سئل عن قول الرجل لآخر يا خبيث قال هو فاسق فيه تعزير وهذا كله معصية لله تعالى لأنه إما جناية على الشرع أو على آدمي والجناية على الآدمي عمدا محرمة وفاعلها مقدم على مخالفة الله تعالى بأدى المسلمين فيكون واجبا كالحد ومن وطىء أمة امرأته فعليه الحد لحديث النعمان بن بشير ولأنه وطء في فرج في غير عقد ولا ملك فوجب عليه الحد كوطء أمة غير زوجته إلا أن تكون قد أحلتها له فيجلد مائة ولا رجم ولا تغريب لما روى أحمد وأبو داود وغيرهما عن حبيب بن سالم أن رجلا يقال له عبد الرحمن بن حنين وقع على جارية امرأته فرفع إلى النعمان بن بشير وهو أمير على الكوفة فقال لأقضين فيك بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كانت أحلتها لك جلدتك مائة وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك قال الترمذي سألت محمدا عنه فقال أنا أتقى هذا الحديث وقال الخطابي ليس بمتصل وقال غيره رجاله ثقات إلا حبيب ابن سالم قال البخاري فيه نظر وقد روى له مسلم ووثقه أبو حاتم وعنه يعزر مائة إلا سوطا وعنه يعزر بعشر وهل يلحقه نسب ولدها على روايتين
إحداهما يلحقه جزم بها في الوجيز كوطء الجارية المشتركة
والثانية لا يلحقه الولد نقله الجماعة قال أبو بكر العمل عليه لأنه وطء لا في ملك ولا شبهة ملك أشبه الزنى المحض وقال الشيخ تقي
____________________
(9/110)
الدين إن ظن جوازه لحقه وإلا فروايتان فيه وفي حده وعنه يحد فلا يلحقه لعدم حلها ولو ظن حلها نقله مهنا ولا يسقط الحد بالإباحة لعموم النصوص الدالة على وجوب الحد على الزاني في غير هذا الموضع وهو إباحة الزوجة أمتها لزوجها وإنما سقط الحد هنا لحديث النعمان
تنبيه نقل الميموني فيمن زنى صغير لم ير عليه شيئا ونقل ابن منصور في صبي قال لرجل يا زاني ليس قوله شيئا وكذا في التبصرة أنه لا يعزر وذكر الشيخ تقي الدين أن غير المكلف كالصبي المميز يعاقب على الفاحشة تعزيرا بليغا وكذا المجنون يضرب على ما فعل لينزجر لكن لا عقوبة بقتل أو قطع وفي الواضح من بلغ عشرا صلح تأديبه في تعزير على طهارة وصلاة ومثله زناه وهو ظاهر كلام القاضي وظاهر ما نقله الشالنجي في الغلمان يتمردون لا بأس بضربهم وأما القصاص مثل أن يظلم صبي صبيا أو مجنون مجنونا أو بهيمة بهيمة فيقتص للمظلوم من الظالم وإن لم يكن في ذلك زجر عن المستقبل لكن لاشتفاء المظلوم وأخذ حقه قال في الفروع فيتوجه أن يقال يفعل ذلك ولا يخلو عن ردع وزجر وأما في الآخرة فإن الله تعالى يقول ذلك للعدل بين خلقه قال ابن حامد القصاص بين البهائم والشجر والعيدان جائز شرعا بإيقاع مثل ما كان في الدنيا وكما قال أبو محمد البربهاري في القصاص من الحجر لم نكب اصبع الرجل قال الشيخ تقي الدين القصاص موافق لأصول الشريعة ولا يزاد في التعزير على عشر جلدات في غير هذا الموضع لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يجلد أحد فوق عشر جلدات إلا
____________________
(9/111)
في حد من حدود الله تعالى متفق عليه من حديث أبي بردة ونص عليه أحمد في مواضع وجزم به في الوجيز والمراد عند الشيخ تقي الدين إلا في محرم لحق الله تعالى وعنه يتبع قال بعضهم ولا وجه له وعنه لا يبلغ به الحد جزم به الخرقي وقدمه في المذهب والمحرر فيحتمل أنه أدلى حد مشروع وهو قول الأكثر ويحتمل أن لا يبلغ بكل جناية حدا مشروعا في جنسها ويجوز أن يزيد على حد غير جنسها وعنه ما كان سببه الوطء كوطء جاريته المشتركة والمزوجة ونحوهما كجارية ولده أو أحد أبويه والمحرمة برضاع وميتة عالما بتحريمه ضرب مائة لما سبق من حديث النعمان في وطء جارية امرأته بإذنها فيتعدى إلى وطء أمته المشتركة والمزوجة لأنها في معناها وعن سعيد بن المسيب أن عمر قال في أمة بين رجلين وطئها أحدهما يجلد الحد إلا سوطا رواه الأثرم واحتج به أحمد والمذهب كما قاله القاضي أنه لا يزاد على عشر فأقل إلا في وطء أمة مشتركة فيعزر حر بمائة إلا سوطا نقله الجماعة وما عداه يبقى على العموم لحديث أبي بردة قال في المغني والشرح وهذا قول حسن ويسقط عنه النفي أي يضرب مائة جلدة بلا نفي وله نقصه ويرجع في أقله إلى اجتهاد الإمام مع أنه اختار طائفة من أصحابنا أنه يقتل للحاجة وأنه يقتل مبتدع داعية ونقله إبراهيم بن سعيد الأطروش في الدعاة من الجهمية وعن أحمد وكذا كل وطء في فرج وهي أشهر عند جماعة وعنه أو دونه نقله يعقوب جزم به في المذهب والمحرر وغيرهما واحتج بأن عليا وجد رجلا مع امرأة في
____________________
(9/112)
لحافها فضربه مائة والعبد بخمسين إلا سوطا وكذلك يتخرج فيمن أتى بهيمة إذا قلنا إنه لا يحد بل يعزر لأنه وطء في فرج أشبه وطء أمة امرأته وغير الوطء لا يبلغ به أدنى الحدود لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين وكتب عمر إلى أبي موسى لا يبلغ بالتعزير أدنى الحدود
تنبيه التعزير يكون بضرب وحبس وتوبيخ وقيل في حق الله تعالى وحده ولا يقطع عضوا ولا يجرحه ولا يأخذ ماله وإن عفا عنه مستحق الحد سقط مع التعزير وإن عفا مستحق التعزير لم يسقط
فائدة من عرف بأدى الناس حتى بعينه حبس حتى يموت أو يتوب قاله ابن حمدان قال القاضي للوالي فعله وفي الترغيب للإمام حبس العائن قال بعضهم ولا يبعد أن يقتل إذا كان يقتل بها غالبا وفيه نظر
ومن استمنى بيده لغير حاجة حرم وعزر لأنه معصية ولقوله تعالى { والذين هم لفروجهم حافظون } المؤمنون 5 ولحديث رواه الحسن ابن عرفة في جزئه وعنه يكره تنزيها نقل ابن منصور لا يعجبني بلا ضرورة قال مجاهد كانوا يأمرون فتيانهم أن يستعفوا به وعنه يحرم مطلقا ونقله البغوي في تفسيره عن أكثر العلماء وإن فعله خوفا من الزنى فلا شيء عليه لأنه لو فعل ذلك خوفا على بدنه لم يلزمه شيء ففعله خوفا على دينه أولى ويجوز في هذه الحالة وهذا إذا لم يقدر على نكاح ولو أمة نص عليه وعنه
____________________
(9/113)
يكره والمرأة كالرجل فتستعمل شيئا مثل الذكر ويحتمل المنع وعدم القياس ذكره ابن عقيل
فرع لو اضطر إلى جماع وليس من يباح وطؤها حرم الوطء اتفاقا & باب القطع في السرقة &
وهو ثابت بالإجماع وسنده قوله تعالى { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } المائدة 38 ولقوله عليه السلام في حديث عائشة تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا إلى غيره من النصوص ولا يجب القطع إلا بسبعة أشياء يأتي حكمها
أحدها السرقة لأن الله تعالى أوجب القطع على السارق فإذا لم توجد السرقة لم يكن الفاعل سارقا وهي أخذ المال أي المحترم على وجه الاختفاء هذا بيان لمعنى السرقة ومنه استراق السمع ومسارقة النظر إذا كان يستخفي بذلك وشرطه أن يكون عالما به وبتحريمه من مالكه أو نائبه نص عليه وفي الانتصار ولو بكونه في يده ولم يعلم أنه ملكه والأصح ولو من غلة وقف وليس من مستحقه وهو مكلف مختار وعنه أو مكره ولا قطع على منتهب لما روى جابر مرفوعا قال ليس على المنتهب قطع رواه أبو داود ولا مختلس ولا غاصب ولا خائن لقوله عليه السلام ليس على الخائن والمختلس قطع رواه أبو داود والترمذي وقال لم يسمعه ابن جريج من أبي الزبير لأن
____________________
(9/114)
لا جاحد وديعة ولا عارية وعنه يقطع جاحد العارية ويقطع الطرار وهو الذي يبط الجيب وغيره ويأخذ منه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +الاختلاس نوع من النهب وإذا لم يجب على الخائن والمختلس فالغاصب أولى وقال إياس بن معاوية يقطع لأنه يستخفي بأخذه فيكون سارقا والمنقول عن علماء الأمصار خلافه لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه والدارقطني وإسناده ثقات قال أبو داود بلغني عن أحمد بن حنبل أن ابن جريج إنما سمعه من ياسين الزيات ولا جاحد وديعة وفاقا لعموم قوله لا قطع على خائن لأنه ليس بسارق ولا عارية ولا غيرها من الأمانات بغير خلاف نعلمه وعنه يقطع جاحد العارية نص عليه في رواية صالح وعبد الله والكوسج والخوارزمي وأبي طالب وابن منصور وجزم بها ابن هبيرة وصاحب الوجيز ونصرها القاضي في الخلاف لما روت عائشة أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها رواه مسلم قال أحمد لا أعرف شيئا يدفعه وقال في رواية الميموني هو حكم من النبي صلى الله عليه وسلم ليس يدفعه شيء والأولى أصح والمرأة إنما قطعت يدها لسرقتها لا لجحودها بدليل قوله عليه السلام إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها وإنما عرفتها عائشة بجحدها العارية لشهرتها بذلك وفيما ذكرناه موافقة لظاهر الأحاديث والقياس وفقهاء الأمصار فيكون أولى ويقطع الطرار وهو الذي يبطء الجيب وغيره ويأخذ منه هذا هو الأشهر وجزم به في الوجيز وقدمه أكثر الأصحاب لأنه أخذ مال غيره كالفاكهة والبطيخ أو لا وسواء كان ثمينا كالمتاع والذهب أو غير ثمين كالخشب والقصب ويقطع بسرقة العبد الصغير ولا يقطع بسرقة حر وإن كان صغيرا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/115)
وعنه لا يقطع . فصل
الثاني أن يكون المسروق مالا محترما سواء كان مما يسرع إليه الفساد كالفاكهة والبطيخ أو لا ، وسواء كان ثمينا كالمتاع والذهب أو غير ثمين كالخشب والقصب (1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)+على وجه الاختفاء أشبه السارق وسواء بط ما أخذ منه أو قطعه فأخذه فعلى هذا لو بط جيبه فسقط منه نصاب فأخذه قطع نص عليه وعنه لا يقطع لأنه لا يسمى سارقا كالمختلس فصل
الثاني أن يكون المسروق مالا لأن ما ليس بمال لا حرمة له فلم يجب به قطع والأحاديث دالة على ذلك مع أن غير المال لا يساوي المال فلا يلحق به لا يقال الآية مطلقة لأن الأخبار مقيدة به فيحمل المطلق على المقيد فعلى هذا لا يقطع بسرقة كلب وإن كان معلما لأنه ليس بمال ولا بحر لما يأتي محترما لأنه إذا لم يكن كذلك كمال الحربي تجوز سرقته بكل طريق وجواز الأخذ منه ينفي وجوب القطع سواء كان مما يسرع إليه الفساد كالفاكهة والبطيخ أو لا وسواء كان ثمينا كالمتاع والذهب أو غير ثمين كالخشب والقصب لعموم قوله تعالى { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } المائدة 38 ولقوله عليه السلام في الثمر من سرق منه شيئا فبلغ ثمن المجن ففيه القطع رواه أحمد وأبو داود والنسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وروى مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن أن سارقا سرق أترجة في زمن عثمان بن عفان فأمر عثمان أن تقوم فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر بدينار فقطع عثمان يده ورواه الشافعي عن مالك وقال هي الأترجة التي يأكلها الناس ولأن هذا مال يتمول
____________________
1-
(9/116)
ويقطع بسرقة العبد الصغير ، ولا يقطع بسرقة حر ، وإن كان صغيرا ، وعنه أنه لا يقطع بسرقة الصغير فإن قلنا لا يقطع فسرقه وعليه حلي فهل يقطع (1)(1)(1)(1)(1)(1)+عادة ويرغب فيه فيقطع سارقه كالمجفف وسواء كان أصله الإباحة أو لا حتى أحجار ولبن ونورة وفخار وزجاج وملح وفيه وجه وسرجين طاهر والأظهر وثلج وفي ماء وجهان وفي الواضح في صيد مملوك محرز روايتان ونقل ابن منصور لا قطع في طير لإباحته أصلا قال في الفصول قال شيخنا لعله أخذه من غير حرز وفيه نظر إذ كل الأموال كذلك وعندي أن قصد الأشياء المباحة في الأصل كالصيود وما شاكلها لا قطع فيها وفي الروضة إن لم يتمول عادة كماء وكلإ محرز فلا قطع في إحدى الروايتين ويقطع بسرقة العبد الصغير في قول عامتهم لأنه سرق مالا مملوكا تبلغ قيمته نصابا أشبه سائر الحيوانات والمراد به غير المميز لأن مثل ذلك لا يفهم ولا يميز بين سيده وغيره فإن كان كبيرا عاقلا لم يقطع بسرقته إلا أن يكون نائما أو مجنونا لا يميز بين سيده وغيره في الطاعة فيقطع سارقه كأعجمي لا يميز ولو كان كبيرا وفي الشرح إن كان المسروق في حال نومه أو جنونه أو أم ولد فوجهان وفي الكافي لا يقطع كبير أكرهه وفي الترغيب في عبد نائم وسكران وجهان فرع إذا سرق المكاتب لم يقطع بخلاف ماله إلا أن يكون سيده هو السارق ولا يقطع بسرقة حر وإن كان صغيرا في ظاهر المذهب وهو قول أكثرهم لأنه ليس بمال أشبه الكبير وعنه أنه يقطع بسرقة الصغير كالمجنون لأنه مسروق أشبه المال والبهيمة وجوابه أنه ليس بمال فلا يقطع بسرقته كالكبير النائم فإن قلنا لا يقطع فسرقه وعليه حلي أو
____________________
1-
(9/117)
فعل يقطع على وجهين ولا يقطع بسرقة مصحف وعند أبي الخطاب يقطع ويقطع ويقطع بسرقة سائر كتب العلم ولا يقطع بسرقة آلة لهو ولا محرم كالخمر وإن(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1)(1) ثياب تبلغ قيمتها نصابا فهل يقطع على وجهين
أحدهما وقدمه في الشرح لا قطع لأنه تابع لما لا قطع فيه أشبه ثياب الكبير ولأن يد الصبي على ما عليه بدليل أن ما يوجد مع اللقيط يكون له وكذا لو كان الكبير نائما على متاع فسرقه وثيابه لم يقطع لأن يده عليه
والثاني يقطع وجزم به في الوجيز لظاهر الآية وكما لو سرقه مفردا ولا يقطع بسرقة مصحف في قول أبي بكر والقاضي لأن المقصود منه كلام الله تعالى وهو مما لا يجوز أخذ العوض عنه وعند أبي الخطاب يقطع وهو ظاهر كلام أحمد جزم به في الوجيز لعموم الآية والأخبار وكتب التفسير والفقه وقيل إن سرقه ذمي قطع وإن سرقه مسلم فوجهان فإن قلنا لا يقطع وعليه حلية تبلغ نصابا فوجهان ويقطع بسرقة سائر كتب العلم المباحة لأن ذلك مال حقيقة وشرعا وقيل إن سرق كتاب فقه أو حديث يحتاجه لم يقطع وذكر القاضي في الخلاف أنه لا يقطع إلا بسرقة دفاتر الحساب وعلم منه أنه لا يقطع بسرقة كتب البدع والتصاوير وهو كذلك ولا يقطع بسرقة آلة لهو كطنبور ومزمار ونحوه ولو بلغت قيمته مفصلا نصابا لأنه معصية إجماعا فلم يقطع بسرقته كالخمر وقيل إن سرقه وكسره لم يقطع وإلا قطع فإن كان عليه حلية تبلغ نصابا فوجهان
أحدهما وهو قياس قول أبي بكر لا قطع لأنه متصل بما لا قطع فيه أشبه الخشب والأوتار
والثاني وقاله القاضي يقطع لأنه سرق نصابا من حرز أشبه المفرد ولا محرم كالخمر والخنزير والميتة ونحوها سواء سرقه من مسلم أو كافر لأنها
الثالث
أن يسرق نصابا وهو ثلاثة دراهم أو قيمة ذلك من الذهب والعروض وعنه + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + +
____________________
1-
(9/118)
سرق إناء فيه خمر أو صليبا أو صنم ذهب لم يقطع وعند أبي الخطاب يقطع الفصل عين محرمة فلم يقطع بسرقتها كالخنزير ولأن ما لا يقطع بسرقته من مال مسلم لا يقطع بسرقته من الذمي كالدم وعنه ولم يقصد سرقة وفي الترغيب مثله في إناء نقد وفي الفصول في قضبان الخيزران ومخاد الجلود المعدة للصوفية يحتمل كألة لهو ويحتمل القطع وإن سرق إناء فيه خمر لم يقطع على المذهب لأنه متصل بما لا قطع فيه أشبه ما لو سرق شيئا مشتركا بينه وبين غيره بحيث تبلغ قيمته بالشركة نصابا قال في المستوعب لو سرق إناء فيه ماء أو خمر لم يقطع على قول أكثر أصحابنا أو صليبا أو صنم ذهب أو فضة وعبارة الفروع أو صنم نقد وهي أولى لم يقطع وهو قول القاضي وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع وعند أبي الخطاب يقطع وهو ظاهر كلام أحمد ووجههما ما سبق في سرقة آلة لهو وهذا بخلاف ما لو كسر آلة النقدين بكل وجه لم تنقص قيمته عن النصاب ولأنهما جوهران يغلبان على الصنعة ولأنه مجمع على تحريمه وكذا يقطع بإناء نقد بها تماثيل وقيل إن لم يقصد إنكارا فصل
الثالث أن يسرق نصابا فلا قطع بسرقة دون النصاب في قولهم إلا الحسن وابن بنت الشافعي فإنه يقطع في القليل كالكثير لعموم الأية وجوابه قوله عليه السلام لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعدا رواه أحمد ومسلم وهو إجماع الصحابة وما روي أنه عليه السلام قال لعن الله السارق تقوم العروض إلا بالدراهم وإذا سرق نصابا ثم نقصت قيمته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/119)
أنه ثلاثة دراهم أو ربع دينار أو ما يبلغ قيمة أحدهما من غيرهما وعنه لا يسرق الحبل فتقطع يده ويسرق البيضة فتقطع يده محمول على حبل أو بيضة تبلغ قيمة كل واحد منهما نصابا أو أن المراد بالبيضة بيض النعام لما فيه من الجمع بين الأدلة وهو ثلاثة دراهم لأن غيرها يقوم بها لما يأتي فلان يقطع بها نفسها بطريق الأولى أو قيمة ذلك من الذهب والعروض لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم متفق عليه قال ابن عبد البر هذا أصح حديث روي في هذا الباب وفيه على أن العرض يقوم بالدراهم لأن المجن قوم بها وأما كونه يقوم بالذهب فلأن ما كان الورق فيه أصلا كان الذهب فيه أصلا كنصاب الزكاة والديات وقيم المتلفات وقد روى أنس أن سارقا سرق مجنا يساوي ثلاثة دراهم فقطعه أبو بكر وأتي عثمان برجل سرق أترجة فبلغت قيمتها ربع دينار فقطع وقال علي فما بلغ ثمن المجن ففيه القطع ويعتبر في الدراهم أن تكون خالصة فلو كانت مغشوشة فلا خلافا للشيخ تقي الدين فيها وعنه أنه ثلاثة دراهم أو ربع دينار أو ما يبلغ قيمة أحدهما من غيرهما نصره القاضي في الخلاف وذكر في الكافي أنها أولى وقدمها في الرعاية والفروع وجزم بها في الوجيز لخبر عائشة ولقوله اقطعوا في ربع دينار لا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك وكان ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم والدينار اثني عشر رواه أحمد وهذا تقييد لإطلاق الآية قوله يبلغ إلى أخره أي يسرق عرضا قيمته كأحدهما وعنه لا تقوم العروض إلا بالدراهم لأن التقويم حصل بها لا بالذهب واختلف في الذهب هل هو أصل في القطع نفسه فعنه نعم وهو المذهب وعنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/120)
أو ملكه ببيع أو هبة أو غيرها لم يسقط القطع وإن دخل الحرز فذبح لا فعلى هذه يقوم بالدراهم فما ساوى منه ثلاثة دراهم قطع به وإن لم يبلغ ربع دينار وما لا يساوي ثلاثة دراهم لم يقطع به وإن بلغ ربع دينار وعلى المذهب أقله ربع دينار فلو كان دونها ويساوي ثلاثة دراهم لم يقطع وعلى هذا هو أصل في التقويم وهو اختيار ابن عقيل والمؤلف لأنه أحد النقدين فكان التقويم به كالآخر وعلى الثانية ليس بأصل وإنما الأصل الدراهم وعلى الأول متى بلغت قيمة المسروق أدنى الناصبين قطع وعلى الأخرى الاعتبار بالدراهم فقط وفي تكميله بضم من النقدين وجهان ويكفي تبر في المنصوص أي يكفي وزن التبر اقتصر عليه في الكافي وقدمه في الرعاية وقيل تعتبر قيمته بالمضروب وإذا سرق نصابا ثم نقصت قيمته أي بعد الإخراج لإن النقصان وجد في العين بعد استحقاقها القطع أشبه ما لو نقص باستعمله ولأنه تعتبر قيمة النصاب حال إخراجه من الحرز وهو موجود أو ملكه ببيع أو هبة أو غيرها لم يسقط القطع لما روى صفوان بن أمية أنه نام على ردائه في المسجد فأخذ من تحت رأسه فجاء بسارقه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بقطعه فقال صفوان يا رسول الله لم إن هذا ردائي عليه صدقة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلا كان هذا قبل أن تأتيني به رواه ابن ماجة ولأن النصاب شرط فلم تعتبر استدامته كالحرز لكن إن ملك العين قبل رفعه إلى الحاكم والمطالبة بها عنده لم يجب القطع بغير خلاف علمناه قال أحمد إذا رفع إليه لم يكن لرافعه عفو وظاهر الواضح وغيره قبل الحكم قال أحمد تدرأ الحدود بالشبهات فإذا صار إلى السلطان وصح عنده الأمر بالبينة أو الاعتراف وجب عليه إقامته عند ذلك وقال أبو بكر منفردا درهمان وقيمته وحده مع الآخر لم يقطع وإن اشترك جماعة في سرقة نصاب قطعوا سواء اخرجوه جملة أو اخرج كل واحد جزءا وإن هتك اثنان حرزا ودخلاه فاخرج أحدهما نصبا وحده أو دخل أحدهما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/121)
شاة قيمتها نصاب فنقصت عن النصاب ثم اخرجها لم يقطع وإن سرق فرد خف قيمته وجزم به آخرون لو ملكه سارقه قطع وجزم به ابن هبيرة عن أحمد وإن دخل الحرز فذبح شاة قيمتها نصاب فنقصت عن النصاب ثم أخرجها لم يقطع لأن من شرط وجوب القطع أن يخرج من الحرز العين وهي نصاب ولم يوجد وإن كانت قيمتها مذبوحة نصابا قطع بإخراجها وإن قلنا إنها ميتة فلا وإن سرق فرد خف قيمته منفردا درهمان وقيمته وحده مع الآخر أربعة لم يقطع لأنه لم يسرق نصابا والمشروط عدم عند عدم شرطه فلو كانت قيمة كل منهما منفردا درهما ومعا عشرة غرم ثمانية المتلف ونقص التفرقة وقيل درهمين وكذا جزءا من كتاب ذكره في التبصرة فرع إذا أتلف وثيقة لغيره بما لا يثبت إلا بها ففي الزامه ما تضمنته احتمالان أقواهما يلزمه ومثله يتعلق بالضمان في كتمان الشهادة ويقطع بسرقته منديلا بطرفة دينار مشدود يعلمه وقيل أو يجهله صححه في المذهب كجهله قيمته
إن اشترك جماعة في سرقة نصاب قطعوا ذكره الخرقي والأصحاب كهتك الحرز وكالقصاص سواء أخرجوه جملة أو أخرج كل واحد جزءا نص عليه لأنهم اشتركوا في هتك الحرز واخراج النصاب فلزمهم القطع كما لو كان ثقيلا فحملوه وفارق القصاص فإنه يعتمد المماثلة ولا توجد المماثلة إلا أن توجد أفعالهم في جميع أجزاء اليد وهنا القصد الزجر من غير اعتبار مماثلة وعنه يقطع من أخرج نصابا وهو قول أكثرهم قال في المغني وهذا فأخذه الاخر فالقطع على الداخل وحده وإن نقب أحدهما ودخل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/122)
فقدمه إلى باب النقب وأدخل الآخر يده فأخرجه قطعا وإن رماه الداخل إلى خارج أحب إلي لأن القطع هنا ليس هو في معنى المجمع عليه فلا يجب والاحتياط في سقوطه أولى من الاحتياط في إيجابه لأنه مما يدرأ بالشبهة وقيل إن لم يقطع بعضهم لشبهة فلا قطع قال في المستوعب والأول أصح وعليه التفريع فإن كان أحدهم لا يقطع بسرقته منه لولادة أو سيادة أو عدم تكليف قطع غيره في الأصح إن أخذ نصابا وقيل أو أقل ولم يذكر في المستوعب والمحرر إلا أن أحدهم إذا لم يقطع قطع الأجنبي فلو أقر بمشاركة آخر في سرقة نصاب ولم يقر الآخر ففي القطع وجهان
فرع إذا سرق نصابا لجماعة من حرز قطع على الأصح فلو سرق ما ظنه فلوسا فبان نصاب نقد لم يقطع ذكره في المستوعب والرعاية
وإن هتك اثنان حرزا ودخلاه فأخرج أحدهما نصابا وحده قطعا نص عليه لأن المخرج أخرجه بقوة صاحبه ومعونته أو دخل أحدهما فقدمه إلى باب النقب وأدخل الآخر يده فأخرجه قطعا وجها واحدا قاله في المستوعب لأنهما اشتركا في هتك الحرز وإخراج المتاع كما لو حملاه وأخرجاه وكذا إن وضعه وسط النقب فأخذه الخارج وفيه في الترغيب وجهان وإن شده بحبل فأدخل الآخر يده فأخذه أو جذب الحبل قال في الرعاية أو أخذه الذي رماه قطعا وإن رماه الداخل الى خارج فأخذه الآخر أو لا أو أعاده فيه أحدهما فالقطع على الداخل وحده وإن اشتركا في النقب لأن الداخل أخرج المتاع وحده فاختص القطع به لا يقال هما اشتركا في ويأتي الآخر من غير علم فيسرق فلا يقطع فصل الرابع أن يخرجه من الحرز فإن سرق من غير حزر أو دخل الحرز فأتلفه فيه فلا قطع عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/123)
الآخر فأخرجه فلا قطع عليهما ويحتمل أن يقطعا إلا أن ينقب أحدهما ويذهب الهتك لأن شرطه الاشتراك في الهتك والاخراج ولم يوجد الثاني فانتفى القطع لانتفاء شرطه وفي الترغيب وجه هما وإن نقب أحدهما ودخل الآخر فأخرجه فلا قطع عليهما لأن الأول لم يسرق والثاني لم يهتك الحرز وقيل بلى إن تواطئا على السرقة قاله في الوجيز وهو ظاهر ويحتمل أن يقطعا لأن فعل كل منهما وقع بقوة الآخر أشبه ما لو اشتركا في النقب والإخراج إلا أن ينقب أحدهما ويذهب ويأتي الآخر من غير علم فيسرق فلا يقطع وجها واحدا لأنه لم يهتك الحرز ومن شرط وجوب القطع هتكه
مسائل إذا أخرج نصابا الى ساحة دار بابها مغلق من بيت منها فروايتان وإن فتح هو بابها فوجهان وإن كان وحده مفتوحا قطع وإن كان البيت وحده مفتوحا فلا وفي الكافي والشرح إنه إن كان البيت مغلقا ففتحه أو نقبه وإلا فلا وكذا الخان في الأقيس قاله ابن حمدان وإن تطيب في الحرز بطيب ثم خرج ولو اجتمع فبلغ نصابا فاحتمالان وإن لم يبلغ نصابا فلا قطع في الأشهر لأنه حين إخراجه ناقص عن نصاب فصل الرابع أن يخرجه من الحرز في قول أكثرهم وعن عائشة والنخعي فيمن جمع المتاع ولم يخرج به من الحرز عليه القطع قال سعيد ثنا هشيم به أو في ماء جار فأخرجه أو قال لصغير أو معتوه أدخل فأخرجه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/124)
وإن ابتلع جوهرا أو ذهبا وخرج به أو نقب ودخل فترك المتاع على بهيمة فخرجت أنا يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم قال ذكر لعائشة قول من يقول لا قطع على السارق حتى يخرج المتاع فقالت عائشة لو لم أجد إلا شفرة لحززت بها يده وعنه لا يشترط الحرز قال ابن المنذر ليس فيه خبر ثابت والأول شبيه بالإجماع لما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الثمار فقال ما أخذ من غير أكمامه واحتمل ففيه قيمته ومثله معه وما كان من الحرز ففيه القطع إذا بلغ ثمن المجن رواه أبو داود وابن ماجة وبهذا تخص الآية كما خصصناها بالنصاب فإن سرق من غير حرز أو دخل الحرز فأتلفه فيه بأكل أو غيره فلا قطع عليه لفوات شرطه لكن يلزمه ضمانه لأنه اتلفه ولا يقطع حتى يخرجه من الحرز سواء حمله الى منزله أو تركه خارجا من الحرز وإن ابتلع جوهرا أو ذهبا وخرج به من الحرز فعليه القطع أشبه ما لو أخرجه في كمه وكلامه شامل ما إذا خرجا منه أو لا لكن إن لم يخرج ما ابتلعه فلا قطع ذكره في الكافي والشرح وهو قول القاضي وابن عقيل وقيل يقطع قدمه في المحرر والرعاية وإن خرج منه فقيل يقطع كما لو أخرجه من كمه وقيل لا لأنه ضمنها بالبلع فكان إتلافا لها لا سرقة أو نقب ودخل فترك المتاع على بهيمة فخرجت به من غير سوقها لأن العادة مشي البهيمة بما وضع عليها أو في ماء جار وقيل وراكد فأخرجه المتاع إلى حائل من الدار فأطارته الريح فهذا فيه وجهان
أحدهما لا قطع لأن ذلك لم يكن آلة للإخراج وإنما هو بسبب حادث من غير فعله
والثاني يقطع لأن فعله سبب خروجه أشبه الأموال وعدل السلطان وجوره وقوته وضعفه فحرز الأثمان والجواهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/125)
ففعل فعليه القطع وحرز المال ما جرت العادة بحفظه فيه ويختلف باختلاف ما لو ساق البهيمة
فرع إذا رمى المتاع فأطارته الريح فأخرجته أو فتح طاقا فسقط منه طعام أو غيره قدر نصاب أو أخرجه من الحرز ورماه خارجا عنه أو رده إليه قطع لأنه متى ابتداء الفعل منه لم يؤثر فعل الريح كما لو رمى صيدا فأعانت الريح السهم حتى قتل فإنه يحل ولو رمى الجمار فأعانتها الريح حتى وقع في المرمى احتسب به أو قال لصغيره أو معتوه ادخل فأخرجه ففعل فعليه القطع لأنه لاختيار لهما فهما كالآلة ولو أمرهما شخص بالقتل قتل الآمر
تنبيه إذا أخرج خشبة أو بعضها من الحرز لم يقطع لأن بعضها لا ينفرد عن بعض وكذا لو أمسك عمامة وطرفها في يد صاحبها وإن أخرج بعض نصاب ثم دخل فأخرج تمامه وقرب قطع وكذا إن بعد في وجه وقدمه في الترغيب وقيل إن كان في ليلة قطع لا ليلتين وإن علم المالك بهتكه وأهمله فلا قطع قال القاضي قياس قول أصحابنا يبنى فعله على فعل غيره ولو فتح أسفل كوارة فخرج العسل شيئا فشيئا قطع
فرع إذا علم قردا السرقة فالغرم فقط ذكره أبو الوفا وابن الزاغوني وحرز المال ما جرت العادة بحفظه فيه ويختلف باختلاف الأموال وعدل السلطان وجوره وقوته وضعفه لأنه لما لم يثبت في الشرع علم أنه رد ذلك الى العرف لأنه طريق الى معرفته فرجع إليه كما رجعنا إلى معرفة القبض والفرقة في البيع وأشباه ذلك إليه هذا ظاهر قول أصحابنا فحرز الأثمان البقل والباقلاء ونحوه وقدوره وراء الشرائج إذا كان في السوق حارس وحرز الحطب والخشب الحظائر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/126)
والقماش في الدور والدكاكين في العمران وراء الابواب والاغلاق الوثيقة وحرز والجواهر والقماش في الدور والدكاكين في العمران وراء الأبواب والأغلاق الوثيقة وهو اسم للقفل خشبا كان أو حديدا أو يكون فيها حافظ لأن العادة في حرز ذلك بذلك وفي الترغيب وغيره في قماش غليظ وراء غلق وفي تفسير ابن الجوزي ما جعل للسكنى وعن أحمد في البيت الذي ليس عليه غلق فسرق منه أراه سارقا وهذا محمول على أن أهله فيه فإن كانت الأبواب مفتوحة وفيها خزائن مغلقة فالخزائن حرز لما فيها والبيوت التي في البساتين أو الطرق أو الصحراء إن لم يكن فيها أحد فليست حرزا وإن كانت مغلقة وفيها حافظ فهي حرز وإن كان نائما وإن كانت مفتوحة فلا إلا أن يكون الحافظ يقظان
تتمة الخيمة والخركاة كذلك سواء سرق من ذلك وهو مفتوح الباب أو لا باب له إلا أنه محجر بالبناء فإن سرق صندوقا فيه متاع أو دابة عليها متاع ولا حافظ لم يقطع وإن سرق المتاع الذي فيه قطع وعنه إن الصناديق التي في السوق وإن حملت كما هي قطع وحمله القاضي وابن عقيل على أن معها شيئا وحرز البقل والباقلاء ونحوه وقدوره وراء الشرائج واحدها شريجة وهو شيء يعمل من قصب أو نحوه يضم بعضه الى بعض بحبل أو غيره إذا كان في السوق حارس لأن العادة جرت بإحرازها به وحرز الخشب والحطب والقصب الحظائر واحدتها حظيرة وهي ما يعمل للإبل والغنم من الشجر تأوي اليه وأصل الحظر المنع فيعبىء بعضه على بعض ويقيده بقيد بحيث يعسر أخذ شيء منه على ما جرت به العادة إلا أن يكون في فندق مغلقا بتقطيرها وقائدها وسائقها إذا كان يراها وحرز الثياب في الحمام بالحافظ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/127)
وحرز المواشي الصير وحرزها في المرعى بالراعي ونظره إليها وحرز حمولة الإبل عليه فيكون محرزا وإن لم يقيد ذكره في الكافي والشرح وفي التبصرة حرز حطب تعبئته وربطه بالحبال وكذا ذكره أبو محمد الجوزي
فرع حرز السفن في الشط بربطها
وحرز المواشي جمع ماشية الصير واحدها صيرة وهي حظيرة الغنم وحرزها في المرعى بالراعي ونظره إليها لأن العادة حرزها بذلك فما غاب عن مشاهدته فقد خرج عن الحرز لأن الراعية هكذا تحرز وحرز حمولة الإبل بتقطيرها وقائدها وسائقها إذا كان يراها وجملته أن الإبل تنقسم إلى ثلاثة أقسام باركة وراعية وسائرة فحرز الباركة المعقولة بالحافظ يقظان كان أو نائما لأن العادة أن صاحبها يعقلها إذا نام فإن لم تكن معقولة فحرزها بحافظ يقظان وحرز الراعية بنظر الراعي إليها فما غاب عن نظره أو نام عنها فليس بمحرز لأن الراعية إنما تحرز بالراعي ونظره إليها وحرز السائرة الحمولة بسائق يراها مقطرة كانت أو غير مقطرة أو بتقطيرها مع قائد يراها وفي الترغيب والشرح يكثر الالتفات إليها ويراها إذا التفت وأما الأول منها فهو محرز بقوده والحافظ الراكب فيما وراءه كقائد ولو سرق مركوبه من تحته فلا قطع وفيه احتمال وإن سرقه براكبه الرقيق وهما يساويان صابا قطع وإن كان حرا ومعه ما يساوي نصابا فوجهان وحرز الثياب في الحمام بالحافظ جزم به المؤلف وفي الوجيز وقدمه في الفروع كما لو كان في البيت وعنه لا قطع إلا أن يكون على المتاع قاعد صححه المؤلف لأنه مأذون (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/128)
وحرز الكفن في القبر على الميت فلو نبش قبرا وأخذ الكفن قطع وحرز للناس في دخوله فجرى مجرى سرقة الضيف من البيت المأذون في دخوله ولأنه لا يمكن الحافظ من حفظه فيه وإن فرط في الحفظ فنام أو اشتغل فلا قطع ويضمن وفي الترغيب إن استحفظه ربه صريحا وفيه لا تبطل الملاحظة بفترات وأعراض يسيرة بل بتركه وراءه وظاهره أنه إذا سرق من الحمام ولا حافظ فيه فلا قطع في قول عامتهم فرع وحرز الثياب في أعدال أو غزل في سوق وخان وما كان مشتركا في الدخول إليه بحافظ على الأصح وقيل ليس الحمامي حافظا بجلوسه ولا الذي يدخل الطاسات
وحرز الكفن في القبر على الميت فلو نبش قبرا وأخذ الكفن قطع روي عن ابن الزبير وقاله الحسن وعمر بن عبد العزيز لقول عائشة سارق أمواتنا كسارق أحيائنا ولأنه سرق مالا محترما من حرز فوجب القطع به كغيره ولأنه يوضع فيه عادة ولا يعد واضعه مفرطا وعنه لا قطع وعنه إلا أن يخرج الميت من القبر ويأخذه منه ذكرها في النهاية وظاهره لا فرق في القبر أن يكون في حرز أو لا كالصحراء قاله جماعة وفي الواضح من مقبرة مصونة بقرب البلد ولم يقل في التبصرة مصونة ولابد أن يكون الكفن مشروعا وأن يخرجه من القبر لأنه الحرز فإن أخرجه من اللحد ووضعه في القبر فلا قطع وما زاد على الكفن المشروع كاللفافة والرابعة أو ترك معه طيبا فلا قطع في شيء من ذلك وفي الخلاف يقطع بسرقة الطيب لأنه من السنة وفي كونه ملكا له أو لوارثه فيه وجهان وعليهما هو خصمه فإن عدم فنائب الإمام ولو كفنه يقطع بسرقة ستارتها وقال القاضي يقطع بسرقة المخيطة عليها وإن سرق قناديل المسجد أو حصره فعلى وجهين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/129)
الباب تركيبه في موضعه فلو سرق رتاج الكعبة أو باب مسجد أو تأزيره قطع ولا أجنبي وقيل هو ويستثنى على المذهب ما إذا أكله ضبع فإن كفنه إرث ولايقطع سارقه وهل يفتقر في فقطع النباش إلى مطالبة فيه وجهان وحرز الباب تركيبه في موضعه مفتوحا كان أو مغلقا لأنه هكذا يحفظ وفي الترغيب حرز باب أو خزانة بغلقه أو غلق باب الدار عليه وحرز جدار الدار كونه مبنيا فيه إذا كان في العمران أو في الصحراء إذا كان ثم حافظ فإن أخذ شيئا من الجدار أو خشبة تبلغ نصابا قطع وإن هدم الحائط ولم يأخذه فلا قطع وأبواب الخزائن في الدار إن كان باب الدار مغلقا فهي محرزة وإن كان مفتوحا فلا إلا أن يكون فيها حافظ فرع حلقة الباب إن كانت مسمرة فهي محرزة وإلا فلا
فلو سرق رتاج الكعبة وهو بابها العظيم ويقال أرتج على القارئ إذا لم يقدر على القراءة
أو باب مسجد أو تأزيره وهو ما جعل من أسفل حائطه من لباد أو دفوف ونحوه قطع كباب بيت الآدمي والمطالبة بذلك للإمام أو من يقوم مقامه وقيل لا قطع لأنه ينتفع بهما الناس فيكون له فيه شبهة كالسرقة من بيت المال وقيل لا يقطع مسلم بباب مسجد كحصره ونحوها في الأصح ولا يقطع بسرقة ستارتها أي الخارجة منها نص عليه وهو ظاهر المذهب قاله ابن الجوزي كغير المخيطة ولأنها غير محرزة وقال القاضي يقطع بسرقة المخيطة عليها وهو رواية وقدمه في الرعاية لأن ذلك حرز مثلها في العادة وحمل ابن حمدان النص على غير المخيطة وإن سرق قناديل المسجد أو حصره فعلى وجهين
أحدهما يقطع لأن المسجد حرز لها فقطع كالباب
والثاني لا وهو الأصح وجزم به في الوجيز كالسرقة من بيت المال وذكره
____________________
(9/130)
وإن نام إنسان على ردائه في المسجد فسرقه سارق قطع وإن مال رأسه عنه لم يقطع في المغني وجها واحدا والأشهر أنه لا يقطع إذا كان السارق مسلما وفي الكافي إنه إذا سرق قناديل مسجد أو حصره ونحوه مما جعل لنفع المصلين فلا قطع وإن نام إنسان على ردائه في المسجد أو غيره أو على مجر فرسه ولم يزل عنه أو نعله في رجله فسرقه سارق قطع لما روى صفوان بن أمية انه نام في المسجد على ردائه فأخذه من تحت رأسه سارق فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطعه رواه أبو داود وظاهر كلامهم لا فرق بين أن يكون في البلد أو برية وإن مال رأسه عنه لم يقطع بسرقته لأنه لم يبق محرزا وفي المستوعب أنه يجب القطع ما دام عليه شيء من أعضائه حال نومه فإن انقلب عنه ولم يبق عليه شيء من أعضائه فلا ذكره في الرعاية وجها وإن سرق من السوق غزلا وثم حافظ قطع لأن حرزه بحافظه وإلا فلا أي إذا لم يكن ثم حافظ فلا قطع لأنه مال غير محرز وفي المحرر هل حرزه بحافظ أم لا فيه روايتان ومن سرق من النخل أو الشجر من غير حرز فلا قطع عليه وفاقا وقال أبو ثور إن كان من بستان محرز ففيه القطع وقال ابن المنذر لظاهر الآية وكسائر المحرزات وجوابه ما روي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا قطع في ثمر ولا كثر رواه أحمد وأبو داود والترمذي وظاهره ولو كان عليه حائط وحافظ لكن إن كانت الشجرة في داره وهي محرزة فسرق منها نصابا قطع ويضمن عوضها مرتين لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الثمر المعلق فقال من أصاب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/131)
وقال أبو بكر ما كان حرزا لمال فهو حرز لمال آخر بفيه من ذي حاجة غير متخذ غبنة فلا شيء عليه ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع رواه أحمد والنسائي وأبو داود ولفظه له قال أحمد لا أعلم شيئا يدفعه وقال أكثر العلماء لا يجب أكثر من مثله قال ابن عبد البر لا أعلم أحدا قال بوجوب غرامة مثليه واحتج أحمد بأن عمر أغرم حاطب بن أبي بلتعة حين نحر غلمانه ناقة رجل من ميزنة مثلي قيمتها رواه الأثرم قال القاضي في الخلاف وفي هذا دلالية على أن السرقة في عام المجاعة يضاعف الغرم فيها على قول أحمد ولأن الثمار في العادة تسبق اليد إليها فجاز أن تغلظ عليه في القيمة ردعا له وزجرا بخلاف بقية المواضع فإنها في العادة محرزة فاليد لا تسرع إليها ومقتضاه وإن كان المأخوذ دون نصاب ومن غير حرز وقاله القاضي والزركشي فرع لا قطع في عام مجاعة غلاء نص عليه إذا لم يجد ما يشتريه أو يشتري به قال جماعة ما لم يبذل له ولو بثمن غال وفي الترغيب ما يحيي به نفسه وقال أبو بكر ما كان حرزا لمال فهو حرز لمال آخر لأن الشرع ورد من غير تفصيل وحمله أبو الخطاب على قوة السلطان وعدله وبسط الأمن والأصح الأول لأنه إنما رجعنا في الحرز إلى العرف والعادة فالجواهر لا تحرز في الصير فإن أحرزها فيها عد مفرطا فكان العمل بالعرف أولى فرع قال أصحابنا في الماشية تسرق من المرعى من غير أن تكون محرزة مثلا قيمتها للخبر وما عدا هذين الموضعين لا يضمن بأكثر من قيمته من مال أبيه وإن علا والاب والام في هذا سواء ولا يقطع العبد بالسرقة من مال سيده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/132)
فصل الخامس انتفاء الشبهة فلا يقطع بالسرقة من مال ابنه وإن سفل ولا الولد أو مثله إن كان مثليا لأنه الأصل خولف في هذين للأثر وذهب أبو بكر إلى غرامة من سرق من غير حرز بمثليه وهو رواية وقدم في المحرر أنها تضاعف عليه القيمة نص عليه فصل
الخامس انتفاء الشبهة لأن القطع حد فيدرأ بالشبهة فلا يقطع بالسرقة من مال ابنه وإن سفل لأن له فيه شبهة لقوله عليه السلام أنت ومالك لأبيك ولأنه أخذ ماله أخذه لقوله إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم ولأنه يدرأ بالشبهة ولا الولد من مال أبيه وإن علا لأن بينهما قرابة تمنع شهادة أحدهما لصاحبه فلم يقطع بالسرقة منه كالأب لأن النفقة تجب للابن في مال أبيه حفظا له فلا يجوز إتلافه حفظا للمال وعنه يقطع وهو ظاهر الخرقي لظاهر الآية ولأنه يقاد به ويحد بالزني بجاريته فيقطع بسرقة ماله كالإجنبي وجوابه ما سبق والزنى بجاريته ففيه منع وإن سلم فإنما وجب عليه الحد لأنه لا شبهة له فيها والأب والأم في هذا سواء لأنها أولى بالبر وإذا لم تكن فالمساواة والجد والجدة من قبلهما سواء ولا يقطع العبد بالسرقة من مال سيده نص عليه لما روى سعيد عن سفيان عن الزهري عن السائب بن يزيد عن عمر أنه جاءه عبد الله بن عمرو بن الحضرمي بغلام له فقال إن غلامي قد سرق فإقطع يده فقال عمر خادمكم أخذ مالكم وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر فكان كالإجماع وقال ابن مسعود لا قطع مالك سرق مالك والمكاتب وأم الولد والمدبر كالقن ولا يقطع سيد بسرقة بالسرقة منه ومن سرق من الغنيمة ممن له فيها حق أو لولده أو سيده لم يقطع وهل يقطع أحد الزوجين بالسرقة من مال الآخر المحرز عنه على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/133)
ولا مسلم بالسرقة من بيت المال ولا من مال له فيه شركة أو لأحد ممن لا يقطع مال مكاتبه فإن ملك وفاء فيتوجه الخلاف وفي الانتصار فيمن وارثه حر يقطع ولا يقتل به وكل من لا يقطع الإنسان بسرقة ماله لا يقطع عبده بسرقة ماله
ولا مسلم بالسرقة من بيت المال نص عليه لما روى ابن ماجة عن ابن عباس أن عبدا من رقيق الخمس سرق من الخمس فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقطعه وقال مال الله سرق بعضه بعضا وقال عمر وابن مسعود من سرق من بيت المال فلا قطع ما من أحد إلا وله في هذا المال حق وقال سعيد ثنا هشيم أنا مغيرة عن الشعبي عن علي ليس على من سرق من بيت المال قطع وكذا لا يقطع بالسرقة من غنيمة لم تخمس أو فقير من غلة وقف على الفقراء فلو سرق ذمي أو عبد مسلم من بيت المال قطع نص عليه قاله في المحرر والمذهب خلافه ولا من مال له فيه شركة كالمال المشترك بينه وبين شريكه لأنه إذا لم يقطع الأب بسرقة مال ابنه لكون أن له فيه شبهة فلأن لا يقطع بالسرقة من مال شريكه من باب أولى أو لأحد ممن لا يقطع بالسرقة منه كمال مشترك لأبيه وابنه لأن له فيه شبهة لكون أبيه وابنه ونحوهما له فيه شركة ومن سرق من الغنيمة ممن له فيها حق أي لم تخمس أو لولده أو سيده لم يقطع لأن له في المال المسروق حقا أو شبهة حق وكل منهما يمنع الحد وحكى ابن أبي موسى أنه يحرق رحله كالغال وإن أخرج الخمس فسرق من الأربعة أخماس قطع
وهل يقطع أحد الزوجين بالسرقة من مال الآخر المحرز عنه على روايتين وكذا في المحرر
إحداهما لا قطع اختارها الخرقي وأبو بكر وجزم بها في الوجيز وقدمها في الفروع وذكر أنها اختيار الأكثر وهي قول عمر الذمي والمستأمن ويقطعان بسرقة ماله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/134)
ويقطع سائر الاقارب بالسرقة من مال أقاربهم ويقطع المسلم بالسرقة من مال رواه سعيد بإسناد جيد ولأن كلا منهما يرث صاحبه بغير حجب وينبسط بماله أشبه الولد والوالد وكما لو منعها نفقتها قاله في الترغيب
والثانية يقطع كحرز مفرد قاله في التبصرة كضيفه وصديقه وعبده من امرأته من مال محرز عنه ولم يمنع الضيف قراه قال في الشرح وهي ظاهر الخرقي لعموم الآية وكالأجنبي وفرق قوم فقالوا يقطع الزوج بسرقة مالها لأنه لا حق له فيه بخلافها لأن لها النفقة فيه فأما إن لم يكن مال أحدهما محرزا عن الآخر فلا قطع رواية واحدة فرع لا تقطع الزوجة بسرقة نفقتها أو نفقة ولدها الواجبة مع منعها منهما سواء أخذت قدر ذلك أو أكثر منه لأنها تستحق قدر ذلك فالزائد يكون مشتركا فاستحق أخذه ويقطع سائر الأقارب بالسرقة من مال أقاربهم نصره القاضي والمؤلف وجزم به في الوجيز لأن القرابة هنا لا تمنع قبول الشهادة فلا تمنع القطع ولأن الآية والأخبار تعم كل سارق خرج منه ما تقدم فيبقى ما عداه على مقتضى الأصل وقيل إلا ذي رحم محرم وفي الواضح قطع غير أب ويقطع المسلم بالسرقة من مال الذمي بغير خلاف نعلمه لأن ماله صار معصوما بأداء الجزية فوجب القطع بسرقته كمال المسلم والمستأمن لأن ماله مال الذمي بدليل أنه يجب الضمان بإتلافه ويقطعا 4 ن بسرقة ماله لأنه إذا قطع المسلم بسرقة مالهم فلأن يقطعوا بسرقة ماله بطريق الأولى وكقود وحد قذف نص عليهما وضمان متلف وقال ابن حامد لا يقطع مستأمن كحد خمر وزنى نص عليه بغير مسلمة وسوى في المنتخب بينهما في عدم بالسرقة وإذا سرق المسروق منه مال السارق أو المغصوب منه مال الغاصب من الحرز الذي فيه العين المسروقة أو المغصوبة لم يقطع وإن سرق من غير ذلك الحرز أو سرق من مال من له عليه دين قطع إلا أن يعجز عن أخذه منه فيسرق قدر حقه فلا يقطع وقال القاضي يقطع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/135)
ومن سرق عينا وأدعى أنها ملكه لم يقطع وعنه لا يقطع إلا أن يكون معروفا القطع ومن سرق عينا أو بعضها وادعى أنها ملكه لم يقطع نصره القاضي في الخلاف وذكر أنها أصح وذكر ابن هبيرة أنها ظاهر المذهب وسماه الشافعي السارق الظريف لأن ما ادعاه محتمل فيكون شبهة في درء الحد وعنه يقطع قدمها في المحرر والرعاية ولأنه لو لم يكن كذلك لأدى الى عدم وجوب القطع فتفوت المصلحة بالكلية وذلك غير معتبر وعنه لا يقطع إلا أن يكون معروفا بالسرقة اختاره في الترغيب للعلم بكذبه وكذا إذا ادعى أنه أذن له في دخول الدار ونقل ابن منصور لو شهد عليه فقال أمرني رب الدار أن أخرجه لم يقبل منه قال في الفروع ويتوجه مثله حد زنى وذكر القاضي وغيره لا يحد وإذا سرق المسروق منه مال السارق أو المغصوب منه مال الغاصب من الحرز الذي فيه العين المسروقة أو المغصوبة لم يقطع لأن لكل واحد منهما شبهة في هتك الحرز من أجل أخذ ماله فإذا هتك الحرز صار كأن المال المسروق منه أخذ من غير حرز وقيل بلى إن تميز لأنه لا شبهة له فيه كما لا يجوز أخذ قدر ماله إذا عجز عن أخذه وإن سرق من غير ذلك الحرز أو سرق من مال من له عليه دين قطع لأنه لا شبهة له فيه إلا أن يعجز عن أخذه منه فيسرق قدر حقه فلا يقطع نصره المؤلف وغيره لأن بعض العلماء أباح له الأخذ فيكون الاختلاف في إباحة الأخذ شبهة دارئة للحد كالوطء في نكاح مختلف في صحته فإن سرق أكثر من حقه فهل يقطع هنا فيه وجهان وقال القاضي يقطع قدمه في الرعاية لأنه لا يجوز له مال المستعير أو المستأجر قطع فصل السادس ثبوت السرقة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/136)
ومن قطع بسرقة عين ثم عاد فسرقها قطع ومن آجر داره أو اعارها ثم سرق منها الأخذ قال في المغني وهذا لا يلغي الشبهة الناشئة عن الاختلاف ثم قال في الرعاية وقيل إن أخذه ولا بينة أو عجز عنه فلا وعلى كل حال لا يأخذ بدون إذنه أو إذن حاكم نص عليه ومن قطع بسرقة عين ثم عاد فسرقها من ذلك المنزل أو غيره قطع لأنه لم ينزجر أشبه ما لو سرق غيرها بخلاف حد القذف فإنه لا يعاد مرة أخرى لأن الغرض إظهار كذبه وقد ظهر وهنا المقصود ردعه وزجره عن السرقة ولم يوجد فيردع بالثاني كما لو سرق عينا أخرى ومن آجر داره أو أعارها ثم سرق منها مال المستعير أو المستأجر قطع لأنه هتك حرزا وسرق منه نصابا لا شبهة فيه فقطع كما لو سرق من ملكهما واختار ابن حمدان لا قطع على المعير لما تقدم ولأن هذا قد صار حرزا لملك غيره فلا يجوز له الدخول إليه وإنما يجوز له الرجوع في العارية وفي الترغيب احتمال إن قصد بدخوله الرجوع قال في الفنون له الرجوع بقول لا سرقة
تنبيه إذا تكرر منه السرقة قبل القطع قطع مرة قدمه في الرعاية وصححه في الشرح لأن القطع خالص حق الله تعالى فتداخل كحد الزنى والشرب وعنه إن سرق من جماعة وجاؤوا متفرقين لم تتداخل كحد القذف والفرق أن حد القذف حق لآدمي فصل السادس ثبوت السرقة لأن الله تعالى أوجب القطع على السارق ولا يتحقق
____________________
(9/137)
بشهادة عدلين أو إقرار مرتين ذلك إلا بعد ثبوته بشهادة عدلين قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن قطع السارق يجب إذا شهد بها شاهدان حران مسلمان بشرط أن يصفاها ولا تسمع قبل الدعوى في الأصح فإن كان المسروق منه غائبا فطالب وليه احتاج الشاهدان أن يرفعا في نسبه بحيث يتميز عن غيره فإن وجب القطع بشهادتهما لم يسقط بموتهما ولا غيبتهما فإن شهدت في غيبته ثم حضر أعيدت فإن اختلفا في الزمان والمكان والمسروق فلا قطع في قولهم جميعا وإن اختلفا في اللون أو قال أحدهما سرق هرويا وقال الآخر مرويا فوجهان أو إقرار مرتين لما روي عن أبي أمية المخزومي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بلص قد اعترف فقال إخالك سرقت قال بلى فأعاد عليه مرتين قال بلى فأمر به فقطع رواه أبو داود وروي عن علي أنه قال لسارق سرقت قال فشهد على نفسه مرتين فقطع رواه الجوزجاني ولأنه يتضمن إتلافا فكان من شرطه التكرار كحد الزنى أو يقال أحد حجتي القطع فيعتبر فيها التكرار كالشهادة ويصفها بأن يذكر فيها شروط السرقة بخلاف إقراره بزني فإن في اعتبار التفصيل وجهين قاله في الترغيب بخلاف القذف لحصول التغيير وعنه في إقرار عبد أربع مرات نقله مهنا لا يكون المتاع عنده نص عليه وصدقه المقر له على سرقة نصاب وفي المغني أو قال فقدته ومعناه في الانتصار وطالبه هو أو وكيله أو وليه بالسرقة لا بالقطع وعنه أو لم يطالبه اختاره أبو بكر وشيخنا كإقراره بزنى أمة غيره وجب قطعه وليس لحاكم حبسه قال في عيون المسائل لأنه لا يتعلق به حكم حاكم بخلاف السرقة فإن للحاكم حقا في القطع فيحبس وإن كذب مدع أبو بكر ليس ذلك بشرط (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/138)
ولا ينزع عن إقراره حتى يقطع فصل السابع مطالبة المسروق منه بماله وقال نفسه سقط قطعه ولا ينزع عن إقراره حتى يقطع في قول أكثرهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم إخالك سرقت عرض له ليرجع ول لم يسقط الحد برجوعه لم يكن في ذلك فائدة ولأن قطع السارق حد ثبت بالاعتراف فسقط بالرجوع كحد الزنى ولأن حجة القطع زالت قبل استيفائه فسقط كما لو رجع الشهود
فائدة قال أحمد والأكثر لا بأس بتلقين السارق ليرجع عن إقراره للآثار فصل السابع مطالبة المسروق منه بماله اختاره الخرقي ونصره القاضي في الخلاف والمؤلف في لمغني وذكر ابن هبيرة أنه أظهر الروايتين لأن المال يباح بالبذل والإباحة فيحتمل أن يكون مالكه أباحه إياه أو وقفه على طائفة المسلمين أو على جماعة السارق منهم أو أذن له في دخول حرزه فاعتبرت المطالبة لتزول الشبهة وقال أبو بكر ليس ذلك بشرط وهو رواية وصححها في الرعاية لعموم الآية ولأن موجب القطع السرقة وقد وجدت فوجب القطع من غير مطالبة كالزنى والفرق ظاهر لأن الزنى لا يستباح بالإباحة بخلاف السرقة ولأن القطع أوسع في الإسقاط لأنه لو سرق من مال أبيه لم يقطع ولو زنى بجاريته حد ولأن القطع شرع لصيانة مال الآدمي فلهم به تعلق فلم يستوف من غير مطالب به والزنى حق لله فلم يفتقر إلى المطالب به فعلى هذا لو قال المالك غصبتني ونحوه لم يقطع ولو كان المال لاثنين فتخالفا في إقراره لم يقطع إلا أن يكون لمن وافقه نصاب فيقطع مغلي فإن عاد قطعت رجله اليسرى من (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/139)
فصل وإذا وجب القطع قطعت يده اليمنى من مفصل الكف وحسمت وهو أن تغمس في زيت وإذا وجب القطع قطعت يده اليمنى من مفصل الكف بلا خلاف وفي قراءة ابن مسعود فاقطعوا أيمانهما روي عن أبي بكر وعمر أنهما قالا إذا سرق السارق فاقطعوا يمينه من الكوع ولا مخالف لهما في الصحابة ولأن البطش بها أقوى فكانت البداءة بها أردع ولأنها آلة السرقة غالبا فناسب عقوبته بإعدام آلتها من مفصل الكف لأن اليد تطلق عليها إلى الكوع وإلى المرفق وإلى المنكب وإرادة الأول متيقنة وما سواه مشكوك فيه ولا يجب القطع مع الشك وحسمت وجوبا وقال المؤلف يستحب وهو أن تغمس في زيت مغلي لقوله عليه السلام في سارق اقطعوه وحسموه قال ابن المنذر في إسناده مقال والحكمة في الحسم أن العضو إذا قطع فغمس في ذلك الزيت المغلي استدت أفواه العروق فينقطع الدم إذ لو ترك بلا حسم لنزف الدم فأدى إلى موته ويسن تعليق يده في عنقه زاد في البلغة والرعاية ثلاثة أيام إن رآه الإمام فإن عاد قطعت رجله اليسرى لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في السارق إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله ولأنه قول أبي بكر وعمر ولا مخالف لهما في الصحابة فيكون كالإجماع وإنما قطعت الرجل اليسرى لقوله تعالى أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وإذا ثبت ذلك في المحاربة ثبت في هذا قياسا عليه ولأن قطع اليسرى أرفق به لأن مشي الرجل اليمنى أسهل وأمكن له من اليسرى ويبعد
____________________
(9/140)
مفصل الكعب وحسمت فإن عاد حبس ولم يقطع وعنه انه تقطع يده اليسرى في الثالثة في العادة من أن يتمكن من المشي عليها فوجب ذلك لئلا تتعطل به منفعته بلا ضرورة من مفصل الكعب لأنه أحد العضوين المقطوعين في السرقة فيقطع من المفصل كاليد روي سعيد ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار قال كان عمر يقطع السارق من المفصل وروي عن علي أنه كان يقطع من شطر القدم ويترك له عقبا يمشي عليها واقتصر عليه في الفروع فقال من مفصل كعبة يترك عقبه نص عليه وحسمت قال أحمد قطع النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به فحسم
تذنيب يقطع السارق بأسهل ما يمكنه فيجلس ويضبط لئلا يتحرك فيجني على نفسه وتشد يده بحبل وتجر حتى يتيقن المفصل ثم توضع السكين تجر بقوة لتقطع في مرة واحدة
فإن عاد حبس حتى يتوب كالمرة الخامسة وفي الإيضاح ويعذبه وفي التبصرة أو يغرب وفي البلغة يعزر ويحبس حتى يتوب ولم يقطع أي يحرم قطعه قدمه في الرعاية ونصره في الخلاف وصححه وانها اختيار الخرقي وأبي بكر وجزم بها في الوجيز وهو قول علي رواه سعيد ولأن قطع الكل يفوت منفعة الجنس فلم يشرع كالقتل فعلى هذا يمنع من تعطيل منفعة الجنس وعنه أنه تقطع يده اليسرى في الثالثة والرجل اليمنى في الرابعة واختارها أكثر العلماء لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في السارق إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله ثم إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله رواه الداقطني ورواه سعيد عن أبي بكر وعمر بإسناد جيد والمذهب الأول ثم هو معارض بقول علي وروي أن عمر رجع إلى قول علي رواه سعيد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/141)
ومن سرق وليس له يد يمنى قطعت رجله اليسرى وإن سرق وله يمنى فذهبت
تنبيه علم مما سبق أنه لا يجوز أن ينتهي إلى القتل وقد روي عن عثمان وعمرو بن العاص وعمر بن عبد العزيز أنه يقتل في الخامسة لحديث رواه مصعب ابن ثابت عن عبد الله بن الزبير عن محمد بن المنكدر عن جابر قال جيء بسارق إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الخامسة فأمر بقتله فقتلوه قال أحمد وابن معين مصعب ضعيف وقال أبو حاتم لا يحتج به وقيل هو حسن وقيل لمصلحة اقتضته وقال أبو المصعب المالكي يقتل في الخامسة وقياس قول الشيخ تقي الدين أنه كالشارب في الرابعة يقتل عنده إذا لم ينته بدونه وجوابه بأنه يحمل في حق رجل استحق القتل أو على وجه التغليظ والمثلة ويؤيده أن الأصول تشهد بنفي القتل لأن كل معصية لا توجب القتل في الابتداء لا توجب بعد ذلك كسائر المعاصي ومن سرق وليس له يد يمنى قطعت رجله اليسرى لأن اليمنى لما خرجت عن كونها محلا للقطع انتقل القطع إلى ما يلي ذلك وهو الرجل اليسرى لكن إن كانت يمناه شلاء فعنه تقطع رجله اليسرى وعنه يسأل أهل الخبرة فإن قالوا إنها إذا قطعت ورقي دمها وانحسمت عروقها قطعت وإن قالوا لا يرقى دمها فلا وذكر السامري روايتين ولم يذكر هذا فإن كانت أصابع اليمنى ذاهبة فقيل لا تقطع وتقطع الرجل وقيل بلى وإن ذهب بعض الاصابع كخنصر وبنصر أو واحدة سواهما قطعت وإن لم يبق إلا واحدة فهي كالتي ذهب جميع أصابعها وإن بقي اثنان فالأولى قطعها وفيه وجه وكذا حكم ما لو ذهب معظم نفعها كقطع إبهام أو إصبعين فصاعدا ذكره في المحرر وإن سرق وله يمنى فذهبت هي أو يسرى يديه أو مع رجليه أو إحداهما الرواية الأخرى وإن وجب يمناه فقطع القاطع يسراه يسراه عمدا فعليه القود وإن قطعها خطأ فعليه ديتها وفي قطع يمنى السارق وجهان ويجتمع القطع والضمان فترد العين المسروقة إلى مالكها وإن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/142)
سقط القطع وإن ذهبت يده اليسرى لم تقطع اليمنى على الرواية الأولى وتقطع على سقط القطع لتعلق القطع بها لوجودها كجناية تعلقت برقبته فمات وإن ذهبت يده اليسرى أو كانت مقطوعة أو شلاء لم تقطع اليمنى على الرواية الأولى وهي أن السارق يحبس في الثالثة ولا يقطع لأن قطعها يتضمن تفويت منفعة الجنس وبقاءه بلا يد يبطش بها وهو غير جائز وتقطع على الرواية الأخرى لأن غايته تعطيل منفعة الجنس وبقاؤه بلا يد يبطش بها واقع على الرواية المذكورة بل أولى لأن اليمنى تعلق بها القطع وفاقا وإنما الخلاف في سقوطه
تنبيه إذا ذهبت يده اليسرى ورجله اليمنى لم يقطع لتعطيل منفعة الجنس وذهاب عضوين من شق وإن ذهبت يده اليسرى قبل سرقته أو يده لم تقطع رجله اليسرى وإن كان الذاهب رجليه أو يمناهما قطعت يده اليمنى في الأصح وإن وجب قطع يمناه فقطع القاطع يسراه بلا إذنه عمدا فعليه القود لأنه قطع طرفا معصوما وإن قطعها خطأ فعليه ديتها لأن ما أوجب عمده القود أوجب خطؤه الدية بدليل القتل واختار المؤلف يجزىء ولا ضمان وهو احتمال في الانتصار وأنه يحتمل تضمينه نصف الدية وذكر بعضهم إن قطع دهشة أو ظنها تجزئ كفت ولا ضمان وفي قطع يمنى السارق وجهان
أحدهما لا قطع لأن قطعها يفضي الى قطع يد السارق وتفويت منفعة الجنس منه فلم يشرع كقتله
والثاني بلى وجزم به في الوجيز بناء على قطعها في الثالثة فعلى الأولى في قطع رجله وجهان أصحهما لا ويجتمع القطع والضمان نقله الجماعة لأنهما حقان يجبان لمستحقين فجاز اجتماعهما كالجزاء والقيمة في الصيد الحرمي المملوك فترد العين المسروقة إلى مالكها بغير خلاف نعلمه إن كانت مال السارق على وجهين & باب حد المحاربين & (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/143)
كانت تالفة غرم قيمتها وقطع وهل يجب الزيت الذي يحسم به من بيت المال أو من باقية وإن كانت تالفة غرم قيمتها أو مثلها إن كانت مثلية وقطع موسرا كان أو معسرا وفي الانتصار يحتمل لا يغرم شيئا وهو قول أبي يوسف لما روى عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أقمتم الحد على السارق فلا غرم عليه ولأن التضمين يقتضي التمليك والملك يمنع القطع فلا يجمع بينهما وجوابه بأنهما حقان لمستحقين وقال ابن عبد البر الحديث ليس بالقوي وقال بعض المحدثين فيه سعد بن إبراهيم وهو مجهول ول سلم صحته فيحتمل أنه لا غرم عليه في أجرة القاطع وهل يجب الزيت الذي يحسم به من بيت المال أو من مال السارق على وجهين
أحدهما أنه من بيت المال كأجرة القاطع لأنه من المصالح لم يذكر في الكافي غيره فإن لم تحسم فذكر القاضي أنه لا شيء عليه لأن عليه القطع لا مداواة المحدود
والثاني أنهما من مال السارق قدمه في الفروع وجزم به في الوجيز لأنه مداواة كمداواته في مرضه ويستحب للمقطوع حسم نفسه فإن لم يفعل لم يأثم لأنه ترك التداوي في المرض & باب حد المحاربين &
المحاربون واحدهم محارب وهو اسم فاعل من حارب يحارب وهو فاعل من الحرب قال ابن فارس الحرب اشتقاقها من الحرب بفتح الراء وهو مصدر حرب ماله أي سلبه والحريب المحروب والأصل فيهم قوله تعالى { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } الآية المائدة 33 قال ابن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/144)
وهم قطاع الطريق وهم الذين يعرضون للناس بالسلاح عباس وأكثر العلماء نزلت في قطاع الطريق من المسلمين لقوله تعالى { إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم } المائدة 34 والكفار تقبل توبتهم بعد القدرة كما تقبل قبلها فلما خصه بما قبل القدرة علم أنه أراد المحاربين لأن ذلك الحكم يجب عليهم حدا لا كفرا والحد لا يسقط بالتوبة وعن ابن عمر أنها نزلت في المرتدين وقاله الحسن وعطاء لأن سبب نزولها قضية العرنيين وحكاه ابن أبي موسى رواية وأنها منسوخة لأن قضيتهم كانت قبل أن تنزل الحدود ثم قال فحكم من خرج لقطع الطريق مرتب على ما نزل من الحدود ولولا قيام الدليل على وجوب قطع اليد مع الرجل للمحارب لقلنا لا تقطع إلا يده اليمنى كالسارق قال ابن أبي موسى فعلى هذا يجيء أن يصح عفو ولي الدم عن المحارب ويكون الإمام مخيرا فيه وهو وجه في الرعاية وهم قطاع الطريق وهم كل مكلف ملتزم ليخرج الحربي ولو أنثى وقاله الأكثر والعبد والذمي كضدهما وعنه ينتقض عهده فيحل دمه وماله بكل حال وهم الذين يعرضون للناس بالسلاح هذا أحد الشروط فيهم وظاهره أنه إذا لم يكن معهم سلاح فليسوا محاربين لأنهم لا يمنعون من قصدهم والأصح ولو كان بعصا وحجر لأن ذلك من جملة السلاح الذي يأتي على النفس أشبه المحدد وفي البلغة وغيرها وجه ويد وفي الشرح وإن قتل في المحاربة بمثقل قتل كما لو قتل بمحدد وإن قتل بآلة لا يجب القصاص بالقتل بها فالظاهر أنهم يقتلون أيضا لدخولهم في العموم فرع من قاتل اللصوص وقتل قتل القاتل منهم دون غيره ذكره ابن ذلك في البنيان لم يكونوا محاربين في قول الخرقي وقال أبو بكر حكمهم في المصر والصحراء واحد وإذا قدر عليهم فمن كان منهم قد قتل من يكافئه وأخذ المال قتل حتما وصلب حتى يشتهر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/145)
في الصحراء فيغصبونهم المال مجاهرة فأما من يأخذه سرقة فليس محارب وإن فعلوا أبي موسى في الصحراء لأن ذلك عادة المحاربين فيغصبونهم المال المحترم مجاهرة أي يأخذون المال قهرا اختاره الأكثر ونصره القاضي في الخلاف وذكره المذهب فأما من يأخذه سرقة فليس بمحارب لأنهم لا يرجعون إلى منعة وقوة وإن اختطفوه وهربوا فهم منتهبون لا قطع عليهم وإن فعلوا ذلك في البنيان لم يكونوا محاربين في قول الخرقي قدمه في المحرر والرعاية وجزم به في الوجيز لأن الواجب يسمى حد قطاع الطريق وقطع الطريق إنما هو في الصحراء لأن المصر يلحق فيه الغوث غالبا فتذهب شوكتهم ويكونون مختلسين لا قطاع طريق وقال أبو بكر حكمهم في المصر والصحراء واحد وهو قول كثير من الأصحاب لعموم الآية فيهم ولأن ضررهم في المصر أعظم فكانوا بالحد أولى وفي الفروع قيل في صحراء وقيل ومصر إن لم يغث وحكى في الكافي والشرح عن القاضي أنه قال إذا كبسوا دارا في مصر بحيث يلحقهم الغوث عادة لم يكونوا محاربين وإن حصروا قرية أو بلدا لا يلحقهم الغوث عادة فهم قطاع طريق ولم يذكر في الرعاية فيه خلافا ويعتبر ثبوته ببينة أو إقرار مرتين كسرقة ذكره القاضي وغيره وفي سقوطه بشبهة كسرقة وجهان قاله في المستوعب وغيره وإذا قدر عليهم فمن كان منهم قد قتل من يكافئه وأخذ المال قتل حتما وصلب حتى يشتهر لما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/146)
وقال أبو بكر يصلب قدر ما يقع عليه اسم الصلب وعن متفق عليه وقال ابن عباس ما كان في القرآن ب أو فصاحبه بالخيار وجوابه بأنه قد عرف من القرآن أن ما أريد به التخيير فيبدأ بالأخف ككفارة اليمين وما أريد به الترتيب فيبدأ بالأغلظ ككفارة الظهار والقتل ولأن العقوبات تختلف باختلاف الأجرام ولذلك اختلف حكم الزاني والقاذف والسارق ولأن القتل وجب لحق الله تعالى فلم يخير الإمام فيه كقطع السارق وروى الشافعي عن إبراهيم بن يحيى عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وإذا خافوا السبيل ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض وروي نحوه مرفوعا وإذا ثبت هذا قتل وصلب في ظاهر المذهب قاله في المغني والشرح وقتله متحتم لا يدخله عفو بالإجماع والصلب بعد القتل وقيل يصلب أولا ثم يقتل والأول أولى لأنه تعالى قدم القتل على الصلب كقوله تعالى { إن الصفا والمروة من شعائر الله } البقرة 158 ولقوله عليه السلام إذا قتلتم فأحسنوا القتلة ولأنه شرع ردعا لغيره ليشتهر أمره ولو شرع لردعه فقط لسقط بقتله كما تسقط سائر الحدود مع القتل والصلب حتم في حق من قتل وأخذ المال فلا يسقط بعفو ولا غيره ويكون حتى يشتهر ذكره معظم الأصحاب لأن المقصود منه زجر غيره ولا يحصل إلا به وقال أبو بكر يصلب قدر ما يقع عليه اسم الصلب اقتصر ابن هبيرة على حكايته عن أحمد لأن بذلك يصدق اسم الصلب وقال ابن رزين يصلب ثلاثة أيام وهذا توقيت بغير عليه جناية موجبة للقصاص فيما دون النفس فهل يتحتم استفاؤه على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/147)
أحمد أنه يقطع مع ذلك وإن قتل من لا يكافئه فهل يقتل على روايتين وإن جنى توقيف مع أنه في الظاهر يفضي إلى تغيره ونتنه وعن أحمد أنه يقطع مع ذلك اختاره أبو محمد الجوزي لأن كل واحد منهما يوجب حدا مفردا فإذا اجتمعا وجب حدهما كما لو زنى وسرق فعلى هذا يقطع أولا ثم يقتل ثم بعد ذلك يدفع إلى أهله فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن وإن مات قبل قتله لم يصلب لأنه تابع للقتل فسقط بفواته وإن قتل من لا يكافئه كولده وعبد وذمي فهل يقتل على روايتين
إحداهما يقتل ويصلب قدمها في الرعاية وجزم بها في الوجيز للعموم ولأن القتل حد لله تعالى فلا تعتبر فيه المكافأة كالزنى والسرقة
والثانية لا ذكر القاضي في الخلاف أن هذا ظاهر كلام أحمد في رواية جماعة لقوله عليه السلام لا يقتل مسلم بكافر فعلى هذا إذا قتل مسلم ذميا أو حر عبدا وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف لأخذ المال وغرم دية ذمي وقيمة عبد وإن قتله ولم يأخذ مالا غرم ديته ونفي وقيل إن قلنا القتل حق لله فلم يقتل من يكافئه وإلا فلا وفي الشرح عن القاضي أنه قال إنما يتحتم قتله إذا قتله ليأخذ المال فإن قتله لغير ذلك كعداوة فالواجب قصاص غير متحتم وإن جنى عليه جناية موجبة للقصاص فيما دون النفس كالطرف فهل يتحتم استيفاؤه على روايتين وكذا في الفروع
إحداهما قال في الشرح وهي أولى لا يتحتم لأن الله تعالى لم يذكره وحينئذ لا يجب فيه أكثر من القصاص
والثانية يتحتم قدمها في الرعاية وحزم بها في الوجيز لأنه نوع قود فتحتم استيفاؤه كالقود في النفس ولا يسقط مع تحتم القتل على الروايتين ويحتمل سقوطه بتحتم قتله وذكره بعضهم ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/148)
وحكم الردء حكم المباشر ومن قتل ولم يأخذ المال قتل وهل يصلب على روايتين فقال يحتمل أن تسقط الجناية إن قلنا يتحتم استيفاؤها وذكره بعضهم فقال يحتمل أن يسقط تحتم القتل إن قلنا يتحتم في الطرف قال في الفروع وهذا وهم وحكم الردء والطليع حكم المباشر لأن حد المباشر حكم يتعلق بها فاستوى فيها الردء والمباشر كالغنيمة يحققه أن المحاربة مبنية على حصول المنعة والمعاضدة والمباشر لا يتمكن إلا بالردء فوجب التساوي في الحكم وذكر أبو الفرج السرقة كذلك فلو قتل بعضهم ثبت حكم القتل في حق الكل وإن قتل بعضهم وأخذ المال بعضهم جاز قتلهم وصلبهم فردء غير مكلف كهو وقيل يضمن المال آخذه وقيل قراره عليه وفي الإرشاد من قاتل اللصوص وقتل قتل القاتل فقط واختار الشيخ تقي الدين الآمر كردء وأنه في السرقة كذلك وإن المرأة التي تحضر النساء للقتل تقتل والمراد بالردء هو العون للمباشر كقوله تعالى { ردءا يصدقني } القصص 34
ومن قتل مكافئه ولم يأخذ المال قتل حتما لأنه قاتل فيدخل في عموم النص وحينئذ فلا أثر لعفو الولي وهل يصلب على روايتين
إحداهما لا يصلب قدمه في المحرر وصححه في الشرح وجزم به في الكافي لأن جنايتهم بأخذ المال مع القتل أعظم فكانت عقوبتهم أغلظ
والثانية بلى لأنه محارب يجب قتله فيصلب كمن أخذ المال ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت حتما يده اليمنى ورجله اليسرى لقوله تعالى { أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف } وإنما قطعت يده اليمنى للمعنى الذي تقدم في السارق لأنه سارق وزيادة ثم رجله اليسرى لتحقق المخالفة وليكون أرفق به في مكان مشيه
____________________
(9/149)
في مقام واحد وحسمتا وخلي ولا يقطع منهم إلا من أخذ ما يقطع السارق في مثله ولا ينتظر اندمال اليد بل يقطعان في مقام واحد لأن الله تعالى أمر بقطعهما من غير تعرض لتأخير شيء منهما فيبدأ بيمينه فتقطع وتحسم ثم برجله كذلك وهذا الترتيب واجب ذكره ابن شهاب وغيره وحسمتا لقوله اقطعوه واحسموه لأن الحسم يسد أفواه العروق ويمنع الدم من النزف ويكون ذلك حتما وخلي بعد ذلك لأن الحق الذي عليه قد استوفي أشبه المدين إذا أدى دينه ولا يقطع منهم إلا من أخذ ما يقطع السارق في مثله لقوله عليه السلام لا قطع إلا في ربع دينار ولم يفصل ولأنها جناية تعلقت بها عقوبة في حق غير المحارب فلا تغليظ في المحارب بأكثر من وجه واحد كالقتل وظاهره أنه يعتبر الحرز أيضا فإن أخذوا من مال لهم فيه شركة أو شبهة على ما ذكرنا في المسروق لم يقطع ذكره في الشرح وغيره وفي المستوعب وجهان فإن كانت يمينه مقطوعة بأن قطعت في سرقة أو غيرها أو مستحقة في قصاص أو شلاء قطعت رجله اليسرى كما لو كانت يمناه موجودة لأن ذلك واجب أمكن استيفاؤه وكذا إن كانت اليمنى موجودة واليسرى معدومة فإنا نقطع الموجود منها حسب ويسقط القطع في المعدوم لأن ما تعلق به الفرض قد زال فيسقط كالغسل في الوضوء وإن عدم يسرى يديه قطعت يسرى رجليه وإن عدم يمنى يديه لم تقطع يمنى رجليه وهل تقطع يسرى يديه أي إذا قطع للمحاربة ثم حارب ثانيا فهل تقطع بقية أربعته فيه وجهان وذلك ينبني على الروايتين في قطع يسرى السارق في المرة الثالثة فإن قلنا يقطع ثم قطعت هاهنا لأنها مستحقة القطع في الجملة كما لو سرق ولا تعزيره بما يردعه ومن تاب منهم قبل القدرة عليه سقطت عنه حدود الله من الصلب والقطع والنفي وانحتام القتل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/150)
ومن لم يقتل ولا أخذ مالا نفي وشرد ولا يترك يأوي إلى بلد وعنه أن نفيه يمنى له ولا رجل وإن قلنا لا تقطع وهو الأصح سقط لأن قطعها يفضي إلى تفويت منفعة البطش وتتعين دية لقود لزمه بعد محاربته كتقديمها بسبقها وكذا لو مات قبل قتله للمحاربة فرع إذا عدم يده اليسرى أو بطشها بشلل أو نقص قطعت رجله اليسرى دون يده اليمنى وقيل يقطعان ويتخرج عكسه فلو كان ما وجب قطعه أشل فذكر أهل الطب أن قطعه يفضي إلى تلفه سقط وبقي حكمه كالمعدوم وإن قالوا لا يفضي إلى تلفه ففي قطعه روايتان ومن لم يقتل ولا أخذ مالا نفي وشرد أي طرد ولو عبدا ولا يترك يأوي إلى بلد ذكره الأصحاب ونصروه لقوله تعالى { أو ينفوا من الأرض } المائدة 33 وظاهره يتناول نفيه من جميعها وهو يبطل بنفي الزاني إلى مكان فعلى هذا ينفون مدة تظهر فيها توبتهم وتحسن سيرتهم قدمه في الرعاية والفروع وقيل ينفون عاما كالزاني وعنه أن نفيه تعزيره بما يردعه من ضرب وحبس ونفي لأن الغرض الردع وهو حاصل بما ذكر وفي التبصرة بهما وعنه نفيهم حبسهم اختاره ابن أبي موسى حتى يحدثوا توبة وفي الواضح وغيره رواية أن نفيهم طلب الإمام لهم ليقيم فيهم حدود الله تعالى وروي عن ابن عباس فإن كانوا جماعة نفوا متفرقين ومن تاب منهم قبل القدرة عليه سقطت عنه حدود الله تعالى من الصلب والقطع والنفي وانحتام القتل بغير خلاف نعلمه وسنده قوله تعالى { إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم } فعلى هذا يسقط عنهم جميع ما ذكر أطلق عليه حد الله تعالى سوى ذلك فتاب قبل إقامته لم يسقط عنه وعنه أنه يسقط بمجرد التوبة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/151)
وأخذ بحقوق الادميين من النفس والمال والجراح إلا أن يعفى لهم عنها ومن وجب في المبهج في حق الله تعالى روايتين وأخذ بحقوق الآدميين من النفس والمال والجرح إلا أن يعفى لهم عنها لأنها حقوق عليهم لم يعف عنها فلم تسقط لغير المحارب لا يقال الآية عامة فما وجه التخصيص لأن الأدلة دالة على أن حق الآدمي لا يسقط إلا برضاه لأنه مبني على الضيق ولاشح بخلاف حق الله وذلك يقتضي عدم التسوية بينهما وعلم منه أنه إذا تاب بعد القدرة عليه لم يسقط عنه شيء لأن الله تعالى شرط في المغفرة لهم كون توبتهم قبل القدرة فدل على عدمها بعدها ولأنه إذا تاب قبل القدرة فالظاهر أنها توبة إخلاص وبعدها تقية من إقامة الحد ولأن في إسقاط الحد عنه قبل القدرة ترغيبا في توبته والرجوع عن محاربته وبعد القدرة لا حاجة في ترغيبه لأنه قد عجز عن الفساد والمحاربة وهذا كله فيمن هو تحت حكمنا وفي خارجي وباغ ومرتد محارب الخلاف في ظاهر كلامهم وقيل تقبل توبته ببينة وقيل وقرينة وأما الحربي الكافر فلا يؤخذ بشيء في كفره إجماعا ومن وجب عليه حد لله تعالى سوى ذلك كالزنى والسرقة وشرب الخمر فتاب قبل إقامته لم يسقط عنه ذكره أبو بكر المذهب وقاله أكثر العلماء لعموم أية الزنى والسارق ولأنه عليه اللسلام رجم ماعزا والغامدية وقد جاءا تائبين ولأن الحد كفارة فلم يسقط بالتوبة ككفارة اليمين ولأنه مقدور عليه كالمحارب بعد القدرة عليه وعنه أنه يسقط بمجرد التوبة نصره القاضي في الخلاف وصححه وقدمه في المحرر والفروع وقال اختاره الأكثر وجزم به في الوجيز لقوله تعالى { فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما } النساء 16 ولقوله { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب } قبل إصلاح العمل ومن مات وعليه حد سقط عنه فصل عليه
____________________
(9/152)
المائدة 39 وفي الخبر التائب من الذنب كمن لا ذنب له ولأنه خالص حق الله تعالى فسقط بالتوبة كحد المحارب قبل إصلاح العمل وكذا في الوجيز لأن الله تعالى علق الحكم على شرطين وأجاب القاضي بأن هذا على طريق التأكيد والمبالغة لقوله تعالى { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر } الايات الفرقان 68 ومعلوم أنه لا يعتبر صلاح العمل في توبة المشرك قال القاضي لا يعتبر صلاح العمل وهو ظاهر كلام أحمد في رواية الميموني وأبي الحارث لأنها توبة مسقطة للحد أشبهت توبة المحارب قبل القدرة عليه كالإسلام فعلى هذا فلابد من مضي مدة قبل ثبوته وقيل قبل القدرة وقيل قبل إقامته وفي بحث القاضي التفرقة بين علم الإمام بهم أو لا واختار الشيخ تقي الدين ولو في الحد لا يكمل وإن هربه فيه توبة وعنه إن ثبت الحد بنفيه لم يسقط ذكرها ابن حامد وغيره وعليهما يسقط في حق محارب تاب قبل القدرة عليه ويحتمل لا كما قبل المحاربة وفي المحرر والوجيز لا يسقط بإسلام ذمي ومستأمن نص عليه وذكره ابن أبي موسى في ذمي ونقله فيه أبو داود وظاهر كلام جماعة أن فيه الخلاف ومن مات وعليه حد سقط عنه لفوات محله كما يسقط غسل ما ذهب من أعضاء الطهارة
تذنيب إذا وجد رجلا يزني مع امرأته فقتله فلا قود ولا دية رواه سعيد عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم عن عمر فإن ادعى ذلك لم يقبل في الحكم إلا ببينة وهي شاهدان في رواية اختارها أبو بكر وأربعة لقول علي وإن لم يحصل إلا بالقتل فله ذلك ولا شيء عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/153)
ومن أريدت نفسه أو حرمته أو ماله فله الدفع عن ذلك بأسهل ما يعلم دفعه به وإن كانت مكرهة ضمنها وأثم وإن كانت مطاوعة فلا
فائدة من عرف بأذى الناس وأموالهم فإن لم ينزجر حبس وأطعم من بيت المال حتى يموت وكذا من ابتدع ببدعة وحمل الناس عليها حبس حتى يكف المسلمين عن بدعته نص عليه فصل
ومن أريدت نفسه أو حرمته أو ماله وإن قل كافأه أم لا فله الدفع عن ذلك بأسهل ما يعلم والمذهب أنه يدفع عن ذلك بأسهل ما يغلب على ظنه جزم به في المحرر والوجيز وقدمه في الفروع دفعه به لأنه لو منع من ذلك لأدى إلى تلفه وأذاه في نفسه وحرمته وماله ولأنه لو لم يجز ذلك لتسلط الناس بعضهم على بعض وأدى إلى الهرج والمرج لأن الزائد عليه لا حاجة إليه لحصول الدفع به وقيل إن لم يمكنه هرب أو احتماء ونحوه وجزم به في المستوعب فعلى ما ذكرنا متى علم أو ظن الدافع أن الصائل عليه يندفع بالقول لم يجز ضربه بشيء قال أحمد لا تريد قتله وضربه لكن ادفعه وقال الميموني رأيته يعجب ممن يقول أقاتله وأمنعه وإن علم أنه يندفع بعصا لم يضربه بحديد وإن لم يحصل إلا بالقتل فله ذلك لأن ضرره إذا لم يندفع إلا به تعين طريقا إلى الدفع المحتاج إليه ولا شيء عليه بالقتل لأنه قتل لدفع شر الصائل فلم يجب به شيء كفعل الباغي وروي عن عبيد بن عمير أن رجلا ضاف ناسا من هذيل فأراد امرأة على نفسها فرمته بحجر فقال عمر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/154)
وإن قتل كان شهيدا وهل يجب عليه الدفع عن نفسه على روايتين وسواء والله لا يودي به وإن قتل كان شهيدا لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد رواه أبو داود والترمذي وصححه وعن سعيد بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد رواه أبو داود والترمذي وصححه ولأنه قتل لدفع ظلم فكان شهيدا كالعادل إذا قتله الباغي وإن قتله فهدر ولا يجوز في حال مزح ذكره في الانتصار ويقاد به ذكره آخرون وهل يجب عليه الدفع عن نفسه على روايتين كذا في المحرر الأصح أنه يلزمه الدفع عن نفسه لقوله تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } البقرة 195 وكما يحرم قتل نفسه تحرم عليه إباحة قتل نفسه ولأنه قدر على إحياء نفسه فوجب عليه فعل ما يتقي به كالمضطر إذا وجد الميتة وكذا عن نفس غيره لا في فتنة في الأصح فيهما والثانية لا يلزمه قدمها في الرعاية وصححها ابن المنجا لما روى عبد الله ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما يمنع أحدكم إذا جاء من يريد قتله أن يكون مثل ابني آدم القاتل في النار والمقتول في الجنة رواه أحمد وعن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخل أحدكم فتنة فليكن كخير ابني آدم رواه أحمد وأبو داود والترمذي ولأن عثمان ترك القتال على من بغى عليه مع القدرة عليه ومنع غيره من قتالهم وصبر على ذلك ولو لم يجز لأنكر الصحابة عليه ذلك وعلى اللزوم إن أمكنه أن يهرب أو يحتمي أو يختفي ففي جواز الدفع وجهان وظاهره أنه لا يجب الدفع عن حرمته وليس ذكرنا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/155)
كان الصائل آدميا أو بهيمة وإذا دخل رجل منزله متلصصا أو صائلا فحكمه حكم ما كذلك بل هو قويل فإنه إذا رأى مع امرأته رجلا أو ابنته أو أخته يزنى بها أو تلوط بابنه فإنه يجب الدفع عن ذلك في المنصوص لأنه اجتمع فيه حق الله وهو منعه من الفاحشة وحق نفسه بالمنع عن أهله فلا يسعه إضاعة هذه الحقوق ولا عن ماله وهو الأصح كما لا يلزمه حفظه من الضياع والهلاك ذكره القاضي وغيره وفي التبصرة في الثلاثة يلزمه في الأصح وله بذله وذكر القاضي أنه أفضل ونقله حنبل وفي الترغيب المنصوص عنه أن ترك قتاله عنه أفضل وأطلق روايتي الوجوب في الكل زاد في نهاية المبتدىء على الثلاثة وعرضه وقيل يجب وأطلق في التبصرة والشيخ تقي الدين لزومه عن مال غيره وسواء كان الصائل آدميا مكلفا أو غير مكلف وفي الترغيب وعندي ينتقض عهد الذمي أو بهيمة لاشتراكهما في المجوز للدفع وهو الصول ولأن البهيمة لا حرمة لها فيجب عليه الدفع إذا أمكنه كما لو خاف من سيل أو نار وأمكنه أن يتنحى عنه وإذا دخل رجل منزله متلصصا أو صائلا أي إذا ادعى صيالة بلا بينة ولا إقرار لم يقبل فحكمه حكم ما ذكرنا أي إذا دخل منزل غيره بغير إذنه فلصاحب المنزل أمره بالخروج من منزله سواء كان معه سلاح أو لا فإن خرج بالأمر لم يكن له غيره لأن المقصود إخراجه لكن روي عن ابن عمر أنه رأى لصا فأصلت عليه السيف قال الراوي فلو تركناه لقتله وجاء رجل إلى الحسن فقال رجل دخل بيتي ومعه حديدة أقتله قال نعم وجوابه أنه أمكن إزالة العدوان بغير القتل فلم يجز القتل وكما لو غصب منه شيئا وأمكن أخذه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/156)
وان عض إنسان إنسانا فانتزع يده من فيه فسقطت ثناياه ذهبت هدرا وإن بغير القتل وفعل ابن عمر يحمل على قصد الترهيب فإن لم يخرج فله ضربه بأسهل ما يعلم أو يظن أنه يندفع به فإن خرج بالعصا لم يكن له ضربه بالحديد وإن ولى هاربا لم يكن له قتله ولا اتباعه كالبغاة وإن ضربه ضربة عطلته لم يكن له أرش لأنه لقي شره وإن ضربه فقطع يمينه فولى مدبرا فقطع رجله فالرجل مضمونة بقصاص أو دية لأنه في حال لا يحل له ضربه واليد غير مضمونة فإن مات من سراية القطع فعليه نصف الدية وإن عاد إليه بعد قطع رجله فقطع يده الأخرى فاليدان غير مضمونتين وإن مات فعليه ثلث الدية كما لو مات من جراحة ثلاثة أنفس وقياس المذهب أن يضمن نصف الدية كما لو جرحه اثنان ومات منها وإن لم يمكنه إلا بالقتل أو خاف أن يبدره به فله قتله وهو هدر كالباقي وإن قتل صاحب المنزل فهو شهيد للخبر وكالعادي وعلى الصائل ضمانه وإن أمكن دفعه بقطع عضو فقتله أو قطع زيادة على ما يندفع به ضمنه وإن عض إنسان إنسانا عضا محرما فانتزع يده من فيه فسقطت ثناياه ذهبت هدرا لما روى عمران بن حصين قال قاتل يعلى بن أمية رجلا فعض أحدهما صاحبه فانتزع يده من فيه فنزع ثنيته وفي لفظ بثنيته فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أيعض أحدكم كما يعض الفحل لا دية له متفق عليه ولفظه لمسلم ولأنه عضو تلف ضرورة دفع شر صاحبه فلم يضمن كما لو صال عليه فلم يكن الدافع إلا بقطع يده وسواء كان المعضوض ظالما أو مظلوما لأن العض محرم إلا أن يكون العض مباحا كمن لا يقدر على التخلص إلا بعضه وقال القاضي تخليص المعضوض يده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/157)
نظر في بيته من خصاص الباب ونحوه فخذف عينه ففقأها فلا شيء عليه بأسهل ما يمكنه فإن أمكنه فك لحييه وإن لم يمكنه لكمه وإن لم يمكنه جذب يده من فيه فإن لم يخلص فله أن يعصر خصيتيه فإن لم يمكنه فله أن يبعج بطنه وإن أتى على نفسه قال في المغني والصحيح أن هذا الترتيب غير معتبر وينبغي أن يجذب يده أولا فإن أمكنه ذلك فعدل إلى لكم فكه فأتلف شيئا ضمنه لإمكان التخلص بما هو أولى منه
وإن نظر في بيته من خصاص الباب وهو الفروج الذي فيه ونحوه وظاهره ولو لم يتعمد لكن ظنه متعمدا قال في الترغيب أو صادف عورة من محارمه وأصر وفي المغني ولو خلت من نساء فقذف عينه ففقأها وفي الفروع فتلفت فلا شيء عليه كذا في المحرر والوجيز وغيرهما لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو أن امرءا أطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح متفق عليه وظاهر كلام أحمد أنه لا يعتبر أنه لا يمكنه دفعه إلا بذلك لظاهر الخبر ولا يتبعه وقال ابن حامد يدفعه بالأسهل فينذره أولا كمن استرق السمع لم يقصد أذنه بلا إنذار قاله في الترغيب وقيل باب مفتوح كخصاصة وجزم به بعضهم وعن أبي ذر مرفوعا وإن مر رجل على باب لا ستر له غير مغلق فينظر فلا خطيئة عليه إنما الخطيئة على أهل البيت رواه أحمد وأبو داود وفيه ابن لهيعة
ولو كان إنسانا عريانا في طريق لم يكن له رمي من نظر إليه لأنه مفرط فرع إذا اطلع فرماه فقال المطلع ما تعمدته لم يضمنه على ظاهر ولهم منعة وشوكة وعلى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/158)
باب قتال أهل البغي
وهم القوم الذين يخرجون عن طاعة الامام بتأويل سائغ كلامه وعلى قول ابن حامد بلى وإن اطلع أعمى لم يجز رميه وقال ابن عقيل بلى إن كان سميعا كالبصير وسواء كان الناظر في ملكه أو غيره والله أعلم & باب قتال أهل البغي &
البغي مصدر بغى يبغي بغيا إذا اعتدى والمراد هنا الظلمة الخارجون عن طاعة الإمام المعتدون عليه قال الله تعالى { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } الى قوله { إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم } الحجرات 10 وفيها فوائد منها أنهم لم يخرجوا بالبغي عن الإيمان ومنها أنه أوجب قتالهم ومنها أنه أسقط قتالهم إذا رجعوا إلى أمر الله تعالى ومنها أنه أسقط عنهم التبعة فيما أتلفوه في قتالهم ومنها أنها أجازت قتال كل من منع حقا عليه والأحاديث مشهورة منها ما روى عبادة بن الصامت قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره وألا ننازع الأمر أهله متفق عليه وأجمع الصحابة على قتالهم فإن أبا بكر قاتل مانعي الزكاة وعليا قاتل أهل الجمل وأهل صفين وهم القوم الذين يخرجون عن طاعة الإمام العادل ذكره في الرعاية بتأويل سائغ سواء كان صوابا أو خطأ وقيل بل خطأ فقط ذكره في الرعاية ولهم منعة وشوكة لا جمع يسير خلافا لأبي بكر فإن فات شرط فقطاع طريق فعلى هذا لو امتنع قوم من طاعة الإمام وخرجوا عن قبضته بغير تأويل أو كان لهم تأويل ولا منعة لهم ما يدعونه من شبهة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/159)
الامام ان يراسلهم ويسألهم ما ينقمون منه ويزيل ما يذكرونه من مظلمة ويكشف كالعشرة فقطاع طريق وفي الترغيب لا تتم الشوكة إلا وفيهم واحد مطاع وأنه يعتبر كونهم في طرف ولايته وفي عيون المسائل تدعو إلى نفسها أو إلى إمام غيره وإلا فقطاع طريق
أصل من كفر أهل الحق والصحابة واستحل دماء المسلمين فهم بغاة في قول الجماهير تتعين استتابتهم فإن تابوا وإلا قتلوا على إفسادهم لا على كفرهم وقال طائفة من المحدثين هم كفار حكمهم حكم المرتدين للأخبار وهذا رواية عن أحمد ذكر في الترغيب والرعاية أنها اشهر وذكر ابن حامد أنه لا خلاف فيه وحكى ابن أبي موسى عن أحمد الخوارج كلاب النار صح الحديث فيهم من عشرة أوجه قال والحكم فيهم على ما قال علي وفيما قال لا نبدأكم بقتال وقال ابن المنذر ولا أعلم أحدا وافق أهل الحديث على كفرهم قال ابن عبد البر في الحديث الذي رويناه قوله يتمادى في الفوق يدل على أنه لم يكفرهم قال المؤلف والصحيح أن الخوارج يجوز قتلهم ابتداء والإجازة على جريحهم وعلى الإمام أن يراسلهم للنص إذ المراسلة والسؤال طريق إلى الصلح لأن ذلك وسيلة إلى رجوعهم إلى الحق وقد روي أن علي بن أبي طالب راسل أهل البصرة قبل وقعة الجمل ولما اعتزلته الحرورية بعث إليهم عبد الله ابن عباس فواضعوه كتاب الله ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف ويسألهم ما ينقمون منه ويزيل ما يذكرونه من مظلمة لأن ذلك وجب مع إفضاء الأمر إلى القتل والهرج والمرج فلأن يجب في حال يؤدي إلى ذلك بطريق الأولى ويكشف ما يدعونه من شبهة لأن كشفها طريق إلى رجوعهم إلى الحق وذلك مطلوب إلا أن يخاف كلبهم رجوعهم فيها انظرهم فإن ظن أنها مكيدة لم ينظرهم وقاتلهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/160)
فإن فاؤوا وإلا قاتلهم وعلى رعيته معونته على حربهم فإن استنظروه مدة رجا فلا يمكن ذلك في حقهم فإن أبوا الرجوع وعظهم وخوفهم القتال لأن المقصود دفع شرهم لا قتلهم فإن فاؤوا أي رجعوا إلى الطاعة وإلا قاتلهم أي يلزم القادر قتالهم لإجماع الصحابة على ذلك وقال الشيخ تقي الدين الأفضل تركه حتى يبدؤوه وهو ظاهر اختيار المؤلف وقالا في الخوارج له قتلهم ابتداء وتتمة الجريح وفي المغني والشرح في الخوارج ظاهر قول المتأخرين من أصحابنا أنهم بغاة لهم حكمهم وفرق جمهور العلماء بين الخوارج والبغاة المتأولين وهو المعروف عن الصحابة وغيرهم وعلى رعيته معونته على حربهم لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } النساء 59 ولقوله عليه السلام من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه رواه أحمد وأبو داود من حديث أبي ذر رضي الله عنه فإن استنظروه مدة رجا رجوعهم فيها أنظرهم حكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه وفي الرعاية ثلاثا ولإن الإنظار المرجو به رجوعهم أولى من معالجتهم بالقتال المؤدي إلى الهرج والمرج فإن ظن أنها مكيدة لم ينظرهم لأن الإنظار لا يؤمن منه أن يصير طريقا إلى قهر أهل الحق وذلك لا يجوز وإن أعطوه عليه مالا أو رهنا لأنه يخلي سبيلهم إذا انقضت الحرب كما يخلي الأساري ولا يجوز قتلهم فإن سألوه أن ينظرهم أبدا ويدعهم وما هم عليه ويكفوا عن المسلمين فإن قوي عليهم لم يجز إقرارهم على ذلك وإلا جاز وقاتلهم حيث قوي على ذلك فإن ضعف عنه أخره حتى يقوى فإن حضر معهم من لا يقاتل لم يجز قتله وإذا قاتل معهم عبيد أو نساء أو صبيان حربهم بكافر وهل يجوز أن يستعين عليهم بسلاحهم وكراعهم على وجهين ولا يتبع لهم مدبر ولا يجاز على جريح ولا يغنم لهم مال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/161)
ولا يقاتلهم بما يعم إتلافه كالمنجنيق والنار إلا لضرورة ولا يستعين في فهم كالرجل البالغ الحر وفي الترغيب ومراهق وعبد كخيل ولا يقاتلهم بما يعم إتلافه كالمنجنيق والنار لأنه يعم من يجوز ومن لا يجوز إلا لضرورة كما في دفع الصائل فإن رماهم البغاة به جاز رميهم ولا يستعين في حربهم بكافر لأنه لا يستعان في قتال الكفار به فلأن لا يستعان به في قتال مسلم بطريق الأولى ولأن القصد كفهم لا قتلهم وهو لا يقصد قتلهم فإن احتاج فقدر عن كفهم عن فعل ما لا يجوز جازت الاستعانة بهم وإلا فلا
وهل يجوز أن يستعين عليهم بسلاحهم وكرعهم أي خيلهم على وجهين
أحدهما لا جزم به ابن هبيرة عن أحمد وحكاه القاضي والمؤلف عن أحمد وصححه ابن حمدان لأن الإسلام عصم أموالهم وإنما أتيح قتالهم لردهم إلى الطاعة فيبقى المال على العصمة كمال قاطع الطريق إلا أن تدعو ضرورة فيجوز كأكل مال الغير في المخمصة والثاني يجوز جزم به في الوجيز وذكر القاضي أن أحمد أومأ إليه قياسا على أسلحة الكفار وعليه لا يجوز في غير قتالهم ويجب رده بعد أن تنقضي الحرب كما يرد سائر أموالهم ولا يرده حال الحرب لئلا يقاتلونا به ولا يتبع لهم مدبر ولا يجاز على جريح ولا يجوز قتلهم إذا تركوا القتال في قول الأكثر لما روى مروان قال خرج خارج يوم الجمل لعلي لا يقتلن مدبر ولا يذفف على جريح ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن رواه سعيد وعن عمار نحوه وكالصائل وفي الترغيب إن المدبر من انكسرت شوكته لا المتحرف إلى موضع آخر فعلى هذا إذا قتل أنسانا منع من قتله ضمنه وهل يلزمه القصاص فيه وجهان ولا يغنم لهم مال لأنهم صبي أو امرأة فهل يفعل به ذلك أو يخلي في الحال يحتمل وجهين وإذا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/162)
ولا تسبي فهم ذرية ومن أسر من رجالهم حبس حتى تنقضي الحرب ثم يرسل وإن أسر لم يكفروا ببغيهم وقتالهم وعصمة الأموال تابعة لدينهم ولا تسبى لهم ذرية لا نعلم فيه خلافا لأحد لأنهم لم يحصل منهم سبب أصلا بخلاف أهل البغي فإنه وجد منهم البغي والقتال
ومن أسر من رجالهم حبس حتى تنقضي الحرب لأن في إطلاقهم ضررا على المسلمين ثم يرسل بعد ذلك لأن المانع من إرسالهم خوف مساعدة أصحابهم وقد زال وفي الترغيب لا مع بقاء شوكتهم وقيل يرسل إن أمن ضرره فإن بطلت ويتوقع اجتماعهم في الحال فوجهان فرع إذا أسر رجلا مطاعا خلي زاد في الرعاية إن أمن شره فإن أبى أن يدخل في الطاعة وفي الكافي والشرح وكان رجلا جلدا حبس وأطلق بعد الحرب زاد في الشرح وشرط عليه ألا يعود إلى القتال
وإن أسر صبي أو امرأة فهل يفعل به ذلك أو يخلى في الحال يحتمل وجهين
أحدهما يحبسون لأن فيه كسر قلوب البغاة وكالرجل
والثاني يخلون في الحال قدمه في الرعاية وصححه في الكافي والشرح لأنه لا يخشى من تخليته فرع لا يكره للعادل قتل ذوي رحمه الباغين ذكره القاضي لأنه قتل بحق أشبه إقامة الحد عليه والأصح يكره وقدمه في الفروع لقوله تعالى { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا } لقمان 15 قال الشافعي كف النبي صلى الله عليه وسلم أبا حذيفة بن عتبة عن أتلفوه عليهم حال الحرب من نفس أو مال وهل يضمن البغاة ما أتلفوه على أهل العدل في الحرب على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/163)
انقضى الحرب فمن وجد منهم ماله في يد إنسان أخذه ولا يضمن أهل العدل ما قتل أبيه وقال بعضهم لا يحل وذكره في الفروع احتمالا لأنه تعالى أمر بمصاحبته بالمعروف
تنبيه يجوز فداء أسارى أهل العدل بأسارى البغاة فإن قتل أهل البغي أسارى أهل العدل لم يجز لأهل العدل قتل أسراهم فإن اقتتلت طائفتان من البغاة فقدر الإمام على قهرهما لم يعن إحداهما على الأخرى وإن عجز وخاف اجتماعهما على حربه ضم إليه أقربهما إلى الحق فإن استويا اجتهد في ضم إحداهما ولا يقصد بذلك معونة إحداهما بل الاستعانة على الأخرى فإذا هزمها لم يقاتل من معه حتى يدعوهم إلى الطاعة وإذا انقضى الحرب فمن وجد منهم ماله في يد إنسان أخذه لقول علي من عرف شيئا أخذه ولأنه مال معصوم بالإسلام أشبه مال غير البغاة ولا يضمن أهل العدل ما أتلفوه عليهم حال الحرب من نفس أو مال لأنه إذا لم يمكن دفع البغاة إلا بقتلهم جاز ولا شيء على قاتلهم من إثم ولا ضمان ولا كفارة لأنه فعل ما أمر به كما لو قتل الصائل عليه وهل يضمن البغاة ما أتلفوه على أهل العدل في الحرب على روايتين
أحداهما لا ضمان قدمها في الكافي والفروع ونصرها في الشرح والقاضي في الخلاف وصححها لقول الزهري هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون فأجمعوا أن لا يقاد أحد ولا يؤخذ مال على تأويل القرآن إلا ما وجد بعينه ذكره أحمد في رواية الأثرم واحتج به رواه الخلال قال القاضي وهذا إجماع منهم مقطوع به ولأن تضمينهم يفضي إلى تنفيرهم من خراج أو جزية لم يعد عليهم ولا على صاحبه ومن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/164)
ومن أتلف في غير حال الحرب شيئا ضمنه وما أخذوا في حال امتناعهم من زكاة أو الرجوع إلى الطاعة فسقط كأهل الحرب وكأهل العدل
والثانية يضمنون جزم بها في الوجيز لقول أبي بكر لأهل الردة تودون قتلانا ولا نودي قتلاكم ولأنها نفوس وأموال معصومة أتلفت بغير حق ولا ضرورة دفع مباح فوجب ضمانه كالذي تلف في غير حال الحرب وجوابه أن أبا بكر رجع عنه إلى قول عمر ولم يمضه ثم لو وجب التعزير في حق المرتدين لم يلزم مثله هنا فإن هؤلاء طائفة من المسلمين لهم تأويل سائغ وأولئك كفار لا تأويل لهم وإذا ضمن المال ففي القود وجهان فإن أهدر فالقود أولى ومن أتلف في غير حال الحرب شيئا ضمنه أي من الفريقين رواية واحدة قاله في المستوعب لأن الاصل وجوب الضمان ترك العمل به في حال الحرب للضرورة فيبقى ما عداه وهل يتحتم قتل الباغي إذا قتل أحدا من أهل العدل في غير المعركة فيه وجهان الأصح أنه لا يتحتم فأما الخوارج فالصحيح إباحة قتلهم فلا قصاص على أحد منهم ولا ضمان عليه في ماله وما أخذوا في حال امتناعهم من زكاة أو خراج أو جزية لم يعد عليهم ولا على صاحبه روي عن عمر وسلمة بن الأكوع وقاله أكثر العلماء لما روي أن عليا لما ظهر على أهل البصرة لم يطالبهم بشيء مما جبوه ولأن في ترك الاحتساب بها ضررا عظيما ومشقة كبيرة فإنهم قد يغلبون على البلاد السنين الكثيرة فلو لم يحتسب بما أخذوه لحصل الضرر وظاهره لا فرق بين الخوارج وغيرهم وقال أبو عبيد يجزء دفع الزكاة إلى بغاة وخوارج ونص عليه أحمد في الخوارج ويقع موقعه قال القاضي في الشرح هذا إلا ببينة وإن ادعى انسان دفع خراجه اليهم فهل يقبل بغير بينة على وجهين وتجوز شهادتهم ولا ينقض من حكم حاكمهم ألا ما ينقض من حكم غيره (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/165)
ادعى دفع زكاته إليهم قبل بغير يمين وإن ادعى ذمي دفع جزيته إليهم لم يقبل محمول على أنهم خرجوا بتأويل وذكر في موضع آخر إنما يجوز أخذهم إذا نصبوا لهم إماما وفي الأحكام السلطانية أنه لا يجزيء الدفع إليهم اختيارا وعن أحمد الوقف فيما أخذوه من زكاة فلو صرفه أهل البغي في جهته صح قال ابن حمدان ودفع سهم المسترزقة إلى أجنادهم يحتمل وجهين ومن ادعى دفع زكاته اليهم قبل بغير يمين لأن الزكاة لا يستحلف فيها قال أحمد لا يستحلف الناس على صدقاتهم وإن ادعى ذمي دفع جزيته إليهم لم يقبل إلا ببينة لأنهم غير مأمونين ولأنها عوض أشبهت الأجرة وقيل يقبل قولهم إذا مضى الحول لأن الظاهر أن البغاة لا يدعون الجزية لهم وإن ادعى إنسان دفع خراجه إليهم فهل يقبل بغير بينة على وجهين
أشهرهما لا يقبل إلا ببينة قدمه في الرعاية وجزم به في الوجيز لأنه عوض أشبه الجزية
والثاني يقبل لأنه حق على مسلم فقبل قوله كالزكاة وقيل بلى إن حلف وتجوز شهادتهم لأنهم أخطأوا في فرع من فروع الإسلام باجتهادهم أشبه المختلفين من الفقهاء في الأحكام وإذا لم يكونوا من أهل البدع قبلت شهادتهم كأهل العدل بغير خلاف نعلمه قال ابن عقيل تقبل شهادتهم ويؤخذ عنهم العلم ما لم يكونوا دعاة انتهى فأما الخوارج وأهل البدع إذا خرجوا على الإمام فلا تقبل لهم شهادة لأنهم فساق ولا ينقض من حكم حاكمهم إلا ما ينقض من حكم غيره لأن نفيهم في أمر يسوغ فيه التأويل أشبه الاختلاف في الفروع فعلى هذا إن خالف حكم حاكمهم نصا أو إجماعا أو كان ممن يستحل دماء أهل العدل وأموالهم نقضه حكمه يجب عليهم معونة من استعان بهم من المسلمين ونحو ذلك فلا ينتقض عهدهم ويغرمون ما أتلفوه من نفس أو مال وإن استعانوا بأهل وإن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/166)
وإن استعانوا بأهل الذمة فأعانوهم انتقض عهدهم إلا أن يدعوا أنهم ظنوا أنه فرع إذا كتب قاضيهم إلى قاضي أهل العدل جاز قبول كتابه لأنه قاض ثابت القضاء وفي المغني والشرح والترغيب الأولى رد كتابه قبل حكمه كسرا لقلوبهم فأما الخوارج إذا ولوا قاضيا لم يجز قضاؤه للفسق وفي المغني والشرح احتمال يصح قضاؤه دفعا للضرر كما لو أقام الحد أو أخذ جزيته وخراجا وزكاة وإن استعانوا بأهل الذمة فأعانوهم طوعا مع علمهم بأن ذلك لا يجوز انتقض عهدهم قدمه في الرعاية والفروع وجزم به في الوجيز وصححه ابن أبي موسى كما لو انفردوا بقتالهم وحكمهم حكم أهل الحرب وقيل لا ينتقض لأن أهل الذمة لا يعرفون المحق من المبطل فيكون ذلك شبهة لهم فعلى هذا حكمهم حكم البغاة في قتل مقبلهم والكف عن أسيرهم ومدبرهم وجريحهم والمعاهد كالذمي قاله في الرعاية وفي الكافي والشرح إن حكمه حكم أهل الحرب إلا أن يقيم بينة على الإكراه لأن عقد الذمة مؤبد ولا يجوز نقضه لخوف الخيانة منهم ويلزم الدفع عنهم والمستأمنون بخلاف هذا إلا أن يدعوا أنهم ظنوا أنه يجب عليهم معونة من استعان بهم من المسلمين ونحو ذلك فلا ينتقض عهدهم وجها واحدا لأن ما ادعوه محتمل فلا ينتقض عهدهم مع الشبهة وفي الرعاية في الأصح وفي الترغيب وجهان ويغرمون ما أتلفوه من نفس أو مال في الأصح حال الحرب وغيره بخلاف أهل البغي لأن هؤلاء لا تأويل لهم لأن سقوط الضمان عن المسلمين كيلا يؤدي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الطاعة وأهل الذمة لا حاجة بنا إلى ذلك فيهم والثاني لا يضمنون كالمسلمين يجتمعوا لحرب لم يتعرض لهم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/167)
استعانوا بأهل الحرب وأمنوهم لم يصح أمانهم وإن أظهر قوم رأي الخوارج ولم وإن استعانوا بأهل الحرب وأمنوهم أو عقدوا لهم ذمة لم يصح أمانهم لأن الأمان من شرط صحته إلزام كفهم عن المسلمين ولأهل العدل قتلهم لمن لم يؤمنوه وحكم أسيرهم حكم أسير أهل الحرب قبل الاستعانة بهم فأما البغاة فلا يجوز لهم قتلهم لأنهم أمنوهم فلا يجوز لهم الغدر بهم قال في الفروع إلا أنهم في أمان بالنسبة إلى بغاة
أصل أذا استعانوا بمستأمنين فأعانوهم انتقض عهدهم وصاروا كأهل الحرب لأنهم تركوا كفهم عن قتال المسلمين فإن فعلوا ذلك مكرهين لم ينتقض عهدهم وإن ادعوه لم يقبل إلا ببينة لأن الأصل عدمه وإن أظهر قوم رأي الخوارج مثل تكفير من ارتكب كبيرة وترك الجماعة ولم يجتمعوا لحرب ولم يخرجوا عن قبضة الإمام ولم يسفكوا دما حراما فحكى القاضي عن أبي بكر أنه لا يحل بذلك قتلهم ولا قتالهم ولهذا قال لم يتعرض لهم وهذا قول جمهور الفقهاء لما روي أن علي بن أبي طالب كان يخطب فقال رجل بباب المسجد لا حكم إلا لله فقال علي كلمة حق أريد بها باطل ثم قال لكم علينا ثلاث لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا ولا نبدؤكم بقتال لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرض للمنافقين الذين كانوا معه في المدينة فعلى هذا حكمهم في ضمان النفس والمال حكم المسلمين وسأله المروذي عن قوم من أهل البدع يتعرضون ويكفرون قال لا تعرضوا لهم قلت وأي شيء يكره من أن يحبسوا قال لهم والدات وأخوات وقال في رواية ابن منصور الحرورية إذا دعوا إلى ما هم عليه إلى دينهم فقاتلهم وإلا فلا يقاتلون (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/168)
وإن سبوا الامام عزرهم وإن جنوا جناية أو اتوا حدا اقامه عليهم وان وإن سبوا الإمام أو غيره من أهل العدل صريحا عزرهم لأنهم ارتكبوا محرما لا حد فيه ولا كفارة وإن عرضوا بالسب ففي تعزيرهم وجهان وقال في الإباضية وسائر أهل البدع يستتابون فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم وأما من رأى تكفيرهم فمقتضى قوله أنهم يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا لكفرهم وإن جنوا جناية أو أتوا حدا أقامة عليهم لقول علي في ابن ملجم لما جرحه أطعموه واسقوه واحبسوه فإن عشت فأنا ولي دمي وإن مت فاقتلوه ولا تمثلوا به ولأنهم ليسوا ببغاة فهم كأهل العدل فيما لهم وعليهم ولأن في إسقاط ذلك عنهم تجرئتهم على الفعل وذلك مطلوب العدم
أصل قال أحمد في مبتدع داعية له دعاة أرى حبسه وكذا في التبصرة على الإمام منعهم وردعهم ولا يقاتلهم إلا أن يجتمعوا لحربه فكبغاة وقال أحمد أيضا في الحرورية الداعية يقاتل كبغاة ونقل ابن منصور يقاتل من منع الزكاة وكل من منع فريضة فعلى المسلمين قتاله حتى يأخذوها منه اختاره أبو الفرج والشيخ تقي الدين وقال أجمعوا أن كل طائفة ممتنعة عن شريعة متواترة من شرائع الإسلام يجب قتالها حتى يكون الدين كله لله كالمحاربين وأولى وذكر ابن عقيل عن الأصحاب تكفير من خالف في أصل كخوارج ورافضة ومرجئة وذكره غيره روايتين فيمن قال لم يخلق الله المعاصي أو وقف فيمن حكمنا بكفره وفيمن سب صحابيا غير مستحل وإن استحله كفر وفي المغني يخرج في كل محرم استحل بتأويل كالخوارج وفي نهاية المبتدىء من سب صحابيا مستحلا كفر وإلا فسق وذكر ابن حامد كفر الخوارج على الأخرى & باب حكم المرتد & وهو الذي يكفر بعد إسلامه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/169)
اقتتلت طائفتان لعصبية أو طلب رئاسة فهما ظالمتان وتضمن كل واحدة ما أتلفت والرافضة والقدرية والمرجئة ومن لم يكفر من كفرناه فسق وهجر وفي كفره وجهان والذي ذكره هو وغيره من رواية المروذي وأبي طالب ويعقوب وغيرهم أنه لا يكفر قال الشيخ تقي الدين وهي ظاهر نصوصه بل صريحة فيه وإنما كفرنا الجهمية لا أعيانهم وإن اقتتلت طائفتان لعصبية أو طلب رئاسة فهما ظالمتان لأن كل واحدة باغية على صاحبتها وتضمن كل واحدة ما أتلفت على الأخرى لأنها أتلفت نفسا معصومة ومالا معصوما قال الشيخ تقي الدين فأوجبوا الضمان على مجموع الطائفة وإن لم يعلم عين المتلف قال وإن تقابلا تقاصا لأن المباشر والمعين واحد عند الجمهور قال وإن جهل قدر ما نهبه كل طائفة من الأخرى تساويا ومن دخل للإصلاح فقتلته طائفة ضمنته وإن جهلت ضمنتاه قال ابن عقيل ويخالف المقتول في زحام الجامع والطواف لأن الزحام هنا ليس فيه تعد بخلاف الأول & باب حكم المرتد &
المرتد لغة الراجع يقال ارتد فهو مرتد إذا رجع وشرعا هو الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر إما نطقا أو اعتقادا أو شكا وقد يحصل بالفعل ولهذا قال وهو الذي يكفر بعد إسلامه لأنه بيان له قال تعالى { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة } البقرة 217 وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من بدل دينه فاقتلوه رواه الجماعة إلا مسلما قال الترمذي هو حسن صحيح صاحبة أو ولدا أو جحد نبيا أو كتابا من كتب الله أو شيئا منه أو سب الله أو رسوله كفر ومن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/170)
فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته أو وحدانيته أو صفة من صفاته أو اتخذ لله والعمل عليه عند أهل العلم وأجمعوا على وجوب قتل المرتد { من يشرك بالله } أي إذا كفر طوعا ولو هازلا بعد إسلامه وقيل وكرها والأصح بحق فإذا أقر بالإسلام ثم أنكره أو أنكر الشهادتين أو إحداهما كفر بغير خلاف وحينئذ لا يجوز أن يهادنوا على الموادعة ولا أن يصالحوا بما يقرون به على ردتهم بخلاف أهل الحرب ذكره القاضي أو جحد ربوبيته أو وحدانيته لأن جاحد ذلك مشرك بالله تعالى أو جحد صفة من صفاته اللازمة قاله في الرعاية لأنه كجاحد الوحدانية وفي الفصول شرطه أن تكون الصفة متفقا على إثباتها أو اتخذ لله صاحبة أو ولدا لأنه تعالى نزه نفسه عن ذلك ونفاه عنه فمتخذه مخالف له غير منزه له عن ذلك أو جحد نبيا لأنه مكذب لله جاحد لنبوة نبي من أنبيائه أو جحد كتابا من كتب الله أو شيئا منه لأن جحد شيء منه كجحده كله لاشتراكهما في كون الكل من عند الله تعالى أو سب الله أو رسوله كفر لأنه لا يسب واحدا منهما إلا وهو مكذب جاحد به وكذا إذا ادعى النبوة قال الشيخ تقي الدين أو كان مبغضا لرسوله ولما جاء به اتفاقا فرع إذا كذب على نبي من الأنبياء وقيل مستحلا أو قذفه كفر وإن استحل الكذب المحرم على غيره كفر وإن كذبه فيما يعلم صدقه فيه غير مستحل أثم فإن اعترف به عزر فإن تاب من الكذب عليه عليه السلام قبلت في ظاهر كلام الأصحاب وغيرهم وحكى ابن الصلاح عن أحمد وطائفة أنها لا تقبل ونقل عبد الله الحلبي عن أحمد تقبل فيما بينه وبين الله تعالى المحرمات الظاهرة المجمع على تحريمها لجهل عرف ذلك وإن كان ممن لا يجهل ذلك كفر وإن ترك شيئا من العبادات الخمس تهاونا لم يكفر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/171)
جحد وجوب العبادات الخمس أو شيئا منها أو أحل الزنى أو الخمر أو شيئا من ولا يكتب عنه حديث رواه الخلال
وإن كذب نصراني موسى عليه السلام خرج من دينه لأن عيسى صدق به لا العكس لأنه لم يصدق بعيسى ولا بشر له
ومن جحد وجوب العبادات الخمس أو شيئا منها أو الطهارة لها أو أحل الزنى أو الخمر أو شك فيه أو شيئا من المحرمات الظاهرة المجمع على تحريمها كالدم لجهل عرف ذلك ليصير عالما به وإن كان ممن لا يجهل ذلك كالناشىء بين المسلمين في الأمصار كفر لأنه مكذب لله تعالى ولرسوله ولسائر الأمة فرع قال جماعة أو سجد لشمس أو قمر وفي الترغيب أو أتى بقول أو فعل صريح في الاستهزاء بالدين قال الشيخ تقي الدين أو توهم أن من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم قاتل مع الكفار أو أجاز ذلك أو أصر في دارنا على خمر أو خنزير غير مستحل وذكر بعض أصحابنا يكفر جاحد تحريم النبيذ والمسكر كله كالخمر وإن ترك شيئا من العبادات الخمس تهاونا لم يكفر الظاهر أن المراد بها مباني الإسلام ولا شك أن تارك الشهادتين تهاونا كافر بغير خلاف نعلمه في المذهب وأما بقية ذلك فكما ذكره إلا الصلاة فإنه يدعى إليها فإن امتنع فإنه يستتاب كمرتد فإن أصر كفر بشرطه وإذا ترك شرطا أو ركنا مجمعا عليه كان كتركها وإن كان مختلفا فيه وهو معتقد وجوبه فقال ابن عقيل حكمه حكم تارك الصلاة وقال المؤلف عليه والنساء وهو بالغ عاقل دعي إليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/172)
وعنه يكفر إلا الحج لا يكفر بتأخيره بحال فمن ارتد عن الاسلام من الرجال الإعادة ولا يكفر من أجل ذلك بحال وفي المحرر إذا ترك تهاونا فرض الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج بأن عزم ألا يفعله أبدا أو أخره إلى عام يغلب على الظن موته قبله استتيب كالمرتد فإن أصر قتل حدا وعنه كفرا نقلها أبو بكر واختارها وعنه يختص الكفر بالصلاة وعنه تهاونا كزكاة اذا قاتل الإمام عليها وعنه يكفر إلا الحج لا يكفر بتأخيره بحال لأن في وجوبه على الفور خلافا وعنه لا كفر ولا قتل في الصوم والحج خاصة فرع من أظهر الإسلام وأسر الكفر فمنافق كافر كعبد الله بن أبي بن سلول فإن أظهر أنه قائم بالواجب وفي قلبه ألا يفعل فنفاق لقوله تعالى في ثعلبة { ومنهم من عاهد الله } الاية التوبة 75 وهل يكفر على وجهين
فمن ارتد عن الإسلام من الرجال والنساء روي عن أبي بكر وعلي وقاله أكثر العلماء لعموم قوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه ولقوله عليه السلام لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة متفق عليه ولأنه فعل يوجب الحد فاستوى فيه الرجل والمرأة كالزنى وما روي أن أبا بكر استرق نساء بني حنيفة فمحمول على أنه تقدم لهم إسلام وأما نهيه عن قتل المرأة فالمراد به الأصلية بدليل أنه لا يقتل الشيوخ ولا المكافيف وهو بالغ عاقل مختار لأن الطفل الذي لا يعقل والمجنون ومن زال عقله بنوم أو إغماء أو شرب دواء مباح لا تصح ردته ولا حكم لكلامه بغير خلاف في المذهب دعي اليه أي لا يقتل حتى يستتاب وهو قول أكثر العلماء وهي واجبة نصره القاضي والمؤلف لأنه قتله في الحال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/173)
ثلاثة أيام وضيق عليه فإن لم يتب قتل وعنه لا تجب استتابته بل تستحب ويجوز عليه السلام أمر باستتابته رواه الدارقطني ولقول عمر رواه مالك وغيره ولا يلزم من تحريم القتل وجوب الضمان بدليل نساء الحرب ثلاثة أيام في قول الأكثر لما روى محمد بن عبد الله بن عبد القاري عن أبيه قال قدم رجل على عمر من قبل أبي موسى فسأله عن الناس فأخبره فقال هل من مغربة خبر قال نعم رجل كفر بعد إسلامه فقال ما فعلتم به قال قربناه فضربنا عنقه فقال عمر فهلا حبستموه ثلاثا وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله عز وجل اللهم إني لم أحضر ولم أرض إذ بلغني رواه مالك ولأنه لو لم يجب لما برىء من فعلهم ولأنه أمكن استصلاحه فلم يجز إتلافه قبل استصلاحه كالثوب النجس ولأنها مدة يتكرر فيها الرأي ويتقلب النظر فلا يحتاج إلى أكثر منها وعنه لا يجوز تأجيله بل يجب قتله في الحال إلا أن يطلب الأجل فيؤجل ثلاثا وضيق عليه بالحبس وغيره ليرجع إلى الحق فإن لم يتب قتل لحديث ابن عباس من بدل دينه فاقتلوه ولا يجوز أخذ فداء عنه لأن كفره أغلظ وعنه لا تجب استتابته روي عن الحسن وطاووس لأنه عليه السلام لم يذكر ذلك ولقول معاذ لا أجلس حتى يقتل ولأنه يقتل لكفره فلم تجب استتابته كالأصلي بل تستحب للاختلاف في وجوبها وأقلها الاستحباب ويجوز قتله في الحال كالأصلي والأول أصح لأن الخبر محمول على القتل بعد الاستتابة والخبر الآخر روي فيه أن المرتد استتيب قبل قدوم معاذ رواه أبو داود وقال الزهري يدعى ثلاث مرات فإن أبى ضربت عنقه وقال النخعي يستتاب أبدا وهذا وعزر ولا ضمان عليه سواء قتل قبل الاستتابة أو بعدها وإذا عقل الصبي الاسلام صح إسلامه وردته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/174)
ويقتل بالسيف ولا يقتله إلا الإمام أو نائبه فإن قتله غيره بغير إذنه أساء يفضي إلى أنه لا يقتل أبدا وهو مخالف للسنة والاجماع ويقتل بالسيف لقوله رضي الله عنه قربناه فضربنا عنقه ولأنه إذا أطلق انصرف إليه لأنه أسرع لزهوق النفس ولا يجوز حرقه بالنار وروي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه أمر بتحريقهم والأول أولى لقوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه ولا تعذبوا بعذاب الله يعني النار رواه البخاري ولا يقتله إلا الإمام أو نائبه حرا كان أو عبدا في قول عامة العلماء ونصره في الشرح لأنه قتل لحق الله تعالى فكان إلى الإمام أو نائبه كقتل الحر ولقوله عليه السلام أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم لا يتناول القتل في الردة لأنه قتل لكفره ولا حد في حقه وخبر حفصة لما بلغ عثمان تغيظ عليها وشق عليه والجلد في الزنى تأديب عنده بخلاف القتل فإن قتله غيره بغير إذنه أساء وعزر لافتئاته على الإمام أو نائبه ولا ضمان عليه أي على القاتل لأنه محل غير معصوم سواء قتل قبل الاستتابة أو بعدها لأنه مهدر الدم في الجملة وردته مبيحة لدمه وهي موجودة قبل الاستتابة كما هي موجودة بعدها فإن لحق بدار الحرب فلكل واحد قتله بلا استتابة وأخذ ما معه من مال وما تركه بدارنا معصوم نص عليه وقيل يصير فيئا في الحال وصححه المجد فرع رسول الكفار لا يقتل ولو كان مرتدا حكاه في الفروع عن الهدي بدليل رسول مسيلمة وفي الفنون في مولود برأسين فبلغ نطق أحدهما بالكفر والآخر بالإسلام إن نطقا معا ففي أيهما يغلب احتمالان قال والصحيح إن تقدم الإسلام فمرتد وإذا عقل الصبي الإسلام صح إسلامه وردته
____________________
(9/175)
في ظاهر المذهب لإسلام علي بن أبي طالب وهو صبي وعد ذلك من مناقبه وسبقه وقال % سبقتكم إلى الإسلام طرا % صبيا ما بلغت أوان حلمي % ويقال هو أول من أسلم من الصبيان ومن الرجال أبو بكر ومن النساء خديجة ومن العبيد بلال وقال عروة أسلم علي والزبير وهما ابنا ثمان سنين ولم يرد على احد إسلامه من صغير أو كبير لقوله عليه السلام من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ولأن من صح إسلامه صحت ردته كالبالغ وقوله عليه السلام كل مولود يولد على الفطرة وأمرت أن أقاتل الناس الخبرين والصبي داخل في ذلك وإذا صح إسلمه كتب له لا عليه وتحصل له سعادة الدارين لا يقال الإسلام يوجب عليه الزكاة في ماله ونفقة قريبه المسلم وحرمة ميراث قريبه الكافر وفسخ نكاحه لأن الزكاة نفع محض لأنها سبب النماء والزيادة محصنة للمال والميراث والنفقة أمر متوهم وذلك مجبور بحصول الميراث للمسلمين وسقوط نفقة أقاربه الكفار ثم هو ضرر مغمور بالنسبة إلى ما يحصل له من سعادة الآخرة والخلاص من الشقاء والخلود في الجحيم وشرطه أن يعقل الإسلام ومعناه أن يعلم أن الله ربه لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وهذا لا خلاف في اشتراطه فإن الطفل الذي لا يعقل لا يتحقق منه اعتقاد الإسلام وإنما كلامه لقلقة بلسانه لا يدل على شيء ذكره في المغني وغيره وشرط الخرقي مع ذلك وتبعه في الوجيز أن يكون له عشر سنين لأنه عليه السلام أمر بضربه على الصلاة لعشر وجوابه بأن أكثر المصححين لإسلامه لم يشترطوا ذلك ولم يجدوا له حدا من السنين وحكاه ابن المنذر عن أسلم ثم قال لم أدر ما قلت لم يلتفت إلى قوله وأجبر على الاسلام ولا يقتل حتى يبلغ ويجاوز ثلاثة أيام من وقت بلوغه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/176)
وعنه يصح إسلامه دون ردته وعنه لا يصح شيء منهما حتى يبلغ والمذهب الاول وإن أحمد لأن المقصود متى حصل لا حاجة إلى زيادة عليه وعنه يصح إسلامه دون ردته قال في الفروع وهي أظهر لأن الإسلام محض مصلحة ونفع فصح منه بخلاف الردة فعلى هذا حكمه حكم من لم يرتد فإن بلغ وأصر على الكفر كان مرتدا وعنه لا يصح شيء منهما حتى يبلغ لقوله عليه السلام رفع القلم عن ثلاث الخبر ولأنه قول تثبت به الأحكام فلم يصح من الصبي كالهبة والعتق ولأنه غير مكلف أشبه الطفل وعنه يصح من ابن سبع سنين لأمره بالصلاة وقال ابن أبي شيبة يصح من ابن خمس سنين وأخذه من إسلام علي والمذهب الأول نصره القاضي في الخلاف وعليه فقهاء الأصحاب وعليهن يحال بينه وبين الكفار قال في الانتصار يتولاه المسلمون ويدفن بمقابرهم وإن فرضيته مترتبة على صحته كصحته تبعا وكصوم مريض ومسافر رمضان وإن أسلم ثم رجع ثم قال لم أدر ما قلت لم يلتفت إلى قوله كالبالغ وأجبر على الإسلام لأنه محكوم بإسلامه لمعرفتنا بعقله لأنه كفر بعد إسلامه ولهذا صح إسلامه لأنه محض مصلحة أشبه الوصية وعنه ينتقل منه ولا يجبر على الإسلام لأنه في مظنة النقص وصدقه جائز ذكره أبو بكر والعمل على الأول لأنه قد ثبت عقله للإسلام ومعرفته به وفعله فعل العقلاء وقد تكلم بكلامهم ولا يقتل حتى يبلغ أي الصبي لا يقتل إذا ارتد حتى يبلغ سواء قلنا بصحة ردته أو لا لأن الغلام لا تجب عليه عقوبة بدليل أنه لا يتعلق به حكم الزنى والقتل فكذا لا يجب أن يتعلق به حكم الردة ويجاوز ثلاثة أيام من وقت بلوغه لأجل وجوب استتابته ثلاثا أيام من وقت ردته فإن مات في سكره مات كافرا وعنه لا تصح ردته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/177)
فإن ثبت على كفره قتل ومن ارتد وهو سكران لم يقتل حتى يصحو وتتم له ثلاثة فإن ثبت على كفره قتل لأنه مرتد مصر على ردته فوجب قتله سواء كان مرتدا قبل بلوغه أو لا وسواء كان مسلما أصليا فارتد أو كافرا فأسلم صبيا ثم ارتد فرع من أسلم وقال لم أدر ما قلت أو لم أعتقد الإسلام وإنما أظهرت الشهادتين صار مرتدا نص عليه في مواضع وعنه يقبل منه مع ظن صدقه نقلها عنه محمد بن الحكم
ومن ارتد وهو سكران صحت ردته في ظاهر المذهب وجزم به الأكثر وصححه في الرعاية كإسلامه لقول علي إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون فأوجبوا عليه حد الفرية التي يأتي بها في سكره واعتبدوا مظنتها ولأنه يصح طلاقه فصحت ردته كالصاحي ولأنه لا يزول عقله بالكلية ولهذا يتقي المحذورات ويفرح بما يسره ويغتم بما يضره ويزول سكره عن قرب أشبه الناعس بخلاف المجنون لم يقتل حتى يصحو فيكمل عقله ويفهم ما يقال له وتزول شبهته لأن القتل جعل للزجر وتتم له ثلاثة أيام من وقت ردته لأن زوال العقل حصل بتعديه بخلاف الصبي فإن استمر سكره أكثر من ثلاث لم يقتل حتى يصحو ثم يستتاب عقب صحوه فإن تاب وإلا قتل في الحال فإن مات أو قتل في سكره مات كافرا لأنه هلك بعد ارتداده ولم ترثه ورثته من المسلمين وعنه لا تصح ردته لأن ذلك متعلق بالاعتقاد والقصد والسكران لا يصح عقده أشبه المعتوه ولأنه زائل العقل غير مكلف أشبه المجنون وجوابه المنع بأنه ليس بمكلف فإن الصلاة واجبة عليه وعنه يصح إسلامه فقط حكاها ابن البنا روايتين احداهما لا تقبل توبته ويقتل بكل حال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/178)
وهل تقبل توبة الزنديق ومن تكررت ردته أو من سب الله ورسوله أو الساحر على
تنبيه علم مما سبق أنه لا تصح ردة مجنون ولا إسلامه لأنه لا قول له فإن ارتد في صحته ثم جن لم يقتل في حال جنونه لأنه يقتل بالإصرار على الردة والمجنون لا يوصف بالإصرار فإن قتل أحد هؤلاء عزر القاتل ولا ضمان عليه لأنه قتل كافرا لا عهد له أشبه قتل نساء أهل الحرب
وهل تقبل توبة الزنديق وهو المنافق الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر ومن تكررت ردته أو من سب الله أو رسوله أو الساحر أي من كفر بسحره على روايتين
إحداهما لا تقبل توبته ويقتل بكل حال الأشهر أنها لا تقبل توبتهم جزم بها في الوجيز وقدمها في الفروع وذكر ابن حمدان أنها أظهر واختارها أبو بكر لأن عليا أتي بزنادقة فسألهم فجحدوا فقامت عليه البينة فقتلهم ولم يستتبهم رواه أحمد في مسائل عبد الله ولأن في قبول توبته خطرا لأنه لا سبيل إلى الثقة به ولأن إبقاءه يؤدي إلى السلطة في الباطن على إفساد عقائد المسلمين وفيه ضرر عظيم فرع من أظهر الخير وأبطن الفسق فكالزنديق في توبته في قياس المذهب ذكره ابن عقيل وحمل رواية قبول توبة الساحر على المتظاهر وعكسه بعكسه وكذا من تكررت ردته لقوله تعالى { إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا } النساء ولما روى الأثرم بإسناده عن ظبيان بن عمارة أن ابن مسعود أتي برجل فقال له إنه قد أتي بك مرة فزعمت أنك تبت وأراك قد عدت فقتله وعنه لا تقبل إن تكررت ثلاثا أما من سب الله أو رسوله فالإصح أنها لا تقبل توبته لأن
____________________
(9/179)
عظيم جدا أشبه الزنديق ونقل حنبل أو تنقصه وقيل ولو تعريضا نقل حنبل من عرض بشيء من ذكر الرب فعليه القتل مسلما كان أو كافرا وهو مذهب أهل المدينة وفي الفصول عن أصحابنا لا تقبل إن سب النبي صلى الله عليه وسلم لأنه حق آدمي لم يعلم إسقاطه وإنها تقبل إن سب الله لأنه يقبل التوبة في خالص حقه وجزم به في عيون المسائل لأن الخالق منزه عن النقائص فلا تلحق به بخلاف المخلوق فإنه محل لها فافترقا وأما الساحر فنقل ابن هبيرة أنها لا تقبل توبته في ظاهر المذهب وهو ظاهر ما نقل عن الصحابة ولم ينقل عن أحد منهم أنه استتاب ساحرا وحديث عائشة في المرأة التي أتت هاروت وماروت يدل عليه ولأن السحر معنى في القلب لا يزول بالتوبة أشبه الزنديق والأخرى تقبل توبته كغيره وهو ظاهر الخرقي زنديقا كان أو غيره روي عن علي وابن مسعود واختاره الخلال وقال إنه أولى على مذهب أبي عبد الله وقدمه في الكافي والرعاية لقوله تعالى { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } الأنفال 38 ولقوله عليه السلام لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس متفق عليه ورجح هذا في الشرح وأجاب عن قتل ابن النواحة بأنه إنما قتله لظهور كذبه في توبته لأنه أظهرها وما زال عما كان عليه من الكفر ويحتمل أنه قتله لغير ذلك وقال في رواية أبي طالب إن أهل المدينة يقولون في الزنديق لا يستتاب قال أحمد كنت أقول ذلك أيضا ثم هبته قال القاضي وظاهره أنه رجع فلو زعم أن لله ولدا فقد سب الله بدليل قوله عليه السلام إخبارا عن ربه إلا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/180)
وتوبة المرتد إسلامه وهو أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله يشتمنى ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمنى أما شتمه إياي فزعم أن لي ولدا ولا شك أن توبته مقبولة بغير خلاف فإذا قبلت توبة من سب الله تعالى فمن سب نبيه أولى أن تقبل والصحيح الأولى لأن أدلتها خاصة والثانية عامة والخاص مقدم على العام فرع الخلاف في قبول توبتهم إنما هو في الظاهر في أحكام الدنيا من ترك قتالهم وثبوت أحكام الإسلام في حقهم وأما قبولها في الباطن فلا خلاف فيه حيث صدق ذكره ابن عقيل والمؤلف وجماعة وفي إرشاد ابن عقيل رواية لا تقبل توبة زنديق باطنا وضعفها وقال كمن تظاهر بالصلاح إذا أتى معصية فتاب منها وإن قتل علي زنديقا لا يدل على عدم قبولها كتوبة قاطع طريق بعد القدرة وذكر القاضي وأصحابه رواية لا تقبل توبة داعية إلى بدعة مضلة اختارها أبو إسحاق بن شاقلا وفي الرعاية من كفر ببدعة قبلت توبته على الأصح
وتوبة المرتد وكل كافر إسلامه وهو أن يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله لحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل متفق عليه وهذا يثبت به إسلام الكافر الأصلي فكذا المرتد ولا يحتاج مع ثبوت إسلامه إلى الكشف عن صحة ردته وهذا يمكن لمن كانت ردته بجحد الوحدانية أو جحد رسالة محمد عليه السلام وظاهره لا يغني قوله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله عن كلمة التوحيد وعنه يعتقد أن محمدا بعث إلى العرب خاصة فلا يصح إسلامه حتى يقر بما جحده ويشهد أن محمدا بعث إلى العالمين أو يقول أنا بريء من كل دين يخالف دين الإسلام (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/181)
أن تكون ردته بإنكار فرض أو إحلال محرم أو جحد نبي أو كتاب أو إلى دين من بلى قدمها في الرعاية لأن يهوديا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أشهد أنك رسول الله ثم مات فقال النبي صلى الله عليه وسلم صلوا على صاحبكم ذكره أحمد في رواية مهنا محتجا به ولأنه لا يقر برسالة محمد إلا ويقر بمن أرسله وعنه من مقر به قال في الشرح وبهذا جاءت الأخبار وهو الصحيح لأن من جحد شيئين لا يزول جحده إلا بإقرارهما جميعا قال في الفروع ويتوجه احتمال يكفي التوحيد ممن لا يقر به كوثني لظاهر الأخبار ولخبر أسامة وقتله الكافر الحربي بعد قوله لا إله إلا الله لأنه مصحوب بما يتوقف عليه الإسلام ومستلزم له وفاقا للشافعية وغيرهم فلو قال أشهد أن النبي رسول الله لم يحكم بإسلامه لأنه يحتمل أن يريد غير نبينا صلى الله عليه وسلم إلا أن تكون ردته بإنكار فرض أو إحلال محرم أو جحد نبي أو كتاب أو إلى دين من يعتقد أن محمدا بعث إلى العرب خاصة فلا يصح إسلامه حتى يقر بما جحده لأن ردته بجحده فإذا لم يقر بما جحده بقي الأمر على ما كان عليه من الردة الموجبة لتكفيره فإذا كانت ردته باعتقاد أن محمدا بعث إلى العرب فلا بد وأن يشهد أن محمدا بعث الى العالمين ولابد أن يقول مع ذلك كلمة الشهادتين ولا يكفي مجرد إقراره بما جحده أو يقول أنا بريء من كل دين يخالف الإسلام لأنه يحتمل أن يريد بالشهادة ما يعتقده ولأن الرجوع إلى الإسلام لا يكون إلا بذلك فرع يكفي جحده لردته بعد إقراره بها في الأصح كرجوعه عن حد لا بعد بينة بل يجدد إسلامه قال جماعة يأتي بالشهادتين ونقل ابن الحكم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/182)
وإذا مات المرتد فأقام وارثه بينة أنه صلى بعد الردة حكم بإسلامه فيمن أسلم ثم تهود أو تنصر فشهد عليه عدول فقال لم أفعل وأنا مسلم قبل قوله قال الشيخ تقي الدين اتفق الأئمة أن المرتد إذا أسلم عصم دمه وماله وإن لم يحكم به حاكم ولا يحتاج إلى أن يقر بما شهد عليه به فإذا لم يشهد عليه عدل لم يفتقر الحكم إلى إقراره بل إخراجه إلى ذلك قد يكون كذبا ولهذا لا يجوز بناء حكم على هذا الإقرار كالإقرار الصحيح فإنه قد علم أنه لقنه وأنه فعله خوف القتل وهو إقرار تلجئه
تنبيه ظاهر كلامه أنه إذا قال أنا مؤمن أو مسلم لم يكتف بذلك ونقل أبو طالب في اليهودي أذا قال قد أسلمت أو أنا مسلم يجبر عليه قد علم ما يراد منه ونصر القاضي وابن البنا الاكتفاء بذلك عن الشهادتين لما روى المقداد أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب أحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال لا تقتله رواه مسلم ولأن ذلك اسم لشيء فإذا أخبر به فقد أخبر بذلك الشيء وذكر المؤلف احتمالا أن هذا في الكافر الأصلي أو من جحد الوحدانية أما من كفر بجحد نبي أو كتاب أو فريضة ونحوه فلا يصير مسلما بهذا لأنه ربما اعتقد أن الإسلام ما هو عليه فإن أهل البدع كلهم يعتقدون أنهم مسلمون ومنهم من هو كافر فرع إذا شهد عليه بأنه كفر وادعى الإكراه قبل مع قرينة ولو شهد عليه بكلمة كفر فادعاه قبل مطلقا في الأصح لأن تصديقه ليس فيه تكذيب للبينة وإن أسلم على صلاتين قبل منه وأمر بالخمس
وإذا مات المرتد فأقام وارثه بينة أنه صلى بعد الردة حكم بإسلامه لقوله الاسلام فصل ومن ارتد لم يزل ملكه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/183)
ولا يبطل إحصان المسلم بردته ولا عباداته التي فعلها في إسلامه إذا عاد الى عليه السلام من صلى صلاتنا الخبر سواء صلى في جماعة أو منفردا في دار الحرب أو الإسلام لأنها ركن يختص به الإسلام فحكم بإسلامه كالشهادتين ولأن ما كان إسلاما في دار الحرب كان إسلاما في دار الإسلام كالشهادتين ومقتضاه أنها إذا شهدت بأنه أتى بغيرها من زكاة أو صوم أو حج لا يحكم بإسلامه ولا يثبت الإسلام حتى يأتي بصلاة تتميز عن صلاة الكهان ولا تحصل بمجرد القيام وذكر ابن تميم أن من حج أو صام يقصد رمضان أو آتى ماله على وجه الزكاة أو أذن في غير محل الأذان قال ابن حمدان أو غير وقته هل يحكم بإسلامه على وجهين واختار القاضي أنه يحكم بإسلامه بالحج فقط ولا يبطل إحصان المسلم بردته يعني إذا كان محصنا فارتد ثم أسلم لم يزل إحصانه بل إذا زنى فإنه يرجم لأنه ثبت له حكم الإحصان والأصل بقاء ما كان عليه ولا عباداته التي فعلها في إسلامه إذا عاد إلى الإسلام لأنه فعلها على وجهها وبرئت ذمته منها فلم تعد إلى ذمته كدين الآدمي وفي الرعاية في الصوم وجهان في وجوب القضاء وقدم فيها وفي المحرر أنه إذا صلى ثم كفر ثم أسلم في وقتها لم يعدها وقيل بلى وإن حج ثم كفر ثم أسلم فروايتان أشهرهما لا يعيد فصل
ومن ارتد لم يزل ملكه أي لا يحكم بزوال ملكه قدمه في الكافي والمحرر والمستوعب ونصره في الشرح لأن الردة سبب يبيح دمه فلم يزل ملكه بها كزنى المحصن لأن زوال العصمة لا يلزم منه زوال الملك كالقاتل ديونه وأروش جناياته وينفق على من تلزمه مؤنته وما أتلف من شيء ضمنه ويتخرج في الجماعة الممتنعة ألا تضمن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/184)
بل يكون موقوفا وتصرفاته موقوفة فإن اسلم ثبت ملكه وتصرفاته وإلا بطلت وتقضي في المحاربة وأهل الحرب بل يكون موقوفا وتصرفاته من البيع والهبة والوقف ونحوه موقوفة على المذهب قاله ابن المنجا لأنه مال تعلق له حق الغير فكان التصرف فيه موقوفا كتبرع المريض ولكن المذهب أنه يمنع من التصرف فيه قاله القاضي وأصحابه وفي الوسيلة نص عليه ونقل ابن هانيء يمنع منه واختار المؤلف أنه يترك عند ثقة وجعل في الترغيب كلام القاضي والمؤلف واحدا وكذا ذكره ابن البنا وغيره ونص عليه أحمد ولم يقولوا يترك عند ثقة بل قالوا يمنع منه فإن اسلم ثبت ملكه وتصرفاته وكان ذلك صحيحا وإلا بطلت أي إذا مات أو قتل في ردته كان باطلا تغليظا عليه بقطع ثوابه بخلاف المريض وينتقل ماله فيئا من حين موته وفي المحرر على ذلك تنفذ معاوضته ويقر بيده وتوقف تبرعاته وترد بموته مرتدا وتقضى ديونه لا دين متجدد في الردة وأروش جناياته لأن ذلك حق واجب عليه وينفق على من تلزمه مؤنته لأن ذلك واجب بإيجاب الشرع أشبه الدين وما أتلف من شيء ضمنه نص عليه لأن الإتلاف يوجب الضمان على المسلم فلأن يوجب على المرتد بطريق الأولى وعنه إن فعله بدار حرب أو في جماعة مرتدة ممتنعة فلا اختاره الخلال وصاحبه والمؤلف لفعل الصحابة وكالكافر الأصلي إجماعا وقيل هم كبغاة قال وإن المرتد تحت حكمنا ليس محاربا يضمن إجماعا فرع يؤخذ بحد فعله في ردته نص عليه كقبلها وظاهر نقل مهنا واختاره جماعة إن أسلم فلا كعبادته ويتخرج في الجماعة الممتنعة ألا تضمن تمليكا مستأنفا وإذا أسلم فهل يلزمه قضاء ما ترك من العبادات على روايتين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/185)
ما أتلفته وقال أبو بكر يزول ملكه بردته ولا يصح تصرفه وإن أسلم رد إليه (1)(1)+ما أتلفته لأنها في معنى البغاة ولأن الباغي إنما لم يضمن ما أتلفه لأن في تضمينه تنفيرا له عن الرجوع إلى قبضة الإمام وهذا المعنى موجود في الجماعة المرتدة الممتنعة وصحح في الشرح والرعاية أنه لا ضمان عليهم فيما أتلفوه حال الحرب وقال أبو بكر يزول ملكه بردته وأختاره أبو إسحاق وصاحب التبصرة والطريق الأقرب وهو رواية لأن عصمة نفسه وماله إنما يثبت بإسلامه فزوال إسلامه مزيل عصمتهما كما لو لحق بدار الحرب ولأن المسلمين ملكوا إراقة دمه بردته فوجب أن يملكوا أمواله بها وعنه إن مات أو قتل تبينا زواله من حين ردته فلو باع شقصا مشفوعا أخذ بالشفعة على الأولى وعلى الثانية يجعل في بيت المال ولا يصح تصرفه لأن ملكه قد زال بردته وجوابه أن ملكه قد تعلق به حق غيره في بقاء ملكه فيه فكان تصرفه موقوفا كتصرف المريض
وإن أسلم رد إليه تمليكا مستأنفا أي جديدا لزواله بردته
تذنيب إذا تزوج لم يصح لأنه لا يقر على النكاح كنكاح الكافر مسلمة وكذا لو زوج موليته لأن النكاح لا يكون موقوفا فلو وجد منه سبب يقتضي التمليك كالصيد والاتهاب والشراء ثبت الملك إن بقي ملكه وإلا فلا واحتج به في الفصول على بقاء ملكه وأن الدوام أولى وعلى رواية يرثه مسلم أو أهل دينه الذي اختاره فكمسلم فيه وفي الانتصار لا قطع بسرقته لعدم عصمته وإذا أسلم فهل يلزمه قضاء ما ترك من العبادات الخمس على روايتين
إحداهما يقضي صححها في الرعاية وجزم بها في الوجيز لأنها استرقاق أولادهما الذين ولدوا في دار الاسلام ومن لم يسلم منهم قتل ويجوز استرقاق من ولد منهم بعد الردة وهل يقرون على كفرهم على روايتين فصل + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + +
____________________
1-
(9/186)
وإذا ارتد الزوجان ولحقا بدار الحرب ثم قدر عليهما لم يجز استرقاقهما ولا عبادة واجبة التزم بوجوبها واعترف به في زمن إسلامه فلزمه القضاء كغير المرتد
والثانية لا يلزمه وهي الأشهر لقوله تعالى { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } الأنفال 38 وكالحربي ولأن أبا بكر رضي الله عنه لم يأمر المرتدين بقضاء ما فاتهم وقدم المجد وابن تميم أنه يلزمه قضاء ما تركه قبل الردة من صلاة وصوم وزكاة وقيل يقضي غير الحج رواية واحدة وذكر ابن تميم وابن حمدان أنه لو جن بعد تركه لم تسقط عنه الصلاة وإن حاضت سقطت
وإذا ارتد الزوجان ولحقا بدار الحرب ثم قدر عليهما لم يجز استرقاقهما لأنه لا يقر على الردة يدل عليه قوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه ولم ينقل أن الذين سباهم أبو بكر كانوا أسلموا ولا يثبت لهم حكم الردة وقول علي تسبى المرتدة ضعفه احمد ولا استرقاق أولادهما الذين ولدوا في الإسلام لأنه محكوم بإسلامه بإسلام والده وكولد من أسر من ذمة ومن لم يسلم منهم قتل للخبر ويعتبر فيه بلوغهم ويجوز استرقاق من ولد منهم بعد الردة في المنصوص لأنه محكوم بكفره لأنه ولد بين أبوين كافرين وليس بمرتد نص عليه وهو ظاهر كلام جماعة كولد الحربيين وعنه لا يجوز استرقاقهم فرع الحمل حال ردته ظاهر كلام الخرقي أنه كالحادث بعد كفره واقتصر عليه في الشرح وفي الكافي الحمل كالولد الظاهر لأنه موجود ولهذا يرث وهل يقرون أي من ولد بعد الردة على كفرهم على روايتين
إحداهما وجزم بها في الوجيز يقر على كفره كأولاد أهل الحرب وكالكافر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/187)
الأصلي والجامع بينهما اشتراكهما في جواز الاسترقاق
والثانية لا يقرون فإذا أسلموا رقوا لأنهم أولاد من لا يقر على كفر فلا يقرون كالموجودين قبل الردة قال في الفروع وهل يقر بجزية أم الإسلام ويرق أو القتل فيه روايتان فرع إذا لحق بدار حرب فهو وما معه كحربي وما بدارنا فيء من حين موته ولو ارتد أهل بلد وجرى فيه حكمهم فدار حرب يغنم ما لهم وولد حدث بعد الردة وعلى الإمام قتالهم فصل
اعلم أن السحر عقد ورقي وكلام يتكلم به أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له وله حقيقة في قول الأكثر فمنه ما يقتل ومنه ما يمرض ومنه ما يمنع الرجل من وطء امرأته ومنه ما يفرق بينهما وقال بعض العلماء إنه لا حقيقة له وإنما هو تخييل لقوله تعالى { يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى } طه 66 وجوابه قوله تعالى { قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد } يعني السواحر اللاتي يعقدن في سحرهن ولولا أن له حقيقة لما أمر بالاستعاذة منه
قال الأصحاب يكفر الساحر بتعلمه وتعليمه كاعتقاد حله وعنه لا اختاره ابن عقيل وجزم به في التبصرة وكفره أبو بكر بعمله قال في يسحر بالادوية والتدخين وسقي شيء لا يضر فلا يكفر ولا يقتل ولكن يعزر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/188)
فصل والساحر الذي يركب المكنسة فتسير به في الهواء ونحوه يكفر ويقتل فأما الذي الترغيب هو أشد تحريما وحمل ابن عقيل كلام أحمد في كفره على معتقده وأن فاعله يفسق ويقتل حدا و هو الساحر الذي يركب المكنسة فتسير به في الهواء ونحوه يكفر لقوله تعالى { وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر } البقرة 103 ويقتل بالسيف لما روى جندب مرفوعا قال حد الساحر ضربة بالسيف رواه الترمذي وقال الصحيح عن جندب موقوف وعن بجالة بن عبد قال كنت كاتبا لجزء بن معاوية عم الأحنف بن قيس فأتانا كتاب عمر قبل موته بسنة أن اقتلوا كل ساحر وساحرة رواه أحمد وسعيد وفي رواية فقتلنا ثلاث سواحر في يوم واحد وقتلت حفصة جارية لها سحرتها رواه مالك وروي عن عثمان وابن عمر وعن أحمد لا يقتل به لحديث عائشة في المدبرة التي سحرتها فباعتها ولقوله عليه السلام لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الخبر فإن قتل به قتل وعلى الأول هذا في الساحر المسلم فأما ساحر أهل الكتاب فلا يقتل بسحره على الأصح وفي التبصرة إن اعتقد جوازه فأما الذي يسحر بالإدوية والتدخين وسقي شيء لا يضر فلا يكفر ولا يقتل ذكره الأصحاب لأن الله تعالى وصف الساحرين الكافرين بأنهم يفرقون بين المرء وزوجه فيختص الكفر بهم ويبقي من سواهم من السحرة على أصل العصمة ولكن يعزر إذا ارتكب معصية وفي عيون المسائل إنه يعزر بما يردعه وما قاله غريب ووجهه أنه يقصد الأذى بكلامه وعمله على وجه فتطيعه فلا يكفر ولا يقتل وذكره أبو الخطاب في السحرة الذين يقتلون (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/189)
ويقتص منه إن فعل ما يوجب القصاص وأما الذي يعزم على الجن ويزعم أنه يجمعها المكر والحيلة أشبه السحر ولهذا يعلم بالعادة والعرف أنه يؤثر وينتج ما يعمله السحر أو أكثر فيعطى حكمه تسوية بين المتماثلين والمتقاربين لا سيما إن قلنا يقتل الآمر بالقتل على رواية فهنا أولى ويقتص منه إن فعل ما يوجب القصاص كما يقتص من المسلم وإلا فالدية
وأما الذي يعزم على الجن ويزعم أنه يجمعها فتطيعه فلا يكفر ولا يقتل وهو المعزم وكذا من يحل السحر وقد توقف أحمد عنها قال الأثرم سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل يزعم أنه يحل السحر فقال رخص فيه بعض الناس ثم قال ما أدري ما هذا وفيه وجهان وفي الشرح إن كان يحله بشيء من القرآن أو الذكر فلا بأس به وإن كان بشيء من السحر فقط توقف أحمد وذكره أبو الخطاب تبعا للقاضي وقدمه في المحرر في السحرة الذين يقتلون لما ذكرنا وذكر القاضي في هذا تفصيلا فقال الساحر إن اعتقد أن الكواكب فاعلة ويدعي بسحره معجزات لا يجوز وجود مثلها إلا للأنبياء مثل أن يدعي أن الجن تخبره بالمغيبات وأنه يقدر على تغيير صور الاشياء والطيران في الهواء والمشي على الماء فهو كافر وإن اعتقد أن الله تعالى هو الفاعل المدبر لذلك عند وجود هذا الفعل من جهته لم يصدقه وقال ابن عقيل لا يكفر إلا بالاعتقاد لأن السحر صناعة تعود بفساد أحوال وأخذ أموال وقتل نفوس وهذا القدر بالمباشرة لا يوجب التكفير
أصل مشعبذ وقائل بزجر طير وضارب بحصى وشعير وقداح إن
____________________
(9/190)
لم يعتقد إباحته وأنه لا يعلم به عزر وكف عنه وإلا كفر ويحرم طلسم ورقية بغير عربية وقيل يكره فرع من قبلت توبته لم يجب تعزيره في ظاهر كلامهم لأنه لم يجب غير القتل وقد سقط والحد إذا سقط بالتوبة أو استوفي لم تجز الزيادة عليه كسائر الحدود قال الشيخ تقي الدين فيمن شفع عنده في شخص فقال لو جاء النبي صلى الله عليه وسلم يشفع ما قبل إن تاب بعد القدرة عليه قبل لا قبلها في أظهر قولي العلماء ويسوغ تعزيره أي بعد التوبة
مسائل الأولى إذا أسلم أبو حمل أو طفل أو أحدهما لا جد وجدة والمنصوص أو مميز لم يبلغ ونقل ابن منصور لم يبلغ عشرا فمسلم
الثانية إذا ماتا أو أحدهما في دارنا وقيل أو دار حرب فمسلم على الأصح نقله واختاره الأكثر وفي الموجز والتبصرة لا بموت أحدهما نقل أبو طالب في يهودي أو نصراني مات وله ولد صغير فهو مسلم إذا مات أبواه ويرث أبويه ونقل جماعة إن كفله المسلمون فمسلم ويرث الولد الميت لعدم تقدم الإسلام واختلاف الدين ليس من جهته كالطلاق في المرض ولأنه يرث إجماعا فلا يسقط بمختلف فيه وهو الإسلام وكما تصح الوصية لأم ولده ولأنه لا يمتنع حصول إرثه قبل اختلاف الدين كما قالوا الدين لا يمنع الإرث وإن لم يكن الميت مالكا يوم الموت لكن في حكم المالك ذكره القاضي
الثالثة أطفال الكفار في النار وعنه الوقف واختار ابن عقيل وابن الجوزي أنهم في الجنة كأطفال المسلمين ومن بلغ منهم مجنونا واختار الشيخ
____________________
(9/191)
تقي الدين تكليفهم في القيامة ويتبع أبويه في الإسلام كصغير فيعايا بها نقل ابن منصور فيمن ولد أعمى أبكم أصم وصار رجلا هو بمنزلة الميت هو مع أبويه وإن كانا مشركين ثم أسلما بعد ما صار رجلا قال هو معهما قال في الفروع وتوجه مثلهما من لم تبلغه الدعوة
الرابعة من أطلق الشارع كفره كدعواه غير أبيه ومن أتى عرافا فصدقه بما يقول فقيل كفر النعمة وقيل قارب الكفر وذكر ابن حامد روايتين
إحداهما تشديد وتأكيد والثانية يجب الوقف ولا نقطع بأنه ينقل عن الملة نص عليه
خاتمة قال الأصحاب معرفة الله تعالى وجبت شرعا نص عليه وقيل بلى وكذا إن عدما أو أحدهما بلا موت كزنى ذمية ولو بكافر واشتباه ولد مسلم بكافر نص عليهما والله أعلم = كتاب الأطعمة=
____________________
(9/192)
= كتاب الاطعمة = والاصل فيها الحل فيحل كل طعام طاهر لا مضرة فيه من الحبوب
وهي جمع طعام قال الجوهري هو ما يؤكل وربما خص به البر والمراد هنا ما يؤكل ويشرب فيتبين ما يباح أكله وشربه وما يحرم
والأصل فيها الحل لقوله تعالى { خلق لكم ما في الأرض جميعا } البقرة 29 ولقوله تعالى { ويحل لهم الطيبات } الأعراف 157 لكن قال الشيخ تقي الدين لمسلم وقال أيضا الله أمر بالشكر وهو العمل بطاعته بفعل المأمور وترك المحذور فإنما أحل الطيبات لمن يستعين بها على طاعته لقوله تعالى { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } الآية المائدة 93 ولهذا لا يجوز أن يعان بالمباح على المعصية كمن يعطي الخبز واللحم لمن يشرب الخمر ويستعين به على الفواحش وقوله تعالى { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } أي عن الشكر عليه فيحل كل طعام طاهر يحترز به عن النجس لا مضرة فيه على ما فيه مضرة كالسموم ثم مثل ذلك بقوله من الحبوب والثمار فهو بيان لما يحل أكله مما جمع الصفات المذكورة وغيرها أي غير الحبوب والثمار مما يجمع الطعم والطهارة وعدم المضرة وقد سأله الشالنجي عن المسك يجعل في الدواء ويشربه قال لا بأس به فأما النجاسات كالميتة والدم فمحرمة لقوله تعالى { حرمت عليكم الميتة والدم } المائدة 3 ولأن أكل الميتة أقبح من الإدهان بدهنها والاستصباح وهو حرام فلأن يحرم
____________________
(9/193)
وغيرهما وما فيه مضرة من السموم ونحوها فمحرمة والحيوانات مباحة إلا الحمر ما هو أقبح منه بطريق الأولى وغيرهما أي غير ذلك من النجاسات محرم فلأنه خبيث وقد حرم الله أكل الخبيث وفي الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن فأرة وقعت في سمن فقال لا تقربوه وفي الأكل قربانه وهو منهي عنه وهو يقتضي التحريم وما فيه مضرة من السموم ونحوها فمحرمة لقوله تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } البقرة 195 ولأن ذلك يقتل غالبا فحرم أكله لإفضائه إلى الهلاك ولذا عد من أطعم السم لغيره قاتلا وفي الواضح المشهور أن السم نجس وفيه احتمال لأكله عليه السلام من الذراع المسمومة والحيوانات مباحة لقوله تعالى { أحلت لكم بهيمة الأنعام } المائدة 1 ولعموم النصوص الدالة على الإباحة إلا الحمر الأهلية فإنها محرمة في قول أكثر العلماء قال أحمد خمسة وعشرون من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كرهوها قال ابن عبد البر لا خلاف في تحريمها وسنده حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل متفق عليه وعن ابن عباس وعائشة أنهما قالا بظاهر قوله تعالى { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما } الآية الأنعام 145 وأجاب في الخلاف بأن معناه قل لا أجد فيما نزل من القرآن وحديث غالب بن أبجر مختلف الإسناد ولا يعرج عليه مع ما عارضه مع أن الإذن بالتناول منها محمول على حال الاضطرار فرع حكم ألبانها كهي ورخص فيه عطاء وطاووس والزهري والأول أصح لأن حكم اللبن كاللحم
وما له ناب يفرس به نص عليه كالأسد والنمر والذئب والفهد والكلب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/194)
والخنزير وابن آوى والسنور وابن عرس والنمس والقرد لما روى أبو ثعلبة الخشني قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع متفق عليه وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل ذي ناب من السباع حرام رواه مسلم قال ابن عبد البر هذا حديث ثابت مجمع على صحته وهو نص صريح يخص به عموم الآيات فيدخل فيه الأسد ونحوه وقيل يختص بمن يبدأ بالعدوى وروي عن الشعبي أنه سئل عن رجل يداوى بلحم كلب قال لا شفاه الله فدل على أنه محرم والخنزير وهو محرم بالنص والإجماع مع أنه ليس له ناب يفرس به وابن آوى سئل أحمد عنه وعن ابن عرس فقال كل شيء ينهش بأنيابه فهو من السباع وكل شيء يأخذ بمخاليبه فمما نهى الله عنه قال ابن عقيل هذا منه يعطي أنه لا يراعى فيهما القوة وأنه أضعف من الثعلب وإن الأصحاب اعتبروا القوة ولأنه مستخبث غير مستطاب ولأنه يشبه الكلب ورائحته خبيثة فيدخل في قوله تعالى { ويحرم عليهم الخبائث } الأعراف 157 والسنور الأهلي لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الهر رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وقال غريب قال أحمد أليس يشبه السباع قال الشيخ تقي الدين ليس في كلامه إلا الكراهة وجعله أحمد قياسا وأنه يقال يعمها اللفظ ونقل حنبل هو سبع ويعمل بأنيابه كالسبع ونقل فيه جماعة يكره قال الحسن هو مسخ وابن عرس وقد تقدم والنمس لأنه من جملة السباع والقرد قال ابن عبد البر لا أعلم خلافا بين العلماء في تحريم أكله وأنه لا يجوز بيعه وروي الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحم القرد ولأنه سبع له ناب فيدخل في عموم التحريم وهو مسخ فيكون من الخبائث المحرمة والحدأة والبومة وما يأكل الجيف كالنسر والرخم واللقلق وغراب البين والابقع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/195)
إلا الضبع وما له مخلب من الطير يصيد به كالعقاب والبازي والصقر والشهين
تنبيه لم يتعرض المؤلف لذكر الدب وهو محرم مطلقا خلافا لابن رزين وفي الرعاية وقيل كبير وهو سهو قال أحمد إن لم يكن له ناب فلا بأس به وهو محمول على الصغير والأشهر أنه حرام مطلقا وكذا الفيل إلا الضبع فإنه مباح وإن كان له ناب لما روي جابر قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم رواه أبو داود لا يقال بأنه داخل في عموم النهي لأن الدال على حله خاص والنهي عام ولا شك أن الخاص مقدم على العام وما له مخلب بكسر الميم وهو بمنزلة الظفر للإنسان من الطير يصيد به نص عليه كالعقاب والبازي والصقر والشاهين والحدأة والبومة في قول أكثر العلماء لما روى ابن عباس قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ذي مخلب من الطير رواه أبو داود وعن خالد بن الوليد مرفوعا نحوه وقال أبو الدرداء وابن عباس ما سكت الله عنه فهو مما عفى عنه وقال الليث والأوزاعي لا يحرم شيء من الطير لعموم الآيات المبيحة وجوابه الخبر وبه يخص عموم الأيات وكذا كل ما أمر الشارع بقتله أو نهى عنه وفي الترغيب تحريما إذ لو حل لقيده بغير مأكله وما يأكل الجيف نص عليه كالنسر والرخم واللقلق وغراب البين والأبقع لقوله عليه السلام خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم الخبر فذكر منها الغراب والباقي كهو للمشاركة بينهما في أكلها الجيف ولأنه عليه السلام أباح قتلها في الحرم ولا يجوز قتل صيد مأكول في الحرم ولأن ما يؤكل لا يحل قتله إذا قدر عليه بل يذبح ويؤكل ونقل عبد الله وغيره يكره وجعل فيه الشيخ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/196)
وما يستخبث كالقنفذ والفأر والحيات والعقارب والحشرات كلها تقي الدين روايتي الجلالة وإن غالب أجوبة أحمد ليس فيها تحريم ونقل حرب لا بأس به لأنه لا يأكل الجيف وما يستخبث أي ما تستخبثه العرب والأصح ذو اليسار وقيل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقال جماعة والمروءة فهو محرم لقوله تعالى { ويحرم عليهم الخبائث } وما استطابته فهو طيب لقوله تعالى { ويحل لهم الطيبات } والذين تعتبر استطابتهم واستخباثهم هم أهل الحجاز من اهل الأمصار لأنهم هم الذين نزل عليهم الكتاب وخوطبوا به وبالسنة فرجع مطلق ألفاظها إلى عرفهم ولم يعتبر أهل البوادي لأنهم للضرورات والمجاعة يأكلون ما وجدوا ولهذا سئل بعضهم عما يأكلون فقال كل ما دب ودرج إلا أم جنين وما لا تعرفه العرب ولا ذكر في الشرع يرد إلى أقرب الأسماء شبها به وعن أحمد وقدماء أصحابه لا أثر لاستخباث العرب فإن لم يحرمه الشرع حل قاله الشيخ تقي الدين كالقنفذ لقوله عليه السلام هو من الخبائث رواه سعيد وأبو داود قال أبو هريرة هو حرام رواه سعيد وعلل أحمد القنفذ بأنه يبلغه أنه مسخ أي لما 4 مسخ على صورته دل على خبثه ولأنه يشبه المحرمات ويأكل الحشرات أشبه الجرذ والفأرة وهي الفويسقة نص عليه والحيات جمع حية لأمره عليه السلام محرما بقتلها رواه مسلم ولأن لها نابا من السباع نص عليه والعقارب والوطواط نص عليهما لقوله تعالى { ويحرم عليهم الخبائث } والحشرات كلها كالديدان وبنات وردان والخنافس والزنابير والنحل وفيهما رواية في الإشارة وفي الروضة يكره ذباب وزنبور وفي التبصرة في خفاش وخطاف الذئبه من الذيخ وفي الثعلب والوبر وسنور البر واليربوع روايتان (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/197)
وما تولد من مأكول وغيره كالبغل والسمع ولد الضبع من الذئب والعسبار ولد وجهان وكره أحمد الخفاش لأنه مسخ قال الشيخ تقي الدين هل هي للتحريم فيه وجهان وما تولد من مأكول وغيره كالبغل وهو محرم نص عليه عند كل من حرم الحمار الأهلي والسمع ولد الضبع من الذئب والعسبار ولد الذئبة من الذيخ وهو الذكر من الضبعان فيكون العسبار عكس السمع وظاهره ولو تميز كحيوان من نعجة نصفه خروف ونصفه كلب قاله الشيخ تقي الدين لا متولد من مباحين كبغل من وحش وخيل وما تولد من مأكول طاهر كذباب الباقلاء يؤكل تبعا لا أصلا في الأصح فيهما وقال ابن عقيل يحل بموته قال ويحتمل كونه كذباب فيه روايتان
قال أحمد في الباقلاء المدود يجتنبه أحب إلي وإن لم يتقذره فأرجو وقال عن تفتيش الثمر المدود لا بأس به إذا علمه فرع إذا كان أحد أبويه المأكولين مغصوبا فهو تبع لأمه حلا وحرمة وملكا وفي الثعلب والوبر وسنور البر واليربوع روايتان وفيه مسائل
الأولى أكثر الروايات عن أحمد تحريم الثعلب واختارها الخلال وصححها الحلواني وقدمها في الفروع نقل عبدالله أنه قال فيه لا أعلم أحدا رخص فيه إلا عطاء وكل شيء اشتبه عليك فدعه ولأنه سبع فيدخل في عموم الخبر
والثانية يباح اختارها الشريف وأبو بكر لأنه يفدي في الحرم والإحرام والأول أظهر للنهي عن كل ذي ناب من السباع
الثانية الوبر هو مباح قاله في الشرح واقتصر عليه في الكافي وقاله عطاء وطاووس لأنه يأكل النبات وليس له ناب يفرس به وليس (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/198)
وما عدا ذلك مباح كبهيمة الانعام والخيل هو من المستخبثات فكان مباحا كالأرنب والثانية حرام وقاله القاضي قياسا على السنور
الثالثة سنور البر والأشهر أنه محرم وصححه الحلواني وقدمه في الفروع لأنه عليه السلام نهى عن أكل الهر فيدخل فيه البري والثانية مباح لأنه بري أشبه الحمار البري
الرابعة اليربوع وهو مباح نصره في الشرح وقدمه في الكافي وقاله عطاء وعروة لقضاء عمر فإنه حكم فيه بحفرة ولأن الأصل الإباحة والثانية حرام لأنه يشبه الفأر وكبق وهذا الخلاف في هدهد وصرد وفي سنجاب وجهان
أحدهما محرم واختاره القاضي لأنه ينهش بنابه أشبه الجرذ والسنور
والثاني يباح أشبه اليربوع وكذا الخلاف في الغداف والفنك وما عدا هذا مباح بلا كراهة لعموم الأدلة الدالة على الإباحة كبهيمة الأنعام لقوله تعالى { أحلت لكم بهيمة الأنعام } المائدة 1 وهي الإبل والبقر والغنم والخيل عرابها وبراذينها نص عليه وهو قول أكثر الفقهاء لما روى جابر قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل متفق عليه ولأنه حيوان طاهر مستطاب ليس بذي ناب ولا مخلب فكان حلال كبهيمة الأنعام وقال الأوزاعي يكره لقوله تعالى { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } النحل 8
وعن خالد بن الوليد قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية وخيلها وبغالها رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وجوابه بأن قال أبو داود هو منسوخ وقال النسائي حديث الإباحة أصح ويشبه إن كان صحيحا أن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/199)
والدجاج والوحشي من البقر والظباء والحمر والزرافة والنعامة والارنب والضبع يكون منسوخا قال النووي اتفق العلماء على أنه حديث ضعيف وقال الإمام أحمد ليس له إسناد جيد وقال فيه رجلان لا يعرفان وأما الآية فإنهم يتمسكون بدليل خطابها وهم لا يقولون به مع أن نصه على ركوبها لكونه أغلب منافعها لا يدل على تحريم أكلها وفي برذون رواية بالوقف والدجاج على اختلاف أنواعها وقال أبو موسى رايت النبي صلى الله عليه وسلم يأكل الدجاج والوحشي من البقر والظباء والحمر والتيس والوعل والمها وسائر الوحش من الصيود كلها وظاهره ولو تأنس وهو مجمع عليه إلا ما روي عن طلحة بن مصرف أن الحمار الوحشي إذا تأنس واعتلف هو بمنزلة الأهلي قال أحمد وما ظننت أنه روي في هذا شيء وليس الأمر عندي كما قال ولأن الضب إذا تأنست لم تحرم كالأهلي إذا توحش لم يحل والزرافة في المنصوص لأنها تشبه البعير إلا أن عنقها أطول من عنقه وجسمها ألطف من جسمه وأعلا منه وذلك لا أثر له في تحريمها ولأنها مستطابة ليس لها ناب ولا هي من المستخبثات أشبهت الإبل وعنه الوقف فيها وحرمها أبو الخطاب والأول أصح والنعامة بغير خلاف علمناه لقضاء الصحابة فيها بالفدية إذا قتلها المحرم والأرنب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبله متفق عليه وأمر بأكلها رواه أبو داود ولأنه حيوان مستطاب ليس بذي ناب أشبه الظباء ولا نعلم قائلا بتحريمه إلا ما روي عن عمرو بن العاص قاله في الشرح وذكر السامري وابن حمدان رواية بتحريمها والضبع وقد علم حكمها فيما سبق وفيها رواية قاله ابن البنا وهي قول أكثر العلماء لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الضبع فقال ومن يأكل الضبع (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/200)
والضب والزاغ وغراب الزرع وسائر الطير وجميع حيوان البحر إلا الضفدع والحية لكن هذا حديث تفرد به عبد الملك بن المخارق وهو متروك الحديث
لكن هذا حديث تفرد به عبد الملك بن المخارق وهو متروك الحديث وفي الروضة إن عرف منه أكل ميتة فكجلالة والضب قال ابن هبيرة رواية واحدة وقاله الأكثر لما روى ابن عباس قال دخلت أنا وخالد ابن الوليد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة فأتى بضب محنوذ فرفع يده فقلت أحرام هو يا رسول الله قال لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه قال خالد فاحتززته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر متفق عليه وحديث النهي فيه ليس بثابت والزاغ وهو صغير أغبر وغراب الزرع وهو أسود كبير يطير مع الزاغ ولأن مرعاهما الزرع والحبوب أشبها الحجل وقيل هما واحد وسائر أي باقي الطير كالفواخت والقنابر والقطى والكركي والكروان والبط والأوز والحبارى لقول سفينة أكلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حبارى رواه أبو داود وكذلك الغرانيق والطواويس وطير الماء وأشباه ذلك
ونقل مهنا يؤكل الأيل قيل إنه يأكل الخبائث فعجب من ذلك وجميع حيوان البحر لقوله تعالى { أحل لكم صيد البحر وطعامه } المائدة 96 ولقوله عليه السلام لما سئل عن ماء البحر فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته رواه مالك وفي الخبر أن الله أباح كل شيء في البحر لابن آدم إلا الضفدع نص عليه وقدمه أكثر الأصحاب وفي الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتله رواه أحمد وأبو داود والنسائي وقول الشعبي لو أكل أهلي الضفادع لأطعمتهم لا يعارضه والحية لأنها من الخبائث وفيها وجه وأطلقهما ما يحرم نظيره في البر كخنزير الماء وإنسانه وتحرم الجلالة التي أكثر علفها النجاسة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/201)
والتمساح وقال ابن حامد وإلا الكوسج وقال ابو علي النجاد لا يباح من البحر في الفروع والتمساح وفي الوجيز ك المقنع والأصح أنه محرم ونص عليه وعلله بأنه يأكل الناس قال أحمد يؤكل كل شيء في البحر إلا الضفدع والحية والتمساح وفيه رواية أنه يباح لأنه حيوان البحر وقال ابن حامد والقاضي وإلا الكوسج وهو مقتضى تعليل أحمد في التمساح وصحح في الرعاية أنه حلال وهو مقتضى مذهب الشافعي والأول أشهر وهو سمكة في البحر لها خرطوم كالمنشار تفترس وربما التقمت ابن آدم وقصمته نصفين وهي القرش ويقال إنها إذا صيدت ليلا وجدوا في جوفها شحمة طبية وإن صيدت نهارا لم يجدوها وقال أبو على النجاد وحكاه ابن عقيل عن أبي بكر النجاد وحكاه في التبصرة رواية لا يباح من البحر ما يحرم نظيره في البر كخنزير الماء وإنسانه لأن ذلك غير مباح في البر ويدخل فيه كلب الماء والمذهب أنه مباح لما روى البخاري أن الحسن بن علي ركب على سرج عليه جلد من جلود كلاب الماء وهو قول أكثر العلماء وتحرم الجلالة التي أكثر علفها أي غذائها النجاسة كذا في المحرر والوجيز وقدمه في الفروع لما روى ابن عمر قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن غريب وفي رواية لأبي داود نهى عن ركوب الجلالة وفي أخرى له نهى عن ركوب جلالة الإبل وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية وعن ركوب الجلالة وأكل لحمها رواه أحمد وأبو داود والنسائي قال القاضي هي التي تأكل العذرة فإذا كان أكثر علفها النجاسة ثلاثا والشاة سبعا وما عدا ذلك أربعين يوما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/202)
ولبنها وبيضها حتى تحبس وعنه تكره ولا تحرم وتحبس ثلاثا وعنه يحبس الطائر حرم لحمها ولبنها وإن كان أكثر علفها الطاهر لم يحرم قال المؤلف وتحديدها يكون أكثر علفها النجاسة لم أسمعه عن أحمد ولا هو ظاهر كلامه لكن يمكن تحديده بما يكون كثيرا في مأكولها ويعفى عن اليسير ولبنها لما روى ابن عباس قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شرب لبن الجلالة رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وإسناده ثقات وبيضها ولحمها ولبنها ولأنه متولد من النجاسة حتى تحبس وتطعم الطاهر إذ المنع يزول بحبسها وعنه تكره ولا تحرم قال في الشرح والعمل عليها لأنهم مختلفون في حرمته ولأنه حيوان أصله الإباحة لا ينجس بأكل النجاسات لأن شارب الخمر لا يحكم بتنجيس أعضائه والكافر الذي يأكل الخنزير والمحرمات لا يحكم بنجاسة ظاهره إذ لو نجس لما ظهر بالإسلام والاغتسال وعلى الأول وتحبس ثلاثا أي تحبس ثلاثة أيام نص عليه وهو المذهب لأن ابن عمر كان إذا أرادا أكلها حبسها ثلاثا وأطعمت الطاهرات وعنه يحبس الطائر ثلاثا والشاة سبعا وما عدا ذلك من الإبل والبقر أربعين يوما قدمها في الكافي لما روى عبد الله ابن عمرو بن العاص قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإبل الجلالة أن يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها ولا يحمل عليها إلا الأدم ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة رواه الخلال ولأنها أعظم جسما وعنه يحبس غير طائر أربعين وعنه والبقر ثلاثين ذكره في الواضح وهو وهم قاله ابن بطة وجزم به في الروضة وقيل الكل أربعين وهو ظاهر رواية الشالنجي قال في المحرر لا يجوز أن تعلف الإبل والبقر التي لا يراد ذبحها ابن عقيل ليس بنجس ولا يحرم بل يطهر بالاستحالة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/203)
وما سقي بالماء النجس من الزروع والثمار محرم وإن سقي بالطاهر طهر وحل وقال بالقرب الأطعمة النجسة أحيانا انتهى ويحرم علفها نجاسة تؤكل قريبا أو تحلب قريبا وإن تأخر ذبحه أو حلبه وقيل بقدر حبسها المعتبر جاز في الأصح كغير المأكول على الأصح فيه وعنه يكره إطعام الميتة كلبا معلما أو طائرا معلما والنص جوازه ونقل جماعة تحريم علفها مأكولا وقيل يجوز مطلقا فرع كره أحمد ركوبها لأنها ربما عرقت فأصابه وعنه يحرم وسأله ابن هانئ بقرة شربت خمرا أيجوز أكلها قال لا حتى تنتظر أربعين يوما ذكره ابن بطة وأطلق في الروضة تحريم الجلالة وأن مثله خروف ارتضع من كلبة ثم شرب لبنا طاهرا وهو معنى كلام غيره وما سقي أو سمد بالماء النجس من الزروع والثمار محرم نجس نص عليه جزم به في الكافي والوجيز وقدمه السامري وابن حمدان لما روى ابن عباس قال كنا نكري أراضي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشترط عليهم أن لا يدملوها بعذرة الناس ولولا أن ما يزرع فيها يحرم لم يكن في الاشتراط فائدة ولأنه يتغذى بالنجاسة وتتربى فيها أجزاؤه والاستحالة لا تطهر ذكر أبو بكر في التنبيه أنه لا يؤكل من ثمر بشجرة في المقبرة ولم يفرق قال السامري هو محمول عندي على المقبرة العتيقة وإن سقي بالطاهر أي بالطهور بحيث يستهلك عين النجاسة طهر وحل لأن الماء الطهور معد لتطهير النجاسة وكالجلالة إذا حبست وأطعمت الطاهرات وقال ابن عقيل وهو قول أكثر الفقهاء وجزم به في التبصرة ليس بنجس ولا يحرم بل هو طاهر مباح بل يطهر بالاستحالة لأن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/204)
كالدم يستحيل لبنا فصل ومن اضطر إلى محرم مما ذكرنا حل له ما يسد النجاسة تستحيل في باطنها فتطهر بالاستحالة كالدم يستحيل في أعضاء الحيوان ويصير لبنا فطهر بالاستحالة وهذا المعنى موجود في الزرع والثمر ونقل جعفر أنه كره العذرة ورخص في السرجين
مسائل كره أحمد أكل طين لضرورة وسأل رجل يزيد بن هارون عن أكل المدر فقال حرام قال الله تعالى { كلوا مما في الأرض حلالا } البقرة 168 ولم يقل كلوا الأرض وذكر بعضهم أن أكله عيب إن كان يتداوى به كالأرمني أو كان لا مضرة فيه ولا نفع كاليسير جاز قاله في الشرح وكذا يكره أكل غدة وأذن وقلب وبصل وثوم ونحوهما ما لم ينضجه بطبخ نص عليه وحب ديس بحمر ومداومة أكل لحم ولا بأس بلحم نيء ولحم منتن نص عليه وذكر جماعة فيهما يكره وجعله في الانتصار في الثانية اتفاقا ويكره أن يتعمد القوم حين يوضع الطعام فيفجأهم والخبز الكبار وقال ليس فيه بركة ووضعه تحت القصعة لاستعماله له وحرمه الآمدي وأطلق في المستوعب وغيره الكراهة إلا من طعام من عادته السماحة فصل
ومن اضطر إلى محرم مما ذكرنا سوى سم ونحوه بأن يخاف تلفا وقيل أو ضررا وفي المنتخب أو مرضا أو انقطاعا عن الرفقة ومراده ينقطع فيهلك كما ذكره في الرعاية أكل وجوبا نص عليه وذكره الشيخ تقي الدين وفاقا وقيل ندبا وهو المراد بقوله حل له ما يسد محرم فقال اصحابنا يأكل الميتة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/205)
رمقه وهل له الشبع على روايتين وإن وجد طعاما لا يعرف مالكه وميته وصيدا وهو رمقه اختاره الأكثر لقوله تعالى { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه } البقرة 173 ويحرم ما زاد على الشبع إجماعا وهل له الشبع على روايتين
أظهرهما أنه لا يباح وهو ظاهر الوجيز والفروع لأن الآية دلت على تحريم الميتة واستثنى ما اضطر إليه فإذا اندفعت الضرورة لم يحل الأكل كحالة الابتداء
والثانية يباح اختارها أبو بكر لما روى جابر ابن سمرة أن رجلا نزل الحرة فنفقت عنده ناقة فقالت امرأته اسلخها حتى نقدد شحمها ولحمها ونأكله فقال حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال هل عندك غني يغنيك قال لا قال فكلوها رواه أبو داود ولأن ما جاز سد الرمق منه جاز الشبع منه كالمباح وقيل هذا مقيد بدوام الخوف وينبني عليهما تزوده قاله في الترغيب وجوزه جماعة ونقل ابن منصور والفضل يتزود إن خاف الحاجة واختاره أبو بكر قال كما يتيمم ويترك الماء إذا خاف كذا هنا وهذا إن لم يكن في سفر محرم فإن كان فيه ولم يتب فلا ويجب تقديم السؤال قبل أكله نص عليه وقال لسائل قم قائما ليكون لك عذر عند الله قال القاضي يأثم إذا لم يسأل ونقل الأثرم إن اضطر إلى المسألة فهي مباحة قيل فإن توقف قال ما أظن أحدا يموت من الجوع الله يأتيه برزقه وإن وجد طعاما لا يعرف مالكه أي جهله وميتة وصيدا وهو محرم فقال أصحابنا يأكل الميتة وقاله سعيد بن المسيب وزيد بن أسلم لأن حق الله مبني على المسامحة والمساهلة بخلاف حق الآدمي فإنه مبني على الشح والضيق وحقه يلزمه غرامته بخلاف حق الله فإنه لا عوض فيه وفي الفنون قال حنبلي الذي يقتضيه مذهبنا خلاف طعاما لم يبذله مالكه فإن كان صاحبه مضطرا إليه فهو أحق به وإلا لزمه بذله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/206)
ويحتمل أن يحل له الطعام والصيد إذا لم تقبل نفسه الميتة وإن لم يجد إلا هذا ويحتمل أن يحل له الطعام والصيد إذا لم تقبل نفسه الميتة هذا وجه لأنه قادر على الطعام الحلال أشبه ما لو بذله مالكه وفي الكافي هي أولى إن طابت نفسه وإلا أكل الطعام لأنه مضطر وفي مختصر ابن رزين ولو بقتاله ثم صيدا ثم ميتة فلو علمه وبذله ففي بقاء حله كبذل حرة بضعها لمن لم يجد طولا منع وتسليم فإن بذله بثمن مثله لزمه وقال ابن عقيل لا يلزم معسرا على احتمال فإن وجد صيدا وطعاما أكل من الطعام وإن وجد لحم صيد ذبحه محرم وميتة أكل من الصيد قاله القاضي وقال أبو الخطاب يأكل من الميتة فإن اشتبهت ميتة بمذكاة تحرى على الأشهر ولو وجد ميتتين إحداهما مختلف فيها أكل منها وإن لم يجد إلا طعاما لم يبذله مالكه فإن كان صاحب الطعام مضطرا إليه فهو أحق به ولا يجوز لغيره أخذه لأنه ساواه في الضرورة وانفرد بالملك أشبه غير حالة الاضطرار وهذا في غير النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان له أخذ الماء من العطشان ويلزم كل أحد أن يقيه بنفسه وماله وعلى الأول إن أخذه منه أحد فمات لزمه ضمانه لأنه قتله بغير حق فإن كان صاحب الطعام مضطرا إليه في ثاني الحال فهل يملكه أو يدفعه إلى المضطر إليه في الحال فيه وجهان أظهرهما له إمساكه قاله في الرعاية واختاره المؤلف وظاهره أنه لا يجوز له إيثاره وفي الهدي له ذلك وأنه غاية الجود لقوله تعالى { ولو كان بهم خصاصة } الحشر 9 ولفعل جماعة من الصحابة وعد ذلك في مناقبهم وإلا أي وإن لم يكن صاحب الطعام مضطرا إليه لزمه بذله لأنه يتعلق به إحياء نفس آدمي معصوم فلزمه بذله كما
____________________
(9/207)
بقيمته فإن أبى فللمضطر أخذه قهرا ويعطيه قيمته فإن منعه فله قتاله على ما يلزمه بذل منافعه في تخليصه من الغرق بقيمته نص عليه وظاهره ولو في ذمة معسر وفيه احتمال وفي زيادة لا تجحف وجهان وفي الانتصار وعيون المسائل فرضا بعوضه وقيل مجانا اختاره الشيخ تقي الدين كالمنفعة في الأشهر فإن أبى للمضطر أخذه بالأسهل فإن امتنع أخذه قهرا لأنه يستحقه دون مالكه ويعطيه قيمته أي يعطي المالك قيمته لئلا يجتمع عليه فوات العين وفوات المالية فإن منعه فله قتاله جزم به في الكافي والوجيز وصححه في الرعاية وفي الترغيب وجه وهو الذي ذكره ابن أبي موسى أنه لا يجوز قتاله كما ذكر في دفع الصائل على ما يسد رمقه وهو الأولى قاله في الشرح أو قدر شبعه لأنه منعه من الواجب عليه أشبه مانعي الزكاة على اختلاف الروايتين للتنبيه على أن المبيح للقتال منع ما يباح له لأنه الواجب لكن لو لم يبعه إلا بأكثر من ثمن المثل أخذه وأعطاه قيمته وقال القاضي يقاتله فإن قتل صاحب الطعام لم يجب ضمانه لأنه ظالم بقتاله أشبه الصائل وإن قتل المضطر فعليه ضمانه لأنه قتل ظلما فإن لم يجد إلا آدميا مباح الدم كالحربي والزاني المحصن حل قتله وأكله لأنه لا حرمة له فهو بمنزلة السباع فلو وجده ميتا فله أكله وإن وجد معصوما ميتا ففي جواز أكله وجهان
أحدهما لا يجوز صححه في الرعاية وهو قول أكثر الأصحاب لأن الحي والميت يشتركان في الحرمة بدليل قوله عليه السلام كسر عظم الميت ككسر عظم الحي
والثاني بلى اختاره أبو الخطاب وابن عقيل وجزم به في الوجيز لأن الأكل من اللحم لا من العظم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/208)
فصل ومن مر بثمر في شجر لا حائط عليه ولا ناظر فله الاكل منه والمراد بالخبر التشبيه في أصل الحرمة لا بمقدارها بدليل اختلافهما في الضمان والقود قال المؤلف وهو أولى وظاهره أنه إذا كان حيا أنه لا يحل قتله ولا إتلاف عضو منه مسلما كان أو كافرا وهذا لا اختلاف فيه لأن المعصوم الحي مثل المضطر فلا يجوز له أن يبقي نفسه بإتلافه
تنبيه إذا لم يجد المضطر شيئا لم يبح له أكل بعض أعضائه لأنه يتلفه لتحصيل ما هو موهوم فلو وجد المضطر من يطعمه ويسقيه لم يحل له الامتناع منه ولا العدول إلى الميتة إلا أن يخاف أن يسمه فيه أو يكون الطعام فيه مضرة أو يخاف أن يمرضه ومن اضطر إلى نفع مال الغير مع بقاء عينه كدفع برد واستقاء ماء وكونه وجب بذله مجانا مع عدم حاجته إليه وقيل يجب العوض
مسألة سئل أحمد عن الجبن فقال يؤكل من كل أحد فقيل له عن الجبن الذي تصنعه المجوس فقال ما أدري وذكر أن أصح حديث فيه حديث عمر أنه سئل عن الجبن وقيل له تعمل فيه الانفحة الميتة قال سموا اسم الله وكلوا ولا يجوز أن يشتري جوزا أو بيضا قومر به فصل
ومن مر بثمر في شجر لا حائط عليه نص عليه ولم يذكره في الموجز ولا ناظر ولم يذكره في الوسيلة فله الأكل منه هذا هو المشهور في المذهب ونصره في الشرح ولا ضمان عليه وفي المستوعب إنه اختيار أكثر
____________________
(9/209)
ولا يحمل وعنه لا يحل ذلك إلا لحاجة شيوخنا لما روى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أتيت حائط بستان فناد صاحب البستان فإن أجابك وإلا فكل من غير أن تفسد رواه أحمد وابن ماجة ورجاله ثقات وروى سعيد بإسناد عن الحسن عن سمرة مرفوعا نحوه وفعله أنس وعبد الرحمن بن سمرة وأبو برزة وهو قول عمر وابن عباس وقيده ابن الزاغوني بأنه يأكل بقدر شهوته ولا يشبع ومقتضى كلامه أنه يجوز الأكل من الساقط وصرح به في المحرر والوجيز وهو ظاهر وحكاه في الفروع رواية وفي الترغيب يجوز لمستأذن ثلاثا للخبر وظاهره أنه إذا كان محوطا بحائط أو ناطور فلا يأكل منه لأن إحرازه بذلك يدل على شح صاحبه وكذا إذا كان مجموعا إلا لمضطر ولا يرمي شجرا نص عليه ولا يصعدها ولا يحمل شيئا بحال سواء كان محتاجا أو لا لأن الأدلة دلت على جواز الأكل فقط فإن في حديث أبي سعيد فكل من غير أن تفسد وفي حديث عمر ولا تتخذ خبنة وعنه لا يحل ذلك إلا لحاجة وقال قد فعله غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذ قوله فإن دماءكم وأموالكم حرام عليكم الخبر يدل على حرمة الأكل من مال الغير مطلقا ترك العمل به مع الحاجة لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا أنه سئل عن الثمر المعلق فقال ما أصاب منه من ذي الحاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ومن أخرج منه شيئا فعليه غرامة مثله والعقوبة رواه الترمذي وحسنه وعنه الرخصة للمسافر فقط وهو وجه في الرعاية وفي المستوعب لا يختلف قوله فيما سقط للمحتاج وغيره واحتج في الكافي والشرح لها بقوله عليه السلام لرافع لا ترم وكل
____________________
(9/210)
وفي الزرع وشرب لبن الماشية روايتان ويجب على المسلم ضيافة المسلم المجتاز ما وقع صححه الترمذي وعنه ويضمنه اختارها في المبهج للعمومات وفي الزرع القائم وشرب لبن الماشية روايتان كذا في المحرر والفروع وفيه مسألتان
الأولى أنه لا يأكل من الزرع القائم شيئا لأن الرخصة إنما وردت في الثمار لأن الله تعالى خلقها رطبة فالنفس تتوق إليها بخلاف الزرع
والثانية وهي أشهر أنه يأكل من الفريك لأن العادة جارية بأكله رطبا أشبه الثمر والحق به المؤلف وغيره الباقلاء
والحمص الأخضر وهو ظاهر الثانية في شرب لبن الماشية يجوز في رواية لما روى الحسن عن سمرة مرفوعا قال إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه وإن لم يجبه أحد فليحتلب وليشرب ولا يحمل رواه الترمذي وصححه وقال العمل عليه عند بعض أهل العلم والثانية لا يجوز لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحتلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه متفق عليه وحملها في الرعاية على ما إذا لم يكن لها حائط أو حافظ وهذا إذا لم يكن مضطرا فإن كان كذلك جاز مطلقا ويقدمه على الميتة لأنه مختلف فيه فهو أسهل
ويجب على المسلم ضيافة المسلم المجتاز به قال أحمد الضيافة على المسلمين كل من نزل به ضيف كان عليه أن يضيفه لما روى المقداد بن كريمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليلة الضيف واجبة على كل مسلم فإن أصبح بفنائه محروما كان دينا عليه إن شاء اقتضاه وإن شاء ترك رواه سعيد وأبو داود وإسناده ثقات وصححه في الشرح وروى أحمد وأبو داود فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه وفي حديث عقبة فإن لم يفعلوا فلهم حق الضيف ولا يجب عليه إنزاله في بيته إلا ألا يجد مسجدا أو رباطا يبيت فيه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/211)
وليلة فان أبى فللضيف طلبه عند الحاكم وتستحب ضيافته ثلاثا فما زاد فهو صدقة الذي ينبغي لهم متفق عليه وظاهره أن ضيافة الكافر لا تجب وهو كذلك بل في رواية وتجب لذمي نقله الجماعة واختاره في المغني والشرح لأن الضيافة كصدقة التطوع وأنها لا تجب إلا للمسافر لكن ظاهر نصوصه أنها تجب لحاضر وفيه وجهان للأصحاب في قرية وفي مصر روايتان منصوصتان جزم في المحرر والوجيز أن المسلم تجب عليه ضيافة المسلم المجتاز به في القرى لا الأمصار يوما وليلة وهو الأشهر فيه نقله الجماعة لما روى أبو شريح الخزاعي مرفوعا قال الضيافة ثلاثة أيام وجائزته يوم وليلة متفق عليه وذكر ابن أبي موسى أنها تجب ثلاثة أيام لهذا الخبر وهي قدر كفايته مع أدم وفي الواضح ولفرسه تبن لا شعير قال في الفروع ويتوجه وجه كأدمه وأوجب شيخنا المعروف عادة قال كزوجة وقريب ورفيق ومن قدم لضيفانه طعاما لم يجز له قسمته لأنه أباحه ذكره في الانتصار وغيره فإن أبى فللضيف طلبه عند الحاكم أي يحاكمه ويطلب حق ضيافته فإن تعذر جاز له الأخذ من ماله نص عليه ونقل الشالنجي إذا بعثوا في السبيل يضيفهم من مروا به ثلاثة أيام فإن أبوا أخذوا منهم مثل ذلك وتستحب ضيافته ثلاثا لخبر أبي شريح فما زاد أي على الثلاثة فهو صدقة لأنه تبرع فكان كصدقة النفل ولا يجب عليه إنزاله في بيته لما فيه من الحرج والمشقة والخبر إنما ورد في الضيافة فقط وأوجبه في المفردات مطلقا كالنفقة إلا ألا يجد مسجدا أو رباطا يبيت فيه فيلزمه إنزاله في بيته للضرورة وعن عائشة مرفوعا من نزل بقوم فلا يصومن إلا بإذنهم وشبهه والسمك وسائر ما لا يعيش إلا في الماء فلا ذكاة له وعنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/212)
& باب الذكاة & لا يباح شيء من الحيوان المقدور عليه بغير ذكاة إلا الجراد رواه الترمذي وابن ماجة وإسناده ضعيف قال في كشف المشكل في النهي عن صوم الأضحى الناس فيه تبع لوفد الله تعالى عند بيته وهم كالضيف فلا يحسن صومه عند مضيفه
فائدة من امتنع من الطيبات بلا سبب شرعي فمذموم مبتدع والمنقول عن أحمد أنه امتنع من أكل البطيخ لعدم علمه بكيفية أكل النبي صلى الله عليه وسلم له كذب ذكره الشيخ تقي الدين & باب الذكاة &
يقال ذكى الشاة ونحوها تذكية أي ذبحها والاسم الذكاة والمذبوح ذكي فعيل بمعنى مفعول
لا يباح شيء من الحيوان المباح المقدور عليه بغير ذكاة وقاله في الوجيز وغيره لقوله تعالى { إلا ما ذكيتم } المائدة 3 وقال ابن عقيل في البحري أو عقر لأنه ممتنع كحيوان البر إلا الجراد وشبهه فإنه يباح بغير ذكاة لقوله صلى الله عليه وسلم أحل لنا ميتتان الحوت والجراد رواه أحمد وابن ماجة من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر وعبد الرحمن مختلف فيه ولأنه لا دم له ويباح بما فيه والسمك وسائر ما لا يعيش إلا في الماء فلا ذكاة له لا نعلم فيه خلافا للأخبار ولا فرق بين ما مات بسبب أو بغيره وأجمعوا على إباحة ما مات بسبب مثل أن صاده إنسان أو نبذه البحر أو جزر عنه واختلف في الطافي ونصوصه لا بأس به ما لم يتقذره وعنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/213)
في السرطان وسائر البحري انه يحل بلا ذكاة وعنه في الجراد لا يؤكل إلا أن يموت لا يباح لحديث جابر وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه رواه أبو داود والدارقطني وذكر أن الصواب أنه موقوف وفي عيون المسائل بعد أن ذكر عن الصديق وغيره حله قال وما يروى خلاف ذلك فمحمول على التنزيه ولعل المراد عند قائله لقوله تعالى { أحل لكم صيد البحر وطعامه } المائدة 96 وهو ما رمى به قال ابن عباس ما مات فيه وقال النبي صلى الله عليه وسلم في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته وعن أبي شريح مرفوعا قال إن الله ذبح ما في البحر لبني آدم رواه الدارقطني وذكره البخاري عنه موقوفا وقال ابن عقيل ما لا نفس له سائلة يجري مجرى ديدان الخل والباقلاء فيحل بموته ويحتمل أنه كالذباب وفيه روايتان فإن حرم لم ينجس وعنه بلى وعنه مع دم فرع كره أحمد شيء سمك حي لا جراد وقال ابن عقيل فيهما يكره على الأصح ويحرم بلعه حيا ذكره ابن حزم إجماعا وفي المغني والشرح يكره وعنه في السرطان وسائر البحري أنه يحل بلا ذكاة لأن السرطان لا دم فيه قال أحمد السرطان لا باس به قيل له يذبح قال لا وذلك لأن مقصود الذبح إنما هو إخراج الدم وتطييب اللحم بإزالته عنه فأما ما لا دم له فلا حاجة إلى ذبحه ومقتضاه أن ما كان مأواه البحر وهو يعيش في البر كطير الماء والسلحفاة وكلب الماء فلا يحل إلا بذبحه وهذا هو الصحيح في المذهب وعنه بلى وذهب إليه قوم للأخبار والأصح في السرطان أنه لا يحل إلا بالذكاة وعنه في الجراد لا يؤكل إلا أن يموت يكون عاقلا مسلما أو كتابيا فتباح ذبيحته ذكرا كان أو انثى وعنه لا تباح ذبيحة نصارى بني تغلب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/214)
بسبب ككبسه وتغريقه ويشترط للذكاة شروط أربعة
أحدها أهلية الذابح وهو أن بسبب ككبسه وتغريقه لأن ذلك بمنزلة الذبح له فوجب اعتباره فيه كالذبح في عيره والأول المذهب للخبر ولأن ما أبيحت ميتته لم يعتبر له سبب بدليل السمك ويشترط للذكاة وفي الروضة والعمدة للنحر شروط أربعة قاله معظم الأصحاب
أحدها أهلية الذابح وهو المذكي وهو أن يكون عاقلا ليصح قصد التذكية ولو مكرها ذكره في الانتصار وغيره قال في الفروع ويتوجه فيه كذبح مغصوب وظاهر كلامهم لا يعتبر قصد الأكل وفي التعليق لو تلاعب بسكين على حلق شاة فصار ذبحا ولم يقصد حل أكلها لم تبح وعلل ابن عقيل تحريم ما قتله محرم لصوله بأنه لم يقصد أكله أو وطئه آدمي إذا قتل وفي الترغيب هل يكفي قصد الذبح أم لابد من قصد الإحلال فيه وجهان مسلما أو كتابيا لقوله تعالى { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } المائدة 5 قال البخاري قال ابن عباس طعامهم ذبائحهم وروى سعيد بإسناد جيد عن ابن مسعود قال لا تأكلوا من الذبائح إلا ما ذبح المسلمون وأهل الكتاب والعدل والفاسق سواء ولو مميزا وفي الموجز والتبصرة لا دون عشر فتباح ذبيحته ذكرا كان أو أنثى ولو قنا وهو كالحر إجماعا ذكره ابن حزم واختلف في ذبح الصبي وقيده أحمد بإطاقة الذبح والجنب والآبق نقل حنبل في الأقلف لا صلاة له ولا حج هي من تمام الإسلام ونقل الجماعة لا بأس وفي المستوعب يكره جنب ومثله حائض وظاهره إباحة ذكاة أعمى وذكره في المحرر والوجيز وغيرهما وعنه لا تباح ذبيحة نصارى بني تغلب في الأظهر ولا وثني ولا مجوسي ولا مرتد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/215)
ولا من أحد أبويه غير كتابي ولا تباح ذكاة مجنون ولا سكران ولا طفل غير مميز قاله ابن هبيرة لما روى سعيد ثنا هشيم عن يونس عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني عن علي قال لا تأكلوا من ذبائح نصارى بني تغلب
وظاهر المتن والفروع وصححه في الكافي والشرح الإباحة لعموم الآية وفي الترغيب في الصابئة روايتان مأخذهما هل هم من النصارى أم لا ونقل حنبل من ذهب مذهب عمر فإنه قال يسبتون جعلهم بمنزلة اليهود وكل من يصير إلى كتاب فلا بأس بذبيحته ولا من أحد أبويه غير كتابي قاله في الكافي والمستوعب تغليبا للتحريم والأشهر الحل مطلقا للعموم قال ابن حمدان من أقر بجزية حلت ذكاته وإلا فلا ولا تباح ذكاة مجنون وفي معناه المغمي عليه في حال إغمائه ولا سكران ولا طفل غير مميز لأنه لا يصح منهم القصد أشبه ما لو ضرب إنسانا بالسيف فقطع عنق شاة ولا وثني ولا مجوسي أما المجوس فلا تحل ذبائحهم لمفهوم الأية ولخبر رواه أحمد وكسائر الكفار غير أهل الكتاب وشذ أبو ثور فأباح صيده وذبيحته لقوله عليه السلام سنوا بهم سنة أهل الكتاب رواه الشافعي وفيه انقطاع ولأنهم يقرون بالجزية كأهل الكتاب قال إبراهيم الحربي خرق أبو ثور الإجماع وفيه نظر فإن ما صاده المجوس من سمك وجراد ففيه روايتان أصحهما عند ابن عقيل التحريم وأما الوثني فحكمه كالمجوس بل هم شر منهم لأن المجوس لهم شبه كتاب ولا مرتد لأنه لا يقر كالوثني ونقل عبد الله تحل ذكاة مرتد إلى أحد الكتابين وقال ابن حمدان إن انتقل إلى دين يقر أهله بكتاب وجزية وأقر عليه حلت ذكاته وإلا فلا غيره إلا السن والظفر لقول النبي صلى الله عليه وسلم ما أنهر الدم فكل ليس السن والظفر فان ذبح بآلة مغوضبة حل في أصح الوجهين فصل الثالث أن يقطع الحلقوم والمريء وعنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/216)
فصل الثاني الآلة وهو أن يذبح بمحدد سواء كان من حديد أو حجر أو قضيب أو فصل الثاني الآلة وهو أن يذبح بمحدد سواء كان من حديد أو حجر أو قصب أو غيره كخشب إلا السن والظفر نص على ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم ما أنهر الدم فكل ليس السن والظفر متفق عليه من حديث رافع ولأن جارية كعب بن مالك أبصرت بشاة من غنمه موتا فكسرت حجرا فذبحته به فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأكلها رواه البخاري وفيه فوائد وفي عظم غير سن روايتان كذا في المحرر والفروع
أشهرهما أنه يباح لدخوله في عموم اللفظ قال في الشرح وهي أصح
والثانية لا لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل تحريم الذبح بالسن بكونه عظما فإن ذبح بآلة مغصوبة حل في أصح الوجهين لأن الذكاة وجدت ممن له أهلية الذبح كما لو كان المذبوح مغصوبا والثاني لا لأنه منهي عنه أشبه ما لو استجمر بالروث وعنه إن كان المذكى مغصوبا فهو ميتة واختارها أبو بكر ومثلها سكين ذهب ونحوها ذكره في الانتصار والموجز والتبصرة وفي الترغيب يحرم بعظم ولو بسهم نصله عظم فصل
الثالث أن يقطع من الحيوان المقدور عليه الحلقوم والمري وهي الوهدة التي تربط بين أصل العنق والصدر ولا يجوز في غير ذلك إجماعا قال عمر
____________________
(9/217)
يشترط مع ذلك قطع الودجين النحر في اللبة والحلق لمن قدر احتج به أحمد وروى سعيد والأثرم عن أبي هريرة قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم بديل بن ورقاء يصيح في فجاج بيتنا ألا إن الذكاة في الحلق واللبة رواه الدارقطني بإسناد جيد وأما حديث أبي العشراء عن أبيه قال قلت يا رسول الله أما تكون الذكاة في الحلق واللبة قال لو طعنت في فخذها لأجزأك رواه أحمد وقال أبو العشراء ليس بمعروف وحديثه غلط وأبو داود والترمذي وقال غريب وقال البخاري في حديثه واسمه وسماعه من أبيه نظر وقال المجد في أحكامه هذا فيما لم يقدر عليه فعلى هذا يشترط قطع الحلقوم والمري وهما مجرى الطعام والنفس اختاره الخرقي وقدمه في الرعاية والكافي وذكر أنه أولى ورجحه في الشرح لأنه قطع في محل الذبح ما لا تبقى الحياة معه أشبه ما لو قطع الأربعة واختص الذبح بالمحل المذكور لأنه مجمع العروق بالذبح فيه الدماء السيالة ويسرع زهوق الروح فيكون أطيب اللحم وأخف على الحيوان وعنه يشترط مع ذلك قطع الودجين اختاره أبو محمد الجوزي وجزم به في الروضة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن شريطة الشيطان وهي التي تذبح فتقطع الجلد ولا تفري الأوداج رواه أبو داود وقال سعيد ثنا إسماعيل بن زكريا عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن ابن عباس قال إذا اهريق الدم وقطع الودج فكل إسناده حسن وهما عرقان محيطان بالحلقوم وعنه أو أحدهما وفي الايضاح الحلقوم والودجين وفي الإرشاد المرى والودجين وفي الكافي والرعاية يكفي قطع الأوداج وحدها لكن لو قطع أحدهما مع الحلقوم أو المري أولى بالحل قاله الشيخ تقي الدين وذكر وجها يكفي ما سواه فان عجز عن ذلك مثل أن يند البعير أو يتردى في بئر (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/218)
وإن نحره أجزأه وهو أن يطعنه بمحدد في لبته والمستحب أن ينحر البعير ويذبح قطع ثلاث من الأربعة وظاهره لا يضر رفع يده إن أتم الذكاة على الفور واعتبر في الترغيب قطعا تاما فلو بقي من الحلقوم جلدة ولم ينفذ القطع وانتهى الحيوان إلى حركة المذبوح ثم قطع الجلدة لم يحل فرع إذا أبان رأسه بالذبح لم يحرم به المذبوح قدمه في المحرر وأكله مباح قاله في المستوعب وفي الرعاية يكره ويحل وعنه لا يحل والأول المذهب قال أحمد لو أن رجلا ضرب رأس بطة أو شاة بالسيف يريد بذلك الذبيحة كان له أن يأكل روي عن علي وعمران لأنه اجتمع قطع ما لا تبقى الحياة معه مع الذبح وإن نحره أجزأه أي إذا نحر ما يذبح أجزأه في قول الأكثر كعكسه لقوله عليه السلام ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل وقالت أسماء نحرنا فرسا وفي رواية ذبحنا وقالت عائشة نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بقرة ولأنه ذكاه في محله فجاز أكله كالحيوان الآخر ونقل ابن أبي موسى أنه توقف في ذبح البقر قال والأول عنه أظهر وعنه يكره ذبح إبل وعنه ولا تؤكل وهو أن يطعنه بمحدد في لبته فبيان لمعنى النحر وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هكذا يفعلون ونقل الميموني أن ابن عباس وابن عمر قالا النحر في اللبة والذبح في الحلق والذبح والنحر في البقر واحد والمستحب أن ينحر البعير ويذبح ما سواه بغير خلاف قاله في الشرح لقوله تعالى { فصل لربك وانحر } الكوثر 2 ولقوله تعالى { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } البقرة 67 وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنحر لأن أغلب ماشية قومه الإبل وأمر بنو إسرائيل بالذبح لأن غالب ماشيتهم البقر ولأنه عليه السلام نحر البدن وذبح كبشين أملحين بيده
____________________
(9/219)
فلا يقدر على ذبحه صار كالصيد إذا جرحه في أي موضع أمكنه فقتله حل أكله إلا متفق عليه وفي الترغيب رواية ينحر البقر وعند ابن عقيل إن ما صعب وضعه بالأرض نحر فإن عجز عن ذلك مثل أن يند البعير أي إذا ذهب على وجهه شاردا أو يتردى أي يسقط في بئر فلا يقدر على ذبحه صار كالصيد إذا جرحه في أي موضع أمكنه فقتله حل أكله روي عن علي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وعائشة وقاله أكثر العلماء لما روي رافع بن خديج قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فند بعير وفي القوم خيل يسيرة فطلبوه فأعياهم فأهوى إليه رجل بسهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما غلبكم فاصنعوا به هكذا متفق عليه ولأن الاعتبار في الذكاة بحال الحيوان وقت ذبحه لا بأصله بدليل الوحشي إذا قدر عليه وجبت ذكاته في الحلق واللبة فكذلك الأهلي إذا توحش وذكر أبو الفرج يقتل مثله غالبا وقال مالك لا يجوز أكله إلا أن يذكى قال أحمد لعله لم يبلغه حديث رافع إلا أن يموت بغيره مثل أن يكون رأسه في الماء فلا يباح نص عليه وهو قول الأصحاب لأنه لا يعلم أن الذبح قتله ولأن الماء أعان على قتله فحرم كما لو جرح الصيد مسلم ومجوسي وقيل يحل إن جرحه بجرح موح وإن ذبحها من قفاها وهو مخطىء فأتت السكين ولو عبر بالآلة لعم على موضع ذبحها وهي في الحياة أي فيه حياة مستقرة ويعلم ذلك بوجود الحركة وعنه أو لا وفي المغني غلب بقاؤها أكلت قدمه في المستوعب والفروع وجزم به في المحرر والوجيز لأنها حلت بالذبح وفي الترغيب رواية يحرم مع حياة مستقرة وهو ظاهر ما رواه جماعة
____________________
(9/220)
وإن فعله عمدا فعلى وجهين وكل ما وجد فيه سبب الموت كالمنخنقة والمتردية وإن فعله عمدا فعلى وجهين وفي المحرر والفروع هما روايتان إحداهما لا تباح روي عن علي وهو ظاهر الخرقي لأنه في غير محل الذبح كما لو بقر بطنها والثانية تحل إذا بقيت فيها حياة مستقرة قبل قطع الحلقوم والمرىء وقاله القاضي وهي أصح لأن الذبح إذا أتى على ما فيه حياة مستقرة حل كالمتردية وعنه ما يدل على إباحته مطلقا وفي الشرح إن ذبحها من قفاها ولم يعلم هل كانت فيه حياة مستقرة قبل قطع الحلقوم والمرىء أو لا نظرت فإن كان الغالب بقاء ذلك لحدة الآلة وسرعة القطع فالأولى إباحته وإن كانت كآلة وأبطأ قطعه وطال تعذيبه لم يبح
فرع ملتو عنقه كمعجوز عنه قاله القاضي وقبل حكمه كذلك وكل ما وجد فيه سبب الموت كالمنخنقة والمتردية والنطيحة وأكيلة السبع إذا أدرك ذكاتها وفيها حياة مستقرة أكثر من حركة المذبوح حلت لقوله تعالى { إلا ما ذكيتم } المائدة 3 ولحديث جارية كعب ولما روي سعيد ثنا سفيان حدثني الزبير بن الربيع عن أبي طلحة الأسدي قال أتيت ابن عباس فسمعته يقول في شاة وقع قصبتها أي الأمعاء بالأرض فأدركها فذبحها بحجر يلقي ما أصاب الأرض ويأكل سائرها وسواء انتهت إلى حال يعلم أنها لا تعيش معه أو تعيش قاله في الشرح وقدم السامري أنها إذا بلغت مبلغا لا تعيش لمثله لم تحل قال ابن هبيرة هو أظهر الروايتين وذكره ابن أبي موسى إن رجى حياتها حلت وفي المحرر والوجيز أنها تحل بشرط أن تتحرك عند الذبح ولو بيد أو رجل أو طرف ذنب وحكاه في الفروع قولا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/221)
صارت حركتها كحركة المذبوح لم تحل فصل الرابع أن يذكر اسم الله عند الذبح وقيل أو لا ونقل الأثرم وغيره ما تيقن أنه يموت بالسبب وعنه لدون أكثر يوم لم يحل والصحيح أنها إذا كانت تعيش زمانا يكون بالموت بالذبح أسرع منه حلت بالذبح وعنه يحل مذكى قبل موته مطلقا وفي كتاب الآدمي البغدادي وتشترط حياة يذهبها الذبح اختاره أبو محمد الجوزي وعنه إن تحرك ذكره في المبهج ونقله عبد الله والمروذي وأبو طالب وفي الترغيب لو ذبح وشك في الحياة المستقرة ووجد ما يقارب الحركة المعهودة في التذكية المعتادة حل في المنصوص ومرادهم بالحياة المستقرة ما جاز بقاؤها أكثر اليوم وإن صارت حركتها كحركة المذبوح لم تحل لأنه صار في حكم الميتة كما لو ذبحها بعد ذبح الوثني وكذا في الكافي وغيره فرع ومريضة وما صيد بشبكة أو شرك أو أحبولة أو فخ أو أنقذه من مهلكة فهو كمنخنقة فصل الرابع أن يذكر اسم الله عند الذبح وذكر جماعة أو قبله قريبا فصل بكلام أو لا كالطهارة فعلى هذا إن سمى على شاة ثم أخذ السكين أو كانت بيد مفتركها واخذ أخرى أو تحدث ثم ذبح حلت لأنه سمى عليها لقوله تعالى { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق } الأنعام 121 والفسق حرام لقوله تعالى { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه } الاية الأنعام 145 ولأنه أمر به وأطلق وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذبح سمى السماء فان ترك التسمية عمدا لم تبح وإن تركها ساهيا أبيحت وعنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/222)
وهو أن يقول بسم الله لا يقوم غيرها مقامها إلا الاخرس فانه يوميء إلى فحمل المطلق على المقيد وهو أن يقول بسم الله لأن إطلاق التسمية تنصرف إليها ولو بغير العربية لأن المقصود ذكر اسم الله وقد حصل بخلاف التكبير والسلام فإن المقصود لفظه وفي المحرر أنه إن سمى بغير العربية من لا يحسنها فعلى وجهين صحح في الرعاية عدم الإجزاء لا يقوم غيرها مقامها كالتسبيح والتهليل والتكبير وسؤال المغفرة وقدمه في المستوعب والرعاية وهو احتمال في الشرح وقيل يكفي تكبير ونحوه ويضمن أجير تركها إن حرمت واختار في النوادر لغير شافعي قال في الفروع ويتوجه يضمنه النقص إن حلت إلا الأخرس فإنه يومئ الى السماء لأن إشارته تقوم مقام النطق وكذا إذا علم أنه أشار إشارة تدل على التسمية فرع يسن التكبير معها نص عليه وقيل لا كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في المنصوص وفي المنتخب لا يجوز ذكره معها شيئا واختار ابن شاقلا أنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عندها فإن ترك التسمية عمدا أو جهلا لم تبح وإن تركها ساهيا أبيحت ذكر في الكافي أنها المذهب وجزم بها في الوجيز وذكر السامري أنها أكثر الروايات عنه لحديث الأحوص بن حكيم بن حزام عن راشد بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذبيحة المسلم حلال وإن لم يسم ما لم يتعمد رواه سعيد لكن الأحوص ضعيف وعن ابن عباس فيمن نسي التسمية قال المسلم فيه اسم الله تعالى وإن لم يذكر التسمية رواه سعيد بإسناد جيد وعن القاسم بن محمد قال عمر لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه رواه سعيد والآية محمولة على تركها عمدا لقوله تعالى وإنه
____________________
(9/223)
تباح في الحالين وعنه لا تباح فيهما وتحصل ذكاة الجنين بذكاة أمه إذا خرج لفسق والأكل مما نسيت عليه التسمية ليس بفسق لقوله عليه السلام عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وقال أحمد في قوله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه يعني الميتة نقلها الميموني وعنه تباح في الحالين لما روي أنه رخص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أكل ما لم يذكر اسم الله عليه وعن أبي هريرة قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت الرجل يذبح وينسى أن يسمي قال اسم الله على كل مسلم رواه ابن عدي والدارقطني ولأن التسمية لو اشترطت لما حلت الذبيحة مع الشك في وجودها لأن الشك في الشرط شك في المشروط والذبيحة مع الشك في وجود التسمية حلال بدليل حل ذبيحة أهل الكتاب مع أن الأصل عدم إتيانهم بها بل الظاهر أنهم لا يسمون وذلك أبلغ في المنع من الشك وعنه لا تباح فيهما قدمها في المحرر والفروع لقوله تعالى { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } ولأن الشيء متى كان شرطا لا يعذر في تركه سهوا كالوضوء مع الصلاة وعنه يختص المسلم باشتراطها ونقل حنبل عكسها لأن المسلم فيه اسم الله وسيأتي الكلام على الصيد فرع إذا شك في تسمية الذابح حل فلو وجد شاة مذبوحة في موضع يباح ذبح أكثر أهله حلت وإلا فلا
وتحصل ذكاة الجنين المأكول بذكاة أمه أذا خرج ميتا أو متحركا كحركة المذبوح روي عن علي وابن عمر لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذكاة الجنين ذكاة أمه رواه أبو داود بإسناد جيد ولأحمد والترمذي وحسنه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/224)
لم يبح إلا بذبحه وسواء أشعر أو لم يشعر وابن ماجة مثله من حديث أبي سعيد من رواية مجالد وهو ضعيف قال الترمذي والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ورواه الدارقطني من حديث ابن عمر وأبي هريرة ولأن الجنين متصل بها اتصال خلقة يتغذى بغذائها فتكون ذكاتها بذكاتها كأعضائها ولأن الذكاة في الحيوان تختلف على حسب الإمكان والقدرة ولا يمكن ذبح الحيوان قبل انفصاله إلا بأن تجعل ذكاة أمه ذكاته لكن استحب أحمد ذبحه ليخرج دمه وعنه لا بأس وإن كانت فيه حياة مستقرة لم يبح إلا بذبحه نقله الجماعة لأنه نفس أخرى وهو مستقل بحياته وقدم في المحرر وجزم به في الوجيز أنه كالمنخنقة ونقل الميموني إن خرج حيا فلابد من ذبحه وعنه يحل بموته قريبا وسواء أشعر أو لم يشعر لإطلاق الخبر وقال ابن عمر ذكاته ذكاة أمه إذا اشعر وقاله جماعة لما روى سعيد ثنا سفيان ثنا الزهري عن أبي بن كعب قال كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه وقال ابن المنذر كان الناس على إباحته إلى أن جاء النعمان فقال لا يحل لأن ذكاة نفس لا تكون ذكاة نفسين وجوابه ما سبق وحكم بإباحته تيسيرا على عباده ولا يؤثر في ذكاة أمه تحريمه كتحريم أبيه ولو وجأ بطن أمه فأصاب مذبحة يذكى والأم ميتة ذكره الأصحاب
فائدة قوله عليه السلام ذكاة الجنين ذكاة أمه من رفع جعله خبر مبتدأ محذوف تقديره هو ذكاة أمه فلا يحتاج الجنين إلى تذكيته هذا مذهبنا والجمهور ومن نصب قدره كذكاة الجنين فلما حذف الجار نصب فعليه
____________________
(9/225)
فصل ويكره توجيه الذبيحة إلى غير القبلة والذبح بآلة كالة وان يحد السكين يفتقر الجنين إلى ذبح مستأنف لكن قدره ابن مالك في رواية النصب تقديره ذكاة الجنين في ذكاة أمه وهو الموافق لرواية الرفع المشهورة فصل ويكره توجيه الذبيحة إلى غير القبلة قاله ابن عمر وابن سيرين لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ضحى وجه أضحيته إلى القبلة وقال وجهت وجهي الآيتين الأنعام 79 80 ولأنه قد يكون قربة كالأضحية فكره توجيه الذبيحة إلى غير القبلة كالأذان فيسن توجيهها إلى القبلة على شقها الأيسر ورفقه بها وحمله على الآلة بقوة وإسراعه بالشحط والذبح بآلة كآلة لقوله عليه السلام إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحذكم شفرته وليرح ذبيحته
قال الشيخ تقي الدين في هذا الحديث إن الإحسان واجب على كل حال حتى في حال إزهاق النفوس ناطقها وبهيمها ولأن الذبح بآلة كالة فيه تعذيب للحيوان وأن يحد السكين والحيوان يبصره لأن عمر رأى رجلا وضع رجله على شاة وهو يحد السكين فضربه حتى أفلت الشاة ويكره ذبح شاة والآخر ينطر إليه كذلك وأن يكسر عنق الحيوان أو يسلخه حتى يبرد أي حتى تزهق نفسه لقوله عليه السلام لا تعجلوا الأنفس أن تزهق رواه الدارقطني بإسناد ضعيف وعن عمر معناه ولأن في ذلك تعذيبا للحيوان وحرمهما القاضي وغيره نقل حنبل لا يفعل وفي الترغيب يكره قطع رأسه
____________________
(9/226)
فإن فعل أساء وأكلت وإذا ذبح الحيوان ثم غرق في ماء أو وطىء عليه شيء يقتل قبل سلخه ونقل حنبل لا يفعل وكذا يكره قطع عضو منه قبل الزهوق وقاله الأكثر فإن فعل أساء وأكلت لأن ذلك حصل بعد حلها وذبحها سئل أحمد عن رجل ذبح دجاجة فأبان رأسها فقال يأكلها قيل له والذي بان منها قال نعم قال البخاري قال ابن عمر وابن عباس إذا قطع الرأس فلا بأس به فلو قطع منه شيئا وفيه حياة مستقرة فهو ميتة رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن غريب والعمل عليه عند أهل العلم ولأن إباحته إنما تحصل بالذبح وليس هذا بذبح نقل ابن منصور أكره نفخ اللحم قال في المغني الذي للبيع لأنه غش وإذا ذبح الحيوان ثم غرق في ماء أو وطىء عليه شيء يقتل مثله فهل يحل على روايتين
أنصهما لا يحل وذكره الخرقي وجزم به في الوجيز لأن ذلك يعين على زهوق النفس فيحصل من سبب مبيح ومحرم
والثانية بلى قدمها في الرعاية وذكر في الكافي والشرح أنها قول أكثر أصحابنا وهي قول أكثر الفقهاء لحصول ذبحه وطرئان الأسباب المذكورة حصل بعد الموت بالذبح فلم يؤثر ما أصابه لحصوله بعد الحكم بحله وإذا ذبح الكتابي ما يحرم عليه كذي الظفر من الإبل ونحوها لم يحرم علينا في ظاهر كلام أحمد قال ابن حمدان وهو أظهر لأنه من أهل الذكاة وذبح ما يحل لنا أشبه المسلم وقدم في المحرر والرعاية وجزم به في الوجيز أنه يحرم وقيل لا كظنه تحريمه عليه فلم يكن ذكر أبو الحسين أن الخلاف في ذي الظفر كالخلاف في تحريم الشحوم المحرمة عليهم وعلم منه أنها تحل ذبيحتنا لهم مع اعتقادهم تحريمها لأن الحكم لاعتقادنا
____________________
(9/227)
وإن ذبح حيوانا غيره لم تحرم علينا الشحوم المحرمة عليهم وهو شحم الثرب مسألة ذو الظفر ما ليس بمنفرج الأصابع كإبل ونعام وبط ووز قاله ابن عباس وجمع وقيل هي الإبل خاصة وعند ابن قتيبة هي كل ذي حافر من الدواب ومخلب من الطير وإن ذبح أي الكتابي حيوانا غيره أي ما يحل له لم تحرم علينا الشحوم المحرمة عليهم وهو شحم الثرب وهو بوزن فلس يغشي الكرش والأمعاء رقيق والكليتين واحدها كلية وكلوة بضم الكاف فيها والجمع كليات وكلى في ظاهر كلام أحمد واختاره ابن حامد وابو الخطاب وجزم به في الوجيز وحكاه عن الخرقي في كلام مفرد لما روى عبد الله بن مغفل قال أصبت من شحم يوم خيبر فالتزمته فقلت لا أعطي اليوم أحدا شيئا فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متبسما رواه مسلم ولأنها ذكاة أباحت اللحم فأباحت الشحم كذكاة المسلم وكذبح حنفي حيوانا فتبين حاملا ونحوه وعلم منه أنه يحرم على اليهود شحم الثرب والكلية من بقر وغنم نص عليه لقوله تعالى { ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما } الأنعام 146 أي حرمنا على اليهود كل ذي ظفر وجميع شحوم البقر والغنم وهي الثرب والكلى إلا ما حملت ظهروهما ما علق بالظهر والجنب من داخل أو الحوايا وهي المصارين أو ما اختلط بعظم هو شحم الإلية لما فيها من العظم واختار أبو الحسن التميمي والقاشي وأبو بكر وأبو حفص البرمكي واختاره الأكثر قاله في الواضح وصححه في عيون المسائل تحريمه لقوله تعالى { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } المائدة 5 وهذا ليس من طعامهم ولأنه جزء من البهيمة لم تبح لذابحها فلم تبح لغيره كالدم فوجد في بطنه جرادا أو طائرا فوجد في حوصلته حبا أو وجد الحب في بعر الجمل لم يحرم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/228)
وإن ذبح لعيده أو ليتقرب به إلى شيء يعظمونه لم يحرم نص عليه ومن ذبح حيوانا وعلله القاضي بأن الذكاة تفتقر إلى القصد والكتابي لم يقصد ذكاة هذا الشحم وجوابه أن الآية حجة لنا فإن معنى طعامهم ذبائحهم فعلى هذا يجوز تملكها منهم فرع يحرم علينا إطعامهم شحما من ذبحنا نص عليه لبقاء تحريمه وقال ابن عقيل نسخ في حقهم أيضا
وإن ذبح لعيده أو ليتقرب به إلى شيء يعظمونه لم يحرم نص عليه لأنه من جملة طعامهم فدخل في عموم الأية ولأنه قصد الذكاة وهو ممن تحل ذبيحته وعنه لا تحل اختاره الشيخ تقي الدين لأنه أهل به لغير الله تعالى والأول هو المعول عليه لما روي عن العرباض بن سارية قال كلوا وأطعموني رواه سعيد من رواية إسماعيل بن عياش عن بشر بن كريت الأملولي وعن أبي أمامة وأبي الدرداء كذلك رواهما سعيد من رواية إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن أبي مريم الشامي وهو ضعيف وفي الرعاية إنه مكروه نص عليه ويحرم على الأصح أن يذكر عليه اسم غير الله ونقل عبد الله لا يعجبني ما ذبح للزهرة والكواكب والكنيسة وكل شيء ذبح لغير الله وذكر الآية وعلم منه أن ما ذبحه مسلم لكتابي أو مجوسي من ذلك فإنه يحل نص عليه
ومن ذبح حيوانا فوجد في بطنه جرادا أو سمكة في بطن أخرى أو طائرا فوجد في حوصلته حبا أو وجد الحب في بعر الجمل لم يحرم صححه المؤلف والجد ونصره في الشرح لقوله عليه السلام أحل لنا ميتتان
____________________
(9/229)
وعنه يحرم ودمان الخبر ولأنه حيوان طاهر في محل طاهر لا تعتبر له ذكاة فأبيح كالطافي وعنه يحرم لأنه رجيع فيكون مستخبثا وفي عيون المسائل يحرم جراد في بطن سمك لأنه من صيد البر وميتته حرام لا العكس كحل ميتة صيد البحر
تنبيه يحرم بول طاهر كروثه وأباحه القاضي وذكر رواية في بول الإبل وفاقا لمحمد بن الحسن ونقل الجماعة فيه لا وكلامه في الخلاف يدل على حل بوله وروثه لأنه معتاد يحلله كاللبن وبأنه تبع للحم واحتج في الفصول بإباحة شربه كاللبن ودلت على الوصف قصة العرنيين = كتاب الصيد=
____________________
(9/230)
= كتاب الصيد = ومن صاد صيدا فأدركه حيا حياة مستقرة لم يحل إلا بالذكاة
وهو في الأصل مصدر صاد يصيد صيدا فهو صائد ثم أطلق على المصيد تسمية للمفعول بالمصدر
وأجمعوا على إباحته وسنده قوله تعالى { أحل لكم صيد البحر } المائدة 96 وقوله تعالى { يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين } الاية المائدة 4 والسنة شهيرة بذلك منها حديث عدي وأبي ثعلبة متفق عليهما
وهو ما كان وحشيا حلالا غير مقدور عليه وهو مباح لنا صيده قدمه في الرعاية والفروع واستحبه ابن أبي موسى ويكره لهوا وهو أطيب مأكول وقال الأزجي الزراعة أفضل مكسب وقيل عمل اليد وقيل التجارة وأفضلها في بز وعطر وزرع وغرس وماشية وأبغضها في رقيق وصوف وأفضل الصنائع خياطة مع أنه نص على أن كل ما نصح فيه فهو حسن وأدناها حياكة وحجامة ونحوهما وأشدها كراهة صبغ وصياغة وحدادة ونحوها
ومن صاد صيدا فأدركه حيا حياة مستقرة لم حيل إلا بالذكاة يعني إذا أدركه متحركا فوق حركة مذبوح واتسع الوقت لتذكيته لم يبح إلا بها ذكره معظم الأصحاب وقدمه في المحرر والفروع لأنه مقدور عليه
____________________
(9/231)
فإن خشي موته ولم يجد ما يذكيه به أرسل الصائد له عليه ليقتله في إحدى أشبه سائر ما قدر على ذكاته ولأن ما كان كذلك فهو في حكم الحي بدليل قصة عمر رضي الله عنه وعنه يحل بموته قريبا وعنه دون معظم يوم وفي التبصرة دون نصفه فإن خشي موته ولم يجد ما يذكيه به أرسل الصائد له عليه ليقتله في إحدى الروايتين واختاره الخرقي قدمه في الفروع وجزم به في الوجيز وصححه جماعة منهم السامري لأنه صيد قتله الجارح له من غير إمكان ذكاته فأبيح كما لو أدركه ميتا وعبارة الخرقي أشلى الصائد وفي المغني معنى أشلى في العربية دعاه إلا أن العامة تستعمله بمعنى أغراه ويحتمل أن الخرقي أراد دعاه ثم أرسله وهو ظاهر ومقتضاه أنه إذا لم يخش موته أو وجد معه ما يذكيه بها لم يحل إلا بها لأنه مقدور على ذكاته وكما لو لم يمكنه الذهاب به إلى منزله فيذكيه فإن لم يفعل وتركه حتى مات لم يحل جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر لأن الإرسال ذكاة ولو قدر على ذكاته فلم يذكه حتى مات لم يحل فكذا هنا وقال القاضي وعامة أصحابنا يحل بالإرسال قاله في التبصرة لأن إدارك الصيد بلا آلة تذكية كلا إدراك ولو لم يدركه حيا لحل فكذا إذا أدركه بلا آلة والرواية الأخرى لا يحل إلا أن يذكيه وهي قول أكثرهم لأنه مقدور عليه فلم يبح بقتل الجارح كالأنعام وصححه في المغني لأنه حيوان لا يباح بغير التذكية إذا كانت معه فلم يبح بغيرها إذا لم يكن معه آلة كسائر المقدور على تذكيته ومسألة الخرقي على ما يخاف موته إن لم يقتله الحيوان أو يذكى فإن كان فيه حياة يمكن بقاؤه إلى أن يأتي إلى منزله فليس فيه اختلاف لأنه لا يباح إلا بالذكاة قاتله إلا أن يصيب الثاني مذبحه فيحل وعلى الثاني ما خرق من جلده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/232)
وإن رمى صيدا فأثبته ثم رماه آخر فقتله لم يحل ولمن أثبته قيمته مجروحا على فرع إذا امتنع عليه من الذبح فجعل يعدو منه يومه حتى مات تعبا ونصبا حل ذكره القاضي واختار ابن عقيل خلافه لأن الإتعاب يعينه على الموت فصار كالماء وإن رمى صيدا فأثبته أي منعه من الامتناع وحبسه عنه ملكه ثم رماه آخر فقتله لم يحل لأنه صار مقدورا عليه فلم يبح إلا بذبحه ولمن أثبته قيمته مجروحا على قاتله لأنه أتلفه عليه إلا أن يصيب الأول مقتله دون الثاني أو يصيب الثاني مذبحه فيحل لأنه ذكاة فإن ادعى كل واحد منهما أنه الأول حلف كل منهما وبرىء من الضمان لأن الأصل براءة ذمته وإن اتفقا على السابق وأنكر الثاني كون الأول أثبته قبل قوله لأن الأصل بقاء امتناعه ويحرم على الأول لاعترافه بتحريمه ويحل للثاني فإن رمياه ووجداه ميتا ولم يعلم من أثبته منهما فهو بينهما وإن وجداه ميتا حل لأن الأصل بقاء امتناعه وعلى الثاني ما خرق من جلده لأنه لم يتلف سوى ذلك قال في الرعاية إذا رمى صيدا فأثبته ملكه ثم إن رماه آخر فقتله فإن كان الأول اصاب مقتله والثاني مذبحه قصدا حل وعليه للأول غرم ما خرق من جلده وقيل بل ما بين كونه حيا مجروحا وكونه مذكى وفي غير ذلك يحرم وعلى الثاني قيمته مجروحا بالجرح الأول إن لم يدرك الأول ذبحه بل ميتا أو كمذبوح وإن أدركه حيا حياة مستقرة فلم يذبحه فمات ضمنه الثاني كذلك قال في المحرر وقال القاضي يضمن نصف قيمته مجروحا بالجرحين مع أرش نقصه وعندي إنما يضمن نصف قيمته مجروحا
____________________
(9/233)
وإن أدرك الصيد متحركا كحركة المذبوح فهو كالميت ومتى أدركه ميتا حل بشروط بالجرح الأول لا غير
وإن أدرك الصيد متحركا كحركة المذبوح فهو كالميت أي لا يحتاج إلى ذكاة لأن عقره كذكاته ومتى أدركه ميتا حل لأن الاصطياد أقيم مقام الذكاة والجارح له آلة السكين وعقره بمنزلة قطع الأوداج بشروط أربعة
أحدها أن يكون الصائد من أهل الذكاة لقوله عليه السلام فإن أخذ الكلب ذكاة متفق عليه والصائد بمنزلة المذكي فتشترط فيه الأهلية وفي المجوسي رواية في ما صاده من سمك وجراد أنه لا يحل لما روى سعيد ثنا إسماعيل بن عياش حدثني عبد الله بن عبيد الكلاعي عن سليمان بن موسى عن الحسن قال أدركت سبعين رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يأكلون من صيد المجوس إسماعيل عن الشاميين حجة
وفي الأعمى قويل لابن حمدان إنه لا يحل لتعذر قصده صيدا معينا وظاهر ما ذكروه أن ما لا يفتقر إلى ذكاة كالحوت إذا صاده من لا تباح ذكاته أنه يباح واختاره الخرقي وصححه في الكافي أنه لا ذكاة له أشبه ما لو وجده ميتا فإن رمى مسلم ومجوسي صيدا أو أرسلا عليه جارحا أو جارحا غير معلم أو غير مسمى عليه أو شارك كلب المجوسي كلب المسلم في قتله أو وجد مع كلبه كلبا لا يعرف مرسله أو لا يعرف حاله أو مع سهمه سهما كذلك لم يحل لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل وإن وجدت معه غيره فلا تأكل إنما سميت على كلبك ولم تسم على
____________________
(9/234)
غيره متفق عليه ولأنه اجتمع في قتله مبيح ومحرم فغلبنا التحريم كالمتولد بين ما يؤكل وما لا يؤكل ولأن الأصل الحظر فإذا شككنا في المبيح رد إلى أصله وكذا لو أرسل كلبه المعلم فاسترسل معه آخر بنفسه فرع إذا أرسل جماعة كلابا بشرطه وسموا فوجدوا الصيد قتلا لا يدرون من قتله حل وإن اختلفوا أو كانت الكلاب متعلقة به فهو بينهم وإلا كان لمن كلبه متعلق به وعلى من حكمنا له به اليمين وإن كان قتيلا والكلاب ناحية وقف الأمر حتى يصطلحوا وقيل يقرع بينهم وعلى الأول إن خيف فساده باعوه ثم اصطلحوا على ثمنه
وإن أصاب سهم أحدهما المقتل دون الآخر فالحكم له قدمه في المحرر والرعاية والفروع لأنه هو القاتل فوجب أن يترتب عليه الحكم وفي الشرح فإن أصاب أحدهما مقتله دون الآخر مثل أن يكون الأول قد عقره موحيا ثم أصابه الثاني وهو غير موح فالحكم للأول وإن كان الجرح الثاني موحيا فهو مباح إن كان الأول مسلما لأن الإباحة حصلت به ويحتمل ألا يحل هذا رواية وجزم بها في الروضة كما لو أسلم بعد إرساله له لكن لو أثخنه كلب المسلم ثم قتله الآخر وفيه حياة مستقرة حرم ويضمنه له فرع إذا رمى سهما ثم ارتد أو مات بين رميه وإصابته حل وإن رد كلب المجوسي الصيد على كلب المسلم فقتله حل لأن جارحة المسلم انفردت بقتله فأبيح كما لو رمى المجوسي سهمه فرد الصيد فأصابه سهم المسلم
____________________
(9/235)
وإن صاد المسلم بكلب المجوسي حل وعنه لا يحل وإن صاد المجوسي بكلب المسلم لم فقتله أو أمسك المجوسي شاة فذبحها مسلم وإن صاد المسلم بكلب المجوسي حل ولو كان في ملكه ذكر في الكافي أنه المذهب وفاقا وهو غير مكروه ذكره أبو الخطاب وأبو الوفا وابن الزاغوني لأنه آلة أشبه ما لو صاده بقوته وسهمه وعنه لا يحل وإن كان لمسلم لقوله تعالى { وما علمتم من الجوارح مكلبين } المائدة 4 وكلب المجوسي غير معلم من مسلم وجوابه أن الآية دلت على إباحة الصيد بما علمناه وما علمه غيرنا فهو في معناه وكرهه جماعة منهم جابر والحسن ومجاهد والنخعي والثوري وإن صاد المجوسي بكلب المسلم لم يحل في قول الجميع كما لو صاد بقوسه ولأنه ليس من أهل الذكاة وإن أرسل المسلم كلبا فزجره المجوسي فزاد عدوه أو ذبح ما أمسكه له مجوسي بكلبه وقد جرحه غير موح حل لأن الصائد هو المسلم وهو من أهل الذكاة وإن أرسله المجوسي فزجره المسلم وقيل ولم يزد عدو كلبه بزجر المسلم لم يحل لأن الصائد ليس من أهل الذكاة إذ العبرة بالإرسال فصل الثاني الآلة وهي نوعان محدد فيشترط له ما يشترط لألة الذكاة لأنها مما لابد منها فيجب أن يشترط للمحدد ما يشترط لآلة الذكاة ولابد من جرحه به نص عليه لقوله صلى الله عليه وسلم لعدي ما رميت بالمعراض فخرق فكله وإن أصابه بعرضه فلا تأكله متفق عليه فإن قتله بثقلة لم يبح لأنه وقيذ عند نصبها فقتلت صيدا أبيح وإن قتل بسهم مسموم لم يبح إذا غلب على ظنه ان السم أعان على قتله (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/236)
وإن صاد بالمعراض أكل ما قتل بحده دون عرضه وإن نصب مناجل أو سكاكين وسمى فيدخل في عموم الآية وسواء أكان بشبكة أو فخ أو بندقة ولو شدخته نقله الميموني وإن صاد بالمعراض قال في المشارق هو خشبة محددة الطرف وقيل فيه حديدة أكل ما قتل بحده قال أحمد المعراض يشبه السهم يحذف به الصيد فربما أصاب الصيد بحده فخرق فهو مباح دون عرضه للخبر وفي الترغيب والمستوعب ولم يجرحه وهو ظاهر نصوصه لأنه وقيذ وهو قول الأكثر وحكم الصوان الذي له حد كالمعراض وإن نصب مناجل أو سكاكين وسمى عند نصبها فقتلت صيدا أبيح إذا جرحه روي عن ابن عمر وقاله الحسن وقتادة لأن النصب جرى مجرى المباشرة في الضمان فكذا في الإباحة وقال الشافعي لا يباح بحال كما لو نصب سكينا فذبحت شاة ولأنه لو رمى سهما وهو لا يرى صيدا فقتل صيدا لم يحل وهذا أولى وجوابه قوله عليه السلام كل ما ردت عليك يدك ولأنه قتل الصيد بما له حد جرت العادة بالصيد به أشبه ما لو رماه وفارق ما إذا نصب سكينا فإن العادة لم تجر بالصيد بها وإذا رمى سهما وهو لا يرى صيدا فليس ذلك بمعتاد والظاهر أنه لا يصيب صيدا فلم يصح قصده بخلاف هذا وقيل يحل مطلقا فإن بان منه عضو فحكمه حكم البائن بضربة الصائد وحيث حل فظاهره يحل ولو ارتد أو مات وإن قتل بسهم مسموم لم يبح إذا غلب على ظنه أن السم أعان على قتله كذا عبر به في الهداية والمذهب والمحرر والوجيز لأنه اجتمع مبيح ومحرم فغلب المحرم وكسهمي مسلم ومجوسي ولأنه يخاف من ضرر السم فعلى هذا إن لم يغلب على ظنه أن السم أعان على قتله فهو مباح وفي الكافي يكون الجرح موحيا كالذكاة فهل يحل على روايتين وإن رماه في الهواء فوقع على الأرض فمات حل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/237)
ولو رماه فوقع في ماء أو تردى من جبل أو وطىء عليه شيء فقتله لم يحل إلا أن وغيره إذا اجتمع في الصيد مبيح ومحرم مثل أن يقتله بمثقل ومحدد أو بسهم مسموم وغيره إلى آخره لم يبح لقوله عليه السلام وإن وجدت معه غيره فلا تأكل وبأن الأصل الحظر فإذا شككنا في المبيح رد إلى أصله ونقل ابن منصور إذا علم أنه أعان لم يأكل قال في الفروع وليس هذا في كلام أحمد بمراد وفي الفصول إذا رمى بسهم مسموم لم يبح لعل السم أعان عليه فهو كما لو شارك السهم تغريق بالماء ولو رماه فوقع في ماء أو تردى من جبل أو وطىء عليه شيء فقتله لم يحل لأنه يغلب على الظن موته بالمشارك إلا أن يكون الجرح موحيا كالذكاة فهل يحل على روايتين كذا في المحرر
أشهرهما واختارها الخرقي أنه يحرم لأنه اجتمع مبيح ومحرم أشبه المتولد بين مأكول وغيره
والثانية يحل وجزم به أكثر الاصحاب لأنه قد صار في حكم الميت بالذبح وجوابه قوله عليه السلام فإن وجدته غريقا في الماء فلا متفق عليه وهذا ظاهر قول ابن مسعود رواه سعيد وإسناده ثقات ولا خلاف في تحريمه إذا كانت الجراح غير موحية ويستثنى من ذلك ما لو وقع في الماء على وجه لا يقتله مثل أن يكون رأسه خارجا من الماء أو يكون من طير الماء الذي لا يقتله الماء أو كان التردي لا يقتل مثل ذلك الحيوان فلا خلاف في إباحته لأن التردي والوقوع إنما حرم خشية أن يكون قاتلا أو معينا على القتل وهذا منتف هنا وإن رماه في الهواء أو على شجرة أو جبل ولو عبر بالعلو لعم فوقع على الأرض فمات حل لأن الظاهر زهوق روحه بالرمي لا بالوقوع وعنه يحل بجرح موح جزم به في الروضة لقوله تعالى موحية حل وإلا فلا وعنه إن وجده في يومه حل وإلا فلا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/238)
وإن رمى صيدا فغاب ثم وجده ميتا لا أثر به غير سهمه حل وعنه إن كانت الجراح { والمتردية } المائدة 3 وجوابه أن سقوطه لا يمكن الاحتراز عنه فوجب أن يحل كما لو أصابه فوقع على جنبه والماء يمكن الاحتراز عنه بخلاف الأرض وإن رمى صيدا فغاب عنه ثم وجده ميتا لا أثر به غير سهمه حل في الأشهر عن أحمد وهو الأصح لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أفتني في سهمي قال ما رد عليك سهمك فكل قال فإن تغيب عني قال وإن تغيب عنك ما لم تجد فيه غير سهمك رواه أبو داود ولأن جرحه بسهمه سبب إباحته وقد وجد يقينا والمعارض له مشكوك فيه وكما لو وجده بفم كلبه أو وهو يعبث به أو سهمه فيه ولا فرق فيه بين أن تكون الجراحة موحية أو لا وجده ميتا في يومه أو في غيره لكن لو غاب قبل تحقق الاصابة ثم وجده عقيرا وحده والسهم والكلب ناحية لم يبح وعنه إن كانت الجراح موحية حل لأنه إذا كان كذلك ظهر إسناد الزهوق إليه وإلا فلا أي إذا لم يكن موحيا لم يظهر إسناد الزهوق إليه وعنه إن وجده في يومه حل وإلا فلا لما روى ابن عباس قال إذا رميت فأقعصت فكل وإن رميت فوجدت فيه سهمك من يومك أو ليلتك فكل وإن غاب عنك فلا تأكل لأنك لا تدري ما حدث بعدك لا يقال الأول مطلق وهذا مقيد فيحمل عليه لأنه متبين له وقد جاء مصرحا به في حديث عدي مرفوعا قال إذا رميت الصيد فوجدته بعد يومين ليس فيه إلا أثر سهمك فكل وعنه إن غاب مدة قريبة حل وإلا فلا ونقل ابن منصور إن غاب نهارا حل لا ليلا قال ابن عقيل وغيره لأن الغالب من قابان منه عضوا وبقيت فيه حياة مستقرة لم يبح ما أبان منه وإن بقى معلقا بجلدة حل وإن أبانه ومات في الحال حل الجميع وعنه لا يباح ما أبان منه وإن أخذ قطعة من (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/239)
وإن وجد به غير أثر سهمه مما يحتمل أن يكون أعان على قتله لم يبح وإن ضربه حال الليل تخطف الهوام وعنه يكره أكل ما غاب وإن وجد به غير أثر سهمه مما يحتمل أن يكون أعان على قتله لم يبح نص عليه للأخبار وكما لو وجد مع كلبه كلبا سواه ولم يعتبروا هنا بالظن كالسهم المسموم قال في الفروع وتتوجه التسوية لعدم الفرق وأن المراد بالظن الاحتمال فأما إن كان الأثر مما لا يقتل مثله فهو مباح لأن هذا يعلم أنه لم يقتله فرع إذا غاب قبل عقره ثم وجد سهمه أو كلبه عليه ففي المنتخب والمغني إنه حلال وعنه يحرم كما لو وجد سهمه أو كلبه ناحيته وظاهر رواية الأثرم وحنبل حله وجزم به في الروضة وإن ضربه فأبان منه عضوا وبقيت فيه حياة مستقرة لم يبح ما أبان منه هذا المذهب لقوله عليه السلام ما أبين من حي فهو ميت وعنه إن ذكي حل البائن وإن كثر كبقيته وإن قطعه قطعتين أو قطع رأسه حل الجميع فإن لم تبق فيه حياة معتبرة فروايتان
أشهرهما إباحتهما روي عن علي
والثانية لا يباح ما أبان منه لعموم الخبر والأول المذهب لأن ما كان ذكاة لبعضه كان ذكاة لجميعه كما لو قده نصفين والخبر يقتضي أن يكون الباقي حيا حتى يكون المنفصل منه ميتا
وإن بقي معلقا بجلدة حل رواية واحدة لأنه لم يبن وإن أبانه ومات في الحال حل الجميع على المشهور كما لو قطعه قطعتين وعنه لا يباح ما أبان منه للخبر ولأن ما أبين منه لا يمنع بقاء الحياة في العادة فلم يبح كما لو أدركه الصياد وفيه حياة مستقرة وجوابه سبق بدليل المذبوح فإنه ربما بقي ساعة وربما مشى حتى يموت ومع هذا هو حلال وإن أخذ قطعة من والعصا والشبكة والفخ فلا يباح ما قتل لأنه وقيذ (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/240)
حوت ونحوه وافلت حيا أبيح ما أخذ منه وأما ما ليس بمحدد كالبندق والحجر حوت ونحوه وأفلت حيا أبيح ما أخذ منه لأن أقصى ما فيه أنه ميتة ومميتته حلال للخبر
تذنيب قال أحمد لا بأس بصيد الليل قال يزيد بن هارون ما علمت أحدا كرهه ولم يكره أحمد صيد الفراخ الصغار من أوكارها وفي المستوعب لا بأس بصيد الصيد الوحشي بالليل من غير أوكارها ويكره في غيرها وقال الحسن لا بأس بالطريدة كان المسلمون يفعلون ذلك في مغازيهم واستحسنه أبو عبد الله ومعناها أن يقع الصيد بين القوم فيقطع كل منهم قطعة بسيفه حتى يؤتى على آخره وهو حي قال وليس هو عندي إلا أن يصيد الصيد يقع بينهم لا يقدرون على ذكاته ويأخذونه قطعا ذكره في المغني والشرح وأما ما ليس بمحدد كالبندق والحجر الذي لا حد له والعصا والشبكة والفخ فلا يباح ما قتل به بغير خلاف نعلمه إلا عن الحسن وروى شعبة عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن المسيب قال عمار إذا رميت بالحجر أو المعراض أو البندقة فذكرت اسم الله فكل وإن قل وجوابه قوله تعالى { حرمت عليكم } الآية المائدة 3 لأنه وقيذ لأنه قتله بغير محدد فوجب ألا يباح كما لو ضرب شاة بعصا فماتت قال ابن قتيبة الموقوذة التي تضرب حتى توقذ أي تشرف على الموت قال قتادة كانوا يضربونها بالعصا فإذا ماتت أكلوها دليل الأكثر ما روى سعيد ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إبراهيم عن عدي مرفوعا إذا رميت البهيم فلا يباح صيده (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/241)
النوع الثاني الجارحة فيباح ما قتلته إذا كانت معلمة إلا الكلب الأسود فسميت فخرقت فكل وإن لم تخرق فلا تأكل ولا تأكل من المعراض إلا ما ذكيت ولا تأكل من البندقة إلا ما ذكيت ورواه أحمد أيضا وإبراهيم لم يلق عديا قال في المغني ولو شدخه أو خرقه نص عليه
فائدة يكره الصيد بمثقل لا يجرح وعن عبد الله بن مغفل قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخذف وقال إنها لا تصيد صيدا ولا تنكأ عدوا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين أخرجاه في الصحيحين
النوع الثاني الجارحة فيباح ما قتلته إذا كانت معلمة لقوله تعالى { وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم } المائدة 4 قال ابن حزم اتفقوا فيما إذا قتله الكلب الذي هو غير معلم وكل سبع من طير أو ذي أربع غير معلم ولم يدرك فيه حياة أصلا أنه لا يحل ولو ذكي وحينئذ ما قتلته الجارحة جرحا وعنه وصدما وخنقا اختاره ابن حامد وأبو محمد الجوزي فيباح إلا الكلب الأسود البهيم وهو ما لا بياض فيه نص عليه وذكر السامري والمؤلف هو الذي لا يخالط لونه لون سواه وقال ثعلب وإبراهيم الحربي كل لون لم يخالطه لون آخر فهو بهيم قيل لهما من كل لون قالا نعم قال أحمد ما أعلم أحدا يرخص فيه يعني من السلف فلا يباح صيده نص عليه لأنه عليه السلام أمر بقتله وقال إنه شيطان رواه مسلم وهو العلة والسواد علامة كما يقال إذا رأيت صاحب السلاح فاقتله فإنه مرتد فالعلة الردة ونقل إسماعيل بن سعيد الكراهة أرسل وينزجر إذا زجر وإذا امسك لم يأكل ولا يعتبر تكرر ذلك منه فإن أكل بعد تعلمه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/242)
والجوارح نوعان ما يصيد بنانه كالكلب والفهد بثلاثة أشياء بأن يسترسل إذا وأباحه الأكثر لعموم الآية والخبر وكغيره من الكلاب والأول المذهب وعنه بلى ومثله في أحكامه ما بين عينيه بياض جزم به في المغني والشرح ويحرم اقتناؤه كخنزير قال جماعة يقتل فدل على وجوبه ونقل موسى بن سعيد لا بأس به والجوارح نوعان ما يصيد بنابه كالكلب والفهد وفي المذهب والترغيب والنمر فتعليمه بثلاثة أشياء بأن يسترسل إذا أرسل وينزجر إذا زجر لا في وقت رؤيته للصيد قاله في المغني وغيره وإذا أمسك لم يأكل لقوله عليه السلام فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه متفق عليه ولأن العادة في المعلم ترك الأكل فكان شرطا كالانزجار إذا زجر وهذا لم يذكره الآدمي البغدادي قال في المغني لا أحسب هذه الخصال تعتبر في غير الكلب فإنه الذي يجيب صاحبه إذا دعاه وينزجر إذا زجر والفهد لا يكاد يجيب داعيا وإن عد متعلما فيكون التعليم في حقه بترك الأكل خاصة أو بما يعده أهل العرف متعلما ولا يعتبر تكرر ذلك منه اختاره الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب وقدمه في المحرر والرعاية لأنه تعلم صنعة أشبه سائر الصنائع وقال القاضي يعتبر تكرر ذلك منه حتى يصير في العرف معلما وأقل ذلك ثلاث نصره في المغني لأن ترك الأكل يحتمل أن يكون لشبع أو عارض فيعتبر تكراره وحينئذ يعتبر ثلاثا كالاستجمار والأقراء والشهور في العدة والصنائع لا يمكن من فعلها إلا من تعلمها وترك الأكل ممكن الوجود من المتعلم وغيره فعلى هذا يحل في الرابعة وقيل مرتين فيحل في الثالثة فإن أكل بعد تعلمه والثاني ذو المخلب كالبازي والصقر والشاهين فتعليمه بأن يسترسل إذا أرسل ويجيب إذا دعي ولا يعتبر ترك الأكل ولا بد أن يجرح الصيد فإن قتله بصدمته أو خنقه لم يبح وقال ابن حامد يباح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/243)
لم يحرم ما تقدم من صيده ولم يبح ما أكل منه في إحدى الروايتين والأخرى يحل لم يحرم ما تقدم من صيده رواية واحدة قاله في المستوعب واقتصر عليه في الكافي والشرح وصححه في المحرر وهو قول أكثرهم لعموم الآية والأخبار ولأنه قد وجد مع اجتماع شروط التعليم فيه فلا يحرم بالاحتمال وقيل يحرم لأنه لو كان معلما ما أكل ولم يبح ما أكل منه في إحدى الروايتين وهي الصحيحة لقوله عليه السلام فإن أكل فلا تأكل ورواه سعيد ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس ورواه ايضا عن أبي هريرة وقيل حين الصيد جزم به ابن عقيل وقيل قبل مضيه ولا يخرج بأكله عن كونه معلما فيباح صيده بعد ذلك وفيه احتمال والاخرى يحل روي عن سعد وسلمان وأبي هريرة وابن عمر حكاه عنهم أحمد ولقوله تعالى { فكلوا مما أمسكن عليكم } المائدة 4 ولا حجة فيها مع أن حديثنا هو المعمول به وأصح فلو شرب من دمه ولم يأكل منه لم يحرم نص عليه وفي الانتصار من دمه الذي جرى وكرهه الشعبي والثوري
والثاني ذو المخلب كالبازي والصقر والعقاب والشاهين فتعليمه بأن يسترسل إذا أرسل ويجيب إذا دعي ولا يعتبر ترك الأكل لقول ابن عباس إذا أكل الكلب فلا تأكل وإن أكل الصقر فكل رواه الخلال ولأن تعليمه بالأكل ويتعذر تعليمه بدونه فلم يقدح في تعليمه بخلاف الكلب ولابد أن يجرح الصند فإن قتله بصدمته أو خنقه لم يبح قدمه في الكافي والمستوعب والرعاية وجزم به في الوجيز وقاله الأكثر لأنه قتل بغير جرح أشبه ما لو قتله بالحجر والبندق وقال ابن حامد يباح لعموم للصيد فإن استرسل الكلب أو غيره بنفسه لم يبح صيده وإن زجر إلا أن يزيد عدوه بزجره فيحل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/244)
وما أصابه فم الكلب هل يجب غسله على وجهين فصل
الثالث إرسال الآلة قاصدا الآية والخبر والأول أولى لأن العموم فيهما مخصوص بما ذكر من الدليل الدال على عدم إباحته وما أصابه فم الكلب هل يجب غسله على وجهين كذا في المحرر وهما روايتان في الفروع
أحدهما يجب قدمه في الكافي والرعاية وصححه في المستوعب كغيره من المحال
والثاني لا وجزم به في الوجيز لأن الله تعالى ورسوله أمرا بأكله ولم يأمرا بغسله فصل
الثالث إرسال الآلة قاصدا للصيد فعلى هذا لو سقط سيف من يده عليه فعقره أو احتكت شاة بشفرة في يده لم تحل فإن استرسل الكلب أو غيره بنفسه لم يبح صيده في قول أكثرهم وقال عطاء والأوزاعي يؤكل إذا جرحه الصائد وقال إسحاق إذا سمى عند انفلاته أبيح وروى باسناده عن ابن عمر أنه سئل عن الكلاب تنفلت من مرابطها فتصيد الصيد قال إذا سمى فكل قال الخلال هذا على معنى قول أبي عبد الله وجوابه قوله عليه السلام إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل متفق عليه ولأن إرسال الجارحة جعل بمنزلة الذبح ولهذا اعتبرت التسمية معه وإن زجره أي لم يحل لأن الزجر لم يزد شيئا عن استرسال الصائد بنفسه إلا أن يزيد عدوه بزجره فيحل لأن زجره له أثر في عدوه فصار كما لو أرسله لأن فعل الآدمي إذا انضاف إلى فعل البهيمة كان الاعتبار بفعل الآدمي بدليل ما لو عدا على إنسان فأغراه آدمي فاصابه ضمن فلو أرسله بغير تسمية ثم لم يحل صيده إذا قتله وإن رمى حجرا يظنه صيدا فأصاب صيدا لم يحل ويحتمل أن يحل (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/245)
وإن أرسل كلبه أو سهمه إلى هدف فقتل صيدا أو أرسله يريد الصيد ولا يرى صيدا سمى وزجره فزاد عدوه فظاهر كلام أحمد إباحته لأنه انزجر بتسميته وزجره أشبه التي قبلها وقال القاضي لا لأن الحكم تعلق بالإرسال الأول بخلاف ما إذا استرسل بنفسه ونقل حرب إن صاد من غير أن يرسله لا يعجبني واحتج بأنه لم يذكر اسم الله عليه وفي الروضة إن استرسل الطائر بنفسه فصاد وقتل حل وأكل منه بخلاف الكلب وإن أرسل كلبه أو سهمه إلى هدف وهو كل مرتفع من بناء أو كثيب رمل أو جبل فقتل صيدا أو أرسله يريد الصيد ولا يرى صيدا لم يحل صيده إذا قتله لأن قصد الصيد شرط ولم يوجد وقيل لا يحرم في السهم وإن رمى حجرا يظنه صيدا فأصاب صيدا لم يحل قدمه السامري وجزم به في الوجيز لأنه لم يقصد صيدا على الحقيقة وكما لو أرسله على غير شيء أو ظنه أو علمه غير صيد فأصاب صيدا ويحتمل أن يحل اختاره في المغني لأن صحة القصد تنبني على الظن وقد وجد وصح قصده وكما لو رمى صيدا فأصاب غيره أو هو وغيره نص عليه فإن شك هل هو صيد أم لا لم يبح لأن صحة القصد تنبني على العلم ولم يوجد
تتمة إذا قصد إنسانا أو حجرا أو رمى عبثا غير قاصد صيدا فقتله لم يحل لأنه لم يقصد صيدا لكون القصد لا يتحقق إلا بعلمه وإن ظنه صيدا فإذا هو صيد حل وإن ظنه كلبا أو خنزيرا لم يبح قال في الرعاية وإن رمى ما ظنه حجرا أو آدميا فبان صيدا أو رمى حجرا ظنه صيدا فأصاب صيدا أو سمع حسا ليلا أو رأى سوادا فأرسل عليه جارحة أو سهمه فأصاب صيدا فوجهان صيد فأعانته الريح فقتلته ولولاها ما وصل حل وإن رمى صيدا فأثبته ملكه فإن تحامل فأخذه غيره لزمه رده وإن لم يثبته فدخل خيمة إنسان فأخذه فهو لآخذه ولو وقع في شبكته (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/246)
وإن رمى صيدا فأصاب غيره حل وإن رمى صيدا فقتل جماعة حل وإن أرسل سهمه على وقيل إن ظنه آدميا معصوما أو بهيمة أو حجرا فقتله فإذا هو صيد لم يبح وإن رمى صيدا فأصاب غيره حل والجارح كالسهم في هذا نص عليه لعموم الآية والخبر ولأنه أرسله على صيد فحل ما صاده كما لو أرسلها على كبار فتفرقت عن صغار أو كما لو أخذ صيدا في طريقه وإن رمى صيدا فقتل جماعة حل لأن شرط الحل قصد الصيد في الجملة لا قصد الصيد بعينه وهو موجود فيهما وإن أرسل سهمه على صيد فأعانته الريح فقتلته ولولاها ما وصل حل لأنه قتله بسهمه ورميه أشبه ما لو وقع سهمه على حجر فرده على الصيد فقتله ولأن الإرسال له حكم الحل والريح لا يمكن الاحتراز عنها فسقط اعتبارها وإن رمى صيدا فاثبته ملكه لأنه أزال امتناعه أشبه ما لو قتله فإن تحامل فأخذه غيره لزمه رده لأنه ملكه فلزمه كما يلزمه رد ملك غيره كالشاة ونحوها وإن لم يثبته فدخل خيمة إنسان أو غيرها فأخذه فهو لآخذه لأن الأول لم يملكه لكونه ممتنعا فملكه الثاني بأخذه وقال ابن حمدان إن خرج منها وإلا فلا وقيل هو لصاحب الخيمة ولو نصب خيمة للأخذ ملكه وإن مات فيها فهو له فرع إذا رمى طيرا على شجرة في دار قوم فطرحه في دارهم فأخذوه فهو للرامي لأنه ملكه بإزالة امتناعه ذكره في الشرح وفي عيون المسائل إن حمل نفسه فسقط خارج الدار فهو له وإن سقط فيها فهو لهم وفي الرعاية لغيره أخذه على الأصح والمنصوص أنه للموحي ولو وقع في شبكته أو فوقعت في حجره فهي له دون صاحب السفينة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/247)
صيد فإن خرقها وذهب بها فصاده آخر فهو الثاني وإن كان في سفينة فوثبت سمكة فخه أو شركه صيد فهو له لأنه أثبته بآلته فإن خرقها وذهب بها فصاده آخر فهو للثاني لأنه لم يملكه الأول وما معه لقطة فإن كان يمشي بالشبكة على وجه لا يقدر على الامتناع فهو لصاحبها لكن إن أمسكه الصائد وثبتت يده عليه ثم انفلت منه لم يزل ملكه عنه كما لو شردت فرسه أو ند بعيره ويستثنى من ذلك ما لو صاده فوجد عليه علامة كقلادة في عنقه أو قرط في أذنه فلو وجد طائرا مقصوص الجناح فلقطة ويملك الصيد بإلجائه الى مضيق يعجز عن الانفلات منه وكذا إذا وقع في دبق يمنعه من الطيران وإن كان في سفينة فوثبت سمكة فوقعت في حجره فهي له دون صاحب السفينة قدمه في المحرر والرعاية وجزم به في المستوعب والشرح لأن السمك من الصيد المباح فملكت بالسبق إليها كما لو فتح حجره للأخذ زاد في الوجيز ما لم تكن السفينة معدة للصيد في هذا الحال وقيل هو قبل أن يأخذه على الإباحة فيكون لمن أخذه ومقتضاه أنها إذا وقعت في السفينة فهي لصاحبها لأن السفينة ملكه ويده عليها لكن إن كانت السمكة وثبت بفعل إنسان لقصد الصيد فهي له دون من وقعت في حجره لأن الصائد أثبتها بذلك فرع إذا دخلت ظبية داره فأغلق بابه وجهلها أو لم يقصد تملكها ومثله إحياء أرض بها كنز ملكه كنصب خيمة وفي الترغيب إن دخل الصيد داره فأغلق بابه أو برجه فسد المنافذ أو حصلت السمكة في بركته فسد مجرى الماء فقيل يملكه وقيل إن سهل تناوله منه وإلا كمتحجر للأحياء ويحتمل اعتبار يملكه وكذلك أن حصل في أرضه سمك أو عشش فيها طائر لم يملكه ولغيره أخذه ويكره صيد السمك بالنجاسة وصيد الطير بالشباش (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/248)
وإن صنع بركة ليصيد بها السمك فما حصل فيها ملكه وإن لم يقصد بها ذلك لم قصد التملك بغلق وسد فعلى الأول ما يبنيه الناس من الأبرجة فتعشعش بها الطيور يملكون الفراخ إلا أن تكون الطيور مملوكة فهي لأربابها نص عليه ولو تحول طير من برج زيد إلى برج عمرو لزم عمرو رده وإن اختلط ولم يتميز منع عمرو من التصرف على وجه ينقل الملك حتى يصطلحا ولو باع أحدهما الآخر حقه أو وهبه صح في الأقيس وإن صنع بركة ليصيد بها السمك فما حصل فيها ملكه لأنها آلة للصيد قصد بها السمك فملكه وكما لو وقع في شبكة أو فخ أو منجل وإن لم يقصد بها ذلك لم يملكه كما لو توحل الصيد في أرضه وفي الترغيب ظاهر كلامه يملكه بالتوحل وكذلك إن حصل في أرضه سمك أو عشش فيها طائر لم يملكه لأن الأرض ليست معدة لذلك أشبه البركة التي لم يقصد بها الاصطياد نقل صالح وحنبل فيمن صاد من نخلة بدار قوم هو له فإن رماه ببندقة فوقع فيها فهو لأهلها ولغيره أخذه على الأصح قاله في الرعاية كما يجوز له أخذ الماء والكلأ ولأنه باق على الإباحة الأصلية لكن يأثم بدخولها بدون إذن ربها وقيل مستأجرها أولى من ربها والمنصوص أنه للمؤجر ويكره صيد السمك بالنجاسة قدمه في المستوعب والرعاية وجزم به في الوجيز لما فيه من أكل السمك للنجاسة فيصير كالجلالة وعنه يحرم قدمه في الفروع ونقله الأكثر وقال استعن عليهم بالسلطان وفي المبهج فيه وبمحرم روايتان وكره أحمد الصيد ببنات وردان وقال مأواها الحشوش وكذا بالضفادع وصيد الطير بالشباش وهو طائر تخيط عينيه ويربط لأن فيه تعذيبا للحيوان الرابع التسمية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/249)
وإذا أرسل صيدا وقال لم يزل ملكه عنه ويحتمل أن يزول ويملكه من أخذه فصل
وكذا يكره من وكره أطلقه في الترغيب وغيره لا بليل وظاهر رواية ابن القاسم لا كالفرخ منه ولا بما يسكر نص على ذلك وفي مختصر ابن رزين يكره بليل
فائدة لا بأس بشبكة وفخ ودبق قال أحمد وكل حيلة وذكر جماعة يكره بمثقل كبندق وكره الشيخ تقي الدين الرمي به مطلقا لنهي عثمان ونقل ابن منصور لا بأس ببيع البندق يرمى به الصيد لا للعبث وقال ابن هبيرة هو معصية فلو منعه الماء حتى صاده حل أكله وحرمه في الرعاية ونقل حنبل لا يصاد الحمام إلا أن يكون وحشيا وإذا أرسل الصيد وقال اعتقتك لم يزل ملكه عنه في ظاهر المذهب وذكره ابن حزم إجماعا كبهيمة الأنعام وكانفلاته أو ند أياما ثم صاده آخر نص عليه ولأن الإرسال والإعتقاق لا يوجب زوال ذلك قال ابن عقيل لا يجوز أعتقتك في حيوان مأكول لأنه فعل الجاهلية ويحتمل أن يزول ويملكه من أخذه لأن الأصل الإباحة والإرسال يرده إلى أصله بخلاف بهيمة الأنعام ولأن الإرسال هنا بعيد وهو رد الصيد إلى الخلاص من أيدي الآدميين ولهذا روي عن أبي الدرداء أنه اشترى عصفورا من صبي فأطلقه ولأنه يجب إرساله على المحرم إذا أحرم بخلاف بهيمة الأنعام قال بعض أصحابنا العتق إحداث قوة تصادف الرق وهو ضعف شرعي يقوم بالمحل فيمنعه عن دفع يد الاستيلاء عنه والرق غير المالية فصل
الرابع التسمية في الجملة لقوله تعالى { ولا تأكلوا مما لم يذكر } ظاهر المذهب وعنه إن نسيها على السهم ابيح وإن نسيها على الجارحة لم تبح (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/250)
عند إرسال السهم أو الجارحة فإن تركها لم يبح سواء تركها عمدا أو سهوا في { اسم الله عليه } الأنعام 121 وللأخبار عند إرسال السهم أو الجارحة لأن ذلك هو الفعل الموجود من المرسل فاعتبرت التسمية عنده كما يعتبر عند الذبح وذكر جماعة أو قبله قريبا فصل بكلام أو لا فإن تركها لم يبح سواء تركها عمدا أو سهوا في ظاهر المذهب نصره في الشرح وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع وذكر القاضي في الخلاف أنه المذهب الصحيح وأنه رواه الجماعة للآية والأخبار والفرق بين الصيد والذبيحة أن الذبح وقع في محله فجاز أن يسامح فيه بخلاف الصيد ولأن في الصيد نصوصا خاصة ولأن الذبيحة تكثر ويكثر النسيان فيها وعنه إن نسيها على السهم أبيح لقوله عليه السلام عفي لأمتى عن الخطأ والنسيان وإن نسيها على الجارحة لم تبح والفرق بينهما أن السهم آلة حقيقة وليس له اختيار بخلاف الحيوان فإنه يفعل باختياره وعنه تسقط مع السهو مطلقا ذكره ابن حزم إجماعا قال الخلال سها حنبل في نقله وعنه سنة نقل الميموني الآية في الميتة قد رخص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أكل ما لم يسم عليه وعنه يختص المسلم باشتراطها ونقل حنبل عكسها لأن المسلم فيه اسم الله وليس بجاهل كناس الصوم ذكره في المنتخب وسبق ما يتعلق بذلك
مسألة إذا مسى على سهم ثم ألقاه وأخذ غيره لم يبح ما صاد به جزم به في الشرح والرعاية لأنه لما لم يمكن اعتبار التسمية على صيد بعينه اعتبرت على الآلة التي يصيد بها بخلاف الذبيحة وقيل يباح كما لو سمى على سكين وأخذ غيرها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/251)
= كتاب الأيمان = (1)(1) = كتاب الايمان =
وهي جمع يمين واليمين القسم والجمع أيمن وأيمان سمي بذل لأنه كان أحدهم يضرب يمينه على يمين صاحبه فاليمين توكيد الحكم بذكر معظم على وجه مخصوص فهي جملة خبرية تؤكد بها أخرى وهما كشرط وجزاء والأصل فيها الإجماع وسنده قوله تعالى { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان } المائدة 89 وقوله تعالى { ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها } النحل 91 والسنة شهيرة بذلك منها لعبد الرحمن ابن سمرة إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر يمينك متفق عليه ووضعها في الأصل لتأكيد المحلوف عليه لقوله تعالى { ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق } يونس 53 و { قل بلى وربي لتبعثن } التغابن 7 ويصح من كل مكلف مختار قاصد لليمين ولا يصح من غير مكلف للخبر ولأنه قول يتعلق به حق فلم يصح من غير مكلف كالإقرار وفي المميز وجه قاله في المذهب وفي السكران وجهان بناء على التكليف وعدمه قاله في المغني والشرح وبناه في الكافي على طلاقه وتصح من الكافر وتلزمه الكفارة بالحنث نص عليه في مواضع وقاله جمع وقال لا تنعقد يمينه لقوله تعالى { فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم } التوبة 12 ولأنه ليس بمكلف وجوابه أن عمر نذر في الجاهلية أن يعتكف فأمره + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + + +
____________________
1-
(9/252)
واليمين النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بنذره ولأنه من أهل القسم لقوله تعالى { فيقسمان بالله } المائدة 106 قال القاضي في الخلاف ولا خلاف أنه يستحلف عند الحاكم وكل من صحت يمينه عند الحاكم صحت يمينه عند الانفراد كالمسلم وعن الآية أنهم لا يفون بها لقوله تعالى { ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم } ولا نسلم أنه غير مكلف واليمين تنقسم خمسة أقسام
واجب كالتي ينجي بها إنسانا معصوما من هلكه وكذا إنجاء نفسه مثل أن تتوجه أيمان القسامة في دعوى القتل عليه وهو برئ
ومندوب كحلف يتعلق به مصلحة من إصلاح بين متخاصمين وإن حلف على فعل طاعة أو ترك معصية فقيل هو مندوب لأن ذلك يدعوه إلى فعل الطاعة وترك المعصية وقيل لا لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا يفعلونه في الأغلب ولو كان طاعة لم يخلوا به ولأن ذلك يجري مجرى النذر
ومباح كالحلف على فعل مباح أو تركه والحلف على الخبر بشيء هو صادق فيه أو يظن أنه صادق
ومكروه كالحلف على ترك مكروه ولا يلزم حديث الأعرابي والذي بعثك بالحق لا أزيد على هذا ولا أنقص لأن اليمين على تركها لا يزيد على تركها ولو تركها لم ينكر عليه ومنه الحلف على البيع والشراء
وحرام وهو الحلف الكاذب ومنه الحلف على معصية أو ترك واجب تعالى قسمان أحدهما ما لا يسمى به غيره نحو والله والقديم الأزلي والأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء وخالق ورازق العالمين فهذا القسم به يمين بكل حال والثاني ما يسمى به غيره وإطلاقه ينصرف إلى الله تعالى كالرحمن والرحيم والعظيم والقادر والرب والمولى والرازق ونحوه فهذا إن نوى بالقسم به اسم الله أو أطلق فهو يمين وإن نوى غيره فليس بيمين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/253)
التي تجب بها الكفار هي اليمين بالله تعالى أو صفة من صفاته وأسماء الله ومتى كانت اليمين على فعل واجب أو ترك محرم فحلها حرام وإن كانت على مندوب أو ترك مكروه فحلها مكروه وإن كانت على مباح فحلها مباح
قال في الرعاية وحفظ اليمين أولى وإن كانت على فعل مكروه وترك مندوب فحلها مندوب وإن كانت على فعل محرم أو ترك واجب فحلها واجب
التي تجب بها الكفارة بشرط الحنث هي اليمين بالله تعالى أو صفة من صفاته لأن اليمين إذا أطلقت تنصرف إليه ولأن صفات الله تعالى قديمة فكان الحلف بها موجبا للكفارة كالحلف بالله تعالى وكوجه الله تعالى نص عليه وعظمته وإرادته وإرادته وقدرته وعلمه وأسماء الله تعالى قسمان
أحدهما ما لا يسمى به غيره نحو والله والقديم الأزلي والأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء وخالق الخلق ورازق العالمين وكذا رب العالمين ومالك يوم الدين ورب السموات والأرض فهذا القسم به يمين بكل حال نوى به اليمين أولا لأن اليمين بذلك صريح في مقصوده فلم يفتقر إلى نية كصريح الطلاق ونحوه
والثاني ما يسمى به غيره وإطلاقه ينصرف إلى الله تعالى كالرحمن والرحيم والعظيم والقادر والرب والمولى والرازق ونحوه فهذا إن نوى بالقسم به اسم الله تعالى أو أطلق فهو يمين لأنه بإطلاقه ينصرف إليه وإن نوى غيره فليس بيمين لأنه يستعمل في غيره قال الله تعالى { ارجع إلى ربك } يوسف 5 يمينا وقال القاضي لا يكون يمينا أيضا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/254)
وأما ما لا يعد من أسمائه كالشيء والموجود فإن لم ينوبه الله تعالى لم يكن و { اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه } يوسف 42 { فارزقوهم منه } النساء 8 { بالمؤمنين رؤوف رحيم } التوبة 128 ومثل رحمان اليمامة ورجل رحيم والمولى المعتق والقادر باكتسابه والعالم في البلد ورازق الجند لأنه لما أراد به غيره لم يبق يمينا لعدم تناوله لما يوجب القسم وفي المغني والكافي إن الرحمن من القسم الأول قال في الشرح وهو أولى لأن ذلك إنما يسمى به غير الله مضافا لقولهم في مسيلمة رحمان اليمامة والذي ذكره المؤلف هنا أورده السامري وابن حمدان مذهبا وذكر القاضي في الخلاف والتعليق أنه إذا قال والرب والخالق والرازق لا فعلت كذا وأطلق ولم ينو اليمين أنه يخرج على روايتي أقسم وقيل يمين مطلقا وقاله طلحة العاقولي وأما ما لايعد من أسمائه ولا ينصرف إطلاقه إليه ويحتمله كالشيء والموجود والحي والعالم والمؤمن والكريم فإن لم ينو به الله تعالى لم يكن يمينا لأن الحلف الذي تجب به الكفارة لم يقصد ولا اللفظ ظاهر في إرادته فوجب ألا يترتب عليه ما يترتب على الحلف بالله تعالى وإن نواه كان يمينا على المذهب لأنه يصح أن يقسم بشيء يصح أن يراد به الله تعالى قاصدا به الحلف فكان يمينا مكفرة كالملك والقادر وقال القاضي لا يكون يمينا أيضا لأن اليمين إنما تنعقد بحرمة الاسم فمع الاشتراك لا تكون له حرمة والنية المجردة لا تنعقد بها اليمين وجوابه أنه أقسم باسم الله تعالى قاصدا الحلف به فكان يمينا وما انعقدت بالنية المجردة وإنما انعقدت بالاسم المحتمل المراد به اسم الله تعالى فإن النية تصرف اللفظ الى وكبريائه وجلاله وعزته ونحو ذلك فهو يمين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/255)
وإن قال وحق الله وعهد الله وأيم الله وأمانة الله وميثاقه وقدرته وعظمته بعض محتملاته فيصير كالمصرح به كالكنايات وإن قال وحق الله وعهد الله وايم الله وأمانة الله وميثاقه وقدرته وعظمته وكبريائه وجلاله وعزته ونحو ذلك فهو يمين وفيه مسائل
الأولى إذا قال في حلفه وحق الله فهي يمين مكفرة وقاله الأكثر لأن لله حقوقا يستحقها لنفسه من البقاء والعظمة والجلال والعزة وقد اقترن عرف الاستعمال بالحلف بها فينصرف إلى صفة الله تعالى كقوله وقدرة الله
الثانية إذا قال وعهد الله وكفالته فهي يمين مكفرة لأن عهد الله يحتمل كلامه الذي أمرنا به ونهانا لقوله تعالى { ألم أعهد إليكم يا بني آدم } يس 60 وكلامه قديم صفة له ويحتمل أنه استحقاق لما تعبدنا به وقد ثبت عرف الاستعمال فيجب أن يكون يمينا بإطلاقه كقوله وكلام الله وإذا ثبت هذا فإنه إذا قال علي عهد الله وميثاقه لأفعلن كذا فهو يمين وفيه رواية ذكرها ابن عقيل لأن العهد من صفات الفعل فلا يكون الحلف به يمينا كما لو قال وخلق الله
الثالثة إذا قال وايم الله فهي يمين مكفرة في الأصح لأنه عليه السلام كان يقسم به وانضم إليه عرف الاستعمال فوجب أن يصرف إليه كالحلف بعمر والله وعنه إن نوى اليمين وإلا فلا اختارها أبو بكر
فائدة ايم كايمن وهمزته همزة وصل تفتح وتكسر وميمه مضمومة وقالوا ايمن الله بضم الميم والنون مع كسر الهمزة وفتحها وقال الكوفيون
____________________
(9/256)
وإن قال والعهد والميثاق وسائر ذلك ولم يضفه إلى الله تعالى لم يكن يمينا ألفها ألف قطع وهي جمع يمين فكانوا يحلفون باليمين فيقولون ويمين الله قاله أبو عبيد وهو مشتق من اليمن والبركة
الرابعة إذا قال في حلفه وأمانة الله فهي يمين مكفرة نص عليه ولا يختلف المذهب فيه إذا نوى صفة الله تعالى لما ذكر في عهد الله
الخامسة إذا قال في حلفه وميثاق الله وقدرته كعلم الله تعالى فإن نوى القسم بالمعلوم والمقدور فقدم في الرعاية أنه ليس يمينا والمنصوص أنه يمين
مسألة يكره الحلف بالأمانة لما روى بريده مرفوعا قال ليس منا من حلف بالأمانة رواه أبو داود ورجاله ثقات
السادسة إذا قال في قسمه وعظمة الله وكبريائه وجلاله فهو يمين مكفرة في قولهم جميعا كعزة الله وعلمه لأن هذه من صفات ذاته لم يزل موصوفا بها وقد وردت الأخبار بالحلف بعزة الله تعالى
وإن قال والعهد والميثاق وسائر ذلك أي بقايه ولم يضفه إلى الله تعالى لم يكن يمينا لأنه يحتمل غير الله فلم يكن يمينا كالشيء والموجود إلا أن ينوي بإطلاقه صفة الله تعالى فيكون يمينا على المذهب لأن النية تجعل للعهد ونحوه كأمانة الله تعالى ولأنه حلف بصفة من صفات الله تعالى وعنه بإطلاقه يكون يمينا لأن اللام إذا كانت للتعريف صرفته إلى عهد الله تعالى وإن كانت للاستغراق دخل في ذلك والأول أشهر وجزم به في المستوعب والوجيز لأنه يحتمل غير (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/257)
وإن قال لعمرو الله كان يمينا وقال أبو بكر لا يكون يمينا إلا أن ينوي ما تجب به الكفارة مع أن أحمد غلظ أمر العهد وقال هو شديد في عشرة مواضع من كتاب الله تعالى
وحلفت عائشة لا تكلم ابن الزبير فلما كلمته اعتقت أربعين رقبة وكانت تبكي حتى تبل خمارها وتقول واعهداه قال ويكفر إذا حلف بالعهد وحنث بأكثر من كفارة يمين
وإن قال لعمرو الله كان يمينا نصره القاضي في الخلاف وذكر أنه المذهب وقدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لأنه أقسم بصفة من صفات الله تعالى فهو كالحلف ببقاء الله تعالى كقوله تعالى { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } الحجر 72 وقال الشاعر % إذا رضيت كرام بني بشير % لعمرو الله أعجبني رضاها %
إذ العمر بفتح العين وضمها الحياة واستعمل في القسم المفتوح خاصة واللام للابتداء وهو مرفوع بالابتداء والخبر محذوف وجوبا تقديره قسمي وقال أبو بكر لا يكون يمينا إلا أن ينوي هذا رواية لأنه إنما يكون يمينا بتقدير خبر محذوف فكأنه قال لعمرو الله ما أقسم به فيكون مجازا والمجاز لا ينصرف إليه الإطلاق والأول أصح لأن احتياج الكلام إلى تقدير لا يضر لأن اللفظ إذا اشتهر في العرف صار من الأسماء العرفية فيحمل عليه عند الإطلاق دون موضوعه الأصلي وعنه بكل آية كفارة وإن قال أحلف بالله أو أشهد بالله أو أقسم بالله أو عزام بالله كان يمينا (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/258)
وإن حلف بكلام الله تعالى أو بالمصحف أو بالقرآن فهي يمين فيها كفارة واحدة فرع إذا قال لعمرك الله فقيل هو مثل نشدتك الله وإن قال لعمرك أو لعمري أو عمرك فليس بيمين في قول أكثرهم لأنه أقسم بحياة مخلوق ونقل الجوزجاني إذا قال لعمري كان يمينا وقاله الحسن فتجب به الكفارة
وإن حلف بكلام الله تعالى أو بالمصحف أو بالقرآن أو آية منه فهي يمين في قول عامتهم لأن القرآن كلام الله تعالى وصفة من صفات ذاته فتنعقد اليمين به ولم يكره أحمد الحلف بالمصحف لأن الحالف إنما قصد المكتوب فيه وهو القرآن فإنه عبارة عما بين دفتي المصحف بالإجماع فيها كفارة واحدة قدمه الأئمة منهم الجد وهو قياس المذهب وقاله الأكثر لأن الحلف بصفات الله تعالى وتكرار اليمين بها لا يوجب أكثر من كفارة فهذا أولى وكسائر الأيمان وعنه بكل آية كفارة إن قدر قال في الكافي هي المنصوصة عنه واختارها الخرقي وهي قول الحسن لما روى مجاهد مرفوعا من حلف بسورة من القرآن فعليه بكل آية كفارة ويمين صبر ورواه الأثرم ورواه بمعناه أبو نصر السجزي وابن أبي داود في فضائل القرآن من حديث أبي هريرة وروي عن ابن مسعود أيضا قال أحمد ما أعلم شيئا يدفعه وعنه يجب مطلقا وفي الفصول وجه بكل حرف وفي الروضة من حلف بالمصحف فحنث فكفارة واحدة رواية واحدة وإن قال أحلف أو حلفت بالله أو أشهد بالله أو أقسم بالله أو أعزم بالله كان يمينا في قول الأكثر سواء نوى اليمين أو أطلق ويشهد (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/259)
وإن لم يذكر اسم الله لم يكن يمينا إلا أن ينوي وعنه يكون يمينا لذلك قوله تعالى { فيقسمان بالله } المائدة 106 و { أقسموا بالله } الأنعام 109 { فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين } النور 6
وقال عبد الله بن رواحة % أقسمت بالله لتنزلنه % طائعة أو لتكرهنه % وأنشد أعرابي % أقسم بالله لنفعلنه %
ولأنه لو قال بالله ولم يذكر الفعل كان يمينا فإدا ضم إليه ما يؤكده كان أولى وحكاه ابن هبيرة عن الأكثر في أقسم وأشهد بالله وإن لم يذكر اسم الله لم يكن يمينا لأنه يحتمل القسم بالله ويحتمل القسم بغيره فلم يكن يمينا كغيره مما يحتملهما إلا أن ينوي لأن النية تصرف اللفظ إلى القسم بالله فيجب جعله يمينا كما لو صرح به وقد ثبت له عرف الشرع والاستعمال وعنه يكون يمينا لقول أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم أقسمت عليك لتخبرني بما أصبت مما أخطأت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقسم يا أبا بكر رواه أبو داود ولقول العباس للنبي صلى الله عليه وسلم أقمست عليك لتبايعنه فبايعه النبي صلى الله عليه وسلم وقال أبررت قسم عمي
لكن قال في المغني والشرح عزمت وأعزم ليس يمينا ولو نوى لأنه لا شرع ولا لغة ولا فيه دلالة عليه ولو نوى
تنبيه إذا قال آليت وآلي بالله يمين فيها كفارة صرح به جماعة وإن نوى الخبر عما يفعله ثانيا أو عما فعله ماضيا فليس يمينا قدمه في الرعاية وكذا إن قال على يمين وأراد عقد اليمين لأنه لم يأت باسم الله تعالى ولا صفته وإن قال قسما بالله فهو يمين تقديره أقسمت قسما القسم فيقول الله لأفعلن بالجر والنصب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/260)
فصل وحروف القسم الباء والواو والتاء باسم الله خاصة ويجوز القسم بغير حرف فصل
وحروف القسم الباء وهي الاصل لأنها الحرف التي تصل بها الأفعال القاصرة عن التعدي الى مفعولاتها وتدخل على المضمر والمظهر والواو وهي بدل منها ويليها المظهر وهي أكثر استعمالا والتاء وهي بدل من الواو وتختص باسم الله خاصة فإذا أقسم بأحد هذه الحروف الثلاثة في موضعه كان قسما صحيحا لأنه موضوع له وقد جاء في كتاب الله العزيز وكلام العرب فإن ادعى أنه لم يرد القسم بها لم يقبل وقيل بلى في تالله لأقومن إذا قال أردت قيامي بمعونة الله تعالى ولا يقبل في الحرفين الآخرين والآول أولى
مسألة جوابه في الايجاب إن خفيفة وثقيلة وباللام في المبتدأ والفعل المضارع مقرونا بنوني التوكيد وقد يتعاقبان وفي الماضي مع قد وقد تحذف معها اللام لطول الكلام وفي النفي بما وإن بمعناها وبلا وتحذف لامه لفظا نحو والله أفعل
ويجوز القسم بغير حرف القسم فيقول الله لأفعلن بالجر والنصب والمراد انقعاد اليمين لأنه لغة صحيحة وقد ورد به عرف الاستعمال في الشرع فروى ابن مسعود أنه لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل أبا جهل قال له النبي صلى الله عليه وسلم إنك قتلته قال آلله إني قتلته وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة لما طلق امرأته آلله ما أردت إلا واحدة به اليمين ويكره الحلف بغير الله تعالى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/261)
وإن قال الله لأفعلن مرفوعا كان يمينا إلا أن يكون من أهل العربية ولا ينوي وفي اللغة قال امرؤ القيس % فقلت يمين الله أبرح قاعدا % ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي %
وإن قال الله لأفعلن موفوعا كان يمينا لأنه في العرف العام يمين ولم يوجد ما يصرفه عنه فوجب كونه يمينا كالقسم المحض وفي المغني لا كما لو كان القائل من أهل العربية إلا أن يكون من أهل العربية ولا ينوي به اليمين لأنه ليس بيمين في عرف أهل اللغة ولا نواها مقتضاه أنه إذا نواها كان يمينا لأنه قصد القسم أشبه ما لو جر وفي الشرح فإن قال الله لأفعلن بالرفع ونوى اليمين فهو يمين إلا أنه قد لحن وإن لم ينو فقال أبو الخطاب يكون يمينا إلا أن يكون من أهل العربية وقيل لا يكون يمينا في حق العامي انتهى قال القاضي ولو تعمده لم يضر لأنه لا يحيل المعنى وقال الشيخ تقي الدين الأحكام تتعلق بما إراده الناس بالألفاظ الملحونة كقوله حلفت بالله رفعا ونصبا والله باصوم أو باصلي ونحوه وكقول الكافر أشهد أن محمدا رسول الله برفع الأول ونصب الثاني فرع هاء الله يمين بالنية قاله أكثر الأصحاب وعدها في المستوعب حرف قسم وإن لم ينو فالظاهر لايكون يمينا لأنه لم يقترن بها عرف ولا نية ولا جوابه حرف يدل على القسم
ويكره الحلف بغير الله تعالى وصفاته قدمه في الرعاية وجزم به في المستوعب قيل لأحمد يكره الحلف بعتق أو طلاق أو شيء قال
____________________
(9/262)
ويحتمل أن يكون محرما ولا تجب الكفارة باليمين به سواء أضافه إلى الله تعالى سبحان الله لم لا يكره لا يحلف إلا بالله تعالى لما روى عمر مرفوعا قال إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت متفق عليه ويحتمل أن يكون محرما قدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز قال ابن مسعود وغيره لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلى من أن أحلف بغيره صادقا قال الشيخ تقي الدين لأن حسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك يؤيده ما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف بغير الله فقد أشرك رواه الترمذي وحسنه ورجاله ثقات
فعلى هذا اختار الشيخ تقي الدين أنه يعزر مع تحريمه واختار فيمن حلف بعتق أو طلاق وحنث يخير بين أن يوقعه أو يكفر كحلفه بالله ليوقعنه وذكر أن الطلاق يلزمني ونحوه يمين بالاتفاق وخرجه على نصوص أحمد وهو خلاف صريحها وعنه يجوز لقوله عليه السلام للأعرابي الذي سأله عن الصلاة أفلح وأبيه ان صدق ولأن الله تعالى أقسم ببعض مخلوقاته وجوابه ما قال ابن عبد البر إن هذه اللفظة غير محفوظة وأنما أقسم بمخلوقاته فإنها دالة على قدرته وعظمته ولله أن يقسم بما شاء وقيل في أقسامه إضمار القسم أي برب هذه الأشياء فعلى الأول يستغفر الله تعالى قال ابن حزم اتفقوا أن من حلف بحق زيد أو عمرو وبحق أبيه أنه آثم ولا كفارة عليه ولا تجب الكفارة باليمين به لأن الكفارة وجبت في الحلف بالله وصفاته صيانة للاسم الأعظم وغيره لا يساويه سواء أضافه إلى الله تعالى مثل قوله ومعلوم الله وخلقه ورزقه وبيته أو لم يضفه مثل والكعبة والنبي لاشتراكهما في الحلف الكفارة ثلاثة شروط احدها أن تكون اليمين منعقدة وهي التي يمكن فيها البر والحنث وذلك الحلف على مستقبل ممكن (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/263)
وقال أصحابنا تجب الكفارة بالحلف برسول الله خاصة فصل
ويشترط لوجوب بغير الله تعالى وقال أصحابنا تجب الكفارة بالحلف برسول الله خاصة ونص عليه في رواية أبي طالب فقال فيمن حلف بحق رسول الله وجبت عليه الكفارة لأنه أحد شرطي الشهادة أشبه الحلف باسم الله تعالى والتزم ابن عقيل أن الحلف بغيره من الأنبياء كهو والأشهر أنها لا تجب به وهو قول أكثر الفقهاء لدخوله في عموم الأحاديث وكسائر الأنبياء وقول أحمد محمول على الاستحباب فرع لا يلزمه إبرار قسم في الأصح كإجابة سؤال بالله قال الشيخ تقي الدين إنما يجب على معين فلا تجب إجابة سائل يقسم على الناس وروى أحمد والترمذي وقال حسن غريب عن ابن عباس مرفوعا قال وأخبركم بشر الناس قلنا نعم يا رسول الله قال الذي يسأل بالله ولا يعطى به فدل على إجابة من سأل بالله فصل
ويشترك لوجوب الكفارة وهي على الحالف في قول ابن عمر وأهل المدينة والعراق وحكي عنه على المحنث ثلاثة شروط
أحدها أن تكون اليمين منعقدة لأن غير المنعقدة إما غموس أو نحوها وإما لغو ولا كفارة في واحد منهما وهي التي يمكن فيها البر والحنث لأن اليمين للحنث والمنع وذلك الحلف على مستقبل ممكن لقوله تعالى { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } بها كاذبا عالما بكذبه وعنه فيها الكفارة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/264)
وأما اليمين على الماضي فليست منعقدة وهي نوعان يمين الغموس وهي التي يحلف { ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان } الآية المائدة 89 فأوجب الكفارة بالأيمان المنعقدة قال ابن جرير معناها أوجبتموها على أنفسكم فظاهره إرادة المستقبل من الزمان لأن العقد إنما يكون في المستقبل دون الماضي قال ابن عبد البر اليمين التي فيها الكفارة بالإجماع هي اليمين على المستقبل من الأفعال وأما اليمين على الماضي فليست منعقدة لأن شرط الانعقاد إمكان البر والحنث وذلك في الماضي متعذر وحاصله كما قاله في الرعاية أن الحلف على مستقبل إرادة تحقيق خبر فيه ممكن بقول يقصد به الحث على فعل الممكن أو تركه والحلف على الماضي إما بر وهو الصادق وإما غموس وهو الكاذب أو لغو وهو ما أجر فيه ولا إثم ولا كفارة والأولى أنها عبارة عن تحقيق الأمر أو توكيده بذكر اسم الله تعالى أو صفة من صفاته وهي نوعان يمين الغموس وهي اليمين الكاذبة الفاجرة يقتطع بها حق غيره وسميت غموسا لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار وغموس للمبالغة وهي التي يحلف بها على الماضي كاذبا عالما بكذبه ظاهر المذهب أن يمين الغموس لا كفارة فيها ونقله عن أحمد الجماعة وهو قول أكثر العلماء لأنها يمين غير منعقدة ولا توجب برا ولا يمكن فيها أشبهت اللغو ولأن الكفارة لا ترفع إثمها فلا تشرع فيها قال ابن مسعود كنا نعد من اليمين التي لا كفارة فيها اليمين الغموس رواه البيهقي بإسناد جيد وهي من الكبائر للخبر الصحيح التي لا تمحوها الكفارة وعنه فيها الكفارة لأنها تجمع الحلف بالله تعالى والمخالفة مع القصد فوجبت فيها الكفارة الثاني لغو اليمين وهو أن يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه فلا كفارة فيها (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/265)
ومثلها الحلف على مستحيل كقتل الميت وإحيائه وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه كالمستقبل وحينئذ يأثم كما يلزمه عتق وطلاق وظهار وحرام ونذر فيكفر كاذب في لعانه ومثلها الحلف على مستحيل كقتل الميت وإحيائه وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه أما المستحيل عقلا كصوم أمس والجمع بين الضدين فإذا حلف لم تنقعد يمينه قاله أبو الخطاب وقدمه في الكافي وغيره لعدم تصور البر فيها كاليمين الغموس وقال القاضي تنعقد يمينه موجبة للكفارة في الحال وهو قياس المذهب لأنها يمين على مستقبل ولا فرق بين أن يعلم استحالته أو لا وأما المستحيل عادة كإحياء الميت وقلب الأعيان فإذا حلف على فعله انعقدت يمينه قاله القاضي وأبو الخطاب وقطع به السامري لأنه يتصور وجوده وتلزمه الكفارة في الحال لأنه مأيوس منه وقياس المذهب أنها غير منعقدة كالتي قبلها قاله في الكافي وجزم بهما في الوجيز وفي الرعاية أوجه ثالثها تنعقد في المحال عادة فقط
الثاني لغو اليمين وهو أن يحلف على شيء ماض يظنه فيبين بخلافه فلا كفارة فيها وحكاه ابن عبد البر إجماعا وفي الكافي هو ظاهر المذهب لقوله تعالى { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } وهذا منة ولأنه يكثر فلو وجبت فيه الكفارة لشق وتضرروا به وهو منتف شرعا وكيمين الغموس وعنه فيه الكفارة وليس من لغو اليمين وذكره ابن عقيل بمعناه قالت عائشة أيمان اللغو ما كان في المراء والمزاحة والهزل والحديث الذي لا يعقد عليه القلب وأيمان الكفارة كل يمين حلف عليها على جد من الأمر في غضب أو غيره إسناده جيد واحتج به الأصحاب وذكر ابن هبيرة عن الأكثر
____________________
(9/266)
فصل
الثاني أن يحلف مختارا فإن حلف مكرها لم تنعقد يمينه وإن سبقت أن لغو اليمين أن يحلف بالله على أمر يظنه فيتبين بخلافه سواء قصده أم لم يقصده وخصه أحمد بالماضي فقط وقطع جماعة بحنثه في عتق وطلاق لوجود الصفة وقيل إن عقدها يظن صدق نفسه فبان خلافه فكمن حلف على فعل شيء وفعله ناسيا فصل
الثاني أن يحلف مختارا فإن حلف مكرها لم تنعقد يمينه ذكره الأصحاب لقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وعنه تنعقد حكاها أبو الخطاب لخبر حذيفة رواه مسلم وككفارة الصيد وجوابه قوله عليه السلام ليس على مقهور يمين ولأنه قول أكره عليه بغير حق فلم يصح ككلمة الكفر وكفارة الصيد كمسألتنا وإن سبقت اليمين على لسانه من غير قصد إليها كقوله لا والله وبلى والله في عرض حديثه عرض الشيء بالضم جانبه وبالفتح خلاف طوله فلا كفارة عليه على الأصح وهو قول أكثرهم لأنها من لغو اليمين لما روى عطاء عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللغو في اليمين كلام الرجل في بيته لا والله وبلى والله رواه أبو داود قال ورواه الزهري وعبد الله بن أبي سليمان ومالك بن مغول عن عطاء عن عائشة موقوفا وكذا رواه البخاري ولأن اللغو في كلام العرب الكلام غير المعقود عليه وهذا كذلك وذكر ابن هبيرة أنه إذا جرى على لسانه يمين على قول مستقبل فإن يمينه تنعقد في رواية فإن حنث فيها مختارا ذاكرا وإن فعله ناسيا أو مكرها فلا كفارة عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/267)
الثالث الحنث في يمينه بأن يفعل ما حلف على تركه أو يترك ما حلف على فعله وجبت الكفارة وفي المحرر والرعاية فلا كفارة عليه إن كان في الماضي زاد في الرعاية في الأشهر وإن كان في المستقبل فروايتان وذكر السامري وغيره أنه لا كفارة فيها سواء قلنا هي من لغو اليمين أم لا وذكر ابن عقيل أن فيها الكفارة إن قلنا ليس هو من لغو اليمين
الثالث الحنث في يمينه لأن من لم يحنث لا كفارة عليه لأنه لم يهتك حرمة القسم بأن يفعل ما حلف على تركه أو يترك ما حلف على فعله لأن الحنث الإثم ولا وجود له إلا بما ذكر مختارا ذاكرا لأن غيرهما المكره والناسي ونبه عليهما بقوله وإن فعله ناسيا أو مكرها فلا كفارة عليه ذكره في الوجيز ونصر في الشرح أنه لا يحنث في يمين مكفرة ويحنث في عتق وطلاق قال السامري اختاره أكثر شيوخنا ولأن فعل المكره لا ينسب إليه فلم تكن عليه كفارة كما لو لم يفعله وقال أبو الخطاب الإكراه كالنسيان لشمول الحديث لهما وذكر في الشرح المكره على الفعل ينقسم إلى قسمين
أحدهما أن يلجأ اليه فلا يحنث في قول أكثرهم
الثاني أن يكره بالضرب ونحوه ففيه روايتان إحداهما يحنث ككفارة الصيد ونصر في الشرح عدمه ولا نسلم الكفارة في الصيد متصلا باليمين (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/268)
وعنه على الناسي كفارة وإن حلف فقال إن شاء الله لم يحنث فعل أو ترك إذا كان بل إنما تجب على المكره وعنه على الناسي كفارة لأن الفعل ينسب إليه في الجملة أشبه الذاكر والفرق واضح وإن حلف فقال إن شاء الله لم يحنث ويسمى هذا استثناء لقوله عليه السلام من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث رواه أحمد والترمذي وقال سألت محمدا عنه فقال هذا خطأ أخطأ فيه عبد الرزاق ورواه النسائي ولفظه قد استثنى وابن ماجة ولفظه فله ثنياه وعن ابن عمر مرفوعا قال من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه رواه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه وقال رواه غير واحد عن ابن عمر موقوفا ولا نعلم أحدا رفعه عن أيوب السختياني والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ولأنه متى قال لأفعلن إن شاء الله فقد علمنا أنه متى شاء الله فعل ومتى لم يفعل لم يشأ الله فعل أو ترك إذا كان متصلا باليمين من غير فصل بكلام أجنبي ولا سكوت يمكن الكلام فيه لأن الاستثناء من تمام الكلام فاعتبر اتصاله كالشرط وجوابه وخبر المبتدأ والاستثناء ب إلا فعلى هذا لو سكت لانقطاع نفسه أو عطس ونحوه لم يمنع صحة الاستثناء وعنه مع فصل يسير ولم يتكلم جزم به في عيون المسائل قال في رواية أبي داود حديث ابن عباس والله لأغزون قريشا ثم سكت ثم قال إن شاء الله ثم لم يغزهم إنما هو استثناء بالقرب ولم يخلط كلامه بغيره ونقل عنه إسماعيل بن سعيد مثله ويحتمله كلام الخرقي فإنه قال إذا لم يكن بين اليمين والاستثناء كلام وعنه وفي المجلس وحكاه في الإرشاد عن بعض أصحابنا قدم الاستثناء على الجزاء أو أخره من فعله إما بتلف المحلوف عليه أو موت الحالف ونحو ذلك وإذا حلف على يمين فرأى (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/269)
وإذا حلف ليفعلن شيئا ونوى وقتا بعينه تقيد به وإن لم ينو لم يحنث حتى ييأس وعن ابن عباس إذا استثنى بعد سنة فله ثنياه وهو قول مجاهد وهذا لا يصح قال أحمد حديث النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة إذا حلفت على يمين الخبر ولم يقل فاستثن ولو جاز لأمر به وحمله في موضع آخر على قوله تعالى { ولا تقولن لشيء } الآية الكهف 23 فهذا استثناء من الكذب لأن الكذب ليس فيه كفارة وهو أشد من اليمين لأن اليمين تكفر والكذب لا يكفر قال ابن الجوزي فائدته الخروج من الكذب وفي المبهج يصح ولو تكلم ويشترط نطقه إلا من مظلوم خائف نص عليه ولم يقل في المستوعب خائف لأن يمينه غير منعقدة أو لأنه بمنزلة المتأول وفي اعتبار قصد الاستثناء وجهان فائدتهما فيمن سبق على لسانه عادة أو أتى به تبركا ولم يعتبره الشيخ تقي الدين وإن شك في الاستثناء فالاصل عدمه قال الشيخ تقي الدين إلا ممن عادته الاستثناء واحتج بالمستحاضة تعمل بالعادة والتمييز ولم تجلس أقل الحيض والأصل وجوب العبادة وإذا حلف ليفعلن شيئا ونوى وقتا بعينه تقيد به لأن النية تصرف ظاهر اللفظ إلى غير ظاهره فلأن تصرفه إلى وقت آخر بطريق الأولى وإن لم ينو لم يحنث حتى ييأس من فعله إما بتلف المحلوف عليه أو موت الحالف ونحو ذلك لقول عمر يا رسول الله ألم تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به قال بلى أفأخبرتك أنك تأتيه العام قال لا قال فإنك آتيه ومطوف به ولأن المحلوف على فعله لم يتوقف بوقت معين وفعله ممكن فلم تحصل مخالفة ما حلف عليه وذلك يوجب عدم الحنث لأن شرطه المخالفة وإذا حلف على يمين فرأى الحلف عند الحاكم وهو محق استحب افتداء يمينه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/270)
غيرها خيرا منها استحب له الحنث والتكفير ولا يستحب تكرار الحلف وإن دعي إلى غيرها خيرا منها استحب له الحنث والتكفير كذا في المحرر والوجيز وقدمه في الفروع لأخبار منها خبر عبد الرحمن بن سمرة وأبي موسى متفق عليهما وعن عائشة أن أبا بكر رضي الله عنه لم يحنث في يمين حتى أنزل الله كفارة اليمين فقال لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني رواه البخاري وقدم في الترغيب أن بره وإقامته على يمينه أولى وسبق تقسيمه إلى الخمسة ولا يستحب تكرار الحلف كذا في المستوعب والفروع وظاهره الكراهة وصرح بها في الرعاية لقوله تعالى { ولا تطع كل حلاف مهين } القلم 10 هذا ذم له يقتضي كراهة فعله فإن لم يخرج إلى حد الإكثار فليس بمكروه إلا أن يقترن به ما يقتضي كراهته ونقل حنبل لا يكثر الحلف لأنه مكروه لقوله تعلى { ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم } البقرة 224 وبعضهم كرهه مطلقا وجوابه بأنه عليه السلام حلف في غير حديث ولو كان مكروها كان أبعد الناس منه وأما الآية فمعناها لا تجعلوا أيمانكم بالله مانعة لكم من البر والتقوى والإصلاح بين الناس قال أحمد وذكر حديث ابن عباس بإسناده في قوله تعالى { ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم } الرجل يحلف ألا يصل قرابته وقد جعل الله له مخرجا في التكفير فليكفر عن يمينه ويبر وإن كان النهي عاد إلى اليمين فالنهي عنه الحلف على قول البر والتقوى والإصلاح بين الناس لا على كل يمين وإن دعي إلى الحلف عند الحاكم وهو محق استحب وفي الفروع وغيره فالأولى افتداء يمينه لما (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/271)
فإن حلف فلا بأس فصل وإن حرم أمته أو شيئا من الحلال لم يحرم روي أن عثمان والمقداد تحاكما إلى عمر في مال استقرضه المقداد فجعل عمر اليمين على المقداد فردها على عثمان فقال عمر لقد أنصفك فأخذ عثمان ما أعطاه المقداد ولم يحلف فقيل له في ذلك فقال خفت أن يوافق قدر بلاء فيقال يمين عثمان فإن حلف فلا بأس كذا في المحرر والوجيز قال بعض أصحابنا تركه أولى فيكون مكروها والأشهر أنه ليس بمكروه وإنما هو مباح كتركه لأن الله تعالى أمر نبيه عليه السلام أن يحلف على تصديق ما أخبره في ثلاثة مواضع في القرآن في سبأ ويس والتغابن وقال عمر على المنبر وفي يده عصا أيها الناس لا تمنعنكم اليمين من حقوقكم ولأنه حلف صدق على حق أشبه الحلف عند غير الحاكم قال في الفروع ويتوجه فيه يستحب لمصلحة كزيادة طمأنينة وتوكيد الأمر وغيره ومنه قوله عليه السلام لعمر عن صلاة العصر والله ما صليتها تطمينا منه لقلبه فرع ذكر في المستوعب والرعاية أنه إن أراد اليمين عند غير الحاكم فالمشروع أن يقول والذي نفسي بيده والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا ومقلب القلوب وما أشبه ذلك فصل
وإن حرم أمته أو شيئا من الحلال كطعام ولباس ونحوهما سوى الزوجة لم يحرم على المذهب لأنه تعالى سماه يمينا بقوله تعالى { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك } إلى قوله { قد فرض الله } وعليه كفارة يمين إن فعله ويحتمل أن يحرم عليه تحريما تزيله الكفارة وإن قال { لكم تحلة أيمانكم }
____________________
(9/272)
واليمين على الشيء لا تحرمه فكذا إذا حرمه ولأنه لو كان محرما لتقدمت الكفارة عليه كالظهار ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وسماه خيرا وعليه كفارة يمين إن فعله نص عليه لقوله تعالى { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } التحريم 2 يعنى التكفير وسبب نزولها أنه عليه السلام قال لن أعود إلى شرب العسل متفق عليه وزاد البخاري تعليقا وقد حلفت وعن ابن عباس وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل تحريم الحلال يمينا ومقتضاه أنه إذا ترك ما حرمه على نفسه أنه لا شيء عليه ويحتمل أن يحرم عليه تحريما تزيله الكفارة هذا وجه لقوله تعالى { لم تحرم ما أحل الله لك } وكتحريم الزوجة وجوابه أنه إذا أراد التكفير فله فعل المحلوف عليه وحل فعله مع كونه محرما تناقض وكذا تعليقه بشرط نحو إن أكلته فهو علي حرام نقله أبو طالب قال في الانتصار وطعامي علي كالميتة والدم واليمين تنقسم إلى أحكام التكليف الخمسة وهل تستحب على فعل طاعة أو ترك معصية فيه وجهان وإن قال هو يهودي أو كافر أو برىء من الله أو من الإسلام أو القرآن او النبي صلى الله عليه وسلم إن فعل ذلك فقد فعل محرما لما روى ثابت بن الضحاك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال متفق عليه وعن بريدة مرفوعا قال من قال إنه بريء من الاسلام وإن كان كاذبا فهو كما قال وإن كان صادقا لم يعد إلى الإسلام رواه أحمد والنسائي وابن ماجة بإسناد جيد وسواء كان منجزا أو معلقا بشرط وعليه كفارة يمين إن فعل في إحدى الروايتين الله في كل ما أمرني أو محوت المصحف إن فعلت فلا كفارة عليه (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/273)
وإن قال أنا استحل الزنى ونحوه فعلى وجهين وإن قال عصيت الله أو أنا أعصي قدمه في المستوعب والرعاية والمحرر وجزم به في الوجيز لحديث زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يقول هو يهودي أو نصراني أو مجوسي أو بريء من الإسلام في اليمين يحلف بها فيحنث في هذه الأشياء فقال عليه كفارة يمين رواه أبو بكر ولأن قول هذه الأشياء يوجب هتك الحرمة فكان يمينا كالحلف بالله تعالى بخلاف هو فاسق إن فعله لإباحته في حال والثانية لا كفارة عليه وصححها المؤلف لأنه لم يرد ولا هو في معنى المنصوص عليه وعنه الوقف نقلها حرب وإن قال أنا أستحل الزنى ونحوه فعلى وجهين إذا قال هو يستحل ما حرم الله أو عكس وأطلق أو علقه وحنث فوجهان لأن استحلال ذلك أو تحريمه يوجب الكفر فيخرج على الروايتين قبلها وجزم في الوجيز وهو ظاهر ما قدمه في المحرر أنه إن فعل ذلك فقد فعل محرما وعليه كفارة يمين
وإن قال عصيت الله أو أنا أعصي الله في كل ما أمرني أو محوت المصحف إن فعلت فلا كفارة عليه نص عليه وقدمه في المحرر والرعاية وجزم به في الكافي والشرح لأن هذه الأشياء لا نقص فيها يقتضي الوجوب ولا هي في معنى ما سبق فيبقى الحالف على البراءة الأصلية واختار في المحرر أنه إذا قال عصيت الله في كل ما أمرني أنه يمين لدخول التوحيد فيه وقال ابن عقيل في محوت المصحف هو يمين لأن الحالف لم يقصد بقوله محوته إلا إسقاط حرمته فصار كقوله هو يهودي ولأنه إذا أسقط حرمته كان يمينا كذا إذا أتى بما في معناه إيمان البيعة تلزمني فهي يمين رتبها الحجاج فتشتمل على اليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/274)
وإذا قال عبد فلان حر لأفعلن فليس بشيء وعنه عليه كفارة إن حنث وإن قال وإذا قال عبد فلان حر لأفعلن فليس بشيء أي فلغو وكذا إن علقه لأن تعليق الشيء بالشرط أثره أن يصير عند الشرط كالمطلق وإذا كان المطلق لا يوجب شيئا فكذا المعلق ولا يعتق العبد إذا حنث بغير خلاف لأنه لا يعتق بتنجيزه فالمعلق أولى ولا تلزمه كفارة لأنه حلف بإخراج مال غيره كما لو قال مال فلان صدقة وعنه عليه كفارة إن حنث لأنه حلف بالعتق فيما لا يقع إلا بالحنث كما لو قال لله علي أن أعتق فلانا والأول أصح والفرق بينهما أن قوله لله علي إلى آخره أنه نذر فأوجب الكفارة لكون النذر كاليمين وتعليق العتق بخلافه فرع إذا قال إن فعلت كذا فمال فلان صدقه أو فعل فلان الحج أو هو بريء من الإسلام وأشباه ذلك فليس بيمين ولا تجب به كفارة بغير خلاف نعلمه قاله المؤلف وذكر السامري فيه الخلاف
وإن قال أيمان البيعة تلزمني البيعة المبايعة أن يحلف بها عند المبايعة والأمر المهم وكانت البيعة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بالمصافحة فهي يمين رتبها الحجاج بن يوسف بن الحكم بن عقيل الثقفي ولاه عبد الملك بن مروان قتال ابن الزبير فحاصره بمكة ثم قتله وأخرجه فصلبه فولاه عبد الملك الحجاز ثلاث سنين ثم ولاه العراق وهو ابن ثلاث وثلاثين فوليها عشرين سنة فزلزل أهلها وروى ابن قتيبة عن عمر أنه قال يا أهل الشام تجهزوا لأهل العراق فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ اللهم عجل لهم الغلام الثقفي الذي يحكم فيهم بحكم الجاهلية لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم فتشتمل على اليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال ذكره ويحتمل ألا تنعقد بحال إلا في الطلاق والعتاق (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/275)
فإن كان الحالف يعرفها ونواها انعقدت يمينه بما فيها وإلا فلا شيء عليه الأصحاب زاد بعضهم والحج فإن كان الحالف يعرفها ونواها انعقدت يمينه بما فيها من الطلاق والعتاق لأن اليمين بهما تنعقد بالكناية فكذا ما عداهما في قول القاضي وقدمه في الرعاية واستثنى في الوجيز اليمين بالله تعالى وهو قول القاضي وجزم به في الكافي لأن الكفارة إنما وجبت فيها لما ذكر فيها من اسم الله المعظم ولا يوجد ذلك في الكناية وإلا فلا شيء عليه أي إذا لم يعرفها ولم ينوها فلغو لأن ذلك إنما ينعقد بالكناية ولا مدخل لها في ذلك ولأنه لا يصح مع النية فيما لا يعرفه وسئل أبو القاسم الخرقي عنها فقال لست أفتي فيها بشيء ثم قال إلا أن يلتزم الحالف بجميع ما فيها من الأيمان فقال يعرفها أو لا يعرفها قال نعم فيؤخذ منه أنها تنعقد إذا نواها وإن لم يعرفها ويحتمل ألا تنعقد بحال لما ذكرنا إلا في الطلاق والعتاق لانعقدهما بالكناية وقيل والصدقة وفي الترغيب إن علمها لزمه عتق وطلاق فرع لم يذكر المؤلف حكم أيمان المسلمين ويلزمه فيها عتق وطلاق وظهار ونذر ويمين بالله بنية ذلك وفي اليمين بالله الوجهان وألزم القاضي الحالف بالكل ولو لم ينو ومن حلف بأحدها فقال آخر يميني من يمينك أو عليها أو مثلها ينوي التزام مثلها لزمه نص عليه في طلاق وفي المكفرة وجهان وذكر السامري أنه إذا كانت يمين الأول مما ينعقد بالكناية كطلاق وعتق انعقدت يمين الثاني وإلا فلا وفي الكافي والشرح أن اليمين بالله لا تنعقد وإن لم ينو شيئا لم تنعقد يمينه لأن الكناية لا تنعقد بغير نية وهذا ليس بصريح فصل
وهي تجمع تخييرا وترتيبا فيخيره فيها بين ثلاثة أشياء إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة والكسوة للرجل ثوب يجزئه أن يصلي فيه وللمرأة درع وخمار (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/276)
وإن قال علي نذر أو يمين إن فعلت كذا وفعله فقال أصحابنا عليه كفارة يمين وإن قال علي نذر أو يمين إن فعلت كذا وفعله فقال أصحابنا عليه كفارة يمين وجزم به في الوجيز لما روى الترمذي وصححه عن عقبة مرفوعا قال كفارة النذر أذا لم يسم كفارة يمين وإن قال مالي للمساكين وأراد به اليمين فكفارة يمين ذكره في المستوعب والرعاية فصل كفارة اليمين
وهي تجمع تخييرا وترتيبا فالتخيير بين الإطعام والكسوة والعتق والترتيب فيها بين ذلك وبين الصيام والأصل في ذلك قوله تعالى { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم } المائدة 89 وفي السنة أحاديث
وأجمعوا على مشروعية الكفارة في اليمين بالله تعالى فيخير فيها بين ثلاثة أشياء إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة وقد سبق ذكر العتق والإطعام في الظهار ويجزيء أن يطعم بعضا ويكسو بعضا نص عليه وفيه قول كبقية الكفارات من جنسين وكعتق مع غيره والكسوة للرجل ثوب يجزئه أن يصلي فيه الفرض نقله حرب وقاله في التبصرة كوبر وصوف وما يسمى كسوة ولو عتيقا لم تذهب قوته فإذا ذهبت منفعته باللبس فلا يجوز كالحب المعيب وللمرأة درع وخمار لأن ما دون ذلك لا يجزيء لبسه في الصلاة ويسمى عريانا شرعا فوجب (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/277)
فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات إن شاء قبل الحنث وإن شاء بعده أن لا يجزئ وقال أكثر العلماء يتقدر ذلك بأقل ما يقع عليه الاسم وجوابه أن الكسوة أحد أنواع الكفارة فلم يجز فيها ما يقع عليه الاسم كالإطعام والإعتاق ولأن التكفير عبادة تعتبر فيها الكسوة أشبهت الصلاة ونص على الدرع والخمار كالخرقي وغيره لأن الستر غالبا لا يحصل إلا بذلك والا فلو أعطاها ثوبا واسعا يستر بدنها ورأسها أجزأ ذلك إناطة بستر عورتها في الصلاة فمن لم يجد أي إذا عجز عن العتق والإطعام والكسوة فصيام ثلاثة أيام للآية متتابعات أي بلا عذر في ظاهر المذهب وقدمه في المحرر والفروع وجزم به في الوجيز لقراءة أبي وابن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات حكاه أحمد ورواه الأثرم فالظاهر أنهما سمعاه من النبي صلى الله عليه وسلم فيكون خبرا وكصوم الظهار وعنه له تفريقها وقال ابن عقيل هل الدين كزكاة فيصوم أم لا كفطره فيه روايتان ولا ينتقل إلى الصوم إلا إذا عجز كعجزه عن زكاة الفطر نص عليه فإن كان ماله غائبا استدان إن قدر وإلا صام فرع تجب كفارة ونذر على الفور نص عليه إن شاء قبل الحنث وإن شاء بعده سواء كان صوما أو غيره وهو قول أكثرهم وممن روي عنه تقديم الكفارة قبل الحنث عمر وابنه وابن عباس وسلمان وعن عبد الرحمن بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا عبد الرحمن إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير رواه أبو داود والنسائي ورجاله ثقات ولأنه كفر بعد سببه فجاز ككفارة الظهار والقتل وعنه لكل يمين كفارة والظاهر أنها إن كانت على فعل واحد فكفارة واحدة وإن كانت على أفعال فلكل يمين كفارة (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/278)
ولا يجوز تقديمها على اليمين ومن كرر إيمانا قبل التكفير فعليه كفارة واحدة بعد الجرح وكتعجيل الزكاة بعد وجود النصاب والحنث شرط وليس بسبب وظاهره أنهما سواء في الفضيلة نص عليه وعنه بعده أفضل للخروج من الخلاف وهذا محله ما لم يكن الحنث حراما فإنه إذا كان كذلك كفر بعده مطلقا وفي الواضح على رواية حنثه بعزمه على مخالفة يمينه بنيته لا يجوز بل لا يصح وفي رواية لا يجوز بصوم لأنه تقديم عبادة كصلاة واختار في التحقيق أنه لا يجوز قبل الحنث كما لو كفر قبل اليمين وكحنث محرم في وجه ولا يجوز تقديمها على اليمين عند أحد من العلماء لأنه تقديم للحكم قبل سببه كتقديم الزكاة قبل ملك النصاب مع أن ابن حزم ذكر أنهم اختلفوا في تقديمها ومن كرر أيمانا قبل التكفير فعليه كفارة واحدة اختاره الأكثر وذكر أبو بكر أن أحمد رجع عن غيره لأن الكفارة حد بدليل قوله عليه السلام الحدود كفارات لأهلها فوجب أن تتداخل كالحدود وعنه لكل يمين كفارة وقاله أبو عبيد فيمن قال علي عهد الله وميثاقه وكفالته ثم حنث فعليه ثلاث كفارات ولأن كل واحدة منهن ثم الأولى وكما لو اختلف موجبها كيمين وظهار وعنه إن حلف أيمانا على شيء واحد لكل يمين كفارة إلا أن ينوي التأكيد أو التفهيم والظاهر أنها إن كانت على فعل واحد كوالله لا قمت والله لا قمت فكفارة واحدة وإن كانت على أفعال نحو والله لا قمت والله لا قعدت فلكل يمين كفارة هذا رواية ونصرها في الشرح لأنها إذا كانت على فعل واحد كان سببها واحدا فالطاهر أنه أراد التأكيد وإن كانت على أفعال فلأنها أيمان لا يحنث في كفارتها وكفارة العبد الصوم (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/279)
وإن كانت الأيمان مختلفة الكفارة كالظهار واليمين بالله تعالى فلكل يمين إحداهن بالحنث في الأخرى فوجب في كل يمين كفارتها كالمختلفة والأول أصح لأنها كفارات من جنس فقد أحلت كالحدود وأجاب في الشرح بأن الحدود وجبت للزجر وتندرئ في الشبهة والموالاة بينها ربما أفضى إلى التلف لأنها عقوبة بدنية بخلاف مسألتنا فرع إذا حلف يمينا واحدة على أجناس مختلفة وحنث في الجميع فكفارة واحدة بغير خلاف نعلمه لأن اليمين واحدة والحنث واحد فإنه يحنث بفعل واحد من المحلوف عليه وتنحل يمينه فإن أخرجها ثم حنث في أخرى فكفارة أخرى لا نعلم فيه خلافا كما لو وطىء في رمضان فكفر ثم وطىء ثانية
تنبيه مثله الحلف بنذور مكررة أو بطلاق مكفر قاله شيخنا نقل ابن منصور فيمن حلف نذورا كثيرة مسماة إلى بيت الله أن لا يكلم أباه أو أخاه فعليه كفارة يمين وقال شيخنا فيمن قال الطلاق يلزمه لأفعلن كذا وكرره لم يقع أكثر من واحدة إذا لم ينو فيتوجه مثله إن قمت فأنت طالق وكرره ثلاثا وذكر المؤلف أنه يقع بها ثلاث إجماعا وكان الفرق أنه يلزمه من الشرط الجزاء فتقع الثلاث معا للتلازم ولا ربط في اليمين ولانها للزجر والتطهير فهي كالحدود بخلاف الطلاق والأصل حمل اللفظ على فائدة أخرى ما لم يعارضه معارض ذكره في الفروع وإن كانت الأيمان مختلفة الكفارة كالظهار واليمين بالله تعالى فلكل يمين كفارتها لأنها أجناس فلم تتداخل كالحدود من أجناس وكفارة العبد الصوم لأنه كفارة الحر الايمان
ويرجع في الأيمان إلى النية (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) (1) +
____________________
1-
(9/280)
وليس لسيده منعه منه ومن نصفه حر فحكمه في الكفارة حكم الأحرار & باب جامع الايمان & المعسر وهو أحسن حالا من العبد ويجزئه الصوم بغير خلاف ويصح بإعتاق وإطعام بإذن سيده إن قلنا يملك بالتمليك وإلا فلا وهل له إعتاق نفسه على وجهين وليس لسيده منعه منه ولا من نذره كصوم رمضان وقضائه وفي الرعاية إن حلف أو حنث بإذنه روعي الحلف فقط ومن نصفه حر وعبارة المحرر والوجيز والفروع ومن بعضه وهو أولى فحكمه في الكفارة حكم الأحرار لأنه يملك ملكا تاما أشبه الحر الكامل وقيل لا يكفر بعتق لأنه لا يثبت له الولاء وجوابه بالمنع فرع يكفر كافر ولو مرتدا بغير صوم & باب جامع الأيمان &
ويرجع في الأيمان إلى النية أي إلى نية حالف ليس ظالما نص عليه ولفظه يحتملها فمتى نوى بيمينه ما يحتمله تعلقت يمينه بما نواه دون ما لفظ به سواء نوى ظاهر اللفظ أو مجازه مثل أن ينوى موضوع اللفظ أو الخاص بالعام أو بالعكس أو غير ذلك لقوله عليه السلام وإنما لامرىء ما نوى فتدخل فيه الأيمان ولأن كلام الشارع يصرف إلى ما دل الدليل على ما أراده دون ظاهر اللفظ فكلام المتكلم مع اطلاعه على تعين إرادته أولى ويقبل حكما مع قرب الاحتمال من الظاهر ومع توسطه روايتان أشهرهما القبول مسألة
____________________
(9/281)